تاريخ الإسلام ط التوفيقية

الذهبي، شمس الدين

المجلد الأول

المجلد الأول مقدمات تقديم ... بسم الله الرحمن الرحيم مقدمات: تقديم: إن الحمد لله ... نحمد، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هادي له. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} 2. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} 3. أما بعد.. فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. فهذه صفحات من تاريخنا الإسلامي، نحن أحوج ما نكون إليها في زماننا، لنستلهم منها العبرة، ونأخذ منها العظة.

_ 1 سور آل عمران: 102. 2 سورة النساء: 1. 3 سورة الأحزاب: 70، 71.

بين يدي الكتاب

بين يدي الكتاب: الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد.. فمن المعالم التربوية التي صارت حقيقة في الأذهان، أن وجود عنصر القدوة الحسنة مؤثر جدًّا في عملية إعداد الفرد المثالي، النافع لنفسه ولغيره، وبالتالي بناء الجيل المثالي، ونشأ الأمة القوية الفتية. وعندما يتأمل المرء المسلم فيما تركه السلف الصالح من تصانيف نافعة يجد فيها تلك القدوة الحسنة التي يبحث عنها. ولا شك أن من أسباب الركود الحضاري، بل من أهم أسبابه هو جهل أبناء الأمة بما تركه السلف الصالح من كنوز عملية تعرض لها الأسوة الحسنة، والقدوة الطيبة. وفي هذا الكتاب نسير في روضة "تاريخ الإسلام والمسلمين" فنحيا مع العلماء والفقهاء والأدباء والبلغاء والأمراء والسلاطين والزهاد والعابدين، فيا لها من مسيرة مباركة نتأسى بأفعالهم، ونهتدي بأقوالهم، ونسير على دربهم، ونتعرف على أحداث العالم الإ سلامي في تلك القرون الخالية. فإنه من الجدير بكل مسلم ومسلمة الوقوف على سير ممالك الإسلام، والتعرف على أحداث عصورهم، والوقوف على أقوالهم، وأفعالهم، والاطلاع على مناقبهم وفضائلهم، ومعرفة الإيجابيات والسلبيات في أدوار حياتهم لتكون لنا نبراسًا نهتدي به في حياتنا. وبعد.. فتلك موسوعة "تاريخ الإسلام" للإمام الحافظ العلامة الذهبي تضم تاريخ الإسلام في قرون خلت هدية مهداة إلى العالم الإسلامي بأسره في حُلة قشيبة. فالحمد لله على توفيقه أولًا وآخرًا، وأسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به سائر المسلمين. وجزى الله مؤلفه، ومحققه، وناشره خير الجزاء في الدنيا والآخرة. وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين. وكتبه أبو مريم/ مجدي فتحي السيد طنطا، مصر

ترجمة الإمام الذهبي

ترجمة الإمام الذهبي "673-748هـ": 1- اسمه ونسبه: هو الإمام محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله، شمس الدين، المكنى بأبي عبد الله، والملقب بالذهبي. وسر تلقيبه بالذهبي أن والده شهاب الدين أحمد اشتغل بصنعة الذهب المدقوق، فبرع بها وتميز، فنسب إليها. 2- مولده ونشأته العلمية: في أسرة تحب العلم والعلماء، كان مولد العلامة الذهبي في مدينة ميافارقين من أشهر مدن ديار بكر، في أسرة تركمانية الأصل، وتنتهي بالولاء إلى بني تميم. وفي شهر ربيع الآخر من سنة 673هـ، وذلك في الثالث من الشهر المذكور. ونشأ في أسرة تحب العلم، فوالده شهاب الدين طلب العلم، وسمع "صحيح البخاري" في سنة 666هـ، من المقداد القيسي. وكانت مرضعته وعمته ست الأهل بنت عثمان، الحاجة أم محمد، قد حصلت على الإجازة من ابن أبي اليسر، وجمال الدين بن مالك، وزهير بن عمر الزرعي، وغيرهم. وكان خاله علي من طلبة العلم، فسمع من أبي بكر ابن الأنماطي، وبهاء الدين أيوب الحنفي وست العرب الكندية، والتاج عبد الخالق. وكان زوج خالته فاطمة، أحمد بن عبد الغني بن عبد الكافي الأنصاري، الذهبي، المعروف بابن الحرستاني، قد سمع الحديث، ورواه، وكان حافظًا للقرآن الكريم.

وكان أخاه من الرضاعة علاء الدين، أبا الحسن علي بن إبراهيم بن داود العطار الشافعي، من طلبة العلم وحصل الكثير من الإجازات من علماء زمانه. وقد بدأ الذهبي حفظ القرآن الكريم، وإتقانه على يد شيخه مسعود بن عبد الله الصالحي، بدأ مبكرًا في إتقان علم القراءات والحديث الشريف. وكانت نشأته العلمية في مدينة دمشق، فأخذ مختلف العلوم عن شيوخها، وأكثر الأحكام عن كبار علماء زمانه، كالحافظ ابن عساكر، والحافظ اليونيني. وسمع بدمشق من عمر بن القواس، ويوسف بن أحمد القمولي، وببعلبك من عبد الخالق بن علي وبمصر من الأبرقوهي، وابن دقيق العيد، والدمياطي. وسمع بالإسكندرية من أبي الحسن الغرافي، وأبي الحسن الصواف، وبمكة من التوني وبحلب من سنقر الزيني، وبنابلس من العماد بن بدران، وغيرهم كثير. وتمكن العلامة الذهبي -رحمه الله- من علوم عصره الأساسية كالتفسير والحديث، والعقيدة، والفقه، والتاريخ، وانصرف بآخره في علمي الحديث والتاريخ فبرع فليهما، وفاق شيوخه في ذلك. 3- رحلاته العلمية: ارتحل العلامة الذهبي إلى الكثير من البلدان، معرفة منه بأهمية الرحلة في طلب العلم، فرحل في البدء إلى بلدان ديار الشام، ومنها: بعلبك، وحمص، وحماة، وطرابلس، والكرك، والمعرة، ونابلس، والرملة، والقدس وغيرها. ورحل إلى الديار المصرية، فسمع بالقاهرة، وبالإسكندرية، ومنها رحل إلى فلسطين، ومنها رحل إلى بلاد الحرمين، فسمع بمكة المكرمة، وعرفة، ومنى، والمدينة. 4- شيوخه الذين تعلم منهم: ذكر الإمام الذهبي -رحمه الله- في نهاية تذكرته للحفاظ بعض الشيوخ والحفاظ الذين تتلمذ عليهم، وأخذ عنهم العلم، فذكر:

1- أبا الحسن علي بن مسعود الموصلي. 2- نصفي الدين محمود بن أبي بكر الأرموي. 3- شرف الدين أحمد بن إبراهيم الفزاري. 4- القاسم بن محمد بن يوسف. 5- محمد بن أبي الفتح البعلبكي. 6- عبد الكريم بن عبد النور. 7- محمود بن أبي بكر الحنفي. 8- محمد بن إبراهيم بن غنائم. 9- عثمان بن محمد التوزري. 10- محمد بن محمد بن سيد الناس. 11- أحمد بن مظفر بن النابلسي. 12- علي بن مظفر بن إبراهيم الكندي. 13- إسماعيل بن إبراهيم بن سالم الأنصاري. 14- أحمد بن النضر الدقوقي. 15- عيسى بن يحيى السبتي. 16- حسن بن علي اللخمي. 17- علي بن إبراهيم بن داود. 18- موسى بن إبراهيم الشعراوي. 19- يعقوب بن أحمد الصابوني. 20- محمد بن مسلم بن مالك. 21- عبد الله بن أحمد المقدسي. 22- عمر بن حسن الدمشقي. 23- محمد بن أحمد بن عبد الهادي، وغيرهم كثير وعلى رأسهم ابن تيمية رحمه الله.

ومن ذلك يتبين لنا أن الحافظ الذهبي -رحمه الله- قد سعى في طلب العلم سعيًا حميدًا، وقد ذكر أنه أخذ العلم عن ثلاثمائة وألف شيخ، فيهم كثير من علماء عصره، فمشايخ زمانه. 5- صفاته الشخصية: ذُكر عنه -رحمه الله- أنه كان حاد الذهن، يتمتع بذاكرة نادرة، وحافظة قوية، فقيل عنه: كأنما جمعت الأمة في صعيد واحد، ثم أخذ يخبر عنها إخبار من حضرها. وقد ذكروا أن الحافظ ابن حجر، قال: شربت ماء زمزم بنية أن أصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ. وكان السيوطي خاتمة الحفاظ، يقول: إن المحدثين عيال الآن -يعني زمن السيوطي- في الردود وغيرها في فنون الحديث على أربعة: المزي، والذهبي، والعراقي، وابن حجر. 6- مناصبه العلمية: تولى العلامة الذهبي في سنة 703هـ الخطابة بمسجد كفر بطنان وهي قرية بغوطة دمشق، وظل مقيمًا بها إلى سنة 718هـ. وفي يوم الاثنين العشرين من ذي الحجة باشر الشيخ الذهبي شياخة دار الحديث بتربة أم الصالح وذلك في سنة 718هـ. وفي يوم الأربعاء السابع عشر من جمادى الآخرة سنة 729هـ ولي شمس الدين الذهبي دار الحديث بالظاهرية. ولما توفي العلامة الحافظ البرزالي -شيخ الذهبي- سنة 739هـ، تولى الذهبي تدريس الحديث بالمدرسة النفيسية، وإمامتها عوضًا عنه. وفي نفس السنة باشر الذهبي مشيخة الحديث بالتنكزية، وتُعرف بدار القرآن والحديث. وقد تولى الذهبي كذلك دار الحديث الفاضلية بالكلاسة.

7- مؤلفاته العلمية: له الكثير من التصانيف التي تشهد بتبحره، ولقد خلف لنا ثروة علمية ضخمة، فلقد ألف في فنون كثيرة، وكلها جم النفع، عظيم الفضل، غزير الفائدة، منها الموسعات الضخمة في الحديث والتاريخ، ومنها الكتب المتوسطة، ومنها الرسائل الصغيرة، والتي يطلق عليها الأجزاء الحديثية، وبعض مؤلفاته من تصنيفه ابتداء، وبعضها الآخر ردود، أو مستدركة على كتب، أو مختصرات. وتمتاز كتبه بالوضوح في العبارة، ودقة التحقيق العلمي، والبعد عن التقليد والجمود. وقد اخترت لك من كتبه ما يلي: أولًا: في القراءات 1- معرفة كبار القراء. 2- التلويحات في علم القراءات. ثانيًا: في علم الحديث 3- الأربعون البلدانية. 4 - الكلام على حديث الطير. 5- المستدرك على مستدرك الحاكم. ثالثًا: في علم مصطلح الحديث 6- الموقظة في علم مصطلح الحديث. 7- طرق أحاديث النزول. 8- العذب السلسل في الحديث المسلسل. 9- منية الطالب لأعز المطالب. 10- كتاب الزيادة المضطربة. رابعًا: في علم العقائد 11- العلو للعلي الغفار.

12- ما بعد الموت. 13- مسألة دوام النار. 14- الردع والأوجال في نبأ المسيح الدجال. 15- جزء في الشفاعة. 16- الأربعين في صفات رب العالمين. 17- أحاديث الصفات. 18- رؤية الباري. 19- العرش. خامسًا: في أعلم أصول الفقه 20- مسألة الاجتهاد. 21- مسألة خبر الواحد. سادسًا: في علم الفقه 22- تحريم أدبار النساء. 23- جزء من صلاة التسبيح. 24- حقوق الجار. 25- الوتر. 26- اللباس. 27- مسألة السماع. سابعًا: في علم الرقائق 28- الكبائر. 29- جزء في محبة الصالحين. 30- دعاء الكرب. 31- ذكر الوالدان.

32- كشف الكربة عند فقد الأحبة. 33- التعزية الحسنة بالأعزة. ثامنًا: في التاريخ والتراجم 34- أخبار قضاة دمشق. 35- سير أعلام النبلاء. 36- تاريخ الإسلام، وهو الكتاب الذي بين أيدينا. 37- تذكرة الحفاظ. 38- العبر في خبر مَنْ غبر. 39- الإعلام بوفيات الأعلام. 40- أهل المائة فصاعدًا. 41- تقييد الإسلام. 42- دول الإسلام. 43- ذيل سير أعلام النبلاء. 44- معجم الشيوخ الأوسط. 45- المعين في طبقات المحدثين. 46- من تكلم فيه وهو موثق. 47- ميزان الاعتدال في نقد الرجال. 48- المغني في الضعفاء. تاسعًا: في السير والتراجم المفردة 49- أخبار أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها. 50- التبيان في مناقب عثمان -رضي الله عنه. 51- ترجمة أبي حنيفة. 52- ترجمة أحمد بن حنبل.

53- ترجمة مالك بن أنس. 54- ترجمة الشافعي. 55- الدرة اليتيمية في سيرة التيمية. 56- سيرة أبي القاسم الطبراني. 57- قض نهارك بأخبار ابن المبارك. 8- مناقب البخاري. عاشرًا: المنوعات 59- بيان زغل العلم. 60- جزء في فضل آية الكرسي. 61- الطب النبوي. أخيرًا: المختصرات من الكتب 62- "تجريد أسماء الصحابة" مختصر "أسد الغابة" لابن الأثير. 63- تلخيص "العلل المتناهية" لابن الجوزي. 64- تهذيب "تاريخ علم الدين البرزالي". 65- "الكاشف" في معرفة من له رواية في الكتب الستة مختصر "تهذيب الكمال". 66- مختصر "تاريخ دمشق" لابن عساكر. 67- مختصر "تاريخ بغداد "للخطيب. 68- مختصر "تاريخ نيسابور" للحاكم. 69- مختصر "جامع بين العلم وفضله" لابن عبد البر. 70- مختصر "الروضتين" لأبي شامة. 71- مختصر "وفيات الأعيان" لابن خلكان. 72- "المستحلي في اختصرا المحلي" لابن حزم.

73- المقتنى في سرد الكنى. 74- مختصر "السنن الكبرى" للبيهقي. 8- ثناء العلماء والمؤرخين عليه: قال ابن ناصر الدين: ناقد المحدثين، وإمام المعدلين والمجرحين، وكان إمامًا في القراءات وكان آية في نقد الرجال، عمدة في الجرح والتعديل. وقال شمس الدين السخاوي: هو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال. وقال تلميذه تقي الدين بن رافع السلامي: كان خيرًا، صالحًا، متواضعًا، حسن الخلق، حلو المحاضرة، غالب أوقاته في الجمع والاختصار، والاشتغال في العبادة، له ورد بالليل، وعنده مروءة وكرم. وقال الزركشي: كان على الزهد التام والإيثار العام، والسبق إلى الخيرات، والرغبة بما هو آت. وقال تلميذه الحسيني: سار بجملة منها الركبان في أقطار البلدان. وقال صلاح الدين الصفدي: الشيخ، الإمام، العلامة، الحافظ، شمس الدين، أبو عبد الله الذهبي حافظ لا يجارى، ولافظ لا يبارى، أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله، وعرف تراجم الناس، وأزال الإبهام في تواريخهم والإلباس. ذهن يتوقد ذكاؤه، ويصح إلى الذهب نسبته وانتماؤه، جمع الكثير، ونفع الجم والغفير وأكثر من التصنيف، ووفر بالاختصار مؤونة التطويل في التأليف. وقال تاج الدين السبكي: شيخنا، وأستاذنا، الإمام الحافظ، محدث العصر، واشتمل عصره على أربعة من الحفاظ، بينهم عموم وخصوص: المزي، والبرزالي، والذهبي، والشيخ الإمام الوالد، لا خامس لهؤلاء في عصرهم. وأما أستاذنا أبو عبد الله، فبصر لا نظير له، وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، ورجل الرجال في كل سبيل، وهو الذي خرجنا في هذه الصناعة، وأدخلنا في عداد الجماعة. وسمع منه الجمع الكثير، وما زال يخدم هذا الفن إلى أن رسخت فيه قدمه،

وتعب الليل والنهار، وما تعب لسانه وقلمه، وضربت باسمه الأمثال، وسار اسمه مسير لقببه الشمس إلا أنه لا يتقلص إذا نزل المطر، ولا يدبر إذا أقبلت الليالي. وقال العلامة الحسيني: الإمام الذهبي، العلامة، شيخ المحدثين، قدوة الحفاظ والقراء، محدث الشام، ومؤرخه، ومفيده. وكان أحد الأذكياء المعدودين، والحفاظ المبرزين. وقال ابن كثير: الشيخ، الحافظ، الكبير، مؤرخ الإسلام، وشيخ المحدثين، وقد ختم به شيوخ الحديث وحفظه. وقال البدر النابلسي: كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم، حديد الفهم، ثاقب الذهن وشهرته تغني عن الإطناب فيه. وقال بدر الدين العيني: الشيخ الإمام العالم، العلامة، الحافظ، المؤرخ، شيخ المحدثين. وقال سبط ابن حجر: الإمام، العالم، العلامة، حافظ الوقت الذي صار هذا اللقب علمًا عليه. فلله دره من إمام محدث! فكم دخل في جميع الفنون، وخرج وصحح، وعدل وجرح، وأتقن هذه الصناعة، فهو الإمام سيد الحفاظ، إمام المحدثين، قدوة الناقدين. 9- تلاميذه الذين تعلموا منه: سمع منه العلم الكثيرون، ورحلت إليه أمم، ومن أشهرهم: صلاح الدين الصفدي، وتاد الدين السبكي، والبرزالي، والعلائي، وابن كثير، وابن رافع السلامي، والحسيني، وغيرهم. وأخيرًا ... وفاته: ظل العلامة، الإمام الذهبي -رحمه الله- يصنف ويدرس، ويؤلف، ويختصر، ويسعى في نشر لعلم، حتى كف بصره سنة 741هـ، فتوقف عن التأليف، وظل يدرس حتى وافته المنية في سنة 748هـ رحمه الله رحمة واسعة، ودفن بمقبرة باب الصغير بدمشق.

ولمزيد من التفصيل والإيضاح يمكنك الرجوع إلى المراجع والمصادر التالية: 1- فوات الوفيات "2/ 183". 2- نكت الهيمان "241". 3- ذيل تذكرة الحفاظ "34"، "347". 4- طبقات الشافعية "5/ 216". 5- شذرات الذهب "6/ 153". 6- غاية النهاية "2/ 71". 7- الدرر الكامنة "3/ 336". 8- النجوم الزاهرة "10/ 182". 9- الإعلام بالتوبيخ "84". 10- مفتاح السعادة "1/ 212"، "2/ 216". 11- تاريخ النعيمي "1/ 78". 12- مجلة المجمع العلمي "16/ 387". 13- مقدمة المختصر المحتاج إليه. 14- دائرة المعارف الإسلامية "9/ 431-434". 15- الأعلام للزركلي "5/ 326". والحمد لله رب العالمين.

منهج التحقيق: 1- تخريج الآيات القرآنية. 2- تخريج الأحاديث وبعض الآثار. 3- تحقيق الأحاديث وبيان صحتها أو ضعفها مسندًا ذلك إلى أهل العلم بهذا الفن، وأذكر ذلك في أول التعليق. 4- تحقيق بعض الآثار. 5- تحقيق القول في الأعلام المجروحين مع نقل ما قيل فيهم في غير هذا الكتاب من مصادر الجرح والتعديل المتيسرة لدي. 6- تفسير بعض الأنساب. 7- التعريف ببعض الأماكن والبلدان. 8- تفسير بعض الكلمات الغربية.

السيرة النبوية قبل الهجرة

بسم الله الرحمن الرحيم السيرة النبوية قبل الهجرة: ذِكْرُ نَسَبِ سَيِّدِ الْبَشَرِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَبُو الْقَاسِمِ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاسْمُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ، وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيٍّ، وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ، وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ، وَعَدْنَانُ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا وَسَلَّمَ، بِإِجْمَاعِ النَّاسِ1. لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَ عَدْنَانَ وَبَيْنَ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الآباء، فقيل بينهما تسعة آباء. وقيل: بينهما سبعة آبَاءٍ، وَقِيلَ: سَبْعَةٌ، وَقِيلَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ. لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَسْمَاءِ بَعْضِ الْآبَاءِ، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ أَبًا، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ أَبًا وَهُوَ بَعِيدٌ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعَرَبِ ذَلِكَ. وَأَمَّا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: مَا وَجَدْنَا مَنْ يَعْرِفُ مَا وراء عدنان ولا قحطان إلا تخرّصًا2.

_ 1 وقد ذكر الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 684" نسب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عدنان، ثم قال: وهذا النسب بهذه الصفة لا خلاف فيه بين العلماء. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 611"، وأما من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عدنان فمتفق عليه. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 25"، وإسناده حسن، فيه ابن لهيعة، وهو وإن كان سيئ الحفظ فقد روى عنه هذا الأثر عبد الله بن وهب، وروايته عنه قوية كما في "التقريب" "3563"، وفيه أيضًا خالد بن خداش، فيه مقال لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن، فانظر "الميزان" للمصنف "2418".

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ وَبَيْنَ إِسْمَاعِيلَ ثَلَاثُونَ1، أَبًا قَالَهُ: هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ النَّسَّابَةُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَكِنْ هِشَامٌ وَأَبُوهُ مَتْرُوكَانِ2. وَجَاءَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "كَانَ إِذَا انْتَهَى إِلَى عَدْنَانَ أَمْسَكَ وَيَقُولُ: "كَذَبَ النَّسَّابُونَ" 3 قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} 4. وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا وَأَشْعَارِهَا يَقُولُ: مَا وَجَدْنَا أَحَدًا يَعْلَمُ مَا وَرَاءَ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ فِي شِعْرِ شَاعِرٍ وَلَا عِلْمِ عَالِمٍ5. قَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ مَعَدًّا كَانَ عَلَى عَهْدِ عِيسَى بْنِ مريم -عليه السلام6.

_ 1 لم أجده عن ابن عباس -رضي الله عنه- وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 24" عن محمد بن السائب الكلبي قال: بين معد وإسماعيل -صلى الله عليه وسلم- نيف وثلاثون أبا. والكلبي متروك إذا أسند، فكيف إذا لم يسند، والراوي عنه هو هشام ابنه، وهو مثله في الضعف. 2 أما هشام فقد قال الدارقطني وغيره: متروك، وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة. وقال الحافظ الذهبي: لا يوثق به، انظر ترجمته في "الميزان" "9237". وأما أبوه محمد بن السائب فهو مفسر نسابة، معروف، ولكنه متروك ومتهم بالكذب، خاصة عن أبي صالح، فقد صرح نفسه بهذا، حيث قال لسفيان: كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب. ولذلك تركه أئمة الجرح والتعديل. وانظر "الميزان" "7574". 3 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 24"، من طريق هشام عن أبيه عن أبي صالح به، وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء، أما أبو صالح فهو باذام، ضعيف كما في "الميزان "1032"، وهشام وأبوه كلاهما متروك، وقد صرح أبوه بالكذب في روايته عن أبي صالح كما تقدم. 4 سورة الفرقان: 38. 5 إسناده حسن: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 25"، وفي إسناده ابن لهيعة وقد رواه عنه عبد الله بن وهب، وروايته عنه قوية كما تقدم، وفيه خالد بن خداش، حسن الحديث كما تقدم، وأبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، ثقة كما في "التهذيب" "3/ 630"، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة تابعي ثقة كما في "التهذيب "4/ 488". 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 24"، وهشام متروك كما تقدم.

وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونَ الْأَوْدِيُّ إِذَا تَلَوْا: {وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ} 1 قَالُوا: كَذَبَ النَّسَّابُونَ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَعْنَى هَذَا عِنْدَنَا عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ: تَكْذِيبُ مَنِ ادَّعَى إِحْصَاءَ بَنِي آدَمَ. وَأَمَّا أَنْسَابُ الْعَرَبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِأَيَّامِهَا وَأَنْسَابِهَا قَدْ وَعَوْا وَحَفِظُوا جَمَاهِيرَهَا وَأُمَّهَاتِ قَبَائِلِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ فُرُوعِ ذَلِكَ. وَالَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ هَذَا الشَّأْنِ أَنَّهُ: عَدْنَانُ بْنُ أُدَدِ بْنِ مُقَوِّمِ بْنِ نَاحُورَ بْنِ تَيْرَحِ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ نَابِتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ بْنِ آزَرَ، وَاسْمُهُ تَارَحُ بْنُ نَاحُورَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ رَاغُو بْنِ فَالَخَ بْنِ عَيْبَرَ بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نُوحٍ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بْنِ لَمَّكِ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بن خنوخ، وهو إدريس -عليه السلام- بن يَرْدَ بْنِ مِهْلِيلَ بْنِ قَيْنَنَ بْنِ يَانِشَ بْنِ شِيثَ بْنِ آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ: وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ ابْنِ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَسْمَاءِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا الْإِمْسَاكُ عَمَّا وَرَاءَ عَدْنَانَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ. وَرَوَى سَلَمَةُ الْأَبْرَشُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذَا النَّسَبَ إِلَى يَشْجُبَ سَوَاءً، ثُمَّ خَالَفَهُ فَقَالَ: يَشْجُبُ بْنُ يَانِشَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ قِيذَارَ بْنِ نَبْتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: يَذْكُرُونَ أَنَّ عُمُرَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَأَنَّهُ دُفِنَ فِي الْحِجْرِ مَعَ أُمِّهِ هَاجَرَ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي خَلَّادُ بْنُ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ تَارَحَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ أَشْرَعَ بْنِ أَرْغُو بْنِ فَالَخَ بْنِ عَابِرِ بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نُوحِ بْنِ لَامَكَ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بْنِ خَنُوخَ بْنِ يَرْدَ بْنِ مِهْلَايِيلَ بْنِ قَايَنَ بْنِ أنوش بن شيث بن آدم2.

_ 1 سورة إبراهيم: 9. 2 في إسناده من لم أجد لهم تراجم.

وَرَوَى عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ وَجَدَ نَسَبَ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي التَّوْرَاةِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ تَارَحَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ شَرْوَغَ بْنِ أَرْغُو بْنِ فَالَغَ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحِ بْنِ لَمَّكَ بن متشالخ بن خنوخ -وهو إرديس- بْنُ يَارَدَ بْنِ مِهْلَايِيلَ بْنِ قَيْنَانَ بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيثَ بْنِ آدَمَ1. وَقَالَ ابْنُ سعد: حدثنا هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ قَالَ: عَلَّمَنِي أَبِي وَأَنَا غُلَامٌ نَسَبَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحَمَّدٍ، الطَّيِّبِ الْمُبَارَكِ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَاسْمُهُ شَيْبَةُ الْحَمْدِ بْنُ هِشَامٍ، وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيٍّ، وَاسْمُهُ: زَيْدُ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ2. قَالَ أَبِي: وَبَيْنَ مَعَدٍّ وَإِسْمَاعِيلَ نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ أَبًا، وَكَانَ لَا يُسَمِّيهِمْ وَلَا يُنْفِذُهُمْ3. قُلْتُ: وَسَائِرُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ أَعْجَمِيَّةٌ، وَبَعْضُهَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالْخَطِّ إِلَّا تَقْرِيبًا. وَقَدْ قِيلَ في قوله تعالى: {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} 4: فَصِيلَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَعْمَامُهُ وَبَنُو أَعْمَامِهِ، وَأَمَّا فَخِذُهُ فَبَنُو هَاشِمٍ قَالَ: وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ بَطْنُهُ، وَقُرَيْشٌ عِمَارَتُهُ، وَبَنُو كِنَانَةَ قَبِيلَتُهُ. وَمُضَرُ شَعْبُهُ. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اصْطَفَى اللَّهُ كِنَانَةَ مَنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى هَاشِمًا مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هاشم" 5 رواه مسلم. وأمّه آمنة وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ، فَهِيَ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى كِلَابٍ مِنْ زوجها عبد الله برجل.

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: عبد المنعم بن إدريس متروك، ومتهم بالكذب، كما في "الميزان" "5270". 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""1/ 23، 24". 3 إسناده ضعيف جدًّا: انظر المصدر السابق. 4 سورة المعارج: 13. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2276" في كتاب الفضائل، باب: فضل نسب النبي -صلى الله عليه وسلم- والترمذي "3626" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في فضل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحمد "4/ 107"، وابن حبان "6242"، والبغوي في "شرح السنة" "3613".

مولده المبارك صلى الله عليه وسلم

مَوْلِدُهُ الْمُبَارَكُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، أنا عَلِيُّ بن عرم الْحَرْبِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُلِدَ يَوْمَ الْفِيلِ"1 صَحِيحٌ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: "وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفِيلِ. كنا لدين"3 أخرجه الترمذي، وإسناده حسن.

_ 1 أخرجه الحاكم في "مستدرك" "4180"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 75"، من طريق حجاج بن محمد به. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "1/ 96": رواه البزار والطبراني ورجاله موثقون. وانظر التعليق الآتي. 2 قلت: في هذا التصحيح بحث، فإن أبا إسحاق مدلس كما في "طبقات المدلسين" "ص31" للحافظ ابن حجر، وكذلك كان قد اختلط كما في "التقريب" "5065"، ولعل تصحيح الحافظ الذهبي له لأنه ورد من طريق آخر، فقد أخرجه ابن أبي شيبةكما في "البداية" "1/ 691"، عن عفان بن سعيد بن مينا عن جابر وابن عباس به، وهذا إسناد رجاله ثقات، ولكنه منقطع بين عفان وسعيد بن جبير، فهو يصلح لمتابعة الطريق الأول، وبذلك يتقوى الحديث، والله أعلم. 3 إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي "3639"، في كتاب المناقب، باب: ما جاء في ميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 165"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 47" والطبري في تاريخه "1/ 453" والحاكم في "مستدركه" "4183" والبيهقي في "الدلائل" "1/ 76-77" وأبو نعيم في "الدلائل" "ص91" وابن حبان في "الثقات" "1/ 14"، وقال الألباني: ضعيف الإسناد. قلت: وأما تحسين الحافظ الذهبي لإسناده ففيه نظر، فإن المطلب بن عبد الله مقبول كما في "التقريب" "6711"، ومعنى ذلك أنه إذا توبع فتقبل روايته، وإلا فإسناده لين، وقد تفرد بالرواية عنه ابن إسحاق كما في "التهذيب" "4/ 93-94" ووثقه ابن حبان، وابن حبان معروف عند أهل العلم بتساهله في التوثيق، حيث إنه يوثق من لم يعرف بجرح أو تعديل، ومثل هذا الموثق، إذا تُفرد عنه فلا نستطيع عندئذ أن نقبل روايته، والله أعلم بالصواب.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ: ثنا سُلَيْمَانُ النَّوْفَلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفِيلِ، وَكَانَتْ عُكَاظُ بَعْدَ الْفِيلِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ، وَبُنِيَ الْبَيْتُ عَلَى رَأْسِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ. وَتَنَبَّأَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ1. قَالَ شَبَّابٌ الْعُصْفُرِيُّ: ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، سَمِعْتُ قِبَاثَ بْنَ أَشْيَمَ يَقُولُ: أَنَا أَسَنُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَقَفَتْ بِي أُمِّي عَلَى رَوَثِ الْفِيلِ مُحِيلًا2 أَعْقِلُهُ، وَوُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الفيل3. يحيى أَبُو زُكَيْرٍ، وَشَيْخُهُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ4. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَأْسِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَبْعَثِهِ وَبَيْنَ أَصْحَابِ الْفِيلِ سَبْعُونَ سَنَةً5. كَذَا قَالَ. وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ: هَذَا وَهْمٌ لَا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَائِنَا. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ وَبُعِثَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنَ الْفِيلِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جعفر بن أبي المغيرة، عن ابن أبزى قَالَ: كَانَ بَيْنَ الْفِيلِ وَبَيْنَ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرُ سِنِينَ6. وهذا قول منقطع7.

_ 1 مرسل: ولم أميز سليمان النوفلي والأثر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 78". 2 محيلًا: أي متغيرًا. 3 إسناده ضعيف جدًّا، انظر التعليق الآتي. 4 أما يحيى فهو ابن محمد بن قيس، في حديثه ضعيف كما في "الميزان" "9616" وأما شيخه عبد العزيز بن عمران فهو الزهري المدني، متروك كما في "الميزان" "5119". 5 مرسل. 6 مرسل: وابن أبزى هو سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وجعفر ويعقوب كلاهما فيه مقال. 7 يريد مقطوع، أي موقوف على هذا التابعي.

وَأَضْعَفُ مِنْهُ مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ1 قَالَ: ثنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، ثنا الْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: حُمِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَاشُورَاءَ الْمُحَرَّمِ، وَوُلِدَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ غَزْوَةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ2 وهذا حديث ساقط كما نرى. وَأَوْهَى مِنْهُ مَا يُرْوَى عَنِ الْكَلْبِيِّ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ سَاقِطٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ بَاذَامَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ الْفِيلِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً3. قَدْ تَقَدَّمَ مَا يُبَيِّنُ كَذِبَ هَذَا الْقَوْلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفِيلِ، وَسُمِّيَتْ قُرَيْشٌ آلَ اللَّهِ وَعَظُمَتْ فِي الْعَرَبِ، وُلِدَ لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول4 وَقِيلَ: مِنْ رَمَضَانَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ. وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ: سَأَلَ أَعْرَابِيٌّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ - قَالَ: "ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَفِيهِ أُوحِيَ إِلَيَّ" 5. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرُهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُلِدَ فِي لَيْلَةِ الاثْنَيْنِ مِنْ رَبِيعٍ الأول عند أبهرار النّهار6.

_ 1 محمد بن عثمان بن أبي شيبة على سعة علمه فقد تكلم فيه أهل العلم، بل رماه البعض بالكذب، والوضع، فانظر "الميزن" "7934". 2 إسناده ضعيف جدًّا: المسيب بن شريك متروك كما في "الميزان" "8544"، وتقدم ما قيل في محمد بن عثمان بن أبي شيبة. 3 إسناده ضعيف جدًّا. 4 مرسل: ومعروف بن خربوذ فيه مقال كما في "الميزان" "8655". 5 صحيح: أخرجه مسلم "1162/ 197" في كتاب الصيام، باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر. 6 مرسل.

وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ شِئْتُ مِنْ رِجَالِ قَوْمِي، عَنْ حَسَّانِ بْنِ ثابت، قال: "إني لغلام يفعة"1، إذا سَمِعْتُ يَهُودِيًّا وَهُوَ عَلَى أَطَمَةِ2 يَثْرِبَ يَصْرُخُ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ قَالُوا: وَيْلَكَ مَا لَكَ؟ قَالَ: طَلَعَ نَجْمُ أَحْمَدَ الَّذِي يُبعث بِهِ اللَّيْلَةَ3. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حَنَشٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ -صَلَّى الله عليه وسلم- يوم الإثنين ونبئ يوم الْإِثْنَيْنِ. وَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَفَتَحَ مَكَّةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَنَزَلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ4. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَأَخْرَجَهُ الْفَسَوِيُّ فِي "تَارِيخِهِ". وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيُّ فِي "السِّيرَةِ" مِنْ تَأْلِيفِهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: "وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَكَانَ قُدُومُ أَصْحَابِ الْفِيلِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ"5. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ: "وُلِدَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ"6. قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ نَيْسَانَ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: وُلِدَ بَعْدَ الْفِيلِ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا. قَالَهُ بَعْضُهُمْ: قَالَ: وَقِيلَ بَعْدَهُ بِأَرْبَعِينَ يومًا.

_ 1 أي قوي. 2 مكان مرتفع. 3 إسناده محتمل للتحسين: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 165" وليس في الإسناد سوى جهالة هؤلاء الرجال، والظاهر أنهم من التابعين، وجهالتهم تُجبر بكونهم جمعًا كما في "الصحيحة" "3/ 361". 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 277"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 47"، وابن لهيعة سيئ الحفظ، وحديثه قوي إذا روى عنه العبادلة الذين أشار إليهم العلامة ناصر الدين الألباني في "الصحيحة" "1/ 67" وهذا الحديث من رواية موسى بن داود عن ابن لهيعة. 5 مرسل: أبو جعفر هو الباقر، محمد بن علي بن الحسين. 6 معضل: وأبو معشر هذا ضعيف كما في "التقريب" "7100".

قُلْتُ: لَا أُبْعِدُ أَنَّ الْغَلَطَ وَقَعَ مِنْ هُنَا عَلَى مَنْ قَالَ ثَلَاثِينَ عَامًا أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ يَوْمًا فَقَالَ عَامًا. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ سَابِعِهِ، وَصَنَعَ لَهُ مَأْدُبَةً وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا1. وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَ يُونُسُ بْنُ عَطَاءٍ الْمَكِّيُّ، ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ الْعَدَنِيُّ، ثنا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ قَالَ: وُلِدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَخْتُونًا مَسْرُورًا، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَحَظِيَ عِنْدَهُ وَقَالَ: لَيَكُونَنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنٌ2. تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ، عَنْ يُونُسَ، لَكِنْ أَدْخَلَ فِيهِ بَيْنَ يُونُسَ وَالْحَكَمِ: عُثْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ الصُّدَائِيَّ. قَالَ شَيْخُنَا الدِّمْيَاطِيُّ: وَيُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: خَتَنَ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا طَهَّرَ قَلْبَهُ3. قُلْتُ: هذا منكر.

_ 1 إسناده ضعيف: الوليد بن مسلم مدلس كما في "التقريب" "7456" وقد عنعنه. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 48"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 697": هذا الحديث في صحته نظر. وقال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" "1/ 25": إنه لا يصح. 3 ضعيف: عزاه الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 697-368"، لابن عساكر، وقال: وهذا غريب جدًّا.

أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته

أَسْمَاءُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكُنْيَتُهُ: الزُّهْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ لِي أَسْمَاءً: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ، وَأَنَا الْعَاقِبُ" 1. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ رَءُوفًا رَحِيمًا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْحَاشِرُ، وَأَنَا الْمَاحِي، وَالْخَاتَمُ، وَالْعَاقِبُ" 2. وَهَذَا إِسْنَادٌ قَوِيٌّ حَسَنٌ. وَجَاءَ بِلَفْظٍ آخَرَ قَالَ: "أَنَا أَحْمَدُ، وَمُحَمَّدٌ، وَالْمُقَفِّي، وَالْحَاشِرُ، وَنَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ" 3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: ثنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُقْبَةَ4 بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ: أَتُحْصِي أَسْمَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّتِي كَانَ جُبَيْرٌ يَعُدُّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، هِيَ سِتَّةٌ: مُحَمَّدٌ، وأحمد، وخاتم، وحاشر، وعاقب، وماحي5.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3533" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في أَسْمَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومسلم "2354/ 124" في كتاب الفضائل، باب: في أسمائه -صلى الله عليه وسلم- والترمذي "2849"، في كتاب الأدب، باب ما جاء في أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي "الشمائل له" "365"، وأحمد "4/ 80"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 49"، والطبراني في "الكبرى" "1520-1530" والبيهقي في "الدلائل" "1/ 152". 2 أخرجه أحمد "4/ 81، 84". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2355"، في المصدر السابق، وأحمد "4/ 404"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 156، 157"، من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه. 4 في "المطبوعة" "عقبة، والتصحيح من المصدر الآتي. 5 عبد الله بن صالح هو كاتب الليث ضعيف، ولكنه توبع، فقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 49" من طريق حجبين بن المثني عن الليث بن سعد به، وهو إسناد حسن عتبة بن مسلم وثقه ابن حبان وروى عنه جمع من الثقات كما في "التهذيب" "3/ 54"، ومثله يحسن حديثه على أقل تقدير، ولذا قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" "4442"، ثقة.

فَأَمَّا حَاشِرٌ فَبُعِثَ مَعَ السَّاعَةِ نَذِيرًا لَكُمْ، وأمّا عاقب فإنّه عقّب الأنبياء، وأمّا ماحي فَإِنَّ اللَّهَ مَحَا بِهِ سَيِّئَاتِ مَنِ اتَّبَعَهُ. فَأَمَّا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسَمِّي لَنَا نَفْسَهُ أَسْمَاءً فَقَالَ: "أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَالْحَاشِرُ، وَالْمُقَفِّي، وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَالْمَلْحَمَةِ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُرْسَلًا قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ" 2. وَرَوَاهُ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الحَسَّانِيُّ، عَنْ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْصُولًا. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} 3. وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْأَزْرَقِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: يس مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْقُرْآنِ خَمْسَةُ أَسْمَاءَ: مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَيس، وَطه. وَقِيلَ: طه، لُغَةٌ لِعَكٍّ، أَيْ يَا رَجُلُ، فَإِذَا قُلْتَ لِعَكِّيٍّ: يَا رَجُلُ، لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا قُلْتَ لَهُ: طه، الْتَفَتَ إِلَيْكَ. نَقَلَ هَذَا الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْكَلْبِيُّ مَتْرُوكٌ. فَعَلَى هَذَا القول لا يكون طه من أسمائه.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2355"، في كتاب الفضائل، باب: في أسمائه -صلى الله عليه وسلم- وفيه "نبي الرحمة" بدلًا من "والملحمة"، وأما هذه الرواية فأخرجها أحمد "4/ 404"، وصححها الألباني في "صحيح الجامع" "1473" والحديث أخرجه أيضا ابن سعد في "الطبقات" "1/ 49"، والطبراني في "الأوسط" "2716". 2 صحيح: أخرجه الطبراني في "الأوسط" "2981"، موصولًا من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ "إنما بعثت رحمة مهداة" وقال الألباني في "صحيح الجامع" "2345"، صحيح. 3 سورة الأنبياء: 107.

وَقَدْ وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: رَسُولًا، وَنَبِيًّا أُمِّيًّا، وَشَاهِدًا، وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إلى الله بإذنه، وسراجًا منيرًا، ورءوفًا رَحِيمًا، وَمُذَكِّرًا، وَمُدَّثِّرًا وَمُزَّمِّلًا، وَهَادِيًا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ: الضَّحُوكُ، وَالْقَتَّالُ. جَاءَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "أَنَا الضَّحُوكُ أَنَا الْقَتَّالُ"1. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ2، وَفِي التَّوْرَاةِ فِيمَا بَلَغَنَا أَنَّهُ حِرْزٌ لِلْأُمِّيِّينَ، وَأَنَّ اسْمَهُ الْمُتَوَكِّلُ3. وَمِنْ أَسْمَائِهِ: الْأَمِينُ. وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَدْعُوهُ بِهِ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ الْفَاتِحُ، وَقُثَمُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: تَذَاكَرُوا أَحْسَنَ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ فَقَالُوا: قَوْلُ أَبِي طَالِبٍ فِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ ... فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ4 قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: "أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَنَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَالْمُقَفِّي، وَأَنَا الْحَاشِرُ، وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ" 5 قَالَ: المقفيّ الذي

_ 1 لم أجده. 2 صحيح: أخرجه البخاري "6594" في كتاب القدر، باب: في القدر، ومسلم "2643" في كتاب القدر، باب: كيفية الخلق الآدمي، وأبو داود "4718"، في كتاب السنة، باب: في القدر، والترمذي "2144"، في كتاب القدر، باب: ما جاء أن الأعمال بالخواتيم، وابن ماجه "76" في المقدمة، باب: في القدر، وأبو نعيم في "الحلية" "8617" وابن حبان في "صحيحه" "6174"، وهو طرف من حديث خلق الإنسان في الرحم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "2125"، في كتاب البيوع، باب: كراهية السخب في الأسواق، وأحمد "2/ 174"، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه. وأخرجه الدارمي "6" من حديث ابن سلام -رضي الله عنه. 4 في المصدر الآتى "حذيفة" ويأتي تنبيه المصنف على ذلك. 5 حسن: أخرجه الترمذي في "الشمائل" "366"، وأحمد "5/ 405"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 49"، من حديث حذيفة -رضي الله عنه- وقال الألباني في "مختصر الشمائل": حسن.

لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ1، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "الشَّمَائِلِ" وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، فَقَالَ عَنْ زِرٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ نَحْوَهُ. وَيُرْوَى بِإِسْنَادٍ وَاهٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِي عَشْرَةُ أَسْمَاءَ، فَذَكَرَ مِنْهَا الْفَاتِحَ، وَالْخَاتَمَ"2. قُلْتُ: وَأَكْثَرُ مَا سُقْنَا مِنْ أَسْمَائِهِ صِفَاتٌ لَهُ لَا أَسْمَاءُ أَعْلَامٍ. وَقَدْ تَوَاتَرَ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو الْقَاسِمِ. قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي" 3 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا تَجْمَعُوا اسْمِي وَكُنْيَتِي، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، اللَّهُ يُعْطِي وَأَنَا أُقَسِّمُ" 4. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا ولد إبراهيم ابن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَارِيَةَ كَادَ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ مِنْهُ، حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ5. ابْنُ لَهِيعَةَ ضعيف.

_ 1 لم أجد هذه الزيادة في المصادر السابقة، وإنما أخرجها مسلم "2354/ 125"، من قول الزهري بلفظ "قال: قلت للزهري: وما العاقب؟ قال: الذي ليس بعده نبي". 2 إسناده ضعيف جدًّا، أخرجه أبو نعيم في "الدلائل" "ص31" وفي إسناده سيف بن وهب متروك، ونقل الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين" "7/ 163" عن ابن دحية قال: هذا السند لا يساوي شيئًا. 3 صحيح: أخرجه البخاري "6188" في كتاب الأدب، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تكنوا بكنيتي"، ومسلم "2134" في كتاب الآداب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم، وأبو داود "4965"، في كتاب الأدب، باب: في الرجل يتكنى بأبي القاسم وابن ماجه "3735" في كتاب الأدب، باب: الجمع بين اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وكنيته، وأحمد "3/ 248، 260، 270، 312، 395، 455، 457، 470، 478، 491، 519"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 50"، والبغوي في "شرح السنة" "3363". 4 صحيح: أخرجه الترمذي "2580" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في كراهية الجمع بين اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وكنيته، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 50"، وأحمد "2/ 433" وأبو نعيم في "الحلية" "9784" والبيهقي في "الدلائل" "1/ 163"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 5 إسناده ضعيف: ابن لهيعة ضعيف الحفظ، ولا يصح من حديثه إلا ما كان من رواية العبادلة عنه كما تقدم، ولا أعلم من روى عنه هذا الحديث، وفي تعقيب المصنف على الحديث ما يشعر بأنه من طريق آخر، والله أعلم.

ذكر ما ورد في قصة سطيح وخمود النيران ليلة المولد وانشقاق الإيوان

ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي قِصَّةِ سَطِيحٍ وَخُمُودِ النِّيرَانِ لَيْلَةَ الْمَوْلِدِ وَانْشِقَاقِ الْإِيوَانِ: قَالَ ابْنُ أبي الدّنيا وغيره: حدثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، أنا أَبُو يَعْلَى أَيُّوبُ بْنُ عِمْرَانَ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنِي مَخْزُومُ بْنُ هَانِئٍ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً قَالَ: لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ارْتَجَسَ1 إِيوَانُ كِسْرَى، وَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً، وَغَاضَتْ2 بُحَيْرَةُ سَاوَةَ3، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسٍ، وَلَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ، وَرَأَى الْمُوبَذَانُ4 إِبِلًا صِعَابًا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ كِسْرَى أَفْزَعَهُ مَا رَأَى مِنْ شَأْنِ إِيوَانِهِ فَصَبَرَ عَلَيْهِ تَشَجُّعًا، ثُمَّ رَأَى أَنْ لَا يَسْتُرَ ذَلِكَ عَنْ وُزَرَائِهِ وَمَرَازِبَتِهِ5، فَلَبِسَ تَاجَهُ وَقَعَدَ عَلَى سَرِيرِهِ وَجَمَعَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ قَالَ: أَتَدْرُونَ فِيمَ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ - قَالُوا: لَا إِلَّا أَنْ يُخْبِرَنَا الْمَلِكُ، فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ بِخُمُودِ النَّارِ، فَازْدَادَ غَمًّا إِلَى غَمِّهِ، فَقَالَ الْمُوبَذَانُ: وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ -أَصْلَحَ اللَّهُ الملك- في هذه اللّيلة، ثم قصّ على رُؤْيَاهُ فَقَالَ: أَيَّ شَيْءٍ يَكُونُ هَذَا يَا مُوبَذَانُ؟ قَالَ: حَدَثٌ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْعَرَبِ، وَكَانَ أَعْلَمَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَكَتَبَ كِسْرَى عِنْدَ ذَلِكَ: "مِنْ كِسْرَى مَلِكِ الْمُلُوكِ إِلَى النُّعْمَانِ بن المنذر، أما بعد، فوجّه إليّ رجل عَالِمٍ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ. فَوَجَّهَ إِلَيْهِ بِعَبْدِ الْمَسِيحِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ بُقَيْلَةَ الغسانيّ،

_ 1 ارتجس: رجف. 2 غاضت: جف أو نقص ماؤها. 3 ساوة: مدينة بين الري وهمذان. 4 الموبذان: القاضي. 5 مرازبته: جمع مرزبان، وهو الرئيسي من الفرس.

فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: أَلَكَ عِلْمٌ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ - قَالَ: لِيَسْأَلْنِي الملك فإن كان عندي علم إلا أَخْبَرْتُهُ بِمَنْ يُعْلِمُهُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى، فَقَالَ: عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ خَالٍ لِي يَسْكُنُ مَشَارِفَ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ قَالَ: فَائْتِهِ فَسَلْهُ عَمَّا سَأَلْتُكَ وَائْتِنِي بِجَوَابِهِ، فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى عَلَى سَطِيحٍ وَقَدْ أَشْفَى عَلَى الْمَوْتِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَحَيَّاهُ فَلَمْ يُحِرْ سَطِيحٌ جَوَابًا، فَأَنْشَأَ عَبْدُ الْمَسِيحِ يَقُولُ: أَصَمُّ أَمْ يَسْمَعُ غِطْرِيفُ الْيَمَنْ ... أَمْ فَادَ فَازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ الْعَنَنْ1 يَا فَاصِلَ الْخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ وَمَنْ ... أَتَاكَ شَيْخُ الْحَيِّ مِنْ آلِ سَنَنْ2 وَأُمُّهُ مِنْ آلِ ذِئْبِ بْنِ حَجَنْ ... أَزْرَقُ نَهْمُ النَّابِ صَرَّارُ الأُذُنْ3 أَبْيَضُ فَضْفَاضُ الرِّدَاءِ وَالْبَدَنْ ... رَسُولُ قَيْلِ الْعُجْمِ يَسْرِي لِلْوَسَنْ4 تَجُوبُ بِي الْأَرْضَ عَلَنْدَاةٌ شَزَنْ ... تَرْفَعُنِي وَجَنًا وَتَهْوِي بِي وَجَنْ5 لَا يَرْهَبُ الرَّعْدَ وَلَا رَيْبَ الزَّمَنْ ... كَأَنَّمَا أُخْرِجَ مِنْ جَوْفٍ ثَكَنْ6 حَتَّى أَتَى عَارِيَ الْجَآجِي وَالْقَطَنْ ... تَلُفُّهُ فِي الرِّيحِ بَوْغَاءُ الدِّمَنْ7 فَقَالَ سَطِيحٌ: عَبْدُ الْمَسِيحِ، جَاءَ إِلَى سَطِيحٍ، وَقَدْ أَوْفَى عَلَى الضِّرِيحِ، بَعَثَكَ مَلِكُ بَنِي سَاسَانَ، لِارْتِجَاسِ الْإِيوَانِ، وَخُمُودِ النِّيرَانِ، وَرُؤْيَا الَمُوبَذَانِ، رَأَى إِبِلًا صِعَابًا، تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا، قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ، وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِهَا، يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ إِذَا كَثُرَتِ التِّلَاوَةُ، وَظَهَرَ صَاحِبُ الْهِرَاوَةِ، وَفَاضَ وَادِي السَّمَاوَةِ8، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ، فَلَيْسَ الشَّامُ لِسَطِيحٍ شَامًا، يَمْلِكُ مِنْهُمْ مُلُوكٌ وَمَلِكَاتٌ، عَلَى عَدَدِ الشُّرُفَاتِ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آت. ثم قضى شطيح مَكَانَهُ، وَسَارَ عَبْدُ الْمَسِيحِ إِلَى رَحْلِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: شَمِّرْ فَإِنَّكَ مَاضِي الْهَمِّ شِمِّيرُ ... لَا يُفْزِعَنَّكَ تَفْرِيقٌ وَتَغْيِيرُ إِنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي سَاسَانَ أَفْرَطَهُمْ ... فَإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوَارٌ دَهَارِيرُ

_ 1 غطريف: سيد. وفاد: مات. وأزلم: قبض. 2 الخطة: الحالة والطريقة. 3 الصرار: الشديد السمع. 4 قيل: ملك. 5 علنداة: ناقة قوية. وشزن: والوجن: الأرض الصلبة. 6 ثكن: جبل بالبادية. 7 القطن: جزء من أسفل ظهر الإنسان. وبوغاء: تراب ناعم، والدمن: الزبل والبعر. 8 وادي السماوة: يقع بين الكوفة والشام.

فَرُبَّمَا رُبَّمَا أَضْحَوْا بِمَنْزِلَةٍ ... تَهَابُ صَوْلَهُمُ الأُسْدُ الْمَهَاصِيرُ1 مِنْهُمْ أَخُو الصَّرْحِ بَهْرَامٌ وَإِخْوَتُهُ ... وَالْهُرْمُزَانِ وَسَابُورٌ وَسَابُورُ وَالنَّاسُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ فَمَنْ عَلِمُوا ... أَنْ قَدْ أَقَلَّ فَمَحْقُورٌ وَمَهْجُورُ وَهُمْ بَنُو الْأُمِّ إِمَّا إِنْ رَأَوْا نَشَبًا ... فَذَاكَ بِالْغَيْبِ مَحْفُوظٌ وَمَنْصُورُ وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَصْفُودَانِ فِي قَرَنٍ ... فَالْخَيْرُ مُتَّبَعٌ وَالشَّرُّ مَحْذُورُ2 فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى كِسْرَى أَخْبَرَهُ بِقَوْلِ سَطِيحٍ فَقَالَ كِسْرَى: إِلَى مَتَى يَمْلِكُ مِنَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَلِكًا تَكُونُ أُمُورٌ، فَمَلَكَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَمَلَكَ الْبَاقُونَ إِلَى آخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-3. هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ غَرِيبٌ. وَبِالْإِسْنَادِ إِلَى الْبَكَّائِيِّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ مَلِكُ الْيَمَنِ بَيْنَ أَضْعَافِ مُلُوكِ التّبابعة، فرأى رؤيا وَفَظِعَ مِنْهَا، فَلَمْ يَدَعْ كَاهِنًا وَلَا سَاحِرًا وَلَا عَائِفًا وَلَا مُنَجِّمًا مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ إِلَّا جَمَعَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي فَأَخْبِرُونِي بِهَا وَبِتَأْوِيلِهَا، قَالُوا: اقْصُصْهَا عَلَيْنَا نُخْبِرْكَ بِتَأْوِيلِهَا، قَالَ: إِنِّي إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ عَنْهَا لَمْ أَطْمَئِنَّ إِلَى خَبَرِكُمْ عَنْ تَأْوِيلِهَا، إِنَّهُ لَا يَعْرِفُ تَأْوِيلَهَا إِلَّا مَنْ عَرَفَهَا، فَقِيلَ لَهُ: إِنْ كَانَ الْمَلِكُ يُرِيدُ هَذَا فَلْيَبْعَثْ إِلَى سَطِيحٍ وَشِقٍّ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنْهُمَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِمَا فَقَدِمَ سَطِيحٌ قَبْلَ شِقٍّ، فَقَالَ لَهُ: رَأَيْتُ حُمَمَةً4 خَرَجَتْ مِنْ ظُلُمَةٍ، فَوَقَعَتْ بِأَرْضٍ، تِهَمَةٍ، فَأَكَلْتُ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ جُمْجُمَةٍ. قَالَ: مَا أَخْطَأْتُ مِنْهَا شيئًا، فما تأويلها؟ فقال: أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ5 مِنْ حَنَشٍ6، لَيَهْبِطَنَّ أَرْضَكُمُ الْحَبَشُ، فَلَيَمْلِكَنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ7 إِلَى جرش8.

_ 1 المهاصير: المفترسة. 2 مصفودان: موثقان ومقيدان. 3 أخرجه البيهقي في الدلائل "1/ 126-129"، وقد بحثت كثيرًا عن ترجمة لمخزوم بن هانئ وأبيه فلم أعثر عليها، والحديث كما ترى ضعفه المصنف. 4 حممة: جمرة. 5 الحرتين: تثنية حرة، وهي الأرض ذات الحجارة السود. 6 حنش: حية. 7 أبين: موضع في جبل عدن. 8 جرش: مدينة باليمن.

فَقَالَ الْمَلِكُ: وَأَبِيكَ يَا سَطِيحُ إِنَّ هَذَا لنا لغائط مُوجِعٌ، فَمَتَى هُوَ كَائِنٌ أَفِي زَمَانِي أَمْ بعده؟ قال: بل بعده بحين، أكثر ن سِتِّينَ أَوْ سَبْعِينَ مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ يَقْتُلُونَ وَيَخْرُجُونَ هَارِبِينَ. قَالَ: مَنْ يَلِي ذَلِكَ مِنْ إِخْرَاجِهِمْ؟ قَالَ: يَلِيهِ إِرَمُ ذِي يَزَنَ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَدَنٍ فَلَا يَتْرُكُ أَحَدًا بِالْيَمَنِ. قَالَ: أَفَيَدُومُ ذَلِكَ؟ قَالَ: بَلْ يَنْقَطِعُ بِنَبِيٍّ زَكِيٍّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ قِبَلِ الْعَلِيِّ. قَالَ: وَمِمَّنْ هُوَ؟ قَالَ: مِنْ وَلَدِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ. قَالَ: وَهَلْ لِلدَّهْرِ مِنْ آخِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَوْمٌ يُجْمَعُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، يَسْعَدُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ، وَيَشْقَى فِيهِ الْمُسِيئُونَ. قَالَ: أَحَقٌّ مَا تُخْبِرُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ وَالشَّفَقِ1 وَالْغَسَقِ2، وَالْفَلَقِ3 إِذَا اتَّسَقَ4، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ بِهِ لَحَقٌّ. ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ شِقٌّ، فَقَالَ لَهُ كَقَوْلِهِ لِسَطِيحٍ، وَكَتَمَهُ مَا قَالَ لِسَطِيحٍ لينظر أيتفقان قال: نعم حُمَمَةً خَرَجَتْ مِنْ ظُلُمَةٍ، فَوَقَعَتْ بَيْنَ رَوْضَةٍ وَأَكَمَةٍ، فَأَكَلْتُ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ نَسَمَةٍ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُمَا قَدِ اتَّفَقَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ، فَجَهَّزَ أَهْلَ بَيْتِهِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَكَتَبَ لَهُمْ إِلَى مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ يقال له سابور

_ 1 الشفق: الحرمة في السماء بعد غروب الشمس. 2 الغسق: ظلمة الليل. 3 الفلق: الصبح. 4 اتسق: اجتمع.

ابن خُرَّزَاذَ، فَأَسْكَنَهُمُ الْحِيرَةَ، فَمِنْ بَقِيَّةِ وَلَدِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ: النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَهُوَ فِي نَسَبِ الْيَمَنِ: النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ1. بَابٌ مِنْهُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خَرَجْتُ مِنْ لَدُنْ آدَمَ مِنْ نِكَاحٍ غير سفاح" 2. هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، فِيهِ مَتْرُوكَانِ: الْوَاقِدِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ3. وَوَرَدَ مِثْلُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ إِنْ صَحَّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ4. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْجَدْعَاءَ قال: قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا قَالَ: "وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ" 5. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَاللَّفْظُ لَهُ: ثنا بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: "وَآدَمُ بين الروح والجسد" 6.

_ 1 معضل: ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 21-25". 2 حسن: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 26" وفي إسناده كما يأتي، ولكن للحديث طرق وشواهد أخرى، فقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 26"، من حديث عائشة -رضي الله عنها- وأخرجه الطبراني في "الأوسط" "4728" من حديث عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- ولذلك حسنه أبو عبد الرحمن الألباني في "صحيح الجامع" "3232-3225". 3 أما الواقدي فهو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي أحد أوعية العلم، ومع ذلك فترك أهل العلم حديثه، بل واتهمه البعض بالكذب والوضع كما يأتي في ترجمته "1486". 4 انظر تخريج الحديث السابق. 5 صحيح: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 70"، وصححه الألباني في "الصحيحة" "1856". 6 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 59" وصححه شيخ الإسلام ابن تيمة في "مجموع الفتاوى" "2/ 147" والحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 767" والألباني في "الصحيحة" "1856".

متى وجبت له النبوة: وقال التّرمذيّ: حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ؟ قَالَ: "بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ" 1. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ2. قُلْتُ: لَوْلَا لِينٌ فِي الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ لَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ3. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ قَالَ: "أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي كَأَنَّ نُورًا خَرَجَ مِنْهَا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ" 4. وَرُوِّينَا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى لِي، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ" 5. وَإِنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَتْ حِينَ وضعته نورًا أضاءت منه قصور الشام.

_ 1 صحيح: أخرجه الترمذي "3629" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في فضل النبي -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "2/ 130"، والخطيب البغدادي في "تاريخه" "3/ 70" و"5/ 83" وصححه الألباني في "صحيح سن الترمذي". 2 في نسخة "السنن" عندي قال: حسن صحيح غريب. 3 انظر التعليق السابق، وقد اختلف أهل العلم في معنى قول الترمذي: حسن صحيح غريب. وعليه يترتب هذا الاستنتاج، والله أعلم. 4 صحيح: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 172، 173" وابن سعد في "الطبقات" "1/ 71". وأخرجه أحمد "4/ 127، 184، 185" والدرامي "13" من طريق خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عمرو السلمي عن عتبة بن عبد السلمي ببعضه، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 71": إسناده جيد قوي. وصححه الألباني في "الصحيحة" "1545". 5 أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" "4/ 127، 128"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 71" وأبو نعيم في "الحلية" "7924".

رَوَاهُ اللَّيْثُ، وَابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ سُوَيْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ هِلَالٍ السُّلَمِيِّ، عَنِ الْعِرْبَاضِ فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ نَفْسِهِ. وَقَالَ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ: ثنا لُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَا كَانَ بَدْءُ أَمْرِكَ - قَالَ: "دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ" 1. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ فَرَجٍ. قَوْلُهُ: "لَمُنْجَدِلٌ" أَيْ مُلْقًى، وَأَمَّا دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ فقوله: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} 2 وَبِشَارَةُ عِيسَى قَوْلُهُ: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} 3. وقال أبو ضمرة: حدثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "قَسَمَ اللَّهُ الْأَرْضَ نِصْفَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا، ثُمَّ قَسَمَ النّصف على ثلاثة فكنت في خير ثلت مِنْهَا، ثُمَّ اخْتَارَ الْعَرَبَ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ اخْتَارَ قُرَيْشًا مِنَ الْعَرَبِ، ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ اخْتَارَنِي مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ"4 هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ. وَرَوَى زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مَنْهَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي خُرَيْمِ بْنَ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ يَقُولُ: هَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكٍ، فسمعت العبّاس، يقول: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَمْتَدِحَكَ. قَالَ: "قُلْ لَا يفض اللَّهُ فَاكَ". فَقَالَ: مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظّلال وفي ... مستودع حيث يخصف الورق

_ 1 إسناده حسن: أخرجه أحمد "5/ 262" وابن سعد في "الطبقات" "1/ 71" وقال الألباني في "الصحيحة" "4/ 62": إسناده حسن. 2 سورة البقرة: 129. 3 سورة الصف: 6. 4 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 5".

ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلَادَ لَا بَشَرٌ ... أَنْتَ وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ وَقَدْ ... أَلْجَمَ نَسْرًا وَأَهْلَهُ الْغَرَقُ تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ إِلَى رَحِمٍ ... إِذَا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ حَتَّى احْتَوَى بَيْتُكَ الْمُهَيْمِنُ مِنْ ... خِنْدِفٍ عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الأ ... رض وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الْأُفُقُ فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وفي النّو ... ر وَسُبُلِ الرَّشَادِ تَخْتَرِقُ1 الظِّلَالُ: ظِلَالُ الْجَنَّةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ} 2. وَالْمُسْتَوْدَعُ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي كَانَ فِيهِ آدَمُ وَحَوَّاءُ يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنَ الْوَرَقِ، أَيْ يَضُمَّانِ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ يَتَسَتَّرَانِ بِهِ، ثُمَّ هَبَطْتَ إِلَى الدُّنْيَا فِي صُلْبِ آدَمَ، وَأَنْتَ لَا بَشَرٌ وَلَا مُضْغَةٌ. وَقَوْلُهُ: "تَرْكَبُ السَّفِينَ" يَعْنِي فِي صُلْبِ نُوحٍ. وَصَالِبُ لُغَةٌ غَرِيبَةٌ فِي الصُّلْبِ، وَيَجُوزُ فِي الصُّلْبِ الْفَتْحَتَانِ كَسَقَمٍ وَسُقْمٍ. وَالطَّبَقُ: الْقَرْنُ، كُلَّمَا مَضَى عَالَمٌ وَقَرْنٌ جَاءَ قَرْنٌ، وَلِأَنَّ الْقَرْنَ يُطْبِقُ الْأَرْضَ بِسُكْنَاهُ بِهَا. وَمِنْهُ قَوْلُهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي الِاسْتِسْقَاءِ: "اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا طَبَقًا غَدَقًا"3 أَيْ يُطْبِقُ الْأَرْضَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} 4 أَيْ حَالًا بَعْدَ حَالٍ. وَالنُّطُقُ: جَمْعُ نِطَاقٍ وَهُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوِسْطُ وَمِنْهُ الْمِنْطَقَةُ. أَيْ أَنْتَ أَوْسَطُ قَوْمِكَ نَسَبًا. وَجَعَلَهُ فِي عَلْيَاءَ وَجَعَلَهُمْ تَحْتَهُ نِطَاقًا. وَضَاءَتْ: لُغَةٌ فِي أضاءت.

_ 1 أخرجه الحاكم في "مستدركه" "5417". 2 سورة المرسلات: 41. 3 أخرجه أبو داود "1169" في كتاب الصلاة، باب: رفع اليدين في الاستسقاء، من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- دون "غدقا" وقال النووي في "الأذكار" "ص160"، إسناده صحيح على شرط مسلم وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". وأخرجه ابن ماجه "1270" في كتاب الإقامة، باب: ما جاء في الدعاء في الاستسقاء، من حديث ابن عباس -رضي الله عنه- وفيه ذكر "غدقًا"، وضعفه الألباني. وأخرجه أيضًا "1269" في المصدر السابق، وأحمد "4/ 236" من حديث كعب بن مرة -رضي الله عنه. 4 سورة الانشقاق: 19.

وَأَرْضَعَتْهُ "ثُوَيْبَةُ" جَارِيَةُ أَبِي لَهَبٍ، مَعَ عَمِّهِ حمزة، ومع أبي سلمة ابن عبد الأسد المخزوميّ -رضي الله عنه-1. رضاعه صلى الله عليه وسلم: قَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ وَأُمَّهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ أَخْبَرَتْهُمَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انكح أختي بنت أبي سفيان. قال: "أوتحبين ذَلِكَ" قُلْتُ: لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ2 وَأَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ يُشْرِكُنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، قَالَ: "إِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِي"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: "وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِيَ، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ" 3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ عُرْوَةُ فِي سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ: ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ، أَعْتَقَهَا، فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ رَآهُ بَعْضُ أَهْلِهِ فِي النَّوْمِ بِشَرِّ حِيبَةٍ، يَعْنِي حَالَةً. فَقَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ رَخَاءً، غَيْرَ أَنِّي أُسْقِيتُ فِي هَذِهِ مِنِّي بِعِتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ. وَأَشَارَ إِلَى النُّقْرَةِ الَّتِي بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا4. ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ السَّعْدِيَّةُ وَأَخَذَتْهُ مَعَهَا إِلَى أَرْضِهَا، فَأَقَامَ مَعَهَا فِي بَنِي سَعْدٍ نَحْوَ أَرْبَعِ سِنِينَ، ثُمَّ ردّته إلى أمّه. رضاعه: قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ،

_ 1 انظر الحديث الآتي. 2 مخلية: منفردة. 3 صحيح: أخرجه البخاري "5101" في كتاب النكاح، باب: قوله تعالى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} ، ومسلم "1449" في كتاب الرضاع، باب: تحريم الربيبة، وأبو داود "2056" في كتاب النكاح، باب: يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، والنسائي "6/ 94" في كتاب النكاح، باب: تحريم الربيبة التي في حجره، وابن ماجه "1939" في كتاب النكاح، باب: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وأحمد "6/ 428" وابن سعد في "الطبقات" "1/ 52" والبيهقي في "الدلائل" "1/ 148، 149". 4 مرسل: انظر التخريج السابق.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ حَلِيمَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السَّعْدِيَّةِ قَالَتْ: خَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ عَلَى أَتَانٍ1، لِي قَمْرَاءَ2 قَدْ أَذَمَّتْ3 بِالرَّكْبِ، وَخَرَجْنَا فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ4 لَمْ تُبْقِ شَيْئًا، وَمَعَنَا شَارِفٌ5 لَنَا، وَاللَّهِ إِنْ تَبِضَّ عَلَيْنَا بِقَطْرَةٍ، وَمَعِي صَبِيٌّ لِي لَا نَنَامُ لَيْلَنَا مَعَ بُكَائِهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مكة لم يبق منّا امرأة عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَأْبَاهُ، وَإِنَّمَا كُنَّا نَرْجُو كَرَامَةَ رِضَاعَةٍ مِنْ أَبِيهِ، وَكَانَ يَتِيمًا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ صَوَاحِبِي امْرَأَةٌ إِلَّا أَخَذَتْ صَبِيًّا، غَيْرِي. فَقُلْتُ لِزَوْجِي: لَأَرْجِعَنَّ إِلَى ذَلِكَ الْيَتِيمِ فَلَآخُذَنَّهُ، فَأَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُهُ، فَقَالَ زَوْجِي: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ خَيْرًا. قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ جَعَلْتُهُ فِي حِجْرِي فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ثَدْيِي بِمَا شَاءَ مِنَ اللَّبَنِ، فَشَرِبَ وَشَرِبَ أَخُوهُ رَوِيَا، وَقَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفِنَا مِنَ اللَّيْلِ، فَإِذَا بِهَا حَافِلٌ، فَحَلَبَ وَشَرِبْنَا حَتَّى رَوِينَا، فَبِتْنَا شِبَاعًا رِوَاءً، وَقَدْ نَامَ صِبْيَانُنَا، قَالَ أَبُوهُ: وَاللَّهِ يَا حَلِيمَةُ مَا أَرَاكِ إِلَّا قَدْ أَصَبْتِ نَسْمَةً مُبَارَكَةً، ثُمَّ خَرَجْنَا، فَوَاللَّهِ لَخَرَجَتْ أَتَانِي أَمَامَ الرَّكْبِ قَدْ قَطَعَتْهُنَّ حَتَّى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا أَحَدٌ، فَقَدِمْنَا مَنَازِلَنَا مِنْ حَاضِرِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَقَدِمْنَا عَلَى أَجْدَبِ أَرْضِ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ كَانُوا لَيُسَرِّحُونَ أَغْنَامَهُمْ وَيُسَرِّحُ رَاعِيَّ غَنَمِي، فَتَرُوحُ غَنَمِي بِطَانًا لُبَّنًا حُفَّلًا، وَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا، فيقولون لرعاتهم: ويلكم ألا تسرحون حيث تسرح رَاعِي حَلِيمَةَ - فَيَسْرَحُونَ فِي الشِّعْبِ الَّذِي يَسْرَحُ فِيهِ رَاعِينَا، فَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا مَا بِهَا من لبن، وتروح غنمي لبّنًا حفّلًا. شق صدره الشريف -صلى الله عليه وسلم: فَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَشِبُّ فِي يَوْمِهِ شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي الشَّهْرِ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي سَنَةٍ، قَالَتْ: فَقَدِمْنَا عَلَى أُمِّهِ فَقُلْنَا لَهَا: رُدِّي عَلَيْنَا ابْنِي فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ، قَالَتْ: وَنَحْنُ أَضَنُّ شَيْءٍ بِهِ مِمَّا رَأَيْنَا مِنْ بَرَكَتِهِ، قَالَتْ: ارْجِعَا بِهِ، فَمَكَثَ عِنْدَنَا شَهْرَيْنِ فَبَيْنَا هُوَ يَلْعَبُ وَأَخُوهُ خَلْفَ الْبُيُوتِ يَرْعَيَانِ بُهْمًا

_ 1 أتان: أنثى الحمار. 2 قمراء: يميل لونها إلى الخضرة. 3 أذمت: حبست. 4 شهباء: قحط. 5 شارف: ناقة.

لَنَا؛ إِذْ جَاءَ أَخُوهُ يَشْتَدُّ قَالَ: أَدْرِكَا أَخِي قَدْ جَاءَهُ رَجُلَانِ فَشَقَّا بَطْنَهُ، فَخَرَجْنَا نَشْتَدُّ، فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ قَائِمٌ مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ، فَاعْتَنَقَهُ أَبُوهُ وَأَنَا، ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ يَا بُنَيَّ؟ قَالَ: أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَضْجَعَانِي ثُمَّ شَقَّا بَطْنِي فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا صَنَعَا، فَرَجَعْنَا بِهِ. قَالَتْ: يَقُولُ أَبُوهُ: يَا حَلِيمَةُ مَا أرى هذا الغلام إلاّ أنه أضيب، فَانْطَلِقِي فَلْنَرُدَّهُ إِلَى أَهْلِهِ. فَرَجَعْنَا بِهِ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: مَا رَدَّكُمَا بِهِ؟ فَقُلْتُ: كَفَلْنَاهُ وَأَدَّيْنَا الْحَقَّ، ثُمَّ تَخَوَّفْنَا عَلَيْهِ الْأَحْدَاثَ. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِكُمَا، فَأَخْبِرَانِي خَبَرَكُمَا، فَمَا زَالَتْ بِنَا حَتَّى أَخْبَرْنَاهَا، قَالَتْ: فَتَخَوَّفْتُمَا عَلَيْهِ - كَلَّا وَاللَّهِ إِنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنًا، إِنِّي حَمَلْتُ بِهِ فَلَمْ أَحْمِلْ حَمْلًا قَطُّ كَانَ أَخَفَّ مِنْهُ وَلَا أَعْظَمَ بَرَكَةً، ثُمَّ رَأَيْتُ نُورًا كَأَنَّهُ شِهَابٌ خَرَجَ مِنِّي حِينَ وَضَعْتُهُ أَضَاءَتْ لِيَ أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى، ثُمَّ وَضَعْتُهُ فَمَا وَقَعَ كَمَا يَقَعُ الصِّبْيَانُ، وَقَعَ وَاضِعًا يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، دَعَاهُ وَالْحَقَا شَأْنَكُمَا1. هَذَا حَدِيثٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ2. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى، أنا عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ حَتَّى دَنَتْ مِنْهُ، فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ فَقُلْتُ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ3. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ مسلم: حدثنا شَيْبَانُ، ثنا حَمَّادٌ، ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فصرعه فشق قلبه، فاستخرج منه علقةً،

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 168-172" وجهم بن أبي جهم قال في "الميزان" "1583": لا يعرف، له قصة حليمة السعدية. 2 قلت: وقد تقدم أن في إسناده جهم بن أبي جهم وهو لا يعرف كما في "الميزان" "1583" للمصنف، وعند الحافظ الذهبي يمكن قبول رواية مثل هذا بقيود فقد قال في "الميزان" "1/ 211": ما كل من لا يعرف ليس بحجة، لكن هذا الأصل. وقال في نفس المصدر "4/ 346": الجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح. وقال "6/ 161" عن أحد الرواة: روى عنه غير صفوان فهو شيخ محله الصدق وحديثه جيد. وبالتالي فإذا كان الراوي غير معروف بجرح أو تعديل فالأصل أن حديثه مردود إلا بقيود ومحل بسط ذلك كتب المصطلح. 3 إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود "5144" في كتاب الأدب، باب: في بر الوالدين وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "1102": ضعيف الإسناد.

فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لأمه1، وثم أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ، يَعْنِي مُرْضِعَتَهُ، فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوهُ مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ2. قَالَ أَنَسٌ: قَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ3. وَقَالَ بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، فَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ. وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا وَزَادَ فِيهِ: "فَرَحَّلَتْ -يَعْنِي ظِئْرَهُ- بَعِيرًا، فَحَمَلَتْنِي عَلَى الرَّحْلِ، وَرَكِبَتْ خَلْفِي حَتَّى بَلَغْنَا إِلَى أُمِّي فَقَالَتْ: أَدَّيْتُ أَمَانَتِي وَذِمَّتِي، وَحَدَّثْتُهَا بِالَّذِي لَقِيتُ، فَلَمْ يَرُعْهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ"4. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُتِيتُ وَأَنَا فِي أَهْلِي، فَانْطُلِقَ بِي إِلَى زَمْزَمَ فَشُرِحَ صَدْرِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَحُشِيَ بِهَا صَدْرِي" قَالَ أَنَسٌ: وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِينَا أَثَرَهُ "فَعَرَجَ بِي الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا". وَذَكَرَ حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ5. وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا. وَأَمَّا قَتَادَةُ فَرَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ بِنَحْوِهِ. وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا لِيُعْرَفَ أَنَّ جِبْرِيلَ شَرَحَ صَدْرَهُ مَرَّتَيْنِ: فِي صِغَرِهِ ووقت الإسراء به.

_ 1 لأمه: جمعه. 2 صحيح: أخرجه مسلم "162/ 261" في كتاب الإيمان، باب: الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "3/ 288". 3 هو تمام الحديث السابق. 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 184" وبقية مدلس، وقد عنعنه. 5 صحيح: أخرجه مسلم "162/ 260" في كتاب الإيمان، باب: الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأخرجه البخاري "3887" في كتاب مناقب الأنصار، باب: المعراج، ومسلم "164" في المصدر السابق، والترمذي "3357" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة {أَلَمْ نَشْرَحْ} ، والنسائي "1/ 217" في كتاب الصلاة، باب: فرض الصلاة، من طريق أنس عن مالك بن صعصعة -رضي الله عنه. وأخرجه مسلم "163" في المصدر السابق، من طريق أنس عن أبي ذر -رضي الله عنه.

ذكر وفاة والده صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد المطلب

ذكر وفاة والده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عبد المطلب ... ذكر وفاة والده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عبد لمطلب: وَتُوُفِّيَ "عَبْدُ اللَّهِ" أَبُوهُ وَلِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا. وَقِيلَ: أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. وَقِيلَ: وَهُوَ حَمْلٌ. تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ غَرِيبًا، وَكَانَ قَدِمَهَا لِيَمْتَارَ تَمْرًا، وَقِيلَ: بَلْ مَرَّ بِهَا مَرِيضًا رَاجِعًا مِنَ الشَّامِ، فَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَغَيْرُهُ1: "أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ إِلَى غَزَّةَ فِي عِيرٍ تَحْمِلُ تِجَارَاتٍ، فَلَمَّا قَفَلُوا مَرُّوا بِالْمَدِينَةِ وَعَبْدُ اللَّهِ مَرِيضٌ فَقَالَ: أَتَخَلَّفُ عِنْدَ أَخْوَالِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ مَرِيضًا مُدَّةَ شَهْرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْحَارِثَ وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؛ فَوَجَدَهُ قَدْ مَاتَ؛ وَدُفِنَ فِي دَارِ النَّابِغَةِ أَحَدِ بَنِي النَّجَّارِ؛ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ حَمْلٌ، عَلَى الصَّحِيحِ". وَعَاشَ عَبْدُ اللَّهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَذَلِكَ أَثْبَتُ الْأَقَاوِيلِ فِي سِنِّهِ وَوَفَاتِهِ. وَتَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ الْمِيرَاثِ أُمَّ أَيْمَنَ وَخَمْسَةَ أَجْمَالٍ وَغَنَمًا، فَوَرِثَ ذَلِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. وفاة آمنة: وَتُوُفِّيَتْ أُمُّهُ "آمِنَةُ" بِالْأَبْوَاءِ2 وَهِيَ رَاجِعَةٌ بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَكَّةَ مِنْ زيارة أخوال أبيه بن عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سِتِّ سِنِينَ وَمِائَةِ يَوْمٍ. وَقِيلَ: ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ. فَلَمَّا مَاتَتْ وَدُفِنَتْ، حَمَلَتْهُ أُمُّ أَيْمَنَ مَوْلَاتُهُ إِلَى مَكَّةَ إِلَى جَدِّهِ، فَكَانَ فِي كِفَالَتِهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ جَدُّهُ، وَلِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَانِ سِنِينَ، فَأَوْصَى بِهِ إِلَى عمّه أبي طالب.

_ 1 مرسل. 2 الأبواء: من أعمال الفرع من المدينة.

قال عمرو بن عون: أنبأنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ كِنْدِيرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَجَجْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِذَا رَجُلٌ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَرْتَجِزُ يَقُولُ: رَبِّ رُدَّ إِلَيَّ رَاكِبِي مُحَمَّدَا ... يَا رَبُّ رُدَّهُ وَاصْطَنِعْ عِنْدِي يَدَا قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ذَهَبَ إِبِلٌ لَهُ فَأَرْسَلَ ابْنَ ابْنِهِ فِي طَلَبِهَا، وَلَمْ يُرْسِلْهُ فِي حَاجَةٍ قَطُّ إِلَّا جَاءَ بِهَا، وقد احتبس عليه، فما برحت حتى أتى مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَاءَ الْإِبِلُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ لَقَدْ حَزِنْتُ عَلَيْكَ حُزْنًا؛ لَا تُفَارِقْنِي أَبَدًا1. وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ حَيْدَةَ بْنَ مُعَاوِيَةَ اعْتَمَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ كِنْدِيرَ عَنْ أَبِيهِ2. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، حَدَّثَنِي جُلْهُمَةُ بْنُ عُرْفُطَةَ قَالَ: إِنِّي لَبِالْقَاعِ مِنْ نمرة، إذا أَقْبَلَتْ عِيرٌ مِنْ أَعْلَى نَجْدٍ، فَلَمَّا حَاذَتِ الْكَعْبَةَ إِذَا غُلَامٌ قَدْ رَمَى بِنَفْسِهِ عَنْ عَجُزِ بَعِيرٍ، فَجَاءَ حَتَّى تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ نَادَى يَا رَبَّ البِنَيَّةِ أَجِرْنِي؛ وَإِذَا شَيْخٌ وَسِيمٌ قَسِيمٌ عَلَيْهِ بَهَاءُ الْمُلْكِ وَوَقَارُ الْحُكَمَاءِ. فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ يَا غُلَامُ، فَأَنَا مِنْ آلِ اللَّهِ وَأُجِيرُ مَنِ اسْتَجَارَ بِهِ؟ قَالَ: إِنَّ أَبِي مَاتَ وَأَنَا صَغِيرٌ، وَإِنَّ هَذَا اسْتَعْبَدَنِي، وَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّ لِلَّهِ بَيْتًا يَمْنَعُ مِنَ الظُّلْمِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ اسْتَجَرْتُ بِهِ. فَقَالَ لَهُ الْقُرَشِيُّ: قَدْ أَجَرْتُكَ يَا غُلَامُ، قَالَ: وَحَبَسَ اللَّهُ يَدَ الْجُنْدَعِيِّ إِلَى عُنُقِهِ. قَالَ جُلْهُمَةُ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَمْرَو بْنَ خَارِجَةَ وَكَانَ قُعْدُدَ3 الْحَيِّ فَقَالَ: إِنَّ لهذا الشيخ ابنًا يعني أبا طالب.

_ 1 في سنده من لم أجد لهم ترجمة. 2إسناده ضعيف جدًّا: خارجة بن مصعب ضعيف جدًّا كما في "التهذيب" "1/ 512". 3 قعدد: جبان.

قَالَ فَهَوَيْتُ رَحْلِي نَحْوَ تِهَامَةَ، أَكْسَعُ بِهَا الحدود، وأعلوا بِهَا الكُدَانَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِذَا قُرَيْشٌ عِزِينٌ1، قَدِ ارْتَفَعَتْ لَهُمْ ضَوْضَاءُ يستسقون، فقائل منهم يقول: اعتمدوا اللات والعزّى؛ وقائل يَقُولُ: اعْتَمِدُوا مَنْاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى. وَقَالَ شَيْخٌ وَسِيمٌ قَسِيمٌ حَسَنُ الْوَجْهِ جَيِّدُ الرَّأْيِ: أَنَّى تُؤْفَكُونَ وَفِيكُمْ بَاقِيَةُ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَسُلَالَةُ إِسْمَاعِيلَ؟ قَالُوا لَهُ: كَأَنَّكَ عَنَيْتَ أَبَا طَالِبٍ. قَالَ: إِيهًا. فَقَامُوا بِأَجْمَعِهِمْ، وَقُمْتُ مَعَهُمْ فَدَقَقْنَا عَلَيْهِ بَابَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ مصفّر، عَلَيْهِ إِزَارٌ قَدِ اتَّشَحَ بِهِ، فَثَارُوا إِلَيْهِ فقالوا: الاستسقاء بالنبي -صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا طَالِبٍ قَحَطَ الْوَادِي، وَأَجْدَبَ الْعِبَادُ فَهَلُمَّ فَاسْتَسْقِ؛ فَقَالَ: رُوَيْدَكُمْ زَوَالَ الشَّمْسِ وَهُبُوبَ الرِّيحِ؛ فَلَمَّا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ، خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ مَعَهُ غُلَامٌ كَأَنَّهُ دُجُنٌّ تَجَلَّتْ عَنْهُ سَحَابَةٌ قَتْمَاءُ، وَحَوْلَهُ أُغَيْلِمَةٌ؛ فَأَخَذَهُ أَبُو طَالِبٍ فَأَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِالْكَعْبَةِ، وَلَاذَ بِأُضْبَعِهِ الْغُلَامُ، وَبَصْبَصَتِ الْأُغَيْلِمَةُ حَوْلَهُ وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، فأقبل السّحاب من ههنا وههنا وَأَغْدَقَ2 وَاغْدَوْدَقَ وَانْفَجَرَ لَهُ الْوَادِي، وَأَخْصَبَ النَّادِي وَالْبَادِي؛ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو طَالِبٍ: وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ تَطِيفُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمْ عِنْدَهُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ وَمِيزَانُ عَدْلٍ لَا يَخِيسُ شُعَيْرَةً ... وَوَزَّانُ صِدْقٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ3 وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْرَقِيُّ، حَدَّثَهُمْ سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، نا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَطَاءٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَطْوَلَ النَّاسِ قَامَةً، وَأَحْسَنَهُمْ وَجْهًا، مَا رَآهُ أَحَدٌ قَطُّ إِلَّا أَحَبَّهُ، وَكَانَ لَهُ مَفْرَشٌ فِي الحجر لا يجلس عليه غيره، ولا

_ 1 عزين: جماعات. 2 قزعة: سحابة. 3 في سنده من لم أجد له ترجمة.

يُجْلِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ أَحَدٌ، وَكَانَ النَّدِيُّ مِنْ قُرَيْشٍ حَرْبُ بْنُ أُمَيَّةَ فَمَنْ دُونَهُ يَجْلِسُونَ حَوْلَهُ دُونَ الْمَفْرَشِ؛ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ فَجَلَسَ عَلَى الْمَفْرَشِ، فَجَبَذَهُ1 رَجُلٌ فَبَكَى؛ فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا كُفَّ بَصَرُهُ، مَا لِابْنِي يَبْكِي قَالُوا لَهُ: إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى الْمَفْرَشِ فَمَنَعُوهُ، فَقَالَ: دَعُوا ابْنِي يَجْلِسْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُحِسُّ مِنْ نَفْسِهِ شَرَفًا، وَأَرْجُو أَنْ يَبْلُغَ مِنَ الشَّرَفِ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَرَبِيٌّ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ2. قَالَ: وَمَاتَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَالنَّبِيُّ، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَكَانَ خَلْفَ جِنَازَةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَبْكِي حَتَّى دُفِنَ بِالْحَجُونِ3. وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ: فَرَوَى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ" قَالُوا: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ" 4. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْتَنِي الْكَبَاثَ5 فَقَالَ: "عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنَّهُ أطيب" قلنا: أوكنت تَرْعَى الْغَنَمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ وهل من نبيّ إلاّ وقد رَعَاهَا" 6. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. سَفَرُهُ مَعَ عَمِّهِ -إِنْ صحّ- وخبر بحيرى الراهب: قال قراد أبو نوح: حدثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَمَعَهُ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم-

_ 1 جبذه: جذبه. 2 إسناده ضعيف: عبد الله بن شبيب ضعيف جدًّا كما في "الميزان" "4376". 3 الحجون: جبل بمكة. 4 صحيح: أخرجه البخاري "2262" في كتاب الإجازة، باب: رعى الغنم على قراريط، وابن ماجه "2149" في كتاب التجارات، باب: الصناعات. 5 الكباث: ثمر الأراك. 6 صحيح: أخرجه البخاري "3406" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قوله تعالى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} ، ومسلم "2050" في كتاب الأشربة، باب: فضيلة الأسود من الكباث.

وَأَشْيَاخٌ مِنْ قُرَيْشٍ؛ فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَى الرَّاهِبِ بَحِيرَى نَزَلُوا فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُمْ وَهُمْ يَحِلُّونَ رِحَالَهُمْ؛ حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ، هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ هَذَا يَبْعَثُهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ؛ فَقَالَ أَشْيَاخُ قُرَيْشٍ: وَمَا عِلْمُكَ بِهَذَا قَالَ: إِنَّكُمْ حِينَ أَشْرَفْتُمْ مِنَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَبْقَ شَجَرٌ وَلَا حَجَرٌ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلَا يَسْجُدُونَ إِلَّا لِنَبِيٍّ لَأَعْرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، أَسْفَلَ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ مِثْلَ التُّفَّاحَةِ. ثُمَّ رَجَعَ فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا؛ فَلَمَّا أَتَاهُمْ بِهِ وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رِعْيَةِ الْإِبِلِ قَالَ: فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ وَجَدَهُمْ قَدْ سَبَقُوهُ، يَعْنِي إِلَى فَيْءِ شَجَرَةٍ، فَلَمَّا جَلَسَ مَالَ فَيْءُ الشَّجَرَةِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ مَالَ عَلَيْهِ. قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ قَائِمٌ عَلَيْهِ يُنَاشِدُهُمْ أَنْ لا يَذْهَبُوا بِهِ إِلَى الرُّومِ، فَإِنَّ الرُّومَ لَوْ رَأَوْهُ عَرَفُوهُ بِصِفَتِهِ فَقَتَلُوهُ؛ فَالْتَفَتَ فَإِذَا بِسَبْعَةِ نَفَرٍ قَدْ أَقْبَلُوا مِنَ الرُّومِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ الرَّاهِبُ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: جِئْنَا إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ، فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إِلَّا قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ نَاسٌ، وَإِنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا فَبُعِثْنَا إِلَى طَرِيقِكَ هَذَا، فَقَالَ لَهُمْ: هَلْ خَلَّفْتُمْ خَلْفَكُمْ أَحَدًا هُوَ خَيْرٌ مِنْكُمْ قَالُوا: لَا. إِنَّمَا أُخْبِرْنَا خَبَرَهُ بِطَرِيقِكَ هَذَا؛ قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ أَمْرًا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَهُ، هَلْ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ؟ قَالُوا: لَا. قال: فتابعوه وأقاموا معه، فَأَتَاهُمْ فَقَالَ: أُنْشِدُكُمُ اللَّهَ أَيُّكُمْ وَلِيُّهُ قَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَنَا؛ فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ حَتَّى رَدَّهُ أَبُو طَالِبٍ، وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِلَالًا، وَزَوَّدَهُ الرَّاهِبُ مِنَ الْكَعْكِ وَالزَّيْتِ1. تَفَرَّدَ بِهِ قُرَادٌ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَزْوَانَ، ثِقَةٌ، احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ2؛ وَرَوَاهُ النَّاسُ عن قراد، وحسّنه التّرمذي.

_ 1 صحيح: دون ذكر "بلال" فإنه منكر: أخرجه الترمذي "3640" في كتاب المناقب: باب: ما جاء في بدء نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وابن جرير الطبري في "تفسيره" "1/ 519"، والحاكم في "مستدركه" "4229" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 722": فيه غرابة. قلت: يقصد ذكر "بلال" ويأتي تفصيل وجه الغرابة في ذكره، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "8/ 587": إسناده قوي. وقال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" "1/ 24": أن بعث بلال من الغلط الواضح، فإن بلالًا إذ ذاك لعله لم يكن موجودًا. وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "745": صحيح لكن ذكر "بلال" فيه منكر كما قيل. 2 تأتي ترجمته "1515".

وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا؛ وَأَيْنَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ؟ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ، فَإِنَّهُ أَصْغَرُ من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ؛ وَأَيْنَ كَانَ بِلَالٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَشْتَرِهِ إِلَّا بَعْدَ الْمَبْعَثِ، وَلَمْ يَكُنْ وُلِدَ بَعْدُ؛ وَأَيْضًا، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمِيلَ فَيْءُ الشَّجَرَةِ؟ لِأَنَّ ظِلَّ الْغَمَامَةِ يُعْدِمُ فَيْءَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نَزَلَ تَحْتَهَا، وَلَمْ نَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ أَبَا طَالِبٍ قَطُّ بِقَوْلِ الرَّاهِبِ، وَلَا تَذَاكَرَتْهُ قُرَيْشٌ، وَلَا حَكَتْهُ أُولَئِكَ الْأَشْيَاخُ، مَعَ تَوَفُّرِ هِمَمِهِمْ وَدَوَاعِيهِمْ عَلَى حِكَايَةِ مِثْلِ ذَلِكَ، فَلَوْ وَقَعَ لَاشْتَهَرَ بَيْنَهُمْ أَيَّمَا اشْتِهَارٍ، وَلَبَقِيَ عِنْدَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِسٌّ مِنَ النُّبُوَّةِ؛ وَلَمَا أَنْكَرَ مَجِيءَ الْوَحْيِ إِلَيْهِ، أَوَّلًا بِغَارِ حِرَاءٍ وَأَتَى خَدِيجَةَ خَائِفًا عَلَى عَقْلِهِ، وَلَمَا ذَهَبَ إِلَى شَوَاهِقِ الْجِبَالِ لِيَرْمِيَ نَفْسَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَيْضًا فَلَوْ أَثَّرَ هَذَا الْخَوْفُ فِي أَبِي طَالِبٍ وَرَدَّهُ، كَيْفَ كَانَتْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ السَّفَرِ إِلَى الشَّامِ تَاجِرًا لِخَدِيجَةَ؟ وَفِي الْحَدِيثِ أَلْفَاظٌ مُنْكَرَةٌ، تشبه ألفاظ الطّرقيّة، مع أنّ ابن عائد قَدْ رَوَى مَعْنَاهُ فِي مَغَازِيهِ دُونَ قَوْلِهِ: "وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ بِلَالًا" إِلَى آخِرِهِ، فَقَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "السِّيرَةِ"1: إِنَّ أَبَا طَالِبٍ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ تَاجِرًا فِي رَكْبٍ، وَمَعَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ غُلَامٌ، فلما نزلوا بصرى، وبها بحيرى الرَّاهِبُ فِي صَوْمَعَتِهِ، وَكَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ؛ وَلَمْ يَزَلْ فِي تِلْكَ الصَّوْمَعَةِ قَطُّ رَاهِبٌ يَصِيرُ إِلَيْهِ عِلْمُهُمْ عَنْ كِتَابٍ فِيهِمْ فِيمَا يَزْعُمُونَ، يَتَوَارَثُونَهُ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ؛ قَالَ: فَنَزَلُوا قريبًا من الصّومعة، فصنع بحيرى طَعَامًا، وَذَلِكَ فِيمَا يَزْعُمُونَ عَنْ شَيْءٍ رَآهُ حِينَ أَقْبَلُوا، وَغَمَامَةٍ تُظِلُّهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ، فنزل بظلّ شجرة، فنزل بحيرى مِنْ صَوْمَعَتِهِ، وَقَدْ أَمَرَ بِذَلِكَ الطَّعَامِ فَصُنِعَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَجَاءُوهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: يا بحيرى مَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا، فَمَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنَّكُمْ ضَيْفٌ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أُكْرِمَكُمْ، فَاجْتَمَعُوا، وَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لصغره في رحالهم. فلما نظر بحيرى فِيهِمْ وَلَمْ يَرَهُ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَا يَتَخَلَّفْ عَنْ طَعَامِي هَذَا أَحَدٌ. قَالُوا: مَا تَخَلَّفَ أَحَدٌ إلَّا غُلَامٌ هُوَ أَحْدَثُ القوم سنًّا.

_ 1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 186-188".

قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا، ادْعُوهُ. فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى إِنَّ هَذَا لَلُؤْمٌ بِنَا، يَتَخَلَّفُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ الطَّعَامِ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ قَامَ وَاحْتَضَنَهُ، وَأَقْبَلَ بِهِ فَلَمَّا رَآهُ بَحِيرَا جَعَلَ يَلْحَظُهُ لَحْظًا شَدِيدًا، وَيَنْظُرُ إِلَى أَشْيَاءَ مِنْ جَسَدِهِ، قَدْ كَانَ يَجِدُهَا عِنْدَهُ مِنْ صِفَتِهِ، حَتَّى إِذَا شَبِعُوا وتفرّقوا قام بحيرى فَقَالَ: يَا غُلَامُ أَسْأَلُكَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى إِلَّا أَخْبَرْتَنيِ عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ: لَا تَسْأَلْنِي بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَوَاللَّهِ مَا أَبْغَضْتُ بُغْضَهُمَا شَيْئًا قَطُّ. فَقَالَ لَهُ: فَبِاللَّهِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ حَالِهِ، فَتَوَافَقَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الصِّفَةِ. ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ أَثَرَ خَاتَمِ النّبوّة، فأقبل على أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: مَا هُوَ مِنْكَ - قَالَ: ابْنِي. قَالَ: مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ حَيًّا. قَالَ: فَإِنَّهُ ابْنُ أَخِي. قَالَ: ارْجِعْ بِهِ وَاحْذَرْ عَلَيْهِ الْيَهُودَ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ رَأَوْهُ وَعَرَفُوا مِنْهُ مَا عَرَفْتُهُ لَيَبْغُنَّهُ شَرًّا، فَإِنَّهُ كَائِنٌ لِابْنِ أَخِيكَ شَأْنٌ، فَخَرَجَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ سَرِيعًا حَتَّى أَقْدَمَهُ مَكَّةَ حِينَ فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ: أَنَّ أَبَا طَالِبٍ سَافَرَ إِلَى الشَّامِ وَمَعَهُ مُحَمَّدٌ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا، فَأَتَاهُ رَاهِبٌ فَقَالَ: فِيكُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ أَبُو هَذَا الْغُلَامِ؟ قَالَ: أَبُو طَالِبٍ: هَأَنَذَا وَلِيُّهُ. قَالَ: احْتَفِظْ بِهِ وَلَا تَذْهَبْ بِهِ إِلَى الشَّامِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ حُسَّدٌ، وَإِنِّي أَخْشَاهُمْ عَلَيْهِ. فَرَدَّهُ1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَجَمَاعَةٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ خَرَجَ تاجرًا إلى الشام، ومعه محمد، فنزلوا ببحيرى، الحديث2.

_ 1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 57". 2 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 57" ومحمد بن عمر هو الواقدي متروك كما تقدم.

روى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدِيثًا طَوِيلًا فِيهِ: فَلَمَّا نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ، ارْتَحَلَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ تَاجِرًا، فَنَزَلَ تَيْمَاءَ، فَرَآهُ حَبْرٌ مِنْ يَهُودِ تَيْمَاءَ، فَقَالَ لِأَبِي طَالِبٍ: مَا هَذَا الْغُلَامُ قَالَ: هُوَ ابْنُ أَخِي، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنْ قدمت به الشّام لا تصل له إلى أَهْلَكَ أَبَدًا، لَيَقْتُلَنَّهُ الْيَهُودُ إِنَّهُ عَدُوُّهُمْ، فَرَجَعَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ مِنْ تَيْمَاءَ إِلَى مَكَّةَ1. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا ذُكِرَ لِي، يُحَدِّثُ عمّا كان الله تعالى يحفظه به فِي صِغَرِهِ، قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي غِلْمَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ نَنْقُلُ حِجَارَةً لِبَعْضِ مَا يَلْعَبُ الْغِلْمَانُ بِهِ، كُلُّنَا قَدْ تَعَرَّى وَجَعَلَ إِزَارَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ، فَإِنِّي لَأُقْبِلُ مَعَهُمْ كَذَلِكَ وَأُدْبِرُ، إِذْ لَكَمَنِي لَاكِمٌ مَا أَرَاهَا، لَكْمَةً وَجِيعَةً، وَقَالَ: شُدَّ عَلَيْكَ إِزَارَكَ، فَأَخَذْتُهُ فَشَدَدْتُهُ ثُمَّ جَعَلْتُ أَحْمِلُ الْحِجَارَةَ عَلَى رقبتي"2.

_ 1 مرسل. 2 معضل: ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 189".

حرب الفجار

حَرْبُ الْفِجَارِ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ1: وَهَاجَتْ حَرْبُ الْفِجَارِ وَلِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِشْرُونَ سَنَةٌ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لَمَّا اسْتَحَلَّتْ كِنَانَةُ وَقَيْسٌ عَيْلَانَ فِي الْحَرْبِ مِنَ الْمَحَارِمِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُنْتُ أُنَبِّلُ عَلَى أَعْمَامِي"2 أَيْ أَرُدُّ عَنْهُمْ نَبْلَ عَدُوِّهِمْ إِذَا رَمَوْهُمْ. وَكَانَ قَائِدُ قُرَيْشٍ حرب بن أميّة.

_ 1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 189-191". 2 معضل: ذكره ابن هشام في "سيرته" "1/ 191" بدون إسناد.

شأن خديجة

شَأْنُ خَدِيجَةَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ1: ثُمَّ إِنَّ "خديجة بنت خويلد بْن أسد بْن عَبْد الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ" وَهِيَ أَقْرَبُ مِنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قُصَيٍّ بِرَجُلٍ، كَانَتِ امْرَأَةً تَاجِرَةً ذَاتَ شَرَفٍ وَمَالٍ، وَكَانَتْ تَسْتَأْجِرُ الرِّجَالَ فِي مَالِهَا، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُجَّارًا فَعَرَضَتْ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَخْرُجَ فِي مَالٍ لَهَا إِلَى الشَّامِ، وَمَعَهُ غلام لها اسْمُهُ "مَيْسَرَةُ"، فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَنَزَلَ تَحْتَ

_ 1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 193".

شَجَرَةٍ بِقُرْبِ صَوْمَعَةٍ، فَأَطَلَّ الرَّاهِبُ إِلَى "مَيْسَرَةَ" فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: مَا نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا نَبِيٌّ. ثُمَّ بَاعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِجَارَتَهُ وَتَعَوَّضَ وَرَجَعَ، فَكَانَ "مَيْسَرَةُ" -فِيمَا يَزْعُمُونَ- إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ يَرَى مَلَكَيْنِ يُظِلَّانِهِ مِنَ الشَّمْسِ وَهُوَ يَسِيرُ1. وَرَوَى قِصَّةَ خُرُوجِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الشَّامِ تَاجِرًا، المحاملي، عن عبد الله ابن شَبِيبٍ وَهُوَ وَاهٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرُ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرِ الْعَدَوِيُّ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَتْنِي عُمَيْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُمِّ سَعْدِ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ نَفِيسَةَ بِنْتِ مُنْيَةَ أُخْتِ يَعْلَى قَالَتْ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ2، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ بَاعَتْ خَدِيجَةُ مَا جَاءَ بِهِ فَأَضْعَفَ أَوْ قَرِيبًا. وَحَدَّثَهَا "مَيْسَرَةُ" عَنْ قَوْلِ الرَّاهِبِ، وَعَنِ الْمَلَكَيْنِ، وكانت لبيبةً حازمةً، فبعثت إليه تقول: يابن عمّي، إنّي رَغِبْتُ فِيكَ لِقَرَابَتِكَ وَأَمَانَتِكَ وَصِدْقِكَ وَحُسْنِ خُلُقِكَ، ثُمَّ عَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، فَقَالَ ذَلِكَ لِأَعْمَامِهِ، فَجَاءَ مَعَهُ حَمْزَةُ عَمُّهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خُوَيْلِدٍ فَخَطَبَهَا مِنْهُ، وَأَصْدَقَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِشْرِينَ بَكْرَةً، فَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ. وَتَزَوَّجَهَا وَعُمْرُهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً3. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيمَا يَحْسَبُ حَمَّادٌ،: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر خَدِيجَةَ، وَكَانَ أَبُوهَا يَرْغَبُ عَنْ أَنْ يُزَوِّجَهُ، فَصَنَعَتْ هِيَ طَعَامًا وَشَرَابًا، فَدَعَتْ أَبَاهَا وَزُمَرًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَطَعِمُوا وَشَرِبُوا حَتَّى ثَمِلُوا، فَقَالَتْ لِأَبِيهَا: إِنَّ مُحَمَّدًا يَخْطُبُنِي فَزَوِّجْنِي إِيَّاهُ، فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ، فَخَلَّقَتْهُ4 وَأَلْبَسَتْهُ حُلَّةً كَعَادَتِهِمْ، فَلَمَّا صَحَا نَظَرَ، فَإِذَا هُوَ مُخَلَّقٌ فَقَالَ: مَا شَأْنِي؟ فَقَالَتْ: زَوَّجْتَنِي مُحَمَّدًا، فَقَالَ: وَأَنَا أُزَوِّجُ يَتِيمَ أبي طالب! لا لعمري، فقالت: أما تستحيي؟ تُرِيدُ أَنْ تُسَفِّهَ نَفْسَكَ مَعِي عِنْدَ قُرَيْشٍ بِأَنَّكَ كُنْتَ سَكْرَانَ، فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى رضي5.

_ 1 معضل: انظر المصدر السابق. 2 إسناده ضعيف جدًّا: عبد الله بن شبيب ضعيف جدًّا كما تقدم. 3 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 194-195". 4 خلقته: طيبته بالخلوق. 5 أخرجه أحمد "1/ 312"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 73".

وَقَدْ رَوَى طَرَفًا مِنْهُ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَوْ غيره. أولاده -صلي الله عليه وسلم- من خديجة: وَأَوْلَادُهُ كُلُّهُمْ مِنْ خَدِيجَةَ سِوَى إِبْرَاهِيمَ، وَهُمُ: الْقَاسِمُ، وَالطَّيِّبُ، وَالطَّاهِرُ، وَمَاتُوا صِغَارًا رُضَّعًا قَبْلَ الْمَبْعَثِ، وَرُقَيَّةُ، وَزَيْنَبُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ، وَفَاطِمَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-1 فَرُقَيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ تَزَوَّجَتَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَزَيْنَبُ زَوْجَةُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَفَاطِمَةُ زَوْجَةُ عَلِيٍّ -رضي الله عنهم أجمعين.

_ 1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 195-196".

حديث بنيان الكعبة وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش في وضع الحجر الأسود

حَدِيثُ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ قُرَيْشٍ فِي وَضْعِ الحجر الأسود: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ1: فَلَمَّا بَلَغَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ لِبُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، وَكَانُوا يَهُمُّونَ بِذَلِكَ لِيَسَقَفُوهَا وَيَهَابُونَ هَدْمَهَا، وَإِنَّمَا كَانَتْ رَضْمًا2 فَوْقَ الْقَامَةِ، فَأَرَادُوا رَفْعَهَا وَتَسْقِيفَهَا. وَكَانَ الْبَحْرُ قَدْ رَمَى بِسَفِينَةٍ إِلَى جُدَّةٍ فَتَحَطَّمَتْ، فَأَخَذُوا خَشَبَهَا وَأَعَدُّوهُ لِتَسْقِيفِهَا، وَكَانَ بِمَكَّةَ نَجَّارٌ قِبْطِيٌّ، فتَهَّيَأَ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ بَعْضُ ما يُصْلِحُهَا، وَكَانَتْ حَيَّةٌ تَخْرُجُ مِنْ بِئْرِ الْكَعْبَةِ الَّتِي كَانَتْ يُطْرَحُ فِيهَا مَا يُهدى لَهَا كُلَّ يَوْمٍ، فَتُشْرِفُ عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ، فَكَانَتْ مِمَّا يَهَابُونَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَدْنُو مِنْهَا أَحَدٌ إِلّا احْزَأَلَّتْ3 وَكَشَّتْ4 وَفَتَحَتْ فَاهَا، فَكَانُوا يَهَابُونَهَا، فَبَيْنَا هِيَ يَوْمًا تُشْرِفُ عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا طَائِرًا فَاخْتَطَفَهَا، فَذَهَبَ بِهَا، قَالَ: فَاسْتَبْشَرُوا بِذَلِكَ، ثُمَّ هَابُوا هَدْمَهَا. فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: أَنَا أَبْدَؤُكُمْ فِي هَدْمِهَا، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَمْ تُرَعْ، اللَّهُمَّ لَمْ نُرِدْ إِلَّا خَيْرًا. ثُمَّ هَدَمَ مِنْ نَاحِيَةِ الرُّكْنَيْنِ، وَهَدَمُوا حَتَّى بَلَغُوا أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَإِذَا حِجَارَةٌ خُضْرٌ آخِذٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.

_ 1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 198-199". 2 الرضم أن تنضد الحجارة بعضها على بعض من غير ملاط. 3 احزألت: رفعت ذنبها. 4 كشت: صوتت باحتكاك بعض جلدها ببعض.

ثُمَّ بَنَوْا، فَلَمَّا بَلَغَ الْبُنْيَانُ مَوْضِعَ الرُّكْنِ، يَعْنِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، اخْتَصَمُوا فِيمَنْ يَضَعُهُ، وَحَرَصَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَحَارَبُوا وَمَكَثُوا أَرْبَعَ لَيَالٍ. ثُمَّ إِنَّهُمُ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ وَتَنَاصَفُوا فَزَعَمُوا أَنَّ أَبَا أُمَيَّةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ أَسَنَّ قُرَيْشٍ، قَالَ: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ فِيمَا تَخْتَلِفُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَفَعَلُوا، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا رأوهو قَالُوا: هَذَا الْأَمِينُ رَضِينَا بِهِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمْ أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: "هَاتُوا لِي ثَوْبًا" فَأَتَوْا بِهِ، فَأَخَذَ الرُّكْنَ بِيَدِهِ فَوَضَعَهُ فِي الثَّوْبِ، ثُمَّ قَالَ: "لِتَأْخُذْ كُلُّ قَبِيلَةٍ بِنَاحِيَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، ثُمَّ ارْفَعُوهُ جَمِيعًا"، فَفَعَلُوا، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا بِهِ مَوْضِعَهُ وَضَعَهُ هُوَ -صَلَّى الله عليه وسلم- بيده وبني عليه1. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحُلُمَ أَجْمَرَتِ2 امْرَأَةٌ الْكَعْبَةَ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ مَجْمَرَتِهَا فِي ثِيَابِ الْكَعْبَةِ فَاحْتَرَقَتْ، فَهَدَمُوهَا حَتَّى إِذَا بَنَوْهَا فَبَلَغُوا مَوْضِعَ الرُّكْنِ اخْتَصَمَتْ قُرَيْشٌ فِي الرُّكْنِ أَيُّ الْقَبَائِلِ تَضَعُهُ قَالُوا: تَعَالَوْا نُحَكِّمُ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْنَا فَطَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ غُلَامٌ عَلَيْهِ وِشَاحُ نَمِرَةَ فَحَكَّمُوهُ فَأَمَرَ بِالرُّكْنِ فَوُضِعَ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَيِّدُ كُلِّ قَبِيلَةٍ بِنَاحِيَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، ثُمَّ ارْتَقَى هُوَ فَرَفَعُوا إِلَيْهِ الرُّكْنَ، فَكَانَ هُوَ يَضَعُهُ، ثُمَّ طَفِقَ لَا يَزْدَادُ عَلَى السِّنِّ إِلَّا رِضًا حَتَّى دَعَوْهُ الْأَمِينَ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ وَحْيٌ، فَطَفِقُوا لَا يَنْحَرُونَ جَزُورًا إِلَّا الْتَمَسُوهُ فَيَدْعُو لَهُمْ فِيهَا3. وَيُرْوَى عَنْ عُرْوَةَ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ الْبَيْتَ بُنِيَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً4. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عبد الرحمن العطّار، حدثنا ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قُلْتُ: لَهُ يَا خَالُ، حَدِّثْنِي عَنْ شَأْنِ الْكَعْبَةِ قبل أن تبنيها قريش قال: كان

_ 1 معضل: ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 203". 2 يريد بخرت. 3 مرسل: وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 740": هذا سياق حسن، وهو من سير الزهري، وفيه من الغرابة قوله "لما بلغ الحلم"، والمشهور أن هذا كان ورسوله الله -صلى الله عليه وسلم- عمره خمس وثلاثون سنه، وهو الذي نص عليه محمد بن إسحاق بن يسار -رحمه الله. ا. هـ. 4 مرسل: انظر "البداية" "1/ 740".

بِرَضْمٍ1 يَابِسٍ لَيْسَ بِمَدَرٍ2 تَنْزُوهُ3 الْعَنَاقُ4 وَتُوضَعُ الْكِسْوَةُ عَلَى الْجُدُرِ ثُمَّ تُدَلَّى، ثُمَّ إِنَّ سَفِينَةً لِلرُّومِ أَقْبَلَتْ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِالشُّعَيْبَةِ5 انْكَسَرَتْ، فَسَمِعَتْ بِهَا قُرَيْشٌ فَرَكِبُوا إِلَيْهَا وَأَخَذُوا خَشَبَهَا، وَرُومِيٌّ يُقَالُ لَهُ "بَاقُومُ" نَجَّارٌ بَانٍ فَلَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ قَالُوا: لَوْ بَنَيْنَا بَيْتَ رَبِّنَا، عَزَّ وَجَلَّ، وَاجْتَمَعُوا لِذَلِكَ وَنَقَلُوا الْحِجَارَةَ مِنْ أَجْيَادِ الضَّوَاحِي، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْقُلُ إِذِ انْكَشَفَتْ نَمِرَتُهُ، فَنُودِيَ: يَا مُحَمَّدُ عَوْرَتَكَ، فَذَلِكَ أَوَّلُ مَا نُودِيَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَمَا رُؤِيَتْ لَهُ عَوْرَةٌ بَعْدُ6. وَقَالَ أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَنَى الْبَيْتَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ، فَبَنَتْهُ الْعَمَالِقَةُ، فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ، فَبَنَتْهُ جُرْهُمٌ، فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ فَبَنَتْهُ قُرَيْشٌ. وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ وَضْعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ مَكَانَهُ7. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بكر بن حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَا زِلْنَا نَسْمَعُ أَنَّ إِسَافًا وَنَائِلَةَ، رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ مِنْ جُرْهُمٍ، زَنَيَا فِي الْكَعْبَةِ فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ"8. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: إِنَّمَا حَمَلَ قُرَيْشًا عَلَى بِنَاءِ الْكَعْبَةِ أَنَّ السَّيْلَ كَانَ يَأْتِي مِنْ فَوْقِهَا مِنْ فَوْقِ الرَّدْمِ الَّذِي صَنَعُوهُ فَأَخْرَبَهُ، فَخَافُوا أَنْ يَدْخُلَهَا الْمَاءُ، وَكَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُلَيْحٌ سَرَقَ طِيبَ الْكَعْبَةِ، فَأَرَادُوا أَنْ يُشَيِّدُوا بِنَاءَهَا وَأَنْ يَرْفَعُوا بَابَهَا حَتَّى لَا يَدْخُلَهَا إِلَّا مَنْ شَاءُوا، فَأَعَدُّوا لِذَلِكَ نَفَقَةً وَعُمَّالًا. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ: ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَنْقُلُ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ مَعَ قُرَيْشٍ وَعَلَيْهِ إزار، فقال له عمه

_ 1 الرضم: الحجارة. 2 المدر: قطع الطين اليابس. 3 تنزوه: تثب عليه. 4 العناق: الأنثى من أولاد المعز التي لم تكمل سنة. 5 الشعبية: مرفأ السفن من ساحل بحر الحجاز. 6 لم أجده من هذا الطريق، وقد أخرجه أحمد "4/ 454، 455"، من طريق آخر عن ابن خثيم مختصرًا ويأتي لفظه. 7 مرسل. 8 إسناده حسن: أخرجه إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 88".

العبّاس: يابن أَخِي لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَهُ عَلَى مَنْكِبِكَ دُونَ الْحِجَارَةِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَمَا رُؤِيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ عُرْيَانًا"1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ. مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَتَذَاكَرُوا بُنْيَانَ الْكَعْبَةِ فَقَالُوا: كَانَتْ مَبْنِيَّةً بِرَضْمٍ يَابِسٍ، وَكَانَ بَابُهَا بِالْأَرْضِ، وَلَمْ يُكَنْ لَهَا سَقْفٌ، وَإِنَّمَا تُدَلَّى الكِسْوَةُ عَلَى الْجُدُرِ، وَتُرْبَطُ مِنْ أَعْلَى الْجُدُرِ مِنْ بَطْنِهَا، وَكَانَ فِي بَطْنِ الْكَعْبَةِ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ جُبٌّ يَكُونُ فِيهِ مَا يُهْدَى لِلْكَعْبَةِ بِنَذْرٍ مِنْ جُرْهُمٍ، وَذَلِكَ أنّه عدا على ذلك الْجُبِّ قَوْمٌ مِنْ جُرْهُمٍ فَسَرَقُوا مَا بِهِ فَبَعَثَ اللَّهُ تِلْكَ الْحَيَّةَ فَحَرَسَتِ الْكَعْبَةَ وَمَا فِيهَا خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ إِلَى أَنْ بَنَتْهَا قُرَيْشٌ، وَكَانَ قَرْنَا الْكَبْشِ مُعَلَّقَيْنِ فِي بَطْنِهَا مَعَ مَعَالِيقَ مِنْ حِلْيَةٍ. إِلَى أَنْ قَالَ: حَتَّى بَلَغُوا الأَسَاسَ الَّذِي رَفَعَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ الْقَوَاعِدَ، فَرَأَوْا حِجَارَةً كَأَنَّهَا الْإِبِلُ الْخَلِفُ2 لَا يُطِيقُ الْحَجَرَ مِنْهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا يُحَرِّكُ الْحَجَرَ مِنْهَا، فَتَرْتَجُّ جَوَانِبُهَا، قَدْ تَشَبَّكَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، فَأَدْخَلَ الوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَتَلَةً بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَانْفَلَقَتْ مِنْهُ فَلْقَةٌ، فَأَخَذَهَا رَجُلٌ فَنَزَّتْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى عَادَتْ فِي مَكَانِهَا، وَطَارَتْ مِنْ تَحْتِهَا بَرْقَةٌ كَادَتْ أَنْ تَخْطَفَ أَبْصَارَهُمْ، وَرَجَفَتْ مَكَّةُ بِأَسْرِهَا، فَأَمْسَكُوا. إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَلَّتِ النَّفَقَةُ عَنْ عِمَارَةِ الْبَيْتِ، فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يُقَصِّرُوا عَنِ الْقَوَاعِدِ وَيُحَجِّرُوا مَا يَقْدِرُونَ وَيَتْرُكُوا بَقِيِّتَهُ فِي الْحَجَرِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَتَرَكُوا سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا، وَرَفَعُوا بَابَهَا وَكَسَوْهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى لَا يَدْخُلَهَا السَّيْلُ وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا مَنْ أَرَادُوا، وَبَنَوْهَا بِسَافٍ مِنْ حِجَارَةٍ وَسَافٍ مِنْ خَشَبٍ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الرُّكْنِ فَتَنَافَسُوا فِي وَضْعِهِ. إِلَى أَنْ قَالَ: فَرَفَعُوهَا بِمِدْمَاكِ حِجَارَةٍ وَمِدْمَاكِ خَشَبٍ، حَتَّى بَلَغُوا السَّقْفَ، فَقَالَ لَهُمْ "بَاقُومُ" النَجَّارُ الرُّومِيُّ: أَتُحِبُّونَ أَنْ تَجْعَلُوا سقفها مكبّسًا أو مسطّحًا؟

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "1582" في كتاب الحج، باب: فضل مكة وبنيانها، ومسلم "340/ 77" في كتاب الحيض، باب: الاعتناء بحفظ العورة، وأحمد "3/ 295-380"، وعبد الرزاق في "مصنفه" "1103"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 31". 2 يريد أنها صخور عظيمة.

قَالُوا: بَلْ مُسَطَّحًا، وَجَعَلُوا فيِهِ سِتَّ دَعَائِمَ فِي صَفَّيْنِ، وَجَعَلُوا ارْتِفَاعَهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَقَدْ كَانَتْ قَبْلُ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ، وَجَعَلُوا دَرَجَةً مِنْ خَشَبٍ فِي بَطْنِهَا يُصْعَدُ مِنْهَا إِلَى ظَهْرِهَا، وَزَوَّقُوا سَقْفَهَا وَحِيطَانَهَا مِنْ بَطْنِهَا وَدَعَائِمِهَا، وَصَوَّرُوا فِيهَا الْأَنْبِيَاءَ وَالْمَلَائِكَةَ وَالشَّجَرَ، وَصَوَّرُوا إِبْرَاهِيمَ يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ1، وَصَوَّرُوا عِيسَى وَأُمَّهُ، وَكَانُوا أَخْرَجُوا مَا فِي جُبِّ الْكَعْبَةِ مِنْ حِلْيَةٍ وَمَالٍ وَقَرْنَيِ الْكَبْشِ، وَجَعَلُوهُ عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيِّ، وَأَخْرَجُوا مِنْهَا هُبَلَ، فَنُصِبَ عِنْدَ الْمَقَامِ حَتَّى فَرَغُوا فَأَعَادُوا جَمِيعَ ذَلِكَ، ثُمَّ ستروها بحيرات يَمَانِيَّةٍ2. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَغَيْرِهِ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْبَيْتِ، فَأَمَرَ بِثَوْبٍ فَبُلَّ بِمَاءٍ وَأَمَرَ بِطَمْسِ تِلْكَ الصُّوَرِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى صُورَةِ عِيسَى وَأُمِّهِ وَقَالَ: "امْحُوا الْجَمِيعَ إِلَّا مَا تَحْتَ يَدِي" 3. رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ. ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الشَّامِيُّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَنَا أَسْمَعُ: أَدْرَكْتُ فِي الْبَيْتِ تِمْثَالَ مَرْيَمَ وَعِيسَى؟ قَالَ: نَعَمْ أَدْرَكْتُ تِمْثَالَ مَرْيَمَ مُزَوَّقًا فِي حِجْرِهَا عِيسَى قَاعِدٌ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ سِتَّةُ أَعْمِدَةٍ سَوَارِي، وَكَانَ تِمْثَالُ عِيسَى وَمَرْيَمَ فِي الْعَمُودِ الَّذِي يَلِي الْبَابَ، فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَتَى هَلَكَ - قَالَ فِي الْحَرِيقِ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قُلْتُ: أَعَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَعْنِي كَانَ قَالَ: لَا أَدْرِي، وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ قَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِهِ. قَالَ دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: ثُمَّ عَاوَدْتُ عَطَاءً بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ: تِمْثَالُ عِيسَى وَأُمِّهِ فِي الْوُسْطَى مِنَ السَّوَارِي. قَالَ الْأَزْرَقِيُّ: ثَنَا دَاوُدُ الْعَطَّارُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ فِي الْكَعْبَةِ قَبْلَ أَنْ تُهْدَمَ تِمْثَالَ عِيسَى وَأُمِّهِ، قَالَ دَاوُدُ: فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ الْحَجَبَةِ عَنْ مُسَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا شَيْبَةُ امْحُ كُلَّ صُورَةٍ إِلَّا مَا تَحْتَ يَدِي" قَالَ: فَرَفَعَ يَدَهُ عَنْ عِيسَى ابن مريم وأمّه4.

_ 1 الأزلام: سهام يستقسم بها. 2 مرسل. 3 ابن أبي نجيح وأبوه كلاهما ثقة، إلا أن ابن أبي نجيح يدلس. 4 إسناده ضعيف.

قَالَ الْأَزْرَقِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَفِيهَا صُوَرُ الْمَلَائِكَةِ، فَرَأَى صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: "قَاتَلَهُمُ اللَّهُ جَعَلُوهُ شَيْخًا يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ"، ثُمَّ رَأَى صُورَةَ مَرْيَمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَقَالَ: "امْحُوا مَا فِيهَا إِلَّا صُورَةَ مَرْيَمَ"1. ثُمَّ سَاقَهُ الْأَزْرَقِيُّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ بِنَحْوِهِ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَلَكِنَّ قَوْلَ عَطَاءٍ وَعَمْرٍو ثَابِتٌ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ نَسْمَعْ بِهِ إِلَى الْيَوْمِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: لَمَّا بُنِيَ الْبَيْتُ كَانَ النَّاسُ يَنْقُلُونَ الْحِجَارَةَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ، فَأَخَذَ الثَّوْبَ فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَنُودِيَ: "لَا تَكْشِفْ عَوْرَتَكَ" فَأَلْقَى الْحَجَرَ وَلَبِسَ ثَوْبَهُ2. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّشْتَكِيُّ: ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كُنْتُ أَنَا وَابْنُ أَخِي نَنْقُلُ الْحِجَارَةَ عَلَى رِقَابِنَا وَأُزُرُنَا تَحْتَ الْحِجَارَةِ، فَإِذَا غَشِيَنَا النَّاسُ ائْتَزَرْنَا، فَبَيْنَا هُوَ أَمَامِي خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ مُنْبَطِحًا، فَجِئْتُ أَسْعَى وَأَلْقَيْتُ حَجَرِي، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ - فَقَامَ وَأَخَذَ إِزَارَهُ وَقَالَ: "نُهِيتُ أَنْ أَمْشِيَ عُرْيَانًا" فَكُنْتُ أَكْتُمُهَا النَّاسَ مَخَافَةَ أَنْ يَقُولُوا مَجْنُونٌ3. رَوَاهُ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ بِنَحْوِهِ، عَنْ سِمَاكٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بن أبي هند، عن سماك بن حرب، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا تَشَاجَرُوا فِي الْحَجَرِ أَنْ يَضَعَهُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: قَدْ جَاءَ الْأَمِينُ4. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الواحد، أنا محمد بن أحمد،

_ 1 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: يزيد بن عياض بن جعدبة ضعيف جدًّا، ومتهم بالكذب، كما في "الميزان" "9740". 2 أخرجه أحمد "9740". 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 32، 33"، وسماك صدوق إلا أن روايته عن عكرمة مضطربة كما في "التقريب" "2624". 4 أخرجه الطيالسي في "مسنده" "113" والطبري في "تفسيره" "3/ 69-71".

أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَتْهُمْ، أَنْبَأَ ابْنُ بُرَيْدَةَ، أَنْبَأَ الطَّبَرَانِيُّ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابن خيثم، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: كَانَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَبْنِيَّةً بِالرَّضْمِ، لَيْسَ فِيهَا مَدَرٌ1، وَكَانَتْ قَدْرَ مَا نَقْتَحِمُهَا، وَكَانَتْ غَيْرَ مَسْقُوفَةٍ، إِنَّمَا تُوضَعُ ثِيَابُهَا عَلَيْهَا، ثُمَّ تُسْدَلُ عَلَيْهَا سَدْلًا، وَكَانَ الرُّكْنُ الْأَسْوَدُ مَوْضُوعًا عَلَى سُورِهَا بَادِيًا، وَكَانَتْ ذَاتَ رُكْنَيْنِ كَهَيْئَةِ الْحَلْقَةِ، فَأَقْبَلَتْ سَفِينَةٌ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ فَانْكَسَرَتْ بِقُرْبِ جُدَّةَ، فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ لِيَأْخُذُوا خَشَبَهَا، فَوَجَدُوا رَجُلًا رُومِيًّا عِنْدَهَا، فَأَخَذُوا الْخَشَبَ، وَكَانَتِ السَّفِينَةُ تُرِيدُ الْحَبَشَةَ، وَكَانَ الرُّومِيُّ الَّذِي فِي السَّفِينَةِ نَجَّارًا، فَقَدِمُوا بِهِ وَبِالْخَشَبِ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: نَبْنِي بِهَذَا الَّذِي فِي السَّفِينَةِ بَيْتَ رَبِّنَا، فَلَمَّا أَرَادُوا هَدْمَهُ إِذَا هُمْ بِحَيَّةٍ عَلَى سُورِ الْبَيْتِ، مِثْلَ قِطْعَةِ الْجَائِزِ سَوْدَاءِ الظَّهْرِ، بَيْضَاءِ الْبَطْنِ، فَجَعَلَتْ كُلَّمَا دَنَا أَحَدٌ إِلَى الْبَيْتِ لِيَهْدِمَ أَوْ يَأْخُذَ مِنْ حِجَارَتِهِ، سَعَتْ إِلَيْهِ فَاتِحَةً فَاهَا، فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ: عِنْدَ الْمَقَامِ فَعَجُّوا2 إِلَى اللَّهِ وَقَالُوا: رَبَّنَا لَمْ نُرَعْ، أَرَدْنَا تَشْرِيفَ بَيْتِكَ وَتَزْيِينَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَرْضَى بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَمَا بَدَا لَكَ فَافْعَلْ، فَسَمِعُوا خِوَارًا فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا هُمْ بِطَائِرٍ أَسْوَدِ الظَّهْرِ، أَبْيَضِ الْبَطْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ، أَعْظَمَ مِنَ النِّسْرِ، فَغَرَزَ مِخْلَابَهُ فِي رَأْسِ الْحَيَّةِ، حَتَّى انْطَلَقَ بِهَا يَجُرُّهَا، ذَنَبُهَا أَعْظَمُ مِنْ كَذَا وَكَذَا سَاقِطًا، فَانْطَلَقَ بِهَا نَحْوَ أَجْيَادٍ، فَهَدَمَتْهَا قُرَيْشٌ، وَجَعَلُوا يَبْنُونَهَا بِحِجَارَةِ الْوَادِي، تَحْمِلُهَا قُرَيْشٌ عَلَى رِقَابِهَا، فَرَفَعُوهَا فِي السَّمَاءِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، فَبَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْمِلُ حِجَارَةً مِنْ أَجْيَادٍ، وَعَلَيْهِ نَمِرَةٌ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِ النَّمِرَةُ، فَذَهَبَ يَضَعُهَا عَلَى عَاتِقِهِ، فَبَرَزَتْ عَوْرَتُهُ مِنْ صِغَرِ النَّمِرَةِ، فَنُودِيَ: يَا مُحَمَّدُ، خَمِّرْ عَوْرَتَكَ، فَلَمْ يُرَ عُرْيَانًا بَعْدَ ذَلِكَ. وَكَانَ بَيْنَ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، وَبَيْنَ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ خَمْسُ سِنِينَ3. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ دَاوُدُ الْعَطَّارُ، عَنِ ابْنِ خثيم4.

_ 1 المدر: الطين اليابس. 2 عجوا: صاحوا. 3 في إسناده مقال: إسحاق بن إبراهيم هو الدبري، راوي المصنف عن الإمام عبد الرزاق، فيه مقال، ومحله الصدق، إلا أن في روايته عن عبد الرزاق مقال، ويترجح فيها الضعف، انظر "الميزان" "731" و"لسانه" وتأتي ترجمته "2421". 4 تقدم لفظه.

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمِصِّيصِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله بن واقد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، ثنا هِلالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مَوْلَاهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ يَبْنِي الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: وَلِي حَجَرٌ أَنَا نَحَتُّهُ بِيَدِي أعبده من دون الله، فأجئ بِاللَّبَنِ الْخَاثِرِ1 الَّذِي أَنْفَسُهُ2 عَلَى نَفْسِي فَأَصُبُّهُ عليه، فيجئ الْكَلْبُ فَيَلْحَسُهُ، ثُمَّ يَشْغَرُ3 فَيَبُولُ، فَبَنَيْنَا حَتَّى بَلَغْنَا الْحَجَرَ، وَمَا يَرَى الْحَجَرَ مِنَّا أَحَدٌ، فَإِذَا هُوَ وَسْطَ حِجَارَتِنَا، مِثْلَ رَأْسِ الرَّجُلِ، يَكَادُ يَتَرَاءَى مَنْهُ وَجْهُ الرَّجُلِ، فَقَالَ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ: نَحْنُ نَضَعُهُ، وَقَالَ آخَرُونَ: "بَلْ" نَحْنُ نَضَعُهُ. فَقَالُوا: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ حَكَمًا. قَالُوا: أَوَّلُ رَجُلٍ يَطْلُعُ مِنَ الْفَجِّ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: أَتَاكُمُ الْأَمِينُ، فَقَالُوا لَهُ، فَوَضَعَهُ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ دَعَا بُطُونَهُمْ، فَأَخَذُوا بِنَوَاحِيهِ مَعَهُ، فَوَضَعَهُ4 هُوَ. اسْمُ مَوْلَى مُجَاهِدٍ: السَّائِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كَانَ الْبَيْتُ قَبْلَ الْأَرْضِ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ} 5 قَالَ: مِنْ تَحْتِهِ مَدًّا6. وَرَوَى نَحْوَهُ عَنْ منصور، عن مجاهد.

_ 1 الخاثر: الغليظ. 2 أنفسه: أبخل به. 3 يشغر: يختلي. 4 إسناده حسن: أخرجه أحمد "3/ 425"، وأخرجه الدارمي "3" من طريق آخر عن مجاهد مختصرًا، وقال الألباني في "تحقيق فقه السيرة" "ص94": إن إسناد أحمد حسن. 5 سورة الانشقاق: 3. 6 إسناده ضعيف: أبو يحيى القتات ضعيف وأجود رواياته ما رواه عنه سفيان وليست هذه منها. وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": لين الحديث، وانظر "الميزان" "10729".

ومما عصم الله به محمدا صلى الله عليه وسلم من أمر الجاهلية

وَمِمَّا عَصَمَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ: إِنَّ قُرَيْشًا كَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ، يَعْنِي الْأَشِدَّاءَ الْأَقْوِيَاءَ، وَكَانُوا يَقِفُونَ فِي الْحَرَمِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَلَا يَقِفُونَ مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ، يَفْعَلُونَ ذَلِكَ رِيَاسَةً وَبَأْوًا1، وَخَالَفُوا بِذَلِكَ شَعَائِرَ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي جُمْلَةِ مَا خَالَفُوا. فَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: "أَضْلَلَتُ بَعِيرًا لِي يَوْمَ عَرَفَةَ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ بِعَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاقِفًا مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ، فَقُلْتُ: هَذَا مِنَ الْحُمْسِ، فَمَا شَأْنُهُ ههنا"2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَا هَمَمْتُ بِقَبِيحٍ مِمَّا يَهُمُّ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مَرَّتَيْنِ، عَصَمَنِي اللَّهُ فِيهِمَا، قُلْتُ لَيْلَةً لِفَتًى مِنْ قُرَيْشٍ: أَبْصِرْ لِي غَنَمِي حَتَّى أَسْمُرَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِمَكَّةَ كَمَا تَسْمُرُ الْفِتْيَانُ. قَالَ: نَعَمْ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ أَدْنَى دَارٍ مِنْ دُورِ مَكَّةَ، فَسَمِعْتُ غِنَاءً وَصَوْتَ دُفُوفٍ وَمَزَامِيرَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: فُلَانٌ تَزَوَّجَ، فَلَهَوْتُ بِذَلِكَ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَنِمْتُ، فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ، فَرَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي، ثُمَّ فَعَلْتُ لَيْلَةً أُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَوَاللَّهِ مَا هَمَمْتُ بَعْدَهَا بِسُوءٍ مِمَّا يَعْمَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِنُبُوَّتَهِ" 3. وَرَوَى مِسْعَرٌ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ ذَرِيحٍ، عَنْ زياد النّخعي، ثنا عمّار بن ياسر

_ 1 كبرًا. 2 صحيح: أخرجه البخاري "1664" في كتاب الحج، باب: الوقوف بعرفة، ومسلم "1220" في كتاب الحج، باب: في الوقوف، والنسائي "5/ 255" في كتاب الحج، باب: رفع اليدين في الدعاء بعرفة، وأحمد "4/ 80". 3 أخرجه الحاكم في "مستدركه" "7619"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 33، 34" وقال أخرجه الهيثمي في "مجمع الزوائد" "8/ 226" بعد أن عزاه للبزار، رجاله ثقات. وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 725": وهذا حديث غريب جدًّا، وقد يكون عن علي نفسه، ويكون قوله في آخره "حتى أكرمني الله عز وجل بنبوته" مقحمًا، والله أعلم. ا. هـ. قلت: وهذا الاحتمال بعيد إلا أن يعضده ضعف السند، وهذا ما لا أعلمه بل هو قريب من الحسن، والله أعلم بالصواب.

أَنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ أَتَيْتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ شَيْئًا حَرَامًا؟ قَالَ: "لَا، وَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ عَلَى مِيعَادَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَحَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سَامِرُ قَوْمِي، والآخر غلبتني عيني" 1 أو كما قال. إباء النبي -صلى الله عليه وسلم- حضورب عبد تعظيمن فيه الأصنام: وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ حسين بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَيْمَنَ قَالَتْ: كَانَ بُوَانَةُ صَنَمًا تَحْضُرُهُ قُرَيْشٌ، تُعَظِّمُهُ وَتُنَسِّكُ لَهُ النُّسَّاكُ، وَيَحْلِقُونَ رُءُوسَهُمْ عِنْدَهُ، وَيَعْكُفُونَ عِنْدَهُ يَوْمًا فِي السَّنَةِ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَحْضُرَ ذَلِكَ الْعِيدَ، فَيَأْبَى، حَتَّى رَأَيْتُ أَبَا طَالِبٍ غَضِبَ، وَرَأَيْتُ عَمَّاتِهِ غَضِبْنَ يَوْمَئِذٍ أَشَدَّ الْغَضَبِ، وَجَعَلْنَ يَقُلْنَ: إِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ مِمَّا تَصْنَعُ مِنِ اجْتِنَابِ آلِهَتِنَا، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى ذَهَبَ فَغَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا مَرْعُوبًا، فَقُلْنَ: مَا دَهَاكَ؟ قَالَ: "إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ لِي لَمَمٌ"، فَقُلْنَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَبْتَلِيكَ بِالشَّيْطَانِ، وَفِيكَ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ مَا فِيكَ، فَمَا الَّذِي رَأَيْتَ؟ قَالَ: إِنِّي كُلَّمَا دَنَوْتُ مِنْ صَنَمٍ مِنْهَا تَمَثَّلَ لِي رَجُلٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ يَصِيحُ: وَرَاءَكَ يَا مُحَمَّدُ لَا تَمَسَّهُ قَالَتْ: فَمَا عَادَ إِلَى عيد لهم حتى نبّئ2. نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- مس الأصنام قبل بعثته: وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ صَنَمٌ مِنْ نُحَاسٍ يُقَالُ لَهُ إِسَافٌ أَوْ نَائِلَةُ يَتَمَسَّحُ الْمُشْرِكُونَ بِهِ إِذَا طَافُوا، فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَطُفْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا مَرَرْتُ مَسَحْتُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَمَسَّهُ"، قَالَ زَيْدٌ: فَطُفْنَا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَأَمَسَّنَّهُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَكُونُ، فَمَسَحْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألم تنه" 3.

_ 1 أخرجه الطبراني في "الصغير" "903". 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 75": ومحمد بن عمر هو الواقدي متروك كماتقدم، وأبو بكر بن أبي سيرة كذلك. 3 إسناده صحيح: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "4956" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 34" إسناده صحيح.

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَدْ زَادَ فِيهِ بَعْضُهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِإِسْنَادِهِ: قَالَ زَيْدٌ فَوَاللَّهِ مَا اسْتَلَمَ صَنَمًا حَتَّى أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ1 وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهِدَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ مَشَاهِدَهُمْ2. فَسَمِعَ مَلَكَيْنِ خَلْفَهُ، وَأَحَدُهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا حَتَّى نَقُومَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَيْفَ نَقُومُ خَلْفَهُ، وَإِنَّمَا عَهْدُهُ بِاسْتِلَامِ الأَصْنَامِ قُبَيْلُ؟ قَالَ: فَلَمْ يَعُدْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ مَشَاهِدَهُمْ. تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرٌ، وَمَا أَتَى بِهِ عَنْهُ سِوَى شَيْخُ الْبُخَارِيِّ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَهُوَ مُنْكَرٌ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، ثنا بُدَيْلُ بْنُ "مَيْسَرَةَ"، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَمْسَاءِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْعًا قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ، فَبَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ، فَوَعَدْتُهُ أَنْ آتِيَهُ بِهَا فِي مَكَانِهِ ذَلِكَ. قَالَ: فَنَسِيتُ يَوْمِي وَالْغَدَ، فَأَتَيْتُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَوَجَدْتُهُ فِي مَكَانِهِ، فَقَالَ: "يَا فَتًى لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَيَّ، أَنَا ههنا مُنْذُ ثَلَاثٍ أَنْتَظِرُكَ"3.أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَأَخْبَرَنَا الْخَضِرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْبُنِّ، أنا جَدِّي، أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْعَلَاءِ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ أبي العقب، أنا أحمد بن إبراهيم، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَّامِ الْأَسْوَدِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "بَيْنَا أَنَا بِأَعْلَى مَكَّةَ، إِذَا بِرَاكِبٍ عَلَيْهِ سَوَادٌ فَقَالَ: هَلْ بِهَذِهِ القرية

_ 1 قاله البيهقي في المصدر السابق. 2 أخرجه أبو يعلى في "مسنده" "1877" وابن عدي في "الكامل" "4/ 128" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "1/ 726": هو حديث أنكره غير واحد من الأئمة على عثمان بن أبي شيبة، حتى قال الإمام أحمد فيه: لم يكن أخوه -يقصد أبا بكر بن أبي شيب- يتلفظ بشيء من هذا. ا. هـ. قلت: وعثمان بن أبي شيبة من أئمة الحديث، وهو ثقة ربما أخطأ، انظر "الميزان" "5518" وقد ذكر فيه هذا الحديث من مناكيره، وتأتي ترجمة عثمان بن أبي شيبة "1856". 3 إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود "4996" في كتاب الأدب، باب: في العدة، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "1062": ضعيف الإسناد.

رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ؟ فَقُلْتُ مَا بِهَا أَحْمَدُ وَلَا مُحَمَّدٌ غَيْرِي، فَضَرَبَ ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ فَاسْتَنَاخَتْ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى كَشَفَ عَنْ كَتِفِي حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْخَاتَمِ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيَّ فَقَالَ: أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ؟ قُلْتُ: وَنَبِيٌّ أَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: بِمَ أُبْعَثُ؟ قَالَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِ قَوْمِكَ، قَالَ: فَهَلْ مِنْ زَادٍ؟ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَأَخْبَرْتُهَا، فَقَالَتْ: حَرِيًّا أَوْ خَلِيقًا أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ، فَهِيَ أَكْبَرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَتْ بِهَا فِي أَمْرِي، فَأَتَيْتُهُ بِالزَّادِ، فَأَخَذَهُ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى زَوَّدَنِي نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- طعامًا، وحمله لي في ثوبه "1.

_ 1 الظاهر أنه من مغازي ابن عائذ، ولم أقف على تراجم لمن فوقه.

ذكر مبعثه صلى الله عليه وسلم

ذِكْرُ مَبْعَثِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاءُ، فَكَانَ يَأْتِي حِرَاءَ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، أَيْ يَتَعَبَّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتَ الْعَدَدِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجَأَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءَ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: فَقُلْتُ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ"، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي1 حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ فَقُلْتُ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ"، فَأَخَذَنِي الثَّانِيَةَ فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ فَقُلْتُ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ"، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} حتى بلغ إلى قوله: {مَا لَمْ يَعْلَمْ} 2 قَالَتْ: فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ3 حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: "زَمِّلُونِي" 4، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ: يَا خَدِيجَةُ مَا لِي! وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ وَقَالَ: "قَدْ خَشِيتِ عَلَيَّ"، فَقَالَتْ لَهُ: كَلَّا فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ5، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ إِلَى ابْنِ عَمِّهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْخَطَّ الْعَرَبِيَّ، فَكَتَبَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَمِيَ. فَقَالَتِ: اسْمَعْ من ابن أخيك، فقال: يابن أَخِي مَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ6 الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، قَالَ: "أَوَمُخْرِجِيَّ هم؟ ".

_ 1 غطني: ضمني. 2 سورة العلق: 1-5. 3 بوادره: البوادر اللحمة التي بين المنكب والعنق. 4 زملوني: غطوني ولفوني. 5 الكل: من لا يستقل بأمره. 6 الناموس: هو جبريل -صلى الله عليه وسلم- والناموس لغة صاحب الخير، وعكسه الجاسوس، وهو صاحب الشر.

قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمَا جِئْتَ به إلاّ عودي وأوذي، ونّ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا1. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ2 وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ3. فَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ وَرَقَةَ، فَقَالَتْ لَهُ خديجة: إنّه يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ صَدَّقَكَ، وَإِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ، فَقَالَ: "رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَكَانَ عَلَيْهِ لِبَاسٌ غَيْرُ ذَلِكَ" 4. وَجَاءَ مِنْ مَرَاسِيلِ عُرْوَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "رَأَيْتُ لِوَرَقَةَ جَنَّةً أَوْ جَنَّتَيْنِ" 5. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً، حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُزْنًا شَدِيدًا، وَغَدَا مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى6 مِنْ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، وَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةٍ لِيُلْقِيَ نَفْسَهُ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقَرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ7. رَوَاهُ أَحْمَدُ في "مسنده"، والبخاري.

_ 1 مؤزرًا: قويًَّا. 2 لم ينشب: لم يلبث. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3" في كتاب بدء الواحي، باب: رقم "3"، ومسلم "160" في كتاب الإيمان، باب: بدء الوحي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وانظر شرح الغريب في "شرح مسلم للنووي" "2/ 161-166"، و"الفتح" "1/ 31-37". 4 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" "9719" في آخر حديث بدء الوحي. 5 صحيح: أخرجه البزار موصولًا لا بذكر عائشة -رضي الله عنها- كما في "البداية" "2/ 13" وقال الحافظ ابن كثير: هذا إسناد جيد، وروي مرسلًا وهو أشبه. وصححه الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص112". 6 يتردي: يهلك. 7 مرسل: أخرجه أحمد "6/ 223"، والبخاري "6982" في كتاب التعبير، باب: أول ما بدئ به رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الوحي الرؤيا الصالحة، وهو من مراسيل الزهري على الراجح، فلفظه في المصدرين السابقين "وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما بلغنا ... " الحديث قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "12/ 376" القائل "فيما بلغنا" هو الزهري، ومعنى الكلام: أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري، وليس موصولًا.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ، فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ1، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَقَرَنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيلَ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَكَانَ يُعَلِّمُهُ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ، وَلَمْ يَنْزِلِ الْقُرْآنُ، فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاثُ سِنِينَ قَرَنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيلَ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ3. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الْأَبَرْقُوهِيُّ، أنا عَبْدُ الْقَوِيِّ بْنُ الْجَبَّابِ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْخُلَعِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ النَّحَّاسِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَرْدِ، أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ، ثنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَتِ الأَحْبَارُ وَالرُّهْبَانُ وَكُهَّانُ الْعَرَبِ قَدْ تَحَدَّثُوا بَأَمْرِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ مَبْعَثِهِ لَمَّا تَقَارَبَ مِنْ زَمَانِهِ، أَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَعَمَّا وَجَدُوا فِي كُتُبِهِمْ مِنْ صِفَتِهِ وَصِفَةِ زَمَانِهِ، وَمَا كَانَ عَهِدَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاؤُهُمْ مِنْ شَأْنِهِ، وَأَمَّا الْكُهَّانُ فَأَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ بِمَا اسْتَرَقَتْ مِنَ السَّمْعِ، وَأَنَّهَا قَدْ حُجِبَتْ عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَرُمِيَتْ بِالشُّهُبِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} 4 فَلَمَّا سَمِعَتِ الْجِنُّ الْقُرْآنَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- عرفت أنّها منعب مِنَ السَّمْعِ قَبْلَ ذَلِكَ، لِئَلا يُشْكَلَ الْوَحِيُ

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3851" في كتاب مناقب الأنصار، باب: مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم. 2 مرسل. 3 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 912". 4 سورة الجن: 9.

بشيء من خير السَّمَاءِ فَيَلْتَبِسَ الْأَمْرُ، فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا وَوَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ1. وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَوَّلَ الْعَرَبِ فَزِعَ لِلرَّمْيِ بِالنُّجُومِ ثَقِيفٌ، فَجَاءُوا إِلَى عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ وَكَانَ أَدْهَى الْعَرَبِ، فَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا حَدَثَ؟ قَالَ: بَلَى، فَانْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ مَعَالِمُ النُّجُومِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا وَتُعْرَفُ بِهَا الْأَنْوَاءُ هِيَ الَّتِي يُرْمَى بِهَا، فَهِيَ وَاللَّهِ طَيُّ الدُّنْيَا وَهَلَاكُ أَهْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ نُجُومًا غَيْرَهَا، وَهِيَ ثَابِتَةٌ عَلَى حَالِهَا، فَهَذَا أَمْرٌ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ هَذَا الْخَلْقَ فَمَا هُوَ2. قُلْتُ: رَوَى حَدِيثَ يَعْقُوبَ بِنَحْوِهِ حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، لَكِنْ قال: فأتوا عبد ياليل بْنَ عَمْرٍو الثَّقَفِيُّ، وَكَانَ قَدْ عَمِيَ3. وَقَدْ جَاءَ غَيْرُ حَدِيثٍ بِأَسَانِيدَ وَاهِيَةٍ أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الْكُهَّانِ أَخْبَرَهُ رِئْيَةً مِنَ الْجِنِّ بِأَسْجَاعٍ وَرَجَزٍ، فِيهَا ذِكْرُ مَبْعَثِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- مِنْ هَوَاتِفِ الْجَانِّ مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ. وَبِالْإِسْنَادِ إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عَمْرِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: إِنَّ مِمَّا دَعَانَا إِلَى الْإِسْلَامِ مَعَ رَحْمَةِ اللَّهِ وَهُدَاهُ لَنَا، أَنَّا كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ يَهُودَ، وَكُنَّا أَصْحَابَ أَوْثَانٍ، وَهُمْ أَهْلُ كتاب، وَكَانَ لَا يَزَالُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ شُرُورٌ، فَإِذَا نِلْنَا مِنْهُمْ قَالُوا إِنَّهُ قَدْ تَقَارَبَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ الآنَ نَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، وَكُنَّا كَثِيرًا مَا نَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فلمّا بعث الله رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجَبْنَاهُ حِينَ دَعَانَا، وَعَرَفْنَا مَا كَانُوا يَتَوَعَّدُونَنَا بِهِ، فَبَادَرْنَاهُمْ إِلَيْهِ، فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرُوا بِهِ، فَفِي ذَلِكَ نَزَلَ {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} 4. الْآيَاتِ5. حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ،

_ 1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 209-211". 2 معضل: انظر المصدر السابق "1/ 212". 3 مرسل. 4 انظر "البداية" "1/ 781-810" باب: في هواتف الجان. 5 سورة البقرة: 89. والخبر أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 216، 217".

عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ يَهُودِيٌّ، فَخَرَجَ يَوْمًا حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، وَأَنَا أَحْدَثُهُمْ سِنًّا، فَذَكَرَ الْقِيَامَةَ وَالْحِسَابَ وَالْمِيزَانَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ، قَالَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَصْحَابِ أَوْثَانٍ لا يَرَوْنَ بَعْثًا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ، أَوَ تَرَى هَذَا كَائِنًا أَنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ! قَالَ: نَعَمْ قَالُوا: فَمَا آيَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَبِيٌّ مَبْعُوثٌ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلادِ، وَأَشَارَ إِلَى مَكَّةَ وَالْيَمَنِ، قَالُوا: وَمَتَى نَرَاهُ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ وَأَنَا حَدَثٌ فَقَالَ: إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ عُمْرَهُ يُدْرِكْهُ، قَالَ سَلَمَةُ: فَوَاللَّهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا، فَقُلْنَا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ، أَلَسْتَ بِالَّذِي قُلْتَ لَنَا فِيهِ مَا قُلْتَ! قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ بِهِ1. حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ لِي: هَلْ تَدْرِي عَمَّ كَانَ الْإِسْلَامُ لِثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْيَةَ، وَأَسِيدِ بْنِ سَعْيَةَ، وَأَسَدِ بْنِ عُبَيْدٍ، نَفَرٍ مِنْ إِخْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ، كَانُوا مَعَهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ، ثُمَّ كَانُوا سَادَتَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ؟ قلت: لا بد وَاللَّهِ، قَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ يَهُودِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْهَيْبَانِ قَدِمَ عَلَيْنَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِسِنِينَ، فَحَلَّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا قَطُّ لَا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَفْضَلَ مِنْهُ، فَأَقَامَ عِنْدَنَا فَكَانَ إِذَا قَحَطَ عَنَّا المطر يأمرنا بالصّدقة وَيَسْتَسْقِي لَنَا، فَوَاللَّهِ مَا يَبْرَحُ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى نُسْقَى، قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ مَيِّتٌ قَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ مَا تَرَوْنَهُ أَخْرَجَنِي مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ، إِلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ؟ قُلْنَا: أَنْتَ أَعْلَمُ، قَالَ: إِنَّمَا قَدِمْتُ أَتَوَكَّفُ2 خُرُوجَ نَبِيٍّ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، وَهَذِهِ الْبَلْدَةُ مُهَاجَرُهُ، فَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يُبْعَثَ فأبتعه، وقد أظلّكم زمانه، فلا تسبقنّ غليه يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ وَسَبْيِ الذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاءِ مِمَّنْ خَالَفَهُ، فَلَا يَمْنَعَنَّكُمْ ذلك منه. فلمّا بعث مُحَمَّد رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَاصَرَ خَيْبَرَ قَالَ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةُ، وَكَانُوا شُبَّانًا أَحْدَاثًا: يَا بَنِي قُرَيْظَةَ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي كَانَ عَهِدَ إِلَيْكُمْ فِيهِ ابْنُ الْهَيْبَانِ، قَالُوا: لَيْسَ بِهِ، فَنَزَلَ هَؤُلاءِ وَأَسْلَمُوا وَأَحْرَزُوا دماءهم وأموالهم وأهاليهم3.

_ 1 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 217-218". 2 أتوكف: أنتظر. 3 أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 218-219" والظاهر من السياق أن هذا الشيخ من بني قريظة أدرك الجاهلية لقوله "قدم علينا قبل الإسلام بسنين" إلا أن يريد بقوله "علينا" قومه لا هو، وقد يفعل البعض، والله أعلم.

وَبِهِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَتْ خَدِيجَةُ قَدْ ذَكَرَتْ لِعَمِّهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَكَانَ قَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ وَتَنَصَّرَ، مَا حَدَّثَهَا "مَيْسَرَةُ" مِنْ قَوْلِ الرَّاهِبِ وَإِظْلَالِ الْمَلَكَيْنِ، فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ هَذَا حَقًّا يَا خَدِيجَةُ إِنَّ مُحَمَّدًا لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقَدْ عَرَفَ أَنَّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ نَبِيًّا يُنْتَظَرُ زَمَانُهُ، قَالَ: وَجَعَلَ وَرَقَةُ يَسْتَبْطِئُ الْأَمْرَ وَيَقُولُ: حَتَّى مَتَى، وَقَالَ: لَجِجْتُ وَكُنْتُ فِي الذِّكْرَى لَجُوجًا ... لِهَمٍّ طَالَمَا بَعَثَ النَّشِيجَا وَوَصْفٍ مِنْ خَدِيجَةَ بَعْدَ وَصْفٍ ... فَقَدْ طَالَ انْتِظَارِيَ يَا خَدِيجَا بِبَطْنِ الْمَكَّتَيْنِ عَلَى رَجَائِي ... حَدِيثُكِ أَنْ أَرَى مِنْهُ خُرُوجَا1 بِمَا خَبَّرْتِنَا مِنْ قَوْلِ قَسٍّ ... مِنَ الرُّهْبَانِ أَكْرَهُ أَنْ يَعُوجَا بِأَنَّ مُحَمَّدًا سَيَسُودُ قَوْمًا ... وَيَخْصِمُ مَنْ يَكُونُ لَهُ حَجِيجَا وَيُظْهِرُ فِي الْبِلَادِ ضِيَاءَ نُورٍ ... يُقِيمُ بِهِ الْبَرِيَّةَ أَنْ تَمُوجَا فَيَلْقَى مَنْ يُحَارِبُهُ خَسَارًا ... وَيَلْقَى مَنْ يُسَالِمُهُ فُلُوجَا2 فَيَا لَيْتَنِي إِذَا مَا كَانَ ذَاكُمْ ... شَهِدْتُ فَكُنْتُ أَوَّلَهُمْ وُلُوجَا فَإِنْ يَبْقَوْا وَأَبْقَ تَكُنْ أُمُورٌ ... يَضِجُّ الْكَافِرُونَ لَهَا ضَجِيجَا3 وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ الضَّبِّيُّ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"إِنَّ بِمَكَّةَ لَحَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ لَيَالِيَ بُعِثْتُ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ"4 رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كثير: حدثنا أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا أَيُّ الْقُرْآنِ أنزل

_ 1 المكتين: تثنية مكة. 2 الفلوج: الظهور. 3 معضل: ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 196-197". 4 صحيح: عزاه المصنف لأبي داود ولم أجده فيه، فلعله أراد الترمذي فسبقه القلم، فقد أخرجه الترمذي "3644" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في آيات إثبات نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- من طريق سليمان بن معاذ به، وأخرجه أيضًا مسلم "2277" في كتاب الفضائل باب: نسب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحمد "5/ 89، 95، 105"، الدارمي "20"، والطبراني في "الأوسط" "2012"، وابن حبان في "صحيحه" "6482" والبغوي في "شرح السنة" "3709".

أوّل {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} 1 أَوِ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} 2 فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "إِنِّي جَاوَرْتُ بِحِرَاءَ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي نَزَلْتُ، فَاسْتَبْطَنْتُ الْوَادِي فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا هُوَ عَلَى عَرْشٍ فِي الْهَوَاءِ، يَعْنِي الْمَلَكَ، فَأَخَذَنِي رَجْفَةٌ فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَأَمَرَتْهُمْ فَدَثَّرُونِي، ثم صبّوا عليّ الماء، فأنزل الله {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ} " 3. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ، قَالَ: "بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءَ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَجُئِثْتُ 4 مِنْهُ رُعْبًا، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي فدثّروني، ونزلت: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} إلى قوله {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} 5 وَهِيَ الْأَوْثَانُ"6. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهُوَ نَصٌّ فِي أنّ {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} نَزَلَتْ بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} فَكَانَ الْوَحْيُ الْأَوَّلُ لِلنُّبُوَّةِ والثّاني للرسالة.

_ 1 سورة المدثر: 1. 2 سورة العلق: 2. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4924" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} ، وأحمد "3/ 392". 4 جئثت: فزعت. 5 سورة المدثر: 1-5. 6 صحيح: أخرجه البخاري "4" في كتاب بدء الوحي، باب: رقم "3"، ومسلم "161/ 255" في كتاب الإيمان، باب: بدء الوحي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فأول من آمن به خديجة رضي الله عنها

فَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ خَدِيجَةُ "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَ عِزُّ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الأثير: خديجة أوّل خلق الله أسلمت بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَتَقَدَّمْهَا رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ: خَدِيجَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَلِيٌّ. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَجَمَاعَةٌ: أَبُو بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: بَلْ عَلِيٌّ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِيهِمَا قَوْلَانِ، لَكِنْ أَسْلَمَ عَلِيٌّ وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ أو نحوها على الصحيح، وقيل: وله ثمان سِنِينَ، وَقِيلَ: تِسْعٌ، وَقِيلَ: اثْنَتَا عَشْرَةَ، وَقِيلَ: خَمْسَ عَشْرَةَ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ، فَإِنَّ ابْنَهُ مُحَمَّدًا، وَأَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ، وَأَبَا إِسْحَاقَ السَّبِيعِيَّ وَغَيْرَهُمْ قَالُوا: تُوُفِّيَ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. فَهَذَا يَقْضِي بِأَنَّهُ أَسْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ، حَتَّى إِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ رَوَى عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُتِلَ عَلِيٌّ وَلَهُ ثَمَانٍ وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ1: أَوَّلُ ذَكَرٍ آمَنَ بِاللَّهِ عِلَيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، ثُمَّ أَسْلَمَ زَيْدٌ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَتْ خَدِيجَةُ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَقَبِلَ الرَّسُولُ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَانْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ، وَجَعَلَ لَا يَمُرُّ عَلَى شَجَرَةٍ وَلَا صَخْرَةٍ إِلَّا سَلَّمَتْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ قَالَ: أَرَأَيْتُكِ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكِ أَنِّي رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ، فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ اسْتَعْلَنَ لِي، أَرْسَلَهُ إِلَيَّ رَبِّي، وَأَخْبَرَهَا بِالْوَحْيِ، فَقَالَتْ: أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِكَ إِلَّا خَيْرًا، فَاقْبَلِ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ اللَّهِ فَإِنَّهُ حَقٌّ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى عَدَّاسٍ غُلَامِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا مِنْ أَهْلِ نِينَوَى فَقَالَتْ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ إِلَّا ما

_ 1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 248".

أَخْبَرْتَنِي، هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ مِنْ جِبْرِيلَ؟ فَقَالَ عَدَّاسٌ: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ. قَالَتْ: أَخْبِرْنِي بِعِلْمِكَ فِيهِ، قَالَ: فَإِنَّهُ أَمِينُ اللَّهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّينَ، وَهُوَ صَاحِبُ مُوسَى، وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. فَرَجَعَتْ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى وَرَقَةَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بِنَحْوٍ مِنْهُ، وَزَادَ: فَفَتَحَ جِبْرِيلُ عَيْنًا مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ، وَمُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَوَضَّأَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ نَضَحَ فَرْجَهُ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ مُوَاجِهَ الْبَيْتِ، فَفَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما رأى جبريل يفعل2.

_ 1 مرسل: أخرجه موسى بن عقبة كما في "البداية" "12/ 17-18". 2 مرسل.

ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم

وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ بعض أهل العلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَرَادَ اللَّهُ كَرَامَتَهُ وَابْتَدَأَهُ بِالنُّبُوَّةِ، كَانَ لَا يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ وَسَمِعَ مِنْهُ1، وَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى حِرَاءَ فِي كُلِّ عَامٍ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ يَنْسُكُ فِيهِ. وَقَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إني لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ" 2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ، فَخَرَجَ فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا، فَمَا اسْتَقْبَلَهُ شَجَرٌ وَلَا جَبَلٌ إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ3. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ القاضي: حدثنا أَبُو الرَّبِيعِ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: جاء جبريل إلى النّبيّ

_ 1 إسناده ضغيف: انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 238". 2 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 3 ضعيف: أخرجه الترمذي "3646" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في آيات إثبات نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- والدارمي "21" وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "747": ضعيف.

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ مَكَّةَ، قَدْ خَضَبَهُ أَهْلُ مَكَّةَ بِالدِّمَاءِ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: "خَضَبَنِي هَؤُلَاءِ بِالدِّمَاءِ وَفَعَلُوا وَفَعَلُوا"، قَالَ: تُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: ادْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ، فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَتْ تَخُطُّ الْأَرْضَ حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: مُرْهَا فَلْتَرْجِعْ إِلَى مَكَانِهَا، قَالَ: "ارْجِعِي إِلَى مَكَانِكِ" فَرَجَعَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَسْبِي" 1. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ إسحاق: حدّثني وهب بن كيسان، سمعت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ قَتَادَةَ اللَّيْثِيِّ، حَدَّثْتُ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ مَا ابْتَدَأَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النُّبُوَّةِ حِينَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُجَاوِرُ فِي حِرَاءَ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ شَهْرًا، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَتَحَنَّثُ بِهِ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ2. وَالتَّحَنُّثُ التَّبَرُّرُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ3: فَكَانَ يُجَاوِرُ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، يُطْعِمُ مَنْ جَاءَهُ مِنَ الْمَسَاكِينِ، فَإِذَا قَضَى جِوَارَهُ مِنْ شَهْرِهِ، كَانَ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ الْكَعْبَةَ، فَيَطُوفُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ كَرَامَتَهُ، وَذَلِكَ الشَّهْرُ رَمَضَانُ، خَرَجَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى حِرَاءَ وَمَعَهُ أَهْلُهُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَكْرَمَهُ اللَّهُ فِيهَا بِرِسَالَتِهِ، جَاءَهُ جِبْرِيلُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جَاءَنِي وَأَنَا نَائِمٌ بِنَمَطٍ 4 مِنْ دِيبَاجٍ فِيهِ كِتَابٌ، فَقَالَ: اقْرَأْ، قلت: ما أَقْرَأُ؟ قَالَ: فَغَتَّنِي بِهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ الموت، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: وَمَا أَقْرَأُ؟ فَغَتَّنِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ الْمَوْتُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: وَمَا أَقْرَأُ؟ مَا أَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا افْتِدَاءً مِنْهُ أَنْ يعود لي بمثل ما

_ 1 صحيح: أخرجه ابن ماجه "4028" في كتاب الفتن، باب: الصبر على البلاء، وابن أبي شيبة في "مصنفه" "7/ 430"، والدارمي "23"، وأبو نعيم في "الحلية" "9854" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 611": إسناده على شرط مسلم. وقال البوصيري في "الزوائد": هذا إسناد صحيح. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3254": صحيح. 2 رجاله موثقون: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 238" وعبيد الله بن عمير مختلف في صحبته. 3 انظر المصدر السابق "1/ 239، 240" فقد أخرجه ابن إسحاق بالسند السابق. 4 النمط: نوع من البسط.

صنع بي، فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} إلى قوله: {مَا لَمْ يَعْلَمْ} 1، فَقَرَأْتُهَا ثُمَّ انْتَهَى عَنِّي، وَهَبَبْتُ مِنْ نَوْمِي، فَكَأَنَّمَا كَتَبْتُ فِي قَلْبِي كِتَابًا" 2. فِي هَذَا الْمَكَانِ زِيَادَةٌ، زَادَهَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَهِيَ: وَلَمْ يَكُنْ فِي خَلْقِ اللَّهِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ شَاعِرٍ أَوْ مجنون فكنت لا أطيق أن أنظر إليهما، فَقُلْتُ: إِنَّ الأَبْعَدَ، يَعْنِي نَفْسَهُ، لَشَاعِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، ثُمَّ قُلْتُ: لَا تُحَدِّثْ عَنِّي قُرَيْشٌ بِهَذَا أَبَدًا، لَأَعْمِدَنَّ إِلَى حَالِقٍ مِنَ الْجَبَلِ، فَلَأَطْرَحَنَّ نَفْسِي فَلَأَسْتَرِيحَنَّ، فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي وَسَطٍ مِنَ الْجَبَلِ، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا جِبْرِيلُ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ صَافٍّ قَدَمَيْهِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا جِبْرِيلُ، فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَمَا أَتَقَدَّمُ وَلَا أَتَأَخَّرُ، وَجَعَلْتُ أَصْرِفُ وَجْهِي عَنْهُ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ، فَلَا أَنْظُرُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا إِلَّا رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ، فَمَا زِلْتُ وَاقِفًا حَتَّى بَعَثَتْ خَدِيجَةُ رُسُلَهَا فِي طَلَبِي، فَبَلَغُوا أَعْلَى مَكَّةَ وَرَجَعُوا إِلَيْهَا، وَأَنَا وَاقِفٌ فِي مَكَانِي ذَلِكَ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنِّي، فَانْصَرَفْتُ إِلَى أَهْلِي، حَتَّى أَتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَجَلَسْتُ إِلَى فَخِذِهَا مُضِيفًا إِلَيْهَا فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَيْنَ كُنْتَ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ بَعَثْتُ رُسُلِي فِي طَلَبِكَ حَتَّى بَلَغُوا أَعْلَى مَكَّةَ وَرَجَعُوا، ثُمَّ حَدَّثْتُهَا بِالَّذِي رأيت، فقالت: أبشر يابن عَمِّي وَاثْبُتْ فَوَالَّذِي نَفْسُ خَدِيجَةَ بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ. ثُمَّ قَامَتْ فَجَمَعَتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، ثُمَّ انْطَلَقَتْ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا، وَكَانَ قَدْ تَنَصَّرَ وَقَرَأَ الْكُتُبَ، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا رَأَى وَسَمِعَ، فَقَالَ وَرَقَةُ: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ كُنْتِ صَدَقْتِ يَا خَدِيجَةُ، لَقَدْ جَاءَهُ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي يَأْتِي مُوسَى، وَإِنَّهُ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَقُولِي لَهُ فَلْيَثْبُتْ، فَرَجَعَتْ خَدِيجَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِ وَرَقَةَ، فَلَمَّا قَضَى جِوَارَهُ طَافَ بِالْكَعْبَةِ، فَلَقِيَهُ وَرَقَةُ وَهُوَ يَطُوفُ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكَ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَقَدْ جَاءَكَ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي جَاءَ مُوسَى وَلَتُكَذَّبَنَّهُ

_ 1 سورة العلق: 1-5. 2 أخرجه ابن إسحاق السابق، كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 239، 240" ورجاله موثقون إلا أن عبيد الله بن عمير مختلف في صحبته.

وَلَتُؤْذَنَّهُ وَلَتُخْرَجَنَّهُ وَلَتُقَاتَلَنَّهُ، وَلَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَأَنْصُرَنَّ اللَّهَ نَصْرًا يَعْلَمُهُ، ثُمَّ أَدْنَى رَأْسَهُ مِنْهُ فَقَبَّلَ يَافُوخَهُ1. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا بَلَغَنَا أَوَّلَ مَا رَأَى أَنَّ اللَّهَ أَرَاهُ رُؤْيَا فِي الْمَنَامِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَذَكَرَهَا لِخَدِيجَةَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ وَشَرَحَ صَدْرَهَا بِالتَّصْدِيقِ، فَقَالَتْ: أَبْشِرْ، ثُمَّ أَخْبَرَهَا أَنَّهُ رَأَى بَطْنَهُ شُقَّ ثُمَّ طُهِّرَ وَغُسِّلَ ثُمَّ أُعِيدَ كَمَا كَانَ، قَالَتْ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ فَأَبْشِرْ، ثُمَّ اسْتَعْلَنَ لَهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فأجلسه في مجلس كَرِيمٍ مُعْجِبٍ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يقول: أجلسني على بساط طهيئة الدُّرْنَوَكِ2 فِيهِ الْيَاقُوتُ وَاللُّؤْلُؤُ، فَبَشَّرَهُ بِرِسَالَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى اطْمَأَنَّ3. الَّذِي فِيهَا مِنْ شَقِّ بَطْنِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَخْبَرَهَا بِمَا تَمَّ لَهُ فِي صِغَرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ شُقَّ مَرَّةً أُخْرَى، ثُمَّ شُقَّ مَرَّةً ثَالِثَةً حِينَ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَأَنْشَدَ وَرَقَةُ: إِنْ يَكُ حَقًّا يَا خَدِيجَةُ فَاعْلَمِي ... حَدِيثُكِ إِيَّانَا فَأَحْمَدُ مُرْسَلُ وَجِبْرِيلُ يَأْتِيهِ وَمِيكَالُ مَعَهُمَا ... مِنَ اللَّهِ وَحْيٌ يَشْرَحُ الصَّدْرَ مُنْزَلُ يَفُوزُ بِهِ من فار فِيهَا بِتَوْبَةٍ ... وَيَشْقَى بِهِ الْعَانِي الْغَوِيُّ الْمُضَلَّلُ فَسُبْحَانَ مَنْ تَهْوِي الرِّيَاحُ بِأَمْرِهِ ... وَمَنْ هُوَ فِي الْأَيَّامِ مَا شَاءَ يَفْعَلُ وَمَنْ عَرْشُهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا ... وَأَقْضَاؤُهُ فِي خَلْقِهِ لَا تبدّل طمأنة السيدة خديجة للنبي -صلى الله عليه وسلم- بشأن الوحي: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حكيمٍ أَنَّ خَدِيجَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيِ ابْنَ عَمٍّ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِكَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ إِذَا جَاءَكَ، قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ، فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ: "يَا خَدِيجَةُ هَذَا جِبْرِيلُ" هَلْ تَرَاهُ؟ قالت: يابن عَمٍّ قُمْ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِي الْيُسْرَى، فَقَامَ فجلس عليها، قالت: هل

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 الدرنوك: كل ما له خمل قصير. 3 مرسل: أجرجه موسى بن عقبة بن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلًا، كما في "البداية" "2/ 17".

تَرَاهُ: قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَتْ: فَتَحَوَّلْ فَاقْعُدْ عَلَى فَخِذِي الْيُمْنَى، فَتَحَوَّلَ فَقَعَدَ عَلَى فَخِذِهَا، قَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَتْ: فَاجْلِسْ فِي حِجْرِي، فَفَعَلَ، قَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ: قَالَ: "نَعَمْ"، فَتَحَسَّرَتْ فَأَلْقَتْ خِمَارَهَا، ثُمَّ قَالَتْ: هَلْ تَرَاهُ؟ قَالَ: "لَا" قَالَتِ: اثْبُتْ وَأَبْشِرْ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَلَكٌ وَمَا هَذَا بِشَيْطَانٍ1. قَالَ: وَحَدَّثْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُ أُمِّيَ فَاطِمَةَ بِنْتَ حُسَيْنٍ تُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ خَدِيجَةَ، إِلِّا أَنِّي سَمِعْتُهَا تَقُولُ: أَدْخَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهَا وَبَيْنَ دِرْعِهَا فَذَهَبَ عِنْدَ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَقَالَتْ: إِنَّ هَذَا لَمَلَكٌ وَمَا هُوَ بِشَيْطَانٍ2. وقال أبو صالح: أخبرنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ عُلَمَائِهِمْ يَقُولُ: كَانَ أَوَّلُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إلى قوله {مَا لَمْ يَعْلَمْ} 3 فَقَالُوا: هَذَا صَدْرُهَا الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حِرَاءَ، ثُمَّ أُنْزِلَ آخِرُهَا بَعْدُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ4. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ابْتُدِئَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالتَّنْزِيلِ فِي رَمَضَانَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} 5، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} 6 وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} 7. صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع خديجة وإسلام علي وزيد بن حارثة: قال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قَالَ: هَمَزَ جِبْرِيلُ بِعَقِبِهِ فِي نَاحِيَةِ الْوَادِي، فَانْفَجَرَتْ عَيْنٌ، فَتَوَضَّأَ جِبْرِيلُ وَمُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَرَجَعَ، وَقَدْ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ، وَطَابَتْ نَفْسُهُ، فَأَخَذَ بِيَدِ خديجة، حتى أتى بها العين

_ 1 مرسل: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 242"، فقال: حدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير: أنه حدث عن خديجة -رضي الله عنها. 2 أخرجه ابن إسحاق كما في المصدر السابق "1/ 242-243". 3 سورة العلق: 1-5. 4 إسناده ضعيف: أبو صالح هو كاتب الليث ضعيف كما في "التقريب" "3388". 5 سورة البقرة: 185. 6 سورة القدر: 1. 7 سورة الدخان: 3.

فَتَوَضَّأَ كَمَا تَوَضَّأَ جِبْرِيلُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ هو وخديجة، ثُمَّ كَانَ هُوَ وَخَدِيجَةُ يُصَلِّيَانِ سِرًّا، ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ فَوَجَدَهُمَا يُصَلِّيَانِ فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا هَذَا يَا مُحَمَّدُ. فَقَالَ: دِينٌ اصْطَفَاهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ وَبَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ فَأَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ، وَكُفْرٍ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى. فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَسْمَعْ بِهِ قَبْلَ الْيَوْمِ، فَلَسْتُ بِقَاضٍ أَمْرًا حَتَّى أُحَدِّثَ بِهِ أَبَا طَالِبٍ، وَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُفْشِي عَلَيْهِ سِرَّهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْلِنَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ إِنْ لَمْ تُسْلِمْ فَاكْتُمْ، فَمَكَثَ عَلِيٌّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أَوْقَعَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ الْإِسْلَامَ، فَأَصْبَحَ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَقِيَ يَأْتِيهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ أَبِي طَالِبٍ، وَكَتَمَ إِسْلامَهُ. وَأَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَمَكَثَا قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ يَخْتَلِفُ عَلِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ مِمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَصَابَتْ قُرَيْشًا أَزْمَةٌ شَدِيدَةٌ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ ذَا عِيَالٍ كَثِيرَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ، وَكَانَ مُوسِرًا، إِنَّ أَخَاكَ أَبَا طَالِبٍ كَثِيرُ الْعِيَالِ، وَقَدْ أَصَابَ النَّاسَ، مَا تَرَى، فَانْطَلِقْ لِنُخَفِّفَ عَنْهُ مِنْ عِيَالِهِ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا، وَضَمَّهُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ نَبِيًّا فَاتَّبَعَهُ عَلِيٌّ وَآمَنَ بِهِ1. وَقَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ خَدِيجَةُ، وَأَوَّلُ رَجُلَيْنِ أَسْلَمَا أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، وَإِنَّ عَلِيًّا كَانَ يَكْتُمُ الْإِسْلَامَ فَرَقًا مِنْ أَبِيهِ، حَتَّى لَقِيَهُ أَبُوهُ فَقَالَ: أَسْلَمْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: آزِرِ ابْنَ عَمِّكَ وَانْصُرْهُ2. وَقَالَ: أَسْلَمَ عَلِيٌّ قبل أبي بكر.

_ 1 مرسل: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 149". 2 مرسل.

وقال يونس: عن ابن إسحاق: حدثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا دَعَوْتُ أَحَدًا إِلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا كَانَتْ عِنْدَهُ كَبْوَةٌ وَتَرَدَّدَ وَنَظَرَ، إِلَّا أَبَا بَكْرٍ، مَا عَتَمَ عَنْهُ حِينَ ذَكَرْتُهُ وَمَا تَرَدَّدَ فِيهِ"1. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي "مَيْسَرَةَ" أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا بَرَزَ، سَمِعَ مَنْ يُنَادِيهِ، يَا مُحَمَّدُ، فَإِذَا سَمِعَ الصَّوْتَ انْطَلَقَ هَارِبًا، فَأَسَرَّ ذَلِكَ إِلَى أَبِي بكر، وكان نديمًا له في الجاهلية2.

_ 1 مرسل: أخرجه ابن إسحاق كما في "البداية" "2/ 34" ولم أجد ترجمة لمحمد بن عبد الرحمن، والإسناد مرسل، فإن ابن إسحاق لم يدرك أحدًا من الصحابة. 2 مرسل إسناده ضعيف: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه.

إسلام السابقين الأولين

إِسْلامُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ1: ذَكَرَ بعض أهل العلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، خَرَجَ إِلَى شِعَابِ مَكَّةَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ فَيُصَلِّيَانِ فَإِذَا أَمْسَيَا رَجَعَا، ثُمَّ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ عَبَرَ عَلَيْهِمَا وَهُمَا يُصَلِّيَانِ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم: يابن أَخِي مَا هَذَا؟ قَالَ: "أَيْ عَمِّ هَذَا دِينُ اللَّهِ وَدِينُ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَدِينُ إِبْرَاهِيمَ، بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ رَسُولًا إِلَى الْعِبَادِ وَأَنْتَ أَيْ عَمِّ أَحَقُّ مَنْ بَذَلْتُ لَهُ النَّصِيحَةَ وَدَعَوْتُهُ إِلَى الْهُدَى وَأَحَقُّ مَنْ أَجَابَنِي وَأَعَانَنِي"، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَيِ ابْنَ أَخِي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُفَارِقَ دِينَ آبَائِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لا يخلص إليك شيء تكره مَا بَقِيتُ، وَلَمْ يُكَلِّمْ عَلِيًّا بِشَيْءٍ يَكْرَهُ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَدْعُكَ إِلَّا إِلَى خَيْرٍ فَاتَّبِعْهُ2. ثُمَّ أَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ أَوَّلَ ذَكَرٍ أَسْلَمَ، وَصَلَّى بَعْدَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَكَانَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ قَدِمَ مِنَ الشَّامِ بِرَقِيقٍ، فَدَخَلَتْ عمّته خديجة بنت خويلد فقال: أَيَّ هَؤُلَاءِ الْغِلْمَانِ شِئْتِ فَهُوَ لَكِ، فَاخْتَارَتْ زَيْدًا، فَأَخَذَتْهُ، فَرَآهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَوْهَبَهُ، فَوَهَبَتْهُ لَهُ، فَأَعْتَقَهُ وَتَبَنَّاهُ قَبْلَ الوحي، ثم قدم أبوه

_ 1 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 249، 250". 2 معضل: انظر المصدر السابق.

حَارِثَةُ لِمَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِ وَجَزَعِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ شِئْتَ فَأَقِمْ عِنْدِي، وَإِنْ شِئْتَ فَانْطَلِقْ مَعَ أَبِيكَ". قَالَ: بَلْ أُقِيمُ عِنْدَكَ، وَكَانَ يُدْعَى زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فلمّا نزل {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} 1 قَالَ: أَنَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ3: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مَأْلَفًا لِقَوْمِهِ مُحَبَّبًا سَهْلًا، وَكَانَ أَنْسَبَ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشٍ، وَكَانَ تَاجِرًا ذَا خُلُقٍ وَمَعْرُوفٍ، فَجَعَلَ لَمَّا أَسْلَمَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ مَنْ وَثِقَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ، مِمَّنْ يَغْشَاهُ، وَيَجْلِسُ إِلَيْهِ، فَأَسْلَمَ بِدُعَائِهِ: عُثْمَانُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَجَاءَ بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَسْلَمُوا وَصَلُّوا، فَكَانَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ الثَّمَانِيَةُ أَوَّلَ مَنْ سَبَقَ بِالإِسْلامِ وَصَلُّوا وَصَدَّقُوا. ثُمَّ أَسْلَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ الْفِهْرِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ، وَالأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الأَرْقَمِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ. وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيُّ، وَأَخَوَاهُ قُدَامَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ المطّلب بن عبد مناف المطّلبيّ، وسعيد ابن زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ الْعَدَوِيُّ، وَامْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ أُخْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وَخَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وَعُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَخُو سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَسُلَيْطُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْعَامِرِيُّ، وَأَخُوهُ حَاطِبٌ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ، وَامْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ، وَخُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ حَلِيفُ آلِ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو أَحْمَدَ ابْنَا جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيِّ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَامْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَحَاطِبُ بْنُ الْحَارِثِ الْجُمَحِيُّ، وَامْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُجَلَّلِ، وَأَخُوهُ خَطَّابٌ، وَامْرَأَتُهُ فُكَيْهَةُ بِنْتُ يَسَارٍ، وَمَعْمَرُ بْنُ الْحَارِثِ أَخُوهُمَا، وَالسَّائِبُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَزْهَرَ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ الْعَدَوِيُّ الزُّهْرِيُّ، وَامْرَأَتُهُ رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي عَوْفٍ، وَالنَّحَّامُ وَهُوَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَسَدٍ الْعَدَوِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَامْرَأَتُهُ أُمَيْنَةُ بِنْتُ خَلَفٍ، وَحَاطِبُ بن عمرو، وأبو حذيفة مهشم

_ 1 سورة الأحزاب: 5. 2 ذكره ابن هشام في "سيرته" "1/ 250-251". 3 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 252".

بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ، وَخَالِدُ، وَعَامِرُ، وَعَاقِلُ وَإِيَاسُ بَنُو الْبُكَيْرِ حُلَفَاءُ بَنِي عَدِيٍّ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ، وَصُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ النَّمَرِيُّ حَلِيفُ بَنِي تَيْمٍ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَالِبِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: حَضَرْتُ سُوقَ بُصْرَى، فَإِذَا رَاهِبٌ فِي صَوْمَعَتِهِ يَقُولُ: سَلُوا أَهْلَ الْمَوْسِمِ، أَفِيهِمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ؟ قَالَ طَلْحَةُ: قُلْتُ: نَعَمْ أَنَا، فَقَالَ: هَلْ ظَهَرَ أَحْمَدُ بَعْدُ؟ قُلْتُ: وَمَنْ أَحْمَدُ؟ قَالَ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، هَذَا شَهْرُهُ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ، وَهُوَ آخِرُ الأَنْبِيَاءِ، مَخْرَجُهُ مِنَ الْحَرَمِ وَمُهَاجَرُهُ إِلَى نَخْلٍ وَحَرَّةٍ وَسِبَاخٍ، فَإِيَّاكَ أَنْ تُسْبَقَ إِلَيْهِ قَالَ طَلْحَةُ: فَوَقَعَ فِي قَلْبِي، فَأَسْرَعْتُ إِلَى مَكَّةَ، فَقُلْتُ: هَلْ مِنْ حَدَثٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَمِينُ تَنَبَّأَ، وَقَدْ تَبِعَهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: اتَّبَعْتَ هَذَا الرَّجُلَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَانْطَلِقْ فَاتَّبِعْهُ، فَأَخْبَرَهُ طَلْحَةُ بِمَا قَالَ الرَّاهِبُ، فَخَرَجَ بِهِ حَتَّى دَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ طَلْحَةُ، وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ وَطَلْحَةُ أَخَذَهُمَا نَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدِ بْنِ الْعَدَوِيَّةِ فَشَدَّهُمَا فِي حَبْلٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمَا بَنُو تَيْمٍ، وَكَانَ نَوْفَلُ يُدْعَى أَسَدَ قُرَيْشٍ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَطَلْحَةُ: الْقَرِينَيْنِ2. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ وَبَرَةَ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما معه إلا خمسة أبعد وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. قُلْتُ: وَلَمْ يَذْكُرْ عَلِيًّا لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ سَالِمٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِمَكَّةَ مُسْتَخْفِيًا، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: "نَبِيٌّ" قُلْتُ: وَمَا النَّبِيُّ؟ قَالَ: "رَسُولُ اللَّهِ" قُلْتُ: اللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: "نعم"،

_ 1 انظر "المصدر السابق" "1/ 253، 254". 2 إسناده ضعيف جدًّا: محمد بن عمر الواقدي متروك كما تقدم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3660" في كتاب فضائل الصحابة، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلًا".

قُلْتُ بِمَ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: "بِأَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَتُكَسَّرَ الْأَوْثَانُ وَتُوصَلَ الأَرْحَامُ"، قُلْتُ: نِعْمَ مَا أُرْسِلْتَ بِهِ، فَمَنْ تَبِعَكَ؟ قَالَ: "حُرٌّ وَعَبْدٌ"، يعني أَبَا بَكْرٍ وَبِلالا، فَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا رَابِعُ أَرْبَعَةٍ، فَأَسْلَمْتُ وَقُلْتُ: أَتَّبِعُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا وَلَكِنِ الحقْ بِقَوْمِكَ، فَإِذَا أُخْبِرْتَ بِأَنِّي قَدْ خَرَجْتُ فَاتَّبِعْنِي" 1 أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: لَقَدْ مَكَثْتُ سَبَعَةَ أَيَّامٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلامَهُ سَبْعَةٌ: النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ وَأُمُّهُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلالٌ وَالْمِقْدَادُ3. تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنَّ عُمَرَ لَمُوثِقِي وَأُخْتَهُ عَلَى الإِسْلامِ، قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عُمَرُ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدًا ارْفَضَّ لِلَّذِي صَنَعْتُمْ بِعُثْمَانَ لَكَانَ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ": ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنْتُ يَافِعًا5 أَرْعَى غَنَمًا لعقبة بن أبي معيط بمكة

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "832" في كتاب صلاة المسافرين، باب: إسلام عمرو بن عبسة، وأحمد "4/ 111، 112"، وأخرجه النسائي "1/ 283-284"، في كتاب المواقيت باب: إباحة الصلاة إلى أن يصلى الصبح، وابن ماجه "1364" في كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في أي ساعات الليل أفضل، وأحمد "4/ 113، 114"، وأبو نعيم في "الحلية" "1377" من طريق آخر عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3727" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص وأبو نعيم في "الحلية" "290". 3 حسن: أخرجه ابن ماجه "150" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "1/ 404"، وأبو نعيم في "الحلية" "487" وقال البوصيري في "الزوائد": إسناده ثقات. وقال المصنف في "تاريخ الإسلام" "1/ 97". حديث صحيح. وقال الإلباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "122": حسن. 4 صحيح: أخرجه البخاري "38602" في كتاب مناقب الأنصار، باب: إسلام سعيد بن زيد -رضي الله عنه. 5 يافعًا: قويًّا.

فَأَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، وَقَدْ فَرَّا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَا: يَا غُلَامُ هَلْ عِنْدَكَ لَبَنٌ تَسْقِينَا؟ قُلْتُ: إِنِّي مُؤْتَمَنٌ وَلَسْتُ بِسَاقِيكُمَا، فَقَالَا: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ جَذْعَةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَتَيْتُهُمَا بِهَا، فَاعْتَقَلَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الضَّرْعَ فَدَعَا، فَحَفَلَ الضَّرْعُ، وَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِصَخْرَةٍ مُنْقَعِرَةٍ، فَحَلَبَ فِيهَا، ثُمَّ شَرِبَا وَسَقَيَانِي، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: "اقْلُصْ"، فَقَلَصَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ الطَّيِّبِ، يَعْنِي الْقُرْآنَ فَقَالَ: "إِنَّكَ غُلَامٌ معلَّم"، فَأَخَذْتُ مِنْ فِيهِ سَبْعِينَ سُورَةً مَا يُنَازِعُنِي فِيهَا أَحَدٌ1.

_ 1 إسناده حسن: أخرجه أحمد "1/ 379، 462"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 171"، والطبراني في "الكبير" "8456" وإسناده حسن من أجل عاصم هو ابن بهدلة.

فصل في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم عشيرته إلى الله وما لقى من قومه

فَصْلٌ فِي دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيرَتَهُ إِلَى اللَّهِ وَمَا لَقِيَ مِنْ قومه ... فصل في دعوته النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشِيرَتَهُ إِلَى اللَّهِ وَمَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ: قَالَ جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بن طلحة، عن أبي هريرة: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} 1 دَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُرَيْشًا، فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ: "يَا بَنِي كَعْبِ بْنَ لُؤَيٍّ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبِلالِهَا" 2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ وَزُهَيْرٌ عَنْ جَرِيرٍ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ، وَزُهَيْرِ بْنِ عَمْرٍو قَالَا: لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى رَضْمَةٍ3 مِنْ جَبَلٍ، فَعَلَاهَا ثُمَّ نَادَى: "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، إِنِّي نَذِيرٌ، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَرَجُلٍ رَأَى الْعَدُوَّ فَانْطَلَقَ يَرْبَأُ أَهْلَهُ، فَخَشِيَ أَنْ يَسْبِقُوهُ فَهَتَفَ: يَا صَبَاحَاهُ" 4 أخرجه مسلم.

_ 1 سورة الشعراء: 214. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4771" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ، ومسلم "204" في كتاب الإيمان، باب: في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ، والترمذي "3196" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الشعراء، والنسائي "6/ 248، 249" في كتاب الوصايا، باب: إذا أوصى لعشيرته الأقربين، وأحمد "2/ 360، 519"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 177، 178"، وابن حبان في "صحيحه" "646". 3 الرضمة: دون الهضبة. 4 صحيح: أخرجه مسلم "207" في المصدر السابق، والطبراني في "الكبير" "18/ 374"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 178".

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بن نوفل، واستكتمني اسمه، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَرَفْتُ أَنِّي إِنْ بَادَأْتُ قَوْمِي رَأَيْتُ مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ، فَصَمَتُّ عَلَيْهَا، فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ بِهِ رَبُّكَ عَذَّبَكَ"، قَالَ عَلِيٌّ: فَدَعَانِي فَقَالَ: "يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الأَقْرَبِينَ، فَعَرَفْتُ أَنِّي إِنْ بَادَأْتُهُمْ بِذَلِكَ رَأَيْتُ مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ، فَصَمَتُّ، ثُمَّ جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ عَذَّبَكَ رَبُّكَ، فَاصْنَعْ لَنَا يَا عَلِيُّ رِجْلَ شَاةٍ عَلَى صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ وَأَعِدَّ لَنَا عُسَّ1 لَبَنٍ، ثُمَّ اجْمَعْ لِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ"، فَفَعَلْتُ، فَاجْتَمَعُوا لَهُ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلا يَزِيدُونَ رَجُلا أَوْ يَنْقُصُونَ، فِيهِمْ أَعْمَامُهُ أَبُو طَالِبٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْعَبَّاسُ، وَأَبُو لَهَبٍ، فَقَدَّمْتُ إِلَيْهِمْ تِلْكَ الْجَفْنَةَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهَا حذية2، فشقّها بأسنانه، ثم رمى بها ي نَوَاحِيهَا وَقَالَ: "كُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ" فَأَكَلَ الْقَوْمُ حَتَّى نَهِلُوا عَنْهُ مَا نَرَى إِلَّا آثَارَ أَصَابِعِهِمْ، وَاللَّهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَيَأْكُلُ مثلها، ثم قال رسول اله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْقِهِمْ يَا عَلِيُّ"، فَجِئْتُ بِذَلِكَ الْقَعْبِ3، فَشَرِبُوا مِنْهُ حَتَّى نَهِلُوا جَمِيعًا، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَيَشْرَبُ مِثْلَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَكَلَّمَ بَدَرَهُ أَبُو لَهَبٍ فَقَالَ: لَهَدَّمَا4 سَحَرَكُمْ صَاحِبُكُمْ، فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ، فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الْغَدِ: "عُدْ لَنَا يَا عَلِيُّ بِمِثْلِ مَا صَنَعْتَ بِالْأَمْسِ"، فَفَعَلْتُ وَجَمَعْتُهُمْ، فَصَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا صَنَعَ بِالْأَمْسِ، فَأَكَلُوا حَتَّى نَهِلُوا، وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْقَعْبِ حَتَّى نَهِلُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّي والله قد ما أعلم شابًّا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِأَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"5. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عمرو، عن عبد الله بن الحارث.

_ 1 العس: القدح الضخم. 2 الحذية: ما قطع من اللحم طولًا. 3 القعب: القدح الضخم. 4 لهد: كلمة تعجب. 5 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 179" وفي إسناده جهالة.

وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَكَانَ بَيْنَ مَا أَخْفَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمْرَهُ إِلَى أَنْ أُمِرَ بِإِظْهَارِهِ ثَلَاثُ سِنِينَ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} 1 خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ؛ "يَا صَبَاحَاهُ"، قَالُوا: مَنْ هَذَا الَّذِي يَهْتِفُ؟ قَالُوا: مُحَمَّدٌ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: "أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ " قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا، قَالَ: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ"، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا، ثُمَّ قَامَ، فَنَزَلَتْ: "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ"2 كَذَا قَرَأَ الْأَعْمَشُ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إِلَّا "وَقَدْ تَبَّ" فَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِ الْأَعْمَشِ، وَهِيَ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ". وَقَالَ ابْنُ عُيَيَنْةَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ تَدْرُسَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} أَقْبَلَتِ الْعَوْرَاءُ أُمُّ جَمِيلٍ بِنْتُ حَرْبٍ، وَلَهَا وَلْوَلَةٌ، وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ4 وَهِيَ تَقُولُ: مُذَمَّمًا أَبَيْنَا وَدِينَهُ قَلَيْنَا وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَقْبَلَتْ وَأَخَافُ أَنْ تَرَاكَ، قَالَ: "إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي"، وَقَرَأَ قُرْآنًا فَاعْتَصَمَ بِهِ وَقَرَأَ {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} 5 فَوَقَفَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَمْ تَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: إِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي، فَقَالَ: لَا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا هَجَاكِ، فَوَلَّتْ وَهِيَ تَقُولُ: قَدْ علمت قريش أنّي ابنة سيّدها6.

_ 1 سورة الشعراء: 214. 2 سورة المسد: 1. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4971" في كتاب التفسير، باب: سورة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} ، ومسلم "208/ 355" في كتاب الإيمان، باب: في قوله تعالى {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَْ} . 4 الفهر: الحجر. 5 سورة الإسراء: 45. 6 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 195، 196".

رَوَى نَحْوَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "انْظُرُوا قُرَيْشًا كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَهُمْ وَلَعْنَهُمْ، يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وَأَنَا مُحَمَّدٌ" 1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَفَشَا الْإِسْلَامُ بِمَكَّةَ ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَقَالَ {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} 2 وقال {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ} 3 قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا صَلَّوْا ذَهَبُوا فِي الشِّعَابِ وَاسْتَخْفَوْا بِصَلاتِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَبَيْنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي نَفَرٍ بِشِعْبٍ، إِذْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ نَفَرٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ فَنَاكَرُوهُمْ وَعَابُوا عَلَيْهِمْ وَقَاتَلُوهُمْ فَضَرَبَ سَعْدٌ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِلَحْيِ4 بَعِيرٍ فَشَجَّهُ، فَكَانَ أَوَّلَ دَمٍ فِي الْإِسْلامِ، فَلَمَّا بَادَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْمَهُ وَصَدَعَ بِالْإِسْلامِ، لَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ قَوْمُهُ وَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ، فِيمَا بَلَغَنِي، حَتَّى عَابَ آلِهَتَهُمْ، فَأَعْظَمُوهُ وَنَاكَرُوهُ وَأَجْمَعُوا خلافه وعداواته، فَحَدَبَ عَلَيْهِ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، وَمَنَعَهُ وَقَامَ دُونَهُ، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَعْتِبُهُمْ مِنْ شَيْءٍ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ، وَرَأَوْا أَنَّ عَمَّهُ يَمْنَعُهُ مَشَوْا إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَكَلَّمُوهُ، وَقَالُوا: إِمَّا أَنْ تَكُفَّهُ عَنْ آلِهَتِنَا وَعَنِ الْكَلامِ فِي دِينِنَا، وَإِمَّا أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَقَالَ لَهُمْ قَوْلًا رَفِيقًا، وَرَدَّهُمْ رَدًّا جَمِيلا، فَانْصَرَفُوا. ثُمَّ بعد ذلك تباعد الرجال وتضاغنوا، أكثرت قُرَيْشٌ ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَضَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَيْهِ، وَمَشَوْا إِلَى أَبِي طَالِبٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالُوا: إِنَّ لَكَ نَسَبًا وَشَرَفًا فِينَا، وَإِنَّا اسْتَنْهَيْنَاكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ فَلَمْ تَنْهَهُ وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَصْبِرُ عَلَى شَتْمِ آلِهَتِنَا وَتَسْفِيهِ أَحْلامِنَا حَتَّى تَكُفَّهُ أو تنازله وَإِيَّاكَ فِي ذَلِكَ، حَتَّى يَهْلِكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ، فَعَظُمَ عَلَى أَبِي طَالِبٍ فراق قومه وعداواته لَهُمْ، وَلَمْ يَطِبْ نَفْسًا أَنْ يُسَلِّمَ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لهم ولا أن يخذله5.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3533" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في أَسْمَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والبيهقي في "سننه" "8/ 252" وفي "الدلائل" "1/ 152". 2 سورة الحجر: 94. 3 سورة الحجر: 89. 4 اللحى: العظم الذي على الفخذ. 5 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 258-261".

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: جَاءَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا: إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ هَذَا قَدْ آذَانَا فِي نَادِينَا وَمَسْجِدِنَا، فَانْهَهُ عَنَّا، فَقَالَ: يَا عَقِيلُ انْطَلِقْ فَائْتِنِي بِمُحَمَّدٍ، فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ حِفْشٍ أَوْ كِبْسٍ، يَقُولُ بَيْتٌ صَغِيرٌ،، فَلَمَّا أَتَاهُمْ قَالَ أَبُو طَالِبٍ: إِنَّ بَنِي عَمِّكَ هَؤُلَاءِ قَدْ زَعَمُوا أَنَّكَ تُؤْذِيهِمْ فِي نَادِيهِمْ وَمَسْجِدِهِمْ فَانْتَهِ عَنْ أَذَاهُمْ، فَحَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: "أَتَرَوْنَ هَذِهِ الشَّمْسَ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "فَمَا أَنَا بِأَقْدَرَ عَلَى أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تَسْتَشْعِلُوا مِنْهَا شُعْلَةً"، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَاللَّهِ مَا كَذَبَنَا ابْنُ أَخِي قَطُّ فَارْجِعُوا1. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ" عَنْ أبي كريب، عن يونس. "غيرة أبي طالب عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ قُرَيْشًا حِينَ قَالَتْ لِأَبِي طَالِبٍ مَا قَالُوا، بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يابن أَخِي إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَاءُوا إِلَيَّ فَقَالُوا: كَذَا وَكَذَا، فَابْقِ عَلَيَّ وَعَلَى نَفْسِكَ، وَلا تُحَمِّلْنِي مِنَ الأَمْرِ مَا لا أُطِيقُ، فَظَنَّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَدْ بَدَا لِعَمِّهِ بَدَاءٌ وَأَنَّهُ خَاذِلُهُ وَمُسْلِمُهُ، فَقَالَ: "يَا عَمِّ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ فِي يَمِينِي وَالْقَمَرَ فِي شِمَالِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ مَا تَرَكْتُهُ"، ثُمَّ اسْتَعْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَامَ، فَلَمَّا ولّى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يابن أخي، فأقبلت إليه فقال: فَقُلْ مَا أَحْبَبْتَ فَوَاللَّهِ لَا أُسْلِمُكَ أَبَدًا2. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ يُونُسُ ثُمَّ قَالَ أَبُو طَالِبٍ فِي ذَلِكَ شِعْرًا. وَاللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ ... حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفِينَا فَامْضِ لِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَةٌ3 ... أَبْشِرْ وَقَرَّ بِذَاكَ مِنْكَ عُيُونَا وَدَعَوْتَنِي وَزَعَمْتَ أَنَّكَ نَاصِحِي ... فَلَقَدْ صَدَقْتَ، وَكُنْتَ قِدْمًا أَمِينَا وَعَرَضْتَ دِينًا قَدْ عَرَفْتُ بِأَنَّهُ ... مِنْ خير أديان البريّة دينا

_ 1 أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" "7/ 51"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 187". 2 مرسل: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 261-262" وهو على شهرته ضعيف لإرساله. 3 غضاضة: عيب.

لَوْلَا الْمَلَامَةُ أَوْ حَذَارِي سُبَّةً ... لَوَجَدْتَنِي سَمْحًا بِذَاكَ مُبِينَا وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ: ثنا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} 1 وَأَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنَ الْقُبَّةِ فَقَالَ لَهُمْ: "أَيُّهَا النَّاسُ انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ" 2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ الدُّؤَلِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ3 يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ يَدْعُوهُمْ إلى الله، ووراءه رَجُلٌ أَحْوَلُ تُقَدُّ وَجْنَتَاهُ، وَهُوَ يَقُولُ لَا يَغُرَّنَّكُمْ عَنْ دِينِكُمْ وَدِينِ آبَائِكُمْ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو لَهَبٍ4. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ مِنْ بَنِي الدُّئِلِ، وَكَانَ جَاهِلِيًّا فَأَسْلَمَ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذِي الْمَجَازِ، وَهُوَ يَمْشِي بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا". وَوَرَاءَهُ أَبُو لَهَبٍ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ رَبِيعَةُ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أُزْفِرُ5 الْقِرْبَةَ لِأَهْلِي6. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ كِنَانَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ، وَهُوَ يَقُولُ: "قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا". وَإِذَا خَلْفَهُ رَجُلٌ يَسْفِي عَلَيْهِ التُّرَابَ، فَإِذَا هُوَ أَبُو جَهْلٍ وَيَقُولُ: لَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِكُمْ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ تَتْرُكُوا عِبَادَةَ اللاتِ وَالْعُزَّى7. إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ. "رد أبي جهل عن أذى النبي -صلى الله عليه وسلم- بمعجزة نبوته": وَقَالَ الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنِي نعيم بن أبي هند، عن أبي حازم، عن أبي

_ 1 سورة المائدة: 76. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3057" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة المائدة، وابن جرير الطبري في "تفسيره" "6/ 199"، وأبو نعيم في "الحلية" "8375" وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 96". إسناده حسن، واختلف في وصله وإرساله. وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 ذو المجاز: سوق بعرفة. 4 أخرجه أحمد "3/ 492"، والبيهفي في "الدلائل" "2/ 185". 5 أزفر: أحمل. 6 أخرجه أحمد "3/ 492"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 1486". 7 أخرجه البيهفي في "الدلائل" "2/ 186".

حازم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ قِيلَ: نَعَمْ، فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ وَلَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُصَلِّي لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَمَا فَجَأَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وبينه لخندقًا من نار، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ لَأَطَأَنَّ عُنُقَهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الملائكة عيانًا" 2. أخرجه البخاريّ. "إغراء قريش لأبي طالب ليسلم لهم النبي -صلى الله عليه وسلم": وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا أَتَوْا أَبَا طَالِبٍ فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ هَذَا عُمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنْهَدُ3 فَتًى فِي قُرَيْشٍ وَأَجْمَلُهُ، فَخُذْهُ فَلَكَ عَقْلُهُ وَنُصْرَتُهُ وَاتَّخِذْهُ وَلَدًا فَهُوَ لَكَ، وَأَسْلِمْ إِلَيْنَا ابْنَ أَخِيكَ هَذَا الَّذِي قَدْ خَالَفَ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ نَقْتُلْهُ، فَإِنَّمَا رَجُلٌ كَرَجُلٍ، فَقَالَ: بِئْسَ وَاللَّهِ مَا تَسُومُونَنِي، أَتُعْطُونِي ابْنَكُمْ أَغْذُوهُ لَكُمْ، وَأُعْطِيكُمُ ابْنِي تَقْتُلُونَهُ! هَذَا وَاللَّهِ مَا لَا يَكُونُ أَبَدًا. فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: وَاللَّهِ يَا أَبَا طَالِبٍ لَقَدْ أَنْصَفَكَ قَوْمُكَ وَجُهِدُوا عَلَى التَّخَلُّصِ مِمَّا تَكْرَهُ، فَمَا أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تَقْبَلَ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَنْصَفُونِي لَكِنَّكَ قَدْ أَجْمَعْتَ خِذْلَانِي وَمُظَاهَرَةَ الْقَوْمِ عَلَيَّ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، فَحَقَبَ4 الْأَمْرُ، وَحَمِيَتِ الْحَرْبُ، وَتَنَابَذَ القوم، فقال أبو طالب.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2797" في كتاب القيامة، باب: قوله تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} ، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 189". 2 صحيح: أخرجه البخاري "4958" في كتاب التفسير، باب: قوله: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} ، والترمذي "3359" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ، والنسائي في "الكبرى" "11685"، وأحمد "1/ 248، 368". 3 أنهد: أقوى. 4 حقب: اشتد.

أَلَا قُلْ لِعَمْرٍو وَالْوَلِيدِ وَمُطْعِمٍ ... أَلَا لَيْتَ حَظِّي مِنْ حِيَاطَتِكُمْ بَكْرُ مِنَ الْخُورِ حَبْحَابٌ كَثِيرٌ رُغَاؤُهُ ... يُرَشُّ عَلَى السَّاقَيْنِ مِنْ بَوْلِهِ قَطْرُ1 أَرَى أَخَوَيْنَا مِنْ أَبِينَا وَأُمِّنَا ... إِذَا سُئِلَا قَالَا إِلَى غَيْرِنَا الْأَمْرُ أَخُصُّ خُصُوصًا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلا ... هُمَا نَبَذَانَا مِثْلَمَا يُنْبَذُ الْجَمْرُ وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، مُنْذُ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ جَرَتْ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَبَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قَامَ عَنْهُمْ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ أَبَى إِلَّا مَا تَرَوْنَ مِنْ عَيْبِ دِينِنَا، وَشَتْمِ آبَائِنَا، وَتَسْفِيهِ أَحْلامِنَا، وَسَبِّ آلِهَتِنَا، وَإِنِّي أُعَاهِدُ اللَّهَ لَأَجْلِسَنَّ له غدًا بحجر، فإذا سجد فضحت بِهِ رَأْسَهُ فَلْيَصْنَعْ بَعْدَ ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ مَا بَدَا لَهُمْ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو جَهْلٍ أَخَذَ حَجَرًا وَجَلَسَ، وَأَتَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ يُصَلِّي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْأَسْوَدِ وَالْيَمَانِيِّ، وَكَانَ يُصَلِّي إِلَى الشَّامِ، وَجَلَسَتْ قُرَيْشٌ فِي أَنْدِيَتِهَا يَنْظُرُونَ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْتَمَلَ أَبُو جَهْلٍ الْحَجَرَ ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوَهُ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُ رَجَعَ مَرْعُوبًا مُنْتَقِعًا لَوْنُهُ، قَدْ يَبِسَتْ يَدَاهُ عَلَى حَجَرِهِ، حَتَّى قَذَفَ بِهِ مِنْ يَدِهِ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ رِجَالُ قُرَيْشٍ فَقَالُوا: مَا لَكَ يَا أَبَا الْحَكَمِ؟ فَقَالَ: قُمْتُ إِلَيْهِ لِأَفْعَلَ مَا قُلْتُ لَكُمْ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ عَرَضَ لِي دُونَهُ فَحْلٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَامَتِهِ وَلَا قَصَرَتِهِ وَلَا أَنْيَابِهِ لِفَحْلٍ قَطُّ، فَهَمَّ أَنْ يَأْكُلَنِي2. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "ذَاكَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَوْ دَنَا مِنِّي لأَخَذَهُ"3. وَقَالَ الْمُحَارِبِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ أَبُو جَهْلٍ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ أَنْ تُصَلِّيَ يَا مُحَمَّدُ؟ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا بِهَا أَحَدٌ أَكْثَرَ نَادِيًا مِنِّي، فَانْتَهَرَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فقال

_ 1 الخور: الضعاف، والحبحاب: القصير. 2 إسناده ضعيف: لجهالة هذا الشيخ من مصر، وانظر "سيرة ابن هشام" "1/ 288-289". 3 معضل: انظر المصدر السابق "1/ 289".

جبريل: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ، سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} 1. وَاللَّهِ لَوْ دَعَا نَادِيَهُ لَأَخَذَتْهُ زَبَانِيَةُ الْعَذَابِ2. "خضوع الوليد بن المغيرة للقرآن العظيم": وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أنا الْحَاكِمُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيُّ بِمَكَّةَ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَكَأَنَّهُ رَقَّ لَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَهْلٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا عَمِّ إِنَّ قَوْمَكَ يَرَوْنَ أَنْ يَجْمَعُوا لَكَ مَالًا. قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لِيُعْطُوكَ فَإِنَّكَ أَتَيْتَ مُحَمَّدًا لِتَعْرِضَ لِمَا قِبَلَهُ، قَالَ: قَدْ علمت أنّي من أكثرها مالًا، قال: فقيل فِيهِ قَوْلًا يَبْلُغُ قَوْمَكَ أَنَّكَ مُنْكِرٌ لَهَا، أَوْ أَنَّكَ كَارِهٌ لَهُ، قَالَ: وَمَاذَا أَقُولُ؟ فَوَاللَّهِ مَا فِيكُمْ رَجُلٌ أَعْلَمَ بِالْأَشْعَارِ مِنِّي، وَلَا أَعْلَمَ بِرَجَزِهِ وَلَا بِقَصِيدِهِ مِنِّي، وَلَا بِأَشْعَارِ الْجِنِّ، وَاللَّهِ مَا يُشْبِهُ الَّذِي يَقُولُ شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَوَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُ حَلَاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً، وَإِنَّهُ لَمُثْمِرٌ أَعْلَاهُ، مُغْدِقٌ أَسْفَلُهُ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَمَا يُعْلَى، وَإِنَّهُ لَيَحْطِمُ مَا تَحْتَهُ، قَالَ: لَا يَرْضَى عَنْكَ قَوْمُكَ حَتَّى تَقُولَ فِيهِ، قَالَ: فَدَعْنِي حَتَّى أُفَكِّرَ فِيهِ، فَلَمَّا فَكَّرَ قَالَ: هَذَا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، بِأَثْرِهِ عَنْ غَيْرِهِ، فَنَزَلَتْ {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} 3 يَعْنِي الْآيَاتِ4. هَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مَوْصُولًا. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا. وَرَوَاهُ مُخْتَصَرًا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا. قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ اجْتَمَعَ وَنَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ ذَا سِنٍّ فِيهِمْ، وَقَدْ حَضَرَ الْمَوْسِمَ، فَقَالَ: إِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ سَتُقْدِمُ عَلَيْكُمْ فِيهِ، وَقَدْ سَمِعُوا بِأَمْرِ صَاحِبِكُمْ فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا وَاحِدًا وَلا تَخْتَلِفُوا فَيُكَذِّبَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، قَالُوا: فَأَنْتَ فَقُلْ وَأَقِمْ لَنَا رَأْيًا، قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ فَقُولُوا وأنا

_ 1 سورة العلق: 17-18. 2 تقدم تخريجه قريبًا. 3 سورة المدثر: 11. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 198" والحاكم في "مستدركه" "3872" وإسحاق بن إبراهيم هو الدبري، فيه مقال خاصة في روايته عن عبد الرزاق.

أَسْمَعُ، قَالُوا: نَقُولُ كَاهِنٌ، فَقَالَ: مَا هُوَ بِكَاهِنٍ، لَقَدْ رَأَيْتُ الْكُهَّانَ، فَمَا هُوَ بِزَمْزَمَةِ1 الْكَاهِنِ وَسَجْعِهِ. فقَالُوا: نَقُولُ مَجْنُونٌ، فَقَالَ: مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ، وَلَقَدْ رَأَيْنَا الْجُنُونَ وَعَرَفْنَاهُ فَمَا هو بخنقه وَلَا تَخَالُجِهِ وَلَا وَسْوَسَتِهِ. قَالُوا: فَنَقُولُ شَاعِرٌ، قَالَ: مَا هُوَ بِشَاعِرٍ، قَدْ عَرَفْنَا الشِّعْرَ بِرَجَزِهِ وَهَزَجِهِ وَقَرِيضِهِ وَمَقْبُوضِهِ وَمَبْسُوطِهِ فَمَا هُوَ بِالشِّعْرِ. قَالُوا: فَنَقُولُ سَاحِرٌ؟ قَالَ: مَا هُوَ بِسَاحِرٍ، قَدْ رَأَيْنَا السُّحَّارَ وَسِحْرَهُمْ، فَمَا هُوَ بِنَفْثِهِ وَلا عُقَدِهِ. فَقَالُوا: مَا تَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ؟ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ حَلاوَةً وَإِنَّ أَصْلَهُ لَغَدِقٌ وَإِنَّ فَرْعَهُ لَجَنِيٌّ، فَمَا أَنْتُمْ بِقَائِلِينَ مِنْ هَذَا شَيْئًا إِلا عُرِفَ أَنَّهُ بَاطِلٌ. وَإِنَّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ أَنْ نَقُولَ سِاحِرٌ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ ابْنِهِ وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ أَخِيهِ وَبَيْنَ عَشِيرَتِهِ، فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ بِذَلِكَ، فَجَعَلُوا يَجْلِسُونَ لِلنَّاسِ حِينَ قَدِمُوا الْمَوْسِمُ، لَا يَمُرُّ بِهِمْ أَحَدٌ إِلَّا حَذَّرُوهُ. فَأُنْزِلَ فِي الْوَلِيدِ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} . إلى قوله: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} 2 وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي الَّذِي كَانُوا مَعَهُ {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} 3 أي أصنافًا، {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} 4. "شهادة النضر بن الحارث لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ الْعَبْدَرِيُّ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّهُ وَاللَّهِ لَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمْرٌ مَا ابْتُلِيتُمْ بِمِثْلِهِ، لَقَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ فِيكُمْ غُلَامًا حَدَثًا، أَرْضَاكُمْ فِيكُمْ، وَأَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، وَأَعْظَمُكُمْ أَمَانَةً، حَتَّى إِذَا رَأَيْتُمْ فِي صدغيه الشّيب، وجاءكم

_ 1 الزمزمة: الكلام الخفي. 2 سورة المدثر: 11-26. 3 سورة الحجر: 91. 4 سورة الحجر: 92. والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "4/ 199-201" وإسناده ضعيف، محمد بن أبي محمد مجهول كما في "التقريب" "6276".

بِمَا جَاءَكُمْ، قُلْتُمْ سَاحِرٌ، لَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِسَاحِرٍ، وَلَا بِكَاهِنٍ وَلَا بِشَاعِرٍ، قَدْ رَأْيَنا هَؤُلَاءِ وَسَمِعْنَا كَلَامَهُ، فَانْظُرُوا فِي شَأْنِكُمْ1. وكان النّضر من شياطين قريش، مّن يؤذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَيَنْصِبُ لَهُ الْعَدَاوَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ: حدثنا الْأَجْلَحُ عَنِ الذَّيَّالِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَالْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ: لَقَدِ انْتَشَرَ عَلَيْنَا أَمْرُ مُحَمَّدٍ، فَلَوِ الْتَمَسْتُمْ رَجُلًا عَالِمًا بِالسِّحْرِ وَالْكَهَانَةِ وَالشِّعْرِ، فَكَلَّمَهُ ثُمَّ أَتَانَا بِبَيَانٍ مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ عُتْبَةُ: لَقَدْ سَمِعْتُ بِقَوْلِ السِّحْرِ وَالْكَهَانَةِ وَالشِّعْرِ، وَعَلِمْتُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمًا، وَمَا يَخْفَى عليّ إن كان لذلك، فَأَتَاهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ عُتْبَةُ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ هَاشِمٌ، أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ اللَّهِ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ، قَالَ: فِيمَ تَشْتُمُ آلِهَتَنَا وَتُضَلِّلُ آبَاءَنَا، فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا بِكَ الرِّيَاسَةُ عَقَدْنَا لَكَ أَلْوِيَتَنَا، فَكُنْتَ رَأْسَنَا مَا بَقِيتَ، وَإِنْ كَانَ بِكَ الْبَاءَةُ زَوَّجْنَاكَ عَشْرَ نَسْوَةٍ تَخْتَارُ مِنْ أَيِّ أَبْيَاتِ قُرَيْشٍ شِئْتَ، وَإِنْ كَانَ بِكَ الْمَالُ جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا تَسْتَغْنِي بِهِ أَنْتَ وَعَقِبُكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاكِتٌ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} 2 فَأَمْسَكَ عُتْبَةُ عَلَى فِيهِ، وَنَاشَدَهُ الرَّحِمَ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ، وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى أَهْلِهِ وَاحْتَبَسَ عَنْهُمْ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ وَاللَّهِ مَا نَرَى عُتْبَةَ إِلَّا قَدْ صَبَأَ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَأَعْجَبَهُ طَعَامُهُ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ أَصَابَتْهُ، انْطَلِقُوا بِنَا إِلَيْهِ، فَأَتَوْهُ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ يَا عُتْبَةُ مَا حَسِبْنَا إِلَّا أَنَّكَ صَبَأْتَ، فَإِنْ كَانَتْ بِكَ حَاجَةٌ جَمَعْنَا لَكَ مَا يُغْنِيكَ عَنْ طَعَامِ مُحَمَّدٍ، فَغَضِبَ وَأَقْسَمَ بِاللَّهِ لَا يُكَلِّمُ مُحَمَّدًا أَبَدًا، وَقَالَ: لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالًا وَلَكِنِّي أَتَيْتُهُ، فَقَصَّ عَلَيْهِمُ الْقِصَّةَ، فَأَجَابَنِي بِشَيْءٍ وَاللَّهِ مَا هُوَ بِسِحْرٍ وَلَا شِعْرٍ وَلَا كَهَانَةٍ، قَرَأَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرحيم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} حَتَّى بَلَغَ {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فأمسكت بفيه، وناسدته الرحم أن

_ 1 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. 2 سورة فصلت: 1-13.

يَكُفَّ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا إِذَا قَالَ شَيْئًا لَمْ يَكْذِبْ، فَخِفْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمُ الْعَذَابُ1. رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْهُ. وَقَالَ داود بن عمرو الضّبيّ: حدثنا الْمُثَنَّى بْنُ زُرْعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لما قَرَأَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ {حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 2 أَتَى أَصْحَابَهُ فَقَالَ لَهُمْ: يَا قَوْمُ أَطِيعُونِي فِي هَذَا الْيَوْمِ وَاعْصُونِي فِيمَا بَعْدَهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ كَلَامًا مَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ قَطُّ كَلَامًا مِثْلَهُ، وَمَا دَرَيْتُ ما أردّ عليه3. "محاولة عتبة بن ربيعة إغراء النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم خضوعه للحق": قال ابن إسحاق: حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ ربيعة، لما أسلم حمزة قالوا به: يَا أَبَا الْوَلِيدِ كَلِّمْ مُحَمَّدًا، فَأَتَاهُ فَقَالَ: يابن أَخِي إِنَّكَ مِنَّا حَيْثُ عَلِمْتَ مِنَ الْبَسْطَةِ وَالْمَكَانِ فِي النَّسَبِ، وَإِنَّكَ أَتَيْتَ قَوْمَكَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، فَرَّقْتَ بِهِ بَيْنَهُمْ، وَسَفَّهْتَ أَحْلَامَهُمْ، وَعِبْتَ بِهِ آلِهَتَهُمْ، فَاسْمَعْ مِنِّي، قَالَ: قُلْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ قَالَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ مَالًا جَمَعْنَا لَكَ، حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ شَرَفًا سَوَّدْنَاكَ وَمَلَّكْنَاكَ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَأْتِيكَ رَئِيًّا طَلَبْنَا لَكَ الطِّبَّ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَالَ: فَاسْمَعْ مِنِّي، قَالَ: افْعَلْ، قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 4. وَمَضَى فَأَنْصَتَ عُتْبَةُ، وَأَلْقَى يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا يَسْمَعُ مِنْهُ، فَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى السَّجْدَةِ سَجَدَ، ثُمَّ قَالَ: "قَدْ سَمِعْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ فَأَنْتَ وَذَاكَ"، فَقَامَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَحْلِفُ وَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أَبُو الْوَلِيدِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ، فَلَمَّا جَلَسَ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: وَرَائِي أَنِّي سَمِعْتُ

_ 1 صحيح: أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" "1123" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 202-204" وصححه الألباني في تحقيق "فقه السيرة". 2 سورة فصلت: 1. 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 205" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 77": وهذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه. قلت: ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. 4 سورة فصلت: 1.

قَوْلًا، وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَاللَّهِ مَا هُوَ بِالشِّعْرِ وَلَا بِالسِّحْرِ وَلَا بِالْكَهَانَةِ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَطِيعُونِي، وَاجْعَلُوهَا بِي، خَلُّوا بَيْنَ هَذَا الرَّجُلِ وَبَيْنَ مَا هُوَ فِيهِ فَاعْتَزِلُوهُ، فَوَاللَّهِ لَيَكُونَنَّ لِقَوْلِهِ نَبَأٌ، فَإِنْ تُصِبْهُ الْعَرَبُ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُ بِغَيْرِكُمْ، وَإِنْ يَظْهَرْ عَلَى الْعَرَبِ، فَمُلْكُهُ مُلْكُكُمْ، وَعِزُّهُ عِزُّكُمْ، وَكُنْتُمْ أَسْعَدَ النَّاسِ بِهِ، قَالُوا: سَحَرَكَ وَاللَّهِ بِلِسَانِهِ، قَالَ: هَذَا رَأْيِي فِيهِ فَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ1. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ، وَأَبَا سُفْيَانَ، وَالْأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ خَرَجُوا لَيْلَةً يَتَسَمَّعُونَ مِنْ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ، وَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسًا، وَكُلٌّ لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا تَفَرَّقُوا فَجَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ، فَتَلَاوَمُوا وَقَالُوا: لَا نَعُودُ فَلَوْ رَآنَا بَعْضُ السُّفَهَاءِ لَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ، ثُمَّ عَادُوا لِمِثْلِ لَيْلَتِهِمْ، فَلَمَّا تَفَرَّقُوا تَلَاقَوْا فَتَلاوَمُوا لِذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَأَصْبَحُوا جَمَعَتْهُمُ الطَّرِيقُ فَتَعَاهَدُوا أَنْ لا يَعُودُوا، ثُمَّ إِنَّ الأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ أَتَى أَبَا سُفْيَانَ فِي بَيْتِهِ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ رَأْيِكَ فِيمَا سَمِعْتُ مِنْ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ أَشْيَاءَ أَعْرِفُهَا، وَأَعْرِفُ مَا يُرَادُ بِهَا، فَقَالَ الْأَخْنَسُ: وَأَنَا وَالَّذِي حَلَفْتَ بِهِ، ثُمَّ أَتَى أَبَا جَهْلٍ فَقَالَ: مَا رَأْيُكَ؟ فَقَالَ: مَاذَا سَمِعْتَ؟ تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشَّرَفَ، أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا، وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا، وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا، حتى إذا يجاثينا عَلَى الرُّكَبِ، وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ. قَالُوا: مِنَّا نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ، فَمَتَى نُدْرِكُ هَذِهِ، وَاللَّهِ لَا نُؤْمِنُ بِهِ أَبَدًا وَلَا نُصَدِّقُهُ، فَقَامَ الْأَخْنَسُ عَنْهُ2. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ يَوْمٍ عَرَفْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِّي أَمْشِي أَنَا وَأَبُو جَهْلٍ، إِذْ لَقِيَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لِأَبِي جَهْلٍ: يَا أَبَا الْحَكَمِ هَلُمَّ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ أَنْتَ مُنْتَهٍ عَنْ سَبِّ آلِهَتِنَا، هَلْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ نَشْهَدَ أَنْ قَدْ بَلَّغْتَ، فَوَاللَّهِ لَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ مَا تَقُولُ حَقٌّ مَا اتَّبَعْتُكَ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- صلى اله عليه وسلم، وأقبل عليّ فقال: والله إنّ لَأَعْلَمُ أَنَّ مَا يَقُولُ حَقٌّ، وَلَكِنْ بَنُو قُصَيٍّ قَالُوا: فِينَا الْحِجَابَةُ، فَقُلْنَا: نَعَمْ، فَقَالُوا: فينا النّدوة،

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 204-205 وفي إسناده جهالة. 2 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 206".

قُلْنَا، نَعَمْ، ثُمَّ قَالُوا: فِينَا اللِّوَاءُ، فَقُلْنَا: نَعَمْ، وَقَالُوا: فِينَا السِّقَايَةُ، فَقُلْنَا: نَعَمْ، ثُمَّ أَطْعَمُوا وَأَطْعَمْنَا حَتَّى إِذَا تَحَاكَّتِ الرُّكَبُ قَالُوا: منّا نبيّ، واله لا أفعل1.

_ 1 إسناده محتمل للتحسين: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 207" وفي إسناده أحمد بن عبد الجبار، قال في "التقريب" "64": ضعيف وسماعه للسيرة صحيح: وفي "التهذيب" "1/ 32، 33" ما يفهم منه أن سبب ضعفعه أنه روى عن القدماء ولم يثبت لقاءه لبعضهم، فإذا صح سماعه للسيرة فالإسناد حسن أو صحيح، والله أعلم.

شعر أبي طالب في معاداة خصومه

"شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ فِي مُعَادَاةِ خُصُومِهِ": وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا وَثَّبَتْ كُلَّ قَبِيلَةٍ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ يُعَذِّبُونَهُمْ وَيَفْتِنُونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، فَمَنَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَامَ أَبُو طَالِبٍ فَدَعَا بَنِي هَاشِمَ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مَنْعِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْقِيَامِ دُونَهُ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَقَامُوا مَعَهُ، إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْخَاسِرِ أَبِي لَهَبٍ، فَجَعَلَ أَبُو طَالِبٍ يَمْدَحُهُمْ ويذكر قديمهم، ويذكر فضل محمد صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ أَشْعَارًا، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا خَشِيَ دَهْمَاءَ الْعَرَبِ أَنْ يُرْكِبُوهُ مَعَ قَوْمِهِ، لَمَّا انْتَشَرَ ذِكْرُهُ قَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي مِنْهَا: وَلَمَّا رَأَيْتُ الْقَوْمَ لَا وُدَّ فِيهِمُ ... وَقَدْ قَطَّعُوا كُلَّ الْعُرَى وَالْوَسَائِلِ وَقَدْ صَارَحُونَا بِالْعَدَاوَةِ وَالْأَذَى ... وَقَدْ طَاوَعُوا أَمْرَ الْعَدُوِّ الْمُزَايِلِ صَبَرْتُ لَهُمْ نَفْسِي بِسَمْرَاءَ سَمْحَةٍ ... وَأَبْيَضَ عَضْبٍ مِنْ تُرَاثِ الْمَقَاوِلِ2 وَأَحْضَرْتُ عِنْدَ الْبَيْتِ رَهْطِي وَإِخْوَتِي ... وَأَمْسَكْتُ مِنْ أَثْوَابِهِ بِالْوَصَائِلِ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مِنْ كُلِّ طَاعِنٍ ... عَلَيْنَا بِسُوءٍ أَوْ مُلِحٍّ بِبَاطِلِ وَفِيهَا يَقُولُ: كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ نُبْزَى مُحَمَّدًا ... وَلَمَّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَنُنَاضِلِ ونسلمه حتى مصرّع حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ وَيَنْهَضَ قَوْمٌ نحوكم غير عزل ... يبيض حَدِيثٍ عَهْدُهَا بِالصَّيَاقِلِ وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ3 يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمْ عِنْدَهُ فِي رَحْمَةٍ وَفَوَاضِلِ لَعَمْرِي لَقَدْ كُلِّفْتُ وَجْدًا بِأَحْمَدَ ... وَإِخْوَتِهِ دأب المحبّ المواصل

_ 1 إسناده محتمل للتحسين: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 207" وفي إسناده أحمد بن عبد الجبار، قال في "التقريب" "64": ضعيف وسماعه للسيرة صحيح: وفي "التهذيب" "1/ 32، 33" ما يفهم منه أن سبب ضعفعه أنه روى عن القدماء ولم يثبت لقاءه لبعضهم، فإذا صح سماعه للسيرة فالإسناد حسن أو صحيح، والله أعلم. 2 عضب: سيف قاطع، والمقاول: الملوك. 3 ثمال اليتامى: مطعمهم.

فَمَنْ مِثْلُهُ فِي النَّاسِ أَيُّ مُؤَمَّلٍ ... إِذَا قَاسَهُ الْحُكَّامُ عِنْدَ التَّفَاضُلِ حَلِيمٌ رَشِيدٌ عَادِلٌ غَيْرُ طَائِشٍ ... يُوَالِي إِلَهًا لَيْسَ عَنْهُ بِغَافِلِ فَوَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ أَجِيءَ بِسُبَّةٍ ... تُجَرُّ عَلَى أَشْيَاخِنَا فِي الْمَحَافِلِ لَكُنَّا اتَّبَعْنَاهُ عَلَى كُلِّ حَالَةٍ ... مِنَ الدَّهْرِ جِدًّا غَيْرَ قَوْلِ التَّهَازُلِ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ ابْنَنَا لا مُكَذَّبٌ ... لَدَيْنَا وَلَا يُعْنَى بِقَوْلِ الْأَبَاطِلِ فَأَصْبَحَ فِينَا أَحْمَدُ ذو أَرُومَةٍ ... يُقَصِّرُ عَنْهَا سَوْرَةُ الْمُتَطَاوِلِ1 حَدِبْتُ بِنَفْسِي دُونَهُ وَفَدَيْتُهُ ... وَدَافَعْتُ عَنْهُ بِالذُّرَى وَالْكَلَاكِلِ2 جَزَى اللَّهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلا ... عُقُوبَةَ شَرٍّ عَاجِلا غَيْرَ آجِلِ فَلَمَّا انْتَشَرَ ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الْعَرَبِ ذُكِرَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ أَعْلَمَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ ذُكِرَ، وَقَبْلَ أَنْ يُذْكَرَ مِنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَسْمَعُونَ مِنَ الأحبار، وكانوا حلفاء، يعني اليهود في بالدهم، وَكَانَ أَبُو قَيْسِ بْنُ الأَسْلَتِ يُحِبُّ قُرَيْشًا، وَكَانَ لَهُمْ صِهْرًا، وَعِنْدَهُ أَرْنَبُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَكَانَ يُقِيمُ بِمَكَّةَ السِّنِينَ بِزَوْجَتِهِ، فَقَالَ: أَيَا رَاكِبًا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَا ... مُغَلْغَلَةً عَنِّي لُؤَيَّ بْنَ غَالِبٍ3 رَسُولُ امْرِئٍ قد راعه ذات بينكم ... على الناي مخزون بِذَلِكَ نَاصِبِ أُعِيذُكُمْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ صُنْعِكُمْ ... وَشَرِّ تَبَاغِيكُمْ وَدَسِّ الْعَقَارِبِ4 مَتَى تَبْعَثُوهَا، تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً ... هِيَ الْغُولُ لِلْأَقْصَيْنِ أَوْ لِلْأَقَارِبِ5 أَقِيمُوا لَنَا دِينًا حَنِيفًا، فَأَنْتُمُ ... لَنَا غَايَةٌ قَدْ نَهْتَدِي بِالذَّوَائِبِ6 فَقُومُوا، فَصَلُّوا رَبَّكُمْ، وَتَمَسَّحُوا ... بِأَرْكَانِ هَذَا الْبَيْتِ بَيْنَ الأَخَاشِبِ فِعْنَدَكُمْ مِنْهُ بَلاءُ وَمُصَدَّقٌ ... غَدَاةَ أَبِي يَكْسُومَ هَادِي الْكَتَائِبِ فَلَمَّا أَتَاكُمْ نَصْرُ ذِي الْعَرْشِ رَدَّهُمْ ... جُنُودُ الْمَلِيكِ بَيْنَ سَافٍ وَحَاصِبِ7 فَوَلَّوْا سِرَاعًا هَارِبِينَ وَلَمْ يؤب ... إلى أهله ملجيش غير عصائب

_ 1 الأرومة: الأصل من كل شيء. 2 الذرا: الخلق. والكلاكل: مفرد الكلكل، وهو الصدر. 3 مغلغلة: رسالة. 4 بتاغيكم: ظلمكم. 5 الغول: الهلاك. 6 الذوائب: الأعالي. 7 السافي: الذي أصابته الغبار. والحاصب: الريح المحملة بالتراب والحصى.

أَبُو يَكْسُومَ مَلِكُ أَصْحَابِ الْفِيلِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا أَكْثَرُ مَا رَأَيْتَ، أَصَابَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا كَانُوا يُظْهِرُونَ مِنْ عَدَاوَتِهِ؟ قَالَ: حَضَرْتُهُمْ وَقَدِ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ يَوْمًا فِي الْحِجْرِ، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ، قَدْ سَفَّهَ أَحْلامَنَا، وَسَبَّ آلِهَتَنَا، وَفَعَلَ وَفَعَلَ، فَطَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا مَرَّ غَمَزُوهُ بِبَعْضِ الْقَوْلِ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَلَمَّا مَرَّ الثَّانِيَةَ غَمَزُوهُ، فَلَمَّا مَرَّ الثَّالِثَةَ غَمَزُوهُ، فَوَقَفَ فَقَالَ: "أَتَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ"، قَالَ: فَأَخَذَتِ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ حَتَّى مَا فِيهِمْ رَجُلٌ إِلا كَأَنَّ عَلَى رَأْسِهِ طَائِرًا وَاقِعٌ، حَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمْ فِيهِ وَطْأَةً لَيُرَفِّؤُهُ بِأَحْسَنَ مَا يَجِدُ مِنَ الْقَوْلِ، حَتَّى إِنَّهُ يَقُولُ: انْصَرِفْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَوَاللَّهِ مَا كُنْتَ جَهُولا، فَانْصَرَفَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ، وَأَنَا مَعَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ وَمَا بَلَغَكُمْ عَنْهُ، حَتَّى إِذَا بادأكم بما تكرهون تركتموه، فبيناهم فِي ذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَأَحَاطُوا بِهِ يَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ أَخَذَ بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ دُونَهُمْ يَبْكِي وَيَقُولُ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} 1 ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ2، فَحَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ أبي بَكْرٍ، أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَقَدْ رَجَعَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ وَقَدْ صَدَعُوا فِرْقَ رَأْسِهِ مِمَّا جَذَبُوهُ بِلِحْيَتِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الشَّعْرِ3. إِسْلَامُ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: نا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ، وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، فَخَرَجْتُ أَنَا

_ 1 سورة غافر: 28. 2 إسناده محتمل للتحسين: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 275-276" وفي إسناده أحمد بن عبد الجبار فيه مقال كما تقدم. 3 إسناده ضعيف: للجهالة فيه، والظاهر أن قال: فحدثني. هو ابن إسحاق، والله أعلم.

وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا ذِي مَالٍ وَهَيْئَةٍ فَأَكْرَمَنَا، فَحَسَدَنَا قومه، فقالوا: إنّك إذا خرجت عَنْ أَهْلِكَ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ، فَجَاءَ خَالُنَا فَنَثَا1 عَلَيْنَا مَا قِيلَ لَهُ فَقُلْتُ لَهُ: أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ، فَقَدْ كَدَّرْتَهُ وَلَا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ، فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا2 فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا، وَتَغَطَّى خَالُنَا ثَوْبَهُ، فَجَعَلَ يَبْكِي، فَانْطَلَقْنَا فَنَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ، فَنَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا، فَأَتَيَا الْكَاهِنَ فَخَيَّرَ أُنَيْسًا فَأَتَانَا بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا. قَالَ: وَقَدْ صَلَّيْتُ يا بن أخي قبل أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بثلاث سنين، فقلت: لمن؟ قال الله، قُلْتُ: فَأَيْنَ تَوَجَّهُ؟ قَالَ: أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِي اللَّهُ أُصَلِّي عِشَاءً، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أَلْقَيْتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ -يَعْنِي الثَّوْبَ- حَتَّى تَعْلُونِي الشَّمْسُ. فَقَالَ أُنَيْسٌ: إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنِي حَتَّى آتِيَكَ، فَأَتَى مَكَّةَ فَرَاثَ، أَيْ أَبْطَأَ، عَلَيَّ، ثُمَّ أَتَانِي فَقُلْتُ مات حَبَسَكَ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ عَلَى دِينِكَ، قُلْتُ: مَا يَقُولُ النَّاسُ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّهُ شَاعِرٌ وَسَاحِرٌ، وَكَاهِنٌ، وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ. فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ3، فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعْدِي أَنَّهُ شِعْرٌ، وَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ، وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: هَلْ أَنْتَ كَافِينِي حَتَّى أَنْطَلِقَ فَأَنْظُرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ، فَإِنَّهُمْ قَدْ شَنِفُوا4 لَهُ وَتَجَهَّمُوا، فَأَتَيْتُ مَكَّةَ، فَتَضَعَّفْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَقُلْتُ: أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصّابئ؟ قال: فأشار إلى الصّابئ، قال: فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ، حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ، كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ، فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا، وَغَسَلْتُ عَنِّي الدَّمَ، وَدَخَلْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، وَلَقَدْ لَبِثْتُ يَابْنَ أَخِي ثَلَاثِينَ مِنْ بين ليلة

_ 1 ثنا: نشر. 2 صرمتنا: أي القطيع من الإبل. 3 أقراء الشعر: طرقه. 4 شنفوا: أبغضوا.

وَيَوْمٍ، وَمَا لِيَ طَعَامٌ إِلا مَاءُ زَمْزَمَ، فسمنت حتى تكسّرت عقف بَطْنِي، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَخْفَةَ جُوعِ1. فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ إِضْحِيَانٍ، قَدْ ضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصْمِخَةِ أَهْلِ مَكَّةَ، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرُ امْرَأَتَيْنِ، فَأَتَتَا عَلَيَّ، وَهُمَا تُدْعَوَانِ إِسَافًا وَنَائِلَةَ، فَأَتَتَا عَلَيَّ فِي طَوَافِهِمَا، فَقُلْتُ: أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الْأَخْرَى، قَالَ: فَمَا تَنَاهَتَا عَنْ قَوْلِهِمَا، وَفِي لَفْظٍ: فَمَا حدثناهما ذَلِكَ عَمَّا قَالَتَا، فَأَتَتَا عَلِيَّ فَقُلْتُ: هَنٌ مِثْلُ الْخَشَبَةِ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَكْنِي. فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلَانِ، وَتَقُولَانِ: لَوْ كَانَ هَهُنَا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا. فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، وَهُمَا هَابِطَانِ مِنَ الْجَبَلِ، فَقَالَا لَهُمَا: مَا لَكُمَا؟ قَالَتَا: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا. قَالَا: مَا قَالَ لَكُمَا؟ قَالَتَا: قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلأُ الْفَمَ. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ، فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثُمَّ طَافَا، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ أَتَيْتُهُ، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ. فَقَالَ: "وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ". ثُمَّ قَالَ: "مِمَّنْ أَنْتَ؟ " قُلْتُ: مِنْ غِفَارٍ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَوَضَعَهَا عَلَى جَبِينِهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: كَرِهَ أَنِّي انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ، فَأَهْوَيْتُ لِآخُذَ بِيَدِهِ، فَقَدَعَنِي2 صَاحِبُهُ، وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: مَتَى كُنْتَ هَهُنَا؟ قُلْتُ: قُدْ كُنْتُ هَهُنَا مُنْذَ ثَلاثِينَ، بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ. قَالَ: فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟ قُلْتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ فَقَالَ: "إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ، فَفَعَلَ، فَانْطَلَقَا، وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، حَتَّى فَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا، فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا. قَالَ فَغَبَرْتُ مَا غَبَرْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:

_ 1 سخفة الجوع: رقة الجوع. 2 قدعني: كفني.

إِنِّي قَدْ وُجِّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ لَا أَحْسَبُهَا إِلَّا يَثْرِبَ، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ؟ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ أَخِي أُنْيَسًا فَقَالَ لِي: مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: صَنَعْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، ثُمَّ أَتَيْنَا أُمَّنَا فَقَالَتْ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا، فَأَسْلَمَتْ، ثُمَّ احْتَمَلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَوْمَنَا غِفَارَ، فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ خِفَافُ بْنُ إِيماءَ بْنِ رَحْضَةَ الْغِفَارِيُّ، وَكَانَ سَيِّدَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ: إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْلَمْنَا، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ. وجاءت أسلم، فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِخْوَانُنَا، نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمُوا عَلَيْهِ، فَأَسْلَمُوا فَقَالَ: "غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ" 1 أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ هُدْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُمْ بِإِسْلامِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَرْسَلْتُ أَخِي فَرَجَعَ وَقَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ، فَلَمْ يَشْفِنِي، فَأَتَيْتُ مَكَّةَ، فَجَعَلْتُ لَا أَعْرِفُهُ، وَأَشْرَبُ مِنْ زَمْزَمَ، فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ فَقَالَ: كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: انْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَلَمْ أَسْأَلْهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، جِئْتُ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ مَرَّ بِي عَلِيٌّ فَقَالَ: أَمَا آنَ لَكَ أَنْ تَعُودَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: مَا أَمْرُكَ؟ قُلْتُ: إِنْ كَتَمْتَ عَلَيَّ أَخْبَرْتُكَ، ثُمَّ قُلْتُ: بَلَغَنَا أَنَّهُ خَرَجَ نَبِيٌّ، قَالَ: قَدْ رَشَدْتَ فَاتْبَعْنِي، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: اعْرِضْ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ، فَعَرَضَهُ عَلَيَّ، فَأَسْلَمْتُ، فَقَالَ: اكْتُمْ إِسْلامَكَ وَارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ، قُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَجَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا معاشر قُرَيْشٍ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالُوا: قُومُوا إِلَى هَذَا الصَّابِئِ، فَقَامُوا، فَضُرِبْتُ لِأَمُوتَ، فَأَدْرَكَنِي الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيَّ وَقَالَ: تَقْتُلُونَ، وَيْلَكُمْ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ، وَمَتْجَرُكُمْ وَمَمَرُّكُمْ عَلَى غِفَارٍ، فَأَطْلَقُوا عَنِّي. ثُمَّ فَعَلْتُ مِنَ الْغَدِ كَذَلِكَ، وَأَدْرَكَنِي العبّاس أيضًا2.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2473" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي ذر -رضي الله عنه- وأحمد "4/ 174-175". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3861" في كتاب المناقب الأنصار، باب: إسلام أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- ومسلم "2474" في المصدر السابق، والطبراني في "الأوسط" "2633"، وأبو نعيم في "الحلية" "516".

وقال النّضر بن محمد اليماميّ: حدثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ سِمَاكِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كُنْتُ رُبُعَ الْإِسْلَامِ، أَسْلَمَ قَبْلِي ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَرَأَيْتُ الِاسْتِبْشَارَ فِي وَجْهِهِ1.

_ 1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "1617" والحاكم في "مستدركه" "5459".

إسلام حمزة

إِسْلَامُ حَمْزَةَ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ، وَكَانَ وَاعِيَةً، أَنَّ أَبَا جَهْلٍ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ الصَّفَا، فَآذَاهُ وَشَتَمَهُ، فَلَمْ يُكَلِّمْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَوْلَاةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ، تَسْمَعُ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، فَعَمَدَ إِلَى نَادِي قُرَيْشٍ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ، فَلَمْ يَلْبَثْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ أَقْبَلَ مُتَوَشِّحًا قَوْسَهُ، رَاجِعًا مِنْ قَنَصٍ1 لَهُ، وَكَانَ صَاحِبَ قَنَصٍ وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ قَنَصِهِ بَدَأَ بِالطَّوَافِ بِالْكَعْبَةِ، وَكَانَ أَعَزَّ فَتًى فِي قُرَيْشٍ، وَأَشَدَّهُ شَكِيمَةً، فَلَمَّا مَرَّ بِالْمَوْلَاةِ قَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا عُمَارَةَ لَوْ رَأَيْتَ مَا لَقِيَ ابْنُ أَخِيكَ آنِفًا مِنْ أَبِي الحكم، وجده ها هنا جَالِسًا فَآذَاهُ وَسَبَّهُ وَبَلَغَ مِنْهُ، وَلَمْ يُكَلِّمْهُ مُحَمَّدٌ، فَاحْتَمَلَ حَمْزَةُ الْغَضَبَ، لِمَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ مِنْ كَرَامَتَهُ، فَخَرَجَ يَسْعَى مُغِذًّا لِأَبِي جَهْلٍ، فَلَمَّا رَآهُ جَالِسًا فِي الْقَوْمِ أَقْبَلَ نَحْوَهُ، حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى رَأْسِهِ رَفَعَ الْقَوْسَ، فَضَرَبَهُ بِهَا، فَشَجَّهُ شَجَّةً مُنْكَرَةً، ثُمَّ قال: أتشتمه! فأنا على دينه أقوم مَا يَقُولُ، فَرُدَّ عَلَي ذَلِكَ إِنِ اسْتَطَعْتَ، فقامت رجلا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ إِلَى حَمْزَةَ لِيَنْصُرُوا أَبَا جَهْلٍ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: دَعُوا أَبَا عُمَارَةَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَبَبْتُ ابْنَ أَخِيهِ سَبًّا قَبِيحًا، وَتَمَّ حَمْزَةُ عَلَى إِسْلَامِهِ فَلَمَّا أَسْلَمَ، عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ عَزَّ وَامْتَنَعَ، وَأَنَّ حَمْزَةَ -رَضِيَ الله عنه- سيمنعه، فكفّوا بعض الشّيء2.

_ 1 القنص: الصيد. 2 مرسل: إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 283".

إسلام عمر رضي الله عنه

"إِسْلَامُ عُمَرَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ": وَقَالَ عَبْدُ بن حميد وغيره: حدثنا أبو عامر العقديّ، حدثنا خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ، بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَوْ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ" 1. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الدِّينَ بِعُمَرَ"2. وَقَالَ عبد العزيز الأوسي: حدثنا الْمَاجُشُونَ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَاصَّةً" 3. قَالَ إسماعيل بن أبي خالد: حدثنا قَيْسٌ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَحْمَدُ في "مسنده": أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ فَجَعَلْتُ أُعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ، فَقُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ شَاعِرٌ، كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ، فَقَرَأَ {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ} 5 الْآيَاتِ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي الإِسْلامُ كُلَّ مَوْقِعٍ6.

_ 1 صحيح: أخرجه الترمذي "3701" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي حفص عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأحمد "2/ 95" وابن سعد في "الطبقات" "2/ 142"، وأبو نعيم في "الحلية" "7502" وزاد الراوي فيه "قال: وكان أحبهما إليه عمر"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 انظر الآتي، وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 142" عن الحسن مرسلًا. 3 صحيح دون قوله "خاصة": أخرجه ابن ماجه "105" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "85": صحيح دون قوله "خاصة". 4 صحيح: أخرجه البخاري "3684" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وابن سعد في "الطبقات" "2/ 143" وأبو نعيم في "الحلية" "11977". 5 سورة الحاقة: 40، 41. 6 إسناده منقطع: أخرجه أحمد "1/ 17" وقال الهيثمي في "المجمع" "9/ 62": شريح بن عبيد لم يدرك عمر.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الأَسْلَمِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الْمُؤَمَّلِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ أَوَّلُ إِسْلَامِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: ضَرَبَ أُخْتِي الْمَخَاضُ لَيْلا، فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ، فَدَخَلْتُ فِي أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فِي لَيْلَةٍ قَرَّةٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ الْحِجْرَ، وَعَلَيْهِ تُبَّانٌ1، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَسَمِعْتُ شَيْئًا لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهُ، فَخَرَجَ، فَاتَّبَعْتُهُ فَقَالَ: "مَنْ هَذَا؟ " قُلْتُ: عُمَرُ، قَالَ: "يَا عُمَرُ مَا تَدَعُنِي لَيْلًا وَلَا نَهَارًا"، فَخَشِيتُ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيَّ فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله، وأنك رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يا عُمَرُ أَسِرَّهُ". قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأُعْلِنَنَّهُ، كَمَا أَعْلَنْتُ الشِّرْكَ2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عبيد الله بن المنادي: حدثنا إسحاق الأزرق، حدثنا القاسم ابن عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مُتَقَلِّدًا السَّيْفَ، فلقيه رجل من بين زُهْرَةَ فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ تَعْمِدُ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَ مُحَمَّدًا، قَالَ: وَكَيْفَ تَأْمَنُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي زُهْرَةَ، وَقَدْ قَتَلْتَ مُحَمَّدًا؟ فَقَالَ: مَا أَرَاكَ إِلَّا قَدْ صَبَأْتَ3، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى الْعَجَبِ، إِنَّ ختنك4 وأختك قد صبآ وَتَرَكَا دِينَكَ. فَمَشَى عُمَرُ فَأَتَاهُمَا، وَعِنْدَهُمَا خَبَّابٌ، فَلَمَّا سَمِعَ بِحِسِّ عُمَرَ تَوَارَى فِي الْبَيْتِ، فدخل فقال: ما هذه الهيمنة؟ 5 وَكَانُوا يَقْرَءُونَ {طه} ، قَالَا: مَا عَدَا حَدِيثًا تحدّحدثناه بَيْنَنَا، قَالَ فَلَعَلَّكُمَا قَدْ صَبَأْتُمَا؟ فَقَالَ لَهُ: خَتَنُهُ: يَا عُمَرُ إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي غير دينك؟ فوثب عليه فوطئه وَطْئًا شَدِيدًا، فَجَاءَتْ أُخْتُهُ لِتَدْفَعَهُ عَنْ زَوْجِهَا، فَنَفَحَهَا نَفْحَةً بِيَدِهِ فَدَمَّى وَجْهُهَا، فَقَالَتْ وَهِيَ غضبى: وغن كَانَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ دِينِكَ إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَعْطُونِي الْكِتَابَ الَّذِي هو عندكم فأقرؤه، وَكَانَ عُمَرُ يَقْرَأُ الْكِتَابَ، فَقَالَتْ أُخْتُهُ: إِنَّكَ رجس، وإنّه لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، فَقُمْ فَاغْتَسِلْ أَوْ توضأ، فقام فتوضأ، ثم أخذ

_ 1 التبان: سروال صغير. 2 إسناده ضعيف: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه، ويحيى بن يعلى ضعفه البخاري، وأبو حاتم كما في "الميزان" "9657". 3 صبأت: أي خرجت من دين إلى دين آخر. 4 ختنك: زوج أختك. 5 الهينمة: الضجة.

الْكِتَابَ، فَقَرَأَ {طه} حَتَّى انْتَهَى إِلَى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} 1 فَقَالَ عُمَرُ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ، فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابٌ قَوْلَ عُمَرَ خَرَجَ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا عُمَرُ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَكَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ: "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ". وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَصْلِ الدَّارِ الَّتِي فِي أَصْلِ الصَّفَا. فَانْطَلَقَ عُمَرُ حَتَّى أَتَى الدَّارَ وَعَلَى بَابِهَا حَمْزَةُ، وَطَلْحَةُ، وَنَاسٌ، فَقَالَ حَمْزَةُ: هَذَا عُمَرُ، إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُسْلِمْ وَإِنْ يُرِدْ غَيْرَ ذَلِكَ يَكُنْ قَتْلُهُ عَلَيْنَا هَيِّنًا، قَالَ: وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَاخِلٌ يُوحَى إِلَيْهَ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى عُمَرَ، فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ وَحَمَائِلِ السَّيْفِ فَقَالَ: "مَا أَنْتَ بِمُنْتَهٍ يَا عُمَرُ حتى نزل الله لك مِنَ الْخِزْيِ وَالنَّكَالِ مَا أَنْزَلَ بِالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ"؟ فَهَذَا عُمَرُ "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلامَ بِعُمَرَ" فَقَالَ عُمَرُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ2. وَقَدْ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَالَ فِيهِ: زَوْجُ أُخْتِهِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنِّي لَعَلَى سَطْحٍ، فَرَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى رَجُلٍ وَهُمْ يَقُولُونَ: صَبَأَ عُمَرُ، فَجَاءَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ عَلَيْهِ قَبَاءُ دِيبَاجٍ فَقَالَ: إِنْ كَانَ عُمَرُ قَدْ صَبَأَ فَمَهْ أَنَا لَهُ جَارٌ، قَالَ: فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ قَالَ: فَعَجِبْتُ مِنْ عِزِّهِ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْهُ. قَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَالَ: أَيُّ قُرَيْشٍ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟ قِيلَ: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرَ الْجُمَحِيُّ، فَغَدَا عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَغَدَوْتُ أَتْبَعُ أَثَرَهُ وَأَنَا غُلامٌ أَعْقِلُ، حَتَّى جَاءَهُ فَقَالَ: أعلمت أنّي

_ 1 سورة طه: 1-14. 2 منكر: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 142-143"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 219-220"، والقاسم بن عثمان فيه مقال كما في "الميزان" "6825"، وقال الحافظ الذهبي: حدث عنه إسحاق الأزرق بمتن محفوظ، وبقصة إسلام عمر، وهي منكرة جدًّا. قلت: يقصد بالمتن المحفوظ "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب.." الحديث. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3865" في كتاب مناقب الأنصار، باب: إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه.

أَسْلَمْتُ؟ فَوَاللَّهِ مَا رَاجَعَهُ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، حَتَّى قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَلَا إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَأَ، قَالَ يَقُولُ عُمَرُ مِنْ خَلْفِهِ: كَذَبَ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ، وَثَارُوا إِلَيْهِ فَمَا بَرِحَ يُقَاتِلُهُمْ، وَيُقَاتِلُونَهُ حَتَّى قَامَتِ الشَّمْسُ على رؤوسهم، قال وطلح1 فقعد وقاموا على رأسه وهوي قول: افْعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ، فَأَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنْ لَوْ كُنَّا ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ لَقَدْ تَرَكْنَاهَا لَكُمْ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا لَنَا، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ عَلَيْهِ حُلَّةٌ حِبْرَةٌ، وَقَمِيصٌ مُوَشًّى2، حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: صَبَأَ عُمَرُ، قَالَ: فَمَهْ! رَجُلٌ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَمْرًا فَمَاذَا تُرِيدُونَ! أَتَرَوْنَ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَدِيٍّ يُسْلِمُونَهُ! خَلُّوا عَنْهُ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّمَا كَانُوا ثَوْبًا كُشِطَ3 عَنْهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ: يَا أَبَهْ، مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي زَجَرَ الْقَوْمَ عَنْكَ؟ قَالَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ4. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ لَنَا عُمَرُ: كُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَيْنَا أَنَا فِي يَوْمٍ حَارٍّ بِالْهَاجِرَةِ، فِي بَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ؛ إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: عَجَبًا لك يابن الْخَطَّابِ، إِنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ وَأَنَّكَ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْكَ هَذَا الْأَمْرُ فِي بَيْتِكَ، قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أُخْتُكَ قَدْ أَسْلَمَتْ، فَرَجَعْتُ مُغْضَبًا حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ والرجلان ممّن لا شيء له ضمّهما إلى مَنْ فِي يَدِهِ سِعَةً فَيَنَالَانِ مِنْ فَضْلِ طعامه، وقد كان ضمّ إلى زَوْجِ أُخْتِي رَجُلَيْنِ، فَلَمَّا قَرَعْتُ الْبَابَ قِيلَ: "مَنْ هَذَا؟ " قِيلَ: عُمَرُ، فَتَبَادَرُوا فَاخْتَفَوْا مِنِّي، وقد كانوا يقرؤون صَحِيفَةً بَيْنَ أَيْدِيهِمْ تَرَكُوهَا أَوْ نَسَوْهَا، فَقَامَتْ أُخْتِي تَفْتَحُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّةَ نَفْسِهَا، أَصَبَأْتِ، وَضَرَبْتُهَا بِشَيْءٍ فِي يَدِي عَلَى رَأْسِهَا، فسال الدم وبكت، وقالت: يا بن الْخَطَّابِ مَا كُنْتَ فَاعِلا فَافْعَلْ فَقَدْ صَبَأْتُ، قَالَ: وَدَخَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى السَّرِيرِ، فَنَظَرْتُ إِلَى الصَّحِيفَةِ فَقُلْتُ: مَا هَذَا نَاوِلِينِهَا، قَالَتْ: لست

_ 1 طلح: فسد، والمراد هنا أعيا. 2 موشى: مزخرف. 3 كشط: زال. 4 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 330"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 98": هذا إسناد جيد قوي.

مِنْ أَهْلِهَا، أَنْتَ لا تَطَهِّرُ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَهَذَا كِتَابٌ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ، فَمَا زِلْتُ بِهَا حَتَّى نَاوَلَتْنِيهَا، فَفَتَحْتُهَا، فَإِذَا فِيهَا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فَكُلَّمَا مَرَرْتُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ذُعِرْتُ مِنْهُ، فَأَلْقَيْتُ الصَّحِيفَةَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي فَتَنَاوَلْتُهَا، فإذا فيها {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 1 فذعرت، فقرأت إلى {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} 2 فقلت: أشهد ن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَخَرَجُوا إِلَيَّ مُتَبَادِرِينَ وَكَبَّرُوا، وَقَالُوا: أَبْشِرْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِزَّ دِينَكَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ إِمَّا أَبُو جَهْلٍ وَإِمَّا عُمَرُ"، وَدَلُّونِي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتٍ بِأَسْفَلِ الصَّفَا، فَخَرَجْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ، فَقَالُوا: مَنْ؟ قُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ، وَقَدْ عَلِمُوا شِدَّتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فما اجْتَرَأَ أَحَدٌ أَنْ يَفْتَحَ الْبَابَ، حَتَّى قَالَ: "افْتَحُوا لَهُ" فَفَتَحُوا لِي، فَأَخَذَ رَجُلانِ بِعَضُدِي، حَتَّى أَتَيَا بِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: خَلُّوا عَنْهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِمَجَامِعِ قَمِيصِي وَجَذَبَنِي إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَسْلِمْ يَابْنَ الْخَطَّابِ، اللَّهُمَّ اهْدِهِ" فَتَشَهَّدْتُ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً سُمِعَتْ بِفِجَاجِ مَكَّةَ، وَكَانُوا مُسْتَخْفِينَ، فَلَمْ أَشَأْ أَنْ أَرَى رَجُلًا يضرِب ويُضرب إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلَا يُصِيبُنِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَجِئْتُ خَالِي وَكَانَ شَرِيفًا، فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ وَقَدْ صَبَأْتُ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، ثُمَّ دَخَلَ وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي. فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ، فَذَهَبْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ عُظَمَاءِ قُرَيْشٍ، فَنَادَيْتُهُ، فَخَرَجَ إِلَيَّ، فَقُلْتُ مثل ما قال لِخَالِي، وَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ خَالِي، فَدَخَلَ وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي فَقُلْتُ: مَا هَذَا بشيء، إنّ المسلمين ويضربون وَأَنَا لَا أُضْرَبُ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: أَتُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ بِإِسْلَامِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِذَا جَلَسَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ فَأْتِ فُلَانًا، لِرَجُلٍ لَمْ يَكُنْ يَكْتُمُ السِّرَّ، فَقُلْ لَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ إِنِّي قَدْ صَبَأْتُ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا يَكْتُمُ السِّرَّ، فَجِئْتُ، وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ، فَقُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ: إِنِّي قَدْ صَبَأْتُ، قَالَ: أَوَقَدْ فَعَلْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَأَ، فَبَادَرُوا إِلَيَّ، فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُهُمْ وَيَضْرِبُونَنِي، وَاجْتَمَعَ عَلَيَّ النَّاسُ، قَالَ خَالِي: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ؟ قِيلَ: عُمَرُ قَدْ صَبَأَ، فَقَامَ عَلَى الْحِجْرِ، فَأَشَارَ بِكُمِّهِ: أَلَا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أُخْتِي، فَتَكَشَّفُوا عَنِّي، فَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَضْرِبُ وَيُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ حَتَّى يُصِيبَنِي ما

_ 1 سورة الحديد: 1. 2 سورة الحديد: 7.

يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ، فَأَتَيْتُ خَالِي فَقُلْتُ: جِوَارُكَ رُدَّ عَلَيْكَ، فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُ وَأُضْرَبُ حَتَّى أَعَزَّ الله الإسلام1. "سبب تسمية عمر بن الخطاب بالفاروق": وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ، لِأَيِّ شَيْءٍ سُمِّيتَ الْفَارُوقَ؟ فَقَالَ: أَسْلَمَ حَمْزَةُ قَبْلِي بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَأَسْرَعَ أَبُو جَهْلٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسُبُّهُ، فَأُخْبِرَ حَمْزَةُ، فَأَخَذَ قَوْسَهُ وَجَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ، إِلَى حَلْقَةِ قُرَيْشٍ الَّتِي فِيهَا أَبُو جَهْلٍ، فَاتَّكَأَ عَلَى قَوْسِهِ مُقَابِلَ أَبِي جَهْلٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَعَرَفَ أَبُو جَهْلٍ الشَّرَّ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا عُمَارَةَ؟ فَرَفَعَ الْقَوْسَ فَضَرَبَ بِهَا أَخْدَعَيْهِ2، فَقَطَعَهُ فَسَالَتِ الدِّمَاءُ، فَأَصْلَحَتْ ذَلِكَ قُرَيْشٌ مَخَافَةَ الشَّرِّ، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُخْتَفٍ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ الْمَخْزُومِيِّ، فَانْطَلَقَ حَمْزَةُ فَأَسْلَمَ، وَخَرَجْتُ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِذَا فُلَانٌ الْمَخْزُومِيُّ فَقُلْتُ: أَرَغِبْتَ عَنْ دِينِ آبَائِكَ وَاتَّبَعْتَ دِينَ مُحَمَّدٍ؟ قال: إن فعلت فقد فعله من وأعظم عَلَيْكَ حَقًّا مِنِّي، قُلْتُ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: أُخْتُكَ وَخَتَنُكَ، فَانْطَلَقْتُ فَوَجَدْتُ هَمْهَمَةً3، فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَمَا زَالَ الْكَلَامُ بَيْنَنَا حَتَّى أَخَذْتُ بِرَأْسِ خَتَنِي فَضَرَبْتُهُ وَأَدْمَيْتُهُ، فَقَامَتْ إِلَيَّ أُخْتِي فَأَخَذَتْ بِرَأْسِي وَقَالَتْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِكَ، فَاسْتَحْيَيْتُ حِينَ رَأَيْتُ الدِّمَاءَ، فَجَلَسْتُ وَقُلْتُ: أَرُونِي هَذَا الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، فَقُمْتُ فَاغْتَسَلْتُ، فَأَخْرَجُوا إِلَيَّ صَحِيفَةً فِيهَا "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" قُلْتُ: أَسْمَاءُ طَيِّبَةٌ طَاهِرَةٌ {طه، مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} إلى قوله {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 4 فَتَعَظَّمْتُ فِي صَدْرِي، وَقُلْتُ: مِنْ هَذَا فَرَّتْ قُرَيْشٌ، فَأَسْلَمْتُ، وَقُلْتُ: أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: فَإِنَّهُ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ، فَأَتَيْتُ فَضَرَبْتُ الْبَابَ، فَاسْتَجْمَعَ الْقَوْمُ، فَقَالَ لَهُمْ حَمْزَةُ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: عُمَرُ، قَالَ: وَعُمَرُ! افْتَحُوا لَهُ الْبَابَ، فَإِنْ أَقْبَلَ قَبِلْنَا منه، وإن أدبر قتلناه،

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 216"، وأسامة بن زيد بن أسلم ضعيف الحفظ كما في "التقريب" "315". 2 الأخدع: عرق في العنق.: 3 الهمهمة: الكلام الخفي. 4 سورة طه: 1-8.

فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَخَرَجَ فَتَشَهَّدَ عُمَرُ، فَكَبَّرَ أَهْلُ الدَّارِ تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السنا على الحقّ؟ قال: "بلى"، فقلت: فيم الِاخْتِفَاءُ، فَخَرَجْنَا صَفَّيْنِ أَنَا فِي أَحَدِهِمَا، وَحَمْزَةُ فِي الْآخَرِ، حَتَّى دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، فَنَظَرَتْ قُرَيْشٌ إِلَيَّ وَإِلَى حَمْزَةَ، فَأَصَابَتْهُمْ كَآبَةٌ شَدِيدَةٌ، فَسَمَّانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الْفَارُوقَ" يَوْمَئِذٍ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: أَسْلَمَ عُمَرُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَعَشْرِ نِسْوَةٍ، فَلَمَّا أَسْلَمَ ظَهَرَ الْإِسْلَامُ بمكة1. وقال الواقديّ: حدثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عُمَرَ أَسْلَمَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الْأَرْقَمِ، وَبَعْدَ أَرْبَعِينَ أَوْ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَلَمَّا أَسْلَمَ أُنْزِلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اسْتَبْشَرَ أَهْلُ السَّمَاءِ بِإِسْلَامِ عُمَرَ2. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ إِسْلَامُ عُمَرَ بَعْدَ خُرُوجِ مَنْ خَرَجَ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ. فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرحمن بن الإرث، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّهِ لَيْلَى قَالَتْ: كَانَ عُمَرُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَيْنَا فِي إِسْلامِنَا، فَلَمَّا تَهَيَّأْنَا لِلْخُرُوجِ إِلَى الْحَبَشَةِ، جَاءَنِي عُمَرُ، وَأَنَا عَلَى بَعِيرٍ، نُرِيدُ أَنْ نَتَوَجَّهَ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقُلْتُ: قَدْ آذَيْتُمُونَا فِي دِينِنَا، فَنَذْهَبَ فِي أَرْضِ اللَّهِ حَيْثُ لَا نُؤْذَى فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، فَقَالَ: صَحِبَكُمُ اللَّهُ، ثُمَّ ذَهَبَ، فَجَاءَ زَوْجِي عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ مِنْ رِقَّةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: تَرْجِينَ أَنْ يُسْلِمَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَا يُسْلِمُ حَتَّى يُسْلِمَ حِمَارُ الْخَطَّابِ. يَعْنِي مِنْ شِدَّتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَالْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ بِضْعٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلا، وَإِحْدَى عشرة امرأة3.

_ 1 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 143" والواقدي متروك. 2 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في المصدر السابق. 3 معضل.

الهجرة الأولى إلى الحبشة ثم الثانية

"الْهِجْرَةُ الْأُولَى إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ": قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ فِي "تَارِيخِهِ": حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنِي بَشَّارُ بْنُ مُوسَى الْخَفَّافُ، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ الْبُرْجُمِيُّ، إِمَامُ مَسْجِدِ مُحَمَّدِ بن واسع، حدثنا قَتَادَةُ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَهْلِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ. سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ يَعْنِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: خَرَجَ عُثْمَانُ بِرُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْحَبَشَةِ، فَأَبْطَأَ خَبَرُهُمْ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ رَأَيْتُ خَتَنَكَ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ: "عَلَى أَيِّ حَالٍ رَأَيْتِهِمَا"؟ قَالَتْ: رَأَيْتُهُ حَمَلَ امْرَأَتَهُ عَلَى حِمَارٍ مِنْ هَذِهِ الدَّبَّابَةِ، وَهُوَ يَسُوقُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَحِبَهُمَا اللَّهُ، إِنَّ عُثْمَانَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ بِأَهْلِهِ بَعْدَ لُوطٍ"1. وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ بَشَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن إدريس، حدثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُرْوَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَلْتُ الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا أُمِرْنَا بِالْخُرُوجِ إِلَى الْحَبَشَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ رَأَى مَا يُصِيبُنَا مِنَ الْبَلَاءِ: "الْحَقُوا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فَإِنَّ بِهَا مَلِكَهَا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ، فَأَقِيمُوا بِبِلَادِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ"، فَقَدِمْنَا عَلَيْهِ فَاطْمَأْنَنَّا فِي بِلَادِهِ2 الْحَدِيثَ. قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي تَاسِعِ "الْمُخَلَّصِيَّاتِ": وَرَوَى ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ3: فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يُصِيبُ أَصْحَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ، وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعَافِيَةِ بِمَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ عَمِّهِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ

_ 1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 297". 2 إسناده صحيح: أخرجه أحمد "1/ 201-203"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 301-306"، وأبو نعيم في "الحلية" "357" مطولًا، وقال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص135": سنده صحيح. 3 ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 308-218".

أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ، قَالَ لَهُمْ: "لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَإِنَّ بِهَا مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ وَهِيَ أَرْضُ صِدْقٍ، حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ" فَخَرَجَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ، وَفِرَارًا بِدِينِهِمْ إِلَى اللَّهِ. فَخَرَجَ عُثْمَانُ بِزَوْجَتِهِ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ وَلَدُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عبد شمس بزوجته سهلة سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَوَلَدَتْ لَهُ بِالْحَبَشَةِ مُحَمَّدًا، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ، وَزَوْجَتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ حَلِيفُ آلِ الْخَطَّابِ، وَامْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حُثْمَةَ الْعَدَوِيَّةُ، وَأَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمِ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيُّ، وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ، وَهُوَ سُهَيْلُ بْنُ وَهْبٍ الْحَارِثِيُّ، فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ. قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَتَتَابَعَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْحَبَشَةِ. ثُمَّ سَمَّى ابْنُ إِسْحَاقَ جَمَاعَتَهُمْ وَقَالَ: فَكَانَ جَمِيعُ مَنْ لَحِقَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، أَوْ وُلِدَ بِهَا، ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا فَعَبَدُوا اللَّهَ وَحَمِدُوا جِوَارَ النَّجَاشِيِّ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِيُّ: يَا رَاكِبًا بَلِّغَا عَنِّي مُغَلْغَلَةً ... مَنْ كَانَ يَرْجُو بَلَاغَ اللَّهِ وَالدِّينِ1 كُلَّ امْرِئٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ مُضْطَهَدٍ ... بِبَطْنِ مَكَّةَ مَقْهُورٍ وَمَفْتُونِ أَنَّا وَجَدْنَا بِلَادَ اللَّهِ وَاسِعَةً ... تُنْجِي مِنَ الذُّلِّ وَالْمَخْزَاةِ والهون فلا تقيموا على ذلّ الحياة وخز ... ي فِي الْمَمَاتِ وَعَيْبٍ غَيْرِ مَأْمُونِ إِنَّا تَبِعْنَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَاطَّرَحُوا ... قَوْلَ النَّبِيِّ وَعَالَوْا فِي الْمَوَازِينِ2 فَاجْعَلْ عَذَابَكَ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ بَغَوْا ... وَعَائِذٌ بِكَ أَنْ يَعْلُوا فَيَطْغُونِي وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ يُعَاتِبُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ ابْنَ عَمِّهِ، وَكَانَ يُؤْذِيهِ: أَتَيْمَ بْنَ عَوْفٍ وَالَّذِي جاء بغضةً ... ومن دونه الشرّ مان وَالْبَرْكُ أَكْتَعُ3 أَأَخْرَجْتَنِي مِنْ بَطْنِ مَكَّةَ آثِمًا ... وأسكنتني في صرح بيضاء تقذع4

_ 1 مغلغلة: رسالة. 2 عالوا: خانوا. 3 الشرمان: تثنية شرم، وهو الخليج من البحر. والبرك: الإبل الباركة. 4 صرح بيضاء: مدينة الحبشة، وتقذع: تكره.

تَرِيشُ نِبَالًا لَا يُوَاتِيكَ رِيشُهَا ... وَتَبْرِي نِبَالًا رِيشَهَا لَكَ أَجْمَعُ وَحَارَبْتَ أَقْوَامًا كِرَامًا أَعِزَّةً ... وَأَهْلَكْتَ أَقْوَامًا بِهِمْ كُنْتَ تَفْزَعُ سَتَعْلَمُ إِنْ نَابَتْكَ يَوْمًا مُلِمَّةٌ ... وَأَسْلَمَكَ الْأَوْبَاشُ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا وَاشْتَدَّ مَكْرُهُمْ، وَهَمُّوا بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ إِخْرَاجِهِ، فَعَرَضُوا عَلَى قَوْمِهِ أَنْ يُعْطُوهُمْ دِيَتَهُ وَيَقْتُلُوهُ، فأبوا حميّةً. "عدم ثبوت قصة الغرانيق": وَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شِعْبَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْحَبَشَةِ فَخَرَجُوا مَرَّتَيْنِ؛ رَجَعَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى حِينَ أُنْزِلَتْ سُورَةُ النَّجْمِ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا بِخَيْرٍ قَرَرْنَاهُ وَأَصْحَابَهُ، وَلَكِنَّهُ لَا يذكر من حالفه من اليهود والنّصارى بمصل مَا يَذْكُرُ بِهِ آلِهَتَنَا مِنَ الشَّتْمِ، وَالشَّرِّ. وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَمَنَّى هُدَاهُمْ، فَأُنْزِلَتْ {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} 1، فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ عِنْدَهَا كَلِمَاتٍ "وَإِنَّهُنَّ الْغَرَانِيقُ الْعُلَا، وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى" فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِ كُلِّ مُشْرِكٍ بِمَكَّةَ، وَدَالَتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ وَتَبَاشَرُوا بِهَا. وقالوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ رَجَعَ إِلَى دِينِنَا، فَلَمَّا بلغ آخر النّجم سجد النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَجَدَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ مُشْرِكٍ، غَيْرَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا رَفَعَ مِلْءَ كَفَّيْهِ تُرَابًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَعَجِبَ الْفَرِيقَانِ كِلَاهُمَا مِنْ جَمَاعَتِهِمْ فِي السُّجُودِ، بِسُجُودِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَجِبَ الْمُسْلِمُونَ بِسُجُودِ الْمُشْرِكِينَ مَعَهُمْ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُسْلِمُونَ سَمِعُوا مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَاطْمَأَنُّوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، لما أَلْقَى الشَّيْطَانُ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَاطْمَأَنُّوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ، لِمَا أُلْقِيَ فِي أُمْنِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَدَّثَهُمُ الشَّيْطَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قَرَأَهَا فِي السَّجْدَةِ، فَسَجَدُوا تَعْظِيمًا لِآلِهَتِهِمْ. وَفَشَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ فِي النَّاسِ، وَأَظْهَرَهَا الشَّيْطَانُ، حَتَّى بَلَغَتْ أَرْضَ الْحَبَشَةِ وَمَنْ بِهَا مِنَ المسلمين عثمان ين مَظْعُونٍ وَأَصْحَابِهِ، وَحَدَّثُوا أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَدْ أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ وَصَلُّوا، وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَمِنُوا بِمَكَّةَ، فَأَقْبَلُوا سِرَاعًا، وَقَدْ نَسَخَ اللَّهُ مَا ألقى

_ 1 سورة النجم: 19-20.

الشَّيْطَانُ، وَأُنْزِلَتْ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} 1 الْآيَاتِ. فَلَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ قَضَاءَهُ وَبَرَّأَهُ مِنْ سَجْعِ الشَّيْطَانِ انْقَلَبَ الْمُشْرِكُونَ بِضَلَالَتِهِمْ وَعَدَاوَتِهِمْ2. وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابُهُ، فِيمَنْ رَجَعَ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ إِلَّا بِجِوَارٍ، فَأَجَارَ الوليد بن المغيرة عثمان ين مَظْعُونٍ، فَلَمَّا رَأَى عُثْمَانُ مَا يَلْقَى أَصْحَابُهُ مِنَ الْبَلَاءِ، وَعَذَّبَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِالسِّيَاطِ وَالنَّارِ، وَعُثْمَانُ مُعَافًى لَا يُعْرَضُ لَهُ، اسْتَحَبَّ الْبَلَاءَ، فَقَالَ لِلْوَلِيدِ: يَا عَمُّ قَدْ أَجَرْتَنِي، وَأُحِبُّ أَنْ تُخْرِجَنِي إِلَى عَشِيرَتِكَ فَتَبَرَّأَ مِنِّي، فَقَالَ: يابن أَخِي لَعَلَّ أَحَدًا آذَاكَ أَوْ شَتَمَكَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا اعْتَرَضَ لِي أَحَدٌ وَلَا آذَانِي، فَلَمَّا أَبَى إِلَّا أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْهُ أَخْرَجَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقُرَيْشٌ فِيهِ، كَأَحْفَلِ مَا كَانُوا، وَلَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الشَّاعِرُ يُنْشِدُهُمْ، فَأَخَذَ الْوَلِيدُ بِيَدِ عُثْمَانَ وَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَدْ حَمَلَنِي عَلَى أَنْ أَتَبَرَّأَ مِنْ جِوَارِهِ، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: صَدَقَ، أَنَا وَاللَّهِ أَكْرَهْتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مِنِّي بَرِيءٌ، ثُمَّ جَلَسَ مَعَ القوم فنالوا منه. "الهجرة الثانية إلى الحشبة": قَالَ مُوسَى: وَخَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابُهُ فِرَارًا بِدِينِهِمْ إِلَى الْحَبَشَةِ، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَمَرُوهُمَا أَنْ يُسْرِعَا فَفَعَلَا، وَأَهْدَوْا لِلنَّجَاشِيِّ فَرَسًا وَجُبَّةَ دِيبَاجٍ3، وَأَهْدَوْا لِعُظَمَاءِ الْحَبَشَةِ هَدَايَا، فَقَبِلَ النَّجَاشِيُّ هَدِيَّتَهُمْ، وَأَجْلَسَ عَمْرًا عَلَى سَرِيرِهِ، فَقَالَ: إِنَّ بِأَرْضِكَ رِجَالًا مِنَّا سُفَهَاءَ لَيْسُوا عَلَى دِينِكَ وَلَا دِينِنَا، فَادْفَعْهُمْ إِلَيْنَا، فَقَالَ: حتى أكلّمهم وأعلم على أيّ

_ 1 سورة الحج: 52. 2 حديث الغرانيف هذا ورد من عدة طرق مرسلة، وقد مال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "8/ 293" إلى تقوية الحديث لكثرة طرقه، وله في ذلك بحث مطول، وخالفه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 229-230" فذكر أن طرق هذه القصة كلها مرسلة، ولم يرها مسندة من وجه صحيح، وكذلك ضعيف حديث الغرانيق العلامة ناصر الدين الألباني في بحث قيم ذكر فيه طرق الحديث المسندة والمرسلة، وسبب اختلاف أهل العلم في تصحيح هذا الحديث وتضعيفه هو أن الحديث إذا ورد من طرق مرسلة هل يتقوى بها أم لا؟ فالثاني هو الراجح. ومحل بسط ذلك كتب المصطلح. 3 الديباج: نوع من الحرير.

شَيْءٍ هُمْ، فَقَالَ عَمْرٌو: هُمْ أَصْحَابُ الرَّجُلِ الَّذِي خَرَجَ فِينَا، وَإِنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ أَنَّ عِيسَى ابْنُ اللَّهِ، وَلَا يَسْجُدُونَ لَكَ إِذَا دَخَلُوا، فَأَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ إِلَى جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، فَلَمْ يَسْجُدْ لَهُ وَلَا أَصْحَابُهُ وَحَيَّوْهُ بِالسَّلَامِ، فَقَالَ عَمْروٌ: أَلَمْ نُخْبِرْكَ بِخَبَرِ الْقَوْمِ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: حَدِّثُونِي أَيُّهَا الرَّهْطُ، مَا لَكُمْ لَا تُحَيُّونِي كما يحيّيني مَنْ أَتَانِي مِنْ قَوْمِكُمْ، وَأَخْبِرُونِي مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى وَمَا دِينُكُمْ؟ أَنَصَارَى أَنْتُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: أَفَيَهُودٌ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَعَلَى دِينِ قَوْمِكُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَمَا دِينُكُمْ؟ قَالُوا: الْإِسْلَامُ، قَالَ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالُوا: نَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، قَالَ: مَنْ جَاءَكُمْ بِهَذَا؟ قَالُوا: جَاءَنَا بِهِ رَجُلٌ مِنَّا قَدْ عَرَفْنَا وَجْهَهُ وَنَسَبَهُ، بَعَثَهُ الله كما بعث الرسل إلى مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَأَمَرَنَا بِالْبِرِّ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَفَاءِ وَالْأَمَانَةِ، وَنَهَانَا أَنْ نَعْبُدَ الْأَوْثَانَ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ، فَصَدَّقْنَاهُ، وَعَرَفْنَا كَلَامَ اللَّهِ، فَعَادَانَا قَوْمُنَا وَعَادَوْهُ وَكَذَّبُوهُ، وَأَرَادُونَا عَلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، فَفَرَرْنَا إِلَيْكَ بِدِينِنَا وَدِمَائِنَا مِنْ قَوْمِنَا، فَقَالَ النّجاشيّ: والله إن خرج هذا الأمر مِنَ الْمِشْكَاةِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا أَمْرُ عِيسَى، قال: وأمّا التحيّة فإنّ رسولنا خبرنا أَنَّ تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ السَّلَامُ، فَحَيَّيْنَاكَ بِهَا، وَأَمَّا عِيسَى فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ وَابْنُ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ. فَخَفَضَ النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الْأَرْضِ، وَأَخَذَ عُودًا فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زَادَ ابْنُ مَرْيَمَ عَلَى هَذَا وَزْنَ هَذَا الْعُودِ، فَقَالَ عُظَمَاءُ الْحَبَشَةِ: وَاللَّهِ لَئِنْ سَمِعَتْ هَذَا الْحَبَشَةُ لَتَخْلَعَنَّكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَقُولُ فِي عِيسَى غَيْرَ هَذَا أَبَدًا، وَمَا أَطَاعَ اللَّهَ النَّاسُ فِيَّ حِينَ رَدَّ إِلَيَّ مُلْكِي، فَأَنَا أُطِيعُ النَّاسَ فِي دِينِ اللَهِ! مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. وَكَانَ أَبُو النَّجَاشِيِّ مَلِكَ الْحَبَشَةَ، فَمَاتَ وَالنَّجَاشِيُّ صَبِيٌّ، فَأَوْصَى إِلَى أَخِيهِ أَنَّ إِلَيْكَ مُلْكَ قَوْمِكَ حَتَّى يَبْلُغَ ابْنِي، فَإِذَا بَلَغَ فَلَهُ الْمُلْكُ، فَرَغِبَ أَخُوهُ فِي الْمُلْكِ، فَبَاعَ النَّجَاشِيَّ لِتَاجِرٍ، وَبَادَرَ بِإِخْرَاجِهِ إِلَى السَّفِينَةِ، فَأَخَذَ اللَّهُ عَمَّهُ قَعْصًا1 فَمَاتَ، فَجَاءَتِ الْحَبَشَةُ بِالتَّاجِ، وَأَخَذُوا النَّجَاشِيَّ فَمَلَّكُوهُ، وَزَعَمُوا أَنَّ التَّاجِرَ قَالَ: مَا لِي بُدٌّ مِنْ غُلَامِي أَوْ مَالِي، قَالَ النَّجَاشِيُّ: صَدَقَ، ادْفَعُوا إِلَيْهِ مَالَهُ. قَالَ: فَقَالَ النَّجَاشِيُّ حِينَ كَلَّمَهُ جَعْفَرٌ: رُدُّوا إِلَى هَذَا هديّته -يعني عمرًا-

_ 1 القعص: الطعن.

وَاللَّهِ لَوْ رَشَوْنِي عَلَى هَذَا دَبْرَ ذَهَبٍ -وَالدَّبْرُ بِلُغَتِهِ الْجَبْلُ- مَا قَبِلْتُهُ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ: امْكُثُوا آمِنِينَ، وَأَمَرَ لَهُمْ بِمَا يُصْلِحُهُمْ مِنَ الرِّزْقِ. وَأَلْقَى اللَّهُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ عَمْرٍو وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ فِي مَسِيرِهِمَا، فَمَكَرَ بِهِ عَمْرٌو وَقَالَ: إِنَّكَ رَجُلٌ جَمِيلٌ، فَاذْهَبْ إِلَى امْرَأَةِ النَّجَاشِيِّ فَتَحَدَّثْ عِنْدَهَا إِذَا خَرَجَ زَوْجُهَا، فإنّ ذلك عون لنا فِي حَاجَتِنَا، فَرَاسَلَهَا عُمَارَةُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا انْطَلَقَ عَمْرٌو إِلَى النَّجَاشِيِّ فَقَالَ: إِنَّ صَاحِبِي هَذَا صَاحِبُ نِسَاءٍ، وَإِنَّهُ يُرِيدُ أَهْلَكَ فَاعْلَمْ عِلْمَ ذَلِكَ، فَبَعَثَ النَّجَاشِيُّ، فَإِذَا عُمَارَةُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ، فَأَمَرَ بِهِ فَنَفَخَ فِي إِحْلِيلِهِ1 سَحَرَةٌ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي جَزِيرَةٍ مِنَ الْبَحْرِ، فَجُنَّ، وَصَارَ مَعَ الْوَحْشِ، وَرَجَعَ عَمْرٌو خَائِبَ السَّعْيِ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ النَّجَاشِيَّ، أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا، وَعَبَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى، لَا نُؤذَى، وَلَا نَسْمَعُ مَا نَكْرَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النّجاشيّ رجلين جلدين، وأن يعدوا لِلنَّجَاشِيِّ، فَبَعَثُوا بِالْهَدَايَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا2، وَسَتَأْتِي -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- رَوَاهَا جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ كَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْمَبْعَثِ. وَقَالَ حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: بَعَثَنا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَنَحْنُ ثَمَانُونَ رَجُلًا، وَمَعَنَا جَعْفَرٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عُمَارَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَبَعَثُوا مَعَهُمَا بِهَدِيَّةٍ إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَلَمَّا دَخَلَا عَلَيْهِ سَجَدَا لَهُ، وَبَعَثَا إِلَيْهِ بِالْهَدِيَّةِ، وَقَالَا: إِنَّ نَاسًا مِنْ قَوْمِنَا رَغِبُوا عَنْ دِينِنَا، وَقَدْ نَزَلُوا أَرْضَكَ، فَبَعَثَ إليهم، فقال لنا جعفر: أنا خطيبكم، قَالَ: فَاتَّبَعُوهُ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَلَمْ يَسْجُدُوا لَهُ، فَقَالَ: وَمَا لَكُمْ لَمْ تَسْجُدُوا لِلْمَلِكِ؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ إِلَيْنَا نبيّه، فأمرنا أن لا يسجد إلاّ الله، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ عَمْرٌو: إِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى، قَالَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى وَأُمِّهِ؟ قَالَ: نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ، وهو روح الله

_ 1 الإحليل: القبل من الرجل. 2 تقدم تخريجه قريبًا.

وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ، الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ، وَلَمْ يَفْرِضْهَا وَلَدٌ، فَتَنَاوَلَ النَّجَاشِيُّ عُودًا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانَ، مَا تَزِيدُونَ عَلَى مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ مَا يَزِنُ هَذَا، فَمَرْحَبًا بِكُمْ وَبِمَنْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي عِنْدَهُ فَأَحْمِلَ نَعْلَيْهِ، أَوْ قَالَ أَخْدُمَهُ، فَانْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُمْ مِنْ أَرْضِي، فَجَاءَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَشَهِدَ بَدْرًا1. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ حُدَيْجٍ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: أنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَنْطَلِقَ مَعَ جَعْفَرٍ إِلَى الْحَبَشَةِ. وَسَاقَ كَحَدِيثِ حُدَيْجٍ2. وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ إِسْرَائِيلَ وَهَمَ فِيهِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ، وَإِلَّا أَيْنَ كَانَ أَبُو موسى الأشعريّ ذلك الوقت. رجعنا إلى تَمَامِ الْحَدِيثِ الَّذِي سُقْنَاهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: فَلَمْ يَبْقَ بِطْرِيقٌ مِنْ بَطَارِقَةِ النَّجَاشِيِّ إِلَّا دَفَعَا إِلَيْهِ هَدِيَّةً، قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَا النَّجَاشِيَّ وَأَخْبَرَا ذَلِكَ الْبِطْرِيقَ بِقَصْدِهِمَا، لِيُشِيرَ عَلَى الْمَلِكِ بِدَفْعِ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ قَرَّبَا هَدَايَا النَّجَاشِيِّ فَقَبِلَهَا، ثُمَّ كَلَّمَاهُ فَقَالَا: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُ قَدِمَ إِلَى بِلَادِكَ مِنِّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ، جَاءُوا بِدِينٍ ابْتَدَعُوهُ، لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ، وَلَا أنت، فقد بعحدثنا إِلَيْكَ فِيهِمْ أَشْرَافَ قَوْمِهِمْ مِنْ أَقَارِبِهِمْ لِتَرُدَّهُمْ عَلَيْهِمْ، فَهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ، قَالَتْ: وَلَمْ يَكُنْ أَبْغَضَ إِلَى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن الْعَاصِ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامَهُمُ النَّجَاشِيُّ، فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ: صِدْقًا أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَوْمُهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ مِنْ دِينِهِمْ، فَأَسْلِمْهُمْ إِلَيْهِمَا، فَغَضِبَ ثُمَّ قَالَ: لَاهَا اللَّهِ إِذَنْ لَا أُسَلِّمُهُمْ إِلَيْهِمَا، وَلَا يَكَادُ قَوْمٌ جَاوَرُونِي، وَنَزَلُوا بِلَادِي، وَاخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سواي، حتى أدعوهم فأسألهم عمّا يقولان،

_ 1 أخرجه أحمد "1/ 461"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 67"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 84": إسناد جيد قوي وسياقه حسن. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 228": إسناده حسن. قلت: أبو إسحاق مدلس، وقد عنعنه، وكان قد اختلط، فالله أعلم بالصواب. 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "356" وفي إسناد محمد بن زكريا الغلابي، متهم بالوضع كما في "الميزان" "7537" ويدل على نكارة في إسناده ما يأتي.

فَأَرْسَلَ إِلَى الصَّحَابَةِ فَدَعَاهُمْ، فَلَمَّا جَاءُوا وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ، سَأَلَهُمْ فَقَالَ: مَا دِينُكُمْ؟ فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرٌ فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ، وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعُ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا مِنَ الْحِجَارَةِ، وَأَمَرَنَا بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ، فَصَدَّقْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاهُ، فعدا علينا قومنا فعذّبونا، وفتنونان عَنْ دِينِنَا، وَضَيَّقُوا عَلَيْنَا، فَخَرَجْنَا إِلَى بِلَادِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَالَتْ: قَالَ: وَهَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ جَعْفَرٌ: نَعَمْ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ {كهيعص} 1 فَبَكَى وَاللَّهِ النَّجَاشِيُّ، حَتَّى اخْضَلَّ لِحْيَتُهُ2، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ، حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ، ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا، وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ، انْطَلِقَا، فَلَا وَاللَّهِ لَا أُسَلِّمُهُمْ إِلَيْكُمَا وَلَا يُكَادُ. قَالَتْ: فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ عَمْرٌو: وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُمْ غَدًا بِمَا أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا، قَالَ: وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى عَبْدٌ، ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَطَلَبَنَا، قَالَتْ: وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهَا، فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ فِي عيسى بن مَرْيَمَ إِذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ؟ قَالُوا: نَقُولُ، وَاللَّهِ، مَا قَالَ اللَّهُ كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا كَانَ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: نَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَرُوحُهُ، وَكَلِمَتُهُ، أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ، فَأَخَذَ النَّجَاشِيُّ عُودًا ثُمَّ قَالَ: مَا عَدَا عِيسَى مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ، فتناحرت بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ، وَاللَّهِ، اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي، وَالسُّيُومُ: الْآمِنُونَ، مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرًا مِنْ ذَهَبٍ، وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ، رُدُّوا هَدَايَاهُمَا فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، فَوَاللَّهِ مَا أَخَذَ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فَأُطِيعُهُمْ فِيهِ، قَالَتْ: فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مردودًا عليهما ما جاءا به.

_ 1 سورة مريم: 1. 2 أخضل لحيته: ابتلت بالدموع.

قَالَتْ: فَإِنَّا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ نَزَلَ بِهِ رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا حُزْنًا قَدْ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْنَا مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ، تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى النَّجَاشِيِّ، فَيَأْتِيَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ النَّجَاشِيُّ يَعْرِفُ مِنْهُ. فَسَارَ إِلَيْهِ النَّجَاشِيُّ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا عَرْضُ النِّيلِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ الْوَقْعَةَ، ثُمَّ يَأْتِيَنَا بِالْخَبَرِ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً، فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ سَبَحَ عَلَيْهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ النِّيلِ الَّتِي بِهَا يَلْتَقِي الْقَوْمُ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى حَضَرَهُمْ، وَدَعَوْنَا اللَّهَ تَعَالَى لِلنَّجَاشِيِّ، فَإِنَّا لَعَلَى ذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ الزُّبَيْرُ يَسْعَى فَلَمَعَ بِثَوْبِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَلَا أَبْشِرُوا، فَقَدْ ظَهَرَ النَّجَاشِيُّ، وَقَدْ أَهْلَكَ اللَّهُ عَدُوَّهُ وَمَكَّنَ لَهُ فِي بِلَادِهِ1. قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَحَدَّثْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا قَوْلُهُ: مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ إِلَى آخِرِهِ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَتْنِي أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَلِكَ قَوْمِهِ، ولم يكن له ولد إلا النجاشي، وكان لِلنَّجَاشِيِّ عَمٌّ مِنْ صُلْبِهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فقَالَتِ الْحَبَشَةُ: لَوْ أَنَّا قَتَلْنَا هَذَا وَمَلَّكْنَا أَخَاهُ، فَإِنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ غَيْرَ هَذَا الْغُلَامِ، وَلِأَخِيهِ اثْنَا عَشَرَ وَلَدًا، فَتَوَارَثُوا مُلْكَهُ مِنْ بَعْدِهِ بَقِيَتِ الْحَبَشَةُ بَعْدَهُ دَهْرًا، فَعَدَوْا عَلَى أَبِي النَّجَاشِيِّ فَقَتَلُوهُ، وَمَلَّكُوا أَخَاهُ. فَمَكَثُوا حِينًا، وَنَشَأَ النَّجَاشِيُّ مَعَ عَمِّهِ، فَكَانَ لَبِيبًا حَازِمًا، فَغَلَبَ عَلَى أَمْرِ عَمِّهِ، وَنَزَلَ مِنْهُ بِكُلِّ مَنْزِلَةٍ، فَلَمَّا رَأَتِ الْحَبَشَةُ مَكَانَهُ مِنْهُ قَالَتْ بَيْنَهَا: وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبَ هَذَا عَلَى عَمِّهِ، وَإِنَّا لَنَتَخَوَّفُ أَنْ يُمَلِّكَهُ عَلَيْنَا، وَإِنْ مَلَكَ لَيَقْتُلُنَا بِأَبِيهِ، فَكَلَّمُوا الْمَلِكَ، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ، قَتَلْتُ أَبَاهُ بِالْأَمْسِ، وَأَقْتُلُهُ الْيَوْمَ! بَلْ أُخْرِجُهُ مِنْ بِلَادِكُمْ، قَالَتْ: فَخَرَجُوا بِهِ فَبَاعُوهُ لِتَاجِرٍ بستّمائة ردهم، فَقَذَفَهُ فِي سَفِينَةٍ وَانْطَلَقَ بِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ، هَاجَتْ سَحَابَةٌ، فَخَرَجَ عَمُّهُ يَسْتَمْطِرُ تَحْتَهَا، فَأَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَقَتَلَتْهُ، فَفَزِعَتِ الْحَبَشَةُ إلى ولده، فإذا هو محمق ليس في ولده خير، فمرج2 الأَمْرُ، فَقَالُوا: تَعَلَّمُوا، وَاللَّهِ إِنَّ مَلِكَكُمُ الَّذِي لَا يُقِيمُ أَمْرَكُمْ غَيْرُهُ لَلَّذِي بِعْتُمُوهُ غَدْوَةً،

_ 1 صحيح: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 319"، وأحمد "1/ 301-203"، وأبو نعيم في "الحلية" "357"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 301-306"، وقال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص135": سنده صحيح. 2 مرج: اختلط.

فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ فَأَدْرَكُوهُ، وَأَخَذُوهُ مِنَ التَّاجِرِ، ثُمَّ جَاءُوا بِهِ فَعَقَدُوا عَلَيْهِ التَّاجَ، وَأَقْعَدُوهُ على سرير ملكه، فجاء التّاجر فقال: ما لي، قَالُوا: لَا نُعْطِيكَ شَيْئًا، فَكَلَّمَهُ، فَأَمَرَهُمْ فَقَالَ: أَعْطُوهُ دَرَاهِمَهُ أَوْ عَبْدَهُ، قَالُوا: بَلْ نُعْطِيهِ دَرَاهِمَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا خُبِرَ مِنْ عَدْلِهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1. وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يُكَلِّمُ النَّجَاشِيَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2. "إسلام النجاشي": أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَدٍ، وَجَمَاعَةٌ، أنا ابْنُ ملاعب، حدثنا الأموي، أنا جَابِرُ بْنُ يَاسِينَ، أنا الْمُخَلِّصُ، أنا البغويّ، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، حدثنا أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرًا وَعُمَارَةَ بِهَدِيَّةٍ إِلَى النَّجَاشِيِّ لِيُؤْذُوا الْمُهَاجِرِينَ. فَخَلُّوهُمْ، فَقَالَ عَمْرٌو: وَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى غَيْرَ مَا تَقُولُ، فَأَرْسِلْ إِلَيْنَا، وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ الثَّانِيَةُ أَشَدَّ عَلَيْنَا، فَقَالَ: مَا يَقُولُ صَاحِبُكُمْ فِي عِيسَى؟ قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: أَعَبِيدٌ هُمْ لَكُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَلَكُمْ عَلَيْهِمْ دَيْن؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: يَقُولُ: هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى عَذْرَاءَ بَتُولٍ، فَقَالَ: ادْعُوا لِي فُلَانًا الْقَسَّ، وَفُلَانًا الرَّاهِبَ، فَأَتَاهُ أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى؟ قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُنَا، قَالَ: وَأَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ: مَا عَدَا عِيسَى مَا قَالَ هَؤُلَاءِ مِثْلَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: أَيُؤْذِيكُمْ أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَنَادَى مَنْ آذَى مِنْهُمْ فَأَغْرَمُوهُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَالَ: أَيَكْفِيكُمْ؟ قُلْنَا: لَا، فَأَضْعِفْهَا، قَالَ: فلما ظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرْنَاهُ، قَالَ فَزَوَّدَنَا وَحَمَلْنَا، ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ بِمَا صَنَعْتُ إِلَيْكُمْ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِي، فَأَتَيْنَا الْمَدِينَةَ، فَتَلَقَّانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاعْتَنَقَنِي وَقَالَ: مَا أَدْرِي أَنَا بِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَفْرَحُ أَمْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلنَّجَاشِيِّ" ثَلَاثَ مرّات، وقال المسلمون: آمين3.

_ 1 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق في "سيرة ابن هشام" "10/ 322-223". 2 مرسل. 3 إسناده ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "1478" ومجالد هو ابن سعيد، قال في "التقريب" "6478": ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره.

إسلام ضماد

"إِسْلَامُ ضِمَادٍ": دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ ضِمَادٌ مَكَّةَ، وَهُوَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيَاحِ فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ سُفَهَاءِ النَّاسِ يَقُولُونَ إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ، فَقَالَ: آتِي هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَهُ عَلَى يَدَيَّ، قَالَ: فَلَقِيتُ مُحَمَّدًا فَقُلْتُ: إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيَاحِ، وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدَيَّ مَنْ يَشَاءُ، فَهَلُمَّ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِي اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ "ثَلَاثَ مَرَّاتٍ"، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لقد سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ، وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، فَهَلُمَّ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَبَايَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ لَهُ: "وَعَلَى قَوْمِكَ" فَقَالَ: وَعَلَى قَوْمِي. فَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً، فَمَرُّوا بِقَوْمِ ضِمَادٍ. فَقَالَ صَاحِبُ الْجَيْشِ لِلسَّرِيَّةِ: هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً، فَقَالَ: رُدُّوهَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ قَوْمُ ضِمَادٍ1. أَخْرَجَهُ مسلم.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "868" في كتاب الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 223-224".

إسلام الجن

"إِسْلَامُ الْجِنِّ": قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} 1 الْآيَاتِ، وَقَالَ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} 2 وَأَنْزَلَ فِيهِمْ سُورَةَ الْجِنِّ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْجِنِّ وَلَا رَآهُمْ، انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ3، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وأرسلت

_ 1 سورة الأحقاف: 29. 2 سورة الأنعام: 130. 3 عكاظ: سوق بين نخلة والطائف.

عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بينكم وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَالُوا: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. قَالَ: فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ النَّفَرُ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِنَخْلَةَ، عَامِدًا إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بربّنا أحدًا، فأنزلت {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَيُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا قَرَأَ عَلَى الْجِنِّ وَلَا رَآهُمْ، يَعْنِي أَوَّلَ مَا سَمِعَتِ الْجِنُّ الْقُرْآنَ، ثُمَّ إِنَّ دَاعِيَ الْجِنِّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا فِي خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ حَفِظَ الْقِصَّتَيْنِ، فَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ، فَلَمَّا سَمِعُوهُ أَنْصَتُوا قَالُوا: صَهْ، وَكَانُوا سَبْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} 2 الآيات. وقال مسعر، عن معن، حدثنا أَبِي، سَأَلْتُ مَسْرُوقًا: مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ، يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ أَنَّهُ آذَنَتْهُ بِهِمْ شَجَرَةٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ قال: قلت لابن مسعود:

_ 1 سورة الجن: 1. والخبر أخرجه البخاري "773" في كتاب الأذان: باب: الجهر بقراءة صلاة الفجر، ومسلم "449" في كتاب الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح، والترمذي "3334" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الجن، والنسائي في "الكبرى" "11624، 11625"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 226"، وابن حبان في "صحيحه" "6526". 2 سورة الأحقاف: 29. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3859" في كتاب مناقب الأنصار، باب: ذكر الجن، ومسلم "450/ 153": في كتاب الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح.

هَلْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْجِنِّ مِنْكُمْ أَحَدٌ؟ فَقَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِمَكَّةَ، فَقُلْنَا اغْتِيلَ، اسْتُطِيرَ، مَا فَعَلَ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ، أَوْ قَالَ فِي السَّحَرِ، إِذَا نَحْنُ بِهِ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرُوا الَّذِي كَانُوا فِيهِ، فَقَالَ: "إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَأَتَيْتُهُمْ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ"، فَانْطَلَقَ فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَدْ جَاءَ مَا يُخَالِفُ هَذَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِأَصْحَابِهِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ: "مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَحْضُرَ اللَّيْلَةَ أَمْرَ الْجِنِّ فَلْيَفْعَلْ"، فَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ خَطَّ لِي بِرِجْلِهِ خَطًّا، ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَامَ، فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ فَغَشِيَتْهُ أَسْوَدَةٌ2 كَثِيرَةٌ، حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، حَتَّى مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ انْطَلَقُوا وَطَفِقُوا يَتَقَطَّعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ، ذَاهِبِينَ، حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُمْ رَهْطٌ، وَفَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ الْفَجْرِ، فَانْطَلَقَ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ أَتَانِي فَقَالَ: "مَا فَعَلَ الرَّهْطُ؟ " فَقُلْتُ: هُمْ أُولَئِكَ يَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَخَذَ عَظْمًا وَرَوْثًا فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ زَادًا، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ أَحَدٌ بِعَظْمٍ أَوْ بِرَوْثٍ3. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَبْصَرَ زُطًّا4 فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا هَؤُلَاءِ الزُّطُّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شبههم إلاّ الْجِنِّ، وَكَانُوا مُسْتَنْفِرِينَ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا5. صَحِيحٌ. يُقَالُ: اسْتَنْفَرَ الرَّجُلُ بِثَوْبِهِ، إِذَا أَخَذَ ذَيْلَهُ مِنْ بَيْنِ فَخِذَيْهِ إِلَى حُجْزَتِهِ فَغَرَزَهُ. وَكَذَا يقال في الكلب، إذ جَعَلَ ذَنَبَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ لِلْحَائِضِ: استنفري.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "450/ 150" في المصدر السابق، وأبو داود "85" في كتاب الطهارة، باب: الوضوء بالنبيذ، والترمذي "3269" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الأحقاف. 2 أسودة: أي جماعة من الناس. 3 أخرجه ابن جرير في "تفسيره" "26/ 21". 4 الزط: قوم من الهند أو السند. 5 أخرجه ابن جرير في "تفسيره" "26/ 21" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 231".

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، عَنْ مُسْتَمِرِّ بْنِ الرَّيَّانِ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْجِنِّ، حَتَّى أَتَى الْحَجُونَ1 فَخَطَّ عَلَيَّ خَطًّا، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ، فَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ سَيِّدٌ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ وَرْدَانُ: إِنِّي أَنَا أُرَحِّلُهُمْ عَنْكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ2. وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُورَةَ الرَّحْمَنُ، ثُمَّ قَالَ: "مَا لِي أَرَاكُمْ سُكُوتًا، لَلْجِنُّ كَانُوا أَحْسَنَ رَدًّا مِنْكُمْ، مَا قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ من مرّة {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ، إِلَّا قَالُوا: وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ"3. زُهَيْرٌ ضَعِيفٌ4. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ جَدِّهِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِدَاوَةٍ لِوُضُوئِهِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: "أَتَانِي جِنُّ نَصِيبِينَ فَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِرَوْثَةٍ وَلَا بِعَظْمٍ إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا" 5. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَيَدْخُلُ هَذَا الْبَابُ فِي بَابِ شَجَاعَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقُوَّةِ قَلْبِهِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} 6 فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا". وَفِي لَفْظٍ: "فَأَخَذْتُهُ فَفَدَغْتُهُ"، يَعْنِي خنقته7. متفق عليه.

_ 1 الحجون: جبل بمكة. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 231، 232". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 232". 4 كذا جزم الحافظ الذهبي بضعفه، وما يترجح عندي أنه صدوق، وضعفه في رواية الشاميين عنه خاصة رواية عمر بن أبي سلمة عنه فمنكرة، وانظر "الميزان" "2918"، وتأتي ترجمته "1197". 5 صحيح: أخرجه البخاري "3860" في كتاب مناقب الأنصار، باب: ذكر الجن: والبيهقي في "الدلائل "2/ 223". 6 سورة ص: 35. 7 صحيح: أخرجه البخاري "4808" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} ، ومسلم "541" في كتاب المساجد، باب: جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة، وأحمد "2/ 298".

فصل فيما ورد من هواتف الجان وأقوال الكهان

فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنْ هَوَاتِفِ الْجَانِّ وَأَقْوَالِ الكهّان: قال ابن وهب: أخبرنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سَمِعْتُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ لِشَيْءٍ قَطُّ إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا، إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ، فَبَيْنَا عُمَرُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ فَقَالَ: لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي، أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ، عَلَيَّ الرَّجُلَ، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي أَوْ أَنَّكَ عَلَى دِينِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لَقَدْ كُنْتَ كَاهِنَهُمْ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، قَالَ فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي، فَقَالَ: كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ؟ قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ قَالَتْ: أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلَاسَهَا ... وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا1 وَلُحُوقَهَا بِالْقَلاصِ وَأَحْلَاسِهَا2 قَالَ عُمَرُ: صَدَقَ، بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ، فَصَرَخَ مِنْهُ صَارِخٌ لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ: يَا جَلِيحُ، أَمْرٌ نَجِيحٌ، رَجُلٌ فَصِيحٌ، يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَوَثَبَ الْقَوْمُ، قُلْتُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، ثُمَّ نَادَى: يَا جَلِيحُ، أَمْرٌ نَجِيحٌ، رَجُلٌ فَصِيحٌ، يَقُولُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهِ، قُلْتُ: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، فَأَعَادَ قَوْلَهُ، قَالَ: فَقُمْتُ فَمَا نَشِبْتُ أَنْ قِيلَ هَذَا نَبِيٌّ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّ عُمَرَ بِنَفْسِهِ سَمِعَ الصَّارِخَ مِنَ الْعِجْلِ، وَسَائِرِ الرِّوَايَاتِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَاهِنَ هُوَ الَّذِي سمع.

_ 1 إبلاسها: المراد به اليأس. وإنكاسها: انقلابها. 2 القلاص: جمع قلص، وهو جمع قلوص، وهي الفتية من الإبل، وأحلاسها: جمع حلس: وهو ما يوضع على ظهر الإبل. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3866" في كتاب مناقب الأنصار، باب: إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه.

فَرَوَى يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مَارٌّ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ كُنْتُ مَرَّةً ذَا فَرَاسَةٍ، وَلَيْسَ لِي رَئِيٌّ، أَلَمْ يَكُنْ قَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ يَنْظُرُ وَيَقُولُ فِي الْكَهَانَةِ، ادْعُوهُ لِي، فَدَعَوْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ؟ قَالَ: مِنَ الشَّامِ، قَالَ: فَأَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أردت هذا الْبَيْتَ، وَلَمْ أَكُنْ أَخْرُجُ حَتَّى آتِيَكَ، قَالَ: هَلْ كُنْتَ تَنْظُرُ فِي الْكَهَانَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَحَدِّثْنِي، قَالَ: إِنِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ بِوَادٍ، إِذْ سَمِعْتُ صَائِحًا يَقُولُ: يَا جَلِيحُ، خَبَرٌ نجيح، رجل يصيح، يقول: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، الْجِنَّ وَإِيَاسَهَا، وَالإِنْسَ وَإِبْلاسَهَا، وَالْخَيْلَ وَأَحْلَاسَهَا، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ إِنَّ هَذَا لَخَبَرٌ يَئِسَتْ مِنْهُ الْجِنُّ، وَأَبْلَسَتْ مِنْهُ الإنس، وأعلمت فِيهِ الْخَيْلُ، فَمَا حَالَ الْحَوْلُ حَتَّى بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَرَوَاهُ الْوَليِدُ بْنُ مَزْيَدَ الْعُذْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنِ ابْنِ مِسْكِينٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ جَالِسٌ. وَهَذَا مُنْقَطِعٌ. وَرَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ أَحَدِ الْقُرَّاءِ، عَنْ مُجَاهِدٍ مَوْقُوفًا. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَاهِنُ هُوَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ بن موسى الحمّار الكوفي، حدثنا زياد بن يزيد القصري، حدثنا محمد بن تراس الكوفي، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ يَخْطُبُ إِذْ قَالَ: أَفِيكُمْ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ تِلْكَ السَّنَةَ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّنَةُ الْمُقْبِلَةُ قَالَ: أَفِيكُمْ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ قَالُوا: وَمَا سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ قَالَ: كَانَ بَدْءُ إِسْلَامِهِ شَيْئًا عَجَبًا، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ سواد بن قارب، فقال له: حدّحدثنا بِبَدْءِ إِسْلَامِكَ يَا سَوَادُ، قَالَ: كُنْتُ نَازِلا بِالْهِنْدِ، وَكَانَ لِي رَئِيٌّ مِنَ الْجِنِّ، فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَائِمٌ إِذْ جَاءَنِي فِي مَنَامِي ذَلِكَ قَالَ: قُمْ فَافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وأنجاسها ... وشدّها العيس بأحلاسها نهوي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا مُؤْمِنُوهَا مِثْلُ أَرْجَاسِهَا فَانْهَضْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... وَاسْمُ بعينيك إلى راسها

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 245-246".

يَا سَوَادُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ نَبِيًّا فَانْهَضْ إِلَيْهِ تَهْتَدِ وَتَرْشُدْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ أَتَانِي فَأَنْبَهَنِي، ثُمَّ قَالَ: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَطْلَابِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... لَيْسَ فَدَامَاهَا كَأَذْنَابِهَا فَانْهَضْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى نَابِهَا فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَتَانِي فَأَنْبَهَنِي، ثم قال: عجبت لجنّ وَتَخْبَارِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَكْوَارِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... لَيْسَ ذَوُو الشَّرِّ كَأَخْيَارِهَا فَانْهَضْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... مَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ كَكُفَّارِهَا فَوَقَعَ فِي قَلْبِي حُبُّ الْإِسْلَامِ، وَشَدَدْتُ رَحْلِي، حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا هُوَ بِالْمَدِينَةِ، وَالنَّاسُ عَلَيْهِ كَعُرْفِ الْفَرَسِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: "مَرْحَبًا بِسَوَادِ بْنِ قَارِبٍ، قَدْ عَلِمْنَا مَا جَاءَ بِكَ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قُلْتُ شِعْرًا فَاسْمَعْهُ مِنِّي: أَتَانِي رَئِيِّي بَعْدَ لَيْلٍ وَهَجْعَةٍ ... وَلَمْ يَكُ فِيمَا قَدْ بَلَوْتُ بِكَاذِبٍ1 ثَلَاثَ لَيَالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ ... أَتَاكَ نَبِيٌّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ فَشَمَّرْتُ عَنْ سَاقِي الْإِزَارَ وَوَسَّطَتْ ... بِيَ الذِّعْلِبُ الْوَجْنَاءُ عِنْدَ السَّبَاسِبِ2 فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ ... وَأَنَّكَ مَأْمُونٌ عَلَى كُلِّ غَائِبِ وَأَنَّكَ أدنى المرسلين شفاعةً ... إلى الله يا بن الأَكْرَمِينَ الأَطَايِبِ فَمُرْنَا بِمَا يَأْتِيكَ يَا خَيْرَ مَنْ مَشَى ... وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَاءَ شَيْبُ الذَّوَائِبِ فَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ ... سِوَاكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ لِي: "أَفْلَحْتَ يَا سَوَادُ"، فَقَالَ لَهُ عمر: هل يأتيك رأيك الآنَ؟ قَالَ: مُنْذُ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ لَمْ يَأْتِنِي، ونعم العوض كتاب الله من الجنّ3.

_ 1 هجعة: نوم خفيف. 2 الذعلب: السرية من النوق. الناقة الشديدة. والسباسب: أيام الشعانين عند النصارى. 3 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 248-253" وفيه جهالة محمد بن تراس وزياد بن يزيد كما يأتي، وفيه أيضًا عنعنه أبي إسحاق وهو مدلس.

هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بِالْمَرَّةِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ تَرَاسٍ وَزِيَادٌ مَجْهُولانِ لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُمَا، وَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَلَكِنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ مَشْهُورٌ. وَقَدْ قَالَ أَبُو يعلى الموصليّ، وعليّ بن شيبان: حدثنا يحيى بن حجر الشاميّ، حدثنا عليّ بن منصور الأبناوي، حدثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ قَائِلٌ: أَتَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ: أَنْتَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَنْتَ الَّذِي أَتَاهُ رَئِيُّهُ بِظُهُورِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْتَ عَلَى كَهَانَتِكَ. فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهَذَا أَحَدٌ مُنْذُ أَسْلَمْتُ. قَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ من الشّرك أعظم، قال: فأخبرني بإتيانك رأيك بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: بَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، إِذْ أَتَانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ اسْمَعْ مَقَالَتِي وَاعْقِلْ، إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الشِّعْرَ قَرِيبًا مِمَّا تَقَدَّمَ، ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ يَقُولُ: كُنَّا يَوْمًا فِي حَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُمْ آلُ ذَرِيحٍ، وَقَدْ ذَبَحُوا عِجْلا، وَالْجَزَّارُ يُعَالِجُهُ إِذْ سَمِعْنَا صَوْتًا مِنْ جَوْفِ الْعِجْلِ وَلَا نَرَى شَيْئًا وَهُوَ يَقُولُ: يَا آلَ ذَرِيحٍ، أَمْرٌ نَجِيحٌ، صَائِحٌ يَصِيحُ، بِلِسَانٍ فَصِيحٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلاّ الله1. أبو عبد الرحمن عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مُتَّفَقٌ عَلَى تَرْكِهِ، وَعَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ فِيهِ جَهَالَةٌ، مَعَ أَنَّ الحديث منقطع.

_ 1 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أبو عبد الرحمن الوقاحي هو عثمان بن عبد الرحمن، متروك، وكذبه البعض كما في "الميزان" "5531".

وَقَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ، عَنْ بِشْرِ بْنِ حَجَرٍ أَخِي يَحْيَى بْنِ حَجَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بِنَحْوِهِ. وقال ابن عديّ في كامله: حدثنا الوليد بن حمّاد، بالرملة، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن، حدثنا الحكم بن يعلى المحاربيّ، حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ قَالَ: كُنْتُ نَائِمًا عَلَى جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الشَّرَاةِ، فَأَتَانِي آتٍ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ أَتَى رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. كَذَا فِيهِ سَعِيدٌ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي سَوَادٌ، وَعَبَّادٌ لَيْسَ بِثِقَةٍ يَأْتِي بِالطَّامَّاتِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: أَوَّلُ مَا سُمِعَ بِالْمَدِينَةِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ تُدْعَى فَطِيمَةَ، كَانَ لَهَا تَابِعٌ مِنَ الْجِنِّ، فَجَاءَ يَوْمًا فَوَقَعَ عَلَى جِدَارِهَا، فَقَالَتْ: مَا لَكَ لَا تَدْخُلُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ نَبِيٌّ يُحَرِّمُ الزِّنَى، فَحَدَّثَتْ بِذَاكَ الْمَرْأَةُ عَنْ تَابِعِهَا مِنَ الْجِنِّ، فَكَانَ أَوَّلَ خَبَرٍ تُحَدِّثُ بِهِ بِالْمَدِينَةِ2. وقال يحيى بن يوسف الزّمي: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَوَّلُ خَبَرٍ قَدِمَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَدِينَةِ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ لَهَا تَابِعٌ، فَجَاءَ فِي صُورَةِ طَائِرٍ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَائِطِ دَارِهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: انْزِلْ، قَالَ: لَا، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ بِمَكَّةَ نَبِيٌّ يُحَرِّمُ الزِّنَى، قَدْ مَنَعَ مِنَّا الْقَرَارَ3. وَفِي الْبَابِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ عَامَّتُهَا واهية الأسانيد.

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 253-254"، وعباد بن عبد الصمد ضعيف جدًّا كما في "الميزان" "4128". 2 مرسل. 3 عزاه الحافظ ابن كثير في "البداية" لأبي نعيم.

وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ، وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} 1. قَالَ شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ2. أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شَيْبَانَ، لَكِنْ لَمْ يَقُلِ الْبُخَارِيُّ "مَرَّتَيْنِ". وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ، وَزَادَ "فَانْشَقَّ فِرْقَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ"3. وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوٌ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ أبي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْقَمَرَ مُنْشَقًّا شِقَّتَيْنِ بِمَكَّةَ، قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شِقَّةٌ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَشِقَّةٌ عَلَى السُّوَيْدَاءِ، فَقَالُوا: سُحِرَ الْقَمَرِ4. لَفْظُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَرَادَ "قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" يَعْنِي إِلَى الْمَدِينَةِ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَلَفْظُهُ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَقَّتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشهدوا" 5.

_ 1 سورة القمر: 1-3. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4867" في كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} ، ومسلم "2802" في كتاب صفة القيامة، باب: انشقاق القمر، والترمذي "3297" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة القمر، وأحمد "3/ 65، 207، 220، 275، 278"، والطبري في "تفسيره" "27/ 50"، والنسائي في "الكبرى" "11554"، وأبو يعلى في "مسنده" "2929، 2930، 3113، 3141، 3187"، والحاكم في "مستدركه" "3761" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 262، 263، 264"، والطحاوي في "مشكل الآثار" "708" والبغوي في "تفسيره" "4/ 235". 3 صحيح: انظر التخريج السابق. 4 لم أجده بهذا اللفظ. 5 صحيح: أخرجه البخاري "4864، 4865" في المصدر السابق، ومسلم "2800" في المصدر السابق، والترمذي "3296، 3298" في المصدر السابق، والنسائي في "الكبرى" "11552، 11553" والطيالسي في "مسنده" "ص37، 38" والطبري في "تفسيره" "27/ 50، 51" والطبراني في "الكبير" "9996، 9997، 10009"، وأبو نعيم في "الدلائل" "ص200، 201، 202"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 264-266"، والحاكم في "مستدركه" "3756، 3757" وابن حبان في "صحيحه" "6495" والبزار كما في "مختصر زائد البزار" "1801، 1802، 1971"، والطحاوي في "المشكل" "697، 698، 700، 701، 702، 703"، والبغوي في "تفسيره" "4/ 235".

وَأَخْرَجَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن الأعمش، حدثنا إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْفَلَقَ الْقَمَرُ، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَارَتْ فِلْقَةٌ مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ، وَفِلْقَةٌ دُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْهَدُوا" 1. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطّيالسيّ في "مسنده": حدثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: هَذَا سِحْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ فَقَالُوا: انْظُرُوا مَا يَأْتِيكُمْ بِهِ السُّفَّارُ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْحَرَ النَّاسَ كُلَّهُمْ، فَجَاءَ السُّفَّارُ فَقَالُوا: ذَلِكَ صَحِيحٌ2. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ نَحْوَهُ. وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. متفق عَلَيْهِ مَنْ حَدِيثِ بَكْرٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي قوله {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} 4 قَالَ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْشَقَّ فِلْقَتَيْنِ، فِلْقَةٌ مِنْ دُونِ الْجَبَلِ، وَفِلْقَةٌ مِنْ خَلْفِ الْجَبَلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "اللهمّ اشهد" 5. أخرجه مسلم.

_ 1 صحيح: انظر التخريج السابق. 2 تقدم تخريجه من "مسند الطيالسي". 3 صحيح: أخرجها البخاري "4866" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} ، ومسلم "2803" في كتاب صفة القيامة، باب: انشقاق القمر، والطبري في "تفسيره" "27/ 51" والطبراني في "الكبير" "10734، 10735"، وأبو نعيم في "الدلائل" "ص201، 202"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 267" والطحاوي في "مشكل الآثار "704، 705". 4 سورة القمر: 1. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2801" في المصدر السابق، والترمذي "3299" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة القمر، والطيالسي في "مسنده" "ص257" والطبري في "تفسيره" "27/ 50"، والطبراني في "الكبير" "13473"، أبو نعيم في "الدلائل" "ص201"، والحاكم في "مستدركه" "3759"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 267"، وابن حبان في "صحيحه" "6496".

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَهُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ، وَنَحْنُ بِمَكَّةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو كُدَيْنَةَ، وَالْمُفَضَّلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ حُصَيْنٍ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن أبيه. والأول أصحّ.

_ 1 صحيح: أخرجه الترمذي "3300" في المصدر السابق، وأحمد "4/ 82"، والطبري في "تفسيره" "27/ 51"، والطبراني في "الكبير" "1559، 1560، 10561"، والحاكم في "مستدركه" "3760" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 268"، وابن حبان في "صحيحه" "6497" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". وفي الباب عن حذيفة -رضي الله عنه- وأخرجه الطبري في "تفسيره" "27/ 51" والطحاوي في "مشكل الآثار" "706، 707". وعن علي -رضي الله عنه- أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" "696".

باب: ويسألونك عن الروح

بَابُ: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلْيَهُودِ: أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُ عَنْهُ هَذَا الرَّجُلَ، فَقَالُوا: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فَنَزَلَتْ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} 2، قَالُوا: نَحْنُ لَمْ نُؤْتَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قليلًا، وقد أوتينا التّوارة فيها حكم الله، ومن أوتي التّوارة فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا، قَالَ: فَنَزَلَتْ {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} الْآيَةَ3. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، بَعَثُوا النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ إِلَى أَحْبَارِ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ، وَقَالُوا لَهُمْ: سَلُوهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَصِفُوا لهم

_ 1 صحيح: أخرجه الترمذي "3300" في المصدر السابق، وأحمد "4/ 82"، والطبري في "تفسيره" "27/ 51"، والطبراني في "الكبير" "1559، 1560، 10561"، والحاكم في "مستدركه" "3760" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 268"، وابن حبان في "صحيحه" "6497" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". وفي الباب عن حذيفة -رضي الله عنه- وأخرجه الطبري في "تفسيره" "27/ 51" والطحاوي في "مشكل الآثار" "706، 707". وعن علي -رضي الله عنه- أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" "696". 2 سورة الإسراء: 85. 3 سورة الكهف: 109. والخبر صحيح، أخرجه الترمذي "3151" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة بني إسرائيل، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "8/ 2531": رجاله رجال مسلم. وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

صِفَتَهُ، وَأَخْبِرُوهُمْ بِقَوْلِهِ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، وَعِنْدَهُمْ عِلْمُ مَا لَيْسَ عِنْدَنَا، فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ، فَسَأَلُوا أَحْبَارَ الْيَهُودِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَصَفُوا لَهُمْ أَمْرَهُ بِبَعْضِ قَوْلِهِ، فَقَالَتْ لَهُمْ أَحْبَارُ الْيَهُودِ: سَلُوهُ عَنْ ثلاث نَأْمُرُكُمْ بِهِنَّ، فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِنَّ فَهُوَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ. سَلُوهُ عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ الْأَوَّلِ، مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ، فَإِنَّهُ كَانَ لَهُمْ حَدِيثٌ عَجَبٌ. وَسَلُوهُ عَنْ رَجُلٍ طَوَّافٍ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَمَا كَانَ نَبَؤُهُ. وَسَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ مَا هُوَ، فَقَدِمَا مَكَّةَ فَقَالَا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَدْ جِئْنَاكُمْ بِفَصْلِ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، قَدْ أَمَرَنَا أَحْبَارُ يَهُودَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ أُمُورٍ، فَجَاءُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنَا، وَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: "أُخْبِرُكُمْ غَدًا"، وَلَمْ يَسْتَثْنِ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ، فَمَكَثَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُحْدِث اللَّهُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحْيًا، وَلَمْ يَأْتِهِ جِبْرِيلُ، حَتَّى أَرْجَفَ أَهْلُ مَكَّةَ، وَقَالُوا: وَعَدَنَا غَدًا وَالْيَوْمُ خَمْسَ عَشَرَ، وَأَحْزَنَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُكْثَ الْوَحْيِ، ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ بِسُورَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ فِيهَا مُعَاتَبَتُهُ إِيَّاهُ عَلَى حُزْنِهِ، وَخَبَرُ الْفِتْيَةِ وَالرَّجُلُ الطَّوَّافُ وَقَالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} 1. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُؤَالَ الْيَهُودِ عَنِ الرُّوحِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ. وَلَعَلَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ مَرَّتَيْنِ2. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا، وَأَنْ يُنَحِّيَ عَنْهُمُ الْجِبَالَ فَيَزْرَعُوا فِيهَا. فَقَالَ اللَّهُ: إِنْ شِئْتَ آتَيْنَاهُمْ مَا سَأَلُوا، فَإِنْ كَفَرُوا أُهْلِكُوا كَمَا أهلك من كان

_ 1 إسناده ضعيف: للجهالة فيه، وأخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 270". 2 حديث ابن مسعود بنحو حديث ابن عباس: وقد أخرجه البخاري "4721" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} ، ومسلم "2794" في كتاب صفة القيامة، باب: سؤال اليهود النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الروح.

قَبْلَهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أَسْتَأْنِيَ بِهِمْ. قَالَ: "بَلْ تَسْتَأْنِي بِهِمْ". وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} 1. حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَيُّوبَ، عن سعيد بن جبير.

_ 1 سورة الإسراء: 59. والخبر إسناده صحيح، أخرجه أحمد "1/ 258"، والنسائي في "الكبرى" "11290" وهو كما قال الشيخ أحمد شاكر في "المسند" "2333": إسناده صحيح.

ذكر أذية المشتركين للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين

ذكر أذية المشتركين للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين ... ذِكْرُ أَذِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِلْمُسْلِمِينَ: الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قُلْتَ: حَدِّثْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: أَقْبَلَ عقبة بن أبي معيط والنّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبَيْهِ، فَدَفَعَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} 1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، وَعُبَيْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَهَذِهِ عِلَّةٌ ظَاهِرَةٌ، لَكِنْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَهَذَا تَرْجِيحٌ لِلأَوَّلِ. وقال سفيان، وشعبة، واللّفظ له: حدثنا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاجِدٌ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَثَمَّ سَلَى2 بَعِيرٍ، فَقَالُوا: مَنْ يَأْخُذُ سَلَى هَذَا الْجَزُورِ فَيَقْذِفُهُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَجَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَخَذَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا عَلَيْهِمْ إِلَّا يَوْمَئِذٍ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ" -أَوْ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ، شَكَّ شُعْبَةُ، وَلَمْ يَشُكَّ سفيان بن أميّة- قال عبد الله: فقد رأيتهم

_ 1 سورة غافر: 28. والخبر أخرجه البخاري "4815" في كتاب التفسير، باب: سورة المؤمن، وأحمد "2/ 204"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 274". 2 السلى: الجلدة الرقيقة التي يخرج فيها الجنين من بطن أمه.

قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ وَأُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ، غَيْرَ أَنَّ أُمَيَّةَ كَانَ رَجُلا بَادِنًا، فَتَقَطَّعَ قَبْلَ أَنْ يُبْلَغَ بِهِ الْبِئْرُ1. أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شعبة، ومن حديث سفيان. وقال "م"2: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ، عن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالْأَمْسِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلَى جَزُورٍ فَيَضَعُهُ عَلَى كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ، فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فضحكوا وجعل بعضكم يَمِيلُ إِلَى بَعْضٍ، وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ، وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ وَسَبَّتْهُمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ، وَكَانَ إذا دَعَا ثَلَاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ" ثَلَاثًا، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمُ الضَّحِكُ وَخَافُوا دَعْوَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ" وَذَكَرَ السَّابِعَ وَلَمْ أَحْفَظْهُ. فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ، لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ3. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إسلام سَبْعَةٌ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ، وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلَالٌ، وَالْمِقْدَادُ. فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ. وَأَمَّا أبو بكر فمنعه الله بقومه.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3854" في كتاب مناقب الأنصار، باب: ما لقي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ مِنَ المشركين بمكة، ومسلم "1794" في كتاب الجهاد، باب: ما لقي النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أذى المشركين والمنافقين، وأحمد "1/ 417"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 278". 2 إشارة إلى "مسلم". 3 صحيح: أخرجه مسلم "1794/ 107" في المصدر السابق.

وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ، وأوقفوهم في الشمس، فما ن أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وَاتَاهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا غَيْرَ بِلَالٍ، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، فَأَعْطُوهُ الْوِلْدَانَ فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ، وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ1. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِعَمَّارٍ وَأَهْلِهِ، وَهُمْ يُعَذَّبُونَ، فَقَالَ: "أَبْشِرُوا آلَ يَاسِرَ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ" 2. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ أَوَّلُ شَهِيدٍ فِي الْإِسْلَامِ أُمَّ عَمَّارٍ سُمَيَّةُ، طَعَنَهَا أَبُو جَهْلٍ بحربة في قبلها3. وقال يونس بن بكير، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْتَقَ مِمَّنْ كَانَ يُعَذَّبُ فِي اللَّهِ سَبْعَةً، فَذَكَرَ مِنْهُمُ الزِّنِّيرَةَ، قَالَ: فَذَهَبَ بَصَرُهَا، وَكَانَتْ مِمَّنْ يُعَذَّبُ فِي اللَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَتَأْبَى إِلَّا الْإِسْلَامَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: مَا أَصَابَ بَصَرَهَا إِلَّا اللَّاتُ وَالْعُزَّى، فَقَالَتْ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا هُوَ كَذَلِكَ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهَا بَصَرَهَا4. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بن أبي خالد وغيره: حدثنا قَيْسٌ قَالَ: سَمِعْتُ خَبَّابًا يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَقَدْ لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً شَدِيدَةً فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلا تدعو اللَّهَ، فَقَعَدَ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ فَقَالَ: "إِنْ كان من قَبْلَكُمْ لَيُمَشِّطُ أَحَدَهُمْ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عَظْمِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتَمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا

_ 1 حسن: أخرجه ابن ماجه "150" في المقدمة، باب: في فصائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "1/ 404"، وأبو نعيم في "الحلية" "487"، وحسنه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "122". 2 صحيح: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "5666" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 282"، وقال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص122": حديث حسن صحيح، رواه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 203" بلاغًا، ووصله الحاكم والطبراني في "الأوسط" "كما في "المجمع" "9/ 293" عن جابر، وأخرجه أبو أحمد الحاكم في "الإصابة". ا. هـ. 3 مرسل: ذكره الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 71" وعزاه للإمام أحمد، وقال: مرسل. 4 مرسل.

اللَّهَ" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَزَادَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ2. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَبْلُغُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْعَذَابِ مَا يُعْذَرُونَ بِهِ فِي تَرْكِ دِينِهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، إِنْ كَانُوا لَيَضْرِبُونَ أَحَدَهُمْ يُجِيعُونَهُ وَيُعَطِّشُونَهُ، حَتَّى مَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَسْتَوِي جالسًا من شدّة الضّرّ الذي نزل له، حَتَّى يُعْطِيَهُمْ مَا سَأَلُوهُ مِنَ الْفِتْنَةِ، حَتَّى يَقُولُوا لَهُ: آللَّاتُ وَالْعُزَّى إِلَهُكَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، حَتَّى إِنَّ الْجُعْلَ لَيَمُرُّ بهم فيقولون له: أهذا الْجُعْلُ إِلَهُكَ مِنْ دُونَ اللَّهِ، فَيَقُولُ: نَعَمْ، افْتِدَاءً مِنْهُمْ مِمَّا يَبْلُغُونَ مِنْ جَهْدِهِ3. وَحَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ عُكَّاشَةَ، أَنَّهُ حُدِّثَ، أَنَّ رِجَالًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ مَشَوْا إِلَى هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ، حِينَ أَسْلَمَ أَخُوهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَكَانُوا قَدْ أَجْمَعُوا أَنْ يَأْخُذُوا فِتْيَةً مِنْهُمْ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا، مِنْهُمْ سَلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، قَالَ: فَقَالُوا لَهُ وَخَشَوْا شَرَّهُ: إِنَّا قَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُعَاتِبَ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةِ عَلَى هَذَا الدِّينِ الَّذِي قَدْ أحدثوا فإنّا بِذَلِكَ فِي غَيْرِهِ، قَالَ: هَذَا فَعَلَيْكُمْ بِهِ فَعَاتِبُوهُ، يَعْنِي أَخَاهُ الْوَلِيدَ، ثُمَّ إِيَّاكُمْ وَنَفْسَهُ، وَقَالَ: أَلَا لَا تَقْتُلُنَّ أَخِي عُيَيْشًا ... فَيَبْقَى بَيْنَنَا أَبَدًا تَلَاحِي احْذَرُوا عَلَى نَفْسِهِ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُ لَأَقْتُلَنَّ أَشْرَفَكُمْ رَجُلا، قَالَ: فَتَرَكُوهُ، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا دَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ4. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ العاص من

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3852" في كتاب مناقب الأنصار، باب: ما لقي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ مِنَ المشركين بمكة، وأبو داود "2649" في كتاب الجهاد، باب: في الأسير يكره على الكفر، وأحمد "5/ 109، 110، 111" وأبو نعيم في "الحلية" "473"، ولم يروه مسلم كما يدل عليه خاتمة كتاب المناقب في "الفتح" "6/ 735". 2 صحيح: انظر التخريج السابق. 3 إسناده ضعيف: حكيم بن جبير ضعيف كما في "التقريب" "1468". 4 إسناده ضعيف.

الْحَبَشَةِ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ، لا لَهُ لَا يَخْرُجُ؟ فَقَالَ: إِنَّ أَصْحَمَةَ يَزْعُمُ أنّ صاحبكم نبيّ1. كتاب النجاشي للنبي -صلى الله عليه وسلم- بإسلامه: وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، مَنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ الرَّازِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، وَأَنَّ النَّجَاشِيَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّجَاشِيِّ أَصْحَمَةَ بْنِ أَبْحَرَ، سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبركاته، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ ابْنَ عَمِّكَ، وَأَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْهِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ أَرِيحَا ابْنِي، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي، وَإِنْ شِئْتَ، أَنْ آتِيَكَ فَعَلْتُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ اسْمُ النَّجَاشِيِّ مَصْحَمَةَ، وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّةٌ، وَإِنَّمَا النَّجَاشِيُّ اسْمُ الْمَلِكِ، كَقَوْلِكَ كِسْرَى وَهِرَقْلُ3. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ4، وَأَمَّا قَوْلُهُ مَصْحَمَةُ فلفظ غريب.

_ 1 مرسل. 2 معضل إسناده ضعيف جدًّا: محمد بن حميد الرازي متهم كما يأتي في ترجمته "1935". 3 معضل. 4 صحيح: أخرجه البخاري "1334" في كتاب الجنائز، باب: التكبير على الجنازة أربعًا، ومسلم "952": في كتاب الجنائز، باب: في التكبير على الجنائز، والنسائي "4/ 69" في كتاب الجنائز، باب: الصفوف على الجنازة، وأحمد "3/ 295-319".

ذكر شعب أبي طالب والصحيفة

ذِكْرُ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ وَالصَّحِيفَةِ: قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُمُ اشْتَدُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَأَشَدِّ مَا كَانُوا، حَتَّى بَلَغَ الْمُسْلِمِينَ الْجَهْدُ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْبَلاءُ، وَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فِي مَكْرِهَا أَنْ يَقْتُلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَانِيَةً، فَلَمَّا رَأَى أَبُو طَالِبٍ عَمَلَهُمْ جَمَعَ بَنِي هَاشِمٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شِعْبَهُمْ وَيَمْنَعُوهُ مِمَّنْ أَرَادَ قَتْلَهُ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ فَعَلَهُ حَمِيَّةً، وَمِنْهُمْ مَنْ فَعَلَهُ إِيمَانًا، فَلَمَّا عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ مَنَعُوهُ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ أَنْ لَا يُجَالِسُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ، حَتَّى يُسْلِمُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْقَتْلِ، وَكَتَبُوا فِي مَكْرِهِمْ صَحِيفَةً وَعُهُودًا وَمَوَاثِيقَ، لَا يَقْبَلُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَبَدًا صُلْحًا، وَلَا تَأْخُذُهُمْ بِهِمْ رَأْفَةٌ حَتَّى يُسْلِمُوهُ لِلْقَتْلِ. فَلَبِثَ بَنُو هَاشِمٍ فِي شِعْبِهِمْ، يَعْنِي ثَلاثَ سِنِينَ، واشتدّ عليهم البلاء، وقطعوا عنهم الأصواق، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ إِذَا نَامَ النَّاسُ أَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِهِ، حَتَّى يَرَى ذَلِكَ مَنْ أَرَادَ مَكْرًا بِهِ وَاغْتِيَالَهُ، فَإِذَا نَامَ النَّاسُ أَمَرَ أَحَدَ بَنِيهِ أَوْ إِخْوَتِهِ فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيَأْتِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِرَاشَ ذَلِكَ فَيَنَامُ عَلَيْهِ، فَمَا كَانَ رَأْسُ ثَلَاثِ سِنِينَ، تَلَاوَمَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَمِنْ بَنِي قُصَيٍّ، وَرِجَالٌ أُمَّهَاتُهُمْ مِنْ نِسَاءِ بَنِي هَاشِمٍ، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ قَطَّعُوا الرَّحِمَ وَاسْتَخَفُّوا بِالْحَقِّ، وَاجْتَمَعَ أَمْرُهُمْ مِنْ لَيْلَتِهِمْ عَلَى نَقْضِ مَا تَعَاهَدُوا عَلَيْهِ مِنَ الْغَدْرِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ. وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَى صَحِيفَتِهِمُ الْأَرَضَةَ1، فَلَحَسَتْ كُلَّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، وَيُقَالُ كَانَتْ مُعَلَّقَةً فِي سَقْفِ الْبَيْتِ، فَلَمْ تَتْرُكِ اسْمًا لِلَّهِ إِلا لَحَسَتْهُ، وَبَقِيَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ شَرْكٍ أَوْ ظُلْمٍ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَأَخْبَرَ بِهِ أَبَا طَالِبٍ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: لَا وَالثَّوَاقِبِ2 مَا كَذَبَنِي، فَانْطَلَقَ يَمْشِي بِعِصَابَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ وَهُوَ حَافِلٌ مِنْ قُرَيْشٌ، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: قَدْ حَدَثَتْ أُمُورٌ بَيْنَكُمْ لَمْ نَذْكُرْهَا لَكُمْ، فَائْتُوا بِصَحِيفَتِكُمُ الَّتِي تَعَاهَدْتُمْ عَلَيْهَا، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ صُلْحٌ، فَأَتَوْا بِهَا وَقَالُوا: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَقْبَلُوا وَتَرْجِعُوا إِلَى أَمْرٍ يَجْمَعُ قَوْمَكُمْ، فَإِنَّمَا قَطَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَجَعَلْتُمُوهُ خَطَرًا لِلْهَلَكَةِ، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: إِنَّمَا أَتَيْتُكُمْ لِأُعْطِيكُمْ أَمْرًا لَكُمْ فِيهِ نِصْفٌ3، إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي وَلَمْ يَكْذِبْنِي، أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، وَمَحَا كُلَّ اسْمٍ هُوَ لَهُ فِيهَا، وَتَرَكَ فِيهَا غَدْرَكُمْ وَقَطِيعَتَكُمْ، فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، فأفيقوا، فوالله لا

_ 1 الأرضة: دوبية تأكل الخشب. 2 الثواقب: الكواكب المضيئة. 3 نصف: إنصاف.

نُسْلِمُهُ أَبَدًا حَتَّى نَمُوتَ مِنْ عِنْدِ آخِرِنَا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَالَ بَاطِلًا، دَفَعْنَاهُ إِلَيْكُمْ، فَرَضُوا وَفَتَحُوا الصَّحِيفَةَ، فَلَمَّا رَأَتْهَا قُرَيْشٌ كَالَّذِي قَالَ أَبُو طَالِبٍ، قَالُوا: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ هَذَا قَطُّ إِلَّا سِحْرًا مِنْ صَاحِبِكُمْ، فَارْتَكَسُوا1 وَعَادُوا لِكُفْرِهِمْ، فَقَالَ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إِنَّ أَوْلَى بِالْكَذِبِ وَالسَّحْرِ غَيْرَنَا، فَكَيْفَ تَرَوْنَ، وَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ قَطِيعَتِنِا أَقْرَبُ إِلَى الْجِبْتِ وَالسِّحْرِ مِنْ أَمْرِنَا، وَلَوْلا أَنَّكُمُ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى السِّحْرِ لَمْ تَفْسُدِ الصَّحِيفَةُ، وَهِيَ فِي أَيْدِيكُمْ، أَفَنَحْنُ السَّحَرَةُ أَمْ أَنْتُمْ؟ فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَزُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَهِشَامُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَتِ الصَّحِيفَةُ عِنْدَهُ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، فِي رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ: نَحْنُ بَرَاءٌ مِمَّا فِي هذه الصَّحِيفَةِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَذَا أَمْرٌ قُضِيَ بِلَيْلٍ2. وَذَكَرَ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ نَحْوًا مِنْ هَذَا، وَقَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ، يَعْنِي حين فارق قومه من الشعب، لقي هندًا بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَ لَهَا: هَلْ نَصَرْتِ اللاتَ وَالْعُزَّى وَفَارَقْتِ مَنْ فَارَقَهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا أَبَا عُتْبَةَ3. وَأَقَامَ بَنُو هَاشِمٍ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا حَتَّى جُهِدُوا، لَا يَصِلُ إِلَيْهِمْ شَيْءٌ إِلا سِرًّا مُسْتَخْفًى بِهِ. وَقَدْ كَانَ أَبُو جَهْلٍ فِيمَا يَذْكُرُونَ لَقِيَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ، وَمَعَهُ غُلَامٌ يَحْمِلُ قَمْحًا، يُرِيدُ بِهِ عَمَّتَهُ خَدِيجَةَ، وَهِيَ فِي الشِّعْبِ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَقَالَ: أَتَذْهَبُ بِالطَّعَامِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَاللَّهِ لَا تَبْرَحُ أَنْتَ وَطَعَامُكَ حَتَّى أَفْضَحَكَ بِمَكَّةَ، فَجَاءَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهُ! قَالَ: يَحْمِلُ الطَّعَامَ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ! قَالَ: طَعَامٌ كَانَ لِعَمَّتِهِ عِنْدَهُ أَفَتَمْنَعُهُ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامِهَا، خَلِّ سَبِيلَ الرَّجُلِ، فَأَبَى أَبُو جَهْلٍ حَتَّى نَالَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَأَخَذَ لَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لِحَى بَعِيرٍ، فَضَرَبَهُ فَشَجَّهُ وَوَطِئَهُ وَطْئًا شَدِيدًا، وَحَمْزَةُ يَرَى ذَلِكَ، وَيَكْرَهُونَ أن يبلغ ذلك

_ 1 ارتكسوا: انتكسوا. 2 مرسل: انظر "البداية" "2/ 101، 102". 3 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 332".

رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، فيشتموا بهم. قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ذَلِكَ يَدْعُو قَوْمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَجَهْرًا1. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: فَلَمَّا أَفْسَدَ اللَّهُ الصَّحِيفَةَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورهطه، فعاشوا وخالطوا النّاس.

_ 1 ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "السيرة" "1/ 333، 334".

باب: إنا كفيناك المستهزئين

بَابُ: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} 1 قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} قَالَ: الْمُسْتَهْزِئُونَ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عبد يغوث الزّهري، وأبو زمعة السود بن المطّلب من بني أسد ين عبد العزّى، والحارث بن عيطل، السَّهْمِيُّ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَشَكَاهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِ، فَأَرَاهُ الْوَلِيدَ، وَأَوْمَأَ جِبْرِيلُ إِلَى أَبْجَلِهِ2 فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: كُفِيتَهُ، ثُمَّ أَرَاهُ الْأَسْوَدَ، فَأَوْمَأَ جِبْرِيلُ إِلَى عَيْنَيْهِ فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: كُفِيتَهُ، ثُمَّ أَرَاهُ أَبَا زَمْعَةَ، فَأَوْمَأَ إِلَى رَأْسِهِ فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ كُفِيتَهُ، ثُمَّ أَرَاهُ الْحَارِثَ، فَأَوْمَأَ إِلَى رَأْسِهِ أَوْ بَطْنِهِ وَقَالَ: كُفِيتَهُ، فَأَمَّا الْوَلِيدُ، فَمَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ، وَهُوَ يَرِيشُ نِبَالًا، فَأَصَابَ أَبْجَلَهُ فَقَطَعَهَا، وَأَمَّا الْأَسْوَدُ فَعَمِيَ. وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ يَغُوثَ فخرج في رأسه قروح فمات مِنْهَا، وَأَمَّا الْحَارِثُ فَأَخَذَهُ الْمَاءُ الأَصْفَرُ فِي بَطْنِهِ، حَتَّى خَرَجَ خُرْؤُهُ مِنْ فِيهِ فَمَاتَ مِنْهَا، وَأَمَّا الْعَاصُ فَدَخَلَ فِي رَأْسِهِ شِبْرَقَةٌ3، حَتَّى امْتَلَأَتْ فَمَاتَ مِنْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّهُ رَكِبَ إِلَى الطَّائِفِ حِمَارًا فَرَبَضَ بِهِ عَلَى شَوْكَةٍ، فَدَخَلَتْ فِي أَخْمَصِهِ4 فَمَاتَ مِنْهَا5. حَدِيثٌ صحيح.

_ 1 سورة الحجر: 95. 2 الأبجل: عرق في ذراع البعير والفرس. 3 الشبرقة: نبات حجازي له شوك. 4 الأخمص: باطن القدم المرفوع عن الأرض. 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 316-318".

دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش بالسنة

دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قُرَيْشٍ بِالسَّنَةِ 1: قَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ قَالَ فِيمَا يَقُولُ: يَوْمَ تأتي السّماء بدخان مبين، قَالَ: دُخَانٌ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ، وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكْمَةِ، فَقُمْنَا فَدَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عِلْمًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلْ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ الْعَالِمُ لِمَا لَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} 2. وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنِ الدُّخَانِ: إِنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبْطَئُوا عَنِ الْإِسْلَامِ قَالَ: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ"، فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ فَحَصَّتْ3 كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْجِيَفَ وَالْمَيْتَةَ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ يَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجُوعِ، ثُمَّ دَعَوْا فَكُشِفَ عَنْهُمْ، يَعْنِي قَوْلَهُمْ {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} 4. ثم قرأ عبد الله {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} 5 قَالَ: فَعَادُوا فَكَفَرُوا فَأُخِّرُوا إِلَى يَوْمِ بَدْرٍ {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} 6. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَ بَدْرٍ فَانْتُقِمَ مِنْهُمْ7. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الدَّهَّانُ، وَقَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ: أَنْبَأَ أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا قَالَ: "اللَّهُمَّ سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ" فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى أَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْجُلُودَ وَالْعِظَامَ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَغَيْرُهُ فَقَالَ: إِنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ بُعِثْتَ رَحْمَةً، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ، فَدَعَا فَسُقُوا الغيث8.

_ 1 السنة: القحط. 2 سورة ص: 86. 3 فحصت: المراد أهلكت. 4 سورة الدخان: 12. 5 سورة الدخان: 15. 6 سورة الدخان: 16. 7 صحيح: أخرجه البخاري "4822" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} ، ومسلم "2798" في كتاب صفة القيامة، باب: الدخان، والترمذي "3265" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الدخان، وأحمد "1/ 431، 441"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 326، 327". 8 انظر التخريج السابق، وهو لفظ البيهقي.

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَضَتْ آيَةُ الدُّخَانِ، وَهُوَ الْجُوعُ الَّذِي أَصَابَهُمْ، وَآيَةُ الرُّومِ، وَالْبَطْشَةُ الْكُبْرَى، وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ1. وَأَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ: اللِّزَامُ، وَالرُّومُ، وَالدُّخَانُ، وَالْقَمَرُ، وَالْبَطْشَةُ2. وَقَالَ أَيُّوبُ وَغَيْرُهُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَغِيثُ مِنَ الْجُوعِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، حَتَّى أَكَلُوا الْعِلْهِزَ3. بِالدَّمِ، فَنَزَلَتْ: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} 4.

_ 1 صحيح: انظر التخريج المتقدم. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2798/ 41" في المصدر السابق. 3 العلهز: الوبر المختلط بالدم. 4 سورة المؤمنون: 76. والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 329".

ذكر الروم

ذِكْرُ الرُّومِ: وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسٍ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ فَارِسٌ عَلَى الرُّومِ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ أَوْثَانٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَمَا إِنَّهُمْ سَيَظْهَرُونَ"، فَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ ذَلِكَ، فقالوا: اجعل بيننا وبينكم أَجَلًا، فَجَعَلَ بَيْنَهُمْ أَجَلَ خَمْسِ سِنِينَ فَلَمْ يَظْهَرُوا، فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَلَا جَعَلْتَهُ -أَرَاهُ قَالَ- دُونَ الْعَشْرِ"، قَالَ: فَظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ} 1.

_ 1 سورةالروم: 2-4. والخبر صحيح، أخرجه الترمذي "3204" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الروم، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: وَسَمِعْتُ أَنَّهُمْ ظَهَرُوا يَوْمَ بَدْرٍ1. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنِ ابْنِ عبّاس: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ} 2 قَالَ: قَدْ مَضَى ذَلِكَ وَغَلَبَتْهُمْ فَارِسٌ، ثُمَّ غَلَبَتْهُمُ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَقِيَ نَبِيُّ اللَّهِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَالْتَقَتِ الرُّومُ وَفَارِسُ، فَنَصَرَ اللَّهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَنُصِرَ الرُّومُ عَلَى مُشْرِكِي الْعَجَمِ، فَفَرِحَ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، وَنَصْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ3. قَالَ عَطِيَّةُ: فَسَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: الْتَقَيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْنُ وَمُشْرِكُو الْعَرَبِ، وَالْتَقَتِ الرُّومُ وَفَارِسُ، فَنَصَرَنَا اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَنَصَرَ اللَّهُ أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى الْمَجُوسِ، فَفَرِحْنَا بِنَصْرِنَا وَنَصْرِهِمْ4. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ -يَعْنِي أَوَّلَ الرُّومِ- نَاحَبَ أَبُو بَكْرٍ بَعْضَ الْمُشْرِكِينَ، يَعْنِي رَاهَنَ قَبْلَ أَنْ يُحَرَّمَ الْقِمَارُ، عَلَى شَيْءٍ، إِنْ لَمْ تُغْلَبْ فَارِسُ فِي سبع سنين، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِمَ فَعَلْتَ، فَكُلُّ مَا دُونَ الْعَشْرِ بِضْعٌ"، فَكَانَ ظُهُورُ فَارِسِ عَلَى الرُّومِ فِي سَبْعِ سِنِينَ، وَظُهُورُ الرُّومِ عَلَى فَارِسٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ. ثُمَّ أَظْهَرَ اللَّهُ الرُّومَ عَلَيْهِمْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ5. وَقَالَ ابْنُ أَبِي عروبة، عن قتادة {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} 6 قَالَ: غَلَبَهُمْ أَهْلُ فَارِسٍ عَلَى أَدْنَى الشَّامِ، قَالَ: فَصَدَّقَ الْمُسْلِمُونَ رَبَّهُمْ، وَعَرَفُوا أَنَّ الرُّومَ سيظهرون بعد، فاقتمروا هم المشركون عَلَى خَمْسِ قَلَائِصَ7، وَأَجَّلُوا بَيْنَهُمْ خَمْسَ سِنِينَ، فَوَلِيَ قِمَارَ الْمُسْلِمِينَ أَبُو بَكْرٍ، وَوَلِيَ قِمَارَ الْمُشْرِكِينَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ

_ 1 صحيح: ذكره الترمذي عقب الرواية السابقة، ويأتي موصولًا عن أبي سعيد الخدري. 2 سورة الروم: 1، 2. 3 إسناده ضعيف: عطية العوفي ضعيف,. 4 صحيح: أخرجه بنحوه الترمذي "3203" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الروم، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 5 مرسل. 6 سورة الروم: 3. 7 قلائص: الإبل الفتية.

يُنْهَى عَنِ الْقِمَارِ، فَجَاءَ الْأَجَلُ، وَلَمْ تَظْهَرِ الرُّومُ، فَسَأَلَ الْمُشْرِكُونَ قِمَارَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَمْ تَكُونُوا أَحِقَّاءَ أَنْ تُؤَجِّلُوا أَجَلًا دُونَ الْعَشْرِ، فَإِنَّ الْبِضْعَ ما بين الثلاث إلى العشر، فزايدوهم مادّوهم فِي الْأَجَلِ" فَفَعَلُوا، فَأَظْهَرَ اللَّهُ الرُّومَ عِنْدَ رَأْسِ السَّبْعِ مِنْ قِمَارِهِمُ الْأَوَّلِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَرْجِعَهُمْ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ1. وَقَالَ الوليد بن مسلم: حدثنا أُسَيْدٌ الْكِلَابِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ الْعَلَاءَ بْنَ الزُّبَيْرِ الْكِلَابِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ غَلَبَةَ فَارِسٍ الرُّومَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الرُّومِ فَارِسَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الْمُسْلِمِينَ فَارِسَ وَالرُّومَ، وَظُهُورَهُمْ عَلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، كُلُّ ذَلِكَ فِي خَمْسَ عشرة سنة.

_ 1 مرسل.

ثم توفي عمه أبو طالب وزوجته خديجة

ثُمَّ تُوُفِّيَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَزَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ: يُقَالُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} 1. أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ وَنَزَلَ فِيهِ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} 2. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَمَّنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي قوله تعالى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَنْهَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَنْأَى عَنْهُ3. وَرَوَاهُ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنْ حَبِيبٍ، فَقَالَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فوجد أَبَا جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَمُّ قُلْ لَا إِلَهَ إلا الله أحاجّ لك بها

_ 1 سورة الأنعام: 26. 2 سورة القصص: 56. 3 إسناده ضعيف: للجهالة فيه، وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 58" من طريق الواقدي.

عند الله" فقالا: أيا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! قَالَ: فَكَانَ آخِرُ كَلِمَةٍ أَنْ قَالَ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ" فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} 1 الْآيَتَيْنِ، وَنَزَلَتْ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} 2 أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ. وَقَدْ حَكَى عَنْ أَبِي طَالِبٍ، وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ، ابْنُهُ عَلِيٌّ، وَأَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَالَ: كُنْتُ بِذِي الْمَجَازِ مَعَ ابْنِ أَخِي، فَعَطِشْتُ، فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ، فَأَهْوَى بِعَقِبِهِ إلى الأرض، فَشَرِبْتُ3. وَعَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَسُودُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا بِمَالٍ، إِلَّا أَبَا طَالِبٍ وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ. قُلْتُ: وَلِأَبِي طَالِبٍ شِعْرٌ جِيِّدٌ مُدَوَّنٌ فِي السِّيرَةِ وَغَيْرِهَا. وَفِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ" مَنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا ضَحِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي طَالِبٍ، ظَهَرَ عَلَيْنَا أَبُو طَالِبٍ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُصَلِّي ببطن نخلة فقال: ماذا تصنعان يابن أَخِي؟ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ: مَا بِالَّذِي تَصْنَعَانِ مِنْ بَأْسٍ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا يَعْلُونِي اسْتِي أَبَدًا، فَضَحِكْتُ تَعَجُّبًا مِنْ قَوْلِ أَبِي4. وَرَوَى مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ قُرَيْشًا أَظْهَرُوا لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْعَدَاوَةَ وَالشَّتْمَ، فَجَمَعَ أَبُو طَالِبٍ رَهْطَهُ، فَقَامُوا بَيْنَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ يدعون الله على

_ 1 سورة التوبة: 113. 2 سورة القصص: 56. والخبر صحيح، أخرجه مسلم "24" في كتاب الإيمان، باب: الدليل على صحة إسلام من حضره الموت، وأخرجه البخاري "4675" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} ، والنسائي "4/ 90، 91" في كتاب الجنائز، باب: "25/ 433". 3 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 72". 4 إسناده، ضعيف جدًّا: يحيى بن سلمة بن كهيل متروك كما في "التقريب" "7561".

مَنْ ظَلَمَهُمْ، وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ أَبَى قَوْمُنَا إِلا الْبَغْيَ عَلَيْنَا فَعَجِّلْ نَصْرَنَا، وَخَلِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الَّذِي يُرِيدُونَ مِنْ قَتْلِ ابْنِ أَخِي، ثُمَّ دَخَلَ بِآلِهِ الشِّعْبَ1. ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَتَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا طَالِبٍ قَالَ: "أَيْ عَمُّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَسْتَحِلُّ لَكَ بِهَا الشَّفَاعَةَ"، قال: يابن أَخِي، وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُبَّةً عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ، يَرَوْنَ أَنِّي قُلْتُهَا جَزَعًا مِنَ الموت، لقلتها، لا أقولها إلا لأسرك بها، فَلَمَّا ثَقُلَ أَبُو طَالِبٍ رُؤِيَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَأَصْغَى إِلَيْهِ أَخُوهُ الْعَبَّاسُ ثُمَّ رَفَعَ عَنْهُ فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ وَاللَّهِ قَالَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ أَسْمَعْ"2. قُلْتُ: هَذَا لَا يَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ سَمِعَهُ الْعَبَّاسُ يَقُولُهَا لَمَا سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: هَلْ نَفَعْتَ عَمَّكَ بِشَيْءٍ3، وَلَمَا قَالَ عليّ بعد موته: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ4. صَحَّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، رَوَى عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنُ عُمَرَ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} 5 نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ6. زَيْدُ بن الحباب، حدثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْعَبَّاسِ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا تَرْجُو لِأَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: "كُلَّ الْخَيْرِ مِنْ رَبِّي" 7.

_ 1 مرسل. 2 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 383" وفي إسناده جهالة. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3883" في كتاب مناقب الأنصار، باب: قصة أبي طالب، ومسلم "209" في كتاب الإيمان، باب: شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي طالب، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 59". 4 صحيح: أخرجه أبو داود "3214" في كتاب الجنائز، باب: الرجل يموت له قرابة مشرك، والنسائي "4/ 79" في كتاب الجنائز، باب: مواراة المشرك، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 59" وقال ابن الملقن في "تحفة المحتاج" "686": إسناده حسن. وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 5 سورة القصص: 56. 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/8 58" من طريق الواقدي. 7 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 59" عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ مرسلًا.

أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ أَبُو طَالِبٍ دَعَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فقال: يابن أَخِي إِذَا أَنَا مُتُّ فَأْتِ أَخْوَالَكَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، فَإِنَّهُمْ أَمْنَعُ النَّاسِ لِمَا فِي بُيُوتِهِمْ1. قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا زَالَتْ قُرَيْشٌ كَاعَّةً عَنِّي حَتَّى مَاتَ عَمِّي"2. كَاعَّةٌ: جَمْعُ كَائِعٍ، وَهُوَ الْجَبَانُ، يُقَالُ: كَعَّ إِذَا جَبُنَ وَانْقَبَضَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَمِّهِ: "قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ، يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْجَزَعُ لأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} 3 الْآيَةَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: "نَعَمْ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ، وَلَوْلا أَنا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ" 4. أَخْرَجَاهُ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ السُّفْيَانَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ: "لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ" 5. أَخْرَجَاهُ.

_ 1 مرسل. 2 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 59" وأخرجه الحاكم "4243"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 349، 350"، موصولًا، ومرسلًا. 3 سورة القصص: 56. والخبر صحيح، أخرجه مسلم "25" في كتاب الإيمان، باب: الدليل على صحة إسلام من حضره الموت، والترمذي "3199" في كتاب التفسير باب: ومن سورة القصص، وأحمد "2/ 434، 441". 4 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 5 صحيح: أخرجه البخاري "3885" في كتاب مناقب الأنصار، باب: قصة أبي طالب، ومسلم "210" في كتاب الإيمان، باب: شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي طالب، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 347".

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ" 1. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ: "اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ وَلَا تُحْدِثْنَ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي"، فَأَتَيْتُهُ فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ دَعَا لِيَ بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهِنَّ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ2. وَرَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَزَادَ بَعْدُ: اذْهَبْ فَوَارِهِ: "فَقُلْتُ: إِنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا " قَالَ: "اذْهَبْ فَوَارِهِ" 3. وَفِي حَدِيثِهِ تصريح السّماع من ناحية قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا يَقُولُ. وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ متّصل. وقال عبد الله بن إدريس: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَفِيهٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَلْقَى عَلَيْهِ تُرَابًا، فَرَجَعَ إِلَى بيته، فأتت بنته تمسح عن وجهه التراب وتبكي فجعل يَقُولُ: " "أَيْ بُنَيَّةَ لَا تَبْكِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ مَانِعٌ أَبَاكِ"، وَيَقُولُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ: "مَا نَالَتْ مِنِّي قُرَيْشٌ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ"4. غَرِيبٌ مُرْسَلٌ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَارَضَ جِنَازَةَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: "وَصَلَتْكَ رَحِمٌ يَا عَمُّ وَجُزِيتَ خَيْرًا"5. تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُوَارَزْمِيُّ. وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ يَرْوِي عَنْهُ عيسى غنجار، والفضل الشيبانيّ.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "212" في كتاب الإيمان، باب: أهون أهل النار عذابًا، وأحمد "1/ 290" والحاكم في "مستدركه" "78325"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 348". 2 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 3 أخرجه الطيالسي في "مسنده" "120". 4 مرسل إسناده ضيعف: للجهالة فيه. 5 منكر: أخرجه ابن عدي في "الكامل" 1/ 260" وفي إسناده إبراهيم بن عبد الرحمن الخوارزمي، ضعيف كما في "الميزان" "136" وذكر له المصنف هذا الحديث ثم قال: وهذا خبر منكر.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا طَالِبٍ فِي مَرَضِهِ قَالَ: "أَيْ عَمُّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَسْتَحِلُّ لك بها الشفاعة يوم القيامة"، فقال: يابن أَخِي وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُبَّةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ مِنْ بَعْدِي يَرَوْنَ أَنِّي قُلْتُهَا جَزَعًا حِينَ نَزَلَ بِيَ الْمَوْتُ لَقُلْتُهَا، لَا أَقُولُهَا إِلَّا لِأَسُرَّكَ بِهَا، فَلَمَّا ثَقُلَ أَبُو طَالِبٍ رُؤِيَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَأَصْغَى إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ لِيَسْتَمِعَ قَوْلَهُ، فَرَفَعَ الْعَبَّاسُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ وَاللَّهِ قَالَ الْكَلِمَةَ الَّتِي سَأَلْتَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ أَسْمَعْ"1. إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ فِيهِ مَجْهُولًا، وَأَيْضًا، فَكَانَ الْعَبَّاسُ ذَلِكَ الْوَقْتَ عَلَى جَاهِلِيَّتِهِ، وَلِهَذَا إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ لَمْ يَقْبَلِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رِوَايَتَهُ وَقَالَ لَهُ: لَمْ أَسْمَعْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هل نفعت أبا طالب بشيء، فإنّه يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ، فَلَوْ كَانَ الْعَبَّاسُ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ إِسْلَامِ أَخِيهِ أَبِي طَالِبٍ لَمَا قَالَ هَذَا، وَلَمَا سَكَتَ عِنْدَ قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ" 2، وَلَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَكِنَّ الرَّافِضَةَ قَوْمٌ بُهْتٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ3: ثُمَّ إِنَّ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ وَأَبَا طَالِبٍ مَاتَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ فتتابعت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَصَائِبُ بِمَوْتِهِمَا. وَكَانَتْ خَدِيجَةُ وَزِيرَةَ صِدْقٍ عَلَى الْإِسْلامِ، كَانَ يَسْكُنُ إِلَيْهَا. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وأنّهما توفّيا في ذلك العام، وتوفّيت قَبْلَ أَبِي طَالِبٍ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا. وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ أَنَّ مَوْتَهَا كَانَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ. وَهِيَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ الْأَسَدِيَّةُ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَتْ تُدْعَى فِي الجاهليّة الطاهرة، وأمّها فاطمة بنت

_ 1 إسناده ضعيف: وقد تقدم. 2 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 3 انظر "سيرة ابن هشام" "1/ 382".

زَائِدَةَ بْنِ الْأَصَمِّ الْعَامِرِيَّةُ. وَكَانَتْ خَدِيجَةُ تَحْتَ أَبِي هَالَةَ بْنِ زُرَارَةَ التَّمِيمِيِّ، وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِي هَالَةَ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ عَتِيقُ بْنُ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، ثُمَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَلْ تَزَوَّجَهَا أَبُو هَالَةَ بَعْدَ عَتِيقٍ. وَكَانَتْ وَزِيرَةَ صِدْقٍ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ1، وَقِيلَ: كَانَ مَوْتُهَا فِي رَمَضَانَ، وَدُفِنَتْ بِالْحَجُونِ2، وَقِيلَ: إِنَّهَا عَاشَتْ خَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً. وَقَالَ الزُّبَيْرُ: تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً3، وَأَقَامَتْ مَعَهُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ لَمْ يَكَدْ يَسْأَمُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهَا، وَاسْتِغْفَارٍ لَهَا، فَذَكَرَهَا يَوْمًا، فَاحْتَمَلَتْنِي الْغِيرَةُ، فَقُلْتُ: لَقَدْ عَوَّضَكَ اللَّهُ مِنْ كَبِيرَةِ السِّنِّ، فَرَأَيْتُهُ غَضِبَ غَضَبًا أَسْقَطْتُ فِي خَلَدِي، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ أَذْهَبْتَ غَضَبَ رَسُولِكَ عَنِّي لَمْ أَعُدْ إِلَى ذِكْرِهَا بِسُوءٍ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَقِيتُ قَالَ: "كَيْفَ قُلْتِ، وَاللَّهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَآوَتْنِي إِذَا رَفَضَنِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَرُزِقْتُ مِنْهَا الْوَلَدَ، وحُرِمْتُمُوه مِنِّي"، قَالَتْ: فَغَدَا وَرَاحَ عَلَيَّ بِهَا شَهْرًا4. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ عَائِشَةَ قالت: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، مِمَّا كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهَا، وَمَا تزوّجني

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 251" وفي إسناده الواقدي، وهو متروك. 2 الحجون: جبل بمكة. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 250-251" عن حكيم بن حزام بإسناد ضعيف جدًّا. 4 أخرجه الطبراني في "الكبير" "21"، وقال الهيثمي في "المجمع" "9/ 224": أسانيده حسنة.

إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ"1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ2. وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "هَذِهِ خَدِيجَةُ، أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامُ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ"3 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "خَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ" 4 أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3816" في كتاب مناقب الأنصار، تزويج النبي -صلى الله عليه وسلم- خديجة، ومسلم "2435" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة -رضي الله عنها- والترمذي "3901" في كتاب المناقب، باب: فضل خديجة -رضي الله عنها. 2 مرسل: وقد تقدم عن عائشة -رضي الله عنها- وإسناده ضعيف جدًّا. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3820" في المصدر السابق، ومسلم "2432" في المصدر السابق. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3815" في المصدر السابق، ومسلم "2430" في المصدر السابق، والترمذي "3903" في كتاب المناقب، فضل خديجة -رضي الله عنها- والنسائي في "الكبرى" "8354"، وأحمد "1/ 84، 116، 132، 143".

ذكر الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى

ذِكْرُ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى: قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ1. وَكَذَا قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ. وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ التّرمذيّ: حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ الضَّحَّاكِ الزُّبَيْدِيُّ بْنِ زريق، حدثنا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سالم، عن الزّبيديّ محمد بن الوليد، حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نفير قال: حدثنا شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَيْفَ أُسري بِكَ؟ قَالَ: "صَلَّيْتُ لِأَصْحَابِي صَلَاةَ الْعَتْمَةِ بِمَكَّةَ مُعَتَّمًا، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ بَيْضَاءَ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَقَالَ: ارْكَبْ، فَاسْتَصْعَبَ عَلَيَّ، فَرَازَهَا بِأُذُنِهَا، ثُمَّ حَمَلَنِي عَلَيْهَا، فَانْطَلَقَتْ تَهْوِي بِنَا، يَقَعُ حَافِرُهَا حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفُهَا، حَتَّى بَلَغْنَا أَرْضًا ذَاتَ نَخْلٍ، فَأَنْزَلَنِي فَقَالَ: صَلِّ، فَصَلَّيْتُ. ثُمَّ رَكِبْنَا فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ صَلَّيْتُ بِيَثْرِبَ، صَلَّيْتُ بِطِيبَةَ، فَانْطَلَقَتْ تَهْوِي بِنَا، يَقَعُ حَافِرُهَا حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفُهَا، ثُمَّ بَلَغْنَا أَرْضًا، فَقَالَ: انْزِلْ، فَصَلِّ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ رَكِبْنَا. قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ: صَلَّيْتُ بِمَدْيَنَ عِنْدَ شَجَرَةِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ. ثُمَّ انْطَلَقَتْ تَهْوِي بِنَا، يَقَعُ حَافِرُهَا حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفُهَا، ثُمَّ بَلَغْنَا أَرْضًا بَدَتْ لَنَا قُصُورٌ فَقَالَ: انْزِلْ، فَصَلَّيْتُ وَرَكِبْنَا. فَقَالَ لِي: صَلَّيْتَ بِبَيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عيسى، ثم انطلق بي حتى دخلنا

_ 1 مرسل.

الْمَدِينَةَ مِنْ بَابِهَا الْيَمَانِيِّ، فَأَتَى قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ فَرَبَطَ فِيهِ دَابَّتَهُ، وَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ مِنْ بَابٍ فِيهِ تَمِيلُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، فَصَلَّيْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ وَأَخَذَنِي مِنَ الْعَطَشِ أَشَدُّ مَا أَخَذَنِي، فَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ لَبَنٍ وَعَسَلٍ، أَرْسَلَ إِلَيَّ بِهِمَا جَمِيعًا، فَعَدَلْتُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ هَدَانِي الله فأخذت البن، فَشَرِبْتُ حَتَّى قَرَعْتُ بِهِ جَبِينِي، وَبَيْنَ يَدَيَّ شَيْخٌ مُتَّكِئٌ عَلَى مِثْرَاةٍ لَهُ، فَقَالَ: أَخَذَ صَاحِبُكَ الْفِطْرَةَ إِنَّهُ ليُهدى. ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَيْنَا الْوَادِيَ الَّذِي فِي الْمَدِينَةِ، فَإِذَا جَهَنَّمُ تَنْكَشِفُ عَنْ مِثْلِ الزَّرَابِيِّ1. قُلْتُ: يَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَيْفَ وَجَدْتَهَا؟ قَالَ: مِثْلَ الْحَمْأَةِ2 السُّخْنَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ بِي، فَمَرَرْنَا بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ، بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، قَدْ ضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ، قَدْ جَمَعَهُ فُلَانٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا صَوْتُ مُحَمَّدٍ. ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي قَبْلَ الصُّبْحِ بِمَكَّةَ، فَأَتَانِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ اللَّيْلَةَ فَقَدِ الْتَمَسْتُكَ فِي مَظَانِّكَ؟ قُلْتُ: عَلِمْتَ أَنِّي أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهُ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، فَصِفْهُ لِي، قَالَ: فَفُتِحَ لِي صِرَاطٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، لَا يَسْأَلْنِي عن شيء إلا أبنته عنه، قال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: انْظُرُوا إِلَى ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، يَزْعُمُ أَنَّهُ أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: إِنِّي مَرَرْتُ بِعِيرٍ لَكُمْ، بِمَكَانِ كَذَا، وَقَدْ أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ، فَجَمَعَهُ فُلَانٌ، وَإِنَّ مَسِيرَهُمْ يَنْزِلُونَ بِكَذَا، ثُمَّ كَذَا، وَيَأْتُونَكُمْ يَوْمَ كَذَا، يَقْدَمُهُمْ جَمَلٌ آدَمٌ، عَلَيْهِ مِسْحٌ أَسْوَدُ، وَغَرَارَتَانِ سَوْدَاوَانِ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ، أَشْرَفَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ حَتَّى كَانَ قَرِيبٌ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، حين أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل"3.

_ 1 الزرابي: جمع الزربية، وهي البساط. 2الحمأة: الطين الأسود المنتن. 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 355-357" وإسحاق بن إبراهيم ضعيف كما في "الميزان" "730" وفي سنده من لم أجد لهم ترجمة، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 14" بعد أن ساق الحديث: ولا شك أن هذا الحديث مشتمل على أشياء منها ما هو صحيح كما ذكره البيهقي، ومنها ما هو منكر كالصلاة في بيت لحم، وسؤال الصديق عن نعت المقدس وغير ذلك، والله أعلم.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. قُلْتُ: ابْنُ زِبْرِيقَ تَكَلَّمَ فِيهِ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخ1. قال حمّاد بن سلمة: حدثنا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُهُ خَلْفَ جِبْرِيلَ، فَسَارَ بِنَا، فَكَانَ إِذَا أَتَى عَلَى جَبَلٍ ارْتَفَعَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا هَبَطَ ارْتَفَعَتْ يَدَاهُ، فَسَارَ بِنَا فِي أَرْضٍ فَيْحَاءَ طَيِّبَةٍ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي، فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَخُوكَ مُحَمَّدٌ، فَرَحَّبَ ودعا لي بِالْبَرَكَةِ، وَقَالَ: سَلْ لِأُمَّتِكَ الْيُسْرَ، ثُمَّ سَارَ فَذَكَرَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى مُوسَى وَعِيسَى، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْنَا عَلَى مَصَابِيحَ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذِهِ شَجَرَةُ أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ، تُحِبُّ أَنْ تَدْنُوَ مِنْهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَنَوْنَا مِنْهَا، فَرُحِّبَ بِي، ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَنُشِرَ لِي الْأَنْبِيَاءُ مَنْ سَمَّى اللَّهُ وَمَنْ لَمْ يُسَمِّ، وَصَلَّيْتُ بِهِمْ إِلَّا هَؤُلَاءِ النَّفَرَ الثَّلَاثَةَ: مُوسَى، وَعِيسَى، وَإِبْرَاهِيمُ، فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي تَرْبِطُ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَقُرِّبَتْ لِيَ الْأَنْبِيَاءُ، مَنْ سَمَّى اللَّهُ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُسَمِّ، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ2. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَأَبُو حَمْزَةَ هُوَ مَيْمُونُ. ضُعِّفَ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلْيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، فَأَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَرَأْتُ عَلَى الْقَاضِي سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ، أَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ، أنا الْفَضْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْمَوَازِينِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أنا يُوسُفُ الْقَاضِي، أنا أَبُو يَعْلَى التَّمِيمِيُّ، حدثنا محمد بن إسماعيل

_ 1 وقال في "الميزان" "730": قال أبو حاتم: لا بأس به. 2 إسناده ضعيف: أبو حمزة هو ميمون القصاب، ضعيف كما في "الميزان" "8969". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3394" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} ، ومسلم "168" في كتاب الإيمان، باب: الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والترمذي "3414" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة بني إسرائيل، والنسائي "8/ 312" في كتاب الأشربة، باب: منزلة الخمر.

الْوَسَاوِسِيُّ، ثنا ضَمْرَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هانئ، عن أمّ هانئ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِغَلَسٍ1 وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي فَقَالَ: "شَعَرْتُ أَنِّي نِمْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَأَتَى جِبْرِيلُ فَذَهَبَ بِي إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا دَابَّةٌ أَبْيَضُ، فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، مُضْطَرِبُ الْأُذُنَيْنِ، فَرَكِبْتُهُ، وَكَانَ يَضَعُ حَافِرَهُ مَدَّ بَصَرِهِ، إِذَا أَخَذَ بِي فِي هُبُوطٍ طَالَتْ يَدَاهُ، وَقَصُرَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا أَخَذَ بِي فِي صُعُودٍ طَالَتْ رِجْلَاهُ وَقَصُرَتْ يَدَاهُ، وَجِبْرِيلُ لَا يَفُوتُنِي، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَوْثَقْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا، فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فِيهِمْ إِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَكَلَّمْتُهُمْ، وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ، فَشَرِبْتُ الْأَبْيَضَ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ: شَرِبْتَ اللَّبَنَ وَتَرَكْتَ الْخَمْرَ، لَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَارْتَدَّتْ أُمَّتُكَ، ثُمَّ رَكِبْتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ". قَالَتْ: فَتَعَلَّقْتُ بِرِدَائِهِ وَقُلْتُ: أُنْشِدُكَ الله يابن عَمٍّ أَلَا تُحَدِّثُ بِهَذَا قُرَيْشًا فَيُكَذِّبُكَ مَنْ صَدَّقَكَ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى رِدَائِهِ فَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِي، فَارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى عُكْنِهِ2 فَوْقَ إِزَارِهِ وَكَأَنَّهُ طَيٌّ الْقَرَاطِيسِ، وَإِذَا نُورٌ سَاطِعٌ عِنْدَ فُؤَادِهِ، يَكَادُ يَخْتَطِفُ بَصَرِي، فَخَرَرْتُ ساجدةً، فلمّا رفعت رأسي إذا وهو قَدْ خَرَجَ، فَقُلْتُ لِجَارِيَتِي نَبْعَةَ: وَيْحَكِ اتْبَعِيهِ فَانْظُرِي، فَلَمَّا رَجَعَتْ أَخْبَرَتْنِي أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى قُرَيْشٍ فِي الْحَطِيمِ3، فِيهِمُ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَقَصَّ عَلَيْهِمْ مَسْرَاهُ، فَقَالَ عَمْروٌ كَالْمُسْتَهْزِئِ: صِفْهُمْ لِي، قَالَ: أَمَّا عِيسَى فَفَوْقَ الرَّبْعَةِ4، عَرِيضُ الصَّدْرِ، ظَاهِرُ الدَّمِ، جَعْدُ الشَّعْرِ، تَعْلُوهُ صَهْبَةٌ5، كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَمَّا مُوسَى فَضَخْمٌ، آدَمٌ، طُوَالٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، كَثِيرُ الشَّعْرِ، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ، مُقَلَّصُ الشَّفَتَيْنِ، خَارِجُ اللَّثَةِ، عَابِسٌ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ، فَوَاللَّهِ لَأَشْبَهُ النَّاسِ بِي خَلقًا وخُلقًا، فَضَجُّوا وَأَعْظَمُوا ذَلِكَ، فَقَالَ الْمُطْعِمُ: كُلُّ أَمْرِكَ كَانَ قَبْلَ الْيَوْمِ أممًا، غير قولك اليوم، أنا

_ 1 الغلس: ظلمة الليل. 2 عكنه: ما انطوى وتثنى من لحم البطن. 3 الحطيم: الحجر. 4 الربعة: المتوسط القامة. 5 الصهبة: حمرة أو شقرة في الشعر.

أَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ! نَحْنُ نَضْرِبُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إلى بَيْتِ الْمَقْدِسِ شَهْرًا، أَتَيْتَهُ فِي لَيْلَةٍ! 1. وَذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ، الْوَسَاوِسِيُّ ضَعِيفٌ تفرّد به. "م" حدثنا محمد بن رافع، حدثنا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ، وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ، فَسَأَلُونِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثَبِّتْهَا، فَكُرِبْتُ كَرْبًا مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، فَرَفَعَهُ اللَّهُ لِي، أَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي، فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ، كأنّه من رجال شنوءة، وإذا عيسى بن مَرْيَمَ قَائِمٌ يُصَلِّي، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَائِمٌ يُصَلِّي أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ، يَعْنِي نَفْسَهُ، فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ لِي قَائِلٌ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ" 2. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ أَيْضًا، عَنْ جَابِرٍ مُخْتَصَرًا. قَالَ اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ فَجَلا الله لي بيت المقدس، فطففت أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ" 3. أَخْرَجَاهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كيسان، عن ابن شهاب: سمعت ابن

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: أبو صالح ضعيف، ومحمد بن إسماعيل الوساوسي متهم بالوضع كما في "الميزان" "7222". 2 صحيح: أخرجه مسلم "172/ 278" في كتاب الإيمان، باب: ذكر المسيح ابن مريم، عن زهير بن حرب عن حجين بن المثنى به، ولم أجده عن محمد بن رافع، وقد ذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 21" عن محمد بن رافع، فالله أعلم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3886" في كتاب مناقب الأنصار، باب: حديث الإسراء، ومسلم "170" في المصدر السابق، والترمذي "3144" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة بني إسرائيل، والنسائي في "الكبرى" "11282".

الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ انْتَهَى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَقِيَ فِيهِ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ، فَافْتُتِنَ نَاسٌ كَثِيرٌ كَانُوا قَدْ صَلُّوا مَعَهُ1. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَهَذَا مُرْسَلٌ. وقال محمد بن كثير المصّيصيّ: حدثنا مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، أَصْبَحَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِذَلِكَ، فَارْتَدَّ نَاسٌ مِمَّنْ آمَنَ، وَسَعَوْا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا: هَلْ لَكَ فِي صَاحِبِكَ، يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسري بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ المقدس! قال: أوقال ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: لَئِنْ قَالَ ذَلِكَ لقد صدق، قالوا: وتصدّقه! قال: نعم إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غُدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ. فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ2. وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى مُوسَى وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ3. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مِقْلَاصٍ الْفَقِيهُ، وَيُونُسُ، وَغَيْرُهُمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ- بِالْبُرَاقِ، فَكَأَنَّهَا أَمَرَّتْ ذَنَبَهَا، فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ: مَهْ يَا بُرَاقُ، فَوَاللَّهِ إِنْ رَكِبَكِ مِثْلُهُ، وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا هُوَ بِعَجُوزٍ عَلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: "مَا هَذِهِ يَا جِبْرِيلُ؟ " قَالَ لَهُ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ، فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ. فَإِذَا شَيْءٌ يَدْعُوهُ مُتَنَحِّيًا عَنِ الطَّرِيقِ يَقُولُ: هَلُمَّ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: سِرْ يَا مُحَمَّدُ، فَسَارَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَ، قَالَ: فَلَقِيَهُ خَلْقٌ مِنَ الْخَلْقِ، فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آخِرُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يا حاشر، فردّ السلام،

_ 1 مرسل. 2 صحيح: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "4407"، وصححه الألباني في "الصحيحة" "306". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2375" في كتاب الفضائل، باب: من فضائل موسى -صلى الله عليه وسلم- وأحمد "3/ 120".

فَانْتَهَى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَالْخَمْرَ، وَاللَّبَنَ، فَتَنَاوَلَ اللَّبَنَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، وَلَوْ شَرِبْتَ الْمَاءَ لَغَرِقَتْ أُمَّتُكَ وَغَرِقْتَ، وَلَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَغَوَيْتَ وَغَوَتْ أُمَّتُكَ، ثُمَّ بُعِثَ لَهُ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَمَّا الْعَجُوزُ فَلَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِ تِلْكَ الْعَجُوزِ، وَأَمَّا الَّذِي أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، فَذَاكَ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ، أَرَادَ أَنْ تَمِيلَ إِلَيْهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ سَلَّمُوا عَلَيْكَ فَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى وَعِيسَى1. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَرَوْحٌ، وَغُنْدَرٌ: أنا عَوْفٌ، حدثنا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَال رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِي، ثُمَّ أَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ، فَظِعْتُ بِأَمْرِي، وَعَلِمْتُ بِأَنَّ النَّاسَ يُكَذِّبُونِي"، قال: فقعد معتزلًا حزينًا، فمرّ به أَبُو جَهْلٍ، فَجَاءَ فَجَلَسَ فَقَالَ كَالْمُسْتَهْزِئِ: هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "نَعَمْ"، قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: "إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ"، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ"، قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا! قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: فَلَمْ يُرَ أَنَّهُ يُكَذِّبُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ إِلَيْكَ قَوْمَكَ أَتُحَدِّثُهُمْ بِمَا حَدَّثْتَنِي؟ قَالَ: "نَعَمْ"، فَدَعَا قَوْمَهُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنَ لُؤَيٍّ هَلُمَّ، فَانْتَقَضَتِ الْمَجَالِسُ، فَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا، فَقَالَ: حَدِّثْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي أُسري بِي اللَّيْلَةَ"، قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ"، قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَيْنَا! قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ وَوَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مُسْتَعْجِبٌ لِلْكَذِبِ زَعْمٍ، قَالَ: وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ وَرَأَى الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فذهبت أَنْعَتُ، فَمَا زِلْتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النّعت"، قال: "فجئ بِالْمَسْجِدِ حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عُقَيْلٍ أَوْ عُقَالٍ". قَالَ: "فَنَعَتُّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ"، فَقَالُوا: أَمَّا النَّعْتُ فَقَدْ وَاللَّهِ أَصَابَ2. وَرَوَاهُ هَوْذَةُ عن عوف. مسلم بن إبراهيم: حدثنا الحارث بن عبيد، حدثنا أبو عمران، عن أنس قال:

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 362". 2 إسناده حسن: أخرجه أحمد "1/ 309"، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 239": إسناده حسن وكذلك قال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص163".

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَمَا أَنَا قَاعِدٌ ذَاتَ يَوْمٍ؛ إِذْ دَخَلَ جِبْرِيلُ، فَوَكَزَ 1 بَيْنَ كَتِفَيَّ، فَقُمْتُ إِلَى شَجَرَةٍ فِيهَا مِثْلُ وَكْرَيِ الطَّائِرِ، فَقَعَدَ فِي وَاحِدَةٍ، وَقَعَدْتُ فِي أُخْرَى، فَارْتَفَعْتُ حَتَّى سُدَّتِ الْخَافِقَيْنِ 2، فَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَمَسَّ السَّمَاءَ لَمَسَسْتُ، وَأَنَا أُقَلِّبُ طَرْفِي فَالْتَفَتُّ إِلَى جِبْرِيلَ، فَإِذَا هُوَ لَاطِئٌ 3، فَعَرَفْتُ فَضْلَ عِلْمِهِ بِاللَّهِ، وَفَتَحَ لِي بَابَ السَّمَاءِ وَرَأَيْتُ النُّورَ الْأَعْظَمَ، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا شَاءَ أَنْ يُوحِي" 4. إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ حَسَنٌ، وَالْحَارِثُ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ. سَعِيدُ بن منصور: حدثنا أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ قال: "يا جيريل إِنَّ قَوْمِي لَا يُصَدِّقُونِي؟ "، قَالَ: يُصَدِّقُكَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ الصِّدِّيقُ. رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، أنا مِسْعَرٌ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَحَدَّثَهُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَارْتَدُّوا كُفَّارًا، فَضَرَبَ اللَّهُ رِقَابَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ. وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ، هَاتُوا تَمْرًا وَزُبْدًا، فَتَزَقَّمُوا. وَرَأَى الدَّجَّالَ فِي صُورَتِهِ رُؤْيَا عَيْنٍ، لَيْسَ بِرُؤْيَا مَنَامٍ، وَعِيسَى، وَمُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ5. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتِيَ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَلَمْ يُزَايِلَا ظَهْرَهُ هُوَ وَجِبْرِيلُ، حَتَّى انْتَهَيَا بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَصَعِدَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى السَّمَاءِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَأَرَاهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، ثُمَّ قَالَ لِي: هَلْ صَلَّى فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اسْمُكَ يَا أَصْلَعُ، قُلْتُ: زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ، قَالَ: فَأَيْنَ تَجِدُهُ صلاّها؟ فتأوّلت

_ 1 ركز: دفع وضرب. 2 الخافقين: المشرق والمغرب. 3 لاطئ: لاصق بالأرض. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 369"، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح "7/ 238": رجاله لا بأس بهم إلا أن الدارقطني ذكر له علة تقتضي إرساله. 5 أخرجه أحمد "1/ 374".

الآية: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} 1 قَالَ: فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى لَصَلَّيْتُمْ كَمَا تُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قُلْتُ لِحُذَيْفَةَ: أَرَبَطَ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتْ تَرْبِطُ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ: أَكَانَ يَخَافُ أَنْ تَذْهَبَ مِنْهُ وَقَدْ أَتَاهُ اللَّهُ بِهَا، كَأَنَّ حُذَيْفَةَ لَمْ يَبْلُغْهُ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَلَا رَبَطَ الْبُرَاقَ بالحلقة2. وقال ابن عيينة، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} 3 قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُريها رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُسري بِهِ. {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} 4 قال: هي شجرة الزّقّوم5 أخرجه البخاري.

_ 1 سورة الإسراء: 1. 2 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 392، 394" وأخرجه "5/ 387" من طريق آخر عن عاصم به، وأخرجه أيضًا الترمذي "3158" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة بني إسرائيل، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". قلت: وقد أخرج الترمذي "3143" عن بريدة مرفوعًا "لما انتهينا إلى بيت المقدس قال جبرئيل بأصبعه فخرق به الحجر وشد به البراق"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"، ففي هذا الحديث إثبات أنه ربط البراق، فهو مقدم على نفي حذيفة -رضي الله عنه- المتقدم، وأما إنكاره لربطه بقوله "وإنما سخره له عالم الغيب والشهادة" فهذا لا ينافي الأخذ بالأسباب، والله أعلم. 3 سورة الإسراء: 60. 4 سورة الإسراء: 60. 5 صحيح: أخرجه البخاري "3888" في كتاب مناقب الأنصار، باب: المعراج، والترمذي "3145" في المصدر السابق.

ذكر معراج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء

ذِكْرُ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى السماء ... ذكر المعراج النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى السَّمَاءِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى، ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى، وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى، ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى، مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} 1 وَقَالَ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} 2. تَفْسِيرُ ذَلِكَ: قَالَ زَائِدَةُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي

_ 1 سورة النجم: 5-11. 2 سورة النجم: 13، 14.

إسحاق الشّيبانيّ قال: سألت زرّين حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} 1 فقال: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سُتُّمِائَةُ جَنَاحٍ2. أَخْرَجَاهُ. وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ هَذَا، لَكِنْ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} 3 فَذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ4. وقال "خ" قبيصة: حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} 5 قَالَ: رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ6. وقال حمّاد بن سلمة: حدثنا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} 7 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةٍ، عَلَيْهِ سِتُّمِائَةُ جَنَاحٍ، يَنْفُضُ مِنْ رِيشِهِ التَّهَاوِيلَ الدُّرَّ وَالْيَاقُوتَ" 8. عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ الْقَارِئُ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ9. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْتَهَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ -كَذَا قَالَ- وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُصْعَدُ بِهِ، حَتَّى يُقْبَضَ منها، وإليها مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا، حَتَّى يُقْبَضَ منها {إِذْ يَغْشَى

_ 1 سورة النجم: 9. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3232" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: إذا قال أحدكم "آمين"، ومسلم"174" في كتاب الإيمان، باب: ذكر سدرة المنتهى، والترمذي "3288" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة النجم. 3 سورة النجم: 18. 4 صحيح: أخرجه مسلم "174/ 282" في المصدر السابق. 5 سورة النجم: 18. 6 صحيح: أخرجه البخاري "4858" في كتاب التفسير، باب: قَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} . 7 سورة النجم: 13. 8 إسناده حسن: أخرجه أحمد "1/ 412" وعاصم هو ابن بهدلة فيه مقال: والراجح أنه حسن الحديث. 9 تأتي ترجمته "733".

السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} 1 قَالَ: غَشِيَهَا فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَخَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَا يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ الْمُقْحِمَاتِ2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} 3 قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جِبْرِيلَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ مِنْ رَفْرَفٍ قَدْ مَلأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ4. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أبي هريرة: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} 5 قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ6. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لعائشة: فأين قوله تعالى: {دَنَا فَتَدَلَّى} 7؟ قَالَتْ: إِنَّمَا ذَاكَ جِبْرِيلُ، كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ، فَسَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ8. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَوَّلَ شَأْنِهِ يَرَى الْمَنَامَ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا رَأَى جِبْرِيلَ بِأَجْيَادَ9، أَنَّهُ خَرَجَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فصرخ به: يا محمّد يا محمد، نظر يَمِينًا وَشِمَالا، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، ثُمَّ نَظَرَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَرَفَعَ بَصَرَهُ، فَإِذَا هُوَ ثانيًا إحدى رجليه على الأخرى في

_ 1 سورة النجم: 16. 2 صحيح: أخرجه مسلم "173" في كتاب الإيمان، باب: ذكر سدرة المنتهى، والترمذي "3287"، في كتاب التفسير، باب: ومن سورة النجم. 3 سورة النجم: 11. 4 أخرجه أحمد "11/ 394". 5 سورة النجم: 13. 6 صحيح: أخرجه مسلم "175" في كتاب الإيمان باب: معنى قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً} . 7 سورة النجم: 8. 8 صحيح: أخرجه البخاري "4855" في كتاب التفسير، باب: سورة "النجم"، ومسلم "177/ 290" في المصدر السابق، والترمذي "3079" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الأنعام، واللفظ لمسلم. 9 أجياد: موضع بمكة يلي الصفا.

الأفق، فقال: يا محمّد جبريل جِبْرِيلُ، يُسَكِّنُهُ، فَهَرَبَ حَتَّى دَخَلَ فِي النَّاسِ، فَنَظَرَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، ثُمَّ رَجَعَ فَنَظَرَ فَرَآهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} 1. مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} 2 قال: دنا ربّه منه فتدلّ، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ رَآهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. أَخْبَرَنَا التَّاجُ عَبْدُ الْخَالِقِ، أنا ابْنُ قُدَامَةَ، أنا أَبُو زُرْعَةَ، أنا الْمُقَدِّمِيُّ، أنا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الْمُنْذِرِ، أنا ابْنُ سَلَمَةَ، أنا ابن ماجه، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الصَّلْتَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ، بُطُونُهُمْ كَالْبُيُوتِ، فِيهَا الْحَيَّاتُ، تُرَى مِنْ خَارِجِ بُطُونِهِمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ أَكَلَةُ الرِّبَا"4. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" عَنِ الْحَسَنِ، وَعَفَّانَ، عَنْ حَمَّادٍ وَزَادَ فِيهِ: رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي لَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ. أَبُو الصَّلْتِ مَجْهُولٌ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْدَاوِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هِلَالٍ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زكريا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَنْبَأَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنْبَأَ أَبُو جَعْفَرٍ محمد بن عمرو، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عون قال:

_ 1 سورة النجم: 1. والخبر إسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة سيئ الحفظ. 2 سورة النجم: 13، 14. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3291" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة النجم، وقال حسن. وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 إسناده ضعيف: أخرجه ابن ماجه "2273" في كتاب التجارات، باب: التغليظ في الربا، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه". قلت: في إسناده الصلت مجهول كما يأتي، وقال في "الميزان" "10320" لا يعرف وعلي بن زيد سيئ الحفظ.

أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ فِي صُورَتِهِ وَخَلْقِهِ، سَادًّا مَا بَيْنَ الْأُفُقِ1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ، عَنِ الْأَنْصَارِيِّ. قُلْتُ: قَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي رُؤْيَةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَبَّهُ، فَأَنْكَرَتْهَا عَائِشَةُ، وَأَمَّا الرِّوَايَاتُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَإِنَّمَا فِيهَا تَفْسِيرُ مَا فِي النَّجْمِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الرُّؤْيَةِ لِلَّهِ. وَذَكَرَهَا فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ. قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "فُرِج سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَّلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، ثُمَّ أَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ مُحَمَّدٌ، قَالَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَفَتَحَ، فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، إِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ2، وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: آدَمُ، وَهَذِهِ الْأَسْوِدَةُ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَالَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ لِخَازِنِهَا: افْتَحْ، فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا. مِثْلَ مَا قَالَ خَازِنُ السَّمَاءِ، الدُّنْيَا، فَفَتَحَ". فَقَالَ أنس: فذكر أنّه وجد في السّماوات: آدَمَ، وَإِدْرِيسَ، وَعِيسَى، وَمُوسَى، وَإِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يُثْبِتْ -يَعْنِي أَبَا ذَرٍّ- كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ، فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِدْرِيسَ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، قَالَ: "ثُمَّ مَرَّ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: إِدْرِيسُ، قَالَ: ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4855" في كتاب التفسير، باب: سورة "والنجم"، ومسلم "177/ 287" في كتاب الإيمان، باب: معنى قول الله عز وجل {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ، والترمذي "3079" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الأنعام. 2 أسودة: جماعة من الناس.

الصَّالِحِ، وَالْأَخِ الصَّالِحِ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: مُوسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَالِابْنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ" 1. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الْأَنْصَارِيُّ كَانَا يقولان: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثمّ عرج بي حتّى ظهرت لمستوى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ" 2. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى أمُرّ بِمُوسَى، فَقَالَ: مَاذَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ مُوسَى: فَرَاجِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، قَالَ: فَرَاجَعْتُ رَبِّيَ، فَوَضَعَ عَنِّي شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: فَرَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُ رَبِّيَ فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَقُلْتُ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَى سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ3 اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا المسك" 4. أخبرنا بهذا الحديث يحيى بن أحمد المقري بالإسكندرية، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ الْفَوِّيُّ بِمِصْرَ، قَالَا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمَادٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا عَلِيُّ بن الحسن الشافعي، أنا عبد الرحمن بن عمر البّزار، حدثنا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو المديني، حدثنا أبو موسى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، نا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، فَذَكَرَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَرْمَلَةَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ شَطْرَهُ الثَّانِي مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا حَبَّةَ، إِلَى آخره عن يونس5، فوافقناه بعلّو.

_ 1 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 2 صحيح: أخرجه مسلم "163/ 263" في كتاب الإيمان، باب: الإسراء. 3 الجنابذ: القباب. 4 صحيح: انظر التخريج السابق. 5 أخرجه النسائي "1/ 221" في كتاب الصلاة، باب: فرض الصلاة.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ، وَتَابَعَهُ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ هَمَّامٌ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ صَعْصَعَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ قَالَ: "بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ" -وَرُبَّمَا قَالَ قَتَادَةُ فِي الْحِجْرِ- "مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ" فَجَعَلَ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ الْأَوْسَطِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ قَالَ: فَأَتَانِي وَقَدْ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ "فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ"، قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِلْجَارُودِ، وَهُوَ إِلَى جَنْبِي: مَا يَعْنِي؟ قَالَ: مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ؟ قَالَ: "فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتيت بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ، ثُمَّ أُعِيدَ، ثُمَّ أُتيت بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ، وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ"، فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ: هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، "يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا آدَمُ فِيهَا، فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالابْنِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمَا، فردّ السَّلامَ، ثُمَّ قَالَا: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يُوسُفُ قَالَ: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِدْرِيسُ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ وَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ

هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى قَالَ: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ؟ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لِأَنَّهُ غُلَامٌ بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي، ثُمَّ صعد بي حتّى السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ رُفِعَتْ لِيَ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى. وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ. فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ. ثُمَّ رُفِعَ لِيَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ. فَقَالَ: هَذِهِ الْفِطْرَةُ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ. قَالَ: ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَاةُ، خَمْسُونَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: بِخَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ. قُلْتُ: قَدْ سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، ولكن أرضى

وَأُسَلِّمُ، فَلَمَّا نَفَرْتُ نَادَانِي مُنَادٍ، قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي"1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ هُدْبَةَ عَنْهُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، حدثنا أَنَسٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ فِيهِ: "فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَشَقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ، فَغُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا" 2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِطُولِهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ، بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، قَالَ: فَأُتِيتُ فَانْطَلَقَ بِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَشُرِحَ صَدْرِي إِلَى كَذَا وَكَذَا"، قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لِصَاحِبِي: مَا يَعْنِي؟ قَالَ: إِلَى أَسْفَلَ بَطْنِي، "فَاسْتُخْرِجَ قَلْبِي فَغُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أُعِيدَ مَكَانَهُ، وَحُشِيَ، أَوْ قَالَ: كُنِزَ إِيمَانًا وَحِكْمَةً -شَكَّ سَعِيدٌ- ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ يُقَالُ لَهُ الْبُرَاقُ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَقَعُ خَطْوُهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ وَمَعِي صَاحِبِي لَا يُفَارِقُنِي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا". وَسَاقَ الْحَدِيثَ كَحَدِيثِ هَمَّامٍ، إِلَى قَوْلِهِ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، فَزَادَ "يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا فِيهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ" 3. قُلْتُ: وَهَذِهِ زِيَادَةٌ رَوَاهَا هَمَّامٌ فِي حَدِيثِهِ، وَهُوَ أَتْقَنُ مِنَ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، فَقَالَ: قَالَ قَتَادَةُ، فَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَأَى الْبَيْتَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ، وفي حديث ابن أبي عروبة زيادة: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} 4 إِنَّ وَرَقَهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، وَلَفْظُهُ: "ثُمَّ أُتِيتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: بِخَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ: إِنِّي قَدْ بَلَوْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ، فَحَطَّ عنّي خمس

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3887" في كتاب مناقب الأنصار، باب: المعراج. 2 صحيح: أخرجه مسلم "164/ 265" في كتاب الإيمان، باب: الإسراء. 3 صحيح: أخرجه مسلم "164/ 264" في المصدر السابق. 4 سورة النجم: 14.

صَلَوَاتٍ، فَمَا زِلْتُ أَخْتَلِفُ بَيْنَ رَبِّي وَبَيْنَ مُوسَى كُلَّمَا أُتِيتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَتِهِ، حَتَّى رَجَعْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ، كُلَّ يَوْمٍ، فَلَمَّا أُتِيتُ عَلَى مُوسَى قَالَ كَمَقَالَتِهِ، قُلْتُ: لَقَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ فَنُودِيتُ أَنْ قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي، وَجَعَلْتُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَدْ رَوَاهُ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وشريك ين أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَلَمْ يُسْنِدْهُ لَهُمَا، لَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَلَا عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَلَا بَأْسَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِنَّ مُرْسَلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ، فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي تَرْبِطُ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ، فَأَتَانِي بِإِنَاءَيْنِ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، ثُمَّ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ أُرْسِلَ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا بِآدَمَ". فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ، "فَإِذَا بِيُوسُفَ، وَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ، فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لي بخير"، إِلَى أَنْ قَالَ: لَمَّا فُتِحَ لَهُ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ: "فَإِذَا بِإِبْرَاهِيمَ، وَإِذَا هُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، فَرَحَّبَ بِي، وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، فَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلَالِ"، قَالَ: "فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ. فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا"، قَالَ: فَدَنَا فَتَدَلَّى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى، "وَفُرِضَ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسُونَ صَلَاةً، فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى قَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَجَرَّبْتُهُمْ وَخَبَرْتُهُمْ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: أَيْ رَبِّ خَفِّفْ عَنْ أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَرَجَعْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: مَا فعلت؟

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3887" في كتاب مناقب الأنصار، باب: المعراج، ومسلم "162/ 259" في المصدر السابق.

قُلْتُ: قَدْ حَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَقَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي وَبَيْنَ مُوسَى حَتَّى قَالَ: هِيَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ دُونَ قَوْلِهِ: فَدَنَا فَتَدَلَّى، وَذَلِكَ ثَابِتٌ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، وَهُوَ ثَبْتٌ فِي حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ شريك بن عبد اله بْنِ أَبِي نَمِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الْإِسْرَاءِ، وَفِيهِ: ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ، فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ. وَقَالَ شَيْبَانُ، عن قتادة، عن أبي العالية، حدثنا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- رَجُلًا طُوَالًا جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ سَبِطَ الرَّأْسِ"، قَالَ: وأُري مَالِكًا خَازِنَ النَّارِ وَالدَّجَّالَ فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ قَالَ: {فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} 3. فَكَانَ قَتَادَةُ يُفَسِّرُهَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ لَقِيَ مُوسَى4. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أُسْرِيَ بِهِ، "لَقِيتُ مُوسَى وَعِيسَى، -ثُمَّ نَعَتَهُمَا- وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ" 5. وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ قَنَانٍ النّهميّ، حدثنا أبو ظبيان الجنبي

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "162/ 259" في المصدر السابق. 2 صحيح: أخرجه البخاري "7517" في كتاب التوحيد، باب: ماجاء في قوله عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} . 3 سورة السجدة: 33. 4 صحيح: أخرجه مسلم "165/ 267" في كتاب الإيمان، باب: الإسراء. 5 صحيح: أخرجه البخاري "3394" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} ومسلم "168" في كتاب الإيمان، باب: الإسراء، وقد تقدم.

قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: حَدِّثْنَا عَنْ أَبِيكَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَا، بَلْ حَدِّثْنَا أَنْتَ عَنْ أَبِيكَ، قَالَ: لَوْ سَأَلْتَنِي قَبْلَ أَنْ أَسْأَلَكَ لَفَعَلْتُ، فَأَنْشَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ يَهْوِي بِنَا، كُلَّمَا صَعِدَ عَقَبَةً اسْتَوَتْ رِجْلَاهُ مَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا هَبَطَ اسْتَوَتْ يَدَاهُ مَعَ رِجْلَيْهِ، حَتَّى مَرَرْنَا بِرَجُلٍ طُوَالٍ سَبِطٍ آدَمٍ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَهُوَ يَقُولُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ وَيَقُولُ: أَكْرَمْتَهُ وَفَضَّلْتَهُ فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا، فَرَدَّ السَّلَامَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَحْمَدُ. قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ. قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: مُوسَى، قُلْتُ: وَمَنْ يُعَاتِبُ؟ قَالَ: يُعَاتِبُ رَبَّهُ فِيكَ، قُلْتُ: وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى رَبِّهِ! قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَرَفَ لَهُ حِدَّتَهُ. قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا حَتَّى مَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ كَأَنَّ ثَمَرَهَا السِّرْجُ وَتَحْتَهَا شَيْخٌ وَعِيَالُهُ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ: اعْمِدْ إِلَى أَبِيكَ إِبْرَاهِيمَ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ وَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: ابْنُكَ أَحْمَدُ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَاقٍ رَبَّكَ اللَّيْلَةَ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ حَاجَتُكَ أَوْ جُلُّهَا فِي أُمَّتِكَ فَافْعَلْ. قَالَ: ثُمَّ انْدَفَعْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، فَنَزَلْتُ فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي فِي بَابِ الْمَسْجِدِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْبِطُ بِهَا، ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَعَرَفْتُ النَّبِيِّينَ مَا بَيْنَ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ، ثُمَّ أُتِيتُ بِكَأْسَيْنِ مِنْ عَسَلٍ وَلَبَنٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، فَضَرَبَ جِبْرِيلُ مَنْكِبِي وَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَأَمَمْتُهُمْ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا فأقبلنا1 ... هذا حديث حسن غريب.

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه الحسن بن عرفة في "جزئه" كما في "تفسير ابن كثير" "3/ 16" وقال الحافظ ابن كثير: إسناد غريب ولم يخرجوه، فيه من الغرائب سؤال الأنبياء عنه -عليه السلام- ابتداء، ثم سؤاله عنهم بعد انصرافه. قلت: وإسناده منقطع، أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لم يسمع من أبيه كما في "التقريب" "8231".

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ صَحَّ عَنْ ثَابِتٍ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "أتيت عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ" 1، وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِذَا مُوسَى يُصَلِّي"، وَذَكَرَ إِبْرَاهِيمَ، وَعِيسَى قَالَ: "فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ" 2. وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ لَقِيَهُمْ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ. فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ، مِنْ أَنَّهُ رَأَى هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَأَنَّهُ رَاجَعَ مُوسَى؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُمْ مُثِّلُوا لَهُ، فَرَآهُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَرَأَى مُوسَى فِي مَسِيرِهِ قَائِمًا يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ رَآهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ رَآهُ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ هُوَ وَغَيْرَهُ، فَعُرِجَ بِهِمْ، كَمَا عُرِجَ بِنَبِيِّنَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى الْجَمِيعِ وَسَلَامُهُ، وَالْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ كَحَيَاةِ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وَلَيْسَتْ حَيَاتُهُمْ كَحَيَاةِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَلَا حَيَاةِ أَهْلِ الْآخِرَةِ، بَلْ لَوْنٌ آخَرُ، كَمَا وَرَدَ أَنَّ حَيَاةَ الشُّهَدَاءِ بِأَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَمَا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَجْسَادُهُمْ فِي قُبُورِهِمْ. وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ أَكْبَرُ مِنْ عُقُولِ الْبَشَرِ، وَالْإِيمَانُ بِهَا وَاجِبٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} 3. أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، أنا رَوْحٍ عَبْدُ الْمُعِزِّ بْنُ مُحَمَّدٍ كِتَابَةً، أَنَّ تَمِيمَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْجُرْجَانِيَّ أَخْبَرَهُمْ، أَنْبَأَ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أنا أَبُو عَمْرُو بْنُ حِمْدَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عليّ بن المثنّى، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِرَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ هَذِهِ مَاشِطَةُ بِنْتِ فِرْعَوْنَ، كَانَتْ تَمْشُطُهَا، فَوَقَعَ الْمُشْطُ مِنْ يَدِهَا، فَقَالَتْ: بِاسْمِ اللَّهِ، قَالَتْ بنت فرعون: أبي، قالت: ربّي وربّ

_ 1 صحيح: وقد تقدم من رواية مسلم. 2 صحيح: وقد تقدم من رواية مسلم. 3 سورة البقرة: 3.

أَبِيكَ، قَالَتْ: أَقُولُ لَهُ إِذًا، قَالَتْ: قُولِي لَهُ: قَالَ لَهَا: أَوَ لَكِ رَبٌّ غَيْرِي! قَالَتْ: رَبِّي وَرَبُّكَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، قَالَ: فَاحْمِي لَهَا بَقَرَةً مِنْ نُحَاسٍ، فَقَالَتْ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَتْ: أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي، قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا لِمَا لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ. فألقي ولدها في البقرة وَاحِدًا وَاحِدًا، فَكَانَ آخِرَهُمْ صَبِيٌّ، فَقَالَ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ". قَالَ ابْنُ عبّاس: فأربعة تكلّموا وهم صبيان مَاشِطَةِ بِنْتِ فِرْعَوْنَ، وَصَبِيُّ جُرَيْجٍ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَالرَّابِعُ لَا أَحْفَظُهُ. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، عن أبي بكر أَبِي سَبْرَةَ وَغَيْرِهِ قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ السَّبْتِ لِسَبْعِ عَشْرَةٍ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَمَانِيَةِ عَشَرَ شَهْرًا، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَائِمٌ فِي بَيْتِهِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِالْمِعْرَاجِ، فَإِذَا هُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ مَنْظَرًا فَعَرَجَ به إلى السماوات سَمَاءً سَمَاءً، فَلَقِيَ فِيهَا الْأَنْبِيَاءَ، وَانْتَهَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى2. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جدّه. قال محمد بن عمر: وحدثنا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ قَالُوا: أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مِنْ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ: فَتَفَرَّقَتْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَطْلُبُونَهُ حِينَ فُقِدَ يَلْتَمِسُونَهُ، حَتَّى بَلَغَ الْعَبَّاسُ ذَا طُوَى، فَجَعَلَ يَصْرُخُ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: "لبّيك" فقال: يابن أَخِي عَنَّيْتَ قَوْمَكَ مُنْذُ اللَّيْلَةَ، فَأَيْنَ كُنْتَ.

_ 1 من أجل عطاء بن السائب صدوق وقد اختلط، ولكن رواية حماد بن سلمة عنه قبل الاختلاط كما في "الصحيحة" "2/ 267-268". 2 معضل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 102" وأبو بكر بن أبي سبرة ومحمد بن عمر كلاهما متروك.

قَالَ: "أَتَيْتُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ". قَالَ: فِي لَيْلَتِكَ! قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: هَلْ أَصَابَكَ إِلَّا خَيْرٌ؟ قَالَ: "مَا أَصَابَنِي إِلَّا خَيْرٌ". وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: مَا أُسْرِيَ بِهِ إِلَّا مِنْ بَيْتِنَا: نَامَ عِنْدَنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ بَعْدَ مَا صَلَّى الْعِشَاءَ، فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَنْبَهْنَاهُ لِلصُّبْحِ، فَقَامَ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ قَالَ: يَا أُمَّ هَانِئٍ جِئْتُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَصَلَّيْتُ فِيهِ، ثُمَّ صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ مَعَكُمْ. فَقَالَتْ: لَا تُحَدِّثُ النَّاسَ فَيُكَذِّبُونَكَ، قَالَ: وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّهُمْ، فَأَخْبَرَهُمْ فَتَعَجَّبُوا، وَسَاقَ الْحَدِيثَ1. فَرَّقَ الْوَاقِدِيُّ، كَمَا رَأَيْتَ، بَيْنَ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ، وَجَعَلَهُمَا فِي تَارِيخَيْنِ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ: أَنْبَأَ رَاشِدٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبِرْنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِكَ فِيهَا، فَقَرَأَ أوّل {سبحان} 2 وَقَالَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ عِشَاءً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، إِذْ أَتَانِي آتٍ فَأَيْقَظَنِي، فَاسْتَيْقَظْتُ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، ثُمَّ عُدْتُ فِي النَّوْمِ، ثُمَّ أَيْقَظَنِي، فَاسْتَيْقَظْتُ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، ثُمَّ نِمْتُ، فَأَيْقَظَنِي، فَاسْتَيْقَظْتُ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَإِذَا أَنَا بِهَيْئَةِ خَيَالٍ فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، حَتَّى خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا أَنَا بِدَابَّةٍ أَدْنَى شَبَهِهِ بِدَوَابِّكُمْ هَذِهِ بِغَالُكُمْ، مُضْطَرِبَ الْأُذُنَيْنِ، يُقَالَ لَهُ الْبُرَاقُ، وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْكَبُهُ قَبْلِي، يَقَعُ حَافِرُهُ مَدَّ بَصَرِهِ، فَرَكِبْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ عَلَيْهِ إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَمِينِي: يَا مُحَمَّدُ أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ، فَلَمْ أُجِبْهُ، فَسِرْتُ، ثُمَّ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَسَارِي: يَا مُحَمَّدُ أَنْظِرْنِي أَسْأَلْكَ، فَلَمْ أُجِبْهُ، ثُمَّ إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ حَاسِرَةٍ عَنْ ذِرَاعَيْهَا، وَعَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ، فَقَالَتْ: يَا محمد أنظرني فأسألك، فَلَمْ أَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأَوْثَقْتُ دَابَّتِي بِالْحَلْقَةِ، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ بِإِنَاءَيْنِ: خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَشَرِبْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ، فَحَدَّثْتُ جِبْرِيلَ عَنِ الدَّاعِي الَّذِي عَنْ يَمِينِي، قَالَ: ذَاكَ دَاعِي الْيَهُودِ، لَوْ أَجَبْتَهُ لَتَهَوَّدَتْ أُمَّتُكَ، والآخر

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 103" ومحمد بن عمر هو الواقدي، متروك كما تقدم. 2 أي سورة الإسراء.

دَاعِي النَّصَارَى، لَوْ أَجَبْتَهُ لَتَنَصَّرَتْ أُمَّتُكَ، وَتِلْكَ الْمَرْأَةُ الدُّنْيَا، لَوْ أَجَبْتَهَا لَاخْتَارَتْ أُمَّتُكَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، ثُمَّ دَخَلْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أُتِيتُ بِالْمِعْرَاجِ الَّذِي تَعْرُجُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ، فَلَمْ تَرَ الْخَلَائِقُ أَحْسَنَ مِنَ الْمِعْرَاجِ، أَمَا رَأَيْتُمُ الْمَيِّتَ حِينَ يُشَقُّ بَصَرُهُ طَامِحًا إِلَى السَّمَاءِ، فَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ عَجَبُهُ بِهِ، فَصَعِدْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ، فَإِذَا أَنَا بِمَلَكٍ يُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ، وَهُوَ صَاحِبُ سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ يَدَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} 1. فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَى صُورَتِهِ، تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَيَقُولُ: رَوْحٌ طَيِّبَةٌ وَنَفْسٌ طَيِّبَةٌ اجْعَلُوهَا فِي عِلِّيِّينَ، ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْفُجَّارِ، فَيَقُولُ: رُوحٌ خَبِيثَةٌ وَنَفْسٌ خَبِيثَةٌ، اجْعَلُوهَا فِي سِجِّينَ. ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ، فَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ -يَعْنِي بِالْخُوَانِ الْمَائِدَةَ- عَلَيْهَا لَحْمٌ مُشَرَّحٌ، لَيْسَ بِقُرْبِهَا أَحَدٌ، وَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ أُخْرَى، عَلَيْهَا لَحْمٌ قَدْ أَرْوَحَ وَنَتِنَ، وَعِنْدَهَا أُنَاسٌ يَأْكُلُونَ مِنْهَا. قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ مِنْ أُمَّتِكَ يَتْرُكُونَ الْحَلَالَ وَيَأْتُونَ الْحَرَامَ، قَالَ: ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ بُطُونُهُمْ أَمْثَالُ الْبُيُوتِ، كُلَّمَا نَهَضَ أَحَدُهُمْ خَرَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ، وَهُمْ عَلَى سَابِلَةِ2 آلِ فِرْعَوْنَ، فَتَجِيءُ السَّابِلَةُ فَتُطَارِدُهُمْ، فَسَمِعْتُهُمْ يَضِجُّونَ إِلَى اللَّهِ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا، ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ مَشَافِرُهُمْ كَمَشَافِرِ3 الْإِبِلِ، فَتُفْتَحُ أَفْوَاهُهُمْ وَيُلْقَمُونَ الْجَمْرَ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَسَافِلِهِمْ فَيَضِجُّونَ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا، ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ، فَإِذَا أَنَا بنساء يعلّقن بثديهنّ، فسمعتهنّ يضجن إِلَى اللَّهِ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الزُّنَاةُ مِنْ أُمَّتِكَ، ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ يُقَطَّعُ مِنْ جُنُوبِهِمُ اللَّحْمُ، فَيُلَقَّمُونَ، فَيُقَالُ لَهُ: كُلُّ مَا كُنْتَ تَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أَخِيكَ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْهَمَّازُونَ مِنْ أُمَّتِكَ اللَّمَّازُونَ. ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ، قَدْ فَضُلَ عَلَى النَّاسِ بِالْحُسْنِ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، قلت:

_ 1 سورة المدثر: 31. 2 سابلة: طريقة. 3 المشافر: جمع مشفر، وهو شفة البعير الغليظة.

يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَخُوكَ يُوسُفُ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَإِذَا أَنَا بِيَحْيَى وَعِيسَى وَمَعَهُمَا نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِمَا. ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى الرَّابِعَةِ، فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ، ثُمَّ صَعَدْتُ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ، وَنِصْفُ لِحْيَتِهِ بَيْضَاءُ وَنِصْفُهَا سَوْدَاءُ، تَكَادُ لِحْيَتُهُ تُصِيبُ سُرَّتَهُ مِنْ طُولِهَا، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْمُحَبَّبُ فِي قَوْمِهِ، هَذَا هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى رَجُلٌ آدَمٌ كَثِيرُ الشَّعْرِ، لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ لَنَفَذَ شَعْرُهُ دُونَ الْقَمِيصِ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ: يَزْعُمُ النَّاسُ أَنِّي أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا، بَلْ هَذَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنِّي، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: مُوسَى. ثُمَّ صَعِدْتُ السَّابِعَةَ، فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ، سَانِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، فَدَخَلْتُهُ وَدَخَلَ مَعِي طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي، عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ، ثُمَّ دُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا كُلُّ وَرَقَةٍ مِنْهَا تَكَادُ أَنْ تُغَطِّي هَذِهِ الْأُمَّةَ، وَإِذَا فِيهَا عَيْنٌ تَجْرِي، يُقَالُ لَهَا سَلْسَبِيلٌ، فَيُشَقُّ مِنْهَا نَهْرَانِ، أَحَدُهُمَا الْكَوْثَرُ وَالْآخَرُ نَهْرُ الرَّحْمَةِ، فَاغْتَسَلْتُ فِيهِ، فَغُفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ، ثُمَّ إِنِّي دُفِعْتُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَاسْتَقْبَلَتْنِي جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، ثُمَّ عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، ثُمَّ أُغْلِقَتْ، ثُمَّ إِنِّي دُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَتَغَشَّى لِي، وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، قَالَ: وَنَزَلَ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَفُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَاةُ خَمْسِينَ، ثُمَّ دُفِعْتُ إِلَى مُوسَى، فَذَكَرَ مُرَاجَعَتَهُ فِي التَّخْفِيفِ. أَنَا اخْتَصَرْتُ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ إِلَى أَنْ قَالَ: فَقُلْتُ: رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُهُ". ثُمَّ أَصْبَحَ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِالْعَجَائِبِ، فَقَالَ: إِنِّي أَتَيْتُ الْبَارِحَةَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَعُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، وَرَأَيْتُ كَذَا، وَرَأَيْتُ كَذَا، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَلَا تُعْجَبُونَ مِمَّا يَقُولُ مُحَمَّدٌ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ عَجِيبٌ حَذَفْتُ نَحْوَ النِّصْفِ منه. رواه نجيّ بن أبي

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 390-396" وأبو هارون العبدي متروك كما في "التقريب" "4840" وقد ساقه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 11-13" ثم قال: ورواه ابن أبي حاتم بسياق طويل حسن أنيق أجود مما ساقه غيره علي غرابته وما فيه من النكارة. ا. هـ. باختصار ثم بين ضعف أبي هارون العبدي.

طَالِبٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَهُوَ صَدُوقٌ، عَنْ رَاشِدٍ الْحِمَّانِيِّ، وَهُوَ مَشْهُورٌ، رَوَى عَنْهُ حَمَّادُ بن زيد، وابن الْمُبَارَكِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، عَنْ أَبِي هَارُونَ عُمَارَةُ بْنُ جُوَيْنٍ الْعَبْدِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ شِيعِيٌّ. وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هَارُونَ أَيْضًا هُشَيْمٌ، وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ الْحَدَّانِيُّ بِطُولِهِ نَحْوَهُ، حَدَّثَ بِهِ عَنْهُمَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَرَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي هَارُونَ العبدي بطوله. ورواه أسد بن موسى، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ، كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هَارُونَ، وَبِسِيَاقِ مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ صَارَ أَبُو هَارُونَ مَتْرُوكًا. وقال إبراهيم بن حمزة الزّبيريّ: حدثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مَاهَانَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. "ح" وَقَالَ هَاشِمُ بْنُ القاسم، ويونس بن بكير، وحجّاج الأعور، حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، وَهُوَ عِيسَى بْنُ مَاهَانَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ غَيْرِهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} 1 قَالَ: أُتى بِفَرَسٍ فَحُمِلَ عَلَيْهِ، خَطْوُهُ مُنْتَهَى بَصَرِهِ، فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جِبْرِيلُ، فَأَتَى عَلَى قَوْمٍ يَزْرَعُونَ فِي يَوْمٍ وَيَحْصُدُونَ فِي يَوْمٍ، كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، تُضَاعَفُ لَهُمُ الْحَسَنَةُ بِسُبْعُمِائَةِ ضِعْفٍ {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} 2. ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُرْضَخُ3 رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ، كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ! قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَتَثَاقَلُ رُءُوسُهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقَاعٌ، وَعَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقَاعٌ، يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَحُ الْأَنْعَامُ عَنِ الضَّرِيعِ وَالزَّقُّومِ، وَرَضْفِ جَهَنَّمَ، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ، ثُمَّ أَتَى عَلَى خَشَبَةٍ عَلَى الطَّرِيقِ، لَا يَمُرُّ بِهَا شَيْءٌ إِلَّا قَصَعَتْهُ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ} 4. ثُمَّ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ قَدْ جَمَعَ حِزْمَةً عَظِيمَةً لَا يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يزيد عليها،

_ 1 سورة الإسراء: 1. 2 سورة سبأ: 39. 3 ترضخ: تكسر. 4 سورة الأعراف: 86.

قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ عَلَيْهِ أَمَانَةٌ، لَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا، وَهُوَ يَزِيدُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ أَلْسِنَتُهُمْ وَشِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ حَدِيدٍ، كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ. قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ. ثُمَّ نَعَتَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَدَخَلَ وَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى أَرْوَاحَ الْأَنْبِيَاءِ فَأَثْنَوْا عَلَى رَبِّهِمْ1. وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي ثَلَاثِ وَرَقَاتٍ كِبَارٍ. تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، وَلَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيِّ، وَالْحَدِيثُ مُنْكَرٌ يُشْبِهُ كَلَامَ الْقُصَّاصِ، إِنَّمَا أَوْرَدْتُهُ لِلْمَعْرِفَةِ لَا لِلْحُجَّةِ. وَرَوَى فِي الْمِعْرَاجِ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ حَدِيثًا، وَلَيْسَ بِثِقَةٍ2، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ فُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. آخِرُ الْإِسْرَاءِ.

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل""2/ 397-403" وأبو جعفر الرازي سيئ الحفظ كما في "التقريب" "8019" وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 21": في بعض ألفاظه غرابة ونكارة شديدة. 2 فهو متهم بالكذب كما يأتي في ترجمته "1491". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3935" في كتاب مناقب الأنصار، باب: التاريخ، وأبو نعيم في "الحلية" "9002".

زواجه صلى الله عليه وسلم بعائشة وسودة أمي المؤمنين

زَوَاجُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَائِشَةَ وَسَوْدَةَ أمي المؤمنين: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَفَّى خَدِيجَةَ، قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَأَنَا ابْنَةُ سِتٍّ، وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ جَاءَنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوحَةٍ، وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ1، فَهَيَّأْنَنِي وَصَنَعْنَنِي، ثُمَّ أَتَيْنَ بِي إِلَيْهِ. قَالَ عُرْوَةُ: وَمَكَثْتُ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِينَ2. وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا مُرْسَلًا. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّ رَجُلا يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَأَكْشِفُ فَأَرَاكِ فَأَقُولُ: إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ" 4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: لَمَّا مَاتَتْ خَدِيجَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- جَاءَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالت: أَلَا تُزَوَّجُ؟ قَالَ: "وَمَنْ؟ " قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بكرًا وإن شئت ثيبًا.

_ 1 مجممة: الجمة هي مجتمع الشعر. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3894" في كتاب مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي -صلى الله عليه وسلم- عائشة، ومسلم "1422" في كتاب النكاح، باب: تزويج الأب البكر الصغيرة، وأبو داود "4933-4937" في كتاب الأدب، باب: في الأرجوحة. 3 أخرجه البخاري "3896" في المصدر السابق، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 265": وهو في الجملة صحيح. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3895" في المصدر السابق، ومسلم "2438" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل عائشة -رضي الله عنها.

قَالَ: "مَنِ الْبِكْرُ وَمَنِ الثَّيِّبُ" ?. فَقَالَتْ: أَمَّا الْبِكْرُ فَعَائِشَةُ بِنْتُ أَحَبِّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْكَ. وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، قَدْ آمَنَتْ بِكَ وَاتَّبَعَتْكَ، قَالَ: "اذْكُرِيهِمَا عَلَيَّ". قَالَتْ: فَأَتَيْتُ أُمَّ رُومَانَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ رُومَانَ مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، قَالَتْ: مَاذَا؟ قَالَتْ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ عَائِشَةَ. قَالَتِ: انْتَظِرِي فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ آتٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: أَوَتَصْلُحُ لَهُ وَهِيَ ابْنَةُ أَخِيهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا أَخُوهُ وَهُوَ أَخِي وَابْنَتُهُ تَصْلُحُ لِي". قَالَتْ: وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ رومان: إنّ المطعم ين عَدِيٍّ قَدْ كَانَ ذَكَرَهَا عَلَى ابْنِهِ، وَوَاللَّهِ مَا أُخلف وَعْدًا قَطُّ، تَعْنِي أَبَا بَكْرٍ. قَالَتْ: فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ الْمُطْعِمَ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي أَمْرِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ لَهَا: مَا تَقُولِينَ؟ فَأَقْبَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ: لَعَلَّنَا إِنْ أَنْكَحْنَا هَذَا الْفَتَى إِلَيْكَ تُصْبِئْهُ وَتُدْخِلْهُ فِي دِينِكَ. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا لَتَقُولُ مَا تَسْمَعُ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْمَوْعِدِ شَيْءٌ، فَقَالَ لَهَا: قُولِي لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْيَأْتِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَلَكَهَا، قَالَتْ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، وَأَبُوهَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ جَلَسَ عَنِ الْمَوْسِمِ فَحَيَّيْتُهُ بِتَحِيَّةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقُلْتُ: أَنْعِمْ صَبَاحًا، قَالَ: مَنْ أَنْتِ؟ قُلْتُ: خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ، فَرَحَّبَ بِي وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، قُلْتُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَذْكُرُ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، قَالَ: كُفْؤٌ كَرِيمٌ مَاذَا تَقُولُ صَاحِبَتُكِ؟ قُلْتُ: تُحِبُّ ذَلِكَ، قَالَ: قُولِي لَهُ فَلْيَأْتِ، قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَلَكَهَا. قَالَتْ: وَقَدِمَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَجَعَلَ يَحْثُو عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ: إِنِّي لَسَفِيهٌ يَوْمَ أَحْثُو عَلَى رَأْسِي التُّرَابَ أَنْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْدَةَ1. إسناده حسن.

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 411، 412"، وأخرجه أحمد "6/ 210، 211" مرسلًا.

عرض نفسه صلى الله عليه وسلم على القبائل

عَرْضُ نَفْسِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْقَبَائِلِ: قَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ فَيَقُولُ: "هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي" 1. أخرجه دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تِلْكَ السِّنِينِ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ، وَيُكَلِّمُ كُلَّ شَرِيفِ قَوْمٍ، لَا يَسْأَلُهُمْ مَعَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُؤْوُوهُ وَيَمْنَعُوهُ، وَيَقُولُ: لَا أُكره أَحَدًا مِنْكُمْ عَلَى شَيْءٍ، مَنْ رَضِيَ مِنْكُمْ بِالَّذِي أَدْعُوهُ إِلَيْهِ فَذَاكَ، ومن كره لم أكرهه، إنّما أُرِيدُ أَنْ تُحْرِزُونِي مِمَّا يُرَادُ بِي مِنَ الْقَتْلِ، حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي، وَحَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ لِي وَلِمَنْ صَحِبَنِي بِمَا شَاءَ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ أَحَدٌ وَيَقُولُونَ: قَوْمُهُ أَعْلَمُ بِهِ، أَتَرَوْنَ أَنَّ رَجُلًا يُصْلِحُنَا وَقَدْ أَفْسَدَ قَوْمَهُ، وَلَفَظُوهُ، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا ذَخَّرَ اللَّهُ لِلْأَنْصَارِ. وَتُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ، وَابْتُلِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشَدَّ مَا كَانَ، فَعَمَدَ لِثَقِيفٍ بِالطَّائِفِ، رَجَاءَ أَنْ يُؤْوُوهُ، فَوَجَدَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ، هُمْ سَادَةُ ثَقِيفٍ: عَبْدُ يَالِيلَ، وَحَبِيبٌ، وَمَسْعُودُ بَنُو عَمْرٍو، فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، وَشَكَا إِلَيْهِمُ الْبَلَاءَ، وَمَا انْتَهَكَ مِنْهُ قَوْمُهُ. فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَنَا أَسْرِقُ أَسْتَارَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ اللَّهُ بَعَثَكَ قَطُّ. وَقَالَ الْآخَرُ: أَعْجَزَ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُرْسِلَ غَيْرَكَ. وَقَالَ الْآخَرُ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ بَعْدَ مَجْلِسِكَ هَذَا، وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَعْظَمُ شَرَفًا وَحَقًّا مِنْ أَنْ أُكَلِّمَكَ، وَلَئِنْ كُنْتَ تَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ، لَأَنْتَ أَشَرُّ مِنْ أَنْ أُكَلِّمَكَ وَتَهَزَّءُوا بِهِ، وَأَفْشَوْا فِي قَوْمِهِمُ الَّذِي رَاجَعُوهُ بِهِ، وقعدوا له صفّين

_ 1 صحيح: أخرجه أبو داود "3734" وفي كتاب السنة، باب: في القرآن، والترمذي "2934" في كتاب فضائل القرآن، باب: رقم "24"، وابن ماجه "201" في المقدمة، باب: فيما أنكرت الجهمية، وأحمد "3/ 390"، وابن أبي شيبة في "مصنفه" "8/ 447". وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

عَلَى طَرِيقِهِ، فَلَمَّا مَرَّ جَعَلُوا لَا يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ وَلَا يَضَعُهُمَا إِلَّا رَضَخُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ وَأَدْمَوْا رِجْلَيْهِ، فَخَلُصَ مِنْهُمْ وَهُمَا تَسِيلَانِ الدِّمَاءَ، فَعَمَدَ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِهِمْ، وَاسْتَظَلَّ فِي ظِلِّ حَبَلَةٍ1 مِنْهُ، وَهُوَ مَكْرُوبٌ مُوجَعٌ، فَإِذَا فِي الْحَائِطِ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ أَخُوهُ، فَلَمَّا رَآهُمَا كَرِهَ مَكَانَهُمَا لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَدَاوَتِهِمَا، فَلَمَّا رَأَيَاهُ أَرْسَلَا إِلَيْهِ غُلَامًا لَهُمَا يُدْعَى عَدَّاسًا، وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ أَهْلِ نِينَوَى، مَعَهُ عِنَبٌ، فَلَمَّا جَاءَ عَدَّاسٌ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ أَيِّ أَرْضٍ أَنْتَ يَا عَدَّاسُ"؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ نِينَوَى2، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ مَدِينَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ يُونُسَ بْنِ متّى"؟ فقال: ما يُدْرِيكَ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى؟ قَالَ: "أَنَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاللَّهُ أخبرني خبر يونس"، فَلَمَّا أَبْصَرَ عُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ مَا يَصْنَعُ غُلَامُهُمَا سَكَتَا، فَلَمَّا أَتَاهُمَا قَالا: مَا شَأْنُكَ سَجَدْتَ لِمُحَمَّدٍ وَقَبَّلْتَ قَدَمَيْهِ؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ صَالِحٌ، أَخْبَرَنِي بِشَيْءٍ عَرَفْتُهُ مِنْ شَأْنِ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْنَا يُدْعَى يُونُسَ بْنَ مَتَّى، فَضَحِكَا بِهِ، وَقَالَا: لَا يَفْتِنْكَ عَنْ نَصْرَانِيَّتِكَ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ خَدَّاعٌ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَكَّةَ3. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ، أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: "مَا لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ كَانَ أَشَدَّ مِنْهُ، يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ 4، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، ثُمَّ نَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ، قَدْ بَعَثَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ لِتَأْمُرَنِي بِمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ"، فَقَالَ لَهُ

_ 1 الحبلة: شجرة العنب. 2 نينوى: مدينة بالعراق. 3 مرسل. 4 قرن الثعالب: موضع على مسافة يوم وليلة من مكة.

رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَشْرَارِهِمْ -أَوْ قَالَ: مِنْ أَصْلَابِهِمْ- مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا" 1. أَخْرَجَاهُ. وَقَالَ البكّائيّ، عن ابن إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: لَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الطَّائِفِ، عَمَدَ إِلَى نَفَرٍ مِنْ ثَقِيفٍ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ سَادَتُهُمْ، وَهُمْ إِخْوَةٌ ثَلَاثَةٌ: عَبْدُ يَالِيلَ بْنُ عَمْرٍو، وَأَخَوَاهُ مَسْعُودٌ وَحَبِيبٌ، وَعِنْدَ أَحَدِهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ جُمَحٍ، فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: هُوَ يَمْرُطُ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ اللَّهُ أَرْسَلَكَ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَمَا وَجَدَ اللَّهُ مَنْ يُرْسِلُهُ غَيْرَكَ؟ وَقَالَ الْآخَرُ: وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ2. وَذَكَرَهُ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ وَهِيَ: فَلَمَّا اطْمَأَنَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِيمَا ذُكِرَ لِي: "اللَّهُمُّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي، إِلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي، أَوْ إِلَى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ يَنْزِلَ بِي غَضَبُكَ أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سَخَطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ"3. وَحَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ عَبَّادٍ يُحَدِّثُ أَبِي قَالَ: إِنِّي لَغُلَامٌ شَابٌّ مَعَ أَبِي بِمِنًى، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقِفُ عَلَى الْقَبَائِلِ مِنَ الْعَرَبِ، يَقُولُ: يَا بَنِي فُلَانٍ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَخْلَعُوا مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ، وَأَنْ تُؤْمِنُوا وَتُصَدِّقُونِي وَتَمْنَعُونِي حَتَّى أُبَيِّنَ عَنِ اللَّهِ مَا بَعَثَنِي بِهِ، قَالَ: وَخَلْفَهُ رَجُلٌ أَحْوَلُ وَضِيءٌ، لَهُ غَدِيرَتَانِ، عَلَيْهِ حُلَّةٌ عَدَنِيَّةٌ، فَإِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ قَوْلِهِ قَالَ: يَا بَنِي فُلَانٍ إِنَّ هَذَا إِنَّمَا يَدْعُوكُمْ إِلَى أَنْ تَسْلَخُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَحُلَفَاءَكُمْ من الحيّ من بني مالك بن

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3231" في كتاب بدء الخلق، ومسلم "1795" في كتاب الجهاد، باب: ما لقي النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أذى المشركين. 2 مرسل: أخرجه ابن إسحاق كما في "السيرة" "1/ 384، 385". 3 معضل: ذكره ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 385، 386" بدون إسناد.

أُقَيْشٍ، إِلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ، فَلَا تُطِيعُوهُ وَلَا تَسْمَعُوا مِنْهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عَمُّهُ عَبْدُ الْعُزَّى أَبُو لَهَبٍ1. وَحَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى كِنْدَةَ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَفِيهِمْ سَيِّدٌ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ مُلَيْحٌ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ2. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّهُ أَتَى كَلْبًا فِي مَنَازِلِهِمْ، إِلَى بَطْنٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ اسْمَ أَبِيكُمْ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَلَمْ يَقْبَلُوا3. وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ أَتَى بَنِي حَنِيفَةَ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ أَقْبَحَ رَدًّا مِنْهُمْ4. وَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّهُ أَتَى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ بَيْحَرَةُ بْنُ فِرَاسٍ: وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي أَخَذْتُ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ لَأَكَلْتُ بِهِ الْعَرَبَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ تَابَعْنَاكَ عَلَى أَمْرِكَ، ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللَّهُ عَلَى مَنْ خَالَفَكَ، أَيَكُونُ لَنَا الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: "الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ"، قَالَ: أَفَتُهْدَفُ5 نُحُورُنَا لِلْعَرَبِ دُونَكَ، فَإِذَا أَظْهَرَكَ اللَّهُ كَانَ الْأَمْرُ لِغَيْرِنَا، لَا حَاجَةَ لَنَا بِأَمْرِكَ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ6.

_ 1 إسناده صعيف: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 387-388"، وحسين بن عبد الله ضعيف. 2 مرسل: انظر المصدر السابق "1/ 388". 3 مرسل: انظر المصدر السابق. 4 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 388" عن بعض أصحابه، عَنْ عبد الله بْن كعب بْن مالك. 5 أي تصير هدفًا. 6 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 388-389".

حديث سويد بن الصامت

حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِت: وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حدثني عاصم بن عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: قَدِمَ سُوَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، وَكَانَ سُوَيْدٌ يُسَمِّيهِ قَوْمُهُ فِيهِمُ "الْكَامِلَ" لِسِنِّهِ وَجَلَدِهِ وَشِعْرِهِ، فَتَصَدَّى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَعَاهُ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ سُوَيْدٌ: فَلَعَلَّ الَّذِي مَعَكَ مِثْلُ الَّذِي مَعِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا الَّذِي مَعَكَ"؟ قَالَ: مِجَلَّةُ لُقْمَانَ، يَعْنِي حِكْمَةَ لُقْمَانَ، قَالَ: "اعْرِضْهَا"، فَعَرَضَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: "إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ حَسَنٌ، وَالَّذِي مَعِي أَفْضَلُ مِنْهُ، قُرْآنٌ أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيَّ"، فَتَلَا عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَقَوْلٌ حَسَنٌ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى قَوْمِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ قَتَلَتْهُ الْخَزْرَجُ، فَكَانَ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ يَقُولُونَ: إِنَّا لَنَرَى أَنَّهُ قُتِلَ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَكَانَ قَتْلُهُ يَوْمَ بُعَاثٍ1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: وَسُوَيْدٌ الَّذِي يَقُولُ: أَلَا رُبَّ مَنْ تَدْعُو صَدِيقًا وَلَوْ تَرَى ... مَقَالَتَهُ بِالْغَيْبِ سَاءَكَ مَا يَفْرِي مَقَالَتُهُ كَالشَّهْدِ مَا كان شاهدًا ... وبالغيب مأثور على يغرة النَّحْرِ يَسُرُّكَ بَادِيهِ وَتَحْتَ أَدِيمِهِ ... تَمِيمَةُ غِشٍّ تَبْتَرِي عَقَبَ الظَّهْرِ2 تُبَيِّنُ لَكَ الْعَيْنَانِ مَا هُوَ كَاتِمٌ ... مِنَ الْغِلِّ وَالْبَغْضَاءِ بِالنَّظَرِ الشَّزْرِ3 فَرِشْنِي بِخَيْرٍ طَالَمَا قَدْ بَرَيْتَنِي ... وَخَيْرُ الْمَوَالِي يريش ولا يبري4

_ 1 أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 389، 390". 2 تبتري: تقطع. وعقب الظهر: عصبه. 3 الشزر: نظرة الإعراض. 4 رشني: قواني. وبريتني: أضعفتني.

حديث يوم بعاث

حَدِيثُ يَوْمِ بُعَاثٍ: قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْحُصَيْنِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو الْحَيْسَرِ أَنَسُ بْنُ رَافِعٍ مَكَّةَ، وَمَعَهُ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فِيهِمْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ، يَلْتَمِسُونَ الْحِلْفَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى قَوْمِهِمْ مِنَ الْخَزْرَجِ، سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ: "هَلْ لَكُمْ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ؟ " قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: "أَنَا رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى الْعِبَادِ"، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُمُ الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ إِيَاسٌ، وَكَانَ غُلَامًا حَدَثًا: يَا قَوْمُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتُمْ لَهُ، فَيَأْخُذُ أَبُو الْحَيْسَرِ حِفْنَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ، فَيَضْرِبَ بِهَا وَجْهَ إِيَاسٍ، وَقَالَ: دَعْنَا مِنْكَ، فَلَعَمْرِي لَقَدْ جِئْنَا لِغَيْرِ هَذَا، فَسَكَتَ، وَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهُمْ وَانْصَرَفُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ إِيَاسُ بْنُ مُعَاذٍ أَنْ هَلَكَ. قَالَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِي أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَهُ يُهَلِّلُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُهُ وَيَحْمَدُهُ وَيُسَبِّحُهُ حَتَّى مَاتَ، وَكَانُوا لَا يَشُكُّونَ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا. وَقَدْ كَانَ اسْتُشْعِرَ مِنْهُ الْإِسْلَامُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، حِينَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا سَمِعَ1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، وقد افترق ملؤهم وَقُتِلَتْ سَرَاتُهُمْ -يَعْنِي وَجُرِّحُوا- قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ في دخولهم في الإسلام2. أخرجه البخاري.

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 391" والحصين قال في "التقريب": مقبول أي إذا توبع، وإلا فلين. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3777" في كتاب مناقب الأنصار، باب: رقم "1".

ذكر مبدأ خبر الأنصار والعقبة الأولى

ذكر مبدأ خبرالأنصار وَالْعَقَبَةِ الْأُولَى: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ: حدثنا هشام بن محمد الكلبيّ، حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَتْ قُرَيْشٌ قَائِلًا يَقُولُ فِي اللَّيْلِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ: فَإِنْ يُسْلِمِ السَّعْدَانِ يُصْبِحْ مُحَمَّدٌ ... بِمَكَّةَ لَا يَخْشَى خِلَافَ الْمُخَالِفِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَنِ السَّعْدَانِ؟ سَعْدُ بْنُ بَكْرٍ، أَوْ سَعْدُ بْنُ تَمِيمٍ؟ فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ سَمِعُوا الْهَاتِفَ يَقُولُ: أَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْأَوْسِ كُنْ أَنْتَ نَاصِرًا ... وَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْخَزْرَجَيْنِ الْغَطَارِفِ1 أَجِيبَا إِلَى دَاعِي الْهُدَى وَتَمَنَّيَا ... عَلَى اللَّهِ فِي الْفِرْدَوْسِ مُنْيَةَ عَارِفِ2 فَإِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ لِلطَّالِبِ الْهُدَى ... جِنَانٌ مِنَ الْفِرْدَوْسِ ذَاتُ رَفَارِفِ3

_ 1 الغطارف: جمع الغطريف، وهو السيد. 2 المنية: الأمنية. 3 الرفارف: جمع الرفرف، وهي الوسادة.

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: هُوَ وَاللَّهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ2: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ إِظْهَارَ دِينِهِ، وَإِعْزَازَ نَبِيِّهِ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَوْسِمِ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ الْأَنْصَارُ، فَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ، فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ لَقِيَ رَهْطًا مِنَ الْخَزْرَجِ، فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا لَقِيَهُمْ قَالَ: "مَنْ أَنْتُمْ؟ " قَالُوا: نَفَرٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، قَالَ: "أَمِنْ مَوَالِي يَهُودَ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "أَفَلَا تَجْلِسُونَ أُكَلِّمُكُمْ؟ " قَالُوا: بَلَى، فَجَلَسُوا مَعَهُ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ يَهُودَ كَانُوا مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعِلْمٍ، وَكَانُوا هُمْ أَهْلَ شِرْكٍ وَأَوْثَانٍ، وَكَانُوا قَدْ غَزَوْهُمْ بِبِلادِهِمْ، فكانوا إذا كان بهم شَيْءٌ قَالُوا: إِنَّ نَبِيًّا مَبْعُوثٌ الْآنَ، قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، نَتَّبِعُهُ، فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، فَلَمَّا كَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُولَئِكَ النَّفَرَ، وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: يَا قَوْمُ تَعَلَّمُوا وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي تَوَعَّدَكُمْ بِهِ يَهُودُ، فَلَا تَسْبِقَنَّكُمْ إِلَيْهِ، فَأَجَابُوهُ وَأَسْلَمُوا وَقَالُوا: إِنَّا تَرَكْنَا قَوْمَنَا، وَلَا قَوْمَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالشَّرِّ مَا بَيْنَهُمْ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ بِكَ فَسَنُقْدِمُ عَلَيْهِمْ فَنَدْعُوهُمْ إِلَى أَمْرِكَ، وَنَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَجَبْنَاكَ بِهِ، فَإِنْ يَجْمَعْهُمُ اللَّهُ عَلَيْكَ فَلَا رَجُلَ أَعَزُّ مِنْكَ، ثُمَّ انْصَرَفُوا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ3: وَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ سِتَّةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَعَوْفُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ الزُّرَقِيُّ، وَقُطْبَةُ بْنُ عَامِرٍ السُّلَمِيُّ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ. رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ بَدَلَ عُقْبَةَ: مُعَوَّذُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ غُنْمٍ، فَلَمَّا قَدِمُوا المدينة ذكروا لقومهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَدَعَوْهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَفَشَا فِيهِمْ ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، وَافَى الْمَوْسِمَ مِنَ الْأَنْصَارِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَلَقُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْعَقَبَةِ، وَهِيَ "الْعَقَبَةُ الْأُولَى"، فَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بيعة النّساء، وذك قَبْلَ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْهِمُ الْحَرْبُ، وَهُمْ أَسْعَدُ بن زرارة، وعوف، ومعوّذ ابنا الحارث

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: هشام الكلبي متروك كما تقدم. 2 ذكره في "السيرة" "1/ 391-392". 3 ذكره في "السيرة" "1/ 392-393".

وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ، وَذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَيَزِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْبَلَوِيُّ، وَعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ، وَقُطْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَهُمْ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ، وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ، وَهُمَا مِنَ الْأَوْسِ. وَقَالَ يُونُسُ وَجَمَاعَةٌ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ، حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ الْأُولَى، وَنَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَبَايَعْنَاهُ بَيْعَةَ النِّسَاءِ، عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلَا نَعْصِيَهُ فِي مَعْرُوفٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْتَرَضَ الْحَرْبُ، فَإِنْ وَفَّيْتُمْ بِذَلِكَ فَلَكُمُ الْجَنَّةُ، وَإِنْ غَشِيتُمْ شَيْئًا فَأَمْرُكُمْ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَ1. أَخْرَجَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ. أَخْبَرَنَا الْخَضِرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْبُنِّ، أنا جَدِّي أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الْمُعَدَّلُ، أَنْبَأَ عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَعَلَى أَنْ نقول في الله عزّ وجل، ولا تَأْخُذُنَا فِيهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ نَنْصُرَهُ إِذَا قَدِمَ عَلَيْنَا يَثْرِبَ، فَنَمْنَعَهُ مِمَّا نَمْنَعُ أَنْفُسَنَا وَأَزْوَاجَنَا وَأَبْنَاءَنَا، وَلَنَا الْجَنَّةُ2. رَوَاهُ زُهَيْرُ بن معاوية، عن ابن

_ 1 صحيح: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 394" والبخاري "3892" في كتاب مناقب الأنصار، باب: وفود الأنصار، ومسلم "1709" في كتاب الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها. 2 في إسناده مقال، أخرجه أحمد "5/ 325"، والبيهقي في "الدلائل" "2/ 451-452"، وإسماعيل بن عبيد الله قال في "التقريب": مقبول، أي إذا توبع وإلا فلين، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 193": هذا إسناد جيد قوي.

خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُبَادَةَ قَالَ نَحْوَهُ. "خَالَفَهُ دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، فَرَوَيَا عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ هَذَا الْمَتْنَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، وَهُوَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ. وَسَيَأْتِي". وَقَالَ الْبَكَّائِيّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ1: فَلَمَّا انْصَرَفَ الْقَوْمُ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيَّ يُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ، فَنَزَلَ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَؤُمَّهُ بَعْضٌ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ يُسَمَّى مُصْعَبٌ بِالْمَدِينَةِ الْمُقْرِئَ. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنُ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ قَائِدَ أَبِي حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَسَمِعَ الْأَذَانَ صَلَّى عَلَى أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ مَا لَكَ إِذَا سَمِعْتَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ صَلَّيْتَ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ! قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَمَّعَ بِنَا بِالْمَدِينَةِ فِي هَزْمٍ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ يُقَالُ لَهُ نَقِيعُ الْخَضَمَاتِ2، قُلْتُ: وَكَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ رَجُلًا3. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: فَلَمَّا حَضَرَ الْمَوْسِمُ حَجَّ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، مِنْهُمْ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، وَذَكْوَانُ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ تَغْلِبَ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ، وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَهُ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَأَيْقَنُوا بِهِ وَاطْمَأَنُّوا وَعَرَفُوا مَا كَانُوا يَسْمَعُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَصَدَّقُوهُ، ثُمَّ قَالُوا: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ، وَنَحْنُ حِرَاصٌ عَلَى مَا أَرْشَدَكَ اللَّهُ بِهِ، مُجْتَهِدُونَ لَكَ بِالنَّصِيحَةِ، وَإِنَّا نُشِيرُ عَلَيْكَ بِرَأْيِنَا، فَامْكُثْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ حَتَّى نَرْجِعَ إِلَى قَوْمِنَا فَنَذْكُرَ لَهُمْ شَأْنَكَ، وَنَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَلَعَلَّ اللَّهُ يُصْلِحُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَمْرَهُمْ فَنُوَاعِدُكَ الْمَوْسِمَ مِنْ قابل، فرضي بذلك

_ 1 ذكره في "السيرة" "1/ 395". 2 نقيع الخضمات: من أودية الحجاز. 3 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 395-396".

رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَدَعَوْهُمْ سِرًّا وَتَلَوْا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، حَتَّى قَلَّ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا قَدْ أَسْلَمَ فِيهَا نَاسٌ، ثُمَّ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ، وَرَافِعَ بْنَ مَالِكٍ أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا رَجُلًا مِنْ قِبَلِكَ يُفَقِّهْنَا، فَبَعَثَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، فَنَزَلَ فِي بَنِي تَمِيمٍ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ يَدْعُو النَّاسَ سِرًّا، وَيَفْشُو فِيهِمُ الْإِسْلَامُ وَيَكْثُرُ، ثُمَّ أَقْبَلَ مُصْعَبٌ وَأَسْعَدُ، فَجَلَسَا عِنْدَ بِئْرِ بَنِي مَرْقٍ1، وَبَعَثَا إِلَى رَهْطٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَتَوْهُمَا مُسْتَخْفِينَ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ويَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: بَلْ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَأَتَاهُمْ فِي لأْمَتِهِ2 مَعَهُ الرُّمْحُ، حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لأَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ: عَلَامَ أَتَيْتَنَا فِي دُورِنَا بِهَذَا الْوَحِيدِ الْغَرِيبِ الطَّرِيدِ، يُسَفِّهُ ضُعَفَاءَنَا بِالْبَاطِلِ وَيَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، لَا أَرَاكَ بَعْدَهَا تُسِيءُ مِنْ جِوَارِنَا، فَقَامُوا، ثُمَّ إِنَّهُمْ عَادُوا مَرَّةً أُخْرَى لِبِئْرِ بَنِي مَرْقٍ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الثَّانِيَةَ فَجَاءَهُمْ، فَتَوَاعَدَهُمْ وَعِيدًا دُونَ وَعِيدِهِ الأول، فقال له أسعد: يابن خَالَةٍ، اسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَإِنْ سَمِعْتَ حَقًّا فَأَجِبْ إِلَيْهِ، وَإِنْ سَمِعْتَ مُنْكَرًا فَارْدُدْهُ بِأَهْدَى مِنْهُ، فَقَالَ: مَاذَا يَقُولُ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ مُصْعَبٌ: {حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} 3 فَقَالَ سَعْدٌ: مَا أَسْمَعُ مِنْكُمْ إِلَّا مَا أَعْرِفُهُ، فَرَجَعَ سَعْدٌ وَقَدْ هَدَاهُ اللَّهُ، وَلَمْ يُظْهِرْ لَهُمَا إِسْلَامَهُ، حَتَّى رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَدَعَا بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَظْهَرَ لَهُمْ إِسْلَامَهُ وَقَالَ: مَنْ شَكَّ مِنْهُمْ فِيهِ فَلْيَأْتِ بِأَهْدَى مِنْهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَ أَمْرٌ لَتُحَزَّنَّ مِنْهُ الرِّقَابُ، فَأَسْلَمَتْ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ عِنْدَ إِسْلَامِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، إِلَّا مَنْ لَا يُذْكَرُ. ثُمَّ إِنَّ بَنِي النَّجَّارِ أَخْرَجُوا مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، وَاشْتَدُّوا عَلَى أَسْعَدَ، فَانْتَقَلَ مُصْعَبٌ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ يَدْعُو آمِنًا وَيَهْدِي اللَّهُ بِهِ. وَأَسْلَمَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ، وَكُسِرَتْ أَصْنَامُهُمْ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ أَعَزَّ مَنْ بِالْمَدِينَةِ، وكان مصعب أوّل من جمّع بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَكَذَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إِنَّ مُصْعَبًا أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِالْمَدِينَةِ4. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بن المغيرة بن معيقيب،

_ 1 بئر في المدينة. 2 لأمته: أداة الحرب. 3 سورة الزخرف: 1-3. 4 مرسل.

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ خَرَجَ بِمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، يُرِيدُ بِهِ دَارَ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَدَارَ بَنِي ظَفَرٍ، وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ ابن خَالَةِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَدَخَلَ بِهِ حَائِطًا مِنْ حَوَائِطِ بَنِي ظَفَرٍ، وَقَالَا عَلَى بِئْرِ مَرْقٍ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِمَا نَاسٌ، وَكَانَ سَعْدٌ وَأَسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ سَيِّدَيْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَلَمَّا سَمِعَا بِهِ قَالَ سَعْدٌ لِأُسَيْدٍ: انْطَلِقْ إِلَى هَذَيْنِ فَازْجُرْهُمَا وَانْهَهُمَا عَنْ أَنْ يَأْتِيَا دَارَيْنَا، فلولا أسعد بن زرارة ابن خَالَتِي كَفَيْتُكَ ذَلِكَ، فَأَخَذَ أُسَيْدٌ حَرْبَتَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَآهُ أَسْعَدُ قَالَ: هَذَا سَيِّدُ قَوْمِهِ قَدْ جَاءَكَ فَاصْدُقِ اللَّهَ فِيهِ، قَالَ مُصْعَبٌ: إِنْ يَجْلِسْ أُكَلِّمْهُ، قَالَ: فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمَا إِلَيْنَا تُسَفِّهَانِ ضُعَفَاءَنَا، وَاعْتَزِلَانَا إِنْ كَانَ لَكُمَا بِأَنْفُسِكُمَا حَاجَةٌ، فقال له مصعب: أوتجلس فَتَسْمَعُ، فَإِنْ رَضِيتَ أَمْرًا قَبِلْتَهُ، وَإِنْ كَرِهْتَهُ كُفَّ عَنْكَ مَا تَكْرَهُ، قَالَ: أَنْصَفْتَ، ثُمَّ رَكَّزَ حَرْبَتَهُ وَجَلَسَ إِلَيْهِمَا، فَكَلَّمَهُ مُصْعَبٌ بِالْإِسْلَامِ، وقرأ عليه القرآن، فقالا فما بَلَغَنَا: وَاللَّهِ لَعَرَفْنَا فِي وَجْهِهِ الْإِسْلَامَ، قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي إِشْرَاقِهِ وَتَسَهُّلِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ! كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا فِي هَذَا الدِّينِ؟ قَالَا: تَغْتَسِلُ وَتَتَطَهَّرُ وَتُطَهِّرُ ثَوْبَيْكَ، ثُمَّ تَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، ثُمَّ تُصَلِّي، فَقَامَ فَاغْتَسَلَ وَأَسْلَمَ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: إِنَّ وَرَائِي رَجُلًا إِنِ اتَّبَعَكُمَا لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنْ قَوْمِهِ أَحَدٌ، وَسَأُرْسِلُهُ إِلَيْكُمَا، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَقَوْمِهِ، وَهُمْ جُلُوسٌ فِي نَادِيهِمْ، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ مُقْبِلًا قَالَ: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أُسَيْدٌ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي وَلَّى له، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: كَلَّمْتُ الرَّجُلَيْنِ، فَمَا رَأَيْتُ بِهِمَا بَأْسًا، وَقَدْ نَهَيْتُهُمَا فَقَالَا: نَفْعَلُ مَا أَحْبَبْتَ، وَقَدْ حُدِّثْتُ أَنَّ بَنِي حَارِثَةَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى أَسْعَدَ لِيَقْتُلُوهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ ابْنُ خَالَتِكَ لِيَخْفِرُونَكَ، فَقَامَ سَعْدٌ مُغْضَبًا مُبَادِرًا مُتَخَوِّفًا، فَأَخَذَ الْحَرْبَةَ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكَ أَغْنَيْتَ عَنَّا شَيْئًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَآهُمَا سَعْدٌ مُطْمَئِنَّيْنِ عَرَفَ أَنَّ أُسَيْدًا إِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُمَا، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتِّمًا. ثُمَّ قَالَ لِأَسْعَدَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ، وَاللَّهِ لَوْلَا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ مِنَ الْقَرَابَةِ مَا رُمْتَ مِنِّي هَذَا، أَتَغْشَانَا فِي دَارَيْنَا بِمَا نَكْرَهُ! وَقَدْ قَالَ أَسْعَدُ لِمُصْعَبٍ: أَيْ مُصْعَبُ جَاءَكَ وَاللَّهِ سَيِّدُ مَنْ وَرَاءِهِ، إِنْ يَتْبَعْكَ لَا يَتَخَلَّفْ عنك منهم اثنان، فقال: أو تقعد فَتَسْمَعُ، فَإِنْ رَضِيتَ أَمْرًا وَرَغِبْتَ فِيهِ قَبِلْتَهُ، وَإِنْ كَرِهْتَ عَزَلْنَا عَنْكَ مَا تَكْرَهُ، قَالَ: أَنْصَفْتَ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَعَرَفْنَا فِي وَجْهِهِ وَاللَّهِ الْإِسْلَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، لِإِشْرَاقِهِ وَتَسَهُّلِهِ.

ثُمَّ فَعَلَ كَمَا عَمِلَ أُسَيْدٌ، وَأَسْلَمَ، وَأَخَذَ حَرْبَتَهُ، وَأَقْبَلَ عَائِدًا إِلَى نَادِي قَوْمِهِ، وَمَعَهُ أُسَيْدٌ، فَلَمَّا رَآهُ قَوْمُهُ قَالُوا: نَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَجَعَ سَعْدٌ إِلَيْكُمْ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذهب به من عندكم، فقال: يا نبي عَبْدِ الْأَشْهَلِ كَيْفَ تَعْرِفُونَ أَمْرِي فِيكُمْ؟ قَالُوا: سَيِّدُنَا وَأَفْضَلُنَا رَأْيًا وَأَيْمَنُنَا نَقِيبَةً قَالَ: فَإِنَّ كلام رجال وَنِسَائِكُمْ عَلَيَّ حَرَامٌ حَتَّى تُؤْمِنُوا، فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى فِي دَارِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ إِلَّا مُسْلِمًا وَمُسْلِمَةً، وَرَجَعَ مُصْعَبٌ وَأَسْعَدُ إِلَى مَنْزِلِهِمَا، وَلَمْ تَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ مُسْلِمُونَ، إلا مَا كَانَ مِنْ دَارِ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَخَطْمَةَ، وَوَائِلٍ، وَوَاقِفٍ، وَتِلْكَ أَوْسُ اللَّهِ وَهُمْ مِنَ الْأَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ أَبُو قَيْسِ بْنُ الأَسْلَتِ، وَهُوَ صَيْفِيٌّ، وَكَانَ شَاعِرًا لَهُمْ وَقَائِدًا، يَسْتَمِعُونَ مِنْهُ وَيُطِيعُونَهُ، فَوَقَفَ بِهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ أُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ1.

العقبة الثانية

الْعَقَبَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، وداود العطّار وهذا لفظه: حدثنا ابْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَبِثَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ الْحَاجَّ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوَاسِمِ: مِجَنَّةُ1، وَعُكَاظٌ، وَمِنًى، يَقُولُ: مَنْ يُؤْوِينِي وَيَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَاتِ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ فَلَا يَجِدُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَرْحَلُ صَاحِبُهُ مِنْ مُضَرَ أَوِ الْيَمَنِ، فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ أَوْ ذُو رَحِمِهِ يَقُولُونَ: احْذَرْ فَتَى قُرَيْشٍ لَا يَفْتِنْكَ، يَمْشِي بَيْنَ رِحَالِهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِأَصَابِعِهِمْ، حَتَّى بَعَثَنَا اللَّهُ لَهُ مِنْ يَثْرِبَ، فَيَأْتِيهِ الرَّجُلُ مِنَّا فَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ، فَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ يَثْرِبَ إِلَّا وَفِيهَا رَهْطٌ يظهرون الإسلام، ثم ائتمرنا واجتمعنا سبعين رَجُلًا مِنَّا، فَقُلْنَا: حَتَّى مَتَى نَذَرُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَطُوفُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ وَيَخَافُ، فَرَحَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَيْهِ فِي الْمَوْسِمِ، فَوَاعَدَنَا شِعْبَ الْعَقَبَةِ، فَاجْتَمَعْنَا فِيهِ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ، حَتَّى تَوَافَيْنَا عِنْدَهُ، فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: "عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَعَلَى أن تقولوا في الله، لا

_ 1 مجنة: سوق من أسواق العرب في الجاهلية.

تَأْخُذْكُمْ فِيهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ يَثْرِبَ، تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ، وَلَكُمُ الْجَنَّةُ" فَقُلْنَا نُبَايِعُهُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَهُوَ أَصْغَرُ السَّبْعِينَ، إِلَّا أَنَا، فَقَالَ: رُوَيْدًا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، إِنَّا لَمْ نَضْرِبْ إِلَيْهِ أَكْبَادَ الْمَطِيِّ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً، وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ، وَأَنْ تَعَضَّكُمُ السُّيُوفُ، فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى عَضِّ السُّيُوفِ إِذَا مَسَّتْكُمْ، وَعَلَى قَتْلِ خِيَارِكُمْ، وَعَلَى مُفَارَقَةِ الْعَرَبِ كَافَّةً، فَخُذُوهُ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ، وَإِمَّا أَنْتُمْ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خِيفَةً، فَذَرُوهُ فَهُوَ أَعْذَرُ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ. فَقُلْنَا: أَمِطْ يَدَكَ يَا أَسْعَدُ، فَوَاللَّهِ لَا نَذَرُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ وَلَا نَسْتَقِيلُهَا، فَقُمْنَا إِلَيْهِ نُبَايِعُهُ رَجُلًا رَجُلًا، يَأْخُذُ عَلَيْنَا شَرْطَهُ، وَيُعْطِينَا عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ1. زَادَ فِي وَسَطِهِ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ: فَقَالَ لَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ يابن أَخِي لَا أَدْرِي مَا هَذَا الْقَوْمُ الَّذِينَ جَاءُوكَ، إِنِّي ذُو مَعْرِفَةٍ بِأَهْلِ يَثْرِبَ، قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَهُ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ، فَلَمَّا نَظَرَ الْعَبَّاسُ فِي وُجُوهِنَا، قَالَ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا أَعْرِفُهُمْ هَؤُلَاءِ أَحْدَاثٌ، فَقُلْنَا: عَلَامَ نُبَايِعُكَ. وَقَالَ أبو نعيم: حدثنا زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ، إِلَى السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ، عِنْدَ الْعَقَبَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: لِيَتَكَلَّمْ مُتَكَلِّمُكُمْ وَلَا يُطِيلُ الْخُطْبَةَ، فَإِنَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَيْنًا، فَقَالَ أَسْعَدُ: سَلْ يَا مُحَمَّدُ لِرَبِّكَ مَا شِئْتَ، ثُمَّ سَلْ لِنَفْسِكَ، ثُمَّ أَخْبِرْنَا مَا لَنَا عَلَى اللَّهِ، قَالَ: "أَسْأَلُكُمْ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَسْأَلُكُمْ لِنَفْسِي وَلِأَصْحَابِي أَنْ تُؤْوُونَا وَتَنْصُرُونَا وَتَمْنَعُونَا مِمَّا مَنَعْتُمْ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ"، قَالُوا: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ، قَالَ: "لَكُمُ الْجَنَّةُ"، قَالُوا: فَلَكَ ذَلِكَ2. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زائدة، نا مجالد، عن

_ 1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 322-323" من طريق آخر عن ابن خثيم، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 263": إسناده حسن. وقال الألباني في "الصحيحة" "63": إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير بالتحديث في بعض الطرق عنه. 2 مرسل: أخرجه أحمد "4/ 119-120" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 450" وانظر ما يأتي.

الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ بِنَحْوِهِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو مَسْعُودٍ أَصْغَرَهُمْ سِنًّا1. وَقَالَ ابْنُ بكير، عن ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ أَخَا بَنِي سَالِمٍ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ هَلْ تَدْرُونَ عَلَى مَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إِنَّكُمْ تُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّهَا إِذَا أَنْهَكَتْ أَمْوَالَكُمْ مُصِيبَةٌ وَأَشْرَافَكُمْ قَتْلًا، تَرَكْتُمُوهُ وَأَسْلَمْتُمُوهُ، فَمِنَ الْآنَ، فَهُوَ وَاللَّهِ إِنْ فَعَلْتُمْ خِزْيُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّكُمْ مُسْتَعْلِنُونَ بِهِ وَافُونَ لَهُ، فَهُوَ وَاللَّهِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالَ عَاصِمٌ: فَوَاللَّهِ مَا قَالَ الْعَبَّاسُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إِلَّا لِيَشِدَّ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا الْعِقْدَ2. وَقَالَ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ: مَا قَالَهَا إِلَّا لِيُؤَخِّرَ بِهَا أَمْرَ الْقَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، لِيَشْهَدَ أَمْرَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بن أبيّ، فيكون أقوى، قالوا: فما بالنا بِذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الْجَنَّةُ"، قَالُوا: ابْسُطْ يَدَكَ، وَبَايَعُوهُ، فَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ: إِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَيْهِمْ غَدًا بِأَسْيَافِنَا، فَقَالَ: "لَمْ أُؤْمَرْ بِذَلِكَ"3. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: وَرَوَاهُ ابْنُ لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، وقاله مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَهَذَا لَفْظُهُ: إِنَّ الْعَامَ الْمُقْبِلَ حَجَّ مِنَ الْأَنْصَارِ سَبْعُونَ رَجُلًا، أَرْبَعُونَ مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمْ وَثَلَاثُونَ مِنْ شَبَابِهِمْ، أَصْغَرُهُمْ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَلَقُوهُ بِالْعَقَبَةِ، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمُّهُ الْعَبَّاسُ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْكَرَامَةِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِلَى الْبَيْعَةِ أَجَابُوهُ وَقَالُوا: اشْتَرِطْ عَلَيْنَا لِرَبِّكَ وَلِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ، فَقَالَ: "أَشْتَرِطُ لِرَبِّي أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَشْتَرِطُ لِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ". فَلَمَّا طَابَتْ بِذَلِكَ أَنْفُسُهُمْ مِنَ الشَّرْطِ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَبَّاسُ الْمَوَاثِيقَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْوَفَاءِ، وَعَظَّمَ الْعَبَّاسُ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَذَكَرَ أَنَّ أُمَّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سُلْمَى بِنْتَ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بطوله4.

_ 1 إسناده ضعيف.: أخرجه أحمد "4/ 120" ومجالد ضعيف. 2 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 404". 3 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في المصدر السابق. 4 مرسل.

قَالَ عُرْوَةُ: فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ سَبْعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَةٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَبْعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ، إِحْدَاهُمَا أُمُّ عُمَارَةَ وَزَوْجُهَا وَابْنَاهُمَا. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْقَيْنِ، عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي الْحَجَّةِ الَّتِي بَايَعْنَا فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْعَقَبَةِ مَعَ مُشْرِكِي قَوْمِنَا، وَمَعَنَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ: يَا هَؤُلَاءِ تَعَلَّمُوا إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي تُوَافِقُونَنِي عليه أم لا، فقلنا: ومات هُوَ يَا أَبَا بِشْرٍ؟ قَالَ: إِنِّي قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ إِلَى هَذِهِ الْبَنِيَّةِ وَلَا أَجْعَلَهَا مِنِّي بِظَهْرٍ، فَقُلْنَا: لَا وَاللَّهِ لَا تَفْعَلْ، وَاللَّهِ مَا بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا -صَلَّى الله عليه وسلم- يصلّ إِلَّا إِلَى الشَّامِ، قَالَ: فَإِنِّي وَاللَّهِ لَمُصَلٍّ إِلَيْهَا، فَكَانَ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ تَوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَتَوَجَّهْنَا إِلَى الشَّامِ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، فقال لي البراء: يابن أَخِي انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَسْأَلَهُ عَمَّا صَنَعْتُ، فَلَقَدْ وَجَدْتُ فِي نَفْسِي بِخِلَافِكُمْ إِيَّايَ، قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَقِيَنَا رَجُلٌ بِالْأَبْطَحِ، فَقُلْنَا: هَلْ تَدُلُّنَا عَلَى مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: وَهَلْ تَعْرِفَانِهِ إِنْ رَأَيْتُمَاهُ؟ قُلْنَا: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ الْعَبَّاسَ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، وَقَدْ كُنَّا نَعْرِفُهُ، كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْنَا بِالتِّجَارَةِ، فَقَالَ: إِذَا دَخَلْتُمَا الْمَسْجِدَ فَانْظُرُوا الْعَبَّاسَ، قَالَ: فَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِي مَعَهُ، قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْعَبَّاسُ نَاحِيَةَ الْمَسْجِدِ جَالِسَيْنِ، فَسَلَّمْنَا، ثُمَّ جَلَسْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تَعْرِفُ هَذَيْنِ يَا أَبَا الْفَضْلِ؟ " قَالَ: نَعَمْ، هَذَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَهَذَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وفوالله مَا أَنْسَى قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشَّاعِرُ؟ " قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ البراء: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِّي قَدْ كُنْتُ رَأَيْتُ فِي سَفَرِي هَذَا رَأْيًا، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ، قَالَ: "وَمَا ذَاكَ؟ " قَالَ: رَأَيْتُ أَنْ لَا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ مِنِّي بِظَهْرٍ فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا"، فَرَجَعَ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْلُهُ يَقُولُونَ: قَدْ مَاتَ عَلَيْهَا، وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِهِ، قَدْ رَجَعَ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّى مَعَنَا إِلَى الشَّامِ. ثُمَّ وَاعَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْعَقَبَةَ، أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلًا لِلْبَيْعَةِ، وَمَعَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ وَالِدُ جَابِرٍ، وَإِنَّهُ لَعَلَى شِرْكِهِ، فَأَخَذْنَاهُ فَقُلْنَا: يَا أَبَا جَابِرٍ وَاللَّهِ إِنَّا لَنَرْغَبُ بِكَ أَنْ تَمُوتَ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ. فَتَكُونَ

لِهَذِهِ النَّارِ غَدًا حَطَبًا، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بعث رسولًا يأمر بِتَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ. وَقَدْ أَسْلَمَ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِكَ، وَقَدْ وَاعَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْبَيْعَةِ، فَأَسْلَمَ وَطَهَّرَ ثِيَابَهُ، وَحَضَرَهَا مَعَنَا فَكَانَ نَقِيبًا، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَعَدْنَا فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِمِنًّى أَوَّلَ اللَّيْلِ مَعَ قَوْمِنَا، فَلَمَّا اسْتَثْقَلَ النَّاسُ مِنَ النَّوْمِ تَسَلَّلْنَا مِنْ فُرُشِنَا تَسَلُّلَ الْقَطَا، حَتَّى اجْتَمَعْنَا بِالْعَقَبَةِ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَمُّهُ الْعَبَّاسُ، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، أَحَبَّ أنَ يَحْضُرَ أَمْرَ ابْنِ أَخِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مُتَكَلِّمٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَهُوَ فِي مَنْعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَبِلَادِهِ، قَدْ مَنَعْنَاهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِنَا مِنْهُ، وَقَدْ أَبَى إِلَّا الِانْقِطَاعَ إِلَيْكُمْ، وَإِلَى مَا دَعَوْتُمُوهُ إِلَيْهِ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّكُمْ وَافُونَ لَهُ بِمَا وَعَدْتُمُوهُ، فَأَنْتُمْ وَمَا تَحَمَّلْتُمْ، وَإِنْ كُنْتُمْ تَخْشَوْنَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خِذْلَانًا فَاتْرُكُوهُ فِي قَوْمِهِ، فَإِنَّهُ فِي مَنْعَةٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ وَقَوْمِهِ، فَقُلْنَا: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ، تَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَتَكَلَّمَ وَدَعَا إِلَى اللَّهِ، وَتَلَا الْقُرْآنَ وَرَغَّبَ فِي الْإِسْلَامِ، فَأَجَبْنَاهُ بِالْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ لَهُ، وَقُلْنَا لَهُ: خُذْ لِرَبِّكَ وَلِنَفْسِكَ، فَقَالَ: "إِنِّي أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا مَنَعْتُمْ مِنْهُ أَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَكُمْ"، فَأَجَابَهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ فَقَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا، فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَنَحْنُ وَاللَّهِ أَهْلُ الْحُرُوبِ وَأَهْلُ الْحَلَقَةِ، وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، فَعَرَضَ فِي الْحَدِيثِ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَقْوَامٍ حِبَالًا، وَإِنَّا قَاطِعُوهَا، فَهَلْ عَسَيْتَ إِنِ اللَّهُ أَظْهَرَكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ وَتَدَعَنَا؟ فَقَالَ: "بَلِ الدَّمَ الدَّمَ وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ، أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي، أُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ وَأُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ"، فَقَالَ لَهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نُبَايِعْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا"، فَأَخْرَجُوهُمْ لَهُ، فَكَانَ نَقِيبَ بَنِي النَّجَّارِ. أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَنَقِيبَ بَنِي سَلَمَةَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَنَقِيبَ بَنِي سَاعِدَةَ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، وَنَقِيبَ بَنِي زُرَيْقٍ: رَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، وَنَقِيبَ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَنَقِيبَ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ: عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ -وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ بَدَلَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ- وَنَقِيبَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَنَقِيبَ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ -وَهُمْ مِنَ الْأَوْسِ- أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ، قَالَ: فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَرَبَ عَلَيْهَا، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ، وَتَتَابَعَ النَّاسُ فَبَايَعُوا، فَصَرَخَ الشَّيْطَانُ عَلَى الْعَقَبَةِ بِأَنْفَذِ صَوْتٍ سَمِعْتُهُ قَطُّ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْجَبَاجِبِ هَلْ لَكُمْ فِي مُذَمَّمٍ وَالصَّبَأَةِ

مَعَهُ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى حَرْبِكُمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا أَزَبُّ الْعَقَبَةِ، هَذَا ابْنُ أُزَيْبٍ، أَمَا وَاللَّهِ لَأَفْرُغَنَّ لَكَ، ارْفَضُّوا إِلَى رِحَالِكُمْ". فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ أَخُو بَنِي سَالِمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَئِنْ شِئْتَ لَنَمِيلَنَّ عَلَى أَهْلِ مِنًى غَدًا بِأَسْيَافِنَا، فَقَالَ: "إِنَّا لَمْ نُؤْمَرْ بِذَلِكَ" فَرُحْنَا إِلَى رِحَالِنَا فَاضْطَجَعْنَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، أَقْبَلَتْ جِلَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، فَتًى شَابٌّ وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ لَهُ جَدِيدَتَانِ، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ الْخَزْرَجِ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكُمْ جِئْتُمْ إِلَى صَاحِبِنَا لِتَسْتَخْرِجُوهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مِنَ الْعَرَبِ أَحَدٌ أَبْغَضَ إِلَيْنَا أَنْ تَنْشَبَ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مِنْكُمْ، فَانْبَعَثَ مَنْ هُنَاكَ مِنْ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَحْلِفُونَ لَهُمْ بِاللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ هَذَا مِنْ شَيْءٍ، وَمَا فَعَلْنَا، فَلَمَّا تَثَوَّرَ الْقَوْمُ لِيَنْطَلِقُوا قُلْتُ كَلِمَةً كَأَنِّي أُشْرِكُهُمْ فِي الْكَلَامِ: يَا أَبَا جَابِرٍ -يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو- أَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا وَكَهْلٌ مِنْ كُهُولِنَا، لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَّخِذَ مِثْلَ نَعْلَيْ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَمِعَهُ الْحَارِثُ، فَرَمَى بِهِمَا إِلَيَّ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَتَلْبَسَنَّهُمَا، فَقَالَ أَبُو جَابِرٍ: مَهْلًا أَحْفَظْتَ لَعَمْرِ اللَّهِ الرَّجُلَ -يَقُولُ: أَخْجَلْتَهُ- ارْدُدْ عَلَيْهِ نَعْلَيْهِ، فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَرَدُّهُمَا، فَأْلٌ صَالِحٌ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَسْلِبَهُ1. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُمْ فَأَتَوْا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ يَعْنِي ابْنَ سَلُولٍ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ جَسِيمٌ وَمَا كَانَ قَوْمِي لِيَتَفَوَّتُوا عَلَيَّ بِمِثْلِهِ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ2. وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بكر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُمْ: "ابْعَثُوا مِنْكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نقيبًا كفلا عَلَى قَوْمِهِمْ، كَكَفَالَةِ الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ"، فَقَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَأَنْتَ نَقِيبٌ عَلَى قَوْمِكَ، ثُمَّ سَمَّى النُّقَبَاءَ كَرِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ مَالِكٍ3. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنَ الأنصار أنّ جبريل

_ 1 صحيح: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 399-400"، وأحمد "3/ 460-462"، وابن جرير الطبري في "تاريخه" "2/ 90-93"، وقال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" "ص177": هذا سند صحيح. 2 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 406". 3 مرسل: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 403-404".

-عَلَيْهِ السَّلَامُ- كَانَ يُشِيرُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَنْ يَجْعَلُهُ نَقِيبًا، قَالَ مَالِكٌ: كُنْتُ أَعْجَبُ كَيْفَ جَاءَ مِنْ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، وَمِنْ قَبِيلَةٍ رَجُلَانِ، حَتَّى حَدَّثَنِي هَذَا الشَّيْخُ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُشِيرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْبَيْعَةِ، قَالَ مَالِكٌ: وَهُمْ تِسْعَةُ نُقَبَاءَ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَوْسِ1. وَقَالَ: ابْنُ إِسْحَاقَ2.

_ 1 إسناده ضعيف: وهو مرسل. 2 ذكره في "السيرة" "1/ 409-417".

تسمية من شهداء العقبة

تسمية من شهداء العقبة ... تَسْمِيَةُ مَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ: قُلْتُ: تَرَكْتُ النُّقَبَاءَ لِأَنَّهُمْ قَدْ تَقَدَّمُوا. فَمِنَ الْأَوْسِ: سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ. وَمِنْ بَنِي حَارِثَةَ: ظُهَيْرُ بْنُ رَافِعٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، وَبُهَيْرُ بْنُ الْهَيْثَمِ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: رفعة بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ -وَعَدَّهُ ابْنُ إِسْحَاقَ نَقِيبًا عِوَضَ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ النُّعْمَانِ أَمِيرُ الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ وَيَوْمَئِذٍ اسْتُشْهِدَ، وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ. فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ مِنَ الْأَوْسِ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا. وَمِنَ الْخَزْرَجِ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ: أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ، وَمُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ وَأَخُوهُ عَوْفٌ، وَعُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ، وَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ: سَهْلُ بْنُ عتيك، بدريّ. ومن بني عمر بْنِ النَّجَّارِ، وَهُمْ بَنُو حُدَيْلَةَ: أَوْسُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ. وَمِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ: قَيْسُ بْنُ أَبِي صَعْصَعَةَ، وَعَمْرُو بْنُ غَزِيَّةَ. وَمِنْ بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَبَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ صَاحِبُ النِّدَاءِ، وَخَلادُ بْنُ سُوَيْدٍ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، وَأَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو.

وَمِنْ بَنِي بَيَاضَةَ: زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ، وَفَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَخَالِدُ بْنُ قَيْسٍ. وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، وَكَانَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: مُهَاجِرِيٌّ أَنْصَارِيٌّ، وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَعَبَّادُ بْنُ قَيْسٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ. وَمِنْ بَنِي سَلَمَةَ: بِشْرُ بن البراء بن معرور ابن أحد النّقياء، وَسِنَانُ بْنُ صَيْفِيٍّ، وَالطُّفَيْلُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَمَعْقِلُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَمَسْعُودُ بْنُ يَزِيدَ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ حَارِثَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ حَرَامٍ، وَجَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ، وَالطُّفَيْلُ بْنُ مَالِكٍ. وَمِنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ سَوَادٍ: سُلَيْمُ بْنُ عَمْرٍو، وَقُطْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو البسر كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو، وَصَيْفِيُّ بْنُ سَوَادٍ. وَمِنْ بَنِي نَابِي بْنِ عَمْرٍو: ثَعْلَبَةُ بْنُ غَنَمَةَ، وَقُتِلَ بِالْخَنْدَقِ، وَأَخُوهُ عَمْرٌو، وَعَبْسُ بْنُ عَامِرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَدِيٍّ. وَمِنْ بَنِي حَرَامٍ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَمُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَثَابِتُ بْنُ الْجَذْعِ، اسْتُشْهِدَ بِالطَّائِفِ، وَعُمَيْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَخُدَيْجُ بْنُ سَلَامَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. وَمِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ: الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَزِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْبَلَوِيُّ حَلِيفٌ لَهُمْ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. وَمِنْ بَنِي سَالِمِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَوْفٍ: رِفَاعَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَعُقْبَةُ بْنُ وَهْبٍ. وَمِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: النَّقِيبَانِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو الَّذِي كَانَ أَمِيرًا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ فَاسْتُشْهِدَ. وَأَمَّا الْمَرْأَتَانِ فَأُمُّ مَنِيعٍ أَسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِيٍّ، وَأُمُّ عُمَارَةَ نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ، حَضَرَتْ وَمَعَهَا زَوْجُهَا زَيْدُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ كَعْبٍ، وَابْنَاهَا حَبِيبٌ وَعَبْدُ اللَّهِ، وَحَبِيبٌ هُوَ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ وَقَطَّعَهُ عُضْوًا عُضْوًا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنِ الْبَيْعَةِ، فَتَّشَتْ قُرَيْشٌ مِنَ الْغَدِ عَنِ

الْخَبَرِ وَالْبَيْعَةِ، فَوَجَدُوهُ حَقًّا، فَانْطَلَقُوا فِي طَلَبِ الْقَوْمِ، فَأَدْرَكُوا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَهَرَبَ مُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، فَشَدُّوا يَدَيْ سَعْدٍ إِلَى عُنُقِهِ بتسعة1، وكان ذا شعر كثير، فطفقوا يحبذونه بِجُمَّتِهِ وَيَصُكُّونَهُ وَيَلْكِزُونَهُ، إِلَى أَنْ جَاءَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْحَارِثُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَكَانَ سَعْدٌ يُجِيرُهُمَا إِذَا قَدِمَا الْمَدِينَةَ، فَأَطْلَقَاهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَخَلَّيَا سَبِيلَهُ. قَالَ: وَكَانَ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ قَدْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ سَادَةِ بَنِي سَلَمَةَ، وَقَدِ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ صَنَمًا مِنْ خَشَبٍ يُقَالُ لَهُ مَنَافٌ فَلَمَّا أَسْلَمَ فِتْيَانُ بَنِي سَلَمَةَ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَابْنُهُ مُعَاذُ بْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُهُمَا، كَانُوا يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ عَلَى صَنَمِهِ فَيَأْخُذُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي بَعْضِ الْحُفَرِ، وَفِيهَا عُذْرُ النَّاسِ، مُنَكَّسًا عَلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا أَصْبَحَ عَمْرٌو قَالَ: وَيْلَكُمْ مَنْ عَدَا عَلَى آلِهَتِنَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ! ثُمَّ يَلْتَمِسُهُ حَتَّى إِذَا وَجَدَهُ غَسَّلَهُ وَطَهَّرَهُ وَطَيَّبَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ مَنْ يَصْنَعُ بِكَ هَذَا لَأَخْزَيْتُهُ. فَإِذَا أَمْسَى وَنَامَ فَعَلُوا بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَفَعَلَ مَرَّاتٍ، وَفِي الْآخِرِ عَلَّقَ عَلَيْهِ سَيْفَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ مَنْ يَصْنَعُ بِكَ مَا تَرَى، فَإِنْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ فَامْتَنِعْ، وَهَذَا السَّيْفُ مَعَكَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَخَذُوا السَّيْفَ مِنْ عُنُقِهِ، ثُمَّ أَخَذُوا كَلْبًا مَيِّتًا فَعَلَّقُوهُ وربطوه به وألقوه في جبّ عذرة، فإذا عَمْرٌو فَلَمْ يَجِدْهُ، فَخَرَجَ يَتْبَعُهُ حَتَّى وَجَدَهُ فِي الْبِئْرِ مُنَكَّسًا مَقْرُونًا بِالْكَلْبِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبْصَرَ شَأْنَهُ، وَكَلَّمَهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَقَالَ: تَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ إِلَهًا لَمْ تَكُنْ ... أَنْتَ وَكَلْبٌ وَسْطَ بِئْرٍ فِي قَرَنْ أُفٍّ لِمَصْرَعِكَ إِلَهًا مُسْتَدَنْ ... الْآنَ فَتَشْنَاكَ عَنْ سُوءِ الْغَبَنْ2 الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ ذِي الْمِنَنْ ... الْوَاهِبِ الرَّزَّاقِ وَدَيَّانِ الدِّيَنْ هُوَ الَّذِي أَنْقَذَنِي مِنْ قَبْلِ أَنْ ... أَكُونَ فِي ظلمة قبر مرتهن3

_ 1 النسعة: سير مضفور تشد به الحقائب. 2 مستدن: دنيء ذليل. والغبن: السفه. 3 ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "سيرة ابن هشام" "1/ 408-409".

ذكر أول من هاجر إلى المدينة

ذِكْرُ أَوَّلِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ: عُقَيْلٌ وَغَيْرُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ: "قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، أُرِيتُ سَبْخَةً 1 ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ. وَهُمَا الْحَرَّتَانِ"، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ عِنْدَ ذَلِكَ، وَرَجَعَ إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكَ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَتَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ قَالَ: "نَعَمْ"، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فَلَمَّا أَذِنَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ فِي الْحَرْبِ وَبَايَعَهُ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالنُّصْرَةِ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْمَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا وَاللُّحُوقِ بِالْأَنْصَارِ، فَخَرَجُوا أَرْسَالًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عبد الأسد إلى الْمَدِينَةِ، هَاجَرَ إِلَيْهَا قَبْلَ الْعَقَبَةِ الْكُبْرَى بِسَنَةٍ، وَقَدْ كَانَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ مَكَّةَ، فَآذَتْهُ قُرَيْشٌ، وَبَلَغَهُ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ أَسْلَمُوا، فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ3. فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا أَجْمَعَ أَبُو سَلَمَةَ الْخُرُوجَ رَحَّلَ لِي بَعِيرَهُ، ثُمَّ حَمَلَنِي وَابْنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ بِي يَقُودُنِي. فَلَمَّا رَأَتْهُ رِجَالُ بَنِي الْمُغِيرَةِ قَامُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: هَذِهِ نَفْسُكَ غَلَبْتَنَا عَلَيْهَا، هَذِهِ، عَلَامَ نَتْرُكُكَ تَسِيرُ بِهَا فِي الْبِلَادِ! فَنَزَعُوا خِطَامَ الْبَعِيرِ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذُونِي مِنْهُ، وَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ رَهْطُ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَتْرُكُ ابْنَنَا عِنْدَهَا إِذْ نزعتموها من صاحبنا، فتجاذبوا ابني سَلَمَةَ حَتَّى خَلَعُوا يَدَهُ، وَانْطَلَقَ بِهِ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ، وَحَبَسَنِي بَنُو الْمُغِيرَةِ عِنْدَهُمْ، فَانْطَلَقَ زوجي إذ

_ 1 سبخة: أرض ذات ملح. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3905" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، وأحمد "6/ 198"، وأبو نعيم في "الحلية" "64". 3 ذكره ابن إسحاق بدون إسناد كما في "السيرة" "1/ 418".

فَرَّقُوا بَيْنَنَا، فَكُنْتُ أَخْرُجُ كُلَّ غَدَاةٍ فَأَجْلِسُ بِالْأَبْطَحِ، فَلَا أَزَالُ أَبْكِي حَتَّى أُمْسِي، سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا. حَتَّى مَرَّ بِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمِّي فَرَحِمَنِي، فَقَالَ: أَلَا تَخْرُجُونَ مِنْ هَذِهِ الْمِسْكِينَةِ، فَرَّقْتُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا؟ فَقَالُوا لِي: الْحَقِي بِزَوْجِكِ، قَالَتْ: وَرَدَّ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ إِلَيَّ عِنْدَ ذَلِكَ ابْنِي. فَارْتَحَلْتُ بَعِيرِي، ثُمَّ وَضَعْتُ سَلَمَةَ فِي حِجْرِي، وَخَرَجْتُ أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ، وَمَا مَعِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ. قُلْتُ: أَتَبَلَّغُ بِمَنْ لَقِيتُ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى زَوْجِي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِالتَّنْعِيمِ1 لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيَّ، فَقَالَ: إِلَى أين يابنة أَبِي أُمَيَّةَ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: أوما مَعَكِ أَحَدٌ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ إِلَّا اللَّهُ وَبُنَيَّ هَذَا، قَالَ: وَاللَّهِ مَا لَكِ مِنْ مَتْرَكٍ. فَأَخَذَ بِخِطَامِ2 الْبَعِيرِ، فَانْطَلَقَ مَعِي يَهْوِي بِي، فَوَاللَّهِ مَا صَحِبْتُ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ، أَرَى أَنَّهُ أَكْرَمُ مِنْهُ، كَانَ أَبَدًا إِذَا بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَنَاخَ بِي، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عنّي حتى نَزَلْتُ اسْتَأْخَرَ بِبَعِيرِي، فَحَطَّ عَنْهُ، ثُمَّ قَيَّدَهُ فِي الشَّجَرِ، ثُمَّ تَنَحَّى إِلَى شَجَرَةٍ، فَاضْطَجَعَ تَحْتَهَا، فَإِذَا دَنَا الرَّوَاحُ قَامَ إِلَى بَعِيرِي فَرَحَّلَهُ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي وَقَالَ: ارْكَبِي، فَإِذَا رَكِبْتُ وَاسْتَوَيْتُ عَلَى بَعِيرِي أَتَى فَأَخَذَ بِخِطَامِهِ، فَقَادَنِي حَتَّى يَنْزِلَ بِي، فَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ ذَلِكَ حَتَّى أَقْدَمَنِي الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى قَرْيَةِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءٍ قَالَ: زَوْجُكِ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا3. ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَهَا بَعْدَ أَبِي سَلَمَةَ: عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ حَلِيفُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ مَعَ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ، مَعَ امْرَأَتِهِ وَأَخِيهِ أَبِي أَحْمَدَ، وَكَانَ أَبُو أَحْمَدَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، وَكَانَ يَمْشِي بِمَكَّةَ بِغَيْرِ قَائِدٍ، وَكَانَ شَاعِرًا، وَكَانَتْ عِنْدَهُ الْفَارِعَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَكَانَتْ أُمَّهُ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَنَزَلَ هَؤُلاءِ بِقُبَاءٍ عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ4. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: فَلَمَّا اشْتَدُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ أَصْحَابَهُ بِالْهِجْرَةِ، فَخَرَجُوا رَسَلًا رَسَلًا5،

_ 1 التنعيم: موضع بمكة، بينها وبين سرف. 2 الخطام: الزمام الذي يقاد البعير به. 3 في إسناده مقال: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 418-420" وفي إسناده سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سلمة، قال في "التقريب": مقبول. أي إذا توبع وإلا فلين. 4 قاله ابن إسحاق بدون إسناد كما في "السيرة" "1/ 420". 5 المراد متتابعين.

فَخَرَجَ مِنْهُمْ قَبْلَ مَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَبُو سَلَمَةَ وَامْرَأَتُهُ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَامْرَأَتُهُ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ الشَّرِيدِ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، ثُمَّ خَرَجَ عُمَرُ وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَجَمَاعَةٌ، فَطَلَبَ أَبُو جَهْلٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ عَيَّاشًا، وَهُوَ أَخُوهُمْ لِأُمِّهِمْ، فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَذَكَرُوا لَهُ حُزْنَ أُمِّهِ، وَأَنَّهَا حَلَفَتْ لَا يُظِلُّهَا سَقْفٌ، وَكَانَ بِهَا بَرًّا، فَرَقَّ لَهَا وَصَدَقَهُمْ، فَلَمَّا خَرَجَا بِهِ أَوْثَقَاهُ وَقَدِمَا بِهِ مَكَّةَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا إِلَى قَبْلِ الْفَتْحِ1. قُلْتُ: وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَدْعُو لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْقُنُوتِ: "اللَّهُمُّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ". الْحَدِيثَ2. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَنَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَخَرَجَ عُثْمَانُ، وَالزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَطَائِفَةٌ، وَمَكَثَ نَاسٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِمَكَّةَ، حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ بَعْدَ مَقْدَمِهِ، مَنْهُمْ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، عَلَى اخْتِلافٍ فِيهِ3. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعْنَا لِلْهِجْرَةِ اتَّعَدْتُ أَنَا وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَقُلْنَا: الْمِيعَادُ بَيْنَنَا التَّنَاضِبِ مِنْ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ، فَمَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ لَمْ يَأْتِهَا فَقَدْ حُبِسَ، فَأَصْبَحْتُ عِنْدَهَا أَنَا وعيّاش، وحبس هشام وفتن فافتتن، وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَكُنَّا نَقُولُ: مَا اللَّهُ بِقَابِلٍ مِنْ هَؤُلاءِ تَوْبَةً، قَوْمٌ عَرَفُوا اللَّهَ وَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوا رَسُولَهُ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ لِبَلَاءٍ أَصَابَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَأُنْزِلَتْ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} 4، فَكَتَبْتُهَا بِيَدِي كِتَابًا، ثُمَّ بَعَثْتُ بِهَا إِلَى هِشَامٍ، فَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ: فَلَمَّا قَدِمَتْ عَلَيَّ خَرَجْتُ بِهَا إِلَى ذِي طُوًى أُصْعِدُ فيها النّظر وأصوّبه لأفهمها، فقلت: اللهمّ

_ 1 مرسل. 2 صحيح: أخرجه البخاري "2932" في كتاب الجهاد: باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، وأحمد "2/ 470، 521" من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه. 3 مرسل: والظاهر أن قوله "على اختلاف فيه" من قول المصنف. 4 سورة الزمر: 53.

فَهِّمْنِيهَا، فَعَرَفْتُ أَنَّمَا أُنْزِلَتْ فِينَا لِمَا كُنَّا نَقُولُ فِي أَنْفُسِنَا، وَيُقَالُ فِينَا، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ عَلَى بَعِيرِي، فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَقُتِلَ هِشَامٌ بِأَجْنَادِينَ1. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَدِمْنَا مِنْ مَكَّةَ فَنَزَلْنَا الْعُصْبَةَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هُوَ مَكَانُهُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ أَتَى بَعْدَهُ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى أَخُو بَنِي فِهْرٍ، ثُمَّ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَبِلَالُ، ثُمَّ أَتَانَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، ثُمَّ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ، فلم يقدم عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوَةَ قَالَ: وَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ الْحَجِّ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمَ، وَصَفَرَ، وَإِنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَمَكْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِمَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ أَوْ يَحْبِسُوهُ أَوْ يُخْرِجُوهُ، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ بِمَكْرِهِمْ فِي قوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} 4 الْآيَةَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ تَحْتَ اللَّيْلِ قِبَلَ الْغَارِ بِثَوْرٍ، وَعَمَدَ عَلَيٌّ فَرَقَدَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوَارِي عَنْهُ الْعُيُونَ5. وَكَذَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَزَادَ: فباتت قريش يختلفون ويأتمرون أيّهم

_ 1 إسناده حسن: أخرجه البزار كما في "زوائد مختصر البزار" "1345" وقال الحافظ ابن حجر في التعليق عليه: حسن. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "6/ 62": رجاله ثقات. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 463". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3924-3925" في كتاب مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه المدينة، ولم يخرجه مسلم كما يدل على ذلك خاتمة مناقب الأنصار في "الفتح" "7/ 325" والغريب أن الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 203" عزاه لمسلم والله أعلم. 4 سورة الأنفال: 30. 5 مرسل.

يَجْثِمُ عَلَى صَاحِبِ الْفِرَاشِ فَيُوثِقُهُ، إِلَى أَنْ أَصْبَحُوا، فَإِذَا هُمْ بِعَلِيٍّ، فَسَأَلُوهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، فَعَلِمُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ فَارًّا مِنْهُمْ، فَرَكِبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ يَطْلُبُونَهُ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا أَيْقَنَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ بُويِعَ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْ يَلْحَقُوا بِإِخْوَانِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، تَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَقَالُوا: الْآنَ، فَأَجْمِعُوا فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّهُ قَدْ كَرَّ عَلَيْكُمْ بِالرِّجَالِ، فَأَثْبِتُوهُ أَوِ اقْتُلُوهُ أَوْ أَخْرِجُوهُ. فَاجْتَمَعُوا لَهُ فِي دَارِ النَّدْوَةِ لِيَقْتُلُوهُ. فَلَمَّا دَخَلُوا الدَّارَ اعْتَرَضَهُمُ الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ جَمِيلٍ فِي بَتٍّ1 لَهُ فَقَالَ: أَأَدْخُلُ؟ قَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، سَمِعَ بِالَّذِي اجْتَمَعْتُمْ لَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَحْضُرَهُ مَعَكُمْ، فَعَسَى أَنْ لا يَعْدِمَكُمْ مِنْهُ نُصْحٌ وَرَأْيٌ، قَالُوا: أَجَلْ فَادْخُلْ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قد كان من الأمر أم قَدْ عَلِمْتُمْ، فَأَجْمِعُوا رَأْيًا فِي هَذَا الرَّجُلِ، فَقَالَ قَائِلٌ: أَرَى أَنْ تَحْبِسُوهُ، فَقَالَ النَّجْدِيُّ: مَا هَذَا بِرَأْيٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَيَخْرُجَنَّ رَأْيُهُ وَحَدِيثُهُ إِلَى مَنْ وَرَاءِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَوْشَكَ أَنْ يَنْتَزِعُوهُ مِنْ أَيْدِيكُمْ، ثُمَّ يَغْلِبُوكُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: بَلْ نُخْرِجُهُ فَنَنْفِيهِ، فَإِذَا غَيَّبَ عَنَّا وَجْهَهُ وَحَدِيثَهُ مَا نُبَالِي أَيْنَ وَقَعَ، قال النجديّ: ماذا بِرَأْيٍ، أَمَا رَأَيْتُمْ حَلَاوَةَ مَنْطِقِهِ، وَحُسْنَ حَدِيثِهِ، وَغَلَبَتَهُ عَلَى مَنْ يَلْقَاهُ، وَلَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَيَدْخُلُ عَلَى قَبِيلَةٍ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ فَأَصْفَقَتْ2 مَعَهُ عَلَى رَأْيِهِ، ثُمَّ سَارَ بِهِمْ إِلَيْكُمْ حَتَّى يَطَأَكُمْ بِهِمْ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ إِنَّ لِي فِيهِ رَأْيًا، مَا أَرَاكُمْ وَقَعْتُمْ عَلَيْهِ، قَالُوا: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَأْخُذُوا مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ غُلَامًا جَلْدًا نَهْدًا نَسِيبًا وَسِيطًا3، ثُمَّ تُعْطُوهُ شِفَارًا4 صَارِمَةً، فَيَضْرِبُوهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمُوهُ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ، فَلَمْ تَدْرِ عَبْدُ مَنْافٍ بَعْدَ ذَلِكَ مَا تَصْنَعُ، وَلَمْ يَقْوَوْا عَلَى حَرْبِ قَوْمِهِمْ، وَإِنَّمَا غَايَتُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ فَتَدُونَهُ لَهُمْ، قَالَ النَّجْدِيُّ: لِلَّهِ دَرُّ هَذَا الْفَتَى، هَذَا الرَّأْيُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ، فَتَفَرَّقُوا عَلَى ذَلِكَ وَاجْتَمَعُوا لَهُ، وأتى رسول الله

_ 1 البت: الكساء الغليظ. 2 أصفقت: اجمتعت. 3 وسيطًا: شريفًا. 4 شفارًا: جمع شفرة، وهي السكين أو السيف.

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْخَبَرُ وَأُمِرَ أَنْ لا ينام على فراشه تلك الّيلة، فَلَمْ يَبِتْ مَوْضِعَهُ، بَلْ بَيَّتَ عَلِيًّا فِي مَضْجَعِهِ. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأموي عن أبيه. حدثنا ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. "ح". قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي الْكَلْبِيُّ عَنْ بَاذَامَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ مَعْنَى الْحَدِيثِ، وَزَادَ فِيهِ: وَأَذِنَ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِالْخُرُوجِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ "الْأَنْفَالَ" يَذْكُرُ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ وَبَلَاءَهُ عِنْدَهُ {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ} الآية1.

_ 1 سورة الأنفال: 30. والخبر أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 428-430".

سياق خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرا

سِيَاقُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة مهاجرا ... سياق خروح النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة مُهَاجِرًا: قَالَ عُقَيْلٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا وَيَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ1، لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ2، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي، قَالَ: إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخرج وَلَا يُخرج، وإنك تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٍ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلَادِكَ، وَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخرج مِثْلُهُ وَلَا يُخرج، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ! فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةَ، وَقَالُوا لَهُ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَقَالَ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ، فَيُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ3 عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يُعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ،

_ 1 برك الغماد: موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن. 2 القارة: قبيلة مشهورة. 3 يتقصف: يزدحم.

وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَكَادُ يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ، فَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةَ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَإِنَّهُ جَاوَزَ ذَلِكَ، وَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالْقِرَاءَةَ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْكَ جِوَارَكَ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بِجِوَارِ الله. والنّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بِمَكَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمُسْلِمِينَ: "قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، أُرِيتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ. هُمَا الْحَرَّتَانِ"، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَجَعَ إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أَرْضِ الْحَبَشَةِ. وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا فَقَالَ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي، قَالَ: هَلْ تَرْجُو بِأَبِي أَنْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. فبينا نحن جلوس في بيتنا في نحر الظَّهِيرَةِ، قِيلَ لِأَبِي بِكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلًا مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي، أَمَا وَاللَّهِ إِنْ جَاءَ بِهِ فِي هذه السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ، قَالَتْ: فَجَاءَ وَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: "أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ"، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: "اخْرُجْ فَقَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ"، قَالَ: فَخُذْ مِنِّي إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ قَالَ: "بِالثَّمَنِ"، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْتُهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ، فَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا فَأَوْكَتْ بِهِ الْجِرَابَ، فَبِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ، ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ في

جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ "ثَوْرُ" فَمَكَثَا فِيهِ ثَلاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ لَقِنٌ ثَقِفٌ1، فَيُدْلِجُ2 مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ فِي قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يَكِيدُونَ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظّلام، ويرعى عليها عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منيحةً3، وَيُرِيحُ عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلِ4 مِنْحَتِهِمَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهِمَا عامر بن فهيرة بغلس، ويفعل ذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي الثَّلاثِ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بَكْرٍ رَجُلا مِنْ بَنِي الدُّئِلِ هَادِيًا خِرِّيتًا5، قد غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَهُوَ عَلَى جَاهِلِيَّتِهِ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ ثَلَاثٍ، فَارْتَحَلَا، وَانْطَلَقَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّئْلِيُّ، فَأَخَذَ بِهِمَا فِي طَرِيقِ السَّاحِلِ6. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. عَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: وَاللَّهِ لَلَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَيَوْمٌ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَارِبًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ لَيْلًا، فَتَبِعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ يَمْشِي مَرَّةً أَمَامَهُ، وَمَرَّةً خَلْفَهُ يَحْرُسُهُ، فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَتَهُ حَتَّى حَفِيَتْ رِجْلَاهُ، فَلَمَّا رَآهُمَا أَبُو بَكْرٍ حَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ، حَتَّى أَتَى بِهِ فَمَ الْغَارِ، وَكَانَ فِيهِ خَرْقٌ فِيهِ حَيَّاتٌ، فَخَشِيَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُنَّ شَيْءٌ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَلْقَمَهُ قَدَمَهُ، فَجَعَلْنَ يَضْرِبْنَهُ وَيَلْسَعْنَهُ الْحَيَّاتُ وَالْأَفَاعِي وَدُمُوعُهُ تَتَحَدَّرُ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} 7، وَأَمَّا يَوْمُهُ، فَلَمَّا ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ قُلْتُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَأَلَّفِ النَّاسَ وَارْفُقْ بِهِمْ، فَقَالَ: جَبَّارٌ فِي الجاهلية خوّار في الإسلام، بم أتألّفهم بشعر مفتعل أم بقول مفترى! وذكر الحديث8.

_ 1 أي حسن الاستماع لما يقال. 2 الدلجة: السير أو الليل. 3 المنيحة: الناقة. 4 رسل: لبن. 5 خريتا: دليلًا. 6 صحيح: أخرجه البخاري، "3905" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، وأحمد "6/ 198"، وأبو نعيم في "الحلية" "64". 7 سورة التوبة: 40 8 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 476" من طريق محمد بن سيرين عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهذا إسناد منقطع، وأخرجه البيهقي "2/ 477" من وجه آخر ضعيف كما يأتي.

وَهُوَ مُنْكَرٌ، سَكَتَ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَسَاقَهُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّاسِبِيُّ، حَدَّثَنِي فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مَيْمُونَ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مُحَصَّنٍ، عَنْ عُمَرَ. وَآفَتُهُ مِنْ هَذَا الرَّاسِبِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ، مَعَ كَوْنِهِ مَجْهُولًا، ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ فَغَمَزَهُ1. وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ: حدثنا إِسْرَائِيلُ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْغَارِ، فَأَصَابَ يَدَهُ حَجَرٌ فَقَالَ: إِنْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ2 الْأَسْوَدُ: هُوَ ابْنُ قَيْسٍ، سَمِعَ مِنْ جُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ، وَاحْتَجَّا بِهِ في الصّحيحين. وقال همّام: حدثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى تَحْتِ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا" 3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُمْ رَكِبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ يَطْلُبُونَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَعَثُوا إِلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ يَأْمُرُونَهُمْ بِهِ، وَيَجْعَلُونَ لَهُمُ الْجُعْلَ الْعَظِيمَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَجَازَ بِهِمَا الدَّلِيلُ أَسْفَلَ مَكَّةَ، ثُمَّ مَضَى بِهِمَا حَتَّى جَاءَ بِهِمَا السَّاحِلَ أَسْفَلَ مِنْ "عُسْفَانَ" ثُمَّ سَلَكَ فِي "أَمَجٍ"، ثُمَّ أَجَازَ بِهِمَا حَتَّى عَارَضَ الطَّرِيقَ بَعْدَ أَنْ أَجَازَ "قُدَيْدًا"، ثُمَّ سَلَكَ فِي "الْخَرَّارِ"، ثُمَّ أَجَازَ عَلَى "ثَنِيَّةِ الْمَرَةِ"، ثُمَّ سَلَكَ "مَدْلَجَةَ لَقْفٍ"، ثُمَّ اسْتَبْطَنَ "مَدْلَجَةَ مَجَاحٍ"، ثُمَّ "بَطْنَ مرجح

_ 1 ذكره الحافظ الذهبي في "الميزان" "4804" وقال: أتى بخبر باطل طويل وهو المتهم به ثم ذكر طرق، وقال: وهو يشبه وضع الطرقية. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 480". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3653" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب المهاجرين وفضلهم، ومسلم "2381" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر -رضي الله عنه- والترمذي "3107" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة التوبة، وأحمد "1/ 4" وابن جرير الطبري في "تفسيره" "10/ 96".

ذِي الْعَصَوَيْنِ"، ثُمَّ أَجَازَ "الْقَاحَةَ"، ثُمَّ هَبَطَ "الْعَرَجَ"، ثُمَّ أَجَازَ فِي "ثَنِيَّةِ الْغَائِرِ" عَنْ يَمِينِ رَكُوبَةٍ، ثُمَّ هَبَطَ "بَطْنَ رِيمٍ" ثُمَّ قَدِمَ "قُبَاءَ" مِنْ قِبَلِ "الْعَالِيَةِ"1. وَقَالَ مُسْلِمُ بن إبراهيم: حدثنا عَوْنُ بْنُ عَمْرٍو الْقَيْسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ الْمَكِّيَّ قَالَ: أَدْرَكْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ؛ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، فَسَمِعْتُهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْغَارِ أَمَرَ اللَّهُ بِشَجَرَةٍ فَنَبَتَتْ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَتَرَتْهُ، وَأَمَرَ اللَّهُ الْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ فَسَتَرَتْهُ، وَأَمَرَ اللَّهُ حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ فَوَقَعَتَا بِفَمِ الْغَارِ، وَأَقْبَلَ فِتْيَانُ قُرَيْشٍ بِعِصِيِّهِمْ وَسُيُوفِهِمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَاقِينَ فَقَالَ: رَأَيْتُ حَمَامَتَيْنِ بِفَمِ الْغَارِ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: اشْتَرَى أَبُو بكر من عازب رحلًا بثلاثة عشر دِرْهَمًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ: مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْهُ إِلَى رَحْلِي، فَقَالَ لَهُ عَازِبٌ: لَا حَتَّى تُحَدِّثَنَا كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَرَجْتُمَا، وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمَا. قَالَ: أَدْلَجْنَا مِنْ مَكَّةَ لَيْلًا، فَأَحْيَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا، وَقَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ نَأْوِي إِلَيْهِ، فَإِذَا صَخْرَةٌ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهَا، فَإِذَا بَقِيَّةُ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ فَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرْوَةً، ثُمَّ قُلْتُ: اضْطَجِعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاضْطَجَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلِي هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أحدًا، فإذا براعي يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أُرِيدُ، يَعْنِي الظِّلَّ، فَسَأَلْتُهُ: لِمَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: هَلْ فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ، فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، وَأَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ التُّرَابِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا، فَضَرَبَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً3 مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ رَوَّأْتُ4 معي

_ 1 مرسل. 2 منكر: أخرجه البيهقي في "الدائل" "2/ 481-482"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" 2/ 214": هذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه. وقال الألباني في "الضعيفة" "1128": منكر. 3 الكثبة: القليل. 4 روأت: صفيت.

لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِدَاوَةً، عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَافَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ: اشْرَبْ يا رسول الله فشرب حتى رضي، ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ آنَ الرَّحِيلُ، قَالَ: فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رسول الله قال: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} 1، فَلَمَّا أَنْ دَنَا مِنَّا، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَيْدُ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قُلْتُ: هَذَا الطَّلَبُ قد لحقنا يا رسول الله وَبَكَيْتُ، فَقَالَ: "مَا يُبْكِيكَ؟ " قُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلَى نَفْسِي أَبْكِي، وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَبْكِي عَلَيْكَ، فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "اللهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ"، فَسَاخَتْ2 بِهِ فَرَسُهُ فِي الْأَرْضِ إِلَى بَطْنِهَا، فَوَثَبَ عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنْجِيَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأَعْمِيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ مِنْهَا سَهْمًا، فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ بِإِبِلِي وَغَنَمِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا حَاجَةَ لَنَا فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ"، فَدَعَا لَهُ، فَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أَصْحَابِهِ، وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا3. أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ. أخرج الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رجاء، عنه. وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ يَقُولُ: جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَتْلِهِ أَوْ أسْرِهِ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ قَوْمِي بَنِي مُدْلِجٍ؛ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوَدَةً4 بِالسَّاحِلِ، أَرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا، انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا، ثُمَّ قَلَّمَا لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى قُمْتُ فَدَخَلْتُ بيتي،

_ 1 سورة التوبة: 40. 2 ساخت: غاصت. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3615" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام ومسلم "3014" في كتاب الزهد، باب: في حديث الهجرة، وأحمد "1/ 2". 4 أسودة: أشخاص.

فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي فَتُهْبِطَهَا مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، فَأَخَذْتُ رُمْحِي وَخَرَجْتُ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فَخَطَطْتُ بِزُجَّهِ1الْأَرْضَ، وَخَفَضْتُ علية الرُّمْحِ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تَقْرُبُ بِي، حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْهُمْ عَثَرَتْ بِي فَرَسِي فَخَرَرْتُ، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي إِلَى كِنَانَتِي، وَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَوْ لَا أَضُرُّهُمْ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ: "لَا أَضُرُّهُمْ"، فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ، فَرَفَعْتُهَا تَقْرُبُ بِي، حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ التَّلَفُّتَ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ، حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجْ يَدَاهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا غُبَارٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ "لَا أَضُرُّهُمْ"، فَنَادَيْتُهُمَا بِالْأَمَانِ، فَوَقَفَا لِي وَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمَا، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكُمَا الدِّيَةَ، وَأَخْبَرْتُهُمَا أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِي شَيْئًا، وَلَمْ يَسْأَلَانِي، إِلَّا أَنْ قَالَ: أَخْفِ عَنَّا، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ مُوَادَعَةٍ آمَنُ بِهِ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ، فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدَمٍ2، ثُمَّ مضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم3. أخرجه البخاري. وقال موسى بن عقبة: أخبرنا ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيُّ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَخَاهُ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ أَخْبَرَهُ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ، وَزَادَ فِيهِ: وَأَخْرَجْتُ سِلَاحِي ثُمَّ لَبِسْتُ لَامَتِي4، وَفِيهِ: فَكَتَبَ لِي أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ أَلْقَاهُ إِلَيَّ فَرَجَعْتُ فَسَكَتُّ، فَلَمْ أَذْكُرْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ مَكَّةَ، وَفَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حُنَيْنٍ خَرَجْتُ لِأَلْقَاهُ وَمَعِي الْكِتَابُ، فَدَخَلْتُ بَيْنَ كَتِيبَةٍ مِنْ كَتَائِبِ الْأَنْصَارِ، فَطَفِقُوا يَقْرَعُونَنِي بِالرِّمَاحِ وَيَقُولُونَ: إِلَيْكَ إِلَيْكَ، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو عَلَى نَاقَتِهِ، أَنْظُرُ إِلَى سَاقِهِ فِي غَرْزَةٍ كأنّها

_ 1 الزج: الطعن. 2 الأدم: الجلد. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3906" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة. 4 اللأمة: أداة الحرب.

جمارة1، فرفعت يَدِي بِالْكِتَابِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كتابك، فقال: "يوم وفاء وبرّ ادن ادن"، قَالَ: فَأَسْلَمْتُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ شَيْئًا أَسْأَلُ عَنْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: سَأَلَهُ عَنِ الضَّالَّةِ وَشَيْءٍ آخَرَ، قال: فانصرفت وسقت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَدَقَتِي2. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حُدِّثْتُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، أَتَى نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ، فَوَقَفُوا عَلَى بَابِ أَبِي بَكْرٍ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا: أَيْنَ أَبُوكَ؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي وَاللَّهِ أَيْنَ أَبِي، فَرَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ وَكَانَ فَاحِشًا خَبِيثًا فَلَطَمَنِي عَلَى خَدِّي لَطْمَةً طُرِحَ مِنْهَا قُرْطِي3. وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ جَدَّتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، احْتَمَلَ أَبُو بَكْرٍ مَالَهُ كُلَّهُ مَعَهُ، خَمْسَةُ آلَافٍ أَوْ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَانْطَلَقَ بِهِ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا جَدِّي أَبُو قُحَافَةَ وقد ذهب بصره فقال: والله إنّي لا أراه فَجَعَكُمْ بِمَالِهِ مَعَ نَفْسِهِ، قَالَتْ: كَلَّا يَا أبت، قد ترك لنا خيرً كَثِيرًا، قَالَتْ: فَأَخَذْتُ أَحْجَارًا فَوَضَعْتُهَا فِي كُوَّةٍ مِنَ الْبَيْتِ كَانَ أَبِي يَضَعُ فِيهَا مَالَهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ عَلَيْهَا ثَوْبًا، ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقَالَتْ: ضَعْ يَدَكَ عَلَى هَذَا الْمَالِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ قَدْ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا فَقَدْ أَحْسَنَ، فِي هَذَا بَلَاغٌ لَكُمْ، قَالَتْ: وَلَا وَاللَّهِ مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئًا، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُسَكِّنَ الشَّيْخَ4. وَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرًا، جَعَلَتْ قُرَيْشٌ فِيهِ مِائَةَ نَاقَةٍ لِمَنْ رَدَّهُ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَّا فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَكْبًا ثَلَاثَةً مَرُّوا عَلَيَّ آنِفًا، إِنِّي لأراهم محمدًا وأصحابه،

_ 1 الجمارة: قلب النخلة. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 487-489". 3 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 434". 4 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 435".

فَأَوْمَأْتُ إِلَيْهِ، يَعْنِي أَنِ اسْكُتْ، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّمَا هُمْ بَنُو فُلَانٍ يَبْتَغُونَ ضَالَّةً لَهُمْ، قَالَ: لَعَلَّهُ، قَالَ: فَمَكَثْتُ قَلِيلًا، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ بَيْتِي، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ1. قَالَ: وَحُدِّثْتُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: فَمَكَثْنَا ثَلَاثَ لَيَالٍ مَا نَدْرِي أَيْنَ وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ يَتَغَنَّى بِأَبْيَاتٍ مِنْ شِعْرِ غِنَاءِ الْعَرَبِ، وَإِنَّ النَّاسَ لَيَتْبَعُونَهُ، وَيَسْمَعُونَ صَوْتَهُ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ، وَهُوَ يَقُولُ: جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسٍ خَيْرَ جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ حَلَّا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلَا بِالْبِرِّ ثُمَّ تَرَوَّحَا ... فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ ... وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ قَالَتْ: فَعَرَفْنَا حَيْثُ وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَّ وَجْهَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ2. قُلْتُ: قَدْ سُقْتُ خَبَرَ أُمِّ مَعْبَدٍ بِطُولِهِ فِي صِفَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا يَأْتِي -إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بن أبي زائدة: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مكة، فانتهينا إلى حي من أحياء العرب، فنظر النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَيْتٍ مُنْتَحِيًا، فَقَصَدَ إِلَيْهِ فَلَمَّا نَزَلْنَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا عَبْدَيِ اللَّهِ إِنَّمَا أَنَا امْرَأَةٌ وليس مَعِي أَحَدٌ، فَعَلَيْكُمَا بِعَظِيمِ الْحَيِّ إِنْ أَرَدْتُمُ الْقِرَى3، قَالَ: فَلَمْ يُجِبْهَا، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَسَاءِ، فَجَاءَ ابْنٌ لَهَا بِأَعْنُزٍ لَهُ يَسُوقُهَا، فَقَالَتْ له: يا بنيّ انطلق بهذه العنز والسّفرة إِلَيْهِمَا فَقُلْ: اذْبَحَا هَذِهِ وَكُلَا وَأَطْعِمَانَا، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْطَلِقْ بِالشَّفْرَةِ وَجِئْنِي بِالْقَدَحِ"، قَالَ: إِنَّهَا قَدْ عزبت وليس بها لَبَنٌ، قَالَ: انْطَلِقْ، فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِقَدَحٍ، فَمَسَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَرْعَهَا، ثُمَّ حَلَبَ حَتَّى مَلَأَ الْقَدَحَ، ثُمَّ قَالَ: انْطَلِقْ بِهِ إِلَى أُمِّكَ، فَشَرِبَتْ حَتَّى رَوِيَتْ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَقَالَ: انْطَلِقْ بِهَذِهِ وَجِئْنِي بِأُخْرَى، ففعل بها

_ 1 أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 435-436". 2 إسناده ضعيف: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 434-435". 3 القرى: ما يقدم للضيف.

كَذَلِكَ، ثُمَّ سَقَى أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ بِأُخْرَى، فَفَعَلَ بِهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ شَرِبَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَبِتْنَا لَيْلَتَنَا ثُمَّ انْطَلَقْنَا، فَكَانَتْ تُسَمِّيهِ "الْمُبَارَكَ"، وَكَثُرَ غَنَمُهَا حَتَّى جَلَبَتْ جَلْبًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ فَرَآهُ ابْنُهَا فَعَرَفَهُ فَقَالَ: يَا أُمَّهُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ مَعَ الْمُبَارَكِ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنِ الرَّجُلُ الذي كان معك؟ قال: وما تدرن مَنْ هُوَ؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: هُوَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: فَأَدْخِلْنِي عَلَيْهِ، فَأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهَا وَأَعْطَاهَا1. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ يَحْيَى، وَإِسْنَادُهُ نَظِيفٌ لَكِنْ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. أوس بن عبد الله بن بريدة: أنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَتَفَاءَلُ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ جَعَلَتْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ لِمَنْ يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ، فَرَكِبَ بُرَيْدَةُ فِي سَبْعِينَ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، فَلَقِيَ نَبِيَّ الله -صلى الله عليه وسلم- لَيْلًا فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: بُرَيْدَةُ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: بَرَدَ أَمْرُنَا وَصَلُحَ، ثُمَّ قَالَ: وَمِمَّنْ؟ قَالَ: مَنْ أَسْلَمَ، قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: سَلِمْنَا، ثُمَّ قَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَ: مِنْ بَنِي سَهْمٍ، قَالَ: خَرَجَ سَهْمُكَ. فَأَسْلَمَ بُرَيْدَةُ وَالَّذِينَ مَعَهُ جَمِيعًا، فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ بُرَيْدَةُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَدْخُلِ الْمَدِينَةَ إِلَّا وَمَعَكَ لِوَاءٌ، فَحَلَّ عِمَامَتَهُ ثُمَّ شَدَّهَا فِي رُمْحٍ، ثُمَّ مَشَى بَيْنَ يدي النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ تَنْزِلُ عَلَيَّ، قَالَ: إِنَّ نَاقَتِي مَأْمُورَةٌ. فَسَارَ حَتَّى وَقَفَتْ عَلَى بَابِ أَبِي أَيُّوبَ فَبَرَكَتْ2. قُلْتُ: أَوْسٌ مَتْرُوكٌ. وقال الحافظ أبو الوليد الطّيالسيّ: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، ثنا أَبِي، عَنْ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: لَمَّا انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ مُسْتَخْفِيَيْنِ مَرَّا بِعَبْدٍ يَرْعَى غَنَمًا فَاسْتَسْقَيَاهُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَاةٌ تَحْلِبُ، غَيْرَ أنّ ههنا عناقًا

_ 1 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 491"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 224-225" إسناد حسن. وقد أعله المصنف بالانقطاع بين عبد الرحمن بن أبي ليلى وأبي بكر الصديق، والظاهر أن هذا هو الراجح، فقد اختلفوا في سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من عمر، ولم يذكر الحافظ ابن حجر في "التهذيب" "2/ 548" أبا بكر في شيوخ عبد الرحمن، مع تنبيهه في المقدمة أنه يبدأ بذكر أكبر شيوخ الراوي، مما يدل على أنه لم يثبت له سماع منه، والله أعلم. 2 إسناده ضعيف جدًّا: أوس متروك كما يأتي، وانظر "الميزان" "1046".

حَمَلَتْ أَوَّلَ الشَّاءِ، وَقَدْ أَخْدَجَتْ وَمَا بَقِيَ لَهَا لَبَنٌ، فَقَالَ: ادْعُ بِهَا، فَدَعَا بِهَا، فَاعْتَقَلَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَسَحَ ضَرْعَهَا وَدَعَا حَتَّى أَنْزَلَتْ، وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِمَجْنٍ فَحَلَبَ فَسَقَى أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ حَلَبَ فَسَقَى الرَّاعِيَ، ثُمَّ حَلَبَ فَشَرِبَ، فَقَالَ الرَّاعِي: بِاللَّهِ مَنْ أَنْتَ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ قَطُّ؟ قَالَ: "أَتَكْتُمُ عَلَيَّ حَتَّى أُخْبِرَكَ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَإِنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ"، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّهُ صَابِئٌ، قَالَ: "إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ ذَلِكَ"، قَالَ: فَأَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ حَقٌّ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ مَا فَعَلْتَ إِلَّا نَبِيٌّ، وَأَنَا مُتَّبِعُكَ، قَالَ: "إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ يَوْمَكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ أَنِّي قَدْ ظَهَرْتُ فَائْتِنَا" 1. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قال: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ، قَالُوا: لَمَّا بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ، كُنَّا نَخْرُجُ كُلَّ غَدَاةٍ فَنَجْلِسُ لَهُ بِظَاهِرِ الْحَرَّةِ، نَلْجَأُ إِلَى ظِلُّ الْجُدُرِ حَتَّى تَغْلِبَنَا عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى رِحَالِنَا، حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَسْنَا كَمَا كُنَّا نَجْلِسُ، حتى إذا رجعنا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَآهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ، فَنَادَى: يَا بُنَيَّ قَيْلَةُ هَذَا جَدُّكُمْ قَدْ جَاءَ، فَخَرَجْنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَنَاخَ إِلَى ظِلٍّ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَيُّهُمَا أَسَنُّ، هُمَا فِي سِنٍّ وَاحِدَةٍ، حَتَّى رَأَيْنَا أَبَا بَكْرٍ يَنْحَازُ لَهُ عَنِ الظِّلِّ، فَعَرَفْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَامَ فَأَظَلَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرِدَائِهِ، فَعَرَفْنَاهُ2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ: حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ وَسَّاجٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ، يَعْنِي الْمَدِينَةَ، وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ3 غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ، فَغَلَّفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتْمِ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حديث محمد بن حمير.

_ 1 أخرجه البزار كما في "زوائد مسند البزار" "1342". 2 إسناده محتمل للتحسين: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "1/ 438" وعبد الرحمن بن عويم بن ساعدة ذكر ابن حبان في "الثقات" "5/ 75" إِنَّهُ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3 أشمط: اختلط سواد شعره ببياضه. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3919" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة.

وَقَالَ شُعْبَةُ: أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَا يُقْرِئَانِ الْقُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ، وَبِلَالٌ، وَسَعْدٌ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ قَطُّ فَرَحَهُمْ بِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ الْوَلَائِدَ وَالصِّبْيَانَ يَسْعَوْنَ فِي الطُّرُقِ يَقُولُونَ: "جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ حَتَّى تَعَلَّمْتُ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} 1 في مثلها من المفصّل2. خ3 وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، فِي حَدِيثِ الرَّحْلِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَضَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا مَعَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلًا، فَتَنَازَعَهُ الْقَوْمُ أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي أَنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ أَخْوَالِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُكْرِمُهُمْ بذلك"، وقدم النّاس حين قدمنا المدينة، في الطَّرِيقِ وَعَلَى الْبُيُوتِ، وَالْغِلْمَانُ وَالْخَدَمُ يَقُولُونَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ، جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّهُ أكبر جاء محمد، الله أَكْبَرُ جَاءَ مُحَمَّدٌ، فَلَمَّا أَصْبَحَ انْطَلَقَ فَنَزَلَ حَيْثُ أَمَرَ4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ هَاشِمُ بْنُ القاسم: حدثنا سُلَيْمَانُ هُوَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: إِنِّي لَأَسْعَى فِي الْغِلْمَانِ يَقُولُونَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ، وَأَسْعَى وَلَا أَرَى شَيْئًا، ثُمَّ يَقُولُونَ: "جَاءَ مُحَمَّدٌ"، فَأَسْعَى، حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ فَكَمِنَّا فِي بَعْضِ جُدُرِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ بَعَثَا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ لِيُؤْذِنَ بِهِمَا الْأَنْصَارَ قَالَ: فَاسْتَقْبَلَهُمَا زُهَاءَ خُمْسُمِائَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَيْهِمَا، فَقَالُوا: انْطَلِقَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، حَتَّى إِنَّ الْعَوَاتِقَ لَفَوْقَ الْبُيُوتِ يَتَرَاءَيْنَهُ يَقُلْنَ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ قَالَ: فَمَا رَأَيْنَا مَنْظَرًا شَبِيهًا بِهِ يَوْمَئِذٍ5. صَحِيحٌ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُوَقِّرِيُّ وَغَيْرُهُ، عن الزّهري قال: فأخبرني عروة أنّ

_ 1 سورة الأعلى: 1. 2 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 3 رمز للبخاري. 4 أخرجه بهذا اللفظ ابن سعد في "الطبقات" "4/ 271" وأصله عند البخاري "3925" في كتاب مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه المدينة. 5 إسناده صحيح: أخرجه أحمد "3/ 222".

الزُّبَيْرَ كَانَ فِي رَكْبِ تُجَّارٍ بِالشَّامِ، فَقَفَلُوا إِلَى مَكَّةَ، فَعَارَضُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا بَكْرٍ بِثِيَابِ بَيَاضٍ، وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ، حَتَّى يَرُدَّهُمْ نَحْرُ الظَّهِيرَةِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَمَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ، أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ أَطْمًا1 مِنْ آطَامِهِمْ لِشَأْنِهِ، فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ2 يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ هَذَا جَدُّكُمُ3 الَّذِي تَنْتَظِرُونَ، فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السَّلَامِ، فَلَقُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ الْيَمِينِ، حَتَّى نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ يُذَكِّرُ النَّاسَ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَامِتًا، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْسَبُهُ أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فعرفوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَبِثَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. وَأَسَّسَ الْمَسْجِدَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَسَارَ، فَمَشَى مَعَهُ النَّاسُ، حَتَّى بَرَكَتْ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ مَسْجِدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِرْبَدًا4 لِلتَّمْرِ لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ، غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ أَخَوَيْنِ فِي حِجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، فَقَالَ حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ: "هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَنْزِلُ". ثُمَّ دَعَا الْغُلَامَيْنِ فَسَاوَمَهُمَا الْمِرْبَدَ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالَا: بَلْ نَهَبُهُ لَكَ، فَأَبَى حَتَّى ابْتَاعَهُ وَبَنَاهُ5. وَقَالَ عَبْدُ الوارث بن سعيد وغيره: حدثنا أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ نَزَلَ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مَلإِ بَنِي النَّجَّارِ، فَجَاءُوا متقلّدين سيوفهم، فكأنّي

_ 1 الأطم: الحصن. 2 مبيضين: عليهم ثياب بيض. 3 جدكم: حظكم. 4 مربدًا: موضع لتجفيف التمر. 5 أخرجه البخاري "3906" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة.

أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ، وَمَلأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْتَظِرُ أَنْ يَدْعُوَهُ إِلَى الْمَنْزِلِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ "أَهْلِ الْمَدِينَةِ" فِي أَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: انْظُرِ الَّذِينَ دَعَوْكَ فَأْتِهِمْ، فَعَمَدَ إِلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَاتَّخَذَ مَكَانَهُ مَسْجِدًا فَكَانَ يصلّي فيه، ثم بناه عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَهُوَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى وَالرِّضْوَانِ. ثُمَّ إِنَّهُ رَكِبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَمَرَّ عَلَى بَنِي سَالِمٍ، فَجَمَعَ فِيهِمْ، وَكَانَتْ أَوَّلَ جُمُعَةٍ صَلَّاهَا حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَاسْتَقْبَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا أَبْصَرَتْهُ الْيَهُودُ صَلَّى إِلَى قِبْلَتِهِمْ طَمِعُوا فِيهِ لِلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ، ثُمَّ ارْتَحَلَ فَاجْتَمَعَتْ لَهُ الْأَنْصَارُ يُعَظِّمُونَ دِينَ اللَّهِ بِذَلِكَ، يَمْشُونَ حَوْلَ نَاقَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- لا يَزَالُ أَحَدُهُمْ يُنَازِعُ صَاحِبَهُ زِمَامَ النَّاقَةِ، فَقَالَ: خَلُّوا سَبِيلَ النَّاقَةِ، فَإِنَّمَا أَنْزِلُ حَيْثُ أَنْزَلَنِي اللَّهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَارِ أَبِي أَيُّوبَ فِي بَنِي غَنْمٍ، فَبَرَكَتْ عَلَى الْبَابِ، فَنَزَلَ، ثُمَّ دَخَلَ دَارَ أَبِي أَيُّوبَ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ حَتَّى ابْتَنَى مَسْجِدَهُ وَمَسْكَنَهُ فِي بَنِي غَنْمٍ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ مَوْضِعًا لِلتَّمْرِ لِابْنَيْ أَخِي أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْطَى ابْنَيْ أَخِيهِ مَكَانَهُ نَخْلا لَهُ فِي بَنِي بَيَاضَةَ، فَقَالُوا: نُعْطِيهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا نَأْخُذُ لَهُ ثَمَنًا، وَبَنَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِحَمْزَةَ وَلِعَلِيٍّ وَلِجَعْفَرَ، وَهُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَجَعَلَ مَسْكَنَهُمْ فِي مَسْكَنِهِ، وَجَعَلَ أَبْوَابَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ بَابِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لَهُ، فَصَرَفَ بَابَ حَمْزَةَ وَجَعْفَرَ. كَذَا قَالَ: وَهُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلِيٌّ بِمَكَّةَ2. رَوَاهُ ابْنُ عَائِذٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْهُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: لَمَّا دَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأَبُو بكر من المدينة،

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3932" في المصدر السابق، ومسلم "524" في كتاب المساجد، باب: ابتناء مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو داود "453" في كتاب الصلاة، باب: في بناء المساجد، أبو نعيم في "الحلية" "3316". 2 إسناده ضعيف: عثمان بن عطاء الخراساني ضعيف كما في "التقريب" "4502".

وَقَدِمَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنَ الشَّامِ، خَرَجَ طَلْحَةُ عَامِدًا إِلَى مَكَّةَ، لَمَّا ذُكِرَ له النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ إِمَّا مُتَلَقِّيًا لَهُمَا، وَإِمَّا عَامِدًا عَمْدَهُ بِمَكَّةَ، وَمَعَهُ ثِيَابٌ أَهْدَاهَا لِأَبِي بَكْرٍ مِنْ ثِيَابِ الشَّامِ، فَلَمَّا لَقِيَهُ أَعْطَاهُ الثِّيَابَ، فَلَبِسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ مِنْهَا. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ يوم الإثنين، لاثنتي عشرة ليلةً خَلَت من ربيع الأوّل، فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةٍ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لِلَيْلَتَيْنِ مَضَتَا مِنْهُ. رَوَاهُ يُونُسُ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ عَبْدُ الله بن إدريس: حدثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمٍ، أَخْبَرَنِي بَعْضُ قَوْمِي قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةٍ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَأَقَامَ بِقُبَاءَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَخَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءَ. وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَبِثَ فِيهِمْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً2. وَقَالَ زكريّا بن إسحاق: حدثنا عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: مكث النّبيّ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ وَهُو ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عيينة: حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَجُوزٍ لَهُمْ، قَالَتْ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَخْتَلِفُ إِلَى صِرْمَةِ أَبِي قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ يَرْوِي هَذِهِ الْأَبْيَاتَ:

_ 1 الوليد بن مسلم مدلس، وقد عنعنه، والحديث أخرجه البيهفي في "الدلائل" 2/ 511". 2 ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه، والحديث أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 512". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3902" في كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، ومسلم "2351/ 118" في كتاب الفضائل، باب: كم أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة والمدينة؟ وأحمد "1/ 371".

ثَوَى فِي قُرَيْشٍ بِضْعَ عَشْرَةَ حِجَّةً ... يُذَكِّرُ لَوْ أَلْفَى صَدِيقًا مُوَاتِيَا1 وَيَعْرِضُ فِي أَهْلِ الْمَوَاسِمِ نَفْسَهُ ... فَلَمْ يَرَ مَنْ يُؤْوِي وَلَمْ يَرَ دَاعِيَا فَلَمَّا أَتَانَا وَاطْمَأَنَّتْ بِهِ النَّوَى ... وَأَصْبَحَ مَسْرُورًا بِطِيبَةَ رَاضِيَا وَأَصْبَحَ مَا يَخْشَى ظَلَامَةَ ظَالِمٍ ... بَعِيدٍ وَلَا يَخْشَى مِنَ النَّاسِ بَاغِيَا بَذَلْنَا الْأَمْوَالَ مِنْ جُلِّ مَالِنَا ... وَأَنْفُسَنَا عِنْدَ الْوَغَى وَالتَّآسِيَا نُعَادِي الَّذِي عَادَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ ... جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُوَاسِيَا وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ ... وَأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ أَصْبَحَ هَادِيَا2 وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ، وَنَبِيُّ اللَّهِ شَابٌّ لَا يُعْرَفُ -يُرِيدُ دُخُولَ الشَّيْبِ فِي لِحْيَتِهِ دُونَهُ لَا فِي السِّنِّ- قَالَ أَنَسٌ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ يَهْدِينِي السَّبِيلَ، فَيَحْسَبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ يَعْنِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي طَرِيقَ الْخَيْرِ. فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ"، فَصَرَعَهُ فَرَسُهُ، ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ3. فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، قَالَ: "تَقِفُ مَكَانَكَ لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا"، قَالَ: فَكَانَ أَوَّلُ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى النَّبِيِّ وَآخِرُ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَانِبَ الْحَرَّةِ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْأَنْصَارِ، فَجَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِمَا فَقَالُوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ، فَرَكِبَا وَحَفُّوا حَوْلَهُمَا بِالسِّلَاحِ، فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ "جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" وأقبل حَتَّى نَزَلَ إِلَى جَانِبِ بَيْتِ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَهُوَ فِي نَخْلٍ لِأَهْلِهِ، يَخْتَرِفُ4 لَهُمْ مِنْهُ، فَعَجَّلَ أَنْ يَضَعَ الَّتِي يَخْتَرِفُ فِيهَا فَجَاءَهُ وَهِيَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ"؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذِهِ دَارِي، قَالَ: "اذْهَبْ فَهَيِّئْ لَنَا مقيلًا"، فذهب فهيأ

_ 1 ثوى: أقام. 2 إسناده ضعيف: لجهالة هذه العجوز، وقد عزاه الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 238" للحميدي. 3 الحمحمة: صوت دون الصهيل. 4 يخترف: يجتني.

لَهُمَا مَقِيلًا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ هَيَّأْتُ لَكُمَا مَقِيلًا، قَالَ: "قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ فَقِيلَا". فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَلَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَأَعْلَمُهُمْ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ سِيرَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَغَازِيهِ فِي الْعَشْرِ السِّنِينِ الَّتِي لَبِثَ فِيهَا بِالْمَدِينَةِ مَا فِيهِ مَغْنًى إِنْ شَاءَ الله تعالى.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري في "3911" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة.

فصل في معجزاته صلى الله عليه وسلم سوى ما مضى في غضون المغازي

فَصْلٌ فِي مُعْجِزَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِوَى مَا مَضَى فِي غُضُونِ الْمَغَازِي 1: قَالَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَزْرَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِيَنَا أَبُو الْيَسَرِ صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ: حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي مَسْجِدِهِ فَقَالَ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ2 فَذَهَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْضِي حاجته واتّبعته بإداوة نم مَاءٍ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ، وَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الْوَادِي، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى إِحْدَاهُمَا، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: "انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ"، فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ3 الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ: "انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ"، فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ4، فِيمَا بَيْنَهُمَا، لَأَمَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: "الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ"، فَالْتَأَمَتَا، قَالَ جَابِرٌ: فَخَرَجْتُ أُحَضِّرُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقري -يَعْنِي فَيَبْتَعِدَ- فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي، فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلٌ، وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَفَ وَقْفَةً فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا، يَمِينًا وَشِمَالًا، ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَالَ: "يَا جَابِرُ هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي"؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ غُصْنًا فَأَقْبِلْ بِهِمَا، حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي فَأَرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يَسَارِكَ، قال: فقمت فأخذت حجرًا فكسرته وجشرته5 فاندلق لِي، فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ، فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ منهما غصنًا، ثم أقبلت

_ 1 أي في الأصل في كتاب "تاريخ الإسلام" حيث ساق المغازي، وحذفها المحقق هنا. 2 أفيح: واسعًا. 3 المخشوش: الخشاش عود يجعل في أنف البعير يشد به الزمام. 4 المنصف: وسط الطريق. 5 جشرته: قطعته.

أَجُرُّهُمَا، حَتَّى إِذَا قُمْتُ مَقَامَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلْتُ غُصْنًا عَنْ يَمِينِي وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِي، ثُمَّ لَحِقْتُ فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: "إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ". ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا، وَفِيهِ إِعْوَازُ النَّاسِ الْمَاءَ، وَأَنَّهُ أَتَاهُ بِيَسِيرِ مَاءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ فِي قَصْعَةٍ، قَالَ: فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَوَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَاسْتَقَى مِنْهُ النَّاسُ حَتَّى رُوُوا1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ وَغَيْرُهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ إِلَّا يَسِيرٌ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَصَبَّهُ فِي صَحْفَةٍ، وَوَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ فَتَوَضَّئُوا وَشَرِبُوا، قَالَ الْأَعْمَشُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ فَقَالَ: حَدَّثَنِيهِ جَابِرٌ، فَقُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً2. أَخْرَجَهُ "خ". وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَنَا عَطَشٌ، فَجَهَشْنَا3 إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَضَعَ يَدَهُ فِي تَوْرٍ4 مِنْ مَاءٍ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ الْعُيُونُ، فَقَالَ: "خُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ"، فَشَرِبْنَا فَوَسِعَنَا وَكَفَانَا، وَلَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: أَلْفًا وَخُمْسُمِائَةً5. صَحِيحٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى الْحَجُونِ لَمَّا آذَاهُ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَرِنِي الْيَوْمَ آيَةً لَا أُبَالِي مَنْ كَذَّبَنِي بَعْدَهَا"، قَالَ: فَأَمَرَ فَنَادَى شَجَرَةً، فَأَقْبَلَتْ تَخُدُّ الْأَرْضَ، حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَهَا فرجعت6.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "3006" في كتاب الزهد، باب: حديث جابر الطويل. 2 صحيح: أخرجه البخاري. 3 جهشنا: فزعنا. 4 التور: إناء من نحاس أو حجارة. 5 صحيح: أخرجه البخاري "4152" في كتاب المغازي، باب: غزوة الحديبية. 6 إسناده ضعيف: علي بن زيد ضعيف الحفظ.

وَرَوَى الْأَعْمَشُ نَحْوَهُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسٍ، وَرَوَى الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ نَحْوًا مِنْهُ، عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر بْن أبان: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَأَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ: "أَيْنَ تُرِيدُ"؟ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: إِلَى أَهْلِي، قَالَ: "هَلْ لَكَ إِلَى خَيْرٍ"؟ قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: "تُسْلِمُ"، قَالَ: هَلْ مِنْ شَاهِدٍ؟ قَالَ: "هَذِهِ الشَّجَرَةُ"، فَدَعَاهَا فَأَقْبَلَتْ تَخُدُّ1 الْأَرْضَ خَدًّا، فَقَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاسْتَشْهَدَهَا ثَلَاثًا، فَشَهِدَتْ لَهُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَنْبَتِهَا، وَرَجَعَ الْأَعْرَابِيُّ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: إِنْ يَتَّبِعُونِي آتِكَ بِهِمْ، وَإِلَّا رَجَعْتُ إِلَيْكَ فَكُنْتُ مَعَكَ2. غَرِيبٌ جِدًّا، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"3 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: بِمَ أَعْرِفُ إنك رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "أَرَأَيْتَ لَوْ دَعَوْتُ هَذَا الْعِذْقَ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ، أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ"؟ قَالَ: نَعَمْ، فَدَعَاهُ، فَجَعَلَ يَنْزِلُ مِنَ النَّخْلَةِ حَتَّى سَقَطَ فِي الأَرْضِ، فَجَعَلَ يَنْقِزُ4، حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ لَهُ: "ارْجِعْ"، فَرَجَعَ حَتَّى عَادَ إِلَى مَكَانِهِ، فقال: أشهد أنّك رسول الله وَآمَنَ5. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْهُ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِحَاجَتِهِ، وَتَبِعْتُهُ بالإداوة، فإذا شجرتان بينهما أذرع

_ 1 تخد: تشق. 2 أخرجه الدارمي "16". 3 هكذا أطلق عليه الحافظ الذهبي مسندًا، والصحيح أنه "سنن" فتصنيفه على الكتاب والأبواب الفقهية لا على مسانيد الصحابة، ولكن إطلاق "المسند" على "سنن الدارمي" اشتهر عند المحدثين، قال السيوطي: مسند الدارمي ليس بمسند بل هو مرتب على الأبواب. وقال العراقي: اشتهر تسميته بالمسند كما سمى البخاري كتاب بالمسند، لكون أحاديثه مسنده. انظر مقدمة محقق "سنن الدارمي". 4 ينقز: يقفز. 5 صحيح: أخرجه الترمذي "3648" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في آيات إثبات نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحمد "1/ 223"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

فَقَالَ: "انْطَلِقْ فَقُلْ لِهَذِهِ الشَّجَرَةِ الْحَقِي بِصَاحِبَتِكِ حَتَّى أَجْلِسَ خَلْفَهُمَا" فَفَعَلْتُ، فَرَجَعَتْ حَتَّى لَحِقَتْ بِصَاحِبَتِهَا، فَجَلَسَ خَلْفَهُمَا حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ رَجَعَتَا1. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَقَالَ: إِنِّي أُطِبُّ النَّاسَ، فَإِنْ كَانَ بِكَ جُنُونٌ دَاوَيْتُكَ، فَقَالَ: "أَتُحِبُّ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً"؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَادْعُ ذَاكَ العذق"، فدعاه، فجاءه ينقز علة ذَنَبِهِ، حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "ارْجِعْ" فَرَجَعَ، فَقَالَ: يَا لَعَامِرٍ، مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَسْحَرَ مِنْ هَذَا2. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، أنا عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُدِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّوَيْهِ، أنا عِيسَى بْنُ عُمَرَ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِسَمَرْقَنْدَ، أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، وَكَانَ لَا يَأْتِي الْبَرَازَ حَتَّى يَتَغَيَّبَ فَلَا يُرَى، فَنَزَلْنَا بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا عَلَمٌ، فَقَالَ: "يَا جَابِرُ اجْعَلْ فِي إِدَاوَتِكَ مَاءً ثُمَّ انْطَلِقْ بِنَا"، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى لَا نُرَى، فإذا هو بشجرتين بينهما أربعة أَذْرُعٍ، فَقَالَ: "انْطَلِقْ إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَقُلْ: يَقُولُ لَكِ: الْحَقِي بِصَاحِبَتِكِ حَتَّى أَجْلِسَ خَلْفَكُمَا" فَرَجَعَتُ إِلَيْهَا، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَلْفَهُمَا، ثُمَّ رَجَعَتَا إِلَى مَكَانِهِمَا. فَرَكِبْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بَيْنَنَا كَأَنَّمَا عَلَيْنَا الطَّيْرُ تُظِلُّنَا، فَعَرَضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مَعَهَا صَبِيٌّ فَقَالَتْ: يَا رسول الله إِنَّ ابْنِي هَذَا يَأْخُذُهُ الشَّيْطَانُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَتَنَاوَلَهُ فَجَعَلَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُقَدَّمِ الرَّحْلِ ثُمَّ قَالَ: "اخْسَ عَدُوَّ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، اخْسَ عَدُوَّ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ الله" ثَلَاثًا، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا قَضَيْنَا سَفَرَنَا مررنا بذلك الملكان، فَعَرَضَتْ لَنَا الْمَرْأَةُ مَعَهَا صَبِيُّهَا وَمَعَهَا كَبْشَانِ تَسُوقُهُمَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اقْبَلْ مِنِّي هَدِيَّتِي، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَادَ إِلَيْهِ بَعْدُ، فَقَالَ: "خُذُوا منها وَاحِدًا وَرُدُّوا عَلَيْهَا الْآخَرَ". قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَنَا كأنّما علينا الطّير تظلّنا، فإذا جمل

_ 1 إسناده ضعيف: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. 2 تقدم تخريجه قبل السابق.

نادٌّ حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ1 خَرَّ سَاجِدًا، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ عَلَى النَّاسِ: "مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ"؟ فَإِذَا فِتْيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: هُوَ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "فَمَا شَأْنُهُ" قَالُوا: اسْتَنَيْنَا2 عَلَيْهِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ لَهُ شَحِيمَةٌ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْحَرَهُ فَنُقَسِّمَهُ بَيْنَ غِلْمَانِنَا فَانْفَلَتَ مِنَّا، قَالَ: "بِيعُونِيهِ"، قَالُوا: هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "أَمَّا لِي فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ أَجَلُهُ"، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ ذلك: يا رسول الله نَحْنُ أَحَقُّ بِالسُّجُودِ لَكَ مِنَ الْبَهَائِمِ، قَالَ: "لَا يَنْبَغِي لِشَيْءٍ أَنْ يَسْجُدَ لِشَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَانَ النِّسَاءُ لِأَزْوَاجِهِنَّ"3. رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَعِنْدَهُ: "لَا يَنْبَغِي لبشر أن يسجد لبشر" وهو أصلح. وَقَدْ رَوَاهُ بِمَعْنَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَافَرْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَأَيْتُ مِنْهُ أَشْيَاءَ: نَزَلْنَا مَنْزِلًا فَقَالَ: "انْطَلِقْ إِلَى هاتين الأشاءتين4 فقل: إن رسول الله يَقُولُ لَكُمَا أَنْ تَجْتَمِعَا". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ5. مُرَّةُ: هُوَ ابْنُ أَبِي مُرَّةَ. وَقَدْ رَوَاهُ وَكِيعٌ مَرَّةً، فَقَالَ فِيهِ: عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ: رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَجَبًا. الْحَدِيثَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: إِنَّمَا هُوَ عَنْ يَعْلَى نَفْسِهِ. قُلْتُ: وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، كِلَاهُمَا عَنْ يَعْلَى نَفْسِهِ. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونَ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا، وَكَانَ أَحَبَّ ما استتر

_ 1 السماط: الصف. 2 استنينا: استقينا. 3 إسناده ضعيف: أخرجه الدارمي "17"، وأبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. 4 الأشاءتين: النخلتين الصغيرتين. 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 20-24".

بِهِ لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ1، فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا فِيهِ جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- حَنَّ إِلَيْهِ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى الله عليه وسلم- ذِفْرَيْهِ2 فَسَكَنَ، فَقَالَ: "مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ"؟ فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: هُوَ لِي، فَقَالَ: "أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ" 3. أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْهُ إِلَى قَوْلِهِ "حَائِشُ نَخْلٍ"، وَبَاقِيهِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وقال إسماعيل بن جعفر: حدثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ ثِقَةٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ نَاضِحًا لِبَعْضِ بَنِي سَلَمَةَ اغْتَلَمَ، فَصَالَ عَلَيْهِمْ وَامْتَنَعَ حَتَّى عَطِشَتْ نَخْلُهُ، فَانْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاشْتَكَى ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْطَلِقْ، وَذَهَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ النَّخْلِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا تَدْخُلْ، قَالَ: "ادْخُلُوا لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ"، فَلَمَّا رَآهُ الْجَمَلُ أَقْبَلَ يَمْشِي وَاضِعًا رَأْسَهُ حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَجَدَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْتُوا جَمَلَكُمْ فَاخْطِمُوهُ وَارْتَحِلُوهُ"، فَفَعَلُوا وَقَالُوا: سَجَدَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ رَآكَ، قَالَ: "لَا تَقُولُوا ذَلِكَ لِي، لَا تَقُولُوا مَا لَمْ أَبْلُغْ فَلَعَمْرِي مَا سَجَدَ لِي وَلَكِنْ سَخَّرَهُ اللَّهُ لِي"4. وَقَالَ عَفَّانُ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ قَيْسٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَنَا بَكْرَةٌ صَعْبَةٌ لَا نَقْدِرُ عَلَيْهَا، فَدَنَا مِنْهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَسَحَ ضَرْعَهَا، فَحَفَلَ فاحتلب وشرب5.

_ 1 حائش: نخل: نخل ملتف. 2 الذفري: العظم خلف الأذن. 3 صحيح: أخرجه مسلم "342/ 79" في كتاب الحيض، باب: التستر عند البول، إلى قوله "حائش نخل" ولفظه عنده "حائظ نخل" وأخرجه أبو داود "2549" في كتاب الجهاد، باب: ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم، وأحمد "1/ 204"، والدارمي "663"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 26-27"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 28" وفيه جهالة هذا الرجل من بني سلمة، وهو وإن وثقه الراوي فلا يعني هذا أنه ثقة، فكم من راوٍ اختلف أهل العلم في توثيقه وتضعيفه، فإذا لم يذكر لنا الراوي اسم هذا الثقة ليتبين لنا هل ضعفه آخرون أم لا؛ فلا نستطيع عنذئذ أن نعتمد توثيقه، والله أعلم. 5 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 29".

وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوفى، تفرّد به فَائِدٍ أَبُو الْوَرْقَاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَحَدِيثٌ لِجَابِرٍ آخَرُ تَفَرَّدَ بِهِ الْأَجْلَحُ، عَنِ الذَّيَّالِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ. أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لِأَهْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحْشٌ، فَإِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعِبَ وَذَهَبَ وَجَاءَ. فَإِذَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَبَضَ فَلَمْ يَتَرَمْرَمْ1، مَا دَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْبَيْتِ2. صَحِيحٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حدثنا الْمَسْعُودِيُّ: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَدَخَلَ رَجُلٌ غَيْضَةً فَأَخْرَجَ بَيْضَةً حَمْرَةً3، فَجَاءَتِ الْحَمْرَةُ تُرَفْرِفُ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ: "أَيُّكُمْ فَجَعَ هَذِهِ"، فَقَالَ رَجُلٌ: أنا أخذت بيضتها. فقال: "ردّه رُدَّهُ رَحْمَةً لَهَا"4. عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أبي غُرْزَةِ الغِفاري: حدثنا عَلَيُّ بْنُ قَادِمٍ، أنا أَبُو الْعَلَاءِ خَالِدُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِظَبْيَةٍ مَرْبُوطَةٍ إِلَى خِبَاءٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حُلَّنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأُرْضِعَ خِشْفِي، ثُمَّ أَرْجِعَ، فَتَرْبِطَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَيْدُ قَوْمٍ وَرَبِيطَةُ قَوْمٍ"، قَالَ: فَأَخَذَ عَلَيْهَا فَحَلَفَتْ لَهُ، فَحَلَّهَا، فَمَا مَكَثَتْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى جَاءَتْ وَقَدْ نَفَضَتْ مَا فِي ضَرْعِهَا، فَرَبَطَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ اسْتَوْهَبَهَا مِنْهُمْ، فَوَهَبُوهَا لَهُ، فَحَلَّهَا، ثُمَّ قَالَ: "لَوْ تَعْلَمُ الْبَهَائِمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا تَعْلَمُونَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِينًا أَبَدًا"5. عَلَيٌّ، وَأَبُو الْعَلَاءِ صَدُوقَانِ، وَعَطِيَّةُ فِيهِ ضَعْفٌ. وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ عَنْ زَيْدِ بن أرقم.

_ 1 يترمرم: يحرك فاه. 2 أخرجه أحمد "6/ 112-113، 150" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 31". 3 حمرة: طير كالعصفور. 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 404"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 32"، والمسعودي اختلط، وانظر تعقيب المصنف. 5 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 34" وعطية هو العوفي ضعيف.

وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا رَاعٍ يَرْعَى بِالْحَرَّةِ؛ إِذْ عَرَضَ ذِئْبٌ لِشَاةٍ، فَحَالَ الرَّاعِي بَيْنَ الذِّئْبِ وَبَيْنَ الشَّاةِ، فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ، ثُمَّ قَالَ لِلرَّاعِي: أَلَا تَتَّقِي اللَّهِ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ رِزْقٍ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَقَالَ الرَّاعِي: الْعَجَبُ مِنْ ذِئْبٍ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الْإِنْسِ! فَقَالَ الذِّئْبُ: أَلَا أُحَدِّثُكَ بِأَعْجَبَ مِنِّي: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ، فَسَاقَ الرَّاعِي شَاةً حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَزَوَاهَا1 زَاوِيَةً، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَدَّثَهُ بِحَدِيثِ الذِّئْبِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى النَّاسِ فَقَالَ لِلرَّاعِي: "قُمْ فَأَخْبِرْهُمْ"، قَالَ: فَأَخْبَرَ النَّاسَ بِمَا قَالَ الذِّئْبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ الرَّاعِي، أَلَا إِنَّهُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَلَامُ السِّبَاعِ لِلْإِنْسِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ، وَيُكَلِّمُ الرَّجُلَ شِرَاكُ نَعْلِهِ وَعَذَبَةُ سَوْطِهِ، وَيُخْبِرُهُ، فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ" 2. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، وَمَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ نَحْوَهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح الإسناد. وقال سفيان بن حمزة: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ عن أَوْسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أُهْبَانَ بْنِ أَوْسٍ، أَنَّهُ كَانَ فِي غَنَمٍ لَهُ، فَكَلَّمَهُ الذِّئْبُ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ3. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ. وقال يوسف بن عديّ: حدثنا جعفر بن جسر، أخبرني أبي، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَانَ رَاعٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَنَمٍ لَهُ؛ إِذْ جَاءَ الذِّئْبُ فأخذ شاةً، ووثب الراعي حتى

_ 1 زواها: نحاها. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 41-42" وأخرجه مختصرًا الترمذي "2188" في كتاب الفتن، باب: ما جاء في كلام السباع، وأحمد "3/ 83-84"، وأبو نعيم في "الحلية" "12765"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 636": إسناده على شرط الصحيح. وصحح الألباني في رواية الترمذي في "صحيح سنن الترمذي". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 43-44".

انْتَزَعَهَا مِنْ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ: أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ أَنْ تَمْنَعَنِي طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا اللَّهُ تَنْزِعُهَا مِنِّي! وَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ2. "خ"

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن عدي في "الكامل" "2/ 150-151" وجعفر بن جسر ضعيف كما في "الميزان" "1493". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3579" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، وأحمد "1/ 460"، والدارمي "29".

فصل في تسبيح الحصى في يده صلى الله عليه وسلم

فَصْلٌ فِي تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي يَدِهِ -صَلَّى الله عليه وسلم: قال قريش بن أنس: حدثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: لَا أَذْكُرُ عُثْمَانَ إِلَّا بِخَيْرٍ بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ: كُنْتُ رَجُلًا أَتَتَبَّعُ خَلَوَاتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَأَيْتُهُ وَحْدَهُ، فَجَلَسْتُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ، ثُمَّ عثمان، وبين عُثْمَانُ وَبَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعُ حَصَيَاتٍ، فَأَخَذْهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي كَفِّهِ، فَسَبَّحْنَ، حَتَّى سَمِعْتُ لَهُنَّ حَنِينًا كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ. ثُمَّ أَخَذَهُنَّ فَوَضَعَهُنَّ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَسَبَّحْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُمَرَ فَسَبَّحْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي يَدِ عُثْمَانَ فَسَبَّحْنَ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فَخَرِسْنَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذِهِ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ" 1. صَالِحٌ لَمْ يَكُنْ حَافِظًا، وَالْمَحْفُوظُ رِوَايَةُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: ذَكَرَ الْوَلِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ كَبِيرَ السِّنِّ، كَانَ مِمَّنْ أَدْرَكَ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ ذَكَرٌ لَهُ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ2. وَيَرْوِي مِثْلُهُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. وَجَاءَ مثله عن أنس من وجهين منكرين. "أنين الشجرة والغصن الذي كان يخطب إليهما -صلى الله عليه وسلم-": وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 64، 65". 2 إلى هنا كلام الحافظ البيهقي في المصدر السابق.

كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ إِلَى نَخْلَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتُمْ"، فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ذَهَبَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، فَنَزَلَ فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، كَانَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ قَالَ: "كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذّكر عندها" 1. "خ". رواه جَمَاعَةٌ عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَلَاءِ الْمَازِنِيُّ وَاسْمُهُ عُمَرُ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا وُضِعَ لَهُ الْمِنْبَرُ حَنَّ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ فَمَسَحَهُ، فَسَكَنَ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ مُثَنَّى، عَنْ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ، عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ غَرَائِبِ الصَّحِيحِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي إِلَى جِذْعٍ وَيَخْطُبُ إِلَيْهِ، فَصُنِعَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمِنْبَرُ، فَلَمَّا جَاوَزَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ الْجِذْعَ خَارَ حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا سَمِعَ صَوْتَ الْجِذْعِ، فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ أَخَذَ ذَلِكَ الْجِذْعَ أَبِي فَكَانَ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى بَلِيَ وَأَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ وَعَادَ رُفَاتًا3. رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنِ ابْنِ عُقَيْلٍ. مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "هل ترون قبلتي ههنا، فَوَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلَا سُجُودُكُمْ، إنّي لأراكم وراء ظهري" 4. متّفق عليه.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3584" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 66". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3583" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 66-67". 3 حسن: أخرجه ابن ماجه "1414" في كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في بدء شأن المنبر، والدارمي "36"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 67-68"، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه": حسن. 4 صحيح: أخرجه البخاري "418" في كتاب الصلاة، باب: عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة، ومسلم "424" في كتاب الصلاة، باب: الأمر بتحسين الصلاة، وأحمد "2/ 303، 365، 375"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 73".

قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذِهِ كَرَامَةٌ مِنَ اللَّهِ أَبَانَهُ بِهَا مِنْ خَلْقِهِ. وَقَالَ الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ، وَفِيهِ: "فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ أَمَامِي وَمِنْ خَلْفِي، وَايْمُ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كثيرًا"، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: "رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ" 1. أَخْرَجَهُ مسلم. وقال بشر بن بكر: حدثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا مُسْتَتِرَةٌ بِقِرَامٍ2 فِيهِ صُورَةٌ، فَهَتَكَهُ ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ" 3. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: قَالَتْ عَائِشَةُ: أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبُرْنُسٍ فِيهِ تِمْثَالُ عُقَابٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَهُ عَلَيْهِ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ4. وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُنْقَطِعَةٌ. وَقَالَ عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا يَافِعًا فِي غَنَمٍ لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَرْعَاهَا، فَأَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: "يَا غُلَامُ هَلْ عِنْدَكَ لَبَنٌ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ وَلَكِنْ مُؤْتَمَنٌ، قَالَ: "فَائْتِنِي بِشَاةٍ لَمْ يَنْزُ 5 عَلَيْهَا الْفَحْلُ"، فَأَتَيْتُهُ بِعَنَاقٍ جَذَعَةٍ، فَاعْتَقَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ دَعَا وَمَسَحَ ضَرْعَهَا حَتَّى أَنْزَلَتْ، فَاحْتَلَبَ فِي صَحْفَةٍ، وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ، وَشَرِبَ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ: اقْلُصْ، فَقَلَصَ فَعَادَ كَمَا كَانَ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ: "إِنَّكَ غُلَامٌ مُعَلَّمٌ"، فَأَخَذْتُ عَنْهُ سَبْعِينَ سُورَةً مَا نَازَعَنِيهَا بَشَرٌ6. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ قَوِيٌّ. مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- ضعيفًا، أعرف فيه الجوع، فهل

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "426" في كتاب الصلاة، باب: تحريم سبق الإمام، وأحمد "3/ 154"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 74". 2 القرام: ثوب من الصوف. 3 أخرجه أحمد "6/ 85-86"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 81". 4 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 81". 5 ينز: يثب. 6 أخرجه أحمد "1/ 379"، 462" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 84-85".

عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتْهُ فِيهِ، وَدَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي، وَأَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا في المسجد ومعه النَّاسِ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَ لِمَنْ مَعَهُ: "قُومُوا" قَالَ: فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالناس وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ، فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلَ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمِّي مَا عِنْدَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ"، فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً1 لَهَا فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثم قال: "ائذن لعشرة"، فأذن لهم، فأكلوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: "ائْذَنْ لِعَشْرَةٍ"، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، فَأَكَلَ الْقَوْمُ وَشَبِعُوا، وَهُمْ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَدْ مَرَّ مِثْلُ هَذَا فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جندب، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى بِقَصْعَةٍ، فِيهَا طَعَامٌ، فَتَعَاقَبُوهَا إِلَى الظُّهْرِ مُنْذُ غُدْوَةٍ، يَقُومُ قَوْمُ وَيَقْعُدُ آخَرُونَ، فَقَالَ رَجُلٌ لِسَمُرَةَ: هَلْ كَانَتْ تُمَدُّ؟ قَالَ: فَمِنْ أَيْشٍ تَعْجَبُ؟ مَا كَانَتْ تُمَدُّ إِلَّا من ههنا، وَأَشَارَ إِلَى السَّمَاءِ3، وَأَشَارَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ إِلَى السَّمَاءِ. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عن أبيه، أن سَلْمَانَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَدِيَّةٍ فَقَالَ: "لِمَنْ أَنْتَ"؟ قَالَ لِقَوْمٍ، قَالَ: "فَاطْلُبْ إِلَيْهِمْ أَنْ يُكَاتِبُوكَ"، قَالَ: فَكَاتَبُونِي عَلَى كذا وكذا نخلة أغرسها لهم،

_ 1 العكة: السمن. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3587" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "2040" في كتاب الأشربة، باب: جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 88-89". 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3645" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في آيات إثبات نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- "5/ 12-18"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 93"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

وَيَقُومُ عَلَيْهَا سَلْمَانُ حَتَّى تُطْعِمَ، قَالَ فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَغَرَسَ النَّخْلَ كُلَّهُ، إِلَّا نَخْلَةً وَاحِدَةً غَرَسَهَا عُمَرُ، فَأَطْعَمَ نَخْلُهُ مِنْ سَنَتِهِ إِلَّا تِلْكَ النَّخْلَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ غَرَسَهَا"؟ قَالُوا: عُمَرُ، فَغَرَسَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ، فَحَمَلَتْ مِنْ عَامِهَا1. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَابْنُ أَبِي الْخَيْرِ كِتَابَةً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَتْهُمْ، أَنَا ابن ريذة، أنا الطّبرانيّ، حدثنا الوليد بن حمّاد الرّملي، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْسٌ، فَدَفَعَهَا إِلَيَّ يَوْمَ أُحُدٍ، فَرَمَيْتُ بِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى انْدَقَّتْ عَنْ سِيَتِهَا2، وَلَمْ أَزَلْ عَنْ مَقَامِي نَصْبَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلْقَى السِّهَامَ بِوَجْهِي، كُلَّمَا مال سهم منها إلى وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَيَّلْتُ رَأْسِي لِأَقِيَ وَجْهَهُ، فَكَانَ آخِرُ سَهْمٍ نَدَرَتْ مِنْهُ حَدَقَتِي عَلَى خَدِّي، وَافْتَرَقَ الْجَمْعُ، فَأَخَذْتُ حَدَقَتِي بِكَفِّي، فَسَعَيْتُ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا رَآهَا فِي كَفِّي دَمِعَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّ قتادة قدى وَجْهَ نَبِيِّكَ بِوَجْهِهِ، فَاجْعَلْهَا أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ وَأَحَدَّهُمَا نَظَرًا"، فَكَانَتْ أَحَدَّ عَيْنَيْهِ نَظَرًا3. حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ذَكَرْنَاهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بن زيد: حدثنا الْمُهَاجِرُ مَوْلَى آلِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتَمَرَاتٍ، فَقُلْتُ: ادْعُ لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: فَقَبَضَهُنَّ ثُمَّ دَعَا فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: "خُذْهُنَّ فَاجْعَلْهُنَّ فِي مِزْوَدٍ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُنَّ، فَأَدْخِلْ يَدَكَ، فَخُذْ وَلَا تَنْثُرُهُنَّ نَثْرًا" قَالَ: فَحَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكُنَّا نَأْكُلُ وَنُطْعِمُ، وَكَانَ الْمِزْوَدُ مُعَلَّقًا بِحَقْوِي لا يُفَارِقُ حَقْوِي، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ انْقَطَعَ4. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غريب.

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 97". 2 السية: ما انحنى من طرفي القوس. 3 أخرجه الطبراني في "الكبير" "19/ 8"، وقال الهيثمي في "المجمع" "6/ 113": فيه من لم أعرفه. 4 صحيح: أخرجه الترمذي "3865" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي هريرة -رضي الله عنه- والبيهقي في "الدلائل" "6/ 109"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

وَرُوِيَ فِي "جُزْءِ الْحَفَّارِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِيهِ: فَأَخَذْتُ مِنْهُ خَمْسِينَ وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَانَ مُعَلَّقًا خَلْفَ رَحْلِي، فَوَقَعَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ فَذَهَبَ1. وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى غَرِيبَةٌ. وَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلا أَتَى النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ، فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَمَنْ ضَيَّفَاهُ حَتَّى كَالَهُ، فأتى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ: "لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَلَقَامَ لَكُمْ" 2. وَكَانَتْ أُمُّ مَالِكٍ تُهْدِي لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عُكَّةٍ لَهَا سَمْنًا، فَيَأْتِيهَا بَنُوهَا فَيَسْأَلُونَ الْأُدْمَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ، فَتَعْمِدُ إِلَى الَّذِي كَانَتْ تُهْدِي فِيهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَجِدُ فِيهِ سَمْنًا، فَمَا زَالَ يُقِيمُ لَها أُدْمَ بَيْتِهَا حَتَّى عَصَرَتْهُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَعَصَرْتِيهَا"؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "لَوْ تَرَكْتِيهَا مَا زَالَ قَائِمًا" 3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِيرٍ. فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، حَتَّى هَمَّ أَحَدُهُمْ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنَ الْأَزْوَادِ فَدَعَوْتَ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَفَعَلَ، فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ، وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ، فَدَعَا حَتَّى إِنَّهُمْ مَلَئُوا أَزْوَادَهُمْ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: "أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ الله، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرُ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ" 4. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَى نَحْوَهُ وَأَطْوَلَ مِنْهُ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَزَادَ: فَمَا بَقِيَ فِي الْجَيْشِ وِعَاءٌ إِلَّا مَلَئُوهُ وَبَقِيَ مِثْلُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ وَقَالَ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 110". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2281" في كتاب الفضائل، باب: في معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "6/ 114". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2280" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 114". 4 صحيح: أخرجه مسلم "27" في كتاب الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا، وأحمد "3/ 11"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 120".

إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لَا يَلْقَى اللَّهَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ بِهَا إِلَّا حُجِبَ عَنِ النَّارِ" 1. رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْهُ. وَقَالَ سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءَ الْعُطَارِدِيَّ يقول: حدثنا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِيرٍ فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ عَرَّسُوا فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ أَبُو بَكْرٍ، فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ بَعْدَهُ، فَقَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ، حَتَّى يَسْتَيْقِظَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ وَالشَّمْسُ قَدْ بَزَغَتْ قَالَ: "ارْتَحِلُوا"، فَسَارَ بِنَا حَتَّى ابْيَضَّتِ الشَّمْسُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى بِنَا، وَاعْتَزَلَ رَجُلٌ فَلَمْ يُصَلِّ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "يَا فُلَانُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا"؟ قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ، ثُمَّ صَلَّى، وَجَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَكُوبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ أَطْلُبُ الْمَاءَ، وَكُنَّا قَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا، فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ، قُلْنَا لَهَا: أَيْنَ الْمَاءُ؟ قَالَتْ: أَيْهَاتَ فَقُلْنَا: كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ؟ قَالَتْ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَقُلْنَا: انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: وَمَا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا شَيْئًا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ2، فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَجَّ3 فِي الْعَزْلَاوَيْنِ4 الْعُلْيَاوَيْنِ، فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أربعين رجلًا حتّى روينا وملأنا كلّ قرية معنا وكلّ إدواة. وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا، وَهِيَ تَكَادُ تَضَرَّجُ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا: "هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ"، فَجَمَعْنَا لَهَا مِنَ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ، حَتَّى صَرَّ لَهَا صُرَّةً فَقَالَ: "اذْهَبِي فَأَطْعِمِي عِيَالَكِ، وَاعْلَمِي أَنَّا لَمْ نَرْزَأْ مِنْ مَائِكِ شَيْئًا"، فَلَمَّا أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ: لَقَدْ أَتَيْتُ أَسْحَرَ النَّاسِ، أَوْ هُوَ نَبِيٌّ كَمَا زَعَمُوا، فَهَدَى اللَّهُ ذَلِكَ الصِّرْمَ5 بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ، فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا6. اتَّفَقَا عَلَيْهِ.

_ 1 أخرجه أحمد "3/ 417-418"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 121". 2 مؤتمة: عندها أيتام. 3 مج: لفظ. 4 العزلاوين: فمي المزادة الأسفلين. 5 الصرم: القطعة من الشيء. 6 صحيح: أخرجه البخاري "3571" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "682" في كتاب المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "إِنْ لَا تُدْرِكُوا الْمَاءَ تَعْطَشُوا"، فَانْطَلَقَ سَرَعَانُ النَّاسِ تُرِيدُ الْمَاءَ، وَلَزِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَمَالَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَنَعَسَ، قَالَ: فَمَالَ فَدَعَمْتُهُ فَأَدْعَمَ وَمَالَ، فَدَعَمْتُهُ فَأَدْعَمَ، ثُمَّ مَالَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَنْقَلِبَ، فَدَعَمْتُهُ فَانْتَبَهَ، فَقَالَ: "مَنِ الرَّجُلُ"؟ قُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ، فَقَالَ: "حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ"، ثُمَّ قَالَ: "لَوْ عَرَّسْنَا"، فَمَالَ إِلَى شَجَرَةٍ، فَنَزَلَ فَقَالَ: "انْظُرْ هَلْ تَرَى أَحَدًا"؟ فَقُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ، هَذَانِ رَاكِبَانِ، حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةً فَقَالَ: "احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا"، قَالَ: فَنِمْنَا فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَانْتَبَهْنَا فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَارَ وَسِرْنَا هُنْيَةً، ثُمَّ نَزَلْنَا فَقَالَ: "أَمَعَكُمْ مَاءٌ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ مَيْضَأَةٌ1 فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، قَالَ: "فَأْتِنِي بِهَا" 2، فَتَوَضَّئُوا وَبَقِيَ فِي الْمَيْضَأَةِ جُرْعَةٌ فَقَالَ: "ازْدَهِرْ بِهَا يَا أَبَا قَتَادَةَ، فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لَهَا شَأْنٌ"، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْنَا، فَقَالَ بَعْضٌ لِبَعْضٍ: فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَقُولُونَ؟ إِنْ كَانَ أَمْرَ دُنْيَاكُمْ فَشَأْنُكُمْ، وَإِنْ كَانَ أَمْرَ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ"، قُلْنَا: فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا، قَالَ: "لَا تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَصَلُّوهَا مِنَ الْغَدِ لِوَقْتِهَا". ثُمَّ قَالَ: "ظُنُّوا بِالْقَوْمِ"، فَقُلْنَا: إِنَّكَ قُلْتَ بِالْأَمْسِ إِنْ لَا تُدْرِكُوا الْمَاءَ غَدًا تَعْطَشُوا، فَأَتَى النَّاسُ الْمَاءَ فَقَالَ: "أَصْبَحَ النَّاسُ وَقَدْ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ"، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالماء، وفي القوم أبا بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَا: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ الله لم يكن ليسبقكم إلى الماء ويحلّفكم، وَإِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا، قَالَهَا ثَلَاثًا، فَلَمَّا اشْتَدَّتِ الظَّهِيرَةُ رُفِعَ لَهُمْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْنَا عَطَشًا انْقَطَعَتِ الْأَعْنَاقُ، قَالَ: "لَا هُلْكَ عَلَيْكُمْ"، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا قَتَادَةَ ائْتِنِي بِالْمَيْضَأَةِ"، فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ: "حُلَّ لِي غُمَرِي" -يَعْنِي قَدَحَهُ- فَحَلَلْتُهُ، فَجَعَلَ يَصُبُّ فِيهِ وَيَسْقِي النَّاسَ، فَقَالَ: "أَحْسِنُوا الْمِلْءَ، فَكُلُّكُمْ سَيَصْدُرُ عَنْ رِيٍّ" فَشَرِبَ الْقَوْمُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَبَّ لِي فَقَالَ: "اشْرَبْ"، قلت: اشرب أنت يا رسول الله، قَالَ: "إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا"، فَشَرِبْتُ ثُمَّ شَرِبَ بَعْدِي، وَبَقِيَ مِنَ الْمَيْضَأَةِ نَحْوٌ ممّا كان فيها، وهم يومئذ ثلاثمائة.

_ 1 الميضأة: الإناء الذي يتوضأ منه. 2 ازدهر بها: احتفظ بها.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَسَمِعَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَنَا أُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رياح الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: الْقَوْمُ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِمْ، انْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ فَإِنِّي أَحَدُ السَّبْعَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ أَحَدًا يَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرِي1. وَرَوَاهُ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ قَالَ: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فبينا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَأَتَاهُ أعرابيّ فقال: يا رسول الله هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءَ قَزْعَةً2، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهُمَا حَتَّى ثَارَتْ سَحَابَةٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنِ الْمِنْبَرِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَنْ لِحْيَتِهِ، فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَمِنَ الْغَدِ، وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ، حَتَّى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا"، فَمَا يُشِيرُ بِيَدَيْهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ، حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ3، وَسَالَ الْوَادِي، وَادِي قُبَاءٍ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ مِنَ النَّوَاحِي إِلَّا حَدَّثَ بِالْجُودِ4. اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَرَوَاهُ ثَابِتٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وروح بن عبادة: حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ، سَمِعَ عُمَارَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عُثْمَانَ بن حنيف، أنّ

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "681" في كتاب المساجد، باب: قضاء الصلاة الفائتة، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 132-133". 2 قزعة: سحابة. 3 الجوبة: الفرجة. 4 صحيح: أخرجه البخاري "1033" في كتاب الاستسقاء، باب: من تمطر في المطر، ومسلم "897/ 9" في كتاب الاستسقاء، باب: الدعاء في الاستسقاء، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 139-140".

رَجُلًا ضَرِيرًا أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي، قَالَ: "فَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ ذَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، وَإِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ اللَّهَ"، قَالَ: فَادْعُهُ، قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ الْوُضُوءَ، وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ، فَتَقْضِيهَا لِي، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي". فَفَعَلَ الرجل فبرأ1. قال البيهقيّ: وكذلك رواه حمّاد ين سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ الْخَطْمِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَاءَهُ رَجُلٌ ضَرِيرٌ فَشَكَا إِلَيْهِ ذِهَابَ بَصَرِهِ فَقَالَ: "ائْتِ الْمَيْضَأَةَ فَتَوَضَّأْ، ثُمَّ صَلِّ ركعتين ثم قل: اللهمّ إنّ أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فَيُجْلِي لِي عَنْ بَصَرِي، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ وشفّعني في نفسي"، قال عُثْمَانُ: فَوَاللَّهِ مَا تَفَرَّقْنَا وَلَا طَالَ الْحَدِيثُ حَتَّى دَخَلَ الرَّجُلُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضَرَرٌ قَطُّ2. رَوَاهُ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَلَبَ يَهُودِيٌّ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ"، قَالَ فَاسْوَدَّ شَعْرُهُ حَتَّى صَارَ أَشَدَّ سَوَادًا مِنْ كذا وكذا3.

_ 1 أخرجه الترمذي "3589" في كتاب الدعوات، باب: رقم "118" وابن ماجه "1385" في كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الحاجة، وأحمد "4/ 138"، والبيهقي في "الدلائل: " "6/ 166" واللفظ له. ورواية الباقي دون قوله $"وشفعني في نفسي"، وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" "1/ 323"، وقال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" "974": صحيح. وكذلك صححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 176". 3 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 210".

وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَفِيهِ: "فَاسْوَدَّتْ لِحْيَتُهُ بَعْدَ مَا كَانَتْ بَيْضَاءَ"1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: كَانَتْ لَيْلَةً شَدِيدَةَ الظُّلْمَةِ وَالْمَطَرِ فَقُلْتُ: لَوْ أَنِّي اغْتَنَمْتُ الْعَتْمَةَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَبْصَرَنِي وَمَعَهُ عُرْجُونٌ2 يَمْشِي عَلَيْهِ، فَقَالَ: "يا قتادة اخرج هَذِهِ السَّاعَةَ؟ " قُلْتُ: اغْتَنَمْتُ شُهُودَ الصَّلَاةِ مَعَكَ، فَأَعْطَانِي الْعُرْجُونَ فَقَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ خَلَفَكَ فِي أَهْلِكَ فَاذْهَبْ بِهَذَا الْعُرْجُونِ فَاسْتَعِنْ بِهِ حَتَّى تَأْتِيَ بَيْتَكَ، فَتَجِدَهُ فِي زَاوِيَةِ الْبَيْتِ فاضربه بالعرحون"، فَخَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَضَاءَ الْعُرْجُونُ مِثْلَ الشَّمْعَةِ نُورًا، فَاسْتَضَأْتُ بِهِ فَأَتَيْتُ أَهْلِي فَوَجَدْتُهُمْ رُقُودًا، فَنَظَرْتُ فِي الزَّاوِيَةِ فَإِذَا فِيهَا قُنْفُذٌ، فَلَمْ أَزَلْ أَضْرِبُهُ بِهِ، حَتَّى خَرَجَ3. عَاصِمٌ عَنْ جَدِّهِ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ4، لَكِنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ حَدِيثٌ قَوِيٌّ. وَقَالَ حرميّ بن عمارة: حدثنا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ، حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادْنُ مِنِّي". قَالَ: فَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِي وَلِحْيَتِي ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ وَأَدِمْ جَمَالَهُ"، قَالَ: فَبَلَغَ بِضْعًا وَمِائَةِ سَنَةٍ وَمَا فِي لِحْيَتِهِ إِلَّا نَبْذٌ يَسِيرٌ، وَلَقَدْ كَانَ مُنْبَسِطَ الْوَجْهِ لَمْ يَنْقَبِضْ وَجْهُهُ حَتَّى مَاتَ5. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مَوْصُولٌ، وَأَبُو زَيْدٍ هُوَ عمرو بن أخطب. وقال عليّ بن الحسن بن شقيق: حدثنا الحسين بن واقد، حدثنا أبو نهيك

_ 1 منكر: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 210"، وفي إسناده محمد بن إبراهيم بن عزرة، قال المصنف في "الميزان" "7109": روى عنه محمد بن سليمان المنقري خبرًا منكرًا. ا. هـ، يقصد الحديث. 2 العرجون: العذق. 3 إسناده منقطع: أخرجه الطبراني في "الكبير" "19/ 5-6"، وهو منقطع كما يأتي. 4 وذلك أن قتادة بن النعمان مات "23" أو قبلها بعام، وعاصم مات "106"، أبو بعدها. 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 211".

الأزديّ عن عمرو بن أخطب وهو أَبُو زَيْدٍ قَالَ: اسْتَسْقَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ، وَفِيهِ شَعْرَةٌ فَرَفَعْتُهَا ثُمَّ نَاوَلْتُهُ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ"، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ ابْنَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَمَا فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ طَاقَةٌ بَيْضَاءُ1. وَقَالَ مُعْتَمِرُ بن سليمان: أخبرنا أَبِي، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ فِي مَرَضِهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ فِي مُؤَخَّرِ الدَّارِ، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ فِي وَجْهِهِ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسَحَ وَجْهَهَ، قَالَ: وَكُنْتُ قَلَّمَا رَأَيْتُهُ إِلَّا رَأَيْتُهُ كَأَنَّ عَلَى وَجْهِهِ الدِّهَانُ2. رَوَاهُ عارم، ويحيى بن معين، عن معتمر. وقال عكرمة بن عمّار: حدثنا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشِمَالِهِ فَقَالَ: "كُلْ بِيَمِينِكَ"، قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: "لَا اسْتَطَعْتَ"، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ بَعْدُ3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقْدَمَهُ الْمَدِينَةَ، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالْوَلَدُ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ وَيَنْزِعُ إِلَى أُمِّهِ. قَالَ: "أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا " -قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ- "أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَأَمَّا الْوَلَدُ، فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ نَزَعَهُ إِلَى أَبِيهِ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَهُ إِلَى أُمِّهِ". فَأَسْلَمَ ابن سَلَامٍ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرَ الْمَدَنِيِّ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ مُرْسَلًا، فَذَكَرَ نَحْوًا مِنْهُ، وَفِيهِ: "فَأَمَّا الشَّبَهُ فَأَيُّ النُّطْفَتَيْنِ سَبَقَتْ إِلَى الرَّحِمِ فَالْوَلَدُ له أشبه" 5.

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 211-212". 2 أخرجه أحمد "5/ 27-28"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 217". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2021" في كتاب الأشربة، باب: آداب الطعام والشراب، وأحمد "4/ 46"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 238". 4 صحيح: أخرجه البخاري "3938" في كتاب مناقب الأنصار، باب: رقم "51" وأحمد "3/ 108، 189، 271" والبيهقي في "الدلائل" "2/ 528، 529"، و"6/ 260، 261". 5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل": "6/ 261-262".

وقال معاوية بن سلام، عن زيد بن سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي سَلَامٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ أَنَّ ثَوْبَانَ حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَ حَبْرٌ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا، فَقَالَ: لِمَ تَدْفَعُنِي؟ قُلْتُ: أَلَا تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّمَا سَمَّيْتُهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اسْمِي الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أهَلْيِ محمد" فقال اليهوديّ: إن النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ؟ قَالَ: "فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ"، قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً؟ قَالَ: "فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ" قَالَ: مِمَّا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: "زِيَادَةُ كَبِدِ نُونٍ" 1 قَالَ: فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى أَثَرِهِ؟ قَالَ: "يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا"، قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: "مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا"، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ، قَالَ: "يَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ" قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ، قَالَ: "سَلْ"، قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الْوَلَدِ، قَالَ: "مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرجل منيّ المرأة أذكرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرجل آنثا بِإِذْنِ اللَّهِ"، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: صَدَقْتَ وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ سَأَلَنِي هَذَا الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ، وَمَا أَعْلَمُ شَيْئًا مِنْهُ حَتَّى أَتَانِي اللَّهُ بِهِ" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْيَهُودِ يَوْمًا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهَا لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِيٌّ، قَالَ: "سَلُوا عَمَّا شِئْتُمْ، وَلَكِنِ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللَّهِ وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عَلَى بَنِيهِ، إِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ بِشَيْءٍ تَعْرِفُونَهُ أَتُبَايِعُنِّي عَلَى الْإِسْلَامِ"؟ قَالُوا: لَكَ ذَلِكَ، قَالَ: "فَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ"، قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهَا: أَخْبِرْنَا عَنِ الطَّعَامِ الَّذِي حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ، وَأَخْبِرْنَا عَنْ مَاءِ الرَّجُلِ كَيْفَ يَكُونُ الذَّكَرُ مِنْهُ، حَتَّى يَكُونَ ذَكَرًا، وَكَيْفَ تَكُونُ الْأُنْثَى منه حتى

_ 1 النون: الحوت. 2 صحيح: أخرجه مسلم "315" في كتاب الحيض، باب: بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائهما، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 263-264".

تَكُونَ أُنْثَى، وَمَنْ وَلِيُّكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، قَالَ: "فَعَلَيْكُمْ عَهْدُ اللَّهِ لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ لَتُبَايِعُنِّي"، فَأَعْطَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، قال: "أنشدكم عَهْدُ اللَّهِ لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ لَتُبَايِعُنِّي"، فَأَعْطَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، قَالَ: "أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَعْقُوبَ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا طَالَ سَقَمُهُ مِنْهُ، فَنَذَرَ لِلَّهِ لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ مِنْ سَقَمِهِ لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ: أَلْبَانُ الْإِبِلِ، وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ، لَحْمَانُهَا"؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ"، قَالَ: "أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ، فَأَيُّهُمَا عَلَا كَانَ لَهُ الْوَلَدُ وَالشَّبَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَإِنْ عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ كَانَ ذَكَرًا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِنْ عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ كَانَتْ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ"؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: "اللَّهُمَّ اشهد"، قَالَ: "أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ"؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ". قَالُوا: أَنْتَ الْآنَ حَدِّثْنَا مَنْ وَلِيُّكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَعِنْدَهَا نُجَامِعُكَ أَوْ نُفَارِقُكَ، قَالَ: "وَلِيِّي جِبْرِيلُ، وَلَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلَّا وَهُوَ وَلِيُّهُ"، قَالُوا: فَعِنْدَهَا نُفَارِقُكَ، لَوْ كَانَ وَلِيُّكَ غَيْرَهُ مِنَ الملائكة لبايعناك وصدّقناك، قال: "وَلِمَ"؟ قَالُوا: إِنَّهُ عَدُوُّنَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} 1الآية. ونزلت {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} 2. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنْبَأَ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ فَنَسْأَلْهُ، فَقَالَ الْآخَرُ: لَا تَقُلْ نَبِيٌّ، فَإِنَّهُ إِنْ سَمِعَكَ تَقُولُ نَبِيٌّ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ، فَانْطَلَقَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَاهُ عَنْ قَوْلِهِ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، قَالَ: "لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تزنوا، لا تسحروا، ولا

_ 1 سورة البقرة: 97. 2 سورة البقرة: 90. والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 266-267"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 83-84" وشهر بن حوشب ضعيف الحفظ كما في "التقريب" "2830" ولكن رواية عبد الحميد عنه أصلح حالا من غيرها، قال أحمد: لا بأس لحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر. نقله في "الصحيحة" "4/ 350".

وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ فَيَقْتُلَهُ، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَفِرُّوا مِنَ الزَّحْفِ، وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً -شَكَّ شُعْبَةُ- وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً مَعْشَرَ الْيَهُودِ أَنْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ". فَقَبَّلَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، قَالَ: "فَمَا يَمْنَعُكُمَا أَنْ تُسْلِمَا"؟ قَالَا: إِنَّ دَاوُدَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ لَا يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ، وَنَحْنُ نَخَافُ إِنْ أَسْلَمْنَا أَنْ تقتلنا اليهود1. وقال عفّان: أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ ابْتَعَثَ نَبِيَّهُ لِإِدْخَالِ رِجَالٍ الْجَنَّةَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَنِيسَةً فَإِذَا هُوَ بِيَهُودَ، وَإِذَا يَهُودِيٌّ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى صِفَتِهِ أَمْسَكَ، وَفِي نَاحِيَتِهَا رَجُلٌ مَرِيضٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لكم أَمْسَكْتُمْ"؟ فَقَالَ الْمَرِيضُ: إِنَّهُمْ أَتَوْا عَلَى صِفَةِ نَبِيٍّ فَأَمْسَكُوا، ثُمَّ جَاءَ الْمَرِيضُ يَحْبُو حَتَّى أَخَذَ التَّوْرَاةَ وَقَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَقَرَأَ، حَتَّى أَتَى عَلَى صِفَتِهِ، فَقَالَ: هَذِهِ صِفَتُكَ وَصِفَةُ أُمَّتِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لُوا أَخَاكُمْ"2. وَقَالَ يزيد بن هارون: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ أَبِي عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْرَزِ، عَنْ وَابِصَةَ -هُوَ الْأَسَدِيُّ- قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا أُرِيدُ أَنْ لَا أَدَعَ شَيْئًا مِنَ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَجَعَلْتُ أَتَخَطَّى النَّاسَ، فَقَالُوا: إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: دَعُونِي أَدْنُو مِنْهُ، فَإِنَّهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ مِنْهُ. فَقَالَ: "ادْنُ يَا وَابِصَةُ"، فَدَنَوْتُ حتى مسّت

_ 1 ضعيف: أخرجه الترمذي "2742" في كتاب الاستئذان، باب: ما جاء في قبلة اليد والرجل، والنسائي "7/ 111" في كتاب تحريم الدم، باب: السحر، وابن ماجه مختصرًا "3705" في كتاب الأدب، باب: الرجل يقبل يد الرجل، وأحمد "4/ 239"، وأبو نعيم في "الحلية" "6528" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 286"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 674": في رجاله من تكلم فيه، وقال في "تفسيره" "3/ 67": هو حديث مشكل وعبد الله بن سلمة، في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع آيات بالعشر كلمات ... إلى أن قال. وما جاءهم هذا الوهم إلا من قبل ابن سلمة فإن له بعض ما ينكر، والله أعلم. وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "517": ضعيف. 2 إسناده منقطع: أخرجه أحمد "1/ 416" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 273"، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه كما تقدم.

رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، فَقَالَ: "يَا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ بِمَا جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْهُ"؟ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ الله، قَالَ: "جِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهَا فِي صَدْرِي وَيَقُولُ: "يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، الْبِرُّ: مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وأفتوك" 1. وقال ابن وهب: حدّثني معاوية عن أبي عبد الله محمد الْأَسَدِيِّ، سَمِعَ وَابِصَةَ الأَسَدِيَّ قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْأَلُهُ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ، فَقَالَ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَسْأَلَهُ: "جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ"؟ قُلْتُ: إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنَّهُ لَلَّذِي جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَقَالَ: "الْبِرُّ مَا انْشَرَحَ لَهُ صَدْرُكَ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ، وَإِنْ أَفْتَاكَ عَنْهُ النَّاسُ" 2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ بُجَيْرِ بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ، سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَرَجْنَا إِلَى الطَّائِفِ، فَمَرَرْنَا بِقَبْرٍ، فَقَالَ: "هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ، وَهُوَ أَبُو ثَقِيفٍ، وَكَانَ مِنْ قَوْمِ ثَمُودَ، فَلَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَهُ مَنَعَهُ مَكَانُهُ مِنَ الْحَرَمِ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهُ أَصَابَتْهُ النَّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ، فَدُفِنَ فِيهِ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ، إِنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ". قَالَ: فابتدرناه فاستخرجنا الغصن3.

_ 1 أخرجه أحمد "4/ 228" وأبو نعيم في "الحلية" "1400"، وقال النووي في "رياض الصالحين "ص178": حديث حسن. وقد ذكر في إسناد أحمد أن الزبير لم يسمع من أيوب بن عبد الله. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 292". 3 ضعيف: أخرجه أبو داود "3088" في كتاب الخراج، باب: نبش القبور، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 297" وأخرجه أيضًا المصنف بسنده في "الميزان" "1124" وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "678": ضعيف.

باب: من أخباره صلى الله عليه وسلم بالكوائن بعده فوقعت كما أخبر

بَابٌ: مِنْ أَخْبَارِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالكوائن بعده فوقعت كما أخبر شعبة بن عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: لَقَدْ حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا يَكُونُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ مَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْهَا1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقَامًا مَا تَرَكَ فِيهِ شَيْئًا إلى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا ذَكَرَهُ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ وَفِي لَفْظٍ: "حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ" وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ فَأَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ2. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ بِمَعْنَاهُ. وقال عزرة بن ثابت: حدثنا علباء بن أحمر، حدثنا أَبُو زَيْدٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْفَجْرَ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى أَظُنَّهُ قَالَ: حَضَرَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ: فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَحْفَظُنَا أَعْلَمُنَا3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقُلْنَا: أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا، أَلَا تَسْتَنْصِرُ اللَّهَ لَنَا؟ فَجَلَسَ مُحْمَارًّا وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: "وَاللَّهِ إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَيُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَتُحْفَرُ لَهُ الحفرة، فيوضع المنشار على رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، أَوْ يُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا بَيْنَ عَصَبِهِ وَلَحْمِهِ، مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتِمَّنَّ الله

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2891/ 24" في كتاب الفتن، باب: إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يكون إلى قيام الساعة. 2 صحيح: أخرجه البخاري "6604" في كتاب القدر، باب: وكان أمر الله قدرًا مقدورًا، ومسلم "2891/ 23" في المصدر السابق. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2892" في المصدر السابق، وأحمد "5/ 341".

هَذَا الْأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْكُمْ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخْشَى إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ لَكَ مِنْ أَنْمَاطٍ" 2، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَّى يَكُونُ لِي أَنْمَاطٌ؟ قَالَ: "أَمَا إِنَّهَا سَتَكُونُ"، قَالَ: فَأَنَا أَقُولُ الْيَوْمَ لِامْرَأَتِي: نَحِّي عَنِّي أَنْمَاطَكِ، فَتَقُولُ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهَا سَتَكُونُ لَكُمْ أَنْمَاطٌ بَعْدِي، فَأَتْرُكُهَا3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ النُّمَيْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "تُفْتَحُ الْيَمَنُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، ثُمَّ تُفْتَحُ الشَّامُ، فَيَأْتِي فَيَبُسُّونَ4 فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، ثُمَّ تُفْتَحُ الْعِرَاقُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ فَيَبُسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" 5. أَخْرَجَاهُ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن العلاء بن زبر، حدثنا بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ يَقُولُ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ لِي: "يَا عَوْفُ اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مَوْتَانُ 6، يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ 7 الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ فِيكُمْ، حَتَّى يعطى الرجل مائة دينار فيظلّ

_ 1 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 2 أنماط: جموع نمط، وهو ثوب من صوف يطرح على الهودج. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3631" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "2083" في كتاب اللباس، باب: جواز اتخاذ الأنماط، والبيهقي في "الدلائل: " "6/ 319". 4 يبسون: يسوقون دوابهم. 5 صحيح: أخرجه البخاري "1875" في كتاب فضائل المدينة، باب: من رغب عن المدينة ومسلم "1388" في كتاب الحج: باب: الترغيب في المدينة عند فتح الأمصار، وأحمد "5/ 219-220"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 320". 6 موتان: وباء. 7 قعاص: داء يأخذ الدواب فتموت فجأة.

سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً 1، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا" 2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ، سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا" 3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مالك، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا فَتَحْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا"4. مُرْسَلٌ مَلِيحُ الْإِسْنَادِ. وَقَدْ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ مُتَّصِلًا5. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ كَانَتْ قِبْطِيَّةً، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: مَارِيَةُ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ قِبْطِيَّةٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَهْلِكُ كِسْرَى، ثُمَّ لَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَرُ لَيَهْلِكَنَّ، ثُمَّ لَا يَكُونُ قَيْصَرُ بَعْدَهُ، وَلَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ" 6. متّفق عليه.

_ 1 غاية: راية. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3176" في كتاب الجزية، باب: ما يحذر من الغدر، وابن ماجه "4042" في كتاب الفتن، باب: أشراط الساعة، وأحمد "5/ 228"، وأبو نعيم في "الحلية" "6641"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 320-321". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2543" في كتاب فضائل الصحابة، باب: وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- بأهل مصر، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 321". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 322". 5 أخرجه البيهقي في المصدر السابق. 6 صحيح: أخرجه البخاري "3618" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "2918"، في كتاب الفتن، باب: رقم "18"، وأحمد "2/ 233، 240، 256، 272، 313، 501"، والترمذي "2223" في كتاب الفتن، باب: ما جاء إذا ذهب كسرى فلا كسرى بعده، وعبد الرزاق في "مصنفه" "20814"، والبيهقي في "سننه" "9/ 177"، وفي "الدلائل" "4/ 393"، وابن حبان في "صحيحه" "6689"، والبغوي في "شرح السنة" "3728، 3729".

أَمَّا كِسْرَى وَقَيْصَرُ الْمَوْجُودَانِ عِنْدَ مَقَالَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُمَا هَلَكَا، وَلَمْ يَكُنْ بعد كسرى كسرى آخر، ولا بعد قيصر بالشام قيصر آخر، وانفقت كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْرِ عُمَرَ -رَضِيَ الله عنه- وبقي للقياصرة ملك بالروم وقسطنطينية، لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَبُتَ مُلْكُهُ"1 حِينَ أَكْرَمَ كِتَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ تَعَالَى فتح القسطنطينة، وَلَمْ يَبْقَ لِلْأَكَاسِرَةِ مُلْكٌ لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَزَّقَ اللَّهُ مُلْكَهُ" حِينَ مَزَّقَ كِتَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِفَرْوَةِ كِسْرَى فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَفِي الْقَوْمِ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمَ، قَالَ فَأَلْقَى إِلَيْهِ سِوَارَيْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، فَجَعَلَهُمَا فِي يَدَيْهِ فَبَلَغَا مَنْكِبَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُمَا عُمَرُ فِي يَدَيْ سُرَاقَةَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ سِوَارَا كِسْرَى فِي يَدِ سُرَاقَةَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ3. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ عَنْ عديّ بن حاتم قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُثِّلَتْ لِيَ الْحِيرَةُ كَأَنْيَابِ الْكِلَابِ وَإِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَهَا"، فقام رجل فقال: يا رسول الله هَبْ لِي ابْنَةَ بُقَيْلَةَ، قَالَ: "هِيَ لَكَ" فَأَعْطَوْهُ إِيَّاهَا، فَجَاءَ أَبُوهَا فَقَالَ: أَتَبِيعُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: بِكَمْ؟ احْكُمْ مَا شِئْتَ، قَالَ: أَلْفُ دِرْهَمٍ، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهَا، قَالُوا لَهُ: لَوْ قُلْتَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا لَأَخَذَهَا، قَالَ: وَهَلْ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ4. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَمَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ الْأَزْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ سَتُجَنِّدُونَ أَجْنَادًا، جُنْدًا بِالشَّامِ، وَجُنْدًا بِالْعِرَاقِ، وَجُنْدًا بِالْيَمَنِ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خِرْ لِي، قَالَ: "عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ وَلْيَسْقِ مِنْ غدره، فإنّ الله

_ 1 أخرجه البيهقي في "سننه" "9/ 177" عند الشافعي معضلًا. 2 مرسل: أخرجه البخاري "4424" في كتاب المغازي، باب: كِتَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى كسرى وقيصر، عن سعيد بن المسيب مرسلًا. 3 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 325"، والحسن ولد في آخر خلافة عمر -رضي الله عنه. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 326".

قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ"، قَالَ أَبُو إِدْرِيسَ: مَنْ تَكَفَّلَ اللَّهُ بِهِ فَلَا ضَيْعَةَ عَلَيْهِ1. صَحِيحٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزًا وَكِرْمَانَ -قَوْمًا مِنَ الْأَعَاجِمِ- حُمْرُ الْوُجُوهِ، فُطْسُ الْأُنُوفِ، صِغَارُ الْأَعْيُنِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ 2 الْمُطْرَقَةُ" 3، قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ" 4. "خ"5. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ سَيَّارِ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ جَبْرِ بْنِ عَبِيدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَعَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزْوَةَ الْهِنْدِ، فَإِنْ أدركتها أنفق فيها ما لي وَنَفْسِي، فَإِنِ اسْتُشْهِدْتُ كُنْتُ مِنْ أَفْضَلِ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ رَجَعْتُ فَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْمُحَرِّرُ6. غَرِيبٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ، وَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طالب، فَأَوَّلْتُ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا وَالْعَاقِبَةَ فِي الآخر وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ" 7. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، سَمِعَ أَبَا حَازِمٍ يَقُولُ: قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم

_ 1 صحيح: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 326-327" من هذا الوجه، وأخرجه أبو داود ""2483" في كتاب الجهاد، باب: في سكنى الشام، وأحمد "4/ 110"، وأبو نعيم في "الحلية" "1341"، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "3659": صحيح. 2 المجان: جمع مجن، وهو الترس. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3590" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، من حديث أبي هريرة. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3587" في المصدر السابق، ومسلم "2912" في كتاب الفتن، باب: رقم "18" من حديث أبي هريرة. 5 كذا رمز له بهذا الرمز الذي يعني أن البخاري أخرجه وليس كذلك فانظر التعليق الآتي. 6 إسناده ضعيف: أخرجه النسائي "6/ 42" في كتاب الجهاد، باب: غزوة الهند، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 336"، وقال المصنف في "الميزان" "1437": خبر منكر، وقال الألباني في "ضعيف سنن النسائي": ضعيف الإسناد. 7 صحيح: أخرجه مسلم "2270" في كتاب الرؤيا، باب: رؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "6/ 337".

الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ"، قَالُوا: فما تأمرنا؟ قال: "فوا ببيعة الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ" 1. اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخَشْنِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إن اللَّهَ بَدَأَ هَذَا الْأَمْرَ نُبُوَّةً وَرَحْمَةً، وَكَائِنًا خِلَافَةً وَرَحْمَةً، وَكَائِنًا مُلْكًا عَضُوضًا، وَكَائِنًا عُتُوًّا وَجَبْرِيَّةً وَفَسَادًا فِي الْأُمَّةِ، يَسْتَحِلُّونَ الْفُرُوجَ وَالْخُمُورَ وَالْحَرِيرَ وَيُنْصَرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَيُرْزَقُونَ أَبَدًا حَتَّى يَلْقَوُا اللَّهَ"2. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ وَغَيْرُهُ، عَنْ سعيد بن جهمان، عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ". قَالَ لِي سَفِينَةُ: أَمْسَكَ أَبُو بَكْرٍ سَنَتَيْنِ، وَعُمَرُ عشرًا، وعثمان اثنتي عشرة، وَعَلِيٌّ سِتًّا. قُلْتُ لِسَفِينَةَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً، قَالَ: كَذَبَتْ أَسْتَاهُ بَنِي الزَّرْقَاءِ، يَعْنِي بَنِي مَرْوَانَ3. كَذَا قَالَ فِي عَلِيٍّ "سِتًّا"، وَإِنَّمَا كَانَتْ خِلَافَةُ عَلِيٍّ خَمْسَ سِنِينَ إِلَّا شَهْرَيْنِ، وَإِنَّمَا تَكْمُلُ الثَّلَاثُونَ سَنَةً بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ زَائِدَةٍ عَمَّا ذُكِرَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ صالح بن كيسان، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قال: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْيَوْمِ الَّذِي بُدِئَ فِيهِ، فَقُلْتُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ: "وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ، فَهَيَّأْتُكِ وَدَفَنْتُكِ"، فَقُلْتُ غَيْرَى: كَأَنِّي بِكَ في

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3455" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل، ومسلم "1842" في كتاب الإمارة، باب: وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 338". 2 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 340" وليث هو ابن أبي سليم، ضعيف الحفظ. 3 صحيح: أخرجه أبو داود "6464" في كتاب السنة، باب: في الخلفاء، والترمذي "2233" في كتاب الفتن، باب: ما جاء في الخلافة، وأحمد "2/ 220-221" والطبراني في "الكبير" "6442"، وأبو نعيم في "الحلية" "1280"، والحاكم في "مستدركه" "4438" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 341" وابن حبان في "صحيحه" "6657" وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

ذَلِكَ الْيَوْمِ عَرُوسًا بِبَعْضِ نِسَائِكَ، فَقَالَ: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ، ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يقول قائل ويتمنّى ممتنّ: أَنَّى وَلَا، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعِنْدَهُ: فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولَ قَائِلٌ: أَنَّى، وَلَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُحُدًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وَقَالَ: "اثْبُتْ عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ" 2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ نَحْوَهُ، لَكِنَّهُ قَالَ "حِرَاءَ" بَدَلَ "أُحُدٍ" وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءٍ، هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ" 3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. أَبُو بَكْرٍ صِدِّيقٌ، وَالْبَاقُونَ قَدِ اسْتُشْهِدُوا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقد خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ قَدْ هَلَكْتُ، قَالَ: "وَلِمَ"؟ قَالَ: نَهَانَا اللَّهُ أَنْ نُحِبَّ أَنْ نُحْمَدَ بِمَا لَمْ نَفْعَلْ، وَأَجِدُنِي أُحِبُّ الْحَمْدَ، وَنَهَانَا عَنِ الْخُيَلَاءِ، وَأَجِدُنِي أُحِبُّ الْجَمَالَ، وَنَهَانَا أَنْ نرفع أصواتنا، وَأَنَا جَهِيرُ الصَّوْتِ، فَقَالَ: "يَا ثَابِتُ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَعِيشَ حَمِيدًا، وَتُقْتَلَ شَهِيدًا، وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟ " قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَعَاشَ حَمِيدًا، وَقُتِلَ شَهِيدًا يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ4. مرسل، وثبت أنّه قتل يوم اليمامة.

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 343"، وأخرجه مسلم "2387" في كتاب الفضائل، باب: من فضائل أبي بكر، من قول "ادعى لي أبا بكر وأخاك ... " الحديث. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3686" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2417" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 355".

وقال الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكن التَّحْرِيشُ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسَرَّ إِلَيَّ: "إِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لُحُوقًا بِي وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ" 2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنه كَانَ فِي الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ فَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ" 3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ عُمَرَ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ مَلَكٍ4. وَمِنْ وُجُوهٍ، عَنْ عَلِيٍّ: مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ5. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَصْرِيُّ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا يُدْعَى سَارِيَةَ، فَبَيْنَمَا عُمَرُ يَخْطُبُ، فَجَعَلَ يَصِيحُ "يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ"، فَقَدِمَ رَسُولٌ مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقِينَا عَدُوَّنَا فَهَزَمُونَا، فَإِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ "يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ"، فَأَسْنَدْنَا ظُهُورَنَا إِلَى الْجَبَلِ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، فقلنا لعمر: كنت تصيح بذلك6.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2812" في كتاب صفة القيامة، باب: تحريش الشيطان، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 363". 2 صحيح: أخرجه البخاري "6285، 6286" في كتاب الاستئذان، باب: من ناجي بين يدي الناس، ومسلم "2450/ 99" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل فاطمة -رضي الله عنها. 3 صحيح: أخرجه مسلم "23987" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر -رضي الله عنه. وأخرجه البخاري "3689" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 370". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 369، 370". 6 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 370".

وَقَالَ ابْنُ عَجْلَانَ: وَحَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بِذَلِكَ. وَقَالَ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: فَوَفَدَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى عُمَرَ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ يُدْعَى أُوَيْسًا، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا ههنا مِنَ الْقَرَنِيِّينَ أَحَدٌ؟ قَالَ: فَدُعِيَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَنَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ، وَلَا يَدَعُ بِهَا إِلَّا أمًّا له، قد كَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَدَعَا اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ، فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إِلَّا مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ، يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَأْمُرْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا عَنْ رِجَالِهِ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مُخْتَصَرًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرٍ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَهْلُ الْيَمَنِ جَعَلَ عُمَرُ يَسْتَقْرِئُ الرِّفَاقَ فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ قَرَنٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى قَرَنٍ، قَالَ: فَوَقَعَ زِمَامُ عُمَرَ أَوْ زِمَامُ أُوَيْسٍ، فَتَنَاوَلَهُ عُمَرُ، فَعَرَفَهُ بِالنَّعْتِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: أُوَيْسٌ، قَالَ: هَلْ كَانَتْ لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ كَانَ بِكَ مِنَ الْبَيَاضِ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، دَعَوْتُ اللَّهَ فَأَذْهَبَهُ عَنِّي إِلَّا مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ مِنْ سُرَّتِي لِأَذْكُرَ بِهِ رَبِّي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي، أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ، وَلَهُ وَالِدَةٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ" 2. الْحَدِيثَ. وَقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ إِذَا أَتَتْ عَلَيْهِ أَمْدَادُ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَلَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كان به برص فبرأ منه إلا

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2543/ 223" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أويس القرني -رضي الله عنه- والبيهقي في "الدلائل" "6/ 375". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 376"، وأخرجه مسلم مختصرًا "2542/ 224" في المصدر السابق.

موضع درهم له والدة هو بها بر، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ" فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الْكُوفَةَ، قَالَ: أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عامله فَيَسْتَوْصُوا بِكَ خَيْرًا؟ فَقَالَ: لَأَنْ أَكُونَ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إليَّ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ أُوَيْسٍ، كَيْفَ تَرَكْتَهُ؟ قَالَ: رَثَّ الْبَيْتِ قَلِيلَ الْمَتَاعِ، قَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسٌ مَعَ أَمْدَادِ الْيَمَنِ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ لَهُ والدة هو بها بر، لو أقسم على اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ" فَلَمَّا قَدِمَ الرَّجُلُ أَتَى أُوَيْسًا فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي، وَقَالَ: لَقِيتَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاسْتَغْفِرْ لَهُ، قَالَ فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ. قَالَ أُسَيْرُ بْنُ جَابِرٍ: فَكَسَوْتُهُ بُرْدًا، فَكَانَ إِذَا رَآهُ إِنْسَانٌ قَالَ: مِنْ أَيْنَ لِأُوَيْسٍ هَذَا1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِطُولِهِ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ، نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ أَصْحَابَ عَلِيٍّ: "أَفِيكُمْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ"؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَضَرَبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ مَعَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "خَيْرُ التَّابِعِينَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ"2. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عن حُذَيْفَة، كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أَنَا، قَالَ: هَاتِ إِنَّكَ لجرئ، فَقُلْتُ: ذِكْرُ فِتْنَةِ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَ: لَيْسَ هَذَا أَعْنِي، إِنَّمَا أَعْنِي الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ يَنَالُكَ مِنْ تِلْكَ شَيْءٌ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: أَرَأَيْتَ الْبَابَ يُفْتَحُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لَا يُغْلَقُ أَبَدًا، قُلْتُ: أَجَلْ، فَقُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ من الباب؟ قَالَ: نعم،

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2542/ 225" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 376-377". 2 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 378" ويزيد، وشريك كلاهما في حفظه ضعف.

كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا دُونَهُ اللَّيْلَةَ، وَذَلِكَ إنّي حدّثته حديثًا ليس بالأغاليط، فَسَأَلَهُ مَسْرُوقٌ: مَنِ الْبَابُ؟ قَالَ: عُمَرُ1. أَخْرَجَاهُ. وَقَالَ شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي حَدِيثِ الْقُفِّ: فَجَاءَ عُثْمَانُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى -أَوْ بَلَاءٍ- يُصِيبُهُ" 2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَطَّانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَهْلَةَ مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "ادْعِي لِي -أَوْ لَيْتَ عِنْدِي- رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِي"، قَالَتْ: قُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْتُ: عُمَرُ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْتُ: ابْنُ عَمِّكَ عَلِيٌّ؟ قَالَ: "لَا"، قُلْتُ: فَعُثْمَانُ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَتْ: فَجَاءَ عُثْمَانُ فَقَالَ: قُومِي، قَالَ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسِرُّ إِلَى عُثْمَانَ، وَلَوْنُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ قُلْنَا: أَلَا تُقَاتِلُ؟ قَالَ: لَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهِدَ إِلَيَّ أَمْرًا، فَأَنَا صَابِرٌ نَفْسِي عَلَيْهِ3. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ وَغَيْرُهُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ الْكَاهِلِيِّ -فِيهِ جَهَالَةٌ- عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَدُورُ رَحَى الْإِسْلَامِ عِنْدَ رَأْسِ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، فَإِنْ يَهْلِكُوا فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ، وَإِلَّا تروخي عنهم سعين سنة"، فقال عمر: يا رسول الله من أمن هذا أو من مستقبله؟ قال: "من مستقبله" 4.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "525" في كتاب مواقيت الصلاة، باب: الصلاة كفارة، ومسلم "144" في كتاب الفتن، باب: الفتنة التي تموج موج البحر. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3674" في كتاب فضائل الصحابة، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "لوكنت متخذا خليلًا" ومسلم "2403" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل عثمان بن عفان، والترمذي "3730" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان، وأحمد "4/ 393، 406، 407" وأبو نعيم في "الحلية" "166"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 388، 389". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 391". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 393" بهذا اللفظ، وأخرجه أبو داود "4254" في كتاب الفتن، باب: ذكر الفتن، ولفظه "قلت: أمما بقي أو مما مضى، قال: مما مضى". وأخرجه أحمد "1/ 390، 3939-394، 451" وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

وَقَالَ إِسْمَاعِيلَ بْن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: لَمَّا بَلَغَتْ عَائِشَةُ بَعْضَ دِيَارِ بَنِي عَامِرٍ، نَبَحَتْ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْءَبِ، فَقَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟ قَالُوا: الْحَوْءَبُ، قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلَّا رَاجِعَةً، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ إِذَا نَبَحَتْهَا كِلَابُ الْحَوْءَبِ". فَقَالَ الزُّبَيْرُ: تَقَدَّمِي لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِكِ بَيْنَ النَّاسِ1. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، تَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ" 2. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَخْرَجَا مِنْ حَدِيثِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: كَانَ أَهْلُ الشَّامِ سِتِّينَ أَلْفًا، فقتل منهم عشرون ألفًا، وكان العراق مائة ألف وعشرين ألفا، فقتل منهم أربعون ألفا، وذلك يوم صفين. وقال شعبة: حَدَّثَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي -يَعْنِي أَبَا قَتَادَةَ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَمَّارٍ: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" 3. وَقَالَ الْحَسَنُ، عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ. رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا كُنَّا نَقْرَأُ: جَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ كَمَا جَاهَدْتُمْ فِي أَوَّلِهِ! قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَمَتَى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: إِذَا كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ الْأُمَرَاءَ وَبَنُو الْمُغِيرَةِ الْوُزَرَاءَ. رواه الرماديّ عنه4.

_ 1 أخرجه أحمد "6/ 52، 97"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 410". 2 صحيح: أخرجه البخاري "7121" في كتاب الفتن، باب: رقم "25"، ومسلم "157" في كتاب الفتن، باب: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2916" في كتاب الفتن، باب: رقم "18". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 422".

وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فِرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني وهو بِالْيَمَنِ بِذَهَبٍ فِي تُرْبَتِهَا فَقَسَمَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَرْبَعَةٍ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْكِلَابِيِّ، وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيِّ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ وَقَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا أُعْطِيهِمْ أَتَأَلَّفُهُمْ"، فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ2 الْجَبِينِ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِنْ عَصَيْتُهُ أَيَأْمَنُنِي أَهْلُ السَّمَاءِ وَلَا تَأْمَنُونِي"؟ فَاسْتَأْذَنَهُ رَجُلٌ فِي قَتْلِهِ، فَأَبَى ثُمَّ قَالَ: "يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ 3 هَذَا قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ" 4. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِلْبُخَارِيِّ بِمَعْنَاهُ. الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، وَالضَّحَّاكُ، يَعْنِي الْمشرفي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْسِمُ ذَاتَ يَوْمٍ قَسْمًا، فَقَالَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ مِنْ بَنِي تميم: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعْدِلْ، فَقَالَ: "وَيْحَكَ وَمَنْ يَعْدِلْ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ". فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَالَ: "لَا، إِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثم ينظر إلى

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "1065/ 150" في كتاب الزكاة، باب: ذكر الخوارج، وأبو داود "4667" في كتاب السنة، باب: ما يدل على ترك الكلام في الفتنة، وأحمد "3/ 5، 32، 45، 48، 79" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 424". 2 ناتئ: بارز. 3 الضئضئ: أصل الشيء. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3344" في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} ومسلم "1064/ 143" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 426، 427".

رِصَافِهِ 1 فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ 2 فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ3 فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَدْعَجُ 4 إِحْدَى يَدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ" 5. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَشْهَدُ أَنِّي كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِينَ قَتَلَهُمْ، فَالْتُمِسَ فِي الْقَتْلَى وأُتيّ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم6. أخرجه البخاريّ. وقال أيّوب، عن أن سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ: ذَكَرَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَهْلَ النَّهْرَوَانِ فَقَالَ: فِيهِمْ رَجُلٌ مُودَنُ7 الْيَدِ أَوْ مَثْدُونُ8 الْيَدِ أَوْ مُخْدَجُ9 الْيَدِ، لَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا لَنَبَّأْتُكُمْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَهُمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ10. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْوَضِيِّ السُّحَيْمِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ بِالنَّهْرَوَانِ، فَقَالَ لَنَا: الْتَمِسُوا الْمُخْدَجَ، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأَتَوْهُ فَقَالَ: ارْجِعُوا فَالْتَمِسُوا الْمُخْدَجَ، فَوَاللَّهِ مَا كُذِبْتُ وَلَا كَذَبْتُ، حَتَّى قَالَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَرَجَعُوا فَقَالُوا: قَدْ وَجَدْنَاهُ تَحْتَ الْقَتْلَى فِي الطِّينِ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَبَشِيًّا، لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ، عَلَيْهِ شُعَيْرَاتٌ كَالشُّعَيْرَاتِ الَّتِي عَلَى ذَنَبِ الْيَرْبُوعِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ عَلِيٌّ11. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ". وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: جَاءَ رَأْسُ الْخَوَارِجِ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، فقال: لا والذي فلق الحبّة وبرأ

_ 1 الرصاف: عقب يلوى على مدخل النصل فيه. 2 النضي: نصل السيف. 3 القذذ: آذان السهم. 4 الأدعج: متسع العين مع شدة سوادها وبياضها. 5 تدردر: تضطرب. 6 صحيح: أخرجه البخاري "3610" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام. 7 مودن: ناقص. 8 مثدون اليد: صغير اليد. 9 مخدج: ناقص. 10 صحيح: أخرجه مسلم "1066/ 155" في المصدر السابق، وأحمد "1/ 155"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 431". 11 أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" "169"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 433".

النَّسْمَةَ، وَلَكِنِّي مَقْتُولٌ مِنْ ضَرْبَةٍ عَلَى هَذِهِ تَخْضِبُ هَذِهِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِهِ- عَهْدٌ وَقَضَاءٌ مَقْضِيٌّ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى1. وَقَالَ أبو النّضر: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ أَبُوهُ بَدْرِيًّا قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي عَائِدًا لِعَلِيٍّ مِنْ مَرَضٍ أَصَابَهُ ثقل به، فَقَالَ لَهُ أَبِي: مَا يُقِيمُكَ بِمَنْزِلِكَ هَذَا؟ لَوْ أَصَابَكَ أَجَلُكَ لَمْ يَلِكَ إِلَّا أَعْرَابُ جُهَيْنَةَ! تُحْمَلُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَإِنْ أَصَابَكَ أَجَلُكَ وَلِيَكَ أَصْحَابُكَ وَصَلُّوا عَلَيْكَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهِدَ إِلَيَّ أَنِّي لَا أَمُوتُ حَتَّى أُؤَمَّرَ، ثُمَّ تُخْضَبُ هَذِهِ مِنْ دَمِ هَذِهِ -يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ دَمِ هَامَتِهِ- فَقُتِلَ، وَقُتِلَ أَبُو فَضَالَةَ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّينَ2. وَقَالَ الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَظِيمَتَيْنِ" 3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ دُونَ "عَظِيمَتَيْنِ". وَقَالَ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ الْأَسْوَدِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ أَتَى عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، وَهُوَ بِسَاحِلِ حِمْصٍ، وَهُوَ فِي بِنَاءٍ لَهُ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ حَرَامٍ، قَالَ: فَحَدَّثَتْنَا أُمُّ حَرَامٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا". قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَا فِيهِمْ؟ قَالَ: "أَنْتِ فِيهِمْ"، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ"، قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "لا" 4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. فِيهِ إِخْبَارُهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّ أُمَّتَهُ يَغْزُونَ الْبَحْرَ، وَيَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ. وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 438-439". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 438". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3629" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 442". 4 صحيح: أخرجه البخاري "2924" في كتاب الجهاد، باب: ما قيل في قتال الروم، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 452".

"إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ ثَلَاثِينَ كَذَّابًا دَجَّالًا كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ2. وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَنَا أَنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا3، فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَقَدْ رَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَلَا إِخَالُكَ إِلَّا إِيَّاهُ4. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، تعني بالكذّاب المختار بن أبي عُبَيْدٍ5. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْن سالم الجزريّ، حدثنا الْأَحْوَصُ بْنُ الْحَكِيمِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ وَهْبٌ، يَهَبُ اللَّهُ لَهُ الْحِكْمَةَ، وَرَجُلٌ يُقَالُ لَهُ غَيْلَانُ، هُوَ أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ إِبْلِيسَ"6. مَرْوَانُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابن جريج: أخبرنا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ يَقُولُ: "تَسْأَلُونَ عَنِ السَّاعَةِ، وَإِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ، مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ الْيَوْمَ يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ" 7. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثَمَةَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ العشاء ليلةً

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2923" في كتاب الفتن، باب: رقم "18"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 480". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3609" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "157/ 84" في كتاب الفتن، باب: رقم "18". 3 المبير: المهلك. 4 صحيح: أخرجه مسلم "2545" في كتاب فضائل الصحابة، باب: ذكر كذاب ثقيف ومبيرها، وأحمد "6/ 351"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 481". 5 تأتي ترجمته "366". 6 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 496"، ومروان بن سالم متروك، ومتهم بالوضع كما في "الميزان" "8425"، وقد ذكر له المصنف هذا الحديث من مناكيره. 7 صحيح: أخرحه مسلم "2538" في كتاب فضائل الصحابة، باب: بيان معنى قوله -صلى الله عليه وسلم: "لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة"، وأحمد "3/ 326، 345، 385"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 501".

فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ: "أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ على ظهر أَحَدٌ" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَقَالَ الْجُرَيْرِيُّ: كُنْتُ أَطُوفُ مَعَ أَبِي الطُّفَيْلِ فَقَالَ: لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ ممّن لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرِي، قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحًا مُقَصَّدًا2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ تُوُفِّيَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ3. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "يَعِيشُ هَذَا الْغُلَامُ قَرْنًا"، قَالَ: فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ4. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: عن الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: وُلِدَ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ غُلَامٌ، فَسَمَّوْهُ الْوَلِيدَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تُسَمُّونَ بِأَسْمَاءِ فَرَاعِنَتِكُمْ، غَيِّرُوا اسْمَهُ فَسَمُّوهُ عَبْدَ اللَّهِ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ رجل يقال الْوَلِيدُ، هُوَ شَرٌّ لِأُمَّتِي مِنْ فِرْعَوْنَ لِقَوْمِهِ"5. هَذَا ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَرَاسِيلُهُ حُجَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ6. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي الْعَاصِ أَرْبَعِينَ رَجُلًا، اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا 7، وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا 8، وَمَالَ اللَّهِ دُوَلًا" 9. غَرِيبٌ، وَرُوَاتُهُ ثقات.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "116" في كتاب العلم، باب: السمر في العلم، ومسلم "2537" في المصدر السابق. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2340" في كتاب الفضائل، باب: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أبيض مليح الوجه، وأبو داود "4864" في كتاب الأدب، في هدي الرجل، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 204، 205" والمقصد: الذي ليس بجسيم ولا نحيف، ولا طويل ولا قصير. 3 تأتي ترجمته "319". 4 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 503" وفي إسناده الواقدي، وهو متروك. 5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 505"، وقال: هذا مرسل حسن. 6 تأتي ترجمته "455". 7 الدغل: الفساد. 8 الخول: الأتباع والخدم. 9 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 508".

وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ، لَكِنَّهُ قَالَ: "ثَلَاثِينَ رَجُلًا"1. وقال سليمان بن حيّان الأحمر: أنبأنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ النَّصْرِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَرِيفٌ نَزَلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرِيفٌ نَزَلَ الصُّفَّةَ، فَنَزَلْتُ الصُّفَّةَ، وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرَافِقُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، وَيَقْسِمُ بَيْنَهُمْ مُدًّا مِنْ تَمْرٍ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ فِي صَلَاتِهِ؛ إِذْ نَادَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحْرَقَ بُطُونَنَا التَّمْرُ، وَتَخَرَّقَتْ عَنَّا الْخُنُفُ2 قَالَ: وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ مَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ، ثُمَّ قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَصَاحِبِي، مَكَثْنَا بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَا لَنَا طَعَامٌ غَيْرُ الْبَرِيرِ 3 -وَهُوَ ثَمَرُ الْأَرَاكِ- حَتَّى أَتَيْنَا إِخْوَانَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَآسَوْنَا مِنْ طَعَامِهِمْ، وَكَانَ جُلَّ طَعَامِهِمُ التَّمْرُ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْ قَدِرْتُ لَكُمْ عَلَى الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ لَأَطْعَمْتُكُمُوهُ، وَسَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ أَوْ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ، تَلْبَسُونَ أَمْثَالَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَيُغْدَى وَيُرَاحُ عَلَيْكُمْ بِالْجِفَانِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ أَمِ الْيَوْمَ؟ قَالَ: "بَلْ أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ، أَنْتُمُ الْيَوْمَ إِخْوَانٌ، وَأَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" 4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ: ذَكَرَ سُفْيَانُ: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى يُحَنِّسَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إِذَا مَشَتْ أُمَّتِي الْمُطَيْطَاءَ5 وَخَدَمَتْهُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ، سُلِّطَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ"6. حَدِيثٌ مُرْسَلٌ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى مَرَرْنَا عَلَى مَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ، فَدَخَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، فَنَاجَى رَبَّهُ طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ: "سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثَةً: سَأَلْتُهُ أَنْ لا

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 507"، وعطية هو العوفي، ضعيف الحفظ. 2 الخنف: من الثياب الرديء. 3 البرير: ثمر الأراك. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 524". 5 المطيطاء: الخيلاء. 6 مرسل: أخرجه البخاري في "الدلائل" "6/ 525".

يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ1 فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ زَوَى 3 لِيَ الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ 4، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع مِنْ بَيْنِ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يَسْبِي بَعْضًا، وَبَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا" 5. وَقَالَ: "إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ" 6. "وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي لَمْ يُرْفَعْ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 7. "وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ من أمّتي بالمشركين حتى يعبدوا

_ 1 السنة: القحط. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2890" في كتاب الفتن، باب: هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، وأحمد "1/ 1825"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 526". 3 زوى: جمع. 4 بيضتهم: أصلهم. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2889" في المصدر السابق، وأبو داود "4252" في كتاب الفتن، باب: ذكر الفتن، باب: رقم "14"، وابن ماجه "3952" في كتاب الفتن، باب: ما يكون من الفتن، وأحمد "5/ 278-284"، وأبو نعيم في "الحلية" "2435" والبيهفي في "الدلائل" "6/ 526-527"، والبغوي في "شرح السنة" "4015". 6 صحيح: أخرجه الترمذي "2236" في كتاب الفتن، باب: ما جاء في الأئمة المضلين، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 5274" من حديث ثوبان، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 7 صحيح: أخرجه أبو داود "4252" في كتاب الفتن، باب: ذكر الفتن، والترمذي "2209" في كتاب الفتن، باب: رقم "32" وابن ماجه "3952" في كتاب الفتن، باب: ما يكون من الفتن، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 527" وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

الْأَوْثَانَ 1، وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ ثَلَاثُونَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَإِنِّي خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي" 2. "وَلَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى" 3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ يُونُسُ وَغَيْرُهُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ الهَرْج". قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: "الْقَتْلُ"، قَالُوا: أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ؟ قَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ بِقَتْلِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا". قَالُوا: ومعنا يومئذ عقولنا؟ قال: "إنّه ينزع عُقُولُ أَكْثَرِ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيَخْلُفُ لَهُمْ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ، يَحْسَبُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ" 4. وَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ معهم سياط كأذناب البقر، يضربون النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ5 الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يجدن ريحها وإن رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا"6. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ، كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا"، فَقَالَ قَائِلٌ: أَمِنْ قِلَّةٍ نحن

_ 1 صحيح: أخرجه أبو داود "4252" في المصدر السابق، والترمذي "2226" في كتاب الفتن، باب: ما جاء لا تقوم الساعة حتى يخرج كذابون، والبيهفي في "الدلائل" "6/ 527" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 صحيح: هو بقية الحديث السابق. 3 صحيح: أخرجه مسلم "1920" في كتاب الإمارة، باب: رقم "53"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 527". 4 أخرجه أحمد "4/ 405، 406"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 529". 5 البخت: الإبل الخراسانية. 6 صحيح: أخرجه مسلم "2128" في كتاب اللباس، باب: النساء الكاسيات العاريات، وأحمد "2/ 356، 440" والبيهقي في "الدلائل" "6/ 532، 533".

يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ"، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: "حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ" 1. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بن جابر، حدثنا أَبُو عَبْدِ السَّلَامِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ: أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ يَوْمٌ لَأَنْ يَرَانِي، ثُمَّ لَأَنْ يَرَانِي، أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مِثْلِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ مَعَهُمْ" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَازِيُّ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ على اثنتين وسبعين ملّة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة، كلّها فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ" 3. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَتُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا" 4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:

_ 1 صحيح: أخرجه أبو داود "4297" في كتاب الملاحم، باب: في تداعي الأمم على الإسلام، وأحمد "5/ 278" وأبو نعيم في "الحلية" "591" والبيهفي في "الدلائل" "6/ 534"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2364" في كتاب الفضائل: باب: فضل النظر إليه -صلى الله عليه وسلم- وأخرجه أيضًا البخاري "3589" في كتاب المناقب، باب: النبوة في الإسلام، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 536". 3 صحيح: أخرجه أبو داود "4597" في كتاب السنة، باب: شرح السنة، وأحمد "4/ 102" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "8/ 21": إسناده حسن. وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 صحيح: أخرجه البخاري "80" في كتاب العلم، باب: رفع العلم، ومسلم "2671" في كتاب العلم، باب: رفع العلم.

"إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ كَثِيرُ النَّوَاءِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي قَوْمٌ يُسَمَّوْنَ الرَّافِضَةَ، هُمْ بَرَاءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ"2. كَثِيرٌ ضَعِيفٌ تَفَرَّدَ بِهِ. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَمْزَةَ، أنا زَهْدَمٌ، أَنَّهُ سَمِعَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَكُونُ قَوْمٌ بَعْدَهُمْ يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوَفُّونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ" 3. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَالضَّعِيفَةُ فِي إِخْبَارِهِ بِمَا يَكُونُ بَعْدَهُ كَثِيرَةٌ إِلَى الْغَايَةِ، اقْتَصَرْنَا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنْهَا4، وَمَنْ لم يجعل الله نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْتُبَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِنَا، وَأَنْ يؤيدنا بروحٍ منه.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "100" في كتاب العلم، باب: كيف يقبض العلم، ومسلم "3673" في المصدر السابق. 2 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 547"، وكثير النواء ضعيف كما في "الميزان" "6930". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3651" في كتاب فضائل الصحابة، باب: رقم "1"، ومسلم "2535" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل الصحابة. 4 وقد استوعب غالبها الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 536-776".

باب: جامع من دلائل النبوة

بَابٌ: جَامِعٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ: فَرَفَعُوهُ: قَالُوا: هَذَا كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ، فَأُعْجِبُوا بِهِ، فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ، فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، وَكَانَ يَقُولُ: مَا أَرَى يُحْسِنُ مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كُنْتُ أَكْتُبُ لَهُ. فَأَمَاتَهُ اللَّهُ، فَأَقْبَرُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، قَالُوا: هَذَا عَمَلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ: فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قُلْتُ: هَذِهِ هِيَ الْمُعْجِزَةُ الْعُظْمَى، وَهِيَ "الْقُرْآنُ" فَإِنَّ النَّبِيَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- كَانَ يَأْتِي بِالْآيَةِ وَتَنْقَضِي بِمَوْتِهِ، فَقَلَّ لِذَلِكَ مَنْ يَتْبَعُهُ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِكَوْنِ مُعْجِزَتِهِ الْكُبْرَى بَاقِيَةً بَعْدَهُ، فَيُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَسْمَعُ الْقُرْآنَ عَلَى مَمَرِّ الْأَزْمَانِ، وَلِهَذَا قَالَ: فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا صُدِّقَ نَبِيُّ مَا صُدِّقْتُ، إِنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ لَا يُصَدِّقُهُ مِنْ أمّته إلا الرجل الواحد" 4. رواه مسلم.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2781" في كتاب صفات المنافقين، باب: رقم "1"، وأحمد "3/ 222"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 126". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3617" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 127". 3 صحيح: اخرجه البخاري "4981" في كتاب فضائل القرآن، باب: كيف نزل الوحي، ومسلم "152" في كتاب الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "7/ 129"، وأبو نعيم في "الحلية" "15112". 4 صحيح: أخرجه مسلم "196/ 332" في كتاب الإيمان، باب: رقم "85"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 130".

وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} 1 قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ جملةً واحدةً إلى سماء الدُّنْيَا، وَكَانَ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، فَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى ينزله عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْضَهُ فِي إِثْرِ بَعْضٍ. قَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} 2.

_ 1 سورة القدر: 2. 2 سورة الفرقان: 32. والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 131".

باب: آخر سورة نزلت

بَابُ: آخِرِ سُورَةٍ نُزِّلَتْ قَالَ أَبُو الْعُمَيْسِ، عن عبد المجيد ين سُهَيْلٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: تَعْلَمُ آخِرَ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ نَزَلَتْ جَمِيعًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} 1 قَالَ: صَدَقْتَ2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ، إِذَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَذَاكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ، قَالَ ذَلِكَ لِعُمَرَ فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مِثْلَ مَا تَعْلَمُ يابن عَبَّاسٍ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ: آخِرُ سُورَةٍ نزلت براءة، وآخر آية نزلت "يستفتونك"4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمِ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: آخِرُ آية أنزلها الله آية الرّبا5.

_ 1 سورة النصر: 1. 2 صحيح: أخرجه مسلم "3024" في كتاب التفسير، باب: رقم "1". 3 صحيح: أخرجه البخاري "4970" في كتاب التفسير، باب: قوله {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} ، والبيهفي في "الدلائل" "5/ 446"، "7/ 134، 135". 4 صحيح: أخرجه البخاري "4654" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، ومسلم "1618" في كتاب الفرائض، باب: آخر آية أنزلت آية الكلالة، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 136". 5 صحيح: أخرجه البخاري "4544" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} ، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 138".

وقال الحسين بن واقد، عن زيد النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: آخِرُ شَيْءٍ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} 1. وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَتَادة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: آخِرُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرِّبَا، فَدَعُوا الرِّبَا وَالرِّيبَةَ2. صَحِيحٌ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيٍّ قَالَ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} 3. فَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّا مِنْهُمْ أَخْبَرَ بِمُقْتَضَى مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ النَّحْوِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ قَالَا: نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ بِالْمَدِينَةِ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} ، والبقرة، وآل عمران، والأنفال، والمائدة، والممتحنة، والنّساء، {إِذَا زُلْزِلَتِ} ، والحديد، ومحمد، والرّعد، والرحمن، {هَلْ أَتَى} ، والطّلاق، ولم يكن، والحشر، و {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} ، وَالنُّورُ، وَالْحَجُّ، وَالْمُنَافِقُونَ، وَالْمُجَادَلَةُ، وَالْحُجُرَاتُ، وَالتَّحْرِيمُ، وَالصَّفُّ، وَالْجُمُعَةُ، وَالتَّغَابُنُ، وَالْفَتْحُ، وَبَرَاءَةٌ، قالا: ونزل بمكة، فذكرا ما بقي من سور القرآن4.

_ 1 سورة البقرة: 281". والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 137". 2 أخرجه أحمد "1/ 36، 50" والبيهقي في "الدلائل" "7/ 138". 3 سورة التوبة: 129. والخبر أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 138-139". 4 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 142-143".

باب: في النسخ والمحور من الصدور

باب: في النسخ والمحور من الصدور ... بَابٌ: فِي النَّسْخِ وَالْمَحْوِ مِنَ الصُّدُورِ وَقَالَ أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً نُشَبِّهُهَا فِي الطُّولِ وَالشِّدَّةِ بِبَرَاءَةٍ، فَأُنْسِيتُهَا، غَيْرَ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْهَا: لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ. وَكُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً نُشَبِّهُهَا بِإِحْدَى الْمُسَبِّحَاتِ فَأُنْسِيتُهَا، غَيْرَ أنّي حفظت منها: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} 1، فَتُكْتَبُ شَهَادَةً فِي أَعْنَاقِكُمْ، فَتُسْأَلُونَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَغَيْرُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، أَنَّ رَهْطًا مِنَ الْأَنْصَارِ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرُوهُ، أَنَّ رَجُلًا قَامَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يُرِيدُ أَنْ يَفْتَتِحَ سُورَةً كَانَتْ قَدْ وَعَاهَا. فَلَمْ يَقْدِرْ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ إِلَّا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فَأَتَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَصْبَحَ لِيَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَسَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مَا جَمَعَهُمْ؟ فَأَخْبَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِشَأْنِ تِلْكَ السُّورَةِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُمْ، وَسَأَلُوهُ عَنِ السُّورَةِ، فَسَكَتَ سَاعَةً لَا يُرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: "نُسِخَتِ الْبَارِحَةَ"، فَنُسِخَتْ مِنْ صُدُورِهِمْ، وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ كَانَتْ فِيهِ3. رَوَاهُ عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ فِيهِ: وَابْنُ الْمُسَيِّبِ جَالِسٌ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ. نَسْخُ هَذِهِ السُّورَةِ وَمَحْوُهَا مِنْ صُدُورِهِمْ مِنْ بَرَاهِينِ النُّبُوَّةِ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ.

_ 1 سورة الصف: 2. 2 صحيح: أخرجه مسلم "1050" في كتاب الزكاة، باب: لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثًا. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 157".

ذكر صفة النبي -صلى الله عليه وسلم: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحسن الناس وجهًا: وأحسنه خَلْقًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الذَّاهِبِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ1. اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: نا أَبُو نُعَيْمٍ، نا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قال رجل لبراء: أَكَانَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَالَ: "لَا، مِثْلَ الْقَمَرِ"2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بن سمرة، قال له رجل: أكان

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3549" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2337/ 93" في كتاب الفضائل، باب: فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3552" في المصدر السابق.

وجه النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ السَّيْفِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مُسْتَدِيرًا1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْمُحَارِبِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي لَيْلَةٍ إِضْحِيَانَ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَإِلَى الْقَمَرِ، فَلَهُوَ كَانَ أَحْسَنَ فِي عَيْنِي مِنَ الْقَمَرِ2. وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ ابن شهاب، أخبرني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا أَنْ سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يَبْرُقُ وَجْهُهُ، وَكَانَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ3، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهَا يَوْمًا مَسْرُورًا وَأَسَارِيرُ وَجْهِهِ تَبْرُقُ، وَذَكَرَ الحديث4. متّفق عليه. وقال يعقوب الفسوي: حدثنا سعيد، حدثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورَ الْعَبْدِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ هَمْدَانَ سَمَّاهَا قَالَتْ: حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَأَيْتُهُ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةَ، بِيَدِهِ مِحْجَنٌ، فَقُلْتُ لَهَا: شَبِّهِيهِ، قَالَتْ: كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مثله5. وقال يعقوب بن محمد الزّهريّ: حدثنا عبد الله بن موسى التّيميّ، حدثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: قُلْنَا لِلرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ: صِفِي لَنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: لَوْ رَأَيْتِهِ لقلت، الشمس طالعة6.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2344/ 109" في كتاب الفضائل، باب: شيبه -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "1/ 195، 196". 2 ضعيف: أخرجه الترمذي "2820" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في الرخصة في لبس الحمرة للرجال، وفي "الشمائل" له "10"، والدارمي "57"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 196"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "532": ضعيف. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3556" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3555" في المصدر السابق، ومسلم "1459" في كتاب الرضاع، باب: العمل بإلحاق القائف الولد. 5 إسناده ضعيف: أبو إسحاق مدلس، وقد عنعنه، ويونس بن أبي يعفور ضعيف الحفظ كما في "التقريب" "7920". 6 إسناده ضعيف: أخرجه الدارمي "60" وقال شيخنا أبو محمد خالد بن عبد الرحمن في تحقيقه لسنن الدارمي: إسناده ضعيف، أبو عبيد مقبول، وأسامة صدوق يهم وابن موسى صدوق كثير الخطأ.

وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ أَنَسًا وَهُوَ يَصِفُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ، ليس بأبيض أمهق1، ولا آدم بِجَعْدٍ2 قَطَطٍ3، وَلَا بِالسَّبْطِ4، بُعِثَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً، وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ5، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْمَرَ اللَّوْنِ6. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ7. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: أنا حُمَيْدٌ، سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبْيَضَ، بَيَاضُهُ إِلَى السُّمْرَةِ8. وَقَالَ سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ: كُنْتُ أَنَا وَأَبُو الطُّفَيْلِ نَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرِي، قُلْتُ: صِفْهُ لِي، قَالَ: كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحًا مُقَصَّدًا9. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَلَفْظُهُ: كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحَ الْوَجْهِ. وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى اله عليه وسلم قَدْ شَابَ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يُشْبِهُهُ10. متّفق عليه.

_ 1 الأمهق: الأبيض الكريه البياض. 2 الجعد: من الشعر المتلوي. 3 القطط: شديد الجعودة. 4 السبط: المسترسل. 5 صحيح: أخرجه البخاري "3547" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2347" في كتاب الفضائل، باب: فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 6 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 203". 7 صحيح: وقد تقدم في "الدلائل" "1/ 204". 8 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 204". 9 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 10 صحيح: أخرجه البخاري في "3543" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2343" في كتاب الفضائل، باب: شيبه -صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَزْهَرَ اللَّوْنِ1. رَوَاهُ عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُشْرَبًا وَجْهُهُ حُمْرَةً2. رَوَاهُ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ نَافِعٍ مِثْلَهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن إدريس وغيره: أنبأنا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ، أَنْظُرُ إِلَى سَاقِهِ كَأَنَّهَا جُمَّارَةٌ3. وقال ابن عيينة: أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ مُزَاحِمِ بْنِ أَبِي مُزَاحِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، عَنْ مُحَرِّشٍ الْكَعْبِيِّ قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْجِعْرَانَةِ لَيْلًا، فَنَظَرْتُ إِلَى ظَهْرِهِ كأنّه سبيكة فضّة4. وقال يعقوب الفسويّ: أنبأنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَصِفُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ شَدِيدَ الْبَيَاضِ5. وَقَالَ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مِشْيَتِهِ مِنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَأَنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى لَهُ، إِنَّا لَنَجْتَهِدُ، وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مكترث6. رواه ابن لهيعة، عن أبي يونس.

_ 1 تقدم. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 206". 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي "1/ 207" وابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. 4 أخرجه أحمد "3/ 426". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 208"، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 468": إسناده حسن. 6 ضعيف: أخرجه الترمذي "3668" في كتاب المناقب، باب: فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي "الشمائل" "122"، وأحمد "2/ 350-380"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 209"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "750": ضعيف.

وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كان النّبيّ ضَلِيعَ الْفَمِ، أَشْكَلَ الْعَيْنَيْنِ، مَنْهُوسَ الْكَعْبَيْنِ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ: أَشْهَلَ الْعَيْنَيْنِ، مَنْهُوسَ الْعَقِبِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الشَّكْلَةُ: كَهَيْئَةِ الْحُمْرَةِ، تَكُونُ فِي بَيَاضِ الْعَيْنِ، وَالشَّهْلَةُ: حُمْرَةٌ فِي سَوَادِ الْعَيْنِ. قُلْتُ: وَمَنْهُوسُ الْكَعْبِ: قَلِيلُ لَحْمِ الْعَقِبِ. كَذَا فَسَّرَهُ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ لِشُعْبَةَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة: أنبأنا عَبَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كُنْتُ إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ قُلْتُ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ، وَلَيْسَ بِأَكْحَلَ، وَكَانَ فِي سَاقَيْهِ حُمُوشَةٌ، وَكَانَ لا يَضْحَكُ إِلَّا تَبَسُّمًا2. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ، أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ، مُشْرَبَ الْعَيْنِ بِحُمْرَةٍ، كَثَّ اللِّحْيَةِ3. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ: انْعَتْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ أَبْيَضَ مُشْرَبًا بَيَاضُهُ حُمْرَةً، وَكَانَ أَسْوَدَ الْحَدَقَةِ، أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ4. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَصِفُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ مُفَاضَ الْجبينِ، أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ، أَسْوَدَ اللِّحْيَةِ، حَسَنَ الثَّغْرِ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، يطأ بقدميه جميعًا، ليس له أخمص5.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2339" في كتاب الفضائل، باب: في صفة فم النبي -صلى الله عليه وسلم- والترمذي "3666" في المصدر السابق، وفي "الشمائل" "9"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 210، 211". 2 ضعيف: أخرجه الترمذي "3665" في المصدر السابق، وفي "الشمائل" له "225"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "749": ضعيف. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 212": دون قوله "كث اللحية" فأخرجه "1/ 217". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 212-213". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 214" بعضه.

وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ الزُّهْرِيُّ: أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْلَجَ1 الثَّنِيَّتَيْنِ، إِذَا تَكَلَّمَ رُؤِيَ كَالنُّورِ بَيْنَ ثَنَايَاهُ2. عَبْدُ الْعَزِيزِ مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَخْمَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، طَوِيلَ الْمَسْرُبَةِ3. رَوَى مِثْلَهُ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الملك بن عمير، عن نافع بن جبير بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَلَفْظُهُ: كَانَ ضَخْمَ الْهَامَةِ، عَظِيمَ اللِّحْيَةِ4. قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: أنبأنا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ خَالِدٍ التَّمِيمِيُّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَازِنٍ الرَّاسِبِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَلِيٍّ: انْعَتْ لَنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كَانَ أَبْيَضَ مُشْرَبًا حُمْرَةً، ضَخْمَ الْهَامَةِ، أَغَرَّ أَبْلَجَ أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ5. وقال جرير بن حازم: حدثنا قَتَادَةُ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ لَا سَبْطَ وَلَا جَعْدَ بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ6. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَضْرِبُ منكبيه7 "خ".

_ 1 الفلج: التباعد بين الأسنان. 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 215" وعبد العزيز هو ابن عمران الزهري، متروك كما في "الميزان" "5119". 3 قوله شثن: أي غليظ. والكراديس، رءوس العظام: والمسربة: الشعر من أعلى الصدر إلى أسفل العانة. 4 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 216" وشريك في حفظه ضعف. 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 216-217" وقوله: أغر: الغرة بياض في جبهة الفرس، والمراد به الحسن، وقوله: أبلج: مشرق الوجه. وأهدب الأشفار طويل شعر الأجفان. 6 صحيح: أخرجه البخاري "5905" في كتاب اللباس، باب: الجعد، ومسلم "2338/ 94" في كتاب الفضائل، باب: صفة شعر النبي -صلى الله عليه وسلم. 7 صحيح: أخرجه البخاري "5903" في المصدر السابق.

وَقَالَ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، كَانَ إِلَى أَنْصَافِ أذنيه1."م". قُلْتُ: وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ2."د"3 في "السّنن". وقال شعبة: أنا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرْبُوعًا، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، يَبْلُغُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ، عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أحسن منه4. متّفق عليه. وأخرجه "خ" مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ، وَلَفْظُهُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، أَحْسَنَ مِنْهُ، وَإِنَّ جُمَّتَهُ تَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ5. وأخرجه "م" من حديث الثّوريّ، ولفظه: له شَعْرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ، وَفِيهِ: لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ6. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: وَصَفَ لَنَا عَلِيٌّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ رَجِلَهُ7. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ شَعْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوْقَ الْوَفْرَةِ، وَدُونَ الْجُمَّةِ8. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وإسناده حسن.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2338/ 96" في المصدر السابق. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4185" في كتاب الترجل، باب: ما جاء في الشعر، والترمذي في "الشمائل" "29" وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 3 رمز لأبي داود. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3551" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2337/ 91" في كتاب الفضائل، باب: فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والبيهقي في "الدلائل" "1/ 240". 5 صحيح: أخرجه البخاري "5901" في كتاب اللباس، باب: الجعد. 6 صحيح: أخرجه مسلم "2337/ 92" في المصدر السابق. 7 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "223". 8 حسن: أخرجه أبو داود "4187" في كتاب الترجل، باب: ما جاء في الشعر، والترمذي، "1761" في كتاب اللباس، باب: ما جاء في الجمة واتخاذ الشعر، وفي "الشمائل" له "25"، وابن ماجه "3635" في كتاب اللباس، باب: اتخاذ الجمة، وأحمد "6/ 108، 118"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 224"، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2930" حسن.

وقال ابن عيينة، عن ابن أبي نجي، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ قَدْمَةً، وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ، تَعْنِي ضَفَائِرَ1. لَمْ يُدْرِكْ مُجَاهِدٌ أُمَّ هَانِئٍ. وَقِيلَ: سَمِعَ مِنْهَا، وَذَلِكَ ممكن. وقال إبراهيم بن سعد: أنبأنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ. وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يُسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُفَرِّقُونَ رُءُوسَهُمْ، فَسَدَلَ ناصيته ثم فرّق بعد2. خ م. وَقَالَ رَبِيعَةُ الرَّأْيِ: رَأَيْتُ شَعْرًا مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإذا هُوَ أَحْمَرُ، فَسَأَلْتُ فَقِيلَ: مِنَ الطِّيبِ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: سَأَلْتُ أَنَسًا: أَخَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: لَمْ يَرَ مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا قَلِيلًا4. أَخْرَجَاهُ، وَلَهُ طُرُقٌ فِي الصَّحِيحِ بِمَعْنَاهُ عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يختصب، إِنَّمَا كَانَ شَمِطَ5 عِنْدَ الْعَنْفَقَةِ6 يَسِيرًا، وَفِي الصُّدْغَيْنِ يَسِيرًا، وَفِي الرَّأْسِ يَسِيرًا7. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

_ 1 صحيح: أخرجه أبو داود "4191" في كتاب الترجل، باب: في الرجل يعقص شعره، والترمذي "1788" في كتاب اللباس، باب: دُخُولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ، وفي "الشمائل" "28، 31"، وابن ماجه "3631" في المصدر السابق، وأحمد "6/ 341، 425"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 224"، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 662": رجاله ثقات. وقال في نفس المصدر "10/ 372": سنده حسن. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2926": صحيح. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3558" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومسلم "2336" في كتاب الفضائل، باب: في سدل النبي -صلى الله عليه وسلم- شعره، وفرقه. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3547" في المصدر السابق وأخرج مسلم "2347" أصل الحديث دون هذه الزيادة. 4 صحيح: أخرجه البخاري "5894" في كتاب اللباس، باب: ما يذكر في الشيب، ومسلم "2341/ 102" في كتاب الفضائل، باب: شيبه -صلى الله عليه وسلم. 5 شمط: مختلط سواد الشعر ببياضه. 6 العنفقة: الشعر أسفل الشفة السفلى. 7 صحيح: أخرجه مسلم "2341/ 104" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 232".

وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذِهِ مِنْهُ بَيْضَاءُ، وَوَضَعَ زُهَيْرٌ بَعْضَ أَصَابِعِهِ عَلَى عَنْفَقَتِهِ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وأخرجه مسلم2 من حديث إسرائيل. وقال: "خ": أنبأنا عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، نا حَرِيزِ بْنُ عُثْمَانَ، قلت لعبد الله بن بشر: أَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْخًا؟ قَالَ: كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ3. وَقَالَ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَذَكَرَ شَمْطَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يُرَ، وإذا لم يدهن تبين4. أخرجه "م". وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَإِذَا ادَّهَنَ وَمَشَّطَهُ لَمْ يَسْتَبِنْ5. أَخْرَجَهُ "م". وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ: عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا مِنْ شِعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ مَصْبُوغٌ بِالْحِنَّاءِ، وَالْكَتَمِ6. صَحِيحٌ أخرجه "خ" وَلَمْ يَقُلْ "بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ" مِنْ حَدِيثِ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ عُثْمَانَ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهِبٍ قَالَ: كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ جُلْجُلٌ7 مِنْ فِضَّةٍ ضَخْمٌ، فِيهِ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ إِذَا أَصَابَ إِنْسَانًا الْحُمَّى، بَعَثَ إِلَيْهَا فخضخضته8 فيه، ثم ينضحه الرَّجُلُ عَلَى وَجْهِهِ، قَالَ: بَعَثَنِي أَهْلِي إِلَيْهَا

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3545" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2342" في المصدر السابق، وأبو نعيم في "الحلية" "5941" والبيهقي في "الدلائل" "1/ 233". 2 كذا في المطبوعة، ولعله أراد البخاري، فقد أخرجه من الطريق المذكور دون مسلم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3546" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 232، 234". 4 صحيح: أخرجه مسلم "2344/ 108" في المصدر السابق. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2344/ 109" في المصدر السابق. 6 صحيح: أخرجه البخاري "5897" في كتاب اللباس، باب: ما يذكر في الشيب، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 236". 7 الجلجل: الجرس الصغير. 8 خضخضته: حركته.

فَأَخْرَجَتْهُ، فَإِذَا هُوَ هَكَذَا وَأَشَارَ إِسْرَائِيلُ بِثَلَاثِ أصابع وكان فيه شعرات حمر1. "خ". محمد بن أبان المستملي: حدثنا بشر بن السّريّ، حدثنا أَبَانٌ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ شَهِدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنْحَرِ، هُوَ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَسَمَ ضَحَايَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَلَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ هُوَ وَصَاحِبُهُ، فَحَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ، وَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ. وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ، فَأَعْطَاهُ صَاحِبَهُ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَمَخْضُوبٌ عِنْدَنَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، يَعْنِي: الشَّعَرَ2. هَذَا خَبَرٌ مُرْسَلٌ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر قَالَ: كَانَ شَيْبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ شَعْرَةً3، رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْهُ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ برقان: حدثنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عقيل قَالَ: قَدِمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْمَدِينَةَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالٍ عَلَيْهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: سَلْهُ هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ شَعْرًا مِنْ شَعْرِهِ قَدْ لُوِّنَ؟ فَقَالَ أَنَسٌ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- كَانَ قَدْ مُتِّعَ بِالسَّوَادِ، وَلَوْ عَدَدْتُ مَا أَقْبَلَ عَلَيَّ مِنْ شَيْبِهِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، مَا كُنْتُ أَزِيدُهُنَّ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ شَيْبَةً، وَإِنَّمَا هَذَا الَّذِي لُوِّنَ مِنَ الطِّيبِ الَّذِي كَانَ يُطَيَّبُ بِهِ شَعْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الَّذِي غَيَّرَ لَوْنَهُ4. وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ، وَلَهُ شَعْرٌ قَدْ علاه الشّيب، وشيبه أحمر مخضوب بالحنّاء5.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "5896" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل": "1/ 235-236". 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "5/ 441". 3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "3630" في كتاب اللباس، باب: من ترك الخضاب، وقال البوصيري في "الزوائد": هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2925". صحيح. 4 أخرحه البيهقي في "الدلائل" "1/ 239". 5 أخرجه أبو داود "4206" في كتاب الترجل، باب: في الخضاب، والترمذي "2821" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في الثوب الأخضر، وفي "الشمائل"، والنسائي "3/ 185" في كتاب العيدين، باب: الزينة للخطبة للعيدين، وأحمد "2/ 227-228"، و"4/ 163"، وأبو نعيم في "الحلية" "13022"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 237".

وقال أبو نعيم: أنبأنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَالَ لِي: هَلْ تَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: إِنَّ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاقْشَعْرَرْتُ حِينَ قَالَ ذَلِكَ، وَكُنْتُ أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا لَا يُشْبِهُ النَّاسَ، فَإِذَا هُوَ بَشَرٌ ذُو وَفْرَةٍ بِهَا رَدْعٌ1 مِنْ حِنَّاءٍ، وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ2. وَقَالَ عمرو بن محمد العنقزي: أنبأنا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ3، وَيُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْوَرْسِ والزّعفران4. وقال النّضر بن شميل: أنبأنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَأَنَّمَا صِيغَ مِنْ فِضَّةٍ، رَجِلَ الشَّعْرِ، مُفَاضَ الْبَطْنِ5، عظيم مشاش6 المنكبين، يطأ بقدميه جَمِيعًا، إِذَا أَقْبَلَ أَقْبَلَ جَمِيعًا، وَإِذَا أَدْبَرَ أَدْبَرَ جَمِيعًا7. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَخْمَ الْيَدَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَفِي لَفْظٍ: كَانَ ضَخْمَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، سَائِلَ العرق8. أخرج البخاريّ بعضه.

_ 1 الردع: الصبغ. 2 أخرجه أحمد "2/ 227-228" من طريق آخر عن عبيد الله بن إياد. 3 النعال السبتية: نوع من النعال لا شعر لها. 4 صحيح: أخرجه أبو داود "4210" في كتاب الترجل، باب: ما جاء في خضاب الصفرة، والنسائي "8/ 186" في كتاب الزينة، تصفير اللحية، وأبو نعيم في "الحلية" "9021"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 238"، وأشار الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" "1/ 120" إلى أنه صحيح. وكذلك صححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 5 مفاض البطن: مستوى البطن مع الصدر. 6 المشاش: العظم لا مخ فيه. 7 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 241". 8 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 242" وأخرجه البخاري "5907" في كتاب اللباس، باب: الجعد، دون قوله "سائل العرق".

وقال معمر وغيره، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ1. وَقَالَ أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ -أَوْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، شَكَّ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِيهِ- عَنْ أَبِي هِلَالٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-2 كَانَ ضَخْمَ الْقَدَمَيْنِ والكفيّن، لم أَرَ بَعْدَهُ شَبِيهًا بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا، وَهُمَا صَحِيحَانِ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَلِيعَ الْفَمِ، أَشْكَلَ الْعَيْنَيْنِ، مَنْهُوسَ الْعَقِبَيْنِ. قُلْتُ لِسِمَاكٍ: مَا ضَلِيعُ الْفَمِ؟ قَالَ: عَظِيمُ الْفَمِ، قُلْتُ: مَا أَشْكَلُ الْعَيْنَيْنِ؟ قَالَ: طَوِيلُ شِقِّ الْعَيْنِ، قُلْتُ: مَا مَنْهُوسُ الْعَقِبِ؟ قَالَ: قَلِيلُ لَحْمِ الْعَقِبِ3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ يَزِيدُ بن هارون: أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مِقْسَمِ بْنِ ضَبَّةَ: حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي سَارَةٌ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرْدَمٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ، وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ، وَأَنَا مَعَ أَبِي، وَبِيَدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- درّة كدرّة الكباث4، فَدَنَا مِنْهُ أَبِي، فَأَخَذَ بِقَدَمِهِ، فَأَقَرَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالت: فَمَا نَسِيتُ طُولَ إِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ عَلَى سَائِرِ أَصَابِعِهِ5. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ: أنبأنا حَرْبُ بْنُ سُرَيْجٍ الْخَلْقَانِيُّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَلْعَدَوِيَّةِ، حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا رَجُلٌ حَسَنُ الْجِسْمِ، عَظِيمُ الْجَبْهَةِ، دَقِيقُ الْأَنْفِ، دَقِيقُ الْحَاجِبَيْنِ، وَإِذَا مِنْ لَدُنْ نَحْرِهِ إِلَى سُرَّتِهِ كَالْخَيْطِ الْمَمْدُودِ شَعْرُهُ، وَرَأَيْتُهُ بَيْنَ طِمْرَيْنِ6. فَدَنَا مِنِّي فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَيْكَ"7. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ، وقاله شريك،

_ 1 تقدم. 2 علقه البخاري "5911-5912" في المصدر السابق. 3 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 4 في المصدر الآتي "الكتاب". 5 أخرجه أحمد "6/ 366". 6 الطمر: الثوب البالي. 7 إسناده ضعيف: للجهالة فيه.

عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَاللَّفْظُ لِشَرِيكٍ قَالَ: وَصَفَ لَنَا عَلِيٌّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ لَا قَصِيرَ وَلَا طَوِيلَ وَكَانَ يَتَكَفَّأُ فِي مِشْيَتِهِ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ وَلَفْظُ الْمَسْعُودِيُّ: كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ1. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْبَطْحَاءِ، وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهِمَا وُجُوهَهُمْ، فَأَخَذْتُ يَدَهُ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ انْعَتْ لَنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ لَا قَصِيرَ وَلَا طَوِيلَ، وَهُوَ إِلَى الطُّولِ أَقْرَبُ، وَكَانَ شَثْنَ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ، فِي صَدْرِهِ مَسْرُبَةٌ، كَأَنَّ عَرَقَهُ لُؤْلُؤٌ، إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صُعُدٍ3. وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا مَسَسْتُ بِيَدِي دِيبَاجًا وَلا حَرِيرًا، وَلَا شَيْئًا أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا شَمَمْتُ رَائِحَةً قَطُّ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ ثَابِتٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَ مثله وَزَادَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَزْهَرَ اللَّوْنِ، كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ، إذا مشى تكفأ5. أخرجه مسلم.

_ 1 صحيح: أخرجه الترمذي "3657" في كتاب المناقب، باب: ما جاء فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي "الشمائل" "5، 6، 124"، وأحمد "1/ 134" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3553" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم. 3 تقدم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3561" في المصدر السابق، ومسلم "2330/ 81" في كتاب الفضائل، باب: طيب رائحة النبي -صلى الله عليه وسلم- والبيهقي في "الدلائل" "1/ 254". 5 صحيح: أخرجه مسلم "2330/ 82" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 255".

وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو بمنى فقلت: ناولني يدك، فناولينها، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ1. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ عِنْدَنَا، فَعَرِقَ وَجَاءَتْ أُمِّي بِقَارُورَةٍ، فَجَعَلَتْ تُسْلِتُ الْعَرَقَ، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ"؟ قَالَتْ: هَذَا عَرَقٌ نَجْعَلُهُ لِطِيبِنَا، وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ: وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَثِيرَ الْعَرَقِ3. رواه مسلم.

_ 1 أخرجه أحمد "4/ 161". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2331/ 83" في كتاب الفضائل، باب: طيب عرق النبي -صلى الله عليه وسلم. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2332/ 85" في المصدر السابق، وأحمد "3/ 146، 239، 287"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 2587".

ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم

ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم ... فَأَخْرَجَتْهُ، فَإِذَا هُوَ هَكَذَا وَأَشَارَ إِسْرَائِيلُ بِثَلَاثِ أصابع وكان فيه شعرات حمر1. "خ". محمد بن أبان المستملي: حدثنا بشر بن السّريّ، حدثنا أَبَانٌ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ شَهِدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنْحَرِ، هُوَ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَسَمَ ضَحَايَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَلَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ هُوَ وَصَاحِبُهُ، فَحَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأْسَهُ فِي ثَوْبِهِ، وَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ. وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ، فَأَعْطَاهُ صَاحِبَهُ، قَالَ: فَإِنَّهُ لَمَخْضُوبٌ عِنْدَنَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، يَعْنِي: الشَّعَرَ2. هَذَا خَبَرٌ مُرْسَلٌ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر قَالَ: كَانَ شَيْبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ شَعْرَةً3، رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْهُ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ برقان: حدثنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عقيل قَالَ: قَدِمَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْمَدِينَةَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالٍ عَلَيْهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: سَلْهُ هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ شَعْرًا مِنْ شَعْرِهِ قَدْ لُوِّنَ؟ فَقَالَ أَنَسٌ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- كَانَ قَدْ مُتِّعَ بِالسَّوَادِ، وَلَوْ عَدَدْتُ مَا أَقْبَلَ عَلَيَّ مِنْ شَيْبِهِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، مَا كُنْتُ أَزِيدُهُنَّ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ شَيْبَةً، وَإِنَّمَا هَذَا الَّذِي لُوِّنَ مِنَ الطِّيبِ الَّذِي كَانَ يُطَيَّبُ بِهِ شَعْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الَّذِي غَيَّرَ لَوْنَهُ4. وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ، وَلَهُ شَعْرٌ قَدْ علاه الشّيب، وشيبه أحمر مخضوب بالحنّاء5.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "5896" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل": "1/ 235-236". 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "5/ 441". 3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "3630" في كتاب اللباس، باب: من ترك الخضاب، وقال البوصيري في "الزوائد": هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2925". صحيح. 4 أخرحه البيهقي في "الدلائل" "1/ 239". 5 أخرجه أبو داود "4206" في كتاب الترجل، باب: في الخضاب، والترمذي "2821" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في الثوب الأخضر، وفي "الشمائل"، والنسائي=

خاتم النبوة

خاتم النّبوّة: قال حاتم بن إسماعيل: أنبأنا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وُضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلِ زِرِّ الْحَجَلَةِ1. أَخْرَجَاهُ، وَوَهِمَ من قال: زر الْحَجَلَةِ، وَهُوَ بَيْضُهَا. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجْهُهُ مُسْتَدِيرًا مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَرَأَيْتُ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ، يُشْبِهُ جَسَدَهُ2. أَخْرَجَهُ مسلم. وقال حمّاد بن زيد وغيره: أخبرنا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسٍ قَالَ: دُرْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عِنْدَ نُغْضِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى. جُمْعًا، عَلَيْهِ خِيلَانٌ كَأَمْثَالِ الثَّآلِيلِ3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَطْوَلَ مِنْ هَذَا. وقال أبو داود الطيّالسيّ: حدثنا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرِنِي الْخَاتَمَ: قَالَ: "أَدْخِلْ يَدَكَ"، فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي جِرِبَّانِهِ4، فَجَعَلْتُ أَلْمِسُ أَنْظُرُ إِلَى الْخَاتَمِ، فَإِذَا هو على نغض

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3541" في كتاب المناقب، باب: خاتم النبوة، ومسلم "2345" في كتاب الفضائل، باب: إثبات خاتم النبوة. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2344/ 109" في كتاب الفضائل، باب: شيبه -صلى الله عليه وسلم، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 195-196". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2346/ 112" في كتاب الفضائل، باب: إثبات خاتم النبوة، وأحمد "5/ 82-83"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 263". وقوله "نغض كتفه: أعلاه. وخيلان: جمع خال، وهو الشامة. والثآليل. جمع ثؤلول، وهي حبيبات تعلو الجسد. 4 الجربان: ما يحيط بالرقبة من الثوب.

كَتِفِهِ مِثْلُ الْبَيْضَةِ، فَمَا مَنَعَهُ ذَاكَ أَنْ جَعَلَ يَدْعُو لِي، وَإِنَّ يَدِي لَفِي جِرِبَّانِهِ1. رواه يحيى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، لَكِنْ قَالَ: "مِثْلُ السِّلْعَةِ"2. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى مِثْلِ السِّلْعَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِّي لَأُطِبُّ الرِّجَالَ، أَفَأُعَالِجُهَا لَكَ؟ قَالَ: "لَا طيّبها الَّذِي خَلَقَهَا". رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، وَقَالَ: "مِثْلُ التُّفَّاحَةِ"3. وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَقَالَ مسلم بن إبراهيم: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ، ثنا عَتَّابٍ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: الْخَاتَمُ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَحْمَةٌ نَابِتَةٌ4. وقال قيس بن حفص الدّارميّ: حدثنا مسلمة بن علقمة، حدثنا داود بن أبي هند، عن سماك بن حَرْبٍ، عَنْ سَلَامَةَ الْعِجْلِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَلْقَى إِلَيَّ رِدَاءَهُ وَقَالَ: انْظُرْ إِلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامِ5. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: حدثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ قَالَ: لَقِيتُ التَّنُوخِيَّ رَسُولَ هِرَقْلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحِمْصٍ، وَكَانَ جَارًا لِي شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ بَلَغَ الْفَنَدَ6 أَوْ قَرِيبًا، فَقُلْتُ: أَلَا تُخْبِرُنِي؟ قَالَ: بَلَى، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبُوكَ، فَانْطَلَقْتُ بِكِتَابِ هِرَقْلَ، حَتَّى جِئْتُ تَبُوكَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ مُحْتَبٍ عَلَى الْمَاءِ، فَقَالَ: "يَا أَخَا تَنُوخٍ"، فَأَقْبَلْتُ أَهْوِي حَتَّى قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَحَلَّ حَبْوَتَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، ثمّ قال: "ههنا امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ" فَجُلْتُ فِي ظَهْرِهِ، فَإِذَا أَنَا بِخَاتَمٍ فِي مَوْضِعِ غُضْرُوفِ الْكَتِفِ مثل المحجمة الضّخمة7.

_ 1 أخرجه أحمد "3/ 434-435"، "5/ 35". 2 السلعة: زيادة في الجسم كالغدة. 3 أخرجه أحمد "2/ 266، 288" بنحوه. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 265" ولفظه "لحمة ناتئة". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 266". 6 الفند: ضعف العقل. 7 أخرجه البيقهي في "الدلائل" "1/ 266".

باب: جامع من صفاته صلى الله عليه وسلم

بَابٌ: جَامِعٌ مِنْ صِفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال عيسى بن يونس: حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى عَفْرَةَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ وَلَدِ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِذَا نَعَتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْمُمَغَّطِ وَلَا الْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ، كَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبْطِ، كَانَ جَعْدًا رَجِلًا، وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُطَهَّمِ وَلَا الْمُكَلْثَمِ، وَكَانَ فِي وَجْهِهِ تَدْوِيرٌ، أَبْيَضُ مُشْرَبًا حُمْرَةً، أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ، أَهْدَبُ الْأَشْفَارِ، جَلِيلُ الْمُشَاشِ وَالْكَتِفِ -أَوْ قَالَ الْكَتَدِ- أَجْرَدُ ذَا مَسْرُبَةٍ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ مَعًا، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، أَجْوَدُ النَّاسِ كَفًّا وَأَجْرَأُ النَّاسِ صَدْرًا، وَأَصْدَقُهُمْ لَهْجَةً، وَأَوْفَاهُمْ بِذِمَّةٍ، وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً، وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً، مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ، وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ، يَقُولُ نَاعِتُهُ: لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "الْغَرِيبِ": حَدَّثَنِيهِ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى عُفْرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ إذ نَعَتَ، فَذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْمُمَغَّطِ: يَقُولُ لَيْسَ بِالْبَائِنِ الطُّولِ. وَلَا الْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ: يَعْنِي الَّذِي تَرَدَّدَ خَلْقُهُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَهُوَ مُجْتَمِعٌ لَيْسَ بِسَبَطِ الْخَلْقِ، يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ رَبْعَةٌ. وَالْمُطَهَّمُ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: التَّامُّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ، فَهُوَ بَارِعُ الْجَمَالِ. وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُكَلْثَمُ: الْمُدَوَّرُ الْوَجْهِ، يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ مَسْنُونٌ. وَالدَّعَجُ: شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ. وَالْجَلِيلُ الْمُشَاشِ: الْعَظِيمُ رُءُوسِ الْعِظَامِ مِثْلَ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ. وَالْكَتَدُ: الْكَاهِلُ وَمَا يَلِيهِ مِنَ الْجَسَدِ. وَشَثْنُ الْكَفَّيْنِ: يَعْنِي أَنَّهَا إلى الغلظ.

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 269-270".

وَالصَّبَبُ: الِانْحِدَارُ. وَالْقَطَطُ: مِثْلُ شَعْرِ الْحَبَشَةِ. وَالْأَزْهَرُ: الَّذِي يُخَالِطُ بَيَاضَهُ شَيْءٌ مِنَ الْحُمْرَةِ. وَالْأَمْهَقُ: الشَّدِيدُ الْبَيَاضِ. وَشَبْحُ الذِّرَاعَيْنِ: يَعْنِي عَبْلَ الذِّرَاعَيْنِ عَرِيضَهُمَا. وَالْمَسْرُبَةُ: الشَّعْرُ الْمُسْتَدَقُّ مَا بَيْنَ اللُّبَّةِ إلى السّرّة. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: التَّقَلُّعُ. الْمَشْيُ بِقُوَّةٍ. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَلِيًّا، عَنْ نَعْتِ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: كان أَبْيَضَ مُشْرَبًا حُمْرَةً، أَدْعَجَ، سَبِطَ الشَّعْرِ، ذَا وَفْرَةٍ، دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ، كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ، مِنْ لَبَّتِهِ إِلَى سُرَّتِهِ شَعْرٌ، يَجْرِي كَالْقَضِيبِ، لَيْسَ فِي بَطْنِهِ وَلَا صَدْرِهِ شَعْرٌ غَيْرُهُ، شَثْنُ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ، إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَدِرُ مِنْ صَبَبٍ، وَإِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَتَقَلَّعُ مِنْ صَخْرٍ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا، كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ، وَلَرِيحُ عَرَقِهِ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ، وَلَا بِالْعَاجِزِ وَلَا اللَّئِيمِ، لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ1. قَالَ البيهقيّ: أنبأنا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذَبَارِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَوْذَبٍ، أنا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّرِيفِينِيُّ عَنْهُ، وَقَالَ حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْآدَمِ، وَلَا الْأَبْيَضِ الشَّدِيدِ الْبَيَاضِ، فَوْقَ الرَّبْعَةِ وَدُونَ الطَّوِيلِ، كَانَ مِنْ أَحْسَنِ مَنْ رَأَيْتُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَطْيَبِهِ رِيحًا وَأَلْيَنِهِ كَفًّا، كَانَ يُرْسِلُ شَعْرَهُ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ، وَكَانَ يَتَوَكَّأُ إِذَا مَشَى2. وَقَالَ مَعْمَرُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ صِفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ صِفَةً وَأَجْمَلَهَا، كَانَ رَبْعَةً إِلَى الطُّولِ مَا هُوَ، بَعِيدَ ما بين

_ 1 تقدم. 2 صحيح: وقد تقدم تخريجه.

الْمَنْكِبَيْنِ، أَسِيلَ الْخَدَّيْنِ، شَدِيدَ سَوَادِ الشَّعْرِ، أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ، أَهْدَبَ، إِذَا وَطِئَ بِقَدَمِهِ وَطِئَ بِكُلِّهَا، لَيْسَ أَخْمَصَ، إِذَا وَضَعَ رِدَاءَهُ عَنْ مَنْكِبِهِ فَكَأَنَّهُ سَبِيكَةُ فِضَّةٍ، وَإِذَا ضَحِكَ يَتَلَأْلَأُ، لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ1. رَوَاهُ عَبْدُ الرزاق عنه.

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 273-273".

حديث أم معبد في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم

حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقَالَ أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْكَعْبِيُّ الْخُزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي عَمِّي أَيُّوبُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ الَّذِي قُتِلَ بِالْبَطْحَاءِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهُوَ أَخُو عَاتِكَةَ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج مِنْ مَكَّةَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَمَوْلًى لِأَبِي بِكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَدَلِيلُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأُريقط اللَّيْثِيُّ، فَمَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ، وَكَانَتْ بَرْزَةً1 جَلْدَةً2 تَحْتَبِي بِفِنَاءِ الْقُبَّةِ، ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ، فَسَأَلُوهَا تَمْرًا وَلَحْمًا يَشْتَرُونَهُ مِنْهَا، فَلَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا، وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُسْنِتِينَ3، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى شَاةٍ فِي كِسْرِ الْخَيْمَةِ، فَقَالَ: "مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ"؟ قَالَتْ: شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: "هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ"؟ قَالَتْ: هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "أَتَأْذَنِينَ أَنْ أَحْلُبَهَا"؟ قَالَتْ: نَعَمْ بِأَبِي وَأُمِّي، إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلُبْهَا، فَدَعَا بِهَا، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا، وَسَمَّى اللَّهَ، وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِهَا، فَتَفَاجَّتْ4 عَلَيْهِ، وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ، وَدَعَا بِإِنَاءٍ يُرْبِضُ الرَّهْطَ، فَحَلَبَ ثَجًّا5 حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رُوِيَتْ، ثُمَّ سَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا، ثُمَّ شَرِبَ آخِرُهُمْ. ثُمَّ حَلَبَ ثَانِيًا بَعْدَ بَدْءٍ، حَتَّى مَلَأَ الْإِنَاءَ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا وَبَايَعَهَا، وَارْتَحَلُوا عَنْهَا. فَقَلَّمَا لَبِثَتْ، حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ، يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزَالًا مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا يَا أمّ معبد؟

_ 1 برزة: عفيفة. 2 جلدة: شديدة. 3 أي نفد زادهم. 4 تفاجت: فتحت بين رجليها. 5 ثجًّا: منصبًا.

وَالشَّاءُ عَازِبٌ حِيَالٌ، وَلَا حَلُوبَ فِي الْبَيْتِ؟ قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: صِفِيهِ لِي. قَالَتْ: رَجُلٌ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ، أَبْلَجُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الْخَلْقِ، لَمْ تُعِبْهُ ثَجْلَةٌ، لَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةُ، وَسِيمٌ قَسِيمٌ، فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ، وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ، وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَافَةٌ، أَزَجُّ أَقْرَنُ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَا وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ، أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَأَحْسَنُهُ وَأَحْلَاهُ مِنْ قَرِيبٍ، حُلْوُ الْمَنْطِقِ، فَصْلٌ لَا نَزْرٌ وَلَا هَذَرٌ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَتَحَدَّرْنَ، رَبْعَةٌ لَا يَائُسٌ مِنْ طُولٍ، وَلَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ، فَهُوَ أَنْظَرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ، لَا عَابِسٌ وَلَا مُفَنَّدٌ. قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ: فَهَذَا وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ، الَّذِي ذكر لنا من أمره، ولقد هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ، وَلَأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا. وَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالٍ، يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ، وَلَا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ، وَهُوَ يَقُولُ: جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين قَالَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلَاهَا بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ ... فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ، فَيَالَ قُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ ... بِهِ مِنْ فِعَالٍ لَا يُجَارَى وَسُؤْدُدِ لِيَهْنِ بني كعب مكان فتاتهم ... مقعدها لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا ... فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ ... عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةِ الشَّاةِ مُزْبِد فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ ... يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ شَبَّبَ يُجَاوِبُ الْهَاتِفَ، فَقَالَ: لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ ... وَقُدِّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيَغْتَدِي تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ ... وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلَالَةِ رَبُّهُمْ ... وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يُرْشَدِ وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلَّالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا ... عَمَايَتُهُمْ هَادٍ بِهِ كُلَّ مُهْتَدِي

وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبٍ ... رِكَابُ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعَدِ نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ ... وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ ... فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ لِيَهْنِ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ ... بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ1 قَوْلُهُ: "إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ" يُرِيدُ أَنَّهُ يَمِيدُ فِي مِشْيَتِهِ، وَيَمْشِي فِي رِفْقٍ غَيْرَ مُخْتَالٍ. وَقَوْلُهُ: "فَخْمًا مُفَخَّمًا" قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْفَخَامَةُ فِي الْوَجْهِ نُبْلُهُ وَامْتِلَاؤُهُ، مَعَ الْجَمَالِ وَالْمَهَابَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا مُعَظَّمًا فِي الصُّدُورِ وَالْعُيُونِ، وَلَمْ يَكُنْ خَلْقُهُ فِي جِسْمِهِ ضخمًا. و"أقنى الْعِرْنَيْنِ": مُرْتَفِعُ الْأَنْفِ قَلِيلًا مَعَ تَحَدُّبٍ، وَهُوَ قريب من الشّمم. و"الشنب": ماء ورقة في الثّغر. و"الفلج": تباعد ما بين الأسنان. و"الدمية": الصُّورَةُ الْمُصَوَّرَةُ. وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أُمِّ مَعْبَدٍ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فَقَالَ: أنا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنِ مَطَرٍ، حدثنا أبو جعفر بن موسى بن عيسى الحلواني، حدثنا مكرم بن محرز بن مهديّ، حدثنا أبي، عن حزام بن هشام. فذكره نَحْوَهُ. وَرَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ الْحَكَمِ الْخُزَاعِيُّ بِقُدَيْدٍ، إِمْلَاءً عَلَى أَبِي عَمْرِو بْنِ مَطَرٍ، قَالَ: حدثنا عَمِّي سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ. وَسَمِعَهُ ابْنُ مَطَرٍ بِقُدَيْدٍ أَيْضًا، مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ. وَرَوَاهُ عَنْ مُكْرَمِ بْنِ مُحْرِزٍ الْخُزَاعِيِّ وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ، مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنُ خزيمة، وجماعة آخرهم القطيعيّ.

_ 1 أخرجه البيقهي في "الدلائل" "1/ 277-280".

قَالَ الْحَاكِمُ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ الصَّالِحَ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُكْرَمُ بْنُ مُحْرِزٍ عَنْ آبَائِهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ لَهُ: سَمِعْتُهُ مِنْ مُكْرِمٍ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ، حج أبي بي، وأنا ابن سبع سنين، فأدخلني على مكرم1. ورواه البيهقي أيضا في اجتياز النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ، مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ مُكْرِمٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَيْسِيِّ، قالا: حدثنا أَبُو أَحْمَدَ بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ السُّكَّرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ وَهْبٍ الْمَذْحِجِيُّ، ثنا الْحُرُّ بْنُ الصَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا خَرَجَ هُوَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَدَلِيلُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطَ اللَّيْثِيُّ كَذَا قَالَ: اللَّيْثِيُّ، وَهُوَ الدِّيلِيُّ مَرُّوا بِخَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَقَوْلُهُمَا ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ: أَيْ ظَاهِرُ الْجَمَالِ. وَمُرْمِلِينَ: أَيْ قَدْ نَفَدَ زَادُهُمْ. وَمُسْنِتِينَ: أَيْ دَاخِلِينَ فِي السَّنَةِ وَالْجَدْبِ. وَكِسْرُ الْخَيْمَةِ: جَانِبُهَا. وَتَفَاجَّتْ: فَتَحَتْ مَا بين رجليها. وبربض الرَّهْطَ: يَرْوِيهِمْ حَتَّى يُثْقِلُوا فَيَرْبِضُوا، وَالرَّهْطُ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ. وَالثَّجُّ: السَّيْلُ. وَالْبَهَاءُ: وَبِيضُ رَغْوَةِ اللَّبَنِ، فَشَرِبُوا حَتَّى أَرَاضُوا، أَيْ رَوَوْا. كَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ. وَتَسَاوَكْنَ: تَمَايَلْنَ مِنَ الضَّعْفِ، وَيُرْوَى: تَشَارَكْنَ، أَيْ عَمَّهُنَّ الْهُزَالُ. وَالشَّاءُ عَازِبٌ: بَعِيدٌ فِي الْمَرْعَى. وَأَبْلَجُ الْوَجْهِ: مُشْرِقُ الْوَجْهِ مُضِيئُهُ. وَالثَّجْلَةُ: عِظَمُ الْبَطْنِ مَعَ اسْتِرْخَاءِ أَسْفَلِهِ. وَالصَّعْلَةُ: صِغَرُ الرَّأْسِ، وَيُرْوَى صَقْلَةٌ وَهِيَ الدِّقَّةُ وَالضَّمْرَةُ، وَالصَّقْلُ: مُنْقَطِعُ الْأَضْلَاعِ مِنَ الخاصرة.

_ 1 أخرجه الحاكم في "مستدركه" "4276"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 281".

وَالْوَسِيمُ: الْمَشْهُورُ بِالْحُسْنِ، كَأَنَّهُ صَارَ الْحُسْنُ لَهُ سِمَةً. وَالْقَسِيمُ: الْحَسَنُ قِسْمَةِ الْوَجْهِ. وَالْوَطْفُ: الطُّولُ. وَالصَّحْلُ: شِبْهُ الْبَحَّةِ. وَالسَّطْعُ: طُولُ الْعُنُقِ. لَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ: أَيْ لَا تَزْدَرِيهِ لِقِصَرِهِ فَتُجَاوِزُهُ إِلَى غَيْرِهِ، بَلْ تَهَابُهُ وَتَقْبَلُهُ. وَالْمَحْفُودُ: الْمَخْدُومُ. وَالْمَحْشُودُ: الَّذِي يَجْتَمِعُ النَّاسُ حَوْلَهُ. وَالْمُفَنَّدُ: الْمَنْسُوبُ إِلَى الْجَهْلِ وَقِلَّةِ الْعَقْلِ. وَالضَّرَّةُ: أَصْلُ الضَّرْعِ. وَمُزْبِدُ خُفِضَ عَلَى الْمُجَاوَرَةِ. وَقَوْلُهُ: "فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لَحِالِبٍ". أَيْ خَلَّفَ الشَّاةَ عِنْدَهَا مُرْتَهِنَةً بِأَنْ تَدُرَّ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ وكيع بن الجرّاح: حدثنا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ الْعِجْلِيُّ إِمْلَاءً، ثنا رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ زَوْجِ خَدِيجَةَ، يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنٍ لِأَبِي هَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ وَكَانَ وَصَّافًا عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخْمًا مُفَخَّمًا، يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ، أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، رَجِلَ الشَّعْرِ، إِذَا انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُهُ فَرَقَ، وَإِلَّا فَلَا يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إِذَا هُوَ وَفَّرَهُ، أَزْهَرُ اللَّوْنِ، وَاسِعُ الْجَبِينِ. أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ: سَوَابِغُ فِي غَيْرِ قَرَنٍ، بَيْنَهُمَا عِرْقُ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ. أَقْنَى الْعِرْنَيْنِ، لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ يَحْسِبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، سَهْلُ الْخَدَّيْنِ، ضَلِيعُ الْفَمِ، أَشْنَبُ مُفَلَّجُ الْأَسْنَانِ، دَقِيقُ الْمَسْرُبَةِ، كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صفاء الفضّة.

مُعْتَدِلُ الْخَلْقِ، بَادِنٌ، مُتَمَاسِكٌ، سَوَاءُ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ، عَرِيضُ الصَّدْرِ، بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ، أَنْوَرُ الْمُتَجَرَّدِ، مَوْصُولُ مَا بَيْنَ اللُّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ يَجْرِي كَالْخَطِّ، عَارِي الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ، أَشْعَرُ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَأَعَالِي الصَّدْرِ، طَوِيلُ الزَّنْدَيْنِ، رَحْبُ الرَّاحَةِ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، سَائِلُ -أَوْ سَائِرُ- الْأَطْرَافِ، خُمْصَانُ الْأَخْمَصَيْنِ، مَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ، يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ، إِذَا زَالَ قَلْعًا، يَخْطُو تَكَفِّيًا، وَيَمْشِي هَوْنًا، ذَرِيعُ الْمِشْيَةِ، إذا مشى كأنّما ينحطّ من صبب، وإذا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا، خَافِضُ الطَّرْفِ، نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلَاحَظَةُ، يَسُوقُ أَصْحَابَهُ، وَيَبْدُرُ مَنْ لَقِيَهُ بالسلام. قَالَ: قُلْتُ: صِفْ لِي مَنْطِقَهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ، طَوِيلَ السَّكْتِ، لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، يَفْتَتِحُ الْكَلَامَ، بِأَشْدَاقِهِ، وَيَخْتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَصْلٌ لَا فُضُولَ وَلَا تَقْصِيرَ، دَمِثٌ لَيْسَ بالجافي ولا المهين، يعظّم بالنّعمة وَإِنْ دَقَّتْ، لَا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَذُمُّ ذَوَاقًا وَلَا يَمْدَحُهُ، وَلَا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا وَمَا كَانَ لَهَا، فَإِذَا تعدّى الحقّ، لم يعرفه أَحَدٌ، وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ، وَلَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَنْتَصِرُ لَهَا، إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا، وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا، يَضْرِبُ بِرَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَاطِنَ رَاحَتِهِ الْيُسْرَى، وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وأشاح، وإذا فرح غضّ طرفه، جلّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ، وَيَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ. قَالَ الْحَسَنُ: فَكَتَمْتُهَا الْحُسَيْنَ زَمَانًا، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ، يَعْنِي إِلَى هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ، فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، وَوَجَدْتُهُ قَدْ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مُدْخَلِهِ وَمُخْرَجِهِ وَشَكْلِهِ، فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ الْحُسَيْنُ: فَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءًا لِلَّهِ، وَجُزْءًا لِأَهْلِهِ، وَجُزْءًا لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَزَّأَ جُزْأَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَرَدَّ ذَلِكَ بِالْخَاصَّةِ عَلَى الْعَامَّةِ، وَلَا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الْأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ، وَقَسْمُهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ، فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ، فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ وَيَشْغَلُهُمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ وَالْأُمَّةَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ عَنْهُمْ، وَإِخْبَارُهُمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ، يَقُولُ: "لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ،

وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا، ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، وَلَا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلَّا ذَلِكَ وَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِهِ، يَدْخُلُونَ رُوَّادًا، وَلَا يَفْتَرِقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةً، يَعْنِي عَلَى الْخَيْرِ. فَسَأَلْتُهُ عَنْ مُخْرَجِهِ، كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ قال: كان يخزن لِسَانَهُ إِلَّا مِمَّا يَعْنِيهِ، وَيُؤَلِّفُهُمْ وَلَا يُنفّرهم، ويُكرم كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ، وَيَحْذَرُ النَّاسَ وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِي عَنْ أَحَدٍ بِشْرَهُ وَلَا خُلُقَهُ، وَيَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ، وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُقَوِّيهِ، وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوَهِّيهِ، مُعْتَدِلُ الْأَمْرِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، لا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا أَوْ يَمَلُّوا، لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ، لَا يُقَصِّرُ عَنِ الْحَقِّ، وَلَا يُجَاوِزُهُ، الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النّاس خيارهم، وأفضلم عِنْدَهُ أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً، وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً. فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَقُومُ وَلَا يَجْلِسُ إِلَّا عَلَى ذكر، ولا بوطن الْأَمَاكِنَ وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا، وَإِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ وَيَأْمُرُ بذلك، يعطي كُلَّ جُلَسَائِهِ نَصِيبَهُ، وَلَا يَحْسِبُ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْهُ، مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ لِحَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصَرِفَ، وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلَّا بِهَا، أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ، قَدْ وَسِعَ النَّاسَ منه بسطه وخلفه، فَصَارَ لَهُمْ أَبًا، وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً، مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ، لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ، وَلَا تُؤَبَّنُ فِيهِ الحرم، ولا تثنى فَلَتَاتُهُ، مُتَعَادِلِينَ يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى، مُتَوَاضِعِينَ يُوَقِّرُونَ فِيهِ الْكَبِيرَ، وَيَرْحَمُونَ فِيهِ الصَّغِيرَ، وَيُؤْثِرُونَ ذَا الْحَاجَةِ، وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ1. أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ أَكْثَرَهُ مُقَطَّعًا فِي "كِتَابِ الشَّمَائِلِ". وَرَوَاهُ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ. وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أبي الخصيب، عن عمرو بن

_ 1 ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 285-292"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 204-206" وبعضه عند الترمذي في "الشمائل" "8، 224، 335، 350"، وقال: الألباني في "مختصر الشمائل" "6": ضعيف جدًّا. قلت: سفيان بن وكيع ضعيف الحديث جدًّا.

محمد العنقزيّ، حدثنا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ الْعِجْلِيِّ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيِّ مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ. وَفِيهِ زَائِدٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ: فسألته عَنْ سِيرَتِهِ فِي جُلَسَائِهِ فَقَالَ: كَانَ دَائِمَ الْبِشْرِ، سَهْلَ الْخُلُقِ، لَيِّنَ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ، وَلَا فَحَّاشٍ، وَلَا عَيَّابٍ، وَلَا مَزَّاحٍ، يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يَشْتَهِيهِ، وَلَا يُؤْيَسُ مِنْهُ، وَلَا يُحَبَّبُ فِيهِ، قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ: مِنَ الْمِرَاءِ، وَالْإِكْثَارِ، وَمَا لَا يَعْنِيهِ، وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلَاثٍ: كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدًا وَلَا يُعَيِّرُهُ، وَلَا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ، إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ، كَأَنَّمَا عَلَى رءوسهم الطّير، فإذا سكت تكلّموا، ولا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَ، مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ، وَكَانَ يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ، وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ ومسألته، حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول: "إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فارفدوه"، وَلَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا عَنْ مُكَافِئٍ، وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ. فسألته: وكيف كَانَ سُكُوتُهُ؟ قَالَ: عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِلْمِ، وَالْحَذَرِ، وَالتَّدَبُّرِ، وَالتَّفَكُّرِ، فَأَمَّا تَدَبُّرُهُ، فَفِي تَسْوِيَةِ النَّظَرِ وَالِاسْتِمَاعِ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا تَفَكُّرُهُ فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى، وَجُمِعَ الْحِلْمُ فِي الصَّبْرِ، فَكَانَ لَا يُغْضِبُهُ شَيْءٌ وَلَا يَسْتَفِزُّهُ. وَجُمِعَ لَهُ الحذر في أربع: أخذه بِالْخَيْرِ لِيُقْتَدَى بِهِ، وَتَرْكِهِ الْقَبِيحَ لِيُنْتَهَى عَنْهُ، وَاجْتِهَادِهِ الرَّأْيَ فِيمَا يُصْلِحُ أُمَّتَهُ وَالْقِيَامِ بِهِمْ، وَالْقِيَامِ فِيمَا جَمَعَ لَهُمْ أَمْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَرَوَاهُ بِطُولِهِ كُلِّهِ يعقوب الفسويّ: حدثنا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمَصْرِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِمَكَّةَ، عَنِ ابْنٍ لِأَبِي هَالَةَ، فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ النَّهْدِيِّ: قَرَأْتُ2 عَلَى أَبِي الْهُدَى عِيسَى بْنِ يَحْيَى السَّبْتِيِّ، أَخْبَرَكُمْ عَبْدُ الرحيم بن يوسف

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: جميع بن عمر العجلي ضعيف جدًّا كما في "الميزان" "1550". 2 قائل "قرأت" هو المصنف، فإن عيسى البستي في طبقة شيوخ المصنف لا شيوخ أبي غسان النهدي، وتأتي ترجمته "6213".

الدِّمَشْقِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أنا أَبُو سَعْدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الفانيدي، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ السَّمْنَانِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَسَدِيُّ، قالوا: أنا أبو عليّ الحسن بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّاجِرُ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْعَلَوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَخِي أبي طاهر، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عليّ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحسين قال: قال الحسن بْنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ، عَنْ حِلْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ وَصَّافًا، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهُ شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ، فَقَالَ: كَانَ فَخْمًا مُفَخَّمًا1. فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ جُمَيْعِ بْنِ عُمَرَ بِطُولِهِ، إِلَّا فِي أَلْفَاظٍ: فَقَالَ فِي "عَرِيضِ الصَّدْرِ" "فَسِيحِ الصَّدْرِ"، وَقَالَ "رَحْبَ الْجَبْهَةِ" بَدَلَ "رَحْبِ الرَّاحَةِ"، وَقَالَ "يَبْدَأُ" بَدَلَ "يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَهُ بِالسَّلَامِ"، وَقَالَ "طَوِيلَ السُّكُوتِ" بَدَلَ "السَّكْتِ"، وَقَالَ "لَمْ يكن ذواقًا ولا مدحة" بَدَلَ "لَا يَذُمُّ ذَوَاقًا وَلَا يَمْدَحُهُ" وَأَشْيَاءَ سِوَى هَذَا بِالْمَعْنَى. قَوْلُهُ مُتَمَاسِكٌ: أَيْ مُمْتَلِئُ الْبَدَنِ غَيْرُ مُسْتَرْخٍ وَلَا رَهْلٍ، وَالْمُتَجَرِّدُ: الْمُتَعَرِّي، واللّبة: النّخر، وَالسَّائِرُ وَالسَّائِلُ: هُوَ الطَّوِيلُ السَّابِغُ، وَالْأَخْمَصُ: مَا يُلْصَقُ مِنَ الْقَدَمِ بِالْأَرْضِ، وَالْمَمْسُوحُ: الْأَمْلَسُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شُقُوقٌ، وَلَا وَسَخٌ، وَلَا تَكَسُّرٌ، فَالْمَاءُ يَنْبُو عَنْهُمَا لِذَلِكَ إِذَا أَصَابَهُمَا، وَقَوْلُهُ: زَالَ قَلْعًا، الْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ رَفْعًا بِقُوَّةٍ لَا كَمَنْ يَمْشِي اخْتِيَالًا وَيَشْحَطُ مَدَاسَهُ دَلْكًا بِالْأَرْضِ، وَيُرْوَى: زَالَ قَلْعًا. وَمَعْنَاهُ التَّثَبُّتُ، وَالذَّرِيعُ: السَّرِيعُ، يَسُوقُ أَصْحَابَهُ: أَيْ يُقَدِّمُهُمْ أَمَامَهُ، وَالْجَافِي: الْمُتَكَبِّرُ، وَالْمَهِينُ: الْوَضِيعُ، وَالذَّوَاقُ: الطَّعَامُ، وَأَشَاحَ: أَيِ اجْتَنَبَ ذَاكَ وَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَحَبُّ الْغَمَامِ: الْبَرَدُ، وَالشَّكْلُ: النَّحْوُ وَالْمَذْهَبُ، وَالْعَتَادُ: مَا يُعَدُّ لِلْأَمْرِ مِثْلَ السِّلَاحِ وَغَيْرِهِ، وقوله لا توءبّن فِيهِ الْحُرَمُ: أَيْ لَا تُذْكَرُ بِقَبِيحٍ، وَلَا تثنى فَلَتَاتُهُ: أَيْ لَا تُذَاعُ، أَيْ لَمْ يَكُنْ لِمَجْلِسِهِ فَلَتَاتٌ فَتُذَاعَ، وَالنَّثَا فِي الْكَلَامِ: الْقَبِيحُ والحسن.

_ 1 إسناده ضعيف: علي بن جعفر فيه جهالة كما في "الميزان" "5799".

وَقَدْ مَرَّ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَإِذَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ، يَعْنِي نَفْسَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا1. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ قُرَيْشًا أَتَوْا كَاهِنَةً فَقَالُوا لَهَا: أَخْبِرِينَا بِأَقْرَبِنَا شَبَهًا بِصَاحِبِ هَذَا الْمَقَامِ، قَالَتْ: إِنْ جَرَرْتُمْ كِسَاءً عَلَى هَذِهِ السَّهْلَةِ، ثُمَّ مَشَيْتُمْ عَلَيْهَا أَنْبَأَتْكُمْ، فَفَعَلُوا، فَأَبْصَرَتْ أَثَرَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: هَذَا أَقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِهِ، فَمَكَثُوا بَعْدَ ذَلِكَ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ بُعِثَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ2. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: صَلَّى بِنَا أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- الْعَصْرَ، ثُمَّ خَرَجَ هُوَ وَعَلِيٌّ يَمْشِيَانِ، فَرَأَى الْحَسَنَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَحَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ ... لَيْسَ شَبِيهًا بِعَلِيِّ وَعَلِيٌّ يَتَبَسَّمُ3. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: الْحَسَنُ أَشْبَهُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرأس، والحسين أَشْبَهُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا كان أسفل من ذلك4.

_ 1 تقدم. 2 إسناده ضعيف: رواية سماك عن عكرمة ضعيفة كما في "التقريب" "2624". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3750" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الحسن والحسين -رضي الله عنهما- ولفظه "وعلي يضحك". 4 ضعيف: أخرجه الترمذي "3804" في كتاب المناقب، باب: مناقب الحسن والحسين -رضي الله عنهما- والبيهقي في "الدلائل" "1/ 307"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "789": ضعيف.

باب: قوله تعالى وإنك لعلى خلق عظيم

بَابُ: قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} 1 قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا" 2. وَقَالَ "خ م": مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَمْرَيْنِ، إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِذَا كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا3. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ، لَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ ينتهك من محارم الله، فينتقم لله4. م. وَقَالَ أَنَسٌ: خَدَمْتُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ سِنِينَ، فَوَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَلَا قَالَ لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ: أَلَا فَعَلْتَ كَذَا؟ 5 وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا6. أَخْرَجَهُ م. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْمَلَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ7. مُتَّفَقٌ عليه.

_ 1 سورة القلم: 4. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4682" في كتاب السنة، باب: الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، والترمذي "1165" في كتاب الرضاع، باب: ما جاء في حق المرأة على زوجها، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3560" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2327" في كتاب الفضائل، باب: مباعدته -صلى الله عليه وسلم- للآثام. 4 صحيح: أخرجه مسلم "3560/ 78" في المصدر السابق. 5 صحيح: أخرجه البخاري "6038" في كتاب الأدب، باب: حسن الخلق، ومسلم "2309" في كتاب الفضائل، باب: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحسن الناس خلقًا. 6 صحيح: أخرجه مسلم "3150" في كتاب الأدب، باب: جواز تكنية من لم يولد له. 7 صحيح: أخرجه البخاري "2908" في كتاب الجهاد، باب: الحمائل، ومسلم "2307/ 48" في كتاب الفضائل، باب: في شجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ فُلَيْحٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبَّابًا وَلَا فَاحِشًا، وَلَا لَعَّانًا، كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عَنْدَ الْمَعْتِبَةِ: مَا لَهُ تَرِبَ جبينه1. أخرجه خ. وقال الأعمش، عن شفيق، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "خِيَارُكُمْ أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا" 2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ أبو داود: حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيَّ يَقُولُ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا، وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَلَا سَخَّابًا فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ3. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ" 5. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدٌ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذًا شَدِيدًا، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِهِ قَدْ أَثَّرَتْ بها حاشية البرد، ثمّ قال: يا

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "6031" في كتاب الأدب، باب: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاحشًا ولا متفاحشًا. 2 صحيح: أخرجه البخاري "6029" في المصدر السابق، ومسلم "2321" في كتاب الفضائل، باب: كثرة حيائه -صلى الله عليه وسلم. 3 أخرجه الطيالسي في "مسنده" "1520". 4 صحيح: أخرجه البخاري "3562" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2320" في كتاب الفضائل، باب: كثرة حيائه -صلى الله عليه وسلم، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 316". 5 صحيح: أخرجه البخاري "24" في كتاب الإيمان، باب: الحياء من الإيمان، ومسلم "36" في كتاب الإيمان، باب: بيان عدد شعب الإيمان.

مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَأْمَنُهُ، وَأَنَّهُ عَقَدَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَقْدًا، فَأَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ فَصَرَعَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُ مَلَكَانِ يَعُودَانِهِ، فَأَخْبَرَاهُ أَنَّ فُلَانًا عَقَدَ لَهُ عَقْدًا، وَهِيَ فِي بِئْرِ فُلَانٍ، وَلَقَدِ اصْفَرَّ الْمَاءُ مِنْ شِدَّةِ عَقْدِهِ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَخْرَجَ الْعَقْدَ، فَوَجَدَ الْمَاءَ قَدِ اصْفَرَّ، فَحَلَّ الْعَقْدَ، وَنَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُهُ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى مَاتَ2. وَقَالَ أبو نعيم: حدثنا عِمْرَانُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو يَحْيَى الْمُلائِيُّ، حَدَّثَنِي زَيْدٌ الْعَمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا صَافَحَهُ الرَّجُلُ لَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ يَنْزِعُ، وَإِنِ اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ، لَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ يَنْصَرِفُ، وَلَمْ يُرَ مُقَدِّمًا رُكْبَتَهُ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيسٍ لَهُ3. أَخْرَجَهُمَا الْفَسَوِيُّ عَنْهُمَا فِي تَارِيخِهِ. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا الْتَقَمَ أُذُنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُنَحِّي رَأْسَهُ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يُنَحِّي رَأْسَهُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ فَتَرَكَ يَدَهُ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَدَعُ يَدَهُ4. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسْتَجْمِعًا ضَاحِكًا، حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يتبسم5، متّفق عليه.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "6088" في كتاب الأدب، باب: التبسم والضحك، ومسلم "1057" في كتاب الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم. 2 أخرجه أحمد "4/ 367". 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 320"، وزيد العمي ضعيف كما في "التقريب" "2131". 4 صحيح: أخرجه أبو داود "4794" في كتاب الأدب، باب: في حسن العشرة، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 320-321"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 5 صحيح: أخرجه البخاري "6092" في كتاب الأدب، باب: التبسم والضحك، ومسلم "16/ 899" في كتاب الاستسقاء، باب: التعوذ عند رؤية الريح والغيم.

وَقَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ كَثِيرًا، كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ خَارِجَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ نَفَرًا دَخَلُوا عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بَيْتَهُ فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ بَعْضِ أَخْلَاقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كُنْتُ جَارَهُ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ الْوَحْيُ بَعَثَ إِلَيَّ فَآتِيهِ، فَأَكْتُبُ الْوَحْيَ، وَكُنَّا إِذَا ذَكَرْنَا الدُّنْيَا ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِذَا ذَكَرْنَا الْآخِرَةَ ذَكَرَهَا مَعَنَا، وَإِذَا ذَكَرْنَا الطَّعَامَ ذَكَرَهُ مَعَنَا2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، اتَّقَيْنَا الْمُشْرِكِينَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ أَشَدَّ النَّاسِ بَأْسًا، وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْهُ3. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: لَمْ يُسْأَلِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ: "لَا"4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ5. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَسَأَلَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِغَنَمٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ: أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءَ من لا يخاف الفاقة6. أخرجه مسلم.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2322" في كتاب الفضائل، باب: تبسمه -صلى الله عليه وسلم. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 324". 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 324"، وأبو إسحاق مدلس، وقد عنعنه. 4 صحيح: أخرجه البخاري "6034" في كتاب الأدب، باب: حسن الخلق والسخاء، ومسلم "2311" في كتاب الفضائل، باب: رقم "14". 5 صحيح: أخرجه البخاري "3554" في كتاب المناقب، باب: صفة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2308" في كتاب الفضائل، باب: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس. 6 صحيح: أخرجه مسلم "2312" في كتاب الفضائل، باب: رقم "14".

وقال مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا كَانَ فِي بَيْتِهِ يَخْصِفُ نَعْلَهُ، ويخيط ثوبه، وعمل فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ1. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، قِيلَ لِعَائِشَةَ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ، يُفَلِّي ثَوْبَهُ، وَيَحْلِبُ شَاتَهُ، وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ2. وَقَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ الْأَعْوَرُ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ، سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْكَبُ الحمار، ويليس الصُّوفَ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ خَيْبَرَ عَلَى حِمَارٍ، خِطَامُهُ مِنْ لِيفٍ3. وَقَالَ مروان بن محمد الطّاطريّ: أنبأنا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ غَزِيَّةَ، عَنْ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ مَعَ صبيّ4. وفي الصحيح أنّ النّبيّ صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النّغير"5. وقال حمّاد بن سلمة: أنبأنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ: "يَا أُمَّ فلان، انظري أيّ طرق شِئْتِ قُومِي فِيهِ، حَتَّى أَقُومَ مَعَكِ"، فَخَلَا مَعَهَا يُنَاجِيهَا، حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا6. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

_ 1 أخرجه أحمد "6/ 121، 137، 260". 2 صحيح: أخرجه الترمذي في "الشمائل" "341"، وقال الألباني في "مختصر الشمائل": صحيح. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 330". 4 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 331"، وابن لهيعة ضعيف الحفظ. 5 صحيح: أخرجه البخاري "6129" في كتاب الأدب، باب: الانبساط إلى الناس، من حديث أنس -رضي الله عنه. 6 صحيح: أخرجه مسلم "2326" في كتاب الفضائل، باب: قربه -صلى الله عليه وسلم- من الناس، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 332".

باب: هيبته صلى الله عليه وسلم وجلاله وحبه وشجاعته وقوته وفصاحته

بَابُ: هَيْبَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَلَالِهِ وحبّه وشجاعته وقوّته وفصاحته قال جيري بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: إِنِّي لَأَضْرِبُ غُلَامًا لِي، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي: "اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ"، قَالَ: فَجَعَلْتُ لَا أَلْتَفِتُ إِلَيْهِ مِنَ الْغَضَبِ، حَتَّى غَشِيَنِي، فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَقَعَ السَّوْطُ مِنْ يَدِي مِنْ هَيْبَتِهِ، فَقَالَ لِي: "وَاللَّهِ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا"، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا أَضْرِبُ غُلَامًا لِي أَبَدًا1. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" 2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الله عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} 3. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ: لَا نُكَلِّمُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا كَأَخِي السِّرَارِ. وَقَالَ تَعَالَى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 4. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} 5. وَعَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "نُصرت بِالرُّعْبِ، يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيَّ مَسِيرَةَ شَهْرٍ" 6. وقال زهير بن معاوية، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عن علي

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "1659/ 34" في كتاب الإيمان، باب: صحبة المماليك. 2 صحيح: أخرجه البخاري "13" في كتاب الإيمان، باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومسلم "44" في كتاب الإيمان، باب: وجوب محبة رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3 سُورَةَ الحجرات: 2. 4 سورة النور: 63. 5 سورة التوبة: 73. 6 صحيح: أخرجه البخاري "438" في كتاب الصلاة، باب: رقم "56"، ومسلم "521/ 3" في أول كتاب المساجد، والنسائي "1/ 209-211" في كتاب الغسل، باب: التيمم بالصعيد، وأحمد "3/ 304" من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما.

-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ، وَلَقِيَ القومُ القومَ، اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْقَوْمِ مِنْهُ1، وَقَدْ ثَبُتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ، كَمَا أَتَى فِي غَزَوَاتِهِ. قَالَ زُهَيْرٌ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنْ يَوْمِ حُنَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَقِيَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُودُ بِلِجَامِهَا، فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتَنْصَرَ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ2. وَقَدْ أَتَى ذَلِكَ مُطَوَّلًا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْمَلَ الناس وجهًا، وأجودهم كفًّا، وأشجعهم قلبًا، خرج وَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَرَكِبَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيًا، ثُمَّ رَجَعَ، وَهُوَ يَقُولُ: لَنْ تُراعوا، لَنْ تُراعوا3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ حَاتِمُ بن اللّيث الجوهريّ: حدثنا حمّاد بن أبي حمزة السّكريّ، أنا عليّ بن الحسين بن واقد، حدثنا أبي، عن عبد الله بن بريد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لك أَفْصَحُنَا وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا؟ قَالَ: "كَانَتْ لُغَةُ إِسْمَاعِيلَ قَدْ دَرَسَتْ، فَجَاءَ بِهَا جِبْرِيلُ فَحَفَّظَنِيهَا". هَذَا مِنْ جُزْءِ الْغِطْرِيفِ. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَفْصَحَكَ، مَا رَأَيْتُ الَّذِي هُوَ أَعْرَبُ مِنْكَ، قَالَ: "حُقَّ لِي، وإنّما أُنزل القرآن بلسان عربيّ مبين"4.

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 324-325"، وأبو إسحاق مدلس، وقد عنعنه. 2 صحيح: أخرجه البخاري "2930" في كتاب الجهاد، باب: من صف أصحابه عند الهزيمة، ومسلم "1776/ 80" في كتاب الجهاد، باب: في غزوة حنين. 3 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 4 مرسل إسناده ضعيف: موسى بن محمد بن منكر الحديث كما في "التقريب" "7006".

وَقَالَ هُشَيْمٌ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعْطِيتُ فَوَاتِحَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ وَجَوَامِعَهُ"، قُلْنَا: عَلِّمْنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَعَلَّمَنَا التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ1.

_ 1 إسناده ضعيف: عبد الرحمن بن إسحاق قال في "التقريب" "3799": ضعيف.

باب: زهده صلى الله عليه وسلم وبذلك يوزن الزهد وبه يحد

بَابُ: زُهْدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِذَلِكَ يُوزن الزُّهْدُ وَبِهِ يُحدّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} 1. قَالَ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ: عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ إِلَى نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَعَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ الْمَلَكُ: إِنَّ اللَّهَ يُخَيِّرُكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا، وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَلَكًا نَبِيًّا، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جِبْرِيلَ كَالْمُسْتَشِيرِ لَهُ، فَأَشَارَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ تَوَاضَعْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ أَكُونَ عَبْدًا نَبِيًّا" قَالَ: فَمَا أَكَلَ بَعْدَ تِلْكَ الْكَلِمَةِ طَعَامًا مُتَّكِئًا حَتَّى لَقِيَ رَبَّهُ تَعَالَى2. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خِزَانَتِهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ، فَأَدْنَى عَلَيْهِ إِزَارَهُ وَجَلَسَ، وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِهِ، فَقَلَّبْتُ عَيْنِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا غَيْرُ قَبْضَتَيْنِ أَوْ قَالَ قَبْضَةً مِنْ شَعِيرٍ، وَقَبْضَةً مِنْ قُرْظٍ، نَحْوَ الصَّاعَيْنِ، وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ أَوْ أَفِيقَانِ، قَالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يبكيك يابن الْخَطَّابِ"؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لِيَ لَا أَبْكِي وَأَنْتَ صَفْوَةُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَخِيرَتُهُ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ! وَكِسْرَى وَقَيْصَرُ فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ، وَأَنْتَ هَكَذَا، فَقَالَ: "يَابْنَ الْخَطَّابِ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا"؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "فَاحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى" 3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. قَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْد اللَّهِ بْن عَبْد الله بْن أَبِي ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ فِي البيت شيئًا يردّ البصر إلاّ

_ 1 سورة طه: 131. 2 إسناده ضعيف: وبقية مدلس، وقد عنعنه. 3 صحيح: أخرجه مسلم "1479/ 30" في كتاب الطلاق، باب: في الإيلاء.

أُهُبٌ ثَلَاثَةٌ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ، فَقَدْ وَسَّعَ عَلَى فَارِسٍ وَالرُّومِ، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَاسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ: "أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا". فَقُلْتُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَكَانَ أَقْسَمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى نِسَائِهِ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حَتَّى عَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى1. اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ. قَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُعَدَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ، أَخْبَرَكُمُ الْعَلَّامَةُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، أَنَّ شَهْدَةَ بِنْتَ أَبِي نَصْرٍ أَخْبَرَتْهُمْ، أنا أَبُو غَالِبٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، أنا أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ، أنا أَبُو سهل بن زياد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ مَرْمُولٍ بِشَرِيطٍ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ مِرْفَقَةٌ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَاعْوَجَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعْوِجَاجَةً، فَرَأَى عُمَرُ أَثَرَ الشَّرِيطِ فِي جَنْبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَكَى، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يُبْكِيكَ"؟ فَقَالَ: كِسْرَى وَقَيْصَرُ يَعِيثَانِ فِيمَا يَعِيثَانِ فِيهِ، وَأَنْتَ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ! فَقَالَ: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ"؟ قَالَ: بلى، فقال: "فهو الله كَذَلِكَ". إِسْنَادُهُ حَسَنٌ2. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: اضْطَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا لي وللدنيا، إنّما أَنَا وَالدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا" 3. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ قَرِيبٌ مِنَ الصِّحَّةِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَوْ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا يَسُرُّنِي أَنْ تَأْتِيَ عَلَيَّ ثَلَاثُ لَيَالٍ، وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ، إلا شيء أرصده لديني" 4. أخرجه البخاريّ.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "5191" في كتاب النكاح، باب: موعطة الرجل ابنته لحال زوجها، ومسلم "1479/ 34" في المصدر السابق. 2 قلت: الحسن مدلس، وقد عنعنه، ومبارك بن فضالة مثله مدلس، وقد عنعنه. 3 صحيح بنحوه: أخرجه الترمذي "2384" في كتاب الزهد، باب: رقم "44"، وابن ماجه "4109" في كتاب الزهد، باب: مثل الدنيا، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه". 4 صحيح: أخرجه البخاري "6445" في كتاب الرقاق، باب: رقم "14"، والبيهقي في الدلائل "1/ 338".

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "اللهم اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ بُرٍّ حَتَّى تُوُفِّيَ2. أخرجه مسلم. وقال الثّوريّ: حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّا نُخْرِجُ الْكُرَاعَ3 بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَنَأْكُلُهُ، فَقُلْتُ: وَلِمَ تَفْعَلُونَ؟ فَضَحِكَتْ وَقَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ خُبْزٍ مَأْدُومٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: كُنَّا يَمُرُّ بِنَا الْهِلَالُ وَالْهِلَالُ، وَالْهِلَالُ، مَا نُوقِدُ بِنَارٍ لِطَعَامٍ، إِلَّا أَنَّهُ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَّا أَنَّ حَوْلَنَا أَهْلَ دُورٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَيَبْعَثُونَ بِغَزِيرَةِ الشَّاءِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ذلك اللّبن5. متّفق عليه. وقال همّام: حدثنا قَتَادَةُ: كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَخَبَّازُهُ قَائِمٌ، فَقَالَ: كُلُوا، فَمَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى رغيفًا مرفقًا، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ، وَلَا رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قَطُّ6. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا أَكَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى خُوَانٍ، وَلَا فِي سُكُرُّجَةٍ وَلَا خُبِزَ له مرقّق، فَقُلْتُ لِأَنَسٍ: عَلَامَ كَانُوا يَأْكُلُونَ؟ قَالَ: عَلَى السّفر7. أخرجه البخاريّ.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "6460" في كتاب الرقاق، باب: كيف كان عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ومسلم "1055" في كتاب الزكاة، باب: في الكفاف والقناعة. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2970" في أول كتاب الزهد، وأحمد "6/ 42". 3 الكراع: مستدق الساق العاري من اللحم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "5423" في كتاب الأطعمة، باب: ما كان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام، وأحمد "6/ 128". 5 صحيح: أخرجه البخاري "6458" في كتاب الرقاق، باب: كيف كان عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ومسلم "2972" في أول كتاب الزهد. 6 صحيح: أخرجه البخاري "6457" في المصدر السابق. 7 صحيح: أخرجه البخاري "5386" في كتاب الأطعمة، باب: الخبز المرقق.

وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرحمن بن يزيد يُحَدِّثُ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، حَتَّى قُبِضَ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخُبْزِ شَعِيرٍ، وَإِهَالَةٍ2 سَنِخَةٍ3. وَلَقَدْ رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، فَأَخَذَ لِأَهْلِهِ شَعِيرًا، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ ذَاتَ يَوْمٍ يَقُولُ: مَا أَمْسَى عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ صَاعُ تَمْرٍ وَلَا صَاعُ حَبٍّ، وَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ أَبْيَاتٍ4. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ فِرَاشُ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ أَدَمٍ حَشْوُهُ لِيفٌ5. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. أَخْبَرَنَا الْخَضِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ، كِتَابَةً، أَنَّ عَبْدَ الْمُنْعِمِ بْنَ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ كُلَيْبٍ أَجَازَ لَهُمْ، قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ بَنَانٍ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنا أَبُو عليّ الصّفّار سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَرَأَتْ فِرَاشَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- عَبَاءَةً مَثْنِيَّةً، فَانْطَلَقَتْ فَبَعَثَتْ إِلَيَّ بِفِرَاشٍ حَشْوُهُ الصُّوفُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ"? قُلْتُ: فُلَانَةٌ رَأَتْ فِرَاشَكَ، فَبَعَثَتْ إِلَيَّ بِهَذَا، فَقَالَ: "رُدِّيهِ يَا عَائِشَةُ"، قَالَتْ: فَلَمْ أَرُدَّهُ، وَأَعْجَبَنِي أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِي، حَتَّى قَالَ ذلك ثلاث مرات، قَالَتْ: فَقَالَ: "رُدِّيهِ فَوَاللَّهِ لَوْ شِئْتُ لَأَجْرَى اللَّهُ مَعِي جِبَالَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ" 6. أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "الزُّهْدِ"، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ -وَهُوَ ثِقَةٌ- عَنْ مجالد، وليس بالقويّ.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2970/ 22" في أول كتاب الزهد، والترمذي "2364" في كتاب الزهد، باب: رقم "38"، وفي "الشمائل" "142، 148". 2 الإهالة: الشحم. 3 سمنة: منتنة الريح. 4 صحيح: أخرجه البخاري "2069" في كتاب البيوع، باب: شراء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنسيئة. 5 صحيح: أخرجه البخاري "6456" في كتاب الرقاق، باب: كيف كان عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ومسلم "2082" في كتاب اللباس، باب: التواضع في اللباس. 6 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد في "الزهد" "ص20"، ومجالد ضعيف كما تقدم.

وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْكَاتِبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ. وَقَالَ زَائِدَةُ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ سَاهِمُ الْوَجْهِ، حَسِبْتُ ذَلِكَ من وجع، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لِي أَرَاكَ سَاهِمَ الْوَجْهِ؟ فَقَالَ: "مِنْ أَجْلِ الدَّنَانِيرِ السَّبْعَةِ الَّتِي أَتَتْنَا أَمْسِ، وَأَمْسَيْنَا وَلَمْ نُنْفِقْهُنَّ، فَكُنَّ فِي خَمْلِ الْفِرَاشِ" 1. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَقَالَ بَكْرِ بْنُ مُضَرَ، عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أَنَا وَعُرْوَةُ، فَقَالَتْ: لَوْ رَأَيْتُمَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضٍ لَهُ، وَكَانَتْ عِنْدِي سِتَّةُ دَنَانِيرَ أَوْ سَبَعَةٌ، فَأَمَرَنِي أَنْ أُفَرِّقَهَا، فَشَغَلَنِي وَجَعُهُ حَتَّى عَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْهَا، ثُمَّ دَعَا بِهَا فَوَضَعَهَا فِي كَفِّهِ فَقَالَ: "مَا ظَنُّ نَبِيِّ اللَّهِ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وَهَذِهِ عِنْدَهُ" 2. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ لا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ3. وَقَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ السِّيرِينِيُّ: نا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَى بِلَالٍ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ صُبَرًا4 مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا بِلَالُ"؟ فَقَالَ: تَمْرٌ أَدَّخِرُهُ، قَالَ: "وَيْحَكَ يَا بِلَالُ، أَوَمَا تَخَافُ أَنْ يَكُونَ لَكَ بُخَارٌ فِي النَّارِ، أَنْفِقْ بِلَالُ وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا"5. بَكَّارٌ ضَعِيفٌ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ أَبُو عَامِرٍ الْهَوْزَنِيُّ قَالَ: لَقِيتُ بِلَالًا مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَلَبٍ، فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي

_ 1 أخرجه أحمد "9/ 314". 2 أخرجه أحمد "6/ 104". 3 أخرجه الترمذي في "الشمائل" "190". 4 الصبرة: الكومة. 5 إسناده ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "1024" وبكار بن محمد ضعيف كما في "الميزان" "1263"، وقد أخرجه الترمذي "1025" من طريق آخر عن محمد بن سيرين.

كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا كَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَا الَّذِي كُنْتُ أَلِي ذَلِكَ مِنْهُ، مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الْإِنْسَانُ الْمُسْلِمُ، فَرَآهُ عَارِيًا يَأْمُرُنِي فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَقْرِضُ فَأَشْتَرِي الْبُرْدَةَ وَالشَّيْءَ فَأَكْسُوهُ وَأُطْعِمُهُ، حَتَّى اعْتَرَضَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: يَا بِلَالُ إِنَّ عِنْدِي سَعَةً فَلَا تَسْتَقْرِضْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مِنِّي، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا كَانَ ذات يوم، توضأت، ثمّ قمت لئؤذّن بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا الْمُشْرِكُ فِي عِصَابَةٍ مِنَ التُّجَّارِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: يَا حَبَشِيُّ، قُلْتُ يَا لَبَّيْهِ، فَتَجَهَّمَنِي، وَقَالَ قَوْلًا غَلِيظًا، فَقَالَ: أَتَدْرِي كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ؟ قُلْتُ: قَرِيبٌ. قَالَ: إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعُ لَيَالٍ، فَآخُذُكَ بِالَّذِي لِي عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَمْ أُعْطِكَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ مِنْ كَرَامَتِكَ، وَلَا مِنْ كَرَامَةِ صَاحِبِكَ، وَلَكِنْ أَعْطَيْتُكَ لِتَصِيرَ لِي عَبْدًا، فَأَرُدَّكَ تَرْعَى الْغَنَمَ، كَمَا كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَأَخَذَنِي فِي نَفْسِي مَا يَأْخُذُ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ، فَانْطَلَقْتُ ثُمَّ أَذَّنْتُ بِالصَّلَاةِ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتْمَةَ رَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إِنَّ الْمُشْرِكَ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَا تَقْضِي عَنِّي، وَلَا عِنْدِي، وَهُوَ فَاضِحِي، فَأْذَنْ لِي أَنْ آتِيَ بَعْضَ هَؤُلَاءِ الْأَحْيَاءِ الَّذِينَ قَدْ أَسْلَمُوا، حَتَّى يَرْزُقَ اللَّهُ رَسُولَهُ مَا يَقْضِي عَنِّي، فَخَرَجْتُ، حَتَّى أَتَيْتُ مَنْزِلِي، فَجَعَلْتُ سَيْفِي وَجِرَابِي وَرُمْحِي وَنَعْلِي عِنْدَ رَأْسِي، وَاسْتَقْبَلْتُ بِوَجْهِي الْأُفُقَ، فَكُلَّمَا نِمْتُ انْتَبَهْتُ، فَإِذَا رَأَيْتُ عَلَيَّ لَيْلًا نِمْتُ، حَتَّى انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ الْأَوَّلِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يَسْعَى، يَدْعُو: يَا بِلَالُ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ عَلَيْهِنَّ أَحْمَالُهُنَّ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنْتُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْشِرْ، فَقَدْ جَاءَكَ اللَّهُ بِقَضَائِكَ"، فَحَمِدْتُ اللَّهَ، قَالَ: "أَلَمْ تَمُرَّ عَلَى الرَّكَائِبِ الْمُنَاخَاتِ الْأَرْبَعِ"؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: "فَإِنَّ لَكَ رِقَابَهُنَّ وَمَا عَلَيْهِنَّ"، فَإِذَا عَلَيْهِنَّ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ أَهْدَاهُنَّ لَهُ عَظِيمُ فَدَكٍ، فَحَطَطْتُ عَنْهُنَّ، ثُمَّ عَقَلْتُهُنَّ، ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى تَأْذِينِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجْتُ إِلَى الْبَقِيعِ، فَجَعَلْتُ إِصْبَعِي فِي أُذُنِي، وَنَادَيْتُ وَقُلْتُ: مَنْ كَانَ يَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَيْنًا فَلْيَحْضُرْ، فَمَا زِلْتُ أَبِيعُ وَأَقْضِي حَتَّى لَمْ يَبْقَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَيْنٌ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى فَضَلَ عِنْدِي أُوقِيَّتَانِ، أَوْ أُوقِيَّةٌ وَنِصْفٌ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقَدْ ذَهَبَ عَامَّةُ النَّهَارِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ، فَسَلَّمْتُ

عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: "مَا فَعَلَ مَا قِبَلُكَ"؟ قُلْتُ: قَدْ قَضَى اللَّهُ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ، فَقَالَ: "فَضَلَ شَيْءٌ" ? قُلْتُ: نَعَمْ دِينَارَانِ، قَالَ: "انْظُرْ أَنْ تُرِيحَنِي مِنْهُمَا، فَلَسْتُ بِدَاخِلٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِي حَتَّى تُرِيحَنِي مِنْهُمَا". فَلَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ، فَبَاتَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَصْبَحَ، وَظَلَّ فِي الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ الثَّانِي، حَتَّى كَانَ فِي آخِرِ النَّهَارِ جَاءَ رَاكِبَانِ، فَانْطَلَقْتُ بِهِمَا، فَكَسَوْتُهُمَا وَأَطْعَمْتُهُمَا، حَتَّى إِذَا صَلَّى الْعَتْمَةَ دَعَانِي، فَقَالَ: "مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلُكَ"؟ قُلْتُ: قَدْ أَرَاحَكَ اللَّهُ مِنْهُ، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ شَفَقًا مِنْ أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ، وَعِنْدَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ، حَتَّى جَاءَ أَزْوَاجَهُ، فسلّم على امْرَأَةٍ، حَتَّى أَتَى مَبِيتَهُ1. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ تَوْبَةَ الْحَلَبِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ أَبُو داود الطّيالسيّ: حدثنا أبو هاشم الزّعفرانيّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- جَاءَتْ بِكِسْرَةِ خُبْزٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا هَذِهِ"؟ قَالَتْ: قُرْصٌ خَبَزْتُهُ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَتَيْتُكَ بِهَذِهِ الْكِسْرَةِ، فَقَالَ: "أَمَا إِنَّهُ أَوَّلُ طَعَامٍ دَخَلَ فَمَ أَبِيكِ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ" 2. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي طَلِيقٍ قَالَتْ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ بْنُ جَزْءٍ أَبُو بَحْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَشُدُّ صُلْبَهُ بِالْحَجَرِ مِنَ الْغَرَثِ3. وَقَالَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ: نا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: بَيْنَمَا عَائِشَةُ تُحَدِّثُنِي ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ بَكَتْ، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: مَا مَلَأْتُ بَطْنِي مِنْ طَعَامٍ فَشِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ إِلَّا بَكَيْتُ أَذْكُرُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْجَهْدِ4. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ خداش: حدثنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "وَاللَّهِ مَا أمسى في آل

_ 1 صحيح: أخرجه أبو داود "3055" في كتاب الخراج، باب: في الإمام يقبل هدايا المشركين، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 193". 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 193". 4 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 194" ومجالد ضعيف.

مُحَمَّدٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ، وَإِنَّهُنَّ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ"، وَاللَّهِ مَا قَالَهَا اسْتِقْلَالًا لِرِزْقِ اللَّهِ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ تَتَأَسَّى بِهِ أُمَّتُهُ1. رَوَى الْأَرْبَعَةُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ هَؤُلَاءِ. وَقَالَ أَبَانٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ فَأَجَابَهُ2. وَقَالَ أَنَسٌ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَمْرٌ، فَرَأَيْتُهُ يَأْكُلُ منه مقيعًا3 مِنَ الْجُوعِ4. وَقَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عند يهوديّ على شعير5.

_ 1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 194". 2 أخرجه أحمد "3/ 210-211". 3 الإقعاء: الجلوس على الإليتين ونصب الساقين والفخذين. 4 صحيح بنحوه: أخرجه مسلم "2044/ 148" في كتاب الأشرب، باب: استحباب تواضع الآكل، بنحوه. 5 صحيح: أخرجه أحمد "6/ 453"، وفي الباب عن عائشة، أخرجه البخاري "2916" في كتاب الجهاد، باب: ما قيل في درع النبي -صلى الله عليه وسلم.

فصل من شمائله وأفعاله صلى الله عليه وسلم

فَصْلٌ مِنْ شَمَائِلِهِ وَأَفْعَالِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا ثَبُتَ عَنْهُ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ" 1. وَكَانَ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ2 وَاللَّحْمَ، وَلَا سِيَّمَا الذِّرَاعَ3. وَكَانَ يَأْتِي النِّسَاءَ، وَيَأْكُلُ اللَّحْمَ، وَيَصُومُ، وَيُفْطِرُ، وَيَنَامُ، وَيَتَطَيَّبُ إِذَا أَحْرَمَ وَإِذَا حَلَّ، وَإِذَا أتى الجمعة، وغير ذلك، ويقبل الهديّة، ويثيب عَلَيْهَا وَيَأْمُرُ بِهَا، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ مَنْ دَعَاهُ، وَيَأْكُلُ مَا وَجَدَ، وَيَلْبَسُ مَا وَجَدَ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ لِقَصْدِ ذَا وَلَا ذَا، وَيَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ4، وَالْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ5، وَإِذَا رَكِبَ أَرْدَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ الصَّغِيرَ أَوْ يُرْدِفُ وَرَاءَهُ عَبْدَهُ أَوْ مَنِ اتَّفَقَ، وَيَلْبَسُ الصُّوفَ وَيَلْبَسُ الْبُرُودَ الحبرة، وكانت أَحَبَّ اللِّبَاسِ إِلَيْهِ، وَهِيَ بُرُودٌ يَمَنِيَّةٌ فِيهَا حُمْرَةٌ وَبَيَاضٌ، وَيَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ بِخَاتَمِ فِضَّةٍ نقشه "محمد رسول الله"6 وربّما تختّم في يساره7.

_ 1 حسن: أخرجه ابن ماجه "3354" في كتاب الأطعمة، باب: التعوذ من الجوع، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه، وقال الألباني "في صحيح سنن ابن ماجه" "2707": حسن. 2 صحيح: أخرجه البخاري "5599"، في كتاب الأشربة، باب: الباذق من حديث عائشة -رضي الله عنها. 3 صحيح: أخرجه أبو داود "3781" في كتاب الأطعمة، باب: في أكل اللحم، عن ابن مسعود قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعجبه الذراع"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 صحيح: أخرجه البخاري "5440" في كتاب الأطعمة، باب: القثاء بالرطب، ومسلم "2043" في كتاب الأشربة، باب: أكل القثاء بالرطب، من حديث عبد الله بن جعفر -رضي الله عنه. 5 صحيح: أخرجه أبو داود "3836" في كتاب الأطعمة، باب: الجمع بين لونين في الأكل، والترمذي "1850" في كتاب الأطعمة، باب: ما جاء في أكل البطيخ بالرطب، وفي "الشمائل" "197"، وأبو نعيم في "الحلية" "11094" من حديث عائشة وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "9/ 486": سنده صحيح، وصححه أيضًا الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 6 صحيح: أخرجه مسلم "2091/ 55" في كتاب اللباس، باب: لبس النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتمًا من حديث أنس -رضي الله عنه. 7 شاذ: أخرجه أبو داود "4227" في كتاب الخاتم، باب: ما جاء في التختم في اليمين أو اليسار، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "908" شاذ والمحفوظ "في يمينه". قلت: وقد أخرجه أبو داود "4228" في المصدر السابق، موقوفًا على ابن عمر، وصححه الألباني.

وَكَانَ يُوَاصِلُ فِي صَوْمِهِ، وَيَبْقَى أَيَّامًا لَا يَأْكُلُ، وَيَنْهَى عَنِ الْوِصَالِ، وَيَقُولُ: "إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي" 1. وَكَانَ يَعْصِبُ عَلَى بَطْنِهِ الْحَجَرَ مِنَ الْجُوعِ2، وَقَدْ أُتي بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ كُلِّهَا3، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَاخْتَارَ الْآخِرَةَ عَلَيْهَا، وَكَانَ كَثِيرَ التَّبَسُّمِ، يُحِبُّ الرَّوَائِحَ الطَّيِّبَةَ. وَكَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ4، يَرْضَى لِرِضَاهُ، وَيَغْضَبُ لِغَضَبِهِ. وَكَانَ لَا يَكْتُبُ وَلَا يَقْرَأُ وَلَا مُعَلِّمَ لَهُ مِنَ الْبَشَرِ، نشأ فِي بِلَادٍ جَاهِلِيَّةٍ، وَعِبَادَةِ وَثَنٍ، لَيْسُوا بِأَصْحَابِ عِلْمٍ وَلَا كُتُبٍ، فَآتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّهِ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} 5. وَكُلُّ هَذِهِ الْأَطْرَافِ مِنَ الْأَحَادِيثِ فَصِحَاحٌ مَشْهُورَةٌ. وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ" 6.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "1962" في كتاب الصوم، باب: الوصال، ومسلم "1002" في كتاب الصيام، باب: النهي عن الوصال، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4101" في كتاب المغازي، باب: غزوة الخندق، وأحمد "3/ 300"، والبيهقي في "الدلائل" "3/ 415-417" من حديث جابر الطويل في حفر الخندق. 3 صحيح: أخرجه البخاري "1344" في كتاب الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد، من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه. 4 قالته عائشة -رضي الله عنها- فيما أخرجه مسلم "746/ 139" في كتاب صلاة المسافرين، باب: جامع صلاة الليل. 5 سورة النجم: 3-4. 6 صحيح: أخرجه النسائي "7/ 61" في كتاب: عشرة النساء، باب: حب النساء، وأحمد "3/ 128، 199، 285"، وصححه الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" "1/ 55"، والحافظ العراقي في تخريج "الإحياء" "2/ 35"، والحافظ ابن حجر في "الفتح" "3/ 20، 467"، والألباني في "صحيح الجامع" "3124".

وَقَالَ أَنَسٌ: طَافَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- على نسائه في صحوة بِغُسْلٍ وَاحِدٍ1. وَكَانَ يُحِبُّ مِنَ النِّسَاءِ عَائِشَةَ، وَمِنَ الرِّجَالِ أَبَاهَا أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا2، وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَابْنَهُ أُسَامَةَ، وَيَقُولُ: "آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ" 3. وَيُحِبُّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سِبْطَيْهِ، وَيَقُولُ: "هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا" 4 وَيُحِبُّ أَنْ يَلِيَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ5، وَيُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي تَرَجُّلِهِ وتنعّله، وفي شأنه كلّه6. وكان يقول: "إنّ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِمَا أَتَّقِي" 7. وَقَالَ: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا" 8.

_ 1 صحيح بنحوه: أخرجه البخاري "5215" في كتاب النكاح، باب: من طاف على نسائه في غسل واحد، بلفظ "في الليلة الواحدة". 2 صحيح: أخرجه البخاري "4358" في كتاب المغازي، باب: غزوة ذات السلاسل، من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه. 3 صحيح: أخرجه البخاري "17" في كتاب الإيمان، باب: علامة الإيمان حب الأنصار، ومسلم "74" في كتاب الإيمان، باب: الدليل على أن حب الأنصار وعلي -رضي الله عنه- من الإيمان، من حديث أنس -رضي الله عنه. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3753" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الحسن والحسين -رضي الله عنهما- من حديث ابن عمر -رضي الله عنه. 5 صحيح: أخرجه ابن ماجه "977" في كتاب الإقامة، باب: من يستحب أن يلي الإمام، من حديث أنس، وقال البوصيري: رجال إسناده ثقات. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه": صحيح. 6 صحيح: أخرجه البخاري "168" في كتاب الوضوء، باب: التيمن في الوضوء، ومسلم "268" في كتاب الطهارة، باب: التيمن في الطهور، من حديث عائشة. 7 صحيح: أخرجه مسلم "1108" في كتاب الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة. ومن حديث عمر بن أبي سلمة. 8 صحيح: أخرجه البخاري "6485" في كتاب الرقاق، باب: رقم "27" من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه.

وَقَالَ: "شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا" 1. وَكُلُّ هَذَا فِي الصّحاح2.

_ 1 صحيح: أخرجه الطبراني في "الكبير" "7/ 287" من حديث عقبة بن عامر، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" "3720". وأخرجه الترمذي "3308" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الواقعة، وفي "الشمائل" "41"، وأبو نعيم في "الحلية" "5964" من حديث أبي بكر الصديق بنحوه، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 كذا قال والأخير منهم لم أجده في أحد الصحيحين، ولعله يقصد كل ما أطلق عليه "صحيح" كصحيح ابن حبان وابن خزيمة والحاكم وغير ذلك.

باب: من اجتهاده وعبادته صلى الله عليه وسلم

بَابٌ: مِنَ اجْتِهَادِهِ وَعِبَادَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى تورّمت قدماه، فقيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: "أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: كَيْفَ كَانَ عمل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَطِيعُ؟ 2 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، حدثنا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ". قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي، فَاكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا لَكُمْ بِهِ طَاقَةٌ" 3. وَفِي الصَّحِيحِ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ وَأَنَسٍ، بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة، قال رسول الله

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4836" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} الآية، ومسلم "2819/ 80" في كتاب صفة القيامة، باب: إكثار الأعمال. 2 صحيح: أخرجه البخاري "1987" في كتاب الصوم، باب: هل يخص شيئًا من الأيام؟ 3 صحيح: أخرجه البخاري "1966" في كتاب الصوم، باب: التنكيل لمن أكثر الوصال، ومسلم "1103" في كتاب الصيام، باب: النهي عن الوصال.

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إنّي لأستغفر الله وأتوب فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ" 1. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عن مطرّف بن عبد الله بن الشّيخر، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي، وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المرجل من البكاء"2. وقال أبو كريب: حدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قال أبو بكر: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرَاكَ شِبْتَ، قَالَ: "شَيَّبَتْنِي هُودٌ، وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ" 3. وَأَمَّا تَهَجُّدُهُ وَتِلَاوَتُهُ وَتَسْبِيحُهُ وَذِكْرُهُ وَصَوْمُهُ وَحَجُّهُ وَجِهَادُهُ وَخَوْفُهُ وَبُكَاؤُهُ وَتَوَاضُعُهُ وَرِقَّتُهُ، وَرَحْمَتُهُ لِلْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ، وَصِلَتُهُ لِلرَّحِمِ، وَتَبْلِيغُهُ الرِّسَالَةَ، وَنُصْحُهُ الْأُمَّةَ، فَمَسْطُورٌ فِي السُّنَنِ عَلَى أَبْوَابِ الْعِلْمِ. بَابٌ فِي مُزَاحِهِ وَدَمَاثَةِ أَخْلَاقِهِ الزَّكِيَّةِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قال

_ 1 حسن صحيح: أخرجه ابن ماجه "3815" في كتاب الأدب، باب: الاستغفار، وقال البوصيري، في "الزوائد": إسناده صحيح، ورجاله ثقات. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3076": حسن صحيح. وأخرجه مسلم "2702" في كتاب الذكر والدعاء، باب: استحباب الاستغفار، من حديث الأغر المزني. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "904" في كتاب الصلاة، باب: البكاء في الصلاة، والترمذي في "الشمائل" "321"، والنسائي "3/ 13" في كتاب السهو، باب: البكاء في الصلاة، وأحمد "4/ 25"، وابن حبان "753"، وأبو نعيم في "الحلية" "2083"، وقال الإمام النووي في "رياض الصالحين" "ص141": إسناده صحيح. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "2/ 242": إسناده قوي. وقال الألباني في "صحيح سنن النسائي" "1156": صحيح. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3308" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الواقعة، وفي "الشمائل" "41"، وأبو نعيم في "الحلية" "5964"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَمْزَحُ، وَمَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا" 1. إِسْنَادُهُ قَرِيبٌ مِنَ الْحَسَنِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ: حدثنا عُثْمَانُ بْنُ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بن الحسين، ثنا آدم بن أبي غياس، ثنا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا، قَالَ: "إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا" 2. تَابَعَهُ أَبُو مَعْشَرَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، وَهُوَ صحيح. وقال الزّبير بن بكّار: حدّثني بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا مَزَحَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَعْضُ دُعَابَاتِ هَذَا الْحَيِّ مِنْ بَنِي كنانة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ بَعْضُ مَزْحِنَا هَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ"3. حَمْزَةُ لَا أَعْرِفُهُ، وَالْمَتْنُ مُنْكَرٌ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ4. تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَضَعْفُهُ مَعْرُوفٌ. وَجَاءَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ مَعَ صَبِيٍّ5. وَقَالَ أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، عَنْ أَبِي طِيبَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَثَقُلَ عَلَى الْقَوْمِ بَعْضُ مَتَاعِهِمْ، فَجَعَلُوا يَطْرَحُونَهُ عَلَيَّ، فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَنْتَ زَامِلَةٌ" 6. وقال خشرج بْنُ نُبَاتَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ: سَمِعْتُ سفينة يقول: ثقل

_ 1 صحيح: في إسناده ضعف، مبارك بن فضالة مدلس، وقد عنعنه، ولكنه قد ورد من حديث أبي هريرة فانظر الآتي. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "1997" في كتاب البر والصلة، باب: في المزاح، وفي "الشمائل" "له "236"، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "2509": صحيح. 3 لم أجده. 4 إسناده ضعيف: وابن لهيعة ضعيف الحفظ. 5 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "1/ 331". 6 لم أجده.

عَلَى الْقَوْمِ مَتَاعُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْسُطْ كِسَاءَكَ"، فَجَعَلُوا فِيهِ متاعهم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْمِلْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ سَفِينَةٌ"، قَالَ: فَلَوْ حَمَلْتُ مِنْ يَوْمِئِذٍ وِقْرَ بَعِيرٍ أَوْ بَعِيرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةً مَا ثَقُلَ عَلَيَّ1. وَهَذَا يَدْخُلُ فِي مُعْجِزَاتِهِ. وَقَالَ عَلِيُّ بن عاصم، وخالد بن عبد الله: حدثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: اسْتَحْمَلَ أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَنَا أَحْمِلُكَ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ"، فَقَالَ: وَمَا أَصْنَعُ بولد ناقة يا رسول الله؟ فَقَالَ: "وَهَلْ تَلِدُ الْإِبِلُ إِلَّا النُّوقَ" ?2 صَحِيحٌ غريب. وقال الأنصاريّ: حدثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ ابْنٌ لِأُمِّ سُلَيْمٍ، يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ، كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُمَازِحُهُ الْحَدِيثَ3. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ له: "يا ذَا الْأُذُنَيْنِ" 4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَزِيرَةٍ5 طَبَخْتُهَا، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنِي وَبَيْنَهَا: كُلِي، فَأَبَتْ، فَقُلْتُ: لَتَأْكُلِي أَوْ لَأُلَطِّخَنَّ وَجْهَكِ، فَأَبَتْ، فَوَضَعْتُ يَدِي فِيهَا فَلَطَّخْتُهَا وَطَلَيْتُ وَجْهَهَا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّ عُمَرُ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَظَنَّ النّبيّ صلى الله عليه سلم أَنَّهُ سَيَدْخُلُ، فَقَالَ: "قُومَا فَاغْسِلَا وُجُوهَكُمَا". فَمَا زِلْتُ أَهَابُ عُمَرَ لِهَيْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ6.

_ 1 أخرجه أحمد "5/ 221"، وأبو نعيم في "الحلية" "1280". 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4998" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في المزاح، والترمذي "1999" في كتاب البر والصلة، باب: في المزاح، وفي "الشمائل" "237"، وصححه الألباني في "سنن الترمذي". 3 صحيح: وقد تقدم. 4 صحيح: أخرجه أبو داود "5002" في المصدر السابق، والترمذي "1998" في المصدر السابق، وفي "الشمائل" "234"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 5 الخزيرة: لحم منضوج مع الدقيق. 6 لم أجده.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عن ابن عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، وَقَدْ رَشَّ فِنَاءَ أُطْمِهِ1، وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ سِمَاطَيْنِ2، وَجَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا سِيرِينُ، مَعَهَا مِزْهَرُهَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ تُغَنِّيهِمْ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَأْمُرْهُمْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ، وَهِيَ تقول في غنائها: هل عليّ ريحكم ... إِنْ لَهَوْتُ مِنْ حَرَجٍ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "لَا حَرَجَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"3. حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ هَذَا مَدَنِيٌّ، تَرَكَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتِ الْحَبَشَةُ الْمَسْجِدَ يَلْعَبُونَ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إِلَيْهِمْ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: "تَعَالَيْ"، فَقَامَ بِالْبَابِ، وَجِئْتُ فَوَضَعْتُ ذَقْنِي عَلَى عَاتِقِهِ، وَأَسْنَدْتُ وَجْهِي إِلَى خَدِّهِ، قَالَتْ: وَمِنْ قَوْلِهِمْ يَوْمَئِذٍ "وَأَبُو الْقَاسِمِ طَيِّبٌ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَسْبُكِ". قُلْتُ: لَا تَعْجَلْ يا رسول الله، قال: وَمَا بِيَ حُبُّ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَبْلُغَ النِّسَاءَ مَقَامُهُ لِي وَمَكَانِي مِنْهُ4. وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ. وَفِي رِوَايَةٍ: وَالْحَبَشَةُ فِي الْمَسْجِدِ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ وَيَزْفِنُونَ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائشة قالت: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسمعنا لغطًا وصوت

_ 1 الأطم: الحصن. 2 السماط: الصف. 3 إسناده ضعيف: حسين بن عبد الله ضعيف كما في "الميزان" "2012". 4 صحيح: أخرجه البخاري "950" في كتاب العيدين، باب: الحراب والدرق يوم العيد، ومسلم "892/ 18" في كتاب صلاة العيدين، والرخصة في اللعب.

الصِّبْيَانِ، فَقَامَ، فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ تَرْقُصُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي"، فَجِئْتُ فَوَضَعْتُ ذقني على منكبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ، فَقَالَ: "مَا شَبِعْتِ"؟ فَجَعَلْتُ أَقُولُ: لَا، لِأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ، إِذْ طَلَعَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَارْفَضَّ1 النَّاسُ عَنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ قَدْ فَرِقُوا مِنْ عُمَرَ" 2. خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ "س": هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَابَقَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَبَقْتُهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، حَتَّى إِذَا رَهَقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: "هَذِهِ بِتِلْكَ" 3. صَحِيحٌ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهَا، وَقِيلَ فِي إِسْنَادِهِ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -وَغَيْرُ خَالِدٍ أَسْقَطَ مِنْهُ أَبَا هُرَيْرَةَ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُدْلِعُ لِسَانَهُ4 لِلْحُسَيْنِ، فَيَرَى الصَّبِيُّ حُمْرَةَ لِسَانِهِ فَيَهَشُّ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ: أَلَا أَرَاكَ تَصْنَعُ هَذَا، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَيَكُونُ لِي الْوَلَدُ قَدْ خَرَجَ وَجْهُهُ مَا قَبَّلْتُهُ قَطُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَا يَرحم لَا يُرحم" 5. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَهُوَ يَقُولُ: "تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّهْ" فَيَضَعُ الْغُلَامُ قَدَمَهُ عَلَى قَدَمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْفَعُهُ إِلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ قَبَّلَ فَاهُ وَقَالَ: "اللهمّ إنّي أحبّه فأحبّه" 6.

_ 1 ارفض: تفرق. 2 أخرجه الترمذي "3711" في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 صحيح: أخرجه أبو داود "2578" في كتاب الجهاد، باب: في السبق على الرجل، وابن ماجه "1979" في كتاب النكاح، باب: حسن معاشرة النساء، وأحمد "5/ 39، 129، 182، 261، 264، 280"، وأبو نعيم في "الحلية" "10010"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 يدلع لسانه: يخرجه. 5 عزاه العراقي لأبي يعلى مختصرًا، وقال: بسند جيد. "إتحاف السادة المتقين" "7/ 501". 6 أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" "421".

وَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُسْتَلْقٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى ظَهْرِهِ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَهُ الْحَسَنُ فَأَقْبَلَ يَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقَدَّمَ قَمِيصِهِ، فَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ2. وقال أبو أحمد الزّبيريّ: حدثنا زُمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بن وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ تَاجِرًا إِلَى بُصْرَى قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَامٍ أَوْ عَامَيْنِ، وَمَعَهُ نُعَيْمَانُ وَسُوَيْبِطُ بْنُ حَرْمَلَةَ، وَهُمَا بَدْرِيَّانِ، وَكَانَ سُوَيْبِطُ عَلَى زَادِهِمْ، فَجَاءَ نُعَيْمَانُ فَقَالَ: أَطْعِمْنِي، فَقَالَ: لَا، حَتَّى يَأْتِيَ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ نُعَيْمَانُ مَزَّاحًا، فَقَالَ: لَأَبِيعَنَّكَ، ثُمَّ قَالَ لِأُنَاسٍ: ابْتَاعُوا مِنِّي غُلَامًا، وَهُوَ رَجُلٌ ذُو لِسَانٍ، وَلَعَلَّهُ يَقُولُ: أَنَا حُرٌّ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَارِكِيهِ إِذَا قَالَ ذَلِكَ، فَدَعُونِي وَلَا تُفْسِدُوا عَلَيَّ غُلَامِي، قَالُوا: لَا، بَلْ نَبْتَاعُهُ. فَبَاعَهُ بِعَشْرِ قَلَائِصَ3، ثُمَّ جَاءَهُمْ فَقَالَ: هُوَ هَذَا، فَقَالَ سُوَيْبِطُ: هُوَ كَاذِبٌ، وَأَنَا رَجُلٌ حُرٌّ، قَالُوا: قَدْ أُخْبِرْنَا بِخَبَرِكَ. وَطَرَحُوا الْحَبْلَ وَالْعِمَامَةَ فِي رَقَبَتِهِ، وَذَهَبُوا بِهِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخْبَرُوهُ، فَذَهَبَ وَأَصْحَابٌ لَهُ فَرَدُّوا الْقَلائِصَ، وَأَخَذُوهُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهَا وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ4. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وقال الأسود بن عامر: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُكْنَى أَبَا عَمْرَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُمَّ عَمْرَةَ"، فَضَرَبَ الرَّجُلُ بِيَدِهِ إِلَى مَذَاكِيرِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْ"، قَالَ: وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ إِلَّا أَنِّي امْرَأَةٌ لَمَّا قُلْتَ لِي يَا أُمَّ عَمْرَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا أنا بشر مثلكم أمازحك"5. حديث مرسل.

_ 1 إسناده ضعيف: الحسن مدلس، وقد عنعنه. 2 عمران قال في "التقريب"، مقبول. أي إذا توبع وإلا فلين. 3 القلائص: الإبل الفتية. 4 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "3719" في كتاب الأدب، باب: المزاح، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه". 5 معضل.

وقال عبد الرزّق: نا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهر، فَكَانَ يُهْدِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً مِنَ الْبَادِيَةِ فَيُجَهِّزُهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا، وَنَحْنُ حَاضِرَتُهُ". وَكَانَ دَمِيمًا، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا، وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ وَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي الْعَبْدَ" فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ: "لَكِنَّ أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ" 1. صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ قَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَحَدَّثُ، وَكَانَ فِيهِ مُزَاحٌ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ وَيَضْحَكُونَ، فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَاصِرَتِهِ، فَقَالَ: اصْبِرْ لِي، قَالَ: "أَصْطَبِرْ"، قَالَ: لِأَنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيَّ قَمِيصٌ. فَرَفَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَمِيصَهُ، فَاحْتَضَنَهُ وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ وَيَقُولُ: إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ الله2. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنْذُ أسلمت، ولا رآني إلا تبسّم3.

_ 1 صحيح: أخرجه الترمذي في "الشمائل" "238"، وأحمد "3/ 161" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 511": إسناده رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين. وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" "1/ 542" حديث صحيح. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "5224" في كتاب الأدب، باب: في قبلة الجسد، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3035" في كتاب الجهاد، باب: من لا يثبت على الخيل، ومسلم "2475" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل جرير بْن عَبْد اللَّه -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.

باب: في ملابسه صلى الله عليه وسلم

باب: في ملابسه -صلى الله عليه وسلم قال خالد بن يزيد: حدثنا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْقَلَانِسَ الْبِيضَ وَالْمُزَرْوَرَاتِ، وَذَوَاتِ الْآذَانِ1. عَاصِمٌ هَذَا بَصْرِيُّ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ. وَعَنْ جَابِرٍ: كَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ يَلْبَسُهَا فِي الْعِيدَيْنِ وَيُرْخِيهَا خَلْفَهُ. تَفَرَّدَ بِهِ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْغَسِيلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- خطب النّاس وعليه عصابة دَسْمَاءُ2. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ رُكَانَةَ أَنَّهُ صَارَعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَمَائِمَ عَلَى الْقَلَانِسِ"3. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: كَانَتْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُمَّةٌ4 بَيْضَاءُ. وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ5 رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. قُلْتُ: لَعَلَّ تَحْتَ الْخَوْذَةِ، فَإِنَّهُ دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ6. وَعَنْ بَعْضِهِمْ بِإِسْنَادٍ وَاهٍ: كَانَتْ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- عمامة تسمّى السّحاب، يلبس تحتها القلانس اللَّاطِئَةَ7، وَيَرْتَدِي. وَقَالَ مُسَاوِرٌ الْوَرَّاقُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، وَعَلَيْهِ، عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ أَرْخَى طَرَفَهَا بَيْنَ كتفيه8.

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: عاصم بن سليمان متروك يضع الحديث كما في "الميزان" "4047". 2 صحيح: أخرجه البخاري "3800" في كتاب مناقب الأنصار، باب: رقم "11"، والترمذي في "الشمائل" "117". وقوله: "دسماء: أي سوداء". 3 ضعيف: أخرجه أبو داود "4078" في كتاب اللباس، باب: في العمائم، والترمذي "1791" في كتاب اللباس، باب: العمائم على القلانس، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "300": ضعيف. 4 الكمة: القلنسوة الصغيرة. 5 صحيح: أخرجه مسلم "1358" في كتاب الحج، باب: جواز دخول مكة بغير إحرام. 6 صحيح: أخرجه البخاري "1846" في كتاب جزاء الصيد، باب: دخول الحرم ومكة بغير إحرام، ومسلم "1357" في المصدر السابق. 7 اللاطئة: الملتصقة بالرأس. 8 صحيح: أخرجه مسلم "1359/ 453" في المصدر السابق.

وَعَنِ الْحَسَنِ: كَانَتْ رَايَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْدَاءَ1، تُسَمَّى الْعُقَابَ، وَعِمَامَتُهُ سَوْدَاءَ، وَكَانَ إِذَا اعْتَمَّ يُرْخِي عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ2. مُرْسَلٌ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا اعْتَمَّ يُسْدِلُ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ3. وَقَالَ عُرْوَةُ: أُهدي لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِمَامَةٌ مُعَلَّمَةٌ، فَقَطَعَ عَلَمَهَا وَلَبِسَهَا4. مُرْسَلٌ. وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ5. وَقَالَ: لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ6. وَيُرْوَى عَنْ أَنَسٍ: كَانَ قَمِيصُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُطْنًا، قَصِيرَ الطُّولِ، قَصِيرَ الْكُمَّيْنِ7. وَعَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: كَانَ كُمُّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الرسغ8.

_ 1 حسن: أخرجه الترمذي "2687" في كتاب الجهاد، باب: في الروايات، وابن ماجه "2818"، في كتاب الجهاد، باب: الرايات والألوية، من حديث ابن عباس -رضي الله عنه، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2274": حسن. 2 مرسل: وقد تقدم بعضه موصولًا، وأخرج بعضه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 222". 3 صحيح: أخرجه الترمذي "1742" في كتاب اللباس، باب: في سدل العمامة بين الكتفين، وفي "الشمائل" "116"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 223". 5 صحيح: أخرجه مسلم "274/ 81" في كتاب الطهارة، باب: المسح على الناصية والعمامة. 6 صحيح: أخرجه البخاري "5798" في كتاب اللباس، باب: من لبس جبة ضيقة الكمين، ومسلم "274/ 77" في المصدر السابق. 7 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 224". 8 إسناده ضعيف: شهر سيئ الحفظ، وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 224" عن بديل من قوله.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْبَسُ قَمِيصًا قَصِيرَ الْيَدَيْنِ وَالطُّولِ1. وَعَنْ عُرْوَةَ وَهُوَ مُرْسَلٌ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ طُولُ ردائه أربعة أذرع، وعرضه ذراعان وشبر2. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةِ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ3. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ بُرْدَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ طُولَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فِي ثَلَاثَةٍ وَشِبْرٍ، وَإِزَارُهُ مِنْ نَسْجِ عُمَانَ، طُولُهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ فِي ذراعين وشبر، وكان يَلْبَسُهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ ثُمَّ يُطْوَيَانِ4. حَدِيثٌ مُعْضِلٌ. وَقَالَ عُرْوَةُ: إِنَّ ثَوْبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ فِيهِ إِلَى الْوَفْدِ رِدَاءٌ حَضْرَمِيٌّ طُولُهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ، وَعَرْضُهُ ذِرَاعَانِ وَشِبْرٌ، فَهُوَ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ قَدْ خَلِقَ، فَطَوَوْهُ بِثَوْبٍ، يَلْبَسُونَهُ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ5. رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ. وَقَالَ مَعْنُ بن عيسى: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بُرْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حِبَرَةٍ لَهُ حَاشِيَتَانِ6. قُلْتُ: هَذَا الْبُرْدُ غَيْرُ بُرْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي يَتَدَاوَلُهُ الْخُلَفَاءُ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ، ذَاكَ الْبُرْدُ اشْتَرَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّفَّاحُ بثلاثمائة دينار من صاحب أيلة7.

_ 1 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "3577" في كتاب اللباس، باب: كم القميص كم يكون؟ وابن سعد في "الطبقات" "1/ 224" وضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه". 2 مرسل: إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 224"، وفي إسناده ابن لهيعة، ضعيف الحفظ. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2081" في كتاب اللباس، باب: التواضع في اللباس، وأبو داود "4032" في كتاب اللباس، باب: في لبس الصوف والشعر، والترمذي "2822" في كتاب الأدب، باب: في الثوب الأسود، وفي "الشمائل" "70". 4 الواقدي متروك كما تقدم. 5 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 224". 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 223". 7 أيلة: مدينة بين الفسطاط ومكة.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ بُرْدٌ كَسَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِصَاحِبِ أَيْلَةَ. وَاللَّهُ أعلم. وقال حميد الطّويل: حدثنا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَخَلَّفْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ أَتَيْتُهُ بِمِطْهَرَةٍ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يَحْسِرُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، فَضَاقَ كُمُّ الْجُبَّةِ، فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهَا، وَأَلْقَى الْجُبَّةَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ نَاصِيَتَهُ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ، ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْنَا، وَفِي لَفْظٍ: وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ، وَفِي لَفْظٍ: وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ1. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ إِزَارٌ يَتَقَعْقَعُ2. عَنْ عِكْرِمَةَ: رَأَيْتُ ابنَ عَبَّاسٍ، إِذَا ائْتَزَرَ أَرْخَى مُقَدَّمَ إِزَارِهِ حَتَّى تَقَعَ حَاشِيَتَاهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ، وَيَرْفَعَ الْإِزَارَ مِمَّا وَرَاءَهُ، وَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْتَزِرُ هَذِهِ الْإِزْرَةَ3. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْتَزِرُ تَحْتَ سُرَّتِهِ، وَتَبْدُو سُرَّتُهُ4، وَرَأَيْتُ عُمَرَ يَأْتَزِرُ فَوْقَ سُرَّتِهِ، وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ" 5. وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشْتَرَى حُلَّةً بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ نَاقَةً6.

_ 1 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 2 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 141، 147"، وقال الألباني في "الصحيحة" "1568": إسناده صحيح على شرط الشيخين. 3 صحيح: أخرجه أبو داود "4096" في كتاب اللباس، باب: في قدر موضع الإزار، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 224" بإسناد فيه رجل مجهول. 5 صحيح: أخرجه أبو داود "4093" في كتاب اللباس، باب: في قدر موضع الإزار، وابن ماجه "3573" في كتاب اللباس، باب: موضع الإزار أين هو؟ من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه، وقال الإمام النووي في "رياض الصالحين" "ص312": إسناده صحيح. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "10/ 268": رجاله رجال مسلم. وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2875". 6 مرسل إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 225" وفي إسناده علي بن زيد وهو سيئ الحفظ.

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشْتَرَى حُلَّةً بِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ ناقة1. وهذان ضعيفان لإرسالهما. وقال "د"2: حدثنا عمرو بن عون، أنا عمارة بن زاذان، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ مَلِكَ ذِي يَزَنَ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُلَّةً أَخَذَهَا بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا فَقَبِلَهَا3. وَقَالَ الْحَمَّادَانِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "عَلَيْكُمْ بِالْبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ فَلْيَلْبَسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ" 4. زَادَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِي حَدِيثِهِ: فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ5. وَرَوَى مِثْلَهُ الثَّوْرِيُّ، وَالْمَسْعُودِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونَ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ نَحْوَهُ. وَرَوَاهُ الْمَسْعُودِيُّ مَرَّةً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: "الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ" 6. وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، فَأَرْسَلَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رواد: حدثنا ابن سالم، حدثنا صفوان

_ 1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 225". 2 رمز لأبي داود. 3 ضعيف: أخرجه أبو داود "4034" في كتاب اللباس، باب: في لبس الصوف والشعر، وأحمد "3/ 221"، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "781": ضعيف. 4 صحيح: أخرجه النسائي "8/ 205" في كتاب الزينة، باب: الأمر بلبس البياض من الثياب، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 219"، وأبو نعيم في "الحلية" "6067"، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي". 5 صحيح: أخرجه النسائي "8/ 205" في الموضع السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن النسائي". 6 صحيح: أخرجه أبو داود "3878" في كتاب الطب، باب: في الأمر بالكحل، والترمذي "996" في كتاب الجنائز، باب: ما يستحب من الأكفان، وفي "الشمائل" "68"، وابن ماجه "1472" في كتاب الجنائز، باب: ما يستحب من الكفن، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 219" وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "2/ 210": هذا حديث جيد الإسناد رجاله على شرط مسلم. وقال الألباني في "صحيح الجامع" "1236": صحيح.

بْنُ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ خَيْرَ مَا زُرْتُمُ اللَّهَ بِهِ فِي مُصَلَّاكُمْ وَقُبُورِكُمُ الْبَيَاضُ"1 رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السُّبَيْعِيُّ، عَنِ الْبَرَاءِ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَفِي لَفْظٍ: لَقَدْ رَأَيْتُ عَلَيْهِ حُلَّةً حَمْرَاءَ فذكره. عبد الله بن صالح: حدثنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَبَّ رَجُلٍ إِلَيَّ، فَلَمَّا نُبِّئَ وَخَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ، شَهِدَ حَكِيمٌ الْمَوْسِمَ، فَوَجَدَ حُلَّةً لِذِي يَزَنَ فَاشْتَرَاهَا، ثُمَّ قَدِمَ بِهَا لِيُهْدِيَهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: لا نَقْبَلُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَيْئًا، وَلَكِنْ بِالثَّمَنِ، قَالَ: فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا حِينَ أَبَى الْهَدِيَّةَ، فَلَبِسَهَا، فَرَأَيْتُهَا عَلَيْهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ فِيهَا، ثُمَّ أَعْطَاهَا أُسَامَةَ، فَرَآهَا حَكِيمٌ عَلَى أُسَامَةَ فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ أَتَلْبَسُ حُلَّةَ ذِي يَزَنَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ لأَنَّا خَيْرٌ مِنْ ذِي يَزَنَ، وَلأَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِيهِ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى مَكَّةَ فَأَعْجَبْتُهُمْ بِقَوْلِ أُسَامَةَ3. وَقَالَ عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْأَبْطَحِ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَرِيقِ سَاقَيْهِ4. صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْبَسُ بُرْدَهُ الْأَحْمَرَ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ5. رَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَأَرْسَلَهُ.

_ 1 ضعيف أخرجه ابن ماجه "3568" في كتاب اللباس، باب: البياض من الثياب، ولفظه: "إن أحسن ... " إلخ، وقال البوصيري في "الزوائد": إسناده ضعيف، وكذلك ضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه". 2 صحيح: أخرجه البخاري "5848" في كتاب اللباس، باب: الثوب الأحمر. وفي الباب عن جابر أخرجه الطبراني في "الأوسط" "680". 3 صحيح أخرجه أحمد "3/ 402، 403" وصححه الألباني في "الصحيحة" "1707". 4 أخرجه أحمد "4/ 308-309" وابن سعد في "الطبقات" "1/ 220". 5 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 220".

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ1. إِسْنَادُهُ صحيح. باب منه: وقال وكيع: أنبأنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَتَانَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعْنَا لَهُ غُسْلًا فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِمِلْحَفَةٍ وَرْسِيَّةٍ، فَاشْتَمَلَ بِهَا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ أَثَرَ الْوَرْسِ عَلَى عُكَنِهِ2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ قَمِيصَهُ وَرِدَاءَهُ وَعِمَامَتَهُ3. مُرْسَلٌ. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي يُخْبِرُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِ رِدَاءٌ وَعِمَامَةٌ مَصْبُوغَيْنِ بِالْعَبِيرِ. قَالَ مصعب: العبير عندنا: الزّعفران4. مصعب فيه لبن5. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: رُبَّمَا صُبِغَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَمِيصُهُ وَرِدَاؤُهُ بِزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ6. أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إِبْرَاهِيمَ،

_ 1 صحيح: أخرجه أبو داود "4206" في كتاب الترجل، باب: في الخضاب، والترمذي "2821" في كتاب الأدب، باب: ما جاء في الثوب الأخضر، وفي "الشمائل" "43، 45"، والنسائي "3/ 185" في كتاب العيدين، باب: الزينة للخطبة للعيدين، وأحمد "2/ 227-228"، وابن سعد "1/ 221"، وأبو نعيم في "الحلية" "13022"، والبيهقي في "الدلائل" "1/ 237"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 2 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 220"، وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن، ضعيف الحفظ. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 221" وفيه: "عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 221". 5 قلت: والراجح أنه حسن الحديث، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب". صدوق وانظر "الميزان" "8564". 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 220".

عَنْ رُكَيْحِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُمْعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَهَذَا إِسْنَادٌ عَجِيبٌ مُدَنِّي. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْبُغُ ثِيَابَهُ حَتَّى الْعِمَامَةَ بِالزَّعْفَرَانِ1. وَهَذِهِ الْمَرَاسِيلُ لَا تُقَاوِمُ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ نَهْيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ التَّزَعْفُرِ2، وَفِي لَفْظٍ: "نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ"3 وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا، ثُمَّ نَهَى عَنْهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَهْدَى مَلِكُ الرُّومِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسْتَقَةً4 مِنْ سُنْدُسٍ5، فَلَبِسَهَا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يَدَيْهَا تَذَبْذَبَانِ مِنْ طُولِهِمَا، فَجَعَلَ القوم يقولون: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَزَلَتْ عَلَيْكَ مِنَ السَّمَاءِ! فَقَالَ: "وَمَا تَعْجَبُونَ مِنْهَا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مِنْدِيلًا مِنْ مَنَادِيلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا"، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلَبِسَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبِسَهَا"، قَالَ: فَمَا أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: "ابْعَثْ بِهَا إِلَى أَخِيكَ النَّجَاشِيِّ"6. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: أُهدي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرُّوجٌ7 -يَعْنِي قِبَاءَ حَرِيرٍ- فَلَبِسَهُ، ثُمَّ صَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ، ثمّ قال: "لا ينبغي هذا للمتّقين" 8.

_ 1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 221". 2 صحيح: أخرجه مسلم "1201/ 77" في كتاب اللباس، باب: نهي الرجل عن التزعفر. 3 صحيح: انظر التخريج السابق. 4 المستقة: فرو طويل الكمين. 5 سندس: نوع من الحرير. 6 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 251"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 223"، وفي إسناده علي بن زيد وهو ضعيف الحفظ. 7 الفروج: القباء وقد يكون فيه شق من الخلف. 8 صحيح: أخرجه البخاري "375" في كتاب الصلاة، باب: من صلى في فروج حرير، ومسلم "2075" في كتاب اللباس، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 223".

وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَهْدَى أَبُو الْجَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمِيصَةً شَامِيَّةً لَهَا عَلَمٌ، فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلَاةَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "رُدُّوا هَذِهِ الْخَمِيصَةَ عَلَى أَبِي جَهْمٍ، فَإِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا في الصّلاة فكاد يَفْتِنَنِي" 1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي بيت أمّ سلمة مشتملًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ2. وَصَحَّ مِثْلُهُ عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفَضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدَهَا3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ جَابِرٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ مُؤْتَزِرًا بِهِ، لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ4. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ الْحَارِثِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي عَلَى الْحَصِيرِ وَالْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ5. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- كان يَلْبَسُ الصُّوفَ6. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الْمُلَبَّدَةِ7. فَأَقْسَمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُبِضَ فِيهِمَا8. أَخْرَجَهُ مسلم.

_ 1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 223". 2 صحيح: أخرجه البخاري "354" في كتاب الصلاة، باب: الصلاة في الثوب الواحد. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 226". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 227". 5 ضعيف: أخرجه أبو داود "659" في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "131". 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 222". 7 المبلدة: المرقعة. 8 صحيح: أخرجه مسلم "2080" في كتاب اللباس، باب: التواضع في اللباس.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قال: كَانَ ضِجَاعُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أُدُمٍ مَحْشُوًّا لِيفًا"1. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي زُهْدِهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ" 2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَعِنْدَ مُسْلِمٍ "عَلَى عَاتِقَيْهِ" 3. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةً طَيَالِسَةً كِسْرَوَانِيَّةً لَهَا لِبْنَةُ4 دِيبَاجٍ وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ، فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْبَسُهَا فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرِيضِ يَسْتَشْفِي بِهَا5. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" وَفِيهِ: جُبَّةٌ طَيَالِسَةٌ عَلَيْهَا لِبْنَةُ شِبْرٍ مِنْ دِيبَاجٍ كِسْرَوَانِيٍّ6.

_ 1 صحيح: أخرجه ابن ماجه "4151" في كتاب الزهد، باب: ضجاع آل محمد -صلى الله عليه وسلم، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 227"، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3348": صحيح. 2 صحيح: أخرجه البخاري "359" في كتاب الصلاة، باب: إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، ومسلم "516" في كتاب الصلاة، باب: الصلاة في ثوب واحد، ولفظهما "على عاتيقه". 3 صحيح: انظر التخريج السابق. 4 اللبنة: رقعة في جيب القميص. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2069" في كتاب اللباس، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة. 6 أخرجه أحمد "6/ 348".

باب: خواتيم النبي صلى الله عليه وسلم

بَابُ: خَوَاتِيمُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَغَيْرُهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى، فَصَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَنَزَعَهُ وَرَمَى بِهِ وَقَالَ: "وَاللَّهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا". فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ1. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مُرْسَلَيْنِ. وَكَانَ هَذَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الذَّهَبِ. وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ2. وَصَحَّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قَيْصَرَ وَلَمْ يَخْتِمْهُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ كِتَابَكَ لَا يُقْرَأُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَنَقَشَهُ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ" فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يد رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3، وَكَانَ مِنْ فِضَّةٍ4، وَنَهَى أَنْ يَنْقُشَ النَّاسُ عَلَى خَوَاتِيمِهِمْ نَقْشَتَهُ5، وَقَالَ: "كَانَ مِنْ فِضَّةٍ، فَصُّهُ مِنْهُ"6. وَصَحَّ عَنْهُ قَالَ: اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، فَصُّهُ حَبَشِيٌّ، وَنَقْشُهُ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ"7. وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، فَكَانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُمَرَ، ثُمَّ كَانَ فِي يَدِ عُثْمَانَ، حَتَّى وَقَعَ فِي بِئْرِ أَرِيسٍ، نَقْشُهُ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله"8.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "5866" في كتاب اللباس، باب: خاتم الفضة. 2 صحيح: أخرجه مسلم "2078" في كتاب اللباس، باب: النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر، من حديث علي -رضي الله عنه- وأخرجه البخاري "5863" في كتاب اللباس، باب: خواتيم الذهب، من حديث البراء بن عازب. وأخرجه "5864" في المصدر السابق، من حديث أبي هريرة. 3 صحيح: أخرجه البخاري "5872" في كتاب اللباس، باب: نقش الخاتم، ومسلم "2092/ 56" في كتاب اللباس، باب: في اتخاذ النبي -صلى الله عليه وسلم- خاتمًا. 4 صحيح: انظر التخريج السابق. 5 صحيح: أخرحه البخاري "5784" في كتاب اللباس، باب: الخاتم في الخنصر، ومسلم "2092" في المصدر السابق. 6 صحيح: أخرجه البخاري "5870" في كتاب اللباس، باب: فص الخاتم. 7 صحيح: أخرجه مسلم "2094" في كتاب اللباس، باب: في خاتم الورق فصه حبشي، من حديث أنس -رضي الله عنه. 8 صحيح: أخرجه البخاري "5873" في كتاب اللباس، باب: نقش الخاتم، ومسلم "2091/ 54" في كتاب اللباس، باب: لبس النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا مِنْ ورق.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: فَجَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ1. وَعَنْ مَكْحُولٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ من ووجهين عَنْهُمَا أَنَّ خَاتَمَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ حَدِيدًا مَلْوِيًّا عَلَيْهِ فِضَّةٌ2. وَرَوَى مِثْلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ3، وَلَمْ يُدْرِكْ سَعِيدٌ خالدًا. وقال أحمد بن محمد الأزرقيّ: حدثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ جدّه قال: دخل عمرو ين سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، حِينَ قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا هَذَا الْخَاتَمُ فِي يَدِكَ يَا عَمْرُو"؟ قَالَ: هَذِهِ حَلْقَةٌ، قَالَ: "فَمَا نَقْشُهَا"؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فتختّمه، فَبَيْنَا هُوَ يَحْفِرُ بِئْرًا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، يُقَالُ لَهَا بِئْرُ أَرِيسٍ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى شَفَتِهَا، يَأْمُرُ بِحَفْرِهَا، سَقَطَ الْخَاتَمُ فِي الْبِئْرِ، وَكَانَ عُثْمَانُ يُخْرِجُ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ كَثِيرًا، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ4. وَقَالَ أَنَسٌ: كَانَ نَقْشُ خاتم النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ: "مُحَمَّدٌ" سَطْرٌ، وَ"رَسُولٌ" سَطْرٌ، وَ"اللَّهُ" سَطْرٌ5. قَالَ: فَكَانَ فِي يَدِ عُثْمَانَ سِتَّ سِنِينَ، فَكُنَّا مَعَهُ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ، وَهُوَ يُحَوِّلُ الْخَاتَمَ فِي يَدِهِ، فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ، فَطَلَبْنَاهُ مَعَ عُثْمَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ6. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَتَخَتَّمُ في يمينه7.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2091/ 55" في المصدر السابق. 2 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 231-232"، وفي إسناد رواية إبراهيم فرقد، وهو ضعيف. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 232". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 232". 5 صحيح: أخرجه البخاري "5878" في كتاب اللباس، باب: هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر. 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 223" وتقدم عن ابن عمر بنحوه. 7 صحيح: وقد تقدم.

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمَهُ فِي يَسَارِهِ1. عن ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ. وَصَحَّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كان يتختّم في يساره2.

_ 1 شاذ: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 234" وقد تقدم عن ابن عمر. 2 شاذ: وقد تقدم.

باب: نعل النبي صلى الله عليه وسلم وخفه

بَابُ: نَعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخفه ... باب: نعله النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخُفِّهِ قَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ لِنَعْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِبَالَانِ1 صَحِيحٌ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَتْ نعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لَهَا زِمَامَانِ شِرَاكُهُمَا مَثْنِيٌّ فِي الْعَقْدِ2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: رَأَيْتُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُخَصَّرَةً3 مُعَقَّبَةً4 مُلَسَّنَةً لَهَا قِبَالَانِ5. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، سَأَلْتُ أَنَسًا: أَكَانَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ6. وَرَوَى مِثْلَهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "5857" في كتاب اللباس، باب: قبالان في نعل. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 234". وأخرجه الترمذي في "الشمائل" "75"، وابن ماجه "3614" في كتاب اللباس، باب: صفة النعال، وأبو نعيم في "الحلية" "12757" عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ عباس بلفظ "كَانَ لِنَعْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبالان، مثنى شراكهما". وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "10/ 325": سنده قوي. وقال الوصيري في "الزوائد": إسناده صحيح رجاله ثقات، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2911". 3 مخصرة: قطع خصراها. 4 معقبة: لها عقب. 5 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 234". 6 صحيح: أخرجه البخاري "5850" في كتاب اللباس، باب: النعال السبتية، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 235".

سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي إِذْ وَضَعَ نَعْلَهُ عَلَى يَسَارِهِ، فَأَلْقَى النَّاسُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: "مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ"؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ فَأَلْقَيْنَا، فَقَالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ أَذًى فَمَنْ رأى ذلك فليمسحهما، ثمّ يصلّي فِيهِمَا" 1. وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَرَاكَ تَسْتَحِبُّ هَذِهِ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْبَسُهَا وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا2. السِّبْتُ: بِالْكَسْرِ، جُلُودُ الْبَقَرِ الْمَدْبُوغَةِ بِالْقَرَظِ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بريدة أنّ النّجاشيّ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خفّين أسودين ساذجين، فلبسهما ومسح عليهما3.

_ 1 أخرجه أبو داود "650" في كتاب الصلاة، باب: الصلاة في النعل، والدارمي "1378"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 235"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 2 صحيح: أخرجه البخاري "5851" في كتاب اللباس، باب: النعال السبتية. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 236".

باب: مشطه ومكحلته صلى الله عليه وسلم ومرآته وقدحه وغير ذلك

بَابُ: مُشْطِهِ وَمِكْحَلَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمِرْآتِهِ وَقَدَحِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حدثنا مَنْدَلٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسَافِرُ بِالْمُشْطِ، وَالْمِرْآةِ، وَالْمُدْهُنِ، وَالسِّوَاكِ، وَالْكُحْلِ1. مُرْسَلٌ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِكْحَلَةُ يَكْتَحِلُ بِهَا عِنْدَ النَّوْمِ ثَلَاثًا فِي كُلِّ عَيْنٍ2. وَقَالَ حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ3 وَهُوَ صائم4. إسناده ليّن.

_ 1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 237". 2 ضعيف: أخرجه الترمذي "1763" في كتاب اللباس، باب: ما جاء في الاكتحال، وفي "الشمائل" "50-51"، وابن ماجه "3499" في كتاب الطب، باب: الكحل بالإثمد، وأحمد "1/ 354"، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن الترمذي". 3 الإثمد: حجر يكتحل به. 4 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 237"، ومحمد بن عبد الله وحبان بن علي كلاهما ضعيف.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ الْمُقَوْقِسَ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدَحَ زُجَاجٍ كَانَ يَشْرَبُ فِيهِ1. وَقَالَ حُمَيْدٌ: رَأَيْتُ قَدَحَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ أَنَسٍ، فِيهِ فِضَّةٌ قَدْ شَدَّهُ بِهَا2. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ: رَأَيْتُ قَدَحَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ أَنَسٍ، وَكَانَ قَدِ انْصَدَعَ، فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ3. قَالَ عَاصِمٌ: وَهُوَ قَدَحٌ جَيِّدٌ عَرِيضٌ مِنْ نُضَارٍ4، فَقَالَ أَنَسٌ: قَدْ سَقَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هذا القدح أكثر من كذا وكذ5ا، قال: وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلَقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا أَنَسٌ حَلْقَةً مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ: لَا تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَرَكَهُ6. أَخْرَجَهُ البخاري.

_ 1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 227". 2 صحيح: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 237". 3 أخرجه البخاري "5638" في كتاب الأشربة، باب: الشربة من قدح النبي -صلى الله عليه وسلم- وآنيته. 4 صحيح: انظر التخريج السابق. 5 صحيح: انظر التخريج السابق. 6 صحيح: انظر التخريج السابق.

باب: سلاح النبي صلى الله عليه وسلم ودوابه وعدته

بَابُ: سِلَاحِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدَوَابِّهِ وَعُدَّتِهِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ قِرَاءَةً، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ محمد الحافظ، أنا سليمان إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النِّيلِيُّ قَالَا: أَنْبَأَ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ الْمُقْرِي، أنا أبو الحسين أحمد بن فارس اللُّغَوِيُّ قَالَ: كَانَ سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَا الْفَقَارِ، وَكَانَ سَيْفًا أَصَابَهُ يَوْمَ بَدْرٍ. وَكَانَ لَهُ سَيْفٌ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ. وَأَعْطَاهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ سَيْفًا يُقَالُ لَهُ الْعَضْبُ1. وَأَصَابَ مِنْ سِلَاحِ بَنِي قينقاع سيفًا قلعيًّا2، وفي رواية

_ 1 العضب: القاطع. 2 قلعيًّا: منسوب إلى مرج القلعة.

يُقَالُ لَهُ الْبَتَّارُ1 وَالْحَتْفُ، وَكَانَ لَهُ الْمِخْذَمُ2، وَالرَّسُوبُ3، وَكَانَتْ ثَمَانِيَةَ أَسْيَافٍ4. وَقَالَ شَيْخُنَا شَرَفُ الدِّينِ الدِّمْيَاطِيُّ: أَوَّلُ سَيْفٍ مَلَكَهُ يُقَالُ لَهُ: الْمَأْثُورُ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ إِنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْجِنِّ، وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ، فَقَدِمَ بِهِ فِي هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بِسَيْفٍ يُدْعَى "الْعَضْبُ" حِينَ سَارَ إِلَى بَدْرٍ. وَكَانَ لَهُ ذُو الْفَقَارِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي وَسَطِهِ مِثْلُ فِقَرَاتِ الظَّهْرِ، صَارَ إِلَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ لِلْعَاصِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَخِي نُبَيْهِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَامِرٍ السَّهْمِيِّ -قُتِلَ الْعَاصُ، وَأَبُوهُ، وَعَمُّهُ كُفَّارًا يَوْمَ بَدْرٍ- وَكَانَتْ قَبِيعَتُهُ، وَقَائِمَتُهُ وَحَلَقَتُهُ، وَذُؤَابَتُهُ، وَبَكَرَاتُهُ، وَنَصْلُهُ، مِنْ فِضَّةٍ، وَالْقَائِمَةُ هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُمْسَكُ بِهَا، وَهِيَ الْقَبْضَةُ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ هُودِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَزِيدَةَ، عَنْ جَدِّهِ مَزِيدَةَ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ، وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ5. وَهُوَ ذُو الْفَقَارِ بِالْكَسْرِ، جَمْعُ فِقْرَةٍ وَبِالْفَتْحِ، جَمْعُ فَقَارَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِفِقْرَاتٍ كَانَتْ فِيهِ، وَهِيَ حُفَرٌ كَانَتْ فِي مَتْنِهِ حَسَنَةٌ. وَيُقَالُ: كَانَ أَصْلُهُ مِنْ حَدِيدَةٍ وُجِدَتْ مَدْفُونَةً عِنْدَ الْكَعْبَةِ مِنْ دَفْنِ جُرْهُمٍ، فَصُنِعَ مِنْهَا ذُو الْفَقَارِ وَصَمْصَامَةُ6 عَمْرِو بْنِ معديكرب الزُّبَيْدِيِّ، الَّتِي وَهَبَهَا لِخَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. وَأَخَذَ مِنْ سِلَاحِ بَنِي قَيْنُقَاعَ ثَلَاثَةَ أَسْيَافٍ: سَيْفًا قَلَعِيًّا، مَنْسُوبٌ إِلَى مَرْجِ الْقَلْعَةِ بالفتح موضع بالبادية، والبتّار، والحنيف، وَكَانَ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الرَّسُوبُ مِنْ رَسَبَ فِي الْمَاءِ إِذَا سَفُلَ وَالْمِخْذَمُ، وَهُوَ الْقَاطِعُ، أَصَابَهُمَا مِنَ الْفُلْسِ: صَنَمٌ كَانَ لِطَيْءٍ، وَسَيْفٌ يُقَالُ لَهُ الْقَضِيبُ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، والقضب: القطع.

_ 1 البتار: القاطع. 2 المخذم: السريع القطع. 3 الرسوب: الذي تغوص ضربته في المضروب. 4 معضل: أحمد بن فارس من علماء القرن الرابع: تأتي ترجمته "3679". 5 ضعيف: أخرجه الترمذي "1696" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في السيوف وحليتها، وفي "الشمائل" "106" وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "284": ضعيف. 6 الصمصامة: السيف القاطع الذي لا ينثني.

وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: صَنَعْتُ سَيْفِي عَلَى سَيْفِ سَمُرَةَ، وَزَعَمَ سَمُرَةُ أَنَّهُ صَنَعَهُ عَلَى سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ حَنَفِيًّا1. رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ2، وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ أَنَسٍ أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ3. وَالْحَنْفُ: الِاعْوِجَاجُ. قَالَ شَيْخُنَا4: وَكَانَتْ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِرْعٌ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ الْفُضُولِ، لِطُولِهَا، أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ سَعْدُ بن عبادة حين سار إلى بدر. وذات الْوِشَاحِ وَهِيَ الْمُوَشَّحَةُ، وَ"ذَاتُ الْحَوَاشِي"، وَدِرْعَانِ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمَا "السُّغْدِيَّةُ" وَ"فِضَّةٌ"5، وَكَانَتِ السُّغْدِيَّةُ دِرْعَ عُكْيَرٍ الْقَيْنُقَاعِيِّ، وَهِيَ دِرْعُ دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- الَّتِي لَبِسَهَا حِينَ قَتَلَ جَالُوتَ. وَدِرْعٌ يُقَالُ لَهَا الْبَتْرَاءُ، وَدِرْعٌ يُقَالُ لَهَا الْخَرْنَقُ، وَالْخَرْنَقُ وَلَدُ الْأَرْنَبِ. وَلَبِسَ يَوْمَ أحد درعين ذات الفضول وفضّة. وَكَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ خَيْبَرَ: "ذَاتُ الْفُضُولِ" وَ"السُّغْدِيَّةُ". وَقَدْ تُوُفِّيَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَخَذَهَا قوتًا لأهله6.

_ 1 ضعيف: أخرجه الترمذي "1689" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في صفة سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي "الشمائل" "107-108" وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "283": ضعيف. 2 وهو عثمان بن سعد الكاتب، لين الحديث، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": ضعيف، وانظر "الميزان" "5511". 3 صحيح: أخرجه أبو داود "2583 و2585" في كتاب الجهاد، باب: في السيف يحلى، والترمذي "1697" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في السيوف وحليتها، وفي "الشمائل" "104"، والنسائي "8/ 219" في كتاب الزينة، باب: حلية السيف، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 238" من طريق عثمان بن سعد وقتادة عن أنس -رضي الله عنه- وقال الحافظ ابن حجر في "التخليص" "1/ 52": إسناده صحيح. وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 يقصد شرف الدين الدمياطي. 5 إسناده ضعيف جدًّا. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 239"، وفي إسناده أبو بكر بن أبي سبرة والواقدي وكلاهما متروك. 6 صحيح: وقد تقدم تخريجه.

وقال عبيس بن مرحوم العطّار: حدثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ فِي دِرْعِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَلَقَتَانِ مِنْ فِضَّةٍ فِي مَوْضِعِ الصَّدْرِ، وَحَلَقَتَانِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: فَلَبِسْتُهَا فَجَعَلْتُ أَخُطُّهَا فِي الْأَرْضِ1. قَالَ شَيْخُنَا: وَكَانَ لَهُ خَمْسُ أَقْوَاسٍ: ثَلَاثٌ مِنْ سِلَاحِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَقَوْسٌ تُدْعَى "الزَّوْرَاءَ"، وَقَوْسٌ تُدْعَى "الْكَتُومَ"، وَكَانَتْ جَعْبَتُهُ تُدْعَى "الْكَافُورَ". وَكَانَتْ لَهُ مِنْطَقَةٌ2 مِنْ أَدِيمٍ مَبْشُورٍ3، فِيهَا ثَلَاثُ حِلَقٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَتُرْسٌ يُقَالُ لَهُ "الزَّلُوقُ"، يَزْلَقُ عَنْهُ السِّلَاحُ، وَتُرْسٌ يُقَالُ لَهُ "الْعُنُقُ"، وَأُهْدِيَ لَهُ تُرْسٌ فِيهِ تِمْثَالُ عُقَابٍ أَوْ كَبْشٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَأَذْهَبَ اللَّهُ ذَلِكَ التِّمْثَالَ4. وَأَصَابَ ثَلَاثَةَ أَرْمَاحٍ مِنْ سِلَاحِ بَنِي قَيْنُقَاعَ5. وَكَانَ لَهُ رُمْحٌ يُقَالُ لَهُ "الْمُثْوِي"، وَآخَرُ يُقَالُ لَهُ "الْمُتَثَنِّي"، وَحَرْبَةٌ اسْمُهَا "الْبَيْضَاءُ"6، وَأُخْرَى صَغِيرَةٌ كَالْعُكَّازِ. وَكَانَ لَهُ مِغْفَرٌ7 مِنْ سِلَاحِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَآخَرُ يُقَالُ لَهُ "السَّبُوغُ". وَكَانَتْ لَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ مُرَبَّعَةٌ مِنْ نَمِرَةٍ مُخْمَلَةٍ8، تُدْعَى "الْعُقَابَ"9.

_ 1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 239" من طريق آخر عن حاتم بن إسماعيل. 2 المنقطة: ما يشد به الوسط. 3 الأديم المبشور: الجلد المقشور. 4 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 239" عن مكحول مرسلًا. 5 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، وفي إسناده أبو بكر بن أبي سبرة، والواقدي، وكلاهما متروك. 6 إسناده ضعيف جدًّا: انظر التخريج السابق. 7 تقدم بنحوه. 8 صحيح دون قول "مربعة ... ": أخرجه أبو داود "2591" في كتاب الجهاد، باب: في الرايات والألوية، والترمذي "1686" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في الرايات، من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- دون قوله: "مخملة"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "282": صحيح دون قوله "مربعة". 9 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 238" عن علقمة بن أبي علقمة، وأخرجه "1/ 222" عن الحسن مرسلًا.

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، مِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، عَنْ آخَرَ قَالَ: رَأَيْتُ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَفْرَاءَ1، وَكَانَتْ أَلْوِيَتُهُ بِيضًا2. وَرُبَّمَا جَعَلَ فِيهَا الْأَسْوَدَ، وَرُبَّمَا كَانَتْ مِنْ خُمُرِ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ. وَكَانَ فُسْطَاطُهُ يُسَمَّى "الْكِنَّ". وَكَانَ لَهُ مِحْجَنٌ3 قَدْرَ ذِرَاعٍ أَوْ أَكْثَرَ، يَمْشِي وَيَرْكَبُ بِهِ، وَيُعَلِّقُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى بَعِيرِهِ. وَكَانَتْ لَهُ مِخْصَرَةٌ4 تُسَمَّى "الْعُرْجُونَ"، وَقَضِيبٌ يُسَمَّى "الْمَمْشُوقَ". وَاسْمُ قَدَحِهِ "الرَّيَّانُ". وَكَانَ لَهُ قَدَحٌ مُضَبَّبٌ غَيْرُ "الرَّيَّانِ"، يُقَدَّرُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْمُدِّ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْكَسَرَ، وَاتَّخَذَ مَكَانَ الشِّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ5. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَكَانَ لَهُ قَدَحٌ مِنْ زُجَاجٍ6، وَتَوْرٌ مِنْ حِجَارَةٍ، يَتَوَضَّأُ مِنْهُ كَثِيرًا، وَمِخْضَبٌ مِنْ شِبْهٍ7. وَرَكْوَةٌ8 تُسَمَّى "الصَّادِرَةَ"، وَمِغْسَلٌ مِنْ صُفْرٍ9، وربعة أهداها له

_ 1 ضعيف: أخرجه أبو داود "2593" في كتاب الجهاد، باب: في الرايات والألوية، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "557": ضعيف. 2 حسن: أخرجه الترمذي "1687" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في الرايات، وابن ماجه "2818" في كتاب الجهاد، باب: في الرايات والألوية، من حديث ابن عباس -رضي الله عنه- وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2274": حسن. 3 المحجن: العود معوج الرأس. 4 المخصرة: العصا ونحوها. 5 صحيح: أخرجه البخاري "5638" في كتاب الأشربة، باب: الشرب من قدح النبي -صلى الله عليه وسلم- وآنيته، من طريق عاصم الأحول عن أنس. 6 مرسل: أخرجه ابن سعد في الطبقات "1/ 2387" عَن عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن عُتْبَة مرسلًا. 7 الشبه: النحاس. 8 الركوة: الإناء الصغير. 9 الصفر: النحاس.

الْمُقَوْقِسُ، يَجْعَلُ فِيهَا الْمِرْآةَ وَمُشْطًا مِنْ عَاجٍ1، وَالْمِكْحَلَةَ، وَالْمِقَصَّ، وَالسِّوَاكَ. وَكَانَتْ لَهُ نَعْلَانِ سِبْتِيَّتَانِ2، وَقَصْعَةٌ، وَسَرِيرٌ، وَقَطِيفَةٌ. وَكَانَ يَتَبَخَّرُ بِالْعُودِ وَالْكَافُورِ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ بِإِسْنَادِي الْمَاضِي إِلَيْهِ: يُقَالُ تَرَكَ يَوْمَ تُوُفِّيَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَوْبَيْ حِبَرَةٍ3، وَإِزَارًا عُمَانِيًّا، وَثَوْبَيْنِ صُحَارِيَّيْنِ4، وَقَمِيصًا صُحَارِيًا وَقَمِيصًا سَحُولِيًا5، وَجُبَّةً يَمَنِيَّةً، وَخَمِيصَةً6، وَكِسَاءً أَبْيَضَ، وَقَلَانِسَ صِغَارًا ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، وَإِزَارًا طُولُهُ خَمْسَةُ أَشْبَارٍ، وَمِلْحَفَةً يَمَنِيَّةً مُوَرَّسَةً. وَأَكْثَرُ هَذَا الْبَابِ كَمَا تَرَى بِلَا إِسْنَادٍ، نَقَلَهُ هَكَذَا ابْنُ فَارِسٍ، وَشَيْخُنَا الدِّمْيَاطِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ . وَأَمَّا دَوَابُّهُ فَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، كَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَائِطِنَا فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ اللَّحِيفُ7. وَرَوَى عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -وَهُوَ ضَعِيفٌ-8 عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَةُ أَفْرَاسٍ، يَعْلِفُهُنَّ عند أبي سعد بن سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ. فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يسمّيهنّ: "اللزاز"، "والظّرب"، و"اللّحيف"9. رواه الواقدي عنه. وزاد في الحديث بالسّنن: فَأَمَّا "اللِّزَازُ" فَأَهْدَاهُ لَهُ الْمُقَوْقِسُ، وَأَمَّا اللَّحِيفُ فَأَهْدَاهُ لَهُ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي الْبَرَاءِ، فَأَثَابَهُ عَلَيْهِ فَرَائِضَ مِنْ نَعَمِ بَنِي كِلَابٍ، وَأَمَّا الظَّرِبُ فَأَهْدَاهُ لَهُ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجُذَامِيُّ10.

_ 1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 237" عن ابن جريج مرسلًا. 2 صحيح: وقد تقدم من حديث ابن عمر. 3 الحبرة: نوع من الثياب اليمنية. 4 صحاريين: نسبة إلى صحار، وهي قرية في اليمن. 5 نسبة إلى سحول، قرية باليمن. 6 الخميصة: ثوب خز معلم. 7 صحيح: أخرجه البخاري "2855" في كتاب الجهاد، باب: اسم الفرس والحمار. 8 وكذلك ضعفه ابن حجر في "التقريب"، وانظر "الميزان" "5279". 9 إسناه ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" وفي إسناده الواقدي، وهو متروك، وفي النسخة عندي "أبي بن عباس بن سهل" وهو ضعيف أيضًا. 10 إسناده ضعيف جدًّا: انظر التخريج السابق.

وَ"اللِّزَازُ" مِنْ قَوْلِهِمْ: لَازَزْتُهُ أَيْ لَاصَقْتُهُ، وَالْمُلَزَّزُ: الْمُجْتَمِعُ الْخَلْقِ. وَ"الظَّرِبُ": وَاحِدُ الظِّرَابِ، وَهِيَ الرَّوَابِي الصِّغَارُ، سُمِّيَ بِهِ لِكِبَرِهِ وَسِمْنِهِ، وَقِيلَ لِقُوَّتِهِ، وَقَالَهُ الْوَاقِدِيُّ بِطَاءٍ مُهْمَلَةٍ، وَقَالَ: سُمِّيَ الطَّرِبَ لِتَشَوُّفِهِ أَوْ لِحُسْنِ صَهِيلِهِ. وَ"اللَّحِيفُ": بِمَعْنَى لَاحِفٍ، كَأَنَّهُ يَلْحَفُ الْأَرْضَ بِذَنَبِهِ لِطُولِهِ، وَقِيلَ: اللُّحَيْفُ، مُصَغَّرٌ. وَأَوَّلُ فَرَسٍ مَلَكَهُ: "السَّكْبُ"، وَكَانَ اسْمُهُ عِنْدَ الْأَعْرَابِيِّ: "الضَّرِسَ"، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِعَشْرِ أَوَاقِي، أَوَّلُ مَا غَزَا عَلَيْهِ أحد، لَيْسَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُهُ، وَفَرَسٌ لِأَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ1. وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ يُدْعَى: "الْمُرْتَجِزَ"2، سُمِّيَ بِهِ لِحُسْنِ صَهِيلِهِ، وَكَانَ أَبْيَضَ. وَالْفَرَسُ إِذَا كَانَ خَفِيفَ الْجَرْيِ فَهُوَ سَكْبٌ وَفَيِّضٌ كَانْسِكَابِ الْمَاءِ. وَأَهْدَى لَهُ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ فَرَسًا يُدْعَى الْوَرْدَ، فَأَعْطَاهُ عُمَرَ3. وَالْوَرْدُ: بَيْنَ الْكُمَيْتِ وَالْأَشْقَرِ. وَكَانَتْ لَهُ فَرَسٌ تُدْعَى "سَبْحَةً"4، مِنْ قَوْلِهِمْ: طِرْفٌ سَابِحٌ، إِذَا كَانَ حَسَنَ مَدِّ الْيَدَيْنِ فِي الْجَرْيِ. قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَفْرَاسٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَذَكَرَ بَعْدَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَرَسًا مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَقَالَ: قَدْ شَرَحْنَاهَا فِي "كِتَابِ الْخَيْلِ". قَالَ: وَكَانَ سَرْجُهُ دَفَّتَاهُ مِنْ لِيفٍ. وَكَانَتْ لَهُ بَغْلَةٌ أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ، شهباء يقال لها: "دلّدل". مع حمار

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" عن سهل بن أبي حثمة، وفي إسناده الواقدي، متروك كما تقدم. 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" عن ابن عباس، وفي إسناده الواقدي. 3 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" عن سهل بن سعد، وفي إسناده أبي بن عباس وهو ضعيف، والواقدي وهو متروك. 4 كذا في المطبوعة، وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 240" عن أنس، ولفظه "سيحة".

يُقَالُ لَهُ: "عُفَيْرٌ"1، وَبَغْلَةٌ يُقَالُ لَهَا: "فِضَّةٌ"، أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ الْجُذَامِيُّ، مَعَ حِمَارٍ يُقَالَ لَهُ "يَعْفُورُ"، فَوَهَبَ الْبَغْلَةَ لِأَبِي بَكْرٍ2، وَبَغْلَةً أُخْرَى. قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ: غَزَوْنَا تَبُوكَ، فَجَاءَ رَسُولُ ابْنِ الْعَلْمَاءِ صَاحِبِ أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكِتَابٍ، وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْدَى لَهُ بُرْدَةً، وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ3، وَالْحَدِيثُ فِي الصِّحَاحِ. وقال ابن سعد: وبعث صَاحِبُ دُومَةِ الْجَنْدَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَغْلَةٍ وَجُبَّةِ سُنْدُسٍ4. وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونَ الْقَدَّاحُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ5. وَيُقَالُ إِنَّ كِسْرَى أَهْدَى لَهُ بَغْلَةً، وَهَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ -لَعَنَهُ اللَّهُ- مَزَّقَ كِتَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَتْ لَهُ النَّاقَةُ الَّتِي هَاجَرَ عَلَيْهَا مِنْ مَكَّةَ، تُسَمَّى "القصواء"، و"العضباء" و"الجدعاء"6، وَكَانَتْ شَهْبَاءَ. وَقَالَ أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَاقَةٍ صَهْبَاءَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ، لَا ضَرْبَ وَطَرْدَ، وَلَا إِلَيْكَ إليك7. حديث حسن.

_ 1 مرسل إسناده ضعيف جدا: أخرجه البخاري ابن سعد في "الطبقات" "1/ 241" مرسلا، وفي إسناده الواقدي. 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 241" عن زامل بن عمرو، وفي إسناده أبو بكر بن أبي سبرة والواقدي، وكلاهما متروك. 3 صحيح: أخرجه البخاري "1481" في كتاب الزكاة باب: خرص التمر، ومسلم "1392" في كتاب الحج، باب: أحد جبل يحبنا ونحبه، وأحمد "4/ 424، 425". 4 تقدم بنحوه من حديث أنس. 5 قلت: وهو متروك، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": منكر الحديث متروك. 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 241" مرسلا، وفي إسناده الواقدي متروك، وبعض هذه الأسماء ورد في الصحيح، أما العضباء فأخرجه البخاري "2871" في كتاب الجهاد، باب: ناقة النبي -صلى الله عليه وسلم، من حديث أنس -رضي الله عنه. وأما القصواء فأخرجه البخاري "2731، 2732" في كتاب الشروط، باب: الشروط في الجهاد، من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، في قصة الحديبية. 7 صحيح: أخرجه النسائي "5/ 270" في كتاب الحج، باب: الركوب إلى الجمار، وابن ماجه "3035" في كتاب المناسك، باب: رمي الجمار راكبا، وأحمد "3/ 413"، والدارمي "1901"، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2461": صحيح، وأخرجه الترمذي "904" في كتاب الحج، باب: كراهية طرد الناس عند رمي الجمار، دون قوله "صهباء".

الصَّهْبَاءُ: الشَّقْرَاءُ. وَكَانَتْ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِقَاحٌ1 أَغَارَتْ عَلَيْهَا غَطَفَانُ وَفَزَارَةُ، فَاسْتَنْقَذَهَا سَلَمَةُ ابْنُ الْأَكْوَعِ وَجَاءَ بِهَا يَسُوقُهَا2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَهُوَ مِنَ الثُّلَاثِيَّاتِ. وَجَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْدَى يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ جَمَلًا فِي أَنْفِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ، كَانَ غَنِمَهُ مِنْ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ، أَهْدَاهُ لِيَغِيظَ بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا رَأَوْهُ، وَكَانَ مَهْرِيًّا3 يَغْزُو عَلَيْهِ وَيَضْرِبُ فِي لِقَاحِهِ4. وَقِيلَ: كَانَ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِشْرُونَ لِقْحَةً بالغابة، يراح إليه منها كلّ ليلة يقربتين مِنْ لَبَنٍ5. وَكَانَتْ لَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ لِقْحَةً، يَرْعَاهَا يَسَارُ مَوْلَاهُ الَّذِي قَتَلَهُ الْعَرْنِيُّونَ وَاسْتَاقُوا اللِّقَاحَ، فَجِيءَ بِهِمْ فَسَمَلَهُمْ6. وَكَانَ لَهُ مِنَ الْغَنَمِ مِائَةُ شَاةٍ، لَا يُرِيدُ أَنْ تَزِيدَ، كُلَّمَا وَلَّدَ الرَّاعِي بُهْمَةً7 ذَبَحَ مَكَانَهَا شَاةً.

_ 1 اللقاح: النوق ذوات الألبان. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3041" في كتاب الجهاد، باب: من رأي العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، ومسلم "1806" في كتاب الجهاد، باب: غزوة ذي قرد وغيرها، من حديث سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه. 3 مهريا: من كرائم الإبل. 4 حسن: أخرجه أبو داود "1749" في كتاب الحج، باب: في الهدي، وابن إسحاق في "السيرة" "2/ 209"، وأبو نعيم في "الحلية" "9815" من حديث ابن عباس، وحسنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 5 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 242" عن معاوية بن عبد الله بن عبيد الله معضلا، وفي إسناده الواقدي متروك. 6 أصل القصة عند البخاري "233" في كتاب الوضوء، باب: أبوال الإبل، ومسلم "1671" في كتاب القسامة، باب: حكم المحاربين، من حديث أنس -رضي الله عنه، دون ذكر عدد اللقاح واسم الراعي. 7 البهمة: ولد الضأن.

وقد سحر النبي صلى الله عليه وسلم في شواء

وَقَدْ سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شواء ... وَقَدْ سُحِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسُمَّ فِي شِوَاءٍ: قَالَ وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُحِرَ، حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَصْنَعُ الشَّيْءَ وَلَمْ يَصْنَعْهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ رَأَيْتُهُ يَدْعُو، فَقَالَ: "أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ: أَتَانِي رَجُلَانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ الْآخَرُ: مَطْبُوبٌ 1، قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، قَالَ: فِيمَ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ 2 وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ 3، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي ذِي أَرْوَانَ"، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَجَعَ أَخْبَرَ عَائِشَةَ فَقَالَ: "كَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْرِجْهُ لِلنَّاسِ، قَالَ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا" 4. فِي لَفْظٍ: فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ5. رَوَى عُمَرُ مَوْلَى عَفْرَةَ -وَهُوَ تَابِعِيٌّ- أَنَّ لَبِيدَ بْنَ أَعْصَمَ سَحَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى الْتَبَسَ بَصَرُهُ وَعَادَهُ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ إِنَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ أَخْبَرَاهُ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاعْتَرَفَ، فَاسْتَخْرَجَ السِّحْرَ مِنَ الْجُبِّ، ثُمَّ نَزَعَهُ فَحَلَّهُ، فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَفَا عَنْهُ6. وَرَوَى يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ فِي سَاحِرِ أَهْلِ الْعَهْدِ: لا يقتل، وقد سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَهُودِيٌّ، فَلَمْ يَقْتُلْهُ7. وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَفَا عَنْهُ8.

_ 1 مطبوب: مسحور. 2 مشاطة: في رواية "مشاقة" وصوبها الحافظ ابن حجر في "الفتح" "10/ 242" والمشاطة: ما يخرج من الشعر الذي سقط من الرأس إذا سرح بالمشط، قاله ابن قتيبة. 3 جف طلعة ذكر: في رواية "جف طلعة نخلة ذكر"، وهو الغشاء الذي يكون على الطلع. 4 صحيح: أخرجه البخاري "5863" في كتاب الطب، باب: السحر، ومسلم "2189" في كتاب السلام، باب: السحر. 5 صحيح: أخرجه مسلم "2189/ 43" في المصدر السابق. 6 مرسل: إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 348" وفي إسناده ابن لهيعة، ضعيف الحفظ. 7 إسناده حسن إلى الزهري: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 349، 350" وفي رواية يونس عن الزهري مقال لا ينزل حديثه عن الحسن، وهو إلى الصحة أقرب، وفي إسناده عتاب بن زياد صدوق. 8 مرسل إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 350" وفي إسناده الواقدي، متروك.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: هَذَا أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِمَّنْ رَوَى أنّه قتله1. وقال أبو معاوية: حدثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ الْيَهُودَ سَمَّتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَمَّتْ أَبَا بَكْرٍ2. وَفِي "الصَّحِيحِ" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ أَهْدَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةً مَسْمُومَةً3. وَعَنْ جَابِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَاطْمَأَنَّ جَعَلَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَهِيَ بِنْتُ أَخِي مَرْحَبٍ وَامْرَأَةُ سَلامِ بْنِ مِشْكَمٍ سُمًّا قَاتِلًا فِي عَنْزٍ لَهَا ذَبَحَتْهَا وَصَلَتْهَا4، وَأَكْثَرَتِ السُّمَّ فِي الذِّرَاعَيْنِ وَالْكَتِفِ، فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَغْرِبَ انْصَرَفَ وَهِيَ جَالِسَةٌ عِنْدَ رَحْلِهِ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ هَدِيَّةٌ أَهْدَيْتُهَا لَكَ، فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأُخِذَتْ مِنْهَا، ثُمَّ وُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَصْحَابُهُ حُضُورٌ، مِنْهُمْ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، وَتَنَاوَلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَانْتَهَشَ مِنَ الذِّرَاعِ، وَتَنَاوَلَ بِشْرٌ عَظْمًا آخَرَ، فَانْتَهَشَ مِنْهُ، وَأَكَلَ الْقَوْمُ مِنْهَا. فَلَمَّا أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لُقْمَةً قَالَ: "ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّ هَذِهِ الذِّرَاعَ تُخْبِرُنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ" فَقَالَ بِشْرٌ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، لَقَدْ وَجَدْتُ ذَلِكَ مِنْ أَكْلَتِي، فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَلْفُظَهَا إِلَّا أَنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُبْغِضَ إِلَيْكَ طَعَامَكَ، فَلَمَّا أَكَلْتَ مَا فِي فِيكَ لَمْ أَرْغَبْ بِنَفْسِي عَنْ نَفْسِكَ، وَرَجَوْتُ أَنْ لَا تَكُونَ ازْدَرَدْتَهَا وَفِيهَا بَغْيٌ، فَلَمْ يَقُمْ بِشْرٌ حَتَّى تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَمَاطَلَهُ وَجَعُهُ سَنَةً وَمَاتَ5.

_ 1 نقله في "الطبقات" "1/ 350". 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 350". 3 صحيح: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 350"، وأخرجه البخاري "2617" في كتاب الهبة، باب: قبول الهدية من المشركين، ومسلم "2190" في كتاب السلام، باب: السم، من حديث أنس. 4 صلتها: شوتها. 5 صحيح بنحوه: أخرجه أبو داود "4512" في كتاب الديات، باب: فيمن سقى رجلا سما، الدارمي "69" من حديث أبي هريرة، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". وأما رواية جابر فأخرجها أبو داود "4510" في المصدر السابق، والدارمي "68" وضعفها الحافظ العراقي في تخريج "الإحياء" "1/ 368" بالانقطاع، وكذلك ضعفها الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 569"، والألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "973".

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَرِمْ بِشْرٌ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ، فَدَعَاهَا فَقَالَ: "مَا حَمَلَكِ"؟ قَالَتْ: نِلْتَ مِنْ قَوْمِي، وَقَتَلْتَ أَبِي وَعَمِّي وَزَوْجِي، فَقُلْتُ: إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَسَتُخْبِرُهُ الذِّرَاعُ، وَإِنْ كان ملكًا أسرحنا مِنْهُ، فَدَفَعَهَا إِلَى أَوْلِيَاءِ بِشْرٍ يَقْتُلُونَهَا1. وَهُوَ الثَّبْتُ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ يَعْرِضْ لَهَا وَاحْتَجَمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى كَاهِلِهِ. حَجَمَهُ أَبُو هِنْدٍ بِقَرْنٍ وَشَفْرَةٍ2، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَاحْتَجَمُوا أَوْسَاطَ رُءُوسِهِمْ، وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ سِنِينَ. وَكَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يَقُولُ: "مَا زِلْتُ أَجِدُ مِنَ الْأَكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُهَا بِخَيْبَرَ، وَهَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي"، وَفِي لَفْظٍ: "مَا زَالَتْ أَكْلَةُ خَيْبَرَ يُعَاوِدُنِي أَلَمُ سُمِّهَا" وَالْأَبْهَرُ عِرْقٌ فِي الظَّهْرِ3 -وَهَذَا سِيَاقٌ غَرِيبٌ. وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي "الصَّحِيحِ". وَرَوَى أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: لَأَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ تِسْعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُتِلَ قَتْلًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً، يَعْنِي أَنَّهُ مَاتَ مَوْتًا، وَذَلِكَ فإنّ الله اتّخذه نبيًّا وجعله شهيدًا4.

_ 1 أخرجه أبو داود "4512، 4514" في المصدر السابق عن أبي هريرة وكعب بن مالك -رضي الله عنهما، دون قوله "قَالَتْ: نِلْتَ مِنْ قَوْمِي، وَقَتَلْتَ أَبِي وَعَمِّي وزوجي"، وصحح كلا الحديثين الألباني في "صحيح سنن أبي داود". وأما هذه الزيادة فقد أخرجها ابن سعد في "الطبقات" "1/ 351" من حديث ابن عباس، وإسنادها ضعيف جدا. 2 ضعيف: أخرجه أبو داود "4510" في المصدر السابق، من حديث جابر، وضعفه الألباني وغيره كما تقدم، ولو صح لكان المثبت لقتلها مقدم على النافي. 3 ذكره ابن سعد في "الطبقات" "1/ 351" عقب حديث ابن عباس. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 172".

باب: ما وجد من صورة نبينا وصور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عند أهل الكتاب بالشام

بَابُ: مَا وُجِدَ مِنْ صُورَةِ نَبِيِّنَا وَصُوَرِ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالشَّامِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ الرَّبْعِيُّ وهو ضعيف بمرّة1: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ عُثْمَانَ عَمَّتِي، عَنْ أَبِيهَا سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ يَقُولُ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَظَهَرَ أَمْرُهُ بِمَكَّةَ، خَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا كُنْتُ بِبُصْرَى أَتَتْنِي جَمَاعَةٌ مِنَ النَّصَارَى فَقَالُوا لِي: أَمِنَ الْحَرَمِ أَنْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالُوا: فَتَعْرِفُ هَذَا الَّذِي تَنَبَّأَ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فأدخلوني ديرًا لهم فيه صور فقالوا: انظر هَلْ تَرَى صُورَتَهُ؟ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ صُورَتَهُ، قُلْتُ: لَا أَرَى صُورَتَهُ، فَأَدْخَلُونِي دَيْرًا أَكْبَرَ مِنْ ذَاكَ فَنَظَرْتُ، وَإِذَا بِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصُورَتِهِ وَبِصِفَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصُورَتِهِ، وَهُوَ آخِذٌ بِعَقِبِ2 رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا لِي: هَلْ ترى صورته؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالُوا: هُوَ هَذَا؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، أَشْهَدُ أَنَّهُ هُوَ، قَالُوا، أَتَعْرِفُ هَذَا الَّذِي أَخَذَ بِعَقِبِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا صَاحِبُكُمْ وَأَنَّ هَذَا الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ3. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ"، عَنْ مُحَمَّدٍ، غَيْرَ مَنْسُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، أَخْصَرَ مِنْ هَذَا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ إِدْرِيسَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ الْأُمَوِيِّ قَالَ: بُعِثْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى هِرَقْلَ نَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَنَزَلْنَا عَلَى جَبَلَةَ بْنِ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانِيِّ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ عَلَى سرير له، فأرسل إلينا برسول نُكَلِّمُهُ، فَقُلْنَا: وَاللَّهِ لَا نُكَلِّمُ رَسُولًا، إِنَّمَا بعثنا إلى الملك، فأذن لنا وقال:

_ 1 تقدم أنه ضعيف جدًّا. 2 العقب: عظم مؤخر القدم. 3 إسناده ضعيف جدًّا: عبد الله بن شبيب ضعيف جدًّا كما تقدم.

تَكَلَّمُوا، فَكَلَّمْتُهُ وَدَعَوْتُهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَإِذَا عَلَيْهِ ثِيَابٌ سَوَادٌ، قُلْنَا: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: لَبِسْتُهَا وَحَلَفْتُ أَنْ لَا أَنْزَعِهَا حَتَّى أُخْرِجَكُمْ مِنَ الشَّامِ، قُلْنَا: وَمَجْلِسُكَ هَذَا، فَوَاللَّهِ لَنَأْخُذَنَّهُ مِنْكَ، وَلَنَأْخُذَنَّ مِنْكَ الْمُلْكَ الْأَعْظَمَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ نَبِيُّنَا، قَالَ: لَسْتُمْ بِهِمْ، بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَصُومُونَ بِالنَّهَارِ فَكَيْفَ صَوْمُكُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَمَلَأَ وَجْهَهُ سَوَادًا وَقَالَ: قُومُوا، وَبَعَثَ مَعَنَا رَسُولًا إِلَى الْمَلِكِ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ الَّذِي مَعَنَا: إِنَّ دوابّكم هذه لَا تَدْخُلُ مَدِينَةَ الْمَلِكِ، فَإِنْ شِئْتُمْ حَمَلْنَاكُمْ عَلَى بَرَاذِينَ1 وَبِغَالٍ؟ قُلْنَا: وَاللَّهِ لَا نَدْخُلُ إِلَّا عَلَيْهَا، فَأَرْسَلُوا إِلَى الْمَلِكِ أَنَّهُمْ يَأْبَوْنَ، فدخلنا على رَوَاحِلَنَا مُتَقَلِّدِينَ سُيُوفَنَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى غُرْفَةٍ له، فأنحنا فِي أَصْلِهَا، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْنَا، فَقُلْنَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ لَقَدْ تَنَقَّضَتِ الْغُرْفَةُ حَتَّى صَارَتْ كَأَنَّهَا عَذْقٌ تُصَفِّقُهُ الرِّيَاحُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا: لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَجْهَرُوا عَلَيْنَا بِدِينِكُمْ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا أَنِ ادْخُلُوا، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى فِرَاشٍ لَهُ، عِنْدَهُ بَطَارِقَتُهُ مِنَ الرُّومِ، وَكُلُّ شَيْءٍ فِي مَجْلِسِهِ أَحْمَرُ، وَمَا حَوْلَهُ حُمْرَةٌ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ مِنَ الْحُمْرَةِ، فَدَنَوْنَا مِنْهُ، فَضَحِكَ وَقَالَ: مَا كَانَ عَلَيْكُمْ لَوْ حَيَّيْتُمُونِي بِتَحِيَّتِكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَإِذَا عِنْدَهُ رَجُلٌ فَصِيحٌ بِالْعَرَبِيَّةِ، كَثِيرُ الْكَلَامِ، فَقُلْنَا: إِنَّ تَحِيَّتَنَا فِيمَا بَيْنَنَا لَا تَحِلُّ لَكَ، وَتَحِيَّتُكَ الَّتِي تُحَيَّا بِهَا لَا يَحِلُّ لَنَا أَنْ نُحَيِّيكَ بِهَا، قَالَ: كَيْفَ تَحِيَّتُكُمْ فِيمَا بينكم؟ قلنا: السلام عليك، قال: فيم تُحَيُّونَ مَلِكَكُمْ؟ قُلْنَا: بِهَا، قَالَ: وَكَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْكُمْ؟ قُلْنَا: بِهَا، قَالَ: فَمَا أَعْظَمَ كَلامَكُمْ؟ قُلْنَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَلَمَّا تَكَلَّمْنَا بِهَا قَالَ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ لَقَدْ تَنَقَّضَتِ2 الْغُرْفَةُ، حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْنَا فَقَالَ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ الَّتِي قُلْتُمُوهَا حَيْثُ تَنَقَّضَتِ الْغُرْفَةُ كُلَّمَا قُلْتُمُوهَا فِي بُيُوتِكُمْ تَنْقَضُّ بُيُوتُكُمْ عَلَيْكُمْ؟ قُلْنَا: لَا، مَا رَأَيْنَاهَا فَعَلَتْ هَذَا قَطُّ إِلَّا عِنْدَكَ، قَالَ: لَوَدِدْتُ أَنَّكُمْ كُلَّمَا قُلْتُمْ يَنْقُضُ كُلُّ شَيْءٍ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي خَرَجْتُ مِنْ نِصْفِ مُلْكِي، قُلْنَا: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ كَانَ أَيْسَرَ لِشَأْنِهَا، وَأَجْدَرَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ أَمْرِ النُّبُوَّةِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ حِيَلِ النَّاسِ. ثُمَّ سَأَلَنَا عَمَّا أَرَادَ، فَأَخْبَرْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: كيف صلاتكم وصومكم؟ فأخبرناه، فقال: قوموا، فقمنا، فَأَمَرَ بِنَا بِمَنْزِلٍ حَسَنٍ وَنُزُلٍ كَثِيرٍ، فَأَقَمْنَا ثلاثًا، فأرسل إلينا

_ 1 جمع برذون: يطلق على غير العربي من الخيل والبغال. 2 تنقضب: تهدمت.

لَيْلًا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَاسْتَعَادَ قَوْلَنَا، ثُمَّ دَعَا بِشَيْءٍ كَهَيْئَةِ الرَّبْعَةِ1 الْعَظِيمَةِ، مُذَهَّبَةً فِيهَا بُيُوتٌ صِغَارٌ، عَلَيْهَا أَبْوَابٌ، فَفَتَحَ بَيْتًا وَقُفْلًا، وَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ فَنَشَرَهَا، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ حَمْرَاءُ، وَإِذَا فِيهَا رَجُلٌ ضَخْمُ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمُ الْإِلْيَتَيْنِ، لَمْ أَرَ مِثْلَ طُولِ عُنُقِهِ، وَإِذَا لَيْسَتْ له لحية، وإذا ضَفِيرَتَانِ أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ، قَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا آدَمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ لَنَا بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ، وَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ بيضاء، وإذا له شعر كشعر القطط، أحمر العينين ضَخْمُ الْهَامَةِ حَسَنُ اللِّحْيَةِ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا نُوحٌ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ، وَإِذَا فِيهَا رَجُلٌ شَدِيدُ الْبَيَاضِ حَسَنُ الْعَيْنَيْنِ صَلْتُ الْجَبِينِ2، طَوِيلُ الْخَدَّيْنِ أَبْيَضُ اللِّحْيَةِ كَأَنَّهُ يَتَبَسَّمُ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ وَإِذَا وَاللَّهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَتَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: نَعَمْ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَكَيْنَا، قَالَ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَامَ قَائِمًا ثُمَّ جَلَسَ وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَهُوَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ إِنَّهُ لَهُوَ، كَأَنَّمَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَأَمْسَكَ سَاعَةً يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ آخِرَ الْبُيُوتِ، وَلَكِنِّي عَجَّلْتُهُ لَكُمْ لِأَنْظُرَ مَا عِنْدَكُمْ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ أَدْمَاءُ3 سَحْمَاءُ4 وَإِذَا رَجُلٌ جَعْدٌ قَطَطٌ5، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، حَدِيدُ النَّظَرِ، عَابِسٌ، مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ، مُقَلَّصُ الشَّفَةِ، كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِلَى جَنْبِهِ صُورَةٌ تُشْبِهُهُ، إِلَّا أَنَّهُ مُدْهَانُّ الرَّأْسِ، عَرِيضُ الْجَبِينِ، فِي عَيْنِهِ قَبَلٌ6، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ. هَذَا هَارُونُ بْنُ عِمْرَانَ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فَإِذَا فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ آدَمَ سَبْطٍ رَبْعَةٍ كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا لُوطٌ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فَإِذَا فيها

_ 1 الربعة: المتوسطة. 2 الصلت: الشديد. 3 أدماء: سمراء شديدة السمرة. 4 سحماء: سوداء. 5 القطط: المقطوع. 6 قبل: إقبال سوادها على الأنف.

صُورَةُ رَجُلٍ أَبْيَضَ مُشْرَبٍ حُمْرَةً، أَقْنَى، خَفِيفِ الْعَارِضَيْنِ، حَسَنِ الْوَجْهِ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا إِسْحَاقُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ تُشْبِهُ إِسْحَاقَ إِلَّا أَنَّهُ عَلَى شَفَتِهِ السُّفْلَى خَالٍ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا يَعْقُوبُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ حَرِيرَةً سَوْدَاءَ، فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ أَبْيَضَ حَسَنِ الْوَجْهِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، حَسَنِ الْقَامَةِ، يَعْلُو وَجْهَهُ نُورٌ، يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْخُشُوعُ، يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لا، قال: هَذَا إِسْمَاعِيلُ جَدُّ نَبِيِّكُمْ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فِيهَا صُورَةٌ كَأَنَّهَا صُورَةُ آدَمَ، كَأَنَّ وَجْهَهُ الشَّمْسُ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا يُوسُفُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ أَحْمَرَ، حَمْشِ السَّاقَيْنِ1، أَخْفَشَ2 الْعَيْنَيْنِ، ضَخْمِ الْبَطْنِ، مُتَقَلِّدٍ سَيْفًا، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذَا دَاوُدُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ حَرِيرَةً بَيْضَاءَ، فِيهَا صُورَةُ رَجُلٍ ضخم الإليتين، طويل الرّجلين، راكب فرس، فَقَالَ: هَذَا سُلَيْمَانُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ فَتَحَ بَابًا آخَرَ، فَاسْتَخْرَجَ صُورَةً، وَإِذَا شَابٌّ أَبْيَضُ، شَدِيدُ سَوَادِ اللِّحْيَةِ، كَثِيرُ الشَّعْرِ، حَسَنُ الْعَيْنَيْنِ، حَسَنُ الْوَجْهِ، فَقَالَ: هَذَا عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ. فقلنا: من أين لك هذه الصّور؟ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهَا عَلَى مَا صُوِّرَتْ، لِأَنَّا رَأَيْنَا نَبِيَّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصُورَتَهُ مثل، فَقَالَ: إِنَّ آدَمَ سَأَلَ رَبَّهُ تَعَالَى أَنْ يُرِيَهُ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ وَلَدِهِ، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ صُوَرَهُمْ، وَكَانَتْ فِي خِزَانَةِ آدَمَ عِنْدَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَاسْتَخْرَجَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَدَفَعَهَا إِلَى دَانْيَالَ، يَعْنِي فَصَوَّرَهَا دَانْيَالُ فِي خِرَقٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَهَذِهِ بِأَعْيَانِهَا الَّتِي صَوَّرَهَا دَانْيَالُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ نَفْسِي طَابَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مُلْكِي، وَأَنِّي كُنْتُ عَبْدًا لِشَرِّكُمْ مِلْكَةً حَتَّى أَمُوتَ، ثُمَّ أَجَازَنَا بِأَحْسَنِ جَائِزَةٍ وَسَرَّحَنَا. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثْنَاهُ بِمَا رَأَيْنَاهُ، وَمَا قال لنا، فبكى أبو بكر وَقَالَ: مِسْكِينٌ، لَوْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا لَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنّهم واليهود يَجِدُونَ نَعْتَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندهم.

_ 1 حمش الساقين: دقيق الساقين. 2 الخفش: ضعف الإبصار.

رَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَعْقُوبَ. وَرَوَاهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِيِّ، كِلَاهُمَا عَنِ الْبَلَدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَفِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ كَمَا ذَكَرْتُ مِنَ السّند، وعند ابن منده قال: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ شُرَحْبِيلَ، وَهُوَ سَنَدٌ غَرِيبٌ. وَهَذِهِ الْقِصَّةُ قَدْ رَوَاهَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ مُصْعَبٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى هِرَقْلَ مَلِكِ الرُّومِ لندعوه إلى الإسلام، فخرجنا عَلَى رَوَاحِلِنَا حَتَّى قَدِمْنَا دِمَشْقَ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ. وَقَدْ رَوَاهُ بِطُولِهِ: عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ فقال: حدثنا دلّهم بن يزيد، حدثنا القاسم بن سويد، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى قَالَ: كَانَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ يُحَدِّثُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. أَنْبَأَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْفَرَجِ عبد الرحمن بن أبي عمر وَجَمَاعَةٌ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَلِيٍّ الصُّوفِيِّ، أنبأ فاطمة بنت أبي حكيم الخبري، أنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَاتِبُ قال: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْكَاتِبُ مِنْ لَفْظِهِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعُمِائَةٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ لِأَدْعُوَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَخَرَجْنَا نَسِيرُ عَلَى رَوَاحِلِنَا حَتَّى قَدِمْنَا دِمَشْقَ، فَإِذَا عَلَى الشَّامِ لِهِرَقْلَ جَبَلَةُ، فَاسْتَأْذَنَّا عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَنَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْنَا كَرِهَ مَكَانَنَا وَأَمَرَ بِنَا فَأُجْلِسْنَا نَاحِيَةً، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى فُرُشٍ لَهُ مَعَ السُّقُفِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولًا يُكَلِّمُنَا وَيُبَلِّغُهُ عَنَّا، فَقُلْنَا: وَاللَّهِ لَا نُكَلِّمُهُ بِرَسُولٍ أَبَدًا، فَانْطَلِقْ فَأَعْلِمْهُ ذَلِكَ، فَنَزَلَ عَنْ تِلْكَ الْفُرُشِ إِلَى فُرُشٍ دُونَهَا، فَأَذِنَ لَنَا فَدَنَوْنَا مِنْهُ، فَدَعَوْنَاهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يُجِبْ إِلَى خَيْرٍ، وَإِذَا عَلَيْهِ ثِيَابٌ سُودٌ، فَقُلْنَا: مَا هَذِهِ الْمُسُوحُ1؟ قَالَ: لَبِسْتُهَا نَذْرًا لَا أَنْزَعُهَا حَتَّى أُخْرِجَكُمْ مِنْ بِلَادِي، قَالَ: قُلْنَا له: تيدك2 لا تعجل، أتمنع

_ 1 المسوح: جمع مسح، وهو كساء من شعر. 2 تيدك: بمعنى رفقًا.

مِنَّا مَجْلِسَكَ هَذَا! فَوَاللَّهِ لَنَأْخُذَنَّهُ وَمُلْكَ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ، خَبَّرَنَا بِذَلِكَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَنْتُمْ إِذًا السَّمْرَاءُ، قُلْنَا: وَمَا السَّمْرَاءُ؟ قَالَ: لَسْتُمْ بِهِمْ، قُلْنَا: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَقُومُونَ اللَّيْلَ وَيَصُومُونَ النَّهَارَ، قُلْنَا: فَنَحْنُ وَاللَّهِ نَصُومُ النَّهَارَ وَنَقُومُ اللَّيْلَ، قَالَ: فَكَيْفَ صَلَاتُكُمْ؟ فَوَصَفْنَاهَا لَهُ، قَالَ: فَكَيْفَ صَوْمُكُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ بِهِ. وَسَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَيَعْلَمُ اللَّهُ لَعَلَا وَجْهَهُ سَوَادٌ حَتَّى كَأَنَّهُ مَسْحٌ أَسْوَدُ، فَانْتَهَرَنَا وَقَالَ لَنَا: قُومُوا، فَخَرَجْنَا وَبَعَثَ مَعَنَا أَدِلَّاءَ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، فَسِرْنَا، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ قَالَتِ الرُّسُلُ الَّذِينَ مَعَنَا: إِنَّ دَوَابَّكُمْ هَذِهِ لَا تَدْخُلُ مَدِينَةَ الْمَلِكِ، فَأَقِيمُوا حَتَّى نَأْتِيَكُمْ بِبِغَالٍ وَبَرَاذِينَ، قُلْنَا: وَاللَّهِ لا ندخل إلا على دوابّنا، فأرسلوا إليه يُعْلِمُونَهُ، فَأَرْسَلَ: أَنْ خَلُّوا عَنْهُمْ، فَتَقَلَّدْنَا سُيُوفَنَا وَرَكِبْنَا رَوَاحِلَنَا، فَاسْتَشْرَفَ أَهْلُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ لَنَا وَتَعَجَّبُوا، فَلَمَّا دَنَوْنَا إِذَا الْمَلِكُ فِي غُرْفَةٍ لَهُ، وَمَعَهُ بَطَارِقَةُ الرُّومِ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى أَصْلِ الْغُرْفَةِ أَنَخْنَا وَنَزَلْنَا وَقُلْنَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَيَعْلَمُ اللَّهُ تَنَقَّضَتِ الْغُرْفَةُ حتى كأنّها عذق تُصَفِّقُهَا الرِّيَاحُ، فَإِذَا رَسُولٌ يَسْعَى إِلَيْنَا يَقُولُ: لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَجْهَرُوا بِدِينِكُمْ عَلَى بَابِي، فَصعِدْنَا فَإِذَا رَجُلٌ شَابُّ قَدْ وَخَطَهُ الشَّيْبُ، وَإِذَا هُوَ فَصِيحٌ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ حُمْرٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْبَيْتِ أَحْمَرُ، فَدَخَلْنَا وَلَمْ نُسَلِّمْ، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُحَيُّونِي بِتَحِيَّتِكُمْ؟ قُلْنَا: إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَكُمْ، قَالَ: فَكَيْفَ هِيَ؟ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، قَالَ: فَمَا تُحَيُّونَ بِهِ مَلِكَكُمْ؟ قُلْنَا: بِهَا، قَالَ: فَمَا كُنْتُمْ تُحَيُّونَ بِهِ نَبِيَّكُمْ؟ قُلْنَا: بِهَا، قَالَ: فَمَاذَا كَانَ يُحَيِّيكُمْ بِهِ؟ قُلْنَا: كَذَلِكَ، قَالَ: فَهَلْ كَانَ نَبِيُّكُمْ يَرِثُ مِنْكُمْ شَيْئًا؟ قُلْنَا: لَا، يَمُوتُ الرَّجُلُ فَيَدَعُ وَارِثًا أَوْ قَرِيبًا فَيَرِثُهُ الْقَرِيبُ، وَأَمَّا نَبِيُّنَا فَلَمْ يَكُنْ يَرِثْ مِنَّا شَيْئًا، قَالَ: فَكَذَلِكَ مَلِكُكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا أَعْظَمُ كَلَامِكُمْ عِنْدَكُمْ؟ قُلْنَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَانْتَفَضَ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَقَالَ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ الَّتِي قُلْتُمُوهَا فَنَقَّضَتْ لَهَا الْغُرْفَةُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتُمُوهَا فِي بِلَادِكُمْ نَقَّضَتْ لَهَا سُقُوفُكُمْ؟ قُلْنَا: لَا، وَمَا رَأَيْنَاهَا صَنَعَتْ هَذَا قَطُّ، وَمَا هُوَ إِلَّا شَيْءٌ وُعِظْتَ بِهِ، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ الصِّدْقَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ نِصْفِ مُلْكِي وَأَنَّكُمْ لَا تَقُولُونَهَا عَلَى شيء إلا نقض لها، قلنا: ولِمَ ذاك؟ قَالَ: ذَلِكَ أَيْسَرُ لِشَأْنِهَا وَأَحْرَى أَنْ لَا تَكُونَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَأَنْ تَكُونَ مِنْ حِيلَةِ النّاس.

ثُمَّ قَالَ لَنَا: فَمَا كَلَامُكُمُ الَّذِي تَقُولُونَهُ حِينَ تَفْتَتِحُونَ الْمَدَائِنَ؟ قُلْنَا: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ"؛ قَالَ: تَقُولُونَ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" لَيْسَ مَعَهُ شَرِيكٌ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: وَتَقُولُونَ "اللَّهُ أَكْبَرُ" أَيْ لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، لَيْسَ فِي الْعَرْضِ وَالطُّولِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَسَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ، فَأَخْبَرْنَاهُ، فَأَمَرَ لَنَا بِنُزُلٍ كَثِيرٍ وَمَنْزِلٍ، فَقُمْنَا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْنَا بَعْدَ ثَلَاثٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَأَتَيْنَاهُ، وَهُوَ جَالِسٌ وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، فَأَمَرَنَا فَجَلَسْنَا، فَاسْتَعَادَنَا كَلَامَنَا، فَأَعَدْنَاهُ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِشَيْءٍ كَهَيْئَةِ الرّبعة العظيمة مُذَهَّبَةً، فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا بُيُوتٌ مُقْفَلَةٌ، فَفَتَحَ بَيْتًا مِنْهَا، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ خرقَةَ حَرِيرٍ سَوْدَاءَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ. وَفِيهِ: فَاسْتَخْرَجَ صُورَةً بَيْضَاءَ، وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَأَنَّمَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ حَيًّا، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلْنَا: هَذِهِ صُورَةُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اللَّهَ بِدِينِكُمْ إِنَّهُ لَهُوَ هُوَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، اللَّهَ بِدِينِنَا إِنَّهُ لَهُوَ هُوَ، فَوَثَبَ قَائِمًا، فَلَبِثَ مَلِيًّا قَائِمًا، ثُمَّ جَلَسَ مُطْرِقًا طَوِيلًا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ فِي آخِرِ الْبُيُوتِ، وَلَكِنِّي عَجَّلْتُهُ لِأُخْبِرَكُمْ وَأَنْظُرَ مَا عِنْدَكُمْ، ثُمَّ فَتَحَ بَيْتًا، فَاسْتَخْرَجَ خِرْقَةً مِنْ حَرِيرٍ سَوْدَاءَ فَنَشَرَهَا، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ سَوْدَاءُ شَدِيدَةُ السَّوَادِ، وَإِذَا رَجُلٌ جَعْدٌ قَطَطٌ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُقَلَّصُ الشَّفَتَيْنِ، مُخْتَلِفُ الْأَسْنَانِ، حَدِيدُ النَّظَرِ كَالْغَضْبَانِ، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: هَذِهِ صُورَةُ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَذَكَرَ الصُّوَرَ، إِلَى أَنْ قَالَ: قُلْنَا: أَخْبِرْنَا عَنْ هَذِهِ الصُّوَرِ، قَالَ: إِنَّ آدَمَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ أَنْبِيَاءَ وَلَدِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ صُوَرَهُمْ، فَاسْتَخْرَجَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ خِزَانَةِ آدَمَ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَصَوَّرَهَا دَانْيَالُ فِي خِرَقِ الْحَرِيرِ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَوَارَثُهَا مَلِكٌ بَعْدَ مَلِكٍ، حَتَّى وَصَلَتْ إِلَيَّ، فَهَذِهِ هِيَ بِعَيْنِهَا. فَدَعَوْنَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ نَفْسِي سَخَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مُلْكِي وَاتِّبَاعِكُمْ، وَأَنِّي مَمْلُوكٌ لِأَسْوَأِ رَجُلٍ مِنْكُمْ خَلْقًا وَأَشَدِّهِ مِلْكَةً، وَلَكِنَّ نَفْسِي لَا تَسْخُو بِذَلِكَ. فَوَصَلَنَا وَأَجَازَنَا، وَانْصَرَفْنَا1.

_ 1 إسناده ضعيف: عبد الله بن مصعب ضعيف كما في "الميزان" "4609".

باب: في خصائصه صلى الله عليه وسلم وتحديثه أمته بها امتثالا لأمر الله لقوله تعالى وأما بنعمة ربك فحدث

بَابٌ: فِي خَصَائِصِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَحْدِيثِهِ أُمَّتَهُ بِهَا امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تعالى {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} 1. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيِّ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، أَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بِبَغْدَادَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْقَسِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْأَزْهَرِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ، فَجَعَلَ مَنْ مَرَّ مِنَ النَّاسِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فأنا اللّبنة، وأنا خاتم النبيّين" 2. خ. عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيَّ" 3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ" 4. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عن مرّة الهمداني، عن عبد الله

_ 1 سورة الضحى: 11. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3535" في كتاب المناقب، باب: خاتم النبيين -صلى الله عليه وسلم- ومسلم "2286" في كتاب المناقب، باب: ذكر كونه -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين. 3 صحيح: أخرجه البخاري "2977" في كتاب الجهاد، باب: رقم "122"، ومسلم "6/ 523" في أول كتاب المساجد، والنسائي "6/ 3-4" في كتاب الجهاد، باب: وجوب الجهاد، وأحمد "2/ 214، 264، 396، 455، 501". 4 صحيح: أخرجه مسلم "523/ 5" في المصدر السابق.

قال: لمّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَانْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى أُعْطِيَ ثَلَاثًا: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ كَانَ مِنْ أُمَّتِهِ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ الْمُقْحِمَاتِ1. تُقْحِمُ: أَيْ تُلْقِي فِي النَّارِ. والحديث صحيح. وقال أبو عوانة: حدثنا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "فُضِّلْتُ عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتِ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَنَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا، وَجُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَأُوتِيتُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ، مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ" 2 صَحِيحٌ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرُّوخٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ" 3. اسْمُ أَبِي عَمَّارٍ: شَدَّادٌ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلَحْمٍ، فَرَفَعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعَ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا، فَقَالَ: "أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَاكَ؟ يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّانِي وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ" -فَذَكَرَ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ بِطُولِهِ4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسٍ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا فَخْرَ، وَأُعْطِيتُ لِوَاءَ الْحَمْدِ، وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا فَخْرَ" -وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي الشفاعة5.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "173" في كتاب الإيمان، باب: في ذكر سدرة المنتهى. 2 صحيح: أخرجه مسلم "522" في أول كتاب المساجد، وأحمد "5/ 373". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2278" في كتاب الفضائل، باب: تفضيل نبينا -صلى الله عليه وسلم- على جميع الخلائق، من طريق آخر عن الأوزاعي. 4 صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم "194/ 327" في كتاب الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها. 5 صحيح: أخرجه الترمذي "3159" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة بني إسرائيل، وابن ماجه "4308" في كتاب الزهد، باب: ذكر الشفاعة، وأحمد "3/ 2" من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3477": صحيح.

وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، وَفِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا سَمِعْتُ اللَّهَ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ إِلَّا بِحَيَاتِهِ فَقَالَ: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} 1. وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنِّي أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا أَنَا بِنَهْرٍ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَضَرَبَ الْمَلَكُ بِيَدِهِ فَإِذَا طِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ" 2. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "حَوْضِي كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وأيلة، وفيه من الْأَبَارِيقُ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ" 3. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أبي حبيب: حدثنا أبو الْخَيْرُ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ صَلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ، ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ وَقَالَ: "إِنِّي لَكُمْ فَرَطٌ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ، وَأَنَا فِي مَقَامِي هَذَا، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي أُرِيتُ أَنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَأَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا" 4. وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ، كَأَنَّ الْأَبَارِيقَ فِيهِ النُّجُومُ" 5. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عن النّبيّ

_ 1 سورة الحجر: 72. 2 صحيح: أخرجه البخاري "6581" في كتاب الرقاق، باب: في الحوض. 3 صحيح: أخرجه البخاري "6580" في المصدر السابق، ومسلم "2303" في كتاب الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا -صلى الله عليه وسلم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "6590" في المصدر السابق، ومسلم "2296" في المصدر السابق. 5 صحيح: أخرجه البخاري "6589" في المصدر السابق، ومسلم "2289"، في المصدر السابق، دون قوله "وإن بعد ... " إلخ.

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا سِعَةُ حَوْضِكَ؟ قَالَ: "مَا بَيْنَ عَدَنٍ وَعَمَّانَ وَأَوْسَعُ، وَفِيهِ مِثْعَبَانِ مِنْ ذَهَبٍ وفضة، شرابه أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَا يَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَلَنْ يَسْوَدَّ وَجْهُهُ أَبَدًا" 1. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَطِيَّةَ -وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لِي حَوْضٌ طُولُهُ مَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، وَإِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءَ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 2. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ الذَّهَبُ، مَجْرَاهُ عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَأَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ" 3. وَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ4. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَالَ: النَّهْرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الْكَثِيرِ5. وَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ أُعْطِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَاطِئُهُ دُرٌّ مُجَوَّفٌ6. وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ خَرِيرَ الْكَوْثَرِ فليضع إصبعيه في أذنيه7.

_ 1 عزاه الحافظ ابن كثير في "البداية" "8/ 244" لأبي بكر بن أبي عاصم بنحوه: 2 صحيح: أخرجه ابن ماجه "4301" في كتاب الزهد، باب: ذكر الحوض، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3470": صحيح. 3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "4334" في كتاب الزهد، باب: صفة الجنة، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "11/ 478": سنده صحيح. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3498": صحيح. 4 صحيح: أخرجه البخاري "4966" في كتاب التفسير، باب: سورة "إن أعطيناك الكوثر". 5 صحيح: انظر التخريج السابق. 6 صحيح: أخرجه البخاري "4965" في المصدر السابق. 7 إسناده منقطع: أخرجه ابن جرير في "تفسيره" "30/ 207" من طريق ابن أبي نجيح عن عائشة، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "4/ 557": منقطع بين ابن أبي نجيح وعائشة. قلت: وفيه كذلك أبو جعفر الرازي ضعيف الحفظ.

وَصَحَّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءَ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ" 1. وَصَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا آمَنَ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ، وَكَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 2. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَنِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ قَالَ: أُمَّتِي عَلَى الْأُمَمِ بِأَرْبَعٍ: أَرْسَلَنِي إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَجَعَلَ الْأَرْضَ كُلَّهَا لِي وَلِأُمَّتِي مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيْنَمَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِي الصَّلَاةَ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيَّ مَسِيرَةَ شَهْرٍ يُقْذَفُ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِي، وَأُحِلَّتْ لَنَا الْغَنَائِمُ" 3. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَسَيَّارٌ صَدُوقٌ4. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فُضِّلْتُ عَلَى النَّاسِ بِأَرْبَعٍ: بِالشَّجَاعَةِ، والسّماحة، وكثرة الجماع، وشدّة البطش"5.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "196" في كتاب الإيمان، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "أنا أول الناس يشفع يوم القيامة". 2 صحيح: وقد تقدم. 3 أخرجه أحمد "5/ 248"، وأخرجه الترمذي "1558" مختصرا، في كتاب السير، باب: ما جاء في الغنيمة. 4 هو سيار بن سلامة الرياحي، وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وابن حبان وابن سعد، وقال أبو حاتم صدوق صالح الحديث. ومثل هذا يقال فيه ثقة، والله أعلم. 5 إسناده ضعيف: أخرجه، وسعيد بن بشير فيه ضعف كما في "التهذيب" "2/ 8، 9".

باب: مرض النبي صلى الله عليه وسلم

بَابُ: مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: نَبَّهَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: "يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ هَذَا الْبَقِيعِ"، فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا الْبَقِيعَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: "لِيَهْنِ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهِ، أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ آخِرَهَا أَوَّلُهَا، لَلْآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الْأُولَى، يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدِ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةِ، فَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي وَالْجَنَّةِ"، فَقُلْتُ: يَا رسول الله بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَخُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدِ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةِ، فَقَالَ: "وَاللَّهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ لَقَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَالْجَنَّةَ"، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ابْتُدِئَ بِوَجَعِهِ الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ فِيهِ1. رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَعُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَوْلَى الحكم بن أبي العاص. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُيِّرْتُ بَيْنَ أَنْ أَبْقَى حَتَّى أَرَى مَا يُفْتَحُ عَلَى أُمَّتِي وَبَيْنَ التَّعْجِيلِ، فَاخْتَرْتُ التَّعْجِيلَ"2. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اجْتَمَعَ نِسَاءُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ تُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي مَا تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا مِشْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَرْحَبًا بِابْنَتِي"، فَأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ، فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ، فَبَكَتْ، ثُمَّ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ، فَقُلْتُ لَهَا: خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسِّرَارِ وَتَبْكِينَ! فَلَمَّا أَنْ قَامَ قُلْتُ لَهَا: أَخْبِرِينِي بِمَا سَارَّكِ،

_ 1 أخرجه أحمد "3/ 488، 489"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 162، 163". 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 163" وقال: هذا مرسل، وهو شاهد لحديث أبي مويهبة.

قَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قُلْتُ لَهَا: أَسْأَلُكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ لِمَا أَخْبَرْتِينِي، قَالَتْ: أَمَّا الْآنَ فَنَعَمْ، سَارَّنِي فَقَالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أَرَى ذَلِكَ إِلَّا اقْتِرَابَ أَجَلِي، فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي فَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ"، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فَقَالَ: "أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ" يَعْنِي فَضَحِكْتُ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَى نَحْوَهُ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ أَنَّهَا ضَحِكَتْ لِأَنَّهُ أَخْبَرَهَا أَنَّهَا أَوَّلُ أَهْلِهِ يَتْبَعُهُ2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} 3 دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاطِمَةَ فَقَالَ: "إِنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي"، فَبَكَتْ ثُمَّ ضَحِكَتْ، قَالَتْ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ نُعِيَ إِلَيْهِ نَفْسُهُ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ لِي: "اصْبِرِي فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لَاحِقًا بِي"، فَضَحِكْتُ4. وَقَالَ سليمان بْن بلال، عَنْ يحيى بْن سعيد، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَاكَ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ"، فَقَالَتْ: وَاثُكْلَاهُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَظَلَلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ، فَقَالَ: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ لَقَدْ هَمَمْتُ -أَوْ أَرَدْتُ- أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ فَأَعْهَدَ أَنْ يقول القائلون أو يتمنّى المتمنّون، ثم قلت يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ" 5. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بن عتبة، عن

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "6285" في كتاب الاستئذان، باب: من ناجى بين يدي الناس، ومسلم "2450/ 99" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل فاطمة -رضي الله عنها. 2 صحيح: انظر التخريج السابق. 3 سورة النصر: 1. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 167". 5 صحيح: أخرجه البخاري "5666" في كتاب المرضى، باب: ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع، وأبو نعيم في "الحلية" "1974"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 168".

الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُصْدَعُ وَأَنَا أَشْتَكِي رَأْسِي، فَقُلْتُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ: "بَلْ أَنَا وَاللَّهِ وَارَأْسَاهُ، وَمَا عَلَيْكِ لَوْ مُتِّ قَبْلِي فَوَلِيتُ أَمْرَكِ وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَوَارَيْتُكِ"، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبُ أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ، لَقَدْ خلوت ببعض نسائك إلى بَيْتِي فِي آخِرِ النَّهَارِ فَأَعْرَسْتَ بِهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم تمادى به وجعه، فاستعزّ1 بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاجْتَمَعَ، إِلَيْهِ أَهْلُهُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنَّا لَنَرَى بِرَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ الْجَنْبِ2 فَهَلُمُّوا فَلْنَلُدَّهُ، فَلَدُّوهُ3، وَأَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَنْ فَعَلَ هَذَا"؟ قَالُوا: عَمُّكَ الْعَبَّاسُ، تَخَوَّفَ أَنْ يَكُونَ بِكَ ذَاتُ الْجَنْبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَمَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى لِيُسَلِّطَهُ عَلَيَّ، لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلَّا لَدَدْتُمُوهُ إِلَّا عَمِّيَ الْعَبَّاسَ"، فَلُدَّ أَهْلُ الْبَيْتِ كُلُّهُمْ، حَتَّى مَيْمُونَةُ، وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ يَوْمَئِذٍ، وَذَلِكَ بِعَيْنِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي، وَهُوَ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ، تَخُطُّ قَدَمَاهُ الْأَرْضَ إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّهِ عَائِشَةُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هُوَ عَلِيٌّ -رَضِيَ الله عنه4. وقال "خ" قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: "يَا عَائِشَةُ لَمْ أَزَلْ أَجِدُ أَلَمَ الْأَكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ" 5. وَقَالَ اللَّيْثُ: عَنْ عقيل، عن ابن شهاب: أخبرني عُبَيْد الله بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاشْتَدَّ بِهِ الْوَجَعُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي

_ 1 استعز: اشتد به المرض. 2 ذات الجنب: التهاب في الغشاء المحيط بالرئة. 3 لدوه: جعلوا الدواء في أحد جانبي الفم. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 168، 169" وهو عند البخاري "4458" في كتاب المغازي، بَابُ: مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ووفاته، مختصرا. 5 علقه البخاري "4428" في المصدر السابق، ووصله البيهقي في "الدلائل" "7/ 172". وقد أخرجه أبو داود "4512" في كتاب الديات، باب: فيمن سقى رجلا سما، والدارمي "69" من حديث أبي هريرة بنحوه، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

بَيْتِ عَائِشَةَ، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ، قَالَتْ: لَمَّا أُدْخِلَ بَيْتِي اشْتَدَّ وَجَعُهُ فَقَالَ: "أَهْرِقْنَ عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ 1 لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ"، فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى بِهِمْ ثُمَّ خَطَبَهُمْ2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَالِمُ أَبُو النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ فَقَالَ: "إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ"، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ، فَكَانَ الْمُخَيَّرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ، فَقَالَ: "لَا تَبْكِ يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ في صحبته وماله أبو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُهُ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتَهُ، لَا يَبْقَى فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ" 3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِيهِ أَحَدِ الْأَنْصَارِ، فَذَكَرَ قَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي قَبْلَهُ4. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حُكَيْمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بكر

_ 1 أوكيتهن: جمع وكاء، وهو ما يشد به فم القربة. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4442" في المصدر السابق، ومسلم "418/ 90" في كتاب الصلاة، باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 173، 174". 3 صحيح: أخرجه البخاري "466" في كتاب الصلاة، باب: الخوخة والممر في المسجد، ومسلم "2382" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق -رضي الله عنه. 4 أخرجه الترمذي "3679" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي بكر الصديق -رضي الله عنه، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 175"، وروايته ضعفها الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "753".

خَلِيلًا، وَلَكِنَّ خِلَّةَ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ" 1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي جُنْدَبٌ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل أن يُتَوَفَّى بِخَمْسٍ يَقُولُ: "قَدْ كَانَ لِي مِنْكُمْ إِخْوَةٌ وَأَصْدِقَاءُ وَإِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَإِنَّ رَبِّي اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَإِنَّ قَوْمًا مِمَّنْ كَانُوا قَبْلَكُمْ يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصُلَحَائِهِمْ مَسَاجِدَ، فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَضَهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: "ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ فَلَأَكْتُبُ لَهُ لَا يَطْمَعُ طَامِعٌ فِي أَمْرِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ"، ثُمَّ قَالَ: يَأْبَى اللَّهُ ذلك والمؤمنونؤ"ثَلَاثًا" قَالَتْ: فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أبي3. قال أبو حاتم: حدثنا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ مُرْسَلًا، وَهُوَ أَشْبَهُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ مُلْتَحِفًا بِمِلْحَفَةٍ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَوْصَى بِالْأَنْصَارِ، فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ4. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. ودسماء: سوداء.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "467" في كتاب الصلاة، باب: الخوخة والممر في المسجد، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 176". 2 صحيح: أخرجه مسلم "532" في كتاب المساجد، باب: النهي عن بناء المسجد على القبور، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 176، 177". 3 صحيح بنحوه: أخرجه مسلم "2387" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق -رضي الله عنه، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 343" من طريق عروة عن عائشة بنحوه. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3800" في كتاب مناقب الأنصار، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ: "اقبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهم"، والترمذي في "الشمائل" "117"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 177".

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ يَذْكُرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى، قُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ: وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ قَالَ: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَعُهُ فَقَالَ: "ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا"، قَالَ: فَتَنَازَعُوا وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ، أَهَجَرَ! اسْتَفْهِمُوهُ، قَالَ: فَذَهَبُوا يُعِيدُونَ عَلَيْهِ، قَالَ: "دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ"، قَالَ: وَأَوْصَاهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ فَقَالَ: "أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ"، قَالَ: وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَهَا فَنَسِيتُهَا1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمَّ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا"، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ فَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُومُوا". فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ لِاخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ التَّخْفِيفَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ رَآهُ شَدِيدَ الْوَجَعِ، لِعِلْمِهِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْمَلَ دِينَنَا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْكِتَابُ وَاجِبًا لَكَتَبَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى الله عليه وسلم، وَلَمَا أَخَلَّ بِهِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَعُهُ قَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فليصلّ بالنّاس"، فقالت عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ الْبُكَاءِ،

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4431" في كتاب المغازي، باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، ومسلم "1637" في كتاب الوصية، باب: ترك الوصية. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4432" في المصدر السابق، ومسلم "1637/ 22" في المصدر السابق.

فَقَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، فَعَاوَدَتْهُ مِثْلَ مَقَالَتِهَا فَقَالَ: "أَنْتُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفُ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ" 1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ: خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ فِي مَرَضِهِ، وَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ بِالْمُرْسَلَاتِ، فَمَا صَلَّى بَعْدَهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى، يَعْنِي فَمَا صَلَّى بَعْدَهَا بِالنَّاسِ2. وإسناده حَسَنٌ. وَرَوَاهُ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَفْظُهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْمُرْسَلَاتِ، ثُمَّ مَا صَلَّى لنا بعدها3. "خ". وَقَالَ مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ: ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ"؟ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، قَالَ: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ" 4، فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ"؟ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ ينتظرونك يا رسول الله فَقَالَ: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ"، قَالَتْ: فَفَعَلْنَا، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ"؟ فَقُلْنَا: لَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَالنَّاسُ عُكُوفٌ5 فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ، قَالَتْ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَبِي بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ بِذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا: يَا عُمَرُ صَلِّ بِالنَّاسِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنِّي، قَالَتْ: فَصَلَّى بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الْأَيَّامَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَدَ مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَبَّاسُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- أن لا يتأخّر، وقال

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "713" في كتاب الأذان، باب: الرجل يأتم بالإمام، ومسلم "418/ 94" في كتاب الصلاة، باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 186". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 189، 190" وانظر الآتي. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4429" في كتاب المغازي، باب: مرضه -رضي الله عنه- ووفاته، ومسلم "462" في كتاب الصلاة، باب: القراءة في الصبح. 4 المخضب: إناء لغسل الثياب. 5 عكوف: مقيمون بالمكان.

لَهُمَا: أَجْلِسَانِي إِلَى جَنْبِهِ، فَأَجْلَسَاهُ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ. فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي وَهُوَ قائم بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاعِدٌ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَعَرَضْتُهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَا أَنْكَرَ مِنْهُ حَرْفًا1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَعُرْوَةُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَلَّقَ صَلَاتَهُ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَكَذَلِكَ رَوَى الْأَرْقَمُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَكَذَلِكَ رَوَى غَيْرُهُمْ. وَأَمَّا صَلَاتُهُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ قَاعِدًا3. وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ4. وَرَوَى هُشَيْمٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَاللَّفْظُ لِهُشَيْمٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ فِي بُرْدَةٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ5. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ ثَابِتٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ برد، مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَالَ: "ادْعُوا لِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ"، فَجَاءَ، فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى نَحْرِهِ، فَكَانَتْ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا6. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ بِزِيَادَةِ ثابت البناني فيه.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "687" في كتاب الأذان، باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به، ومسلم "418/ 90" في كتاب الصلاة، باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، وأحمد "6/ 251" والبيهقي في "الدلائل" "7/ 186، 190، 191". 2 صحيح: أخرجه البخاري "683" في كتاب الأذان، باب: من قام إلى جنب الإمام لعلة. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 191". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 192". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 192". 6 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 192".

وَفِي هَذَا دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ كَانَتِ الصُّبْحَ، فَإِنَّهَا آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا، وَهِيَ الَّتِي دَعَا أُسَامَةَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا، فَأَوْصَاهُ فِي مَسِيرِهِ بِمَا ذَكَرَ أَهْلُ الْمَغَازِي. وَهَذِهِ الصَّلَاةُ غَيْرُ تِلْكَ الصَّلَاةِ الَّتِي ائْتَمَّ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ بِهِ، وَتِلْكَ كَانَتْ صَلَاةَ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ السَّبْتِ أَوْ يَوْمِ الْأَحَدِ. وَعَلَى هَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَقَدِ اسْتَوْفَاهَا الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْحَبْرُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: اشْتَكَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَفَرٍ، فَوُعِكَ أَشَدَّ الْوَعْكِ؛ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نِسَاؤُهُ يُمَرِّضْنَهُ أَيَّامًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَنْحَازُ إِلَى الصَّلَوَاتِ حَتَّى غُلِبَ، فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَنَهَضَ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنَ الضَّعْفِ، فَقَالَ لِلْمُؤَذِّنِ: "اذْهَبْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَمُرْهُ فَلْيُصَلِّ"، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، وَإِنَّهُ إِنْ قَامَ مَقَامَكَ بَكَى، فَأْمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ"، فَأَعَادَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ"، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ حَتَّى كَانَ لَيْلَةُ الْإِثْنَيْنِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَأَقْلَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْوَعْكُ وَأَصْبَحَ مُفِيقًا، فَغَدَا إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ يَتَوَكَّأُ عَلَى الْفَضْلِ وَغُلَامٍ لَهُ يُدْعَى ثَوْبَانَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُمَا، وَقَدْ سَجَدَ النَّاسُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي الْأُخْرَى، فَتَخَلَّصَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصُّفُوفَ يُفَرِّجُونَ لَهُ، حَتَّى قَامَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثَوْبِهِ فَقَدَّمَهُ فِي مُصَلَّاهُ فَصَفَّا جَمِيعًا، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسٌ، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ يَقْرَأُ، فَلَمَّا قَضَى قِرَاءَتَهُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَكَعَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ جلس أبو بكر يتشهّد والنّاس معه، فلمّا سلّم أتّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى جِذْعٍ مِنْ جُذُوعِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ يَوْمَئِذٍ سَقْفُهُ مِنْ جَرِيدٍ وَخُوصٍ، لَيْسَ عَلَى السَّقْفِ كَثِيرُ طِينٍ، إِذَا كَانَ الْمَطَرُ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ طِينًا، إِنَّمَا هُوَ كَهَيْئَةِ الْعَرِيشِ، وَكَانَ أُسَامَةُ قَدْ تَجَهَّزَ لِلْغَزْوِ1. بَابُ حَالِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا احْتَضَرَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ قَالَا: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وجهه، فإذا اغتمّ كشفها عن

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 198-200" عن موسى بن عقبة.

وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: "لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أنا عُمَرُ بْنُ كَرْمٍ بِبَغْدَادَ، أنا عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ مِنْ لَفْظِهِ سَنَةَ سبعين وأربعمائة، حدثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ السُّلَمِيُّ إِمْلَاءً، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ يَقُولُ: "أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" 2. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنَ الْعَوَالِي. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: "الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ"، حَتَّى جَعَلَ يُغَرْغِرُ بِهَا فِي صَدْرِهِ، وَمَا يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ3. كَذَا قَالَ سُلَيْمَانُ. وَقَالَ همّام: حدثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ سَفِينَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: "اللَّهَ اللَّهَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" قَالَتْ: فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَمَا يَكَادُ يَفِيضُ4. وَهَذَا أَصَحُّ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَرْجِسَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يموت وعنده قدح فيه ماء، يدخل

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "425، 436" في كتاب الصلاة، باب: رقم "55"، ومسلم "531/ 22" في كتاب المساجد، باب: النهي عن بناء المسجد على القبور، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 203". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2877" في كتاب الجنة، باب: الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت. 3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "2697" في كتاب الوصايا، باب: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، وأحمد "3/ 117"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 205"، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "2183": صحيح. 4 صحيح: أخرجه ابن ماجه "1625" في كتاب الجنائز، باب: ما جاء في ذكر مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 205"، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "5/ 427": سنده جيد. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه": صحيح.

يَدَهُ فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكْرَةِ الْمَوْتِ"1. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَمَّا مَرِضَ عُرِضَتْ لَهُ بُحَّةٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} 2 فظننا أنّه كان يُخَيَّرُ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ نَحْوَهُ الزُّهْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَفِيهِ زِيَادَةٌ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرفيق الأعلى" 4. خ. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا قَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ: "وَاكَرْبَاهُ" قَالَ لَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ مِنْ أَبِيكَ مَا لَيْسَ بِتَارِكٍ مِنْهُ أَحَدًا لِمُوَافَاةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 5. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: مُبَارَكٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَيُرْسِلُهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- لَمَّا ثَقُلَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ يَعْنِي الْكَرْبَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: "وَاكَرْبَ أَبَتَاهُ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بعد اليوم" 6. أخرجه البخاري.

_ 1 ضعيف: أخرجه الترمذي "980" في كتاب الجنائز، باب: ما جاء في التشديد عند الموت، وفي "الشمائل" "7/ 207"، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "164": ضعيف: 2 سورة النساء: 69. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4435" في كتاب المغازي: باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، ومسلم "2444/ 86" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل عائشة -رضي الله عنها. 4 صحيح: أخرجه البخاري "4436" في المصدر السابق. 5 صحيح بنحوه: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 211، 212"، من هذا الطريق، وأخرجه ابن ماجه "1629"، في كتاب الجنائز، باب: ذكر وفاته -صلى الله عليه وسلم- بنحوه، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه": حسن صحيح. 6 صحيح: أخرجه البخاري "4462"، في كتاب المغازي، باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته.

باب: وفاته صلى الله عليه وسلم

بَابُ: وَفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّوبُ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي وَيَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَكَانَ جِبْرِيلُ يُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أَدْعُو بِهِ، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: "فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى" وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَبِيَدِهِ جَرِيدَةٌ رِطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً، فَأَخَذْتُهَا فَنَفَضْتُهَا وَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا أَحْسَنَ مَا كَانَ مُسْتَنًّا، ثُمَّ ذَهَبَ يُنَاوِلُنِيهَا، فَسَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا1. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا. لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، مِنْ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّ عِيسَى بْنَ يُونُسَ قَالَ: عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيَّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، دَخَلَ عَلَيَّ أَخِي بِسِوَاكٍ وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى صَدْرِي، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ السِّوَاكُ وَيَأْلَفُهُ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ لَهُ، فَأَمَرَّهُ عَلَى فِيهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ -أو علبة- فيها مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ وَجْهَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ"، ثُمَّ نَصَبَ إِصْبَعَهُ الْيُمْنَى فَجَعَلَ يَقُولُ: "فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى" حَتَّى قُبِضَ، وَمَالَتْ يَدُهُ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وقال حمّاد بن يزيد، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَتْ فَاطِمَةُ: لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي تبكي:

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4450" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 206". 2 صحيح: أخرجه البخاري "4449"، في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 206، 207".

يَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ ... يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ يَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ ... يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ قَالَ: وَقَالَتْ: يَا أَنَسُ، كَيْفَ طَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- التراب؟ 1 "خ". وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بين سحري ونحري، وفي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي، لَمْ أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا، فَمِنْ سَفَاهَةِ رَأْيِي وَحَدَاثَةِ سِنِّي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاتَ فِي حِجْرِي، فَأَخَذْتُ وِسَادَةً فَوَسَّدْتُهَا رَأْسَهُ وَوَضَعْتُهُ مِنْ حِجْرِي، ثُمَّ قُمْتُ مَعَ النِّسَاءِ أَبْكِي وَأَلْتَدِمُ2. الِالْتِدَامُ: اللَّطْمُ. وَقَالَ مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ العطّار: حدثنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ أَنَّهُ أَتَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا مَرَّ بِحُجْرَتِي أَلْقَى إِلَيَّ الْكَلِمَةَ يُقِرُّ بِهَا عَيْنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ، فَعَصَبْتُ رَأْسِي وَنِمْتُ عَلَى فِرَاشِي، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "ما لك"؟ قُلْتُ: رَأْسِي، فَقَالَ: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ، أَنَا الَّذِي أَشْتَكِي رَأْسِي"، وَذَلِكَ حِينَ أَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ أَنَّهُ مَقْبُوضٌ، فَلَبِثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ جِيءَ بِهِ يُحْمَلُ فِي كِسَاءٍ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ، فَأُدْخِلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ أَرْسِلِي إِلَى النِّسْوَةِ"، فَلَمَّا جِئْنَ قَالَ: "إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَخْتَلِفَ بَيْنَكُنَّ، فأذنَّ لِي فَأَكُونُ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ"، قُلْنَ: نَعَمْ، فَرَأَيْتُهُ يَحْمَرُّ وَجْهُهُ وَيَعْرَقُ، وَلَمْ أَكُنْ رَأَيْتُ مَيِّتًا قَطُّ، فَقَالَ: "أَقْعِدِينِي"، فَأَسْنَدْتُهُ إِلَيَّ، وَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ، فَقَلَّبَ رَأْسَهُ، فَرَفَعْتُ يَدِي، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ مِنْ رَأْسِي، فَوَقَعَتْ مِنْ فِيهِ نُقْطَةٌ بَارِدَةٌ عَلَى تُرْقُوَتِي أَوْ صَدْرِي، ثُمَّ مَالَ فَسَقَطَ عَلَى الْفِرَاشِ، فَسَجَّيْتُهُ بِثَوْبٍ، وَلَمْ أَكُنْ رَأَيْتُ مَيِّتًا قَطُّ، فَأَعْرِفُ الْمَوْتَ بِغَيْرِهِ، فَجَاءَ عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ، وَمَعَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَأَذِنْتُ لَهُمَا، وَمَدَدْتُ الْحِجَابَ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَائِشَةَ مَا لِنَبِيِّ اللَّهِ؟ قُلْتُ: غُشِيَ عَلَيْهِ مُنْذُ سَاعَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: وَاغَمَّاهُ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الغمّ، ثمّ غطّاه، ولم يتكلّم

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4462" في المصدر السابق. 2 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "2/ 482"، وعنه أحمد "6/ 274"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 213".

الْمُغِيرَةُ، فَلَمَّا بَلَغَ عَتَبَةَ الْبَابِ، قَالَ الْمُغِيرَةُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَا عُمَرُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ، مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يَأْمُرَ بِقِتَالِ الْمُنَافِقِينَ، بَلْ أَنْتَ تَحُوشُكَ فِتْنَةٌ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: مَا لِرَسُولِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: غُشي عَلَيْهِ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَوَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صِدْغَيْهِ ثُمَّ قَالَ: وَانَبِيَّاهُ وَاصَفِيَّاهُ وَاخَلِيلَاهُ، صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} 1. {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} 2، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} 3، ثُمَّ غَطَّاهُ وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عَهْدٌ مِنْ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالوا: لَا، قَالَ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} الآيات. فَقَالَ عُمَرُ: أَفِي كِتَابِ اللَّهِ هَذَا يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ عُمَرُ: هَذَا أبو بَكْرٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْغَارِ، وَثَانِيَ اثْنَيْنِ فَبَايِعُوهُ، فَحِينَئِذٍ بَايَعُوهُ4. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ عَنْهُ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" بِطُولِهِ عَنْ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، أنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أنّ أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بِالسُّنْحِ5 حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ، فَتَيَمَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُغَشًّى بِبُرْدٍ حِبْرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ يُقَبِّلُهُ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهُ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا. وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأَبَى، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ

_ 1 سورة الزمر: 30. 2 سورة الأنبياء: 34. 3 سورة آل عمران: 185. 4 أخرجه أحمد "6/ 219، 220"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 213-215". 5 السنح: من محال المدينة، وبه مسكن زوجة أبي بكر.

اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} 1 الآية، فَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النّاس إلا يتلوها. وأخبرني سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا فَفَرِقْتُ، أَوْ قَالَ فَعَقَرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلايَ، وَحَتَّى إِنِّي أَهْوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ، وَعَرَفْتُ حِينَ تَلَاهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ مَاتَ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ حَاقِنَتِي3 وَذَاقِنَتِي، فَلَا أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لأحد أبدًا، بعد ما رأيت من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ تَجَهَّزَ لِلْغَزْوِ وَخَرَجَ ثَقَلُهُ إِلَى الْجُرْفِ5 فَأَقَامَ تِلْكَ الْأَيَّامَ لِوَجَعِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قَدْ أَمَّرَهُ عَلَى جَيْشٍ عَامَّتُهُمُ الْمُهَاجِرُونَ، وَفِيهِمْ عُمَرُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُغير عَلَى أَهْلِ مُؤْتَةَ، وَعَلَى جَانِبِ فِلِسْطِينَ، حَيْثُ أُصِيبَ أَبُوهُ زَيْدٌ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جِذْعٍ فِي الْمَسْجِدِ، يَعْنِي صَبِيحَةَ الْإِثْنَيْنِ، وَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ بِالْعَافِيَةِ، فَدَعَا أُسَامَةَ فَقَالَ: "اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ وَالنَّصْرِ وَالْعَافِيَةِ"، قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَصْبَحْتَ مُفِيقًا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ شَفَاكَ، فَأْذَنْ لِي أَنْ أَمْكُثَ حَتَّى يَشْفِيَكَ اللَّهُ فَإِنْ أَنَا خَرَجْتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ خَرَجْتُ وَفِي قَلْبِي قُرْحَةٌ مِنْ شَأْنِكَ، وَأَكْرَهُ أَنْ أسأل عنك النّاس، فسكت رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فلم يُرَاجِعْهُ، وَقَامَ فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ، وَهُوَ يَوْمُهَا، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى ابْنَتِهِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: قد أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُفِيقًا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ شَفَاهُ، ثم ركب أبو بكر فلحق بِأَهْلِهِ بِالسُّنْحِ، وَهُنَالِكَ امْرَأَتُهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَانْقَلَبَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بيتها، وذلك يوم الاثنين.

_ 1 سورة آل عمران: 144. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4453، 4454" في كتاب المغازي، باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 215، 216". 3 الحاقنة: قيل هو المطمئن من الترقوة والحلق، وقيل: ما دون الترقوة. 4 صحيح: أخرجه البخاري "4446" في المصدر السابق. 5 الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة جهة الشام.

وَلَمَّا اسْتَقَرَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَيْتِ عَائِشَةَ وُعِكَ أَشَدَّ الْوَعْكِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نِسَاؤُهُ، واشتد وجعه، فلم يزل حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُغْشَى عَلَيّهِ، ثُمَّ شَخَصَ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَقُولُ: "نَعَمْ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى"، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَأَرْسَلَتْ حَفْصَةُ إِلَى عُمَرَ، وَأَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى عَلِيٍّ، فَلَمْ يَجْتَمِعُوا حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى صَدْرِ عَائِشَةَ، وَفِي يَوْمِهَا يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ، وَجَزِعَ النَّاسُ، وَظَنَّ عَامَّتُهُمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَيِّتٍ، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: كيف يكون علينا شهيدًا وَنَحْنُ شُهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ، فَيَمُوتُ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنَّهُ رُفِعَ كَمَا فُعِلَ بِعِيسَى بن مَرْيَمَ، فَأَوْعَدُوا مَنْ سَمِعُوا يَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَنَادَوْا عَلَى الْبَابِ "لَا تَدْفِنُوهُ فَإِنَّهُ حَيٌّ"، وَقَامَ عُمَرُ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيُوعِدُ بِالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَتَوَعَّدَ الْمُنَافِقِينَ، وَالنَّاسُ قَدْ مَلَئُوا الْمَسْجِدَ يَبْكُونَ وَيَمُوجُونَ، حَتَّى أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ السُّنْحِ1. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: وَضَعْتُ يَدِي عَلَى صَدْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ مَاتَ، فَمَرَّ بِي جُمَعٌ آكُلُ وَأَتَوَضَّأُ، مَا يَذْهَبُ رِيحُ الْمِسْكِ مِنْ يَدِي2. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ هُوَ التَّيْمِيُّ عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: قِيلَ لِعَائِشَةَ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ دَعَا بِطَسْتٍ لِيَبُولَ فِيهَا، وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، فَانْحَنَثَ فَمَاتَ، وَلَمْ أَشْعُرْ فِيمَ يَقُولُ هَؤُلَاءِ إِنَّهُ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. تَارِيخُ وَفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: أَيُّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، قَالَ: إِنِّي أرجو أن أموت فيه، فمات فيه4.

_ 1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 217-219"، وأوله أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 200" عن موسى بن عقبة، وقد تقدم. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 219". 3 صحيح: أخرجه البخاري "4459" في كتاب المغازي، باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، ومسلم "1636" في كتاب الوصية، باب: ترك الوصية. 4 أخرجه البخاري "1387"، في كتاب الجنائز، باب: موت الاثنين، من طريق آخر عن هشام.

وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حَنَشٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الإثنين، ونبئ يوم الإثنين، وخرج من مكة يوم الإثنين، وفتح مكة يوم الإثنين، ونزلت سُورَةُ الْمَائِدَةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} 1. وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ2. قَدْ خُولِفَ فِي بَعْضِهِ، فَإِنَّ عُمَرَ قَالَ: نَزَلَتْ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} يَوْمَ عَرَفَةَ، يَوْمَ جُمُعَةٍ3. وَكَذَلِكَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ لِهِلَالِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ4. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْيَوْمَ الْعَاشِرَ مِنْ مَرَضِهِ، وَذَلِكَ يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول5. رواه معتمر، عن أبيه. وقال الواقديّ: حدثنا أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: اشْتَكَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا من ربيع الأول سنة إحدى عشرة6. وذكر الطّبريّ، عن ابن الكلبيّ، وأبي محنف وَفَاتَهُ فِي ثَانِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا، فَاسْتَكْمَلَ فِي هِجْرَتِهِ عَشْرَ سِنِينَ كَوَامِلَ7. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عن جدّه

_ 1 سورة المائدة: 3. 2 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 277"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 233"، واللفظ له، وابن لهيعة ضعيف الحفظ. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4606" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} . 4 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 234" عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب به. 5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 234". 6 مرسل إسناده ضعيف جدا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 234، 235"، والواقدي متروك. 7 معضل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 235".

قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ، وتوفّي يوم الاثنين لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ1. وَيُرْوَى نَحْوُ هَذَا فِي وَفَاتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ صَحَّ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ سَعِيدُ بْنُ عفير، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْكَاتِبُ، وَغَيْرُهُمَا. أَخْبَرَنَا الْخَضِرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْبُنِّ، أنا جَدِّي، أنا عَلِيُّ بْنُ محمد الفقيه، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، أنا عَلِيُّ بن أبي العقب، أنا أحمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن عائذ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنِي النُّعْمَانُ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَأُوحِيَ إِلَيْهِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَهَاجَرَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً وَأَشْهُرٍ، وَكَانَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَاسْتَخْفَى عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ يُقَاتِلُ عَشْرَ سِنِينَ وَنِصْفًا، وَكَانَ الْوَحْيُ إِلَيْهِ عِشْرِينَ سَنَةً وَنِصْفًا، وَتُوُفِّيَ، فَمَكَثَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يُدْفَنُ، يَدْخُلُ النَّاسُ عَلَيْهِ رَسَلًا رَسَلًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَالنِّسَاءُ مِثْلَ ذَلِكَ. وَطَهَّرَهُ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ يُنَاوِلُهُمُ الْعَبَّاسُ الْمَاءَ، وَكُفِّنَ في ثلاثة رياط2 بِيضٍ يَمَانِيَّةٍ، فَلَمَّا طُهِّرَ وَكُفِّنَ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ عُصَبًا عُصَبًا، تَدْخُلُ الْعُصْبَةُ فَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُونَ، لا يُصَفُّونَ وَلَا يُصَلِّي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مُصَلٍّ، حَتَّى فَرَغَ مَنْ يُرِيدُ ذَلِكَ، ثُمَّ دُفِنَ، فَأَنْزَلَهُ فِي الْقَبْرِ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ، وَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَشْرِكُونَا فِي مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ قَدْ أَشْرَكَنَا فِي حَيَاتِهِ، فَنَزَلَ مَعَهُمْ فِي الْقَبْرِ وَوَلِيَ ذَلِكَ مَعَهُمْ3. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، عَنِ النُّعْمَانِ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ حِينَ زاغت الشمس، ودفن يوم الأربعاء4.

_ 1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 385". 2 الرياط: مع ريطة، وهي الملاءة تكون قطعة واحدة. 3 مرسل. 4 معضل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 386" وفي إسناده ابن سعد الواقدي، وهو متروك.

وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَدُفِنَ مِنْ آخِرِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ1. وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ مَوْتُهُ فِي شَهْرِ أَيْلُولَ2. قُلْتُ: إِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلَّ دَوْرٍ فِي ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً كَانَ فِي سِتُّمِائَةٍ وَسِتِّينَ عَامًا عِشْرُونَ دَوْرًا، فَإِلَى سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسُبْعُمِائَةٍ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دَوْرًا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا كَانَ وُقُوعُ تِشْرِينَ الْأَوَّلِ وَبَعْضِ أَيْلُولَ فِي صَفَرٍ، وَكَانَ آبُ فِي الْمُحَرَّمِ، وَكَانَ أَكْثَرُ تَمُّوزَ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَحَجَّةُ الْوَدَاعِ كَانَتْ فِي تَمُّوزَ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَنِ بْنُ عَسَاكِرَ وَغَيْرُهُ: لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَّا يَوْمَ ثَانِي الشَّهْرِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا يَتَهَيَّأُ أَنْ يَكُونَ ثَانِي عَشَرَ الشَّهْرِ لِلْإِجْمَاعِ أَنَّ عَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَالْمُحَرَّمُ بِيَقِينٍ أَوَّلُهُ الْجُمُعَةُ أَوِ السَّبْتُ، وَصَفَرُ أَوَّلُهُ عَلَى هَذَا السَّبْتُ أَوِ الْأَحَدُ أَوِ الْاثْنَيْنِ، فَدَخَلَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ الْأَحَدَ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ إِذْ يَنْدُرُ وُقُوعُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ نَواقِصَ، فَتَرَجَّحَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُهُ الْإِثْنَيْنِ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ الثُّلَاثَاءَ، فَإِنْ كَانَ اسْتَهَلَّ الْإِثْنَيْنِ فَهُوَ مَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مِنْ وَفَاتِهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِهِلَالِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْإِثْنَيْنِ الثَّانِي مِنْهُ ثَامِنَهُ، وَإِنْ جَوَّزْنَا أَنَّ أَوَّلَهُ الثُّلَاثَاءُ فَيَوْمُ الْإِثْنَيْنِ سَابِعُهُ أَوْ رَابِعَ عَشْرَهُ، وَلَكِنْ بَقِيَ بَحْثٌ آخَرُ: كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ الْجُمُعَةَ بِمَكَّةَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ مَثَلًا أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ، فَيُبْنَى عَلَى حِسَابِ ذَلِكَ. وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ3. بَابُ: عُمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْخُلْفِ فِيهِ قَالَ رَبِيعَةُ، عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا، وَتُوُفِّيَ على رأس ستّين سنة4. "خ. م". وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ زَائِدَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عدّي، عن أنس قال: قبض النّبيّ

_ 1 مرسل. 2 مرسل. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 386". 4 صحيح: أخرجه البخاري "3547" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "2347" في كتاب الفضائل، باب: فِي صِفَةِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَقُبِضَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقُبِضَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً، عَلَى سَبِيلِ حَذْفِ الْكُسُورِ الْقَلِيلَةِ، لَا عَلَى سَبِيلِ التَّحْرِيرِ، وَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً2. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حمزة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ هشيم قال: حدثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً4. فَعَلِيٌّ ضَعِيفٌ الْحَدِيثِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ خالفه غيره. وقد قال شبابة: أبنأنا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ5. وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَكِنْ تُقَوِّيهِ رِوَايَةُ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عن الحسن، عن دعفل بْنِ حَنْظَلَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قبض وهو ابن خمس وستّين6.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2348" في كتاب الفضائل، باب: كم سن النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم قبض. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3536" في كتاب المناقب، باب: وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2349" في المصدر السابق. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3903" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2351" في كتاب الفضائل، باب: كم أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة والمدينة، وأحمد "1/ 371". 4 أخرجه مسلم "2353/ 122" في المصدر السابق، وأحمد "1/ 359". 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 240". 6 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 241"، والحسن مدلس، وقد عنعنه.

وَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ دَغْفَلٍ بَلْ قَالَ: تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. قَالَهُ أَشْعَثُ عَنْهُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْهُ: تُوُفِّيَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً. بَابُ: غُسْلِهِ وَكَفَنِهِ وَدَفْنِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَمَّا أَرَادُوا غُسْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمْ نَغْسِلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّوْمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: أَنِ اغْسِلُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ، يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَيَدْلُكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ، فَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ2. صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ أَبُو داود. وقال أبو معاوية: حدثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَخَذُوا فِي غُسْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ الدَّاخِلِ "لَا تُخرجوا عَنْ رَسُولِ الله قميصه"3.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2352" في كتاب الفضائل، باب: كم أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة والمدينة، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 239". 2 صحيح: أخرجه أبو داود "3141" في كتاب الجنائز، باب: في ستر الميت عند غسله، وقال ابن الملقن في "تحفة المحتاج" "764": إسناده حسن. وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 243".

وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: غسْل رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيٌّ، وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ، وَعَلَى يَدِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- خِرْقَةٌ يُغَسِّلُهُ بِهَا، فَأَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ الْقَمِيصِ وَغَسَّلَهُ وَالْقَمِيصُ عَلَيْهِ1. فِيهِ ضَعْفٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَسَّلَهُ عَلِيٌّ، وَأُسَامَةُ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَأَدْخَلُوهُ قَبْرَهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ وَهُوَ يُغَسِّلُهُ: بِأَبِي وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا2. مُرْسلٌ جَيِّدٌ. وَقَالَ عَبْدُ الواحد بن زياد: حدثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قال: قَالَ عَلِيٌّ: غَسَّلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَيِّتِ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَكَانَ طَيِّبًا حَيًّا وميّتًا3. وولي دفنه وإجنابه دُونَ النَّاسِ أَرْبَعَةٌ: عَلِيٌّ، وَالْعَبَّاسُ، وَالْفَضْلُ، وَصَالِحٌ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلُحِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَحْدًا، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا4. وَقَالَ عَبْدُ الصّمد بن النّعمان: حدثنا أَبُو عُمَرَ كَيْسَانُ، عَنْ مَوْلَاهُ يَزِيدَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: أَوْصَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا يُغَسِّلَهُ أَحَدٌ غَيْرِي، فَإِنَّهُ "لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي إِلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ" قَالَ عَلِيٌّ: فَكَانَ الْعَبَّاسُ، وَأُسَامَةُ، يُنَاوِلَانِي الْمَاءَ، وَرَاءَ السِّتْرِ، وَمَا تَنَاوَلْتُ عُضْوًا إِلَّا كَأَنَّمَا يُقَلِّبُهُ مَعِي ثَلَاثُونَ رَجُلًا، حَتَّى فَرَغْتُ مِنْ غُسْلِهِ5. كَيْسَانُ الْقَصَّارُ يَرْوِي عَنْهُ أَيْضًا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَسْبَاطٌ، وَمَوْلَاهُ كَأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي غَسَّلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ، قَالَ: فَمَا كُنَّا نُرِيدُ أَنْ نَرْفَعَ منه عضوًا

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 243" ويزيد بن أبي زياد ضعيف الحفظ. 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 243". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 243-244". 4 انظر المصدر السابق. 5 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 244".

لِنُغَسِّلَهُ إِلَّا رُفِعَ لَنَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى عَوْرَتِهِ فَسَمِعْنَا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ صَوْتًا: "لَا تَكْشِفُوا عَنْ عَوْرَةِ نَبِيِّكُمْ"1. مُرْسَلٌ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: غُسِّلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلَاثًا بِالسِّدْرِ، وَغُسِّلَ مِنْ بِئْرٍ بِقُبَاءٍ كَانَ يَشْرَبُ مِنْهَا2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ فِيهِ زِيَادَةٌ وَهِيَ: سَحُولِيَّةٌ مِنْ كُرْسُفٍ4. فَأَمَّا الْحُلَّةُ فَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اشْتُرِيَتْ لَهُ حُلَّةٌ لِيُكَفَّنَ فِيهَا، فَتُرِكَتِ الْحُلَّةُ، فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: لَأَحْبِسَنَّهَا لِنَفْسِي حَتَّى أُكَفَّنَ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ: لَوْ رَضِيَهَا اللَّهُ لِنَبِيِّهِ لَكَفَّنَهُ فِيهَا، فَبَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا5. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُدْرِجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ، ثُمَّ نُزِعَتْ عَنْهُ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ6. وَرَوَى نَحْوَهُ الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ. وَأَمَّا مَا رَوَى شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا بُرْدٌ حِبَرَةٌ7. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَا عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَلَعَلَّهُ قَدِ اشْتُبِهَ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ، لِكَوْنِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُدْرِجَ فِي حُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ، ثُمَّ نُزِعَتْ عنه8.

_ 1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 244". 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 245". 3 صحيح: أخرجه البخاري "1264" في كتاب الجنائز، باب: الثياب البيض للكفن، ومسلم "941" في كتاب الجنائز، باب: في كفن الميت. 4 صحيح: وهي زيادة للبخاري أيضًا، انظر التخريج السابق. 5 صحيح: أخرجه مسلم "941/ 45" في المصدر السابق. 6 صحيح: أخرجه مسلم "941/ 46" في المصدر السابق. 7 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 248". 8 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 392" بنحوه.

وَقَالَ زَكَرِيَّا عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ بُرُودٍ يَمَنِيَّةٍ غِلَاظٍ: إِزَارٌ وَرِدَاءٌ وَلِفَافَةٌ1. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ عِنْدَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِسْكٌ فَأَوْصَى أَنْ يُحَنَّطَ بِهِ. وَقَالَ عَلِيٌّ: هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْن عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُدْخِلَ الرِّجَالُ فَصَلُّوا عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِمَامٍ أَرْسَالًا حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ أُدْخِلَ النِّسَاءُ فَصَلَّيْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُدْخِلَ الصِّبْيَانُ فَصَلُّوا عَلَيْهِ ثُمَّ أُدْخِلَ الْعَبِيدُ، لَمْ يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ3. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي قَالَ: لَمَّا كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَنَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ كَذَلِكَ، ثُمَّ صَفُّوا صُفُوفًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَهُمَا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلَّغَ مَا أُنزل إِلَيْهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى أَعَزَّ اللَّهُ دِينَهُ، وَتَمَّتْ كَلِمَتُهُ، وَأُومِنَ بِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَاجْعَلْنَا إِلَهَنَا مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْقَوْلَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، وَاجْمَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حَتَّى تُعَرِّفَهُ بِنَا وَتُعَرِّفَنَا بِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفًا رَحِيمًا، لَا نَبْغِي بِالْإِيمَانِ بَدَلًا، وَلَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا أَبَدًا، فَيَقُولُ النَّاسُ: آمِينَ آمِينَ، فَيَخْرُجُونَ وَيَدْخُلُ آخَرُونَ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ: الرِّجَالُ، ثُمَّ النِّسَاءُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ4. مُرْسَلٌ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُ حَسَنُ المتن.

_ 1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 249". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 249". 3 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "1628" في كتاب الجنائز، باب: ذكر وفاته -صلى الله عليه وسلم- وأحمد "1/ 292"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 250" وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه". 4 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 394" والواقدي متروك.

وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، عَنْ أبيه، عن سالم بن عبيد وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ قَالَ: قَالُوا: هَلْ نَدْفِنُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَيْنَ يُدْفَنُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَيْثُ قَبَضَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ1. زَادَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ سَلَمَةَ نُعَيْمَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ يَضْرَحُ2 لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَلْحَدُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَأَرْسَلَ الْعَبَّاسُ خَلْفَهُمَا رَجُلَيْنِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ خِرْ لِرَسُولِكَ، أَيُّهُمَا جَاءَ حَفَرَ لَهُ، فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم3. وقال الواقديّ: حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ قَبْرِهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: فِي الْبَقِيعِ، فَقَدْ كَانَ يُكْثِرُ الِاسْتِغْفَارَ لَهُمْ. وَقَالَ قَائِلٌ: عِنْدَ مِنْبَرِهِ، وَقَالَ قَائِلٌ: فِي مُصَلَّاهُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا خَبَرًا وَعِلْمًا، سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ تُوُفِّيَ"4. وَقَالَ ابن عيينة، عَنْ يحيى بْن سعيد، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: عَرَضَتْ عَائِشَةُ عَلَى أَبِيهَا رُؤْيَا وَكَانَ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ قَالَتْ: رَأَيْتُ: ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ وَقَعْنَ فِي حُجْرَتِي، فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ دُفِنَ فِي بَيْتِكَ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ الْأَرْضِ ثَلَاثَةٌ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يَا عَائِشَةُ هذا خير أقمارك5.

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 259". 2 أي يحفر القبر. 3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 252"، والحسين بن عبد الله ضعيف كما في "التقريب" 1326". 4 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 261" والواقدي متروك. 5 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 262" ورواية سعيد بن المسيب عن أبي بكر منقطعة كما في "التهذيب" "2/ 43".

وقال الواقدي: حدثني ابن أبي سبرة، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَوْضُوعًا على سريره من حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ يُصَلِّي النَّاسُ عَلَيْهِ، وَسَرِيرُهُ عَلَى شَفِيرِ قَبْرِهِ، فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُقْبِرُوهُ، نَحَّوُا السَّرِيرَ قِبَلَ رِجْلَيْهِ، فَأُدْخِلَ مِنْ هُنَاكَ، وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ، وَقُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسَ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَشُقْرَانُ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِينَ نَزَلُوا الْقَبْرَ، فَذَكَرَهُمْ سِوَى الْعَبَّاسِ، وَقَدْ كَانَ شُقْرَانُ حِينَ وُضِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُفْرَتِهِ أَخَذَ قَطِيفَةً قَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْبَسُهَا وَيَفْتَرِشُهَا، فَدَفَنَهَا مَعَهُ فِي الْقَبْرِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَكَ، فَدُفِنَتْ مَعَهُ2. وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا تُوُفِّيَ أُلْقِيَ فِي قَبْرِهِ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، حدّثني أَبُو مَرْحَبٍ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَةٌ أَحَدُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ4. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: لَمَّا فَرَغُوا مِنْ غُسْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَكْفِينِهِ، صَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ، وَدُفنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ5. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: لَبِثَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ6.

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 253-254"، وابن أبي سبرة والواقدي كلاهما متروك. 2 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 254"، والحسين بن عبد الله ضعيف كما تقدم. 3 صحيح: أخرجه مسلم "967" في كتاب الجنائز، باب: جعل القطيفة في القبر، والترمذي "1050" في كتاب الجنائر، باب: في الثوب الواحد يلقى تحت الميت في القبر، والنسائي "4/ 81" في كتاب الجنائز، باب: وضع الثوب في اللحد، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 399"، وأبو نعيم في "الحلية" "10344" والبيهقي في "الدلائل" "7/ 254". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "1/ 399"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 255". 5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 255-256". 6 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 256".

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَاتَ فِي الضُّحَى يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ. وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ فِي الضُّحَى1. هَذَا قول شاذّ. وإسناده صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي2 فِي جَوْفِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ3. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَدَّعِي "أَنَّهُ أَحْدَثُ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" قَالَ: أَخَذْتُ خَاتَمِي فَأَلْقَيْتُهُ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُلْتُ حِينَ خَرَجَ الْقَوْمُ: إِنَّ خَاتَمِي قَدْ سَقَطَ فِي الْقَبْرِ، وَإِنَّمَا طَرَحْتُهُ عَمْدًا لِأَمُسَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَكُونَ آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِهِ4. هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" أنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَتِ التَّعْزِيَةُ، وَسَمِعُوا قَائِلًا يَقُولُ: "إِنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ، فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فَارْجُوا، فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ"5. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" لِأَبِي ضَمْرَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَزَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَسْمَعُونَ الْحِسّ، وَلَا يَرَوْنَ الشَّخْصِ6، فَذَكَرَهُ نَحْوَهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ صَلَاتُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ وَاللَّهُ تعالى أعلم.

_ 1 معضل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 256". 2 المساحي، جمع مسحاة، وهي المجرفة. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 256". 4 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 257" وهو منقطع بين ابن إسحاق والمغيرة بن شعبة -رضي الله عنه. 5 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه الشافعي في "مسنده" "ص361"، وإسناده ضعيف جدًّا، القاسم متروك كما في "التقريب" "5468". 6 إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "4391"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 269" وضعف إسناده.

صِفَةُ قَبْرِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ هَانِئٍ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ، لَا مُشْرِفَةَ1 وَلَا لَاطِئَةَ2، مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرَصَةِ3 الْحَمْرَاءِ4. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ هَكَذَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسَنَّمًا5. أَخْرَجَهُ البخاريّ. وقال الواقديّ: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جُعِلَ قَبْرُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسْطُوحًا. هَذَا ضَعِيفٌ. وَقَالَ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: "لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ". قَالَتْ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خَافَ أَوْ خيف أنّه يتّخذ مسجدًا6. أخرجه البخاريّ.

_ 1 مشرفة: مرتفعة. 2 لاطئة: لاصقة بالأرض. 3 العرضة: الساحة. 4 ضعيف: أخرجه أبو داود "3220" في كتاب الجنائز، باب: في تسوية القبر، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 263" وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "705". 5 صحيح: أخرجه البخاري "1390" في كتاب الجنائز، باب: ما جاء فِي قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والبيهقي في "الدلائل" "7/ 264". 6 صحيح: أخرجه البخاري "1390" في المصدر السابق، والنسائي "4/ 95" في كتاب الجنائز، باب: اتخاذ القبور مساجد، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 264".

بَابُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يُوصِ إِلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ بَلْ نَبَّهَ عَلَى الْخِلَافَةِ بِأَمْرِ الصَّلَاةِ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ وَقَالُوا: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَالَ: رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ. قَالُوا: اسْتَخْلِفْ، فَقَالَ: أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا، لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْكُمُ الْكَفَافُ لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، فَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتُخْلِفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا فِي هَذِهِ الْإِمَارَةِ شَيْئًا حَتَّى رَأَيْنَا مِنَ الرَّأْيِ أَنْ نَسْتَخْلِفَ أَبَا بَكْرٍ، فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَأَى مِنَ الرَّأْيِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عُمَرَ، فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ حَتَّى ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ، ثُمَّ إِنَّ أَقْوَامًا طَلَبُوا الدُّنْيَا فَكَانَتْ أُمُورٌ يَقْضِي اللَّهُ فِيهَا2. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بكر القرشي، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: ائْتِنِي بِكَتِفٍ أَوْ لَوْحٍ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا لَا يُخْتَلَفُ عَلَيْهِ. فَلَمَّا ذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِيَقُومَ قَالَ: أَبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ أن يختلف عليك يا أبا بكر3.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "7218" في كتاب الأحكام، باب: الاستخلاف، ومسلم "1823" في كتاب الإمارة، باب: الاستخلاف وتركه، وأبو نعيم في "الحلية" "104"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 221-222". 2 أخرجه أحمد "1/ 114"، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 223" واللفظ له. 3 أخرجه أحمد "6/ 47".

وَيُرْوَى عَنْ أَنَسٍ نَحْوُهُ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ أَلَا تَسْتَخْلِفُ1 عَلَيْنَا؟ قَالَ: مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْتَخْلِفَ. تَفَرَّدَ بِهِ شُعَيْبٌ، وَلَهُ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَلِيًّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ كَيْفَ أَصْبَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا، فَأَخَذَ بِيَدِهِ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ الْعَصَا، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْفَ يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّي أَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الْأَمْرُ، فَإِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا كَلَّمْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا، قَالَ عَلِيٌّ: إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَنَعَنَاهَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ أَبَدًا، وَإِنِّي وَاللَّهِ لا أسألها رسول الله2 -صلى الله عليه وسلم. أخرجه الْبُخَارِيُّ. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنِّي أَكَادُ أَعْرِفُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَوْتَ، فَانْطَلِقْ بِنَا نَسْأَلْهُ، فَإِنْ يَسْتَخْلِفْ مِنَّا فَذَاكَ، وَإِلَّا أَوْصَى بِنَا، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْعَبَّاسِ كَلِمَةً فِيهَا جَفَاءٌ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سلم قَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ: ابْسُطْ يَدَكَ فَلْنُبَايِعْكَ، قَالَ: فقبض يده، قال الشّعبيّ: لو أنّ عليًّا أَطَاعَ الْعَبَّاسَ فِي أَحَدِ الرَّأْيَيْنِ كَانَ خَيْرًا مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، وَقَالَ: لَوْ أَنَّ الْعَبَّاسَ شَهِدَ بَدْرًا مَا فَضَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رأيًا ولا عقلًا3. وقال أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- ولم يوص4.

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 223" وشعيب بن ميمون كما في "الميزان" "3728". 2 صحيح: أخرجه البخاري "6266" في كتاب الاستئذان، باب: المعانقة، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 234-234". 3 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 225". 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 226-227" مطولًا.

وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَلِمَ أَمَرَ بِالْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ طَلْحَةُ: قَالَ هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ: أَبُو بَكْرٍ يَتَأَمَّرُ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ عَهْدًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَزَمَ أَنْفَهُ بِخِزَامٍ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ إِنَّ عَلِيًّا قَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا خَاصَّةً دُونَ النَّاسِ إِلَّا مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. الْحَدِيثُ2. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ وَصِيَّةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَلِيٍّ: يَا عَلِيُّ إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ: الصَّلَاةُ، وَالصِّيَامُ، وَالزَّكَاةُ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا3، فَهُوَ مَوْضُوعٌ، تَفَرَّدَ بِهِ حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَ يَكْذِبُ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ، وَعِنْدَ الرَّافِضَةِ أَبَاطِيلُ فِي أَنَّ عَلِيًّا عُهِدَ إِلَيْهِ4. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمْ يُوصِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا بِثَلَاثٍ: أَوْصَى لِلرَّهَاوِيِّينَ بِجَادِّ مِائَةِ وَسْقٍ، وَلِلدَّارِيِّينَ بِجَادِّ مائة وسق، وللشيبيين بجادّ مائة وسق، وللأشعريّين بِجَادِّ مِائَةِ وَسْقٍ مِنْ خَيْبَرَ، وَأَوْصَى بِتَنْفِيذِ بَعْثِ أُسَامَةَ، وَأَوْصَى أَنْ لَا يُتْرَكَ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ5. مُرْسَلٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ بِالْيَمَنِ فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ذَا كَلَاعٍ وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَا لِي: إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا مَضَى صَاحِبُكَ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلَاثٍ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ وَأَقْبَلَا مَعِي، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "2740" في كتاب الوصايا، باب: الوصايا، ومسلم "1633" في كتاب الوصية، باب: ترك الوصية، وابن ماجه "2696" في كتاب الوصية، باب: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وأبو نعيم في "الحلية" "6178"، والبيهقي في "الدلائل: " "7/ 227"، ورواية الشيخين دون قوله "قال طلحة ... " إلخ. 2 صحيح: أخرجه البخاري "1870" في كتاب فضل المدينة، باب: حرم المدينة، ومسلم "1370" في كتاب الحج، باب: فضل المدينة. 3 إسناده موضوع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 229-230". 4 موضوع: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 229" وقال: وهو حديث موضوع. 5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 230".

قِبَلِ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلْنَاهُمْ فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ صَالِحُونَ، فَقَالَا لِي: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا وَلَعَلَّنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ سَنَعُودُ، وَرَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. بَابُ: تَرِكَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ أَخِي جُوَيْرِيَةَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ3. "مُسْلِمٌ". وَقَالَ مِسْعَرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: تَسْأَلُونِي عَنْ مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا وَلِيدَةً4. وَقَالَ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا فِي بَيْتِي إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى ضَجِرْتُ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ، وَلَيْتَنِي لَمْ أَكِلْهُ5. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ6. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَمَّا الْبُرْدُ الَّذِي عِنْدَ الْخُلَفَاءِ آلِ الْعَبَّاسِ، فَقَدْ قَالَ يُونُسُ بن بكير، عن ابن

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4359" في كتاب المغازي، باب: ذهاب جرير إلى اليمن، وأحمد "4/ 363-364" والبيهقي في "الدلائل" "7/ 270". 2 صحيح: أخرجه البخاري "2739" في كتاب الدلائل "7/ 270". 3 صحيح: أخرجه مسلم "1635/ 18" في كتاب الوصية، باب: ترك الوصية. 4 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 274". 5 صحيح: أخرجه البخاري "6451" في كتاب الرقاق، باب: فضل الفقر، ومسلم "2973" في أول كتاب الزهد، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 274". 6 صحيح: وقد تقدم.

إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ غَزْوَةِ تَبُوكَ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى أَهْلَ أَيْلَةَ بُرْدَهُ مَعَ كِتَابِهِ الَّذِي كَتَبَ لَهُمْ أَمَانًا لَهُمْ، فَاشْتَرَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي السَّفَّاحَ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُبِضَ وَلَهُ برذان في الحفّ يعملان1. هذان مرسلان، والحفّ هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَلُفُّ عَلَيْهَا الْحَائِكُ وَتُسَمَّى الْمِطْوَاةَ. وَقَالَ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ جُبَّةُ صُوفٍ فِي الْحِيَاكَةِ2. إِسْنَادُهُ صَالِحٌ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَفَاطِمَةُ حِينَئِذٍ تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّتِي بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ -يَعْنِي مَالَ اللَّهِ- لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ"، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، وَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْ ذَلِكَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ3. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْمُلَبَّدَةَ، فَأَقْسَمَتْ بِاللَّهِ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أنّهم حين قدموا المدينة مقتل الحسين

_ 1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 279". 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 279". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3092، 3093، 3094" في كتاب فرض الخمس، باب: رقم "1"، ومسلم "1759" في كتاب الجهاد، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة". 4 صحيح: وقد تقدم.

لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَقَالَ لَهُ: هَلْ لك ليّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هل أنت معطيّ سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لَا يَخْلُصُ إِلَيْهِ أَحَدٌ حَتَّى يَبْلُغَ نَفْسِي1. اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ2 لَهُمَا قِبَالَانِ، فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلَا النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. عَدَدُ أَزْوَاجِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً، وَدَخَلَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنْهُنَّ، وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَقُبِضَ عَنْ تِسْعٍ. فَأَمَّا اللَّتَانِ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ فَأَفْسَدَتْهُمَا النِّسَاءُ فَطَلَّقَهُمَا، وَذَلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِإِحْدَاهُمَا: إِذَا دَنَا مِنْكِ فَتَمَنَّعِي، فَتَمَنَّعَتْ، فَطَلَّقَهَا، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَلَمَّا مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ قَالَتْ: لَوْ كَانَ نَبِيًّا مَا مَاتَ ابْنُهُ، فَطَلَّقَهَا. وَخَمْسٌ مِنْهُنَّ مِنْ قُرَيْشٍ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ. وَمَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ، وَجُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيَّةُ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّةُ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ الْخَيْبَرِيَّةُ. قُبِضَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ هَؤُلَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ4. رَوَى دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ أُخْتَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهَا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ منه.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3110" في كتاب فرض الخمس، باب: ما ذكر في درع النبي -صلى الله عليه وسلم- "2449/ 95" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة -رضي الله عنها. 2 جرداوين: أي لا شعر عليهما. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3107" في كتاب فرض الخمس، باب: ما ذكر في درع النبي -صلى الله عليه وسلم- والترمذي في "الشمائل" "76". 4 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 289".

وقال إبراهيم بن الفضل: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَعْرِضْ لَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَارْتَدَّتْ مَعَ أَخِيهَا فَبَرِئَتْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ1. وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ فَرَوَى عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ: هَلْ تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُتَيْلَةَ أُخْتَ الْأَشْعَثِ؟ فَقَالَ: مَا تَزَوَّجَهَا قَطُّ، وَلَا تَزَوَّجَ كِنْدِيَّةً إِلَّا أُخْتَ بَنِي الْجَوْنِ، فَلَمَّا أَتَى بِهَا وَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ نَظَرَ إِلَيْهَا فَطَلَّقَهَا وَلَمْ يَبْنِ بِهَا2. وَيُقَالُ إِنَّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ، اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا، فَكَانَتْ تَلْقُطُ الْبَعْرَ وَتَقُولُ: أَنَا الشَّقِيَّةُ. تَزَوَّجَهَا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتُوُفِّيَتْ سَنَةَ سِتِّينَ3. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْمَاءَ بِنْتَ كَعْبٍ الْجَوْنِيَّةَ، فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا. وَتَزَوَّجَ عَمْرَةَ بِنْتَ يَزِيدَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. كَذَا قَالَ، وَهَذَا شَيْءٌ مُنْكَرٌ. فَإِنَّ الْفَضْلَ يَصْغُرُ عَنْ ذَلِكَ. وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْيَمَنِ أَسْمَاءَ بِنْتَ النُّعْمَانِ الْجَوْنِيَّةَ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا دَعَاهَا، فَقَالَتْ: تَعَالَ أَنْتَ، فَطَلَّقَهَا4. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: اسْتَعَاذَتِ الْجَوْنِيَّةُ مِنْهُ، وَقِيلَ لَهَا: "هُوَ أَحْظَى لَكِ

_ 1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 320" عن داود بن أبي هند معضلًا. 2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 320" بنحوه، والواقدي متروك. 3 إسناده ضعيف جدًّا. 4 مرسل.

عِنْدَهُ" وَإِنَّمَا خُدِعَتْ لِمَا رُوِيَ مِنْ جَمَالِهَا وَهَيْئَتِهَا، وَلَقَدْ ذُكِرَ لَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حَمَلَهَا عَلَى مَا قَالَتْ لَهُ، فقال: "إِنَّهُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ". وَذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا اسْتَعَاذَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مُغْضَبًا، فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: لَا يَسُوءُكَ اللَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلَا أُزَوِّجُكَ مَنْ لَيْسَ دُونَهَا فِي الْجَمَالِ وَالْحَسَبِ؟ فَقَالَ: "مَنْ"? قَالَ: أُخْتِي قُتَيْلَةُ، قَالَ: "قَدْ تَزَوَّجْتُهَا"، فَانْصَرَفَ الْأَشْعَثُ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ثُمَّ حَمَلَهَا، فَبَلَغَهُ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّهَا وَارْتَدَّتْ مَعَهُ2. وَيُرْوَى عَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ سَنَاءَ بِنْتَ الصَّلْتِ السَّلَمِيَّةَ، فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا3. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ لَا يَصِحُّ قَالَ: كَانَ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَاءُ بِنْتُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيَّةُ4. وَبَعَثَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ يَخْطُبُ عَلَيْهِ امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ، يُقَالُ لَهَا عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ، فَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّ بِهَا بَيَاضًا فَطَلَّقَهَا5. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ مُلَيْكَةَ بِنْتَ كَعْبٍ، وَكَانَتْ تُذْكَرُ بِجَمَالٍ بَارِعٍ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهَا عَائِشَةُ فَقَالَتْ: أَمَا تَسْتَحِينَ أَنْ تَنْكِحِي قَاتِلَ أَبِيكِ، فَاسْتَعَاذَتْ مِنْهُ، فَطَلَّقَهَا، فجاء قومها فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهَا صَغِيرَةٌ، وَلَا رَأْيَ لَهَا، وَإِنَّهَا خُدِعَتْ فَارْتَجِعْهَا، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَاسْتَأْذَنُوهُ أَنْ يُزَوِّجُوهَا، فَأَذِنَ لَهُمْ. وَأَبُوهَا قَتَلَهُ خَالِدٌ يَوْمَ الْفَتْحِ6. وَهَذَا حديث ساقط كالذي

_ 1 مرسل: إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 318". 2 إسناده ضيعف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 320"، وأبو صالح ضعيف، وهشام وأبوه كلاهما متروك. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 321" عن رجل من رهط عبد الله بن خازم السلمي، وفي إسناده هشام الكلبي، وهو متروك. 4 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 317". 5 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 317". 6 معضل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 320".

قَبْلَهُ. وَأَوْهَى مِنْهُمَا مَا رَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجُنْدَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ الْجُنْدَعِيِّ قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُلَيْكَةَ بِنْتَ كَعْبٍ اللَّيْثِيِّ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَدَخَلَ بِهَا، فَمَاتَتْ عِنْدَهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَصْحَابُنَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ1. وَقَالَ عُقَيْلٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي كِلَابٍ، ثُمَّ فَارَقَهَا2. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: هِيَ الْعَالِيَةُ بِنْتُ ظَبْيَانَ فِيمَا بَلَغَنِي. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: تَزَوَّجَ بِالْعَالِيَةِ بِنْتِ ظَبْيَانَ، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ دَهْرًا ثُمَّ طَلَّقَهَا، حَدَّثَنِي ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِلَابٍ. رَوَى الْمُفَضَّلُ الْغَلابِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ قَالَ: نَكَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَوْلَةَ بِنْتَ هُذَيْلٍ الثَّعْلَبِيَّةَ، فَحُمِلَتْ إِلَيْهِ مِنَ الشَّامِ، فَمَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ، فَنَكَحَ خَالَتَهَا شَرَافَ بِنْتَ فَضَالَةَ، فَمَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ أَيْضًا3. وَيُرْوَى عَنْ سَهْلِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فَدَخَلَ بِهَا، فَرَأَى بِهَا بَيَاضًا مِنْ بَرَصٍ، فَقَالَ: الْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَأَكْمَلَ لَهَا صَدَاقَهَا4. هَذَا وَنَحْوُهُ إِنَّمَا أَوْرَدْتُهُ لِلتَّعَجُّبِ لَا لِلتَّقْرِيرِ. وَمِنْ سَرَارِيِّهِ: مَارِيَةُ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَتْ رَيْحَانَةُ أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَكَانَتْ تَحْتَجِبُ فِي أَهْلِهَا، وَتَقُولُ: لَا يَرَانِي أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَهَذَا أَثْبَتُ عِنْدَنَا وَكَانَ زَوْجَ رَيْحَانَةَ قَبْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحَكَمُ. وَهِيَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَحَدَّثَهَا عَاصِمُ بْنُ عبد الله بن

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 320". 2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 286" بنحوه. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 326" عن الشرقي بن القطامي بنحوه، وفي إسناده هشام الكلبي، وهو متروك. 4 أخرجه أحمد "3/ 493" من حديث كعب بن زيد أبو زيد بن كعب بنحوه، وإسناده ضعيف. وأما حديث سهل بن سعد فأصله عند البخاري "5256-5257" في كتاب الطلاق، باب: من طلق، دون قول "فرأى بها بياضًا من برص". 5 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في"الطبقات" "4/ 311".

الْحَكَمِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَيْحَانَةَ بنت زيد بن عمرو بن خناقة، وَكَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ، قَالَتْ: فَتَزَوَّجَنِي وَأَصْدَقَنِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا1 وَأَعْرَسَ بِي وَقَسَمَ لِي. وَكَانَ مُعْجَبًا بِهَا، تُوُفِّيَتْ مَرْجِعَهُ مِنْ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَكَانَ تَزْوِيجُهُ بِهَا فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ2. وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: كَانَتْ رَيْحَانَةُ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَسَبَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَمَاتَتْ عِنْدَهُ3. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَسَرَّ رَيْحَانَةَ ثُمَّ أَعْتَقَهَا، فَلَحِقَتْ بِأَهْلِهَا4. قُلْتُ: هَذَا أَشْبَهُ وَأَصَحُّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعُ وَلَائِدَ: مَارِيَةُ، وَرَيْحَانَةُ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَجَمِيلَةُ فَكَادَهَا نِسَاؤُهُ، وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ نَفِيسَةٌ وَهَبَتْهَا لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} 5 قَالَ: كَانَ نِسَاءٌ وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ وَأَرْجَى بَعْضَهُنَّ، فَلَمْ يُنْكَحْنَ بَعْدَهُ، مِنْهُنَّ أُمُّ شَرِيكٍ، يَعْنِي الدَّوْسِيَّةَ6. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ كَانَتْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً7. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَقْبَلَتْ لَيْلَى بِنْتُ الْخَطِيمِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، قال: قد فعلت، فرجعت

_ 1 النش: نصف الأوقية، والأوقية أربعون درهمًا، فالنش عشرون درهمًا. 2 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 310". 3 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 310". 4 مرسل. 5 سورة الأحزاب: 51. 6 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 323". 7 مرسل.

إِلَى قَوْمِهَا فَقَالَتْ: قَدْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: أَنْتِ امْرَأَةٌ غَيْرَى تَغَارِينَ مِنْ نِسَائِهِ فَيَدْعُو عَلَيْكِ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: أَقِلْنِي، قَالَ: "قَدْ أَقَلْتُكِ"1. وَقَدْ خَطَبَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، وَضُبَاعَةَ بِنْتَ عَامِرٍ، وَصَفِيَّةَ بِنْتَ بَشَامَةَ وَلَمْ يُقْضَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهِنَّ. والله سبحانه وتعالى أعلم.

_ 1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "4/ 321"، وأبو صالح هو باذام ضعيف، وهشام وأبوه كلاهما متروك.

محتوى الجزء الأول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من تاريخ الإسلام

محتوى الجزء الأول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من تاريخ الإسلام: الموضوع: 3 مقدمة المحقق. 7 ترجمة الإمام الذهبي. 13 ثناء أهل العلم عليه. 14 ذكر ما أخذ عليه. 15 ابتلاؤه بفقد بصره. 16 وفاته -رحمه الله. 17 رثائه. 18 منهج التحقيق. السيرة النبوية: 19 ذكر نسب سيد البشر. 23 مولده المبارك -صلى الله عليه وسلم. 28 أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- وكنتيه. 32 ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي قِصَّةِ سَطِيحٍ وَخُمُودِ النيران ليلة المولد وانشقاق الإيوان 36 باب منه. 44 ذكر وفاة والده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عبد المطلب. 47 وقد رعى الغنم. 47 سفره مع عمه -إن صح وخبر بحيرى الراهب.

51 حرب الفجار. 51 شأن جديجة. 53 حَدِيثُ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ قُرَيْشٍ فِي وَضْعِ الحجر الأسود. 61 ومما عصم الله به محمدًا من أمر الجاهلية. 65 ذكر مبعثه -صلى الله عليه وسلم. 72 فَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ خَدِيجَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عنها. 73 ومن معجزاته -صلى الله عليه وسلم. 79 إسلام السابقين الأولين. 84 فَصْلٌ فِي دَعْوَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشِيرَتَهُ إِلَى اللَّهِ وَمَا لَقِيَ مِنْ قومه. 97 شعر أبي طالب في معاداة خصومة. 99 إسلام أبي ذر -رضي الله عنه. 103 إسلام حمزة. 103 إسلام عمر -رضي الله عنه. 111 الهجرة الأولى إلى الحبشة ثم الثانية. 121 إسلام ضماد. 121 إسلام الجن. 125 فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنْ هَوَاتِفِ الْجَانِّ وَأَقْوَالِ الكهان. 129 انشقاق القمر.

132 باب ويسألونك عن الروح. 135 ذِكْرُ أَذِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وللمسلمين. 139 ذكر شعب أبي طالب والصحيفة. 142 باب {إنا كفيناك المستهزئين} . 142 دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قريش بالسنة. 144 ذكر الروم. 146 ثُمَّ تُوُفِّيَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَزَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ. 154 ذِكْرُ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- إلى المسجد الأقصى. 162 ذِكْرُ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى السماء. 181 زَوَاجُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَائِشَةَ وَسَوْدَةَ أمي المؤمنين. 183 عَرْضُ نَفْسِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى القبائل. 186 حديث سويد بن الصامت. 187 حديث يوم بعاث. 188 ذكر مبدأ خبر الأنصار والعقبة الأولى. 194 العقبة الثانية. 200 تسمية من شهد العقبة. 203 ذكر أول من هاجر إلى المدينة. 208 سِيَاقُ خُرُوجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى المدينة مهاجرًا. 225 فَصْلٌ فِي مُعْجِزَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سوى ما مضى في غضون المغازي.

233 فَصْلٌ فِي تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي يَدِهِ -صَلَّى الله عليه وسلم. 249 بَابٌ مِنْ أَخْبَارِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالكوائن بعد فوقعت كما أخبر. 270 باب جامع منه دلائل النبوة. 272 باب آخر سورة نزلت. 273 باب في النسخ والمحو من الصدور. 274 ذكر صفة النبي -صلى الله عليه وسلم. 288 خاتم النبوة. 290 بَابٌ جَامِعٌ مِنْ صِفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 292 حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 302 بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} . 307 باب هيبته وجلاله وحبه وشجاته وقوته وفصاحته. 310 بَابُ زُهْدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِذَلِكَ يوزن الزهد وبه يحد. 318 فَصْلٌ مِنْ شَمَائِلِهِ وَأَفْعَالِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 321 بَابٌ مِنَ اجْتِهَادِهِ وَعِبَادَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 322 باب من مُزَاحِهِ وَدَمَاثَةِ أَخْلَاقِهِ الزَّكِيَّةِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 328 باب في ملابسه -صلى الله عليه وسلم. 338 بَابُ خَوَاتِيمُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 341 بَابُ نَعْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخفه. 342 بَابُ مُشْطِهِ وَمِكْحَلَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومرآته وقدحه وغير ذلك.

343 بَابُ سِلَاحِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودوابه وعدته. 351 وَقَدْ سُحِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسم في شواء. 355 بَابُ مَا وُجِدَ مِنْ صُورَةِ نَبِيِّنَا وَصُوَرِ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ بالشام. 362 بَابٌ فِي خَصَائِصِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتحديثه أمته بها امتثالًا لأمر الله تعالى: {وأما بنعمة ربك فحدث} . 367 بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 407 فهرس الجزء الأول.

المجلد الثاني

المجلد الثاني أحداث السنة الأولى من الهجرة مدخل ... بسم الله الرحمن الرحيم: أحداث السَّنَةُ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ: رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَدِينَةِ سَمِعُوا بِمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَكَانُوا يَغْدُونَ إِلَى الْحَرَّةِ يَنْتَظِرُونَهُ، حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الشَّمْسِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا، فَأَوْفَى يَهُودِيٌّ عَلَى أُطُمٍ1 فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ، فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقِيَ الزُّبَيْرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي رَكْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا تُجَّارًا قَافِلِينَ مِنَ الشَّامِ فَكَسَا الزُّبَيْرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأبا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ. قَالَ: فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِيُّ أَنْ صَاحَ، يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ. فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلَاحِ. فَتَلَقَّوْهُ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ. فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ فَطَفِقَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ حَتَّى أَصَابَتِ الشَّمْسُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ يُظِلُّهُ بِرِدَائِهِ، فَعَرِفَ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَبِثَ فِي بَنِي عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس مَسْجِدَهُمْ. ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَسَارَ حَوْلَهُ النَّاسُ يَمْشُونَ، حَتَّى بَرَكَتْ بِهِ مَكَانَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَ مِرْبَدًا لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ2. فَدَعَاهُمَا فَسَاوَمَهُمَا بِالْمِرْبَدِ لِيَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا، فَقَالَا: بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ بَنَاهُ مَسْجِدًا، وَكَانَ يَنْقِلُ اللَّبِنَ مَعَهُمْ3 وَيَقُولُ: هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالَ4 خَيْبَرْ ... هذا أبر ربنا وأطهر

_ 1 أطم: بضم أوله وثانيه هو الحصن. 2 مربدا: بكسر الميم وسكون الراء وفتح الموحدة: هو الموضع الذي يجفف فيه التمر. وسهل وسهيل: هما ابنا عمرو كانا يتيمين. 3 اللبن: الطوب المعمول من الطين الذي لم يحرق. 4 في "فتح الباري" "7/ 290": هذا حمال -بالحاء: أي المحمول من اللبن.

وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَهْ ... فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ1 وَخَرَّجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ حَدِيثَ الْهِجْرَةِ بِطُولِهِ. وَخَرَّجَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ أَنَّ أَنَسَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: أَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ. وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَابُّ لَا يُعْرَفُ، فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: مَنْ هَذَا بَيْنَ يَدَيْكَ, فَيَقُولُ: رَجُلٌ يَهْدِينِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي طَرِيقَ الْخَيْرِ2. إِلَى أَنْ قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَانِبَ الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى الْأَنْصَارِ، فَجَاءُوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم، فسلموا عَلَيْهِمَا، وَقَالُوا: ارْكَبَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ. فَرَكِبَا، وَحَفُّوا دُونَهُمَا بِالسِّلَاحِ. فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ إِلَى جَانِبِ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَرَوَيْنَا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، عن أبي البداح بن عاصم بن عدي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلةً خَلَت من ربيع الأوّل، فأقام فِي الْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ إِسْحَاقَ: فَقَدِمَ ضُحَى يَوْمِ الإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَأَقَامَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ؛ فِيمَا قِيلَ؛ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ، ثُمَّ ظَعَنَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، فَصَلَّاهَا بِمَنْ مَعَهُ. وَكَانَ مَكَانُ الْمَسْجِدِ؛ فِيمَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مِرْبَدًا لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ، وَهُمَا سَهْلٌ وَسُهَيْلٌ ابْنَا رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَكَانَا فِي حِجْرِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ الْمِرْبَدُ لِسَهْلٍ وَسُهيَلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو، وَكَانَا فِي حِجْرِ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ. وَغَلَطَ ابْنُ مَنْدَهْ فَقَالَ: كَانَ لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ بَيْضَاءَ، وَإِنَّمَا ابنا بيضاء من المهاجرين.

_ 1 أخرجه البخاري في "صحيحه" "3906" في كتاب: "مناقب الأنصار". 2 وهذا من باب التورية.

وَأَسَّسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي إِقَامَتِهِ بِبَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مَسْجِدَ قُبَاءَ. وَصَلَّى الْجُمُعَةَ فِي بَنِي سَالِمٍ فِي بَطْنِ الْوَادِي. فَخَرَجَ مَعَهُ رِجَالٌ مِنْهُمْ: وَهُمُ الْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَنْزِلَ عِنْدَهُمْ وَيُقِيمَ فِيهِمْ، فَقَالَ: "خَلُّوا النَّاقَةَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ". وَسَارَ وَالْأَنْصَارُ حَوْلَهُ حَتَّى أَتَى بَنِي بَيَاضَةَ1، فَتَلَقَّاهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ، وَفَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو، فَدَعُوهُ إِلَى النُّزُولِ فِيهِمْ، فَقَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ". فَأَتَى دُورَ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ؛ وَهُمْ أَخْوَالُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَتَلَقَّاهُ سَلِيطُ بْنُ قَيْسٍ، وَرِجَالٌ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، فَدَعُوهُ إِلَى النُّزُولِ وَالْبَقَاءِ عِنْدَهُمْ، فَقَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ". وَمَشَى حَتَّى أَتَى دُورَ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَبَرَكَتِ النَّاقَةُ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مِرْبَدُ تَمْرٍ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ. وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ وَحَرْثٌ وَخِرَبٌ، وَقُبُورٌ لِلْمُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَنْزِلْ عَنْ ظَهْرِهَا، فَقَامَتْ وَمَشَتْ قَلِيلًا، وَهُوَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يُهَيِّجُهَا، ثُمَّ الْتَفَتَتْ فَكَرَّتْ إِلَى مَكَانِهَا وَبَرَكتْ فِيهِ، فَنَزَلَ عَنْهَا. فَأَخَذَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَحْلَهَا فَحَمَلَهُ إِلَى دَارِهِ. وَنَزَلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتٍ مِنْ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ. فَلَمْ يَزَلْ سَاكِنًا عِنْدَ أَبِي أَيُّوبَ حَتَّى بَنَى مَسْجِدَهُ وحُجَرَهُ فِي الْمِرْبَدِ. وَكَانَ قَدْ طَلَبَ شِرَاءَهُ فَأَبَتْ بَنُو النَّجَّارِ مِنْ بَيْعِهِ، وَبَذَلُوهُ لِلَّهِ وَعَوَّضُوا الْيَتِيمَيْنِ. فَأَمَرَ بِالْقُبُورِ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ. وَبَنَى عِضَادَتَيْهِ بِالْحِجَارَةِ، وَجَعَلَ سَوَارِيهِ مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ، وَسَقَفَهُ بِالْجَرِيدِ. وَعَمِلَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ حِسْبَةً. فَمَاتَ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيُّ تِلْكَ الْأَيَّامَ بِالذُّبَحَةِ. وَكَانَ مِنْ سَادَةِ الْأَنْصَارِ وَمِنْ نُقَبَائِهِمُ الْأَبْرَارِ. وَوَجَدَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجْدًا لِمَوْتِهِ2، وَكَانَ قَدْ كَوَاهُ. وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ بَعْدَهُ نَقِيبًا وَقَالَ: "أَنَا نَقِيبُكُمْ". فَكَانُوا يَفْخَرُونَ بِذَلِكَ. وَكَانَتْ يَثْرِبُ لَمْ تُمَصَّرْ، وَإِنَّمَا كَانَتْ قُرًى مُفَرَّقَةً: بَنُو مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ فِي قَرْيَةٍ، وَهِيَ مِثْلُ الْمَحِلَّةِ، وَهِيَ دَارُ بَنِي فُلَانٍ. كَمَا فِي الْحَدِيثِ: "خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ" 3. وَكَانَ بَنُو عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ لَهُمْ دَارٌ، وَبَنُو مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ كَذَلِكَ، وَبَنُو سَالِمٍ كَذَلِكَ، وَبَنُو سَاعِدَةَ كَذَلِكَ، وَبَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ كَذَلِكَ، وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كذَلَكِ، وَبَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ كَذَلِكَ، وَسَائِرُ بُطُونِ الْأَنْصَارِ كَذَلِكَ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خَيْرٌ" 4. وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنْ تُبْنَى الْمَسَاجِدُ فِي الدُّورِ. فَالدَّارُ -كَمَا قُلْنَا- هِيَ الْقَرْيَةُ. وَدَارُ بَنِي عَوْفٍ هِيَ قُبَاءٌ. فَوَقَعَ بِنَاءُ مَسْجِدِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَكَانَتْ قَرْيَةً صَغِيرَةً. وَخَرَّجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ فيهم أربع عشرة ليلة. ثم أرسل إلى بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا. وَآخَى فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. ثُمَّ فُرِضَتِ الزَّكَاةُ. وَأَسْلَمَ الْحَبْرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ5، وَأُنَاسٌ مِنَ اليهود، وكفر سائر اليهود.

_ 1 بنو بياضة: بطن من الخزرج من الأزد من القحطانية وهم بنو بياضة بن عامر بن زريق بن عبد الحارثة بن مالك بن غضب من جشم بن الخزرج. "معجم قبائل العرب" "1/ 112". 2 وجد: حزن. 3 أخرجه البخاري في "مناقب الأنصار" "3791". 4 السابق. 5 من كبار علماء اليهود، أسلم وحسن إسلامه، وأنزل الله تعالى فيه: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف: 10] .

قصة إسلام ابن سلام

قِصَّةُ إِسْلَامِ ابْنِ سَلامٍ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. وَلَقَدْ عَلِمَتْ يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم، فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي أَسْلَمْتُ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَأَتَوْا، فَقَالَ لَهُمْ: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، وَيْلَكُمُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَأَسْلِمُوا". قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ، فَأَعَادَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثًا. ثُمَّ قَالَ: "فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ"؟ قَالُوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا. قَالَ: "أَفَرَأَيْتُمْ إن أسلم"؟ قالوا: حاش الله، ما كان ليسلم. قال: "يا بن سَلَّامٍ اخْرُجْ عَلَيْهِمْ". فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: وَيْلَكُمُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، قَالُوا: كَذَبْتَ. فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِأَطْوَلَ مِنْهُ1. وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ بِقُدُومِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي أَرْضٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "2/ 530، 531"، كما أخرجه البخاري بأطول منه كما قال "المصنف" في كتاب "الأنبياء" "3329".

يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ: مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الجَّنَةِ؟ وَمَا يَنْزَعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ قَالَ: "أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا". قَالَ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} [البقرة: 97] . "أمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَخْرُجُ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ, وَأَمَّا أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حُوتٍ, وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَ إِلَى أُمِّهِ". فَتَشَهَّدَ وَقَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهْتٌ، وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ عَنِّي بَهَتُونِي. فَجَاءُوا، فَقَالَ: "أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ فِيكُمْ"؟ قَالُوا: خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا. قَالَ: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ"؟ قَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَخَرَجَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَتَنَقَّصُوهُ. قَالَ: هَذَا الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَقَالَ عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ1، قَالُوا: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَجِئْتُ لِأَنْظُرَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ. فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ أَنْ قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَأَفْشُوا السَّلَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَّنَّةَ بِسَلَامٍ". صَحِيحٌ2. وَرَوَى أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَعَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89] ؛ قَالَ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَمُرُّ بِالْيَهُودِ فَيُؤْذُونَهُمْ. وَكَانُوا يَجِدُونَ مُحَمَّدًا فِي التَّوْرَاةِ، فَيَسْأَلُونَ اللَّهَ أَنْ يَبْعَثَهُ فَيُقَاتِلُونَ مَعَهُ الْعَرَبَ. فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ حِينَ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي إسرائيل.

_ 1 انجفل الناس؛ أي: أسرعوا ومضوا كلهم. 2 "صحيح": رواه الترمذي، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" "611".

قصة بناء المسجد

قِصَّةُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ: قَالَ أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ، فَجَاءُوا فَقَالَ: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا". قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ. فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ: كَانَ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ فِيهِ خِرَبٌ وَنَخْلٌ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ. فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ ذَاكَ الصَّخْرَ، وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ، وَيَقُولُونَ: اللهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ فَانْصُرِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، فِي قِصَّةِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ: فَطَفِقَ1 هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَنْقِلُونَ اللَّبِنَ، وَيَقُولُ وَهُوَ يَنْقِلُ اللَّبِنَ مَعَهُمْ: هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالَ خَيْبَرْ ... هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرْ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَه ... فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ2 قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَتَمَثَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ فِي الْحَدِيثِ. وَلَمْ يَبْلُغْنِي فِي الْحَدِيثِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَمَثَّلَ بِبَيْتِ شِعْرٍ غير هذه الأبيات. ذكره الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ3. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ: ثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ. فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا. وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ، وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ، وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا. وَغَيَّرَهُ عُثْمَانُ، فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَبِيرَةً، وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، وَسَقْفَهُ بِالسَّاجِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عُبَادَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ الْأَنْصَارَ جَمَعُوا مَالًا، فَأَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: ابْنِ بهذا المسجد وزينه، إلى متى

_ 1 طفق: أخذ. 2 تقدم تخريجه قبل قليل. 3 أخرجه البخاري في "صحيحه" "3906". قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 291": "وفي الحديث: جواز قول الشعر وأنواعه -يعني: الحسن منه- خصوصا الرجز في الحرب. والتعاون على سائر الأعمال الشاقة، لما فيه من تحريك الهمم وتشجيع النفوس". ا. هـ.

نُصَلِّي تَحْتَ هَذَا الْجَرِيدِ؟ فَقَالَ: "مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ أَخِي مُوسَى، عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى". وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: "كَعَرِيشِ مُوسَى"؛ قَالَ: إِذَا رَفَعَ يَدَهُ بَلَغَ الْعَرِيشَ، يَعْنِي السَّقْفَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَنَيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَقُولُ: "قَرِّبُوا الْيَمَامِيَّ مِنَ الطِّينِ، فَإِنَّهُ مِنْ أَحْسَنِكُمْ لَهُ بِنَاءً". وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مَسْجِدِي هَذَا". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِأَطْوَلَ مِنْهُ1. وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدَ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ". صَحِيحٌ2. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَعَمَّارٌ3 يَحْمِلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ؛ يَعْنِي فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ. فَرَآهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يَنْفُضُ عَنْهُ التُّرَابَ وَيَقُولُ: "وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ دُونَ قَوْلِهِ: "تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ"، وَهِيَ زِيَادَةٌ ثَابِتَةُ الْإِسْنَادِ4. وَنَافَقَ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَأَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ مُدَارَاةً لِقَوْمِهِمْ. فَمِمَّنْ ذُكِرَ مِنْهُمْ: مِنْ أَهْلِ قُبَاءَ: الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدِ بْنُ الصَّامِتِ. وَكَانَ أَخُوهُ خَلَّادُ رَجُلًا صَالِحًا، وَأَخُوهُ الْجَلَّاسُ دُونَ خَلَّادٍ فِي الصَّلَاحِ. وَمِنَ الْمُنَافِقِينَ: نَبْتَلُ بْنُ الحارث. وبجاد بن عثمان. وأبو حبيبة ابن الْأَزْعَرِ أَحَدُ مَنْ بَنَى مَسْجِدَ الضِّرَارِ. وَجَارِيَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَابْنَاهُ: زَيْدٌ وَمُجَمِّعٌ. وَقِيلَ لَمْ يَصِحَّ عَنْ مُجَمِّعٍ النفاق، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِيهِمْ لِأَنَّ قَوْمَهُ جَعَلُوهُ إِمَامَ مَسْجِدِ الضِّرَارِ. وَعَبَّادُ بن

_ 1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "1398" كتاب "الحج" بلفظ: عن أبي سعيد، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله! أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ فأخذ كفا من حصباء، فضرب به الأرض، ثم قال: "هو مسجدكم هذا" لمسجد المدينة. 2 أخرجه البخاري "1190" في كتاب "فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة"، ومسلم في "صحيحه" "1394" كتاب "الحج". 3 يعني: عمار بن ياسر -رضي الله عنه. 4 أخرجه البخاري "447"، ومسلم "2236"، وغيرهما.

حُنَيْفٍ. وَأَخَوَاهُ سَهْلٌ وَعُثْمَانُ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ. وَمِنْهُمْ: بِشْرٌ، وَرَافِعٌ، ابْنَا زَيْدٍ. وَمِرْبَعٌ، وَأَوْسٌ، ابْنَا قَيْظِيٍّ. وَحَاطِبُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَرَافِعُ بْنُ وَدِيعةَ، وَزَيْدُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ؛ ثَلَاثَتُهُمْ مِنْ بَنِي النَّجَارِ، وَالْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ الْخَزْرَجِيُّ؛ مِنْ بَنِي جُشَمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنُ سَلُولٍ، مِنْ بَنِي عَوْفٍ بْنُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ رَئِيسَ الْقَوْمِ. وَمِمَّنْ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ مِنَ الْيَهُودِ وَنَافَقَ بَعْدُ: أَسْعَدُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَزَيْدُ بْنُ اللُّصَيْتِ، وَرَافِعُ بْنُ حَرْمَلةَ، وَرِفَاعَةُ بْنُ زَيْدِ بْنُ التَّابُوتِ، وَكِنَانَةُ بْنُ صُورِيَا. وَمَاتَ فِيهَا: الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ السُّلَمِيُّ أَحَدُ نُقَبَاءِ الْعَقَبَةِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ. وَتَلَاحَقَ الْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ تَأَخَّرُوا بِمَكَّةَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَحْبُوسٌ أَوْ مَفْتُونٌ. وَلَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا أَسْلَمَ أَهْلُهَا، إِلَّا أَوْسُ اللَّهِ، وَهُمْ حَيٌّ مِنَ الْأَوْسِ؛ فَإِنَّهُمْ أَقَامُوا عَلَى شِرْكِهِمْ. وَمَاتَ فِيهَا: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ وَالِدُ خَالِدٍ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلِ السَّهْميُّ وَالِدُ عَمْرٍو بِمَكَّةَ عَلَى الْكُفْرِ. وَكَذَلِكَ: أَبُو أُحَيْحةَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ الْأُمَوِيُّ تُوُفِّيَ بِمَالِهِ بِالطَّائِفِ. وَفِيهَا: أُرِيَ الْأَذَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَشُرِعَ الْأَذَانُ عَلَى مَا رَأَيَا. وَفِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَقَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِوَاءً لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَعْتَرِضُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ. وَهُوَ أَوَّلُ لِوَاءٍ عُقِدَ فِي الْإِسْلَامِ. وَفِيهَا: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَأَبَا رَافِعٍ إِلَى مَكَّةِ لِيَنْقُلَا بَنَاتَهُ وَسَوْدَةَ1 أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. وَفِي ذِي الْقِعْدَةِ عَقَدَ لِوَاءً لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، لِيُغِيرَ عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ أَوْ بَنِي جُهَيْنَةَ. ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق، عن يزيد بن رومان،

_ 1 هي: سودة بنت زمعة، أم المؤمنين -رضي الله عنها.

عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، فَكَانَ أَوَّلُ رَايَةٍ عَقَدَهَا رَايَةَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ1. وَفِيهَا: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَالْحَقِّ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ الله عنه- قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَوَرَّثَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَى نَزَلَتْ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} 2. وَالسَّبَبُ فِي قِلَّةِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذَا الْعَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ السِّنِينَ، أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا قَلِيلِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ. فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِبَعْضِ الْحِجَازِ، أَوْ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ. وَفِي خِلَافَةِ عُمَرَ -بَلْ وَقَبْلَهَا- انْتَشَرَ الْإِسْلَامُ فِي الْأَقَالِيمِ. فَبِهَذَا يَظْهَرُ لَكَ سَبَبُ قِلَّةِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، وَسَبَبُ كَثْرَةِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي زَمَانِ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَكَانَ فِي هَذَا الْقُرْبِ أَبُو قَيْسِ بْنُ الْأَسْلَتِ بْنُ جُشَمِ بْنُ وَائِلٍ الْأَوْسِيُّ الشَّاعِرُ. وَكَانَ يُعْدَلُ بِقَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ فِي الشَّجَاعَةِ وَالشِّعْرِ. وَكَانَ يَحُضُّ الْأَوْسَ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَكَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ يَتَأَلَّهُ وَيَدَّعِي الْحَنِيفِيَّةَ، وَيَحُضُّ قُرَيْشًا عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ قَصِيدَتَهُ الْمَشْهُورَةَ الَّتِي أَوَّلُهَا: أَيَا رَاكِبًا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ ... مُغَلْغَلَةً عَنِّي لُؤَيَّ بْنَ غَالِبِ أَقِيمُوا لَنَا دِينًا حَنِيفًا فَأَنْتُمُو ... لَنَا قَادَةٌ قَدْ يُقْتَدَى بِالذَّوَائِبِ رَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ رِجَالِهِ قَالُوا: خَرَجَ ابْنُ الْأَسْلَتِ إِلَى الشَّامِ، فَتَعَرَّضَ آلَ جَفْنَةَ فَوَصَلُوهُ. وَسَأَلَ الرُّهْبَانَ فَدَعُوهُ إِلَى دِينِهِمْ فَلَمْ يُرِدْهُ. فَقَالَ لَهُ رَاهِبٌ: أَنْتَ تُرِيدُ دِينَ الْحَنِيفِيَّةِ، وَهَذَا وَرَاءَكَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ. ثُمَّ إِنَّهُ قَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا، فَلَقِي زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ3، فَقَصَّ عَلَيْهِ أَمْرَهُ. فَكَانَ أَبُو قَيْسٍ بَعْدُ يَقُولُ: لَيْسَ أحد على دين

_ 1 استشهد -رضي الله عنه- متأثرا بجراحه عقب غزوة بدر الكبرى. 2 "إسناده صحيح": "مسند الطيالسي" "2676"، والطبراني في "الكبير" "11748"، والبيهقي في "السنن" "6/ 262"، وقال الهيثمي في "المجمع" "7/ 28": رجاله رجال الصحيح. والآية: من سورة الأنفال: 75. 3 والد الصحابي الجليل: سعيد بن زيد, أحد العشرة المبشرين بالجنة -رضي الله عنه.

إِبْرَاهِيمَ إِلَّا أَنَا وَزَيْدٌ. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ؛ وقد أَسْلَمَتِ الْخَزْرَجُ وَالْأَوْسُ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَوْسِ اللَّهِ فَإِنَّهَا وَقَفَتْ مَعَ ابْنِ الْأَسْلَتِ؛ وَكَانَ فَارِسُهَا وَخَطِيبُهَا، وَشَهِدَ يَوْمَ بُعَاثٍ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا قَيْسٍ، هَذَا صَاحِبُكَ الَّذِي كُنْتَ تَصِفُ. قَالَ: رَجُلٌ قَدْ بُعِثَ بِالْحَقِّ. ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَضَ عَلَيْهِ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ، أَنْظُرُ فِي أَمْرِي. وَكَادَ أَنْ يُسْلِمَ. فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ1، فَأَخْبَرَهُ بِشَأْنِهِ فَقَالَ: كَرِهْتَ وَاللَّهِ حَرْبَ الْخَزْرَجِ. فَغَضِبَ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُسْلِمُ سَنَةً. فَمَاتَ قَبْلَ السَّنَةِ. فَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَشْيَاخِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَقَدْ سُمِعَ يُوَحِّدُ عِنْدَ الموت.

_ 1 ابن سلول -زعيم المنافقين- قبحه الله.

أحداث السنة الثانية

أحداث السنة الثانية: غزوة الأبواء، بعث حمزة، بعث عبيدة بن الحارث: غزوة الأبواء: في صفرها: فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ غَازِيًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ سَعْدَ بْنَ عُبْادَةَ حَتَّى بَلَغَ وَدَّانَ يُرِيدُ قُرَيْشًا وَبَنِي ضَمْرَةَ. فَوَادَعَ بَنِي ضَمْرَةَ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، وَعَقَدَ ذَلِكَ مَعَهُ سَيِّدُهُمْ مَخْشِيُّ بْنُ عَمْرٍو. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ1. وَوَدَّانُ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاحِلَ. بَعْثُ حَمْزَةَ: ثُمَّ فِي أَحَدِ الرَّبِيعَيْنِ: بَعَثَ عَمَّهُ حَمْزَةَ فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِيصِ. فَلَقِيَ أَبَا جَهْلٍ فِي ثَلَاثِمَائَةٍ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: فِي مَائَةٍ وَثَلَاثِينَ رَاكِبًا. وَكَانَ مَجْدِيُّ بْنُ عَمْرٍو الْجُهَنِيُّ وَقَوْمُهُ حُلَفَاءَ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا، فَحَجَزَ بَيْنَهُمْ مَجْدِيَّ بْنَ عَمْرِو الْجُهَنِيَّ. بَعْثُ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ: وَبُعِثَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنُ عَبْدِ مَنْافٍ، فِي سِتِّينَ رَاكِبًا أَوْ نَحْوِهِمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. فَنَهَضَ حَتَّى بَلَغَ مَاءً بِالْحِجَازِ بِأَسْفَلِ ثَنِيَّةِ الْمِرَّةِ. فَلَقِيَ بِهَا جَمْعًا مِنْ قُرَيْشٍ، عَلَيْهِمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَقِيلَ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ. فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ. إِلَّا أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ فِي ذَلِكَ الْبَعْثِ، فَرَمَى بِسَهْمٍ، فَكَانَ أَوَّلُ سَهْمٍ رُمِيَ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ2. وَفَرَّ الْكُفَّارُ يَوْمَئِذٍ إِلَى الْمُسْلِمِينَ: الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو الْبَهْرَانِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ الْمَازِنِيِّ حَلِيفِ بَنِي عَبْدِ مَنَافَ. وَكَانَا مُسْلِمَيْنِ، ولكنهما خرجا ليتوصلا بالمشركين.

_ 1 ذكرها ابن سعد في "الطبقات الكبرى" "2/ 8"، والواقدي في "المغازي" "1/ 11، 12"، والطبري في "تاريخه" "2/ 14". 2 ذكرها ابن سعد في "الطبقات" "2/ 7"، والواقدي في "المغازي" "1/ 12"، وابن حجر في "الفتح" "7/ 327".

غزوة بواط، غزوة العشيرة

غزوة بواط، غزوة العشيرة: غَزْوَةُ بُوَاطٍ: وَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ غَازِيًا. فَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ السَّائِبَ بْنَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ. حَتَّى بَلَغَ بُوَاطٍ مِنْ نَاحِيَةِ رَضْوَى1 ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ حَرْبًا2. غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ: وَخَرَجَ غَازِيًا فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ، حَتَّى بَلَغَ الْعُشَيْرَةَ، فَأَقَامَ هُنَاكَ أَيَّامًا، وَوَادَعَ بَنِي مُدْلَجٍ. ثُمَّ رَجَعَ فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ أَيَّامًا. وَالْعُشَيْرَةُ مِنْ بَطْنِ يَنْبُعَ3. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ خُثَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ مُحَمَّدُ بْنُ خُثَيْمٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَفِيقَيْنِ فِي غَزْوَةِ الْعشيرة مِنْ بَطْنِ يَنْبُعَ. فَلَمَّا نَزَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقَامَ بِهَا شَهْرًا، فَصَالَحَ بِهَا بَنِي مُدْلِجٍ. فَقَالَ لِي عَلِيٌّ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ أَنْ نَأْتِيَ هَؤُلَاءِ؛ نَفَرٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ يَعْمَلُونَ فِي عَيْنٍ لَهُمْ؛ نَنْظُرُ كَيْفَ يَعْمَلُونَ؟ فَأَتَيْنَاهُمْ فَنَظَرْنَا إِلَيْهِمْ سَاعَةً، ثُمَّ غَشِيَنَا النَّوْمُ فَنِمْنَا. فَوَاللَّهِ مَا أَهَبَّنَا إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَدَمِهِ، فَجَلَسْنَا. فَيَوْمَئِذٍ قَالَ لِعَلِيٍّ: "يَا أَبَا تُرَابٍ"، لما عليه من التراب4.

_ 1 رضوى: اسم جبل مشهور بالمدينة على أربعة برد بالمدينة. وبواط: جبل من جبال جهينة بقرب ينبع على أربعة برد من المدينة. 2 انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد "2/ 8" و"البداية والنهاية" لابن كثير "3/ 246". 3 أخرج البخاري في "صحيحه" "3949" في كتاب "المغازي" عن أبي إسحاق: كنت إلى جنب زيد بن أرقم فقيل له: كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة؟ قال: تسع عشرة. قال: كم غزوة أنت معه؟ قال سبع عشرة. قلت: فأيهم كانت أول؟ قال: العشير. أو العشيرة. 4 أخرجه الحاكم في "المستدرك" "3/ 140" وإسناده ضعيف، لكن تكنية علي -رضي الله عنه- بأبي تراب في "الصحيحين".

غزوة بدر الأولى، سرية سعد بن أبي وقاص، بعث عبد الله بن جحش

غزوة بدر الأولى، سرية سعد بن أبي وقاص، بعث عبد الله بن جحش: غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَى: وَخَرَجَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فِي طَلَبِ كُرْزِ بْنِ جَابِرِ الْفِهْرِيِّ، وَكَانَ قَدْ أَغَارَ عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ. فَبَلَغَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَادِيَ سَفَوَانَ مِنْ نَاحِيَةِ بَدْرٍ، فَلَمْ يَلْقَ حَرْبًا. وَسُمِّيَتْ بَدْرًا الْأُولَى. وَلَمْ يُدْرِكْ كُرْزًا1. سَرِيَّةُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: وَبُعِثَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي ثَمَانِيَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَبَلَغَ الْخَرَّارَ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ2. بَعْثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ: قَالَ عُرْوَةُ: ثُمَّ بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَجَبٍ عَبْدَ اللَّهِ بنَ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّ، وَمَعَهُ ثَمَانِيَةٌ. وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَنْظُرَ فِيهِ حَتَّى يَسِيرَ يَوْمَيْنِ. فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ وَجَدَهُ: "إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا فَامْضِ حَتَّى تَنْزِلَ بَيْنَ نَخْلَةَ وَالطَّائِفِ، فَتَرْصُدَ لَنَا قُرَيْشًا، وَتَعْلَمَ لَنَا مِنْ أَخْبَارِهِمْ". فَلَمَّا نَظَرَ عَبْدُ اللَّهِ فِي الْكِتَابِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَمْضِيَ إِلَى نَخْلَةَ، وَنَهَانِي أَنْ أَسْتَكْرِهَ أَحَدًا مِنْكُمْ. فَمَنْ كَانَ يُرِيدُ الشَّهَادَةَ فَلْيَنْطَلِقْ، وَمَنْ كَرِهَ الْمَوْتَ فَلْيَرْجِعْ. فَأَمَّا أَنَا فَمَاضٍ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَمَضَى وَمَضَى مَعَهُ الثَّمَانِيَةُ، وَهُمْ: أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ، وَعُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ3، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَوَاقِدُ بْنُ عبد الله

_ 1 ذكرها ابن سعد في "الطبقات" "2/ 9"، والواقدي في "المغازي" "1/ 12". 2 انظر: ابن سعد في "الطبقات" "2/ 7"، وابن كثير في "البداية" "3/ 248". 3 أحد السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب كما جاء في "الصحيحين".

التَّمِيمِيُّ، وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ الْفِهْرِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ. فَسَلَكَ بِهِمْ عَلَى الْحِجَازِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِمَعْدِنٍ فَوْقَ الْفُرُعِ يُقَالُ لَهُ: بُحْرَانُ، أَضَلَّ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بَعِيرًا لَهُمَا، فَتَخَلَّفَا فِي طَلَبِهِ, وَمَضَى عَبْدُ اللَّهُ بِمَنْ بَقِيَ حَتَّى نَزَلَ بِنَخْلةَ, فَمَرَّتْ بِهِمْ عِيرٌ لِقُرَيْشٍ تَحْمِلُ زَبِيبًا وَأُدْمًا، وَفِيهَا عَمْرُو بْنُ الْحَضْرَمِيِّ وَجَمَاعَةٌ, فَلَمَّا رَآهُمُ الْقَوْمُ هَابُوهُمْ, فَأَشْرَفَ لَهُمْ عُكَّاشَةُ؛ وَكَانَ قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ؛ فَلَمَّا رَأَوْهُ أَمِنُوا، وَقَالُوا: عُمَّارٌ لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ مِنْهُمْ. وَتَشَاوَرَ الْقَوْمُ فِيهِمْ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ رَجَبٍ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَئِنْ تَرَكْتُمُوهُمْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَيَدْخُلُنَّ الْحَرَمَ فَلَيَمْتَنِعُنَّ مِنْكُمْ بِهِ، وَلَئِنْ قَتَلْتُمُوهُمْ لَتَقْتُلُنَّهُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ. وَتَرَدَّدُوا، ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِمْ وَأَخْذِ تِجَارَتِهِمْ، فَرَمَى وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَمْرَو بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَأْسَرُوا عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَكَمَ بْنَ كَيْسَانَ. وَأَفْلَتَ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَأَقْبَلَ ابْنُ جَحْشٍ وَأَصْحَابُهُ بِالْعِيرِ وَالْأَسِيرَيْنِ، حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِيَنَةَ. وَعَزَلُوا خُمْسَ مَا غَنِمُوا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ كَذَلِكَ. وَأَنْكَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتْلَ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ، فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217] الْآيَةَ، وَقبِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْفِدَاءَ فِي الْأَسِيرَيْنِ. فَأَمَّا عُثْمَانُ فَمَاتَ بِمَكَّةَ كَافِرًا، وَأَمَّا الْحَكَمُ فَأَسْلَمَ وَاسْتُشْهِدَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ1. وَصُرِفَتِ الْقِبْلَةُ فِي رَجَبٍ، أَوْ قَرِيبًا منه.

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه أبو يعلى في "مسنده" "1534"، والطبراني في "المعجم الكبير" "1670" وحسنه الهيثمي في "المجمع" "6/ 198"، وأورده ابن كثير في "تفسيره" "1/ 368"، وعزاه لابن أبي حاتم، وقال الشيخ أحمد شاكر في "عمدة التفسير" "2/ 88": إسناده إلى ابن أبي حاتم إسناد صحيح.

غزوة بدر الكبرى

غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى: مِنَ السِّيرَةِ لِابْنِ إِسْحَاقَ، رِوَايَةُ الْبَكَّائِيِّ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَمِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ قَدْ أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ فِي عِيرٍ وَتِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فِيهَا ثَلَاثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ؛ مِنْهُمْ: مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذِهِ عِيرُ قُرَيْشٍ فِيهَا أَمْوَالُهُمْ، فَاخْرُجُوا إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّهَ يُنْفِلُكُمُوهَا". فَانْتَدَبَ النَّاسَ، فَخَفَّ بَعْضُهُمْ، وَثَقُلَ بَعْضٌ، ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَلْقَى حَرْبًا1. وَاسْتَشْعَرَ أَبُو سُفْيَانَ فَجَهَّزَ مُنْذِرًا إِلَى قُرَيْشٍ يَسْتَنْفِرُهُمْ إِلَى أَمْوَالِهِمْ. فَأَسْرَعُوا الْخُرُوجَ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْ أَشْرَافِهِمْ أَحَدٌ، إِلَّا أَنَّ أَبَا لَهَبٍ قَدْ بَعَثَ مَكَانَهُ الْعَاصَ أَخَا أَبِي جَهْلٍ. وَلَمْ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَكَانَ أُمَّيَةُ بْنُ خَلَفٍ شَيْخًا جَسِيمًا فَأَجْمَعَ الْقُعُودَ. فَأَتَاهُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ -وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ- بِمِجْمَرَةٍ وَبُخُورٍ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: أَبَا عَلِيٍّ، اسْتَجْمِرْ! فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنَ النِّسَاءَ. قَالَ: قَبَّحَكَ اللَّهُ. فَتَجَهَّزَ وَخَرَجَ مَعَهُمْ. وَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ثَامِنِ رَمَضَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَمْرَو بْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الصَّلَاةِ. ثُمَّ رَدَّ أَبَا لُبَابَةَ مِنَ الرَّوْحَاءِ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَدَفَعَ اللِّوَاءَ إِلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَكَانَ أَمَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَايَتَانِ سودوان؛ إِحْدَاهُمَا مَعَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالْأُخْرَى مَعَ رَجُلٍ أَنْصَارِيٍّ. وَكَانَتْ رَايَةُ الْأَنْصَارِ مَعَ سَعْدِ بْنُ مُعَاذٍ. فَكَانَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ سَبْعُونَ بَعِيرًا يَعْتَقِبُونَهَا، وَكَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثُمَائَةَ وَتِسْعَةَ عَشْرَ رَجُلًا. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلِيٌّ، وَمَرْثدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ يَعْتَقِبُونَ بَعِيرًا. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَعْتَقِبُونَ بَعِيرًا2. فَلَمَّا قَرُبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الصَّفْرَاءِ بَعَثَ اثْنَيْنِ يَتَجَسَّسَانِ أَمْرَ أَبِي سُفْيَانَ. وَأَتَاهُ الْخَبَرُ بِخُرُوجِ نَفِيرِ قُرَيْشٍ، فَاسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالُوا خَيْرًا. وَقَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! امْضِ لِمَا أَرَاكَ اللَّهُ فَنَحْنُ مَعَكَ، وَاللَّهِ لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لموسى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ3 لَجَالَدْنَا مَعَكَ مِنْ دُونِهِ حَتَّى تَبْلُغَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهُ خَيْرًا وَدَعَا لَهُ. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! والله لَوِ استعرضت بنا هذا البحر لخضناه مَعَكَ. فَسَرَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْلُهُ، وَقَالَ: "سِيرُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّ رَبِّي قد وعدني

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه الطبري في "تفسيره" "9/ 122"، وغيره. 2 وفي رواية إسنادها حسن: كان رسول الله وعلي وأبو لبابة يعتقبون بعيرا. 3 برك الغماد: من وراء مكة بخمس ليال من وراء الساحل مما يلي البحر. وهو على ثمان ليال من مكة إلى اليمن.

إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا الْعِيرُ وإمّا النَّفِيرُ" 1. وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ بَدْرٍ. فَلَمَّا أَمْسَى بَعَثَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَسَعْدًا فِي نَفَرٍ إِلَى بَدْرٍ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ. فَأَصَابُوا رَاوِيَةً لِقُرَيْشٍ فِيهَا أَسْلَمُ وَأَبُو يَسَارٍ مِنْ مَوَالِيهِمْ، فَأَتَوْا بِهِمَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَسَأَلُوهُمَا فَقَالَا: نَحْنُ سُقَاةٌ لِقُرَيْشٍ. فَكَرِهَ الصَّحَابَةُ هَذَا الْخَبَرَ، وَرَجَوْا أَنْ يَكُونُوا سُقَاةً لِلْعِيرِ. فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُمَا، فَإِذَا آلَمَهُمَا الضَّرْبُ قَالَا: نَحْنَ مِنْ عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ. وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: "إِذَا صَدَقَا ضربتموها، وَإِذَا كَذَبَا تَرَكْتُمُوهُمَا". ثُمَّ قَالَ: "أَخْبِرَانِي أَيْنَ قُرَيْشٌ"؟ قَالَا: هُمْ وَرَاءَ هَذَا الْكَثِيبِ. فَسَأَلَهُمَا: "كَمْ يَنْحَرُونَ كُلَّ يَوْمٍ"؟ قَالَا: عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ أَوْ تِسْعًا. فَقَالَ: "الْقَوْمُ مَا بَيْنَ التِّسْعُمَائَةِ إِلَى الْأَلْفِ". وَأَمَّا اللَّذَانِ بَعَثَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَجَسَّسَانِ، فَأَنَاخَا بِقُرْبِ مَاءِ بَدْرٍ وَاسْتَقَيَا فِي شَنِّهِمَا. وَمَجْدِيُّ بْنُ عَمْرٍو بِقُرْبِهِمَا لَمْ يَفْطِنَا بِهِ. فَسَمِعَا جَارِيَتَيْنِ مِنْ جَوَارِي الْحَيِّ تَقُولُ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى: إِنَّمَا نأتي الْعِيرُ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ، فَأَعْمَلُ لَهُمْ ثُمَّ أَقْضِيكِ. فَصَرَفَهُمَا مَجْدِيُّ، وَكَانَ عَيْنًا لِأَبِي سُفْيَانَ. فَرَجَعَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فأخبراه. وَلَمَّا قَرُبَ أَبُو سُفْيَانَ مِنْ بَدْرٍ تَقَدَّمَ وَحْدَهُ حَتَّى أَتَى مَاءَ بَدْرٍ فَقَال لِمَجْدِيٍّ: هَلْ أَحْسَسْتَ أَحَدًا, فَذَكَرَ لَهُ الرَّاكِبَيْنِ. فَأَتَى أَبُو سُفْيَانَ مَنَاخَهُمَا، فَأَخَذَ مِنْ أَبْعَارِ بَعِيرَيْهِمَا فَفَتَّهُ2، فَإِذَا فِيهِ النَّوَى، فَقَالَ: هَذِهِ وَاللَّهِ عَلَائِفُ يَثْرِبَ. فَرَجَعَ سَرِيعًا فَصَرَفَ الْعِيرَ عَنْ طَرِيقِهَا، وَأَخَذَ طَرِيقَ السَّاحِلِ، وَأَرْسَلَ يُخْبِرُ قُرَيْشًا أَنَّهُ قَدْ نَجَا فَارْجِعُوا. فَأَبَى أَبُو جَهْلٍ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَرِدَ مَاءَ بَدْرٍ، وَنُقِيمَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَتَهَابُنَا الْعَرَبُ أَبَدًا. وَرَجَعَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ الثَّقَفِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ بِبَنِي زُهْرَةَ كُلِّهِمْ، وَكَانَ فِيهِمْ مُطَاعًا. ثُمَّ نَزَلَتْ قُرَيْشٌ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى مِنَ الْوَادِي. وَسَبَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَاءِ بَدْرٍ. وَمَنَعَ قُرَيْشًا مِنَ السَّبَقِ إِلَى الْمَاءِ مَطَرٌ عَظِيمٌ لَمْ يُصِبِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ إِلَّا مَا لَبَّدَ لَهُمُ الْأَرْضَ. فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَدْنَى مَاءٍ مِنْ مِيَاهِ بَدْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَنْزِلَ، أَمَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللَّهُ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَمَهُ أَوْ نَتَأَخَّرَ عنه، أم هو الرأي والحرب

_ 1 رواه ابن هشام في "السيرة" "2/ 63، 64" عن ابن إسحاق بدون إسناد، وله شواهد في "الصحيحين" وغيرهما، انظر: تخريج الشيخ الألباني لأحاديث "فقه السيرة" للغزالي "241". 2 فته: فركه.

وَالْمَكِيدَةُ؟ فَقَالَ: "بَلِ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ هَذَا لَيْسَ لَكَ بِمَنْزِلٍ، فَانْهَضْ بِنَا حَتَّى نَأْتِيَ أَدْنَى مَاءٍ مِنَ الْقَوْمِ فَنَنْزِلَهُ وَنُغَوِّرَ مَا وَرَاءَهُ مِنَ الْقُلُبِ، ثُمَّ نَبْنِيَ عَلَيْهِ حَوْضًا فَنَمْلَأَهُ مَاءً، فَنَشْرَبَ وَلَا يَشْرَبُونَ. فَاسْتَحْسَنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ مِنْ رَأْيِهِ، وَفَعَلَ مَا أَشَارَ بِهِ، وَأَمَرَ بِالْقُلُبِ فَغُوِّرَتْ، وَبَنَى حَوْضًا وَمَلَأَهُ مَاءً1. وَبُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَرِيشٌ يَكُونُ فِيهِ2، وَمَشَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَوْضِعِ الْوَقْعَةِ، فَأَرَى أَصْحَابَهُ مَصَارِعَ قُرَيْشٍ، يَقُولُ: "هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ". قَالَ: فَمَا عَدَا وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَصْرَعُهُ ذَلِكَ3. ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ فَحَزَرُوا الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَ فِيهِمْ فَارِسَانِ: الْمِقْدَادُ وَالزُّبَيْرُ. وَأَرَادَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ قُرَيْشًا عَلَى الرُّجُوعِ فَأَبَوْا. وَكَانَ الَّذِي صَمَّمَ عَلَى الْقِتَالِ أَبُو جَهْلٍ. فَارْتَحَلُوا مِنَ الْغَدِ قَاصِدِينَ نَحْوَ الْمَاءِ. فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلِينَ قَالَ: "اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرِهَا تُحَادُّكَ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ، اللَّهُمَ فَنَصْرُكَ الَّذِي وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ أحنهم الغداة" 4. وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رَأَى عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ فِي الْقَوْمِ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ: "إِنْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ خَيْرٌ فَعِنْدَ صَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ، إِنْ يُطِيعُوه يَرْشُدُوا" 5. وَكَانَ خُفَافُ بْنُ إِيمَاءِ بْنِ رَحْضَةَ الْغِفَارِيُّ بَعَثَ إِلَى قُرَيْشٍ، حِينَ مَرُّوا بِهِ، بِجَزَائِرَ هَدِيَّةٍ، وَقَالَ: إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ نُمِدَّكُمْ بِسِلَاحٍ وَرِجَالٍ فَعَلْنَا. فأَرَسْلَوُا إِلَيْهِ: أَنْ وَصَلَتْكَ رَحِمٌ، قَدْ قَضَيْتَ الَّذِي يَنْبَغِي، فَلَعَمْرِي لَئِنْ كُنَّا إِنَّمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ فَمَا بِنَا ضَعْفٌ، وَإِنْ كُنَّا إنما نُقَاتِلُ اللَّهَ، كَمَا يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ، مَا لِأَحَدٍ بِاللَّهِ مِنْ طَاقَةٍ. فَلَمَّا نَزَل النَّاسُ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى وَرَدُوا حَوْضَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ

_ 1 "ضعيف": رواه ابن هشام "2/ 66" عن ابن إسحاق، قال: "فحدثت عن رجال من بني سلمة أنهم ذكروا أن الحباب" ... قال الشيخ الألباني -رحمه الله- في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة" للغزالي "241": "وهذا سند ضعيف لجهالة الواسطة بين ابن إسحاق والرجال من بني سلمة". 2 قصة العريش لها أصل. 3 رواه مسلم من حديث أنس، وفيه: قال: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني بعد استشارة أصحابه في القتال: $"هذا مصرع فلان". قال: ويضع يده على الأرض ههنا وههنا. قال: فما ماط أحدهم مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 4 أخرجه البخاري في "المغازي" "3953", ومسلم في "الجهاد والسير" "1383". 5 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "1/ 117".

رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهُمْ". فَمَا شَرِبَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ إِلَّا قُتِلَ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ. ثُمَّ إِنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدُ، وَكَانَ إِذَا اجْتَهَدَ فِي يَمِينِهِ قَالَ: لَا وَالَّذِي نَجَّانِي يَوْمَ بَدْرٍ. ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ عُمَيْرَ بْنَ وَهْبٍ الْجُمَحِيَّ لِيَحْزَرَ الْمُسْلِمِينَ. فَجَالَ بِفَرَسِهِ حَوْلَ الْعَسْكَرِ، ثُمَّ رجع إِلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا, وَلَكِنْ قَدْ رَأَيْتُ -يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ- الْبَلَايَا تَحْمِلُ الْمَنَايَا، نَوَاضِحُ يَثْرِبَ تَحْمِلُ الْمَوْتَ النَّاقِعَ, قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَلَا مَلْجَأٌ إِلَّا سُيُوفُهُمْ، وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ يُقتل رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى يَقتل رَجُلًا مِنْكُمْ، فَإِذَا أَصَابُوا مِنْكُمْ أَعْدَادَهُمْ، فَمَا خَيْرُ الْعَيْشِ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَرُوا رَأْيَكُمْ. فَلَمَّا سَمِعَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ذَلِكَ مَشَى فِي النَّاسِ، فَأَتَى عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ إِنَّكَ كَبِيرُ قُرَيْشٍ وَسيدها وَالْمُطَاعُ فِيهَا، هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ لَا تزال تذكر بخير إلى آخِرِ الدَّهْرِ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا حَكِيمُ؟ قَالَ: تَرْجِعُ بِالنَّاسِ، وَتَحْمِلُ أَمْرَ حَلِيفِكَ عَامِرِ بْنِ الْحَضْرَميِّ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ, أَنْتَ عَلَيَّ بِذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ حَلِيفِي فَعَلَيَّ عَقْلُهُ وَمَا أُصِيبُ مِنْ مَالِهِ. فَائْتِ ابْنَ الْحَنْظَلِيَّةِ -وَالْحَنْظَلِيَّةُ أُمُّ أَبِي جَهْلٍ- فَإِنِّي لَا أَخْشَى أَنْ يَشْجُرَ أَمْرَ النَّاسِ غَيْرُهُ, ثُمَّ قَامَ عُتْبَةُ خَطِيبًا, فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّكُمْ وَاللَّهِ مَا تَصْنَعُونَ بِأَنْ تَلْقَوْا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ شَيْئًا, وَاللَّهِ لَئِنْ أَصَبْتُمُوهُ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَنْظُرُ فِي وَجْهِ الرَّجُلِ يَكْرَهُ النَّظَرَ إِلَيْهِ، قَتَلَ ابْنَ عَمِّهِ وَابْنَ خَالِهِ أَوْ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِهِ, فَارْجِعُوا وَخَلُّوا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَبَيْنَ سَائِرِ الْعَرَبِ، فَإِنْ أَصَابُوُه فَذَاكَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ أَكْفَاكُمْ وَلَمْ تَعَرَّضُوا مِنْهُ مَا تُرِيدُونَ. قَالَ حَكِيمٌ: فَأَتَيْتُ أَبَا جَهْلٍ فَوَجَدْتُهُ قَدْ شَدَّ دِرْعًا مِن جِرَابِهَا فَهُوَ يُهَيِّؤُهَا, قُلْتُ: يَا أَبَا الْحَكَمِ! إِنَّ عُتْبَةَ قَدْ أَرْسَلَنِي بِكَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: انْتَفَخَ وَاللَّهِ سَحْرُهُ حِينَ رَأَى مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ, كَلَّا، وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ, وَمَا بِعُتْبَةَ مَا قَالَ، وَلَكِنَّهُ قَدْ رَأَى مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ أَكَلَةَ جَزُورٍ، وَفِيهِمُ ابْنُهُ قَدْ تَخَوَّفَكُمْ عَلَيْهِ, ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عَامِرِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فَقَالَ: هَذَا حَلِيفُكَ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنَّاسِ، وَقَدْ رَأَيْتَ ثَأْرَكَ بِعَيْنِكَ، فَقُمْ فَانْشُدْ خُفْرَتَكَ وَمَقْتَلَ أَخِيكَ. فَقَامَ عَامِرٌ فَكَشَفَ رَأْسَهُ وَصَرَخَ: وَاعَمْرَاهُ، وَاعَمْرَاهُ. فَحَمِيَتِ الْحَرْبُ وَحَقِبَ أَمْرُ النَّاسِ وَاسْتَوْسَقُوا عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ. وَأَفْسَدَ عَلَى النَّاسِ رَأْيَ عُتْبَةَ الَّذِي دَعَاهُمْ إليه.

فَلَمَّا بَلَغَ عُتبَةَ قَوْلُ أَبِي جَهْلٍ: انْتَفَخَ وَاللَّهِ سَحْرُهُ. قَالَ: سَيَعْلَمُ مُصَفِّرٌ أُسْتَهُ1 مَنِ انْتَفَخَ سَحْرُهُ. ثُمَّ الْتَمَسَ عُتْبَةُ بَيْضَةً لِرَأْسِهِ، فَمَا وَجَدَ فِي الْجَيْشِ بَيْضَةً تَسَعُهُ مِنْ عِظَمِ هَامَتِهِ، فَاعْتَجَرَ عَلَى رَأْسِهِ بِبُرْدٍ لَهُ. وَخَرَجَ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ -وَكَانَ شَرِسًا سَيِّئَ الْخُلُقِ- فَقَالَ: أُعَاهِدُ اللَّهَ لأشربن مِنْ حَوْضِهِمْ أَوْ لَأَهْدِمَنَّهُ أَوْ لَأَمُوتَنَّ دُونَهُ. وَأَتَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَالْتَقَيَا فَضَرَبَهُ حَمْزَةُ فَقَطَعَ سَاقَهُ، وَهُوَ دُونَ الْحَوْضِ، فَوَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ تَشْخَبُ رِجْلُهُ دَمًا, ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْحَوْضِ حَتَّى اقْتَحَمَ فِيهِ لِيَبِرَّ يَمِينَهُ، وَاتَّبَعَهُ حَمْزَةُ فَقَتَلَهُ فِي الْحَوْضِ. ثُمَّ إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ خَرَجَ لِلْمُبَارَزَةِ بَيْنَ أَخِيهِ شَيْبَةَ، وَابْنِهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَدَعَوْا لِلْمُبَارَزَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَوْفٌ وَمُعَوَّذٌ ابْنَا عَفْرَاءَ وَآخَرُ مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالُوا: مَا لَنَا بِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ، لِيَخْرُجْ إِلَيْنَا أَكَفَّاؤُنَا مِنْ قَوْمِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنَ الْحَارِثِ، وَيَا حَمْزَةُ، وَيَا عَلِيُّ". فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُمْ، قَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ. فَتَسَمَّوْا لَهُمْ, فَقَالَ: أَكْفَاءٌ كِرَامٌ. فَبَارَزَ عُبَيْدَةُ -وَكَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ- عُتْبَةُ، وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبَةَ، وَبَارَزَ عَلِيٌّ الْوَلِيدَ. فَأَمَّا حَمْزَةُ فَلَمْ يُمْهِلْ شَيْبَةَ أَنْ قَتَلَهُ, وَأَمَّا عَلِيٌّ فَلَمْ يُمْهِلِ الْوَلِيدَ أَنْ قَتَلَهُ, وَاخْتَلَفَ عُتْبَةُ وَعُبَيْدَةُ بَيْنَهُمَا ضَرْبَتَيْنِ: كِلَاهُمَا أَثْبَتَ صَاحِبَهُ, وَكَرَّ عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ عَلَى عُتْبَةَ فَدَفَّفَا عَلَيْهِ2, وَاحْتَمَلَا عُبَيْدَةَ إِلَى أَصْحَابِهِمَا. ثُمَّ تَزَاحَفَ الْجَمْعَانِ, وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ أَنْ لَا يَحْمِلُوا حَتَّى يَأْمُرَهُمْ وَقَالَ: "انْضَحُوهُمْ عَنْكُمْ بِالنَّبْلِ". وَهُوَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي العريش، معه أَبُو بَكْرٍ. وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَبِيحَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ, ثُمَّ عَدَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصُّفُوفَ بِنَفْسِهِ، وَرَجَعَ إِلَى الْعَرِيشِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَطْ. فَجَعَلَ يناشد ربه ويقول: "يا رب إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ الْيَوْمَ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ". وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! بَعْضُ مُنَاشَدَتِكَ رَبِّكَ, فَإِنَّ اللَّهَ مُنْجِزٌ لك ما وعدك. ثم خفق -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَبَهَ وَقَالَ: "أَبْشِرْ يا أبا بكر!

_ 1 است الإنسان: مقعدته. 2 دف الطائر: دفًّا، ودفيفًا: ضرب جنبيه بجناحيه، أو حرك جناحيه ورجلاه في الأرض.

أَتَاكَ النَّصْرُ، هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِعَنَانِ فَرَسِهِ يَقُودُهُ، عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ" 1. فَرُمِيَ مِهْجَعٌ -مَوْلَى عُمَرَ- بِسَهْمٍ، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ, ثُمَّ رُمِيَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ النَّجَّارِيُّ بِسَهْمٍ وَهُوَ يَشْرَبُ مِنَ الْحَوْضِ، فَقُتِلَ. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى النَّاسِ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْقِتَالِ, فَقَاتَلَ عُمَيْرُ بن الْحُمَامِ حَتَّى قُتِلَ, ثُمَّ قَاتَلَ عَوْفُ بْنُ عَفْرَاءَ -وَهِيَ أُمُّهُ- حَتَّى قُتِلَ2. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَمَى الْمُشْرِكيِنَ بِحَفْنَةٍ مِنَ الْحَصْبَاءِ, وَقَالَ: "شَاهَتِ الْوُجُوهُ" 3. وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: "شُدُّوا عَلَيْهِمْ". فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ، وَقَتَلَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفْرِ: فَقُتِلَ سَبْعُونَ وَأُسِرَ مِثْلُهُمْ. وَرَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْعَرِيشِ, وَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَلَى الْبَابِ بِالسَّيْفِ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، يَخَافُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَرَّةَ الْعَدُوِّ. ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ: "إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا، فَمَنْ لَقِيَ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلَا يَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَقِيَ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ بْنَ هَاشِمِ بْنِ الْحَارِثِ فَلَا يَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَقِيَ الْعَبَّاسُ فَلَا يَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ إِنَّمَا خَرَجَ مُسْتَكْرَهًا". فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ: أَنَقْتُلُ آبَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَنَتْرُكُ الْعَبَّاسَ؟ والله لئن لقيته لألجمنه بالسيف. فبلغت رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لِعُمَرَ: "يَا أَبَا حَفْصٍ! أَيُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ"؟ فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي فَلْأَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ يَقُولُ: مَا أَنَا آمِنٌ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُ يَوْمَئِذٍ، وَلَا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا، إِلَّا أَنْ تُكَفِّرَهَا عَنِّي الشَّهَادَةُ. فَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ4. وَكَانَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ أَكَفَّ الْقَوْمِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَامَ فِي نَقْضِ الْصَحِيفَةِ. فَلَقِيَهُ الْمُجَذَّرُ بْنُ زِيَادٍ الْبَلَوِيُّ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ نَهَانَا عَنْ قَتْلِكَ. فَقَالَ: وَزَمِيلِي جُنَادَةُ اللَّيْثِيُّ؟ فَقَالَ الْمجذَّرُ: لَا وَاللَّهِ مَا أَمَرَنَا إِلَّا بِكَ وَحْدَكَ. فقال: لأموتن أنا وهو، ولا يَتَحَدَّثُ عَنِّي نِسَاءُ مَكَّةَ أَنِّي تَرَكْتُ زَمِيلِي حرصًا

_ 1 "إسناده حسن": رواه الأموي، وحسنه الألباني في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة" "237". 2 قصة عمير في "الصحيحين". 3 "حديث حسن": قال الهيثمي في "المجمع" "6/ 84": رواه الطبري وإسناده حسن, وهو كما قال. 4 اليمامة: موقعة دارات رحاها بين جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد وبين جيش مسيلمة الكذاب، وكان النصر حليفًا للمسلمين.

عَلَى الْحَيَاةِ. فَاقْتَتَلَا، فَقَتَلَهُ الْمُجَذَّرُ. ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ جَهَدْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْسِرَ، فَآتِيكَ بِهِ، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يُقَاتِلَنِي. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ صَدِيقًا لِي بِمَكَّةَ. قَالَ فَمَرَرْتُ بِهِ وَمَعِي أَدْرَاعٌ قَدِ اسْتَلَبْتُهَا، فَقَالَ لِي: هَلْ لَكَ فيَّ، فَأَنَا خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأدراع. قُلْتُ: نَعَمْ، هَا الله إذن. وَطَرَحْتُ الأدراع، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ وَيَدِ ابْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، أَمَا لَكُمْ حَاجَةٌ فِي اللَّبَنِ؟ يَعْنِي: مَن أَسَرَنِي افْتَدَيْتُ مِنْهُ بِإِبلٍ كَثِيرَةِ اللَّبَنِ. ثُمَّ جِئْتُ أَمْشِي بِهِمَا1، فَقَالَ لِي أُمَّيَةُ: مَنِ الرَّجُلُ الْمُعَلَّمُ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ فِي صَدْرِهِ؟ قُلْتُ: حَمْزَةُ. قَالَ: ذَاكَ الَّذِي فَعَلَ بِنَا الْأَفَاعِيلَ. فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَقُودَهُمَا، إِذْ رَآهُ بِلَالٌ؛ وَكَانَ يُعَذِّبُ بِلَالًا بِمَكَّةَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: رَأْسُ الْكُفْرِ أُمَيَّةُ بن خلف, لا نجوت إن نجا. قال: أَتَسْمَعُ يَا ابْنَ السَّوْدَاءِ مَا يَقُولُ. ثُمَّ صَرَخَ بِلَالٌ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا أَنْصَارَ اللَّهِ! رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إِنْ نَجَا. قَالَ: فَأَحَاطُوا بِنَا، وَأَنَا أَذُبُّ عَنْهُ. فَأَخْلَفَ رَجُلٌ السَّيْفَ، فَضَرَبَ رِجْلَ ابْنِهِ فَوَقَعَ، فَصَاحَ أُمَيَّةُ صَيْحَةً عَظِيمَةً، فَقُلْتُ: انْجُ بِنَفْسِكَ، وَلَا نَجَاءَ، فَوَاللَّهِ مَا أُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا. فَهَبَرُوهُمَا بِأَسْيَافِهِمْ. فَكَانَ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ بِلَالًا، ذَهَبَتْ أَدْرُاعِي، وَفَجَعَنِي بِأَسِيرَيَّ2. وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَجُلٍ مِنْ غِفَارٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي حَتَّى أَصْعَدْنَا فِي جَبَلٍ يُشْرِفُ بِنَا عَلَى بدر، ونحن مشركان، ننتظر الدَّائِرَةَ عَلَى مَنْ تَكُونُ، فَنَنْتَهِبُ. فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْجَبَلِ، إِذْ دَنَتْ مِنَّا سَحَابَةٌ، فَسَمِعْتُ فِيهَا حَمْحَمَةَ الْخَيْلِ، فَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ. فَأَمَّا ابْنُ عَمِّي فَانْكَشَفَ قِنَاعُ قَلْبِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ، وَأَمَّا أَنَا فَكِدْتُ أَهْلَكَ، ثُمَّ تَمَاسَكْتُ. رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَى الَّذِي بَعْدَهُ ابْنُ حَزْمٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بن

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه ابن سيد الناس في "عيون الأثر" "1/ 399"، والطبري في "تاريخه" "2/ 35". 2 أخرجه البخاري في كتاب "الوكالة" "2301".

رَبِيعَةَ قَالَ: لَوْ كَانَ مَعِي بَصَرِي وَكُنْتُ بِبَدْرٍ لَأَرَيْتُكُمُ الشِّعْبَ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ1. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ رِجَالٍ، عن أبي داود المازني قال: إِنِّي لَأَتْبَعُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ لِأَضْرِبَهُ بِالسَّيْفِ، إِذْ وَقَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ سَيْفِي، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَتَلَهُ غَيْرِي. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ تُقَاتِلِ الْمَلَائِكَةُ إِلَّا يَوْمَ بَدْرٍ2. وَأَمَّا أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فَاحْتَمَى فِي مِثْلِ الْحَرَجَةِ -وَهُوَ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ- وَبَقِيَ أَصْحَابُهُ يَقُولُونَ: أَبُو الْحَكَمِ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ. قَالَ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوح: فَلَمَّا سَمِعْتُهَا جَعَلْتُهُ مِنْ شَأْنِي، فَصَمَدْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ فَضَرَبْتُ ضَرْبَةً أَطَنَّتْ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ. فَوَاللَّهِ مَا أُشَبِّهُهَا حِينَ طَارَتْ إِلَّا بِالنَّوَاةِ تَطِيحُ مِنْ تَحْتِ مِرْضَخَةِ النَّوَى حِينَ تُضْرَبُ بِهَا, فَضَرَبَنِي ابْنُهُ عِكْرَمَةَ عَلَى عَاتِقِي فَطَرَحَ يَدِي، فَتَعَلَّقْتُ بِجِلْدَةٍ مِنْ جَنْبِي، وَأَجْهَضَنِي الْقِتَالُ عَنْهُ, فَلَقَدْ قَاتَلْتُ عَامَّةَ يَوْمِي، وَإِنِّي لَأَسْحبُها خَلْفِي. فَلَمَّا آذَتْنِي وَضَعْتُ عَلَيْهَا قَدَمِي, ثُمَّ تَمَطَّيْتُ بِهَا عَلَيْهَا حَتَّى طَرَحْتُهَا. قَالَ: ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى زَمَنِ عُثْمَانَ. ثُمَّ مَرَّ بِأَبِي جَهْلٍ مُعَوِّذُ بْنُ عَفْرَاءَ، فَضَرَبَهُ حَتَّى أَثْبَتَهُ، وَتَرَكَهُ وَبِهِ رَمَقٌ. وَقَاتَلَ مُعَوِّذٌ حَتَّى قُتِلَ. وَقُتِلَ أَخُوهُ عَوْفٌ قَبْلَهُ. وَاسْمُ أَبِيهِمَا: الْحَارِثُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الزُّرَقِيُّ. ثُمَّ مَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بِأَبِي جَهْلٍ حِينَ أَمَر النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْتِمَاسِهِ، وَقَالَ فِيمَا بَلَغَنَا: "إِنْ خَفِيَ عَلَيْكُمْ فِي الْقَتْلَى فَانْظُرُوا إِلَى أَثَرِ جُرْحٍ فِي رُكْبَتِهِ، فَإِنِّي ازْدَحَمْتُ أَنَا وَهُوَ يَوْمًا عَلَى مَأْدُبَةٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ، وَنَحْنُ غُلامَانِ؛ وَكُنْتُ أَشَفَّ مِنْهُ بِيَسِيرٍ، فَدَفَعْتُهُ، فَوَقَعَ عَلَى رُكْبَتِهِ فَجُحِشَ فِيهَا". قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَوَجَدْتُهُ بِآخِرِ رَمَقٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي عَلَى عُنُقِهِ. وَقَدْ كَانَ ضَبَثَ بِي مَرَّةً بِمَكَّةَ، فَآذَانِي وَلَكَزَنِي3. فَقُلْتُ لَهُ: هل أخزاك الله يا

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "3/ 81" بإسناده فيه مجهولون، ولكن له شاهد عنده يتقوى به. 2 قتال الملائكة يوم بدر ثابت في "صحيح مسلم". انظر: كتاب "الجهاد" باب: "الإمداد بالملائكة يوم بدر". 3 لكزه: ضربه بجمع كفه في صدره.

عَدُوَّ اللَّهِ؟ قَالَ: وَبِمَاذَا أَخْزَانِي، وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ, أَخْبِرْنِي لِمَنِ الدَّائِرَةُ الْيَوْمَ؟ قُلْتُ: لله ولرسوله1. قَالَ: لَقَدِ ارْتَقَيْتَ يَا رُوَيْعِيِّ الْغَنَمِ مُرْتَقًى صعبًا. قال فَاحْتَزَزْتُ رَأْسَهُ وَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلتُ: يا رسول الله! هَذَا رَأْسُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَهْلٍ. قَالَ: "آللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ2. وَأَلْقَيْتُ الرَّأْسَ بَيْنَ يَدَيَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَى أَنْ يُطْرَحُوا فِي قَلِيبٍ هُنَاكَ. فَطُرِحُوا فِيهِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَإِنَّهُ انْتَفَخَ فِي دِرْعِهِ فَمَلَأَهَا، فَذَهَبُوا لِيُخْرِجُوهُ فَتَزَايَلَ، فَأَقَرُّوهُ بِهِ، وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ التُّرَابَ فَغَيَّبُوهُ. فَلَمَّا أُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ، وَقَفَ عَلَيْهِمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُنَادِي أَقْوَامًا قَدْ جَيَّفُوا؟ فَقَالَ: "مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ لَا يستطيعون أَنْ يُجِيبُوا". وَفِي رِوَايَةٍ: فَنَادَاهُمْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ: "يَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيَا شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيَا أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، وَيَا أَبَا جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ". فَعَدَّدَ مَنْ كَانَ فِي الْقَلِيبِ3. زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ، بِئْسَ عَشِيرَةُ النَّبِيِّ كُنْتُمْ لِنَبِيِّكُمْ؛ كَذَّبْتُمُونِي وَصَدَّقَنِي النَّاسُ، وَأَخْرَجْتُمُونِي وَآوَانِي النَّاسُ, وَقَاتَلْتُمُونِي وَنَصَرَنِي النَّاسُ". وَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا سُحِبَ عُتبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ إِلَى الْقَلِيبِ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ ابْنِهِ، فَإِذَا هُوَ كَئِيبٌ مُتَغَيِّرٌ. فَقَالَ: "لَعَلَّكَ قَدْ دَخَلَكَ مِنْ شَأْنِ أَبِيكَ شَيْءٌ". قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا شَكَكْتُ فِي أَبِي وَلَا فِي مَصْرَعِهِ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَعْرِفُ مِنْهُ رَأْيًا وَحِلْمًا، فَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يُسْلِمَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا أَصَابَهُ وَمَا مَاتَ عَلَيْهِ أَحْزَنَنِي ذَلِكَ. فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ لَهُ خَيْرًا. وَكَانَ الْحَارِثُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ، وَأَبُو قَيْسِ بْنُ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وأبو قيس بن

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه الحاكم في "المستدرك"، وذكره الحافظ في "الفتح" "7/ 345". 2 هذه القصة ذكرها ابن إسحاق بدون إسناد، وأصلها في "الصحيحين". 3 "حديث صحيح": أخرجه ابن إسحاق "2/ 74"، وصححه الألباني، والحديث له شواهد في "الصحيح".

الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَعَلِيُّ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَالْعَاصُ بْنُ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَدْ أَسْلَمُوا. فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- حبسهم آباؤهم وَعَشَائِرُهُمْ، وَفَتَنُوهُمْ عَنِ الدِّينِ فَافْتَتَنُوا -نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدِّينِ- ثُمَّ سَارُوا مَعَ قَوْمِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقُتِلُوا جَمِيعًا. وَفِيهِمْ نَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97] الْآيَةَ1. وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامَتِ -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ- قَالَ: فِينَا أَهْلُ بَدْرٍ نَزَلَتِ الْأَنْفَالُ حِينَ تَنَازَعْنَا فِي الْغَنِيمَةِ وَسَاءَتْ فِيهَا أَخْلَاقُنَا. فَنَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِينَا وَجَعَلَهُ إِلَى رَسُولِهِ. فَقَسَّمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى السَّوَاءِ2. ثُمَّ بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، بَشِيرَيْنِ إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ أُسَامَةُ: أَتَانَا الْخَبَرُ حِينَ سَوَّيْنَا عَلَى رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْرَهَا. كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَلَّفَنِي عَلَيْهَا مَعَ عُثْمَانَ. ثُمَّ قفل رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ الْأُسَارَى؛ فِيهِمْ: عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ مَضِيقِ الصَّفْرَاءِ قَسَّمَ النَّفْلِ. فَلَمَّا أَتَى الرَّوْحَاءَ لَقِيَهُ الْمُسْلِمُونَ يُهَنِّئُونَهُ بِالْفَتْحِ. فَقَالَ لَهُمْ سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ: مَا الَّذِي تُهَنِّئُونَنَا بِهِ؟ فَوَاللَّهِ إِنْ لَقِينَا إِلَّا عَجَائِزَ صُلْعًا كَالبُدْنِ الْمُعْقَلَةِ فَنَحَرْنَاهَا. فَتَبَسَّمَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "أَيِ ابْنَ أَخِي، أُولَئِكَ الْمَلَأُ". يَعْنِي الْأَشْرَافَ وَالرُّؤَسَاءَ. ثُمَّ قُتِلَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ الْعَبْدَرِيُّ بِالصَّفْرَاءِ. وَقُتِلَ بِعِرْقِ الظُّبْيَةِ3 عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. فَقَالَ عُقْبَةُ حِينَ أَمَر النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَتْلِهِ: مَنْ لِلصِّبْيَةِ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: "النَّارُ". فَقَتَلَهُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ. وَقِيلَ: عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَتْلِ عُقْبَةَ قَالَ: أَتَقْتُلُنِي يَا مُحَمَّدُ مِنْ بَيْنِ قُرَيْشٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ، أَتَدْرُونَ مَا صَنَعَ هَذَا

_ 1 "حديث حسن": رواه ابن جرير "5/ 148"، وابن أبي حاتم في "تفسيره" "5865"، وأورده الحافظ في "الفتح" "8/ 112"، وحسنه الدكتور: أبو عمر نادي الأزهري في "المقبول من أسباب النزول" "249". 2 "إسناده منقطع": أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 323"، ومكحول لم ير أبا أمامة، وللحديث شاهد من حديث ابن عباس، أخرجه أبو داود "2/ 737" وإسناده صحيح. 3 عرق الظبية: مكان بين مكة والمدينة، وبه مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم.

بِي؟ جَاءَ وَأَنَا سَاجِدٌ خَلْفَ الْمُقَامِ فَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي وَغَمَزَهَا، فَمَا رَفَعَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ عَيْنَيَّ سَتَنْدُرَانِ, وَجَاءَ مَرَّةً أُخْرَى بِسَلَى شَاةٍ فَأَلْقَاهُ عَلَى رَأْسِي وَأَنَا سَاجِدٌ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَغَسَلَتْهُ عَنْ رَأْسِي" 1. وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ: مِهْجَعٌ، وَذُو الشِّمَالَيْنِ عُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو الْخُزَاعِيُّ، وَعَاقِلُ بْنُ الْبُكَيْرِ، وَصَفْوَانُ بْنُ بَيْضَاءَ، وَعُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَخُو سَعْدٍ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ الْمُطَّلِبِيُّ الَّذِي قَطَعَ رِجْلَهُ عُتْبَةُ، مَاتَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ بِالصَّفْرَاءِ2. وَهَؤُلاءِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. وَعُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ، وَابْنَا عَفْرَاءَ، وَحَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ الْحَارِثِ فُسْحُمُ، وَرَافِعُ بْنُ الْمُعَلَّى الزُّرَقِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ الْأَوْسِيُّ، وَمُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَخُو أَبِي لُبَابَةَ. فَالْجُمْلَةُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا. وَقُتِلَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَهُمَا ابْنَا أَرْبَعِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ. وَكَانَ شَيْبَةُ أَكْبَرَ بِثَلَاثِ سَنَوَاتٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ بِمُصَابِ قُرَيشٍ: الْحَيْسُمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ. فَقَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: قُتِلَ عُقْبَةُ، وَشَيْبَةُ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَأُمَّيَةُ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَنُبَيْهٌ، ومُنَبِّهٌ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ. فَلَمَّا جَعَلَ يُعَدِّدُ أَشْرَافَ قُرَيشٍ, قَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي الْحِجْرِ: وَاللَّهِ إِنْ يَعْقِلْ هَذَا فَاسْأَلُوهُ عَنِّي. فقالوا: ما فعل صفوان؟ قال: ها هو ذَاكَ جَالِسٌ، قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْتُ أَبَاهُ وَأَخَاهُ حِينَ قُتِلَا. وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا للعباس وكان الإسلام قد دخلنا

_ 1 عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: نادى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسارى بدر, وكان فداء كل رجل منهم أربعة آلاف وقتل عقبة بن أبي معيط قبل الفداء قام إليه علي فقتله صبرًا. قال: من للعين يا رسول الله؟ قال: $"النار". رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله رجال الصحيح. 2 "إسناده حسن": رواه الحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي والألباني من حديث ابن عباس، وفيه: فدفنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هناك.

أَهْلَ الْبَيْتِ، فَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ وَأَسْلَمْتُ, وَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ وَيَكْرَهُ الْخِلَافَ وَيَكْتُمُ إِسْلَامَهُ، وَكَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ مُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ, وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ، فَلَمَّا جَاءَهُ الْخَبَرَ بِمُصَابِ قُرَيْشٍ كَبَتَهُ اللَّهُ وَأَخْزَاهُ، وَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسَنَا قُوَّةً وَعِزًّا، وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا، وَكُنْتُ أَنْحَتُ الْأَقْدَاحَ فِي حُجْرَةِ زَمْزَمَ, فَإِنِّي لَجَالِسٌ أَنْحَتُ أَقْدَاحِي، وَعِنْدِي أُمُّ الْفَضْلِ، وَقَدْ سَرَّنَا الْخَبَرُ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو لَهَبٍ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ بِشَرٍّ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى طُنُبِ الْحُجْرَةِ1، فَكَانَ ظَهْرُهُ إِلَى ظَهْرِي. فبَيْنَا هُوَ جَالِسٌ إِذْ قَالَ النَّاسُ: هَذَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ قَدِمَ. فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: إِلَيَّ، فَعِنْدَكَ الْخَبَرُ. قَالَ: فَجَلَسَ إِلَيْهِ، وَالنَّاسُ قِيَامٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا ابن أَخِي، أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَ أَمْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ لَقِينَا الْقَوْمَ فَمَنَحْنَاهُمْ أَكْتَافَنَا يَقْتُلُونَنَا كَيْف شَاءُوا وَيَأْسِرُونَنَا، وَايْمُ اللَّهِ مَا لُمْتُ النَّاسَ، لَقِينَا رِجَالًا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَاللَّهِ مَا تَلِيقُ شَيْئًا وَلَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ. قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَرَفَعْتُ طُنُبَ الْحُجْرَةِ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قُلْتُ: تِلْكَ وَاللَّهِ الْمَلَائِكَةُ. فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ يَدَهُ فَضَرَبَ وَجْهِي ضَرْبَةً شَدِيدَةً. قَالَ: وَثَاوَرْتُهُ2، فَحَمَلَنِي وَضَرَبَ بِيَ الْأَرْضَ. ثُمَّ بَرَكَ عَلَيَّ يَضْرِبُنِي، وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا. فَقَامَتْ أُمُّ الْفَضْلِ إِلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِ الْحُجْرَةِ، فَأَخَذَتْهُ فضربته به ضربة، فلقيت فِي رَأْسِهِ شَجَّةً مُنْكَرَةً، وَقَالَتْ: اسْتَضْعَفْتَهُ أَنْ غَابَ عَنْهُ سَيِّدُهُ؟ فَقَامَ مُوَلِّيًا ذَلِيلًا. فَوَاللَّهِ مَا عَاشَ إِلَّا سَبْعَ لَيَالٍ، حَتَّى رَمَاهُ اللَّهُ بِالْعَدَسَةِ3 فَقَتَلَتْهُ4. وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَتَّقِي هَذِهِ الْعَدَسَةَ كَمَا يُتَّقَى الطَّاعُونُ. حَتَّى قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِابْنَيْهِ: وَيْحَكُمَا! أَمَا تَسْتَحِيَانِ أَنَّ أَبَاكُمَا قَدْ أَنْتَنَ فِي بَيْتِهِ لَا تَدْفِنَانَهُ؟ فَقَالَا: نَخْشَى عَدْوَى هَذِهِ الْقُرْحَةِ. فَقَالَ: انْطَلِقَا فَأَنَا أُعِينُكُمَا فَوَاللَّهِ مَا غَسَّلُوهُ إِلَّا قَذْفًا بِالْمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ. ثُمَّ احْتَمَلُوهُ إِلَى أَعْلَى مَكَّةَ، فَأَسْنَدُوهُ إِلَى جِدَارٍ، ثُمَّ رَضَمُوا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْهُ بِمَعْنَاهُ. قَالَ: حدثني الحسين

_ 1 طنب الحجرة: طرفها. 2 ثاورته: وثبت عليه. 3 العدسة: قرحة معدية وقاتلة كالطاعون. 4 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "6/ 89"، وقال: "رواه الطبراني في إسناده "حسين بن عبيد الله" وثقه أبو حاتم وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات".

ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَاحَتْ قُرَيْشٌ عَلَى قَتْلَاهَا ثُمَّ قَالُوا: لَا تَفْعَلُوا فَيُبَلِّغَ مُحَمَّدًا وأصحابه فَيَشْمَتُوا بِكُمْ. وَكَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ قَدْ أُصِيبَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ وَلَدِهِ: زَمْعَةُ، وَعَقِيلٌ، وَالْحَارِثُ. فَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَبْكِيَ عَلَيْهِمْ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ فِي فِدَاءِ الْأُسَارَى. فَقَدِمَ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ فِي فِدَاءِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو. فَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْزَعُ ثَنِيَّتَيْ سُهَيْلٍ فَلَا يَقُومُ عَلَيْكَ خَطِيبًا فِي مَوْطِنٍ أَبَدًا فَقَالَ: "لَا أُمَثِّلُ بِهِ فَيُمَثِّلُ اللَّهُ بِي، وَعَسَى أَنْ يَقُومَ مَقَامًا لَا تَذُمَّهُ" 1. فَقَامَ فِي أَهْلِ مَكَّةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَحْوٍ مِنْ خُطْبَةِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَانْسَلَّ الْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ، فَفَدَى أَبَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَانْطَلَقَ بِهِ. وَبَعَثَتْ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فِدَاءِ زَوْجِهَا أَبِي الْعَاصِ بْنِ الربيع ابن عَبْدِ شَمْسٍ بِمَالٍ. وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ, فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَقَّ لَهَا، وَقَالَ: "إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا مَالَهَا". قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَأَطْلَقُوهُ2. فَأَخَذَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُخَلِّي سَبِيلَ زَيْنَبَ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ النِّسَاءِ. وَاسْتَكْتَمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ. وَبَعَثَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فقال: "كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زَيْنَبُ فَتَصْحَبَانَهَا حَتَّى تَأْتِيَانِي بِهَا". وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرٍ. فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الْعَاصِ مَكَّةَ أَمَرَهَا بِاللُّحُوقِ بِأَبِيهَا، فَتَجَهَّزَتْ. فَقَدَّمَ أَخُو زَوْجِهَا كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بَعِيرًا، فَرَكِبَتْهُ وَأَخَذَ قَوْسَهُ وَكِنَانَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ بِهَا نَهَارًا يَقُودُهَا. فَتَحَدَّثَ بِذَلِكَ رِجَالٌ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا. فَبَرَكَ كِنَانَةُ ونثر كنانته لما أدركوها بذي طوى،

_ 1 قال الحافظ -رحمه الله- في "الإصابة" "3/ 146": "هذا الحديث موصول في "المحامليات" من طريق سعيد بن أبي هند عن عمرة عن عائشة -رضي الله عنها- به، ورجاله ثقات". ا. هـ. 2 "حسن": أخرجه أبو داود في "سننه" في كتاب "الجهاد" "2692"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2341": حسن.

فَرَوَّعَهَا هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ بِالرُّمْحِ. فَقَالَ كِنَانَةُ: وَاللَّهِ لَا يَدْنُو مِنِّي رَجُلٌ إِلَّا وَضَعْتُ فِيهِ سَهْمًا. فَتَكَرْكَرَ النَّاسُ عَنْهُ. وَأَتَى أَبُو سُفْيَانَ فِي أَجِلَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ كُفَّ عَنَّا نَبْلَكَ حَتَّى نُكَلِّمَكَ. فَكَفَّ. فَوَقَفَ عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ. خَرَجْتَ بْالْمَرْأَةِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ عَلَانِيَةً، وَقَدْ عَرَفْتَ مُصِيبَتَنَا وَنَكْبَتَنَا وَمَا دَخَلَ عَلَيْنَا مِنْ مُحَمَّدٍ، فَيَظُنُّ النَّاسُ إِذَا خَرَجْتَ بِابْنَتِهِ إِلَيْهِ عَلَانِيَةً أَنَّ ذَلِكَ عَلَى ذُلٍّ أَصَابَنَا، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَّا وَهْنٌ وَضَعْفٌ، وَلَعَمْرِي مَا بِنَا بِحَبْسِهَا عَنْ أَبِيهَا مِنْ حَاجَةٍ، وَلَكِنِ ارْجَعْ بِالْمَرْأَةِ، حَتَّى إِذَا هَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّا رَدَدْنَاهَا، فَسُلَّها سِرًّا وَأَلْحِقْهَا بِأَبِيهَا. قَالَ: فَفَعَلَ. ثُمَّ خَرَجَ بِهَا لَيْلًا، بَعْدَ ليال، فسلمها إلى زيد وصاحبه. فقدم بِهَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ. فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الْفَتْحِ، خَرَجَ أَبُو الْعَاصِ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ بِمَالِهِ، وَبِمَالٍ كَثِيرٍ لِقُرَيْشٍ, فَلَمَّا رَجَعَ لَقِيَتْهُ سَرِيَّةٌ فَأَصَابُوا مَا مَعَهُ، وَأَعْجَزَهُمْ هَارِبًا، فَقَدِمُوا بِمَا أَصَابُوا, وَأَقْبَلَ أَبُو الْعَاصِ فِي اللَّيْلِ، حَتَّى دَخَل عَلَى زَيْنَبَ، فَاسْتَجَارَ بِهَا فَأَجَارَتْهُ، وَجَاءَ فِي طَلَبِ مَالِهِ, فَلَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الصُّبْحِ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ، صَرَخَتْ زَيْنَبُ مِنْ صُفَّةِ النِّسَاءِ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ. وَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى السَّرِيَّةِ الَّذِينَ أَصَابُوا مَالَهُ فَقَالَ: "إِنَّ هذا الرجل منا حيث قد علمتم، وقد أَصَبْتُمْ لَهُ مَالًا، فَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَرُدُّوا عَلَيْهِ الَّذِي لَهُ، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ, وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَهُوَ فَيْءُ اللَّهِ الَّذِي أَفَاءَ عَلَيْكُمْ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ". قَالُوا: بَلْ نَرُدُّهُ. فَرَدُّوهُ كُلَّهُ, ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ، فَأَدَّى إِلَى كُلِّ ذِي مَالٍ مَالَهُ, ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَلْ بَقِيَ لِأحَدٍ عِنْدِي مِنْكُمْ مَالٌ؟ قَالُوا: لَا، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ وَجَدْنَاهُ وَفِيًّا كَرِيمًا. قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده وَرَسُولُهُ, وَاللَّهِ مَا مَنَعَنِي مِنَ الْإِسْلَامِ عِنْدَهُ إِلَّا تَخَوُّفُ أَنْ تَظُنُّوا أَنِّي إِنَّمَا أَرَدْتُ أَكْلَ أَمْوَالَكُمْ1. ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: رَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- زينب على النكاح الأول، لم يحدث شيئًا2.

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه الحاكم في "مستدركه" "3/ 237"، وغيره. 2 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" في كتاب "الطلاق" "2240"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "1957": صحيح.

وَمِنَ الْأُسَارَى: الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ المخزومي، أسره عبد الله ابن جَحْشٍ، وَقِيلَ: سَلِيطُ الْمَازِنِيُّ. وَقَدِمَ فِي فِدَائِهِ أَخَوَاهُ: خَالِدُ بْنُ الْوَليِدِ، وَهِشَامُ بْنُ الْوَليِدِ، فَافْتَكَّاهُ بُأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَذَهَبَا بِهِ. فَلَمَّا افُتَدِيَ أَسْلَمَ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: كَرِهْتُ أَنْ تَظُنُّوا بِي أَنِّي جَزِعْتُ مِنَ الْأَسْرِ. فَحَبَسُوهُ بِمَكَّةَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو لَهُ فِي الْقُنُوتِ، ثُمَّ هَرَبَ وَلَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ. وَتُوُفِّيَ قَدِيمًا؛ لَعَلَّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَكَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ، وَهِيَ بِنْتُ عَمِّهِ: يَا عين فابكي للوليـ ... ـد بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَهْ قَدْ كَانَ غَيْثًا في السنيـ ... ـن وَرَحْمَةً فِينَا وَمِيرَهْ ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ مَاجِدًا ... يَسْمُو إِلَى طَلَبِ الْوَتِيرَهْ مِثْلُ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ ... أَبِي الْوَلِيدِ كَفَى الْعَشِيرَهْ وَمِنَ الْأَسْرَى: أَبُو عَزَّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيُّ. كَانَ مُحْتَاجًا ذَا بَنَاتٍ. قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ عَرَفْتَ أَنِّي لَا مَالَ لِي، وَأَنِّي ذُو حَاجَةٍ وَعِيَالٍ، فَامْنُنْ عَلَيَّ. فَمَنَّ عَلَيْهِ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُظَاهِرَ عَلَيْهِ أَحَدًا. وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: جَلَسَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، بَعْدَ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ بِيَسِيرٍ، فِي الْحِجْرِ, وَكَانَ عُمَيْرُ مِنْ شَيَاطِينِ قُرَيْشٍ، وَمِمَّنْ يُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَ ابْنُهُ وُهَيْبٌ فِي الْأَسْرَى, فَذَكَرَ أَصْحَابَ الْقَلِيبِ وَمُصَابَهُمْ, فَقَالَ صَفْوَانُ: وَاللَّهِ إنْ فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُم لَخَيْرٌ. فَقَالَ عُمَيْرٌ: صَدَقْتَ، وَاللَّهِ لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَيْسَ عِنْدِي لَهُ قَضَاءٌ، وَعِيَالٌ أَخْشَى عَلَيْهِمْ، لَرَكِبْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى أَقْتُلَهُ، فَإِنَّ لِي فِيهِمْ عِلَّةً؛ ابْنِي أَسِيرٌ فِي أَيْدِيهِمْ. فَاغْتَنَمَهَا صَفْوَانُ, فَقَالَ: علي دينك وعيالك. فال: فَاكْتُمْ عَلَيَّ. ثُمَّ شَحَذَ سَيْفَهُ1 وَسَمَّهُ، وَمَضَى إلى المدينة. فبينا عُمَرُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ يَوْمِ بَدْرٍ، إِذْ نَظَرَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِلَى عُمَيْرٍ حِينَ أَنَاخَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مُتَوَشِّحًا بِالسَّيْفِ. فَقَالَ: هَذَا الْكَلْبُ عَدُوُّ الله

_ 1 شحذ سفيه: أحده.

عُمَيْرٌ، وَهُوَ الَّذِي حَزَرَنَا يَوْمَ بَدْرٍ1. ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَذَا عُمَيْرٌ. قَالَ: "أَدْخِلْهُ عَلَيَّ". فَأَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّى أَخَذَ بِحَمَّالَةِ سَيْفِهِ فِي عُنُقِهِ، فَلَبَّبَهُ بِهِ، وَقَالَ لِرِجَالٍ مِمَّنْ كَانُوا مَعَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ: ادْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاجْلِسُوا عِنْدَهُ وَاحْذَرُوا عَلَيْهِ هَذَا الْخَبِيثَ. ثُمَّ دَخَلَ بِهِ فَقَالَ: "أَرْسِلْه يَا عُمَرَ، أُدْنُ يَا عُمَيْرُ". فَدَنَا، ثُمَّ قَالَ: أَنْعِمُوا صَبَاحًا، قَالَ: "فَمَا جَاءَ بِكَ"؟ قَالَ: جِئْتُ لِهَذَا الْأَسِيرِ الَّذِي فِي أَيْدِيكُمْ. قال: "فما بال السيف فِي عُنُقِكَ"؟ قَالَ: قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ، وَهَلْ أَغْنَتْ شَيْئًا؟ قَالَ: "اصْدُقْنِي مَا الَّذِي جِئْتَ لَهُ"؟ قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا لِذَلِكَ. قَالَ: "بَلَى، قَعَدْتَ أَنْتَ وَصَفْوَانُ فِي الْحِجْرِ". وَقَصَّ لَهُ مَا قَالَا. فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ وَأنَّكَ رَسُولُهُ, قَدْ كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُكَذِّبُكَ بِمَا تَأْتِينَا بِهِ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَحْضُرْهُ إِلَّا أَنَا وَصَفْوَانُ, فَوَاللَّهِ إنِّي لَأَعْلَمُ مَا أَتَاكَ بِهِ إِلَّا اللَّهُ، فَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَقِّهُوا أَخَاكُمْ فِي دِينِهِ، وَأَقْرِئُوهُ الْقُرْآنَ, وَأَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ". فَفَعَلُوا. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ جَاهِدًا عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ، شَدِيدَ الْأَذَى لِمَنْ كَانَ عَلَى دِينِ اللَّهِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَأذَنَ لي فأقدم مكة فأدعو إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ. وَإِلا آذَيْتُهُمْ فِي دِينِهِمْ. فَأَذِنَ لَهُ وَلَحِقَ بِمَكَّةَ. وَكَانَ صَفْوَانُ يَعِدُ قُرَيْشًا يَقُولُ: أَبْشِرُوا بِوَقْعَةٍ تَأْتِيكُمُ الْآنَ تُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ. وَكَانَ صَفْوَانُ يَسْأَلُ عَنْهُ الرُّكْبَانُ، حَتَّى قَدِمَ رَاكِبًا فَأَخْبَرَهُ عَنِ إِسْلَامِهِ، فَحَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ أَبَدًا وَلَا يَنْفَعُهُ بِشَيْءٍ أَبَدًا. ثُمَّ أَقَامَ يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَامِ، وَيُؤْذِيهِمْ. فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ نَاسٌ كثير2.

_ 1 حزرنا: قدر عددنا. 2 "إسناده حسن": أخرجه الطبري في "تاريخه" "2/ 44"، والواقدي في "المغازي "1/ 125"، وقال السيوطي في "الخصائص الكبرى "1/ 344": أخرجه الطبراني وأبو نعيم من طريق أبي عمران الجوني عن أنس -رضي الله عنه- موصولا بسند صحيح.

بقية أحاديث غزوة بدر

بَقِيَّةُ أَحَادِيثِ غَزْوَةِ بَدْرٍ: وَهِيَ كَالشَّرْحِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِيهَا: قَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ، عن عبد الله بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا, فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ, وَكَانَ أُمَيَّةُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ إِذَا سَافَرَ إِلَى الشَّامِ, فَقَالَ لِسَعْدٍ: انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَغَفَلَ النَّاسُ فَطُفْ. قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ يَطُوفُ إِذْ أَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَتَطَوَّفُ آمِنًا وَقَدْ أَوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، وَتَلَاحِيَا1. فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لأُقَطِّعَنَّ عَلَيْكَ مَتْجَرَكَ بِالشَّامِ. وَجَعَلَ أُمَيَّةَ يَقُولُ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ. فَغَضِبَ وقال: دعنا منك، فإني سمعت محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ. قَالَ: إِيَّايَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ. فَكَادَ أَنْ يُحْدِثَ. فَرَجَعَ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَتَعْلَمِينَ مَا قَالَ أَخِي الْيَثْرِبِيُّ؟ قَالَتْ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا يَزْعَمُ أنه قاتلي. قالت: فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ. فَلَمَّا خَرَجُوا لِبَدْرٍ وَجَاءَ الصَّرِيخُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَمَا عَلِمْتَ مَا قَالَ الْيَثْرِبِيُّ. قَالَ: فَإِنِّي إِذَنْ لَا أَخْرُجُ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الْوَادِي فَسِرْ مَعَنَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ. فَسَارَ مَعَهُمْ، فَقُتِلَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ. وَفِيهِ، فَلَمَّا اسْتَنْفَرَ أَبُو جَهْلٍ النَّاسَ وَقَالَ: أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ. كَرِهَ أُمَيَّةُ أَنْ يَخْرُجَ. فَأَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ إِنَّكَ مَتَى يَرَاكَ النَّاسُ تَخَلَّفْتَ, وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي, تَخَلَّفُوا مَعَكَ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَالَ: أَمَا إِذْ غَلَبْتَنِي فَوَاللَّهِ لَأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ. ثُمَّ قَالَ: يَا أُمَّ صَفْوَانَ جَهِّزِينِي فَمَا أُرِيدُ أَنْ أَجُوزَ مَعَهُمْ إِلَّا قَرِيبًا. فَلَمَّا خَرَجَ أَخَذَ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا عَقَلَ بَعِيرَهُ. فَلَمْ يَزَلْ بِذَاكَ حَتَّى قَتَلَهُ اللَّهُ بِبَدْرٍ. وَذَكَرَ الزُّهْرِيُّ قَالَ: إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَنْ خَرَجَ مِنْ أَصْحَابِهِ يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيشٍ الَّتِي قَدِمَ بِهَا أَبُو سُفْيَانَ مِنَ الشَّامِ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ الْفِئَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ مِيعَادٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} [الأنفال: 42] .

_ 1 تلاحى الرجلان: تنازعا وتشاتما: "المعجم الوجيز" "554".

رؤيا عاتكة

رُؤْيَا عَاتِكَةَ: قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "ح". قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ قَبْلَ مَقْدِمِ ضَمْضَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ عَلَى قُرَيْشِ مَكَّةَ بِثَلَاثِ لَيَالٍ رُؤْيَا، فَأَصْبَحَتْ عَاتِكَةُ فَأَعْظَمَتْهَا، فَبَعَثَتْ إِلَى أَخِيهَا الْعَبَّاسَ فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَخِي لَقَدْ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا لَيَدْخُلَنَّ مِنْهَا عَلَى قَوْمِكَ شَرٌّ وَبَلَاءٌ. فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ فَقَالَتْ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ رَجُلًا أَقْبَلَ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ فَوَقَفَ بِالْأَبْطَحِ, فَقَالَ: انْفِرُوا يَا آلَ غُدُرٍ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلَاثٍ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، ثُمَّ أُرِيَ بَعِيرَهُ دَخَلَ بِهِ الْمَسْجِدَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ. ثُمَّ مَثَلَ بِهِ بَعِيرُهُ فَإِذَا هُوَ عَلَى رَأْسِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: انْفِرُوا يَا آلَ غُدُرٍ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلَاثٍ. ثُمَّ أُرِيَ بَعِيرَهُ مَثَلَ بِهِ عَلَى رَأْسِ أَبِي قُبَيْسٍ، فَقَالَ: انْفِرُوا يَا آلَ غَدْرٍ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلاثٍ. ثُمَّ أَخَذَ صَخْرَةً فَأَرْسَلَهَا مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ فَأَقْبَلَتْ تَهْوِي، حَتَّى إِذَا كَانَتْ فِي أَسْفَلِهِ ارْفَضَّتْ فَمَا بَقِيَتْ دَارٌ مِنْ دُورِ مَكَّةَ وَلَا بَيْتٌ إِلَّا دَخَلَ فِيهِ بَعْضُهَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا، فَاكْتُمِيهَا. فَقَالَتْ: وَأَنْتَ فَاكْتُمْهَا، لَئِنْ بَلَغَتْ هَذِهِ قُرَيْشًا لَيُؤْذُنَّنَا. فَخَرَجَ الْعَبَّاسُ مِنْ عِنْدِهَا، فَلَقِيَ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ -وَكَانَ لَهُ صَدِيقًا- فَذَكَرَهَا لَهُ وَاسْتَكْتَمَهُ. فَذَكَرَهَا الْوَلِيدُ لِأَبِيهِ، فَتَحَدَّثَ بِهَا، فَفَشَا الْحَدِيثُ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَغَادٍ إِلَى مَكَّةَ لِأَطُوفَ بِهَا، فَإِذَا أَبُو جَهْلٍ فِي نَفَرٍ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رُؤْيَا عَاتِكَةَ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا أَبَا الْفَضْلِ تَعَالَ. فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ, فَقَالَ: مَتَى حَدَّثَتْ هَذِهِ النَّبِيَّةُ فِيكُمْ؟ مَا رَضِيتُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ تَنَبَّأَ رِجَالُكُمْ حَتَّى تَتَنَبَّأَ نِسَاؤُكُمْ، سَنَتَرَبَّصُ بِكُمْ هَذِهِ الثَّلَاثَ الَّتِي ذَكَرَتْ عاتكة، فإن كان حقًّا فسيكون، وإلا كتبنا عَلَيْكُمْ كِتَابًا أَنَّكُمْ أَكْذَبُ أَهْلِ بَيْتٍ فِي الْعَرَبِ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا كَانَ مِنِّي إِلَيْهِ مِنْ كَبِيرٍ، إِلَّا أَنِّي أَنْكَرْتُ مَا قَالَتْ، وقلت: ما رأت شيئًا ولا سمعت بِهَذَا، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ لَمْ تَبْقَ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَّا أَتَتْنِي, فَقُلْنَ: صَبَرْتُمْ لِهَذَا الْفَاسِقِ الْخَبِيثِ أَنْ يَقَعَ فِي رِجَالِكُمْ، ثُمَّ قَدْ تَنَاوَلَ النِّسَاءَ وَأَنْتَ تَسْمَعُ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ غِيَرٌ. فَقُلْتُ: قَدْ وَاللَّهِ صَدَقْتُنَّ وَمَا كَانَ عِنْدِي فِي ذَلِكَ مِنْ غِيَرٍ إِلَّا أَنِّي أَنْكَرْتُ. وَلَأَتَعَرَّضَنَّ لَهُ، فَإِنْ عَادَ لَأَكْفِيكَنَّهُ. فَغَدَوْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَتَعَرَّضُ لَهُ لِيَقُولَ شَيْئًا فُأَشَاتِمَهُ. فَوَاللَّهِ إِنِّي لمقبل نحوه،

وَكَانَ رَجُلًا حَدِيدَ الْوَجْهِ، حَدِيدَ النَّظَرِ، حَدِيدَ اللِّسَانِ، إِذْ وَلَّى نَحْوَ بَابِ الْمَسْجِدِ يَشْتَدَّ. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، كُلُّ هَذَا فَرَقًا1 أَنْ أُشَاتِمَهُ. وَإِذَا هُوَ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ أَسْمَعْ، صَوْتَ ضَمْضَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِالْأَبْطَحِ2؛ قَدْ حَوَّلَ رَحْلَهُ وَشَقَّ قَمِيصَهُ وَجَدَّعَ بَعِيرَهُ3؛ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اللَّطِيمَةَ اللَّطِيمَةَ4! أَمْوَالُكُمْ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، قَدْ عَرَضَ لَهَا مُحَمَّدٌ، فَالْغَوْثَ الْغَوْثَ! فَشَغَلَهُ ذَلِكَ عَنِّي، وَشَغَلَنِي عَنْهُ. فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا الْجِهَازُ حَتَّى خَرَجْنَا، فَأَصَابَ قُرَيْشًا مَا أَصَابَهَا يَوْمَ بَدْرٍ. فَقَالَتْ عَاتِكَةُ: أَلَمْ تَكُنِ الرُّؤْيَا بِحَقٍّ وَجَاءَكُمْ ... بِتَصْدِيقِهَا فَلٌّ مِنَ الْقَوْمِ هَارِبُ فَقُلْتُمْ وَلَمْ أَكْذِبْ كَذَبْتِ وَإِنَّمَا ... يُكَذِّبُنَا بِالّصِّدْقِ مَنْ هُوَ كَاذِبُ5 وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ. وَكُنَّا -أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ- نَتَحَدَّثُ أَنْ عِدَّةَ أَهْلِ بَدْرٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ، كَعِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهْرَ، وما جازه إلا مؤمن. أخرجه البخاري. وقال: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَوْمَ بَدْرٍ نَيِّفًا وَثَمَانِينَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: حدثني يزيد بن أبي حَبِيبٍ، حَدَّثَنِي أَسْلَمُ أَبُو عِمْرَانَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ: هَلْ لَكُمْ أَنْ نَخْرُجَ فَنَلْقَى الْعِيرَ لَعَلَّ اللَّهَ يَغْنِمُنَا؟ قُلْنَا: نَعَمْ. فَخَرَجْنَا، فَلَمَّا سِرْنَا يومًا أو يومين أمرنا أن نتعاد، ففعلا، فَإِذَا نَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلا، فَأَخْبَرْنَاهُ بِعِدَّتِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ وَحَمِدَ اللَّهَ، وَقَالَ: عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْمَ بَدْرٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عشر من

_ 1 الفرق: الخوف. 2 الأبطح: يضاف إلى مكة وإلى منى، وقيل: هو أقرب إلى منى. "معجم البلدان" "1/ 74". 3 جدع بعيره: قطع أنفه. 4 اللطيمة اللطيمة: الإبل التي تحمل البز والطيب. 5 قال الهيثمي في "المجمع" "6/ 72": رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات.

الْمُقَاتِلَةِ كَمَا خَرَجَ طَالُوتَ فَدَعَا لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَرَجَ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ حُفَاةٌ فَاحْمِلْهُمْ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ عُرَاةٌ فَاكْسُهُمْ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ جِياعٌ فَأَشْبِعْهُمْ". فَفَتَحَ الله لهم، فانقلبوا وما منهم رجل إلى وَقَدْ رَجَعَ بِجَمَلٍ أَوْ جَمَلَيْنِ، وَاكْتَسَوْا وَشَبِعُوا1. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ يَوْمَ بَدْرٍ فَارِسٌ غَيْرَ الْمِقْدَادَ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ: إِنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ وَمَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ نَائِمٌ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا مِنَّا أَحَدٌ فَارِسٌ يومئذ إلا المقداد. رواه شعبة عنه2. وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: مَا كَانَ مَعَنَا إِلا فَرَسَانِ: فَرَسٌ لِلزُّبَيْرِ وَفَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ. وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الْبَهِيِّ قَالَ: كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَارِسَانِ، الزُّبَيْرُ عَلَى الْمَيْمَنَةِ، وَالْمِقْدَادُ عَلَى الْمَيْسَرَةِ. وَقَالَ عُرْوَةُ: كَانَ عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى سِيمَا الزُّبَيْرِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا يَوْمَ بَدْرٍ نَتَعَاقَبُ ثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، فَكَانَ عَلِيُّ وَأَبُو لُبَابَةَ زَمِيلَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. فكانت إذا حانت عُقْبَةُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولَانِ لَهُ: ارْكَبْ حَتَّى نَمْشِيَ. فَيَقُولُ: "إِنِّي لَسْتُ بِأَغْنَى عَنِ الْأَجْرِ مِنْكُمَا، وَلَا أَنْتُمَا بأقوى عَلَى الْمَشْيِ مِنِّي" 3. الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَغَازِي: مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ بَدَلُ أَبِي لُبَابَةَ. فَإِنَّ أَبَا لُبَابَةَ رَدَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا إلا قرشي أو أنصاري أو حليف لهما.

_ 1 "حديث حسن": أخرجه أبو داود "1/ 131"، والحاكم "2/ 145"، وصححه على شرط مسلم، وقال الحافظ في "الفتح" "7/ 223": إسناده حسن. 2 رواه ابن خزيمة في "صحيحه": وصدره المنذري في "الترغيب" بلفظة "عن" فهو مقبول عنده. 3 "إسناده حسن": أخرجه أحمد في "المسند" "3901"، والحاكم "3/ 20"، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، وقال الألباني في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة" للغزالي: "سنده حسن".

وَعَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ فِيهِمُ اثْنَا عَشَرَ مِنَ الْمَوَالِي. وَقَالَ عَمْرٌو الْعَنْقَزِيُّ، أَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: أَخَذْنَا رَجُلَيْنِ يَوْمَ بَدْرٍ: أَحَدُهُمَا عَرَبِيٌّ وَالْآخَرُ مَوْلًى، فَأَفْلَتَ الْعَرَبِيُّ وَأَخَذْنَا الْمَوْلَى؛ مَوْلًى لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ؛ فَقُلْنَا: كَمْ هُمْ؟ قَالَ: كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ. فَجَعَلْنَا نَضْرِبُهُ. حَتَّى انْتَهَيْنَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَهُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَمْ يَنْحَرُونَ مِنَ الْجَزُورِ"؟ فَقَالَ: فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشْرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "القوم أَلْفٌ، لِكُلِّ جَزُورٍ مِائَةٌ" 1. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي بَكْرٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا نَبْنِي لَكَ عَرِيشًا، فَتَكُونَ فِيهِ، وَنُنِيخُ لَكَ رَكَائِبِكَ وَنَلْقَى عَدُوَّنَا، فَإِذَا أَظْهَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَذَاكَ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَتَجْلِسُ عَلَى رَكَائِبِكَ وَتَلْحَقُ بِمَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا؟ فَقَدْ تَخَلَّفَ عَنْكَ أَقْوَامٌ مَا نَحْنُ بِأَشَدَّ لَكَ حُبًّا مِنْهُمْ، وَلَوْ عَلِمُوا أَنَّكَ تَلْقَى حَرْبًا مَا تَخَلَّفُوا عَنْكَ، وَيُوَادُّونَكَ وَيَنْصُرُونَكَ. فَأَثْنَى عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْرًا وَدَعَا لَهُ. فَبُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَرِيشٌ، فَكَانَ فِيهِ وَأَبُو بَكْرٍ مَا مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا. وَقَالَ خ: ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ مَشْهَدًا لَأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ به: أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَ قوم موسى لموسى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ، وَلَكِنْ نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ وَمِنْ بَيْنَ يَدَيْكَ وَمِنْ خَلْفِكَ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشْرَقَ وَجْهُهُ لِذَلِكَ، وَسَرَّهُ2. وَقَالَ م د حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَدَبَ أَصْحَابَهُ فَانْطَلَقَ إِلَى بَدْرٍ، فَإِذَا هُمْ بِرَوَايَا قُرَيْشٍ3، فِيهَا عَبْدٌ أَسْوَدُ لِبَنِي الْحَجَّاجِ، فَأَخَذَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ: أَيْنَ أَبُو سفيان؟ فيقول: والله ما لي بشيء

_ 1 "إسناده صحيح". 2 تقدم قريبًا. 3 روايا قريش: هي الإبل التي يسقى الماء عليها.

مِنْ أَمْرِهِ عِلْمٌ، وَلَكِنْ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ جَاءَتْ، فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. قَالَ: فَإِذَا قَالَ لهم ذلك ضربوه. فيقول: دعوني دَعُونِي أُخْبِرْكُمْ. فَإِذَا تَرَكُوهُ قَالَ كَقَوْلِهِ سَوَاءً. والنبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي وَهُوَ يَسْمَعُ ذَلِكَ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَتَضْرِبُونَهُ إِذَا صَدَقَكُمْ وَتَدَعُونَهُ إِذَا كَذَبَكُمْ". هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ لِتَمْنَعَ أَبَا سُفْيَانَ. قَالَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وقال رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم: "هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا"؛ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الأرض. "وهذا مصرع فلان"؛ ووضع يده على الأرض، "وهذا مصرع فلان"؛ ووضع يده على الْأَرْضِ. قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا جَاوَزَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِأَرْجُلِهِمْ، فَسُحِبُوا فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ. صَحِيحٌ. وَقَالَ حَمَّادٌ أَيْضًا، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ. فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ -كَذَا قَالَ، وَالْمَعْرُوفُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ- فَقَالَ: إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا الْبَحْرَ لأَخَضْنَاهَا. وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا. قَالَ: فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى نَزَلُوا بَدْرًا. وَسَاقَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ هَذَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَخْصَرَ مِنْهُ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَدَّثَنَا عُمَرُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيُخْبِرُنَا عَنْ مَصَارِعِ الْقَوْمِ بِالْأَمْسِ: "هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا، هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا". فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، مَا أَخْطَئُوا تِلْكَ الْحُدُودَ، وَجَعَلُوا يُصْرَعُونَ حَوْلَهَا. ثُمَّ أُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ2. وَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، وَيَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُكَلِّمُ أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا؟ فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لما أقول منهم، ولكنهم

_ 1 تقدم قبل قليل. 2 تقدم قبل قليل.

لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيَّ". وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: مَا كَانَ فِينَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرُ الْمِقْدَادِ عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا فِينَا إِلَّا نَائِمٌ إِلا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَحْتَ سَمُرَةٍ يُصَلِّي وَيَبْكِي، حَتَّى أَصْبَحَ1. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مَوْهِبٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَوْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَاتَلْتُ شَيْئًا مِنْ قِتَالٍ، ثُمَّ جِئْتُ لِأَنْظُرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا فَعَلَ؟ فَجِئْتُ فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ: "يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ". لَا يُزِيدُ عَلَيْهَا. فَرَجَعْتُ إِلَى الْقِتَالِ، ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ أَيْضًا. غَرِيبٌ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مُنَاشِدًا يَنْشُدُ حَقًّا أَشَدَّ مِنْ مُنَاشَدَةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بَدْرٍ؛ جَعَلَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَا تُعْبَدْ". ثُمَّ الْتَفَتَ وَكَأَنَّ شَقَّ وَجْهَهُ الْقَمَرُ؛ فَقَالَ: "كَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى مَصَارِعَ الْقَوْمِ عَشِيَّةَ بَدْرٍ". وَقَالَ خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ وَهُوَ في قبته يَوْمَ بَدْرٍ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا". فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: حَسْبُكَ حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ؛ وَهُوَ فِي الدِّرْعِ. فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ، بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 45-46] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ عِكْرَمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ سِمَاكُ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَتَسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا. فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبِّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لك ما وعدك.

_ 1 تقدم قبل قليل.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ1. فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتُ الْفَارِسِ يَقُولُ: أقدِمْ حَيْزومَ. إِذْ نَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ، فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعَ. فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ، فَحَدَّثَ ذَاكَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "صَدَقْتَ، ذَاكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ". فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ بَعْدَمَا ذَهَبَ بَصَرُهُ: يَا ابْنَ أَخِي، وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ بِبَدْرٍ، ثُمَّ أَطْلَقَ اللَّهُ لِي بَصَرِي لَأَرَيْتُكَ الشِّعْبَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْنَا مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ، غَيْرُ شَكٍّ وَلَا تَمَارٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثَنَا ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ أَبْشِرْ هَذَا جِبْرِيلُ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَةٍ 2 صَفْرَاءَ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ, فَلَمَّا نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ، تَغَيَّبَ عَنِّي سَاعَةً ثُمَّ طَلَعَ، عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ يَقُولُ: أَتَاكَ نَصْرُ اللَّهِ إِذْ دَعَوْتُهُ". وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: "هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ رَأْسَ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمَعِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحُوَيْرِثِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْتَحُ مَنْ قَلِيبِ بَدْرٍ إِذْ جَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا ثُمَّ ذَهَبَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ كَالَّتِي قَبْلَهَا. فَكَانَتِ الريح الأولى جبريل نزل في ألف

_ 1 أخرجه مسلم "5/ 156, 157"، وأحمد برقم "208". 2 الاعتجار: لف العمامة دون التلحي.

مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَكَانَتِ الثَّانِيَةُ مِيكَائِيلَ نَزَلَ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَجَاءَتْ رِيحٌ ثَالِثَةٌ كَانَ فِيهَا إِسْرَائِيلُ فِي أَلْفٍ. فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ أَعْدَاءَهُ حَمَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فَرَسِهِ، فَجَرَتْ بِي، فَوَقَعْتُ عَلَى عَقِبَيَّ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ فَأَمْسَكْتُ. فَلَمَّا اسْتَوَيْتُ عَلَيْهَا طَعَنْتُ بِيَدِي هَذِهِ فِي الْقَوْمِ حَتَّى اخْتَضَبَ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى إِبِطِهِ. غَرِيبٌ. وَمُوسَى فِيهِ ضَعْفٌ. وَقَوْلُهُ: "حَمَلَنِي عَلَى فَرَسِهِ" لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْحِمْيَرِيُّ، ثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: قَالَ أَبِي: يَا بُنَيَّ لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيُشِيرُ بِسَيْفِهِ إِلَى رَأْسِ الْمُشْرِكِ فَيَقَعُ رَأْسُهُ عَنْ جَسَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ السَّيْفُ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ مُقْسِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَتْ سِيمَا الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ عَمَائِمَ بِيضًا قَدْ أَرْسَلُوهَا فِي ظُهُورِهِمْ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ عَمَائِمَ حُمْرًا. وَلَمْ تُقَاتِلِ الْمَلَائِكَةُ فِي يَوْمٍ سِوَى يَوْمِ بَدْرٍ. وَكَانُوا يَكُونُونَ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْأَيَّامِ عَدَدًا وَمَدَدًا. وَجَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} [الأنفال: 12] ؛ وذكر الْوَاقِدِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ؛ حَدَّثَهُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ الْمَلَكُ يُتَصَوَّرُ فِي صُورَةِ مَنْ يُعْرَفُونَ مِنَ النَّاسِ، يُثَبِّتُونَهُمْ، فَيَقُولُ: إِنِّي قَدْ دَنَوْتُ مِنْهُمْ فَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: لَوْ حَمَلُوا عَلَيْنَا مَا ثَبَتْنَا. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، أَصَبْنَا مِنْ ثِمَارِهَا فَاجْتَوَيْنَاهَا وَأَصَابَنَا بِهَا وَعْكٌ. فَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَبَّرُ عَنْ بَدْرٍ. فَلَمَّا بَلَغَنَا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَقْبَلُوا، سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بدر -وهي بئر-

_ 1 أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 405"، وإسناده ضعيف، ورواه مسلم في "صحيحه" في "كتاب الجهاد" عن ابن عباس في حديث طويل وفيه: "بينما رجل من المسلمين يومئ أشد فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ، وَصَوْتُ الْفَارِسِ يَقُولُ: أقدم حيزوم. فنظر إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كضربة السوط". الحديث.

فَسَبَقْنَا الْمُشْرِكِينَ إِلَيْهَا. فَوَجَدْنَا فِيهَا رَجُلَيْنِ: رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَمَوْلَى لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ. فَأَمَّا الْقُرَشِيُّ فَانْفَلَتَ، وَأَمَّا مَوْلَى عُقْبَةَ فَأَخَذْنَاهُ فَجَعَلْنَا نَقُولُ لَهْ: كَمِ الْقَوْمُ؟ فَيَقُولُ: هُمْ وَاللَّهِ كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ شَدِيدٌ بَأْسُهُمْ. فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا قَالَ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ. حَتَّى انْتَهَوْا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ: "كَمِ الْقَوْمُ"؟ قَالَ: هُمْ وَاللَّهِ كَثِيرٌ عددهم شديد بأسهم. فجهد أن يخبره كَمْ هُمْ فَأَبَى, ثُمَّ سَأَلَهُ: "كَمْ يَنْحَرُونَ كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الْجَزُورِ"؟ فَقَالَ: عَشَرَةَ. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْقَوْمُ أَلْفٌ، كُلُّ جَزُورٍ لِمِائَةٍ وَتَبِعَهَا" 1. ثُمَّ إِنَّهُ أَصَابَنَا مِنَ اللَّيْلِ طَشٌّ مِنْ مَطَرٍ، فَانْطَلَقْنَا تَحْتَ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ نَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا. وَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو رَبَّهُ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكَ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَا تُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ". فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ". فَجَاءَ النَّاسُ مِنْ تَحْتِ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَضَّ عَلَى الْقِتَالِ. ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ جَمْعُ قُرَيْشٍ عِنْدَ هَذِهِ الضِّلْعِ الْحَمْرَاءِ مِنَ الْجَبَلِ". فَلَمَّا دَنَا الْقَوْمُ مِنَّا وَصَافَفْنَاهُمْ إِذَا رجل منهم يسير فِي الْقَوْمِ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَلِيُّ نَادِ لِي حَمْزَةَ" -وَكَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ- مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ؟ وَمَاذَا يَقُولُ لَهُمْ؟ ثم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ يَكُ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ يَأْمُرُ بِخَيْرٍ فَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ". فَجَاءَ حَمْزَةُ فَقَالَ: هُوَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهُوَ يَنْهَى عَنِ الْقِتَالِ وَيَقُولُ: يَا قَوْمُ إِنِّي أَرَى أَقْوَامًا مُسْتَمِيتِينَ لَا تَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَفِيكُمْ خَيْرٌ. يَا قَوْمُ اعْصِبُوهَا الْيَوْمَ بِرَأْسِي وَقُولُوا جَبُنَ عُتْبَةُ، وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي لَسْتُ بِأَجْبَنِكُمْ. فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ: أَنْتَ تَقُولُ هَذَا؟ وَاللَّهِ لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُ هَذَا لَأْعَضَضْتُهُ, قَدْ مَلَأَتْ رِئَتُكَ جَوْفَكَ رُعْبًا، فَقَالَ: إياي تعني يا مصفر اسْتَهُ! سَتَعْلَمُ الْيَوْمَ أيُّنَا أَجْبَنُ؟ فَبَرَزَ عُتْبَةُ وَابْنُهُ الْوَلِيدُ وَأَخُوهُ شَيْبَةُ. فَقَالَ: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَخَرَجَ مِنَ الْأَنْصَارِ شَبَبَةُ، فَقَالَ عُتْبَةُ: لَا نُرِيدُ هَؤُلَاءِ، وَلَكِنْ يُبَارِزُنَا مِنْ بَنِي عَمِّنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ يَا عَلِيُّ، قُمْ يَا حَمْزَةُ، قُمْ يَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ". فَقَتَلَ اللَّهُ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ؛ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ. وَجُرِحَ عُبَيْدَةُ. فَقَتَلْنَا مِنْهُمْ سَبْعِينَ وَأَسَرْنَا سَبْعِينَ. فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَصِيرٌ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَسِيرًا فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ مَا أَسَرَنِي، وَلَقَدْ أَسَرَنِي رَجُلٌ أَجْلَحُ مِنْ أحسن الناس وجهًا، على فرس أبلق،

_ 1 تقدم تخريجه قبل قليل.

مَا أَرَاهُ فِي الْقَوْمِ. فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَنَا أَسَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: "اسْكُتْ، فَقَدْ أَيَّدَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ". قَالَ: فَأُسِرَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: الْعَبَّاسُ، وَعَقِيلٌ، وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقَدْ قَلُّوا فِي أَعْيُنِنَا يَوْمَ بَدْرٍ، حَتَّى قُلْتُ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِي: أَتَرَاهُمْ سَبْعِينَ؟ قَالَ: أَرَاهُمْ مِائَةً. فَأَسَرْنَا رَجُلًا فَقُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: أَلْفًا. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: "قُومُوا إلى جنة عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ". قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: بَخٍ بَخٍ! قَالَ: "مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ"؟ 1 قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءٌ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ: "فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا". فَأَخْرَجَ تُمَيْرَاتٍ مِنْ قَرْنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ. فَرَمَى بِهِنَّ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- حين اصْطَفَفْنَا يَوْمَ بَدْرٍ: " إِذَا أَكْثَبُوكُمْ -يَعْنِي: غَشَوْكُمْ- فَارْمُوهُمْ بِالنَّبْلِ، وَاسْتَبِقُوا نَبْلَكُمْ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شِعَارَ الْمُهَاجِرِينَ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَشِعَارَ الْخَزْرَجِ: يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ. وَشِعَارَ الْأَوْسِ: يَا بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ. وَسَمَّى خَيْلَهُ: خَيْلَ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَابْنَةُ عَمِّهِ سِتُّ الْأَهْلِ بِنْتُ عُلْوَانَ -سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ- وَآخَرُونَ, قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَتْنَا شَهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ طَلْحَةَ، أَنَا أَبُو عمر عبد الواحد بن مهدي، ثنا

_ 1 بخ بخ: كلمة تقال عند الرضا، والإعجاب بالشيء. "المعجم الوجيز" "38". 2 أخرجه مسلم في كتاب "الإمارة" "3/ 145، 1905-1906" بنحوه، وأحمد في "المسند" "3/ 136" وغيرهما.

الْحُسَيْنُ بْنُ إٍسماعيل، ثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ، ثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو هَاشِمٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يُقْسِمُ قَسَمًا: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] ؛ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةُ، وَعَلِيٌّ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- وَعُتْبَةُ وَشَيْبَةُ؛ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1 عَنْ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ وَغَيْرِهِ. وَمُسْلِمٌ2 عَنْ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ يَحْيَى بْنِ دِينَارٍ الرُّمَّانِيِّ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّدُوسِيِّ الْبَصْرِيِّ. وَهُوَ مِنَ الْأَبْدَالِ الْعَوَالِي. وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ الْمُطَّلِبِيُّ، أُمَّهُ ثَقَفِيَّةٌ، وَكَانَ أَسَنَّ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَشْرِ سِنِينَ، أَسْلَمَ هُوَ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِي وَقْتٍ. وَهَاجَرَ هُوَ وَأَخَوَاهُ الطُّفَيْلُ وَالْحُصَيْنُ. وَكَانَ عُبَيْدَةُ كَبِيرَ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مربوعًا مَلِيحًا، تُوُفِّيَ بِالصَّفْرَاءِ. وَهُوَ الَّذِي بَارَزَ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، كِلَاهُمَا أَثْبَتَ صَاحِبَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ جَهَّزَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سِتِّينَ رَاكِبًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَمَّرَهُ عَلَيْهِمِ؛ فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِوَاءَ عُبَيْدَةَ. فَالْتَقَى بِقُرَيْشٍ وَعَلَيْهِمْ أَبُو سُفْيَانَ عِنْدَ ثَنِيَّةِ الْمَرَةِ، فَكَانَ أَوَّلَ قِتَالٍ فِي الْإِسْلَامِ. قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ عَنِ الزهري، عن عبد الله بن ثأقطعنا لِلرَّحِمِ وَآتَانَا بِمَا لَا يَعْرِفُ، فَأَحْنِهِ الْغَدَاةَ. فَقُتِلَ فَفِيهِ أُنْزِلَتْ: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} علبة بْنِ صُعَيْرٍ أَنَّ الْمُسْتَفْتِحَ يَوْمَ بَدْرٍ أَبُو جهل. قال لما التقى الجمعان: اللهم [الأنفال: 19] 3. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32] ، فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ

_ 1 في كتاب "المغازي". باب: "قتل أبي جهل". 2 في "صحيحه" "3033". 3 "صحيح": أخرجه النسائي في "الكبرى" في كتاب "التفسير" "6/ 350، 11201"، وغيره.

فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} [الأنفال: 34] ، قال: يوم بدر بالسيف. قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْهُ. وَبِهِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} [الأنفال: 7] قَالَ: أَقْبَلَتْ عِيرُ أَهْلِ مَكَّةَ تُرِيدُ الشَّامَ -كَذَا قَالَ- فَبَلَغَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ ذَلِكَ، فَخَرَجُوا وَمَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُونَ الْعِيرَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ مَكَّةَ فَأَسْرَعُوا السَّيْرَ، فَسَبَقَتِ الْعِيرُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ اللَّهُ وَعَدَهُمْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ. وَكَانُوا أَنْ يَلْقَوْا الْعِيرَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ، وَأَيْسَرَ شَوْكَةً وَأَحْضَرَ مَغْنَمًا. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ الْقَوْمَ، فَكَرِهَ الْمُسْلِمُونَ مَسِيرَهُمْ لِشَوْكَةِ الْقَوْمِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمُونَ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَاءِ رَمْلَةٌ دِعْصَةٌ، فَأَصَابَ الْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ شَدِيدٌ، وَأَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِهِمُ الْقَنَطَ يُوَسْوِسُهُمْ: تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ، وَقَدْ غَلَبَكُمُ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمَاءِ، وَأَنْتُمْ كَذَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَطَرًا شَدِيدًا، فَشَرِبَ الْمُسْلِمُونَ وَتَطَهَّرُوا. فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ. وَصَارَ الرَّمْلُ؛ يَعْنِي مُلَبَّدًا. وَأَمدَّهُمُ اللَّهُ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَجَاءَ إِبْلِيسُ فِي جُنْدٍ مِنَ الشَّيَاطِينِ، مَعَهُ رَايَتُهُ فِي صُورَةِ رِجَالٍ مِنَ بَنِي مُدْلِجٍ، وَالشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ لِلْمُشْرِكِينَ: {لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} [الأنفال: 48] فَلَمَّا اصْطَفَّ الْقَوْمُ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: اللَّهُمَّ أَوْلَانَا بِالْحَقِّ فَانْصُرْهُ. وَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- يده فقال: "يا رب إِنَّكَ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ فَلَنْ تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ أَبَدًا". فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: خُذْ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ. فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِهِمْ. فَمَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا أَصَابَ عَيْنَيْهِ وَمِنْخَرَيْهِ وَفَمَهُ، فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ. وَأَقْبَلَ جِبْرِيلُ إِلَى إِبْلِيسَ، فَلَمَّا رَآهُ وَكَانَتْ يَدُهُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ نَزَعَ يَدَهُ وَوَلَّى مُدْبرًا وشيعته. فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا سُرَاقَةُ، أَمَا زَعَمْتَ أَنَّكَ لَنَا جَارٌ؟ قَالَ: {إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ} [الأنفال: 48] .

_ 1 رواه البخاري في كتاب "التفسير" سورة الأنفال، ومسلم في كتاب "التوبة".

وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، أَنَا صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: إِنِّي لَوَاقفٌ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الصّفِّ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلَامَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمَا. فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلُعٍ مِنْهُمَا. فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ: يَا عَمَّ أَتَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا. فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ. فَغَمَزَنِي الْآخَرُ فَقَالَ لِي مِثْلَهَا. فَلَمْ أنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ يَجُولُ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ: أَلَا تَرَيَانِ؟ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسْأَلَانِ عَنْهُ. فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلَاهُ. ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَاهُ. فَقَالَ: "أَيُّكُمَا قَتَلَهُ"؟ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ. فَقَالَ: "هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا"؟ قَالَا: لَا. قَالَ: فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ: "كِلَاهُمَا قَتَلَهُ". وَقَضَى بِسَلْبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْآخَرِ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ"؟ فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرُدَ2. قَالَ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ؟ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ. فَقَالَ: هَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ، أَوْ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟ أَخْرَجَهُ خ م. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَتَى أَبَا جَهْلٍ فَقَالَ: قَدْ أَخْزَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ: هَلْ أَعْمَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ: ثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ صَرِيعٌ، وَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ، وَمَعَهُ سَيْفٌ جَيِّدٌ، وَمَعِي سَيْفٌ رَثٌّ. فَجَعَلْتُ أَنْقُفُ رَأْسَهُ بِسَيْفِي، وَأَذْكُرُ نَقفًا كَانَ يَنْقُفُ رَأْسِي بِمَكَّةَ، حَتَّى ضَعُفَتْ يَدِي، فَأَخَذْتُ سَيْفَهُ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: عَلَى مَنْ كَانَتِ الدَّبَرَةُ، لَنَا أَوْ عَلَيْنَا؟ أَلَسْتَ رُوَيْعِينَا بِمَكَّةَ؟ قَالَ: فَقَتَلْتُهُ. ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: قَتَلْتُ أَبَا جَهْلٍ. فَقَالَ: "آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ"؟ فَاسْتَحْلَفَنِي ثَلَاثَ مِرَارٍ. ثُمَّ قَامَ مَعِي إِلَيْهِمْ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عن أبي إسحاق. وفيه: فَاسْتَحْلَفَنِي وَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، انطلق

_ 1 أخرجه البخاري "3141"، ومسلم "42" "1752". 2 برد الشيء بردًا وبرودًا: هبطت حرارته. فهو بارد، وبرود. "المعجم الوجيز" "43".

فَأَرِنِيهِ". فَانْطَلَقْتُ فَأَرَيْتُهُ. فَقَالَ: "هَذَا فِرْعَوْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ" 1. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُهُ خَرَّ سَاجِدًا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَصْرَعِ ابْنَيْ عَفْرَاءَ فَقَالَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَي عَفْرَاءَ، فَهُمَا شُرَكَاءُ فِي قَتْلِ فِرْعَوْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَرَأْسِ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ". فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَنْ قَتَلَهُ مَعَهُمَا؟ قَالَ: "الْمَلَائِكَةُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ شُرِكَ فِي قَتْلِهِ". وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ، عَنِ الشَّعْثَاءِ؛ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، فَرَأَيْتُهُ صَلَّى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: إِنَّكَ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ حِينَ بُشِّرَ بِالْفَتْحِ، وَحِينَ جِيءَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي مَرَرْتُ بِبَدْرٍ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ، فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ بِمِقْمَعَةٍ حَتَّى يَغِيبَ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ يَخْرُجُ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ مِرَارًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَاكَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ يُعَذَّبُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 2. وَقَالَ خ م مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَسٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ. وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ. فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ، أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشَدَّ عَلَيْهَا، ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: مَا نَرَاهُ إِلَّا يَنْطَلِقُ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِيِّ3 فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ: "يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، وَيَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا"؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لَا أَرْوَاحَ لَهَا؟ فقال: "الذي نفسي بيده ما أنت بأسمع لما أقول منهم".

_ 1 جمع الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 345" بين الروايات المختلفة فيمن قتل أبا جهل، فقال: "يحتمل أن يكون معاذ بن عفراء شد عليه مع معاذ بن عمرو كما في "الصحيح" وضربه بعد ذلك معوذ حتى أثبته ثم حز رأسه ابن مسعود فتجمع الأقوال كلها". ا. هـ. 2 ذكره القرطبي في "التذكرة" "138"، وعزاه للوائلي الحافظ في كتاب "الإبانة". 3 الركي: البئر.

قَالَ قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمُ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنِقْمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَامَةً. صَحِيحٌ1. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَفَ عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ فَقَالَ: "إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ". قَالَ عُرْوَةُ: فَبَلَغَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: لَيْسَ هَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا قَالَ: "إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ". إِنَّهُمْ قَدْ تَبَوَّءُوا مَقَاعِدَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ. إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 8] , {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ، إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [فاطر: 22] . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. مَا رَوَتْ عَائِشَةُ لَا يُنَافِي مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ، فَإِنَّ عِلْمَهُمْ لَا يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِهِمْ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَأَمَّا أَنْ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى، فَحَقٌّ لأَنَّ اللَّهَ أَحْيَاهُمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ كَمَا يُحْيِي الْمَيِّتَ لِسُؤَالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله: {بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا} ؛ قَالَ: هُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ. {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28] ؛ قَالَ: النَّارُ يَوْمَ بَدْرٍ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْقَتْلَى قيل له: عليك العير ليس دونها شَيْءٌ. فَنَادَاهُ الْعَبَّاسُ وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ: إِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَكَ. قَالَ: "لِمَ"؟ قَالَ: لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَقَدْ أَنْجَزَ لَكَ مَا وَعَدَكَ. هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، ورواه جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْهُ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: ضُرِبَ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ يَوْمَ بَدْرٍ فَمَالَ شِقُّهُ، فَتَفَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَأَمَهُ وَرَدَّهُ، فَانْطَبَقَ. أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: شَهِدَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ بَدْرًا كَافِرًا، وَكَانَ فِي الْقَتْلَى. فمر به رجل فوضع سيفا فِي بَطْنِهِ، فَخَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ, فَلَمَّا بَرُدَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ لَحِقَ بِمَكَّةَ فَصَحَّ. فَاجْتَمَعَ هُوَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فَقَالَ: لَوْلَا عِيَالِي وَدَيْنِي لكنت أقتل

_ 1 تقدم قبل قليل.

مُحَمَّدًا. فَقَالَ صَفْوَانُ: وَكَيْفَ تَقْتُلُهُ؟ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ جَرِيءُ الصَّدْرِ جَوَادٌ لَا أُلْحَقُ، فَأَضْرِبُهُ وَأَلْحَقُ بِالْجَبَلِ فَلَا أُدْرَكُ. قَالَ: عِيالُكَ فِي عِيالِي وَدَيْنَكُ عَلِيَّ. فَانْطَلَقَ فَشَحَذَ سَيْفَهُ وَسَمَّهُ. وَأَتَى الْمَدِينَةَ، فَرَآهُ عُمَرُ فَقَالَ لِلصَّحَابَةِ: احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنِّي أَخَافُ عُمَيْرًا إِنَّهُ رَجُلٌ فَاتِكٌ، وَلَا أَدْرِي مَا جَاءَ بِهِ. فَأَطَافَ الْمُسْلِمُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاءَ عُمَيْرٌ، مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ، إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَنْعِمْ صَبَاحًا. قَالَ: "مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَيْرُ"؟ قَالَ: حَاجَةٌ. قَالَ: "فَمَا بَالُ السَّيْفِ"؟ قَالَ: قَدْ حَمَلْنَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ فَمَا أَفْلَحَتْ وَلَا أَنْجَحَتْ. قَالَ: "فَمَا قَوْلُكَ لِصَفْوَانَ وَأَنْتَ فِي الْحِجْرِ"؟ وَأَخْبَرَهُ بِالْقِصَّةِ. فَقَالَ عُمَيْرٌ: قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ فَنُكَذِّبُكَ، وَأَرَاكَ تَعْلَمُ خَبَرَ الْأَرْضِ. أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله1 وأنك رسول اللَّهِ. بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَعْطِنِي مِنْكَ عِلْمًا تَعْلَمْ أَهْلُ مَكَّةَ أَنِّي أَسْلَمْتُ. فَأَعْطَاهُ. فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ جَاءَ عُمَيْرٌ وَإِنَّهُ لَأَضَلُّ مِنْ خِنْزِيرٍ، ثُمَّ رَجَعَ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: عُكَّاشَةُ الَّذِي قَاتَلَ بِسَيْفِهِ يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى انْقَطَعَ فِي يَدِهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَاهُ جِذْلًا مِنْ حَطَبٍ، فَقَالَ: "قَاتِلْ بِهَذَا". فَلَمَّا أَخَذَهُ هَزَّهُ فَعَادَ سَيْفًا فِي يَدِهِ، طَوِيلَ الْقَامَةِ شَدِيدَ الْمَتْنِ أَبْيَضَ الْحَدِيدَةِ. فَقَاتَلَ بِهِ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ يَشْهَدُ بِهِ الْمَشَاهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قُتِلَ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَةِ وَهُوَ عِنْدَهُ. وَكَانَ ذَلِكَ السَّيْفُ يُسَمَّى الْعَوْنَ. هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ بِلَا سَنَدٍ2. وَقَدْ رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّتِهِ قَالَتْ: قَالَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ: انْقَطَعَ سَيْفِي يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُودًا، فَإِذَا هُوَ سَيْفٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ. فَقَاتَلْتُ بِهِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ جَمَاعَةٍ قَالُوا: انْكَسَرَ سَيْفُ سَلَمَةَ بْنِ أَسْلَمَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبَقِيَ أَعْزَلَ لَا سِلَاحَ مَعَهُ، فأعطاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَضِيبًا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ عَرَاجِينَ، فَقَالَ: "اضْرِبْ بِهِ". فَإِذَا هُوَ سَيْفٌ جَيِّدٌ. فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ جِسْرِ أَبِي عبيد.

_ 1 تقدم تخريجه قريبًا. 2 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" "3/ 98، 99" من طريق ابن إسحاق من غير إسناد، وأخرجه من طريق الواقدي، وانظر "المغازي" "1/ 93"، والواقدي متروك.

ذكر غزوة بدر من مغازي موسى بن عقبة

ذِكْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: فِإنَّهَا مِنْ أَصَحِّ الْمَغَازِي قَدْ قَالَ إبراهيم بن المنذر الجزامي: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ وَمَعْنٌ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ مَالِكًا كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْمَغَازِي قَالَ: عَلَيْكَ بِمَغَازِي الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَإِنَّهُ أَصَحُّ الْمَغَازِي. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، ح. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ -وَهَذَا لَفْظُهُ- عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: مَكَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ قَتْلِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ شَهْرَيْنِ. ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ، وَمَعَهُ سَبْعُونَ رَاكِبًا مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ؛ منهم: مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّامِ، وَمَعَهُمْ خَزَائِنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَيُقَالُ كَانَتْ عِيرُهُمْ أَلْفَ بَعِيرٍ. وَلَمْ يَكُنْ لِقُرَيْشٍ أُوقِيَّةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا بَعَثُوا بِهَا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ؛ إِلَّا حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، فَلِذَلِكَ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ فلم يشهده. فذكروا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ، وَقَدْ كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ قَبْلَ ذَاكَ، فَبَعَثَ عَدِيَّ بْنَ أَبِي الزَّغْبَاءِ الْأَنْصَارِيَّ، وبَسْبَسَ بْنَ عمرو إلى العير عينًا له، فسار، حَتَّى أَتَيَا حَيًّا مِنْ جُهَيْنَةَ، قَرِيبًا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَسَأَلُوهُمْ عَنِ الْعِيرِ، فَأَخْبَرُوهُمَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ. فَرَجَعَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبراه. فَاسْتَنْفَرَ الْمُسْلِمِينَ لِلْعِيرِ. وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. وَقَدِمَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى الْجُهَنِيِّينَ وَهُوَ مُتَخَوِّفٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَأَلَهُمْ فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَ الرَّاكِبَيْنِ، فَقَالَ أَبُو سفيان: خذوا من بعر بعيريهما. ففته فَوَجَدَ النَّوَى فَقَالَ: هَذِهِ عَلَائِفُ أَهْلِ يَثْرِبَ. فَأَسْرَعَ وَبَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ يُقَالُ لَهُ: ضَمْضَمُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى قُرَيْشٍ أَنِ انْفِرُوا فَاحْمُوا عِيرَكُمْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ. وَكَانَتْ عَاتِكَةُ قَدْ رَأَتْ قَبْلَ قُدُومِ ضَمْضَمٍ؛ فَذَكَرَ رُؤْيَاهَا، إِلَى أَنْ قَالَ: فقدم ضَمْضَمُ فَصَاحَ: يَا آلَ غَالِبِ بْنَ فِهْرٍ انْفِرُوا فَقَدْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ وَأَهْلُ يَثْرِبَ يَعْتَرِضُونَ لِأَبِي سُفْيَانَ. فَفَزِعُوا، وَأَشْفَقُوا مِنْ رُؤْيَا عَاتِكَةَ، وَنَفَرُوا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ. وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيَظُنُّ مُحَمَّدٌ أَنْ يُصِيبَ مِثْلَ مَا أَصَابَ بِنَخْلَةَ؟ سيعلم أنمنع عِيرُنَا أَمْ لَا. فَخَرَجُوا بِخَمْسِينَ وَتَسِعِمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَسَاقُوا مِائَةَ فَرَسٍ، وَلَمْ يَتْرُكُوا كَارِهًا لِلْخُرُوجِ. فَأَشْخَصُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَنَوْفَلُ بْنَ الْحَارِثِ، وَطَالِبَ بْنَ أَبِي

طَالِبٍ، وَأَخَاهُ عَقِيلًا، إِلَى أَنْ نَزَلُوا الْجُحْفَةَ. فَوَضَعَ جُهَيْمُ بْنُ الصَّلْتِ بْنِ مَخْرَمَةَ الْمُطَّلِبِيُّ رَأْسَهُ فَأَغْفَى، ثُمَّ فَزِعَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَلْ رَأَيْتُمُ الْفَارِسَ الَّذِي وَقَفَ عَلِيَّ آنِفًا. قَالُوا: لا، إنك مجنون. قال: قَدْ وَقَفَ عَلِيَّ فَارِسٌ فَقَالَ: قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ, وَشَيْبَةُ، وَزَمْعَةُ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، فَعَدَّ جَمَاعَةً. فَقَالُوا: إِنَّمَا لَعِبَ بِكَ الشَّيْطَانُ. فَرُفِعَ حَدِيثُهُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ, فَقَالَ: قَدْ جِئْتُمُونَا بِكَذِبِ بَنِي الْمُطَّلِبِ مَعَ كَذِبِ بَنِي هَاشِمٍ، سَتَرَوْنَ غَدًا مَنْ يُقْتَلُ. وخرج رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَلَبِ الْعِيرِ، فَسَلَكَ عَلَى نَقْبِ بَنِي دِينَارٍ، وَرَجَعَ حِينَ رَجَعَ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ. فَنَفَر فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا. وَأَبْطَأَ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَتَرَبَّصُوا. وَكَانَتْ أَوَّلُ وَقْعَةٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهَا الْإِسْلَامَ. فَخَرَجَ فِي رَمَضَانَ وَمَعَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى النَّوَاضِحِ يَعْتَقِبُ النَّفَرُ مِنْهُمْ عَلَى الْبَعِيرِ الْوَاحِدِ. وَكَانَ زَمِيلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَمَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ حَلِيفَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَيْسَ مَعَ الثَّلاثَةِ إِلَّا بَعِيرٌ وَاحِدٌ1. فَسَارُوا، حَتَّى إِذَا كانوا بعرق الظبية2 لقيهم راكب مِنْ قِبَلَ تِهَامَةَ، فَسَأَلُوهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهِ. فَقَالُوا: سَلِّمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَفِيكُمْ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. وَأَشَارُوا إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: إِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ فَحَدِّثْنِي بِمَا فِي بَطْنِ نَاقَتِي هَذِهِ, فَغَضِبَ سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: وَقَعْتَ عَلَى نَاقَتِكَ فَحَمَلَتْ مِنْكَ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا قَالَ سَلَمَةُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ. ثُمَّ سَارَ لَا يَلْقَاهُ خَبَرٌ وَلَا يَعْلَمُ بِنَفْرَةِ قُرَيْشٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشِيرُوا عَلَيْنَا". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا أَعْلَمُ بِمَسَافَةِ الْأَرْضِ. أَخْبَرَنَا عَدِيُّ بْنُ أَبِي الزَّغْبَاءِ: أَنَّ الْعِيرَ كَانَتْ بِوَادِي كَذَا. وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قُرَيْشٌ وَعِزُّهَا، وَاللَّهِ مَا ذلَّتْ مُنْذُ عَزَّتْ وَلَا آمَنَتْ مُنْذُ كَفَرَتْ. وَاللَّهِ لَتُقَاتِلَنَّكَ، فَتَأَهَّبَ لِذَلِكَ. فَقَالَ: "أَشِيرُوا عَلِيَّ". قَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو: إِنَّا لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قال أصحاب موسى {اذْهَبْ أَنْتَ

_ 1 تقدم تخريج هذه الرواية قبل قليل. 2 عرق الظبية: هو من الروحاء على ميلين كما ذكر الواقدي.

وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إنا معكما مُتَّبِعُونَ. فَقَالَ: "أَشِيرُوا عَلِيَّ". فَلَمَّا رَأَى سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ كَثْرَةَ اسْتِشَارَتِهِ ظَنَّ سَعْدٌ أَنَّهُ يَسْتَنْطِقُ الْأَنْصَارَ شَفَقًا أَنْ لَا يَسْتَحْوِذُوا معه، أَوْ قَالَ: أَنْ لَا يَسْتَجْلِبُوا مَعَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخْشَى أَنْ لَا يَكُونَ الْأَنْصَارُ يُرِيدُونَ مُوَاسَاتَكَ. وَلَا يَرَوْنَهَا حَقًّا عَلَيْهِمْ، إِلَّا بِأَنْ يَرَوْا عَدُوًّا فِي بُيُوتِهِمْ وَأَوْلادِهِمْ وَنِسَائِهِمْ. وَإِنِّي أَقُولُ عَنِ الْأَنْصَارِ وَأُجِيبُ عَنْهُمْ: فَاظْعِنْ حَيْثُ شِئْتَ، وَصِلْ حبل من شئت، وخذ من أموالنا مَا شئت، وأعطنا مَا شئت، وما أخذته منا أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا تَرَكْتَهُ عَلَيْنَا. فَوَاللَّهِ لَوْ سِرْتَ حَتَّى تَبْلُغَ الْبَرْكَ مِنْ غِمْدِ ذِي يَمَنٍ لَسِرْنَا مَعَكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنِّي قَدْ أُرِيتُ مَصَارِعَ الْقَوْمِ". فَعَمْدٌ لِبَدْرٍ1. وَخَفَضَ أَبُو سُفْيَانَ فَلَصَقَ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ، وَأَحْرَزَ مَا مَعَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَأَتَاهُمُ الْخَبَرُ بِالْجُحْفَةِ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَقْدَمَ بَدْرًا فَنُقِيمَ بِهَا. فَكَرِهَ ذَلِكَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ وَأَشَارَ بِالرَّجْعَةِ، فَأَبَوْا وَعَصَوْهُ. فَرَجَعَ بِبَنِي زُهْرَةَ فَلَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مُنْهُمْ بَدْرًا. وَأَرَادَتْ بَنُو هَاشِمٍ الرُّجُوعَ فَمَنَعَهُمْ أَبُو جَهْلٍ. وَنَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَدْنَى شَيْءٍ مِنْ بَدْرٍ. ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَجَمَاعَةً يَكْشِفُونَ الْخَبَرَ. فَوَجَدُوا وَارِدَ قُرَيْشٍ عِنْدَ الْقَلِيبِ، فَوَجَدُوا غُلامَيْنِ فَأَخَذُوهُمَا فَسَأَلُوهُمَا عَنِ الْعِيرِ، فَطَفِقَا يُحَدِّثَانِهِمْ عَنْ قُرَيْشٍ، فَضَرَبُوهُمَا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْمَنْزِلِ". فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ السَّلْمِيُّ: أَنَا يَا رسول الله علام بِهَا وَبِقُلْبِهَا؛ إِنْ رَأَيْتُ أَنْ نَسِيرَ إِلَى قَلِيبٍ مِنْهَا قَدْ عَرَفْتُهَا كَثِيرَةَ الْمَاءِ عَذْبَةً، فَنَنْزِلَ عَلَيْهَا وَنَسْبِقُ الْقَوْمَ إِلَيْهَا وَنُغَوِّرُ مَا سِوَاهَا. فَقَالَ: "سِيرُوا, فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَكُمْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ". فَوَقَعَ فِي قُلُوبِ نَاسٍ كَثِيرُ الْخَوْفِ. فَتَسَارَعَ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ إِلَى الْمَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَطَرًا وَاحِدًا؛ فَكَانَ عَلَى المشركين بلاء شديدًا منعهم أن يسيروا، وكان على المسلمين ديمة خفيفة لبد لهم

_ 1 تقدم تخريجه قبل قليل.

الْأَرْضَ، فَسَبَقُوا إِلَى الْمَاءَ فَنَزَلُوا عَلَيْهِ شَطْرَ اللَّيْلِ. فَاقْتَحَمَ الْقَوْمُ فِي الْقَلِيبِ فَمَاحُوهَا حَتَّى كثر ماؤها. وصنعوا حوضًا عظيمًا ثم غوروا مَا سِوَاهُ مِنَ الْمِيَاهِ1. وَيُقَالُ: كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَسَانِ، عَلَى أَحَدِهِمَا: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعَلَى الْآخَرِ سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ. وَمَرَّةً الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَالْمِقْدَادُ. ثُمَّ صَفَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْحِيَاضِ. فَلَمَّا طَلَعَ الْمُشْرِكُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَعَمُوا- "اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْشٍ قَدْ جَاءَتْ بِخُيَلائِهَا وَفَخْرِهَا تُحَادُّكَ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ" 2. وَاسْتَنْصَرَ الْمُسْلِمُونَ اللَّهَ وَاسْتَغَاثُوهُ، فَاسْتَجَابَ اللَّهَ لَهُمْ. فَنَزَلَ الْمُشْرِكُونَ وَتَعَبَّئُوا لِلْقِتَالِ، وَمَعَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ الْمُدْلِجِيِّ يُحَدِّثُهُمْ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ وَرَاءَهُ قَدْ أَقْبَلُوا لِنَصْرِهِمْ. قَالَ: فَسَعَى حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تَكُونَ سَيِّدَ قُرَيْشٍ مَا عِشْتَ؟ قَالَ عُتْبَةُ: فَأَفْعَلُ مَاذَا؟ قَالَ: تُجِيُر بَيْنَ النَّاسِ وَتَحْمِلُ دِيَةَ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَبِمَا أَصَابَ مُحَمَّدٌ فِي تِلْكَ الْعِيرِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَطْلُبُونَ مِنْ مُحَمِّدٍ غَيْرَهَا. قَالَ عُتْبَةُ: نَعَمْ قَدْ فَعَلْتُ، وَنِعْمَ مَا قُلْتَ، فَاسْعَ فِي عَشِيرَتِكَ فَأَنا أَتَحَمَّلُ بِهَا. فَسَعَى حَكِيمٌ فِي أَشْرَافِ قُرَيشٍ بِذَلِكَ. وَرَكِبَ عُتبَةُ جَمَلًا لَهُ، فَسَارَ عَلَيْهِ فِي صُفُوفِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: يَا قَوْمُ أَطِيعُونِي وَدَعُوا هَذَا الرَّجُلَ؛ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا وَلِيَ قَتْلَهُ غَيْرُكُمْ مِنَ الْعَرَبِ فَإِنَّ فِيهِمْ رِجَالًا لَكُمْ فِيهِمْ قَرَابَةً قَرِيبَةً، وَإِنَّكُمْ إِنْ تَقْتُلُوهُمْ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى قَاتِلِ أَخِيهِ أَوِ ابْنِهِ أَوِ ابْنِ أَخِيهِ أَوِ ابْنِ عَمِّهِ، فَيُورِثُ ذَلِكَ فِيكُمْ إِحَنًا3 وَضَغَائِنَ. وَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مَلِكًا كُنْتُمْ فِي مُلْكِ أَخِيكُمْ. وَإِنْ كَانَ نَبِيًّا لَمْ تَقْتُلُوا النَّبِيَّ فَتُسَبُّوا بِهِ. وَلَنْ تَخْلُصُوا إِلَيْهِمْ حَتَّى يُصِيبُوا أَعْدَادَهُمْ مِنْكُمْ، وَلَا آمَنُ أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدَّبَرَةُ عليكم.

_ 1 تقدم تخريجه قبل قليل. 2 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "1/ 117"، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "6/ 75-76": رواه أحد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح -غير حارثة بن مضارب- وهو ثقة. 3 إحنًا: حقدًا. "المعجم الوجيز" "8".

فَحَسَدَهُ أَبُو جَهْلٍ عَلَى مَقَالَتِهِ. وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُنَفِّذَ أَمْرَهُ. وَعُتْبَةُ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ الْمُشْرِكِينَ. فَعَمَدَ أَبُو جَهْلٍ إِلَى ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ -وَهُوَ أَخُو الْمَقْتُولِ- فَقَالَ: هَذَا عُتبَةُ يَخْذُلُ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ تَحَمَّلَ بِدِيَةِ أَخِيكَ، يَزْعُمُ أَنَّكَ قَابِلُهَا. أَفَلَا تَسْتَحْيُونَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَقْبَلُوا الدِّيَةَ؟ وَقَالَ لِقُرَيْشٍ: إِنَّ عُتْبَةَ قَدْ عَلِمَ أَنَّكُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَمَنْ مَعَهُ، وَفِيهِمُ ابْنُهُ وَبَنُو عَمِّهِ، وَهُوَ يَكْرَهُ صَلَاحَكَمْ. وَقَالَ لِعُتْبَةَ: انْتَفَخَ سَحْرُكَ. وَأَمَرَ النِّسَاءَ أن يعولن عمرًا، فقمن يصحن: وا عمراه وا عمراه؛ تحريضًا على القتال. وقام رجل فَتَكَشَّفُوا؛ يُعَيِّرُونَ بِذَلِكَ قُرَيْشًا. فَأَخَذَتْ قُرَيْشٌ مَصَافَّهَا لِلْقِتَالِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَأُسِرَ نَفَرٌ مِمَّنْ أَوْصَى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا يَقْتُلُوهُمْ إِلَّا أَبَا الْبَخْتَرِيِّ، فَإِنَّهُ أَبَى أَنْ يُسْتَأْسَرَ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَقْتُلُوهُ إِنِ اسْتَأْسَرَ، فَأَبَى. وَيَزْعُمُ نَاسٌ أَنَّ أَبَا الْيسرِ قَتَلَ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ. وَيَأْبَى عُظْمُ النَّاسُ إِلَّا أَنَّ الْمُجَذَّرَ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ. بَلْ قَتَلَهُ أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِيُّ. قَالَ: وَوَجَدَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَبَا جَهْلٍ مَصْرُوعًا، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْرَكَةِ غَيْرُ كَثِيرٍ، مُقَنَّعًا فِي الْحَدِيدِ وَاضِعًا سَيْفَهُ عَلَى فَخِذَيْهِ لَيْسَ بِهِ جُرْحٍ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَرِّكَ عُضْوًا، وَهُوَ مُنْكَبٌّ يَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ. فَلَمَّا رَآهُ ابْنُ مَسْعُودٍ أَطَافَ حَوْلَهُ لِيَقْتُلَهُ وَهُوَ خَائِفٌ أَنْ يَثُورَ إِلَيْهِ، وَأَبُو جَهْلٍ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ لا يَتَحَرَّكُ ظَنَّ أَنُه مُثَبَّتٌ جِرَاحًا، فَأَرَادَ أن يضربه بسيفه، فخشي أن لا يغني سيفه شَيْئًا، فأتاه من ورائه، فتناول قَائِمَ سَيْفِهِ فَاسْتَلَّهُ وَهُوَ مُنْكَبٌّ، فَرَفَعَ عَبْدُ اللَّهِ سَابِغَةَ الْبَيْضَةِ عَنْ قَفَاهُ فَضَرَبَهُ، فَوَقَعَ رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ سَلَبَهُ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ إِذَا هُوَ لَيْسَ بِهِ جِرَاحٌ، وَأَبْصَرَ فِي عُنُقِهِ حدرًا، وَفِي يَدِيهِ وَفِي كَتِفَيْهِ كَهَيْئَةِ آثَارِ السِّيَاطِ، فَأَتَى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، فقال النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَلِكَ ضَرْبُ الْمَلَائِكَةِ". قَالَ: وَأَذَلَّ اللَّهُ بِوَقْعَةِ بَدْرٍ رِقَابَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، فَلَمْ يَبْقَ بِالْمَدِينَةِ مُنَافِقٌ وَيَهُودِيٌّ إِلَّا وَهُوَ خَاضِعٌ عُنُقُهُ لِوَقْعَةِ بَدْرٍ. وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمُ الْفُرْقَانِ؛ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ الشِّرْكِ والإيمان.

وَقَالَتِ الْيَهُودُ: تَيَقَّنَّا أَنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي نَجِدُ نَعْتَهُ فِي التَّوْرَاةِ1. وَاللَّهِ، لَا يَرْفَعُ رَايَةً بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَّا ظَهَرَتْ. وَأَقَامَ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى قَتْلاهُمُ النَّوْحَ بِمَكَّةَ شَهْرًا. ثُمَّ رَجَعَ النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، فَدَخَلَ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ. وَنَزَلَ الْقُرْآنُ يُعَرِّفُهُمُ اللَّهُ نِعْمَتَهُ فِيمَا كَرِهُوا مِنْ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بدر، فَقَالَ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5-8] ، وَثَلاثَ آيَاتٍ مَعَهَا. ثُمَّ ذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ الْآيَاتِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ وَآخِرِهَا. وَقَالَ رِجَالٌ مِمَّنْ أُسِرَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا مُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا أُخْرِجْنَا كَرْهًا، فَعَلَامَ يُؤْخَذُ مِنَّا الْفِدَاءُ؟ فَنَزَلَتْ: {قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 70] . حَذَفْتُ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ كَثِيرًا مِمَّا سَلَفَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ اسْتِغْنَاءً بِمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ -بِنَحْوِ قَوْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ- ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة، ولم يذكر أبا داود المازني في قتال أَبِي الْبَخْتَرِيِّ. وَزَادَ يَسِيرًا2. وَقَالَ هُوَ وَابْنُ عُقْبَةَ: إِنَّ عَدَدَ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سِتَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَثَمَانِيَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَأُسِرَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا. كَذَا قَالَا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: اسْتُشْهِدَ أَرْبَعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَسَبْعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِضْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَكَانَتِ الْأُسَارَى أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ أَسِيرًا. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ: هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ وَقُتِلَ مِنْهُمْ زِيَادَةً عَلَى سَبْعِينَ، وأسر مثل ذلك.

_ 1 النعت: الوصف. المعجم الوجيز "623". 2 "إسناده ضعيف": فيه ابن لهيعة، قال الإمام القرطبي في "تفسيره" "7/ 405": "وفي رواية: أن الأسارى قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم- آمنا بك ... وهذا كله ضعفه مالك". ا. هـ. قلت: وللآية الكريمة روايات "صحيحة" في أسباب نزولها، انظرها في "تفسير ابن كثير".

وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ الْبَرَاءِ الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ؛ قَالَ: أَصَابَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً؛ سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلا. وَأَصَابُوا مِنَّا يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعِينَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَلَّفَ عُثْمَانَ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى بِنْتِهِ رُقَيَّةَ أَيَّامَ بَدْرٍ, فَجَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَلَى الْعَضْبَاءِ، نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْبِشَارَةِ. قَالَ أُسَامَةُ: فَسَمِعْتُ الْهَيْعَةَ1، فَخَرَجْتُ فَإِذَا أَبِي قَدْ جَاءَ بِالْبِشَارَةِ، فَوَاللَّهِ مَا صَدَّقْتُ حَتَّى رَأَيْنَا الْأُسَارَى. فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعُثْمَانَ بِسَهْمِهِ. وَقَالَ عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ: ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا عَبْدُ الرحمن بن يزيد ين جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ؟ قَالَ: أَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابِهِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بَيْتٍ، عَلَيْهِ خُلْقَانُ جَالِسٌ عَلَى التُّرَابِ. قَالَ جَعْفَرٌ: فَأَشْفَقْنَا مِنْهُ حِينَ رَأَيْنَاهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ. فَقَالَ: أُبَشِّرُكُمْ بِمَا يَسُرُّكُمْ؛ إِنَّهُ جَاءَنِي مِنْ نَحْوِ أَرْضِكُمْ عَيْنٌ لِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَصَرَ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْلَكَ عَدُوَّهُ، وَأُسِرَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَقُتِلَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، الْتَقَوْا بِوَادٍ يُقَالُ لَهْ بَدْرٌ، كَثِيرُ الْأَرَاكِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، كُنْتُ أَرْعَى بِهِ لِسَيِّدِي -رَجْلٌ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ- إِبِلَهُ. فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: مَا بَالُكَ جَالِسٌ عَلَى التُّرَابِ، لَيْسَ تَحْتَكَ بِسَاطٌ، وَعَلَيْكَ هَذِهِ الأَخْلاقُ؟ قَالَ: إِنَّا نَجِدُ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ حَقًّا عَلَى عباد الله أن يحدقوا لله تواضعًا عندما أَحْدَثَ لَهُمْ مِنْ نِعْمَتِهِ. فَلَمَّا أَحْدَثَ اللَّهُ لِي نَصْرَ نَبِيِّهِ أَحْدَثْتُ لَهُ هَذَا التَّوَاضُعَ. ذَكَرَ مِثْلَ هَذِهِ الْحِكَايَةِ الْوَاقِدِيُّ فِي مَغَازِيهِ بلا سند.

_ 1الهيعة: بفتح الهاء وسكون الياء: كل ما أفزع من جانب العدو من صوت أو خبر.

فصل في غنائم بدر والأسرى

فَصْلٌ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ وَالْأَسْرَى: قَالَ خَالِدٌ الطَّحَّانُ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَلَهُ مِنَ النَّفْلِ كَذَا وَكَذَا". قَالَ: فَتَقَدَّمَ الْفِتْيَانُ وَلَزِمَ الْمَشْيَخَةُ الرَّايَاتِ. فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَالَتِ الْمَشْيَخَةُ: كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ، لَوِ انْهَزَمْتُمْ، فِئْتُمْ إِلَيْنَا، فَلَا تَذْهَبُوا بِالْمَغْنَمِ وَنَبْقَى. فَأَبَى الْفِتْيَانُ وَقَالُوا: جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 1-5] . يَقُولُ: فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ. فَكَذَلِكَ أَيْضًا: "أَطِيعُونِي فَإِنِّي أَعْلَمُ بِعَاقِبَةِ هَذَا مِنْكُمْ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. ثُمَّ سَاقَةُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ. وَقَالَ: فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسَّوَاءِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ يُونُسُ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ. قَالَ ابْنُ عباس: فلما أسروا الأسارى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ"؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونَ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا ترى يا ابن الْخَطَّابِ"؟ قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ؛ فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ؛ نَسِيبٌ لِعُمَرَ؛ فَأَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا. فَهَوَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ يَبْكِيَانِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِيَانِ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِلا تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا. فَقَالَ: "أَبْكِي لِلَّذِي عُرِضَ عَلَى أَصْحَابِكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ. لَقَدْ عُرِضَ عَليَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ". شَجَرَة قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى

_ 1 "صحيح": أخرجه أبو داود -كما قال المصنف -في كتاب "الجهاد" باب "في النفل" برقم "2737"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2376": "صحيح".

قَوْلِهِ {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 67-69] ، فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ لهم رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى"؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: أَنْتَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْحَطَبِ فَاضْرِمْ نَارًا ثُمَّ أَلْقِهِمْ فِيهَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: قَطَعَ اللَّهُ رَحِمَكَ. فَقَالَ عُمَرُ: قَادَتُهُمْ وَرُءُوسُهُمْ قَاتَلُوكَ وَكَذَّبُوكَ، فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَشِيرَتُكَ وَقَوْمُكَ. ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِبَعْضِ حَاجَتِهِ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْقَوْلُ مَا قَالَ عُمَرُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "ما تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ؟ إِنَّ مَثَلَ هَؤُلَاءِ كَمَثَلِ إِخْوَةٍ لَهُمْ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ؛ قَالَ نُوحٌ: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] ، وَقَالَ مُوسَى: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [يونس: 88] ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36] ، وَقَالَ عِيسَى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة: 118] الآية. وَأَنْتُمْ قَوْمٌ بِكُمْ عَيْلَةٌ، فَلَا يَنْقَلِبَنَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا بِفِدَاءٍ أَوْ بِضَرْبَةِ عُنُقٍ". فَقُلْتُ: إِلَّا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ، قَدْ سَمِعْتُهُ يَتَكَلَّمُ بِالإِسْلامِ. فَسَكَتَ. فَمَا كَانَ يَوْمٌ أَخْوَف عِنْدِي أَنْ يُلْقِيَ اللَّهُ عَلَيَّ حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ يَوْمِي ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِلَّا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ"2. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِالْعَبَّاسِ قَدْ أَسَرَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لَيْسَ هَذَا أَسَرَنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ آزَرَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ". وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ أَبُو الْيُسْرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو السَّلَمِيُّ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كيف أَسَرْتَهُ"؟ قَالَ: لَقَدْ أَعْلَقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، هَيْئَتُهُ كَذَا وَكَذَا. فقال: "لقد أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ". وَقَالَ لِلْعَبَّاسِ: افْدِ نَفْسَكَ وَابْنَ أَخِيكَ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، ونوفل بن

_ 1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "1763". 2 "إسناده منقطع": أخرجه أحمد في "المسند" "2/ 3632"، والترمذي في "التفسير" "3083"، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.

الْحَارِثِ. فَأَبَى وَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا وَإِنَّمَا اسْتَكْرَهُونِي. قَالَ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِشَأنِكَ إِنْ يَكُ مَا تَدَّعِي حَقًّا فَاللَّهُ يَجْزِيكَ بِذَلِكَ وَأَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كَانَ عَلَيْنَا، فَافْدِ نَفْسَكَ". وَكَانَ قَدْ أُخِذَ مَعَهُ عِشْرُونَ أُوقِيَّةً ذَهَبًا. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ احْسِبْهَا لِي مِنْ فِدَائِي. قَالَ: "لَا، ذَاكَ شَيْءٌ أَعْطَانَا اللَّهُ مِنْكَ". وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ الزُّهْرِيُّ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عَمَّارٍ أَبِي الْيُسْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى الْعَبَّاسِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّهُ صَنَمٌ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، فَقُلْتُ: جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ ذِي رَحِمٍ شَرًّا، تُقَاتِلُ ابْنَ أَخِيكَ مَعَ عَدُوِّهِ؟ قَالَ: مَا فَعَلَ، أَقُتِلَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ أَعَزُّ لَهُ وَأَنْصَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: مَا تُرِيدُ إِلَيَّ؟ قُلْتُ: إِسَارٌ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ قَتْلِكَ. قَالَ: لَيْسَتْ بِأَوَّلِ صِلَتِهِ. فَأَسَرْتُهُ. وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَتْ قُرَيْشٌ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا. فَنَزَلَ فِيهِ: {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 70] قَالَ الْعَبَّاسُ: فَأَعْطَانِي اللَّهُ مَكَانَ الْعِشْرِينَ أُوقِيَّةً عِشْرِينَ عَبْدًا كُلُّهُمْ فِي يَدِهِ مَالٌ يَضْرِبُ بِهِ، مَعَ مَا أَرْجُو مِنَ الْمَغْفِرَةِ1. وَقَالَ أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَبَعْضُهُمْ يُرْسِلُهُ؛ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ: "إِنْ شِئْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَادَيْتُمُوهُمْ وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِالْفِدَاءِ, وَاسْتُشْهِدَ مُنْكُمْ بِعِدَّتِهِمْ". وَكَانَ آخَرُ السَّبْعِينَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ. هَذَا الْحَدِيثُ دَاخِلٌ فِي مُعْجِزَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخْبَارِهِ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ فِيمَنْ يُسْتَشْهَدُ، فَكَانَ كَمَا قَالَ.

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه الطبراني في "الأوسط" 8103"، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "7/ 28": "رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" باختصار، ورجال الأوسط رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع، وعزاه ابن حجر في "المطالب العالية" "3/ 366، 4/ 211" لابن راهويه. وقال في الموضع الأخير: "هذا إسناد صحيح".

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي نُبَيْهُ بْنُ وَهْبٍ الْعَبْدَرِيُّ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْأُسَارَى فَرَّقَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ: "اسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا". قَالَ نُبَيْهُ: فَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ عَنْ أَبِي عَزِيزٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "اسْتَوْصُوا بِالْأُسَارَى خَيْرًا". فَإِنْ كَانَ لَيُقَدَّمُ إِلَيْهِمُ الطَّعَامُ فَمَا تَقَعُ بِيَدِ أَحَدِهِمْ كَسْرَةٌ إِلَّا رَمَى بِهَا إِلَى أَسِيرِهِ، وَيَأْكُلُونَ التمر. فكنت أستحيي فَآخُذُ الْكَسْرَةَ فَأَرْمِي بِهَا إِلَى الَّذِي رَمَى بِهَا إِلَيَّ، فَيَرْمِي بِهَا إِلَيَّ. أَبُو عَزِيزٍ هُوَ أَخُو مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، يُقَالُ: إِنَّهُ أَسْلَمَ. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ كَافِرًا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِدَاءَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعَمِائَةٍ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْهُ1. وَقَالَ أَسْبَاطٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ: كَانَ فِدَاءُ أَهْلِ بَدْرٍ الْعَبَّاسِ، وَعُقَيْلِ ابْنِ أَخِيهِ، وَنَوْفَلٍ، كُلُّ رَجُلٍ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابن إسحاق: حدثني العباس بن عبد الله بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عباس أن رسول الله قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: "إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ قَدْ أُخْرِجُوا كرها، لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي مِنْكُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَلَا يَقْتُلْهُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أُخْرِجَ مُسْتَكْرَهًا". فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ: أَنَقْتُلُ آبَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَنَتْرُكُ الْعَبَّاسَ؟ وَاللَّهِ لَئِنْ لقيته لألجمنه بالسيف. فبلغت رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: "يَا أَبَا حَفْصٍ، أَيُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ بِالسَّيْفِ"؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ نَافَقَ. فَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ بَعْدُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَنَا آمِنٌ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُ، وَلَا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا، إِلَّا أَنْ يُكَفِّرَهَا اللَّهُ عَنِّي بشهادة. فاستشهد يوم اليمامة2.

_ 1 أخرجه أبو داود في "سننه" في كتاب "الجهاد" باب "في فداء الأسير بالمال برقم "2691"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2340": صحيح -دون قوله الأربعمائة. 2 تقدم تخريجه قريبًا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَتْلِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ لأَنَّهُ كَانَ أَكَفَّ الْقَوْمِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِمَكَّةَ. وَكَانَ الْعَبَّاسُ أَكْثَرَ الْأَسْرَى فِدَاءً لِكَوْنِهِ مُوسِرًا، فَافْتَدَى نَفْسَهُ بِمِائَةِ أُوقِيَّةِ ذَهَبٍ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي أَنَسٍ أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا فِدَاءَهُ. فَقَالَ: "لَا وَاللَّهِ لَا تَذَرُونَ دِرْهَمًا". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ بَعْدَ مَا فَرِغَ من بدر؛ عليك بالعير ليس دونها شَيْءٌ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ وَهُوَ فِي وَثَاقِهِ: لَا يَصْلُحُ. قَالَ: "وَلِمَ"؟ قَالَ: لأَنَّ اللَّهَ وَعَدَكَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَقَدْ أَعْطَاكَ مَا وَعَدَكَ. وَقَدْ ذُكِرَ إِرْسَالُ زَيْنَبَ بَنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقِلَادَتِهَا فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ زَوْجِهَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ثَنَا ابْنُ الْهَادِ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما قَدِمَ الْمَدِينَةَ خَرَجَتِ ابْنَتُهُ زَيْنَبُ مِنْ مَكَّةَ مَعَ كِنَانَةَ؟ أَوِ ابْنِ كِنَانَةَ؟ فَخَرَجُوا فِي أَثَرِهَا. فَأَدْرَكَهَا هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ، فَلَمْ يَزَلْ يَطْعَنُ بَعِيرَهَا بِرُمْحِهِ حَتَّى صَرَعَهَا، وَأَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا وَأُهْرِيقَتْ دَمًا. فَتَحَمَّلَتْ. فَاشْتَجَرَ فِيهَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو أُمَيَّةَ. فَقَالَتْ بَنُو أُمَيَّةَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِهَا. وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي الْعَاصِ، فَكَانَتْ عِنْدَ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. وَكَانَتْ تَقُولُ لَهَا هِنْدٌ: هَذَا مِنْ سَبَبِ أَبِيكِ. قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: "أَلا تَنْطَلِقُ فَتَأْتِي بِزَيْنَبَ"! فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَخُذْ خَاتَمِي فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ". فَانْطَلَقَ زَيْدٌ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَلَطَّفُ حَتَّى لَقِيَ رَاعِيًا فَقَالَ لَهُ: لِمَنْ تَرْعَى؟ قَالَ: لِأَبِي الْعَاصِ. قَالَ: فَلِمَنْ هَذِهِ الْغَنَمُ؟ قَالَ: لِزَيْنَبَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ. فَسَارَ مَعَهُ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيكَ شَيْئًا تُعْطِيهَا إِيَّاهُ، وَلَا تَذْكُرْهُ لِأَحَدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَعْطَاهُ الْخَاتَمَ. وَانْطَلَقَ الرَّاعِي حَتَّى دَخَلَ فَأَدْخَلَ غَنَمَهُ وَأَعْطَاهَا الْخَاتَمَ فَعَرَفَتْهُ. فَقَالَتْ: مَنْ أَعْطَاكَ هَذَا؟ قَالَ: رَجُلٌ. قَالَتْ: فَأَيْنَ تَرَكْتَهُ؟ قَالَ: بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا. فَسَكَتَتْ، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجَتْ إِلَيْهِ. فقال لها: اركبي بين يدي, على بعيري. فقالت: لا، ولكن اركب أَنْتَ بَيْنَ يَدَيَّ. وَرَكِبَتْ وَرَاءَهُ حَتَّى أَتَتِ الْمَدِينَةَ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "هِيَ أَفْضَلُ بَنَاتِي، أُصِيبَتْ فِيَّ". قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، فَانْطَلَقَ إِلَى عُرْوَةَ فَقَالَ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ تَتَنَقَّصُ بِهِ فَاطِمَةَ؟ فَقَالَ عُرْوَةَ: وَاللَّهِ مَا أَحَبُّ أَنَّ لِي مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَأَنِّي أَتَنَقَّصُ فَاطِمَةَ حَقًّا هُوَ لَهَا، وَأَمَّا بَعْدُ فَلَكَ أَنْ لَا أُحَدِّثَهُ أبدًا1.

_ 1 قال الهيثمي في "المجمع" برقم "15231": "رواه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط" بعضه، ورواه البزار، ورجاله رجال الصحيح".

أسماء من شهد بدرا

أَسْمَاءُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا: جَمَعَهَا الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ فِي جُزْءٍ كَبِيرٍ. فَذَكَرَ مَنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ وَمَنِ اخْتَلَفَ فيه مِنَ الْبَدْرِيِّينَ، وَرَتَّبَهُمْ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ. فَبَلَغَ عَدَدُهُمْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةً وَثَلَاثِينَ رَجُلًا. وَإِنَّمَا وَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي عَدَدِهِمْ مِنْ جِهَةِ الاخْتِلافِ فِي بَعْضِهِمْ. وَقَدْ جَاءَ فِي فَضْلِهِمْ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ، وَالزُّبَيْرَ، وَالْمِقْدَادَ؛ وَكُلُّنَا فَارِسٌ، فَقَالَ: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ"، وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَمُكَاتَبَةُ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ قُرَيْشًا. فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: $"أَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ. أَوْ قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". فدمعت عينا عمر وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ جَاءَ يَشْكُوهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ: "كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، مُعَاذُ بْنُ رفاعة بن رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ -وَكَانَ أَبُوهُ بَدْرِيًّا- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لابْنِهِ: مَا أُحِبُّ أَنِّي شَهِدْتُ بَدْرًا وَلَمْ أَشْهَدِ الْعَقَبَةَ. قَالَ: سَأَلَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَهْلُ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: "خِيَارُنَا". قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ هُمْ خِيَارُ الْمَلَائِكَةِ. أخرجه البخاري.

_ 1 أخرجه البخاري في "التفسير" "4890" باب"1"، والترمذي في "التفسير" "3305"، وروضة خاخ: موضع بين مكة والمدينة. بقرب المدينة. 2 أخرجه مسلم -كما قال المصنف- في "صحيحه" برقم "2495".

ذكر طائفة من أعيان البدريين

ذِكْرُ طَائِفَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْبَدْرِيِّينَ: أَبُو بَكْرٍ, وَعُمَرُ, وَعَلِيٌّ, وَاحْتَبَسَ عَنْهُمَا عُثْمَانُ بِمَرَضِ زَوْجَتِهِ رُقَيَّةَ بِنْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَتُوُفِّيَتْ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ يَوْمَ قُدُومِ الْمُسْلِمِينَ الْمَدِينَةَ مِنْ بَدْرٍ, وَضَرَبَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ. وَمِنَ الْبَدْرِيِّينَ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ, وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَكَانَا بِالشَّامِ، فَقَدِمَا بَعْدَ بَدْرٍ وَأَسْهَمَ لَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ عَوْفٍ، حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وأخواه: الطفيل، والحصين، وابن عمه: مِسْطَح بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ؛ وَأَرْبَعَتُهُمْ لَمْ يَعْقُبُوا، مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيُّ، الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، صُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ، أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ، عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخُو عُمَرَ. وَمِنْ أَعْيَانِ الْأَنْصَارِ؛ مِنَ الْأَوْسِ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ. وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ: عَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ. وَمِنْ بَنِي ظَفَرٍ: قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: مُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَأَخُوهُ: رِفَاعَةُ. وَلَمْ يَحْضُرْهَا أخوهما أبو لبابة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رَدَّهُ فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ. وَمِنْ بَنِي النَّجَارِ: أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ، عَوْفٌ، ومعوذ، وَمُعَاذٌ بَنُو الْحَارِثِ بن

رِفَاعَةَ بْنِ سَوَادِ بْنِ مَالَكِ بْنِ غُنْمِ بْنِ عَوْفٍ؛ وَهُمْ بَنُو عَفْرَاءَ، أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ، بِلالٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ الْخَزْرَجِيُّ، عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ، عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ الْخَزْرَجِيُّ، عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو الْيُسْرِ السلمي، معاذ بن عمرو الخزرجي ابن الْجَمُوحِ. حَشَرَنا اللَّهُ فِي زُمْرَتِهِمْ. قَدْ ذَكَرْنَا مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ. وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَأَخُوهُ: الْعَاصُ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ، وابنا رَبَيعَةَ، وَوَلَدُ عُتْبَةَ: الْوَلِيدُ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، قُتِلَ صَبْرًا، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرٍ النَّوْفَلِيُّ؛ وَابْنُ عَمِّهِ طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَابْنُهُ: الْحَارِثُ؛ وَأَخُوهُ: عُقَيْلٌ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ؛ وَاسْمُهُ الْعَاصُ, وَنَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدٍ أَخُو خَدِيجَةَ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، قُتِلَ صَبْرًا بَعْدَ يَوْمَيْنِ، وَعُمَيْرُ بْنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ عَمُّ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَأَخُوهُ؛ الْعَاصُ بْنُ هِشَامٍ، ومسعود بن أبي أمية المخزومي أخو أم سَلَمَةَ، وَأَبُو قَيْسٍ أَخُو خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالسَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ، وَقِيلَ: لَمْ يُقْتَلْ، بَلْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَيْسُ بْنُ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَمُنَبِّهٌ وَنُبَيْهٌ؛ ابْنَا الْحَجَّاجِ بْنِ عَامِرٍ السَّهْمِيِّ، وَوَلَدَا مُنَبِّهٍ؛ الْحَارِثُ وَالْعَاصُ, وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ، وَابْنُهُ؛ عَلِيٌّ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ سَائِرَ الْمَقْتُولِينَ، وَكَذَا سَمَّى الَّذِينَ أُسِرُوا. تَرَكْتُهُمْ خَوْفًا مِنَ التَّطْوِيلِ. وَفِي رَمَضَانَ: فَرَضَ اللَّهُ صَوْمَ رَمَضَانَ، وَنَسَخَ فَرِيضَةَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَفِي آخِرِهِ: فُرِضَتِ الْفِطْرَةُ. وَفِي شَوَّالٍ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَائِشَةَ، وَهِيَ بِنْتُ تِسْعُ سِنِينَ. وَفِي صَفَرٍ: تُوُفِّيَ أَبُو جُبَيْرٍ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ؟ وَنَوْفَلٌ أَخُو هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ؟ تُوُفِّيَ مُشْرِكًا عَنْ سِنٍّ عَالِيَةٍ، وكان من عقلاء قريش وأشرافهم, وَهُوَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا وَكَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَأَجَبْتُهُ". وَكَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدٌ؛ لأَنَّهُ قَامَ فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ.

وَفِيهَا: تُوُفِّيَ أَبُو السَّائِبِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بن خذافة بْنِ جُمَحَ الْجُمَحِيُّ، بَعْدَ بَدْرٍ بِيَسِيرٍ. وَقَدْ شَهِدَهَا هُوَ وَأَخَوَاهُ: قُدَامَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ. فَعُثْمَانُ أَحَدُ السَّابِقِينَ، أَسْلَمَ بَعْدَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ الْهِجْرَةَ الْأُولَى، وَلَمَّا قَدِمَ أَجَارَهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ أَيَّامًا. ثُمَّ رَدَّ عَلَى الْوَلِيدِ جِوَارَهُ. وَكَانَ صَوَّامًا قَوَّامًا قَانِتًا لِلَّهِ. وَفِيهَا: تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ " ت ق " عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن مخزوم، مَرْجِعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَدْرٍ. وَهُوَ ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ. وَأُمُّهُ: بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، شَهِدَ بَدْرًا، وَتَزَوَّجَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بَعْدَهُ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَوَتْ عَنْهُ الْقَوْلَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ. وَقِيلَ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ بَعْدَ أُحُدٍ أَوْ قَبْلَهَا. وَفِيهَا: وُلِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ, وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ, وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِمَكَّةَ. وَفِيهَا قُتِلَ بِبَدْرٍ مِنَ الْكُفَّارِ: أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ، وَعُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ، وَالْوَلِيدُ وَلَدُ عُتْبَةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ قُتِلَ صَبْرًا، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ قَتَلَهُ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَمِّهِ طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ قَتَلَهُ حَمْزَةُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، وَابْنُهُ الْحَارِثُ، وَأَخُوهُ عُقَيْلٌ, وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ الْعَاصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْن أسد، ونوفل بْن خويلد بْن أسد قتله عَلِيّ وقيل الزُّبَيْر، والنضر بْن الحارث بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ كِلْدَةَ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ الْعَبْدَرِيُّ، قَتَلَهُ عَلِيٌّ بِأَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِشِدَّةِ إِيذَائِهِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَعُمَيْرُ بْنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيُّ عَمُّ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْعَاصُ أَخُو أَبِي جَهْلٍ قَتَلَهُ عُمَرُ، وَمَسْعُودُ بْنُ أَبِي أُميَّةَ الْمَخْزُومِيُّ أخو أم سلمة، وأبو قيس أخو خالد بْنِ الْوَلِيدِ، وَابْنُ عَمِّهِ قَيْسُ بْنُ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَمُنَبِّهٌ وَنُبَيْهٌ ابْنَا الْحَجَّاجِ بْنِ عَامِرٍ السَّهْمِيِّ، وَالْعَاصُ وَالْحَارِثُ ابْنَا مُنَبِّهٍ الْمَذْكُورِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ وَابْنُهُ عَلِيٌّ. وَمَاتَ في الأسر: ملك أَخُو طَلْحَةَ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَقُتِلَ: هِشَامُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغَيرَةِ، وَأُسِرَ أَخُوهُ حُذَيْفَةُ ثُمَّ قُتِلَ، وَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ الْعَبَّاسُ وَابْنَا أَخَوَيْهِ عُقَيْلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ. وَقَدْ أَفْرَدَ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ أَسْمَاءَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْسَابِهِمْ فِي جُزْءٍ كَبِيرٍ، وَسَاقَ اخْتِلافَ النَّاسِ فِي بعضهم.

قصة النجاشي من السيرة

قِصَّةُ النَّجَاشِيُّ مِنَ السِّيرَةِ: ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا قَالُوا: إِنَّ ثَأْرَنَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. فَانْتُدِبَ إِلَيْهَا عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي رَبِيعَةَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ مَخْرَجَهُمَا كَانَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ. فَلَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَخْرَجُهُمَا، بَعَثَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ بِكِتَابِهِ إِلَى النَّجَاشِيِّ1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمسَيِّبِ وَغَيْرُهُ: فَبَعَثَ الْكُفَّارُ مَعَ عَمْرِو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة لِلنَّجَاشِيِّ، وَلِعُظَمَاءِ الْحَبَشَةِ هَدَايَا. فَلَمَّا قَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ قَبِلَ الْهَدَايَا، وَأَجْلَسَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى سَرِيرِهِ. فَكَلَّمَ النَّجَاشِيَّ فَقَالَ: إِنَّ بِأَرْضِكَ رِجَالًا مِنَّا لَيْسُوا عَلَى دِينِكَ وَلَا عَلَى دِينِنَا، فَادْفَعْهُمْ إِلَيْنَا. فَقَالَ عُظَمَاءُ الْحَبَشَةِ: صَدَقَ، فَادْفَعْهُمْ إِلَيْهِ. فَقَالَ: حَتَّى أُكَلِّمَهُمْ. قَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَتْ: نَزَلْنَا الْحَبَشَةَ، فَجَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ، النَّجَاشِيَّ, أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا وَعَبَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى، لَا نُؤْذَى وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ, فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا بَيْنَهُمْ أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ مَعَ رَجُلَيْنِ بِمَا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَكَّةَ. وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا: الْأُدْمُ, فَجَمَعُوا لَهُ أُدْمًا كَثِيرًا, وَلَمْ يَتْرُكُوا بِطْرِيقًا عِنْدَهُ إِلَّا أَهْدَوْا لَهُ, وَبَعَثُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَقَالُوا: ادْفَعَا إِلَى كُلِّ بِطْرِيقٍ هَديَّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَا النجاشي.

_ 1 هو: أصحمة ملك الحبشة -رضي الله عنه- معدود في الصحابة، وكان ممن حسن إسلامه ولم يهاجر، ولا له رؤية، فهو تابعي من وجه، صاحب من وجه، وقد تُوُفيّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فصلى عليه بالناس صلاة الغائب، ولم يثبت أنه صلى -عليه الصلاة والسلام- على غائب سواه، انظر ترجمته في كتابنا: "رجال ونساء مبشرون بالجنة" ط. المكتبة التوفيقية. 2 البطريق: القائد أو الحاذق في الحرب.

فَقَدِمَا، وَقَالَا لِكُلِّ بِطْرِيقٍ: إِنَّهُ قَدْ ضَوَى إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ1 مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ، خَالَفُوا دِينَ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ, وَقَدْ بَعَثَنَا أَشْرَافَنَا إِلَى الْمَلِكِ لِيَرُدَّهُمْ، فَإِذَا كَلَّمْنَاهُ فَأَشِيرُوا عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ إِلَيْنَا. فَقَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ قَرَّبَا هَدَايَاهُمَا إِلَى النَّجَاشِيِّ فَقَبِلَهَا، فَكَلَّمَاهُ. فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ: صَدَقَا أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَوْمُهُمْ أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا2، وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ. فَغَضِبَ النجاشي، ثم قال: لا ها اللَّهِ أَبَدًا3، لَا أُرْسِلُهُمْ إِلَيْهِمْ, قَوْمٌ جَاوَرُونِي وَنَزَلُوا بِلَادِي، وَاخْتَارُونِي عَلَى سِوَاي, حَتَّى أَدْعُوَهُمْ فَأَسْأَلُهُمْ عَمَّا تَقُولُونَ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلمّا جاء رسوله اجتمعوا، قال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَقُولُ وَاللَّهِ مَا علَّمَنَا اللَّهُ، وَأَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا، كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ. فَلَمَّا جَاءُوهُ وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ، وَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ؛ سَأَلَهُمْ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ، وَلَمْ تَدْخُلُوا بِهِ فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنَ الْمِلَلِ. قَالَتْ: فَكَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ: كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام وَنُسِيءُ إِلَى الْجَارِ وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ, كُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَا إِلَى اللَّهِ لِنَعْبُدَهُ وَنُوحِّدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ. وَعَدَّ أُمُورَ الْإِسْلَامِ. قَالَ: فَصَدَّقْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاهُ, فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ، وَآثَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ فَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ, وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ. قال: فهل معك شيء مما جاء به عَنِ اللَّهِ؟ قَالَ جَعْفَرٌ: نَعَمْ. فَقَرَأَ: {كهيعص} [مريم:1] .

_ 1 ضوى إلى بلد الملك؛ أي: آوى إلى بلد الملك. 2 أعلى بهم عينًا؛ أي: أبصر بهم. 3 لا ها الله؛ أي: لا والله.

قال: فَبَكَى النَّجَاشِيُّ وَأَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، حِينَ سَمِعُوا الْقُرْآنَ. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ, انْطَلِقَا، فَوَاللَّهِ لَا أُسَلِّمُهُمْ إِلَيْكُمَا أَبَدًا. قَالَتْ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُ غَدًا بِمَا أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ1. فَقَالَ ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ؛ وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا: لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا، وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا. قَالَ: فَوَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى عَبْدٌ. قَالَتْ: ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى قَوْلًا عَظِيمًا. فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا لِيَسْأَلَنَا. قَالَتْ: وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلَهَا. فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى؟ فَقَالَ جَعْفَرٌ: نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ. فَضَرَبَ النَّجَاشِيُّ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ، وَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا، وَقَالَ: مَا عَدَا عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْمِقْدَارَ. قَالَ: فَتَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ2 حِينَ قَالَ مَا قَالَ، فَقَالَ: وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ لِجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ: اذْهَبُوا آمِنِينَ, مَا أَحَبُّ أَنَّ لِي دُبُرِ ذَهَبٍ، وَأَنِّي آذَيْتُ وَاحِدًا مِنْكُمْ -وَالدُّبُرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: الْجَبَلُ- فَرُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدِيَّتَهُمَا، فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا, فَوَاللَّهِ مَا أَخَذَ اللَّهُ فِيَّ الرِّشْوَةَ فَآخُذُ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيعهم فِيهِ. فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهُمَا ما جاءا بِهِ. قَالَتْ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَعَلَى ذَلِكَ، إِذْ نَزَلَ بِهِ رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا حُزنًا قَطُّ، أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ، تَخَوُّفًا أَنْ يظهر عليه من لا يعرف حقنا.

_ 1 أستأصل به خضراءهم؛ أي جماعتهم. وقيل: شجرتهم التي تفرعوا منها. 2 تناخرت؛ أي: تكلمت وكأنه كلام غضب ونفور.

فَسَارَ إِلَيْهِ النَّجَاشِيُّ، وَبَيْنَهُمَا عَرْضُ النِّيلِ. فَقَالَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ الْوَقْعَةَ وَيُخْبِرَنَا؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: أَنَا أَخْرُجُ. وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِ الْقَوْمِ سِنًّا, فَنَفَخُوا لَهُ قُرْبَةً فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ، وَسَبَحَ عَلَيْهَا إِلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا الْوَقْعَةُ, وَدَعَوْنَا اللَّهَ لِلنَّجَاشِيِّ, فَوَاللَّهِ إِنَّا لَعَلَى ذَلِكَ، مُتَوِقِّعُونَ لِمَا هُوَ كَائِنٌ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا الزُّبَيْرُ يَسْعَى وَيُلَوِّحُ بِثَوْبِهِ: أَلَا أَبْشِرُوا، فَقَدْ ظَهَرَ النَّجَاشِيُّ، وَأَهْلَكَ اللَّهُ عَدُوَّهُ. فَوَاللَّهِ مَا عَلِمُنا فَرْحَةً مِثْلَهَا قَطُّ. وَرَجَعَ النَّجَاشِيُّ سَالِمًا، وَأَهْلَكَ اللَّهُ عَدُوَّهُ, وَاسْتَوْثَقَ لَهُ1 أَمْرُ الْحَبَشَةِ, فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ مَنْزِلٍ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ. خَرَّجَهُ د مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ2. وَهَؤُلاءِ قَدِمُوا مَكَّةَ، ثُمَّ هَاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ. وَبَقِيَ جَعْفَرٌ وَطَائِفَةٌ بِالْحَبَشَةِ إِلَى عَامِ خَيْبَرَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ إِرْسَالَ قُرَيْشٍ إِلَى النَّجَاشِيِّ كَانَ مَرَّتَيْنِ, وَأَنَّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ كَانَ مَعَ عَمْرٍو، عِمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ أَخُو خَالِدٍ. ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَيْضًا. وَذَكَر مَا دَارَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَعَ عِمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ مِنْ رَمْيِهِ إِيّاهُ فِي الْبَحْرِ، وَسَعَى عَمْرٌو بِهِ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِي وُصُولِهِ إِلَى بَعْضِ حَرَمِهِ أَوْ خَدَمِهِ. وَأَنَّهُ ظَهَرَ ذَلِكَ فِي ظُهُورِ طِيبِ الْمَلِكِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْمَلِكَ دَعَا سَحَرَةً فَسَحَرُوهُ وَنَفَخُوا فِي إِحْلِيلِهِ, فَتَبَرَّرَ وَلَزِمَ الْبَرِّيَّةَ، وَهَامَ، حَتَّى وَصَلَ إِلَى مَوْضِعٍ رَامٍ أَهْلُهُ أَخَذَهُ فِيهِ، فَلَمَّا قَرُبُوا مِنْهُ فَاضَتْ نَفْسُهُ وَمَاتَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: حدّثْتُ عُرْوةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدِيثَ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا قَوْلُهُ: مَا أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس فِيَّ فَأُطِيعُهُمْ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَإِنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَلِكَ قَوْمِهِ، ولم يكن له ولد إلا النجاشي, وكان لِلنَّجَاشِيِّ عَمٌّ لَهُ مِنْ صُلْبِهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ مَمْلَكَةِ الْحَبَشَةِ. فَقَالَتِ الْحَبَشَةُ: لَوْ أَنَّا قَتَلْنَا أَبَا النَّجَاشِيِّ وَمَلَّكْنَا أخاه لتوارث بنوه ملكه بعده،

_ 1 استوثق له: أي اجتمعوا على طاعته، فاستقر له الملك فيهم. 2 "إسناده قوي": رواه أحمد في "المسند" "1/ 201" وغيره.

وَلَبَقِيَتِ الْحَبَشَةُ دَهْرًا. قَالَتْ: فَقَتَلُوهُ وَمَلَّكُوا أَخَاهُ, فَنَشَأَ النَّجَاشِيُّ مَعَ عَمِّهِ, وَكَانَ لَبِيبًا حَازِمًا، فَغَلَبَ عَلَى أَمْرِ عَمِّهِ, فَلَمَّا رَأَتِ الْحَبَشَةُ ذَلِكَ قَالَتْ: إِنَّا نَتَخَوَّفُ أَنْ يُمَلِّكَهُ بَعْدَهُ، وَلَئِنْ مُلِّكَ لَيَقْتُلَنَّا بِأَبِيهِ, فَمَشَوْا إِلَى عَمِّهِ, فَقَالُوا: إِمَّا أَنْ تَقْتُلَ هَذَا الْفَتَى، وَإِمَّا أَنْ تُخْرِجَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا. فَقَالَ: وَيْلَكُمْ! قَتَلْتُ أَبَاهُ بِالْأَمْسِ، وَأَقْتُلُهُ الْيَوْمَ؟ بَلْ أُخْرِجُهُ. قالت: فَخَرَجُوا بِهِ فَبَاعُوهُ مِنْ تَاجِرٍ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ, فَانْطَلَقَ بِهِ فِي سَفِينَةٍ, فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ، هَاجَتْ سَحَابَةٌ مِنْ سَحَائِبِ الْخَرِيفِ، فَخَرَجَ عَمُّهُ يَسْتَمْطِرُ تَحْتَهَا فَأَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَقَتَلَتْهُ, فَفَزِعَتِ الْحَبَشَةُ إلى ولده، فإذا هو محمق ليس في وَلَدِهِ خَيْرٌ. فَمَرَجَ عَلَى الْحَبَشَةِ أَمْرَهُمْ وَضَاقَ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ فِيهِ, فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تعلمون وَاللَّهِ إِنَّ مَلِكَكُمُ الَّذِي لَا يُقِيمُ أَمْرَكُمْ غَيْرُهُ لَلَّذِي بِعْتُمْ. قَالَ: فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ وَطَلَبِ الَّذِي بَاعُوهُ مِنْهُ، حَتَّى أَدْرَكُوهُ فَأَخَذُوهُ مِنْهُ, ثُمَّ جَاءُوا بِهِ فَعَقَدُوا عَلَيْهِ التَّاجَ وَأَجْلَسُوهُ عَلَى سَرِيرِ الْمُلْكِ, فَجَاءَ التَّاجِرُ فَقَالَ: إِمَّا أَنْ تُعْطُونِي مَالِي وَإِمَّا أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ. فَقَالُوا: لَا نُعْطِيكَ شَيْئًا. قَالَ: إِذَنْ وَاللَّهِ أُكَلِّمُهُ. قَالُوا: فَدُونَكَ. فَجَاءَهُ فَجَلَسَ بيديه، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، ابْتَعْتُ غُلَامًا مِنْ قَوْمٍ بِالسُّوقِ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ، حَتَّى إِذَا سِرْتُ بِهِ أَدْرَكُونِي، فَأَخَذُوهُ وَمَنَعُونِي دَرَاهِمِي. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: لَتُعْطِنَّهُ غُلَامَهُ أَوْ دَرَاهِمَهُ. قَالُوا: بَلْ نُعْطِيهِ دَرَاهِمَهُ. قَالَتْ: فَلِذَلِكَ يَقُولُ: مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي رِشْوَةً حِينَ رَدَّ عَلِيَّ مُلْكِي، فَآخُذُ الرِّشْوَةَ فِيهِ. وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا خُبِرَ مِنْ صَلَابَتِهِ فِي دِينِهِ وَعَدْلِهِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ كَانَ يُتَحَدَّثُ أَنَّهُ لَا يَزَالُ عَلَى قَبْرِهِ نُورٌ1. قَالَ: وَحَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اجْتَمَعَتِ الْحَبَشَةُ فَقَالُوا لِلنَّجَاشِيِّ: إِنَّكَ فَارَقْتَ دِينَنَا. وَخَرَجُوا عَلَيْهِ. فَأَرْسَلَ إِلَى جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ. فَهَيَّأَ لَهُمْ سُفُنًا، وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا، وَكُونُوا كَمَا أَنْتُمْ، فَإِنْ هُزِمْتُ فَامْضُوا حَتَّى تَلْحَقُوا بِحَيْثُ شئتم، وإن ظفرت فاثبتوا.

_ 1 "رجاله ثقات": إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق قاله الأرناؤوط في تخريجه لأحاديث "سير أعلام النبلاء" "1/ 430".

ثُمَّ عَمِدَ إِلَى كِتَابٍ فَكَتَبَ هُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ. ثُمَّ جَعَلَهُ فِي قَبَائِهِ وَخَرَجَ إِلَى الْحَبَشَةِ, وَصَفُّوا لَهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْحَبَشَةِ، أَلَسْتُ أَحَقَّ النَّاسِ بِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَكَيْفَ رَأَيْتُمْ سِيرَتِي فِيكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرُ سَيرَةٍ. قَالَ: فَمَا بَالُكُمْ؟ قَالُوا: فَارَقْتَ دِينَنَا وَزَعَمْتَ أَنَّ عِيسَى عَبْدٌ. قَالَ: فَمَا تَقُولُونَ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: هُوَ ابْنُ اللَّهِ. فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، عَلَى قَبَائِهِ، وَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّ عيسى بن مَرْيَمَ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَعْنِي عَلَى مَا كَتَبَ, فَرَضُوا وَانْصَرَفُوا. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا مَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا اسْتِطْرَادًا.

سرية عمير بن عدي الخطمي، غزوة بني سليم، سرية سالم بن عمير لقتل أبي عفك

سرية عمير بن عدي الخطمي، غزوة بني سليم، سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ لِقَتْلِ أَبِي عَفَكٍ: سَرِيَّةُ عُمَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ الْخَطْمِيِّ: ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ لِخَمْسٍ بَقِينَ مُنْ رَمَضَانَ، إِلَى عَصْمَاءَ بِنْتِ مَرْوَانَ؛ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ؛ كَانَتْ تَعِيبُ الْإِسْلَامَ، وَتُحَرِّضُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَقُولُ الشَّعْرَ, فَجَاءَهَا عُمَيْرٌ بِاللَّيْلِ فَقَتَلَهَا غِيلَةً. غَزْوَةُ بَنِي سُلَيْمٍ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمْ يُقِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنْصَرَفَهُ عَنْ بَدْرٍ بِالْمَدِينَةِ، إِلَّا سَبْعَةَ أَيَّامٍ, ثُمَّ خَرَجَ بِنَفْسِهِ يُرِيدُ بَنِي سُلَيْمٍ, وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عَرْفَطَةَ الْغِفَارِيَّ، وَقِيلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. فَبَلَغَ مَاءً يُقَالُ لَهُ: الْكُدْرُ. فَأَقَامَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ انْصَرَفَ, وَلَمْ يَلْقَ أَحَدًا. سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ لِقَتْلِ أَبِي عَفَكٍ: وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ أَبَا عَفَكٍ الْيَهُودِيَّ، كَانَ قَدْ بَلَغَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَقُولُ الشِّعْرَ، وَيُحَرِّض عَلَيْهِ, فَانْتَدَبَ لَهُ سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقَتَلَهُ غِيلَةً، فِي شوال منها.

غزوة السويق

غَزْوَةُ السَّوِيقِ: فِي ذِي الْحِجَّةِ: قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، حِينَ بَلَغَهُ وَقْعَةُ بَدْرٍ، نَذَرَ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ دُهْنٌ وَلَا غُسْلٌ، وَلَا يَقْرَبَ أَهْلَهَ، حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا وَيَحْرِقَ فِي طَوَائِفِ الْمَدِينَةِ. فَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ سِرًّا خَائِفًا، فِي ثَلَاثِينَ فَارِسًا، لِيَحِلَّ يَمِينَهُ, فَنَزَلَ بِجَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ: ثَيْبٌ. فَبَعَثَ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ، وأمرهم أن يحرقا أدنى نخل يَأْتِيَانِهِ مِنْ نَخْلِ الْمَدِينَةِ, فَوَجَدَا صَوْرًا مِنْ صِيرَانِ نَخْلِ1 الْعُرَيْضِ. فَأَحَرَقَا فِيهَا وَانْطَلَقَا. وَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ مُسْرِعًا. وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ فَفَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَرَجَعَ. وَذَكَرَ مِثْلَ هَذَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ. وَقَالَ: وَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ فِي آثَارِهِمْ، فَأَعْجَزُوهُمْ وَتَرَكُوا أَزْوَادَهُمْ. فَسُمِّيَتْ غَزْوَةُ أَبِي سُفْيَانَ: غَزْوَةُ السَّوِيقِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ، قَالُوا: لَمَّا رَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ فَلُّ2 قُرَيْشٍ مِنْ يَوْمِ بَدْرٍ، نَذَرَ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ مَاءٌ مِنْ جَنَابَةٍ حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا. فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ، إِلَى أَنْ نَزَلَ بِجَبَلٍ يُقَالُ لَهْ: ثَيْبٌ، عَلَى نَحْوِ بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ. ثُمَّ خَرَجَ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَتَى حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ، فَلَمْ يَفْتَحْ لَهُ وَخَافَهُ. فَانْصَرَفَ إِلَى سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمٍ، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي النَّضِيرِ، فَأَذِنَ لَهُ وَقَرَاهُ، وَأَبْطَنَ لَهُ مِنْ خَبَرِ النَّاسِ, ثُمَّ خَرَجَ فِي عَقِبِ لَيْلَتِهِ حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ، فَبَعَثَ رِجَالًا، فَأَتَوْا نَاحِيَةَ الْعُرَيْضِ، فَوَجَدُوا رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوهُمَا وَرَدُّوا وَنَذَرَ بِهُمُ النَّاسُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَلَبِهِمْ، حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ، قَدْ رَمَوْا زَادًا لَهُمْ فِي الحرث، وسويقًا كثيرًا، يتخففون منها للنجاء.

_ 1 الأصور: جمع صور وهو جماعة النخل. 2 الفل: المنهزم.

فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ رَجَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَطْمَعُ أَنْ يَكُونَ لَنَا غَزْوَةٌ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ"1. قَالَ: وَذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ: تَزَوَّجَ عُثْمَانُ بِأُمِّ كُلْثُومٍ. وَفِيهَا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: خَطَبْتُ فَاطِمَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ لِي مَوْلَاةٌ لِي: عَلِمْتَ أَنَّ فَاطِمَةَ خُطِبَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قلت: لَا. قَالَتْ: فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ فَيُزَوِّجِكَ؟ فَقُلْتُ: وَعِنْدِي شَيْءٌ أَتَزَوَّجَ بِهِ؟ قَالَتْ: إِنْ جِئْتَهُ زَوَّجَكَ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ تَرْجِينِي، حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- جَلَالَةٌ وَهَيْبَةٌ. فَأُفْحِمْتُ، فَوَاللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ. فَقَالَ: "مَا جَاءَ بِكَ؟ أَلَكَ حَاجَةٌ"؟ فَسَكَتُّ, ثُمَّ قَالَ: "لَعَلَّكَ جِئْتَ تَخْطُبُ فَاطِمَةَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تَسْتَحِلُّهَا بِهِ"؟ فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ. فَقَالَ: "مَا فَعَلَتْ دِرْعٌ سَلَّحْتُكَهَا"؟ فَوَالَّذِي نَفْسُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ إِنَّهَا لَحُطَمِيَّةٌ مَا ثَمَنُهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ. فَقُلْتُ: عِنْدِي. قَالَ: "قَدْ زَوَّجْتُكَهَا، فَابْعَثْ إِلَيَّ بِهَا". فَإِنَّ الْحُطْمِيَّةَ2 كَانَتْ لِصَدَاقِ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْطِهَا شَيْئًا". قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. قَالَ: "أَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطْمِيَّةُ"؟ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ3. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاطِمَةَ فِي خَمِيلٍ، وَقِرْبَةٍ، وَوِسَادَةِ أَدَمٍ حَشْوُهَا إِذْخِرٌ. وَفِيهَا: تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ خَالِدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيُّ السَّاعِدِيُّ، وَالِدُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ, وَكَانَ تَجَهَّزَ إِلَى بَدْرٍ فَمَاتَ قَبْلَهَا فِي رَمَضَانَ, فَيُقَالُ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، وَرَدَّهُ عَلَى وَرَثَتِهِ. وَفِيهَا: بَعْدَ بَدْرٍ، تُوُفِّيَ خُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، أَحَدُ الْمُهَاجِرِينَ، شَهِدَ بَدْرًا. وَتَأَيَّمَتْ مِنْهُ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَفِي شَوَّالٍ: بَنَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَائِشَةَ، وَعُمْرُهَا تِسْعُ سنين.

_ 1 "مرسل": أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة " "3/ 166"، وغيره. 2 الحطمية: منسوبة إلى حطمة بطن من عبد القيس، وكانوا يعملون في الدروع. ويقال: إنها الدروع السابغة التي لم تحطم السلاح. ذكره الخطابي في "معالم السنن". 3 "صحيح": أخرجه أبو داود في كتاب "النكاح" باب "في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها" "2125"، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "1865".

أحداث السنة الثالثة

أحداث السنة الثالثة: غزوة ذي أمر، غزوة بحران: غَزْوَةُ ذِي أَمَرٍ: فِي الْمُحَرَّمِ، غَزَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَجْدًا، يُرِيدُ غَطَفَانَ, وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُثْمَانَ, فَأَقَامَ بِنَجْدٍ صَفَرًا كُلَّهُ، وَرَجَعَ مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ. قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ. وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ فَقَالَ: كَانَتْ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ, وَأَنَّ غَيْبَتَهُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا. ثُمَّ روى عن أشياخه، عن التابعي: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرِهِ، قَالُوا: بَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ، مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ، بذِي أَمَر1، قَدْ تَجَمَّعُوا يُرِيدُوَن أَنْ يُصِيبُوا مِنْ أَطْرَافِ الْمُسْلِمِينَ. غَزْوَةُ بُحْرَانَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- بالمدينة، ربيع الأَوَّلَ. ثُمَّ غَزَا يُرِيدُ قُرَيْشًا. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: فَبَلَغَ بُحْرَانَ، مَعْدَنًا بِالْحِجَازِ، فَأَقَامَ هُنَاكَ رَبِيعَ الْآخِرَ كُلَّهُ، وَجُمَادَى الْأُولَى. وَبُحْرَانُ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرْعِ2. ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يلق كيدًا. وقال الواقدي: غزا النبي -صلى الله عليه وسلم- بَنِي سُلَيْمٍ بِبُحْرَانَ، لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى, وَبُحْرَانُ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ المدنية ثَمَانِيَةُ بُرُدٍ, فَغَابَ عَشْرَ لَيَالٍ, وَكَانَ بَلَغَهُ أَنَّ بِهَا جَمْعًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَخَرَجَ في ثلاثمائة, واستخلف ابن أم مكتوم.

_ 1 ذو أمر: واد بطريق قيد إلى المدينة المنورة على نحو ثلاث مراحل من المدينة بقرية النخيل. 2 قال الواقدي: بين الفرع والمدينة ثمانية برد. "معجم البلدان" "1/ 341".

غزوة بني قينقاع

غَزْوَةُ بَنِي قَيْنُقَاعَ: ذَكَرَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ هَكَذَا، بَعْدَ غَزْوَةِ الْفُرْعِ. وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ، فَقَالَ: كَانَتْ يَوْمَ السَّبْتِ نِصْفَ شَوَّالٍ، عَلَى رَأْسِ عِشْرِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ, فَحَاصَرَهُمْ إِلَى هِلالِ ذِي الْقِعْدَةِ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَمِنْ حديثهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَهُمْ بِسُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، ثُمَّ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، احْذَرُوا مِنَ اللَّهِ مثل مَا نَزَلَ بِقُرَيْشٍ مِنَ النَّقْمَةِ، وَأَسْلِمُوا فَإِنِّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ أَنِّي نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، تَجِدُونَ ذَلِكَ فِي كِتَابِكُمْ وَعَهْدِ اللَّه إِلَيْكُمْ". قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ تَرَى أَنَّا كَقَوْمِكَ؟ لَا يَغُرَّنَّكَ أَنَّكَ لَقِيتَ قَوْمًا لَا عِلْمَ لَهُمُ بِالْحَرْبِ، فَأَصَبْتَ مِنْهُمْ فُرْصَةً. إِنَّا وَاللَّهِ لَوْ حَارَبْتَنَا لَتَعْلَمَنَّ أَنَّا نَحْنُ الرِّجَالُ1. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا نَزَلَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتُ إِلَّا فِيهِمْ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ} الْآيَتَيْنِ2. وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: أن بني قَيْنُقَاعَ كَانُوا أَوَّلَ يَهُودَ نَقَضُوا وَحَارَبُوا فِيمَا بَيْنَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ. قَالَ: وَعَنْ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ مِنْ أَمْرِ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْعَرَبِ قَدِمَتْ بِجَلْبٍ لَهَا فَبَاعَتْهُ بِسُوقِهِمْ، وَجَلَسَتْ إِلَى صَائِغٍ بِهَا, فَجَعَلُوا يُرِيدُونَها عَلَى كَشْفِ وَجْهِهَا، فَلَمْ تَفْعَلْ. فَعَمِدَ الصَّائِغُ إِلَى طَرَفِ ثَوْبِهَا فَعَقَدَهُ إِلَى ظَهْرِهَا, فَلَمَّا قَامَتِ انْكَشَفَتْ سَوْءَتُهَا فَضَحِكُوا، فَصَاحَتْ. فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّائِغِ فَقَتَلَهُ وَكَانَ يَهُودِيًّا. فَشَدَّتِ الْيَهُودُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَتَلُوهُ. فَأُغْضِبَ الْمُسْلِمُونَ ووقع الشر.

_ 1 "إسناده ضعيف": أخرجه أبو داود في كتاب "الخراج والإمارة والفيء" باب: "كيف كان إخراج اليهود من المدينة" "3001"، وفي إسناده مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثابت، وهو مجهول. 2 "إسناده حسن": رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" برقم "286"، وقال المحقق: إسناده حسن. قلت: له شواهد.

وَحَدَّثَنِي عَاصِمٌ، قَالَ: فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ, فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ حِينَ أَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَحْسِنْ فِي مَوَالِيَّ. فَأَعْرَضَ عَنْه. فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي جَيْبِ دِرْعِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْسِلْنِي". وَغَضِبَ؛ "أَرْسِلْنِي، وَيْحَكَ". قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُرْسِلُكَ حَتَّى تُحْسِنَ فِي مَوَالِيَّ: أَرْبَعُمِائَةُ حَاسِرٍ، وَثَلَاثُمِائَةُ دَارِعٍ؛ قَدْ مَنَعُونِي مِنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، تَحْصُدُهُمْ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ. إِنِّي وَاللَّهِ امْرؤٌ أَخْشَى الدَّوَائِرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُمْ لَكَ"1. وَحَدَّثَنِي أَبِي؛ إِسْحَاقَ, عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: لَمَّا حَارَبَتْ بَنُو قَيْنُقَاعَ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- تَشَبَّثَ بِأَمْرِهِمُ ابْنُ سَلُولٍ وَقَامَ دُونَهُمْ. قَالَ: وَمَشَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ أَحَدَ بَنِي عَوْفٍ؛ لَهُمْ مِنْ حِلْفِهِ مِثْلُ الَّذِي لِابْنِ سلول، فخلعهم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَبَرَّأَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ حِلْفِهِمْ، وَقَالَ: أَتَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَتْ فِيهِ وَفِي ابن سلول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 51-55] ؛ لَتَولَّى عُبَادَةُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ2. وَذَكَرَ الواقدي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حَاصَرَهُمْ خَمْسَ عَشَرَةَ لَيْلَةً، إِلَى هِلَالِ ذِي الْقِعْدَةِ. وَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ غَدَر مِنَ الْيَهُودِ. وَحَارَبُوا حَتَّى قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، وَأَنَّ لَهُ أَمْوَالَهُمْ, فَأَمَرَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكُتِّفُوا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى كِتَافِهِمُ الْمُنْذِرَ بْنَ قُدَامَةَ السَّلَمِيَّ؛ مِنْ بَنِي السَّلَمِ. فَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ. فَقَالَ: "خُذْهُمْ". وَأَمَرَ بِهِمْ أَنْ يُجْلَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَوَلِيَ إِخْرَاجَهُمْ مِنْهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ. فَلَحِقُوا بِأَذرِعَاتَ3، فَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ بَقَائِهِمْ فِيهَا. وَتَوَلَّى قَبْضَ أَمْوَالَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ, ثُمَّ خُمِسَتْ، وَأَخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ سِلَاحِهِمْ ثَلَاثَةَ أَسْيَافٍ، ودرعين، وغير ذلك.

_ 1 "مرسل": أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 29"، وغيره من رواية ابن هشام عن ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة مرسلا. 2 "إسناده صحيح": أخرجه ابن إسحاق في "السيرة" "295"، والبيهقي في "دلائل النبوة" "3/ 174"، وابن كثير في "تاريخه" "4/ 5" عن عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصامت موصولا. وقال الدكتور أبو عمر نادي الأزهري في "المقبول" "291": إسناده صحيح. 3 أذرعات: بلد بالشام.

غزوة بني النضير

غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ: قَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ: كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ؛ وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْيَهُودِ، عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ, وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ وَنَخْلُهُمْ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ, وَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلَاءِ، عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا أَقلَّتِ الْإِبلُ إِلَّا السِّلَاحَ. فَأُنْزِلَتْ: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2] الْآيَاتِ1. فَأَجْلَاهُمْ إِلَى الشَّامِ، وَكَانُوا مِنْ سِبْطٍ لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ. وَكَانَ اللَّهُ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ والسبي. وقوله: {لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} ؛ أَيْ كَانَ جَلَاؤُهُمْ ذَلِكَ أَوَّلَ حَشْرٍ فِي الدُّنْيَا إِلَى الشَّامِ. وَيَرْوِيهِ عَقِيلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَوْلُهُ: وأسنده زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصَّنْعَانِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَذِكْرُ عَائِشَةَ فيه غير محفوظ. وقال ابن جريج، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: إِنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبُوا بَعْدَ ذَلِكَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ كَتَبُوا إِلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَمَنْ كَانَ يعبد معه الأوثان من

_ 1 "صحيح الإسناد": أخرجه الحاكم في "المستدرك" "2/ 483" وصححه، وأقره الذهبي، ورواه البيهقي في "الدلائل" "3/ 178"، وغيرهما. 2 في "صحيحه" "5/ 12".

الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ: إِنَّكُمْ آوَيْتُمْ صَاحِبَنَا، وَإِنَّا نُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتُقَاتِلَنَّهُ أَوْ لَتُخْرِجَنَّهُ أَوْ لَنَسِيرَنَّ إِلَيْكُمْ بِجَمْعِنَا حَتَّى نَقْتُلَ مُقَاتِلَتَكُمْ وَنَسْتَبِيحَ نِسَاءَكُمْ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وَأَصْحَابَهُ اجْتَمَعُوا لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَلَقِيَهُمْ فَقَالَ: لَقَدْ بَلَغَ وَعْدُ قُرَيْشٍ مِنْكُمُ الْمَبَالِغَ، مَا كَانَتْ تَكِيدُكُمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا تُرِيدُونَ أَنْ تَكِيدُوا بِهِ أَنْفُسَكُمْ. تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا أَبْنَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ؟ فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ تَفَرَّقُوا. فَبَلَغَ ذَلِكَ كُفَّارَ قُرَيْشٍ فَكَتَبُوا؛ بَعْدَ بَدْرٍ، إِلَى الْيَهُودِ: إِنَّكُمْ أَهْلُ الْحَلَقَةِ وَالْحِصْنِ وَإِنَّكُمْ لَتُقَاتِلُنَّ صَاحِبَنَا أَوْ لَنَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا، وَلَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَدَمِ نِسَائِكُمْ شَيْءٌ. وَهِيَ الْخَلَاخِيلُ. فَلَمَّا بَلَغَ كِتَابُهُمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجْمَعَتْ بَنُو النَّضِيرِ بِالْغَدْرِ. وَأَرْسَلُوا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْرُجْ إِلَيْنَا فِي ثَلَاثِينَ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِكَ، وَلْيَخْرُجْ مِنَّا ثَلَاثُونَ حبرًا، حتى نلتقي بمكان المنصف، فيسمعوا مِنْكَ، فَإِنْ صَدَّقُوا وَآمَنُوا بِكَ آمَنَّا بِكَ. فَقَصَّ خَبَرَهُمْ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، غَدَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْكَتَائِبِ فَحَصَرَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: "إِنَّكُمْ وَاللَّهِ لَا تَأْمَنُونَ عِنْدِي إِلَّا بِعَهْدٍ تُعَاهِدُونِي عَلَيْهِ". فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ عَهْدًا، فَقَاتَلَهُمْ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ. ثُمَّ غَدَا عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ بِالْكَتَائِبِ، وَتَرَكَ بَنِي النَّضِيرِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يُعَاهِدُوهُ. فَعَاهَدُوهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ. وَغَدَا إِلَى بَنِي النَّضِيرِ بِالْكَتَائِبِ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلَاءِ. فَجَلَتْ بَنُو النَّضِيرِ، وَاحْتَمَلُوا مَا أَقَلَّتِ الْإِبِلُ مِنْ أَمْتِعَتِهِمْ وَأَبْوَابِهِمْ وَخَشَبِهِمْ. فكان نخل بني النضير لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خَاصَّةً، أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: 6] ، يَقُولُ: بِغَيْرِ قِتَالٍ. فَأَعْطَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَهَا الْمُهَاجِرِينَ وَقَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ، وَقَسَّمَ مِنْهَا لِرَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَا ذَوِي حَاجَةٍ. وَبَقِيَ مِنْهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّتِي فِي أَيْدِي بَنِي فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا1. وَذَهَبَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ إِلَى أَنَّ غَزْوَةَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ بَعْدَ أُحُدٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُهُمَا. وَرَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ. وَهَذَا حَدِيثُ

_ 1 "صحيح الإسناد": أخرجه أبو داود في كتاب "الخراج والإمارة" باب: "في خبر النضير" برقم "3004"، وقال الشيخ الإلباني في "صحيح سنن أبي داود" "3595": "صحيح الإسناد".

مُوسَى وَحَدِيثُ عُرْوَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى بَنِي النَّضِيرِ يَسْتَعِينُهُمْ فِي عَقْلِ الْكِلابِيِّينَ. وَكَانُوا -زَعَمُوا- قَدْ دَسُّوا إِلَى قُرَيْشٍ حِينَ نَزَلُوا بِأُحُدٍ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَضُّوهُمْ عَلَى الْقِتَالِ وَدَلُّوهُمْ عَلَى الْعَوْرَةِ. فَلَمَّا كَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَقْلِ الْكِلابِيِّينَ، قَالُوا: اجْلِسْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ حَتَّى تَطْعَمَ وَتَرْجِعَ بِحَاجَتِكَ وَنَقُومُ فَنَتَشَاوَرُ. فَجَلَسَ بِأَصْحَابِهِ, فَلَمَّا خَلَوْا وَالشَّيْطَانُ مَعَهُمْ، ائْتَمِرُوا بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالُوا: لَنْ تَجِدُوهُ أَقْرَبَ مِنْهُ الْآنَ، فَاسْتَرِيحُوا مِنْهُ تَأْمَنُوا. فَقَالَ رَجُلٌ: إِنْ شِئْتُمْ ظَهَرْتُ فَوْقَ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ تَحْتَهُ فَدَلَّيْتُ عَلَيْهِ حَجَرًا فَقَتَلْتُهُ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ بِشَأْنِهِمْ وَعَصَمَهُ، فَقَامَ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَةً, وَانْتَظَرَهُ أَعْدَاءُ اللَّهِ، فَرَاثَ عَلَيْهِمْ, فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ فَسَأَلُوهُ عَنْهُ فَقَالَ: لَقِيتُهُ قَدْ دَخَلَ أَزِقَّةَ الْمَدِينَةِ. فَقَالُوا لِأَصْحَابِهِ: عَجَّلَ أَبُو الْقَاسِمِ أَنْ نُقِيمَ أَمْرَنَا فِي حَاجَتِهِ, ثُمَّ قَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَجَعُوا وَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ} الْآيَةَ1. وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِجْلَائِهِمْ، وَأَنْ يَسِيرُوا حَيْثُ شَاءُوا, وَكَانَ النِّفَاقُ قَدْ كَثُرَ بِالْمَدِينَةِ, فَقَالُوا: أَيْنَ تُخْرِجُنَا؟ قَالَ: "أُخْرِجُكُمْ إِلَى الْحَشْرِ". فَلَمَّا سَمِعَ الْمُنَافِقُونَ مَا يُرَادُ بِأَوْلِيائِهِمْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ: إِنَّا مَعَكُمْ مَحْيَانَا وَمَمَاتَنَا، إِنْ قُوتِلْتُمْ فَلَكُمْ عَلَيْنَا النَّصْرُ، وَإِنْ أُخْرِجْتُمْ لَمْ نَتَخَلَّفْ عَنْكُمْ. وَسَيِّدُ الْيَهُودِ أَبُو صَفِيَّةَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ. فَلَمَّا وَثِقُوا بِأَمَانِيِّ الْمُنَافِقِينَ عَظُمَتْ غِرَّتُهُمْ وَمَنَّاهُمُ الشَّيْطَانُ الظُّهُورَ، فَنَادَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ: إِنَّا، وَاللَّهِ، لَا نَخْرُجُ وَلَئِنْ قَاتَلْتَنَا لَنُقَاتِلَنَّكَ. فَمَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَمْرِ اللَّهِ فِيهِمْ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَخَذُوا السِّلَاحَ ثُمَّ مَضَى إِلَيْهِمْ. وَتَحَصَّنَتِ الْيَهُودُ فِي دُورِهِمْ وَحُصُونِهِمْ. فَلَمَّا انْتَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَزِقَّتِهِمْ وَحُصُونِهِمْ كَرِهَ أَنْ يُمَكِّنَهُمْ مِنَ الْقِتَالِ فِي دُورِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، وَحَفِظَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ وَعَزَمَ لَهُ عَلَى رُشْدِهِ، فَأَمَرَ أَنْ يُهْدَمَ الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى مِنْ دُورِهِمْ، وَبِالنَّخْلِ أَنْ تُحَرَّقَ وَتُقَطَّعَ، وَكَفَّ اللَّهُ أَيْدِيَهُمْ وَأَيْدِي الْمُنَافِقِينَ فَلَمْ يَنْصُرُوهُمْ، وَأَلْقَى فِي قُلُوبِ الْفَرِيقَيْنِ الرُّعْبَ, ثُمَّ جَعَلَتِ الْيَهُودُ كُلَّمَا خَلُصَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ هَدْمِ مَا يلي مدينتهم، ألقى الله في

_ 1 "المائدة: 11"، وسبب النزول: ضعيف.

قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، فَهَدَمُوا الدُّورَ الَّتِي هُمْ فِيهَا مِنْ أَدْبَارِهَا، وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَخْرُجُوا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ يَهْدِمُونَ شَيْئًا فَشَيْئًا, فَلَمَّا كَادَتِ الْيَهُودُ أَنْ تَبْلُغَ آخِرَ دُورِهَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ الْمُنَافِقِينَ وَمَا كَانُوا مَنَّوْهُمْ، فَلَمَّا يَئِسُوا مِمَّا عِنْدَهُمْ، سَأَلُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي كَانَ عَرَضَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُجْلِيَهُمْ، وَلَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ الْإِبِلُ إِلَّا السِّلَاحَ. وَطَارُوا كُلَّ مُطَيَّرٍ، وَذَهَبُوا كُلَّ مَذْهَبٍ. وَلَحِقَ بَنُو أَبِي الْحَقِيقِ بِخَيْبَرَ وَمَعَهُمْ آنِيَةً كَثِيرَةً مِنْ فِضَّةٍ، فَرَآهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمُونَ. وَعَمَدَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ عَلَى قُرَيْشٍ، فَاسْتَغْوَاهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَبَيَّنَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ حَدِيثَ أَهْلِ النِّفَاقِ، وَمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْيَهُودِ، وَكَانُوا قَدْ عَيَّرُوا الْمُسْلِمِينَ حِينَ قَطَعُوا النَّخْلَ وَهَدَمُوا. فَقَالُوا: مَا ذَنْبُ الشَّجَرَةِ وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ مُصْلِحُونَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {سَبَّحَ لِلَّهِ} سورة الحشر. ثُمَّ جَعَلَهَا نَفْلًا لِرَسُولِهِ، فَقَسَّمَهَا فِيمَنْ أَرَاهُ اللَّهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. وَأَعْطَى مِنْهَا أَبَا دُجَانَةَ سِمَاكَ بْنَ خَرَشَةَ، وَسَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، الْأَنْصَارِيَّيْنِ. وَأَعْطَى -زَعَمُوا- سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ سَيْفَ ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ1. وَكَانَ إِجْلَاءُ بَنِي النَّضِيرِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ. وَأَقَامَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ فِي الْمَدِينَةِ فِي مَسَاكِنِهِمْ، لَمْ يُؤْمَرِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَتْلٍ وَلَا إِخْرَاجٍ حَتَّى فَضَحَهُمُ اللَّهُ بِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَبِجُمُوعِ الْأَحْزَابِ. هَذَا لَفْظُ مُوسَى، وَحَدِيثُ عُرْوَةَ بِمَعْنَاهُ، إِلَى إِعْطَاءِ سَعْدٍ السَّيْفَ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قطع نخل بني النضير وحق. وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: وَهَانَ عَلَى سُرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرٌ وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الزهري، عن مالك بن أوس، عَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ. فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِصَةً يُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَمَا بَقِيَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ والسلاح عدة في سبيل الله. أخرجاه3.

_ 1 أورده القرطبي في "تفسير" "18/ 9". 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "4032" باب "14" حديث بني النضير، ومسلم في "صحيحه" في "الجهاد" "1746/ 30" باب "10" جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها. واللينة. النخل كله إلا العجوة؛ قاله الزهري وغيره. 3 أخرجه مسلم في "صحيحه" في الجهاد والسير "1757/ 49" باب "15" حكم الفيء.

سرية زيد بنحارثة إلى القردة، غزوة قرقرة الكدر

سرية زيد بنحارثة إلى القردة، غزوة قرقرة الكدر: سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى الْقَرَدَةِ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَسَرِيَّةُ زَيْدٍ الَّتِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، حِينَ أَصَابَ عِيرَ قُرَيْشٍ؛ وَفِيهَا أَبُو سُفْيَانَ؛ عَلَى الْقَرَدَةِ؛ مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ نَجْدٍ. وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهَا أَنَّ قُرَيْشًا خَافُوا طَرِيقَهُمُ الَّتِي كَانُوا يَسْلُكُونَ إِلَى الشَّامِ حِينَ جَرَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ، فسلكوا طريق العراق, فخرج منها تُجَّارٌ فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ، وَاسْتَأْجَرُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ يُقَالُ لَهُ: فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ يَدُلُّهُمْ. فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَلَقِيَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ، فَأَصَابَ تِلْكَ الْعِيرَ وَمَا فيها، وأعجزهم الرجال، فقدم بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. غَزْوَةُ قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: إِنَّهَا فِي الْمُحرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ, وَهِيَ نَاحِيَةُ مَعْدِنِ بَنِي سُلَيْمٍ, وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ. وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلَغَهُ أَنَّ بِهَذَا الْمَوْضِعِ جَمْعًا مِنْ سُلَيْمٍ وَغَطَفَانَ, فَلَمْ يَجِدْ فِي الْمَجَالِ أَحَدًا، وَوَجَدَ رِعَاءً مِنْهُمْ غُلَامٌ يُقَالُ لَهُ يَسَارٌ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ ظَفَرَ بِالنَّعَمِ، فَانْحَدَرَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَاقْتَسَمُوهَا بِصِرَارٍ؛ على ثلاث أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَتِ النَّعَمُ خَمْسَمِائَةِ بَعِيرٍ، وَأَسْلَمَ يَسَارٌ. الْقَرْقَرَةُ أَرْضٌ مَلْسَاءُ، وَالْكُدْرُ طَيْرٌ فِي أَلْوَانِهَا كُدْرَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرَارَةُ الْكُدْرِ؛ يَعْنِي أَنَّهَا مُسْتَقَرُّ هَذَا الطَّيْرِ.

مقتل كعب بن الأشرف

مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَصَالِحُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، قَالَا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ بَشِيرَيْنِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ فَبَعَثَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلَى أَهْلِ السَّافِلَةِ، وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى أَهْلِ الْعَالِيَةِ، فَبَشَّرُوا وَنَعَوْا أَبَا جَهْلٍ وَعُتْبَةَ وَالْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ قَالَ: وَيْلَكُمْ، أَحَقٌّ هَذَا؟ هَؤُلَاءِ مُلُوكُ الْعَرَبِ وَسَادَةُ الناس. ثم خرج إلى أَبِي وَدَاعَةَ، فَجَعَلَ يَبْكِي عَلَى قَتْلَى قُرَيْشٍ، وَيُحَرِّضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: طَحَنَتْ رَحَى بَدْرٍ لِمَهْلِكِ أَهْلِهَا ... وَلِمِثْلِ بَدْرٍ تَسْتَهِلُّ وَتَدْمَعُ قُتِلَتْ سُرَاةُ النَّاسِ حَوْلَ حِياضِهِمْ ... لا تَبْعُدُوا إِنَّ الْمُلُوكَ تُصَرَّعُ كَمْ قَدْ أُصِيبَ بِهَا مِنْ أَبْيَضَ مَاجِدٍ ... ذِي بَهْجَةٍ تَأْوِي إِلَيْهِ الضِّيَعُ وَيَقُولُ أَقْوَامٌ أُذَلُّ بِسَخْطِهِمْ ... إِنَّ ابْنَ الْأَشْرَفِ ظَلَّ كَعْبًا يَجْزَعُ صَدَقُوا فَلَيْتَ الْأَرْضَ سَاعَةَ قُتِّلُوا ... ظَلَّتْ تَسُوخُ بِأَهْلِهَا وَتَصَدَّعُ نُبِّئْتُ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ كُلَّهُمْ ... خَشَعُوا لِقَوْلِ أَبِي الْوَلِيدِ وَجَدَّعُوا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ, فَشَبَّبَ1 بِأُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ: أَرَاحِلٌ أَنْتَ لَمْ تَحْلُلْ بِمَنْقَبَةٍ ... وَتَارِكٌ أَنْتَ أُمَّ الْفَضْلِ بِالْحَرَمِ فِي كَلَامٍ لَهُ, ثُمَّ شَبَّبَ بِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى آذَاهُمْ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: كَانَ ابْنُ الْأَشْرَفِ قَدْ آذَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْهِجَاءِ، وَرَكِبَ إِلَى قُرَيْشٍ فقدم عليهم فاستغواهم على رسول الله، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ: أُنَاشِدُكَ اللَّهَ، أَدِينُنَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَمْ دِينُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ؟ قَالَ: أَنْتُمْ أَهْدَى مِنْهُمْ سَبِيلًا. ثُمَّ خَرَجَ مُقْبِلًا قَدْ أَجْمَعَ رَأْيَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعْلِنًا بِعَدَاوَتِهِ وَهِجَائِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْجَمَّالُ الْمَخْرَمِيُّ -الَّذِي قَالَ فِيهِ ابْنُ عَدِيِّ: كَانَ عِنْدِي مِمَّنْ يَسْرِقُ الْحَدِيثَ. قُلْتُ: لَكِنْ رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ- ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، ثَنَا عَمْرٌو، عن عكرمة،

_ 1 شبب الشاعر: ذكر أيام اللهو والشباب. وبفلانة: تغزل بها ووصف حسنها. المعجم الوجيز "333".

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ مَكَّةَ عَلَى قُرَيْشٍ فَحَالَفُوهُمْ عَلَى قِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالُوا لَهْمُ: أَنْتُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ الْقَدِيمِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَأَخْبِرُونَا عَنَّا وَعَنْ مُحَمَّدٍ، قَالُوا: مَا أَنْتُمْ وَمَا مُحَمَّدٌ؟ قَالُوا: نَحْنُ نَنْحَرُ الْكَوْمَاءَ وَنَسْقِي اللَّبَنَ عَلَى الْمَاءِ وَنَفُكُّ الْعُنَاةَ وَنَسْقِي الْحَجِيجَ، وَنَصِلُ الْأَرْحَامَ. قَالُوا: فَمَا مُحَمَّدٌ؟ قَالُوا: صُنْبُورٌ قَطَعَ أَرْحَامَنَا وَاتَّبَعَهُ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ بَنُو غِفَارٍ. قَالُوا: لَا، بَلْ أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَهْدَى سَبِيلًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51] الْآيَةَ1. قَالَ سُفْيَانُ: كَانَتْ غِفَارٌ سَرِقَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بن جعفر بن محمد بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وَلَحِقَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُعْلِنًا بِمُعَادَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهِجَائِهِ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا خَرَجَ مِنْهُ قَوْلَهُ: أَذَاهِبٌ أَنْتَ لَمْ تَحْلُلْ بِمَنْقَبَةٍ ... وَتَارِكٌ أَنْتَ أُمَّ الْفَضْلِ بِالْحَرَمِ صَفْرَاءُ رَادِعَةٌ لَوْ تُعْصَرُ انْعَصَرَتْ ... مِنْ ذِي الْقَوَارِيرِ وَالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ إِحْدَى بَنِي عَامِرٍ هَامَ الْفُؤَادُ بِهَا ... وَلَوْ تَشَاءُ شَفَتْ كَعْبًا من السقم لم أر شَمْسًا بِلَيْلٍ قَبْلَهَا طَلَعَتْ ... حَتَّى تَبَدَّتْ لَنَا فِي لَيْلَةِ الظُّلَمِ وَقَالَ: طَحَنَتْ رَحَى بَدْرٍ لِمَهْلِكِ أَهْلِهَا "الْأَبْيَاتَ". فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا: "مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ؟ فَقَدْ آذَانَا بِالشِّعْرِ وَقَوَّى الْمُشْرِكِينَ عَلَيْنَا". فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَأَنْتَ". فَقَامَ فَمَشَى ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: إِنِّي قَائِلٌ. قَالَ: "فَأَنْتَ فِي حِلٍّ". فَخَرَجَ مُحَمَّدٌ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، حَتَّى أَتَى كَعْبًا وَهُوَ فِي حَائِطٍ, فَقَالَ: يَا كَعْبُ جِئْتُ لِحَاجَةٍ؛ الْحَدِيثَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ"؟ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعَجِبَ إِلَيْكَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا. قال:

_ 1 "إسناده حسن": أورده ابن كثير في "تفسيره" "2/ 295"، قال الدكتور أبو عمر نادي الأزهري في "المقبول من أسباب النزول" "220": وهي طريق جيدة إلى ابن عباس وإسنادها حسن. قلت: والحديث له شواهد. والصنبور: الأبتر الذي لا عقب له.

"قُلْ". فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ, فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَقَدْ عَنَّانَا، وَإِنِّي قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ. قَالَ: وَأَيْضًا لَتَمَلَّنَّهُ. قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسَلِّفَنَا. قَالَ: ارْهَنُونِي نساءكم. قال: كيف نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ؟ قَالَ: فَارْهَنُونِي أبناءك. قَالَ: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا, فَيُقَالُ: رَهْنٌ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ؟ قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ؟ قَالَ: نَرْهَنُكَ الَّلأَمَةَ. فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ لَيْلًا، فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ، وَهُوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُ مِنَ الْحِصْنِ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِي أَبُو نَائِلَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِيَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لَأَجَابَ. قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنِّي إِذَا مَا جَاءَ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعْرِهِ, فَأَشَمُّهُ ثُمَّ أُشِمُّكُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي أُثَبِّتُ يَدَيَّ فَدُونَكُمْ. فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا، وَهُوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا، أَيْ: أَطْيَبَ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشَمَّ رَأْسَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَشَمَّهُ ثُمَّ شَمَّ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي؟ يَعْنِي ثَانِيًا. قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ: دُونَكُمْ. فَضَرَبُوهُ فَقَتَلُوهُ. وَأَتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيَّ كَانَ شَاعِرًا، وَكَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفَّارَ قُرَيْشٍ فِي شِعْرِهِ, وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَأَهْلُهَا أَخْلَاطٌ، مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَمِنْهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ، وَمِنْهُمُ الْيَهُودُ، وَهُمْ أَهْلُ الْحَلَقَةِ وَالْحُصُونِ، وَهُمْ حُلَفَاءُ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ اسْتِصْلَاحَهُمْ كُلَّهُمْ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَكُونُ مُسْلِمًا وَأَبُوهُ مُشْرِكٌ وَأَخُوهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ يُؤْذُونَهُ أَشَدَّ الْأَذَى، فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِينَ بِالصَّبْرِ وَالْعَفْوِ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران: 186] ، وَقَالَ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ

_ 1 راجع: سيرة ابن هشام" "2/ 51-57"، و"صحيح البخاري" "1/ 341"، و"سنن أبي داود" مع "عون المعبود" "2/ 42".

بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: 109] ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ أَنْ يَبْعَثَ رَهْطًا لِيَقْتُلُوا كَعْبًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ سَعْدَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَأَبَا عَبْسٍ، والحارث ابن أَخِي سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي خَمْسَةِ رَهْطٍ أَتَوْهُ عَشِيَّةً، وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِمْ بِالْعَوَالِي. فَلَمَّا رَآهُمْ كَعْبٌ أَنْكَرَهُمْ وَكَادَ يُذْعَرُ مِنْهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: جَاءَتْ بِنَا إِلَيْكَ الْحَاجَةُ. قَالَ: فَلْيَدْنُ إِلَيَّ بَعْضُكُمْ فَلْيُحَدِّثَنِي بِهَا. فَدَنَا إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: جِئْنَاكَ لِنَبِيعَكَ أَدْرَاعًا لَنَا لِنَسْتَنْفِقَ أَثْمَانَهَا. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَقَدْ جُهِدْتُمْ، قَدْ نَزَلَ بِكُمْ هَذَا الرَّجُلُ. فَوَاعَدَهُمْ أَنْ يَأْتُوهُ عِشَاءً حِينَ يَهْدَأُ عَنْهُمُ النَّاسُ. فَجَاءُوا فَنَادَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَامَ لِيَخْرُجَ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: مَا طَرَقُوكَ سَاعَتَهُمْ هَذِهِ لِشَيْءٍ تُحِبُّ. فَقَالَ: بَلْ إِنَّهُمْ قَدْ حَدَّثُونِي حَدِيثَهُمْ. فَاعْتَنَقَهُ أَبُو عَبْسٍ، وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بِالسَّيْفِ، وَطَعَنَهُ بَعْضُهُمْ بِالسَّيْفِ فِي خَاصِرَتِهِ. فَلَمَّا قَتَلُوهُ فَزِعَتِ الْيَهُودُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَصْبَحُوا فَقَالُوا: إِنَّهُ طُرِقَ صَاحِبُنَا اللَّيْلَةَ وَهُوَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا فَقُتِلَ، فَذَكَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي كان يقول فِي أَشْعَارِهِ. وَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَكْتُبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كِتَابًا، فَكَتَبَ بَيْنَهُمْ صَحِيفَةً، وَكَانَتْ تِلْكَ الصَّحِيفَةُ بَعْدَهُ عِنْدَ عَلِيٍّ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ1. وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ كَانَ مَعَهُمْ، فَأُصِيبَ فِي وَجْهِهِ بِالسَّيْفِ أَوْ رِجْلِهِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَمَشَى مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، ثُمَّ وَجَّهَهُمْ وَقَالَ: "انْطَلِقُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ". وَذَكَرَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِأَطْوَلِ مِمَّا هُنَا وَأَحْسَنَ عِبَارَةً، وَفِيهِ: فَاجْتَمَعَ فِي قَتْلِهِ مُحَمَّدٌ، وَسِلْكَانُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ؛ وَهُوَ أَبُو نَائِلَةَ الْأَشْهَلِيُّ, وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ الْحَارِثِيُّ. فَقَدَّمُوا إِلَى ابْنِ الْأَشْرَفِ سِلْكَانَ، فَجَاءَهُ فَتَحَدَّثَ مَعَهُ سَاعَةً وَتَنَاشَدَا شِعْرًا، ثُمَّ قال: ويحك يا ابن الْأَشْرَفِ، إِنِّي قَدْ جِئْتُ لِحَاجَةٍ أُرِيدُ ذِكْرَهَا لَكَ فَاكْتُمْ عَنِّي. قَالَ: أَفْعَلُ. قَالَ: قَدْ كان قدوم هذا الرجل علينا

_ 1 في "سنه" وأصله في "الصحيح" كما تقدم آنفًا.

بَلَاءً مِنَ الْبَلَاءِ عَادَتْنَا الْعَرَبُ وَرَمَوْنَا مِنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، وَقُطِعَتْ عَنَّا السُّبُلُ حَتَّى ضَاعَ العيال وجهدنا. فقال ابن الأشرف: أما والله لقد أخبرتك يابن سلامة أن الأمر سيسير. إِلَى مَا أَقُولُ. فَقَالَ: إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَبِيعَنَا طَعَامًا وَنَرْهَنُكَ وَنُوثِّقَ لَكَ، وَتُحْسِنُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَتَرْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ؟ قَالَ: لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَفْضَحَنَا، إِنَّ مَعِي أَصْحَابًا لِي عَلَى مِثْلِ رَأْيِي، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ آتِيكَ بِهِمْ فَتَبِيعَهُمْ، وَتُحْسِنَ فِي ذَلِكَ، وَنَرْهَنُكَ مِنَ الْحَلْقَةِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ. قَالَ: فَرَجَعَ سِلْكَانُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا السِّلَاحَ ثُمَّ يَنْطَلِقُوا فَيَجْتَمُعُوا إِلَيْهِ. وَاجْتَمَعُوا، وَسَاقَ الْقِصَّةَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَأَطْلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتْلَ الْيَهُودِ، وَقَالَ: مَنْ ظَفِرْتُمْ بِهِ مِنَ الْيَهُودِ فَاقْتُلُوهُ. وَحِينَئِذٍ أَسْلَمَ حُوَيَّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ. وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهُ أخوه محيصة. فقتل محيصةُ ابنَ سُنَيْنَةَ الْيَهُودِيَّ التَّاجِرَ، فَقَامَ مُحَيِّصَةُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَجَعَلَ يَضْرِبُ أَخَاهُ وَيَقُولُ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ قَتَلْتَهُ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَرُبَّ شَحْمٍ فِي بَطْنِكَ مِنْ مَالِهِ1. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَمَرَنِي بِقَتْلِهِ مَنْ لَوْ أَمَرَنِي بِقَتْلِكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ. قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ دِينًا بَلَغَ بِكَ هَذَا لَعَجَبٌ. فَأَسْلَمَ حُوَيِّصَةُ. وَفِي رَمَضَانَ: وُلِدَ السَّيِّدُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ: تَزَوَّجَ أَيْضًا بِزَيْنَبَ بِنْتِ خُزَيْمَةَ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَهِيَ أُمُّ الْمَسَاكِينِ، فَعَاشَتْ عِنْدَهُ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَتُوُفِّيَتْ. وَقِيلَ: أَقَامَتْ عِنْدَهُ ثمانية أشهر، والله تعالى أعلم.

_ 1 "إسناده ضعيف": أخرجه أبو داود "3002"، وقال الشيخ الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "648": ضعيف.

غزوة أحد

غَزْوَةُ أُحُدٍ: وَكَانَتْ فِي شَوَّالٍ قَالَ شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ: وَاقَعَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ بَعْدَ بَدْرٍ فِي شَوَّالٍ، يَوْمَ السَّبْتِ لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَوَّالٍ. وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَوْمَئِذٍ سَبْعَمِائَةٍ، وَالْمُشْرِكُونَ أَلْفَيْنِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ الْقِتَالُ يَوْمَئِذٍ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ. وَقَالَ بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ بَقَرًا، وَاللَّهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ النَّفَرُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا يَوْمَ بَدْرٍ". أَخْرَجَاهُ1. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَهُ الْمُشْرِكُونَ كَانَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُقِيمَ بِالْمَدِينَةِ فَيُقَاتِلُهُمْ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ نَاسٌ لَمْ يَكُونُوا شَهِدُوا بَدْرًا: يَخْرُجُ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمْ نُقَاتِلُهُمْ بِأُحُدٍ، وَرَجَوْا أَنْ يُصِيبُوا مِنَ الْفَضِيلَةِ مَا أَصَابَ أَهْلُ بَدْرٍ. فَمَا زَالُوا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى لَبِسَ أَدَاتَهُ، ثُمَّ نَدِمُوا وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقِمْ فَالرَّأْيُ رَأْيُكَ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَضَعَ أَدَاتَهُ بَعْدَ أَنْ لَبِسَهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ". قَالُوا: وَكَانَ مَا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أَنْ يَلْبَسَ الْأَدَاةَ: "إِنِّي رَأَيْتَ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ, وَأَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا فَأَوَّلْتُهُ كَبْشَ الْكَتِيبَةِ، وَرَأَيْتُ أَنَّ سَيْفِي ذَا الْفَقَارِ فُلَّ فَأَوَّلْتُهُ فَلًّا فِيكُمْ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ" 2. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ في خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- إِلَى أُحُدٍ، قَالَ: حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشَّوْطِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَأُحُدٍ، انْخَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بِقَرِيبٍ مِنْ ثُلُثِ الْجَيْشِ. وَمَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ وَهُمْ فِي سَبْعِمِائَةٍ. وَتَعَبَّأَتْ قُرَيْشٌ وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَمَعَهُمْ مِائَتَا فَرَسٍ قَدْ جَنَّبُوهَا، وَجَعَلُوا عَلَى مَيْمَنَةِ الْخَيْلِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهَا عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

_ 1 يَعْنِي: البخاري ومسلم. 2 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 351"، ورجاله رجال الصحيح. انظر: "المجمع" "6/ 107"، وله شاهد في "صحيح البخاري" "7035".

وَالْمُسْلِمُونَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَالْمُشْرِكُونَ ثَلَاثَةُ آلافٍ. فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُحُدًا، وَرَجَعَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فِي ثَلَاثِمَائَةٍ، فَسَقَطَ فِي أَيْدِي الطَّائِفَتَيْنِ، وَهَمَّتَا أَنْ تَفْشَلا؛ وَالطَّائِفَتَانِ: بَنُو سَلَمَةَ وَبَنُو حَارِثَةَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} [آل عمران: 122] ؛ بَنُو سَلَمَةَ وَبَنُو حَارِثَةَ، مَا أَحَبُّ أَنَّهَا لم تنزل لقوله: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُحُدٍ، رَجَعَ نَاسٌ خَرَجُوا مَعَهُ. فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِرْقَتَيْنِ؛ فِرْقَةً تَقُولُ: نُقَاتِلُهُمْ. وَفِرْقَةً تَقُولُ: لَا نُقَاتِلُهُمْ. فَنَزَلَتْ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88] ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا طَيِّبَةٌ تَنْفِي الْخَبِيثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] ؛ وَقَالَ مَيَّزَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ أُحُدٍ؛ كَمَا حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، وَالْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُمْ، كُلٌّ قَدْ حَدَّثَ بَعْضَ الْحَدِيثَ، وَقَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ كُلُّهُ فِيمَا سُقْتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ؛ أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ لَمَّا أُصِيبَ مِنْهُمْ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ، وَرَجَعَ فَلُّهُمْ إِلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِالْعِيرِ، مَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ أُصِيبَ آبَاؤُهُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَإِخْوَانُهُمْ بِبَدْرٍ، فَكَلَّمُوا أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ كَانَ لَهُ فِي تِلْكَ الْعِيرِ تِجَارَةٌ، فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وَتَرَكُمْ وَقَتَلَ خِيَارَكُمْ، فَأَعِينُونَا بِهَذَا الْمَالِ عَلَى حَرْبِهِ لَعَلَّنَا نُدْرِكُ مِنْهُ ثَأْرًا بِمَنْ أَصَابَ مِنَّا. فَاجْتَمَعُوا لحرب رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُ الْعِيرِ بِأَحَابِيشِهَا وَمَنْ أَطَاعَهَا مِنْ قَبَائِلِ كِنَانَةَ وَأَهْلِ تِهَامَةَ. وَكَانَ أَبُو عَزَّةَ الْجُمَحِيُّ قَدْ مَنَّ عَلَيْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ ذا عيال وحاجة،

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "4051"، ومسلم في "فضائل الصحابة" "2505". 2 أخرجه البخاري في "المغازي" باب: "غزوة أحد"، ومسلم في كتاب "المناسك" باب: "المدينة تنفي شرارها"، والترمذي في "التفسير" "3036"، وغيرهم.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي فَقِيرٌ ذُو عِيَالٍ وَحَاجَةٍ، فَامْنُنْ عَلَيَّ. فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ: يَا أَبَا عَزَّةَ، إِنَّكَ امْرُؤٌ شَاعِرٌ، فَأَعِنَّا بِلِسَانِكَ فَاخْرُجْ مَعَنَا، فَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَنَّ عَلِيَّ فَلَا أُرِيدُ أَنْ أُظَاهِرَ عَلَيْهِ. قَالَ: بَلَى، فَأَعِنَّا بِنَفْسِكَ، فَلَكَ اللَّهُ عَلَيَّ إن رجعت أَنْ أُعِينَكَ، وَإِنْ أُصِبْتَ أَنْ أَجْعَلَ بَنَاتِكَ مَعَ بَنَاتِي يُصِيبُهُنَّ مَا أَصَابَهُنَّ مِنْ عُسْرٍ وَيُسْرٍ. فَخَرَجَ أَبُو عَزَّةَ يَسِيرُ فِي تِهَامَةَ ويدعو كنانة، ويقول: إِيهًا بَنِي عَبْدِ مَنَاةَ الرُّزَامَ ... أَنْتُمْ حُمَاةٌ وَأَبُوكُمْ حَامْ لَا يَعْدُونِي نَصْرُكُمْ بَعْدَ الْعَامِ ... لَا تُسْلِمُونِي لَا يَحِلُّ إِسْلَامْ وَخَرَجَ مُسَافِعُ بْنُ عَبْدِ مَنَافَ الْجُمَحِيُّ إِلَى بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ يَدْعُوهُمْ إِلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَقُولُ شِعْرًا. وَدَعَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ غُلَامًا لَهُ حَبَشِيًّا يُقَالُ لَهُ وَحْشِيٌّ، يَقْذِفُ بِحَرْبَةٍ لَهُ قَذْفَ الْحَبَشَةِ قَلَّمَا يُخْطِئُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ مَعَ النَّاسِ فَإِنْ أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي طُعَيْمَةَ بْنِ عَدِيٍّ فَأَنْتَ عَتِيقٌ. فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ بِحَدِّهَا وَحَدِيدِهَا وَأَحَابِيشِهَا وَمَنْ تَابَعَهَا، وَخَرَجُوا مَعَهُمْ بِالظَّعْنِ الْتِمَاسَ الْحَفِيظَةِ وَأَنْ لَا يَفِرُّوا, وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ -وَهُوَ قَائِدُ النَّاسِ- بِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ، وَخَرَجَ عِكْرِمَةُ بِأُمِّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، حَتَّى نَزَلُوا بِعَيْنَيْنِ بِجَبَلِ أُحُدٍ بِبَطْنِ السَّبْخَةِ مِنْ قَنَاةٍ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي مُقَابِلَ الْمَدِينَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدَعُوهُمْ حيث نزلوا، فإن أقاموا أَقَامُوا بِشَرِّ مَقَامٍ، وَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فِيهَا". وَكَانَ يَكْرَهُ الْخُرُوجَ إِلَيْهِمْ, فَقَالَ رِجَالٌ مِمَّنْ فَاتَهُ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اخْرُجْ بِنَا إِلَيْهِمْ لَا يَرَوْنَ أَنَّا جَبُنَّا عَنْهُمْ. فَلَمْ يَزَالُوا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى دَخَلَ فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ1، وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ فَرِغَ النَّاسُ مِنَ الصَّلَاةِ, فَذَكَرَ خُرُوجَهُ وَانْخِزَالَ ابْنِ أُبَيٍّ بِثُلُثِ النَّاسِ، فَاتَّبَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ وَالِدُ جَابِرٍ، يَقُولُ: أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ أَنْ تَخْذِلُوا قَوْمَكُمْ وَنَبِيَّكُمْ. قَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكُمْ تُقَاتِلُونَ لَمَا أَسْلَمْنَاكُمْ، وَلَكِنَّا لَا نَرَى أَنَّهُ يَكُونَ قِتَالٌ. وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: يَا رسول الله، أَلَا نَسْتَعِينُ بِحُلَفَائِنَا مِنْ يَهُودَ؟ قَالَ: "لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِمْ". وَمَضَى حَتَّى نَزَلَ الشِّعْبَ مِنْ أُحُدٍ فِي عُدْوَةِ الْوَادِي إِلَى الْجَبَلِ، فجعل ظهره

_ 1 اللأمة: أداة الحرب كلها من رمح وبيضة ومعفر وسيف ودرع. "المعجم الوجيز" "548". 2 معناها النفي أي: لا تخذلوا قومكم ونبيكم.

وَعَسْكَرَهُ إِلَى أُحُدٍ، وَقَالَ: "لَا يُقَاتِلَنَّ أَحَدٌ حتى نأمره بِالْقِتَالِ". وَتَعَبَّأَ لِلْقِتَالِ وَهُوَ فِي سَبْعِمِائَةٍ، وَأَمَّرَ عَلَى الرُّمَاةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ وَهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا، فَقَالَ: "انْضَحُوا عَنَّا الْخَيْلَ بِالنَّبْلِ، لَا يَأْتُونَا مِنْ خَلْفِنَا، إِنْ كَانَتْ لَنَا أو علينا، فاثبت مكانك لا نؤتين مَنْ قِبَلِكَ". وَظَاهِرْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ دِرْعَيْنِ، وَدَفَعَ اللِّوَاءَ إِلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَتَعَبَّأَتْ قُرَيْشٌ وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَمَعَهُمْ مِائَتَا فَرَسٍ قَدْ جَنَّبُوهَا فَجَعَلُوا عَلَى الْمَيْمَنَةِ خَالِدًا، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ عِكْرِمَةَ. وَقَالَ سلام بن مسكين، عن قتادة، عن سعيد بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ مِرْطًا أَسْوَدَ1 كَانَ لِعَائِشَةَ، وَرَايَةُ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا الْعُقَابُ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ عَلِيٌّ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو السَّاعِدِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ كَانَ عَلَى الرِّجَالِ، وَيُقَالُ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَكَانَ حَمْزَةُ عَلَى الْقَلْبِ، وَاللِّوَاءُ مَعَ مُصْعَبٍ، فَقُتِلَ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا: قَالَ: وَيُقَالُ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَلْوِيَةٍ، لِوَاءً إِلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ لِلْمُهَاجِرِينَ، وَلِوَاءً إِلَى عَلِيٍّ، وَلِوَاءً إِلَى الْمُنْذِرِ. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أَخَذَ سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟ فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ: أَنَا، أَنَا. فَقَالَ مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ؟ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو دجانة سماك: أنا آخذه بحقه. قال: فأخذه ففلق به هام الْمُشْرِكِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَتَّى قَامَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، أَخُو بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالَ: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: أَنْ تَضْرِبَ بِهِ فِي الْعَدُوِّ حَتَّى يَنْحَنِي. قَالَ: فَأَنَا آخِذُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَكَانَ أَبُو دُجَانَةَ رَجُلًا شُجَاعًا يَخْتَالُ عِنْدَ الْحَرْبِ، وَكَانَ إِذَا قَاتَلَ عَلَّمَ بِعِصَابَةٍ لَهُ حَمْرَاءَ فَاعْتَصَبَ بِهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ. فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال حين رَآهُ يَتَبَخْتَرُ: "إِنَّهَا لَمِشْيَةٌ يَبْغَضُهَا اللَّهُ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ" 3. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عاصم الكلابي: حدثني عبيد الله بن الوزاع، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ

_ 1 المرط: كساء من خز أو صوف أو كتاب يؤترز به وتتلفع به المرأة. 2 في "صحيحه" برقم "2470". 3 "ضعيف": قال الهيثمي في "المجمع" "6/ 109": أخرجه الطبراني، وفيه من لم أعرفه.

فَقَالَ: "مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ"؟ فَقُمْتُ فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَعْرَضَ عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: "مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ"؟ فَقَامَ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ, فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: "أَنْ لَا تَقْتُلْ بِهِ مُسْلِمًا وَلَا تَفِرَّ بِهِ عَنْ كَافِرٍ". قَالَ: فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ الْقِتَالَ أَعْلَمَ بِعِصَابَةٍ، فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ الْيَوْمَ كَيْفَ يَصْنَعُ. قَالَ: فَجَعَلَ لَا يَرْتَفِعُ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا هَتَكَهُ وَأَفْرَاهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى نِسْوَةٍ فِي سَفْحِ جَبَلٍ مَعَهُنَّ دُفُوفٌ لَهُنَّ، فِيهُنَّ امْرَأَةٌ وَهِيَ تَقُولُ: نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقْ ... نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقْ إِنْ تُقْبِلُوا نُعَانِقْ ... أَوْ تُدْبِرُوا نفارق فراق غير وامق قال: فأهوى بالسيف إِلَى امْرَأَةٍ لِيَضْرِبَهَا، ثُمَّ كَفَّ عَنْهَا. فَلَمَّا انْكَشَفَ الْقِتَالُ قُلْتُ لَهُ: كُلُّ عَمَلِكَ رَأَيْتُ مَا خَلا رَفْعَكَ السَّيْفِ عَلَى الْمَرْأَةِ ثُمَّ لَمْ تَضْرِبْهَا. قَالَ أَكْرَمْتُ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَقْتُلَ بِهِ امْرَأَةً1. وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْلَمَ، مَوْلَى عُمَرَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ حِينَ رَأَى أَبَا دُجَانَةَ يَتَبَخْتَرُ: "إِنَّهَا لَمِشْيَةٌ يَبْغَضُهَا اللَّهُ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ". وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ، إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ خَرَجَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَدَعَا إِلَى الْبِرَازِ، فَأَحْجَمَ النَّاسُ عَنْهُ حَتَّى دَعَا ثَلَاثًا، وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَوَثَبَ حَتَّى اسْتَوَى مَعَهُ عَلَى بَعِيرُهُ، ثُمَّ عَانَقَهُ فَاقْتَتَلَا فَوْقَ الْبَعِيرِ جَمِيعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الَّذِي يَلِي حَضِيضَ الْأَرْضِ مَقْتُولٌ". فَوَقَعَ الْمُشْرِكِ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَذَبَحَهُ. ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَّبَ الزُّبَيْرَ فَأَجْلَسَهُ عَلَى فَخْذِهِ وَقَالَ: "إن لكل نبي حواريًّا والزبير حواريي". قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَاقْتَتَلَ النَّاسُ حَتَّى حَمِيَتِ الْحَرْبُ، وَقَاتَلَ أَبُو دُجَانَةَ حَتَّى أَمْعَنَ فِي النَّاسِ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَآخَرُونَ. وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ -وَكَانُوا خَمْسِينَ- عَبْدَ الله بن جبير، وقال: "إذا رأيتمونا

_ 1 رجاله ثقات: أخرجه البزار. "المجمع" "6/ 9".

تَخَطَّفَنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ". قَالَ: فَهَزَمَهُمْ. فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ عَلَى الْجَبَلِ قَدْ بَدَتْ1 خَلَاخِيلُهُنَّ وَسُوقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ. فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْغَنِيمَةَ، أَيْ قَوْمَ، الْغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَهُمْ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: لَنَأْتِينَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ. فَأَتَوْهُمْ فَصُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ. فَلَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا. فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانُ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَنَهَاهُمْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُجِيبُوهُ. ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ ثَلَاثًا. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا. فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ. فَقَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ مُثْلَةً لَمْ أَمُرَّ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي. ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: اعْلُ هُبَلُ، اعْلُ هُبَلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تُجِيبُوهُ"؟ قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ". ثُمَّ قَالَ: لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تُجِيبُوهُ"؟ قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ؛ فَحَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ غَشِيَهُ الْقَوْمُ: "مَنْ رَجُلٍ يَشْرِي مِنَّا نَفْسَهُ"؟ فَقَامَ زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ فِي خَمْسَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ؛ وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: هُوَ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادِ بْنِ السَّكَنِ، فَقَاتَلُوا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَجُلٌ ثُمَّ رَجُلٌ يُقْتَلُونَ دُونَهُ، حَتَّى كَانَ آخِرُهُمْ زِيَادًا أَوْ عُمَارَةَ، فَقَاتَلَ حَتَّى أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ. ثُمَّ فَاءَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِئَةٌ فَأَجْهَضُوهُمْ عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أدنوه

_ 1 بدت. ظهرت. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" باب "غزوة أحد" "7/ 4043"، وأحمد في "المسند" "4/ 293"، وغيرهما.

مِنِّي". فَأَدْنُوهُ مِنْهُ، فَوَسَّدَهُ قَدَمَهُ، فَمَاتَ وَخَدُّهُ عَلَى قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَتَرَّسَ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو دُجَانَةَ بِنَفْسِهِ، يَقَعُ النَّبْلُ فِي ظَهْرِهِ، وَهُوَ منحنٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِ النَّبْلُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْرَدَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي سَبْعَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا رَهَقُوهُ قَالَ: "مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ، أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ"؟ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ؛ وَتَقَدَّمَ آخَرُ حَتَّى قُتِلَ. فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ، فَقَالَ لِصَاحِبَيْهِ: "مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي قَاتَلَ فِيهِنَّ غَيْرُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَسَعْدٌ؛ عَنْ حَدِيثِهِمَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلَّاءَ وَقَى بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَوْلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ، فَبَقِيَ مَعَهُ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ يَصْعَدُ فِي الْجَبَلِ، فَلَحِقَهُمُ الْمُشْرِكُونَ. فَقَالَ: "أَلَا أَحَدٌ لِهَؤُلَاءِ"؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "كَمَا أَنْتَ يَا طَلْحَةُ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: فَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَاتَلَ عَنْهُ، وَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ قُتِلَ الْأَنْصَارِيُّ فَلَحِقُوهُ فَقَالَ: "أَلَا أَحَدٌ لِهَؤُلَاءِ"؟ فَقَالَ طَلْحَةُ مِثْلَ قَوْلِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ قَوْلِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَذِنَ له فقاتل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ يَصْعَدُونَ، ثُمَّ قُتِلَ فَلَحِقُوهُ. فَلَمْ يَزَلْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ وَيَقُولُ طَلْحَةُ: أَنَا. فَيَحْبِسُهُ. وَيَسْتَأْذِنُهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَيَأْذَنُ لَهُ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا طَلْحَةُ، فَغَشَوْهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لِهَؤُلَاءِ"؟ فَقَالَ

_ 1 "ضعيف": أخرجه البيهقي في "الدلائل" "3/ 234"، والطبري في "تاريخه" "2/ 65"، ومحمود بن عمرو: ضعيف كما قال ابن حزم. 2 أخرجه مسلم -كما قال المصنف- في "صحيحه" "1789". 3 أخرجه البخاري عن قيس بن حازم "4063".

طَلْحَةُ: أَنَا. فَقَاتَلَ مِثْلَ قِتَالِ جَمِيعِ مَنْ كان قبله وأصيبت أَنَامِلُهُ، فَقَالَ: حَسِّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ قُلْتَ بِسْمِ اللَّهِ أَوْ ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ لَرَفَعَتْكَ الْمَلَائِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ حَتَّى تَلِجَ بِكَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ". ثُمَّ صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ1. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجُوبُ عَنْهُ بِحِجْفَةٍ مَعَهُ. وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ، كَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ بِالْجُعْبَةِ فِيهَا النَّبْلُ فَيَنْثُرُهَا لِأَبِي طَلْحَةَ. وَيُشْرِفُ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَا تُشْرِفُ يُصِبْكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ2. وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا مُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تَنْقِلَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ. وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَيْ طَلْحَةَ مِنَ النُّعَاسِ إِمَّا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ. وَقَاتَلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلَ قَتَلَهُ ابْنُ قَمِّيئَةَ اللَّيْثِيُّ، وَهُوَ يَظُنُّهُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فرجع إلى قُرَيْشٍ فَقَالَ: قَتَلْتُ مُحَمَّدًا. وَلَمَّا قُتِلَ مُصْعَبٌ أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللِّوَاءَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَرِجَالًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَاسْتَجْلَبَتْ قُرَيْشٌ مَنْ شَاءُوا مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَسَارَ أَبُو سُفْيَانَ فِي جَمْعِ قُرَيْشٍ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ: فَأَصَابُوا وَجْهَهُ، يَعْنِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَصَمُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَخَرَقُوا شَفَتَهُ. يَزْعُمُونَ أَنَّ الَّذِي رَمَاهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَعِنْدَهُ الْمَنَامُ، وَفِيهِ: "فَأُوِّلَتِ الدِّرْعُ الْحَصِينَةُ الْمَدِينَةَ، فَامْكُثُوا وَاجْعَلُوا الذَّرَارِي فِي الْآطَامِ، فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا فِي الْأَزِقَّةِ قَاتَلْنَاهُمْ وَرَمَوْا من فوق البيوت". وكانوا قد سكوا

_ 1 "حسن": أخرجه الحاكم مختصرًا "3/ 369"، معرفة الصحابة، وله طرق، ولذا قال الألباني -رحمه الله- في "السلسلة الصحيحة" "2171": الحديث حسن بمجموع هذه الطرق. وحس: كلمة تقال عند الألم. 2 أخرجه البخاري "7/ 289، 290"، وأحمد "1053".

أَزِقَّةَ الْمَدِينَةَ بِالْبَيَانِ حَتَّى كَانَتْ كَالْحِصْنِ. فَأَبَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا الْخُرُوجَ، وَعَامَّتُهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا بَدْرًا. قَالَ: وَلَيْسَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَرَسٌ. وَكَانَ حَامِلُ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ طَلْحَةُ بْنُ عُثْمَانَ، أَخُو شَيْبَةَ الْعَبْدَرِيِّ، وَحَامِلُ لِوَاءِ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ: أَنَا عَاصِمٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِمَا مَعِي، فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُثْمَانَ: هَلْ لَكَ فِي الْمُبَارَزَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَبَدَرَهُ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَضَرَبَ بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى وَقَعَ السَّيْفُ فِي لِحْيَتِهِ. فَكَانَ قَتْلُ صَاحِبِ الْمُشْرِكِينَ تَصْدِيقًا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ: "أَرَى أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا". فَلَمَّا صُرِعَ انْتَشَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- وأصحابه، وصاروا كتائب مُتَفَرِّقَةً، فَحَاسُوا الْعَدُوَّ ضَرْبًا1 حَتَّى أَجْهَضُوهُمْ عَنْ أَثْقَالِهِمْ. وَحَمَلَتْ خَيْلُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ تَنْضَحُ بِالنَّبْلِ فَتَرْجِعُ مَفْلُولَةً وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ فَنَهَكُوهُمْ قَتْلًا، فَلَمَّا أَبْصَرَ الرُّمَاةُ الْخَمْسُونَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَتَحَ، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَجْلِسُ هَهُنَا لِشَيْءٍ. فَتَرَكُوا مَنَازِلَهُمُ الَّتِي عَهِدَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لَا يَتْرُكُوهَا، وَتَنَازَعُوا وَفَشِلُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ -صلى الله عليه وسلم- فَأَوْجَفَتِ الْخَيْلُ فِيهِمْ قَتْلًا، وَكَانَ عَامَّتُهُمْ فِي الْعَسْكَرِ. فَلَمَّا أَبْصَرَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ اجْتَمَعُوا، وَصَرَخَ صَارِخٌ: أُخْرَاكُمْ أُخْرَاكُمْ، قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَسَقَطَ فِي أَيْدِيهِمْ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ، وَأَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِالشَّهَادَةِ. وَأُصْعِدَ النَّاسُ فِي الشِّعْبِ لَا يَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ، وَثَبَّتَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، وَأَقْبَلَ يَدْعُو أَصْحَابَهُ مُصَعِّدًا فِي الشِّعْبِ، وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى طَرِيقِهِ، وَمَعَهُ عِصَابَةٌ مِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالزُّبَيْرُ، وَجَعَلُوا يَسْتُرُونَهُ حَتَّى قُتِلُوا إِلَّا سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً. وَيُقَالُ: كَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ عَيْنَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ فُقِدَ، مِنْ وَرَاءِ الْمِغْفَرِ. فَنَادَى بِصَوْتِهِ الْأَعْلَى: اللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ -زَعَمُوا- رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنِ اسْكُتْ. وَجُرِحَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَجْهِهِ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ. وَكَانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حِينَ افْتُدِيَ: وَاللِّه إِنَّ عِنْدِي لَفَرَسًا أَعْلِفُهَا كُلَّ يَوْمٍ فَرْقَ ذُرَةٍ2، وَلَأَقْتُلَنَّ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا. فَبَلَغَ قَوْلُهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "بل أنا أقتله إن شاء

_ 1 حاسوا العدو ضربًا: بالغوا في النكاية بهم. 2 الفرق: بفتح الراء وإسكانها: مكيال يسع ستة عشر مدًّا، وقال بعضهم: يسع اثني عشر رطلا.

اللَّهُ". فَأَقْبَلَ أُبي مُقَنَّعًا فِي الْحَدِيدِ عَلَى فَرَسِهِ تِلْكَ يَقُولُ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا مُحَمَّدٌ. فَحَمَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ مُوسَى: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فَاعْتَرَضَ لَهُ رِجَالٌ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَلُّوا طَرِيقَهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقُتل مُصْعَبٌ. وَأَبْصَرَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ترقوة أُبي مِنْ فُرْجَةٍ بَيْنَ سَابِغَةِ الْبَيْضَةِ وَالدِّرْع، فَطَعَنَهُ فِيهَا بِحَرْبَتِهِ، فَوَقَعَ أُبَيٌّ عَنْ فَرَسِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ طَعْنَتِهِ دَمٌ. قَالَ سَعِيدٌ: فَكُسِرَ ضِلْعٌ مِنْ أَضْلاعِهِ، فَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] . فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ وَهُوَ يَخُورُ خُوَارَ الثَّوْرِ فَقَالُوا: مَا جَزَعُكَ؟ إِنَّمَا هُوَ خَدْشٌ. فَذَكَرَ لَهُمْ قول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ أَنَا أَقْتُلُ أُبَيًّا". ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي بِي بِأَهْلِ الْمَجَازِ لَمَاتُوا أَجْمَعُونَ. فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ مَكَّةَ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْظُرُ إِلَى خَدَمِ سُوقِ هِنْدٍ وَصَوَاحِبَاتِهَا مُشَمِّرَاتٍ هَوَارِبَ، مَا دُونَ إِحْدَاهُنَّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، إِذَا مَالَتِ الرُّمَاةُ إِلَى الْعَسْكَرِ حِينَ كَشَفْنَا الْقَوْمَ عَنْهُ يُرِيدُونَ النَّهْبَ، وَخَلَّوْا ظُهُورَنَا لِلْخَيْلِ، فَأَتَيْنَا مِنْ أَدْبَارِنَا، وَصَرَخَ صَارِخٌ: أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَانْكَفَأْنَا وَانْكَفَأَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ بَعْدَ أَنْ أَصَبْنَا أَصْحَابَ لِوَائِهِمْ، حَتَّى مَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمْ يَزَلْ لِوَاؤُهُمْ صَرِيعًا حَتَّى أَخَذَتْهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْحَارِثِيَّةُ، فَرَفَعَتْهُ لِقُرَيْشٍ فَلَاذُوا بِهِ. وَقَالَ وَرْقَاءُ، عَنِ ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله تعالى {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} أَيْ تَقْتُلُونَهُمْ، {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ} يَعْنِي إِقْبَالُ مَنْ أَقْبَلَ مِنْهُمْ عَلَى الْغَنِيمَةِ، {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} ، {مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} 2 يَعْنِي النَّصْرَ. ثُمَّ أُدِيلَ لِلْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِمْ بِمَعْصِيَتِهِمُ الرَّسُولَ حَتَّى حَصَبَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه الحاكم في "المستدرك" "2/ 327"، وصححه، وأقره الذهبي، وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 46" عن سعيد بن المسيب مرسلا، ورجاله ثقات. 2 [آل عمران: 152، 153] بتقديم وتأخير.

وَرَوَى السُّدِّيُّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ الدُّنْيَا حَتَّى نَزَلَتْ فِينَا: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152] 1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ هَزِيمَةً بَيِّنَةً، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أخراكم، فرجعت أولاهم وَاجْتَلَدُوا هُمْ وَأُخْرَاهُمْ. فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ، فَقَالَ: أَبِي، أَبِي. فَوَاللَّهِ مَا انْحَجَزُوا عَنْهُ حَتَّى قَتَلُوهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كَانَ حَمْزَةُ يُقَاتِلُ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِسَيْفَيْنِ، وَيَقُولُ: أَنَا أَسَدُ اللَّهِ. رَوَاهُ يُونُسُ بن بكير، عن ابن عون، عن عمير مُرْسَلًا3، وَزَادَ: فَعَثُرَ فَصُرِعَ مُسْتَلْقِيًا وَانْكَشَفَتِ الدِّرْعُ عَنْ بَطْنِهِ، فَزَرَقَهُ الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ فَبَقَرَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ إِلَى الشَّامِ. فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ نَسْأَلَهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. وَكَانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ، فَسَأَلْنَا عَنْهُ، فَقِيلَ لَنَا: هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ كَأَنَّهُ حَمِيتٌ4. فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ يَسِيرًا فَسَلَّمْنَا، فَرَدَّ عَلَيْنَا السلام. وكان عبيد الله معتجرًا بِعِمَامَتِهِ، مَا يَرَى وَحْشِيٌّ إِلَّا عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: يَا وَحْشِيُّ، تَعْرِفُنِي؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ، إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ الْخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِي الْعَيْصِ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا بِمَكَّةَ فَاسْتَرْضَعَتْهُ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلَامَ مَعَ أُمِّهِ فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ، لَكَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ. قَالَ: فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ, إن

_ 1 "إسناده حسن": رواه الإمام أحمد في "المسند" "1/ 463"، وابن أبي شيبة في "المصنف" "8/ 591"، وقال الهيثمي في "المجمع" "6/ 348": رجال الطبراني ثقات. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" باب: "إذ همت طائفتان" "4065". 3 أخرجه الحاكم "3/ 196"، وقال: صحيح، ووافقه الذهبي. 4 الحميت: الزق الصغير، الذي يجعل فيه السمن والعسل والزيت.

حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بِبَدْرٍ. فَقَالَ لِي مَوْلاي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ. فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ عَنْ عَيْنَيْنِ -وَعَيْنَيْنُ جَبَلٌ تَحْتَ أُحُدٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُحُدٍ وَادٍ1- خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ. فَلَمَّا أَنِ اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ خَرَجَ سِبَاعٌ2, فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ فَخَرَجَ إليه حمزة، فقال: يا سباع يابن مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ3، تُحَادُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ، فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ. قَالَ فَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ، فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فَأَضَعُهَا فِي ثُنَّتِهِ4 حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ وَرِكِهِ، فَكَانَ ذَاكَ الْعَهْدُ بِهِ. فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ، فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشَا فِيهَا الْإِسْلَامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ. قَالَ: وَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رُسُلًا، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَا تَهِيجُ الرُّسُلُ، فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ. فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: "أَنْتَ وَحْشِيٌّ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "الَّذِي قَتَلَ حَمْزَةَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَدْ كَانَ الْأَمْرُ الَّذِي بَلَغَكَ. قَالَ: "مَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ عَنِّي وَجْهَكَ"؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجَ مُسَيْلَمَةُ، قُلْتُ: لَأَخْرُجَنَّ إِلَيْهِ لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئُ بِهِ حَمْزَةَ. فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا كَانَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي ثُلْمَةِ جِدَارٍ كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرٌ رَأْسُهُ. قَالَ: فَأَرْمِيهِ بِحَرْبَتِي فَأَضَعَهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: فَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ: وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ5. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ذَكَرَ الزُّهْرِيُّ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ الْهَزِيمَةِ وَقَوْلُ النَّاسِ: قتل رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ. قَالَ: عَرَفْتُ عَيْنَيْهِ تُزْهِرَانِ مِنْ تَحْتِ الْمِغْفَرِ، فَنَادَيْتُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أَبشِروا؛ هَذَا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَشَارَ إِلَيِّ أَنْ أَنْصِتْ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ. فَلَمَّا أَسْنَدَ فِي الشِّعْبِ أَدْرَكَهُ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ وَهُوَ يَقْولُ: يَا مُحَمَّدُ، لَا نَجَوْتُ إن نجوت. الحديث.

_ 1 في البخاري: "عام عينين". 2 هو: سباع بن عبد العزى. 3 كانت أمة خاتنة. 4 الثنته: وسط الإنسان، وهي ما بين السرة إلى العانة. 5 أخرجه البخاري في "المغازي" باب: "قتل حمزة بن عبد المطلب" "4072" وغيره.

وَقَالَ هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ الزُّهْرِيُّ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، سَمِعَ سَعْدًا يَقُولُ: نَثَلَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَالَ: "ارْمِ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ يَوْمَئِذٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَنْهَضَ إليها، يعني إلى صخرة في الْجَبَلِ، فَجَلَسَ تَحْتَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى اسْتَوَى عَلَيْهَا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْجَبَ طَلْحَةُ" 2. وَقَالَ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: غَابَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ، عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلَهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ولئن اللَّهَ أَشْهَدَنِي قِتَالًا لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ؟ يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ، وَأَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ؛ يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ فَلَقِيَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: أَيْ سَعْدُ؛ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ، وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ! قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ. قَالَ أَنَسٌ: وَجَدْنَاهُ بَيْنَ الْقَتْلَى، بِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ جِرَاحَةً مِنْ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ وَطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، قَدْ مَثَّلُوا بِهِ فَمَا عَرَفْنَاهُ، حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. قَالَ أَنَسٌ: فَكُنَّا نَقُولُ: أُنْزِلَ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} ، أَنَّهَا فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، لَكِنَّ مسلم مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ3. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُقْيَشٍ كَانَ لَهُ رَبًّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَرِهَ أَنْ يُسْلِمَ حَتَّى يَأْخُذَهُ. فَجَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: أَيْنَ بَنُو عَمِّي؟ قَالُوا: بِأُحُدٍ. فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ وَرَكِبَ فَرَسَهُ ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا. قَالَ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ. فَقَاتَلَ حَتَّى جُرِحَ، فَحُمِلَ جَرِيحًا، فَجَاءَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ لِأُخْتِهِ: سَلِيهِ، حَمِيَّةً لِقَوْمِكَ أَوْ غَضَبًا لِلَّهِ؟ قَالَ: بَلْ غَضَبًا لِلَّهِ ورسوله.

_ 1 أخرجه البخاري في "الجهاد" "2905"، ومسلم في "فضائل الصحابة" "1876"، وغيرهما. 2 أخرجه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح. 3 أخرجه البخاري في "صحيحه" في كتاب "المغازي" "5/ 122" باب: غزوة أحد، ومسلم في "صحيحه" "6/ 45" كتاب الإمارة.

فَمَاتَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَا صَلَّى صَلَاةً. أَخْرَجَهُ أبو داود1. وقال حيوة بْنُ شُرَيْحٍ الْمِصْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ النَّضْرِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: أَتَى عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أُقْتَلَ، أَمْشِي بِرِجْلِي هَذِهِ صَحِيحَةً فِي الْجَنَّةِ؟ وَكَانَ أَعْرَجَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ". فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ هُوَ وَابْنُ أَخِيهِ وَمَوْلًى لَهُمْ، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "كَأَنِّي أَرَاكَ تَمْشِي بِرِجْلِكَ هَذِهِ صَحِيحَةً فِي الْجَنَّةِ". وَأَمَرَ بِهِمَا وَبِمَوْلَاهِمَا فَجُعِلَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ أَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا فَيَقْتُلُونِي ثُمَّ يَبْقُرُوا بَطْنِي وَيَجْدَعُوا أَنْفِي وَأُذُنِي، ثُمَّ تَسْأَلُنِي بِمَ ذَاكَ، فَأَقُولُ: فِيكَ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَبَرَّ اللَّهُ آخِرَ قَسَمَهُ كَمَا أَبَرَّ أَوَّلَهُ3. وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي الْمُوَفَّقِيَّاتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، أَنَّ سَيْفَهُ انْقَطَعَ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُرْجُونًا فَصَارَ فِي يَدِهِ سَيْفًا. فَكَانَ يُسمَّى الْعُرْجُونُ، وَلَمْ يَزَلْ يُتَنَاوَلُ حَتَّى بِيعَ مِنْ بُغَا التُّرْكِيِّ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ4. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ السَّابِقِينَ، أَسْلَمَ قَبْلَ دَارِ الْأَرْقَمِ، وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ هُوَ وَإِخْوَتُهُ وَشَهِدَ بَدْرًا. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَحْشِيِّ: ثَنَا أَشْيَاخُنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم أُحُدٍ وَقَدْ ذَهَبَ سَيْفُهُ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَسِيبًا مَنْ نَخْلٍ، فَرَجَعَ فِي يَدِ عَبْدِ اللَّهِ سَيْفًا. مُرْسَلٌ. عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم أحد لطلب

_ 1 "حسن": أخرجه أبو داود في كتاب "الجهاد" "2537" باب: فيمن يسلم، ويقتل مكانه، في سبيل الله، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2/ 22": حسن. 2 "الإصابة" "2/ 530". 3 أخرجه الحاكم "3/ 199، 200" من طريق سعيد بن المسيب، وقال: "صحيح على شرط الشيخين لولا إرسال فيه", ووافقه الذهبي. وقال الألباني: لكن له شاهد موصول وأخرجه البغوي كما في الإصابة. 4 "الإصابة" "2/ 286, 287".

سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَقَالَ لِي: إِنْ رَأَيْتَهُ فَاقِرَّهُ مِنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ: "يَقْولُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ كَيْفَ تَجِدُكَ"؟ فَجَعَلْتُ أَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى، فَأَصَبْتُهُ وَهُوَ فِي آخِرِ رَمَقٍ وَبِهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: "خَبِّرْنِي كَيْفَ تَجِدُكَ"؟ قَالَ: عَلَى رَسُولِ اللَّهِ السَّلَامُ وَعَلَيْكَ، قُلْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَقُلْ لِقَوْمِيَ الْأَنْصَارِ: لَا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ إِنْ خَلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُفْرٌ1 يَطْرِفُ. قَالَ: وَفَاضَتْ نَفْسُهُ2. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، ثُمَّ سَاقَهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَازِنِيِّ، مُنْقَطِعًا، فَهُوَ شَاهِدٌ لِمَا رَوَاهُ خَارِجَةُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ انْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى أَثْقَالِهِمْ3، لَا يَدْرِي الْمُسْلِمُونَ مَا يُرِيدُونَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ رَكِبُوا وَجَعَلُوا الْأَثْقَالَ تَتْبَعُ آثَارَ الْخَيْلِ، فَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَدْنُوا مِنَ الْبُيُوتِ وَالْآطَامِ الَّتِي فِيهَا الذَّرَارِي، وَأُقْسِمُ بالله لئن فعلوا لأوقعنهم فِي جَوْفِهَا، وَإِنْ كَانُوا رَكِبُوا الْأَثْقَالَ وَجَنَّبُوا الْخَيْلَ فَهُمْ يُرِيدُونَ الْفِرَارَ". فَلَمَّا أَدْبَرُوا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فِي آثَارِهِمْ. فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: رَأَيْتُهُمْ سَائِرِينَ عَلَى أَثْقَالِهِمْ وَالْخَيْلُ مَجْنُوبَةٌ. قَالَ: فَطَابَتْ أَنْفُسُ الْقَوْمِ، وَانْتَشَرُوا يَبْتَغُونَ قَتْلَاهُمْ. فَلَمْ يَجِدُوا قَتِيلًا إِلَّا مَثَّلُوا بِهِ، إِلَّا حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ، وَكَانَ أَبُوهُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَتُرِكَ لِأَجَلِهِ. وَزَعَمُوا أَنَّ أَبَاهُ وَقَفَ عَلَيْهِ قَتِيلًا فَدَفَعَ صَدْرَهُ برِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ: ذَنْبَانِ أَصَبْتَهُمَا، قَدْ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ فِي مَصْرَعِكَ هَذَا يَا دُبَيْسُ4، وَلَعَمْرِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ لَوَاصِلًا لِلرَّحِم بَرًّا بِالْوَالِدِ. وَوَجَدُوا حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ وَحُمِلَتْ كَبِدُهُ، احْتَمَلَهَا وَحْشِيٌّ وَقَدْ قَتَلَهُ، فَذَهَبَ بكَبِدِه إِلَى هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ فِي نَذْرٍ نَذَرَتْهُ حِينَ قُتِلَ أَبَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ. فَدُفِنَ فِي نَمِرَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ، إِذَا رُفِعَتْ إِلَى رَأْسِهِ بَدَتْ قدماه، فغطوا قدميه بشيء من الشجر5.

_ 1 الشفر: شفر العين. 2 أخرجه مالك في "الموطأ" برقم "1004" كتاب "الجهاد". 3 الأثقال: متاع السفر. 4 الدبيس: عسل التمر، وهو نداء حلو من الوالد -مع شركه- لابنه المسلم. 5 "إسناده حسن": أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 128"، وأبو داود في "الجنائز" "3136"، وقصة بقر بطنه -رضي الله عنه- أوردها الذهبي في "سير أعلام النبلاء" "1/ 179".

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زَمِّلُوهُمْ 1 بِدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُكْلَمُ فِي اللَّهِ إِلَّا وَهُوَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يُدْمِي، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ وَرِيحُهُ رِيحُ المسك" 2. وقال: "إن المشركين لَنْ يُصِيبُوا مِنَّا مِثْلَهَا". وَقَدْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ نَادَاهُمْ حِينَ ارْتَحَلَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْمَوْسِمُ، مَوْسِمُ بَدْرٍ. وَهِيَ سُوقٌ كَانَتْ تَقُومُ بِبَدْرٍ كُلَّ عَامٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُولُوا لَهُ: نَعَمْ". قَالَ: وَدَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِذَا النَّوْحُ فِي الدُّورِ. قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: نِسَاءُ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ قَتْلَاهُمْ. وَأَقَبْلَتِ امْرأَةٌ تَحْمِلُ ابْنَهَا وَزَوْجَهَا عَلَى بَعِيرٍ، قَدْ رَبَطَتْهُمَا بِحَبْلٍ ثُمَّ رَكِبَتْ بَيْنَهُمَا وَحُمِلَ، قِيلَ: فَدُفِنُوا فِي مَقَابِرِ الْمَدِينَةِ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: "وَارُوهُمْ حَيْثُ أُصِيبُوا". وَقَالَ لَمَّا سَمِعَ الْبُكَاءَ: "لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ لَهُ" 3. وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَسَمِعَ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَابْنُ رَوَاحَةَ وَغَيْرُهُمَا، فَجَمَعُوا كُلَّ نَائِحَةٍ وَبَاكِيَةٍ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا تَبْكِينَ قَتْلَى الْأَنْصَارِ حَتَّى تَبْكِينَ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ. فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْبُكَاءِ، قَالَ: "مَا هَذَا"؟ قَالَ: فَأُخْبِرَ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ خَيْرًا، وَقَالَ: "مَا هَذَا أَرَدْتُ وَمَا أُحِبُّ الْبُكَاءَ". وَنَهَى عَنْهُ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: انْتَهَى أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ إِلَى عُمَرَ، وَطَلْحَةَ، وَرِجَالٍ قَدْ أَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ فَقَالَ: مَا يُجْلِسُكُمْ؟ فَقَالُوا: قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَهُ؟ فَقُومُوا فَمُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- ثم اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الْتَقَى هُوَ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَلَمَّا اسْتَعْلَاهُ حَنْظَلَةُ رَآهُ شَدَّادُ بْنُ الْأَسْوَدِ. فَضَرَبَ حنظلة بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ. وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ صَاحِبَكُمْ لَتَغْسِلُهُ الْمَلَائِكَةُ". يَعْنِي حَنْظَلَةَ، فَسَأَلُوا أَهْلَهُ مَا شَأْنُهُ؟ فَسُئِلَتْ صَاحِبَتُهُ قالت: خرج وهو جنب

_ 1 زملوهم: غطوهم. 2 أخرجه البخاري في كتاب "الجهاد" باب: من يجرح في سبيل الله عز وجل "2803"، ومسلم في "صحيحه" في كتاب "الإمارة" "1496"، وغيرهما. 3 سنده قوي: أخرجه أحمد في "المسند" "2/ 84".

حِينَ سَمِعَ الْهَيْعَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ" 1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَخَلُصَ الْعَدُوُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدُثَّ2 بِالْحِجَارَةِ حَتَّى وَقَعَ لِشِقِّهِ فَأُصِيبَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، وَكُلِمَتْ شَفَتُهُ. وَكَانَ الَّذِي أَصَابَهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. فَحَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ يَمْسَحُهُ وَيَقُولُ: "كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ خَضَّبُوا وَجْهَ نَبِيَّهُمْ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ"؟ فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128] 3. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جُرِحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِّمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَغْسِلُ الدَّمَ، وَعَلِيٌّ يَسْكُبُ الْمَاءَ عَلَيْهِ بِالْمِجَنِّ. فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً، أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ أَحْرَقَتْهُ، حَتَّى إِذَا صَارَ رَمَادًا أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ، فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ. أَخْرَجَاهُ4، وَرَوَاهُ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ أُصِيبَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَهُشِّمَتْ بَيْضَتُهُ. وَذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِرَسُولِ اللَّهِ". وَهُوَ يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ؛ "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنْ فِيهِ: "دَمَّوْا وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ"، بَدَلَ ذكر رباعيته5.

_ 1 "إسناده حسن": أخرجه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن كما قال الهيثمي في "المجمع" "3/ 23"، وأخرجه الحاكم "3/ 204"، وغيرهما. 2 الدث: الرمي المقارب المؤلم. 3 علق البخاري في "المغازي" باب: "ليس لك من الأمر شيء"، وأخرجه مسلم في "صحيحه" في كتاب "الجهاد" باب: غزوة أحد. 4 يعني: البخاري ومسلم. 5 أخرجه البخاري في "المغازي" "4074".

وقال ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا ذُكِرَ يَوْمُ أُحُدٍ بَكَى ثُمَّ قَالَ: ذَاكَ يَوْمٌ كَانَ كُلُّهُ يَوْمَ طَلْحَةَ. ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ قَالَ: كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا يُقَاتِلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دُونَهُ. وَأَرَاهُ قَالَ: يَحْمِيهِ، فَقُلْتُ: كُنْ طَلْحَةَ؛ حَيْثُ فَاتَنِي مَا فَاتَنِي، قُلْتُ: يَكُونُ رَجُلًا مِنْ قومي أحب إليّ. وبيني وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ رَجُلًا لَا أَعْرِفُهُ، وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ، وَهُوَ يَخْطِفُ الْمَشْيَ خَطْفًا لَا أَخْطِفُهُ. فَإِذَا هُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ. فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي وَجْهِهِ حَلَقَتَانِ مِنْ حَلْقِ الْمِغْفَرِ1. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكُمَا صَاحِبُكُمَا". يُرِيدُ طَلْحَةَ وَقَدْ نَزَفَ. فَلَمْ نَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِهِ، وَذَهَبْتُ لِأَنْزِعَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهِهِ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِّي لَمَا تَرَكْتَنِي. فَتَرَكْتُهُ. فَكَرِهَ أَنْ يَتَنَاوَلَهَا بِيَدِهِ فَيُؤْذِي النَّبِيَّ، فَأَزَمَّ عَلَيْهِمَا بِفِيهِ، فَاسْتَخْرَجَ إِحْدَى الْحَلَقَتَيْنِ. وَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ مَعَ الْحَلَقَةِ. وَذَهَبْتُ لِأَصْنَعَ مَا صَنَعَ، فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِّي لَمَا تَرَكْتَنِي. فَفَعَلَ ما فعل فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ الْأُخْرَى مَعَ الْحَلَقَةِ. فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ هَتْمًا2، فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ أَتَيْنَا طَلْحَةَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْجِفَارِ3، فَإِذَا بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، مِنْ بَيْنِ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ وَضَرْبَةٍ، وَإِذَا قَدْ قُطِعَتْ إِصْبَعُهُ. فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِهِ. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عن أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يَقُولُ: شَهِدْتُ أُحُدًا، فَنَظَرْتُ إِلَى النَّبْلِ يَأْتِي مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَطَهَا، كُلُّ ذَلِكَ يُصْرَفُ عَنْهُ. وَلَقَدْ رَأَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ، فَلَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا. وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جَنْبِهِ مَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ تَجَاوَزَهُ. فَعَاتَبَهُ فِي ذَلِكَ صَفْوَانُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ، أَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّهُ مِنَّا مَمْنُوعٌ، خَرَجْنَا أَرْبَعَةٌ فَتَعَاهَدْنَا وَتَعَاقَدْنَا عَلَى قَتْلِهِ، فَلَمْ نَخْلُصُ إِلَى ذَلِكَ.

_ 1 المغفر: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة، وقيل: هو خلق يتقنع به المتسلح. 2 رواه الحاكم في "المستدرك" "3/ 266". 3 الجفار: جمع جفر، البئر الواسعة التي لم تطو. أو هي التي طوي بعضها ولم يطو بعض "تاج العروس" "10/ 448".

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: الثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّ الَّذِي رَمَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَجْنَتَيْهِ: ابْنُ قَمِئَةَ، وَالَّذِي رَمَى شَفَتَيْهِ وَأَصَابَ رَبَاعِيَتَهُ: عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا حَرَصْتُ عَلَى قَتْلِ أَحَدٍ قَطُّ مَا حَرَصْتُ عَلَى قَتْلِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وإن كان ما علمته لسيئ الْخُلُقِ مُبْغَضًا فِي قَوْمِهِ، وَلَقَدْ كَفَانِي مِنْهُ قول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَنْ عُثْمَانَ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مِقْسَمٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا عَلَى عُتْبَةَ حِينَ كَسَرَ رَبَاعِيَتَهُ: "اللَّهُمَّ لَا تُحِلْ عَلَيْهِ الْحَوْلَ حَتَّى يَمُوتَ كَافِرًا". فَمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ حَتَّى مَاتَ كَافِرًا إِلَى النَّارِ. مُرْسَلٌ. ابْنُ وَهْبٍ: أَنْبَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ السَّائِبِ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ وَالِدَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمَّا جُرِحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ، مَصَّ جُرْحَهُ حَتَّى أَنْقَاهُ وَلَاحَ أَبْيَضَ، فَقِيلَ لَهُ: مُجَّهُ. فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أُمُجُّهُ أَبَدًا. ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَاتَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا". فَاسْتُشْهِدَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: إِذَا اللَّهُ جَازَى مَعْشَرًا بِفِعَالِهِمْ ... وَنَصَرَهُمُ الرَّحْمَنُ رَبُّ الْمَشَارِقِ فَأَخْزَاكَ رَبِّي يَا عُتَيْبُ بْنَ مَالِكٍ ... وَلَقَّاكَ قَبْلَ الْمَوْتِ إِحْدَى الصَّوَاعِقِ بَسَطْتَ يَمِينًا لِلنَّبِيِّ تَعَمُّدًا ... فَأَدْمَيْتَ فَاهُ قُطِّعْتَ بِالْبَوَارِقِ فَهَلَّا ذَكَرْتَ اللَّهَ وَالْمَنْزِلَ الَّذِي ... تَصِيرُ إِلَيْهِ عِنْدَ إِحْدَى الْبَوَائِقِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ عُتْبَةَ كَسَرَ رَبَاعِيَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْيُمْنَى السُّفْلَى، وَجَرَحَ شَفَتَهُ السُّفْلَى, وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شِهَابٍ شَجَّهُ فِي جَبْهَتِهِ. وَأَنَّ ابْنَ قَمِئَةَ جَرَحَ وَجْنَتَهُ، فَدَخَلَتْ حَلَقَتَانِ مِنْ حَلْقِ الْمِغْفَرِ فِي وَجْنَتِهِ، وَوَقَعَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُفْرَةٍ مِنَ الْحُفَرِ الَّتِي عَمِلَ أَبُو عَامِرٍ لِيَقَعَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ، فَأَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَفَعَهُ طَلْحَةُ حَتَّى اسْتَوَى قَائِمًا. ومص مالك بن سنان؛ أبو أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ؛ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ ازْدَرَدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَسَّ دَمُهُ دَمِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ". منقطع.

قَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَمَى عَنْ قَوْسِهِ حَتَّى انْدَقَّتْ سِيَتُهَا1، فَأَخَذَهَا قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ. وَأُصِيبَتْ يَوْمَئِذٍ عَيْنُ قَتَادَةَ، حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ. فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَدَّهَا بِيَدِهِ، وكانت أحسن عينيه وأحدهما2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، عَنْ عَمَّتِهِ، عَنْ أُمِّهَا، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ عمر، قَالَ: فَرُبَّمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمًا يَوْمَ أُحُدٍ يَرْمِي عَنْ قَوْسِهِ، وَيَرْمِي بِالْحَجَرِ، حَتَّى تَحَاجَزُوا، وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا هُوَ فِي عِصَابَةٍ صَبَرُوا مَعَهُ. هَذَانِ الْحَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ، فِيهِمَا أَنَّهُ رَمَى بِالْقَوْسِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ نَزِيلُ وَاسِطَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ؛ وَكَانَ أَخَا أَبِي سَعِيدٍ لِأُمِّهِ، أَنَّ عَيْنَهُ ذَهَبَتْ يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَدَّهَا، فَاسْتَقَامَتْ. وَقَالَ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، أَنَّهُ أُصِيبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَسَالَتْ حَدَقَتُهُ عَلَى وَجْنَتِهِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَقْطَعُوهَا، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لَا". فَدَعَا بِهِ فَغَمَزَ حَدَقَتَهُ بِرَاحَتِهِ, فَكَانَ لَا يَدْرِي أَيَّ عَيْنَيْهِ أُصِيبَتْ. كَذَا قَالَ ابْنُ الْغَسِيلِ: يَوْمُ بَدْرٍ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: إِنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، وَاسْمُهُ حُسَيْلُ بْنُ جُبَيْرٍ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ، أَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ، زَعَمُوا، فِي الْمَعْرَكَةِ لَا يَدْرُونَ مَنْ أَصَابَهُ. فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدَمِهِ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ. قَالَ مُوسَى: وَجَمِيعُ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا. وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ستة عشر رجلا.

_ 1 سية القوس: طرفه. 2 "ضعيف": رواه الطبراني، وفي رواية للبيهقي في "الدلائل" أَنَّهُ أُصِيبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ بَدْرٍ فَسَالَتْ حَدَقَتُهُ على وجنته -يعني خذه- فأراد القوم أن يقطعوها، فقالوا: نأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نستشيره، فجاء, فأخبره الخبر، فأدناه رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ، فرفع حدقته حتى وضعها موضعها، ثم غمزها براحته، وقال: $"اللهم اكسه جمالا" فمات، وما يدري من لقيه أي عينيه أصيبت. قال الأرنئوط في تخريجه لأحاديث "سير أعلام النبلاء" "2/ 332": رجاله ثقات. وستأتي هذه الرواية بعد قليل.

وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوَةَ قَالَ: حَمَلَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقَتَلَ مُصْعَبًا, وَأَبْصَرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترقوة أُبَيٍّ فَطَعَنَهُ بِحَرْبَتِهِ فَوَقَعَ عَنْ فَرَسِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا دَمٌ فَأَتَاهُ أَصْحَابِهِ فَاحْتَمَلُوهُ وَهُوَ يَخُورُ1. وَرَوَى نَحْوَهُ الزُّهْرِيُّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ. وَذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عبد اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: مَاتَ أَبِي بِبَطْنِ رَابِغٍ، فَإِنِّي لَأَسِيرُ بِبَطْنِ رَابِغٍ2 بَعْدَ هَوِيٍّ مِنَ اللَّيْلِ3 إِذَا نَارٌ تَأَجَّجُ لِي فَهِبْتُهَا، فَإِذَا رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْهَا فِي سِلْسِلَةٍ يَجْتَذِبُهَا يَصِيحُ: الْعَطَشَ. وَرَجُلٌ يَقُولُ: لَا تَسْقِهِ، فَإِنَّ هَذَا قَتِيلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذَا أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا نُصِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي موطن كما نصر يوم أحد. فأنكرنا ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كِتَابُ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي يَوْمِ أُحُدٍ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} وَالْحَسُّ: الْقَتْلُ {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 152] الْآيَةَ. وَإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا الرُّمَاةَ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقَامَهُمْ فِي مَوْضِعٍ. وَقَالَ: "احْمُوا ظُهُورَنَا، فَإِنْ رَأَيْتُمُونَا نُقْتَلُ فَلا تَنْصُرُونَا، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا قَدْ غَنِمْنَا فَلَا تُشْرِكُونَا". فَلَمَّا غَنِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَانْكَفَأَ عَسْكَرُ المشركين، نزلت الرماة فدخلوا في العسكر ينتهبون، وَقَدِ الْتَفَّتْ صُفُوفُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُمْ هَكَذَا؛ وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ، وَانْتَشَبُوا. فَلَمَّا خَلَّى الرُّمَاةُ تِلْكَ الْخِلَّةَ الَّتِي كَانُوا فِيهَا، دَخَلَ الْخَيْلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْتَبَسُوا. وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

_ 1 تقدم تخريجه قبل قليل. 2 رابغ: واد بين الجحفة وودان، وقيل: بين الأبواء والجحفة. "معجم البلدان" "3/ 11". 3 الهوي من الليل: ساعة ممتدة منه أو هزيع منه.

نَاسٌ كَثِيرٌ. وَقَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ أَوَّلُ النَّهَارِ، حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ سَبْعَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ. وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً نَحْوَ الْجَبَلِ. وَصَاحَ الشَّيْطَانُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ. فَلَمْ يُشَكَّ فِيهِ أَنَّهُ حَقٌّ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: كُنْتُ مِمَّنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ، حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ، وَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يَمِيدُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ مِنَ النُّعَاسِ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} [آل عمران: 154] الآية. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَسْمَعُ قَوْلَ مُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ، وَإِنَّ النُّعَاسَ لَيَغْشَانِي مَا أَسْمَعُهَا مِنْهُ إِلَّا كَالْحُلْمِ، وَهُوَ يَقُولُ: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154] 2. وَرَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أُلْقِيَ عَلَيْنَا النَّوْمُ يَوْمَ أُحُدٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيِّ وَجَمَاعَةٍ، قَالُوا: كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ يَوْمَ بَلَاءٍ وَتَمْحِيصٍ، اخْتَبَرَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَحَقَ بِهِ الْمُنَافِقِينَ مِمَّنْ كَانَ يُظْهِرُ إِسْلَامَهُ بِلِسَانِهِ، وَيَوْمَ أَكْرَمَ اللَّهُ فِيهِ بِالشِّهَادَةِ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَكَانَ مِمَّا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي يَوْمِ أُحُدٍ سِتُّونَ آيَةً مِنْ آلِ عِمْرَانَ. وَقَالَ الْمَدِينِيُّ، عَنْ سلام بن مسكين، عن قتادة، عن سعيد بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَتْ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِرْطًا أَسْوَدَ كَانَ لِعَائِشَةَ، وَرَايَةُ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا: الْعُقَابُ، وَعَلَى الْمَيْمَنَةِ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو السَّاعِدِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ عَلَى الرِّجَالِ، وَيُقَالُ: الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى الْقَلْبِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- أَجْمَعِينَ. وَلِوَاءُ قُرَيْشٍ مَعَ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فَقَتَلَهُ عَلِيٌّ، فَأَخَذَ اللِّوَاءَ سَعْدُ بن أبي طلحة

_ 1 في "المغازي" "5/ 127". 2 "إسناده صحيح": أخرجه الطبري في "تفسيره" "4/ 94"، والبيهقي في "الدلائل" "3/ 273"، وقال الشيخ أحمد شاكر في "عمدة التفسير" "3/ 59": إسناده صحيح.

فَقَتَلَهُ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَخَذَهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، فَقَتَلَهُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ، فَأَخَذَهُ الْجُلَاسُ بْنُ طَلْحَةَ، فَقَتَلَهُ ابْنُ أَبِي الْأَقْلَحِ أَيْضًا، ثُمَّ كِلَابٌ وَالْحَارِثُ ابْنَا طَلْحَةَ، فَقَتَلَهُمَا قُزْمَانُ حَلِيفُ بَنِي ظَفَرٍ، وَأَرْطَاةُ بْنُ عَبْدِ شُرَحْبِيلَ الْعَبْدَرِيُّ قَتَلَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَأَخَذَهُ أَبُو يَزِيدَ بْنُ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيُّ، وَقِيلَ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ لِبَنِي عَبْدِ الدَّارِ، قَتَلَهُ قُزْمَانُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَبَقِيَ اللِّوَاءُ مَا يَأْخُذُهُ أَحَدٌ، وَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ عَلَى قُرَيْشٍ. وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ: ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي". فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا فَقَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ, اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ، أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ, اللَّهُمَّ عَائِذًا بِكَ مِنْ سُوءِ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرَّ مَا مَنَعْتَ مِنَّا، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ, اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، إِلَهَ الْحَقِّ" 1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ مَرْوَانَ.

_ 1 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 424"، والحاكم، وقال: "صحيح على شرط الشيخين"، وقال الشيخ الألباني في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة" للغزالي "283": "صحيح".

عدد الشهداء

عَدَدُ الشُّهَدَاءِ: قَدْ مَرّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَصَابُوا مِنَّا سبعين. وقال حماد بن سملة، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: يَا رَبِّ السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ، سَبْعِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، وَسَبْعِينَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قُتِلَ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ سَبْعُونَ سَبْعُونَ: يَوْمِ أُحُدٍ، وَيَوْمِ الْيَمَامَةِ، وَيَوْمِ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ. وقال ابن جريج: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} ، قَالَ: قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ، وَقَتَلَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبْعِينَ. وَأَمَّا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، فَقَالَ: جَمِيعُ مَنْ قُتِلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ، مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ: أَرَبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، أَوْ قَالَ: سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا. وَجَمِيعُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، يَعْنِي مِنَ الْمُشْرِكِينَ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: جَمِيعُ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ تِسْعَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: جَمِيعُ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، يَوْمَ أُحُدٍ، خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا. وَجَمِيعُ قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ. قُلْتُ: قَوْلُ مَنْ قَالَ سَبْعِينَ أَصَحُّ. وَيُحْمَلُ قَوْلُ أَصْحَابِ الْمَغَازِي هَذَا عَلَى عَدَدِ مَنْ عُرِفَ اسْمُهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ، فَإِنَّهُمْ عَدُّوا أَسْمَاءَ الشُّهَدَاءِ بِأَنْسَابِهِمْ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: حَمْزَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيُّ، حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَهُوَ ابْنُ عمة رسول لله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ دُفِنَ مَعَ حَمْزَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَلَقَبُهُ شَمَّاسٌ، وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ هَرَمِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَخْزُومٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ، ابْنُ أُخْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا, وَلُقِّبَ شَمَّاسًا لِمِلَاحَتِهِ. وَمِنَ الْأَنْصَارِ: عَمْرُو بْنُ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَوْسِيُّ، أَخُو سَعْدٍ، وَابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ مُعَاذٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَنَسِ بْنِ رَافِعٍ، وَعُمَارَةُ بْنُ زِيَادِ بْنِ السَّكَنِ، وَسَلَمَةُ، وَعَمْرٌو، ابْنَا ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ. وَعَمُّهُمَا: رِفَاعَةُ بْنُ وَقْشٍ، وَصَيْفِيُّ بْنُ قَيْظِيِّ، وَأَخُوهُ: حُبَابٌ، وَعَبَّادُ بْنُ سَهْلٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ التَّيْهَانِ، وَحَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ، وَإِيَاسُ بْنُ أَوْسٍ، الْأَشْهَلِيُّونَ, وَالْيَمَانُ أَبُو حُذَيْفَةَ، حَلِيفٌ لَهُمْ, وَيَزِيدُ بْنُ حَاطِبِ بْنِ أُمَيَّةَ الظَّفَرِيُّ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، وَغَسِيلُ الْمَلَائِكَةِ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبُ، وَمَالِكُ بْنُ أُمَيَّةَ؛ وَعَوْفُ بْنُ

عَمْرٍو، وَأَبُو حَيَّةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ النُّعْمَانِ، أَمِيرُ الرُّمَاةِ، وَأَنَسُ بْنُ قَتَادَةَ، وَخَيْثَمَةُ وَالِدُ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَحَلِيفُهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْعَجْلانِيُّ، وَسُبَيْعُ بْنُ حَاطِبِ بْنِ الْحَارِثِ، وَحَلِيفُهُ: مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْخَطْمِيُّ. وَكُلُّهُمْ مِنَ الْأَوْسِ. وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْخَزْرَجِ: عَمْرُو بْن قَيْسٍ النَّجَّارِيُّ، وَابْنُهُ: قَيْسٌ، وَثَابِتُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدٍ، وَعَامِرُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو هُبَيْرَةَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَعَمْرُو بْنُ مُطَرِّفٍ، وَإِيَاسُ بْنُ عَدِيٍّ، وَأَوْسُ، أَخُو حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ, وَهُوَ وَالِدُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمٍ، وَقَيْسُ بْنُ مَخْلَدٍ. وَعَشْرَتُهُمْ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ. وَعَبْدٌ لَهُمُ اسْمُهُ: كَيْسَانُ، وَسَلَمَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَنُعْمَانُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو، وَهُمَا مِنْ بَنِي دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ. وَمِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، وَأَوْسُ بْنُ أَرْقَمَ بْنِ زَيْدٍ، أَخُو زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. وَمِنْ بَنِي خُدْرَةَ: مَالِكَ بْنُ سِنَانٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعٍ. وَمِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: ثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ, وَثُقْفُ بْنُ فَرْوَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ, وَضَمْرَة، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ جُهَيْنَةَ. وَمِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَالِمٍ: عَمْرُو بْنُ إِيَاسٍ، وَنَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُبَادَةُ بْنُ الْخَشْخَاشِ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ, وَالنُّعْمَانُ بْنُ مَالِكٍ, وَالْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ الْبَلَوِيُّ، حَلِيفٌ لَهُمْ. وَمِنْ بَنِي الْحُبُلِيِّ1: رِفَاعَةُ بْنُ عَمْرٍو. وَمِنْ بَنِي سَوَادِ بْنِ مَالِكٍ: مَالِكُ بْنُ إِيَاسٍ. وَمِنْ بَنِي سَلَمَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وعمرو بن الجموح بن زيد بن

_ 1 الحبلي: بضم الحاء المهملة والباء الموحدة نسبة إلى حي من اليمن من الأنصار.

حَرَامٍ. وَكَانَا مُتَآخِيَيْنِ وَصِهْرَيْنِ، فَدُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ1. وَخَلَّادُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ. وَمَوْلَاهُ أُسَيْرٌ، أَبُو أَيْمَنَ، مَوْلَى عَمْرٍو. وَمِنْ بَنِي سَوَادِ بْنِ غُنْمٍ: سُلَيْمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُدَيْدَةَ. وَمَوْلَاهُ عَنْتَرَةُ، وَسُهَيْلُ بْنُ قَيْسٍ. وَمِنْ بَنِي زُرَيْقٍ: ذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنُ لَوْذَانَ. قَالَ ابْنُ إسحاق: وزعم عاصم بن عمر بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ وَقْشٍ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مَعَ ابْنَيْهِ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ جَمَاعَةً قُتِلُوا سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُحُدٍ رَفَعَ حُسَيْلُ بْنُ جَابِرٍ -وَالِدُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ- وَثَابِتُ بْنُ وَقْشٍ فِي الْآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ -وَهُمَا شَيْخَانِ كَبِيرَانِ: لَا أَبَا لَكَ، مَا نَنْتَظِرُ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَقِيَ لِوَاحِدٍ مِنَّا مِنْ عُمْرِهِ إِلَّا ظِمْءُ حِمَارٍ، إِنَّمَا نَحْنُ هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ، أَفَلَا نَأْخُذُ أَسْيَافَنَا ثُمَّ نَلْحَقُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعَلَّ اللَّهُ يَرْزُقُنَا الشَّهَادَةَ مَعَ رَسُولِهِ؟ فَخَرَجَا حَتَّى دَخَلَا فِي النَّاسِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا. فَأَمَّا ثَابِتٌ فَقَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَأَمَّا حُسَيْلٌ فَقَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَا يَعْرِفُونَهُ2. قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ فِينَا رَجُلٌ أَتِيُّ لَا يُدْرَى مِمَّنْ هُوَ، يُقَالُ لَهُ قُزْمَانُ, وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ إِذَا ذُكِر لَهُ: "إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّار". فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَتَلَ وَحْدَهُ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ ذَا بَأْسٍ، فَأَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، فَاحْتَمَلَ إِلَى دَارِ بَنِي ظَفَرٍ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَبْلَيْتَ الْيَوْمَ يَا قُزْمَانُ، فَأَبْشِرْ. قَالَ: بِمَاذَا أَبْشِرُ؟ وَاللَّهِ إِنْ قَاتَلْتُ إِلَّا عَنْ أَحْسَابِ قَوْمِي، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا قَاتَلْتُ. فَلَمَّا اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ جراحته أخذ سهمًا فقتل به نفسه3.

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه مالك في "الموطأ" "2/ 470"، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 562". 2 "إسناده صحيح": أورده الحافظ ابن حجر في "الإصابة" "1/ 204". 3 أورده الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" "4/ 36"، وأصل القصة في "صحيح البخاري" في "المغازي" "4202".

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مُخَيْرِيقٌ، وَكَانَ أَحَدَ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ الْفِطْيَوْنِ، قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ نَصْرَ مُحَمَّدٍ عَلَيْكُمْ لَحَقُّ. قَالُوا: إِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ السَّبْتِ. قَالَ: لَا سَبْتَ لَكُمْ. فَأَخَذَ سَيْفَهُ وَعُدَّتَهُ, وَقَالَ: إِنْ أُصِبْتُ فَمَالِي لِمُحَمَّدٍ يَصْنَعُ فِيهِ مَا شَاءَ. ثُمَّ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَاتَلَ مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا بَلَغَنَا: "مُخَيْرِيقٌ خَيْرُ يَهُودَ" 1. وَوَقَعَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ وَالنِّسْوَةُ اللَّاتِي مَعَهَا يُمَثِّلْنَ بِالْقَتْلَى، يَجْدَعْنَ الْآذَانَ وَالْآنُفَ، حَتَّى اتَّخَذَتْ هِنْدُ مِنْ آذَانِ الرِّجَالِ وَآنُفِهِمْ خَدَمًا، وَبَقَرَتْ عَنْ كَبِدِ حَمْزَةَ فَلَاكَتْهَا، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَسِيغَهَا فَلَفَظَتْهَا. ثُمَّ عَلَتْ عَلَى صَخْرَةٍ مُشْرِفَةٍ، فَصَرَخَتْ بِأَعْلَى صَوْتِهَا: نَحْنُ جَزَيْنَاكُمْ بِيَوْمِ بَدْرٍ ... وَالْحَرْبُ بَعْدَ الْحَرْبِ ذَاتَ سَعْرِ مَا كَانَ عَنْ عُتْبَةَ لِي مَنْ صَبْرٍ ... وَلَا أَخِي وَعَمِّهِ وَبَكْرِي شَفيتُ صَدْرِي وَقَضَيْتُ نَذْرِي ... شَفَيْتَ وَحْشِيُّ غَلِيلَ صَدْرِي وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ -عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ- أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَهُمْ: طَلْحَةُ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَعُثْمَانُ: بَنُو أَبِي طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى. وَمَوْلاهُمْ: صُؤَابٌ، وَبَنُو طَلْحَةَ الْمَذْكُورُ: مُسَافِعٌ، وَالْحَارِثُ، وَالْجُلَاسُ، وَكِلَابٌ. وَأَبُو يَزِيدَ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَابْنُ عَمِّهِ: أَرْطَأَةُ بْنُ عَبْدِ شُرَحْبِيلَ بْنِ هَاشِمٍ، وَابْنُ عَمِّهِمْ: قَاسِطُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْأَسَدِيُّ، وَسِبَاعُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْخُزَاعِيُّ حَلِيفُ بَنِي أَسَدٍ. وَأَرْبَعَةٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: أَخُو أَمُّ سَلَمَةَ؛ هِشَامُ بْنُ أبي أمية بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَالْوَلِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَبُو أُمَيَّةَ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَحَلِيفُهُمْ: خَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ. وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ: أَبُو الْحَكَمِ بْنُ الْأَخْنَسِ بْنِ شريق، حليف لهم.

_ 1 أورده الإمام ابن كثير في "البداية" "3/ 237" من طريق محمد بن إسحاق بغير إسناد.

وَمِنْ بَنِي جُمَحَ: أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. وَأَبُو عَزَّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ. أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضَرْبِ عُنُقِهِ صَبْرًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَطْلَقَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلَا فِدَاءٍ لِفَقْرِهِ، وَأَخَذَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعِينُ عَلَيْهِ, فَنَقَضَ الْعَهْدَ وَأُسِرَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهِ لَا تَمْسَحُ عَارِضَيْكَ بِمَكَّةَ تَقُولُ خَدَعْتُ مُحَمَّدًا مَرَّتَيْنِ". وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ1, وَقِيلَ: لَمْ يُؤْسَرْ سِوَاهُ. وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لؤي: عبيدة بن جابر, وشبيبة بْنُ مَالِكٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فَرْوَةَ، عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى -فَأَرْسَلَهُ مَرَّةً وَأَسْنَدَهُ مَرَّةً- عَنْ أَبِي ذَرٍّ عِوَضٌ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ انْصَرَفَ مِنْ أُحُدٍ مَرَّ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَهُوَ مَقْتُولٌ عَلَى طَرِيقِهِ, فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] . ثُمَّ قَالَ: "أَشْهَدُ أَنَّ هَؤُلَاءِ شُهَدَاءُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأْتُوهُمْ وَزُورُوهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا رَدُّوا عَلَيْهِ السَّلَامَ". وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَحَدَّثَنِيهِ بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا بِحَمْزَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنَ الْمُثْلِ -جُدِعَ أَنْفُهُ وَلُعِبَ بِهِ- قَالَ: "لَوْلَا أَنْ تَجْزَعَ صَفِيَّةُ وَتَكُونَ سُنَّةً مِنْ بَعْدِي مَا غُيِّبَ حَتَّى يَكُونَ فِي بُطُونِ السِّبَاعِ وَحَوَاصِلِ الطَّيْرِ" 2. وَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لَأُمَثِّلَنَّ بثلاثين منهم". فلما رأى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا بِهِ مِنَ الْجَزَعِ قَالُوا: لَئِنْ ظَفِرْنَا بِهِمْ لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ بِأَحَدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} ، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. فَعَفَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم3.

_ 1 "الطبقات الكبرى" "2/ 43". 2 "إسناده حسن": أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 128"، وأبو داود في "الجنائز" "3136"، وحسنه الأرنئوط. 3 "إسناده حسن": أخرجه الطبراني في "الكبير" "11051"، وانظر: "المقبول من أسباب النزول" للدكتور أبي عمر نادي الأزهري "435".

وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ قِصَّةَ أُحُدٍ، أَنَّ صَفِيَّةَ أَقْبَلَتْ لِتَنْظُرَ إِلَى حَمْزَةَ -وَهُوَ أَخُوهَا لِأَبَوَيْهَا- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِابْنِهَا الزُّبَيْرِ: "الْقَهَا فَأَرْجِعْهَا، لَا تَرَى مَا بِأَخِيهَا". فَلَقِيَهَا فَقَالَ: أَيْ أُمَّهْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُكِ أَنْ تَرْجِعِي. قَالَتْ: وَلِمَ؟ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ مُثِّلَ بِأَخِي، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ، فَمَا أَرْضَانَا بِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ، فَلْأَحْتَسِبَنَّ وَلَأَصْبِرَنَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَجَاءَ الزُّبَيْرُ فَأَخْبَرَهُ قَوْلَهَا، قَالَ: "فَخَلِّ سَبِيلَهَا". فَأَتَتْهُ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ وَاسْتَرْجَعَتْ وَاسْتَغْفَرَتْ لَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَدُفِنَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ، فَلَقِيَتْ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ، فَأَرَيَاهَا أَنَّهُمَا لَا يَدْرِيَانِ. فَجَاءَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "فَإِنِّي أَخَافُ عَلَى عَقْلِهَا". فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهَا وَدَعَا لَهَا، فَاسْتَرْجَعَتْ وَبَكَتْ. ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَلَيْهِ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ فَقَالَ: "لَوْلَا جَزَعُ النِّسَاءِ لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يُحْشَرَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ وَبُطُونِ السِّبَاعِ". ثُمَّ أَمَرَ بِالْقَتْلَى فَجَعَلَ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَيُرْفَعُونَ وَيُتْرَكُ حَمْزَةُ، ثُمَّ يُجَاءُ بِسَبْعَةٍ فَيُكَبِّرُ عَلَيْهِمْ سَبْعًا، حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ1. وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ أَصَحُّ2. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَرَوْحُ بن عباد، بِإِسْنَادِ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ إِلَيْهُمَا؛ ثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَمْزَةَ وَقَدْ جُدِعَ وَمُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: "لَوْلَا أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةُ تَرَكْتُهُ حَتَّى يَحْشُرَهُ اللَّهُ مِنْ بُطُونِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ". فَكَفَّنَهُ فِي نَمِرَةٍ, وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ غَيْرَهُ. الْحَدِيثَ. وَقَالَ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: ثَنَا قَيْسُ -هُوَ ابْنُ الرَّبِيعُ- عَنِ ابن أبي ليلى، عن الحكم،

_ 1 "إسناده حسن": أخرجه الطحاوي في "معاني الآثار" "1/ 290"، قال الألباني في "أحكام الجنائز" "83": "وإسناده حسن، رجاله كلهم ثقات معروفون، وابن إسحاق قد صرح بالتحديث، وله شواهد كثيرة". ا. هـ. 2 قال الشيخ الألباني -رحمه الله- في "أحكام الجنائز" "80": "تشرع الصلاة على الشهيد بدون وجوب". ا. هـ.

عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ قُتِلَ حَمْزَةُ وَمُثِّلَ بِهِ: "لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ". فَنَزَلَتْ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} الآية. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ نَصْبِرُ يَا رَبِّ". إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مِنْ قِبَلَ قَيْسٍ1. وَقَدْ رَوَى نَحْوَهُ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ -وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَزَادَ: فَنَظَرَ إِلَى مَنْظَرٍ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ قَطُّ أَوْجَعَ مِنْهُ لِقَلْبِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ الْقَاضِي, أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَارِسِيُّ، ثَنَا يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَنَا عِيسَى بْنُ عُبَيْدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنِي ربيع بن أنس، حدثني أبو العالي، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ أُصِيبَ مِنَ الْأَنْصَارِ يَوْمَ أُحُدٍ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ، وَأُصِيبَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ؛ مِنْهُمْ حَمْزَةُ. فَمَثَّلُوا بِقَتْلاهُمْ. فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: لَئِنْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِمْ2. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ نَادَى رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ: لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ. مَرَّتَيْنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] الآية. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُفُّوا عَنِ الْقَوْمِ". وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ أُحُدٍ وَمَعَهَا ثَوْبَانِ لِحَمْزَةَ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَرِهَ أَنْ تَرَى حَمْزَةَ عَلَى حَالِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا الزُّبَيْرَ يَحْبِسُهَا وَأَخَذَ الثَّوْبَيْنِ, وَكَانَ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ قَتِيلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَكَرِهُوا أَنْ يَتَخَيَّرُوا لِحَمْزَةَ، فَقَالَ: "أَسْهِمُوا بَيْنَهُمَا، فَأَيُّهُمَا طَارَ لَهُ أَجْوَدُ الثَّوْبَيْنِ فَهُوَ لَهُ". فَأَسْهَمُوا بَيْنَهُمَا، فَكُفِّنَ حَمْزَةُ فِي ثَوْبٍ وَالْأَنْصَارِيُّ فِي ثَوْبٍ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ قَالَ: لَمَّا أَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ قَالَ: "أَنَا الشَّهِيدُ عَلَى هَؤُلَاءِ، مَا مِنْ جَرِيحٍ يُجْرَحُ فِي اللَّهِ إِلَّا بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دمًا، اللّونُ لونُ الدم والريح

_ 1 تقدم أن إسناد هذه الرواية: حسن. 2 لنربين: لنضاعفن عليهم في التمثيل.

رِيحُ الْمِسْكِ، انْظُرُوا أَكْثَرَهُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ فَاجْعَلُوهُ أَمَامَ صَاحِبِهِ فِي الْقَبْرِ". فَكَانُوا يُدْفَنُونَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ1. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي وَالِدِي، عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال حِينَ أُصِيبَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ: "اجْمَعُوا بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُمَا كَانَا مُتَصَافِيَيْنِ فِي الدُّنْيَا". قَالَ أَبِي: فَحَدَّثَنِي أَشْيَاخٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا: لَمَّا ضَرَبَ مُعَاوِيَةُ عينه التي مرت على قبور الشهداء، واستصرخنا عَلَيْهِمْ وَقَدِ انْفَجَرَتْ عَلَيْهِمَا فِي قَبْرِهِمَا، فَأَخْرَجْنَاهُمَا وَعَلَيْهِمَا بُرْدَتَانِ قَدْ غَطَّى بِهِمَا وُجُوهَهُمَا. وَعَلَى أَقْدَامِهِمَا شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، فَأَخْرَجْنَاهُمَا كَأَنَّهُمَا يتثنيان تثنيًا كأنما دُفِنَا بِالْأَمْسِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اسْتُصْرِخَنَا إِلَى قَتْلَانَا يَوْمَ أُحُدٍ، وَذَلِكَ حِينَ أَجْرَى مَعَاوِيَةُ الْعَيْنَ، فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ تُثَنَّى أَطْرَافُهُمْ رِطَابًا، عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً2. قَالَ حَمَّادٌ: وَزَادَنِي صَاحِبٌ لِي فِي الْحَدِيثِ: فَأَصَابَ قَدَمَ حَمْزَةَ فَانْثَعَبَ دَمًا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى مَصَارِعِهِمْ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: ثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمُشْرِكِينَ لِقِتَالِهِمْ. فَقَالَ لِي أَبِي: مَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ فِي النَّظَّارَةِ حَتَّى تَعْلَمَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُنَا، فَوَاللَّهِ لَوْلا أَنِّي أَتْرُكُ بَنَاتٍ لِي بَعْدِي لَأَحْبَبْتُ أَنْ تُقْتَلَ بَيْنَ يَدَيَّ. فَبَيْنَمَا أَنَا فِي النَّظَّارِينَ إِذْ جَاءَتْ عَمَّتِي بِأَبِي وَخَالِي عَادَلَتْهُمَا عَلَى نَاضِحٍ، فَدَخَلَتْ بِهِمَا الْمَدِينَةَ، لِتَدْفِنَهُمَا فِي مَقَابِرِنَا، فَجَاءَ رَجُلٌ يُنَادِي: أَلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا بِالْقَتْلَى فَتَدْفِنُوهَا فِي مَصَارِعِهَا. فَبَيْنَمَا أَنَا فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: يَا جَابِرُ، قَدْ وَاللَّهِ أَثَارَ أَبَاكَ عمالُ مُعَاوِيَةَ فَبَدَا طَائِفَةٌ مِنْهُ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي تَرَكْتُهُ، لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا لَمْ يَدَعِ الْقَتْلُ أَوِ الْقِتَالُ فَوَارَيْتُهُ. وَقَالَ حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا حضر أحد قال أبي: ما أراني

_ 1 تقدم تخريجه قريبًا. 2 "صحيح": أخرجه ابن سعد بأطول مما هنا. وقال الحافظ في "الفتح"3/ 173": صحيح.

إِلَّا مَقْتُولًا، وَإِنِّي لَا أَتْرُكَ بَعْدِي أَعَزَّ عَلِيَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ عَلِيَّ دَيْنًا فَاقْضِ وَاسْتَوْصِ بِإِخْوَانِكَ خَيْرًا. فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، فَدَفَنْتُ مَعَهُ آخَرَ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أُنْزِلَهُ مَعَ آخَرَ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمَا أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ"؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ. وَقَالَ: "أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقَيَامَةِ". وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصِلَّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْهُ. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالُوا يَوْمَ أُحُدٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَصَابَنَا قَرْحٌ وجَهد فَكَيْفَ تَأْمُرُ؟ قَالَ: "احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا وَاجْعَلُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا" 2. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَبْكِي وَأَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْهُ، وَجَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْهَوْنِي، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَنْهَانِي، وَقَالَ: "لَا تَبْكِيهِ، أَوْ مَا تَبْكِيهِ، فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ". أَخْرَجَاهُ3. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِدَفْنِ قَتْلَى أُحُدٍ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ, وَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ"؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنِ الْمَدِينِيِّ: ثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيُّ، سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَظَرَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "ما لي أَرَاكَ مُهْتَمًّا"؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُتِلَ أَبِي وَتَرَكَ دَيْنًا وَعِيَالًا. فَقَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكَ؟ ما كلم الله

_ 1 في كتاب "الجنائز" باب: هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة "2/ 116". 2 تقدم تخريجه قبل قليل. 3 أخرجه مسلم "2471"، والنسائي "4/ 11-12".

أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَإِنَّهُ كَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا 1، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدِي سَلْنِي أُعْطِكَ. فَقَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيًا. فَقَالَ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يَرْجِعُونَ. قَالَ: يَا رَبِّ فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} " [آل عمران: 169] الآية2. وَيُرْوَى نَحْوَهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَكَانَ أَبُو جَابِرٍ مِنْ سَادَةِ الْأَنْصَارِ شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غُنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ. وَأُمُّهُ الرَّبَابُ بِنْتُ قَيْسٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ. شَهِدَ مَعَهُ الْعَقَبَةَ وَلَدُهُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَعَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غُنْمٍ الْأَنْصَارِيُّ السَّلْمِيُّ، سَيِّدُ بَنِي سَلَمَةَ، الَّذِي دُفِنَ مَعَهُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ: شَهِدَ بَدْرًا. وَابْنُهُ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ هُوَ الَّذِي قَطَعَ رِجْلَ أَبِي جَهْلٍ، وَقَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَلْبِهِ لِمُعَاذٍ, وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- زَوْجَ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ. وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ مَنَافٌ فِي بَيْتِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ. فَلَمَّا قَدِمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ الْمَدِينَةَ، بَعَثَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو: مَا هَذَا الَّذِي جِئْتُمُونَا بِهِ؟ قَالُوا: إِنْ شِئْتَ جِئْنَا وَأَسْمَعْنَاكَ، فَوَاعَدَهُمْ فَجَاءُوا، فَقَرَأَ عَلَيْهِ مُصْعَبٌ: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [يوسف: 1] ، فَقَرَأَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقْرَأَ. فَقَالَ: إِنَّ لَنَا مُؤَامَرَةً فِي قَوْمِنَا -وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي سَلَمَةَ- فَخَرَجُوا، فَدَخَلَ عَلَى مَنَافَ فَقَالَ: يَا مَنَافُ، تَعْلَمُ وَاللَّهِ مَا يُرِيدُ الْقَوْمُ غَيْرَكَ، فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ نَكِيرٍ؟ قَالَ: فَقَلَّدَهُ سَيْفًا، فَخَرَجَ فَقَامَ أَهْلُهُ فَأَخَذُوا السَّيْفَ، فَجَاءَ فَوَجَدَهُمْ أَخَذُوا السَّيْفَ, فَقَالَ: يَا مَنَافُ أَيْنَ السَّيْفُ؟ وَيْحَكَ! إِنَّ الْعَنْزَ لَتَمْنَعُ اسْتَهَا3، وَاللَّهِ مَا أَرَى فِي أَبِي جِعَارٍ غَدًا مِنْ خَيْرٍ. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى مَالِي فَاسْتَوْصُوا بِمَنَافَ خَيْرًا. فَذَهَبَ فَكَسَرُوا مَنَافَ وَرَبَطُوهُ مَعَ كَلْبٍ مَيِّتٍ. فَلَمَّا جَاءَ رَأَى مَنَافَ، فَبَعَثَ إِلَى قَوْمِهِ فَجَاءُوهُ فَقَالَ: أَلَسْتُمْ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ؟ قَالُوا: بَلَى، أَنْتَ سَيِّدُنَا. قَالَ: فَإِنِّي أشهدكم أني قد آمنت

_ 1 كفاحًا: أي: مواجهة، ليس بينهما حجاب ولا رسول، وهذا بعد الموت، أما قبله فلا. 2 "حسن": أخرجه الترمذي "3210" في "التفسير"، وابن ماجه "2800"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن الترمذي" "2408": "حسن". 3 تمنع استها: تحفظ عورتها.

بِمُحَمَّدٍ1. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عرضها السماوات وَالْأَرْضُ". فَقَامَ وَهُوَ أَعْرَجُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ". وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَرَوَى فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْن أَبِي ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمَا، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا بَنِي سَلَمَةَ مَنْ سَيِّدُكُمْ"؟ قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، وَإِنَّا لَنُبَخِّلُهُ. قَالَ: "وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ؟ بَلْ سَيِّدُكُمْ الْجَعْدُ الْأَبْيَضُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ" 2. وَقَدْ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا، وَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى أُحُدٍ مَنَعَهُ بَنُوهُ وَقَالُوا: قَدْ عَذَرَكَ اللَّهُ وَبِكَ عَرَجٌ، فَأَتَى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره فقال: "أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ عَذَرَكَ اللَّهُ". وَقَالَ لِبَنِيهِ: "لَا تَمْنَعُوهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُهُ الشَّهَادَةَ". فَخَرَجَ وَاسْتُشْهِدَ هُوَ وَابْنُهُ خَلادٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ قَالَ لِبَنِيهِ: مَنَعْتُمُونِي الْجَنَّةَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَأَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ. فَكَانَ يَوْمُ أُحُدٍ فِي الرَّعِيلِ الْأَوَّلِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عَوْفٍ بِطَعَامٍ فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ -وَكَانَ خَيْرًا مِنِّي- فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ إِلَّا بُرْدَةٌ يُكَفَّنُ فِيهَا، مَا أَظُنُّنَا إِلَّا قَدْ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ ذهب لم يأكل من أجره، وكان منه مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا نَمِرَةٌ، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا رأسه خرجت رجلاه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخَرِ" 3. وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يهدبها. متفق عليه4.

_ 1 "سير أعلام النبلاء" " للذهبي "1/ 253-254". 2 "سنده قوي": أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" وأبو نعيم في "الحلية"، وقال الأرنئوط: وهذا سند قوي. 3 الإدخر: نبات طيب الرائحة. 4 أخرجه البخاري "3897"، ومسلم "940". ومعنى "يهدبها" أي: يجتنيها. يقال: ينع الثمر وأينع ينعًا وينوعًا فهو يانع. وهدبها يهدبها إذا جناها، وهذا استعارة لما فتح عليهم من الدنيا. "صحيح مسلم بشرح النووي" "7/ 9".

وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قال: كانت امرأة من الأنصار مِنْ بَنِي دِينَارٍ قَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبُوهَا يَوْمَ أُحُدٍ. فَلَمَّا نُعُوا لَهَا قَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: خَيْرًا، يَا أُمَّ فُلَانٍ. فَقَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ. فَأَشَارُوا لَهَا إِلَيْهِ، حَتَّى إِذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ؛ أَيْ هَيِّنٌ. وَيَكُونُ فِي غَيْرِ ذَا بِمَعْنَى عَظِيمٍ. عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ جُلَيْبِيبًا كَانَ مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ لِرَجُلٍ: "زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ". قَالَ: نَعَمْ وَنِعْمَةُ عَيْنٍ1. قَالَ: "لَسْتُ أُرِيدُهَا لِنَفْسِي". قَالَ: فَلِمَنْ؟ قَالَ: "لِجُلَيْبِيبٍ". قَالَ: أَسْتَأْمِرُ أمها. فأتاها فأجابت: لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنَّمَا يُرِيدُ ابْنَتَكِ لِجُلَيْبِيبٍ. قَالَتْ: الْجُلَيْبِيبُ؟ لَا لَعَمْرِ اللَّهِ لَا تُزَوِّجْهُ. فَلَمَّا قَامَ أَبُوهَا لِيَأْتِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ: أَفَتَرُدُّونَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ؟ ادْفَعْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ لَنْ يُضَيِّعَنِي. فَذَهَبَ أَبُوهَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: شَأْنُكَ بِهَا. فَزَوَّجَهَا جُلَيْبِيبًا، وَدَعَا لَهُمَا. فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَغْزًى لَهُ قَالَ: "هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ"؟ قَالُوا: نَفْقِدُ فُلَانًا وَنَفْقِدُ فُلَانًا. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ". فَنَظَرُوا فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ, قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ". فَوَضَعُوهُ عَلَى ساعديه ثم حفروا له، ما له سَرِيرٌ إِلَّا سَاعِدَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى وضع فِي قَبْرِهِ2. قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: فَمَا فِي الْأَنْصَارِ أَنْفَقُ مِنْهَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ سألنا عبد الله بن مسعود عن

_ 1 وفي رواية: "نعم وكرامة يا رسول الله ونعم عيني" رواه أحمد في "المسند" "4/ 422". 2 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "4/ 422-425".

قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169] ، قَالَ: أَمَّا أَنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: "أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبَّكَ اطِّلَاعَةً فَقَالَ: سَلُونِي مَا شِئْتُمْ. فَقَالُوا: يَا رَبَّنَا وَمَا نَسْأَلُكَ؟ وَنَحْنُ نَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أَيِّهَا شِئْنَا. فَلَمَّا رَأَوْا أَنْ لا يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا, قَالُوا: نَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا إِلَى أَجْسَادِنَا فِي الدُّنْيَا فَنُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ. فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَ إِلَّا هَذَا، تُرِكُوا". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةً فِي ظِلِّ الْعَرْشِ. فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغْ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ، لِئَلا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ وَلَا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، فَأُنْزِلَتْ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} " 2. وَقَالَ يُونُسُ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ أُحُدٍ: "أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي غُودِرْتُ مَعَ أَصْحَابٍ نُحْصِ الْجَبَلَ" 3. يَقُولُ: قُتِلْتُ مَعَهُمْ4. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عن أبي الخير، عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: "إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ وَأَنَا شهيد عليكم". الحديث أخرجه البخاري.

_ 1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "1887" كتاب "الولاة" باب: في بيان أن أرواح الشهداء في الجنة. 2 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "1/ 265"، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود "2520"، والحاكم في "المستدرك" "2/ 88، 297"، وصححه، وأقره الذهبي. 3 النحص: أصل الجبل. 4 أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 375" دون قوله: "يقول: قتلت معهم".

وَرَوَى الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بن عبد الله بن أبي فروة، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَارَ قُبُورَ الشُّهَدَاءِ بِأُحُدٍ. وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى: عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْتِي قُبُورَ الشُّهَدَاءِ، فَإِذَا أَتَى فُرْضَةَ الشِّعْبِ يَقُولُ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ". وَكَانَ يَفْعَلُهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ بَعْدَهُ ثُمَّ عُثْمَانُ. وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاقِدِيُّ فِي مَغَازِيهِ بِلا سَنَدٍ. وَقَالَ أَبُو حَسَّانَ الزِّيَادِيُّ: وَمَاتَ فِي شَوَّالٍ يَوْمَ جُمُعَةٍ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ أَحَدُ بَنِي النَّجَّارِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُحُدٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ الْجَبَّانِ1. وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ.

_ 1 الجبان: المقابر.

غزوة حمراء الأسد

غزوَة حمَراء الأسَد: قَالَ ابن إسحاق: فلما كان الغدُ من يوم أُحُد؛ يعني صبيحةَ وقعةِ أُحُد أذّن مؤذّنُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النّاس لطلب العدوّ، وأذّن مؤذّنه: لا يخرج معنا أحدٌ إلّا أحَدٌ حضر يومَنا بالأمس. وإنّما خَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُرْهِبًا للعدّو ليُبَلغهم أنّه قد خرج في أثرهم وليظنُّوا به قوة. وقال ابن لَهِيعة: ثنا أبو الأسود، عَنْ عُرْوَة قَالَ: قدِم رجلٌ فاستخبره النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أبي سُفيان. فقال: نازلتهم فسمعتهم يتلاومون، يَقْولُ بعضُهم لبعض: لم تصنعوا شيئًا، أصبتم شوكة القوم وحدهم، ثُمَّ تركتموهم ولم تُبيدوهم، وقد بقي منهم رءوس يجمعون لكم. فأمر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابه -وبهم أشدّ القَرْح1- بطلب العدوّ، وليسمعوا بذلك. قَالَ: "لا ينطلقنّ معي إلّا من شهد القتال". فقال عبد الله بن أُبَيّ: أركب معك؟ قَالَ: "لا". فاستجابوا لله والرسول عَلَى ما بهم من البلاء. فانطلقوا، فطلبهم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى بلغ حمراء الأسد.

_ 1 القرح: جراحة يوم أحد.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثابت، عَنْ أبي السّائب مولى عائشة بنت عثمان؛ أنّ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ بني عبد الأشهل قَالَ: شهدتُ أُحُدًا مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَا وأخٌ لي، فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالخروج في طلب العدوّ، قلت لأخي وقال لي: تفوتنا غزوةٌ مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَوَالله ما لنا من دابة نركبها وما منّا إلّا جريح، فخرجنا مَعَ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكنت أيسر جراحة مِنْهُ، فكان إذا غلب حملته عُقبة1 ومشى عقبة، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون. فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى انتهى إلى حمراء الأسد؛ وهي من المدينة عَلَى ثمانية أميال، فأقام بِهَا ثلاثًا ثُمَّ رجع. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَابْنَ أُخْتِي! كَانَ أَبُوكَ -تعني: الزبير- وأبو بَكْرٍ مِنَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ. قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أُحُدٍ وَأَصَابَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ مَا أَصَابَهُمْ، خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا فَقَالَ: "مَنْ يَنْتَدِبُ لِهَؤُلَاءِ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّ بِنَا قُوَّةً". قَالَ: فَانْتُدِبَ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ فِي سَبْعِينَ خَرَجُوا فِي آثار القوم، فسمعوا بهم. {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} . قال: لم يلقوا عدوًّا. أخرجاه2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ مَعْبَدًا الْخُزَاعِيَّ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِحَمْرَاءِ الأَسَدِ, وَكَانَتْ خُزَاعَةُ مُسْلِمُهُمْ وَمُشْرِكُهُمْ عيبة نصح3 لرسول الله بِمَكَّةَ، صَغْوُهُم مَعَهُ لا يُخْفُونَ عَلَيْهِ شَيْئًا كَانَ بِهَا, وَمَعْبَدٌ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ, فَقَالَ: يَا محمد، والله لقد عَزَّ عَلَيْنَا مَا أَصَابَكَ فِي أَصْحَابِكَ وَلَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّهَ عَافَاكَ فِيهِمْ. ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى لَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ بِالرَّوْحَاءِ وَقَدْ أجمعوا الرجعة وقالوا: أفينا حَدَّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَقَادَتِهِمْ، ثُمَّ نَرْجِعُ قَبْلَ أَنْ نَسْتَأْصِلَهُمْ! لِنَكُونَ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ فَلَنَفْرَغَنَّ مِنْهُمْ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ مَعْبَدًا قَالَ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَدْ خَرَجَ فِي طَلَبِكُمْ فِي جَمْعٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ، يَتَحَرَّقُونَ عَلَيْكُمْ تَحَرُّقًا4، قَدِ اجْتَمَعَ مَعَهُ مَنْ كَانَ

_ 1 عقبة: من الاعتقاب في الركوب، والعقبة: النوبة. 2 أخرجه البخاري في "المغازي": باب: الذين استجابوا لله والرسول "5/ 130"، ومسلم "2418"، كتاب "فضائل الصحابة". 3 عيبة نصح لرسول الله؛ أي موضع سره. 4 يتحرقون عليكم: يلتهبون من الغيظ.

تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي يَوْمِكُمْ، وَنَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا، فِيهِمْ مِنَ الْحَنقِ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ. قَالَ: وَيْلَكَ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تَرْتَحِلَ حَتَّى تَرَى نَوَاصِيَ الْخَيْلِ. قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَجْمَعْنَا الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ لِنَسْتَأْصِلَ بَقِيَّتَهُمْ. قَالَ: فَإِنِّي أَنْهَاكَ عَنْ ذَلِكَ، وَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلَنِي مَا رَأَيْت عَلَى أَنْ قُلْتُ فِيهِمْ أَبْيَاتًا. قَالَ: وَمَا قُلْتَ؟ قَالَ: كَادَتْ تُهَدُّ مِنَ الأَصْوَاتِ رَاحِلَتِي ... إِذْ سَالَتِ الأَرْضُ بِالْجُرْد الأَبَابِيلِ تُرْدِي1 بِأُسْدٍ كِرَامٍ لا تَنَابِلَةٍ2 ... عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلا مَيْلٍ معازيل فظلت عدوا أظن الأرض مائلة ... لَمَّا سَمَوْا بِرَئِيسٍ غَيْرِ مَخْذُولِ فَقُلْتُ وَيْلَ ابْنِ حَرْبٍ مِنْ لِقَائِكُمُ ... إِذَا تَغَطْمَطَتِ3 الْبَطْحَاءُ بِالْجيلِ إِنِّي نَذَرْتُ لأَهْلِ الْبَسْلِ ضَاحِيَةً ... لِكُلِّ ذِي إِرْبَةٍ4 مِنْهُمْ وَمَعْقُولِ مِنْ جَيْشِ أَحْمَدَ لا وَخْشٍ5 تَنَابِله ... وَلَيْسَ يُوصَفُ مَا أَنْذَرْتُ بِالْقيلِ قَالَ: فَثَنَى ذَلِكَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ. وَمَرَّ رَكْبٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: الْمَدِينَةَ، لِنَمْتَارَ. فَقَالَ: أَمَا أَنْتُمْ مُبَلِّغُونَ عَنِّي مُحَمَّدًا رِسَالَةً، وَأُحَمِّلُكُمْ عَلَى إِبِلِكُمْ هَذِهِ زَبِيبًا بِعُكَاظٍ غَدًا إِذَا وَافَيْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: إِذَا جِئْتُمْ مُحَمَّدًا فَأَخْبِرُوهُ أَنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا الرَّجْعَةَ إِلَى أَصْحَابِهِ لِنَسْتَأْصِلَهُمْ. فَلَمَّا مَرَّ الرَّكْبُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِحَمْرَاءِ الأَسَدِ أَخْبَرُوهُ. فَقَالَ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ". فَأُنْزِلَتِ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173] الآيات6.

_ 1 تردي: تسرع. 2 تنابلة: جمع تنبال وتنبالة، وهو القصير. 3 تغطمطت: اضطربت. 4 الإربة: العقل. 5 الوخش: رذالة الناس. 6 "إسناده حسن": أورده ابن كثير في "تفسيره" "2/ 147"، والخبر: رواه الخطيب في "تاريخه" "11/ 86"؛ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قيل له يوم أحد: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} فأنزل الله هذه الآية.

وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، كَمَا حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، لَهُ مَقَامٌ يَقُومُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ لا يتركه شرفًا له في نفسه وفي وقومه, فَكَانَ إِذَا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ قَامَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أظْهُرِكُمْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهِ وَأَعَزَّكُمْ بِهِ, فَعَزِّرُوهُ وَانْصُرُوهُ وَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوهُ. ثُمَّ يَجْلِسُ حَتَّى إِذَا صَنَعَ يَوْمَ أُحُدٍ مَا صَنَعَ وَرَجَعَ، قَامَ يَفْعَلُ كَفِعْلِهِ، فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ ثِيَابَهُ مِنْ نَوَاحِيهِ، وَقَالُوا: اجْلِسْ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ! لَسْتَ لِذَلِكَ بِأَهْلٍ، وَقَدْ صَنَعْتَ مَا صَنَعْتَ. فَخَرَجَ يتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ, وَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي قُلْتُ بُجْرًا1 أَنْ قُمْتُ أَشُدُّ أَمْرَهُ. فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: مَا لَكَ؟ وَيْلَكَ! قَالَ: قُمْتُ أَشُدُّ أَمْرَهُ فَوَثَبَ عَلَيَّ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَجْبِذُونَنِي وَيُعَنِّفُونَنِي، لَكَأَنَّمَا قُلْتُ بُجْرًا. قَالَ: وَيْلَكَ ارْجِعْ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَبْغِي أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَثنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَعِيدٍ؛ قَالُوا: كَانَ سُوَيْدُ بْنُ الصَّامِتِ قد قتل ذيادًا, فقتله المجذر بن ذياد، فَهَيَّجَ بِقَتْلِهِ وَقْعَةَ بُعَاثٍ2. فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ أَسْلَمَ الْمُجَذَّرُ، والحارث بن سويد بن الصامت، فشهدا بَدْرًا. فَجَعَلَ الْحَارِثُ يَطْلُبُ مُجَذَّرًا لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ, فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَقَتَلَهُ. فَلَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حَمْرَاءِ الأَسَدِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ قَتَلَ مجذَّرًا. فَرَكِبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قُبَاءَ، فَأَتَاهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ فِي مِلْحَفَةٍ مُوَرَّسَةٍ3. فَلَمَّا رآه دعا عويم بن ساعدة وقال: "اضرب عنق الحارث بمجذر بن ذياد". فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُهُ رُجُوعًا عَنِ الإِسْلامِ وَلَكِنْ حَمِيَةٌ، وَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأُخْرِجُ دِيَتَهُ وَأَصُومُ وَأَعْتِقُ. وَجَعَلَ يَتَمَسَّكُ بِرِكَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَنْ فَرَغَ مِنْ كَلامِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدِّمْهُ يَا عُوَيْمُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ". فَضَرَبَ عنقه على باب المسجد.

_ 1 بجرًا: البجر: الأمر العظيم. 2 دارت رحاها بين الأوس والخزرج في الجاهلية. 3 ملحفة مورسة؛ أي: مصبوغة بالورس، والورس: نبت من الفصيلة القرنية "الفراشية" ينبت في بلاد العرب والحبشة والهند، ثمرته مغطاة بغدد حمر، يستعمل لتلوين الحرير ونحوه لاحتوائه على مادة حمراء. "المعجم الوجيز" "665".

أحداث السنة الرابعة

أحداث السَّنة الرابعَة: سريّة أبي سلمَة إلى قطن، غزوة الرجيح: سريّة أبي سلمَة إلى قطن: في أوّلها: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْيَرْبُوعِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ، وَغَيْرِهِ قَالُوا: شَهِدَ أَبُو سَلَمَةَ أُحُدًا، وَكَانَ نَازِلًا فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ بِالْعَالِيَةِ، حَتَّى تَحَوَّلَ مِنْ قُبَاءَ فَجُرِحَ بِأُحُدٍ، وَأَقَامَ شَهْرًا يُدَاوِي جُرْحَهُ, فَلَمَّا كَانَ هِلالُ الْمُحَرَّمِ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "اخْرُجْ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ فَقَدِ اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَيْهَا". وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً, وَقَالَ: "سِرْ حَتَّى تَأْتِيَ أَرْضَ بَنِي أَسَدٍ فَأَغِرْ عَلَيْهِمْ". وَكَانَ مَعَهُ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ، فَسَارُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى أَدْنَى قَطَن -مَاء مِنْ مِيَاهِهِمْ- فَيَجِدُونَ سَرْحًا لِبَنِي أَسَدٍ، فَأَغَارُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا مَمَالِيكَ ثَلاثَةً، وَأَفْلَتَ سَائِرُهُمْ, ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَغَابَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. قَالَ عَمْرو بن عثمان: فحدّثني عبد الملك بن عُمَيْر، قَالَ: لما دخل أبو سَلَمَةَ المدينة انتقض جُرْحُه، فمات لثلاث بقين من جُمَادى الآخرة. غزوة الرَّجيع 1: وهي في صفر من السّنة الرابعة، فيما ورَّخه الواقدي. وقال: هي عَلَى سبعة أميال من عُسْفان. فحدثني موسى بن يعقوب، عَنْ أبي الأسود قَالَ: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابَ الرَّجيع عيونًا إلى مكة ليُخْبِروه. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أُسَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشَرَةَ رَهْطٍ عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ الأَنْصَارِيَّ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَّاة؛ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ. فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ، فَقَالُوا: نَوَى يَثْرِبَ، فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ. فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ2 فَأَحَاطَ بِهِمُ القوم، فقالوا لهم: انزلوا،

_ 1 الرجيع: ماء لهذيل قرب الهدأة أو الهدة، قيل: بين عسفان ومكة. وقيل: بين مكة والطائف. 2 الفدفد: الأرض المرتفعة ذات الحصى.

فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ لا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا. قَالَ عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ مُشْرِكٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ. فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاثَةٌ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ: خُبَيْبٌ1، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَآخَرُ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قُسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا. فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لا أَصْحَبُكُمْ إِنَّ لِي بِهَؤُلاءِ أُسْوةٌ. يُرِيدُ الْقَتْلَى. فَجَرُّوهُ وَعَالَجُوهُ، فَأَبَى أَنْ يصحبهم، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب، وزيد، حتى باعوهما بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ, فَابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خُبَيْبًا, وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ, فَلَبِثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ، فَاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ مُوسَى يُسْتَحَدُّ بِهَا لِلْقَتْلِ2 فَأَعَارَتْهُ, فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدَتْهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعَتْ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ, فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ. وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا. فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ قَالَ لَهُمْ: دَعُونِي أَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ. فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنْ تحسبوا أن ما بِي جَزَعٌ مِنَ الْقَتْلِ لَزِدْتُ، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَقَالَ: فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أي جنب كَانَ فِي اللَّهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو مُمَزَّعِ ثُمَّ قَامَ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ. وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا؛ الصَّلاةَ. وَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ يَوْمَ أُصِيبَ؛ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ. وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ لِيَأْتُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَى عاصم مثل الظلة من الدبر3،

_ 1 هو: خبيب بن عدي. 2 الاستحداد: حلق العانة. 3 الدبر: جماعة النحل.

فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ وَأَصْحَابَهُ عَيْنًا لَهُ، فَسَلَكُوا النَّجْدِيَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالرَّجِيعِ. فَذَكَرُوا الْقِصَّةَ. قَالَ مُوسَى: وَيُقَالُ: كَانَ أَصْحَابُ الرَّجِيعِ سِتَّةً مِنْهُمْ: عَاصِمٌ، وَخُبَيْبٌ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ -حَلِيفٌ لِبَنِي ظَفَر- وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِيّ، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي -حليف حمزة. وَسَاقَ حَدِيثَهُمْ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن نَفَرًا مِنْ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ2 قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ بَعْدَ أُحُدٍ فَقَالُوا: إِنَّ فِينَا إِسْلامًا، فَابْعَثْ مَعَنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِكَ لِيُفَقِّهُونَا فِي الدِّينِ وَيُقْرِئُونَا الْقُرْآنَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَعَثَ مَعَهُمْ سِتَّةً، أَمَّرَ عَلَيْهِمْ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، وَسَمَّاهُمْ كَمَا قَالَ مُوسَى. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَخَرَجُوا مَعَ الْقَوْمِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا عَلَى الرَّجِيعِ -مَاءٌ لِهُذَيْلٍ بِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ عَلَى صُدُورِ الْهدأة3- غَدَرُوا بِهِمْ, فَاسْتَصْرَخُوا عَلَيْهِمْ هُذَيْلًا، فَلَمْ يَرُع الْقَوْمَ وَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ إِلا الرِّجَالُ بِأَيْدِيهِمُ السُّيُوفُ، فَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ لِيُقَاتِلُوهُمْ، فَقَالُوا لَهُمْ: مَا نُرِيدُ قَتْلَكُمْ وَلَكِنَّا نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ بِكُمْ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَلَكُمْ عَلَيْنَا عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَنْ لا نَقْتُلَكُمْ. فَأَمَّا مَرْثَدٌ، وَعَاصِمٌ، وَابْنُ الْبُكَيْرٍ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لا نَقْبَلُ مِنْ مُشْرِكٍ عَهْدًا وَلا عَقْدًا أَبَدًا. وَأَرَادَتْ هُذَيْلٌ أَخْذَ رَأْسِ عَاصِمٍ لِيَبِيعُوهُ مِنْ سُلَافَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، وَكَانَتْ قَدْ نَذَرَتْ حِينَ أَصَابَ ابْنَيْهَا يَوْمَ أُحُدٍ، لَئِنْ قَدَرَتْ عَلَى عَاصِمٍ لَتَشْرَبَنَّ فِي قِحْفِهِ الْخَمْرَ، فَمَنَعَتْهُ الدَّبْرُ، فَانْتَظَرُوا ذِهَابَهَا عَنْهُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ الْوَادِيَ فَحَمَلَ عَاصِمًا فَذَهَبَ بِهِ. وَقَدْ كَانَ عَاصِمٌ أَعْطَى اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ وَلا يَمَسَّ مُشْرِكًا أَبَدًا تَنَجُّسًا. وَأَسَرُوا خُبَيْبًا، وَابْنَ الدَّثِنَةِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَارِقٍ، ثُمَّ مَضَوْا بِهِمْ إِلَى مَكَّةَ ليبيعوهم.

_ 1 في "المغازي" "5، 40, 41". 2 عضل والقارة: من الهون بن خزيمة بن مدركة. "السيرة النبوية" لابن هشام "3/ 183". 3 الهدأة: موضع بين عسفان ومكة.

حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالظَّهْرَانِ انْتَزَعَ عَبْدُ اللَّهِ يَدَهُ مِنَ الْقِرَانِ ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ وَاسْتَأْخَرَ عَنِ الْقَوْمِ، فَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَبْرُهُ بِالظَّهْرَانِ. وقال البكّائيّ، عَنِ ابن إسحاق، حدّثني يحيى، عَنْ أبيه عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبير، عَنْ عُقْبَةَ بن الحارث، سَمِعْتُهُ يَقْولُ: ما أنا والله قتلتُ خُبَيْبًا، لأنا كنتُ أصغر من ذَلِكَ، ولكن أبا مَيسْرة أخا بني عبد الدّار أخذ الحرْبَةَ فجعلها في يدي، ثُمَّ أخذ بيدي وبالحربة، ثُمَّ طعنه بِهَا حتى قتله1. ثُمَّ ذكر ابن إسحاق أنّ خبيبًا قَالَ: لقد جَمَّع الأحزابُ حولي وألَّبُوا ... قبائلَهم واستجمعوا كلّ مجمَّعِ فكلّهم مُبْدِي العداوةَ جاهدٌ ... عليَّ لأنّي في وثاق مضيعِ وقد جمعوا أبناءَهم ونساءَهم ... وقُرِّبَتْ من جذعٍ طويلٍ مُمَنَّعِ إلى الله أشكو غُرْبَتي ثُمَّ كُرْبَتي ... وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي فذا العرش صبرني على ما يراد بي ... فقد بضعوا لحمي وقد ياس مطمعي وذلك في ذاتِ الِإلهِ وإنْ يشأْ ... يُبارِكْ عَلَى أَوْصالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ وقد خيّروني الكفَر والموتُ دُونه ... وقد هملتْ عَيْناي من غير مَجْزَع وما بي حِذارُ الموتِ إنّي لميت ... ولكن حذاري جحم نار ببلقع2 ووالله ما أرجو إذا متُّ مسلِمًا ... عَلَى أيّ جنبٍ كان في الله مَصْرَعي فلست بمُبدٍ للعدوّ تَخَشُّعًا ... ولا جَزَعًا إنّي إلى الله مرجعي وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ جَدِّهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ عَيْنًا؛ قَالَ: فَجِئْتُ إِلَى خَشَبَةِ خُبَيْبٍ فَرَقِيتُ فِيهَا وَأَنَا أَتَخَوَّفُ الْعُيُونَ، فَأَطْلَقْتُهُ فَوَقَعَ بِالأَرْضِ، ثُمَّ اقْتَحَمْتُ فَانْتَبَذْتُ قَلِيلًا، ثُمَّ الْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ خُبَيْبًا، فَكَأَنَّمَا ابْتَلَعَتْهُ الأَرْضُ. زَادَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ: فَلَمْ يُذْكَرْ لِخُبَيْبٍ -رضي الله عنه- رمة حتى الساعة3.

_ 1 أخرجه البخاري في "صحيحه" "4087" كتاب "المغازي". 2 في بعض النسخ: ولكن حذاري حر نار تلفع. 3 انظر: "صفة الصفوة" لابن الجوزي "1/ 315".

غزوة بئر معونة

غزوة بئر مَعُوَنة: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحاب بئر مَعُوَنة في صفر، عَلَى رأس أربعةِ أشهرٍ من أُحُد. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ مَالِكٍ الَّذِي يُدْعَى مُلاعِبَ الأَسِنَّةِ1 قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإِسْلامَ, فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ، وَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً, فَقَالَ: "إِنِّي لا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ". فَقَالَ: ابْعَثْ مَعِي مَنْ شِئْتَ مِنْ رُسُلِكَ، فَأَنَا لَهُمْ جَارٌ. فَبَعَثَ رَهْطًا، فِيهِمُ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو السَّاعِدِيُّ؛ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: "أَعْنَقَ لِيَمُوتَ"2، بَعَثَهُ عينًا له في أهل نجد. فسمع بهم عَامِر بْن الطُّفَيْلِ، فَاسْتَنْفَرَ بَنِي عَامِرٍ، فَأَبَوْا أَنْ يُطِيعُوهُ, فَاسْتَنْفَرَ بَنِي سُلَيْمٍ فَنَفَرُوا مَعَهُ. فَقَتَلُوهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ، غَيْرَ عَمْرِو بْنِ أُمَّيَةَ الضَّمْرِيِّ، فَإِنَّهُ أَطْلَقَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ, فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحارث بْن هشام، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا: قَدِمَ أَبُو الْبَرَاءِ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، فَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَبْعُدْ مِنَ الإِسْلامِ, وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ لَوْ بَعَثْتَ مَعِي رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ يَدْعُونَهُمْ إِلَى أَمْرِكَ رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ. قَالَ: "أَخْشَى عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدٍ". قَالَ أَبُو الْبَرَاءِ: أنا لَهُمْ جَارٌ. فَبَعَثَ الْمُنْذَرَ بْنَ عَمْرٍو فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فِيهِمُ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّة، وَحَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ؛ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، وَعُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ السُّلَمِيُّ, وَنَافِعُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، فِي خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَسَارُوا حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ معونة، بين أرض بني عَامِرٍ وَحَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ. ثُمَّ بَعَثُوا حَرَامَ بن ملحان

_ 1 قال السهيلي في "الروض الأنف" "3/ 238": "سمي ملاعب الأسنة في يوم سوبان وهو يوم كانت فيه وقيعة في أيام جبلة وهي أيام حرب كانت بين قريش وتميم، وجبلة اسم لهضبة عالية، وكان سبب تسميته في يوم سوبان ملاعب الأسنة: أن أخاه يقال له: فارس قرزل وهو طفيل بن مالك كان أسلمه في ذلك اليوم وفر وقال عمر: فررت وأسلمت ابن أمك عامرا ... يلاعب أطراف الوشيح المزعزع ا. هـ. باختصار. 2 سمي بذلك لإسراعه إلى الشهادة.

بكتاب إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، فَلَمْ يَنْظُرْ فِي الْكِتَابِ حَتَّى قَتَلَ الرَّجُلُ, ثُمَّ اسْتَصْرَخَ بَنِي سُلَيْمٍ فَأَجَابُوهُ وَأَحَاطُوا الْقَوْمَ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى اسْتُشْهِدُوا كُلُّهُمْ إِلا كَعْبَ بْنَ زَيْدٍ، مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، تَرَكُوهُ وَبِهِ رَمَقٌ فَارتُثَّ مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى1، فَعَاشَ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. وَكَانَ فِي سَرْح الْقَوْمِ عَمْرو بْن أُمَيَّةَ وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمْ يُخْبِرْهُمَا بِمُصَابِ الْقَوْمِ إِلَّا الطَّيْرُ تَحُومُ عَلَى الْعَسْكَرِ، فَقَالا: وَاللَّهِ إِنَّ لِهَذِهِ الطَّيْرِ لَشَأْنًا، فَأَقْبَلا لِيَنْظُرَا، فَإِذَا الْقَوْمُ فِي دِمَائِهِمْ وَإِذَا الْخَيْلُ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ وَاقِفَةٌ. فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ لِعَمْرٍو: مَاذَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ نَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُخْبِرهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: لَكِنِّي لَمْ أَكُنْ لأَرْغَبَ بِنَفْسِي عَنْ مَوْطِنٍ قُتِلَ فِيهِ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَا كُنْتُ لأُخْبِرَ عَنْهُ الرِّجَالَ. وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَأَسَرُوا عُمَرًا. فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مِنْ مُضَرَ أَطْلَقَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَحَزَّ نَاصِيَتَهُ وَأَعْتَقَهُ. فَلَمَّا كَانَ بِالْقَرْقَرَةِ2 أَقْبَلَ رَجُلانِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ حَتَّى نَزَلَا فِي ظِلٍّ هُوَ فِيهِ، وَكَانَ مَعَهُمَا عَهْدٌ من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجوارٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ عَمْرٌو, حَتَّى إِذَا نَامَا عَدَا عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا, فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَهُ, فَقَالَ: "قَدْ قَتَلْتَ قَتِيلَيْنِ، لأَدِيَنَّهُمَا". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هذا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ، قَدْ كُنْتُ لِهَذَا كَارِهًا مُتَخَوِّفًا". فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا الْبَرَاءِ فَشُقَّ عَلَيْهِ إِخْفَارُ عَامِرٍ إِيَّاهُ، فَحَمَلَ رَبِيعَةَ وَلَد أَبِي براء على عامر بن الطفيل فطعنه فِي فَخِذِهِ فَأَشْوَاهُ فَوَقَعَ مِنْ فَرَسِهِ, وَقَالَ: هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ, إِنْ مِتُّ فَدَمِي لِعَمِّي فَلا يُتْبَعَنَّ بِهِ، وَإِنْ أَعِشْ فَسَأَرَى رَأْيِي3. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ارتُثَّ فِي الْقَتْلَى كَعْب بْن زَيْدٍ، فَقُتِلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَنَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمْ: الْقُرَّاءُ، وَفِيهِمْ خَالِي حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ وَيَتَعَلَّمُونَ، وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي المسجد، ويحتطبون فيبيعون

_ 1 ارتث: وقع في أرض المعركة جريحًا وحمل وبه رمق -بقية حياة. 2 القرقرة: هي قرقرة الكدر، موضع بناحية المعدن قريب من الأرحضية بينه وبين المدينة ثمانية برد. "معجم البلدان" "4/ 401". 3 قال الهيثمي في "المجمع": رواه الطبراني، ورجاله ثقات إلى ابن إسحاق.

وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ، فَبَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمْ، فَتَعَرَّضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ. قَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّكَ أَنْ قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِيتَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْكَ. قَالَ: وَأَتَى رَجُلٌ خَالِي مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِالرُّمْحِ حَتَّى أَنْفَذَهُ، فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ: "إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا, وَقَالُوا: اللَّهُمَّ أَبْلِغْ عَنَّا نَبِيَّكَ أَنْ قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ هَمَّامٌ وَغَيْرُهُ، عَنْ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ خَالَهُ حَرَامًا فِي سَبْعِينَ رجلا فقتلوا يوم بئر معونة. كَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَكَانَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أُخَيِّرُكَ بَيْنَ ثَلاثِ خِصَالٍ: أَنْ يَكُونَ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ وَلِي أَهْلُ الْمَدَرِ، أَوْ أَكُونَ خَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ، أَوْ أَغْزُوَكَ بِغَطَفَانَ بِأَلْفِ أَشْقَرَ وَأَلْفِ شَقْرَاءَ. قَالَ: فَطُعِنَ2 فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلانٍ، فَقَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ3 فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلانٍ ائْتُونِي بِفَرَسِي، فَرَكِبَهُ، فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ. وَانْطَلَقَ حَرَامٌ وَرَجُلانِ مَعَهُ أَحَدُهُمَا أَعْرَجُ فَقَالَ: كُونَا قَرِيبًا مِنِّي حَتَّى آتِيَهُمْ فَإِنْ آمَنُونِي كُنْتُ كُفْوًا، وَإِنْ قَتَلُونِي أَتَيْتُمْ أَصحَابَكُمْ. فَأَتَاهُمْ حَرَامٌ فَقَالَ: أَتُؤَمِّنُونِي أُبلِّغُكُمْ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ، وَأَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ فَأَتَاهُ مَنْ خَلْفَهُ فَطَعَنَهُ. قَالَ هَمَّامٌ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ: وَقُتِلَ كُلُّهُمْ إِلا الأَعْرَجَ، كَانَ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ. قَالَ أَنَسٌ: أُنْزِلَ عَلَيْنَا، ثُمَّ كَانَ مِنَ الْمَنْسُوخِ، "إِنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَيْنَاهُ". فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِينَ صَبَاحًا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ وَعُصَيَّةً عَصَتِ اللَّهَ ورسوله. أخرجه البخاري، وقال: ثلاثين صباحًا، هو الصَّحِيحُ4. وَرَوَى نَحْوَهُ قَتَادَةُ، وَثَابِتٌ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ أَنَسٍ. وَبَعْضُهُمْ يَخْتَصِرُ الْحَدِيثَ. قَالَ سليمان بن المُغيرة، عَنْ ثابت قَالَ: كتب أَنَس في أهله كتابًا فقال: اشهدوا معاشر القراء.

_ 1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "1902" كتاب "الإمارة" باب: ثبوت الجنة للشهيد. 2 أصابه الطاعون، والطاعون: غدة كغدة البعير. 3 البكر: الفتي من الإبل. 4 أخرجه البخاري في "صحيحه" "5/ 42-43" كتاب "المغازي" باب: غزوة الرجيع.

فكأنّي كرهت ذَلِكَ، فقلت: لو سمّيتهم بأسمائهم وأسماء آبائهم؛ فقال: وما بأس أن أقول لكم معاشرَ القُرّاء، أفلا أحدّثكم عَنْ إخوانكم الذين كنّا ندعوهم عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القرّاء؟ قَالَ: فذكر أنس سبعين من الأنصار كانوا إذا جنَّهُمُ الليل أوَوْا إلى معلم بالمدينة فيبيتون يدرسون، فإذا أصبحوا فمَنْ كانت عنده قوة أصاب من الحَطَب واستعذب من الماء، ومن كانت عنده سَعَةٌ أصابوا الشَّاة فأصلحوها. فكان معلّقًا بحجر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا أصيب خُبَيْب، بَعَثَهُمْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ فيهم خالي حرام. فأتوا عَلَى حيٍّ من بني سُلَيْم، فقال حَرام لأميرهم: دعني، فلا خير في هَؤلاءِ. إنّا لَيْسَ إيّاهم نريد فيخلّون وجوهنَا. فأتاهم فقال ذَلِكَ، فاستقبله رجل منهم برُمْحٍ فأنفذه به. قَالَ: فلما وجد حَرام مسّ الرمح قَالَ: الله أكبر فزتُ وربِّ الكعبة. قَالَ: فانطووا عليهم فما بقي منهم مُخْبِر. قَالَ: فما رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلّما صلّى الغداةَ رفع يديه يدعو عليهم. فلما كان بعد ذَلِكَ، إذا أبو طلحة يَقْولُ: هل لك في قاتلِ حَرام؟ قلت: ما له، فعل الله به وفعل. فقال: لا تفعل، فقد أسلم. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ غُلامًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ، أَخِي عَائِشَةَ لأُمِّهَا؛ وَكَانَتْ لأَبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ1، فَكَانَ يَغْدُو بِهَا وَيَرُوحُ، وَيُصْبِحُ فَيَدَّلِجُ إِلَيْهِمَا ثُمَّ يَسْرَحُ فَلا يَفْطُنُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّعَاءِ. ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُمَا يُعْقِبَانِهِ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ مَعَهُمَا. فَقُتِلَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَأُسِرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ. فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: مَنْ هَذَا؟ وَأَشَارَ إِلَى قَتِيلٍ. قَالَ: هَذَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ. فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى أَنِّي لأَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُحَرِّضُ بَنِي أَبِي الْبَرَاءِ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ: بَنِي أُمِّ الْبَنِينَ أَلَمْ يَرُعْكُمْ ... وَأَنْتُمْ مِنْ ذَوَائبِ أَهْلِ نَجْدِ تَهَكُّمُ عَامِرٌ بِأَبِي بَرَاءٍ ... لِيُخْفِرَهُ وَمَا خَطَأٌ كَعَمْدِ أَلا أَبْلِغْ رَبِيعَةَ ذَا الْمَسَاعِي ... فَمَا أَحْدَثْتَ فِي الْحَدَثَانِ بَعْدِي أَبُوكَ أَبُو الْحُرُوبِ أَبُو بَرَاءٍ ... وَخَالُكَ مَاجِدٌ حَكَمُ بن سعد

_ 1 المنحة: الناقة يدر منها اللبن. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 43-44" باب: غزوة الرجيع.

ذكر الخلاف في غزوة بني النضير وقد تقجمت في سنة ثلاث

ذَكَرَ الخلاف فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَدْ تقجمت في سنة ثلاث ... ذَكَرَ الخلاف فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ: ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ إِلَى أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ أُحُدٍ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: كَانَتْ بَعْدَ أُحُدٍ، وَبَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْبُنِّ، أنا جَدِّي، أنا أَبُو الْقَاسِمِ الْمِصِّيصِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي العقب، أنا أحمد بن إبراهيم، ثنا محمد بْنُ عَائِذٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إلى بني النضير يستعينهم في عقل1 الكلابيين. قَالُوا: اجْلِسْ أَبَا الْقَاسِمِ، حَتَّى تَطْعَمَ وَتَرْجِعَ بِحَاجَتِكَ. ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ وَتَقَدَّمَ ذِكُرُهُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا خَرَجَتْ بَنُو النَّضِيرِ أَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ سُعْدَى فَأَطَافَ بِمَنَازِلِهِمْ فَرَأَى خَرَابَهَا، وَفَكَّرَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قُرَيْظَةَ فَيَجِدُهُمْ فِي الْكَنِيسَةِ فَيَنْفُخُ فِي بُوقِهِمْ، فَاجْتَمَعُوا. فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَيْنَ كُنْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ؟ وَكَانَ لا يُفَارِقُ الْكَنِيسَةَ وَكَانَ يَتَأَلَّهُ فِي الْيَهُودِيَّةِ، قَالَ: رَأَيْتُ الْيَوْمَ عِبَرًا قَدْ عَبَرْنَا بِهَا، رَأَيْتُ مَنَازِلَ إِخْوَانِنَا خَالِيَةً بَعْدَ ذَلِكَ الْعِزِّ وَالْجَلَدِ وَالشَّرَفِ الْفَاضِلِ وَالْعَقْلِ الْبَارِعِ، قَدْ تَرَكُوا أَمْوَالَهُمْ وَمَلَكَهَا غَيْرُهُمْ وَخَرَجُوا خروج ذل, ولا والتوارة مَا سُلِّطَ هَذَا عَلَى قَوْمٍ قَطُّ لِلَّهِ بِهِمْ حَاجَةٌ, فَقَدْ أَوْقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بِابْنِ الأشرف ذِي عِزِّهِمْ؟ بَيْتُهُ فِي بَيْتِهِ آمِنًا، وَأَوْقَعَ بابن سنية سَيِّدِهِمْ، وَأَوْقَعَ بِبَنِي قَيْنُقَاعَ فَأَجْلاهُمْ وَهُمْ جَدُّ يَهُودَ، وَكَانُوا أَهْلَ عِدَّةٍ وَسِلاحٍ وَنَجْدَةٍ، وَحَصَرَهُمْ فَلَمْ يُخْرِجْ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ رَأْسَهُ حَتَّى سَبَاهُمْ، وَكُلِّمَ فِيهِمْ فَتَرَكَهُمْ عَلَى أَنْ أَجْلاهُمْ مِنْ يَثْرِبَ، يَا قَوْمُ قَدْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ فَأَطِيعُونِي وَتَعَالَوْا نَتَّبِعْ مُحَمَّدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ بَشَّرَنَا بِهِ وَبِأَمْرِهِ ابُنُ التَّيْهَانِ وَابْنُ الْحَوَّاسِ، وَهُمَا أَعْلَمُ يَهُودَ، جَاءَانَا من بيت المقدس يتوكفان قدومه2،

_ 1 العقل: الدية. 2 يتوكفان: يتوقعان.

أَمَرَانَا بِاتِّبَاعِهِ، وَأَمَرَانَا أَنْ نُقْرِئَهُ مِنْهُمَا السَّلامَ، ثُمَّ مَاتَا عَلَى دِينِهِمَا، فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ، فَأَعَادَ هَذَا الْقَوْلَ وَنَحْوَهُ، وَتَخَوُّفَهُمْ بِالْحَرْبِ وَالسِّبَاءِ وَالْجَلاءِ. فَقَالَ ابْنُ بَاطَا: وَاللَّهِ لَقَدْ قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ صِفَتَهُ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى، لَيْسَ فِي الْمَثَانِي الَّتِي أَحْدَثْنَا. فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ بن أسد: ما يمنعك يا أبا عبد الرحمن من اتباعه؟ قال: أنت. قال كعب: ولم؟ والتوراة مَا حَلَّتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَطُّ. قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنْتَ صَاحِبُ عَهْدِنَا وَعَقْدِنَا فَإِنِ اتَّبَعْتَهُ اتَّبَعْنَاهُ وَإِنْ أَبَيْتَ أَبَيْنَا. فَأَقْبَلَ عَمْرُو بُن سُعْدَى عَلَى كَعْبٍ فَذَكَرَ مَا تَقَاوَلا فِي ذَلِكَ، إِلَى أَنْ قَالَ كَعْبٌ: مَا عِنْدِي فِي أَمْرِهِ إِلا مَا قُلْتُ، مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أَصِيرَ تَابِعًا. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَحَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ست ليال1. قال: ونزل تحريم الخمر2.

_ 1 "السيرة النبوية" لابن هشام "3/ 158". 2 "نفس المرجع" والصفحة، وذكره الحافظ في "الفتح" "8/ 128" أنها حرمت بعد الفتح وبين ذلك.

غزوة بني لحيان

غزوة بني لحيان: قَالَ ابن إسحاق: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي جُمادَى الأولى، عَلَى رأس ستّة أشهرٍ من صلح بني قريظة إلى بني لحْيان يطلب بأصحاب الرَّجيع: خُبَيْب وأصحابه، وأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوم غِرَّة. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرِهِ قَالُوا: لَمَّا أُصِيبَ خُبَيْبٌ وَأَصْحَابُهُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طلبًا لِدِمَائِهِمْ لِيُصِيبَ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ غِرَّةً، فَسَلَكَ طَرِيقَ الشَّامِ وَرَوَى عَلَى النَّاسِ أَنَّهُ لا يُرِيدُ بَنِي لِحْيَانَ، حَتَّى نَزَلَ أَرْضَهُمْ -وَهُمْ مِنْ هُذَيْلٍ- فَوَجَدَهُمْ قَدْ حَذِرُوا فَتَمَنَّعُوا فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّا هَبَطْنَا عُسْفَانَ لَرَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّا قَدْ جِئْنَا مَكَّةَ". فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ حَتَّى نَزَلَ عُسْفَانَ، ثُمَّ بَعَثَ فَارِسَيْنِ حَتَّى نَزَلا كُرَاعَ الْغَمِيمِ1 ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَيْهِ. فَذَكَرَ أَبُو عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بِعُسْفَانَ صَلاةَ الْخَوْفِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَغَازِي: إِنَّ غَزْوَةَ بَنِي لِحْيَانَ كَانَتْ بَعْدَ قريظة.

_ 1 كراع الغميم: واد بعد عسفان بثمانية أميال.

غزوة ذات الرقاع

غزوة ذاتِ الرِّقاع: قَالَ ابن إسحاق: إنّها في جُمادَى الأولى سنة أربع، وهي غزوة خصفة من بني ثَعْلبة من غَطَفَان. وقال محمد بن إسماعيل رحِمه الله: كانت بعد خَيْبَر، لأنّ أبا موسى جاء بعد خَيْبر، يعني وشهِدَها. قَالَ: وإنّما جاء أبو هُرَيْرَةَ فأسلم أيامَ خيبر. وقال ابن إسحاق: في هذه الغزوة سَارَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نزل نَخْلا، فلقي بِهَا جمعًا من غطفان، فتقارب النّاس ولم يكن بينهم حرب. وقد خاف النّاس بعضهم بعضًا، حتى صَلَّى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأصحابه صلاة الخوف, ثُمَّ انصرف بالنّاس. وقال الواقدي: إنما سُمِّيت ذاتِ الرّقاع لأنّها قِبَل جبلٍ كان فيه بقع حمرة وسواد وبياض، فسميت ذات الرّقاع1. قَالَ: وخرج رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعشر خلون من المحرم، عَلَى رأس سبعةٍ وأربعين شهرًا، وقدِم صرارًا2 لخمسٍ بقين من المحرَّم. وذات الرِّقاع قريبة من النُّخَيل بين السَعد والشُقْرَة. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فَحَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: وَعَنْ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَدِمَ قَادِمٌ بِجَلْبٍ له3، فاشترى بسوق النبط4، وقالوا: مِنْ أَيْنَ جَلْبُكَ؟ قَالَ: جِئْتُ بِهِ مِنْ نَجْدٍ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْمَارًا وَثَعْلَبَةَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ جُمُوعًا، وَأَرَاكُمْ هَادِينَ عَنْهُمْ. فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْلُهُ, فَخَرَجَ في أربعمائة مِنْ أَصْحَابِهِ -وَقِيلَ سَبْعِمِائَةٍ- وَسَلَكَ عَلَى الْمَضِيقِ5، ثم أفضى إلى وادي

_ 1 وقيل: سميت بذات الرقاع لأن أقدام الصحابة -رضي الله عنهم- نقبت فكانوا يلفون عليها الخرق. 2 صرار: موضع، وقيل: ماء، وقيل: بئر قديمة على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق "معجم البلدان" "3/ 398". 3 الجلب: ما يجلب من الإبل ونحوها. 4 النبط: قوم سكنوا بلاد الشام من الآراميين. 5 المضيق: قرية في لحف جبل آرة قريبة من الفرع.

الشُّقْرَةِ، فَأَقَامَ بِهَا يَوْمًا، وَبَثَّ السَّرَايَا، فَرَجَعُوا إليه من الليل وأخبروه أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا أَحَدًا، وَقَدْ وَطِئُوا آثَارًا حَدِيثَةً. ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصحَابُهُ، حَتَّى أَتَى مَحَالَّهُمْ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَهَرَبُوا إِلَى الْجِبَالِ، فَهُمْ مُطِّلُونَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَافَ النَّاسُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا. وَفِيهَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأصحابه صلاة الخوف1. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا ذَاتُ الرِّقَاعِ لأَنَّهُمْ رَقَعُوا فِيهَا رَايَاتِهِمْ. قَالَ: وَيُقَالُ ذَاتُ الرِّقَاعِ شَجَرَةٌ هُنَاكَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا غَزْوَتَانِ. وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سِنَانٌ الدُّؤَلِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ نجد، فلما قفل قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعَضَاةِ، فَنَزَلَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعَضَاةِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ. وَقَالَ هُوَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلِقَ بِهَا سَيْفَهُ, فَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُونَا فَأَجَبْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ, فَشَامَ السَّيْفَ وَجَلَسَ". فَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. قَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ: اسْمُ الأَعَرَابِيِّ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ. ثُمَّ رَوَى أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحَارِبَ خَصَفَةَ بِنَخْلٍ، فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غُرَّةً، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسَّيْفِ فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: "اللَّهُ". فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي"؟ قَالَ: كنْ خيرَ آخِذ. قَالَ: "تَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ". قَالَ: لا، وَلَكِنْ أُعَاهِدُكَ عَلَى أَنْ لا أُقَاتِلَكَ، وَلا أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ. فَخَلَّى سَبِيلَهُ, فَأَتَى أَصْحَابَهُ وَقَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ الناس.

_ 1 "السيرة النبوية" لابن هشام "3/ 173". 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "4136"، ومسلم في "صلاة المسافرين" "576". وشام السيف: أغمده. والعضاه: شجر ذات شوك.

ثُمَّ ذَكَرَ صَلاةَ الْخَوْفِ، وَأَنَّهُ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ. وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ عَلَى جَمَلٍ لِي ضَعِيفٍ، فَلَمَّا قفل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جَعَلَتِ الرِّفَاقُ تَمْضِي، وَجَعَلْتُ أَتَخَلَّفُ، حَتَّى أَدْرَكَنِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا لَكَ يَا جَابِرُ"؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْطَأَ بِي جَمَلِي هَذَا. قَالَ: "أَنِخْهُ". وساق قصة الجمل.

_ 1 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 390".

غزوة بدر الموعد

غزوة بدر المَوْعِد: قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ وَرَوَى عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَنْفَرَ الْمُسْلِمِينَ لِمَوْعِدِ أَبِي سُفْيَانَ بَدْرًا. وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْلا لِلصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ، فَاحْتَمَلَ الشيطان أَوْلِيَاءُ مِنَ النَّاسِ، فَمَشَوْا فِي النَّاسِ يُخَوِّفُونَهُمْ وَقَالُوا: أَخْبَرَنَا أَنْ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ مِثْلَ اللَّيْلِ مِنَ النَّاسِ، يَرْجُونَ أَنْ يُوَافِقُوكُمْ فَيَنْتَهُوا بِكُمْ، فَالْحَذَرُ لا تَغْدُوا. فَعَصَم اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ تَخْوِيفِ الشَّيْطَانِ فَاسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَخَرَجُوا بِبَضَائِعَ لَهُمْ، وَقَالُوا: أَنْ لَقِيَنَا أَبَا سُفْيَانَ فَهُوَ الَّذِي خَرَجْنَا لَهُ، وَإنْ لَمْ نَلْقَهُ ابْتَعْنَا بِبَضَائِعِنَا. وَكَانَ بَدْرٌ مُتَّجِرًا يُوَافِي كُلَّ عَامٍ. فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا مَوْسِمَ بَدْرٍ، فَقَضَوْا مِنْهُ حَاجَتَهُمْ، وَأَخْلَفَ أَبُو سُفْيَانَ الْمَوْعِدَ، فَلَمْ يَخْرُجْ هُوَ وَلا أَصْحَابُهُ. وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حِلْفٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْكُمْ أَحَدٌ، فَمَا أَعْمَلُكُمْ إِلَى أَهْلِ هَذَا الْمَوْسِمِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ عَدُوَّهُ مِنْ قُرَيْشٍ: "إِعْمَالُنَا إِلَيْهِ مَوْعِدُ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ وَقِتَالُهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ مَعَ ذَلِكَ نَبَذْنَا إِلَيْكَ وَإِلَى قَوْمِكَ حِلْفَهُمْ ثُمَّ جَالَدْنَاكُمْ". فَقَالَ الضَّمْرِيُّ: مَعَاذَ اللَّهِ. قَالَ: وَذَكَرُوا أَنَّ ابْنَ الْحَمَّامِ قَدِمَ عَلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ يَنْتَظِرُونَكُمْ لِمَوْعِدِكُمْ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَدْ وَاللَّهِ صَدَقَ. فَنَفَرُوا وَجَمَعُوا الأَمْوَالَ، فَمَنْ نَشِطَ مِنْهُم قَوَّرَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ دُونَ أُوقِيَّةٍ, ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَقَامَ بِمَجَنَّةٍ مِنْ عُسْفَانَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمَ، ثُمَّ ائْتَمَرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا يُصْلِحُكُمْ إِلا خِصْبٍ تَرْعَوْنَ فِيهِ السَّمُرَ وَتَشْرَبُونَ مِنَ اللَّبَنِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ، وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ، وكانت تلك غَزْوَةَ جَيْشِ السَّوِيقِ. وَكَانَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ بَدْرُ الْمَوْعِدِ، وَتُسَمَّى بَدْرَ الصُّغْرَى1، لِهِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ عَلَى رَأْسِ خمسة وأربعين شهرًا مُنْ مُهَاجَرَهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، وَأَنَّهُ خَرَجَ فِي أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَكَانَ مَوْسِمُ بَدْرٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْعَرَبُ لِهِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ إِلَى ثَامِنِهِ, فَأَقَامَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَبَاعُوا بَضَائِعَهُمْ، فَرَبِحَ الدِّرْهَمُ دِرْهَمًا, فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ من الله وفضل.

_ 1 وتسمى بدر الثانية. انظر: "زاد المعاد" لابن القيم "3/ 255".

غزوة الخندق

غزوة الخندق: قَالَ موسى بن عُقْبة: كانت في شوّال سنة أربع. وقال ابن إسحاق: كانت في شوّال سنة خمس. فالله أعلم. ويقوّي الأوّلَ قولُ ابن عُمَر: إنّه عُرِض يوم أُحُد وهو ابن أربع عشرة، فلم يُجِزْه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعُرِض عليه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فأجازه. ولكنّ هذه التقوية مردودة بما سنذكره في سنة خمسٍ. وفيها: تُوُفّي عبد الله بن رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبوه عثمان -رضي الله عنه- عَنْ ستّ سنين. ونزل أبوه في حفرته. وفيها: في شعبان وُلد الحسين بن عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وفيها: قُتِل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح وأصحابه, وقد ذكروا, وكنية عاصم: أَبُو سليمان، واسم جدّه: الأقلح قيس بن عصمة بن بني عَمْرو بن عَوْف. ومن ذريته الأحوص الشاعر ابن عبد الله بن محمد بن عاصم بن ثابت. وكان عاصم من الرُّماة المذكورين، ثبت يوم أُحُد وَقَتَلَ غيرَ واحد، وشهد بدْرًا.

وقُتل يوم بئر مَعْونة من الصَّحابة: عامر بن فُهَيْرَة مولى الصِّدّيق؛ وكان من سادة المهاجرين. ومن قُرَيش: الحَكَم بن كَيْسان المخزومي، ونافع بن بُدَيْلِ بن ورقاء السهمي. وَقُتِلَ يومئذٍ من الأنصار: الحارث بن الصمة بن عَمْرو بن عتيك بن عَمْرو بن مبذول أبو سعد. فعن محمد بن إبراهيم التَّيْمي، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بين الحارث بن الصمة وصُهَيْب. وقال الواقدي: شهد الحارثُ أُحُدًا، وَثَبَتَ مَع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبايعه عَلَى الموت، وقتل عثمان بن عبد الله بن المُغيرة. وعن المِسْور بن رفاعة أنّ الحارث خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى بدر، فكُسر بالرَّوْحاء، فردّه رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المدينة وضرب له بسهمه وآجره. قال ابن سعد: وله ذرية بالمدينة وبغداد. حَرام بن مِلْحان: واسم مِلْحان مالك بن خالد بْنِ زَيْدِ بْن حَرَامِ بْن جُنْدُب بْن عَامِرِ بْن غَنْمِ بْنِ عَدِيّ بْنِ النَّجَّارِ؛ شهد بدْرًا، وهو أخو أمّ سُلَيْم. قَالَ لما طُعِنَ يوم بئر مَعُونة: فُزْتُ وربِّ الكعبة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1. عطية بن عَمْرو، من بني دينار. وهذا لم أراه في الصّحابة لابن الأثير. المنذر بن عَمْرو بن خُنَيْس بن حارثة بن لوذان بن عبد ودّ السّاعديّ، أحد النُّقباء ليلة العَقَبَة. شهد بدْرًا وَأُحُدًا. وخُنَيْس هو المعروف بالمُعْنق ليموت2. أنس بن معاوية بن أنس، أحد بني النّجّار. أبو شيخ بن ثابت بن المنذر، سهل بن عامر بن سعد، من بني النّجّار كلاهما. مُعاذ بن مناعص الزُّرْقي، بَدْري. عُرْوة بن الصَّلْت السّلَمي حليف الأنصار. مالك بن ثابت؛ وأخوه: سفيان، كلاهما من بني النبيت. فهؤلاء الذين حُفِظَت أسماؤهم من الشهداء السبعين الذين صح أنه نزل فيهم: "بلِّغوا عنّا قومَنا أنّا لقينا ربَّنا فرضي عنا وأرضانا ". ثم نسخت.

_ 1 تقدم تخريجه قبل قليل. 2 تقدم ذكره قريبًا.

وقيل: بل كانوا اثنين وعشرين راكبًا. ولعلّ الراوي عدّ الركابَ دون الرَّجَّالَةِ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أنا ابْنُ الْبُنِّ، أنا جَدِّي، أنا ابْنُ أَبِي الْعَلاءِ، أنا ابْنُ أَبِي نَصْرٍ، أنا ابْنُ أَبِي الْعَقِبِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْبُسْرِيِّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، أَخْبَرَنِي حَجْوَةُ بْنُ مُدْرَكٍ الْغَسَّانِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: بَعَثَ عامر بن مَالِكٍ مُلاعِبَ الأَسِنَّةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْعَثْ إِلَيَّ رَهْطًا مِمَّنْ مَعَكَ يُبَلِّغُونِي عَنْكَ وَهُمْ فِي جِوَارِي. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ رَاكِبًا، فَلَمَّا أَتَوْا أَدْنَى أَرْضِ بَنِي عَامِرٍ بَعَثَ أَرْبَعَةً مِمَّنْ بَعَثَ إِلَى بَعْضِ مِيَاهِهِمْ، أَوْ قَالَ: إِلَى بَعْضِهِمْ. قَالَ: وَسَمِعَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَأَتَاهُمْ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَهُمْ قَالَ: وَرَجَعَ الأَرْبَعَةُ رَهْطٍ الَّذِينَ كَانَ وَجَّهَ بِهِمُ الْمُنْذِرُ، فَلَمَّا دَنَوْا إِذَا هُمْ بِنُسُورٍ تَحُومُ، قَالُوا: إِنَّا لَنَرَى نُسُورًا تَحُومُ، وَإِنَّا نَرَى أَصْحَابَنَا قَدْ قُتِلُوا فَلَمَّا أَتَوْهُمْ قَالَ رَجُلانِ مِنْهُمْ: لا نَطْلُبُ الشَّهَادَةَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَقَاتَلا حَتَّى قُتِلا. وَرَجَعَ الرَّجُلانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَقِيَا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَسَأَلاهُمَا مَنْ هُمَا فَأَخْبَرَاهُمَا فَقَتَلاهُمَا وَأَخَذَا مَا مَعَهُمَا. وَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَاهُ خَبَرَ أَصْحَابِهِمْ وَخَبَرَ الرَّجُلَيْنِ الْعَامِرِيَّيْنِ، وَأَتَيَاهُ بِمَا أَصَابَا لَهُمَا. فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُلَّتَيْنِ كَانَ كَسَاهُمَا فَقَالَ: "قَدْ كَانَا مِنَّا فِي عَهْدٍ". فَوَدَاهُمَا إِلَى قَوْمِهِمَا دِيَةَ الْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ. وَقَالَ حَسَّانٌ بَعْدَ مَوْتِ عَامِرِ بْنِ مَالِكٍ يُحَرِّضُ ابْنَهُ رَبِيعَةَ: بَنِي أُمِّ الْبَنِينَ أَلَمْ يَرُعْكُمْ الأبيات. فقال ربيعة: هل يرضى مني حسان طَعْنَةٌ أَطْعَنُهَا عَامِرًا؟ قِيلَ: نَعَمْ فَشَدَّ عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ فَعَاشَ مِنْهَا. وفيها تُوُفِّيَتْ أمّ المؤمنين زينب بنت خُزَيْمَة بن الحارث بن عبد الله بن عَمْرو بن عبد مَنَاف بن هلال بن عامر بن صَعْصَعَة القَيْسيّة الهَوَازِنيّة العامرية الهِلالِيَّةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- وكانت تُسمَّى أمُّ المساكين لِإحسانها إليهم، تزوّجت أوّلًا بالطُّفَيْل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، ثُمَّ طلقها فتزوجها أخوه عُبَيْدة بْن الحارث، فاستشهد يوم بدر، ثُمَّ تزوجها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رمضان سنة ثلاث، ومكثت عنده عَلَى الصّحيح ثمانية أشهر، وقيل: كانت وفاتها في آخر ربيع الآخر، وصلّى عليها النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودفنها بالبقيع، ولها نحو ثلاثين سنة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

وفيها تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ هندَ بنتَ أَبِي أُمَّية واسمه حُذَيفة، وقيل: سُهَيْلٌ، ويُدْعَى زاد الراكب؛ ابن المُغيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن مخزوم الْقُرشيّة المخزومية، وكانت قبله عند ابن عمة النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبي سَلَمَةَ عبد الله بن عبد الأسد بْنِ هِلالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَر بْن مخزوم، وأمّه بَرَّة بنت عبد المطّلب، وهاجر بِهَا إلى الحبشة فولدت له هناك زينب، وولدت له سَلَمَةَ وعمر ودرَّة، وكان أخا النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الرضاعة، أرضعتهما وحمزة ثُوَيْبَة مولاة أبي لَهَب، ويقال: إنّه كان أسلم بعد عشرة أنفُس، وكان أوّل من هاجر إلى الحبشة، ثُمَّ كَانَ أول من هاجر إلى المَدِينَةِ، ولمّا عبر إلى اللَّه كان الذي أغمضه رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- ثم دعا له، وكان قد جُرِح بأُحُد جرحًا، ثُمَّ انتفض عليه، فمات منه في جُمَادى الآخرة سنة أربع. فلما تُوُفيَّ تزوّجها النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين حلّت في شوّال، وكانت من أجمل النّساء؛ وهي آخر نسائه وفاةً. ثُمَّ تزوّج بعدها بأيام يسيرة، بنت عمّته أمّ الحَكَم؛ زينب بنت جحش بن رئاب الأسدي، وكان اسمها بَرَّة فسمّاها زينب. وكانت هي وإخوتها من المهاجرين، وأمّهم أُمَيْمَة بنت عبد المطّلب، وهي التي نزلت هذه الآية فيها: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] 1. وكانت تفخر عَلَى نساء النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتقول: زوَّجَكُنّ أهاليكُنّ وزوَّجني الله من السّماء2. وفيها: نزلت آية الحجاب. وتزوّجها وهي بنت خمسٍ وثلاثين سنة, وفي هذه السنة رجم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اليهوديّ واليهوديّة اللَّذَيْن زَنَيَا. وفيها تُوُفِّيَتْ أمّ سعد بن عُبَادة، ورَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غائب في بعض مغازية، ومعه ابنها سعد، قَالَ قَتَادة، عَنْ سعيد بن المسيّب، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلَّى عَلَى قبر أمّ سعد بعد أشهر، والله أعلم.

_ 1 ثبت نزول هذه الآية الكريمة في "زينب"رضي الله عنها في "صحيح البخاري" كتاب "التفسير، سورة الأحزاب"، وفي "سنن الترمذي" كتاب التفسير "3226"، وقال: حديث صحيح، و"سنن النسائي"، كتاب التفسير -أيضًا- من السنن الكبرى "11407". 2 "صحيح": أخرجه الترمذي في "سننه" "3227" كتاب التفسير، وقال: حسن صحيح، ولفظه: عن أنس، قال: لما نزلت هذه الآية في زينب بنت جحش: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} قال: كانت تفتخر على نساء النبي تقول: "زوجكن أهلوكن، وزوجني الله من فوق سبع سموات وصححه الألباني".

أحداث السنة الخامسة

أحداث السنة الخامسة: غزوة ذات الرقاع، غزوة دومة الجندل: غزوة ذات الرقاع: خرج لَهَا رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لعشر خلون من المحرَّم. قاله الواقدي كما تقدّم. وقال ابن إسحاق: إنها في جمادى الأولى سنة أربع. غزوة دُومَة الْجَنْدَل: وهي بضمّ الدَّال، قِيلَ سُمِّيَتْ بدُومى بن إسماعيل عليه السلام، لكَوْنها كانت مَنْزِلَه ودَوْمَة بالفتح موضعٌ آخر. وهذه الغزوة كانت في ربيع الأوّل. ورجع النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل أن يصل إليها، ولم يلق كَيْدًا. وقال المدائنيّ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المحرَّم، يريد أُكَيْدَر دُومه، فهرب أُكَيْدَر، وانصرف النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا: أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يقْرُبَ إِلَى أَدْنَى الشَّامِ لِيُرْهِبَ قَيْصَرَ، وَذُكِرَ لَهُ أَنَّ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ جَمْعًا عَظِيمًا يَظْلِمُونَ مَنْ مَرَّ بِهِمْ. وَكَانَ بِهَا سُوقٌ وَتُجَّارٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ بِأَلْفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ يَسِيرُ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ، وَدَلِيلُهُ مَذْكُورٌ الْعُذْرِيُّ، فَنَكَبَ عَنْ طَرِيقِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُومَةَ يَوْمٌ قَوِيٌّ، قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ سَوَائِمَهُمْ تَرْعَى عِنْدَكَ، فَأَقِمْ حَتَّى أَنْظُرَ. وَسَارَ مَذْكُورٌ حَتَّى وجد آثَارِ النَّعَمِ، فَرَجَعَ وَقَدْ عَرَفَ مَوَاضِعَهُمْ، فَهَجَمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَاشِيَتِهِمْ وَرِعَائِهِمْ فَأَصَابَ مَنْ أَصَابَ، وَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى دُومَةَ فَتَفَرَّقُوا، وَرَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَهِيَ عَنِ الْمَدِينَةِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، وبينها وَبَيْنَ دِمَشْقَ خَمْسُ لَيَالٍ لِلْمُجِدِّ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكُوفَةِ سَبْعُ لَيَالٍ، وَهِيَ أَرْضُ ذَاتِ نَخْلٍ، يزرعون الشَّعِيرَ وَغَيْرَهُ، وَيَسْتَقُونَ عَلَى النَّوَاضِحِ، وَبِهَا عَيْنُ ماء.

_ 1 انظر: "زاد المعاد" "3/ 255-256".

غزوة المريسيع

غزوة المُرَيْسِيع: وتُسَمّى غزوة بني المُصْطَلِق، كانت في شعبان سنة خمسة عَلَى الصحيح، بل المجزوم به. قَالَ الواقدي: استخلف النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيها عَلَى المدينة زيدَ بن حارثة. فحدّثني شُعَيْب بن عَبّاد عَنِ المِسْوَر بن رِفاعة قَالَ: خرج رسول اله -صلى الله عليه وسلم- في سبعمائة. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعَاصِمُ بن عمر، وعبد الله بن أبي بكر قَالُوا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَلَغَهُ أَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ يَجْمَعُونَ لَهُ، وَقَائِدُهُمُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ أَبُو جُوَيْرِيَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَارَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلَ بِالْمُرَيْسِيعِ، مَاءٍ مِنْ مِيَاهِهِمْ، فَأَعَدُّوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَزَاحَفَ النَّاسُ فَاقْتَتَلُوا، فَهَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَتَلَ مَنْ قتل منهم ونفل نساءهم وأبناءهم وأموالهم، وأقاموا عَلَيْهِمْ مِنْ نَاحِيَةِ قُدَيْدٍ1 وَالسَّاحِلِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ كَانُوا يَنْزِلُونَ نَاحِيَة الْفَرْعِ، وَهُمْ حُلَفَاءُ بَنِي مُدْلِجٍ، وَكَانَ رَأْسَهُمُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ، وَكَانَ قَدْ سَارَ فِي قَوْمِهِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَابْتَاعُوا خَيْلا وَسِلاحًا، وَتَهَيَّأَ لِلْمَسِيرِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الأَبْيَضِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدَّتِهِ، وَهِيَ مَوْلاةُ جُوَيْرِيَةَ، قَالَتْ سَمِعْتُ جُوَيْرِيَةَ تَقُولُ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحنُ عَلَى الْمُرَيْسِيعِ، فَأَسْمَعُ أَبِي يَقُولُ: أَتَانَا ما لا قِبَلَ لَنَا بِهِ، قَالَتْ وَكُنْتُ أَرَى مِنَ الناس والخيل والعدد ما لا أوصف مِنَ الْكَثْرَةِ، فَلَمَّا أَنْ أَسْلَمْتُ وَتَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَجَعْنَا جَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسُوا كَمَا كُنْتُ أَرَى، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ رُعْبٌ مِنَ اللَّهِ. وَكَانَ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَدْ أَسْلَمَ يَقُولُ: لَقَدْ كُنَّا نَرَى رِجَالا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بَلْقٍ2، مَا كُنَّا نراهم قبل ولا بعد.

_ 1 قديد: قرية بين مكة والمدينة، كثيرة الماء. 2 البلق: سواد وبياض في اللون. "المعجم الوجيز" "62".

قَالَ الواقدي: ونزل رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الماءَ، وضربت له قُبَّةٌ من أَدَم، ومعه عائشة وأمّ سَلَمَةَ، وصفّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابه، ثُمَّ أمر عُمَر فنادى فيهم: قولوا: لا إله إلّا الله، تمنعوا بِهَا أنفسَكم وأموالكم، ففعل عُمَر، فأبَوْا. فكان أوّل من رمى رجلٌ منهم بسهم، فرمى المسلمون ساعة بالنَّبل، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر أصحابه أن يحملوا، فحملوا، فما أفلت منهم إنسان، وقتل منهم عشرةٌ وأُسِرَ سائرُهم، وقتل من المسلمين رجل واحد. وقال ابن عَوْن: كتبت إلى نافع أسأله عَنِ الدّعاء قبل القتال، فكتب إنّما كان ذَلِكَ في أول الَإسلام، قد أغار رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بني المُصْطَلِق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسَبَى سبْيهم، فأصاب يومئذٍ أحْسبُهُ قَالَ: جُوَيْرِية. وحدّثني ابنُ عُمَر بذلك، وكان في ذَلِكَ الجيش. مُتَّفَقٌ عليه1. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الرَّأْيِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابنِ مُحَيْرِيزٍ، سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَسَبَيْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ، وَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ فأردنا أن نستمع وَنَعْزِلَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا كَتَبَ اللَّهُ خَلْقَ نَسَمَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَتَكُونُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عن قتيبة عن إسماعيل2.

_ 1 أخرجه البخاري "5/ 202" العتق، ومسلم "12/ 35، 36" الجهاد والسير. 2 أخرجه البخاري "5/ 54" كتاب "المغازي"، ومسلم في كتاب "النكاح".

تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم بجويرية رضي الله عنها

تزويج رَسُول اللَّه –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بجويرية –رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: وَقَالَ يُونُسُ، عَنْ ابن إِسْحَاق، حدّثني مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، أَوْ لابْنِ عَمٍّ لَهُ فَكَاتَبْتُهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلاحَةً، لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا فَكَرِهْتُهَا، وَقُلْتُ: سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ مَا رَأَيْتُ. فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الْبَلاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، وَقَدْ كَاتَبْتُ فَأَعِنِّي. فَقَالَ: "أَوْ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، أُؤَدِّي عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ". فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَلَغَ النَّاسَ أَنَّهُ قَدْ

تَزَوَّجَهَا فَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَرْسَلُوا مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَلَقْد أَعْتَقَ بِهَا أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كانت أعظم بركة على قومها منها. وكان اسمها برة فسماها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جويرية1. وقال يونس، عن ابن إسحاق حدثني محمد بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، فِي قِصَّةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ: فَبَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقِيمٌ هُنَاكَ، إِذِ اقْتَتَلَ عَلَى الْمَاءِ جَهْجَاهُ بْنُ سَعِيدٍ الْغِفَارِيُّ أَجِيرُ عُمَرَ، وَسِنَانُ بْنُ وَبْرٍ. قَالَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَنَّهُمَا ازْدَحَمَا عَلَى الْمَاءِ فَاقْتَتَلا، فَقَالَ سِنَانٌ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ. وَقَالَ جَهْجَاهُ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ. وَكَانَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَنَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ -يَعْنِيَ: ابْنَ سَلُولٍ- فَلَمَّا سَمِعَهَا قَالَ: قَدْ ثَاوَرُونَا فِي بِلادِنَا. وَاللَّهِ مَا أَعُدُّنَا وجلاليب قُرَيْشٍ هَذِهِ إِلا كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ. وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأذل. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ: هَذَا مَا صَنَعْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ، أَحْلَلْتُمُوهُمْ بِلادَكُمْ وَقَاسَمْتُمُوهُمْ أَمْوَالَكُمْ. أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَفَفْتُمْ عَنْهُمْ لِتُحَوِّلُوا عَنْكُمْ مِنْ بِلادِكُمْ. فَسَمِعَهَا زَيْدٌ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ غُلَيْمٌ، وَعِنْدَهُ عُمَرُ2 فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ فَلْيَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ: "فَكَيْفَ إِذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ؟ لا وَلَكِنْ نَادِ يَا عُمَرُ فِي الرَّحِيلِ". فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ أُبَيٍّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْتَذِرُ، وَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ، وَكَانَ عِنْدَ قَوْمِهِ بِمَكَانٍ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغُلامُ أَوْهَمَ. وَرَاحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- مهجرًا في ساعة كان لا يَرُوحَ فِيهَا. فَلَقِيَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِتَحِيَّةِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رُحْتُ فِي سَاعَةٍ مُنْكَرَةٍ. فَقَالَ: أَمَا بَلَغَكَ مَا قَالَ صَاحِبُكَ ابْنُ أُبَيٍّ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَنتَ وَاللَّهِ الْعَزِيزُ وَهُوَ الذَّلِيلُ. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْفِقْ بِهِ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِكَ وَإِنَّا لَنُنَظِّمُ لَهُ الْخَرَزَ لِنُتَوِّجَهُ فَإِنَّهُ لَيَرَى أَنْ قَدِ اسْتَلَبْتَهُ مُلْكًا. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّاسِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، حَتَّى أَصْبَحُوا وَحَتَّى اشْتَدَّ الضُّحَى. ثُمَّ نَزَلَ بِالنَّاسِ لِيُشْغِلَهُمْ عَمَّا كَانَ مِنَ الْحَدِيثِ، فَلَمْ يَلْبَثِ النَّاسُ أَنْ وَجَدُوا مَسَّ الأَرْضِ فَنَامُوا, ونزلت سورة المنافقين3.

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "6/ 277"، وأبو داود في "سننه" "3931". 2 يعني: ابن الخطاب -رضي الله عنه. 3 "إسناده صحيح": سيأتي تخريجه بعد قليل.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، سَمِعْتُ جَابِرًا يَقْولُ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ1 رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لِلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لِلْمُهَاجِرِينَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ". فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ: أَوَ قد فعلوها؟ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ2. قَالَ: وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ بِالْمَدِينَةِ أَكْثَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- ثم كثر المهاجرون بَعْدَ ذَلِكَ. فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: أنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الأَزْدِيِّ، ثنا زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ مَعَنَا نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ. فَكُنَّا نَبْتَدِرُ الْمَاءَ، وَكَانَتِ الأَعْرَابُ يَسْبِقُونَنَا، فَيَسْبِقُ الأَعْرَابِيُّ أَصْحَابَهُ: فَيَملأُ الْحَوْضَ وَيَجْعَلُ حَوْلَهُ حِجَارَةً، وَيَجْعَلُ النَّطْعَ حَتَّى يَجِيءَ أَصْحَابُهُ فَأَتَى الأَنْصَارِيُّ فَأَرْخَى زِمَامَ نَاقَتِهِ لِتَشْرَبَ فَمَنَعَهُ، فَانْتَزَعَ حَجَرًا فَفَاضَ الْمَاءَ فَرَفَعَ الأَعْرَابِيُّ خَشَبَةً فَضَرَبَ بِهَا رَأْسَ الأَنْصَارِيِّ فَشَجَّهُ، فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَأَخْبَرَهُ فَغَضِبَ وَقَالَ: لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ؛ يَعْنِيَ الأَعْرَابَ. وَقَالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. قَالَ زَيْدٌ: فَسَمِعْتُهُ فَأَخْبَرْتُ عَمِّي، فَانْطَلَقَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَلَفَ وَجَحَدَ، فَصَدَّقَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَذَّبَنِي. فَجَاءَ إِلَيَّ عَمِّي فَقَال: مَا أَرَدْتُ أَنْ مَقَتَكَ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ كَذَّبَكَ الْمُسْلِمُونَ. فَوَقَعَ عَلَيَّ مِنَ الْغَمِّ مَا لَمْ يقع على أحد قط, فبينا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ خَفَقْتُ بِرَأْسِي مِنَ الْهَمِّ، إِذْ أَتَانِي رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَرَكَ أُذُنِي3 وَضَحِكَ فِي وَجْهِي، فَمَا كَانَ يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الْخُلْدَ أَوِ الدُّنْيَا, ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَحِقَنِي فَقَالَ: مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا. فَقَالَ أَبْشِرْ. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ حَتَّى بلغ منها: "الأذل"4.

_ 1 كسعه: ضربه برجله أو بيده على دبره. 2 أخرجه البخاري في "كتاب التفسير" "5/ 65-66"، ومسلم "2584" في كتاب "البر والصلة". 3 عرك أذنه: دلكها بيده. "المعجم الوجيز" "415". 4 "صحيح الإسناد": أخرجه الترمذي في "سننه" في كتاب "التفسير" برقم "3324"، وقال: حسن صحيح، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" "2/ 488"، وقال: اتفق الشيخان على إخراج أحرف يسيرة من هذا الحديث. والإسناد صحيح، وأقره الذهبي، ورواه الواحدي في "أسباب النزول" "294".

وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الَّلِه بْنَ أُبَيٍّ يَقُولُ لأَصْحَابِهِ: لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عند رسول الله حتى ينفضوا مِنْ حَوْلِهِ. وَقَالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأذل. فذكرت ذلك لعمي فذكره لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، فَصَدَّقَهُمْ وَكَذَّبَنِي، فَأَصَابَنِي هَمٌّ، فأنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَهَا عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ. أَخْرَجَهُ خ1. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا الَّذِي أَوْفَى اللَّهُ لَهُ بِأُذُنِهِ". أَخْرَجَهُ خ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَنَسٍ2. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَلَمَّا كَانَ قُرْبَ الْمَدِينَةِ هَاجَتْ رِيحٌ تَكَادُ أَنْ تَدْفِنَ الرَّاكِبَ. فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: بُعِثَتْ هَذِهِ الرِّيحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ. قَالَ: فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا مُنَافِقٌ عَظِيمٌ مَاتَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ طريق عمان سرحوا ظهروهم، وَأَخَذَتْهُمْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، حَتَّى أَشْفَقَ النَّاسُ مِنْهَا، وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ هَذِهِ الرِّيحِ؟ فَقَالَ: "مَاتَ الْيَوْمَ مُنَافِقٌ عَظِيمُ النِّفَاقِ، ولذلك عصفت الريح وليس عليكم مِنْهَا بَأْسٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ قِصَّةَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَالُوا: فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَقْعَاءِ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ دُونَ الْبَقِيعِ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَخَافَهَا النَّاسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَخَافُوا فَإِنَّهَا هَبَّتْ لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَاءِ الْكُفْرِ". فَوَجَدُوا رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ قَدْ مَاتَ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَكَانَ قَدْ أَظْهَرَ الإِسْلامَ وَكَانَ كَهْفًا لِلْمُنَافِقِينَ. وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، أتاه عبد الله بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُرِيدُ قَتْلَ أَبِي، فَإِنْ كُنْتَ فَاعِلا فَمُرْنِي بِهِ فَأَنَا أَحْمِلُ إِلَيْكَ رَأْسَهُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَتِ الْخَزْرَجُ مَا كَانَ بِهَا رَجُلٌ أَبَرَّ بِوَالِدِهِ مِنِّي، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تَأْمُرَ بِهِ رَجُلا مُسْلِمًا فَيْقَتُلَهُ، فَلا تَدَعُنِي نَفْسِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى قَاتِلِ عَبْدِ اللَّهِ يَمْشِي فِي الأَرْضِ حَيًّا حَتَّى أَقْتُلَهُ، فَأَقْتُلَ مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ فَأَدْخُلَ النَّارَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ تُحْسِنَ صُحْبَتَهُ وتترفق به ما صحبنا" 4.

_ 1 أخرجه البخاري في "كتاب التفسير" "6/ 65". 2 السابق. 3 أخرجه مسلم في "صحيحه" "2782" في كتاب: "صفات المنافقين". 4 "صحيح": أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" "4/ 62"، وقال ابن إسحاق: إسناده إلى عاصم صحيح.

الإفك

الأفك: وكان في هذه الغزوة. قَالَ سُلَيْمَانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ. قَالَتْ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةِ الْمُرَيْسِيعِ، فَخَرَجَ سَهْمِي. فَهَلَكَ فِيَّ مَنْ هَلَكَ. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَالْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُمَا إِنَّ حَدِيثَ الإِفْكِ كَانَ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ. وَرُوِيَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ يَا أُمَّاهُ حَدِّثِينِي حَدِيثَكِ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَعْلَبَكَّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنُ بن إبراهيم، أنا أبو الحسين عبد الحق اليوسفي، أنا أبو سعد ابن خُشَيْشٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا مَيْمُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: لَقَدْ تُحُدِّثَ بِأَمْرِي فِي الْإِفْكِ وَاسْتُفِيضَ فِيهِ وَمَا أَشْعُرُ, وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَسَأَلُوا جَارِيَةً لِي سَوْدَاءَ كَانَتْ تَخْدُمُنِي فَقَالُوا: أَخْبِرِينَا مَا عِلْمُكِ بِعَائِشَةَ؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا شَيْئًا أَعْيَبَ مِنْ أَنَّهَا تَرْقُدُ ضُحًى حَتَّى إِنَّ الدَّاجِنَ1 دَاجِنَ أَهْلِ الْبَيْتِ تَأْكُلُ خَمِيرَهَا. فَأَدَارُوهَا وَسَأَلُوها حَتَّى فَطِنَتْ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَعْلَمُ عَلَى عَائِشَةَ إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ. قَالَتْ: فكان هذا وما شعرت.

_ 1 الداجن: الشاة التي تألف البيوت ولا تخرج إلى المرعى.

ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَأَشِيرُوا عَلِيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي 1، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ، وَاللَّهِ إِنْ عَلِمْتُ عَلَيْهِ سُوءًا قَطُّ، وَلَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِي إِلَّا وَأَنَا شَاهِدٌ، وَلَا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلَّا غَابَ مَعِيَ". فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: أَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ- وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ2 مِنْ رَهْطِهِ، وَكَانَ حَسَّانُ مِنْ رَهْطِهِ: وَاللَّهِ مَا صَدَقْتَ، وَلَوْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ مَا أَشَرْتَ بِهَذَا. فَكَادَ يَكُونُ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ شَرٌّ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا عَلِمْتُ بِشَيْءٍ منه، ولا ذكره لي ذاكر, حتى أمسي مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَخَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ لِحَاجَتِنَا، وَخَرَجَتْ مَعَنَا أُمُّ مِسْطَحٍ بِنْتُ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَإِنَّا لَنَمْشِي وَنَحْنُ عَامِدُونَ لِحَاجَتِنَا، عَثَرَتْ أَمُّ مِسْطَحٍ فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ: أَيْ أُمْ، أَتَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ فَلَمْ تراجعني. فعادت فعثرت قالت: تعس مسطح. فقلت: أي أم, أتسبين ابنك صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فلم تراجعني. ثم عثرت ثالثة فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ: أَيْ أُمْ، أَتَسُبِّينَ ابنك صاحب رسول الله؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلَّا مِنْ أَجْلِكِ وَفِيكِ. فَقُلْتُ: وَفِي أَيِّ شَأْنِي؟ قَالَتْ: وَمَا عَلِمْتِ بِمَا كَانَ؟ فَقُلْتُ: لَا، وَمَا الَّذِي كَانَ؟ قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّكِ مُبَرَّأةٌ مِمَّا قِيلَ فِيكِ. ثُمَّ بَقَرَتْ لِيَ الْحَدِيثَ، فَأكِرُّ رَاجِعَةً إِلَى الْبَيْتِ مَا أَجِدُ مِمَّا خَرَجْتُ لَهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا, وَرَكِبَتْنِي الْحُمَّى فَحُمِمْتُ, فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَنِي عَنْ شَأْنِي، فَقُلْتُ: أَجِدُنِي مَوْعُوكَةً، ائْذَنْ لِي أَذْهَبُ إِلَى أَبَوَيَّ. فَأَذِنَ لِي، وَأَرْسَلَ مَعِيَ الْغُلَامَ، فَقَالَ: "امْشِ مَعَهَا". فَجِئْتُ فَوَجَدْتُ أُمِّي فِي الْبَيْتِ الْأَسْفَلِ، وَوَجَدْتُ أَبِي يُصَلِّي فِي الْعُلُوِّ فَقُلْتُ لَهَا: أيْ أُمَّهْ، مَا الَّذِي سَمِعْتِ؟ فَإِذَا هِي لَمْ يَنْزِلْ بِهَا مِنْ حَيْثُ نَزَلَ مِنِّي، فَقَالَتْ: أَيْ بُنَيَّةَ وَمَا عَلَيْكَ، فَمَا مِنَ امْرَأَةٍ لَهَا ضَرَائِرُ تَكُونُ جَمِيلَةً يُحِبُّهَا زَوْجُهَا إِلَّا وَهِيَ يُقَالُ لَهَا بَعْضُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ: وَقَدْ سَمِعَهُ أَبِي؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: وَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: ورسول الله -صلى الله عليه وسلم. فَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبِي الْبُكَاءَ، فَقَالَ: مَا شَأْنُهَا؟ قَالَتْ: سَمِعْتُ الَّذِي تُحُدِّثَ بِهِ. فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ يَبْكِي، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّةَ، ارْجِعِي إِلَى بَيْتِكِ. فَرَجَعْتُ، وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا بَيْنَ أَبَوَيَّ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِي، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ إِنْ كُنْتِ ظَلَمْتِ أَوْ أَخْطَأَتِ أو

_ 1 أبنوا أهلي؛ أي: اتهموهم. 2 أي: أم حسان بن ثابت الصحابي، والشاعر المعروف.

أَسَأْتِ فَتُوبِي وَرَاجِعِي أَمْرَ اللَّهِ وَاسْتَغْفِرِي". فَوَعَظَنِي، وَبِالْبَابِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ سَلَّمَتْ، فَهِيَ جَالِسَةٌ بِبَابِ الْبَيْتِ فِي الْحُجْرَةِ، وَأَنَا أَقُولُ: ألا تستحيي أَنْ تَذْكُرَ هَذَا، وَالْمَرْأَةُ تَسْمَعُ، حَتَّى إِذَا قَضَى كَلَامَهُ قُلْتُ لِأَبِي وَغَمَزْتُهُ: أَلَا تُكَلِّمَهُ؟ فَقَالَ: وَمَا أَقُولُ لَهُ؟ وَالْتَفَتُّ إِلَى أُمِّي فَقُلْتُ: أَلَا تُكَلِّمِينَهُ؟ فَقَالَتْ: وَمَاذَا أَقُولُ لَهُ؟ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ أَنْ قَدْ فَعَلْتُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ أَنِّي لَبَرِيئَةٌ مَا فَعَلْتُ لَتَقُولَنَّ قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا وَاعْتَرَفَتْ بِهِ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَمْ أَفْعَلْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَصَادِقَةٌ مَا أَنْتُمْ بِمُصَدِّقيِّ, لَقَدْ دَخَلَ هَذَا فِي أَنْفُسِكُمْ وَاسْتَفَاضَ فِيكُمْ، وَمَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ؛ وَمَا أَعْرِفُ يَوْمَئِذٍ اسْمَهُ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] . وَنَزَلَ الْوَحِيُ سَاعَةَ قَضَيْتُ كَلَامِي، فَعَرَفْتُ وَاللَّهِ الْبِشْرَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أن يتكلم. فمسح جبهته وجبينه ثُمَّ قَالَ: "أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَكِ". وَتَلَا الْقُرْآنَ. فَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا، فَقَالَ لِي أَبَوَايَ: قُومِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقلت: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلا أَحْمَدُهُ وَلَا إِيَّاكُمَا وَلَكِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي بَرَّأَنِي1, لَقَدْ سَمِعْتُمْ فَمَا أَنْكَرْتُمْ وَلَا جَادَلْتُمْ وَلَا خَاصَمْتُمْ. فَقَالَ الرَّجُلُ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ، حِينَ بَلَغَهُ نُزُولَ الْعُذْرِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ قَطُّ كَنَفَ أُنْثَى. وَكَانَ مِسْطَحٌ يَتِيمًا فِي حُجْرِ أَبِي بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، فَحَلَفَ لَا يَنْفَعُ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} إِلَى قَوْلِهِ: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبِّ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لِي وَفَاضَتْ عَيْنَاهُ فَبَكَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَهَذَا حَدِيثٌ عَالٍ حَسَنُ الْإِسْنَادِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا؛ فَقَالَ: وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عروة. فذكره2.

_ 1 قال الإمام الجوزي -رحمه الله: "إنما قالت ذلك إدلالا كما يدل الحبيب على حبيبه، وقيل: أشارت إلى إفراد الله تعالى بقولها". ا. هـ. انظر: "فتح الباري" "8/ 335". 2 أخرجه البخاري في "التفسير" "4750"، ومسلم في كتاب "التوبة" "2770"، وليس فيهما قوله: "ألا تستحيي أن تذكر هذا، والمرأة تسمع! ".

وَقَالَ اللَّيْثُ -وَاللَّفْظُ لَهُ- وَابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، حين قال لها أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ؛ وَكُلٌّ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنَ الْحَدِيثِ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ. قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ, فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ مَا نَزَلَ الْحِجَابُ، وَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأَنْزِلُ فِيهِ, فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ, فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظِفَارٍ1 قَدْ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُهُ، وَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي وَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَّلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ رَكِبْتُ, وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ, وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلَقَةَ2 مِنَ الطَّعَامِ. فَلَمْ يَسْتَنْكِرُوا خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ, وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ, فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا, فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ, فأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ, وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ. فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنسان نائم، فأتاني فعرفني حِينَ رَآنِي، وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفْتُ، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ. فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ, فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ, وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الْإِفْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ, فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ3 فِي قَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ، وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ, وَهُوَ يُرِيبُنِي فِي وَجَعِي أني لا أعرف من

_ 1 الجزع: خرز يماني. وظفار: مدينة باليمن قرب صنعاء. 2 العلقة: ما يتبلغ به من الطعام. 3 يفيضون: يندفعون.

رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي, إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلِيَّ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ: "كَيْفَ تِيكُمْ"؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ, فَذَلِكَ الَّذِي يُرِيبُنِي وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ يَوْمًا بَعْدَ مَا نَقِهْتُ, فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ1؛ وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا؛ وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأَوَّلُ فِي التَّبَرُّزِ قَبْلَ الْغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا, فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَل بَيْتِي، قَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا2 فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رجلا شهد بدرًا؟ قالت: أي هنتاه، أو لم تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قُلْتُ: وَمَاذَا؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ. فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي, فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَدَخَلَ عَلِيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: "كَيْف تِيكُمْ"؟ فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِي أَبَوَيَّ؟ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، فَأَذِنَ لِي، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهُ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ، إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ فَبَكَيْتُ اللَّيْلَةَ حَتَّى لَا يَرْقَأُ لِي دمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ. ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ -حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحِيُ- يَسْتَأْمُرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ, فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالَّذِي يَعْلَمُ من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود، فقال أسامة: يا رسول الله أهلك وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا. وَأَمَّا عَلِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَاسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقُكَ. قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَرِيرَةَ فَقَالَ: "أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يُرِيبُكِ"؟ قَالَتْ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ3 عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، فَقَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: "يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أهل بيتي، فوالله ما علمت في أهلي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلا مَا عَلِمْتُ عليه إلا خيرًا، وما كان

_ 1 المناصع: المواضع التي يتخلى فيها الإنسان، "أماكن قضاء الحاجة". 2 المرط: كساء من خز أو صوف أو كتان، وقيل: هو الثوب الأخضر. 3 أغمصه: أعيبه.

يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي". فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ -وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا- وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ: كَذبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلَهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ. فقام أسيد بن خضير، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الْحَيَّانِ: الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ. قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ وَلَيْلَتِي لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ, فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ وَلَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقُ كَبِدِي, فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، اسْتَأْذَنَتْ عَلِيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَجَلَسَتْ تَبْكِي معي, فبينا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلْيَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا وَلَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْءٍ. قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةَ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعترف بذنبه ثم تاب تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ". قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً. فَقُلْتُ لأبي: أجب رسول الله فِيمَا قَالَ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ. فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ. قَالَتْ: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَهُ. فَقُلْتُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بريئة، والله يعلم أني بريئة، لا تصدقوني بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أني برئية لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ يُبَرِّئُنِي بِبَرَاءَتِي, وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ مُنَزِّلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كَانَ فِي نَفْسِي أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِي بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي الله بها.

قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانُ1 مِنَ الْعَرَقِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ, فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ كَانَ أَوَّلُ كَلِمَةً تَكَلَّمَ بِهَا: "يَا عَائِشَةُ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ". فَقَالَتْ أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} الْعَشْرَ الْآيَاتِ كُلَّهَا. فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ. فَأُنْزِلَتْ {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] قَالَ أَبُو بكر: بلى والله إني لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا. قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَتْ: أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِفْكِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ الأَيْلِيِّ2. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ عَنِ الأَرْبَعَةِ عَنْ عَائِشَةَ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزَا غَزْوَةَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَسَاهَمَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَخَرَجَ سَهْمِي وَسَهْمُ أُمِّ سَلَمَةَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهري قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ عَلِيٌّ. فَقُلْتُ: لا. حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، وَعُرْوَةُ، وَعَلَقْمَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ كُلُّهُمْ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ. قال فقال لي:

_ 1 الجمان: الفضة. 2 تقدم تخريجه قبل قيل.

فَمَا كَانَ جُرْمُهُ؟ قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي رَجُلانِ مِنْ قَوْمِكَ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا عَائِشَةَ تَقُولُ: كَانَ مُسَلَّمًا فِي أَمْرِي. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حزم، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا تَلَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقِصَّةَ الَّتِي نَزَلَ بِهَا عُذْرِي عَلَى النَّاسِ، نَزَلَ فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ مِمَّنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِالْفَاحِشَةِ فِي عَائِشَةَ فَجُلِدُوا الْحَدَّ. قَالَ: وَكَانَ رَمَاهَا ابْنُ أُبَيٍّ، وَمِسْطَحٌ، وَحَسَّانٌ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: دَخَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- فَشَبَّبَ بِأَبْيَاتٍ لَهُ: حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزِنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ قَالَتْ: لَسْتُ كَذَلِكَ. قُلْتُ: تَدَعِينَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11] ، قَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى؟ وَقَالَتْ: كَانَ يَرُدّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ يونس، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ قَالَ: وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ قَدْ كَثَّرَ عَلَيْهِ حَسَّانٌ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ، وَقَالَ يُعَرِّضُ بِهِ: أَمْسَى الْجَلابِيبُ قَدْ عَزُّوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أمس بَيْضَةَ الْبَلَدِ فَاعْتَرَضَهُ صَفْوَانُ لَيْلَةً وَهُوَ آتٍ مِنْ عِنْدِ أَخْوَالِهِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ، فَيَعْدُو عَلَيْهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فَجَمَعَ يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ بِحَبْلٍ أَسْوَدَ وَقَادَهُ إِلَى دَارِ بَنِي حَارِثَةَ، فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: مَا أَعْجَبَكَ! عَدَا عَلَى حَسَّانٍ بِالسَّيْفِ، فَوَاللَّهِ مَا أَرَاهُ إِلا قَدْ قَتَلَهُ. فَقَالَ: هَلْ عَلِمَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما صَنَعْتَ بِهِ؟ فَقَالَ: لا. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدِ اجْتَرَأْتَ، خَلِّ سَبِيلَهُ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: "أَيْنَ ابْنُ الْمُعَطَّلِ"؟ فَقَامَ إِلَيْهِ، فقال: ها أنذا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: "مَا دَعَاكَ إِلَى ما صنعت"؟

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 60" باب: حديث الإفك.

قَالَ: آذَانِي وَكَثَّرَ عَلَيَّ وَلَمْ يَرْضَ حَتَّى عرض بي في الهجاء، فاحتملني الغضب، وها أنذا، فَمَا كَانَ عَلَيَّ مِنْ حَقٍّ فَخُذْنِي بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادعوا لي حسان". فَأَتَى بِهِ؛ فَقَالَ: "يَا حَسَّانُ: أَتَشَوَّهْتَ عَلَى قَوْمِي 1 أَنْ هَدَاهُمُ اللَّهُ لِلإِسْلامِ". يَقُولُ: تَنَفَّسْتَ عَلَيْهِمْ يَا حَسَّانُ، أَحْسِنْ فِيمَا أَصَابَكَ. فَقَالَ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ2. فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِيرِينَ الْقِبْطِيَّةَ. فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَأَعْطَاهُ أَرْضًا كَانَتْ لأَبِي طَلْحَةَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، أَنَّ صَفْوَانَ قَالَ حِينَ ضَرَبُه: تَلَقَّ ذُبَابُ السَّيْفِ عَنِّي فَإِنَّنِي ... غُلامٌ إِذَا هُوجِيتُ لَسْتُ بِشَاعِرِ وَقَالَ حَسَّانٌ لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: رَأَيْتُكِ وَلْيَغْفِرْ لَكِ اللَّهُ حُرَّةً ... مِنَ الْمُحْصَناتِ غَيْرِ ذَاتِ غَوَائلِ حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزِنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلائِقٍ ... بِكِ الدَّهْرَ بَلْ قِيلُ امْرِئٍ مُتَمَاحِلِ فَإِنْ كُنْتُ أَهْجُوكُمْ كَمَا بَلَّغُوكُمُ ... فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي فَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي ... لآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحافِلِ وَإِنَّ لَهُمْ عِزًّا يُرَى النَّاسُ دُونَهُ ... قِصَارًا وَطَالَ الْعِزُّ كُلَّ التَّطاوُلِ وَمِنْهَا: مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خِيَمَهَا ... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَبَاطِلِ عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ ... كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ اسْتُشْهِدَ صَفْوَانُ فِي وَقْعَةِ أَرْمِينِيَةَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ. قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ. وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: لَقَدْ سُئِلَ عَنِ ابْنِ الْمُعَطَّلِ فَوَجَدُوهُ حَصُورًا مَا يَأْتِي النساء4. ثم قتل بعد ذلك شهيدًا.

_ 1 أتشوهت على قومي: أي أقبحت ذلك من فعلهم حين سميتهم الجلابيب من أجل هجرتهم إلى الله ورسوله. 2 قال الهيثمي في "المجمع" "9/ 234": رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. 3 لا يصح؛ فقد ثبت في سنن أبي داود "2459" أن زوجة صفوان جاءت إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: إن زوجي صفوان بن المعطل! يفطرني إذا صمت. وصفوان عنده، فسأله عما قالت، فقال: يا رسول الله! أما قولها: يفطرني فإنها تنطلق فتصوم -يعني صوم التطوع- وأنا رجل شاب، فلا أصبر. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذ: " لا تصوم المرأة إلا بإذن زوجها". قال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2147": صحيح.

غزوة الخندق

غزوَةُ الخَنَدق: قَالَ الواقديّ: وهي غزوة الأحزاب، وكانت في ذي القِعْدَة. قَالُوا: لمّا أجلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بني النَّضير ساروا إلى خَيْبَر، وخرج نفرٌ من وجوههم إلى مكة فألَّبُوا قُرَيْشًا ودعوهم إلى حرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعاهدوهم عَلَى قتاله، وواعدوهم لذلك وقتا, ثُمَّ أتوا غَطفانَ وسُلَيْما فدعوهم إلى ذَلِكَ، فوافقوهم. وتجهَّزَتْ قُرَيْشُ وجمعوا عبيدهم وأتباعهم، فكانوا في أربعة آلاف، وقادوا معهم نحو ثلاثمائة فرس سوى الِإبل, وخرجوا وعليهم أبو سُفيان بن حرب، فوافتهم بنو سُلَيْم بمَرّ الظَّهْران، وهم سبعمائة, وتلقَّتهم بنو أسد يقودهم طلحة بن خُويلد الَأسَدي. وخرجت فِزارة وهم في ألف بعيرٍ يقودهم عُيَيْنَة بن حصْن. وخرجت أَشْجَعُ وهم أربعمائة يقودهم مسعود بن رُخَيْلة, وخرجت بنو مُرَّة وهم أربعمائة يقودهم الحارث بن عَوْف, وقيل: إنّه رجع ببني مُرّة، والأوّل أثبت. فكان جميع الأحزاب عشرة آلاف، وأَمْرُ الكّل إلى أبي سُفيان. وكان المسلمون في ثلاثة آلاف. هذا كلام الواقدي. وأمّا ابن إسحاق فقال: كانت غزوة الخندق في شوّال. قَالَ: وكان من حديثها أنّ سَلَام بن أبي الحُقَيْق، وحُيَيّ بن أخْطب، وكِنانة بن الرَّبيع، وهوْذَة، في نفرٍ من بني النّضير ونفر من بني وائل، وهم الذين حزَّبوا الأحزابَ عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدِموا مكَةَ فدعوا قريشًا إلى القتال، وقالوا: إنّا نكون معكم حتى نستأصل محمدًا.

فقالت لهم قريش: يا معشر يهود، إنّكم أهلُ كتاب وعِلْمٍ بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد. أَفَدِيننا خيرٌ أم دينُه؟ قالوا: بل دينكم خيرٌ من دينه وأنتم أولى بالحقّ وفيهم نزل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} [النساء: 51] الآيات1. فلما قالوا ذَلِكَ لقريش سَرَّهم ونشطوا إلى الحرب واستعدُّوا له, ثُمَّ خرج أولئك النّفر اليهود حتى جاءوا غَطفان، فدعوهم فوافقوهم. فخرجت قريش، وخرجت غَطفان وقائدهم عُيَيْنَة في بني فِزارة، والحارث بن عَوْف المُرِّي في قومه، ومسعود بن رُخَيلة فيمن تابعه من قومه أشْجَع, فلما سَمِعَ بهم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حفر الخندق عَلَى المدينة وعمل فيه بيده، وأبطأ عَنِ المسلمين في عمله رجالٌ منافقون، وعمل المسلمون فيه حتى أحكموه. وكان في حفْره أحاديث بلغتني، منها: بلغني أنّ جابرًا كان يحدّث أنّهم اشتدّت عليهم كدية2 فشكوها إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدعا بإناء من ماء فَتَفَلَ فيه، ثُمَّ دعا بما شاء الله، ثُمَّ نضح الماء عَلَى الكُدْية حتى عادت كثيبًا3. وحدّثني سعيد بن ميناء، عَنْ جابر بن عبد الله قَالَ: عملنا مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي الخندق، فكانت عندي شُوَيْهة، فقلت: والله لو صنعناها لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأمرتُ امرأتي فطحنتْ لنا شيئًا من شعير، فصنعتْ لنا منه خُبزًا، وذبحت تِلْكَ الشاة فشَوَيْناها، فلما أمسينا وأراد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الانصراف، وكنّا نعمل فِي الخندق نهارًا فإذا أمسينا رجعنا إلى أهالينا، فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إنّي قد صنعت كذا وكذا، وأحبّ أن تنصرف معي. وإنّما أريد أن ينصرف معي وحده. فلما قلت له ذَلِكَ، قَالَ: "نعم". ثُمَّ أمر صارخًا فصرخ أنِ انصرفوا مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى بيت جابر. فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، فأقبل وأقبل النّاس معه، فجلس وأخرجناها إليه، فبرك وسمى،

_ 1 "إسناده حسن": أورده ابن كثير في "تفسيره" "2/ 295" وهي طريق جيدة إلى ابن عباس، وإسناده حسن، انظر: "المقبول من أسباب النزول" للدكتور أبي عمر نادي الأزهري "220". 2 الكدية: الصخرة الصلبة. 3 قال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 517": منقطع.

ثُمَّ أكل، وتواردها النّاس، كلّما فرغ قومٌ قاموا وجاء ناسٌ، حتى صدر أهلُ الخندق عنها1. وحدّثني سعيد بن ميناء أنّه حُدِّث أنّ ابنة لبشير بن سعد قَالَت: دعتني أمّي عمرةُ بنتُ رَواحة فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي، ثُمَّ قَالَتْ: أي بُنَيَّة! اذهبي إلى أبيك وخالك، عبد الله بغدائهما. فانطلقتُ بِهَا فمررت برَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا ألتمس أبي وخالي, فقال: "ما هذا معك"؟ قلت: تمر بَعَثَتْ به أمي إلى أبي وخالي، قَالَ: "هاتيه". فَصَبَبْتُهُ في كَفَّيْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فما ملأتهما ثُمَّ أمر بثوبٍ فُبِسط، ثُمَّ دحا بالتمر عليه فتبدّد فوق الثوب، ثُمَّ قَالَ لِإنسان عنده: "اصرخ في أهل الخندق أنْ هلموا إلى الغداء". فاجتمعوا فجعلوا يأكلون مِنْهُ وجعل يزيد، حَتَّى صَدَرَ أهلُ الخندق عنه وإنه لَيَسْقُط من أطراف الثوب2. وحدّثني من لا أَتّهم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ كان يَقْولُ حين فُتِحَت هذه الأمصار في زمان عُمَر وعثمان وما بعده: افتحوا ما بدا لكم، والذي نفس أبي هُريرة بيده، ما افتتحتم من مدينةٍ ولا تفتحونها إلى يوم القيامة إلّا وقد أعطى الله محمدًا مفاتيحها قبل ذَلِكَ. قال: وحدثت عن سلمان الفارسيّ قَالَ: ضربت في ناحيةٍ من الخندق فغلُظَتْ عليّ، ورَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قريبٌ منّي، فلما رآني أضرب نزل وأخذ المِعْوَلَ فضرب به ضربة فلمعتْ تحت المِعْوَل بَرْقَةٌ، ثُمَّ ضرب أخرى فلمعت تحته أخرى، ثُمَّ ضرب الثالثة فلمعت أخرى. قلت: بأبي أنت وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا؟ قَالَ: "أوَ قد رأيتَ"؟ قلت: نعم. قَالَ: "أمّا الأولى، فإنّ الله فتح عليّ بِهَا اليمن، وأمّا الثانية، فإنّ الله فتح عليّ بِهَا الشامَ والمغرب، وأمّا الثالثة, فإنّ الله فتح عليّ بِهَا المشرق" 3. قَالَ ابن إسحاق: ولما فرغ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع السُّيول من رُومة بين الجُرْف وزَغَابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومَن تبعهم من

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه البخاري "4101-4102" بنحوه. 2 قال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 519": فيه انقطاع. 3 "صحيح": أخرجه النسائي "6/ 43-44"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن النسائي": صحيح.

بني كنانة وأهل تهامة وغطفان، فنزلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد بذنب نقمي1 إلى جانب أُحُد. وخرج رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سَلْع في ثلاثة آلاف، فعسكروا هنالك، والخندق بينه وبين القوم. فذهب حُيَيّ بنُ أخطب إلى كعب بن أسد القُرظي صاحب عهد بني قريظة وعقدهم، وقد كان وادع رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قومه، فلما سَمِعَ كعبُ بحُيَيّ أغلق دونه الحصْنَ فأبى أن يفتح له، فناداه: يا كعب افتحْ لي. قَالَ: إنّك امرؤٌ مشئوم، وإني قد عاهدت محمدًا فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلّا وفاء وصدقًا. قال: ويلك افتح لي أكلمك. قَالَ: ما أنا بفاعل. قَالَ: والله إنْ أغلقت دوني إلّا عَنْ جُشَيْشَتك2 أن آكل معك منها. فأحْفَظَه ففتح له فقال: ويحك يا كعب، جئتك بعزّ الدّهر وببحر طام، جئتك بقريش عَلَى قادتها وسَادتها حَتَّى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة، وبغطفان عَلَى قادتها وسادتها فأنزلتهم بذَنَب نَقَمَى إلى جانب أُحُد، قد عاهدوني وعاقدوني عَلَى أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدًا ومن معه. قَالَ له كعب: جئتني والله بذُلّ الدَّهْر وبجهام3 قد هراق ماءه برعد وَبرْقٍ لَيْسَ فيه شيء، يا حُيَيّ فَدَعْنِي وما أنا عليه فإنّي لم أر من محمدٍ إلّا صدْقًا ووفاءً. فلم يزل حُيَيّ بكعب حتى سمح له بأنْ أعطاه عهدًا لئن رجعتْ قريش وغَطفان ولم يصيبوا محمدًا أنْ أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك. فنقض كعب عهده وبرئ ممّا كان بينه وبين النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. ولما انتهى الخبر إلى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث سعد بن مُعاذ، وسعد بن عُبَادة سيّدَ الأنصار، ومعهما عبد الله بن رَوَاحة وخَوّات بن جُبَيْر -رَضِيَ الله عَنْهُم- فقال: "انطلقوا حتى تنظروا أحَقٌ ما بلغنا عَنْ هَؤُلاءِ؟ فإنْ كان حقًا فالحنوا لي لحنًا أعرفه، ولا تَفُتُّوا في أعضاد النّاس، وإن كانوا عَلَى الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للنّاس". فخرجوا حتى أتوهم فوجدوهم عَلَى أخبث ما بلغهم، فشاتمهم سعد بن معاذ وشاتموه، وكان

_ 1 ذنب نقمي: موضع من أعراض المدينة قريب من أحد، كان لآل أبي طالب. معجم البلدان "5/ 300". 2 الجشيشة: طعام من حنطة تطبخ من لحم أو تمر. 3 جهام: سحاب لا ماء فيه. 4 "السيرة النبوية" لابن هشام "3/ 136". ط. المكتبة التوفيقية.

فيه حدة، فقال له ابن عُبَادة: دع عنك مُشاتمتهم فما بيننا وبينهم أربى من المُشاتمة. ثُمَّ رجعوا إلى النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسلموا عليه وقالوا: عضل والقارة. أي: كغدر عضل والقارة بأصحاب الرّجيع خُبيب وأصحابه. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُ أكبر! أبشروا يا معشر المسلمين". فعظم عند ذَلِكَ الخوف1. قَالَ الله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا} [الأحزاب: 10-11] الآيات. وتكلّم المنافقون حتى قَالَ مُعَتّب بن قُشَيْر أحدُ بني عَمْرو بن عَوْف: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوزَ كِسْرى وقيصر وأحدُنا اليوم لا يأمن عَلَى نفسه أن يذهب إلى الغائط. فأقام رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأقام عليه المشركون بضْعًا وعشرين ليلة لم يكن بينهم حرب إلّا الرَّمْيُ بالنَّبل والحصار. ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث إلى عُيَيْنَة بن حصْن وإلى الحارث بن عَوْف، فأعطاهما ثُلُثَ ثمار المدينة عَلَى أن يرجعا بمن معهما، فجرى بينه وبينهما الصُّلح، حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصّلح، إلّا المراوضة في ذَلِكَ. فلما أنْ أراد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يفعل، بعث إلى السَّعْدين فاستشارهما فقالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أمرًا تحبّه فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله به لا بُدَّ لنا منه، أم شيئًا تصنعه لنا؟ قَالَ: "بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذَلِكَ إلّا لأنّي رأيت العربَ قد رمتكم عَنْ قَوسٍ واحدة، فأردت أنْ أكسر عنكم من شوكتهم". فقال سعد بن مُعاذ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قد كنّا نحن وهؤلاء القوم عَلَى الشرّك ولا يطعمون أن يأكلوا منّا تمرة إلّا قِرًى2 أو بيعًا، أَفَحِين أكرمنا الله بالِإسلام وأَعَزَّنَا بك نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلّا السَّيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. قَالَ: "فأنتَ وذاك". فأخذ سعد الصحيفة فمحاها، ثم قال: ليجهدوا علينا3.

_ 1 "نفس المرجع والصفحة". 2 إلا قرى؛ يعني: إلا ضيافة. 3 مرسل.

وأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأحزاب، فلم يكن بينهم قتالٌ إلّا فوارس من قريش، منهم عَمْرو بن عبد وُدّ، وعِكْرِمة بن أبي جهل، وهُبَيْرَة بن أبي وهب، وضِرار بن الخطّاب، تلبَّسوا للقتال ثُمَّ خرجوا عَلَى خيلهم، حتى مرُّوا بمنازل بني كنانة، فقالوا: تهيَّئوا للقتال يا بني كِنانة فستعلمون من الفُرسان اليوم، ثُمَّ أقبلوا تُعْنِق بهم خيلهم حتى وقفوا عَلَى الخندق، فلما رأوه قالوا: والله إنّ هذه لمكِيدةٌ ما كانت العربُ تكِيدها. فتيمَّموا مكانًا من الخندق ضيّقًا فضربوا خيلهم، فاقتحمت منه فجالت بهم في السَّبخة بين الخندق وسَلع. وخرج عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ- في نفرٍ من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة، فأقبلت الفرسان تعنق نحوهم، وكان عَمْرو بن عبد وُدّ قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد يوم أُحُد، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه، فلما وقف هو وخيلُه قَالَ: من يبارزني؟ فبرز له عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ- فقال له عليّ: يا عَمْرو إنّك كنت عاهدتَ الله لا يدعوك رجلٌ من قريشٍ إلى إحدى خلّتين إلّا أخذتها منه. قَالَ له: أجل. قَالَ له: فإنّي أدعوك إلى الله ورسوله وإلى الِإسلام. قَالَ: لا حاجة لي بذلك. قَالَ: فإنّي أدعوك إلى النزال. قال له: لم يابن أخي! فَوَالله ما أحبّ أن أقتلك. قَالَ عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ: لكّني والله أحبّ أن أقتلك. فحمي عَمْرو واقتحم عَنْ فرسه فعقره وضرب وجهه، ثُمَّ أقبل عَلَى عليّ فتنازلا وتجاولا، فقتله عليّ. وخرجتْ خيلُهم منهزمة حتى اقتحمت من الخندق. وألقى عِكْرِمة يومئذٍ رُمْحه وانهزم1. وقال عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ- في ذَلِكَ: نَصَرَ الحجارةَ من سفاهةِ رأيهِ ... ونَصَرتُ دينَ محمّدٍ بضرابِ نازلتُهُ فتركتُهُ مُتَجدّلًا ... كالجذْع بين دَكَادكٍ وروابي لا تَحْسَبَنَّ الله خاذلٌ دينَهُ ... ونبيَّه يا معشر الأحزابِ وحدّثني أبو ليلى عبد الله بن سهل، أنّ عائشة -رضي الله عنها- كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق، وكانت أمّ سعد بن مُعاذ معها في الحصن، فمرّ سعد وعليه درعٌ مُقَلَّصَة قد خرجت منها ذراعهُ كلّها، وفي يده حربة يرفل بِهَا ويقول: لَبّثْ قليلًا يَشْهَدِ الهَيْجا حمل ... لا بأسَ بالموت إذا حان الأجل

_ 1 أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" "4/ 436-439"، وأورده ابن كثير في "البداية" "4/ 105".

فقالت له أُمُّهُ: الحق أي بُنَيّ فقد أخرت. قالت عائشة: فقلت لَهَا: يا أمّ سعد لوددت أنّ درع سعِد كانت أسبغ مما هي1. فرمي سعد بسهم قطع منه الأكْحَل2 رماه ابن العَرِقة، فلما أصابه قَالَ: خُذها منّي وأنا ابن العرقة. فقال له سَعْد: عرَّق الله وجهكَ في النّار، اللهُمّ إنْ كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا فأبقني لَهَا فإنّه لا قوم أحبّ إليّ أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا رسولكَ وكذَّبوه وأخرجوه، الّلهُمّ إنْ كنت وضعتَ الحربَ بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ولا تُمِتْني حتى تقرّ عيني من بني قريظة3. وكانت صفية بنتُ عبد المطّلب في فارع4 -حصن حسّان بن ثابت- وكان معها فيه مع النّساء والولْدان. قَالَتْ: فمرّ بنا يهودي فجعل يطيف بالحصْن، وقد حاربت بنو قُرَيظة ونقضت وليس بيننا وبينهم أحدٌ يدفع عنّا، والنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمسلمون في نُحور عدوّهم لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا. فقلت: يا حسّان إنّ هذا اليهوديّ كما ترى يطيف بالحصن، وإني والله ما آمنُه أن يدل عَلَى عورتنا من وَراءنا من يهود، وقد شُغِل عنّا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، فانزِلْ إليه فاقُتْله. قَالَ: يغفر لك الله يا ابنةَ عبد المطّلب، والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا. فلما قَالَ لي ذَلِكَ ولم أر عنده شيئًا، احتجزت5 ثُمَّ أخذت عمودًا ونزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته. فلما فرغتُ رجعت إلى الحصن فقلت: يا حسّان انزل إليه فاسلبه، فإنّه لم يمنعني من سلبه إلّا أنّه رجل. قال: ما لي بسلبه من حاجة6.

_ 1 أسبغ: أكمل. 2 الأكحل: عرق في وسط الذراع. 3 رجاله ثقات: أورده ابن هشام في "السيرة" "3/ 139" ط. المكتبة التوفيقية، وأخرجه أحمد بنحوه بأطول مما هنا. 4 فارع: أطم من آطام المدينة، وقيل: حصن بالمدينة. 5 احتجزت: شدت إزارًا على وسطها. 6 قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 285": إسناده قوي، والحديث أخرجه الحاكم في "المستدرك" "4/ 51"، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: عروة لم يدرك صفية. إذن فالحديث منقطع فهو ضعيف. وقال السهيلي في "الروض الأنف" "3/ 281": "محمل هذا الحديث عند الناس أن حسانًا كان جبانًا! وقد دفع هذا بعض العلماء وأنكره لأن الحديث منقطع الإسناد، ولو صح فلعل حسان أن يكون معتلًا في ذلك اليوم بعلة منعته من شهود القتال". ا. هـ.

وأقام رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ فيما وصف الله من الخوف والشدة لتظاهر عدّوهم عليهم وإتيانهم من فوقهم ومن أسفل منهم. وروى نحوه يونس بن بُكَيْر، عَنْ هشام بن عُرْوَة، عَنْ أبيه. ثُمَّ إنّ نُعَيْم بن مسعود الغَطفاني أتى رَسُول الله فأسلم, وقال: إنّ قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت يا رسول الله! قَالَ: "إنّما أنت فينا رجلٌ واحد فاخذل عنّا ما استطعت فإنّ الحرب خُدْعة". فأتى قريظة -وكان نديمًا لهم في الجاهلية- فقال لهم: قد عرفتم وُدّي إيّاكم. قالوا صدقتَ. قَالَ: إنّ قريشًا وغَطفان ليسوا كأنتم، البلد بلدكُم به أموالكم وأولادكم ونساؤكم، لا تقدرون عَلَى أنْ تتحوّلوا منه إلى غيره، وإنّ قريشًا وغَطفان قد جاءوا لحرب محمدٍ وأصحابه، وقد ظاهرتموهم عليه، وبلدُهم وأموالهم ونساؤهم بغيره، فليسوا كأنتم، فإن رأوا نهزة أصابوها، وإنْ كان غير ذَلِكَ لحقوا ببلادهم وخلّوا بينكم وبين الرجل ببلدكم، فلا طاقة لكم به إنْ خلا بكم، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رَهنًا من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم عَلَى أن يقاتلوا معكم محمدًا حتى تناجزوه. فقالوا: لقد أشرت بالرأي. ثم خرج حتى أتى قريشًا فقال لأبي سُفيان ومَن معه: قد عرفتم وُدّي لكم وفراقي محمدًا، وإنّه قد بلغني أمرٌ قد رأيت عليّ حقًا أن أُبلِّغكموه نصحًا لكم فاكتموه عليّ. قالوا: نفعل. قال: تعلمون أنّ معشر يهود قد ندموا عَلَى ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد, وأرسلوا إليه أنّا قد ندِمنا عَلَى ما فعلنا، فهل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين، قريش وغطفان، رجالا من أشرافهم، فنعطيكهُم فتضرب أعناقهم، ثُمَّ نكون معك عَلَى من بقي منهم حتى تستأصلهم. فأرسل إليهم: "نعم". فإنْ بعثت إليكم يهود يلتمسون رهنًا منكم من رجالكم فلا تفعلوا. ثُمَّ خرج فأتى غَطفان فقال: يا معشر غَطفان أنتم أصلي وعشيرتي وأحبّ النّاس إليّ، ولا أراكم تتّهموني. قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمُتَّهم. قَالَ: فاكتموا عنّي. قالوا: نفعل. ثُمَّ قَالَ لهم مثل ما قَالَ لقريش، وحذّرهم ما حذّرهم. فلما كانت ليلة السبت من شوّال، وكان من صُنعِ الله لرسوله أنه أرسل

أبو سفيان ورءوس غَطفان، إلى بني قُريظة، عِكْرِمَة بنَ أبي جهل في نفرٍ من قريش وغَطفان، فقالوا: إنّا لسنا بدار مقام، قد هلك الخُفّ والحافر، فاغْدُوا للقتال حتى نناجز محمدًا. فأرسلوا إليهم أنّ اليوم يوم السبت وهو يوم لا نعمل فيه شيئًا، وقد كان بعضُنا أحدث فيه حَدَثًا فأصابه ما لم يخفَ عليكم، ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم محمدًا حتى تعطونا رُهُنًا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نُناجز محمدًا، فإنّا نخشى إنْ ضرَّستكم الحربُ أن تنشمروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا، ولا طاقة لنا بذلك. فلما رجعت إليهم الرُسلُ بما قَالَتْ بنو قُرَيْظة قَالَتْ قريش وغَطفان: والله لقد حدّثكم نعيم بن مسعود بحقّ. فأرسلوا إلى بني قُريظة: إنّا والله ما ندفع إليكم رجلا من رجالنا، فإنْ كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا. فقالت بنو قُرَيظة حين انتهت إليهم الرُّسلُ بهذا: إنّ الذي ذكر لكم نُعَيْم لَحَقّ، ما يريد القوم إلّا أن يقاتلوا، فإنْ رأوا فرصة انتهزوها, وإنْ كان غير ذَلِكَ انشَمَرْوا إلى بلادهم. فأرسلوا إلى قريش وغَطفان: إنّا والله لا نقاتل معكم حتى تعطُونا رُهُنًا. فأَبَوا عليهم. وخذل الله بينهم. فلما انتهى ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دعا حُذَيْفة بنَ اليَمان فبعثه ليلًا لينظر ما فعل القوم. قَالَ: فحدّثني يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب القُرَظي: قَالَ رجل من أهل الكوفة لحُذَيْفَة: يا أبا عبد الله، رأيتم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصحِبْتُموه؟ قَالَ: نعم يابن أخي. قَالَ: فكيف كنتم تصنعون؟ قَالَ: والله لقد كنّا نجهد. فقال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي عَلَى الأرض ولَحَمَلناه عَلَى أعناقنا. فقال: يابن أخي والله لقد رأيتنا مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالخندق، وصلّى هَوِيًّا1 من الليل، ثُمَّ التفت إلينا فقال: "مَن رجلٌ يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثُمَّ يرجع -يشرُطُ لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّجعة- أَسأَل الله أن يكون رفيقي في الجنّة". فما قام أحدٌ من شدّة الخوف وشدّة الجوع والبرد. فلما لم يقم أحدٌ دعاني فلم يكن لي من القيام بُدٌّ حين دعاني، فقال: "يا حذيقة اذهب فادخل في القوم، فانظر ماذا يفعلون ولا تحدث شيئًا حتى تأتينا".

_ 1 الهوي من الليل: القطعة منه.

فذهبتُ فدخلتُ في القوم، والرّيح وجنودُ الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقر لهم قِدْرًا ولا نارًا ولا بناء. فقام أبو سُفيان فقال: يا معشر قريش، إنّكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكُراع والخُفّ، وأخلفتنا بنو قُريظة وَبَلَغَنَا عنهم الذي نكره، ولقينا من شدّة الريح ما ترون، ما تطمئنّ لنا قِدْر ولا تقوم لنا نار ولا يستمسك لنا بناءٌ، فارتحلوا فإنّي مُرْتحل. ثُمَّ قام إلى جَمَله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به عَلَى ثلاث، فَوَالله ما أطلق عقاله إلّا وهو قائم. ولولا عهدُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أن لا تحدث شيئًا حتى تأتيني". وإن شئتُ لقتلتُه بسهم. قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو قائم يصليّ في مرطٍ1 لبعض نسائه مراجل -وهو ضربٌ "من وشي اليمن"2 فسّره ابن هشام- فلما رآني أدخلني إلى رِجليه وطرح عليّ طَرَفَ المِرْط، ثُمَّ ركع وسجد وإنّي لَفِيه فلما سلّم أخبرتُه الخبر. وسمعتْ غَطفان بما فعلت قُريش فانشمروا راجعين إلى بلادهم. قَالَ الله تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25] . وهذا كلُّه من رواية البكّائيّ عَنْ محمد بن إسحاق. وقال يونس بن بكير، عن هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أنّ رجلًا قَالَ لحُذَيْفة: صَحِبْتُم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأدركتموه، فذكر الحديث نحو حديث محمد بن كعب، وفي آخره: فجعلت أُخُبر رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ أبي سُفيان، فجعل يضحك حتى جعلتُ أنظر إلى أنيابه. وقال موسى بن عُقْبة، عَنِ ابن شهاب، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاتل يوم بدر في رمضان سنة اثنتين, ثُمَّ قاتل يوم أُحُد في شوّال سنة ثلاث, ثُمَّ قاتل يوم الخندق -وهو يوم الأحزاب وبني قُرَيْظة- في شوّال سنة أربع، وكذا قَالَ عُرْوة في حديث ابن لَهِيعة عَنْ أبي الأسود عنه. كذا قالا: سنة أربع، وقالا في قصّة الخندق إنها كانت بعد أحد بسنتين.

_ 1 المرط: كساء من خز أو صوف أو كتان يؤتزر به وتتلفع به المرأة، "المعجم الوجيز" "579". 2 الوشي: وشى فلان الثوب "يشيه" وشيًا: نمنمه ونقشه وحسنه. "المعجم الوجيز" "670".

وقال قَتَادة من رواية شَيْبان عنه: كان يومُ الأحزاب بعد أُحُد بسنتين، فهذا هو المقطوع به. وقول موسى وعُرْوة: إنّها في سنة أربعٍ وَهَمٌ بين، ويُشْبُهُه قول عُبَيْد اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر: "عرضني رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُد، وَأَنَا ابنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ يُجِزْني, فلما كان يوم الخندق عُرِضتُ عليه وأنا ابن خمس عشرة فأجازني". فيُحْمَل قولُه عَلَى أنّه كان قد شرع في أربع عشرة، وأنه يوم الخندق كان قد استكمل خمس عشرة سنة، وزاد عليها بعد تِلْكَ الزيادة. والعرب تفعل هذا في مددها وتواريخها وأعمارها كثيرًا، فتارة يعتدّون بالكسر ويعدُّونه سنة، وتارة يُسقِطونه. وذهب بعض العلماء إلى ظاهر هذا الحديث وعضَّدوه بقول موسى بن عُقْبة: "وغزوة الأحزاب في شوّال سنة أربع" وذلك مخالفٌ لقول الجماعة، ولما اعترف به موسى وعُرْوة من أنّ بين أُحُد والخندق سنتين والله أعلم. وقال أبو إسحاق الفزاري، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ إِلَى الْخَنْدَقِ، وَالْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ بِأَيْدِيهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ: فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ الْجُوعِ وَالنَّصَبِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَلِمُسْلِمٍ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ1. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ، وَزَادَ قَالَ: وَيُؤْتُونَ بِمِلْءِ حِفْنَتَيْنِ شَعِيرًا يُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ وَهِيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ، فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بياض بطنه وهو يقول:

_ 1 أخرجه البخاري "5/ 45" في كتاب المغازي، ومسلم "1788" كتاب الجهاد والسير. 2 أخرجه البخاري "5/ 45" كتاب "المغازي".

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إن لاقينا إن الألي قد بغوا علين ... وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا رَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَعِنْدَهُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: وَيَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: كُنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ فَعَرَضَتْ فِيهِ كُدْيةٌ -وَهِيَ الْجَبَلُ- فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ كُدْيَةً قَدْ عَرَضَتْ فَقَالَ: "رُشُّوا عَلَيْهَا". ثُمَّ قَامَ فَأَتَاهَا وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ مِنَ الْجُوعِ، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ أَوِ الْمِسْحَاةَ فَسَمَّى ثَلاثًا ثُمَّ ضَرَبَ فَعَادَتْ كَثِيبًا أَهْيَلَ فَقُلْتُ لَهُ: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَى الْمَنْزِلِ، فَفَعَلَ، فَقُلْتُ لِلْمَرْأَةِ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ وَذَكَرَ نَحْوَ مَا سُقْنَاهُ مِنْ مَغَازِي ابْنِ إِسْحَاقَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ: ثنا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أُسَتَاذٍ الزَّهْرَانِيِّ، حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ حِينَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، عَرَضَ لَنَا فِي بَعْضِ الْخَنْدَقِ صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ لا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا رَآهَا أَخَذَ الْمِعْوَلَ وَقَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ". وَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَهَا. فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ وَقَطَعَ ثُلُثًا آخَرَ فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيَح فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ الأَبْيَضَ". ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ فَقَطَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي السَّاعَةَ" 3. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: ثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْأَحْزَابِ: "من يأتينا بخبر القوم"؟ فقال الزبير: أنا.

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 47-48"، والأبيات لعبد الله بن رواحة ديوانه 106 وتنسب لعامر بن الأكوع. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 45-46". 3 تقدم قبل قليل.

فقال: "إن لكل نبي حواريًّا وحواريي الزُّبَيْرُ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عباس: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] قَالَ: كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ أَبِي سُفْيَانَ؛ يَوْمَ الأَحْزَابِ. {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} [الأحزاب: 13] ، قَالَ هُمْ بنو حارثة، قالوا: بيوتنا مخلية نخشى عَلَيْهَا السَّرْقُ. قَوْلُهُ: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ} [الأحزاب: 22] الآية، قَالَ: لأَنَّ اللَّهَ قَالَ لَهُمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة: 214] ، فَلَمَّا مَسَّهُمُ الْبَلاءُ حَيْثُ رَابَطُوا الأَحْزَابَ فِي الْخَنْدَقِ، تَأَوَّلَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَزِدْهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أنا حَجَّاجٌ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُتِلَ يَوْمَ الأَحْزَابِ، فَبَعَثَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ ابعث إِلَيْنَا بِجَسَدِهِ وَنُعطِيَهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَقَالَ: "لا خَيْرَ فِي جَسَدِهِ وَلا فِي ثَمَنِهِ". وقال الأصمعيّ: ثنا عبد الرحمن بن أبي الزّناد قَالَ: ضرب الزُّبَيْرُ بن العوّام يوم الخَنْدَق عثمانَ بنَ عبد الله بن المغيرة بالسيف عَلَى مِغْفَرِه فَقَدَّه إلى القُرْبُوس2، فقالوا: مَا أجْوَدَ سيفك، فغضب، يريد إنّ العمل ليده لا لسيفه. قَالَ شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ قَاعِدًا عَلَى فُرْضَةٍ مِنْ فُرَضِ الْخَنْدَقِ فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا، أَوْ بُطُونَهُمْ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عُمَرَ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرُبَتِ الشَّمْسُ جَعَلَ يَسُبُّ كفَّارَ قُرَيْشٍ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ

_ 1 أخرجه البخاري في كتاب "المغازي" "5/ 49". 2 القربوس: الجزء المرتفع المقوس من السرج. وهما قربوسان. "المعجم الوجيز" "495". 3 أخرجه مسلم "628" كتاب المساجد ومواضع الصلاة.

حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَنَا وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا بَعْدُ". فَنَزَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ أَحْسَبُهُ قَالَ إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرُبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقَاتَلْتُ مَعَهُ وَأَبْلَيْتُ. فَقَالَ: أَنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَاكَ، لَقَدْ رَأَيْتَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ رِيحٍ شَدِيدَةٍ وَقَرٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا رَجُلٌ يَأْتِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ يَكُونُ مَعِي يَوْمَ الْقَيْامَةِ"؟ فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، ثُمَّ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ. ثُمَّ قَالَ: "يَا حُذَيْفَةُ قُمْ فَائْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ". فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ. فَقَالَ: "ائْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ". قَالَ: فَمَضَيْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ، فَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ يُصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ. فَوَضَعْتُ سَهْمِي فِي كَبِدِ قَوْسِي وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قول رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَذْعَرْهُمْ عَلِيَّ". وَلَوْ رَمَيْتُهُ لَأصَبْتُهُ. قَالَ: فَرَجَعْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَلْبَسَنِي مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى الصُّبْحِ، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْتُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ يَا نَوْمَانُ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي الْمُخْتَارِ، عَنْ بِلالٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّاسَ تَفَرَّقُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الأَحْزَابِ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلا اثْنَا عَشَرَ رَجُلا فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا جَاثٍ مِنَ الْبَرْدِ فَقَالَ: "انْطَلِقْ إِلَى عَسْكَرِ الأَحْزَابِ". فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا قُمْتُ إِلَيْكَ مِنَ الْبَرْدِ إِلا حَيَاءً مِنْكَ. قَالَ: "فَانْطَلِقْ يَابْنَ الْيَمَانِ فَلا بَأْسَ عَلَيْكَ مِن حَرٍّ وَلا بَرْدٍ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيَّ". فَانْطَلَقْتُ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، فَوَجَدْتُ أَبَا سُفْيَانَ يُوقِدُ النَّارَ فِي عُصْبَةٍ حَوْلَهُ، قَدْ تَفَرَّقَ الأَحْزَابُ عَنْهُ، حَتَّى إِذَا جَلَسْتُ فِيهِمْ، حَسَّ أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ دَخَلَ فِيهِمْ مَنْ غَيْرُهُمْ، فَقَالَ: يَأْخُذُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بيد جليسه.

_ 1 أخرجه البخاري في "صحيحه" "5/ 48-49" كتاب "المغازي"، ومسلم في "صحيحه" "629" كتاب المساجد ومواضع الصلاة. 2 أخرجه مسلم "1788" كتاب "الجهاد والسير".

قَالَ: فَضَرَبْتُ بِيَدِي عَلَى الَّذِي عَنْ يَمِينِي فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، ثُمَّ ضَرَبْتُ بِيَدِي إِلَى الَّذِي عَنْ يَسَارِي فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ, فَكُنْتُ فِيهِمْ هُنَيَّةً, ثُمَّ قُمْتُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ بِيَدِهِ أَنْ ادْنُ، فَدَنَوْتُ, ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَيَّ فَدَنَوْتُ, حَتَّى أَسْبَلَ عَلَيَّ مِنَ الثَّوْبِ الَّذِي عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي, فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "مَا الْخَبَرُ"؟ قُلْتُ: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَمْ يَبْقَ إِلا فِي عُصْبَةٍ يُوقِدُ النَّارَ، قَدْ صَبَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْبَرْدِ مِثْلَ الَّذِي صَبَّ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْجُو مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُو. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنِ أخَيِ حُذَيْفَةَ قَالَ: ذَكَرَ حُذَيْفَةُ مَشَاهِدَهُمْ، فَقَالَ جُلَسَاؤُهُ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا شَهِدْنَا ذَلِكَ لَفَعَلْنَا وَفَعَلْنَا. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لا تَمَنَّوْا ذَلِكَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ الأَحْزَابِ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ مُطَوَّلا. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: ثَنَا ابْنُ أَبِي أَوْفَى قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْأَحْزَابِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ مُنَزِّلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمِ الْأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- حين أَجْلَى عَنْهُ الْأَحْزَابَ: "الْآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَا؛ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3. وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابن عباس: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} ، قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، فَصَارَتْ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَصَارَ مُعَاوِيَةُ خَالَ الْمُؤْمِنِينَ. كَذَا رَوَى الْكَلْبِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ فِي أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ مُخْتَصٌّ بِهِنَّ وَلا يتعدى التحريم إلى بناتهن ولا إخوانهن ولا أخواتهن.

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 49"، ومسلم في "الجهاد والسير" "1742". 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 49"، ومسلم في "الذكر والدعاء" "2724". 3 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 48".

واستُشْهد يوم الأحزاب: عبد الله بن سهل بن رافع الأشهلي، تفرّد ابن هشام بأنّه شهد بدرًا. وأَنَس بن أَوْس بن عتيك الأشهلي، والطُّفَيْل بن النُّعمان بن خنساء، وثعلبة بن غنمة؛ كلاهما من بني جَشَم بن الخزرج. وكعب بن زيد أحد بني النَّجَّار، أصابه سهم غرِب، وقد شهد هَؤُلَاءِ الثلاثة بدرًا. ذكر ابن إسحاق أنّ هَؤُلَاءِ الخمسة قُتِلوا يوم الأحزاب. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ؛ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ لِيُوَثِّبَهُ الْخَنْدَقَ فَوَقَعَ فِي الْخَنْدَقِ فَقَتَلَهُ اللَّهُ، وَكَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا نُعْطِيَكُمُ الدِّيَةَ عَلَى أَنْ تَدْفَعُوهُ إِلَيْنَا فَنَدْفِنَهُ. فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ خَبِيثُ الدِّيَةِ لَعَنَهُ اللَّهُ وَلَعَنَ دِيَتَهُ وَلا نَمْنَعُكُمْ أَنْ تَدْفِنُوهُ، وَلا أَرَبَ لَنَا فِي ديته".

غزوة بني قريظة

غزوة بني قريظة: وكانوا قد ظاهروا قريشًا وأعانوهم عَلَى حرب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيهم نزلت: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} [الأحزاب: 26] الآيتين. قَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْخَنْدَقِ وَوَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلَاحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. قَالَ: "فَأَيْنَ"؟ قَالَ: هَهُنَا. وَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. فَخَرَجَ النبي -صلى الله عليه وسلم. متفق عليه1. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، عَنْ أَنَسٍ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْغُبَارِ سَاطِعًا مِنْ سِكَّةِ بَنِي غَنْمٍ، مَوْكِبَ جِبْرِيلَ حِينَ سَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ انْصَرَفَ مِنَ الأَحْزَابِ: "أَنْ لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ". فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ فَصَلُّوا دُونَ قُرَيْظَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ: لا نُصَلِّي إِلا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 49-50"، ومسلم في "صحيحه" "1769" كتاب الجهاد والسير.

وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ. فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَعِنْدَ مُسْلِمٍ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ: الظُّهْرَ بَدَلَ الْعَصْرِ. وَكَأَنَّهُ وَهِمَ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَمَّهُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا رَجَعَ مِنْ طَلَبِ الأحزاب وضع عنه اللأمة واغتسل واستجمر، فتبدى لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ: عَذِيرَكَ مِنْ مُحَارِبٍ، أَلا أَرَاكَ قَدْ وَضَعْتَ اللأْمَةَ وَمَا وَضَعْنَاهَا بَعْدُ. فَوَثَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَزِعًا فَعَزَمَ عَلَى النَّاسِ أَنْ لا يُصَلُّوا الْعَصْرَ حَتَّى يَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ. فَلَبِسُوا السِّلاحَ، فَلَمْ يَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ, فَاخْتَصَمَ النَّاسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَزَمَ عَلَيْنَا أَنْ لا نُصَلِّيَ حَتَّى نَأْتِيَ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَإِنَّمَا نَحْنُ فِي عَزِيمَةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليس علينا إثم. وصلى طائفة من الناس احتسابًا. وتركت طائفة حتى غربت الشمس فصلوا حين جاءوا بني قريظة. فلم يعنف رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاحدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَقَالَ نَحْوَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ أَنَّ رَجُلا سَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ فِي الْبَيْتِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَزِعًا، فَقُمْتُ فِي إِثْرِهِ، فَإِذَا بِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا جِبْرِيلُ يَأْمُرُنِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ, وَقَالَ: وَضَعْتُمُ السِّلاحَ، لَكِنَّا لَمْ نَضَعِ السِّلاحَ، طَلَبْنَا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى بَلَغْنَا حَمْرَاءَ الأسَدِ". وَفِيهِ: فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَجَالِسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَقَالَ: "هَلْ مَرَّ بِكُمْ مِنْ أَحَدٍ"؟ قَالُوا: مَرَّ عَلَيْنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ تَحْتَهُ قَطِيفَةُ دِيبَاجٍ. قَالَ: "لَيْسَ ذَاكَ بِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ وَلَكِنَّهُ جِبْرِيلُ أُرْسِلَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ لِيُزَلْزِلَهُمْ وَيَقْذِفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ". فَحَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَمَرَ أصحابه أن يستروه بِالْجُحَفِ حَتَّى يُسْمِعَهُمْ كَلامَهُ. فَنَادَاهُمْ: "يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ". فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ لَمْ تَكُ فَحَّاشًا. فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سعد بن معاذ، وكانوا حلفاءه، فحكم أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ وَعَلَى ثناياها النَّقْعُ فَقَالَ: أَوَضَعْتَ السِّلاحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعَتِ الملائكة، اخرج

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 50". 2 قال الحافظ ابن كثير في "البداية" "4/ 118": "لهذا الحديث طرق عن عائشة وغيرها". ا. هـ.

إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. فَلَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأْمَتَهُ، وَأَذِنَ بِالرَّحِيلِ، ثُمَّ مَرَّ عَلَى بَنِي غَنْمٍ فَقَالَ: "مَنْ مَرَّ بِكُمْ"؟ قَالُوا: دِحْيَةُ. وَكَانَ دِحْيَةُ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وَوَجْهُهُ جِبْرِيلَ. فَأَتَاهُمْ فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ1. وقال يونس، عَنِ ابن إسحاق: قدِم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علينا معه رايته وابتَدَرَ النّاس. وقال موسى بن عقبة: وخرج رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أثر جبريل، فمر على مجلس بني غنم وهم ينتظرون رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألهم: "مَرَّ عليكم فارس آنفًا"؟ فقالوا: مرّ علينا دحية عَلَى فرسٍ أبيض تحته نمطٌ أو قطيفة من ديباج عليه اللأّمة. قَالَ: "ذاك جبريل". وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يشبّه دِحيةَ بجبريل. قَالَ: ولما رأى عليّ بن أبي طالب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلا تلقّاه. وقال: ارجع يَا رَسُولَ اللَّهِ! فإنّ الله كافيك اليهود. وكان علي سمع منهم قولا سبيبيا2 لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأزواجه. فكره عليّ أن يسمع ذَلِكَ، فقال: "لِمَ تأمرني بالرجوع"؟ فكتمه ما سَمِعَ منهم. فقال: "أظنّك سَمِعْتُ لي منهم أذى؟ فامضِ فإنّ أعداء الله لو قد رأوني لم يقولوا شيئًا ممّا سَمِعْتُ". فلما نَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحصنهم، وكانوا في أعلاه، نادى بأعلى صوته نفرًا من أشرافهم حتى أسمعهم فقال: "أجيبونا يا معشر يهود يا أخوة القِرَدَة، لقد نزل بكم خِزْي الله". فحاصرهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكتائب المسلمين بضع عشرة ليلة، وردّ الله حُيَيّ بنَ أخطب حتى دخل حصنَهُم، وقذف الله في قلوبهم الرُّعب، واشتدّ عليهم الحصار، فصرخوا بأبي لُبابة بن عبد المنذر وكانوا حلفاء الأنصار. فقال: لا آتيهم حتى يأذن لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: "قد أذِنْتُ لك". فأتاهم، فبكوا وقالوا: يا أبا لُبابة، ماذا ترى، فأشار بيده إلى حلْقه، يريهم إنّما يراد بكم القتل. فلما انصرف سُقِط في يده ورأى أنّه قد أصابته

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "6/ 141, 142"، وذكره الحافظ في "الفتح" "7/ 472" بنحوه، وقال: إسناده صحيح، والحديث أصله في "الصحيحين". 2 سبيبي: السب أو أكثر منه. وفي البداية لابن كثير: "سيئًا".

فتنةٌ عظيمة, فقال: والله لا أنظر في وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أحدِث لله توبةً نَصُوحًا يعلمها الله من نفسي. فرجع إلى المدينة فربط يديه إلى جذعٍ من جذوع المسجد. فزعموا أنّه ارتبط قريبًا من عشرين لَيْلَةٍ. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1، كما ذُكر، حين راث عليه أبو لُبابة: "أما فرغ أبو لُبابة من حلفائه"؟ قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قد والله انصرف من عند الحصن، وما ندري أين سلك. فقال: "قد حدث له أمر". فأقبل رجل فقال: يَا رَسُولَ الله! رأيت أبا لبابة ارتبط بحبل إلى جِذْعٍ من جذوع المسجد. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد أصابته بعدي فتنة، ولو جاءني لاستغفرت لَهُ, فإذا فعل هذا فلن أحرّكه من مكانه حتى يقضي الله فيه ما شاء". قَالَ ابْنُ لَهِيعة، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَة، فذكر نحو ما قص موسى بن عقبة. وعنده: فلبس رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأمَتَه وأذَّن بالخروج، وأمرهم أن يأخذوا السّلاح, ففرغ النّاس للحرب، وبعث عليًّا عَلَى المقدّمة ودفع إليه اللواء, ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى آثارهم. ولم يقل بضع عشرة ليلة. وقال يونس بن بُكَيْرَ، والبكائي -واللَّفظ له- عَنِ ابن إسحاق قَالَ: حاصرهم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خمسًا وعشرين ليلةً، حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرُّعب, وكان حُيَيّ بنُ أخطب دخل مع بني قُرَيْظة في حصنهم حين رجعت عنهم قُريش وغَطفان، وفاءً لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه، فلما أيقنوا بأنّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير منصرف عنهم حتى يناجزهم، قَالَ كعب بن أسد: يا معشر يهود! قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإنّي عارضٌ عليكم خِلالًا ثلاثًا، فخُذُوا أيّها شئتم. قالوا: وما هي؟ قَالَ: نبايع هذا الرجل ونَصْدُقُه، فَوَالله لقد تعيّن لكم أنّه لَنَبِيّ مُرْسَل، وأنّه للَّذي تجدونه في كتابكم، فتأْمَنون عَلَى دمائكم وأموالكم. قالوا: لا نفارق حُكم التَّوراة أبدًا ولا نستبدل به غيرَه. قَالَ: فإذا أبيتم عَلَى هذه. فهلُمَّ فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثُمَّ نخرج إلى محمد وأصحابه مصلتين السيوف لم نترك وراءنا ثقلا، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فإن نهلك ولم نترك وراءنا نَسْلًا نخشى عليه، وإنْ نظهر فَلَعَمْري لَنَتّخِذَنَّ النّساء والأبناء. قالوا: نقتل هَؤُلاءِ المساكين، فما خير العيش بعدهم؟ قَالَ فإنْ أبيتم هذه فإنّ الليلة ليلة السبت وإنّه عسى أنْ يكون محمدٌ وأصحابه قد أمنوا

_ 1 راث عليه: أبطأ عليه.

فيها فانزلوا لعلَّنا نُصيب من محمد وأصحابه غِرَّة. قالوا: نُفسد سبْتَنَا وتحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا، إلّا مَن قد علِمْتَ فأصابه ما لم يخْفَ عليك من المَسْخ؟ قَالَ: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمُّهُ ليلةً واحدة من الدَّهر حازمًا. رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. لكّنه قَالَ عَنْ أبيه، عَنْ مَعْبَد بن كعب بن مالك، فذكره وزاد فيه: ثُمَّ بعثوا يطلبون أبا لُبابة، وذكر ربْطَه نفسه. وقال سعيد بن المسيّب: إنَّ ارتباطه بسارية التَّوبة كان بعد تخلُّفه عَنْ غزوة تبوك حين أعرض عَنْهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عليمٌ، بما فعل يوم قُرَيْظة، ثُمَّ تخلّف عَنْ غزوة تَبُوك فيمن تخلّف. والله أعلم. وذكر عليّ بن أبي طلحة، وعطّية العَوْفي، عَنِ ابن عبّاس في ارتباطه حين تخلّف عَنْ تبوك ما يؤكد قولَ ابن المسيّب، قَالَ: نزلت هذه الآية في أبي لبابة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [الأنفال: 27] . وقال البكائي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّ تَوْبَةَ أَبِي لُبَابَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ السَّحَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِمَّ تَضْحَكُ؟ قَالَ: تِيبَ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ. قَالَتْ: قُلْتُ: أَفَلا أُبَشِّرُهُ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتِ. قَالَ: فَقَامَتْ عَلَى بَابِ حُجْرَتِهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا لُبَابَةَ، أَبْشِرْ فَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْكَ. قَالَتْ: فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ لِيُطْلِقُوهُ. قَالَ: لا وَاللَّهِ حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ الَّذِي يُطْلِقُنِي بِيَدِهِ. فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ خَارِجًا إِلَى صَلاةِ الصُّبْحِ أَطْلَقَهُ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: أَقَامَ أَبُو لُبَابَةَ مُرْتَبِطًا بِالْجِذْعِ سِتَّ لَيَالٍ: تَأْتِيهِ امْرَأَتُهُ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ تُحِلُّهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَرْتَبِطُ بِالْجِذْعِ، فِيمَا حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَالآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي تَوْبَتِهِ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102] الآية1.

_ 1 عن جابر، قال: كان ممن تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تبوك ستة: أبو لبابة، وأوس بن خدام، وثعلبة بن وديعة، وكعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، فجاء أبو لبابة وأوس =

قَالَ ابن إسحاق: ثُمَّ إنّ ثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسيد بن عُبَيْد، وهم نفر من بني هدل، أسلموا تِلْكَ الليلة التي نزل فيها بنو قُرَيْظة على حكم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعْدٍ قَالَ: نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُ عَلَى حِمَارٍ, فَلَمَّا دَنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قوموا إِلَى سَيِّدِكُمْ، أَوْ إِلَى خَيْرِكُمْ". فَقَالَ: "إِنَّ هَؤُلاءِ قَدْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ". فَقَالَ: نَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَنُسْبِي ذَرَارِيَّهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ حَكَمْتُ عَلَيْهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ". وَرُبَّمَا قَالَ: "بِحُكْمِ الْمَلِكِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قال: فأومئوا إليه فقالوا: يا أبا عَمْرو، قد ولّاك رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ مواليكم لتحكم فيهم. فقال سعد: عليكم بذلك عهدُ الله وميثاقه؟ قالوا: نعم. قَالَ: وعلى من ههنا من النّاحية التي فيها النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومَن معه، وهو مُعرضٌ عَنْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إجلالًا له؛ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ". فقال سعد: أحكم بأنْ تقتل الرجال وتقسّم الأموال وتسبي الذّراري. وقال شُعْبة وغيره، عَنْ عبد الملك بن عُمَيْر، عَنْ عطّية القرظِيّ قَالَ: كنت في سبْي قُرَيْظة، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمن أنبت أن يُقْتَلَ1، فكنت فيمن لم يُنْبِت. قَالَ موسى بن عُقْبة: قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين سألوه أن يحكِّم فيهم رجلًا: "اختاروا من شئتم من أصحابي"؟ فاختاروا سعد بن مُعاذ، فرضي بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فنزلوا عَلَى حُكْمه. فأمر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسلاحهم فجُعِل في قُبَّته، وأمر بهم فكُتِّفوا وأوثقوا وجعلوا في دار أُسامة، وبعث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى سعد، فأقبل عَلَى حمار أعرابيّ يزعمون أنّ وِطاء بَرْذَعَته من ليف، واتبعه رجل من بني عبد الأشهل،

_ = وثعلبة، فربطوا أنفسهم بالسواري، وجاءوا بأموالهم، فقالوا: يا رسول الله! خذها، هذا الذي حبسنا عنك، فقال: "لا أحلهم حتى يكون قتال". قال: فنزل القرآن: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} . أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" "984"، وأورده السيوطي في "الدر" "3/ 73", وعزاه لابن الشيخ في "تفسيره"، وابن منده، وأبي نعيم, وابن عساكر بسند قوي عن جابر، وقال الحافظ في "الإصابة" "1/ 152": إسناده قوي. 1 أنبت: بلغ الحلم.

فجعل يمشي معه ويعظّم حقَّ بني قُرَيْظة ويذكر حِلْفَهم والذي أَبْلوه يوم بعاث، ويقول: اختاروك عَلَى من سواك رجاءَ رحمتِك وتحنُّنك عليهم، فاسْتَبْقِهِم فإِنَّهم لك جمال وعُدَد. فأكثر ذَلِكَ الرجل، وسعد لا يرجع إليه شيئًا، حتى دَنَوْا، فقال الرجل: ألا ترجع إليّ فيما أكلّمك فيه؟ فقال سعد: قد آن لي أن لا تأخذني في الله لَوْمَةُ لائم. ففارقه الرجل، فأتى قومه, فقالوا: ما وراءك؟ فأخبرهم أنّه غير مستبقيهم، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قتل مقاتلتهم، وكانوا فيما زعموا ستمائة مُقاتل قُتِلوا عند دار أبي جهم بالبلاط، فزعموا أنّ دماءهم بلغتْ أحجار الزَّيت التي كانت بالسّوق، وسبى نساءهم وذراريهم، وقسّم أموالهم بين مَن حضر من المسلمين. وكانت خيل المسلمين ستًّا وثلاثين فرسًا. وأخرج حُيَيّ بنَ أخطب فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هل أخزاك الله"؟ قَالَ له: ظهرتَ عليَّ وما ألوم إلّا نفسي في جهادك والشدة عليك. فأمر به فضُرِبَتْ عُنُقُه. كلّ ذَلِكَ بعين سعد1. وكان عَمْرو بن سعد اليهودي في الأسرى، فلما قدَّموه ليقتلوه ففقدوه فقيل: أين عَمْرو؟ قالوا: والله ما نراه، وإنّ هذه لرمّته2 التي كان فيها، فما ندري كيف انفلت؟ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أفلت بما علم الله في نفسه". وأقبل ثابت بن قيس بن شماس إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هب لي الزُّبَير؛ يعني: ابن باطا وامرأته. فوهبهما له، فرجع ثابت إلى الزُّبَير. فقال: يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني؟ -وكان الزبير يومئذٍ كبيرًا أعمى- قَالَ: هل ينكر الرجل أخاه؟ قَالَ ثابت: أردت أن أجزيك اليوم بيدك. قَالَ: أفعل، فإنّ الكريم يجزي الكريم، فأطلقه. فقال: لَيْسَ لي قائد، وقد أخذتم امرأتي وبَنيّ. فرجع ثابت إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسأله ذرّيَة الزُّبَير وامرأته، فوهبهم له، فرجع إليه فقال: قد ردّ إليك رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امرأتك وبنيك. قَالَ الزُّبير: فحائط لي فيه أعذق لَيْسَ لي ولأهلي عيش إلّا به. فوهب لَهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ له ثابت: أسلم. قال: ما فعل المجلسان؟ فذكر رجالا من قومه بأسمائهم. فقال ثابت: قد قُتِلوا وفُرِغ منهم، ولعلّ الله أنْ يهديك. فقال الزُّبَير: أسألك بالله وبيدي عندك إلّا ما ألحقتني بهم, فما في العيش خير بعدهم.

_ 1 أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" "4/ 23"، وابن القيم في "زاد المعاد" "3/ 135"، وعزاه الهيثمي في "المجمع" "6/ 138, 139" للطبراني في "المعجم الكبير". 2 الرمة: القطعة من الحبل.

فذكر ذلك ثابت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمر بالزُّبَير فقتل. قَالَ الله تعالى في بني قُرَيْظة في سياق أمر الأحزاب: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ} يعين الذين ظاهروا قُريشًا: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا} [الأحزاب: 26] . وقال عُرْوَة في قوله: {وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} [الأحزاب: 27] . هي خَيْبَر. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِسَعْدٍ: "لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ"1. وقال البكّائي، عَنِ ابن إسحاق: فحبسهم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي دار بنت الحارث النَّجَّارية، وخرج إلى سوق المدينة، فخندق بِهَا خنادق، ثُمَّ بعث إليهم فضرب أعناقهم في تِلْكَ الخنادق, وفيهم حُيَيّ بن أخطب، وكعب بن أسد رأس القوم، وهم ستمائة أو سبعمائة، والمكثر يقول: كانوا بين الثمانمائة والتسعمائة. وقد قالوا لكعب وهو يذهب بهم إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرسالًا2: يا كعب ما تراه يصنع بنا؟ قَالَ: أفي كل موطن لا تعقلون. أما ترون الدّاعي لا ينزع، وأنّه من ذهب منكم لا يرجع؟ هو والله القتْل. وأتى حُيَيّ بن أخطب وعليه حلة فقاحية قد شقّها من كل ناحية قدر أنمُلَة لئلّا يسلبها، مجموعة يداه إلى عُنُقه بحبل، فلما نظر إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: أما والله ما لمت نفسي في عداوتك، ولكنه من يخذل الله يُخذل. ثُمَّ أقبل عَلَى النّاس فقال: أيّها النّاس إنّه لا بأس بأمر الله, كتاب وقدر وملحمة كُتبت عَلَى بني إسرائيل. ثُمَّ جلس فضُربت عُنُقُه. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمِّهِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمْ يُقْتَلْ مِنْ نِسَائِهِمْ إِلا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَتْ: إِنَّهَا وَاللَّهِ لَعِنْدِي تُحَدِّثُ مَعِي وَتَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا، وَرَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقْتُلُ رِجَالَهُمْ بِالسُّيُوفِ؛ إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ: يَا بِنْتَ فُلانَةٍ. قَالَتْ: أَنَا وَاللَّهِ. قُلْتُ: وَيْلَكِ، مَا لَكِ؟ قَالَتْ: أُقْتَلُ. قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَتْ: حَدَثٌ أَحْدَثْتُهُ. فَانْطَلَقَ بِهَا فَضُرِبَتْ عُنُقُهَا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَغَيْرُهُ: صَيَاصِيهِمْ: حُصُونُهُمْ. وقال يونس، عَنِ ابن إسحاق: ثُمَّ بعث النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعدَ بن زيد، أخا بني عبد الأشهل بسبايا بني قُرَيْظة إلى نجد, فابتاع له بهم خيلًا وسلاحًا, وكأن النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد اصطفى لنفسه رَيْحانة بنت عَمْرو بن خنافة، وكانت عنده حتى تُوُفّي وهي في مِلْكه، وعرض عليها أن يتزوَّجها، ويضرب عليها الحجاب، فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ بل تتركني في مالك فهو أخفّ عليك وعليّ, فتركها. وقد كانت أوّلًا توقّفت عَنِ الإِسلام ثُمَّ أسلمت، فَسَرَّ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ. وفي ذي الحجة من هذه السنة:

_ 1 مرسل: وأصله عند البخاري "4121". 2 أرسالا: طائفة بعد أخرى.

وفاة سعد بن معاذ

وفاة سعد بن مُعَاذ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ، رَمَاهُ فِي الأَكْحَلِ1. فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ. فَلَمَّا رَجَعَ مِنَ الْخَنْدَقِ؛ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إِنَّ كَلْمَهُ تَحَجَّرَ لِلْبُرْءِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ فَأَبْقِنِي لَهُمْ حَتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ, وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَافْجُرْهَا وَاجْعَلْ مَوْتِي فِيهَا. قَالَ فَانْفَجَرَتْ لَبَّتُهُ2، فَلَمْ يَرُعْهُمْ -وَمَعَهُمْ أَهْلُ خَيْمَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ- إِلا وَالدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ جُرْحُهُ يَغِذُّ دَمًا3 فَمَاتَ مِنْهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: رُمِيَ سَعْدٌ يَوْمَ الأَحْزَابِ فَقَطَعُوا أَكْحَلَهُ، فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّارِ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَتَرَكَهُ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَحَسَمَهُ أُخْرَى. فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: اللَّهُمَّ لا تُخْرِجْ نفسي حتى تقر عيني من

_ 1 عرق في وسط الذراع. 2 لبته: نحره. 3 في"صحيح البخاري": فإذا سعد يغذو جرحه دمًا. 4 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 50, 51" ومسلم "1769" كتاب: الجهاد والسير.

بَنِي قُرَيْظَةَ. فَاسْتَمْسَكَ عِرْقَهُ فَمَا قَطَرَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ. حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَكَمَ أَنْ يُقْتَلَ رِجَالُهُمْ وَيُسْتَبِيَ نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ. قَالَ: وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِهِمْ، انْفَتَقَ عِرْقُهُ فَمَاتَ. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ رَاهُوَيْهِ: ثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ -يَعْنِي سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ- وَشَيَّعَ جِنَازَتَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلِكٍ، لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ" 1. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ: اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ فَرَحًا بِرُوحِهِ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّجَّارِ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَنْ هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي مَاتَ؛ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتَحَرَّكَ الْعَرْشُ؟ قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَبْرِهِ وَهُوَ يُدْفَنُ، فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ". مَرَّتَيْنِ, فَسَبَّحَ الْقَوْمُ. ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ". فَكَبَّر الْقَوْمُ. فَقَالَ: "عَجِبْتُ لِهَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ شُدِّدَ عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ حَتَّى كَانَ هَذَا حِينَ فُرِّجَ لَهُ" 2. ذَكَرَ بَعْضَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شِئْتُ مِنْ رِجَالِ قَوْمِي أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- في جوف الليل معتجرًا بِعِمَامَةٍ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ هَذَا الْمَيِّتُ الَّذِي فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ؟ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُبَادِرًا إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَوَجَدَهُ قَدْ قُبِضَ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: كَانَ سَعْدٌ رَجُلا بَادِنًا، فَلَمَّا حَمَلَهُ النَّاسُ وَجَدُوا لَهُ خِفَّةً. فَقَالَ رِجَالٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَبَادِنًا وَمَا حَمَلْنَا مِنْ جِنَازَةٍ أَخَفَّ مِنْهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:

_ 1 "صحيح": أخرجه النسائي "4/ 100" في الجنائز: باب ضمة القبر وضغطه، وابن سعد "3/ 2/ 9"، وانظر: "صحيح الجامع" "6987". 2 رواه أحمد "3/ 360، 377"، وصححه الحاكم "3/ 306" مختصرًا، ووافقه الذهبي.

"إِنَّ لَهُ حَمَلَةً غَيْرَكُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدِ اسْتَبْشَرَتِ الْمَلائِكَةُ بِرُوحِ سَعْدٍ وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ". وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَأَلَ بَعْضَ أَهْلِ سَعْدٍ: مَا بَلَغَكُمْ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا؟ فَقَالُوا: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: كَانَ يُقَصِّرُ فِي بَعْضِ الطُّهُوِر مِنَ الْبَوْلِ. وقال يزيد بن هارون: أنا محمد بن عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عن عائشة قلت: خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو آثَارَ النَّاسِ، فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الأَرْضِ: تَعْنِي حِسَّ الأَرْضِ وَرَائِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ يَحْمِلُ مِجَنَّهُ. فَجَلَسْتُ، فمر سعد وهو يقول: ليث قليلًا يُدْرِكِ الهَيْجا حَمَلْ ... مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الأَجَلْ قَالَتْ: وَعَلَيْهِ دِرْعٌ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا أَطْرَافُهُ، فَتَخَوَّفْتُ عَلَى أَطْرَافِهِ، وَكَانَ من أطول النَّاسِ وَأَعْظَمِهِمْ. قَالَتْ: فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً، فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ فِيهِمْ عُمَرُ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ مِغْفَرٌ. فَقَالَ لِي عُمَرُ: مَا جَاءَ بكِ؟ وَاللَّهِ إِنَّكِ لَجَرِيئَةٌ، وَمَا يُؤْمِنُكِ أَنْ يُصِيبُوا تَحُوُّزًا وَبَلاءً. فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ سَاعَتِي ذِي فَدَخَلْتُ فِيهَا. فَرَفَعَ الرَّجُلُ الْمِغْفَرَ عَنْ وَجْهِهِ، فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ وَالْفِرَارُ إِلا إِلَى اللَّهِ؟ قَالَتْ: وَيَرْمِي سَعْدًا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ، بِسَهْمٍ، فَقَالَ: خُذْهَا، وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ. فَأَصَابَ أكْحَلَهُ. فَدَعَا اللَّهَ سَعْدٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حتى تشفيني من قريظة. كانوا مَوَالِيهِ وَحُلَفَاءَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَرَقَأَ كَلْمُهُ1 وَبَعَثَ اللَّهُ الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. وَسَاقَتِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَفِيهِ قَالَتْ: فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ وَقَدْ كَانَ بَرِئَ حَتَّى مَا يُرَى مِنْهُ إِلا مِثْلُ الْخَرْصِ, وَرَجَعَ إِلَى قُبَّتِهِ. قَالَتْ: وَحَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. فَإِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاءَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ، وَأَنَا فِي حُجْرَتِي، وَكَانُوا كَمَا قَالَ الله تعالى {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} . قَالَ: فَقُلْتُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصْنَعُ؟ قَالَتْ: كَانَتْ عَيْنَاهُ لا تَدْمَعُ عَلَى أَحَدٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وجد فإنما هو آخذ بلحيته2.

_ 1 الكلم: الجرح. 2 "إسناده حسن": أخرجه أحمد في "المسند" "6/ 141, 142".

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، أَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلُوا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وَسَلَّمَ- فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأُتِيَ به محمولا على حمر وَهُوَ مُضْنًى مِنْ جُرْحِهِ، فَقَالَ لَهُ: "أشِرْ عَلَيَّ فِي هَؤُلاءِ". فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَكَ فِيهِمْ بِأَمْرٍ أَنْتَ فَاعِلُهُ. قَالَ: "أَجَلْ، وَلَكِنْ أَشِرْ عَلَيَّ فِيهِمْ". فَقَالَ: لَوْ وُلِّيتُ أَمْرَهُمْ قَتَلْتُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَيْتُ ذَرَارِيَّهُمْ وَقَسَّمْتُ أَمْوَالَهُمْ. فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ أَشَرْتَ فِيهِمْ بِالَّذِي أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ عَامِرَ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا حَكَمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ يُقْتَلَ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ حَكَمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ الذي حكم به" من فوق سبع سماوات1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أنا يَزِيدُ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: لَمَّا قَضَى سَعْدٌ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ ثُمَّ رَجَعَ انْفَجَرَ جُرْحُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهُ فَأَخَذَ رَأْسَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، وَسُجِّيَ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ إِذَا مُدَّ عَلَى وَجْهِهِ بَدَتْ رِجْلاهُ، وَكَانَ رَجُلا أَبْيَضَ جَسِيمًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إِنَّ سَعْدًا قَدْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِكَ وَصَدَّقَ رَسُولَكَ وَقَضى الَّذِي عَلَيْهِ، فَتَقَبَّلْ رُوحَهُ بِخَيْرِ مَا تَقَبَّلْتَ رُوحَ رَجُلٍ". فَلَمَّا سَمِعَ سَعْدٌ كَلامَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَحَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: وَأُمُّهُ تَبْكِي وَتَقُولُ: وَيْلُ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدَا ... حَزَامَةً وَجِدَّا فَقِيلَ لَهَا: أَتَقُولِينَ الشِّعْرَ عَلَى سَعْدٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهَا فَغَيْرُهَا مِنَ الشُّعَرَاءِ أَكْذَبُ". وقال عبد الرحمن بن الغسيل، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ محمود بن لبيد قَالَ: لما أُصيب أَكْحَلُ سعدٍ حولوه عند امرأةٍ يقال لَهَا رُفَيْده، وكانت تداوي الجَرْحَى، قَالَ: وكان النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا مرّ به يَقْولُ: "كيف أصبحت"؟ وإذا أمسى قَالَ: "كيف أمسيتَ"؟ فتخبره، فذكر القصّة. وقال: فأسرع النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المشي إلى سعد، فشكا ذَلِكَ إليه أصحَابه، فقال: "إنّي أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله كما غسلت حنظلة".

_ 1 هذا الحديث في "الصحيحين" دون قوله: "من فوق سبع سموات" فهو ضعيف.

فانتهى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى البيت وهو يغسل، وَأُمُّهُ تَبْكِي وَتَقُولُ: وَيْلُ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدَا ... حَزَامَةً وجِدّا فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كلّ نائحة تكذب إلّا أمّ سعد". ثُمَّ خرج به فقالوا: ما حَمَلْنا ميتًا أخفَّ منه. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يمنعه أن يَخِفّ عليكم وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قطّ، قد حملوه معكم" 1. وقال شُعبة: أخبرني سِماك بن حرب، سَمِعْتُ عبد الله بنَ شدّاد يَقْولُ: دَخَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى سعد بن مُعاذ وَهوَ يكيد بنفسه فقال: "جزاك الله خيرًا من سيّد قومٍ، فقد أنجزت الله ما وعدْتَه وليُنْجزنَّك الله ما وَعَدَكَ". وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ شَهِدَ سَعْدًا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَمْ يَنْزِلُوا إِلَى الأَرْضِ. زَادَ غَيْرُهُ: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ: عن ابن عمر. وقال شبابة: أنا أبو معشر، عن المقبري قال: لَمَّا دَفَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعْدًا قَالَ: "لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ لَنَجَا سَعْدٌ وَلَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً اخْتَلَفَتْ فِيهَا أَضْلاعُهُ مِنْ أَثَرِ الْبَوْلِ" 2. وقال يزيد بن هارون: أنا محمد بن عمرو، عَنْ محمد بن المنكدر, عَنْ محمد بن شُرَحبيل، أن رجلًا أخذ قبضةً من تراب قبر سعد يوم دُفِن، ففتحها بعد فإذا هي مِسْك. وقال محمد بن موسى الفِطري: أنا مُعاذ بن رِفاعة الزُّرقي قَالَ: دُفن سعد بن مُعاذ إلى أُسّ دار عقيل بن أبي طَالِب. قَالَ محمد بن عَمْرو بن عَلْقَمَةَ حدّثني عاصم بن عُمَر بن قَتَادَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استيقظ فجاءه جبريل، أو قَالَ: مَلَكٌ, فَقَالَ: من رجل من أُمَّتك مات الليلة استبشر بموته أهلُ السماء؟ قَالَ: "لا أعلمه، إلّا أنّ سعد بن مُعاذ أمسى دنيّا. ما فعل سعد"؟ قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُبِض, وجاء قومُه فاحتملوه إلى دارهم. فصلّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

_ 1 أخرجه ابن سعد "3/ 2/ 7, 8" وحسنه الأرنئوط في "سير أعلام النبلاء" "1/ 287" الهامش. 2 تقدم ما يشهد لهذا الرواية.

بالنّاس الصُّبح، ثُمَّ خرج وخرج النّاس مشيًا حتى إنّ شسوع نعالهم تقطع من أرجلهم وإنّ أرديتهم لتسقُط من عواتقهم، فقال قائل: يَا رَسُولَ اللَّهِ قد بَتَتَّ النّاس مشيًا. قَالَ: "أخشى أن تسبقنا إليه الملائكة كما سبقتنا إلى حنظلة". قَالَ شُعْبَةُ: أنا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إن لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً، وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا لَنَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ". وَقَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قال: لما انفجر جرح سعد بْنُ مُعَاذٍ الْتَزَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلَ الدَّمُ يَسِيلُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فقال: وا كسر ظَهْرَاهُ. فَقَالَ: "مَهْ يَا أَبَا بَكْرٍ". ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. رَوَى عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ: ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، مَرْفُوعًا: "لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ لَنَجَا مِنْهَا سَعْدٌ". وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا، وَمَا فِيهِ صَفِيَّةُ. وَلَيْسَ هَذَا الضَّغْطُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فِي شَيْءٍ. بَلْ هُوَ مِنْ رَوْعَاتِ الْمُؤْمِنِ كَنَزْعِ رُوحِهِ، وَكَأَلَمِهِ مِنْ بُكَاءِ حَمِيمِهِ، وَكَرَوْعَتِهِ مِنْ هُجُومِ مَلَكَيِ الامْتِحَانِ عَلَيْهِ، وَكَرَوْعَتِهِ يَوْمَ الْمَوْقِفِ وَسَاعَةَ وُرُودِ جَهَنَّمَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ, نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِنَا. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أنا مُحَمَّدُ بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ما كان أحد أَشَدَّ فَقْدًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصاحبيه أو أحدهما مِنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أنا عُتْبَةُ بْنُ جَبِيرَةَ، عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَجُلا أَبْيَضَ طِوَالا جَمِيلا، حَسَنَ الْوَجْهِ، أَعْيَنَ، حَسَنَ اللِّحْيَةِ. فَرُمِيَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ سَنَةَ خَمْسٍ فَمَاتَ مِنْهَا، وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ. وقال أبو معاوية، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اهْتَزَّ عَرْشُ اللَّهِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ". وَقَالَ عَوْفٌ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ".

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا: أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لأُمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: "أَلا يَرْقَأُ دَمْعُكِ وَيَذْهَبُ حُزْنُكِ بِأَنَّ ابْنَكِ أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ اللَّهُ لَهُ وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ"؟ 1 وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ جَدَّتِهِ رُمَيْثَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، -وَلَوْ أَشَاءُ أَنْ أُقَبِّلَ الْخَاتَمَ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْ قُرْبِي مِنْهُ لَفَعَلْتُ- يَقُولُ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ يَوْمَ مَاتَ: "اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِحُبِّ لِقَاءِ اللَّهِ سَعْدًا. قَالَ: إِنَّمَا يَعْنِيَ السَّرِيرَ. قَالَ: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} قَالَ: تَفَسَّخَتْ أَعْوَادُهُ. قَالَ: وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْرَهُ فَاحْتُبِسَ، فَلَمَّا خَرَجَ, قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا حَبَسَكَ؟ قَالَ: "ضُمَّ سَعْدٌ فِي الْقَبْرِ ضَمَّةً فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ". وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى بِثَوْبٍ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ لِينِهِ فَقَالَ: "إِنَّ مَنَادِيلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَلْيَنُ مِنْ هَذَا". مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ2. وَقَالَ يزيد بن هارون: أنا محمد بن عمرو، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ وكان واقد من أعظم الناس وأطولهم؛ فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. فَقَالَ: إِنَّكَ بِسَعْدٍ لَشَبِيهٌ، ثُمَّ بَكَى فَأَكْثَرَ الْبُكَاءَ. ثُمَّ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدًا، كَانَ مِنْ أعظم الناس وأطولهم. ثُمَّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَيْشًا إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ، فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بجبة من ديباج منسوجة فِيهَا الذَّهَبُ، فَلَبِسَها رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَمْسَحُونَهَا وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذِهِ الْجُبَّةِ"؟ قَالُوا: يَا رسول الله مَا رَأَيْنَا ثَوْبًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ. قَالَ: "فَوَاللَّهِ لَمَنادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِمَّا تَرَوْنَ". قلت: هو سعد بن مُعاذ بن النُّعمان بن امرئ القَيْس بن زيد بن عبد الأشهل بن

_ 1 قال الهيثمي في "المجمع" "9/ 309": رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي في "تلخيصه". 2 أخرجه مسلم "2468" عن البراء -رضي الله عنه.

الحارث بن الخزرج بْن عَمْرو بْن مالك بْن الأوس؛ أخي الخزرج؛ وهما ابنا حارثة بن عَمْرو؛ ويُدعى حارثة العنقاء؛ وإليه جماع الأوس والخزرج أَنْصَارَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُيكنى سعد أبا عَمْرو، وأمّه المذكورة كَبْشة بنت رافع الأنصارية، من المُبايعات, أسلم هو وأسيد بن الحُضَير عَلَى يد مُصْعب بن عُمَيْر, وكان مُصْعب قَدِم المدينة قبل العقبة الآخرة يدعو إلى الإسلام ويُقْرئ القرآن, فلما أسلم سعد لم يبق من بني عبد الأشهل -عشيرة سعد- أحدٌ إلّا أسلم يومئذٍ. ثُمَّ كان مُصْعب في دار سعد هو وأسعد بن زرارة،، يدعون إلى الله, وكان سعد وأسعد ابني خالة, وآخى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين سعد بن مُعاذ وأبي عُبَيْدة بن الجرّاح. قاله ابن إسحاق. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرِهِ: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. شهد سعد بدرًا، وَثَبَتَ مَع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم أُحُد حين ولّى النّاس. رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ، ثنا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ الْحُمَّى, فَقَالَ: "مَنْ كَانَتْ بِهِ فَهِيَ حَظُّهُ مِنَ النَّارِ". فَسَأَلَهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَبَّهُ، فَلَزِمَتْهُ فَلَمْ تُفَارِقْهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا. وكان لسعد من الولد: عَمْرو، وعبد الله، وأمُّهما: عمّة أسيد بن الحُضَير هند بنت سماك من بني عبد الأشهل، صحابيّة. وكان تزوّجها أوس بن مُعاذ أخو سعد -وقيل: عبد الله بن عَمْرو بن سعد- يوم الْحَرَّةِ. وكان لعمرو من الولد: واقد بن عَمْرو، وجماعة قِيلَ: إنّهم تسعة. وقتل عَمْرو وأخو سعد بن مُعاذ يوم أُحد. وقتل ابن أخيهما الحارث بن أوس يومئذٍ شابًا, وقد شهدوا بدرًا, والحارث أصابه السيف ليلة قتل كعب بن الأشرف، واحتمله أصحابه, وشهد بعد ذَلِكَ أُحُدًا. روى عَنْ سعد بن مُعاذ: عبد الله بن مسعود، وقصّته بمكة مع أُميَّة بن خلف، وذلك في صحيح البخاري. وحصن بني قُرَيْظة عَلَى أميالٍ من المدينة، حاصرهم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خمسًا وعشرين ليلة. واستشهد من المسلمين: خلّاد بن سُويد الأنصاري الخزرجي، طُرحت عليه رَحَى، فَشَدَخَتْه. ومات في مدّة الحصار أبو سنان بن محصَن، بدري مهاجري، وهو أخو عكّاشة بن مِحصَن الأسدي. شهد هو وابنه سِنان بدْرًا. ودُفن بمقبرة بني قُرَيْظة التي يتدافن بِهَا من نزل دُورهم من المسلمين. وعاش أربعين سنة. ومنهم من قَالَ: بقي إلى أن بايع تحت الشَّجرة.

إسلام ابني سعية وأسد بن عبيد

إسلام ابني سَعْيَة وأسد بْن عُبَيْد: قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عاصم بْن عُمَر بْن قَتَادَة، عَنْ شيخ من بني قُرَيْظة قَالَ: هل تدري عَمَّ كَانَ إسلامُ ثَعْلَبَة وأسد ابني سَعْيَة، وأسد بْن عُبَيْد، نفر من هَدْل، لم يكونوا من بني قُرَيْظة ولا نَضير، كانوا فوق ذَلِكَ، قلت: لا. قَالَ: إنّه قدِم علينا رَجُل من الشام يهوديّ، يقال لَهُ ابن الهَيْبَان، ما رأينا خيرًا منه. فكنّا نقول إذا احتبس المطر: استسْق لنا. فيقول: لا والله، حتى تُخْرِجوا صدقة صاعٍ من تمر أو مُدَّيْن من شعير. فنفعل، فيخرج بنا إلى ظاهر حرّتنا. فَوَالله ما يبرح مجلسه حتى تمر بنا الشعاب بسيل. وفعل ذَلِكَ غير مرّة ولا مرتين. فلما حضرته الوفاة قَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ؛ مَا تَرَوْنَهُ أَخْرَجَنِي مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ إِلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ والجوع؟ قُلْنَا: أنت أعلم. قَالَ: أخرجني نبيُّ أتوقعه يُبعث الآن فهذه البلدة مُهَاجره، وإنّه يُبعث بسفك الدماء وسبي الذرية، فلا يمنعنّكم ذَلِكَ منه ولا تُسبقنَّ إِلَيْهِ. ثُمَّ مات. زاد يونس بْن بُكَيْر فِي حديثه: فلما كانت الليلة التي افتُتِحت فيها قُرَيْظة قَالَ أولئك الثلاثة، وكانوا شبابًا أحداثًا: يا معشر يهود، هذا الَّذِي كَانَ ذكر لكم ابن الهَيبان. قَالُوا: ما هُوَ؟ قَالُوا: بلى والله إنّه لهو بصفته. ثُمَّ نزلوا فأسلموا وخلُّوا أموالَهم وأهلَهم1، وكانت فِي الحصن، فلما فتح رد ذلك عليهم.

_ 1 راجع ترجمة أسد بن سعية في "الإصابة" لابن حجر "14/ 33".

أحداث السنة السادسة

أحداث السنة السادسة غزوة الغابة ... أحداث السنة السادسة: قَالَ البكّائي، عَنِ ابن إِسْحَاق: ثُمَّ أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة ذا الْحَجَّةِ والمحرَّم وصَفَرًا وشهرَيْ ربيع، وخرج فِي جُمَادى الأولى إلى بني لحْيان يطلب بأصحاب الرَّجيع: خُبَيْب بْن عَدِيّ وأصحابه، وأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوة غرة، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤس الجبال. فقال: لو أن هبطنا عُسْفان لرأى أهلُ مكة أنّا قد جئنا مكة. فهبط فِي مائتي راكب من أصحابه حتى نزلوا عسفان. ثم بعث فارسَيْن من أصحابه حتى بلغا كِراعَ الغَمِيم، ثُمَّ كَرّا. وراح قافلًا. غزوة الغابة: أو غزوة ذي قرد: ثم قدم فأقام بِهَا ليالي، فأغار عُيَيْنَة بْن حصْن فِي خيل من غَطفان عَلَى لِقَاحِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالغابة1، وفيها رَجُل من بني غِفار وامرأة، فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة فِي اللّقاح. وكان أوّل من نذر بهم سَلَمَةُ بْن الأكْوَع، غدا يريد الغَابة ومعه غلام لطلحة بْن عُبَيْد الله معه فَرَسه، حتى إذا علا ثَنِيَّةَ الوداع2 نظر إلى بعض خيولهم فأشرف فِي ناحية من سَلْع، ثم صرخ: وا صباحاه، ثُمَّ خرج يشتدّ فِي آثار القوم، وكان مثل السّبع، حتى لحق بالقوم, وجعل يردّهم بنَبْله، فإذا وُجّهت الخيل نحوه هرب ثُمَّ عارضهم فإذا أمكنه الرمْي رمى. وبلغ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ فصرخ بالمدينة: الفزع الفَزَعَ. فنزلت الخيول إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان أول من انتهى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الفرسان المِقداد وعَبّاد بْن بشْر، وأسيد بْن ظُهَيْر، وعُكّاشة بْن مِحْصَن وغيرهم. فأمر عليهم سعدَ بْن زيد، ثُمَّ قَالَ: "أخرج فِي طلب القوم حتى ألحقك بالنّاس". وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما بلغني لأبي عَيّاش: "لو أعطيت فرسك رجلًا منك". فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أفرس النّاس, وضربت الفرسَ فَوَالله ما مشى بي إلّا خمسين ذراعًا حتى طرحني فعجبت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لو أعطيته أفرس منك وجوابي لَهُ". ولم يكن سَلَمَةَ بْن الأكْوَع يومئذٍ فارسًا، وكان أوّل من لحق القومَ عَلَى رِجْلَيْه. وتلاحق الفُرسان فِي طلب القوم, فأول من أدركهم محرز بن نضلة الأسدي.

_ 1 موضع قرب المدينة من ناحية الشام، بينه وبين سلع ثمانية أميال. 2 ثنية الوداع: هي ثنية مشرفة على المدينة يطؤها من يريد مكة.

فأدركهم ووقف بين أيديهم ثُمَّ قَالَ: قفوا يا معشر بني اللّكيعَة حتى يلحق بكم من وراءكم من المسلمين. فحمل عَلَيْهِ رَجُل منهم فقتله, ولم يُقتل من المسلمين سواه. قَالَ عَبْد الملك بْن هشام: وَقُتِل من المسلمين وقاص بْن مجزّز المُدْلجِي. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ عَنْ عبد الله بْن كعب بْن مالك، أَنَّ مُجَزِّزًا إِنَّمَا كَانَ عَلَى فَرَسِ عُكَّاشَةَ يُقَالُ لَهُ الْجنَاحُ، فَقُتِلَ مُجَزِّزٌ وَاسْتُلِبَ الْجنَاحُ. وَلَمَّا تَلاحَقَتِ الْخَيْلُ قَتَلَ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ، حَبِيبَ بْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، وَغَشَّاهُ بِبُرْدِهِ، ثُمَّ لَحِقَ بِالنَّاسِ. وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَرْجَعُوا وَقَالُوا: قُتِلَ أَبُو قَتَادَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ بِأَبِي قَتَادَةَ وَلَكِنَّهُ قَتِيلٌ لأَبِي قَتَادَةَ وَضَعَ عَلَيْهِ بُرْدَهُ لِيَعْرِفُوا بِهِ صَاحِبَهُ". وَأَدْرَكَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أوبَارًا وَابْنَهُ عَمْرَو بْنَ أوبَارٍ، كِلاهُمَا عَلَى بَعِيرٍ، فانتظمهما بالرمح فقتلهما جميعًا. واستنقذوا بَعْضَ اللِّقَاحِ. وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلَ بِالْجَبَلِ مِنْ ذِي قَرَدٍ، وَتَلاحَقَ النَّاسُ بِهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَقَالَ سَلَمَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لو سرحتني في مائة رجل لاستنقذت بَقِيَّةَ السَّرْحِ وَأَخَذْتُ بِأَعْنَاقِ الْقَوْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما بلغني: "إِنَّهُمُ الآنَ لَيُغْبَقُونَ فِي غَطَفَانَ". فَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَصْحَابِهِ، فِي كُلِّ مِائَةِ رَجُلٍ، جَزُورًا. وَأَقَامُوا عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ: وَانْفَلَتَتِ امْرَأَةُ الْغِفَارِيِّ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ إِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ أَنْ أَنْحَرَهَا إِنْ نَجَّانِي اللَّهُ عَلَيْهَا. قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "بِئْسَ مَا جَزَيْتِهَا أَنْ حَمَلَكِ اللَّهُ عَلَيْهَا وَنَجَّاكِ بِهَا ثُمَّ تَنْحَرِينَهَا، إِنَّهُ لا نَذْرَ فِيمَا لا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ إِنَّمَا هِيَ نَاقَةٌ مِنْ إِبِلِي، ارْجِعِي عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ". قُلْتُ: هَذِهِ الْغَزْوَةُ تُسمَّى غَزْوَةَ الْغَابَةِ، وَتُسمَّى غَزْوَةَ ذِي قَرَدٍ1. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ, إِنَّهَا كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَنَّهَا زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ2. قَالَ أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ: أَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سلمة بن

_ 1 ذو قرد: ماء على ليلتين من المدينة بينها وبين خيبر. 2 أخرجه مسلم "1807" في "كتاب الجهاد والسير".

الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَرَجْتُ أَنَا وَرَباحٌ -غُلَامُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجْتُ بِفَرَسٍ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أُنَدِّيَهُ1 مَعَ الْإِبِلِ. فَلَمَّا كَانَ بِغَلَسٍ، أَغَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى إِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَتَلَ رَاعِيهَا وَخَرَجَ يَطْرُدُهَا وَأُنَاسٌ مَعَهُ فِي خَيْلٍ. فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ اقْعُدْ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ فَأَلْحِقْهُ بِطَلْحَةَ وَأَخْبِرْ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخبر. فَقُمْتُ عَلَى تَلٍّ فَجَعَلْتُ وَجْهِي مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ نَادَيْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: يَا صَبَاحَاهُ. ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ مَعَ سَيْفِي وَنَبْلِي فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ وَذَلِكَ حِينَ يَكْثُرُ الشَّجَرُ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ جَلَسْتُ لَهُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَمَيْتُ، فَلَا يُقْبِلُ عَلِيَّ فَارِسٌ إِلَّا عَقَرْتُ بِهِ. فَجَعَلَتْ أَرْمِيهِمْ وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الْأكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَأَلْحَقُ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ فَأَرْمِيهِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَةِ رَحْلِهِ، فَيَقَعُ سَهْمِي فِي الرَّحْلِ حَتَّى انْتَظَمَتْ كَتِفُهُ، فَقُلْتُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ. وَكُنْتُ إِذَا تَضَايَقَتِ الثَّنَايَا عَلَوْتُ عَلَى الْجَبَلِ فَرَدَأْتُهُمْ2 بِالْحِجَارَةِ، فَمَا زَالَ ذَلِكَ شَأْنِي وَشَأْنُهُمْ أَتَّبِعُهُمْ فَأَرْتَجِزُ، حتى ما خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ سَرْحِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا خَلَّفْتُهُ وَرَائِي وَاسْتَنْقَذْتُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ. ثُمَّ لَمْ أَزَلْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ رُمْحًا وَأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً يَسْتَخِفُّونَ مِنْهَا3، وَلَا يُلْقُونَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا جَعَلْتُ عَلَيْهِ حِجَارَةً وَجَمَعْتُهُ عَلَى طَرِيقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا مُدَّ الضُّحَاءُ4 أَتَاهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ مَدَدًا لَهُمْ، وَهُمْ فِي ثَنِيَّةٍ ضَيِّقَةٍ. ثُمَّ عَلَوْتُ الْجَبَلَ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَى؟ قَالُوا: لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحِ، مَا فَارَقَنَا سَحَرًا حَتَّى الْآنَ وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ فِي أَيْدِينَا وَجَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ. فَقَالَ عُيَيْنَةُ: لَوْلَا أَنَّ هَذَا يَرَى أَنَّ وَرَاءَهُ مَدَدًا لَقَدْ تَرَكَكُمْ، لِيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ. فَقَامَ إِلَيَّ أَرَبَعَةٌ فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ. فَلَمَّا أَسْمَعْتُهُمُ الصَّوْتَ قُلْتُ: أَتَعْرِفُونِي؟ قَالُوا: وَمَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لَا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني.

_ 1 أنديه: أي يوردها فتشرب قليلا ثم يرعاها قليلا ثم يردها إلى الماء. 2 أي: رماهم بها. 3 أي: يخففون من أحمالهم. 4 الضحاء: أكلة الضحى.

قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: إِنِّي أَظُنُّ؛ يَعْنِي كَمَا قَالَ. فَمَا بَرِحْتُ مَقْعَدِي ذَلِكَ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى فَوَارِسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، وَإِذَا أَوَّلُهُمُ الْأَخْرَمُ الْأَسَدِيُّ، وَعَلَى إِثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ، وَعَلَى إِثْرِهِ الْمِقدَادُ. فَوَلَّى الْمُشْرِكوُنَ. فَأنْزلُ مِنَ الْجَبَلِ فَأعْرضُ لِلأَخْرَمِ فَآخذُ عِنَانَ فَرَسِهِ فَقُلْتُ: يَا أَخْرَمُ أَنْذِرِ الْقَوْمَ يَعْنِي أُحَذْرُهُمْ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَقْطَعُوكَ، فَاتَّئِدْ حَتَّى يَلْحَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عِنانَ فَرَسِه فَيَلْحَقُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَيَعْطِفُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ، فَعَقَرَ الْأَخْرَمُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ. وَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الْأَخْرَمِ فَيَلْحَقُ أَبُو قَتَادَةَ بِهِ، فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ، فَعقَرَ بِأَبِي قَتَادَةَ، وَقَتَلَهُ أَبُو قَتَادَةَ، وَتَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِ الْأَخْرَمِ. ثُمَّ خَرَجْتُ أَعْدُو فِي أَثَرِ الْقَوْمِ حَتَّى مَا أَرَى مِنْ غُبَارِ أَصْحَابِي شَيْئًا. وَيَعْرِضُونَ قَبْلَ الْمَغِيبِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ يُقَالَ لَهُ ذُو قَرَدٍ، فأرادوا أن يشربوا منه، فأبصروني أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، فَعَطَفُوا عَنْهُ وَاشْتَدُّوا فِي الثَّنِيَّةِ، ثَنِيَّةِ ذِي دَبْرٍ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَلْحَقُ رَجُلا فَأَرْمِيهِ فَقُلْتُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْأَكْوَع. قَالَ فَقَالَ: يَا ثُكْلَ أُمِّي، أَكْوَعِيٌّ بُكْرَةً؟ 1 قُلْتُ: نَعَمْ يَا عُدوَّ نَفْسِهِ، وَكَانَ الَّذِي رَمَيْتُهُ بُكْرَةً، فَأَتْبَعْتُهُ سَهْمًا آخَرَ فَعَلِقَ بِهِ سَهْمَانِ. وَيُخَلِّفُونَ فَرَسَيْنِ فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ ذُو قَرَدٍ؛ فَإِذَا نَبِيُّ اللَّهِ فِي خَمْسِمِائَةٍ، وَإِذَا بِلَالٌ قَدْ نَحَرَ جَزُورًا مِمَّا خَلَّفْتُ، فَهُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلِّنِي فَأَنْتَخِبُ مِنْ أَصْحَابِكَ مِائَةً وَاحِدَةً فَآخُذُ عَلَى الْكُفَّارِ بِالْعَشْوَةِ فَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ قَالَ: "أكُنْتَ فَاعِلا يَا سَلَمَةُ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُمْ يُقْرَوْنَ الآنَ بِأَرْضِ غَطَفَانَ. فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ قَالَ: مُرُّوا عَلَى فُلانٍ الْغَطَفَانِيِّ فَنَحَرَ لَهُمْ جَزُورًا، فَلَمَّا أَخَذُوا يَكْشِطُونَ جِلْدَهَا رَأَوْا غَبَرَةً فَتَرَكُوهَا وَخَرَجُوا هِرَابًا. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ. وَأَعْطَانِي سَهْمَ الرَّاجِلِ وَالْفَارِسِ جَمِيعًا. ثُمَّ أَرْدَفَنِي وَرَاءَهُ على العصباء راجعين إلى المدينة.

_ 1 أكوعي بكرة؛ أي: أأنت الأكوع الذي كنت تتبعنا بكرة اليوم؟

فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا قَرِيبًا مِنْ صَحْوَةٍ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لا يُسْبَقُ، فَجَعَلَ يُنَادِي: هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ؟ وَكَرَّرَ ذَلِكَ. فَقُلْتُ لَهُ: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا وَلا تَهَابُ شَرِيفًا؟ قَالَ: لا، إِلا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي وَأُمِّي خَلِّنِي فَلأُسَابِقْهُ. قَالَ: "إِنْ شِئْتَ". قُلْتُ: أذْهَبُ إِلَيْكَ. فَطَفَرَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، وَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ فَطَفَرْتُ عَنِ النَّاقَةِ. ثُمَّ إِنِّي رَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ؛ يَعْنِيَ اسْتَبْقَيْتِ نَفْسِي، ثُمَّ إِنِّي غَدَوْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ فَأَصُكَّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِيَدِي. قُلْتُ: سَبَقْتُكَ وَاللَّهِ. فَضَحِكَ وَقَالَ: أَنَا أَظُنُّ. فَسَبَقْتُهُ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ هَاشِمٍ1. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْغَنِيِّ الْحَرَّانِيِّ بِمِصْرَ، وَعَلَى أَبِي حَسَنِ علي بن أَحْمَدَ الْهَاشِمِيِّ بِالْإِسْكَنْدَرِيَةِ، وَعَلَى أَبِي سَعِيدٍ سُنْقُرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِحَلَبَ، وَعَلَى أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَقْدِسِيِّ بِقَاسِيُونَ، وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْفَقِيهِ، وَأَبُو الْغَنَائِمِ بْنُ مَحَاسِنَ، وَعُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَدِيبُ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ رُوزَبَةَ. ح وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْحُسَيْنِ الْيُونِينِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ الْعَبَّاسِيِّ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُثْمَانَ الْفَقِيهُ، وَمُحَمَّدِ بْنِ حَازِمِ، وَعَلِيِّ بْنِ بَقَاءٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَزِيزٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ؛ أَخْبَرَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الزُّبَيْدِيِّ؛ قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو الْوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَمَّوَيْهِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، ثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ ذَاهِبًا نَحْوَ الْغَابَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ الْغَابَةِ لَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قُلْتُ: وَيْحُكَ مَا بِكَ؟ قَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ وَفَزَارَةُ. فَصَرَخْتُ ثَلاثَ صَرَخَاتٍ أسمعت ما بين لابتيها: يا صباحاه، يَا صَبَاحَاهُ. ثُمَّ انْدَفَعْتُ حَتَّى أَلْقَاهُمْ وَقَدْ أَخَذُوهَا، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا. فَأَقْبَلْتُ بِهَا أَسُوقُهَا، فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رسول الله إِنَّ الْقَوْمَ عِطَاشٌ، وَإِنِّي أَعْجَلْتُهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا سِقْيَهُمْ، فَابْعَثْ فِي أَثَرِهِمْ فَقَالَ: "يَابْنَ الْأَكْوَعِ مَلَكْتَ فَأَسْجِعْ، إِنَّ الْقَوْمَ يُقْرَوْنَ فِي قَوْمِهِمْ" 1.

_ 1 أخرجه مسلم في "صحيحه" "1807" كتاب: الجهاد والسير.

مقتل ابن أبي الحقيق

مقتل ابن أبي الحُقَيْق: وهو سلّام بْن أبي الحُقَيْق؛ وقيل: عَبْد الله بْن أَبِي الحُقَيْق اليهودي، لعنه الله. قَالَ البكّائي، عَنِ ابن إِسْحَاق: ولما انقضى شأن الخندق وأمرُ بني قُرَيْظة، وكان سلّام بْن أَبِي الحُقَيْق أَبُو رافع فيمن حزَّب الأحزاب عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكانت الأوس قبل أحد قتلت كعب بن الأشرف. فاستأذنت الخزرجُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قتل ابن أبي الحُقَيْق وهو بخيبر، فأَذِن لهم. وحدّثني الزُّهري، عَنْ عَبْد الله بْن كعب بْن مالك قَالَ: كَانَ مما صنع الله لرسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنّ هذين الحيَّيْن من الأنصار كانا يتصاولان مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تصاول الفحلين لا تصنع الأوس شيئًا فيه غناء عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا قَالَتْ الخزرج: والله لا تذهبون بهذه فضلًا علينا عِنْدَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي الْإِسْلَام. فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلَها. وإذا فعلت الخزرج شيئًا قَالَتْ الأوس مثل ذَلِكَ. ولما أصابت الأوس كعبَ بْن الأشرف في عداوته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ الخزرج: والله لا تذهبون بهذه فضلًا علينا. فتذاكروا من رَجُل لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- كابن الأشرف، فذكروا ابن أَبِي الحُقَيْق وهو بخيبر. فاستأذنوا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأذن لهم. فخرج إِلَيْهِ من الخزرج خمسة من بني سَلَمَةَ: عَبْد الله بْن عَتيك، ومسعود بْن سنان، وعبد الله بْن أنيس، وأبو قَتَادة بْن ربعي، وآخر هُوَ أسود بْن خُزَاعيّ، حليف لهم. فأمر عليهم ابن عَتيك، فخرجوا حتى قدِموا خيبر، فأتوا دار ابن أَبِي الحُقَيْق ليلًا، فلم يَدعوا بيتًا فِي الدار إلّا أغلقوه عَلَى أهله، ثُمَّ قاموا عَلَى بابه فاستأذنوا، فخرجت إليهم امرأته فقالت: من أنتم؟ قالوا: نلتمس الميرة. قالت: ذاك صاحبكم، فادخلوا عَلَيْهِ. قَالَ: فلما دخلنا عَلَيْهِ أغلقنا علينا وعليها الحُجْرة تخوُّفًا أن يكون دونه مجاولة تحول بيننا وبينه.

_ 1 أخرجه البخاري في "كتاب المغازي".

قَالَ: فصاحت امرأته فنَّوَهت بنا، وابتدرناه وهو عَلَى فراشه، والله ما يدلّنا عَلَيْهِ فِي سواد البيت إلّا بياضه، كأنّه قِبْطِيّة1 مُلْقاه. فلما صاحت علينا جعل الرجل منّا يرفع سيفه عليها ثُمَّ يذكر نَهْيَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قتل النساء، فيكف يده, فلما ضربناه بأسيافنا تحامل عَلَيْهِ عَبْد الله بن أنيس فِي بطنه حتى أنفذه، وهو يَقْولُ: قطني قطني، أي حسبي. قَالَ: وخرجنا، وكان ابن عتيك سيئ البصر فوقع من الدرجة، فوثِئَتْ يدُه وَثْئًا شديدًا وحملناه حتى نأتي مَنْهَرًا من عيونهم فندخل فِيهِ. فأوقدوا النّيران واشتدّوا فِي كلّ وجه يطلبوننا، حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم فاكتنفوه. فقلنا: كيف لنا بأن نعلم أنّه هلك؟ فقال رَجُل منّا: أَنَا أذهب فأنظر لكم. فانطلق حتى دخل فِي النّاس. قَالَ: فوجدتُها وفي يدها المصباح وحوله رجال وهي تنظر فِي وجهه وتحدّثهم وتقول: أما والله لقد سَمِعْتُ صوت ابن عَتيك ثُمَّ أكذبت نفسي فقلت: أنّي ابن عَتيك بهذه البلاد؟ ثُمَّ أقبَلَتْ عَلَيْهِ تنظر فِي وجهه، ثُمَّ قَالَتْ: فاظ، وإله يهود. فما سَمِعْتُ من كلمة كانت ألذّ إليّ منها. قَالَ: ثُمَّ جاء فأخبرنا بالخبر، فاحتملنا صاحبَنا فقدِمْنا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرناه واختلفنا فِي قتله، فكلّنا يدّعيه. فقال: "هاتوا أسيافكم". فجئناه بِهَا، فقال لسيف عَبْد الله بْن أنيس: "هذا قَتَلَه، أرى فِيهِ أثر الطّعام والشراب" 2. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَهْطًا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِي رَافِعٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا فَقَتَلَهُ وَهُوَ نَائِمٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أبي رَافِعٍ رِجَالا مِنَ الأَنْصَارِ، عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِيَ ابْنَ عَتِيكٍ. وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُعِينُ عَلَيْهِ. وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ. فَلَمَّا دَنَوْا وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لأَصْحَابِهِ: اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ فَإِنِّي مُنْطَلِقٌ فَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ لَعَلِّي أَدْخُلُ. فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنَ الْبَابِ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَتَهُ. وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ، فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ تريد أن تدخل فادخل لأغلق.

_ 1 القبطية: ثياب بيض رقاق من كتان تتخذ بمصر تنسب إلى القبط. 2 إسناد ابن إسحاق مرسل صحيح إلى عبد الله بن كعب. وقصة مقتل ابن أبي الحقيق في "الصحيح" كما سيأتي.

فدخلت فكمنت، فأغلق الباب وعلق الأغاليق1 عَلَى وُدٍّ2، فَقُمْتُ فَفَتَحْتُ الْبَابَ. وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ وَكَانَ فِي عَلالِيٍّ. فَلَمَّا أَنْ ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعَدْتُ إِلَيْهِ، وَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أُغْلِقُهُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ، وَقُلْتُ: إِنَّ الْقَوْمَ نَذَرُوا بِي لَمْ يَخْلُصُوا إِلَيَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ. فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ، لا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنَ الْبَيْتِ. قُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، وَأَنَا دَهِشٌ، فَمَا أَغْنَى شَيْئًا، فَصَاحَ، فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: مَا هَذَا الضَّرْبُ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ قَالَ: لأُمِّكَ الْوَيْلُ، إِنَّ رَجُلا فِي الْبَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ. قَالَ: فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنْتُهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ صَدْرَ السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ فَعَلِمْتُ أَنِّي قَدْ قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الأَبْوَابَ بَابًا فَبَابًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي وَأَنَا أَرَى أَنِّي قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ فَانْكَسَرَتْ سَاقِي، فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَتِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حتى جلست عند الباب. فقلت: لا أَبْرَحُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ أَمْ لا. فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِي عَلَى السُّورِ فَقَالَ: أَنْعِي أَبَا رَافِعٍ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: النَّجَاءَ النَّجَاءَ، فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ. فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَدَّثْنَاهُ فَقَالَ: "ابْسُطْ رِجْلَكَ". فَبَسَطْتُهَا. فَمَسَحَهَا، فَكَأَنَّمَا لَمْ أشْكُهَا قَطُّ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْبَرَاءِ بِنَحْوِهِ. وَفِيهِ: ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ. وَفِيهِ: ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّي أُغِيثُهُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، وَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَبَا رَافِعٍ. قَالَ: أَلا أُعْجِبُكَ، دَخَل عَلَيَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِي بِالسَّيْفِ. قَالَ: فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَى فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ، ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيْئَةِ الْمُغِيثِ، وَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَتَّكِئُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ الْعَظْمِ. ثُمَّ خرجت دهشًا إلى السلم،

_ 1 الأغاليق: المفاتيح. 2 الود: الوتد. 3 أخرجه البخاري في "كتاب المغازي" "5/ 26, 27".

فسقطت فاختلعت رجلي فعصبتها, ثم أتيت أصحابي أحجل فقلت: انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنِّي لا أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ. فَلَمَّا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ فَقَالَ: أَنْعِي أَبَا رَافِعٍ. فَقُمْتُ أَمْشِي، مَا بِي قلبة1، فأدركت أصحابي قَبْلُ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَشَّرْتُهُ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ سَلامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ قَدْ أَجْلَبَ فِي غَطَفَانَ وَمَنْ حَوْلَهُ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ يَدْعُوهُمْ إِلَى قِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَجْعَلُ لَهُمُ الْجُعْلَ الْعَظِيمَ. فَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِ جَمَاعَةً فَبَيَّتُوهُ لَيْلا. وقال موسى بْن عقُبَةَ فِي مغازيه: فطرقوا أَبَا رافع اليهودي بخيبر فقتلوه في بيته.

_ 1 القلبة: الداء والتعب.

مقتل ابن نبيح الهذلي

مقتل ابن نبيح الهذلي ... قتل ابن نُبَيْح الهُذْليّ: قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ السُّلَمِيَّ إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ نُبَيْحٍ الْهُذْلِيِّ ثُمَّ اللِّحْيَانِيِّ لِيَقْتُلَهُ وَهُوَ بِعُرَنَةَ وَادِي مَكَّةَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيَّ يَجْمَعُ النَّاسَ لِيَغْزُونِي وَهُوَ بِنَخْلَةٍ أَوُ بِعُرَنَةَ 1، فَأْتِهِ فَاقْتُلْهُ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ انْعَتْهُ لِي2 حَتَّى أَعْرِفَهُ. قَالَ: "آيَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَنَّكَ إِذَا رَأَيْتَهُ وَجَدْتَ قُشَعْرِيرَةً". فَخَرَجْتُ مُتَوَشِّحًا بِسَيْفِي، حَتَّى دَفَعْتُ إِلَيْهِ فِي ظَعْنٍ يَرْتَادُ بِهِنَّ مَنْزِلا وَقْتَ الْعَصْرِ. فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَجَدْتُ لَهُ مَا وَصَفَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْقُشَعْرِيرَةِ. فَأَقْبَلْتُ نحوه وخشيت أن يكون بيني وبينه محاولة تشغلني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نَحْوَهُ أُومِئُ بِرَأْسِي إِيمَاءً. فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ قَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ سَمِعَ بِكَ وَبِجَمْعِكَ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَجَاءَ لِذَلِكَ. قَالَ: أَجَلْ نَحْنُ فِي ذَلِكَ. فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ، ثم خرجت وتركت ظعائنه3 مكبات عليه.

_ 1 عرنة: واد بحذاء عرفات. 2 النعت: الوصف. 3 ظعائنه: نساؤه.

فَلَمَّا قدِمَتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَفْلَحَ الْوَجْهُ". قُلْتُ: قَدْ قَتَلْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "صَدَقْتَ". ثُمَّ قَامَ بِي فَدَخَلَ بَيْتَهُ فَأَعْطَانِي عَصًا، فَقَالَ: "أَمْسِكْ هَذِهِ عِنْدَكَ". فَخَرَجْتُ بِهَا عَلَى النَّاسِ. فَقَالُوا: مَا هَذِهِ الْعَصا؟ فَقُلْتُ: أَعْطَانِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَهَا عِنْدِي. قَالُوا: أَفَلا تَرْجِعُ فَتَسْأَلُهُ, فَرَجَعْتُ فَسَأَلْتُهُ: لِمَ أَعْطَيْتَنِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "آيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، إِنَّ أَقَلَّ النَّاسِ الْمُتَخَصِّرُونَ 1 يَوْمَئِذٍ". قَالَ: فَقَرَنَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِسَيْفِهِ فَلَمْ تَزَلْ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا مَاتَ أُمِرَ بِهَا فَضُمَّتْ مَعَهُ فِي كَفَنِهِ، فَدُفِنَا جَمِيعًا. رَوَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ: إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ.

_ 1 المتخصرون: الذين يتخذون المخصرة وهي العصا.

غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسع، سرية نجد

غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسع، سرية نجد: غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع: قَالَ ابن إِسْحَاق: غزا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بني المُصْطَلِق من خُزَاعة، فِي شعبان سنة ستّ. كذا قَالَ ابن إِسْحَاق. وقال ابن شهاب وعُرْوَة: هِيَ فِي شعبان سنة خمسٍ. وكذلك يُرْوَى عَنْ قَتَادة. وقاله أيضًا الواقدي، فقال: خَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الأثنين لليلتين خَلَتا من شعبان سنة خمسٍ، وقدم المدينة لهلال رمضان. قلت: وفيها حديث الإِفك، وقد تقدّم ذَلِكَ فِي سنة خمس. وهو الصّحيح. سرية نَجْد: قِيلَ إنّها كانت فِي المحرَّم سنة ستٍ، قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ الْمَقْبُرِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْلًا قِبَل نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حُنَيْفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِيَ الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا عِنْدَكَ"؟ قَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ، إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ

ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه مَا شِئْتَ. فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى كَانَ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: "مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ"؟ قَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتَ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ كُنْتَ تريد المال فسل تعط منه ما شئت. فَقَالَ: "أَطْلِقُوهُ". فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ, فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ مَا كَانَ على وجه الأرض أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، وَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ, وَاللَّهِ مَا كَانَ دِينٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ, وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ. فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ1 يَا ثُمَامَةُ. قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ، فَوَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةٌ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَأَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، بِهِ. وخالفهما مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، فيما روى يونس بْن بُكَيْر عَنْهُ: حَدَّثَنِي سَعِيد المَقْبُري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ إسلام ثمامة بْن أُثال أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعا الله حين عرض لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما عرض لَهُ وهو مشرك، فأراد قتله، فأقبل معتمِرًا حتى دخل المدينة، فتحيّر فيها حتى أخذ، فأُتي به رَسُول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر بِهِ فربط إلى عمودٍ من عُمُد المسجد. وفيه: وإنْ تسأل مالًا تُعْطه. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فجعلنا نَحْنُ المساكين نقول: ما نصنع بدم ثُمامة؟ والله لأَكْلَهُ من جَزورٍ سمينةٍ من فدائه أحبّ إلينا من دمه. قلت: وهذا يدلّ عَلَى أنّ إسلام ثمامة كَانَ بعد إسلام أَبِي هُرَيْرَةَ، وهو فِي سنة سبع. فذكر الحديث، وفيه: فانصرف من مكة إلى اليمامة، ومنع الحمل إلى مكة حتى جهِدَتْ قُريش، فكتبوا إلى رَسُول اللَّهِ يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثُمامة يخلي لهم حَمْل الطعام. وكانت اليَمامةُ ريفَ مكة. قَالَ: فأذِن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. وفيها: كَانَ من السّرايا، عَلَى ما زعم الواقدي:

_ 1 صبأ الرجل: ترك دينه ودان بدين آخر. فهو صابئ. "المعجم الوجيز" "358". 2 أخرجه البخاري في كتاب "المغازي"، ومسلم "1764" كتاب "الجهاد والسير". 3 "زاد المعاد" "2/ 119"، "مختصر سيرة الرسول" للشيخ عبد الله النجدي "292, 293".

سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر، أبي عبيدة إلى ذي القصة، محمد بن مسلمة إلى ذي القصة، زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم، زيد بن حارثة إلى الطرف

سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر، أبي عبيدة إلى ذي القصة، محمد بن مسلمة إلى ذي القصة، زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم، زيد بن حارثة إلى الطرف: سرية عُكّاشة بْن مِحْصَن إلى الغَمْر: قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ربيع الأول أو الآخر عُكّاشة بْن مِحْصَن فِي أربعين رجلًا إلى الغَمْر1. وفيهم ثابت بْن أقرم وشجاع بْن وهب. فأسرعوا، ونذر بهم القوم وهربوا. فنزل عُكَّاشة عَلَى مياههم وبعث الطلائع فأصابوا من دَلَّهم عَلَى بعض ماشيتهم، فوجدوا مائتي بعيرٍ، فساقوها إلى المدينة. سرية أَبِي عبيدة إلى ذي القَصَّة: قَالَ: وفيها بَعَثَ سَرِيَّةَ أبي عبيدة إلى ذي القَصَّة، فِي أربعين رجلًا، فساروا ليلهم مشاةً ووافوا ذا القصة مع عماية الصُّبح. فأغار عليهم وأعجزهم هربًا فِي الجبال. وأصابوا رجلًا فأسلم. سَرِيَّةُ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة إلى ذي القَصَّة: وبعث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- محمدَ بْن مسلمة فِي عشرة، فكمن القومُ لهم حتى نام هُوَ وأصحابه، فما شعروا إلا بالقوم. فقتل أصحابُ مُحَمَّد، وأفلت هُوَ جريحًا. سَرِيَّةُ زيدِ بْن حارثة إلى بني سُلَيْم بالجَمُوم: قَالَ: وفيها كانت سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم2. فأصاب امرأة من مزينة، يقال لها: حليمة، فدلتهم على مكان فأصابوا مواشي وأسراء منهم زوجها. فوهبها النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسَها وَزَوْجَها. سَرِيَّةُ زيد بْن حارثة إلى الطَّرف: وفيها سَرِيَّةُ زيدِ بْن حارثة إلى الطَّرف3؛ إلى بني ثعلبة فِي خمسة عشر رجلا. فهربت الأعراب وخافوا، فأصاب من نَعَمِهم عشرين بعيرًا. وغاب أربع ليال.

_ 1 الغمر: ماء من مياه بني أسد على ليلتين من فيد. "معجم البلدان" "4/ 212". 2 الجموم: أرض لبني سليم ناحية بطن نخل عن يسارها، وبطن نخل من المدينة على أربعة برد. "معجم البلدان" "2/ 163". 3 الطرف: ماء قريب من المرقى، وقيل: المراض، دون النخيل على ستة وثلاثين ميلا من المدينة. "معجم البلدان" "4/ 31".

سرية زيد بن حارثة إلى العيص، زيد بن حارثة إلى حسمي، زيد إلى وادي القرى، علي بن أبي طالب إلى بني سعد بن بكربفدك، عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل

سرية زيد بن حارثة إلى العيص، زيد بن حارثة إلى حسمي، زيد إلى وادي القرى، عليّ بْن أَبِي طَالِب إلى بني سعد بن بكربفدك، عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجَنْدَل: سرية زيد بْن حارثة إلى العِيص: وفيها كانت سرية زيد بْن حارثة إلى العيص1؛ فِي جُمَادى الأول؛ وأُخِذَت الأموال التي كانت مَعَ أَبِي العاص، فاستجار بزينب بِنْت رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأجارته. سَرِيَّةُ زيدِ بْن حارثة إلى حِسْمَى: وحدثني موسى بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أقبل دِحْية الكلبي من عند قَيْصر، قد أجازه بمال. فأقبل حتى كَانَ بحِسْمى2، فلقيَه ناسٌ من جُذام، فقطعوا عَلَيْهِ الطريق وسلبوه. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أن يدخل بيته فأخبره. فبعث زيدَ بْن حارثة إلى حِسْمى؛ وهي وراء وادي القُرَى وكانت فِي جُمَادى الآخِرَة. سَرِيَّةُ زيد إلى وادي القُرَى: ثُمَّ سَرِيَّةُ زيدٍ إلى وادي القُرَى3 فِي رجب. سَرِيَّةُ عليّ بْن أَبِي طَالِب إلى بني سعد بْن بَكْر بَفَدَكَ 4: ثُمَّ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عبدَ اللَّهِ بْن جَعْفَر، عَنْ يعقوب بن عُتْبَة قَالَ: خرج عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ- فِي مائةٍ إلى فَدَك إلى حيِّ من بني سعد بْن بَكْر. ذَلِكَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلغه عَنْهُمْ أنّ لهم جَمْعًا يريدون أن يمدُّوا يهودَ خيبر. فسار إليهم اللّيل وكَمَنَ النّهار، وأصاب عيْنًا فأقرّ لَهُ أنّه بعث إلى خيبر يعرض عليهم نصرهم عَلَى أن يجعلوا لهم تمر خيبر. قَالَ الواقدي: وذلك فِي شعبان. سَرِيَّةُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجَنْدَل: قَالَ الواقدي: وفيها سَرِيَّةُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجَنْدَل5 فِي شعبان. فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنْ أطاعوا فتزوّج ابنةَ ملكِهم". فأسلم القوم، وتزوّج عبدُ الرَّحْمَن تماضر بِنْت الأصبغ؛ والدة أَبِي سَلَمَةَ، وكان أبوها ملكهم.

_ 1 العيص: بينها وبين المدينة أربع ليال. 2 حسمي: أرض بالشام، بينها وبين وادي القرى ليلتان. 3 وادي القرى: واد بين الشام والمدينة. 4 فدك: قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان أو ثلاثة. 5 دومة الجندل: عدها ابن الفقيه من أعمال المدينة، سميت بدم ابن إسماعيل بن إبراهيم، وهي سبع مراحل من دمشق بينها وبين مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم.

سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين

سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين: وفي شوّال كانت سَرِيَّةُ كُرْز بْن جَابِر الفِهْرِيّ إلى العُرَنِيّين الذين قتلوا راعي رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واستاقوا الإِبل. فبعثه فِي عشرين فارسًا وراءهم. وَقَالَ ابُن أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس: أن رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: إِنَّا أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، فَاسْتَوْخَمْنَا الْمَدِينَةَ1. فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَوْدٍ2 وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهَا فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا. فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ قَتَلُوا راعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، وَكَفُروا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ. فَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَلَبِهِمْ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْديَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ3، وَتَرَكَهُمْ فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا وَهُمْ كَذَلِكَ. قَالَ قَتَادَةُ: فَذَكَرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الْآيَةَ. قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4. وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: مِنْ عُكْلٍ، أَوْ عُرَيْنَةَ5. رَوَاهُ شُعبة، وَهَمَّام، وغيرهما، عَنْ قَتَادة فقال: من عُرَيْنَة؛ من غير شَكّ. وكذلك قَالَ حُمَيْد، وثابت، وعبد العزيز بْن صُهَيْب، عَنْ أنس. وقال زُهير: سِمَاك بْن حرب، عَنْ معاوية بْن قُرَّةَ، عن أنس: إن نفرًا من عرينة أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فبايعوه، وقد وقع في المدينة الموم -وهو البرسام- فقالوا: هذا الوجع قد وقع يَا رَسُولَ اللَّهِ، فلو أذِنْتَ لنا فرُحنا إلى الإِبل. قَالَ: "فاخرجوا وكونوا فيها". فخرجوا، فقتلوا أحد الراعيين وذهبوا بالإبل. وجاء الآخر وقد جرح، قال: قد قتلوا صاحبي وذهبوا بالإِبل. وعنده شُبَّان من الأنصار قريب من عشرين، فأرسلهم إليهم وبعث معهم قائفًا يقتصّ أثرهم. فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وَسَمَرَ أعينهم. أَخْرَجَهُ مُسْلِم. وقال أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قدم رَهْط من عُكْلَ فأسلموا فاجْتَوَوا المدينة، فذكره، وفيه: فلم ترتفع الشمس حتى أُتي بهم، فأمر بمسامير فأُحميت لهم، فكواهم وقطع أيديهم وأرجلهم، ولم يحسمهم وألقاهم فِي الْحَرَّةِ يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا. أخرجه البخاري.

_ 1 استوخموا: لم يوافقهم جوها، وكرهوها لسقم أصابهم. 2 الذود: الإبل. 3 سمر أعينهم: كحلها بمسامير محمية. 4 أخرجه البخاري في "المغازي" "4192"، ومسلم "1761" كتاب "القسامة". 5 عكل وعرينة: حي من قحطان.

إسلام أبي العاص

إسلام أبي العاص: أسلم أَبُو الْعَاصِ بْن الرَّبِيعِ بْن عَبْد العُزَّى بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد مَناف بْن قُصَيّ العَبْشَمي، خَتَنِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ابنته زينب، أمّ أُمامة، فِي وسط سنة ستٍ. واسمه لقيط، قاله ابن مَعِين والفلّاس. وقال ابن سعد: اسمه مِقْسَم وأمّه هالة بِنْت خُوَيْلِد خالة زوجته، فهما أبناء خالة. تزوّج بِهَا قبل المبعث، فولدت لَهُ عليًّا فمات طفلًا، وأُمامة التي صلّى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو حاملها وهي التي تزوّجها عليّ بعد موت خالتها فاطمة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- وكان أَبُو العاص يُدْعَى جَرْوٌ البطْحاء، وأُسر يوم بدر، وكانت زينب بمكة. قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير، عن أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَبَعَثَتْ فِي فِدَائِهِ بِمَالٍ مِنْهُ قِلَادَةٌ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا. فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقِلَادَةَ رَقَّ لَهَا وَقَالَ: "إِنْ رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الَّذِي لَهَا فَافْعَلُوا". فَفَعَلُوا. فَأَخَذَ عَلَيْهِ عَهْدًا أَنْ يُخَلِّيَ زَيْنَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِرًّا1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار، فقال: كونا ببطن يأجج2 حتى تمر بكما زينب. وذلك بعد بدر بشهر. قال: وكان

_ 1 صحيح: تقدم في غزوة بدر. 2 يأجح: مكان من مكة على ثمانية أميال. "معجم البلدان" "5/ 424".

أبو العاص من رجال قريش المعدودين مالا وأمانة وتجارة, وكان الإسلام قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَيْنَبَ، إِلا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ لا يَقْدِرُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ يونس، عَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْر بْن حزم قَالَ: خرج أَبُو العاص تاجرًا إلى الشام، وكان رجلًا مأمونًا, فكانت معه بضائع لقريش, فأقبل فلقيته سريةٌ للنّبيّ -صلى الله عليه وسلم، فاستاقوا عِيرَه وهرب, وقدِموا عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما أصابوا فقسمه بينهم, وأتى أَبُو العاص حتى دخل عَلَى زينب فاستجار بِهَا، وسألها أن تطلب لَهُ من رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ردّ ماله عَلَيْهِ, فَدَعَا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السَّريَّة فقال لهم: "إنّ هذا الرجل منا حيث قد علمتم, وقد أصبتم لَهُ مالًا ولغيره ممن كَانَ معه، وهو فَيْءٌ، فإنْ رأيتم أن تردّوا عَلَيْهِ فافعلوا، وإنْ كرهتم فأنتم وحقّكم". قَالُوا: بل نردّه عَلَيْهِ. فردُّوا والله عَلَيْهِ ما أصابوا، حتى إنّ الرجل ليأتي بالشّنَّة، والرجل بالإِداوة وبالجبل, ثُمَّ خرج حتى قدِم مكة، فأدّى إلى النّاس بضائعهم, حتى إذا فرغ قَالَ: يا معشر قريش، هَلْ بقي لأحدٍ منكم معي مال؟ قَالُوا: لا فجزاك الله خيرًا. فَقَالَ أما والله ما منعني أن أسلم قبل أن أقدِم عليكم إلّا تخوُّفًا أن تظنُّوا أَنّي إنّما أسلمت لأذهب بأموالكم, فإنّي أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله. وأما موسى بْن عُقْبة فذكر أنّ أموال أَبِي العاص إنّما أخذها أَبُو بَصير فِي الهدنة بعد هذا التاريخ. وقال ابن نُمَيْر، عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، عَنِ الشَّعبيّ، قَالَ قدِم أَبُو العاص من الشّام ومعه أموال المشركين, وقد أسلمت امرأته زينب وهاجَرَت. فقيل لَهُ: هَلْ لك أن تُسْلم وتأخذ هذه الأموال التي معك؟ فقال: بئس ما أبدأ بِهِ إسلامي أن أخون أمانتي. وكفلت عَنْهُ امرأته أن يرجع فيؤديّ إلى كلّ ذي حقٍ حقَّه؛ فيرجع ويُسْلم, ففعل, وما فرَّق بينهما، يعني النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ أَنْ خُذِي لِي أَمَانًا مِنْ أَبِيكِ. فَأَطْلَعَتْ رَأْسَهَا مِنْ بَابِ حُجْرَتِهَا، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الصُّبْحِ، فَقَالَتْ: أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الصَّلاةِ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لا علم لي بِهَذَا حَتَّى سَمِعْتُمُوهُ، أَلا وَإِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الناس أدناهم".

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَدَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَتَهُ عَلَى أَبِي الْعَاصِ عَلَى النِّكَاحِ الأَوَّلِ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ -وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَدَّهَا بِمَهْرٍ جَدِيدٍ وَنِكَاحٍ جَدِيدٍ. قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقَرَّهَا عَلَى النِّكَاحِ الأَوَّلِ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ أَبَا الْعَاصِ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ مُسْلِمًا، فَلَمْ يشهد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مَشْهَدًا, ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، فُتُوفِّيَ في آخر سنة اثنتي عشرة.

_ 1 تقدم ذلك في "غزوة بدر".

سرية عبد الله بن رواحة

سَرِيَّةٌ عبدِ الله بْن رَوَاحة: إلى أُسَيْر بْن زارم فِي شوّال: قِيلَ إنّ سلّام بْن أَبِي الحُقَيْق لما قُتِل أَمَّرَتْ يهود عليهم أُسَيْر بْن رازم فسار فِي غَطَفان وغيرهم يجمعهم لحرب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فوجَّه رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَ رَوَاحة فِي ثلاثة سرًّا، فسأل عن خبره وغرته فأخبر بذلك, فقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبره, فندب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاثين رجلًا، فبعث عليهم ابن رَوَاحة. فقدموا عَلَى أُسَيْر فقالوا: نَحْنُ آمنون نعرض عليك ما جئنا لَهُ؟ قَالَ: نعم، ولي منكم مثل ذَلِكَ. فقالوا: نعم. فقالوا: أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَنَا إليك لتخرج إِلَيْهِ فيستعملُك عَلَى خيبر ويُحسن إليك. فطمع فِي ذَلِكَ فخرج، وخرج معه ثلاثون من اليهود، مَعَ كلّ رجلٍ رديفٍ من المسلمين. حتى إذا كانوا بقَرْقَرَة ثِبار1 ندم أُسَيْر فقال عَبْد الله بْن أنيسَ -وكان فِي السَرِيَّةٌ: وأهوى بيده إلى سيفي ففطِنْتُ لَهُ ودفعت بعِيري وقلت: غدرًا، أي عدوّ الله. فعل ذَلِكَ مرّتين. فنزلت فسقت بالقوم حتى انفردت إلى أُسَيْر فضربته بالسيف فأندرتُ عامة فخذه، فسقط وبيده مخرش فضربني فشجّني مأمومة2، ومِلنا عَلَى أصحابه فقتلناهم، وهرب منهم رَجُل. فقدِمْنا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "لقد نجاكم الله من القوم الظالمين".

_ 1 قرقرة ثبار: موع على ستة أميال من خيبر. 2 الشجة المأمومة: هي الشجة التي بلغت أم الرأس.

قصة غزوة الحديبية

قصة غزوة الحديبية: وهي عَلَى تسعة أميال من مكة خرج إليها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذي القعدة سنة ستٍ. قاله نافع، وقَتَادة، والزُّهري، وابن إِسْحَاق، وغيرهم. وعُرْوة فِي مغازية، رواية أَبِي الأسود. وَتَفَرَّدَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ فِي رَمَضَانَ. وَكَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ فِي شَوَّالٍ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ هُدْبَةَ، عَنْ هَمَّامٍ، ثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ أَنَسًا أَخْبَرَهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة، إِلَّا الْعُمْرَةَ الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ: عُمَرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وعمرة من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. وَقَالَ الزهري، عن عروة، عن الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةِ مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ2 قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ مِنْهَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى -وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ- قَالَ: كُنَّا يَوْمَئِذٍ أَلْفًا وَثَلاثَمِائَةٍ, وَكَانَتْ أَسْلَمُ يَوْمَئِذٍ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ, وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. وَقَالَ حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3.

_ 1 أخرجه البخاري "2/ 198، 199" في كتاب "الحج"، ومسلم "1253" في كتاب "الحج". 2 ذو الحليفة: قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة، وهي ميقات أهل المدينة "معجم البلدان" "2/ 295". 3 أخرجه البخاري في كتاب "المغازي" "5/ 63"، ومسلم "1856" كتاب الإمارة.

وَخَالَفَهُ الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، أَصْحَابَ الشَّجَرَةِ. اتَّفَقَا أَيْضًا عَلَيْهِ1. وَكَأَنَّ جَابِرًا قَالَ ذَلِكَ عَلَى التَّقْرِيبِ, وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً كَامِلَةً تَزِيدُ عَدَدًا لَمْ يَعْتَبِرْهُ، أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً تَنْقُصُ عَدَدًا لَمْ يَعْتَبِرْهُ, وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ هَذَا كَثِيرًا، كَمَا تَرَاهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي سِنِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاعتبروا تَارَةً السَّنَةَ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا وَالَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا فَأَدْخَلُوهُمَا فِي الْعَدَدِ, وَاعْتَبَرُوا تَارَةً السِّنِينَ الْكَامِلَةَ وَسَكَتُوا عَنِ الشُّهُورِ الْفَاضِلَةِ. وَيُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: كَمْ كَانَ الَّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ؟ قَالَ: خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. قُلْتُ: إِنَّ جَابِرًا قَالَ: كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ: يَرْحَمُهُ اللَّهُ، وَهِمَ. هُوَ حَدَّثَنِي أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقْولُ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتُمْ خَيْرُ أهل الأرض". أتفقا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ. صَحِيحٌ3. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ: نَحَرْنَا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً، الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ. قُلْنَا لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ بِخَيْلِنَا وَرَجِلِنَا. وَكَذَلِكَ قَالَهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْمُسَيَّبُ بْنُ حَزْمٍ، مِن رِوَايَةِ قَتَادَةَ، عن سعيد، عن أبيه.

_ 1 السابق. 2 أخرجه البخاري "5/ 63". 3 أخرجه مسلم "1856" كتاب الإمارة.

وقال معمر، عن الزهري، عن عروة، عن الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ، قَالَا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةِ مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ, حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ, وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُخْبِرُهُ عَنْ قُرْيَشٍ, وَسَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِغَدِيرِ1 الْأَشْطَاطِ قَرِيبًا مِنْ عُسْفَانَ أَتَاهُ عَيْنُه الْخُزَاعِيُّ فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدْ جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشِيرُوا عَلَيَّ, أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ إِلَى ذَرَارِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ, فَإِنْ قَعَدُوا قَعَدُوا مَوتُورِينَ وَإِنْ لَجُّوا تَكُنْ عُنُقًا 2 قَطَعَهَا اللَّهُ؟ أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ"؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، إِنَّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ وَلَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنْ مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتَ قَاتَلْنَاهُ. قَالَ: فَرُوحُوا إذًا3. قال الزهري في الحديث: فراحوا، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن خَالِد بْن الوليد بالغميم 4 فِي خيلٍ لقُرَيْش طليعةً5 فخُذوا ذات اليمين". فَوَالله ما شعر بهم خَالِد حتى إذا هُمْ بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرًا لقريش. وسار النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى إذا كَانَ بالثنية التي يهبط عليهم منها بركتْ راحلتُه فقال النّاس: حَلْ حَلْ، فألحت، فقالوا: خلأت القصْواء خلأت القَصْواء. قَالَ: "فَرُوحُوا إذًا". قَالَ الزُّهري: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ما رَأَيْت أحدًا كَانَ أكثر مشاورة لأصحابه من رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ المِسْوَر ومروان فِي حديثهما: فراحوا، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن خَالِد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش" -رجع الحديث إلى موضعه- قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا خَلأت القصواء وما ذاك لَهَا بخُلُق، ولكن حبسها حابس الفيل" 6.

_ 1 غدير الأشطاط: على ثلاثة أميال من عسفان مما يلي مكة. 2 العنق: الجماعة من الناس. 3 أخرجه البخاري في "صحيحه" "5/ 67" كتاب "المغازي". 4 الغميم: موضع قريب من مكة بين رابغ والجحفة. 5 طليعة: مقدمة الجيش لاستكشاف العدو. 6 أخرجه البخاري في "صحيحه" "2731، 2732" في كتاب "الشروط".

ثُمَّ قَالَ: "والذي نفسي بيده لا يسألوني خطّة يعظّمون فيها حُرُمات الله إلّا أعطيتهم إيّاها". ثُمَّ زجرها فوَثَبَتْ بِهِ. قَالَ: فَعَدل حتى نزل بأقصى الحُدَيْبية عَلَى ثمد قليل الماء، نما يتبرّضه النّاس تبرُّضًا1، فلم يُلَبِّثْه النّاس أنْ نَزَحُوه، فشكوا إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العطش, فانتزع سهمًا من كِنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله مازال يجيش لهم بالرّيّ حتى صدروا عَنْهُ. فبينما هُمْ كذلك إذ جاءه بُدَيْل بْن وَرْقاء الخُزَاعي فِي نفرٍ من خُزاعة، وكانوا عَيْبَة نصح2 لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أهل تِهَامة. فقال: إنّي تركت كعبَ بْن لُؤَيّ وعامر بْن لُؤَيّ نزلوا أعداد مياهِ الحُدَيبية، معهم العُوذ المطافيل، وهم مُقاتلوك وصادُّوك عَنِ البيت. قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنا لم نجئ لقتال أحدٍ ولكّنا جئنا معتمرين، وإنّ قُريشًا قد نهكتهم الحرب وأضرَّتْ بهم فإنْ شاءوا مادَدْتُهُم مدَّةً ويُخَلُّوا بيني وبين النّاس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فِيهِ النّاس فعلوا، ولا فقد جَمُّوا 3، وإنْ هُمْ أبَوا فَوَالذي نفسي بيده لأقاتلّنهم عَلَى أمري هذا حتى تنفرد سالفتي 4 أو ليُنْفِذَنَّ الله أمْرَه". فقال بُدَيْلٌ: سأبلّغهم ما تَقُولُ. فانطلق حتى أتى قُرَيْشًا فقال: إنّا قد جئناكم من عند هذا الرجل وسمعناه يَقْولُ قولًا، فإنْ شئتم نعرضه عليكم فعلْنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا فِي أن تحدّثنا عَنْهُ بشيء. وقال ذَوُو الرأي منهم: هاتِ ما سَمِعْتُهُ. قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقْولُ كذا وكذا. فحدّثهم بما قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقام عُرْوة بْن مَسْعُود الثَّقَفي فقال: أي قوم أَلَسْتُم بالوالد؟ قالوا: بلى. قال: ألست بالولد؟ قَالُوا: بلى. قَالَ: هَلْ تتّهموني؟ قَالُوا: لا. قَالَ: ألستم تعلمون أنّي استنفرت أهل عُكاظ فلما بلّحُوا عليّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قَالُوا: بلى. قَالَ: فإنّ هذا قد عرض عليكم خطة رشد، فاقبلوها ودعوني آته. قالوا: ائته. فأتاه فجعل يكلّم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال نحوًا من قوله لبُدَيْلٍ. فقال: أي مُحَمَّد أرأيت إنْ استأصلت قومَك هَلْ سَمِعْتُ بأحدٍ من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وإنْ تكن الأخرى فَوَالله إني لأرى وجوهًا وأرى أَوْباشا من النّاس خلفًا أن يفروا ويدعوك. فقال له

_ 1 يتبرضه الناس تبرضًا؛ أي: يأخذونه قليلا قليلا. 2 عيبة نصح؛ أي خاصته وموضع سره. 3 جموا: استرحوا من جهد الحرب. 4 السالفة: صفحة العنق.

أَبُو بَكْر -رَضِيَ الله عَنْهُ: أَمْصَصْ بَظْرَ الّلات1؛ أنحن نفرّ عَنْهُ ونَدَعُهُ؟ قَالَ: من ذا؟ قَالَ: أَبُو بَكْر. قَالَ: والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أَجْزِك بِهَا لأجَبْتُك. قَالَ: وجعل يكلّم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلّما كلّمه أخذ بلحيته، والمُغيرة بْن شُعبة قائمٌ عَلَى رَأْسِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ السيف وعليه المغفر، فكلّما أهوى عُرْوة إلى لحية النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضرب يده بنَعْل السّيف وقال: أخِّرْ يدك. فرفع رأسه فقال: من هذا؟ قَالُوا: المغيره بْن شُعبة. فقال: أي غدر، أوَ لست أسعى فِي غدرتك؟ قَالَ: وكان المغيرة صحب قومًا فِي الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثُمَّ جاء فَأَسْلَمَ فَقَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمّا الإِسلام فأقْبَل، وأما المال فلستُ منه فِي شيء". ثُمَّ إنّ عُرْوة جعل يَرْمُق صحابة النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَالله ما تَنَخَّم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُخامةً إلّا وقعت فِي كفّ رجلٍ منهم يدلك بِهَا وجهه وجلده، وإذا أمرهم بأمرٍ ابتدروه، وإذا توضأ ثاروا يقتتلون عَلَى وضوئه، وإذا تكلّم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون2 إِلَيْهِ النَّظَرَ تعظيمًا لَهُ, فرجع عُرْوة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك؛ وَفَدتُ عَلَى قَيْصر وكِسْرى والنَّجاشيّ، والله إنْ رَأَيْت ملكًا قطّ يعظّمه أصحابُه ما يعظّم أصحاب محمد وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضّأ كادوا يقتتلون عَلَى وضوئه، وإذا تكلّم خفضوا أصواتهم عنده، ولا يحدُّون إِلَيْهِ النّظر تعظيمًا له، وإنّه قد عرض عليكم خطّة رُشدٍ فاقبلوها. فقال رَجُل من بني كِنانة: دعوني آتِه. فقالوا: ائتِه. فلمّا أشرف عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هذا فلان وهو من قومٍ يعظِّمون البُدْن، فابعثوها لَهُ". فبُعِثَت لَهُ, واستقبله القوم يلبُّون, فلما رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يُصَدُّوا عَنِ البيت. فلما رجع إلى أصحابه قَالَ: رَأَيْت البُدْنَ قد قُلِّدت وأشْعِرَت، فما أرى أن يُصَدُّوا عَنِ البيت. فقام رَجُل منهم يقال لَهُ مِكْرَز بْن حفص فقال: دعوني آته. فقالوا: ائته. فلما أشرف عليهم قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هذا مِكْرَز وهو رجلٌ فاجر". فجعل يكلّم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فبينا هُوَ يكلّمه إذ جاء سُهَيْل بن عمرو3.

_ 1 امصص بظر اللات: يحقر شأن آلهة المشركين. 2 يحدون: يحدقون. 3 أخرجه البخاري في كتاب "الشروط" "2731-2732" بنحوه.

قَالَ مَعمَر: وَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا جَاءَ سُهَيْلٌ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ". قال الزهري في حديثه: فجاء سيهل بْن عَمْرو فقال: هات اكتب بيننا وبينك كتابًا. فدعا الكاتبَ فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أكتُبْ بسم الله الرَّحْمَن الرحيم". فقال سُهَيْل: أمّا الرَّحْمَن فَوَالله ما أدرى ما هُوَ، ولكن اكتب باسمك الّلهُمّ كما كنت تكتب. فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلّا بسم الله الرَّحْمَن الرحيم. فقال النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكتب باسمك الّلهمّ". ثُمَّ قَالَ: "هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ محمدٌ رَسُول اللَّهِ". فقال سُهَيْل: والله لو كنّا نعلم أنّك رَسُول اللَّهِ ما صدَدْناك عَنِ البيت ولا قاتَلْناك، ولكنْ أكتب مُحَمَّد بْن عَبْد الله. فقال النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنّي لَرَسُولُ اللَّهِ وإنْ كذَّبْتُموني، أكتب مُحَمَّد بْن عَبْد الله". قَالَ الزُّهري: وذلك لقوله: "لا يسألون خطّة يعظّمون فيها حُرُمات الله إلّا أعطيتهم إيّاها". فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى أنْ تُخَلُّوا بيننا وبين البيت فنطوف". فقال: والله لا تتحدث العرب أنّا أُخِذْنا ضغطة، ولكن ذَلِكَ من العام المقبل. فكتب. فقال سُهَيْل: عَلَى أنّه لا يأتيك منّا رَجُل وإنْ كَانَ عَلَى دينك إلّا رَدَدْتَه إلينا. فقال المسلمون: سبحان الله كيف يردّ إلى المشركين وقد جاء مسلمًا؟ فبينما هُمْ كذلك إذ جاء أَبُو جَنْدَلِ بْن سُهَيْل بْن عَمْرو يرسف فِي قيوده قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظْهُر المسلمين. فقال سُهَيْل: وهذا أول ما أقاضيك عَلَيْهِ أن تردّه. فقال النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنّا لم نقض الكتاب بعد". قال: فوالله إذًا لا نصالحك على شيء أبدًا. قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "فأجزه لي". قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: "بل، فافعل". قَالَ: ما انا بفاعل. قَالَ مِكْرَز: بلى قد أجزناه. قال أبو جندل: يا معاشر المسلمين أردُّ إلى المشركين وقد جئت مُسلِمًا، ألا تَرَوْن ما قد لقيت؟ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا فِي الله. فقال عُمَر: والله ما شَكَكْتُ منذ أسلمتُ إلّا يومئذٍ، فأتيت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ألستَ نبيَّ الله؟ قَالَ: "بلى". قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قَالَ: "بلى". قلت: فلم نُعْطي الدَّنِيَّة فِي ديننا إذًا؟ قَالَ: "إنّي رَسُول اللَّهِ ولست أعصيه وهو ناصري". قلت: أوَلستَ كنت تحدّثنا أنّا سنأتي البيتَ فنطوف حقًّا؟ قَالَ: "بلى،

أفأخبرتك أنّك تأتيه العام"؟ قلت: لا. قَالَ: "فإنّك آتيه ومُطَوِّف بِهِ". قَالَ: فأتيت أَبَا بَكْر فقلت: يا أَبَا بَكْر أليس هذا نبيّ الله حقًا؟ قَالَ: بلى. قلت: أَلَسنا عَلَى الحقّ وعدوّنا عَلَى الباطل؟ قَالَ: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيّها الرجل إنّه رَسُول اللَّهِ وليس يعصي الله وهو ناصره، فاستمسك بغَرْزه حتى تموت, فَوَالله إنّه لَعَلَى الحقّ. قلت: أَوَ لَيْسَ كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قَالَ: بلى فأخبرك أنّك تأتيه العام؟ قلت: لا. قَالَ: فإنّك آتيه ومُطَوِّف بِهِ. قَالَ: الزهري. قال عمر: فعملت لذلك أعمالًا1. فلما فرغ من قضيّة الكتاب قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قوموا فانحَرُوا ثُمَّ احلِقوا". قَالَ: فَوَالله ما قام منهم رجلٌ حتى قَالَ ثلاث مرّات. فلما لم يقم منهم أحد، قام فدخل عَلَى أَم سَلَمَةَ فذكر لَهَا ما لقي من النّاس. فقالت: يا نبيّ الله أتحبّ ذَلِكَ؟ اخرج ثُمَّ لا تكلّم أحدًا كلمةً حتى تنحر بُدْنك، ثُمَّ تدعو بحالقك فيحلقك. فقام فخرج فلم يكلّم أحدًا حتى فعل ذَلِكَ, فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضُهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غَمًّا2. ثُمَّ جاء نسوةٌ مؤمنات، وأنزل الله: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حتى بلغ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] . فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له من الشِّرْك، فتزوّج إحداهما معاويةُ، والأخرى صَفْوان بْن أُمّية3. ثُمَّ رجع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المدينة، فجاءه أَبُو بصير، رجلٌ من قريش، وهو مُسْلِم، فأرسلوا فِي طلبه رجلين فقالوا: العهد الَّذِي جعلت لنا. فدفعه إلى الرجلين، فخرجا بِهِ حتى بلغا بِهِ ذا الحُلَيْفة، فنزلوا يأكلون من تمرٍ لهم. فقال أَبُو بصير لأحد الرَّجلين: والله إنّي لأرَى سيفك هذا جيّدًا جدًّا فاسْتَلَّه الآخر فقال: أجل والله إنّه لجيّد لقد جرَّبتُ بِهِ ثُمَّ جرَّبت. فقال أَبُو بصير: أرني إِلَيْهِ. فأمكنه منه فضربه حتى بَرَد. وفرّ الآخر حتى بلغ المدينة فدخل المسجد يعدو، فقال للنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُتل والله صاحبي وإنّي لَمَقْتُول. قَالَ: فجاء أَبُو بَصِير, فقال: يا نبيّ الله قد أوفى الله ذمَّتك، والله قد رَدَدْتني إليهم ثُمَّ أنجاني الله بسيفهم. فقال النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ويْلُ أُمِّهِ مِسعرُ حرب

_ 1 أخرجه البخاري "5/ 388-392" كتاب "الشروط". 2 أخرجه البخاري "3181" الجزية، وفي المغازي "4189"، ومسلم "1875/ 95" الجهاد. 3 أخرجه البخاري في "صحيحه" "3/ 182".

لو كَانَ لَهُ أحد". فلما سَمِعَ ذَلِكَ عرف أَنَّهُ سيردّه إليهم. فخرج حتى أتى سيف البحر. وينفلت منهم أَبُو جَنْدَل بْن سُهَيْل فلحق بابي بصير، فلا يخرج من قريش رَجُل قد أسلم إلّا لحِق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة. قَالَ: فوالله لا يسمعون بعيرٍ لقريش خرجت إلى الشام إلّا اعترضوا لَهَا فقتلوهم وأخذوا أموالهم. فأرسلت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تناشدُه الله والرَّحِم لما أرسل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمن. فأرسل النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليهم فأنزل: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} حتى بلغ: {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24-26] . وكانت حَمِيَّتُهم أنَّهم لم يُقرُّوا بنبيّ الله ولم يُقِرُّوا ببسم الرَّحْمَن الرحيم، وحالوا بينهم وبين الموت. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ، عَنِ الْمُسْنِدِي، عَنْ عَبْد الرزّاق، عَنْ مَعْمَر، بطُوله1. وَقَالَ قُرَّةُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ يَصْعَدِ الثَّنِيَّةَ، ثِنَّيةَ الْمُرَارِ 2، فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مَا حُطَّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ". فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَ خَيْلُ بَنِي الْخَزْرَجِ. ثُمَّ تَبَادَرَ النَّاسُ بَعْدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ". فَقُلْنَا: تَعَالَ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: وَاللَّهِ لَأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي صَاحِبُكُمْ. وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ يَنْشُدُ ضَالَّةً. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ. كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ، فَنَزَحْنَاهَا فَمَا تَرَكْنَا فِيهَا قَطْرةً. فبلغ ذلك النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَاهَا فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَدَعَا ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا فَتَرَكَهَا غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا. أَخْرَجَهُ خ4. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحُدَيْبِيَةَ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً ما ترويها.

_ 1 أخرجه البخاري "3/ 178-183" كتاب "الشروط". 2 ثنية المرار: من نواحي مكة وهي مهبط الحديبية. 3 أخرجه مسلم "2880" كتاب: المنافقين. 4 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 62".

فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى جَبَاهَا، فَإِمَّا دَعَا وَإِمّا بَزَقَ فِيهَا فَجَاشَتْ فَسَقَتْنَا وَأُسْقِينَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مِسْوَرٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَنَّهُمَا قَالا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ يُرِيدُ زِيَارَةَ الْبَيْتِ، لا يُرِيدُ قِتَالا. وَسَاقَ مَعَهُ لِلْهَدْيِ سَبْعِينَ بَدَنَةً، وَكَانَ النَّاسُ سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ، فَكَانَتْ كُلُّ بَدَنَةٍ عَنْ عَشَرَةِ نَفَرٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِيمَا بَلَغَنِي يَقُولُ: كُنَّا أَصْحَابَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قلت: قد ذكرنا عَنْ جماعةٍ من الصّحابة كقول جَابِر. ثُمَّ ساق ابن إِسْحَاق، حديث الزُّهري بطُوله، وفيه ألفاظٌ غريبة، منها: وجعل عُرْوَة بن مَسْعُود يكلّم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمُغيرَةُ واقفٌ عَلَى رَأْسِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الحديد. قَالَ: فجعَلَ يقرع يد عُرْوَةَ إذا تناول لحيَةَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويقول: أكفُفْ يدك عَنْ لحية رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أن لَا تصل إليك. فيقول عُرْوَة: وَيْحك ما أفَظَّكَ وأغلظَكَ. قال: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ عُرْوَة: من هذا يا مُحَمَّد؟ قَالَ: "هذا ابن أخيك المُغِيرة بْن شُعبة". قَالَ: أي غدر، وهل غَسَلْتَ سَوْءَتَك إلّا بالأمس؟ قَالَ ابن هشام: أراد عُرْوَة بقوله هذا أنّ المُغيرة قبْل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلًا من بني مالك من ثقيف؛ فتهايج الحيان من ثقيف: بنو مالك رَهط المقتولين والأحلاف رَهط المُغيرة فَوَدَى عُرْوَة المقتولين ثلاث عشرة دِيَة، وأصلح الأمر. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، قَالَ عُرْوَةُ: وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ مِنْ مَكَّةَ، فَسَبَقُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَلْدَحٍ وَإِلَى الْمَاءِ، فَنَزَلُوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَدْ سُبِقَ نَزَلَ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ، وَذَلِكَ فِي حَرِّ شَدِيدٍ وَلَيْسَ بِهَا إِلا بِئْرٌ وَاحِدَةٌ، فَأَشْفَقَ الْقَوْمُ مِنَ الظَّمَإِ وَهُمْ كَثِيرٌ، فَنَزَلَ فِيهَا رِجَالٌ يَمْتَحُونَهَا، وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ فِي الدَّلْوِ وَمَضْمَضَ فَاهُ ثُمَّ مَجَّ فِيهِ، وَأَمَرَ أَنْ يُصَبَّ فِي الْبِئْرِ، وَنَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَأَلْقَاهُ فِي الْبِئْرِ وَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى، فَفَارَتْ بِالْمَاءِ حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها، وهم

_ 1 أخرجه مسلم "1807" كتاب الجهاد والسير.

جُلُوسٌ عَلَى شَفَتِهَا. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَلَكَ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّتِي بَلَغَهُ أَنَّ قُرَيْشًا بِهَا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ رَجُلا مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَسَلَكَ بِهِمْ طَرِيقًا وَعْرًا أَجْرَلَ1 بَيْنَ شِعَابٍ، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْهُ وَقَدْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَفْضَوْا إِلَى أَرْضٍ سَهْلَةٍ عِنْدَ مُنْقَطَعِ الْوَادِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُولُوا: نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ". فَقَالُوا ذَلِكَ. فَقَالَ: "وَاللَّهِ إِنَّهَا لَلْحِطَّةُ 2 الَّتِي عُرِضَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَقُولُوهَا". قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ فَقَالَ: "اسْلُكُوا ذَاتَ الْيَمِينِ". بين ظهري المحمص فِي طَرِيقٍ تُخْرِجُهُ عَلَى ثَنِيَّةِ الْمُرَارِ، مَهْبِطِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ, فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ قَتَرَةَ الْجَيْشِ قَدْ خَالَفُوا عَنْ طَرِيقِهِمْ رَكَضُوا رَاجِعِينَ إِلَى قُرَيْشٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: كنا ألفًا وخمس مائة. وَذَكَرَ عَطَشًا أَصَابَهُمْ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ3 فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ، فَجَعَلَ الْمَاءَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَنَّهُ الْعُيُونُ، فَشَرِبْنَا وَوَسِعَنَا وَكَفَانَا، وَلَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُصَيْنٍ4. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ قَالَ: قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: غَزَوْنَا أَوْ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ فِي الْقَوْمِ مِنْ طَهُورٍ"؟ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْعَى بِإِدَاوَةٍ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ مَاءٌ غَيْرُهُ، فَصَبَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَدَحٍ ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَتَرَكَ الْقَدَحَ. قَالَ: فَرَكِبَ النَّاسُ ذَلِكَ الْقَدَح وَقَالُوا: تمسحوا تمسحوا. فقال

_ 1 أجرل: صلب غليظ. 2 يعني في قوله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البقرة: 85] . قال الحسن: "حطة" بمعنى حط ذنوبنا. "تفسير القرطبي" "1/ 385"؛ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة يغفر لكم خطاياكم، فبدلوا فدخلوا الباب يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعرة". أخرجه البخاري في "التفسير" "4641". 3 التور: إناء للشرب. 4 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 63".

رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكْمُ". حِينَ سَمِعَهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ. قَالَ: فَوَضَعَ كَفَّهُ فِي الْمَاءِ وَالْقَدَحِ وَقَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ". ثُمَّ قَالَ: "أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ". فَوَالَّذِي ابْتَلانِي بِبَصَرِي لَقَدْ رَأَيْتُ الْعُيُونَ عُيُونَ الْمَاءِ تَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَرْفَعْهَا حَتَّى تَوَضَّئُوا أَجْمَعُونَ. رَوَاهُ مُسَدَّدٌ عَنْهُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْعِجْلِيُّ، ثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خرجنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةٍ، فَأَصَابَنَا جَهْدٌ، حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا. فَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَمَعْنَا مَزَاوِدَنَا1 فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعًا2، فَاجْتَمَعَ زَادُ الْقَوْمِ عَلَى النِّطَعِ. فتطاولت لأحزركم هُوَ؟ فَحَزَرْتُهُ كَرِبْضَةِ الْعَنْزِ3 وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ: فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا. ثُمَّ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ مِنْ وَضُوءٍ"؟ فَجَاءَ رَجُلٌ بِإِدَاوَةٍ لَهُ، فِيهَا نُطْفةٌ فَأَفْرَغَهَا فِي قدح. فتوضأنا كلنا، ندغفقه دغفقة4، أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ: ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ فَقَالُوا: هَلْ مِنْ طَهُورٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَرِغَ الْوُضُوءُ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ5. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لما رجع رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ كَلَّمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا: جَهَدْنَا وَفِي النَّاسِ ظَهْرٌ فَانْحَرْهُ. فَقَالَ عُمَرُ: لا تَفْعَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ النَّاسَ إِنْ يَكُنْ مَعَهُمْ بَقِيَّةُ ظَهْرٍ أَمْثَلَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْسُطُوا أَنْطَاعَكُمْ وَعَبَاءَكُمْ". فَفَعَلُوا, ثُمَّ قَالَ: "مَنْ كَانَ عِنْدَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ زَادٍ وَطَعَامٍ فَلْيَنْثُرْهُ". وَدَعَا لَهُمْ ثُمَّ قَالَ: "قَرِّبُوا أَوْعِيَتَكُمْ". فَأَخَذُوا مَا شَاءَ اللَّهُ. يُحَدِّثُهُ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ قَالَ أَصْحَابُهُ: لَوِ انْتَحَرْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ ظُهُورِنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لحومها وشحومها وحسونا

_ 1 المزاود: الأوعية. 2 النطع: بساط من الجلد. "المعجم الوجيز" "621". 3 ربضة العنز: أي قدر جسمها إذا ربضت. وربضت الغنم وغيرها من الدواب: طوت قوائمها ولصقت بالأرض وأقامت. "المعجم الوجيز" "251". 4 رغفقة الماء صبة بكثره. 5 أخرجه مسلم "1729": كتاب اللقطة.

مِنَ الْمَرَقِ أَصْبَحْنَا غَدًا إِذَا عَدَوْنَا عَلَيْهِمْ وَبِنَا جُمَامٌ. قَالَ: لا، وَلَكِنِ ائْتُونِي بِمَا فَضَلَ مِنْ أَزْوَادِكُمْ. فَبَسَطُوا أَنْطَاعًا ثُمَّ صَبُّوا عَلَيْهَا فُضُولَ أَزْوَادِهِمْ. فَدَعَا لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْبَرَكَةِ، فَأَكَلُوا حَتَّى تَضَلَّعُوا شِبَعًا، ثُمَّ لَفَّفُوا فُضُولَ مَا فَضَلَ مِنْ أَزْوَادِهِمْ فِي جُرُبِهِمْ. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَانَتْ صَلاةُ الْعَصْرِ وَالْتَمَسُوا الْوُضُوءَ، فَلَمْ يَجِدُوهُ. فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَهُ فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ. قَالَ: فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ. فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثَنَا ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا بِمَاءٍ فَأُتِيَ بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَتَوَضَّئُونَ. فَحَزَرْتُ مَا بَيْنَ السَّبْعِينَ إِلَى الثَّمَانِينَ مَنْ تَوَضَّأَ مِنْهُ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمَاءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ: نَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ إِلَى أَهْلِهِ يَتَوَضَّأَ وَبَقِيَ قَوْمٌ. فَأُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ1 أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ. قُلْنَا: كَمْ هُمْ؟ قَالَ: ثَمَانُونَ وَزِيَادَةٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَجَاءَ أَنَّهُمْ كَانُوا بِقُبَاءٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ بِالزَّوْرَاءِ مَعَ أَصْحَابِهِ يَتَوَضَّئُونَ. فَوَضَعَ كَفَّهُ فِي الْمَاءِ، فَجَعَلَ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا. فَقُلْنَا لِأَنَسٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: زُهَاءُ ثلاثمائة. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالْبُخَارِيُّ أَيْضًا بِمَعْنَاهُ، وَالزَّوْرَاءُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِيُّ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلا مِنْهُ: فَوَضَعَ كَفَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَاءِ فَرَأَيْتُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ عَيْنًا تفور.

_ 1 المخضب: إناء. 2 أخرجه البخاري "1/ 57" كتاب: الوضوء.

فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلا أَنْ أَسْتَحْيِيَ مِنْ رَبِّي لَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا". عَبْدُ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ. وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى الْبَرَكَةِ فِي الْمَاءِ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نَأْكُلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحن نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ1. وَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: " حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ". حَتَّى تَوَضَّأْنَا كُلُّنَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بإناء من ماء، فجعل أصابعه فِي فَمِ الإِنَاءِ وَفَتَحَ أَصَابِعَهُ، فَرَأَيْتُ الْعُيُونَ تَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ فِي نُزُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحُدَيْبِيَةِ: فَزِعَتْ قُرَيْشٌ لِنُزُولِهِ عَلَيْهِمْ، فَأَحَبَّ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ رَجُلا. فَدَعَا عُمَرَ لِيَبْعَثَهُ فَقَالَ: إِنِّي لا آمَنُهُمْ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ يَغْضَبُ لِي، فَأَرْسِلْ عُثْمَانَ فَإِنَّ عَشِيرَتَهُ بِهَا. فَدَعَا عُثْمَانَ فَأَرْسَلَهُ وَقَالَ: "أَخْبِرْهُمْ أَنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ، وَادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ". وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ رِجَالا بِمَكَّةَ مُؤْمِنِينَ وَنِسَاءً مُؤْمِنَاتٍ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَيُبَشِّرُهُمْ بِالْفَتْحِ, فَانْطَلَقَ عُثْمَانُ فَمَرَّ عَلَى قُرَيْشٍ بِبَلْدَحٍ, فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: إِلَى أَيْنَ؟ فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْكُمْ لأَدْعُوَكُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَيُخْبِرُكُمْ أَنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ وَإِنَّمَا جِئْنَا عَمَّارًا. فَدَعَاهُمْ عُثْمَانُ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالُوا: قَدْ سَمِعْنَا مَا تَقُولُ فَانْفُذْ لِحَاجَتِكَ. وَقَامَ إِلَيْهِ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَرَحَّبَ بِهِ وَأَسْرَجَ فَرَسَهُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ عُثْمَانَ فَأَجَارَهُ، وَرَدَفَهُ أَبَانٌ حَتَّى جَاءَ مَكَّةَ, ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا بَعَثُوا بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ؛ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَالصُّلْحَ. وَذَكَرَ أَنَّهُمْ أَمِنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَتَزَاوَرُوا. فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، وَطَوَائِفُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُشْرِكِينَ، إِذْ رَمَى رَجُلٌ رَجُلا مِنَ الْفَرِيقِ الآخَرِ, فَكَانَتْ مُعَارَكَةٌ، وَتَرَامَوْا بِالنَّبْلِ وَالْحِجَارَةِ. وَصَاحَ الْفَرِيقَانِ وَارْتَهَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ فِيهِمْ، فَارْتَهَنَ الْمُسْلِمُونَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُهُ، وَارْتَهَنَ المشركون عثمان وغيره.

_ 1 تسبيح الحصى في يده الشريفة ثبت في "صحيح البخاري".

وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْبَيْعَةِ. وَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلا إِنَّ الْقُدُسَ1 قَدْ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ تَحْتِ الشَّجْرَةِ، فَبَايَعُوهُ عَلَى أَنْ لا يَفِرُّوا أَبَدًا. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا، وَفِيهَا: فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ وَهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: خَلَصَ عُثْمَانُ مِنْ بَيْنِنَا إِلَى الْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَظُنُّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ وَنَحْنُ مَحْصُورُونَ". قَالُوا: وَمَا يَمْنَعُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ خَلَصَ؟ قَالَ: "ذَلِكَ ظَنِّي بِهِ أَنْ لا يَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ حَتَّى يَطُوفَ مَعَنَا". فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ عُثْمَانُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: اشْتَفَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ؟ فَقَالَ: بِئْسَ مَا ظَنَنْتُمْ بِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ مَكَثْتُ بِهَا مُقِيمًا سَنَةً وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقِيمٌ بِالْحُدَيْبِيَةِ مَا طُفْتُ بِهَا حَتَّى يَطُوفَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقْد دَعَتْنِي قُرَيْشٌ إِلَى الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ فَأَبَيْتُ. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ: "لا نَبْرَحُ حَتَّى نُنَاجِزَ الْقَوْمَ". فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ, فَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ, فَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ: بَايَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمَوْتِ2، وَكَانَ جَابِرٌ يَقُولُ: لَمْ يُبَايِعْنَا عَلَى الْمَوْتِ وَلَكِنْ بَايَعَنَا عَلَى أَنْ لا نَفِرَّ3. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وَقَالَ: "هَذِهِ لِي وَهَذِهِ لِعُثْمَانَ إِنْ كَانَ حَيًّا" 4. ثُمَّ بَلَغَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَرَجَعَ عُثْمَانُ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ بَيْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَدٌ إِلا الْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ. قَالَ جَابِرٌ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ لاصِقًا بِإِبْطِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ ضَبَأَ إليها5 يستتر بها من الناس.

_ 1 القدس: هو جبريل -عليه السلام. 2 قال يزيد بن أبي عبيد: قلت لسلمة بن الأكوع: على أي شيء بايعتم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الحديبية؟ قال: "على الموت". أخرجه البخاري في المغازي "4169"، ومسلم "1860" في الإمارة. 3 أخرجه مسلم "1856/ 67" في الإمارة، والترمذي "1594" في السير، وقال: حسن صحيح. 4 أخرجه البخاري "3698"، وانظر أطرافه عند رقم "3130"، وأحمد "2/ 101, 120" من حديث ابن عمر. 5 ضبأ إليها: لجأ واختبأ.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ الْبَجَلِيُّ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ -وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ قَالَهُ النَّسَائِيُّ- عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ كَانَ عُثْمَانُ قَدْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَكَّةَ. فَبَايَعَ النَّاسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ عُثْمَانَ فِي حَاجَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى فَكَانَتْ يَدُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعثمان خَيْرًا مِنْ أَيْدِيهِمْ لأَنْفُسِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا الزُّبَيْرُ، سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: لَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ وَجَدْنَا رَجُلا مِنَّا يُقَالُ لَهُ: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ مُخْتَبِئًا تَحْتَ إِبْطِ بَعِيرٍ. أخرجه مسلم من حديث ابن جريج، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ. وَبِهِ: قَالَ لَمْ نُبَايِعِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمَوْتِ، وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لا نَفِرَّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَقَالَ: فَبَايَعْنَاهُ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- آخِذٌ بِيَدِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَهِيَ سَمُرَةُ. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَعْرَجِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ الشَّجَرَةِ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُبَايِعُ النَّاسَ وَأَنَا رَافِعٌ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا عَنْ رَأْسِهِ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لا نَفِرَّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا دَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ كَانَ أَوَّلَ مَنِ انْتَهَى إِلَيْهِ أَبُو سِنَانٍ الأَسْدِيُّ فَقَالَ: أَبْسِطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلامَ تُبَايِعُنِي"؟ قَالَ: عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ2. وَقَالَ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو عَاصِمٍ -وَاللَّفْظُ لَهُ- عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ, فَلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قال: "يابن الْأَكْوَعِ أَلَا تُبَايِعُ"؟ قُلْتُ قَدْ بَايَعْتُ يَا رسول الله. قال: "وأيضًا". فبايعته الثانية.

_ 1 تقدم تخريجه قبل قليل. 2 قلت: والبيعة تجمع كل ما تقدم. قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 118": "إن المبايعة فيها مطلقة، وقد أخبر سلمة بن الأكوع، وهو ممن بايع تحت الشجرة أنه بايع على الموت، فدل ذلك على أنه لا تنافي بين قولهم بايعوه على الموت، وعلى عدم الفرار، لأن المراد بالمبايعة على الموت أن لا يفروا ولو ماتوا، وليس المراد أن يقع الموت ولا بد". ا. هـ.

فَقُلْتُ لِسَلَمَةَ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ عَلَى أَيِّ شيء كنتم تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ, وَقَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا إِلَى الْبَيْعَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ، فَبَايَعْتُهُ أول الناس وبايع وبايع حتى إذا فِي وَسَطِ النَّاسِ قَالَ: "بَايِعْنِي يَا سَلَمَةُ". فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَايَعْتُكَ. قَالَ: "وأيضًا". قال: ورآني غزلا فَأَعْطَانِي حَجَفَةً أَوْ دَرَقَةً. ثُمَّ بَايَعَ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ قَالَ: "أَلَا تُبَايِعْ"؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَايَعْتُكَ فِي أَوَّلِ النَّاسِ وَأَوْسَطِهِمْ. قَالَ: "وَأَيْضًا". فَبَايَعْتُ الثَّالِثَةَ. فَقَالَ: "يَا سَلَمَةُ أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ"؟ قُلْتُ: لَقِيَنِي عَامِرٌ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهُ. فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ: "أنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الْأَوَّلُ: اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي". ثُمَّ إِنَّ مُشْرِكِي مَكَّةَ رَاسَلُونَا بِالصُّلْحِ حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ فَاصْطَلَحْنَا. وَكُنْتُ خَادِمًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَسْقِي فَرَسَهُ وَأَحُسُّهُ وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِ, وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ, فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا فَاضَّطَجَعْتُ فِي ظِلِّهَا, فَأَتَانِي أَرْبَعةٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَبْغَضْتُهُمْ، فَتَحَوَّلَتْ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى، فَعَلَّقُوا سِلَاحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا, فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي: يَا لِلْمُهَاجِرِينَ، قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ. فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي فَشَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ، فَأَخَذْتُ سِلَاحَهُمْ فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا فِي يَدِي، ثُمَّ قُلْتُ، وَالَّذِي كرم وجه محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه. ثم جئت بهم أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِرَجُلٍ مِنَ الْعَبَلَاتِ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزٌ يَقُودُهُ مُجَفَّفًا حَتَّى وَقَفْنَا بِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَبْعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ. وَقَالَ: "دَعُوهُمْ، يَكُونُ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ". فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُنْزِلَتْ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} [الفتح: 24] الآية. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رِجَالا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ قِبَلِ جَبَلِ التَّنْعِيمِ لِيُقَاتِلُوهُ. قَالَ: فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخْذًا، فَأَعْتَقَهُمْ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} الآية، أخرجه مسلم.

_ 1 أخرجه مسلم "1807" في الجهاد والسير.

وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَدْ تَفَرَّقُوا فِي ظِلالِ الشَّجَرِ, فَإِذَا النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ -يَعْنِي: عُمَرَ- يَا عَبْدَ اللَّهِ انْظُرْ مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَوَجَدَهُمْ يُبَايِعُونَ، فَبَايَعَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ، فَخَرَجَ فَبَايَعَ. أَخْرَجَهُ خ1 فَقَالَ: وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: ثنا الْوَلِيدُ. قُلْتُ: وَرَوَاهُ دُحَيْمٌ، عَنِ الْوَلِيدِ. قُلْتُ: وَسُمِّيَتْ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18] . قَالَ أَبُو عَوَانة، عَنْ طارق بْن عَبْد الرَّحْمَن، عَنْ سَعِيد بْن المسيّب قَالَ: كَانَ أَبِي ممّن بايع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ الشجرة، قَالَ: فانطلقنا فِي قابلٍ حاجّين، فخفي علينا مكانُها، فإنْ كانت تبيَّنتْ لكم فأنتم أعلم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وقال ابن جريج: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ مُبَشِّرٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ: "لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا أَحَدٌ". قلت: بلى يا رسول الله، فَانْتَهَرَهَا، فَقَالَتْ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ، فَقَالَ: قَدْ قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72] . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْحَافِظِ بْنِ بَدْرَانَ، أَخْبَرَكُمْ مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالا: أَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نا الْعَلاءُ بْنُ مُوسَى إِمْلاءً، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الَمكِّيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ النَّارَ". أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ4.

_ 1 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 69". 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 65"، ومسلم "1859" في الإمارة. 3 أخرجه مسلم "2496" في فضائل الصحابة. 4 أخرجه أحمد بلفظ: "لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة". قال الألباني في "صحيح الجامع" "7680": صحيح.

وَقَالَ قُتَيْبَةُ: نَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَشْكُو حَاطِبًا, قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا فَإنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ". وَقَالَ يُونُسُ بْن بُكَيْر، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حدثني الزهري، عن عروة، عَنِ المِسْوَر بْن مَخْرَمَة، ومروان في قصة الحديبية؛ قالا: فدعت قريش سُهَيْل بْن عَمْرو؛ قَالُوا: اذهب إلى هذا الرجل فصالحه ولا يكوننّ فِي صُلْحه إلّا أنْ يرجع عنّا عامَهُ هذا، لا تحدّث العربُ أنّه دخلها علينا عَنْوَةً. فخرج سُهَيْل من عندهم، فلما رآه رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلا قَالَ: "قد أراد القوم الصُّلْحَ حين بعثوا هذا الرجل". فوقع الصلح عَلَى أن توضع الحرب بينهما عشر سنين، وأن يخلُّوا بينه وبين مكة من العام المقبل، فيقيم بِهَا ثلاثًا، وأنه لا يدخلها إلّا بسلاح الراكب والسيوف فِي القِرَب، وإنّه من أتانا من أصحابك بغير إذْن ولِيِّه لم نردّه عليك، ومن أتاك منّا بغير إذنِ وليِّه رددته علينا، وأنّ بيننا وبينك عَيْبَةٌ مكفوفة1، وأنه لا إسلال ولا إغلال. وذكر الحديث. الإِسلال الخفية, وقيل: الغارة. وقيل: سلّ السيوف. والإِغلال: الغارة. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُشْرِكِي مَكَّةَ كَتَبَ كِتَابًا: "هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ". قَالُوا: لَو عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ نُقَاتِلْكَ. قَالَ لِعَلِيٍّ: "امْحُهُ". فَأَبَى، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ، وَكَتَبَ: "هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ". وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمُوا ثَلَاثًا، وَأَنْ لَا يَدْخُلُوا مَكَّةَ بِسِلَاحٍ إِلَّا جُلُبَّانَ السِّلَاحِ، يَعْنِي السَّيْفَ بِقِرَابِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ كَاتِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكْتُبْ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو". فَجَعَلَ عَلِيُّ يَتَلَكَّأُ وَيَأْبَى إِلَّا أَنْ يَكْتُبَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أكتب، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهَا تُعْطِيهَا وَأَنْتَ مُضْطَهَدٌ". فَكَتَبَ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله.

_ 1 عيبة مكفوفة: يريد أن الشر بينهم مكفوف. 2 أخرجه البخاري في "الصلح"، ومسلم في "الجهاد والسير".

وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ: نَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الْحُدَيْبِيَةِ، وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا, فَأَتَى عُمَرُ فَقَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: "بَلَى". قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: "بَلَى". قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي أَنْفُسِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمُ الله بيننا وبينهم؟ قال: "يابن الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ". فَانْطَلَقَ مُتَغَيِّظًا إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ الْقُرْآنَ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ إِيَّاهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ فَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: "نَعَمْ". فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عُرْوَة, عَنِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ قَالَا: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا حَتَّى أَتَى هَدْيَهُ فَنَحَرَ وَحَلَقَ فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَحَلَقَ بَعْضٌ وَقَصَّرَ بَعْضٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللهم اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ". فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَالْمُقَصِّرِينَ؟ فقال: "اللهم اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ". ثَلَاثًا, قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ: "وَلِلْمُقَصِّرِينَ" 1. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ له: لم ظاهر رسول لله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ وَاحِدَةً؟ فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا. وَقَالَ يُونُسُ -هُوَ ابْنُ بُكَيْرٍ- عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: حَلَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ كُلُّهُمْ غَيْرَ رَجُلَيْنِ؛ قَصَّرَا وَلَمْ يَحْلِقَا. أَبُو إِبْرَاهِيمَ مَجْهُولٌ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِبٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ". قَالَ رَجُلٌ: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ قَالَ: "وَالْمُقَصِّرِينَ". وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَحَرَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعُونَ بَدَنَةً فِيهَا جمل

_ 1 أخرجه البخاري "1814"، ومسلم "1201"، وأبو داود "1856"، والترمذي "953".

أَبِي جَهْلٍ، فَلَمَّا صُدَّتْ عَنِ الْبَيْتِ حَنَّتْ كَمَا تَحِنُّ إِلَى أَوْلادِهَا. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- أَهْدَى فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ جَمَلا كَانَ لأَبِي جَهْلٍ، فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ1 أَهْدَاهُ لِيَغِيظَ بِهِ قُرَيْشًا. وَقَالَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ, فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلا يَحْمِلَ سِلاحًا عَلَيْهَا إِلا سُيُوفًا، وَلا يُقِيمَ بِهَا إِلا مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كَمَا صَالَحَهُمْ, فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلاثًا، أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ مَالِكٌ عن أبي الزبير، عن جابر: نحرنا بالحديبية الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ. رَوَاهُ مسلم3.

_ 1 البرة: حلقة تكون في أنف البعير. 2 في كتاب الصلح "3/ 169". 3 أخرجه مسلم "1318" في "الحج".

نزول سورة الفتح

نزُولُ سُورة الفتح: قَالَ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ مَعَهُ لَيْلًا, فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي حَتَّى تَقَدَّمَتْ أَمَامَ النَّاسِ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فيَّ قُرْآنٌ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ. قَالَ: قُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فيَّ قُرْآنٌ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فسلمت عليه، فقال: "لقد أنزلت علي الليلة سورة هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس". ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 1-2] . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ؛ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، جَعَلَتْ نَاقَتُهُ تُثْقِلُ، فَتَقَدَّمْنَا، فَأُنْزِلَ عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} .

_ 1 في "المغازي" "5/ 66, 67".

وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ، قَالَ: فَتْحُ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: هَنِيئًا مَرِيئًا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكَ، فَمَا لَنَا؟ فَأُنْزِلَتْ: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي} [الفتح: 5] 1. قَالَ شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَحَدَّثْتُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِقَتَادَةَ فَقَالَ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا الثاني: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} ، فَعَنْ عِكْرِمَةَ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ هَمَّامٌ: ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَصْحَابُهُ مُخَالِطُو الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ، فَقَالَ: "نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا". فَلَمَّا تَلَاهَا قَالَ رَجُلٌ: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكَ مَا يَفْعَلُ بِكَ، فَمَاذَا يَفْعَلُ بِنَا؟ فَأُنْزِلَتْ الَّتِي بَعْدَهَا: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} . أَخْرَجَهُ مُسْلِم2. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عن الزهري، عن عروة، عن المسور، ومروان قَالا فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَاجِعًا. فَلَمَّا أَنْ كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْفَتْحِ. فَكَانَتِ الْقَضِيَّةُ فِي سُورَةِ الْفَتْحِ وَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ مِنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. فَلَمَّا أَمِنَ النَّاسُ وَتَفَاوَضُوا، لَمْ يُكلَّمْ أَحَدٌ بِالإِسْلامِ إِلا دَخَلَ فِيهِ, فَلَقَدْ دَخَلَ فِي تَيْنِكَ السَّنَتَيْنِ فِي الإِسْلامِ أَكْثَرُ مِمَّا كان فيه قبل ذلك. كان صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ فَتْحًا عَظِيمًا. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ؛ قَالُوا: وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الحديبيية رَاجِعًا. فَقَالَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا هَذَا بِفَتْحٍ؛ لَقَدْ صُدِدْنَا عَنِ الْبَيْتِ وَصُدَّ هَدْيُنَا، وَعَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحُدَيْبِيَةِ, وَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَرَجَا. فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْلُ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِفَتْحٍ. فَقَالَ: "بِئْسَ الْكَلامِ، هَذَا أَعْظَمُ الْفَتْحِ، لَقَدْ رَضِيَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَدْفَعُوكُمْ بِالرَّوَاحِ عَنْ بِلادِهِمْ وَيَسْأَلُونَكُمُ الْقَضِيَّةَ وَيَرْغَبُونَ إِلَيْكُمْ فِي الأَمَانِ، وَقَدْ رَأَوْا مِنْكُمْ ما كرهوا، وقد

_ 1 أخرجه البخاري ومسلم والترمذي في "التفسير" "3259"، وأحمد في "المسند" "3/ 173، 215"، وغيرهم. 2 أخرجه مسلم "1786" في "الجهاد والسير".

أَظْفَرَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَدَّكُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ مَأْجُورِينَ، فهذا أعظم الفتوح, أنسيتم يوم أحد، إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم؟ أَنَسِيتُمْ يَوْمَ الأَحْزَابِ، {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُم} "؟ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، هُوَ أَعْظَمُ الْفُتُوحِ وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ. وقال ابن أبي عَرُوبة، عَنْ قَتَادة، قَالَ: ظهرت الروم عَلَى فارس عند مرجع المسلمين من الحُديبية. وقال مثل ذَلِكَ عقيل، عن ابن شهاب، عَن عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن عُتْبة بْن مَسْعُود. وكانت بين الروم وبين فارس ملحمةٌ مشهودة نَصَرَ الله فيها الروم. ففرح المسلمون بذلك، لكوْن أهل الكتاب فِي الحملة نُصِروا عَلَى المجوس وقال مُغيرة، عَنِ الشعبيّ فِي قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ؛ قال: فتح الحديبية، وبايعوا بيعة الرضوان، وأطعموا نخيل خيبر، وظهرت الروم عَلَى فارس. ففرح المسلمون بتصديق كتاب الله ونصر أهل الكتاب على المجوس. وقال شعبة، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى: {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18] ، قَالَ: خيبر. {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} [الفتح: 21] ، قَالَ: فارس والروم. وَقَالَ ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قَالَ: أُرِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَهُمْ وَمُقَصِّرِينَ، فَقَالُوا لَهُ حِينَ نَحَرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ: أَيْنَ رُؤْيَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 27] يَعْنِيَ النَّحْرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ ثُمَّ رَجَعُوا فَفَتَحُوا خَيْبَرَ، فَكَانَ تَصْدِيقُ رُؤْيَاهُ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ. وقال هُشيم: أَنَا أَبُو بشر، عَنْ سَعِيد بْن جُبير، وعِكرمة: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [الفتح: 16] ، قالا: هوازن يوم حنين. رواه سعيد بن منصور فِي سننه. وقال بندار: ثنا غُنْدَر، ثنا شعبة، عن هشيم، فذكره، وزاد: هوازن وبنو حنيفة. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [الفتح: 16] ، قَالَ: فَارِسَ. وَقَالَ: {السَّكِينَةَ} هي الرحمة.

وقال أَبُو حُذَيفة النَّهْدِيُّ: ثنا سُفْيَان، عَنْ سَلَمَةَ بْن كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الأحوص، عَنْ عليّ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 4] قَالَ: السكينة لَهَا وجهٌ كوجه الإنسان، ثم هي بعد ريح هفافة. وقال ورقاء، عَنِ ابن أَبِي نَجِيح، عَنْ مجاهد قَالَ: السكينة كهيئة الريح، لَهَا رأس كرأس الهرَّة وجناحان. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ} ، قَالَ: السَّرِيَّةُ، {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} ، قَالَ: هُوَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ} [الرعد: 31] ، قَالَ: فَتْحُ مَكَّةَ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} ، قَالَ: الحُدَيْبِيَةُ وَنَحْوُهَا. رَوَاهُ شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أخبرني عُرْوة أنّه سَمِعَ مروان بْن الحَكَم، والمسور يخبران عَنْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما كاتب سُهَيْلَ بْن عَمْرو، فذكر الحديث، وفيه: وكانت أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط ممّن خرج إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذٍ وهي عاتق1، فجاء أهلها يسألون رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرجعها إليهم، فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] . قَالَ عُرْوة: فأخبرتني عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يمتحنهنّ بهذه الآية: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة: 12] الآية. قَالَتْ: فمن أقرّ بهذا الشرط منهنّ قَالَ لَهَا: "قد بايعتك". كلامًا يكلِّمها بِهِ، والله ما مسَّت يدُه يدَ امرأةٍ قطّ فِي المبايعة، ما بايعني إلّا بقوله. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ2. وقال موسى بْن عُقْبة، عَنِ ابن شهاب قَالَ: ولما رجع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى المدينة انفلت من ثقيف أَبُو بصير بْن أسيد بْن حارثة الثقفي من المشركين، فذكر من أمره نحوًا مما قدَّمْنا. وفيه زيادة وهي: فخرج أَبُو بصير معه خمسةٌ كانوا قدِموا من مكة،

_ 1 العاتق: الجارية أول ما أدركت أو هي التي لم تتزوج. 2 في "التفسير" "6/ 10".

ولم ترسل قريش فِي طلبهم كما أرسلوا فِي أَبِي بصير، حتى كانوا بين العِيص وذي المَرْوَة من أرض جُهَينة عَلَى طريق عِير قريش ممّا يلي سيف البحر1، لا يمرّ بهم عِيرٌ لقريش إلّا أخذوها وقتلوا أصحابها. وانفلت أَبُو جَندل فِي سبعين راكبًا أسلموا وهاجروا فلحقوا بأبي بصير، وقطعوا مادَّةَ قريش من الشام، وكان أَبُو بصير يصلّي بأصحابه، فلما قدِم عَلَيْهِ أَبُو جندل كَانَ يؤمُّهم. واجتمع إلى أَبِي جَنْدل حين سمعوا بقدومه ناسٌ من بني غِفار وأسْلم وجُهَيْنة وطوائف، حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل وهم مسلمون، فأرسلت قريش إلى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسألونه أن يبعث إلى أبي بصير ومن معه فيقدموا عليه، وقالوا: من خرج منّا إليك فأمْسِكه، قَالَ: ومرّ بأبي بصير أَبُو العاص بْن الربيع من الشام فأخذوه، فقدم عَلَى امرأته زينب سرًّا, وقد تقدّم شأنه, وأرسل رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتابه إلى أَبِي بصير أن لا يعترضوا لأحد, فقدم الكتاب عَلَى أَبِي جندل وأبي بصير، وأبو بصير يموت. فمات وكتاب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي يده يقرؤه، فدفنه أَبُو جندل مكانه2، وجعل عند قبره مسجدًا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ الآخِرَةَ نَصَبَ فِي الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ بَعْدَمَا يَقُولُ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ": "اللَّهُمّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدُ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ مِثْلَ سِنِي يُوسُفَ". ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَدْعُو حَتَّى نَجَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ تَرَكَ الدُّعَاءَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ. وفي سنة ستّ: مات سعد بْن خَوْلةَ -رَضِيَ الله عَنْهُ- فِي الأسر بمكة. ورثى لَهُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لكونه مات بمكة. وفيها: قُتل هشَام بْن صُبابة أخو مِقْيسٍ، قتله رَجُل من المسلمين وهو يظنّ أنّه كافر، فأعطى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِقيسًا دِيَتَه. ثُمَّ إنّ مِقْيسًا قتل قاتل أخيه، وكفر وهرب إلى مكة. وفي ذي الحجة: ماتت أمّ رُومان بِنْت عامر بْن عُوَيْمر الكِنانية، أمّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أخرج الْبُخَارِيّ من رواية مسروق عَنْهَا حديثًا وهو منقطع لأنّه لم يدركها، أو قد أدركها فيكون تاريخُ موتها هذا خطأ. والله أعلم.

_ 1 سيف البحر: ساحل البحر وهو طريق قريش إلى الشام. 2 "فقه السيرة" للغزالي "360"، والرواية: أخرجها البيهقي في "سننه" "2279"، وقوله: وجعل عند قبره مسجدًا. لا أراها تصح.

أحداث السنة السابعة

أحداث السنة السابعة: غزوة خيبر: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: كَانَ افْتِتَاحُ خَيْبَرَ فِي عَقِبِ الْمُحَرَّمِ، وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي آخِرِ صَفَرٍ. قُلْتُ: وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ غَيْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. وذكر الواقديّ، عَنْ شيوخه، فِي خروج النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى خيبر: فِي أول سنة سبعٍ، وشذَّ الزُّهري فقال، فيما رَوَاهُ عَنْهُ موسى بْن عقبة فِي مغازية قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم خيبر يوم سنة ستّ. وخيبر: بُلَيْدَةٌ عَلَى ثمانية برد من المدينة. قَالَ وُهَيْب: ثنا خُثَيْم بْن عِراك، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَفَرٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَالُوا: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خَيْبَرَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ الْغِفَارِيَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَوَجَدْنَاهُ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى {كهيعص} [مريم: 1] ، وقرأ في الثانية {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَقُولُ فِي صَلاتِي: وَيْلُ لأبي فُلانٍ لَهُ مِكْيَالانِ، إِذَا اكْتَالَ اكْتَالَ بِالْوَافِي، وَإِذَا كَالَ كَالَ بِالنَّاقِصِ. قَالَ: فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ صَلاتِنَا أَتَيْنَا سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ فَزَوَّدَنَا شَيْئًا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ، فَكَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْرَكُونَا فِي سُهْمَانِهِمْ. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، أَخْبَرَنِي سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ، أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ -وَهِيَ أَدْنَى خَيْبَرَ- صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِأَزْوَادٍ فَلَمْ يُؤْتَ إِلا بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَكَلْنَا. ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صلى ولم يتوضأ. أخرجه البخاري1.

_ 1 أخرجه البخاري "1/ 59" كتاب الوضوء.

وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى خيبر فَسِرْنَا لَيْلًا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ: أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ وَكَانَ عامر رجلا شاعرًا فنزل يحدو بالقوم ويقول: اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا وَلَا صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا ... وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا وَأَلْقِيَنْ سَكَينَةً عَلَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا وَبِالصِيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ هَذَا السَّائِقُ"؟ قَالُوا: عَامِرٌ. قَالَ: "يَرْحَمُهُ اللَّهُ". قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ. فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ، حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ1 شَدِيدَةٌ. فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقَدُ"؟ قَالُوا: عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ. فَقَالَ: "أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا". فَقَالَ رَجُلٌ: أَوَ يُهْرِيقُوهَا وَيَغْسِلُوهَا. قَالَ: "أَوَ ذَاكَ". قَالَ: فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ، فَيَرْجِعُ ذُبَابُ2 سَيْفِهِ فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ، فَمَاتَ مِنْهُ. فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ، وَهُوَ آخِذُ بِيَدِي قَالَ: لَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ساكتًا, قال: "ما لك"؟ قُلْتُ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ. قَالَ: "مَنْ قَالَهُ"؟ قُلْتُ: فُلَانٌ وفلان وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ. فَقَالَ: "كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ أَجْرَانِ". وَجَمَعَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ، "إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدُ قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ أَتَاهَا لَيْلًا. وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ حتى يصبح. فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

_ 1 المخمصة: المجاعة. 2 وفي "صحيح مسلم" "1807": "فرجع سيفه على نفسه، فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه". 3 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 73-74"، ومسلم "1802" في الجهاد والسير.

"اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ, إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: شُعْبَةُ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْمُلائِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُودُ الْمَرِيضَ، وَيَتْبَعُ الْجِنَازَةَ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ. وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ خَيْبَرَ عَلَى حِمَارٍ خِطَامُهُ لِيفٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال يَوْمَ خَيْبَرَ: "لُأعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ". قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ2 لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا؟ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا. فَقَالَ: "أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ"؟ قِيلَ: هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ. قَالَ: "فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ". فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ. فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ قَالَ: "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِي اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ". أَخْرَجَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ يَعْقُوبَ. وَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ". فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا أَحْبَبْتُ الْإِمَارَةَ قَطُّ حَتَّى يَوْمَئِذٍ. فَدَعَا عَلِيًّا فَبَعَثَهُ، ثُمَّ قَالَ: "اذْهَبْ فَقَاتِلْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَلَا تَلْتَفِتْ". قَالَ عَلِيٌّ: عَلامَ أُقَاتِلُ النَّاسَ؟ قَالَ: "قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده وَرَسُولُهُ, فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3، وَأَخْرَجَا نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَمَّهُ عَامِرًا حَدَا بِهِمْ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ". قَالَ: وَمَا خُصَّ بِهَا أَحَدٌ إِلا

_ 1 في "الجهاد والسير" باب: دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام "4/ 5". 2 يدوكون: يخوضون ويتحدثون في ذلك. 3 أخرجه مسلم "2405" في فضائل الصحابة.

اسْتُشْهِدَ. فَقَالَ عُمَرُ: هَلا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ؟ فَقَدِمْنَا خَيْبَرَ، فَخَرَجَ مَرْحَبٌ وَهُوَ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ، وَيَقُولُ: عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحَرْبُ أقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فَبَرَزَ لَهُ عَامِرٌ، وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ قَالَ: فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ، فَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ، فَرَجَعَ بِسَيْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ، وَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ. قَالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجَتْ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ، قَتَلَ نَفْسَهُ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا أَبْكِي، قَالَ: "مَا لَكَ"؟ فَقُلْتُ: قَالُوا إِنَّ عَامِرًا بَطَلَ عَمَلُهُ. قال: "ومن قَالَ ذَلِكَ"؟ قُلْتُ: نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِكَ. فَقَالَ: "كَذَبَ أُولَئِكَ بَلْ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مَرَّتَيْنِ". قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى عَلِيٍّ يَدْعُوهُ وَهُوَ أَرْمَدُ فَقَالَ: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ". قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ. قَالَ: فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. قَالَ: فَبَرَزَ مَرْحَبٌ وَهُوَ يَقُولُ. قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ قَالَ: فَبَرَزَ لَهُ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ المنظر أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ فَضَرَبَ مَرْحَبًا فَفَلَقَ رَأْسَهُ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ الْفَتْحُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ نَصْرٍ الأَسْلَمِيِّ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي مسيره

_ 1 أخرجه مسلم "1807" في الجهاد والسير.

لِخَيْبَرَ لِعَامِرِ بْنِ الأَكْوَعِ: "خُذْ لَنَا مِنْ هَنَاتِكَ". فَنَزَلَ يَرْتَجِزُ، فَقَالَ. وَاللَّهِ لَوْلا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا إِنَّا إِذَا قَوْمٌ بَغَوْا عَلَيْنَا ... وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يرحمك الله". فقال عمر: وَجَبَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْتَعْتَنَا بِهِ. فَقُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ شَهِيدًا. وَقَالَ يُونُسُ بْن بُكَير عَنِ ابْنِ إِسْحَاق: حَدَّثَنِي بُرَيْدة بْن سُفْيَان بْن فَروة الأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: فخرج عليّ -رَضِيَ الله عَنْهُ- بالراية يُهَرْوِلُ وأنا خلفه حتى ركّزها فِي رضْمٍ1 من حجارة تحت الحصن. فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت؟ قَالَ: أَنَا عليّ بْن أَبِي طَالِب. قَالَ: غلبتم وما أُنْزل عَلَى موسى. فما رجع حتى فتح الله عَلَيْهِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ الْمُسَيِّبُ بْنِ مُسْلِمٍ الْأَزْدِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رُبَّمَا أَخَذَتْهُ الشَّقِيقَةُ فَيَلْبَثُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَا يَخْرُجُ، وَلَمَّا نَزَلَ خَيْبَرَ أَخَذَتْهُ الشَّقِيقَةُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَخَذَ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ نَهَضَ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ رَجَعَ. فَأَخَذَهَا عُمَرُ فَقَاتَلَ قِتَالًا هُوَ أَشَدُّ قِتَالًا مِنَ الْقِتَالِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لَأُعْطِيَنَّهَا غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ يَأْخُذُهَا عَنْوَةً". وَلَيْسَ ثَمَّ عَلِيٌّ, فَتَطَاوَلَتْ لَهَا قُرَيْشٌ، وَرَجَا كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ ذَلِكَ, فَأَصْبَحَ وَجَاءَ عَلِيٌّ عَلَى بَعِيرٍ حَتَّى أَنَاخَ قَرِيبًا، وَهُوَ أَرْمَدُ قَدْ عَصَبَ عَيْنَهُ بِشِقِّ بُرْدٍ قَطَرِيٍّ2. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لَكَ"؟ قَالَ: رَمَدَتْ بَعْدَكَ. قَالَ: "ادْنُ مِنِّي". فَتَفَلَ فِي عَيْنِهِ، فَمَا وَجَعَهَا حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَنَهَضَ بِهَا، وَعَلَيْهِ جُبَّةُ أُرْجُوانٍ حَمْرَاءُ قَدْ أَخْرَجَ خَمْلَهَا، فَأَتَى مَدِينَةَ خَيْبَرَ3. وَخَرَجَ مَرْحَبُ صَاحِبُ الْحِصْنِ وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ مُظْهَرٌ يَمَانِيٌّ وَحَجَرٌ قد ثقبه مثل

_ 1 رضم: حجارة بعضها فوق بعض. 2 برود من غليظ القطن. 3 رواه البخاري ومسلم.

البيض عَلَى رَأْسِهِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ، فَارْتَجَزَ عَلِيٌّ وَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَبَدَرَهُ عَلِيٌّ بِضَرْبَةٍ، فَقَدَّ الْحَجَرَ وَالْمِغْفَرَ ورأسه ووقع فِي الْأَضْرَاسِ، وَأَخَذَ الْمَدِينَةَ. وقال عَوْف الأعرابيّ، عَنْ ميمون أَبِي عَبْد الله الأزْدي، عَنِ ابن بُرَيْدة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فاختلف مَرْحَب وعليّ ضربتين، فضربه عليٌّ عَلَى هامته حتى عضَّ السّيفُ بأضراسه. وسمع أهل العسكر صوتَ ضربته. وما تتامّ آخرُ النّاس مَعَ عليّ حتى فتح الله لَهُ ولهم. وَقَالَ يُونُسُ، عن ابن إسحاق، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِرَايَتِهِ. فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنَ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ فَقَاتَلَهُمْ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَطَرَحَ تُرْسَهُ مِنْ يَدَيْهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ الْحِصْنَ فَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ, ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي نَفَرٍ مَعِي سَبْعَةٌ أَنَا ثَامِنُهُمْ، نَجْهَدُ أَنْ نَقْلِبَ الْبَابَ فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَقْلِبَهُ1. رَوَاهُ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مُنْقَطِعًا، وَفِيهِ: فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ. وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْعَبْدِيُّ: ثنا مُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَلِيًّا حَمَلَ الْبَابَ يَوْمَ خَيْبَرَ حَتَّى صَعِدَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ. فَافْتَتَحُوهَا، وَإِنَّهُ خَرِبَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَحْمِلْهُ أَرْبَعُونَ رَجُلا. تَابَعَهُ فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ مُطَّلِبٍ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، وَالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كان علي يلبس في الحر والشتاء القباء المحشو الثخين وما يبالي الْحَرِّ، فَأَتَانِي أَصْحَابِي فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ رَأَيْنَا مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا فَهَلْ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاهُ يَخْرُجُ عَلَيْنَا فِي الحر

_ 1 ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" "6/ 152" وقال: رواه أحمد وفيه من لم يسم.

الشَّدِيدِ فِي الْقَبَاءِ الْمَحْشُوِّ وَمَا يُبَالِي الْحَرَّ، وَيَخْرُجُ عَلَيْنَا فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ فِي الثَّوْبَيْنِ الْخَفِيفَيْنِ وَمَا يُبَالِي الْبَرْدَ، فَهَلْ سَمِعْتَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا؟ فَقُلْتُ: لا. فَقَالُوا: سَلْ لَنَا أَبَاكَ فَإِنَّهُ يَسْمُرُ مَعَهُ. فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا. فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَسَمَرَ معه فسأله فقال علي: أوما شَهِدْتَ مَعَنَا خَيْبَرَ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ دَعَا أَبَا بَكْرٍ فَعَقَدَ لَهُ وَبَعَثَهُ إِلَى الْقَوْمِ، فَانْطَلَقَ فَلَقِيَ الْقَوْمَ، ثُمَّ جَاءَ بِالنَّاسِ وَقَدْ هُزِمُوا؟ فَقَالَ: بَلَى. قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ فَعَقَدَ لَهُ وَبَعَثَهُ إِلَى الْقَوْمِ، فَانْطَلَقَ فَلَقِيَ الْقَوْمَ فَقَاتَلَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ هُزِمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ ذَلِكَ: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ غَيْرَ فَرَّارٍ". فَدَعَانِي فَأَعْطَانِي الرَّايَةَ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اكْفِهِ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ، فَمَا وَجَدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ حَرًّا وَلا بَرْدًا". وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ الضَّبِّيِّ، عَنْ أُمِّ مُوسَى قَالَتْ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: مَا رَمِدْتُ وَلا صَدِعْتُ مذ دفع إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ في مسنده.

فصل فيمن ذكر أن مرحبا قتله محمد بن مسلمة

فصل: فيمن ذكر أن مرحبا قتله مُحَمَّد بْن مسلمة قَالَ موسى بْن عُقْبة، عَنِ ابن شهاب، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قام يوم خيبر فوعظهم. وفيه: فخرج اليهود بعاديتها، فقتل صاحب عادية اليهود فانقطعوا. وقتل مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة الأشهليّ مَرْحَبًا اليهوديّ. وقال ابن لَهِيعة، عَنْ أَبِي الأسود، عَنْ عُرْوَة نحوهَ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ الْحَارِثِيُّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجَ مَرْحَبٌ الْيَهُودِيُّ مِنْ حِصْنِ خَيْبَرَ، قَدْ جَمَعَ سِلاحَهُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لِهَذَا"؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا لَهُ وَأَنَا وَاللَّهِ الْمَوْتُورُ الثَّائِرُ، قَتَلُوا أَخِي بِالأَمْسِ. قَالَ: "قُمْ إِلَيْهِ، اللَّهُمَّ أعِنْهُ عَلَيْهِ". فَلَمَّا تَقَارَبَا دَخَلَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ عُمْرِيَّةٌ1، فَجَعَلَ كُلُّ واحد منهما يلوذ بها من صاحبه،

_ 1 عمرية؛ أي: معمرة.

كُلَّمَا لاذَ بِهَا أَحَدُهُمَا اقْتَطَعَ بِسَيْفِهِ مَا دونه، حتى برز كل واحد منها لِصَاحِبِهِ، وَصَارَتْ بَيْنَهُمَا كَالرَّجُلِ الْقَائِمِ مَا فِيهَا فَنَنٌ1. ثُمَّ حَمَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ فَضَرَبَهُ فَاتَّقَاهُ بِالدَّرَقَةِ، فَعَضَّتْ بِسَيْفِهِ فَأَمْسَكَتْهُ، وَضَرَبَهُ مُحَمَّدٌ حَتَّى قَتَلَهُ. فَقِيلَ إِنَّهُ ارْتَجَزَ وَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَاضِي ... حُلْوٌ إِذَا شِئْتُ وَسُمٌّ قَاضِي وَكَانَ ارْتِجَازُ مَرْحَبٍ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ ... وَأَحْجَمَتْ عَنْ صَوْلَةِ الْمُغلَّبْ أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبُ ... إِنَّ حِمَايَ لِلْحِمَى لا يُقْرَبُ وقال الواقدي: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الفضل بْن عُبَيْد الله عَنْ رافع بْن خُدَيْج عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِر قَالَ: وحدّثني زكريّا بْن زيد، عَنْ عَبْد الله بْن أَبِي سُفْيَان، عَنْ أبيه، عَنْ سَلَمَةَ بْن سلامة. قال: وعن مجمّع بْن يعقوب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مجمّع بْن جارية قَالُوا جميعًا: إنّ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ قتل مَرْحبًا. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا حَمَلَ عَلَى مَرْحَبٍ فَقَطَرَهُ2 عَلَى الْبَابِ، وفتح علي الباب الآخر، وَكَانَ لِلْحِصْنِ بَابَانِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَقِيلَ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ ضَرَبَ سَاقَيْ مَرْحَبٍ فَقَطَعَهُمَا، فَقَالَ: ذُقِ الْمَوْتَ كَمَا ذَاقَهُ أَخِي مَحْمُودٌ، وَجَاوَزَهُ، وَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَخَذَ سَلْبَهُ. فَاخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَلْبِهِ، فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدًا. وَكَانَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِيهِ كِتَابٌ لا يُدْرَى مَا هُوَ، حَتَّى قَرَأَهُ يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ تَيْمَاءَ فَإِذَا هُوَ: هَذَا سَيْفُ مَرْحَبٍ مَنْ يَذُقْهُ يُعْطَبْ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي محمد بن الفضل بن عبيد الله عن رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَرَزَ عَامِرٌ وَكَانَ طُوَالا جَسِيمًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ بَرَزَ وَطَلَعَ: "أَتَرَوْنَهُ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ"؟ وَهُوَ يَدْعُو إِلَى الْبِرَازِ؛ فَبَرَزَ لَهُ عَلِيٌّ فَضَرَبَهُ

_ 1 الفنن: الغصن. 2 قطره: ألقاه على قطره أي: جنبه.

ضَرَبَاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ لا يَصْنَعُ شَيْئًا، حَتَّى ضَرَبَ سَاقَيْهِ فَبَرَكَ، ثُمَّ دَفَّفَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ سِلاحَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَرْحَبٍ أَخُوهُ يَاسِرٌ، فَبَرَزَ لَهُ الزُّبَيْرُ فَقَتَلَهُ1. وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة. ورواه موسى بن عقبة -واللفظ له- قَالَ: ثُمَّ دَخَلُوا حِصْنًا لَهُمْ مَنِيعًا يُدْعَى الْقَمُوصَ. فَحَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً. وَكَانَتْ أَرْضًا وَخِمَةً شَدِيدَةَ الْحَرِّ. فَجَهَدَ الْمُسْلِمُونَ جَهْدًا شَدِيدًا. فَوَجَدُوا أَحْمِرةً لِيَهُودَ، فَذَكَرَ قِصَّتَهَا، وَنَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَكْلِهَا. ثُمَّ قَالَ: وَجَاءَ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ كَانَ فِي غَنَمٍ لِسَيِّدِهِ، فَلَمَّا رَأَى أَهْلَ خَيْبَرَ قَدْ أَخَذُوا السِّلاحَ، سَأَلَهُمْ مَا يُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُقَاتِلُ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ. فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ ذِكْرُ النَّبِيِّ فَأَقْبَلَ بِغَنَمِهِ حَتَّى عَمَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ، وَقَالَ: مَاذَا لِي؟ قَالَ: "الْجَنَّةُ " فَقَالَ: يا رسول الله إن هَذِهِ الْغَنَمُ عِنْدِي أَمَانَةٌ. قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أخرِجْهَا مِنْ عَسْكَرِنَا وَارْمِهَا بِالْحَصْبَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي عَنْكَ أَمَانَتَكَ". فَفَعَلَ؛ فَرَجَعَتِ الْغَنَمُ إِلَى سَيِّدِهَا. وَوَعَظَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْعَبْدُ الأَسْوَدُ، فَاحْتَمَلُوهُ فَأُدخِلَ فِي فُسْطَاطٍ, وَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اطَّلَعَ فِي الْفُسْطَاطِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ هَذَا الْعَبْدَ، وَقَدْ رَأَيْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي حَيوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غزوة خَيْبَرَ، فَخَرَجَتْ سَرِيَّةٌ فَأَخَذُوا إِنْسَانًا مَعَهُ غَنَمٌ يَرْعَاهَا، فَجَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَكَيْفَ بِالْغَنَمِ فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَهِيَ لِلنَّاسِ الشَّاةُ

_ 1 قال الإمام النووي -رحمه الله- في "تهذيب الأسماء واللغات": "اختلفوا في قاتل مرحب، فقيل: علي بن أبي طالب. قال ابن عبد البر: قال محمد بن إسحاق: إن محمد بن مسلمة، هو الذي قتل مرحبًا اليهودي بخيبر. قال: وخالفه غيره، فقال: بل قتله علي بن أبي طالب، قال ابن عبد البر: هذا هو الصحيح عندنا". ا. هـ. وقال الحاكم في "مستدركه": "3/ 437": "الأخبار متواترة بأسانيد كثيرة أن قاتل مرحب أمير المؤمنين عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه". ووافقه الذهبي والألباني في "فقه السيرة" للغزالي "365".

وَالشَّاتَانِ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "احْصِبْ وُجُوهَهَا ترجع إلى أهلها". فأخذ قبضة من حصباء أو تراب فرمى بها وجوهها، فَخَرَجَتْ تَشْتَدُّ حَتَّى دَخَلَتْ كُلُّ شَاةٍ إِلَى أَهْلِهَا. ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى الصَّفِّ، فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ. وَلَمْ يُصَلِّ لِلَّهِ سَجْدَةً قَطُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أدخلوه الخباء". فأدخل خباء رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: "لَقْد حَسُنَ إِسْلامُ صَاحِبِكُمْ، لَقَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَإِنَّ عِنْدَهُ لَزَوْجَتَيْنِ لَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ". وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ أَوْ صَحِيحٌ1. وَقَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: نا حَمَّادٌ، نا ثَابِتٌ, عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أَسْوَدُ اللَّوْنِ، قَبِيحُ الْوَجْهِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، لا مَالَ لِي، فَإِنْ قَاتَلْتُ هَؤُلاءِ حَتَّى أُقْتَلَ أَدْخُلِ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: "نَعَمْ". فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. فَأَتَى عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مَقْتُولٌ، فَقَالَ: "لَقَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ وَجْهَكَ وَطَيَّبَ رُوحَكَ وَكَثَّرَ مَالَكَ". قَالَ: وَقَالَ -لِهَذَا أَوْ لِغَيْرِهِ: "لَقَدْ رَأَيْتُ زَوْجَتَيْهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ يَتَنَازَعَانِهِ جُبَّتَهُ عَنْهُ، تَدْخُلانِ فِيمَا بَيْنَ جِلْدِهِ وَجُبَّتِهِ". وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ يونس، عن ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ بَعْضِ أَسْلَمَ أَنَّ بَعْضَ بَنِي سَهْمٍ مِنْ أَسْلَمَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَيْبَرَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ جَهَدْنَا وَمَا بِأَيْدِينَا شَيْءٌ. فَلَمْ يَجِدوُا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا, فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ حَالَهُمْ وَأَنَّهُمْ لَيْسَتْ لَهُمْ قُوَّةٌ وَلَيْسَ بِيَدِي مَا أُعْطِيهِمْ إِيَّاهُ, فَافْتَحْ عَلَيْهِمْ أَعْظَمَ حِصْنٍ بِهَا غِنًى، أَكْثَرُهُ طَعَامًا وَوَدَكًا" 2. فَغَدَا النَّاسُ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِصْنَ الصَّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ، وَمَا بِخَيْبَرَ حِصْنٌ أَكْثَرَ طَعَامًا وَوَدَكًا مِنْهُ. فَلَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حُصُونِهِمْ مَا افْتَتَحَ، وَحَازَ مِنَ الأَمْوَالِ مَا حَازَ، انْتَهَوْا إِلَى حِصْنَيْهِمُ الْوَطِيحِ وَالسُّلالِمِ، وَكَانَا آخِرَ حُصُونِ خَيْبَرَ افْتِتَاحًا، فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- بضع عشرة ليلة.

_ 1 "ضعيف": قال الألباني في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة للغزالي" "367": "ضعيف. ذكره ابن كثير "4/ 190" عن عروة مرسلا". ا. هـ. 2 الودك: الدسم.

ذكر صفية

ذكر صفية: وقال البكّائي، عَنِ ابن إسحاق قَالَ: ويُدْني رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأموال، يأخذها مالًا مالًا، ويفتحها حصنًا حصنًا. فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم، وعنده قُتِل محمود بْن مَسْلَمَة الأنصاريّ أخو مُحَمَّد، ألقيت عَلَيْهِ رَحَى فقتلته. ثُمَّ القَمُوص؛ حصن ابن أَبِي الحُقَيْق. وأصاب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منهم سبايا، منهنّ صفيَّة بِنْت حُيَيّ بْن أخطب، وبنتا عمّ لَهَا، فأعطاهما دِحْيةَ الكلبي. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابن إسحاق، حدثني ابن لمحمد بْنِ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ عَمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ أَهْلِهِ، وَحَدَّثَنِيهِ مِكْنَفٌ، قَالا: حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم- أهل خيبر في حصنهم الْوَطِيحِ وَالسُّلالِمِ، حَتَّى إِذَا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ، سَأَلوُا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُسَيِّرَهُمْ وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ، فَفَعَلَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَازَ الأَمْوَالَ كُلَّهَا: الشَّقَّ وَالنَّطَّاةَ وَالْكُتَيْبَةَ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ، إِلا مَا كَانَ فِي ذَيْنِكَ الْحِصْنَيْنِ. فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ أَهْلُ فَدَكٍ قَدْ صَنَعُوا مَا صَنَعُوا، بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُونَهُ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ، وَيُخْلُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَمْوَالِ، فَفَعَلَ. فَكَانَ مِمَّنْ مَشَى بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وَسَلَّمَ- وَبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ. فَلَمَّا نَزَلُوا عَلَى ذَلِكَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُعَامِلَهُمْ فِي الأَمْوَالِ عَلَى النِّصْفِ، وَقَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْكُمْ وَأَعْمَرُ لَهَا, فَصَالَحَهُمْ عَلَى النِّصْفِ، عَلَى أَنَّا إِذَا شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ أَخْرَجْنَاكُمْ, وَصَالَحَهُ أَهْلُ فَدَكٍ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ, فَكَانَتْ أَمْوَالُ خَيْبَرَ فَيْئًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ فَدَكٌ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُجْلَبُوا عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلا رِكَابٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ. وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ قَتَلَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذَّرِارِيَّ. فَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَالُ صَفِيَّةَ، وَكَانَتْ عَرُوسًا وَقُتِلَ زَوْجُهَا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم-

_ 1 أخرجه البخاري في المغازي، باب: غزوة خيبر "5/ 74".

لِنَفْسِهِ. فَلَمَّا كُنَّا بِسَدِّ الصَّهْبَاءِ1 حَلَّتْ2، فَبَنَى بها رسول الله3 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاتَّخَذَ حَيْسًا4 فِي نِطْعٍ صَغِيرٍ، وَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ. فَرَأَيْتُهُ يُحَوِّي لَهَا بِعَبَاءَةٍ خَلْفَهُ، وَيَجْلِسُ عِنْدَ نَاقَتِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَجِيءُ صَفِيَّةُ فَتَضَعُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ تَرْكَبُ, فَلَمَّا بَدَا لَنَا أُحُدٌ, قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا، وَمُسْلِمٌ5. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، سَمِعَ أَنَسًا قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاثَ لَيَالٍ يَبْنِي عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ. فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَةِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلا لَحْمٍ، وَمَا كَانَ إِلا أَنْ أَمَرَ بِلالا بِالأَنْطَاعِ6 فَبُسِطَتْ، وألقي عليه التَّمْرُ وَالأَقِطُ7 وَالسَّمْنُ. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ المؤمنين هي أو ما ملكت يمينه؟ قالوا: إن حجبها فهي إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ. فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ -فِيمَا أَحْسَبُ- عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ، فَغَلَبَ عَلَى الأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يَجْلُوا مِنْهَا، وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ، وَلِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ، وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا. وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لا يَكْتُمُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوهُ فَلا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلا عَهْدَ. فَغَيَّبُوا مَسْكًا8 فِيهِ مَالٌ وَحُلًى لِحُيَيِّ بْنُ أَخْطَبَ، كَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ حِينَ أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَمِّ حُيَيٍّ: "مَا فَعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الَّذِي جاء به من

_ 1 مكان قريب من خيبر. 2 حلت: انقضت عدتها. 3 بنى بها: دخل بها. 4 الحيس: تمر يخلط بسمن. 5 أخرجه البخاري في "المغازي" "4211"، ومسلم "1/ 42". 6 النطع: بساط من الجلد. 7 الأقط: شيء يتخذ من اللبن الغنمي. 8 المسك: الجلد.

النَّضِيرِ"؟ قَالَ: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ. فَقَالَ: "الْعَهْدُ قَرِيبٌ وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ". فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الزُّبَيْرِ، فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ. وَقَدْ كَانَ حُيَيٌّ قَبْلَ ذَلِكَ دَخَلَ خَرَبَةً، فَقَالَ عَمُّهُ: قَدْ رَأَيْتَ حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خَرَبَةٍ هَهُنَا: فَذَهَبُوا فَطَافُوا, فَوَجَدُوا الْمَسْكَ فِي الْخَرَبَةِ, فَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَيْ أَبِي حُقَيْقٍ، وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ, وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ، وَقَسَّمَ أَمْوَالَهُمْ بِالنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوا. وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمْ مِنْهَا, فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، دَعْنَا نَكُونُ فِي هَذِهِ الأَرْضِ نُصْلِحُهَا وَنَقُومُ عَلَيْهَا. وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلا لأَصْحَابِهِ غِلالٌ يَقُومُونَ عَلَيْهَا، فَأَعْطَاهُمْ عَلَى النِّصْفِ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ كُلَّ عَامٍ فَيَخْرُصُهَا2 عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ, فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شِدَّةَ خَرْصِهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ فَقَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ تُطْعِمُونِّي السُّحْتَ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إليَّ، وَلأَنْتُمْ أَبْغَضُ إليَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ. قَالَ: وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَيْنِ صَفِيَّةَ خُضْرَةً، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَلَطَمَنِي وَقَالَ: تَمَنِّينَ مَلِكَ يَثْرِبَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إليَّ، قَتَلَ أَبِي وَزَوْجِي, فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إليَّ وَيَقُولُ: "إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ الْعَرَبَ عليَّ وَفَعَلَ وَفَعَلَ". حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرِ كُلِّ عَامٍ، وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ مِنْ خَيْبَرَ, فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ عُمَرَ غَشُّوا الْمُسْلِمِينَ، وَأَلْقَوُا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ، فَفَدِعُوا3 يَدَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَحْضُرْ، حَتَّى قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ. وَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لا تُخْرِجْنَا، دَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أقرنا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بَكْرٍ. فَقَالَ لَهُ: أَتُرَاهُ سَقَطَ عَنِّي قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ بك إذا وقصت

_ 1 انظر: "سنن أبي داود" "3006"، "3007"، "3008"، "3009"، "3010"، "3011"، "3012"، "3013". 2 الخرص: الحدس والتخمين. والتقدير بالظن. 3 الفدع: اعوجاج يكون في اليد أو الرجل.

بِكَ 1 رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا". وَقَسَّمَهَا عُمَرُ بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ. اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْمَرَّارُ بْنُ حَمَّوَيْهِ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا فُدِعْتُ بِخَيْبَرَ قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَلَ يَهُودَ خيَبْرَ عَلَى أَمْوَالِهَا، وَقَالَ: "نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ". وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ مَالُهُ هُنَاكَ، فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ فَفُدِعَتْ يَدَاهُ، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرُهُمْ، وَهُمْ تُهْمَتُنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلاءَهُمْ. فَلَمَّا أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ وَعَامِلُنَا؟ فَقَالَ: أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو قَلُوصُكَ ليلة بعد ليلة". فأجلاهم وأعطاهم قيمة مالهم مِنَ الثَّمَرِ مَالا وَإِبِلا وَعَرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ2. وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ قَسَّمَهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ سَهْمًا، جَمَعَ كُلَّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ، فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِلْمُسْلِمِينَ النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ، وَعَزَلَ النِّصْفَ الْبَاقِي لِمَنْ نَزَلَ بِهِ مِنَ الْوُفُودِ وَالأُمُورِ ونوائب الناس. أخرجه أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَسَّمَ خَيْبَرَ سِتَّةً وَثَلاثِينَ سَهْمًا، فَعَزَلَ لِلْمُسْلِمِينَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، فَجَمَعَ كُلَّ سَهْمٍ مِائَةً، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ وَلَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِ أَحَدِهِمْ. وَعَزَلَ النِّصْفَ لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَنْزِلُ بِهِ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ ذَلِكَ الْوَطِيحَ وَالسُّلالِمَ وَالْكُتَيْبَةَ وَتَوَابِعَهَا، فَلَمَّا صَارَتِ الأَمْوَالُ بِيَدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُمَّالٌ يَكْفُونَهُمْ عَمَلَهَا، فَدَعَا الْيَهُودُ فَعَامَلَهُمْ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا لأَنَّ بَعْضَ خَيْبَرَ فُتِحَ عَنْوَةً، وَبَعْضَهَا صُلْحًا, فَقَسَّمَ مَا فتح

_ 1 الوقص: الكسر. 2 أخرجه البخاري في الشروط، باب: إذا اشترط في المزارعة إذا شئت أخرجتك "3/ 177, 178".

عَنْوةً بَيْنَ أَهْلِ الْخُمْسِ وَالْغَانِمِينَ، وَعَزَلَ مَا فُتِحَ صُلْحًا لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ خَيْبَرَ يَوْمَ أَشْرَكَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ فِيهَا زَرْعٌ وَنَخْلٌ فَكَانَ يُقَسِّمُ لِنِسَائِهِ كُلَّ سَنَةٍ لكل واحدة منهن مائة وسق تمر، وعشرين وسق شعير لِكُلِّ امْرَأَةٍ. رَوَاهُ الذُّهْلِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَأَسْقَطَ مِنْهُ: ابْنَ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، عَنْ عطاء، عن ابن عباس أن رسول لله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَسَّمَ لِمِائَتَيْ فَرَسٍ يَوْمَ خَيْبَرَ سَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ لِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: كَانُوا يَوْمَ خَيْبَرَ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَكَانَتِ الْخَيْلِ مِائَتَيْ فَرَسٍ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: لَمَّا قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ خَيْبَرَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلاءِ إِخْوَتُكَ بَنُو هَاشِمٍ لا يُنْكَرُ فَضْلُهُمْ لِمَكَانِكَ الَّذِي جَعَلَكَ اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ. أَرَأَيْتَ إِخْوَانَنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَتَرَكْتَنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْكَ. فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ، وَإِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ شَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا فِي الأُخْرَى. اسْتَشْهَدَ بِهِ خ1. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ فَالْتَزَمْتُهُ، وَقُلْتُ: هَذَا لا أُعْطِي أَحَدًا مِنْهُ شَيْئًا. فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَبَسَّمُ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ. متفق عليه.

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" باب: غزوة خيبر "5/ 79".

وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قُلْتُ أَكُنْتُمْ تُخَمِّسُونَ الطَّعَامَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: أَصَبْنَا طَعَامًا يَوْمَ خَيْبَرَ فَكَانَ الرَّجُلُ يَجِيءُ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ1. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ -أَوْ عَنْ أَبِي قِلابَةَ- قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ قَدِمَ وَالثَّمَرَةَ خَضِرَةً، فَأَشْرَعَ النَّاسُ فِيهَا فَحُمُّوا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقَرِّسُوا الْمَاءَ فِي الشِّنَانِ2، ثُمَّ يَحْدُرُونَ عَلَيْهِمْ بَيْنَ أَذَانَيِ الْفَجْرِ، وَيَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، قَالَ: فَفَعَلُوا فَكَأَنَّمَا نَشِطُوا مِنْ عَقْلٍ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي عُمَيْرٌ مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ، قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ، مَعَ سَادَتِي، فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ سَيْفًا، فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ، فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ؛ أي رديئه. أخرجه أبو داود3.

_ 1 "صحيح": أخرجه أبو داود "2704" في "الجهاد"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2353": "صحيح". 2 أي: يبردوها في الأسقية. 3 "صحيح": أخرجه أبو داود في "الجهاد" "2730"، وقال الشيخ الألباني -رحمه الله- في "صحيح سنن أبي داود" "2370": "صحيح".

ذكر من استشهد في خيبر، قدوم جعفر بن أبي طالب ومن معه

ذكر من استشهد في خيبر، قدوم جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب ومَن معه: ذكر من استشهد في خيبر: عَلَى ما ذكر ابن إِسْحَاق؛ قَالَ: من حلفاء بني أُميَّة: ربيعة بْن أكثم, وثقف بْن عَمْرو, ورِفاعة بْن مسروح. ومن بني أسد بْن عَبْد العُزَّى: عَبْد الله بن الهبيب. ومن الأنصار. فُضَيْل بْن النُّعمان السَّلمي، ومسعود بْن سعد الزُّرَقي, وأبو الضَّيَّاح بْن ثابت، أحد بني عَمْرو بْن عَوْف, والحارث بْن حاطب، وعُرْوة بْن مُرّة, وأوس بْن القائد, وأنيف بْن حبيب, وثابت بْن أثلة, وطلحة, وعمارة بْن عُقبة الغِفَاريّ. وقد تقدّم: عامر بْن الأكْوع, ومحمود بْن سَلَمَةَ, والأسود الراعي. وزاد عَبْد الملك بْن هشام، فقال: مَسْعُود بْن ربيعة، حليف بني زُهرة وأوس بْن قَتَادَة الأنصاريّ. وزاد بعضهم فقال: ومبشّر بْن عَبْد المنذر، وأبو سُفْيَان بْن الحارث وليس بالهاشميّ. قدوم جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب ومَن معه: خ، م1 قَالا: ثنا أَبُو كُرَيْبٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي بُرَيْدٌ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ، أَنَا وَأَخَوَانٌ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمُ، أَحَدُهُمَا أَبُو رُهْمٍ، وَالآخَرُ أَبُو بُرْدَةَ، إِمَّا قَالَ: بِضعٌ، وَإِمَّا قَالَ: فِي ثَلاثَةٍ، أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رجلًا من قومي, فركبنا سفينة، فألقتنا سَفِينَتَنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ, فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ, فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثنا وَأَمَرَنَا؛ يَعْنِي بِالإِقَامَةِ؛ فَأَقِيمُوا مَعَنَا، فَأَقَمْنَا مَعَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ فَتَحَ خَيْبَرَ, فَأَسْهَمَ لَنَا، وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ شَيْئًا إِلا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلا أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا، مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ. قَالَ: فَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ. قَالَ: وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ؛ وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا؛ عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَائِرَةً وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ, فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ عُمَرُ: آلْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ آلْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ. فَقَالَ عُمَرُ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، نَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَغَضِبَتْ، فَقَالَتْ كَلِمَةً: كَذَبْتَ يَا عُمَرُ! كَلا وَاللَّهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارِ -أَوْ أَرْضِ- الْبُعَدَاءِ، أَوِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَفِي رَسُولِهِ. وَايْمُ اللَّهِ لا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنَخَافُ وَسَأَذْكُرُ لَهُ ذَلِكَ وَأَسْأَلُهُ, فَلَمَّا جَاءَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: "لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ، لَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ -أهل السفينة- هجرتان".

_ 1 "صحيح البخاري" المغازي، باب: غزوة خيبر "5/ 79-81"، ومسلم "2502" فضائل الصحابة.

قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالا1، يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ, مَا مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلا أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّي. وَقَالَ: "لَكُمُ الْهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ، هَاجَرْتُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ وَهَاجَرْتُمْ إِلَيَّ". وَقَالَ أَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنَ الْحَبَشَةِ تَلَقَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: "وَاللَّهِ مَا أَرَى 2 بِأَيِّهِمَا أَفْرَحُ، بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَمْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ" 3. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَنْ أَجْلَحَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ. وقال ابن عيينة: ثنا الزهري، أنه سمع عنبسة بن سعيد القرشي يحدث عن أبي هريرة، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَيْبَرَ حِينَ افْتَتَحَهَا، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُسْهِمَ لِي. فَتَكَلَّمَ بَعْضُ وَلَدِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ: لا نُسْهِمُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقُلْتُ: هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ. فَقَالَ، أَظُنُّهُ ابْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: يَا عَجَبِي لِوَبْرٍ قَدْ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قُدُومِ ضَالٍّ يُعَيِّرُنِي بِقَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى يَدِي، وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ. لَفْظُ د، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، لَكِنْ قَالَ: مِنْ قُدُومِ ضَأْنٍ4. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ قِبَل نَجْدٍ، فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِخَيْبَرَ بَعْدَ فَتْحِهَا، وَإِنَّ حُزُمَ خَيْلِهِمْ لَلِيفٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَقْسِمْ لَهُمْ. فَقَالَ أَبَانٌ: أَنْتَ بِهَذَا يَا وَبْرُ تَحَدَّرُ مِنْ رَأْسِ ضَالٍّ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَانُ! اجْلِسْ". فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ. عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، فَقَالَ: ويذكر عن الزبيدي.

_ 1 أرسالا: طائفة بعد طائفة. 2 في "السيرة النبوية" لابن هشام: "ما أدري". 3 "حديث حسن": أخرجه الحاكم "4/ 211"، والطبراني في "الكبير" عن الشعبي مرسلا، قال الألباني في تخريجه لأحاديث "فقه السيرة" للغزالي "372": وسنده صحيح وقد وصله الحاكم من طريق أخرى عن الشعبي عن جابر ... ثم قال: وبالجملة فالحديث قوي بهذه الطرق، وقد صححه الحاكم. 4 أخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب المغازي، باب غزوة خيبر "5/ 82".

وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قَالَ: كانت بنو فزارة ممّن قدِم أهل خيبر ليُعِيُنوهم. فراسلهم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ لا يعينوهم، وسألهم أن يخرجوا عَنْهُمْ، ولكم من خيبر كذا وكذا, فأَبَوا عَلَيْهِ, فلما فتح الله خيبرَ، أتاه من كَانَ هنالك من بني فزارة، قَالَوا: اعْطِنا حظَّنا الَّذِي وعدْتنا. فقال: "حظّكم -أو قال: لكم ذو الرقيبة". جبل خيبر- قَالُوا: إذًا نقاتلك. فقال: "موعدكم جَنَفَاء". فلما سمعوا ذَلِكَ هربوا. جنفاء ماء من مياه بني فزارة. وقال خ، ثنا مكّي بْن إِبْرَاهِيم، نا يزيد بْن أَبِي عُبَيْد قَالَ: رَأَيْت أثر ضربة فِي ساق سَلَمَةَ, فقلت: يا أَبَا مُسْلِم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يومَ خيبر، فقال النّاس: أصيب سَلَمَةَ، فأتيت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَفَثَ فيها ثلاث نَفَثَاتٍ، فما اشتكيتُها حتى السّاعة. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَاقْتَتَلُوا. فَمَالَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لِلْمُشْرِكِينَ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ". فَقَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ لَا يَمُوتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ أَبَدًا، فَاتَّبَعَهُ حَتَّى جُرِحَ، فَاشْتَدَّتْ جِرَاحَتُهُ وَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: "وَمَا ذَاكَ"؟ فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّهُ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ لِمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هريرة قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ، فَقَالَ لِرَجُلٍ؛ يَعْنِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ". فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ. فذكر نحو حديث سهل بن سعد.

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" باب: غزوة خيبر "5/ 76"، ومسلم "112" في الإيمان.

وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ". فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ: فَقَالَ: "إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ، فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ الْيَهُودِ يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ1.

_ 1 وفي "الصحيحين" وغيرها: أن عبدًا يقال له: "مدعم"، وكان قد أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاءه سهم فقتله -يعني عام خيبر، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم: "كلا، والذي نفسي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ من المغانم لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه نارًا".

شأن الشاة المسمومة

شَأْنُ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ: وَقَالَ لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْمَعُوا مَنْ كَانَ هَهُنَا مِنَ الْيَهُودِ". فَجَمَعُوا لَهُ، فَقَالَ لهم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْهُ"؟ قَالُوا: نعَمَ، يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ لهم رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَبُوكُمْ"؟ قَالُوا: أَبُونَا فُلانٌ. قَالَ: "كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلانٌ"، قَالُوا: صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ. قَالَ لَهُمْ: "هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ"؟ قَالُوا: نَعَمْ، يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنَا كَمَا عَرَفْتَهُ فِي آبائنا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَهْلُ النَّارِ"؟ فَقَالُوا: نَكُونُ فِيهَا يَسِيرًا ثُمَّ تَخْلُفُونَنَا فِيهَا. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اخْسَئُوا فِيهَا، فَوَاللَّهِ لَا نَخْلُفَنَّكُمْ فِيهَا أبدًا"، ثُمَّ قَالَ: "هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ فِي شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ"؟ قالوا: نعم. قال: "أجعلتم في هذه الشاة سمًّا"؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "فَمَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ"؟ قَالُوا: أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أَنْ نَسْتَرِيحَ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ. أَخْرَجَهُ خ1. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ يَهُودِيَّةَ أَتَتْ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ. فَقَالَ: "مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَلِكَ". أَوْ قَالَ: "عَلَيَّ". قَالُوا: أَلَا نَقْتُلُهَا. قَالَ: "لَا". فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ2 رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم.

_ 1 أخرجه البخاري في "الجهاد" باب: إذا غور المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم "4/ 66". 2 لهوات: جمع لهاة، اللحمة الحمراء المعلقة في أصل الحنك، كأنه بقي للسم علامة، سوادًا وغيره.

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ1. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْيَهُودِ أَهْدَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةً مَسْمُومَةً، فَقَالَ: "أَمْسِكُوا فَإِنَّهَا مَسْمُومَةً"، قَالَ: "وَمَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ"؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أَعْلَمَ إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَسَيُطْلِعُكَ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أُرِيحُ النَّاسَ مِنْكَ قَالَ: فَمَا عَرَضَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ يَهُودِيَّةً أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاةً مَصْلِيَّةً2 بِخَيْبَرَ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا، ثُمَّ قَالَ: "أَمْسِكُوا". وَقَالَ لَهَا: "هَلْ سميت هَذِهِ الشَّاةَ"؟ قَالَتْ: مَنْ أَخْبَرَكَ؟ قَالَ: "هَذَا الْعَظْمُ". قَالَتْ: نَعَمْ. فَاحْتَجَمَ عَلَى الْكَاهِلِ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَاحْتَجَمُوا، فَمَاتَ بَعْضُهُمْ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَسْلَمَتْ، وَتَرَكَهَا. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: ثنا سُلَيْمَانُ الْمَهْدِيُّ، نا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ جَابِرٌ يُحَدِّثُ أَنَّ يَهُودِيَّةً سَمَّتْ شَاةً أَهْدَتْهَا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الْحَدِيثَ. وَقَالَ خَالِدٌ الطَّحَاوِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْدَتْ لَهُ يَهُودِيَّةٌ بِخَيْبَرَ شَاةً، نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ. قَالَ: فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، وَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقُتِلَتْ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهَا أَوَّلا، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ بِشْرٌ قَتَلَهَا. وَبِشْرٌ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَدْرًا، وَأَبُوهُ قَائِدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ. وَهُوَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بَنِي سَلَمَةَ، مَنْ سَيِّدُكُمْ"؟ قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، عَلَى بُخْلٍ فِيهِ. فَقَالَ: "وأي داء أدوى من البخل؟ بل سيدكم الأَبْيَضُ الْجَعْدُ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ". وقال موسى بْن عُقْبة، وابن شهاب، وعُرْوة، والَّلفظ لموسى قَالُوا: لما فُتحت خيبر أهدت زينبُ بِنْت الحارث اليهودية -وهي ابْنَة أخي مَرْحَب- لصفية شاةً مَصْلِيَّةً وَسَمَّتْها وأكثرت فِي الذَّراع، لأنّه بَلَغَها أنّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحب الذراع. وذكر الحديث.

_ 1 أخرجه البخاري "2617"، ومسلم "2190"، وأبو داود "4508". 2 مصلية: مشوية.

حديث الحجاج بن علاط السلمي

حديث الحجَّاج بْن عِلاط السُّلَمي: وعن عُرْوة، وموسى بْن عُقْبة قالا: كَانَ بين قريش حين سمعوا بمخرج النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تراهنٌ وتبايع، منهم من يَقْولُ: يظهر مُحَمَّد. ومنهم من يَقْولُ: يظهر الحليفان ويهود خيبر. وكان الحَجَّاج بْن عِلاط السُّلمي البَهْزي قد أسلم وشهد فتح خيبر، وكانت تحته أمّ شَيْبة العَبْدَرية، وكان الحَجَّاج ذا مالٍ، وله معادن من أرض بني سُلَيْم. فلما ظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- عَلَى خيبر، قَالَ الحَجَّاج: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إن لي ذَهَبًا عند امرأتي، وإنْ تعلَمْ هِيَ وأهلُها بإسلامي فلا مال لي، فائذنْ لي فأُسْرِعُ السيرَ ولا يسبق الخبر. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ -وَاللَّفْظُ لَهُ- وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ، قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالا، وَإِنَّ لِي بِهَا أَهْلا أُرِيدُ إِتْيَانَهَمُ، فَأَنَا فِي حلٍّ إِنْ أَنَا قُلْتُ مِنْكَ وَقُلْتُ شَيْئًا؟ فَأَذِن لَهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَامَ لامْرَأَتِهِ، وَقَالَ لَهَا: أَخْفِي عَلَيَّ وَاجْمَعِي مَا كَانَ عِنْدَكِ لِي، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْ غَنَائِمِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُمْ قَدِ اسْتُبِيحُوا وَأُصِيبَتْ أَمْوَالُهُمْ. فَفَشَا ذَلِكَ بِمَكَّةَ، وَاشْتَدَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَبَلَغَ مِنْهُمْ, وَأَظْهَرَ الْمُشْرِكُونَ فَرَحًا وَسُرُورًا, فَبَلَغَ الْعَبَّاسَ الْخَبَرُ فَعُقِرَ وَجَعَلَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ. قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ الْجَزَرِيُّ، عَنْ مِقْسَمٍ قَالَ: فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ ابْنًا لَهُ, يُقَالُ لَهُ: قُثَمُ وَاسْتَلْقَى وَوَضَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ, وهو يقول: حبي قثم شبيه ذِي الأَنْفِ الأَشَمْ ... فَتًى ذِي النَّعَمِ بِرَغْمِ مَنْ رَغِمْ قَالَ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: فَأَرْسَلَ الْعَبَّاسُ غُلامًا لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ: وَيْلَكَ، مَا جِئْتَ بِهِ وَمَا تَقُولُ؟ وَالَّذِي وَعَدَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا جِئْتَ بِهِ. قَالَ الْحَجَّاجُ: يَا غُلامُ أَقْرِئْ أَبَا الْفَضْلِ السَّلامَ، وَقُلْ لَهُ فَلْيُخْلِ لِي فِي بَعْضِ بُيُوتِهِ فَآتِيهِ، فَإِنَّ الأَمْرَ عَلَى مَا يَسُرُّهُ, فَلَمَّا بَلَغَ الْعَبْدُ بَابَ الدَّارِ، قَالَ: أَبْشِرْ يَا أَبَا الْفَضْلِ. فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ فَرَحًا حَتَّى قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ بِافْتِتَاحِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ، وَغَنْمِ أَمْوَالِهِمْ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اصطفى صفية، ولكن جئت لمالي، وأني استأذنت النبي -صلى الله عليه وسلم- فأذن لي، فأخف عَلَيَّ يَا أَبَا الْفَضْلِ ثَلاثًا، ثُمَّ اذْكُرْ مَا شِئْتَ. قَالَ: وَجَمَعَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَتَاعَهُ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلاثٍ، أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ قَالَتْ: ذَهَبَ، لا يُحْزِنُكَ اللَّهُ يَا أَبَا الْفَضْلِ لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي بَلَغَكَ. فَقَالَ: أجل، لا يحزنني اللَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللَّهِ إِلا مَا أُحِبُّ؛ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَجَرَتْ سِهَامُ اللَّهِ فِي خَيْبَرَ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لك في زوجك حاجة فَالْحَقِي بِهِ. قَالَتْ: أَظُنُّكَ وَاللَّهِ صَادِقًا. ثُمَّ أَتَى مَجَالِسَ قُرَيْشٍ وَحَدَّثَهُمْ. فَرَدَّ اللَّهُ مَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ كَآبَةٍ وَجَزَعٍ عَلَى الْمُشْرِكِينَ1.

_ 1 قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "6/ 155": رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.

غزوة وادي القرى

غزوة وادي القرى: مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرَقًا، إِلَّا الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ. فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَ وَادِي الْقُرَى. وَقَدْ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدٌ يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ. حَتَّى إِذَا كَانُوا بِوَادِي الْقُرَى، بَيْنَمَا يَحُطُّ رَحْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كلا، والذي نفسي بيده، إن الشملة الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْغَنَائِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا". فَلَمَّا سَمِعُوا بِذَلِكَ، جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ -أَوْ قَالَ: شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ خَيْبَرَ إِلَى وَادِي الْقُرَى. وَكَانَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ قَدْ وَهَبَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ. فَلَمَّا نَزَلْنَا بِوَادِي الْقُرَى، انْتَهَيْنَا إِلَى يَهُودَ وَقَدْ ثَوَى إِلَيْهَا نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ. فَبَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِ اسْتَقْبَلَنَا يَهُودُ بِالرَّمْيِ حَيْثُ نَزَلْنَا. وَلَمْ نَكُنْ عَلَى تَعْبِئَةٍ، وَهُمْ يَصِيحُونَ فِي طَلَبِهِمْ، فَيُقْبِلُ سَهْمٌ عَائِرٌ، فَأَصَابَ مِدْعَمًا فقتله. فقال الناس: هنيئا له الجنة. فقال النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَلا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عَلَيْهِ نَارًا". فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ النَّاسُ، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: "شِراكٌ -أَوْ: شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ". فَعَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ وَصَفَّهُمْ، وَدَفَعَ لواءه إلى سعد بن عبادة، ودفع

_ 1 تقدم تخريجه قبل قليل، وساقه المصنف هنا بتمامه. والشراك: سير النعل.

رَايَةً إِلَى الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَرَايَةً إِلَى سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ، وَرَايَةً إِلَى عَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَحَقَنُوا دِمَاءَهُمْ، فَبَرَزَ رَجُلٌ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ، حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلا ثُمَّ أُعْطُوا مِنَ الْغَدِ بِأَيْدِيهِمْ, وَفَتَحَهَا اللَّهُ عَنْوَةً1. وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِوَادِي الْقُرَى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ تَيْمَاءَ صَالَحُوا عَلَى الْجِزْيَةِ. فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ، أَخْرَجَ يَهُودَ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَهْلَ تَيْمَاءَ وَوَادِي الْقُرَى لأَنَّهُمَا دَاخِلَتَانِ فِي أَرْضِ الشَّامِ؛ وَيَرَى أَنَّ مَا دُونَ وَادِي الْقُرَى إِلَى الْمَدِينَةِ حِجَازٌ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الشَّامِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ، فَسَارَ لَيْلَهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكْنَا الْكَرَى عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لِبِلَالٍ: "اكْلَأْ 2 لَنَا اللَّيْلَ". فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ فَلَمْ يَسْتَيْقِظِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَا بِلَالٌ إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ. الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَرُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي طَرِيقِ الْحُدَيْبِيَةِ, رواه شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ, وَيُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ نَوْمُهُمْ مَرَّتَيْنِ. وَقَدْ رَوَاهُ زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شُعْبَةَ، فَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. وَقَدْ رَوَى النَّوْمَ عَنِ الصَّلاةِ: عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ. وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَفِيهِمَا طول. وقالت عائشة لما افتتحنا خَيْبَرَ قُلْنَا الآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ قَدِمُوا وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ, وَكَانَ الأَنْصَارُ أَهْلَ أَرْضٍ، فَقَاسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ عَلَى أَنْ أَعْطَوْهُمْ أَنْصَافَ ثِمَارِ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ، وَيَكْفُونَهُمُ الْعَمَلَ وَالْمَئُونَةَ. وَكَانَتْ أُمُّ أَنَسٍ، وَهِيَ أُمُّ سُلَيْمٍ، أَعْطَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِذَاقًا لَهَا، فَأَعْطَاهُنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم أيمن

_ 1 عنوة: بالقوة. 2 الكلاءة: الحراسة، والحفظ. 3 في "صحيحه" برقم "680".

مولاته أم أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَأَخْبَرَنِي أَنَسٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا فَرَغَ من قتل أهل خيبر، وانصرف إلى المدينة، رد المهاجرون إِلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمْ، وَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُمِّي عِذَاقَهَا، وَأَعْطَى أم أيمن مكانها مِنْ حَائِطِهِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ مِنْ شَأْنِ أُمِّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهَا كَانَتْ وَصِيفَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَتْ مِنَ الْحَبَشَةِ. فَلَمَّا وَلَدَتْ آمِنَةُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تحضنه حتى كبر رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْتَقَهَا، ثم أنكحها زيد بن حارثة, ثم تُوُفِّيَتْ بَعْدَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ مُعْتَمِرٌ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُعْطِي مِنْ مَالِهِ النَّخَلاتِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ مَالِهِ، النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى فُتِحَتْ عَلَيْهِ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ، فَجَعَلَ يَرُدُّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَمَرَنِي أَهْلِي أَنْ آتِيَهُ فَأَسْأَلُهُ الَّذِي كَانُوا أَعْطُوهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمنَ، أَوْ كَمَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِيهُنَّ. فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَلَوَتِ الثَّوْبَ في عنقي، وجعلت تقول: كلا والله الذي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَا نُعْطِيكَهُنَّ وَقَدْ أَعْطَانِيهِنَّ. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُمَّ أَيْمَنَ اتْرُكِي كَذَا وَكَذَا". وَهِيَ تَقُولُ لَا وَاللَّهِ. حَتَّى أَعْطَاهَا عَشَرَةَ أَمْثَالِ ذَلِكَ، أَوْ نَحْوَهُ. وَفِي لَفْظٍ فِي الصَّحِيحِ: وَهِيَ تَقُولُ: كَلَّا وَاللَّهِ حَتَّى أُعْطَى عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ. أَخْرَجَاهُ2. وفي سنة سبع: قدِم حاطبُ بْن أَبِي بَلْتَعَة من الرُّسلية إلى المقوقس ملك ديار مصر، ومعه منه هديةُ للنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي مارية القبطية، أمّ إِبْرَاهِيم ابْن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأختها سِيرين التي وهبها لحسّان بْن ثابت، وبغلة النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دلدل، وحماره يعفور. وفيها: توفيت ثويبة مُرْضعة النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلبن ابنها مسروح وكانت مولاة لأبي لهب أَعْتَقَها عامَ الهجرة. وكان النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يبعث إليها من مكة بصلة وكِسْوة. حتى جاءه موتُها سنة سبعٍ مرجعه من خيبر، فقال: "ما فعل ابنُها مسروح"؟ قَالُوا: مات قبلها وكانت خديجة تُكْرِمُها، وطلبت شراءها من أَبِي لَهَبٍ فامتنع. رَوَاهُ الواقديُّ عَنْ غير واحد. أرضعت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل حليمة أيامًا، وأرضعت أيضًا حمزةَ بْن عَبْد المطَّلب، وأبا سَلَمَةَ بْن عَبْد الأسد.

_ 1 في "صحيحه" برقم "1771". 2 أخرجه البخاري في "المغازي، ومسلم "1771" في الجهاد.

سرية أبي بكر إلى نجد، سرية عمر إلى عجز هوازن

سرية أبي بكر إلى نجد، سرية عمر إلى عجز هوازن: سَرِيّة أبي بَكْر إلى نجد: وكانت بعد خيبر سنة سبعٍ. وَقَالَ عِكْرَمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِلَى بَنِي فِزَارَةَ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ عَرَّسَ بِنَا أَبُو بَكْرٍ، حَتَّى إِذَا مَا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ، أَمَرَنَا فَشَنَنَّا الْغَارَةَ، فَوَرَدْنَا الْمَاءَ. فَقَتَلَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ قَتَلَ، وَنَحْنُ مَعَهُ، فَرَأَيْتُ عُنُقًا مِنَ النَّاسِ فِيهِمْ الذَّرَارِيُّ. فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ، فَأَدْرَكْتُهُمْ، فَرَمَيْتُ بِسَهْمِي. فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا، فَإِذَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ أَدَمٍ، مَعَهَا ابْنَتُهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ فَجِئْتُ أَسُوقُهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا، فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، ثُمَّ بَاتَتْ عِنْدِي فَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا, حَتَّى لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السُّوقِ فَقَالَ: "يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِيَ الْمَرْأَةَ". قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا. فَسَكَتَ حَتَّى كَانَ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: "يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِيَ المرأة لله أبوك". قُلْتُ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَبَعَثَ بها رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَفَدَى بِهَا أَسْرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ. سرِيّة عُمَر إلى عَجُزِ هَوَازِن: وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُمَرَ إِلَى تُرَبَةِ عَجُزِ هَوَازِنَ، فِي ثَلاثِينَ رَاكِبًا، فَخَرَجَ وَمَعَهُ دَلِيلٌ. فَكَانُوا يَسِيرُونَ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُونَ النَّهَارَ. فَأَتَى الْخَبَرُ هَوَازِنَ، فَهَرَبُوا. وَجَاءَ عُمَرُ مَحَالَّهُمْ، فَلَمْ يَلْقَ مِنْهُم أَحَدًا، فَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، حَتَّى سَلَكَ النَّجْدِيةَ. فَلَمَّا كَانُوا بِالْجَدْرِ2، قَالَ الدَّلِيلُ لِعُمَرَ: هَلْ لَكَ فِي جَمْعٍ آخَرَ تَرَكْتَهُ مِنْ خَثْعَمٍ جَاءُوا سَائِرِينَ، قَدْ أَجْدَبَتْ بِلادُهُمْ؟ فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِمْ. وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَذَلِكَ فِي شعبان.

_ 1 في كتاب "الجهاد والسير" برقم "1755". 2 الجدر: قرارة في الحرة على ستة أميال من المدينة ناحية قباء "معجم البلدان" "2/ 114".

سرية بشير بن سعد، سرية غالب بن عبد الله الليثي

سرية بشير بن سعد، سرية غالب بن عبد الله الليثي: سرية بشير بْن سعد: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ فِي ثَلاثِينَ رَجُلا إِلَى بَنِي مُرَّةَ بِفَدَكٍ. فَخَرَجَ فَلَقِيَ رُعَاءَ الشَّاءِ، فَاسْتَاقَ الشَّاءَ وَالنَّعَمِ مُنْحَدِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَأَدْرَكَهُ الطَّلَبُ عِنْدَ اللَّيْلِ، فَبَاتُوا يُرَامُونَهُمْ بِالنَّبْلِ حَتَّى فَنِيَ نَبْلُ أَصْحَابِ بَشِيرٍ، فَأَصَابُوا أَصْحَابَهُ وَوَلَّى مِنْهُمْ مَنْ وَلَّى، وَقَاتَلَ بَشِيرٌ قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى ضُرِبَ كَعْبَاهُ. وَقِيلَ قَدْ مَاتَ، وَرَجَعُوا بِنَعَمِهِمْ وَشَائِهِمْ، وَتَحَامَلَ بَشِيرٌ حَتَّى انْتَهَى إِلَى فَدَكٍ، فَأَقَامَ عِنْدَ يَهُودِيٍّ حَتَّى ارْتَفَعَ مِنَ الْجِرَاحِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ. سَرِيَّةُ غالب بْن عَبْد الله الليثي: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، الَّذِي أُرِيَ الأَذَانَ، قَالَ: كَانَ مَعَ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، وَكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، وَعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ, فَلَمَّا دَنَا غَالِبٌ مِنْهُمْ لَيْلا وَقَدِ احْتَلَبُوا وَهَدَءُوا، قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَأَمَرَ بالطاعة، قال: وإذا كبرت فكبروا، وجردوا السيوف. فذكر الحديث في إحاطتهم بهم. قَالَ: وَوَضَعْنَا السُّيُوفَ حَيْثُ شِئْنَا مِنْهُمْ، وَنَحْنُ نَصِيحُ بِشِعَارِنَا: أَمِتْ أَمِتْ، وَخَرَجَ أُسَامَةُ يَحْمِلُ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَسْلَمَ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلْبِيَّ، كَلْبَ لَيْثٍ، إِلَى أَرْضِ بَنِي مُرَّةَ، فَأَصَابَ بِهَا مِرْدَاسَ بْنَ نَهِيكٍ، حليف لَهُمْ مِنَ الْحُرَقَةِ1 فَقَتَلَهُ أُسَامَةُ. فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أبيه، عن جده أسامة بن

_ 1 الحرقة: هم بنو حميس من قبائل جهينة.

زَيْدٍ قَالَ: أَدْرَكْتُهُ، يَعْنِي مِرْدَاسًا، أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا شَهَرْنَا عَلَيْهِ السَّيْفَ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَلَمْ نَنْزِعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبرناه خَبَرَهُ، فَقَالَ: "يَا أُسَامَةُ مَنْ لَكَ بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ"؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ. قَالَ: "فَمَنْ لَكَ بِلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ". فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، مَا زَالَ يُرَدِّدُهَا عَلَيَّ حَتَّى لَوَدِدْتُ أَنَّ مَا مَضَى مِنْ إِسْلامِي لَمْ يَكُنْ, وَأَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ وَلَمْ أَقْتُلْهُ. وَقَالَ هُشَيْمٌ: نَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنَا أَبُو ظَبْيَانَ، سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يُحَدِّثُ قَالَ: أَتَيْنَا الْحُرَقَةَ مِنْ جُهَيْنَةَ. قَالَ: فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ. وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله. قال: فكف عنه الأنصار، فَطَعَنْتُهُ أَنَا بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَلِكَ، فَقَالَ: أَقَتَلْتَه بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى بَنِي الْمُلَوِّحِ بِالْكُدَيْدِ2، وَأَمَرَهُ أَنْ يُغيِرَ عَلَيْهِمْ، وَكُنْتُ فِي سَرِيَّتِهِ. فَمَضَيْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِقُدَيْدٍ3، لَقِينَا بِهِ الْحَارِثَ بْنَ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ اللَّيْثِيَّ، فَأَخَذْنَاهُ فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا جِئْتُ لأُسْلِمَ. فَقَالَ لَهُ غَالِبٌ: إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا جِئْتَ لِتُسْلِمَ فَلا يَضُرُّكَ رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ اسْتَوْثَقْنَا مِنْكَ، قَالَ: فَأَوْثَقَهُ رِبَاطًا وَخَلَّفَ عَلَيْهِ رُوَيْجِلا أَسْوَدَ، قَالَ: امْكُثْ عَلَيْهِ حَتَّى نَمُرَّ عَلَيْكَ، فَإِنْ نَازَعَكَ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ. وأتينا بطن الكديد فنزلنا بَعْدَ الْعَصْرِ. فَبَعَثَنِي أَصْحَابِي إِلَيْهِ، فَعَمَدْتُ إِلَى تَلٍّ يُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ، فَانْبَطَحْتُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ قَبْلَ الْغُرُوبِ. فَخَرَجَ رَجُلٌ فَنَظَرَ فَرَآنِي مُنْبَطِحًا عَلَى التَّلِّ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ، إِنِّي لأَرَى سَوَادًا عَلَى هَذَا التَّلِّ مَا رَأَيْتُهُ فِي أَوَّلِ النهار، فانظري لا

_ 1 أخرجه البخاري في المغازي، باب: بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد، ومسلم "96" كتاب الإيمان. 2 الكديد: موضع على اثنين وأربعين ميلا من مكة بين عسفان, وأمج. "معجم البلدان" "4/ 442". 3 قديد: قرية جامعة بين مكة والمدينة كثيرة المياه. وقيل: موضع قرب مكة. "معجم البلدان" "4/ 313".

تَكُونُ الْكِلابُ اجْتَرَّتْ بَعْضَ أَوْعِيَتِكِ. فَنَظَرَتْ, فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَفْقِدُ شَيْئًا. قَالَ: فَنَاوِلِينِي قَوْسِي وَسَهْمَيْنِ مِنْ نَبْلِي. فَنَاوَلَتْهُ فَرَمَانِي بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِي جَبِينِي، أَوْ قَالَ: فِي جَنْبِي، فَنَزَعْتُهُ فوضعته ولم أتحرك، ثم رماني بالآخر، فوضعه في رأس منكبي، فَنَزَعْتُهُ فَوَضَعْتُهُ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ. فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ خَالَطَهُ سَهْمَايَ، وَلَوْ كَانَ زَائِلا لَتَحَرَّكَ، فَإِذَا أَصْبَحْتِ فَابْتَغِي سَهْمَيَّ فَخُذِيهِمَا، لا تَمْضُغُهُمَا عَلَيَّ الْكِلابُ. قَالَ: وَمَهِّلْنَا حَتَّى رَاحَتْ رَوَائِحُهُمْ، وَحَتَّى إِذَا احْتَلَبُوا وَعَطَفُوا وَذَهَب عَتَمَةٌ مِنَ اللَّيْلِ شَنَنَّا عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ فَقَتَلْنَا مَنْ قَتَلْنَا وَاسْتَقْنَا النَّعَمَ فَوَجَّهْنَا قَافِلِينَ بِهِ، وَخَرَجَ صَرِيخُ الْقَوْمِ إِلَى قَوْمِهِمْ. قَالَ: وَخَرَجْنَا سِرَاعًا حَتَّى نَمُرَّ بِالْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ وَصَاحِبِهِ، فَانْطَلَقَا بِهِ مَعَنَا, وَأَتَانَا صَرِيخُ النَّاسِ فَجَاءَنَا مَا لا قِبَلَ لَنَا بِهِ, حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ إِلا بَطْنُ الْوَادِي مِنْ قُدَيْدٍ، بَعَثَ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ مَاءً مَا رَأَيْنَا قَبْلَ ذَلِكَ مَطَرًا وَلا سَحَابًا، فَجَاءَ بِمَا لا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَقْدَمُ عَلَيْهِ، لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ وُقُوفًا يَنْظُرُونَ إِلَيْنَا مَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ نَحْدُوهَا, فَذَهَبْنَا سِرَاعًا حَتَّى أَسْنَدْنَا بِهَا في المشلل1، ثم حدرنا عنه وأعجزناهم.

_ 1 المشلل: جبل يهبط منه إلى قديد من ناحية البحر. "معجم البلدان" "5/ 136".

سرية الجناب

سَرِيَّةُ الجِناب: قَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي مَغَازِيهِ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهُ: حُسَيْلُ بْنُ نُوَيْرَةَ، وَكَانَ دَلِيلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ يَا حُسَيْلُ؟ قَالَ: مِنْ يَمَنٍ وَجُبَارٍ، وَمَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ جَمْعًا مِنْ يَمَنٍ وَغَطَفَانَ وَجُبَارٍ1 وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِمْ عُيَيْنَةُ إِمَّا أَنْ تَسِيرُوا إِلَيْنَا وَإِمَّا أَنْ نَسِيرَ إِلَيْكُمْ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَنْ سِرْ إِلَيْنَا، وَهُمْ يُرِيدُونَكَ أَوْ بَعْضَ أَطْرَافِكَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَذَكَرَ لَهُمَا ذَلِكَ فَقَالا جَمِيعًا: ابْعَثْ إِلَيْهِمْ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ، فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً وَبَعَثَ مَعَهُ ثَلاثَمِائَةِ رجل، وأمرهم أن يسروا اللَّيْلَ وَيَكْمُنُوا النَّهَارَ، فَفَعَلُوا، حَتَّى أَتَوْا أَسْفَل خَيْبَرَ، فَأَغَارُوا وَقَتَلُوا عَيْنًا لِعُيَيْنَةَ. ثُمَّ لَقُوا جمع عيينة فناوشوهم، ثم انكشف جميع عُيَيْنَةَ وَأُسِرَ مِنْهُمْ رَجُلانِ، وَقَدِمُوا بِهِمَا عَلَى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسلما.

_ 1 جبار: ماء لبني حميس بين المدينة وفيد؛ ويمن: ماء لغطفان بين بطن قو ورؤاف على الطريق بين تيماء وفيد.

سرية أبي حدرد إلى الغابة، سرية ملحم بن جثامة

سرية أبي حدرد إلى الغابة، سرية ملحم بن جثامة: سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَد إلى الغابة: قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيِّ مَا حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي حَدْرَدٍ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي، فَأَصْدَقْتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْتَعِينُهُ عَلَى نِكَاحِي، فَقَالَ: كَمْ أَصْدَقْتَ؟ قُلْتُ: مِائَتَا دِرْهَمٍ، فَقَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُمْ تَأْخُذُونَهَا مِنْ بَطْنِ وَادٍ مَا زِدْتُمْ، لا وَاللَّهِ مَا عِنْدِي مَا أُعِينُكَ بِهِ". فَلَبِثَ أَيَّامًا، ثُمَّ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ جُشَمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ قَيْسٍ أَوْ قَيْسُ بْنُ رِفَاعَةَ، فِي بَطْنٍ عَظِيمٍ مِنْ جُشَمَ، حَتَّى نَزَلَ بِقَوْمِهِ وَمَنْ مَعَهُ بِالْغَابَةِ، يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ قَيْسًا على حرب رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ ذَا شَرَفٍ، فَدَعَانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: "اخْرُجُوا إِلَيْهِ، حَتَّى تَأْتُوا مِنْهُ بِخَبَرٍ وَعِلْمٍ". وَقَدَّمَ لَنَا شَارِفًا عَجْفَاءَ1، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَحَدَنَا، فَوَاللَّهِ مَا قَامَتْ بِهِ ضَعْفًا، حَتَّى دَعَّمَهَا الرِّجَالُ مِنْ خَلْفِهَا بِأَيْدِيهِمْ، حَتَّى اسْتَقَلَّتْ وَمَا كَادَتْ. وَقَالَ: "تَبَلَّغُوا عَلَى هَذِهِ". فَخَرَجْنَا، حَتَّى إِذَا جِئْنَا قَرِيبًا مِنَ الْحَاضِرِ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَكَمَنْتُ فِي نَاحِيَةٍ، وَأَمَرْتُ صَاحِبَيَّ فَكَمَنَّا فِي نَاحِيَةٍ، وَقُلْتُ: إِذَا سَمِعْتُمَانِي قَدْ كَبَّرْتُ وَشَدَدْتُ فِي الْعَسْكِر، فَكَبِّرُوا وَشُدُّوا مَعِي، فَوَاللَّهِ إِنَّا لَكَذَلِكَ نَنْتَظِرُ أَنْ نَرَى غِرَّةً وَقَدْ ذَهَبَتْ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، وَقَدْ كَانَ لَهُمْ رَاعٍ قَدْ سَرَّحَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِمْ، فَقَامَ زَعِيمُهُمْ رِفَاعَةُ فَأَخَذَ سَيْفَهُ وَقَالَ: لأَتْبَعَنَّ أَثَرَ رَاعِينَا، فَقَالُوا: نَحْنُ نَكْفِيكَ، قَالَ: لا، وَوَاللَّهِ لا يَتْبَعُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ، وَخَرَجَ حَتَّى مَرَّ بِي، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي نَفَحْتُهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعْتُهُ فِي فُؤَادِهِ، فَوَاللَّهِ مَا نَطَقَ، فَوَثَبْتُ إِلَيْهِ، فَاحْتَزَزْتُ رَأْسَهُ، ثُمَّ شَدَدْتُ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ وَكَبَّرْتُ وَكَبَّرَ صَاحِبَايَ، فَوَاللَّهِ مَا كَانَ إِلا النَّجَاءُ مِمَّنْ كَانَ فِيهِ عِنْدَكَ بِكُلِّ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ نِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَمَا خَفَّ مَعَهُمْ، وَاسْتَقْنَا إِبِلا عَظِيمَةً وَغَنَمًا كَثِيرَةً، فَجِئْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجِئْتُ بِرَأْسِهِ أَحْمِلُهُ مَعِي، فَأَعْطَانِي مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ ثَلاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا فِي صَدَاقِي، فجمعته إلى أهلي. سرية ملحم بْن جَثَّامة: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى إِضَمٍ فِي نفر من

_ 1 الناقة العجفاء: المسنة الهرمة.

الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ، وَمُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ بْنِ قَيْسٍ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَطْنِ إِضَمٍ، مَرَّ بِنَا عَامِرُ بْنُ الأَضْبَطِ الأَشْجَعِيُّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ1، مَعَهُ مُتَيِّعٌ لَهُ2، وَوطْبٌ3 مِنْ لَبَنٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ. فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ، وَحُمِلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمٌ فَقَتَلَهُ لِشَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَأَخَذَ بَعِيرَهُ وَمَتَاعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبرناه الخبر. فنزل فينا القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94] ، إلى آخر الآية4. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرَةَ بْنِ سَعْدٍ الضَّمْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَقَدْ شَهِدَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَجَلَسَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ عيينة بن بدر يطلب بدم عامر بن الأَضْبَطِ، سَيِّدِ قَيْسٍ، وَجَاءَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ يرد على مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ خِنْدِفٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِقَوْمِ عَامِرٍ: "هَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِنَّا الآنَ خَمْسِينَ بَعِيرًا، وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ"؟ فَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ: وَاللَّهِ لا أَدَعُهُ حَتَّى أُذِيقَ نِسَاءَهُ مِنَ الْحَرِّ مِثْلَ مَا أَذَاقَ نِسَائِي. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يقال له: مكيتل، وهو القصير مِنَ الرِّجَالِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَجِدُ لِهَذَا الْقَتِيلِ مَثَلا فِي غُرَّةِ الإِسْلامِ إِلا كَغَنَمٍ وَرَدَتْ فَرُمِيَتْ أُولاهَا فَنَفَرَتْ أُخْرَاهَا، أُسْنُنِ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا خَمْسِينَ بَعِيرًا الآنَ وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا"؟ فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى رَضَوْا بِالدِّيَةِ. قَالَ قَوْمُ مُحَلِّمٍ: ائْتُوا بِهِ حَتَّى يَسْتَغْفِرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ ضَرْبُ اللَّحِمِ فِي حُلَّةٍ قَدْ تَهَيَّأَ فِيهَا لِلْقَتْلِ، فَقَامَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الَّلهُمَّ لا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ". قَالَهَا ثَلاثًا. فَقَامَ وَإِنَّهُ لَيَتَلَقَّى دموعه بطرف ثوبه5.

_ 1 قعود: البعير المتخذ للركوب. 2 متيع: تصغير متاع. 3 ووطب: وعاء اللبن. 4 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "6/ 11"، وزاد الهيثمي نسبته في "المجمع" "7/ 8" للطبراني، وقال: رجاله ثقات. 5 أخرجه أبو داود، وابن جرير في "تفسيره" "8/ 72"، بنحوه, وهو شاهد يتقوّى به.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: زَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّهُ اسْتَغْفَرَ له بعد. وقال أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنَهِ: ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا حَمَّادٌ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرَةَ. ح. قَالَ وَثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، قَالا: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّهُ زِيَادُ بْنُ سَعْدِ بْنِ ضُمَيْرةَ السُّلَمِيُّ. وَهَذا حَدِيثُ وَهْبٍ وَهُوَ أَتَمُّ، يُحَدِّثُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ وجده، قال موسى: وَكَانَا شَهِدَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُنَيْنًا، يَعْنِي أَبَاهُ وَجَدَّهُ. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ وَهْبٍ: أَنَّ مُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ قَتَلَ رَجُلا مِنْ أَشْجَعَ فِي الإِسْلامِ. وَذَلِكَ أَوَّلُ غِيَرٍ1 قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَتَكَلَّمَ عُيَيْنَةُ فِي قَتْلِ الأَشْجَعِيِّ لأَنَّهُ مِنْ غَطَفَانَ، وَتَكَلَّمَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمُحَلَّمٌ رَجُلٌ طَوِيلٌ آدَمُ، وَهُوَ فِي طَرَفِ النَّاسِ، فَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى تَخَلَّصَ فَجَلَسَ بَيْنَ يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي بَلَغَكَ، وَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، فَاسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقَتَلْتَهُ بِسِلاحِكَ فِي غُرَّةِ الإِسْلامِ؟ الَّلهُمَّ لا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ". بِصَوْتٍ عالٍ. زَادَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَامَ وإنه ليتلقى دموعه بطرف ردائه2.

_ 1 أول غير: أول دية. 2 أخرجه أبو داود في "سننه" "4/ 171-172" كتاب الديات.

سرية عبد الله بن حذافة ابن قيس بن عدي السهمي، عمرة القضاء

سرية عبد الله بن حذافة ابن قيس بن عدي السهمي، عمرة القضاء: سَرِيَّةُ عَبْد الله بْن حُذَافَة بْن قيس بن عدي السهمي: قال ابن جريج: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] . نزلت فِي عَبْد الله بْن حُذَافَة السَّهْمِيّ، بَعَثَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَرِيَّةٍ. أخْبَرَنيه يَعْلَى بْن مُسْلِم، عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أخرجه فِي الصّحيح1. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى سَرِيَّةٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ. فَأَغْضَبُوهُ فِي شَيْءٍ، فَقَالَ: اجْمَعُوا لِي حَطَبًا، فَجَمَعُوا. وَأَمَرَهُمْ فَأَوْقَدُوهُ. ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْمُرْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تَسْمَعُوا لِي وَتُطِيعُوا؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَادْخُلُوهَا. فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَقَالُوا: إِنَّمَا فَرَرْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّارِ. فَسَكَنَ غَضَبُهُ، وَطُفِئَتِ النَّارُ. فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ: "لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا. إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ". أَخْرَجَاهُ2. وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وأوردنا الخلاف فيها. عمرة القضاء: روى نافع بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نُعيم، عَنْ نافع مولى ابن عُمَر قَالَ: كانت عُمْرة القضيّة فِي ذي القِعدة سنة سبعٍ. وَقَالَ مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لما رجع رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ خيبر، بعث سرايا وقام بالمدينة حتى استهلّ ذو القعدة. ثُمَّ نادى في الناس أن تجهزوا للعمرة فتجهَّزُوا، وخرجوا معه إلى مكة. وقال ابن شهاب: ثُمَّ خَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذي القِعدة حتى بلغ يَأْجَجَ3, وضع الأداة كلها: الحَجَف والمَجَانّ4 والرماح والنّبْل. ودخلوا بسلاح الراكب: السيوف. وبعث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعْفَرًا بين يديه إلى ميمونة بِنْت الحارث بْن حَزْن العامريّة فخطبها عَلَيْهِ، فجعلت أمرَها إلى العبّاس؛ وكانت أختها تحته وهي أمّ الفضل فزوّجها العبّاس رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا قدم أمر أصحابه فقال: "اكشفوا عَنِ المناكب واسعوا فِي الطَّواف". ليرى المشركون جَلَدَهم وقوَّتهم، وكان يكايدهم بكل ما استطاع. فأخذ أهل مكة -الرجال والنّساء والصّبيان- ينظرون إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ وهم يطوفون بالبيت. وعبد الله بْن رواحة يرتجز بين يدي رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- متوشحًا بالسيف يقول:

_ 1 أخرجه البخاري "4584"، ومسلم "1834" الإمارة. 2 أخرجه البخاري "8/ 191"، ومسلم "1834" الإمارة. 3 يأجح: مكان من مكة على ثمانية أميال. "معجم البلدان" "5/ 424". 4 المجن: الترس.

خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سبيله ... أَنَا الشهيد أنّه رسولهْ قد أنزل الرَّحْمَن فِي تنزيلهْ ... فِي صحف تُتْلى عَلَى رسولهْ فاليوم نضربكم عَلَى تأويلِهْ ... كما ضَربْناكم عَلَى تنزيلهْ ضرْبًا يُزيل الهامَ عَنْ مَقِيلَهْ ... وَيُذْهِلُ الخليلَ عَنْ خليلهْ وتغيّب رجال من أشرافهم أن ينظروا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْظًا وحنقًا، ونفاسة وحَسَدًا، خرجوا إلى الخَنْدَمَة1. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمكة، وأقام ثلاث ليالٍ، وكان ذَلِكَ آخر الشرط, فلما أصبح من اليوم الرابع أتاه سُهَيْلُ بْن عَمْرو وغيره، فصاح حُوَيْطِب بْن عَبْد العُزَّى: نناشدك الله والعقد لما خرجتَ من أرضنا فقد مضت الثلاث. فقال سعد بن عبادة: كذبت لا أم لك ليست بأرضك ولا بأرض آبائك، والله لا نخرج. ثُمَّ نادى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُهَيلًا وحُوَيْطبًا، فقال: "إنّي قد نكحت فيكم امرأةً فما يضرّكم أن أمكث حتى أدخل بِهَا، ونصنع الطعام فنأكل وتأكلون معنا". قالوا: نناشدك الله والعقد، إلا خرجت عنّا. فأمر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا رافع فأذّن بالرحيل. وَرَكِبَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نزل بطن سَرِف وأقام المسلمون، وخلَّف رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا رافع ليحمل ميمونة إِلَيْهِ حين يُمسي. فأقام بسرِف2 حتى قدِمت عَلَيْهِ، وقد لقيت عناءً وأذى من سُفهاء قريش، فبنى بِهَا. ثُمَّ أدلج فسار حتى قدِم المدينة. وقدّر الله أن يكون موتُ ميمونة بسَرِف بعد حين. وَقَالَ فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ. وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلا يَحْمِلَ سِلاحًا إِلا سُيُوفًا، وَلا يُقِيمَ بِهَا إِلا مَا أَحَبُّوا. فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَدَخَلَهَا كَمَا صَالَحَهُمْ. فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلاثًا أَمَرُوهُ أَنْ يخرج، فخرج. أخرجه البخاري3.

_ 1 الخندمة: جبل من جبال مكة. "معجم البلدان" "2/ 392". 2 سرف: موضع على أميال من مكة، وهو الذي فيه مسجد ميمونة أم المؤمنين -رضي الله عنها. "معجم البلدان" "3/ 212". 3 في المغازي، باب: عمرة القضاء "5/ 85".

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْعُمْرَةُ قَضَاءً وَلَكِنْ شَرْطًا عَلَى المسلمين أن يعتمروا قابل فِي الشَّهْرِ الَّذِي صَدَّهُمُ الْمُشْرِكُونَ. وقال مُحَمَّد بْن سلمة، عَنِ ابن إِسْحَاق، عَنْ عَمْرو بْن ميمون، سَمِعْتُ أَبَا حاضر الحَضْرَميّ أنّ ميمون بْن مِهْران قَالَ: خرجت معتمِرًا سنة حُوصِر ابن الزُّبير. وبعث معي رجال من قومي بهَدْي. فلما انتهينا إلى أهل الشام منعونا أن ندخل الْحَرَمَ فنحرت الهدي مكاني، ثُمَّ أحللتُ ثُمَّ رجعتُ. فلما كَانَ من العام المقبل، خرجت لأقضي عُمْرَتي، فأتيت ابن عبّاس فسألته، فقال: أبدل الهدْي الَّذِي نحروا عام الحُدَيبية فِي عُمْرة القضاء1. زاد فِيهِ يونس عَنِ ابن إِسْحَاق قَالَ: فَعَزَّت الإِبل عليهم، فرخَّص لهم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي البقر. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي غَانِمُ بْنُ أَبِي غَانِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَدْ سَاقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْقَضِيَّةِ سِتِّينَ بَدَنَةً. قَالَ: وَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ الظَّهْرَانِ، وَقَدَّمَ السِّلاحَ إِلَى بَطْنِ يَأْجَجَ، حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى أَنْصَابِ الْحَرَمِ. وَتَخَوَّفَتْ قُرَيْشٌ، فَذَهَبَتْ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ وَخَلَّوْا مَكَّةَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، مَشَى ابْنُ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ ... قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ بِأَنَّ خَيْرَ الْقتْلِ فِي سَبِيلِهِ ... نَحْنُ قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ كَمَا قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ ... يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ، وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمُ الْحُمَّى، وَلَقُوا مِنْهَا شَرًّا. فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى مَا قَالُوهُ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا2 الأَشْوَاطَ الثَّلاثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ. فَلَمَّا رَأَوْهُمْ رَمَلُوا، قَالُوا: هَؤُلاءِ الَّذِينَ ذَكَرْتُمْ أَنَّ

_ 1 سميت هذه العمرة، بعمرة القضاء، لأنها كانت عمرة الحديبية، أو لأنها وقعت حسب المقاضاة، أي المصالحة التي وقعت في الحديبية. 2 الرمل: هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى وهو الخبب.

الْحُمَّى وَهَنَتْهُمْ؟ هَؤُلاءِ أَجْلَدُ مِنَّا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلا الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ. أَخْرَجَاهُ1. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أنا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ رَمَلَ وَأَنَّهَا سُنَّةٌ. قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا؛ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ مَكَّةَ وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى قُعَيْقِعَانَ، وَكَانَ أهل مكة قومًا حسدًا، فجعلوا يتحدثون بَيْنَهُمْ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ضُعَفَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرُوهُمْ مَا يَكْرَهُونَ مِنْكُمْ". فَرَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُرِيَهُمْ قُوَّتَهُ وَقُوَّةَ أَصْحَابِهِ، وَلَيْسَتْ بِسُنَّةٍ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَدْ بَقِيَ الرَّمَلُ سُنَّةً فِي طَوَافِ الْقُدُومِ؛ وَإِنْ كَانَ قَدْ زَالَتْ عِلَّتُهُ فَإِنَّ جَابِرًا قَدْ حَكَى فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ رَمَلَ ورَمَلُوا فِي عُمْرَةِ الْجِعْرَّانَةِ. وقال إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى سمعه يَقْولُ: اعتمرنا مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكنّا نستره -حين طاف- من صبيان مكة لا يُؤْذونه. وأرانا ابن أَبِي أوفى ضربةً أصابته مَعَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- يوم خيبر. خ3.

_ 1 أخرجه البخاري في "الحج" باب: كيف بدأ الرمل "2/ 161"، ومسلم "1264" في "الحج". 2 في "الحج" برقم "1266". وقيعقعان: جبل بأسفل مكة. 3 أخرجه البخاري في المغازي، باب: عمرة القضاء "5/ 86".

زواجه صلى الله عليه وسلم بميمونة

زواجه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَيْمُونَةَ: وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ، وَكَانَ الَّذِي زَوَّجَهُ الْعَبَّاسُ. فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ ثَلَاثًا, فَأَتَاهُ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: قَدِ انْقَضَى أَجَلُكَ فَاخْرُجْ عَنَّا. قَالَ: "لَوْ تَرَكْتُمُونِي فَعرَّسْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ 1، وَصَنَعْنَا طَعَامًا فَحَضَرْتُمُوهُ". قَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ. فَخَرَجَ، وَخَلَّفَ أَبَا رَافِعٍ مَوْلَاهُ عَلَى مَيْمُونَةَ، حَتَّى أَتَاهُ بِهَا بِسَرِفٍ، فَبَنَى عَلَيْهَا. وَقَالَ وُهَيْبٌ: ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- تزوج

_ 1 فعرست: أي أقمت عرسًا ووليمة للزواج، والجمع أعراس.

مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلَالٌ1، وَمَاتَتْ بِسَرِفٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ لِي الثَّوْرِيُّ: لا تَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَهُمَا فِي الصَّحِيحِ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: ثنا عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: وَهَلْ وَإِنْ كَانَتْ خَالَتَهُ. مَا تزوجها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلا بَعْدَ مَا أَحَلَّ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ حَلالانِ بِسَرِفٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ3. وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، نا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلالٌ، وَبَنى بِهَا وَهُوَ حَلالٌ. وَكُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا4. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذي القعدة. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَفِيهِ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْنِي مِنْ مَكَّةَ، فَتَبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ، فَنَادَتْ: يَا عَمُّ. فَتَنَاوَلَهَا علي -رضي الله عنه، وقال لفاطمة: دونك، فحملتها. قال: فاختصم فيها عَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتَهَا وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ. ابْنَةُ عَمِّي، وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أخي. فقضى

_ 1 حلال: أي أحل من الإحرام. 2 في "صحيحه" "2/ 214". 3 أخرجه أبو داود "1843" في المناسك، وقال الشيخ الإلباني في "صحيح سنن أبي داود" "1626": "صحيح" والحديث في "الصحيحين". 4 أي الواسطة بينهما.

رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا لخالتها، وقال: "الخالة أم". وَقَالَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ"، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: "أَشْبَهْتَ خَلقي وخُلقي "، وَقَالَ لِزَيْدٍ: "أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلانَا"، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْهُ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَارَةَ بِنْتَ حَمْزَةَ، وَأُمَّهَا سُلْمَى بِنْتَ عُمَيْسٍ كَانَتَا بِمَكَّةَ. فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَلَّمَ عَلِيٌّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: عَلامَ نَتْرُكُ بِنْتَ عَمِّنَا يَتِيمَةً بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَلَمْ يَنْهَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ إِخْرَاجِهَا. فَخَرَجَ بِهَا، فَتَكَلَّمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَكَانَ وَصِيَّ حَمْزَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ آخَى بَيْنَهُمَا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ؛ وَفِيهِ: فَقَضَى بِهَا لِجَعْفَرٍ وَقَالَ: "تَحْتَكَ خَالَتِهَا، وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا وَلَا عَمَّتِهَا". وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا رَجَعَ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ بَعَثَ ابْنَ أَبِي الْعَوْجَاءِ فِي خَمْسِينَ إِلَى بَنِي سليم.

_ 1 في "صحيحه" "5/ 85". كتاب "المغازي".

ثم دخلت سنة ثمان من الهجرة

ثم دخلت سنة ثمان من الهجرة إسلام عَمْرو بْن العاص وخالد بْن الوليد ... ثُمَّ دَخَلَت سَنَة ثمَانٍ من الهجرة: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَارَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءَ السُّلَمِيُّ فِي خَمْسِينَ رَجُلا إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ، وَكَانَ عَيْنٌ لِبَنِي سُلَيْمٍ مَعَهُ. فَلَمَّا فَصَلَ مِنَ الْمَدِينَةِ، خَرَجَ الْعَيْنُ إِلَى قَوْمِهِ فَحَذَّرَهُمْ, فَجَمَعُوا جَمْعًا كَثِيرًا, وَجَاءَهُمُ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ وَهُمْ مُعِدُّونَ, فَلَمَّا رَآهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَوْا جَمْعَهُمْ، دَعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ, فَرَشَقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، وَلَمْ يَسْمَعُوا قَوْلَهُمْ، فَرَمَوْهُمْ سَاعَةً، وَجَعَلَتِ الأَمْدَادُ تَأْتِي، وَأَحْدَقُوا بِهِمْ, فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلَ عَامَّتُهُمْ، وَأُصِيبَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ جَرِيحًا فِي الْقَتْلَى, ثُمَّ تَحَامَلَ حَتَّى بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي أَوَّلِ صَفَرٍ. إسلام عَمْرو بْن العاص وخالد بْن الوليد: وفيها: أسلمَ عَمْرو بْن العاص، وخالد بْن الوليد. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: أنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: كُنْتُ لِلإِسْلامِ مُجَانِبًا مُعانِدًا, حَضَرْتُ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَنَجَوْتُ، ثُمَّ حَضَرْتُ

أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ فَنَجَوْتُ, فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: كَمْ أُوضَعُ، وَاللَّهِ لَيَظْهَرَنَّ مُحَمَّدٌ عَلَى قُرَيْشٍ, فَلَحِقْتُ بِمَالِي بِالْوَهْطِ1. فَلَمَّا كَانَ الصُّلْحُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، جَعَلْتُ أَقُولُ، يَدْخُلُ مُحَمَّدٌ قَابِلا مَكَّةَ بِأَصْحَابِهِ، مَا مكة بمنزل ولا الطائف، وما شيء خير مِنَ الْخُرُوجِ, فَقَدِمتُ مَكَّةَ فَجَمَعْتُ رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا يَرَوْنَ رَأْيِي وَيَسْمَعُونَ مِنِّي، فَقُلْتُ: تَعَلَّمُوا وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى أَمْرَ مُحَمَّدٍ يَعْلُو عُلُوًّا مُنْكَرًا، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا. قَالُوا: وما هو؟ قلت: نلحق بالنجاشي فنكون معه، فإن يظهر محمد كنا عند النجاشي، فنكون تحت يد النجاشي، أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ نَكُونَ تَحْتَ يَدِ مُحَمَّدٍ, وَإِنْ تَظْهَرْ قُرَيْشٌ فَنَحْنُ مَنْ عَرَفُوا. قَالُوا: هَذَا الرَّأْيُ. قُلْتُ: فَاجْمَعُوا مَا تُهْدُونَهُ لَهُ. وَكَانَ أَحَبَّ مَا يُهْدَى إِلَيْهِ مِنْ أَرْضِنَا الأَدَمُ. فَجَمَعْنَا لَهُ أَدَمًا كَثِيرًا، ثُمَّ خرجنا حتى أتيناه، فإنا لعنده؛ إذا جَاءَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ بِكِتَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى النَّجَاشِيِّ لِيُزَوِّجَهُ بِأُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَقُلْتُ لأَصْحَابِي: لَوْ دَخَلْتُ عَلَى النَّجَاشِيِّ، وَسَأَلْتُهُ هَذَا فَأَعْطَانِيهِ لَقَتَلْتُهُ لأُسِرَّ بِذَلِكَ قُرَيْشًا. فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَجَدْتُ لَهُ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِصَدِيقِي، أَهْدَيْتَ لِي مِنْ بِلادِكَ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَهْدَيْتُ لَكَ أَدَمًا. وَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ، فَأَعْجَبَهُ، فَفَرَّقَ مِنْهُ أَشْيَاءَ بَيْنَ بَطَارِقَتِهِ. ثُمَّ قُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ رَجُلا خَرَجَ مِنْ عِنْدِكَ وَهُوَ رَسُولُ عَدُوٍّ لَنَا قَدْ وَتَرَنَا وَقَتَلَ أَشْرَافَنَا، فَأَعْطِنِيهِ فَأَقْتُلَهُ. فَغَضِبَ وَرَفَعَ يَدَهُ فَضَرَبَ بِهَا أَنْفِي ضَرْبَةً ظَنَنْتُ أَنَّهُ كَسَرَهُ، فَابْتَدَرَ مَنْخَرَاي فَجَعَلْتُ أَتَلَقَّى الدَّمَ بِثِيَابِي, فَأَصَابَنِي مِنَ الذُّلِّ مَا لَوِ انْشَقَّتْ لِي الأَرْضُ دَخَلْتُ فِيهَا فَرَقًا مِنْهُ2. ثُمَّ قُلْتُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ: لَوْ ظَنَنْتَ أَنَّكَ تَكْرَهُ ما قلت ما سألتكه. قال: فاستحيا وَقَالَ: يَا عَمْرُو، تَسْأَلُنِي أَنْ أُعْطِيَكَ رَسُولَ مَنْ يَأْتِيهِ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ3 الَّذِي كَانَ يَأْتِي

_ 1 الوهط: حديقة بالطائف. 2 الفرق: الخوف. 3 الناموس الأكبر: المقصود به جبريل -عليه السلام.

مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ لِتَقْتُلَهُ؟ قَالَ عَمْرٌو: وَغَيَّرَ اللَّهُ قَلْبِي عَمَّا كُنْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: عَرَفَ هَذَا الْحَقَّ الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ وَتُخَالِفُ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَتَشْهَدُ أَيُّهَا الْمَلِكُ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، أَشْهَدُ بِهِ عِنْدَ اللَّهِ يَا عَمْرُو، فَأَطِعْنِي وَاتَّبِعْهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَعَلَى الْحَقِّ، وَلَيَظْهَرَنَّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ، كَمَا ظَهَرَ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ. قُلْتُ: أَفَتُبَايِعُنِي لَهُ عَلَى الإِسْلامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَنِي عَلَى الإِسْلامِ، ثم جعل بَطَسْتٍ، فَغَسَلَ عَنِّي الدَّمَ، وَكَسَانِي ثِيَابًا، وَكَانَتْ ثِيَابِي قَدِ امْتَلأَتْ بِالدَّمِ فَأَلْقَيْتُهَا. وَخَرَجْتُ عَلَى أَصْحَابِي فَلَمَّا رَأَوْا كِسْوَةَ النَّجَاشِيِّ سُرُّوا بِذَلِكَ وَقَالُوا: هَلْ أَدْرَكْتَ مِنْ صَاحِبِكَ مَا أَرَدْتَ؟ فَقُلْتُ: كَرِهْتُ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَقُلْتُ أَعُودُ إِلَيْهِ فَفَارَقْتُهُمْ، وَكَأَنِّي أَعْمِدُ لِحَاجَةٍ، فَعَمَدْتُ إِلَى مَوْضِعِ السُّفُنِ فَأَجِدُ سَفِينَةً قَدْ شُحِنَتْ تُدْفَعُ, فَرَكِبْتُ مَعَهُمْ، وَدَفَعُوهَا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الشُّعَيْبَةِ1. وَخَرَجْتُ مِنَ الشّعيبةِ وَمَعِي نَفَقَةٌ، فَابْتَعْتُ بَعِيرًا، وَخَرَجْتُ أُرِيدُ الْمَدِينَةَ، حَتَّى خَرَجْتُ عَلَى مَرَّ الظَّهْرَانِ, ثُمَّ مَضَيْتُ حَتَّى إِذَا كنت بالهدة، فَإِذَا رَجُلانِ قَدْ سَبَقَانِي بِغَيْرِ كَثِيرٍ، يُرِيدَانِ مَنْزِلا، وَأَحَدُهُمَا دَاخِلٌ فِي خَيْمَةٍ، وَالآخَرُ قَائِمٌ يُمْسِكُ الرَّاحِلَتَيْنِ. فَنَظَرْتُ فَإِذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. فقلت: أبا سليمان؟ قال: نعم. قلت: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: مُحَمَّدًا، دَخَلَ النَّاسُ فِي الإِسْلامِ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ بِهِ طَمَعٌ، وَاللَّهِ لَوْ أَقَمْتَ لأَخَذَ بِرِقَابِنَا كَمَا يُؤْخَذُ بِرَقَبَةِ الضَّبُعِ فِي مَغَارَتِهَا. قُلْتُ: وَأَنَا وَاللَّهِ قَدْ أَرَدْتُ مُحَمَّدًا وَأَرَدْتُ الإِسْلامِ. فَخَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَرَحَّبَ بِي، فَنَزَلْنَا جَمِيعًا ثُمَّ تَرَافَقْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَا أَنْسَى قَوْلَ رَجُلٍ لقِيَنَا بِبِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ2 يَصِيحُ: يَا رَبَاحُ، يَا رَبَاحُ. فَتَفَاءَلْنَا بِقَوْلِهِ، وَسِرْنَا ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا، فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: قَدْ أَعْطَتْ مَكَّةُ الْمُقَادَةَ بَعْدَ هذين, فظننت أنه يعنيني وخالد بن الوليد, ثم ولى مدبرًا إلى المسجد سريعًا فَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَشَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقُدُومِنَا، فَكَانَ كَمَا ظَنَنْتُ, وَأَنَخْنَا بِالْحَرَّةِ فَلَبِسْنَا مِنْ صَالِحِ ثِيَابِنَا، وَنُودِيَ بِالْعَصْرِ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ، وَإِنَّ لِوَجْهِهِ تَهَلُّلا، وَالْمُسْلِمُونَ حَوْلَهُ قَدْ سُرُّوا بِإِسْلامِنَا, وَتَقَدَّمَ خَالِدٌ فَبَايَعَ، ثم تقدم عثمان

_ 1 الشعبية: مرفأ السفن من ساحل بحر الحجاز، وقيل: قرية على شاطئ البحر على طريق اليمن "معجم البلدان" "3/ 351". 2 بينها وبين المدينة مقدار ميل.

ابن طَلْحَةَ فَبَايَعَ، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَرْفَعَ طَرْفِي إِلَيْهِ حَيَاءً مِنْهُ، فَبَايَعْتُهُ عَلَى أَنْ يَغْفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي، وَلَمْ يَحْضُرْنِي مَا تَأَخَّرَ. فَقَالَ: "إِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَالْهِجْرَةَ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا". فَوَاللَّهِ مَا عَدَلَ بِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِخَالِدٍ أَحَدًا فِي أَمْرٍ حَزَبَهِ مُنْذُ أَسْلَمْنَا1. وَلَقَدْ كُنَّا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ, وَلَقْد كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بِتِلْكَ الْحَالِ، وَكَانَ عُمَرُ عَلَى خَالِدٍ كَالْعَاتِبِ. قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَاشِدٌ مَوْلَى حَبِيبِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرٍو؛ نَحْوَ ذَلِكَ. فَقُلْتُ لِيَزِيدَ: أَلَمْ يُوَقَّتْ لَكَ مَتَى قَدِمَ عَمْرٌو وَخَالِدٌ؟ قَالَ: لا، إِلا أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ الْفَتْحِ. قُلْتُ: فَإِنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي أَنَّ عَمْرًا وَخَالِدًا وَعُثْمَان قَدِمُوا الْمَدِينَةَ لِهِلالِ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ رَاشِدٍ مَوْلَى حَبِيبِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ؛ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، قَالَ: لَمَّا انْصَرَفْنَا مِنَ الْخَنْدَقِ، جَمَعْتُ رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى أَمْرَ مُحَمَّدٍ يَعْلُو عُلُوًّا مُنْكَرًا، وَاللَّهِ مَا يَقُومُ لَهُ شَيْءٌ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا مَا أَدْرِي كَيْفَ رَأْيُكُمْ فِيهِ؟ قَالُوا: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: أَنْ نَلْحَقَ بِالنَّجَاشِيِّ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، لَكِنْ فِيهِ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ أَنْفَ نَفْسِهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ كَسَرَهُ. وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ مُخْتَصَرٌ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحارث بْن هشام، سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ بِي مَا أَرَادَ مِنَ الْخَيْرِ قَذَفَ فِي قَلْبِي الإِسْلامَ، وَحَضَرَنِي رُشْدِي، وَقُلْتُ: قَدْ شَهِدْتُ هَذِهِ الْمَوَاطِنَ كُلَّهَا عَلَى مُحَمَّدٍ فَلَيْسَ مَوْطِنٌ أَشْهَدُهُ إِلا أَنْصَرِفُ وَأَنَا أَرَى فِي نَفْسِي أَنِّي مُوضَعٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا سَيَظْهَرُ. فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ، خَرَجْتُ فِي خَيْلِ الْمُشْرِكِينَ، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَصْحَابِهِ بِعُسْفَانَ، فَأَقَمْتُ بِإِزَائِهِ وَتَعَرَّضْتُ لَهُ، فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ الظُّهْرَ أَمَامَنَا، فَهَمَمْنَا أَنْ نُغِيرَ عَلَيْهِ, ثُمَّ لم يعزم لنا، وكانت فيه

_ 1 أخرجه أحمد في المسند "4/ 198، 199"، والبيهقي في "السنن الكبرى" "9/ 123" مختصرًا والحاكم في "مستدركه" "3/ 454"، وقال الشيخ الألباني في "الإرواء" "5/ 122، 123": إسناده حسن أو قريب منه.

خِيَرَةٌ، فَاطَّلَعَ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِنَا مِنَ الْهُمُومِ، فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلاةَ الْعَصْرِ صَلاةَ الْخَوْفِ, فَوَقَعَ ذَلِكَ مِنَّا مَوْقِعًا، وَقُلْتُ: الرَّجُلُ مَمْنُوعٌ. فَافْتَرَقْنَا، وَعَدَلَ عَنْ سَنَنِ خَيْلِنَا، وَأَخَذْتُ ذَاتَ الْيَمِينِ. فَلَمَّا صَالَحَ قُرَيْشًا قُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ؟ أَيْنَ الْمَذْهَبُ؟ إِلَى النَّجَاشِيِّ؟ فَقَدِ اتَّبَعَ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ آمِنُونَ. فَأَخْرُجُ إِلَى هِرَقْلَ؟ فأخرج من ديني إلى النصرانية واليهودية فأقيم مَعَ عَجَمٍ تَابِعًا مَعَ عَنَتِ ذَلِكَ؟ أَوْ أُقِيمُ فِي دَارِي فِيمَنْ بَقِيَ؟ فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ، فَتَغَيَّبْتُ. وَكَانَ أَخِي الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَدْ دَخَلَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ, فَطَلَبَنِي فَلَمْ يَجِدْنِي، فَكَتَبَ إِلَيَّ كِتَابًا فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْد؛ فَإِنِّي لَمْ أَرَ أَعْجَبَ مِنْ ذَهَابِ رَأْيِكَ عَنِ الإِسْلامِ. وَعَقْلُكَ عَقْلُكَ، وَمَثَلُ الإِسْلامِ يَجْهَلُهُ أَحَدٌ؟ قَدْ سَأَلَنِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَيْنَ خَالِدٌ؟ فَقُلْتُ: يَأْتِي اللَّهُ بِهِ. فَقَالَ: مَا مَثَلُهُ جَهِلَ الإِسْلامَ، وَلَوْ كَانَ جَعَلَ نِكَايَتَهُ وَجَدَّهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ كَانَ خَيْرًا لَهُ وَلَقَدَّمْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ. فَاسْتَدْرِكْ يَا أَخِي مَا قَدْ فَاتَكَ. فَلَمَّا جَاءَنِي كِتَابُهُ، نَشِطْتُ لِلْخُرُوجِ، وَزَادَنِي رَغْبَةً فِي الإِسْلامِ. وَأَرَى فِي النَّوْمِ كَأَنِّي فِي بِلادٍ ضَيِّقَةٍ جَدْبَةٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى بِلادٍ خَضْرَاءَ وَاسِعَةٍ قُلْتُ: إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا. فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قُلْتُ: لأَذْكُرَنَّهَا لأَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرْتُهَا، فَقَالَ: هُوَ مَخْرَجُكَ الَّذِي هَدَاكَ اللَّهُ لِلإِسْلامِ، وَالضَّيِّقُ هُوَ الشِّرْكُ. قَالَ: فَلَمَّا أَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: مَنْ أُصَاحِبُ إِلَى مُحَمَّدٍ؟ فَلَقِيتُ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ. فَقُلْتُ يَا أَبَا وَهْبٍ. أَمَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، إِنَّمَا كُنَّا كَأَضْرَاسٍ، وَقَدْ ظَهَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، فَلَوْ قَدِمْنَا عَلَى مُحَمَّدٍ فَاتَّبَعْنَاهُ فَإِنَّ شَرَفَهُ لَنَا شَرَفٌ. فَأَبَى أَشَدَّ الإِبَاءِ وَقَالَ: لَوْ لَمْ يَبْقَ غَيْرِي مَا اتَّبَعْتُهُ أَبَدًا. فَافْتَرَقْنَا وَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ قُتِلَ أَخُوهُ بِبَدْرٍ. فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ فَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ مَا قُلْتُ لِصَفْوَانَ، فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ صَفْوَانُ. قُلْتُ: فَاكْتُمْ ذِكْرَ مَا قُلْتُ لَكَ. وَخَرَجْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَأَمَرْتُ بِرَاحِلَتِي أَنْ تَخْرُجَ إِلَيَّ، فَخَرَجْتُ بِهَا إِلَى أَنْ أَلْقَى عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ. فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا لِي صَدِيقٌ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، إِنِّي عَمَدْتُ الْيَوْمَ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أغدو، وهذه راحلتي بفخ منَاخَةَ1، قَالَ: فَاتَّعَدْتُ أَنَا وَهُوَ بِيَأْجَجَ، وَأَدْلَجْنَا سَحَرًا، فَلَمْ يَطْلَعِ الْفَجْرُ حَتَّى الْتَقَيْنَا بِيَأْجَجَ، فَغَدَوْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْهَدَّةِ2. فَنَجِدُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِهَا، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ. فَقُلْنَا: وَبِكَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ: كَانَ قُدُومُنَا فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ. فَوَاللَّهِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي يَوْمِ أَسْلَمْتُ يَعْدِلُ بِي أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فيما حزبه.

_ 1 فخ: واد بمكة. 2 الهدة: موضع بين مكة والطائف.

سرية شجاع بن وهب الأسدي، سرية نجد

سرية شجاع بن وهب الأسدي، سرية نجد: سَرِيَّةُ شجاع بْن وهْب الأسديّ: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلا إِلَى جَمْعٍ مِنْ هَوَازِنَ1, وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ, فَخَرَجَ يَسِيرُ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ، حَتَّى صَبَّحَهُمْ غَارِّينَ، فَأَصَابُوا نَعَمًا وَشَاءً، فَاسْتَاقُوا ذَلِكَ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ. وَعَدَلُوا الْبَعِيرَ بِعَشَرَةٍ مِنَ الْغَنَمِ. وَغَابَتِ السَّرِيَّةُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. قَالَ ابن أَبِي سَبْرة: فحدّثت بِهِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عثمان، فقال: كذبوا. قد أصابوا فِي ذَلِكَ الحاضر نسوةً فاستاقوهنّ، فكانت فيهنّ جارية وضِيئة، فقدموا بِهَا المدينة، ثُمَّ قدِم وفْدُهم مسلمين، فكلّموا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السبْي. فكلّم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شجاعًا وأصحابه فِي ردّهنّ, فردّهنّ. قال ابن أبي سبرة: فأخبرت شيخًا من الأنصار بذلك، فقال: أما الجارية الوضيئة فأخذها بثمنٍ فأصابها. فلما قدِم الوفد، خيَّرها فاختارت شجاعًا. فَقُتِلَ يوم اليَمامة وهي عنده. سَرِيَّةُ نَجْدٍ: قَالَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَل نَجْدٍ وَأَنَا فِيهِمْ. فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً, فَبَلَغَتْ سُهْمَانُهُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، ثُمَّ نُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا، فَلَمْ يغير رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. متفق عليه2.

_ 1 هوازن: من المدينة على خمس ليال. 2 أخرجه البخاري في "كتاب فرض الخمس"، ومسلم في "الجهاد والسير".

سرية كعب بن عمير، غزوة مؤتة

سرية كعب بن عمير، غزوة مؤتة: سرية كعب بْن عُمَيْر: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَعْبَ بْنَ عُمَيْرٍ الْغِفَارِيَّ، فِي خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى ذَاتِ أَطْلاحٍ مِنَ الشَّامِ1, فَوَجَدُوا جَمْعًا مِنْ جَمْعِهِمْ كَثِيرًا، فَدَعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ، وَرَشَقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ قَاتَلُوهُمْ أَشَدَّ الْقِتَالِ، حَتَّى قُتِلُوا، فَأَفْلَتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ جَرِيحٌ فِي القتلى، فلما برد عَلَيْهِ اللَّيْلُ، تَحَامَلَ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَمَّ بِالْبَعْثِ إِلَيْهِمْ، فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ سَارُوا إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، فَتَرَكَهُمْ. غزوة مؤته: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحَارِثَ بْنَ عُمَيْرٍ الأَزْدِيَّ إِلَى مَلِكِ بُصْرَى بِكِتَابِهِ. فَلَمَّا نَزَلَ مُؤْتَةَ عَرَضَ لِلْحَارِثِ شُرَحْبِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْغَسَّانِيُّ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الشَّامَ. قَالَ: لَعَلَّكَ مِنْ رُسُلِ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَلَمْ يُقْتَلْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَسُولٌ غَيْرُهُ. وَبَلَغَ رَسُولَ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخبر، فاشتد عَلَيْهِ، وَنَدَبَ النَّاسَ فَأَسْرَعُوا. وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ خُرُوجِهِمْ إِلَى غَزْوَةِ مُؤْتَةَ2. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ فِي ذِي الْحِجَّةِ، فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى بَعَثَ إِلَى مُؤْتَةَ فِي جُمَادَى مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ، وَأَمَّرَ عَلَى النَّاسِ زَيْدَ بْنَ حارثة. وَقَالَ: "إِنْ أُصِيبَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ فَلْيَرْتَضِ الْمُسْلِمُونَ رَجُلا". فَتَهَيَّئُوا لِلْخُرُوجِ، وَوَدَّعَ النَّاسُ أُمَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَبَكَى ابْنُ رَوَاحَةَ، فَقَالُوا: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا بِي حُبٌّ لِلدُّنْيَا، وَلا صَبَابَةٌ إِلَيْهَا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ، فَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ لِي بِالصَّدْرِ بَعْدَ الْوُرُودِ؟ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: صَحِبَكُمُ اللَّهُ وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم.

_ 1 موضع من وراء القرى إلى المدينة. "معجم البلدان" "1/ 218". 2 قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في "زاد المعاد" "3/ 381": "وهي بأدنى البلقاء من أرض الشام، وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان". اهـ.

فَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ. لَكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً ... وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْغٍ1 تَقْذِفُ الزَّبَدَا2 أَوْ طَعْنَةً بِيَدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزَةً ... بِحَرْبَةٍ تُنْفِذُ الأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا حَتَّى يَقُولُوا إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي3 ... يَا أَرْشَدَ اللَّهِ مِنْ غَازٍ وَقَدْ رَشَدَا4 ثُمَّ إِنَّهُ وَدَّعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: فَثَبَّتَ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ نَافِلَةً ... وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي ثَابِتُ الْبَصَرِ أَنْتَ الرَّسُولُ فَمَنْ يُحْرَمُ نَوَافِلَهُ ... وَالْوَجْهَ مِنْهُ فَقَدْ أَزْرَى بِهِ الْقَدَرُ ثُمَّ خَرَجَ الْقَوْمُ حَتَّى نَزَلُوا مَعَانَ5، فَبَلَغَهُمْ أَنَّ هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ مَآبَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الرُّومِ، وَمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْمُسْتَعْرِبَةِ، فَأَقَامُوا بِمَعَانَ يَوْمَيْنِ، وَقَالُوا: نَبْعَثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَبَرِهِ. فَشَجَّعَ النَّاسُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: يَا قَوْمُ، وَاللَّهِ إِنَّ الَّتِي تَكْرَهُونَ لَلَّتِي خَرَجْتُمْ لَهَا تَطْلُبُونَ، الشَّهَادَةَ. وَلا نُقَاتِلُ النَّاسَ بِعَدَدٍ وَلا كَثْرَةٍ، وَإِنَّمَا نُقَاتِلُهُمْ بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِهِ، فَإِنْ يُظْهِرْنَا اللَّهُ بِهِ فَرُبَّمَا فَعَلَ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى فَهِيَ الشَّهَادَةُ، وَلَيْسَتْ بِشَرِّ الْمَنْزِلَتَيْنِ. فَقَالَ النَّاسُ: وَاللَّهِ لَقَدْ صَدَقَ فَانْشَمَرَ النَّاسُ، وَهُمْ ثَلاثَةُ آلافٍ، حَتَّى لَقُوا جُمُوعَ الرُّومِ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْبَلْقَاءِ يُقَالُ لَهَا مَشَارِفُ، ثُمَّ انْحَازَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى مُؤْتَةَ، قَرْيَةٍ فَوْقَ الْحِسَاءِ. وَكَانُوا ثَلاثَةَ آلافٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ شَهِدْتُ مُؤْتَةَ، فَلَمَّا رَأَيْنَا الْمُشْرِكِينَ رَأَيْنَا مَا لا قِبَلَ لأَحَدٍ بِهِ مِنَ الْعُدَّةِ وَالسِّلاحِ وَالْكَرَاعِ وَالدِّيبَاجِ وَالذَّهَبِ. فَبَرِقَ بَصَرِي، فَقَالَ لِي ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ: مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كَأَنَّكَ تَرَى جُمُوعًا كَثِيرَةً؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ لَمْ تَشْهَدْ مَعَنَا بدرًا، إنا لم ننصر بالكثرة.

_ 1 ذات فرع: يريد طعنة واسعة. 2 الزبد: أصله ما يعلو الماء إذا غلا، وأراد هنا ما يعلو الدم الذي ينفجر من الطعنة. 3 الجدث: القبر. 4 قال الهيثمي في "المجمع" "6/ 157، 158": "رواه الطبراني، ورجاله ثقات إلى عروة". 5 مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء. "معجم البلدان" "5/ 153".

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غزوة مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُنْتُ مَعَهُمْ، فَفَتَّشْنَاهُ يَعْنِي ابْنَ رَوَاحَةَ، فَوَجَدْنَا فِيمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ بِضْعًا وَسَبْعِينَ، بَيْنَ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ. وَقَالَ مصعب الزبيري وغيره، عن مغيرة: بِضْعًا وَتِسْعِينَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ النُّعْمَانُ بْنُ فنحص الْيَهُودِيُّ، فَوَقَفَ مَعَ النَّاسِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَمِيرُ النَّاسِ، فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَإِنْ قتل عبد الله فليرتض المسلمون رجلا فليجعلوه عَلَيْهِمْ". فَقَالَ النُّعْمَانُ: أَبَا الْقَاسِمِ، إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا، فَسَمَّيْتَ مَنْ سَمَّيْتَ قَلِيلا أَوْ كَثِيرًا أُصِيبُوا جَمِيعًا. إِنَّ الأَنْبِيَاءَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا إِذَا اسْتَعْمَلُوا الرَّجُلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالُوا: إِنْ أُصِيبَ فُلانٌ فَفُلانٌ، فَلَوْ سَمَّوْا مِائَةً أُصِيبُوا جَمِيعًا. ثُمَّ جَعَلَ الْيَهُودِيُّ يَقُولُ لِزَيْدٍ: اعْهَدْ، فَلا تَرْجِعْ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِيًّا. قال زيد: أشهد أنه نبي بَارٌّ صَادِقٌ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ الْمُسْلِمِينَ قُطْبَةُ بْنُ قَتَادَةَ الْعُذْرِيُّ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ عَبَايَةُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ. والتقى الناس. فحدثني يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير، عن أبيه، حدثني أَبِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَكَانَ أَحَدُ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: وَاللَّهِ لَكَأنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ مُؤْتَةَ حِينَ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَقَرَهَا ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عُقِرَ فِي الْإِسْلَامِ2. وَقَالَ: يَا حَبَّذَا الْجَنَّةُ وَاقْتِرابُها ... طَيِّبَةً وَبَارِدَةً شَرابُها وَالرُّومُ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا ... عَلِيَّ إِنْ لَاقَيْتُهَا ضرابها3

_ 1 في "المغازي" "5/ 87" باب: غزوة مؤتة. 2 "حسن": أخرجه أبو داود في "الجهاد" "2573" باب: في الدابة تعرقب في الحرب، وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2243": حسن. 3 "صحيح": أخرجه أبو داود "2573" مختصرًا، وقال الحافظ في "الفتح" "7/ 584": "إسناده حسن، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

فَلَمَّا قُتِلَ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللَّهِ. حَدَّثَنِي محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة قَالَ: أخذها عَبْد الله بْن رَواحة فالتوى بِهَا بعضَ الالتواءِ، ثُمَّ تقدّم عَلَى فرسه فجعل يستنزل نفسَه ويتردّد. حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْر، أَنَّ ابن رَوَاحة قَالَ عند ذَلِكَ: أقسمْتُ يا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّهْ ... طائعةً أو لتكرهنه إن أجلب الناس وشدوا الرنه1 ... ما لي أراك تَكْرَهين الجَنَّة قد طالما قد كنتِ مطمئنه ... هل أنت إلا نطفة فِي شَنَّهْ2 ثُمَّ نزل فقاتل حتى قُتِل. قَالَ ابن إِسْحَاق: وقال أيضًا: يا نفس إنْ لا تُقتلي تموتي ... هذا حِمامُ الموتِ قد صُلِيت وما تمنَّيتِ فقد أُعْطيِتِ ... إنْ تفعلي فعلهما هُديتِ وإنْ تأخَّرتِ فقد شَقِيتِ فلما نزل أتى ابن عمّ لَهُ بعَرق لحم فقال: أَقِمْ بِهَا صُلْبَك، فنهش منها نهشةً، ثُمَّ سَمِعَ الحَطْمة فِي ناحيةٍ فقال: وأنت فِي الدنيا؟ فألقاه من يده. ثُمَّ قاتل حتى قُتِل. فحدّثني مُحَمَّد بْن جَعْفَر، عَنْ عُرْوة قَالَ: ثُمَّ أخذ الراية ثابت بْن أقرم، فقال: اصطلحوا يا معشر المسلمين عَلَى رَجُل. قَالُوا: أنت لَهَا. فقال: لا. فاصطلحوا، على خَالِد بْن الوليد. فجاش بالنّاس، فدافع وانحاز وتُحُيِّزَ عَنْهُ، ثُمَّ انصرف بالنّاس. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَعَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعْفَرًا وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَابْنَ رَوَاحَةَ، نَعَاهُمْ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ خَبَرُهُمْ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3، وَزَادَ فِيهِ: فَنَعَاهُمْ، وَقَالَ: "أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ. ثم أخذ الراية بعدهم سيف من

_ 1 الرنة: صوت فيه شبه البكاء. 2 الشنة: الوعاء البالي. 3 في "المغازي" "5/ 87" باب: غزوة مؤتة.

سُيُوفِ اللَّهِ: خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ". قَالَ: فَجَعَلَ يُحَدِّثُ النَّاسَ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ تُفَقِّهُهُ، فَغَشِيَهُ النَّاسُ، فَغَشِيتُهُ فِيمَنْ غَشِيَهُ مِنَ النَّاسِ. فَقَالَ: ثَنَا أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَيْشَ الْأُمَرَاءِ، وَقَالَ: "عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ". فَوَثَبَ جَعْفَرٌ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا كُنْتُ أَذْهَبُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ زَيْدًا عَلِيَّ. قَالَ: "فَامْضِ, فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ خَيْرٌ". فَانْطَلَقُوا، فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ. فَصَعِدَ رَسُولُ الله الْمِنْبَرِ، وَأَمَرَ فَنُودِيَ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا: إِنَّهُمْ انْطَلَقُوا فَلَقُوا الْعَدُوَّ، فَقُتِلَ زَيْدٌ شَهِيدًا"، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ. ثُمَّ قَالَ: "أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرٌ فَشَدَّ عَلَى الْقَوْمِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا"، شَهِدَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ. "ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا"، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ "ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَهُوَ أَمَّرَ نَفْسَهُ"، ثُمَّ قَالَ: "الَّلهُمَّ إِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ، فَأَنْتَ تَنْصُرُهُ". فَمِنْ يَوْمِئِذٍ سُمِّيَ خَالِدٌ "سَيْفَ اللَّهِ". وقال البكّائي، عَنِ ابن إِسْحَاق: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أخذ الرايةَ زيدُ فقاتل بِهَا حتى قُتِل شهيدًا، ثُمَّ أخذها جَعْفَر فقاتل حتى قُتل شهيدًا"، ثُمَّ صمت، حتى تغيَّرت وجوهُ الأنصار، وظنّوا قد كَانَ فِي عَبْد الله بعضُ ما يكرهون. فقال: "ثُمَّ أخذها عَبْد الله بْن رَوَاحة فقاتل بِهَا حتى قُتِل شهيدًا"، ثُمَّ قَالَ: "لقد رُفِعوا إلى الجنة فيما يرى النّائم عَلَى سُرُرٍ من ذهب, فرأيت فِي سرير عَبْد الله ازورارًا عَنْ سريرَيْ صاحبَيْه. فقلت: عمَّ هذا؟ فقيل لي: مَضَيا وتردّد عَبْد الله بعضَ التردّد ثُمَّ مضى". وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَخَذَ الرَّايَةَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ" 1. قَالَ: فحدّثني العَطَّاف بْن خَالِد قَالَ: لما قُتِل ابن رَوَاحة مساءً، بات خالد، فلما

_ 1 حمي الوطيس؛ أي: حمي الضرب وجدت الحرب واشتدت.

أصبح غدا وقد جعل مقدّمته ساقةً، وساقَتَه مقدِّمة، وميمَنَتَه مَيْسَرَةً، ومَيْسَرَتَهُ مَيْمَنَةً. فأنكروا ما كانوا يعرِفون من راياتهم وهيئتهم، وقالوا: قد جاءهم مدد، فرُعِبُوا فانكشفوا منهزمين، فقُتِلوا مَقْتَلةً لم يُقْتَلْها قومٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ: لَقَدِ انْدَقَّ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيةٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَمَّا قُتِلَ زَيْدٌ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرٌ فَجَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَحَبَّبَ إِلَيْهِ الْحَيَاةَ وَكَرَّهَ إِلَيْهِ الْمَوْتَ وَمَنَّاهُ الدُّنْيَا، فَقَالَ: الآنَ حِينَ اسْتَحْكَمَ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، تُمَنِّينِي الدُّنْيَا؟ ثُمَّ مَضَى قُدُمًا حَتَّى اسْتُشْهِدَ"، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُ، وَقَالَ: "اسْتَغْفِرُوا لَهُ، فَإِنَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ بِجَنَاحَيْنِ مِنْ يَاقُوتٍ حَيْثُ يَشَاءُ مِنَ الْجَنَّةِ". وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ. رَوَاهُ خ2. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَخَبَرَتْنِي عَمْرَةُ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَمَّا جَاءَ قَتْلُ جَعْفَرٍ وَابْنِ حَارِثَةَ وَابْنِ رَوَاحَةَ، جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شِقِّ الْبَابِ. فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ نساء جعفر؛ وذكر بكاءهن فأمره أَنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ قد نهيتهن وذكر أنهن لم يطعنه. فأمره الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى فَقَالَ: وَاللَّهِ قَدْ غَلَبْنَنَا. فَزَعَمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ". فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْعَنَاءِ. أَخْرَجَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْهُ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أُمِّ عِيسَى الْجَزَّارِ الْخُزَاعِيَّةِ، عَنْ أُمِّ جَعْفَرٍ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَرٌ وَأَصْحَابُهُ، دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد عجنت عجيني وغسلت بني

_ 1 في "المغازي" "5/ 87" غزوة مؤتة. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 87" باب: غزوة مؤتة.

ودهنتهم ونطفتهم. فَقَالَ: "ائْتِينِي بِبَنِي جَعْفَرٍ". فَأَتَيْتُهُ بِهِمْ، فَشَمَّهُمْ، فَدَمَعَتْ عَينَاهُ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا يُبْكِيكَ؟ أَبَلَغَكَ عَنْ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ شَيْءٌ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ, أُصِيبُوا هَذَا الْيَوْمَ". فَقُمْتُ أَصِيحُ، وَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ, فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ: "لا تَغْفَلُوا آلَ جَعْفَرٍ أَنْ تَصْنَعُوا لَهُمْ طَعَامًا، فَإِنَّهُمْ قَدْ شُغِلُوا بِأَمْرِ صَاحِبِهِمْ" 1. قَالَ ابن إِسْحَاق: فسمعت عَبْد الله بْن أَبِي بَكْر يَقْولُ: لقد أدركت النّاسَ بالمدينة إذا مات مَيِّتٌ؛ تكلّف جيرانُهم يومَهم ذَلِكَ طعامَهم؛ فَلَكَأَنّي أنظر إليهم قد خبزوا خُبزًا صِغارًا، وصنعوا لحمًا، فُيجعل فِي جَفْنَةٍ، ثُمَّ يأتون بِهِ أهلَ الميّت، وهم يبكون عَلَى ميّتهم مشتغلين فيأكلونه. ثُمَّ إنّ النّاس تركوا ذَلِكَ. فَائِدَةٌ: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ2، مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَرَجْتُ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، فَرَافَقَنِي مَدَدِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ سَيْفِهِ. فَنَحَرَ رَجُلٌ جَزُورًا فَسَأَلَهُ الْمَدَدِيُّ طَائِفَةً مِنْ جِلْدِهِ، فَأَعْطَاهُ فَاتَّخَذَهُ كَهَيْئَةِ الدَّرَقَةِ. وَمَضَيْنَا فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ أَشْقَرَ وَعَلَيْهِ سَرْجٌ مُذَهَّبٌ وَسِلَاحٌ مُذهَّبٌ، فَجَعَلَ يُغْرِي بِالْمُسْلِمِينَ. وَقَعَدَ لَهُ الْمَدَدِيُّ خَلْفَ صَخْرَةٍ، فَمَرَّ بِهِ الرُّومِيُّ فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ، فَخَرَّ وَعَلَاهُ فَقَتَلَهُ وَحَازَ فَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ. فَأَخَذَهُ مِنْهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِالسَّلْبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ. قُلْتُ: لَتَرُدَّنَّهُ أَوْ لَأُعِرْفَنَّكُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا، فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ لِخَالِدٍ: "مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ"؟ قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ. قَالَ: "رُدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ". فَقُلْتُ: دُونَكَ يَا خَالِدٌ، ألم أقل لك؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا ذَلِكَ"؟ فَأَخْبَرْتُهُ. قَالَ: فَغَضِبَ وَقَالَ: "يا خالد لا ترده عليه, هل أنتم تاركون لِي أُمَرَائِي، لَكُمْ صَفْوَةُ أَمْرِهِمْ وَعَلَيْهِمْ كَدَرُهُ". وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ: أَنَا أَحْفَظُ حِينَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أُمِّي، فَنَعَى لَهَا أَبِي، فَأَنْظُرُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَمْسَحُ عَلَى رَأْسِي وَرَأْسِ أَخِي، وَعَيْنَاهُ تُهْرِقَانِ الدُّمُوعَ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّ جَعْفَرًا قَدْ قَدِمَ إِلَيْكَ إِلَى أَحْسَنِ ثَوَابٍ، فَاخْلُفْهُ فِي ذُرِّيَّتِهِ بأحسن ما خلفت أحدًا

_ 1 "حسن": أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه": حسن. 2 برقم "1753" كتاب: الجهاد والسير.

مِنْ عِبَادِكَ فِي ذُرِّيَّتِهِ". ثُمَّ قَالَ: "يَا أَسْمَاءُ، أَلا أُبَشِّرُكِ"؟ قَالَتْ: بَلَى، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِجَعْفَرٍ جَنَاحَيْنِ يطير بهما في الجنة". قالت: فَأَعْلَمَ النَّاسَ ذَلِكَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَالَ: أُصِيبَ بِهَا نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ بَعْضَ أَمْتِعَةِ الْمُشْرِكِينَ. فَكَانَ مِمَّا غَنَمُوا خَاتَمٌ جَاءَ بِهِ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَتَلْتُ صَاحِبَهُ يَوْمَئِذٍ، فَنَفَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِيَّاهُ. وَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ: لَقِينَاهُمْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ قُضَاعَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ، فَصَافُّوا، فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ يَشْتَدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَجَعَلْتُ أَقُولُ في نفسي: من لهذا؟ وقد وافقني رَجُلٌ مِنْ أَمْدَادِ حِمْيَرٍ، لَيْسَ مَعَهُ إِلا السَّيْفُ، إِذْ نَحَرَ رَجُلٌ جَزُورًا فَسَأَلَهُ الْمَدَدِيُّ طَائِفَةً مِنْ جِلْدِهِ، فَوَهَبَهُ مِنْهُ، فَجَعَلَهُ فِي الشَّمْسِ وَأَوْتَدَ عَلَى أَطْرَافِهِ أَوْتَادًا، فَلَمَّا جَفَّ اتَّخَذَ مِنْهُ مِقْبَضًا وَجَعَلَهُ دَرَقَةً. قَالَ: فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْمَدَدِيُّ فِعْلَ الرُّومِيِّ، كَمَنَ لَهُ خَلْفَ صَخْرَةٍ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِ خَرَجَ عَلَيْهِ فعرقب فرسه، فقعد الفرس على رجليه وخر عنه العلج1، فشد عَلَيْهِ فَعَلاهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَضَرْتُ مُؤْتَةَ فَبَارَزَنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَأَصَبْتُهُ وَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ لَهُ فِيهَا يَاقُوتَةٌ، فَأَخَذْتُهَا، فَلَمَّا انْكَشَفْنَا فَانْهَزَمْنَا رَجَعْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَفَلَنِيهَا، فَبِعْتُهَا زَمَنَ عُثْمَانَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَاشْتَرَيْتُ بِهَا حَدِيقَةَ نَخْلٍ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَصْحَابُ مُؤْتَةَ تَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ. فَجَعَلُوا يَحْثُونَ عَلَيْهِمُ التُّرَابَ وَيَقُولُونَ: يَا فُرَّارُ، فَرَرْتُم فِي سَبِيلِ الله؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "لَيْسُوا بِالفُرَّارِ، وَلَكِنَّهُمُ الْكُرَّارُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"2. فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ لامْرَأَةِ سلَمَةَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: مَا لِي لا أَرَى سَلَمَةَ يحضر الصلاة مع

_ 1 العلج: الرجل من كفار العجم. 2 مرسل.

رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قالت: وَاللَّهِ مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ؛ كُلَّمَا خَرَجَ صَاحَ بِهِ النَّاسُ: يَا فُرَّارُ، فَرَرْتُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَكَانَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ. وقال أَبُو عَبْد الله عَنْ زَيْدِ بْن أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ يَتِيمًا لعبد الله بْن رَوَاحة فِي حِجْره، فخرج بي فِي سَفَره ذَلِكَ، مُرْدِفي عَلَى حقيبة رَحْله، فَوَالله إنّه لَيَسِير إذ سَمِعْتُهُ ينشد أبياته هذه: إذا أدْنَيْتَني وحملتِ رَحلي ... مَسيرةَ أربعٍ بعد الحِساءِ فشأنُكِ أنعم وخَلاكِ ذم ... ولا أَرْجعْ إلى أهلي وَرَائي وآبَ المسلمون وغادرُوني ... بأرضِ الشامِ مُشتهر الثَّواء وردَّكَ كلّ ذي نَسَبٍ قريبٍ ... إلى الرَّحْمَن منقطَع الإِخاء هنالك لا أُباليَ طلع بعل ... ولا نخل أَسَافِلُها رواء فلما سمعتهنّ بكيت، فَخَفَقَني بالدِّرَّة وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع بين شُعْبَتَيْ الرحل! وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ جَعْفَرًا أَخَذَ اللِّوَاءَ بِيَمِينِهِ فَقُطِعَتْ، فَأَخَذَهُ بِشِمَالِهِ فَقُطِعَتْ، فَاحْتَضَنَهُ بِعَضُدَيْهِ حَتَّى قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. فَأَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ جناحين في الجنة يَطِيرُ بِهِمَا حَيْثُ شَاءَ1. وَرَوَى أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ بِالرِّمَاحِ. قُلْتُ: وَكَانَ جَعْفَرٌ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ. قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"أَشْبَهْتَ خَلقي وخُلقي". وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ مَا احْتَذَى النِّعَالَ وَلا رَكِبَ الْمَطَايَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكُنَّا نُسَمِّيهِ أَبَا الْمَسَاكِينِ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: مَا سَأَلْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- شَيْئًا بِحَقِّ جَعْفَرٍ إِلا أَعْطَانِيهِ. وعن ابن عُمَر قَالَ: وجدت فِي مقدَّم جَسَد جَعْفَر يوم مؤتة بضعًا وأربعين

_ 1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رأيت جعفر بن أبي طالب ملكًا يطير في الجنة مع الملائكة بجناحين". رواه الترمذي، وغيره، وانظر: "صحيح الجامع" "3459".

ضَرْبةً. ولما قدِم جعفرُ من الحَبَشَة عند فتح خيبر، رَوَى أَنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعتنقه وقال: "ما أدري أَنَا أُسَرّ بقدُومُ جَعْفَر أو بفتح خيبر" 1. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: لَمَّا نَعَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعْفَرًا أَتَانَا فَقَالَ: "أَخْرِجُوا إِلَيَّ بَنِي أَخِي". فَأَخْرَجَتْنَا أُمُّنَا أُغَيْلِمَةً ثَلاثَةً كَأَنَّهُمْ أَفْرَاخٌ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَوْنٌ، وَمُحَمَّدٌ. وَأَمَّا أَبُو أُسَامَةَ زيد بن حارثه بن شراحيل الْكَلْبِيُّ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ الْمَوَالِي؛ فَإِنَّهُ مِنْ كِبَارِ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ وَكَانَ مِنَ الرُّمَاةِ الْمَذْكُورِينَ. آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَاشَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَهُوَ الَّذِي سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا} يَعْنِي مِنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: {زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] وكان المسلمون يدعونه زيد ابن النَّبِيِّ حَتَّى نَزَلَتْ: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 4] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: 4] . وَقَالَ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] . رَوَى عَنْ زَيْدٍ ابْنُهُ أُسَامَةُ وَأَخُوهُ جَبَلَةَ. وَاخْتُلِفَ فِي سَنَةٍ. فَرَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ بَيْنَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ عَشْرُ سِنِينَ؛ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْبَرُ مِنْهُ، وَكَانَ قَصِيرًا شَدِيدَ الأُدْمَةِ أفْطَسَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَذَا صِفَتُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَجَاءَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ كَانَ أَبْيَضَ وَكَانَ ابْنُهُ أَسْوَدَ. وَلِذَلِكَ أُعْجِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِ مُجزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ الْقَائِفِ: "إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ". قُلْتُ: وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ عُمْرُهُ خَمْسِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السّبيْعيُّ إِنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ أَغَارَتْ عَلَيْهِ خَيْلٌ مِنْ تِهَامَةَ، فَوَقَعَ إِلَى خَدِيجَةَ فَاشْتَرَتْهُ، ثُمَّ وَهَبَتْهُ لِلنَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيُرْوَى أنَّهَا اشْتَرَتْهُ بسبعمائة درهم.

_ 1 تقدم تخريجه.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا عَلِمْنَا أَحَدًا أَسْلَمَ قَبْلَهُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثنا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا كُنَّا نَدْعُو زَيْدًا إِلا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ. فنزلت: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} 1. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ حارثة تسع غزوات، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُؤَمِّرُهُ عَلَيْنَا. كَذَا رَوَاهُ الْفَسَوِيُّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ زَيْدٍ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى قَوْمٍ، فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمَارَتِهِ. فَقَالَ: "إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلِيَّ وَإِنَّ ابْنَهُ هَذَا لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ" 3. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَبِي: "يَا زَيْدُ أَنْتَ مَوْلاي وَمِنِّي وَإِلَيَّ وَأَحبُّ الْقَوْمِ إِلَيَّ" 4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: "لَوْ أَنَّ زَيْدًا كَانَ حَيًّا لَاسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: ثَنَا وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فِي جَيْشٍ قَطُّ إِلَّا أَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ بَقِيَ بعد لاستخلفه5. وقال حسين بن واقد، عن عبيد اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَاسْتَقْبلَتْنِي جَارِيَةٌ شَابَّةٌ، فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتِ؟ قالت: لزيد بن حارثة".

_ 1 أخرجه البخاري في "التفسير"، ومسلم في "الفضائل"، والترمذي في "المناقب" "3823"، وأحمد في "المسند" "5479"، وغيرهم. 2 وأخرجه البخاري في "المغازي" "4272". 3 أخرجه البخاري "6627"، ومسلم "2426"، والترمذي "3818"، وأحمد في "المسند" "2/ 20". 4 أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 204"، والحاكم في "مستدركه" "3/ 217"، ووافقه الذهبي، وقال الحافظ في "الإصابة" "4/ 50": إسناده حسن. 5 "حسن": أخرجه أحمد في "المسند" "6/ 226"، وغيره.

إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، رَوَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ. وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، يَرْفَعُهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ: أُصِيبَ زَيْدٌ فَأَتَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْزِلَهُ، فَجَهَشَتْ بِنْتُ زَيْدٍ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَكَى حَتَّى انْتَحَبَ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا هَذَا؟ قَالَ: "شَوْقُ الْحَبِيبِ إِلَى حَبِيبِهِ". وأما عَبْد الله بْن رَوَاحة بْن ثعلبة الخَزْرَجي الأنصاريّ أَبُو عَمْرو أحد النُّقباء ليلة العَقَبة شهِد بدْرًا والمشاهدَ، وكان شاعر النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخا أَبِي الدَّرْداء لأمّه. روى عَنْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وابنُ أخته النُّعمان بْن بشير، وزيد بْن أرقم، وأَنَس، قوله. وأرسل عَنْهُ جماعة من التّابعين. وقال الواقديّ: كنْيَتُه أَبُو مُحَمَّد. وقيل: أَبُو رَوَاحة. وَرَوَتْ أَمُّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّفَرِ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَبْدُ اللَّهُ بْنُ رَوَاحَةَ1. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ لَهَا: هَلْ تَدْرِينَ لِمَ تَزَوَّجْتُكِ؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: لِتُخْبِرِينِي عَنْ صَنِيعِ عَبْدِ اللَّهِ فِي بَيْتِهِ. فَذَكَرَتْ لَهُ شَيْئًا لا أَحْفُظُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لا يَدَعُ ذَلِكَ أَبَدًا2. وقال هشام بْن عُرْوة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لما نزلت: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] ، قَالَ ابن رَوَاحة: قد علم الله أنّي منهم. فأُنزلت: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشعراء: 227] الآية. وقيل هذا البيت لعبد الله بْن رَوَاحة يخاطب زيد بْن أرقم: يا زيد زيد اليَعمُلات الذُّبل ... تطاول اللّيل هُدِيتَ فانزِلِ يعني: انزل فسق بالقوم.

_ 1 أخرجه البخاري "1945"، ومسلم "1122"، وغيرهما. 2 أخرجه ابن المبارك في "الزهد"، وقال الحافظ في "الإصابة" "6/ 78، 79": إسناده صحيح.

وعن مُصْعَب بْن شَيْبة قَالَ: لما نزل ابن رَواحة للقتال طُعِنَ فاستقبل الدَّم بيده، فدلك بِهِ وجهه. ثُمَّ صُرع بين الصَّفَّيْن يقول: يا معشر المسلمين ذبوا عَنْ لحم أخيكم. فكانوا يحملون حتى يجوزونه. فلم يزالوا كذلك حتى مات مكانه. وقال ابن وهْب: حَدَّثَنِي أسامة بْن زيد اللَّيْثي، حَدَّثَنِي نافع، قَالَ: كانت لابن رَوَاحة امْرَأَة وكان يتّقيها. وكانت لَهُ جارية فوقع عليها، فقالت لَهُ وفرقتْ أن يكون قد فعل فقال: سبحان الله. قَالَتْ: اقرأ عليَّ إذًا، فإنّك جُنُب. فقال: شهدتُ بإذنِ الله أنّ محمدا ... رسول الذي فوق السموات من عَل وإنّ أَبَا يحيى ويحيى كِلاهُما ... له عمل من ربه متقبل وقد رويا لحسّان. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلْمَانَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، أَنَّ امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ رَأَتْهُ عَلَى جَارِيَةٍ لَهُ فَجَحَدَهَا. فَقَالَتْ لَهُ: فَاقْرَأْ. فَقَالَ: شَهِدْتُ بِأَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ... وَأَنَّ النَّارَ مَثْوَى الْكَافِرِينَا وَأَنَّ الْعَرْشَ فَوْقَ الْمَاءِ طَافٍ ... وَفَوْقَ الْعَرْشِ رَبُّ الْعَالَمِينَا وَتَحْمِلُهُ مَلائِكَةٌ كِرَامٌ ... مَلائِكَةُ الإِلَهِ مُقَرَّبِينَا فَقَالَتْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ الْبَصَرَ. فَحَدَّثَ ابْنُ رَوَاحَةَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَحِكَ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ، عَنِ الثِّقَةِ أَنَّ ابْنَ رَوَاحَةَ اتَّهَمَتْهُ امْرَأَتُهُ. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمْ يُعَقِّبْ ابْنُ رَوَاحَةَ1. واستشهد بمؤْتة: عبّاد بْن قيس الخَزْرَجي؛ أحدُ من شهد بدْرًا. والحارث بْن النُّعمان بْن أساف النّجّاري. ومسعود بْن سُوَيْد بْن حارثة الْأَنْصَارِيّ. ووهْب بْن سعد بْن أَبِي سرح العامريّ, وزيد بْن عُبَيْد بْن الْمُعَلَّى الخزرجي، الذي قتل أبوه يوم أحد. وعبد الله بن سعيد بن العاص بْن أمية الأموي، وقيل: قُتِل هذا يوم اليَمامة. وأبو كلاب، وجابر ابنا أَبِي صعصعة الخزرجي.

_ 1 أي: لم يترك عقبًا "ولدًا".

ذكر رسل النبي صلى الله عليه وسلم

ذِكْرُ رُسُلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَفِي هَذِهِ السنة كتب النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى ملوك النَّواحي يدعوهم إلى الله تعالى. قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ قَبْلَ مَوْتِهِ: إِلَى كِسْرَى، وَإِلَى قَيْصَرَ، وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ، يَعْنِي الَّذِي مَلَكَ الْحَبَشَةِ بَعْدَ النَّجَاشِيِّ الْمُسْلِمِ، وإلى جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ الثَّانِي يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ, بَلْ ذَلِكَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ النَّجَاشِيِّ الأَوَّلِ الْمُسْلِمِ, وَمَوْتُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي سَنَةِ تِسْعٍ, وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شهاب، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ. وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ, فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إلى قيصر، وكان قَيْصَرَ لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ، مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ2 شُكْرًا لِمَا أَبْلاهُ اللَّهُ. فَلَمَّا أَنْ جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ حين قرأه: التمسوا لي ههنا أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدِمُوا لِلتِّجَارَةِ، فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَجَدَنَا رَسُولَ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّامِ، فَانْطَلَقَ بِنَا حتى قدمنا إيلياء، فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِهِ وَعَلَيْهِ التَّاجُ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُم أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُل الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ قُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ نَسَبًا. قَالَ: مَا قَرَابَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ؟ قُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّي. وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافَ غيري، قال: أدنوه3.

_ 1 في "صحيحه" برقم "1774" كتاب "الجهاد والسير". 2 إيلياء: اسم مدينة بيت المقدس. 3 أدنوه: قربوه.

ثُمَّ أَمَرَ بِأَصْحَابِي فَجَعَلَهُمْ خَلَفَ ظَهْرِي، عِنْدَ كَتِفِي، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لِأَصْحَابِهِ إِنِّي سَائِلُهُ عَنْ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَأْثُرَ عَنِّي أَصْحَابِي الْكَذِبَ لَكَذَّبْتُهُ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ. قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: فَيَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدَّ أَحَدٌ سُخَطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ يَغْدُرُ؟ قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ الْآنَ مِنْهُ فِي مَدَّةٍ؟ يُشِيرُ إِلَى الْمُدَّةِ الَّتِي قَاضَاهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَآخِرُهَا يَوْمُ الْفَتْحِ؟ وَنَحْنُ نَخَافُ مِنْهُ أَنْ يَغْدُرَ؛ وَلَمْ يُمَكِّنِّي كَلِمَةً أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا أَنْتَقِصُهُ بِهَا، لَا أَخَافُ أَنْ تُؤْثِرَ عَنِّي غَيْرَهَا. قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ؟ قَلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ حَرْبُكُمْ وَحَرْبُهُ؟ قُلْتُ: كَانَتْ دُوَلًا وَسِجَالًا، يُدَالُ عَلَيْنَا الْمَرَّةَ وَيُدَالُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى. قَالَ: فَمَاذَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ؟ قُلْتُ: يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ، وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ. قَالَ: فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتُ أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا, وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمُ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ: رَجُلٌ يَأَتَمُّ بِقَوْلٍ قَدْ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فزعمت أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ فَزَعَمْتُ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ. وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَوْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سُخْطَةً لِدِينِهِ1 بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ لا يسخطه أحد. وسألتك: هل يغدر؟

_ 1 أي: كراهية له.

فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا يَغْدُرُونَ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ قَدْ فَعَلَ، وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ يَكُونُ دُوَلًا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى وَتَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ. وَسَأَلْتُكَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ. وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ، قَدْ كُنْتُ أَعْلَمَ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ؛ وَإِنْ يَكُنْ مَا قُلْتَ حَقًّا فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَلَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لُقْيَهُ1، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ. قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَمَرَ فَقُرِئَ فَإِذَا فِيهِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلَامٌ عَلَى من اتَّبع الْهُدَى. أما بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ, وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فعليك إثم الأريسيين. و {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} " [آل عمران: 64] . قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا أَنْ قَضَى مَقَالَتَهُ عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ وَكَثُرَ لَغَطهُمْ، فَلَا أَدْرِي مَا قَالُوا وَأَمَرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا, فَلَمَّا أَنْ خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِي وَخَلَوْتُ بِهِمْ قُلْتُ لَهُمْ: لقد أمر ابن أبي كَبْشَةَ؛ هَذَا مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ يَخَافُهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلًا، مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ قَلْبِي الْإِسْلَامَ وَأَنَا كَارِهٌ. أَخْرَجَاهُ2 مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ حَدَّثَهُ قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّامِ. فَذَكَرَ كَحَدِيثِ إبراهيم. ورواه يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن الزهري بسنده. وفيه قال

_ 1 تجشمت لقيه: أتعبت نفسي وأجهدتها للقائه. 2 أخرجه البخاري في "الجهاد والسير" "4/ 2-5" باب: دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام والنبوة، ومسلم "1773" في "الجهاد والسير".

أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا كَانَتْ هُدْنَةُ الْحُدَيْبِيَةِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجْتُ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ. فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ بِمَكَّةَ امْرَأَةً وَلا رَجُلا إِلا قَدْ حَمَّلَنِي بِضَاعَةً. فَقَدِمْتُ غَزَّةَ1، وَذَلِكَ حِينَ ظَهَرَ قَيْصَرُ عَلَى مَنْ كَانَ بِبِلادِهِ مِنَ الْفُرْسِ، فَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا, وَرَدَّ عَلَيْهِ صَلِيبَهُ الأَعْظَمَ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِحِمْصَ فَخَرَجَ مِنْهَا مُتَنَكِّرًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، تُبْسَطُ لَهُ الْبُسُطُ وَيُطْرَحُ لَهُ عَلَيْهَا الرَّيَاحِينُ, حَتَّى انْتَهَى إِلَى إِيلِيَاءَ، فَصَلَّى بِهَا, فَأَصْبَحَ ذَاتَ غداة مهمومًا يقلب طرفه إلى السماء، فقالت له بطارقته: أيها الملك، لقد أصبحت مَهْمُومًا. فَقَالَ: أَجَلْ. قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أُرِيتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلَكَ الْخِتَانِ ظَاهِرٌ. فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تَخْتَتِنُ إِلا يَهُودَ، وَهُمْ تَحْتَ يَدِكِ وَفِي سُلْطَانِكَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ هَذَا فِي نَفْسِكَ مِنْهُمْ، فَابْعَثْ فِي مَمْلَكَتِكَ كُلِّهَا فَلا يَبْقَى يَهُودِيٌّ إِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ فَتَسْتَرِيحُ مِنْ هَذَا الْهَمِّ. فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ؛ إِذْ أَتَاهُمْ رَسُولُ صَاحِبِ بُصْرَى بِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ قَدْ وَقَعَ إِلَيْهِمْ. فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ هَذَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الشَّاءِ وَالإِبِلِ، يُحَدِّثُكَ عَنْ حَدَثٍ كَانَ بِبِلادِهِ، فَسَلْهُ عَنْهُ. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُ مَا هَذَا الْخَبَرُ الَّذِي كَانَ فِي بِلادِهِ؟ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ خَرَجَ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ تَبِعَهُ أَقْوَامٌ وَخَالَفَهُ آخَرُونَ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ مَلاحِمُ فَقَالَ: جَرِّدُوهُ. فَإِذَا هُوَ مَخْتُونٌ فَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي أُرِيتُ، لا مَا تَقُولُونَ. ثُمَّ دَعَا صَاحِبَ شُرْطَتِهِ فَقَالَ لَهُ: قَلِّبْ لِي الشَّامَ ظَهْرًا وَبَطْنًا حَتَّى تَأْتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ قَوْمِ هَذَا أَسْأَلُهُ عَنْ شَأْنِهِ. فَوَاللَّهِ إِنِّي وَأَصْحَابِي لَبِغَزَّةَ إِذْ هَجَمَ عَلَيْنَا فَسَأَلَنَا: مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ. فَسَاقَنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا. فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِنْ رَجُلٍ قَطُّ أَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ أَدْهَى مِنْ ذَلِكَ الأَغْلَفِ -يَعْنِي هِرَقْلَ- فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ قَالَ: أَيُّكُمْ أَمَسُّ بِهِ رَحِمًا؟ فَقُلْتُ: أَنَا. قَالَ: أَدْنُوهُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ كِتَابًا. وَفِيهِ كَمَا تَرَى أَشْيَاءَ عَجِيبَةً تَفَرَّدَ بِهَا ابْنُ إِسْحَاقَ دُونَ مَعْمَرٍ وَصَالِحٍ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي أُسْقُفٌّ مِنَ النَّصَارَى قَدْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ دِحيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ عَلَى هِرقْلَ بِالْكِتَابِ، وَفِيهِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلامٌ على من

_ 1 المدينة المعروفة.

اتبع الهدى. أما بعد؛ فأسلم تسلم، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ إِثْمَ الأَكَّارِينَ 1 عَلَيْكَ". فَلَمَّا قَرَأَهُ وَضَعَهُ بَيْنَ فَخْذِهِ وَخَاصِرَتِهِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ رُومِيَّةَ، كَانَ يَقْرَأُ مِنَ الْعَبْرَانِيَّةِ مَا يَقْرَأُ، يُخْبِرُهُ عَمَّا جَاءَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي يُنْتَظَرُ لا شَكَّ فِيهِ فَاتَّبَعَهُ. فَأَمَرَ بِعُظَمَاءِ الرُّومِ فَجُمِعُوا لَهُ فِي دَسْكَرَةِ مُلْكِهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فأُشْرِجَتْ2 عَلَيْهِمْ، وَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ عِلِّيَّةٍ لَهُ، وَهُوَ مِنْهُمْ خَائِفٌ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُ أَحْمَدَ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَلنَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُ وَنَجِدُ ذِكْرَهُ فِي كِتَابِنَا، نَعْرِفُهُ بِعَلامَاتِهِ وَزَمَانِهِ. فَأَسْلِمُوا وَاتَّبِعُوهُ تَسْلَمْ لَكُمْ دُنْيَاكُمْ وَآخِرَتُكُمْ. فَنَخَرُوا نَخْرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَابْتَدَرُوا أَبْوَابَ الدَّسْكَرَةِ3، فَوَجَدُوهَا مُغْلَقَةً عَلَيْهِمْ، فَخَافَهُمْ، فَقَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ. فَكَرُّوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ لَكُمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَغْمِزُكُمْ بِهَا لأَنْظُرَ كَيْفَ صَلابَتُكُمْ فِي دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْت مِنْكُمْ مَا سَرَّنِي. فَوَقَعُوا لَهُ سُجَّدًا، ثُمَّ فُتِحَتْ لَهُمُ الأَبْوَابُ فَخَرَجُوا. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ تَاجِرًا وَبَلَغَ هِرَقْلَ شَأْنُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. قال: فأدخل عليه أبو سُفْيَانُ فِي ثَلاثِينَ رَجُلا، وَهُوَ فِي كَنِيسَةِ إِيلِيَاءَ. فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: سَاحِرٌ كَذَّابٌ. فَقَالَ: أَخْبِرُونِي بأعلمكم بِهِ وَأَقْرَبِكُمْ مِنْهُ. قَالُوا: هَذَا ابْنُ عَمِّهِ, وَذَكَرَ شَبِيهًا بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ خ4: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ لِيَدْفَعَهُ إِلَى كِسْرَى. فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى مَزَّقَهُ. فَحَسِبْتُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُمَزَّقُوا كلَّ مُمَزَّقٍ5. وَقَالَ الذُّهْلِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي

_ 1 أي الريفيين. 2 وفي بعض النسخ: فأغلقت. 3 الدسكرة: قرية عظيمة أو بناء كالقصر حوله بيوت للأعاجم. 4 "صحيح البخاري" "3/ 235" كتاب الجهاد والسير. 5 أخرجه أحمد في "المسند" "1/ 243".

يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عبد القاري، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بَعْضُكُمْ إِلَى مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيَّ كَمَا اخْتَلَفَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عِيسَى". فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: وَاللَّهِ لَا نَخْتَلِفُ عَلَيْكَ فِي شَيْءٍ، فَمُرْنَا وَابْعَثْنَا. فَبَعَثَ شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ إِلَى كِسْرَى. فَخَرَجَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى كِسْرَى، وَهُوَ بِالْمَدَائِنِ، وَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ. فَأَمَرَ كِسْرَى بِإِيوَانِهِ أَنْ يُزَيَّنَ، ثُمَّ أَذِنَ لِعُظَمَاءِ فَارِسَ، ثُمَّ أَذِنَ لِشُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ, فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَمَرَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُقْبَضَ مِنْهُ. قَالَ شُجَاعٌ: لَا، حَتَّى أَدْفَعَهُ أَنَا كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كِسْرَى: ادْنُهُ، فَدَنَا فَنَاوَلَهُ الْكِتَابَ ثُمَّ دَعَا كَاتِبًا لَهُ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيهِ: "مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ". فَأَغْضَبَهُ حِينَ بَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَفْسِهِ، وَصَاحَ وَغَضِبَ وَمَزَّقَ الْكِتَابَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ بشجاع فأخرج، فركب رَاحِلَتَهُ وَذَهَبَ، فَلَمَّا سَكَنَ غَضَبُ كِسْرَى، طَلَبَ شُجَاعًا فَلَمْ يَجِدْهُ, وَأَتَى شُجَاعٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ مَزِّقْ مُلْكَهُ" 1. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَتَفْتَحَنَّ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كُنُوزَ كِسْرَى الَّتِي في القصر الأبيض". أخرجه مسلم2. ورواه أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرٍ فَزَادَ قَالَ: فَكُنْتُ أَنَا وَأَبِي فِيهِمْ، فَأَصَابَنَا مِنْ ذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَحَّامُ: ثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ فَارِسَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ رَبِّي قَدّ قَتَلَ رَبَّكَ". يَعْنِي كِسْرَى. قَالَ: وَقِيلَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهُ قَدِ اسْتَخْلَفَ بِنْتَهُ فَقَالَ: "لَا يُفْلِحُ قَوْمٌ تملكهم امرأة" 3.

_ 1 أخرجه أحمد في "المسند" "3/ 442". 2 في "صحيحه" "2919" كتاب: "الفتن وأشراط الساعة". 3 أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 43".

وَيُرْوَى أَنَّ كِسْرَى كَتَبَ إِلَى بَاذَامَ عَامِلِهِ بِالْيَمَنِ يَتَوَعَّدُهُ وَيَقُولُ: أَلَا تَكْفِينِي رَجُلًا خَرَجَ بِأَرْضِكَ يَدْعُونِي إِلَى دِينِهِ؟ لَتَكْفِنِيهِ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ. فَبَعَثَ الْعَامِلُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رُسُلًا وَكِتَابًا، فَتَرَكَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ قَالَ: "اذْهَبُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ فَقُولُوا: إِنَّ رَبِّي قد قتل ربكم اللَّيْلَةَ". وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَقْبَلَ سَعْدُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَلَكَ -أَوْ قَالَ: قُتِلَ- كِسْرَى. فَقَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ كِسْرَى، أَوَّلُ النَّاسِ هَلاكًا فَارِسٌ ثُمَّ الْعَرَبُ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ. وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، كِلاهُمَا يَقُولُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَاللَّفْظُ لِصَالِحٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ كِسْرَى بَيْنَمَا هُوَ فِي دَسْكَرَةِ مُلْكِهِ، بُعِثَ لَهُ -أَوْ قيض له- عارض فعرض عَلَيْهِ الْحَقُّ، فَلَمْ يَفْجَأْ كِسْرَى إِلا الرَّجُلُ يَمْشِي وَفِي يَدِهِ عَصًا فَقَالَ: يَا كِسْرَى هَلْ لَكَ فِي الإِسْلامِ قَبْلَ أَنْ أَكْسِرَ هَذِهِ الْعَصَا؟ قَالَ كِسْرَى: نَعَمْ, فَلا تَكْسِرْهَا. فَوَلَّى الرَّجُلُ, فَلَمَّا ذَهَبَ أُرْسِلَ كِسْرَى إِلَى حُجَّابِهِ فَقَالَ مَنْ أَذِنَ لِهَذَا؟ قَالُوا: مَا دَخَلَ عَلَيْكَ أَحَدٌ. قَالَ: كَذَبْتُمْ. وَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَعَنَّفَهُمْ، ثُمَّ تَرَكَهُمْ. فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ الْحَوْلِ أَتَاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالْعَصَا فَقَالَ كَمَقَالَتِهِ. فَدَعَا كِسْرَى الْحُجَّابَ وَعَنَّفَهُمْ. فَلَمَّا كَانَ الْحَوْلُ الْمَسْتَقْبَلُ، أَتَاهُ وَمَعُه الْعَصَا فَقَالَ: هَلْ لَكَ يَا كِسْرَى فِي الإِسْلامِ قَبْلَ أَنْ أَكْسِرَ الْعَصَا؟ قَالَ: لا تَكْسِرْهَا. فَكَسَرَهَا فَأَهْلَكَ اللَّهُ كِسْرَى عِنْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ, وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ. فَأَمَّا قَيْصَرُ فَوَضَعَهُ، وَأَمَّا كِسْرَى فَمَزَّقَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَمَّا هَؤُلاءِ فيمزقون، وأما هؤلاء فسيكون لهم بقية".

_ 1 في "صحيحه" "8/ 29" كتاب "الفتن وأشراط الساعة".

وقال الربيع: أنا الشافعي قال: حفظنا أَنَّ قَيْصَرَ أَكْرَمَ كِتَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعَهُ فِي مَسْكٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثُبِّتَ مُلْكُهُ". قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَطَعَ اللَّهُ الأَكَاسِرَةَ عَنِ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ، وَقَطَعَ قَيْصَرُ وَمَنْ قَامَ بِالأَمْرِ بَعْدَهُ عَنِ الشَّامِ. وَقَالَ فِي كِسْرَى: "مُزِّقَ مُلْكُهُ". فَلَمْ يَبْقَ لِلأَكَاسِرَةِ مُلْكٌ، وَقَالَ فِي قَيْصَرَ: "ثُبِّتَ مُلْكُهُ". فَثُبِّتَ لَهُ مُلْكُ بِلادِ الرُّومِ إِلَى الْيَوْمِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: ثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ صاحب الإسكندرية، فمضى بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَبَّلَ الْكِتَابَ وَأَكْرَمَ حَاطِبًا وَأَحْسَنَ نُزُلَهُ، وَأَهْدَى مَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَغْلَةً وَكِسْوَةً وَجَارِيَتَيْنِ؛ إِحْدَاهُمَا أُمُّ إِبْرَاهِيمَ، وَالأُخْرَى وَهَبَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِجَهْمِ بْنِ قُثَمَ الْعَبْدِيِّ، فَهِيَ أُمُّ زَكَرِيَّا بْنِ جَهْمٍ، خَلِيفَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى مِصْرَ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ الدَّوْلابِيُّ: ثنا أَبُو الْحَارِثِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْفِهْرِيُّ، ثنا هَارُونُ بْنُ يَحْيَى الْحَاطِبِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمُقَوْقِسِ مَلِكِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَجِئْتُهُ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَنِي فِي مَنْزِلِهِ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ, ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ وَقَدْ جَمَعَ بَطَارِقَتَهُ فَقَالَ: إِنِّي سَأُكَلِّمُكَ بِكَلامٍ وَأُحِبُّ أَنْ تَفْهَمَهُ مِنِّي. قُلْتُ: نَعَمْ، هَلُمَّ. قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَاحِبِكَ، أَلَيْسَ هُوَ نَبِيٌّ؟ قُلْتُ: بَلَى، هُوَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: فَمَا لَهُ حَيْثُ كَانَ هَكَذَا لَمْ يَدْعُ عَلَى قَوْمِهِ حَيْثُ أَخْرَجُوهُ. قُلْتُ: عِيسَى؛ أَلَيْسَ تَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَمَا لَهُ حَيْثُ أَخَذَهُ قَوْمُهُ فَأَرَادُوا أَنْ يَصْلِبُوهُ أَنَّ لا يَكُونَ دَعَا عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ حَتَّى رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ: أَنْتَ حَكِيمٌ جَاءَ مِنْ عِنْدِ حَكِيمٍ, هَذِهِ هَدَايَا أَبْعَثُ مَعَكَ إِلَيْهِ. فَأَهْدَى ثَلاثَ جوارٍ، مِنْهُنَّ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ وَوَاحِدَةٌ وَهَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ لأَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيِّ، وَوَاحِدَةٌ وَهَبَهَا لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ. وَأَرْسَلَ بِطُرَفٍ مِنْ طُرَفِهِمْ.

غزوة ذات السلاسل

غزوة ذات السلاسل: قِيلَ إنه ماء بأَرض جُذام1. قَالَ ابن لَهِيعة: نا أَبُو الأسود، عن عروة. ورواه موسى بن عقبة، واللفظ لَهُ، قالا: غزوة ذات السلاسل من مشارف الشام فِي بَليّ وسعد اللَّه ومن يليهم من قُضاعة2. وفي رواية عُرْوة: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمرو بن العاص فِي بليّ، وهم أخوال العاص بْن وائل، وبعثه فيمن يليهم من قُضَاعة وأمّره عَلَيْهِمْ. قَالَ ابن عقْبة: فخاف عَمْرو من جانبه الَّذِي هو بِهِ، فبعث إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يستمدّه. فندب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المهاجرين، فانتدب فيهم أَبُو بَكْر وعمر وجماعة، أمّر عليهم أَبَا عبيدة. فأَمدَّ بهم عَمْرًا. فلمّا قدِموا عَلَيْهِ قَالَ: أنا أميركم، وأنا أرسلت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أستمده بكم. فقال المهاجرون: بل أنت أمير أصحابك، وأبو عُبَيْدة أمير المهاجرين. قَالَ: إنّما أنتم مَدَد أُمْدِدْتُهُ. فلمّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدة، وكان رجلًا حَسَن الخُلُق ليّن الشيمة، سعى لأمر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعهده، قَالَ: تعلم يا عَمْرو أنّ آخر مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ قَالَ: "إذا قدِمتَ عَلَى صاحبك فتطاوعا". وإنّك إن عصيتني لأطيعنك. فسلم أبو عبيدة الإمارة لعَمْرو. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن الحصين التميمي، عن غزوة ذَاتِ السَّلَاسِلِ مِنْ أَرْضِ بَلِيٍّ وَعُذْرَةَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ لِيَسْتَنْفِرَ الْعَرَبَ إِلَى الْإِسْلامِ, وَذَلِكَ أَنَّ أُمَّ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ كَانَتْ مِنْ بَلِيٍّ، فَبَعَثَهُ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَأَلَّفُهُمْ بِذَلِكَ, حَتَّى إِذَا كَانَ بِأَرْضِ جُذَامٍ، عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ: السَّلاسِلُ، خَافَ فَبَعَثَ يَسْتَمِدُّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: أَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانُ النَّهْدِيِّ، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى جَيْشِ ذِي السَّلَاسِلِ، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. فَحَدَّثْتُ نَفْسِي أَنَّهُ لَمْ يَبْعَثْنِي عَلَيْهَا إِلَّا لِمَنْزِلَةٍ لِي عِنْدَهُ، فَأَتَيْتُهُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَةُ". قُلْتُ: إِنِّي لَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ أَهْلِكَ. قَالَ: "فَأَبُوهَا". قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "عُمَرُ". قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ حَتَّى عَدَّ رَهْطًا، قَالَ: قُلْتُ فِي نَفْسِي: لَا أَعُودُ أسأل عن هذا.

_ 1 جذام: قبيلة أو حي من اليمن. 2 قضاعة: قبيلة من حمير، وحمير من بني سبأ.

رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ خَالِدٍ, وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مُخْتَصَرًا1. وَكِيعٌ، وَغَيْرُهُ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَمْرُو أُشْدُدْ عَلَيْكَ سِلَاحَكَ وَائْتِنِي". فَفَعَلْتُ، فَجِئْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَصَعَّدَ فِيَّ الْبَصَرَ وَصَوَّبَهُ وَقَالَ: "يَا عَمْرُو إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ وَجْهًا فَيُسَلِّمُكَ اللَّهُ وَيُغْنِمُكَ، وَأَرْغَبُ لَكَ رَغْبَةً فِي الْمَالِ صَالِحَةً". قُلْتُ: إِنِّي لَمْ أُسْلِمْ رَغْبَةً فِي الْمَالِ إِنَّمَا أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْجِهَادِ وَالْكَيْنُونَةِ مَعَكَ. قَالَ: "يَا عَمْرُو نعمًا بالمال الصالح للمرء الصالح" 2. أنبأ ابن عون وَغَيْرُهُ، عَنْ مُحَمَّدٍ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمْرًا عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ بِنَحْوِهِ. وَكِيع، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا وَلاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى الله عليه وسلم- يعين عَمْرًا عَلَيْنَا لِعِلِمْهِ بِالْحَرْبِ. قُلْتُ: وَلِهَذَا اسْتَعْمَلَ أَبُو بَكْرٍ عَمْرًا عَلَى غَزْوِ الشَّامِ. وَقَالَ الواقدي: حدثني ربيعة بن عثمان، عن يزيد بْنِ رُومَانَ: أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمَّا أَتَى عَمْرًا صَارُوا خَمْسَمِائَةٍ، وَسَارَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ حَتَّى وَطِئَ بِلادَ بَلِيٍّ وَدَوَّخَهَا، وَكُلَّمَا انْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَانَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ جَمْعٌ، فلما سمعوا به تفرقوا حتى انتهى إِلَى أَقْصَى بِلادِ بَلِيٍّ وَعُذْرَةَ وَبَلْقَيْنَ, وَلَقِي فِي آخِرِ ذَلِكَ جَمْعًا، فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً وَتَرَامَوْا بِالنَّبْلِ, وَرُمِيَ يَوْمَئِذٍ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَأُصِيبَ ذِرَاعُهُ, وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ فَهَرَبُوا وَأَعْجَزُوا هَرَبًا فِي الْبِلادِ, وَدَوَّخ عَمْرٌو مَا هُنَاكَ, وَأَقَامَ أيامًا بغير أَصْحَابُهُ عَلَى الْمَوَاشِي. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمرو بن العاص فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاسِلِ، فَأَصَابَهُمْ بَرْدٌ فَقَالَ لَهُمْ عَمْرٌو: لا يُوقِدَنَّ أَحَدٌ نَارًا. فَلَمَّا قدموا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَكَوْهُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! كَانَ فِي أَصْحَابِي قِلَّةٌ فَخَشِيتُ أَنْ يَرَى الْعَدُوُّ قِلَّتَهُمْ، وَنَهَيْتُهُمْ أَنْ يَتَّبِعُوا الْعَدُوَّ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ كَمِينٌ, فَأَعْجَبَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

_ 1 أخرجه البخاري "4/ 192" كتاب فضائل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2384" كتاب فضائل الصحابة. 2 "صحيح": أخرجه ابن حبان "2277"، وأحمد "4/ 197"، وغيرهما.

وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلَكَ، فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِيَ الصُّبْحَ. فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ"؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الِاغْتِسَالِ, وَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] . فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا1. وَقَالَ عمرو بن الحارث. وغيره، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ ابن أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ عَمْرًا كَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ. قَالَ: فَغَسَلَ مَغَابِنَهُ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ. لَمْ يَذْكُرِ التَّيَمُّمَ. أَخْرَجَهُمَا أَبُو داود2.

_ 1 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" "334" في "الطهارة"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "323": صحيح، وعلقه البخاري. 2 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" "335" في "الطهارة"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "324": صحيح.

غزوة سيف البحر

غزوة سيف البحر: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ: بَعَثَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَاكِبٍ، وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ. فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ، حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ1 فَسُمِّيَ جَيْشَ الْخَبَطِ. قَالَ: وَنَحَرَ رَجُلٌ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ. ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ نَهَاهُ. قَالَ: فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا: الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ وَادَّهَنَّا مِنْهُ، حَتَّى ثَابَتْ مِنْهُ أَجْسَامُنَا وَصَلُحَتْ، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ، فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ فِي الْجَيْشِ وَأَطْوَلَ جَمَلٍ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ وَمَرَّ تَحْتَهُ. مُتَّفَقٌ عليه2.

_ 1 الخبط: ما سقط من ورق الشجر بالخبط والنفض. "المعجم الوجيز" "185". 2 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 113" باب: غزوة سيف البحر، ومسلم "1935" كتاب: الصيد والذبائح.

زاد البخاريّ فِي حديث عَمْرو عَنْ جَابِر: قَالَ جَابِر: وكان رَجُل فِي القوم نحر ثلاث جزائر، ثم ثلاثًا، ثمّ ثلاثًا, ثمّ إنّ أَبَا عُبَيْدة نهاه. قَالَ: وكان عَمْرو يَقُولُ: نا أَبُو صالح أنّ قيس بْن سعد قَالَ لأبيه: كنت فِي الجيش فجاعوا قَالَ أَبُوهُ: انْحَرْ. قَالَ: نحرت، قال: ثم جاعوا. قال: انحر قال: نحرت، قال: ثم جاعوا. قال: انحر. قال: نُهِيت. وقال مالك، عَنْ وهْب بْن كَيْسان، عَنْ جَابِر قَالَ: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثًا قِبَل الساحل، وأمرّ عليهم أبا عبيدة وهم ثلاثمائة وأنا فيهم, حتّى إذا كنّا ببعض الطريق فني الزّاد. فأمر أَبُو عُبَيْدة بأزواد ذَلِكَ الجيش، فجُمِع ذَلِكَ كلّه. فكان مِزْوَدَيْ تمر، فكان يقوتنا كل يوم قليلا قليلا، حتى فني, ولم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة. قَالَ فقلت: وما تُغني تمرة؟ قَالَ: لقد وجدنا فَقْدَنا حين فنِيَتْ. ثمّ انتهينا إلى البحر، فإذا حُوت مثل الظَّرِب1، فأكل منه ذَلِكَ الجيش ثماني عشرة ليلة, ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثمّ أمر براحلةٍ فرُحِلَت، ثمّ مُرَّت تحتهما فلم تُصِبْهما. أخرجاه. وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَزُوِّدْنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ. فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً. وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ. فَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَرَفَعَ لَنَا كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرُ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ ثُمَّ قَالَ: لا، بَلْ نَحْنُ رسل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا. فَأَقَمْنَا عَلَيْهَا شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلاثُمِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا. وَلَقَدْ كُنَّا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقْبِ عَيْنِهِ2 بِالْقِلَالِ الدُّهْنَ ونقتطع من الْفِدَرَ3 كَالثَّوْرِ. وَلَقَدْ أَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَقْعَدَهُمْ فِي عَيْنِهِ، وَأَخَذَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمُ بَعِيرٍ مِنْهَا فَمَرَّ تَحْتَهَا. وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ4 فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: "هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ فَهَلْ مَعَكُمْ من لحمه شيء فتطعموننا"؟ قَالَ: فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ فَأَكَلَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ5. قلت: زعم بعض النّاس أنّ هذه السرّية كانت في رجب سنة ثمان.

_ 1 الظرب: الجبل الصغير. 2 وقب عينه: نقرتها. 3 الفدر: القطعة من الشيء. 4 وشائق: أنصبة ومقادير تقسم بينهم. 5 في "صحيحه" "1935" كتاب: الصيد والذبائح.

سرية أبي قتادة إلى خضرة، وفاة زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فتح مكة زادها الله شرفا

سرية أبي قتادة إلى خضرة، وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتح مكة زادها الله شرفًا: سَرِيَّةُ أَبِي قَتَادَة إلى خَضِرَة: قَالَ الواقديّ فِي مَغَازيه: قَالُوا بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا قَتَادَة بْن رِبْعيّ الأنصاريّ إلى غَطَفان فِي خمسة عشر رجلًا, وأمره أنَّ يشنّ عليهم الغارة, فسار وهجم عَلَى حاضر منهم عظيم فأَحاط بِهِ, فصرخ رجل منهم: يا خضرة1 وقاتل منهم رجال فقتلوا من أشرف لهم, واستاقوا النَّعَم، فكانت مائتي بعيرٍ وألفَيّ شاةٍ, وسبوا سبيًا كثيرًا, وغابوا خمس عشرة ليلة. وذلك فِي شعبان من السّنة. ثمّ كنت سريَّتُه إلى إضَم2 عَلَى أثر ذَلِكَ فِي رمضان. وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَكَانَتْ أَكْبَرَ بَنَاتِهِ. تُوُفِّيَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَغَسَّلَتْهَا أُمُّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةُ وَغَيْرُهَا. وَأَعْطَاهُنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقْوَهُ3 فَقَالَ: "أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ". وبِنْتُها أُمامة بِنْت أَبِي العاص، هي التي كَانَ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحملها فِي الصّلاة. فتح مكة زادها اللَّه شرفًا: قَالَ البكّائي، عَنِ ابن إِسْحَاق: ثمّ إنّ بني بَكْر بْن عَبْد مَنَاة بْن كِنانة عدت عَلَى خُزَاعَة، وهم عَلَى ماءٍ بأَسفل مكة يقال لَهُ: الوَتير. وكان الَّذِي هاج ما بين بَكْر وخُزَاعة رجلًا من بني الحَضْرَميّ خرج تاجرًا، فلمّا توسّط أرضَ خُزاعة عَدَوا عَلَيْهِ فقتلوه وأخذوا ماله, فَعَدَت بنو بكرٍ عَلَى رجلٍ من خزاعة فقتلوه، فعدت خزاعة قبيل

_ 1 خضرة: أرض لمحارب بنجد. 2 إضم: ماء بين مكة واليمامة. 3 الحقو: الإزار.

الإِسلام عَلَى سلْمى وكلثوم وذُؤَيْب بني الأسود بْن رَزْن الدّيليّ، وهم مَنْخَر بني كِنانة وأشرافهم، فقتلوهم بعَرَفَة. فبينا بنو بَكْر وخُزاعة عَلَى ذَلِكَ حَجَز بينهم الْإِسْلَام، وتشاغل النّاس بِهِ. فلمّا كَانَ صُلح الحُدَيْبية بين رَسُول لله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين قريش، كَانَ فيما شرطوا لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَشَرَطَ لهم أنّه مَن أحبَّ أنَّ يدخل في عقد رسول الله وعهده فليدخل فيه ومن أحبَّ أنَّ يدخل فِي عقد قريش وعهدهم فلْيدْخل فِيهِ. فدخلت بنو بَكْر فِي عقد قريش، ودخلت خُزاعة فِي عقد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مؤمنُها وكافرُها. فلمّا كانت الهدنةُ اغتنمها بنو الدّيْل؛ أحد بني بَكْر من خُزاعة؛ وأرادوا أنَّ يصيبوا منهم ثأرًا بأولئك الإِخوة, فخرج نوفل بْن معاوية الدِّيليّ فِي قومه حتّى بيت خُزاعة عَلَى الوَتِير، فاقتتلوا. ورَدَفَتْ قريشٌ بني الديل بالسلاح، وقومٌ من قريش أعانت خُزاعة بأنفسهم، مُسْتَخفين بذلك، حتّى حازوا خُزاعة إلى الحَرَم. فقال قومُ نوفل: اتقِ إلهك ولا تَسْتَحِلّ الحَرَم. فقال: لا إله لي اليوم، والله يا بني كِنانة إنّكم لَتَسْرِقون فِي الحَرَم، أفلا تصيبون فِيهِ ثأركم؟ فقتلوا رجلًا من خُزاعة, ولجأت خُزاعة إلى دار بُدَيْل بْن وَرقاء الخُزَاعي، ودار رافع مولى خُزاعة. فلمّا تظاهر بنو بَكْر وقريش عَلَى خُزاعة، كَانَ ذَلِكَ نقْضًا للهُدنة التي بينهم وبين رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وخرج عَمْرو بْن سالم الخُزاعيّ فقدم عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طائفةٍ مستغيثين بِهِ، فوقف عَمْرو عَلَيْهِ، وهو جالس فِي المسجد بين ظَهْرَيِ النّاس, فقال: يا ربّ إنّي ناشدٌ محمَّدا ... حلف أبينا وأبيه الأْتلَدا قد كنتُمُ ولدًا وكنّا والدا ... ثمت أَسْلَمنا فلم ننزعْ يَدَا فانصُرْ هَدَاك اللَّه نَصْرًا أعْتَدَا ... وادع عبادَ اللَّه يأتُوا مَدَدا فيهم رَسُول اللَّهِ قد تجرَّدا ... إنْ سِيمَ خسفًا وجهه تَرَبّدَا فِي فيلق كالبحر يجري مُزْبدا ... إنّ قُريشًا أَخْلفوك المَوْعِدا ونقضوا ميثاقَكَ المُؤَكَّدا ... وجعلوا لي فِي كَدَاءَ رَصَدا وزعموا أنْ لستُ أدعو أحدَا ... وهم أذَلُّ وأقَلُّ عَدَدا

هم بَيَّتُونا بالوَتِير1 هُجَّدا ... وقتلونا رُكَّعًا وسجدا فانصُرْ هداكَ اللَّه نصرًا أيّدا فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نُصِرْتَ يا عَمْرو بْن سالم". ثمّ عُرِضَ لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنان من السّماء، فقال: "إنّ هذه السحابة لتستهلّ بنصر بني كعب" 2؛ يعني خُزاعة. ثمّ قدم بُدَيل بْن وَرْقاء فِي نفرٍ من خُزاعة عَلَى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبروه. وقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كأنّكم بأبي سُفْيَان قد جاءكم ليشدّ العقْد ويزيد فِي الْمُدَّةِ". ومضى بُدَيْل وأصحابه فلقوا أَبَا سُفْيَان بْن حرب بعُسْفان، قد جاء ليشدّ العقد ويزيد فِي المدّة، وقد رهبوا الَّذِي صنعوا. فلمّا لقى بُدَيْل بْن وَرْقَاء قَالَ: من أَيْنَ أقبلت يا بُدَيْل؟ وظنّ إِنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: سرتُ في خزاعة على الساحل. قال: أوما جئتَ محمّدًا؟ قَالَ: لا. فلمّا راح بُدَيْل إلى مكة, قَالَ أَبُو سُفْيَان: لئن كَانَ جاء إلى المدينة لقد علف بها النَّوى. فأتى مَبْرَكَ راحلته ففتَّه فرأى فِيهِ النَّوى, فقال: أحلِفُ بالله لقد أتى محمَّدًا. ثمّ قدِم أبو سُفْيَان المدينةَ فدخل عَلَى ابنته أمّ حبيبة أمّ المؤمنين, فلمّا ذهب ليجلس على فراش رسول الله -صلى الله عليه وَسَلَّمَ- طوَتْه عَنْهُ، فقال: ما أدري أَرَغِبْتِ بي عَنْ هذا الفراش أم رغبت بِهِ عنّي؟ قالت: بل هو فراش رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ رجلٌ مُشْرِكٌ نجس. قال: والله قد أصابك يا بُنَيَّةُ بعدي شَرٌّ3. ثمّ خرج حتى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يردّ عَلَيْهِ شيئًا. فذهب إلى أَبِي بَكْر فكلّمه أنَّ يكلّم لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ما أنا بفاعل. ثمّ أتى إلى عُمَر فكلّمه فقال: أنا أشفع لكم إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَوَالله لو لم أجد إلّا الذر لجالَدْتُكُم عَلَيْهِ. ثمّ خرج حتّى أتى عليًّا وعنده فاطمة وابنها الحَسَن وهو غلام يَدبّ، فقال: يا عليّ إنّك أَمَسُّ القوم بي رَحِمًا، وإنّي قد جئت فِي حاجةٍ فلا أرجعنّ كما جئت خائبًا، فاشفع لي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: ويْحَك يا أَبَا سُفْيَان! لقد عزم رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أمرٍ ما نستطيع أنَّ نكلّمه فِيهِ. فالتفت إلى فاطمة, فقال: يا ابْنَة مُحَمَّد، هَلْ لك أن

_ 1 الوتير: بئر لقبيلة خزاعة بمكة. 2 "سنده صحيح": أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" وسنده صحيح، ورجاله ثقات صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث، انظر: "الإصابة" لابن حجر "2/ 529" ترجمة عمرو بن سالم رقم "5837". 3 "زاد المعاد" "3/ 396، 397".

تأمري بُنَيَّكِ هذا فيجير بين النّاس فيكون سيّد العرب إلى آخر الدَّهر؟ قالت: والله ما بلغ بُنيَّ ذَلِكَ، وما يجير أحدٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: يا أَبَا حَسَن! إنّي أرى الأمور قد اشتدّت عليّ فانصحني. قَالَ: والله ما أعلم شيئًا يغني عنك، ولكنك سيّد بني كِنانة، فقُم فأَجِرْ بين النّاس ثمّ الحقْ بأرضك. قال: أوترى ذَلِكَ مُغْنِيًا عنّي؟ قَالَ: لا والله ما أظنّه، ولكنْ لا أجد لك غيرَ ذَلِكَ. فقام أَبُو سُفْيَان فِي المسجد فقال: أيّها النّاس إنّي قد أجَرتْ بين النّاس. ثمّ ركب بعيره وانطلق, فلمّا قدِم عَلَى قريش، قالوا: ما وراءك؟ فقصّ شأنَه، وأنّه أجار بين النّاس. قالوا: فهل أجاز ذَلِكَ مُحَمَّد؟ قَالَ: لا. قالوا: والله إنْ زاد الرجلُ عَلَى أنْ لَعِبَ بك. ثمّ أَمْرُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالجهاز، وأمر أهله أنَّ يجهّزوه, ثمّ أعلم النّاس بأنّه يريد مكة، وقال: "الَّلهُمّ خُذْ العيونَ والأخبارَ عَنْ قريش حتّى نَبْغَتَهُم فِي بلادهم". فعن عُرْوة وغيره قالوا: لما أجمع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السَّيْرَ إلى مكة، كتب حاطب بْن أَبِي بلتعة إلى قريش بذلك مَعَ امْرَأَة، فجعلته فِي رأسها ثم فَتَلَتْ عَلَيْهِ قُرُونها ثم خرجت بِهِ. وأتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الوحيُ بفعْله, فأرسل فِي طلبها عليًّا والزُّبير, وذكر الحديث1. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَرَمِ الْقُرَشِيُّ وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْمَخْزُومِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الحسن الشافعي، أنا عبد الرحمن بن عمر بْنِ النَّحَّاسِ، أَنْبَأَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَعْبَانَ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ -وَهُوَ كَاتِبُ عَلِيٍّ- قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ، قَالَ: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ 2، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً 3 مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا". فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الروضة. قلنا: أخرجي الكتاب. قالت:

_ 1 هذه القصة في "الصحيحين" أخرجها البخاري "3983" في المغازي، ومسلم "2494" في فضائل الصحابة. 2 روضة خاخ: موضع بين الحرمين بقرب حمراء الأسد من المدينة. "معجم البلدان" "2/ 88". 3 الظعينة هنا: الجارية، وأصلها الهودج، وسميت به الجارية؛ لأنها تكون فيه.

مَا مَعِي كِتَابٌ، قُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنَقْلَعَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا1 فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا حَاطِبُ مَا هَذَا"؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ، إِنِّي كُنْتُ امرأ مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَعَكَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ بِمَكَّةَ، وَلَمْ يَكُنْ لِي قَرَابَةٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا -إذا فَاتَنِي ذَلِكَ- يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُهُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإسلام. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ". فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْني أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ: "إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأبَوُ دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ2. أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ، عَنِ ابْنِ عباس قال: قال عمر: كَتَبَ حَاطِبٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِكِتَابٍ فَجِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا حَاطِبُ مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا"؟ قَالَ: كَانَ أَهْلِي فِيهِمْ وَخَشِيتُ أَنْ يَصْرِمُوا عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ أَكْتُبُ كِتَابًا لا يَضُرُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَاخْتَرَطْتُ السَّيْفَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَضْرِبُ عُنُقَهُ فَقَدْ كَفَرَ. فَقَالَ: "وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهُ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ3. وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَحْوَهُ، وَزَادَ: فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] . وعن ابن إِسْحَاق، قَالَ: عَنِ ابن عبّاس قَالَ: ثمّ مضى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لسَفَره، واستعمل عَلَى المدينة أَبَا رُهْم الغِفَاريّ. وخرج لعشْرٍ مضين من رمضان. فصام وصام النّاس معه، حتّى إذا كَانَ بالكُدَيْد، بين عُسْفان وأمَج أفطر. اسم أبي رُهْم: كُلْثوم بْن حُصَيْن. وقال سَعِيد بْن بشير، عَنْ قَتَادَة: إنّ خُزاعة أسلمت فِي دارهم، فقبل رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إسلامَها، وجعل إسلامها فِي دارها.

_ 1 العقاص: خيط تشد به أطراف الذوائب. 2 تقدم تخريجه قبل قليل. 3 "صحيح": أخرجه الترمذي في "التفسير" "3537"، وقال الألباني: صحيح.

وقال سَعِيد بْن عَبْد العزيز، وَغَيْرُهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أدخل فِي عهده يوم الحُدّيبية خُزَاعة. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَتْ خُزَاعَةُ حِلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنُفَاثَةُ حِلْفَ أَبِي سُفْيَانَ1 فَعَدَتْ نُفَاثَةُ عَلَى خزاعة، فأمدتها قريش. فلم يغز رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُرَيْشًا حَتَّى بَعَثَ إِلَيْهِمْ ضَمْرَةَ، فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ إِحْدَى ثَلاثٍ: أَنْ يَدُوا قَتْلَى خُزَاعَةَ، وَبَيْنَ أَنْ يَبْرَءُوا مِنْ حِلْفِ نُفَاثَةَ، أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ على سواء. قالوا: ننبذ عَلَى سَوَاءٍ. فَلَمَّا سَارَ نَدَمَتْ قُرَيْشٌ، وَأَرْسَلَتْ أَبَا سُفْيَانَ يَسْأَلُ تَجْدِيدَ الْعَهْدِ. وَقَالَ ابْنُ لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: كَانَتْ بَيْنَ نُفَاثَةَ مِنْ بَنِي الدِّيلِ، وَبَيْنَ بَنِي كَعْبٍ، حَرْبٌ. فَأَعَانَتْ قُرَيْشٌ وَبَنُو كِنَانَةَ بَنِي نُفَاثَةَ عَلَى بَنِي كَعْبٍ. فَنَكَثُوا الْعَهْدَ إِلَّا بَنُو مُدْلِجٍ، فَإِنَّهُمْ وَفَوْا بِعَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَشِعْرَ عَمْرِو بْنِ سَالِمٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا نُصِرْتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ مِمَّا أَنْصُرُ مِنْهُ نَفْسِي". فَأَنْشَأَتْ سَحَابَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذِهِ السَّحَابَةَ تَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ، أَبْصِرُوا أَبَا سُفْيَانَ فَإِنَّهُ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ يَلْتَمِسُ تَجْدِيدَ الْعَهْدِ وَالزِّيَادَةَ فِي الْمُدَّةِ". فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ جدد العهد وَزِدْنَا فِي الْمُدَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أوَلذلك قدمت؟ هل كان من حَدَثَ قَبْلَكُمْ"؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَنَحْنُ عَلَى عَهْدِنَا وَصُلْحِنَا". ثُمَّ ذَكَرَ ذَهَابَهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَنْتَ أَكْبَرُ قُرَيْشٍ فَأَجِرْ بَيْنَهَا. قَالَ: صَدَقْتَ إِنِّي كَذَلِكَ فَصَاحَ: أَلا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ بين الناس، وما أظن أن يرد جِوَارِي وَلا يَحْقِرَ بِي. قَالَ: أَنْتَ تَقُولُ ذَاكَ يَا أَبَا حَنْظَلَةَ؟ ثُمَّ خَرَجَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَدْبَرَ: "الَّلهُمَّ سُدَّ عَلَى أَبْصَارِهِمْ وَأَسْمَاعِهِمْ فَلا يَرَوْنِي إِلا بَغْتَةً". فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَحَدَّثَ قَوْمَهُ، فَقَالُوا: أَرَضِيتَ بِالْبَاطِلِ وَجِئْتَنَا بِمَا لا يُغْنِي عَنَّا شَيْئًا، وَإِنَّمَا لَعِبَ بك علي.

_ 1 نفاثة: بطن من كنانة.

وَأَغْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الجهاز، مخيفًا لِذَلِكَ. فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى ابْنَتِهِ، فَرَأَى شَيْئًا مِنْ جِهَازِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، فأنكر وقال: أين يريد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: تَجَهَّزَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَازٍ قَوْمَكَ، قَدْ غَضِبَ لِبَنِي كعب. فدخل رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَشْفَقَتْ عَائِشَةُ أَنْ يَسْقُطَ أَبُوهَا بِمَا أَخْبَرَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فأشارت إلى أبيها بعينها، فسكت. فمكث رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاعَةً يَتَحَدَّثُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ: "هَلْ تَجَهَّزْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ"؟ قَالَ: لِمَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِغَزْوِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّهُمْ قَدْ غَدَرُوا وَنَقَضُوا الْعَهْدَ، وَإِنَّا غَازُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْغَزْوِ، فَكَتَبَ حَاطِبٌ إِلَى قُرَيْشٍ فَذَكَرَ حَدِيثَهُ. وَقَالَ: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالأَنْصَارِ، وَأَسْلَمَ، وَغِفَارٍ، وَمُزَيْنَةَ، وَجُهَيْنَةَ، وَبَنِي سُلَيْمٍ. وَقَادُوا الْخُيُولَ حَتَّى نَزَلُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِمْ قُرَيْشٌ. قَالَ: فَبَعَثُوا حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ وَأَبَا سُفْيَانَ وَقَالُوا: خُذُوا لَنَا جِوَارًا أَوِ آذِنُوا بِالْحَرْبِ. فَخَرَجَا فَلَقِيَا بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ فَاسْتَصْحَبَاهُ، فَخَرَجَ مَعَهُمَا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالأَرَاكِ بِمَكَّةَ، وَذَلِكَ عِشَاءً، رَأَوُا الْفَسَاطِيطَ وَالْعَسْكَرَ، وَسَمِعُوا صَهِيلَ الخيل ففزعوا. فقال: هؤلاء بنو كعب جاءت بهم الحرب. قال بديل: هؤلاء أكثر من بني كعب، ما بلغ تأليبها هَذَا. وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ بَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَيْلا لا يَتْرُكُونَ أَحَدًا يَمْضِي. فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ عَسْكَرَ الْمُسْلِمِينَ أَخَذَتْهُمُ الْخَيلُ تَحْتَ اللَّيْلِ وَأَتَوْا بِهِمْ. فَقَامَ عُمَرُ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ فَوَجَأَ عُنُقَهُ، وَالْتَزَمَهُ الْقَوْمُ وَخَرَجُوا بِهِ لِيَدْخُلُوا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ، فَحَبَسَهُ الْحَرَسُ أَنْ يَخْلُصَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَافَ الْقَتْلَ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَالِصَةً لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَلا تَأْمُرُ بِي عَبَّاسُ؟ فَأَتَاهُ فَدَفَعَ عَنْهُ، وَسَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ. فَرَكِبَ بِهِ تَحْتَ اللَّيْلِ، فَسَارَ بِهِ فِي عَسْكَرِ الْقَوْمِ حَتَّى أَبْصَرَهُ أَجْمَعَ. وَكَانَ عُمَرُ قَالَ لَهُ حِينَ وَجَأَهُ: لا تَدْنُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى تَمُوتَ. فَاسْتَغَاثَ بِالْعَبَّاسِ وَقَالَ: إِنِّي مَقْتُولٌ. فَمَنَعَهُ مِنَ النَّاسِ, فَلَمَّا رَأَى كَثْرَةَ الْجَيْشِ قَالَ: لَمْ أَرَ كَاللَّيْلَةِ جَمْعًا لِقَوْمٍ. فَخَلَّصَهُ عَبَّاسٌ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ: إِنَّكَ مَقْتُولٌ إِنْ لَمْ تُسْلِمْ وَتَشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَجَعَلَ يُرِيدُ أَنْ يقول الذي يأمره عباس، ولا ينطلق بِهِ لِسَانُهُ وَبَاتَ مَعَهُ. وَأَمَّا حَكِيمٌ وَبُدَيْلٌ فَدَخَلا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَا. وَجَعَلَ يَسْتَخْبِرُهُمَا عَنْ

أَهْلِ مَكَّةَ. فَلَمَّا نُودِيَ بِالْفَجْرِ تَجَسَّسَ الْقَوْمُ، فَفَزِعَ أَبُو سُفْيَانَ وَقَالَ: يَا عَبَّاسُ، مَا يُرِيدُونَ؟ قَالَ: سَمِعُوا النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ فَتَبَشَّرُوا بِحُضُورِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ يَمُرُّونَ إِلَى الصَّلاةِ، وَأَبْصَرَهُمْ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ إِذَا سَجَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا عَبَّاسُ، مَا يَأْمُرُهُمْ بِشَيْءٍ إِلا فَعَلُوهُ؟! فَقَالَ: لَوْ نَهَاهُمْ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لأَطَاعُوهُ، فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ، فَكَلِّمْهُ فِي قومه، هَلْ عِنْدَهُ مِنْ عَفْوٍ عَنْهُمْ؟ فَانْطَلَقَ عَبَّاسٌ بِأَبِي سُفْيَانَ حَتَّى أَدْخَلَهُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رسول الله، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا محمد قد اسنتصرت بِإِلَهِي وَاسْتَنْصَرْتَ بِإِلَهِكَ، فَوَاللَّهِ مَا لَقِيتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلا ظَهَرْتَ عَلَيَّ، فَلَوْ كَانَ إِلَهِي مُحِقًّا وَإِلَهُكَ بَاطِلا ظَهَرْتُ عَلَيْكَ، فَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أحب أن تأذن لي إلى قومك فأنذرهم مَا نَزَلَ بِهِمْ، وَأَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَأَذِنَ لَهُ. قَالَ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ؟ قَالَ: "مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَكَفَّ يَدَهُ، فَهُوَ آمِنٌ, وَمَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَوَضَعَ سِلاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ, وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبُو سُفْيَانَ ابْنُ عَمِّنَا، فَأُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ مَعِي، وَقَدْ خَصَصْتَهُ بِمَعْرُوفٍ. فَقَالَ: "مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ". فَجَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ يَسْتَفْهِمُهُ. وَدَارَ أَبِي سُفْيَانَ بِأَعْلَى مَكَّةَ. وَقَالَ: "مَنْ دَخَلَ دَارَكَ يَا حَكِيمُ فَهُوَ آمِنٌ". وَدَارُ حَكِيمٍ فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ. وَحَمَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْعَبَّاسَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي أَهْدَاهَا إِلَيْهِ دِحْيةُ الْكَلْبِيُّ، فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ وَأَبُو سُفْيَانَ قَدْ أَرْدَفَهُ. ثُمَّ بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي إِثْرِهِ، فَقَالَ: أَدْرِكُوا الْعَبَّاسَ فَرُدُّوهُ عَلَيَّ. وَحَدَّثَهُمْ بِالَّذِي خَافَ عَلَيْهِ. فَأَدْرَكَهُ الرَّسُولُ، فَكَرِهَ عَبَّاسٌ الرُّجُوعَ، وَقَالَ: أَتَرْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَرْجِعَ أَبُو سُفْيَانَ رَاغِبًا فِي قِلَّةِ النَّاسِ فَيَكْفُرَ بَعْدَ إِسْلامِهِ؟ فَقَالَ: "احْبِسْهُ" فَحَبَسَهُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: غَدْرًا يَا بَنِي هَاشِمٍ؟ فَقَالَ عَبَّاسٌ: إِنَّا لَسْنَا نَغْدِرُ، وَلَكِنْ بِي إِلَيْكَ بَعْضُ الْحَاجَةِ. فَقَالَ: وَمَا هِيَ، فَأَقْضِيهَا لَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا نَفَاذُهَا حِينَ يَقْدَمُ عَلَيْكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ. فَوَقَفَ عَبَّاسٌ بِالْمَضِيقِ دُونَ الأَرَاكِ، وَقَدْ وَعَى مِنْهُ أَبُو سُفْيَانَ حَدِيثَهُ. ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْخَيْلَ بَعْضَهَا عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ، وَقَسَمَ الْخَيْلَ شَطْرَيْنِ، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ. فَلَمَّا مَرُّوا بِأَبِي سفيان قال للعباس: مَنْ هَذَا؟ قَالَ:

الزُّبَيْرُ. وَرِدْفُهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْجَيْشِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارٍ وَقُضَاعَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا يَا عَبَّاسُ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ هَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي كَتِيبَةِ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: الْيَوْمَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ. ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كَتِيبَةِ الإِيمَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ وُجُوهًا كَثِيرَةً لا يَعْرِفُهَا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اخْتَرْتَ هَذِهِ الْوُجُوهَ عَلَى قَوْمِكَ؟ قَالَ: "أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ وَقَوْمُكَ. إِنَّ هَؤُلاءِ صَدَّقُونِي إذ كذبتموني، ونصروني إذ أخرجتموني"، وَمَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ يا عباس؟ قال: هذه كتيبة النبي -صلى الله عليه وسلم، ومع هذه الموت الأحمر، هَؤُلاءِ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ. قَالَ: امْضِ يَا عَبَّاسُ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ جُنُودًا قَطُّ وَلا جَمَاعَةً، وَسَارَ الزُّبَيْرُ بِالنَّاسِ حَتَّى إِذَا وَقَفَ بِالْحَجُونِ1، وَانْدَفَعَ خَالِدٌ حَتَّى دَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ. فَلَقِيَتْهُ بَنُو بَكْرٍ فَقَاتَلَهُمْ فَهَزَمَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ، وَمِنْ هُذَيْلٍ ثَلاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً، وَهُزِمُوا وَقُتِلُوا بِالْحَزْوَرَةَ2، حَتَّى دَخَلُوا الدُّورَ، وارتفعت طائفة منهم عَلَى الْجَبَلِ عَلَى الْخَنْدَمَةِ، وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ بِالسُّيُوفِ. وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، وَنَادَى مُنَادٍ: مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُو آمِنٌ. وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَازِلا بِذِي طُوًى، فَقَالَ: "كَيْفَ قَالَ حَسَّانٌ"؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: قَالَ: عَدِمْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَتِفَيْ كُدَاءِ فَأَمَرَهُمْ فَأَدْخَلُوا الَخْيَل مِنْ حَيْثُ قَالَ حَسَّانٌ فَأُدْخِلَتْ مِنْ ذِي طُوًى مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ. وَاسْتَحَرَّ الْقَتلُ بِبَنِي بَكْرٍ. فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُ مَكَّةَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: 1-2] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أُحِلَّتِ الْحُرْمَةُ لأَحَدٍ قَبْلِي وَلا بَعْدِي، وَلا أُحِلَّتْ لِي إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ". وَنَادَى أَبُو سُفْيَانَ بِمَكَّةَ: أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا. وَكَفَّهُمُ اللَّهُ عَنْ عَبَّاسٍ. فَأَقْبَلَتْ هِنْدٌ فَأَخَذَتْ بِلِحْيَةِ أَبِي سُفْيَانَ، ثُمَّ نَادَتْ: يَا آلَ غالب اقتلوا الشيخ

_ 1 الحجون: جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها. "معجم البلدان" "2/ 225". 2 الحزورة: سوق مكة.

الأَحْمَقَ. قَالَ: أَرْسِلِي لِحْيَتِي، فَأُقْسِمُ لَئِنْ أَنْتِ لَمْ تُسْلِمِي لَيُضْرَبَنَّ عُنُقُكِ، وَيْلَكِ جَاءَنَا بِالْحَقِّ ادْخُلِي بَيْتَكِ وَاسْكُنِي. وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَافَ سَبْعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَفَرَّ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ عَامِدًا لِلْبَحْرِ، وَفَرَّ عِكْرِمَةُ عَامِدًا لِلْيَمَنِ. وَأَقْبَلَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَمِّنْ صَفْوَانَ فَقَدْ هَرَبَ، وَقَدْ خَشِيتُ أَنْ تَهْلِكَ نَفْسُهُ فَأَرْسِلْنِي إِلَيْهِ بِأَمَانٍ قَدْ أمَّنْتَ الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ، فَقَالَ: أَدْرِكْهُ فَهُوَ آمِنٌ. فَطَلَبَهُ عُمَيْرٌ فَأَدْرَكَهُ وَدَعَاهُ فَقَالَ: قَدْ أمَّنَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ صَفْوَانُ: وَاللَّهِ لا أُوقِنُ لَكَ حَتَّى أَرَى عَلامَةً بِأَمَانِي أَعْرِفُهَا. فَرَجَعَ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بُرْدَ حَبْرَةٍ كَانَ مُعْتَجِرًا بِهِ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ، فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ، فَقَالَ صَفْوَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَعْطَيْتَنِي مَا يَقُولُ هَذَا مِنَ الأَمَانِ؟ قَالَ: "نعم". قَالَ: اجْعَلْ لِي شَهْرًا قَالَ: "لَكَ شَهْرَانِ، لَعَلَّ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَكِ". وَاسْتَأْذَنَتْ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مُسْلِمَةٌ، وَهِيَ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ. فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي طَلَبِ زَوْجِهَا، فَأَذِنَ لَهَا وَأَمَّنَهُ، فَخَرَجَتْ بِعَبْدٍ لَهَا رُومِيٍّ فَأَرَادَهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَلَمْ تَزَلْ تُمَنِّيهِ وَتُقَرِّبُ لَهُ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَى نَاسٍ مِنْ عَكٍّ1 فَاسْتَغَاثَتْهُمْ عَلَيْهِ فَأَوْثَقُوهُ، فَأَدْرَكَتْ زَوْجَهَا بِبَعْضِ تِهَامَةَ وَقَدْ رَكِبَ فِي السَّفِينَةِ، فَلَمَّا جَلَسَ فِيهَا نَادَى بِاللاتِ وَالْعُزَّى. فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ: لا يَجُوزُ هَهُنَا مِنْ دُعَاءٍ بِشَيْءٍ إِلا اللَّهَ وَحْدَهُ مُخْلِصًا، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللَّهِ لئن كان في البحر، إنه لفي البر وحده، وأقسم بِاللَّهِ لأَرْجِعَنَّ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَرَجَعَ عِكْرِمَةُ مَعَ امْرَأَتِهِ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَايَعَهُ، وَقَبِلَ مِنْهُ. وَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَلامَتْهُ وَعَيَّرَتْهُ بِالْفِرَارِ، فَقَالَ: وَأَنْتِ لَوْ رَأَيْتِنَا بِالْخَنْدَمَهْ ... إِذْ فَرَّ صَفْوَانُ وَفَرَّ عِكْرِمَهْ قَدْ لَحِقَتْهُمُ السُّيُوفُ الْمُسلِمَهْ ... يَقْطَعْنَ كُلَّ سَاعِدٍ وَجُمْجُمَهْ لَمْ تَنْطِقِي فِي اللوم أدنى كلمه

_ 1 عك: قبيلة من قبائل اليمن.

وَكَانَ دُخُولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ. وَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ صَفْوَانَ فِيمَا زَعَمُوا مِائَةَ دِرْعٍ وَأَدَاتِهَا، وَكَانَ أَكْثَرَ شَيْءٍ سِلاحًا. وَأَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: مَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَزَلَ مَرَّ الظَّهْرَانِ فِي عَشَرَةِ آلافٍ. فَسَبَّعَتْ سُلَيْمٌ1، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَلَّفَتْ سُلَيْمٌ2، وَأَلَّفَتْ مُزَيْنَةُ. وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. وَقَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَعْضِ الطَّرِيقِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: لَقِيَهُ بِالْجُحْفَةِ3 مُهَاجِرًا بِعِيَالِهِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عبد المطلب، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة؛ قَدْ لَقِيَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَبْقِ الْعُقَابِ -فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ- فَالْتَمَسَا الدُّخُولَ عَلَيْهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فِيهِمَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ عَمِّكَ وَابْنُ عَمَّتِكَ وَصِهْرُكَ. قَالَ: "لا حَاجَةَ لِي بِهِمَا، أما ابن عمي فهتك عِرْضِي، وَأَمَّا ابْنُ عَمَّتِي فَهُوَ الَّذِي قَالَ لِي بِمَكَّةَ مَا قَالَ". فَلَمَّا بَلَغَهُمَا قَوْلُهُ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاللَّهِ لَتَأْذَنَنَّ لِي أَوْ لآخُذَنَّ بِيَدِ بُنَيَّ هَذَا ثُمَّ لَنَذْهَبَنَّ فِي الأَرْضِ حَتَّى نَمُوتَ عَطَشًا وَجُوعًا. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَقَّ لَهُمَا، وَأَذِنَ لَهُمَا فَدَخَلا وَأَسْلَمَا وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَعَمْرُكَ إِنِّي يَوْمَ أَحْمِلُ رَايَةً ... لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللاتِ خَيْلَ مُحَمَّدِ لَكَالْمُدْلِجِ4 الْحَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهُ ... فَهَذَا أَوَانِي حِينَ أُهْدِي وَأَهْتَدِي هَدَانِي هَادٍ غَيْرُ نَفْسِي وَنَالَنِي ... إِلَى اللَّهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ أَصُدُّ وَأَنْأَى جَاهِدًا عَنْ مُحَمَّدٍ ... وَأُدْعَى وَإِنْ لَمْ أَنْتَسِبْ مِن مُحَمَّدِ فَذَكَرُوا أَنَّهُ حِينَ أَنْشَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذِهِ ضَرَبَ فِي صَدْرِهِ وقال: "أنت طردتني كل مطرد" 5.

_ 1 يعني كانوا سبعمائة. 2 يعني كانوا ألفًا. 3 موضع بين مكة والمدينة. 4 المدلج: السير ليلا. 5 "إسناده جيد": أخرجه الحاكم "3/ 43، 44" من حديث ابن عباس، وصححه، ووافقه الذهبي.

وقال سعيد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا لِغَزْوَةِ فَتْحِ مَكَّةَ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُوَّامًا. فَلَمَّا كُنَّا بِالْكَدِيدِ، أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْفِطْرِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَامَ فِي مَخْرَجِهِ ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ فَأَفْطَرَ وَأَفْطَرَ النَّاسُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وهو يتغدى فَقَالَ: "الْغَدَاءُ" فَقَالَا: إِنَّا صَائِمَانِ، فَقَالَ: "اعْمَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ، ارْحَلُوا لِصَاحِبَيْكُمْ، كُلا، كُلا". مُرْسَلٌ وَقَوْلُهُ: هذا مقدار بِالْقَوْلِ يَعْنِي يُقَالُ هَذَا لِكَوْنِكُمَا صَائِمَيْنِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةِ، فَسَارَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ، يَصُومُ وَيَصُومُونَ. حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ؛ وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ؛ فَأَفْطَرَ، وَأَفْطَرَ النَّاسُ. قَالَ الزُّهْرِيّ: وَكَانَ الْفِطْرُ آخر الأمرين, وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَصَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ لِثَلاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ. أَخْرَجَهُ خ وَم دُونَ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ2. وَكَذَا وَرَّخَهُ يُونُسُ3 عَنِ الزُّهْرِيِّ. وقال عَبْد اللَّه بْن إدريس، عَنِ ابن إِسْحَاق، عَنِ ابن شهاب، ومحمد بْن عليَّ بن الحسين، وعمرو بْن شُعَيْب، وعاصم بْن عُمَر وغيرهم قَالُوا: كَانَ فتح مكة فِي عشر بقين من رمضان. وقال الواقديّ: خَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الأربعاء لعشر خَلَوْن من رمضان بعد العصر. فما حلّ عقْده حتى انتهى إلى الصُلْصُل. وخرج المسلمون وقادوا الخيل وامتطوا الإبل، وكانوا عشرة آلاف.

_ 1 في "المغازي" "5/ 90". 2 أخرجه البخاري في "المغازي". 3 ورخه: بمعنى أرخ أي حدد تاريخه.

وذكر عُرْوَةُ وموسى بْن عُقْبة أنّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج فِي اثني عشر ألفًا. وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَهُ الْعَبَّاسُ بِأَبِي سُفْيَانَ فَأَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ الْفَخْرَ، فَلَوْ جَعَلْتَ لَهُ شَيْئًا؟ قَالَ: "نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ". زَادَ فِيهِ الثِّقَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَمَا تَسَعُ دَارِي؟ قَالَ: "مَنْ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَهُوَ آمِنٌ" قَالَ: وَمَا تَسَعُ الْكَعْبَةُ؟ قَالَ: "مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ". قَالَ: وَمَا يَسَعُ الْمَسْجِدُ؟ قَالَ: "مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ". فَقَالَ: هَذِهِ وَاسِعَةٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، قَالَ الْعَبَّاسُ وَقَدْ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ: يَا صَبَاحَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ بَغَتَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ عَنْوَةً، إِنَّهُ لَهَلاكُ قُرَيْشٍ آخِرَ الدَّهْرِ. فَجَلَسَ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْبَيْضَاءِ، وَقَالَ أَخْرُجُ إِلَى الأَرَاكِ لَعَلِّي أَرَى حُطَّابًا أَوْ صَاحِبَ لَبَنٍ، أَوْ دَاخِلا يَدْخُلُ مَكَّةَ. فَيُخْبِرُهُمْ بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَأْتُوهُ فَيَسْتَأْمِنُوهُ، فَخَرَجْتُ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَطُوفُ بِالأَرَاكِ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ أَبِي سُفْيَانَ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ وَقَدْ خَرَجُوا يَتَجَسَّسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ نِيرَانًا، فَقَالَ بُدَيْلٌ: هَذِهِ نِيرَانُ خُزَاعَةَ حَمَشَتْهَا الْحَرْبُ1، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: خزاعة ألأم من ذلك وأذل. فعرف صَوْتَهُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَنْظَلَةَ، فَقَالَ: أَبُو الْفَضْلِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: لَبَّيْكَ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، مَا وَرَاءَكَ؟ قُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ فِي النَّاسِ قَدْ دَلَفَ إِلَيْكُمْ بِمَا لا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ فِي عَشَرَةِ آلافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: فَكَيْفَ الْحِيلَةُ؟ فِدَاك أَبِي وَأُمِّي. فَقُلْتُ: تَرْكَبُ فِي عَجُزِ هَذِهِ الْبَغْلَةِ، فَأَسْتَأْمِنُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَئِنْ ظَفِرَ بِكَ لَيَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ. فَرَدَفَنِي فَخَرَجْتُ أَرْكُضُ بِهِ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا مَرَرْتُ بِنَارٍ مِنْ نِيرَانِ الْمُسْلِمِينَ نَظَرُوا إِلَيَّ وَقَالُوا: عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَتَّى مَرَرْتُ بِنَارِ عُمَرَ فَقَالَ لأَبِي سُفْيَانَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمْكَنَ مِنْكَ بِغَيْرِ عَهْدٍ وَلا عَقْدٍ. ثُمَّ اشْتَدَّ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَكَضَتِ الْبَغْلَةُ حَتَّى اقْتَحَمَتْ بَابَ الْقُبَّةِ وَسَبَقَتْ عُمَرَ بِمَا تَسْبِقُ بِهِ الدَّابَّةُ الْبَطِيئَةُ الرَّجُلَ البطيء.

_ 1 حمشتها الحرب: أي هيجتهم الحرب.

وَدَخَلَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبُو سُفْيَانَ عَدُوُّ اللَّهِ، قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ بِغَيْرِ عَهْدٍ وَلا عَقْدٍ، فَدَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أمَّنْتُهُ. ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا يُنَاجِيهِ اللَّيْلَةَ أَحَدٌ دُونِي. فَلَمَّا أَكْثَرَ فِيهِ عُمَرُ، قُلْتُ: مَهْلا يَا عُمَرُ، فَوَاللَّهِ مَا تَصْنَعُ هَذَا إِلا لأَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. وَلَوْ كَانَ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ مَا قُلْتَ هَذَا. فَقَالَ: مَهْلا يَا عَبَّاسُ، فَوَاللَّهِ لإِسْلامُكَ يَوْمَ أَسْلَمْتَ كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم. وما ذاك إلا لأني قد عرفت أن إسلامك كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ إِسْلامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اذْهَبْ بِهِ فَقَدْ آمَنَّاهُ، حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ عَلَيَّ الْغَدَاةَ". فَرَجَعَ بِهِ الْعَبَّاسُ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ"؟ فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي مَا أَوْصَلَكَ وَأَكْرَمَكَ، وَاللَّهِ ظَنَنْتُ أَنْ لَوْ كَانَ مَعَ اللَّهِ غَيْرُهُ لَقَدْ أَغْنَى شَيْئًا بَعْدُ. فَقَالَ: "وَيْحَكَ أَوَ لَمْ يَأْنِ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ"؟ قَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي مَا أَوْصَلَكَ وَأَكْرَمَكَ، أَمَّا هَذِهِ فَإِنَّ فِي النَّفْسِ مِنْهَا شَيْئًا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: فَقُلْتُ: وَيْلَكَ تَشَهَّدْ شَهَادَةَ الْحَقِّ قَبْلَ -وَاللَّهِ- أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُكَ. فَتَشَهَّدَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ تَشَهَّدَ: "انْصَرِفْ بِهِ يَا عَبَّاسُ فَاحْبِسْهُ عِنْدَ حَطْمِ الْجَبَلِ بِمَضِيقِ الْوَادِي، حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْهِ جُنُودُ اللَّهِ". فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ الْفَخْرَ، فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا يَكُونُ لَهُ فِي قَوْمِكَ فَقَالَ: "نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ". فَخَرَجْتُ بِهِ حَتَّى حبسته عند حطم الْجَبَلِ بِمَضِيقِ الْوَادِي. فَمَرَّتْ عَلَيْهِ الْقَبَائِلُ، فَيَقُولُ: مَن هَؤُلاءِ يَا عَبَّاسُ؟ فَأَقُولُ: سُلَيْمٌ. فَيَقُولُ: مَا لِي وَلسُلَيْمٍ. وَتَمُرُّ بِهِ الْقَبِيلَةُ فَيَقُولُ: من هذه؟ فأقول: أَسْلَمُ. فَيَقُولُ: مَا لِي وَلأَسْلَمَ. وَتَمُرُّ جُهَيْنَةُ. حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فِي الْحَدِيدِ، لا يُرَى مِنْهُمْ إِلا الْحَدَقُ. فَقَالَ يَا أَبَا الْفَضْلِ، مَنْ هَؤُلاءِ؟ فَقُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. فَقَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ عَظِيمًا. فَقُلْتُ: وَيْحَكَ، إِنَّهَا النُّبُوَّةُ. قَالَ: فَنَعَمْ إِذَنْ. قُلْتُ: الْحَقِ الآنَ بِقَوْمِكَ فَحَذِّرْهُمْ. فَخَرَجَ سَرِيعًا حَتَّى جَاءَ مَكَّةَ، فَصَرَخَ فِي الْمَسْجِدِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ؛ هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ جَاءَكُمْ بِمَا لا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ. فَقَالُوا: فَمَهْ؟ قَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ آمِنٌ.

فَقَالُوا: وَمَا دَارُكَ، وَمَا تُغْنِي عَنَّا؟ قَالَ: مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ دَارَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ آمِنٌ. هَكَذَا رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْصُولا، وَأَمَّا أَبُو أيوب السختياني فأرسله. وقد رواه ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ عُرْوَةُ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ؛ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَهُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُرَكِّزَ الرَّايَةَ. قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ. وَدَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ كُدًى، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلانِ: حُبَيْشُ بْنُ الْأَشْعَرِ، وَكُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ1. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُهُ: أَخْفَى اللَّهُ تَعَالَى مَسِيرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ، حَتَّى نَزَلَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ. وَفِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: "لِمَ قَاتَلْتَ، وَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنِ الْقِتَالِ"؟ قَالَ: هُمْ بَدَءُونَا بِالْقِتَالِ وَوَضَعُوا فِينَا السِّلَاحَ وَأَشْعَرُونَا بِالنَّبْلِ، وَقَدْ كَفَفْتُ يَدَيْ مَا اسْتَطَعْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ". ويقال: قَالَ أَبُو بَكْر يومئذٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أراني فِي المنام وأراك دَنَوْنا من مكة، فخرجتْ إلينا كلْبةٌ تهرّ. فلمّا دنونا منها استلْقَتْ عَلَى ظهرها، فإذا هِيَ تشخبُ لَبَنًا2. فقال: "ذهبَ كلْبُهم وأقبل درُّهُم، وهم سائلوكم بأرحامكم وإنّكم لاقون بعضَهم، فإنْ لقيتم أَبَا سُفْيَان فلا تقتلوه". فلقوا أَبَا سُفْيَان وحكيمًا بمرّ الظَّهْران. وقال حسّان: عدِمْتُ بُنَيَّتي إنْ لم تروها ... تُثِير النقع موعدها كداء ينازعن الأعنة مصحبات ... يلطمهن بالخمر النساء

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 91، 92" باب: أين ركز النبي -صلى الله عليه وسلم- الراية يوم الفتح. 2 تشخب لبنا: أي: تحلب.

فإن أعرضتم عنا اعتمرنا ... وكان الفتح وانكشف الغطاءُ وإلّا فاصْبِروا لجلاد يومٍ ... يُعِزّ اللَّه فِيهِ مَن يشاءُ وجبريلُ رَسُول اللَّهِ فينا ... وَرُوحُ القدُسِ ليس لَهُ كفاءُ هجوتَ محمَّدًا فأجبتُ عَنْهُ ... وعندَ اللَّه فِي ذاك الجزاءُ فمن يهجو رَسُول اللَّهِ منكم ... ويمدحهُ وينصرُهُ سَوَاءُ لساني صارمٌ لا عيبَ فِيهِ ... وبحري ما تُكَدِّرُهُ الدِّلاءُ فذكروا أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تبسّم إلى أَبِي بَكْر حين رَأَى النّساء يلطمن الخيل بالخُمُر؛ أي ينفضن الغُبار عَنِ الخيل. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "اهجوا قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ". وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: "اهْجُهُمْ". فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يُرْضِ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أُرْسِلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ. فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: "قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ" 1. ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ فَرْيَ الْأَدِيمِ2. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا، حَتَّى يُخَلِّصَ لِي نَسَبِي". فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَخْلَصَ لِي نَسَبُكَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرةُ مِنَ الْعَجِينِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ لِحَسَّانَ: "إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يزال يؤيدك ما نافحت عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ". وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى". وَذَكَرَ الْأَبْيَاتَ، وَزَادَ فِيهَا: هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللَّهِ شِيمتُهُ الْوَفَاءُ فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَه وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ فإنْ أَعْرَضْتُمُ عَنَّا اعْتَمَرْنا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وانكشف الغطاء

_ 1 الذنب: ذيل الحيوان. "المعجم الوجيز" "247". 2 لأفرينهم فري الأديم: أي لأمزقن أعراضهم تمزيق الجلد.

وَقَالَ اللَّهُ قَدِ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ وَقَال اللَّهُ قَدْ سَيَّرْتُ جُنْدًا ... هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ ... سِبابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَغَيْرُهُ: نَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ: وَفَدْنا إِلَى مُعَاوِيَةَ وَمَعَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَكَانَ بَعْضُنَا يَصْنَعُ لِبَعْضٍ الطَّعَامَ. وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّنْ يَصْنَعُ لَنَا فَيُكْثِرُ، فَيَدْعُو إِلَى رَحْلِهِ. قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتُ بِطَعَامٍ فَصُنِعَ وَدَعَوْتُهُمْ إِلَى رَحْلِي، فَفَعَلْتُ. وَلَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِالْعَشِيِّ فَقُلْتُ: الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ. فَقَالَ: سَبَقْتَنِي يَا أَخَا الْأَنْصَارِ. قَالَ: فَإِنَّهُمْ لَعِنْدِي إِذْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلا أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟ فَذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ. وَقَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ2، وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْأُخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحَسْرِ. ثُمَّ رَآنِي فَقَالَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ وَلَا تَأْتِنِي إِلَّا بِأَنْصَارِيٍّ". قَالَ: فَفَعَلْتُهُ. ثُمَّ قَالَ: "انْظُرُوا قُرَيْشًا وَأَوْبَاشَهُمْ فَاحْصُدُوهْم حَصْدًا". فَانْطَلَقْنَا فما أحد منهم يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا، وَمَا مِنَّا أَحَدٌ يُرِيدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا أَخَذَهُ. وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ". فَأَلْقَوْا سِلَاحَهُمْ. وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَدَأَ بِالْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ طَافَ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ جَاءَ وَمَعَهُ الْقَوْسُ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَتِهَا، فَجَعَلَ يَطْعَنُ بِهَا فِي عَيْنِ صَنَمٍ مِنْ أَصْنَامِهِمْ، وَهُوَ يَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81] . ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى الصَّفَا، فَعَلَا مِنْهُ حَتَّى يَرَى الْبَيْتَ، وَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُوهُ، وَالْأَنْصَارُ عِنْدَهُ يَقُولُونَ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ ورأفة

_ 1 في "صحيحه" "2490" كتاب: فضائل الصحابة. 2 المجنبة من الجيش: مقدمته وجناحه.

بِعَشِيرَتِهِ. وَجَاءَ الْوَحْيُ، وَكَانَ الْوَحْيُ إِذَا جَاءَ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا. فَلَمَّا أَنْ رَفَعَ الْوَحْيُ قَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، كَلَّا فَمَا اسْمِي إِذًا؟ كَلَّا، إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ". فَأَقْبَلُوا يَبْكُونَ وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قُلْنَا إِلَّا الضِّنَّ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ. فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيُعْذِرَانِكُمْ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَعِنْدَهُ: "كَلَّا إني عبد الله ورسوله، وهاجرت إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ". وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى الْإِذْنِ بِالْقَتْلِ قَبْلَ عَقْدِ الْأَمَانِ. وَقَالَ سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ: حَدَّثَنِي ثَابِتُ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا قُتِلَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَّا أَرْبَعَةٌ. ثُمَّ دَخَلَ صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ السَّيْفَ لَا يُرْفَعُ عَنْهُمْ. ثُمَّ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْكَعْبَةَ فَأَخَذَ بِعُضَادَتَيِ الْبَابِ فَقَالَ: "مَا تَقُولُونَ وَمَا تَصْنَعُونَ"؟ قَالُوا: نَقُولُ ابْنُ أَخٍ وَابْنُ عَمٍّ حَلِيمٌ رَحِيمٌ. فَقَالَ: "أَقُولُ كَمَا قَالَ يُوسُفَ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} " [يوسف: 92] . قَالَ: فَخَرَجُوا كَمَا نُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ. فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ. وقال عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ: دَخَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الفتح من كَداء من أعلى مكَّة. وقال عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر قال: لما دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الفتح رَأَى النّساء يَلْطُمْنَ وجوهَ الخيل بالخُمُر، فَتَبَسَّمَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أَبِي بَكْر وقال: "كيف قَالَ حسان"؟ فأنشده أَبُو بَكْر: عدِمْتُ بُنَيَّتِي إنْ لم تروها ... تُثِير النَّقْعَ من كنفي كَدَاء يُنَازِعْنَ الأعنَّةَ مُسْرجات ... يَلْطمُهُنّ بالخُمُر النّساء فقال: "ادخلوها من حيث قَالَ حسّان". وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا وَضَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: هَذَا ابْنُ خَطَلَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ: "اقْتُلُوهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.

_ 1 في "صحيحه" "14780" كتاب: "الجهاد والسير". 2 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 92"، ومسلم "1375" كتاب الحج، وغيرهما.

وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أهدر دم ابن خَطَلَ وثلاثة غيره. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ: ثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ يَوْمَ أَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْتَ الْأَسْتَارِ. فَضَرَبَ عُنُقَهُ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ. ثُمَّ قَالَ: "لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ بَعْدَهَا صَبْرًا". وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ الدُّهْنِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَفِي مُسْنَدِ الطيَّالِسيِّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. وَقَالَ مُسَاوِرٌ الْوَرَّاقُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ خُرْقَانِيَّةٌ، قَدْ أَرْخَى طَرَفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ أَبْيَضَ، وَرَايَتُهُ سَوْدَاءَ؛ قِطْعَةٌ مِنْ مِرْطٍ لِي مُرَجَّلٌ، وَكَانَتِ الرَّايَةُ تُسَمَّى الْعُقَابُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: لَمَّا نَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذي طَوَى وَرَأَى مَا أكرمه اللَّه بِهِ من الفتح جعل يتواضع لله حتّى إنّك لتَقُول قد كاد عُثْنُونُه أنَّ يُصيب واسطةَ الرَّحْلِ. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ وَذَقْنُهُ عَلَى رَحْلِهِ مُتَخَشِّعًا. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ سُورَةَ الْفَتْحِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ، فَرَجَّعَ فِيهَا. ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ يَحْكِي قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. متفق عليه، ولفظه للبخاري3.

_ 1 في "صحيحه" "1358" كتاب الحج. 2 في "صحيحه" "1359" كتاب الحج. 3 أخرجه البخاري "5/ 92" كتاب الحج، ومسلم في "صحيحه" "794" كتاب صلاة المسافرين وقصرها.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49] ، {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَوْمَ الْفَتْحِ، وَعَلَى الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةِ صَنَمٍ، فَأَخَذَ قَضِيبَهُ فَجَعَلَ يَهْوِي بِهِ إِلَى صَنَمٍ صَنَمٍ، وَهُوَ يَهْوِي حَتَّى مَرَّ عَلَيْهَا كُلِّهَا. حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ -هو ضَعِيفٌ- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا دخل مكة وجد بها ثلاثمائة وَسِتِّينَ صَنَمًا. فَأَشَارَ إِلَى كُلِّ صَنَمٍ بِعَصًا مِنْ غَيْرَ أَنْ يَمَسَّهَا. وَقَالَ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ، فَكَانَ لَا يُشِيرُ إِلَى صَنَمٍ إِلَّا سَقَطَ2. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الْآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ. فَأَخْرَجَ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَفِي أَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ، فَقَالَ: "قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقْسِمَا بِهَا قَطُّ". وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْهُ حَتَّى أمر بها فحميت. وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ بِأَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ، فَقَالَ: "قَاتَلَهُمُ الله، والله ما استقسما بها قط". صحيح. وقال أبو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ حَتَّى مُحِيَتِ الصُّوَرُ. صَحِيحٌ. وَقَالَ هَوْذَةُ: ثنا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفَتْحِ، شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ فَأَعْطَاهُ الْمِفْتَاحَ، وَقَالَ لَهُ: دُونَكَ هَذَا، فَأَنْتَ أَمِينُ اللَّهِ عَلَى بَيْتِهِ.

_ 1 أخرجه البخاري في المظالم والغصب "3/ 108"، ومسلم "1781" في الجهاد والسير. 2 ضعيف: وقد أشار المصنف إلى ضعفه.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: هَذَا غَلَطٌ، إِنَّمَا أَعْطَى الْمِفْتَاحَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ؛ ابْنَ عَمِّ شَيْبَةَ؛ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَشَيْبَةُ يَوْمَئِذٍ كَافِرٌ. وَلَمْ يَزَلْ عُثْمَانُ عَلَى الْبَيْتِ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ وُلِّيَ شَيْبَةُ. قُلْتُ: قَوْلُ الْوَاقِدِيِّ لَمْ يَزَلْ عُثْمَانُ عَلَى الْبَيْتِ حَتَّى مَاتَ، فِيهِ نَظَرٌ. فَإِنْ أَرَادَ لَمْ يَزَلْ مُنْفَرِدًا بِالْحِجَابَةِ، فَلا نُسَلِّمُ. وَإِنْ أَرَادَ مُشَارِكًا لِشَيْبَةَ، فَقَرِيبٌ. فَإِنَّ شَيْبَةَ كَانَ حَاجِبًا فِي خِلافَةِ عُمَرَ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفَّى الْحِجَابَةِ لِشَيْبَةَ لَمَّا أَسْلَمَ. وَكَانَ إِسْلامُهُ عَامَ الْفَتْحِ، لا يَوْمَ الْفَتْحِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ، أنا أَبُو بِشْرٍ, عَنْ مُسَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْكَعْبَةَ فَصلَّى، فَإِذَا فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَقَالَ: يَا شَيْبَةُ، اكْفِنِي هَذِهِ. فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: طَيِّنْهَا ثُمَّ الْطَخْهَا بِزَعْفَرَانَ. فَفَعَلَ. تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ مُقَارِبٌ لِلأَمْرِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْبَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُرْدِفًا أُسَامَةَ، وَمَعَهُ بِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، مِنَ الْحَجَبَةِ، حَتَّى أَنَاخَ فِي الْمَسْجِدِ, فَأَمَرَ عُثْمَانَ أَنْ يَأْتِي بِمِفْتَاحِ الْبَيْتِ، فَفَتَحَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ أُسَامَةَ وَبِلَالٍ وَعُثْمَانَ, فَمَكَثَ فِيهَا نَهَارًا طَوِيلًا, ثُمَّ خَرَجَ فَاسْتَبَقَ النَّاسُ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ، فَوَجَدَ بِلَالًا وَرَاءَ الْبَابِ، فَسَأَلَهُ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فأشار إلي الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ: كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ. صَحِيحٌ. عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ مُحْتَجًّا بِهِ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَن عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ: لَمَّا اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بمكة، طاف على بعيره، ويستلم الحجر بالمحجن, ثم دخل الْكَعْبَةِ -وَأَنَا أَنْظُرُ- فَرَمَى بِهَا. وَذَكَرَ أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ، إِلا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ: "اقْتُلُوهُمْ، وإن

_ 1 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 93"، وأحمد في "المسند" "6/ 15".

وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ: عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ، وَمِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ". فَأَمَّا ابْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالأَسْتَارِ، فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا، فَقَتَلَهُ. وَأَمَّا مِقْيَسٌ فَقَتَلُوهُ فِي السُّوقِ. وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ، وَذَكَرَ قِصَّتَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ. وَأَمَّا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَاخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، جَاءَ بِهِ عُثْمَانُ حَتَّى أَوْقَفَهُ على النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلاثٍ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: "أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا, حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ، فَيَقْتُلُهُ"؟. قَالُوا: مَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا فِي نَفْسِكَ، هَلا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَالَ: "إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِنَبِيٍّ خَائِنَةُ الأَعْيُنِ" 1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْر، قَالَ: قدِم مِقْيس بْن صُبابة عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة، وقد أظهر الإِسلامَ، يطلُب بِدَمِ أخيه هِشام. وكان قتله رجلٌ من المسلمين يَوْم بني المُصْطَلِق ولا يحسبه إلّا مُشْرِكًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما قُتِل أخوك خطأ". وأمرَ لَهُ بديَته، فأخذها، فمَكَث مَعَ المسلمين شيئًا، ثمّ عَدَا عَلَى قاتل أخيه فقتله، ولحِق بمكة كافرًا. فأمر رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الفتح- بقَتْله، فقتله رجلٌ من قومه يقال لَهُ نُمَيْلَة بْن عَبْد اللَّه؛ بين الصَّفَا والمَرْوَة. وحدّثني عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر، وأبو عُبَيْدة بْن مُحَمَّد بْن عمّار: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما أمر بقتل ابن أَبِي سَرْح لأنه كَانَ قد أسلم، وكتب لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الوَحْيَ. فرجع مُشْرِكًا ولَحِق بمكة. قَالَ ابن إِسْحَاق: وإنّما أمر بقتل عَبْد اللَّه بْن خَطَلَ؛ أحد بني تَيْم بْن غَالب؛ لأنه كَانَ مسلمًا، فبعثه رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُصَدِّقًا2، وبعث معه رجلًا من الأنصار، وكان معه مَوْلًى يخدمه وكان مسلمًا. فنزل منزلًا، فأمر الموْلى أنَّ يذبح تيسًا ويصنع له

_ 1 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" "2683" في "الجهاد"، وقال الشيخ الإلباني في "صحيح سنن أبي داود" "2334": صحيح. 2 مصدقًا: أي جابيًا للصدقات.

طعامًا، ونام فاستيقظ ولم يصنع لَهُ شيئًا فقتله وَارْتَدَّ. وكان لَهُ قَيْنَة وصاحبتُها تغنّيان بهجاء رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر بقتلهما معه, وكان ممّن يؤذي رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ، جَاءَتْ عَجُوزٌ حَبَشِيَّةٌ شَمْطَاءُ تَخْمِشُ وَجْهَهَا وَتَدْعُو بِالْوَيْلِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! رَأَيْنا كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: "تِلْكَ نَائِلَةُ أَيِسَتْ أَنْ تُعْبَدَ بِبَلَدِكُمْ هَذَا أَبَدًا". كَأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكٍ؛ هُوَ ابْنُ بَرْصَاءَ؛ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الفتح يَقُولُ: "لَا تُغْزَى مَكَّةَ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ، بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى نَخْلَةٍ، وَكَانَتْ بِهَا الْعُزَّى. فَأَتَاهَا خَالِدٌ وَكَانَتْ عَلَى ثَلاثِ سَمُرَاتٍ. فَقَطَعَ السَّمُرَاتِ وَهَدَمَ الْبَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا, ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: "ارْجِعْ، فَإِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا". فَرَجَعَ خَالِدٌ, فَلَمَّا نظرت إليه السدنة؛ وهم حجابها؛ أمعنوا فِي الْجَبَلِ وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا عُزَّى خَبِّلِيهِ، يَا عُزَّى عَوِّرِيهِ، وَإِلا فَمُوتِي بِرَغْمٍ. فَأَتَاهَا خَالِدٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا تَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا. فَعَمَّمَهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: "تِلْكَ الْعُزَّى". أَبُو الطُّفَيْلِ لَهُ رُؤْيَةٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ، أَمَرَ بِلالا فَعَلا عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، فَأَذَّنَ عَلَيْهَا. فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ سَعِيدًا إِذْ قَبَضَهُ قَبْلَ أَنْ يَرَى هَذَا الأَسْوَدَ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ. وَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلالا يَوْمَ الْفَتْحِ فَأَذَّنَ عَلَى الْكَعْبَةِ1. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ: أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَتْهُ؛ لَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ فَرَّ إِلَيْهَا رجلان من بني مخزوم، فأجارتهما.

_ 1 مرسل.

قَالَتْ: فَدَخَلَ عليَّ عليٌّ فَقَالَ: أَقْتُلُهُمَا. فَأَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا رَآنِي رَحَّبَ فَقَالَ: "مَا جَاءَ بِكِ يَا أُمِّ هَانِئٍ"؟ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! كُنْتُ قَدْ أَمَّنْتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَحْمَائِي فَأَرَادَ عَلِيٌّ قَتْلَهُمَا. فَقَالَ: "قَدْ أَجَرنْا مَنْ أَجَرْتِ". ثُمَّ قَامَ إِلَى غُسْلِهِ، فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ, ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبًا فَالْتَحَفَ بِهِ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِي رَكَعَاتٍ؛ سُبْحَةَ الضُّحَى. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ يَبْعَث الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ، أُحَدِّثُ قَوْلًا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ, سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ؛ أَنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، وَلَا يَحِلُّ لامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضِدُ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ, وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ, فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ". فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ: مَاذَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو؟ قَالَ: قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِذَاكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمٍ وَلَا فَارًّا بِخَرْبَةٍ2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ عَلَى دَرَجَةِ الْكَعْبَةِ: "الْحَمْدُ لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ, أَلا إِنَّ قَتِيلَ الْعَمْدِ الْخَطَإِ بِالسَّوْطِ أَوِ الْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خِلْفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا, أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأَثُرةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَدَمٍ وَمَالٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِدَانَةِ الْبَيْتِ وَسِقَايَةِ الْحَاجِّ، فَقَدْ أَمْضَيْتُهَا لِأَهْلِهَا". ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قال: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ عَامَ الْفَتْحِ، ثُمَّ قَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ! أَلَا إِنَّهُ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَزِيدُهُ إِلَّا شِدَّةً, وَالْمُؤْمِنُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أقصاهم، يرد سراياهم على

_ 1 في "صحيحه" "1/ 182، 183" كتاب صلاة المسافرين. 2 الخربة: البلية. 3 أخرجه البخاري في العلم "6/ 176، 177"، ومسلم "1354" في الحج.

قَعِيدَتِهِمْ, لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافرٍ, دِيَةُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ, لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ, وَلَا تُؤْخَذُ صَدَقَاتُهُمْ إِلَّا فِي دُورِهِمْ". وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْزِلُنَا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِذَا فَتَحَ اللَّهُ، الْخَيْفُ؛ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ أَبُو الأَزْهَرِ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شرحبيل الأنباري، أنا ابن جريج، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ خَلَفٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ الأَسْوَدَ حَضَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُبَايِعُ النَّاسَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَجَلَسَ عِنْدَ قَرْنِ مستقلة، فَجَاءَهُ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلامِ وَالشَّهَادَةِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَا طُوًى، قَالَ أَبُو قُحَافَةَ لابْنَةٍ لَهُ كَانَتْ مِنْ أَصْغَرِ وَلَدِهِ: أَيْ بُنَيَّةُ! أَشْرِفِي بِي عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ. وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ, فَأَشَرَفَتْ بِهِ عَلَيْهِ, فَقَالَ: مَاذَا تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرَى سَوَادًا مُجْتَمِعًا، وَأَرَى رَجُلا يَشْتَدُّ بَيْنَ ذَلِكَ السَّوَادِ مُقْبِلا وَمُدْبِرًا. فَقَالَ: تِلْكَ الْخَيْلُ يَا بُنَيَّةُ، وَذَلِكَ الرَّجُلُ الْوَازِعُ. ثُمَّ قَالَ: مَاذَا تَرَيْنَ؟ قَالَتْ: أَرَى السَّوَادَ انْتَشَرَ. فَقَالَ: فَقَدْ وَاللَّهِ إِذَنْ دُفِعَتِ الْخَيْلُ، فَأَسْرِعِي بِي إِلَى بَيْتِي. فَخَرَجَتْ سَرِيعًا، حَتَّى إِذَا هَبَطَتْ بِهِ الأَبْطَحَ، لَقِيَتْهَا الْخَيْلُ، وَفِي عُنُقِهَا طَوْقٌ لَهَا مِنْ ورق، فاقتطعه إنسان من عنقها, فلما دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: "هَلا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَجِيئَهُ"؟ فَقَالَ: يَمْشِي هُوَ إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقَّ مِنْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَيْهِ. فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ صَدْرَهُ وَقَالَ: "أَسْلِمْ تَسْلَمْ". فَأَسْلَمَ, ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِيَدِ أُخْتِهِ فَقَالَ: أَنْشُدُ بِاللَّهِ وَالإِسْلامِ طَوْقَ أُخْتِي. فَوَاللَّهِ مَا أَجَابَهُ أَحَدٌ, ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ، فَمَا أَجَابَهُ أَحَدٌ, فَقَالَ: يَا أُخَيَّةُ، احْتَسِبِي طَوْقَكِ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الأَمَانَةَ الْيَوْمَ فِي النَّاسِ لَقَلِيلٌ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ عُمَرَ أَخَذَ بِيَدِ أَبِي قُحَافَةَ فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "غَيِّرُوا هَذَا الشَّيْبَ وَلَا تُقَرِّبُوهُ سَوَادًا" 2. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَنَّأَ أَبَا بَكْرٍ بِإِسْلامِ أبيه. مرسل.

_ 1 في "المغازي" "5/ 92". والخيف: الوادي. 2 أخرجه ابن حبان في الموارد "1700" بنحوه، وابن إسحاق في "المغازي" بسند صحيح رجاله ثقات، وغيرهما.

وقال مالك، عَنِ ابن شهاب: أَنَّهُ بلغه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى عهده نساء يُسْلِمْن بأَرْضِهنّ، منهنّ ابْنَة الوليد بْن المُغِيرة، وكانت تحت صَفْوان بْن أمية، فأسلمت يوم الفتح وهرب صفوان. فبعث إِلَيْهِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَ عمّه عُمَيْر بْن وهب برداء رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمانًا لصفوان، ودعاه إلى الإسلام، وأن يَقْدَم عَلَيْهِ، فإنْ رَضِي أمرًا قَبِله، وإلا سَيَّره شهرين. فقدم فنادى على رءوس النّاس: يا مُحَمَّد! هذا عُمير بن وهب جاءني بردائك وزعم أنّك دعوتني إلى القدوم عليك، فإنّ رضيتُ أمرًا قبلته، وإلّا سيَّرتَني شهرين. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انزِلْ أَبَا وهب"! فقال: لا والله، لا أنزل حتّى تبيّن لي. فقال: "بل لك تَسْيِير أربعة أشهر". فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِبَل هَوازِن، فأرسل إلى صفوان يستعيره أداةً وسلاحًا. فقال صفوان: أَطَوْعًا أو كَرْهًا؟ فقال: "بلْ طوعًا". فأعاره الأداة والسلاح, وخرج مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو كافر، فشهد حنينًا والطائف، وهو كافر وامرأته مسلمة. فلم يفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهما حتّى أسلم، واستقرّت عنده بذلك النِّكاح, وكان بين إسلامهما نَحْوٌ من شهر1. وكانت أمّ حكيم بِنْت الحارث بْن هشام تحت عِكْرِمة بْن أَبِي جهل، فأسلمت يوم الفتح، وهرب عكرمة حتى قدم اليمن. فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن ودعته إلى الإسلام فأسلم، وقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلمّا رآه وثب فرحًا بِهِ، ورمى عَلَيْهِ رداءه حتّى بايعه. فثبتا عَلَى نكاحهما ذَلِكَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن يزيد الهُذَليّ، عَنْ أَبِي حُصَيْن الهُذليّ قَالَ: اسْتَقْرَض رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ صفوان بْن أمية خمسين ألف درهم، ومن عَبْد اللَّه بْن أَبِي ربيعة أربعين ألفًا، ومن حُوَيْطِب بْن عَبْد العُزَّى أربعين ألفًا، فقسمها بين أصحابه من أهُل الضَّعْف. ومن ذلك المال بعث إلى جذيمة. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ هِنْدًا بِنْتَ عُتْبةَ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ مِمَّا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ أَخْباءٍ، أَوْ خباء أحب إلي أن يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ مَا أَصْبَحَ اليوم على ظهر الأرض أهل خباء

_ 1 أخرجه مالك في "الموطأ" "2/ 75، 76"، وهو من بلاغات مالك التي لا يعلم اتصاله من وجه صحيح.

أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَيْضًا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ". قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ -أَوْ قَالَتْ: مِسِّيكٌ- فَهَلْ عَلِيَّ مِنْ حَرَجٍ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ؟ قَالَ: "لَا، بِالْمَعْروُفِ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَأَخْرَجَاهُ، مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَعِنْدَهُ: فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالُنَا. قَالَ: "لَا عَلَيْكَ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ". وَقَالَ الْفِرْيَابِيُّ: ثنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَى أَبُو سُفْيَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْشِي وَالنَّاسُ يَطَئُونَ عَقِبَهُ, فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: لَوْ عَاوَدت هَذَا الرَّجُل القتالَ. فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى ضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِهِ، فَقَالَ: "إِذًا يُخْزِيكَ اللَّهُ". قَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. وَرَوَى نَحْوَهُ، مُرْسلا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ دَخَلَ النَّاسُ مَكَّةَ، لَمْ يَزَالُوا فِي تَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ وَطَوَافٍ بِالْبَيْتِ حَتَّى أَصْبَحُوا. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِهِنْدٍ: أَتَرِي هَذَا مِنَ اللَّهِ؟ ثُمَّ أَصْبَحَ فَغَدا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ له: "قُلْتَ لِهِنْدٍ: أَتَرِي هَذَا مِنَ اللَّهِ؟ نَعَمْ، هَذَا مِنَ اللَّهِ". فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ, وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ أَبُو سُفْيَانَ مَا سَمِعَ قَوْلِي هَذَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلا اللَّهُ وَهِنْدٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ: سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا. صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعَةً، فَإِنَّا سَفْرٌ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. عَلَيٌّ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابن إسحاق، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ عُبَيْد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ يقصر الصلاة.

_ 1 في "مناقب الأنصار" "4/ 232"، ومسلم "1339" في الأقضية.

ثُمَّ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَمَاعَةٍ، مِثْلَ هَذَا. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الأَصَحُّ رِوَايَةً ابْنُ الْمُبَارَكِ الَّتِي اعْتَمَدَهَا الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِي رَمَضَانَ بُعِثَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى الْعُزَّى، فَهَدَمَهَا, وَبُعِثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى سُوَاعٍ فِي رَمَضَانَ، وَهُوَ صَنَمُ هُذَيْلٍ، فَهَدَمَهُ. وَقَالَ قُلْتُ لِلسَّادِن: كَيْفَ رَأَيْتَ؟ قَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ. قَالَ: وَفِي رَمَضَانَ بُعِثَ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ الأَشْهَلِيُّ إِلَى مَنَاةَ، وَكَانَتْ بِالْمُشَلَّلِ، لِلأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَغَسَّانَ, فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعد بن زيد الأَشْهَلِيَّ فِي عِشْرِينَ فَارِسًا حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهَا, وَتَخْرُجُ إِلَى سَعْدٍ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ عُرْيَانَةٌ ثَائِرَةُ الرَّأْسِ تَدْعُو بِالْوَيْلِ، فَقَالَ لَهَا السَّادِنُ: مَناةُ، دُونَكِ بَعْضَ غَضَبَاتِكَ. وَسَعْدٌ يَضْرِبُهَا، فَقَتَلَهَا, وَأَقْبَلَ إِلَى الصَّنَمِ، فَهَدَمُوهُ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ. وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَال رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِنِ اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا". قَالَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ: "إِنِّي وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ، وَالنَّاسُ حَيِّزٌ، لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ". فَحَدَّثْتُ بِهِ مَرْوَانَ ابن الْحَكَمِ؟ وَكَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ؟ فَقَالَ: كَذَبَتْ. وَعِنْدَهُ زيد بن ثابت، ورافع ابن خَدِيجٍ، وَكَانَا مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ. فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَيْنِ لَوْ شَاءَا لَحَدَّثَاكَ، وَلَكِنَّ هَذَا؛ يَعْنِي زَيْدًا؛ يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ، وَالْآخَرُ يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنْ عَرَافَةِ قَوْمِهِ. قَالَ: فَشَدَّ عَلَيْهِ بِالدِّرَّةِ، فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ قَالَا: صَدَقَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو قِلابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ حَيٌّ، أَلا تَلْقَاهُ فَتَسْمَعُ مِنْهُ؟ فَلَقِيتُ عَمْرًا فَحَدَّثَنِي بِالْحَدِيثِ، قَالَ: كُنَّا بِمَمَرِّ النَّاسِ، فَتَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا هَذَا الأَمْرُ؟ وَمَا لِلنَّاسِ؟ فَيَقُولُونَ: نَبِيٌّ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَرْسَلَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إليه كذا وكذا.

_ 1 أخرجه البخاري في كتاب: "الجهاد والسير" "3/ 200"، ومسلم "1353/ 85" في الإمارة.

وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلامِهَا الْفَتْحَ، وَيَقُولُونَ: أَنْظِرُوهُ، فَإِنْ ظَهَرَ فَهُوَ نَبِيٌّ فَصَدِّقُوهُ, فَلَمَّا كَانَ وَقْعَةُ الْفَتْحِ، بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلامِهِمْ, فَانْطَلَقَ أَبِي بِإِسْلامِ حِوَائِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأقام عنده كذا وكذا، قال: ثم أقبل فلما دنا منا تلقيناه فلما رأيناه قال جئتكم والله من عند رسول الله حقًّا, ثم قال: إنه يأمركم بكذا وكذا وينهاكم عن كذا وكذا وأن تصلوا صلاة كذا وكذا, وإذا حضرت الصلاة فليؤذن أَحَدُكُمْ، وَلَيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. فَنَظَرُوا فِي أَهْلِ حوائنا فلم يجدوا أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي فَقَدَّمُونِي، وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، أَوْ سِتِّ سِنِينَ. فَكُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ، فَإِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ بُرْدَةٌ عَلَيَّ. تَقُولُ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ: غَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ هَذَا. قَالَ: فَكُسِيتُ معقدةً مِنْ معقدِ1 الْبَحْرَيْنِ بِسِتَّةِ دَرَاهِمَ أَوْ سَبْعَةٍ، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ كَفَرَحِي بِذَلِكَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عنه2.

_ 1 المعقد: ضرب من برود هجر. 2 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 95، 96"، وغيره.

غزوة بني جذيمة

غزوة بني جذيمة: قَالَ ابن إِسْحَاق: وبعث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السرايا فيما حول مكة يدعون إلى اللَّه تعالى، ولم يأمرهم بقتالٍ. فكان ممّن بعث، خَالِد بْن الوليد، وأمره أنَّ يسير بأسفل تِهامة داعيًا، ولم يبعثه مقاتلا. فوطئ بني جَذِيمة بن عامر بْن عَبْد مَنَاة بْن كِنَانة، فأصاب منهم. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إلى رجل -أَحْسَبُهُ قَالَ- بَنِي جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ. فَلَمْ يُحْسِنُوا أنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا، صَبَأْنَا. وَجَعَل خَالِدٌ يَأْمُرُ بِهِمْ قَتْلا وأسرًا، ودلع إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرًا, حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ يَوْمًا أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ, فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَقُلْتُ وَاللَّهِ لا أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ. قَالَ: فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذُكِرَ لَهُ صَنِيعُ خَالِدٍ. فَقَالَ؛ وَرَفَعَ يَدَيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ". مَرَّتَيْنِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ بِبَنِي جَذِيمَةَ، وَهُمْ عَلَى مَائِهِمْ، وَكَانُوا قَدْ أَصَابُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ عمه الفاكه بن

_ 1 في "المغازي" "5/ 107"، وأحمد في "المسند" "2/ 151".

الْمُغِيرَةِ، وَوَالِدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؛ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَأَمَرَ خَالِدٌ بِرِجَالٍ مِنْهُمْ فَأُسِرُوا وَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا عَمِلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ". ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا فَقَالَ: "اخْرُجْ إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَأَدِّ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَاجْعَلْ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيْكَ". فَخَرَجَ عَلِيٌّ، وَقَدْ أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَالًا، فَوَدَى لَهُمْ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُعْطِيهُمْ ثَمَنَ مِيلَغَةِ الْكَلْبِ. فَبَقِيَ مَعَ عَلِيٍّ بَقِيَّةٌ مِنْ مَالٍ، فَقَالَ: أَعْطِيكُمْ هَذَا احْتِياطًا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا لَا يَعْلَمُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيمَا لَا تَعْلَمُونَ. فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ. ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأخبره الخبر فَقَالَ: "أَحْسَنْتَ وَأَصَبْتَ". وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْخَيْلِ الَّتِي أَصَابَ فِيهَا خَالِدٌ بَنِي جَذِيمَةَ، إِذَا فَتًى مِنْهُمْ مَجْمُوعَةٌ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ بِرُمَّةٍ -يَقُولُ: بِحَبْلٍ- فَقَالَ: يَا فَتَى! هَلْ أَنْتَ آخِذٌ بِهَذِهِ الرُّمَّة فَمُقَدِّمِي إِلَى هَذِهِ النِّسْوَةِ، حَتَّى أَقْضِيَ إِلَيْهِنَّ حَاجَةً، ثُمَّ تَصْنَعُونَ بِي مَا بَدَا لَكُمْ، فَقُلْتُ: لَيَسِيرٌ مَا سَأَلْتَ. ثُمَّ أَخَذْتُ بِرُمَّتِهِ فَقَدَّمْتُهُ إِلَيْهِنَّ، فَقَالَ: اسْلَمِي حُبَيْشٌ، عَلَى نَفَدِ الْعَيْشِ. ثُمَّ قَالَ: أَرَيْتَكِ إِنْ طَالَبْتُكُمْ فَوَجَدْتُكُمْ ... بِحَلْيَةَ أَوْ أَدْرَكْتُكُمْ بِالْخَوَانِقِ أَلَمْ يَكُ حَقًّا أَنْ يُنَوَّلَ عَاشِقٌ ... تَكَلَّفَ إِدْلاجَ السُّرَى وَالْوَدَائِقِ1 فَلا ذَنْبَ لِي قَدْ قُلْتُ إِذْ أَهْلُنَا مَعًا ... أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ إِحْدَى الصَّفَائِقِ2 أَثِيبِي بِوُدٍّ قَبْلَ أَنْ تَشْحَطَ النَّوَى ... وَيَنْأَى الأَمِيرُ بِالْحَبِيبِ الْمُفَارِقِ فَإِنِّيَ لا سِرًّا لَدَيَّ أَضَعْتُهُ ... وَلا رَاقَ عَيْنِي بَعْدَ وَجْهِكِ رَائِقُ عَلَى أَنَّ مَا بِي لِلْعَشِيرَةِ شَاغِلٌ ... عَنِ اللَّهْوِ إِلا أَنْ تَكُونَ بَوائِقُ3 فَقَالَتْ: وَأَنْتَ حُيِّيتَ عَشْرًا، وَسَبْعًا وِتْرًا، وَثَمَانِيًا تَتْرَى. ثُمَّ قَدَّمْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنَا أَبُو فِرَاسٍ الأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَدْ شَهِدُوا هَذَا مَعَ خَالِدٍ؛ قالوا: فلما قُتِلَ قَامَتْ إِلَيْهِ، فَمَا زَالَتْ تَرْشُفُهُ حَتَّى ماتت عليه.

_ 1 الودائق: شدة الحر. 2 الصفائق: جمع صفقة خاسرة أو رابحة. 3 البوائق: الداهية تنزل بالقوم.

غزوة حنين

غزوَة حُنَين: قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حدثني عاصم بن عمر، عن عَبْد اللَّه بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ. وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ حَدِيثِ حُنَيْنٍ1، حِينَ سَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَارُوا إِلَيْهِ. فَبَعْضُهُمْ يُحَدِّثُ بِمَا لا يُحَدِّثُ بِهِ بَعْضٌ. وَقَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما فَرَغَ مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ، جَمَعَ عَوْفُ بْنُ مالك النصري بني نصر وبني جشم وبني سعد بن بكر، وأوزاعًا من بني هلال؛ وهم قليل؛ وناسًا من بني عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، وَعَوْفِ بْنِ عَامِرٍ، وَأَوْعَبَتْ مَعَهُ ثَقِيفُ الأَحْلافِ، وَبَنُو مَالِكٍ. ثُمَّ سَارَ بهم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَاقَ مَعَهُ الأَمْوَالَ وَالنِّسَاءَ وَالأَبْنَاءَ. فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيَّ، فَقَالَ: "اذْهَبْ فَادْخُلْ فِي الْقَوْمِ حَتَّى تَعْلَمَ لَنَا مِنْ عِلْمِهِمْ". فَدَخَلَ فِيهِمْ، فَمَكَثَ فِيهِمْ يَوْمًا أَوِ اثْنَيْنِ, ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: "أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ"؟ فَقَالَ عُمَرُ: كَذِبَ. فَقَالَ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَذَّبْتَنِي يَا عُمَرُ لَرُبَّمَا كَذَّبْتَ بِالْحَقِّ. فَقَالَ عُمَرُ: أَلا تَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَقُولُ ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ؟ فَقَالَ: "قَدْ كُنْتَ يَا عُمَرُ ضَالا فَهَدَاكَ اللَّهُ". ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ؛ فَسَأَلَهُ أَدْرَاعًا عِنْدَهُ؛ مِائَةَ دِرْعٍ، وَمَا يُصْلِحُهَا مِنْ عُدَّتِهَا. فَقَالَ: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: "بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ". ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَائِرًا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثنا الزُّهْرِيُّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى حُنَيْنٍ فِي أَلْفَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَعَشَرَةِ آلافٍ كَانُوا مَعَهُ، فَسَارَ بِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَكَّةَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ. وَبِالإِسْنَادِ الأَوَّلِ: أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ أَقْبَلَ فِيمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ جَمَعَ مِنْ قَبَائِلِ قَيْسٍ وَثَقِيفٍ، وَمَعَهُ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ؛ شَيْخٌ كَبِيرٌ فِي شِجَارٍ2 لَهُ يُقَادُ به، حتى نزل الناس

_ 1 حنين: واد قريب من مكة. 2 الشجار: هودج صغير يكفي شخصًا واحدًا.

بِأَوْطَاسٍ1. فَقَالَ دُرَيْدٌ حِينَ نُزُلوِهَا فَسَمِعَ رُغَاءَ البعير ونهيق الحمير ويعار الشاء وبكاء الصغير: بِأَيِّ وَادٍ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: بِأَوْطَاسٍ. فَقَالَ: نِعْمَ مَجَالُ الْخَيْلِ؛ لا حَزْنٌ ضَرِسٌ، وَلا سَهْلٌ دهس. ما لِي أَسْمَعُ رُغَاءَ الْبَعِيرِ وَبُكَاءَ الصَّغِيرِ وَيُعَارَ الشَّاءِ؟ قَالُوا: سَاقَ مَالِكٌ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ فَدُعِيَ مَالِكٌ. فَقَالَ: يَا مَالِكُ، إِنَّكَ أَصْبَحْتَ رَئِيسَ قَوْمِكَ، وَإِنَّ هذا يوم كائن له ما بَعْدَهُ مِنَ الأَيَّامِ، فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَسُوقَ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ خَلْفَ كُلِّ رَجُلٍ أَهْلَهُ وَمَالَهُ لِيُقَاتِلَ عَنْهُمْ. فَأَنْقَضَ بِهِ2 دُرَيْدٌ وَقَالَ: رَاعِي ضَأْنٍ وَاللَّهِ؛ وَهَلْ يَرُدُّ وَجْهَ الْمُنْهَزِمِ شَيْءٌ؟ إِنَّهَا إِنْ كَانَتْ لَكَ لَمْ يَنْفَعْكَ إِلا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْكَ فُضِحْتَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ. فَارْفَعِ الأَمْوَالَ وَالنِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ إِلَى عُليا قَوْمِهِمْ وَمُمْتَنِعِ بِلادِهِمْ. ثُمَّ قَالَ دُرَيْدٌ: وَمَا فَعَلَتْ كَعْبٌ وَكِلابٌ؟ فَقَالُوا: لَمْ يَحْضُرْهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ. فَقَالَ: غَابَ الْحَدُّ وَالْجَدُّ، فَمَنْ حَضَرَهَا؟ قَالُوا: عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ، وَعَوْفُ بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ: ذَانِكَ الْجَذَعَانِ3 لا يَضُرَّانِ وَلا يَنْفَعَانِ. فَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ لِدُرَيْدٍ فِيهَا رَأْيٌ، فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ وَكبِرَ عِلْمُكَ، وَاللَّهِ لَتُطِيعَنَّنِي يَا مَعْشَرَ هَوَازِنَ، أَوْ لأَتْكِئَنَّ عَلَى هَذَا السَّيْفِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي. فَقَالُوا: أَطَعْنَاكَ. ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ لِلنَّاسِ: إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاكْسِرُوا جُفُونُ سُيُوفِكُمْ، ثُمَّ شُدُّوا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ مَكَّةَ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ، فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لا نُغْلَبُ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ. فَانْتَهَوْا إِلَى حُنَيْنٍ، لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ. وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ بِالتَّعْبِئَةِ وَوَضَعَ الأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ فِي أَهْلِهَا. وَرَكِبَ بَغْلَتَهُ وَلَبِسَ دِرْعَيْنِ وَالْمِغْفَرَ وَالْبَيْضَةَ, فَاسْتَقْبَلَهُمْ مِنْ هَوَازِنَ شَيْءٌ لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ مِنَ السَّوَادِ وَالْكَثْرَةِ، وَذَلِكَ فِي غَبَشِ الصُّبْحِ, وَخَرَجَتِ الْكَتَائِبُ مِنْ مَضِيقِ الْوَادِي وَشِعْبِهِ, فحملوا حملة واحدة، فانكشفت خيل بني سليم مولية، وتبعهم أهل مكة، وتبعهم الناس.

_ 1 أوطاس: واد في ديار هوازن. 2 أنقض به: نقر بلسانه في فيه ثم صوت في حافيته. 3 الجذعان: مثنى جذع، وهو الشاب الحدث.

فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَا أَنْصَارَ اللَّهِ، وَأَنْصَارَ رَسُولِهِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ". وَثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ: عَمُّهُ الْعَبَّاسُ؛ وَابْنُهُ الْفَضْلُ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَخُوهُ رَبِيعَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ. وقال يونس، عَنِ ابن إِسْحَاق، حدّثني أُمَيّة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ، أَنَّهُ حُدِّث أنّ مالك بْن عَوْفُ بعث عُيونًا، فأتوه وقد تقطّعت أَوْصالهم. فقال: ويلكم، ما شأنكم؟ فقالوا: أتانا رجالٌ بِيضٌ عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ1، فَوَالله ما تماسَكْنا أنَّ أَصابنا ما ترى. فما ردَّه ذَلِكَ عَنْ وجهه أَن مضى عَلَى ما يريد. منقطع. وعن الربيع بْن أَنَس، أنّ رجلًا قَالَ: لن نُغَلب من قلّة. فشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونزلت: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: 25] . وَقَالَ معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، سَمِعَ أَبَا سَلامٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي السَّلُولِيُّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ، أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم حُنَيْنٍ، فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ حَتَّى كَانَ عَشِيَّةً، فَحَضَرْتُ صَلاةَ الظُّهْرِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَ فَارِسٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي انْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ حَتَّى طَلَعْتُ جَبَلَ كَذَا وَكَذَا فَإِذْ أَنَا بِهَوَازِنَ عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ، بِظُعُنِهِمْ وَنَعَمِهِمْ وَشَائِهِمْ، اجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ". ثُمَّ قَالَ: "مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ"؟ قَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ: أَنَا يا رسول الله. قال: " فاركب". فركب فَرَسًا لَهُ، وَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ: "اسْتقبِلْ هَذَا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا نغرن مِنْ قِبَلِكَ اللَّيْلَةَ". فَلَمَّا أَصْبَحْنَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مُصَلاهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: "أَحْسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ"؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لا. فَثُوِّبَ بِالصَّلاةِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي وَيَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ، حَتَّى إِذَا قَضَى صَلاتَهُ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَبْشِرْوا، فَقَدْ جَاءَ فَارِسُكُمْ". فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى خِلالِ الشَّجَرِ فِي الشِّعْبِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أصبحت اطلعت الشعبين كليهما فنظرت فلم أر أحدًا، فقال له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ"؟ قَالَ: لا، إِلا مُصَلِّيًا أَوْ قَاضِيَ حَاجَةٍ. فقال

_ 1 بلق: فيها سواد وبياض. "المعجم الوجيز" "62".

لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَوْجَبْتَ، فَلا عَلَيْكَ أَنْ لا تَعْمَلَ بَعْدَهَا". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ1. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ بِمَنْ مَعَهُ إِلَى حُنَيْنٍ، فَسَبَقَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهَا، فَأَعَدُّوا وَتَهَيَّئُوا في مضايق الوادي وأحناثه. وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، فَانْحَطَّ بِهِمْ فِي الْوَادِي فِي عَمَايَةِ الصبح, فلما انحط النَّاسُ ثَارَتْ فِي وُجُوهِهِمُ الْخَيْلُ فَشَدَّت عَلَيْهِمْ، وَانْكَفَأَ النَّاسُ مُنْهَزِمِينَ لا يُقْبِلُ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ, وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ الْيَمِينِ يَقُولُ: "أَيُّهَا النَّاسُ! هَلُمُّوا، إِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله". فلا ينثني أَحَدٌ. وَرَكِبَتِ الإِبِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا, فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر النَّاسِ، وَمَعُه رَهْطٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَرَهْطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْعَبَّاسُ آخِذٌ بِحَكَمَةِ بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَثَبَت مَعَهُ عَلِيٌّ، وَأَبُو سُفْيَانَ، وَرَبِيعَةُ؛ ابْنَا الْحَارِثِ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَأُسَامَةُ، وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. قَالَ: وَرَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أحمر بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ أَمَامَ هَوَازِنَ، إِذَا أَدْرَكَ النَّاسَ طَعَنَ بِرُمْحِهِ، وَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَ رُمْحَهُ لِمَنْ وَرَاءَهُ فَيَتْبَعُوهُ, فَلَمَّا انْهَزَمَ مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ جفاة أهل مكة، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضعن. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ: لا تَنْتَهِي هَزِيمَتُهُمْ دُونَ الْبُحُورِ, وَإِنَّ الأَزْلامَ لَمَعَهُ فِي كِنَانَتِهِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَارَ أَبُو سُفْيَانَ إلى حنين، وإنه ليظهر الإسلام، وإن الأَزْلامُ الَّتِي يَسْتَقْسِمُ بِهَا فِي كِنَانَتِهِ. قَالَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْدَرِيُّ: الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي -وَكَانَ أَبُوهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ- الْيَوْمَ أَقْتُلُ مُحَمَّدًا. قَالَ: فَأَدَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ لأَقْتُلَهُ، فَأقْبَلَ شَيْءٌ حَتَّى تَغَشَّى فُؤَادِي، فَلَمْ أُطِقْ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ. وَحَدَّثَنِي عَاصِمٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ رَأَى مِنَ النَّاسِ مَا رَأَى قَالَ: "يَا عَبَّاسُ، اصْرُخْ: يَا مَعْشرَ الأنصار، يا أصحاب السمرة"!

_ 1 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" "2501" كتاب الجهاد، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2183": صحيح.

فَأَجَابُوهُ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ. فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَذْهَبُ لِيَعْطِفَ بَعِيرَهُ، فَلا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَيَقْذِفُ درعه من عنقه، ويوم الصَّوْتَ، حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُمْ مِائَةٌ, فَاسْتَعْرَضُوا النَّاسَ، فَاقْتَتَلُوا, وَكَانَتِ الدَّعْوَةُ أَوَّلَ مَا كَانَتْ لِلأَنْصَارِ، ثُمَّ جُعِلَتْ آخِرًا بِالْخَزْرَجِ، وَكَانُوا صُبُرًا عِنْدَ الرحب، وَأَشْرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَكَائِبِهِ؛ فَنَظَرَ إِلَى مُجْتَلَدِ الْقَوْمِ فَقَالَ: "الآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ" 1. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَجَعَتْ رَاجِعَةُ النَّاسِ إِلا وَالأُسَارَى عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَتلَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، وَانْهَزَمَ مَنِ انْهَزَمَ مِنْهُمْ، وَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ. وَقَالَ ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ، فَخَرَجَ مَعَهُ أَهْلُ مَكَّةَ، لَمْ يَتَغَادَرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، رُكْبَانًا وَمُشَاةً؛ حَتَّى خَرَجَ النِّسَاءُ مُشَاةً؛ يَنْظُرُونَ وَيَرْجُونَ الْغَنَائِمَ، وَلَا يَكْرَهُونَ الصَّدْمَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ: جَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ كُلَّمَا سَقَطَ تُرْسٌ أَوْ سَيْفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، نَادَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْطُونِيهِ أَحْمِلْهُ، حَتَّى أَوْقَرَ جَمَلَهُ". قَالا: فَلَمَّا أَصْبَحَ الْقَوْمُ، اعْتَزَلَ أَبُو سُفْيَانَ، وَابْنُهُ مُعَاوِيَةُ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَرَاءَ تَلٍّ، يَنْظُرُونَ لِمَنْ تَكُونُ الدَّبْرَةُ. وَركِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَقْبَلَ الصُّفُوفَ؛ فَأَمَرَهُمْ، وَحَضَّهُمْ عَلَى الْقِتَالِ. فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ حَمَلَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِمْ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ. فَقَالَ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ: لَقَدْ حَزَرْتُ مَنْ بَقِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَدْبَرَ النَّاسُ فَقُلْتُ: مِائَةُ رَجُلٍ. وَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى صَفْوَانَ فَقَالَ: أَبْشِرْ بِهَزِيمَةِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَوَاللَّهِ لا يَجْتَبْرُونَهَا أَبَدًا. فَقَالَ: أَتُبَشِّرُنِي بِظُهُورِ الأَعْرَابِ؟ فَوَاللَّهِ لَرَبٌّ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَبًّ مِنَ الأَعْرَابِ. ثُمَّ بَعَثَ غُلامًا لَهُ فَقَالَ: اسْمَعْ لِمَنِ الشِّعَارُ؟ فَجَاءَهُ الْغُلامُ فَقَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: يَا بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ، يَا بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: ظَهَرَ مُحَمَّدٌ. وَكَانَ ذَلِكَ شِعَارَهُمْ فِي الْحَرْبِ. وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمّا غَشِيَهُ الْقِتَالُ قَامَ فِي الرِّكَابَيْنِ، وَيَقُولُونَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَدْعُوهُ، يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ لا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَيْنَا". وَنَادَى أَصْحَابَهُ: "يَا أَصْحَابَ الْبَيْعَةِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، اللَّهَ اللَّهَ، الْكَرَّةَ على نبيكم".

_ 1 حمي الوطيس: الضرب في الحرب.

وَيُقَالُ قَالَ: "يَا أَنْصَارَ اللَّهِ وَأَنْصَارَ رَسُولِهِ، يَا بَنِي الْخَزْرَجِ". وَأَمَرَ مَنْ يُنَادِيهِمْ بِذَلِكَ. وَقَبَضَ قَبْضَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ فَحَصَبَ بِهَا وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ، وَنَواصِيَهُمْ كُلَّهَا. وَقَالَ: "شَاهَتِ الْوُجُوهُ" 1. وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ سِرَاعًا، وَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ. وَفَرَّ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ حَتَّى دَخَلَ حِصْنَ الطَّائِفِ فِي نَاسٍ مِنْ قَوْمِهِ. وَأَسْلَمُ حِينَئذٍ نَاسٌ كثير مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، حِينَ رَأَوْا نَصْرَ اللَّهِ رسوله. مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُقْبَةَ. وَلَيْسَ عِنْدَ عُرْوَةَ قِيَامُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الرِّكابَيْنِ، وَلا قَوْلُهُ: "يَا أَنْصَارَ اللَّهِ". وقال شعبة: عن أبي إسحاق، سمع البراء، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَفِرَّ, إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا رُماةً، فَلَمَّا لَقَيْنَاهُمْ وَحَمَلْنَا عَلَيْهِمْ انْهَزَمُوا، فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى الْغَنَائِمِ، فَاسْتُقْبِلُوا بِالسِّهَامِ، فَانْهَزَمَ النَّاسُ, فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَنَا النّبيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. مِنْ حَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. وَفِيهِ: وَلَكِنْ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ كَثِيرُ سلاح، فلقوا قومًا رماة لا يكاد يسقط لهم سهم. وزاد فيه مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: "اللَّهُمَّ نَزِّلْ نَصْرَكَ". قَالَ: وَكُنَّا إِذَا حَمِيَ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَخْبَرَنِي سِيَابَةُ بْنُ عَاصِمٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ حنين: "أنا ابن العواتك" 3.

_ 1 شاهت الوجوه: أي: قبحت. 2 أخرجه البخاري في المغازي "5/ 98"، ومسلم "78/ 1776" في الجهاد، وغيرهما. 3 العواتك: العاتكة: المرأة المحمرة من الطيب.

وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ: "أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ". وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَلَزِمْتُهُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ. وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ. فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ. فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ، وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِهَا، أُكُفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لا تُسْرِعَ، وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْ عَبَّاسُ! نَادِ أَصْحَابَ السمرة". فقال عباس -وكان رجلا صيتًا- فقلت بأعلى صوتي: أي أَصْحَابَ السَّمُرَةِ. قَالَ: فَوَاللَّهِ، لَكَأَنَّمَا عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي، عَطْفَةُ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلادِهَا، فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَاهُ، يَا لَبَّيْكَاهُ. فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالْكُفَّارُ، وَالدَّعْوَةُ فِي الأَنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ. ثُمَّ قُصِرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَقَالُوا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ، كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ فَقَالَ: "هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ"، ثُمَّ أَخَذَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ فِي وُجُوهِ الْكُفَّارِ. ثُمَّ قَالَ: "انْهَزِمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ". فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا الْقِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيمَا أَرَى، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَمَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَصَيَاتِهِ، فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلا وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ كَثِيرٍ نَحْوَهُ، لَكِنْ قَالَ: فَرْوَةُ بْنُ نُعَامَةَ الْجُذَامِيُّ، وَقَالَ: "انْهَزِمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ". وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: غزونا مع رسول الله حُنَيْنًا، فَلَمَّا وَاجَهْنَا الْعَدُوَّ، تَقَدَّمْتُ فَأَعْلُوا ثَنِيَّةً فَأَسْتَقْبِلُ رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ فَأَرْمِيهِ بِسَهْمٍ، وَتَوَارَى عَنِّي، فَمَا دَريْتُ مَا صَنَعَ. ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى الْقَوْمِ، فَإِذَا هُمْ قَدْ طَلَعُوا مِنْ ثَنِيَّةٍ أُخْرَى، فَالْتَقَوْا هُمْ وَالْمُسْلِمُونَ، فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ، فَأَرْجِعُ مُنْهَزِمًا، وَعَلَيَّ بُرْدَتَانِ مُؤْتَزِرًا بِإِحْدَاهُمَا، مُرْتَدِيًا بِالْأُخْرَى. وَمَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنْهَزِمًا وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ، فَقَالَ: "لَقَدْ رَأَى ابْنُ الَأَكْوَعِ فَزَعًا". فَلَمَّا غَشَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نزل

_ 1 في "الجهاد والسير" "76/ 1775".

عَنِ الْبَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ. ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، فَقَالَ: "شَاهَتِ الْوُجُوهُ". فَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلَّا مَلَأَ عينه تُرَابًا مِنْ تِلْكَ الْقَبْضَةِ, فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ, وَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَنَائِمَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يعلى ين عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُنَيْنٍ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي أَنَّهُ أَخَذَ حَفْنةً مِنْ تُرَابٍ، فَحَثَا بِهَا فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ، وَقَالَ: "شاهت الوجوه". قال يعلى ابن عَطَاءٍ: فَأَخْبَرَنا أَبْنَاؤُهُمْ عَنْ آبَائِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَا بَقِيَ مِنَّا أَحَدٌ إِلا امْتَلأَتْ عَيْنَاهُ وَفَمُهُ مِنَ التُّرَابِ, وَسَمِعْنَا صَلْصَلَةً مِنَ السَّمَاءِ كَمَرِّ الْحَدِيدِ عَلَى الطَّسْتِ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم حُنَيْنٍ، فَوَلَّى عَنْهُ النَّاسُ، وَبَقِيتُ مَعَهُ فِي ثَمَانِينَ رَجُلا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَهُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةَ. قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بَغْلَتِهِ يَمْضِي قدمًا، فحادت الْبَغْلَةَ فَمَالَ عَنِ السَّرْجِ، فَشَدَّهُ نَحْوَهُ، فَقُلْتُ: ارْتَفِعْ، رَفَعَكَ اللَّهُ. قَالَ: "نَاوِلْنِي كَفًّا مِنْ تُرَابٍ". فَنَاوَلْتُهُ، فَضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمْ، فَامْتَلأَتْ أَعْيُنُهُمْ ترابًا. قال: "أين المهاجرون والأنصار"؟ قلت: هم هَهُنَا. قَالَ: "اهْتِفْ بِهِمْ". فَهَتَفْتُ بِهِمْ، فَجَاءُوا وَسُيُوفُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ كَأَنَّهُمُ الشُّهُبُ وَوَلَّى الْمُشْرِكُونَ أَدْبَارَهُمْ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، ثنا عبد الله بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيُّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى هَوَازِنَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَقُتِلَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِثْلُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ. وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ فَرَمَى بِهِ وُجُوهَنَا، فانهزمنا. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا عَوْفٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ، عَمَّنْ شَهِدَ حُنَيْنًا كَافِرًا، قَالَ: لَمَّا الْتَقَيْنَا وَالْمُسْلِمُونَ لَمْ يَقُومُوا لَنَا حَلْبَ شَاةٍ، فَجِئْنَا نَهُشُّ سُيُوفَنَا بين يدي رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا غَشِينَاهُ إِذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ رِجَالٌ حِسَانُ الْوُجُوهِ، فَقَالُوا: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، فَارْجِعُوا. فهزمنا من ذلك الكلام. إسناده جيد.

_ 1 في "الجهاد والسير" "81/ 1777".

وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَغَيْرُهُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم حُنَيْنٍ قَدْ عَرِيَ، ذَكَرْتُ أَبِي وَعَمِّي وَقَتْلَ عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ إِيَّاهُمَا. فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي مِنْ مُحَمَّدٍ. فَذَهَبْتُ لأَجِيئَهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِذَا أَنَا بِالْعَبَّاسِ قَائِمٌ، عَلَيْهِ دِرْعٌ بَيْضَاءُ كَأَنَّهَا فِضَّةٌ يَكْشِفُ عَنْهَا الْعَجَاجُ، فَقُلْتُ عَمُّهُ وَلَنْ يَخْذُلَهُ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ عَنْ يَسَارِهِ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقُلْتُ: ابْنُ عَمِّهِ وَلَنْ يَخْذُلَهُ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ فَلَمْ يَبْقَ إِلا أَنْ أُسَوِّرَهُ سَوْرَةً بِالسَّيْفِ، إِذْ رُفِعَ لِي شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَأَنَّهُ بَرْقٌ، فَخِفْتُ يَمْحَشُنِي1، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى بَصَرِي وَمَشَيْتُ الْقَهْقَرَى. وَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "يَا شيب! يَا شَيْبُ! ادْنُ مِنِّي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الشَّيْطَانَ". فَرَجَّعْتُ إِلَيْهِ بَصَرِي، فَلَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي. وَقَالَ: "يَا شَيْبُ! قَاتِلِ الْكُفَّارَ". غَرِيبٌ جِدًّا. وَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنِي إِسْلامٌ، وَلَكِنْ أَنِفْتُ أَنْ تَظْهَرَ هَوَازِنُ عَلَى قُرَيْشٍ. فَقُلْتُ وَأَنَا وَاقِفٌ مَعَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَرَى خَيْلا بُلْقًا. قَالَ: "يَا شَيْبَةُ، إِنَّهُ لا يَرَاهَا إِلا كَافِرٌ". فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ شَيْبَةَ"؛ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا، حَتَّى مَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَبَّ إليَّ مِنْهُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وقال ابن إِسْحَاق: وقال مالك بْن عَوْفُ، يذكر مَسيرهم بعد إسلامه: اذْكُرْ مَسِيرَهُمُ للنَّاس إِذْ جَمَعُوا ... ومَالِكٌ فَوْقَهُ الرايات تختفق ومالك مالِكٌ ما فَوْقَه أحدٌ ... يَوْمَيْ حُنَيْنٍ عَلَيْه التَّاجُ يأْتَلِق حَتَّى لَقُوا النَّاسَ خَيْرَ النَّاسِ يَقْدُمُهُمْ ... عَلَيْهِمُ البَيْضُ والأَبْدَانُ والدَّرَق فضَارَبُوا النَّاسَ حتّى لَمْ يَرَوْا أَحَدًا ... حَوْلَ النَّبِيِّ وَحَتَّى جَنَّهُ الغَسَق حَتَّى تَنَزَّل جِبْريلٌ بِنَصْرِهمُ ... فَالْقَوْمُ مُنْهَزِمٌ مِنْهُمْ وَمُعْتَنَق مِنَّا وَلَوْ غَيْرُ جبريل يقاتلنا ... لمنعتنا إذًا أسيافنا الغلق

_ 1 يمحشني: يحرقني.

وقد وفى عمر الْفَارُوقُ إِذْ هُزِمُوا ... بِطَعْنَةٍ بَلَّ مِنْها سَرْجَهُ العَلَق1 وَقَالَ مَالِكٌ فِي الموطأ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَة، عَنْ أَبِي قَتَادَة، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ. قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ لَهُ فَضَرَبْتُه بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلِيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ, ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي, فَأَدْرَكْتُ عُمَرَ, فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ. ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا, وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَنْ قَتَلَ قَتيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُه". فَقُمْتُ ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ. ثُمَّ قَالَ: "مَنْ قَتَلَ قتيلا له عليه بينة فله سلبه". فقمت ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي. ثُمَّ الثَّالِثَةَ، فقمت، فقال: "ما لك يَا أَبَا قَتَادَة"؟ فَاقْتصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدي، فَأَرْضِهِ مِنْهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَاهَا اللَّهِ ذَا، يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ، فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ، فَأَعْطِه إياه". فأعطانيه. فبعث الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلَمَةَ. فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأثَّلْتُهُ2 فِي الْإِسْلَامِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ؛ عَنِ الْقَعْنَبيِّ، وَمُسْلِمٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَلَهُ سَلَبُهُ". فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ أَبُو طَلْحَةَ عِشْرِينَ رَجُلا وَأَخَذَ أَسْلابَهُمْ. صَحِيحٌ3. وَبِهِ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا هَذَا؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُهُمْ أَنْ أَبْعَجَ بِهِ بَطْنَهُ. فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُ مسلم4.

_ 1 العلق: الدم الغليظ. 2 تأثلته: جمعته واتخذته لنفسي. 3 "صحيح": أخرجه أبو داود في "سننه" "2718" في "الجهاد"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2361": صحيح. 4 في "الجهاد والسير" "134/ 1809".

غزوة أوطاس

غزوَة أوطَاس: وقال شيخنا الدِّمْيَاطي فِي السِّيرة لَهُ: كَانَ سِيمَا الملائكة يوم حُنَين عمائم حُمْرًا قد أَرْخَوها بين أكتافهم. وقال رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قتل قتيلًا لَهُ عَلَيْهِ بيِّنة فله سلَبه". وأمر بطلب العدوّ. فانتهى بعضهم إلى الطّائف، وبعضهم نحو نَخلة، وَوَجَّه قوم منهم إلى أَوْطاس. فعقد النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي عامر الأَشْعَري لواءً ووجّهه فِي طلبهم، وكان معه سَلَمَةُ بْن الأَكْوَع، فانتهى إلى عَسْكرهم، فإذا هُمْ ممتنعون, فقتل أَبُو عامر منهم تسعةً مُبارزةً, ثمّ برز لَهُ العاشر مُعْلَمًا بعمامة صفراء، فضرب أَبُو عامر منهم تسعةً مُبارزةً, ثمّ برز لَهُ العاشر مُعْلَمًا بعمامة صفراء، فضرب أَبَا عامر فقتله, واسْتَخْلَف أَبُو عامر أَبَا مُوسَى الأشعريّ، فقاتلهم, حتّى فتح اللَّه عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حُنَيْنٍ، بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ، وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ، وَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي جُشَمَ، فَأَثْبَتَهُ فِي رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا عَمِّ، مَنْ رَمَاكَ؟ فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنَّ ذَاكَ قَاتِلِي تَرَاهُ. فَقَصَدْتُ لَهُ، فَاعْتَمَدْتُهُ، فَلَحِقْتُهُ, فَلَمَّا رَآنِي وَلَّى عَنِّي ذاهبًا، فاتبعته، وجعلت أقول له: ألا تستحيي؟ ألست عربيًّا؟ ألا تثبت؟ فكف، فالتقينا، فاختلفنا ضَرْبَتَيْنِ أَنَا وَهُوَ، فَقَتَلْتُهُ, ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي عَامِرٍ فَقُلْتُ: قَدْ قَتَلَ اللَّهُ صَاحِبَكَ. قال: فانتزع هذا السهم. فنزعته، فنزا منه الماء, فقال: يابن أخي! انْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأقرئه مني السلام، ثم قل له: يستغفر لي. قال: واستخلفني أبو عامر على الناس فمكث يَسِيرًا وَمَاتَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وقال ابن إِسْحَاق: وقُتل يوم حنين من ثقيف سبعون رجلًا تحت رايتهم, وانهزم المشركون، فأتوا الطائف ومعهم مالك بْن عَوْفُ, وعسكر بعضهم بأوطاس، وتوجه بعضهم نحو نَخْلَة, وتَبِعت خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القوم، فأدرك ربيعة بْن رُفَيْع؛ ويقال ابن الدُّغُنَّة؛

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 101، 102"، ومسلم "164/ 2497" في فضائل الصحابة.

دُرَيْد بْن الصِّمَّة؛ فأخذ بخِطام جمله، وهو يظنّ أنّه امْرَأَة، فإذا شيخ كبير ولم يعرفه الغلام. فقال لَهُ دُرَيد: ماذا تريد بي؟ قَالَ: أقتلك. قَالَ: ومن أنت؟ قَالَ: ربيعة بْن رُفيع السُّلَميّ. ثمّ ضربه بسيفه فلم يُغْن شيئًا, فقال: بِئْسَ مَا سَلَّحَتْك أُمُّك, خُذْ سيفي هذا من مُؤَخَّر الرَّحْل، ثمّ اضرب بِهِ، وارفع عَنِ العِظام، واخْفِض عَنِ الدِّمَاغ، فإنّي كذلك كنتُ أضرب الرجال, ثمّ إذا أتبعت أمّك فأَخْبِرْها أنّك قتلتَ دُريد بْن الصّمة، فرُبَّ يومٍ والله قد مَنَعْتُ فِيهِ نِساءَك. فقتله, فقيل: لما ضربه ووقع تَكَشَّف، فإذا عِجَانه وبُطُون فَخِذَيْه أبيض كالقِرْطاس من ركوب الخيل أَعْراء, فلمّا رجع إلى أمّه أخبرها بقتله، فقالت: أَمَا والله لقد أَعْتق أُمَّهاتٍ لك. وبعث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي آثار من توجّه إلى أوطاس، أبا عامر الأشعريّ فرُمي بسهمٍ فقُتل, فأخذ الراية أَبُو مُوسَى فهزمهم, وزعموا أن سَلَمَةَ بْن دُرَيْد هُوَ الَّذِي رَمَى أَبَا عامرٍ بسهمٍ. واستُشهد يوم حُنَين: أَيْمَن بْن عُبَيْد، وَلَد أمّ أيمن؛ مَوْلى بني هاشم, ويَزيد بْن زَمَعَة بْن الأسْوَد الأَسَدِيّ القُرَشِيّ, وسُرَاقَة بْن حُباب بْن عَدِيّ العَجْلَانّي الأَنْصاريّ, وأبو عامرٍ عُبَيْد الأَشْعَرِيّ. ثمّ جُمعت الغنائم، فكان عليها مَسْعَود بْن عَمْرو, وإنّما تقَسّم بعد الطَّائف.

غزوة الطائف

غزوة الطائف: فَسَارَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حُنين يريد الطائف فِي شوال, وقدَّم خَالِد بْن الوليد عَلَى مقدّمته, وقد كانت ثقيف رَمُّوا حِصنهم وأدخلوا فِيهِ ما يكفيهم سَنةً، فلمّا انهزموا من أَوْطاس دخلوا الحصن وتهيّئوا للقتال. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ثم سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَلَغَ الطَّائِفَ فَحَاصَرَهُمْ، وَنَادَى مُنَادِيهِ: مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ مِنْ عَبِيدِهِمْ فَهُوَ حُرٌّ, فَاقْتَحَمَ إِلَيْهِ مِنْ حِصْنِهِمْ نَفَرٌ، مِنْهُمْ أَبُو بَكَرَةَ بْنُ مَسْرُوحٍ أَخُو زِيَادٍ مِنْ أَبِيهِ، فَأَعْتَقَهُمْ, وَدَفَعَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ لِيَحْمِلَهُ, فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَى عَلَى الْجِعْرَانَةِ. فَقَالَ: "إِنِّي مُعْتَمِرٌ". وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةُ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إبراهيم بن

عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى، قَالا: ثُمَّ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الطَّائِفِ، وَتَرَكَ السَّبْيَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَمُلِئَتْ عُرُشُ مَكَّةَ مِنْهُمْ, وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالأَكَمَةِ عِنْدَ حِصْنِ الطَّائِفِ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، يُقَاتِلُهُمْ, وَثَقِيفٌ تَرْمِي بِالنَّبْلِ، وَكَثُرَتِ الْجِرَاحُ، وَقَطَعُوا طَائِفَةً مِنْ أَعْنَابِهِمْ لِيَغِيظُوهُمْ بِهَا, فَقَالَتْ ثَقِيفٌ: لا تُفْسِدُوا الأَمْوَالَ فَإِنَّهَا لَنَا أَوْ لَكُمْ, وَاسْتَأْذَنَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي مُنَاهَضَةِ الْحِصْنِ فَقَالَ: مَا أَرَى أَنْ نَفْتَحَهُ، وَمَا أُذِنَ لَنَا فِيهِ. وَزَادَ عُرْوَةُ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْطَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَمْسَ نَخْلاتٍ أَوْ حَبَلاتٍ مِنْ كُرُومِهِمْ. فَأَتَاهُ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهَا عَفَاءُ لَمْ تُؤْكَلْ ثِمَارُهَا. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْطَعُوا مَا أُكِلَتْ ثَمَرَتُهُ، الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ. وَبَعَثَ مُنَادِيًا يُنَادِي: مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ حُرٌّ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمْ يَشْهَدْ حُنَيْنًا وَلا حِصَارَ الطَّائِفِ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ وَلا غَيْلانُ بْنُ سَلَمَةَ، كَانَا بِجُرَشَ يَتَعَلَّمَانِ صَنْعَةَ الدَّبَّابَاتِ وَالْمَجَانِيقِ. ثُمَّ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَخْلَةٍ إِلَى الطَّائِفِ، وَابْتَنَى بِهَا مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهِ, وَقُتِلَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالنَّبْلِ, وَلَمْ يَقْدِرِ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَدْخُلُوا حَائِطَهُمْ، أَغْلَقُوهُ دُونَهُمْ, وَحَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِضْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَمَعَهُ امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِهِ؛ إِحْدَاهُمَا أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ, فَلَمَّا أَسْلَمَتْ ثَقِيفٌ بَنَى عَلَى مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ مَسْجِدًا. وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ سَارِيَةٌ لا تَطْلُعُ عَلَيْهَا الشَّمْسُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ؛ فِيمَا يَذْكُرُونَ، إِلا سُمِعَ لَهَا نَقِيضٌ. وَالنَّقِيضُ صَوْتُ الْمَحَامِلِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَنْبَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَاصَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَصْرَ الطَّائِفِ, فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ فَلَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ". فَبَلَغْتُ يَوَمَئِذٍ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا, وَسَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ لَهُ عِدْلُ مُحَرَّرٍ" 1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا، قالت: كان

_ 1 "صحيح": أخرجه الترمذي "1705" في الجهاد، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن الترمذي" "1337": صحيح.

عِنْدِي مُخَنَّثٌ، فَقَالَ لِأَخِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلَانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بَأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْلَهُ فَقَالَ: "لَا يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِمَعْنَاهُ1. وقال الواقديّ عَنْ شيوخه، أنّ سَلْمان الفارسي قَالَ لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أرى أنَّ تَنْصِب المَنْجِنيق عَلَى حِصْنهم؟ يعني الطائف؟ فإنّا كُنَّا بأرض فارس نَنْصِبه عَلَى الحصون، فإنْ لم يكن مَنْجنيق طَالَ الثَّواء. فأمره رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعمل منجنيقًا بيده، فنصبه عَلَى حصن الطائف, ويقال: قدِم بالمنجنيق يَزيد بْن زَمعة، ودبَّابَتْين. ويقال: الطُّفَيْلُ بْن عَمْرو قدم بذلك. قال: فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار، فحرقت الدبابة, فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقطع أَعْنابهم وتَحْرِيقها. فنادى سُفْيَان بْن عَبْد اللَّه الثقفي: لم تقطع أموالنا؟ فإنّما هِيَ لنا أو لكم. فتركها. وَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ: أَقْبَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ حَتَّى جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ايذن لِي أَنْ أُكَلِّمَهُمْ، لَعَلَّ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ. فَأَذِنَ لَهُ. فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ الْحِصْنَ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتُمْ، تَمَسَّكُوا بِمَكَانِكُمْ، وَاللَّهِ لَنَحْنُ أَذَلُّ مِنَ الْعَبِيدِ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ حَدَثَ بِهِ حدث ليملكن الْعَرَبَ عِزًّا وَمَنَعةً، فَتَمَسَّكُوا بِحِصْنِكُمْ. ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَاذَا قُلْتَ"؟ قَالَ: دَعَوْتُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَحَذَّرْتُهُمُ النَّارَ وَفَعَلْتُ. فَقَالَ: "كَذَبْتَ، بَلْ قُلْتَ كَذَا وَكَذَا". قَالَ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إلى الله وإليك. أخبرنا محمد بن عبد الْعَزِيزِ الْمُقْرِئُ؛ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَزْمِ، وَحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ الشَّيْبَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعُقَيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الذَّهَبِيُّ, وَآخَرُونَ، قَالُوا: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّخَاوِيُّ. ح وَأَنَا عَبْدُ الْمُعْطِي بْنُ عَبْدِ الرحمن بالإسكندرية، أنا عبد الرحمن ابن مَكِّيٍّ. ح وَأَنَا لُؤْلُؤٌ الْمحسني بِمِصْرَ، وَعَلِيُّ بن أحمد، وعلي بن محمد؛ الحنبليان،

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 102"، ومسلم "32/ 2180" في "السلام".

وَآخَرُونَ، قَالُوا: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سِلْفَةَ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ مَكِّيُّ بْنُ مَنْصُورٍ الْكَرَجِيُّ. وَقَرَأْتُ على سنقر القاضي بِحَلَبَ، أَخْبَركَ عَبْدُ اللَّطِيفُ بْنُ يُوسُفَ. وَسَمِعْتُهُ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ؛ عَلَى عَائِشَةَ بِنْتِ عِيسَى بْنِ الْمُوَفَّقِ، أَنَا جَدِّي أَبُو مُحَمَّدٍ قُدَامَةُ، وَسَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ حُضُورًا، قَالَا: أَنَا أَبُو زُرَعَةَ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السَّاوِيُّ؛ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قَالَا: أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ بِبَغْدَادَ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَاصَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْلَ الطَّائِفِ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا. قَالَ: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: أَنَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَحْهُ؟ فَقَالَ لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ غَدًا". فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ. فَقَالَ لهم رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ هَكَذَا. وَعِنْدَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِمُسْلِمٍ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2 عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، فَقَالَ؛ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، نا عَمْرٌو، سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الأَعْمَى يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمر بْنِ الْخَطَّابِ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، فَذَكَرَهُ وَقَالَ فِيهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو. ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ بِهِ، مَرَّةً أُخْرَى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ الْغَلابِيُّ، أَظُنُّهُ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الشَّاعِرُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ؛ فِي فَتْحِ الطَّائِفِ: الصَّحِيحُ ابْنُ عُمَرَ. قَالَ: وَاسْمُ أَبِي الْعَبَّاسِ: السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ مَوْلَى بني كنانة.

_ 1 في "الجهاد والسير" "82/ 1778". 2 في "المغازي" "5/ 102".

وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ارْتَحَلَ عَنِ الطَّائِفِ بِأَصْحَابِهِ وَدَعَا حِينَ رَكِبَ قَائِلا: "اللَّهُمَّ اهْدِهِمْ وَاكْفِنَا مُؤْنَتَهُمْ". وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي بكر، وعبد اللَّه بْن المكدم، عمّن أدركوا، قَالُوا: حاصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهُل الطائف ثلاثينَ لَيْلةً أو قريبًا من ذَلِكَ. ثمّ انصرف عَنْهُمْ، فقدِم المدينة، فجاءه وفدهم فِي رمضان فأسلموا. وقال ابن إِسْحَاق: واستُشهد مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالطائف: سَعِيد بْن سَعِيد بْن العاص بْن أُمَيّة. وعُرْفُطَة بْن حُبَاب وعبد اللَّه بْن أَبِي بَكْر الصدّيق، رُمي بسهمٍ فمات بالمدينة فِي خلافة أَبِيهِ. وعبد اللَّه بْن أَبِي أُمَيّة بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْر بْن مخزوم المخزومي؛ أخو أم سَلَمَةَ. وأمُّه عاتِكَة بِنْت عَبْد المطّلب. وكان يقال لأبي أُمَيّة؛ واسمه حُذَيفة: زَاد الرَّاكب. وكان عَبْد اللَّه شديدًا عَلَى المسلمين، قِيلَ هُوَ الَّذِي قَالَ: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} [الإسراء: 9] وما بعدها. ثمّ أسلم قبل فتح مكة بيسيرٍ، وحَسُن إسلامه. وهو الَّذِي قَالَ لَهُ هِيتُ المُخَنَّث: يا عَبْد اللَّه، إنْ فتح اللَّه عليكم الطائف، فإنّي أدلّك عَلَى ابْنَة غَيْلان؛ الحديث1. وعبد اللَّه بْن عامر بْن رَبِيعة, والسَّائِب بْن الحارث, وأخوه: عَبْد اللَّه, وجُلَيْحَة بْن عَبْد اللَّه. ومن الأنصار: ثابت بن الجَذَع, والحارث بْن سَهْل بْن أَبِي صَعصَعة, والمُنْذِر بْن عَبْد اللَّه, ورُقَيم بْن ثابت. فذلك اثنا عشر رجلًا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. ويُروى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استشار نَوفْل بْن معاوية الديلي فِي أهُل الطائف فقال: ثعلب فِي جُحْرٍ، إنْ أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك.

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 102"، ومسلم "32/ 2180" في السلام.

قسم غنائم حنين وغير ذلك

قِسْمُ غنَائِمِ حُنَيْنٍ وَغَيْر ذَلِك: قَالَ ابن إِسْحَاق: ثمّ خَرَجَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى رُحَيْلٍ، حتّى نزل بالناس بالجِعْرَانة. وكان معه من سَبْيِ هَوازن ستة آلاف من الذرّية، ومن الإبل والشَّاء ما لَا يُدْرى عدّته. وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، ثَنَا السِّمْطُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: افْتَتَحْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ إِنَّا غَزَوْنَا حُنَيْنًا، فَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ بِأَحْسَنِ صُفُوفٍ رَأَيْتُ. قَالَ: فَصُفَّ الْخَيْلُ، ثُمَّ صُفَّتِ الْمُقَاتِلَةُ، ثُمَّ صُفَّ النِّسَاءُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، ثُمَّ صُفَّ الْغَنَمُ ثُمَّ صُفَّ النَّعَمُ. قَالَ: وَنَحْنُ بَشَرٌ كَثِيرٌ قَدْ بَلَغْنَا سِتَّةَ آلَافٍ؛ أَظُنُّهُ يُرِيدُ الْأَنْصَارَ. قَالَ: وَعَلَى مُجَنِّبَةِ خَيْلِنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ. فَجَعَلَتْ خَيْلُنَا تَلُوذُ خَلْفَ ظُهُورِنَا. فَلَمْ نَلْبَثْ أَنِ انْكَشَفَتْ خَيْلُنَا وَفَرَّتِ الْأَعْرَابُ, فَنَادَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا للمهاجرين يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، يَا لَلْأَنْصَارِ يَا لَلْأَنْصَارِ". قَالَ أَنَسٌ: هَذَا حَدِيثُ عِمِّيَّةٍ1. قُلْنَا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَتَقَدَّمَ، فَايْمُ اللَّهِ مَا أَتَيْنَاهُمْ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ. قَالَ فَقَبَضْنا ذَلِكَ الْمَالَ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا إِلَى الطَّائِفِ, قَالَ: فَحَاصَرْنَاهُمْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً, ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَكَّةَ وَنَزَلْنَا. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِي الرجل أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَكَّةَ وَنَزَلْنَا, فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِي الرَّجُلَ الْمِائَةَ، وَيُعْطِي الرَّجُلَ الْمِائَةَ, فَتَحَدَّثَتِ الْأَنْصَارُ بَيْنَهُمْ: أَمَّا مَنْ قَاتَلَهُ فَيُعْطِيهِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُقَاتِلْهُ فَلَا يُعْطِيهِ. قَالَ: ثُمَّ أَمَر بِسَرَاةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ -لَمَّا بَلَغَهُ الْحَدِيثُ- أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ, فَدَخَلْنَا الْقُبَّةَ حَتَّى مَلَأْنَاهَا. فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَوْ كَمَا قَالَ- مَا حَدِيثٌ أَتَانِي"؟ قَالُوا: مَا أَتَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "أَمَا تَرْضَوْن أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ وَتَذْهَبُوا بِرَسُولِ اللَّهِ حَتَّى تُدْخِلُوهُ بُيُوتَكُمْ"؟ قَالُوا: رَضِينَا. فَقَالَ: "لَوْ أَخَذَ النَّاسُ شِعْبًا وَأَخَذَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا أَخَذْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ". قَالُوا: رَضِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَارْضَوْا". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ؛ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا. فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: إِذَا كَانَتِ الشِّدَّةُ فَنَحْنُ نُدْعَى، وَيُعْطَى الغنيمة غيرنا.

_ 1 حديث عمية: أي: حدثني به أعمامي. 2 في "الزكاة" "132/ 1059"، وغيره.

قَالَ: فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ وَقَالَ: "أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُوا برسول الله صلى الله عليه وسلم تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ"؟ قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ! رَضِينَا. فَقَالَ: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لأَخَذْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ شُعَيْبٌ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ، أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَهُ، فَطَفِقَ يُعْطِي رِجَالا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الإِبِلِ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ، يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَدَعُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ. فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ. فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ: "مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ"؟ فَقَالَ لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ: أَمَّا ذَوُو رَأيِنَا فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا. فَقَالَ: "فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ, أَفَلا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ، وَتَرْجِعُونَ إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ". قَالُوا: قَدْ رَضِينَا. فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ بَعْدِي أَثَرةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ عَلَى الْحَوْضِ". قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ نَصْبِرْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمُتَأَلَّفِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَفِي سَائِرِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الأَنْصَارِ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلا كَثِيرٌ، وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ. وَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَنَسٍ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ, فَأَعْطَى أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ مِائَةً، وَأَعْطَى صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِائَةً, وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِائَةً، وَأَعْطَى الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً، وَأَعْطَى عَلْقَمَةَ بْنَ عُلاثَةَ مِائَةً، وَأَعْطَى مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ النَّصْرِيَّ مِائَةً، وأعطى العباس بن مرداس دون المائة.

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 105"، ومسلم "135/ 1059" في الزكاة. 2 أخرجه البخاري "4/ 114، 115" كتاب فرض الخمس، ومسلم "132/ 1059" في الزكاة.

أتجعل نهبي ونهب العبيـ ... ـد بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعِ وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلا حَابِسٌ ... يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ وَقَدْ كُنْتُ فِي الْحَرْبِ ذَا تُدْرَإٍ1 ... فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعِ وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا ... ومن تضع اليوم لا يرفع فأنشأ العباس يقول: فَأَتَمَّ لَهُ مِائَةً. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2، دُونَ ذِكْرِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَدُونَ الْبَيْتِ الثَّالِثِ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قلوبهم: أبا سفيان، وحكيم بن جزام، وَالْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيَّ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيَّ، وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيَّ؛ أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِائَةَ نَاقَةٍ. وَأَعْطَى قَيْسَ بْنَ عَدِيٍّ السَّهْمِيَّ خَمْسِينَ نَاقَةً، وَأَعْطَى سَعِيدَ بْنَ يَرْبُوعٍ خَمْسِينَ. فَهَؤُلاءِ مَنْ أَعْطَى مِنْ قُرَيْشٍ. وَأَعْطَى الْعَلاءَ بْنَ حَارِثَةَ مِائَةَ نَاقَةٍ، وَأَعْطَى مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ مِائَةَ نَاقَةٍ، وَرَدَّ إِلَيْهِ أَهْلَهُ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ الْفَزَارِيَّ مِائَةَ نَاقَةٍ، وَأَعْطَى عَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ كِسْوَةً. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ لِلأَنْصَارِ: قَدْ كُنْتُ أُخْبِرُكُمْ أَنَّكُمْ سَتَلُونَ حَرَّهَا وَيَلِيَ بَرْدَهَا غَيْرُكُمْ. فَتَكَلَّمَتِ الأَنْصَارُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَمَّ هَذِهِ الأَثَرَةِ؟ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! أَلَمْ أَجِدْكُمْ مُفْتَرِقِينَ فَجَمَعَكُمُ اللَّهُ، وَضُلالا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ، وَمَخْذُولِينَ فَنَصَرَكُمُ اللَّهُ". ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ تَشَاءُونَ لَقُلْتُمْ ثُمَّ لَصَدَقْتُمْ وَلَصُدِّقْتُمْ: أَلَمْ نَجِدْكَ مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَمُحْتَاجًا فَوَاسَيْنَاكَ". قَالُوا: لا نَقُولُ ذَلِكَ، إِنَّمَا الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنَّصْرُ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ, وَلَكِنَّا أَحْبَبْنَا أَنْ نَعْلَمَ فِيمَ هَذِهِ الأَثَرَةُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قوم حديثو

_ 1 المدارأة: المدافعة. 2 في "الزكاة" "137/ 1060".

عَهْدٍ بِعِزٍّ وَمُلْكٍ، فَأَصَابَتْهُمْ نَكْبَةٌ فَضَعْضَعَتْهُمْ وَلَمْ يَفْقَهُوا كَيْفَ الإِيمَانُ، فَأَتَأَلَّفُهُمْ, حَتَّى إِذَا عَلِمُوا كَيْفَ الإِيمَانُ وَفَقِهُوا فِيهِ عَلَّمْتُهُمْ كَيْفَ الْقَسْمُ وَأَيْنَ مَوْضِعُهُ". وَسَاقَ بَاقِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَاسًا فِي الْقِسْمَةِ، فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى نَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ وَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى صَارَ كَالصِّرْفِ1، وَقَالَ: "فمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ"؟ ثُمَّ قَالَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ". فَقُلْتُ: لَا جَرَمَ لَا أَرْفَعُ إِلَيْهِ بَعْدَ هَذَا حَدِيثًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ بِالْجِعْرَانَةِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقْسِمُ غَنَائِمَ مُنْصَرِفَةً مِنْ حُنَيْنٍ، وَفِي ثَوْبِ بِلَالِ فِضَةٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْبِضُ مِنْهَا يُعْطِي النَّاسَ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اعْدِلْ. فَقَالَ: "وَيْلُكَ، وَمَنْ يَعْدِلْ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ؟ لَقَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَكْن أَعْدِلُ". فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ. قَالَ: "مَعاذَ اللَّهِ، أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، إِذْ أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ. فَقَالَ: "وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إن لم أعدل". فقال عمر: إيذن لِي فِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ. قَالَ: "دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ القرآن لا

_ 1 الصرف: صبغ أحمر يشبه به الدم. 2 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 106"، ومسلم "140/ 1062"، في الزكاة. 3 في "الزكاة" "142/ 1063"، وغيره.

يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَقَالَ عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ عُرْوَةُ: أخبرني مروان، والمسور بن مخزمة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ. فَقَالَ: "مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ, فَاخْتَارُوا إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ". وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْتَظَرَهُمْ تِسْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ, فَلَمَّا تَبَيَّن لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: إِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ, فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ". فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ. فَقَالَ: "إِنَّا لا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ". فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ, ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبروه الْخَبَرَ بِأَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. أَخْرَجَهُ خ2. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الطَّائِفِ إِلَى الْجِعْرَانَةِ؛ وَبِهَا السَّبْيُ، وَقَدِمَتْ عَلَيْهِ وُفُودُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فِيهِمْ تِسْعَةٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَأسْلَمُوا وَبَايَعُوا, ثُمَّ كَلَّمُوهُ فِيمَنْ أُصِيبَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فِيمَنْ أَصَبْتُمُ الأُمَّهَاتِ وَالأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالاتِ، وَهُنَّ مَخَازِي الأَقْوَامِ, وَنَرْغَبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ. وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَحِيمًا جَوَادًا كَرِيمًا. فَقَالَ: "سَأَطْلُبُ لَكُمْ ذَلِكَ". قَالَ: فِي الْقِصَّةِ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ: أَنَّ سَبْيَ هَوَازِنَ كَانُوا سِتَّةَ آلافٍ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن

_ 1 في "استتابة المرتدين" "9/ 21, 22". 2 في كتاب "فرض الخمس" "4/ 108, 109"، وغيره.

جَدِّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحُنَيْنٍ، فَلَمَّا أَصَابَ مِنْ هَوَازِنَ مَا أَصَابَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَسَبَايَاهُمْ، أَدْرَكَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ بِالْجِعْرَانَةِ وَقَدْ أَسْلَمُوا, فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا أَصْلٌ وَعَشِيرَةٌ، وَقَدْ أَصَابَنَا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا، منَّ اللَّهُ عَلَيْكَ. وَقَامَ خَطِيبُهُمْ زُهَيْرُ بْنُ صُرَدٍ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّما فِي الْحَظَائِرِ مِنَ السَّبَايَا خَالَاتُكَ وَعَمَّاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ اللاتِي كُنَّ يَكْفُلْنَكَ، فَلَوْ أَنَّا مَلَحْنَا لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شَمْرٍ، أَوِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، ثُمَّ أَصَابَنَا مِنْهُمَا مِثْلُ الَّذِي أَصَابَنَا مِنْكَ، رَجَوْنا عَائِدَتَهُمَا وَعَطْفَهُمَا، وَأَنْتَ خَيْرُ الْمَكْفُولِينَ. ثُمَّ أَنْشَدَهُ أَبْيَاتًا قَالَهَا: امْنُنْ عَلَيْنا رَسُولَ اللَّهِ في كرم ... فإنك المرء نرجوه وندخر امنن على بيضة اعتاقها حَزَنٌ ... مُمَزِّقٌ شَمْلَها فِي دَهْرِها غِيَرُ أَبْقَتْ لَهَا الْحَرْبُ هُتَّافًا عَلَى حَزَنٍ ... عَلَى قُلُوبِهِمُ الْغَمَّاءُ وَالْغَمَرُ إِنْ لَمْ تَدَارَكْهُمُ نَعْمَاءُ تَنْشُرُهَا ... يَا أَرْجَحَ النَّاسِ حِلْمًا حِينَ يُخْتَبَرُ امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... وَإِذْ يُزيِنُكَ مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ لَا تَجْعَلَنَّا كَمَنْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ ... وَاسْتَبْقِ مِنَّا فَإِنَّا مَعْشَرٌ زُهُرُ إِنَّا لَنَشْكُرُ آلَاءً وَإِنْ كُفِرَتْ ... وَعِنْدَنَا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ مُدَّخرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِسَاؤُكُمْ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ أَمْ أموالكم"؟ فقالوا: خيرتنا بني أَحْسَابِنَا وَأَمْوَالِنَا، أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا أَحَبُّ إِلَيْنَا. فَقَالَ: "أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ، وَإِذَا أَنَا صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ فَقُومُوا وَقُولُوا: إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَبِالْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فِي أَبْنَائِنَا وَنِسَائِنَا، سَأُعِينُكُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَسْأَلُ لَكُمْ". فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّاسِ الظُّهْرَ، قَامُوا فَقَالُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، فَقَالَ: "أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكُمْ". فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: وَمَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ. قَالَتِ الْأَنْصَارُ كَذَلِكَ. فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ فَلَا. فَقَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: بَلْ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو فَزَارَةَ فَلَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَمْسَكَ مِنْكُمْ بِحَقِّهِ فَلَهُ بِكُلِّ إِنْسَانٍ سِتُّ فرائض 1 من أول فيء نصيبه".

_ 1 الفرائض: جمع فريضة؛ وهو البعير المأخوذ في الزكاة.

فَردُّوا إِلَى النَّاسِ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ. ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اقْسِم عَلَيْنَا فَيْئَنَا، حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى شَجَرَةٍ فَانْتَزَعَتْ عَنْهُ رِدَاءَهُ, فَقَالَ: "رُدُّوا عليَّ رِدَائِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ لَكُمْ عَدَدُ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ مَا لَقِيتُمُونِي بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا". ثُمَّ قَامَ إِلَى جَنْبِ بَعِيرٍ وَأَخَذَ مِنْ سَنَامَه وَبَرَةً فَجَعَلَهَا بين إصبعيه وقال: "أيها الناس! والله ما لي مِنْ فَيْئِكُمْ وَلَا هَذِهِ الْوَبَرَةِ إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ, فَأَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ، فَإِنَّ الْغُلُولَ عَارٌ وَنَارٌ وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِكُبَّةٍ مِنْ خِيُوطِ شَعْرٍ فَقَالَ: أَخَذْتُ هَذِهِ لِأَخِيطَ بِهَا بَرْذَعَةَ بَعِيرٍ لِي دَبِرٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا حَقِّي مِنْهَا فَلَكَ". فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا إِذَا بَلَغَ الْأَمْرُ هَذَا فَلا حَاجَةَ لِي بِهَا. فَرَمَى بِهَا. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ. فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِليَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ: "اذْهَبْ فَاعْتَكِفْ". وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَعْطَاهُ جَارِيَةً مِنَ الْخُمْسِ, فَلَمَّا أَنْ أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبَايَا النَّاسِ، قَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْجَارِيَةِ فَخَلِّ سَبِيلَهَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1. وقال ابن إِسْحَاق: حدّثني أَبُو وَجْزَة السعديّ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطى من سَبْيِ هوازن عليَّ بْن أَبِي طَالِب جاريةً، وأعطى عثمان وعمر، فوهبها عُمَر لابنه. قَالَ ابن إِسْحَاق: فحدّثني نافع، عَنِ ابن عُمَر، قَالَ: بعثت بجاريتي إلى أخوالي من بني جُمَحٍ ليُصْلِحوا لي منها حتّى أطوف بالبيت ثمّ آتيهم, فخرجت من المسجد فإذا النّاس يشتدّون، فقلت: ما شأَنكم؟ فقالوا: رَدَّ عَلَيْنَا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نساءنا وأبناءنا. فقلت: دُونَكم صاحبتكم فهي فِي بني جُمح, فانْطلَقوا, فأخذوها. قَالَ ابن إِسْحَاق: وحدّثني أَبُو وَجْزة يزيد بْن عُبَيْد: أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لوفد هوازن: "ما فَعَل مالك بْن عَوْفُ"؟ قَالُوا: هُوَ بالطائف. فقال: "أخْبِروه أنّه إِنْ أَتَاني مُسْلِمًا رَدَدْتُ إِلَيْهِ أهلَه ومالَه، وأعطيته مائةً من الإبل". فأُتِيَ مالِك بذلك، فخرج إِلَيْهِ من الطائف, وقد كَانَ مالك خاف من ثقيف على

_ 1 في "الإيمان" "28/ 1656".

نفسه من قول رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فأَمر براحلةٍ فهُيِّئت، وأمر بفرسٍ لَهُ فأُتِيَ بِهِ، فخرج ليلًا ولحِق برَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فأدركه بالجِعرانة أو بمكة، فردّ عَلَيْهِ أهله وماله وأعطاه مائةً من الإبل, فقال: ما إِنْ رأيتُ ولا سَمِعتُ بمثلِهِ ... وفي النَّاسِ كلِّهم بمثْلِ مُحَمَّد أَوْفَى وَأَعْطَى لِلْجَزِيلِ إذا اجْتُدِي1 ... وإذا تَشَا يُخْبِرْك عمّا فِي غَد وإذَا الكَتِيبَةُ عَرَّدَتُ أَنْيَابُها2 ... أَمَّ الْعِدَى فيها بكُلِّ مُهَنَّد3 فكَأَنَّه لَيْثٌ لَدى أَشْبَالِهِ ... وَسْطَ المَبَاءَةِ خَادِرٌ فِي مَرْصَد فاستعمله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- على من أسلم من قومه، وتلك القبائل من ثُمَالة وَسَلَمَةَ وفَهْم، كَانَ يقاتل بهم ثقيفًا، لَا يخرج لهم سَرْحٌ إلّا أغار عَلَيْهِ حتّى يصيبه. قَالَ ابن عَسَاكِر: شهد مالك بْن عَوْفُ فَتْح دِمَشق, وله بها دار. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ثَوْبَانَ، أَخْبَرَنِي عَمِّي عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ، أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا أَحْمِلُ عُضْوَ الْبَعِيرِ، وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْسِمُ لَحْمًا بِالْجِعْرَانَةِ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ, فَقُلْتُ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ. وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ هَوَازِنَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: أَنَا أُخْتُكَ شَيْمَاءُ بِنْتُ الْحَارِثِ. قَالَ: "إِنْ تَكُونِي صَادِقَةً فَإِنَّ بِكِ مِنِّي أَثَرًا لَنْ يَبْلَى". قَالَ: فَكَشَفَتْ عَنْ عَضُدِهَا, ثُمَّ قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! حَمَلْتُكَ وَأَنْتَ صَغِيرٌ فَعَضَضْتَنِي هَذِهِ الْعَضَّةَ, فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ ثُمَّ قَالَ: "سَلِي تُعْطَيْ، وَاشْفَعِي تُشَفَّعِي". الحَكَم ضعفه ابن معين.

_ 1 اجتدى: أي طلبت منه الجدا وهو العطاء. 2 عردت أنيابها: قويت واشتدت. 3 مهند: مصنوع من حديد الهند.

عمرة الجعرانة، قصة كعب بن زهير

عمرة الجعرانة، قصة كعب بن زهير: عمرة الجعرانة: قَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- اعتمر أربع عمر كلهن في ذي الْقَعْدَةِ، إِلا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةٌ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ -أَوْ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ- فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةٌ؛ أَظُنُّهُ قَالَ؛ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَعُمْرَةٌ مِنَ الجعرانة؛ حيث قسم غنائم حنين في ذي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةٌ مَعَ حَجَّتِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وقال مُوسَى بْن عُقْبة، وهو فِي مغازي عُرْوَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهَلَّ بالعُمْرة من الجِعِرّانة فِي ذي القَعدة، فقدِم مكة فقضى عُمْرته. وكان حين خرج إلى حُنين استخلف مُعاذًا عَلَى مكة، وأمره أنَّ يعلّمهم القرآن ويفقّههم فِي الدين, ثمّ صدر إلى المدينة وخلَّف مُعاذًا عَلَى أهُل مكة. وقال ابن إِسْحَاق: ثمّ سَارَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الجعرانة معتمرًا, وأمر ببقايا الْفَيْءِ فحُبِس بمَجَنَّة2, فلمّا فرغ من عُمرته انصرف إلى المدينة، واستخلف عتّاب بْن أَسِيد عَلَى مكة، وخلَّف معه مُعاذًا يفقّه النّاس. قلتُ: ولم يزل عتّاب عَلَى مكة إلى أنْ مات بها يوم وفاة أَبِي بَكْر, وهو عَتّاب بْن أَسِيد بْن أَبِي العِيص بْن أُمَيّة الأمَويّ, فبلغنا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "يا عتّاب، تدرى عَلَى من اسْتَعْمَلْتُك؟ استعملتك عَلَى أهُل اللَّه، ولو أعلم لهم خيرًا منك استعملتُه عليهم". وكان عمره إذ ذاك نَيِّفًا وعشرين سنة، وكان رجلًا صالحًا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أصبتُ فِي عملي هذا بُرْدَيْن مُعَقَّدَيْن كَسَوْتُهما غُلامِي، فلا يقولنّ أَحَدُكُمْ أخَذ مِنّي عتّاب كذا، فقد رزقني رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلُّ يومٍ دِرْهَميْن، فلا أَشْبَعَ اللَّه بَطْنًا لَا يُشبعه كلَّ يومٍ درهمان. وحجّ النّاس فِي تِلْكَ السنة عَلَى ما كانت العرب تحجّ عَلَيْهِ. قصة كعب بْن زُهَيْر: ولما قدِم رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ مُنْصَرفه، كتب بُجَيْر بْن زُهَيْر؛ يعني إلى أخيه كَعْب بْن زُهَيْر، يخبره أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قتل رجالًا بمكة ممّن كَانَ يَهْجُوه ويُؤذيه، وأنّ من بَقِيَ من شعراء قريش؛ ابن الزِّبَعْرَى، وهُبَيْرة بْن أبي وَهْب، قد هربوا فِي كلّ وجه, فإن كانت لك في نفسك حاجة فطِرْ إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنّه لَا يقتل أحدًا جاءه تائبًا، وإنْ أنت لم تفعلْ فانجُ إلى نجائك من الأرض.

_ 1 أخرجه البخاري في "الحج" "3/ 3" باب: كم اعتمر النبي -صلى الله عليه وسلم، ومسلم "127/ 1253" في الحج وغيرهما. 2 مجنة: بمر الظهران أسفل مكة. "معجم البلدان" "5/ 58".

وكان كَعْب قد قَالَ: أَلا أَبْلِغَا عَنِّي بجيرا رسالة ... فهل لك فيما قلت ويحك هَلْ لَكَا فَبَيِّنْ لَنَا إِنْ كُنْتَ لَسْتَ بِفاعِلٍ ... عَلَى أَيِّ شَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ دَلَّكَا عَلَى خُلُقٍ لَمْ ألْفِ أُمًّا وَلا أَبًا ... عَلَيْهِ وَمَا تُلْفي عَلَيْهِ أَخًا لَكا فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَلَسْتُ بآسِفٍ ... وَلا قَائِلٍ إِمَّا عَثَرْتَ لَعًا لَكا سَقَاكَ بِهَا المَأْمُونُ كأسًا روية ... فأنهلك المَأْمُونُ مِنْهَا وَعَلَّكا فلمّا أتيت بُجَيْرًا كَرِه أنَّ يَكْتُمَها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأنشده إيّاها, فقال لما سَمِعَ: سقاك بها المأمون: "صَدَق وإنّه لكّذُوب". ولما سَمِعَ: عَلَى خُلُقٍ لم تلف أُمًّا ولا أبًا عَلَيْهِ. قَالَ: "أجل لم يلف عَلَيْهِ أَبَاهُ ولا أمّه". ثمّ قَالَ بُجير لكعب: مَنْ مُبْلِغٌ كَعْبًا فَهلْ لَكَ فِي التّي ... تَلُومُ عَلَيْها بَاطِلًا وَهْيَ أَحْزَمُ إِلى اللَّه العُزَّى ولا اللات وَحْده ... فَتَنْجُو إذَا كَانَ النَّجَاءُ وتَسْلَم لَدى يَوْمِ لَا يَنْجُو وَلَسْتَ بمُفْلِتٍ ... مِنَ النّاسِ إلّا طَاهِرُ الْقَلْبِ مُسْلِم فَديِن زُهَيْر وَهْوَ لَا شَيْءَ دِينُه ... وَدِينُ أَبي سُلْمَى عَليَّ مُحَرَّم فلمّا بلغ كَعْبًا الكتابُ ضاقت عَلَيْهِ الأرض بما رَحُبت، وأشفق عَلَى نفسه، وأَرْجَف بِهِ من كَانَ فِي حاضِره من عَدوّه فقالوا: هُوَ مَقْتُولٌ. فلمّا لم يجد من شيءٍ بُدًّا, قَالَ قصيدته، وقدم المَدِينَةِ. وقال إِبْرَاهِيم بْن دِيزِيلَ، وغيره: ثنا إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزامي، ثنا الحجّاج بْن ذي الرُقَيْبَة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن كَعْب بْن زُهَيْر بْن أَبِي سُلْمى المُزَنيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدّه قَالَ: خرج كَعْب وبُجير ابنا زُهَيْر حتّى أَتَيَا أَبْرَق الْعَزَّافِ فقال بُجَير لكعب: اثبت هنا حتّى أتي هذا الرجل فأسمع ما يَقُولُ. قَالَ: فَجَاءَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فأسلم، فبلغ ذَلِكَ كعبًا فقال: ألا أبلغا عني بجيرا رسالة ... فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا سقاك بها المأمون كأسًا رَوِيَّةً ... وَأَنْهَلَكَ المأمونُ منها وعلكا

ويُروَى: سقاك أَبُو بَكْر بكأس رَويةٍ. فَفَارَقْتَ أَسْبَابَ الْهُدَى وَتَبِعْتَهُ ... عَلَى أيِّ شَيْءٍ وَيْب1 غَيْركَ دلَّكا عَلَى مَذْهَبٍ لم تلفِ أمًّا ولا أبًا ... عَلَيْهِ ولم تعرفْ عَلَيْهِ أخًا لكا فاتّصل الشِعْر بالنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأهْدَر دمه, فكتب بُجَير إِلَيْهِ بذلك، ويقول لَهُ: النَّجاءَ، وما أراك تُفْلِت. ثمّ كتب إِلَيْهِ: اعَلْم أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يأتيه أحد يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ إلّا قَبِلَ ذَلِكَ منه، وأسقط ما كَانَ قبل ذَلِكَ. فأسلم كَعْب، وقال القصيدة التي يمدح فيها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم أقبل حتّى أناخ راحلته بباب مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمّ دخل المسجد ورَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ أصحابه مكانَ المائدة من القوم، والقوم متحلِّقون معه حَلْقةً دون حَلْقة، يلتفت إلى هَؤُلَاءِ مرّة فيحدّثهم، وإلى هَؤُلَاءِ مرّة فيحدّثهم. قَالَ كَعْب: فأنخْتُ رَاحِلتي، ودخلت، فعرفتُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- بالصفة، فتخطيت حتى جلست إِلَيْهِ فقلتُ: أشهد أنَّ لَا إله إلّا اللَّه، وأنّك رَسُول اللَّهِ. الأَمانَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "وَمَنْ أنتَ"؟ قلتُ: أَنَا كَعْب بْن زُهَيْر. قَالَ: "الَّذِي يَقُولُ". ثمّ التفتَ إلى أَبِي بَكْر فقال: "كيف قَالَ يا أَبَا بَكْر"؟ فأنشده: سقاك أَبُو بَكْر بكأس روية ... وأنهلك المأمُور منها وعلّكا قلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ما قلتُ هكذا. قَالَ: "فكيف قلت"؟ قلتُ: إنّما قلتُ: وأنهلك المأمونُ منها وعلّكا فقال: "مأمونٌ، والله". قَالَ: ثمّ أنشده: بانَتْ سُعاد فقلبي اليوم متبول ... ميتم إِثْرَها لم يُلْفَ مَكْبولُ وما سعادُ غَداة البين إذ رحلوا ... إلّا أَغنُّ غَضِيض الطَّرْف مَكْحول تجلو عَوَارِضَ ذِي ظَلْمٍ إذا ابتسمتْ ... كأنّه مُنْهلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ شُجَّتْ بِذِي شَبَمٍ من ماءِ محنية ... صاد بأبطح أضحى وهو مشمول

_ 1 وَيْب: مثل: وَيْح.

تَنْفي الرياحُ الْقَذَى عَنْهُ وأفْرَطَهُ ... من صَوْب ساريةٍ بيضٌ يَعالِيل1 أَكْرِمْ بها خُلَّةً لو أنّها صَدَقتْ ... مَوْعُودَها أَوْ لَوْ أن النصح مقبول لكنها خلة قَدْ سيط من دمها ... فجع ووَلْعٌ وإخْلافٌ وتَبْديل فما تدومُ عَلَى حالٍ تكونُ بها ... كما تَلَوَّنُ فِي أثوابها الْغُولُ2 ولا تَمَسَّكُ بالعَهْد الَّذِي زَعَمت ... إلّا كما يُمْسِكُ الماءَ الغرابيل فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّت وما وعدتْ ... إنّ الأمانيَّ والأحلامَ تضليل كانت مواعيدُ عُرْقوبٍ لها مَثَلًا ... وما مواعيدُها إلّا الأباطيل أرجو وآمُل أنَّ تدنو مودَّتُها ... وما إِخالُ لَدَيْنا منكِ تَنْويل أمستْ سعاد بأرض لَا يُبَلّغها ... إلّا الْعِتَاقُ النَّجِيبات المَراسيل ولن يبلّغها إلّا عُذَافِرَةٌ3 ... فيها عَلَى الأَيْنِ إِرْقال وتَبْغيل4 من كلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرى إذا عَرِقتْ ... عرضتها طامِسُ الأعلامِ مجهول ترى الْغُيُوبَ بعينَيْ مُفْردٍ لَهَقٍ5 ... إذا توقّدتِ الحِزَّانُ وَالْمِيلُ ضخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْمٌ مُقَيَّدُها ... فِي خَلْقها عَنْ بناتِ الْفَحْلِ تَفْضيل غَلبْاءُ وَجْناءُ عُلْكومٌ مُذَكَّرةٌ ... فِي دَفِّها سَعَةٌ قُدَّامُها مِيلُ6 وجِلدُها من أَطُومٍ ما يُؤْيسُه ... طِلْحٌ بِضَاحِيَةِ المَتْنَيْن مَهْزول7 حَرْفٌ أبُوها أخُوها مِن مُهَجَّنَةٍ ... وعمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْليل8 يسعَى الوُشاةُ بدفيها وقِيلُهُم ... إنَّكَ يابن أبي سلمى لمقتول

_ 1 بيض تعاليل: أي سحائب بيض رواء. 2 الغول: الداهية، ومن معانيها كذلك: السعلاة. 3 عذافرة: ناقة صلبة. 4 إرقال وتبغيل: ضربان من السير. 5 لهق: أبيض. 6 الغلباء: الغليظة الرقبة، والوجناء: العظيمة الوجنتين، وقدامها ميل: طويلة العنق. 7 الأطوم: الزرافة. والطلح القراد؛ أي لملاسة جلدها لا يثبت عليه قراد. 8 قوداء: طويلة، وشمليل: سريعة.

وقال كلُّ صديقٍ كنتُ آمُلُه ... لَا أُلْهِيَنَّك إنّي عنكَ مشغول خَلُّوا طريقَ يَدَيْها لَا أَبَا لَكُمُ ... فكلُّ ما قدّر الرَّحْمَن مفعول كلُّ ابْنِ أنثى وإن طالتْ سلامتُهُ ... يومًا عَلَى آلةٍ حَدْباءَ محمول أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُول اللَّهِ أَوْعَدني ... والعفوُ عند رَسُول اللَّهِ مَأْمول مهلا رسول الذي أعطاك نافلة الـ ... ـقرآن فِيهِ مَوَاعِيظٌ وتَفْصيل لا تأخُذَنِّي بأقوالِ الوُشاةِ ولَمْ ... أُذْنِبْ ولو كثُرت عنّي الأقاويل لقد أَقومُ مَقامًا لو يقوم بِهِ ... أَرَى وأَسمعُ ما لَوْ يسمعُ الفيل لَظَلَّ يَرْعَد إلّا أنَّ يكون لَهُ ... من الرَّسُول بإِذْن اللَّه تَنْويل حتّى وضعتُ يَميِني لَا أُنَازِعُه ... فِي كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيِلُه الْقِيلُ لَذَاكَ أَخْوَفُ عِندي إذْ أكلّمه ... وَقِيلَ إنّكَ مَنْسوبٌ ومَسْئول مِن ضَيْغَمٍ من لُيُوث الُأسْد مَسْكَنُهُ ... من بَطْنِ عَثَّر غيِلٌ دونَهُ غِيلُ إنّ الرَّسُول لَنُورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ ... مُهَنَّدٌ من سُيوف اللَّه مَسْلولُ فِي فِتْيةٍ من قُرَيشٍ قَالَ قَائِلُهُم ... ببَطْنِ مكةَ لمّا أَسْلَمُوا زُولُوا1 زَالُوا فما زَال أَنْكاسٌ ولا كُشُفٌ ... عند اللّقاءِ ولا ميل معازيل2 شم العرانين أَبْطالٌ لَبُوسُهمُ ... من نَسْجِ دَاوُد فِي الْهَيْجَا سَرَابِيِلُ يَمْشُون مَشْيَ الجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهم ... ضَرْبٌ إذا عَرَّد السُّود التَّنَابِيلُ لا يَفْرَحُون إذا نالتْ سُيُوفهمُ ... قومًا ولَيْسوا مَجَازِيعًا إذا نِيلُوا لا يَقَع الطَّعْنُ إِلَّا فِي نُحورِهم ... ومالَهُم عَنْ حِياض المَوْت تَهْلِيلُ وفي سنة ثمان: توفيت زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَكْبَرُ بَنَاتِهِ, وَهِيَ الَّتِي غَسَّلَتْهَا أُمُّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةُ، وَأَعْطَاهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- حقوه، وقال: "أشعرنها إياه" 3.

_ 1 أراد الهجرة من مكة إلى المدينة. 2 معازيل: من أعزل, وهو الذي لا رمح معه في الحرب. 3 أشعرنها إياه: أي اجعلنه مما يلي جسدها. والحديث في "الصحيحين" وغيرهما.

فَجَعَلَتْهُ شِعَارَهَا تَحْتَ كَفَنِهَا. وقد وَلَدت زينبُ من أَبِي العاص بْن الرَّبيع بْن عَبْد شمس -رَضِيَ اللَّهُ عنه- ابنتها أُمَامَة التي كَانَ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحملها فِي الصلاة. وفيها: عُمل منبر النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخطب عَلَيْهِ، وحَنَّ إِلَيْهِ الجِذْع الَّذِي كَانَ يخطب عَلَيْهِ. وفيها: وُلِدَ إبراهيم ابن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيها: وهبت سَوْدة أمّ المؤمنين يومها لعائشة. وفيها: تُوُفِّيَ مُغَفَّلُ بْن عَبْد نُهْم بْن عفيف المُزَنيّ؛ والد عَبْد اللَّه, وله صُحْبة. وفيها: مات مَلِك العرب بالشام؛ الحارث بْن أَبِي شَمِر الغَسَّانيّ كافرًا, وولي بعده جَبَلة بْن الأَيْهَم. فَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عَائِذٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ الْجَحْشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ وَهُوَ بِالْغُوطَةِ، فَسَارَ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ, وَقَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ يُهَيِّئُ الإِنْزَالَ لِقَيْصَرَ، وَهُوَ جَاءٍ مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ؛ إِذْ كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ؛ شُكْرًا لِلَّهِ. فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ رَمَى بِهِ؛ وَقَالَ: وَمَنْ يَنْزِعُ مِنِّي مُلْكِي؟ أَنَا سَائِرٌ إِلَيْهِ بِالنَّاسِ. ثُمَّ عَرَضَ إِلَى اللَّيْلَ، وَأَمَرَ بِالْخَيْلِ تُنْعَلُ، وَقَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ بِمَا تَرَى. فَصَادَفَ قَيْصَرُ بِإِيلِيَاءَ وَعِنْدَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَكَتَبَ قَيْصَرُ إِلَيْهِ: أَنْ لا تَسِيرَ إِلَيْهِ، وَالْهَ عَنْهُ، وَوَافِ إِيلِيَاءَ. قَالَ شُجَاعٌ: فَقَدِمْتُ، وَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "بَادَ مُلْكُهُ". ويُقَال: حَجَّ بالناس عَتَّاب بْن أَسِيد أميرُ مكة. وقيل: حجَّ النّاس أَوْزَاعًا1. حكاهما الواقديّ. والله أعلم.

_ 1 أوزاعًا: متفرقين.

أحداث السنة التاسعة

أحداث السنة التاسعة: سريّة الضَّحَّاك بْن سُفْيَان الكِلابيّ إلى القرطاء، علقمة بن مجزز المدلجي، علي بن أبي طالب إلى الفلس، عكاشة بن محصن إلى أرض عذرة: سريّة الضَّحَّاك بْن سُفْيَان الكِلابيّ إلى القُرَطَاء: قِيلَ: فِي ربيع الأول بَعَث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جيشًا إلى القرَطَاء، عليهم الضحَّاك بْن سُفْيَان الكِلابيّ، ومعه الأَصْيَد بْن سَلَمَةَ بْن قُرْط. فلقوهم بالزُّجِّ، زجّ َلاوة1, فدعوْهم إلى الْإِسْلَام، فَأبَوْا, فقاتلوهم فهزموهم, فَلحِق الأصْيَد أَبَاهُ سَلَمَةَ، فدعاه إلى الْإِسْلَام وأَعطاه الأمان، فسبَّه وسبَّ دينه, فعَرْقَب الأصْيَد عُرْقوبَيْ فَرَسه, ثمّ جاء رَجُل من المسلمين فقتل سَلَمَةَ, ولم يقتله ابنُه. سَرِيّة عَلْقَمَة بْن مُجَزِّز المُدْلِجِيّ: وفي ربيع الآخر، قِيلَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلغه أن ناسًا من الحبشة تراءاهم أهُل جُدَّة. فبعث النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- علقمة بن مجزز المدلجي في ثلاثمائة، فانتهى إلى جزيرةٍ فِي البحر، فهربوا مِنْهُ. سرية علي بن أبي طالب إلى الفلس: وفي ربيع الآخر بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية علي بن أبي طالب إلى الفلس -صنم طيئ- ليهدمه فِي خمسين ومائة رَجُل من الأنصار، عَلَى مائة بعير وخمسين فرسًا، ومعه راية سوداء، ولواء أبيض, فَشنّوا الغارة عَلَى مَحِلَّة آل حاتِم2 مَعَ الفجر، فهدموا الفُلْس وخرّبوه، وملئوا أيديهم من السَّبْي والنَّعَم والشَّاء, وفي السّبْي أخت عَدِيّ بْن حاتم, وهرب عديّ إلى الشَّأْم. سريّة عُكَّاشة بْن مِحْصَن إلى أَرْضِ عُذْرَة: وفي هذه الأيام كانت سريّة عُكّاشة بْن مِحْصَن إلى أرض عُذْرَة. ذكر هذه السَّرايا شيخُنا الدِّمْياطيّ فِي مختصر السيرة, وأظنّه أَخَذه من كلام الواقديّ. وَفِي رَجَبٍ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ مَسِيرِهِ إِلَى تَبُوكَ عَلَى أَصْحَمَةِ النَّجَاشِيِّ -رَضِيَ الله عنه- صاحب الحبشة, وأصحمة بالعربية: عطية. وكان قد آمن بالله ورسوله. قول النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ مَاتَ أَخٌ لَكُمْ بِالْحَبَشَةِ". فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، وَصَفَّهُمْ، وَصَلَّى عَلَيْهِ3. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ كَانَ يُتَحَدَّثُ أَنَّهُ لا يَزَالَ يُرَى عَلَى قَبْرِهِ نُورٌ. وَيُكْتَبُ هُنَا الْخَبَرُ الَّذِي فِي السِّيرَةِ قَبْلَ إِسْلامِ عمر.

_ 1 زج لاوة: موضع بناحية ضربة من نجد على طريق البصرة. "معجم البلدان" "3/ 133". 2 أي: آل حاتم الطائي. 3 أخرجه مسلم "66/ 951" في الجنائز، وفيه: $"فقوموا فصلوا عليه". قال جابر: فقمنا فصفنا صفين.

غزوة تبوك

غزوة تبوك: قَالَ ابن إِسْحَاق، عَنْ عاصم بن عمر، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قلّما كَانَ يخرج فِي غزوة إلّا أظهر أَنَّهُ يريد غيرها، إلّا غزوة تَبُوك فإنه قَالَ: "أيها النّاس! إنّي أريد الرُّوم". فأَعْلَمَهُمْ, وذلك فِي شدّة الحرّ وَجَدْبٍ من البلاد, وحين طابت الثِّمار؛ والناس يحبّون المقام فِي ثمارهم. فبينا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يوم فِي جَهازه، إذْ قَالَ للجَدِّ بْن قَيْس: "يا جَدّ! هَلْ لَكَ فِي بنات بني الأَصْفَر"؟ 1 فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لقد علم قومي أنّه ليس أحدٌ أشدّ عُجْبًا بالنِّساء منّي. وإنّي أخاف إنْ رأَيتُ نساء بني الأصْفَر أَن يَفْتِنَّنِي، فائذنْ لي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فأعرض عَنْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: "قد أَذنْتُ لك". فنزلت: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: 49] قَالَ: وقال رَجُل من المنافقين: {لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} فنزلت: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [التوبة: 81] 2. ولم يُنْفِق أحدٌ أَعْظَمَ من نَفَقة عثمان، وحَمَل عَلَى مائة بعير. رَوَى عُثْمَانُ بْنُ عطاء الخراساني عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، في غزوة

_ 1 بنات بني الأصفر: هي بنات الروم. 2 "إسناده حسن": رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" "9600"، والطبراني في "الكبير" "11052"، وقال صاحب "المقبول" "369": إسناده حسن.

تبوك قال: أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الْمُسْلِمِينَ بِالصَّدَقَةِ وَالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَنْفَقُوا احْتِسَابًا, وَأَنْفَقَ رِجَالٌ غَيْرَ مُحْتَسِبِينَ. وَحَمَلَ رِجَالٌ من فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَبَقِيَ أُنَاسٌ, وَأَفْضَلُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ, عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ؛ تَصَدَّقَ بِمِائَتَيْ أُوقِيَّةٍ، وَتَصَدَّقَ عُمَرُ بِمِائَةِ أُوقِيَّةٍ، وَتَصَدَّقَ عَاصِمٌ الأَنْصَارِيُّ بِتِسْعِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ. وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: "هَلْ تَرَكْتَ لأَهْلِكَ شَيْئًا"؟ قَالَ: نَعَمْ، أكثر مما أنفقت وأطيب. قال: "كم"؟ قَالَ: مَا وَدَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الرِّزْقِ والخير. قال عمرو بن مرزوق، ثَنَا السَّكَنُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي هِشَامٍ، عَنْ فَرْقَدٍ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَبَّابٍ، قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَثَّ عَلَى جَيْشِ الْعُسْرَةِ، قَالَ: فَقَامَ عُثْمَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَيَّ مِائَةُ بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ: ثُمَّ حَثَّ ثَانِيَةً، فَقَامَ عُثْمَانُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَيَّ مِائَتَا بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. ثُمَّ حَضَّ -أَوْ قَالَ: حَثَّ- الثَّالِثَةَ، فَقَامَ عُثْمَانُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَيَّ ثَلَاثُمِائَةِ بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَا شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: "مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ". أَوْ قَالَ: "بَعْدَهَا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنِ السَّكَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ1. وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ مَوْلَاهُ، قَالَ: جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَلْفِ دِينَارٍ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، فَفَرَّغَهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل يقبلها وَيَقُولُ: "مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ". قَالَهَا مِرَارًا2. وَقَالَ بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي بردية، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسأله لَهُمُ الْحُمْلَانَ3، إِذْ هُمْ مَعَهُ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ؛ وَهِيَ غَزْوَةُ تَبُوكَ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عليه4.

_ 1 "صحيح". 2 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 63". 3 الحملان: ما يحمل عليه من الدواب. 4 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 128"، ومسلم "8/ 1649" في الأيمان.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ رِجَالا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُمُ الْبَكَّاءُونَ، وَهُمْ سَبْعَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ: سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو لَيْلَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحُمَامِ بْنِ الْجَمُوحِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ؛ وَهَرِمُ بْنُ عبد الله، والعرباض بن سارية الفزاري. استحملوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا أهُلَ حَاجَةٍ، فَقَالَ: {لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: 92] . فَبَلَغَنِي أَنَّ يَامِينَ بْنَ عَمْرٍو، لَقِيَ أَبَا لَيْلَى وَعَبْدَ الله بن مغفل وهم يَبْكِيَانِ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكُمَا؟ فَقَالا: جِئْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَحْمِلَنَا، فَلَمْ نَجِدْ عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْخُرُوجِ. فَأَعْطَاهُمَا نَاضِحًا لَهُ فَارْتَحَلاهُ وَزَوَّدَهُمَا شَيْئًا مِنْ لَبَنٍ. وَأَمَّا عُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ فَخَرَجَ مِنَ اللَّيْلَ فَصَلَّى مِنْ لَيْلَتِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ بَكَى وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ أَمَرْتَ بِالْجِهَادِ وَرَغَّبْتَ فِيهِ، ثُمَّ لَمْ تَجْعَلْ عِنْدِي مَا أَتَقَوَّى بِهِ، وَلَمْ تَجْعَلْ فِي يَدِ رَسُولِكَ مَا يَحْمِلُنِي عَلَيْهِ، وَإِنِّي أَتَصَدَّقُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِكُلِّ مَظْلِمَةٍ أَصَابَنِي بِهَا فِي مَالٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ عِرْضٍ. ثُمَّ أَصْبَحَ مَعَ النَّاسِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْنَ الْمُتَصَدِّقُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ"؟ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ, ثُمَّ قَالَ: "أَيْنَ الْمُتَصَدِّقُ؟ فَلْيَقُمْ". فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْشِرْ، فوَالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ كُتِبَتْ فِي الزَّكَاةِ الْمُتَقَبَّلَةِ" 1. {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} [التوبة: 90] فاعْتَذَرُوا فَلَمْ يَعْذِرْهُمُ اللَّهُ, فَذَكَرَ أَنَّهُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْطَأَتْ بِهِمُ النِّيَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى تَخَلَّفُوا عَنْ غَيْرِ شَكِّ وَلا ارْتِيَابٍ، مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ، وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ أَخُو بَنِي وَاقِفٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ. وَكَانُوا رَهْطَ صِدْقٍ. ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْخَمِيسِ، واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة

_ 1 "حديث صحيح": ورد مسندًا موصولا كما قال الحافظ في "الإصابة" "2/ 493".

الأَنْصَارِيَّ, فَلَمَّا خَرَجَ ضَرَبَ عَسْكَرَهُ عَلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَمَعَهُ زِيَادَةٌ عَلَى ثَلاثِينَ أَلْفًا مِنَ النَّاسِ. وَضَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ عَسْكَرَهُ عَلَى ذِي حِدَّةٍ أَسْفَلَ مِنْهُ، وَمَا كَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ بِأَقَلِّ الْعَسْكَرَيْنِ. فَلَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَخَلَّفَ عَنْهُ ابْنُ سَلُولٍ فِيمَنْ تَخَلَّفَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَأَهْلِ الرَّيْبِ, وَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَمَرَهُ بِالإِقَامَةِ فِيهِمْ، فَأَرْجَفَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ, وَقَالُوا: مَا خَلَّفَهُ إِلا اسْتِثْقَالا لَهُ وتخففًا مِنْهُ. فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ، أَخَذَ عَلِيٌّ سِلاحَهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجُرْفِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! زَعَمَ الْمُنَافِقُونَ أَنَّكَ إِنَّمَا خَلَّفْتَنِي تَسْتَثْقِلُنِي وَتَخَفَّفُ مِنِّي. قَالَ: "كَذَبُوا، وَلَكِنْ خَلَّفْتُكَ لِمَا تَرَكْتُ وَرَائِي، فَارْجِعْ فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي وَأَهْلِكَ، أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدي". فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ1 مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَتُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ قَالَ: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي". وَرَوَاهُ عَامِرٌ، وَإِبْرَاهِيمُ؛ ابْنَا سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِمَا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى تَبُوكَ، جَعَلَ لَا يَزَالُ يَتَخَلَّفُ الرَّجُلُ, فَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَخَلَّفَ فُلانٌ. فَيَقُولُ: "دَعُوهُ، إِنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ، وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ". حَتَّى قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَخَلَّفَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبْطَأَ بِهِ بَعِيرُهُ. فَقَالَ: "دَعُوهُ، إِنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ، وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ". فَتَلوَّمَ أَبُو ذَرٍّ بَعِيرَهُ, فَلَمَّا بَطَّأَ عَلَيْهِ أَخَذَ مَتَاعَهُ فَجَعَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ خَرَجَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاشِيًا. وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ مَنَازِلِهِ، وَنَظَرَ نَاظِرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 129"، ومسلم "33/ 2404" في فضائل الصحابة.

إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَمْشِي عَلَى الطَّرِيقِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُنْ أَبَا ذَرٍّ". فَلَمَّا تَأَمَّلَهُ الْقَوْمُ, قَالُوا: هُوَ وَاللَّهِ أَبُو ذَرٍّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ، يَمْشِي وَحْدَهُ، وَيَمُوتُ وَحْدَهُ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ". فَضَرَبَ الدَّهْرُ مِنْ ضَرْبِهِ، وَسُيِّرَ أَبُو ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ1، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى امْرَأَتَهُ وَغُلامَهُ: إِذَا مِتُّ فَاغْسِلانِي وَكَفِّنَانِي وَضَعَانِي عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَأَوَّلُ رَكْبٍ يَمُرُّونَ بِكُمْ, فَقُولُوا: هَذَا أَبُو ذَرٍّ. فَلَمَّا مَاتَ فَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ, فَاطَّلَعَ رَكْبٌ، فَمَا عَلِمُوا بِهِ حَتَّى كَادَتْ رَكَائِبُهُمْ تَوَطَّأُ سَرِيرَهُ، فَإِذَا ابْنُ مَسْعُودٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ, فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: جِنَازَةُ أَبِي ذَرٍّ. فَاسْتَهَلَّ ابْنُ مَسْعُودٍ يَبْكِي، فَقَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ، يَمْشِي وَحْدَهُ، وَيَمُوتُ وَحْدَهُ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ". فَنَزَلَ، فَوَلِيَهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى أَجَنَّهُ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثِني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ أَبَا خيثمة، أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ، رَجَعَ -بَعْدَ مَسِيرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَّامًا- إِلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، فَوَجَدَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ فِي حَائِطٍ قَدْ رَشَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَرِيشَهَا، وَبَرَّدَتْ لَهُ فِيهِ مَاءً، وَهَيَّأَتْ لَهُ فِيهِ طَعَامًا, فَلَمَّا دَخَلَ قَامَ عَلَى بَابِ الْعَرِيشَيْنِ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ فِي الضِّحِّ3 وَالرِّيحِ والحر، وأنا في ظل بارد وماء بارد وَطَعَامٍ مُهَيَّإٍ وَامْرَأَةٍ حَسْنَاءَ، فِي مَالٍ مُقِيمٍ؟ مَا هَذَا بِالنَّصَفِ. ثُمَّ قَالَ: لا وَاللَّهِ, لا أَدْخُلُ عَرِيشَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَتَّى أَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَيِّئَا لِي زَادًا. فَفَعَلَتَا, ثُمَّ قَدَّمَ نَاضِحَهُ فَارْتَحَلَهُ, ثُمَّ خَرَجَ فِي طَلَبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَدْرَكَهُ بِتَبُوكَ حِينَ نَزَلَهَا, وَقَدْ كَانَ أَدْرَكَهُ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ فِي الطَّرِيقِ فَتَرَافَقَا، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْ تبوك، قال أبو خيثمة لِعُمَيْرٍ: إِنَّ لِي ذَنْبًا، تَخَلَّفْ عَنِّي حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ. فَفَعَلَ, فَسَارَ حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "كُنْ أبا خيثمة". فقالوا: هو والله أبو خيثمة. فَأَقْبَلَ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: "أَوْلَى لَكَ أَبَا خيثمة". ثُمَّ أَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْخَبَرَ، فَقَالَ لَهُ خَيْرًا. وَقَالَ ابْنُ لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة, وقاله مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ, فَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ سِيَاقِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وقال مَعْمَر، عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل، قَالَ: فِي قوله تعالى: {اتَّبَعُوهُ

_ 1 الربذة: قرية من قرى المدينة على ثلاثة أميال. "معجم البلدان" "3/ 24". 2 أجنه: دفنه. 3 الضح: الشمس.

فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} ، قَالَ: خرجوا فِي غزوة تبوك، الرَّجُلان والثَّلاثة عَلَى بعيرٍ، وخرجوا فِي حرِّ شديدٍ، فأصابهم يومًا عطش حتى جعلوا ينحرون إبلهم ليعصروا أَكْرَاشها ويشربوا مَاءها. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِيرٍ، فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، حَتَّى هَمَّ أَحَدُهُمْ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ. الْحَدِيثَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ شَكَّ الْأَعْمَشُ؛ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ أَذِنَتْ لَنَا فَنَنْحَرُ نَوَاضِحَنَا، فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا. فَقَالَ: "أَفْعَلُ". فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ، وَلَكِنْ ادْعُ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، وَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ. فَقَالَ: "نَعَمْ". فَدَعَا بنِطَعٍ فبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ. فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِكَفِّ ذُرَةٍ، وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكَفِّ تَمْرٍ، وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكِسْرَةٍ، حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: "خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ". فَأَخَذُوا حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلَّا مَلَئُوهُ، وَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَفَضِلَتْ فَضْلةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؛ لَا يَلْقَى اللَّهُ بِهَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ، فَيُحْجَبُ عَنِ الْجَنَّةِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَدِّثْنَا مِنْ شَأْنِ الْعُسْرَةِ. فَقَالَ: خَرَجْنَا إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلا أَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ، حَتَّى أَنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ, فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. قَالَ: "أَتُحِبُّ ذَلِكَ"؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يُرْجِعْهُمَا حَتَّى قَالَتِ السَّمَاءُ فَأَطَلَّتْ ثُمَّ سَكَبَتْ، فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ, ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنَظْرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزَتِ الْعَسْكَرَ. حَدِيثٌ حَسَنٌ قَوِيٌّ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِأَصْحَابِهِ: "لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لَا يُصِيبُكُمْ مِثْلَ مَا أَصَابَهُمْ"؛ يَعْنِي أَصْحَابَ الْحِجْرِ.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحِجْرَ1، أَمَرَهُمْ أَنْ لا يَشْرَبُوا مِنْ بِئْرِهَا، وَلا يَسْتَقُوا مِنْهَا. فَقَالُوا: قَدْ عَجَنَّا مِنْهَا وَاسْتَقَيْنَا. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَطْرَحُوا ذَلِكَ الْعَجِينَ وَيُرِيقُوا ذَلِكَ الْمَاءَ. أَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ. وَلِمُسْلِمٍ مِثْلُ الأَوَّلِ مِنْهُمَا2. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحِجْرَ، فَاسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا وَعَجَنُوا بِهِ, فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُهَرِيقُوا الْمَاءَ، وَيَعْلِفُوا الإِبلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرُهْم أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتِ النَّاقَةُ تَرُدُّهَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ تَبُوكَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. قَالَ: فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءِ جَمِيعًا. ثُمَّ قَالَ: "أَنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ، فَمَنْ جَاءَهَا فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ". قَالَ: فجِئناها وَقَدْ سَبَقَ إِلَيْهَا رَجُلَانِ، وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ, فَسَأَلَهُمَا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هل مَسِسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا"؟ قَالَا: نَعَمْ. فَسَبَّهُمَا، وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ. ثُمَّ غَرَفُوا مِنَ الْعَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا، حَتَّى اجْتَمَعَ فِي شَنٍّ ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا, فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ، فَاسْتَقَى النَّاسُ, ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُوشِكُ يَا مُعَاذُ! إِنْ طَالَتْ بك حياة، أن ترى ما ههنا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ4. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَأَتَيْنَا وَادِي الْقُرَى، عَلَى حَدِيقَةٍ لِامْرَأَةٍ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اخْرُصُوهَا". فَخَرَصْنَاهَا وَخَرَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشَرَةَ أَوْسُقٍ. وَقَالَ: "أَحْصِيهَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ الله". فانطلقنا حتى قدمنا

_ 1 الحجر: المكان الذي سكن فيه قوم صالح "ثمود"، وهو بوادي القرى بين المدينة والشام. 2 أخرجه البخاري "1/ 112" في كتاب الصلاة، ومسلم في "الزهد". 3 وأخرجه أحمد أيضًا.

تَبُوكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَا يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ". فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَقَامَ رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيئ. وَجَاءَ ابْنُ الْعَلْمَاءِ صَاحِبُ أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكِتَابٍ، وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ, فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْدَى لَهُ بُرْدًا, ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِيَ الْقُرَى، فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَرْأَةَ عن حديقتها كم بلغ ثمرها، فقالت: بَلَغَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ. فَقَالَ: "إِنِّي مُسْرِعٌ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُسْرِعْ". فَخَرَجْنَا حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ: "هَذِهِ طَابَةٌ، وَهَذَا أُحُدٌ، وَهُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 أَطْوَلَ مِنْهُ؛ وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ لله بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين مر بالحجر استقوا مِنْ بِئْرِهَا, فَلَمَّا رَاحُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا، وَلا تَوَضَّئُوا مِنْهُ، وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ عَجَنْتُمُوهُ مِنْهُ فَاعْلِفُوهُ الإِبِلَ، وَلا يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ إِلا وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ". فَفَعَلَ النَّاسُ مَا أَمَرَهُمْ، إِلا رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ؛ خَرَجَ أَحَدُهُمَا لِحَاجَتِهِ وَالآخَرُ لِطَلَبِ بَعِيرٍ لَهُ, فَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فَإِنَّهُ خُنِقَ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاحْتَمَلَتْهُ الرِّيحُ حتى طرحته بجبل طيئ, فأخبر بذلك رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَلَمْ أَنْهَكُمْ"؟ ثُمَّ دَعَا لِلَّذِي أُصِيبَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَشُفِيَ, وَأَمَّا الآخَرُ فَإِنَّهُ وَصَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَدِمَ مِنْ تَبُوكَ. وَهَذَا مُرْسَلٌ مُنْكَرٌ. وَقَالَ ابْن وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ نَزَلَ بِتَبُوكَ وَهُوَ حَاجٌّ، فَإِذَا رَجُلٌ مُقْعَدٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ: سَأُحَدِّثُكَ حَدِيثًا فَلَا تُحدِّثْ بِهِ مَا سَمِعْتَ أَنِّي حَيٌّ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ بِتَبُوكَ إِلَى نَخْلةٍ، فَقَالَ: "هَذِهِ قِبْلَتُنَا". ثُمَّ صَلَّى إِلَيْهَا, فَأَقْبَلْتُ، وَأَنَا غُلَامٌ أَسْعَى حَتَّى مَرَرْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَقَالَ: "قَطَعَ صَلَاتَنَا، قَطَعَ اللَّهُ أَثَرَهُ". قَالَ: فَمَا قُمْتُ عَلَيْهَا إِلَى يَوْمِي هَذَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَوْلًى لِيَزِيدَ بْنِ نِمْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نِمْرَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ مُقْعَدًا بِتَبُوكَ. فَقَالَ: مَرَرْتُ بَيْنَ يدي النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا على حمار وهو يصلي.

_ 1 في "الفضائل" "7/ 61". 2 في "الزكاة" "2/ 155".

فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اقْطَعْ أَثَرَهُ". فَمَا مَشَيْتُ عَلَيْهِمَا بَعْدُ. أَخْرَجَهُمَا أَبُو دَاوُدَ1. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا الْعَلاءُ أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتَبُوكَ، فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ بِضِيَاءٍ وَشُعَاعٍ وَنُورٍ لَمْ أَرَهَا طَلَعَتْ فِيمَا مَضَى, فَأَتَى جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا جِبْرِيلُ! مَا لي أرى الشمس اليوم بضياء ونور شعاع لَمْ أَرَهَا طَلَعَتْ فِيمَا مَضَى"؟ فَقَالَ: ذَاكَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيَّ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ الْيَوْمَ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ. قَالَ: "وَفِيمَ ذَاكَ"؟ قَالَ: كَانَ يكثر قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، بالليل وَالنَّهَارَ، وَفِي مَمْشَاهُ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ، فَهَلْ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَقْبِضَ لَكَ الأَرْضَ فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ. الْعَلاءُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَاهٍ وَرَوَاهُ الْحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ، عَنْ يَزِيدَ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا صَدَقَةُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بن مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيَّ تُوُفِّيَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي جِنَازَةِ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيِّ؟ قَالَ: "نَعَمْ". فَقَالَ: هَكَذَا؛ فَفَرَّجَ لَهُ الْجِبَالَ وَالآكَامَ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْشِي وَمَعَهُ جِبْرِيلُ فِي سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ, فَقَالَ: "يَا جِبْرِيلُ! بِمَ بَلَغَ"؟ فَقَالَ: بِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} , كَانَ يَقْرَؤُهَا قَائِمًا وَقَاعِدًا وَرَاكِبًا وَمَاشِيًا. مُرْسَلٌ. وَقَالَ ابْنُ جَوْصَا، وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، وَأَبُو الدَّحْدَاحِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ -وَاللَّفْظُ لَهُ- ثنا نُوحُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُوَيٍّ السَّكْسَكِيُّ، ثنا بَقِيَّةُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو بِتَبُوكَ فَقَالَ: احْضُرْ جِنَازَةَ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيِّ, فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهَبَطَ جِبْرِيلُ فِي سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ الْمَلائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَوَضَعَ جَنَاحَهُ عَلَى الْجِبَالِ فَتَوَاضَعَتْ حَتَّى نَظَرُوا إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ, فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجِبْرِيلُ وَالْمَلائِكَةُ, فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ: "يَا جِبْرِيلُ! بِمَ أَدْرَكَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ"؟ قَالَ: بِقِرَاءَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} قَائِمًا وَقَاعِدًا وَرَاكِبًا وَمَاشِيًا. قلت: ما علمت فِي نُوحٍ جَرْحًا، وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ مُنْكَرٌ جِدًّا، ما أعلم أحدًا تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَصْلا عَنْ بَقِيَّةَ, وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ حِبَّانَ حَدِيثَ الْعَلاءِ وَقَالَ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لا يتابع

_ 1 ضعيفان: ضعفهما الألباني في "ضعيف سنن أبي داود".

عَلَيْهِ. قَالَ: وَلا أَحْفَظُ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ يُقَالُ لَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ, وَقَدْ سَرَقَ هَذَا الْحَدِيثَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَرَوَاهُ عَنْ بَقِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنُ، ثنا مَحْبُوبُ بْنُ هِلالٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْمُزَنِيُّ، أَفَتُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ شَجَرَةٍ وَلا أَكَمَةٍ إِلا تَضَعْضَعَتْ لَهُ, فَصَلَّى عَلَيْهِ وخلفه صفان من الملائكة، في كل صف سبعون ألف ملك. قلت: "يا جبريل! بم نال هذا"؟ قال: بِحُبِّهِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يَقْرَؤُهَا قَائِمًا وَقَاعِدًا وَذَاهِبًا وَجَائِيًا، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ. مَحْبُوبٌ مَجْهُولٌ، لا يُتَابَعُ عَلَى هَذَا. قَالَ الْبَكَّائِيُّ: قال ابن إسحق: فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ، يَعْنِي مِنْ يَوْمِ الْحِجْرِ، وَلا مَاءَ مَعَهُمْ، دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ سَحَابَةً، فَأَمْطَرَتْ حَتَّى ارْتَوَى النَّاسُ. فَحَدَّثَنِي عَاصِمٌ، قَالَ: قُلْتُ لِمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: هَلْ كَانَ النَّاسُ يَعْرِفُونَ النِّفَاقَ فِيهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، لَقَدْ أَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ قَوْمِي، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ؛ لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحِجْرِ مَا كَانَ؛ وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ دَعَا فَأَرْسَلَ اللَّهُ السَّحَابَةَ، فَأَمْطَرَتْ. قَالُوا: أَقْبَلْنَا عَلَيْهِ نَقُولُ: وَيْحَكَ، هَلْ بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ؟ قَالَ: سَحَابَةٌ سَائِرَةٌ1. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَارَ، فَضَلَّتْ نَاقَتُهُ، فَخَرَجَ أَصْحَابُهُ فِي طَلَبِهَا. وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يُقَالُ لَهُ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ، وَكَانَ عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا, وَكَانَ فِي رَحْلِهِ زَيْدُ بْنُ اللُّصَيْتِ الْقَيْنُقَاعِيِّ وُكُانُ مِنُافِقًا, فَقَالَ زَيْدٌ، وَهُوَ فِي رَحْلِ عُمَارَةَ: أَلَيْسَ يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَيُخْبِرُكُمْ عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَهُوَ لا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعُمَارَةُ عِنْدَهُ: "إِنَّ رَجُلا قَالَ كَذَا وَكَذَا, وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ إِلا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ, وَقَدْ دَلَّنِي اللَّهُ عَلَيْهَا، وَهِيَ فِي هَذَا الْوَادِي فِي شِعْبِ كَذَا، وَقَدْ حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ بِزِمَامِهَا". فَذَهَبُوا فَجَاءُوا بِهَا, فَذَهَبَ عُمَارَةُ إِلَى رحله

_ 1 أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "2/ 522" وإسناده رجاله ثقات، ولا يضر جهالة الصحابة وهم من بني عبد الأشهل، ومحمود بن لبيد من صغار الصحابة، "دلائل النبوة" للبيهقي "5/ 232".

فَقَالَ: وَاللَّهِ عَجَبٌ مِنْ شَيْءٍ حَدَّثَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آنِفًا، عَنْ مَقَالَةِ قَائِلٍ أَخْبَرَهُ اللَّهُ عَنْهُ بِكَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ فِي رَحْلِ عُمَارَةَ، وَلَمْ يَحْضُرْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زَيْدٌ، وَاللَّهِ، قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ. فَأَقْبَلَ عُمَارَةُ عَلَى زَيْدٍ يَجَأُ فِي عُنُقِهِ، وَيَقُولُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ! إِنَّ فِي رَحْلِي لَدَاهِيَةً وَمَا أَشْعُرُ. اخْرُجْ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ رَحْلِي. فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ زَيْدًا تَابَ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ رَهْطٌ، مِنْهُمْ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمخشنُ بْنُ حُمَيِّرٍ؛ يُشِيرُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى تَبُوكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: "أَتَحْسَبُونَ جِلادَ بَنِي الأَصْفَرِ كَقِتَالِ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؟ وَاللَّهِ لَكَأَنَّا بِكُمْ غَدًا مُقَرَّنِينَ فِي الْحِبَالِ". إِرْجَافًا وَتَرْهِيبًا لِلْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ مخشنُ بْنُ حُمَيِّرٍ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاضَى عَلَى أَنْ يُضْرَبَ كُلٌّ مِنَّا مِائَةَ جَلْدَةً، وَأَنَّا نَنْفَلِتُ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا قُرْآنٌ لِمَقَالَتِكُمْ هَذِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا بَلَغَنِي، لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: أَدْرِكِ الْقَوْمَ، فَإِنَّهُمْ قَدِ اخْتَرَقُوا، فَسَلْهُمْ عَمَّا قَالُوا، فَإِنْ أَنْكَرُوا فَقُلْ: بَلَى، قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا. فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمْ عَمَّارٌ، فَقَالَ ذَلِكَ لَهُمْ, فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْتَذِرُونَ, فَقَالَ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ: يَا رسول الله، إنما كنا نخوض ونعلب, فَنَزَلَتْ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة: 65] . فَقَالَ مخشنُ بْنُ حُمَيِّرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَعَدَ بِي اسْمِي وَاسْمُ أَبِي. فَكَانَ الَّذِي عُفِيَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ مخشنٌ؛ يَعْنِي {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ} [التوبة: 66] . فَتسَمَّى عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَقْتُلَهُ شَهِيدًا لا يُعْلَمُ بِمَكَانِهِ. فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَثَرٌ1. وَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى تَبُوكَ، أتاه يحنة بن روبة صَاحِبُ أَيْلَةَ، فَصَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعطَاهُ الْجِزْيَةَ، وَأَتَاهُ أَهْلُ جَرْبَاءَ وأذرح فأعطوه الجزية. وكبت لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كِتَابًا، فَهُوَ عِنْدَهُمْ. فائدة: قَالَ ابن إِسْحَاق: أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهُل أَيْلة بُرْدَةً مَعَ كتابه، فاشتراها منهم أبو العباس عبد الله بن محمد -يعني السفاح- بثلاثمائة دينار. وقال مُوسَى بْن عُقْبة، قَالَ ابن شهاب: بَلَغَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غزوته تِلْكَ تبوكًا ولم يتجاوزها. وأَقام بضع عشرة ليلة؛ يعني بتبوك. وقال يحيى بْن أَبِي كثير، عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ثَوْبان، عَنْ جَابِر، قَالَ: أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتبوك عشرين يومًا يَقْصُرُ الصّلاة. أَخْرَجَهُ أَبُو داود. وإسناده صحيح.

_ 1 "إسناده صحيح": رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" برقم "10402"، والسيوطي في "الدر المنثور" "3/ 456"، وقد أخرج ابن جرير نحوه صحيح عن عكرمة مرسلا "10/ 119"، وانظر: "المقبول من أسباب النزول" للأزهري "376".

بعث خالد بن الوليد إلى أكيدردومة

بَعث خَالِد بْن الوليد إلى أكيدر دُومَة: وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ؛ رَجُلٍ مِنْ كِنْدَةَ، وَكَانَ مَلِكًا عَلَى دُومَةَ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِخَالِدٍ: إِنَّكَ سَتَجِدُهُ يَصِيدُ الْبَقَرَ. فَخَرَجَ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ حِصْنِهِ مَنْظَرُ الْعَيْنِ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ صَافِيَةٍ، وَهُوَ عَلَى سَطْحٍ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ، فَأَتَتِ الْبَقَرَ تَحُكُّ بِقُرُونِهَا بَابَ الْقَصْرِ, فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ. قَالَتْ: فَمَنْ يَتْرُكُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لا أَحَدُ. فَنَزَلَ فَأَمَرَ بِفَرَسِهِ فَأُسْرِجَ، وَرَكِبَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فِيهِمْ أَخُوهُ حَسَّانٌ, فَتَلَقَّتْهُمْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذَتْهُ وَقَتَلُوا أَخَاهُ. وَقَدِمُوا بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَقَنَ دَمَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ، وَأَطْلَقَهُ. فائدة: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ السَّكُونِيِّ قَالَ: خَرَجَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَمِعَ بِهَا أُكَيْدِرٌ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ خَيْلَكَ انْطَلَقَتْ فَخِفْتُ عَلَى أَرْضِي، فَاكْتُبْ لِي كِتَابًا فَإِنِّي مُقِرٌّ بِالَّذِي عَلَيَّ. فَكَتَبَ لَهُ. فَأَخْرَجَ قَبَاءً مِنْ دِيبَاجٍ مِمَّا كَانَ كِسْرَى يَكْسُوهُمْ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اقْبَلْ عَنِّي هَذَا هَدِيَّةً. قَالَ: "ارْجِعْ بِقَبَائِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَلْبَسُ هَذَا أَحَدٌ إِلا حُرِمَهُ فِي الآخِرَةِ". فَشَقَّ عَلَيْهِ أَنْ رَدَّهُ. قَالَ: "فَادْفَعْهُ إِلَى عُمَرَ". فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحَدَثَ فِيَّ أَمْرٌ؟ فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ، أَوْ ثَوْبَهُ، عَلَى فِيهِ ثُمَّ قَالَ: "مَا بَعَثْتُ بِهِ إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهُ، وَلَكِنْ تَبِيعُهُ وَتَسْتَعِينُ بِثَمَنِهِ".

وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوَةَ قَالَ: وَلَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَافِلا إِلَى الْمَدِينَةِ، بَعَثَ خَالِدًا فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَارِسًا إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةِ الْجَنْدَلِ، فَلَمَّا عَهِدَ إِلَيْهِ عَهْدَهُ، قَالَ خَالِدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ وَفِيهَا أُكَيْدِرٌ، وَإِنَّمَا نَأْتِيهَا فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: "لَعَلَّ اللَّهَ يَكْفِيكَهُ". فَسَارَ خَالِدٌ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دُومَةَ نَزَلَ فِي أَدْبَارِهَا. فَبَيْنَمَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي مَنْزِلِهِمْ لَيْلا، إِذْ أَقْبَلَتِ الْبَقَرُ حَتَّى جَعَلَتْ تَحْتَكُّ بِبَابِ الْحِصْنِ، وَأُكَيْدَرٌ يَشْرَبُ وَيَتَغنَّى بَيْنَ امْرَأَتَيْهِ, فَاطَّلَعَتْ إِحْدَاهُمَا فَرَأَتِ الْبَقَرَ فَقَالَتْ: لَمْ أَرَ كَاللَّيْلَةِ فِي اللَّحْمِ. فَثَارَ وَرَكِبَ فَرَسَهُ، وَرَكِبَ غِلْمَتُهُ وَأَهْلُهُ، فَطَلَبَهَا, حَتَّى مَرَّ بِخَالِدٍ وَأَصْحَابِهِ فَأَخَذُوهُ وَمَنْ مَعَهُ فَأَوْثَقُوهُمْ, ثُمَّ قَالَ خَالِدٌ لأُكَيْدِرِ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَجَرْتُكَ تَفْتَحْ لِي دُومَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَانْطَلَقَ حَتَّى دَنَا مِنْهَا، فَثَارَ أَهْلُهَا وَأَرَادُوا أَنْ يَفْتَحُوا لَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ أَخُوهُ, فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ لِخَالِدٍ: أَيُّهَا الرَّجُلُ! حُلَّنِي، فَلَكَ اللَّهُ لأَفْتَحَنَّهَا لَكَ، إِنَّ أَخِي لا يَفْتَحُهَا مَا عَلِمَ أَنِّي فِي وَثَاقِكَ. فَأَطْلَقَهُ خَالِدٌ, فَلَمَّا دَخَلَ أَوْثَقَ أَخَاهُ وَفَتَحَهَا لِخَالِدٍ، ثُمَّ قَالَ: اصْنَعْ مَا شِئْتَ حَكَّمْتَنِي. فَقَالَ خَالِدٌ: بَلْ نَقْبَلُ مِنْكَ مَا أَعْطَيْتَ. فَأَعْطَاهُمْ ثَمَانِمِائَةٍ مِنَ السَّبْيِ وَأَلْفَ بَعِيرٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ دِرْعٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ رُمْحٍ. وَأَقْبَلَ خَالِدٌ بِأُكَيْدِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقبل معه يحنة بن روية عَظِيمُ أَيْلَةَ. فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأَشْفَقَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ كما بعث إلى أكيدر, فاجتمعا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَاضَاهُمَا عَلَى قَضِيَّتِهِ؛ عَلَى دُومَةَ وَعَلَى تَبُوكَ وَعَلَى أَيْلَةَ وَعَلَى تَيْمَاءَ، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا, وَرَجَعَ قَافِلا إِلَى الْمَدِينَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ عُرْوَةُ قِصَّةً فِي شَأْنِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ هَمُّوا بِأَذِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى كَيْدِهِمْ, وَذَكَرَ بِنَاءَ مَسْجِدِ الضِّرَارِ. وقال ابن إِسْحَاق، عَنْ ثقةٍ من بني عَمْرو بْن عَوْفُ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقبل من تبوك حين نزل بذِي أَوَان1؛ بينه وبين المدينة ساعةٌ من نهار, وكان أصحاب مسجد الضِّرار قد أَتَوْهُ، وهو يتجهّز إلى تبوك، فقالوا: قد بَنَيْنا مسجدًا لذي العِلّة والحاجة واللَّيْلة المَطِيرَة، وإنّا نحبّ أنَّ تَأتِيَ فتُصَلِّيَ لنا فِيهِ. فقال: " إنّي عَلَى جناح سَفَرٍ، فلَوْ

_ 1 ذو أوان: موضع بطريق الشام. "معجم البلدان" "1/ 275".

رجعنا إنْ شاء اللَّه أَتَيْنَاكُم. فلمّا نَزَلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذي أوان، أتاه خبرُ السّماء، فدعا مَالِكَ بْن الدُّخْشُمِ وَمَعْنَ بْن عَدِيّ فقال: انطلِقا إلى هذا المسجد الظَّالِمِ أَهْلُه فاهْدِمَاهُ وأَحْرِقَاه. فخرجا سريعَيْن حتّى دخلاه وفيه أهله فحرّقاه وهدماه وتفرّقوا عَنْهُ. ونزل فِيهِ من القرآن ما نزل. وَقَالَ أَبُو الْأَصْبَغِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِخِطَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقُودُ بِهِ، وَعَمَّارٌ يَسُوقُهُ؛ أَوْ قَالَ عَمَّارٌ يَقُودُهُ وَأَنَا أَسُوقُهُ؛ حَتَّى ذا كُنَّا بِالْعَقَبَةِ، فَإِذَا أَنَا بِاثْنَيْ عَشَرَ رَاكِبًا قَدِ اعْتَرَضُوهُ فِيهَا، فَأنْبَهْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَرَخَ بِهِمْ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ. فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ عَرَفْتُمُ الْقَوْمَ"؟ قُلْنَا: لَا، قَدْ كَانُوا مُلَثَّمِينَ. قَالَ: "هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَرَادُوا أَنْ يَزْحَمُونِي فِي الْعَقَبَةِ لِأَقَعَ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوَلَا تَبْعَثُ إِلَى عَشَائِرِهِمْ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْكَ كُلُّ قَوْمٍ بِرَأْسِ صَاحِبِهِمْ؟ قَالَ: لَا، أَكْرَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ الْعَرَبُ أَنَّ مُحَمَّدًا قَاتَلَ بِقَوْمٍ حَتَّى إِذَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ. ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ ارْمِهِمْ بِالدُّبَيْلَةِ" 1. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا الدُّبَيْلَةُ؟ قَالَ: "شِهَابٌ مِنْ نَارٍ يَقَعُ على نياط قلب أحدها فَيَهْلِكُ" 2. وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، أَنَّ حُذَيْفَةَ حَدَّثَهُ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "فِي أَصْحَابِيَ اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا، فَمِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طلحة، عن ابن عَبَّاسٍ: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا} [التوبة: 107] ، قَالَ: أُنَاسٌ بَنَوْا مَسْجِدًا فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَامِرٍ: ابْنُوا مَسْجِدَكُمْ وَاسْتَمِدُّوا مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ سِلاحٍ، فَإِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى قَيْصَرَ فَآتٍ بِجُنْدٍ مِنَ الرُّومِ، فَأُخْرِجُ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ. فَلَمَّا

_ 1 الدبيلة: سراج من النار يظهر في أكنافهم كما سيأتي. 2 أخرجه مسلم "10/ 2779" بنحوه. 3 في "صفات المنافقين" "9/ 2779".

فَرَغُوا مِنْ مَسْجِدِهِمْ أَتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: نُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ. فَنَزَلَتْ {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} [التوبة: 108] . الآيَاتِ1. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: أَذْكُرُ أَنَّا، حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، خَرَجْنَا مَعَ الصِّبْيَانِ نَتَلَقَّاهُ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَدَنا مِنَ الْمَدَينَةِ قَالَ: "إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَأَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ، إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: "نعم، حبسهم العذر". أخرجه البخاري3.

_ 1 "إسناده حسن": أخرجه الطبري في "تفسيره" "14/ 470"، والسيوطي في "الدر" "3/ 276" وعزاه لابن المنذر والبيهقي وابن مردويه، وانظر: "المقبول" "391". 2 في "المغازي" "5/ 136". 3 في "الجهاد والسير" "3/ 213".

أمر الذين خلفوا

أمرُ الذين خلفوا: قَالَ شُعَيب بْن أبي حمزة، عَنِ الزُّهْرِيّ، أَخْبَرَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ: أَنَّ بني قُرَيظة كانوا حُلَفاءَ، لأبي لُبَابة. فاطّلعوا إِلَيْهِ، وهو يدعوهم إلى حُكْم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالوا: يا أَبَا لُبابة، أتأمرنا أنَّ نَنْزِلَ؟ فأشار بيده إلى حَلْقِه أَنَّهُ الذَّبْح, فأخبر عَنْهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك فقال لَهُ: لم ترعبني؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أحسبت أنّ اللَّه غفل عَنْ يدك حين تشير إليهم بها إلى حلقك"؟ فلبث حينًا ورسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عاتبٌ عَلَيْهِ. ثمّ غزا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تبوكًا، فتخلّف عَنْهُ أَبُو لبابة فيمن تخلّف. فلمّا قفل رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاءه أَبُو لُبابة يسلّم عَلَيْهِ، فأعرض عَنْهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ففزع أَبُو لُبابة، فارْتَبَط بِسَارِية التَّوبة، التي عند باب أمّ سَلَمَةَ، سبعًا بين يومٍ وَلَيْلَةٍ فِي حرٍّ شديدٍ، لَا يأكل فيهنّ ولا يشرب قَطْرةً. وقال: لَا يزال هذا مكاني حتّى أفارق الدنيا أو يتوب الله عليّ. فلم يزل كذلك حتى يسمع الصَّوْتَ من الجهد. ورَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينظر إِلَيْهِ بُكْرةً وعَشِيَّةً. ثمّ تاب اللَّه عَلَيْهِ فنُودي: إنّ اللَّه قد تاب عليك. فأرسل

إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُطْلِق عَنْهُ رِبَاطه، فأبى أنَّ يطلقه عَنْهُ أحدٌ إِلا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فجاءه فأطلق عَنْهُ بيده. فقال أَبُو لُبابة حين أفاق: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إنّي أهجر دار قومي التي أَصَبْتُ فيها الذَّنْبَ، وأنتقل إليك فأُسَاكِنك، وإنّي أَنْخَلِع من مالي صَدَقةً إلى اللَّه ورسوله. فقال: "يُجْزِئُ عنك الثُّلُث". فهجر دار قومه وتصدّق بثُلث ماله، ثمّ تاب فلم يُرَ منه بعد ذَلِكَ فِي الْإِسْلَام إلّا خَيْر، حتّى فارق الدنيا. مُرْسَل. وقال ورقاء، عَنِ ابن أَبِي نَجِيح، عن مجاهد، في قوله: {اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} قَالَ: هُوَ أَبُو لبابة، إذ قَالَ لقريظة مَا قَالَ، وأشار إلى حلقه بأن محمدا يذبحكم إنَّ نزلتم عَلَى حكمه. وزعم مُحَمَّد بْن إِسْحَاق أن ارتباطه كَانَ حينئذ, ولعله ارتبط مرتين. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} [التوبة: 102] قال: كَانُوا عَشَرَةَ رَهْطٍ تَخَلَّوْا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. فَلَمَّا حَضَرَ رُجُوعُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْثَقَ سَبْعَةٌ مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ بِسَوَارِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مَمَرُّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو لُبَابَةَ وَأَصْحَابٌ لَهُ تَخَلَّفُوا عَنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى تُطْلِقَهُمْ وَتَعْذِرَهُمْ. قَالَ: "وَأَنَا أُقْسِمُ بِاللَّهِ لا أُطْلِقُهُمْ وَلا أَعْذِرُهُمْ، حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يُطْلِقُهُمْ، رَغِبُوا عَنِّي وَتَخَلَّفُوا عَنِ الْغَزْوِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ". فَلَمَّا بَلَغَهُمْ ذَلِكَ قَالُوا: وَنَحْنُ لا نُطْلِقُ أَنْفُسَنَا حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يُطْلِقُنَا1. فَأُنْزِلَتْ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ. فَلَمَّا نَزَلَتْ، أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَأَطْلَقَهُمْ وَعَذَرَهُمْ. وَنَزَلَتْ؛ إِذْ بَذَلُوا أَمْوَالَهُمْ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] . وروى نحوه عطية العوفي، وَقَالَ عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بن مَالِكٍ، أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبًا يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غزوة تبوك.

_ 1 "إسناده قوي": أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" "984"، والسيوطي في "الدر" "3/ 273" وعزاه لأبي الشيخ في "تفسيره"، وابن منده، وأبي نعيم في "المعرفة" وابن عساكر بسند قوي، وقال الحافظ في "الإصابة": إسناده قوي، وانظر: "المقبول" "387".

قَالَ كَعْبٌ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قط، إلا في غزوة تبوك, غير أَنِّي تَخَلَّفْتُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبِ اللَّهُ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ, وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ: يَعْنِي أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا. كَانَ مِنْ خَبَرِي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةَ. وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ غَزْوَةً إِلا وَرَّى بِغَيْرِهَا. حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ غَزَاهَا فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا, فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرُهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، وأخبرهم بوجهه الذي كان يريد, والمسلمون مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كثير لا يجمعهم كتاب حافظ؛ يُرِيدُ الدِّيوَانَ. قَالَ كَعْبٌ: فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلا ظَنَّ أَنَّهُ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ, وَغَزَا رَسُولُ لله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلالُ، فَأَنَا إِلَيْهَا أَصْعَرُ. فَتَجَهَّزَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ. وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا. وَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ إِذَا أَرَدْتُهُ. فَلَمْ يَزَلْ يَتَمادَى بِي الأَمْرُ حَتَّى اسْتَمَرَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ. فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا. فَقُلْتُ: أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ. فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لأَتَجَهَّزَ فَرَجَعُتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا, فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمادَى بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ وَهَمَمتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ, فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ أَحْزَنَنِي أني لا أرى إلا رَجُلا مَغْمُوصًا مِنَ النِّفَاقِ1, أَوْ رَجُلا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ. فَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، قَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ: "مَا فَعَل كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ"؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ

_ 1 مغموصًا: متهمًا.

وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ. فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلا خَيْرًا. فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلا مِنْ تَبُوكَ، حَضَرَنِي هَمِّي فَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي. فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلَ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لا أَخْرُجُ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فأجمعت صِدْقَهُ. وَأَصْبَحَ قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ, فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَ الْمُخَلَّفُونَ فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بَضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلا, فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلانِيَتهُمْ، وَبَايَعَهُمْ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ, فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ثُمَّ قَالَ: "تَعَالَ". فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَقَالَ: "مَا خَلَّفَكَ؟ أَلَمْ تَكُنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ"؟ فَقُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنِّي سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلا, وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثًا كَاذِبًا تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَسْخَطَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إِنِّي لأَرْجُو عَفْوَ اللَّهِ, وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَوَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، قُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ". فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ فَقَالُوا: لا وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، أَعَجَزْتَ أَنْ لا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُخَلَّفُونَ، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ لِذَنْبِكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَكَ. فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي, ثُمَّ قُلْتُ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، رَجُلانِ قَالا مِثْلَ مَا قُلْتَ. وَقِيلَ لَهُمَا مِثْلَ مَا قِيلَ لَكَ. فَقُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ فَقَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيُّ، وَهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ. فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِمَا أُسْوَةٌ فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي. وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ كَلامِنَا أَيُّهَا الثَّلاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ, وَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وتَغَيَّرُوا لَنَا، حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ, فَلَبِثْنَا عَلَى

ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً, فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بَيْتِهِمَا, وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ، فَلا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ, وَآتِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلامِ عَلَيَّ أَمْ لا؟ ثُمَّ أُصَلِّي فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاتِي نَظَرَ إِلَيَّ، فَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي, حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ الْمُسْلِمِينَ تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ؛ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ؛ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ, فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ قَالَ فسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَسَكَتَ، فَنَاشَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَايَ. وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ. قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ الْمَدِينَةِ، إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّأْمِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ, حَتَّى إِذَا جَاءَنِي دَفَع إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ؛ وَكُنْتُ كَاتِبًا؛ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ, وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلا مَضْيَعَةٍ, فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ. فَقُلْتُ: وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلاءِ, فَتَيَمَّمْتُ بِهِ التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهِ, حَتَّى إِذَا مَضَى لَنَا أَرْبَعُونَ لَيْلةً مِنَ الخميس إذا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إن رسول الله يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ. فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ بِهَا؟ فَقَالَ: لا، بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلا تَقْرَبَنَّهَا. وَأَرْسِلْ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ. فَقُلْتُ لامْرَأَتِي: الْحِقِي بِأَهْلِكِ فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ هَذَا الأَمْرَ. قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امرأة هلال رسول الله فقالت: إِنَّ هِلالا شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ فَقَالَ: "لا، وَلَكِنْ لا يَقْرَبَنَّكِ". قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِي هَذَا. فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ فِي امْرَأَتِكَ؟ فَقُلْتُ: لا وَاللَّهِ، وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِ اسْتَأْذَنْتُهُ فيها، وأنا رجل شاب فلبثت بعد ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمُلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً, فَلَمَّا أَنْ صَلَّيْتُ صَلاةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ مِنَّا؛ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ؛ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ! أَبْشِرْ. فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ.

وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ، حِينَ صَلَّى صَلاةَ الْفَجْرِ, فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبيَّ مُبَشِّرُونَ, وركض رجل إليّ فرسًا، وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع إِلَيَّ مِنَ الْفُرْسِ, فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صوته يبشرني، نزعت ثوبي وكسوتهما إِيَّاهُ بِبُشْرَاهُ، وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ, وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئُونِي بِالتَّوْبَةِ؛ يَقُولُونَ: لِيَهْنِكَ تَوْبةُ اللَّهِ عَلَيْكَ, حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، وَلا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ, وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ بِالسُّرُورِ: "أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ". قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: "لا، بَلْ مِن عِنْدِ اللَّهِ". وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا بشر ببشارة يَبْرُقُ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ. فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُولِ. قَالَ: "أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ. وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لا أُحَدِّثَ إِلا صِدْقًا مَا بَقِيتُ, فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ابْتَلاهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ أَحْسَنَ مِمَّا ابْتَلانِي، مَا تَعمَّدْتُ مُذْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَذِبًا، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيمَا بَقِيَ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} إِلَى قَوْلِهِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117-119] . فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ، بَعْدَ أَنْ هَدَانِي لِلإِسْلامِ، أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ، أَنْ لا أَكُونَ كَذَبْتُهُ، فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِلَّذِينَ كَذَّبُوهُ، حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ، شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ فَقَالَ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 95، 96] . قَالَ كَعْبٌ: وَكُنَّا خُلِّفْنَا -أَيُّهَا الثَّلاثَةُ- عَنْ أمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَلَفُوا لَهُ، وَأَرْجَأَ أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ. فَبِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} ، وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ تَخَلُّفَنَا عَنِ الْغَزْوِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ تَخَلَّفَ وَاعْتَذَرَ، فَقَبِلَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم. متفق عليه1.

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 130"، ومسلم "3/ 2769" في التوبة: وغيرهما.

موت عبد الله بن أبي

مَوت عَبْد اللَّه بْن أَبِيّ: قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزهري، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَلَمَّا عَرَفَ فِيهِ الْمَوْتَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَنْهَاكَ عَنْ حُبِّ يَهُودَ". فَقَالَ: قَدْ أبْغَضَهُمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، فَمَهْ؟ وقال الواقديّ: مرض عَبْد اللَّه بْن أَبِي بْن سلول فِي أواخر شوّال، ومات في ذي القعدة, وكان مرضه عشرين ليلة, فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعوده فيها, فلما كان اليومُ الَّذِي مات فِيهِ, دخل عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَجُود بنَفْسه فقال: "قد نَهَيْتُك عَنْ حبّ يَهُود". فقال: قد أَبغضهم أسعدُ فما نَفَعه؟ ثمّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ليس هذا بِحينِ عِتابٍ. وهو الموتُ، فإنْ متّ فاحضرْ غُسْلي، وأعْطِني قَمِيصَك أُكَفَّن فِيهِ، وصلِّ عليَّ واستغفرْ لي. هذا حديث مُعْضل واهٍ، لو أسنده الواقديّ لَمَا نَفَع، فكيف وهو بلا إِسناد؟ وقال ابن عيينة، عن عمرو، عن جابر قال: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبر عَبْد اللَّه بْن أبيّ بعدما أُدْخِل حُفْرته فأَمَرَ بِهِ فأُخْرِج، فوُضِع عَلَى رُكْبَتَيْه، أو فَخِذيه، فَنفَث عَلَيْهِ من رِيقِه وأَلبْسَه قميصه. والله أعلم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، قال: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، أَتَى ابنه عبد الله بن عَبْدُ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ لِيُكَفِّنَهُ فِيهِ، فَأَعْطَاهُ, ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ؛ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي عليه، فقام عمر فأخذ ثوبه فقال: يا رسول الله، أتصلي عليه وقد نهاك الله عنه؟ قَالَ: "إِنَّ رَبِّي خَيَّرَنِي، فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] ، وَسَأَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ". فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ. قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنزَلَ اللَّهُ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ

_ 1 أخرجه البخاري في "الجنائز" "2/ 76"، ومسلم "2773" في "صفات المنافقين" وغيرهما.

مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 84] . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وفيها: قُتل عُرْوَةُ بْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، وكان سيّدًا شريفًا من عقلاء العرب ودهاتهم، ودعا قومه إلى الْإِسْلَام فقتلوه, فيُرْوى أَنْ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَثَلُه مَثَلُ صاحب ياسين، دعا قومه إلى الله فقتلوه". وفيها: تُوُفِّيت السيدة أمّ كلثوم بِنْت رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، زَوْجَة عثمان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وفيها: تُوُفِّيَ عَبْد اللَّه ذُو البِجَادَيْن -رَضِيَ اللَّهُ عنه، ودُفن بتَبُوك، وصلّى عَلَيْهِ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأثنى عَلَيْهِ ونزل فِي حُفْرته، وأَسْنَدَهُ فِي لَحْدِه. وقال: "الَّلُهّم إنّي أمسيتُ عَنْهُ راضيًا، فَارْضَ عَنْهُ"2. وقال مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: حدّثني مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم التَّيْميّ، قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّه ذو البِجادَيْن من مُزَيْنَة, وكان يتيمًا فِي حِجْر عمّه، وكان يُحْسن إِلَيْهِ, فلمّا بلغه أَنَّهُ قد أَسْلَم, قَالَ: لَئِنْ فعلتَ لأَنْزِعَنَّ منك جميع ما أعطيتك. قَالَ: فإنّي مُسلم. فنزع كلَّ شيء أعطاه، حتّى جَرَّده ثوبَه, فأتى أُمَّه، فقطعتْ بِجادًا لها باثْنَيْن، فائْتَزَر نِصْفًا وارْتَدى نِصفًا, ولَزِمَ بابَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَكَانَ يرفع صوته بالقرآن والذِّكْر, وتوفّي فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيها: قدِم وَفْدٌ ثَقِيف من الطَّائِف، فأسلموا بعد تَبوك، وكتب لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتابًا. وفيها: مَرجعَ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من تبوك، مات سُهَيْل بْن بَيْضاء، أخو سهل بن بيضاء، وهي أمهما، واسمها دَعْد بِنْت جَحْدَم. وأما أَبُوهُ فوَهْب بْن رَبِيعَة الفِهْرِيّ, ولسهيل صُحْبةٌ وروايةٌ حديثٍ، وَهُوَ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الْمِصْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ مَاتَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ". وَلِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، نَحْوَهُ. وَأَمَّا الدَّرَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عن سعيد بن

_ 1 أخرجه البخاري في "2/ 76" في الجنائز، ومسلم "2774" في "صفات المنافقين". 2 ذكره الحافظ في "الإصابة" "4/ 99"، وقال: رواه البغوي بطوله من هذا الوجه ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاع.

الصَّلْتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ. وَهَذَا مُتَّصُلٌ عَنْ سُهَيْلٍ, إِذْ سَعِيدُ بْنُ الصَّلْتِ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ لا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ سُهَيْلٍ, وَلَوْ سَمِعَ مِنْهُ لَسَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم، ولكان صحابيًّا, لكن الْمُرْسَلَ أَشْهَرُ. وَكَانَ سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ مِنَ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ، شَهِدَ بَدْرًا وَغَيْرَهَا, وَكَذَلِكَ أَخُوهُ سَهْلٌ، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَيْضًا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَنْبَأَ حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ، عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ، وَأَنَا أَسْقِيهِمْ، حَتَّى كَادَ الشَّرَابُ أَنْ يَأْخُذَ فِيهِمْ, ثُمَّ ذَكَرَ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ بِطُولِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدٌ, أَدْخِلُوهُ الْمَسْجِدَ حَتَّى أُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ سُهَيْلٍ وَسَهْلٍ1. وَقَالَ فِيهِ غَيْرُ الضَّحَّاكِ: مَا أَسْرَعَ مَا نَسُوا؛ لَقَدْ صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ. وفيها: تُوُفِّيَ زيد بْن سَعْنَة؛ بالياء وبالنون، وبالنّون أشهر؛ وهو أحد الأحْبار الذين أسلموا. وكان كثير العلم والمال, وخبرُ إسلامه رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ هَدْيَ زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ، قَالَ: مَا مِنْ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلا وَقَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ حِينَ نَظَرْت إِلَيْهِ، إِلا شَيْئَيْنِ لَمْ أُخْبَرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ وَلا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ إِلا حِلْمًا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَهُوَ فِي الطَّوَالاتِ لِلطَّبَرَانِيِّ, وَآخِرُهُ: فَقَالَ زَيْدٌ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَآمَنَ بِهِ وَتَابَعَهُ، وَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَ, وَتُوُفِّيَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ. وَالْحَدِيثُ غَرِيبٌ، مِنَ الأَفْرَادِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدة مَعْمَر بْن المثنّى: وفيها قَتلت فارسُ ملكهم شهرا برز بن شيرويه،

_ 1 "صحيح": صححه الشيخ الألباني في "أحكام الجنائز".

ومَلَّكوا عليهم بُوران بِنْت كِسْرى, وبلغ ذَلِكَ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "لن يُفْلِحَ قومٌ وَلَّوْا أَمْرَهم امْرَأَة" 1. وفيها: تُوُفِّيَ عَبْد اللَّه بْن سعد بْن سُفْيَان الأنصاريّ، من بني سالم بْن عَوْفُ, كنيته أبو سعد. شهد أُحُدًا والمشاهد, وتُوُفِّيَ منصرف النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من تبوك, فيقال: إنَّ النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كفنه فِي قميصه. وفيها: فِي هَذِهِ المدة: توفي زَيْد بْن مُهَلْهَلِ بْن زَيْد أَبُو مُكْنِف الطَّائيّ، فارس طَيِّئ. وهو أحد المؤلَّفة قلَوْبهم, أعطاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مائةً من الإبل، وكتب لَهُ بإقْطاعِ, وكان يُدعى زيد الْخَيْلِ، فسمَّاه رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيد الخير, ثمّ إنه رجع إلى قومه فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ يَنْجُ زيدٌ من حُمَّى المدينة". فلمّا انتهى إلى نَجْد أَصابته الْحُمَّى ومات. وفيها: حجَّ بالناس أَبُو بَكْر الصدِّيق؛ بعثه النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الموسم فِي أواخر ذي القعدة ليقيم للمسلمين حجّهم. فنزلت {بَرَاءَةٌ} إثر خروجه. وفي أَوَّلها نُقض ما بين النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين المشركين من العهد الَّذِي كانوا عَلَيْهِ. قَالَ ابن إِسْحَاق: فخرج عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عنه، نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العَضْباء، حتّى أدرك أَبَا بَكْر بالطريق, فلمّا رآه أَبُو بَكْر قَالَ: أميرٌ أو مأمور؟ قَالَ: لَا، بَلْ مأمورٌ, ثمّ مَضَيا, فأقام أَبُو بَكْر للناس حجّهم، حتّى إذا كَانَ يوم النَّحْر، قام عليَّ عند الجَمْرة فأَذَّن فِي النّاس بالذي أَمَره رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أيها النّاس، إنه لا يدخل الجنة إلّا نفسٌ مسلمةٌ، ولا يَحُجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان, وكمن كَانَ لَهُ عَهْدٌ عِنْدَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو لَهُ إلى مُدَّتِه. وأَجَّلَ الناسَ أربعة أشهرٍ من يوم أَذَّن فيهم، ليرجع كلُّ قومٍ إلى مَآمِنهِم من بلادهم, ثمّ لَا عَهْد لمُشْرِك. وَقَالَ عَقِيلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحِجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذَّنُونَ بِمِنًى أَنْ لا يَحُجَّ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ. قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَلِيِّ بْنِ أبي طالب فأمره أن

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 136"، وغيره.

يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ. قَالَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ بِبَرَاءَةَ، أَنْ لا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلا يطوف بالبيت عُرْيَانُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَخْرَجَاهُ1 مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث أَبَا بَكْرٍ وَأَتْبَعَهُ عَلِيًّا. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: فَكَانَ عَلِيٌّ نَادَى بِهَا، فَإِذَا بُحَّ قَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَنَادَى بِهَا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ، قَالَ: سَأَلْنَا عليًّا -رضي الله عنه: بأي شيء بعث فِي ذِي الْحِجَّةِ؟ قَالَ: بُعِثْتُ بِأَرْبَعٍ: لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ، وَلا يَجْتَمِعُ مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بَعْدَ عَامِهِ هَذَا، وَمَنْ كَانَ بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- عَهْدٌ، فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ له عهد فأجله أربعة أشهر.

_ 1 أخرجه البخاري في "الحج" "2/ 164"، ومسلم في "الحج" "1347"، وغيرهما.

ذكر قدوم وفود العرب قدوم عروة بن مسعود الثقفي، وفد ثقيف

ذكر قدُوم وُفوُدِ العرب قُدُومُ عُرْوَةُ بْن مسعود الثقفي، وفد ثقيف: ذكر قدُوم وُفوُدِ العرب قُدُومُ عُرْوَةُ بْن مَسْعُود الثَّقَفِيّ: قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: فَلَمَّا صَدَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وَأَقَامَا لِلنَّاسِ الْحَجَّ، قَدِمَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسْلِمًا, وَكَذَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ, وَأَمَّا ابْنُ إِسْحَاقَ فَذَكَرَ أَنَّ قُدُومَ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ كَانَ فِي إِثْرِ رَحِيلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَهْلِ الطَّائِفِ وَعَنْ مَكَّةَ، وَأَنَّهُ لَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَسْلَمَ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى قَوْمِهِ بِالإِسْلامِ, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنهم قاتلوك". ثم بعد أشهرٍ، قَدِم: وَفْدُ ثَقِيف: وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَضَرَبَ لَنَا قُبَّتَيْنِ عِنْدَ دَارِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. قال: وكان

بِلالٌ يَأْتِينَا بِفِطْرِنَا فَنَقُولُ: أَفْطَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، مَا جِئْتُكُمْ حَتَّى أَفْطَرَ، فَيَضَعُ يَدَهُ فَيَأْكُلُ وَنَأْكُلُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْزَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ، لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ. وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ حِينَ أَسْلَمُوا أَنْ لَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعْشَرُوا وَلَا يُجَبُّوا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَيْسَ فِيهِ رُكُوعٌ، وَلَكُمْ أَنْ لَا تُحْشَرُوا وَلَا تُعْشَرُوا". وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، نا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ شَأْنِ ثَقِيفٍ إِذْ بَايَعَتْ قَالَ: اشْتَرَطَتْ عَلَى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لا صَدَقَةَ عَلَيْهَا وَلا جِهَادَ، وَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: "سَيَتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ إِذَا أَسْلَمُوا". وقال مُوسَى بْن عُقْبة، وعن عُرْوَةُ بمعناه، قَالَ: فأسلم عُرْوَةُ بْن مَسْعُود، واستأذن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليرجع إلى قومه, فقال: "إنّي أخاف أَن يقتلوك". قَالَ: لو وجدوني نائمًا ما أيقظوني. فأذن لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فرجع إلى الطائف، وقدِم الطائف عَشِيًّا فجاءته ثقيف فحيّوه، ودعاهم إلى الْإِسْلَام, ونصح لهم، فاتَّهموه وعَصَوْه، وأَسْمعوه من الأذى ما لم يكن يخشاهم عَلَيْهِ, فخرجوا من عنده، حتّى إذا أسحر وطلع الفجر، قام عَلَى غرفةٍ لَهُ فِي داره فأذّن بالصلاة وتشهدّ، فرماه رَجُل من ثقيف بسهمٍ فقتله. فزعموا أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ حين بلغه قَتْله: "مَثَلُ عُرْوَةُ مَثَل صاحِب ياسين، دعا قومه إلى اللَّه فقتلوه". وأقبل -بعد قتله- من وفد ثقيف بضعةُ عشر رجلًا هُمْ أشراف ثقيف، فيهم كِنَانة بْن عَبْد يالَيِل وهو رأسهم يومئذٍ، وفيهم عثمان بْن أَبِي العاص بْن بشر، وهو أصغرهم. حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة يريدون الصُّلْح، حين رأوا أنَّ قد فُتحت مكة وأَسلمت عامّة العرب. فقال المُغيرة بْن شُعْبَة: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنْزِلُ على قومي فأكرمهم، فإني حديث

_ 1 "صحيح": أخرجه أبو داود "3025" في "الخراج والإمارة والفيء"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "2614": صحيح، وكذلك في "الصحيحة" "1888".

الجُرْم فيهم. فقال: "لَا أمنعك أنَّ تكرم قومك، ولكن منزلك حيث يسمعون القرآن". وكان من جُرم المُغِيرة فِي قومه أَنه كَانَ أَجيرًا لثقيف، وأنهم أقبلوا من مصر، حتّى إذا كانوا ببُصَاق، عدا عليهم وهم نِيَام فقتلهم، ثمّ أقبل بأموالهم حتّى أَتَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ! خَمِّسْ مالي هذا. فقال: "وما نبؤه"؟ فأخبره، فقال: "إنّا لسنا نَغْدِر". وأبى أنَّ يخمّسه. وأَنزلَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفدَ ثقيف فِي المسجد، وبنى لهم خِيَامًا لكي يسمعوا القرآن ويروا النّاس إذا صلّوا, وكأن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خطب لم يَذْكُر نَفْسَه, فلمّا سمعه وفد ثقيف قَالُوا: يأمرنا أنَّ نشهد أَنَّهُ رَسُول اللَّهِ، ولا يشهد بِهِ فِي خُطبته, فلمّا بَلَغه ذَلِكَ قَالَ: "فإني أول من شهِد أنّي رَسُول اللَّهِ". وكانوا يَغْدون عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلَّ يومٍ، ويُخَلِّفون عثمان بْن أَبِي العاص عَلَى رِحالهم, فكان عثمان كلّما رجعوا وقالُوا بالهاجرة، عمد إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسأله عَنِ الدِّين واستقرأه القرآن حتّى فَقِه فِي الدّين وعَلِم, وكان إذا وجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نائمًا عمد إلى أَبِي بَكْر, وكان يكتم ذَلِكَ من أصحابه, فأَعْجَب ذَلِكَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعَجِب منه وأحبّه. فمكث الوفد يختلفون إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يدعوهم إلى الْإِسْلَام، فأسلموا, فقال كِنانة بْن عَبْد يَالِيل: هَلْ أنت مُقاضِينا حتّى نرجع إلى قومنا؟ فقال: "نعم، إنْ أنتم أقررتم بالإسلام قاضَيْتُكم، وإلا فلا قَضِيّة ولا صُلْح بيني وبينكم". قَالُوا: فالربا؟ قال: "لكم رءوس أموالكم". قَالُوا: فالخمر؟ قَالَ: "حرام". وتلا عليهم الآيات فِي تحريم هذه الأشياء. فارتفع القوم وخلا بعضهم ببعض، فقالوا: وَيْحكم، إنّا نخاف -إنْ خالفناه- يومًا كيوم مكة. انْطَلقوا نُكَاتِبه على ما سألنا. فأتوه فقالوا: نعم، كل ما سَأَلت. أرأيت الرَّبَّة ماذا نصنع فيها؟ قَالَ: "اهدموها". قَالُوا: هيهات، لو تعلم الربّة أنّك تريد هدمها قَتَلَتْ أهلها. فقال عُمَر: ويحك يابن عَبْد يَالِيل! ما أحمقك، إنّما الربّة حَجَر. قالوا: إنا لم نأتك يابن الخطّاب. وقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَوَلَّ أنت هدمها، فأما نَحْنُ فإنّا لن نهدمها أبدًا. قَالَ: "فسأبعث إليكم من يهدمها". فكاتَبُوه وقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أمِّرْ علينا رجلًا يَؤُمّنا.

فأمّر عليهم عثمان لِما رَأَى من حِرْصه عَلَى الْإِسْلَام, وكان قد تعلَّم سُوَرًا من القرآن. وقال ابن عَبْد يَالِيل: أَنَا أَعلم النّاس بثقيف, فاكْتُمُوهم الْإِسْلَام وخَوِّفُوهم الحربَ، وأَخْبِرُوا أنّ محمدًا سَأَلَنا أمورًا أَبَيْناها. قَالَ: فخرجت ثقيف يتلقَّوْن الوفدَ, فلمّا رأوهم قد ساروا العَنَق، وقَطَروا الإبل، وَتَغشَّوا ثيابهم، كهيئة القوم قد حَزِنُوا وكُرِبُوا ولم يرجعوا بخير. فلمّا رأت ثقيف ما فِي وجوههم قَالُوا: ما وفدُكم بخيرٍ ولا رجعوا بِهِ, فدخل الوفد فعَمدوا اللات فنزلوا عندها, والّلات بيت بين ظهرَيْ الطائف يُسْتَر ويُهْدَى لَهُ الْهَدْيَ، كما يُهدى للكعبة. فقال ناس من ثقيف حين نزل الوفد إليها: إنه لَا عَهْد لهم برؤيتها. ثمّ رجع كل واحد إلى أهله، وجاء كل رَجُل منهم خاصَّتَه فسأَلوهم فقالوا: أَتَيْنا رجلًا فَظًّا غليظًا يأخذ من أمره ما يشاء، قد ظهر بالسيف وأَدَاخ العرب ودانت لَهُ النّاس, فعرض علينا أمورًا شِدادًا: هَدْم الّلات وتَرْك الأموال فِي الرِّبا إلّا فِي رءوس أموالكم، وحَرَّم الخَمْر والزِّنا، فقالت ثقيف: والله لَا نقبل هذا أبدًا. فقال الوفد: أصلحوا السلاح وتهيّئوا للقتال ورمّوا حصنكم, فمكثت ثقيف بذلك يومين أو ثلاثة يريدون القتال, ثمّ ألقى اللَّه فِي قلوبهم الرُّعب، فقالوا: والله ما لنا بِهِ طاقة، وقد أداخ العرب كلّها، فارجعوا إِلَيْهِ فأَعْطُوه ما سَأَلَ, فلمّا رَأَى ذَلِكَ الوفد أنهم قد رَعَبوا قَالُوا: فإنّا قد قاضَيْناه وفعلنا ووجدناه أتقى النّاس وأرحمهم وأصدقهم. قَالُوا: لِم كَتَمْتُمُونا وغَمَمْتُمونا أشدّ الغمّ؟ قَالُوا: أردنا أنَّ ينزع اللَّه من قلوبكم نَخْوَة الشَّيطان, فأسلموا مكانَهم. ثمّ قدِم عليهم رسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم، قد أمَّر عليهم خَالِد بْن الوليد، وفيهم المغيرة, فلما قدموا عمدوا اللات ليهدموها، واسْتَكَفَّت ثقيف كلها، حتّى خرج العَواتق، لَا ترى عامة ثقيف أنها مهدومة, فقام المُغِيرة فأخذ الكَرْزِينَ وقال لأصحابه: والله لأُضْحِكَّنكم منهم. فضرب بالكرزين، ثمّ سقط يَرْكُض. فارتَجّ أهُل الطائف بصيحةٍ واحدةٍ، وقَالُوا: أَبْعَدَ اللَّه المُغِيرة، قد قتلته الرَّبَّة, وفرحوا، وقَالُوا: من شاء منكم فليقتربْ وليجتهدْ عَلَى هدمها، فَوَالله لَا يُستطاع أبدًا, فوثب المُغِيرة بْن شُعْبَة فقال: قبّحكم اللَّه؛ إنما هِيَ لكاع حجارة ومَدر، فاقْبَلوا عافِيَة اللَّه واعبدوه. ثمّ ضرب الباب فكسره، ثمّ عَلا عَلَى سورها، وعلا الرجالُ معه، فهدموها.

وجعل صاحب المَفْتَح يَقُولُ: ليَغْضَبَنَّ الأساسُ، فليخسفَنَّ بهم. فقال المُغِيرة لخالد: دعني أحفر أساسها فحفره حتّى أخرجوا ترابها، وانتزعوا حِلْيَتَها، وأخذوا ثيابها, فبهتت ثقيف، فقالت عجوزٌ منهم: أسلمها الرُّضَّاع وتركوا المِصَاع. وأقبل الوفد حتّى أتوا النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحليتها وكسوتها، فَقَسَمه. وقال ابن إِسْحَاق: أقامت ثقيف، بعد قتل عُرْوَةُ بْن مَسْعُود، أشهرًا. ثمّ ذكر قدومَهم عَلَى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإسلامَهم, وذكر أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث أَبَا سُفْيَان بْن حرب والمغيرة يهدمان الطَّاغية. وقال سَعِيد بْن السَّائب، عَنْ محمد بن عبد الله بن عِيَاض، عَنْ عثمان بْن أَبِي العاص؛ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ أنَّ يجعل مسجد الطائف حيثُ كانت طاغيتهم. رَوَاهُ أَبُو همّام مُحَمَّد بْن مُحَبَّب الدلّال، عَنْ سَعِيد. ولما فرغ ابن إِسْحَاق من شأن ثقيف، ذكر بَعْدَ ذلك حجّة أَبِي بَكْر الصديق بالناس.

أحداث السنة العاشرة

أحداث السنة العاشرة وفد بني تميم ... أحداث السنة العاشرة: ثمّ قَالَ ابن إِسْحَاق: ولمّا فتح اللَّه عَلَى نبيّه مكّة، وفَرَغ من تبوك، وأسلمتْ ثقيف، ضَرَبتْ إِلَيْهِ وُفودُ العرب من كلّ وَجْهٍ, وإنما كانت العرب تَرَبَّصُ بالإسلام أَمْرَ هذا الحيّ من قريش، وأَمْرَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذلك أنّ قريشًا كانوا إِمامَ النّاس. وفد بني تَمِيم: قَالَ: فقدم عُطَارِد بْن حَاجِب فِي وفدٍ عظيمٍ من بني تميم1، منهم الأَقْرَع بْن حَابِس، والزِّبْرِقَان بْن بَدْر، ومعهم عُيَيْنة بْن حِصْن, فلمّا دخلوا المسجد, نادوا رَسُول اللَّهِ من وراء حُجُراته: اخرجْ إلينا يا مُحَمَّد، جئناك نفاخرك، فائذنْ لشاعرنا وخطيبنا. قَالَ: "فقد أذنت لخطيبكم، فليقم". فقام عطار، فقال: الحمد لله الَّذِي لَهُ علينا الفضلُ وَالْمَنُّ، وهو أَهْلُه، الَّذِي جعلنا ملوكًا, ووهب لنا أموالا عظامًا نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعزَّ أهُل المَشْرق، وأكثرَهُ عَدَدًا، وأَيْسره عُدّةً, فَمنْ مثْلُنا فِي الناس؟

_ 1 كانت منازلهم بأرض نجد.

ألسنا برءوس النّاس وَأُولِي فضلهم؟ فمن فاخَرَنا فَلْيَعْدُدْ مثل ما عَدَدْنا، وإنّا لو نَشَأْ لأَكْثَرْنا الكلام، ولكن نستحيي من الإِكْثار, أقول هذا لأَنْ تَأتوا بمثل قولنا، وأمرٍ أفضل من أمرنا. ثمّ جلس, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لثَابِت بْن قَيْس بْن الشَّمَّاس الخَزْرَجِيّ: "قُمْ فأَجِبْهُ". فقام، فقال: الحمد لله الَّذِي السماواتُ والأرضُ خَلْقُه، قضى فيهنَّ أَمْره، ووَسع كُرْسِيُّه عِلْمه، ولم يكن شيء قطّ إلّا من فضله, ثمّ كَانَ من فضله أنَّ جعلنا ملوكًا واصْطَفى من خير خلقه رسولًا؛ أَكْرَمه نسبًا، وأصدقه حديثًا، وأفضله حَسَبًا، فأنزل عَلَيْهِ كتابه، وائْتَمَنه عَلَى خَلْقه، فكان خِيَرَةَ اللَّه من العالمين، ثمّ دعا النّاس إلى الْإِيمَان فآمن بِهِ المهاجرون من قومه وَذَوِي رَحِمه، أكرم النّاس أَحْسابًا، وأحسن النّاس وجوهًا، وخير النّاس فَعالًا، ثمّ كَانَ أول الخلق استجابةً -إذْ دَعَاهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نحنُ, فنحنُ الأنصار، أنصارُ اللَّه ووزراءُ رسوله، نقاتل النّاس حتّى يؤمنوا بالله ورسوله, فمَنْ آمَنَ مَنَع مالَهُ ودَمَهُ، ومن كفر جاهدناهُ فِي اللَّه أبدًا، وكان قَتْلُه علينا يسيرًا, أقول قَوْلِي هذا وأستغفر اللَّه للمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم. فقام الزِّبْرِقانُ بْن بدر، فقال: نحن الكرام فلا حي يعادلنا ... من الْمُلُوكُ وفينا تُنْصَب البيَعُ وكَمْ قَسَرْنا من الأحياءِ كُلِّهُم ... عِنْدَ النِّهابِ وفَضْلُ الْعِزِّ يُتَّبَع ونحن نطعم عند القحط مطعمنا ... من الشِّواء إذا لم يُؤْنَسِ القَزَع بما تَرَى النَّاسَ تَأْتِيَنا سَرَاتُهمُ ... من كلّ أرضٍ هُوِيًّا ثمّ نَصْطَنِع فِي أبياتٍ. فقال النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ يا حَسَّانُ، فأَجِبْهُ". فقال حسّان: إنَّ الذَّوَائِبَ مِنْ فِهْرٍ وإِخْوَتهمْ ... قَدْ بَيَّنُوا سُنَّةً لِلنَّاسِ تُتَّبَعُ يَرْضَى بها كلُّ مَنْ كانتْ سَرِيرَتُهُ ... تَقْوَى الإلهِ وكلَّ الخير يصطنِع قَوْمٌ إذا حَارَبوا ضَرُّوا عَدُوَّهُمُ ... أوْ حَاوَلُوا النَّفْعَ فِي أشْيَاعِهم نَفَعوا سَجِيَّةٌ تِلْكَ مِنْهُم غَيْرُ مُحْدَثَةٍ ... إنّ الخلائقَ فاعْلَمْ شرُّها البِدَع

فِي أبيات. فقال الأقرع بْن حابس: وَأَبي، إن هذا الرجل لمؤتًى له, وإن خطيبه أفْصَحُ من خطيبنا، ولَشاعره أَشْعَرُ من شاعرنا. قال: فلما فرغ القوم أسلموا، وأحسن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جوائزهم, وفيهم نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] 1. وَقَالَ سُلَيْمَان بْن حَرْب: ثنا حَمَّادُ بْن زيد، عَنْ مُحَمَّد بْن الزُّبير الحَنْظَليّ، قَالَ: قدِم عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزِّبْرِقان بْن بدر، وقَيْس بْن عاصم، وعَمْرو بْن الأهْتَم. فقال لعمرو بْن الأهتم: أخبرني عَنْ هذا الزِّبْرقَان، فأمّا هَذَا فلستُ أسألك عَنْهُ. قَالَ: وأُراه قَالَ قد عرف قَيْسًا. فقال: مُطاعٌ فِي أدْنيه، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره. فقال الزِّبْرقان: قد قَالَ ما قَالَ وهو يعلم أنّي أفضل مما قَالَ. فقال عمرو: ما علمتك إلّا زَمِرَ المروءة، ضيّق العَطَن، أحمق الأب، لئيم الخال. ثمّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قد صَدَقْتُ فيهما جميعًا؛ أرضاني فقلتُ بأحسن ما أعلم، وأسخطني فقلت بأسْوَأ ما فِيهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ من البيان سِحْرًا". وقد روى نَحوه عليُّ بْن حرب الطائيّ، عَنْ أَبِي سعيدٍ الهيثم بْن محفوظ، عَنْ أَبِي المُقَوّم الْأَنْصَارِيّ يحيى بن يزيد، عَنِ الحَكَم بْن عُيَيْنة، عَنْ مِقْسم، عَنِ ابن عباس؛ متصلا.

_ 1 عن الأقرع بن حابس: إِنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا محمد! اخرج إلينا، فلم يجبه. وفي رواية: يا محمد إن حمدي زين، وإن ذمي شين! فقال: "ذاك الله" فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} أخرجه البغوي وابن مروديه، وإسناده صحيح. انظر: "المقبول" "608".

وفد بني عامر

وفد بني عامر: وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ثُمَامَةَ بْنِ النُّعْمَانِ الرَّاسِبِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ؛ قَالَ: وَفَدَ أَبِي فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْتَ سَيِّدُنَا وَذُو الطَّوْلِ عَلَيْنَا. فَقَالَ: "مَهْ مَهْ، قُولُوا بِقَوْلِكُمْ وَلا يَسْتَجْرِئَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، السَّيِّدُ اللَّهُ، السَّيِّدُ اللَّهُ" 1. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُؤَمَّلَةَ، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ جَدِّهَا مُؤَمَّلَةَ بْنِ جَمِيلٍ، قَالَ: أَتَى عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا عَامِرُ، أَسْلِمْ". قَالَ: أَسْلِمْ عَلَى أَنَّ الْوَبَرَ لِي وَالْمَدَرَ لَكَ. قَالَ: "يَا عَامِرُ أَسْلِمْ". فَأَعَادَ قَوْلَهُ. قَالَ: "لا". فَوَلَّى وَهُوَ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ! لأَمْلأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلا جُرْدًا وَرِجَالا مُرْدًا، وَلأَرْبِطَنَّ بِكُلِّ نَخْلَةٍ فَرَسًا. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرًا وَاهْدِ قَوْمَهُ". فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ صَادَفَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا سَلُولِيَّةُ، فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَنَامَ فِي بَيْتِهَا، فَأَخَذَتْهُ غُدَّةٌ فِي حَلْقِهِ، فَوَثَبَ عَلَى فَرَسِهِ، وَأَخَذَ رُمْحَهُ، وَأَقْبَلَ يَجُولُ، وَيَقُولُ: غُدَّةُ كغدة الْبَكْرِ، وَمَوْتٌ فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةَ, فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ حَالَهُ حَتَّى سَقَطَ مَيِّتًا. وقال ابن إِسْحَاق. قدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفدُ بني عامر، فيهم: عامر بن الطفيل, وأربد بن قيس، وخالد بْن جَعْفَر، وحيّان بْن سَلَم، وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم. فقدِم عامرُ عدوّ الله على رسول الله وهو يريد أنَّ يَغْدِر بِهِ, فقال لَهُ قومه: إنّ النّاس قد أسلموا, فقال: قد كنت آليْتُ أنَّ لَا أَنْتَهي حتّى تَتْبَع العربُ عَقِبي، فأنا أتبعُ عَقِبَ هذا الفتى من قريش؟ ثمّ قَالَ لأرْبَد: إذا قدِمنا عَلَيْهِ فإنّي شاغلٌ عنك وَجْهه، فإذا فعلتُ ذَلِكَ فاعْلُهُ بالسيف. فلمّا قدِموا عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ عامر: يا مُحَمَّد، خَالِّني. فقال: "لَا والله، حتّى تؤمن بالله وحده". فقال: والله لأملأنّها عليك خَيْلًا ورِجَالًا. فلمّا ولّى قَالَ: "الَّلُهّم اكْفِني عامرًا". ثمّ قَالَ لأَربَد: أَيْنَ ما أمرتُكَ بِهِ؟ قَالَ: لَا أَبَا لَكَ، والله ما هممتُ بالذي أمرتني بِهِ من مرّةٍ إلّا دَخَلْتَ بيني وبينه، أَفَأَضْرِبُكَ بالسَّيف؟ فبعث اللَّه ببعض الطريق عَلَى عامر الطَّاعُون فِي عُنُقه، فقتله اللَّه فِي بيت امرأةٍ من سلول, وأما الآخر فأرسل اللَّه تعالى عَلَيْهِ وعلى جَمَله صاعقةً أَحْرَقَتْهما. وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حدثني أَنَسٌ، قَالَ: كَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَكَانَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أخيرك بين ثلاث

_ 1 "صحيح": أخرجه أحمد في "المسند" "4/ 2544".

خِصَالٍ؛ فَيَكُونَ لَكَ أَهْلُ السَّهْلَ وَيَكُونَ لِي أَهْلُ الْمَدَرِ، أَوْ أَكُونَ خَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ، أَوْ أَغْزُوَكَ بِغَطَفَانَ بِأَلْفِ أَشْقَرَ وَأَلْفِ شَقْرَاءَ. قَالَ: فَطُعِنَ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ. فَقَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلانٍ، ائْتُونِي بِفَرَسِي. فَرَكِبَ فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فرسه. أخرجه البخاري1.

_ 1 في "المغازي" "5/ 40".

وافد بني سعد

وَافِدُ بني سَعْدٍ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بَعَثَتْ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ جَلْدًا أَشْعَرَ ذَا غَدِيرَتَيْنِ، فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ, فَقَالَ: أَيُّكُمُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ: "أَنَا". فَقَالَ: أَنْتَ مُحَمَّدٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ وَمُغَلِّظٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَلا تَجِدَنَّ فِي نَفْسِكَ, أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَهَكَ وَإِلَهَ مَنْ قَبْلِكَ وَإِلَهَ مَنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكَ، اللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْمُرَنَا أن نعبده وحده لا شريك بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ نَخْلَعَ هَذِهِ الأَنْدَادَ؟ قَالَ: "اللَّهُمَّ نَعَمْ". قَالَ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَهَكَ وَإِلَهَ مَنْ قَبْلِكَ وَإِلَهَ مَنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكَ، اللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ؟ قَالَ: "نَعَمْ". ثُمَّ جَعَلَ يَذْكُرُ فَرَائِضَ الإِسْلامِ وينشده عَنْ كُلِّ فَرِيضَةٍ ثُمَّ قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَسَأُؤَدِّي هَذِهِ الْفَرَائِضَ، وَأَجْتَنِبُ مَا نَهَيْتَنِي عَنْهُ، ثُمَّ لا أَزِيدُ وَلا أَنْقُصُ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرِهِ رَاجِعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ صَدَقَ ذُو الْعَقِيصَتَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ". فَقَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ فَكَانَ أَوَّل مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: بِاسْتِ اللاتِ وَالْعُزَّى. قَالُوا: مَهْ يَا ضِمَامُ، اتَّقِ الْبَرَصَ، اتَّقِ الْجُنُونَ. قَالَ: وَيْلَكُمْ، إِنَّهُمَا وَاللَّهِ لا يَضُرَّانِ وَلا يَنْفَعَانِ, إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِهِ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى ذَلِكَ الْيَوْمَ وَفِي حَاضِرِهِ رَجُلٌ وَلا امْرَأَةٌ إِلا مُسْلِمًا. قَالَ: يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمَا سَمِعْنَا بِوَافِدِ قَوْمٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ ضِمَامٍ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ الْمَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَيْرٍ، ثنا أَبِي، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِرَبِّ مَنْ قَبْلِكَ وَرَبِّ مَنْ بَعْدِكَ، اللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَإِنِّي قَدْ آمَنْتُ وَصَدَّقْتُ، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ, فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَقِهَ الرَّجُلُ". قَالَ: فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ مَسْأَلَةً وَلا أَوْجَزَ مِنْ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ. الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ ضَعِيفٌ. وقصّة ضمام فِي الصَّحيحيْن من حديث أَنَس.

الجارود بن عمرو، وفد بني حنيفة

الجارود بن عمرو، وفد بني حنيفة: الجَارُود بْن عَمْرو: قَالَ ابن إِسْحَاق: وفد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الجَارُود بْن عَمْرو أخو بني عَبْد القَيْس. قَالَ عَبْد الملك بْن هشام: وكان نَصْرانِيًّا، فدعاه رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْإِسْلَام. فقال: يا مُحَمَّد! تَضْمن لي ديني؟ قَالَ: "نعم، قد هداك اللَّه إلى ما هُوَ خيرٌ منه". قَالَ: فأسلم، وأسلم أصحابه. وفدُ بَني حَنِيفَة: قَالَ ابن إِسْحَاق: وقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفد بني حنيفة، فيهم مُسَيْلمَة بْن حُبَيْب الكَذَّاب, فكان مَنْزَلهم فِي دار بِنْت الحارث الأنصارية, فحدّثني بعض علمائنا أنّ بني حَنِيفَة أَتَتْ بِهِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَسْتُرُه بالثّياب، ورسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جالسٌ مَعَ أصحابه معه عَسِيبُ نخلٍ فِي رأسه خُوصاتٌ. فلمّا كَلَّم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لو سألتني هذا العَسيبَ ما أعطيتُكَهُ". قَالَ ابن إِسْحَاق: وحدّثني شيخٌ من أهُل اليمامة أنّ حديثه كَانَ عَلَى غيرَ هذا؛ زَعَم أنّ وفد بني حنيفة أَتَوْا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخلفوا مسلمة فِي رحَالِهم، فلمّا أسلموا ذكروا لَهُ مكانه فأمر لَهُ رَسُول اللَّهِ بمثل ما أمر بِهِ لهم، وقال: "أَمَا إنه ليس بأشرِّكم مكانًا"؛ يعني حِفْظَهُ ضَيْعَة أصحابه. ثمّ انصرفوا وجاءوه بالذي أعطاه.

فلمّا قدِموا اليمامة ارْتَدَّ عَدُوُّ اللَّه وتَنَبَّأَ، وقال: إنّي أُشْرِكتُ فِي الأمر مَعَ مُحَمَّد، ألم يقل لكم حين ذكرتموني لَهُ: "أما إنه ليس بأشرِّكم مكَانًا"؟ وما ذَلِكَ إلّا لِما يعلم أنّي قد أُشركت معه. ثمّ جعل يَسْجَع السَّجعات فيقول لهم فيما يَقُولُ مُضاهاةً للقرآن: لقد أنعم اللَّه عَلَى الْحُبُلِىِّ، أخرج منها نَسَمةً تَسْعَى، من بين صِفاقٍ1 وحَشى. ووضع عَنْهُمْ الصلاة وأحلّ لهم الزِّنا والخمر. وهو مَعَ ذَلِكَ يشهد لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ نبيّ. فأَصْفَقَتْ معه بنو حَنِيفة عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، ثنا نَافِعُ بن جبير، عن ابن عباس قال: قدم مُسَيْلَمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الأَمْرَ مِنْ بَعْدُ اتَّبَعْتُهُ. وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ. فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِي يَدِ النَّبِيِّ قِطْعَةُ جَرِيدٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلَمَةَ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: "إِنْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أعطيتكها, ولن تعدو أمر الله فيك، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ, وَإِنِّي أُرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ، وَهَذَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ يُجِيبُكَ عَنِّي". ثُمَّ انْصَرَفَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ"، فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "بينا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتَ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ مَنْ بَعْدِي". قَالَ: فَهَذَا أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ صَاحِبُ صَنْعَاءَ، وَالْآخَرُ مُسْيَلِمَةُ صَاحِبُ الْيَمَامَةِ. أَخْرَجَاهُ2. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُتِيتُ بِخَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَيَّ وأهماني، فأوحي إلي أن انفخهما، فنفختهما، فذهبا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا؛ صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وقال خ: ثنا الصّلت بْن مُحَمَّد، نا مهديّ بْن ميمون، سَمِعَ أَبَا رجاء؛ هُوَ العُطَارِدِيّ؛ يَقُولُ: لَمَّا بُعث النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسمعنا به، لحقنا بمسيلمة الكذاب؛ لحقنا بالنار؛

_ 1 الصفاق: الجلد الأسفل تحت الجلد الذي عليه الشعر. 2 أخرجه البخاري في "المناقب" "4/ 182"، ومسلم في "الرؤيا" "21/ 2273". 3 أخرجه البخاري في "المناقب" "4/ 182"، ومسلم في "الرؤيا" "21/ 2273" وغيرهما.

وكنّا نعبد الحجَر فِي الجاهلية, وإذا لم نجد حجرًا جمعنا حثية من ترابٍ ثمّ حَلَبْنا عليها كُثْبَة اللَّبَن، ثمّ نطوف بِهِ. وَقَالَ إسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، عَنْ قيس بْن أَبِي حازم، قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى ابْن مَسْعُود فَقَالَ: إنّي مررت ببعض مساجد بني حنيفة وهم يقرءون قراءةً ما أنزلها اللَّه: الطَّاحِنات طَحْنًا، والعاجنات عَجْنًا، والخابزات خَبْزًا، والثَّاردات ثَرْدًا، واللاقمات لَقْمًا. فأرسل إليهم عَبْد اللَّه فأتى بهم، وهم سبعون رجلًا ورَأسُهم عَبْد اللَّه بْن النَّوَّاحَة. قَالَ: فأمَر بِهِ عَبْد اللَّه فقُتل. ثمّ قَالَ: ما كنّا بمُحْرِزِين الشَّيْطان من هَؤُلَاءِ، ولكنّا نَحْدُرهم إلى الشّأْم لعلّ اللَّه أنَّ يَكْفِيَنَاهُمْ. وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ النَّوَّاحَةِ وَابْنُ أُثَالٍ رَسُولَيْنِ لِمُسَيْلَمَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ"؟ فَقَالَ: نَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلَمَةَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ: "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَلَوْ كُنْتُ قَاتِلا رَسُولا لَقَتَلْتُكُمَا". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فمَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الرُّسُلَ لا تُقتَلُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا ابْنُ أُثَالٍ فَقَدْ كَفَانَا اللَّهُ، وَأَمَّا ابْنُ النَّوَّاحَةِ فَلَمْ يَزَلْ فِي نَفْسِي حَتَّى أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطيالسي في مسنده، عن الْمَسْعُودِيِّ. وَلَهُ شَاهِدٌ. قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ جَاءَهُ رَسُولَا مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابِ بِكِتَابِهِ يَقُولُ لَهُمَا: "وَأَنْتُمَا تَقُولَانِ بِمِثْلِ مَا يَقُولُ"؟ قَالَا: نَعَمْ. فَقَالَ: "أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَربْتُ أَعْنَاقَكُمَا". وقال ابن إِسْحَاق: وقد كَانَ مسيلمة كتب إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي آخر سنة عَشْرٍ: من مسيلمة رَسُول اللَّهِ إلى مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ, سلام عليك، أما بعد، فإنّي قد أُشركت فِي الأمر معك، وإنّ لنا نِصْفَ الأرض، ولكنّ قريشًا قوم يعتدون". فكتب إِلَيْهِ: "من مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ إلى مسيلمة الكذّاب, سلام عَلَى من اتَّبع الْهُدَى، أما بعدُ، فإنّ الأرض لله يُورثها من يشاء من عبادة، والعاقبة للمتقين".

وفد طيء، قدوم عدي بن حاتم

وفد طيء، قدوم عدي بن حاتم: وفد طيئ: ثم قدم وفد طيئ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيهم زَيْد الخيل سيّدهم, فأسلموا، وسمّاه رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيد الخَيْر، وقطع لَهُ فَيْد1 وأَرَضِين، وخرج راجعًا إلى قومه. فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ ينج زيد من حمى المدنية". فإنّه يُقَالُ قد سمّاها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باسمٍ غيرَ الحمّى، فلم نُثْبِتْه, فلمّا انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه، يقال لَهُ: فَرْدَة، أصابته الحمّى فمات بها. قَالَ: فعمدت امرأته إلى ما معه من كتب فحرّقَتها. قدوم عديّ بْن حاتم: قَالَ شُعْبَةُ: ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ حُبَيْشٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: جَاءَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا بِعَقْرَبٍ، فَأَخَذُوا عَمَّتِي وَنَاسًا. فَلَمَّا أَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! غَابَ الْوَافِدُ، وَانْقَطَعَ الْوَالِدُ، وَأَنَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ، فَمُنَّ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ. قَالَ: "مَنْ وَافِدُكِ"؟ قَالَتْ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ. قَالَ: "الَّذِي فَرَّ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ"؟ قَالَتْ: فَمُنَّ عَلَيَّ. وَرَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ تَرَاهُ عَلِيًّا، فَقَالَ: سَلِيهِ حُمْلَانًا. فَسَأَلَتْهُ، فَأَمَرَ لَهَا بِهِ. قَالَ عَدِيٌّ: فَأَتَتْنِي، فَقَالَتْ: لَقَدْ فَعَلْتَ فَعْلةً مَا كَانَ أَبُوكِ يَفْعَلُهَا, إيته رَاغِبًا أَوْ رَاهِبًا، فَقَدْ أَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ، وَأَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ. قَالَ عَدِيٌّ: فَأتَيْتُهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ امْرَأَةٌ وَصَبِيَّانِ؛ أَوْ صَبِيٌّ، فَذَكَرَ قُرْبَهُمْ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ مُلْكَ كِسْرَى ولا قيصر، فأسلمت, فرأيت وجهه وقد اسْتَبْشَرَ، وَقَالَ: "إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ الْيَهُودُ، وَالضَّالِّينَ النَّصَارَى". وَذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ حُذَيْفَةَ، قَالَ رَجُلٌ: كُنْتُ أَسْأَلُ عَنْ حَدِيثِ عَدِيٍّ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي لا أَسْأَلُهُ, فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَرِهْتُهُ أَشَدَّ مَا كَرِهْتُ شَيْئًا قَطُّ. فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْصَى أَرْضِ الْعَرَبِ مِمَّا يَلِي الرُّومَ, ثُمَّ كَرِهْتُ مَكَانِي, فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُهُ وَسَمِعْتُ مِنْهُ, فَأَتَيْتُ إِلَى المدينة،

_ 1 فيد: ناحية بشرقي سلمى أحد جبلي طيئ.

فَاسْتَبْشَرُوا -أَيِ النَّاسَ- وَقَالُوا: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ, فَقَالَ: "يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ". فَقُلْتُ: إِنِّي عَلَى دِينٍ. قَالَ: "أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ، أَلَسْتَ رَكُوسِيًّا"؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "أَلَسْتَ تَرْأَسُ قَوْمَكَ"؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "أَلَسْتَ تَأْخُذُ الْمِرْبَاعَ"؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ فِي دِينِك". قَالَ: فَوَجَدْتُ بِهَا عَلَيَّ غَضَاضَةً. ثُمَّ قَالَ: "إِنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يَمْنَعَكَ أَنْ تُسْلِمَ أَنْ تَرَى بِمَنْ عِنْدَنَا خَصَاصَةً، وَتَرَى النَّاسَ عَلَيْنَا إِلْبًا وَاحِدًا, هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ"؟ قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ عَلِمْتُ مَكَانَهَا. قَالَ: "فَإِنَّ الظَّعِينَةَ سَتَرْحَلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِغَيْرِ جِوَارٍ، وَلَتُفْتَحَنَّ عَلَيْنَا كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ". قُلْتُ: كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَلَيَفِيضَنَّ الْمَالُ حَتَّى يُهِمَّ الرَّجُلُ مَنْ يَقْبَلُ مَالَهُ مِنْهُ صَدَقَةً". قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ الظَّعِينَةَ1 تَرْحَلُ مِنَ الْحِيرَةِ بِغَيْرِ جِوَارٍ، وَكُنْتُ فِي أَوَّلِ خَيْلٍ أَغَارَتْ عَلَى الْمَدَائِنِ. وَاللَّهِ لَتَكُونَنَّ الثَّالِثَةَ، إِنَّهُ لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَرَوَى نَحْوَهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أبي عبيدة.

_ 1 الظعينة: الجارية, وقد تقدم تعريفها. 2 أخرجه البخاري في "المناقب" "4/ 175, 176" بنحوه.

قدوم فروة بن مسيك المرادي، وفد كندة

قدوم فروة بن مسيك المرادي، وفد كندة: قدوم فَرْوَةَ بْن مُسَيْك المُرَادِيّ: وقال ابن إِسْحَاق: قدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرْوَةُ بْن مُسَيْك المُرادِيّ، مُفارِقًا لملوك كِنْدَة, فاستعمله النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مُرَادٍ وزُبَيْد ومَذْحِج كلها, وبعث معه عَلَى الصدقة خَالِد بْن سَعِيد بْن العاص، فكان معه حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفد كِنْدة: قَالَ: وقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفد كِنْدَة، ثمانون راكبًا فيهم الأَشْعَث بْن قَيْس. فلمّا دخلوا عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "ألم تُسلموا"؟ قَالُوا: بلى. قَالَ: "فما بَالُ هذا الحرير فِي أعناقكم"؟ قَالَ: فشقُّوه وألقَوْه.

وفد الأزد، كتاب ملوك حمير، بعث خالد ثم علي إلى اليمن

وفد الأزد، كتاب ملوك حمير، بعث خالد ثم علي إلى اليمن: وفد الأَزْد: قَالَ: وقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صُرَد بْن عَبْد اللَّه الأَزْدِيّ فأسلم، فِي وفدٍ من الأَزْد1, فأمره عَلَى من أسلم من قومه، ليجاهد من يليه. كِتَابُ مُلُوكِ حِمْيَر: قَالَ: وقدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتابُ ملوكِ حِمْير؛ مَقْدَمَهُ من تَبُوك، ورسولهم إِلَيْهِ بإسلامهم؛ الحارث بْن عَبْد كُلَالٍ، ونُعَيْم بْن عَبْد كُلالٍ، والنُّعْمان قِيلَ: ذِي رُعَيْن، ومَعَافِر، وهمْدان. وبعث إِلَيْهِ ذُو يَزَن، مالِكَ بْن مرة الرهاوي بإسلامهم. فكتب إليهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتابًا يذكر فِيهِ فريضة الصدقة, وأرسل إليهم مُعَاذ بْن جَبَل فِي جماعةٍ، وقال لهم: وإنّي قد أرسلتُ إليكم من صالِحي أهلي، وَأُولِي دينهم وأولي علمهم، وآمركم بهم خيرًا، والسلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته. بعث خَالِد ثمّ عليَّ إلى اليمن: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْبَرَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الْيَمَنِ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَام. قَالَ الْبَرَاءُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَ خَالِدٍ، فَأَقَمْنَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُجِيبُوهُ. ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْفِلَ خَالِدٌ، إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَمَّمَ مَعَ خَالِدٍ أَحَبَّ أَنْ يُعَقِّبَ مَعَ عَلِيَّ فَلْيُعَقِّبْ مَعَهُ, فَكُنْتُ فِيمَنْ عَقَّبَ مَعَ عَلِيٍّ, فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْقَوْمِ خَرَجُوا إِلَيْنَا، فَصَلَّى بِنَا عَلِيٌّ، ثُمَّ صَفَّنَا صَفًّا وَاحِدًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِينَا وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَتْ هَمْدَانُ جَمِيعًا, فَكَتَبَ عليٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ خَرَّ سَاجِدًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَى هَمْدَانَ، السَّلَامُ عَلَى هَمْدَانَ". هَذَا حديث صحيح أخرج الْبُخَارِيُّ بَعْضُهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أبي البختري عن عَلِيٍّ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْيَمَنِ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَبْعَثُنِي وَأنَا شَابٌّ أَقْضِي بَيْنَهُمْ وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ, فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَثَبِّتْ لِسَانَهُ". فَمَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ. أَخْرَجَهُ د2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. مُتَّفَقٌ عليه من حديث عطاء.

_ 1 الأزد: من أعظم قبائل العرب، وكانوا من أطيب الناس أفواهًا. 2 "حسن": أخرجه أبو داود في "سننه" "3582" في "الأقضية"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "3058": حسن.

بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن

بعث أَبِي مُوسَى ومُعاذ إلى اليمن: وَقَالَ شُعْبَةُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَهُ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا. وَفِي الصَّحِيحِ لِلْبُخَارِيِّ، مِنْ حَدِيثِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَرْضِ قَوْمِي. قَالَ: فَجِئْتُهُ وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْأَبْطَحِ. قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: "أَحَجَجْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "كَيْفَ"؟ قُلْتُ: لَبَّيْكَ إِهْلَالًا كَإِهْلَالِكَ. فَقَالَ: "أَسُقْتَ هَدْيًا"؟ قُلْتُ: لَمْ أَسُقْ هَدْيًا. قَالَ: "فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَاسْعَ ثُمَّ حِلَّ". فَفَعَلْتُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. أما مُعاذ فالأَشْبَه أَنَّهُ لم يرجع من اليمن حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَنَا، الَّذِي كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ يُفَقِّهُ أَهْلَهَا وَيُعَلِّمُهُمُ السُّنَّةَ وَيَأْخُذُ صَدَقَاتِهِمْ، فَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا وَعَهْدًا وَأَمَرَهُ فِيهِ أَمْرَهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ ورسوله؛ يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود, عَهْدًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حَيْثُ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ, أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ, فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ, وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْحَقِّ كَمَا أَمَرَهُ، وَأَنْ يُبَشِّرَ النَّاسَ بِالْخَيْرِ، وَيَأْمُرَهُمْ بِهِ، وَيُعَلِّمَ النَّاسَ الْقُرآنَ، وَيُفَقِّهَهُمْ فِيهِ، ولا يمس

_ 1 أخرجه البخاري في "الجهاد والسير" "4/ 26"، ومسلم في "الجهاد والسير" -أيضًا- "1733".

الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلا وَهُوَ طَاهِرٌ، وَيُخْبِرَ النَّاسَ بِالَّذِي لَهُمْ، وَالَّذِي عَلَيْهِمْ، وَيَلِينَ لَهُمْ فِي الْحَقِّ، وَيَشْتَدَّ عَلَيْهِمْ فِي الظُّلْمِ، فَإِنَّ اللَّهَ كَرَّهَ الظُّلْمَ وَنَهَى عَنْهُ، وَقَالَ: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} . وَيُبَشِّرَ النَّاسَ بِالْجَنَّةِ وَبِعَمَلِهَا، وَيُنْذِرَ النَّاسَ مِنَ النَّارِ وَعَمَلِهَا، وَيَسْتَأْلِفَ النَّاسَ حَتَّى يَفْقَهُوا فِي الدِّينِ، وَيُعَلِّمَ النَّاسَ مَعَالِمَ الْحَجِّ وَسُنَنَهِ وَفَرَائِضِهِ وَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالْحَجَّ الأَكْبَرَ وَالْحَجَّ الأَصْغَرَ، فَالْحَجُّ الأَصْغَرُ الْعُمْرَةُ, وَيَنْهَى النَّاسَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ الصَّغِيرِ إِلا أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا فَيُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ، وَيَنْهَى أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَيُفْضِيَ إِلَى السَّمَاءِ بِفَرْجِهِ, وَلا يَعْقِدَ شعر رأسه إذا عفا فِي قَفَاهُ. وَيَنْهَى النَّاسَ إِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ هَيْجٌ أَنْ يَدْعُوا إِلَى الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ، وَلْيَكُنْ دُعَاؤُهُمْ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, فَمَنْ لَمْ يَدْعُ إِلَى اللَّهِ، وَدَعَا إِلَى الْعَشَائِرِ وَالْقَبَائِلِ فَلْيُقْطَفُوا بِالسَّيْفِ حَتَّى يَكُونَ دُعَاؤُهُمْ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, وَيَأْمُرَ النَّاسَ بِإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ؛ وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَأَرْجُلَهُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَأَنْ يَمْسَحُوا رُءُوسَهُمْ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ، وَأُمِرُوا بِالصَّلاةِ لِوَقْتِهَا، وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالْخُشُوعِ، وَأَنْ يُغَلِّسَ بِالصُّبْحِ، وَيُهَجِّرَ بِالْهَاجِرَةِ حِينَ تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَصلاةُ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ فِي الأَرْضِ مُدْبِرَةٌ، وَالْمَغْرِبَ حِينَ يَقْبَلُ اللَّيْلُ، لا تُؤَخَّرُ حَتَّى تَبْدُوَ النُّجُومُ فِي السَّمَاءِ، وَالْعِشَاءِ أَوَّلَ اللَّيْلِ, وَأَمَرَهُ بِالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ إِذَا نُودِيَ بِهَا، وَالْغُسْلِ عِنْدَ الرَّوَاحِ إِلَيْهَا, وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْمَغَانِمِ خُمُسَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَاَ كَتَبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَةِ مِنَ الْعَقَارِ فِيمَا سَقَى الْغَيْلُ وَفِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرَ، وَفِيمَا سَقَتِ الْغَرْبُ فَنِصْفَ الْعُشْرِ. ثُمَّ ذَكَرَ زَكَاةَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ، مُخْتَصَرًا. قَالَ: وَعَلَى كُلِّ حَالِمٍ: ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، دِينَارٌ وَافٍ أَوْ عِوَضُهُ مِنَ الثِّيَابِ, فَمَنْ أَدَّى ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ، وَمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ. وَقَدْ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عن أبيه، عن جده، نحو هذا الحديث موصولا بزيادات كَثِيرَةٍ فِي الزَّكَاةِ، وَنَقْصٍ عَمَّا ذَكَرْنَا فِي السُّنَنِ1. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ، ثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ: أَنَّ مُعَاذًا لَمَّا بَعَثَهُ النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن، فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوصِيهِ، وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "يَا مُعَاذُ، إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، وَلَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي وَقَبْرِي". فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعًا لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "لَا تَبْكِ يا معاذ! البكاء من الشيطان" 2.

_ 1 وأخرجه البخاري في "الزكاة" "2/ 133" مختصرًا. 2 أخرجه أحمد في "المسند" "5/ 235"، ورجاله ثقات.

وفد نجران

وفد نَجْران: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْن الزُّبير قَالَ: لما قدِم وفد نَجْران عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دخلوا عَلَيْهِ مسجده بعد العصر فحانت صلاتُهم، فقاموا يصلّون فِي مسجده، فأراد النّاس مَنْعَهم. فقال النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهم". فاستقبلوا الْمَشْرِقَ فصلّوا صلاتهم. وقال ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ ابن البَيْلَمانيّ، عَنْ كُرْز بْن علْقمة، قَالَ: قدم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفد نصارى نَجران؛ ستّون راكبًا، منهم أربعة وعشرون من أشرافهم، منهم: الْعَاقِبُ أمير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم، والذي لَا يصدرون إلّا عَنْ رأيه وأمره؛ واسمه عَبْد المسيح. والسيّد ثمِالُهم وصاحب رَحْلهم ومجتمعهم؛ واسمه الأَيْهم. وأبو حارثة بْن علْقمة، أحد بَكْر بن وائل؛ وأسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم. وكان أَبُو حارثة قد شرُف فيهم ودرس كتبهم حتّى حسُن علمه فِي دينهم, وكانت ملوك الرُّوم من أهُل النصرانية قد شرّفوه وموّلوه وبنوا لَهُ الكنائس, فلمّا توجّهوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ نَجران، جلس أَبُو حارثة عَلَى بَغْلةٍ لَهُ موجّهًا إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإلى جنبه أخٌ لَهُ -يقال لَهُ: كُرْز بْن عَلْقَمَة- يُسايِرُه، إذْ عَثَرت بغلة أَبِي حارثة، فقال لَهُ كُرز: تَعِس الأَبْعدُ؛ يريد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو حارثة: بَلْ أنت تَعِسْتَ. فقال لَهُ: لِمَ يا أخي؟ فقال: والله إنه لَلنَّبيُّ الَّذِي كنّا ننتظره. قَالَ لَهُ كُرز: فما يمنعك وأنت تعلم هذا؟ قَالَ: ما صنع بنا هَؤُلَاءِ القوم؛ شرّفونا وموّلونا، وقد أَبَوْا إِلّا خِلَافَهُ، ولو فعلتُ نَزَعوا منّا كل ما ترى. فأَضْمَر عليها أخوه كُرز بْن علْقمة حتّى أسلم بعد ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَوْ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اجْتَمَعَتْ نَصَارَى نَجْرَانَ وَأَحْبَارُ يَهُودَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَنَازَعُوا، فَقَالَتِ الْأَحْبَارُ: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا يَهُودِيًّا، وَقَالَتِ النَّصَارَى: مَا كَانَ إِلا نَصْرَانِيًّا. فَأَنْزَلَ الله فيهم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: 65] الآيات1. فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ الْقُرَظِيُّ: أَتُرِيدُ مِنَّا يَا مُحَمَّدُ أَنْ نَعْبُدَكَ كَمَا تَعْبُدُ النَّصَارَى عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ نَجْرَانَ يُقَالُ لَهُ الرُّبَيْسُ: وَذَلِكَ تُرِيدُ يَا مُحَمَّدُ وَإِلَيْهِ تَدْعُو؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ آمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ". فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ} الآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ {مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 79، 81] 2. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَا حُذَيْفَةُ بَدَلَ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّ السَّيِّدَ وَالْعَاقِبَ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأراد أن يلاعنهما، فقال أحدهما لِصَاحِبِهِ: لَا تُلَاعِنْهُ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنْتَهُ لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا. قَالُوا له: نعطيك ما سألت، فابعث معنا رجلا أمينًا, ولا تبعث معنا إلا أمينًا. فقال: "لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ". فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابَهُ. فَقَالَ: "قُمْ، يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ". فَلَمَّا قَامَ قَالَ: "هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ". أَخْرَجَهُ خ3 مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ. وَقَالَ إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى نَجْرَانَ. فَقَالُوا فِيمَا قَالُوا: أَرَأَيْتَ مَا تَقْرَءُونَ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28] وَقَدْ كَانَ بَيْنَ عِيسَى وَمُوسَى مَا قَدْ عَلِمْتُمْ؟ قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "أَفَلَا أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمَّوْنَ بِأَسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي شَهْرِ ربيع الآخر، أو

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "5/ 384"، وانظر: "المقبول" "156". 2 "إسناده حسن": أخرجه ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي، وانظر: "المقبول" "161". 3 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 120".

جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ عَشْرٍ، إِلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ بِنَجْرَانَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ، ثَلاثًا. فَخَرَجَ خَالِدٌ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَبَعَثَ الرُّكْبَانَ يَضْرِبُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَيَدْعُونَ إِلَى الإِسْلامِ، وَيَقُولُونَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا, فَأَسْلَمَ النَّاسُ، فَأَقَامَ خَالِدٌ يعلمهم الإسلام، وكتب إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك, ثم قدم وفدهم مع خَالِدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ أَعْيَانِهِمْ: قَيْسُ بْنُ الْحُصَيْنِ ذُو الْغُصَّةِ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَدَانِ، وَيَزِيدُ بْنُ الْمُحَجَّلِ. قَالَ: فَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَيْسًا. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ إِلَيْهِمْ، بَعْدَ أَنْ وَلَّى وَفْدَهُمْ، عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ لِيُفَقِّهَهُمْ وَيُعَلِّمَهُمْ السنة، يأخذ منهم صداقاتهم. وفي عاشر ربيعٍ الأول تُوُفِّيَ إبراهيم ابن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم، وهو ابن سنةٍ ونصفٍ. وغسّله الفضل بْن الْعَبَّاس, ونزل قبره الْفَضْلُ وأسامة بْن زيد فيما قِيلَ, وكان أبيض مسمَّنًا، كثير الشَّبَه بوالده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وُلِدَ لِيَ اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِأَبي إِبْرَاهِيمَ". ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ؛ يَعْنِي امْرَأَةَ قَيْنٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَيْفٍ. قَالَ أَنَسٌ: فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِابْنِهِ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَدَخَلَ فَدَعَا بِالصَّبِيِّ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ بَيْنَ يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَكيِدُ بِنَفْسِهِ، فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرضِي الرَّبَّ, وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 وَالْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا مَجْزُومًا بِهِ2. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "إِنَّ لَهُ مُرْضِعَةً تُتِمُّ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ". أَخْرَجَهُ خ3. وقال جَعْفَر بْن مُحَمَّد الصادق، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلَّى عَلَى ابنه إِبْرَاهِيم حين مات. وفيها: مات أَبُو عامر الراهب، الَّذِي كَانَ عند هرقل عظيم الرُّوم. وفيها: ماتت بُوران بِنْت كسرى ملكة الفرس، وملّكوا بعدها أختها آزرمن. قاله أَبُو عُبَيْدة. وفي أواخر ذي القعدة: وُلد مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الصدّيق، ولدته أسماء بِنْت عُمَيْس، بذي الحُلَيْفة، وهي مَعَ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: "اغْتَسِلِي واستنفري بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي". وفيها: وُلد مُحَمَّد بْن عَمْرو بن حزم، بنجران، وأبوه بها.

_ 1 في "الفضائل" "2315". 2 في "الجنائز" "2/ 84, 85". 3 في "الجنائز" "2/ 104".

حجة الوداع

حجَّةُ الودَاع: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَذَّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّاسِ بالحج، فاجتمع فِي الْمَدِينَةِ بَشَرٌ كَثِيرٌ, فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، أَوْ لِأَرْبَعٍ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: "اغتسلي واستنفري بِثَوْبٍ". وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ، وَرَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، فَنَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي، بين يدي رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ. فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالتَّوْحِيدِ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ. وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَلْبِيَتَهُ. وَلَسْنَا نَنْوِي إِلا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ1 ثَلاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. قَالَ جَعْفَرٌ: فَكَانَ أَبِي يَقُولُ: لا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثم رجع إلى الْبَيْتَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] ، أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ، فَبَدَأَ

_ 1 الرمل: إسراع مع تقارب الخطى.

بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا رَأَى الْبَيْتَ فَكَبَّرَ وَهَلَّلَ وَقَالَ: "لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ, لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ". ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ، حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَعَلا عَلَيْهَا وَفَعَلَ كَمَا فَعَل عَلَى الصَّفَا, فَلَمَّا كَانَ آخِرُ الطَّوَافِ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ: "إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً, فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً". فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا، إِلا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ. فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ, فَقَالَ: يَا رسول الله ألعامنا هذا أم لِلأَبَدِ؟ قَالَ فَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ وَقَالَ: "دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ مَعَ الْحَجِّ هَكَذَا مَرَّتَيْنِ، لا؛ بَلْ لأَبَدِ الأَبَدِ". وَقَدِمَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنَ الْيَمِن بِبُدْنٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا. فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحَرِّشًا بِالَّذِي صَنَعْتُهُ، مُسْتَفْتِيًا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "صَدَقَتْ، صَدَقَتْ. مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ"؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَالَ: "فَإِنَّ مَعِي الْهَدْيَ فَلا تَحْلِلْ". قَالَ: فَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي جَاءَ مَعَهُ، وَالْهَدْيُ الَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ مِائَةٍ. ثُمَّ حَلَّ النَّاسُ وَقَصَّرُوا، إِلا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَجَّهُوا إِلَى مِنًى، أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ, ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ فَضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةٍ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةٍ فَنَزَلَ بِهَا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ، فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا, أَلا وَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ، وَدِمَاءَ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ, وَأَوَّلَ دَمٍ أَضَعُهُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ؛ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ, وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلَ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا؛ رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ

الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ. وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ, وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ, وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ؛ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى, وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ"؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَكُبُّهَا إِلَى النَّاسِ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ"؛ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ أَذَّن بِلالٌ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا, ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ جَبَلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلا حِينَ غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ خَلْفَهُ فَدَفَعَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ: "أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ"، كُلَّمَا أَتَى جَبَلا مِنَ الْجِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلا حَتَّى تَصْعَدَ, حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا, ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ, ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَرَقِيَ عَلَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ, فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ رَجُلا حَسَنَ الشَّعْرِ وَسِيمًا, فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ الظُّعُنُ1 يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَصَرَفَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجْهَ الْفَضْلِ, حَتَّى إِذَا أَتَى مُحَسِّرًا حَرَّكَ قَلِيلا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تُخْرِجُكَ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْمَسْجِدِ، فَرَمَى سَبْعَ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلَ حَصْيِ الْخَذْف رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي, ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَأَعْطَى عَلِيًّا، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ, ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ2 فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، وَطُبِخَتْ، فَأَكَلا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا من مرقها.

_ 1 الظعن: مفردها ظعينة، وهي البعير الذي عليه المرأة، وتسمى به المرأة مجازًا، لذا قلنا قبل قليل: الظعينة: الجارية. 2 البضعة: القطعة من اللحم.

ثُمَّ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى عَلَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْقُونَ مِنْ بِئْرِ زَمْزَمَ، فَقَالَ: "انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ تَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ". فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، دُونَ قَوْلِهِ: يُحْيِي وَيُمِيتُ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ أَشْعَرَ بُدْنَةً مِنْ جَانِبِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، ثُمَّ سَلَتَ عَنْهَا الدَّمَ، وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَيْمَنُ بْنُ نايل، حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ؛ وَفِي رِوَايَةٍ صَهْبَاءَ؛ لَا ضَرْبَ وَلَا طَرْدَ وَلَا إِلَيْكَ إليك. حديث حسن1. وقال ثور بن يزيد، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْضَلُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ، يَسْتَقِرُّ فِيهِ النَّاسُ، وَهُوَ الَّذِي يَلِي يَوْمَ النَّحْرِ". قُدِّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَدَنَاتٌ، خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ، فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ، فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلمة خفيفة لَمْ أَفْهَمْهَا، فَقُلْتُ لِلَّذِي إِلَى جَنْبِي: مَا قال؟ قَالَ: قَالَ: "مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ". حَدِيثٌ حَسَنٌ2. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- رَمَى الْجَمْرَةَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِمِنًى، فذبح، ثم دعا بالحلاق فأخذ بشق رأسه الأيمن فحلقه، فجعل يقسمه الشعرة والشعرتين، ثم أخذ بشق رأسه الآخر فَحَلَقَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَهُنَا أَبُو طَلْحَةَ؟ فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبَانٌ الْعَطَّارُ، ثنا يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ شَهِدَ الْمَنْحَرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَسَمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضحايا، فلم يصبه

_ 1 "صحيح": أخرجه الترمذي "911" في "الحج"، وقال الألباني في "صحيح سنن الترمذي" "718": صحيح. 2 "صحيح": أبو داود "1765" في "الحج"، وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود "1552": صحيح.

وَلا رَفِيقَهُ. قَالَ: فَحَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأْسُهُ فِي ثَوْبِهِ فَأَعْطَاهُ، فَقَسَمَ مِنْهُ عَلَى رِجَالٍ، وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ فَأَعْطَى صَاحِبَهُ. فَإِنَّهُ لَمَخْضُوبٌ عِنْدَنَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ؛ حَجَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَحْلٍ رَثٍّ وَقَطِيفَةً تُسَاوِي، أَوْ لَا تُسَاوِي، أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ. وَقَالَ: "اللَّهُمَّ حِجَّةً لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةً". يَزِيدُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} . فَقَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ: نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَرَفَاتٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِنْدَهُ يَهُودِيٌّ، فَقَرَأَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآيَةَ. فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: لَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيْنَا لاتَّخَذْنَا يَوْمَهَا عِيدًا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمِ عِيدٍ؛ يَوْمَ جُمُعَةٍ، يَوْمَ عَرَفَةَ. صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ م. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْمِي الْجَمْرَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَقُولُ: "خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ النَّاسَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ، وَلَكِنَّهُ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تُحَاقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَاحْذَرُوهُ, أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا، كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ, إِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ أَخُو الْمُسْلِمِ، الْمُسْلِمُونَ إِخْوَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، وَلَا تَظْلِمُوا، وَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رقاب بعض".

_ 1 أخرجه البخاري في "الإيمان" "1/ 16"، ومسلم في "التفسير" "5/ 3017". 2 في "الحج" "1297".

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ هُوَ الَّذِي يَصْرُخُ يَوْمَ عَرْفَةَ تَحْتَ لُبَّةِ نَاقَةِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ له: "اصْرُخْ: أَيُّهَا النَّاسُ -وَكَانَ صَيِّتًا- هَلْ تَدْرُونَ أَيَّ شَهْرٍ هَذَا"؟ فَصَرَخَ، فَقَالُوا: نَعَمْ، الشَّهْرُ الْحَرَامُ. قَالَ: "فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ إِلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبَّكُمْ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْهُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْفِرَ مِنْ مِنًى قَالَ: "إِنَّا نَازِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِالْمُحَصَّبِ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ". وذلك أنّ قريشًا تقاسموا عَلَى بني هاشم وبني المطّلب أنَّ لَا يناكحوهم ولا يخالطوهم حتّى يسلّموا إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اتّفقا عَلَيْهِ. وقال أَفْلَح بْن حُمَيْد، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خرجنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليالي الحج. قَالَتْ: فلمّا تفرّقنا من مِنًى نزلنا المحصَّبَ. وذكر الحديث. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أرقم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَحَجَّ بَعْدَمَا هَاجَرَ حِجَّةَ الْوَدَاعِ، وَلَمْ يَحِجَّ بَعْدَهَا. قَالَ أَبُو إِسْحَاق من قِبَلِهِ: وواحدة بمكة. اتّفقا عَلَيْهِ1. ويُروى عَنِ ابن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يكره أنَّ يقال: حجّة الوداع، ويقول: حجّة الْإِسْلَام. وقال زيد بْن الحُباب، ثنا سُفْيَان، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حجّ ثلاث حجج قبل أنَّ يهاجر، وحجّة بعدما هاجر معها عُمرة، وساق ستًّا وثلاثين بُدنة، وجاء عليٌّ بتمامها من اليمن، فيها جملٌ لأبي جهلٍ فِي أنفه بُرَةٌ من فِضَّةٍ، فنحرها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. تَفَرَّد بِهِ زيد, وقيل إنه خطأ، وإنما يُروى عَنْ سُفْيَان، عَنْ أَبِي إِسْحَاق، عَنْ مجاهد؛ مرسلًا. قَالَ أَبُو بَكْر البيهقيّ: قوله "وحجَّةٌ معها عمرةٌ" فإنما يَقُولُ ذَلِكَ أنسٌ، ومن ذهب من الصّحابة إلى أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَن، فأما من ذهب إلى أَنَّهُ أَفْرد، فإنه لا يكاد يصح عنده هذه اللفظة لِما فِي إسناده من الاختلاف وغيره. وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاثَ حِجَجٍ؛ حَجَّتَيْنِ وَهُوَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَحَجَّةَ الْوَدَاعِ. وفي آخر السنة: كَانَ ظهور الأَسْوَد العنسي، وسيأتي.

_ 1 أخرجه البخاري في "المغازي" "5/ 223, 224"، ومسلم في "الجهاد" "5/ 199".

أحداث سنة إحدى عشر

أحداث سنة إحدى عشر: سَرِيّة أُسَامَةَ: فِي يوم الإثنين؛ لأربعٍ بَقِينَ من صَفَر, ذكر الواقديّ أنهم قَالُوا: أمر النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالتَّهيُّؤ لغزْو الرّوم, ودعا أُسَامة بْن زيْد، فقال: سِرْ إلى موضع مقتل أبيك، فأَوْطِئْهم الْخَيْلَ، فقد وَلَّيْتُك هذا الجيش, فأَغِرْ صباحًا عَلَى أهُل أُبنى، وأسرع السَّيْر، تسبق الأخبار, فإن ظفرتَ فأقْلِلْ اللَّبْث فيهم، وقَدِّم العيون والطلائع أمامك. فلما كان يوم الأربعاء، بدئ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَعُهُ. فَحُمَّ وَصُدِّع. فلمّا أصبح يوم الخميس، عَقَد لأسامة لواءً بيده، فخرج بلوائه مَعْقودًا؛ يعني أسامة, فدفعهُ إلى بُرَيْدة بْن الحُصَيْب الأَسْلَميّ، وعَسْكر بالجُرْف, فلم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلّا انْتَدَب فِي تِلْكَ الغزوة؛ فيهم أَبُو بَكْر، وعمر، وأبو عُبَيْدة. فتكلّم قوم وقَالُوا: يستعمل هذا الغلام عَلَى هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسَامَةَ، فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمَارَتِهِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ يَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ طَعَنُوا فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ, وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ, وَإِنَّ ابْنَهُ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ1. قَالَ شَيبان، عَنْ قَتَادَة: جميع غزوات النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسراياه: ثلاثٌ وأربعون. ثمّ دخل شهر ربيع الأول. وبدخوله تَكَمَّلت عشر سنين من التاريخ للهجرة النبوية, والحمد الله وحده.

_ 1 أخرجه البخاري في "فضائل أصحاب النبي" "4/ 213"، ومسلم في "فضائل الصحابة" 63/ 2426".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الصفحة الموضوع رقم "السنة الأولى من الهجر 6 قصة إسلام ابن سلام 7 قصة بناء المسجد "سنة اثنتي" 12 غزوة الأبواء 12 بعث حمزة 12 بعث عبيدة بن الحارث 13 غزوة بواط 13 غزوة العشيرة 14 غزوة بدر الأولى 14 سرية سعد بن أبي وقاص 14 بعث عبد الله بن جحش 15 غزوة بدر الكبرى 31 بقية أحاديث غزوة بدر 32 رؤيا عاتكة 49 ذِكْرُ غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عقبة 55 فصل في غنائم بدر والأسرى 61 أسماء من شهد بدرا 62 ذكر طائفة من أعيان البدريين 65 قصة النجاشي من السيرة 70 سرية عمير بن عدي الخطمي 70 غزوة بني سليم 70 سَرِيَّةُ سَالِمِ بْنِ عُمَيْرٍ لِقَتْلِ أَبِي عَفَك 71 غزوة السويق

"سنة ثلاث" 73 غزوة ذي أمَر 73 غزوة بحران 74 غزوة بني قينقاع 76 غزوة بني النضير 80 سرية زيد بن حارثة إلى القردة 80 غزوة قرقرة الكدر 81 مقتل كعب بن الأشرف 85 غزوة أحد 108 عدد الشهداء 122 غزوة حمراء الأسد "السنة الرابع" 126 سرية أبي سلمة إلى قطن 126 غزوة الرجيع 130 غزوة بئر معونة 134 ذكر الخلاف في غزوة بني النضير 135 غزوة بني لحيان 136 غزوة ذات الرقاع 138 غزوة بدر الموعد 139 غزوة الخندق "السنة الخامس" 143 غزوة ذات الرقاع 143 غزوة دومة الجندل 144 غزوة المريسيع 145 تزويج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجويرية رضي الله عنها 149 الإفك 158 غزوة الخندق 173 غزوة بني قريظة

181 وفاة سعد بن معاذ 189 إسلام ابني سعية وأسد بن عبيد "السنة السادس" 190 غزوة الغابة أو غزوة ذي قرد 195 مقتل ابن أبي الحقيق 198 قتل ابن نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ 199 غزوَة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع 199 سرية نجد 201 سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر 201 سرية أبي عبيدة إلى ذي القصة 201 سَرِيَّةُ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَة إلى ذي القَصَّة 201 سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم 201 سرية زيد بن حارثة إلى الطرف 202 سرية زيد بن حارثة إلى العيص 202 سرية زيد بن حارثة إلى حسمى 202 سرية زيد إلى وادي القُرى 202 سَرِيَّةُ عليّ بْن أَبِي طَالِب إلى بني سعد بن بكر بفدك 202 سَرِيَّةُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف إلى دُومة الجندل 203 سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين 204 إسلام أبي العاص 206 سَرِيَّةٌ عبدِ الله بْن رَوَاحة إلى أُسَيْر بن زارم 207 قصة غزوة الحديبية 226 نزول سورة الفتح "السنة السابع" 231 غزوة خيبر 237 فصل فيمن ذكر أن مرحبا قتله مُحَمَّد بن مسلمة 241 ذكر صفية 246 ذكر من استشهد في خيبر

247 قدوم جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب ومَن معه 250 شأن الشاة المسمومة 252 حديث الحجاج بن علاط السلمي 253 غزوة وادي القرى 256 سرية أبي بكر إلى نجد 256 سرية عمر إلى عجز هوازن 257 سرية بشير بن سعد 257 سرية غالب بن عبد الله الليثي 259 سرية الجناب 260 سرية أبي حدرد إلى الغابة 260 سرية محلم بن جثامة 262 سَرِيَّةُ عَبْد الله بْن حُذافة بْن قيس 263 عمرة القضاء 266 زواجه صلى الله عليه وسلم بميمونة "السنة الثامنة" 268 مسير ابن أبي العوجاء إلى بني سليم 268 إسلام عَمْرو بْن العاص وخالد بْن الوليد 273 سرية شجاع بن وهب الأسدي 273 سرية نجد 274 سرية كعب بن عمير 274 غزوة مؤتة 287 ذِكْرُ رُسُلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 294 غزوة ذات السلاسل 297 غزوة سيف البحر 299 سرية أبي قتادة إلى خضرة 299 وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 299 فتح مكة زادها الله شرفا 327 غزوة بني جذيمة

329 غزوة حنين 329 غزوة أوطاس 340 غزوة الطائف 345 قسم غنائم حنين وغير ذلك 352 عمرة الجعرانة 353 قصة كعب بن زهير 357 وَفَاةُ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 358 مولد زينب بنت أبي العاص 358 عُمل منبر النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 358 مولد إبراهيم ابن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 358 سودة تهب يومها لعائشة 358 وفاة مغفل بن عبد نُهْم 358 موت ملك العرب 358 حج عتاب بالناس "السنة التاسع" 359 سرية الضحاك بن سفُيان إلى القُرطاء 359 سرية علقمة بن مجزز المدلجي 359 سرية علي بن أبي طالب إلى الفُلْس 359 سرية عكاشة بن محصن إلى أرض عذرة 360 غزوة تبوك 370 فائدة 371 بعث خالد إلى أكيدر دومة 371 فائدة 374 أمر الذين خلفوا 380 موت عبد الله بن أبي 384 ذكر قدُوم وُفوُدِ العرب 384 قُدُومُ عُرْوَةُ بْن مسعود الثقفي 384 وفد ثقيف

"السنة العاشرة" 388 وفد بني تميم 390 وفد بني عامر 392 وافد بني سعد 393 الجارود بن عمرو 393 وفد بني حنيفة 396 وفد طيء 396 قدوم عدي بن حاتم 397 قدوم فروة بن مسيك المرادي 397 وفد كندة 398 وفد الأزد 398 كتاب ملوك حمير 398 بعث خالد ثم علي إلى اليمن 399 بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن 401 وفد نجران 403 وفاة إبراهيم ابن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 404 موت أبي عامر الراهب 404 موت بوران بنت كسرى 404 مولد محمد بن أبي بكر الصديق 404 مولد محمد بن عمرو بن حزم 404 حجة الوداع "السنة الحادية عشر" 410 سرية أسامة 410 دخول شهر ربيع الأول 411 فهرس الموضوعات

المجلد الثالث

المجلد الثالث الخلفاء الراشدون سيرة أبو بكر الصديق ... الخلفاء الراشدون: سيرة أبو بكر الصديق: 2- "ع" أبو بكر الصديق "ت 13 هـ" رضي الله عنه خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اسمه عبد الله -ويقال عتيق- بن أبي قُحافة عُثْمَانَ بْن عَامِرِ بْن عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْن كعب بْن لؤي القرشي التَّيْميّ -رضي الله عنه. "رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": روى عنه خلْق من الصحابة وقدماء التابعين. من آخرهم أَنْس بْن مالك، وَطَارِقِ بْن شِهَابٍ، وَقَيْسِ بْن أَبِي حَازِمٍ، ومُرَّة الطيب. قَالَ ابن أبي مُلَيْكَة وغيره: إنّما كان عتيق لقبًا له. وعن عائشة قالت: اسمه الَّذِي سمّاه أهلُهُ به عبد الله ولكن غَلَب عليه عَتِيق1. وَقَالَ ابن معين: لَقَبه عتيق لأنّ وجهه كان جميلًا، وكذا قَالَ اللَّيْث بْن سَعْد. وَقَالَ غيره: كان أعْلم قريش بأنسابها. وقيل: كان أبيض نحيفًا خفيف العارضين، معروق الوجه، غائر العينين، ناتئ الجبهة، يخضب شيبه بالحناء والكتم. وكان أول من آمن من الرجال. وَقَالَ ابن الأعرابي: العرب تقول للشيء قد بلغ النهاية في الجودة: عَتيق. وعن عائشة قالت: مَا أسلم أَبُو أحدٍ من المهاجرين إلا أَبُو بكر. وعن الزُّهْرِيّ قَالَ: كان أَبُو بكر أبيض أصفر لطيفًا جعدًا مسترق الوركين،

_ 1 أخرجه الترمذي "3699" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر وعمر كليهما، عن عائشة أن أبا بكر دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "أنت عتيق الله من النار فيومئذ سمي عتيقا"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

لَا يثبت إزاره على وركيه. وَجَاءَ أَنَّهُ اتَّجَرَ إِلَى بُصْرَى غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَنَّهُ انْفَقَ أمواله عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا نَفَعَنِي مَالٌ مَا نَفَعَنِي مال أبو بَكْرٍ" 1. وَقَالَ عُرْوةُ بْن الزُّبَيْر: أسلم أَبُو بكر يوم أسلم وله أربعون ألف دينار2. وَقَالَ عمرو بْن العاص: يَا رَسُولَ اللَّهِ أي الرجال أحب إليك، قَالَ: "أَبُو بكر" 3. وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يبغض أبا بكر وعمر مؤمنٌ ولا يحبُّهما منافق" 4. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلَيَّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَظَرَ إِلَى أَبِي بكر وعمر فقال: "هذان سيدا كهول أهل الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ" 5. وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ وجوه مقاربة عن زر ابن حُبَيْشٍ، وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَهَرِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ مِثْلُهُ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، ثم رواه من حديث الوقري، عن الزهري، ولم يصح.

_ 1 صحيح: أخرجه الترمذي "3681" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وابن ماجه "94" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وصححه الألباني في "صحيح الجامع" "5661": صحيح. 2 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 91". 3 صحيح: وقد تقدم تخريجه. 4 أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" "10/ 236". 5 صحيح: أخرجه الترمذي "3686" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر وعمر كليهما، وابن ماجه "95" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعبد الله بن أحمد في زوائد "المسند" "1/ 80" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

وقال ابن مسعود: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا" 1. رَوَى مِثْلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَزَادَ: "وَلَكِنْ أخي وصاحبي في اللَّهِ، سُدُّوا كُلَّ خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ" 2. هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أبو بكر سيدنا وخيرنا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وصح من حديث الجريري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لعائشة: أيّ أصحاب النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: أَبُو بكر، قلت: ثمَّ من؟ قالت: عُمَر، قلت: ثمَّ من؟ قالت: أَبُو عبيدة، قلت: ثمَّ من؟ فسكتت4. مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ" عَنْ أَبِي النَّصْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: "إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَيْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، قَالَ: فَعَجِبْنَا، فَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ يُخْبِرُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أعلمنا به5.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2383" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر، والترمذي "3675"، في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي بكر، وابن ماجه "93" في المصدر السابق، وأبو نعيم في "الحلية" "10879". 2 صحيح: وقد تقدم. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3676" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" وأوله عند البخاري "3754" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب بلال بن رباح. 4 صحيح: أخرجه الترمذي "3677" في المصدر السابق، وابن ماجه "102" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 5 صحيح: تقدم تخريجه.

وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ، لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ" 1. مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا وَقَدْ كَافَأْنَاهُ مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِئُهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا أَلَا وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ" 2. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَكَذَا قَالَ فِي حَدِيثِ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: "أَنْتَ صَاحِبِي عَلَى الْحَوْضِ وَصَاحِبِي فِي الْغَارِ"3. وَرُوِيَ عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ينبغي لقوم فيهم أبي بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ"4. تَفَرَّدَ بِهِ عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ5. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله عليه وسلم-

_ 1 صحيح: وهو بقية الحديث السابق. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3681" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "5661": صحيح. 3 ضعيف: أخرجه الترمذي "3690" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر وعمر كليهما، وقال الألباني في "ضعيف الجامع" "756": ضعيف. 4 ضعيف جدا: أخرجه الترمذي "3693" في المصدر السابق، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "757": ضعيف جدا. 5 نقل في "الميزان" "6617"، عن البخاري قال: منكر الحديث، وقال ابن حبان: يروي أحاديث كلها موضوعات. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقَالَ مرة: لا بأس به. وقال الفلاس: متروك. وقال النسائي: ليس بثقة. قلت: فهو بين الضعف والضعف الشديد: والله أعلم.

فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ، فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ أَجِدْكَ - قَالَ: "إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ" 1. مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. وَقَالَ أَبُو بكر الهُذلي، عَنِ الحسن، عَنْ عليّ قَالَ: لقد أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا بكر أن يصليّ بالنّاس، وإني لشاهدٌ وما بي مرض، فرضينا لدنيانا من رضي به النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لديننا2. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ: "ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولَ قَائِلٌ، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ" 3. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ: ثنا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي مَرَضِهِ: "ادْعُوا لِي أَبَا بَكْرٍ وَابْنَهُ فَلْيَكْتُبْ لِكَيْلا يَطْمَعَ فِي أَمْرِ أَبِي بَكْرٍ طَامِعٌ وَلَا يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ"، ثُمَّ قَالَ: "يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ" 4. تَابَعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَلَفْظُهُ: "مَعَاذَ الله أن يختلف المؤمنون فِي أَبِي بَكْرٍ" 5. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فأتاهم عُمَرُ فَقَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَأَمَّ النَّاسَ، فَأيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نتقدم أبا بكر6.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3659" في كتاب فضائل الصحابة، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلا"، ومسلم "2386/ 10" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق، وأحمد "4/ 82". 2 إسناده: ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 97"، والحسن مدلس، وقد عنعنه، وأبو بكر الهذلي متروك كما في "التقريب" "8002". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2387" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 96"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 343". 4 أخرجه أحمد "6/ 106". 5 أخرجه ابن سعد في "الطبقات "2/ 96". 6 إسناده حسن: أخرجه النسائي "2/ 74، 75" في كتاب الإمامة، باب: ذكر الإمامة والجماعة، وأحمد "1/ 396-405"، وقال الألباني في "صحيح سنن النسائي": حسن الإسناد.

وأخرج البخاري من حديث أبي إدريس الخُولانِيّ قَالَ: سمعت أبا الدَّرْدَاء يَقُولُ: كان بين أبي بكر وعمر محاورةٌ فأغضب أَبُو بكر عُمَر، فانصرف عنه عُمَر مُغْضَبًا فاتبعه أَبُو بَكْر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أَبُو بكر إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: ونحن عنده، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما صاحبكم هذا فقد غَامَرَ"، قَالَ: وندم عُمَر على مَا كان منه، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقصّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخبر، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: وغِضبَ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجعل أَبُو بكر يَقُولُ: والله يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنَا كنتُ أظْلَمُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هل أنتم تاركون لي صاحبي? إني قلت أيها النَّاس إني رسول الله إليكم جميعًا، فَقُلْتُم: كذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بكر: صَدَقْتَ" 1. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالانِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ مَوْلَى جَعْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَرَانِي الْبَابَ الَّذِي تَدْخُلُ مِنْهُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَكَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، قَالَ: "أَمَا إِنَّكَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي"2. أَبُو خَالِدٍ مَوْلَى جَعْدَةَ لَا يُعْرَفُ إِلا بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَنْتَ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ"، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ أمره رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَؤُمَّنَا، فَأَمَّنَا حَتَّى مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. وَقَالَ أبو بكر بْنُ عَيَّاشٍ: أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْقُرْآنِ لأَنَّ فِي الْقُرآنِ فِي الْمُهَاجِرِينَ {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} 4 فمن سماه صَادِقًا لَمْ يَكْذِبْ، هُمْ سَمَّوْهُ وَقَالُوا: يَا خليفة رسول الله

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3661" في كتاب فضائل الصحابة، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلا"، وأبو نعيم في "الحلية" "13991". 2 ضعيف: أخرجه أبو داود "4652" في كتاب السنة، باب: في الخلفاء، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "1008": ضعيف. 3 أخرجه أحمد "1/ 35". 4 سورة الحشر: 8.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ أَصْبَحَ وَعَلَى سَاعِدِهِ أبْرَاد، فَقَالَ عُمَرُ: مَا هَذَا؟ قَالَ يَعْنِي لِي عِيَالٌ، قال: انطلق يفرض لك أبو عبيدة، فانطلقنا إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فَقَالَ: أَفْرِضُ لَكَ قُوتَ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَكِسْوَتَهُ، وَلَكَ ظَهْرُكَ إِلَى الْبَيْتِ1. وقالت عائشة: لمّا استُخْلِفَ أَبُو بكر ألقى كل دينار ودرهم عنده في بيت المال وَقَالَ: قد كنتُ أتَّجِرُ فيه وألْتَمِسُ به، فلمّا وُلِّيتُهُم شغلوني2. وَقَالَ عطاء بْن السائب: لما استخلف أبو بكر وعلى رقبته أثوابٌ يتجر فيها، فلقيه عُمَر وأبو عبيدة فكلَّماه فَقَالَ: فمن أين أطْعِم عيالي؟ قالا: أنْطِلقْ حتى نفرض لك، قَالَ: ففرضوا له كل يوم شطر من شاة، وما كسوه في الرأس والبطن، وَقَالَ عُمَر: إليَّ القضاء، وَقَالَ أَبُو عبيدة: إليَّ الفيء، فَقَالَ عُمَر: لقد كان يأتي عليّ الشهرُ مَا يختصم إليّ فيه اثنان3. وعن ميمون بْن مِهران قال: جعلوا له ألفين وخمسمائة4. وَقَالَ محمد بْن سيرين: كان أَبُو بكر أعبر هذه الأمة للرؤيا بعد النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الزبير بن بكار عن بعض أشياخه قَالَ: خُطَباء الصحابة: أَبُو بكر، وعليّ. وَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَدْعُو عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ شِعْرًا فِي جَاهِلِيَّةِ وَلا فِي إِسْلامٍ، وَلَقَدْ تَرَكَ هُوَ وَعُثْمَانُ شُرْبَ الْخَمْرِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ كثير النَّواء، عَنْ أبي جعفر الباقر: إنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعلي: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} 5 الآية.

_ 1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 98" بنحوه. 2 أخرجه ابن سعد في الطبقات "2/ 98" بنحوه. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 98". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 98". 5 سورة الحجر: 47.

وَقَالَ حُصَيْن، عَنْ عبد الرحمن بْن أبي ليلى أن عُمَر صعِد المنْبَرَ ثُمَّ قَالَ: ألا إن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أَبُو بكر، فمن قَالَ غير ذلك بعد مقامي هذا فهو مُفْتَرٍ، عليه مَا على الْمُفْتَرِي. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَجَمَاعَةٌ: ثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ اسْتَوَى النَّاسُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُنْكِرْهُ1. وَقَالَ عليّ: "خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْر، وعمر"2. هذا والله العظيم قاله عليّ وهو متواتر عنه؛ لأنه قاله على منبر الكوفة، فقاتل الله الرّافضة مَا أجهلهم. وقال السدي، عن عبد خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا فِي الْمَصَاحِفِ أَبُو بَكْرٍ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ3. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ عقيل، عَنِ الزُّهْرِيّ أنّ أبا بكر والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزيزة أُهْدِيَت لأبي بكر، فَقَالَ الحارث: ارفع يدك يا خليفة رسول الله، والله إنّ فيها لَسمّ سنةٍ، وأنا وأنت نموت في يومٍ واحد، قَالَ: فلم يزالا عليلَيْن حتى ماتا في يومٍ واحد عند انقضاء السنة4. وعن عائشة قالت: أول ما بدئ مَرَضُ أبي بكر أنّه اغْتَسَلَ، وكان يومًا باردًا فحُمّ خمسة عشر يومًا لَا يخرج إلى صلاة، وكان يأمر عمر بالصلاة، وكانوا يعودونه، وكان عثمان ألْزمهُم له في مرضه5. وتُوُفِّيَ مساءَ ليلة الثلاثاء لثمانٍ بقين من جمادى الآخرة. وكانت خلافته سنتين ومائة يوم.

_ 1 عزاء الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 20" للطبراني. وأصل الحديث صحيح كما تقدم. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3671" في كتاب فضائل الصحابة، باب: قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلا"، والطبراني في "الأوسط" "810"، وأبو نعيم في "الحلية" "10321". 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 103". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 105، 106". 5 أخرجه ابن سعد في الطبقات "2/ 107".

وقال أبو معشر: سنتين وأربعة أشهر إلَّا أربع ليالٍ، عَنْ ثلاث وستين سنة. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بُرْدَانُ بْنُ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ محمد بن إبراهيم التيمي، وأنا وعمرو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا ثَقُلَ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ: مَا تَسْأَلُنِي عَنْ أَمْرٍ إِلا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، قَالَ: وَإِنْ، فَقَالَ: هُوَ وَاللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ رَأْيِكَ فِيهِ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَان فَسَأَلَهُ عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ: عِلْمِي فِيهِ أَنَّ سَرِيرَتَهُ خَيْرٌ مِنْ عَلانِيَتِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِينَا مِثْلُهُ، فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَاللَّهِ لَوْ تَرَكْتُهُ مَا عَدَوْتُكَ، وَشَاوَرَ مَعَهُمَا سَعِيد بْن زَيْدٍ، وَأُسَيْد بْن الْحُضَيْرِ وَغَيْرهمَا، فَقَالَ قَائِلٌ: مَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا سَأَلَكَ عَنِ استخلاف عُمَرَ وَقَدْ تَرَى غِلْظَتَهُ؟ فَقَالَ: أَجْلِسُونِي، أَبِاللَّهِ تُخَوِّفُونِي! أَقُولُ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ. ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ فَقَالَ: اكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ فِي آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا خَارِجًا مِنْهَا، وَعِنْدَ أَوَّلِ عَهْدِهِ بِالآخِرَةِ دَاخِلا فِيهَا، حَيْثُ يُؤْمِنُ الْكَافِرُ، وَيُوقِنُ الْفَاجِرُ، وَيَصْدُقُ الْكَاذِبُ، إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاستمعوا له وأطيعوه، وإني لم آل الله ورسوله وديته وَنَفْسِي وَإِيَّاكُمْ خَيْرًا، فَإنْ عَدَلَ فَذَلِكَ ظَنِّي بِهِ وَعِلْمِي فِيهِ، وَإِنْ بَدَّلَ فَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ، وَالْخَيْرَ أَرَدْتُ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون} 1. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ: لَمَّا أَنْ كَتَبَ عُثْمَانُ الْكِتَابَ أُغْمِيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ مِنْ عِنْدِهِ اسْمَ عُمَرَ، فَلَمَّا أَفَاقَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: اقْرَأْ مَا كَتَبْتَ، فَقَرَأَ، فَلَمَّا ذَكَرَ عُمَرَ كَبَّر أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: أَرَاكَ خِفْتَ إِنْ افْتَلَتَتْ نَفْسِي الاخْتِلافَ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الإِسْلامِ خَيْرًا، وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ لَهَا أَهْلا2. وَقَالَ عُلْوَانُ بْنُ دَاوُدَ الْبَجَلِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُلْوَانَ، عَنْ صَالِحٍ نَفْسِهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَعُودُهُ فِي مرضه

_ 1 سورة الشعراء: 227. 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 106، 107".

فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَأَلْتُهُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ? فَقَالَ: بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا، أَمَّا إِنِّي عَلَى مَا تَرَى وَجِعٌ، وَجَعَلْتُمْ لِي شُغُلا مَعَ وَجَعِي، جَعَلْتُ لَكُمْ عَهْدًا بَعْدِي، وَاخْتَرْتُ لَكُمْ خَيْرَكُمْ فِي نَفْسِي فَكُلُّكُمْ وَرِمَ لِذَلِكَ أَنْفُهُ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ لَهُ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنِّي لا آسَى عَلَى شَيْء إِلا عَلَى ثَلاثٍ فَعَلْتُهُنَّ، وَثَلاثٍ لَمْ أَفْعَلْهُنَّ، وَثَلاثٍ وَدِدْتُ أَنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهُنَّ: وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ كَشَفْتُ بَيْتَ فاطمة وَأَنْ أُغْلِقَ عَلَيَّ الْحَرْبَ، وَدِدْتُ أَنِّي يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ كُنْتُ قَذَفْتُ الأَمْرَ فِي عنق عمر أو أبي عبيدة، وددت أَنِّي كُنْتُ وَجَّهْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ وَأَقَمْتُ بِذِي الْقِصَّةِ، فَإِنْ ظَفِرَ المسلمون وإلا كنت لهم مددًا ورداءً، وَوَدِدْتُ أَنِّي يَوْمَ أُتِيتُ بِالأَشْعَثِ أَسِيرًا ضَرَبْتُ عنقه، فإنه خيل إِلَيَّ أَنَّهُ لا يَكُونُ شَرٌّ إِلا طَارَ إليه، وودت أَنِّي يَوْمَ أُتِيتُ بِالْفُجَاءَةِ السُّلَمِيِّ لَمْ أَكُنْ حَرَّقْتُهُ وَقَتَلْتُهُ أَوْ أَطْلَقْتُهُ نَجِيحًا، وَوَدِدْتُ أَنِّي حَيْثُ وَجَّهْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الشَّامِ وَجَّهْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِلَى الْعِرَاقِ، فَأَكُونُ قَدْ بَسَطْتُ يَمِينِي وَشِمَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَوَدِدْتُ أَنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَنْ هَذَا الأَمْرُ وَلا يُنَازِعُهُ أَهْلَهُ، وَأَنِّي سَأَلْتُهُ هَلْ لِلأَنْصَارِ فِي هَذَا الأَمْرِ شَيْءٌ وَأَنِّي سَأَلْتُهُ عَنِ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ الأَخِ، فَإِنَّ فِي نَفْسِي مِنْهَا حَاجَةً1، رَوَاهُ هَكَذَا وَأَطْوَلَ مِنْ هَذَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ ابْنُ عَائِذٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَضَرْتُ أَبِي وَهُوَ يَمُوتُ فَأَخَذَتْهُ غشْيَةٌ فتمثَّلْتُ: مَنْ لا يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعًا ... فَإِنَّهُ لا بُدَّ مَرَّةً مَدْفُوقُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} 2، 3. وَقَالَ موسى الجُهنيُّ عَنْ أبي بكر بْن حفص بْن عُمَر: إنّ عائشة تمثَّلَت لمّا احتضر أبو بكر:

_ 1 إسناده ضعيف: علوان بن داود البجلي منكر الحديث كما في "الميزان" "5763" وقد ذكر له المصنف فيه هذا الأثر من مناكيره. 2 سورة ق: 19. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 105" عن عائشة.

لَعَمْرُكَ مَا يُغْني الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى ... إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصَّدْرُ فَقَالَ: ليس كذلك ولكن {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} ، إني نحلتك حائطًا وإن نفسي منه شيئًا فرديه على الميراث، قالت: نعم، قَالَ: أما إنّا مُنْذُ وُلِّينا أمر المُسْلِمين لم نأكل لهم دينارًا ولا درهمًا ولكنّا أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا، ولبِسْنا من خشن ثيابهم على ظهورنا، وليس عندنا من فيء المُسْلِمين شيءٌ إِلَّا هذا العبد الحبشي وهذا البعير الناضج وجرد هذه القطيفة، فإذا مت فابعثي بهنّ إلى عُمَر، ففعلت1. وَقَالَ القاسم، عَنْ عائشة: أن أبا بكر حين حَضَرهُ الموت قَالَ: إنّي لَا أعلم عند آل أبي بكر غير اللقحة وغير هذا الغلام الصقيل، كان يعمل سيوف المُسْلِمين ويخدُمُنا، فإذا مِتُّ فادْفَعِيهِ إلى عُمَر، فلمّا دفعته إلى عُمَر قَالَ عُمَر: رحم الله أبا بكرٍ لقد أتعب من بعده2. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: أوصى أَبُو بكر أن تُغَسِّله امرأتُه أسماء بنت عميس، فإنْ لم تستطع استعانت بابنه عبد الرحمن3. وَقَالَ عبد الواحد بْن أيمن وغيره، عَنْ أبي جعفر الباقر قَالَ: دخل عليٌّ على أبي بكر بعد مَا سُجِّيَ فَقَالَ: مَا أحد ألقى الله بصحيفته أحبّ إليّ من هذا الْمُسَجَّى. وَقَالَ القاسم: أوصى أَبُو بكر أنْ يُدْفَن إلى جنب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحُفِرَ له، وَجُعِلَ رأسُه عند كتفي رسول الله -صلى الله عليه وَسَلَّمَ4. وعن عامر بْن عبد الله بْن الزُّبَيْر قَالَ: رأس أبي بكر عند كتفي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورأس عُمَر عند حقوي أبي بكر5. وقالت عائشة: مات ليلة الثلاثاء، ودُفِن قبل أن يُصْبح.

_ 1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 104". 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 102". 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 108" عن غير واحد من التابعين. 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 111". 5 أخرجه ابن سعد في "الطبقات "2/ 112".

وعن مجاهد قَالَ: كُلِّم أَبُو قحافة في ميراثه من ابنه فَقَالَ: قد رددت ذلك على ولده، ثُمَّ لم يعش بعده إِلَّا ستة أشهرٍ وأيامًا. وجاء أنه ورثه أبوه وزوجتاه أسماء بنتُ عُمَيْس، وحبيبة بنتُ خارجة والدة أمِّ كلْثُوم، وعبد الرحمن، ومحمد، وعائشة، وأسماء، وأم كلثوم. ويقال: إنّ اليهود سمَّتْهُ في أَرُزَّةٍ فمات بعد سنة، وله ثلاثٌ وستُّون سنة. ذِكْر عُمّال أبي بكر: قَالَ موسى بْن أَنس بْن مالك: إنّ أبا بكر استعمل أباه أَنَسًا على البحرين. وَقَالَ خليفة: وجّه أَبُو بكر زياد بْن لبيد على اليمن أو المهاجر بْن أبي أمية، واستعمل الآخر على كذا، وأقر على الطائف عثمان بْن أبي العاص. ولما حج استخلف على المدينة قتادة بْن النُّعْمَان. وكان كاتبه عثمان بْن عفان، وحاجبه سُديد مولاه، ويقال كتب له زيد بْن ثابت، وكان وزيره عُمَر بْن الخطاب وكان أيضًا على قضائه، وكان مؤذنه سعد القرظ مولى عمار بْن ياسر.

خلافة الصديق -رضي الله عنه وأرضاه- سنة إحدى عشرة: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنُحِ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ، وَلَيَبْعَثنُهُ اللَّهُ فَيَقْطَعُ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ، وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} 1. وَقَالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} 2. الْآيَةَ، فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، وَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَسَكَّتَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: فَتَكَلَّمَ فَأَبْلَغَ، فَقَالَ فِي كَلَامِهِ: نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ أَبَدًا، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا، وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، قُرَيْشٌ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعَزُّهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ، أَنْتَ خَيْرُنَا وَسَيِّدُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ. فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبادَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: قَتَلَهُ اللَّهُ3. رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بلال عنه، وهو صحيح السند.

_ 1 سورة الزمر: 30. 2 سورة آل عمران: 144. 3 صحيح: أخرجه البخاري "4452، 4453، 4454" في كتاب المغازي، باب: مرضه -صلى الله عليه وسلم- ووفاته، والبيهقي في "الدلائل" "7/ 215، 216".

وَقَالَ مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَائِلًا يَقُولُ: "لَوْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا" فَلَا يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ: كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً، وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الْأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّهُ كَانَ مِنْ خَيْرِنَا حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ، وَتَخَلَّفَ عَلِّيٌّ وَالزُّبَيْرُ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَخَلَّفَ الْأَنْصَارُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْنَا نَؤُمُّهُمْ، فَلَقِيَنَا رَجُلَانِ صَالِحَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَا: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَأْتُوهُمْ وَأَبْرِمُوا1 أَمْرَكُمْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ، فَأَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَإِذَا هُمْ مُجْتَمِعُوَن عَلَى رَجُلٍ مُزَّمِّلٍ2 بِالثِّيَابِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: سَعْدُ بْنُ عُبادَةَ مَرِيضٌ، فَجَلَسْنَا، وَقَامَ خَطِيبُهُمْ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ الْأَنْصَارُ وَكَتِيبَةُ الْإِيمَانِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ مِنَّا، وَقَدْ دَفَّتْ إِلَيْكُمْ دَافَّةٌ3 يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا4 مِنْ أَصْلِنَا وَيَحْضُنُونَا مِنَ الْأَمْرِ. قَالَ عُمَرُ: فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِمَقَالَةٍ قَدْ كَانَتْ أَعْجَبَتْنِي بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكَ، وَكُنْتُ أَعْرِفُ مِنْهُ الْجِدَّ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، وَهُوَ كَانَ خَيْرًا مِنِّي وَأَوْفَقَ وَأَوْقَرَ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فَوَاللَّهِ مَا تَرَكَ كَلِمَةً أَعْجَبَتْنِي إِلَّا قَدْ قَالَهَا وَأَفْضَلَ مِنْهَا حَتَى سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَهُوَ فِيكُمْ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، وَأَنْتُمْ أَهْلُهُ وَأَفْضَلَ مِنْهُ، وَلَنْ تَعْرِفَ الْعَرَبُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ، وَأَخَذَ بِيَدِي وَيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، قَالَ: فَمَا كَرِهْتُ شَيْئًا مِمَّا قَالَهُ غَيْرَهَا. كَانَ وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ إِلَى إِثْمٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ إِلَّا أَنْ تَتَغَيَّرَ نَفْسِي عند الموت، فقال رجل من الأنصار: إن جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أَمِيرٌ مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ، قَالَ: وَكَثُرَ اللَّغَطُ وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ حَتَى خَشِيتُ الْاخْتِلَافَ، فَقُلْنَا: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ المهاجرون وبايعه.

_ 1 أبرموا: أحكموا. 2 مزمل: متلقف. 3 الدافة: الجماعة تسير سيرا بطيئا. 4 يختزلونا: يقتطعونا.

الْأَنْصَارُ، وَنَزَوْا1 عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدًا، فَقُلْتُ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا، قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا أَمْرًا أَوْفَقَ مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ نَحْنُ فَارَقْنَا الْقَومَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةً أَنْ يُحْدِثُوا بَعْدَنَا بَيْعَةً، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى ما لا نرضى، وإما خالفناهم فيكون فساد. رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِطُولِهِ، فَزَادَ فِيهِ: قَالَ عُمَرُ: "فَلَا يَعْتَزِلِ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ: إنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً فَتَمَّتْ، فَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا، فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُتَابَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً، أَنْ يُقْتَلَا"2. مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. فأتاهم عمر فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟ قُلْتُ: يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ3. رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ زَائِدَةَ عَنْهُ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْميِّ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى عُمَرُ أَبَا عُبَيْدَةَ فَقَالَ: ابْسُطْ يَدَكَ لِأُبَايِعَكَ، فَإِنَّكَ أَمِينُ هَذِهِ الأمة على لسان رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِعُمَرَ: مَا رَأَيْتُ لَكَ فَهَّةً4 قَبْلَهَا مُنْذُ أَسْلَمْتَ، أَتُبَايِعُنِي وَفِيكُمُ الصِّدِّيقُ وَثَانِيَ اثْنَيْنِ؟ 5. وَرَوَى نَحْوَهُ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ أبي البختري. وقال ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: ابْسُطْ يَدَكَ نُبَايِعْ لَكَ، فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنْتَ أَقْوَى مِنِّي، قَالَ: إنَّ قُوَّتِي لَكَ مع فضلك6.

_ 1 نزوا: وثبوا. 2 صحيح: أخرجه البخاري "6830" في كتاب الحدود، باب: رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، وأحمد "1/ 55، 56". وأخرجه مسلم أصله "1691" في كتاب الحدود، باب: رجم الثيب في الزنى. 3 إسناده حسن: أخرجه أحمد، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "12/ 159": سنده حسن. 4 الفهة: السقطة. 5 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 96". 6 إسناده منقطع.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ تُوُفِّيَ اجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدٍ، فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ، فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ المُنْذِرِ، وَكَانَ بَدْرِيًّا فَقَالَ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ1. وَقَالَ وهيب: حدثنا داود بن أبي هند، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ خُطَبَاءُ الْأَنْصَارِ، فَجَعَلَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْكُمْ قَرَنَ مَعَهُ رَجُلًا مِنَّا، فَنَرَى أَنْ يَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ رَجُلَانِ مِنَّا وَمِنْكُمْ، قَالَ: وَتَتَابَعَتْ خُطَبَاءُ الْأَنْصَارِ عَلَى ذَلِكَ، فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْ حَيٍّ يَا مَعْشَرَ الأنصار وثبت قائلكم، أم والله فَعَلْتُمْ غَيْرَ ذَلِكَ لَمَّا صَالَحْنَاكُمْ، ثُمَّ أَخَذَ زَيْدٌ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكُمْ فَبَايِعُوهُ، قَالَ: فَلَمَّا قَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقوَمِ فَلَمْ يَرَ عليا، فسأل عنه، فقدم نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَتَوْا بِهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ وَخَتَنُهُ أَرَدْتُ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِميْنَ! فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَايَعَهُ، ثُمَّ لَمْ يَرَ الزُّبَيْرَ، فَسَأَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: ابْنُ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَوَارِيُّهُ أردتم أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِميْنَ! فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ2 يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، فَبَايَعَهُ3. رَوَى مِنْهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" إِلَى قَوْلِهِ "لَمَّا صَالَحْنَاكُمْ" عَنْ عَفَّانَ عَنْ وُهَيْبٍ، وَرَوَاهُ بِتَمَامِهِ ثِقَةٌ، عَنْ عَفَّانَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ عُمَرُ فِي خُطْبَتِهِ: وَإِنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَمَنْ مَعَهُمَا تَخَلَّفُوا عَنَّا، وَتَخَلَّفَتِ الْأَنْصَارُ عَنَّا بِأَسْرِهَا، فَاجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَجُلٌ يُنَادِي مِنْ وراء الجدار: اخرج يا ابن الْخَطَّابِ، فَخَرَجْتُ فَقَالَ: إِنَّ الْأَنْصَارَ قَدِ اجْتَمَعُوا فأدركوهم قبل أن يحدثوا أمرا يكون بينا وَبَيْنَهُمْ فِيهِ حَرْبٌ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: وَتَابَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ فَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدًا، قَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ وَأَنَا مُغْضَبٌ قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا فَإِنَّهُ صَاحِبُ فتنة وشر.

_ 1 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 97". 2 التثريب: اللوم. 3 أخرجه بتمامه البيهقي كما في "البداية" "3/ 316، 317".

وَهَذَا مِنْ حَدِيثِ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى مِثْلَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، وَابْنِ الْكَوَّاءِ، أَنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ذَكَرَ مَسِيرَه وَبَيْعَةَ الْمُهَاجِرِينَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَمُتْ فَجْأَةً، مَرِضَ لَيَالِي، يَأْتِيهِ بِلَالٌ فيؤذيه بِالصَّلَاةِ فَيَقُولُ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ بِالصَّلَاةِ"، فَأَرَادَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ أَنْ تَصْرِفَهُ إِلَى غَيْرِهِ فَغَضِبَ وَقَالَ: "إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ"، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اخْتَرْنَا وَاخْتَارَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْمُسْلِمُونَ لِدُنْيَاهُمْ مَنِ اخْتَارَهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لدينهم، وكان الصَّلَاةُ عِظَمَ الْأَمْرِ وَقِوَامَ الدِّينِ1. وَقَالَ الْوَلِيدُ بن مسلم: فحدثني محمد بن حرب، أنا الزبيري، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ الْآخِرَةَ قَالَ: حِينَ جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَدًا مَنْ مُتَوَفَّى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَشَهَّدَ عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قُلْتُ لَكُمْ أَمْسِ مَقَالَةً، وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَمَا قُلْتُ، وَمَا وَجَدْتُ الْمَقَالَةَ الَّتِي قُلْتُ لَكُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ولا في عهد عهده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَلَكِنْ رَجَوْتُ أَنَّهُ يَعِيشُ حَتَّى يُدَبِّرَنَا يَقُولُ حَتَّى يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- آخِرَنَا فَاخْتَارَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ مَا عِنْدَهُ عَلَى الَّذِي عِنْدَكُمْ، فَإِنْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ كِتَابَهُ الَّذِي هَدَى بِهِ مُحَمَّدًا، فَاعْتَصِمُوا بِهِ تَهْتَدُوا بِمَا هُدِيَ بِهِ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَانِيَ اثْنَيْنِ وَأَنَّه أَحَقُّ النَّاسِ بِأَمْرِهِمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ، وَكَانَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتِ الْبَيْعَةُ عَلَى الْمِنْبَرِ بَيْعَةَ الْعَامَّةِ، صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ مَعَ عُمَرَ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ كَسَرَ سَيْفَ الزُّبَيْرِ، ثم خطب أبو بكر واعتذر إلى النَّاسَ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى الْإِمَارَةِ يَوْمًا وَلَا لَيْلَةً وَلَا سَأَلْتُهَا اللَّهَ فِي سِرٍّ وَلَا عَلَانِيَةٍ، فَقَبِلَ الْمُهَاجِرُونَ مَقَالَتَهُ، وَقَالَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ: مَا غَضِبْنَا إِلَّا لِأَنَّا أخرنا عن المشاورة، إنا نَرَى أَبَا بَكْرٍ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا بَعْدَ

_ 1 إسناده ضعيف جدا: أبو بكر الهذلي متروك كما تقدم، وقد أخرج ابن سعد في "الطبقات" "2/ 97" بعضه.

رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ لصاحب الغارن وإنا لنعرف شرفه وخيره، ولقد أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِالصَّلَاةِ بِالنَّاسِ وَهُوَ حَيٌّ. وَقَدْ قِيلَ إِنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- تَمَادَى عَنِ الْمُبَايَعَةِ مدة: فقال يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ أَبِيهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ اجْتَمَعَ إِلَى عَلِيٍّ أَهْلُ بَيْتِهِ، فَبَعَثُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ: ائْتِنَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَا وَاللَّهِ لَا تَأْتِيهِمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لآتينهم، وما تخاف عَلَيَّ فِي أَنْفُسِكِمْ مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ الَّتِي وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ، وَوَاللَّهِ مَا صَنَعْتُ ذَلِكَ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُرِيدُ أَنْ أَكِلَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنْتُ أَرَى أثَرَهُ فِيهِ وَعَمَلَهُ إِلَى غَيْرِي حَتَّى أَسْلُكَ بِهِ سَبِيلَهُ وَأُنْفِذَهُ فِيمَا جَعَلَهُ اللَّهُ، وَوَاللَّهِ لَأَنْ أَصِلَكُمْ أَحَبُّ إِلَيَّ من أن أصل أهل قرابتي لقرابتك من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِعَظِيمِ حَقِّهِ. ثُمَّ تَشَهَّدَ عَلِيٌّ وَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ وَاللَّهِ مَا نَفَسْنَا عَلَيْكَ خَيْرًا جَعَلَهُ اللَّهُ لَكَ أَنْ لَا تَكُونَ أَهْلًا لِمَا أُسْنِدَ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّا كُنَّا مِنَ الْأَمْرِ حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ فَتَفُوتَ بِهِ عَلَيْنَا، فَوَجِدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُبَايِعَ وَأَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ، وَإِذَا كَانَتِ الْعَشِيَّةُ فَصَلِّ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ، وَاجْلِسْ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى آتِيَكَ فَأُبَايِعَكَ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَكِبَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ، وَمَا دَخَلَ فيه من أمر الجماعة والبيعة، وها هو ذا فَاسْمَعُوا مِنْهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه ثم أَبَا بَكْرٍ وَفَضْلَهُ وسِنَّهُ، وَأنَّهُ أَهْلٌ لِمَا سَاقَ اللَّهُ إِلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ، ثُمَّ قَامَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ: وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ، حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ. قِصَّةُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ: قَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ: حدثنا الْمُسْتَنِيرُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ، عَنْ عُرْوةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوَّلُ رِدَّةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى يَدِ عَبْهَلَةَ بْنِ كَعْبٍ، وَهُوَ الأسود في عامة

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4240، 4241" في كتاب المغازي، باب: غزوة خيبر، ومسلم "1759/ 52" في كتاب الجهاد، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة" وأبو داود "2968" في كتاب الخراج، باب: في صفايا رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الأموال.

مذحج: خرج بعد حجة الوداع، وكانت شعبادا1 يُرِيهُمُ الْأَعَاجِيبَ، وَيَسْبِي قُلُوبَ مَنْ يَسْتَمِعُ مَنْطِقَهُ، فَوَثَبَ هُوَ وَمَذْحِجٌ بِنَجْرَانَ إِلَى أَنْ صَارَ إلى صنعاء فأخذهم وَلَحِقَ بِفَرْوَةَ مَنْ تَمَّ عَلَى إِسْلَامِهِ، لَمْ يُكَاتِبِ الْأَسْوَدُ رَسْولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ يُشَاغِبُهُ، وَصَفا لَهُ مُلْكُ الْيَمَنِ2. فَرَوَى سَيْفٌ، عَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ صَخْرٍ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ بَالْجَنَدِ3 قَدْ أَقَمْنَاهُمْ عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَكَتَبْنَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الْكُتَبَ، إِذَا جَاءَنَا كِتَابٌ مِنَ الْأَسْوَدِ أَنْ أَمْسِكُوا عَلَيْنَا مَا أَخَذْتُمْ مِنْ أَرْضِنَا، وَوَفِّرُوا مَا جَمَعْتُمْ فَنَحْنُ أَوْلَى بِهِ، وَأَنْتُمْ عَلَى ما أنتم عليه، فبينا نحن ننظر في أمرنا إذا قِيلَ هَذَا الْأَسْوَدُ بِشَعُوبَ4، وَقَدْ خَرَجَ إِلَيْهِ شَهْرُ بْنُ بَاذَامَ، ثُمَّ أَتَانَا الْخَبَرُ أَنَّهُ قتل شها وَهَزَمَ الْأَبْنَاءَ، وَغَلَبَ عَلَى صَنْعَاءَ بَعْدَ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَخَرَجَ مُعَاذٌ هَارِبًا حَتَّى مَرَّ بِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ بِمَأْرِبَ، فَاقْتَحَمَا حَضْرَمَوْتَ. وَغَلَبَ الْأَسْوَدُ عَلَى مَا بَيْنَ أَعْمَالِ الطَّائِفِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَجَعَلَ يَسْتَطِيرُ اسْتِطَارَةَ الْحَرِيقِ، وَكَانَ مَعَهُ سَبْعُمِائَةِ فَارِسٍ يَومَ لَقِيَ شَهْرًا، وكان فؤاده: قَيْسُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، وَيَزِيدُ بْنُ مَخْزُومٍ، وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَاسْتَغْلَظَ أَمْرُهُ وَغَلَبَ عَلَى أَكْثَرِ اليمن، وارتد معه خلق، وعامل الْمُسْلِمُونَ بِالتَّقِيَّةِ، وَكَانَ خَلِيفَتَهُ فِي مَذْحِجٍ عَمْرُو بن معد يكرب، وَأَسْنَدَ أَمْرَ جُنْدِهِ إِلَى قَيْسِ بْنِ عَبْدِ بغوث، وَأَمَرَ الْأَبْنَاءَ إِلَى فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ، وَدَاذُوَيْهِ، فَلَمَّا أثخن في الأرض استخف بهؤلاء، وتزوج أمره شهر، وهي بنت عم فيروز، قال: فبينا نَحْنُ كَذَلِكَ بِحَضْرَمَوْتَ وَلَا نَأْمَنُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا الْأَسْوَدُ، وَقَدْ تَزَوَّجَ مُعَاذٌ فِي السَّكُونِ، إذا جَاءَتْنَا كُتُبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُنَا فِيهَا أَنْ نَبْعَثَ الرِّجَالَ لِمُجَاوَلَتِهِ وَمُصَاوَلَتِهِ، فَقَامَ مُعَاذٌ فِي ذَلِكَ، فَعَرَّفَنَا القُوَّةَ وَوَثَّقَنَا بالنصر5.

_ 1 أي مشعوذ. 2 إسناده ضعيف جدا: سيف بن عمر مصنف "الفتوح" هو كالواقدي متروك الحديث، واتهم بالوضع، كما في الميزان "3637". 3 الجند: بلدة باليمن. 4 شعوب: قصر باليمن. 5 إسناده ضعيف جدا.

وَقَالَ سَيْفٌ: فَحَدَّثَنَا الْمُسْتَنِيرُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ، عَنْ جِشْنِسَ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا وَبَرُ بْنُ يُحَنَّسَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَنَا فِيهِ بِالنُّهُوضِ فِي أَمْرِ الْأَسْوَدِ فَرَأَيْنَا أَمْرًا كثيفا، ورأينا الأسود قد تغير لقيس ابن عَبْدِ يَغُوثَ، فَأَخْبَرْنَا قَيْسًا وَأَبْلَغْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَأَنَّمَا وَقَعْنَا عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ فَأَجَابَنَا، وَجَاءَ وَبَرٌ وَكَاتَبْنَا النَّاسَ وَدَعَوْنَاهُمْ، فَأَخْبَرَ الْأَسْوَدَ شَيْطَانُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى قَيْسٍ فقال: ما يقول الملك؟ عَمَدْتُ إِلَى قَيْسٍ فَأَكْرَمْتُهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ منك كل مدخل ما مَيْلَ عَدُوِّكَ، فَحَلَفَ لَهُ وَتَنَصَّلَ، فَقَالَ: أَتُكَذِّبُ الملك؟ قد صدق وعرفى أَنَّكَ تَائِبٌ، قَالَ: فَأَتَانَا قَيْسٌ وَأَخْبَرَنَا فَقُلْنَا: كَمَنْ عَلَى حَذَرٍ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا الْأَسْوَدُ أَلَمْ أُشَرِّفْكُمْ عَلَى قَوْمِكُمْ، أَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْكُمْ؟ فَقُلْنَا: أَقِلْنَا مَرَّتَنَا هَذِهِ، فَقَالَ: فَلَا يَبْلُغْنِي عَنْكُمْ فَأَقْتُلَكُمْ، فَنَجَوْنَا وَلَمْ نَكِدْ، وَهُوَ فِي ارْتِيَابٍ مِنْ أَمْرِنَا، قَالَ: فَكَاتَبَنَا عَامِرُ بْنُ شَهْرٍ، وَذُو الْكَلَاعِ، وَذُو ظُلَيْمٍ، فَأَمَرْنَاهُمْ أَنْ لَا يَتَحَرَّكُوا بِشَيْءٍ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى امْرَأَتِهِ آذَادَ فقلت: يابنة عم قد عرف بَلاءَ هَذَا الرَّجُلِ، وَقَتَلَ زَوْجَكِ وَقَوْمَكِ وَفَضَحَ النِّسَاءَ، فَهَلْ مِنْ مُمَالأَةٍ عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: مَا خَلَقَ اللَّهُ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ، مَا يَقُومُ عَلَى حَقٍّ وَلَا يَنْتَهِي عَنْ حُرْمَةٍ، فَخَرَجْتُ فَإِذَا فَيْرُوزُ وَدَاذَوَيْهِ يَنْتَظِرَانِي، وَجَاءَ قَيْسٌ وَنحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُنَاهِضَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ قَبِلَ أَنْ يَجْلِسَ: الْمَلِكُ يَدْعُوكَ، فَدَخَلَ فِي عَشَرَةٍ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ، وَقَالَ يَا عَبْهَلَةُ أَمِنِّي تَتَحَصَّنُ بالرِّجَالِ، أَلَمْ أُخْبِرْكَ الْحَقَّ وَتُخْبِرْنِي الكذب، تريد قتلي! فقال: كَيْفَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَمُرْنِي بِمَا أَحْبَبْتَ، فَأَمَّا الْخَوفُ وَالْفَزَعُ فَأَنَا فِيهِمَا فَاقْتُلْنِي وَارْحَمْنِي، فَرَقَّ لَهُ وَأَخْرَجَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا وَقَالَ: اعْمَلُوا عَمَلَكُمْ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا الْأَسْوَدُ فِي جَمْعٍ، فَقُمْنَا لَهُ، وَبِالْبَابِ مِائَةُ بَقَرَةٍ وَبَعِيرٍ فَنَحَرَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَحَقُّ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ يَا فَيْرُوزُ؟ لَقَدْ هَمَمْتُ بِقَتْلِكَ، فَقَالَ: اخْتَرْتَنَا لِصِهْرِكَ وَفَضَّلْتَنَا عَلَى الْأَبْنَاءِ، وَقَدْ جَمَعَ لَنَا أَمْرَ آخِرَةٍ وَدُنْيَا، فَلَا تَقْبَلَنَّ عَلَيْنَا أَمْثَالَ مَا يَبْلُغُكَ. فَقَالَ: اقْسِمْ هَذِهِ، فَجَعَلْتُ آمُرُ لِلِرَّهْطِ بِالْجَزُورِ، ثُمَّ اجْتَمَعَ بِالْمَرْأَةِ فَقَالَتْ: هُوَ مُتَحَرِّزٌ، وَالْحَرَسُ مُحِيطُونَ بِالْقَصْرِ سِوَى هَذَا الْبَابِ فَانْقُبُوا عَلَيْهِ، وهيأت لنا سراحا، وَخَرَجَتْ فَتَلَقَّانِي الْأَسْوَدُ خَارِجًا مِنَ الْقَصْرِ فَقَالَ: مَا أَدْخَلَكَ؟ وَوَجَأَ رَأْسِي فَسَقَطْتُ، فَصَاحَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ: ابْنُ عَمِّي زَارَنِي، فَقَالَ: اسْكُتِي لَا أبالك فَقَدْ وَهَبْتُهُ لَكِ، فَأَتَيْتُ أَصْحَابِي وَقُلْتُ: النَّجَاءُ، وأخبرتهم الخبر، فأنا على ذلك إذ

جَاءَنِي رَسُولُهَا: لَا تَدَعَنَّ مَا فَارَقْتُكَ عَلَيْهِ. فَقُلْنَا لِفَيْرُوزَ: ائْتِهَا وَأَتْقِنْ أَمْرَنَا، وَجِئْنَا بِاللَّيْلِ ودخلنا، فإذا سراج تحت جقنة، فَاتَّقَيَا بِفَيْرُوزَ، وَكَانَ أَنْجَدَنَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْبَيْتِ سَمِعَ غَطِيطًا شَدِيدًا، وَإِذَا الْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ، فلما قام بفيروز عَلَى الْبَابِ أَجْلَسَ الْأَسْوَدَ شَيْطَانُهُ وَكَلَّمَهُ فَقَالَ أَيْضًا: فَمَا لِي وَلَكَ يَا فَيْرُوزُ، فَخَشِيَ إِنْ رَجَعَ أَنْ يَهْلِكَ هُوَ وَالْمَرْأَةُ فَعَاجَلَهُ وَخَالَطَهُ وَهُوَ مِثْلُ الْجَمَلِ، فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ فَدَقَّ عنقه وقتله، ثم قام ليخرج فأخذته الْمَرْأَةُ بِثَوْبِهِ تُنَاشِدُهُ، فَقَالَ: أَخْبِرْ أَصْحَابِي بِقَتْلِهِ، فأتانا فقمنا معه، فأردنا حز رَأْسِهِ فَحَرَّكَهُ الشَّيْطَانُ وَاضْطَرَبَ فَلَمْ يُضْبِطْهُ فَقَالَ: اجْلِسُوا عَلَى صَدْرِهِ، فَجَلَسَ اثْنَانِ وَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ بشعره، وسمعنا بَرْبَرَةً فَأَلْجَمْتُهُ بَمِلَاءَةٍ، وَأَمَرَّ الشَّفْرَةَ عَلَى حَلْقِهِ، فَخَارَ كَأَشَدِّ خُوَارِ ثَوْرٍ، فَابْتَدَرَ الْحَرَسُ الْبَابَ: مَا هَذَا مَا هَذَا؟ قَالَتْ: النَّبِيُّ يُوحَى إِلَيْهِ، قَالَ: وَسَمَرْنَا لَيْلَتَنَا كَيْفَ نُخْبِرُ أَشْيَاعَنَا، فَأَجْمَعْنَا عَلَى النِّدَاءِ، بِشِعَارِنَا ثُمَّ بِالْأَذَانِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى دَاذَوَيْهِ بِالشِّعَارِ، فَفَزِعَ الْمُسْلِمُونَ وَالْكَافِرُونَ، وَاجْتَمَعَ الْحَرَسُ فَأَحَاطُوا بِنَا، ثُمَّ نَادَيْتُ بِالْأَذَانِ، وَتَوَافَتْ خُيُولُهُمْ إِلَى الْحَرَسِ، فَنَادَيْتُهُمْ أَشْهَدُ أن محمد رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ عَبْهَلَةَ كَذَّابٌ، وَأَلْقَيْنَا إِلَيْهِمُ الرَّأْسَ، وَأَقَامَ وَبَرُ الصَّلَاةَ، وَشَنَّهَا الْقَوْمُ غَارَةً، وَنَادَيْنَا: يَا أَهْلَ صَنْعَاءَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ داخل فتعلوا بِهِ، فَكَثُرَ النَّهْبُ وَالسَّبْيُ، وَخَلُصَتْ صَنْعَاءُ وَالْجُنْدُ، وَأَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ، وَتَنَافَسْنَا الْإِمَارَةَ، وَتَرَاجَعَ أَصْحَابُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاصْطَلَحْنَا عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، فَكَانَ يُصَلِّي بِنَا وَكَتَبْنَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخبر فتقدمت رُسُلُنَا، وَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- صبيحنئذ فَأَجَابَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْهُ1. وَرَوَى الْوَاقِديُّ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ: بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ قَيْسَ بْنَ مَكْشُوحٍ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَتَلَ الْأَسْوَدَ الْعَنْسِيَّ، هُوَ وَفَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيَّ2 وَلِقَيْسٍ هَذَا أَخْبَارٌ، وَقَدِ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسَرَهُ الْمُسْلِمُونَ فَعَفَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقُتِلَ مَعَ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ. جَيْشُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ في

_ 1 إسناده ضعيف جدا. 2 إسناده ضعيف جدا: الواقدي متروك كما تقدم.

مرضه: "أنقذوا جيشَ أُسَامَةَ"، فَسَارَ حَتَّى بَلَغَ الْجُرْفَ1، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بِنتُ قَيْسٍ تَقُولُ: لَا تَعْجَلْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ثَقِيلٌ، فَلَمَّا يَبْرَحْ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قُبِضَ رَجَعَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَنِي وَأَنَا عَلَى غَيْرِ حَالِكُمْ هَذِهِ، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تَكْفُرَ الْعَرَبُ، وَإِنْ كَفَرَتْ كَانُوا أَوَّلَ مَنْ يُقَاتِلُ، وَإِنْ لَمْ تَكْفُرْ مَضَيْتُ، فَإِنَّ مَعِيَ سَرَوَاتِ النَّاسِ وَخِيَارَهُمْ، قَالَ: فَخَطَبَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لأن تخطفي الطَّيْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَبْدَأَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَبَعَثَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَاسْتَأْذَنَ لِعُمَرَ أَنْ يَتْرُكَهُ عِنْدَهُ، وَأَمَرَ أَنْ لَا يَجْزِرَ في القوم، أن يقع الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلَ وَالْأَوسَاطَ فِي الْقِتَالِ، قَالَ: فَمَضَى حَتَّى أَغَارَ، ثُمَّ رَجَعُوا وَقَدْ غَنِمُوا وَسَلِمُوا. فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: مَا كُنْتُ لِأُحَيَّيَ أَحَدًا بِالْإِمَارَةِ غَيْرَ أُسَامَةَ؛ لَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُبِضَ وَهُوَ أَمِيرٌ، قَالَ: فَسَارَ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الشَّامِ أَصَابَتْهُمْ ضَبَابَةٌ شَدِيدَةٌ فَسَتَرَتْهُمْ، حَتَّى أَغَارُوا وَأَصَابُوا حَاجَتَهُمْ، قَالَ: فَقُدِمَ بِنَعْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى هِرَقْلَ وَإِغَارَةِ أُسَامَةَ فِي نَاحِيَةِ أَرْضِهِ خَبَرًا وَاحِدًا، فَقَالَتِ الرُّومُ: مَا بَالُ هَؤُلَاءِ يَمُوتُ صَاحِبُهَا ثُمَّ أَغَارُوا عَلَى أَرْضِنَا2. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَارَ أُسَامَةُ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ حَتَّى بَلَغَ أَرْضَ الشَّامَ وَانْصَرَفَ، فَكَانَ مَسِيرُهُ ذَاهِبًا وَقَافِلًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا3. وَقِيلَ: كَان ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْبَيعَةِ، وَاطْمَأَنَّ النَّاسُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: امْضِ لِوَجْهِكَ. فَكَلَّمَهُ رِجَالٌ من المهاجرين والأنصار وقالوا: أَمْسِكْ أُسَامَةَ وَبَعْثَهُ فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ تَمِيلَ علينا العرب إذا سمعوا بوفاة رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنَا أَحْبِسُ جَيْشًا بَعَثَهُمْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! لَقَدِ اجْتَرَأْتَ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ تَمِيلَ عَلَيَّ الْعَرَبُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْبِسَ جَيْشًا بَعَثَهُمْ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امض يا أسامة في

_ 1 الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة جهة الشام. 2 مرسل. 3 مرسل.

جَيْشِكَ لِلْوَجْهِ الَّذِي أُمِرْتَ بِهِ، ثُمَّ اغْزُ حَيْثُ أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ نَاحِيَةِ فِلِسْطِينَ، وَعَلَى أَهْلِ مُؤْتَة، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَكْفِي مَا تَرَكْتَ، وَلَكِنْ إِنْ رأيت أن تأذن لعمر فأستبشره وَأَسْتَعِينَ بِهِ فَافْعَلْ، فَفَعَلَ أُسَامَةُ، وَرَجَعَ عَامَّةُ الْعَرَبِ عَنْ دِينِهِمْ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ، وَغَطَفَانُ وَأسَدٌ وَعَامَّةُ أَشْجَعَ، وَتَمَسَّكَتْ طَيِّءٌ بِالْإِسْلَامِ1. شَأْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَالَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ سألت أبي بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مما أفاء الله عليه، فقال لها: رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" فَغَضِبَتْ وَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ حَتَى تُوُفِّيَتْ2. وَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، حَتَّى كُنْتُ أَنَا رَدَدْتُهُنَّ فَقُلْتُ لَهُنَّ: أَلَا تَتَّقِينَ اللَّهَ أَلَمْ تَسْمَعْنَ من رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ" 3. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بعد نفقة نسائي ومؤنة عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ" 4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ -وَهُوَ مَتْرُوكٌ- عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ: إِنَّ فَاطِمَةَ دَخَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَرَأَيْتَ لَوْ مُتَّ الْيَومَ مَنْ كَانَ يَرِثُكَ؟ قَالَ: أَهْلِي وَوَلَدِي فقالت: ما لك تَرِثُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ دون أهله وولده!

_ 1 مرسل إسناده ضعيف. 2 تقدم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "6730" في كتاب الفرائض، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا صدقة"، ومسلم "1758" في كتاب الجهاد، باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة"، ومالك في "الموطأ" "1635"، وأبو داود "2976، 2977" في كتاب الخراج، باب: في صفايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "6729" في المصدر السابق، ومسلم "1760" في المصدر السابق، ومالك في "الموطأ" "1936"، وأبو داود "2974" في المصدر السابق، وأحمد "2/ 242".

فَقَالَ: مَا فَعَلْتُ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ. قَالَتْ: بَلَى قَدْ عَمَدْتَ إِلَى فَدَكَ1 وَكَانَتْ صَافِيةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخَذْتَهَا، وَعَمَدْتَ إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتَهُ مِنَّا، فَقَالَ: لَمْ أَفْعَلْ، حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُطْعِمَ النَّبِيَّ الطَّعْمَةَ مَا كَانَ حَيًّا فَإِذَا قبضه رفعها، فقالت: أنت رسول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْلَمُ، مَا أَنَا بِسَائِلَتِكَ بَعْدَ مَجْلِسِي هَذَا2. ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنْتَ وريثة رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أم أَهْلُهُ؟ فَقَالَ: لَا بَلْ أَهْلُهُ، قَالَتْ: فَأَيْنَ سَهْمُهُ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعلها للذين يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ"، فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى المُسْلِمينَ، قَالَتْ: أَنْتَ وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَهُوَ مُنْكَرٌ، وَأَنْكَرُ مَا فِيهِ قَوْلُهُ: "لَا، بَلْ أَهْلُهُ". وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مسلم، وعمر بن عبد الواحد، حدثنا صَدَقَةُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِيقِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتْ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَتْ: قد علمت الذي خلفنا عنه عن الصَّدَقَاتِ أَهْلَ الْبَيْتِ. ثُمّ قَرَأَتْ عَلَيْهِ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} 4 إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ لَهَا: بِأَبي وَأُمِّي أَنْتِ وَوَالِدُكِ وَوَلَدُكِ، وَعَلَيَّ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ كِتَابُ اللَّهِ وَحقُّ رَسُولِهِ وَحَقُّ قَرَابَتِهِ، وَأَنَا أَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مِثْلَ الَّذِي تَقْرَئِينَ، وَلَا يَبْلُغُ عِلْمِي فِيهِ أَنْ أَرَى لِقَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذَا السَّهْمَ كُلَّهُ مِنَ الْخُمُسِ يَجْرِي بِجَمَاعَتِهِ عَلَيْهِمِ، قَالَتْ: أفلك هو ولقرابتك؟ قال: لا، وأنت

_ 1 فداك: قرية بالحجاز، بينها وبين المدينة يومان. 2 إسناده ضعيف جدا: أبو صالح ضعيف، ويظهر لي أنه لم يدرك أبا بكر، ومحمد بن السائب هو الكلبي، متروك كما تقدم. 3 أخرجه أحمد "1/ 4" بهذا اللفظ، وقوله: "لا، بل أهله" أنكرها المصنف كما يأتي، وتبعه على إنكارها الحافظ ابن كثير، في "البداية" "3/ 366"، والحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 233". والحديث أخرجه أبو داود "2973" في كتاب الخراج، باب: في صفايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دون هذه اللفظة، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 4 سورة الأنفال: 41.

عِنْدِي أَمِينَةٌ مُصَدَّقةٌ، فَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهِدَ إِلَيْكِ فِي ذَلِكَ عَهْدًا وَوَعَدَكِ مَوْعِدًا أوْجَبَهُ لَكِ حَقًّا وسلمه إِلَيْكِ، قَالَتْ: لَا، أَلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَالَ: "أَبْشِرُوا آلَ مُحَمَّدٍ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْغِنَى". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتِ فَلَكِ الْغِنَى، وَلَمْ يَبْلُغْ عِلْمِي فِيهِ وَلَا بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يُسَلَّمَ هَذَا السَّهْمُ كُلُّهُ كَامِلًا، ولكن لكم الغني يُغْنِيكُمْ، وَيَفْضُلُ عَنْكُمْ، فَانْظُرِي هَلْ يُوَافِقُكِ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَانْصَرَفَتْ إِلَى عُمَرَ فَذَكَرَتْ لَهُ كَمَا ذَكَرَتْ لِأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهَا مِثْلُ الَّذِي رَاجَعَهَا بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبَتْ وظنت أنهما قد تذاكرا ذلك واجتمعنا عَلَيْهِ1. وَبِالْإِسْنَادِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -مِنْ دُونِ ذِكْرِ الْوَلِيدِ بْنِ مسْلمٍ- قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ عَرَضَ عَلَيْنَا أَنْ يُعْطِينَا مِنَ الْفَيْءِ بِحَقِّ مَا يَرَى أَنَّهُ له مِنَ الْحَقِّ، فَرَغِبْنَا عَنْ ذَلِكَ وَقُلْنَا: لَنَا مَا سَمَّى اللَّهُ مِنْ حَقِّ ذِي الْقُرْبَى، وَهُوَ خُمْسُ الْخُمُسِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ لَكُمْ مَا تَدَّعُونَ أَنَّهُ لَكُمْ حَقٌّ، إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الْخُمُسَ لِأَصْنَافٍ سَمَّاهُم، فَأَسْعَدُهُمْ فِيهِ حَظًّا أَشَدُّهُمْ فَاقَةً وَأَكْثَرُهُمْ عِيَالًا، قَالَ: فَكَانَ عُمَرُ يُعْطِي مَنْ قَبِلَ مِنَّا مِنَ الْخُمْسِ وَالْفَيْءِ نَحْوَ مَا يَرَى أَنَّهُ لَنَا، فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنَّا نَاسٌ وَتَرَكَهُ نَاسٌ2. وَذَكَرَ الزُّهْرِيُّ أَنَّ مالك بن أوس الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ لِي: يَا مَالِكُ إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِي، قَالَ: اقْبِضْهُ أيُّهَا الْمَرْءُ، قَالَ: وَأَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَالزُّبَيْرِ، وعبد الرحمن، وسعد يستأذنون؟ قال: نعم، فدخولا وَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ لَبِثَ يَرْفَأُ قَلِيلًا، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا دَخَلَا سَلَّمَا فَجَلَسَا، فَقَالَ عباس: يا أمير المؤمنين: اقضي بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الظَّالِمِ الْفَاجِرِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ، فَاسْتَبَّا، فَقَالَ عُثْمَانُ وَغيَرُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخِرِ، فَقَالَ: أنشدكما بالله هل تعلمنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" قَالَا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، قَالَ: فَإنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ قَدْ خَصَّ رسوله في هذا.

_ 1 إسناده ضعيف: يزيد الرقاشي ضعيف كما في "التقريب" 7638". 2 إسناده ضعيف: للجهالة فيه.

الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ غَيْرَهُ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ} 1، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدِ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ، قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَبَضَهَا وَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، وَأَنْتُمَا تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بكر فيها كَاذِبٌ فَاجِرٌ غَادِرٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّه فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ، ثُمَّ تَوَفَّاهُ اللَّهُ فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي، أَعْمَلُ فِيهَا بِعَمَلِهِ، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَشْهَدُونَ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ عَلِيٌّ وَعَبَّاسٌ يَزْعُمُونَ أَنِّي فِيهَا فَاجِرٌ كَاذِبٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهَا لَصَادِقٌ بار راشد تابع للحق، ثم جئتماني وكلمتكما وَاحدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، فَجِئْتَنِي تَسْأَلُنِي عَنْ نَصِيبِكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِي هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ نَصِيبِ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقةٌ" فَلَمَّا بَدَا لِيَ أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْكُمَا قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَإِلَّا فَلَا تُكَلِّمَانِي فَقُلْتُمَا: ادفعها إلينا بذلك، فدفعتها إليكما أنشدكما ما بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنْي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ! فَوَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ أَكْفِيكُمَاهَا2. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

_ 1 سورة الحشر: 6. 2 صحيح أخرجه البخاري "3094" في كتاب فرض الخمس، باب: رقم "1"، ومسلم "1757" في كتاب الجهاد، باب: حكم الفيء، وأبو داود "2963" في كتاب الخراج، باب: في صفايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والترمذي "1616" في كتاب السير، باب: ما جاء في تركة النبي -صلى الله عليه وسلم- والنسائي "7/ 136، 137"، في كتاب قسم الفيء، باب: رقم "1"، وأحمد "1/ 25"، والشافعي في "مسنده" "ص332".

يَقُولُ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي شَيْئًا مِمَّا تَرَكْتُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" 1 فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْعَبَّاسُ، وكانت فيها خصومتها، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَقْسِمَهَا بَيْنَهُمَا حَتَّى أَعْرَضَ عنها عباس فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا عَلِيٌّ، ثُمَّ كَانَتْ عَلَى يَدَيِ الْحَسَنِ، ثُمَّ كَانَتْ بِيَدِ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَالْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ، كِلَاهُمَا يتداولانها، ثم بيد زيد، وهي صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا. خَبَرُ الرِّدَّةِ: لَمَّا اشْتُهِرَتْ وَفَاةُ النَّبِيِّ بِالنَّوَاحِي، ارْتَدَّتْ طَوَائِفُ كَثِيرَةٌ مِنَ الْعَرَبِ عَنِ الْإسْلَامِ وَمَنَعُوا الزَّكَاةَ، فَنَهَضَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لِقِتَالِهِمْ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَغَيْرُهُ أَنْ يَفْتِرَ عَنْ قِتَالِهِمْ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا أَوْ عِنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَمَنْ قَالَهَا عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَدَمَهُ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصلاة والزكاة، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَقَدْ قَالَ: إِلَّا بِحَقِّهَا فَقَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ2، فَعَنْ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ حتى بلغ نفعا3، حِذَاءَ نَجْدَ، وَهَرَبَتِ الْأَعْرَابُ بِذَرَارِيهِمْ، فَكَلَّمَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَقَالُوا: ارْجِعْ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنِّسَاءِ وَأَمِّرْ رَجُلًا عَلَى الْجَيْشِ، وَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى رَجَعَ وَأَمَرَ خَالِدَ بْنَ الوليد، وقال له: إذا أسلموا وأعطو الصَّدَقَةَ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَرْجِعْ، وَرَجَعَ أَبُو بكر إلى المدينة4.

_ 1 تقدم. 2 صحيح: أخرجه البخاري "1399" في كتاب الزكاة، باب: وجوب الزكاة، ومسلم "20" في كتاب الإيمان، باب: رقم "8" وأبو داود "1556" في أول كتاب الزكاة، والترمذي "2616" في كتاب الإيمان باب: رقم "1"، والنسائي "5/ 14" في كتاب الزكاة، باب: مانع الزكاة، وأحمد "1/ 29، 35، 36، 47، 48"، وعبد الرزاق "18718"، والطبراني في "الأوسط "941"، وأبو نعيم في "الحلية" "1816، 3030"، والبيهقي في "سننه" "4/ 104"، وابن حبان "216، 217"، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه. 3 النقع: موضع قرب مكة. 4 مرسل.

وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مَسِيرُهُ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ فَبَلَغَ ذَا الْقَصَّةِ، وَهِيَ عَلَى بَرِيدَيْنِ وَأَمْيَالٍ مِنْ نَاحِيةِ طَرِيقِ الْعِرَاقِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِنَانًا الضَّمْرِيَّ، وَعَلَى حِفْظِ أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ عَبْدَ الله بن مسعود. وقال ابن لهيعة: أنبأنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَ خَالِدًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ النَّاسَ عَلَى خَمْسٍ، مَنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ قَاتَلَهُ كَمَا يُقَاتِلُ مَنْ تَرَكَ الْخَمْسَ جَمِيعًا: عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ1. وَقَالَ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ: لَوْ نَزَلَ بِالْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ مَا نَزَلَ بِأَبِي لَهَاضَهَا2، اشْرَأَبَّ3 النِّفَاقُ بِالْمَدِينَةِ وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، فَوَاللَّهِ مَا اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بِحَظِّهَا مِنَ الْإِسْلَامِ. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لَهُ: إِنَّكَ لَا تَصْنَعُ بِالْمَسِيرِ بِنَفْسِكَ شَيْئًا، وَلَا تَدْرِي لِمَنْ تَقْصِدُ، فَأَمُرْ مَنْ تَثِقُ بِهِ وَارْجِعْ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَإِنَّكَ تَرَكْتَ بِهَا النِّفَاقَ يَغْلِي، فَعَقَدَ لِخَالِدٍ عَلَى النَّاسِ، وَأَمَّرَ عَلَى الْأَنْصَارِ خَاصَّةً ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَأَمَرَ خَالِدًا أَنْ يَصْمُدَ لِطُلَيْحَةَ الْأَسْدِيِّ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَارَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ ذِي الْقَصَّةِ فِي أَلْفَيْنِ وَسَبْعِمِائَةٍ إِلَى ثَلَاثَةِ آلَافٍ، يُرِيدُ طُلَيْحَةَ، وَوَجَّهَ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيَّ حَلِيفَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ الْأَنْصَارِيَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فَانْتَهَوْا إِلَى قَطَنٍ4 فَصَادَفُوا فِيهَا حِبَالًا مُتَوَجِّهًا إِلَى طُلَيْحَة بِثُقْلِهِ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا مَا مَعَهُ، فَسَارَ وَرَاءَهُمْ طُلَيْحَةُ وَأَخُوهُ سَلَمَةُ فَقَتَلَا عُكَّاشَةَ وَثَابِتًا. وَقَالَ الْوَلِيدُ الْمُوَقَّرِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: فَسَارَ خَالِدٌ لِقِتَالِ طُلَيْحَةَ الْكَذَّابَ فَهَزَمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ قَدْ بَايَعَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ، فَلَمَّا رَأَى طُلَيْحَةُ كَثْرَةَ انْهِزَامِ أَصْحَابِهِ قَالَ: مَا يَهْزِمُكُمْ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أُحَدِّثُكَ، لَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إلَّا وَهُوَ يُحِبُ أَنْ يموت

_ 1 إسناده ضعيف: أسامة بن زيد ضعيف كما في "التقريب" "315"، وابن لهيعة كذلك. 2 هاضها: كسرها. 3 اشرأب: تطاول. 4 قطن: جبل بني أسد.

صَاحِبُهُ قَبْلَهُ، وَإِنَّا نَلْقَى قَوْمًا كُلَّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ، وَكَانَ طُلَيْحَةُ رَجُلًا شَدِيدَ الْبَأْسِ فِي الْقِتَالِ، فَقَتَلَ طُلَيْحَةُ يَوْمَئِذٍ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ وَثَابِتَ بْنَ أَقْرَمَ، وَقَالَ طُلَيْحَةُ: عَشِيَّةَ غَادَرْتُ ابْنَ أَقْرَمَ ثَاوِيًا ... وَعُكَّاشَةُ الْغَنْمِيُّ تَحْتَ مَجَالِي أَقَمْتُ لَهُمْ صَدْرَ الْحِمَالَةِ إِنَّهَا ... مُعَاوَدَةٌ قَبْلَ الْكُمَاةِ نِزَالِي فَيَوْمًا تَرَاهَا فِي الْجَلَالِ مَصُونَةً ... وَيَوْمًا تَرَاهَا فِي ظِلَالٍ عوال فما ظنكم بالقوم إذا تَقْتُلُونَهُمْ ... أَلَيْسُوا وَإِنْ لَمْ يَسْلَمُوا بِرِجَالِ فَإِنْ تَكُ أَذْوَادٌ أُصِبْنَ وَنِسْوَةٌ ... فَلَمْ تَرْهَبُوا فَرْغًا بِقَتْلِ حِبَالِ فَلَمَّا غَلَبَ الْحَقُّ طُلَيْحَةَ تَرَجَّلَ. ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، فَرَكِبَ يَسِيرُ فِي النَّاسِ آمِنًا، حَتَّى مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى مَكَّةَ فَقَضَى عُمْرَتَهُ، ثُمَّ حَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ خَالِدًا لَقِيَ طُلَيْحَةَ بِبُزَاخَةَ1، وَمَعَ طُلَيْحَةَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَقُرَّةُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْقُشَيْرِيُّ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ هَرَبَ طُلَيْحَةُ وَأُسِرَ عُيَيْنَةُ وَقُرَّةُ، وَبُعِثَ بِهِمَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَحَقَنَ دِمَاءَهُمَا. وَذُكِرَ أَنَّ قَيْسَ بْنَ مَكْشُوحٍ أَحَدَ مَنْ قَتَلَ الْأَسْوَدَ الْعَنْسِيَّ ارْتَدَّ. وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْأَسْوَدِ، وَخَافَهُ أَهْلُ صَنْعَاءَ، وَأَتَى قَيْسٌ إِلَى فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ وَدَاذَوَيْهَ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي شَأْنِ أَصْحَابِ الْأَسْوَدِ خَدِيعَةً مِنْهُ، فَاطْمَأَنَّا إِلَيْهِ، وَصَنَعَ لَهُمَا مِنَ الْغَدِ طَعَامًا، فَأَتَاهُ دَاذَوَيْهِ فَقَتَلَهُ. ثُمَّ أَتَاهُ فَيْرُوزُ فَفَطِنَ بِالْأَمْرِ فَهَرَبَ، ولقيه جشيش ابن شَهْرٍ وَمَضَى مَعَهُ إِلَى جِبَالِ خَوْلَانَ، وَمَلَكَ قَيْسٌ صَنْعَاءَ، فَكَتَبَ فَيْرُوزُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْتَمِدُّهُ، فَأَمَدَّهُ، فَلَقَوْا قَيْسًا فَهَزَمُوهُ ثُمَّ أَسَرُوهُ وَحَمَلُوهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَوَبَّخَهُ: فَأَنْكَرَ الرِّدَّةَ: فَعَفَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَسَارَ خَالِدٌ -وَكَانَ سَيْفًا مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ تَعَالَى- فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى نَزَلَ بِبُزَاخَةَ، وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ طيء: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْدَمَ عَلَيْنَا فَإِنَّا سَامِعُونَ مُطِيعُونَ، وَإِنْ شِئْتَ، نَسِيرُ إِلَيْكَ؟ قَالَ خَالِدٌ: بل أنا

_ 1 بزاخة: ماء لطيء بأرض نجد.

ظَاعِنٌ إِلَيْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِبُزَاخَةَ، وَجَمَعَ لَهُ هُنَاكَ الْعَدُوُّ بَنُو أَسَدٍ وَغَطَفَانُ فَاقْتَتَلُوا، حَتَّى قُتِلَ مِنَ الْعَدُوِّ خَلْقٌ وَأُسِرَ مِنْهُمْ أُسَارَى، فَأَمَرَ خَالِدٌ بِالْحُظُرِ أَنْ تُبْنَى ثُمَّ أَوْقَدَ فِيهَا النِّيرَانَ وَأَلْقَى الْأُسَارَى فِيهَا، ثُمَّ ظَعَنَ يُرِيدُ طَيِّئًا، فَأَقْبَلَتْ بَنُو عَامِرٍ وَغَطَفَانُ وَالنَّاسُ مُسْلِمِينَ مُقِرِّينَ بِأَدَاءِ الْحَقِّ، فَقَبِلَ مِنْهُمْ خَالِدٌ. وقُتِلَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ التَّمِيمِيُّ فِي رِجَالٍ مَعَهُ مِنْ تَمِيمٍ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: نَحْنُ رَاجِعُونَ، قَدْ أَقَرَّتِ الْعَرَبُ بِالَّذِي كَانَ عَلَيْهَا، فَقَالَ خَالِدٌ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: قَدْ لَعَمْرِي آذَنُ لكم، وقد أجمع أميركم بالمسير إلى مسيلمة بن تمامة الْكَذَّابِ، وَلَا نَرَى أَنْ تَفَرَّقُوا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ حَسَنٍ، وَإِنَّهُ لَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ فَارَقَ أَمِيرَهُ وَهُوَ أَشَدُّ مَا كَانَ إِلَيْهِ حَاجَةً، فَأَبَتِ الْأَنْصَارُ إِلَّا الرُّجُوعَ وَعَزَمَ خَالِدٌ وَمَنْ مَعَهُ، وَتَخَلَّفَتِ الْأَنْصَارُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ يَنْظُرُونَ فِي أَمْرِهِمْ، وَنَدِمُوا وقالوا: ما لكم وَاللَّهِ عُذْرٌ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ إِنْ أُصِيبَ هَذَا الطَّرَفُ وَقَدْ خَذَلْنَاهُمْ، فَأَسْرَعُوا نَحْوَ خَالِدٍ وَلَحِقُوا بِهِ، فَسَارَ إِلَى الْيَمَامةِ، وَكَانَ مُجَّاعَةُ بْنُ مُرَارَةَ سَيِّدُ بَنِي حَنِيفَةَ خَرَجَ فِي ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ فَارِسًا يَطْلُبُ دِمَاءً فِي بَنِي عَامِرٍ، فَأَحَاطَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ، فَقَتَلَ أَصْحَابَ مُجَّاعَةَ وَأَوْثَقَهُ. وَقَالَ الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنِي أَخِي عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ آلِ عَدِيٍّ، عَنْ وَحْشِيٍّ قَالَ: خَرَجْنَا حَتَّى أَتَيْنَا طُلَيْحَةَ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، فَقَالَ خَالِدٌ: لَا أَرْجِعُ حَتَّى آتِيَ مُسَيْلِمَةَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بينا وَبَيْنَهُمْ فَقَالَ لَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ: إِنَّمَا بعثنا إلى هؤلاء وقد كفى الله مؤنتهم، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ، وَسَارَ، ثُمَّ تَبِعَهُ ثَابِتٌ بَعْدَ يَوْمٍ فِي الْأَنْصَارِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ بُزَاخَةَ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلُونَهُ الصُّلْحَ، خَيَّرَهُمْ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَ حَرْبٍ مُجَلِّيَةٍ أَوْ حِطَّةٍ مُخْزِيَةٍ، فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ أَمَّا الْحَرْبُ فَقَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا الْحِطَّةُ الْمُخْزِيَةُ؟ قَالَ: تُؤْخَذُ مِنْكُمُ الْحَلْقَةُ وَالْكُرَاعُ1 وَتُتْرَكُونَ أَقْوَامًا تَتْبَعُونَ أَذْنَابَ الْإِبِلِ حَتَّى يُرِيَ اللَّهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ وَالْمُؤْمِنِينَ أن قتلانا في الجنة وأن قتلاكم فِي النَّارِ، وَتَدُونَ قَتْلَانَا وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا قَوْلُكَ "تَدُونَ قَتْلَانَا" فَإِنَّ

_ 1 الكرع: اسم لجميع الخيل.

قَتْلَانَا قُتِلُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا دِيَاتَ لَهُمْ. فَاتُّبِعَ عُمَرُ، وَقَالَ عُمَرُ فِي الْبَاقِي: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ. مَقْتَلُ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ التيمي الْحَنْظَلِيِّ الْيَرْبُوعِيِّ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أُتِيَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ فِي رَهْطٍ مِنْ قَوْمِهِ بَنِي حَنْظَلَةَ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَسَارَ فِي أَرْضِ تَمِيمٍ، فَلَمَّا غَشَوْا قَوْمًا مِنْهُمْ أَخَذُوا السِّلَاحَ وَقَالُوا: نَحْنُ مُسْلِمُونَ، فَقِيلَ لَهُمْ: ضَعُوا السِّلَاحَ، فَوَضَعُوهُ، ثُمَّ صَلَّى الْمُسْلِمُونَ وَصَلَّوْا. فَرَوَى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَأَخْبَرَهُ بِقَتْلِ مَالِكِ بن نويرة وأصحابه، فجزع لدلك، ثُمَّ وَدَى مَالِكًا وَرَدَّ السَّبْيَ وَالْمَالَ. وَرُوِيَ أَنَّ مَالِكًا كَانَ فَارِسًا شُجَاعًا مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ وَفِيهِ خُيَلَاءُ، كَانَ يُقَالُ لَهُ الْجَفُولُ، قدِم عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَسْلَمَ فَوَلَّاهُ صَدَقَةَ قَوْمِهِ، ثُمَّ ارْتَدَّ، فَلَمَّا نَازَلَهُ خَالِدٌ قَالَ: أَنَا آتِي بِالصَّلَاةِ دُونَ الزَّكَاةِ، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ معا لا تقبل واحدة دون الأخرى؟! فَقَالَ: قَدْ كَانَ صَاحِبُكَ يَقُولُ ذَلِكَ، قَالَ خَالِدٌ: وَمَا تَرَاهُ لَكَ صَاحِبًا! وَاللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَكَ، ثُمَّ تَحَاوَرَا طَوِيلًا، فَصَمَّمَ عَلَى قَتْلِهِ، فَكَلَّمَهُ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ وَابْنُ عُمَرَ، فَكَرِهَ كَلَامَهُمَا، وَقَالَ لِضِرَارِ بْنِ الْأَزْوَرِ: اضْرِبْ عُنُقَهُ، فَالْتَفَتَ مَالِكٌ إِلَى زَوْجَتِهِ وَقَالَ: هَذِهِ الَّتِي قَتَلَتْنِي، وَكَانَتْ فِي غَايَةِ الْجَمَالِ، قَالَ خَالِدٌ: بَلِ اللَّهُ قَتَلَكَ بِرُجُوعِكَ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: أَنَا عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: اضْرِبْ عُنُقَهُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَجَعَلَ رَأْسَهُ أَحَدَ أَثَافِي1 قِدْرِ طَبْخٍ فِيهَا طَعَامٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَ خَالِدٌ بِالْمَرْأَةِ، فَقَالَ أَبُو زُهَيْرٍ السَّعْدِيُّ مِنْ أَبْيَاتٍ: قَضَى خَالِدٌ بَغْيًا عَلَيْهِ لِعُرْسِهِ ... وَكَانَ لَهُ فِيهَا هَوًى قَبْلَ ذَلِكَا وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي "كَامِلِهِ" وَفِي "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ" قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، وَظَهَرَتْ سَجَاحُ وَادَّعَتِ النُّبُوَّةَ صَالَحَهَا مَالِكٌ، وَلَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِدَّةٌ، وَأَقَامَ بِالْبِطَاحِ، فَلَمَّا فَرَغَ خَالِدٌ مِنْ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ سَارَ إلى مالك وبث

_ 1 الأثافي: الحجارة التي يوضع عليها القدر.

سَرَايَاهُ فَأَتَى بِمَالِكٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَلَمَّا قَدِمَ خَالِدٌ قَالَ عُمَرُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ قَتَلْتَ امْرَأً مُسْلِمًا ثُمَّ نَزَوْتَ عَلَى امْرَأَتِهِ، لَأَرْجُمَنَّكَ، وَفِيهِ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ شَهِدَ أَنَّهُمْ أَذَّنُوا وَصَلُّوا. وَقَالَ الْمُوَقَّرِيُّ: عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَبَعَثَ خَالِدٌ إِلَى مَالِكِ بْنِ نِوَيْرَةَ سَرِيَّةً فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، فَسَارُوا يَوْمَهُمْ سِرَاعًا حَتَّى انْتَهُوا إِلَى مَحَلَّةِ الْحَيِّ، فَخَرَجَ مَالِكٌ فِي رَهْطِهِ فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ، فَزَعَمَ أَبُو قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: وَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْمُسْلِمُ، قَالَ: فَضَعِ السِّلَاحَ، فَوَضَعَهُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَلَمَّا وَضَعُوا السِّلَاحَ رَبَطَهُمْ أَمِيرُ تِلْكَ السَّرِيَّةِ وَانْطَلَقَ بِهِمْ أُسَارَى، وَسَارَ مَعَهُمُ السَّبْيُ حَتَّى أَتَوْا بِهِمْ خَالِدًا، فَحَدَّثَ أَبُو قَتَادَةَ خَالِدًا أَنَّ لَهُمْ أَمَانًا وَأَنَّهُمْ قَدِ ادَّعَوْا إِسْلَامًا، وَخَالَفَ أَبَا قَتَادَةَ جَمَاعَةُ السَّرِيَّةِ فَأَخْبَرُوا خَالِدًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمَانٌ، وَإِنَّمَا أُسِرُوا قَسْرًا، فَأَمَرَ بِهِمْ خَالِدٌ فَقُتِلُوا وَقَبَضَ سَبْيَهُمْ، فَرَكِبَ أَبُو قَتَادَةَ فَرَسَهُ وَسَارَ قِبَلَ أَبِي بَكْرٍ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ عَهْدٌ وَأَنَّهُ ادَّعَى إِسْلَامًا، وَإِنِّي نَهَيْتُ خَالِدًا فَتَرَكَ قَوْلِي وَأَخَذَ بِشَهَادَاتِ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْغَنَائِمَ، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ فِي سَيْفِ خَالِدٍ رَهَقًا، وَإِنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ حَقًّا فَإِنَّ حَقًّا عَلَيْكَ أَنْ تُقَيِّدَهُ، فَسَكَتَ أَبُو بَكْرٍ. وَمَضَى خَالِدٌ قِبَلَ الْيَمَامَةِ، وَقَدِمَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ فَأَنْشَدَ أَبَا بَكْرٍ مَنْدَبَةً نَدَبَ بِهَا أَخَاهُ، وَنَاشَدَهُ فِي دَمِ أَخِيهِ وَفِي سَبْيِهِمْ، فَرَدَّ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ السَّبْيَ، وَقَالَ لِعُمَرَ وَهُوَ يُنَاشِدُ فِي الْقَوَدِ، لَيْسَ عَلَى خَالِدٍ مَا تَقُولُ، هَبْهُ تَأَوَّلَ فَأَخْطَأَ. قُلْتُ وَمِنَ الْمَنْدَبَةِ. وَكُنَّا كَنُدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ يَتَصَدَّعَا فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعًا قِتَالُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ: ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قَالَ: سَارَ بِنَا خَالِدٌ إِلَى الْيَمَامَةِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ، وَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ بِمَجْمُوعَةٍ فَنَزَلُوا بِعَقْرَبَاءَ، فَحَلَّ بِهَا خَالِدٌ عَلَيْهِمْ، وَهِيَ طَرَفُ الْيَمَامَةِ، وَجَعَلُوا الْأَمْوَالَ خَلْفَهَا كُلَّهَا وَرِيفَ الْيَمَامَةِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ.

وَقَالَ شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسَيْلِمَةَ: يَا بَنِي حُنَيْفَةَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْغَيْرَةِ، الْيَوْمُ إِنْ هُزِمْتُمْ سَتُرْدَفُ الْنِّسَاءُ سَبِيَّاتٍ ويُنكحن غَيْرَ حَظِيَّاتٍ، فَقَاتِلُوا عَنْ أَحْسَابِكُمْ، فَاقْتَتَلُوا بِعَقْرَبَاءَ قِتَالًا شَدِيدًا، فَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً وَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ بَنِي حُنَيْفَةَ فُسْطَاطَ خَالِدٍ وَفِيهِ مُجَّاعَةُ أَسِيرٌ، وَأُمُّ تَمِيمٍ امْرَأَةُ خالد، فأرادوا أن يقتلوها فقال مجاعة: إنه لَهَا جَارٌ، وَدَفَعَ عَنْهَا، وَقَالَ ثَابِتُ بْنُ قيس حين رأي المسلمون مُدْبِرِينَ: أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْمَلُونَ، وَكَرَّ الْمُسْلِمُونَ فَهَزَمَ اللَّهُ الْعَدُوَّ، وَدَخَلَ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فُسْطَاطَ خَالِدٍ فَأَرَادُوا قَتْلَ مُجَّاعَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ تَمِيمٍ: وَاللَّهِ لَا يُقْتَلُ وَأَجَارَتْهُ. وَانْهَزَمَ أَعْدَاءُ اللَّهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا عِنْدَ حَدِيقَةِ الْمَوْتِ اقْتَتَلُوا عِنْدَهَا، أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَقَالَ مُحَكَّمُ بْنُ الطُّفَيْلِ: يَا بَنِي حُنَيْفَةَ ادْخُلُوا الْحَدِيقَةَ فَإِنِّي سَأَمْنَعُ أَدْبَارَكُمْ، فَقَاتَلَ دُونَهُمْ سَاعَةً وَقُتِلَ، وَقَالَ مسيلمة: يا قوم قاتلوا عن أحسابكم، فاقتتوا قِتَالًا شَدِيدًا، حَتَّى قُتِلَ مُسَيْلِمَةُ. وَحَدَّثَنِي مَوْلَى بَنِي نَوْفَلٍ. وَقَالَ الْمُوَقِّرِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَاتَلَ خَالِدٌ مُسَيْلِمَةَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي حُنَيْفَةَ، وهم يؤمئذ أَكْثَرُ الْعَرَبِ عَدَدًا وَأَشَدُّهُ شَوْكَةً، فَاسْتُشْهِدَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَهَزَمَ اللَّهُ بَنِي حُنَيْفَةَ، وَقُتِلَ مُسَيْلِمَةُ، قَتَلَهُ وَحْشِيٌّ بَحَرْبَةٍ. وَكَانَ يُقَالُ: قَتَلَ وَحْشِيٌّ خير أهل الأرض بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشر أَهْلِ الْأَرْضِ. وَعَنْ وَحْشِيٌّ قَالَ: لَمْ أَرَ قَطُّ أَصْبَرَ عَلَى الْمَوْتِ مِنْ أَصْحَابِ مُسَيْلِمَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ شَارَكَ فِي قَتْلِ مُسَيْلِمَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ دَخَلَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فَتَحَنَّطَ، ثُمَّ قَامَ فَأَتَى الصَّفَّ وَالنَّاسُ مُنْهَزِمُونَ فَقَالَ: هَكَذَا عَنْ وُجُوهِنَا، فَضَارَبَ الْقَوْمَ ثُمَّ قَالَ: بِئْسَمَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ، مَا هَكَذَا كُنَّا نُقَاتِلُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتُشْهِدَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ الْمُوَقِّرِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: ثم تحصن من بني خليفة مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ سَتَّةُ آلَافِ مُقَاتِلٍ فِي حِصْنِهِمْ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ خَالِدٍ فَاسْتَحْيَاهُمْ.

وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُرْوَةَ قَالَ: وَعَمَدَتْ بَنُو حُنَيْفَةَ حِينَ انْهَزَمُوا إِلَى الْحُصُونِ فَدَخَلُوهَا، فَأَرَادَ خَالِدٌ أَنْ يُنْهِدَ إِلَيْهِمُ الْكَتَائِبَ، فَلَمْ يَزَلْ مُجَّاعَةُ حَتَّى صَالَحَهُ عَلَى الصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ وَالْحَلْقَةِ وَالْكُرَاعِ، وَعَلَى نِصْفِ الرَّقِيقِ، وَعَلَى حَائِطٍ مِنْ كُلِّ قَرْيَةٍ، فَتَقَاضَوْا عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ سَلَامَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيُّ: يَا بَنِي حُنَيْفَةَ قَاتِلُوا وَلَا تُقَاضُوا خَالِدًا عَلَى شَيْءٍ، فَإِنَّ الْحِصْنَ حَصِينٌ، وَالطَّعَامُ كَثِيرٌ، وَقَدْ حَضَرَ النِّسَاءُ، فَقَالَ مُجَّاعَةُ: لَا تُطِيعُوهُ فإنه مشئوم. فَأَطَاعُوا مُجَّاعَةَ. ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْبَرَاءَةِ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَ سَائِرُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، إِنَّ خَالِدًا قَالَ: يَا بَنِي حُنَيْفَةَ مَا تَقُولُونَ؟ قَالُوا: مِنَّا نَبِيٌّ وَمِنْكُمْ نَبِيٌّ، فَعَرَضَهُمْ عَلَى السَّيْفِ، يَعْنِي الْعِشْرِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ مُجَّاعَةَ بْنِ مُرَارَةَ، وَأَوْثَقَهُ هُوَ فِي الْحَدِيدِ، ثُمَّ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ حِينَ كَشَفَ النَّاسُ: لَا نَجَوْتُ بَعْدَ الرِّجَالِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ أَبَا مريم الحنفي قتل زيدا. وقال ابْنُ إِسْحَاقَ: رَمَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بكر محكم اليمامة ابن طُفَيْلٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ. قُلْتُ: وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ مَتَى كَانَتْ: فَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، كَانَتْ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ. قَالَ عَبْد الباقي بن قانع: كانت في آخر سنة إحدى عشرة. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ كَانَتِ الْيَمَامَةُ فِي رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ. فَجَمِيعُ مَنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُمِائَةٌ وَخَمْسُونَ رَجُلًا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ كَاتِبُ الْوَاقِدِيِّ وَغَيْرُهُمْ. قُلْتُ: وَلَعَلَّ مَبْدَأَ وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ كَانَ فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ قَانِعٍ وَمُنْتَهَاهَا فِي أَوَائِلِ سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، فَإِنَّهَا بَقِيَتْ أَيَّامًا لِمَكَانِ الْحِصَارِ. وَسَأُعِيدُ ذِكْرَهَا وَالشُّهَدَاءِ بِهَا فِي أَوَّلِ سَنَةِ اثنتي عشرة -إن شاء الله.

سَنَةُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ: فِي أَوَائِلِهَا -عَلَى الْأَشْهَرِ- وَقْعَةُ الْيَمَامَةِ، وَأَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَرَأْسُ الْكُفْرِ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ. وَاسْتُشْهِدَ خلق من الصحابة. وَقِيلَ: إِنَّ مُسَيْلِمَةَ قُتِلَ عَنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ قَدِ ادَّعَى النُّبَوَّةَ، وَتَسَمَّى بِرَحْمَانِ الْيَمَامَةِ فِيمَا قِيلَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ عَبْدُ اللَّهِ أَبُو النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقُرْآنُ مُسَيْلِمَةَ ضُحْكَةٌ لِلسَّامِعِينَ. وَقْعَةُ جُوَاثَا 1: بَعَثَ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيَّ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَانُوا قَدِ ارْتَدُّوا -إِلَّا نَفَرًا ثَبَتُوا مَعَ الْجَارُودِ- فَالْتَقَوْا بِجُوَاثَا فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَاصَرَهُمُ الْعَلَاءُ بِجُوَاثَا حَتَّى كَادَ الْمُسْلِمُونَ يَهْلِكُونَ مِنَ الْجَهْدِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ سَكِرُوا لَيْلَةً فِي حِصْنِهِمْ، فَبَيَّتَهُم الْعَلَاءُ، فَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ جُوَاثَا لَا يَوْمَ الْيَمَامَةِ، شهد بدرا. وفيما بَعَثَ الصِّدِّيقُ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ إِلَى عُمَانَ وَكَانُوا ارْتَدُّوا وَبَعَثَ الْمُهَاجِرَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيَّ إِلَى أَهْلِ النُّجَيْرِ2، وَكَانُوا ارْتَدُّوا، وَبَعَثَ زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ إِلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمُرْتَدَّةِ. فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ زِيَادًا بَيَّتَهُمْ فَقَتَلَ مُلُوكًا أَرْبَعَةً: حَمَدًا، وَمِخْوَصًا، وَمِشْرَحًا، وَأَبْضَعَةَ. وفيها أقام الحج أبو بكر للناس. وَفِيهَا: بَعْدَ فَرَاغِ قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أَرْضِ الْبَصْرَةِ، وَكَانَتْ تُسَمَّى أَرْضَ الْهِنْدِ، فَسَارَ خالد بمن معه من اليمامة إلى

_ 1 جواثا: موضع بالبحرين. 2 النجير: حصن باليمن قرب حضرموت.

أَرْضِ الْبَصْرَةِ، فَغَزَا الْأُبُلَّةَ1 فَافْتَتَحَهَا، وَدَخَلَ مَيْسَانَ2 فَغَنِمَ وَسَبَى مِنَ الْقُرَى، ثُمَّ سَارَ نَحْوَ السَّوَادِ، فَأَخَذَ عَلَى أَرْضِ كَسْكَرٍ3 وَزَنْدَوَرْدٍ4 بَعْدَ أَنِ اسْتَخْلَفَ عَلَى الْبَصْرَةِ قُطْبَةَ بْنَ قَتَادَةَ السَّدُوسِيَّ، وَصَالَحَ خَالِدٌ أَهْلَ أُلَّيْسَ5 عَلَى أَلْفِ دِينَارِ فِي شَهْرِ رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ، ثُمَّ افْتَتَحَ نَهْرَ الْمَلِكِ6، وَصَالَحَهُ ابْنُ بُقَيْلَةَ صَاحِبُ الْحِيرَةِ عَلَى تِسْعِينَ أَلْفًا، ثُمَّ سَارَ نَحْوَ أَهْلِ الْأَنْبَارِ فَصَالَحُوهُ. ثُمَّ حَاصَرَ عَيْنَ التَّمْرِ7 ونزلوا على حكمه، فقتل وسبى. وَفِيهَا لَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ بِكِتَابَةِ الْقُرْآنَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَأَخَذَ يَتَتَبَّعُهُ مِنَ الْعُسُبِ8 وَاللَّخَافِ9 وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى جَمَعَهُ زَيْدٌ فِي صُحُفٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: وَلَمَّا فَرَغَ خَالِدٌ مِنْ فُتُوحِ مَدَائِنِ كِسْرَى الَّتِي بِالْعِرَاقِ صُلْحًا وَحَرْبًا خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ مُتَكَتِّمًا بِحَجَّتِهِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ تَعْتَسِفُ الْبِلَادَ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَتَأَتَّى لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَأَتَّ لِدَلِيلٍ، فَسَارَ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْحِيرَةِ، لَمْ يُرَ قَطُّ أَعْجَبُ مِنْهُ وَلَا أَصْعَبُ، فَكَانَتْ غَيْبَتُهُ عَنِ الْجُنْدِ يَسِيرَةً، فلم يعلم بحجة أحدا إِلَّا مَنْ أَفْضَى إِلَيْهِ بِذَلِكَ. فَلَمَّا عَلِمَ أَبُو بَكْرٍ بِحَجِّهِ عَتَبَهُ وَعَنَّفَهُ وَعَاقَبَهُ بِأَنْ صَرَفَهُ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا وَافَاهُ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ حَجِّهِ بِالْحِيرَةِ يَأْمُرُهُ بِانْصِرَافِهِ إِلَى الشَّامِ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ بِهَا مِنْ جُمُوعِ الْمُسْلِمِينَ بِالْيَرْمُوكِ، وَيَقُولُ لَهُ: إِيَّاكَ أَنْ تَعُودَ لِمِثْلِهَا. قُلْتُ: وَإِنَّمَا جَاءَ الْكِتَابُ بِأَنْ يَسِيرَ إِلَى الشَّامِ فِي أَوَائِلِ سَنَةِ ثلاثة عشرة.

_ 1 الأبلة: بلدة على شاطيء دجلة. 2 ميسان: كورة بين البصرة وواسط. 3 كسكر: مدينة بالعراق. 4 زندورد: مدينة قرب واسط. 5 أليس: موضع في أول أرض العراق. 6 نهر الملك: كورة ببغداد. 7 عين التمر: بلدة تفع غربي الكوفة. 8 العسب: جمع عسيب، وهو جريدة النخل. 9 اللخاف: حجارة بيض.

قُلْتُ: سَارَ خَالِدٌ بِجَيْشِهِ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الشَّامِ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَكَادُوا يَهْلِكُونَ عَطَشًا. قَالَ الْوَاقِدِيُّ ثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَنِ اكْتُبْ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَسِيرُ بِمَنْ مَعَهُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَدَدًا لَهُ، فَلَمَّا أَتَى كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ خَالِدًا قَالَ: هَذَا مِنْ عُمَرَ حَسَدَنِي عَلَى فَتْحِ الْعِرَاقِ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى يَدِي، فَأُحِبُّ أَنْ يَجْعَلَنِي مَدَدًا لِعَمْرٍو، فَإِنْ كَانَ فُتِحَ كَانَ ذِكْرُهُ لَهُ دُونِي1.

_ 1 إسناده ضعيف جدا: فيه انقطاع بين محمد بن إبراهيم وأبي بكر، والواقد متروك كما تقدم.

توجيه المسلمين قبل فلسطين والشام: سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا قَفَلَ أَبُو بَكْرٍ عَنِ الْحَجِّ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قِبَلَ فِلَسْطِينَ، وَيَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَشُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْلُكُوا عَلَى الْبَلْقَاءِ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ قَالَ: قَالُوا لَمَّا وَجَّهَ أَبُو بَكْرٍ الْجُنُودَ إِلَى الشَّامِ أَوَّلَ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، فَأَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ لِوَاءُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، ثُمَّ عَزَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَسِيرَ خَالِدٌ، وَقِيلَ: بَلْ عَزَلَهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ مِنْ مَسِيرِهِ، وَكَتَبَ إِلَى خَالِدٍ فَسَارَ إِلَى الشَّامِ، فَأَغَارَ عَلَى غَسَّانَ بِمَرْجِ رَاهِطٍ، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ عَلَى قَنَاةِ بُصْرَى، وَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَصَاحِبَاهُ فَصَالَحُوا أَهْلَ بُصْرَى، فَكَانَتْ أَوَّلَ مَا فُتِحَ مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ، وَصَالَحَ خَالِدٌ فِي وجهه ذَلِكَ أَهْلَ تَدْمُرَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ سَارُوا جَمِيعًا قِبَلَ فِلَسْطِينَ، فَالْتَقَوْا بأجناين بَيْنَ الرَّمْلَةِ، وَبَيْتِ جِبْرِينَ1، وَالْأُمَرَاءُ كُلٌّ عَلَى جُنْدِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ عَمْرًا كَانَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، وَعَلَى الرُّومِ الْقُبُقْلَارِ2 فَقُتِلَ، وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ السَّبْتِ لِثَلَاثٍ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. فَاسْتُشْهِدَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النحام، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَأَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: الثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّ أَجْنَادَيْنَ كَانَتْ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَبُشِّرَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ بِآخِرِ رَمَقٍ. وَقَالَ ابْنُ لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أَجْنَادَيْنَ عَمْرٌو، وَأَبَانٌ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَالطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّانِ، وَضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلِ بْنِ

_ 1 بيت جبرين: مدينة بفلسطين. 2 القبقلار: رتبة عسكرية رومية.

هِشَامٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَمُّ عِكْرِمَةَ، وَهَبَّارُ بْنُ سُفْيَانَ الْمَخْزُومِيُّ، وَنُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ، وَصَخْرُ بْنُ نَصْرٍ الْعَدَوِيَّانِ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ السَّهْمِيُّ، وَتَمِيمٌ، وَسَعِيدٌ ابْنَا الْحَارِثِ بْنِ قيس. وقال محمد بن سعيد: قُتِلَ يَوْمَئِذٍ طُلَيْبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأُمُّهُ أَرْوَى هِيَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: بَرَزَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ بَطْرِيقٌ1 فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزبير بن عبد المطلب بن هاشم، فَقَتَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، ثُمَّ بَرَزَ بَطْرِيقٌ آخَرُ فَقَتَلَهُ، عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ مُحَارَبَةٍ طَوِيلَةٍ، فَعَزَمَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنْ لَا يُبَارِزَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَجِدُنِي أَصْبِرُ، فَلَمَّا اخْتَلَطَتِ السُّيُوفُ وُجِدَ مَقْتُولًا. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَلَا نَعْلَمُهُ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: قُتِلَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ: الْحَارِثُ بْنُ أَوْسِ بْنِ عَتِيكٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ بن أَبِي طلحة الْعَبْدَرِيُّ، كَذَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ. وَقْعَةُ مَرْجِ الصُّفَّرِ 2: قال خليفة: كانت لاثنتي عشر بَقِيَتْ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى، وَالْأَمِيرُ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ قَلْقَطٌّ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً وَانْهَزَمُوا. وَرَوَى خَلِيفَةُ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اسْتُشْهِدَ يَوْمَ مَرْجِ الصُّفَّرِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَيُقَالُ أَخُوهُ عَمْرٌو قُتِلَ أَيْضًا، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَأَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ يَوْمَئِذٍ بِخُلْفٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قُتِلَ يَوْمَئِذٍ نُمَيْلَةُ بْنُ عُثْمَانَ اللَّيْثِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ سَلَامَةَ الْأَشْهَلِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ أسلم الأشهلي.

_ 1 البطريق: القائد. 2 مرج الصفر: موضع قرب دمشق.

وَقِيلَ: إِنَّ وَقْعَةَ مَرْجِ الصُّفَّرِ كَانَتْ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الْتَقَوْا عَلَى النَّهْرِ عِنْدَ الطَّاحُونَةِ، فَقُتِلَتِ الرُّومُ يَوْمَئِذٍ حَتَّى جَرَى النهر وطحنتا طَاحُونَتُهَا بِدِمَائِهِمْ فَأُنْزِلَ النَّصْرُ، وَقَتَلَتْ يَوْمَئِذٍ أُمُّ حَكِيمٍ سَبْعَةً مِنَ الرُّومِ بِعَمُودِ فُسْطَاطِهَا، وَكَانَتْ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ: فَلَمْ تُقِمْ مَعَهُ إِلَّا سَبْعَةَ أَيَّامٍ عِنْدَ قَنْطَرَةِ أُمِّ حَكِيمٍ بِالصُّفَّرِ، وَهِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِيمَا قِيلَ عَمْرٌو. وَقْعَةُ فِحْلٍ 1: قَالَ ابْنُ لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: كَانَتْ وَقْعَةُ فِحْلٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: شَهِدْنَا أَجْنَادَيْنَ وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ عِشْرُونَ أَلْفًا، وَعَلَيْنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، فَفَاءَتْ فِئَةٌ إِلَى فِحْلٍ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو فِي الْجَيْشِ فَنَفَاهُمْ عَنْ فِحْلٍ.

_ 1 فحل: موضع بالشام.

سيرة عمر بن الخطاب

سيرة عمر بن الخطاب: 3- "ع" عمر بن الخطاب "ت 23هـ" -رضي الله عنه. ابن نفيل بْن عبد العزيز بْن رياح بْن قُرط بْن رزَاح بْن عديّ بْن كعْب بْن لُؤيّ. أمير المؤمنين أَبُو حفص القُرَشي العدويّ، الفاروق. اسْتُشْهِدَ في أواخر ذي الحجة. وأمّه حَنْتَمَة بنت هشام المخزومية. أخت أبي جهل. أسلم في السنة السادسة من النُّبُّوة وله سبعٌ وعشرون سنة. "رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": روى عنه: عليّ، وابن مسعود، وابن عبّاس، وأبو هُرَيْرَةَ، وعدّه من الصحابة، وعلقمة بْن وقّاص، وقيس بْن أبي حازم، وطارق بْن شهاب، ومولاه أسلم، وزِرّ بْن حُبَيْش، وخلقٌ سواهم. وعن عبد الله بْن عُمَر قَالَ: كان أبي أبيض تَعْلُوه حمرةٌ، طُوَالًا، أصْلَع، أشيَب. وَقَالَ غيره: كان أمْهَق1 طُوَالًا، آدم، أعسر يس. وَقَالَ أَبُو رجاء العُطارديّ: كان طويلًا جسيمًا شديد الصلع، شديد الحُمْرة، في عارضيه خفة، وسبلته2 كبيرة وفي أطرافها صهبة3، إذا حزبه أمر قتلها. وَقَالَ سماك بْن حرْب: كان عُمَر أرْوح كأنّه راكب والنّاس يمشون، كأنه من رجال بني سدوس4. والأروح: الذي تتدانى قدماه إذا مشى.

_ 1 أمهق: ناصع البياض. 2 السبلة: طرف الشارب. 3 الصهبة: سواد في حمرة. 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 174".

وَقَالَ أَنْس: كان يخْضِب بالحنّاء1. وَقَالَ سماك: كان عُمَر يسرع في مِشْيَته2. ويُروَى عَنْ عبد الله بْن كعب بْن مالك قَالَ: كان عُمَر يأخذ بيده اليمنى أذُنُه اليُسْرى ويثب على فرسه فكأنما خُلِقَ على ظهره. وعن ابن عُمَر وغيره -من وجوهٍ جيّدة- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ أعزّ الإسلام بعمر بْن الخطاب" 3. وقد ذكرنا إسلامه في الترجمة النبوية. وَقَالَ عِكْرمة: لم يزل الإسلام في اختفاء حتّى أسلم عُمَر. وَقَالَ سعيد بْن جبير: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} 4 نزلت في عُمَر خاصّة. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَر5. وَقَالَ شهر بْن حَوْشَب، عَنْ عبد الرحمن بْن غَنم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ له أَبُو بَكْر وعمر: إنّ النّاس يزيدهم حِرْصًا على الإسلام أن يروا عليك زيًّا حَسَنًا من الدنيا. فَقَالَ: "أَفْعَلُ، وَايْمُ اللَّهِ لو أنّكما تتفقان لي على أمر واحد ما عصيتكما في مشورة أبدة"6. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِي وَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فوزيراي من

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 انظر المصدر السابق. 3 صحيح: أخرجه ابن ماجه "105" في المقدمة، باب في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حديث عائشة، وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "85". وأما حديث ابن عمر فأخرجه الترمذي "3701" في كتاب المناقب، باب: في مناقب عمر بن الخطاب، وأحمد "2/ 95"، وابن سعد في "الطبقات" "1/ 142"، وأبو نعيم في "الحلية" "7502" ولفظه "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ: بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 سورة التحريم: 4. 5 صحيح: أخرجه البخاري "3684" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 143"، وأبو نعيم في "الحلية" "11977". 6 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد مختصرًا، وشهر ضعيف الحفظ.

أَهْلِ السَّمَاءِ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، وَوَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ"1. وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ الترمذي في حديث أبي سعيد: حديث حسن. قلت: وكذلك حديث ابن عباس حسن. وعن محمد بْن ثابت البناني، عَنْ أبيه، عَنْ أَنْس نحوه. وفي "مسند أبي يعلى" من حديث أبي ذر يرفعه: "إن لكل نبّي وزيرين، ووزيراي أَبُو بكر وعمر"2. وعن أبي سلمة، عَنْ أبي أرْوَى الدَّوْسيْ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فطلع أَبُو بكر وعمر فَقَالَ: "الحمد لله الَّذِي أيَّدني بكما"3. تفرّد به عاصم بن عُمَر، وهو ضعيف. وَقَدْ مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ الصِّدِّيقِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَظَرَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُقْبِلَيْنِ فَقَالَ: "هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 4. الْحَدِيثَ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَعَهُ وَهُوَ آخِذٌ بِأَيْدِيهِمَا فَقَالَ: "هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ القيامة"5. إسناده ضعيف. وَقَالَ زَائِدَةَ: عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ" 6. وَرَوَاهُ سَالِمٌ أَبُو الْعَلاءِ -وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عن ربعي، وحديث زائدة حسن.

_ 1 ضعيف: ليث بن أبي سليم ضعيف الحفظ، وقد أخرجه الترمذي "3700"، في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب، من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "758": ضعيف. 2 أخرجه البخاري في "تاريخه" "2/ 159" عن أبي سعيد الخدري بإسناد ضعيف. 3 أخرجه الحاكم "4447". 4 صحيح: وقد تقدم. 5 ضعيف: أخرجه الترمذي "3689" في كتاب المناقب، باب: في مناقب أبي بكر وعمر كليهما، وابن ماجه "99" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "755": ضعيف. 6 صحيح: أخرجه الترمذي "3682" في المصدر السابق، وابن ماجه "97" في المصدر السابق، وأحمد "5/ 382"، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "1142": صحيح.

وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ طَلَعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ: "هَذَانِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ" 1. وَيُرْوَى نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَقْرِئْ عُمَرَ السَّلامَ وَأَخْبِرْهُ أَنَّ غضبه عز وجل وَرِضَاهُ حُكْمٌ"2. وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ، وَبَعْضُهُمْ يَصِلُهُ عَنِ ابن عباس. وقال محمد بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إيهًا يابن الخطاب فوَالذي نفسي بيده مَا لقِيكَ الشيطان سالكًا فجًّا إلَّا سلك فجًّا3 غير فجِّك" 4. وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَفْرُقُ مِنْ عُمَرَ"5. رَوَاهُ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي زَفَنِ6 الْحَبَشَةِ لَمَّا أَتَى عُمَرُ: "إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ" 7 صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ حُسَيْنُ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَمَةً سَوْدَاءَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رَجَعَ مِنْ غَزَاةٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ صَالِحًا أَنْ أَضْرِبَ عِنْدَكَ بِالدُّفِّ، قَالَ: "إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَافْعَلِي" فَضَرَبَتْ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ

_ 1 صحيح: أخرجه الترمذي "3691" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 أخرجه الطبراني في "الكبير" "12472" وجعفر بن أبي المغيرة في حفظه مقال. 3 الفج: الطريق. 4 صحيح: أخرجه البخاري "3683" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب، ومسلم "2396" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر بن الخطاب. 5 إسناده ضعيف: فيه مبارك بن فضالة مدلس، وقد عنعنه. 6 الزفن: اللعب. 7 صحيح: أخرجه الترمذي "3711" في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَجَعَلَتْ دُفَّهَا خَلْفَهَا وَهِيَ مُقَنَّعَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَفْرُقُ مِنْكَ يَا عُمَرُ" 1. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمِ بن عبد الله قال: أبطأ عُمَرَ عَلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، فَأَتَى امْرَأَةً فِي بَطْنِهَا شَيْطَانٌ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ: حَتَّى يَجِيءَ شَيْطَانِي، فَجَاءَ فَسَأَلَتْهُ عَنْهُ فَقَالَ: تَرَكْتُهُ مُؤْتَزِرًا وَذَاكَ رَجُلٌ لَا يَرَاهُ شَيْطَانٌ إِلَّا خَرَّ لِمَنْخِرَيْهِ، الْمَلَكُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَرُوحُ الْقُدُسِ يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ2. وَقَالَ زِرّ: كان ابن مسعود يخطب ويقول: إنّي لأحسب الشيطان يَفْرقُ من عُمَر أنْ يُحدث حَدَثًا فيردّه، وإنّي لأحسِب عمرَ بين عينيه مَلَكٌ يسدِّده ويقوِّمه. وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ 3 فَإِنْ كن فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ" 4. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ" 5. رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ، عَنْهُ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ جماعة من الصحابة.

_ 1 صحيح: أخرجه أبو داود "3312" في كتاب الأيمان والنذور، باب: ما يؤمر به من الوفاء بالنذر، والترمذي "3710" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 إسناده ضعيف: رواية سالم عن عمر منقطعة، ويحيى بن يمان ضعيف الحفظ كما في "التقريب" "7679". 3 محدثون: قال في "الفتح" "7/ 62": اختلف في تأويله، فقيل: ملهم. قاله الأكثر، قالوا: المحدث الرجل الصادق الظن. 4 صحيح: أخرجه مسلم "2398" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر بن الخطاب، والترمذي "3713" في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب. وأخرجه البخاري "3689" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب، من حديث عائشة. 5 صحيح: أخرجه الترمذي "3702" في المصدر السابق، وأحمد "2/ 53، 95" وأبو نعيم في "الحلية" "99". وفي الباب عن أبي ذر، أخرجه أبو داود "2692" في كتاب الخراج، باب: في تدوين العطاء، وابن ماجه "108" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "5/ 145، 165، 177". وعن أبي هريرة أخرجه أحمد "2/ 401". والحديث صححه الألباني في "صحيح الجامع" "1834".

وقال الشعب: قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا كُنّا نبعد أن السكينة تنطلق على لسان عُمَر1. وَقَالَ أَنْس: قَالَ عُمَر: وافقتُ ربيّ في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي قوله: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ} 2، 3. وَقَالَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرُ" 4. وَجَاءَ مِنْ وَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إن اللَّهَ تَعَالَى بَاهَى بِأَهْلِ عَرَفَةَ عَامَّةً وَبَاهَى بِعُمَرَ خَاصَّةً"5. وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَقَالَ مَعْنٌ الْقَزَّازُ: ثنا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ اللَّيْثِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَقُّ بَعْدِي مَعَ عُمَرَ حَيْثُ كَانَ"6. وَقَالَ ابْنُ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرَّيَّ يَجْرِي فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ" قَالُوا: فما أولت ذلك؟ قال: "العلم" 7.

_ 1 تقدم. 2 سورة التحريم: 5. 3 صحيح: أخرجه مسلم "2399" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر بن الخطاب. 4 صحيح: أخرجه الترمذي "3706" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 5 إسناده ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "11430" وفي إسناده رشدين بن سعد ضعيف. 6 منكر: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "7/ 179، 180" والقاسم بن يزيد ضعيف كما في "الميزان" "6855" للمصنف، وقد ذكر فيه هذا الحديث، وقال: منكر. وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "4/ 197". في إسناده ومتنه غرابة شديدة. 7 صحيح: أخرجه البخاري "3681" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب. عمر بن الخطاب، ومسلم "2391" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر بن الخطاب، والترمذي "3707" في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب.

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ عَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ"، قَالُوا: مَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ? قَالَ: "الدِّينَ" 1. وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهَا فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرَ" 2. وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا? قِيلَ: لِشَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَظَنَنْتُ أَنِّي أَنَا هُوَ، فَقِيلَ: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ" 3. وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مِثْلُهُ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الَجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَةَ عُمَرَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا". قَالَ: فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أغار؟ 4.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3691" في المصدر السابق، ومسلم "2390" في المصدر السابق. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3815، 3816" في كتاب المناقب، باب: مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت، وابن ماجه "154، 155" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والنسائي في "الكبرى" "8287"، وأحمد "3/ 281"، وأبو نعيم في "الحلية" "3484"، والحاكم "5784"، وابن حبان "7131"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوي" "4/ 410": بعضهم يضعفه وبعضهم يحسنه، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 157": رجاله ثقات، وقال في نفس المصدر "7/ 117": إسناده صحيح، إلا أن الحفاظ قالوا: إن الصواب في أوله إرساله، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "895": صحيح. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3708" في كتاب المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب، وأبو نعيم في "الحلية" "10614" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". وفي الباب عن جابر، أخرجه البخاري "3679" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر، ومسلم "2394" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر، وأبو نعيم في "الحلية" "1505، 8955". وعن أبي هريرة عند البخاري "3680" في المصدر السابق، ومسلم "2395" في المصدر السابق، وابن ماجه "107" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 4 صحيح: انظر التخريج السابق.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ: قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عنه: بينا أنا مع رسول الله، إِذْ طَلَعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ: "هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ" 1. هَذَا الْحَدِيثُ سَمِعَهُ الشَّعْبِيُّ مِنَ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، وَلَهُ طُرُقٌ حَسَنَةٌ عَنْ عَلِيٍّ مِنْهَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ. وَأَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضمرة. قال الحافظ ابن عَسَاكِرَ: وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قُلْتُ: وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هريرة، وابن عمر، وأنس، وجابر. وقال مجاهد عن أبي الوداك، وقاله عَنْ عَطِيَّةَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا لَيَرَوْنَ مَنْ فَوْقِهِمْ كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا" 2. وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَنْ يَمِينِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَسَارِهِ عُمَرُ فَقَالَ: "هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"3. تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأُمَوِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ. وَقَالَ عليّ -رضي الله عنه- بالكوفة على منبرها في ملأٍ من النّاس أيّام خلافته: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْر، وخيرُها بعد أبي بكر عُمَر، ولو شئتُ أنْ أسمّي الثالث لَسَمَّيْتُهُ4. وهذا متواترٌ عَنْ عليّ رضي الله عنه، فقبّح الله الرافضة. وقال الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْقَاسِمِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ قَيْسٍ الْخَارِفِيِّ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: سَبَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، وَثَلَّثَ عُمَرُ، ثُمَّ خَبَطَتْنَا فِتْنَةٌ فكان ما شاء الله5. ورواه شَرِيكٌ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سفيان، عن علي مثله.

_ 1 صحيح: وقد تقدم. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3678" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي بكر الصديق، وابن ماجه "96" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو نعيم في "الحلية" "10579" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 ضعيف: وقد تقدم. 4 صحيح: وقد تقدم. 5 أخرجه أحمد "1/ 124، 125".

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "اقتدوا بالذين مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ" 1. وَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ سُفْيَانُ رُبَّمَا دَلَّسَهُ وَأَسْقَطَ مِنْهُ زَائِدَةَ، وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ هِلَالٍ مَوْلَى رِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيٍّ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ نَاسٌ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ فَقَالُوا: يسعك أن تُوَلِّي علينا عُمَر وأنت ذاهبٌ إلى ربك فماذا تقول له? قَالَ: أقول: وَلَّيْتُ عليهم خيرَهم. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: أوّل من حيّا عُمَر بأمير المؤمنين المُغيْرة بْن شُعْبة. وَقَالَ القاسم بْن محمد: قَالَ عُمَر: ليعلم من وُلّي هذا الأمر من بعدي أنْ سيُر يده عنه القريبُ والبعيدُ، إنّي لأقاتِل النّاسَ عَنْ نفسي قتالًا، ولو علمت أنّ أحدًا أقوى عليه منّي لكنت أنْ أقْدَمَ فتُضْربَ عُنُقي أحب إليّ مِنْ أنْ ألِيَه. وعن ابن عباس قَالَ: لمّا ولي عُمَر قيل له: لقد كاد بعضُ النَّاس أن يجيد هذا الأمر عنك، قَالَ: وما ذاك? قَالَ: يزعمون أنّك فَظٌّ غليظ، قَالَ: الحمد لله الَّذِي ملأ قلبي لهم رُحْمًا وملأ قلوبهم لي رُعبًا. وَقَالَ الأحنف بْن قيس: سمعت عُمَر يَقُولُ: لَا يحلّ لعمر من مال الله إلَّا حُلَّتَيْنِ: حُلّة للشتاء وحُلّة للصيف، وما حجّ به واعتمر، وقوت أهلي كرجلٍ من قريش ليس بأغناهم، ثُمَّ أنا رجل من المُسْلِمين. وَقَالَ عُرْوة: حجّ عُمَر بالنّاس إمارته كلّها. وَقَالَ ابن عُمَر: ما رأيت أحدًا قط بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حين قُبض أجدّ ولا أجود من عمر2.

_ 1 صحيح: وقد تقدم. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3678" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عمر بن الخطاب.

وَقَالَ الزُّهْرِيّ: فتح الله الشام كلَّه على عُمَر، والجزيرة ومصر والعراق كلّه، ودوَّن الدواوين قبل أن يموت بعام، وقسّم على النّاس فيْئهم. وَقَالَ: عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ رجل من الأنصار، عن خزيمة ابن ثَابِتٍ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ عَامِلًا كَتَبَ لَهُ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْكَبَ بِرْذَوْنًا، وَلا يَأْكُلَ نِقْيًا، وَلا يَلْبَسَ رَقِيقًا، وَلا يُغْلِقَ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَاتِ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ. وَقَالَ طارق بْن شهاب: إنْ كان الرجل ليحدّث عُمَر بالحديث فكذبه الكِذْبة فيقول: احبسْ هذه، ثُمَّ يحدّثه بالحديث فيقول: احبسْ هذه، فيقول له: كلّ مَا حدثتك حق إلا أمرتني أنْ أحبسَهُ. وَقَالَ ابن مسعود: إذا ذكر الصالحون فجيهلًا بعمر، إنّ عُمَر كان أَعْلَمَنَا بكتاب الله وأفْقَهَنا في دين الله. وَقَالَ ابن مسعود: لو أنّ عِلْم عُمَر وُضِعَ في كفة ميزان ووُضِعَ عِلْم أحياء الأرض في كفَّةٍ لَرَجَح عِلْمُ عُمَر بعِلْمِهم. وَقَالَ شمر عن حُذَيْفة قَالَ: كَانَ علم النَّاس مدسوسا في جحر مَعَ عُمَر. وَقَالَ ابن عُمَر: تعلّم عمرُ البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلمّا تعلّمها نحر جَزُورًا. وَقَالَ الَعوّام بْن حَوْشَب: قَالَ معاوية: أمّا أَبُو بكر فلم يرد الدنيا ولم تُرِده، وأمّا عُمَر فأرادته الدنيا ولم يُرِدّها، وأمّا نحن فتمرّغْنا فيها ظَهْرًا لبطنٍ. وَقَالَ عِكْرمة بْن خالد وغيره: إنّ حفصة، وعبد الله، وغيرهما كلّموا عمرَ فقالوا: لو أكلت طعامًا طيّبًا كان أقوى لك على الحقّ، قَالَ: أكُلُّكُم على هذا الرأي؟ قالوا: نعم، قَالَ: قد علمتُ نُصْحَكُم ولكنّي تركت صاحبي على جادة فإن تركت جادتها لم أدركها في المنزل. قَالَ: وأصاب النّاسَ سنةٌ1 فما أكل عامئذ سمنًا ولا سمينًا.

_ 1 السنة: القحط.

وقال ابن أبي مُلَيْكَة: كلّم عُتْبة بْن فرقد عُمَر في طعامه، فَقَالَ: وَيْحَكَ آكل طيّباتي في حياتي الدنيا وأستمتع بها! وقال مبارك، عن الحسن: دخل عمر على تبنه عاصم وهو يأكل لحمًا فَقَالَ: مَا هذا؟ قال: قرمنا1 إليه، قال: أوكلما قرمت لإلى شيءٍ أكلتَه! كفى بالمرء سَرَفًا أنْ يأكل كلَّ مَا اشتهى. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زد بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ عُمَرُ: لَقَدْ خَطَرَ عَلَى قَلْبِي شَهْوَةُ السَّمَكِ الطَّرِيِّ، قَالَ وَرَحَّلَ "يَرْفَأُ"2 رَاحِلَتَهُ وَسَارَ أَرْبَعًا مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا، وَاشْتَرَى مِكْتَلًا فَجَاءَ بِهِ، وَعَمَدَ إِلَى الرَّاحِلَةِ فَغَسَلَهَا، فَأَتَى عُمَرَ فَقَالَ: انْطَلِقْ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرَّاحِلَةِ، فَنَظَرَ وَقَالَ: نَسِيتَ أَنْ تَغْسِلَ هَذَا الْعَرَقَ الَّذِي تَحْتَ أُذُنِهَا، عَذَّبْتَ بَهِيمَةً فِي شَهْوَةِ عُمَرَ، لَا واللَّهِ لَا يَذُوقُ عُمَرُ مِكْتَلَكَ. وَقَالَ قتادة: كان عُمَر يلبس، وهو خليفة، جُبَّةً من صوف مرقوعًا بعضُها بأدم، ويطوف في الأسواق على عاتقه الدِّرَّة يؤدّب النّاس بها، ويمرّ بالنِّكث وَالنَّوَى فيلقطه ويلقيه في منازل النّاس لينتفعوا به. قال أنس: رأت بين كفي عُمَر أربعَ رقاع في قميصه3. وَقَالَ أَبُو عثمان النَّهْديّ: رأيت على عُمَر إزارًا مرقوعًا بأدم4. وَقَالَ عبد الله بْن عامر بْن ربيعة: حججت مع عمر، فما ضرب فسطاطًا ولا خِباء، كان يلقي الكساء والنّطْع على الشجرة ويستظل تحته. وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُسْلِمِ بْن هُرمز، عَنْ أبي الغادية الشامي قال: قدم عمر للجابية5 على جمل أروق تَلُوحُ صَلْعَتُهُ للشمس، ليس عليه قَلَنْسُوَة ولا عمامة، قد طبّق رجليه بين شُعبَتَيِ الرحل بلا رِكاب، ووطاؤه كِساء أنبجانيّ من صوف وهو فراشه إذ نزل، وحقيبته محشوة ليفا، وَهِيَ إِذَا نزل وساده، وَعَلَيْهِ قميص من

_ 1 قرمنا إليه: اشتهيناه. 2 اسم غلام عمر بن الخطاب. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 175". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 175". 5 الجابية: قرية من قرى دمشق.

كرابيس قد دَسِم وتخرّق جيبُه، فَقَالَ: ادعوا لي رأس القرية، فدعوه له فَقَالَ: اغسلوا قميصي وخيّطوه وأعيروني قميصًا، فأُتي بقميص كتَّان فَقَالَ: مَا هذا؟ قيل: كِتَّان، قَالَ: وما الكَتّان؟ فأخبروه فنزع قميصه فغسلوه ورقّعوه ولبسه، فَقَالَ له رأس القرية: أنت مَلِك العرب وهذه بلاد لَا تصلُح فيها الإبل. فأُتي ببِرْذَوْن فطرح عليه قطيفة بلا سَرْجٍ ولا رَحْلَ، فلمّا سار هُنَيْهَةً قَالَ: احبسوا، مَا كنت أظنّ النّاسَ يركبون الشيطان، هاتوا جملي. وَقَالَ المُطَّلب بْن زياد، عَنْ عبد الله بْن عيسى: كان في وجه عُمَر بْن الخطاب خطّان أسودان من البكاء. وعن الحسن قَالَ: كان عُمَر يمّر بالآية من وِرْده فيسقط حتّى يُعاد منها أيامًا. وَقَالَ أَنْس: خرجت مع عُمَر فدخل حائطًا فسمعته يَقُولُ وبيني وبينه جدارًا: عُمَر بْن الخطاب أمير المؤمنين والله لَتَتَّقِيَنَّ الله بني الخطّاب أو لَيُعَذِّبَنَّكَ. وَقَالَ عبد الله بْن عامر بْن ربيعة: رأيت عُمَر أخذ تبنة من الأرض فَقَالَ: يا ليتني هذه التبنة، ليتني لم أَكُ شيئًا، ليت أمّي لم تلِدْني. وَقَالَ عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن حفص: إنّ عُمَر بْن الخطاب حمل قِرْبَةً على عُنُقِه، فقيل له في ذلك فَقَالَ: إن نفْسي أعجبتني فأردت أن أذلَّها. وَقَالَ الصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: شهدت جلولاء فاتبعت مِنَ الْمَغْنَمِ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ عُرِضْتُ عَلَى النَّارِ فَقِيلَ لَكَ: افْتَدِهِ، أَكُنْتَ مُفْتدِيَّ بِهِ؟ قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا مِنْ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ إِلَّا كُنْتُ مُفْتَدِيكَ مِنْهُ، قَالَ: كَأَنِّي شَاهِدُ النَّاسِ حِينَ تَبَايَعُوا فَقَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وابن أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَأَنْتَ كَذَلِكَ فَكَانَ أَنْ يُرَخِّصُوا عَلَيْكَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَغْلُوا عَلَيْكَ، وَإِنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ وَأَنَا مُعْطِيكَ أَكْثَرَ مَا رَبِحَ تَاجِرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، لَكَ رِبْحُ الدِّرْهَمِ دِرْهَمٌ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا التُّجَّارَ فَابْتَاعُوهُ مِنْهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَ إِلَيَّ ثَمَانِينَ أَلْفًا وَبَعَثَ بِالْبَاقِي إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لِيَقْسِمَهُ.

وَقَالَ الحسن: رأى عُمَر جاريةً تطيش هُزالًا فَقَالَ: من هذه? فَقَالَ عبد الله: هذه إحدى بناتك. قَالَ: وأيُّ بناتي هذه? قَالَ: بنتي، قَالَ: مَا بلغ بها مَا أرى? قَالَ: عملُكَ! لَا تُنفق عليها، قَالَ: إني والله مَا أعول وَلَدَك فاسْعَ عليهم أيُّها الرجل. وَقَالَ محمد بْن سيرين: قدِمَ صهْرٌ لعمر عليه فطلب أن يُعطيه عُمَر من بيت المال فانتهره عُمَر وَقَالَ: أردت أن ألقى الله ملكًا خاءنًا! فلما كان بعد ذلك أعطاه من صُلْب ماله عشرة آلاف دِرْهم. قَالَ حُذيفة: واللَّهِ مَا أعرف رجلًا لَا تأخذه في الله لومة لائم إلّا عمر. وقال الحذيفة: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قول رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الفتنة؟ قلت: أنا. قَالَ: إنك لَجَريء، قلت: فتنة الرجل في أهل وماله وولده تكفِّرها الصلاة والصيام وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَ: ليس عنها أسألك ولكن الفتنة التي تموج مَوْجَ البحر، قلت: ليس عليك منها بأس إنّ بينك وبينها بابًا مُغْلقًا، قَالَ: أيُكْسَر أم يُفْتَحُ؟ قلت: بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لَا يُغْلَقُ أَبَدًا، قلنا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟ قَالَ: نعم كما يعلم أنّ دون غدٍ الليلة، إنّي حدّثته حديثًا ليس بالأغاليط، فسأله مسروق: مَن الباب؟ قَالَ: الباب عُمَر1. أخرجه البُخاري. وَقَالَ إبراهيم بْن عبد الرحمن بْن عوف: أُتي عمرُ بكنوز كِسْرى، فَقَالَ عبد الله بْن الأرقم: أتجعلُها في بيت المال حتى تقسمها؟ فَقَالَ عُمَر: لَا واللهِ لَا آويها إلى سقفٍ حتى أُمْضيها، فوضعها في وسط المسجد وباتوا يحرسونها، فلمّا أصبح كشف عنها فرأى من الحمراء والبيضاء مَا يكاد يتلألأ، فبكى فَقَالَ له أبي: مَا يبكيك يا أمير المؤمنين فوالله إن هذا اليوم شُكْر ويوم سرور! فَقَالَ: وَيْحَكَ إن هذا لم يعطه قوم إلا ألقيت بينهم العداوة والبغْضاء. وَقَالَ أسلم مولى عُمَر: استعمل عُمَر مولى له على الحمى فَقَالَ: يا هُنَيُّ

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "525" في كتاب مواقيت الصلاة، باب: الصلاة كفارة، ومسلم "144"، في كتاب الفتن، باب: الفتنة التي تموج كموج البحر، والترمذي "2265" في كتاب الفتن، باب: رقم "71"، وابن ماجه "3955" في كتاب الفتن، باب: ما يكون من الفتن، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 386".

اضمُمْ جناحَك عَنِ المُسْلِمين وَاتَّقِ دعوةَ المظلوم فإنّها مُستجابة، وأدْخِل ربَّ الصُّرَيْمَة1 والغُنيْمة، وإيّاي وَنَعَم ابن عَوْف ونَعَم ابن عفّان فإنّهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى زرعٍ ونخلٍ، وإنّ رب الصُّريمة والغُنيْمة إنْ تهْلِك ماشِيتُهُما يأتِني ببَنِيه فيقول: يا أمير المؤمنين! أَفَتارِكُهُمْ أنا لَا أبالَكَ! فالماء والكَلأ أيسر عليَّ من الذهب والفضة، وَايْمُ اللَّهِ إنُهم ليرون أنّي قد ظلمتُهُم، إنّها لَبِلادُهُم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المالُ الَّذِي أحمِلُ عليه في سبيل الله مَا حَمَيْتُ عليهم من بلادهم شِبْرًا2. أخرجه البخاري. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: دَوَّن عمرُ الدّيوان، وفرض للمهاجرين الأوَّلين خمسة آلاف خمسة آلاف، وللأنصار أربعةَ آلافٍ أربعة آلاف، ولأُمَّهات المؤمنين اثني عشر ألفًا اثني عشر ألفًا. وَقَالَ لإبراهيم النَّخْعيّ: كان عُمَر يتجر وهو خليفة. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مَالِكِ الدَّارِ قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ فِي زَمَانِ عُمَرَ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ اللَّهَ لأُمَّتِكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا. فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنَامِ وَقَالَ: ائْتِ عُمَرَ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَأَخْبِرْه أَنَّهُمْ مُسْقَوْنَ وَقُلْ لَهُ: عَلَيْكَ الْكَيْسَ الْكَيْسَ، فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَ عُمَرَ فَبَكَى وَقَالَ: يَا رَبِّ مَا آلُو مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. وَقَالَ أَنْس: تقرقر بطْنُ عُمَر من أكل الزَّيت عام الرَّمَادة، كان قد حرم نفسه السَّمْن، قَالَ: فنقر بطنه بإصبعه وَقَالَ: إنه ليس لك عندنا غيره حتى يحيا النّاس3. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كان عام الرمادة جاءت العرب يقومون بمصالحهم، فسمعته يقول ليلة: "أحصوا الرجال عندنا"

_ 1 الصريمة: القطعة القليلة من الإبل. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3059" في كتاب الجهاد، باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي لهم، ومالك في "الموطأ" "1954". 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 167".

فَأَحْصَوْهُمْ مِنَ الْقَابِلَةِ فَوَجَدُوهُمْ سَبْعَةَ آلافِ رَجُلٍ، وَأَحْصَوُا الرِّجَالَ الْمَرْضَى وَالْعِيَالاتِ فَكَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا. ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ بَلَغَ الرِّجَالُ وَالْعِيَالُ سِتِّينَ أَلْفًا، فَمَا بَرِحُوا حَتَّى أَرْسَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ، فَلَمَّا مَطَرَتْ رَأَيْتُ عُمَرَ قَدْ وَكَّلَ بِهِمْ مَنْ يُخْرِجُونَهُمْ إِلَى الْبَادِيَةِ وَيُعْطُونَهُمْ قُوتًا وَحُمْلانًا إِلَى بَادِيَتِهِمْ، وَكَانَ قَدْ وَقَعَ فِيهِمُ الْمَوْتُ فَأَرَاهُ مَاتَ ثُلُثَاهُمْ، وَكَانَتْ قُدُورُ عُمَرَ تَقُومُ إِلَيْهَا الْعُمَّالُ مِنَ السَّحَرِ يَعْمَلُونَ الْكُرْكُورَ وَيَعْمَلُونَ الْعَصَائِدَ1. وعن أسلم قَالَ: كنّا نقول: لو لم يرفَعِ اللُه الْمُحْلَ عام الرَّمَادَة لَظَنَنَّا أن عُمَر يموت2. وَقَالَ سُفيانُ الثَّوْري: مَنْ زعم أنّ عليًّا كان أحقّ بالولاية من أبي بكر وعمر فقد خطَأ أبا بكرٍ وعمر والمهاجرين والأنصار. وَقَالَ شريك: ليس يُقَدَّم عليًّا على أبي بكر وعمر أحد فيه خير. وَقَالَ أَبُو أسامة: تدرون من أَبُو بكر وعمر؟ هما أَبُو الإسلام وأُمُّه. وَقَالَ الحسن بْن صالح بْن حيّ: سمعت جعفر بْن محمد الصّادق يَقُولُ: أنا بريءٌ ممن ذكر أبا بكر وعمر إلَّا بخير. ذِكْر نسائه وأولاده: تزوج زينب بنت مظعون، فولدت له عبد الله، وحفْصةَ، وعبد الرحمن. وتزوج مُلَيْكَة الخُزَاعيّة، فولدت له عُبَيْد الله، وقيل أمّه وأمّ زيد الأصغر أمّ كلثوم بنت جَرْوَلٍ. وتزوّج أمَّ حُكَيْم بنت الحارث بْن هشام المخزومية، فولدت له فاطمة. وتزوّج جميلة بنت عاصم بْن ثابت فولدت له عاصمًا. وتزوّج أُمّ كُلْثُوم بنت فاطمة الزَّهْراء وأصْدَقَها أربعين ألفًا، فولدت له زيدًا ورقية.

_ 1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 169". 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 168" وفي إسناده الواقدي.

وتزوّج لُهَّيةَ امرأة من اليمن فولدت له عبد الرحمن الأصغر. وتزوّج عاتكة بنت زيد بْن عمرو بْن نُفَيْلٍ التي تزوجها بعد موته الزُّبَيْر. وَقَالَ الَّليْث بْن سعد: استُخْلِف عُمَر فكان فتْحُ دمشق، ثُمَّ كان اليرموك سنة خمس عشرة، ثُمَّ كانت الجابية سنة ست عشرة، ثُمَّ كانت إيلياء وسَرْغ لسنة سبع عشرة، ثمّ كانت الرَّمَادة وطاعون عَمَوَاس سنة ثماني عشرة، ثُمَّ كانت جلولاء سنة تسع عشرة؛ ثُمَّ كان فتح باب لِيُون وقَيْسَارِية بالشام، وموت هِرَقْلَ سنة عشرين، وفيها فُتحت مصر، وسنة إحدى وعشرين فُتِحَتْ نَهَاونْد، وفُتِحَت الإسكندرية سنة اثنتين وعشرين. وفيها فُتِحت إصطخر وهمذان. ثم غزا عمرو بْن العاص أطْرابُلُسَ المَغْرِب. وغَزْوة عَمُورية وأمير مصر وهْب بْن عمير الجُمَحيّ، وأمير أهل الشام أَبُو الأعور سنة ثلاثٍ وعشرين. ثُمَّ قُتل عُمَر مَصْدَرَ الحاجّ في آخر السنة. وَقَالَ سعيد بْن المسيب: إنّ عُمَر لما نفر من مِنَى أناخ بالأبْطح، ثُمَّ كوَّم كَوْمَةً من بطحاء واستلقى ورفع يديه إلى السّماء، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ كَبُرَتْ سِنِّي وضعفُتْ قوْتي وانتشرت رعيَّتي فاقبضْني إليك غير مُضَيّعٍ ولا مُفَرّط" فما انْسَلَخَ ذو الحجّة حتّى طُعِن فمات. وَقَالَ أَبُو صالح السَّمّان: قَالَ كعب لعمر: أجِدُك في التَّوْراة تُقْتَلُ شهيدًا، قَالَ: وأنَّى لي بالشّهادة وأنا بجزيرة العرب؟ وَقَالَ أسلم، عَنْ عُمَر أنه قَالَ: اللَّهُمَّ ارزُقْني شهادةً في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك1. أخرجه البخاري. وقال معدان بْن أبي طَلْحة اليَعْمُرِيّ: خطب عُمَر يوم جمعةٍ وذكر نبيَّ الله وأبا بكر ثمّ قَالَ: رأيت كأنَّ ديِكًا نَقَرَني نَقْرَةً أو نَقْرَتَيْن، وإنِّي لَا أراه إلَّا حُضُورَ أَجَلِي، وإنّ قومًا يأمروني أنِ استخلِفَ وإنّ الله لم يكن لِيُضَيِّعَ دِينَه ولا خِلافَتَه فإنْ عجل بي أمرٌ فالخلافة شُورَى بين هؤلاء الستّة الّذين تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عنهم راض2.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "1890" في كتاب فضائل المدينة، باب: رقم "12"، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 177". 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 179، 180".

وَقَالَ الزُّهْرِيّ: كان عُمَر لَا يأذن لسبيٌ قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب المُغِيرَة بْن شُعْبة وهو على الكوفة يذكر له غلامًا عنده صِنَعًا ويستأذنه أن يدخل المدينةَ ويقول: إنّ عنده أعمالًا كثيرة فيها منافع للنّاس: إنّه حدّاد نقاش نجّار، فأذِن له أن يُرْسِلَ به، وضرب عليه المُغِيرَة مائة دِرْهَمٍ في الشهر، فجاء إلى عمر يشتكي شدة الخراج، فال: مَا خراجك بكثير. فانصرف ساخطًا يتذمّر، فلبث عُمَر ليالي ثُمَّ دعاه فَقَالَ: ألم أُخْبَرْ أنّك تقول: لو شاء لَصَنَعْتُ رحًى تَطْحَنُ بالريح، فالتفت إلى عمر عابسًا وقال: لأَصْنَعَنَّ لك رحًى يتحدث النَّاس بها، فلمّا وُليّ قَالَ عُمَر لأصحابه: أوعدني العبدُ آنفًا. ثمّ اشتمل أَبُو لؤلؤة على خِنْجَرٍ ذي رأسين نصابه في وسَطِه، فكمن في زاويةٍ من زوايا المسجد في الغَلَس. وَقَالَ عمرو بْن ميمون الأوديّ: إنّ أبا لؤلؤة عبد المُغِيرَة طعن عُمَر بخنجرٍ له رأسان وطعن معه اثني عشر رجلًا، مات منهم ستّة، فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبًا، فلمّا اغتمّ فيه قتل نفسه1. وَقَالَ عامر بْن عبد الله بْن الزُّبَيْر عن أَبِيهِ قَالَ: جئت من السّوق وعمر يتوكّأ عليّ، فمرّ بنا أَبُو لؤلؤة، فنظر إلى عُمَر نظرةً ظَننْتُ أنّه لولا مكاني لبَطَش به، فجئت بعد ذلك إلى المسجد الفجر فإنّي لَبَيْن النّائم واليَقْظان، إذ سمعت عُمَر يَقُولُ: قتلني الكلبُ، فماج النّاس ساعةً، ثُمَّ إذا قراءة عبد الرحمن بْن عوف. وَقَالَ ثابت البُناني، عَنْ أبي رافع: كان أَبُو لؤلؤة عبدًا للمُغِيرة يصنع الأرحاء، وكان المغيرة يستغلّه كل يومٍ أربعة دراهم، فلقي عُمَر فَقَالَ: يا أمير المؤمنين إنّ المُغِيرَة قد أثقل عليّ فكلِّمْه، فَقَالَ: أحْسِنْ إلى مولاك، ومن نِيَّة عُمَر أنْ يكلّم المُغِيرةَ فيه، فغضب وَقَالَ: يسع النّاس كلَّهم عدلُهُ غيري، وأضمر قتْلَه واتّخذ خِنْجَرًا وشحذه وسَمَّه، وكان عُمَر يَقُولُ: "أقيموا صفوفكم" قبل أنْ يكبّر، فجاء فقام حِذاءه في الصّفّ وضربه في كَتِفِه وفي خاصرته، فسقط عُمَر، وطعن ثلاثة عشر رجلًا معه، فمات منهم ستّة، وَحُمِلَ عمرُ إلى أهله وكادت الشمس أن تطلع، فصلّى ابن عَوْف بالنّاس بأقصر سورتين، وأُتي عُمَر بنبيذٍ فشربه فخرج من جُرْحه فلم يتبيّن، فسَقَوْه لَبَنًا فخرج من جرحه فقالوا: لَا بأس عليك، فَقَالَ: إنْ

_ 1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 181".

يكن بالقتل بأس فقد قُتِلْتُ، فجعل النَّاس يُثْنون عليه ويقولون: كنتَ وكنتَ، فَقَالَ: أما واللهِ وَدِدْتُ أني خرجت منها كفافًا لَا عليّ ولا لي وأنّ صُحْبَة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سلمت لي. وأثنى عليه ابن عباس، فَقَالَ: لو أنّ لي طِلَاعَ الأرض ذَهَبًا لافتديت به من هول المُطَّلَع، وقد جعلتُها شُورَى في عثمان وعليّ وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد. وأمر صُهَيْبًا أنْ يصلّي بالنّاس، وأجّل الستَّة ثلاثًا. وعن عمرو بْن ميمون أنّ عُمَر قَالَ: "الحمد لله الَّذِي لم يجعل مَنِيَّتي بيد رجلٍ يدّعي الإسلام" ثمّ قَالَ لابن عباس: كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلجوم بالمدينة. وكان العباس أكثرهم رقيقًا. ثُمَّ قَالَ: يا عبد الله! أنظر مَا عليّ من الدَّيْن، فحسبوه فوجدوه سِتَّةً وثمانين ألفًا أو نحوها، فَقَالَ: إنْ وفَّى مالُ آل عُمَر فأّدِّهِ من أموالهم وإلَّا فاسْأل في بني عديٍّ فإنْ لم تفِ أموالُهُم فَسَلْ في قريش، اذهب إلى أمّ المؤمنين عائشة فقُلْ: يستأذن عمرُ أنْ يُدْفَنَ مع صاحبيه، فذهب إليها فقالت: كنت أريده -تعني المكان- لنفسي ولأُؤْثِرَنَّهُ الْيَوْمَ على نفسي، قَالَ: فأتى عبد الله فَقَالَ: قد أذِنَتْ لك، فحمِدَ الله. ثُمَّ جاءت أم المؤمنين حفصة والنساء يسترنها، فلما رأيناه قمنا، فَمَكَثَتْ عنده ساعة، ثمّ استأذن الرجالُ فَوَلَجَتْ داخلةً ثمّ سمعنا بُكَاءها. وقيل له: أوْص يا أمير المؤمنين واستَخْلِف، قَالَ: مَا أرى أحدًا أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفَر الذين تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عنهم راضٍ، فسمّى السّتَّة وَقَالَ: يشهد عبد الله بْن عُمَر معهم وليس له من الأمر شيء -كهيئة التعزية لَهُ- فإنْ أصابت الإمرةُ سعدًا فهو ذاك وإلا فلْيَسْتَعِنْ به أيُّكم مَا أُمِّر، فإنّي لم أعزلْه من عجْزٍ ولا خيانة، ثُمَّ قَالَ: أُوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله، وأوصيه بالمهاجرين والأنصار، وأوصيه بأهل الأمصار خيرًا، في مثل ذلك من الوصيّة. فلمّا تُوُفيّ خرجنا به نمشي، فسلّم عبدُ الله بْن عمر وقال: عُمَر يستأذن، فَقَالَتْ عائشة: أدخلوه، فأُدْخِل فوُضع هناك مع صاحبيه.

فلما فرغ من دفنه ورجعوا اجتمع هؤلاء الرَّهْط، فَقَالَ عبد الرحمن بْن عَوْف: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فَقَالَ الزُّبَيْر: قد جعلت أمري إلى عليّ وَقَالَ سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن، وَقَالَ طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، قَالَ: فخلا هؤلاء الثلاثة فَقَالَ عبد الرحمن: أنا لَا أريدها فأيُّكما تبرّأ من هذا الأمر ونجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرنّ أفضلهم في نفسه وليحرصنّ على صلاح الأُمَّة، قَالَ: فسكت الشيخان عليّ وعثمان، فَقَالَ عبد الرحمن: اجعلوه إليّ والله عليَّ لَا آلو عَنْ أفضلكم، قالا: نعم فخلا بعليّ وَقَالَ: لك من القِدَم في الإسلام والقرابة مَا قد علمت، الله عليك لئن أمَّرْتُك لتعدِلَنّ ولئن أَمَّرْتُ عليك لَتَسْمعَنَّ ولَتُطِيعَنَّ، قَالَ: ثُمَّ خلا بالآخر فَقَالَ له كذلك، فلمّا أخذ ميثاقهما بايع عثمان وبايعه عليّ. وَقَالَ المِسْوَر بْن مَخْرَمَة: لما أصبح عُمَر من الغد -وهو مطعون- فزَّعُوه1 فقالوا: الصَّلاة، ففزع وَقَالَ: نعم ولا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى وجرحه يثعب دمًا2. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ثنا أَبُو عامر الخزار، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَاءَ كَعْبٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ دَعَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَيُبْقِيَنَّهُ اللَّهُ وَلَيَرْفَعَنَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ حَتَّى يَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا. حَتَّى ذَكَرَ الْمَنَافِقِينَ فِيمَنْ ذَكَرَ، قَالَ: قُلْتُ: أُبَلِّغُهُ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تُبَلِّغَهُ، فَقُمْتُ وَتَخَطَّيْتُ النَّاسَ حتى جلست عند رَأْسَهُ فَقُلْتُ: إِنَّ كَعْبًا يَحْلِفُ بِاللَّهِ لَئِنْ دَعَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَيُبْقِيَنَّهُ اللَّهُ وَلَيَرْفَعَنَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، قَالَ: ادْعُوا كَعْبًا فَدَعَوْهُ فَقَالَ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَدْعُو اللَّهَ وَلَكِنْ شَقِيَ عُمَرُ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ، قَالَ: وَجَاءَ صُهَيْبٌ فَقَالَ: وَاصَفِيَّاهُ وَاخَلِيلاهُ وَاعُمَرَاهُ، فَقَالَ: مَهْلًا يا صهيب أو ما بَلَغَكَ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. وعن ابن عباس قَالَ: كان أَبُو لؤلؤة مجوسيًَّا. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا عَلَيْكَ لَوْ أجْهَدْتَ نَفْسَكَ ثُمَّ أَمَّرْتَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا؟ فَقَالَ عُمَرُ: أَقْعِدُونِي. قال عبد الله:

_ 1 أي نبهوه. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 187".

فَتَمَنَّيْتُ أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ عَرْضَ الْمَدِينَةِ فَرَقًا من حِينَ قَالَ أَقْعِدُونِي. ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَمَّرْتُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ؟ قُلْتُ: فُلانًا، قَالَ: إِنْ تُؤَمِّرُوهُ فَإِنَّهُ ذُو شَيْبَتِكُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَرَأَيْتَ الْوَلِيدَ يَنْشَأُ مَعَ الْوَلِيدِ وَلِيدًا وَيَنْشَأُ مَعَهُ كَهْلًا، أَتَرَاهُ يَعْرِفُ مَنْ خَلَقَه؟ فَقَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَمَا أَنَا قَائِلٌ لِلَّهِ إِذَا سَأَلَنِي عَمَّنْ أَمَّرْتُ عَلَيْهِمْ فَقُلْتُ: فُلانًا، وَأَنَا أَعْلَمُ مِنْهُ مَا أَعْلَمُ! فَلا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَرْدُدْنَهَا إِلَى الَّذِي دَفَعَهَا إِلَيَّ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ عَلَيْهَا مَن هُوَ خَيْرٌ مِنِّي لَا يَنْقُصُنِي ذَلِكَ مِمَّا أَعْطَانِي اللَّهُ شَيْئًا. وَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دخل على عُمَر عثمان، وعليٌ، والزُّبَيْر، وابن عوف، وسعد -وكان طلحة غائبًا- فنظر إليهم ثمّ قَالَ: إنّي قد نظرتُ لكم في أمر النّاس فلم أجد عند النّاس شقاقًا إلَّا أنْ يكون فيكم، ثُمَّ قَالَ: إنّ قومكم إمّا يؤمِّروا أحَدَكُم أيُّها الثلاثة، فإنْ كنت على شيء من أمر النَّاس يا عثمان فلا تحملن بني أبي مُعَيْط على رقاب الناس، وإن كنت علي شيء من أمر النَّاس يا عبد الرحمن فلا تحملنّ أقاربك على رقاب النَّاس. وإنْ كنت على شيء من أمر النَّاس يا عليّ فلا تحملنّ بني هاشم على رقاب النَّاس، قوموا فتشاوروا وأمِّروا أحدكم، فقاموا يتشاورون. قَالَ ابن عُمَر: فدعاني عثمان مرَّةً أو مرتين ليُدْخلني في الأمر ولم يُسَمِّني عُمَر، ولا والله لَقَلَّما سمعته حوّل شفتيه بشيء قطّ إلا كان حقًا، فلمّا أكثر عثمانُ دعائي قلت: ألا تعقلون! تُؤمِّرون وأميرُ المؤمنين حيّ! فَوَالله لكَأنّما أيقظتهم، فَقَالَ عُمَر: أمْهِلوا فإن حدث بي حدث فلْيُصل للناس صُهيْب ثلاثًا ثُمَّ اجْمعوا في اليوم الثالث أشراف النَّاس وأمراء الأجناد فأمِّروا أحدكم، فمن تأمرَّ عَنْ غير مشورةٍ فاضربوا عُنُقَه. وَقَالَ ابن عُمَر: كان رأس عُمَر في حجْرى فَقَالَ: ضع خدّي على الأرض، فوضعتُهُ فَقَالَ: وَيْلٌ لي وَوَيْلُ أمّي إنْ لم يرحمني ربّي. وعن الحُوَيْرِث قَالَ: لمّا مات عُمَر ووُضِعَ ليُصَلَّى عليه اقتتل عليّ وعثمان أيُّهما يصلّي عليه، فَقَالَ عبد الرحمن: إنّ هذا لهو الحِرْص على الإمارة،

لقد علمتما مَا هذا إليكما ولقد أمَّر به غيركما، تقدَّمْ يا صُهَيْب فَصَلِّ عليه. فصلّى عليه. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وُضِعَ عُمَرُ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ حَتَّى قَامَ بَيْنَ الصُّفُوفِ فَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ مَا مِنْ خَلْقٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَتِهِ بَعْدَ صَحِيفَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ هَذَا المُسَجَّى عَلَيْهِ ثَوْبُهُ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ عَنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ مَعْدان بْن أبي طَلْحَةَ: أُصيب عُمَر يوم الأربعاء لأربعٍ بقين من ذي الحجّة، وكذا قَالَ زيد بْن أسلم وغير واحد. وَقَالَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص: إنّه دُفِنَ يوم الأحد مُسْتَهَلّ المحرّم. وَقَالَ سعيد بْن المسيب: تُوُفيّ عُمَر وهو ابن أربعٍ أو خمسٍ وخمسين سنة، كذا رواه الزُّهْرِيّ عنه. وَقَالَ أَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَاتَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. كذا قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ وَابْنُ شِهَابٍ. وَرَوَى أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ عُمَرَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِعَامَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا يَقُولُ: أَنَا ابْنُ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ. تفرد به أبو عاصم. وقال الوادي: نا هاشم بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: تُوُفِّيَ عُمَرُ وَلَهُ سُتُّونَ سَنَةً. قَالَ الواقِديّ: هذا أثبت الأقاويل، وكذا قَالَ مالك. وَقَالَ قَتَادة: قُتِل عُمَر وهو ابن إحدى وستين سنة. وَقَالَ عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ الْبَجَلِيُّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سُمِعَ مُعَاوِيَةُ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَهُمَا ابْنَا ثَلاثٍ وَسِتِّينَ.

وَقَالَ يحيى بْن سعيد: سمعت سعيد بْن المسيب قَالَ: قُبض عُمَر وقد استكمل ثلاثًا وستين. وقد تقدّم لابن المسيب قولٌ آخر. وَقَالَ الشَّعْبِيّ مثل قول معاوية. وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قُبِضَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ست وستين سنة والله تعالى أعلم.

3- خِلَافَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سنة ثلاث عشرة: وَفِيهَا تُوُفِّيَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لِثَمانٍ بَقَيْنَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَعَهِدَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ إِلَى عُمَرَ، وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا. فَأَوَّلُ مَا فَعَلَ عُمَرُ عَزَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَنْ إِمْرَةِ أُمَرَاءِ الشَّامِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِعَهْدِهِ، ثُمَّ بَعَثَ جَيْشًا مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْعِرَاقِ أَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدِ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ وَالِدَ الْمُخْتَارِ الْكَذَّابِ، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ، فالتقى مع أهل العراق كما سيأتي. سَنَة أربَع عَشرَة: فيها فُتحت دمشق، وحمص، وبعلبك، البصرة، والأُبُلة، ووقعة جسر أبي عُبَيْد بأرض نجران، ووقعة فِحْلٍ بالشام، في قول ابن الكلبي. فتح دمشق: فأمّا دمشق فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ خَالِدٌ عَلَى النَّاسِ فَصَالَحَ أَهْلَ دِمَشْقَ، فَلَمْ يَفْرُغْ مِنَ الصُّلْحِ حَتَّى عُزِلَ ووُلِّي أَبُو عُبَيْدَةَ، فَأَمْضَى صُلْحَ خَالِدٍ وَلَمْ يُغَيِّرَ الْكِتَابَ. وَهَذَا غَلَطٌ لأن عمر عزل خالدًا حين وُلِّي. قال خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ. وَقَالَ: ثنا عبد الله بْن المُغِيرَة، عَنْ أبيه قَالَ: صالحهم أَبُو عبيدة على أنصاف كنائسهم ومنازلهم وعلى رءوسهم، وأن لا يمنعوا من أعيادهم. وَقَالَ ابن الكلبي: كان الصلح يوم الأحد للنّصف من رجب سنة أربع عشرة. وَقَالَ ابن إسحاق: صالحهم أَبُو عبيدة في رجب. وَقَالَ ابن جرير: سار أَبُو عبيدة إلى دمشق، وخالد على مقدمة الناس، وقد

اجتمعت الروم على رجل يقال له باهان بدمشق، وكان عُمَر عزل خالدًا واستعمل أبا عبيدة على الجميع، والتقى المسلمون والروم فيما حول دمشق، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ثُمَّ هزم الله الروم، ودخلوا دمشق وغلَّقوا أبوابها، ونازلها المسلمون حتى فُتِحت، وأعطُوا الجزْية، وكان قدم الكتاب على أبي عبيدة بإمارته وعزل خالدٍ، فاستحيا أَبُو عبيدة أن يقرئ خالدًا الكتاب حتى فتحت دمشق وجرى الصلح على يدي خالد، وكُتِب الكتابُ باسمه، فلمّا صالحتْ دمشقُ لحِق باهان صاحب الروم بِهرقْل. وقيل: كان حصار دمشق أربعة أشهر. وَقَالَ محمد بْن إسحاق: إن عُمَر كان واجدًا على خالد بْن الوليد لقتْله ابن نُوَيْرة، فكتب إلى أبي عبيدة أن أنزع عمامته وقاسمه ماله، فلما أخبره قَالَ: مَا أنا بالذي أعصي أمير المؤمنين، فاصنع مَا بدا لك، فقاسمه حتى أخذ نعله الواحدة. وَقَالَ ابن جرير: كان أوّلّ محصورٍ بالشام أهل فِحْلٍ ثُمَّ أهل دمشق، وبعث أَبُو عبيدة ذا الكلاع حتى كان بين دمشق وحمص رِدْءًا1، وحصروا دمشق، فكان أَبُو عبيدة على ناحيةٍ، ويزيد بْن أبي سُفْيَان على ناحية، وعمرو بْن العاص على ناحية، وَهِرَقْلُ يَوْمَئِذٍ على حمص، فحاصروا أهلَ دمشق نحوًا من سبعين ليلةً حصارًا شديدًا بالمجانيق، وجاءت جنود هِرَقْلَ نجدةً لدمشق، فشغلتها الجنود التي مع ذي الكلاع، فلمّا أيقن أهل دمشق أنّ الأمداد لَا تصل إليهم فشِلُوا ووَهِنُوا. وكان صاحب دمشق قد جاءه مولودٌ فصنع طعامًا واشتغل يومئذ، وخالد بْن الوليد الَّذِي لَا ينام ولا يُنِيم قد هيّأ حبالًا كهيئة السلالم، فلما أمسى هيّأ أصحابه وتقدم هو وَالْقَعْقَاعُ بنُ عمرو، ومذعور بْن عدي وأمثالهم وقالوا: إذا سمعتم تكبيرنا على السُّور فارقوا إلينا وانْهَدُوا2 الباب. قَالَ: فلمّا انتهى خالد ورُفقاؤه إلى الخندق رموا بالحبال إلى الشُّرف، وعلى ظهورهم القرب التي سبحوا بها في الخندق، وتسلق القعقاع ومذعور فلم يدعا أُحْبُولةً حتى أثبتاها في الشُّرَف، وكان ذلك المكان أحصن مكانٍ بدمشق، فاستوى على السُّور خلقٌ من أصحابه ثُمَّ

_ 1 ردءا: معينا. 2 انهدوا الباب: اقصدوه.

كبروا، وانحدر خالد إلى الباب فقتل البوابين، وثار أهل البلد إلى مواقفهم لَا يدرون مَا الشأن، فتشاغل أهلُ كل جهةٍ بما يليهم، وفتح خالد الباب ودخل أصحابه عَنوةً، وقد كان المسلمون دَعَوْهم إلى الصلح والمشاطرة فأبّوْا، فلمّا رأوا البلاء بذلوا الصلح، فأجابهم من يليهم، وقبلوا فقالوا: ادخلوا وامْنعونا من أهلِ ذاك الباب، فدخل أهل كل بابٍ بصلح مما يليهم، فالتقى خالد والأمراء في وسط البلد، هذا استعراضًا ونَهْبًا، وهؤلاء صُلْحًا، فأجروا ناحية خالد على الصلح بالمقاسمة. وكتب إلى عُمَر بالفتح. نجدة سعد بن أبي وقاص بالعراق: وكتب عُمَر إلى أبي عبيدة أن يجهز جيشًا إلى العراق نجدةً لسعد بْن أبي وقاص، فجهز له عشرة آلافٍ عليهم هاشم بْن عُتْبَة، وبقي بدمشق يزيد بْن أبي سُفْيَان في طائفة من أمداد اليمن، فبعث يزيد دِحْيَةَ بْن خليفة الكلبيّ في خيلٍ إلى تدمر1، وأبا الأزهر إلى البثنية2 فصالحهم، وسار طائفةٌ إلى بيْسان فصالحوا. وفيها كان سعد بْن أبي وقاص فيما ورد إلينا على صدقات هوازن، فكتب إليه عُمَر بانتخاب ذي الرأي والنجدة ممن له سلاح أو فرس، فجاءه كتاب سعد: إنّي قد انتخبت لك ألفَ فارس، ثُمَّ قدِم به عليه فأمّره على حرب العراق، وجهزه في أربعة آلاف مقاتل، فأبى عليه بعضُهم إلا المسيرَ إلى الشام، فجهزهم عُمَر إلى الشام. ثُمَّ إن عُمَر أمدّ سعدًا بعد مسيره بألفيّ نجدي وألفي يماني، فشتا سعد بزَرُود3، وكان الْمُثَنَّى بْن حارثة على المُسْلِمين بما فتح الله من العراق، فمات من جراحته التي جرحها يوم جسر أبي عُبَيْد، فاستخلف المثني على النَّاس بشير بْن الخصاصيّة، وسعد يَوْمَئِذٍ بزرود، ومع بشير وفود أهل العراق. ثُمَّ سار سعد إلى العراق، وقدم عليه الأشعث بْن قيس في ألفٍ وسبعمائة من اليمانيين.

_ 1 تدمر: مدينة تقع في صحراء سورية. 2 البثنية: مدينة بالشام. 3 زرود: رمال بطريق الحاج من الكوفة.

وقعة الجسر: كان عُمَر قد بعث في سنة ثلاث عشرة جيشًا، عليهم أَبُو عُبَيْد الثقفي، فلقي جابان في سنة ثلاث عشرة -وقيل سنة أربع عشرة- بين الحيرة والقادسية. فهزم الله المجوس، وأُسِر جابان، وقُتِل مردانشاه، ثُمَّ إن جابان فدى نفسه بغلامين وهو لَا يعرف أنه المقدَّم، ثُمَّ سار أَبُو عُبَيْد إلى كَسْكَر فالتقى هو ونَرْسِيّ فهزمه، ثُمَّ لقي جالينوس فهزمه. ثُمَّ إن كسرى بعث ذا الحاجب، وعقد له على اثني عشر ألفًا، ودفع إليه سلاحًا عظيمًا، والفيل الأبيض، فبلغ أبا عُبَيْد مسيرهم، فعبر الفرات إليهم وقطع الجسر، فنزل ذو الحاجب قَسّ النَّاطِف، وبينه وبين أبي عُبَيْد الفرات، فأرسل إلى أبي عُبَيْد: إمّا أن تعبر إلينا وإما أن نعبر إليك. فَقَالَ أَبُو عُبَيْد: نَعْبُرُ إليكم، فعقد له ابن صَلُوبا الجسر، وعبر فالتقوا في مضيق في شوال. وقدم ذو الحاجب جالينوس معه الفيل. فاقتتلوا أشدّ قتالٍ وضرب أَبُو عُبَيْد مِشْفَرَ الفيل، وضرب أَبُو مِحْجَن عرقُوبة. ويقال إنّ أبا عُبَيْد لما رأى الفيل قَالَ: يا لك من ذي أربعٍ مَا أكبرك ... لأضربنّ بالحسام مِشْفرَكْ وَقَالَ: إنْ قُتِلْتُ فعليكم ابني جَبْر. فإن قُتِل فعليكم حبيب بْن ربيعة أخو أبي مِحْجَن، فإن قتل فعليكم أخي عبد الله. فقُتِل جميع الأمراء، واستحر1 القتل في المُسْلِمين فطلبوا الجسر. وأخذ الراية المثني بْن حارثة فحماهم في جماعةٍ ثبتوا معه. وسبقهم إلى الجسر عبد الله بْن يزيد فقطعه، وَقَالَ: قاتِلوا عَنْ دينكم، فاقتحم النَّاس الفرات، فغرق ناسٌ كثير، ثُمَّ عقد المثنى الجسر وعبره النَّاس. وأستُشْهِد يَوْمَئِذٍ فيما قَالَ خليفة ألفٌ وثمانمائة، وَقَالَ سيف: أربعة آلاف مَا بين قتيل وغريق. وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: قُتِل أَبُو عُبَيْد في ثمانمائة من المسلمين.

_ 1 استحر: اشتد.

وَقَالَ غيره: بقي المثنى بْن حارثة الشيباني على النَّاس وهو جريح إلى أن توفي، واستخلف على النَّاس ابن الخصاصية كما ذكرنا. فتح حمص وبعلبك: وَقَالَ أَبُو مُسْهِر: حدثني عبد الله بْن سالم قَالَ: سار أَبُو عبيدة إلى حمص في اثني عشر ألفًا، منهم من السكون ستة آلاف فافتتحها. وعن عثمان الصَّنْعاني قَالَ: لما فتحنا دمشق خرجنا مع أبي الدَّرْدَاء في مَسْلَحة بَرْزَة، ثُمَّ تقدَّمنا مع أبي عبيدة ففتح الله بنا حمص. وورد أن حمص وبعلبك فتحنا صلحًا في أواخر سنة أربع عشرة، وهرب هرقل عظيم الروم من أنطاكية إلى قسطنطينية. وقيل: إنّ حمص فُتحت سنة خمس عشرة. فتح البصرة: وَقَالَ عليّ المدائني عَنْ أشياخه: بعث عُمَر في سنة أربع عشرة شُرَيْح بْن عامر أحد بني سعد بْن بكر إلى البصرة، وكان ردءًا للمسلمين، فسار إلى الأهواز فقُتِل بدارس، فبعث عُمَر عُتْبَةَ بنَ غَزْوان المازني في السنة، فمكث أشهرًا لَا يغزو. وَقَالَ خالد بْن عُمَيْر العدوي: غزونا مع عُتْبَة الأُبُلَّة فافتتحناها ثُمَّ عبرنا إلى الفرات، ثُمَّ مر عُتْبَة بموضع المِرْبَد، فوجد الكَذَّان1 الغليظ فَقَالَ: هذه البصرة انزلوها باسم الله. وَقَالَ الحسن: افتتح عُتْبَةُ الأُبُلَّة فقُتل من المُسْلِمين سبعون رجلًا في موضع مسجد الأُبُلَّة، ثُمَّ عبر إلى الفرات فأخذها عَنْوةً. وَقَالَ شُعْبة، عَنْ عقيل بْن طلحة، عن قبيصة قال: كنا مع عتبة بالخريبة2.

_ 1 الكذان: حجارة رخوة. 2 الخريبة: موضع بالبصرة.

وفيها أمر عُتْبَة بْن غزوان محجن بْن الأدرع فخطَّ مسجد البصرة الأعظم وبناه بالقصب، ثُمَّ خرج عُتْبَة حاجًا وَخَلَّفَ مُجَاشع بْن مسعود وأمره بالغزو، وأمر المُغِيرَة بْن شُعْبَة أن يصلي بالنّاس حتى يقدم مُجَاشِع، فمات عُتْبَة في الطريق. وأمّر عمرُ المُغِيرَة على البصرة. وفيها وُلِدَ عبد الرحمن بْن أبي بكرة، وهو أوّل من وُلِد بالبصرة، وبُعِث جريرُ بْن عبد الله على السّواد، فلقي جرير مِهْران، فقُتِل مهران، ثُمَّ بعث عُمَر سعدًا فأمر جريرًا أن يطيعه. فتح الأردن ويوم اليرموك: سَنَة خَمْس عَشْرَة: في أولها افْتَتَحَ شُرَحْبِيل بْن حَسَنة الأردن كلها عنوة إلا طبرية فإنهم صالحوه، وذلك بأمر أبي عبيد. يوم اليَرْمُوك: كانت وقعةً مشهورةً، نزلت الروم اليرموك في رجب سنة خمس عشرة، وقيل: سنة ثلاث عشرة وأراه وهما فكانوا في أكثر من مائة ألف، وكان المسلمون ثلاثين ألفا، وأمراء الإسلام أَبُو عبيدة، ومعه أمراء الأجناد، وكانت الروم قد سلسلوا أنفسهم الخمسة والستة في السلسلة لئلَّا يفرُّوا، فلمّا هزمهم الله جعل الواحد يقع في نهر اليَرْمُوك فيجذب من معه في السلسلة حتى ردموا في الوادي، واستووا فيما قيل بحافَّتَيْه، فداستهم الخيل، وهلك خلقٌ لَا يحصون. وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ جماعة من أمراء المُسْلِمين. وَقَالَ محمد بْن إسحاق: نزلت الروم اليرموك وهم مائة ألف، عليهم السقلاب خصيٌّ لِهرَقْل. وَقَالَ ابن الكلبي: كانت الروم ثلاثمائة ألف، عليهم باهان، رجلٌ من أبناء فارس تنصر ولحق الروم، قَالَ: وضمّ أَبُو عبيدة إِلَيْهِ أطرافه، وأمدَّه عُمَر بسعيد بْن

عامر بْن حُذَيْم، فهزم الله المشركين بعد قتالٍ شديد في خامس رجب سنة خمس عشرة. وَقَالَ سعيد بْن عبد العزيز: إنّ المُسْلِمين -يعني يوم اليّرْموك- كانوا أربعةً وعشرين ألفًا، وعليهم أَبُو عبيدة، والروم عشرون ومائة ألف، عليهم باهان وسقلاب. إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَمَدَتِ الأَصْوَاتُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، وَالْمُسْلِمُونَ يُقَاتِلُونَ الرُّومَ إِلا صَوْتَ رَجْلٍ يَقُولُ: "يَا نَصْرَ اللَّهِ اقْتَرِبْ، يَا نَصْرَ اللَّهِ اقْتَرِبْ"، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا هُوَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ تَحْتَ رَايَةِ ابْنِهِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سفيان. الواقدي: نا عبد الحميد بن حعفر، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: حَضَرْتُ الْيَرْمُوكَ فَلا أَسْمَعُ إِلَّا نَقْفَ الْحَدِيدِ إِلا أَنِّي سَمِعْتُ صَائِحًا يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ أَبْلَوْا لِلَّهِ فِيهِ بَلاءً حَسَنًا، فَإِذَا هُوَ أَبُو سُفْيَانَ تَحْتَ رَايَةِ ابْنِهِ. قَالَ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ قَالَ: لَمَّا هَزَمْنَا الْعَدُوَّ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَصَبْنَا يَلامِقِ1 دِيبَاجٍ2 فَلَبِسْنَاهَا فَقَدِمْنَا عَلَى عُمَرَ وَنَحْنُ نَرَى أَنَّهُ يُعْجِبُهُ ذَلِكَ، فَاسْتَقْبَلْنَاهُ وَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَشَتَمَنَا وَرَجَمَنَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى سَبَقْنَاهُ نَعْدُو، فَقَالَ بَعْضُنَا: لَقَدْ بَلَغَهُ عَنْكُمْ شَرٌّ، وَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَعَلَّهُ فِي زِيِّكُمْ هَذَا، فَضَعُوهُ، فَوَضَعْنَا تِلْكَ الثِّيَابَ وَسَلَّمْنَا عليه، فرحب وساءلنا وَقَالَ: إِنَّكُمْ جِئْتُمْ فِي زِيِّ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَإِنَّكُمْ الآنَ فِي زِيِّ أَهْلِ الإِيمَانِ، وَإِنَّهُ لا يَصْلُحُ مِنَ الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ إِلا هَكَذَا، وَأَشَارَ بِأَرْبَعِ أَصَابِعِهِ. وعن مالك بْن عبد الله قَالَ: مَا رأيت أشرف من رجلٍ رأيته يوم اليرموك إنه خرج إليه علجٌ3 فقتله، ثُمَّ آخر فقتله، ثُمَّ آخر فقتله، ثُمَّ انهزموا وتبِعَهُمْ وتبِعْتُهُ، ثُمَّ انصرف إلى خباءٍ عظيم له فنزل، فدعا بالجفان4 ودعا من حوله، قلت: من هذا - قالوا: عَمرو بن معدي يكرب.

_ 1 اليلامق: جمع يلمق، وهو البقاء. 2 الديباج: نوع من الحرير. 3 العلج: الجافي من الرجال. 4 الجفان: جمع جفنة، وهي القصعة الكبيرة.

وعن عُرْوَة: قُتِل يَوْمَئِذٍ النَّضْر بْن الحارث بْن علْقمة العبدري، وعبد الله بْن سُفْيَان بْن عبد الأسد المخزوميّ. وَقَالَ ابن سعد: قُتِل يَوْمَئِذٍ نعيم بْن عبد الله النحام العدوي. قلت: وقد ذُكِرَ. وقيل: كان على مجنبة أبي عبيدة يومئذ قباث بْن أشيم الكنانّي اللَّيْثي. ويقال: قُتِل يَوْمَئِذٍ عكرمة بْن أبي جهل، وعبد الرحمن بْن العوام، وعياش بْن أبي ربيعة، وعامر بْن أبي وقاص الزُّهْرِيّ. وَقْعة القادسية 1: كانت وقعة القادسية بالعراق في آخر السنة فيما بَلَغَنَا، وكان على النَّاس سعد بْن أبي وقاص، وعلى المشركين رُسْتُم ومعه الجالينوس، وذو الحاجب. قَالَ أَبُو وائل: كان المسلمون مَا بين السبعة إلى الثمانية آلافًا. ورستم في ستين ألفًا، وقيل: كانوا أربعين ألفًا، وكان معهم سبعون فيلًا. وذكر المدائني أنهم اقتتلوا قتالًا شديدًا ثلاثة أيام في آخر شوال، وقيل في رمضان، فقُتِل رُسْتُم وانهزموا، وقيل إنّ رُستم مات عَطَشًا، وتبعهم المسلمون فقُتِل جالينوس وذو الحاجب، وقتلوهم مَا بين الخرَّارة2 إلى السَّيْلحين إلى النجف، حتى ألجئوهم إلى المدائن، فحصروهم بها حتى أكلوا الكلاب، ثُمَّ خرجوا على حامية بعيالهم فساروا حتى نزلوا جلولاء. قَالَ أَبُو وائل: اتّبعناهم إلى الفرات فهزمهم الله، واتّبعناهم إلى الصَّراة فهزمهم الله، فألجأناهم إلى المدائن. وعن أبي وائل قَالَ: رأيتُني أعبر الخندق مَشْيًا على الرجال، قتل بعضهم بعضًا. وعن حبيب بْن صهبان قَالَ: أصبْنا يَوْمَئِذٍ من آنية الذهب حتى جعل الرجل يَقُولُ: صفراء ببيضاء، يعني ذهبًا بفضة.

_ 1 القادسية: موضع بالعراق. 2 الخرارة: موضع قريب من الكوفة.

وَقَالَ المدائني: ثُمَّ سار سعد من القادسية يتبعهم. فأتاه أهل الحيرة فقالوا: نحن على عهدنا. وأتاه بسطام فصالحه. وقطع سعدُ الفرات، فلقي جمعًا عليهم بَصْبَهرا؛ فقتله زُهرة بْن حويَّة، ثُمَّ لقوا جمعًا بكُوثا1 عليهم الفيْرُزان فهزموهم، ثُمَّ لقوا جمعًا كثيرًا بدير كعب عليهم الفَرُّخان فهزموهم، ثُمَّ سار سعد بالنّاس حتى نزلوا المدائن فافتتحها. وأما محمد بْن جرير فإنه ذكر القادسية في سنة أربع عشرة، وذكر أن في سنة خمس عشرة مَصَّر سعد الكوفة؛ وإن فيها فرض عمر الفروض وَدَوَّنَ الدواوين، وأعطى العطاء على السابقة. قَالَ: ولمّا فتح الله على المُسْلِمين غنائم رستم، وقدمت على عُمَر الفتوح من الشام والعراق جمع المُسْلِمين فَقَالَ: مَا يحلّ لِلْوَالِي من هذا المال؟ قالوا: أما لخاصَّته فقوتُهُ وَقُوتُ عياله لَا وَكْسَ2 ولا شَطَطَ3، وكسوته وكسوتهم، ودابتان لجهاده وحوائجه، وحمّالته إلى حجه وعمرته، والقسم بالسوية أن يعطى أهل البلاء على قدر بلائهم، ويرم أمور المسلمين ويعاهدهم. وفي القوم عليّ -رضي الله عنه- ساكت، فَقَالَ: مَا تقول يا أبا الحسن؟ فَقَالَ: مَا أصْلَحَكَ وأصلَحَ عِيالك بالمعروف. وقيل إنّ عُمَر قعد على رزق أبي بكر حتى أشتدّت حاجتُهُ، فأرادوا أن يزيدوه فأبى عليهم. وكان عمّاله في هذه السنة: عَتّاب بْن أسيد، كذا قَالَ ابن جرير، وقد قدمنا موت عتاب، قَالَ: وعلى الطائف يَعْلَى بْن مُنية، وعلى الكوفة سعد، وعلى قضائها أَبُو وقرة. وعلى البصرة المُغِيرَة بْن شُعْبَة. وعلى اليمامة والبحرين عثمان بْن أبي العاص. وعلى عُمان حذيفة بن محصن. وعلى ثغور الشام أبو عبيدة بن الجراح.

_ 1 كوثا: موضع بالعراق. 2 الوكس: النقص. 3 الشطط: مجاوزة الحد.

سنة ست عشرة: قيل: كانت وقعة القادسية في أوّلها. وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ مائتان، وقيل: عشرون ومائة رجل. فتح الأهواز والمدائن: قَالَ خليفة: فيها فُتِحت الأهواز ثُمَّ كفروا، فحدّثني الوليد بْن هشام، عَنْ أبيه، عَنْ جدّه قَالَ: سار المُغِيرَة بْن شُعْبَة إلى الأهواز فصالحه الفيرزان على ألفي ألف درهم وثمانمائة ألف دِرهم، ثُمَّ غزاهم الأشعري بعده. وَقَالَ الطبريُّ: فيها دخل المسلمون مدينة بَهُرَسِير وافتتحوا المدائن، فهرب منها يزدجرد بْن شَهْرَيار. فلما نزل سعد بْن أبي وقاص بُهرَسِير -وهي المدينة التي فيها منزل كِسْرَى- طلب السُّفُنَ ليعبر بالنّاس إلى المدينة الْقُصْوَى، فلم يقدر على شيءٍ منها، وجدهم قد ضمُّوا السفن، فبقي أيّامًا حتى أتاه أعلاجٌ فدُّلوه على مخاضة، فأبى، ثُمَّ إنه عزم له أن يقتحم دِجلة، فاقتحمها المسلمون وهي زائدة ترمي بالزَّبَد، ففجِئ أهل فارس أمرٌ لم يكن لهم في حساب، فقاتلوا ساعةً ثمّ انهزموا وتركوا جُمهور أموالهم، واستولى المسلمون على ذلك كلّه، ثُمَّ أتوا إلى القصر الأبيض، وبه قوم قد تحصّنوا ثُمَّ صالحوا. وقيل إنّ الفرس لمّا رأوا اقتحام المُسْلِمين الماء تحيَّروا وقالوا: واللِه مَا نقاتل الإنس ولا نقاتل الجن، فانهزموا. ونزل سعد القصر الأبيض، واتّخذ الإيوان مُصَلَّى، وإنّ فيه لتماثيل جَصٍّ فما حرَّكها. ولما انتهى إلى مكان كِسْرى أخذ يقرأ {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ} 1 الآية. قالوا: وأتمّ سعد الصلاة يومَ دخلها، وذلك أنَّه أراد المقام بها، وكانت أول جُمعة جُمِعت بالعراق، وذلك في صفر سنة ست عشرة.

_ 1 سورة الدخان: 25، 26.

قال الطبري: قسم سعد الفيء بعدما خمسه، فأصاب الفارس اثنا عشر ألفًا، وكلّ الجيش كانوا فرسانًا. وقسّم سعدٌ دور المدائن بين النَّاس وأُوطِنوها، وجمع سعدٌ الْخُمْسَ وأدخل فيه كل شيءٍ من ثياب كِسْرى وحُلِيِّه وسيفه. وَقَالَ للمُسْلِمين: هل لكم أن تطيب أنفُسُكم عَنْ أربعة أخماس هذا القِطْف فنبعثَ به إلى عُمَر، فيضعه حيث يرى ويقع من أهل المدينة موقعًا؟ قالوا: نعم، فبعثه على هيئته. وكان ستين ذراعًا في ستين ذراعا بساطًا واحدًا مقدار جَرِيب1. فيه طُرُق كالصُّورَ. وفصوص كالأنهار، وخلال ذلك كالدّرّ، وفي حافاته كالأرض المزروعة، والأرضُ كالمُبْقِلَة بالنبات في الربيع من الحرير على قصبات الذهب. ونوّاره بالذهب والفضة ونحوه. فقطّعه عُمَر وقسّمه بين النَّاس. فأصاب عليًّا قطعةٌ منه فباعها بعشرين ألفًا. واستولى المسلمون في ثلاثة أعوامٍ على كرسيّ مملكة كِسْرى، وعلى كرسي مملكة قيصر، وعلي أُمَّيْ بلادهما. وغنم المسلمون غنائم لم يُسمع بمثلها قطّ من الذهب والجوهر والحرير والرقيق والمدائن والقصور. فسبحان الله العظيم الفتّاح. وكان لكِسْرى وقيْصر ومن قبلهما من الملوك في دولتهم دهرٌ طويل، فأمّا الأكاسرة والفرس وهم المجوس فملكوا العراق والعجم نحوًا من خمسمائة سنة، فأوّل ملوكهم دارا، وطال عُمرُهُ فيقال إنّه بقي في المُلْك مائتي سنة، وعدّة ملوكهم خمسة وعشرون نفسًا، منهم امرأتان، وكان آخر القوم يزْدَجِرْد الَّذِي هلك في زمان عثمان، وممّن ملك منهم ذو الأكتاف سابور، هذا يملك الأرض، فوُضِع التّاجُ على بطن الأمّ، وكُتِب منه إلى الآفاق وهو بعد جنين، وهذا شيءٌ لم يُسْمع بمثله قطّ، وإنما لقب بذي الأكتاف لأنه ينزع أكتافَ مَن غضب عليه، وهو الَّذِي بنى الإيوان الأعظم وَبَنَى نَيْسَابُور وَبَنَى سَجِسْتان. ومن متأخري ملوكهم أنوشروان، وكان حازمًا عاقلًا، كان له اثنا عشر ألف امرأةٍ وسريَّة، وخمسون ألف دابة، وألف فيل إلا واحدًا، ووُلد نبيُّنا -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- في

_ 1 الجريب: مكيال.

زمانه، ثم مات أنوشروان وقت مَوْت عبد المطلب، ولما استولى الصحابة على الإيوان أحرقوا ستره، فطلع منه ألف ألف مثقال ذهبًا. وقعة جَلُولاء 1: في هذه السنة قال الطبري ابن جرير الطبري: فقتل الله من الفرس مائة ألف، جَلَّلَت القتلى المجال وما بين يديه وما خلفه، فسُمِّيت جَلُولاء. وَقَالَ غيره: كانت في سنة سبع عشرة. وعن أبي وائل قَالَ: سمِّيت جلُولاء لِمَا تجلّلها من الشّرّ. وَقَالَ سيف: كانت سنة سبع عشرة. وَقَالَ خليفة بْن خيّاط: هربَ يزّدَجِرْد بْن كِسْرى من المدائن إلى حُلْوان، فكتب إلى الجبال، فجمع العساكر ووجههم إلى جَلُولاء، فاجتمع له جَمْعٌ عظيمٌ، عليهم خُرَّزاذ بْن خرهرمز، فكتب سعد إلى عُمَر يخبره، فكتب إليه: أَقِمْ مكانَك ووجِّه إليهم جيشًا، فإنّ الله ناصِرُك ومُتَمِّمٌ وعدّه، فعقد لابن أخيه هاشم بْن عُتْبة بْن أبي وقاص، فالتقوا، فجال المسلمون جولةً، ثُمَّ هزم الله المشركين، وقُتِل منهم مقتلةٌ عظيمةٌ، وحوى المسلمون عسكرهم وأصابوا أموالًا عظيمةً وسبايا، فبلغت الغنائم ثمانية عشر ألف ألف. وجاء عَنِ الشَّعْبِيّ أن فَيْء جَلُولاء قُسِّم على ثلاثين ألف ألف. وَقَالَ أَبُو وائل: سُمِّيت جَلُولاء "فتح الفتوح". وَقَالَ ابن جرير: أقام هاشم بْن عُتْبة بجَلُولاء، وخرج القعقاع بْن عمرو في آثار القوم إلى خانقين، فقتل من أدرك منهم، وقُتِل مهران، وأفلت الفَيْرُزان، فلّما بلغ ذلك يَزْدَجرْدَ تقهقر إلى الري. فتح تكريب: وفيها جهز سعدًا جُنْدًا فافتتحوا تِكْريت واقتسموها، وخمَّسوا الغنائم، فأصاب الفارس منها ثلاثة آلاف درهم.

_ 1 جلولاء: بلدة بالعراق على شاطئ دجلة.

فتح بيت المقدس: وفيها سار عُمَر إلى الشام وافتتح بيت المقدس، وقدم إلى الجابية -وهي قَصَبة حَوْران- فخطب بها خطبةً مشهورةً متواتِرة عنه. قَالَ زهير بن محمد المروزي: حدّثني عبد الله بْن مسلم بْن هُرْمُز أنّه سمع أبا الغادية المُزَني قَالَ: قدِم علينا عمر الجابية، وهو على جملٍ أوْرَقَ1، تَلُوحُ صَلْعَتُهُ للشمس، ليس عليه عمامة ولا قَلَنْسُوَة، بين عودين، وطاؤه فَرْوُ كَبْشٍ نَجْدِيّ، وهو فراشه إذا نزل، وحقيبته شَمْلَة أو نَمِرَةٌ مَحْشُوَّةٌ لِيفًا وهي وسادَتُهُ، عليه قميص قد انخرق بعضه ودسم جَيْبُه. رواه أَبُو إسماعيل المؤدب، عَنِ ابن هرمز فَقَالَ: عَنْ أبي العالية الشامي. قِنَّسْرِين 2: وفيها بعث أَبُو عبيدة عمرو بْن العاص -بعد فراغه من اليرموك- إلى قنسرين، فصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية على الجزية، وفتح سائر بلاد قنسرين عنوة. وفيها افتتحت سروج3 والرها4 على يدي عياض بن غنم. صلح إيلياء: وفيها قَالَ ابن الكلبي: سار أَبُو عبيدة وعلى مقدمته خالد بن الوليد، فحاصره أهل إيلياء، فسألوه الصُّلْح على أن يكون عُمَر هو الَّذِي يعطيهم ذلك ويكتب لهم أمانًا، فكتب أَبُو عبيدة إلى عُمَر، فقدِم عُمَر إلى الأرض المقدسة فصالحهم وأقام أيّامًا ثم شخص إلى المدينة. وقعة قرقيسياء: وفيها كانت وقعة قَرْقِيسْياء، وحاصرها الحارث بْن يزيد العامري، وفتحت صلحًا.

_ 1 أورق: يميل لونه إلى لون الرماد. 2 قنسرين: قرية تقع في سورية. 3 سروج: بلدة بالقرب من حران من ديار مضر. 4 الرها: مدينة بين الموصل والشام.

كتابة التاريخ: سنة ست عشرة: وفيها كُتِب التاريخ في شهر ربيع الأول، فعن ابن المسيب قَالَ: أوّل من كتب التاريخ عُمَر بْن الخطاب لسنتين ونصف من خلافته، فُكِتب لست عشرة من الهجرة بمشورة علي -رضي الله عنه. وفيها نُدِب لحرب أهل المَوْصِل رِبْعيّ بْن الأفكل. سنة سبع عشرة: يقال: كانت فيها وقعة جَلُولاء المذكورة. وفيها خرج عُمَر إلى سَرغ1، واستخلف على المدينة زيد بْن ثابت، فوجد الطاعون بالشام، فرجع لمّا حدّثه عبد الرحمن بْن عوف عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أمر الطاعون. توسعة عمر للمسجد النبوي: وفيها زاد عُمَر فِي مسجد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعمله كما كان في زمان النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيها كَانَ القحط بالحجاز، وسمي عام الرَّمَادة، واستسقى عُمَر للناس بالعباس عم النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفيها كتب عُمَر إلى أبي موسى الأشعري بإمرة البّصْرة. وبأن يسير إلى كور الأهوازَ صلحًا وَعْنوةً، فوظَّف عُمَر عليها عشرة آلاف ألف درهم وأربعمائة ألف، وجهد زياد في إمرته أن يخلص العَنْوة من الصُّلح فما قدِر. قَالَ خليفة: وفيها شهِدَ أَبُو بكرة، ونافع ابنا الحارث، وشبل بْن مَعَبد، وزياد على المُغيرة بالِّزنَى ثُمَّ نكل بعضهم، فعزله عُمَر عَنِ البصرة ووّلاها أبا موسى الأشعري. وَقَالَ خليفة: ثنا رَيْحان بْن عصمة، ثنا عُمَر بْن مرزوق، عَنْ أبي فَرْقَد قَالَ: كنّا مع أبي موسى الأشعر بالأهواز وعلى خيله تجافيف2 الديباج.

_ 1 سرغ: أول الحجاز وآخر الشام. 2 تجافيف: جمع تجفاف: وهي آلة حربية للفرس كالدرع للإنسان.

وفيها تزوج عُمَر بأم كلثوم بنت فاطمة الزهراء، وأصدقها أربعين ألف درهم فيما قيل. سنة ثَماني عَشرة: فيها قَالَ ابن إسحاق: استسقى عمر للناس وخرج ومعه العباس فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إنّا نستسقيك بعم نبيِّك"1. وفيها افتتح أبو موسى جند يسابور2 والسُّوس3 صُلْحًا، ثُمَّ رجع إلى الأهواز. وفيها وجه سعد بْن أبي وقاص جرير بْن عبد الله البجلي إلى حلوان بعد جلولاء، فافتتحها عنوةً. ويقال: بل وجَّه هاشم بْن عُتْبَة، ثُمَّ انتقضوا حتى ساروا إلى نهاوند، ثم سار هاشم إلى ماء4 فأجلاهم إلى أَذْرَبِيجَان، ثُمَّ صالحوا. ويقال: فيها افتتح أَبُو موسى رامَهُرْمُز5، ثُمَّ سار إلى تُسْتَر6 فنازلها. وَقَالَ أَبُو عبيدة بْن المثني: فيها حاصر هرِم بْن حيَّان أهل دَسْتَ هرّ، فرأى ملكُهُم امرأةً تأكل ولَدَها من الجوع فَقَالَ: الآن أُصالح العرب، فصالح هرِمًا على أن يُخْلِيَ لهم المدينة. وفيها نزل النَّاس الكوفة، وبناها سعد باللبن، وكانوا بنوها بالقصب فوقع بها حريق هائل. وفيها كان طاعون عمواس بناحية الأردن، فاسْتُشْهِدَ فيه خلقٌ من المُسْلِمين. ويقال إنه لم يقع بمكة ولا بالمدينة طاعون.

_ 1 صحيح دون تحديد التاريخ: أخرجه البخاري "1010" في كتاب الاستسقاء، باب: سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا، والطبراني في "الأوسط" "2437" من حديث أنس. 2 جند يسابور: مدينة في إيران. 3 السوس: بلدة بخورستان. 4 ماه: هي مدينة نهاوند. 5 رامهرمز: مدينة بنواحي خوزستان منها سلمان الفارسي -رضي الله عنه. 6 تستر: مدينة تقع في غربي إيران.

وفيها افتتح أَبُو موسى الرُّها وسُمَيْساط1 عَنْوةً. وفي أوائلها2 وجه أَبُو عبيدة بْن الجراح عياض بْن غنم الفهري إلى الجزيرة، فوافق أبا موسى قد قدم من البصرة، فمضيا فافتتحا حَرَّان ونصيبين وطائفة من الجزيرة عَنْوةً، وقيل صُلْحًا. وفيها سار عياض بْن غنم إلى الموصل فافتتحها ونواحيها عَنْوةً. وفيها بنى سعد جامع الكوفة. سَنَة تِسْع عَشِرة: قَالَ خليفة: فيها فُتِحت قيسارية3، وأمير العسكر معاوية بْن أبي سُفْيَان وسعد بْن عامر بْن حذيم، كلٌّ أميرٌ على جُنده، فهزم الله المشركين وقُتِل منهم مقتلة عظيمة، ورَّخَها ابن الكلبي. وأما ابن إسحاق فَقَالَ: سنة عشرين. وفيها كانت وقعة صُهاب -بأرض فارس- في ذي الحجة. وعلى المُسْلِمين الحَكَم بْن أبي العاص، فقُتِل شَهْرَك مُقَدَّم المشركين. قَالَ خليفة: وفيها أسرت الروم عبد الله بْن حُذافة السَّهْميّ. وقيل: فيها فُتِحَت تكريت4. ويقال: فيها كانت جولاء وهي وقعة أخرى كانت بالعجم أو بفارس. وفيها وجه عُمَر عثمان بْن أبي العاص إلى أرمينية الرابعة، فكان عندها شيء من قتال. سنة عشرين: فيها فتحت مصر.

_ 1 سميساط: مدينة على شاطئ الفرات. 2 أي هذه السنة، وهي سنة "18 هـ". 3 قيسارية: بلدة بفلسطين. 4 تكريت: بلدة بين بغداد والموصل.

روى خليفة -عَنْ غير واحد- وغيره أنّ فيها كتب عُمَر إلى عمرو بْن العاص أن يسير إلى مصر، فسار وبعث عُمَر الزُّبَيْر بْن العَوَّام مددًا له، ومعه بسر بْن أرطأة، وعُمَير بْن وهب الجمحي، وخارجة بْن حذافة العدوي، حتى أتى باب أليون1 فتحصنوا، فافتتحها عَنْوةً وصالحه أهل الحصن، وكان الزُّبَيْر أول من ارتقى سور المدينة ثُمَّ تبعه النَّاس، فكلم الزُّبَيْر عمرًا أن يقسمها بين من افتتحها، فكتب عمرو إلى عُمَر، فكتب عُمَر: أكلةٌ، وأكلاتٌ خيرٌ من أكلة، أقِرُّوها. وعن عمرو بْن العاص أنه قَالَ على المنبر: لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحدٍ من قبط مصر عليّ عهد ولا عقد، وإن شئت قتلت، وإن شئت بعت، وإن شئت خمَّسْت إلا أهل انطابلس فإن لهم عهدًا نفي به. وعن علي بْن رباح قَالَ: المغرب كله عنوة. وعن عُمَر قَالَ: افتُتحت مصرُ بغير عهدٍ. وكذا قال جماعة. وَقَالَ يزيد بْن أبي حبيب: مصر كلها صلح إلا الإسكندرية. غزو تُسْتَر: قَالَ الوليد بْن هشام القَحْذَميّ، عَنْ أبيه وعمه أن أبا موسى لما فرغ من الأهواز، ونهر تيرى، وجند يسابور، ورامَهُرْمُز، تَوَجَّه إلى تُسْتَر، فنزل باب الشرقي، وكتب يستمد عُمَر، فكتب إلى عمار بْن ياسر أن أَمِدَّه، فكتب إلى جرير وهو بحُلوان أن سرْ إلى أبي موسى، فسار في ألفٍ فأقاموا أشهرًا، ثُمَّ كتب أَبُو موسى إلى عمر: إنهم لم يغنوا سيئًا. فكتب عُمَر إلى عمار أن سر بنفسك، وأمده عُمَر من المدينة. وعن عبد الرحمن بْن أبي بكرة قَالَ: أقاموا سنة أو نحوها، فجاء رجل من تُسْتَر وَقَالَ لأبي موسى: أسألك أن تحقن دمي وأهل بيتي ومالي، على أن أدُلَّكَ على المدخل، فأعطاه، قال: فأبلغني إنسانًا سابحًا ذا عقلٍ يأتيك بأمر بيِّنٍ، فأرسل معه مجزأة بن ثور السدوسي، فأدخل من مدخل الماء ينبطح على بطنه أحيانًا ويحبو حتى دخل المدينة وعرف طرقها، وأراه الْعِلْجُ الهُرْمُزَان صاحبها، فهم بقتله

_ 1 أليون: قرية بمصر.

ثُمَّ ذكر قول أبي موسى: "لَا تسبقني بأمر" ورجع إلى أبي موسى، ثُمَّ إنه دخل بخمسةٍ وثلاثين رجلًا كأنهم البط يسبحون، وطلعوا إلى السُّور وكبروا، واقتتلوا هم ومن عندهم على السُّور، فقُتِلَ مجْزَأة. وفتح أولئك البلد، فتحصن الهُرْمُزان في بُرْج. وَقَالَ قتادة، عَنْ أَنْس: لم نُصَلِّ يَوْمَئِذٍ الغداة حتى انتصف النهارُ فما يسُرُّني بتلك الصلاة الدنيا كلها. وَقَالَ ابن سيرين: قُتِلَ يَوْمَئِذٍ البراء بْن مالك. وقيل: أول من دخل تُسْتَر عبد الله بْن مغفل المازني. وعن الحسن قَالَ: حُوصرت تُسْتَر سنتين. وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: حاصرهم أَبُو موسى ثمانية عشر شهرًا، ثُمَّ نزل الهُرْمُزان على حُكم عُمَر، فَقَالَ حُمَيْد، عَنْ أَنْس: نزل الهُرْمُزان على حُكم عُمَر. فلما انتهينا إليه -يعني إلى عُمَر بالهُرْمُزان- قَالَ: تكلّم، قَالَ: كلام حيّ أو كلام ميِّت؟ قَالَ: تكلم فلا بأس، قَالَ: إنا وإياكم معشر العرب مَا خلّى الله بيننا وبينكم، كنا نغضبكم ونقتلكم ونفعل، فما كان الله معكم لم يكن لنا بكم يدان، قَالَ: يا أَنْس مَا تقول؟ قلت: يا أمير المؤمنين تركت بعدي عددًا كثيرًا وشوكة شديدة، فإن تقتُلْهُ ييأس القوم من الحياة ويكون أشد لشوكتهم، قَالَ: فأنا أستحيي قاتل البراء ومجزأة بْن ثور! فلمّا أحسست بقتله قلت: ليس إلى قتله سبيل، قد قلت له: تكلم فلا بأس، قَالَ: لَتَأْتينّي بمن يشهد به غيرك، فلقيت الزُّبَيْر فشهد معي، فأمسك عنه عُمَر، وأسلم الهُرْمزان، وفرض له عُمَر، وأقام بالمدينة. وفيها هلك هرقل عظيم الروم، وهو الَّذِي كتب إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعوه إلى الإسلام، وقام بعده ابنُه يُسْطَنْطِين. وفيها قسَّم عُمَر خيبر وأجلى عنها اليهود، وقسّم وادي القُرى، وأجلى يهود نجران إلى الكوفة. قال محمد بن جرير الطبري. سَنَة إحدَى وَعشرْين: فيها فتح عَمْرو بْن العاص الإسكندرية، وقد مرّت.

وفيها شكا أهلُ الكوفة سعدَ بْنَ أبي وقّاص وتعنَّتُوه، فصرفه عُمَر ووّلَى عمار بْن ياسر على الصلاة، وابن مسعود على بيت المال، وعثمان بْن حُنَيف على مساحة أرض السّواد. وفيها سار عثمان بْن أبي العاص فنزل تَوَّج ومَصَّرَها. وبعث سوار بْن المثني العبدي إلى سابور، فاسْتُشْهِدَ، فأغار عثمان بْن أبي العاص على سيف البحر والسّواحل، وبعث الجارود بْن المعلي فقُتِل الجارود أيضًا. عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقُتْبَانِيِّ، وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ عَمْرًا سَارَ مِنْ فِلَسْطِينَ بِالْجَيْشِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ عُمَرَ إِلَى مِصْرَ فَافْتَتَحَهَا، فَعَتَبَ عُمَرُ عَلَيْهِ إِذْ لم يعلمه، فكتب يستأذن عمر بمناهظة أَهْلِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَسَارَ عَمْرٌو فِي سَنَةِ إِحْدًى وعشرين، وخلف على الفسطاط خارجة ببن حُذَافَةَ الْعَدَوِيَّ، فَالْتَقَى الْقِبْطَ فَهَزَمَهُمْ بَعْدَ قِتَالٍ شديد، ثم التقاهم عند الكربون1 فَقَاتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ انْتَهَى إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُقَوْقِسُ يَطْلُبُ الصُّلْحَ وَالْهُدْنَةَ مِنْهُ، فَأَبَى عَلَيْهِ، ثُمَّ جَدَّ فِي الْقِتَالِ حَتَّى دَخَلَهَا بِالسَّيْفِ، وَغَنِمَ مَا فِيهَا مِنَ الرُّومِ، وَجَعَلَ فِيهَا عَسْكَرًا عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، وَبَعَثَ إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحِ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ قُسْطَنْطِينَ بْنَ هِرَقْلَ فَبَعَثَ خصيًّا لَهُ يُقَالُ لَهُ منْوِيل فِي ثَلاثِمِائَةِ مَرْكَبٍ حَتَّى دخلوا الإسكندرية، فقتلوا بها الْمُسْلِمِينَ وَنَجَا مَنْ هَرَبَ، وَنَقَضَ أَهْلُهَا، فَزَحَفَ إِلَيْهَا عَمْرٌو فِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَنَصَبَ عَلَيْهَا الْمَجَانِيقَ، وَجَدَّ فِي الْقِتَالِ حَتَّى فَتَحَهَا عَنْوَةً، وَخَرَّبَ جُدُرَهَا، رُؤِيَ عَمْرٌو يُخَرِّبُ بِيَدِهِ. رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ. نهَاوَنْد 2: وَقَالَ النَّهَّاسُ بْنُ قَهْمٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ الأَقْرَعِ قَالَ: زَحْفٌ لِلْمُسْلِمِينَ زَحْفٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ قَطُّ، رَجَفَ لَهُ أَهْلُ مَاه وأهل أصبهان وأهل خمذان وَالرَّيِّ وَقَوْمَس وَنَهَاوَنْد وَأَذَرْبِيجَان، قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عمر

_ 1 الكربون: موضع قرب الإسكندرية. 2 نهاوند: مدينة بإيران.

فَشَاوَرَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنت أفضلنا وَأَعْلَمُنَا بِأَهْلِكَ. فَقَالَ: لأَسْتَعْمِلَنَّ عَلَى النَّاسِ رَجُلًا يَكُونُ لأَوَّلِ أَسِنَّةٍ يَلْقَاهَا، يَا سَائِبُ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، فَلْيَسِرْ بِثُلُثَيْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَلْيَبْعَثْ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَأَنْتَ عَلَى مَا أَصَابُوا مِنْ غَنِيمَةٍ، فَإِنْ قُتِلَ النُّعْمَانُ فَحُذَيْفَةُ الأَمِيرُ، فَإِنْ قُتِلَ حُذَيْفَةُ فَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنْ قُتِلَ ذَلِكَ الْجَيْشُ فَلا أَرَاكَ. وروى علقمة بْن عبد الله المُزَنيّ، عَنْ معقِل بْن يسار أن عُمَر شاور الهُرْمُزان في أصبهان وفارس وأذربيجان بأيَّتِهنّ يبدأ، فَقَالَ: يا أمير المؤمنين أصبهان الرأس، وفارس وأذربيجان الجناحان، فإن قطعت الرأس وقع الجناحان، فدخل عُمَر المسجد فوجد النُّعْمَان بْن مُقَرِّن يصلّي فسَرَّحه وسرَّح معه الزُّبَيْر بْن العَوَّام، وحُذَيْفَة بْن اليمان، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بْن مَعْدِ يكرب، والأشعث بْن قيس، وعبد الله بْن عُمَر، فسار حتى أتى نَهَاوَنْد، فذكر الحديث إلى أن قَالَ النُّعْمَان لمّا التقى الجمعان: إنْ قُتِلْتُ فلا يُلْوِي عليّ أحدٌ، وإني داعٍ بدعوةٍ فأَمِّنُوا. ثُمَّ دعا: اللَّهُمَّ ارزقني الشهادة بنصر المُسْلِمين والفتح عليهم، فأمَّن القوم وحملوا فكان النُّعْمَان أول صريع. وروى خليفة بإسنادٍ قَالَ: التقوا بنَهاوَنْد يوم الأربعاء فانكشفت مجنبة المسلمين شيئًا، ثُمَّ التقوا يوم الخميس فثبتت الَمْيمنة وانكشف أهلُ المَيْسَرة، ثُمَّ التقوا يوم الجمعة فأقبل النُّعْمَان يخطُبُهم ويحُضُّهم على الحملة ففتح الله عليهم. وَقَالَ زياد الأعجم: قدِم علينا أَبُو موسى بكتاب عُمَر إلى عثمان بْن أبي العاص: أمّا بعدُ، فإنّي قد أمْدَدْتُك بأبي موسى، وأنت الأمير فتطاوَعَا والسّلام. فلمّا طال حصار إصْطَخْر1 بعث عثمان بْن أبي العاص عدّة أمراء فأغاروا على الرَّساتيق. وَقَالَ ابن جرير في وقعة نَهَاوَنْد: لمّا انتهى النُّعْمَان إلى نهاوند في جيشه طرحوا له حَسَك الحديد، فبعث عيونًا فساروا لَا يعلمون بالحَسَكَ، فزجر بعضُهم فَرَسَه وقد دخل في حافره حَسَكةٌ، فلم يبرح، فنزل فإذا الحَسَك، فأقبل بها، وأخبر النُّعْمَان، فَقَالَ النُّعْمَان: مَا ترون؟ فقالوا: تقهقر حتى يروا أنك هارب

_ 1 إصطخر: مدينة في جنوب غربي إيران.

فيخرجوا في طلبك، فتأخر النُّعْمَان، وكَنَسَت الأعاجم الحسك وخرجوا في طلبه فعطف عليهم النُّعْمَان وعبّأ كتائبه وخطب النَّاس وَقَالَ: إنْ أُصِبْتُ فعليكم حُذيفة، فإن أصيب فعليكم جرير البجلي، وإن أصيب فعليكم قيس بْن مكشوح، فوجد المُغِيرَة في نفسه إذ لم يستخلفه، قَالَ: وخرجت الأعاجم وقد شدُّوا أنفُسَهم في السلاسل لئلَّا يفرُّوا، وحمل عليهم المسلمون، فرُمي النُّعْمَان بسهمٍ فقُتِل، ولفَّه أخوه سويد بْن مقرن في ثوبه وكتم قتله حتى فتح الله تعالى عليهم، ودفع الراية إلى حُذَيْفَة. وَقَتَل اللَّهُ ذا الحاجب يعني مقدِّمَهم، وافتُتِحت نهاوند، ولم يكن للأعاجم بعد ذلك جماعة. وبعث عُمَر السَّائب بْن الأقرع مولى ثقيف -وكان كاتبًا حاسبًا- فَقَالَ: إنْ فتح اللَّهَ على الناس فاقسم عليم فَيْئَهم واعْزِلِ الْخُمْسَ. قَالَ السائب: فإني لأقْسِم بين الناس إذ جائني أعجميٌ فَقَالَ: أتُؤَمِّنَني على نفسي وأهلي على أن أدلك على كنز يزْدَجِرد يكون لك ولصاحبك? قلت: نعم، وبعثت معه رجلًا، فأتى بسَفَطَيْن عظيمين ليس فيهما إلا الدُّر والزَّبرجد واليواقيت، قَالَ: فاحتملتُهما معي، وقدِمْتُ على عُمَر بهما، فَقَالَ: أَدْخِلْهُما بيت المال، ففعلت ورجعت إلى الكوفة سريعًا، فما أدركني رسولُ عُمَر إلَّا بالكوفة، أناخ بعيره على عُرْقُوبَيْ بَعِيري فَقَالَ: الْحَقْ بأمير المؤمنين، فرجعت حتى أتيته، فقال: ما لي ولابن أمّ السائب، وما لابن أمّ السائب وما لي، قلت: وما ذاك؟ قال: والله ما هو إلا نمت، فباتتْ ملائكةٌ تسحبني إلى ذَيْنِك السَّفَطَيْن يشتعلان نارًا يقولون: "لَنَكْوِيَنَّك بهما"، فأقول: "إني سأقسِمُهما بين المُسْلِمين"، فخذهما عني لا أبا لك فالْحَقْ بهما فبِعْهُما في أُعْطية المُسْلِمين وأرزاقهم، قَالَ: فخرجتُ بهما حتى وضعتهما في مسجد الكوفة، وغَشِيني التُّجَّار، فابتاعهما منّي عمرو بْن حُريث بألفي ألف درهم، ثُمَّ خرج بهما إلى أرض العجم فباعهما بأربعة آلاف ألف، فما زال أكثر أهلِ الكوفة مالًا. وفيها سار عمرو بْن العاص إلى برقة فافتتحها، وصالهم على ثلاثة عشر ألف دينار. وفيها صالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس على أنطاكية وقلقية، وغير ذلك.

سَنَة اثنتَيْن وَعِشرْين: فيها فتحت أَذْرَبِيجَان على يد المُغِيرَة بْن شُعْبَة. قاله ابن إسحاق، فيقال إنه صالحهم على ثمانمائة ألف درهم. وَقَالَ أَبُو عبيدة: افتتحها حبيب بْن مسْلَمَة الفهرِي بأهل الشام عَنْوةً ومعه أهل الكوفة، وفيهم حُذَيْفَة، فافتتحها بعد قتال شديد. فالله تعالى أعلم. وفيها غزا حُذَيْفَة مدينة الدِّينور عَنْوةً، وقد كانت فُتِحت لسعد ثم انتقضت. ثم غزا حذيفة ماسبذان فافتتحها عَنْوةً، على خُلْف في ماه، وقيل: افتتحها سعد فانتقضوا. وَقَالَ طارق بْن شهاب: غزا أهلُ البصرة ماه فأمدهم أهلُ الكوفة، عليهم عمار بْن ياسر، فأرادوا أن يُشْرَكوا في الغنائم، فأبى أهل البصرة، ثُمَّ كتب إليهم عُمَر: الغنيمة لمن شهِد الوقعة. وَقَالَ أَبُو عبيدة: ثُمَّ غزا حُذَيْفَة همذان، فافتتحها عَنْوةً ولم تكن فُتِحَت. وإليها انتهى فتوح حُذَيْفَة، وكل هذا في سنة اثنتين وعشرين. قَالَ: ويقال همذان افتتحها المُغِيرَة بْن شُعْبَة سنة أربعٍ وعشرين، ويقال: افتتحها جرير بْن عبد الله بأمر المُغِيرَة. وَقَالَ خليفة بْن خياط: فيها افتتح عمرو بْن العاص أطرابُلُسَ المغرب، ويقال في السنة التي بعدها. وفيها عُزل عمار عَنِ الكوفة، وفيها افتُتِحت جُرْجان، وفيها فتح سويد بْن مقرن الرّيّ، ثُمَّ عسكر وسار إلى قومس فافتتحها. ووُلِد فيها يزيد بْن معاوية. وَقَالَ محمد بْن جرير: إن عُمَر أقر على "فرج الباب" عبد الرحمن بْن ربيعة الباهلي وأمره بغزو التُّرْك، فسار بالنّاس حتى قطع الباب، فقال له شهريران: ما ترد أن تصنع؟ قَالَ: أُناجزهم في ديارهم، وبالله إن معي لأقوامًا لو يأذن لنا أميرنا في الإمعان لَبَلَغْت بهم السّدّ.

ولما دخل عبد الرحمن على التُّرك حال الله بينهم وبين الخروج عليه وقالوا: مَا اجترأ على هذا الأمر إلا ومعهم الملائكة تمنعهم من الموت، ثم هروا وتحصنوا، فرجع بالظفر والغنيمة، ثُمَّ إنه غزاهم مرتين في خلافة عثمان فيَسْلَم ويَغْنَم، ثُمَّ قاتلهم فاستُشْهد -أعني عبد الرحمن بْن ربيعة- فأخذ أخوه سلمان بْن ربيعة الراية، وتحيز بالنّاس، قَالَ: فَهُم -يعني التُّرْك- يستسقون بجسد عبد الرحمن حتى الآن. خبر السند: الْوَلِيدُ: ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنِي رَجُلانِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ السَّدَّ، قَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: رَأَيْتُهُ كَالْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ1. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ مُرْسَلًا، وَزَادَ: طَرِيقَةٌ سَوْدَاءُ وَطَرِيقَةٌ حَمْرَاءُ، قَالَ: قَدْ رَأَيْتَهُ. قُلْتُ: يُرِيدُ حُمْرَةَ النُّحَاسِ وَسَوَادَ الْحَدِيدِ. سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْوِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا أَنْ يَرَوْا شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللَّهُ كَأَشَدِّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ حَفَرُوا، حَتَّى إِذَا كَادُوا أَنْ يَرَوُا الشَّمْسَ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ فَيَحْفِرُونَهُ، فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ، فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ فِيهَا كَهَيْئَةِ الدِّمَاءِ، فَيَقُولُونَ: قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَغَفًا 2 فَيَقْتُلُهُمْ بها" 3.

_ 1 إسناده ضعيف: للجهالة فيه، وسعيد بن بشير فيه ضعف، وقد علقه البخاري كما في "الفتح" "6/ 440"، وعزاه الحافظ ابن حجر في "الفتح" "6/ 445" للطبراني، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "2/ 14" لم أره مسندا من وجه متصل أرتضيه. 2 النغف: نوع من الدود. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3164" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الكهف، وابن ماجه "4080" في كتاب الفتن، باب: فتنة الدجال، وأحمد "2/ 510، 511"، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "3/ 105": إسناده جيد قوي، ولكن متنه في رفعه نكارة -إلى أن قال- ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب. وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3298": صحيح.

وذكر ابن جرير في تاريخه من حديث عَمرو بْن معد يكرب عَنْ مطر بْن ثلج التميمي قَالَ: دخلت على عبد الرحمن بْن ربيعة بالباب وشهريران عنده، فأقبل رجل عليه شَحَوبة حتى دخل على عبد الرحمن فجلس إلى شهريران، وكان على مطر قباء برد يمني أرضه حمراء ووشيه أسود. فتسائلا، ثم إنّ شهريران قَالَ: أيها الأمير أتدري من أين جاء هذا الرجل؟ هذا رجل بعثُته نحو السّدّ منذ سنتين ينظر مَا حاله ومن دونه، وزوَّدْتُه مالًا عظيمًا، وكتبت له إلى مَن يليني وأهديت له، وسألته أن يكتب له إلى ما وراءه، وزوَّدْتُه لكل مَلِك هدية، ففعل ذلك بكل ملكٍ بينه وبينه، حتى انتهى إلى الملك الَّذِي السّدّ في ظهره، فكتب له إلى عامله على ذلك البلد فأتاه، فبعث معه بازيلره ومعه عُقابه وأعطاه حريرة، قَالَ: فلمّا انتهينا إذا جبلان، بينهما سد مسدود حتى ارتفع على الجبلين، وإن دون السُّدّ خندقًا أشدّ سوادًا من الليل لبعده، فنظرت إلى ذلك كله وتفرست فيه، ثُمَّ ذهبت لأنصرف، فَقَالَ لي البازيار على رِسلك أُكافِئك إنه لَا يلي ملِك بعد ملِكٍ إلا تقرب إلى الله بأفضل مَا عنده من الدنيا فيرمي به هذا اللهب، قَالَ: فشرّح بضعة لحمٍ معه وألقاها في ذلك الهواء، وانقضَّتْ عليها العقاب، وقال: إنْ أدركتها قبل أن تقع فلا شيء، فخرج عليه العُقاب باللحم في مخاليبه، فإذا قد لصق فيه ياقوتَةٌ فأعطانيها وها هي ذِه، فتناولها شهريران فرآها حمراء، فتناولها عبد الرحمن ثُمَّ ردّها، فَقَالَ شهريران: إنّ هذه لخيرٌ من هذا -يعني الباب- وأيْمُ اللَّهِ لأنتم أحبّ إلي ملكةً من آل كِسْرى، ولو كنت في سلطانهم ثُمَّ بلغهم خبرها لانتزعوها منيّ، وَايْمُ اللَّهِ لَا يقوم لكم شيء ما وفيتم أوفى مَلِكُكُم الأكبر. فأقبل عبد الرحمن على الرسول وَقَالَ: مَا حال السّدّ وما شبهه؟ فَقَالَ: مثل هذا الثوب الَّذِي على مطر، فَقَالَ مطر: صَدَقَ واللِه الرجلُ لقد بَعَّد ورأى ووصف صفة الحديد والصُّفْر. فَقَالَ عبد الرحمن لشهريران: كم كانت قيمة هاتيك؟ قَالَ: مائة ألف في بلادي هذه، وثلاثة آلاف ألف في تلك البلدان. وحدث الترجمان قَالَ: لمّا رأى الواثق بالله كأن السد الذي بناه ذو القَرْنَيْن قد فُتِح وجَّهني وَقَالَ لي: عاينْه وجئني بخبره، وضمّ إليَّ خمسين رجلًا، وزوّدنا، وأعطانا مائتي بغلٍ تحمل الزاد، فشخِصْنا من سامرّا بكتابه إلى إسحاق

وهو بتفْلِيس، فكتب لنا إسحاق إلى صاحب السرير، وكتب لنا صاحب السرير إلى ملك الّلان، وكتب لنا ملك الّلان إلى فيلانشاه، وكتب لنا ملك الخَزَر، فوجَّه معنا خمسة أدلَّاء، فسرنا من عنده ستةً وعشرين يومًا، ثُمَّ صرنا إلى أرض سوداء منتنة، فكنا نشتم الخل، فسرنا فيها عشرة أيام، ثُمَّ صرنا إلى مدائن خرابٍ ليس فيها أحد، فسرنا فيها سبعةً وعشرين يومًا، فسألْنا الأدِلّاء عَنْ تلك المدن فقالوا: هي التي كان يأجوج ومأجوج يطرقونها فأخربوها. ثُمَّ صرنا إلى حصونٍ عند السّدّ بها قوم يتكلمون بالعربية والفارسية، مسلمون يقرءون القرآن، لهم مساجد وكتاتيب، فسألونا، فَقَالَ: نحن رُسُل أمير المؤمنين، فأقبلوا يتعجبون ويقولون: أمير المؤمنين! فتقول: نعم، فقالوا: شيخٌ هو أم شاب -قلنا: شاب، فقالوا: أين يكون- فقلنا: بالعراق بمدينة يقال لها سُرَّ مَن رأى، فقالوا: مَا سمعنا بهذا قط. ثُمَّ صرنا إلى جبلٍ أملس ليس عليه خضراء، وإذا جبل مقطوع بوادٍ عرضه مائة ذراع، فرأينا عضادَتَيْن مبنيَّتَيْن ممّا يلي الجبل من جنبتي الوادي عرض كل عضادة خمسة وعشرون ذراعًا، الظاهر من تحتها عشرة أذرُع خارج الباب، وكله بناء بلبن من حديد في نُحاس في سَمْك خمسين ذراعًا، قد ركب على العضادتين على كل واحدة بمقدار عشرة أذرُع في عرض خمسة، وفوق الدروَنْد بناء بذلك اللَّبن الحديد إلى رأس الجبل، وارتفاعه مدُّ البصر، وفوق ذلك شُرَف حديدٍ لها قرنان يَلِجُ كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحبه، وإذا باب حديدٍ له مِصْراعان مغلقان عرضهما مائة ذراع في طول مائة ذراع في ثخانة خمسة أذرع. وعليه قُفْلٌ طوله سبعة أذْرُع في غِلَظ باع، وفوقه بنحو قامتين غلْقٌ طوله أكثر من طول القُفْلِ، وقفيزاه كلّ واحدٍ منهما ذراعان، وعلى الغلْق مفتاح معلَّق طوله ذراع ونصف، في سلسلةٍ طولها ثمانية أذرُع، وهي في حلقة كحلقة المنجنيق. ورئيس تلك الحصون يركب كلّ جمعة في عشرة فوارس، مع كلّ فارس مِرْزبَّةٌ من حديد فيضربون الْقُفْلَ بتلك المرَازِب ثلاث ضربات، يسمع من وراء الباب الضرب فيعلمون أن هناك حفظة، ويعلم هؤلاء أنّ أولئك لم يُحْدِثُوا في الباب حدثًا، وإذا ضربوا القفل وضعوا آذانهم يستمعون، فيسمعوا دويًّا كالرعد.

وبالقرب من هذا الموضع حصن كبير، ومع الباب حصنان يكون مقدار كل واحدٍ منهما مائتي ذراع، في مائتي ذراع، وعلى باب كلّ حصن شجرة، وبين الحصنين عين عذبة، وفي أحد الحصنين آله بناء السّدّ من قُدُور ومَغارف وفضْلة الّلبن قد التصق بعضُه ببعضٍ من الصَّدأ، وطول الَّلبنة ذراع ونصف في مثله في سمْك شِبْر. فسألنا أهل الموضع هل رأوا أحدًا من يأجوج ومأجوج، فذكروا أنّهم رأوا مرَّةً أعدادًا منهم فوق الشُرَف، فهبّت ريح سوداء فألقتهم إلى جانبهم، وكان مقدار الرجل منهم شبرًا ونصف، فلمّا انصرفنا أخذ بنا الأدِلَّاء، إلى ناحية خُراسان، فسِرنا إليها حتى خرجنا خلف سَمَرْقَنْد بتسعة فراسخ، وكان أصحاب الحصون زوَّدونا مَا كفانا. ثُمَّ صرنا إلى عبد الله بْن طاهر. قَالَ سلام التِّرْجُمان: فأخبرتُهُ خَبَرَنا، فوصلني بمائة ألف دِرْهم، ووصل كلَّ رجلٍ معي بخمسمائة درهم، ووصلنا إلى سُرَّ من رأى بعد خروجنا منها بثمانية وعشرين شهرًا. قَالَ مصنّف كتاب "المسالك والممالك": هكذا أملى عليَّ سلام التِّرْجُمان. سَنَة ثَلَاث وَعشِرْين: فيها: بينما عُمَر -رضي الله عنه- يخطب إذ قَالَ: يا ساريةُ الجبلَ، وكان عُمَر قد بعث سارية بْن زُنيم الدّئليّ إلى فَسَا ودارا بَجِرد فحاصرهم، ثمّ إنّهم تداعوا وجاءوه من كل ناحية والتقوا بمكان، وكان إلى جهة المسلمين جبل لو استندوا إليه لم يُؤتوا إلا من وجه واحد، فلجئوا إلى الجبل، ثُمَّ قاتلوهم فهزموهم. وأصاب سارية الغنائم فكان منها فسط جوهر، فبعث به إلى عُمَر فردّه وأمره أن يقسّمه بين المُسْلِمين، وسأل النَّجّاب أهل المدينة عَنِ الفتح وهل سمعوا شيئًا، فَقَالَ: نعم "يا سارية الجبل الجبلَ" وقد كِدْنا نهلك، فلجأنا إلى الجبل، فكان النّصر. وَيُرْوَى أنّ عُمَر سُئل فيما بعد عَنْ كلامه "يا سارية الجبل" فلم يذكره. وفيما كان فتح كَرمان، وكان أميرها سُهَيْل بْن عَدِيّ. وفيها فتحت سجِسْتان، وأميرها عاصم بْن عمرو. وفيها فتحت مُكْران، وأميرها الحَكَم بْن عثمان، وهي من بلاد الجبل. وفيها رجع أَبُو موسى الأشعري من أصبهان، وقد افتتح بلادها. وفيها غزا معاوية الصائفة حتى بلغ عمورية.

سيرة عثمان بن عفان

سيرة عثمان بن عفان: 4- عثمان بن عفان "ت35هـ" -رضي الله عنه. ابن أَبِي الْعَاصِ بْن أُميَّة بْن عَبْدِ شَمْسِ، أمير المؤمنين، أَبُو عمرو، وأبو عبد الله، القُرَشيّ الأمويّ. رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن الشِّيخَيْن. قَالَ الدّاني: عرض القرآن على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعُرِض عليه أَبُو عبد الرحمن السُّلَمِيّ، والمُغِيرَة بْن أبي شهاب، وأبو الأسود، وزر بن حبيش. روى عنه بنوه: أبان، وسعيد، وعمرو، ومولاه حُمران، وأنس، وأبو أمامة بْن سهل، والأحنف بْن قيس، وسعيد بْن المسيب، وأبو وائل، وطارق بْن شهاب، وعلقمة، وأبو عبد الرحمن السُّلمي، ومالك بْن أوس بْن الحَدَثان، وخلق سواهم. أحد السابقين الأوَّلين، وذو النُّورين، وصاحب الهجرتين، وزوج الابنتين. قدِم الجابية مع عُمَر. وتزوج رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ المبعث، فولدت له عبد الله، وبه كان يُكنى، وبابنه عمرو. وأُمّه أروى بنت كُرَيْز بْن حبيب بْن عبد شمس، وأُمُّها البيضاء بنت عبد المطلب بْن هاشم، فهاجر إلى الحبشة، وخَلّفه النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- عليها في غزوة بدْر ليداويها في مرضها، فَتُوُفِّيَتْ بعد بدْرٍ بليالٍ، وَضَرَبَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسهمه من بدْر وأجْره، ثمّ زوَّجه بالبنت الأخرى أمّ كلثوم. ومات ابنه عبد الله، وله ستُّ سنين سنة أربع من الهجرة. وكان عثمان فيما بلغنا لَا بالطويل ولا بالقصير، حَسَنَ الوجه، كبير اللحية، أسمر اللون، عظيم الكراديس، بعيد مَا بين المَنْكِبَين يخْضِب بالصُّفْرَة، وكان قد شدّ أسنانه بالذَّهَب.

وعن أبي عبد الله مولى شدّاد قَالَ: رأيت عثمان يخطب، وعليه إزارٌ غليظ ثَمَنُهُ أربعة دراهم، وريطة كوفيّة مُمَشَّقة، ضَرِب اللّحمْ -أي خفيفة- طويل اللحية، حسن الوجه. وعن عبد الله بْن حَزْم قَالَ: رأيت عثمان، فما رأيت ذَكرًا ولا أُنْثَى أحْسَنَ وَجْهًا منه. وعن الحسن قال: رأيته وبوجهه نَكَتات جُدَريّ، وإذا شعره قد كسا ذِرَاعَيْه. وعن السائب قَالَ: رأيته يصفِّر لحيَتَه، فما رأيت شيخًا أجملَ منه. وعن أبي ثَوْر الفَهْمِيّ قَالَ: قدِمْتُ على عثمان فَقَالَ: لقد أختبأت عند ربّي عشْرًا: إنّي لرابع أربعةٍ في الإسلام، وما تعنَّيْتُ ولا تمنَّيْتُ، ولا وضعت يميني على فَرْجي منذ بايعت بها رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا مرَّت بي جُمُعَةٌ منذ أسلمتُ إلّا وأنا أُعْتِقُ فيها رقبةً، إلّا أنْ لَا يكون عندي فأُعْتِقُها بعد ذلك، ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام قطّ، وجهَّزْت جيش الْعُسْرَةِ، وأنكحني النّبيّ ابنته، ثمّ ماتت، فأنكحني الأخرى، وما سرقت في جاهلية ولا إسلام. وعن ابْنِ عُمَر، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إنّا نُشَبِّه عثمان بأبينا إبراهيم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"1. وعن عائشة نحوه إنْ صحّا. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى عُثْمَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: "يَا عُثْمَانُ هَذَا جِبْرِيلُ يُخْبِرُنِي أَنَّ اللَّهَ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ، وَعَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا"2. أَخْرَجَهُ ابْنُ ماجه. ويروى عن أنس أو غيره قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إلا أبو أيم، إلا

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه العقيلي في "الضعفاء" "3/ 173، 174" وفي إسناده عبد الله بن عمر العمري ضعيف، وعمر بن صالح مجهول. 2 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "110" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وضعف البوصيري إسناده، وكذلك ضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه".

أَخُو أَيِّمٍ يُزَوِّجُ عُثْمَانَ، فَإِنِّي قَدْ زَوَّجْتُهُ ابْنَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي ثَالِثَةٌ لَزَوَّجْتُهُ وَمَا زَوَّجْتُهُ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ السَّمَاءِ"1. وعن الحسن قَالَ: إنّما سُمِّي عثمانُ "ذا النُّورين" لأَنّا لَا نعلم أحدًا أغلق بابه على ابنتي نبيٍّ غيره. وروى عطيّة، عَنْ أبي سعيد قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رافعًا يديه يدعو لعثمان2. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي ثَوْبِهِ، حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، فَصَبَّهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يُقَلِّبُهَا بِيَدِهِ وَيَقُولُ: "مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ" 3 رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَفِي "مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى"، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ بِسَبْعِمِائَةٍ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَقَالَ خليد، عن الحسن قال: جهز عثمان بسبعمائة وخمسين ناقة، وخمسين فرسًا، يعني في غزوة تبوك4. وَعَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "رَحِمَ اللَّهُ عُثْمَانَ تَسْتَحْيِيهِ الْمَلَائِكَةُ". وَقَالَ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ بَشِيرٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ اسْتَنْكَرُوا الْمَاءَ، وَكَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا رُومَةُ، وَكَانَ يَبِيعُ مِنْهَا الْقِرْبَةَ بِمُدٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَبِيعُهَا بِعَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ"، فَقَالَ: لَيْسَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ عَيْنٌ غَيْرهَا، لَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ، فَاشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ وَثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَتَجْعَلُ

_ 1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 32" عن ابن أبي سبرة معضلا بنحوه وإسناده ضعيف جدا. 2 إسناده ضعيف: عطية هو العوفي، ضعيف الحفظ. 3 حسن: أخرجه أحمد 5/ 63"، والترمذي "3721" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان، وأبو نعيم في "الحلية" "174، 8113"، والبيهقي في "الدلائل" "5/ 215" وحسنه الألباني. 4 مرسل.

لِي مِثْلَ الَّذِي جَعَلْتَ لَهُ عَيْنًا فِي الْجَنَّةِ إِنِ اشْتَرَيْتُهَا? قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: قَدِ اشْتَرَيْتُهَا وَجَعَلْتُهَا لِلْمُسْلِمِينَ1. وعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: اشترى عثمان من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الجنّة مرتين: يوم رومة، ويوم جيش الْعُسْرَةِ2. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِهِ كَاشِفًا عَنْ سَاقِيهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَا، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَوَّى ثِيَابَهُ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ تَجْلِسْ لَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ، فَلَمْ تَهِشْ لَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ، قَالَ: "أَلَا اسْتَحْيِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ" 3 رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَرُوِيَ نَحُوُه مِنْ حَدِيثِ عَلَيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِيِن اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ" 4. وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيقٌ، وَرَفِيقِي عُثْمَانُ"5. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَفِي حَدِيثِ الْقُفِّ: ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْذَنْ لَهُ وبشره بالجنة على بلوى تصيبه" 6.

_ 1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "1226". 2 أخرجه الحاكم "4570". 3 صحيح: أخرجه مسلم"2401" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عثمان بن عفان. 4 صحيح: وقد تقدم. 5 ضعيف: أخرجه الترمذي "3718" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان، وضعفه الألباني في "سنن الترمذي" "763". وأخرجه ابن ماجه "109" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وضعفه الألباني في "سنن الترمذي" "763". وأخرجه ابن ماجه "109" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ حديث أبي هريرة، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه". 6 صحيح: أخرجه البخاري "3674" في كتاب الفضائل، باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خليلا"، ومسلم "2403" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عثمان بن عفان، والترمذي "3730" في المصدر السابق، وأحمد "4/ 393، 406" 407"، وأبو نعيم في "الحلية" "166"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 388، 389" من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه.

وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَبُو ذَرٍّ، وَأَنَا أَظُنُّ فِي نَفْسِي أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي ذَرٍّ عَلَى عُثْمَانَ مَعْتَبَة لإِنْزَالِهِ إِيَّاهُ بِالرَّبَذَةِ، فَلَمَّا ذُكِرَ لَهُ عُثْمَانُ عَرَضَ لَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَجْلِسِ بِذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: لَا تَقُلْ فِي عُثْمَانَ إلا خيرًا، فإني أشهد لقد رأيت مَشْهَدًا لَا أَنْسَاهُ، كُنْتُ الْتَمَسْتُ خَلَوَاتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَسْمَعَ مِنْهُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، قَالَ: فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حَصَيَاتٍ، فَسَبَّحْنَ فِي يَدِهِ حَتَّى سُمِعَ لَهُنَّ حَنِينٌ كَحَنِينِ النَّحْلِ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ أَبَا بَكْرٍ، فَسَبَّحْنَ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ وَضَعَهُنَّ فِي الأَرْضِ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ عُمَرَ، فَسَبَّحْنَ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَضَعَهُنَّ فِي الأَرْضِ فَخَرِسْنَ، ثُمَّ نَاوَلَهُنَّ عُثْمَانَ فَسَبَّحْنَ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ أَخَذَهُنَّ مِنْهُ، فَوَضَعَهُنَّ فخَرِسْنَ1. وَقَالَ سليمان بْن يسار: أخذ جَهْجاه الغفِاريّ عصا عثمان التي كان يتخصَّر بها، فكسرها على رُكْبَتِه، فوقعت في رُكبته الأكِلَة. وَقَالَ ابن عُمَر: كنّا نقول عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبُو بكر، ثمّ عُمَر، ثمّ عثمان2. رواه جماعةٌ عَنِ ابن عُمَر. وَقَالَ الشَّعْبِيّ: لم يجمع القرآن أحدٌ من الخلفاء من الصحابة غير عثمان، ولقد فارق عليٌّ الدنيا وما جمعه. وَقَالَ ابن سِيرين: كان أعلمَهَم بالمناسك عثمانُ، وبعده ابن عُمَر. وَقَالَ رِبْعِيّ، عَنْ حُذَيْفة: قَالَ لي عُمَر بِمنًى من ترى النّاس يولُّون بعدي? قلت: قد نظروا إلى عثمان. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: حَجَجْتُ مع عُمَر، فكان الحادي يحدو. إنّ الأمير بعده ابن عفان. وحججت مع عثمان، فكان الحادي يحدو: أن الأمير بعده علي.

_ 1 إسناده ضعيف: لجهالة هذا الرجل من بني سليم. 2 صحيح: وقد تقدم.

وَقَالَ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ الأَقْرَعِ مُؤَذِّنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ دَعَا الأَسْقُفَ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَا فِي كُتُبِكُمْ؟ قَالَ: نَجِدُ صِفَتَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ، وَلا نَجِدُ أَسْمَاءَكُمْ، قَالَ: وكيف تَجِدُنِي؟ قَالَ: قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ، قَالَ: مَا قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ؟ قَالَ: أَمِيرٌ شَدِيدٌ، قَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ فَالَّذِي بَعْدِي؟ قَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ يُؤْثِرُ أَقْرِبَاءَهُ، قَالَ عُمَرُ: يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفَّانَ، قَالَ: فَالَّذِي مِنْ بَعْدِهِ؟ قَالَ: صَدَعٌ -وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ يَقُولُ: صَدَأٌ- مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ عُمَرُ: وَادَفْرَاهُ وَادَفْرَاهُ1، قَالَ مَهْلًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، وَلَكِنْ تَكُونُ خِلافُتُه فِي هِرَاقَةٍ مِنَ الدِّمَاءِ. وَقَالَ حمّاد بْن زيد: لئْن قلتُ إنّ عليًّا أفضل من عثمان، لقد قلت إنّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خانوا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرو بن عثمان قَالَ: كان نَقْشُ خاتمِ عثمان "آمنت بالذي خلق فَسَوَّى". وَقَالَ ابن مسعود حين استُخْلِف عثمان: أَمَّرْنا خيرَ مَن بقي ولم نَأْلُ. وَقَالَ مُبارك بن فَضَالَةَ، عن الحسن قَالَ: رأيت عثمانَ نائمًا في المسجد، ورداؤه تحت رأسه، فيجيء الرجلُ فيجِلس إليه، ويجيء الرجلُ فيجِلس إليه، كأنّه أحدُهم، وشهِدْتُهُ يأمر في خُطْبته بقتْل الكلاب، وذبْح الحمام. وعن حكيم بن عباد قال: أوّلُ مُنْكَرٍ ظهر بالمدينة طَيَرانُ الحَمام، وَالرَّمْيُ، يعني بالبُنْدُق، فأمر عثمان رجلًا فقصَّها، وكسر الجُلاهِقات2. وصحّ من وجوهٍ، أنّ عثمان قرأ القرآنَ كلَّه في رَكْعَةٍ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدَّتِهِ، أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ. وَقَالَ أَنَس: إنّ حُذَيْفَة قدِم على عثمانَ، وكان يغزو مع أهل العراق قِبَل أرمينية، فاجتمع في ذلك الغزوِ أهلُ الشّام، وأهلُ العراق، فتنازعوا في القرآن حتّى سمع حُذَيْفَة من اختلافهم مَا يكْره، فركِب حتّى أتى عثمان فقال: يا أمير

_ 1 الدفر: النتن. 2 الجلاهقات: النبوت. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 42" عن امرأة عثمان -رضي الله عنه- وغيرها.

المؤمنين أدرِكْ هذه الأمّةَ قبل أن يختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنَّصارَى في الكُتُب. ففزع لذلك عثمان، فأرسل إلى حفْصَة أمّ المؤمنين: أنْ أرسِلي إليّ بالصُّحُف التي جُمِع فيها القرآن، فأرسَلتْ إليه بها، فأمر زيدَ بن ثابت، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن الزُّبَيْر، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن ينسخوها في المصاحف، وَقَالَ: إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية فاكتبوها بلسان قريش، فإنّ القرآنَ إنّما نزل بلسانهم. ففعلوا حتّى كُتِبَت المصاحف، ثمّ ردّ عثمان الصُّحف إلى حَفْصَة، وأرسل إلى كل جُنْد من أجناد المُسْلِمين بمُصْحَفٍ، وأمرهم أن يحرقوا كلّ مُصْحَفٍ يخالف المُصْحَف الَّذِي أرسل إليهم به، فذلك زمانٌ حُرِّقت فيه المَصَاحف بالنّار. وَقَالَ مُصْعَب بن سعد بن أبي وقّاص: خطب عثمانُ النّاس فَقَالَ: أيّها النّاس، عَهْدكُمْ بنبيّكم بضع عشرة، وأنتم تميزّون في القرآن، وتقولون قراءة أبي، وقراءة عبد الله، يَقُولُ الرجل: واللَّهِ مَا نُقِيم قراءتك، فأعْزِمُ على كلّ رجلٍ منكم كان معه من كتاب الله شيءٌ لما جاء به. فكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن، حتّى جمع من ذلك كثيرًا، ثُمَّ دخل عثمان، فدعاهم رجلًا رجلًا، فناشدهم: أسَمِعْتَهُ من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو أملاه عليك? فيقول: نعم، فلمّا فرغ من ذلك قَالَ: من أكْتَبُ النّاس? قالوا: كَاتِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيد بن ثابت، قَالَ: فأيّ النّاس أعْرَب؟ قالوا: سعيد بن العاص، قَالَ عثمان: فَلْيُمْلِ سعيدٌ ولْيَكْتُب زيد، فكتب مَصَاحِفَ ففرَّقها في النّاس. وَرَوَى رَجُلٌ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ قال علي في المصاحف: لو لم يصنعنه عُثْمَانُ لَصَنَعْتُهُ. وَقَالَ أَبُو هلال: سمعت الحسن يَقُولُ: عمل عثمان اثنتي عشرة سنة، مَا ينكرون من إمارته شيئا. وَقَالَ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكًا" 1.

_ 1 صحيح: أخرجه أبو داود "4646" في كتاب السنة، باب: في الخلفاء، والترمذي "2233" في كتاب الفتن، باب: ما جاء في الخلافة، وأحمد "5/ 220، 221"، والطبراني في "الكبير" "6442"، وأبو نعيم في "الحلية" "1280"، والحاكم "4438"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 341"، وابن حبان "6657" من حديث سفينة -رضي الله عنه- وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "تَهِيجُ فِتْنَةٌ كَالصَّيَاصِي، فَهَذَا وَمَنْ مَعَهُ عَلَى الْحَقِّ". قَالَ: فَذَهَبْتُ وَأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ1. وَرَوَاهُ الْأَشْعَثُ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مُرَّةَ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي سَهْلَةَ مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ يُسَارُّ عُثْمَانَ، وَلَوْنُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ وَحُصِرَ فِيهَا، قُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلا تُقَاتِلُ؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عهد إِلَيَّ عَهْدًا، وَإِنِّي صَابِرٌ نَفْسِي عَلَيْهِ2. أَبُو سَهْلَةَ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. وَقَالَ الجريريّ: حدّثني أَبُو بكر العَدَوِيّ قَالَ: سألت عائشة: هل عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أحدٍ من أصحابه عند موته؟ قالت: مَعَاذَ الله إلّا أنَّه سارَّ عثمان، أخبره أنّه مقتولٌ، وأمره أن يكفَّ يده. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَمْزَةَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: قُتِلَ عُثْمَانُ وَأَنَا مَعَهُ، قال أبو حمزة: فذكرته لابن عبّاس فَقَالَ: صَدَقَ يَقُولُ: قتل الله عثمان ويقتلني معه، قلت: قد كان عليّ يَقُولُ: عَهِدَ إليَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لتخضبنّ هذه من هذه3. وَقَد رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الشَّرُودِ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} 4.

_ 1 أخرجه أحمد "5/ 33، 35". 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3731" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان، وابن ماجه "113" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو نعيم في "الحلية" "169"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 391"، وقال الألباني في صحيح سنن ابن ماجه "91": صحيح. 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 438". 4 سورة الحجر: 47.

وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ مطرف بن الشَّخَّير: لَقِيتُ عليًّا فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا بطَّأ بِكَ، أَجِبْ عثمانَ، ثمّ قَالَ: لئن قلت ذاك، لَقَدْ كَانَ أوصَلَنَا لِلرَّحِمِ، وأتْقانا للرَّبّ. وَقَالَ سعيد بن عَمْرو بن نُفَيْلٍ: لو أنْقَضَّ أُحُد لِما صنعتم بابن عفان لكان حقيقًا. وَقَالَ هِشَامٌ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، وَعُمَرُ الْفَارُوقُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ، أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، وَعُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ، أُوتِيَ كِفْلَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ قُتِلَ مَظْلُومًا، أَصَبْتُمُ اسْمَهُ. رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ عبد الله بن شَوْذَب: حدّثني زَهْدَم الجَرْميّ قَالَ: كنت في سَمَرٍ عند ابن عباس فَقَالَ: لأحدِّثنّكم حديثًا: إنّه لما كان من أمر هذا الرجل مَا كان، قلت لعليّ: اعتزلْ هذا الأمر، فوَالله لو كنتَ في جُحْرٍ لأتاك النّاسُ حتّى يبايعوك، فعصاني، وَايْمُ الله لَيَتأَمَّرَنّ عليه معاويةُ، ذلك بأنّ الله يَقُولُ: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} 1. وَقَالَ أَبُو قِلابة الجَرْميّ: لمّا بلغ ثُمَامَة بنَ عَدِيّ قتْلُ عثمان -وكان أميرًا على صنعاء- بكى فأطال البكاء، ثمّ قَالَ: هذا حين انتُزعت خلافةُ النُّبوَّة من أُمَّة محمد، فصار مُلْكًا وجَبْرِيّة، مَن غلب على شيءٍ أكله. وَقَالَ يحيى بن سعيد الأنصاري: قَالَ أَبُو حُميد السَّاعدي -وكان بدْريًا- لما قُتِل عثمان: اللَّهُمَّ إنّ لك عليّ أنْ لَا أضحك حتّى ألقاك2. قَالَ قتادة: ولي عثمان اثنتي عشرة سنة، غير اثني عشر يومًا. وكذا قال خليفة بن خيّاط وغيره. وَقَالَ أَبُو مَعْشر السِّنْديّ: قُتِلَ لثماني عشرة خَلَتْ من ذي الحجّة، يوم الجمعة، زاد غيرُه فَقَالَ: بعد العصر، وَدُفِنَ بالبَقِيع بين العِشاءين، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة. وهو الصّحيح، وقيل: عاش ستًا وثمانين سنة.

_ 1 سورة الإسراء: 33. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 44".

وعن عبد الله بن فَرُّوخ قَالَ: شهدْتُه وَدُفِنَ في ثيابه بدمائه، ولم يُغسل، رواه عبد الله بن أحمد في "زيادات المُسْنَد" وقيل: صلّى عليه مروان، ولم يُغَسّل. وجاء من رواية الواقديّ: أنّ نائلة خرجت وقد شقَّتْ جيبها وهي تصرخ، ومعها سراج، فَقَالَ جُبَيْر بن مُطْعم: أطْفئي السِّراج لَا يُفطن بنا، فقد رأيت الغَوْغَاء، ثمّ انتَهَوْا إلى البقيع، فصلّى عليه جُبَيْر بن مُطْعم، وخلفه أَبُو جَهْم بن حُذَيْفَة، ونيار بن مُكْرَم، وزوجتا عثمان ونائلة، وأمُّ البَنين، وهمّا دلَّتاه في حُفْرته على الرجال الذين نزلوا قبره. ولَحَدوا له وغيَّبوا قبره، وتفرَّقوا1. ويُروى أنّ جُبَيْر بن مُطْعم صلّى عليه في ستّة عشر رجلًا، والأوّل أثبت. وَرُوِيَ أنّ نائلة بنت الفرافصة كانت مليحة الثَّغْر، فكَسَرَتْ ثناياها بحجرٍ، وقالت: واللَّهِ لَا يجتليكُنّ أحدٌ بعد عثمان، فلمّا قدِمَتْ على معاوية الشّام، خَطَبَهَا، فأبَتْ. وَقَالَ فيها حسّان بن ثابت: قتلتم وَلِيَّ الله في جَوْفِ داره ... وجئتم بأمرٍ جائرٍ غير مهتدي فلا ظفرتْ أيْمانُ قومٍ تعاونوا ... على قتْل عثمانَ الرّشيدِ الْمُسَدَّدِ وَقَالَ كعب بن مالك: يا للرِّجال لأمرٍ هاجَ لي حَزَنًا ... لقد عجِبْتُ لمن يبكي على الدِّمَنِ إنّي رأيت قتيلَ الدّار مُضْطَهدًا ... عثمان يُهْدَى إلى الأجداث في كَفَنٍ وَقَالَ بعضهم: لَعَمْر أبيك فلا تكذِبَنْ ... لقد ذهب الخيرُ إلّا قليلا لقد سفِه النّاسُ في دينهم ... وخلّى ابن عفان شرًّا طويلًا

_ 1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في الطبقات" "2/ 43".

خلافة عثمان -رضي الله عنه: سنة أربع وعشرين: دُفِن عُمَر -رضي الله عنه- في أوّل المحرَّم، ثمّ جلسوا للشُّورَى: فروي عَنْ عبد الله بن أبي ربيعة أنّ رجلا قَالَ قبل الشُّورَى: إنْ بايعتم لعثمان أطَعْنا، وإنْ بايعتم لعليّ سمِعْنا وعَصيْنا. وَقَالَ المِسْوَر بْن مَخْرَمَة: جاءني عبد الرحمن بْن عَوْف بعد هجع من الليل فَقَالَ: مَا ذاقت عيناي كثير نومٍ ثلاث ليالٍ فادْع لي عثمان وعليًّا والزُّبَيْر وسعدًا، فدَعَوُتُهم، فجعل يخلو بهم واحدًا واحدًا يأخذ عليه، فلمّا أصبح صلّى صُهَيْب بالنّاس، ثمّ جلس عبد الرحمن فحمد الله وأثني عليه، وَقَالَ في كلامه: إني رأيت النّاس يأبَوْن إلَّا عثمان. وَقَالَ حُمَيْد بْن عبد الرحمن بْن عوف: أخبرني المِسْوَر إنّ النَّفَر الذين ولَّاهم عُمَر اجتمعوا فتشاوروا فَقَالَ عبد الرحمن: لست بالّذي أُنافِسُكم هذا الأمر ولكنْ إنْ شئتم اخْتَرْتُ لكم منكم، فجعلوا ذلك إلى عبد الرحمن، قَالَ فَوَاللَّهِ مَا رأيت رجلًا بذَّ قومًا1 أشدّ مَا بذَّهُم حين ولّوه أمْرَهُم، حتّى مَا من رجلٍ من على عبد الرحمن يُشاورونه ويُنَاجُونه تلك الّليالي، لَا يخلو به رجلٌ ذو رأيٍ فيَعْدِل بعثمان أحدًا، وذكر الحديث إلى أنْ قَالَ: فتشهّد وَقَالَ: أمّا بعد يا عليّ فإنّي قد نظرت في النّاس فلم أرهم يَعْدِلُون بعثمانَ فلا تجعلنّ على نفسك سبيلًا، ثمّ أخذ بيد عثمان فَقَالَ: نبايعك على سُنَّةِ الله وسُنَّة رسوله وسُنَّة الخليفتين بعده. فبايعه عبد الرحمن بْن عوف وبايعه المهاجرون والأنصار. وعن أَنْس قَالَ: أرسل عُمَر إلى أبي طلحة الأنصاري فَقَالَ: كنْ في خمسين مِنَ الأَنْصَار مع هؤلاء النَّفَر أصحاب الشُّورى فإنّهم فيما أحسب سيجتمعون في

_ 1 بذ قوما: غلبهم.

بيتٍ، فقُمْ على ذلك الباب بأصحابك فلا تتركْ أحدًا يدخل عليهم ولا تتركهم يمضي اليومُ الثالث حتّى يؤَمِّروا أحدَهم، اللَّهُمَّ أنت خليفتي عليهم1. وفي زيادات "مُسْنَد أحمد" من حَديث أبي وائل قَالَ: قلتُ لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم عليًّا! قَالَ: مَا ذنبي قد بدأت بعليّ فَقُلْتُ: أبايعك على كتاب الله وسُنَّة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر، فَقَالَ: فيما استطعت. ثمّ عرضت ذلك على عثمان فَقَالَ: نعم. وَقَالَ الواقدي: اجتمعوا على عثمان لليلة بقيت من ذي الحجّة. ويُرْوَى أنّ عبد الرحمن قَالَ لعثمان خلْوةً: إنْ لم أُبايعْك فمن تُشير عليَّ؟ فَقَالَ: عليّ، وقَالَ لعليّ خلْوَةً: إنْ لم أُبايعْك فمن تُشير عليَّ؟ قَالَ: عثمان، ثمّ دعا الزُّبَيْر فَقَالَ: إن لم أبايعك فمن تشير علي؟ قال عليّ أو عثمان، ثُمَّ دعا سعدًا فَقَالَ: من تُشير عليّ فأمّا أنا وأنت فلا نُريدها؟ فَقَالَ: عثمان، ثمّ استشار عبد الرحمن الأعيان فرأي هَوَى أكثرِهم في عثمان. ثُمَّ نودي: الصّلاة جامعة وخرج عبد الرحمن عليه عمامته التي عمَّمه بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. متقلّدًا سيفه، فصَعِد المنبر ووقف طويلًا يدعو سرًّا، ثُمَّ تكلّم فَقَالَ: أيها الناس إني سألتكم سرًَّا وجهْرًا على أمانتكم فلم أجدْكم تَعْدِلُون عَنْ أحد هذين الرجُلَيْن: إمّا عليّ وإما عثمان، قم إليّ يا عليّ، فقام فوقف بجنب المنبر فأخذ بيده وَقَالَ: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفِعْلِ أبي بكر وعمر؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا ولكنْ على جهْدي من ذلك وطاقتي، فَقَالَ: قم يا عثمان، فأخذ بيده في موقف عليّ فَقَالَ: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نعم، قَالَ فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يده ثمّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشهد اللَّهُمَّ إنّي قد جعلت مَا في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان. فازدحم النَّاس يُبَايِعُون حتّى غَشَوْهُ عند المنبر وأقعدوه على الدَّرَجة الثانية، وقعد عبد الرحمن مقْعَدَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ المنبر. قَالَ: وتلكّأ عليّ، فَقَالَ عبد الرحمن: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّه

_ 1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 53" من طريق الواقدي.

فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} 1. فرجع عليّ يشقّ النّاس حتّى بايع عثمانَ وهو يَقُولُ: خَدْعةٌ وأَيَّما خَدْعَة. ثُمَّ جلس عثمان في جانب المسجد ودعا بعبيد الله بْن عُمَر بْن الخطاب، وكان محبوسًا في دار سعد، وسعد الَّذِي نزع السيف من يد عبيد الله بعد أن قتل جفنية والهُرْمُزَان وبنت أبي لؤلؤة، وجعل عُبَيْد الله يقول: والله لأقتلن رجالًا من شرك في دم أبي، يُعَرِّض بالمهاجرين والأنصار، فقام إليه سعد فنزع السيف من يده وجَبَذَه بشَعْره حتى أضجعه وحبسه، فَقَالَ عثمان لجماعة من المهاجرين، أشيروا عليَّ في هذا الَّذِي فَتَق في الإسلام مَا فَتَق، فَقَالَ علي: أرى أن تقتله، فقال عضهم: قُتِل أبوه بالأمس وَيُقْتَلُ هو اليوم، فَقَالَ عمرو بْن العاص: يا أمير المؤمنين إنّ الله قد أعفاك أن يكون هذا الحَدَث ولك على المُسْلِمين سلطان، إنّما تمّ هذا ولا سُلطان لك، قَالَ عثمان: أنا وليُّهم وقد جعلتُها دِيَةً واحْتَمَلْتُها من مالي. قلت: والهُرْمُزَان هو ملك تُسْتَر، وقد تقدّم إسلامُهُ، قتله عُبيد الله بْن عُمَر لما أُصيب عُمَر، فجاء عمَّار بْن ياسر فدخل على عمر فقال: حَدَثَ الْيَوْمَ حَدَثٌ في الإسلام، قَالَ: وما ذاك؟ قَالَ قتل عُبَيْد الله الهُرْمُزَان، قَالَ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} 2 عليَّ به، وسَجَنَه. قَالَ سعيد بْن المسيب: اجتمع أبو لؤلؤة وجفنية، رجل من الحِيرَة، والهُرْمُزَان، معهم خِنْجَرٌ له طرفان ممْلَكُهُ في وَسْطِه، فجلسوا مجلسًا فأثارهم دابّة فوقع الخِنْجَر، فأبصرهم عبد الرحمن بْن أبي بكر، فلمّا طُعِن عُمَر حكى عبد الرحمن شأن الخنجر واجتماعهم وكيفية الخنجر، فنظروا فوجدوا الأمر كذلك، فوثب عبيد الله فتل الهرمزان، وجفنية، ولؤلؤة بنت أبي لؤلؤة، فلما استُخْلِف عثمان قَالَ له عليّ: أقِدْ عُبَيْد الله من الهُرْمُزان، فَقَالَ عثمان: ماله وَلِيٌّ غيري، وإني قد عفوت ولكنْ أَدِيَهُ. ويُروى أنّ الهُرْمُزان لمّا عضَّه السيف قَالَ: لَا إله إلا الله. وأما جفنية فكان نصْرَانيًّا، وكان ظئرًا لسعد بْن أبي وقاص أقدمه للمدينة للصُّلح الَّذِي بينه وبينهم وليعلم الناس الكتابة.

_ 1 سورة الفتح: 10. 2 سورة البقرة: 156.

وفيها افتتح أَبُو موسى الأشعري الرّيّ، وكانت قد فُتِحت على يد حُذَيْفَة، وسُويد بْن مُقَرِّن، فانتقضوا. وفيها أصاب النّاس رُعافٌ1 كثير، فقيل لها سنة الرُّعَاف، وأصاب عثمانَ رُعَافٌ حتّى تخلّف عَنِ الحج وأوصى. وحجّ بالنّاس عبد الرحمن بن عوف. وفيها غزا الوليد بْن عُقبة أذْرَبَيْجان وأَرْمِينِية لمنع أهلها مَا كانوا صالحوا عليه، فسَبَى وغَنِم ورجع. وفيها جاشت الروم حتى استمدّ أمراء الشام من عثمان مَدَدًا فأَمَّدهم بثمانية آلافٍ من العراق، فمضوا حتى دخلوا إلى أرض الروم مع أهل الشام. وعلى أهل العراق سَلْمان بْن ربيعة الباهلي، وعلى أهل الشام حبيب بْن مسْلَمَة الفِهْريّ، فشنُّوا الغارات وسبوا وافتتحوا حُصُونًا كثيرة. وفيها وُلِد عبدُ الملك بْن مروان الخليفة. سَنَة خَمسْ وَعِشرْين: فيها عزل عثمان سعدًا عَنِ الكوفة واستعمل عليها: الوليد بْن عقبة بْن أبي مُعَيْط بْن أبي عَمْرو بْن أُميَّة الأُمَويّ، أخو عثمان لأُمّه، كنيته أَبُو وهْب. له صُحْبة ورواية. روى عنه أَبُو موسى الهَمذاني، والشعبي. قَالَ طارق بْن شِهاب: لما قدِم الوليد أميرًا أتاه سعد فَقَالَ: أكِسْتَ بعدي أو استحمقتُ بعدَك؟ قَالَ: مَا كِسْنا ولا حَمِقْتَ ولكنّ القومَ استأثروا عليك بسُلطانهم. وهذا ممّا نقموا على عثمان كوْنه عزل سعْدًا وولّى الوليد بْن عُقْبَة، فذكر حُصَيْن بْن المُنْذِر أنّ الوليد صلّى بهم الفجر أربعًا وهو سَكْران، ثمّ التفت وَقَالَ: أُزيدكم! ويقال: فيها سار الجيش من الكوفة عليهم سَلْمان بْن ربيعة إلى بَرْذَعَة، فقتل وسَبَى. وفيها انتقض أهل الإسكندرية فغزاهم عَمْرو بْن العاص أمير مصر وسباهم،

_ 1 الرعاف: خروج الدم من الأنف.

فردّ عثمانُ السَّبْيَ إلى ذِمَّتهم، وكان ملك الروم ببعث إليها منويل الخصي في مراكب فانتفض أهلُها -غير المقوقس- فغزاهم عمرو في ربيع الأول، فافتتحها عَنْوةً غير المدينة فإنّها صُلْح. وفيها عزل عثمان عَمْرًا عَنْ مصر، واستعمل عليها عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ. والصحيح أنّ ذلك في سنة سبعٍ وعشرين. واستأذن ابُن أبي سَرْح عثمان في غزْو إفريقية فأَذِنَ له. ويقال فيها ولد يزيد بْن معاوية. وحج بالنّاس عثمان -رضي الله عنه. سَنَة سِتٍّ وَعِشرْين: فيها زاد عثمان في المسجد الحرام ووسّعه، واشترى الزّيادة من قوم، وأبى آخرون، فهدم عليهم ووضع الأثمان في بيت المال، فصاحوا بعثمان فأمر بهم إلى الحبس وَقَالَ: مَا جرَّأكم عليَّ إلَّا حِلْمي، وقد فعل هذا بكم عُمَر فلم تُصَيِّحوا عليه، ثم كلموه فيهم فأطلقهم. وأميُرها عثمان بْن أبي العاص الثّقفي، فصالحهم على ثلاثة آلاف ألف وثلاثمائة ألف. وقيل: عزل عثمان سعدًا عَنِ الكوفة لأنّه كان تحت دَيْنٍ لابن مسعود فتقاضاه واختصما، فغضب عثمان من سعد وعزله واستعمل الوليد بْن عُقْبة، وقد كان الوليد عاملًا لعمر على بعض الجزيرة وكان فيه رِفْقٌ برعيّته. سَنَة سبْعٍ وَعِشرْين: فيها غزا معاوية قبرص فركب البحر بالجيوش، وكان معه عُبادة بْن الصامت، وزوجه عبادة أم حَرَام بنت مِلْحانِ الأنصاريّة خالة أنَس، فصُرعت عَنْ بَغْلتها فماتت شهيدةً، وكان النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يغشاها ويقيل عندها وبشرها بالشهادة1، فقبرها بقبرص يقولون هذا قبر المرأة الصالحة. روت عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم.

_ 1 وذلك فيما أخرجه البخاري "2788، 2789" في كتاب الجهاد، باب: الدعاء بالجهاد، ومسلم "1912" في كتاب الإمارة، باب: فضل الغزو في البحر، عن أنس عن أم =

روى عنها: أَنْس بْن مالك، وعُمَيْر بْن الأسود العنبسي، ويعلى بن شداد بن أوْس، وغيرهم. وَقَالَ داود بْن أبي هند: صالح عثمان بْن أبي العاص وأبو موسى سنة سبيع وعشرين أهل أرجان على ألفي ومائتي ألف، وصالح أهل دارابْجِرْد1 على ألف ألف وثمانين ألفًا. عزل عثمان عن مصر: وَقَالَ خليفة: فيها عزل عثمانُ عَنْ مصر عَمْرًا وولّى عليها عبدَ الله بْن سعد، فغزا إفريقية ومعه عبد الله بْن عُمَر بْن الخطاب، وَعَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرِو بْن الْعَاصِ، وَعَبْدِ الله بْن الزُّبَيْر، فالتقى هو وجُرْجير بسُبَيْطِلة2 على يومين من القيروان، وكان جُرْجير في مائتي ألف مقاتل، وقيل في مائةٍ وعشرين ألفًا، وكان المسلمون في عشرين ألفًا. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثنا أَبِي، وَالزُّبَيْرُ بْنُ خُبَيْبٍ قَالا: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجير فِي مُعَسْكَرِنَا فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَأَحَاطُوا بِنَا وَنَحْنُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطًا لَهُ فَخَلا فِيهِ، وَرَأَيْتُ أَنَا غرَّةً مِنْ جُرجير بَصُرْتُ به خلف عساكره على برذون أشهب معه جَارِيَتَانِ تُظَلِّلانِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيسِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ جنده أرض بيضاء ليس بها

_ = حرام -رضي الله عنها- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يدخل عليها، الحديث وفيه قال: "ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر، ملوكا على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة". فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: "ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله -كما قال في الأولى " قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. قال: "أنت من الأولين". فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت. قول "ثبج": أي ظهره ووسطه. وأما قوله "في زمن معاوية" فقال النووي في "شرح مسلم" "13/ 50": قال القاضي: قال أكثر أهل السير والأخبار أن ذلك كان في خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وعلى هذا يكون قوله "في زمان معاوية" معناه في زمان غزوه في البحر لا في أيام خلافته. قال: وقيل: بل كان ذلك في خلافته. قال: وهو أظهر في دلالة قوله "في زمانه". ا. هـ. 1 دار بجرد: ولاية بفارس. 2 سبيطلة: من مدن إفريقية.

أَحَدٌ، فَخَرَجْتُ إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ فَنَدَبَ لِي النَّاسَ، فَاخْتَرْتُ مِنْهُمْ ثَلاثِينَ فَارِسًا وَقُلْتُ لِسَائِرِهِمْ: الْبثوا عَلَى مَصَافِّكُمْ، وَحملت فِي الْوَجْهِ الَّذِي رَأَيْتُ فِيهِ جُرْجير وَقُلْتُ لأَصْحَابِي: احْمُوا لِي ظَهْرِي، فَوَاللَّهِ مَا نشبتُ أنْ خَرَقْتُ الصَّفَ إِلَيْهِ فَخَرَجْتُ صَامِدًا لَهُ، وَمَا يَحْسِبُ هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه، حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُ فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَوَثَبَ عَلَى بِرْذَوْنِهِ وَوَلَّى مُدْبِرًا، فَأَدْرَكْتُهُ ثُمَّ طَعَنْتُهُ، فَسَقَطَ، ثُمَّ دَفَفْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ، وَنَصَبْتُ رَأْسَهُ عَلَى رُمْحٍ وَكَبَّرْتُ، وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ، فَارْفَضَّ أَصْحَابُه مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَرَكِبْنَا أَكْتَافَهُمْ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: ثنا مَنْ سَمِعَ ابْنَ لَهِيعَةَ يَقُولُ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ عبد الله بن سعد إِفْرِيقِيَةَ فَافْتَتَحَهَا، فَأَصَابَ كُلَّ إِنْسَانٍ أَلْفَ دِينَارٍ. وَقَالَ غيره: سَبَوْا وغنِمُوا فبلغ سهمُ الفارس ثلاثةَ آلاف دينار وفتح الله إفريقية سَهْلَها وجَبَلَها، ثمّ اجتمعوا على الإسلام وحسُنَتْ طاعتُهُم. وقسّم ابن أبي سَرْح مَا أفاء الله عليهم وأخذ خُمْسَ الخُمْس بأمر عثمان، وبعث إليه بأربعة أخماسه، وضرب فُسْطاطًا في موضِع القَيْرَوان ووفَّدوا وفدًا، فشكوا عبد الله فيما أخذ فَقَالَ: أنا نَفَّلْتُهُ، وذلك إليكم الآن، فإنْ رضِيتُم فقد جاز، وإنْ سَخِطْتم فهو رَدّ، قالوا: إنّا نَسْخَطُه، قَالَ: فهو رَدّ، وكتب إلى عبد الله بردّ ذلك واستصلاحهم. قالوا: فاعْزلْه عنّا. فكتب إليه أن استخِلفْ إلى إفريقية رجُلًا ترْضَاه واقسم مَا نَفَّلْتُكَ فإنَّهم قد سخِطُوا، فرجع عبد الله بْن أبي سرْح إلى مصر، وقد فتح الله إفريقية، فما زال أهلُها أسْمَعَ النّاس وأطْوَعَهم إلى زمان هشام بْن عبد الملك. وروى سيف بْن عُمَر، عَنْ أشياخه، أنّ عثمان أرسل عبد الله بْن نافع بن الحُصَين، وعبد الله بْن نافع الفِهْرِيّ من فَوْرِهما ذلك إلى الأندلس، فأتياها من قِبَل البحر، وكتب عثمان إلى من انتدب إلى الأندلس: أمّا بعد فإنّ القُسْطَنْطِينية إنّما تُفْتَح من قِبَل الأندلس، وإنّكم إن افتتحتموها كنتم شُرَكاء في فتحها في الأجر، والسلام1. فعن كعب قَالَ: يعبر البحر إلى الأندلس أقوامٌ يفتحونها يُعْرَفون بنورهم يوم القيامة.

_ 1 إسناده ضعيف جدا: للجهالة فيه، وسيف بن عمر متروك كما تقدم.

قَالَ: فخرجوا إليها فأتَوها من بَرِّها وبحرها، ففتحها الله على المُسْلِمين، وزاد في سلطان المُسْلِمين مثل إفريقية. ولم يزل أمرُ الأندلس كأمر إفريقية، حتى أمر هشام فمنع البَرْبَرَ أرضَهم. ولما نزع عثمان عَمْرًا عَنْ مصر غضب وحقد على عثمان، فوجه عبد الرحمن بْن سعد فأمره أن يمضي إلى إفريقية، وندب النَّاس معه إلى إفريقية، فخرج إليها في عشرة آلاف، وصالح ابن سعد أهل إفريقية على ألفي ألف دينار وخمسمائة دينار. وبعث ملك الروم من قسطنطينية أنْ يؤخذ من أهل إفريقية ثلاثمائة قِنْطار ذَهَبًا، كما أخذ منهم عبد الله بْن سعد، فقالوا: مَا عندنا مالٌ نعطيه، وما كان بأيدينا فقد افتدينا به، فأمّا الملك فإنه سيّدنا فليأخُذْ مَا كان له عندنا من جائزة كما كنا نعطيه كلَّ عام، فلمّا رأى ذلك منهم الرسول أمر بحبسهم، فبعثوا إلى قومٍ من أصحابهم فقدِموا عليهم فكسروا السجن وخرجوا. وعن يزيد بْن أبي حبيب قَالَ: كتب عبد الله بْن سعد إلى عثمان يَقُولُ: إنّ عمرو بْن العاص كسر الخوارج، وكتب عَمْرو: إن عَبْد الله بن سَعْد أفسد عليَّ مكيدة الحرب. فكتب عُثْمَان إلى عَمْرو: انصرف وولي عَبْد الله الخراج والجُنْد، فقدِم عمرو مُغْضبًا، فدخل على عثمان وعليه جُبَّةٌ له يَمانيَّة مَحْشُوَّة قُطْنًا، فَقَالَ له عثمان: مَا حَشْوُ جُبَّتك؟ قَالَ: عمرو، قَالَ: قد علمتُ أنّ حَشْوَها عَمْرو، ولم أرد هذا، إنّما سألتك أقُطْنٌ هو أم غيره؟ وبعث عبد الله بْن سعد إلى عثمان مالًا من مصر وحشد فيه، فدخل عمرو، فَقَالَ عثمان: هل تعلم أنّ تلك اللّقاح درّت بعدك؟ قَالَ عمرو: إن فصالها هَلَكَتْ. وفيها حجّ عثمان بالنّاس. سَنَة ثمانٍ وَعِشْرين: قيل في أولها غزوة قبرص، وقد مرّت. فروى سَيْفٌ، عَنْ رجاله قالوا: أَلَحَّ معاوية في إمارة عُمَر عليه في غَزْو البحر وقُرْب الرُّوم من حِمْص، فَقَالَ عُمَر: إنّ قريةً من قُرَى حمص يسمع أهلها نباح كلابهم وصياحَ ديُوكهم قالوا: كتب عُمَر إلى معاوية: إنّا سمعنا أنّ بحر الشام يشرف على أطول شيء على الأرض،

يستأذن الله في كل يوم وليلة في أن يقبض على الأرض فيغرقها، فكيف أحمل الجنود في هذا البحر الكافر المستعصب، وتالله لمسلم أحبّ إليَّ من كلّ مَا في البحر، فلم يزل بعمر حتّى كاد أن يأخذ بقلبه. فكتب عُمَر إلى عمرو بْن العاص أن صِفْ لي البحر وراكبَه، فكتب إليه: إنّي رأيت خلْقًا كبيرًا يركبه خلْقٌ صغير، إنْ رَكَد حرّق القلوب، وإنْ تحرّك أزاغ العُقُولَ، يزداد فيه اليقين قلَّة، وَالشَّكُّ كثْرَة، وهم فيه كدُودٍ على عُود، إنْ مال غرِق، وإن نجا بَرِق. فلمّا قرأ عُمَر الكتابَ كتب إلى معاوية: والله لَا أحمل فيه مسلمًا أبدًا. وَقَالَ أَبُو جعفر الطبريّ: غزا معاوية قبرص فصالح أهلَها على الجِزْية. وَقَالَ الواقِديّ: في هذه السنة غزا حبيب بْن مسْلَمَة سورية من أرض الروم. وفيها تزوّج عثمان نائلةَ بنت الفرافصة فأسلمت قبل أن يدخل بها. وفيها غزا الوليد بْن عُقْبَة أَذْرَبَيْجَان فصالحهم مثل صُلح حُذَيفة. وقلَّ من مات وضُبط موتُهُ في هذه السنّوات كما ترى. سَنَة تسْعٍ وَعِشرْين: فيها عزل عثمان أبا موسى عَنِ البصْرة بعبد الله بْن عامر بْن كُرَيز، وأضاف إليه فارس. وفيها افتتح عبد الله بْن عامر إصْطَخْر عَنْوةً فقتل وسبَى، وكان على مقدِّمة عُبَيْد الله بْن مَعْمَر، وكان من كبار الأمراء، افتتح سابور عَنْوةً وقلعة شيراز، وقُتِلَ وهو شاب، فأقسم ابن عامر لئن ظفر بالبلد ليقتلنّ حتّى يسيل الدَّمُ من باب المدينة، وكان بها يَزْدَجِرْد بْن شَهْرَيَار بْن كِسْرى فخرج منها في مائة ألفِ وسار فنزل مَرْوَ، وخلف على إصْطَخْر أميرًا من أمرائه في جيشٍ يحفظونها. فنقَّب المسلمون المدينة فما دَرَوْا إلَّا والمسلمون معهم في المدينة، فأسرف ابن عامر في قتْلهم وجعل الدَّم لَا يجري من الباب، فقيل له: أفْنَيْتَ الخَلْق، فأمر بالماء فصبَّ على الدَّم حتّى خرج من الباب، ورجع إلى حُلْوان فافتتحها ثانيًا فأكثر فيه القتْلَ لكونهم نقضوا الصلح.

وفيها انتفضت أَذْرَبَيْجَان فغزاهم سعيد بْن العاص فافتتحها. وفيها غزا ابن عامر وعلى مقدّمته عبد الله بْن بُدَيْل الخُزاعيّ فأتى أصبهان، ويقال افتتح أصبهان سارية بْن زُنَيْم عَنْوةً وصُلْحًا. وَقَالَ أَبُو عبيدة: لما قدِمَ ابن عامر البصرة قدِم عُبَيْد الله بْن مَعْمَر إلى فارس، فأتى أرَّجان فأغلقوا في وجهه، وكان عَنْ يمين البلد وشماله الجبال والأسياف. وكانت الجبال لا تسلكها الخيل ولا تحمل الأسياف -يعني السواحل- الجيش، فصالحهم أن يفتحوا له باب المدينة فيمرّ فيها مارًّا ففعلوا، ومضى حتّى انتهى إلى النّوبَنْدِجَان فافتتحها، ثُمَّ نقضوا الصُّلح، ثُمَّ سار فافتتح قلعة شِيراز، ثُمَّ سار إلى جور فصالحهم وخلّف فيهم رجلًا من تميم، ثُمَّ انصرف إلى إصْطَخْر فحاصرها مدة، فبينما هم في الحصار إذ قتل أهل جور عاملهم، فسار ابن عامر إلى جور فناهضهم فافتتحها عَنْوةً فقتل منها أربعين ألفًا يُعَدُّون بالقَصَب، ثمّ خلّف عليهم مروان بْن الحَكَم أو غيره، وردّ إلى إصْطَخْر وقد قتلوا عُبَيْد الله بْن مَعْمَر فافتتحها عَنْوةً. ثمّ مضى إلى فَسَا فافتتحها. وافتتح رساتيق من كَرْمان. ثمّ إنّه توجه نحو خُراسان على المفازة فأصابهم الرَّمق فأهلك خلقًا. وَقَالَ ابن جرير: كتب ابن عامر إلى عثمان بفتح فارس، فكتب عمان يأمره أن يوليّ هَرِمَ بْن حسّان اليَشْكُريّ، وهرِمَ بْن حيَّان العَبْدِيّ، وَالْخِرِّيتَ بْن راشد على كُوَر فارس. وفرّق خُراسان بين ستّة نفر: الأحنف بن قيس على المَرْوَيْن، وحبيب بْن قُرَّةَ اليَرْبُوعيّ على بَلْخ، وخالد بْن زُهَير على هَرَاة، وأُمَيْن بْن أحمد اليَشْكريّ على طُوس، وقيس بْن هُبَيْرة السلمي على نَيْسابور. وفيها زاد عثمان فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فوسَّعه وبناه بالحجارة المنقوشة وجعل عُمُده من حجارة وسقفه بالسّاج، وجعل طوله ستين ومائة ذراع، وعرضه خمسين ومائة ذراع، وجعل أبوابه كما كانت زمن عُمَر ستّة أبواب. وحجّ عثمان بالنّاس وضُرِبَ له بِمنَى فُسْطاط، وأتمّ الصّلاة بها وبعرَفة، فعابوا عليه ذلك، فجاءه عليّ فَقَالَ: والله مَا حدث أمرٌ ولا قَدُم عهدٌ، ولقد عهدت نبيِّك -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي ركعَتَيْن، ثُمَّ أبا بكر، ثمّ عُمَر ثُمَّ أنت صدرًا من ولايتك، فَقَالَ: رأي رأيته.

وكلّمه عبد الرحمن بْن عوف فَقَالَ: إنّي أُخْبِرْتُ عَنْ جُفاة النّاس قد قالوا: إنّ الصلاة للمُقيم رَكْعتان وقالوا: هذا عثمان يصلّي رَكْعَتين فصليت أربعًا لهذا، وإنّي قد اتّخذت بمكّة زَوْجَة، فَقَالَ عبد الرحمن: ليس هذا بعُذْر، قَالَ: هذا رأيٌ رأيته. سَنَة ثَلَاثيْن: فيها عُزِل الوليد بْن عُقْبة عَنِ الكوفة بسعيد بْن العاص، فغزا سعيد طَبَرِسْتان، فحاصرهم، فسألوه الأمان، على أن لا يقتل منهم رجلًا واحدًا، فقتلهم كلَّهم إلَّا رجلًا واحدًا، يعني نفسه بذلك. وفيها فُتِحَتْ جور من أرض فارس على يد ابن عامر فغنم شيئًا كثيرًا. وافتتح ابن عامر في هذا القُرب بلادًا كثيرة من أرض خُراسان. قَالَ داود بْن أبي هند: لمّا افتتح ابن عامر أرضَ فارس سنة ثلاثين هرب يزّدَجِرْد بْن كِسْرى فاتبعه ابن عامر، ومُجاشع بْن مسعود السُّلمي، ووجَّه ابنُ عامر، فيما ذكر خليفة زيادَ بْن الربيع الحارثيّ إلى سَجَسْتَان فافتتح زالق وشرواذ وناشروذ، ثمّ صالح أهل مدينة زَرَنْج على ألف وصِيف مع كلّ وصِيف جام من ذَهَب. ثمّ توجه ابن عامر إلى خراسان وعلى مقدمته الأحنف بْن قيْس، فلقي أهلَ هَرَاة فهزمهم. ثُمَّ افتتح ابن عامر أبْرَشَهْر -وهي نَيْسابور- صُلْحًا ويقال عَنْوةً. وكان بها فيما ذكر غيرُ خليفة بنتا كسرى بْن هُرْمز. وبعث جيشًا فتحوا طوس وأعمالها صُلْحًا. ثُمَّ صالح من جاءه من أهل سَرَخْس على مائةٍ وخمسين ألفًا. وبعث الأسود بْن كلثوم العَدَويّ إلى بَيْهَق. وبعث أهل مَرْو يطلبون الصُّلح، فصالحهم ابن عامر على ألفيْ ألف ومائتي ألف. وسار الأحنف بْن قيس في أربعة آلاف، فجمع له أهل طَخَارِستان وأهل الجَوْزَجان والفارياب، وعليهم طوقانشاه، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ثُمَّ هزم الله المشركين، وكان النصر. ثُمَّ سار الأحنف على بَلْخٍ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ. ثُمَّ أَتَى خُوارزْم فلم يُطِقْها ورجع. وفتحت هَرَاة ثمّ نكسوا.

وَقَالَ ابن إسحاق: بعث ابن عامر جيشًا إلى مرو فصالحوا وفُتِحَت صُلحًا. ثُمَّ خرج ابن عامر من نيسابور معتمرًا وقد أحرم منها، واستخلف على خُراسان الأحنف بْن قيس، فلمّا قضى عُمْرَته أتى عثمان -رضي الله عنه- واجتمع به، ثمّ إنّ أهل خُراسان نقضوا وجمعوا جمْعًا كثيرًا وعسكروا بمرو، فنهض لقتالهم الأحنف وقتلهم فهزمهم، وكانت وقعة مشهورة. ثُمَّ قدم ابن عامر من المدينة إلى البصرة، فلم يزل عليها إلى أن قُتِلَ عثمان وكذا معاوية على الشام. ولما فتح ابن عمر هذه البلاد الواسعة كثُرَ الخراجُ على عثمان وأتاه المال من كلّ وجه اتّخذ له الخزائن وأدَرّ الأرزاق، وكان يأمر للرجل بمائة ألف بدرة في كل بدرة أربعة آلاف وافية. ثُمَّ دخلت سَنَة إحدى وَثلاثِين: قَالَ أَبُو عبيد الله الحاكم: أجمع مشايخنا على أنّ نيْسابُور فُتِحَتْ صُلْحًا، وكان فتْحُها في سنة إحدى وثلاثين. ثمّ روى بإسناده إلى مُصْعَب بْن أبي الزَّهْراء أنّ كنارى صاحب نيْسَابور كتب إلى سعيد بْن العاص والي الكوفة، وإلى عبد الله بْن عامر والي البصرة، يدعوهما إلى خُراسان ويُخْبرهما أنّ مَرْو قد قتل أهلَهَا يَزْدَجِرْد. فندب سعيد بْن العاص الحَسَن بْن عليّ وعبد الله بْن الزُّبَيْر لها، فأتى ابن عامر دهقان فَقَالَ: مَا تجعل لي إنْ سبقتُ بك؟ قَالَ: لك خراجُك وخراج أهل بيتك إلى يوم القيامة، فأخذ به على قُومِس، وأسرع إلى أنْ نزل على نيْسابور، فقاتل أهلها سبعة أشهرٍ ثمّ فتحها، فاستعمله عثمان عليها أيضًا، وكان ابنَ خالةِ عثمان. ويقال: تفل النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في فيه وهو صغير.

وفيها قَالَ خليفة: أحرم عبد الله بْن عامر من نَيْسابور، واستخلف قيس بْن الهيثم وغيره على خُرَاسان، وقيل إنّ ذلك كان في السنّة الماضية. وفيها غزوة الأساود، فغزا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ من مصر في البحر، وسار فيه إلى ناحية مصيصة. سنة اثنتين وثلاثين: فيها كانت وقعة المضيق بالقرب من قسطنطينية، وأميرها معاوية. سنة ثلاث وثلاثين: فيها كانت غزوة قبرص. قَالَ ابن إسحاق وغيرُه. وغزوة إفريقية، وأمير النّاس عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، قاله اللَّيْث. وفيها قَالَ خليفة: جمع قارن جمعًا عظيمًا بباذَغِيس وهُرَاة، وأقبل في أربعين ألفًا فتررك قيس بن الهيثم لابلاد وهرب، فقام بأمر المُسْلِمين عبدُ الله بْن خازم السُّلَميّ، وجمع أربعة آلاف مقاتل، والتقى هو وقارن، ونصره الله وقُتِل وسَبَى، وكتب إلى ابن عامر بالفتح، فاستعمله ابن عامر على خراسان، ثمّ وجَّه ابن عامر عبد الرحمن بْن سَمُرَة على سجستان، فصالحه صاحب زرن وبقي بها حتّى حُوصِر عثمان. قَالَ خليفة: وفيها غزا معاوية مَلَطْية وحصن المَرَة من أرض الرُّوم. قَالَ: وفيها غزا عبدُ الله بْن أبي سَرْح الحَبَشَة، فأصيبت فيها عينُ معاوية بن حديج. سَنَة أربَعٍ وَثلَاثِين: فيها وثب أهل الكوفة على أميرهم سعيد بْن العاص فأخرجوه، ورضوا بأبي موسى الأشعريّ، وكتبوا فيه إلى عثمان فولّاه عليهم، ثمّ إنّه بعد قليل ردّ إليهم الإمْرة سعيد بْن العاص فخرجوا ومنعوه. وفيها كانت غزوة ذات الصَّواري في البحر من ناحية الإسكندرية، وأميرها ابن أبي سرح.

سَنَة خَمسْ وَثَلَاثيْن: فيها غزوة ذي خُشُب وأمير المُسْلِمين عليها معاوية. وفيها حجّ بالنّاس وأقام الموسمَ عبدُ الله بْن عباس. وفيها مَقْتَلُ عثمان -رضي الله عنه: خرج المصرّيون وغيرهم على عثمان وصاروا إليه ليخلعوه من الخلافة. قَالَ إسماعيل بْن أبي خالد: لمّا نزل أهل مصر الجُحْفَة، وَأَتَوْا يعاتبون عثمانَ صعِد عثمانُ المِنْبَر فَقَالَ: جزاكم اللَّهُ يا أصحاب محمد عنّي شرًّا: أَذَعْتُمُ السَّيِّئةَ وكتمتم الْحَسَنَةَ، وأغريتم بي سُفَهاءَ النّاس، أيُّكُم يذهب إلى هؤلاء القوم فيسألهم مَا نقموا وما يريدون؟ قَالَ ذلك ثلاثًا ولا يُجيبه أحد. فقام عليٌّ فَقَالَ: أنا، فَقَالَ عثمان: أنت أقربهم رَحِمًا، فأتاهم فرحّبوا به، فَقَالَ: مَا الَّذِي نَقَمْتُم عليه؟ قالوا: نَقَمْنا أنّه محا كتاب الله -يعني كونه جمع الأمَّة على مُصْحَفٍ- وحمى الْحِمَى، واستعمل أقرباءه، وأعطى مروان مائة ألف، وتناول أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فردّ عليهم عثمان: أمّا القرآن فمن عند الله، إنّما نهيتُكم عَنِ الاختلاف فاقرءوا عليَّ أيَّ حرفٍ شئتم، وأمّا الْحِمَى فَوَاللَّهِ مَا حميته لإبلي ولا لغنمي، وإنما حميْتُه لإِبل الصَّدَقَةِ. وأمّا قولُكم: إنّي أعطيت مروان مائة ألفٍ. فهذا بيتُ مالِهِم فلْيستعملوا عليه من أحبَّوا، وأمّا قولُكم: تناول أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فإنّما أنا بشر أغضب وأرضى، فمن ادَّعَى قبَلي حقًّا أو مَظْلِمَةً فهأنذا، فإنْ شاء قَوَدًا وإنْ شاء عَفْوًا. فرضي النّاس واصطلحوا ودخلوا المدينة. وَقَالَ محمد بْن سعد: قالوا رحل من الكوفة إلى المدينة: الأشتر النَّخَعِيّ - واسمه مالك بْن الحارث، ويزيد بْن مكفّف، وثابت بْن قيس، وَكُمَيْلُ بْن زياد، وزيد، وصعصعة ابنا صُوحان، والحارث الأعور، وجُنْدُب بْن زُهَير، وأصفر بْن قيس، يسألون عثمان عزل سعيد بن العاص عنهم. فرحل سعد أيضًا إلى عثمان فوافقهم عنده، فأبى عثمان أن يعزله، فخرج الأشتر من ليلته في نفرٍ، فسار عشرًا إلى الكوفة واستولى عليها وصعد المنبر عليها فَقَالَ: هذا سعيد بْن العاص قد أتاكم

يزعم أنّ السَّواد بستان لأغَيلِمَةٍ من قريشٍ، والسواد مساقط رءوسكم ومراكز رماحكم، فمن كان يرى الله حقًّا فلْينهض إلى الجَرَعة1، فخرج النّاس فعسكروا بالجَرَعَة، فأقبل سعيد حتى نزل العّذَيب، فجهّز الأشتر إليه ألفَ فارسٍ مع يزيد بْن قيس الأرحبيّ، وعبد الله بْن كِنَانَة العبْدِيّ، فَقَالَ: سيروا وأزعِجاه وألْحِقاه بصاحبه، فإنْ أَبَى فاضْرِبا عُنُقَه، فَاتَيَاهُ، فلمّا رأى منهما الجدّ رجع. وصعد الأشترُ منبرَ الكوفة وَقَالَ: يا أهل الكوفة مَا غضبت إلّا لله ولكم، وقد ولَّيت أبا موسى الأشعريّ صلاتَكم، وحُذَيْفَة بْن اليَمَان فَيْئَكُم، ثمّ نزل وَقَالَ: يا أبا موسى اصعَدْ، فَقَالَ: مَا كنت لأفعل، ولكنْ هَلُمُّوا فبايعوا لأمير المؤمنين وجدّدوا البيعة في رِقابكم، فأجابه النّاس. وكتب إلى عثمان بما صنع، فأعجب عثمان، فَقَالَ عُتْبَة بْن الوعل شاعر الكوفة: تصدق علينا يابن عفّان واحتسِبْ ... وَأْمُرْ علينا الأشْعَريَّ لَيالِيا فَقَالَ عثمان: نعم وشهورًا وسنين إنْ عِشْتُ، وكان الَّذِي صنع أهل الكوفة بسعيد أول وَهْنٍ دخل على عثمان حين اجترئ عليه. وعن الزُّهْرِيّ قَالَ: وُلِّيَ عثمان، فعمل ستّ سِنين لَا ينقم عليه النّاس شيئًا، وإنّه لأحبّ إليهم من عُمَر؛ لأنّ عُمَر كان شديدًا عليهم، فلمّا ولِيهَم عثمان لان لهم ووَصَلَهم، ثمّ إنّه توانى في أمرهم، واستعمل أقرباءه وأهل بيته في السّتَ الأواخر، وكتب لمروان بخُمْس مصر أو بخُمْس إفريقية، وآثر أقرباءه بالمال، وتأوّل في ذلك الصِّلة التي أمر الله بها. واتّخذ الأموال، واستسلف من بيت المال، وقال: إن أبا بكر وعمر تركا من ذلك مَا هو لهما، وإنّي أخذته فقسَّمته في أقربائي، فأنكر النّاس عليه ذلك. قلت: وممّا نقموا عليه أنّه عزل عُمَيْر بْن سعد عَنْ حمص، وكان صالحًا زاهدًا، وجمع الشام لمعاوية، ونزع عَمْرو بْن العاص عَنْ مصر، وأمَّر ابن أبي سَرْحٍ عليها، ونزع أبا موسى الأشعريّ عَنِ البصرة، وأمرّ عليها عبد الله بْن عامر، ونزع المُغِيرَة بْن شُعْبة عَنِ الكوفة وأمّر عليها سعيد بن العاص.

_ 1 الجرعة: موضع قرب الكوفة.

وقال القاسم بن الفضل: حدثنا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ نَاسًا مِنَ الصَّحَابَةِ فيهم عمار فقال: إني سألتكم وَأُحِبُّ أَنْ تَصْدُقُونِي: نَشَدْتُكُمُ اللَّهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يؤثر قريشًا على سائر الناس، ويؤصر بَنِي هَاشِمٍ عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ بِيَدِي مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ لأَعْطَيْتُهَا بَنِي أُمَيَّةَ حَتّى يَدْخُلُوهَا. وعن أبي وائل أنّ عبد الرحمن بْن عَوْف كان بينه وبين عثمان كلّام فأرسل إليه: لِمَ فَرَرْتَ يوم أُحُد وتخلَّفْت عَنْ بدْر وخالفت سنة عمر؟ فأرسل إليه: تخلفت عن بدر لأنّ بنتَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شغلتني بمرضها، وأمّا يوم أُحُد فقد عفا الله عنّي، وأمّا سُنَّةُ عُمَر فَوَاللَّهِ مَا استطعتها أنا ولا أنت. وقد كان بين عليّ وعثمان شيءٌ فمشى بينهما العباس فَقَالَ عليّ: واللَّهِ لو أمرني أن أخرج من داري لفعلت، فأمّا أُدَاهِن أنْ لَا يُقام بكتاب الله فلم أكن لأفعل. وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقْعَسِيِّ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ ابْنُ السَّوْدَاءِ إِلَى مِصْرَ نَزَلَ على كنانة بن بشر مرة، وعلى كنانة بن حمران مرة، وانقطع إلى الغافقي فشجه الْغَافِقِيِّ فَكَلَّمَهُ، وَأَطَافَ بِهِ خَالِدُ بْنُ مُلْجِمٍ، يُجِيبُونَ إِلَى الْوَصِيَّةِ، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِنَابِ الْعَرَبِ وَحِجْرِهِمْ، وَلَسْنَا مِنْ رِجَالِهِ، فَأَرُوهُ أَنَّكُمْ تَزْرَعُونَ، وَلا تَزْرَعُوا الْعَامَ شَيْئًا حَتَّى تَنْكَسِرَ مِصْرُ، فَتَشْكُوهُ إِلَى عُثْمَانَ فَيَعْزِلُهُ عَنْكُمْ، وَنَسْأَلُ مَنْ هو أضعف منه ونخلوا بما نريد، ونذر الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَكَانَ أَسْرَعَهُمْ إِلَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَهُوَ ابْنُ خَالِ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عثمان، فكبر، وَسَأَلَ عُثْمَانَ الْهِجْرَةَ إِلَى بَعْضِ الأَمْصَارِ، فَخَرَجَ إِلَى مِصْرَ، وَكَانَ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى ذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ الْعَمَلَ فَقَالَ: لَسْتَ هُنَاكَ. قَالَ: فَفَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ ابْنُ السَّوْدَاءِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ خَرَجُوا وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُم، وَشَكَوْا عَمْرًا وَاسْتَعْفَوْا مِنْهُ، وَكُلَّمَا نَهْنَهَ عُثْمَانُ عَنْ عَمْرٍو قَوْمًا وَسَكَّتَهُمُ انْبَعَثَ آخَرُونَ بِشَيْءٍ آخَرَ، وَكُلُّهُمْ يَطْلُبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَقَالَ لَهُمْ عُثْمَانُ: أَمَّا عَمْرٌو فَسَنَنْزِعُهُ عَنْكُمْ وَنُقِرُّهُ عَلَى الْحَرْبِ، ثُمَّ وُلِّيَ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ خَرَاجَهُمْ، وَتَرَكَ عَمْرًا عَلَى الصَّلاةِ فَمَشَى فِي ذَلِكَ سودَانُ، وَكِنَانَةُ بن بشر،

وخارجة، فيما بين عبد الله بن سعد، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَغْرَوْا بَيْنَهُمَا حَتَّى تَكَاتَبَا عَلَى قَدْرِ مَا أَبْلَغُوا كُلَّ وَاحِدٍ. وَكَتَبَا إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ ابْنُ أَبِي سَرْحٍ: إِنَّ خَرَاجِي لا يَسْتَقِيمُ مَا دَامَ عَمْرٌو عَلَى الصَّلاةِ. وَخَرَجُوا فَصَدَّقُوهُ وَاسْتَعْفَوْا مِنْ عَمْرٍو، وَسَأَلُوا ابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى عَمْرٍو: أَنَّهُ لا خَيْرَ لَكَ فِي صُحْبَةِ مَنْ يَكْرَهُكَ فَأَقْبَلَ. ثُمَّ جَمَعَ مِصْرَ لابْنِ أَبِي سَرْحٍ. وقد رُوِيَ أنّه كان بين عمّار بْن ياسر، وبين عبّاس بْن عُتْبَة بْن أبي لهب كلام، فضربهما عثمان. وَقَالَ سَيْفٌ، عَنْ مُبَشِّرٍ، وَسَهْلِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَدِمَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ مِنْ مِصْرَ وَأَبِي شَاكٍ، فَبَلَغَهُ، فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ أَدْعُوهُ، فَقَامَ مَعِي وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ وَسِخَةٌ وَجُبَّةُ فِرَاءَ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَعْدٍ قَالَ لَهُ: وَيْحَكَ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ إِنْ كُنْتَ فِينَا لَمِنْ أهل الخير، فما الذي بَلَغَنِي عَنْكَ مِنْ سَعْيِكَ فِي فَسَادٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّأْلِيبِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَعَكَ عَقْلُكَ أم لا؟ فأهوى عمار على عِمَامَتِهِ وَغَضِبَ فَنَزَعَهَا وَقَالَ: خَلَعْتُ عُثْمَانَ كَمَا خلعت عمامتي هذه، فقال: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} 1 وَيْحَكَ حِينَ كَبِرَتْ سِنُّكَ وَرَقَّ عَظْمُكَ وَنَفِدَ عُمْرُكَ خَلَعْتَ رِبْقَةَ2 الإِسْلامِ مِنْ عُنُقِكَ وَخَرَجْتَ من الدين عريانًا، فَقَامَ عَمَّارٌ مُغْضَبًا مُوَلِيًّا وَهُوَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِرَبِّي مِنْ فِتْنَةِ سَعْدٍ، فَقَالَ سَعْدٌ: أَلا في الفتنة سقطوا، اللهم زد عُثْمَانَ بِعَفْوِهِ وَحِلْمِهِ عِنْدَكَ دَرَجَاتٍ، حَتَّى خَرَجَ عَمَّارٌ مِنَ الْبَابِ، فَأَقْبَلَ عَلَى سَعْدٍ يَبْكِي حَتَّى اخْضَلَّ لِحْيَتَهُ وَقَالَ: مَنْ يَأْمَنِ الْفِتْنَةَ يَا بُنَّيَّ لا يَخْرُجَنَّ مِنْكَ مَا سَمِعْتَ منه، فإنه مِنَ الأَمَانَةِ، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ النَّاسُ عَلَيْهِ يَتَنَاوَلُونَهُ، وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَقُّ مَعَ عَمَّارٍ مَا لَمْ تَغَلَّبْ عَلَيْهِ دَلْهَةُ الْكِبَرِ"3، فَقَدْ دَلِهَ4 وَخَرِفَ. وممّن قام على عثمان محمد بْن أبي بكر الصِّدِّيق، فسئل سالم بْن عبد الله فيما قيل عَنْ سبب خروج محمد، قَالَ: الغضب والطَّمَع، وكان من الإسلام بمكان، وغرَّه أقوامٌ فطمِع، وكانت له دالَّة، ولزمه حق، فأخذه عثمان من ظهره.

_ 1 سورة البقرة: 156. 2 الربقة: حبل ذو عرى. 3 إسناده ضعيف جدا: سيف متروك. 4 الدله: الحيرة.

وحجّ معاوية، فقيل إنّه لمّا رأى لِينَ عثمان واضطرب أمرِه قَالَ: انطلِقْ معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك من لَا قِبَل لك به، فإنّ أهل الشام على الطّاعة، فَقَالَ: إنا لَا أبيع جوارَ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بشيءٍ وإنْ كان فيه قطْعُ خَيْطِ عُنُقي، قَالَ: فأبعثُ إليك جُنْدًا، قَالَ: أنا أقُتِّر على جيران رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأرزاقَ بجُنْدٍ تُساكِنُهُم! قَالَ: يا أمير المؤمنين واللَّهِ لَتُغْتَالَنَّ ولَتُغْزَيَنَّ، قَالَ: "حَسْبيَ اللَّهُ ونِعْم الوكيل". وقد كان أهل مصر بايعوا أشياعهم من أهل الكوفة والبصرة وجميع من أجابهم، واتعدوا يومًا على شخص أمراؤهم، فلم يستقم لهم ذلك، لكنّ أهل الكوفة ثار فيهم يزيد بْن قيس الأرحبيّ واجتمع عليه ناس، وعلى الحرب يَوْمَئِذٍ القعقاع بن عمرو، فأتاه وأحاط الناس بهم فناشدوهم، وقال يزيد للقعقاع: ما سبيلك علي وعلى هؤلاء، فَوَاللِه إنّي لَسَامعٌ مُطيعٌ، وإنّي لازمٌ لجماعتي إلّا أني أستعفي من إمارة سعيد، ولم يُظهروا سوى ذلك، واستقبلوا سعيدًا فردّوه من الجَرعَة، واجتمع النّاس على أبي موسى فأقرّه عثمان. ولمّا رجع الأمراء لم يكن للسّبائّية سبيل إلى الخروج من الأمصار، فكاتبوا أشياعهم أن يتوافوا بالمدينة لينظروا فيما يريدون، وأظهروا أنّهم يأمرون بالمعروف، وأنّهم يسألون عثمان عَنْ أشياء لتطِيرَ في النَّاس ولتُحَقَّقَ عليه، فَتَوافوا بالمدينة، فأرسل عثمان رجلين من بني مخزوم ومن بني زهرة فقال: انظرا مَا يريدون، وكانا ممّن ناله من عثمان أدبٌ، فاصطبرا للحقّ ولم يَضْطَغِنا، فلمّا رأوهما أتوهما وأخبروهما، فَقَالَا: من معكم على هذا من أهل المدينة؟ قالوا: ثلاثة، قالا: فكيف تصنعون؟ قالوا: نريد أن نذكر له أشياء قد زرعناها في قلوب النَّاس، ثمّ نرجع إليهم ونزعم لهم أنّا قرّرناه بها، فلم يخرج منها ولم يتُبْ، ثمّ نخرج كأنّنا حُجَّاج حتّى نقدِمَ فنحيط به فنخلَعَهُ، فإنْ أبى قتلناه. فرجعا إلى عثمان بالخبر، فضحك وَقَالَ: اللَّهُمَّ سلِّم هؤلاء فإنَّك إنْ لم تسلّمهم شَقُّوا. فامّا عمّار فحمل عليّ عباس بْن أبي لهب وعَرَكه، وأمّا محمد بْن أبي بكر فإنّه أُعْجِب حتّى رأى أنّ الحقوق لَا تلزمه، وأما ابن سارة فإنّه يتعرض للبلاء.

وأرسل إلى المصرين والكوفيّين، ونادى: الصّلاة جامِعَة -وهم عنده في أصل المنبر- فأقبل أصحابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فحمد الله وأثنى عليه، وأخبرهم بالأمر، وقام الرجلان، فَقَالَ النّاس: اقتل هؤلاء فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "من دعا إلى نفسه أو إلى أحدٍ، وعلى النَّاس إمامٌ فعليه لعنةُ الله فاقتلوه"1. وَقَالَ عثمان: بل نعفو ونقبل، ونبصِّرُهم بجهدنا، إنّ هؤلاء قالوا: أتمّ الصلاة في السّفر، وكانت لَا تُتَمّ، ألا وإني قدمت بلدًا فيه أهلي فأتتمت لهذا. قالوا: وحميت الحِمَى، وإنّي واللَّهِ مَا حميت إلا حُمِيَ قبلي، وإني قد وُلِّيتُ وإنّي لَأكْثَرُ العرب بعيرًا وشاءً، فما لي اليوم غيرُ بعيرَيْن لحَجَّتي، أكذلك؟ قالوا: نعم. قَالَ: وقالوا: كان القرآن كُتُبًا فتركها إلّا واحدًا، ألا وإنّ القرآنَ واحدٌ جاء من عند واحدٍ، وإنّما أنا في ذلك تابعٌ هؤلاء، أكذلك؟ قالوا: نعم. وقالوا: إنّي رددت الحَكَمَ وقد سيّره رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الطّائف ثمّ ردّه، فرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سيّره وهو ردَّه، أفَكَذاك؟ قالوا: نعم. وقالوا: استعملت الأحداثَ. ولم أستعمِل إلّا مُجْتَمَعًا مَرْضِيًّا، وهؤلاء أهل عملي فسلوهم، وقد ولّي من قبلي أحدثَ منه، وقيل في ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أشد ممّا قيل لي في استعماله أُسامة، أكذلك؟ قالوا: نعم. وقالوا: إنّي أعطيت ابنَ أبي سَرْح مَا أفاء اللَّهُ عليه، وإنّي إنّما نَفَلْتُهُ خُمْس الخُمْسِ، فكان مائة ألف، وقد نَفَل مثل ذلك أَبُو بكر وعمر، وزعم الجُنْد أنّهم يكرهون ذلك فردَدْتُهُ عليهم، وليس ذلك لهم، أكذلك؟ قالوا: نعم. وقالوا: إنّي أحبّ أهلي وأعْطيهم، فأما حبهم فلم يوجب جورًا، وأمّا إعطاؤهم، فإنّما أُعطيهم من مالي. ولا أستحلُّ أموالَ المُسْلِمين لنفسي ولا لأحدٍ. وكان قد قسم ماله وأرضه في بني أُميَّة، وجعل ولده كبعض من يُعطى.

_ 1 أخرج مسلم معناه "1852/ 60" في كتاب الإمارة، باب: حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، عن عرفجة قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه".

قَالَ: ورجع أولئك إلى بلادهم وعفا عنهم، قَالَ: فتكاتبوا وتواعدوا إلى شوَّال، فلمّا كان شوَّال خرجوا كالحُجَّاج حتّى نزلوا بقرب المدينة، فخرج أهل مصر في أربعمائة، وأمراؤهم عبد الرحمن بْن عُدَيْس البَلَوِيّ، وكِنَانة بْن بِشْر اللَّيْثي، وسُودان بْن حُمْران السَّكُونيّ، وقُتَيْرة السَّكُونيّ، ومقدّمهم الغافقيّ بْن حرب الْعَكْي، ومعهم ابن السَّوْداء. وخرج أهل الكوفة في نحو عدد أهل مصر، فيهم زيد بْن صوجان العَبْدِيّ، والأشتر النَّخَعِيّ، وزياد بْن النَّضْر الحارثي، وعبد الله بْن الأصَمّ، ومقدّمهم عمرو بْن الأصم. وخرج أهل البصرة وفيهم حُكَيْم بْن جَبَلَة، وذريح بْن عبّاد العبديّان، وبِشْر بْن شُرَيْح القَيْسي، وابن مُحَرِّش الحنفيّ، وعليهم حُرْقُوص بْن زُهَير السَّعْدِيّ. فأمّا أهل مصر فكانوا يشتهون عليًّا، وأمّا أهل البصرة فكانوا يشتهون الزُّبَيْر، وأما أهل الكوفة فكانوا يشتهون طَلْحَةَ، وخرجوا ولا تشكُّ كلُّ فِرْقةٍ أن أمرها سيتمّ دون الأخرى، حتّى كانوا من المدينة على ثلاثٍ، فتقدّم ناسٌ من أهل البصرة فنزلوا ذا خُشُب. وتقدّم ناسٌ من أهل الكوفة فنزلوا الأعوص1، وجاءهم أُناسٌ من أهل مصر، ونزل عامَّتُهم بذي المَرْوَة، ومشى فيما بين أهل البصرة وأهلِ مصر زياد بْن النّضْر، وعبد الله بْن الأصَمّ ليكشفوا خبرَ المدينة، فدخلا فلقيا أزواج النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وطلحةً، والزُّبَيْر، وعليًّا، فَقَالَا: إنّما نَؤُمُّ هذا البيتَ، ونستعفي من بعض عُمّالنا، واستأذنوهم للناس بالدخول، فكلُّهم أَبَى وَنَهَى. فرجعا، فاجتمع من أهل مصر نفرٌ فأتوا عليًّا، ومن أهل البصرة نفرٌ فأتوا الزُّبَيْر، ومن أهل الكوفة نفر فأتوا طلحة، وقال كل فريق منهم: إن باعنا صاحِبَنا وإلّا كِدْناهم وفرَّقْنا جماعتَهم، ثمّ كَرَرْنا حتَّى نَبْغَتَهُم. فأتى المصريون عليًّا وهو في عسكر عند أحجار الزَّيت2، وقد سرَّح ابنه الحسن إلى عثمان فيمن اجتمع إليه، فسلّم على عليٍّ المصريون، وعرضوا له، فصاح بهم وطردهم وَقَالَ: لقد علم الصّالحون أنّكم ملعونون، فارجِعُوا لَا صَحِبَكُم الله، فانصرفوا، وفعل طلْحة والزبير نحو ذلك.

_ 1 الأعوص: موضع قرب المدينة. 2 أحجار الزيت: موضع بالمدينة.

فذهب القوم وأظهروا أنهم راجعون إلى بلادهم، فذهب أهلُ المدينة إلى منازلهم، فلمّا ذهب القوم إلى عساكرهم كرّوا بهم، وبغتوا أهل المدينة ودخلوها وضجُّوا بالتّكبير، ونزلوا في مواضع عساكرهم، وأحاطوا بعثمان وقالوا: من كفَّ يدَه فهو آمن. ولزِمَ النَّاس بيوتهم، فأتى عليّ -رضي الله عنه- فَقَالَ: مَا رَدَّكُم بعد ذَهَابِكم? قالوا: وجدنا مع بريدٍ كتابًا بقتْلِنا، وَقَالَ الكوفيّون والبصريّون: نحن نمنع إخواننا وننصرهم. فعلم النَّاس أنّ ذلك مكرٌ مِنهم. وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدُّهم، فساروا إليه على الصَّعْب والذّلُول، فبعث معاوية إليه حبيب بْن مسْلَمَة، وبعث ابنُ أبي سَرْح معاوية بْن حُدَيْج وسار إليه من الكوفة القعْقاع بْن عمرو. فلما كان يوم الجمعة صلّى عثمان بالناس وخطب فقال: يا هؤلاء الغزاة الله الله، فَوَاللَّهِ إنّ أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فامْحُوا الخطأ بالصواب، فإنّ الله لا يمحو السيئ إلّا بالحسن، فقام محمد بْن مسْلَمَة فَقَالَ: أنا أشهد بذلك، فأقعده حُكَيْم بْن جَبَلَة، فقام زيد بن ثابت فقال: ابغني الكتاب، فثار إليه من ناحيةٍ أخرى محمد بْن أبي قُتَيْرَة فأقعده وتكلّم فأفظَع، وثار القوم بأجمعهم. فحصبوا النّاس حتى أخرجوهم، وحصبوا عثمان حتى صرع عن المنبر مَغْشِيًّا عليه، فاحتُمِل وأُدْخِل الدَّار. وكان المصريون لَا يطمعون في أحدٍ من أهل المدينة أن ينصرهم إلّا ثلاثة، فإنّهم كانوا يُراسلونهم، وهم: محمد بْن أبي بكر الصِّدِّيق، ومحمد بْن جعفر، وعمّار بْن ياسر. قَالَ واستقل أُناس: منهم زيد بْن ثابت، وأبو هُرَيْرَةَ، وسعد بْن مالك، والحسن بْن عليّ، ونهضوا لنُصْرة عثمان، فبعث إليهم يعزم عليهم لمّا انصرفوا، فانصرفوا، وأقبل عليّ حتّى دخل على عثمان هو وطلْحَة والزُّبَيْر يعودونه من صَرْعَتِه، ثم رجعوا منازلهم. وَقَالَ عمرو بْن دينار، عَنْ جابر قَالَ: بَعَثَنَا عثمان خمسين راكبًا، وعلينا

محمد بْن مسْلَمَة حتى أتينا ذا خُشُب، فإذا رجلٌ مُعَلِّقٌ المُصْحَف في عُنُقه، وعيناه تَذْرِفان، والسيف بيده وهو يَقُولُ: ألا إنّ هذا -يعني المُصْحَف- يأمرنا أن نضرب بهذا -يعني السيف- على مَا في هذا -يعني المُصْحَف- فَقَالَ محمد بْن مسْلَمَة: اجلس فقد ضربنا بهذا على ما في هذا قبلك، فجلس فلم يزل يكّلِمهم حتّى رجعوا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ الْمِصْرِييِّنَ لَمَّا أَقْبَلُوا يُرِيدُونَ عُثْمَانَ دَعَا عُثْمَانُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: اخْرُجْ إِلَيْهِمْ فَارْدُدْهُمْ وَأَعْطِهِمُ الرِّضَا، وَكَانَ رُؤَسَاؤُهُمْ أَرْبَعَةً: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ، وَسُودَانُ بْنُ حُمْرَانَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيُّ، وَابْنُ النِّبَاعِ، فَأَتَاهُمُ ابْنُ مَسْلَمَةَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى رَجَعُوا، فَلَمَّا كَانُوا بِالْبُوَيْبِ1 رَأَوْا جَمَلًا عَلَيْهِ ميسم الصدقة، فأخذوه، فإذا غلام لعثمان، ففتشوا متاعه، فوجدوا صبة مِنْ رَصَاصٍ، فِيهَا كَتَابٌ فِي جَوْفِ الإِدَاوَةِ فِي الْمَاءِ: إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَنِ افْعَلْ بِفُلانٍ كَذَا، وَبِفُلانٍ كَذَا، مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ شَرَعُوا فِي قَتْلِ عُثْمَانَ، فَرَجَعَ الْقَوْمِ ثَانِيَةً وَنَازَلُوا عُثْمَانَ وَحَصَرُوهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَنْكَرَ عُثْمَانُ أَنْ يَكُونَ كَتَبَ ذَلِكَ الْكِتَابَ وَقَالَ: فُعِلَ ذَلِكَ بِلا أَمْرِي. وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أبي سعيد مولى أُسَيْد، فذكر طَرَفًا من الحديث، إلى أن قَالَ: ثُمَّ رجعوا راضين، فبينما هم بالطريق ظفروا برسولٍ إلى عامل مصر أن يُصَلِّبهم ويفعل، فردّوا إلى المدينة، فأتوا عليًّا فقالوا: ألم تر إلى عدّو الله، فقُم معنا، قَالَ: واللَّهِ لَا أقوم معكم، قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قَالَ: واللَّهِ مَا كتبت إليكم، فنظر بعضهم إلى بعض. وخرج عليٌّ من المدينة، فانطلقوا إلى عثمان فقالوا: أَكَتَبْتَ فينا بكذا؟ فَقَالَ: إنّما هما اثنان، تُقِيمون رجُلَين من المسلمين -يعني شاهدين- أو يميني بالله الَّذِي لَا إله إلّا هو مَا كتبت ولا علِمْتُ، وقد يكتب الكتاب على لسان الرجل ويُنْقَش الخاتم، فقالوا: قد أحَلَّ اللُه دَمَك، ونُقض العهد والميثاق، وحصروه في القصر. وَقَالَ ابن سيرين: إنّ عثمان بعث إليهم عليًّا فقال: تعطون كتاب الله

_ 1 البويب: مدخل أهل الحجاز إلى مصر.

وتُعَتَّبُون من كلّ مَا سخِطْتُم، فأقبل معه ناسٌ من وجوههم، فاصطلحوا على خمسٍ: على أنّ المَنْفيَّ يُقْلب، والمحروم يُعْطَى، ويوفَّر الفَيْء، وَيُعْدَلُ في القسم، ويستعمل ذو الأمانة والقوّة، كتبوا ذلك في كتاب، وأن يردّوا ابن عامر إلى البصرة وأبا موسى إلى الكوفة. وَقَالَ أَبُو الأشهب، عَنِ الحسن قَالَ: لقد رأيتهم تحاصبوا في المسجد حتّى مَا أبصر السماء، وإن رجلًا رفع مصحفه من حُجُرات النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثمّ نادى: ألم تعلموا أن محمدًا قد برئ ممّن فرَّقُوا دِينَهم وكانوا شيعًا. وَقَالَ سلّام: سمعت الحسن قَالَ: خرج عثمان يوم الجمعة، فقام إليه رجل فَقَالَ: أسألك كتاب الله، فقال: ويْحَك، أليس معك كتاب الله! قَالَ: ثمّ جاء رجلٌ آخر فنهاه، وقام آخر، وآخر، حتّى كَثُرُوا، ثمّ تحاصبوا حتّى لم أر أديمَ السماء. وروى بِشْر بْن شَغَاف، عَنْ عبد الله بْن سلّام قَالَ: بينما عثمان يخطُب، فقام رجل فنال منه، فَوَذَأْتُه فاتَّذَأ فَقَالَ رجل: لَا يمنعك مكان ابن سلام أن تسب نعثلًا، فإنه من شيعته، فقال له: لقد قلتَ القولَ العظيم في الخليفة من بعد نوح. وَذَأْتُه: زَجَرْتُه وقمعتُه. وقالوا لعثمان "نعثلا" تشبهًا له برجلٍ مصريّ اسمه نَعْثَل كان طويل اللّحْية. والنَّعْثَل: الذَّكَر من الضِّباع، وكان عُمَر يُشَبَّه بنوحٍ في الشِّدَّة. وَقَالَ ابن عُمَر: بينما عثمان يخطب إذ قام إليه جَهْجاه الغفاريّ، فأخذ من يده العصا فكسرها على رُكْبَته، فدخلت منها شظِيَّةٌ في رُكِبْته، فوقعت فيها الأكِلَة. وَقَالَ غيره: ثمّ إنّهم أحاطوا بالدّار وحصروه، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ: إِنْ وَجَدْتُمْ فِي الْحَقِّ أَنْ تَضَعُوا رجليَّ فِي الْقَيْدِ فَضَعُوهُمَا. وَقَالَ ثُمَامة بْن حَزْن القُشَيْرِيّ: شهِدْتُ الدّار وأشرف عليهم عثمان فَقَالَ:

ائتوني بصاحبيكم اللّذين ألَّباكم، فدعيا له كأنّهما جملان أو حماران، فَقَالَ: أنْشُدُكم الله أتعلمون أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدم المدينة وليس فيها ماء عذب ولا بئر رومة، فقال: "من يشتريها فيكون ما دَلْوُه كدِلاء المُسْلِمين، وله في الجنة خيرٌ منها" فاشتريتُها، وأنتم اليوم تمنعوني أنْ أشرب منها حتّى أشرب من الماء المالح؟ قالوا: اللَّهُمَّ نعم، قَالَ: أنْشُدُكم الله والإسلام، هل تعلمون أنّ المسجد ضاق بأهله، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يشتري بُقْعَةً بخيرٍ له منها في الجنّة"، فاشتريتُها وزِدْتُها في المسجد، وأنتم تمنعوني اليوم أن أصلي فيها؟ قالوا: اللَّهُمَّ نعم، قَالَ: أنْشُدُكم الله، هل تعلمون أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان على ثَبِير مكَة، فتحرك وعليه أَبُو بكر وعمر وأنا، فَقَالَ: "أسْكُنْ فليس عليك إلّا نبيٌّ وصدِّيقٌ وشهيدان". قالوا: اللَّهُمَّ نعم، فَقَالَ: الله أكبر شهِدُوا وربَّ الكعبة أنّي شهيد1. ورواه أَبُو سلمة بْن عبد الرحمن بنحْوه، وزاد فيه أنّه جهّز جيش الْعُسْرَةِ. ثُمَّ قَالَ: ولكنْ طال عليكم أمري فاستعجلتم، وأردتم خلع سِرْبالٍ سَرْبَلَنِيه الله، وإنّي لَا أخلعه حتّى أموت أو أُقْتَلَ. وعن ابن عُمَر قَالَ: فأشرف عليهم وَقَالَ: عَلَام تقتلونني؟ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يحل دمُ امرئٍ مسلمٍ إلّا بإحدى ثلاث: كُفْرُ بعد إسلام، أو رجل زَنَى بعد إحصان، أو رجل قتل نفسًا"، فَوَاللَّهِ ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام، ولا قتلت رجلًا ولا كفرت2.

_ 1 صحيح دون قصة "ثبير" علق بعضه البخاري كما في "الفتح" "7/ 65" ووصله الترمذي "3723" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان، والنسائي "7/ 56" في كتاب الأحباس، باب: وقف المساجد، والطيالسي في "مسنده" "82" وعبد الله بن أحمد في زوائد "المسند" "1/ 74، 75" وقال الألباني في "ضعيف سنن النسائي": صحيح دون قصة "ثبير". 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4502" في كتاب الديات، باب: الإمام يأمر بالعفو في الدم، والترمذي "2165" في كتاب الفتن، باب: ما جاء لَا يحل دمُ امرئٍ مسلمٍ إلّا بإحدى ثلاث، والنسائي "7/ 92" في كتاب تحريم الدم، باب: ذكر ما يحل به دم المسلم، وابن ماجه "2533" في كتاب الحدود، باب: لا يحل دم امرئ مسلم إلا في ثلاث، وأحمد "1/ 65" وابن سعد في "الطبقات" "2/ 37"، والبغوي في "شرح السنة" "22518" وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

قَالَ أَبُو أُمَامَة بْن سهل بْن حنيف، إنّي لمع عثمان وهو محصور، فكنّا ندخل إليه مدخلًا -أو أدْخَل إليه الرجل- نسمع كلام من على البلاط، فدخل يومًا فيه وخرج إلينا وهو متغيّر اللون فَقَالَ: إنّهم يتوعدوني بالقتل، فقلنا: يكْفِيكَهُمُ الله. وَقَالَ سَهْلٌ السَّرَّاجُ، عَنِ الحسن، قال عمان: لَئِنْ قَتَلُونِي لَا يُقَاتِلُونَ عَدُوًّا جَمِيعًا أَبَدًا، وَلا يَقْتَسِمُونَ فَيْئًا جَمِيعًا أَبَدًا، وَلا يُصَلُّونَ جَمِيعًا أَبَدًا، وَقَالَ مثله عبدُ الملك بْن أبي سليمان، عن أبي ليلى الكندي، وزاد فيه: ثمّ أرسل إلى عبد الله بْن سلّام فَقَالَ: مَا ترى؟ قَالَ: الكَفّ الكَفّ، فإنّه أبلغ لك في الحُجَّة، فدخلوا عليه فقتلوه وهو صائم -رضي الله عنه- وأرضاه. وَقَالَ الحسن: حدّثني وثّاب قَالَ: بعثني عثمان، فدعوت له الأشترَ فَقَالَ: مَا يريد النّاس؟ قَالَ: إحدى ثلاث: يخيِّرُونك بين الخلْع، وبين أن تقتص من نفسك، فإنْ أبيتَ فإنّهم قاتلوك، فَقَالَ: مَا كنت لأخلع سِرْبالًا سَرْبَلَنيِهُ الله، وبدني مَا يقوم لقَصاص. وَقَالَ حُمَيْد بْن هلال: ثنا عبد الله بْن مُغَفَّلٍ قَالَ: كان عبد الله بْن سلّام يجيء من أرضٍ له على حمارٍ يوم الجمعة، فلما حصر عثمان قال: يا أيها النّاس لَا تقتلوا عثمان، واستعتِبُوه، فوالذي نفسي بيده مَا قتلت أمَّةٌ نبيَّها فصلُح ذات بينهم حتى يهرقوا دمَ سبعين ألفًا، وما قتلت أمَّةٌ خليفتها فيصلح الله بينهم حتى يهرقوا دمَ أربعين ألفًا، وما هلكت أمّةٌ حتّى يرفعوا القرآن على السلطان، قَالَ: فلم ينظروا فيما قَالَ، وقتلوه، فجلس على طريق عليّ بْن أبي طالب، فَقَالَ له: لَا تأتِ العراق وَالْزَمْ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوالذي نفسي بيده لئن تركْتَهُ لَا تراه أبدًا، فَقَالَ من حول عليّ: دعنا نقتله، قَالَ: دعوا عبد الله بْن سلّام، فإنّه رجل صالح. قَالَ عبد الله بْن مُغَفَّلٍ: كنت استأمرت عبد الله بْن سلام في أرض اشتريتها. فَقَالَ بعد ذلك: هذه رأس أربعين سنة، وسيكون صُلْح فاشْتَرِها. قيل لحُمَيْد بْن هلال: كيف ترفعون القرآن على السُّلطان؟ قَالَ: ألم تر إلى الخوارج كيف يتأوَّلُون القرآن على السُّلطان؟

ودخل ابن عُمَر على عثمان وهو محصور فقال: ما ترى؟ قال: أرى أن نعطيهم مَا سألوك من وراء عَتَبة بابِك غير أن لَا تَخْلَع نفسَك، فَقَالَ: دونك عَطاءك -وكان واجدًا عليه- فَقَالَ: ليس هذا يوم ذاك. ثمّ خرج ابن عُمَر إليهم فَقَالَ: إيّاكم وقُتِل هذا الشيخ، واللَّهِ لئن قتلتموه لم تحجوا البيت جميعًا أبدًا، ولم تجاهدوا عدوكم جميعا أبدا، ولم تقسموا فيئكم جميعا أبدا إلّا أن تجتمع الأجسادُ والأهواءُ مختلفة، ولقد رأيتنا وأصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- متوافِرون نقول: أَبُو بكر، ثُمَّ عُمَر، ثُمَّ عثمان. رواه عاصم بْن محمد العُمَرِيّ، عَنْ أبيه، عَنِ ابن عُمَر. وعن أبي جعفر القاري قَالَ: كان المصريون الذين حصروا عثمان ستمائة: رأسهم كِنَانة بْن بِشْر، وابن عُدَيْس البَلَوِيّ، وعَمْرو بْن الحَمِق، والذين قدموا من الكوفة مائتين، رأسهم الأشتر النَّخَعِيّ، والذين قدموا من البصرة مائة، رأسهم حكيم ببن جَبَلة، وكانوا يدًا واحدة في الشّرّ، وكانت حُثَالةٌ من النَّاس قد ضَووا إليهم، وكان أصحاب النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذين خذلوه كرِهُوا الفتنة وظنّوا أنّ الأمر لَا يبلغ قتله، فلمّا قُتِل نِدموا على مَا ضيعوه في أمره، ولَعَمْري لو قاموا أو قام بعضُهم فحثا في وجوه أولئك التُّراب لانْصَرَفُوا خاسئين. وَقَالَ الزُّبَيْر بْن بكّار: حدّثني محمد بْن الحسن قَالَ: لمّا كثُر الطَّعْن على عثمان تنحّى عليٌّ إلى ماله بيَنْبُع، فكتب إليه عثمان: أمّا بعد فقد بلغ الحزامُ الطُّبْيَيْن، وبلغ السَّيْلُ الزُّبي، وبلغ الأمرُ فوق قدْره، وطمع في الأمر من لَا يدفع عَنْ نفسه: فإن كنت مأكولًا فكُنْ خير آكلٍ ... وإلّا فأدركني ولما أمزق والبيت لشاعر عن عبد القيْس. الطّبْي: مَوْضِعُ الثَّدْيِ من الْخَيْلِ. وَقَالَ محمد بْن جُبَيْر بْن مُطْعم: لمّا حُصر عثمان أرسل إلى عليّ: إنّ ابن عمِّك مقتول، وإنّك لَمَسْلُوب. وعن أبان بْن عثمان قَالَ: لمّا أَلَحُّوا على عثمان بالرَّمْي، خرجت حتى

أتيت عليًّا فَقُلْتُ: يا عمّ أهْلَكَتنا الحجارة، فقام معي، فلم يزل يرمي حتى فتر منكبه، ثم قال: يابن أخي، أجمع حَشَمَك1، ثمّ يكون هذا شأنك. وقال حبيب بن أبي ثابت، عن أبي جعفر محمد بْن عليّ: إن عثمان بعث إلى عليّ يدعوه وهو محصور، فأراد أن يأتيه، فتعلّقوا به ومنعوه، فحسر عمامةً سوداء عَنْ رأسه وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا أرضى قتْلَه ولا آمُرُ به. وعن أبي إدريس الخوْلاني قَالَ: أرسل عثمان إلى سعد، فأتاه، فكلَّمه، فَقَالَ له سعد أرسِلْ إلى عليّ، فإنْ أتاك ورضي صَلُح الأمرُ، قَالَ: فأنت رسولي إليه، فأتاه، فقام معه عليّ، فمرّ بمالك الأشتر، فَقَالَ الأشتر لأصحابه: أين يريد هذا؟ قالوا: يريد عثمان، فَقَالَ: واللَّهِ لَئِنْ دخل عليه لتقتلُّنَّ عَنْ آخِرِكم، فقام إليه في أصحابه حتّى اختلجه عَنْ سعد وأجلسه في أصحابه، وأرسل إلى أهل مصر: إن كنتم تريدون قتْلَه فأسرِعوا، فدخلوا عليه فقتلوه. وعن أبي حبيبة قَالَ: لمّا اشتدّ الأمر، قالوا لعثمان -يعني الذين عنده في الدّار- أئذَنْ لنا في القتال، فَقَالَ: أعْزِمُ على من كانت لي عليه طاعةٌ أنْ لَا يقاتل. أبو حبيب هو مولى الزُّبَيْر، روى عنه موسى بْن عقبة. قال محمد بن سعد: ثنا منصور بن عمر، حدثني سرحبيل بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ. "ح"، وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. "ح"، وَثنا ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالُوا: بَعَثَ عُثْمَانُ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يُعْلِمُهُ أَنَّهُ مَحْصُورٌ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ يُجَهِّزَ إِلَيْهِ جَيْشًا سَرِيعًا. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، رَكِبَ مُعَاوِيَةُ لِوَقْتِهِ هُوَ وَمُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ حُدَيْجٍ، فَسَارُوا مِنْ دِمَشْقَ إِلَى عُثْمَانَ عَشْرًا. فَدَخَلَ مُعَاوِيَةُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَقَبَّلَ رَأْسَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: أَيْنَ الْجَيْشُ؟ قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا فِي ثَلاثَةِ رَهْطٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ: لَا وَصَلَ اللَّهُ رَحِمَكَ، ولا أعز

_ 1 الحشم: حشم الرجل خاصته.

نَصْرَكَ، وَلا جَزَاكَ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ لَا أُقْتَلُ إِلَّا فِيكَ، وَلا يُنْقَمُ عَلَيَّ إِلَّا مِنْ أَجْلِكَ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَوْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ جَيْشًا فَسَمِعُوا بِهِ عَاجَلُوكَ فَقَتَلُوكَ، وَلَكِنَّ مَعِي نَجَائِبَ، فَاخْرُجْ مَعِي، فَمَا يَشْعُرُ بِي أَحَدٌ، فَوَاللَّهِ مَا هِيَ إِلَّا ثَلاثٌ حَتَّى نَرَى مَعَالِمَ الشَّامِ، فَقَالَ: بِئْسَ مَا أَشَرْتَ بِهِ، وَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُ، فَأَسْرَعَ مُعَاوِيَةُ رَاجِعًا، وَوَرَدَ الْمِسْوَرُ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ بِذِي الْمَرْوَةِ رَاجِعًا. وَقَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ ذَامٌّ لِمُعَاوِيَةَ غَيْرُ عَاذِرٍ لَهُ. فَلَمَّا كَانَ فِي حَصْرِهِ الآخِرِ، بَعَثَ الْمِسْوَرَ ثَانِيًا إِلَى مُعَاوِيَةَ لِيُنْجِدَهُ فَقَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ أَحْسَنَ فَأَحْسَنَ اللَّهُ بِهِ، ثُمَّ غَيَّرَ فَغَيَّرَ اللَّهُ بِهِ، فشددتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: تَرَكْتُمْ عُثْمَانَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ نَفْسُهُ فِي حُنْجُرَته قُلْتُمُ: اذْهَبْ فَادْفَعْ عَنْهُ الْمَوْتَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِيَدِي، ثُمَّ أَنْزلني فِي مَشْرَبَةٍ عَلَى رَأْسِهِ، فَمَا دَخَلَ عَلَيَّ دَاخِلٌ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ. وأمّا سَيْف بْن عُمَر، فروى عَنْ أبي حارثة، وأبي عثمان قالا: لمّا أتى معاوية الخبر أرسل إلى حبيب بْن مسْلَمَة الفِهْرِيّ فَقَالَ: أشِرْ عليَّ برجلٍ مُنَفِّذٍ لأمري، ولا يقصِّر، قَالَ: مَا أعرف لذاك غيري، قَالَ: أنت لها. وجعل على مقدّمته يزيد بْن شجعة الحِمْيَريّ في ألفٍ وَقَالَ: إنْ قدمت يا حبيب وقد قُتِلَ، فلا تَدَعَنّ أحدًا أشار إليه ولا أعان عليه إلّا قتلته، وإنْ أتاك الخبر قبل أن تصل، فأقم حتى أنظر، وبعث يزيد شجعة في ألفٍ على البغال، يقودون الخيل، معهم الإبل عليها الرَّوَايَا فأغذَّ السَّير، فأتاه قتْلُهُ بقُربْ خيْبَرَ. ثمَّ أتاه النُّعمان بْن بشير، معه القميص الَّذِي فيه الدّماء وأصابع امرأته نائلة، قد قطعوها بضربة سيف، فرجعوا، فنصب معاوية القميص على منبر دمشق، والأصابع معلّقة فيه، وآلى رجالٌ من أهل الشّام لَا يأتون النّساء ولا يمسُّون الْغُسْلَ إلّا من حُلُم، ولا ينامون على فراشٍ حتّى يقتلوا قَتَلَةَ عثمان، أو تَفْنَى أرواحهُم، وبَكَوْه سنةً. وَقَالَ الأوزاعيّ: حدثني محمد بْن عبد الملك بْن مروان، أنّ المُغيرة بن شُعْبَة، دخل على عثمان وهو محصور فَقَالَ: إنّك إمام العامَّة، وقد نزل بك مَا نرى، وإني أعرض عليك خِصالًا: إمّا أنْ تخرج تقاتلهم، فإنّ معك عددًا وقوّة. وإمّا أنْ تَخْرق لك بابًا سوى الباب الَّذِي هم عليه، فتقعد على رواحلك فتحلق بمكة، فإنَّهم لن يستحلُّوك وأنت بها، وإمّا أن تلحق بالشّام، فإنّهم أهل الشّام،

وفيهم معاوية. فَقَالَ: إنّي لن أفارق دار هجرتي، ولن أكون أوّل من خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أُمَّته بسفْك الدِّماء. وَقَالَ نافع، عَنِ ابن عُمَر: أصبح عثمان يحدّث النَّاس قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّيْلَةَ في المنام، فَقَالَ: "أفطِرْ عندنا غدًا" فأصبح صائمًا، وقُتِلَ من يومه1. وَقَالَ محمد بْن سيرين: ما أعلم أحدًا يتَّهم عليًّا في قتْل عثمان، وقُتِلَ وإنّ الدَّارَ غاصَّة، فيهم ابن عُمَر، والحسن بْن عليّ، ولكنَّ عثمان عزم عليهم أن لَا يقاتلوا. ومن وجه آخر. عَنِ ابن سيرين قال: انطلق الحسن والحسين وابن عُمَر، ومروان، وابن الزبير، كلهم شاك السلاح، حتى دخلوا على عثمان، فقال: أعزم عليكم لما رجعتم فوضعتم أسلحتكم ولزمتم بيوتكم، فقال ابن الزبير، ومروان: نحن نعزم على أنفسنا أن لَا نبْرَح، وخرج الآخرون. وَقَالَ ابن سيرين: كان مع عثمان يَوْمَئِذٍ في الدار سبعمائة، لو يَدَعُهُم لَضَرَبوهم حتّى يُخْرِجُوهم من أقطارها. وروي أنّ الحسن بْن عليّ مَا راح حتّى خرج. وقال عبد الله بْن الزُّبَيْر: قلت لعثمان: قاتِلْهم، فوَالله لقد أحلّ الله لك قِتَالهم، فَقَالَ: لَا أقاتلهم أبدًا، فدخلوا عليه وهو صائم. وقد كان عثمان أمَّر ابن الزُّبَيْر على الدار، وَقَالَ: أطيعوا عبد الله بْن الزُّبَيْر. وَقَالَ ابن سيرين: جاء زيد بن ثابت في ثلاثمائة مِنَ الأَنْصَار، فدخل على عثمان فَقَالَ: هذه الأنصار بالباب. فَقَالَ: أمّا القتال فلا. وَقَالَ أَبُو صالح، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: دخلت على عثمان يوم الدَّار فَقُلْتُ: طاب الضَّرْبُ، فَقَالَ: أيَسُرُّك أنْ يُقْتل النّاسُ جميعًا وأنا معهم؟ قلت: لَا، قَالَ: فإنّك إنْ قتلت رجلًا واحدًا، فكأنما قتلت النَّاس جميعًا، فانصرفت ولم أقاتل.

_ 1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 41".

وعن أبي عَون مولى المِسْوَر قَالَ: مَا زال المصريون كافيين عَنِ القتال، حتّى قدِمَتْ أمدادُ العراق من عند ابن عامر، وأمداد ابن أبي سَرْحٍ من مصر، فقالوا: نُعاجِلُهُ قبل أن تَقْدَم الأمداد. وعن مسلم أبي سعيد قَالَ: أعتق عثمان عشرين مملوكًا، ثمّ دعا بسراويل، فشدّها عليه. ولم يلْبَسْها في جاهلية ولا في إسلام، وَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البارحة، وأبا بكر، وعمر، فَقَالَ: "اصْبِرْ فإنّك تُفْطِر عندنا القابلة"1 ثمّ نشر الْمُصْحَفَ بين يديه، فقُتِلَ وهو بين يديه. وَقَالَ ابن عَوْن، عَنِ الحَسَن: أنبأني وثّاب مولى عثمان قَالَ: جاء رُوَيْجل كأنّه ذِئبٌ، فاطَّلع من بابٍ، ثمّ رجع، فجاء محمد بْن أبي بكر في ثلاثة عشر رجلًا، فدخل حتّى انتهى إلى عثمان، فأخذ بلحيته، فَقَالَ بها حتى سمعتُ وقع أضْراسه، فَقَالَ: مَا أغنى عنك معاوية، مَا أغنى عنك ابن عامر، مَا أغْنتْ عنك كُتُبُك، فقال: أرسل لحيتي يابن أخي، قَالَ: فأنا رأيُتُه استعْدَى رجلًا من القوم عليه يُعِينُهُ، فقام إلى عثمان بمِشْقَصٍ، حتّى وجَأ به في رأسه ثُمَّ تَعَاوَرُوا عليه حتّى قتلوه. وعن ريطة مولاة أسامة قالت: كنت في الدّار، إذ دخلوا، فجاء محمد فأخذ بلحية عثمان فهزها، فقال: يابن أخي دَعْ لِحْيَتي لَتَجْذُب مَا يعزُّ على أبيك أن يؤذيها. فرأيته كأنّه استحى، فقام، فجعل بطرف ثوبه هكذا: ألا ارجعوا. قالت: وجاء رجلٌ من خلف عثمان بسعفَة رَطْبة، فضرب بها جبهَتَه فرأيت الدم يسيل، وهو يمسحه ويقول: "اللَّهُمَّ لَا يطلب بدمي غيرك"، وجاء آخر فضربه بالسَّيف على صدره فأقْعَصَه2، وتَعَاوَرُوه بأسيافهم، فرأيتُهم ينْتَهِبُون بيته. وَقَالَ مجالد، عَنِ الشَّعْبِيّ قَالَ: جاء رجل من تُجَيْب من المصريين، والنّاس حول عثمان، فاسْتَلَّ سيفه، ثمّ قَالَ: أفْرِجوا، ففرجوا له، فوضع ذباب سيفه في بطْن عثمان، فأمسكت نائلة بنتُ الفَرافصة زوجة عثمان بالسيف لتمنع عنه، فحزّ السيف أصابعها. وقيل: الَّذِي قتله رجل يقال له حمار.

_ 1 أي الليلة القابلة. 2 أقعصه: طعته.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ تَسَوَّرَ مِنْ دَارِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَلَى عُثْمَانَ، وَمَعَهُ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرٍ، وَسُودَانُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ، فَوَجَدُوهُ عِنْدَ نَائِلَةَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ، فَتَقَدَّمَهُمْ مُحَمَّدٌ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَقَالَ: يَا نَعْثَلُ قَدْ أَخْزَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ: لَسْتُ بِنَعْثَلٍ وَلَكِنَّنِي عَبْدُ اللَّهِ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَا أَغْنَى عَنْكَ مُعَاوِيَةُ وَفُلانٌ وَفُلانٌ، قَالَ: يَابْنَ أَخِي دَعْ لِحْيَتِي، فَمَا كَانَ أَبُوكَ لِيَقْبِضَ عَلَى مَا قَبَضْتَ، فَقَالَ: مَا يُرَادُ بِكَ أَشَدَّ مِنْ قَبْضَتِي، وَطَعَنَ جَنْبَهُ بِمِشْقَصٍ1، وَرَفَعَ كِنَانَةُ مَشَاقِصَ فَوَجَأَ بِهَا فِي أُذُنِ عُثْمَانَ، فَمَضَتْ حَتَّى دَخَلَتْ فِي حَلْقِهِ، ثُمَّ عَلاهُ بِالسَّيْفِ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَوْنٍ يَقُولُ: ضَرَبَ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرٍ جَبِينَهُ بِعَمُودِ حَدِيدٍ، وَضَرَبَهُ سُودَانُ الْمُرَادِيُّ فَقَتَلَهُ، وَوَثَبَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ، وَبِهِ رَمَقٌ، وَطَعَنَهُ تِسْعَ طَعَنَاتٍ وَقَالَ: ثَلاثٌ لِلَّهِ، وَسِتٌّ لِمَا فِي نَفْسِي عَلَيْهِ. وعن المُغِيرَة قَالَ: حصروه اثنين وعشرين يومًا، ثمّ احرقوا الباب، فخرج من في الدّار. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ: فَتَحَ عُثْمَانُ الْبَابَ وَوَضَعَ الْمُصْحَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ، فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ، فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ، فأهوى عليه بِالسَّيْفِ، فَاتَّقَاهُ بِيَدِهِ فَقَطَعَهَا، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهَا لأَوَّلُ كَفٍّ خَطَّتِ الْمُفَصَّلَ2، وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْمَوْتُ الأَسْوَدُ، فَخَنَقَهُ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ بِالسَّيْفِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَلْيَنَ مِنْ حَلْقِهِ، لَقَدْ خَنَقْتُهُ حَتَّى رأيت نفسه مثل الجان تردد في جسده. وعن الأزهري قَالَ: قُتِل عند صلاة العصر، وشدّ عبدٌ لعثمان على كنانة بن بشر فقتله، وشد سودان على العبد فقتله.

_ 1 المشقص: نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض. 2 يقصد من القرآن، وهو يبدأ من سورة "ق" إلى آخر القرآن على الأصح، وانظر "صفة الصلاة" "ص109" لأبي عبد الرحمن الألباني.

وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: ضربوه فجرى الدَّمُ على المُصْحَف على: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} 1. وَقَالَ عمران بْن حُدَيْر، إلّا يكن عبد الله بْن شقيق حدّثني: أنّ أوّل قطرةٍ قطرت من دمه على: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} فإنّ أبا حُرَيْث ذكر أنّه ذهب هو وسُهَيْلٌ المُرِّيّ، فأخرجوا إليه الْمُصْحَفَ، فإذا قطرة الدم على {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} قَالَ: فإنها في المُصْحَف مَا حُكَّتْ. وَقَالَ محمد بْن عيسى بْن سُمَيْع عَنِ ابن أبي ذئب، عَنِ الزُّهْرِيّ: قلت لسعيد بْن المسيب: هل أنت مُخْبري كيف كان قتل عثمان؟ قَالَ: قُتِلَ مظلومًا، ومن خذله كان معذورًا، ومن قتله كان ظالمًا، وإنّه لمّا استُخْلف كره ذلك نفرٌ من الصحابة؛ لأنه كان يحب قومه ويولّيهم، فكان يكون منهم مَا تُنْكره الصَّحابة فيُسْتَعْتَبُ فيهم، فلا يعزِلُهُمّ، فلمّا كان في السّتّ الحِجَج الأواخر استأثر ببني عمّه فولّاهم وما أشرك معهم، فولّى عبد الله بْن أبي سَرْحٍ مصر، فمكث عليها سنين، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلمون منه. وقد كان قبل ذلك من عثمان هَنَاتٌ إلى ابن مسعود، وأبي ذَرّ وعمّار فحنق عليه قومُهم، وجاء المصريون يشكون ابن أبي سَرْح، فكتب إليه يتهدّده فأبى أن يقبل، وضرب بعضَ من أتاه ممّن شكاه فقتله. فخرج من أهل مصر سبعمائة رجلٍ، فنزلوا المسجد، وشكوا إلى الصَّحابة مَا صنع ابن أبي سَرْح بهم، فقام طلْحة فكلَّم عثمان بكلامٍ شديد، وأرسلت إليه عائشة تقول له: أنصِفهم من عاملك، ودخل عليه عليّ، وكان متكلّم القوم فَقَالَ: إنّما يسألونك رجلًا مكان رجلٍ، وقد ادّعوا قِبَلَه دمًا، فاعزله، واقض بينهم، فَقَالَ: اختاروا رجلًا أُوَلِّه، فأشاروا عليه بمحمد بْن أبي بكر، فكتب عهده، وخرج معهم عددٌ من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر وابن أبي سَرْح، فلمّا كان محمد على مسيرة ثلاث من المدينة، إذا هم بغلامٍ أسودٍ على بعيرٍ مسرِعًا، فسألوه، فَقَالَ: وجَّهني أميرُ المؤمنين إلى عامل مصر، فقالوا له: هذا عامل أهلِ مصر، وجاءوا به إلى محمد، وفتشوه فوجدوا إدواته تقلقل2، فشقّوها، فإذا فيها كتاب من عثمان إلى محمد بن أبي سَرْح، فجمع محمد، من عنده من الصحابة،

_ 1 سورة البقرة: 137. 2 أي تحدث صوتا.

ثمّ فكّ الكتاب، فإذا فيه: إذا أتاك محمد، وفلانٌ، وفلانٌ فاستحِلّ قتْلَهُم، وأبِطل كتابه، واثبت على عملك. فلما قرءوا الكتاب رجعوا إلى المدينة، وجمعوا طَلْحة، وعليًّا، والزبير، وسعدًا، وفضُّوا الكتاب، فلم يبق أحدٌ إلّا حنِقَ على عثمان، وزاد ذلك غضبًا وحنقًا أعوانُ أبي ذَرّ، وابن مسعود وعمّار. وحاصر أولئك عثمان وأجلب عليه محمد بْن أبي بكر ببني تَيْم، فلمّا رأى ذلك عليّ بعث إلى طلْحة، والزُّبَيْر، وعمّار، ثُمَّ دخل إلى عثمان، ومعه الكتاب والغلام والبعير فَقَالَ: هذا الغلام والبعيرُ لك؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فهذا كتابك؟ فحلف أنّه مَا كتبه ولا أمر به، قَالَ: فالخاتم خاتمك؟ قَالَ: نعم. فَقَالَ: كيف يخرج غلامك ببعيرك بكتابٍ عليه خاتمك ولا تعلم به! وعرفوا أنّه خطّ مَرْوان. وسألوه أن يدفع إليهم مَرْوان، فأبَى وكان عنده في الدّار، فخرجوا من عنده غِضابًا، وشكّوا في أمره، وعلِمُوا أنّه لَا يحلف بباطل ولزموا بيوتهم. وحاصره أولئك حتّى منعوه الماء، فأشرف يومًا فَقَالَ: أفيكُمٍ عليّ؟ قالوا: لَا، قَالَ: أفيكم سعد؟ قالوا: لَا، فسكت، ثُمَّ قَالَ: ألا أحدٌ يَسْقينا ماء. فبلغ ذلك عليًّا، فبعث إليه بثلاث قِرَبٍ فجُرح في سببها جماعةٌ حتّى وصلت إليه، وبلغ عليًّا أنّ عثمان يراد قتْلُهُ فَقَالَ: إنّما أردنا منه مروان، فأمّا عثمان، فلا ندع أحدًا يصل إليه. وبعث إليه الزُّبَيْر ابنه، وبعث طلحة ابنه، وبعث عدّةٌ من الصحابة أبناءهم، يمنعون الناس، ويسألونه إخراج مروان، فلمّا رأى ذلك محمد بن أبي بكر، ورمى الناس عثمان بالناس بالسهام، حتى خُضِب الحسن بالدماء على بابه، وأصاب مروان سهم، وخُضِب محمد بْن طلحة، وشُجَّ قَنْبر مولى عليّ. فخشي محمد أن يغضب بنو هاشم خالُ الحسن، فاتّفق هو وصاحباه، وتسوُّروا من دارٍ، حتّى دخلوا عليه، ولا يعلم أحدٌ من أهل الدّار؛ لأنهم كانوا فوق البيوت، ولم يكن مع عثمان إلّا امرأته. فدخل محمد فأخذ بلِحْيَتِه، فَقَالَ: والله لو رآك أبوك لَساءه مكانُك منّي، فتراخت يدُه، ووثب الرجلان عليه فقتلاه، وهربوا من حيث دخلوا، ثمّ صرخت المرأة، فلم يُسمع صُراخُها لما في الدار من

الجلبة. فصعدت إلى النَّاس وأخبرتهم، فدخل الحسن والحسين وغيرهما، فوجدوه مذبوحًا. وبلغ عليًّا وطلحة والزُّبَيْر الخبر، فخرجوا -وقد ذهبت عقولهم- ودخلوا فرأوه مذبوحًا، وَقَالَ عليّ، كيف قُتِلَ وأنتم على الباب؟ ولطم الحسن وضرب صدر الحسين، وشتم ابن الزُّبَيْر، وابن طلحة، وخرج غضْبان إلى منزله، فجاء النّاس يُهْرعُون إليه ليُبايعوه، قال: ليس ذاك إليكم، إنما ذاك إلى أهل بدر، فمن رضوه فهو خليفة، فلم يبق أحدٌ من البدريّين إلّا أتى عليًّا، فكان أوّل من بايعه طلحة بلسانه، وسعدٌ بيده، ثُمَّ خرج إلى المسجد فصعد المنبر، فكان أول من صعد طلحة، فبايعه بيده، ثمّ بايعه الزُّبَيْر وسعد والصحابة جميعًا، ثم نزل فدعا النّاسَ، وطلب مروان، فهرب منه هو وأقاربه. وخرجت عائشة باكيةً تقول: قُتِل عثمان، وجاء عليٌّ إلى امرأة عثمان فَقَالَ: مَن قتله؟ قالت: لَا أدري، وأخبرتْهُ بما صنع محمد بن أبي بكر. فسأله علي، فقال: تكذِب، قد واللهِ دخلتُ عليه، وأنا أريد قتله، فذكر لي أبي، فقمتُ وأنا تائبٌ إلى الله، واللِه مَا قتلتُهُ ولا أمسكتُهُ، فَقَالَتْ: صَدَق، ولكنّه أدخل اللَّذَيْن قتلاه. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: اجْتَمَعْنَا فِي دَارِ مَخْرَمَةَ لِلْبَيْعَةِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ، فَقَالَ أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ: أَمَّا مَنْ بَايَعْنَا منكم فلا يحول بيننا وبينه قِصَاصٍ، فَقَالَ عَمَّارٌ: أَمَّا دَمُ عُثْمَانَ فَلا، فقال: يابن سمية، أتقتص من جلدات جلدتهم، وَلا تَقْتَصُّ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ! فَتَفَرَّقُوا يَوْمَئِذٍ عَنْ غَيْرِ بَيْعَةٍ. وروي عُمَر بْن عَلِيِّ بْن الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ مروان: مَا كان في القوم أدفع عَنْ صاحبنا من صاحبكم -يعني عليًّا- عَنْ عثمان، قَالَ: فَقُلْتُ: مَا بالُكُم تسُبُّونه على المنابر! قَالَ: لَا يستقيم الأمر إلّا بذلك. رواه ابن أبي خَيْثَمَة. بإسناد قويٍّ، عَنْ عُمَر. وَقَالَ الواقِديّ، عَنِ ابن أبي سَبْرَة، عَنْ سعيد بْن أبي زيد، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: كان لعثمان عند خازنه يوم قُتِل ثلاثون ألف ألف

درهم، وخمسون ومائة ألف دينار، فانتهبت وذهبت، وترك ألف بعيرٍ بالرَّبذَة، وترك صدقاتٍ بقيمة مائتي ألف دينار1. وَقَالَ ابن لهيعة، عَنْ يزيد بْن أبي حبيب قَالَ: بلغني أنّ الركب الذين ساروا إلى عثمان عامَّتُهُم جُنُّوا2. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُ -يَعْنِي عُثْمَانَ- وَلا أَمَرْتُ، وَلَكِنْ غُلِبْتُ، يَقُولُ ذَلِكَ ثَلاثًا. وَجَاءَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ طُرُقٍ. وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ لَعَنَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ. وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: مَا سمعت من مراثي عثمان أحسن من قول كعب بْن مالك: فكَفَّ يديه ثُمَّ أغلق بابه ... وأيقن أنّ الله ليس بغافل وَقَالَ لأهل الدّار: لَا تقتلوهم ... عفا الله عَنْ كل امرئٍ لم يُقاتل فكيف رأيتَ الله صب عليهم الـ ... ـعداوة والبغضاء بعد التوَّاصُلِ وكيف رأيت الخير أدبر بعده ... عَنِ النّاس إدبار النَّعامٍ الْجَوَافِلِ ورثاه حسّانُ بْن ثابت بقوله: مَنْ سَرَّه الموتُ صِرْفًا لَا مِزاجَ له ... فلْيأتِ مأدُبةً في دار عُثمانا ضحُّوا بأشْمَطَ عُنْوانُ السُّجُود به ... يقطع الليل تسبيحًا وقُرآنا صبْرًا فِدًى لكم أمّي وما وَلَدَتْ ... قد ينفع الصَّبْرُ في المكروه أحيانا لَتَسْمَعَنَّ وَشِيكًا في ديارهُم: ... الله أكبر يا ثاراتِ عثمانا

_ 1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 42". 2 إسناده ضعيف.

سيرة علي بن أبي طالب

سيرة علي بن أبي طالب: 5- "ع" علي بن أبي طالب "ت 40 هـ" -رضي الله عنه. عَبْد مناف بن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف. أمير المؤمنين أَبُو الْحَسَن الْقُرَشِيّ الهاشمي، وأمُّه فاطمة بِنْت أسد بْن هاشم بْن عَبْد مناف الهاشمية، وهي بِنْت عم أبي طَالِب، كَانَتْ من المهاجرات، تُوُفيّت فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالمدينة. قَالَ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ: قُلْتُ لأُمِّي اكْفِي فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- سِقَايَةَ الْمَاءِ وَالذَّهَابَ فِي الْحَاجَةِ، وَتَكْفِيكِ هِيَ الطَّحْنَ وَالْعَجْنَ، وَهَذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ. روى الكثير عن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعُرِض عليه القرآن وأقرأه. عرض عليه أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمّي، وأبو الأسود الدؤلي، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي ليلى. وروى عن عليّ: أَبُو بَكْر، وعمر، وبنوه الْحَسَن والحسين، ومحمد، وعمر، وابن عمّه ابن عَبَّاس، وابن الزُّبَيْر، وطائفة من الصحابة، وقيس بْن أبي حازم، وعلقمة بْن قَيْس، وعبيدة السَّلْمَانيّ، ومسروق، وأبو رجاء العُطَارديّ، وخلق كثير. وكان من السابقين الأوّلين، شهِدَ بدْرًا وما بعدها، وكان يُكنَى أَبَا تُراب أيضًا. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، إِنَّ رَجُلًا مِنْ آلِ مَرْوَانَ اسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَدَعَانِي وَأَمَرَنِي أَنْ أَشْتِمَ عَلِيًّا فَأَبَيْتُ، فَقَالَ: أَمَّا إِذَا أَتَيْتَ فَالْعَنْ أَبَا تُرَابٍ، فَقَالَ سَهْلٌ: مَا كَانَ لِعَلِيٍّ اسْمٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْهُ، إِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ إِذَا دُعِيَ بِهِ. فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ قِصَّتِهِ لِمَ سُمِّيَ أَبَا تُرَابٍ؟ فَقَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْتَ فَاطِمَةَ، فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ: "أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ"؟ فَقَالَتْ: قَدْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاظَنِي، فَخَرَجَ وَلَمْ يَقُلْ عِنْدِي، فَقَالَ لِإِنْسَانٍ: "اذْهَبِ انظر

أَيْنَ هُوَ". فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ رَاقِدٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ، فَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْسَحُ عنه التُّرَابَ وَيَقُولُ: "قُمْ أَبَا تُرَابٍ قُمْ أَبَا تُرَابٍ" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وقال أَبُو رجاء العُطارِدِيّ: رَأَيْت عليًّا شيخًا أصلع كثير الشعر، كأنْما اجتاب2 إهابَ3 شاةٍ، رَبْعَةً عظيم البطن، عظيم اللِّحْية4. وقال سوادة بْن حَنْظَلة: رَأَيْت عليًّا أصفر اللّحية5. وعن مُحَمَّد بْن الحنفية قَالَ: اختضب عليٌّ بالحناء مرّة ثُمَّ تركه6. وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: رَأَيْت عليًّا ورأسه ولحيته بيضاء، كأنّهما قُطْن7. وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: رَأَيْت عليًّا أبيض اللحية، مَا رَأَيْت أعظم لحيةً منه، وَفِي رأسه زغبات. وقال أَبُو إِسْحَاق: رَأَيْته يخطب، وعليه إزار ورداء، أنزع، ضخْم البطْن، أبيض الرأس واللحية8. وعن أبي جَعْفَر الباقر قَالَ: كان عليّ آدمَ، شديد الأدمة، ثقيل العينين، عظيمَهُما، وهو إِلَى القِصَر أقرب9. قال عروة: أسلم عليٌّ وهو ابن ثمانٍ. وقال الْحَسَن بْن زَيْدُ بْن الْحَسَن: أسلم وهو ابن تسع.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "441" في كتاب الصلاة، باب: نوم الرجال في المسجد، ومسلم "2409" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي -رضي الله عنه. 2 اجتاب: لبس. 3 الإهاب: الجلد. 4 أخرج ابن سعد في "الطبقات" "2/ 16" بعضه. 5 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 16". 6 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 16". 7 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 16". 8 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 15، 16" بعضه. 9 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 16" بإسناد ضعيف جدا.

وقال المُغِيرَة: أسلم وله أربع عشرة سنة. رواه جرير عَنْهُ. وثبت عن ابن عَبَّاس قَالَ: أول من أسلم عليّ1. وعن مُحَمَّد القُرَظِيّ قَالَ: أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ خَدِيجَةُ، وَأَوَّلُ رَجُلَيْنِ أَسْلَمَا أَبُو بَكْرٍ، وَعَلِيٌّ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ من أظهر الْإِسْلَام، وكان عليّ يَكْتُمُ الْإِسْلَامَ فَرَقًا مِنْ أَبِيهِ، حَتَّى لَقِيَهُ أَبُو طَالِب فقال: أسلمتَ؟ قَالَ: نعم، قَالَ: وازِرْ ابن عمّك وَانْصُرْهُ، وأسلم عليّ قبل أبي بَكْر2. وقال قَتَادَةَ إنّ عليًّا كان صاحب لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بدْر، وَفِي كل مشهد3. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ". قَالَ عُمَرُ: فَمَا أَحْبَبْتُ الْإِمَارَةَ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَدَعَا عَلِيًّا فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ4، كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ بِطُرُقِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كَانَ أَبِي يَسْمُرُ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ عَلَيٌّ يَلْبَسُ ثياب الصيف في

_ 1 صحيح بنحوه: أخرجه الترمذي "3755" في كتاب المناقب، باب: مناقب علي بن أبي طالب، بلفظ "أول من صلى علي" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". وأخرجه الترمذي "3756" عن زيد بن أرقم قال: "أول من أسلم علي" وصححه الألباني وقد عارضه ما أخرجه الترمذي أيضا "3687" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي بكر، وأبو حبان "6863" عن أبي بكر الصديق قال: ألست أحق الناس بها، ألست أول من أسلم، وصححه الألباني. قلت: وهذا أرجح عند التعارض فإن أبا بكر -رضي الله عنه- قد أدرك هذه الفترة دون ابن عباس وزيد بن أرقم، أما ابن عباس فقد ولد بعد البعثة، وروى عنه أنه ولد أثناء حصار المسلمين في الشعب، وأما زيد بن أرقم فأنصاري، ومات متأخرا، فالظاهر أنه لم يدرك أول المبعث لا زمانا ولا مكانا، وبالتالي فروايتي ابن عباس وزيد بن أرقم كلاهما مرسل صحابي، وعند التعارض يقدم من شهد دون من أرسل، والله أعلم بالصواب. 2 مرسل. 3 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 14". 4 صحيح: أخرجه مسلم "2405" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب، والبيهقي في "الدلائل" "4/ 206".

الشتاء، وثياب الشتاء في الصيف، فقلت لأبي: لَوْ سَأَلْتَهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ إِلَيَّ وَأَنَا أَرْمَدُ الْعَيْنِ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرْمَدُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنِي، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ"، فَمَا وَجَدْتُ حَرًّا وَلَا بَرْدًا مُنْذُ يَوْمَئِذٍ1. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أُمِّ مُوسَى: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: مَا رَمِدْتُ وَلا صَدَعْتُ مُنْذُ مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجْهِي وَتَفَلَ فِي عَيْنِي2. وَقَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّ عَلِيًّا حَمَلَ الْبَابَ عَلَى ظَهْرِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ، حَتَّى صَعِدَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فَفَتَحُوهَا يَعْنِي خَيْبَرَ، وَأَنَّهُمْ جَرُّوهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَحْمِلْهُ إِلا أَرْبَعُونَ رَجُلا3. تَفَرَّدَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ بِنْتِ السُّدِّيِّ، عَنِ الْمُطَّلِبِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "الْمَغَازِي": حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرَايَتِهِ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنَ، خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ، فَقَاتَلَهُمْ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَطَرَحَ تُرْسَهُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ بَابًا عِنْدَ الْحِصْنِ، فَتَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ، وَهُوَ يُقَاتِلُ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ علينا، رأيتنا ثم ألقاه، فلقد رأينا ثَمَانِيَةَ نَفَرٍ، نَجْهَدُ أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ، فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَقْلِبَهُ4. وَقَالَ غُنْدَرٌ: عَوْفٌ، عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْبَرَاءِ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي كَهَارُونَ مِنْ مُوسَى، غَيْرُ أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ" 5. مَيْمُونٌ صَدُوقٌ. وَقَالَ بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَمَرَ مُعَاوِيَةُ سَعْدًا فَقَالَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَسُبَّ أبا تراب؟ قال: أما ذكرت ثلاثًا قالهن له رسول الله

_ 1 حسن: أخرجه ابن ماجه "117" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحسنه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "95". 2 أخرجه أحمد "1/ 78". 3 إسناده ضعيف: ليث هو ابن أبي سليم ضعيف الحفظ. 4 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. 5 صحيح: انظر الآتي.

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَنْ أَسُبَّهُ؛ لِأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ، وَخَلَّفَ عَلِيًّا فِي بَعْضِ مغازيه، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتُخَلِّفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ قَالَ: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي" 1. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَسَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: "لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ"، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ2. وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} 3، دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَاطِمَةَ، وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي" 4. بُكَيْرٌ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ أَشْهَدُ لَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَلِيٍّ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ5، وَأَخَذَ بِضَبْعَيْهِ: "أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ مَوْلَاكُمْ"؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ" الْحَدِيثَ. إِبْرَاهِيمُ هَذَا، قَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. ويُرْوَى عَنْ أَنَس أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَابنته فاطمة: "قد زَوَّجْتُكِ أعظَمَهُمْ حِلْمًا، وأقدَمَهُمْ سِلْمًا، وأكثرهم علمًا" 6.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4416" في كتاب المغازي، باب: غزوة تبوك، ومسلم "2404" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب، والترمذي "3745" في كتاب المناقب، باب: مناقب علي بن أبي طالب، وابن ماجه "115" في المقدمة، باب: في فضائل أصحاب رسول -صلى الله عليه وسلم"- وأحمد "1/ 185" والطبراني في "الأوسط" "2728"، وأبو نعيم في "الحلية" "10300، 10306"، والبيهقي في "الدلائل" "5/ 220". 2 صحيح: انظر التخريج السابق. 3 سورة آل عمران: 61. 4 صحيح: أخرجه مسلم "2404/ 32" في المصدر السابق، والترمذي "3745" كما تقدم. 5 غدير خم: موضع بالجحفة بين مكة والمدينة. 6 أخرجه أحمد "2615" عن معقل بن يسار.

وروى نحوه جابر الجعفي -وهو متروك- عن ابن بريدة عن أَبِيهِ. وَقَالَ الأجلح الكندي، عن عبد الله ن بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا بُرَيْدَةُ لَا تَقَعَنَّ فِي عَلِيٍّ فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وليكم بعدي". وقال الأعمش، عن سعيد بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كُنْتُ وَلِيُّهُ فَعَلِيٌّ وَلِيُّهُ" 1. وَقَالَ غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ" 2. هَذَا حَدِيثٌ صحيح. وقال أبو الجواب: حدثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُجَنَّبَتَيْنِ عَلَى إِحْدَاهُمَا عَلِيٌّ، وَعَلَى الْآخِرَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَقَالَ: "إِذَا كَانَ قِتَالٌ فَعَلِيٌّ عَلَى النَّاسِ"، فَافْتَتَحَ عَلِيٌّ حِصْنًا، فَأَخَذَ جَارِيَةً لِنَفْسِهِ، فَكَتَبَ خَالِدٌ فِي ذَلِكَ، فَلَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْكِتَابَ قَالَ: "مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ" قُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ3. أَبُو الْجَوَّابِ ثِقَةٌ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْمَعَالِي أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَكُمُ الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ. "ح". وأخبرنا يحيى بن أبي مَنْصُورٍ، وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةٌ قَالُوا: أَنَا أَبُو الْفُتُوحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَلَاجِلِيِّ قَالَا: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَاسِبُ، أَنْبَأَ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، ثنا عيسى بن علي

_ 1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 350، 358، 361" وصححه الألباني في "الصحيحة" "1750" وقد استوعب طرقه وشواهده في بحث مطول، فانظر "الصحيحة" "4/ 330-344" واستوعب طرق هذا الحديث كذلك الحافظ ابن كثير في "البداية" "3/ 265، 272" و"4/ 453، 458" وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 93": هو كثير الطرق جدًّا، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3733" في كتاب المناقب، باب: مناقب علي بن أبي طالب، وأحمد "4/ 368، 372" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 ضعيف: أخرجه الترمذي "3746" في المصدر السابق، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "776": ضعيف الإسناد.

بْنِ الْجَرَّاحِ إِمْلَاءً سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثنا أبو القاسم بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا سُوَيْدُ بْنُ سعيد، ثنل شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْ عَلِيٍّ، لَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا أَنَا أَوْ هو" 1. رواه ابْنُ مَاجَه عَنْ سُوَيْدٍ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى، عَنْ شَرِيكٍ، وَقَالَ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَدِّهِ. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الْخَصَائِصِ. وَقَالَ جعفر بن سليمان الضبعي: ثنا يزيد الرِّشْكِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيًّا، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا قَدِمُوا مِنْ سَفَرٍ أَوْ غَزْوًا، أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا رِحَالَهُمْ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَسِيرِهِمْ، فَأَصَابَ عَلِيٌّ جَارِيَةً فَتَعَاقَدَ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَنُخْبِرَنَّهُ، قَالَ: فَقَدِمَتِ السَّرِيَّةُ فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرُوهُ بِمَسِيرِهِمْ، فَقَامَ إِلَيْهِ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَصَابَ عَلِيٌّ جَارِيَةً، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَامَ الثَّانِي فَقَالَ: صَنَعَ كَذَا وَكَذَا، فَأَعْرَضَ عنه، ثم الثالث كذلك، ثُمَّ الرَّابِعُ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِمْ مُغْضَبًا فَقَالَ: "مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ، عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي" 2. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي "الْمُسْنَدِ" وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: اشْتَكَى النَّاسُ عَلِيًّا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فينا خطيبًا، فقال: "لَا تَشْكُوا عَلِيًّا، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأُخَيْشَنٌ 3 فِي ذات الله - أو في سبيل ال له " 4. رواه سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ عَمِّهِ سُلَيْمَانُ بْنُ محمد أبو كعب، عن عمتهما.

_ 1 صحيح: أخرجه الترمذي "3740" في المصدر السابق، وابن ماجه "119" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 أخرجه الترمذي "3732" في المصدر السابق، في "الكبرى" "8474"، وأبو نعيم في "الحلية" "8783" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 أخيشن: تصغير: أخشن. 4 أخرجه الحاكم "4654".

ويُروى عَنْ عَمْرِو بْنِ شَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ آذَى عَلِيًّا فَقَدْ آذَانِي" 1. وَقَالَ فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: جَمَعَ عَلِيٌّ النَّاسَ فِي الرَّحْبَةِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَنْشُدُ اللَّهَ كُلَّ امْرِئٍ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ مَا سَمِعَ لَمَّا قَامَ، فَقَامَ نَاسٌ كَثِيرٌ فَشَهِدُوا حِينَ أَخَذَ بِيَدِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: "أَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ"؟ قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ" ثُمَّ قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ ذَلِكَ لَهُ2. قَالَ شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سُرَيْحَةَ -أَوْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، شَكَّ شُعْبَةُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فعليٌّ مَوْلَاهُ" 3. حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَمْ يُصحِّحْهُ4 لِأَنَّ شُعْبَةَ رواه عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ نَحْوِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِنْدَ شُعْبَةَ من طريقين، والأول رواه بُنْدَارٌ، عَنْ غُنْدَرٍ، عَنْهُ. وَقَالَ كَامِلٌ أَبُو الْعَلَاءِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَلِيٍّ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ "مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ" 5. وروى نحوه يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أبي ليلى، أنّه سمع عليًّا ينشد فِي الرَّحبة. وروى نحوه عَبْد الله بْن أَحْمَد فِي مسند أَبِيهِ، من حديث سِمَاك بْن عُبَيْد، عن ابن أبي ليلى، وله طُرُق أخرى ساقها الحافظ ابن عساكر فِي ترجمة عليّ يصدّق بعضها بعضًا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي هارون، عن عدي بن ثابت،

_ 1 أخرجه الحاكم "4619". 2 إسناده صحيح: أخرجه أحمد "4/ 370" وقال الألباني في "الصحيحة" "4/ 331": إسناده صحيح على شرط البخاري. 3 صحيح وقد تقدم. 4 في نسخة السنن عندي "قال أبو عيسى -أي الترمذي- هذا حديث حسن صحيح". 5 صحيح: تقدم.

عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَحْتَ شَجَرَتَيْنِ، ونُودي فِي النَّاسِ: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا فَأَخَذَ بِيَدِهِ، وَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ: "أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُلِّ مؤمن من نفسه"؟ قالوا: بلى، فقال: "فَإِنَّ هَذَا مَوْلَى مَنْ أَنَا مَوْلاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ" 1. فَلَقِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: هَنِيئًا لَكَ يَا عَلِيُّ، أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَغَيْرُهُ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ الْقَارِيِّ، عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: ثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَطْيَارٌ، فَقَسَّمَهَا، وَتَرَكَ طَيْرًا فَقَالَ: "اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي" فَجَاءَ عَلِيٌّ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الطَّيْرِ2. وَلَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ عَنْ أَنَسٍ مُتَكَلَّمٌ فِيهَا، وَبَعْضُهَا عَلَى شَرْطِ السنن3، ومن أَجْوَدِهَا حَدِيثُ قَطَنِ بْنِ نُسَيْرٍ شَيْخِ مُسْلِمٍ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَجَلٌ مَشْوِيٌّ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ4. وَقَالَ جَعْفَرُ الْأَحْمَرُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَحَبُّ النِّسَاءِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاطِمَةَ، وَمِنَ الرِّجَالِ عَلِيٌّ5. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أم

_ 1 صحيح بنحوه: أخرجه ابن ماجه "116" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "4/ 281" وصححه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "94". 2 ضعيف: أخرجه الترمذي "3742" في كتاب المناقب، مناقب علي بن أبي طالب، وأبو نعيم في "الحلية" "8973" وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" 773": ضعيف. 3 وقد جمعها الحافظ ابن كثير في "البداية" "4/ 458-462" وقال فهذه طرق متعددة عن أنس بن مالك وكل منها فيه ضعف ومقال. ثم نقل عن المصنف أنه قال: ويروى هذا الحديث من وجوه باطلة أو مظلمة. 4 عزاة الحافظ ابن كثير في "البداية" "4/ 458" لأبي يعلى. 5 منكر: أخرجه الترمذي "3894" في كتاب المناقب، باب: فضل فاطمة -رضي الله عنها- وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "1/ 811": منكر.

سَلَمَةَ، فَقَالَتْ لِي: أَيُسَبُّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ: مَعَاذَ اللَّهِ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ سَبَّ عَلِيًّا فَقَدْ سَبَّنِي"1. ورواه أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيَّ أَنَّهُ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يَبْغَضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ بِبُغْضِهِمْ عليًّا3. وقال أبو الزبير، عن جابر قال: ما كنا نعرف منافقي هذه الأمة إلا بِبُغْضِهِمْ عَلِيًّا4. قَالَ الْمُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ -أَحَدُ الْضُّعَفَاءِ- ثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، زَوَّجَنِي ابْنَتَهُ، وَحَمَلَنِي إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ، وَأَعْتَقَ بِلَالًا. رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، يَقُولُ الْحَقَّ، وَإِنْ كان مرا، تركه الحق وما له من صديق. رحم الله عثمان تستحييه الملائكة. رحم اللَّهُ عَلِيًّا، اللَّهُمَّ أَدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ"5. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: يَهْلِكَ فِيَّ رَجُلانِ، مُبْغِضٌ مُفْتَرٍ، وَمُحِبٌّ مُطْرٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عن سعيد بن جبير،

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "6/ 323" وقال الألباني في "الصحيحة" "3/ 288": إسناده ضعيف. 2 صحيح: أخرجه مسلم "78" في كتاب الإيمان، باب: الدليل على أن حب الأنصار وعلي -رضي الله عنه- من الإيمان، الترمذي "3757" في كتاب المناقب، باب: مناقب علي بن أبي طالب، والنسائي "8/ 116" في كتاب الإيمان، باب: علامة الإيمان، وابن ماجه "114" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه الترمذي "3737" في المصدر السابق، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "769": ضعيف الإسناد جدًّا. 4 إسناده ضعيف: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه. 5 ضعيف جدًّا: أخرجه الترمذي "3734" في المصدر السابق، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي"767": ضعيف جدًّا.

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ قَاعِدَةً مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيٌّ فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ هَذَا سَيِّدُ الْعَرَبِ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْتَ سَيِّدَ الْعَرَبِ؟ قَالَ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَهَذَا سَيِّدُ الْعَرَبِ" 1. وَرُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ مِثْلُهُ، عَنْ عَائِشَةَ. وَهُوَ غَرِيبٌ. قال أَبُو الجحّاف، عن جُمَيِّع بْن عمير التَّيْميّ قَالَ: دخلت مع عمّتي على عَائِشَةَ، فسُئلَتْ: أيُّ النّاس كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: فاطمة، فقيل: من الرجال، فقالت: زوجها، إنْ كان مَا علِمْتُ صوّامًا قوّامًا2. أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب. قلت: جُمَيع كذَّبه غير واحد. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى نَخِيلِ امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" فَطَلَعَ أَبُو بَكْرٍ، فَبَشَّرْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" فَطَلَعَ عُمَرُ، فَبَشَّرْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: "يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" وَجَعَلَ يَنْظُرُ مِنَ النَّخْلِ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ عَلِيًّا". فَطَلَعَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3. حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اثْبُتْ حِرَاءُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ" وَعَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ. وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْعَشْرَةِ4. وقال مُحَمَّد بْن كعب القُرَظي: قال عليّ: لقد رأيتني مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنّي لأرْبُطُ الحجر على بطني من الجوع، وإنّ صَدَقَة مالي لَتَبْلُغُ اليوم أربعين ألفًا5. رواه شريك، عن عاصم بْن كُلَيْب، عَنْهُ. أخرجه أحمد في "مسنده".

_ 1 أخرجه الحاكم في "مستدركه" "3/ 124". 2 منكر: أخرجه الترمذي "3900" في كتاب المناقب، باب: فضل فاطمة -رضي الله عنها- ويأتي عن المصنف قوله: ليس إسناده بذلك. وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "813": منكر. 3 أخرجه أحمد "3/ 356، 380". 4 أخرجه أبو يعلى "2445". 5 أخرجه أحمد "1/ 159".

وعن الشَّعْبِيّ قَالَ: قال عليّ: مَا كان لنا إلّا إهابُ كَبْشٍ ننام على ناحيته، وتعجن فاطمة على ناحيته، يعني ننام على وجهٍ، وتعْجِنُ على وجه. وَقَالَ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْيَمَنِ، وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، لَيْسَ لِي عِلْمٌ بِالْقَضَاءِ، فَضَرَبَ صَدْرِي وَقَالَ: "اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ" قَالَ: فَمَا شَكَكْتُ فِي قضاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَعْدُ1. وَقَالَ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ فَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَؤُهُ إِلا كِتَابَ اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ، وَفِيهَا أَسْنَانُ الإِبِلِ وَشَيْءٌ مِنَ الْجِرَاحَاتِ، فَقَدْ كَذَبَ2. وَعَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْمَسِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ إِلا وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَا نَزَلَتْ وَأَيْنَ نَزَلَتْ، وَعَلَى مَنْ نَزَلَتْ، وَإِنَّ رَبِّي وَهَبَ لِي قَلْبًا عَقُولا، وَلِسَانًا نَاطِقًا. وقال مُحَمَّد بْن سِيرِينَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبطأ عليّ عن بيعة أبي بَكْر، فلقيه أَبُو بَكْر فقال: أَكَرِهْتَ إمارتي? فقال: لَا، ولكن آليْتُ لَا أرتدي بردائي إلّا إِلَى الصلاة، حَتَّى أجمع القرآن، فزعموا أنّه كتبه على تنزيله فقال مُحَمَّد: لو أصبتُ ذلك الكتاب كان فِيهِ العلم3. وقال سَعِيد بْن المسيب: لم يكن أحد من الصحابة يقول: "سلوني" إلّا عليّ. وقال ابن عَبَّاس: قَالَ عُمَر: عليّ أقضانا، وأُبَي أقْرؤنا. وقال ابن مَسْعُود: كنّا نتحدث أنّ أقضى أَهْل المدينة عليّ. وقال ابن المسيّب، عن عُمَر قَالَ: أعوذ بالله من معضلةٍ ليس لها أَبُو حَسَن. وقال ابن عَبَّاس: إذا حَدَّثَنَا ثقةٌ بفُتيا عن عليّ لم نتجاوزها.

_ 1 أخرجه أحمد "1/ 88، 136". 2 تقدم بنحوه. 3 مرسل.

وَقَالَ سُفْيَانُ عَنْ كُلَيْبٍ، عَنْ جَسْرَةَ، قَالَتْ: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ صَوْمُ عَاشُورَاءَ، فَقَالَتْ: مَنْ يَأْمُرُكُمْ بِصَوْمِهِ? قَالُوا: عَلِيٌّ قَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالسُّنَّةِ. وقال مسروق: انتهى علْم أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عُمَر، وعليّ، وعبد الله. وقال مُحَمَّد بْن مَنْصُورٌ الطُّوسيّ: سمعت أَحْمَد بْن حنبل يقول: مَا ورد لأحدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ الفضائل مَا ورد لعليّ. وقال أَبُو إِسْحَاق، عَنْ عُمَرو بْن مَيْمُونٍ قَالَ: شهدت عُمَر يوم طُعِن، فذكر قصّة الشُّورى، فلمّا خرجوا من عنده قال عمر: إن يولوها الأجيلح يسلك بهم الطَّريق المستقيم، فقال له ابنه عَبْد الله فَمَا يمنعك؟ -يعني أن تولّيه- قَالَ: أكره أن أتحمَّلها حيًّا وميتًا. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا فِي الإِمَارَةِ شَيْئًا، وَلَكِنْ رَأْيٌ رَأَيْنَاهُ، فَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَامَ وَاسْتَقَامَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَقَامَ وَاسْتَقَامَ، ثُمَّ ضَرَبَ الدَّيْنُ بِجِرَانِهِ، وَإِنَّ أَقْوَامًا طَلَبُوا الدُّنْيَا فَمَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَ مِنْهُمْ عَذَّبَ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَرْحَمَ رَحِمَ1. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهْدًا إِلا شَيْئًا عَهِدَهُ إِلَى النَّاسِ، وَلَكِنَّ النَّاسُ وَقَعُوا فِي عُثْمَانَ فَقَتَلُوهُ، فَكَانَ غَيْرِي فِيهِ أَسْوَأَ حَالا وَفِعْلا مِنِّي، ثُمَّ إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَحَقُّهُمْ بِهَذَا الأَمْرِ، فَوَثَبْتُ عَلَيْهِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَصَبْنَا أمُّ أَخْطَأْنَا2. قَرَأتُ عَلَى أَبِي الْفَهْمِ بْنِ أَحْمَدَ السُّلَمِيِّ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنْبَأَ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنْبَأَ مَالِكُ بْنُ أَحْمَدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ محمد بن عبد الله

_ 1 أخرجه أحمد "1/ 114" مختصرا. 2 إسناده ضعيف: علي بن زيد سيئ الحفظ.

المعدل إملاء سنة ست وأربعمائة، حدثنا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ خُزَيْمَةَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الْبَصْرَةَ قَامَ إِلَيْهِ ابْنُ الْكَوَّاءِ، وَقَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ فَقَالا لَهُ: أَلا تُخْبِرُنَا عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا الَّذِي سِرْتَ فِيهِ، تَتَوَلَّى عَلَى الأُمَّةِ، تَضْرِبُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، أَعَهْدٌ من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهِدَهُ إِلَيْكَ، فَحَدِّثْنَا فَأَنْتَ الْمَوْثُوقُ الْمَأْمُونُ عَلَى مَا سَمِعْتَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدِي عَهْدٌ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذَلِكَ فَلا، وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ أَوَّلَ مَنْ صَدَّقَ بِهِ، فَلا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهْدٌ فِي ذَلِكَ، مَا تَرَكْتُ أَخَا بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ، وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُومَانِ عَلَى مِنْبَرِهِ، وَلَقَاتَلْتُهُمَا بِيَدِي، وَلَوْ لَمْ أَجِدْ إِلا بُرْدِي هَذَا، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُقْتَلْ قَتْلا، وَلَمْ يَمُتْ فَجْأَةً، مَكَثَ فِي مَرَضِهِ أَيَّامًا وَلَيَالِيَ، يَأْتِيهِ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤَذِّنُهُ بِالصَّلاةِ، فَيَأْمُرُ أَبَا بَكْرٍ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَهُوَ يَرَى مَكَانِي، ثُمَّ يَأْتِيهِ الْمُؤَذِّنُ فَيُؤَذِّنُهُ بِالصَّلاةِ، فَيَأْمُرُ أَبَا بَكْرٍ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَهُوَ يَرَى مَكَانِي، وَلَقَدْ أَرَادَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ أَنْ تَصْرِفَهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَأَبَى وَغَضِبَ وَقَالَ: "أَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ". فلمّا قبض الله نبيه، نظرنا فِي أمورنا، فاخترنا لُدنيانا من رضيه نبيُّ الله لدِيننا. وكانت الصلاة أصل الْإِسْلَام، وهي أعظم الأمر، وقوام الدين. فبايعنا أَبَا بَكْر، وكان لذلك أهلًا، لم يختلف عليه منّا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم نقطع منه البراءة، فأدّيتُ إِلَى أبي بَكْر حقَّه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه فِي جنوده، وكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي، فلما قبض، ولّاها عُمَر، فأخذ بسُنَّة صاحبه، وما يعرف من أمره، فبايعْنا عُمَر، لم يختلف عليه منا اثنان، ولم يشهد بعضنا على بعض، ولم نقطع البراءة منه. فأدّيتُ إِلَى عمر حقه، وعرفت طاعته، وغزوت معه فِي جيوشه، وكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسَوْطي. فَلَمَّا قُبِض تذكَّرت فِي نفسي قرابتي وسابقتي وسالفتي وفضلي، وأنا أظن أن لَا يَعْدِلَ بي، ولكنْ خشي أن لَا يعمل الخليفة بعده ذَنْبًا إلّا لحِقَه فِي قبره، فأخرج منها نفسه وولده، ولو كانت محاباة منه لآثر بها ولده فبرئ منها إِلَى رهطِ من قريش ستّة، أَنَا أحدهم.

فَلَمَّا اجتمع الرهط تذكَّرت فِي نفسي قرابتي وسابقتي وفضلي، وأنا أظن أن لَا يَعْدِلُوا بي، فأخذ عَبْد الرَّحْمَن مواثقنا على أن نسمع ونُطيع لمن ولّاه الله أمرَنا، ثُمَّ أخذ بيد ابن عَفَّان فضرب بيده على يده، فنظرت في أمري، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي، وَإِذَا ميثاقي قد أَخَذَ لغيري، فبايعنا عثمان، فأديت له حقَّه، وعرفت له طاعته، وغزوت معه فِي جيوشه، وكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي. فلما أصيبَ نظرت فِي أمري، فإذا الخليفتان اللّذان أخذاها بِعَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليهما بالصلاة قد مضيا، وهذا الَّذِي قد أُخذ له الميثاق، قد أصيب، فبايعني أَهْل الحرمين، وأهل هذين المصرين1. روى إسحاق بن راهويه نحوه، عن عبدة بْن سُلَيْمَان، ثنا أَبُو العلاء سالم المُرَاديّ، سمعت الْحَسَن، وروى نحوه وزاد فِي آخره: فوثب فيها من ليس مثلي، ولا قرابتُهُ كقرابتي، ولا عِلْمه كعِلْمي، ولا سابقتُهُ كسابقتي، وكنت أحقُّ بها منه. قَالا: فأخبرنا عن قتالك هذين الرجلين -يعنيان: طَلْحَةَ والزُّبَيْر- قَالَ: بايعني بالمدينة، وخلعاني بالبصرة، ولو أنّ رجلًا ممّن بايع أَبَا بَكْر وعمر خَلَعَهُ لقاتلناه. وروى نحوه الجُرَيْري، عن أبي نَضْرَةَ. وَقَالَ أَبُو عَتَّابٍ الدَّلَّالُ: ثنا مُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ التَّيْمِيُّ، ثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، زَوَّجَنِي ابْنَتَهُ، وَحَمَلَنِي إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ، وَأَعْتَقَ بِلَالًا. رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، يَقُولُ الْحَقَّ، وَلَوْ كَانَ مُرًّا، تركه الحق وما له من صديق. رحم الله عثمان تستحيه الْمَلَائِكَةُ. رَحِمَ اللَّهُ عَلِيًّا، اللَّهُمَّ أَدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ"2. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، كَمَا قاتلت على تنزيله".

_ 1 إسناده ضعيف جدا: أبو بكر الهذلي متروك كما تقدم. 2 ضعيف جدا: وقد تقدم.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا هُوَ? قَالَ: لَا، قَالَ عُمَرُ: أَنَا هُوَ? قَالَ: "لَا، وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ، وَكَانَ أَعْطَى عَلِيًّا نَعْلَهُ يَخْصِفُهَا" 1. قُلْتُ: فَقَاتَلَ الْخَوَارِجَ الَّذِينَ أَوَّلُوا الْقُرْآنَ بِرَأْيِهِمْ وَجَهْلِهِمْ. وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ سَلامِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: جَاءَ أُنَاسٌ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا: أَنْتَ هُوَ، قَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالُوا: أَنْتَ هُوَ، قَالَ: وَيْلَكُمْ مَنْ أَنَا؟ قَالُوا: أَنْتَ رَبُّنَا، قَالَ: ارْجِعُوا، فَأَبَوْا، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ خَدَّ2 لَهُمْ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: يَا قَنْبَرُ ائْتِنِي بِحِزَمِ الْحَطَبِ، فَحَرَّقَهُمْ بِالنَّارِ وَقَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ الأَمْرَ أَمْرًا مُنْكَرًا ... أَوْقَدْتُ نَارِي وَدَعَوْتُ قُنْبُرا وقال أَبُو حيان التَّيْميّ: حَدَّثَنِي مجمّع، أنّ عليًّا كان يكنس بيت المال ثُمَّ يصلي فِيهِ، رجاء أن يشهد له أنّه لم يحبس فِيهِ المال عن المُسْلِمين. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، وَاللَّهِ الَّذِي لا إلَهُ إِلا هُوَ، مَا رَزَأْتُ3 من مالكم قليلًا ولا كثير، إِلا هَذِهِ الْقَارُورَةَ، وَأَخْرَجَ قَارُورَةً فِيهَا طِيبٌ، ثُمَّ قَالَ: أَهْدَاهَا إليَّ دِهْقَانَ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ يَوْمَ الأَضْحَى فَقَرَّبَ إِلَيْنَا خَزِيرَةً، فَقُلْتُ: لَوْ قَرَّبْتَ إِلَيْنَا مِنْ هَذَا الإِوَزِّ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْثَرَ الْخَيْرَ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لا يَحِلُّ لِلْخَلِيفَةِ مِنْ مَالِ اللَّهِ إِلا قَصْعَتَانِ، قَصْعَةٌ يَأْكُلُهَا هُوَ وَأَهْلُهُ، وَقَصْعَةٌ يَضَعُهَا بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ"4. وقال سُفْيَان الثوري: إذا جاءك عن عليّ شيءٌ فخُذْ به، مَا بنى لَبِنَةً، على لَبِنَة، ولا قَصْبة على قصْبَة، ولقد كان يُجاء بجيوبه فِي جُراب. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى علي

_ 1 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 435". 2 خد: أي شق. 3 رزأت: أصبت. 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 78" وابن لهيعة ضعيف الحفظ.

بالخوارنق، وَعَلَيْهِ سَمَلُ1 قَطِيفَةٍ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَكَ لأَهْلِ بَيْتِكَ فِي هَذَا الْمَالِ نَصِيبًا، وَأَنْتَ تَفْعَلُ هَذَا بِنَفْسِكَ! فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرْزَؤُكُمْ شَيْئًا، وَمَا هِيَ إِلا قَطِيفَتِي الَّتِي أَخْرَجْتُهَا مِنْ بَيْتِي. وعن علي أنّه اشترى قميصًا بأربعة دراهم فلبسه، وقطع مَا فضل عن أصابعه من الكُمّ. وعن جُرْمُوز قَالَ: رَأَيْت عليًّا وهو يخرج من القصر، وعليه إزارٌ إِلَى نصف السّاق، ورداءٌ مُشَمَّر، ومعه دِرَّةٌ يمشي بها فِي الأسواق، ويأمرهم بتقوى الله وحُسْن البَيْع، ويقول: أوْفُوا الكيل والميزان، ولا تنفخوا اللَّحْم. وقال الْحَسَن بْن صالح بْن حيّ: تذاكروا الزُّهاد عند عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز، فقال: أزهد النّاس فِي الدُّنيا عليّ بْن أبي طَالِب. وعن رَجُل أنّه رَأَى عليًّا قد ركب حمارًا ودلّى رجليْه إِلَى موضع واحد، ثُمَّ قَالَ: أَنَا الَّذِي أهنتُ الدُّنيا. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمَّارٍ الحضرمي، عن أبي عمر زاذان، أَنَّ رَجُلا حَدَّثَ عَلِيًّا بِحَدِيثٍ، فَقَالَ: مَا أَرَاكَ إِلا قَدْ كَذَّبْتَنِي، قَالَ: لَمْ أَفْعَلْ، قَالَ: إنْ كِنْتَ كَذَبْتَ أَدْعُو عَلَيْكَ، قَالَ: ادْعُ، فَدَعَا، فَمَا بَرَحَ حَتَّى عُمِيَ. وقال عطاء بْن السّائب، عن أبي البَخْتَرِيّ، عن عليّ قَالَ: وأبْردُها على الْكَبِدِ إذا سُئلْتُ عمّا لَا أعلم أن أقول: الله أعلم. وقال خَيْثَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن: قال عليّ: من أراد أن يُنِصف النّاس من نفسه فلْيُحِبَ لهم مَا يحبّ لنفسه. وقال عَمْرو بْن مُرَّة، عن أبي البَخْتَرِيّ قَالَ: جاء رَجُل إِلَى عليّ فأثنى عليه، وكان قد بَلَغَه عَنْهُ أمرٌ، فقال: إنّي لست كما تقول، وأنا فوق مَا فِي نفسك. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الأَسَدِيُّ -وَهُوَ صَدُوقٌ- ثنا أبو مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ -وَهُوَ وَاهٍ-2 عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صَوْحَانَ قَالَ: لَمَّا ضُرِبَ علي أتيناه، فقلنا:

_ 1 السمل: البالي من الثياب. 2 متروك ومتهم بالكذب كما في "الميزان" "8928".

اسْتَخْلِفْ، قَالَ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِكُمْ خَيْرًا اسْتَعْمَلَ عَلَيْكُمْ خَيْرَكُمْ، كَمَا أَرَادَ بِنَا خَيْرًا وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا أَبَا بَكْرٍ. وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ: أَلَا تُوصِي؟ قَالَ: مَا أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَوْصَى، وَلَكِنْ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِالنَّاسِ خَيْرًا سَيَجْمَعُهُمْ على خيرهم، كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ عَلَى خَيْرِهِمْ. وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، رَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَلْعٍ الْهَمَدَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: استُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ بِعَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسُنَّتِه، الْحَدِيثَ1. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبْعٍ، سَمِعَ عَلِيًّا يَقُولُ: لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَمَا يَنْتَظِرُنِي إِلا شَقِيٌّ، قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبِرْنَا عَنْهُ نُبِرُّ، عِتْرَتَه، قَالَ: أنشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَنْ تَقْتُلُوا غَيْرَ قَاتِلِي، قَالُوا: فَاسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا، قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَتْرُكُكُمْ إِلَى مَا تَرَككُمْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: فَمَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا أَتَيْتَهُ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ تَرَكْتَنِي فِيهِمْ مَا بَدَا لَكَ، ثُمَّ قَبَضْتَنِي إِلَيْكَ، وَأَنْتَ فِيهِمْ، إِنْ شِئْتَ أَصْلَحْتَهُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْسَدْتَهُمْ2. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ يَزِيدَ الْحِمَّانِيِّ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ يُسِرُّ إِلَيَّ النّبيُّ -صلى الله عليه وسلم: "لتخضبن هذه من هَذِهِ، يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ، فَمَا يُحبس أَشْقَاهَا" 3. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قدِمَ عَلَى عَلِيٍّ قَوْمٌ مِنَ الْبَصْرَةِ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَقَالَ مِنْهُمُ الْجَعْدُ بْنُ نَعْجَةَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا عَلِيُّ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ: بَلْ مَقْتُولٌ: ضَرْبَةٌ عَلَى هَذِهِ تُخَضِّبُ هَذِهِ، عَهْدٌ مَعْهُودٌ وَقَضَاءٌ مَقْضِيٌّ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى، قال: وعاتبه في لباسه فقال: مالكم وللباسي، هو أبعد من الكبر، وأجدر أن يقتدي بي المسلم4.

_ 1 أخرجه أحمد "1/ 114" وقد تقدم. 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 20". 3 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 439". 4 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 438، 439" وشريك في حفظه ضعف.

وقال فِطْر، عن أبي الطُّفَيْل: إنّ عليًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- تمثّل: أشْدُدْ حَيَازِيمَكَ للموت ... فَإِن الموتَ لاقيكا ولا تَجْزَعْ من القتل ... إذا حَلَّ بوادِيكا وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَتَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، وَقَدْ وَضَعْتُ قَدَمِي فِي الْغَرْزِ، فَقَالَ لِي: لا تَقْدَمِ الْعِرَاقَ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يُصيبك بِهَا ذُبَابُ السَّيْفِ، قُلْتُ: وَأَيْمُ اللَّهِ لَقَدْ أخبرني به رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو الأَسْوَدِ: فَمَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ قَطُّ مُحَارِبًا يُخْبِرُ بِذَا عَنْ نَفْسِهِ1. قال ابْن عتبة: كان عَبْد الملك رافضيًّا. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ، حَدَّثَنِي الأَصْبَغُ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُصِيبَ فِيهَا عَلِيٌّ أَتَاهُ ابْنُ النَّبَّاحِ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاةِ، فَقَامَ يَمْشِي، فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ الصَّغِيرَ، شَدَّ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ، فَضَرَبَهُ، فَخَرَجَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَجَعَلَتْ تقول: ما لي وَلِصَلاةِ الصُّبْحِ، قُتِلَ زَوْجِي عُمَرُ صَلاةَ الْغَدَاةِ، وقُتِلَ أَبِي صَلاةَ الْغَدَاةِ. وَقَالَ أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ لَيْلَةِ قُتِلَ عَلِيٌّ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: خَرَجْتُ الْبَارِحَةَ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُصَلِّي فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ إِنِّي بِتُّ الْبَارِحَةَ أُوقِظُ أَهْلِي لأَنَّهَا لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ صَبِيحَةَ بَدْرٍ، لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَلَكَتْنِي عَيْنَايَ، فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاذَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الأَوَدِ2 وَاللَّدَدِ3، فَقَالَ: "ادْعُ عَلَيْهِمْ" فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَأَبْدِلْهُمْ بِي مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنِّي. فَجَاءَ ابْنُ النَّبَّاحِ فَآذَنَهُ بِالصَّلاةِ، فَخَرَجَ، وَخَرَجْتُ خَلْفَهُ، فَاعْتَوَرَهُ رَجُلانِ: أَمَّا أَحَدُهُمَا فَوَقَعَتْ ضَرْبَتُهُ فِي السُّدَّةِ، وأما الآخر فأثبتها في رأسه4.

_ 1 أخرجه الحاكم "4678" وضعف الحافظ الذهبي إسناده في "التلخيص". 2 الأود: العوج. 3 اللدد: شدة الخصومة. 4 إسناده ضعيف: أبو جناب الكلبي ضعيف.

وقال جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، إنّ عليًّا كان يخرج إِلَى الصلاة، وَفِي يده دِرَّةٌ يوقظ النّاس بها، فضربه ابن مُلجَم، فقال علي أطعموه واسقوه فإن عشت فأنا ولي دمي. رواه غيره، وزاد: فإنْ بقيتُ قَتَلْتُ أو عفوتُ فإنْ مِتُّ فاقتلوه قِتْلَتي، ولا تعتدوا إنّ الله لَا يحب المعتدين. وقال مُحَمَّد بْن سعد: لقي ابنُ مُلْجم شَبِيبَ بْن بَجْرة الأشجعيّ، فأعلمه بما عزم عليه من قُتِلَ عليّ، فوافقه، قَالَ: وجلسا مقابل السُّدة التي يخرج منها عليّ، قَالَ الْحَسَن: وأتيته سَحَرًا، فجلست إليه فقال: إنّي مَلَكَتْني عيناي وأنا جالس، فسنح لي النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر المنام المذكور. قَالَ: وخرج وأنا خلفه، وابن النّبّاح بين يديه، فَلَمَّا خرج من الباب نادى: أيُّها النّاس الصلاة الصلاة، وكذلك كان يصنع كل يوم، ومعه دِرَّتُهُ يُوقِظُ النّاس، فاعْتَرَضَهُ الرجلان، فضربه ابنُ مُلْجَم على دماغِه، وأمّا سيف شبيب فوقع فِي الطّاق، وسمع النّاس عليًّا يقول: لَا يَفُوتَنَّكُمُ الرجل، فشدّ النّاس عليهما من كل ناحية، فهرب شبيب، وَأُخِذَ عَبْد الرَّحْمَن، وكان قد سمّ سيفه. ومكث عليّ يوم الجمعة والسبت، وتُوُفيّ ليلة الأحد، لإحدى عشرة لَيْلَةً بقيت من رمضان. فَلَمَّا دُفِنَ أحضروا ابن ملجم، فاجتمع النّاس، وجاءوا بالنّفْط والبَوَاري، فقال مُحَمَّد بْن الحنفية، والحسين، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن أبي طَالِب: دَعُونا نَشْتَفّ منه، فقطع عَبْد الله يديه ورِجْلَيه، فلم يجزع ولم يتكلم، فكَحَل عينيه، فلم يجزع، وجعل يقول: إنّك لَتَكْحُل عيني عمّك، وجعل يقرأ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} 1 حَتَّى ختمها، وإنّ عينيه لَتَسيلان، ثُمَّ أمر به فعولج عن لسانه ليُقْطَع، فجزع، فَقِيلَ له في ذلك. فقال: ما ذاك بِجَزَعٍ، ولكنّي أكره أن أبقى فِي الدُّنيا فُوَاقًا لَا أذكر الله، فقطعوا لسانه، ثُمَّ أحرقوه فِي قَوْصرة، وكان أسمر حَسَن الوجه، أفلَجَ، شعْرُهُ مع شَحْمَه أُذُنيه، وَفِي جبهته أثر السُّجود. ويُرْوَى أن عليًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- أمرهم أن يحرِّقوه بعد الْقَتْلِ. وقال جَعْفَر بْن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ قَالَ: صلّى الحَسَن على عليّ، وَدُفِنَ بالكوفة، عند قصر الإمارة، وعمي قبره.

_ 1 سورة العلق: 1.

وعن أبي بَكْر بْن عيّاش قَالَ: عَمُّوه لئلّا تَنْبُشَه الخوارج. وقال شَرِيك، وغيره: نقله الْحَسَن بْن عليّ إِلَى المدينة. وذكر المُبَرّد عن مُحَمَّد بْن حبيب قَالَ: أوّل من حُوِّلَ من قبرٍ إِلَى قبرٍ عليّ. وقال صالح بْن احمد النَّحْويّ: ثنا صالح بْن شُعيب، عن الْحَسَن بْن شُعَيب الفَرَويّ، أنّ عليًّا صُيِّر فِي صُندوقٍ، وكثَّروا عليه من الكافور، وَحُمِلَ على بعير، يريدون به المدينة، فَلَمَّا كان ببلاد طيّء، أضلوا البعير ليلًا، فأخذته طيء وهم يظنون أنّ فِي الصُّندوق مالًا فلمّا رأوه خافوا فدفنوه ونحروا البعير فأكلوه. وقال مُطَيْن: لو عَلِمَتِ الرافضة قبرَ مَن هَذَا الَّذِي يُزار بظاهر الكوفة لَرَجَمَتْهُ، هَذَا قبر المُغيرة بْن شُعْبَة. قال أبو جَعْفَر الباقر: قُتِلَ عليّ وهو ابنُ ثمانٍ وخمسين. وعنه رواية أخرى أنّه عاش ثلاثًا وستّين سنة، وكذا رُوِيَ عن ابنُ الحنفية، وقاله أبو إِسْحَاق السبيعيّ، وأبو بَكْر بْن عياش، وينصر ذلك ما رواه ابنُ جُريْج، عن مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب، أنه أخبر أنّ عليًّا تُوُفيّ لثلاثٍ أو أربعٍ وستين سنة. وعن جَعْفَر الصادق، عن أَبِيهِ قَالَ: كان لعلي سبع عشر سرِيّة. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ: خَطَبَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ: لَقَدْ فَارَقَكُمْ بِالأَمْسِ رَجُلٌ مَا سَبَقَهُ إِلا الأَوَّلُونَ بِعِلْمٍ، وَلا يُدْرِكُهُ الآخِرُونَ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِيهِ الرَّايَةَ، فَلا يَنْصَرِفُ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ، مَا تَرَكَ بَيْضَاءَ وَلا صَفْرَاءَ، إِلا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فضلت من عطائه، كان أرصدها لخادم أهله. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرٍو الأَصَمِّ قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِنَّ الشِّيعَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا مَبْعُوثٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: كَذَبُوا وَاللَّهِ مَا هَؤُلاءِ بِشِيعَةٍ، لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَبْعُوثٌ مَا زَوَّجْنَا نِسَاءَهُ، وَلا قَسَّمْنَا مِيرَاثَهُ. وَرَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، بَدَلَ عَمْرٍو. ولو استوعبنا أخبار أمير المؤمنين لطال الكتاب. والله تعالى أعلم.

وقعة الجمل: سنة ست وثلاثين: لمّا قُتِلَ عثمان صبرًا، سُقِط في أيدي أصحاب النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبايعوا عليًّا، ثمّ إنّ طلحة بن عُبَيْد الله، والزُّبَيْر بن العوام، وأمّ المؤمنين عائشة، ومَن تبِعَهُم رأوا أنّهم لَا يخلِّصهم ممّا وقعوا فيه من تَوَانِيهم في نُصْرة عثمان، إلّا أن يقوموا في الطلب دمه، والأخْذ بثأره من قَتَلَته، فساروا من المدينة بغير مشورةٍ من أمير المؤمنين عليّ، وطلبوا البصرة. قَالَ خليفة: قدِم طلْحة، والزُّبَيْر، وعائشة البصرة، وبها عثمان بن حُنَيْف الأنصاريّ وَالِيًا لعليّ، فخاف وخرج منها، ثمّ سار عليّ من المدينة، بعد أن استعمل عليها سهل بن حُنَيْف أخا عثمان، وبعث ابنه الحسن، وعمّار بن ياسر إلى الكوفة بين يديه يستنفران النّاس، ثمّ إنّه وصل إلى البصرة، وهو أحد الرءوس الذين خرجوا على عثمان كما سلف، فالتقى هو وجيش طلْحة والزُّبَيْر، فقتل الله حُكَيْمًا في طائفة من قومة، وقُتِل مقدّم جيش الآخرين أيضًا مُجَاشع بن مسعود السُّلَميّ. ثمّ اصطلحت الفئتان، وكفُّوا عن القتال، على أن يكون لعثمان بن حُنَيْف دار الإمارة والصّلاة، وأن ينزل طلحة والزبير حيث شاءا من البصْرة، حتّى يقدم عليّ -رضي الله عنه. وَقَالَ عمّار لأهل الكوفة: أما واللَّهِ إنّي لأعلم أنّها -يعني عائشة- زَوْجَة نبيكم في الدُّنيا والآخرة، ولكنّ الله ابتلاكم بها لينظُر أَتَّتبِعُونه أو إيّاها. قَالَ سعد بن إبراهيم الزُّهْريّ: حدّثني رجلٌ من أسلم قَالَ: كنّا مع عليّ أربعة آلاف من أهل المدينة. وَقَالَ سعيد بن جُبَيْر: كان مع علي يوم وقعة الجمل ثمانمائة من الأنصار، وأربعمائة ممن شهدوا بيعة الرضوان.

رواه جعفر بن أبي المُغْيرة عن سعيد. وَقَالَ المطّلب بن زياد، عن السُّدِّيّ: شهِدَ مع عليّ يوم الجمل مائةٌ وثلاثون بدريًا وسبعمائة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقُتِلَ بينهما ثلاثون ألفًا، لم تكن مقتله أعظم منها. وكان الشعبي يبالغ ويقول: لم يشهدها إلّا عليّ، وعمار، وطلحة، والزُّبَيْر من الصحابة. وَقَالَ سَلَمة بن كُهَيْلٍ: فخرج من الكوفة ستَّةٌ آلافٍ، فقدِموا على عليّ بذي قار، فسار في نحو عشرة آلافٍ، حتّى أتى البصرة. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدة: كان على خيل عليّ يوم الجمل عمّار، وعلى الرَّجَّالَةِ محمد بن أبي بكر الصِّدِّيق، وعلى الميمنة عِلْباء بن الهيثم السَّدُوسيّ، ويقال: عبد الله بن جعفر، ويقال: الحَسَن بن عليّ، وعلى الميسرة الحسين بن عليّ وعلى المقدّمة عبد الله بن عباس، ودفع اللّواء إلى ابنه محمد بن الحنفيّة وكان لواء طلحة والزُّبَيْر مع عبد الله بن حُكَيْم بن حِزام، وعلى الخيل طلحة، وعلى الرَّجَّالَةِ عبد الله بن الزُّبَيْر، وعلى الميمنة عبد الله بن عامر بن كُرَيْز، وعلى الميسرة مروان بن الحكم. وكانت الوقعة يوم الجمعة، خارج البصرة، عند قصر عُبَيْد الله بن زياد. قَالَ اللَّيث بن سعد وغيره: كانت وقعة الجمل في جُمَادى الأولى. وَقَالَ أَبُو اليَقْظان: خرج يومئذ كعب بن سُور الأزديّ في عُنُقه المُصْحَف، ومعه تِرْس، فأخذ بخطام جمل عائشة، فجاءه سهم غرب فقتله. قَالَ محمد بن سعد: وكان كعب قد طيّن عليه بيتًا، وجعل فيه كُوَّةً يتناول منها طعامه وشرابه اعتزالًا للفتنة، فقيل لعائشة: إنْ خرج معك لم يتخلف من الأزد أحدٌ، فركِبْتَ إليه فنادته وكلَّمَتْهُ فلَم يُجبْها، فَقَالَتْ: ألست أمّك ولي عليك حقّ، فكلَّمَهَا، فَقَالَتْ: إنّما أريد أنْ أصْلِحَ بين النّاس. فذلك حين خرج ونشر المُصْحف، ومشى بين الصَّفَّين يدعوهم إلى ما فيه، فجاءه سهم فقتله. وَقَالَ حصين بن عبد الرحمن: قام كعب بن سُور فنشر مُصْحَفًا بين الفريقين، ونشدهم الله والإسلام في دمائهم، فما زال حتى قتل.

وَقَالَ غيره: اصطفّ الفريقان، وليس لطلحة ولا لعلي رأسي الفريقين قصد في القتال، بل ليتكلموا في اجتماع الكلمة، فترامى أوباش الطائفتين بالنَّبْل، وشبّت نارُ الحرب، وثارت النفوس، وبقي طلحة يَقُولُ: أيها الّناس أنْصِتُوا، والفتنة تغلي، فَقَالَ: أُفّ فَرَاش النار، وذِئاب طمع، وَقَالَ: اللَّهُمَّ خذ لعثمان منّي اليوم حتّى ترضى، إنّا داهَنّا في أمر عثمان، كنّا أمس يدًا على من سوانا، وأصبحنا اليوم جَبَلَيْن من حديد، يزحف أحدنا إلى صاحبه، ولكنه كان منّي في أمر عثمان ما لا أرى كفارته، إلّا بسفْك دمي، وبطلَب دمِه. فروى قَتَادة، عن الجارود بن أبي سَبْرَة الهُذَليّ قَالَ: نظر مروان بن الحَكَم إلى طلحة يوم الجمل، فَقَالَ: لَا أطلب ثأري بعد اليوم، فرَمى طلحة بسهم فقتله. وَقَالَ قيس بن أبي حازم: رأيت مَروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذٍ بسهمٍ، فوقع في رُكبته، فما زال يسحّ حتّى مات. وفي بعض طُرُقه: رماه بسهمٍ، وَقَالَ: هذا ممّن أعان على عثمان. وعن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمه، أنّ مروان رمى طلحة، والتفت إلى أبان بن عثمان وَقَالَ: قد كفيناك بعض قَتَلَة أبيك. وَرَوَى زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ رجل، أن عليًّا قال: بشروا طلحة بالنار. وعن عكرمة، عن ابن عباس قال: خرجنا مع علي إلى الجمل في ستمائة رجل، فسلكنا على طريق الرَّبَذَة، فقام إليه الحسن، فبكى بين يديه وَقَالَ: ائْذنْ لي فأتكلّم، فَقَالَ: تكلّم، ودعْ عنك أنْ تحن حنين الجارية، قَالَ: لقد كنت أشرتُ عليك بالمقام، وأنا أشير عليك الآن: إنّ للعرب جوْلة، ولو قد رجعَتْ إليها غواربُ أحلامها، لضربوا إليك آباط الإبل، حتّى يستخرجوك، ولو كنت في مثل حُجْر الضَّبّ. فَقَالَ عليّ: أتراني لَا أبالَكَ كنتُ منتظرًا كما تنتظر الضَّبُعُ اللَّدْمَ1. وَرُوِيَ نحوه من وجهين آخرين. وعن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمّ له قال: لمّا كان يوم الجمل نادى علي في

_ 1 اللدم: اللطم.

النّاس: لَا ترموا أحدًا بسهم، وكلِّموا القوم، فإنّ هذا مقام من فَلَجَ فيه فُلِج يوم القيامة، قَالَ: فتوافقنا حتّى أتانا حَرُّ الحديد، ثمّ إنّ القوم نادوا بأجمعهم: "يا لثارات عثمان"، قال: وابن الحنفية رتوة1 معه اللّواء، فمدّ عليٌّ يديه وَقَالَ: اللَّهُمَّ أكِبَّ قتله عثمان على وُجُوههم، ثمّ إن الزُّبَيْر قَالَ لأساوِرَة معه: ارموهم ولا تبلغوا، وكأنّه إنّما أراد أن ينشب القتال. فلمّا نظر أصحابنا إلى النّشّاب لم ينتظروا أن يقع إلى الأرض، وحملوا عليهم فهزمهم الله. ورمى مروان طلحة بسهْمٍ فشكّ ساقه بجَنْب فَرَسه. وعن أبي جرو المازِنّي قَالَ: شهدت عليًّا والزبير حين توافقا، فَقَالَ له عليّ: يا زُبير أنْشُدُك الله أسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إنّك تقاتلُني وأنت ظالم لي" قَالَ: نعم ولم أَذْكُرُه إلّا في موقفي هذا، ثمّ انصرف2. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجَمَلِ: يَا حَسَنُ، لَيْتَ أَبَاكَ مَاتَ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَتِ قَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا، قَالَ: يَا بُنَيَّ لَمْ أر أن الأمر يبلغ هذا. وقال سعد ابن سعد: إنّ محمد بن طلحة تقدّم فأخذ بخطام الجمل، فحمل عليه رجل، فقال محمد: أذكركم "حم" فطعنه فقتله، ثُمَّ قَالَ في محمد: وَأَشْعَثَ قَوَّامٍ بآيات ربِّهِ ... قليلِ الَأذَى فيما ترى العينُ مسلمِ هتكتُ له بالرّمح جيبَ قميصه ... فَخَرّ صَريعًا لليّدَيْن وللفم يُذَكّرني حم وَالرُّمْحُ شاجر ... فهلا تلاحم قبل التَّقدُّمِ على غير شيءٍ غيرَ أنْ ليس تابعًا ... عليًّا ومَن لَا يَتْبَعِ الْحَقَّ يندَمِ فسار عليّ ليلته في الْقَتْلَى، معه النيران، فمر بمحمد بن طلحة قتيلًا، فَقَالَ: يا حسن "محمّد السّجّاد وربّ الكعبة"، ثمّ قَالَ: أبوه صَرَعَه هذا المصرع، ولولا برِّه بأبيه مَا خَرَج. فَقَالَ الحسن: ما كان أغناك عن هذا، فقال: ما لي وما لك يا حسن.

_ 1 الرتوة: الخطوة. 2 أخرجه البيهقي في "الدلائل" "6/ 415".

وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ: حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الزُّبَيْرَ يَوْمَ الْجَمَلِ، وَنَادَاهُ عَلِيٌّ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ حَتَّى الْتَقَتْ أَعْنَاقُ دَوَابِّهِمَا، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَتَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتُ أُنَاجِيكَ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "تُنَاجِيهِ فَوَاللَّهِ لَيُقَاتِلَنَّكَ وَهُوَ لَكَ ظَالِمٌ". قَالَ: فَلَمْ يَعْدُ أَنْ سَمِعَ الْحَدِيثَ، فَضَرَبَ وَجْهَ دَابَّتَهُ وَانْصَرَفَ1. وَقَالَ هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه قال يوم الجمل للزبير: يابن صَفِيَّةَ، هَذِهِ عَائِشَةُ تملِكُ طَلْحَةَ، فَأَنْتَ عَلَى مَاذَا تُقَاتِلُ قَرِيبَكَ عَلِيًّا، فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ، فَلَقِيَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ فَقَتَلَهُ. وَقَالَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: انصرف الزُّبَيْر يوم الجمل عن عليّ، وهم في المصافّ، فَقَالَ له ابنه عبد الله: جُبْنًا جُبْنًا، فَقَالَ: قد علم النّاس أنّي لست بجبانٍ، ولكن ذكَّرني عليّ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحلفت أن لَا أقاتله، ثمّ قَالَ: تَرْكُ الأمورِ التي أخشي عواقِبَها ... في الله أحْسَنُ في الدُّنيا وفي الدِّين وَكِيعٌ، عَنْ عِصَامِ بْنِ قُدَامَةَ -وَهُوَ ثِقَةٌ- عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الأَدْبَبِ، يُقْتَلُ حَوَالَيْهَا قَتْلَى كَثِيرُونَ، وَتَنْجُو بَعْدَ مَا كَادَتْ" 2. وقيل: إنّ أوّل قتيلٍ كان يومئذٍ مسلم الجُهَنيّ، أمره عليّ فحمل مُصْحفًا، فطاف به على القوم يدعوهم إلى كتاب الله، فقُتِلَ. وَقُطِعَتْ يومئذ سبعون يدًا من بني ضبّة بالسيوف، صار كلَّما أخذ رجل بخطام الجمل الَّذِي لعائشة، قطِعَتْ يدُه، فيقوم آخرُ مكانه وَيَرْتَجِزُ، إلى أن صرخ صارخ اعقُروا الجمل، فعقره رجلٌ مُخْتَلَفٌ في اسمه، وبقي الجمل والهودج الَّذِي عليه، كأنّه قُنْفُذٌ من النَّبْلِ، وكان الهودج مُلَبَّسًا بالدُّروع، وداخله أمّ المؤمنين، وهي تشجّع الذين حول الجمل: "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن". ثمّ إنّها ندِمَتْ وَنَدِمَ عليّ لأجل ما وقع.

_ 1 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. 2 إسناده صحيح: عزاه الحافظ ابن حجر في "الفتح" "3/ 59" للبزار، وقال: رجاله ثقات. وقال الألباني في "الصحيحة" "1/ 774، 775": إسناده صحيح.

وقعة صفين 1: سنة سبع وثلاثين: قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: أنبأ مُحَمَّد بْن عُمَر قَالَ: لما قُتِلَ عُثْمَان، كتبت نائلة زوجته إِلَى الشام إِلَى مُعَاوِيَة كتابًا تصف فِيهِ كيف دُخِلَ على عُثْمَان وقُتِلَ، وبعثت إليه بقميصه بالدِّماء، فقرأ مُعَاوِيَة الكتاب على أَهْل الشام، وَطَيَّفَ بالقميص فِي أجناد الشام، وحرَّضهم على الطَّلب بدمه، فبايعوا مُعَاوِيَة على الطَّلب بدمه. ولمّا بوُيع عليّ بالخلافة قال له ابن الحَسَن وابن عبّاس: اكتب إلى مُعَاوِيَة فأقرَّه على الشَّام، وأَطْمِعْهُ فإنّه سيطمع ويكفيك نفسَه وناحيته، فإذا بايع لك النّاس أَقْرَرْته أو عَزَلْته، قَالَ: فإنّه لَا يرضى حَتَّى أعطيه عهد الله تعالى وميثاقه أنْ لَا أعزله، قَالا: لَا تُعْطه ذلك. وبلغ ذلك مُعَاوِيَة فقال: والله لَا ألي له شيئًا ولا أبايعه، وأظهر بالشام أنّ الزُّبَيْر بْن العوّام قادم عليهم، وأنّه مُبَايع له، فلمّا بلغه أمر الجمل أمسك، فلمّا بلغه قتْلُ الزُّبير ترحم عليه وقال: لو قدم علينا فبايعناه وكان أهلًا. فلمّا انصرف عليّ من البصرة، أرسل جرير بْن عَبْد الله البَجليّ إِلَى مُعَاوِيَة، فكلَّم مُعَاوِيَة، وعظَّم أمرَ عليٍّ ومُبَايعته واجتماع النّاس عليه، فأبى أنْ يبايعه، وجرى بينه وبين جرير كلامٌ كثير، فانصرف جريرُ إِلَى عليّ فَأَخْبَرَه، فأجمع على المسير إِلَى الشام، وبعث معاويةُ أَبَا مسلم الخَوْلاني إِلَى عليّ بأشياء يطلبها منه، منها أن يدفع إليه قتلة عثمان، فأبى علي، وجرت بينهما رسائل. ثمّ سار كلٌّ منهما يريد الآخر، فالتقوا بصفِّين لسبْعٍ بقين من المحرّم، وشبَّت الحربُ بينهم فِي أوّل صفر، فاقتتلوا أيّامًا. فَحَدَّثَنِي ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عبد

_ 1 صفين: موضع قرب الرقة على شاطئ الفرات.

اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُثْمَانُ عَلَى الْحَجِّ، فَأَقَمْتُ لِلنَّاسِ الْحَجَّ، ثُمَّ قَدِمْتُ وَقَدْ قُتِلَ وَبُويِعَ لِعَلِيٍّ، فَقَالَ: سِرْ إِلَى الشَّامِ فَقَدْ وَلَّيْتُكَهَا، قُلْتُ: مَا هَذَا بِرَأْيِ، مُعَاوِيَةَ ابْنِ عَمِّ عُثْمَانَ وَعَامِلِهِ عَلَى الشَّامِ، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقِي بِعُثْمَانَ، وَأَدْنَى مَا هُوَ صَانِعٌ أَنْ يَحْبِسَنِي، قَالَ عَلِيٌّ: ولِمَ؟ قُلْتُ: لِقَرَابَتِي مِنْكَ، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ حَمَلَ عَلَيْكَ حَمَلَ عليَّ، وَلَكِنِ اكْتُبْ إِلَى مُعَاوِيَةَ فمَنِّه وَعِدْهُ. فَأَبَى عَلِيٌّ وَقَالَ: وَاللَّهِ لا كَانَ هَذَا أَبَدًا. رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَلِيٍّ: ابْعَثْنِي إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَوَاللَّهِ لأَفْتِلَنَّ لَهُ حَبْلا لا يَنْقَطِعُ وَسَطُهُ، قَالَ: لَسْتُ مِنْ مَكْرِكَ وَمَكْرِهِ فِي شَيْءٍ، وَلا أَعْطِيهِ إِلا السَّيْفَ، حَتَّى يَغْلِبَ الْحَقُّ الْبَاطِلَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْ غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: لأَنَّهُ يُطَاعُ وَلا يُعْصَى، وَأَنْتَ عَنْ قَلِيلٍ تُعْصَى وَلا تُطَاعُ، قَالَ: فَلَمَّا جَعَلَ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَخْتَلِفُونَ عَلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- قَالَ: لِلَّهِ دَرُّ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى الْغَيْبِ مِنْ سِتْرٍ رَقِيقٍ. وقال مجالد، عن الشَّعْبِيّ قَالَ: لمّا قُتِلَ عُثْمَان، أرسلتْ أمُّ المؤمنين أمّ حبيبة بنت أَبِي سُفيان إِلَى أَهْل عُثْمَان: أرسِلُوا إليّ بثياب عُثْمَان التي قُتِلَ فيها، فبعثوا إليها بقميصه مضَرَّجًا بالدَّم، وبُخصْلة الشَّعْر التي نُتِفَتْ من لِحْيَتِهِ، ثمّ دعتِ النُّعمان بْن بشير، فبعثته إِلَى مُعَاوِيَة، فمضى بِذَلِك وبكتابها، فصعد مُعَاوِيَة المنبر، وجمع النّاس، ونشر القميص عليهم، وذكر مَا صُنِعَ بعثمان، ودعا إِلَى الطَّلب بدمه. فقام أَهْل الشام فقالوا: هُوَ ابن عمّك وأنت وليّه، ونحن الطّالبون معك بدمه، وبايعوا له. وقال يُونُس، عن الزُّهْرِيّ قَالَ: لمّا بلغ مُعَاوِيَة قتْلَ طَلْحَةَ والزُّبَيْر، وظهور عليّ، دعا أَهْل الشام للقتال معه على الشُّورى والطَّلب بدم عُثْمَان، فبايعوه على ذلك أميرًا غير خليفة. وذكر يحيى الجُعْفيّ فِي كتاب صفين بإسناده أن معاوية قال لجرير بْن عَبْد الله: اكتب إِلَى عليّ أن يجعل لي الشام، وأنا أبايع له، قَالَ: وبعث الْوَلِيد بْن عَبْد الله: اكتب إِلَى عليّ أن يجعل لي الشام، وأنا أبايع له، قَالَ: وبعث الْوَلِيد بْن عقبة إليه يقول:

مُعَاوِيّ إنّ الشام شامُك فاعتصمْ ... بشامِكَ لَا تُدْخِلْ عليك الأفاعيا1 وحامٍ عليها بالقبائل والقِنا ... ولا تك محشوش الذراعين وانيا فإنّ عليًّا ناظرٌ مَا تُجِيبُه ... فَاهْدِ له حَرْبًا تُشيب النَّوَاصيَا وحدّثني يَعْلَى بْن عبيد: حدثنا أبي قَالَ: قال أَبُو مُسْلِم الخَوْلاني وجماعة لمعاوية: أنت تُنازع عليًّا! هَلْ أنت مثله؟ فقال: لَا والله إنّي لأعلم أنّ عليًّا أفضل منّي وأحقّ بالأمر، ولكن ألَسْتُمْ تعلمون أنّ عُثْمَان قُتِلَ مظلومًا، وأنا ابن عمّه، وإنّما أطلب بدمه، فأتُوا عليًّا فقولوا له: فلْيَدْفَعْ إليّ قَتَلَة عُثْمَان وأسلم له، فأتّوْا عليًّا فكلَّموه بِذَلِك، فلم يدفعهم إليه. وَحَدَّثَنِي خَلادُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ -أَوْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ شَكَّ خَلادٌ- قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ أَمْرُ مُعَاوِيَةَ دَعَا عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رَجُلا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى دِمَشْقَ، فَيَعْتَقِلَ رَاحِلَتَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَيَدْخُلَ بِهَيْئَةِ السَّفَرِ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ، وَكَانَ قَدْ وَصَّاهُ بِمَا يَقُولُ، فَسَأَلُوهُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ قَالَ: مِنَ العراق، قالوا: ما وَرَاءَكَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ عَلِيًّا قَدْ حَشَدَ إِلَيْكُمْ وَنَهَدَ2 فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ. فبلغ مُعَاوِيَة، فأرسل أَبَا الأعور السُّلَمِيّ يحقّق أمره، فأتاه فسأله، فَأَخْبَرَه بالأمر الَّذِي شاع، فنودي: الصّلاة جامعة، وامتلأ النّاس فِي المسجد، فصعد معاوية المِنْبَر وتشهّدّ ثمّ قَالَ: إنّ عليًّا قد نَهَدَ إليكم فِي أَهْل العراق، فَمَا الرّأي؟ فضرب النّاس بأذقانهم على صدورهم، ولم يرفعْ إليه أحدٌ طَرْفَه، فقام ذو الكلاع الحِمْيرِيّ فقال: عليك الرأيّ وعلينا أمّ فعال -يعني الفِعال- فنزل مُعَاوِيَة وَنُودِيَ فِي النّاس: اخرجوا إِلَى مُعَسْكَركم، ومن تخلَّف بعد ثلاثٍ أحلّ بنفسه. فخرج رسول عليّ حتّى وافاه، فَأَخْبَرَه بِذَلِك، فأمر عليٌّ فنوديّ: الصّلاة جامعة، فاجتمع النّاس، وصعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ رسولي الَّذِي أرسلته إِلَى الشام قد قَدِمَ عليّ، وأخبرني أنّ مُعَاوِيَة قد نهد إليكم في أهل

_ 1 معاوي: يريد معاوية. 2 نهد: قصد.

الشام فَمَا الرأي? قَالَ: فأضبَّ أهلُ المسجد يقولون: يا أمير المؤمنين الرأي كذا الرأي كذا، فلم يفهم على كلامهم من كثرة من تكلّم، وكثُر اللَّغَط، فنزل وهو يقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} 1، وذهب بها ابن آكلة الأكباد، يعني مُعَاوِيَة. وقال الْأَعْمَشُ: حَدَّثَنِي من رَأَى عليًّا يوم صِفِّين يصفِّق بيديه ويعضّ عليهما ويقول: واعجبا أُعْصَى ويُطاع مُعَاوِيَة. وقال الواقديّ اقتتلوا أيّامًا حتّى قُتِلَ خلْقٌ وضجروا، فرفع أهلُ الشام المَصَاحِف وقالوا: ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فِيهِ، وكان ذلك مكيدةً من عمرو بْن العاص، يعني لمّا رَأَى ظهورَ جيش عليّ. فاصطلحوا كما يأتي. وقال الزُّهْرِيّ: اقتتلوا قتالًا لَم تَقْتَتِلْ هَذِهِ الأمةُ مثله قطّ، وغلب أَهْل العراق على قتلى أَهْل حمص، وغلب أَهْلُ الشام على قتلى أَهْل العالية، وكان على ميمنة عليّ الأشعث بْن قَيْس الكِنْدي، وعلى المسيرة عَبْد الله بْن عبّاس، وعلى الرَّجَّالَةِ عَبْد الله بْن بُدَيْل بْن وَرْقَاء الخُزَاعيّ، فقُتِلَ يومئذٍ. ومن أمراء عليّ يومئذٍ الأحنف بْن قيس التيمي، وعمار بن ياسر العنبسي وسليمان بْن صُرد الخُزاعيّ وعَديّ بْن حاتم الطّائيّ والأشتر النَّخْعي وعمرو بْن الحَمِق الخُزَاعيّ، وشبَث بْن رِبعيّ الرِّياحيّ، وسعيد بْن قَيْس الهمداني، وكان رئيس هَمدَان المهاجر بْن خَالِد بْن الْوَلِيد المخزوميّ، وقيس بْن مكشوح المُراديّ، وخُزَيْمة بْن ثابت الْأَنْصَارِيّ، وغيرهم. وكان عليّ فِي خمسين ألفًا، وقيل: فِي تسعين ألفًا، وقيل: كانوا مائة ألف. وكان مُعَاوِيَة فِي سبعين ألفًا، وكان لواؤه مع عَبْد الرَّحْمَن بْن خَالِد بْن خَالِد بْن الْوَلِيد المخزوميّ وعلى مَيْمَنَته عمرو بْن العاص وقيل ابنه الأشتر عُبَيْد الله بْن عمرو، وعلى الميسرة حبيب ببن مَسْلَمَة الفِهْريّ، وعلى الخيل عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن الخطاب، ومن أمرائه يومئذ أَبُو الأعور السُّلميّ، وزُفَر بْن الْحَارِث، وذو الكلاعِ الحِميرِيّ، ومَسْلَمَة بْن مَخْلَد، وبُسْر بْن أرطاة العامريّ، وحابس بْن سعد الطّائي، ويزيد بْن هبيرة السكوني، وغيرهم.

_ 1 سورة البقرة: 156.

قال عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَة قَالَ: رَأَيْت عمار بْن ياسر بصِفّين، ورأى راية مُعَاوِيَة فقال: إنّ هَذِهِ قاتلْتُ بها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربع مرّات. ثمّ قاتل حَتَّى قُتِلَ. وقال غيره: برز الأشعث بْن قَيْس في ألفين، فبرز لهم أَبُو الأعور فِي خمسة آلاف، فاقتتلوا: ثمّ غلب الأشعث على الماء وأزالهم عَنْهُ. ثُمَّ التقوا يوم الأربعاء سابع صفر، ثُمَّ يوم الخميس والجمعة وليلة السَّبْت، ثُمَّ رفع أَهْل الشام لمّا رأوا الكَسْرَة الْمَصَاحِفَ بإشارة عمرو، ودعوا إِلَى الصُّلح والتّحكيم، فأجاب علي إلى تحكيم الحَكَمين، فاختلف عليه حينئذ جيشه وقالت طائفة: لَا حُكم إلّا لله. وخرجوا عليه فهُمُ الخوارج. وقال ثُوَيْر بْن أبي فاختة، عن أَبِيهِ قَالَ: قُتِلَ مع عليّ بصفين خمسة وعشرون بدْريًا. ثُوَيْر متروك. قَالَ الشَّعْبِيّ: كان عَبْد الله بْن بُدَيْل يوم صفين عليه دِرْعان ومعه سيفان، فكان يضرب أهلَ الشام ويقول: لم يبق إلّا الصَّبْر وَالتَّوَكُّلْ ... ثُمَّ التمشّي فِي الرعيل الأوّلْ مَشْيَ الْجِمَالِ فِي حياض الْمَنْهَلْ ... والله يقضي مَا يشا ويفعلْ فلم يَزَلْ يضرب بسيفه حَتَّى انتهى إِلَى مُعَاوِيَة فأزاله عن موقفه، وأقبل أصحابُ مُعَاوِيَة يرمونه بالحجارة حَتَّى أثخنوه وقُتِلَ، فَأَقْبَلَ إليه مُعَاوِيَة، وألقى عَبْد الله بْن عامر عليه، عمامته غطاه بها وترحَّم عليه، فقال مُعَاوِيَة لعبد الله: قد وَهَبْنَاه لك، هَذَا كَبْشُ القومِ وربّ الكعبة، اللَّهُمَّ أظْفِرْ بالأشتر والأشعث، والله مَا مثل هَذَا إلّا كما قال الشاعر: أخو الحرب إنْ عضَّتْ به الحرب عضَّها ... وإنْ شَمَّرتْ يومًا به الحربُ شَمّرا كلَيْث هزَبرٍ كان يحمي ذِمارَهُ ... رَمَتْهُ المَنايا قَصْدَهَا فتقصَّرا ثُمَّ قَالَ: لو قدِرَت نساءُ خُزاعةَ أنْ تُقاتلني فضلًا عن رجالها لَفَعَلَتْ. وَفِي الطبقات لابن سعد، من حديث عمرو بْن شَرَاحيل، عن حَنَش بْن عَبْد الله

الصَّنْعاني عن عَبْد الله بْن زُرَيْر الغافقي قال: لقد رأيتنا يوم صفين، فاقتتلنا نحن وأهل الشام، حتى ظننت أنّه لَا يبقى أحدٌ، فأسمع صائحًا يصيح: مَعْشَرَ النّاس، اللَّه اللَّه فِي النساء والوِلدان من الروم ومن الترك، الله الله. والتقينا، فأسمع حركةً من خلفي، فإذا عليٌّ يَعْدُو بالرّاية حَتَّى أقامها، ولحِقَه ابنه مُحَمَّد بن الحَنَفِيَّة، فسمعته يقول: يا بُنَيّ الْزَمْ رايَتَكَ، فإنّي متقدِّمٌ فِي القوم، فأنظرُ إليه يضرب بالسيف حتى يفرج له، ثم يرجع فيهم. وقال خليفة: شهِدَ مع عليّ من البدْريين: عمار بْن ياسر، وسهل بْن حُنَيْف، وخوات بن جبير، وأبو سعد السّاعديّ، وأبو اليُسْر، ورِفَاعة بْن رافع الْأَنْصَارِيّ، وأبو أيّوب الأنصاريّ بخُلْفٍ فِيهِ، قَالَ: وشهد معه من الصحابة ممّن لم يشهد بدْرًا: خُزَيْمة بْن ثابت ذو الشهَّادتين، وقيس بْن سعد بْن عُبَادة، وأبو قَتَادَةَ، وسهل بْن سعد السّاعدي، وقَرَظَة بْن كعب، وجابر بْن عَبْد الله، وابن عَبَّاس، والحسن، والحسين، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن أبي طَالِب، وأبو مَسْعُود عقبة بْن عمرو، وأبو عيّاش الزُّرَقي، وعديّ بْن حاتم، والأشعث بن قَيْس، وسليمان بْن صُرَد، وجُنْدُب بْن عَبْد الله، وجارية بْن قُدامة السَّعْدِيّ. وعن ابن سِيرِينَ قَالَ: قُتِلَ يوم صفين سبعون ألفًا يُعَدُّون بالقَصَب. وقال خليفة وغيره: افترقوا عن ستّين ألف قتيل، وقيل، عن سبعين ألفًا، منهم خمسة وأربعون ألفًا من أَهْل الشام. وقال عَبْد السلام بْن حرب، عن يزيد بْن عَبْد الرَّحْمَن عن جَعْفَر -أظنّه ابن أبي المُغْيَرة- عن عبيد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبْزى، عن أبيه قال: شهدنا مع علي ثمانمائة ممّن بايع بيعة الرّضوان، قُتِلَ منهم ثلاثةٌ وستون رجلًا، منهم عمّار. وقال أَبُو عبيدة وغيره: كانت راية علي مع هاشم بْن عُتْبة بْن أبي وقاص، وكان على الخيل عمّار بْن ياسر. وقال غيره: حيل بين عليّ وبين الفرات؛ لأن مُعَاوِيَة سَبَقَ إِلَى الماء، فأزالهم الأشعثُ عن الماء. قلت: ثُمَّ افترقوا وتواعدوا ليوم الحَكَمَيْن.

وقُتل مع عليّ: خُزَيْمة بْن ثابت، وعمار بْن ياسر، وهاشم بْن عُتْبَة، وعبد الله بْن بُدَيْل، وعبد الله بْن كعب المُراديّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بن كلدة الجمحي، وقيس بن مكشوح المرادي، وأُبيّ بْن قَيْس النخعي أخو عَلْقَمة، وسعد بْن الْحَارِث بْن الصِّمَّة الأنصاريّ، وجُنْدُب بْن زُهَير الغامِديّ، وأبو ليلى الْأَنْصَارِيّ. وقُتِلَ مع مُعَاوِيَة: ذو الكَلاع، وحَوْشَب ذو ظُلَيْم، وحابس بْن سعد الطّائي قاضي حمص، وعَمْرو بْن الحَضْرَميّ، وعُبَيْد الله بْن عُمَر بْن الخطاب العدويّ، وعُرْوة بْن دَاوُد، وكُرَيْب بن الصَّبَّاح الحِمْيَريّ أحد الأبطال، قتلَ يومئذٍ جماعةً، ثُمَّ بارَزَه عليّ فقتله. قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ الْكُوفِيُّ الرَّافِضِيُّ: ثنا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، أَنَّ وَلَدَ ذِي الْكَلاعِ أَرْسَلَ إِلَى الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ يَقُولُ: إِنَّ ذَا الْكَلاعِ قَدْ أُصِيبَ، وَهُوَ فِي الْمَيْسَرَةِ، أَفَتَأْذَنُ لَنَا فِي دَفْنِهِ؟ فَقَالَ الأَشْعَثُ لِرَسُولِهِ أَقْرِئْهُ السَّلامَ، وَقُلْ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّهِمَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَاطْلُبُوا ذَلِكَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيِّ فَإِنَّهُ فِي الْمَيْمَنَةِ، فَذَهَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: مَا عَسَيْتُ أَنْ أَصْنَعَ، وَقَدْ كَانُوا مَنَعُوا أَهْلَ الشَّامِ أَنْ يدخلوا عَسْكَرَ عَلِيٍّ، خَافُوا أَنْ يُفْسِدُوا أَهْلَ الْعَسْكَرِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لأَصْحَابِهِ: لأَنَا أَشَدُّ فَرَحًا بِقَتْلِ ذِي الْكَلاعِ مِنِّي بِفَتْحِ مِصْرَ لَوِ افْتَتَحْتُهَا؛ لأَنَّ ذَا الْكَلاعِ كَانَ يَعْرِضُ لِمُعَاوِيَةَ فِي أَشْيَاءَ كَانَ يَأْمُرُ بِهَا، فَخَرَجَ ابْنُ ذِي الْكَلاعِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي أَبِيهِ فَأَذِنَ لَهُ، فَحَمَلُوهُ عَلَى بَغْلٍ وَقَدِ انْتَفَخَ. وشهد صِفِّين مع مُعَاوِيَة من الصحابة: عمرو بْن العاص السَّهْميّ، وابنُهُ عَبْد الله، وفضالة بْن عُبَيْد الْأَنْصَارِيّ، ومَسْلَمة بْن مَخْلَد، والنُّعمان بْن بشير، ومعاوية بْن حُدَيج الكِنْدي، وأبو غادية الجهني قاتل عمار، وحبيب بن مَسْلَمة الفِهْري، وأبو الأعور السُّلَمِيّ، وبُسْر بْن أرطاة العامريّ. تحكيم الحَكَمين: عن عِكْرِمة قَالَ: حَكَّم مُعَاوِيَة عمرو بْن العاص، فقال الأحنف بْن قَيْس لعليّ: حَكِّمْ أنت وابن عَبَّاس، فإنّه رجلٌ مُجَربّ، قَالَ: أفعل، فأبت الْيَمَانِيَةُ

وقالوا: لَا، حتّى يكون منّا رَجُل، فجاء ابن عَبَّاس إِلَى عليّ لمّا رآه قد همّ أنْ يُحَكّم أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فقال له: عَلَام تُحَكّم أَبَا مُوسَى، فَوَالله لقد عرفت رأيه فينا، فَوَالله مَا نَصَرنا، وهو يرجو مَا نَحْنُ فِيهِ، فتُدْخِلَهُ الآن فِي معاقد أمرنا، مع أنّه ليس بصاحب ذاك فإذا أبيْتَ أن تجعلني مع عمرو فاجْعَل الأحنفَ بْن قَيْس فإنّه مُجَرَّبٌ من العرب، وهو، قِرْنٌ لعَمْرو، فقال عليّ أفعل، فأبت اليَمَانِيَةُ أيضًا. فلمّا غُلِبَ جعل أَبَا مُوسَى، فسمعتُ ابن عَبَّاس يقول: قلتُ لعلي يوم الحَكَمَيْن: لَا تُحَكّم أَبَا مُوسَى، فإنّ معه رجلًا حذر فرس فاره، فلزَّني إِلَى جنبه، فإنّه لَا يحلّ عُقْدَةً إلّا عقدتُها ولا يَعْقِدُ عقدة إلا حللتها. قال: يابن عَبَّاس مَا أصنع؟ إنّما أُوتَى من أصحابي، قد ضعفْتُ بينهم وكلُّوا فِي الحرب، هَذَا الأشعث بْن قَيْس يقول: لَا يكون فيها مُضَرِيّان أبدًا حَتَّى يكون أحدهما يمانٍ، قَالَ: فَعَذَرْتُهُ وعرفت أنه مُضْطَهَدٌ، وأنّ أصحابه لَا نيَّة لهم. وقال أَبُو صالح السمّان: قال عليّ لأبي مُوسَى: أحْكُمْ ولو على حزّ عُنُقي. وقال غيره: حكّم معاويةُ عَمْرًا، وحكَّم عليّ أَبَا مُوسَى، على أنّ من ولَّيَاهُ الخلافة فهو الخليفة، ومن اتفقنا على خلْعه خُلِعَ. وتواعدا أنْ يأتيا فِي رمضان، وأن يأتي مع كلّ واحدٍ جَمْعٌ من وجوه العرب. فلمّا كان الموعد سار هَذَا من الشام، وسار هَذَا من العراق، إِلَى أن التقى الطّائفتان بدُومَة الجَنْدل وهي طرف من الشام من جهة زاوية الجنوب والشرق. فعن عُمَر بْن الحكم قَالَ: قال ابن عَبَّاس لأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: احْذَرْ عَمْرًا، فإنّما يريد أن يقدِّمك ويقول: أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأسنّ منّي فتكلّم حتّى أتكلّم، وإنّما يريد أن يقدِّمك فِي الكلام لتخلع عليًّا. قَالَ: فاجتمعا على إمرةٍ، فأدار عمرو أَبَا مُوسَى، وذكر له مُعَاوِيَة فأبى، وقال أَبُو مُوسَى: بل عَبْد الله بْن عُمَر، فقال عمرو: أخبرني عن رأيك، فقال أَبُو مُوسَى: أرى أن نخلع هذين الرجُلَين، ونجعل هَذَا الأمر شورى بيْن المُسْلِمين، فيختاروا لأنفسهم من أحبوا. قال عمرو: الرَّأْيُ مَا رَأَيْت، قَالَ: فأقبلا على النّاس وهم مجتمعون بدومة الجَنْدَل، فقال عمرو: يا أَبَا مُوسَى أعلِمْهُمْ أنّ رَأيَنَا قد اجتمع، فقال: نعم، إنّ

رأينا قد اجتمع على أمر نرجو أن يُصْلِح الله به أمر الأمة، فقال عَمْرو: صَدَقَ وَبَرَّ، ونِعْمَ النّاظر للإسلام وأهله. فتكلَّم يا أَبَا مُوسَى. فأتاه ابن عَبَّاس، فخلا به، فقال: أنت فِي خدعة، ألم أقل لك لا تبدؤه وتعقَّبه، فإنّي أخشى أن يكون أعطاك أمرًا خاليًا، ثُمَّ ينزع عَنْهُ على ملَأٍ من النّاس، فقال: لَا تخشى ذلك فقد اجتمعنا واصْطَلحْنا. ثُمَّ قام أَبُو مُوسَى فحمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أيُّها النّاس، قد نظرنا فِي أمر هَذِهِ الأمة، فلم نر شيئًا هو أصلح لأمرنا ولا ألَمُّ لشَعْثها من أن لَا نُغَيّر أمرها ولا بعضه، حتّى يكون ذلك عن رضًا منها وتشاورٍ، وقد اجتمعت أَنَا وصاحبي على أمرٍ واحدٍ: على خلْع عليٍّ ومعاوية، وتستقبل الأمّةُ هَذَا الأمر فيكون شُورى بينهم يُوَلّون من أحبُّوا، وإنّي قد خلعت عليًّا ومعاوية، فَوَلّوا أمركم من رأيتم. ثمّ تأخّر. وأقبل عَمْرو فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذَا قد قَالَ مَا سمعتم، وخلع صاحبه، وإنّي خلعت صاحبه وأثبتُّ صاحبي مُعَاوِيَة، فإنّه وَلِيُّ عُثْمَان، والطّالب بدَمِهِ، وأحقُّ النّاس بمقامه، فقال سعد بْن أبي وقاص: ويحك يا أبا مُوسَى مَا أضعفك عن عَمْرو ومكايده، فقال: مَا أصنع به، جامعني على أمرٍ، ثُمَّ نزع عَنْهُ، فقال ابن عَبَّاس: لَا ذَنْبَ لك، الذَّنْب للَّذي قدَّمَك، فقال: رَحِمَك الله غَدَرَ بي، فَمَا أصنع، وقال أَبُو مُوسَى: يا عَمْرو إنّما مَثَلُك كَمَثل الكلْب إنْ تحمِلْ عليه يَلْهَثْ أو تَتْرُكْه يَلْهَثْ، فقال عَمْرو: إنّما مَثَلُكَ كَمَثَلِ الحمار يحمل أسفارًا، فقال ابن عُمَر: إِلَى مَا صِير أمرُ هذه الأمّة! إِلَى رجلٍ لَا يبالي مَا صنع، وَآخَرَ ضعيف. قال المسعوديّ فِي "المروج": كان لقاء الحَكَمين بدومة الجَنْدل فِي رمضان، سنة ثمانٍ وثلاثين، فَقَالَ عَمْرو لأبي مُوسَى: تكلَّم، فقال: بل تكلّم أنت، فقال: مَا كنت لأفعل، ولك حقوقٌ كلُّها واجبة. فحمد الله أَبُو مُوسَى وأثنى عليه، ثمّ قَالَ: هَلُمَّ يا عَمْرو إِلَى أمر يجمع الله به الأمة، ودعا عَمْرو بصحيفة، وقال للكاتب: اكتُب وهو غُلام لَعمْرو، وقال: إنّ للكلام أوّلًا وآخرًا، ومتى تنازعنا الكلام لو نبلغ آخرَهُ حتّى يُنْسَى أوَّلُهُ، فاكتُبْ مَا نقول، قَالَ: لَا

تكتب شيئًا يأمرك به أحدُنا حَتَّى تستأمر الآخر، فإذا أمرك فاكتُبْ، فكتب: هَذَا مَا تقاضى عليه فلانُ وفلان. إِلَى أن قال عَمْرو وإنّ عُثْمَان كان مؤمنًا فقال أَبُو مُوسَى: ليس لهذا قَعَدْنا، قَالَ عَمْرو: لَا بدّ أن يكون مؤمنًا أو كافرًا. قَالَ: بل كان مؤمنًا. قَالَ: فمُرْهُ أن يكتب، فكتب. قال عمرو: فظالمًا قُتل أو مظلومًا، قَالَ أَبُو مُوسَى: بل قُتِلَ مظلومًا، قَالَ عَمْرو: أفَلَيْس قد جعل الله لوليِّه سُلْطانًا يطلبُ بدمه؟ قال أَبُو مُوسَى: نعم، قَالَ عَمْرو: فَعَلَى قاتله الْقَتْلُ، قَالَ: بلى. قَالَ: أفليس لمعاوية أنْ يطلب بدَمِهِ حتّى يَعْجَز؟ قَالَ: بلى، قَالَ عَمْرو: فإنّا نُقِيم البَيِّنة على أنّ عليًّا قتله. قَالَ أَبُو مُوسَى: إنّما اجتمعنا لله، فَهَلُمَّ إِلَى مَا يصلح الله به أمرَ الأمة، قَالَ: وما هُوَ؟ قَالَ: قد علِمْتَ أنّ أَهْل العراق لَا يحبُّون مُعَاوِيَة أبدًا، وأهل الشام لَا يحبُّون عليًّا أبدًا، فهَلُمَّ نخلعهما معًا، ونستخلف ابن عُمَر -وكان ابن عُمَر على بِنْت أبي مُوسَى- قَالَ عَمْرو: أَيَفْعَلُ ذلك عبدُ الله؟ قَالَ: نعم إذا حمله النّاس على ذلك. فصوَّبه عَمْرو وقال: فهل لك فِي سعد؟ وعدَّدَ له جماعة، وأبو مُوسَى يأبى إلّا ابن عُمَر، ثُمَّ قَالَ: قُمْ حتّى نخلع صاحبينا جميعًا، واذكْر اسم من تستخلِف، فقام أَبُو مُوسَى وخطب وقال: إنّا نظرنا فِي أمرنا، فرأينا أقرب مَا نحقن به الدماء ونلُمَّ به الشَّعْث خَلْعنا مُعَاوِيَة وعليًَّا، فقد خلعتهما كما خلعت عمامتي هذه، واستخلفنا رجلًا قد صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنفسه، وله سابقةٌ: عَبْد الله بْن عُمَر، فأطراه ورغِب النّاس فِيهِ. ثُمَّ قَام عَمْرو فقال: أيُّها النّاس، إنّ أَبا موسى قد خلع عليًّا، وهو أعلم به، وقد خلعته معه، وأثبت معاوية علي وعليكم، وإن أَبا مُوسَى كتب فِي هَذِهِ الصحيفة أنّ عُثْمَان قُتِل مظلومًا، وأنّ لِولِيّه أن يطلب بدَمِه، فقام أَبُو مُوسَى فقال: كذِب عَمْرو، لم نستخلف مُعَاوِيَة، ولكنّا خلعنا مُعَاوِيَة وعليًّا معًا. قال المَسْعُوديّ: ووجدتُ فِي روايةٍ أنّهما اتّفقا وخلعا عليًّا ومعاوية، وجعلا الأمر شُورَى، فقام عَمْرو بعده، فوافقه على خلع عليّ، وعلى إثبات مُعَاوِيَة، فقال له: لَا وَفَّقَكَ الله، غدرت. وقَنَّع شريح بن هانئ عَمْرًا بالسَّوْط. وانْخَذَل أَبُو مُوسَى، فلحِق بمكَّة، ولم يعد إِلَى الكوفة، وحلف لَا ينظر فِي وجه عليٍّ مَا بقي.

ولِحق سعدُ وابن عُمَر ببيت المقدس فأحْرمَا، وانصرف عَمْرو، فلم يأتِ مُعَاوِيَة، فأتاه وهيّأ طعامًا كثيرًا، وجرى بينهما كلامٌ كثير، وطلب الأطعمة، فأكل عَبِيدُ عَمْرٍو، ثمّ قاموا ليأكل عَبَيْد مُعَاوِيَة، وأمر من أغلق الباب وَقْتَ أَكْلِ عبيده، فقال عَمْرو: فعلْتَها؟ قَالَ: إي واللهِ بايعْ وإلّا قتلتُكَ. قَالَ: فمِصْر، قَالَ: هِيَ لك مَا عشْتُ. وقال الواقدي: رفع أهل الشام المصاحف وقالوا: ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فِيهِ. فاصطلحوا، وكتبوا بينهما كتابًا على أن يوافوا رأسَ الْحَوْلِ أذْرُحَ1 ويُحَكِّمُوا حَكَمَيْن، ففعلوا ذلك فلم يقع اتّفاق، ورجع عليّ بالاختلاف والدّغّل من أصحابه، فخرج منهم الخوارج، وأنكروا تحكيمه وقالوا: لَا حُكْم إلّا لله، ورجع مُعَاوِيَة بالألفة واجتماع الكلمة عليه. ثُمَّ بايع أَهْل الشام مُعَاوِيَة بالخلافة فِي ذي القعدة سنة ثمانٍ وثلاثين. كذا قَالَ: وقال خليفة وغيره إنّهم بايعوه فِي ذي القعدة سنة سبعٍ وثلاثين، وهو أشبه؛ لأنّ ذَلِكَ كان إثْر رجوع عَمْرو بْن العاص من التحكيم. وقال مُحَمَّد بْن الضَّحّاك الحِزَامِيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قام عليٌّ على مِنبْرَ الكوفة، فقال: حين اختلف الحَكَمان: لقد كنت نَهَيْتُكم عن هَذِهِ الحكومة فعصيتموني، فقام إليه شابٌ آدمُ فقال: إنّك واللهِ مَا نهيتَنَا ولكنْ أمرتَنَا ودمَّرتنا، فَلَمَّا كان منها مَا تكرهُ برَّأْتَ نَفْسَكَ ونَحَلْتَنا ذَنْبَك. فقال عليّ: مَا أنت وهذا الكلام قبَّحَكَ الله، واللهِ لقد كَانَتِ الجماعة فكنت فيها خاملًا، فَلَمَّا ظهرت الفتنة نجمت فيها نجوم الماغرة. ثُمَّ قَالَ: لله منزلٌ نزله سعد بْن مالك وعبد الله بن عمر، والله لئن كان ذَنْبًا إنّه لَصَغيرٌ مغفورٌ، وإنْ كان حَسَنًا إنّه لعظيمٌ مشكور. قلت: مَا أحسنها لولا أنّها مُنْقطعة السَّنَد. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَقُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنَ النَّاسِ مَا تَرَيْنَ، وَلَمْ يُجْعَلْ لِي مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ، قَالَتْ: فَالْحَقْ بِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يكون في احتباسك عنهم فرقة، فذهب.

_ 1 أذرح: بلد في أطراف الشام.

فلمّا تفرَّق الحَكَمَان خطب معاويةُ فقال: مَن كان يريد أن يتكلّم فِي هَذَا الأمر فليطلع إلى قرنه فلنحن أحق بهذا الأمر منه ومن أَبِيهِ -يعرِّض بابن عُمَر- قال ابن عُمَر: فحَلَلْتُ حَبْوَتي وَهَمَمْتُ أن أقول: أحق من قاتلك وأباك على الإسلام. فخشيت أن أقول كلمةً تفرِّق الجمعَ وَتَسْفِكُ الدَّمَ، فَذَكَرَتْ مَا أعدّ الله فِي الجنان1. قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: لا أَرَى لَهَا غَيْرَ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ عَمْرٌو لابْنِ عُمَرَ: أَمَا تريد أن نبايعك؟ فهل لك أن تُعطي مَالا عَظِيمًا عَلَى أَنْ تَدَعَ هَذَا الأَمْرَ لِمَنْ هُوَ أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْكَ. فَغَضِبَ ابْنُ عمر وقام. رواه مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وفيها أخرج عليٌ سهل بْن حُنَيْف على أَهْل فارس، فمانَعُوه، فوجّه عليٌّ زيادًا، فصالحوه وأدُّوا الخَرَاج. وفيها قال أَبُو عبيدة: خرج أَهْل حَرُوراء2 فِي عشرين ألفًا، عليهم شَبَثُ بْن رِبْعيّ، فكَّلمهم عليّ فحاجَّهُم، فرجعوا. وقال سُلَيْمَان التَّيْميّ، عن أَنَس قَالَ: قَالَ شَبَثُ بْن رِبْعيّ: أَنَا أوّل من حرَّر الْحَرُورِيَّةَ، فقال رَجُل: مَا فِي هَذَا مَا تمتدح به. وعن مُغِيرَةَ قَالَ: أوّل من حكم ابن الكَوَّاء وشَبَث. قلت: معنى قوله "حكم" هذه كلمة قد صارت سِمَةً للخَوارج. يُقَالُ "حكم" إذا خرج فقال: لا حكم إلا لله. سَنَة ثَمانٍ وَثَلَاثِين: فيها وجَّه مُعَاوِيَة من الشام عبد الله بن الحَضْرميّ فِي جيشٍ إِلَى البصرة ليأخذها، وبها زياد ابن أَبِيهِ من جهة عليّ، فنزل ابن الْحَضْرَمِيّ فِي بني تميم وتحول زياد إِلَى الأزد، فنزل على صَبِرة بْن شَيْمان الحُدَّانيّ. وكتب إِلَى عليّ فوجّه عليّ أَعْيَنَ بْن ضُبَيْعَة المُجَاشِعِيّ، فقتل أعْين غِيلةً على فراشه. فندب علي

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري بنحوه "4108" في كتاب المغازي، باب: غزوة الخندق. 2 حروراء: قرية على بعد ميلين من الكوفة.

جارية بْن قُدامة السَّعْدِيّ، فحاصر ابن الْحَضْرَمِيّ فِي الدّار التي هُوَ فيها، ثُمَّ حرَّقها عليه. وَفِي شعبان ثارت "الخوارج" وخرجوا على عليّ، وأنكروا عليه كَوْنَه حكَّم الحَكَمين، وقالوا: حكَّمْتَ فِي دين الله الرجال، والله يقول: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} 1، فناظَرَهُمْ، ثُمَّ أرسل إليهم عَبْد الله بن عَبَّاس، فبيَّن لهم فسادَ شُبْهَتهم، وفسر لهم، واحتجَّ بقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} 2، وبقوله: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} 3، فرجع إِلَى الصواب منهم خلق، وسار الآخرون، فلقوا عَبْد الله بْن خَبَّاب بْن الأرت، ومعه امرأته فقالوا: من أنت? فانتسب لهم، فسألوه عن أبي بَكْر، وعمر، وعثمان، وعليّ، فأثنى عليهم كلهم، فذبحوه وقتلوا امرأته، وكانت حُبْلَى، فبقروا بطنها، وكان من سادات أبناء الصحابة. وفيها سارت الخوارج لحرب عليّ، فكانت بينهم وقعة النَّهْرَوان، وكان على الخوارج عَبْد الله بْن وهب السبائي، فهزمهم عليّ وقُتِل أكثرهم، وقُتِل ابن وهب. وقُتِلَ من أصحاب عليّ اثنا عشر رجلًا. وقيل فِي تسميتهم الحرُورِيّة لأنهم خرجوا على عليّ من الكوفة، وعسكروا بقريةٍ قريبةٍ من الكوفة يُقَالُ لها حَرُوراء، واسْتَحَلّ عليّ قتْلَهُم لِمَا فعلوا بابن خَبَّاب وزوجته. وكانت الوقعة فِي شعبان سنة ثمانٍ، وقيل: فِي صَفَر. قَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعَتِ الْخَوَارِجُ فِي دَارِهَا، وَهُمْ سِتَّةُ آلافٍ أَوْ نَحْوُهَا، قُلْتُ لِعَلِيٍّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْرِدْ بِالصَّلاةِ لَعَلِّي أَلْقَى هَؤُلاءِ، فَإِنِّي أَخَافُهُمْ عَلَيْكَ، قُلْتُ: كَلا، قَالَ: فَلَبِسَ ابْنُ عَبَّاسٍ حُلَّتَيْنِ مِنْ أَحْسَنِ الْحُلَلِ، وَكَانَ جَهِيرًا جَمِيلا، قَالَ: فَأَتَيْتُ الْقَوْمَ، فَلَمَّا رَأَوْنِي قَالُوا: مَرْحَبًا بِابْنِ عَبَّاسٍ وَمَا هَذِهِ الْحُلَّةُ؟ قُلْتُ: وما تنكرون من ذلك؟ لقد

_ 1 سورة الأنعام: 57. 2 سورة المائدة: 95. 3 سورة النساء: 35.

رَأَيْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُلَّةً مِنْ أَحْسَنِ الْحُلَلِ، قَالَ: ثُمَّ تَلَوْتُ عَلَيْهِمْ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} 1. قَالُوا فَمَا جَاءَ بِكَ? قُلْتُ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْ عِنْدِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلا أَرَى فيكم أحدًا منهم، ولأبلغنكم مَا قَالُوا، وَلأُبَلِّغَنَّهُمْ مَا تَقُولُونَ: فَمَا تَنْقِمُونَ مِنَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصِهْرِهِ? فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالُوا: لا تُكَلِّمُوهُ فَإِنَّ اللَّهُ يَقُولُ: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} 2 وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا يَمْنَعُنَا مِنْ كَلامِهِ، ابْنِ عمّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، وَيَدْعُونَا إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَقَالُوا: نَنْقِمُ عَلَيْهِ ثَلاثَ خِلالٍ: إِحْدَاهُنَّ: أَنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ وَمَا لِلرِّجَالِ وَلِحُكْمِ اللَّهِ، والثانية: أنه علم فَلَمْ يَسْبِ وَلَمْ يَغْنَمْ، فَإِن كَانَ قَدْ حَلَّ قِتَالُهُمْ فَقَدْ حَلَّ سَبْيُهُمْ، وَإِلا فَلا، وَالثَّالِثَةُ: مَحَا نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَهُوَ أَمِيرُ الْمُشْرِكِينَ. قُلْتُ: هَلْ غَيْرُ هَذَا؟ قَالُوا: حَسْبُنَا هَذَا. قُلْتُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ خَرَجْتُ لَكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ أَرَاجِعُونَ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: وَمَا يَمْنَعُنَا، قُلْتُ: أَمَّا قَوْلُكُمْ إِنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي أَمْرِ اللَّهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} 3 وَذَلِكَ فِي ثَمَنِ صَيْدِ أَرْنَبٍ أَوْ نَحْوِهِ قِيمَتُهُ رُبْعُ دِرْهَمٍ فَوَّضَ اللَّهُ الْحُكْمَ فِيهِ إِلَى الرِّجَالِ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُحَكِّمَ لحكَّم. وَقَالَ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِه} 4 الآيَةَ. أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: قَاتَلَ فَلَمْ يَسْبِ، فَإِنَّهُ قَاتَلَ أمكم؛ لأن الله يقول: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} 5 فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأُمِّكُمْ فَقَدْ كَفَرْتُمْ، وَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهَا أُمُّكُمْ فَمَا حَلَّ سِبَاؤُهَا، فَأَنْتُمْ بَيْنَ ضَلالَتَيْنِ، أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ إِنَّهُ مَحَا اسْمَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي أُنَبِّئُكُمْ عَنْ ذَلِكَ:

_ 1 سورة الأعراف: 32. 2 سورة الزخرف: 58. 3 سورة المائدة: 95. 4 سورة النساء: 35. 5 سورة الأحزاب: 6.

أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الحديبية جرى الكتاب يبنه وَبَيْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: "يَا عَلِيُّ اكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ محمدٌ رَسُول اللَّهِ" فَقَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبِ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ، فقال: "اللهم إنك تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ"، ثُمَّ أَخَذَ الصَّحِيفَةَ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: "يَا عَلِيُّ اكْتُبْ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" 1، فَوَاللَّهِ مَا أَخْرَجَهُ ذَلِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ، أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَرَجَعَ ثُلُثُهُمْ، وَانْصَرَفَ ثُلُثُهُمْ، وَقُتِلَ سَائِرُهُمْ عَلَى ضَلالةٍ. قَالَ عَوْفٌ: ثنا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَفْتَرِقُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ، تَمْرُقُ بَيْنَهُمَا مَارِقَةٌ تقتلهم، أولى الطائفتين بالحق" 2. وكذا رواه قَتَادَةُ وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَنْبَأَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ عَلَى عَلِيٍّ قَالُوا: لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَفَ نَاسًا إِنِّي لأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ -وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ- مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ، مِنْهُمْ أَسْوَدُ إِحْدَى يَدَيْهِ طُبْيُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْيٍ، فَلَمَّا قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ قَالَ: انْظُرُوا، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، قَالَ: ارْجِعُوا، فَوَاللَّهِ مَا كَذِبْتُ وَلا كُذِبْتُ، ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خِرْبَةٍ، فَأَتَوْا بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَنَا حَاضِرٌ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَقَوْلِ عَلِيٍّ فِيهِمْ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَنَحْنُ عِنْدَهَا لَيَالِي قُتِلَ عَلِيٌّ، فَقَالَتْ: حَدِّثْنِي عَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ، قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ وَحَكَّمَ الحكمين

_ 1 صحيح: بنحوه: أخرجه البخاري "2731، 2732" في كتاب الشروط، باب: الشروط في الجهاد، وأبو داود "2765" في كتاب الجهاد، باب: في صلح العدو، وأحمد "4/ 323، 326، 328، 331" من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم. 2 صحيح: أخرجه مسلم "1065/ 150" في كتاب الزكاة، باب: ذكر الخوارج، وأبو داود "4667" في كتاب السنة، باب: ما يدل على ترك الكلام في الفتنة، وأحمد "3/ 5، 32، 45، 48، 79"، والبيهقي في "الدلائل" "6/ 424".

خَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ آلافٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ -يَعْنِي عُبَّادَهُمْ- فَنَزَلُوا بِأَرْضِ حَرُورَاءَ مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ وَقَالُوا: انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ ألْبَسَكَ اللَّهُ وَحَكَّمْتَ فِي دِينِ اللَّهِ الرِّجَالَ، وَلا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ. فَلَمَّا بَلَغ عَلِيًّا مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ، جَمَعَ أَهْلَ الْقُرآنِ، ثُمَّ دَعَا بِالْمُصْحَفِ إِمَامًا عَظِيمًا، فَوَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَطَفِقَ يُحَرِّكُهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: أَيُّهَا الْمُصْحَفُ حَدِّثِ النَّاسَ، فَنَادَاهُ النَّاسُ، مَا تَسْأَلُ؟ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ وَوَرَقٌ، وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رَوَيْنَا مِنْهُ، فَمَاذَا تُرِيدُ؟ فَقَالَ: أَصْحَابُكُمُ الَّذِينَ خَرَجُوا، بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى: يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} 1، فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ أَعْظَمُ حَقًّا وَحُرْمَةً مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ شِبْهَ مَا تَقَدَّمَ، قَالَ: فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلافٍ، فِيهِمُ ابْنُ الْكَوَّاءِ، ومضى الآخرون، قالت عائشة فلم قتلتهم؟ قَالَ: قَطَعُوا السَّبِيلَ، وَاسْتَحَلُّوا أَهْلَ الذِّمَّةِ، وَسَفَكُوا الدم.

_ 1 سورة النساء: 35.

هزيمة الخوارج بحروراء: سَنَة تِسْعٍ وَثلَاثيْن: فيها كَانَتْ وقعة الخوارج بحروراء بالنخيلة1، قاتلهم علي فكسرهم، وقتل رءوسهم وسجد شكرًا لله تعالى لمّا أُتي بالمخدَّج إليه مقتولًا، وكان رءوس الخوارج زَيْدُ بْن حصن الطائي، وشُرَيْح بْن أوْفَى العبسيّ، وكانا على المُجَنَّبَتَيْن، وكان رأسهم عَبْد الله بْن وهب السّبأي، وكان على رَجَّالتهم حُرْقُوص بْن زهير. وفيها بعث مُعَاوِيَة يزيد بْن شجرة الرَّهاوِيّ ليقيم الحجّ، فنازَعَهُ قُثَمُ بْن الْعَبَّاس ومَانَعه، وكان من جهة عليّ، فتوسّط بينهما أَبُو سَعِيد الخدري وغيره، فاصطلحا، على أن يقيم الموسم شَيْبَة بْن عُثْمَان العَبْدَرِيّ حاجب الكَعبة. وقيل: تُوُفيّ فيها "أمُّ المؤمنين ميمونة"، وحسان بْن ثابت الْأَنْصَارِيّ، وسيأتيان. وكان عليّ قد تجهّز يريد مُعَاوِيَة، فردّ من عانات، واشتغل بحرب الخوارج الحَرُوريّة، وهمّ العُبّاد والقُرّاء من أصحاب عليّ الذين مَرَقُوا من الْإِسْلَام، وأوقعهم الغُلُوّ فِي الدين إِلَى تكفير العُصاة بالذُّنوب، وإلى قُتِلَ النساء والرجال، إلّا من اعترف لهم بالكفر وجدَّد إسلامه. ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الموالي، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل، سمع مُحَمَّد بْن الحنَفية يقول: كان أبي يريد الشام، فجعل يعقد لواءه، ثُمَّ يحلف لَا يحلّه حَتَّى يسير، فيأبَى عليه النّاس، وينتشر عليه رأيهُم، ويَجْبُنون فيحله ويكفّر عن يمينه، فعل ذلك أربع مرّات، وكنت أرى حالهم فأرى ما لا يسرني. فكلمت المسور بن مخرمة يومئذ، وَقُلْتُ: ألا تكلمه أَيْنَ يسير بقوم لَا والله مَا أرى عندهم طائلًا، قَالَ: يا أَبَا القاسم يسير الأمر قد حُمّ، قد كلَّمْتُهُ فرأيته يأبى إلّا المسير. قَالَ ابن الحَنَفّية: فلمّا رَأَى منهم مَا رَأَى قَالَ: اللَّهُمَّ إنّي قد مَللْتُهُم وقد ملُّوني، وأبغضْتُهُم وأبغضوني، فأبْدِلني خيرًا منهم، وأبدِلْهم شرًّا مني.

_ 1 النخيلة: موضع قرب الكوفة.

"تعاهد الخوارج بعد هزيمتهم على قتل على ومعاوية وعمرو بن العاص": سَنَة أربَعِين: فيها بعث مُعَاوِيَة إِلَى اليمن بُسْر بْن أبي أرطاة الْقُرَشِيَّ العامريّ فِي جنودٍ، فتنحّى عَنْهَا عاملُ علي عُبَيْد الله بْن عَبَّاس، وبلغ عليًّا فجهز إِلَى اليمن جارية بْن قُدامة السَّعْديّ فوثب بُسْر على وَلَديْ عُبَيْد الله بْن عَبَّاس صَبِيَّيْن، فذبحهما بالسكين وهرب، ثم رجع عبيد الله على اليمن. قَالَ ابن سعد: قَالُوا انتدب ثلاثةً من الخوارج، وهم: عَبْد الرَّحْمَن بْن مُلْجم المُرَادِيّ، والبُرَك بْن عَبْد الله التميميّ، وعمرو بْن بَكْر التميميّ، فاجتمعوا بمكة، فتعاهدوا وتعاقدوا لَيَقْتُلُنَّ هؤلاء الثّلاثة عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، ومعاوية بْن أبي سُفْيَان، وعمرو بْن العاص، ويُريحوا العباد منهم. فقال ابن ملجم: أنا لعلي، وقال البرك: أَنَا لمعاوية، وقال الآخر: أَنَا أكفيكم عَمْرًا، فتواثقوا أنْ لَا ينْكُصُوا، واتَّعَدُوا بينهم أن يقع ذلك ليلة سبع عشرة من رمضان، ثمّ تَوَجَّه كلُّ رجلٍ منهم إِلَى بلدٍ بها صاحبُهُ، فقدِم ابنُ مُلْجم الكوفة، فاجتمع بأصحابه من الخوارج، فأسرَّ إليهم، وكان يزورهم ويزورونه. فرأى قَطَام بِنْت شِجْنَة من بني تيم الرباب، وكان علي قتل أباها وأخاها يوم النَّهروان، فأعْجَبَتْهُ، فقالت: لَا أتزوَّجُكَ حَتَّى تعطيني ثلاثة آلاف درهم، وتقتل عليًّا، فقال: لكِ ذلك، ولقي شبيب بْن بجرَة الأشجعي، فأعلمه ودعاه إلى أن يكون معه فأجابه. وبقي ابن مُلْجَم فِي الليلة التي عزم فيها على قتْل علي يناجي الأشعث بْن قَيْس فِي مسجده حَتَّى طلع الفجر، فقال له الأشعث: فَضَحكَ الصُّبْحُ، فقام هُوَ وشبيب، فأخذا أسيافهما، ثُمَّ جاءا حَتَّى جلسا مقابل السُّدَّةِ التي يخرج منها عليّ، فذكر مقتل عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، فلمّا قُتِلَ أخذوا عَبْد الرَّحْمَن بْن ملجم، وعذبوه فقتلوه. وقال حجاج بن أبي منيع: أنبأنا جَدِّي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَعَاهَدَ ثَلاثَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى قَتْلِ مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَحَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَة، وَذَكَرَهُ.

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين: ما بعد الخلفاء الراشدون حتى سنة 41هـ: "الطبقة الأولى": "من العشرة المبشرين بالجنة": 6- "ع" أبو عبيدة بن الجراح "ت 18هـ" عامر بْن عبد الله بْن الجراح بْن هلال بْن أُهيب بْن ضبة بْن الحارث بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عدنان، القرشي الفهري المكي. أحد السابقين الأولين: ومن عزم الصديق على توليته الخلافة، وأشار به يوم السقيفة، لكمال أهليته عند أبي بكر. يجتمع في النسب هو والنبي -صلى الله عليه وسلم- في فهر. شهد لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْجَنَّةِ، وسماه أمين الأمة، ومناقبه شهيرة جمة. روى أحاديث معدودة، وغزا غزوات مشهودة. حدث عنه العرباض بن سارية، وجابر بن عبد الله، وأبو أمامة الباهلي، وسمرة بن جندب، وأسلم مولى عمر، وعبد الرحمن بن غنم، وآخرون. له في صحيح مسلم حديث واحد، وله في جامع أبي عيسى حديث، وفي "مسند بقي" له خمسة عشر حديثا. الرواية عنه: أخبرنا أبو المعالي محمد بن عبد السلام التميمي، قراءة عليه في سنة أربع وتسعين وستمائة، أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد البزار، أنبأنا تميم بن أبي سعيد أبو القاسم المعري، في رجب سنة تسع وعشرين وخمسمائة، بهراة1، أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي، حدثنا عبد الله بن معاوية القرشي، حدثنا حماد بن سلمة، عن

_ 1 هراة: من مدن خراسان.

خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عن عبد الله بن سراقة، عن أبي عبيدة بن الجراح: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يقول: "إنه لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر قومه الدجال، وإني أنذركموه" فوصفه لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "لعله سيدركه بعض من رآني أو سمع كلامي". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كيف قلوبنا يومئذ؟ أمثلها اليوم؟ قال: "أو خير"1. أخرجه الترمذي عن عبد الله الجمحي فوافقناه بعلو. وقال: وفي الباب عن عبد الله بن بسر وغيره. وهذا حديث حسن غريب من حديث أبي عبيدة -رضي الله عنه. قال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني نور بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مالك بْن يُخَامر أنه وصف أبا عبيدة فقال: كان رجلا نحيفًا، معروق الوجه، خفيف اللحية، طوالًا، أجْنى، أثرم الثنيتين2. وأخبرنا محمد بن عمر، حدثنا محمد بن صالح، عن يزيد بن رومان قال: انطلق ابن مظعون، وعبيدة بن الحارث، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجراح حتى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعرض عليهم الإسلام، وأنبأهم بشرائعه، فأسلموا في ساعة واحدة، وذلك قبل دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دار الأرقم3. وقد شهد أبو عبيدة بدرا، فقتل يومئذ أباه، وأبلى يوم أحد بلاء حسنا، ونزع يومئذ الحلقتين اللتين دخلتا من المِغْفَر في وَجِنَةِ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ ضربة أصابته، فانقلعت ثنيتاه، فحسن ثغره بذهابهما، حتى قيل: ما رئي هتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة.

_ 1 ضعيف: أخرجه أبو داود "4756" في كتاب السنة، باب: في الدجال، والترمذي "2241" في كتاب الفتن، باب: ما جاء في الدجال، وابن حبان "1/ 6778" وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" "8/ 95": في إسناده غرابة: وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "389": ضعيف. 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 220-221". 3 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 218".

وقال أبو بكر الصديق وقت وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسقيفة بني ساعدة: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر، وأبا عبيدة. قال الزبير بن بكار: قد انقرض نسل أبي عبيدة، وولد إخوته جميعا، وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة، قاله ابن اسحاق، والواقدي. قلت: إن كان هاجر إليها، فإنه لم يطل بها الليث. وكان أبو عبيدة معدودا فيمن جمع القرآن العظيم. قال موسى بن عقبة في "مغازيه" غزوة عمرو بن العاص هي غزوة ذات السلاسل من مشارف الشام، فخاف عمرو من جانبه ذلك، فاستمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانتدب أبا بكر وعمر في سراة من المهاجرين، فأمر نبي الله عليهم أبا عبيدة، فلما قدموا على عمرو بن العاص قال: أنا أميركم، فقال المهاجرون: بل أنت أمير أصحابك، وأميرنا أبو عبيدة. فقال عمرو: إنما أنتم مدد أمددت بكم. فلما رأى ذلك أبو عبيدة بن الجراح، وكان رجلا حسن الخلق، لين الشيمة، متبعا لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعهده، فسلم الإمارة لعمرو. وثبت من وجوه عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قال: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أبو عبيدة بن الجراح" 1. أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه وغيره، إجازة، قالوا: أخبرنا حنبل بن عبد الله، أنبأنا هبة الله بن محمد، أنبأنا أبو علي بن المذهب، أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، عن شريح بن عبيد، وراشد بن سعد، وغيرهما قالوا: لما بلغ عمر بن الخطاب سرغ، حدث أن بالشام وباء شديدا، فقال: إِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فإني سألني الله عز وجل: لِمَ استخلفته على أمة محمد؟ قلت: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الأمة أبو عبيدة بن الجراح". قال: فأنكر القوم ذلك وقالوا: ما بال علياء قريش؟ يعنون بني فهر،

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3744" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب أبي عبيدة بن الجراح، ومسلم "2419" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي عبيدة بن الجراح.

ثم قال: وإن أدركني أجلي، وقد توفي أبو عبيدة، أستخلف معاذ بن جبل، فإن سألني ربي قلت: إني سمعت نبيك يقول: "إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء برتوة" 1. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عمرو بن العاص قال: قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قال: "عائشة". قيل: من الرجال؟ قال: "أبو بكر"، قيل: ثم من؟ قال: "ثم أبو عبيدة بن الجراح" 2. كذا يرويه حماد، وخالفه جماعة، فرووه عن الجريري، عن عبد الله قال: سألت عائشة: أي أصحابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أحب إليه؟ قالت: أَبُو بكر، ثُمَّ عُمَر، ثُمَّ أَبُو عبيدة بن الجراح3. أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل، أنبأنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أنبأنا محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا أحمد بن محمد بن غالب، بقراءته على أبي العباس بن حمدان، حدثكم محمد بن أيوب، أنبأنا أبو الوليد، أنبأنا شعبة، عن أبي إسحاق، سمعت صلة بن "زفر"، عن حذيفة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إني أبعث إليكم رجلا أمينا" فاستشرف لها أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فبعث أبا عبيدة بن الجراح4. اتفقا عليه من حديث شعبة. واتفقا من حديث خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لكل أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بن الجراح" 5. أخبرنا أحمد بن محمد المعلم، أنبأنا أبو القاسم بن رواحة، أنبأنا أبو طاهر الحافظ، أنبأنا أحمد بن على الصوفي، وأبو غالب الباقلاني، وجماعة، قالوا:

_ 1 أخرجه أحمد "1/ 18". 2 انظر الآتي. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3781" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي عبيدة عامر بن الجراح، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 صحيح: أخرجه البخاري "3745" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب أبي عبيدة بن الجراح، ومسلم "2420" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل أبي عبيدة بن الجراح. 5 صحيح: وقد تقدم.

أنبانا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو محمد الفاكهي بمكة، حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى الواسطى، أنبأنا يحيى بن أبي زكريا، حدثنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أبي الزبير، عن جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ مَعَ خالد، الذين أمد بهم أبا عبيدة، وهو محاصر دمشق، فلما قدمنا عليهم، قال لخالد: تقدم فصل، فأنت أحق بالإمامة؛ لأنك جئت تمدني. فقال خالد: ما كنت لأتقدم رجلا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لكل أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بن الجراح"1. أبو بكر بن أبي شيبة: أنبأنا عبد الرحيم بن سليمان، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن حذيفة قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسقفا نجران: العاقب والسيد، فقالا: أبعث معنا أمينا حق أمين فقال: "لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين" فاستشرف لها الناس، فقال: "قم يا أبا عبيدة" فأرسله معهم2. قال: وحدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق نحوه. الترقفي3 في "جزئه": حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثنا أبو حسبة مسلم بن أكيس مولى ابن كريز، عن أبي عبيدة قال: ذكر لي من دخل عليه فوجده يبكي، فقال: ما يبكيك يا أبا عبيدة؟ قال: يبكيني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر يوما ما، يفتح الله على المسلمين، حتى ذكر الشام فقال: "إن نسأ الله في أجلك فحسبك من الخدم ثلاثة: خادم يخدمك، وخادم يسافر معك، وخادم يخدم أهلك ويرد عليهم وحسبك من الدواب ثلاثة: دابة لرحلك، ودابة لثقلك، ودابة لغلامك"، ثم هذا أنذا أنظر إلى بيتي قد امتلأ رقيقا، وإلى مربطي قد امتلأ خيلا، فكيف أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعدها؟ وقد أوصانا: "أن أحبكم إلي، وأقربكم مني، من لقيني على مثل الحال التي فارقتكم عليها" 4. حديث غريب رواه أيضا أحمد في "مسنده" عن أبي المغيرة.

_ 1 إسناده ضعيف: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه، والمرفوع منه صحيح كما تقدم. 2 صحيح: وقد تقدم. 3 هو عبّاس بْن عَبْد الله بْن أبي عِيسَى، تأتي ترجمته "2225". 4 أخرجه أحمد "1/ 195-196".

وكيع بن الجراح، حدثنا مبارك بن فضالة عن الْحَسَنُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما منكم من أحد إلا لو شئت لأخذت عليه بعض خلقه، إلا أبا عبيدة"1. هذا مرسل. وكان أبو عبيدة موصوفا بحسن الخلق، وبالحلم الزائد والتواضع. قال محمد بن سعد: حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ عمر لجلسائه، تمنوا، فتمنوا، فقال عمر: لكني أتمني بيتا ممتلئا رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح. وقال ابن أبي شيبة: قال ابن علية: عن يونس، عن الْحَسَنُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما من أصحابي أحد إلا لو شئت أخذت عليه، إلا أبا عبيدة"2. وسفيان الثوري: عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة قال: قال ابن مسعود: أخلائي مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاثة: أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة3. خالفه غيره، ففي "الجعديات": أنبأنا زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله فذكره. قال خليفة بن خياط: وقد كان أبو بكر ولي أبا عبيدة بيت المال. قلت: يعني أموال المسلمين، فلم يكن بعد عمل بيت مال، فأول من اتخذه عمر. قال خليفة: ثم وجهه أبو بكر إلى الشام سنة ثلاث عشرة أميرا، وفيها استخلف عمر، فعزل خالد بن الوليد، وولى أبا عبيدة. قال أبو القاسم بن يزيد: حدثنا سفيان، عن زياد بن فياض، عن تميم بن سلمة، أن عمر لقي أبا عبيدة، فصافحه، وقبل يده، وتنحيا يبكيان. وقال ابن المبارك في "الجهاد" له: عَنْ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ،

_ 1 مرسل إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "5157" ومبارك بن فضالة مدلس، وقد عنعنه. 2 مرسل. 3 إسناده ضعيف: أبو عبيدة هو ابن عبد الله بن مسعود، لم يسمع من أبيه، وأما تدليس أبي إسحاق فرواية الثوري عنه مآمونة التدليس.

عن أبيه قال: بلغ عمر أن أبا عبيدة حصر بالشام، ونال منه العدو، فكتب إليه عمر: أما بعد، فإنه ما نزل بعبد مؤمن شدة، إلا جعل الله بعدها فرجا، وإنه لا يغلب عسر يسرين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} الآية1. قال: فكتب إليه أبو عبيدة: أما بعد، فإن الله يقول: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} إلى قوله: {مَتَاعُ الْغُرُور} 2، قال: فخرج عمر بكتابه، فقرأه على المنبر فقال: يا أهل المدينة! إنما يعرض بكم أبو عبيدة أو بي، ارغبوا في الجهاد3. ابن أبي فديك، عن هشام بن سعد، عن زيد، عن أبيه قال: بلغني أن معاذا سمع رجلا يقول: لو كان خالد بن الوليد، ما كان بالناس دوك، وذلك في حصر أبي عبيدة، فقال معاذ: فإلى أبي عبيدة تضطر المعجزة لا أبا لك! والله إنه لخير من بقي على الأرض4. رواه البخاري في "تاريخه" وابن سعد. "وفي الزهد" لابن المبارك: حدثنا معمر، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قدم عمر الشام، فتلقاه الأمراء والعظماء، فَقَالَ: أين أخي أَبُو عبيدة؟ قالوا: يأتيك الآن، قال: فجاء على ناقةٍ مخطومةٍ بحبْل، فسلم عليه، ثُمَّ قَالَ للناس: انصرفوا عنا. فسار معه حتى أتى منزله، فنزل عليه، فلم ير في بيته إلا سيفه وتُرْسَه ورحْلَه، فَقَالَ له عُمَر: لو اتخذت متاعًا، أو قَالَ شيئا، فقال: يا أمير المؤمنين! إنّ هذا سيبلِّغُنا الْمَقِيلَ5. ابن وهب: حدثني عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر: أن عمر حين قدم الشام، قال لأبي عبيدة: اذهب بنا إلى منزلك، قال: وما تصنع عندي؟ ما تريد إلا أن تُعصِّر عينيك علي: قال: فدخل، فلم ير شيئا، قال: أين متاعك؟ لا أرى إلا لبدا وصحفة وشنا، وأنت أمير، أعندك طعام؟ فقام أبو عبيدة إلى

_ 1 سورة آل عمران: 200. 2 سورة الحديد: 20. 3 إسناده منقطع: بين زيد بن أسلم وعمر بن الخطاب. 4 إسناده ضعيف. 5 إسناده ضعيف: بين عروة وعمر.

جونة، فأخذ منها كسيرات، فبكى عمر، فقال أبو عبيدة: قد قلت لك: إنك ستعصر عينيك عليَّ يا أمير المؤمنين، يكفيك ما يبلغك المقبل. قال عمر: غيرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة1. أخرجه أبو داود في سنته من طريق ابن الأعرابي. وهذا والله هو الزهد الخالص، لا زهد من كان فقيرا معدما. معن بن عيسى، عن مالك: أن عمر أرسل إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف، أو بأربعمائة دينار، وقال للرسول: انظر ما يصنع بها، قال: فقسمها أبو عبيدة، ثم أرسل إلى معاذ بمثلها، قال: فقسمها، إلا شيئا قالت له امرأته نحتاج إليه، فلما أخبر الرسول عمر، قال: الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا2. الفسوي: حدثنا أبو اليمان، عن جرير بن عثمان، عن أبي الحسن عمران ابن نمران، أن أبا عبيدة كان يسير في العسكر فيقول: ألا رُبَّ مبيض لثيابه، مدنس لدينه! ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين! بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات. وقال ثابت البناني: قال أبو عبيدة: يا أيها الناس! إني امرؤ من قريش، وما منكم من أحمر ولا أسود يفضلني بتقوى، إلا وددت أني في مسلاخه3. معمر: عن قتادة، قال أبو عبيدة بن الجراح: وددت أني كنت كبشا، فيذبحني أهلي، فيأكلون لحمي، ويحسون مرقي4. وقال عمران بن حصين: وددت أني رماد تسفيني الريح. شعبة: عن قيس بن مسلم عن طارق: أن عمر كتب إلى أبي عبيدة في الطاعون: إنه قد عرضت لي حاجة، ولا غنى بي عنك فيها، فعجل إلي. فلما قرأ الكتاب، قال: عرفت حاجة أمير المؤمنين، إنه يريد أن يستبقى من ليس بباق، فكتب: إني قد عرفت حاجتك، فحللني من عزيمتك، فإني في جند من أجناد

_ 1 إسناده ضعيف: عبد الله بن عمر هو العمروي، ضعيف في "التقريب" "3489". 2 إسناده منقطع: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 220". 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 219، 220". 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 220".

المسلمين، لا أرغب بنفسي عنهم، فلما قرأ عمر الكتاب، بكي، فقيل له: مات أبو عبيدة؟ قال: لا. وكأن قد. قال: فتوفي أبو عبيدة، وانكشف الطاعون. قال أبو الموجه محمد بن عمرو المروزي: زعموا أن أبا عبيدة كان في ستةٍ وثلاثين ألفًا من الجُنْد، فلم يبق منهم إلا ستة آلاف رجل. أخبرنا محمد بن عبد السلام، عن أبي روح، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا واصل مولى أبي عيينة، عن "ابن" أبي سيف المخزومي، عن الوليد بن عبد الرحمن، شامي فقيه، عن عياض بن عطيف، قال: دخلت على أبي عبيدة بن الجراح في مرضه، وامرأته تحيفه جالسة عند رأسه، وهو مقبل بوجهه على الجدار، فقلت: كيف بات أبو عبيدة؟ قالت: بات بأجر، فقال: إني والله ما بت بأجر! فكأن القوم ساءهم، فقال: ألا تسألوني عما قلت؟ قالوا: إنا لم يعجبنا ما قلت، فكيف نسألك؟ قال: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله، فبسبعمائة، ومن أنفق على عياله، أو عاد مريضا، أو ماز أذى فالحسنة بعشر أمثالها، والصوم جنة ما لم يخرقها، ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة" 1. أنبأنا جماعة قالوا: أنبأنا ابن طبرزد، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن غيلان، أنبأنا أبو بكر الشافعي، أنبأنا عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد بن أبان الواسطي، حدثني جرير بن حازم، حدثني بشار بن أبي سيف، حدثني الوليد بن عبد الرحمن، عن عياض بن عطيف، قال: مرض أبو عبيدة، فدخلنا عليه نعوده، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الصيام جنة ما لم يخرقها"2. وقد استعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا عبيدة غير مرة، منها المرة التي جاع فيها عسكره، وكانوا ثلاثمائة، فألقى لهم البحر الحوت الذي يقال له العنبر، فقال

_ 1 أخرجه أحمد "1/ 196". 2 ضعيف: أخرجه النسائي "4/ 167" في كتاب الصيام، باب: فضل الصيام، وأحمد "1/ 196" كما تقدم، وقال الألباني في "ضعيف سنن النسائي": ضعيف.

أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، نحن رسل رسول الله، وفي سبيل الله، فكلوا، وذكر الحديث1، وهو في "الصحيحين". ولما تفرغ الصديق من حرب أهل الردة، وحرب مسيلمة الكذاب، جهز أمراء الأجناد لفتح الشام، فبعث أبا عبيدة، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، فتمت وقعة أجنادين بقرب الرملة، ونصر الله المؤمنين، فجاءت البشرى، والصديق في مرض الموت، ثم كانت وقعة فحل، ووقعة مرج الصفر وكان قد سير أبو بكر خالدا لغزو العراق، ثم بعث إليه لينجد من بالشام. فقطع المفاوز على برية السماوة، فأمر الصديق على الأمراء كلهم، وحاصروا دمشق، وتوفي أبو بكر، فبادر عمر بعزل خالد، واستعمل على الكل أبا عبيدة، فجاءه التقليد، فكتمه مدة، وكل هذا من دينه ولينه وحلمه، فكان فتح دمشق على يده، فعند ذلك أظهر التقليد، ليعقد الصلح للروم، ففتحوا له باب الجابية صلحًا، وإذا بخالد قد افتتح البلد عنوة من الباب الشرقي، فأمضى لهم أبو عبيدة الصلح. فعن المغيرة، أن أبا عبيدة صالحهم على أنصاف كنائسهم ومنازلهم، ثم كان أبو عبيدة رأس الإسلام يوم وقعة اليرموك، التي استأصل الله فيها جيوش الروم، وقتل منهم خلق عظيم. روى ابن المبارك في "الزهد" له، قال: أنبأنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، قال: حدثني عبد الرحمن بن غنم، عن حديث الحارث بن عميرة قال: أخذ بيدي معاذ بن جبل، فأرسله إلى أبي عبيدة، فسأله كيف هو! وقد طعنا، فأراه أبو عبيدة طعنة، خرجت في كفه، فتكاثر شأنها في نفس الحارث، وفرق منها حين رآها، فأقسم أبو عبيدة بالله، ما يحب أن له مكانها حمر العمر2. وعن الأسود، عن عروة، إن وجع عمواس كان مُعافًى منه أبو عبيدة.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4360" في كتاب المغازي، باب: غزوة سيف البحر، ومسلم "1935" في كتاب الصيد، باب: إباحة ميتات البحر، من حديث جابر -رضي الله عنه. 2 في إسناده نظر: شهر بن حوشب ضعيف الحفظ، وقال أحمد: لا بأس برواية عبد الحميد بن بهرام عنه.

وأهله، فَقَالَ: اللَّهُمَّ نصيبك في آل أبي عبيدة! قال: فخرجت بأبي عبيدة في خنصره بثرة، فجعل ينظر إليها، فقيل له: إنها ليست بشيء. فقال: أرجو أن يبارك الله فيها، فإنه إذا بارك في القليل كان كثيرا. الوليد بن مسلم: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن أَبِي مريم، عَنْ صالح بن أبي المخارق قال: انطلق أبو عبيدة من الجابية إلى بيت المقدس للصلاة، فاستخلف على الناس معاذ بن جبل. قال الوليد: فحدثني من سمع عروة بن رويم قال: فأدركه أجله بحل فتوفي بها بقرب بيسان. طاعون عمواس منسوب إلى قرية عمواس، وهي بين الرملة وبين بيت المقدس، وأما الأصمعي فقال: هو من قولهم زمن الطاعون: عم وآسي. قال أبو حفص الفلاس: توفي أبو عبيدة في سنة ثمان عشرة، وله ثمانٌ وخمسون سنة، وكان يخضب بالحناء، والكتم، وكان له عقيصتان. وقال كذلك في وفاته جماعة، وانفرد ابن عائذ، عن أبي مسهر، أنه قرأ في كتاب يزيد بن عبيدة، أن أبا عبيدة توفي سنة سبع عشرة. 7- "ع" طلحة بن عبيد "ت 36هـ" الله بن عثمان بن عَمْرو بن كَعْب بْنِ سَعْدِ بْن تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ ابن كنانة القرشي التيمي المكي، أبو محمد. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، له عدة أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وله في "مسند بقي بن مخلد" بالمكرر ثمانية وثلاثون حديثا. له حديثان متفق عليهما، وانفرد له البخاري بحديثين، ومسلم بثلاثة أحاديث. حدث عنه: بنوه: يحيى، وموسى، وعيسى، والسائب بن يزيد، ومالك بن أوس بن الحدثان، وأبو عثمان النهدي، وقيس بن أبي حازم، ومالك بن أبي عامر الأصبحي، والأحنف بن قيس التميمي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وآخرون.

قال أبو عبد الله بن منده: كان رجلا آدم، كثير الشعر، ليس بالجعد القطط ولا بالسَّبط، حَسَنَ الوجْه، إذا مشى أسرع، ولا يغير شعره. وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن عبد العزيز بن عمران، حدّثني إسحاق بن يحيى، حدّثني موسى بن طلحة قَالَ: كان أبي أبيض يضرب إلى الحمرة، مربوعا، إلى القصر هو أقرب، رَحْب الصَّدْر، بعيد مَا بين المِنْكَبين، ضخم القدمين، إذا التفت التفت جميعا1. قلت: كان ممن سبق إلى الإسلام وأوذي في الله، ثم هاجر، فاتفق أنه غاب عن وقعة بدر في تجارة له بالشام وتألم لغيبته، فضرب لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسهمه وأجره. قال أبو القاسم ابن عساكر الحافظ في ترجمته: كان مع عمر لما قدم الجابية، وجعله على المهاجرين، وقال غيره: كانت يده شلاء مما وقى بها رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أحد2. الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ: عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيدٍ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بن عبيد الله" 3. أخبرنيه الأبرقوهي، أنبأنا ابن أبي الجود، أنبأنا ابن الطلابة، أنبأنا عبد العزيز الأنماطي، أنبأنا أبو طاهر المخلص، أخبرنا البغوي، أخبرنا داود بن رشيد، حدثنا مكي، حدثنا الصلت. وفي جامع أبي عيسى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: "أوْجَبَ طَلْحَةُ" 4.

_ 1 إسناده ضعيف جدا: عبد العزيز بن عمران ضعيف جدا. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4063"، في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} عن قيس بن أبي حازم. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3760" في كتاب المناقب، باب: مناقب طلحة بن عبيد الله، وابن ماجه "125" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو نعيم في "الحلية" "3391" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 صحيح: أخرجه الترمذي "1698" في كتاب الجهاد، باب: ما جاء في الدرع، وفي "الشمائل" له "109"، وأحمد "1/ 165"، وأبو يعلى "670"، والحاكم "5602"، والبيهقي في "سننه" "6/ 370" وابن حبان "6979" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

قال ابن أبي خالد عن قيس قال: رأيت يد طلحة التي وَقَى بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ شلاء1. أخرجه البخاري. وأخرج النسائي من حديث يحيى بن أيوب وآخر، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عن جابر قال: لما كان يوم أحد، وولى الناس، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ناحية اثني عشر رجلا، منهم طلحة، فأدركهم المشركون، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ للقوم"؟ قال طلحة: أنا، قال: "كما أنت". فقال رجل: أنا. قال: "أنت"، فقاتل حتى قتل، ثم "التفت" فإذا المشركون، فقال: "من لهم"؟ قال طلحة: أنا. قال: "كما أنت"، فقال رجل من الأنصار: أنا، قال: "أنت". فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى بقي مع نبي الله طلحة، فقال: "من للقوم"؟ قال طلحة: أنا، فقاتل طلحة، قتال الأحد عشر، حتى قطعت أصابعه، فقال: حسن، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو قلت: باسم الله لرفعتك الملائكة، والناس ينظرون" ثم رد الله المشركين2. رواته ثقات. أخبرنا أبو المعالي بن أبي عصرون الشافعي، أنبأنا عبد المعز بن محمد، في كتابه، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا محمد بن أحمد، أنبأنا أحمد بن علي التميمي، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، وعبد الأعلى، قالا: حدثنا المعتمر، سمعت أبي، حدثنا أبو عُثْمَانَ قَالَ: لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تلك الأيام التي كان يقاتل بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير طلحة وسعد عن حديثهما3 أخرجه الشيخان عن المقدمي.

_ 1 صحيح: وقد تقدم. 2 أخرجه النسائي "6/ 29-30" في كتاب الجهاد، باب: ما يقول من يطعنه العدو، والبيهقي في "الدلائل" "3/ 236" وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 417": إسناده جيد. وقال الألباني في "ضعيف سنن النسائي": حسن من قوله "فقطعت أصابعه ... "، وما قبله يحتمل التحسين، وهو على شرط مسلم. ا. هـ. قلت: أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه، واحتج به مسلم مع عنعنته. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3722، 3723" في كتاب فضائل الصحابة، باب: ذكر طلحة بن عبيد الله، ومسلم "2414" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما.

وبه إلى التميمي: حدثنا أبو كريب، حدثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عن موسى وعيسى ابني طلحة، عن أبيهما إنّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالوا لأعرابي جاء يسأله عمن قضى نحبه: من هو، وكانوا لا يجترئون على مسألته -صلى الله عليه وسلم- يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي، فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، ثم إني طلعت من باب المسجد -على ثياب خضر- فلما رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أين السائل عمن قضى نحبه"؟ قال الأعرابي: أنا. ثم قال: "هذا ممن قضى نحبه" 1. وأخرجه الطيالسي في مسنده من حديث معاوية، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "طلحة ممن قضى نحبه" 2. وفي "صحيح مُسْلِمٍ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حِرَاءٍ هُوَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "اهْدَأْ! فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شهيد" 3. سويد بن سعيد: حدثنا صالح بن موسى، عن معاوية بن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عَنْ عَائِشَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه، فلينظر إلى طلحة"4. قال الترمذي: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو عبد الرحمن نضر بن منصور، حدثنا عقبة بن علقمة اليشكري، سمعت عليًّا يوم الجمل يقول: سمعت من في رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ جَارَايَ فِي الْجَنَّةِ"5.

_ 1 صحيح: أخرجه الترمذي "3763" في كتاب المناقب، باب: مناقب طلحة بن عبيد الله، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3761" في المصدر السابق، وابن ماجه "127" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 صحيح: أخرجه مسلم "2417" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما- والترمذي "3716" في كتاب المناقب، باب: مناقب عثمان بن عفان. 4 إسناده ضعيف: صالح بن موسى وسويد بن سعيد كلاهما ضعيف، وقد تقدم بلفظ "من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على الأرض....". 5 ضعيف: أخرجه الترمذي "3762" في كتاب المناقب، باب: مناقب طلحة بن عبيد الله، وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "782": ضعيف.

وهكذا رواه ابن زيدان البجلي، وأبو بكر الجارودي، عن الأشج، وشذ أبو يعلى الموصلي، فقال عن نصر، عن أبيه، عن عقبة. دحيم: حدثنا محمد بن طلحة، عن موسى بن محمد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: ابْتَاعَ طَلْحَةُ بِئْرًا بِنَاحِيَةِ الْجَبَلِ، وَنَحَرَ جَزُورًا، فَأَطْعَمَ النَّاسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتَ طلحة الفياض" 1. سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مُوسَى بْنِ طلحة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، سماه النبي صلى الله عليه وسلم- طلحة الخبر. وفي غزوة ذي العشيرة، طلحة الفياض. ويوم خيبر، طلحة الجود2. إسناد لين. قال مجالد، عن الشعبي، عن قبيصة بن جابر قال: صَحِبْتُ طَلْحَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَعْطَى لِجَزِيلِ مَالٍ من غير مسألة منه3. أبو إسماعيل الترمذي: حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى بن موسى، حدثني أبي، عن جدي، عن موسى، عن أبيه، أنه أَتَاهُ مَالٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَاتَ لَيْلَتَهُ يَتَمَلْمَلُ. فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ. مَا لَكَ؟ قال: تفكرت منذ الليلة، فَقُلْتُ: مَا ظَنُّ رُجلٍ بِرَبِّهِ يَبِيتُ وَهَذَا المال في بيته؟ قالت: فأين أنت من بعض أخلائك فإذا أصبحت، فادع بجفان وقصاع فقسمه. فقال لها: رحمك الله، إنك موفقة بنت موفق، وهي أم كلثوم بنت الصديق، فلما أصبح، دعا بجفان، فَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ منها بجفنة، فقالت له زوجته: أبا محمد! أما كان لنا في هذا المال من نصيب؟ قال: فأين كنت منذ اليوم؟ فشأنك بما بقي. قالت: فكانت صرة فيها نحو ألف درهم4. أخبرنا المسلم بن علان، وجماعة، كتابة، قالوا: أنبأنا عمر بن محمد،

_ 1 أخرجه الطبراني في "الكبير" "6224"، والحاكم "4/ 5604". 2 إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم "5605"، وسليمان بن أيوب ضعيف كما في "الميزان" "3428" وقد ذكر فيه هذا الحديث من مناكيره. 3 إسناده ضعيف: مجالد ضعيف كما تقدم، والأثر أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 117". 4 إسناده ضعيف: سليمان بن أيوب ضعيف كما تقدم.

أنبأنا هبة الله بن الحصين، أنبأنا بن غيلان، أنبأنا أبو بكر الشافعي، حدثنا إبراهيم الحربي، حدثنا عبد الله بن عمر، حدثنا محمد بن يعلي، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قال: جاء أعرابي إلى طلحة يسأله، فتقرب إليه برحم فقال: إن هذه لَرَحِمٌ مَا سَأَلَنِي بِهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ، إِنَّ لِي أَرْضًا قَدْ أَعْطَانِي بِهَا عُثْمَانُ ثَلاثَمِائَةِ ألف، فاقبضها، وإن شئت بعتُها عن عثمان، ودفعت إليك الثمن، فقال: الثمن. فأعطاه1. الكديمي: حدثنا الأصمعي، حدثنا ابن عمران قاضي المدينة، أن طلحة فدى عشرة من أسارى بدر بماله، وسئل مرة برحم، فقال: قد بعت لي حائطا بسبعمائة ألف، وأنا فيه بالخيار، فإن شئت، خذه، وإن شئت، ثمنه. إسناده منقطع مع ضعف الكديمي2. قال ابن سعد: أنبأنا سعيد بن منصور، حدثنا صالح بن موسى، عن معاوية ابن إسحاق، عن عائشة وأم إسحاق بنتي طلحة قالتا: جُرِحَ أبونا يوم أُحُد أربعًا وعشرين جراحة، وقع منها في رأسه شجعه مربعة، وقطع نساه -يعني العرق- وشلت أصبعه، وكان سائر الجراح في جسده، وغلبه الغشي، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكسورة رباعيته، مشجوج في وجهه، قد علاه الغشي، وطلحة محتمله، يرجع به القهقري، وكلما أدركه أحد من المشركين، قاتل دونه، حتى أسنده إلى الشعب. ابن عيينة، عن طلحة بن يحيى، حدثتني جدتي سعدي بنت عوف المرية قالت: دخلت على طلحة يوما وهو خاثر فقلت: ما لك؟ لعل رابك من أهلك شيء؟ قال: لا والله، ونعم حليلة المسلم أنت، ولكن مال عندي قد غمني: فقلت: ما يغمك؟ عليك بقومك، قال: يا غلام! ادع لي قومي. فقسمه فيهم، فسألت الخازن: كم أعطى؟ قال: أربعمائة ألف. هشام وعوف: عن الحسن البصري أن طلحة بن عبيد الله باع أرضا له بسبعمائة ألف. فبات أرقا من مخافة ذلك المال، حتى أصبح ففرقه. محمد بن سعد: حدثنا محمد بن عمر، حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم

_ 1 إسناده ضعيف: علي بن زيد ضعيف الحفظ. 2 هو متروك كما في "الميزان" "8353".

التيمي، عن أبيه قال: كان طلحة يغل بالعراق أربعمائة ألف، ويغل بالسراة عشرة آلاف دينار أو "أقل أو" أكثر، و"بالأعراض له غلات" وكان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا إلا كفاه، وقضى دينه، ولقد كان يرسل إلى عائشة "إذا جاءت غلته" كل سنة بعشرة آلاف، ولقد قضى عن فلان التيمي ثلاثين ألفا1. قال الزبير بن بكار: حدثني عثمان بن عبد الرحمن أن طلحة بن عبيد الله قضى عن عبيد الله بن معمر، وعبد الله بن عامر بن كريز ثمانين ألف درهم. قال الحميدي: حدثنا ابن عيينة، حدثنا عمرو بن دينار، أخبرني مولى لطلحة قال: كانت غلة طلحة كل يوم ألف واف2. قال الواقدي: حدثنا إسحاق بن يحيى، عن موسى بن طلحة أنّ معاوية سأله: كم ترك أَبُو محمد من العين، قال: ترك ألفي ألف درهم ومائتي ألف درهم، ومن الذهب مائتي ألف دينار، فقال معاوية، عاش حميدا سخيا شريفا، وقتل فقيدا3 -رحمه الله4. وأنشد الرياشي لرجل من قريش: أيا سائلي عن خيار العباد ... صادفت ذا العلم والخبره خيار العباد جميعا قريش ... وخير قريش ذوو الهجره وخير ذوي الهجرة السابقون ... ثمانية وحدهم نصره علي وعثمان ثم الزبير ... وطلحة واثنان من زهره وبران قد جاورا أحمدا ... وجاور قبرهما قبره فمن كان بعدهم فاخرا ... فلا يذكرن بعدهم فخره يحين بن معين: حدثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مصعب، أخبرني موسى بن عقبة، سمعت علقمة بن وقاص الليثي قال: لما خرج طلحة والزبير وعائشة للطلب بدم عثمان، عرجوا عن منصرفهم بذات عرق، فاستصغروا عروة

_ 1 إسناده ضعيف جدا، أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118". 2 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 117" عن ابن عيينة. 3 في المصدر الآتي "فقيرا". 4 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118".

بن الزبير، وأبا بكر بن عبد الرحمن فردوهما، قال: ورأيت طلحة، وأحب المجالس إليه أخلاها، وهو ضارب بلحيته على زوره، فقلت: يا أبا محمد! إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها، إن كنت تكره هذا الأمر، فدعه، فقال: يا علقمة! لا تلمني، كنا أمس يدا واحدة على من سوانا، فأصبحنا اليوم جَبَلَيْن من حديد، يزحف أحدنا إلى صاحبه، ولكنه كان مني شيء في أمر عثمان، مما لا أرى كفارته إلا سفك دمي، وطلب دمه. قلت: الذي كان منه في حق عثمان تمغفل وتأليب، فعله باجتهاد، ثم تغير عندما شاهد مصرع عثمان، فندم على ترك نصرته -رضي الله عنهما، وكان طلحة أول من بايع عليًّا، أرهقه قتله عثمان، وأحضروه حتى بايع. قال البخاري: حدثنا موسى بن أعين، حدثنا أبو عوانة، عن حصين في حديث عمرو بن جاوان، قال: التقى القوم يوم الجمل، فقام كعب بن سور معه المصحف، فنشره بين الفريقين، وناشدهم الله والإسلام في دمائهم، فما زال حتّى قتل. وكان طلحة من أول قتيل. وذهب الزبير ليلحق ببنيه، فقتل. يحيى القطان: عن عوف، حدثني أبو رجاء قال: رأيت طلحة على دابته وهو يقول: أيها الناس أنصتوا، فجعلوا يركبونه ولا ينصتون، فقال: أف! فراش النار، وذباب طمع. قال ابن سعد: أخبرني من سمع إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن جابر قال: قال طلحة: إنا داهنا في أمر عثمان، فلا نجد اليوم أمثل من أن نبذل دماءنا فيه، اللَّهُمَّ خذ لعثمان منّي اليوم حتّى ترضى1. وكيع: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: رأيت مَروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذٍ بسهمٍ، فوقع في رُكبته، فما زال ينسح حتى مات. رواه جماعة عنه، ولفظ عبد الحميد بن صالح عنه: هذا أعان على عثمان ولا أطلب بثأري بعد اليوم. قلت: قاتل طلحة في الوزر، بمنزلة قاتل علي.

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118-119".

قال خليفة بن خياط: حدثنا من سمع جويرية بن أسماء، عن يحيى بن سعيد، عن عمه، أن مروان رمى طلحة بسهم، فقتله، ثم التفت إلى أبان فقال: قد كفيناك بعض قتلة أبيك. هشيم: عن مُجالد، عن الشَّعْبيَّ قَالَ: رأى عليّ طلحة في واد ملقى، فنزل، فمسح التراب عن وجهه، وقال: عزيز على أبا محمد بأن أراك مجدلا في الأودية تحت نجوم السماء، إلى الله أشكو عُجَري وبُجَري. قَالَ الأصمعيّ: معناه: سرائري وأحزاني التي تموج في جَوْفي1. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طلحة بن مُصَرِّف إنّ عليًّا انتهى إلى طلحة وقد مات، فنزل عن دابته وأجلسه، ومسح الغُبار عن وجهه ولحيته، وهو يترحم عليه، وقال: ليتني متُّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة. مرسل2. وروى زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن عبد الله من الأنصار، عن أبيه أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: بَشِّرُوا قَاتِلَ طَلْحَةَ بِالنَّارِ. أخبرنا ابن أبي عصرون، عن أبي روح، أنبأنا تميم، حدثنا أبو سعد، أنبأنا ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا عمرو الناقد، حدثنا الخضر بن محمد الحراني، حدثنا محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التميمي. عن مالك بن أبي عامر، قال: جاء رجل إلى طلحة فقال: أرأيتك هذا اليماني هو أعلم بحديث رسول الله منكم -يعني أبا هريرة- نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم قال: أما إن قد سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما لم نسمع، فلا أشك، وسأخبرك: إنا كنا أهل بيوت، وكنا إنما نأتي رسول الله غدوة وعشية، وكان مسكينا لا مال له، إنما هو على باب رسول الله، فلا أشك أنه قد سمع ما لم نسمع، وهل تجد أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ يَقُلْ؟ 3. وروى مجالد، عن الشعبي، عن جابر أنه سمع عمر يقول لطلحة: ما لي أراك شعثت واغبررت مذ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ لعله أن ما بك إمارة ابن عمك، يعني أبا بكر، قال: معاذ الله، إني سمعته يقول: "إني لأعلم كلمة لا

_ 1 إسناده ضعيف: من أجل مجالد. 2 قلت: وليث ضعيف الحفظ. 3 إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي "3863" في كتاب المناقب، باب: مناقب أبي هريرة -رضي الله عنه- وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" "803": ضعيف الإسناد.

يقولها رجل يحضره الموت، إلا وجد روحه لها روحا حين تخرج من جسده، وكانت له نورا يوم القيامة" فلم أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنها، ولم يخبرني بها فذاك الذي دخلني. قال عمر: فأنا أعلمها. قال: فلله الحمد، فما هي؟ قال: الكلمة التي قالها لعمه، قال: صدقت1. أَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُ: حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، عن أبي حبيبة، مولى لطلحة، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ طلحة بعد وقعة الجمل، فرحب به وأدناه، ثم قال: إني لأرجو أن يجعلني الله وَأَبَاكَ مِمَّنْ قَالَ فِيهِمْ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} 2. فقال رجلان جالسان، أحدهما الحارث الأعور: الله أعدل من ذلك أن يقبلهم ويكونوا إخواننا في الجنة، قال: قُومَا أَبْعَدَ أَرْضٍ وَأَسْحَقَهَا. فَمَنْ هُوَ إِذَا لم أكن أنا وطلحة! يا ابن أَخِي: إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ، فَأْتِنَا. وعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد رأيتني يوم أحد، وما قُربي أحد غير جبريل عن يميني، وطلحة عن يساري"3، فقيل في ذلك: وطلحة يوم الشعب آسى محمدا ... لدى ساعة ضاقت عليه وسدت وقاه بكفيه الرماح فقطعت ... أصابعه تحت الرماح فشلت وكان إمام الناس بعد محمد ... أقر رحا الإسلام حتى استقرت وعن طلحة قال: عقرت يوم أحد في جميع جسدي حتى في ذكري. قال ابن سعد: حدثنا بن عمر، حدثني إسحاق بن يحيى، عن جدته سُعدى، بنت عوف، قالت: قتل طلحة وفي يد خازنه ألف ألف دِرْهِم ومائتا ألف دِرْهم، وَقُوِّمَتْ أصولُه وعقاره ثلاثين ألف ألف درهم4.

_ 1 صحيح بنحوه: أخرجه ابن ماجه "3795" في كتاب الأدب، باب: فضل لا إله إلا الله، وأحمد، "1/ 161" وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" "3062": صحيح. 2 سورة الحجر: 47. 3 إسناده ضعيف جدا: يأتي في ترجمة أبي دجانة "44". 4 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 118".

أعجب ما مر بي قول ابن الجوزي في كلام له على حديث قال: وقد خلف طلحة ثلاثمائة حمل من الذهب. وروى سعيد بن عامر الضبعي، عن المثني بن سعيد قال: أتى رجل عائشة بنت طلحة فقال: رأيت طلحة في المنام، فقال: قل لعائشة تحولني من هذا المكان! فإن النز قد آذاني. فركبت في حشمها، فضربوا عليه بناء واستثاروه. قال: فلم يتغير منه إلا شعيرات في إحدى شقي لحيته، أو قال رأسه، وكان بينهما بضع وثلاثون سنة وحكى المسعودي أن عائشة بنته هي التي رأت المنام. وكان قتله في سنة ست وثلاثين في جمادى الآخرة، وقيل في رجب، وهو ابن اثنتين وستين سنة أو نحوها، وقبره بظاهر البصرة. قال يحيى بن بكير، وخليفة بن خياط، وأبو نصر الكلاباذي: إن الذي قتل طلحة، مروان بن الحكم. ولطلحة أولاد نجباء، أفضلهم محمد السجاد. كان شابا، خيرا، عابدا، قانتا لله. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قتل يوم الجمل أيضا، فحزن عليه علي، وقال: صرعه بره بأبيه. 8- "ع" الزبير بن العوام "ت 36هـ" بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصيّ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لؤي بن غالب. حواريّ رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وابن عمته صفية بنت عبد المطلب، وأحدُ العشرة المشهود لهم بالجنّة، وأحد السّتّة أهل الشورى، وأول من سل سيفه في سبيل الله، أبو عبد الله -رضي الله عنه- أسلم وهو حدث، له ست عشرة سنة. وروى الليث، عن أبي الأسود، عن عروة قال: أسلم الزبير، "وهو" ابن ثمان سِنِينَ، وَنَفَحَتْ نَفْحَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ أَنَّ رَسُولَ الله أُخِذَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ وَهُوَ غُلامٌ، ابن اثنتي عشرة سنة، بيده السَّيْفُ، فَمَنْ رَآهُ عَجِبَ، وَقَالَ:

الغلام معه السيف، حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا لك يا زبير"؟ فأخبره وقال: أتيت أضرب بسيفي من أخذك1. وقد ورد أن الزبير كان رجلا طويلا، إذا كرب خطت رجلاه الأرض، وكان خفيف اللحية والعارضين. روى أحاديث يسيرة. حدث عنه بنوه: عبد الله، ومصعب، وعروة، وجعفر، ومالك بن أوس بن الحدثان، والأحنف بن قيس، وعبد الله بن عامر بن كريز، ومسلم بن جندب، وأبو حكيم مولاه، وآخرون. اتفقا له على حديثين، وانفرد له البخاري بأربعة أحاديث، ومسلم بحديث. أخبرنا المسلم بن محمد وجماعة، إذنا، قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، حدثنا ابن المذهب، أنبأنا أبو بكر القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي "ح" وأنبأنا محمد بن عبد السلام، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم، أنبأنا أبو سعد الطبيب، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا زهير، قالا: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد عن عامر -ولفظ أبي يعلى: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن أبيه- قال: قلت لأبي: ما لك لا تحدث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما يحدث عنه فلان، وفلان؟ قال: ما فارقته منذ أسلمت، ولكن سمعت منه كلمة، سمعته يَقُولُ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النار" 2، لم يقل أبو يعلى متعمدا. أخبرنا أبو سعيد سنقر بن عبد الله الحلبي، أنبأنا عبد اللطيف بن يوسف، أنبأنا عبد الحق اليوسفي، أنبأنا علي بن محمد، أنبأنا علي بن أحمد المقرئ، حدثنا عبد الباقي بن قانع، حدثنا أحمد بن علي بن مسلم، حدثنا أبو الوليد "ح" وحدثنا بشر، حدثنا عمرو بن حكام، قالا: حدثنا شعبة، عن جامع بن شداد، عن عامر بن عبد الله، عن أبيه، قال: قلت لأبي: ما لك لا تحدث عن

_ 1 مرسل: أخرجه الحاكم "5551" من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود به. 2 صحيح: أخرجه البخاري "107" في كتاب العلم، باب: إثم من كذب على النبي -صلى الله عليه وسلم.

رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا يحدث ابن مسعود؟ قال: أما إني لم أفارقه منذ أسلمت، ولكن سمعته يقول: "من كذب علي عامدا متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار" 1. رواه خالد بن عبد الله الطحان، عَنْ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ وَبَرَةَ، عَنْ عامر بن عبد الله نحوه. أخرج طريق شعبة البخاري، وأبو داود، والنسائي، والقزويني. قال إسحاق بن يحيى: عن موسى بن طلحة قال: كان علي، والزبير، وطلحة، وسعد، عذار عام واحد، يعني ولدوا في سنة. وقال المدائني: كان طلحة، والزبير، وعلي، أترابا. وقال يتيم عروة: هاجر الزبير وهو ابن ثمان عشرة سنة، وكان عمه يعلقه ويدخن عليه وهو يقول: لا أرجع إلى الكفر أبدا. وقال عروة: جاء الزبير بسيفه، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لك"؟ قال: أخبرت أنك أخذت، قال: "فكنت صانعا ماذا"؟ قال: كنت أضرب به من أخذك. فدعا له ولسيفه2. وروى هشام عن أبيه عروة، أن الزبير كان طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، أشعر، وكانت أمه صفية تضربه ضربا شديدا وهو يتيم، فقيل لها: قتلته، أهلكته، قالت: إنما أضربه لكي يدب ... ويجر الجيش ذا الجلب قال: وكسر يد غلام ذات يوم، فجيء بالغلام إلى صفية، فقيل لها ذلك، فقالت: كيف وجدت وبرا ... أأقطا أم تمرا أم مشمعلا صقرا قال ابن إسحاق: وأسلم على ما بلغني على يد أبي بكر: الزبير، عثمان، وطلحة، وعبد الرحمن، وسعد.

_ 1 صحيح: انظر التخريج السابق. 2 مرسل: وقد تقدم.

وعن عمر بن مصعب بن الزبير قال: قاتل الزبير مع نبي الله، وله سبع عشرة. أسد بن موسى، حدثنا جامع أبو سلمة، عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الْبَهِيِّ قَالَ: كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فارسان: الزبير على فرس على الميمنة، والمقداد بن الأسود على فرس على الميسرة1. وقال هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كانت عَلَى الزُّبَيْرِ يَوْمَ بَدْرٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، فَنَزَلَ جبريل على سيماء الزبير2. الزبير بن بكار: عن عقبة بن مكرم، حدثنا مصعب بن سلام، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر الباقر، قال: كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء، فنزلت الملائكة كذلك3. وفيه يقول عامر بْن صالح بْن عَبْد الله بْن الزُّبَيْر: جَدِّي ابنُ عَمِّهِ أحمدٍ ووزِيرُه ... عند البَلاء وفارِسُ الشَّقْراءِ وغداة بدْرٍ كان أوّلَ فارسٍ ... شهِدَ الْوَغَى في الّلأمَةِ الصَّفْراء نَزَلَتْ بسِيماه الْمَلَائِكُ نُصْرَةً ... بالحوض يوم تألب الأعداء وهو ممن هاجر إلى الحبشة فيما نقله موسى بن عقبة، وابن إسحاق ولم يطول الإقامة بها. أبو معاوية، عن هشام "بن عروة" عن أبيه، قالت عائشة: يابن أختي! كان أبواك -تَعْنِي الزُّبَيْرَ وَأَبَا بَكْرٍ- مِنَ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} 4. لَمَّا انْصَرَفَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أُحُدٍ، وَأَصَابَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ مَا أَصَابَهُمْ، خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا، فَقَالَ: مَنْ يَنْتَدِبُ لِهَؤُلَاءِ في آثارهم، حتى يعلموا أن

_ 1 مرسل. 2 مرسل. 3 مرسل. 4 سورة آل عمران: 172.

بنا قوة، فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين، فخرجوا في آثار المشركين، فسمعوا بهم، فانصرفوا1، قال تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} الآية2 "أي" لم يلقوا عدوا. وقال البخاري، ومسلم. "عَنْ" جَابِرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الخندق: مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ عَلَى فَرَسٍ، فَجَاءَ بِخَبَرِهِمْ، ثُمَّ قال الثانية، فقال الزبير: أنا، فذهب، ثم الثالثة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "لكل نبي حواري، وحواري الزبير" 3. رواه جماعة عن ابن المنكدر عنه. وروى جماعة، عن هشام عن أبيه، عن ابن الزبير قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إن لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير" 4. أبو معاوية: عن هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الزبير ابن عمتي، وحواري من أمتي"5. يونس بن بكير: عن هشام عن أبيه عن الزبير قال: أخذ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِي فقال: "لكل نبي حواري وحواري الزبير وابن عمتي" 6. وبإسنادي في المسند إلى أحمد بن حنبل، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن عاصم، عن زر قال: اسْتَأْذَنَ ابْنُ جُرْمُوزٍ عَلَى عَلِيّ وَأَنَا عِنْدَهُ، فقال علي: بَشِّرْ قَاتِلَ ابْن صَفيَّةَ بِالنَّارِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "لِكُلِّ نبي حواري وحواري الزبير" 7. تابعه شيبان، وحماد بن سلمة.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4077" في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} ، ومسلم "2418" في كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما- وابن ماجه "124" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والبيهقي في "الدلائل" "3/ 312، 313". 2 سورة آل عمران: 174. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3719" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، ومسلم "2415" في المصدر السابق، والترمذي "3766" في كتاب المناقب، باب: مناقب الزبير بن العوام، وابن ماجه "122" في المصدر السابق. 4 انظر السابق. 5 أخرجه بنحوه ابن سعد في "الطبقات "2/ 56" عن عروة مرسلا. 6 انظر ما تقدم. 7 أخرجه أحمد "1/ 103".

وروي جرير الضبي، عن مغيرة، عن أم موسى قالت: استأذن قاتل الزبير، فذكره. وروى يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد اليزني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "وحواري من الرجال الزبير، ومن النساء عائشة"1. ابن أبي عروبة: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنه سمع رجلا يقول: يا ابن حواري رسول الله! فقال ابن عمر: إن كنت من آل الزبير، وإلا فلا. رواه ثقتان عنه، والحواري: الناصر. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: الْحَوَارِيُّ: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شيء. وقال الكلبي: الحواري: الخليل. هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبويه2. أخبرنا ابن أبي عصرون، أنبأنا أبو روح، أنبانا تميم المقرئ، أنبأنا أبو سعد الأديب، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا حوثرة بن أشرس، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، أن ابن الزبير قال له: يا أبة! قد رأيتك تحمل على فرسك الأشقر يوم الخندق، قال: يا بني، رأيتني؟ قال: نعم، قال: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذ ليجمع لأبيك أبويه، يقول: "ارم فداك أبي وأمي" 3. أحمد في "مسنده": حدثنا أبو أسامة، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال: لما كان يوم الخندق، كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في

_ 1 ضعيف: عزاه الألباني في "ضعيف الجامع" "2745" للزبير بن بكار وابن عساكر وقال: ضعيف. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3720" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، ومسلم "2416" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل طلحة والزبير -رضي الله عنهما- والترمذي "3764" في كتاب المناقب، باب: مناقب الزبير بن العوام، وابن ماجه "123" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحمد "1/ 164، 166". 3 أخرجه أحمد "1/ 164" وأصله عند البخاري "3720" في المصدر السابق.

الأطم الذي فيه نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- أطم حسان، فكان عمر يرفعني وأرفعه، فإذا رفعني، عرفت أبي حين يمر إلى بني قريظة، فيقاتلهم. الرياشي: حدثنا الأصمعي، حدثنا ابن أبي الزناد قال: ضرب الزُّبَيْر يوم الخَنْدَق عثمانَ بنَ عبد الله بن المغيرة بالسيف على مغفره، فقطعه إلى القُرْبُوس، فقالوا: مَا أجْوَدَ سيفك! فغضب الزبير، يريد أن العمل ليده لا للسيف. أبو خيثمة: حدثنا محمد بن الحسن المديني، حدثني أم عزوة بنت جعفر، عن أختها عائشة، عن أبيها عن جدها الزبير أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطاه يوم فتح مكة لواء سعد بن عبادة، فدخل الزبير مكة بلواءين. وعن أسماء قالت: عندي للزبير ساعدان من ديباج، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاهما إياه، فقاتل فيهما1. رواه أحمد في "مسنده" من طريق ابن لهيعة. علي بن حرب: حدثنا ابن وهب، عن ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، أعطى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزُّبَيْرُ يلمق حرير محشو بالقز، يقاتل فيه. وروى يحيى بن يحيى الغساني، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الزبير: ما تخلفت عن غزوة غزاها المسلمون إلا أن أقبل فألقى ناسا يعقبون. وعن الثوري قالا: هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة: حمزة، وعلي، والزبير. حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، أخبرني من رأي الزبير وفي صدره أمثال العيون من الطعن والرمي. معمر، عن هشام عن عروة قال: كان في الزُّبَيْر ثلاث ضربات بالسيف: إحداهُنَّ في عاتقه، إنْ كنت لأدْخِلُ أصابعي فيها، ضُرِبَ ثِنْتَيْنِ يوم بدْر، وواحدة يوم اليَرْمُوك2.

_ 1 أخرجه أحمد "6/ 352". 2 أخرجه البخاري "3721" في المصدر السابق، وفيه أن الضربتين في وقعة اليرموك وأما في يوم بدر فضربة واحدة، ويأتي لفظه.

قال عروة: قال عبد الملك بن مروان، حين قتل ابن الزبير: يا عروة! هل تعرف سيف الزبير؟ قلت: نعم، قال: فما فيه؟ قلت: فلة فلها يوم بدر، فاستله فرآها فيه، فقال: بهن فلول من قراع الكتائب ثم أغمده ورده عليَّ، فأقمناه بيننا بثلاثة آلاف، فأخذه بعضنا، ولوددت أني كنت أخذته. يحيى بن سعيد الأنصاري: عَنْ سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى حراء، فتحرك. فقال: "اسْكُنْ حِرَاءُ! فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شهيد"، وكان عليه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير1. الحديث رواه معاوية بن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا، وذكر فيهم عليًّا. وقد مر في تراجم الراشدين أن العشرة في الجنة، ومر في ترجمة طلحة عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "طلحة والزبير جاراي في الجنة"2. أبو جعفر الرازي: عن حصين، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إنهم يقولون: استخلف علينا، فإن حدث بي حدث، فالأمر في هؤلاء الستة الذين فارقهم رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عنهم راض، ثم سماهم. أحمد في "مسنده": حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن مروان، ولا إخاله متهما علينا، قال: أصاب عثمان رعاف سنة الرعاف، حتى تخلف عن الحج وأوصى، فدخل عليه رجل من قريش، فقال: استخلف، قال: وقالوه؟ قال: نعم. قال: من هو؟ فسكت، قال: ثم دخل عليه رجل آخر، فقال له مثل ذلك، ورد عليه نحو ذلك. قال: فقال عثمان: قالوا الزبير؟ قال: نعم. قال: أما والذي نفسي بيده، إن كان لخيرهم ما علمت، وأحبهم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3.

_ 1 صحيح: وقد تقدم. 2 ضعيف: وقد تقدم. 3 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 64" والبخاري "3717" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام.

رواه أبو مروان الغساني، عن هشام نحوه. وقال هشام، عن أبيه، قال عمر: لو عهِدْت أو تركتُ ترِكَةً، كان أحبّهم إليّ الزُّبَيْر، إنّه رُكْنٌ من أركان الدين. ابن عيينة: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: أوصى إلى الزبير سبعة من الصحابة، منهم عثمان، وابن مسعود، وعبد الرحمن، فكان يُنْفِقُ على الوَرَثة من ماله، ويحفظ أموالهم. ابن وهب: حدثنا عمرو بن الحارث، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، أن الزبير خرج غازيا نحو مصر، فكتب إليه أمير مصر: إن الأرض قد وقع بها الطاعون، فلا تدخلها، فقال: إنما خرجت للطعن والطاعون، فدخلها، فلقي طعنة في جبهته فأفرق. عوف: عن أبي رجاء العطاردي، قال: شهدت الزبير يوما، وأتاه رجل، فقال: ما شأنكم أصحاب رسول الله؟ أراكم أخف الناس صلاة! قال: نبادر الوسواس. الأوزاعي: حدثني نهيك بن مريم، حدثنا مغيث بن سمي، قال: كان للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فلا يدخل بيته من خراجهم شيئا. رواه سعيد بن عبد العزيز نحوه، وزاد: بل يتصدق بها كلها. وقال الزبير بن بكار: حدثني أبو غزية محمد بن موسى، حدثنا عبد الله بن مصعب، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المنذر، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت: مر الزبير بمجلس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحسان ينشدهم من شعره، وهم غير نشاط لما يسمعون منه فجلس معهم الزبير ثم قال: ما لي أركم غير أذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة. فلقد كان يعرض به رَسُول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيحسن استماعه، ويجزل عليه ثوابه، ولا يشتغل عنه، فقال حسان يمدح الزبير: أقام على عهد النّبيّ وهدْيهِ ... حَوَارِيُّهُ والقولُ بالفعل يعدل أقام على مِنْهاجِه وطريِقهِ ... يُوَالِي وَلِيَّ الْحَقِّ والحقُّ أعْدَلُ هو الفارسُ المشهورُ والبطل الَّذِي ... يصولُ إذا مَا كان يَوْمٌ مُحَجَّلُ

إذا كَشَفَتْ عن ساقِها الحربُ حَشَّها ... بأبيضَ سباق إلى الموت يرقل وإن امرءا كانت صفية أمه ... ومن أسد في بيتها لمؤثل له من رسول الله قربى قريبة ... ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل فكم كُربةٍ ذبَّ الزُّبَيْر بسيْفِه ... عن الْمُصْطَفَى والله يعطي فيجزل ثناؤك خيرٌ من فِعالِ معاشِرٍ ... وَفِعْلُكَ يابنَ الهاشمية أفضل1 قال جويرية بن أسماء: باع الزبير دارا لها بستمائة ألف، فقيل له: يا أبا عبد الله! غبنت! قال: كلا، هي في سبيل الله. الليث: عن هشام بن عروة، أن الزبير لما قتل عمر، محا نفسه من الديوان، وأن ابنه عبد الله لما قتل عثمان، محا نفسه من الديوان. أحمد في "المسند" حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم: حدثنا شداد بن سعيد، حدثنا غيلان بن جرير، عن مطرف: قلت للزبير: ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة حتى قتل، ثم جئتم تطلبون بدمه؟ قال: إنا قرأنا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وأبي بكر، وعمر، وعثمان: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} 2، لم تكن نحسب أن أهلها، حتى وقعت منا حيث وقعت3. مبارك بن فضالة، عن الحسن، أن رجلا أتى الزبير وهو بالبصرة فقال: ألا أقتل عليًّا؟ قال: كيف تقتله ومعه الجنود؟ قال: ألحق به، فأكون معك، ثم أفتك به، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن"4. هذا في المسند، وفي "الجعديات". الدولابي في "الذرية الطاهرة": حدثنا الدقيقي، حدثنا يزيد، سمعت شريكا، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الزبير يقتفي آثار الخيل قعصا بالرمح، فناداه علي: يا أبا عبد الله! فأقبل عليه، حتى التقت أعناق دوابهما،

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم "5599/ 5" وعبد الله بن مصعب ضعيف. 2 سورة الأنفال: 25. 3 أخرجه أحمد "1/ 165". 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 166" والحسن مبارك كلاهما مدلس، ولم يصرح أحد منهما بالسماع، والمرفوع منه صحيح أخرجه أبو داود "2769" في كتاب الجهاد، باب: في العدو يؤتى على غرة، وصححه الألباني في "صحيح الجامع".

فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَتَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتُ أُنَاجِيكَ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: تُنَاجِيهِ! فَوَاللَّهِ لَيُقَاتِلَنَّكَ وَهُوَ لَكَ ظَالِمٌ؟ قَالَ: فَلَمْ يَعْدُ أَنْ سَمِعَ الْحَدِيثَ، فَضَرَبَ وجه دابته، وذهب1. قال أبو شهاب الحناط وغيره: عن هلاك بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ للزبير يوم الجمل: يابن صفية! هذه عائشة تملك الملك طلحة، فأنت علام تقاتل قريبك عليا؟ زاد فيه غير أبي شهاب: فرجع الزبير، فلقيه ابن جرموز فقتله. قتيبة: حدثنا الليث عن ابن أَبِي فَرْوَةَ أَخِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: حاربني خمسة: أَطْوَعُ النَّاسِ فِي النَّاسِ: عَائِشَةُ، وَأَشْجَعُ النَّاسِ: الزبير، وأمكر الناس: طلحة لم يدركه مكر قط، وأعطى الناس: يعلى بن منية، وأعبد الناس: محمد بن طلحة، كان محمودا حتى استزله أبوه، وكان يعلى يعطي الرجل الواحد ثلاثين دينارا والسلاح والفرس على أن يحاربني. قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الرقاشي: عن جده، عن أبي جرو المازِنّي، قَالَ: شهِدْت عليًّا والزُّبَيْر حتى توافقا، فقال عليّ: يا زُبير! أنْشُدُك الله، أسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إنك تقاتلني وأنت لي ظالم؟ قَالَ: نعم، ولم أَذْكُرُه إلّا في موقفي هذا، ثم انصرف. رواه أبو يعلى في "مسنده" وقد روى نحوه من وجوه سقنا كثيرا منها في كتاب "فتح المطالب". قال يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: انصرف الزُّبَيْر يوم الجمل عن علي، فلقيه ابن عبد الملك، فقال: وجبنا جبنا! قال: قد علم النّاس أنّي لست بجبانٍ، ولكن ذكَّرني عليّ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فحلفت أن لَا أقاتله، ثمّ قَالَ: تَرْكُ الأمورِ التي أخشي عواقِبَها ... في الله أحْسَنُ في الدُّنيا وفي الدين2

_ 1 أخرجه الحاكم "5573، 5574". 2 إسناده ضعيف: من أجل يزيد بن أبي ضعيف، ضعيف كما تقدم.

وقيل: إنه أنشد: ولقد علمت لو أن علمي نافعي ... أن الحياة من الممات قريب فلم ينشب أن قتله ابن جرموز. وروى حُصَيْن بن عبد الرحمن، عن عَمْرو بن جاوان قال: قتل طلحة وانهزموا، فأتى الزبير سفوان فلقيه النعر المجاشعي، فقال: يا حواري رسول الله! أين تذهب؟ تعال، فأنت في ذمّتي، فسار معه، وجاء رجلٌ إلى الأحنف فقال: إن الزبير بسفوان، فما تأمر إن كان جاء فحمل بين المُسْلِمين، حتّى إذا ضرب بعضُهم حواجِبَ بعضٍ بالسيف، أراد أن يلحق ببنيه؟ قَالَ: فسمعها عمير بن جرموز، وفضالة بن حابس، ورجل يقال له نفيع، فانطلقوا حتى لقوه مقبلا مع النعر، وهم في طلبه، فأتاه عمير من خلفه، وطعنه طعنةً ضعيفة، فحمل عليه الزُّبَيْر، فلمّا استلْحمه وظنّ أنّه قاتله، قَالَ: يا فضّالة! يا نفيع! قال: فحملوا على الزبير حتى قتلوه. عبيد الله بن موسى: حدثنا فُضَيْل بن مرزوق، حدّثني شقيق بن عقبة عن قُرَّةَ بن الحارث، عن جون بن قَتَادة قَالَ: كنت مع الزُّبَيْر يوم الجمل، وكانوا يسلمون عليه بالإمرة، إلى أن قال: فطعنه ابن جرموز ثانيا، فأثبته، فوقع، ودفن بوادي السباع، وجلس علي -رضي الله عنه- يبكي عليه هو وأصحابه. قرة بن حبيب: حدثنا الفضل بن أبي الحكم، عن أبي نضرة قال: جيء برأس الزبير إلى علي، فقال علي: تبوأ يا أعرابي مقعدك من النار، حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ قاتل الزبير في النار1. شعبة، عن منصور بن عبد الرحمن، سمعت الشعبي يقول: أدركت خمسمائة أو أكثر من الصحابة يقولون: عليّ، وعثمان، وطلحة، والزُّبَيْر في الجنة. قلت: لأنهم من العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن البدريين، ومن أهل بيعة الرضوان، ومن السابقين الأولين الذين أخبر تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه،

_ 1 ذكره في "مختصر تاريخ دمشق" "9/ 25".

ولأن الأربعة قتلوا، ورزقوا الشهادة، فنحن محبون لهم، باغضون للأربعة الذين قتلوا الأربعة. أبو أسامة، حدثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ قال: لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص، وهو مدجج لا يرى إلا عيناه، وكان يكنى أبا ذات الكرش، فحملت عليه بالعنزة، فطعنته في عينه، فمات، فأخبرت1 أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه، ثم تمطيت، فكان الجهد أن نزعتها، يعني الحربة، فلقد انثنى طرفها. قال عروة: فسأله إياها رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْطَاهُ إياها، فلما قبض، أخذها، ثم طلبها أبو بكر، فأعطاه إياها، فلما قبض أبو بكر، سألها عمر، فأعطاه إياها، فلما قبض أخذها، ثم طلبها عثمان منه، فأعطاه إياها، فلما قبض، وقعت عند آل علي، فطلبها عبد الله بن الزبير، فكانت عنده حتى قتل2. غريب، تفرد به البخاري. ابن المبارك: أنبأنا هشام، عن أبيه إنّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالوا للزبير: ألا تشد فنشد معك؟ قال: إني إن شددت، كذبتم، فقالوا: لا نفعل. فحمل عليهم حتى شق صفوفهم، فجاوزهم وما معه أحد، ثم رجع مقبلا، فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين، ضربة على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر. قال عروة: فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير، قال: وكان معه عبد الله بن الزبير وهو ابن عشر سنين، فحمله على فرس، ووكل به رجلا3. قلت: هذه الوقعة هي يوم اليمامة إن شاء الله4، فإن عبد الله كان إذا ذاك ابن عشر سنين. أبو بكر بن عياش: حدثنا سليمان، عن الحسن قال: لما ظفر علي بالجمل،

_ 1 قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "7/ 366": لم أقف على تعيين المخبر بذلك. 2 أخرجه البخاري "3998" في كتاب المغازي، باب: رقم "12". 3 صحيح: أخرجه البخاري "3975" في كتاب المغازي، باب: قتل أبي جهل، ولفظه "قالوا للزبير يوم اليرموك ... ". 4 تقدم أن ذلك كان يوم اليرموك.

دخل الدار والناس معه، فقال علي: إني لأعلم قائد فتنة دخل الجنة، وأتباعه إلى النار! فقال الأحنف: من هو؟ قال: الزبير1. في إسناده إرسال، وفي لفظه نكارة، فمعاذ الله أن نشهد على أتباع الزبير، أو جند معاوية أو علي بأنهم في النار، بل نفوض أمرهم إلى الله، ونستغفر لهم. بلى: الخوارج كلاب النار، وشر قتلى تحت أديم السماء؛ لأنهم مرقوا من الإسلام، ثم لا ندري مصيرهم إلى ماذا، ولا نحكم عليهم بخلود النار، بل نقف. ولبعضهم: إنّ الرَّزِيةَ مَن تَضَمَّنَ قبرَه ... وادي السِّباع لِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ لمّا أتى خبرُ الزُّبَيْر تواضعت ... سور المدينة والجبال الجشع قال البخاري وغيره: قتل في رجب سنة ست وثلاثين. وادي السِّباع: على سبعة فَرَاسخ من البصْرة. قال الواقدي وابن نمير: قتل وله أربع وستون سنة. وقال غيرهما: قيل وله بضع وخمسون سنة، وهو أشبه. قال القحذمي: كانت تحته أسماء بنت أبي بكر، وعاتكة أخت سعيد بن زيد، وأم خالد بنت خالد بن سعيد، وأم مصعب الكلبية. قال ابن المديني: سمعت سفيان يقول: جاء ابن جُرْمُوز إلى مُصْعَب بن الزُّبَيْرِ -يعني لما ولي إمرة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير- فقال: أقدني بالزبير، فكتب في ذلك يشاور ابن الزبير، فجاءه الخبر: أنا أقتل ابن جرموز بالزبير؟ ولا بشسع نعله. قلت: أكل المغتر يديه ندما على قتله، واستغفر، لا كقاتل طلحة، وقاتل عثمان، وقاتل علي. الزبير: حدثني علي بن صالح، عن عامر بن صالح، عن مسالم بن

_ 1 إسناده ضعيف: منقطع بين الحسن وعلي -رضي الله عنه.

عبد الله بن عروة، عن أبيه، أن عمير بن جرموز أتي، حتى وضع يده في يد مصعب، فسجنه، وكتب إلى أخيه في أمره، فكتب إليه أن بئس ما صنعت، أظننت أني قاتل أعرابيا بالزبير؟ خل سبيله، فخلاه فلحق بقصر بالسواد عليه "أزج"، ثمّ أمر إنسانًا أن يطرحه عليه، فطرحه عليه، فقتله، وكان قد كرِه الحياة لما كان يهول عليه ويرى في منامه. قال ابن قتيبة: حدثنا محمد بن عتبة، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه أن الزبير ترك من العروض بخمسين ألف ألف دِرْهم، ومن العين خمسين ألف ألف درهم، كذا هذه الرواية. وقال ابن عيينة: عن هشام، عن أبيه قَالَ: اقتُسِم مالُ الزُّبَيْر على أربعين ألف ألف. أبو أسامة: أخبرني هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الزبير قال: لما وقف الزبير يوم الجمل، دعاني، فقمت إلى جنبه، فقال: يا بني! إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لديني، أفترى ديننا يبقى من مالنا شيئا؟ يا بني! بع ما لنا، فاقض ديني، فأوصى بالثلث وثلث الثلث إلى عبد الله، فإن فضل من مآلنا بعد قضاء الدين شيء، فثلث لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير وخبيب وعباد، وله يومئذ تسع بنات، قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه، ويقول: يا بني! إن عجزت عن شيء منه، فاستعن بمولاي، قال: فوالله ما دريت ما عنى حتى قلت: يا أبة! من مولاك؟ قال: الله عز وجل! قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه، فيقضيه. قال: وقتل الزبير، ولم يدع دينارا ولا درهما، إلا أرضين بالغابة، ودارا بالمدينة، ودارا بالبصرة ودارا بالكوفة، ودارا بمصر، قال: وإنما كان الذي عليه أن الرجل يجيء بالمال، فيستودعه، فيقول الزبير: لا ولكن هو سلف، إني أخشى عليه الضيعة: وما ولي إمارة قط، ولا جباية، ولا خراجا، ولا شيئا، إلا أن يكون في غزو مع النبي -صلى الله عليه وسلم- أو مع أبي بكر، وعمر، وعثمان، فحسبت دينه، فوجدته ألفي ألفي ومائتي ألف، فلقي حكيم بن حزام الأسدي عبد الله فقال: يا

ابن أخي! كم على أخي من الدين؟ فكتمه، وقال: مائة ألف، فقال حكيم: ما أرى أموالكم تتسع لهذه! فقال عبد الله: أفرأيت إن كانت ألفي ألفي ومائتي ألف! قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء، فاستعينوا بي، وكان الزبير قد اشتى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، وقال: من كان له على الزبير دين، فليأتنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر، وكان له على الزبير أربعمائة ألف، فقال لابن الزبير: إن شئت، تركتها لكم قال: لا، قال: فاقطعوا لي قطعة، قال: لك من ههنا إلى ههنا، قال: فباعه بقضاء دينه، قال: وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقال المنذر بن الزبير، قد أخذت سهما بمائة ألف، وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف، وقال ابن ربيعة، قد أخذت سهما بمائة ألف، فقال معاوية، كم بقي؟ قال: سهم ونصف، قال: قد أخذته بمائة وخمسين ألفا، قال: وباع ابن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه، قال بنو الزبير، اقسم بيننا ميراثنا، قال: لا والله! حتى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضت أربع سنين قسم بينهم. فكان للزبير، أربع نسوة. قال: فرفع الثلث، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف، فجمع ماله خمسون ألفا ألفا ومائتا ألف1. للزبير في "مسند بقي بن مخلد" ثمانية وثلاثون حديثا، منها في "الصحيحين" حديثان وانفرد البخاري بسبعة أحاديث. قال هشام: عن أبيه، قال: بلغ حصة عاتكة بنت زيد بْن عمرو بْن نُفَيْلٍ زوجة الزبير من ميراثه ثمانين ألف درهم. وقالت ترثيه: غدر ابن جرموز بفارس بهمة ... يوم اللقاء وكان غير معرد يا عمرو لو نبهته لوجدته ... لا طائشا رعش البنان ولا اليد ثكلتك أمك إن ظفرت بمثله ... فيما مضى مما تروح وتغتدي كم غمرة قد خاضها لم يثنه ... عنها طرادك يا ابن فقع الفدفد والله ربك إن قتلت لمسلما ... حلت عليك عقوبة المتعمد

_ 1 صحيح: أخرجه بطوله البخاري "3129" في كتاب فرض الخمس، باب: بركة الغازي في ماله حيا وميتا، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 58-59".

9- "ع" عبد الرحمن بن عوف "ت 32هـ" بن عبد عوف بن عبد بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لؤي، أبو محمد. أحد العشرة، وأحد الستة أهل الشورى، وأحد السابقين البدريين، القرشي الزهري، وهو أحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام، له عدة أحاديث. روى عنه ابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وبنوه: إبراهيم، وحميد، وأبو سلمة، وعمرو، ومصعب بنو عبد الرحمن، ومالك بن أوس، وطائفة سواهم. له في "الصحيحين" حديثان. وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث. ومجموع ما له في "مسند بقي" خمسة وستون حديثا. وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسمّاه النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عبد الرحمن1. وحدث عنه أيضا من الصحابة: جبير بن مطعم، وجابر بن عبد الله، والمسور بن مخرمة، وعبد الله بن عامر بن ربيعة. وقدم الجابية مع عمرو، فكان على الميمنة، وكان في نوبة سرغ على الميسرة. أخبرنا محمد بن حازم بن حامد، ومحمد بن علي بن فضل، قالا: أنبأنا أبو القاسم بن صصري، أنبأنا أبو القاسم بن البن الأسدي "ح" وأنبأنا محمد بن على السلمي، وأحمد بن عبد الرحمن الصوري، قالا: أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله التغلبي، أنبأنا أبو القاسم بن البن، ونصر بن أحمد السوسي، قالا: أنبأنا علي بن محمد بن علي الفقيه، أنبأنا أَبُو منصور محمد، وأبو عبد الله أَحْمَد، أنبأنا الحسين بن سهل بن الصباح، ببلد، في ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وأربعمائة، قالا: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد الإمام، حدثنا علي بن حرب الطائي، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سمع بجالة يقول: كنت كاتبا لجزء بن معاوية، عم الأحنف بن قيس، فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنة، أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس، وانهوهم عن الزمزمة2. فقتلنا ثلاث سواحر، وجعلنا نفرق بين الرجل

_ 1 ذكره ابن سعد في "الطبقات" "2/ 66" ويأتي تخريجه. 2 الزمزمة: الصوت المبهم من الخيشوم. لا يتحرك فيه لسان ولا شفة.

وحريمته في كتاب الله. وصنع لهم طعاما كثيرا، ودعا المجوس، وعرض السيف على فخذه، وألقي وقر1 بغل أو بغلين من ورق، وأكلوا بغير زمزمة. ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس، حتى شهد عبد الرحمن بْن عَوْفُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذها من مجوس هجر2. هذا حديث غريب مخرج في صحيح البخاري، وسنن أبي داود، والنسائي، والترمذي من طريق سفيان، فوقع لنا بدلا. ورواه حجاج بن أرطاة عن عمرو مختصرا، وروى منه أخذ الجزية من المجوس أبو داود، عن الثقة، عن يحيى بن حسان، عن هشيم، عن داود بن أبي هند، عن قشير بن عمرو، عن بجالة بن عبدة، عن ابن عباس، عن ابن عوف. أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد العلوي، أنبأنا محمد بن أحمد القطيعي، أنبأنا محمد بن عبيد الله المجلد "ح" وأنبأنا أحمد بن إسحاق الزاهد، أنبأنا أبو نصر عمر بن محمد التيمي، أنبأنا هبة الله بن أحمد الشبلي، قالا: أنبأنا محمد بن محمد الهاشمي، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله البغوي حدثنا أبو نصر التمار، حدثنا القاسم بن فضل الحداني عن النضر بن شيبان قال: قلت لأبي سلمة: حدثني بشيء سمعته من أبيك يحدث به عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: حدثني أبي في شهر رمضان قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "فرض "الله" عليكم شهر رمضان، وسننت لكم قيامة، فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا، خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه"3. هذا حديث حسن غريب. أخرجه النسائي، عن أبي راهويه، عن النضر بن

_ 1 وقر: حمل. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3156، 3157" في كتاب الجزية والموادعة، باب: رقم "11"، وأبو داود "3043" في كتاب الخراج، باب: في أخذ الجزية من المجوس، والترمذي "1592، 1593" في كتاب السير، باب: ما جاء في أخذ الجزية من المجوس. 3 ضعيف دون الشطر الثاني منه: أخرجه النسائي "4/ 158" في كتاب الصيام، باب: ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثير والنصر بن شيبان فيه، وابن ماجه "1328" في كتاب الصيام باب: ما جاء في قيام شهر رمضان، وقال الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" ضعيف والشطر الثاني منه صحيح.

شميل. وابن ماجه، عن يحيى بن حكيم، عن أبي داود الطيالسي، جميعا عن الحداني. قال النسائي: الصواب حديث الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. أخبرنا محمد بن عبد السلام العصروي، أنبأنا عبد المعز بن محمد الهروي، أنبأنا تميم الجرجاني، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن النيسابوري، أنبأنا محمد بن أحمد الحيري، أنبأنا أحمد بن على الموصلي، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني مكحول، عن كريب، عن ابن عباس قال: جلسنا مع عمر، فقال: هل سَمِعْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئا أمر به المرء المسلم إذا سها في صلاته، كيف يصنع؟ فقلت: لا والله، أو ما سمعت أنت يا أمير المؤمين من رسول الله في ذلك شيئا؟ فقال: لا والله. فبينا نحن في ذلك أتى عبد الرحمن بن عوف فقال: فيم أنتما؟ فقال عمر: سألته، فأخبره. فقال له عبد الرحمن: لكني قد سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأمر في ذلك. فقال له عمر: فأنت عندنا عدل، فماذا سمعت؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إذا سها أحدكم في صلاته حتى لا يدري أزاد أم نقص، فإن كان شك في الواحدة والثنتين، فليجعلها واحدة، وإذا شك في الثنتين أو الثلاث، فليجعلها ثنتين، وإذا شك في الثلاث والأربع، فليجعلها ثلاثا حتى يكون الوهم في الزيادة، ثم يسجد سجدتين، وهو جالس، قبل أن يسلم، ثم يسلم" 1. هذا حديث حسن، صححه الترمذي، ورواه عن بندار، عن محمد بن خالد بن عثمة، عن إبراهيم بن سعد، فطريقنا أعلى بدرجة. ورواه الحافظ ابن عساكر في صدر ترجمة ابن عوف وفيه: فقال: فحدثنا، فأنت عندنا العدل والرضا. فأصحاب رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّ كانوا عدولا فبعضهم أعدل من بعض وأثبت. فهنا عمر قنع بخبر عبد الرحمن، وفي قصة الاستئذان يقول: ائت بمن

_ 1 صحيح: أخرجه الترمذي "398" في كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يصلي فيشك في الزيادة والنقصان، وابن ماجه "1209" في كتاب الإقامة، باب: ما جاء فيمن شك في صلاته فرجع إلى اليقين، وأحمد "1/ 190" وقال الألباني في "صحيح الجامع" "630": صحيح.

يشهد معك1، وعلي بن أبي طالب يقول: كان إذا حدثني رجل عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استحلفته، وحدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر2، فلم يحتج على أن يستحلف الصديق، والله أعلم. قال المدائني: ولد عبد الرحمن بعد عام الفيل بعشر سنين3. وقال الزبير: ولد الحارث بن زهرة عبدا، وعبد الله، وأمهما قيلة. ومن ولد عبد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد. وكذا نسبه ابن إسحاق، وابن سعد، وأسقط البخاري والفسوي "عبدا" من نسبه، وقاله قبلهما عروة، والزهري. وقال الهيثم الشاشي وأبو نصر الكلاباذي وغيرهما: عبد عَوْف بْن عبد الحارث بْن زُهْرَةَ. وأم عبد الرحمن هي: الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة. قاله جماعة. وقال أبو أحمد الحاكم: أمه صفية بنت عبد مناف بن زهرة بن كلاب، ويقال: الشفاء بنت عوف. إبراهيم بن سعيد: حدثني أبي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قال: كان اسمي عبد عمرو، فلما أسلمت، سمّاني رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ الرحمن4. إبراهيم بن المنذر: حدثنا عبد العزيز بن أبي ثابت، عن سعيد بن زياد، عن حسن بن عمر، عن سهلة بنت عاصم قالت: كان عبد الرحمن بن عوف أبيض.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "6245" في كتاب الاستئذان، باب: التسليم والاستئذان ثلاثا، ومسلم "2153/ 34" في كتاب الآداب، باب: الاستئذان. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "1521" في كتاب الصلاة، باب: في الاستغفار، والترمذي "3017" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة آل عمران، وابن ماجه "1395" في كتاب الإقامة، باب: ما جاء أن الصلاة كفارة، وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" "1/ 407": هو حديث حسن. وكذلك قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "11/ 101" وقال الألباني في "صحيح الجامع" "5738": صحيح. 3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 66" عن يعقوب الأخنسي بإسناد ضعيف جدا. 4 أخرجه الحاكم "5332".

أعين، أهدب الأشفار، أفتى، طويل النابين الأعليين، وربما أدمى نابه شفته، له جمة أسفل من أذنيه، أعنق، ضخم الكتفين. وروى زياد البكائي عن ابن إسحاق قال: كان ساقط الثنيتين، أهتم، أعسر، أعرج. كان أُصيب يوم أُحُدٍ فَهَتِم، وجُرِح عشرين جراحةً، بعضها في رجله، فعرج. الواقدي: حدثنا عبدَ الله بْن جَعْفَر، عَنْ يعقوب بن عتبة قال: وكان عبد الرحمن رجلا طوالا، حسن الوجه، رقيق البشرة، فيه جنأ، أبيض، مشربا حمرة، لا يغير شيبه. وقال ابن إسحاق: حدثنا صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: كنا نسير مع عثمان في طريق مكة، إذ رأى عبد الرحمن بن عوف، فَقَالَ عثمان: مَا يستطيع أحدٌ أن يعتدَّ على هذا الشيخ فضلًا في الهجرتين جميعًا. وروى نحوه العقدي عن عبد الله بن جعفر، عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، وجماعة، قالوا: أنبأنا عبد الله بن عمر، أنبأنا أبو الوقت، أنبأنا أبو الحسن الداودي، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن عمر، أنبأنا أبو الوقت، أنبأنا أبو الحسن الداودي، أنبأنا أبو محمد بن حمويه، أنبأنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس أن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آخى بينه وبين عثمان، كذا هذا، فقال: إن لي حائطين، فاختر أيهما شئت. قال: بل دلني على السوق، إلى أن قال: فكثر ماله، حتى قدمت له سبعمائة راحلة تحمل البر والدقيق والطعام، فلما دخلت سمع لأهل المدينة رجة، فبلغ عائشة، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "عبد الرحمن لَا يدخل الجنة إلَّا حَبْوًا". فلمّا بلغه قال: يا أمه! إني أُشْهِدُكِ أَنَّها بأحمالها وأحلاسها1 في سبيل الله2.

_ 1 الأحلاس: جمع حلس، وهو كل ما يوضع على ظهر البعير. 2 أخرجه أحمد "6/ 115".

أخرجه أحمد في "مسند" عن عبد الصمد بن حسان، عن عمارة، وقال: حديث منكر. قلت: وفي لفظ أحمد: فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "قد رأيت عبد الرحمن لا يدخل الجنة إلا حبوا"، فقال: إن استطعت لأدخلنها قائما. فجعلها بأقتابها وأحمالها في سبيل الله1. أخبرنا جماعة، كتابة، عن أبي الفرج بن الجوزي، وأجاز لنا ابن علان وغيره، أنبأنا الكندي، قالا: أنبأنا أبو منصور القزاز، أنبأنا أبو بكر الخطيب أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا هذيل بن ميمون، عن مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "دخلت الجنة فسمعت خشفة، فقلت: ما هذا؟ " قيل: بلال. إلى أن قال: "فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف، ثم جاء بعد الإياس. فقلت: عبد الرحمن؟ " فقال: بأبي وأمي يا رسول الله! ما خلصت إليك حتى ظننت أني لا أنظر إليك أبدا. قال: "وما ذاك" قال: من كثرة مالي أحاسب، وأمحص2. إسناده واه. وأما الذي قبله فتفرد به عمارة، وفيه لين. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَقَالَ ابْنُ معين: صالح. وقال ابن عدي: عندي لا بأس به. قلت: لم يحتج به النسائي. وبكل حال فلو تأخر عبد الرحمن عن رفاقه للحساب، ودخل الجنة حبوا على سبيل الاستعارة، وضرب المثل، فإن منزلته في الجنة ليست بدون منزلة علي والزبير، رضي الله عن الكل. ومن مناقبه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد له بالجنة، وأنه من أهل بدر الذين قيل

_ 1 هو لفظ أحمد السابق. 2 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 259" وعلي بن يزيد ضعيف كما في "الميزان" "5966".

لهم "اعملوا ما شئتم" 1 ومن أهل هذه الآية: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} 2 وقد صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وراءه3. أحمد في "المسند": حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن محمد، عن عمرو بن وهب الثقفي قال: كنا مع المغيرة بن شعبة، فسئل: هل أم النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد من هذه الأمة غير أبي بكر؟ فقال: نعم. فذكر إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ، ومسح على خفيه وعمامته، وأنه صلى خلف عبد الرحمن بن عوف، وأنا معه، ركعة من الصبح، وقضينا الركعة التي سبقنا4. ولحميد الطويل نحوه عن بكر بن عبد الله، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انتهى إلى عبد الرحمن بن عوف وهو يصلي بالناس، فأراد عبد الرحمن أن يتأخر، فأومأ إليه: أن مكانك، فصلى وصلى رسول الله بصلاة عبد الرحمن5. وروى الإمام أحمد في "المسند" عن الهيثم بن خارجة، عن رشدين، عن عبد الله بن الوليد، سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه بنحوه. هشام: عن قتادة، عن الحسن، عن المغيرة بن شعبة، بمثل هذا. ورواه زرارة بن أوفى، عن المغيرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى خلف عبد الرحمن بن

_ 1 ورد في قصة حاطب بن أبي بلتعة المشهورة، وذلك فيما أخرجه البخاري "3007" في كتاب الجهاد، باب: الجاسوس، ومسلم "2494" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل أهل بدر، وأبو داود "2650" في كتاب الجهاد، باب: في حكم الجاسوس إذا كان مسلما، والترمذي "3316" في كتاب الجهاد، باب: في حكم الجاسوس إذا كان مسلما، والترمذي "3316" في كتاب التفسير، باب: ومن سورة الممتحنة، والنسائي في "الكبرى" "11585" وأحمد "1/ 79-80/ 105" وابن جرير في "تفسيره" "28/ 38" وأبو يعلى "394-398" والبيهقي في "سننه" "9/ 146" وفي "الدلائل" "5/ 17"، وابن حبان "6499" من حديث عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. 2 سورة الفتح: الآية 18. 3 صحيح: يأتي. 4 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 244" ومسلم "274/ 81" في كتاب الطهارة، باب: المسح على الناصية والعمامة، وأبو داود "150" في كتاب الطهارة، باب: المسح على الخفين، والترمذي "100" في كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المسح على الجوربين والعمامة، والنسائي "1/ 76" في كتاب الطهارة، باب: المسح على العمامة مع الناصية. 5 انظر السابق.

عوف1، وجاء عن خليد بن دعلج، عن الحسن، عن المغيرة، والحسن مدلس لم يسمع من المغيرة. عيسى بن يونس: عن عثمان بن عطاء، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ عَبْدَ الرحمن بن عوف في سرية وعقد له اللواء بيده2. عثمان ضعيف3، لكن روى نحوه أبو ضمرة، عن نافع بن عبد الله، عن فروة بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عن ابن عمر. معمر: عن قتادة {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِين} 4 قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف بشرط ماله أربعة آلاف دينار. فقال أناس من المنافقين: إن عبد الرحمن لعظيم الرياء. وقال ابن المبارك: أنبأنا معمر، عن الزهري قال: تصدق ابن عوف عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بشرط ماله أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، وحمل على خمسمائة فرس في سبيل الله، ثم حمل على خمسمائة راحلة في سبيل الله. وكان عامة ماله من التجارة5. أخرجه في "الزهد" له. سليمان ابن بنت شرحبيل: أنبأنا خَالِد بْن يَزِيد بْن أَبِي مالك، عَنْ أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "يابن عوف! إنك من الأغنياء، ولن تدخل الجنة إلا زحفا، فأقرض الله تعالى، يطلق لك قدميك". قال: فما أقرض يا رسول الله؟ فأرسل إليه: "أتاني جبريل فقال: مُرْهُ فليضف الضيف، وليُعط في النائبة، وليُطعم المسكين" 6.

_ 1 صحيح: انظر التخريج السابق. 2 إسناده ضعيف: انظر التعليق الآتي. 3 هو عثمان بْن عطاء بْن أَبِي مسلم الخُراسانيّ، ضعفه مسلم وابن معين والدارقطني، والجوزجاني وابن خزيمة، وقال دحيم: لا بأس به، وقال الحافظ ابن حجر: ضعيف وهو الراجح: والله أعلم. 4 سورة التوبة: 79. 5 مرسل. 6 أخرجه الحاكم "5358".

خالد بن الحارث وغيره، قالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبيه قَالَ: رأيت الجنة، وأني دخلتُها حبْوًا، ورأيت أنه لا يدخلها إلا الفقراء. قلت: إسناده حسن، فهو وغيره منام، والمنام له تأويل. وقد انتفع ابن عوف -رضي الله عنه- بما رأى، وبما بلغه، حتى تصدق بأموال عظيمة، أطلقت له ولله الحمد قدميه، وصار من ورثة الفردوس، فلا ضير. أنبأنا ابن أبي عمر، أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، حدثنا ابن المذهب حدثنا أبو بكر، حدثنا عبد اللهن حدثني أبي، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن شقيق قال: دخل عبد الرحمن على أم سلمة، فقال: يا أم المؤمنين! إني أخشى أن أكون قد هلكت، إني من أكثر قريش مالا، بعت أرضا لي بأربعين ألف دينار. قالت: يا بني! أنفق، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إن من أصحابي من لن يراني بعد أن أفارقه"، فأتيت عمر فأخبرته. فأتاها، فقال: بالله! أنا منهم؟ قالت: اللهم لا، ولن أبرئ أحدا بعدك1. رواه أيضا أحمد، عن أبي معاوية، عن الأعمش فقال: عن شقيق، عن أم سلمة. زائدة: عن عاصم، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كان بين خالد وعبد الرحمن بن عوف شَيْءٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دعوا لي أصحابي أو أصيحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا لم يدرك مد أحدهم ولا نصيفه" 2. وأما الأعمش فرواه عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري3، وفي الباب حديث زهير بن معاوية عن حميد، عن أنس. أبو إسماعيل المؤدب: عن إسماعيل بن أبي خالد، "عن الشعبي" عن ابن

_ 1 أخرجه أحمد "6/ 290". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2540"، وابن ماجه "161" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والطبراني في "الأوسط" "687". وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، أخرجه البخاري "3673" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل أبي بكر الصديق، ومسلم "2541" في كتاب فضائل الصحابة، باب: تحريم سب الصحابة، والترمذي "3887" في كتاب المناقب، باب: في من سب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم. 3 انظر التخريج السابق.

أبي أوفى قال: شكا عبد الرحمن بن عوف خالدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يا خالد! لَا تُؤْذِ رجلًا من أهل بدْر، فلو أنفقْتَ مثل أُحُدٍ ذهبا، لم تدرك عمله". قال: يقعون في فأرد عليهم. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تؤذوا خالدا، فإنه سيف من سيوف الله، صبه الله على الكفار" 1. لم يروه عن المؤدب سوى الربيع بن ثعلب. وقد روى نحوه جرير بن حازم، عن الحسن مرسلا. شعبة: أنبأنا حصين، سمعت هلال بن يساف يحدث عن عبد الله بن ظالم المازني، عن سعيد بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان على حراء ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف فقال: "أثبت حراء! فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد"2. وذكر سعيد أنه كان معهم. وكذا رواه جرير، وهشيم، وأبو الأحوض، والأبار، عن حصين. وأخرجه أرباب السنن الأربعة من طريق شعبة وجماعة كذلك، ورواه ابن إدريس ووكيع، عن سفيان، عن منصور عن هلال بن يساف. قال أبو داود: ورواه الأشجعي عن سفيان، عن منصور، فقال: عن هلال، عن ابن حبان، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد، تابعه قاسم الجرمي عن سفيان، وصححه الترمذي. وجاء عن سفيان، عن منصور وحصين، عن هلال عن سعيد نفسه. أبو قلابة الرقاشي: حدثنا عمر بن أيوب، حدثنا محمد بن معن الغفاري،

_ 1 أخرجه الخطيب في "تاريخه" "12/ 149-150" وأخرجه الطبراني في "الكبير" "3801" مختصرا. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4648" في كتاب السنة، باب: في الخلفاء، والترمذي "3778" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعيد بن زيد، وابن ماجه "134" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو نعيم في "الحلية" "5928" وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

حدثنا مجمع بن يعقوب، عن أبيه، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مجمع أن عمر قال لأم كلثوم بنت عقبة، امرأة عبد الرحمن بن عوف: أقال لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انكحي سيد المسلمين عبد الرحمن بن عوف؟ " قالت: نعم1. علي بن المديني: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح أن عمر سأل أم كلثوم بنحوه. ويروى عن حصين، عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّهِ أم كلثوم نحوه. معمر: عن الزهري: حدثني عبيد الله بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطى رهطا فيهم عبد الرحمن بن عوف، فلم يعطه، فخرج يبكي. فلقيه عمر فقال: ما يبكيك؟ فذكر له، وقال: أخشى أن يكون منعه موجدة وجدها علي. فأبلغ عمر رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لكني وكلته إلى إيمانه"2. قريش بن أنس: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِي"، فأوصى لهن عبد الرحمن بحديقة، قومت بأربعمائة ألف3. قال عبد الله بن جعفر الزهري: حدثنا أُمُّ بَكْرٍ بِنْتَ الْمِسْوَرِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بَاعَ أَرْضًا لَهُ مِنْ عُثْمَانَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفِ دينار، فقسمه فِي فُقَرَاءِ بَنِي زُهْرَةَ، وَفِي الْمُهَاجِرِينَ، وَأُمَّهَاتِ المؤمنين. قال المسور: فأتيت عائشة بنصيبها، فقالت: من أرسل بهذا؟ قلت: عبد الرحمن. قَالَتْ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لا يحنو عليكن بعدي إلا الصابرون". سَقَى اللَّهُ ابْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ4.

_ 1 إسناده ضعيف: أبو قلابة الرقاشي هو عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" "4210": صدوق يخطئ تغير حفظه لما سكن بغداد. 2 مرسل. 3 في إسناده نظر: قريش بن أنس ثقة، ولكنه اختلط قبل موته بست سنين كما في "الميزان" "6892". والحديث أخرجه الترمذي "3771" في كتاب المناقب، باب: مناقب عبد الرحمن بن عوف، دون ذكر المرفوع منه، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 حسن: أخرجه الترمذي "3370" في المصدر السابق، وزاد "وقد كان وصل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بمال بيعت بأربعين ألفا، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "2002" حسن. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" "312" من حديث المسور.

أخرجه أحمد في "مسنده". علي بن ثابت الجزري، عن الوازع، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نساءه في مرضه فقال: "سيحفظني فيكن الصابرون الصادقون"1. ومن أفضل أعمال عبد الرحمن عزله نفسه من الأمر وقت الشورى، واختياره للأُمة من أشار به أهل الحل والعقد، فنهض في ذلك أتم نهوض على جمع الأمة على عثمان، ولو كان محابيا فيها لأخذها لنفسه، أو لولاها ابن عمه وأقرب الجماعة إليه سعد بن أبي وقاص. ويروى عن عبد الله بن نيار الأسلمي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عوف ممّن يُفْتي فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي بكر، وعمر بما سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ يزيد بن هارون: حدثنا أبو الْمُعَلَّى الْجَزَرِيُّ، عَنْ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابن عمر، أن عبد الرحمن قال لأهل الشُّورَى: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَخْتَارَ لَكُمْ وَأَنْفَصِلُ منها؟ قال علي: نعم. أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَضِيَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إنك أمين في أهل السماء، أمين في أهل الأرض"2. أخرجه الشاشي، في "مسنده" وأبو المعلى ضعيف. ذكر مجالد، عن الشعبي أن عبد الرحمن بن عوف حج بالمسلمين في سنة ثلاث عشرة3. جويرية بن أسماء: عن مالك، عن الزهري، عن سعيد أن سعد بن أبي وقاص أرسل إلى عبد الرحمن رجلا وهو قائم يخاطب: أن ارفع رأسك إلى أمر

_ 1 إسناده ضعيف جدا: الوازع هو ابن نافع، متروك، كما في "الميزان" "9320". 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد "2/ 71" وأبو المعلى الجزري هو فرات بن السائب، متروك كما في "الميزان" "6689". 3 مرسل إسناده ضعيف.

الناس. أي إلى نفسك. فقال عبد الرحمن: ثكلتك أمك! إنه لن يلي هذا الأمر أحد بعد عمر إلا لامه الناس. تابعه أبو أويس عبد الله، عن الزهري. ابن سعد: أنبأنا عبد العزيز الأويسي، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن أم بكر، عن أبيها المسور قال: لما ولي عبد الرحمن بن عوف "الشوري" كان أحب الناس إليَّ أنه يليه، فإن ترك، فسعد. فلحقني عمرو بن العاص فقال: ما ظن خالك عبد الرحمن بالله، إن أولى هذا الأمر أحدا، وهو يعلم أنه خير منه؟ فأتيت عبد الرحمن فذكرت ذلك له. فقال: والله لأن تؤخذ مدية، فتوضع في حلقي ثم ينفذ بها "إلى الجانب الآخر"، أحب إليَّ من ذلك. ابن وهب: حدثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبي عبيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أزهر، عن أبيه، عن جده أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَكَى رُعَافًا، فَدَعَا حُمْرَانَ، فَقَالَ: اكْتُبْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِي، فَكَتَبَ له، وانطلق حمران إلى عبد الرحمن، فقال: البشرى! قال: وما ذاك؟ قال: إن عثمان قد كَتَبَ لَكَ الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ. فَقَامَ بَيْنَ القبر والمنبر، فدعا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مِنْ تَوْلِيَةِ عُثْمَانَ إياي هذا الأمر، فأمتنى قبله. فلم يمكث إلا ستة أشهر حتى قبضه الله. يعقوب بن محمد الزهري: حدثنا إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رجل، عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: كان أهل المدينة عيالا على عبد الرحمن بن عوف: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثا1. مبارك بن فضالة: عن عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كان بين طلحة وابن عوف تباعد. فمرض طلحة، فجاء عبد الرحمن يعوده، فقال طلحة: أنت والله يا أخي خير مني. قال: لا تفعل يا أخي، قال: بلى والله؛ لأنك لو مرضت ما عدتك2. ضمرة بن ربيعة، عن سعد بْن الحسن قَالَ: كان عبد الرحمن بْن عوف لَا يُعرف من بين عبيده.

_ 1 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. 2 إسناده ضعيف: علي بن زيد ضعيف الحفظ، ومبارك يدلس، وقد عنعنه.

شعيب بن أبي حمزة: عن الزهري، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن، قال: غشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه حتى ظنوا أنه قد فاضت نفسه، حتى قاموا من عنده، وجللوه. فأفاق يكبر، فكبر أهل البيت، ثم قال لهم: غشي على آنفا؟ قالوا: نعم. قال: صدقتم! انطلق بي في غشيتي رجلان أجد فيهما شدة وفظاظة، فقالا: انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين، فانطلقا بي حتى لقيا رجلا، قال: أين تذهبان بهذا؟ قالا: نحاكمه إلى العزيز الأمين. فقال: ارجعا، فإنه من الذين كتب الله لهم السعادة والمغفرة وهم في بطون أمهاتهم، وإنه سيمتع به بنوه إلى ما شاء الله، نعاش بعد ذلك شهرا. رواه الزبيدي وجماعة عن الزهري، ورواه سعيد بن إبراهيم عن أبيه. ابن لهيعة: عن أبي الأسود، عن عروة أن عبد الرحمن بن عوف أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله، فكان الرجل يعطى منها ألف دينار1. وعن الزهري أن عبد الرحمن أوصى للبدريين، فوجدوا مائة، فأعطى كل واحد منهم أربعمائة دينار، فكان منهم عثمان، فأخذها. وبإسناد آخر، عن الزهري: أن عبد الرحمن أوصى بألف فرس في سبيل الله. قال إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: سمع عليا يقول يوم مات عبد الرحمن بن عوف: اذهب يابن عوف! فقد أدركت صفوها وسبقت زنقها. الرنق: الكدر. قال سعد بن إبراهيم، عن أبيه قال: رأيت سعدا في جنازة عبد الرحمن بن عوف، وهو بين يدي السرير، وهو يقول: واجبلاه! رواه جماعة عن سعد. معمر: عن ثابت، عن أنس قال: رأيت عبد الرحمن بن عوف، قسم لكل امرأة من نسائه بعد موته مائة ألف. وروى هشام عن ابن سيرين قال: اقتسمن ثمنهن ثلاثمائة ألف وعشرين ألفا.

_ 1 إسناده ضعيف: ابن لهيعة ضعيف.

وروى نحوه ليث بن أبي سليم، عن مجاهد. وقد استوفى صاحب تاريخ دمشق أخبار عبد الرحمن في أربعة كراريس. ولما هاجر إلى المدينة كان فقيرا لا شيء له، فآخى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وبين سعد بن الربيع أحد النقباء، فعرض عليه أن يشاطره نعمته، وأن يطلق له أحسن زوجتيه، فقال له: بارَكَ الله لك في أهلك ومالك، ولكن دلني على السوق. فذهب. فباع واشترى، وربح ثم لم ينشب أن صار معه دراهم، فتزوج امرأة على زنة نواة من ذهب، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد رأى عليه أثرا من صفرة: "أولم ولو بشاة" 1، ثم آل أمره في التجارة إلى ما آل. أرخ المدائني، والهيثم بن عدي، وجماعة وفاته في سنة اثنتين وثلاثين وقال المدائني: ودفن بالبقيع، وقال يعقوب بن المغيرة: عاش خمسا وسبعين سنة. قال أبو عمر بن عبد البر: كان مجدودا في التجارة. خلف ألف بعير، وثلاثة آلاف شاة، ومائة فرس، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضجا. قلت: هذا هو الغني الشاكر، وأويس فقير صابر، وأبو ذر أو أبو عبيدة زاهد عفيف. حسين الجعفي: عن جعفر بن برقان قال: بلغني أن عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف بيت. 10- "ع" سعد بن أبي وقاص "ت 55هـ" واسم أبي وقاص: مالك بن أهيب بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ بْن مُرَّة بْن كعب بْن لؤي. الأمير أبو إسحاق القرشي الزهري المكي. أحد العشرة، وأحد السابقين الأولين، وأحد من شهد بدرا والحديبية، وأحد الستة أهل الشورى.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "2049" في كتاب البيوع، باب: ما جاء في قول الله عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} الآية، ومسلم "1427" في كتاب النكاح، باب: الصداق، والترمذي "1940" في كتاب البر والصلة، باب: مواساة الأخ، وابن ماجه "1907" في كتاب النكاح، باب: الوليمة، وأحمد "3/ 271، 274، 278" من حديث أنس.

روى جملة صالحة من الحديث، وله في "الصحيحين" خمسة عشر حديثا، وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث، ومسلم بثمانية عشر حديثا. حدث عنه: ابن عمر، وعائشة، وابن عباس، والسائب بن يزيد، وبنوه: عامر، وعمر، ومحمد، ومصعب، وإبراهيم، وعائشة، وقيس بن أبي حازم، وسعيد بن المسيب، وأبو عثمان النهدي، وعمرو بن ميمون، والأحنف بن قيس، وعلقمة بن قيس، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ومجاهد، وشريح بن عبيد الحمصي، وأيمن المكي، وبشر بن سعيد، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو صالح ذكوان، وعروة بن الزبير، وخلق سواهم. أخبرنا محمد بن عبد السلام بن المطهر التميمي، أنبأنا عبد المعز بن محمد، في كتابه، أنبأنا تميم بن أبي سعيد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو عمرو ابن حمدان، أنبأنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا علي بن الجعد، أنبأنا شعبة، عن أبي عون: سمعت جابر بن سمرة قال: قال عمر لسعد: قد شكوك في كل شيء حتى في الصلاة. قال: أما أنا، فإني أمد في الأوليين وأحذف في الأخريين، وما آلو ما اقتديت به من صَلاةُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ذاك الظن بك، أو كذاك الظن بك1. أبو عون الثقفي. هو محمد بن عبيد الله، متفق عليه. وبه، إلى أبي يعلى: حدثنا زهير، حدثنا إسماعيل بن عمر، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعد، حدثني والدي، عن أبيه قال: مررت بعثمان في المسجد، فسلمت عليه، فملأ عينيه "مني" ثم لم يرد علي السلام: فأتيت عمر، فقلت: يا أمير المؤمنين! هل حدث في الإسلام شيء؟ قال: "لا" وما ذاك؟ قلت: "لا إلا" إني مررت بعثمان آنفا، فسلمت، "عليه فملأ عينيه

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "755" في كتاب الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام، ومسلم "453" في كتاب الصلاة، باب: القراءة في الظهر والعصر، وأبو داود "803" في كتاب الصلاة، باب: تخفيف الأخريين، والنسائي "2/ 174" في كتاب الافتتاح، باب: الركود في الركعتين الأوليين.

مني" فلم يرد عليَّ. فأرسل عمر إلى عثمان، فأتاه، فقال: ما يمنعك أن تكون رددت على أخيك السلام؟ قال: ما فعلت: قلت: بلى، حتى حلف وحلفت، ثم إنه ذكر فقال: بلى، فأستغفر الله وأتوب إليه، إنك مررت بي آنفا، وأنا أحدث نفسي بكلمة سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا والله ما ذكرتها قط إلا يغشى بصري وقلبي غشاوة. فقال سعد: فأنا أنبئك بها. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر لنا أول دعوة، ثم جاءه أعرابي فشغله، ثم قام رسول الله، فاتبعته، فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله، ضربت بقدمي الأرض، فالتفتَ إلي، فالتفت، فقال: "أبو إسحاق"؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: "فَمَهْ" قلت: لا والله، إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة ثم جاء هذا الأعرابي، فقال: "نعم، دعوة ذي النون: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} 1. فإنها لم يَدْعُ بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له" 2. أخرجه الترمذي من طريق الفريابي، عن يونس. ابن وهْب: حَدَّثَنِي أسامة بْن زيد اللَّيْثي، حدثني ابن شهاب أن عبد الرحمن بن المسور قال: خرجت مع أبي، وسعد، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث عام أذرح. فوقع الوجع بالشام، فأقمنا بسرغ خمسين ليلة، ودخل علينا رمضان، فصام المسور وعبد الرحمن، وأفطر سعد وأبي أن يصوم، فقلت له: يا أبا إسحاق! أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشهدت بدرا. وأنت تفطر وهما صائمان؟ قال: أنا أفقه منهما. ابن جريج: حدثني زكريا بن عمرو أن سعد بن أبي وقاص وفد على معاوية، فأقام عنده شهرا يقصر الصلاة، وجاء شهر رمضان. فأفطره منقطع. شعبة وغيره: عن حبيب بن أبي ثابت سمعت عبد الرحمن بن المسور قال: كنا في قرية من قرى الشام يقال لها: عمان، ويصلى سعد ركعتين، فسألناه، فقال: إنا نحن أعلم.

_ 1 سورة الأنبياء: 87. 2 أخرجه أحمد "1/ 170"، وأخرجه الترمذي "3516" في كتاب الدعوات، باب: "81" مختصرا على المرفوع، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".

ابن عيينة: عن عمرو قال: شهد سعد وابن عمر الحكمين. ابن عيينة عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، عن سعد: قلت: يا رسول الله من أنا؟ قال: "سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة، من قال غير هذا، فعليه لعنة الله"1. قال ابن سعد: وأمه حمة بِنْت سفيان بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْد شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مناف. قال ابن منده: أسلم سعد ابن سبع عشرة سنة. وكان قصيرا، دحداحا، شثن الأصابع، غليظا، ذا هامة. توفي بالعقيق في قصره، على سبعة أميال من المدينة. وحمل إليها سنة خمس وخمسين. الواقدي: عن بكير بن مسمار عن عائشة بنت سعد قالت: كان أبي رجلا قصيرًا، دحداحًا غليظًا، ذا هامة، شثن الأصابع، أشعر، يخضب بالسواد. وعن إسماعيل بن محمد بن سعد، قال: كان سعد جعد الشعر، أشعر الجسد، آدم، أفطس، طويلا. يعقوب بن محمد الزهري: أنبأنا إسحاق بن جعفر، وعبد العزيز بن عمران، عن عبد الله بن جعفر بن المسور، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمير بن أبي وقاص عن بدر، استصغره، فبكى عمير، فأجازه، فعقدت عليه حمالة سيفه، ولقد شهدت بدرا وما في وجهي شعرة واحدة أمسحها بيدي2. جماعة: عن هاشم بن هاشم، عن سعيد بن المسيب، سمعت سعدا يقول: ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت، ولقد مكثت سبع ليال وإني لثلث الإسلام3.

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" "1/ 144" وعلي بن زيد ضعيف الحفظ. 2 إسناده ضعيف: يعقوب بن محمد الزهري ضعيف الحفظ كما في "الميزان" "9826"، وعبد العزيز بن عمران متروك، ولكنه توبع. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3726" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، وابن ماجه "132" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقال يوسف بن الماجشون: سمعت عائشة بنت سعد تقول: مكث أبي يوما إلى الليل وإنه لثلث الإسلام. إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ قَالَ: قال سعد بن مالك: مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أبويه لأحد قبلي. ولقد رأيته وإنه ليقل لي: "يا سعد ارم فداك أبي وأمي" 1. وإني لأول المسلمين رمى المشركين بسهم. ولقد رأيتني مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَابِعَ سَبْعَةٍ مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقَ السَّمُرِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كما تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ، لَقَدْ خِبْتُ إِذَنْ وَضَلَّ سَعْيِي2. متفق عليه، رواه جماعة عن إسماعيل. وروى المسعودي عن القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن: أوّل من رمى بسهم في سبيل الله، سعد، وإنه من أخوال النبي -صلى الله عليه وسلم3. حاتم بن إسماعيل: عن بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ. قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ رسول الله: "ارم فداك أبي وأمي" فَنَزَعْتُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْلٌ، فَأَصَبْتُ جَبْهَتَهُ، فوقع وانكشفت عَوْرَتُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بدت نواجذه4.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4055" في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} ، ومسلم "2414" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل سعد بن أبي وقاص، والترمذي "3775" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، وابن ماجه "130" في المصدر السابق. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3728" في كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، ومسلم "2966" في أول كتاب الزهد، والترمذي "2372"، 2373" في كتاب الزهد، باب: معيشة أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي "الشمائل" له "374" وأبو نعيم في "الحلية" "31". 3 صحيح: ورد مفرقا، وأما شطره الأول فقد ورد ضمن الحديث السابق وأما شطره الثاني فقد أخرج الترمذي "3773" في المصدر السابق، عن جابر قال: أقبل سعد فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خالي فليرني امرؤ خاله"، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 صحيح: تقدم تخريجه.

عبد الله بن مصعب، حدثنا موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قَالَ: قَتَلَ سَعْدٌ يَوْمَ أُحُدٍ بِسَهْمٍ رُمِيَ به، فقتل، فرد عليهم فرموا به، فأخذه سعد، فرمى به الثانية، فقتل، فرد عليهم، فرمى به الثالثة، فقتل، فعجب الناس مما فعل، إسناده منقطع. ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ بعض آل سعد، عن سعد أنه رمى يوم أحد، قال: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يناولني النبل ويقول: "ارم فداك أبي وأمي" حتى إنه ليناولني السهم ما له من نصل، فأرمى به1. قال ابن المسيب: كان جيد الرمي، سمعته يقول: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبويه يوم أحد2. أخرجه البخاري. وقد ساقه الحافظ ابن عساكر من بضعة عشر وجها. وساق حديث ابن أبي خالد عن قيس من سبعة عشر طريقا بألفاظها، وبمثل هذا كبر تاريخه. وساق حديث عبد الله بن شداد عن علي: ما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جمع أبويه لأحد غير سعد3، من ستة عشر وجها. رواه مسعر وشعبة وسفيان، عن سعد بن إبراهيم، عنه. ابن عيينة: عن يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قال علي: ما سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يجمع أَبويه لأحد غير سعد4. تفرد به ابن عيينة، وقد رواه شعبة وزائدة، وغيرهما عن يحيى بن سعيد، عن سعد، وهو أصح. ابن زنجويه: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن عائشة بنت سعد، سمعتها تقول: أنا ابنة المهاجر الذي فداه رسول الله يوم أحد بالأبوين. الأعمش: عن إبراهيم، قال عبد الله بن مسعود: لقد رأيت سعدا يقاتل يوم

_ 1 إسناده ضعيف: وقد تقدم بنحوه. 2 صحيح: وقد تقدم. 3 صحيح: أخرجه الترمذي "3776" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 4 صحيح: انظر السابق.

بدر قتال الفارس في الرجال1. رواه بعضهم عن الأعمش فقال: عن إبراهيم، عن علقمة. يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ: عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرحمن الوقاصي، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية، فِيهَا سعد بن أبي وقاص إلى جانب من الحجاز يُدعى رابغ، وَهُوَ من جانب الجُحْفَة، فانكفأ المشركون على المسلمين، فحماهم سعد يومئذ بسهامه، فكان هذا أول قتال في الإسلام، فقال سعد: ألا هل أتى رَسُول اللَّهِ أني ... حَمَيْتُ صَحابتي بصدور نَبْلِي فما يَعْتَدُّ رامٍ في عدُوٍ ... بسهمٍ يا رسول الله قبلي2 وفي البخاري: لمروان بن معاوية: أخبرني هاشم بن هاشم، سمعت سعيد بن المسيب، سمعت سَعْدًا يَقُولُ: نَثَلَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كِنَانَتَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَالَ: "ارم! فداك أبي وأمي" 3. أنبأنا به أحمد بن سلامة، عن ابن كليب، أنبأنا ابن بيان، أنبأنا ابن مخلد، أخبرنا إسماعيل الصفار، حدثنا الصفار بن عرفة، حدثنا مروان فذكره. القعنبي، وخالد بن مخالد قالا: حدثنا سليمان بْن بلال، عَنْ يحيى بْن سعيد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عائشة قالت: أرق رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ: "ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة". قالت: فسمعنا صوت السلاح، فقال رسول الله: "من هذا"؟ قال سعد بن أبي وقاص: أنا يا رسول الله جئت أحرسك، فنام رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سمعت غطيطه4. أبو بكر الحنفي عبد الكبير: حدثنا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أن أباه سعدا، كان في غنم له، فجاء ابنه عمر، فلما رآه قال: أعوذ بالله من شر هذا

_ 1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 75". 2 مرسل. 3 صحيح: وقد تقدم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "2885" في كتاب الجهاد، باب: الحراسة في الغزو، ومسلم "2410" في كتاب فضائل الصحابة، باب: في فضل سعد بن أبي وقاص، والترمذي "3777" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص.

الراكب، فلما انتهى إليه، قال: يا أبة أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك، والناس يتنازعون في الملك بالمدينة، فضرب صدر عمر، وقال: اسكت، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إن الله عز وجل يحب العبد التقي الغني الخفي" 1. روح، والأنصاري، واللفظ له: أنبأنا ابن عون، عن محمد بن محمد بن الأسود، عن عامر بن سعد قال: قال سعد: لقد رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضحك يوم الخندق، حتى بدت نواجذه. كان رجل معه ترس، وكان سعد راميا، فجعل يقول كذا يحوي بالترس، ويغطي جبهته، فنزع له سعد بسهم، فلما رفع رأسه، رماه فلم يخط هذه منه يعني جبهته فانقلب، وأشال برجله، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ فعله، حتى بدت نواجذه2. يحيى القطان وجماعة: عن صدقة بن المثنى، حدثني جدي رياح بن الحارث، أن المغيرة كان في المسجد الأكبر، وعنده أهل الكوفة، "عن يمينه وعن يساره" فجاءه رجل "يدعى سعيد بن زيد، فحياه المغيرة وأجلسه عند رجليه على السرير، فجاء رجل من أهل الكوفة" فاستقبل المغيرة، فسب، وسب، فقال سعيد بن زيد: من يسب هذا يا مغيرة؟ قال: يسب علي بن أبي طالب، قال: يا مغير بن شعيب، يا مغير بن شعيب! ألا تسمع أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسبون عندك، ولا تنكر ولا تغير؟ فأنا أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما سمعت أذناني، ووعاه قلبي من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإني لم أكن أروى عنه كذبا، إنه قال: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي في الجنة وعثمان في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة"، وتاسع المؤمنين في الجنة، ولو شئت أن اسميه لسميته، فضج أهل المسجد يناشدونه: يا صاحب رسول الله! من التاسع؟ قال: ناشدتموني بالله والله عظيم، أنا هو، والعاشر رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاللَّهُ لمشهد شهده رجل مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفضل من عمل أحدكم، ولو عُمِّر ما عُمِّر نوح3.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم "2965" في أول كتاب الزهد، وأحمد "1/ 168، 177". 2 أخرجه أحمد "1/ 186". 3 صحيح: أخرجه أبو داود "4650" في كتاب السنة، باب: في الخفاء، وابن ماجه "133" في المقدمة، باب: في فضائل أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من طريق صدقة. شعبة، عن الحر: سمعت رجلًا يقال "له" "عبد" الرحمن بن الأخنس، قال: خطب المغيرة بن شعبة فنال من علي، فقام سعيد بن زيد فقال: ما تريد إلى هذا. أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقال: "عشرة في الجنة: رسول الله في الجنة، وأبو بكر في الجنة" 1 الحديث. الحر هو ابن الصياح. عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ: عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عبيد الله، حدثنا الحر، بنحوه. ابن أبي بديك: حدثنا موسى بن يعقوب. عن عمر بن سعيد بن سريج، أن عبد الرحمن بن حميد حدثه، عن أبيه حميد بن عبد الرحمن، حدثني سعيد بن زيد في نفر، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "عشرة في الجنة: أبو بكر في الجنة، وسمَّى فيهم أبا عبيدة" 2. ابن عيينة: عن سعير بن الخمس، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر: قال رسول الله: "عشرة من قريش في الجنة، أبو بكر، ثم سمى العشرة"3. أخبرنا ابن أبي عمر وجماعة، إذنا، قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا هبة الله، أنبأنا ابن المذهب، حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة، عن حصين، عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم قال: خطب المغيرة فنال من علي. فخرج سعيد بن زيد فقال: ألا تعجب من هذا يسب عليًّا، أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنا كنا على حراء أو أُحُدٍ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اثبت حراء أو أحد! فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد" فسمى النبي، وأبا بكر، وعمر، وعثمان وعليا،، وطلحة، والزبير، وسعدا، وعبد الرحمن. وسمى سعيد نفسه، رضوان الله عليهم4. وله طرق.

_ 1 صحيح: أخرجه أبو داود "4649" في المصدر السابق، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود". 2 صحيح: وقد تقدم. 3 في إسناده ضعف: حبيب بن أبي ثابت يدلس كما في "التقريب" "1084" وقد عنعنه، وهو صحيح بما تقدم. 4 صحيح: وقد تقدم.

ومنها: عاصم بن علي: حدثنا محمد بن طلحة، عن أبيه، عن هلال بن يساف، عن سعيد نفسه، وقال: "اسكن حراء". أخبرنا ابن أبي الخير، أنبأنا عبد الغني الحافظ، في كتابه إلينا، أنبأنا المبارك بن المبارك السمسار، أنبأنا النعالي، أنبأنا أبو القاسم بن المنذر، أنبأنا إسماعيل الصفار، حدثنا الدقيقي، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا الليث، عن يزيد بن الهادي، عن أبي بكر بن حزم قال: جاءت أروى بنت أويس إلى محمد بن عمرو بن حزم فقالت: إن سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قد بنى ضفيرة في حقي، فأته، فكلمه، فوالله لئن لم يفعل، لأصيحن به فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأته، فكلمه، فوالله لئن لم يفعل، لأصيحن به فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لها: لا تؤذي صاحب رسول الله! ما كان ليظلمك، ما كان ليأخذ لك حقا، فخرجت، فجاءت عمارة بن عمرو وعبد الله بن سلمة، فقالت لهما: ائتيا سعيد بن زيد، فإنه قد ظلمني، وبنى ضفيرة في حقي، فوالله لئن لم ينزع، لأصيحن به فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخرجا حتى أتياه في أرضه بالعقيق، فقال لهما: ما أتى بكما؟ قالا: جاء بنا أروى، زعمت أنك بنيت ضفيرة في حقها، وحلفت بالله لئن لم تنزع لتصيحن بك فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأحببنا أن نأتيك، ونذكرك بذلك، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "من أخذ شبرا من الأرض بغير حق، طوقه يوم القيامة من سبع أرضين" لتأتين، فلتأخذ ما كان لها من حق، اللهم إن كانت علي، فلا تمتها حتى تعمي بصرها، وتجعل منيتها فيها. ارجعوا فأخبروها بذلك، فجاءت، فهدمت الضفيرة، وبنت بيتا، فلم تمكث إلا قليلا حتى عميت، وكانت تقوم من الليل، ومعها جارية تقودها، فقامت ليلة، ولم توقظ الجارية فسقطت في البئر، فماتت1. هذا يؤخر إلى ترجمة سعيد بن زيد. أحمد في "مسنده": حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عن سعد قال: رأيت رجلين عن يمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويساره يوم أحد، عليهما ثياب بيض، يقاتلان عنه كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد2.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3198" في كتاب بدء الخلق، باب: ما جاء في سبع أرضين، ومسلم "1610" في كتاب المساقاة، باب: تحريم الظلم. 2 صحيح: أخرجه البخاري "4045" في كتاب المغازي، باب: قوله تعالى {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} ، ومسلم "2306" في كتاب الفضائل، باب: في قتال جبريل وميكائيل، وأحمد "1/ 177"، وأبو نعيم في "الحلية" "3701"، والبيهقي في "الدلائل" "3/ 254".

الثوري: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ ابن مسعود قال: اشتركت أنا، وسعد، وعمار، يَوْم بدر فيما أصبنا من الغنيمة، فجاء سعد بأسيرين، ولم أجئ أنا وعمار بشيء1. شريك: عن أبي إسحاق قال: أشد الصحابة أربعة: عمر، وعلي، والزبير، وسعد. أبو يعلى في "مسنده" حدثنا محمد بن المثني، حدثنا عبد الله بن قيس الرقاشي، حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قَالَ: كنا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة" فطلع سعد بن أبي وقاص2. رشدين بن سعد: عن الحجاج بن شداد، عن أبي صالح الغفاري، عن عبد الله بن عمرو أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أول من يدخل من هذا الباب رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" فَدَخَلَ سَعْدُ بْنُ أبي وقاص3. ابن وهب: أخبرني حيوة، أخبرنا عقيل، عن ابن شهاب، حدثني من لا أتهم، عن أنس قال: بينا نحن جلوس عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة" فطلع سعد4. الثوري، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} 5. قال: نزلت في ستة أنا وابن مسعود منهم6.

_ 1 ضعيف: أخرجه أبو داود "3388" في كتاب البيوع، باب: في الشركة على غير رأس مال، والنسائي "7/ 319" في كتاب البيوع، باب: الشركة بغير مال، وابن ماجه "2288" في كتاب التجارات، باب: الشركة والمضاربة، وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" "735": ضعيف. 2 إسناده ضعيف: عبد الله بن قيس الرقاشي فيه ضعف كما في "الميزان" "4518" وانظر الآتي. 3 إسناده ضعيف: رشدين بن سعد ضعيف كما في "التقريب" "1942". 4 إسناده ضعيف: للجهالة فيه. 5 سورة الأنعام، الآية "52". 6 صحيح: أخرجه مسلم "2413" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل سعد بن أبي وقاص، وابن ماجه "4128" في كتاب الزهد، باب: مجالسة الفقراء، وأبو نعيم في "الحلية" "1215".

مسلمة بن علقمة: حدثنا داود بن أبي هند، عن أبي عثمان أن سعدا قال: نزلت هذه الآية في {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} 1. قال: كنت برا بأمي، فلما أسلمت، قالت: يا سعد! ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا، أو لا آكل، ولا أشرب، حتى أموت، فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمه، قلت: لا تفعلي يا أمه، إني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثت يوما لا تأكل ولا تشرب وليلة، وأصبحت وقد جهدت، فلما رأيت ذلك، قلت: يا أمه! تعلمين والله لو كان لك مائة نفس، فخرجت نفسا نفسا، ما تركت ديني. إن شئت فكلي أو لا تأكلي فلما رأت ذلك، أكلت2. رواه أبو يعلى في "مسنده". مجالد: عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أقبل سعد بن مالك فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خالي، فليرني امرؤ خاله" 3. قلت: لأن أم النبي -صلى الله عليه وسلم- زهرية، وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف، ابنة عم أبي وقاص. يحيى القطان: عن الجعد بن أوس، حدثتني عائشة بنت سعد قالت: قال سعد: اشتكيت بمكة، فدخل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعودني، فمسح وجهي وصدري وبطني، وقال: "اللهم اشف سعدا" فما زلت يخيل إلي أني أجد برد يده -صلى الله عليه وسلم- على كبدي حتى الساعة4. أخرجه البخاري والنسائي. أحمد في "مسنده": حدثنا أبو المغيرة، حدثنا معان بن رفاعة، حدثني علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: جلسنا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكرنا، ورققنا.

_ 1 سورة العنكبوت، الآية "8". 2 صحيح: أخرجه مسلم "1748" في المصدر السابق، والترمذي "3200" في كتاب التفسير باب: ومن سورة العنكبوت. 3 صحيح: وقد تقدم. 4 صحيح: أخرجه البخاري "5659" في كتاب المرضى، باب: وضع اليد على المريض، وأخرج أصله النسائي "6/ 241، 244" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث.

فبكى سعد بن أبي وقاص، فأكثر البكاء. فقال: يا ليتني مت! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا سعد أتتمنى الموت عندي"؟ فردد ذلك ثلاث مرات، ثم قال: "يا سعد! إن كنت خلقت للجنة، فما طال عمرك أو حسن من عملك، فهو خير لك"1. محمد بن الوليد البسري، حدثنا يحيى بن سعيد، عن إسماعيل، عن قيس أخبرني سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: $"اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إِذَا دَعَاكَ"2. رواه جعفر بن عون، عن إسماعيل، عن قيس أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَهُ. عبد الرحمن بن مغراء: عن سعيد بن المرزبان، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ أحد: "اللهم استجب لسعد" ثلاث مرات3. ابن وهب: حدثني أبو صخر: عن يزيد بن قسيط، عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، حدثني أبي: أن عبد الله بن جحش قال يوم أحد: ألا تأتي ندعو الله تعالى، فخلوا في ناحية، فدعا سعد، فقال: يا رب! إذا لقينا العدو غدا، فلقني رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده، أقاتله، ويقاتلني، ثم ارزقني الظفر عليه، حتى أقتله وآخذ سلبه. فأمن عبد الله، ثم قال: الله ارزقني غدا رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده، فأقاتله، ويقاتلني، ثم يأخذني، فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غدا قلت لي: يا عبد الله! فيم جدع أنفك وأذناك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت. قال سعد: كانت دعوته خيرا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وإن أنفه وأذنه لمعلق في خيط. أبو عوانة وجماعة: حدثنا عَبْد الْمَلِكِ بْنِ عُمَير، عَن جَابِرِ بْنِ سمرة قال:

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 266-267" وعلي بن يزيد هو الألهاني، ضعيف الحفظ. 2 صحيح: أخرجه الترمذي "3772" في كتاب المناقب، باب: مناقب سعد بن أبي وقاص، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي". 3 إسناده ضعيف: سعيد بن المرزبان ضعيف كما في "الميزان" "3271".

شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر، فقالوا: إنه لا يحسن أن يصلي. فقال سعد: أما أنا، فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله، صلاتي في العشي لا أحرم منها، أركُد في الأوليين وأحذَف في الأخريين، فقال عمر: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق. فبعث رجالا يسألون عنه بالكوفة، فكانوا لَا يأتون مسجدًا من مساجد الْكُوفَة، إلا قالوا خيرا، حتى أتوا مسجدا لبني عبْس، فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو سعدة: أما إذ نشدتمونا باللَّه، فإِنَّهُ كَانَ لَا يَعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية، فَقَالَ سعد: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا، فأعْمِ بصره، وأطل عُمره، وعرضه للفِتَن. قَالَ عَبْد الملك: فأنا رأيته بعدُ يتعرض للإماء في السكك. فإذا سئل كيف أنت؟ يقول: كبير فقير مفتون، أصابتني دعوة سعد1. متفق عليه. محمد بن جحادة: حدثنا الزبير بن عدي، عن مصعب بن سعد أن سعدا خطبهم بالكوفة فقال: يَا أَهْل الْكُوفَة! أي أمير كنت لكم؟ فقام رجل فقال: اللهم إن كنت مَا علمتك لَا تعدل في الرعية، وَلَا تقسم بالسوية، وَلَا تغزو في السرية، فَقَالَ سعد: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا، فاعْمٍ بصره، وعجل فَقْره، وأطِل عُمُرَه، وعرضه للفتن. قال: فما مات حتى عمي، فكان يلتمس الجدرات، وافتقر حتى سأل، وأدرك فتنة المختار فقتل بها. عمرو بن مرزوق: حدثنا شُعْبة، عَن سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بن المسيب قال: خرجت جارية لسعد عليها قميص جديد، فكشفتها الرِّيحُ، فَشَدَّ عُمَرُ عَلَيْهَا بِالدَّرَّةِ، وَجَاءَ سَعْدٌ ليمنعه، فتناوله بالدرة، فذهب سعد يدعو عَلَى عُمَرَ، فَنَاوَلَهُ الدَّرَّةَ وَقَالَ: اقْتَصْ، فَعَفَا عن عمر. أسد بن موسى: حدثنا يحيى بن زكريا، حدثنا إسماعيل عن قيس قال: كان لابن مسعود على سعد مال: فقال له ابن مسعود: أد المال! قال: ويحك مالي، ولك؟ مال: أد المال الذي قبلك. فقال سعد: والله إني لأراك لاق مني شرا، هل أنت إلا ابن مسعود وعبد بني هذيل. قال: أجل والله! وإنك لابن

_ 1 صحيح: وقد تقدم.

حمنة: فقال لهما هاشم بن عتبة: إنكما صاحبا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينظر إليكما الناس. فطرح سعد عودا كان في يده، ثم رفع يده، فقال: اللهم رب السماوات! فقال له عبد الله: قل قولا ولا تلعن، فسكت، ثم قال سعد: أما والله لولا اتقاء الله، لدعوت عليك دعوة لا تخطئك. رواه ابن المديني، عن سفيان، عن إسماعيل وكان قد أقرضه شيئا من بيت المال. ومن مناقب سعد أن فتح العراق كان على يدي سعد، وهو كان مقدم الجيوش يوم وقعة القادسية، ونصر الله دينه، ونزل سعد بالمدائن، ثم كان أمير الناس يوم جلولاء فكان النصر على يده، واستأصل الله الأكاسرة. فروى زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عن قبيصة بن جابر قال: فقال ابن عم لنا رجل منا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ نصره ... وسعد بباب الْقَادِسِيَّةِ مُعْصمٌ فَأُبْنَا وَقَدْ آمَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَةٌ ... ونسوة سعد ليس فيهن أيم فلما بلغ سعدا قال: اللهم اقطع عني لسانه ويده. فجاءت نشابة أصابت فَاهُ، فَخَرَسَ، ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي الْقِتَالِ. وَكَانَ فِي جَسَدِ سَعْدٍ قُرُوحٌ، فَأَخْبَرَ النَّاسَ بعذره عن شهود القتال. وروى نحوه سيف بن عمر، عن عبد الملك. هشيم: عن أبي مسلم، عن مصعب بن سعد، إن رجلًا نال من عليّ، فنهاه سعد، فلم ينته، فدعا عَلَيْهِ. فما برح حَتَّى جاء بعير ناد1 فخبطه حتى مات. ولهذه الواقعة طرق جمة رواها ابن أبي الدنيا في "مجابي الدعوة" وروى نحوها الزبير بن بكار، عن إبراهيم بن حمزة، عن أبي أسامة، عن ابن عون، عن محمد بن محمد الزهري، عن عامر بن سعد. وحدث بها أبو كريب، عن أبي أسامة. ورواه ابن حميد، عن ابن المبارك، عن ابن عون، عن محمد بن محمد بن الأسود.

_ 1 ناد: شارد.

وقرأتها على عمر بن القواس، عن الكندي، أنبأنا أبو بكر القاضي، أنبأنا أبو إسحاق البرمكي، حضورا، أنبأنا ابن ماسي، أنبأنا أبو مسلم، حدثنا الأنصاري، حدثنا ابن عون، وحدث بها ابن علية، عن محمد بن محمد. ورواها ابن جدعان: عن ابن المسيب أن رجلا كان يقع في علي وطلحة والزبير، فجعل سعد ينهاه ويقول: لا تقع في إخواني، فأبى، فقام سعد: وصلى ركعتين ودعا، فجاء بختي يشق الناس، فأخذه بالبلاط، فوضعه بين كركرته والبلاط حتى سحقه، فأنا رأيت الناس يتبعون سعدا يقولون: هنيئا لك يا أبا إسحاق! استجيبت دعوتك1. قلت: في هذا كرامة مشتركة بين الداعي والذين نيل منهم. جرير الضبي: عن مغيرة، عَن أمه قالت: زرنا آل سعد، فرأينا جارية كان طولها شبرا. قلت: من هَذِهِ؟ قالْوَا: مَا تعرفينها؟ هَذِهِ بنت سعد، غمست يدها في طهوره، فقال: قطع الله قرنك، فما شبت بعد. وروى عبد الرزاق: عن أبيه، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، أن امرأة كانت تطلع على سعد، فينهاها، فلم تنته، فاطلعت يوما وهو يتوضأ، فقال: شاه وجهك، فعاد وجهها في قفاها. ميا: متروك2. حاتم بن إسماعيل: حدثنا يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ "أَبِي" لَبِيبَةَ، عن جده قال: دعا سعد بن أبي وقاص فقال: يا رب! بني صغار فأخر عني الموت حتى يبلغوا، فأخر عنه الموت عشرين سنة3. قال خليفة بن خياط: وفي سنة خمس عشرة وقعة القادسية، وعلى المسلمين سعد، وفي سنة إحدى وعشرين شكا أهل الكوفة سعدا أميرهم إلى عمر، فعزله.

_ 1 إسناده ضعيف: ابن جدعان هو علي بن زيد، ضعيف الحفظ. 2 هو مينا بن أبي مينا، كذبه أبو حاتم، وقال ابن معين والنسائي. ليس بثقة. وقال الدارقطني: متروك. "الميزان" "8981". 3 إسناده ضعيف: يحيى بن عبد الرحمن ضعفه ابن معين كما في "الميزان" "9571".

وقال الليث بن سعد: كان فتح جلولاء سنة تسع عشرة، افتتحها سعد بن أبي وقاص. قلت: قتل المجوس يوم جلولاء قتلا ذريعا، فيقال: بلغت الغنيمة ثلاثين ألف ألف درهم. وعن أبي وائل قال: سميت جلولاء فتح الفتوح. قال الزهري: لما استخلف عثمان، عزل عن الكوفة المغيرة، وأمر عليها سعدا. وروى حصين، عن عمرو بن ميمون، عن عمر أنه لما أصيب، جعل الأمر شورى في الستة وقال، من استخلفوه فهو الخليفة بعدي، وإن أصابت سعدا، وإلا فليستعن به الخليفة بعدي، فإنني لم أنزعه، يعني عن الكوفة، من ضعف ولا خيانة. ابن علية: حدثنا أيوب، عن محمد قال: نُبئت أن سعدًا قَالَ: مَا أزعم أني بقميصي هذا أحق مني بالخلافة، جاهدت وأنا أعرف بالجهاد، ولا أبخع نفسي إن كان رجلا خيرا مني، لا أقاتل حتى يأتوني بسيف له عينان ولسان، فيقول: هذا مؤمن وهذا كافر1 وتابعه معمر، عن أيوب. أخبرنا أبو الغنائم القيسي، وجماعة، كتابة، قالوا: أنبأنا حنبل، أنبأنا هبة الله، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي، حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا كثير بن زيد، عن المطلب، عن عمر بن سعد، عن أبيه أنه جاءه ابنه عامر فقال: أي بني! أفي الفتنة تأمرني أن أكون رأسا؟ لا والله، حتى أعطى سيفا، إن ضربت به مسلما، نبا عنه، وإن ضربت كافرا، قتله، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إن الله يحب الغني الخفي التقي" 2. الزبير: حدثنا مُحَمَّد بْن الضَّحّاك الحِزَامِيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قام عليٌّ على مِنبْرَ الكوفة، فقال حين اختلف الحَكَمان: لقد كنت نَهَيْتُكم عن هَذِهِ الحكومة، فعصيتموني. فقام إليه فتى آدم، فقال: إنك والله ما نهيتنا، بل أمرتنا وذمرتنا3،

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 76" وفي إسناده جهالة. 2 صحيح: وقد تقدم. 3 ذمر: حض وشجع.

فَلَمَّا كان منها مَا تكرهُ، برَّأْتَ نَفْسَكَ، ونحلتنا ذنبك. فقال علي -رضي الله عنه: مَا أنت وهذا الكلام قبَّحَكَ الله! واللهِ لقد كَانَتِ الجماعة، فكنت فيها خاملًا، فَلَمَّا ظهرت الفتنة، نجمت فيها نجوم قرن الماعز: ثم التفت إلى الناس فَقَالَ: للَّهِ منزل نزله سعد بن مالك، وعبد الله بن عمر، والله لئن كان ذنبا، إِنَّهُ لصغير مغفور، ولئن كَانَ حسنًا، إِنَّهُ لعظيم مشكور. أبو نعيم: حدثنا أبو أحمد الحاكم، حدثنا ابن خزيمة، حدثنا عمران بن موسى، حدثنا عبد الوارث، حدثنا محمد بن جحاد، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حازم، عن حسين بن خارجة الأشجعي قال: لما قُتل عثمان، أشكلت علي الفتنة، فقلت: اللهم أرني من الحق أمرا أتمسك به، فرأيت في النوم الدنيا والآخرة بينهما حائط، فهبطت الحائط، فإذا بنفر، فقالوا: نحن الملائكة، قلت: فأين الشهداء؟ قالوا: اصعد الدرجات، فصعدت درجة ثم أخرى، فإذا محمد وإبراهيم -صلى الله عليهما- وإذا محمد يقول لإبراهيم: استغفر لأمتي، قال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم اهرقوا دماءهم، وقتلوا إمامهم، ألا فعلوا كما فعل خليلي سعد؟ قال: قلت: لقد رأيت رؤيا، فأتيت سعدا، فقصصتها عليه، فما أكثر فرحا، وقال: قد خاب من لم يكن إبراهيم -عليه السلام- خليله، قلت: مع أي الطائفتين أنت؟ قال: ما أنا مع واحد منهما، قلت: فما تأمرني؟ قال: هل لك من غنم؟ قلت: لا، قال: فاشتر غنما، فكن فيها حتى تنجلي. أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو محمد بن قدامة، أنبانا هبة الله بن الحسن، أنبأنا عبد الله بن علي الدقاق، أخبرنا علي بن محمد، أنبأنا محمد بن عمرو، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان، عن الزهري، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ مرضت عام الفتح، مرضا أشفيت منه، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعودني، فقلت: يا رسول الله! إن لي مالا كثيرا، وليس يرثني إلا ابنة، أفأوصي بما لي كله؟ قال: "لا"، قال: فالشطر، قال: "لا"، قلت: فالثلث، قال: "والثلث كثير، إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس، لعلك تؤخر على جميع أصحابك، وإنك لن تتفق نفقة تريد بها وجه الله، إلا أجرت فيها، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك"، قلت: يا رسول الله إني أرهب أن أموت بأرض هاجرت منها، قال: "لعلك أن تبقى حتى ينتفع بك أقوام

ويضر بك آخرون، اللهم امض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة" يرثي له أنه مات بمكة1. متفق عليه من طرق عن الزهري. وعن علي بن زيد: عن الحسن قال: لما كان الهيج في الناس، جعل رجل يسأل عن أفاضل الصحابة، فكان لا يسأل أحدا إلا دله على سعد بن مالك2. وروى عمر بن الحكم: عن عوانه أنه قال: دَخَلَ سعد عَلَى مُعَاوِيَة، فلم يسَلم عَلَيْهِ بالإمرة، فَقَالَ مُعَاوِيَة: لَوْ شئت أن تقول غيرها لقلت، قَالَ: فنحن المؤمنون وَلَمْ نؤمرك، فإنك مُعجَب بما أنت فِيهِ، واللَّه مَا يسُرني أني عَلَى الّذي أنت عَلَيْهِ وإني هرقت محجمة دم. قلت: اعتزل سعد الفتنة، فلا حضر الجمل ولا صفين ولا التحكيم ولقد كان أهلا للإمامة، كبير الشأن -رضي الله عنه. روى نعيم بن حماد، حدثنا ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين أن سعد بن أبي وقاص طاف عَلَى تسع جوارٍ في ليلة، ثُمَّ استيقظت العاشرة لما أيقظها، فنام هو، فاستحيت أن توقظه3. حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بن سعد أنه قال: كان رأسي أَبِي فِي حِجْرِي، وَهُوَ يَقْضِي. فَبَكَيْتُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: أَيْ بُني مَا يُبْكِيكَ؟ قلت: لمكانك وما أرى بك. قال: لا تَبْكِ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُنِي أَبَدًا. وإني من أهل الجنة4. قلت: صدق والله، فهنيئا له.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "1295" في كتاب الجنائز، باب: رثاء النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعدَ بن خولة، ومسلم "1628" في كتاب الوصية، الوصية بالثلث، وأبو داود "2864" في كتاب الوصايا، باب: ما جاء في ما لا يجوز للموصي بماله، والترمذي "2123" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث، والنسائي "6/ 241، 242" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث، وابن ماجه "2708" في كتاب الوصايا، باب: الوصية بالثلث، وأبو نعيم في "الحلية" 297". 2 إسناده ضعيف. 3 إسناده ضعيف: نعيم بن حماد ضعيف. 4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 78".

الليث: عن عقيل، عن الزهري أن سعد بن أبي وقاص لما احتضر، دعا بخلق جبة صوف، فقال: كفنوني فيها، فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر، وإنما خبأتها لهذا اليوم. ابن سعد: أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا فروة بن زبيد عن عائشة بنت سعد قالت: أرسل أبي إلى مروان بزكاته خمسة آلاف، وترك يوم مات مائتي ألف وخمسين ألفا1. قَالَ الزبير بن بكار: كَانَ سعد قَدِ اعتزل في آخر عمره، في قصر بناه بطرف حمراء الأسد. وعن أم سلمة أنها قالت: لما مات سعد، وجيء بسريره، فأدخل عليها، جعلت تبكي وتقول: بقية أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. النعمان بن راشد: عن الزهري، عن عامر بن مسعد قال: كان سعد آخر المهاجرين وفاة. قال المدائني، وأبو عبيدة، وجماعة: توفي سنة خمس وخمسين. وروى نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد أن سعدا مات وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، في سنة ست وخمسين، وقيل: سنة سبع. وقال أبو نعيم الملائي: سنة ثمان وخمسين. وتبعه بن المحرز. والأول هو الصحيح. وقع له في "مسند بقي بن مخلد" مائتان وسبعون حديثا. فمن ذاك في الصحيح ثمانية وثلاثون حديثا. 11- "ع" سعيد بن زيد "ت 50هـ" بن عمرو بن نفيل بْن عبد العُزَّى بْن رياح بْن قُرط بْن رزَاح بْن عديّ بْن كعْب بن لؤي بن غالب، أبو الأعور القرشي العدوي. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن السابقين الأولين البدريين، ومن الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.

_ 1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 79" ومحمد بن عمر هو الواقدي، متروك.

شهِدَ الْمَشَاهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشهد حصار دمشق وفتحها، فولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح، فهو أول من عمل نيابة دمشق من هذه الأمة. وله أحاديث يسيرة، فله حديثان في الصحيحين. وانفرد البخاري له بحديث. رَوَى عَنْهُ ابن عمر، وأَبُو الطُّفَيْلِ، وعمرو بن حريث، وزر بن حبيش، وأبو عثمان النهدي، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن ظالم، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وطائفة. قرأت على أحمد بن عبد الحميد، أخبركم الإمام أبو محمد بن قدامة سنة ثمان عشرة وستمائة، أخبرتنا شهدة بنت أحمد الكاتبة، بقراءتي، أنبأنا طراد بن محمد الزينبي، أنبأنا ابن رزقويه، أنبأنا أبو جعفر محمد بن يحيى الطائي، سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَن عَبْد الملك بْن عمير، عَن عَمْرو بن حريث، عن سعيد بن زيد بْن عَمْرو، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الكمأة من المن الذي أنزل الله على بني إسرائيل، وماؤها شفاء للعين" 1. أخرجه البخاري من طريق ابن عيينة فوقع لنا بدلا عاليا. قرأت على علي بن عيسى التغلبي، أخبركم محمد بن إبراهيم الصوفي سنة عشرين وستمائة، أنبأنا أبو طاهر السلفي، أنبأنا أبو عبد الله الثقفي، أنبأنا أحمد بن الحسن، أنبأنا حاجب بن أحمد، حدثنا عبد الرحيم، هو ابن منيب، حدثنا سفيان عن الزهري، عن طلحة عن سعيد بن زيد يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ ظلم من الأرض شبرا طوقه من سبع أرضين: ومن قتل دون ماله فهو شهيد" 2.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "4478" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} الآية، ومسلم "2049" في كتاب الأشربة، باب: فضل الكمأة، والترمذي "2074" في كتاب الطب، باب: الكمأة والعجوة، وابن ماجه "3454" في كتاب الطب، باب: الكمأة والعجوة. 2 صحيح: أخرجه أبو داود "4772" في كتاب السنة، باب: في قتال اللصوص، والترمذي "1423" في كتاب الديات، باب: فيمن قتل دون ماله فهو شهيد، والنسائي "7/ 115، 116" 6 في كتاب تحريم الدم، باب: من قتل دون ماله، وابن ماجه "2580" في كتاب الحدود، باب: من قتل دون ماله فهو شهيد، وقال الألباني في "صحيح الجامع" "6445": صحيح.

هذا حديث صالح الإسناد، لكنه فيه انقطاع؛ لأن طلحة بن عبد الله بن عوف لم يسمعه من سعيد. رواه مالك، ويونس، وشهيب وجماعة، عن الزهري فأدخلوا بين طلحة وسعيد: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ. أخرجه البخاري عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري. كان والده زيد بن عمرو ممن فر إلى الله من عبادة الأصنام، وساح في أرض الشام يتطلب الدين القيم، فرأى النصارى واليهود، فكره دينهم، وقال: اللهم إني على دين إبراهيم ولكن لم يظفر بشريعة إبراهيم -عليه السلام- كما ينبغي، ولا أرى من يوقفه عليها، وهو من أهل النجاة، فقد شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه "يبعث أمة وحدة" 1 وهو ابن عم الإمام عمر بن الخطاب، رأي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يعش حتى بعث، فنقل يونس بن بكير، وهو من أوعية العلم بالسير، عن محمد بن إسحاق قال: قد كان في نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ: زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نفيل، وورقة بن نوفل، وعثمان بن الحارث بن أسد، وعبيد بن جحش، وأميمة ابنة عبد المطلب حَضَرُوا قُرَيْشًا عِنْدَ وَثَنٍ لَهُمْ، كَانُوا يَذْبَحُونَ عِنْدَهُ لِعِيدٍ مِنْ أَعْيَادِهِمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا، خَلَا أولئك النفر بعضهم إلى بعض، وقالوا: تصادقوا وتكاتموا، فَقَالَ قَائِلُهُمْ: تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ مَا قَوْمُكُمْ عَلَى شيء، لقد أخطئوا دين إبراهيم وخالفوه، فما وَثَنٌ يُعْبَدُ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، فَابْتَغُوا لأنفسكم، قال: فَخَرَجُوا يَطْلُبُونَ وَيَسِيرُونَ فِي الأَرْضِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ كتاب من اليهود والنصارى والملل كلها يتطلبون الحنيفية، فأما ورقة فتنصر، واستحكم في النصرانية، وحصل الكتب، وعلم علما كثيرا ولم يكن فيهم أعدل شأنا من زيد، اعتزل الأوثان والملل إلا دين إبراهيم يوحد الله تعالى ولا يأكل من ذبائح قومه، وكان الخطاب عمه قد آذاه، فنزح عنه إلى أعلى مكة، فنزل حراء، فوكل به الخطاب شبابا سفهاء لا يدعونه يدخل مكة، فكان لا يدخلها إلا سرا. وكان الخطاب أخاه أيضا من أمه، فكان يلومه على فراق دينه. فسار زيد إلى الشام والجزيرة والموصل يسأل عن الدين. أخبرنا يوسف بن أحمد بن أبي بكر الحجار، أنبأنا موسى بن عبد القادر، أنبأنا سعيد بن أحمد البنا، "ح" وأنبأنا أحمد بن المؤيد، أنبأنا الحسن بن إسحاق،

_ 1 أخرجه أحمد "1/ 189-190" وفي إسناده المسعودي اختلط، وله شاهد مرسل عند ابن سعد "في الطبقات" "2/ 204".

أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الزاغوني، وقرأت عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ، فِي سَنَةِ ثلاث وتسعين، عن أبي اليمن الكندي، إجازة في سنة ثمان وستمائة، أنبأنا أبو الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المهتدي بالله، قالوا: أنبأنا محمد بن محمد الزينبي، أنبأنا محمد بن عمر الوراق، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا عيسى بن حماد، أنبأنا الليث بن سعد، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! والله ما فيكم أَحَدٌ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي، وَكَانَ يُحْيِي المؤودة، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ: مه! لا تقتلها. أنا أكفيك مؤنتها، فَيَأْخُذَهَا، فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ، قَالَ لِأَبِيهَا: إِنْ شَئْتَ، دفعتها إليك، وإن شئت، كفيتك مؤنتها1. هذا حديث صحيح غريب، تفرد به الليث، وإنما يرويه عن هشام كتابة. وقد علقه البخاري في "صحيحه" فقال: وقال الليث: كتب إلى هشام، فذكره. وقد سمعه ابن إسحاق من هشام. وعندي بالإسناد المذكور إلى الليث، عن هشام نسخة، فمن أنكر ما فيها: عن أبيه عروة أنه قال: مر ورقة بن نوفل على بلال وهو يعذب، يلصق ظهره بالرمضاء وهو يَقُولُ: أحد أحد، فَقَالَ ورقة: أحد أحد يا بلال، صبرا يا بلال، لِمَ تعذبونه؟ فوالذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا. يقول: لأتمسحن به. هذا مرسل. ورقة لو أدرك هذا، لعد من الصحابة، وإنما مات الرجل في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة كما في الصحيح. يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي هشام، عن أبيه، عن أسماء أن ورقة كان يقول: اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك، عبدتك به، ولكني لا أعلم، ثم يسجد على راحته2.

_ 1 صحيح علقه البخاري "3828" في كتاب مناقب الأنصار، حديث زيد بن عمرو بن نفيل، وقد وصله النسائي في "الكبرى" "8187" وقال الألباني في تحقيقه "فقه السيرة" "ص97": حديث صحيح. 2 إسناده حسن.

يونس بن بكير، وعدة: عن الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ نُفَيْلِ بْنِ هِشَامِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: مر زيد بن عمرو عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وزيد بن حارثة، فدعواه إلى سفرة لهما، فقال: يابن أخي، إني لا آكل مما ذبح على النصب، فما رئي رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد ذلك اليوم يأكل مما ذبح على النصب. المسعودي ليس بحجة1. أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" عن يزيد، عن المسعودي، ثم زاد في آخره: قال سعيد: فقلت يا رسول الله! إن أبي كان كما قد رأيت وبلغك "ولو أدركك لآمن بك واتبعك" فاستغفر له. قال: "نعم، فأستغفر له، فإنه يبعث أمة وحدة"2. وقد رواه إبراهيم الحربي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد، حدثنا أبو قطن، عن المسعودي، عن نفيل، عن أبيه، عن جده قال: مر زيد برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبابن حارثة وهما يأكلان في سفره فدعواه، فقال: إني لَا آكُلُ مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ. قَالَ: وما رئي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكلا مما ذُبح على النصب3. فهذا اللفظ مليح يفسر ما قبله. وما زال المصطفى محفوظا محروسا قبل الوحي وبعده ولو احتمل جواز ذلك، فبالضرورة ندري أنه كان يأكل من ذبائح قريش قبل الوحي، وكان ذلك على الإباحة، وإنما توصف ذبائحهم على التحريم بعد نزول الآية، كما أن الخمرة كانت على الإباحة، إلى أن نزل تحريمها بالمدينة بعد يوم أحد، والذي لا ريب فيه، أنه كان معصوما قبل الوحي وبعده وقبل التشريع من الزنى قطعا، ومن الخيانة، والعذر، والكذب، والسكر، والسجود لوثن، والاستقسام بالأزلام، ومن الرذائل، والسفه، وبذاء اللسان، وكشف العورة، فلم يكن يطوف عريانا، ولا كان يقف يوم عرفة مع قومه بمزدلفة، بل كان يقف بعرفة. وبكل حال لو بدا منه شيء من ذلك، لما كان عليه تبعة لأنه كان لا يعرف، ولكن رتبة الكمال تأبى وقوع ذلك منه -صلى الله عليه وسلم تسليما.

_ 1 وذلك لأنه اختلط. 2 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 189-190". 3 إسناده ضعيف: المسعودي اختلط كما تقدم.

أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ لِزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نفيل دوحتين" 1. غريب. رواه الباغندي عن الأشج، عنه. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أسماء قالت: رأيت زيد بن عمرو شَيْخًا كَبِيرًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهُوَ يقول: ويحكم يا معشر قريش! إياكم والزنى، فإنه يورث الفقر. أبو الحسن المدائني: عن إسماعيل بن مجالد عن أبيه، عن الشعبي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قال: قال زيد بن عمرو: شاممت النصرانية واليهودية، فكرهتهما، فكنت بالشام، فأتيت راهبا، فقصصت عليه أمري، فقال: أراك تريد دين إبراهيم -عليه السلام- يا أخا أهل مكة! إنك لتطلب دينا ما يوجد اليوم، فالحق ببلدك، فإن الله يبعث من قومك من يأتي بدين إبراهيم بالحنيفية، وهو أكرم الخلق على الله2. وبإسناد ضعيف: عن حجير بن أبي إهاب قال: رأيت زيد بن عمرو يراقب الشمس، فإذا زالت، استقبل الكعبة، فصلى ركعة، وسجد سجدتين. وأنشد الضحاك بن عثمان الحزامي لزيد: "و" أسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تحمل عذبا زلالا3 إذا سقيت بلدة من بلاد ... سيقت إليها فسحت سجالا4 وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الأرض تحمل صخرا ثقالا دحاها فلما استوت شدها ... سواء وأرسى عليها الجبالا وروى هشام بن عروة فيما نقله عنه ابن أبي الزناد، أنه بلغه أن زيد بن عمرو كان بالشام. فلما بلغه خبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اقبل يريده، فقتله أهل ميفعة بالشام5.

_ 1 حسن بلفظ "درجتين": أخرجه ابن عساكر من الطريق المذكور كما في "الصحيحين" "1406" بلفظ "درجتين"، وقال الألباني: هذا سند حسن. 2 إسناده ضعيف: مجالد ضعيف كما تقدم. 3 المزن: السحاب. والزلال: الماء العذب الصافي البارد. 4 سحت: سالت. 5 إسناده ضعيف.

وروى الواقدي أنه مات فدفن بأصل حراء، وقال ابن إسحاق: قتل ببلاد لخم. عبد العزيز بن المختار: أنبأنا موسى بن عقبة، أخبرني سالم، سمع ابن عمر يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لقي زيد بن عمرو أسفل بلدح1 قبل الوحي. فقدم إلى زيد سُفْرَةً فِيهَا لَحْمٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، وَقَالَ: لا آكل مما تذبحون على أنصابكم، أَنَا لَا آكُلُ إِلَّا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عليه2. أخرجه البخاري وزاد في آخره: وكان يعيب على قريش وَيَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السماء، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غير اسم الله؟ أبو أسامة وغيره قالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عن زيد بن حارثة قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب، فذبحنا له ضمير له راجع إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شاة، ووضعناها في التنور، حتى إذا نضجت، جعلناها في سفرتنا، ثم أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسير، وهو مردفي، في أيام الحر. حتى إذا كنا بأعلى الوادي، أتى زيد بن عمرو، فحيى أحدهما الآخر، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا لِي أَرَى قَوْمَكَ قَدْ شَنِفُوا لَكَ" أي: أبغضوك؟ قال: أما والله إن ذلك مني لغير نائرة3 كانت مني إليهم، ولكني أراهم على ضلالة، فخرجت أبغي الدين، حتى قدمت على أحبار أيلة، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به، فدللت على شيخ بالجزيرة، فقدمت عليه، فأخبرته، فقال: إن كل من رأيت في ذلالة، إنك لتسأل عن دين هو دين الله وملائكته، وقد خرج في أرضك نبي، أو هو خارج، ارجع إليه، وابتعه. فرجعت، فلم أحسن شيئا، فأناخ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البعير، ثم قدمنا إليه السفرة، فقال: "ما هذه"؟ قلنا: شاة ذبحناها للنصب كذا.

_ 1 بلدح: واد قبل مكة من جهة المغرب. 2 صحيح: أخرجه البخاري "3826" في كتاب مناقب الأنصار، باب: حديث زيد بن عمرو بن نفيل. 3 نائرة: عدواة.

قال: فقال: "إني لا آكل مما ذبح لغير الله"، ثم تفرقا، ومات زيد قبل المبعث، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يأتي أمة وحده" 1. رواه إبراهيم الحربي في "الغريب" عن شيخين له، عن أبي أسامة، ثم قال: في ذبحها على النصب وجهان: إما أن زيدا فعله عن غير أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه كان معه، فنسب ذلك إليه؛ لأن زيدا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه الله لنبيه، وكيف يجوز ذلك وهو -عليه السلام- قد منع زيدا أن يمس صنما، وما مسه هو قبل نبوته، فكيف يرضى أن يذبح للصنم؟ هذا محال. الثاني: أن يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده. قلت: هذا حسن، فإنما الأعمال بالنية، زيد، أخذ بالظاهر، وكان الباطن لله، وربما النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإفصاح خوف الشر، فإنا مع علمنا بكراهيته للأوثان، نعلم أيضا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرا بذمها بين قريش، ولا معلنا بمقتها قبل المبعث، والظاهر أن زيدا -رحمه الله- توفي قبل المبعث، فقد نقل ابن إسحاق أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات، وهي: رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما ... تجنبت تنورا من النار حاميا بدينك ربا ليس أب كمثله ... وتركك أوثان الطواغي كما هيا وإدراكك الدين الذي قد طلبته ... ولم تك عن توحيد ربك ساهيا فأصبحت في دار كريم مقامها ... تعلل فيها بالكرامة لاهيا وقد يكرك الإنسان رحمة ربه ... ولو كان تحت الأرض سبعين واديا نعم، وعد عروة سعيد بن زيد في البدريين فقال: قدم من الشام بعد بدر، فكلم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَرَبَ لَهُ بسهمه وآجره، وكذلك قال موسى بن عقبة وابن إسحاق. وامرأته هي ابنة عمه فاطمة، أخت عمر بن الخطاب. أسلم سعيد قَبْلَ دُخُولِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الْأَرْقَمِ. وأخرج البخاري من ثلاثة أوجه، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم

_ 1 أخرجه أبو يعلى "7212".

قال: قال سعيد بن زيد لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام وأخته، ولو أن أحدا انقض بما صنعتم بعثمان لكان حقيقا1. وقد ذكرنا في إسلام عمر فضلا في المعنى. وذكر ابن سعد في "طبقاته" عن الواقدي، عن رجاله قالوا: لم تحين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصول عير قريش من الشام، بعث طلحة وسعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة بعشر، يتحسسان خبر العير فبلغا الحوراء، فلم يزالا مقيمين هناك، حتى مرت بهم العير، فتساحلت، فبلغ نبي الله الخبر قبل مجيئهما، فندب أصحابه، وخرج يطلب العير، فتساحلت وساروا الليل والنهار، ورجع طلحة وسعيد ليخبرا، فوصلا المدينة يوم الوقعة، فخرجا يؤمانه، وضرب لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسهمهما وأجورهما. وشهد سعيد أحدا والخندق والحديبية، والمشاهد2. وقد تقدمت عدة أحاديث في أنه من أهل الجنة، وأنه من الشهداء. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَن الشهادة لأبي بكر وعمر أنهما في الجنة، قال: نعم، اذهب إلى حديث سعيد بن زيد. هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ إِنَّ أَرْوَى بنت أويس ادعت أن سعيد بن زيد أخذ شيئا من أرضها، فخاصمته إلى مروان، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئا يعد الذي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ أخذ شيئا من الأرض طوقه إلى سبع أرضين" قال مَرْوَانُ: لَا أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، فَاعْمِ بَصَرَهَا، واقتلها في أرضها، فما ماتت حتى عميت، وَبَيْنَا هِيَ تَمْشِي في أَرْضِهَا، إِذْ وَقَعَتْ في حفرة فماتت3. أخرجه مسلم. وروى عبد العزيز بن أبي حازم، عن العلاء بن عبد الرحمن نحوه، عن أبيه وروى الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، نحوه.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3862" في كتاب مناقب الأنصار، باب: إسلام سعيد بن زيد - رضي الله عنه. 2 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "2/ 205" والواقدي متروك كما تقدم. 3 صحيح: وقد تقدم.

وقال ابن أبي حازم في حديثه: سألت أروى سعيدا أن يدعو لها، وقالت: قد ظلمتك. فقال: لا أرد على الله شيئا أعطانيه. قلت: لم يكن سعيد متأخرا عن رتبة أهل الشورى في السابقة والجلالة، وإنما تركه عمر -رضي الله عنه- لئلا يبقى له فيه شائبة حظ؛ لأنه ختنه وابن عمه، ولو ذكره في أهل الشورى لقال الرافضي: حابى ابن عمه. فأخرج منها ولده وعصبته فكذلك فليكن العمل لله. خالد الطحان: عن عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ. عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ قال: كتب معاوية إلى مروان، وإلى المدينة، ليبايع لابنه يزيد، فقال رجل من جند الشَّام: مَا يحبسك؟ قَالَ: حَتَّى يجيء سَعِيد بن زيد فيبايع، فأَنَّهُ سيد أَهْل البلد، وإذا بايع، بايع الناس، قال: أفلا أذهب فآتيك به؟ وذكر الحديث1. أُنبئنا وأُخبرنا عن حنبل سماعا، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا القطيعي، حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن حصين ومنصور، عن هلال بن يساف، عن سعيد بن زيد. وقال ابن حصين: عن ابن ظالم، عن سعيد بن زيد. أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اسْكُنْ حِرَاءُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شهيد"، وعليه النبي، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، وسعد، وعبد الرحمن، وسعيد بن زيد2. ابن سعد: أنبأنا أبو ضمرة، عن يحيى بن سعيد، أخبرني نافع، عن ابن عمر أنه استصرخ على سعيد بن زيد يوم الجمعة بعدما ارتفع النهار، فأتاه ابن عمر بالعقيق، وترك الجمعة3. أخرجه البخاري. وقال إسماعيل بن أمية: عن نافع قال: مات سعيد بن زيد وكان يذرب4. فقالت أم سعيد لعبد الله بن عمر: أتحنطه بالمسك؟ فقال: وأي طيب أطيب من المسك! فناولته مسكا.

_ 1 عطاء بن السائب اختلط. 2 صحيح: وقد تقدم. 3 صحيح: أخرجه البخاري "3990" في كتاب المغازي، باب: رقم "10"، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 205-206". 4 الذرب: داء يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها، ولا تمسكه.

سليمان بن بلال: حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن، عن عائشة بنت سعد قالت: مات سَعِيد بن زيد بالعقيق، فغسَله سعد بن أبي وقاص، وكفنه، وخرج معه. وقال غير واحد، عن مالك قال: مات سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ بالعقيق. قال الواقدي: توفي سعيد بن زيد سَنَة إحدى وخمسين، وَهُوَ ابن بضع وسبعين سنة، وقبر بالمدينة: نزل في قبره سعد، وابن عمر، وكذا قال أبو عبيد، ويحيى بن بكير، وشهاب. قال الواقدي: كان سعيد رجلا، آدم، طويلا، أشعر. وقد شذ الهيثم بن عدي فقال: مات بالكوفة. وقال عبيد الله بن سعد الزهري: مات سنة اثنتين وخمسين -رضي الله عنه. فهذا ما تيسر من سيرة العشرة. وهم أفضل قريش، وأفضل السابقين المهاجرين، وأفضل البدريين، وأفضل أصحاب الشجرة، وسادة هذه الأمة في الدنيا والآخرة. فأبعد الله الرافضة، ما أغواهم وأشد هواهم، كيف اعترفوا بفضل واحد منهم وبخسوا التسعة حقهم، وافتروا عليهم بأنهم كتموا النص في علي أنه الخليفة. فوالله ما جرى من ذلك شيء، وأنهم زورا الأمر عنه بزعمهم، وخالفوا نبيهم، وبادروا إلى بيعة رجل من بني تيم يتجر ويتكسب، لا لرغبة في أمواله ولا لرهبة من عشيرته ورجاله، ويحك! أيفعل هذا من له مسكة عقل؟ ولو جاز هذا على واحد لما جاز على جماعة، ولو جاز وقوعه من جماعة، لاستحال وقوعه، والحالة هذه، من ألوف من سادة المهاجرين والأنصار، وفرسان الأمة، وأبطال الإسلام، لكن لا حيلة في برء الرفض فإنه داء مزمن، والهدى نور من الله يقذفه الله في قلب من يشاء، فلا قوة إلا بالله. حديث مشترك، وهو منكر جدا. رواه الطبراني في "المعجم الكبير" حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، وقال أبو عمرو بن حمدان: حدثنا الحسن بن سفيان، في مسنده، قالا: حدثنا نصر بن علي، حدثنا عبد المؤمن بن عباد العبدي، حدثنا يزيد بن معن، حدثني عبد الله بن شرحبيل، عن رجل من قريش، عن زيد بن أبي أوفى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مسجد المدينة، فجعل يقول: "أين فلان، أين فلان"؟ فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا،

فقال: "إن محدثكم بحديث فاحفظوه، وعوه: إن الله اصطفى من خلقه خلقا يدخلهم الجنة، وإني مصطف منكم ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة. قم يا أبا بكر"! فقام، فقال: "إن لك عندي يدا، إن الله يجزيك بها، فلو كنت متخذا خليلا لاتخذتك، فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي، ادن يا عمر"! فدنا، فقال: "قد كنت شديد الشعب علينا، فدعوت الله أن يعز بك الدين أو بأبي جهل، ففعل الله بك ذلك، وأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة"، ثم آخى بينه وبين أبي بكر، ثم دعا عثمان، فلم يزل يدنيه حتى ألصق ركبته بركبته، ثم نظر إلى السماء، فسبح ثلاثا، ثم قال: "إن لك شأنا في أهل السماء، أنت ممن يرد على الحوض، وأوداجه تشخب، فأقول: من فعل بك هذا؟ فتقول: فلان"، ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: "ادن يا أمين الله، والأمين في السماء، يسلطك الله على مالك بالحق، أما إن لك عندي دعوة قد أخرتها"، قال: خر لي يا رسول الله! قال: "حملتني أمانى أكثر الله مالك"، وآخى بينه وبين عثمان، ثم دعا طلحة والزبير، فدنوا منه، فقال: "أنتما حواري كحواري عيسى"، وآخى بينهما، ثم دعا سعدا وعمارا. فقال: "يا عمار! تقتلك الفئة الباغية"، ثم آخى بينهما، ثم دعا أبا الدرداء وسلمان، فقال: "يا سلمان! أنت منا أهل البيت، وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر، يا أبا الدرداء! إن تنقدهم ينقدوك، وإن تتركهم يتركوك، وإن تهرب منهم يدركوك، فأقرضهم عرضك ليوم فقرك"، ثم آخى بينهما، ثم نظر إلى ابن عمر، فقال: "الحمد لله الذي يهدي من الضلالة"، فقال علي: يا رسول الله! ذهب روحي، وانقطع ظهري حين تركتني، فقال: "ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت عندي بمنزلة هارون من موسى، ووارثي"، قال: ما أرث منك؟ قال: "كتاب الله وسنة نبيه، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة". وتلا: {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} 1. زيد لا يعرف إلا في هذا الحديث الموضوع. وقد رواه محمد بن جرير الطبري، عن حسين الدراع، عن عبد المؤمن. فأسقط منه عن رجل. وقال محمد بن الجهم السمري: حدثنا عبد الرحيم بن واقد، حدثنا شعيب

_ 1 سورة الحجر: الآية "47"، والحديث إسناده ضعيف، للجهالة فيه، وعبد المؤمن بن عباد ضعيف كما في "الميزان" "5275".

بن يونس، حدثنا موسى بن صهيب، عن يحيى بن زكريا، عن عبد الله بن شرحبيل. عن رجل، عن زيد. ورواه مطين مختصرا، حدثنا ثابت بن يعقوب، حدثنا ثابت بن حماد النصري، عن موسى بن صهيب، عن عبادة بن نسي، عن عبد الله بن أبي أوفى. وقال الحسن بن علي الحلواني: حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا أبو عبد الله الباهلي يقال اسمه جعفر بن مرزوق، عن غياث بن شقير، عن عبد الرحمن بن سابط، عن سعيد بن عامر الجمحي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم "يا أبا بكر! تعال، ويا عمر! تعال"1. ذكر حديث المؤاخاة، إلا أنه خالف في أسماء الإخوان، وزاد ونقص منهم تفرد به شابة ولا يصح. والمحفوظ أنه آخى بين المهاجرين والأنصار، ليحصل بذلك مؤازرة ومعاونة لهؤلاء بهؤلاء. لسعيد بن زيد ثمانية وأربعون حديثا، اتفقا له على حديثين، وانفرد البخاري بثالث. السابقون الأولون هم: خديجة بنت خويلد. وعلي بن أبي طالب. وأبو بكر الصديق. وزيد بن حارثة النبوي، ثم عثمان، والزبير. وسعد بن أبي وقاص. وطلحة بن عبيد الله. وعبد الرحمن بن عوف، ثم أبو عبيد بن الجراح. وأبو سلمة بن عبد الأسد. وَالأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الأَرْقَمِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر، المخزوميان.

_ 1 لم أجده.

وعثمان بن مظعون الجمحي. وعبيدة بن الحارث بن المطلب الْمُطَّلِبِيُّ. وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ العدوي، وأسماء بنت الصديق. وخباب بن الأرت الخزاعي، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ. وَعُمَيْرُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، أخو سعد. وعبد الله بن مسعود الهذلي، من حلفاء بني زهرة. ومسعود بن ربيعة القارئ من البدريين. وَسُلَيْطُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْعَامِرِيُّ. وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ. وامرأته أسماء بنت سلامة التميمية. وَخُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ. وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ العنزي، حليف آل الخطاب. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيُّ، حليف بني أمية. وجعفر بن أبي طالب الهاشمي. وَامْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. وَحَاطِبُ بْنُ الْحَارِثِ الجمجي. وامرأته فاطمة بنت المجلل العامرية. وأخوه خطاب. وامرأته فكيهة بنت يسار، وأخوهما: معمر بن الحارث. والسائب ولد عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَزْهَرَ بْنِ عبد عوف الزهري، وامرأته رملة بنت أبي عوف السهمية. والنحام نعيم بن عبد الله العدوي. وعامر بن فهيرة، مولى الصديق. وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وامرأته أميمة بنت خلف الخزاعية. وحاطب بن عمرو العامري.

وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة العبشمي. وواقد بن عبد الله بن عبد مناف التميمي اليربوعي، حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ. وَخَالِدُ، وَعَامِرُ، وَعَاقِلُ، وَإِيَاسُ، بنو البكير بن عبد ياليل الليثي، حلفاء بني عدي. وعمار بن ياسر بن عامر العنسي بنون، حليف بني مخزوم. وصهيب بن سنان بن مالك النمري، الرومي المنشأ، وولاؤه لعبد الله بن جدعان. وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري. وأبو نجيح عمرو بن عنبسة السلمي البجلي، لكنهما رجعا إلى بلادهما. فهؤلاء الخمسون من السابقين الأولين: وبعدهم أسلم: أسد الله حمزة بن عبد المطلب، والفاروق عمر بن الخطاب، عز الدين -رضي الله عنهم أجمعين. 12- مصعب بن عمير بْن هاشم بْن عَبْد مَنَاف بْن عبد الدارين بن قصي بن كلاب "ت 3هـ". السيد الشهيد السابق البدري القرشي العبدري قال البراء بن عازب: أول من قدم علينا من المهاجرين مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: هو مكانه، وأصحابه على أثري. ثم أتانا بعده عمرو بن أم مكتوم أخو بني فهر الأعمى. وذكر الحديث1. الْأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحن نبتغي وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مضي لسبيله لما يأكل من أجره شيئا، مِنْهُمْ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، ولم يترك إلا نمرة، كنا إذا غطينا رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3924، 3925" في كتاب مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه المدينة.

ما بعد الخلفاء الراشدون حتى سنة 41هـ

ما بعد الخلفاء الراشدون حتى سنة 41هـ ...

فهرس الجزء الثالث من تاريخ الإسلام

فهرس الجزء الثالث من تاريخ الإسلام: الصفحة الموضوع 3 سيرة أبو بكر الصديق. 15 خلافة أبي بكر سنة إحدى عشرة. 20 قصة الأسود العنسي. 23 جيش أسامة بن زيد. 25 شأن فاطمة مع الصديق -رضي الله عنها. 29 خبر الردة. 33 مقتل مالك بن نويرة.

الصفحة الموضوع 34 قتال مسيلمة الكذاب. 36 وقعة اليمامة ومقتل الكذاب مسيلمة. 37 وقعة جواثا. 40 توجيه المسلمين قبل فلسطين والشام. 41 وقعة مرج الصفر. 42 وقعة فحل. 43 سيرة عمر بن الخطاب. 57 ذكر نسائه وأولاده. 59 عزل خالد بن الوليد عن إمرة الشام. 65 فتح دمشق. 67 نجدة سعد بن أبي وقاص بالعراق. 68 وقعة الجسر. 69 فتح حمص وبعلبك. 69 فتح البصرة. 70 فتح الأردن ويوم اليرموك. 72 وقعة القادسية.

الصفحة الموضوع 74 فتح الأهواز والمدائن. 76 وقعة جلولاء. 77 فتح بيت المقدس وفتح إيلياء. 78 كتابة التاريخ. 79 استسقاء عمر للناس. 80 طاعون عمواس. 80 غزوة قيسارية. 81 فتح مصر. 81 غزوة تستر. 82 تقسيم عمر -رضي الله عنه- لخيبر وإجلاء اليهود عنها. 82 فتح الإسكندرية. 83 وقعة نهاوند. 87 خبر السد. 88 بعث عمر -رضي الله عنه- لسارية الدائلي إلى فسا. 91 سيرة عثمان بن عفان. 101 بيعة عثمان.

الصفحة الموضوع 104 انتقاض أهل الإسكندرية وغزو عمرو لهم. 105 غزو قبرس. 106 عزل عمرو عن مصر. 109 فتح إصطخر وانتقاض أذربيجان وغزوها. 111 فتح أرض أهل فارس. 112 بعث ابن عامر إلى مرو وفتحها. 112 فتح نيسابور صلحا. 114 غزوة ذي خشب. 132 مقتل عثمان -رضي الله عنه. 136 سيرة علي بن أبي طالب. 157 وقعة الجمل. 162 وقعة صفين. 168 التحكيم. 174 سير الخوارج لحرب علي -رضي الله عنه- وقعة النهروان. 178 هزيمة الخوارج بحروراء. 179 تعاهد الخوارج على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص.

الصفحة الموضوع 179 مقتل علي -رضي الله عنه. 180 6- "ع" أبو عبيدة بن الجراح عامر بن عبد الله. 190 7- "ع" طلحة بن عبيد الله بن عثمان. 200 8- "ع" الزبير بن العوام خويلد. 216 9- "ع" عبد الرحمن بن عوف. 230 10- "ع" سعد بن أبي وقاص. 249 11- "ع" سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. 261 السابقون الأولون هم. 263 12- "ت" مصعب بن عمير بن هاشم. 268 13- "ت، س، ق" أبو سلمة بن عبد الأسد. 269 14- عثمان بن مظعن بن حبيب بن وهب. 274 15- "خت، م، د، ت، ق" قدامة بن مظعون أبو عمرو الجمحي. 274 16- عبد الله بن مظعون الجمحي. 275 17- السائب بن عثمان بن مظعون الجمحي. 275 18- أبو حذيفة السيد الكبير الشهيد. 276 "18م ت، س، ق" أبي هاشم بن عتبة.

الصفحة الموضوع 276 19- سالم مولى أبي حذيفة. 279 شهداء بدر. 280 من قتل من المشركين. 281 20- حمزة بن عبد المطلب بن هاشم. 288 21- عاقل بن البكير. 288 22- خالد بن البكير أو ابن أبي البكير. 289 23- إياس بن أبي البكير. 289 24- عامر بن أبي البكير. 289 25- مسطح بن أثاثة بن عباد المطلب. 289 26- "خ، ت، س" أبو عبس بن جبر بن عمرو. 290 27- ابن التيهان، أبو الهيثم، مالك. 291 28- أبو جندل، العاص بن سهيل. 292 29- عبد الله بن سهيل. 293 30- سهيل بن عمرو أبوهما يكنى أبا يزيد. 293 31- البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم. 295 32- نوفل ابن عمّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْحَارِثَ.

الصفحة الموضوع 295 33- الحارث بن نوفل. 296 34- "ع" عبد الله بن الحارث بن نوفل. 297 35- "خ، م، د، س" عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ. 297 36- سعيد بن الحارث بن عبد المطلب. 297 37- أبو سفيان بن الحارث هو ابن عمِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- المغيرة بن الحارث. 299 38- جعفر بن أبي سفيان. 299 39- "س" جعفر بن أبي طالب، أبو عبد الله،. 307 40- "س، ق" عقيل بن أبي طالب الهاشمي. 308 41- "س، ق" زيد بن حارثة بن شراحيل. 314 42- "خ، خد، س، ق" عبد الله بن رواحة بن ثعلبة. 320 فصل شهداء يوم الرجيع. 321 شهداء بئر المعونة. 321 43- كلثوم بن الهدم بن امرئ القيس. 322 44- أبو دجانة الأنصاري سماك بن خرشة بن لَوْذَانَ بْنِ عَبْدِ وَدِّ بْنِ زَيْدٍ السَّاعِدِيُّ. 323 45- خبيب بن عدي بن عامر بن مجدعة.

الصفحة الموضوع 324 46- معاذ بن عمرو بن الجموح بن كعب. 326 47- معوذ بن عمرو بن الجموح الأنصاري. 326 48- خلاد بن عمرو. 326 49- عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام. 328 50- عبيدة بن الحارث بن المطلب. 329 أعيان البدريين. 329 51- "ت، س" ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. 330 52- عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب. 331 53- "خ" خالد بن سعيد بن أبو العاص ابن أمية. 331 54- أبان بن سعيد أبو الوليد الأموي. 332 55- عمرو بن سعيد الأموي. 332 56- "ع" العلاء بن عبد الله الحضرمي. 334 57- سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك. 335 58- البراء بن معرور بن صخر بن خنساء. 336 59- بشر بن البراء من أشراف قومه. 337 60- "ع" سعد بْن عُبادة بن دُليم بْن حارثة.

الصفحة الموضوع 342 61- "خ" سعد بن مُعاذ بن النُّعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل. 355 62- "خت، م، د" زيد بن الخطاب بن نفيل. 356 شهداء اليمامة. 356 63- أسعد بن زرارة بن عدس، بن عبيد. 359 64- "م، ت، س، ق" عتبة بن غزوان بن جابر بن وهيب. 360 65- عكاشة بن محصن السعيد الشهيد. 361 66- "خ، د، س" ثابت بن قيس بن شماس. 366 شهداء أجنادين واليرموك. 366 67- طليحة بن خويلد بن نوفل الأسدي. 366 68- سعد بن الربيع بن عمرو. 368 69- مَعْنُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْجَدِّ بْنِ الْعَجْلَانِ. 369 70- عبد الله بن عبد الله بن أبي بن مالك. 370 71- "ت" عكرمة بن أبي جهل. 371 72- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ ثعلبة. 373 73- "ق" يزيد بن أبي سفيان بن حرب.

الصفحة الموضوع 374 74- أَبُو العاص بْن الربيع بْن عَبْد العُزَّى. 376 75- زينب. 377 76- أمامة بنت أبي العاص. 377 77- أبو زيد. 377 78- عباد بن بشر بن وقش بن زُغبة. 379 79- "ع" أسيد بن الحضير بن سماك بن عتيك. 381 80- الطفيل بن عمرو الدوسي. 383 81- "ع" بلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق. 392 82- ابن أم مكتوم: عبد الله بن قيس. 395 83- "خ، م، د، س، ق" خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله. 407 84- صفوان بن بيضاء. 407 85- سهيل بن بيضاء الفهري. 407 86- "ع" المقداد بن عمرو. 409 87- "ع" أبي بن كعب بن قيس بن عبيد. 417 88- "ع" النعمان بن مقرن. 419 89- "ع" عمار بن ياسر بن عامر بن مالك.

الصفحة الموضوع 433 90- أصحمة ملك الحبشة. 444 91- "ع" معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس. 456 92- "ع" عبد الله بن مسعود بن غافل. 481 93- عتبة بن مسعود الهذلي. 481 94- "ع" خبيب بن يساف بن عنبة. 482 95- "د" عويم بن ساعدة بن عائش. 483 96- "ع" سلمان الفارسي. 522 97- "ع" عُبادة بن الصامت بن قيس. 525 98- "س" عبد الله بن حُذافة بن قيس بن عدي. 528 99- "ع" أبو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 529 100- "ع" صُهيب بن سنان النمري من النمر بن قاسط. 535 101- "ع" أبو طلحة الأنصاري. 540 102- "ع" أبو بُردة بن نيار بن عمرو. 540 103- "س، ق" جبر بن عتيك بن قيس بن هيشة. 541 104- "ع" الأشعث بن قيس بن معدي كرب. 544 105- حاطب بن أبي بلتعة عمرو.

الصفحة الموضوع 546 106- "ع" أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري. 568 107- العباس عمّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 585 جنازة العباس. 585 108- "ت، س" عمير بن سعد الأنصاري. 586 109- "خ، م، د، ت، س" أبو سفيان صخر بن حرب. 587 110- الحكم بن أبي العاص بن أمية. 588 111- كسرى آخر الأكاسرة مطلقا يزدجرد. 588 112- خديجة أم المؤمنين. 593 113- فاطمة بنت أسد بن هاشم. 594 114- "ع" فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. 604 115- "ع" عائشة أم المؤمنين. 646 116- "ع" أم سلمة أم المؤمنين. 652 117- "ع" زينب أم المؤمنين بنت جحش. 657 118- زينب أم المؤمنين بنت خزيمة. 657 119- "ع" أم حبيبة أم المؤمنين. 660 120- "ق" أم أيمن الحبشية مولاة رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ.

الصفحة الموضوع 662 121- "ع" حفصة أم المؤمنين الستر الرفيع، بنت أمير المؤمنين عمر. 665 122- "ع" صفية أم المؤمنين بنت حُيي. 669 123- "ع" ميمونة أم المؤمنين بنت الحارث. 674 124- زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 677 125- رُقَيَّةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 678 126- أمّ كلثوم بِنْت رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 679 زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم. 679 127- العالية. 679 128- أسماء. 680 129- "خ، م، ت، س، ق" أم شريك امرأة أنصارية، النجارية. 680 130- سناء بنت أسماء بنت الصلت. 680 131- الكلابية. 681 132- الكندية. 683 133- قُتيلة. 683 134- "د" خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة. 683 135- "ع" جُويرية بنت الحارث بن أبي ضرار.

الصفحة الموضوع 685 136- "خ، د، س" سودة بنت زمعة بن قيس القرشية. 688 137- صفية بنت عبد المطلب، الهاشمية. 690 138- أروى، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 690 139- عاتكة، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 690 140- البيضاء، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 690 141- برة، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 691 142- أميمة، عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 691 143- "د، س، ق" ضباعة، بنت عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 692 14- درة بِنْتُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 692 145- "خ، م، د، ت، س" أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقبة بْن أَبِي مُعيط. 693 146- "ع" أم عُمارة نسيبة بنت كعب. 696 147- "ع" أسماء بنت عُميس بن معبد. 698 148- "ع" أسماء بنت أبي بكر عبد الله. 704 149- "ع" أسماء بنت يزيد بن السكن. 705 150- "س" بريرة مولاة أم المؤمنين. 709 151- "خ، م، د، ت، س" أم سليم الغميصاء.

الصفحة الموضوع 714 152- "ع" أم هانئ بنت عم النبي -صلى الله عليه وسلم. 716 153- "ع" أم الفضل بنت الحارث بن حزن. 717 154- "خ، م، د، س، ق" أم حرام بنت ملحان. 718 155- "ع" عطية الأنصارية. 718 156- "ع" فاطمة بنت قيس الفهرية. 721 فهرس الجزء الثالث.

المجلد الرابع

المجلد الرابع الطبقة الخامسة: الحوادث من سنة 41 إلى 50 حوادث سنة واحد وأربعين ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الخامسة: الحوادث من سنة41 إلى 50 حوادث سنة واحد وأربعين: ويسمى عام الجماعة لاجتماع الأمة فيه عَلَى خَلِيفَةٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُعَاوِيَةُ. قَالَ خَلِيفَةُ1: اجْتَمَعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بِمَسْكَنٍ2 وَهِيَ مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَنْبَارِ فَاصْطَلَحَا وَسَلَّمَ الْحَسَنُ الْأَمْرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ أَوْ جُمَادَى الْأُولَى. وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ الْكُوفَةَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: سَارَ الْحَسَنُ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ يَطْلُبُ الشَّامَ، وَأَقْبَلَ فِي أَهْلِ الشَّامِ فَالْتَقَوْا، فَكَرِهَ الْحَسَنُ الْقِتَالَ، وَبَايَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَنْ جَعَلَ الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ لِلْحَسَنِ، فَكَانَ أَصْحَابُ الْحَسَنِ يَقُولُونَ لَهُ: يَا عَارَ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَقُولُ: الْعَارُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: بَايَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ الْحَسَنَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَأَحَبُّوهُ أَكْثَرَ مِنْ أَبِيهِ. وَعَن عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَارَ الْحَسَنُ حَتَّى نَزَلَ الْمَدَائِنَ، وَبَعَثَ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى الْمُقَدِّمَّةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فَبَيْنَا الْحَسَنُ بِالْمَدَائِنِ إِذْ نَادَى مُنَادٍ أَلَا إِنَّ قَيْسًا قَدْ قُتِلَ، فَاخْتَبَطَ3 النَّاسُ، وَانْتَهَبَ الْغَوْغَاءُ4 سُرَادِقَ الْحَسَنِ حَتَّى نَازَعُوُه بِسَاطًا تَحْتَهُ، وَطَعَنَهُ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ بِخِنْجَرٍ، فَوَثَبَ النَّاسُ عَلَى الرَّجُلِ فَقَتَلُوهُ، لَا رَحِمَهُ اللَّهُ، وَنَزَلَ الْحَسَنُ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ بِالْمَدَائِنِ، وَكَاتَبَ مُعَاوِيَةَ فِي الصلح.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة بن خياط "ص/ 203". 2 مسكن: اسم مكان على نهر دُجيل، عند دير الجاثليق. 3 اختبط: تحير واختلف. 4 أي سرق حثالة الناس ما في خيمة الحسن -رضي الله عنه.

وَقَالَ نَحْوَ هَذَا: أَبُو إِسْحَاقَ، وَالشَّعْبِيُّ. وَرُوِيَ أَنَّهُ إِنَّمَا خَلَعَ نَفْسَهُ لِهَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ: مَا ثَنَانَا1 عَنْ أَهْلِ الشَّامِ شَكٌّ وَلَا زَيْغٌ، لَكِنْ كُنْتُمْ فِي مُنْتَدَبِكُمْ إِلَى صِفِّينَ وَدِينُكُمْ أَمَامَ دُنْيَاكُمْ، فَأَصْبَحْتُمُ الْيَوْمَ وَدُنْيَاكُمْ أَمَامَ دِينِكُمْ. وَرُوِيَ أَنَّ الْخِنْجَرَ الَّذِي جُرِحَ بِهِ فِي إِلْيَتِهِ2 كَانَ مَسْمُومًا، فَتَوَجَّعَ مِنْهُ شَهْرًا ثُمَّ عُوفِيَ، وَللَّهِ الْحَمْدُ. وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ الْهِزَّانِيُّ: ثَنَا أَبُو الْغَرِيفِ قَالَ: لَمَّا رُدَّ الْحَسَنُ إِلَى الْكُوفَةِ وَبَايَعَ مُعَاوِيَةَ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ أَبُو عَامِرٍ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَسْتُ بِمُذِلِّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَكُمْ عَلَى الْمُلْكِ3. وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْطِهِ لِمُعَاوِيَةَ: إِنَّ عَلَيَّ عِدَاتٍ وَدُيُونًا، فَأَطْلَقَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَحْوَ أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ أَوْ أَكْثَرَ. وَكَانَ الْحَسَنُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سَيِّدًا لَا يَرَى الْقِتَالَ، وَقَدْ قَالَ جَدُّهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ" 4. وَقَالَ سُكَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ -بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ: ثَنَا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لَوْ لَمْ تَذْهَلْ نَفْسِي عَنْكُمْ إِلَّا لِثَلَاثٍ لَذَهَلْتُ: لِقَتِلكُمْ أَبِي، وَطَعْنِكُمْ فِي فَخِذِي، وَانْتِهَابِكُمْ ثِقْلِي5. وَلَمَّا دَخَلَ مُعَاوِيَةُ الْكُوفَةَ خَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْحَوْسَاءِ بِالنُخَيْلَةِ فِي جَمْعٍ، فَبَعَثَ لِحَرْبِهِ خَالِدَ بْنَ عَرْفَطَةَ، فَقَتَلَ ابْنَ أَبِي الْحَوْسَاءِ. وَفِي جُمَادَى الآخرة خَرَجَ بِنَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ سَهْمُ بْنُ غَالِبٍ الْهُجَيْمِيُّ والخطيم

_ 1 ثنانا: منعنا. 2 الإلية: المقعدة. 3 إسناده ضعيف: فيه انقطاع. وأخرجه الحاكم "3/ 175" في مستدركه. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 244"، "9/ 71"، وأحمد "5/ 38"، و"5/ 44"، والحميدي "793"، وابن أبي شيبة "12/ 96"، "15/ 96" في مصنفه، والطبراني "3/ 23" في الكبير. 5 تاريخ الطبري "5/ 165".

الْبَاهِلِيُّ، فَقَتَلَا عُبَادَةَ بْنَ قُرْطٍ اللَّيْثِيَّ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَاحِيَةِ الْأَهْوَازِ، فَانْتَدَبَ لِحَرْبِهِمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَخَافَا وَاسْتَأْمَنَا، فَأَمَّنَهُمَا وَقَتَلَ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِمَا. وَفِيهَا وَلِيَ عَبْد اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْبَصْرَةَ، وَوَلِيَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ لِمُعَاوِيَةَ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ عُتْبَةُ أَخُو مُعَاوِيَةَ. وَفِيهَا غَزَا إِفْرِيقِيَّةَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ الْفِهْرِيُّ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيُّ، وَحَفْصَةُ أُمُّ المؤمنين، ولبيد الشاعر المشهور، وفيه خلف1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "5/ 150-171"، الكامل "3/ 400-419"، البداية والنهاية "8/ 10-16".

حوادث سنة اثنتين وأربعين

حوادث سنة اثنتين وأربعين: فيها تُوُفِّيَ بِخُلْفٍ: الْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ. وَالْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ. وَحَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ. وَعُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ. وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ. وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَفِي سَائِرِهِمْ خُلْفٌ.. وَفِيهَا وَجَّهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَلَى إِمْرَةِ سِجِسْتَانَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ، وَكَانَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ مِنَ الشَّبَابِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، وَقِطْرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ، فَافْتَتَحَ زَرَنْجَ1 وَبَعْضَ كُوَرِ الْأَهْوَازِ. وَفِيهَا وَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ رَاشِدَ بْنَ عَمْرٍو إِلَى ثَغْرِ الْهِنْدِ، فَشَنَّ الْغَارَاتِ وَتَوَغَّلَ فِي بِلَادِ السِّنْدِ2.

_ 1 اسم بلدة تتبع سجستان، معجم البلدان "3/ 138". 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 170"، الكامل "3/ 436".

حوادث سنة ثلاث وأربعين

حوادث سنة ثلاث وأربعين: فيها تُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعبد اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ الْحَبْرُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ. وأقام الحج مروان. وفيها فتح عبد الرحمن بْنُ سَمُرَةَ الرُّخَّجَ1 وَغَيْرَهَا مِنْ بِلَادِ سِجِسْتَانَ. وَفِيهَا افْتَتَحَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ الْفِهْرِيُّ كُوَرًا مِنْ بِلَادِ السُّودَانَ وَوَدَّانَ2 وَهِيَ مِنْ بُرْقَةَ. وفيها شتى3 بسر بن أرطأة بأرض الروم مرابطًا4.

_ 1 الرخج: اسم بلدة من أعمال كابل: معجم البلدان "3/ 38". 2 ودان: اسم بلدة من نواحي جنوبي إفريقية، معجم البلدان "5/ 365". 3 شتى: قضى فترة الشتاء مرابطا. 4 انظر: تاريخ الطبري "5/ 211"، الكامل "3/ 439".

حوادث سنة أربع وأربعين

حَوَادِثُ سَنَة أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ عَلَى الصَّحِيحِ: أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَيُقَالُ: فِيهَا تُوُفِّيَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ. وَحَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَمِيرُ. وَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أُمُّ حَبِيبَةَ. وَقُتِلَ بِكَابُلَ أَبُو قَتَادَةَ الْعَدَوِيُّ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ أَبُو رِفَاعَةَ، وَافْتَتَحَهَا ابْنُ سَمُرَةَ. وَفِيهَا غَزَا الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ أَرْضِ الْهِنْدِ، وَسَارَ إِلَى قِنْدَابِيلَ1، وَكَسَرَ الْعَدُوَّ وَسَلِمَ وَغَنِمَ، وَهِيَ أَوَّلُ غَزَوَاتِهِ. وَكَانَ مِنْ سَبْيِ كَابُلَ فِيمَا ذَكَرَ خَلِيفَةُ: مَكْحُولٌ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَكَيْسَانُ وَالِدُ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَسَالِمٌ الْأَفْطَسُ. وَفِيهَا اسْتَلْحَقَ مُعَاوِيَةُ زِيَادَ بْنَ أَبِيهِ. وَفِيهَا حَجَّ مُعَاوِيَةُ بالناس2.

_ 1 اسم مدينة ببلاد السند. 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 214"، والكامل "3/ 441".

حوادث سنة خمس وأربعين

حوادث سنة خمس وأربعين: فيها تُوُفِّيَ: زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ. وَالْمُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ الْفِهْرِيُّ. وَسَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ. وَحَفْصَةُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ بِخُلْفٍ1. وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ. وَفِيهَا عَزَلَ مُعَاوِيَةُ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ عَنِ الْبَصْرَةِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو الْأَزْدِيَّ، ثُمَّ عزل عن قريب، وولى عليها زياد. وَقُتِلَ سَهْمُ بْنُ غَالِبٍ الْهُجَيْمِيُّ الَّذِي كَانَ قَدْ خَرَجَ فِي أَوَّلِ إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ وَصَلَبَهُ. وَفِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ إِفْرِيقِيَّةَ. وَفِيهَا سَارَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِوَارٍ الْعَبْدِيُّ فَافْتَتَحَ القيقان2 وغنم وسلم3.

_ 1 الخلف: العوض أو البدل، أو الذرية، وهو المراد ههنا. 2 اسم بلدة من بلاد السند. 3 انظر: تاريخ الطبري "5/ 216"، الكامل "3/ 440".

حوادث سنة ست وأربعين

حَوَادِثُ سَنَة سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَقَدْ مَرَّ. وَفِيهَا عَزَلَ مُعَاوِيَةُ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ عَنْ سِجِسْتَانَ، وَوَلَّاهَا الرَّبِيعَ بْنَ زِيَادٍ الْحَارِثِيَّ، فَخَافَ التُّرْكَ. وَفِيهَا جَمَعَ كَابُلُ شَاهٍ وَزَحَفَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَحَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ كَابُلَ، ثُمَّ لَقِيَهُمُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَسَارَ وَرَاءَهُمُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الرُّخَّجِ. وَفِيهَا شَتَّى الْمُسْلِمُونَ بِأَرْضِ الروم، والله أعلم1.

_ 1 تاريخ الطبري "5/ 226"، الكامل "3/ 453".

حوادث سنة سبع وأربعين

حَوَادِثُ سَنَة سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ: فِيهَا غَزَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَارٍ الْعَبْدِيُّ الْقَيْقَانَ، فَجَمَعَ لَهُ التُّرْكُ وَالْتَقَوْا، فَاسْتُشْهِدَ عَبْدُ اللَّهِ، وَسَارَ ذَلِكَ الْجَيْشُ، وَغَلَبَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْقَيْقَانَ وَفِيهَا سَارَ رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ أَطْرَابُلُسَ الْمَغْرِبَ فَدَخَلَ إِفْرِيقِيَّةَ، ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ سَنَتِهِ. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ. وَفِيهَا عُزِلَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ مِصْرَ وَأُمِّرَ عَلَيْهَا مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ. وَفِيهَا شَتَّى مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ بِأَرْضِ الرُّومِ وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَهْبَانُ بْنُ أوس، وعتي بن ضمرة1.

_ 1 تاريخ الطبري "5/ 230"، الكامل "3/ 456".

حوادث سنة ثمان وأربعين

حوادث سنة ثمان وأربعين: فيها عَزَلَ مُعَاوِيَةُ مَرْوَانَ عَنِ الْمَدِينَةِ وَوَلَّاهَا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ الْأُمَوِيَّ، وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى زِيَادٍ لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَوَّارٍ: انْظُرْ رَجُلًا يَصْلُحُ لِثَغْرِ الْهِنْدِ فَوَجِّهْهُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَوَجَّهَ زِيَادٌ سِنَانَ بْنَ سَلَمَةَ بْنَ الْمُحَبِّقِ الْهَذَلِيُّ. وَفِيهَا قُتِلَ بِالْهِنْدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ فِيهَا الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ الْجُعْفِيُّ الْفَقِيهُ صاحب ابن مسعود، وخزيمة الأسدي1.

_ 1 تاريخ الطبري "5/ 231"، الكامل "3/ 456".

حوادث سنة تسع وأربعين

حوادث سنة تسع وأربعين: فيها تُوُفِّيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَأَبُو بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ فِي قَوْلٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الْقَيْنِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ. وَفِيهَا قَتَلَ زِيَادٌ بِالْبَصْرَةِ: الْخَطِيمَ الْبَاهِلِيَّ الْخَارِجِيَّ. وَفِي وِلَايَةِ الْمُغِيرَةِ عَلَى الْكُوفَةِ خَرَجَ شَبِيبُ بْنُ بَجْرَةَ الْأَشْجَعِيُّ فَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةَ: كَثِيرُ بْنُ شِهَابٍ الْحَارِثِيَّ فَقَتَلَهُ بِأَذْرَبِيجَانَ، وَكَانَ شَبِيبٌ مِمَّنْ شَهِدَ النَّهْرَوَانِ. وَفِيهَا شَتَّى مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ بِأَرْضِ الروم، وقيل: بل شتاها فضالة بن عبيد الأنصاري. وأقام الحج سعيد بن العاص1.

_ 1 تاريخ الطبري "5/ 223"، الكامل "3/ 460"، البداية والنهاية "8/ 32".

حوادث سنة خمسين

حَوَادِثُ سَنَةِ خَمْسِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ. وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ. وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ الشَّاعِرُ. وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. وَمِدْلَاجُ بْنُ عَمْرٍو. وَصَفِيَّةُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ.. وَلَمَّا احْتَضَرَ الْمُغِيرَةُ اسْتَخْلَفَ عَلَى الْكُوفَةِ ابْنَهُ عُرْوَةَ أَوْ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَجَمَعَ مُعَاوِيَةُ الْمِصْرَيْنِ الْبَصْرَةَ وَالْكُوفَةَ تَحْتَ إِمْرَةِ زِيَادٍ، فَعَزَلَ عَنِ سِجِسْتَانَ الرَّبِيعَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ. وَفِيهَا أَنْفَذَ مُعَاوِيَةُ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، فَخَطَّ الْقَيْرَوَانَ وَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَ سِنِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ عُقْبَةُ إِفْرِيقِيَّةَ وَوَقَفَ عَلَى مَكَانِ الْقَيْرَوَانِ قَالَ: يَا أَهْلَ الْوَادِي إِنَّا حالون إن شاء الله فاظعنوا1 -ثلاث مرات، قال: فما رأينا حجرا ولا شجرا إلا يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِهِ دَابَّةٌ حَتَّى هَبَطْنَ بَطْنَ الْوَادِي، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْزِلُوا بِاسْمِ اللَّهِ2. وَفِيهَا وَجَّهَ زِيَادٌ: الرَّبِيعَ الْحَارِثِيَّ إِلَى خُرَاسَانَ فَغَزَا بَلْخَ، وَكَانَتْ قَدْ أُغْلِقَتْ بَعْدَ رَوَاحِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْهَا، فَصَالَحُوا الرَّبِيعَ، ثُمَّ غزا الربيع قهستان3 ففتها عُنْوَةً4. وَفِيهَا فَتَحَ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ فَتْحًا بالمغرب، وكان قد جاءه عبد الملك بن مَرْوَانَ فِي مَدَدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَهَذِهِ أَوَّلُ غَزَاةٍ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. وَفِيهَا غَزْوَةُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، كَانَ أَمِيرُ الْجَيْشِ إِلَيْهَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ مَعَهُ وُجُوهُ النَّاسِ، وَمِمَّنْ كَانَ مَعَهُ أَبُو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه.

_ 1 أظعنوا: ارحلوا. 2 تاريخ الطبري "5/ 240". 3 قهستان: اسم بلدة من أعمال خراسان تحوطها الجبال، معجم البلدان "4/ 416". 4 عنوة: أي بالقتال والحرب، وليس بالاستسلام.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ غَازِيَةٌ وَلَا صَائِفَةٌ، حَتَّى اجْتَمَعُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، فَأَغْزَى الصَّوَائِفَ وَشَتَّاهُمْ بِأَرْضِ الرُّومِ، ثُمَّ غَزَاهُمُ ابْنُهُ يَزِيدُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى أَجَازَهُمُ الْخَلِيجَ، وَقَاتَلُوا أَهْلَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ عَلَى بَابِهَا ثُمَّ قَفَلَ رَاجِعًا. وَفِيهَا دَعَا مُعَاوِيَةُ أَهْل الشَّامِ إِلَى الْبَيْعَةِ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ لِابْنِهِ يَزِيدَ فَبَايَعُوهُ. وَفِيهَا غَزَا سِنَانُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ الْقَيْقَانَ، فَجَاءَهُ جَيْشٌ عَظِيمٌ مِنَ الْعَدُوِّ، فَقَالَ سِنَانٌ لِأَصْحَابِهِ: أَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ بَيْنَ خَصْلَتَيْنِ: الْجَنَّةِ أَوِ الْغَنِيمَةَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَنَصَرَهُ وَمَا أُصِيبَ مِنَ المسلمين إلا رجل واحد1.

_ 1 تاريخ الطبري "5/ 234"، الكامل "3/ 461

تراجم هذه الطبقة مرتبة على الأحرف

تراجم هذه الطبقة مرتبة على الأحرف: "حَرْفُ الْأَلِفِ": 1- الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الأَرْقَمِ1 بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْن عُمَرَ بْن مَخْزُومٍ الْمَخْزُومِيِّ، أَحَدُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَاسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ مَنَافٍ. اسْتَخْفَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَوَائِلِ الْإِسْلَامِ فِي دَارِهِ، وَهِيَ عِنْدَ الصَّفَا، شَهِدَ بَدْرًا وَعَاشَ إِلَى دَهْرِ مُعَاوِيَةَ، وَسَيَأْتِي. 2- الْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعِ2 بْنِ حِمْيَرِ بْنِ عُبَادَةَ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ أَوَّلُ مَنْ قَصَّ3 بِجَامِعِ الْبَصْرَةِ. رَوَى عنه: الأحنف بن قيس، والحسين الْبَصْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ. يُقَالُ: توفي سنة اثنتين وأربعين.

_ 1 الطبقات الكبرى "3/ 242"، التاريخ الكبير "2/ 46"، الجرح والتعديل "2/ 309"، الاستيعاب "1/ 107"، أسد الغابة "1/ 95". 23 الطبقات الكبرى "7/ 41"، التاريخ الكبير "1/ 445"، الجرح والتعديل "2/ 291"، الاستيعاب "1/ 92"، الإصابة "1/ 44، 45". 3 قص: من القصص، والقاص: هو الواعظ.

3- أُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ1 بْن الرَّبِيعِ بْن عَبْد العُزَّى بْن عَبْدِ شَمْسٍ الْأُمَوِيَّةُ النَّبَوِيَّةُ، بِنْتُ السَّيِّدَةِ زَيْنَبَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ الَّتِي كَانَ يَحْمِلُهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الصَّلَاةِ. تَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي إِمْرَةِ عُمَرَ، وَبَقِيَتْ مَعَهُ إِلَى أَنِ اسْتُشْهِدَ وَجَاءَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْمُغِيرَةُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَتُوُفِّيَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ لَهُ يَحْيَى. 4- أُهْبَانُ بْنُ أَوْسٍ2، الْأَسْلَمِيُّ أَبُو عُقْبَةَ، مُكَلِّمُ الذِّئْبِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ. رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا. 5- أُهْبَانُ بْنُ صَيْفِيٍّ -ت ق- الْغِفَارِيُّ3 أَبُو مُسْلِمٍ. نَزَلَ الْبَصْرَةَ. رَوَتْ عَنْهُ عَائِشَةُ، أَنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَتَاهُ بَعْدَ فِتْنَةِ الْجَمَلِ فَقَالَ: مَا خَلَّفَكَ عَنَّا؟! وَكَانَ قَدِ اتَّخَذَ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ. وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ صَحِيحَةٌ عَنْ بِنْتِهِ، قَالَ لَمَّا احْتَضَرَ: كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيْنِ، فَزِدْنَاهُ ثَوْبًا فَدَفَنَّاهُ فِيهِ، فَأَصْبَحَ ذَلِكَ الْقَمِيصَ مَوْضُوعًا عَلَى الْمِشْجَبِ4. "حرف الْجِيمِ": 6- جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ، التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ، أَبُو أَيُّوبَ، وَيُقَالُ: أَبُو يَزِيدَ5. لَهُ صُحْبَةٌ، وَكَانَ بَطَلًا شُجَاعًا شَرِيفًا مُطَاعًا مِنْ كِبَارِ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ، شَهِدَ مَعَهُ صِفِّينَ، ثُمَّ وَفَدَ بَعْدَهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ الْأَحْنَفَ. وَكَانَ سَفَّاكًا فَاتِكًا، وَيُدْعَى مُحَرِّقًا؛ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ وَجَّهَ ابن الحضرمي إلى البصرة بنعي عثمان وليستنفرهم، فَوَجَّهَ عَلِيٌّ جَارِيَةَ هَذَا، فَتَحَصَّنَ مِنْهُ ابْنُ الحضرمي كما

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 232"، الاستيعاب "4/ 244"، أسد الغابة "5/ 400". 2 التاريخ الكبير "2/ 44"، والجرح والتعديل "3/ 309"، الاستيعاب "1/ 64"، أسد الغابة "1/ 137". 3 التاريخ الكبير "2/ 45" والجرح والتعديل "2/ 309"، أسد الغابة "1/ 138". 4 خبر حسن: أخرجه أحمد "5/ 69"، والطبراني "862"، "864" في الكبير. 5 الطبقات الكبرى "7/ 56"، الجرح والتعديل "2/ 520"، الاستيعاب "1/ 245"، أسد الغابة "1/ 263".

ذَكَرْنَا، فَأَحْرَقَ عَلَيْهِ الدَّارَ، فَاحْتَرَقَ فِيهَا خَلْقٌ. وَيُرْوَى أَنَّ عَلِيًّا بَلَغَهُ مَا صَنَعَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَأَةَ مِنَ السَّفْكِ بِالْحِجَازِ، فَبَعَثَ جَارِيَةَ هَذَا، فَجَعَلَ لَا يَجِدُ أَحَدًا خَلَعَ عَلِيًّا إِلَّا قَتَلَهُ وَحَرَّقَهُ بِالنَّارِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْيَمَنِ، فَسُمِّيَ مُحَرِّقًا1. 7- جَبلَةُ بْنُ الْأَيْهَمِ، أَبُو الْمُنْذِرِ الْغَسَّانِيُّ مَلِكُ آلِ جَفْنَةَ عَرَبِ الشَّامِ2، وَكَانَ يَنْزِلُ الْجَوْلَانَ. كَتَبَ إِلَيْهِ النّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمَ، وَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً، فَلَمَّا كَانَ زَمَنَ عُمَرَ دَاسَ جَبَلَةُ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ، فَوَثَبَ الْمُزَنيُّ فَلَطَمَهُ، فَأَخَذَهُ وَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالُوا: هَذَا لَطَمَ جَبَلَةَ قَالَ: فَلْيَلْطِمُهُ، قَالُوا: وَمَا يُقْتَلُ وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ؟ قَالَ: لَا، فَغَضِبَ جَبَلَةُ وَقَالَ: بِئْسَ الدِّينُ هَذَا، ثُمَّ دَخَلَ بِقَوْمِهِ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ وَتَنَصَّرَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا أَسْلَمَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ ثُمَّ نَدِمَ عَلَى تَنَصُّرِهِ، فَلَمْ يُسْلِمْ فِيمَا عَلِمْتُ. 8- جَبَلَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَوْسِ بْنِ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ السَّاعِدِيُّ3. وَهِمَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ: هُوَ أَخُو أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ: فَأَبُو مَسْعُودٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. شَهِدَ أُحُدًا وَغَيْرَهَا، وَشَهِدَ فَتَحَ مِصْرَ وَصِفِّينَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ فَاضِلًا مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ، وَرَوَى عَنْهُ: ثَابِتُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ بِمِصْرَ جَبَلَةُ الْأَنْصَارِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ، جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَةِ رَجُلٍ وَابْنَتِهِ مِنْ غَيْرِهَا. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: غَزَا جَبَلَةُ بْنُ عَمْرٍو إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ سَنَةَ خَمْسِينَ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: نَفَّلَنَا4 مُعَاوِيَةُ بِإِفْرِيقِيَّةَ فَأَبَى جَبَلَةُ أن يأخذ من النفل شيئًا.

_ 1 خبر ضعيف: أخرجه الطبري "5/ 112" في تاريخه. 2 تاريخ الطبري "3/ 570"، البداية والنهاية "8/ 63"، شذرات الذهب "1/ 27". 3 انظر: التاريخ الكبير "2/ 218"، والجرح والتعديل "2/ 508"، الاستيعاب "1/ 239"، أسد الغابة "1/ 269". 4 نفلنا: النفل الغنيمة، والجمع: أنفال، المعجم الوجيز "ص/ 628".

9- جندب بن كعب1 -ت- بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنَمٍ الْأَزْدِيُّ الْغَامِدِيُّ الَّذِي قَتَلَ السَّاحِرَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَكَانَ هَذَا السَّاحِرُ يَقْتُلُ رَجُلًا ثُمَّ يُحْيِيَهُ، وَيَدْخُلُ فِي فَمِ نَاقَةٍ وَيَخْرُجُ مِنْ حَيَاهَا، فَضَرَبَ جُنْدَبُ بْنُ كَعْبٍ عُنُقَهُ ثُمَّ قَالَ: أَحْيِ نَفْسَكَ. وَتَلَا: {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} [الأنبياء: 3] ، فَرَفَعُوا جُنْدَبًا إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فَحَبَسَهُ، فَلَمَّا رَأَى السجان قومه وَصَلَاتَهُ أَطْلَقَهُ. وَقِيلَ: بَلْ قَتَلَ السَّجَّانُ أَقْرِبَاءُ جُنْدَبٍ وَأَطْلَقُوهُ، فَذَهَبَ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ يُجَاهِدُ، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَكَانَ شَرِيفًا كَبِيرًا فِي الْأَزْدِ. وَقِيلَ: بَلِ الَّذِي قَتَلَ السَّاحِرَ جُنْدَبُ الْخَيْرِ الْمَذْكُورُ بَعْدَ السِّتِّينَ. 10- جَعْفَرُ بْنُ أَبِي سفيان، الهاشمي بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي ابن ابن عمّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. شَهِدَ حُنَيْنًا مَعَ أَبِيهِ وَثَبَتَا يَوْمَئِذٍ، لَا أَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ وَسَطَ إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ. [حرف الْحَاءِ] : 11- حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ رَافِعٍ -وَقِيلَ نَفْعٍ بَدَلَ رَافِعٍ، الْأَنْصَارِيُّ3 الْخَزْرَجِيُّ. أَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَبَقِيَ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ. 12- الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، الْجُعْفِيُّ4 الْكُوفِيُّ الْعَابِدُ. صَحِبَ عَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ، بَلْ رَوَى عَنْهُ خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: إِذَا كُنْتَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَكَ الشَّيْطَانُ: إنك ترائي، فزدها طولًا.

_ 1 الاستيعاب "1/ 218"، أسد الغابة "1/ 305"، الإصابة "1/ 250". 2 الطبقات الكبرى "4/ 55"، الجرح والتعديل "2/ 480"، والاستيعاب "1/ 213"، وأسد الغابة "1/ 286"، الإصابة "1/ 237". 3 الطبقات الكبرى "3/ 487"، الجرح والتعديل "3/ 253"، وأسد الغابة "1/ 358"، الإصابة "1/ 298". 4 الطبقات الكبرى "6/ 167"، التاريخ الكبير "2/ 279"، الجرح والتعديل "3/ 86"، الحلية "4/ 132".

وَحَكَى عَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الْأَعْمَى، وَيَحْيَى بْنُ هَانِئٍ الْمُرَادِيُّ. قَالَ خَيْثَمَةُ: كَانَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَانُوا مُعْجَبِينَ به، كان يجلس إليه الرجل والرجلان فيحدثهما، فإذا كثروا قام وتركهم1. وقال حَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ سِتَّةٌ: عَلْقَمَةٌ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، وَالْأَسْوَدُ، وَعُبَيْدَةُ، وَمَسْرُوقٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلٍ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قُتِلَ الْحَارِثُ مَعَ عَلِيٍّ. وَأَمَّا خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: صَلَّى عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. 13- حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقُرَشِيُّ2 -د ق- الْفِهْرِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ. رَوَى عَنْهُ زِيَادُ بْنُ جَارِيَةَ فِي النَّفْلِ3. وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ أَرْمِينِيَّةَ زَمَنَ عُثْمَانَ، ثُمَّ كَانَ مِنْ خَوَاصِّ مُعَاوِيَةَ، وَلَهُ مَعَهُ آثَارٌ مَحْمُودَةٌ شَكَرَهَا لَهُ مُعَاوِيَةُ4. يُرْوَى أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ: يَا حَبِيبُ رُبَّ مَسِيرٍ لَكَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ، قَالَ: أَمَّا إِلَى أَبِيكَ فَلَا، قَالَ: بَلَى وَاللَّهِ، وَلَقَدْ طَاوَعْتَ مُعَاوِيَةَ عَلَى دُنْيَاهُ وَسَارَعْتَ فِي هَوَاهُ، فَلَئِنْ كَانَ قَامَ بِكَ فِي دُنْيَاكَ لَقَدْ قَعَدَ بِكَ فِي دِينِكَ، فَلَيْتَكَ إِذْ أَسَأْتَ الْفِعْلَ أَحْسَنْتَ الْقَوْلَ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ، قِيلَ: لَمْ يَبْلُغُ الْخَمْسِينَ، وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا معظمًا. 14- حُجْر بن يزيد الكندي بْنِ سَلَمَةَ الْكِنْدِيُّ5 الْمَعْرُوفُ بِحُجْرِ الشَّرِّ؛ لِأَنَّهُ كان شريرًا.

_ 1 خبر صحيح: وأخرجه أبو نعيم في الحلية، والمزي "4/ 273" في تهذيب الكمال. 2 الطبقات الكبرى "7/ 409"، التاريخ الكبير "2/ 310"، الجرح والتعديل "3/ 108"، أسد الغابة "1/ 374"، الإصابة "1/ 309". 3 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "2750"، وأحمد "4/ 159، 160"، والحميدي "871"، وابن ماجه "2851"، وابن حبان "1672"، والحاكم "2/ 133"، والطبري "3518"، "3519"، "3520"، وغيرها في الكبير، ونصه قال حبيب بن مسلمة -رضي الله عنه: "شهدت النبي -صلى الله عليه وسلم- نفل الربع في البدأة، والثلث في الرجعة". 4 السير "3/ 189". 5 انظر: تاريخ الطبري "5/ 263، 264"، أسد الغابة "1/ 387"، الكامل "3/ 476"، الإصابة "1/ 315".

وَقَالُوا فِي حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ: حُجْرُ الْخَيْرِ. له وفادة على النبي -صلى الله عليه وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَشَهِدَ الْحَكَمَيْنِ، ثُمَّ وَلَّاهُ مُعَاوِيَةُ أَرْمِينِيَّةَ. 15- الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ، بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَبُو مُحَمَّدَ الْهَاشِمِيُّ السَّيِّدُ، رَيْحَانَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وابن ابنته السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ1. وُلِدَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ: فِي نِصْفِ رَمَضَانَ مِنْهَا. قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الْحَسَنُ، وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو الْجَوْزَاءِ السَّعْدِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ يُشْبِهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ وَأَنَسٌ فِيمَا صَحَّ عَنْهُمَا2، وَقَدْ رَآهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَلْعَبُ فَأَخَذَهُ وَحَمَلَهُ عَلَى عُنُقِهِ وَقَالَ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ ... لَيْسَ شَبِيهًا بِعَلِيِّ3 وَعَلِيٌّ يَبْتَسِمُ. وَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْخُذُنِي وَالْحَسَنَ فَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا" 4. وَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بين فئتين من المسلمين" 5. أخرجه البخاري.

_ 1 انظر: الاستيعاب "383"، أسد الغابة "2/ 9"، الكامل "3/ 460"، وفيات الأعيان "2/ 65"، الإصابة "1/ 328". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6/ 411" من حديث أبي جحيفة، والترمذي "3778" من حديث أنس -رضي الله عنه. 3 خبر صحيح: أخرجه البخاري "7/ 75"، والحاكم "3/ 168"، والطبراني "2527" في الكبير. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 70"، وأحمد "5/ 210"، وابن سعد "4/ 62" في الطبقات الكبرى، والترمذي "3871". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 74"، وأحمد "5/ 38، 44، 49"، وأبو داود "4662"، والترمذي "3775"، والنسائي "3/ 107"، والحاكم "3/ 174، 175".

وقال يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 1. صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى شَيْءٍ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ حَدِيثِي قُلْتُ: مَا هَذَا الَّذِي أَنْتَ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِ؟ فَكَشَفَ فَإِذَا حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ عَلَى وِرْكَيْهِ، فَقَالَ: "هَذَانِ ابْنَايَ وَابْنَا ابْنَتِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا"2. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. قُلْتُ: رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، مَدَنِيٌّ مَجْهُولٌ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي سَهْلٍ النَّبَّالِ -وَهُوَ مَجْهُولٌ أَيْضًا- عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ كَالْمَجْهُولِ -عَنْ أَبِيهِ، وَمَا أَظُنُّ لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ ذِكْرٌ فِي رِوَايَةٍ إِلَّا فِي هَذَا الْوَاحِدِ، تَفَرَّدَ بِهِ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، عن عبد الله. وتحسين الترمذي لايكفي فِي الِاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا مِنْ حَدِيثٍ حَسَنٍ، فَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِحُسْنِ إِسْنَادِهِ عِنْدَنَا كُلَّ حَدِيثٍ لَا يَكُونُ إِسْنَادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ وَلَا يَكُونُ الْحَدِيثُ شَاذًّا، وَيُرْوَى مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ نَحْوَ ذَلِكَ فَهُوَ عِنْدَنَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيُّ أَهْلِ بَيْتِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ" وَكَانَ يَقُولُ لِفَاطِمَةَ: "ادْعِي لِي ابْنَيَّ، فَيَشُمَّهُمَا وَيَضُمَّهُمَا إِلَيْهِ"3. حَسَّنَةُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ مَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ: سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "هَذَا مَلَكٌ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى الْأَرْضِ قَطُّ قَبْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ أَنْ يُسَلِّمَ

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "3/ 3، 62، 84"، والترمذي "3768"، والحاكم "3/ 166، 167" وصححه، وأقره الذهبي، والطبراني "2610" في الكبير، وله شواهد كثيرة. 2 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "3769". 3 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "3772".

علي ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 1. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاضِعًا الْحَسَنَ عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ" 2. وصحح أيضا بهذا السند أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبصر الحسن والحسين فقال: "اللهم إني أحبهما فأحبهما" 3. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَّجَ بَيْنَ فَخِذَيِّ الْحَسَنِ وَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ4. قَابُوسُ: حَسَنُ الْحَدِيثِ. وَمَنَاقِبُ الْحَسَنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَثِيرَةٌ، وَكَانَ سَيِّدًا حَلِيمًا ذَا سَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَحِشْمَةٍ، كَانَ يَكْرَهُ الْفِتَنَ وَالسَّيْفَ، وَكَانَ جَوَادًا مُمَدَّحًا، تَزَوَّجَ سَبْعِينَ امْرَأَةً وَيُطَلِّقُهُنَّ، وَقَلَّمَا كَانَ يُفَارِقُهُ أَربَعُ ضَرَائِرَ5. وَعَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لَا تُزَوِّجُوا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِطْلَاقٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ لَنُزَوِّجَنَّهُ، فَمَا رَضِيَ أَمْسَكَ، وَمَا كَرِهَ طَلَّقَ6. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: تَزَوَّجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ امْرَأَةً فَبَعَثَ إِلَيْهَا بِمِائَةِ جَارِيَةٍ، مَعَ كُلِّ جَارِيَةٍ ألف درهم7.

_ 1 حديث حسن: أخرجه أحمد "5/ 391"، والترمذي "3781"، والحاكم "3/ 151"، وصححه، وأقره الذهبي، وابن حبان "2229" مختصرًا. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 75"، ومسلم "2422"، والترمذي "3782". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 70"، وأحمد "5/ 210"، والترمذي "3882". 4 حديث حسن: أخرجه الطبراني "2658" في الكبير، وقال الهيثمي في المجمع "9/ 186": إسناده حسن. 5 السير "3/ 253". 6 السابق. 7 أخرجه أبو نعيم "2/ 38" في حلية الأولياء، وأورده المصنف في "السير" "3/ 253".

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِنَّ الْحَسَنَ كَانَ يُجِيزُ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ1. وَقَالَ غَيْرُهُ: حَجَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةٍ2. وَقِيلَ: إِنَّهُ حَجَّ أَكْثَرَهُنَّ مَاشِيًا مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَإِنَّ نَجَائِبَهُ تُقَادُ مَعَهُ3. وَقَالَ جَرِيرٌ: بَايَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ الْحَسَنَ وَأَحَبُّوهُ أَكْثَرَ مِنْ أَبِيهِ4. رَوَى الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيِّ: حَدَّثَنَا زَمْعَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَمَلَ الْحَسَنَ عَلَى كَتِفِهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: نِعْمَ الْمَرْكَبُ رَكِبْتَ يَا غُلَامُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَنِعْمَ الرَّاكِبُ هُوَ"5. شُعْبَةُ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّكَ تُرِيدُ الْخِلَافَةِ، فَقَالَ: قد كَانَتْ جَمَاعَةُ الْعَرَبِ فِي يَدِي، يُحَارِبُونَ مَنْ حَارَبْتُ وَيُسَالِمُونَ مَنْ سَالَمْتُ، تَرَكْتُهَا ابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ وَحَقْنَ دِمَاءِ الْأُمَّةِ، ثُمَّ أَبْتَزُّهَا بِأَتْيَاسِ أَهْلِ الْحِجَازِ6. ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثَنَا أَبُو مُوسَى: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: اسْتَقْبَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى كَتَائِبَ لَا تُوَلِّيَ أَوْ تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا7. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ -وَكَانَ خَيْرَ الرَّجُلَيْنِ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ هَؤُلَاءِ، مَنْ لِي بِذَرَارِيهِمْ، مَنْ لِي بِأُمُورِهِمْ، مَنْ لِي بِنِسَائِهِمْ؟ قَالَ: فَبَعَثَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، فَصَالَحَ الْحَسَنُ مُعَاوِيَةَ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ لَهُ، وَبَايَعَهُ بِالْخِلَافَةِ عَلَى شُرُوطٍ وَوَثَائِقَ، وَحَمَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ مَالًا، يُقَالُ: خَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ فِي جُمَادَى الْأُولَى سنة إحدى وأربعين.

_ 1 السير "3/ 253". 2 السير "3/ 253". 3 السابق. 4 السير "3/ 263". 5 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "2784"، والحاكم "3/ 170" فيه زمعة بن صالح، وهو متفق على تضعيفه. 6 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 170"، وأبو نعيم "2/ 36، 37" في الحلية. 7 أقرانها: أندادها، والنظراء أو الأمثال.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ: قَدِمَ الْحَسَنُ فَاجْتَمَعَ بِمُعَاوِيَةَ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ إِلَيْهِ الْخِلَافَةَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَأُجِيزَنَّكَ بِجَائِزَةٍ مَا أَجَزْتُ بِهَا أَحَدًا قَبْلَكَ وَلَا أُجِيزُ بِهَا أَحَدًا بَعْدَكَ، فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رَجَعَ بِآلِ بَيْتِهِ مِنَ الْكُوفَةِ ونزل المدينة. قال ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: عُدْنَا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَقَامَ وَخَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ قَدْ لَفَظْتُ طَائِفَةً1 مِنْ كَبِدِي قَلّبْتُهَا بِعُودٍ، وَإِنِّي قَدْ سُقِيتُ السُّمَّ مِرَارًا فَلَمْ أُسْقَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ، فَحَرَّضَ بِهِ الْحُسَيْنُ أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ سَقَاهُ، فَلَمْ يُخْبِرْهُ وَقَالَ: اللَّهُ أَشَدُّ نِقْمَةً إِنْ كَانَ الَّذِي أَظُنُّ، وَإِلَّا فَلَا يقتل بي، والله، بريء2. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: لَمْ أُسْقَ مِثْلَ هَذِهِ الْمَرَّةَ. وَقَالَ حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ الجرشي قال: لما بايع الحسن معاوية قال لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ: لَوْ أَمَرْتَ الْحَسَنَ فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ فَتَكَلَّمَ عَيِيَ عن المنطق، فيزهد فيه الناس، فقال معاوية: لا تفعلوا، فوالله لقد رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمص لسانه وشفته، وَلَنْ يَعْيَا لِسَانٌ مَصَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ شَفَةٌ، قَالَ: فَأَبُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَصَعَدَ مُعَاوِيَةُ الْمِنْبَرَ، ثُمَّ أَمَرَ الْحَسَنَ فَصَعَدَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُخْبِرَ النَّاسَ: إِنِّي قَدْ بَايَعْتُ مُعَاوِيَةَ، فَصَعَدَ فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ هَدَاكُمْ بِأَوَّلِنَا، وَحَقَنَ دِمَاءَكُمْ بِآخِرِنَا، وَإِنِّي قَدْ أَخَذْتُ لَكُمْ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ يَعْدِلَ فِيكُمْ وَأَنْ يُوَفِّرَ عَلَيْكُمْ غَنَائِمَكُمْ، وَأَنْ يُقَسِّمَ فِيكُمْ فَيْأَكُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: أَكَذَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. ثُمَّ هَبَطَ مِنَ الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111] فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالُوا: لَوْ دَعَوْتَهُ فَاسْتَنْطَقْتَهُ يَعْنِي اسْتَفْهَمْتَهُ مَا عَنِيَ بِالْآيَةِ، فَقَالَ: مَهْلًا، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَدَعَوْهُ فَأَجَابَهُمْ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَمْرُو، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: أَمَّا أَنْتَ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيكَ رَجُلَانِ، رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَادَّعَيَاكَ، فَلَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَبُوكَ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو الْأَعْوَرِ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: ألم يعلن رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَعْلًا وذكوان وعمرو بنت سُفْيَانَ3، وَهَذَا اسْمُ أَبِي الْأَعْوَرِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ يُعِينُهُمَا، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: أَمَا علمت أن رسول الله

_ 1 طائفة: قطعة. 2 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 38"، وأورده المصنف "3/ 273" في السير. 3 أسماء قبائل غدرت بقراء القرآن في بئر معونة.

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعَنَ قَائِدَ الْأَحْزَابِ وَسَائِقَهُمْ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَبُو سُفْيَانَ وَالْآخَرُ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ1. زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: ثَنَا أَبُو رَوْقٍ الْهِزَّانِيُّ، ثَنَا أَبُو الْغَرِيفِ قَالَ: كُنَّا فِي مُقَدِّمَةِ الْحَسَنِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا تَقْطِرُ سُيُوفُنَا مِنَ الْجِدَةِ عَلَيْهِ2، فَقَالَ الشَّامِيُّونَ: فَلَمَّا أَتَانَا صُلْحُ الْحَسَنِ لِمُعَاوِيَةَ كَأَنَّمَا كُسِرَتْ ظُهُورُنَا مِنَ الْغَيْظِ، قَالَ: وَقَامَ سُفْيَانُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَا تَقُلْ ذَاكَ، إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَكُمْ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ3. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ قَتَادَةُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ: سَمَّ الْحَسَنَ زَوْجَتُهُ بِنْتُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كَانَ ذَلِكَ بِتَدْسِيسِ مُعَاوِيَةَ إِلَيْهَا، وَبَذَلَ لَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ لَهَا ضَرَائِرَ. قُلْتُ: هَذَا شَيْءٌ لَا يَصِحُّ فَمَنِ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ؟. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رُوِينَا مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ لَمَّا احْتَضَرَ قَالَ: يَا أَخِي إِيَّاكَ أَنْ تَسْتَشْرِفَ4 لِهَذَا الْأَمْرَ فَإِنَّ أَبَاكَ اسْتَشْرَفَ لِهَذَا الْأَمْرِ فَصَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ، وَوَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ اسْتَشْرَفَ لَهَا فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُمَرَ، ثُمَّ لَمْ يَشُكَّ وَقْتَ الشُّورَى أنَّهَا لَا تَعْدُوهُ، فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُثْمَانَ، فَلَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بُويِعَ، ثُمَّ نُوزِعَ حَتَّى جَرَّدَ السَّيْفَ، فَمَا صَفَتْ لَهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ فِينَا النُّبُوَّةَ وَالْخِلَافَةِ، فَلَا أَعْرِفَنَّ مَا اسْتَخَفَّكَ سُفَهَاءُ الْكُوفَةِ فَأَخْرَجُوكَ، وَقَدْ كُنْتُ طَلَبْتُ إِلَى عَائِشَةَ أَنْ أُدْفَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهَا حَيَاءً، فَإِذَا مَا مِتُّ فَاطْلُبْ ذَلِكَ إِلَيْهَا، وَمَا أَظُنُّ الْقَوْمَ إِلَّا سَيَمْنَعُونَكَ، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا تُرَاجِعَهُمْ. فَلَمَّا مَاتَ أَتَى الْحُسَيْنُ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَكَرَامَةٌ، فَمَنَعَهُمْ مَرْوَانُ، فَلَبِسَ الْحُسَيْنُ وَمَنْ مَعَهُ السلاح

_ 1 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد كما في "البداية" "8/ 42"، وأورده الذهبي في السير "3/ 272"، وانظر: تهذيب تاريخ دمشق "4/ 224، 225" لابن بدران. 2 الخوف عليه. 3 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 175"، وأورده المصنف "3/ 272"، في السير. 4 تستشرق: تتطلع إليها.

حَتَّى رَدَّهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، ثُمَّ دُفِنَ فِي الْبَقِيعِ إِلَى جَنْبِ أُمِّهِ، وَشَهِدَهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَهُوَ الْأَمِيرُ، فَقَدَّمَهُ الْحُسَيْنُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَقَالَ: هِيَ السُّنَّةُ1. تُوُفِّيَ الْحَسَنُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلَ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَرَّخَهُ فِيهَا الْمَدَائِنِيُّ، وَخَلِيفَةُ الْعُصْفُرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَالْغُلَابِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ بِالْمَدِينَةِ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2. 16- الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الغفاري -خ4-، أَخُو رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو3، وَإِنَّمَا هُمَا مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ أَخِي غِفَارٍ. لِلْحَكَمِ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا فَاضِلًا، قَدْ وَلِيَ غَزْوَ خُرَاسَانَ فَسَبَاهُمْ وَغَنِمَ، وَتُوُفِّيَ بِمَروٍ. وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَسَوَادَةُ بْنُ عَاصِمٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ. وَكَانَ مَحْمُودُ السِّيرَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: سَنَة خَمْسِينَ. هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ: إِنَّ زِيَادًا بَعَثَ الْحَكَمَ بْنَ عَمْرٍو عَلَى خُرَاسَانَ، فَأَصَابُوا غَنَائِمَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: لَا تُقَسِّمَ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: بِاللَّهِ لَوْ كَانَتِ السماوات وَالْأَرْضُ رَتْقًا4 عَلَى عَبْدٍ فَاتَّقَى اللَّهَ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَخْرَجًا، وَالسَّلَامُ5. وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ نَظَرَ إِلَى الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو وَقَدْ خَضَبَ بِصُفْرَةٍ فَقَالَ: هَذَا خِضَابُ أَهْلِ الإيمان6.

_ 1 أخرجه ابن عبد البر "1/ 376، 377"، في الاستيعاب، وأورده المصنف "3/ 278" في السير. 2 السير "3/ 277"، والاستيعاب "1/ 376، 377". 3 الطبقات الكبرى "7/ 28"، التاريخ الكبير "2/ 328"، الجرح والتعديل "3/ 119"، أسد الغابة "2/ 40"، السير "2/ 474"، الإصابة "2/ 273". 4 رتقًا: شيئا واحدا ملتئمًا. 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 28، 29" في الطبقات الكبرى، والحاكم "3/ 442" في المستدرك. 6 خبر ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 67"، السير "2/ 475".

17- حَفْصَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ -ع- بِنْتُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ1. تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَة ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي2 مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيُرْوَى أنَّهَا وُلِدَتْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ. لَهَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهَا: أَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر، وحارثة بن وهب الخزاعي، وشتير بن شَكَلٍ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَأُمُّهُمَا -أَعْنِي حَفْصَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ- هِيَ زَيْنَبُ أُخْتُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ. وَكَانَتْ حَفْصَةُ قَبْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَحْتَ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، أَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا فَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا تَأَيَّمَتْ عَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَغَضِبَ عُمَرُ، ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: لَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ الْيَوْمَ، فَشَكَاهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: تَتَزَوَّجُ حَفْصَةُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ عُثْمَانَ، وَيَتَزَوَّجُ عُثْمَانُ مَنْ هِيَ خَيْرٌ مِنْ حَفْصَةَ، ثُمَّ خَطَبَهَا مِنْهُ فَزَوَّجَهُ عُمَرُ، ثُمَّ لَقِيَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَقَالَ: لَا تجِدْ عَلِيَّ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ ذَكَرَ حَفْصَةَ فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّهُ، فَلَوْ تَرَكَهَا لَتَزَوَّجْتُهَا3. عَفَّانُ وَجَمَاعَةٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: أَنْبَأَ أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَلَّقَ حَفْصَةَ، فَأَتَاهَا خَالَاهَا عُثْمَانُ وَقُدَامَةُ ابْنَا مَظْعُونٍ، فَبَكَتْ وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا طَلَّقَنِي عَنْ شَبَعٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَتَجَلْبَبَتْ فَقَالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: رَاجِعْ حَفْصَةَ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ" 4. حَدِيثٌ مُرْسَلٌ قَوِيُّ الْإِسْنَادِ. هُشَيْمٌ: أَنْبَأَ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا طَلَّقَ حَفْصَةَ أُمِرَ أَنْ يُرَاجِعْهَا5. عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ أَوْصَى إِلَى حَفْصَةَ. مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: طلق رسول الله

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 81"، والمستدرك "4/ 14، 15"، الاستيعاب "4/ 1811"، وأسد الغابة "7/ 65"، السير "2/ 227"، الإصابة "12/ 197". 2 تساميني: تشبهني، أو تماثلني أو تساويني. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 152"، وابن سعد "8/ 82" في طبقاته. 4 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "2283"، والنسائي "6/ 213"، وابن ماجه "6/ 201"، والحاكم "4/ 15"، وابن سعد "8/ 84" في طبقاته، وله شواهد. 5 حديث حسن لغيره: أخرجه الطبراني في الأوسط كما في المجمع "9/ 244"، والحاكم "4/ 15" وفيه ابن أبي جعفر، وهو من الضعفاء، وله شواهد.

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَفْصَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَحَثَا عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ وَقَالَ: مَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِعُمَرَ وَابْنَتَهُ بَعْدَهَا، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُرَاجِعَ حَفْصَةَ رَحْمَةً لِعُمَرَ"1. وَفِي رِوَايَةٍ: "وَهِيَ زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ"2. رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. تُوُفِّيَتْ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهَا مَرْوَانُ وَهُوَ وَالِي الْمَدِينَةَ. قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ3. 18- حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، -م ت ن ق- بن صيفي التميمي الحنظلي الأسيدي الْكَاتِبُ4، كَاتِبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي حَكِيمِ الْعَرَبِ أَكْثَمَ بْنِ صَيْفِيِّ. كَانَ حَنْظَلَةُ مِمَّنِ اعْتَزَلَ الْفِتْنَةَ، وَكَانَ بِالْكُوفَةِ، فَلَمَّا شَتَمُوا عُثْمَانَ انْتَقَلَ إِلَى قَرْقِيسْيَاءَ5. رَوَى عَنْهُ: مُرَقَّعُ بْنُ صَيْفِيِّ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَالْحَسَنُ، وَغَيْرُهُمْ. "حرف الْخَاءِ": 19- خُرَيْمُ بْنُ فاتك6 -4- أبو أيمن الأسدي، فاسم أبيه الأخرم بن شداد، وخريم هو أخو سبرة، والده فَاتِكٌ. قِيلَ: إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَنْ كَعْبٍ.

_ 1 حديث صحيح لغيره: أخرجه الطبراني كما في المجمع "9/ 244". 2 انظر السابق. 3 الطبقات الكبرى "8/ 86"، والسير "2/ 229". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 55"، والتاريخ الكبير "3/ 36"، الجرح والتعديل "3/ 239"، الاستيعاب "1/ 279"، أسد الغابة "2/ 58"، الإصابة "1/ 359". 5 قرقيسياء: اسم بلدة في أقصى العراق. 6 الطبقات الكبرى "6/ 38"، التاريخ الكبير "3/ 224"، الجرح والتعديل "3/ 400"، الحلية "1/ 363"، أسد الغابة "2/ 112".

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ فَاتِكٌ، وَوَابِصَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْمَعْرُورُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَشِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ. وَنَزَلَ الرَّقَّةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ يَا خُرَيْمُ لَوْلَا خُلَّتَيْنِ فِيكَ"، قُلْتُ: وَمَا هُمَا؟ قَالَ: "إِسْبَالُكَ إِزَارِكَ وَإِرْخَاؤُكَ شَعْرِكَ" 1. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ شَهِدَ بَدْرًا، وَقَالَ: قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: كُنْيَتُهُ أَبُو يَحْيَى2. "حرف الدَّالِ": 20- دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، -د- بن فَرْوَةَ بْنِ فَضَالَةَ الْكَلْبِيُّ القُضَاعِيُّ3. أَرْسَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكِتَابِهِ إِلَى قَيْصَرَ، وَلَهُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَمَنْصُورُ ابن سَعِيدٍ. وَكَانَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَمِيرًا عَلَى كُرْدُوسٍ4، ثُمَّ سَكَنَ الْمِزَّةَ5. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَسْلَمَ دِحْيَةُ قَبْلَ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْهَا وَكَانَ يُشَبَّهُ بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَبَقِيَ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ6. وَقَالَ عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يقول: "يأتيني

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 321، 322، 345"، والطبراني "4156"، "4157"، "4158"، "4159"، "4160" في الكبير. 2 التاريخ الكبير "3/ 244". 3 انظر الطبقات الكبرى "4/ 249"، وتاريخ الطبري "2/ 582، 583"، أسد الغابة "2/ 130"، الجرح والتعديل "3/ 439"، الاستيعاب "2/ 461"، الإصابة "3/ 191". 4 كردوس: كتيبة من الخيل. 5 المزة: قرية من قرى دمشق، تقع في الجنوب الغربي منها. 6 الطبقات الكبرى "4/ 249".

جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ" 1. وَكَانَ دِحْيَةُ رَجُلًا جَمِيلًا. وَقَالَ رَجُلٌ لِعَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ: أَجْمَلُ النَّاسِ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: بَلْ أَجْمَلُ النَّاسِ مَنْ يَنْزِلُ جِبْرِيلُ عَلَى صُورَتِهِ، يعني دحية. وقال ابن قتيبة عن حديث ابن عباس: كان دحية إذا قَدِمَ لَمْ تَبْقَ مُعْصِرٌ إِلَّا خَرَجَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ2. الْمُعْصِرُ: هِيَ الَّتِي دَنَتْ مِنَ الْحَيْضِ، وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي أَدْرَكَتْ. "حرف الرَّاءِ": 21- رُكَانَةُ بن عبد يزيد، -ت ق- بن هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ الْمُطَّلِبِيُّ3. مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ، لَهُ صُحْبَةٌ ورواية. روى عنه: ابنه يزيد وغيره. وهو الَّذِي صَارَعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَ أَشَدَّ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنْ صَرَعْتَنِي آمَنْتُ بِكَ، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ سَاحِرٌ4. وَلَمَّا أَسْلَمَ أَعْطَاهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَمْسِينَ وَسْقًا بِخَيْبَرَ، وَسَكَنَ الْمَدِينَةَ وَبِهَا تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ. 22- رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ -د ت ن- النجاري5.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 107"، والنسائي كما في الإصابة "3/ 191"، والطبراني في الأوسط كما في المجمع "9/ 378". 2 إسناده ضعيف: وأخرجه ابن عساكر في تاريخه كما في تهذيب تاريخ دمشق "5/ 223"، ورده بأن فيه الحسين الحنفي، وهو صاحب مناكير. 3 انظر: المعجم الكبير "4/ 67"، وأسد الغابة "2/ 187، 188"، والإصابة "1/ 520". 4 حديث ضعيف: أخرجه أبو داود "4060"، والترمذي "1844"، والطبراني "4614" في الكبير، وقال الترمذي: حديث غريب، وليس إسناده بالقائم، ولا نعرف أبا الحسن العسقلاني، ولا ابن ركانة. 5 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 354"، والجرح والتعديل "3/ 520"، وأسد الغابة "2/ 191"، الإصابة "1/ 522".

لَهُ صُحْبَةٌ، شَهِدَ فَتَحَ مِصْرَ، وَرَوَى أَحَادِيثَ. روى عنه: حنش الصنعاني، وبشر بن عبد اللَّهِ، وَمُرْثَدٌ الْيَزَنِيُّ. وَوَلِيَ غَزْوَ إِفْرِيقِيَّةَ لِمُعَاوِيَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ: تُوُفِّيَ بِبُرْقَةَ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَيْهَا، رَأَيْتُ قَبْرَهُ بِبُرْقَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. "حرف الزَّايِ": 23- زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ -ق- بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سِنَانٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخَزْرَجِيِّ1. أَحَدُ بَنِي بَيَاضَةَ، شَهِدَ بَدْرًا وَالْعَقَبَةَ، وَكَانَ لَبِيبًا فَقِيهًا، وَلِيَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَضْرَمَوْتَ، وَلَهُ أَثَرٌ حَسَنٌ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ2. رَوَى عَنْهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ -وَمَاتَ قَبْلَهُ، وَعَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَرِوَايَتُهُ مُرْسَلَةٌ. وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ وَسَكَنَ مَكَّةَ ثُمَّ هَاجَرَ، فَهُوَ أَنْصَارِيٌّ مُهَاجِرِيٌّ. لَهُ حَدِيثٌ فِي ذِهَابِ الْعِلْمِ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ3. 24- زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ -ع- بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَوْذَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ عَوْفِ بْنِ غَنَمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ أَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو خَارِجَةَ الْأَنْصَارِيِّ النَّجَّارِيُّ الْمُقْرِئُ الْفَرَضِيُّ، كَاتِبُ الْوَحْيِ4. قُتِلَ أَبُوه يَوْمَ بُعَاثٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَقَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَزَيْدٌ صَبِيُّ ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَسْلَمَ وَتَعَلَّمَ الْخَطَّ الْعَرَبِيَّ وَالْخَطَّ الْعِبْرَانِيَّ، وَكَانَ فَطِنًا ذَكِيًّا إِمَامًا في القرآن إمامًا في الفرائض.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 598"، والجرح والتعديل "3/ 543"، وأسد الغابة "2/ 317"، والإصابة "1/ 558"، والمستدرك "3/ 590". 2 انظر: المعجم الكبير "5289" للطبراني. 3 طبقات خليفة "101". 4 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 358"، والجرح والتعديل "3/ 558"، أسد الغابة "2/ 221-223"، وتذكرة الحافظ "1/ 30"، الإصابة "1/ 561".

رَوَى: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعُرِض عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ خَارِجَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَعُبَيْدُ بْنُ السَّبَّاقِ، وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَطَاوُسٌ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ طَائِفَةٌ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: عَرَضَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَمَا بَعْدَهَا. وَكَانَ عُمَرُ إِذَا حَجَّ اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَهُوَ الَّذِي نَدَبَهُ عُثْمَانُ لِكِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى قِسْمَةَ غَنَائِمِ الْيَرْمُوكَ1. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَتَعَلَّمَ كِتَابَ يَهُودٍ، فَكُنْتُ أَقْرَأُ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ، وَلَمَّا قَدِمَ أَبِي بِي إِلَيْهِ فَقَالُوا: هَذَا غُلَامٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَقَدْ قَرَأَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْكَ بِضْعَ عَشْرَةَ سُورَةٍ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ وَقَالَ: "يَا زَيْدٌ تَعَلَّمَ لِي كِتَابَ يَهُودٍ، فإني والله ما آمنهم على كتابي" 2. قال: فَتَعَلَّمْتُهُ فَحَذقْتُهُ فِي نِصْفِ شَهْرٍ. وَعَنْ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نزل الْوَحِيُ بَعَثَ إِلَيَّ فَكَتَبْتُهُ3. وَقَالَ زَيْدٌ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ، قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَتَبَّعَ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ. فَقُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!. قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ الله صدري لذلك4.

_ 1 السير "2/ 427". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "13/ 161 تعليقا"، وأحمد "5/ 186"، وأبو داود "3645"، والترمذي "2716"، وابن سعد "2/ 358، 359" في طبقاته، والطبراني "4856" في الكبير، والحاكم "1/ 75" وصححه، وأقره الذهبي. 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "5/ 182"، والحاكم "3/ 422" وصححه، وأقره الذهبي، وابن سعد "2/ 358" في طبقاته، والطبراني "4928" في الكبير. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 8، 11"، وأحمد "5/ 188"، والطبراني "4901" في الكبير.

وقال أنس: جمع القرآن عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- أربعة كلهم من الأنصار: أبي، ومعاذ، وزيد بن ثابت، وَأَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ. وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْرَضُ أُمَّتِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ" 1. وَيُرْوَى عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ، وَأَفْتَاهُمْ أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ الْجَرَّاحُ" 2. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ. قُلْتُ: هُوَ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ، رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْلَمُهُمْ بِالْفَرَائِضِ زَيْدٌ" 3. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: غَلَبَ زَيْدٌ النَّاسَ عَلَى اثْنَتَيْنِ: عَلَى الْفَرَائِضِ وَالْقُرْآنِ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ: كَانَ أَهْلُ الْفَتْوَى مِنَ الصَّحَابَةِ: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو مُوسَى. وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ لَمَّا قَالَ قَائِلُ الْأَنْصَارِ: مِنْكُمْ أَمِيرٌ وَمِنَّا أَمِيرٌ، قَالَ: فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان من الْمُهَاجِرِينَ وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَزَاكُمُ اللَّهُ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ خَيْرًا وَثَبَّتَ قَائِلَكُمْ، لَوْ قُلْتُمْ غَيْرَ هَذَا مَا صَالَحْنَاكُمْ4. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: فَرَّقَ عُمَرُ الصَّحَابَةَ فِي الْبُلْدَانِ، وَحَبَسَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِالْمَدِينَةِ يُفْتِي أَهْلَهَا5. وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: مَا كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ يُقَدِّمَانِ أَحَدًا عَلَى زَيْدِ بن ثابت

_ 1 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "2/ 359" في طبقاته، وله شواهد. 2 حديث حسن: أخرجه الترمذي "3790"، و"3791"، وابن حبان "2218"، والحاكم "3/ 422"، وصححه، وأقره الذهبي. 3 انظر السابق. 4 خبر صحيح: أخرجه أحمد "5/ 122"، والطيالسي "2/ 169" في مسنده. 5 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "2/ 359" في طبقاته من رواية الواقدي.

فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَالْفَرَائِضِ وَالْقِرَاءَةِ. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَلَى الْقَضَاءِ وَفَرَضَ لَهُ رِزْقًا1. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَوْ هَلَكَ عُثْمَانُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ لَهَلَكَ عِلْمُ الْفَرَائِضِ، لَقَدْ أَتَى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ وما يعلمهما غَيْرَهُمَا2. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيِّ: النَّاسُ عَلَى قِرَاءَةِ زَيْدٍ وَفَرْضِ زَيْدٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَدِمَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَأَخَذَ لَهُ بِرِكَابِهِ فَقَالَ: تَنَحَّ يَا ابن عمّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّا هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِعُلَمَائِنَا وَكُبَرَائِنَا3. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ فِي أَهْلِهِ وَمِنْ أَزْمَتِهِمْ عِنْدَ الْقَوْمِ4. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: لَمَّا مَاتَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَاتَ حَبْرُ الْأُمَّةِ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ خَلَفًا5. الْأَنْصَارِيُّ: ثَنَا هِشَامُ بْنُ خَشَّانٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُرِيدُ الْجُمُعَةَ فَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ رَاجِعِينَ، فَدَخَلَ دَارًا، فَقِيلَ لَهُ: فَقَالَ: أَنَّهُ مَنْ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ النَّاسِ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ6. قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَخَلِيفَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلَّاسُ: سَنَةَ إِحْدَى وخمسين.

_ 1 الطبقات الكبرى "2/ 359". 2 خبر صحيح: أخرجه الدارمي "2/ 314" في سننه. 3 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "2/ 360"، والطبراني "4746" في الكبير، والحاكم "3/ 428". 4 أورده ابن بدران "5/ 453"، في تهذيب تاريخ دمشق. 5 إسناده منقطع: أخرجه ابن سعد "2/ 362" في طبقاته، والطبراني "4750" في الكبير. 6 السير "2/ 439".

وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ1. 25- زَيْدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ2، وَأُمُّهُ أُمُّ كلثوم بنت فاطمة الزهراء. قال عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: تُوُفِّيَ شَابًا وَلَمْ يُعَقِّبْ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَفَدْنَا مَعَ زَيْدِ بْنِ عُمَرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجْلَسَهُ عَلَى السَّرِيرِ، وهو يومئذ من جمل النَّاسِ، فَأَسْمَعَهُ بُسْرُ بْنُ أَبِي أَرْطَأَةَ كَلِمَةً، فَنَزَلَ إِلَيْهِ زَيْدٌ فَخَنَقَهُ حَتَّى صَرَعَهُ، وَبَرَكَ عَلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ لِمُعَاوِيَةَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ هَذَا عَنْ رَأْيِكَ وَأَنَا ابْنُ الْخَلِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا زَيْدٌ وَقَدْ تَشَعَّثَ رَأْسُهُ وَعِمَامَتُهُ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ، وَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَأَمَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَنَحْنُ عِشْرُونَ رَجُلًا3. يُقَالُ: أَصَابَهُ حَجَرٌ فِي خَرِبَةٍ لَيْلًا فَمَاتَ. "حرف السِّينِ": 26- سَالِمُ بْنُ عُمَيْرِ، بْنِ ثَابِتِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ4. أَحَدُ الْبَكَّائِينَ، شَهِدَ بَدْرًا وَالمَشَاهِدَ، وَبَقِيَ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ. 27- سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -م ت ن ق- بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ -وَقِيلَ: ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ- بْنِ حَطِيطِ بْنِ عَمْرٍو الثَّقَفِيُّ الطَّائِفِيُّ5. وَلِيَ الطَّائِفَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ له رسول الله

_ 1 السابق "2/ 441". 2 انظر: تاريخ الطبري "4/ 199"، والطبقات الكبرى "8/ 463"، والاستيعاب "1954" أسد الغابة "7/ 387"، الإصابة "4/ 492". 3 السير "3/ 502". 4 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 480"، وأسد الغابة "2/ 248"، والاستيعاب "2/ 69". 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 514"، الجرح والتعديل "4/ 218"، الاستيعاب "2/ 66"، وأسد الغابة "2/ 319"، الإصابة "2/ 54".

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ" 1. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَعَاصِمٌ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَاعِزٍ، وَآخَرُونَ. 28- سُفْيَانُ بْنُ مُجِيبٍ الْأَزْدِيُّ2. وَلِيَ بَعْلَبَكَّ لِمُعَاوِيَةَ، وَلَهُ صُحْبَةٌ. رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ حَجَّاجٍ الثُّمَالِيِّ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ مُجِيبٍ، وَكَانَ مِنْ قُدَمَاءِ الصَّحَابَةِ. 29- السَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ3 -د ن ق- صَيْفِيُّ بْنُ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ. مُخْتَلَفٌ فِي إِسْلَامِهِ، فَابْنُ إِسْحَاقَ يَقُولُ: قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا. ثُمَّ تَبعَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثُمَّ نَقَضَ الزُّبَيْرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ، وَالظَّاهِرُ إِسْلَامُهُ وَبَقَاؤُهُ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَأَنَّهُ هُوَ شَرِيكُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ. وَفِي السُّنَنِ حَدِيثٌ لِمُجَاهِدٍ، عَنْ قَائِدٍ السَّائِبِ، عَنِ السَّائِبِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. وَرَوَى الزُّبَيْرُ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ كَعْبٍ مَوْلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ طَافَ فِي خِلَافَتِهِ بِالْبَيْتِ فِي جُنْدِهِ، فَزَحَمُوا السَّائِبَ بْنَ صَيْفِيِّ بْنِ عَائِذٍ فَوَقَعَ. فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُعَاوِيَةَ، تَصْرَعُونَنَا حَوْلَ الْبَيْتِ! أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ أُمُّكَ. قَالَ: لَيْتَكَ فَعَلْتَ، فَجَاءَتْ بِمِثْلِ وَلَدِكَ أَبِي السَّائِبِ. وَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ السَّائِبَ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَأَنَّهُ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ مَنْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ. وقد اختلف في اسم شريك النبي

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "38"، وأحمد "3/ 413"، "4/ 384"، والترمذي "2522"، وابن ماجه "3972"، وابن حبان "3543". 2 انظر: أسد الغابة "2/ 321"، والإصابة "2/ 57"، والكامل "2/ 431" في التاريخ. 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 242"، وأسد الغابة "2/ 253"، والإصابة "2/ 10". 4 حديث حسن: أخرجه أحمد "3/ 425"، وأبو داود "4815"، وابن ماجه "2287"، والنسائي "312" في عمل اليوم والليلة، والطبراني "6618"، "6619" في الكبير.

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَقْوَالٍ، فَقِيلَ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَلَدُ السَّائِبِ هَذَا1. 30- سَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ، بْنُ وَقْشٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَشْهَلِيُّ، أَبُو عَوْفٍ2. مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، كَانَ أَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْعَقَبَتَيْنِ، وَعَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ. رَوَى عَنْهُ مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ فِي مُسنَدِ أَحْمَدَ. 31- سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثَمَةَ -ع- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ الْمَدَنِيُّ3. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ دَلِيلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ أُحُدٍ، وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا سِوَى بَدْرٍ، حدثني بذلك رجل من ولده. وأما الْوَاقِدِيُّ قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَهَذَا غَلَطٌ. رَوَى عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَبُو لَيْلَى الْأَنْصَارِيَّانِ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ، وَابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَصَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ، وَبَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَآخَرُونَ. أَظُنُّهُ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ مُرْسَلَةٌ، وَفِي اسْمِ أَبِيهِ أَقْوَالٌ. 32- سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةَ -د ت- وَهِيَ أُمُّهُ، وَاسْمُ أَبِيهِ عَمْرُو -وَيُقَالُ: الرَّبِيعُ- بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ4. شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْهُ: بِشْرُ أَبُو قَيْسٍ التَّغْلِبِيُّ، وَأَبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ. وَكَانَ رَجُلًا متوحدًا ما

_ 1 الاستيعاب "2/ 102". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 68، 69"، وتاريخ الطبري "2/ 459"، والجرح والتعديل "4/ 161"، وأسد الغابة "2/ 336"، والإصابة "2/ 66". 3 انظر: التاريخ الكبير "4/ 97"، والاستيعاب "2/ 97"، وتاريخ الطبري "2/ 401"، والإصابة "2/ 86". 4 انظر: التاريخ الكبير "4/ 98"، والطبقات الكبرى "7/ 401"، والجرح والتعديل "4/ 195"، والاستيعاب "2/ 95"، والإصابة "2/ 86".

يُجَالِسُ أَحَدًا، إِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةٍ، فَإِذَا انْصَرَفَ إِنَّمَا هُوَ فِي تَسْبِيحٍ وَذِكْرٍ، وَشَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ، وَسَكَنَ الشَّامَ، وَتُوُفِّيَ فِي صَدْرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ. "حرف الصَّادِ": 33- صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ -م4- بْنِ خَلَفٍ، أَبُو وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ الْمَكِّيُّ1. قُتِلَ أَبُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَسْلَمَ هُوَ يَوْمَ الْفَتْحِ بَلْ بَعْدَهُ، وَكَانَ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، ثُمَّ شَهِدَ الْيَرْمُوكَ أَمِيرًا عَلَى كُرْدُوسٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أُمَيَّةَ، وَابْنُ أَخِيهِ حُمَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحارث بن نوفل، وطاووس. وَشَهِدَ حُنَيْنًا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ بَعْدُ، وَأَعَارَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِلَاحًا وَأَدْرُعًا يَوْمَئِذٍ2. وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا كَثِيرَ الْمَالِ، وَرَدَ أَنَّهُ مَلَكَ قِنْطَارًا مِنَ الذَّهَبِ. يُقَالُ: أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَقْطَعَهُ زُقَاقَ صَفْوَانَ. وَعَن أَبِي حُصَيْنٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ: اسْتَقْرَضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ خَمْسِينَ أَلْفًا فَأَقْرَضَهُ3. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ: مَاتَ صَفْوَانُ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ4. 34- صَفِيَّةُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -ع- بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ بْنِ سَعْيَةَ، مِنْ سِبْطِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، ثُمَّ مِنْ وَلَدِ هَارُونَ أَخِي مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامِ. تَزَوَّجَهَا سَلَّامٌ الْيَهُودِيُّ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا كِنَانَةُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَكَانَا من شعراء

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 449"، والتاريخ الكبير "4/ 304"، والجرح والتعديل "4/ 421"، وأسد الغابة "3/ 23"، الإصابة "5/ 145"، السير "2/ 563". 2 حديث صحيح: أخرجه أحمد "3/ 401"، "6/ 465"، وأبو داود "3562"، والحاكم "2/ 47، 48" وصححه، وأقره الذهبي، والبيهقي "6/ 89" في سننه الكبرى. 3 إسناده ضعيف: من رواية الواقدي كما في السير "2/ 566". 4 تاريخ خليفة "205"، والسير "2/ 567".

اليهود، ثم قتل كنانة ثوم خَيْبَرَ، فَسَبَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ خَيْبَرَ، وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا1. رَوَى عَنْهَا: عَلَيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، وَمَوْلَاهَا كِنَانَةُ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رُوِينَا أَنَّ جَارِيَةً لِصَفِيَّةَ أَتَتْ عُمَرَ، فَقَالَتْ: إِنَّ صَفِيَّةَ تُحِبُّ السَّبْتَ وَتَصِلَ الْيَهُودَ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا عُمَرَ فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ: أَمَّا السَّبْتُ فَلَمْ أُحِبُّهُ مُنْذُ أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهِ الْجُمُعَةَ، وَأَمَّا الْيَهُودُ فَإِنَّ لِي فِيهِمْ رَحِمًا، فَأَنَا أَصِلُهَا، ثُمَّ قَالَتْ لِلْجَارِيَةِ: مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟ -قَالَتْ: الشَّيْطَانُ، قَالَتْ: فَاذْهَبِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ2. وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ هَاشِمِ بْنِ سَعِيدٍ الْكُوفِيِّ، حَدَّثَنَا كِنَانَةُ، حَدَّثَتْنَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ كَلَامٌ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: "أَلَا قُلْتِ: وَكَيْفَ تَكُونَانِ خَيْرًا مِنِّي وَزَوْجِي مُحَمَّدٌ، وَأَبِي هَارُونُ، وَعَمِّي مُوسَى" 3. وَكَانَ بَلَغَهَا أَنَّهُمَا قَالَتَا: نَحْنُ أَكْرَمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنْهَا، نَحْنُ أَزْوَاجُهُ، وَبَنَاتُ عَمِّهِ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: حَدَّثَتْنِي سُمَيَّةُ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَجَّ بِنِسَائِهِ، فَبَرَكَ بِصَفِيَّةَ جَمَلُهَا، فَبَكَتْ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمّا أَخْبَرُوهُ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ دُمُوعَهَا بِيَدِهِ، وَهِيَ تَبْكِي، وَهُوَ يَنْهَاهَا، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّاسِ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الرَّوَاحِ قَالَ لِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: "افْقِرِي أُخْتَكِ جَمَلًا" -وَكَانَتْ مِنَ أَكْثَرَهُنَّ ظَهْرًا- فَقَالَتْ: أَنَا أُفْقِرُ يَهُودِيَّتَكَ4، فَغَضِبَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُكَلِّمْهَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمُحَرَّمَ وَصَفَرَ، فَلَمْ يَأْتِهَا، وَلَمْ يُقْسِمْ لَهَا، وَيَئِسَتْ مِنْهُ، فَلَمَّا كَانَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَصْنَعُ؟ قال: وكان لها جارية تخبئها من رسول

_ 1 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "7/ 360"، "9/ 111"، وَمُسْلِمٌ "1365"، وَأَبُو داود "2054"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1115"، وَالنَّسَائِيُّ "6/ 114"، وأحمد "3/ 123، 246". 2 الاستيعاب "4/ 348". 3 حديث صحيح لغيره: أخرجه الترمذي "3892"، والحاكم "4/ 29"، وفيه هاشم بن سعيد الكوفي من الضعفاء، وله شاهد من حديث أنس، أخرجه أحمد "3/ 135" والترمذي "3894". 4 تقصد بذلك صفية -رضي الله عنها- وأرضاها.

اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَتْ: فُلَانَةٌ لَكَ. قَالَ: فَمَشَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى سَرِيرِهَا، وَكَانَ قَدْ رُفِعَ، فَوَضَعَهُ بِيَدِهِ، وَرَضِيَ عَنْ أَهْلِهِ1. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَشْقَرُ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ مِنْ نِسَائِكَ أَحَدٌ إِلَّا وَلَهَا عَشِيرَةٌ، فَإِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ فَإِلَى مَنْ أَلْجَأُ قَالَ: "إِلَى عَلِيٍّ"2. مَالِكٌ مَجْهُولٌ، وَالْحَدِيثُ غَرِيبٌ. وَكَانَتْ مِنْ عُقَلَاءِ النِّسَاءِ، تُوُفِّيَتْ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ. "حرف الضَّادِ": 35- ضُبَاعَةُ بِنْتُ الزُّبَيْرِ -د ن ق- بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيَّةَ3، بِنْتُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَوْجَةُ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ. رَوَى عَنْهَا: زَوْجُهَا، وَبِنْتُهَا كَرِيمَةُ بِنْتُ الْمِقْدَادِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّب، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالْأَعْرَجُ4. "حرف الْعَيْنِ": 36- عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ -ن- بْنِ الْجَدِّ بْنِ الْعَجْلَانِ الْبَلَوِيُّ، أَبُو عَمْرٍو، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ5. حَلِيفُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، رَدَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَدْرٍ إِلَى مَسْجِدِ الضِّرَارِ لِشَيْءٍ بَلَغَهُ عَنْهُمْ، وَضَرَبَ بِهِ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ. وَطَالَ عُمْرُهُ، وَكَانَ سيد بني العجلان.

_ 1 حديث حسن: أخرجه أحمد "6/ 337، 338"، وابن سعد "8/ 126، 127" في الطبقات الكبرى. 2 حديث ضعيف جدا: أخرجه البخاري في التاريخ الكبير "7/ 311" وقال: لا يعرف مالك إلا بهذا الحديث الواحد، ولم يتابع عليه، قلت: فيه حسين الأشقر، وهو في عداد المتروكين. 3 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 46"، والاستيعاب "4/ 352"، وأسد الغابة "5/ 495"، والسير "2/ 274". 4 السير "2/ 275". 5 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 466"، والاستيعاب "3/ 134"، والجرح والتعديل "6/ 345"، والإصابة "2/ 246"، وأسد الغابة "3/ 75".

رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ أَبُو الْبَدَّاحِ حَدِيثًا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ1. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الرَّوْحَاءِ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْعَالِيَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ. وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ مِائَةٌ وَخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةٍ. كَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي سِنِّهِ. 37- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَنِيسٍ -م4- الْجُهَنِيُّ ثُمَّ الْأَنْصَارِيُّ، حَلِيفُ الأنصار الأنصار2. شهد العقبة، وبدر لَمْ يَشْهَدْهَا، بَلْ شَهِدَ أُحُدًا. كُنْيَتُهُ أَبُو يَحْيَى، وَقِيلَ: يُقَالُ لَهُ: الْجُهَنِيُّ، وَلَيْسَ بِجُهَنِيٍّ بَلْ ذَلِكَ لَقَبٌ لَهُ، وَهُوَ مِنْ قُضَاعَةَ. رَوَى أَنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَفَعَ إِلَيْهِ مِخْصَرَةً كَانَ يَتَخَصَّرُ بِهَا3، وَهُوَ الَّذِي رَحَلَ إِلَيْهِ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى مِصْرَ، وَسَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَ الْقِصَاصِ. تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ، وَسَيُعَادُ. 38- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ -ع- بْنِ الْحَارِثِ، أَبُو يُوسُفَ الْإِسْرَائِيلِيُّ4 النَّسَبِ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ. أَسْلَمَ عِنْدَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، وَكَانَ اسْمُهُ الْحُصَيْنَ فَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ. حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَنْبَأَ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتى بقصعة فقال: "يجيء رَجُلٌ مِنْ هَذَا الْفَجِّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَأْكُلُ هَذِهِ الْفَضْلَةَ" 5، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَأَكَلَهَا. رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَفَّانَ، عَنْهُ. رَوَى عَنْهُ: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَقَاضِي الْبَصْرَةِ، وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، وَأَبُو سعيد

_ 1 حديث صحيح: أخرجه النسائي "5/ 273"، وابن سعد "3/ 466" في طبقاته. 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 1" والاستيعاب "2/ 258"، الحلية "2/ 5، 6"، أسد الغابة "3/ 119"، الإصابة "2/ 278". 3 حديث ضعيف: أخرجه الطبري "3/ 156، 157". 4 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 352"، والتاريخ الكبير "5/ 18"، والجرح والتعديل "5/ 62"، أسد الغابة "3/ 264"، والاستيعاب "3/ 921"، الإصابة "6/ 108". 5 حديث حسن: أخرجه أحمد "1/ 169، 183"، والحاكم "3/ 466" فيه ابن بهدلة، وهو صدوق.

الْمَقْبُرِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، وَابْنَاهُ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ، وَجَمَاعَةٌ. وَشَهِدَ فَتَحَ بَيْتِ المقدس مع عمر. وقيل: إنه من ذرية يوسف -عليه السلام، وحلفه في القوافل1، وَكَانَ مِنَ الْأَحْبَارِ. تَقَدَّمَ خَبَرُ إِسْلَامِهِ فِي التَّرْجَمَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَنَّ الْيَهُودَ شَهِدُوا فِيهِ أَنَّهُ عَالِمُهُمْ وَابْنُ عَالِمِهِمْ. وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لِأَحَدٍ: "مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ: إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ. وَقَالَ سَعْدٌ: فِيهِ نَزَلَتْ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10] . وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَأَى رُؤْيَا، فَقَصَّهَا على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال لَهُ: "تَمُوتُ وَأَنْتَ مُسْتَمْسِكٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى" 2. وَثَبَتَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمِيرَةَ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ مُعَاذٌ قِيلَ: أَوْصِنَا، قَالَ: أَجْلِسُونِي، ثُمّ قَالَ: إن العلم وَالْإِيمَانَ مَكَانُهُمَا، مَنِ ابْتَغَاهُمَا وَجَدَهُمَا، فَالْتَمِسُوا الْعِلْمَ عَنْ أَرْبَعَةٍ: عِنْدَ عُوَيْمِرٍ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعِنْدَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ الَّذِي كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّهُ عَاشِرُ عَشْرَةٍ فِي الْجَنَّةِ" 3. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ، رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ رَفِيعٍ، عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهْنِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمِيرَةَ. اتَّفَقُوا عَلَى وَفَاتِهِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ. 39- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الْقَيْنِيُّ4. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ، ولا تحفظ له رواية.

_ 1 القوافل: إحدى قبائل الأنصار. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "12/ 353". 3 حديث حسن: أخرجه الترمذي "3804"، والبخاري في تاريخه الصغير "1/ 73"، والحاكم "3/ 416" وصححه، وأقره الذهبي. 4 الإصابة "2/ 361".

40- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، بْنِ الْمُغِيرَةَ الْمَخْزُومِيُّ1. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَآهُ، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ مَعَ أَبِيهِ، وَسَكَنَ حِمْصَ. وَكَانَ أَحَدُ الْأَبْطَالِ كَأَبِيهِ، وَكَانَ مَعَهُ لِوَاءُ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ صِفِّينَ. وَكَانَ يَسْتَعْمِلُهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى غَزْوِ الرُّومِ. وَكَانَ شَرِيفًا شُجَاعًا مُمَدَّحًا2. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ سَيْفٌ: كَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكَ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةٍ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ عَلَى كُرْدُوسٍ3. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلِيَ إِمْرَةَ حِمْصٍ مُدَّةً وَكَانَ مَشْكُورَ السِّيرَةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سمرة، بْنِ حَبِيبِ بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد مَناف بْن قُصَيٍّ، أَبُو سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ الْعَبْشَمِيُّ4. هَكَذَا نَسَبَهُ ابْنُ الْكَلْبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَزَادَ فِي نَسَبِهِ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، وَابْنُ أَخِيهِ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بَعْدَ حَبِيبٍ: رَبِيعَةٌ. أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ" 5. وَغَزَا سِجِسْتَانَ أَمِيرًا كَمَا مَضَى. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بن المسيب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وَحَيَّانُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَخُوهُ سَعِيدٌ. وَيُرْوَى أَنَّ اسْمَهُ كَانَ: عَبْدَ كَلَالٍ، فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم6.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 229"، والتاريخ الكبير "5/ 177"، والإصابة "3/ 67، 68". 2 نسب قريش "325". 3 رأس كتيبة. 4 انظر: التاريخ الكبير "5/ 242"، والجرح والتعديل "5/ 238"، وأسد الغابة "3/ 454"، والإصابة "2/ 400". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "13/ 110"، ومسلم "1652"، وأحمد "5/ 63"، وأبو داود "3277"، والترمذي "1529"، والنسائي "7/ 10". 6 السير "2/ 572".

تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ بِالْبَصْرَةِ، وَيُقَالُ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ. 42- عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ السَّلَمِيُّ، -ن- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ1. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ قَوْمِهِ. نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَرَوَى عَنْهُ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. 43- عُتْبَةُ بْنُ أبي سفيان، صخر بن حرب بن أمية الْأُمَوِيُّ2. شَهِدَ يَوْمَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ، وَدَارُهُ بِدِمَشْقَ بِدَرْبِ الْحَبَّالِينَ. وَلِيَ الْمَدِينَةَ وَإِمْرَةَ الْحَجِّ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَحَكَى عَنْهُ ابْنُهُ الْوَلِيدُ أَنَّهُ شَهِدَ الْجَمَلَ مَعَ عَائِشَةَ، ثُمَّ نَجَا وَلَحِقَ بِأَخِيهِ، وَذَهَبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَئِذٍ. وَوَلِيَ مِصْرَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، وَكَانَ فَصِيحًا مُفَوَّهًا. تُوُفِّيَ بِثُغْرَ الإسكندرية فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَهُوَ أَخُو مُعَاوِيَةَ لِأَبِيهِ. 44- عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفِ، -د ن ق- ابن وَاهِبٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ3. لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَّاهُ عُمَرُ السَّوَادَ، وَتَوَلَّى مِسَاحَتَهُ بِأَمْرِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، وَعِمَارَةُ بْنُ خُرَيْمِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَكَانَ أَمِيرًا شَرِيفًا. شُعَيْبُ بْنُ أَبِي ضَمْرَةَ، مِمَّا رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ بِشْرٌ، عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ نَوْفَلَ بْنِ مُسَاحِقٍ قَالَ: انْتَجَى عُمَرُ وَعُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَالنَّاسُ مُحِيطُونَ بِهِمَا، فَلَمْ يَزَالَا يَتَجَادَلَانِ فِي الرَّأْيِ حَتَّى أَغْضَبَ عُثْمَانُ عُمَرَ، فَقَبَضَ مِنْ حَصْبَاءِ الْمَسْجِدِ قَبْضَةً ضَرَبَ بِهَا وَجْهَ عُثْمَانَ، فَشَجَّ الْحَصَى بِجَبْهَتِهِ آثَارًا مِنْ شِجَاجٍ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ كَثْرَةَ تَسَرُّبِ الدَّمِ عَلَى لِحْيَتِهِ قَالَ: امْسَحْ عَنْكَ الدَّمَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَهُولَنَّكَ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَنْتَهِكُ مَا وَلَّيْتَنِي أَمْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ أَكْثَرَ مِمَّا انْتَهَكْتَ مِنِّي، فَأُعْجِبَ بِهَا عُمَرُ مِنْ رَأْيِهِ وحلمه وزاد به عنده خيرًا4.

_ 1 انظر: التاريخ الكبير "6/ 521"، والجرح والتعديل "6/ 373"، والإصابة "2/ 455"، والاستيعاب "3/ 119". 2 انظر: الاستيعاب "3/ 121"، وجمهرة أنساب العرب "ص/ 111، 112". 3 انظر: التاريخ الكبير "1/ 209"، والجرح والتعديل "6/ 146"، الاستيعاب "3/ 1033"، وأسد الغابة "3/ 577"، الإصابة "6/ 386". 4 إسناده حسن.

45- عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ -م د- بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ الْحَجَبِيُّ1. حَاجِبُ الْكَعْبَةِ، هَاجَرَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَخَالِدٍ ثُمَّ سَكَنَ مَكَّةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عُمَرَ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ عَمِّهِ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ، وَغَيْرُهُمْ. وَدَفَعَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ يَوْمَ الْفَتْحِ2. وَقَالَ عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ عَنْ رَجُلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى الْمِفْتَاحَ شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ عَامَ الْفَتْحِ وَقَالَ: "دُونَكَ هَذَا فَأَنْتَ أَمِينُ اللَّهِ عَلَى بَيْتِهِ"3. قُلْتُ: شَيْبَةُ أَسْلَمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَّاهُ الْحِجَابَةَ لَمَّا اعْتَمَرَ مِنَ الْجِعِرَّانَةَ مُشَارِكًا لِعُثْمَانَ هَذَا فِي الْحِجَابَةِ، فَإِنَّ شَيْبَةَ كَانَ حَاجِبَ الْكَعْبَةِ يَوْمَ قَالَ لَهُ عُمَرُ: أُرِيدُ أَنْ أُقَسِّمَ مَالَ الْكَعْبَةِ، كَمَا فِي الْبُخَارِيُّ4. فَعَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُسَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْكَعْبَةَ يُصَلِّي، فَإِذَا فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَقَالَ: "يَا شَيْبَةُ اكْفِنِي هَذِهِ"5، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: طَيِّنْهَا ثُمَّ الْطَخْهَا بِزَعْفَرَانَ، فَفَعَلَ. وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ: أَخْبَرَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْكَعْبَةِ أَمَرَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ أَنْ يُغَيِّبَ قَرْنَيِ الْكَبْشِ -يَعْنِي كَبْشَ إِسْمَاعِيلَ- وَقَالَ: "لَا يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ يَشْغَلُهُ" 6. قتل طلحة يوم أحد مشركًا.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 448"، والجرح والتعديل "6/ 155"، وأسد الغابة "3/ 372"، والإصابة "5442". 2 حديث حسن: أخرجه ابن سعد "2/ 136"، والطبراني "8395" في الكبير، وله شاهد عند البخاري "8/ 15". 3 حديث ضعيف: فيه انقطاع، وجهالة أحد الرواة. 4 صحيح البخاري "8/ 15". 5 حديث ضعيف: وأخرجه الطبراني "7/ 359" في الكبير، وانظر المجمع "3/ 295". 6 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 68"، "5/ 380"، وأبو داود "2030"، والحميدي "565"، والطبراني "8396" في الكبير.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمِّلِ الْمَخْزُومِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خُذُوهَا يَا بَنِي أَبِي طَلْحَةَ خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ" 1 -يَعْنِي الْحِجَابَةَ. قَالَ مُصْعَبٌ: قُتِلَ بِأَجْنَادِينَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ. 46- عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبِ -ن ق- بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ، أَبُو يَزِيدَ، وَيُقَالُ: أَبُو عِيسَى2، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ جَعْفَرٍ، وَعَلِيٍّ. أَسْلَمَ وَشَهِدَ غَزْوَةَ مُؤَتَةَ، وَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَحَفِيدُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُوسَى بْنُ طَلْحَةَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَكْرَمَهُ، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ عَلِيٍّ بِعِشْرِينَ سَنَةٍ، وَعَاشَ بَعْدَهُ مُدَّةً، وَكَانَ عَلَّامَةً بِالنَّسَبِ وَأَيَّامَ الْعَرَبِ3. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ عَقِيلُ مِمَّنْ أُخْرِجَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَرْهًا إِلَى بَدْرٍ، فَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ لَا مَالَ لَهُ، فَفَدَاهُ الْعَبَّاسُ. ثُمَّ هَاجَرَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ بَعْدَ شُهُودِهِ غَزْوَةَ مُؤَتَةَ، فَلَمْ نَسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ فِي الْفَتْحِ وَلَا مَا بَعْدَهَا، وَقَدْ أَطْعَمَهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخَيْبَرَ كُلَّ سَنَةٍ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ وَسْقًا4. وَعَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أُعْطِيَ لِكُلِّ نَبِيٍّ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ، وَأُعْطِيتُ أَنَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ"5، فَذَكَرَ مِنْهُم عَقِيلًا.

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير"، و"الأوسط" كما في المجمع "3/ 285"، وفيه ابن المؤمل، وهو من الضعفاء. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 42"، التاريخ الكبير "7/ 50"، الجرح والتعديل "6/ 218"، أسد الغابة "3/ 422"، الإصابة "2/ 494". 3 السير "3/ 99". 4 السير "3/ 99". 5 حديث منكر: وأخرجه الطبراني "6/ 264" في الكبير، وابن الجوزي "1/ 281" في العلل المتناهية.

وَرُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ مُرْسَلَةٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَقِيلٍ: "يَا أَبَا يَزِيدَ إِنِّي أُحِبُّكَ حُبَّيْنِ، حُبًّا لِقَرَابَتِكَ مِنِّي، وَحُبًّا لِحُبِّ أَبِي طَالِبٍ إِيَّاكَ"1. وَعَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، أَنَّ عَلِيًّا دَخَلَ عَلَيْهِ عَقِيلٌ وَمَعَهُ كَبْشٌ فَقَالَ: إِنَّ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ أَحْمَقٌ، فَقَالَ عَقِيلٌ: أَمَّا أَنَا وَكَبْشِي فلا. وقال عطاء: رَأَيْتُ عَقِيلًا شَيْخًا كَبِيرًا يُقِلُّ غَرْبَ زَمْزَمَ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: أَتَى عَقِيلٌ عَلِيًّا بِالْعِرَاقِ لِيُعْطِيَهُ، فَأَبَى، فَقَالَ: أَذْهَبُ إِلَى مَنْ هُوَ أَوْصَلُ مِنْكَ، فَذَهَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَعَرَفَ لَهُ مُعَاوِيَةَ قُدُومَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا عَقِيلٌ وَعَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ، فَقَالَ: هَذَا مُعَاوِيَةُ وَعَمَّتُهُ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ2. وَقَالَ غَسَّانُ بْنُ مُضَرٍ: ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، ثَنَا حُميَدُ بْنُ هِلَالٍ، أَنَّ عَقيلًا سَأَلَ عَلِيًّا فَقَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ وَفَقِيرٌ. فَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى يَخْرُجَ عَطَائِي، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ. فَقَالَ لِرَجُلٍ: خُذْ بِيَدِهِ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْحَوَانِيتِ، فَقُلْ: دُقَّ الْأَقْفَالِ وَخُذْ مَا فِي الْحَوَانِيتِ. فَقَالَ: تُرِيدُ أَنْ تَتَّخِذَنِي سَارِقًا!. قَالَ: وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَتَّخِذَنِي سَارِقًا وَأُعْطِيَكَ أَمْوَالَ النَّاسِ. قَالَ: لَآتِيَنَّ مُعَاوِيَةَ. قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ، فَأَتَى مُعَاوِيَةَ، فَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفٍ، ثُمَّ قَالَ: اصْعَدْ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاذْكُرْ مَا أَوْلَاكَ عَلَيٌّ وَمَا أَوْلَيْتُكَ، قَالَ: فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أُخْبِرُكُمْ أَنِّي أَرَدْتُ عَلِيًّا عَلَى دِينِهِ، فَاخْتَارَ دِينَهُ عَلَيَّ، وَأَرَدْتُ مُعَاوِيَة عَلَى دِينِهِ فَاخْتَارَنِي عَلَى دِينِهِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا الَّذِي تَزْعُمُ قُرَيْشٌ أَنَّهُ أَحْمَقَ!! 3. تُوُفِّيَ عَقِيلٌ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ. 47- عِمَارَةُ بْنُ حَزْمِ، بْنِ زَيْدِ بْنِ لَوْذَانَ الْأَنْصَارِيُّ النَجَّارِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ4. أَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا، ذَهَبَ بَصَرُهُ، وَبَقِيَ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 44" في طبقاته. 2 خبر ضعيف: إسناده منقطع. 3 إسناد حسن: وأورده ابن الأثير "3/ 423" في أسد الغابة. 4 انظر: التاريخ الكبير "6/ 494"، الطبقات الكبرى "3/ 486"، الجرح والتعديل "6/ 364"، أسد الغابة "4/ 48"، الإصابة "2/ 513".

48- عمرو بن أمية، بن خُوَيْلِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِيَاسٍ، أَبُو أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ1. أَسْلَمَ بَعْدَ أُحُدٍ، وَشَهِدَ بِئْرَ مَعُونَةٍ وَمَا بَعْدَهَا، وَكَانَ مِنْ أُولِي النَّجْدَةِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْإِقْدَامِ، وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً وَحْدَهُ. وَبَعَثَهُ بِكِتَابِهِ إِلَى النَّجَاشِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ جَعْفَرُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ أَخِيهِ الزِّبْرِقَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَأَبُو قِلَابَةَ الْجَرْمِيُّ. وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، وَشَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَبَقِيَ إِلَى أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ. 49- عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ -ن ق- الْخُزَاعِيِّ2. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَبَايَعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَسَمِعَ مِنْهُ. رَوَى عَنْهُ: رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرّ الْمَعَافِرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أحد الرؤوس الَّذِينَ سَارُوا إِلَى عُثْمَانَ، وَقَتَلَهُ ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ بِالْجَزِيرَةِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ يَوْم صِفِّينَ عَلَى خُزَاعَةَ مَعَ عَلِيٍّ. وَعَنِ الشَّعْبِيُّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ زِيَادٌ الْكُوفَةَ أَثَارَهُ عِمَارَةُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ فَقَالَ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ، فَسَيِّرْ إِلَيْهِ يَقُولُ: مَا هَذِهِ الزُّرَافَاتِ3 الَّتِي تَجْتَمِعُ عِنْدَكَ! مَنْ أَرَادَكَ أَوْ أَرَدْتَ كَلَامَهُ فَفِي الْمَسْجِدِ. وَعَنْهُ قَالَ: تَطَلَّبَ زِيَادٌ رُؤَسَاءَ أَصْحَابِ حُجْرٍ، فَخَرَجَ عَمْرُو إِلَى الْمَوْصِلِ هُوَ وَرِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، فَكَمُنَا فِي جَلٍّ، فَبَلَغَ عَامِلُ ذَلِكَ الرِّسْتَاقِ، فَاسْتَنْكَرَ شَأْنَهُمَا، فَسَارَ إِلَيْهِمَا فِي الْخَيْلِ، فَأَمَّا عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ فَكَانَ مَرِيضًا، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ امْتِنَاعٌ، وَأَمَّا رِفَاعَةُ فَكَانَ شَابًا، فَرَكِبَ وَحَمَلَ عَلَيْهِمْ، فَأَفْرَجُوا لَهُ، ثُمَّ طَلَبَتْهُ الْخَيْلُ، وَكَانَ رَامِيًا فَرَمَاهُمْ فَانْصَرَفُوا، وَبَعَثُوا بِعَمْرٍو إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أم الحكم أمير الموصل، فكتب

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 248"، الجرح والتعديل "6/ 220"، الاستيعاب "1162"، أسد الغابة 4/ 86". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 25"، والتاريخ الكبير "6/ 313"، والاستيعاب "2/ 523"، والجرح والتعديل "6/ 225"، أسد الغابة "4/ 100، 101". 3 الزرافات: الجماعات.

فِيهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ طَعَنَ عُثْمَانَ تِسْعَ طَعْنَاتٍ بِمَشَاقِصَ1، وَنَحْنُ لَا نَتَعَدَّى عَلَيْهِ فَاطْعَنْهُ كَذَلِكَ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَمَاتَ فِي الثَّانِيَةِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ هُنَيْدَةَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ: أَوَّلُ رَأْسٍ أُهْدِيَ فِي الْإِسْلَامِ رَأْسُ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ2. وَقَالَ عَمَّارُ الدُّهْنِيُّ: أَوَّلُ رَأْسٍ نُقِلَ رَأْسُ ابْنُ الْحَمِقِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لُدِغَ فَمَاتَ، فَخَشِيَتِ الرسل أن تتهم به، فحزوا رَأْسَهُ وَحَمَلُوهُ. وَقُلْتُ: هَذَا أَصَحُّ مِمَّا مَرَّ، فَإِنَّ ذَاكَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ هَلْ قُتِلَ أَوْ لُدِغَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: قُتِلَ سَنَةَ خَمْسِينَ. 50- عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ -ع- بن وائل بن هاشم بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصٍ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، أبو عبد الله، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ السَّهْمِيُّ3. أَسْلَمَ فِي الْمَدِينَةِ وَهَاجَرَ، وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى جَيْشِ غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، وَفِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، لِخِبْرَتِهِ بِمَكِيدَةِ الْحَرْبِ. ثُمَّ وَلِيَ الْإِمْرَةَ فِي غَزْوَةِ الشَّامِ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. ثُمَّ افْتَتَحَ مِصْرَ وَوَلِيَهَا لِعُمَرَ. وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُمَاسَةَ، وَآخَرُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَسْلَمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَأَمَّرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى سَرِيَّةٍ نَحْوَ الشَّامِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ فِيمَا ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ إِلَى السَّلَاسِلِ، ثُمَّ أَمَدَّهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِائَتَيْ فَارِسٍ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ وَلِيَ مِصْرَ لِمُعَاوِيَةَ، وَمَاتَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ سَنَةَ ثلاث وأربعين على الأصح، فصلى ابنه

_ 1 المشاقص: سلاح صغير في حجم الخنجر ونحوه. 2 حسن لغيره: وانظر: أسد الغابة "4/ 100". 3 انظر: التاريخ الكبير "6/ 303، 304"، وتاريخ الطبري "4/ 558"، وأسد الغابة "4/ 115-118"، الإصابة "5884".

عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى النَّاسُ صَلَاةَ الْعِيدِ، ثُمَّ وَلِيَ مِصْرَ بَعْدَهُ عُتْبَةُ أَخُو مُعَاوِيَةَ، فَبَقِيَ سَنَةً وَمَاتَ، فَوَلِيَ مِصْرَ مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ، انْتَهَى. وَقَدِمَ عَمْرُو دِمَشْقَ رَسُولًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ إِلَى هِرَقْلَ، وَلَهُ بِدِمَشْقٍ دَارٌ عِنْدَ سَقِيفَةِ كُرْدُوسٍ، وَدَارٌ عِنْدَ بَابِ الْجَابِيَةِ، تُعْرَفُ بِبَنِي حُجَيْجَةَ، وَدَارٌ عِنْدَ عَيْنِ الْحِمَى. وَأُمُّهُ عَنَزِيَةٌ، وَكَانَ قَصِيرًا يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابْنَا الْعَاصِ مُؤْمِنَانِ، هِشَامٌ وَعَمْرٌو" 1. ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أسلم النَّاسُ، وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ"2. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ صَالِحِي قُرَيْشٍ"3. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ. وَقَالَ ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب: أَخْبَرَنِي سُوَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سُمَيٍّ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ يَغْفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي، قَالَ: "إِنَّ الْإِسْلَامَ وَالْهِجْرَةَ يَجُبَّانِ مَا كَانَ قَبْلَهُمَا " 4، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا مَلَأْتُ عَيْنِيَ مِنْهُ وَلَا رَاجَعْتُهُ بِمَا أُرِيدُ، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ حَيَاءً مِنْهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: قَالَ رَجُلٌ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُحِبُّهُ، أَلَيْسَ رَجُلًا صَالِحًا؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: قَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُحِبُّكَ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَكَ، قَالَ: بَلَى، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَحُبًّا كَانَ لِي مِنْهُ، أَوِ اسْتِعَانَةً بِي، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ بِرَجُلَيْنِ مَاتَ وَهُوَ يُحِبُّهُمَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ. فَقَالَ الرَّجُلُ: ذَاكَ قَتِيلُكُمْ يَوْمَ صِفِّينَ. قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ فعلنا5.

_ 1 حديث حسن: أخرجه أحمد "2/ 304، 327، 353"، وابن سعد "4/ 191"، والحاكم "3/ 240، 452". 2 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 161"، وفيه انقطاع. 3 إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي "3845"، وافيه انقطاع. 4 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 204"، وله شاهد من حديث عمرو بن العاص، أخرجه مسلم "121". 5 إسناده صحيح: وأخرجه أحمد "4/ 203".

وروي أن عمرًا لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عَلَى عُمَانَ، فَأَتَاهُ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ بِذَلِكَ. قَالَ ضَمْرَةُ: عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عُمَرَ نَظَرَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَمْشِي فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا أَمِيرًا1. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: ثَنَا أَشْيَاخُنَا أَنَّ الْفِتْنَةَ وَقَعَتْ، وَمَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَهُ نَبَاهَةٌ أَعْمَى فِيهَا مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَقَالَ: مَا زَالَ مُعْتَصِمًا بِمَكَّةَ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا فِيهِ النَّاسُ، حَتَّى كَانَتْ وَقْعَةُ الْجَمَلِ، فَلَمَّا فَرَغَتْ بَعَثَ إِلَى وَلَدَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدَ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا، وَلَسْتُمَا بِاللَّذَيْنِ تَرُدَّانِي عَنْ رَأْيِي، وَلَكِنْ أَشِيرَا عَلَيَّ، إِنِّي رَأَيْتُ الْعَرَبَ صَارُوا عِيرَيْنِ يَضْطَرِبَانِ، وَأَنَا طَارِحٌ نَفْسِي بَيْنَ جِدَارَيْ مَكَّةَ، وَلَسْتُ أَرْضَى بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، فَإِلَى أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ أَعْمَدُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَإِلَى عَلِيٍّ. قَالَ: إِنِّي إِنْ أَتَيْتُ عَلِيًّا قَالَ: إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ أَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ يَخْلِطُنِي بِنَفْسِهِ، يشركني فِي أَمْرِهِ، فَأَتَى مُعَاوِيَةَ2. وَعَن عُرْوَةَ، أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: دَعَا ابْنَيْهِ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَلْزَمَ بَيْتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: أَنْتَ شَرِيفٌ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ، وَنَابٌ مِنْ أَنْيَابِهَا، لَا أَرَى أَنْ تَتَخَلَّفَ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: أَمَّا أَنْتَ فَأَشَرْتَ عَلَيَّ بِمَا هُوَ خَيْرٌ لِي فِي آخِرَتِي، وَأَمَّا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ فَأَشَرْتَ عَلَيَ بِمَا هُوَ أَنْبَهُ لِذِكْرِي، ارْتَحِلَا، فَارْتَحَلُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَتَوا رَجُلًا قَدْ عَادَ الْمَرْضَى، وَمَشَى بَيْنَ الْأَعْرَاضِ، يَقُصُّ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً: يَا أَهْلَ الشَّامِ إِنَّكُمْ عَلَى خَيْرٍ وَإِلَى خَيْرٍ، تَطْلُبُونَ بِدَمِ خَلِيفَةٍ قُتِلَ مَظْلُومًا، فَمَنْ عَاشَ مِنْكُمْ فَإِلَى خَيْرٍ. وَمَنْ مَاتَ فَإِلَى خَيْرٍ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا أَرَى الرَّجُلَ إِلَّا قَدِ انْقَطَعَ بِالْأَمْرِ دُونَكَ، قَالَ: دَعْنِي وإياه، ثم إن عمرًا قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ أَحْرَقْتَ كَبِدِي بِقَصَصِكَ، أَتَرَى أَنَّا خَالَفْنَا عَلِيًّا لِفَضْلٍ مِنَّا عَلَيْهِ، لَا وَاللَّهِ، إِنْ هِيَ إِلَّا الدُّنْيَا نَتَكَالَبُ عَلَيْهَا، وَايْمُ اللَّهِ لَتَقْطَعَنَّ لِي قِطْعَةً مِنْ دُنْيَاكَ، أَوْ لَأُنَابِذَنَّكَ، قَالَ: فَأَعْطَاهُ مِصْرَ، يُعْطِي أَهْلَهَا عَطَاءَهُمْ، وَمَا بَقِيَ فَلَهُ. وَيُرْوَى أَنَّ عَلِيًّا كَتَبَ إِلَى عَمْرٍو يَتَأَلَّفُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابَ أَقْرَأَهُ مُعَاوِيَةَ وَقَالَ: قَدْ تَرَى، فَإِمَّا أَنْ تُرْضِيَنِي، وَإِمَّا أَنْ أَلْحَقَ بِهِ، قَالَ: فَمَا تريد؟ قال: مصر، فجعلها له.

_ 1 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف. 2 إسناده ضعيف: فيه جهالة بعض الرواة. وأورده المصنف في السير "2/ 72".

وَعَن يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ، أَنَّ الْأَمْرَ لَمَّا صَارَ لِمُعَاوِيَةَ اسْتَكْثَرَ طُعْمَةَ مِصْرَ لِعَمْرٍو، وَرَأَى عَمْرٌو أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ قَدْ صَلُحَ بِهِ وَبِتَدْبِيرِهِ وَعَنَائِهِ، وَظَنَّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَيَزِيدُهُ الشَّامَ مَعَ مِصْرَ، فَلَمْ يَفْعَلْ مُعَاوِيَةُ، فَتَنَكَّرَ لَهُ عَمْرٌو، فَاخْتَلَفَا وَتَغَالَظَا، فَدَخَلَ بَيْنَهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حُديْجٍ، فَأَصْلَحَ أَمْرَهُمَا، وَكَتَبَ بَيْنَهُمَا كِتَابًا: أَنَّ لِعَمْرٍو وِلَايَةَ مِصْرَ سَبْعَ سِنِينَ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِمَا شُهُودًا، ثُمَّ سَارَ عَمْرٌو إِلَيْهَا سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ، فَمَا مَكَثَ نَحْوَ ثَلَاثَ سِنِينَ حَتَّى مَاتَ1. وَيُرْوَى أَنَّ عَمْرًا وَمُعَاوِيَةَ اجْتَمَعَا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَهُ: مَنِ النَّاسُ؟ قَالَ: أَنَا، وَأَنْتَ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَزِيَادٌ، قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: أَمَّا أَنْتَ فَلِلتَّأَنِّيَ، وَأَمَّا أَنَا فَلِلْبَدِيهَةِ، وَأَمَّا مُغِيرَةُ فَلِلْمُعْضِلَاتِ، وَأَمَّا زِيَادٌ فَلِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، قَالَ: أَمَّا ذَانِكَ فَقَدْ غَابَا، فَهَاتِ أَنْتَ بِهَدِيَّتِكَ، قَالَ: وَتُرِيدُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ، فَأَخْرَجَهُمْ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُسَارُّكَ، قَالَ: فَأَدْنَى مِنْهُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: هَذَا مِنْ ذَاكَ، مَنْ مَعَنَا فِي الْبَيْتِ حَتَّى أُسَارُّكَ؟! 2. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ أَنَّ عَمْرًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَا بَنِي هَاشِمٍ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَقَلَّدْتُمْ لِقَتْلِ عُثْمَانَ قَرَمَ3 الْإِمَاءِ الْعَوَارِكِ4، أَطَعْتُمْ فُسَّاقَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي عُتْبَةَ، وَأَجْزَرْتُمُوهُ مُرَّاقَ أَهْلِ مِصْرَ، وَآوَيْتُمْ قَتَلَتَهُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا تَكَلَّمُ لِمُعَاوِيَةَ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ عَنْ رَأْيِكَ، وَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ لَأَنْتُمَا، أَمَّا أَنْتَ يَا مُعَاوِيَةُ فَزَيَّنْتَ لَهُ مَا كَانَ يَصْنَعُ، حَتَّى إِذَا حُصِرَ طَلَبَ مِنْكَ نَصْرَكَ، فَأَبْطَأْتَ عَنْهُ، وَأَحْبَبْتَ قَتْلَهُ وَتَرَبَّصْتَ بِهِ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَمْرُو، فَأَضْرَمْتَ5 الْمَدِينَةَ عَلَيْهِ، وَهَرَبْتَ إِلَى فِلَسْطِينَ تَسْأَلُ عَنْ أَبْنَائِهِ، فَلَمَّا أَتَاكَ قَتْلُهُ أَضَافَتْكَ عَدَاوَةُ عَلِيٍّ أَنْ لَحِقْتَ بِمُعَاوِيَةَ، فَبِعْتَ دِينَكَ مِنْهُ بِمِصْرَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: حَسْبُكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، عَرَّضَنِي لَكَ عَمْرٌو، وعرض نفسه6.

_ 1 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف. وأخرجه ابن سعد "4/ 258" في الطبقات الكبرى. 2 أورده المصنف بصيغة التضعيف. 3 قرم: صاحب الشهوة العالبة. 4 العوارك: الحيض. 5 أضرمت: أشعلت. 6 إسناده منقطع: وأخرجه ابن سعد "4/ 258" في الطبقات.

وَكَانَ عَمْرُو مِنْ أَفْرَادِ الدَّهْرِ دَهَاءً، وَجَلَادَةً، وَحَزْمًا، وَرَأْيًا، وَفَصَاحَةً. ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ الْجُمَحِيُّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا رَأَى رَجُلًا يَتَلَجْلَجُ فِي كَلَامِهِ قَالَ: خَالِقُ هَذَا وَخَالِقُ عَمْرَو بْنِ الْعَاصِ وَاحِدٌ1. وَقَالَ مجالد، عن الشعبي، عن قبيصة بن جابر قَالَ: صَحِبْتُ عُمَرَ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَقْرَأَ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنْهُ، وَلَا أَفْقَهَ فِي دِينِ اللَّهِ مِنْهُ، وَلَا أَحْسَنَ مُدَارَاةً مِنْهُ، وَصَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَعْطَى لِجَزِيلٍ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، وَصَحِبْتُ مُعَاوِيَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحْلَمَ مِنْهُ، وَصَحِبْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَبْيَنَ -أَوْ قَالَ: أَنْصَعَ- طَرَفًا مِنْهُ، وَلَا أَكْرَمَ جَلِيسًا، وَلَا أَشْبَهَ سَرِيرَةً بِعَلَانِيَةٍ مِنْهُ، وَصَحِبْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فَلَوْ أَنَّ مَدِينَةً لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، لَا يُخْرَجُ مِنْ بَابٍ مِنْهَا إِلَّا بِمَكْرٍ لَخَرَجَ مِنْ أَبْوَابِهَا كُلِّهَا2. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبِي: ثَنَا أَبُو قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ عَمْرًا كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَقَلَّمَا كَانَ يُصِيبُ مِنَ الْعَشَاءِ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَأْكُلُ فِي السَّحَرِ3. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: وَقَعَ بَيْنَ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَلَامٌ، فَسَبَّهُ الْمُغِيرَةُ، فَقَالَ عَمْرُو: يَا هُصَيْصُ، أَيَسْتَبُّنِي ابْنُ شُعْبَةَ! فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُهُ: إِنَّا للَّهِ، دَعَوْتَ بِدَعْوَى الْقَبَائِلِ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا. فَأَعْتَقَ ثَلَاثِينَ رَقَبَةً4. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أَخْبَرَنِي مَوْلًى لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ عَمْرًا أَدْخَلَ فِي تَعْرِيشِ الْوَهْطِ -وَهُوَ بُسْتَانٌ له بالطائف- ألف أَلْفَ عُودٍ، كُلُّ عُودٍ بِدِرْهَمٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَمَاسَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ الْوَفَاةُ بَكَى، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: لِمَ تَبْكِي، أجزعًا من الموت؟! قال: لا

_ 1 انظر السابق: وأورده المصنف "2/ 57"، "2/ 73" في السير. 2 إسناده ضعيف: وأخرجه النسوي "1/ 457" في تاريخه، وأورده المصنف "2/ 74" في السير، وفيه مجالد بن سعيد من الضعفاء. 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1096"، وأبو داود "2343"، والترمذي "708"، وأحمد "4/ 197"، والنسائي "4/ 146"، والمرفوع فيه: "إن فصلا بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر". 4 إسناده ضعيف: فيه انقطاع.

والله ولكن لما بعده، قال: قد كُنْتَ عَلَى خَيْرٍ، فَجَعَلَ يُذَكِّرُهُ صُحْبَةَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وفتوحه الشام، فقال عمرو: تركت أفضل من ذلك كله، شهادة أن لا إله إلا الله، إِنِّي كُنْتُ عَلَى ثَلَاثِ أَطْبَاقٍ1، لَيْسَ مِنْهَا طَبَقَةٌ إِلَّا عَرَفْتُ نَفْسِي فِيهَا: كُنْتُ أَوَّلَ شَيْءٍ كَافِرًا، وَكُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَوْ مِتُّ حِينَئِذٍ لَوَجَبَتْ لِيَ النَّارُ، فَلَمَّا بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ مِنْهُ حَيَاءً، مَا مَلَأْتُ عَيْنَيَّ مِنْهُ، فَلَوْ مِتُّ حِينَئِذٍ لَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لِعَمْرٍو، أَسْلَمَ عَلَى خَيْرٍ، وَمَاتَ عَلَى خَيْرِ أَحْوَالِهِ، ثُمَّ تَلَبَّسْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ، فَلَا أَدْرِي أَعَلَيَّ أَمْ لِي، فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَلَا يُبْكَى عَلَيَّ وَلَا تُتْبِعُونِي نَارًا، وَشُدُّوا عَلَيَّ إِزَارِي، فَإِنِّي مُخَاصَمٌ، فَإِذَا وَارَيْتُمُونِي فَاقْعُدُوا عِنْدِي قَدْرَ نَحْرِ جَزُورٍ وَتَقْطِيعِهَا، أَسْتَأْنِسُ بِكُمْ، حَتَّى أَعْلَمَ مَا أُرَاجِعُ رُسُلَ رَبِّي2. أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ حُمَيْدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ أَبَاهُ قَالَ حِينَ احْتُضِرَ: اللَّهُمَّ أَمَرْتَ بِأُمُورٍ وَنَهَيْتَ عَنْ أُمُورٍ، تَرَكْنَا كَثِيرًا مما أمرت، ووقعنا في كثير ممن نَهَيْتَ، اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. ثُمَّ أَخَذَ بِإِبْهَامِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يُهَلِّلُ حَتَّى تُوُفِّيَ3. وَقَالَ أَبُو فِرَاسٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: إِنَّ عَمْرًا تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ وَدَفَنَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدِ. قَالَ اللَّيْثُ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَابْنُ بُكَيْرٍ، وَغَيْرُهُمْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةَ عِيدِ الْفِطْرِ، زَادَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: وَسِنُّهُ نَحْوَ مِائَةِ سَنَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: وَعُمْرُهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ سنة. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ. فَائِدَةٌ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: ثَنَا الْمُزَنِيُّ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ وَقَدْ أَصْلَحْتُ مِنْ دُنْيَايَ قَلِيلًا، وَأَفْسَدْتُ مِنْ دِينِي كَثِيرًا، فَلَوْ كَانَ مَا أَصْلَحْتُ هُوَ مَا أَفْسَدْتُ لَفُزْتُ، وَلَوْ كَانَ يَنْفَعُنِي أَنْ أَطْلُبَ طَلَبْتُ، وَلَوْ كَانَ يُنْجِينِي أَنْ أَهْرَبَ هَرَبْتُ، فعظني بموعظة

_ 1 ثلاثة أطباق: ثلاثة أحوال. 2 خبر صحيح: أخرجه مسلم "121"، وأبو عوانة "1/ 70، 71". 3 إسناده صحيح: أورده الذهبي في السير "3/ 75".

أنتفع بها يا ابن أَخِي، فَقَالَ: هَيْهَاتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُقَنِّطُنِي مِنْ رَحْمَتِكَ، فَخُذْ مِنِّي حَتَّى تَرْضَى1. وَلِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ تَرْجَمَةٌ طَوِيلَةٌ فِي طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَرَقَةً. 51- عَمْرُو بْنُ مَعْدِ يكَرِبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُصَمَ بْنِ عَمْرِو بْنِ زُبَيْدٍ، أَبُو ثَوْرٍ الزُّبَيْدِيُّ2. له وفادة على النبي -صلى الله عليه وَسَلَّمَ-، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، وَكَانَ فَارِسًا بَطَلًا ضَخْمًا عَظِيمًا، أَجَشُّ الصَّوْتِ، إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا، وَهُوَ أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ، وَارْتَدَّ عِنْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَقِيلَ: كَانَ يَأْكُلُ أَكْلَ جَمَاعَةٍ، أَكَلَ مَرَّةً عَنْزًا رَبَاعِيًا وَثَلَاثَةَ أَصْوُعٍ ذُرَةً3. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: شَهِدَ صِفِّينَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَبْنَاءَ خَمْسِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ مَعْدِ يكَرِبَ. تُوُفِّيَ عَمْرُو هَذَا فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ. 52- عُمَيْرُ بْنُ سَعْدِ -ت- بْنِ شَهِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ4. صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ مِنْ زُهَّادِ الصَّحَابَةِ وَفُضَلَائِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مَحْمُودٌ، وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: نَسِيجٌ وَحْدَهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى حِمْصَ. وَهِمَ ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: إِنَّهُ عُمَيْرُ بْنُ سَعْدِ بْنُ عُبَيْدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِيهِ5. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سَعِيدٍ: وَلِيَ حِمْصَ بَعْدَ سَعِيدِ بْنِ عامر بن حذيم.

_ 1 إسناده منقطع: والخبر ضعيف. 2 انظر: الاستيعاب "2/ 520"، تاريخ الطبري "3/ 132"، والجرح والتعديل "6/ 260"، وأسد الغابة "4/ 132-134"، والإصابة "3/ 18". 3 أورده بصيغة التضعيف. 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 375"، التاريخ الكبير "6/ 531"، الجرح والتعديل "6/ 376"، الاستيعاب "3/ 1215"، أسد الغابة "4/ 294". 5 الطبقات الكبرى "4/ 374" لابن سعد.

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: فَبَقِيَ عَلَى إِمْرَةِ حِمْصَ حَتَّى قُتِلَ عُمَرُ، ثُمَّ نَزَعَهُ عُثْمَانُ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنُ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن عمير بن سعد قال: قال لِيَ ابْنُ عُمَرَ، مَا كَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلَ مِنْ أَبِيكَ1. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِنَّ عُمَرَ مِنْ عُجْبِهِ بِعُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ كَانَ يُسَمِّيهِ: نَسِيجٌ وَحْدَهُ2. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبُخَارِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنْبَأَ أَبُو الْكَرَمِ عَلَيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بِهَمَذَانَ، أَنْبَأَ أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبَابَةَ، ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَسَدِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دِيزِيلَ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بَعَثَ عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ أَمِيرًا عَلَى حِمْصَ، فَأَقَامَ بِهَا حَوْلًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ، السَّلَامُ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولَهُ، وَقَدْ كُنَّا قَدْ وَلَّيْنَاكَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا أَدْرِي مَا صَنَعْتَ، أَوَفَيْتَ بِعَهْدِنَا، أَمْ خُنْتَنَا، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- فَاحْمِلْ إِلَيْنَا مَا قِبَلَكَ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَقْبِلْ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ". قَالَ: فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ مَاشِيًا مِنْ حِمْصَ، وَبِيَدِهِ عُكَّازُهُ، وَإِدَاوَةٌ، وَقَصْعَةٌ، وَجِرَابٌ، شَاحِبًا، كَثِيرَ الشَّعْرِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ قَالَ لَهُ: يَا عُمَيْرُ، مَا هَذَا الَّذِي أَرَى مِنْ سُوءِ حَالِكَ، أَكَانَتِ الْبِلَادُ بِلَادَ سُوءٍ، أَمْ هَذِهِ مِنْكَ خَدِيعَةٌ؟ قَالَ عُمَيْرٌ: يَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَلَمْ يَنْهَكَ اللَّهُ عَنِ التَّجَسُّسِ وَسُوءِ الظَّنِّ؟ أَلَسْتَ تَرَانِي ظَاهِرَ الدَّمِ، صَحِيحَ الْبَدَنِ وَمَعِيَ الدُّنْيَا بِقُرَابِهَا! قَالَ عُمَرُ: مَا مَعَكَ مِنَ الدُّنْيَا؟ قَالَ: مِزْوَدِي أَجْعَلُ فِيهِ طَعَامِي، وَقَصْعَةٌ آكُلُ فِيهَا، وَمَعِي عُكَّازَتِي هَذِهِ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأُجَاهِدُ بِهَا عَدُوًّا إِنْ لَقِيتُهُ، وَأَقْتُلُ بِهَا حَيَّةً إِنْ لَقِيتُهَا. فَمَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا! قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي مَا حَالُ مَنْ خَلَّفْتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: يُصَلُّونَ وَيُوَحِّدُونَ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ أَنْ نسأل عما وراء ذلك.

_ 1 إسناده ضعيف: فيه عنعنة ابن إسحاق، وهو من المدلسين، وأورده المصنف "2/ 559" في السير. 2 إسناده منقطع: أورده المصنف "2/ 559، 560" في السير.

قَالَ: مَا صَنَعَ أَهْلُ الْعَهْدِ؟ قَالَ عُمَيْرٌ: أَخَذْنَا مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ. قَالَ: فَمَا صَنَعْتَ بِمَا أَخَذْتَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: وَمَا أَنْتَ وَذَاكَ يَا عُمَرُ! أَرْسَلْتَنِي أَمِينًا، فَنَظَرْتُ لِنَفْسِي، وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَغُمَّكَ لَمْ أُحَدِّثْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدِمْتُ بِلَادَ الشَّامِ، فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرْتُهُمْ بِمَا حَقَّ لَهُمْ عَلَيَّ فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَدَعَوْتُ أَهْلَ الْعَهْدِ، فَجَعَلْتُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُجِيبُهُمْ، فَأَخَذْنَاهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَمَجْهُودِيهِمْ، وَلَمْ يَنَلْكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَلَوْ نَالَكَ بَلَّغْنَاكَ إِيَّاهُ. قَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا كَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ يَتَبَرَّعُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ وَيَحْمِلُكَ عَلَى دَابَّةٍ، جِئْتَ تَمْشِي، بِئْسَ الْمُعَاهِدُونَ فَارَقْتَ، وَبِئْسَ الْمُسْلِمُونَ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يَقُولُ: "لَتُوطَأَنَّ حُرَمُهُمْ وَلَيُجَارَنَّ عَلَيْهِمْ فِي حُكْمِهِمْ، وَلَيُسْتَأْثَرَنَّ عَلَيْهِمْ بِفَيْئِهِمْ، وَلَيَلِيَنَّهُمْ رِجَالٌ إِنْ تَكَلَّمُوا قتلوهم، وإن سكتوا اجتاحوهم"1. فقال عمير: ما لك يا عمر تفرج بِسَفْكِ دِمَائِهِمْ وَانْتِهَاكِ مَحَارِمِهِمْ! قَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهُوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ، ثُمَّ يَدْعُو خِيَارَكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ"2. ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ قَالَ: هَاتُوا صَحِيفَةً لِنُجَدِّدَ لِعُمَيْرٍ عَهْدًا، قَالَ عُمَيْرٌ: وَاللَّهِ لَا أَعْمَلُ لَكَ، اتَّقِ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاعْفِنِي بِغَيْرِي. وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا مُنْكَرًا. وَرُوِيَ نَحْوَهُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ الْمُفَضَّلُ الْغَلابِيُّ: زُهَّادُ الْأَنْصَارِ ثَلَاثَةٌ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. 53- عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ -م4- بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ الْأُمَوِيُّ، أَبُو عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عُثْمَانَ، وَيُقَالُ: أَبُو الْوَلِيدِ3. رَوَى عَنْ أُخْتِهِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ حَبِيبَةَ. وَعَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَعَمْرُو بْنُ أَوْسٍ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رباح.

_ 1 حديث منكر: وروا أبو حذيفة في "المبتدأ"، وانظر: السير "2/ 562". 2 انظر السابق. 3 انظر: التاريخ الكبير "7/ 36"، وأسد الغابة "4/ 151"، الإصابة "3/ 82".

وَلَعَلَّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدَ هَذَا الزَّمَانِ، لَكِنَّهُ حَجَّ بِالنَّاسِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ. "حرف الْقَافِ": 54- قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ -د ت ن- بْنِ سِنَانٍ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ الْمِنْقَرِيُّ1. قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ، فَأَسْلَمَ، وَكَانَ عَاقِلًا حَلِيمًا كريمًا جوادًا شريفًا. قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ"2. وَيُرْوَى أَنَّ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ قِيلَ لَهُ: مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ الْحِلْمَ؟ قَالَ: مِنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ. وَيُقَالُ: إِنَّ قَيْسًا كَانَ مِمَّنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ شُرْبَ الْخَمْرِ3. رَوَى عَنْهُ: الْأَحْنَفُ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَشُعْبَةُ بْنُ التَّوْأَمِ، وَابْنُهُ حَكِيمٌ بْنُ قَيْسٍ، وَحَفِيدُهُ خَلِيفَةُ بْنُ حُصَيْنٍ. يُكَنَّى أَبَا عَلِيٍّ، وَيُقَالُ: كُنْيَتُهُ أَبُو طَلْحَةَ، وَقِيلَ: أَبُو قَبِيصَةَ. نَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَتُوُفِّيَ عَنِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ ذَكَرًا مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ. حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ. "حرف الْكَافِ": 55- كَعْبُ بْنُ مَالِكِ -ع- بْنِ عَمْرِو بْنِ الْقَيْنِ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ السُّلَمِيُّ، أَبُو عبد اللَّهِ، وَيُقَالُ: أبو عبد الرحمن4. شاعر رسول الله -صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَأُحُدًا، وَحَدِيثُهُ فِي تخلفه عن غزوة تبوك في الصحيحين5.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 36"، والتاريخ الكبير "7/ 141"، والجرح والتعديل "7/ 101"، أسد الغابة "4/ 219"، الإصابة "3/ 252". 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "7/ 36" في الطبقات الكبرى. 3 أخرجه ابن أبي الدنيا "24" في الحلم، وأورده ابن عبد البر "3/ 232" في الاستيعاب. 4 انظر: التاريخ الكبير "7/ 219"، الجرح والتعديل "7/ 160"، الاستيعاب "3/ 1323"، أسد الغابة "4/ 487"، الإصابة "8/ 304". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 86، 93"، ومسلم "2769".

رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ، وَعُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، وَحَفِيدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ. ويُروى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَ طَلْحَةَ وَكَعْبِ بْنَ مَالِكٍ، وَقِيلَ: بَلْ آخَى بَيْنَ كَعْبٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ1. قَالَهُ عُرْوَةُ. وَفِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ: إِنَّ كَعْبًا قَاتَلَ يَوْمَ أُحُدٍ قِتَالًا شَدِيدًا، حَتَّى جُرِحَ سَبْعَةَ عَشْرَ جُرْحًا2. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ شُعَرَاءُ الصَّحَابَةِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الشُّعَرَاءِ مَا أَنْزَلَ، قَالَ: "إِنَّ الْمُجَاهِدَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ تَرْمُونَهُمْ بِهِ نضح النبل" 3. قال ابْنُ سِيرِينَ: أَمَّا كَعْبٌ فَكَانَ يَذْكُرُ الْحَرْبَ وَيَقُولُ: فَعَلْنَا وَنَفْعَلُ وَيُهَدِّدُهُمْ. وَأَمَّا حَسَّانُ فَكَانَ يَذْكُرُ عُيُوبَهُمْ وَأَيَّامَهُمْ. وَأَمَّا ابْنُ رَوَاحَةَ فَكَانَ يعيرهم بالكفر. وقد أسلمت دوس فرقًا مِنْ بَيْتٍ قَالَهُ كَعْبٌ: نُخَيِّرُهَا وَلَوْ نَطقَتْ لَقَالَتْ: ... قَوَاطِعُهُنَّ دَوْسًا أَوْ ثَقِيفًا4 وَعَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: "مَا نَسِيَ رَبُّكَ -وَمَا كَانَ نَسِيًّا- بَيْتًا قُلْتَهُ". قَالَ: مَا هُوَ؟ قال: "أَنْشِدْهُ يَا أَبَا بَكْرٍ"5، فَقَالَ: زَعَمَتْ سَخِينَةُ أَنْ سَتَغْلِبُ رَبَّهَا ... وَلُيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ عَنِ الْهَيْثَمِ وَالْمَدَائِنِيُّ أن كعبًا مات سنة أربعين.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه ابن إسحاق مرسلا كما في السير "2/ 524". 2 إسناده ضعيف: أخرجه الواقدي "1/ 236" في المغازي. 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "6/ 387"، وعبد الرزاق "20500" في مصنفه. 4 أسد الغابة "4/ 484"، الإصابة "8/ 305". 5 حديث ضعيف: أخرجه ابن منده، وابن عساكر في تاريخ دمشق، كما في الكنز "13/ 581".

وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ. وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ أَيْضًا: أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِينَ. "حرف اللَّامِ": 56- لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ، بْنِ مَالِكٍ أَبُو عُقَيْلٍ الْهَوَازِنِيُّ الْعَامِرِيُّ1. الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، الَّذِي لَهُ: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهُ بَاطِلٌ ... وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا مَحَالَةَ زَائِلٌ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَصْدَقُ كَلِمَةٍ 2 قَالَهَا شَاعِرٌ، كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا اللَّهُ بَاطِلٌ". يُقَالُ: إِنَّ لَبِيدًا عَاشَ مِائَةً وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ شِعْرًا بَعْدَ إِسْلَامِهِ، وَقَالَ: أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهِ الْقُرْآنَ. وَيُقَالُ: قَالَ بَيْتًا وَاحِدًا وَهُوَ: مَا عَاتَبَ الْمَرْءُ الْكَرِيمُ كَنَفْسِهِ ... وَالْمَرْءُ يُصْلِحُهُ الْقَرِينُ الصَّالِحُ وَكَانَ أَحَدُ أَشْرَافِ قَوْمِهِ، نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَكَانَ لَا تَهُبُّ الصَّبَا إِلَّا نَحَرَ وَأَطْعَمَ. وَكَانَ قَدِ اعْتَزَلَ الْفِتَنَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَى هَذَا الْوَقتِ، بَلْ تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ. وَقِيلَ: مَاتَ يَوْمَ دَخَلَ مُعَاوِيَةُ الْكُوفَةَ. وَقَالَ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَوَيْتُ لِلَبِيدٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ. وَلِلَبِيدٍ: وَلَقَدْ سَئِمتُ مِنَ الْحَيَاةِ وَطُولِهَا ... وَسُؤَالِ هَذَا النَّاسِ كيف لبيد3

_ 1 انظر: التاريخ الكبير "7/ 249"، والجرح والتعديل "7/ 181"، والاستيعاب "3/ 324". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "10/ 448"، ومسلم "2256"، وأبو داود "5011"، والترمذي "2848"، وابن سعد "6/ 33" في طبقاته. 3 أسد الغابة "4/ 262".

"حرف الميم": 57- محمد بن مسلمة -ع- بن سَلَمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مَجْدَعَةٍ. وَيُقَالُ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ حُرَيْشٍ الْأَشْهَلِيُّ الْأَنْصَارِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيدٍ1. شَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ بَعْدَهَا، وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّةً. وَكَانَ رَجُلًا طَوِيلًا، مُعْتَدِلًا، أَسْمَرَ، أَصْلَعَ، عَاشَ سَبْعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَهُوَ حَارِثِيُّ مِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ2. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مَحْمُودٌ، وَسَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، وَآخَرُونَ. وَكَانَ عَلَى مُقَدِّمَةِ عُمَرَ فِي قُدُومِهِ إِلَى الْجَابِيَةِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بينه وَبَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَاسْتَخْلَفَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ عَلَى الْمَدِينَةِ3. قُلْتُ: وَكَانَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ الْفِتْنَةَ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، مَرَرْنَا بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا فُسْطَاطُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقُلْتُ: لَوْ خَرَجْتَ إِلَى النَّاسِ فَأَمَرْتَ وَنَهَيْتَ، فَقَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَكُونُ فُرْقَةٌ وَفِتْنَةٌ وَاخْتِلَافٌ، فَاكْسِرْ سَيْفَكَ وَاقْطَعْ وَتَرَكَ وَاجْلِسْ فِي بَيْتِكَ"4، فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ. وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ؛ إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا لا تَضُرُّهُ الْفِتْنَةُ، فَإِذَا فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ لَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ، وَإِذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: لَا يَشْتَمِلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْصَارِكُمْ حَتَّى ينجلي الأمر5.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "3/ 443"، والتاريخ الكبير "1/ 239"، والاستيعاب "2/ 1377"، وأسد الغابة "5/ 112"، الإصابة "9/ 131". 2 السير "2/ 370". 3 الطبقات الكبرى "3 443". 4 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 493"، فيه ابن جدعان، وهو من الضعفاء. 5 خبر صحيح: وأخرجه الحاكم "3/ 433" وصححه، وأقره الذهبي.

وَقَالَ عَبَابَةُ بْنُ رِفَاعَةٍ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مسلمة أسود طويلًا عظيمًا. وقال ابن عيينة: عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عِيسَى قَالَ: أَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُشْرَبَةَ بَنِي حَارِثَةَ، فَإِذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَيْفَ تَرَانِي؟ قَالَ: أَرَاكَ كَمَا أُحِبُّ، وَكَمَا يَجِبْ لَكَ الْخَيْرُ، أَرَاكَ قَوِيًّا عَلَى جَمْعِ الْمَالِ، عَفِيفًا عَنْهُ، عَدْلًا فِي قِسْمَتِهِ، وَلَوْ مِلْتَ عَدَّلْنَاكَ كَمَا يُعَدَّلُ السَّهْمُ فِي الثِّقَافِ. فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي فِي قَوْمٍ إِذَا مِلْتُ عَدَّلُونِي1. وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنَا عُثْمَانُ فِي خَمْسِينَ رَاكِبًا، أَمِيرُنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ نُكَلِّمُ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ مِصْرَ فِي فِتْنَةٍ، فَاسْتَقْبَلَنَا رَجُلٌ مِنْهُمْ، وَفِي يَدِهِ مُصْحَفٌ، مُتَقَلِّدًا سَيْفًا تَذْرِفُ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: هَا إِنَّ هَذَا يَأْمُرُنَا أَنْ نَضْرِبَ بِهَذَا عَلَى مَا فِي هَذَا، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: اسْكُتْ، فَنَحْنُ ضربنا بهذا على ما في هذا قبلك، وَقَبْلَ أَنْ تُولَدَ2. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ قَالَ: أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفًا فَقَالَ: "جَاهِدْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِئَتَيْنِ يَقْتَتِلَانِ، فَاضْرِبْ بِهِ الْحَجَرَ حَتَّى تَكْسِرَهُ، ثُمَّ كُفَّ لِسَانَكَ وَيَدَكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ مَنِيَّةٌ قَاضِيَةٌ، أَوْ يَدٌ خَاطِئَةٌ"3. فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ خَرَجَ إِلَى صَخْرَةٍ، فَضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ حَتَّى كَسَرَهُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يُقَالُ لَهُ: حَارِسُ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كُسِرَ سَيْفُهُ اتَّخَذَ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ، وَصَيَّرَهُ فِي الْجَفْنِ فِي دَارِهِ وَقَالَ: عَلَّقْتُهُ أُهَيِّبُ بِهِ ذَاعِرًا4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ وَمَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ، يَعْنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَبَلَغَ رَجُلًا شَقِيًّا مِنْ أهل الأردن جلوس محمد ابن مَسْلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ أَوْ مُعَاوِيَةَ، فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِ المنزل فقتله5.

_ 1 إسناده منقطع: والخبر ضعيف. وأورده المصنف في السير "2/ 372". 2 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 436" في مستدركه. 3 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 225": وإسناده مرسل. 4 خبر ضعيف: فيه ابن أبي فروة من الضعفاء. 5 خبر حسن: وأورده المصنف في السير "2/ 373".

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَخَلِيفَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ فِي صَفَرٍ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ قَالَ: سَنَةَ سِتٍّ فَقَدْ غَلَطَ. 58- مِدْلَاجُ بْنُ عَمْرٍو، حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ1 شَهِدَ بَدْرًا، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: مِدْلَجُ بْنُ عَمْرٍو، حَلِيفٌ لِبَنِي غَنْمِ بْنِ ذَوْدَانَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 59- الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ، الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ2. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ، سَيَأْتِي، وَهُوَ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ. رَوَى عَنْهُ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَغَيْرُهُ. 60- مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ، الرِّيَاحِيُّ3. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ. لَا أَعْرِفُهُ، وَلَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ. 61- مَعْقِلُ بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ -د ن ت- وَيُقَالُ: مَعْقِلُ بْنُ أَبِي مَعْقِلٍ، وَيُقَالُ: مَعْقِلُ بْنُ أُمِّ مَعْقِلٍ، الْأَسَدِيُّ، حَلِيفٌ لَهُمْ4. لَهُ صُحْبَةٌ، حَدِيثُهُ فِي فَضْلِ الْعُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ، وَفِي النَّهْيِ عَنِ التَّغَوُّطِ إِلَى الْقِبْلَةِ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْهُ: مَوْلَاهُ أَبُو زَيْدٍ، وَأُمِّ مَعْقِلٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَتُوُفِّيَ فِي أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ. 62- الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ -ع- ابن أَبِي عَامِرِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مُعْتِبٍ الثَّقَفِيُّ، أَبُو عِيسَى، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: أبو محمد5.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 98" لابن سعد. 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 364"، والتاريخ الكبير "8/ 16"، والاستيعاب "3/ 482"، أسد الغابة "4/ 353". 3 انظر: الكامل "3/ 281-287". 4 انظر: التاريخ الكبير "7/ 391"، الجرح والتعديل "8/ 285"، أسد الغابة "4/ 398"، الإصبة "3/ 446". 5 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 284"، "6/ 20"، الجرح والتعديل "8/ 224"، أسد الغابة "4/ 406"، الإصابة "8181"، السر "3/ 21".

صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ، وَكَانَ رَجُلًا طُوَالًا، ذَهَبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، وَقِيلَ: يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ. وَرَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ الرَّيَّانِ، عَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ الْمُغِيرَةُ أَصْهَبَ الشَّعْرِ جِدًّا، يَفْرِقُ رَأْسَهُ فُرُوقًا أَرْبَعَةً، أَقْلَصَ الشَّفَتَيْنِ، مَهْتُومًا، ضَخْمَ الْهَامَةِ، عَبْلَ الذِّرَاعَيْنِ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ. قَالَ: وَكَانَ دَاهِيَةً، يُقَالُ لَهُ: مُغِيرَةَ الرَّأْيِ2. وَعَنِ الشَّعْبِيُّ: أَنَّ الْمُغِيرَةَ سَارَ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الْكُوفَةِ خَمْسًا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: قَالَ الْمُغِيرَةُ: كُنَّا قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِدِينِنَا، وَنَحْنُ سَدَنَةُ3 اللَّاتِ، فَأَرَانِي لو رأيت قومنا قَدْ أَسْلَمُوا مَا تَبِعْتُهُمْ، فَأَجْمَعَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ الْوُفُودَ عَلَى الْمُقَوْقِسِ، وَإِهْدَاءُ هَدَايَا لَهُ، فَأَجْمَعْتُ الْخُرُوجَ مَعَهُمْ، فَاسْتَشَرْتُ عَمِّي عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ، فَنَهَانِي وَقَالَ: لَيْسَ مَعَكَ مِنْ بَنِي أَبِيكَ أَحَدٌ، فَأَبَيْتُ وَخَرَجْتُ مَعَهُمْ، وَمَا مَعَهُمْ مِنَ الْأَحْلَافِ غَيْرِي، حَتَّى دَخَلْنَا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَإِذَا الْمُقَوْقِسُ فِي مَجْلِسٍ مُطِلٍّ عَلَى الْبَحْرِ، فَرَكِبْتُ زَوْرَقًا حَتَّى حَاذَيْتُ مَجْلِسَهُ، فَنَظَر إِلَيَّ فَأَنْكَرَنِي، وَأَمَرَ مَنْ يَسْأَلُنِي، فَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِنَا وَقُدُومِنَا، فَأَمَرَ أَنْ نَنْزِلَ فِي الْكَنِيسَةِ، وَأَجْرَى عَلَيْنَا ضِيَافَةً، ثُمَّ أُدْخِلْنَا عَلَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَى رَأْسِ بَنِي مَالِكٍ، فَأَدْنَاهُ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنِ الْقَوْمِ: أَكُلُّهُمْ مِنْ بَنِي مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِلَّا هَذَا، قَالَ: فَكُنْتُ أَهْوَنَ الْقَوْمِ عَلَيْهِ، وَسُرَّ بِهَدَايَاهُمْ، وَأَعْطَاهُمُ الْجَوَائِزَ، وَأَعْطَانِي شَيْئًا يَسِيرًا، وَخَرَجْنَا، فَأَقْبَلَتْ بَنُو مَالِكٍ يَشْتَرُونَ هَدَايَا لِأَهْلِهِمْ وَهُمْ مَسْرُورُونَ، وَلَمْ يَعْرِضْ عَلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُوَاسَاةً، وَخَرَجُوا وَحَمَلُوا مَعَهُمُ الْخَمْرَ، فَكَانُوا يَشْرَبُونَ وَأَشْرَبُ مَعَهُمْ وَتَأْبَى نَفْسِي أَنْ تَدَعَنِي يَنْصَرِفُونَ إِلَى الطَّائِفِ بِمَا أَصَابُوا، وَيُخْبِرُونَ قَوْمِيَ بِكَرَامَتِهِمْ عَلَى الْمَلِكِ، وَتَقْصِيرِهِ بِي وَازْدِرَائِهِ4 إِيَّايَ، فَأَجْمَعْتُ عَلَى قَتْلِهِمْ، فَتَمَارَضْتُ وَعَصَبْتُ رَأْسِي، فَوَضَعُوا شَرَابَهُمْ، فَقُلْتُ: رَأْسِي يُصْدَعُ، وَلَكِنِّي أَجْلِسُ وَأَسْقِيكُمْ،

_ 1 خبر ضعيف: وأورده المصنف "3/ 21" في السير. 2 السير "3/ 22". 3 سدنة: خدمة وحراس. 4 ازدرائه: احتقاره.

فَجَعَلْتُ أَصْرِفُ لَهُمْ، يَعْنِي لَا أَمْزِجُ، وَأَنْزَعُ الْكَأْسَ، فَيَشْرَبُونَ وَلا يَدْرُونَ، حَتَّى نَامُوا سُكْرًا، مَا يَعْقِلُونَ، فَوَثَبْتُ وَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا، وَأَخَذْتُ مَا مَعَهُمْ، فَقَدَمْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَجِدُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، وَعَلَيَّ ثِيَابُ سَفَرِي، "فَسَلَّمْتُ بِسَلَامِ الْإِسْلَامِ"1، فَعَرَفَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْإِسْلَامِ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِنْ مِصْرَ أَقْبَلْتُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ الْمَالِكِيُّونَ؟ قُلْتُ: قَتَلْتُهُمْ وَجِئْتُ بِأَسْلَابِهِمْ2 إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُخَمِّسَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا إِسْلَامُكَ فَنَقْبَلُهُ، وَأَمَّا أَمْوَالُهُمْ فَلَا آخُذُ مِنْهَا شَيْئًا، هَذَا غَدْرٌ، وَلَا خَيْرَ فِي الْغَدْرِ"، قَالَ: فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَتَلْتُهُمْ وَأَنَا عَلَى دِينِ قَوْمِي، ثُمَّ أَسْلَمْتُ حَيْثُ دَخَلْتُ عَلَيْكَ السَّاعَةَ، قَالَ: "فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ" 3. قَالَ: وَكَانَ قَدْ قَتَلَ ثَلَاثَةُ عَشَرَ نَفْسًا4، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الطَّائِفِ، فَتَدَاعَوْا لِلْقِتَالِ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا، عَلَى أَنْ تَحَمَّلَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ دِيَةً. قَالَ الْمُغِيرَةُ: وَأَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى كَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ سَنَةَ سِتٍّ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ، وَكُنْتُ أَكُونُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَنْ يَلْزَمُهُ، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ فِي الصُّلْحِ، فَأَتَاهُ فَكَلَّمَهُ، وَجَعَلَ يَمَسُّ لِحْيَتَهُ، وَأَنَا قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ مُقَنَّعٌ فِي الْحَدِيدِ، فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: كُفَّ يَدَكَ قَبْلَ أَنْ لَا تَصِلَ إِلَيْكَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا مُحَمَّدُ، فَمَا أَفَظَّهُ وَأَغْلَظَهُ؟! فَقَالَ: "هَذَا ابْنُ أَخِيكَ الْمُغِيرَةُ"، فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا غَسَلْتُ عَنِّي سوءتك إِلَّا بِالْأَمْسِ5. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ عُرْوَةُ، وَحَمْزَةٌ، وَعَفَّارٌ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَزِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ، وَغَيْرُهُمْ. وَرَوَى الشَّعْبِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةَ قَالَ: أَنَا آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، لما دفن

_ 1 زيادة من الطبقات الكبرى "4/ 286". 2 الأسلاب: ما عليهم من ثياب، وما لهم من سلاح وأموال. 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "121"، وأحمد "4/ 199، 204، 205". 4 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 285، 286" في طبقاته، وهو من رواية الواقدي، وهو من الضعفاء. 5 جزء من حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 249" وغيره.

خَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ الْقَبْرِ، فَأَلْقَيْتُ خَاتَمِي وَقُلْتُ: يَا أَبَا حَسَنٍ خَاتَمِي، قَالَ: انْزِلْ فَخُذْهُ، قَالَ: فَنَزَلْتُ فَمَسَحْتُ يَدِي عَلَى الْكَفَنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ1. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ، فَأَبْغَضُوهُ، فَعَزَلَهُ، فَخَافُوا أَنْ يَرُدَّهُ، فَقَالَ دِهْقَانُهُمْ2: إِنْ فَعَلْتُمْ مَا آمُرُكُمْ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْنَا، قَالُوا: مُرْنَا، قَالَ: تَجْمَعُونَ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَذْهَبُ بِهَا إِلَى عُمَرَ فَأَقُولُ: هَذَا اخْتَانَ هَذَا الْمَالَ فَدَفَعَهُ إِلَيَّ، فَجَمَعُوا لَهُ مِائَةَ أَلْفٍ وَأتي بِهَا عُمَرَ، فَدَعَا الْمُغِيرَةَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: كَذِبٌ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ إنما كانت مائتي ألف، قال: ما حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: الْعِيَالُ وَالْحَاجَةُ، فَقَالَ عُمَرُ لِلدِّهْقَانِ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَأَصْدُقَنَّكَ: وَاللَّهِ مَا دَفَعَ إِلَيَّ شَيْئًا، وَقَصَّ لَهُ أَمْرَهُ3. قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُغِيرَةَ وَلِيَ الْبَصْرَةَ وَغَيْرَهَا لِعُمَرَ، وَكَانَ مِمَّنْ قَعَدَ عَنْ علي ومعاوية. وقال ابن أبي عروة، عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ أَبَا بَكْرَةَ، وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ، وَزِيَادًا، وَنَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ، سِوَى زِيَادٌ، أَنَّهُمْ رَأَوْهُ يُولِجُهُ وَيُخْرِجُهُ، يَعْنِي يَزْنِي بِامْرَأَةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: وَأَشَارَ إِلَى زِيَادٍ: إِنِّي أَرَى غُلَامًا لَسِنًا لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، وَلَمْ يَكُنْ لِيَكْتُمَنِي شَيْئًا، فَقَالَ زِيَادٌ: لَمْ أَرَ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ، وَلَكِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رِيبَةً وَسَمِعْتُ نَفَسًا عَالِيًا، قَالَ: فَجَلَدَ عُمَرُ الثَّلَاثَةَ4. وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: غَضِبَ عَلَيْكَ اللَّهُ كَمَا غَضِبَ عُمَرُ عَلَى الْمُغِيرَةَ، عَزَلَهُ عَنِ الْبَصْرَةِ فَوَلَّاهُ الْكُوفَةَ. قُلْتُ: وَقَدْ غَزَا الْمُغِيرَةَ بِالْجُيُوشِ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي إِمْرَتِهِ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ لِعَلِيٍّ: ابْعَثْ إِلَى مُعَاوِيَةَ عَهْدَهُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اخْلَعْهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ فَاعْتَزَلَهُ الْمُغِيرَةُ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا اشْتَغَلَ علي

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "2/ 302، 303" وغيره، وفيه مجالد بن سعيد من الضعفاء، ولكنه توبع من عاصم الأحول، كما في السير "3/ 26"، ولكن فيه انقطاع. 2 الدهقان: كبير القوم، أو رئيس القرية. 3 حديث حسن: وأورده المصنف "2/ 26، 27" في السير. 4 خبر ضعيف: فيه انقطاع. وأورده المصنف في السير "2/ 27" وقال: ذكر القصة سيف بن عمر، وأبو حذيفة البخاري مطولة بلا سندي. قلت: كلاهما تالف، فلا يعول عليه يحال.

وَمُعَاوِيَةُ، فَلَمْ يَبْعَثُوا إِلَى الْمَوْسِمِ أَحَدًا، جَاءَ الْمُغِيرَةُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَدَعَا لِمُعَاوِيَةَ1. قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعِينَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُنْعَزِلًا بِالطَّائِفِ، فَافْتَعَلَ كِتَابًا عَامَ الْجَمَاعَةِ بِإِمْرَةِ الْمَوْسِمِ، فَقَدِمَ الْحَجَّ يَوْمًا خَشْيَةَ أَنْ يَجِيءَ أَمِيرٌ، فَتَخَلَّفَ عَنْهُ ابْنُ عُمَرَ، وَصَارَ مُعْظَمُ النَّاسِ مَعَ ابْنِ عُمَرَ2. قَالَ اللَّيْثُ: قَالَ نَافِعٌ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ غَادُونَ مِنْ مِنًى، وَاسْتَقْبَلُونَا مُفِيضِينَ مِنْ جَمْعٍ، فَأَقَمْنَا بَعْدَهُمْ لَيْلَةً. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: دَعَا مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَهُمَا بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَعِنِّي عَلَى الْكُوفَةِ، قَالَ: فَكَيْفَ بِمِصْرَ؟ قَالَ: اسْتَعْمِلْ عَلَيْهَا ابْنَكَ عَبْدَ اللَّهِ، قَالَ: فَنَعَمْ إِذَنْ، فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ طَوَّقَهُمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَكَانَ مُعْتَزِلًا بِالطَّائِفِ، فَنَاجَاهُ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَهُ: تُؤَمِّرُ عَمْرًا عَلَى الْكُوفَةِ وَابْنَهُ عَلَى مِصْرَ، وَتَكُونُ كَقَاعِدَةٍ بَيْنَ لَحْيَيِ الْأَسَدِ! قَالَ: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: أَنَا أَكْفِيكَ الْكُوفَةَ، قَالَ: فَافْعَلْ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرٍو حِينَ أَصْبَحَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ وَنَسْتَوْحِشُ إِلَيْكَ، فَفَهِمَهَا عَمْرُو فَقَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَمِيرِ الْكُوفَةِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَاسْتَعِنْ بِرَأْيِهِ وَقُوَّتِهِ عَلَى الْمَكِيدَةِ، وَاعْزِلْ عَنْهُ الْمَالَ، كَانَ مَنْ قَبْلَكَ عُمَرُ وَعُثْمَانَ قَدْ فَعَلَا ذَلِكَ، قَالَ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَمَّرْتُكَ عَلَى الْجُنْدِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ ذَكَرْتُ سُنَّةَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَبْلِي، قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: قَدْ عُزِلَتِ الْأَرْضُ عَنْ صَاحِبِكُمْ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: إِنَّ الْمُغِيرَةَ أَحْصَنَ أَرْبَعَةً مِنْ بَنَاتِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ4. وَعَنِ الشَّعْبِيُّ قَالَ: دُهَاةُ الْعَرَبِ: مُعَاوِيَةُ، وَالْمُغِيرَةُ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَزِيَادٌ. وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: تَزَوَّجْتُ سَبْعِينَ امْرَأَةٍ5. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ نَكَّاحًا للنساء، ويقول: صاحب المرأة إن

_ 1 خبر ضعيف: فيه انقطاع. وأورده المصنف في السير "2/ 29". 2 إسناده منقطع: وهو خبر ضعيف. 3 السير "3/ 30". 4، 5 السير "3/ 30، 31".

مَرِضَتْ مَرِضَ، وَإِنْ حَاضَتْ حَاضَ، وَصَاحِبُ الْمَرْأَتَيْنِ بَيْنَ نَارَيْنِ تَشْتَعِلَانِ، وَكَانَ يَنْكِحُ أَرْبَعًا، ثُمَّ يُطَلِّقْهُنَّ جَمِيعًا1. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ تَحْتَ الْمُغِيرَةِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَصَفَّهُنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ: أَنْتُنَّ حِسَانُ الْأَخْلَاقِ، طَوِيلَاتُ الْأَعْنَاقِ، وَلَكِنِّي رَجُلٌ مِطْلَاقٌ، فَأَنْتُنَّ الطُلَّاقُ2. الْمُحَارِبِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يخطب في العيد على بعير، وَرَأَيْتُهُ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ3. مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ: ثَنَا دَاوُدُ بْنُ خُلْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ خَضَبَ بِالسَّوَادِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. أَبُو عَوَانَةَ، وَمِسْعَرٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةٍ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حِينَ مَاتَ الْمُغِيرَةُ يَقُولُ: اسْتَغْفِرُوا لِأَمِيرِكُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْعَافِيَةَ4. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ: رَأَيْتُ زِيَادًا وَاقِفًا عَلَى قَبْرِ الْمُغِيرَةَ، وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّ تَحْتَ الْأَحْجَارِ حَزْمًا وَعَزْمًا ... وَخَصِيمًا أَلَدَّ ذَا مِعْلَاقٍ حَيَّةٌ فِي الْوِجَارِ أَرْبَدُ لَا ينف ... ع مِنْهُ السَّلِيمَ نَفْثَةُ رَاقٍ5 قالْوَا: تُوُفِّيَ الْمُغِيرَةُ بِالْكُوفَةِ أَمِيرًا عَلَيْهَا سَنَةَ خَمْسِينَ، زَادَ بَعْضُهُمْ: فِي شَعْبَانَ. 63- الْمَغِيرَةُ بْنُ نَوْفَلِ، بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ6. وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- قبل الْهِجْرَةِ أَوْ بَعْدَهَا، كُنْيَتُهُ أَبُو يَحْيَى. تَزَوَّجَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بِأُمَامَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ. فَأَوْلَدَهَا يَحْيَى، وَكَانَ قَدْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. وَكَانَ شَدِيدَ الْقُوَّةِ، وَهُوَ الَّذِي أَلْقَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ بِسَاطًا لَمَّا رَآهُ يَحْمِلُ عَلَى النَّاسِ، ثم احتمله وضرب به

_ 1 خبر ضعيف: السير "3/ 31"، البداية والنهاية "8/ 49". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 31" وسنده منقطع. 3 خبر حسن: وأخرجه ابن سعد "6/ 20" في الطبقات الكبرى. 4 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "6/ 21" بنحوه، والسير "3/ 31". 5 أسد الغابة "5/ 249"، السير "3/ 32". 6 انظر: الطبقات اكبرى "5/ 22، 23"، والتاريخ الكبير "7/ 318"، والجرح والتعديل "8/ 231"، وأسد الغابة "4/ 407، 408"، والإصابة "3/ 453".

الْأَرْضَ، وَأَخَذَ مِنْهُ السَّيْفَ. لَهُ حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَوَاهُ أَوْلَادُهُ عَنْهُ. وَذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الصَّحَابَةِ1. "حرف النُّونِ": 64- نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبِ، -4- بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ2. صَاحِبُ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَهُ رِوَايَةُ أَحَادِيثَ يَسِيرَةٍ، وَشَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ. رَوَى عَنْهُ عُروَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، وَيُقَالُ: أَنَّهُ خُزَاعِيُّ، وَلَيْسَ بشيء. 65- نعيمان بْنُ عَمْرِو، بْنِ رِفَاعَةَ الْأَنْصَارِيُّ3، مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ. هُوَ صَاحِبُ الْحِكَايَاتِ الظَّرِيفَةِ وَالْمِزَاحِ، شَهِدَ بَدْرًا. يُقَالُ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. اسْمُهُ النُّعْمَانُ. 66- نُعَيْمُ بْنُ هَمَّارٍ، -د ن- وَيُقَالُ: ابْنُ هَبَّارٍ، وَقِيلَ فِي أَبِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، الْغَطَفَانِيُّ4. شَامِيٌّ لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ، وَقَيْسٌ الْحِذَامِيُّ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، فَلِهَذَا وَهِمَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ: هُوَ تَابِعِيٌّ. 67- النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ، -م4- الْكِلَابِيُّ الْعَامِرِيُّ5. سَكَنَ الشَّامَ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.

_ 1 الاستيعاب "3/ 386"، وأسد الغابة "4/ 408". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 314"، التاريخ الكبير "8/ 106، 107"، أسد الغابة "5/ 4، 5"، والاستيعاب "3/ 571، 572". 3 انظر: التاريخ الكبير "8/ 128"، والاستيعاب "3/ 573"، وأسد الغابة "5/ 26"، والإصابة "3/ 569". 4 انظر: الاستيعاب "3/ 558"، وأسد الغابة "5/ 35"، والإصابة "3/ 569". 5 انظر: التاريخ الكبير "8/ 126"، والجرح والتعديل "8/ 507"، والاستيعاب "3/ 569"، وأسد الغابة "5/ 45"، والإصابة "3/ 576".

"حرف الْوَاوِ": 68- وَائِلُ بْنُ حُجْرِ، -م4- بْنُ سعد، هُنَيْدَةَ الْحَضْرَمِيُّ1. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ لَمَّا دَخَلَ الْكُوفَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَلْقَمَةُ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ، وَوَائِلُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَكُلَيْبُ بْنُ شِهَابٍ، وَآخَرُونَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ عَلَى رَايَةِ حَضْرَمَوْتَ بِصِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ2. وَرَوَى سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْطَعَهُ أَرْضًا، وَأَرْسَلَ مَعَهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ لِيُعَرِّفَهُ بِهَا. قَالَ: فَقَالَ لِي مُعَاوِيَةُ: أَرْدِفْنِي خَلْفَكَ، فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَا تَكُونُ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ، قَالَ: أَعْطِنِي نَعْلَكَ، فَقُلْتُ: انْتَعِلْ ظِلَّ النَّاقَةِ. فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ أَتَيْتُهُ، فَأَقْعَدَنِي مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ فَذَكَّرَنِي الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَيْتَنِي كُنْتُ حَمَلْتُهُ بَيْنَ يَدَيَّ3. 69- وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ، -خ د ق- الْحَبَشِيُّ الْعَبْدُ، مَوْلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ4، وَقِيلَ: مَوْلَى ابْنِهِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ. هُوَ قَاتِلُ حَمْزَةَ، وَقَاتِلُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. لَمَّا أَسْلَمَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي" 5. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ حَرْبٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ. وَسَكَنَ حِمْصَ. "الْكُنَى": 70- أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ، اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ سُفْيَانَ، وَقِيلَ: عَمْرُو بن عبد الله بن

_ 1 انظر: التاريخ الكبير "8/ 175"، والاستيعاب "3/ 646"، وأسد الغابة "5/ 81"، والإصابة "3/ 628". 2 السير "2/ 574". 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "6/ 399". 4 انظر: الجرح والتعديل "9/ 45"، أسد الغابة "5/ 83، 84"، والاستيعاب "3/ 644". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 129"، وأحمد "3/ 501"، والواحدي "194" في أسباب النزول.

سُفْيَانَ1، وَيُقَالُ غَيْرُ ذَلِكَ. لَهُ صُحْبَةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَمِيرًا عَلَى كُرْدُوسٍ، وَكَانَ أَمِيرَ الْمَيْسَرَةِ يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ. رَوَى عَنْهُ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعَمْرٌو الْبِكَالِيُّ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مسلم: ثنا عثمان بن حصن، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عُبَيْدَةَ قَالَ: غَزَا أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ قُبْرُسَ ثَانِيًا سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وعن سنان بن مالك أنه قال لأبي الأعور: إن الأشتر يدعوك إلى مبارزته، فسكت طويلًا ثم قال: إن الأشتر، خفته وسوء رأيه، حملاه على إجلاء عمال عثمان من العراق، ثم سار ألى عثمان، فأعان على قتله، لا حاجة لي بمبارزته. تُوُفِّيَ أَبُو الأعور فِي خلافة مُعَاوِيَة؛ لأني وجدت جَرِيرُ بْنُ عُثْمَان رَوَى عَن عَبْد الرحمن بن أبي عوف الجرشي قال: لما بايع الحسن معاوية قال له عمرو بن العاص وأَبُو الأعور عمرو بن سفيان السلمي: لَوْ أمرت الْحَسَن فتكلم عَلَى النَّاس عَلَى المنبر عيي عَن المنطق، فيزهد فِيهِ النَّاس، فقال معاوية: لا تفعلوا، فوالله لقد رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمص لسانه وشفته، فأَبُوا عَلَى مُعَاوِيَة2. وذكر الحديث، تقدم. 71- أَبُو بُرْدة بن نيار، -ع- بن عمرو بن عُبيد3. اسمه هانئ حليف الأنصار، وَهُوَ بدْري شهد بدرًا والمشاهد بَعْدَها. رَوَى عَنْهُ: ابن أخته البَرَاء بن عازب، وجابر بن عَبْد اللَّهِ، وبشير بن يَسَارٍ، وغيرهم. تُوُفِّيَ بَعْدَ سَنَة اثنتين وَأَرْبَعِينَ. 72- أم حبيبة أم المؤْمِنِينَ بِنْت أَبِي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموية، اسمها رملة4.

_ 1 انظر: التاريخ الكبير "6/ 336"، والجرح والتعديل "6/ 234"، وأسد الغابة "5/ 138"، والإصابة "2/ 540، 541". 2 سبق تخريجه. 3 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 451"، والتاريخ الكبير "8/ 227"، والجرح والتعديل "9/ 99"، والاستيعاب "4/ 17". 4 السير "2/ 35".

رَوَى عنها: أخواها مُعَاوِيَة، وعنبسة، وابن أخيها عَبْد اللَّهِ بن عُتبة، وعُرْوة، وأَبُو صالح السَمَان، وصفيَة بِنْت شيبة، وجماعة. وقد تزوجها أولًا عُبيد اللَّه بن جحش بن رباب الأسدي، حليف بني عَبْد شمس، فولدت مِنْهُ حبيبة بأرض الحبشة في الهجرة، ثُمَّ تُوُفِّيَ عبيد اللَّه وقد تنصّر بالحبشة، فكاتب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النجاشي، فزوّجها بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصدق عَنْهُ أربعمائة دينار في سَنَة ستٍ، وَكَانَ الذي ولي عقد النكاح خالد بن سَعِيد بن العاص بن أمية، وَدَخَلَ بِهَا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَة سبع، وعمرها يومئذ بضع وثلاثون سَنَة1. قَالَ عُروة، عَن أم حبيبة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تزوجها وَهِيَ بالحبشة، زوّجها إياه النجاشي، ومهرها أربعة آلاف درهم من عنده، وبعث بِهَا مع شُرَحْبيل بن حسنة إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجهازها كله من عند النجاشي2. وَقَالَ حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزاب: 33] قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاصَّةً3. قَالَ الْوَاقدي والفسوي وأَبُو القاسم: توفيت أم حبيبة سَنَة أربع وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ المفضل الغلابيّ: توفيت سَنَة اثنتين وَأَرْبَعِينَ. ووَهم من قَالَ: توفيت قبل مُعَاوِيَة بسنة، إِنَّمَا تلك أم سلمة. توفيت أم حبيبة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- بالمدينة عَلَى الصحيح، وقيل: توفيت بدمشق، وكانت قَدْ أتتها تزور أخاها4. 73- أَبُو حثَمة، والد سهل بن أَبِي حثمة الْأَنْصَارِيّ الحارثي، اسمه عامر بن ساعدة5. شهد الخندق وَمَا بَعْدَها، وبعثه النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ وعمر خارصًا6 إلى خيبر

_ 1 السير "2/ 219". 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "2107"، والنسائي "6/ 119"، وأحمد "6/ 427". 3 حديث حسن: وأخرجه الواحدي "733"، "734" في أسباب النزول من طريق آخر. 4 السير "2/ 222". 5 انظر: الاستيعاب "4/ 41"، وأسد الغابة "5/ 169"، الإصابة "4/ 42". 6 الخارص: هو من يحرز، ويحصي التمر المزروع.

غير مرة. تُوُفِّيَ في أول خلافة مُعَاوِيَة. 74- أَبُو رفاعة، -م ن- العدوي1. لَهُ صُحبة ورواية، عداده في البصْريين. رَوَى عَنْهُ: حُمَيد بن هلال، ومحمد بن سِيرين، وصلة بن أشيم، وغيرهم. قَالَ خَلِيفَة: وَهُوَ من فضلاء الصحابة، اسمه عَبْد اللَّهِ بن الحارث بن أسد، من بني عدي الرباب، وقيل: اسمه تميم بن أسَيْد، أخباره في الطبقات، علقتها في منتقى الاستيعاب. وَكَانَ صاحب ليل وعبادة وغزو، استشهد في سرية عليهم عَبْد الرَّحْمَنِ بن سَمُرَة، تهجد فنام عَلَى الطريق فذُبح غيلة2، 3. 75- أَبُو الغادية الجهني، وَجُهَينة قبيلة من قُضاعة، اسمه يَسَارُ بن أزهر -وقيل: ابن سبع- المزني، وقيل: اسمه مسلم4. وفد عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبايعه. وَرَوَى عَنْهُ: ابنه سعد، وكلثوم بن جبر، وخالد بن مَعْدان، والقاسم أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وغيرهم. وَقَالَ ابن عَبْد البر: أدرك النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ غُلَامٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وغيره: هُوَ قاتل عمّار بن ياسر يَوْم صِفّين. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: ثَنَا كُلْثُومُ بن جبر، عن أبي الغادية قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَشْتِمُ عُثْمَانَ، فَتَوَعَّدْتُهُ بِالْقَتْلِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ طَعَنْتُهُ، فوقع، فقتلته5.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 68"، والاستيعاب "4/ 67"، وأسد الغابة "1/ 214"، "5/ 193"، الإصابة "كنى/ 410"، السير "3/ 14". 2 غيلة: غدرا. 3 الطبقات الكبرى "7/ 69"، والسير "3/ 15". 4 انظر: الاستيعاب "4/ 1725"، وأسد الغابة "6/ 237"، السير "2/ 544"، الإصابة "11/ 289". 5 إسناده منقطع، وأخرجه أحمد "4/ 76، 198".

76- أم كلثوم، بِنْت أَبِي بكر الصديق1. تزوجها طلحة بن عُبَيد اللَّه، وَهِيَ أم عائشة بِنْت طلحة. مولدها بَعْدَ موت أَبِي بكر، وتزوجت بَعْدَ طلحة برجل مخزومي، وَهُوَ عَبْد الرَّحْمَنِ ولد عَبْد اللَّهِ بن أَبِي ربيعة بن المغيرة، فولدت لَهُ أربعة أولاد. 77- أُمُّ كُلْثُومَ، بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط2. لها حديث في الصحيحين. وَهِيَ أخت عُثْمَان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لأمه، من المهاجرات الأُوَلُ. لها ترجمة أيضًا في الطبقات لابن سعد. 78- أم كُلْثوم بِنْت عَلِيّ بن أَبِي طالب الهاشمية3. ولدت في حياة جدها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتزوجها عمر وَهِيَ صغيرة، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْم الْقِيَامَةِ إِلَّا سببي ونسبي"4. فَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُمَرَ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ5. وعَبْد اللَّهِ ضعيف الحديث. قَالَ الزُهري وغيره: ولدت لَهُ زيدًا. وَقَالَ ابن إِسْحَاق: تُوُفِّيَ عنها عمر، فتزوجت بعون بن جعفر بن أَبِي طالب، فحدثني أَبِي قَالَ: دَخَلَ الْحَسَن والحسين عليها لَمَّا مات عمر فقالا: إن مكَنت أباك من ذمَتك أنكحك بعض أيتامه، ولئن أردت أن تصيبي بنفسك مالًا عظيمًا لتصيبنه، فلم يزل بِهَا عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حَتَّى زوجها بعون فأحبته، ثُمَّ مات عنها6.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 462"، وأسد الغابة "5/ 611"، والإصابة "4/ 493". 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 462"، وأسد الغابة "5/ 611"، والإصابة "4/ 493". 3 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 463"، الاستيعاب "1954"، وأسد الغابة "7/ 387"، والإصابة "4/ 492". 4 حديث صحيح لغيره: أخرجه ابن سعد "8/ 463" في طبقاته، والحاكم "3/ 142"، والبزار، والطبراني كما في المجمع "9/ 173"، وله شواهد. 5 السير "3/ 501". 6 خبر ضعيف: إسناده منقطع. وأورده ابن الأثير "7/ 388" في أسد الغابة، والمصنف "3/ 501" في السير.

قَالَ ابن إِسْحَاق: فزوجها أَبُوها بمحمد بن جعفر، فمات عنها، ثم زوجها بعبد اللَّه بن جعفر، فماتت عنده. قلت: وَلَمْ يجئها ولد من الإخوة الثلاثة. وَقَالَ الزهري: وَلدَت جارية من محمد بن جعفر اسمها نبتة. وَقَالَ غيره: ولدت لعمر زيدًا ورُقية، وقد انقرضا. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: جئت وقد صَلَّى عَبْد اللَّهِ بن عمر عَلَى أخيه زيد بن عمر، وأمه أم كلثوم بِنْت عَلِيّ1. وَقَالَ حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، إن أم كلثوم وزيد بن عمر ماتا فكفنا، وصلى عليهما سَعِيد بن العاص، يعني إذ كَانَ أمير المدينة2. قَالَ ابن عَبْد البر: إن عمر قَالَ لعلي: زوجنيها أبا حَسَن، فإني أرصد من كرامتها مَا لَا يرصده أحد، قَالَ: فأنا أبعثها إليك، فإن رضيتها فقد زوجتكها، يَعْتَلُّ بصغَرهَا، قَالَ: فبعثها إليه ببرده وَقَالَ لها: قولي لَهُ: هَذَا البرد الذي قلت لك، فقالت لَهُ ذلك، فَقَالَ: قولي لَهُ: قد رضيت، رضي اللَّه عنك، ووضع يده عَلَى ساقها فكشفها، فقالت: أتفعل هَذَا؟ لَوْلا أنك أمير المؤْمِنِينَ لكسرت أنفك، ثُمَّ مضت إِلَى أبيها فأخبرته وقالت: بعثتني إِلَى شيخ سوء، قَالَ: يَا بُنية إِنَّهُ زوجك3. رَوَى نحوًا من هَذَا سفيان بن عُيينة، عَن عمر بن دينار، عَن محمد بن عَلِيّ. 79- أَبُو موسى الأشعري هُوَ عَبْد اللَّهِ بن قيس بن سليم بن حضّار اليماني4، صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قدِم عَلَيْهِ مسلما سَنَة سبع، مع أصحاب السفينتين من الحبشة، وَكَانَ قِدم مكة، فحالف بِهَا أبا أحَيحة سَعِيد بن العاص، ثُمَّ رجع إِلَى بلاده، ثُمَّ خرج منها في خَمْسِينَ من قومه قَدْ أسلموا، فألقتهم سفينتهم والرياح إِلَى أَرْضِ الحبشة، فأقاموا عند جعفر بن أَبِي طالب، ثم قدموا معه.

_ 1 خبر صحيح: وأخرجه البخاري "1/ 102" في الصغير مختصرًا، وابن سعد في الطبقات الكبرى "8/ 464". 2 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "8/ 464، 465" في طبقاته. 3 خبر صحيح: وسبق تخريجه. 4 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 344"، التاريخ الكبير "5/ 22"، الاستيعاب "3/ 979"، وأسد الغابة "3/ 367"، والإصابة "6/ 194".

اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا موسى عَلَى زبيد وعدن، ثُمَّ ولي الْكُوفَة والْبَصْرَة لعمر. وحفظ عَن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكثير، وَعَن أَبِي بكر، وعمر، ومُعاذ، وأبي بن كعب، وَكَانَ من أجِلاء الصحابة وفضلائهم1. رَوَى عَنْهُ: أنس، وَرِبْعي بن حِراش، وسَعِيد بن المسيب، وزَهدم الجرمي، وخلق كثير، وبنوه أَبُو بكر، وأَبُو بردة، وَإِبْرَاهِيم، وموسى. وفُتحت أصبهان عَلَى يده وتُسْتر وغير ذلك، وَلَمْ يكن في الصحابة أطيب صوتًا مِنْهُ. قَالَ سَعِيد بن عَبْد العزيز: حدثني أَبُو يوسف صاحب مُعَاوِيَة، أن أبا موسى قِدم عَلَى مُعَاوِيَة، فنزل في بعض الدُور بدمشق، فخرج مُعَاوِيَة من الليل يتسمع قراءته2. وَقَالَ الهيثم بن عدي: أسلم أَبُو موسى بمكة، وهاجر إِلَى الحبشة. وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بن بُرَيدة كَانَ أَبُو موسى قصيرًا أثطَ3 خفيف الجسم4 وَلَمْ يذكره ابن إِسْحَاق فيمن هاجر إِلَى الحبشة وَقَالَ أَبُو بُرْدَة، عَن أَبِي موسى قَالَ: قَالَ لنا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا قدِمْنا حين افتتحت خيبر: "لَكُمُ الْهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ، هَاجَرْتُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَهَاجَرْتُمْ إلي" 5. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ غَدًا قَوْمٌ أَرَقُّ قُلُوبًا لِلْإِسْلَامِ مِنْكُمْ"، قَالَ: فَقَدِمَ الْأَشْعَرِيُّونَ، فِيهِمْ أَبُو مُوسَى، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ جَعَلُوا يَرْتَجِزُونَ: غَدًا نَلْقَى الْأَحِبَّةْ ... مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ

_ 1 السير "2/ 381، 382". 2 خبر حسن: وانظر السير "2/ 382". 3 أثط: خفيف شعر اللحية. 4 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "4/ 105" في الطبقات الكبرى، وأورده الذهبي "2/ 383" في السير. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 371، 372"، ومسلم "2502"، وأحمد "4/ 395، 412"، وابن سعد "4/ 106"، في الطبقات.

فَلَمَّا أَنْ قَدِمُوا تَصَافَحُوا، فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ الْمُصَافَحَةَ1. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا عِيَاضٌ الأَشْعَرِيُّ، عَنْ أبي موسى قال: لما نزل: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُمْ قَوْمُكَ يَا أَبَا مُوسَى"2. صححه الحَاكم. وعياض نَزَلَ الْكُوفَة، مختَلف في صحبته، بقي إِلَى بَعْدَ السبعين، رواه ثقات، عَن شُعْبة بن سِماك، عَن عياض فَقَالَ: عَن أَبِي موسى. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ قَائِمٌ، وَإِذَا رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي، فَقَالَ لِي: "يَا بُرَيدَةُ أَتُرَاهُ يُرَائِي"، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "بَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ مُنِيبٌ"، ثُمَّ قَالَ: "لَقَدْ أُعْطِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرَ دَاوُدَ" 3، فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ أَبُو مُوسَى، فَأَخْبَرْتُهُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، فِي قِصَّةِ جَيْشِ أَوْطَاسٍ4 أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلًا كَرِيمًا" 5. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِنْ مَزَامِيرَ آلِ دَاوُدَ" 6. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَرَأَ أَبُو مُوسَى لَيْلَةً فَقَامَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَمِعْنَ لِقِرَاءَتِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: لو علمت لحبرته تحبيرًا ولشوقت تشويقًا7.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "3/ 155، 222"، "3/ 251، 262"، وابن سعد "4/ 106" في طبقاته. 2 حديث حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 107"، في طبقاته، والحاكم "2/ 313"، وصححه، وأقره الذهبي. 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "793"، وأحمد "5/ 349". 4 أوطاس: المراد غزوة حنين. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 34"، ومسلم "2498". 6 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 450"، والنسائي "2/ 180"، وابن ماجه "1341". 7 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 108" في الطبقات الكبرى.

وقال أبو البختري: سَأَلْنَا عَلِيًّا عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَن أَبِي مُوسَى فَقَالَ: صُبِغَ فِي الْعِلْمِ صِبْغَةً ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ. وَقَالَ الأعلم بن يزيد: لَمْ أر بالْكُوفَة أعلم من عَلِيّ وأبي موسى. وَقَالَ مسروق: كَانَ القضاء في أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ستة: عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي، وزيد بن ثابت، وأبي موسى1. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: قضاة هَذِهِ الأمة أربعة: عمر، وعلي، وزيد بن ثابت، وأَبُو موسى2. وَقَالَ الْحَسَن: مَا قدِم الْبَصْرَةَ راكبٌ خيرٌ لأَهْلها من أَبِي موسى3. وَقَالَ قَتَادة: بلغ أبا موسى أن ناسًا يمنعهم من الجمعة أنه ليس لهم ثياب، قَالَ: فخرج عَلَى النَّاس في عباءة. وَقَالَ ابن شَوذَب: دَخَلَ أَبُو موسى الْبَصْرَةَ عَلَى جمل أورق، وعليه خَرَج لَمَّا عُزل. قلت: عزله عُثْمَان عنها، وأمر عليها عَبْد اللَّهِ بن عامر. وَقَالَ أَبُو بُرْدة: سمعت أَبِي يقسم باللَّه أَنَّهُ مَا خرج حين نزع عن البصرة إلا بستمائة درهم. وَقَالَ أَبُو سلمة بن عَبْد الرَّحْمَنِ: كَانَ عمر ربّما قَالَ لأبي موسى: ذكرنا يَا أبا موسى، فيقرأ. وَقَالَ أَبُو عُثْمَان النهدي: مَا سمعت مزمارًا وَلَا طنبورًا وَلَا صنجًا4 أحسن من صوت أَبِي موسى، إن كَانَ ليُصلي بنا، فنودّ أَنَّهُ قرأ "البقرة" من حُسْن صوته. رواه سليمان التيمي، عَن أبي عثمان5.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه أبو زرعة "504"، برقم "1922" في تاريخ دمشق، وأورده المصنف "2/ 388" في السير. 2 السير "2/ 389". 3 السابق "2/ 390". 4 الصنج: هو قرص مدور من نحاس يضرب به على آخر، فيحدث صوتا ذا رنين. 5 السير "2/ 392".

وَعَن أَبِي بُردة قَالَ: كَانَ أَبُو موسى لَا تكاد تلقاه في يَوْم حارّ إِلَّا صائمًا. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: ثَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اجْتَهَدَ الأَشْعَرِيُّ قَبْلَ مَوْتِهِ اجْتِهَادًا شَدِيدًا، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ رَفَقْتَ بِنَفْسِكَ؟ قَالَ: إِنَّ الْخَيْلَ إِذَا أُرْسِلَتْ فَقَارَبَتْ رَأْسَ مَجْرَاهَا أَخْرَجَتْ جَمِيعَ مَا عِنْدَهَا، وَالَّذِي بَقِيَ مِنْ أَجَلِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ1. وَقَالَ أَبُو صالح بن السَمَان: قَالَ عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- في أمر الحَكَمين: يَا أبا موسى أحكم وَلَوْ عَلَى حَزِّ عُنُقي. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ الْبَكْرِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيْهِ: سَلامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَدْ بَايَعَنِي عَلَى مَا أُرِيدُ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ بَايَعْتَنِي عَلَى الَّذِي بَايَعَنِي عَلَيْهِ، لأَسْتَعْمِلَنَّ أَحَدَ ابْنَيْكَ عَلَى الْكُوفَةَ وَالآخَرَ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَلا يُغْلَقُ دُونَكَ بَابٌ، وَلا تُقْضَى دُونَكَ حَاجَةٌ، وَقَدْ كَتَبْتُ إِلَيْهِ بِخَطِّ يَدِي، فَاكْتُبْ إِلَيَّ بِخَطِّ يَدِكَ، قَالَ: فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ إِنَّمَا تَعَلَّمْتُ الْمُعْجَمَ بَعْدَ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ كِتَابًا مِثْلَ الْعَقَارِبِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ فِي جَسِيمِ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، فَمَاذَا أَقُولُ لِرَبِّي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِ، لَيْسَ لِي فِيمَا عَرَضْتُ مِنْ حَاجَةٍ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ. قَالَ أَبُو بُرْدة: فلما ولي مُعَاوِيَة أتيته، فما أغلق دوني بابًا، وقضي حوائجي2. قَالَ أَبُو نُعَيم، وابن نُمَيْر وأَبُو بكر بن أَبِي شيبة، وقَعْنَب: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ الهيثم: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وَأَرْبَعِينَ، وحكاه ابن مَنْده. وَقَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وخمسين. وَقَالَ المدائني: تُوُفِّيَ سَنَة ثلاث وخمسين3.

_ 1 خبر حسن: السير "2/ 393". 2 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "4/ 111، 112" في طبقاته من طريق آخر. 3 السير "2/ 397".

الطبقة السادسة الحوادث من سنة 51 إلى60

الطبقة السادسة: الحوادث من سنة 51 إلى 60 حَوَادِثُ سَنَة إحدى وخمسين: تُوُفِّيَ فِيهَا: زيد بن ثابت في قول. وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. وَجَرِيرُ بْنُ عَبْد اللَّهِ البجلي - بخلف. وعُثْمَان بن أَبِي العاص الثقفي. وأَبُو أيوب الْأَنْصَارِيّ. وكعب بن عُجْرة - في قول. وميمونة أم المؤْمِنِينَ. وعمرو بن الحَمِق في قول. وقُتل حُجْر بن عديّ وأصحابه، كما في ترجمته. ورافع بن عمر الغِفاري، وَيُقَالُ: سَنَة ثلاث، وله خمس وسبعون سَنَة. وَفِيهَا حج بالنَّاس مُعَاوِيَة وأخذهم ببيعة يزيد. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ. قَالَ: قَدِمَ زِيَادٌ الْمَدِينَةَ فَخَطَبَهُمْ وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَسُنَ نَظَرُهُ لَكُمْ، وَأَنَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مَفْزَعًا تَفْزَعُونَ إِلَيْهِ، يَزِيدُ ابْنُهُ. فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: يا معشر بني أمية اختاروا منها بَيْنَ ثَلاثَةً، بَيْنَ سُنَّةِِ رَسُولِ اللَّهِ، أَوْ سُنَّةِ أَبِي بَكْرٍ، أَوْ سُنَّةِ عُمَرَ، إِنَّ هَذَا الأَمْرَ قَدْ كَانَ، وَفِي أَهْلِ بَيْتِ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لَوْ وَلاهُ ذَلِكَ، لَكَانَ لِذَلِكَ أَهَلا، ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ مَنْ لَوْ وَلاهُ، لَكَانَ لِذَلِكَ أَهْلا، فَوَلاهَا عُمَرَ فَكَانَ بَعْدَهُ، وَقَدْ كَانَ فِي أَهْلِ بَيْتِ عُمَرَ مَنْ لَوْ وَلاهُ ذَلِكَ، لَكَانَ لَهُ أَهْلًا، فَجَعَلَهَا فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَلَّا وَإِنَّمَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَجْعَلَوْهَا قَيْصَرِيَّةً، كُلَّمَا

مَاتَ قَيْصَرُ كَانَ قَيْصَرُ، فَغَضِبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَقَالَ لعَبْد الرَّحْمَنِ: هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 17] فَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَذَبْتَ، إِنَّمَا أَنْزَلَ ذَلِكَ فِي فُلانٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَعَنَ أَبَاكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ1. وَقَالَ سالم بن عَبْد اللَّهِ: لَمَّا أرادوا أن يبايعوا ليزيد قَامَ مروان فَقَالَ: سَنَة أَبِي بكر الراشدة المهديّة، فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: ليس بسُنّة أَبِي بكر، وقد ترك أَبُو بكر الأهل والعشيرة، وعدل إِلَى رَجُلٌ من بني عديّ، أن رأي أَنَّهُ لذلك أَهْلًا، ولكنها هِرَقْلية. وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ قَالَ: لَمَّا أَجْمَعَ مُعَاوِيَةُ عَلَى أَنْ يبايع لابنه حَجَّ، فَقَدِمَ مَكَّةَ فِي نَحْوِ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ ابْنَهُ يَزِيدَ فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْهُ؟ ثُمَّ ارْتَحَلَ فَقَدِمَ مَكَّةَ، فَقَضَى طَوَافَهُ، وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَبَعَثَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَتَشَهَّدَ وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا ابْنَ عُمَرَ، إِنَّكَ كُنْتَ تُحَدِّثُنِي أَنَّكَ لا تُحِبُّ تَبِيتُ لَيْلَةً سَوْدَاءَ، لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا أَمِيرٌ، وَإِنِّي أُحَذِّرُكَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، أَوْ تَسْعَى فِي فَسَادِ ذَاتَ بَيْنِهِمْ. فَحَمِدَ ابْنُ عُمَرَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ قَدْ كَانَتْ قَبْلَكَ خُلَفَاءُ لَهُمْ أَبْنَاءٌ، لَيْسَ ابْنُكَ بِخَيْرٍ مِنْ أَبْنَائِهِمْ، فَلَمْ يَرَوْا فِي أَبْنَائِهِمْ مَا رَأَيْتَ فِي ابْنِكَ، وَلَكِنَّهُمْ اخْتَارُوا لِلْمُسْلِمِينَ حَيْثُ عَلِمُوا الْخِيَارَ، وَإِنَّكَ تُحَذِّرُنِيَ أَنْ أَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ أَكُنْ لأَفْعَلْ، إِنَّمَا أنا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى أَمْرٍ فَإِنَّمَا أنا رَجُلٌ مِنْهُمْ. فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَخَرَجَ ابْنُ عُمَرَ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ أَخَذَ فِي الْكَلامِ، فَقَطَعَ عَلَيْهِ كَلامَهُ، وَقَالَ: إِنَّكَ وَاللَّهِ لَوْدِدْتُ أنا وَكَّلْنَاكَ في أمر ابنك إلى الله، وَإِنَّا وَاللَّهِ لا نَفْعَلُ، وَاللَّهِ لَتَرُدُنَّ هَذَا الأَمْرَ شُورَى فِي الْمُسْلِمِينَ، أَوْ لنُعِيدُنَّهَا عَلَيْكَ جذعة2، ثُمَّ وَثَبَ وَمَضَى، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُمَّ اكْفَنِيهِ بِمَا شِئْتَ، ثُمَّ قَالَ: عَلَى رَسْلِكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، لَا تُشْرِفْنَ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَسْبِقُونِي بِنَفْسِكَ، حَتَّى أُخْبِرُ الْعَشِيَّةَ أنك قد بايعت،

_ 1 إسناده منقطع. 2 جذعة: يقال: أعدت الأمر جذعا: جديدا كما بدأ.

ثُمَّ كُنْ بَعْدُ عَلَى مَا بَدَا لَكَ مِنْ أَمْرِكَ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: يَا بْنَ الزُّبَيْرِ، إِنَّمَا أَنْتَ ثَعْلَبٌ رَوَاغٌ، كُلَّمَا خَرَجَ مُنْ حُجْرٍ دَخَلَ آخَرَ، وَإِنَّكَ عَمَدْتَ إِلَى هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَنَفَخْتُ فِي مَنَاخِرِهِمَا وَحَمَلْتَهُمَا عَلَى غَيْرِ رَأْيِهِمَا. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنْ كُنْتَ قَدْ مَلِلْتَ الإِمَارَةَ فَاعْتَزِلْهَا، وَهَلُمَّ ابْنَكَ فَلنُبَايِعْهُ، أَرَأَيْتَ إِذَا بَايَعْنَا ابْنَكَ معك لأيكما تسمع ونطيع! لا نجمع الْبَيْعَةُ لَكُمَا أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ. وَصَعَدَ مُعَاوِيَةُ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّا وَجَدْنَا أَحَادِيثَ النَّاسِ ذَاتَ عَوَارٍ1، زَعَمُوا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، لَنْ يُبَايِعُوا يَزِيدَ، وَقَدْ سَمِعُوا وَأَطَاعُوا وَبَايَعُوا لَهُ، فَقَالَ أَهْلُ الشَّامُ: وَاللَّهِ لا نرضى حتى يبايعوا على رؤوس الأَشْهَادِ، وَإِلَّا ضَرَبْنَا أَعْنَاقَهُمْ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى قُرَيْشٍ بِالشَّرِّ، لا أَسْمَعُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ بَعْدَ الْيَوْمِ، ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالَ النَّاسُ: بَايَعَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ أَبِي بَكْرٍ وَهُمْ يَقُولَوْنَ: لا وَاللَّهِ مَا بَايَعْنَا. فَيَقُولَ النَّاسُ: بَلَى، وَارْتَحَلَ مُعَاوِيَةُ فَلَحِقَ بِالشَّامِ2. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ، فَذَكَرَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَيُبَايِعَنَّ أَوْ لأَقْتُلَنَّهُ، فَخَرَجَ إليه ابنه عبد الله فأخبره، فبكى ابن عمر، فقدم معاوية مكة، فنزل بذي طوى، فخرج إليه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّكَ تَقْتُلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ إِنْ لَمْ يُبَايِعْ ابْنَكَ -فَقَالَ: أنا أَقْتُلُ ابْنَ عُمَرَ! وَاللَّهِ لا أَقْتُلُهُ3. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ بُويِعَ يَزِيدُ: إِنْ كَانَ خَيْرًا رَضِينَا، وَإِنْ كَانَ بَلاءً صَبَرْنَا. وَقَالَ جُوَيْرية بن أسماء: سمعت أشياخ أَهْل المدينة يحدّثون: أنّ مُعَاوِيَة لَمَّا رحل عَن مَر4 قَالَ لصاحب حَرَسِه: لَا تدع أحدًا يسير معي إِلَّا من حملته أنا، فخرج يسير وحده حَتَّى إذا كَانَ وسط الأراك5، لقيه الحسين -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فوقف وقال: مرحبًا

_ 1 عوار: أخطاء وآثام. 2 خبر حسن: وأخرجه خليفة بن خياط "ص/ 213، 214" في تاريخه. 3 خبر صحيح: وانظر السابق. 4 اسم مكان بينه وبين مكة خمسة أميال، كما في معجم البلدان "5/ 104". 5 شجر السواك، وهو بموضع اسمه: وادي الأراك قريبا من مكة المكرمة.

وَأَهْلًا بابن بِنْت رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسيّد شباب المسلمين، دابة لأبي عَبْد اللَّهِ يركبها، فأتي بِبرذوْن فتحول عَلَيْهِ، ثُمَّ طلع عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي بكر، فَقَالَ: مرحبًا وَأَهْلًا بشيخ قريش وسيدها وابن صِديق الأمة، دابةً لأبي محمد، فأتي ببرْذَوْن فركبه، ثُمَّ طلع ابن عمر، فَقَالَ: مرحبًا وَأَهْلًا بصاحب رَسُول اللَّهِ، وابن الفاروق، وسيد المسلمين، فدعا لَهُ بدابّة فركبها، ثُمَّ طلع ابن الزُّبير، فَقَالَ: مرحبًا وَأَهْلًا بابن حواريّ رَسُول اللَّهِ، وابن الصدّيق، وابن عمّة رَسُول الله، ثُمَّ دعا لَهُ بدابة فركبها، ثُمَّ أقبل يسير بينهم لَا يسايره غيرهم، حَتَّى دَخَلَ مكة، ثُمَّ كانوا أول داخل وآخر خارج، وليس في الأرض صباح إِلَّا أولاهم حباءً وكرامة، وَلَا يعرض لهم بذكر شيء، حَتَّى قضى نُسكه وترحلت أثقاله، وقَرب سيره، فأقبل بعض القوم عَلَى بعض فَقَالَ: أيها القوم لا تخدعوا، إنّه واللَّه مَا صنع بكم مَا صنع لحبكم وَلَا لكرامتكم، وَلَا صنعه إِلَّا لَمَّا يريده، فأعدّوا لَهُ جوابًا1. وأقبلَوْا عَلَى الحسين فقالْوَا: أنت يَا أبا عَبْد اللَّهِ! فَقَالَ: وفيكم شيخ قريش وسيدها هُوَ أحق بالكلام. فقالْوَا لعَبْد الرَّحْمَنِ: يَا أبا محمد، قَالَ: لست هناك، وفيكم صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسيد المرسلين. فقالْوَا لابن عمر: أنت، قَالَ: لست بصاحبكم، ولكن وَلَّوُا الكلام ابن الزبير، قَالَ: نعم إن أعطيتموني عهودكم أن لَا تخالفوني، كفيتكم الرجل، قالْوَا: ذاك لك. قَالَ: فأذِن لهم وَدَخَلُوا، فحمد اللَّه مُعَاوِيَة وأثني عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ علمتم مسيري فيكم، وصِلَتي لأرحامكم، وصفحي عَنْكُم، ويزيد أخوكم، وابن عمَكم، وأحسن النَّاس فيكم رأيًا، وإنما أردت أن تقدموه، وأنتم الذين تنزعون وتؤمرون وتقسمون، فسكتوا، فَقَالَ: ألَّا تجيبوني! فسكتوا، فأقبل عَلَى ابن الزبير فقال: هات يابن الزبير، فإنك لعَمْري صاحب خطبة القوم. قَالَ: نعم يَا أمير المؤْمِنِينَ، نخيرك بَيْنَ ثلاث خصال، أيها مَا أخذتَ فهو لك، قَالَ: للَّهِ أَبُوك، اعرضهنّ، قَالَ: إن شئتَ صُنع مَا صنع رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ صُنع مَا صنع أَبُو بكر، وإن شئت صُنع مَا صنع عمر. قَالَ: مَا صنعوا؟ قَالَ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يعهد عهدًا، وَلَمْ يستخلف أحدًا، فارتضي المسلمون أبا بكر. فَقَالَ: إِنَّهُ ليس فيكم الْيَوْم مثل أَبِي بكر، إن أبا بكر كَانَ رجلًا تُقطع دونه الأعناق، وإني لست آمن عليكم الاختلاف. قَالَ: صدقت، واللَّه مَا نحب أن تدعنا، فاصنع ما

_ 1 خبر ضعيف: فيه جهالة الرواة.

صنع أَبُو بكر. قَالَ: للَّهِ أَبُوك وَمَا صنع؟ قَالَ: عمد إِلَى رَجُلٌ من قاصية1 قريش، ليس من رهطه فاستخلفه، فإن شئت أن تنظر أي رَجُلٌ من قريش شئت، ليس من بني عَبْد شمس، فنرضى بِهِ. قَالَ: فالثالثة مَا هِيَ؟ قَالَ: تصنع مَا صنع عمر. قَالَ: وَمَا صنع؟ قَالَ: جعل الأمر شورى في ستة، ليس فِيهِم أحد من ولده، وَلَا من بني أبيه، وَلَا من رهطه. قَالَ: فهل عندك غير هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فأنتم؟ قالْوَا: ونحن أيضَا. قَالَ: أما بَعْدَ، فإني أحببت أن أتقدم إليكم، أَنَّهُ قَدِ أعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ، وأَنَّهُ قَدْ كَانَ يقوم القائم منكم إِلَى فيكذبني عَلَى رؤوس النَّاس، فأحتمل لَهُ ذلك، وإني قائم بمقالة، إن صدقتُ فلي صدقي، وإن كذبتُ فعلي كذبي، وإني أقسم باللَّه لئن ردّ عَلِيّ إنسان منكم كلمة في مقامي هَذَا أَلَّا ترجع إليه كلمته حَتَّى يسبق إِلَى رأسه، فلا يرعين رَجُلٌ إِلَّا عَلَى نَفْسَهُ، ثُمَّ دعا صاحب حَرسَه فَقَالَ: أقم عَلَى رأس كل رَجُلٌ من هؤلاء رجلين من حرسك، فإن ذهب رَجُلٌ يرد عَلَى كلمة في مقامي، فليضربا عنقه، ثُمَّ خرج، وخرجوا معه، حَتَّى رقي الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم، لَا يُستبد بأمر دونهم، وَلَا يُقضى أمر إِلَّا عَن مشورتهم، أَنَّهُم قَدْ رضوا وبايعوا ليزيد ابن أمير المؤْمِنِينَ من بَعْده، فبايعوا بسم اللَّه، قَالَ: فضربوا عَلَى يده بالمبايعة، ثُمَّ جلس عَلَى رواحله، وانصرف النَّاس فلقوا أولئك النفر فقالْوَا: زعمتم وزعمتم، فلما أرضيتم وحييتم فعلتم، فقالوا: إنا واللَّه مَا فعلنا. قالْوَا: مَا منعكم؟ ثم بايعه الناس2، 3.

_ 1 قاصية: آخر، أو أدنى. 2 خبر ضعيف: سبق تخريجه. 3 انظر: البداية "8/ 56-58"، تاريخ الطبري "5/ 270-276"، الكامل "3/ 490"، صحيح التوثيق "5/ 60".

حوادث سنة اثنتين وخمسين

حوادث سَنَة اثنتين وخمسين: تُوُفِّيَ فِيهَا: أَبُو بكرة الثقفي، في قول. وعمران بن حُصَين. وكعب بن عجرة ومعاوية بن حديج. وسَعِيد بن زيد، في قول.

وسفيان بن عوف الأزدي أمير الصوائف1. وحُوَيطب بن عبد العزى القرشي. وأبو قتادة الحارث بن رِبْعي الْأَنْصَارِيّ، بخُلْف فيهما. وَرُوِيَفع بن ثابت، أمير برقة. وَفِيهَا وُلد يزيد بن أَبِي حبيب فقيه أَهْل مصر. وَفِيهَا صالح عبيد اللَّه بن أَبِي بكرة الثقفي رتبيل وبلاده عَلَى ألف ألف درهم، وأقام الحج سَعِيد بن العاص. وَفِيهَا، أَوْ في حدودها، قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَن جَرِيرُ بْنُ يزيد قَالَ: خرج قريب وزحاف2 في سبعين رجلًا في رمضان فأتوا بني ضُبيعة، وهم في مسجدهم بالبصرة، فقتلوا رؤبة بن المخبل. قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: فحدثني الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد: أن رؤبة قَالَ في العشية التي قُتِلَ فِيهَا، لرجل في كلام: إن كنت صادقًا فرزقني اللَّه الشهادة قبل أن أرجع إِلَى بيتي3. قَالَ جَرِيرُ: عَن قطن بن الأزرق، عَن رَجُلٌ منهم، قَالَ: مَا شعرنا وإنا لقيام في المسجد، حَتَّى أخذوا بأَبُواب المسجد ومالْوَا في النَّاس، فقتلَوْهم، فوثب القوم إِلَى الجُدُر، وصعد رَجُلٌ المنارة فجعل ينادي: يَا خيل اللَّه اركبي، قَالَ: فصعدوا فقتلَوْه، ثُمَّ مضوا إِلَى مسجد المعاول، فقتلَوْا من فِيهِ، فحدثني جَرِيرُ بْنُ يزيد، أَنَّهُم انتهوا إِلَى رحبة بني عَلِيّ، فخرج عليهم بنو عَلِيّ، وكانوا رُماة، فرموهم بالنبل حَتَّى صرعوهم أجمعين4. قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: واشتد زياد بن أبيه في أمر الحَرُورية، بَعْدَ قُتِلَ قريب وزحاف فقتلهم، وأمر سَمُرَة بن جندب بقتلهم، فقتل منهم بشرًا كثيرًا. قَالَ أَبُو عبيدة: زحاف: طائي، وقريب: أودي.

_ 1 الصوائف: جمع صائفة، وهي الهجوم على العدو في فترة الصيف، والمرابطة على الثغور في هذه الفترة من العام. 2 كلاهما من الخوارج، إحدى الفرق الضالة. 3 خبر صحيح: وأخرجه خليفة "219، 220" في تاريخه. 4 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة. وانظر تاريخ خليفة "220".

حوادث سنة ثلاث وخمسين

حَوَادِثُ سَنَة ثلاث وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: فَضَالَةُ بن عبيد الأنصاري، وقيل: سَنَة تسع. والضحاك بن فيروز الديلمي. وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي بكر الصدَيق، بمكة. وزياد بن أبيه. وعمرو بن حزم الْأَنْصَارِيّ، بخُلف فِيهِ. وَفِيهَا بَعْدَ موت زياد استعمل مُعَاوِيَة عَلَى الْكُوفَة الضحاك بن قيس الفِهْري، وعلى الْبَصْرَةِ سَمُرَة بن جندب، وعزل عُبيد اللَّه بْنَ أَبِي بَكْرَةَ عَن سِجِسْتَانَ وَوَلاهَا عباد بن زياد، فغزا ابن زياد القنُدُهار1 حَتَّى بلغ بيت الذهب، فجمع لَهُ الهند جمعًا هائلًا، فقاتلهم فهزمهم، وَلَمْ يزل عَلَى سجستان حَتَّى تُوُفِّيَ مُعَاوِيَة. وَفِيهَا شتى عَبْد الرَّحْمَنِ بن أم الحَكَم بأرض الروم. وأقام الموسم سَعِيد بن العاص. وَفِيهَا أمر مُعَاوِيَة عَلَى خُراسان عُبيد اللَّه بن زياد. وَفِيهَا قُتِلَ عائذ بن ثعلبة الْبَلَوِيُّ، أحد الصحابة، قتله الروم بالبُرلُس. يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنْبَأَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ -أَوْ عَن أُمِّهِ- أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ اتَّخَذَتْ خِنْجَرًا زَمَنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ لِلصُوصِ، وَكَانُوا قَدِ اسْتَعَزُّوا بِالْمَدِينَةِ، فَكَانَتْ تجعله تحت رأسها2، 3.

_ 1 بلدة من أعمال السند قديما كما في معجم البلدان "4/ 402". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 253" في طبقاته، والحاكم "4/ 64" في مستدركه. 3 انظر أحداث هذه السنة: تاريخ الطبري "5/ 280-292"، صحيح التوثيق "5/ 60، 61".

حوادث سنة أربع وخمسين

حَوَادِثُ سَنَة أربع وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: جبير بن مطعم. وَفِيهَا: أسامة بن زيد، عَلَى الصحيح. وثوبان مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعمرو بن حزم. وَفِيهَا حسان بن ثابت. وعَبْد اللَّهِ بن أنيْس الجُهَني. وسَعِيد بن يربوع المخزومي. وحكيم بن حزام. ومخرمة بن نوفل. وَفِيهَا بخُلف: حُوَيطب بن عَبْد العُزي، وأَبُو قتادة الحارث بن رِبْعي. وَفِيهَا عُزل عَن المدينة سَعِيد بن العاص بمروان. وَفِيهَا غزا عُبيد اللَّه بن زياد، فقطع النهر إِلَى بُخارى، وافتتح رَاميثَن1، ونصف، بيْكند2، فقطع النهر عَلَى الإبل، فكان أول عربي قطع النهر. وَفِيهَا وجه الضحاك بن قيس من الْكُوفَة مَصْقلة بن هبيرة الشيباني إلى طبرستان، فصالح أهلها على خمسمائة ألف درهم. وَفِيهَا عزل مُعَاوِيَة عَن الْبَصْرَةِ سَمُرَة، بعَبْد اللَّهِ بْن عمرو بن غيلان الثقفي. وحج بالنَّاس مروان. وَفِيهَا تُوُفيت سَوْدة أم المؤْمِنِينَ في قول، وقد مرت في خلافة عمر3.

_ 1، 2 أسماء بلاد صغيرة في جهة بلاد خراسان القديم. 3 انظر: تاريخ الطبري "5/ 292، 293"، تاريخ خليفة "ص/ 223"، صحيح التوثيق "5/ 61".

حوادث سنة خمس وخمسين

حَوَادِثُ سَنَة خمس وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: زيد بن ثابت في قول المدائني. وسعد بن أبي وقاص، على الأصح. والأرقم بن أَبِي الأرقم، في قول. وأَبُو اليَسَر. وكعب بن عمرو السلمي. وَفِيهَا عزل عَن الْبَصْرَةِ عبيد اللَّه الثقفي، ووليها عُبيد اللَّه بن زياد. وَفِيهَا غزا يزيد بن شجرة الرَهاوي، فقُتل، وقيل: لَمْ يُقْتل، إِنَّمَا قُتِلَ في سَنَة ثمان وخمسين. وأقام الحج مروان بن الحكم. وشتى بأرض الروم مالك بن عبد الله1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "5/ 301"، صحيح التوثيق "5/ 62".

حوادث سنة ست وخمسين

حَوَادِثُ سَنَة ست وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: عبد الله بن قرط الثُمالي. وجُوَيرية أم المؤْمِنِينَ المصْطَلقية، وقيل: توفيت سَنَة خَمْسِينَ. وَفِيهَا: إِسْحَاق بن طلحة بن عُبَيد اللَّه. وَفِيهَا: وُلد أَبُو جعفر محمد بن عَلَى، وعمرو بن دينار. وقد مر أن مُعَاوِيَة وَلَّى عَلَى البصرة عُبيد اللَّه بن زياد، فعزله في هَذِهِ السنة عَن خراسان، وأمَّر عليها سَعِيد بن عُثْمَان بن عفان، فغزا سَعِيد ومعه المهلب بن أَبِي صُفرة الأزدي، وطلحة الطلحات، وأوس بن ثعلبة سمرقند، وخرج إليه الصُغد فقاتلَوْه، فألجأهم إِلَى مدينتهم، فصالحوه وأعطوه رهائن. وَفِيهَا شتى المسلمون بأرض الروم. وَفِيهَا اعتمر مُعَاوِيَة في رجب. وَفِيهَا تُوفيت الكلابية1 التي تزوجها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستعاذت مِنْهُ، ففارقها، أرَّخها الواقدي2.

_ 1 سبق ذكرها في "السيرة النبوية". 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 303"، البداية والنهاية "8/ 86"، صحيح التوثيق "5/ 63".

حوادث سنة سبع وخمسين

حَوَادِثُ سَنَة سبع وخمسين: فِيهَا تُوفيت أم المؤْمِنِينَ عائشة، أَوْ في سَنَة ثمان. وَفِيهَا: السائب بن أبي وداعة السهمي. ومعتب بن عوف بن الحمراء. وعَبْد اللَّهِ بن السعدي العامري. وفي قول: أَبُو هريرة. وَفِيهَا: كعب بن مرة، أَوْ مرة بن كعب البهزي. وقثم بن العباس. وَيُقَالُ تُوُفِّيَ فِيهَا سَعِيد بن العاص. وعَبْد اللَّهِ بن عامر بن كريز. وَفِيهَا عُزِل الضحاك عَن الْكُوفَة، ووليها عَبْد الرَّحْمَنِ بن أم الحكم. وَفِيهَا وجه مُعَاوِيَة حسان بن النعمان الغساني إِلَى إفريقية، فصالحه من يليه من البربر، وضرب عليهم الخراج، وبقي عليها حَتَّى تُوُفِّيَ مُعَاوِيَة. وَفِيهَا عزل مُعَاوِيَة مروان عَن المدينة، وأمَّر عليها الْوَليد بن عُتْبة بن أَبِي سفيان، وعزل عَن خُراسان سَعِيد بن عُثْمَان، وأعاد عليها عُبيد اللَّه بن زياد. وشتى عَبْد الله بن قيس بأرض الروم1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 224"، تاريخ الطبري "5/ 308"، صحيح التوثيق "5/ 64".

حوادث سنة ثمان وخمسين

حَوَادِثُ سَنَة ثمان وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: شداد بن أوس. وعَبْد اللَّهِ بن حوالة. وعُبيد اللَّه بن العباس. وعُقْبة بن عامر الجُهَني. وأَبُو هريرة. ويزيد بن شجرة الرَهاوي. وجُبَير بن مطعم، في قول المدائني. وَفِيهَا غزا عُقْبة بن نافع من قِبَل مَسْلمة بن مخلد، فاختط1 مدينة القيروان وابتناها. وصلى أبو هريرة عَلَى عائشة، وَكَانَ مروان غائبًا في العُمرة. وَفِيهَا حج بالنَّاس الْوَليد بن عُتبة2.

_ 1 اختط: أو وضع خريطة لتأسيس بناء الشيء. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 224"، وتاريخ الطبري "5/ 308"، صحيح التوثيق "5/ 64".

حوادث سنة تسع وخمسين

حَوَادِثُ سَنَة تسع وخمسين: فِيهَا تُوُفِّيَ: سَعِيد بن العاص الأموي، عَلَى الصحيح. وجُبير بن مُطعم، في قول. وأوس بن عوف الطائفي، لَهُ صُحْبة. وشيبة بن عُثْمَان الحُجُبي، في قول. وأَبُو محذورة المؤذن. وعبد اللَّه بن عامر بن كريز، عَلَى الصحيح. وأَبُو هريرة، في قول سَعِيد بن عُفَير. وَيُقَالُ: توفيت فِيهَا أم سلمة، وتأتي سَنَة إحدى وستين. وفيها وُلد عوف الأعرابي. وَفِيهَا غزا أَبُو المهاجر دينار فنزل عَلَى قُرْطاجَنة، فالتقوا، فكثُر القتل في الفريقين، وحجز الليل بينهم، وانحاز المسلمون من ليلتهم، فنزلَوْا جبلًا في قبلة تونس، ثُمَّ عاودوهم القتال، فصالحوهم عَلَى أن يخلو لهم الجزيرة، وافتتح أَبُو المهاجر1 ميلة، وكانت إقامته في هَذِهِ الغزاة نحوا من سنتين. وفيها شتى عمرو بن مرة بأرض الروم في البر. وأقام الحج للناس الوليد بن عتبة2.

_ 1 اسم بلدة في إفريقية من أعمال تونس. 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 309، 314"، صحيح التوثيق "5/ 64".

حَوَادِثُ سَنَة ستين: فِيهَا تُوُفِّيَ: مُعَاوِيَة بن أَبِي سفيان. وبلال بن الحارث المزَني. وسَمُرَة بن جُنْدب الفَزَاري. وعَبْد اللَّهِ بن مغفل. وفي قول الْوَاقدي: صفوان بن المعطل السلمي. وَفِيهَا تُوُفِّيَ في قولٍ: أَبُو حُمَيد الساعدي. وَفِيهَا: أَبُو أسَيد الساعدي، في قول ابن سعد. بيعة يزيد: قَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تَكْرَهُوا إمرة معاوية، فإنكم لو فقدتموه رأيتم الرؤوس تَنْدُرُ1 عَنْ كَوَاهِلِهَا2، 3. قلت: قَدْ مضى أن مُعَاوِيَة جعل ابنه وَليّ عهده بَعْدَه، وأكره النَّاسَ عَلَى ذلك، فلما تُوُفِّيَ لَمْ يَدْخُلْ في طاعة يزيد: الحسين بن عَلِيّ، وَلَا عَبْد اللَّهِ بن الزبير، وَلَا من شايعهما. قَالَ أَبُو مُسْهر: ثَنَا خالد بن يزيد، حدثني سَعِيد بن حُرَيث قَالَ: لَمَّا كَانَ الغداة التي مات في ليلتها مُعَاوِيَة فزع النَّاس إِلَى المسجد، وَلَمْ يكن قبله خَلِيفَة بالشَّام غيره، فكنت فيمن أتى المسجد، فلما ارتفع النهار، وهم يبكون في الخضراء، وابنه يزيد غائب في البرية، وَهُوَ ولي عهده، وَكَانَ نائبه عَلَى دمشق الضحاك بن قيس الفِهْري، فدُفِن مُعَاوِيَة، فلما كَانَ بَعْدَ أسبوع بَلَغنا أن ابن الزبير خرج بالمدينة وحارب، وَكَانَ مُعَاوِيَة قَدْ غُشي عَلَيْهِ مرة، فركب بموته الرُكبان، فلما بلغ ذلك ابنَ الزبير خرج، فلما كَانَ يَوْم الجمعة صَلَّى بنا الضحاك ثُمَّ قَالَ: تعلمون أن خليفتكم يزيد قد قدم، ونحن

_ 1 تندر: تقطع. 2 كواهلها: أماكنها. 3 إسناده ضعيف: فيه مجالد بن سعيد، من الضعفاء.

غدًا متلقوه، فلما صَلَّى الصبح ركب، وركبنا معه، فسَارَ إِلَى ثنية العُقاب1، فإذا بأثقال يزيد، ثُمَّ سرنا قليلًا، فإذا يزيد في ركبٍ معه أخواله من بني كلب، وَهُوَ عَلَى بخْتي2، لَهُ رحل، ورائطة مَثْنِية في عنقه، ليس عَلَيْهِ سيف وَلَا عمامة، وَكَانَ ضخمًا سمينًا، قَدْ كثُر شعره وشعث، فأقبل النَّاس يسلمون عَلَيْهِ ويعزونه، وَهُوَ تُرى فِيهِ الكآبة والحزن وخَفْض الصوت، فالنَّاس يعيبون ذلك مِنْهُ ويقولَوْن: هَذَا الأعرابي الذي ولاه أمر النَّاس، واللَّه سائله عَنْهُ، فسَارَ، فقلنا: يَدْخُلُ من باب توما3، فلم يَدْخُلْ، ومضى إِلَى باب شرقي، فلم يَدْخُلْ مِنْهُ وأجازه، ثُمَّ أجاز باب كَيْسان إِلَى باب الصغير، فلما وافاه أناخ ونزل، ومشى الضحاك بَيْنَ يديه إِلَى قبر مُعَاوِيَة، فصفّنا خلفه، وكبّر أربعًا، فلما خرج من المقابر أتى ببغلة فركبها إِلَى الخضراء، ثُمَّ نودي الصلاة جامعة لصلاة الظهر، فاغتسل ولبس ثيابًا نقية، ثُمَّ جلس عَلَى المنبر، فحمد اللَّه وأثنى عَلَيْهِ، وذكر موت أبيه، وَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ يُغزيكم البرَ والبحرَ، ولستُ حاملًا واحدًا من المسلمين في البحر، وأَنَّهُ كَانَ يُشتيكم بأرض الروم، ولست مشْتيًا أحدًا بِهَا، وأَنَّهُ كَانَ يُخرج لكم العطاء أثلاثًا، وأنا أجمعه لكم كله. قَالَ: فافترقوا، وَمَا يفضلَوْن عَلَيْهِ أحدًا4. وَعَن عمرو بن ميمون: أن مُعَاوِيَة مات وابنه بحوارين، فصلى عَلَيْهِ الضحاك. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ إِنَّمَا عَهِدْتُ لِيَزِيدَ لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ فَضْلِهِ، فَبَلِّغْهُ ما أملت وأعنه، وإن كنت إنما حملني حُبُّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ، فَاقْبِضْهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ5. وَقَالَ حُمَيد بن عَبْد الرَّحْمَنِ: دَخَلَنا عَلَى بشير، وَكَانَ صحابيًا، حين استخلف يزيد فَقَالَ: يقولَوْن: إِنَّمَا يزيد ليس بخير أمة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنا أقول ذلك، ولكن لأن يجمع اللَّه أمة محمد أحب إلي من أن تفترق.

_ 1 اسم موضع من أرض الشام. 2 اسم الدابة أو نوعها، ويقال هذا للإبل الخراسانية، وقيل: لكل ذات السنامين، والجمع بخاتي: المعجم الوجيز "ص/ 38". 3 إحدى المداخل المشهورة في الشام من أعمال سوريا. 4 إسناده حسن. 5 خبر ضعيف: فيه ابن أبي مريم، وهو من الضعفاء.

وَقَالَ جُوَيرية بن أسماء: سمعت أشياخنا بالمدينة، مَا لَا أحصى -يقولَوْن: إن مُعَاوِيَة لَمَّا هلك، وعلى المدينة الْوَليد بن عُتْبة بن أَبِي سفيان، أتاه موته من جهة يزيد قَالَ: فبعث إِلَى مروان وبني أمية فأخبرهم، فَقَالَ مروان: ابعث الآن إِلَى الحسين وابن الزبير، فإن بايعا، وَإِلَّا فاضرب أعناقهما، فأتاه الزبير فنعى لَهُ مُعَاوِيَة، فترحم عَلَيْهِ، فَقَالَ: بايع يزيد، قَالَ: مَا هَذِهِ ساعة مبايعة ولا مثلي يبايع ههنا يَا بن الزرقاء، واستبا، فَقَالَ الْوَليد: أَخْرَجَهُمَا عني، وَكَانَ رجلًا رفيقًا سريًا كريمًا، فأخرجا، فجاء الحسين عَلَى تلك الحال، فلم يكلم في شيء، حَتَّى رجعا جميعًا، ثُمَّ رد مروان إِلَى الْوَليد فَقَالَ: واللَّه لَا تراه بعد مقامك إلا حيث يسوءك، فأرسل العيون في أثره، فلم يزد حين دَخَلَ منزله عَلَى أن توضأ وصلى، وأمر ابنه حمزة أن يقدم راحلته إِلَى ذي الحُلَيفة، مما يلي الفرع، وَكَانَ لَهُ بذي الحليفة مال عظيم، فلم يزل صافًا قدميه إِلَى السَحَر، وتراجعت عَنْهُ العيون، فركب دابة إِلَى ذي الحُلَيفة، فجلس عَلَى راحلته، وتوجه إِلَى مكة، وخرج الحسين من ليلته فالتقيا بمكة، فَقَالَ ابن الزبير للحسين: مَا يمنعك من شيعتك وشيعة أبيك! فوالله لَوْ أن لي مثلهم مَا توجهت إِلَّا إليهم، وبعث يزيد بن مُعَاوِيَة عمر بن سَعِيد بن العاص أميرًا عَلَى المدينة، خوفًا من ضعف الْوَليد، فرقي المنبر، وذكر صنيع ابن الزبير، وتعوذه1 بمكة، يعني أَنَّهُ عاذ ببيت اللَّه وحرمه، فوالله لَنَغْزُوَنَه، ثُمَّ لئن دَخَلَ الكعبة لنُحَرَقنها عَلَيْهِ عَلَى رغم أنف من رَغِم2. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حزم: حدثنا محمد بن الزبير، حدثني رُزَيق مولى مُعَاوِيَة قَالَ: بعثني يزيد إِلَى أمير المدينة، فكتب إِلَى بموت مُعَاوِيَة، وأن يبعث إِلَى هؤلاء الرهط، ويأمرهم بالبيعة، قَالَ: فقدمْتُ المدينة ليلًا، فقلت للحاجب: استأذن لي، ففعل، فلما قرأ كتاب يزيد بوفاة مُعَاوِيَة جزع جزعًا شديدَا، وجعل يقوم عَلَى رِجْليه، ثُمَّ يرمي بنَفْسَهُ عَلَى فراشه، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى مروان، فجاء وعليه قميص أبيض وملاءة موردة، فنعي لَهُ مُعَاوِيَة وأخبره، فَقَالَ: ابعث إِلَى هؤلاء، فإن بايعوا، وَإِلَّا فاضرب أعناقهم، قَالَ: سبحان اللَّه! أقتل الحسين وابن الزبير! قَالَ: هُوَ مَا أقول لك. قلت: أما ابن الزبير فعاذ ببيت اللَّه، ولم يبايع، وَلَا دعا إِلَى نَفْسَهُ، وأما الحسين بن عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، فسَارَ من مكة لَمَّا جاءته كتب كثيرةٍ من عامة الأشراف بالكوفة، فسار

_ 1 تعوذ: احتمى والتجأ. 2 خبر ضعيف: فيه جهالة مشايخ ابن أسماء.

إليها، فجرى مَا جرى {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] . مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيُّ. "ح" والواقدي مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أَنَّ الْحُسَيْنَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَدِمَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ -وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ- إِلَى الْكُوفَةِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ الْمُرَادِيِّ، وَيَنْظُرُ إِلَى اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَيَكْتُبُ إِلَيْهِ بِخَبَرِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى الْكُوفَةِ، طَلَبَ هَانِئَ بْنَ عُرْوَةَ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تُجْبِرَ عَدُوِّي وَتَنْطَوِيَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: يَا بْنَ أَخِي إِنَّهُ جَاءَ حَقٌّ هو أحق من حقك، فوثب عبيد الله بِعَنْزَةٍ1 طَعَنَ بِهَا فِي رَأْسِ هَانِئٍ حَتَّى خَرَجَ الزُّجُّ2، وَاغْتَرَزَ فِي الْحَائِطِ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ، فَوَثَبَ بِالْكُوفَةِ، وَخَرَجَ بِمَنْ خَفَّ مَعَهُ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ مُسْلِمٌ، وَذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ سِتِّينَ3. وَرَوَى الْوَاقدي، والمدائني، بإسنادهم: أن مسلم بن عقيل بن أَبِي طالب خرج في أربعمائة، فاقتتلَوْا، فكثَّرهم أصحاب عُبيد اللَّه، وجاء الليل، فهرب مسلم حَتَّى دَخَلَ عَلَى امرأة من كِنْدة، فاستجار بِهَا، فدلّ عَلَيْهِ محمد بن الأشعث، فأتي بِهِ إِلَى عُبيد اللَّه، فبكّته4 وأمر بقتله، فَقَالَ: دعني أوصي، فَقَالَ: نعم، فنظر إِلَى عمر بن سعد بن أَبِي وقّاص فَقَالَ: إن لي إليك حاجة وبيننا رَحِم، فقام إليه فَقَالَ: يَا هَذَا ليس هنا رَجُلٌ من قريش غيري وغيرك وَهَذَا الحسين قَدْ أظلّك، فأرسل إليه فلينصرف، فإن القوم قَدْ غرّوه وخدعوه وكذّبوه، وعليّ دَيْن فاقضه عني، واطلب جثتي من عُبيد اللَّه بن زياد فوارِها5، فَقَالَ لَهُ عبيد اللَّه: ما قَالَ لك؟ فأخبره، فَقَالَ: أما مالك فهو لك لَا نمنعه منك، وأما الحسين فإن تَركَنا لَمْ نردّه، وأما جثته فإذا قتلناه لَمْ نبال مَا صُنع بِهِ، فقُتل رحمه اللَّه. ثُمَّ قضى عمر بن سعد دَين مسلم، وكفّنه ودفنه، وأرسل رجلًا عَلَى ناقة إِلَى الحسين يخبره بالأمر، فلقيه عَلَى أربع مراحل، وبعث عبيد الله برأس مسلم وهانئ إِلَى يزيد بن مُعَاوِيَة، فَقَالَ عَلِيّ لأبيه الحسين: ارجع يَا أبه، فَقَالَ بنو عقيل: ليس ذا وقت رجوع6.

_ 1 عنزة: عصا مثل نصف رمح. 2 الزج: أسفل الرمح. 3 إسناده ضعيف: فيه مجالد، والواقدي، وكلاهما من الضعفاء. 4 بكته: وبخه وعاتبه. 5 الموارة: الدفن. 6 خبر ضعيف: انظر السابق.

تراجم أهل هذه الطبقة مرتبين على الأحرف "حرف الألف": 1- الأرقم بن أَبِي الأرقم، عَبْد مناف بن أسد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ بْن مخزوم المخزومي1، الذي استخفى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي داره المعروفة بدار الخيزران عند الصفا، أَبُو عَبْد اللَّهِ. نفّله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْم بدر سيفًا، واستعمله عَلَى الصدقات2. قَالَ ابن عَبْد البَر: ذكر ابن أَبِي خيثمة أن والد الأرقم قَدْ أسلم أيضًا، فغلط. وذكر أَبُو حاتم أن عَبْد اللَّهِ بن الأرقم هُوَ ولد الأرقم هَذَا، فغلط لأَنَّهُ زُهري، ولي بيت المال لعُثْمَان. وَقَالَ غيره: عاش الأرقم بضعًا وثمانين سَنَة، ومات بالمدينة، وصلى عَلَيْهِ سعد بن أَبِي وقاص بوصيّته، وبقي ابنه عَبْد اللَّهِ إِلَى حدود المائة3. وَرَوَى أَحْمَد في مسنده من حديث هشام بن زياد، عَن عُثْمَان بن الأرقم، عَن أبيه، في ذمّ تخطي الرقاب يَوْم الجمعة4، رفع الحديث. قَالَ عُثْمَان: تُوُفِّيَ أَبِي سَنَة ثلاث وخمسين، وله ثلاث وثمانون سَنَة. 2- أسامة بن زيد بن حارثه بن شراحيل الْكَلْبِيُّ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وابن

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 242"، التاريخ الكبير "2/ 46"، الاستيعاب "1/ 131"، أسد الغابة "1/ 74"، الإصابة "1/ 40". 2 حديث حسن: أخرجه الحاكم "3/ 502"، وصححه، وأقره الذهبي، وفيه يحيى بن عمران، وهو لا بأس به. 3 الطبقات الكبرى "3/ 244"، السير "2/ 480". 4 حديث حسن: أخرجه أحمد "3/ 417".

حِبّه ومولاه، أَبُو زيد، وَيُقَالُ: أَبُو محمد، وَيُقَالُ: أَبُو حارثة1. وَفِي "الصَّحِيحِ" عَنْ أُسَامَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْخُذُنِي وَالْحَسَنَ فَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا" 2. وَرَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ حَسَنٌ، وَمُحَمَّدٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، وَعُرْوَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَأُمُّه أم أيمن بركة حاضنة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومولاته. وَكَانَ أسود كالليل، وَكَانَ أَبُوه أبيض أشقر. قاله إبراهيم بن سعد3. قالت عائشة: دخل مجزر الْمُدْلِجِيُّ الْقَائِفُ4 عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا، وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ، قَدْ غَطَّيَا رُؤُوسَهُمَا، وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ، فَسُرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ5. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ أَهْلِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "فَاطِمَةُ"، قَالَ: إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنِ الرِّجَالِ، قَالَ: "مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتُ عَلَيْهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ"، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أَنْتَ"6، وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيُّ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَا يَنْبَغِي لأحد أن يبغض أسامة بعدما

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 61-72"، التاريخ الكبير "2/ 20"، أسد الغابة "1/ 79"، الإصابة "1/ 54". 2 حديث حسن: أخرجه البخاري "7/ 70"، وأحمد "5/ 210"، وابن سعد "4/ 62" في الطبقات الكبرى. 3 السير "2/ 498". 4 القائف: من يتعرف على القرابة من خلال الآثار والملامح. 5 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "7/ 69"، وَمُسْلِمٌ "1459"، وَأَبُو داود "2267"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2129"، وَالنَّسَائِيُّ "6/ 184"، وابن ماجه "2349"، وأحمد "6/ 82، 226". 6 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "3819"، والحاكم "3/ 596"، والطبراني "369" في الكبير، فيه ابن أبي سلمة، وهو من الضعفاء.

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ كَانَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ" 1. هَذَا صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ فِي شَأْنِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا: مَنْ يَجْتَرِئ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا إِلَّا حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ أُسَامَةُ2. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أُسَامَةُ، مَا حَاشَى فَاطِمَةَ وَلَا غَيْرَهَا" 3. قَالَ زَيْدُ بن أسلم، عن أبيه، عم عُمَرَ أَنَّهُ فَرَضَ لِأُسَامَةَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةٍ، وَفَرَضَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لِمَ فَضَّلْتَهُ عَلَيَّ؟ فَوَاللَّهِ ما سبقتني إِلَى مَشْهَدٍ! قَالَ: لِأَنَّ زَيْدًا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبِيكَ، وَكَانَ أُسَامَةُ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْكَ، فَآثَرْتُ حب رسول الله أسامة4. قال ابن عمر: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ فَطَعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَالَ: "إِنْ يَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ طَعَنُوا فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ"5. وَفِي الْمَغَازِي: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى جَيْشٍ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَلَهُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةٍ6. وَفِي: "صَحِيحِ مُسْلِمِ"، مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَرَادَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَمْسَحَ مُخَاطَ أُسَامَةَ فَقُلْتُ: دَعْنِي حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَفْعَلُهُ، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ أَحِبِّيهِ فإني أحبه" 7.

_ 1 أخرجه أحمد "6/ 156، 157"، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، قاله الهيثمي في المجمع "9/ 286" ولكن يُخشى من عنعنة المغيرة، فقد كان يدلس. 2 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "6/ 377"، وَمُسْلِمٌ "1688"، وَأَبُو داود "4373"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1430"، وَالنَّسَائِيُّ "8/ 73"، وابن ماجه "2547"، والدارمي "2/ 173" في سننه. 3 حديث صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 596"، والطبراني "372" في الكبير، وصححه الحاكم، وأقره الذهبي، وأخرجه أبو يعلى كما في المجمع "9/ 286". 4 حديث ضعيف: وأخرجه الترمذي "3813"، وابن سعد "4/ 70" في الطبقات الكبرى. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 69"، ومسلم "2426"، والترمذي "3816"، وأحمد "2/ 20"، وابن سعد "4/ 65". 6 السير "2/ 500". 7 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "3818"، وابن عساكر "2/ 398 -تهذيب تاريخ دمشق".

وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا أَنْ أَغْسِلَ وَجْهَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ صَبِيٌّ، قَالَتْ: وَمَا وَلَدْتُ، وَلَا أَعْرِفُ كَيْفَ يُغْسَلُ وَجْهُ الصِّبْيَانِ، فَآخُذُ فَأَغْسِلُهُ غَسْلًا لَيْسَ بِذَاكَ، قَالَتْ: فَأَخَذَهُ وَجَعَلَ يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَقُولُ: "لَقَدْ أَحْسَنَ بِنَا أُسَامَةُ إِذْ لَمْ يَكُنْ جَارِيَةً، وَلَوْ كُنْتَ جَارِيَةً لَحَلَّيْتُكَ وَأَعْطَيْتُكَ" 1. وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، مِنْ حَدِيثِ الْبَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَقُولُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً لَكَسَوْتُهُ وَحَلَّيْتُهُ حَتَّى أُنْفِقَهُ" 2. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَغَيْرِهِ قَالَ: لَمْ يَلْقَ عُمَرُ أُسَامَةَ قَطُّ إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَاتَ وَأَنْتَ عَلَيَّ أَمِيرٌ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَرَضَ عُمَرُ لِأُسَامَةَ أَكْثَرَ مِمَّا فَرَضَ لِي فَقُلْتُ: إِنَّمَا هِجْرَتِي وَهِجْرَتُهُ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبِيكَ، وَإِنَّهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنْكَ3. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ الرَّايَةَ صَارَتْ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: "فَهَلَّا إِلَى رَجُلٍ قُتِلَ أَبُوهُ"4، يَعْنِي أُسَامَةَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَاتَ أُسَامَةُ بِالْجَرْفِ، وَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَعَن سَعِيد المقْبُري قَالَ: شهدت جنازة أسامة، فَقَالَ ابن عمر: عجّلوا بِحِب رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ أن تطلعَ الشمس5. ابْنُ سَعْدٍ: ثَنَا يَزِيدُ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ

_ 1 حديث حسن لغيره: أخرجه أبو يعلى كما في "9/ 318 -تهذيب تاريخ دمشق" وله شواهد. 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "6/ 139، 222"، وابن سعد "4/ 21-62"، وابن ماجه "1976". 3 خبر صحيح: وسبق بنحوه. 4 حديث ضعيف: إسناده مرسل. وأورده في السير "2/ 502". 5 خبر صحيح: وأخرجه ابن عساكر "2/ 402" في تهذيب تاريخه، وأورده المصنف "2/ 507" في السير.

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَّرَ الإِفَاضَةَ مِنْ عَرَفَاتٍ مِنْ أَجْلِ أُسَامَةَ يَنْتَظِرُهُ، فَجَاءَ غُلامٌ أَسْوَدُ أَفْطَسُ، فَقَالَ أَهْلُ الْيَمَنِ: إِنَّمَا حَبَسَنَا مِنْ أَجْلِ هَذَا! فَلِذَلِكَ ارْتَدُّوا، يَعْنِي أَيَّامَ الصِّدِّيقِ1. وَقَالَ وكيع: سَلِمَ من الفتنة من المعروفين أربعة: سعد، وابن عمر، وأسامة بن زيد، ومحمد بن مسلمة، واختلط سائرهم. وَقَالَ ابن سعد: مات في آخر خلافة مُعَاوِيَة بالمدينة. قلت: وقد سكن المزّة مدّة، ثُمَّ انتقل إِلَى المدينة، وتوفي بِهَا، ومات وله قريب من سبعين سَنَة. وقيل: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين، فاللَّه أعلم. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: ثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مُضْطَجِعًا عَلَى بَابِ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، رَافِعًا عَقِيرَتَهُ يَتَغَنَّى، وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِ مَرْوَانُ فَقَالَ: أَتُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ؟! وَقَالَ لَهُ قَوْلًا قَبِيحًا ثُمَّ أَدْبَرَ، فَانْصَرَفَ أُسَامَةُ ثُمَّ قَالَ: يَا مَرْوَانُ إِنَّكَ فَاحِشٌ مُتَفَحِّشٌ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يَبْغَضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ"2. 3- إسحاق بن طلحة، بن عبيد اللَّه3. تُوُفِّيَ سَنَة ست وخمسين بخراسان. وَرَوَى عَن: أبيه، وعائشة. وعنه: ابنه مُعَاوِيَة، وابن أخيه إِسْحَاق بن يحيي. ووفد عَلَى مُعَاوِيَة، وخطب إليه أخته. وَهُوَ ابن خالة مُعَاوِيَة؛ لأن أمه أم أبان بِنْت عُتبة بن ربيعة. 4- أسماء بِنْت عميس –ع- الخثعمية4.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 72" في الطبقات، وسنده مرسل. 2 إسناده ضعيف: أخرجه ابن حبان، والطبراني "405" في الكبير، وفي عنعنة ابن إسحاق، وهو من المدلسين. 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 166"، والجرح والتعديل "2/ 226"، والتاريخ الكبير "1/ 393". 4 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 280"، أسد الغابة "7/ 14"، الإصابة "12/ 16".

هاجرت مع زوجها جعفر إِلَى الحبشة، فلما استشهد بمُؤتة تزوجها بَعْدَه أَبُو بكر، فولدت لَهُ محمدًا1. ويحيى بن عَلِيّ بن أَبِي طالب إخوة لأم. روت أحاديث. وعنها: ابنها عَبْد اللَّهِ، وابن أختها عَبْد اللَّهِ بن شدّاد بن الهاد، وسَعِيد بن المسيَب، وَالشَّعْبِيُّ، والقاسم بن محمد، وعُرْوة بن الزبير، وفاطمة بِنْت عَلِيّ بن أَبِي طالب، وفاطمة بِنْت الحسين، وآخرون. وَهِيَ أخت ميمونة أم المؤْمِنِينَ، وأم الفضل زوجة العباس من الأم. وقيل: كُنّ تسع أخوات. 5- أوس بن عوف، الطائفي2 قدم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وفد قومه ثقيف. قَالَ خَلِيفَة: تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين. وَقَالَ أَبُو نُعَيم الحافظ: هُوَ أوس بن حُذَيفة، نُسب إِلَى جدّه الأعلى. وقيل: هُوَ أوس بن أَبِي أوس. رَوَى عَنْهُ: ابنه عَبْد اللَّهِ، وحفيده عُثْمَان بن عَبْد اللَّهِ. وقيل: هُوَ أوس الذي نَزَلَ الشَّام، وَهُوَ بعيد. "حرف الباء": 6- بلال بن الحارث المزني3 أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ. عداده في أَهْل المدينة -4. صحابي معروف عاش ثمانين سَنَة، وَكَانَ ينزل جبل مُزَينة المعروف بالأجرد، ويتردد إِلَى المدينة. رَوَى عَنْهُ: ابنه الحارث، وعلقمة بن وقّاص. وحديثه في السُنن.

_ 1 السير "2/ 283". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5075"، الجرح والتعديل "2/ 303"، وأسد الغابة "1/ 139". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 395"، أسد الغابة "1/ 205"، الإصابة "1/ 164".

"حرف الثاء": 7- ثوبان -م- مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ1 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. سُبي من نواحي الحجاز، فاشتراه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان يخدمه حَضَرًا وَسَفَرًا، وحفظ عَنْهُ كثيرًا، وسكن حمص. رَوَى عَنْهُ: جُبَير بن نُفَير، وخالد بن مَعْدان، وأَبُو أسماء الرحْبي، وراشد بن سعد، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وجماعة كثيرة. تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين. "حرف الجيم": 8- جُبَير بن الحُوَيْرث2 بن نُقَيد القرشي. أهدر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دم أبيه يَوْم الفتح، لكونه كَانَ مؤذيًا للَّهِ ورسوله3. ولجُبَيْر رؤية. رَوَى عَن: أَبِي بكر، وعمر، وشهد اليرموك. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الرحمن بتن سعيد بن يربوع، وعُروة، وسَعِيد بن المسيب. 9- جُبَير بن مطعم –ع- بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بن قُصَيّ النوفلي أَبُو محمد، وَيُقَالُ: أَبُو عدي4. قدِم المدينة مشركًا في فداء أسَارَى بدر، ثُمَّ أسلم بَعْدَ ذلك وحسُن إسلامه، وَكَانَ من حلماء قريش وأشرافهم. وأَبُوه هُوَ الذي قام في نقض الصحيفة، وأجار رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى طاف بالبيت لَمَّا رجع من الطائف. ومات مشركًا5. لجبير أحاديث، رَوَى عَنْهُ: ابناه محمد، ونافع، وسليمان بن صرد، وسَعِيد بن المسيب، وآخرون.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 469"، الطبقات الكبرى "7/ 400"، أسد الغابة "1/ 249"، السير "3/ 15، 16". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 512"، والاستيعاب "234"، وأسد الغابة "1/ 322"، السير "3/ 439". 3 حديث ضعيف: أورده الزبير بن بكار، معضلا كما في السير "3/ 439". 4 انظر: التاريخ الكبير "2/ 223"، والاستيعاب "1/ 230"، وأسد الغابة "1/ 323". 5 السير "3/ 95".

10- جَرير بن عَبْد اللَّهِ –ع- أَبُو عمرو البَجَلي، الأحْمَسي، اليمني1. وفد عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَة عشر، فأسلم في رمضان، فأكرم رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقْدَمَهُ. وَكَانَ بديع الجمال، مليح الصورة إِلَى الغاية، طويلًا، يصل إِلَى سنام البعير، وَكَانَ نعله ذراعًا. قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى وجهه مسحة مَلَك" 2. وَرُوِيَ عَن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جَرِيرُ يوسف هَذِهِ الأمة3. اعتزل عليًا وَمُعَاوِيَة، وأقام بنواحي الجزيرة. رَوَى عَنْهُ: حفيده أَبُو زُرْعة بن عمرو بن جَرِيرُ، والشَّعْبِيُّ، وزياد بن علاقة، وأَبُو إِسْحَاق السبيعي، وجماعة. تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين عَلَى الصحيح. وقيل: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين. قَالَ مغيرة: عَن الشَّعْبِيُّ، إن عمر كَانَ في بيت، فوجد ريحًا، فَقَالَ: عزمت عَلَى صاحب الريح لَمَّا قَامَ فتوضأ، فَقَالَ جَرِيرُ: يَا أمير المؤْمِنِينَ أَو نتوضأ جميعًا؟ -فَقَالَ عمر: نِعم السيد كنت في الجاهلية، ونِعم السيد أنت في الإسلام4. قَالَ ابن إِسْحَاق: وفيه يقول الشاعر: لَوْلا جريرٍ هلكتْ بُجَيله ... نِعْمَ الفَتَى وبِئسَتِ القبيلَهْ5 يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُبَيْلٍ، قَالَ جَرِيرٌ: لَمَّا دَنَوْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ حَلَلْتُ عَيْبَتِي، وَلَبِسْتُ حلَّتِي، ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، وَإِذْ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ، فَرَمَانِي النَّاسُ بِالْحَدَقِ، فَقُلْتُ لِجَلِيسِي: هَلْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَمْرِي شَيْئًا؟ - قَالَ: نَعَمْ ذَكَرَكَ بِأَحْسَن الذكر6.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 22"، والاستيعاب "1/ 337"، وأسد الغابة "1/ 333". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 99"، ومسلم "2475"، وأحمد "4/ 364"، والحميد "800"، والترمذي "2258". 3 إسناده منقطع: وأورده في السير "2/ 535". 4 إسناده صحيح: لكن يخشى من عنعنة المغيرة، وانظر: الاستيعاب "2/ 142"، السير "2/ 535". 5 الاستيعاب "1/ 233". 6 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 359، 360، 364"، والطبراني "2483" في الكبير.

وَقَالَ جَرِيرٌ: مَا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي1. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلْقَى إِلَيْهِ وِسَادَةً وَقَالَ: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ" 2. وقيل: رَمَى إِلَيْهِ بُرْدَةً لِيَجْلِسَ عَلَيْهَا3. 11- جعفر بن أَبِي سفيان بن الحارث بن عَبْد المطلب الهاشمي4. شهد مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حُنَيْنًا، وبقي إِلَى زمن مُعَاوِيَة، وَهُوَ وأَبُوه من مسلمة الفتح. 12- جُوَيرية أم المؤْمِنِينَ -ع- بِنْت الحارث بن أَبِي ضرار المصطلقي5. سباها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْم المرَيْسيع في السنة الخامسة. وَكَانَ اسمها بَرة، فغيره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ6. وكانت قبله عند ابن عمها مسافع بن صفوان بن ذي الشفر، فتزوجها، وجعل صداقها عتق جَمَاعَة من قومها. ثُمَّ قدم أَبُوها الحارث بن أَبِي ضِرار عَلَى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأسلم. وعن جويرية قالت: تزوجني النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا بنت عشرين سنة7. زكريا بن أَبِي زائدة، عَن الشَّعْبِيُّ قَالَ: أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جويرية واستنكحها، وجعل صداقها عتْق كل مملَوْك من بني المصْطَلِق. وكانت في مِلْك اليمين، فأعتقها وتزوجها8. قَالَ ابن سعد وغيره: وبنو المصطلق من خزاعة. لها أحاديث، رَوَى عنها: ابن عباس، وعبيد بن السباق، وكريب، ومجاهد،

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 99"، ومسلم "2475"، والحميدي "800". 2 حديث حسن لغيره: أخرجه السراج وغيره كما في السير "2/ 532، 533"، وله شواهد عن عدد غفير من الصحب الكرام، انظر المرجع السابق. 3 انظر السابق. 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 55"، أسد الغابة "1/ 286"، والسير "1/ 205". 5 انظر: الاستيعاب "4/ 1804"، وأسد الغابة "7/ 56"، السير "2/ 261". 6 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2140"، وأحمد "6/ 429، 430". 7 الطبقات الكبرى "8/ 120"، السير "2/ 263". 8 حديث ضعيف: إسناده مرسل. أخرجه ابن سعد "8/ 118"، والطبراني كما في المجمع "9/ 250".

وأَبُو أيوب الأزدي يحيى بن مالك، وغيرهم. تُوُفيت بالمدينة سَنَة ستٌ وخمسين، وصلى عليها مروان. وَعَن عائشة قالت: كانت جويرية امْرَأَةً حُلْوَةً مُلاحَةً، لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلا أخذت بنَفْسَهُ1. والحديث قَدْ مرّ في سَنَة خمس. "حرف الحاء": 13- الحارث بن كَلَدَة، الثقفي2 الطائفي، طبيب العرب. سافر البلاد، وتعلم الطّب بناحية فارس، وتعلم أيضًا ضرب العود بفارس وباليمن. وَيُقَالُ: أَنَّهُ بقى إِلَى أيام مُعَاوِيَة، وَهُوَ بعيد، فإن ابنه النضر بن الحارث ابن خالة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسر يَوْم بدر، وقتله عَلِيّ بالصفراء3. وَيُرْوَى أن سعد بن أَبِي وقاص لَمَّا مرض بمكة قَالَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أدعوا لَهُ الحارث بن كلدة"4. 14- حُجْر بن عَدِيّ ويدعي حُجْر بن الأدبر بن جَبَلَة الكنْدي الكوفي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ5. وقيل لأبيه: الأدبر؛ لأَنَّهُ طُعن موليًا. ولحُجْر صُحْبة ووفادة، مَا رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئًا. سمع من: عَلِيّ وعمار، وعنه: مولاه أَبُو ليلى، وأَبُو البَخْتري الطائي. شهد صِفّين أميرًا مع عَلِيّ. وَكَانَ صالحًا عابدًا، يلازم الْوَضوء، ويكثر من الأمر بالمعروف والنهي عَن المنكر،

_ 1 حديث حسن: أخرجه أحمد "6/ 277". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 507"، والاستيعاب "289"، الجرح والتعديل "3/ 87"، وأسد الغابة "1/ 345". 3 السيرة النبوية "2/ 348". 4 حديث ضعيف: وانظر: الجرح والتعديل "2/ 87". 5 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 217"، والجرح والتعديل "3/ 266"، الاستيعاب "329"، أسد الغابة "1/ 461"، السير "3/ 463".

وَكَانَ يكذب زياد ابن أبيه الأمير عَلَى المنبر، وحصبه مرة فكتب فِيهِ إِلَى مُعَاوِيَة، فسر حُجْر عَن الْكُوفَة في ثلاثة آلاف بالسلاح، ثُمَّ تورع وقعد عَن الخروج، فسيره زياد إِلَى مُعَاوِيَة، وجاء الشهود فشهدوا عند مُعَاوِيَة عَلَيْهِ، وَكَانَ معه عشرون رجلًا فَهَمَّ مُعَاوِيَة بقتلهم، فأخرجوا إلى عذراء1. وقيل: إن رسول مُعَاوِيَة جاء إليهم لَمَّا وصلَوْا إِلَى عذراء يعرض عليهم التوبة والبراءة من عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فأبى من ذلك عشرة، وتبرأ عشرة، فقتل أولئك، فلما انتهى القتل إِلَى حُجْر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- جعل يرعد، فقيل له: ما لك ترعد! فَقَالَ: قبر محفور، وكفن منشور، وسيف مشهور2. وَلَمَّا بلغ عَبْد اللَّهِ بن عمر قتلُه حُجْر قَامَ من مجلسه موليًا يبكي3. ولما حج مُعَاوِيَة استأذن عَلَى أم المؤْمِنِينَ عائشة فقالت لَهُ: أقتلتَ حُجْرًا! فَقَالَ: وجدت في قتله صلاح النَّاس، وخفت من فسادهم4. وقيل: إن مُعَاوِيَة ندم كل الندم عَلَى قتلهم، وَكَانَ قتلهم في سَنَة إحدى وخمسين. ابن عوف، عَن نافع قَالَ: كَانَ ابن عمر في السوق، فنُعي إليه حُجْر، فأطلق حُبْوَتَهُ وَقَامَ، وقد غلبه النحيب5. هشام، عَن ابن سيرين قَالَ: لَمَّا أتي مُعَاوِيَة بحُجْر قَالَ: السلام عليك يَا أمير المؤْمِنِينَ، قَالَ: وأمير المؤمنين أنا! اضربوا عنقه، فصلى ركعتين، وَقَالَ لمن حضر من أَهْله، لَا تطلقوا عني حديدًا، وَلَا تغسلَوْا عني دمًا، فإني مُلاقٍ مُعَاوِيَة على الجادة6. 15- حسان بن ثابت الأنصاري -سوى ت- بن المنذر بن حرام الْأَنْصَارِيّ النّجّاري، أَبُو عَبْد الرحمن7، شاعر رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

_ 1 السَّيْرَ "3/ 463"، والعذراء: اسم قرية من قرى دمشق. 2 السير "3/ 466". 3 خبر صحيح: أخرجه أحمد "8/ 55" كما في البداية والنهاية، والسير "3/ 466". 4 خبر صحيح: أخرجه أحمد "8/ 55" كما في المصدر السابق، والسير "3/ 467". 5 انظر رقم "5". 6 السير "3/ 466". 7 انظر: التاريخ الكبير "3/ 29"، الاستيعاب "1/ 341"، أسد الغابة "2/ 5"، الإصابة "2/ 237".

دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم: "اللَّهم أيده بروح القُدُس" 1. رَوَى عَنْهُ: ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، وسَعِيد بن المسيب، وأَبُو سَلمة بن عَبْد الرَّحْمَنِ، وغيرهم. بَلَغَنَا أن حسان، وأباه، وجده، وجدّ أبيه، عاش كل منهم مائة وعشرين سَنَة. وَكَانَ في حسان جُبن، وأضر بأخْره. وله شِعْر فائق في الفصاحة. تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين. 16- حكيم بن حزام –ع- بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصي بن كلاب القرشي الأسدي أَبُو خالد2، وعمته خديجة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَكَانَ يَوْم الفيل مراهقًا، وَهُوَ والد هشام، لَهُ صُحْبة، ورواية، وشرف في قومه، وحشمة. رَوَى عَنْهُ: ابنه حزام، وسَعِيد بن المسيب، وعَبْد اللَّهِ بن الحارث بن نوفل، وعُرْوة بن الزبير، وموسى بن طلحة، ويوسف بن ماهك، وغيرهم. حضر بدرًا مشركًا، وأسلم عام الفتح، وَكَانَ إِذَا اجْتَهَدَ فِي يَمِينِهِ قَالَ: لَا والذي نجاني يَوْم بدر من القتل. وله منقبة وَهُوَ أَنَّهُ وُلد في جوف الكعبة. وأسلم وله ستون سَنَة أَوْ أكثر، وَكَانَ من المؤلفة قلَوْبهم. أعطاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْم حُنين مائة من الإبل. قَالَه ابن إِسْحَاق3. حصَّل حكيم أموالًا من التجارة، وَكَانَ شديد الأدَمة نحيفًا. وَلَمَّا ضيقت قريش عَلَى بني هاشم بالشِعْب، كَانَ حكيم تأتيه العير، تحمل الحنطة، فيُقبلها الشِّعْبَ، ثُمَّ يضرب أعجازها، فتدَخَلَ عليهم. وَقَالَ عُرْوَةُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ: "مَنْ دَخَلَ دَارَ حَكِيمٍ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دار بديل بن ورقاء فهو آمن"4.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6/ 221"، ومسلم "2485"، وأحمد "5/ 222، 223"، والنسائي "2/ 48". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 202"، الاستيعاب "1/ 320"، أسد الغابة "2/ 40"، السير "3/ 44". 3 السيرة النبوية "2/ 493". 4 إسناده مرسلٌ: ضعيفٌ بهذا اللفظ، وأخرجه موسى بن عقبة في "المغازي".

وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ" 1. وَكَانَ سَمْحًا جَوَادًا كَرِيمًا، عَالِمًا بِالنَّسَبِ، أَعْتَقَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِائَةَ رَقَبَةٍ، وفي الإسلام مائة رقبة، وَكَانَ ذا رأي وعقل تام، وَهُوَ أحد من دفن عُثْمَان سرًا. وباع دارًا لمعاوية بستين ألفًا، وتصدق بِهَا، وَقَالَ: اشتريتها في الجاهلية بزق خمر. وَرُوِيَ أن الزبير لَمَّا تُوُفِّيَ، قَالَ حكيم بن حزام لابن الزبير: كم عَلَى أخي من الدَين؟ -قَالَ: ألف ألف درهم، قال: علي منها خمسمائة ألف. وَدَخَلَ عَلَى حكيم عند الموت وَهُوَ يقول: لَا إله إِلَّا اللَّه، قَدْ كنت أخشاك، وأنا الْيَوْم أرجوك2. تُوُفِّيَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سَنَة أربع وخمسين. 17- حُوَيْطب بن عَبْد العُزي -خ م ن- العامري3. من مسلمة الفتح، لَهُ صُحبة، وَهُوَ أحد من دفن عُثْمَان، وَكَانَ حميد الإسلام. عُمر مائة وعشرين سَنَة. وَيُرْوَى أَنَّهُ باع من مُعَاوِيَة دارًا بالمدينة بأربعين ألف دينار4. رَوَى عَن عبد اللَّه بن السعدي، حديث رزق العامل5، رواه عَنْهُ السائب بن يزيد، وَهُوَ في الصحيحين، قَدِ اجْتمع في إسناده أربعة من الصحابة. تُوُفِّيَ حويطب سَنَة أربع، وَيُقَالُ: سَنَة اثنتين وخمسين. "حرف الخاء": 18- خالد بْن عُرْفُطة العذري6 –ت ق- يقال: له صحبة ورواية.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 122"، ومسلم "123"، وأحمد "3/ 434"، والحميدي "554". 2 السير "3/ 51". 3 انظر: الاستيعاب "1/ 384"، والجرح والتعديل "3/ 314"، وأسد الغابة "2/ 67". 4 المستدرك "3/ 493". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "12/ 133". 6 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 355"، الاستيعاب "1/ 413"، الإصابة "1/ 409".

رَوَى عَنْهُ: مولاه مسلم، وأَبُو عُثْمَان النهدي، وعَبْد اللَّهِ بن يَسَارٍ. وَكَانَ أحد الأبطال المذكورين. تُوُفِّيَ بالْكُوفَة سَنَة ستين. قَالَ ابن سعد: وَكَانَ سعد ولي خالدًا القتال يَوْم القادسية، وَهُوَ الذي قَتَلَ الخوارج يَوْم النخيلة، وله بالْكُوفَة دار وعقب. 19- خراش بن أمية الكعبي الخزاعي1 لَهُ دار بالمدينة بسوق الدجاج. شهد بيعة الرضوان، وحلق رأس النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذ، وتُوُفّي آخر أيام مُعَاوِيَة. قَالَ ابن سعد: لَمْ يرو شيئًا. "حرف الدال": 20- دَغْفَل بن حنظلة، الشيباني، الذُهْلي2، النَسابة. مختَلف في صحبته. وَقَالَ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ: لَا أرى لَهُ صحبة، تُوُفِّيَ في دهر معاوية. "حرف الذال": 21- ذو مخمرالحبشي –د ق- وَيُقَالُ: ذو مِخْبَر الحبشي، ابن أخي النجاشي3. هاجر، وخدم النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ. رَوَى عَنْهُ: جُبَير بن نُفَير، وخالد بن مَعْدان، وأَبُو الزاهرية حُدَير بن كُرَيْب، ويزيد بن صُلَح. تُوُفِّيَ بالشَّام. "حرف الراء": 22- الربيع بن زياد، الحارثي الأمير، يكني أبا عَبْد الرَّحْمَنِ4. رَوَى عَن: أبي بن كعب، وكعب الأحبار.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 96، 97"، الجرح والتعديل "3/ 392"، وأسد الغابة "2/ 108"، الاستيعاب "1/ 427". 2 انظر: الطبقات "7/ 140"، والجرح والتعديل "3/ 441"، والاستيعاب "1/ 477". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 425"، والاستيعاب "1/ 483"، وأسد الغابة "2/ 144". 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 461"، وأسد الغابة "2/ 164"، والاستيعاب "1/ 516".

وعنه: أَبُو مخلد لاحق، ومُطَرف بن الشخير، وحفصة بنت سيرين، وأرسل عَنْهُ قتادة. وَلِيَ خُراسان لمعاوية، وَكَانَ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ كاتبًا لَهُ. رَوَى الهيثم، عَن مجالد، عَن الشَّعْبِيُّ قَالَ: قَالَ عمر: دلَوْني عَلَى رَجُلٌ أستعمله، فذكروا لَهُ جَمَاعَة، فلم يُردْهم، قالْوَا: من تريد؟ قَالَ: من إذا كَانَ أميرهم كَانَ كأَنَّهُ رَجُلٌ منهم، وإذا لَمْ يكن أميرهم كَانَ كأَنَّهُ أميرهم، قالْوَا: مَا نعلمه إِلَّا الربيع بن زياد الحارثي، قَالَ: صدقتم1. قَالَ أَبُو أَحْمَد الحاكم في الكني: لَمَّا بلغ الربيع بن زياد مقتل حُجْر بن عدي، دعا فَقَالَ: اللَّهم إن كَانَ للربيع عندك خير، فاقبضه إليك وعجل، فزعموا أَنَّهُ لَمْ يبرح من مجلسه حَتَّى مات، رحمه الله2. 23- رُويفع بن ثابت لأنصاري -د ت ن- الْأَنْصَارِيّ أمير المغرب3. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وخمسين، وقد ذُكِرَ في الطبقة الماضية. وأما ابن يونس فَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَة ستٍ وخمسين. "حرف الزاي": 24- زياد بن عُبَيد، الأمير4 الذي ادعي مُعَاوِيَة أَنَّهُ أخوه والتحق بِهِ، وجمع لَهُ إمرة الْعِرَاق، كنيته أَبُو المغيرة، أسلم في عهد أَبِي بكر، وَكَانَ كاتب أَبِي موسى في إمرته عَلَى الْبَصْرَةِ. سمع من عمر. رَوَى عَنْهُ: محمد بن سيرين، وعَبْد الملك بن عُمَير، وجماعة. ووُلد سَنَة الهجرة، وأمه سُمَيَّةٌُ جارية الحارث بن كَلَدَة الثقفي. قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ أخو أبي بكرة الثقفي لأمه.

_ 1 خبر ضعيف: وأورده ابن الأثير "2/ 164" في أسد الغابة، فيه الهيثم بن عدي، وهو من الضعفاء، وكذا مجالد ابن سعيد. 2 إسناده منقطع. 3 سبق الترجمة له. 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 99"، الاستيعاب "523"، أسد الغابة "2/ 271".

وَكَانَ زياد لبيبًا فاضلًا، حازمًا، من دُهاة العرب، بحيث يُضرب بِهِ المثل1. يُقَالُ أَنَّهُ كتب لأبي موسى، وللمغيرة بن شُعْبة، ولعَبْد اللَّهِ بن عامر، وكتب بالْبَصْرَة لابن عباس. وذكر الشَّعْبِيُّ: أن عَبْد اللَّهِ بن عباس لَمَّا سَارَ من الْبَصْرَةِ مع عَلِيّ إِلَى صِفين استخلف زيادًا عَلَى بيت المال. وذكر عَوَانَةَ بن الحَكَم أن أبا سفيان بن حرب صار إِلَى الطائف فسكر، فالتمس بَغِيًّا، فأحضرت لَهُ سُمية، فواقعها، وكانت مزوجة بُعبيد مولى الحارث بن كَلَدَة، قَالَ: فولدت زيادًا، فادعاه مُعَاوِيَة في خلافته، وأَنَّهُ من ظَهْر أَبِي سفيان2. وَلَمَّا تُوُفِّيَ عَلِيّ كَانَ زياد عامله عَلَى فارس، فتحصن في قلعة، ثُمَّ كاتب مُعَاوِيَة أن يصالحه عَلَى ألفي ألف درهم، ثُمَّ أقبل زياد من فارس3. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: إِنَّ زِيَادًا قَالَ لِأَبِي بكرة، وهو أخوه لأمه: ألم تر أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَنِي عَلَى كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ وُلِدْتُ عَلَى فِرَاشِ عُبَيْدٍ وَأَشْبَهْتُهُ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" 4. ثُمَّ جَاءَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، وَقَدِ ادَّعَاهُ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا رأيت أحدًا أخطب من زياد. وقال قبيصة بن جابر: مَا رأيت أخصب ناديًا، وَلَا أكرم جليسًا، وَلَا أشبه سريرة بعلانية من زياد، مَا كَانَ إِلَّا عروسًا. وَقَالَ الفقيه الْوَزير أَبُو محمد بن حزم في كتاب الْفِضَلِ: ولقد امتنع زياد وَهُوَ فِقَعة القاع5 لَا عشيرة لَهُ وَلَا نسب، وَلَا سابقة، وَلَا قدم، فما أطاقه مُعَاوِيَة إِلَّا بالمداراة، حتى أرضاه وولاه6.

_ 1 السير "3/ 495". 2 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 412" لابن بدران. 3 المصدر السابق. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "12/ 46"، ومسلم "63" من حديث سعد رضي الله عنه. 5 أي لا أصل له، ولا قيمة. 6 السير "3/ 496".

وَقَالَ أَبُو الشعثاء جابر بن زيد: كَانَ أقتل لأَهْلِ دينه ممن يخالف هواه من الحّجّاج، وَكَانَ الحَجّاج أعلم بالقتل1. وَقَالَ ابن شَوْذَب: بلغ ابنَ عمر أن زيادًا كتب إِلَى مُعَاوِيَة: إني قَدْ ضبطت الْعِرَاق بيميني، وشمالي فارغة، فسأله أن يوليه الحجاز، فَقَالَ ابن عمر: اللَّهم إنك تجعل في القتل كفارة، فموتًا لابن سُمَيَّةَ لَا قتلًا، فخرج في إصبع زياد الطاعون، فمات. وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ: بلغ الحسنَ بنَ عَلِيّ أنْ زيادًا يتتّبع شيعة عَلِيّ بالْبَصْرَة فيقتلهم، فدعا عَلَيْهِ2. وَرَوَى ابن الكلبي: أن زيادًا جمع أَهْل الْكُوفَة ليعرضهم عَلَى البراءة من عليّ، فخرج خارجٌ من القصر فَقَالَ: إن الأمير مشغول، فانصرفوا، وإذا الطاعون قَدْ ضربه3. تُوُفِّيَ سَنَة ثلاث وخمسين. وله أخبار تطول. 25- زيد بن ثابت -ع- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4، قَدْ ذُكر في الماضية. وَقَالَ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، والفلاس: تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين. وَقَالَ المدائني، وغيره: تُوُفِّيَ سَنَة خمس وخمسين. "حرف السين": 26- السائب بن خلاد -4- بن سُوَيد بن ثعلبة، أَبُو سهلة الْأَنْصَارِيّ الخزرجي5. لَهُ صُحبة، وأحاديث قليلة. رَوَى عَنْهُ: ابنه خلاد، وعطاء بن يَسَار، ومحمد بن كعب القرظي، وصالح بن

_ 1 السابق. 2 السابق. 3 إسناده ضعيف جدا. اين الكلبي من المتروكين. 4 سبق الترجمة له. 5 انظر: الجرح والتعديل "4/ 240"، والاستيعاب "2/ 103"، وأسد الغابة "2/ 251".

حيوان السَبائي، وعَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صعصعة. وقيل: هما اثنان، وأن والد خلاد مَا رَوَى عَنْهُ إِلَّا ولده. 27- السائب بن أَبِي وداعة، القُرَشي السهمي1. أسر يَوْم بدر، فَقَالَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تمسكوا بِهِ فإن له ابنًا كيسًا بمكة". فخرج ابنه عبد المطلب سرًّا حَتَّى قدِم، ففدى أباه بأربعة آلاف درهم، ثُمَّ أسلم السائب، وتوفي سَنَة سبع وخمسين. 28- سبرة بن معبد الجهني. –م- وَيُقَالُ: سَبْرة بن عَوْسَجة بن حَرْمَلَة الجُهَني2. لَهُ صُحبة ورواية. رَوَى عَنْهُ: ابنه الربيع أحاديث. أخرج لَهُ مسلم وغيره، وَكَانَ رسول عَلِيّ إِلَى مُعَاوِيَة من المدينة، بَعْدَ مقتل عُثْمَان. وكنيته: أَبُو ثرية. 29- سعد بن أَبِي وقاص -ع- مالك بن أهيب بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ بن مُرّة، أَبُو إِسْحَاق الزُهري3. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد السابقين الأولين، كَانَ يُقَالُ لَهُ: فارس الإسلام، وَهُوَ أول من رمي بسهم في سبيل اللَّه4. وَكَانَ مقدم الجيوش في فَتَحَ الْعِرَاق، مُجاب الدعوة، كثير المناقب، هاجر إِلَى المدينة قبل مَقْدم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد بدرًا. رَوَى عَنْهُ: بنوه عامر، ومُصْعَب، وَإِبْرَاهِيم، وعمر، ومحمد، وعائشة بنو سعد، وبسر بن سَعِيد، وسَعِيد بن المسيب، وأَبُو عُثْمَان النهدي، وعلقمة بن قيس، وعُرْوَة بن الزبير، وأَبُو صالح السمان، وآخرون. وأمه حمنة بِنْت سفيان بن أمية بن عَبْد شمس. أسلم وَهُوَ ابن تسع عشرة سَنَة، وَكَانَ قصيرًا دحداحًا غلظًا، ذا هامة، شثن

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 240"، والاستيعاب "2/ 102"، وأسد الغابة "2/ 257". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 348"، الاستيعاب "2/ 75"، أسد الغابة "2/ 260". 3 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 137، 138"، الجرح والتعديل "4/ 93"، الاستيعاب "2/ 18". 4 خبر صحيح: أخرجه الطبراني "1/ 142" في الكبير، والحاكم "3/ 498" في مستدركه.

الأصابع، جعد الشعر، أشعر الجسد، آدم، أفطس1. قَالَ سَعِيد بن المسيب: سمعت سعدًا يقول: مكثت سبع ليالٍ، وإني لثلُث الإسلام2. وَقَالَ قيس بن أبي حازم: قال سعيد: مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَوَيْه لِأَحَدٍ قَبْلِي، قَالَ لِي: "يَا سَعْدُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي". وَإِنِّي لَأَوَّلُ مَنْ رَمَى الْمُشْرِكِينَ بِسَهْمٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَابِعَ سَبْعَةٍ، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقَ السَّمُرِ3، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ مِثْلَ مَا تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ، لَقَدْ خِبْتُ إِذَنْ وَضَلَّ سَعْيِي4. وَقَالَ بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِرْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي" 5، قَالَ: فَنَزَعْتُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْلٌ، فَأَصَبْتُ جَبْهَتَهُ، فَوَقَعَ، فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَتَلَ سَعْدٌ يَوْمَ أُحُدٍ بِسَهْمٍ رُمِيَ بِهِ ثَلَاثَةٌ: رَمَوْا بِهِ، فَأَخَذَهُ سَعْدٌ، فَرَمَى بِهِ فَقَتَلَ، فَرَمَوْا بِهِ، فَأَخَذَهُ سَعْدٌ الثَّانِيَةَ، فَقَتَلَ، فَرَمَوْا بِهِ فَرَمَى بِهِ، سَعْدٌ ثَالِثًا، فَقَتَلَ ثَالِثًا، فَعَجب النَّاسُ مِنْ فِعْلِهِ6. قَالَ ابن المسيب: كَانَ سعد جيد الرمي. وَقَالَ عَلَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يجمع أَبويه لأحد غير سعد7. وَقَالَ ابن مسعود: لقد رأيت سعدًا يقاتل يَوْم بدر قتال الفارس في الرجال. وَرَوَى عُثْمَان بن عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سرية

_ 1 الطبقات الكبرى "3/ 137"، السير "1/ 93". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3726"، وابن ماجه "132"، والطبراني "1/ 138، 142" في الكبير. 3 نوع من أوراق يؤكل. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 124"، ومسلم "2966"، وأحمد "1/ 174، 181، 186". 5 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1412"، والطبراني "315" في الكبير. 6 إسناده منقطع: وأورده المصنف "1/ 99" في السير. 7 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4056"، ومسلم "2412"، والترمذي "3753" وابن ماجه "130".

فِيهَا سعد بن أَبِي وقاص عَلَى رابغ1، وَهُوَ من جانب الجُحْفَة2، فانكفأ المشركون عَلَى المسلمين، فحماهم سعد يومئذ بسهامه، وَهَذَا أول قتال كَانَ في الإسلام، فَقَالَ سعد: أَلَّا أتى رَسُول اللَّهِ أني ... حَمَيْتُ صَحابتي بصدور نَبْلِي فما يَعْتَدُّ رامٍ في عدُوٍ ... بسهمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَبلي3 وَقَالَ ابن مسعود: اشتركت أنا، وسعد، وعمار، يَوْم بدر فيما نغنم، فجاء سعد بأسيرين، ولم أجئ أنا وَلَا عمار بشيء. وَعَن أَبِي إِسْحَاق قَالَ: كَانَ أشد الصحابة أربعة: عمر، وعلي، والزبير، وسعد. وَجَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ"4، فَدَخَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ. وَقَالَ سَعْدٌ: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الأنعام: 52] . نزلت في ستة، وأنا وابن مسعود منهم5. أَخْرَجَهُ مسلم. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ" 6. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ: حَدَّثَنِي سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إِذَا دَعَاكَ". وَقَالَ عَبْد الْمَلِكِ بْنِ عُمَير، عَن جَابِرِ بْنِ سَمُرة قَالَ: شكا أَهْل الْكُوفَة سعدًا -يعني لَمَّا كَانَ أميرًا عليهم- إِلَى عمر فقالْوَا: إِنَّهُ لَا يحسن يصلي، فَقَالَ سعد: أما إني كنت أصلي بهم صَلاةُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صلاتي العشاء، لَا أخْرمُ7 منها، أركُد في

_ 1 رابغ: قرية على عشرة أميال من الجحفة، وهي من مواقيت الإحرام بالحج. 2 الجحفة: قرية، وهي من مواقيت الحج لأهل الشام. 3 الطبقات الكبرى "2/ 7". 4 حديث ضعيف: وأخرجه أحمد "2/ 222"، فيه رشد بن سعد من الضعفاء. 5 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2413"، وابن ماجه "4128". 6 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "3/ 97"، والترمذي "3753"، والحاكم "3/ 498"، والطبراني "323" في الكبير. 7 لا أخرم: لا أنقص.

الأوليين وأحذَف1 في الأخريين، فَقَالَ: ذاك الظن بك يَا أبا إِسْحَاق، ثُمَّ بَعَثَ رجالًا يسألْوَن عَنْهُ، فكانوا لَا يأتون مسجدًا من مساجد الْكُوفَة إِلَّا قالْوَا خيرًا، حَتَّى أتوا مسجدًا من مساجد بني عبْس، فَقَالَ رَجُلٌ يقال له: أبو سعدة: أما إذ أنشدتمونا باللَّه، فإِنَّهُ كَانَ لَا يَعدل في القضية، وَلَا يقسم بالسوية، وَلَا يغزو في السرية، فَقَالَ سعد: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا، فأعْمِ بصره، وأطل عُمره، وعرضه للفِتَن، قَالَ عَبْد الملك: أنا رأيته بعدُ يتعرض للإماء في السكك، فإذا سئل كيف أنت؟ يقول: شيخ كبير فقير مفتون، أصابتني دعوة سعد2. وَقَالَ الزبير بن عدي، عَن مُصعب، إن سعدًا خطبهم بالْكُوفَة، ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْل الْكُوفَة، أي أمير كنت لكم؟ -فقام رَجُلٌ فَقَالَ: إن كنت مَا علمتك لَا تعدل في الرعية، وَلَا تقسم بالسوية، وَلَا تغزو في السرية؟ فَقَالَ: اللَّهم إن كَانَ كاذبًا فاعْمٍ بصره، وعجل فَقْره، وأطِل عُمُرَه، وعرضه للفِتن، قَالَ: فما مات حَتَّى عُمِّر وافتقر وسأل، وأدرك فتنة المختار فقُتل فِيهَا3. وَقَالَ شُعْبة، عَن سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: خَرَجَتْ جَارِيَةٌ لِسَعْدٍ، وَعَلَيْهَا قَمِيصٌ جَدِيدٌ، فَكَشَفَهَا الرِّيحُ، فَشَدَّ عُمَرُ عَلَيْهَا بِالدَّرَّةِ، وَجَاءَ سَعْدٌ لِيَمْنَعُهُ فَتَنَاوَلَهُ بِالدَّرَّةِ، فَذَهَبَ سَعْدٌ لِيَدْعُو عَلَى عُمَرَ، فَنَاوَلَهُ الدَّرَّةَ وَقَالَ: اقْتَصْ، فَعَفَا عَنْ عُمَرَ4. وَقَالَ زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ عَنْ عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جَابِرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَنَا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ نَصْرَهُ ... وسعد بباب الْقَادِسِيَّةِ مُعْصمٌ فَأُبْنَا وَقَدْ آمَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَةٌ ... وَنِسْوَةُ سَعْدٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أيَّمُ فَبَلَغ سَعْدًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اقْطَعْ عَنِّي لِسَانَهُ، فَجَاءَتْ نُشَّابَةٌ5، فأصابت فاه،

_ 1 الحذف: التخفيف. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "755"، ومسلم "454"، وأبو داود "803"، وأحمد "1/ 175، 177، 179، 180"، والنسائي "2/ 217". 3 انظر السابق. 4 خبر صحيح: أخرجه الطبراني "309" في الكبير. 5 نشابة: الناشب: الرامي بالنشاب، والجمع: نشابة، والنشاب: النبل. المعجم الوجيز "ص/ 614".

فَخَرَسَ، ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي الْقِتَالِ. وَكَانَ فِي جَسَدِ سَعْدٍ قُرُوحٌ، فَأَخْبَرَ النَّاسَ بِعُذْرِهِ عَنِ الْقِتَالِ1. وَقَالَ مُصعب بن سعد، وغيره: إن رجلًا نال من عليّ، فنهاه سعد، فلم ينته، فدعا عَلَيْهِ، فما برح حَتَّى جاء بعير ناد، فخَبَطه حَتَّى مات. لها طُرق عَن سعد2. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ مغيرة، عَن أمه قالت: زرنا آل سعد بن أَبِي وقاص، فرأينا جارية كَانَ طولها شبر، قلت: من هَذِهِ؟ قالْوَا: مَا تعرفينها؟ هَذِهِ بنت سعد، غمست يدها في طهوره فقال: قطع اللَّه قرنك، فما شبت بَعْدَ3. قَدْ ذكرنا فيما مرّ أن سعدًا جعله عُمر أحَد الستة أَهْل الشورى، وَقَالَ: إن أصابت الخلافة سعدًا، وَإِلَّا فليستعن بِهِ الخليفة بَعْدي، فإني لم أعزله من ضعف وَلَا من خيانة. وسعد كَانَ ممن اعتزل عليًا وَمُعَاوِيَة. قَالَ أيوب، عَن ابن سيرين: نُبئت أن سعدًا قَالَ: مَا أزعم أني بقميصي هَذَا أحق مني الخلافة، قَدْ جاهدت إذ أنا أعرف الجهاد، وَلَا أبخع نفسي إن كَانَ رَجُلٌ خيرًا مِني، لَا أقاتل حَتَّى تأتوني بسيف لَهُ عينان ولسان وشفتان، فيقول: هَذَا مؤمن وَهَذَا كافر4. وقال محمد بن الضحاك الحزامي، عن أبيه، أن عليًا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- خطب بَعْدَ الحَكَمين فَقَالَ: للَّهِ منزل نزله سعد بن مالك وعبد الله بن عمر، والله لئن كَانَ ذنبًا -يعني اعتزالهما- إِنَّهُ لصغير مغفور، ولئن كَانَ حسنًا، إِنَّهُ لعظيم مشكور5. وَقَالَ عمر بن الحكم، عَن عَوَانة: دَخَلَ سعد عَلَى مُعَاوِيَة، فلم يسَلم عَلَيْهِ بالإمارة، فَقَالَ مُعَاوِيَة: لَوْ شئت أن تقول غيرها لقلت، قَالَ: فنحن المؤمنون وَلَمْ نؤمرك، فإنك مُعجَب بما أنت فِيهِ، واللَّه مَا يسُرني أني عَلَى الّذي أنت عَلَيْهِ، وإني هرقت محجمة دم.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه الطبراني "311" في الكبير. 2 خبر حسن بطرقه: خرجته في "مجابي الدعوة" لابن أبي الدنيا. 3 خبر ضعيف: وأخرجه ابن أبي الدنيا "33" في "مجابي الدعوة". 4 إسناده ضعيف: وأخرجه أبو نعيم "1/ 94" في الحلية، والطبراني "322" فيه انقطاع. 5 رواه الطبراني كما في المجمع "7/ 246".

وَقَالَ محمد بن سيرين: إن سعدًا طاف عَلَى تسع جوارٍ1 في ليلة، ثُمَّ أيقظ العاشرة، فغلبه النوم، فاستحيت أن توقظه. وَقَالَ الزهري: إن سعدًا لَمَّا حضرته الْوَفاة، دعا بخَلقِ2 جُبةٍ من صوف فَقَالَ: كفنوني فِيهَا، فإني لقيت فِيهَا المشركين يَوْم بدر، وإِنَّمَا خبأتها لِهَذَا الْيَوْم3. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ رَأْسُ أَبِي فِي حِجْرِي، وَهُوَ يَقْضِي، فَبَكَيْتُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ مَا يُبْكِيكَ؟ قُلْتُ: لِمَكَانِكَ وَمَا أَرَى بِكَ، فَقَالَ: لا تَبْكِ، فَإِنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُنِي أَبَدًا، وَإِنِّي مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ4. وَعَن عائشة بِنْت سعد، أن أباها أرسل إِلَى مروان بزكاة عين ماله، خمسة آلاف، وخلف يَوْم مات مائتين وخمسين ألف درهم. قَالَ الزبير بن بكار: كَانَ سعد قَدِ اعتزل في الآخر في قصرٍ بناه بطرف حمراء الأسد. قَالَ الْوَاقدي، وابن المديني، وجماعة كثيرة: تُوُفِّيَ سَنَة خمس وخمسين. وَقَالَ قعنب بن المحرّر: سَنَة ثمان وخمسين، وقيل: سَنَة سبع، وليس بشيء. وَقَالَ ابن سعد: تُوُفِّيَ في قصره بالعقيق، عَلَى سبعة أميال من المدينة، وحُمل إِلَى المدينة، وصلى عَلَيْهِ مروان، وله أربع وسبعون سَنَة. 30- سعيد بن زيد -ع- ابن عمرو بن نُفَيْلِ بن عَبْد العُزّى، القرشي العدوي، أَبُو الأعور5. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وَكَانَ أميرًا عَلَى ربع المهاجرين، وولي دمشق نيابة لأبي عبيدة، وشهد فتحها.

_ 1 جوار: مفردها جارية، وهي ملك اليمين، ولا حد لها في العدد. 2 خلق: قديم، أو بالي. 3 خبر ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 496"، والطبراني "316" في الكبير، وفيه انقطاع، فإن الزهري لم يسمع من سعد -رضي الله عنه. 4 خبر حسن: وأخرجه ابن سعد "3/ 1/ 104" في طبقاته. 5 انظر: الطبقات الكبى "3/ 379"، والجرح والتعديل "4/ 21"، وأسد الغابة "2/ 306".

رَوَى عَنْهُ: ابن عمر، وأَبُو الطُّفَيْلِ، وعمرو بن حُرَيْث، وزر بن حُبَيْش، وحُمَيد بن عَبْد الرَّحْمَنِ، وقيس بن أَبِي حازم، وعُرْوة بن الزبير، وجماعة. وقال أَهْل المغازي: إن سَعِيد بن زيد قدِم من الشَّام بُعَيد بدر، فكلم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فضرب لَهُ بسهمه وأجره. أسلم سَعِيد قبل دخول دار الأرقم، وَكَانَ مزوّجًا بفاطمة أخت عمر، وَهِيَ بِنْت عم أبيه. وَقَالَ سَعِيد: ولقد رأيتني وإن عمر لموثقي عَلَى الإسلام، فلم يكن عمر أسلم بَعْدَ1. وَعَن ابن مكيث أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ سَعِيدا وطلحة يتجسسان خبر عير قريش، فلهذا غابا عَن وقعة بدر، فرجعا إِلَى المدينة وقدِماها في يَوْم الْوَقعة، فخرجا يؤمّانَّهُ، وشهد سَعِيد أحدًا وَمَا بَعْدَها2. وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بن ظالم المازني، عن سعيد بن زيد قال: أشهد عَلَى التسعة أَنَّهُم في الجنة، وَلَوْ شهدت عَلَى العاشر لَمْ آثم، يعني نَفْسَهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سألت أَبِي عَن الشهادة لأبي بكر وعمر بالجنة، فَقَالَ: نعم، اذهب إِلَى حديث سَعِيد بن زيد3. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، إِنَّ أَرْوَى بِنْتَ أُوَيْسٍ ادَّعَتْ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ أَرْضِهَا شَيْئًا، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ: أَنَا آخُذُ من أرضها شيئًا بعدما سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ" 4، فَقَالَ مَرْوَانُ: لَا أَسْأَلُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَاعْمِ بَصَرَهَا، وَاقْتُلْهَا فِي أَرْضِهَا، فَمَا مَاتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرَهَا، وَبَيْنَا هِيَ تَمْشِي في أَرْضِهَا إِذْ وَقَعَتْ فِي حفرة فماتت. رواه مسلم.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه البخاري "3862"، و"3867"، والحاكم "3/ 440". 2 الطبقات الكبرى "3/ 382، 383". 3 خبر صحيح: أخرجه أحمد "1/ 188، 189". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3198"، ومسلم "1231"، وأحمد "1/ 188، 189، 190"، وابن أبي شيبة "6/ 565، 566" في مصنفه، والبيهقي "6/ 98، 99" في سننه الكبرى.

وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثار إن مُعَاوِيَة كتب إِلَى مروان بالمدينة يبايع لابنه يزيد، فَقَالَ رَجُلٌ من أَهْل الشَّام: مَا يحبسك؟ قَالَ: حَتَّى يجيء سَعِيد بن زيد فيبايع، فأَنَّهُ سيد أَهْل البلد، إذا بايع بايع النَّاس1. وَقَالَ نافع: إن ابن عمر لَمَّا سمع بموت سَعِيد بالعقيق، ذهب إليه، وترك الجمعة. وقالت عائشة بِنْت سعد بن أَبِي وقاص: مات سَعِيد بن زيد بالعقيق، فغسَله سعد وكفنه، وخرج معه. قَالَ مالك: كلاهما مات بالعقيق. وَقَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين، وَهُوَ ابن بضع وسبعين سَنَة، وقُبر بالمدينة، ونزل في قبره سعد وابن عمر، وَكَانَ رجلًا آدم، طويلًا، أشعر. وكذا وَرَّخ موته ابن بُكَير وجماعة، وشذ عُبَيد اللَّه بن سعد الزُهري فَقَالَ: سَنَة اثنتين وخمسين، وغلط الهيثم بن عدي فَقَالَ: تُوُفِّيَ بالْكُوفَة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ عبد الله بن ظالم المازني، عن سعيد بن زيد قَالَ: أشهد عَلَى التسعة أَنَّهُم في الجنة، فَقَالَ: نعم، أذهب إِلَى حديث سَعِيد بن زيد2. 31- سَعِيد بن العاص –م ن- ابن سَعِيد بن العاص بن أمية الأموي3، والد عمرو، ويحيى. قُتِلَ أَبُوه يَوْم بدر مشركًا وخلف سَعِيدا طفلًا. وَقَالَ أَبُو حاتم: لَهُ صحبة. رَوَى عَن: عمر، وعائشة. وعنه: ابناه، وعُروة بن الزبير، وسالم بن عَبْد اللَّهِ. وَكَانَ أحد الأشراف الأجواد الممدَّحين، والحلماء العقلاء.

_ 1 خبر حسن: أخرجه البخاري في تاريخه الصغير "ص/ 60"، والحاكم "3/ 439"، والطبراني "345". 2 سبق تخريجه. 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 30"، والجرح والتعديل "4/ 48"، والاستيعاب "2/ 8-11"، وأسد الغابة "2/ 391".

ولي إمرة المدينة غير مرة لمعاوية، وولي الْكُوفَة لعُثْمَان، واعتزل عليًا وَمُعَاوِيَة من عقله، فلما صفا الأمر لمعاوية وفد إليه، فأمر لَهُ بجائزة عظيمة، وقد غزا سَعِيد طبرستان في إمرته عَلَى الْكُوفَة، فافتتحها، وفيه يقول الفرزدق: ترى الغُر الجحاجح1 من قريش ... إذا مَا الأمر دون الحَدَثَان عالا قِيَامًا ينظرونَ إِلَى سَعِيد ... كأَنَّهُم يَرَوْنَ بِهِ هِلالا وَقَالَ ابن سعد: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولسَعِيد بن العاص أَبِي أحَيحة تسع سنين أَوْ نحوها. وَلَمْ يزل في نَاحِيَةِ عُثْمَان لقرابته مِنْهُ، فاستعمله عَلَى الْكُوفَة لَمَّا عزل عنها الْوَليد بن عُتبة، فقدِمها سَعِيد شابًا مترفًا، فأضر بأَهْلها إضرارًا شديدًا، وعمل عليها خمس سنين إِلَّا شهرًا، ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ أَهْل الْكُوفَة وطردوه، وأمَّروا عليهم أبا موسى، فأبى عليهم، وجدد البيعة في رقابهم لعُثْمَان، وكتب إليه فاستعمله عليهم. وَكَانَ سَعِيد بن العاص يَوْم الدار مع عُثْمَان يقاتل عَنْهُ، وَلَمَّا خرج طلحة والزبير نَحْوَ الْبَصْرَةِ خرج معهم سَعِيد، ومروان، والمغيرة بن شُعبة، فلما نزلَوْا مَرَّ الظهران قَامَ سَعِيد خطيبًا، فحمد اللَّه، وأثني عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أما بَعْد، فإن عُثْمَان عاش حميدًا، وخرج شهيدًا، فضاعف اللَّه لَهُ حسناته، وقد زعمتم أنكم خرجتم تطلبون بدمه، فإن كنتم تريدون ذلك، فإن قَتَلَةَ عُثْمَان عَلَى صدور هَذِهِ المطي وأعجازها، فميلوا عليهم أسيافكم، فقال مروان: لا بل نضرب بعضهم ببعض، فمن قتل ظفرنا منه، ويبقى الباقي فنطلبه وقد وَهن، وَقَامَ المغيرة فَقَالَ: الرأي مَا رأي سَعِيد، وذهب إِلَى الطائف، ورجع سَعِيد بن العاص بمن اتبعه، فلم يزل بمكة حَتَّى مضت الجمل وصِفين2. وَقَالَ قَبِيصة بن جابر: إِنَّهُم سألوا مُعَاوِيَة: من ترى لِهَذَا الأمر بَعْدَك؟ قَالَ: أما كريمة قريش فسَعِيد بن العاص وأما فلان، وذكر جَمَاعَة3. ابْنُ سَعْدٍ: ثَنَا عَلَيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضِ بْنِ جَعْدِيَّةِ، عَنْ عبد الله بن

_ 1 الكرام، فيقال للسيد الكريم: الجحجاح. 2 الطبقات الكبرى "5/ 31-35"، السير "3/ 446". 3 السير "3/ 446".

أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ1 قَالَ: خَطَبَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ أُمَّ كُلْثُومِ بِنْتِ عَلِيٍّ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَبَعَثَ إِلَيْهَا بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَخُوهَا الْحُسَيْنُ فَقَالَ: لَا تَزَوَّجِيهِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: أَنَا أُزَوِّجَهُ، وَاتَّعَدُوا لِذَلِكَ، وَحَضَرَ الْحَسَنُ، وَأَتَاهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَمَنْ مَعَهُ، فَقَالَ سَعِيدٌ: أَيْنَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ الْحَسَنُ: سَأَكْفِيكَ، قَالَ: فَلَعَلَّ أَبَا عبد الله كره هذا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لا أدَخَلُ فِي شَيْءٍ يَكْرَهُهُ، وَرَجَعَ وَلَمْ يَعْرِضْ لِلْمَالِ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ الْوَليد بن مَزْيد: ثَنَا سَعِيد بن عَبْد العزيز قَالَ: عربية القرآن أقيمت عَلَى لسان سَعِيد بن العاص بن سَعِيد؛ لأَنَّهُ كَانَ أشبههم لهجة برَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَرَوَى الْوَاقدي، عَن رجاله، أن سَعِيد بن العاص خرج من الدار، فقاتل حَتَّى أم، ضربه رَجُلٌ ضربة مأمومة3، قَالَ الذي رآه: فلقد رأيته، ليسمع صوت الرعد، فيغشى عَلَيْهِ4. وَقَالَ هُشَيْم: قدِم الزبير الْكُوفَة زمن عُثْمَان، وعليها سَعِيد بن العاص، وبعث إلى الزبير بسبعمائة فقبلها. وَعَن صالح بن كَيْسان قَالَ: كَانَ سعيد بن العاص حليمًا وقورًا، ولقد كانت المأمومة التي أصابت رأسه يَوْم الدار، قد كاد أن يخف منها بعض الخفة، وَهُوَ عَلَى ذلك من أوقر الرجال وأحلمهم5. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قال: كان مروان أميرًا علينا بالمدينة ستَّ سنين، فكان يسب عليًا في الجُمَع، ثُمَّ عُزل، فاستعمل عليها سَعِيد بن العاص، فكان لَا يسب عليًا6. وَقَالَ ابن عُيينه: كَانَ سَعِيد بن العاص إذا سأله سائل، فلم يكن عنده شيء قال:

_ 1 إسناده ضعيف: وأورده في السير "3/ 447". 2 خبر ضعيف: فيه انقطاع: وأخرجه ابن أبي داود "24" في المصاحف. 3 جرح يصل إلى أم الرأس. 4 إسناده ضعيف: من رواية الواقدي. 5 السير "3/ 447". 6 إسناده ضعيف: السير "3/ 447".

اكتب عَلِيّ بمسألتكم سِجِلا إِلَى أيام مَيْسرَتي1. وَرَوَى الأصمعي أن سَعِيد بن العاص كَانَ يدعو إخوانه وجيرانه كل جمعة، فيصنع لهم الطعام، ويخلع عليهم الثياب الفاخرة، ويأمرهم بالجوائز الْوَاسعة2. وَرَوَى عَبْد الأعلى بن حماد قَالَ: استسقى سَعِيد بن العاص من دار بالمدينة، فسقوه، ثُمَّ حضر صاحب الدار في الْوَقت مع جَمَاعَة يعرض الدار للبيع، وَكَانَ عَلَيْهِ أربعة آلاف دينار، فبلغ ذلك سَعِيدا فَقَالَ: إن لَهُ عَلَيْهِ ذِمامًا لسَقيه، فأداها عَنْهُ3. وَعَن يحيى بن سَعِيد الأموي: أن سَعِيد بن العاص أطعم النَّاس في سَنَة جدبة، حَتَّى أنفق مَا في بيت المال وأدان، فعزله مُعَاوِيَة لذلك. وَيُرْوَى: أَنَّهُ تُوُفِّيَ وعليه ثمانون ألف دينار. الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بَعَثَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بَرِيدًا يُخْبِرُ مُعَاوِيَةَ، وَبَعَثَ مَرْوَانُ أَيْضًا بَرِيدًا، وَأَنَّ الْحَسَنَ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ وَأَنَا حَيٌّ، فَلَمَّا دُفِنَ الْحَسَنُ بِالْبَقِيعِ، أَرْسَلَ مَرْوَانُ بِذَلِكَ وَبِقِيَامِهِ مَعَ بَنِي أُمَّيَةَ وَمَوَالِيهِمْ، وَأَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَقَدْتُ لِوْائِي، وَلَبِسْنَا السِّلاحَ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ، فَدَرَأَ اللَّهُ، أَنْ يَكُونَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ثَالِثٌ أَبَدًا، حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ الْمَظْلَوْمُ وَكَانُوا هُمُ الَّذِينَ فَعَلُوا بِعُثْمَانَ مَا فَعَلُوا، وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ يَشْكُرُ لَهُ، وَوَلاهُ الْمَدِينَةَ، وَعَزَلَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَكَتَبَ إِلَى مَرْوَانَ أَنْ لا تَدَعَ لِسَعِيدً مَالا إِلا أَخَذْتُهُ، فَلَمَّا جَاءَ مَرْوَانُ الْكِتَابُ بَعَثَ بِهِ مَعَ ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى سَعِيدٍ، فَلَمَّا قَرَأَهُ أَخْرَجَ كِتَابَيْنِ، وَقَالَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: اقْرَأْهُمَا، فَإِذَا فِيهِمَا: مِنْ مُعَاوِيَةَ إِلَى سَعِيدٍ، يَأْمُرُهُ حِينَ عُزِلَ مَرْوَانُ أَنْ يَقْبِضَ أَمْوَالَهُ، وَلَا يَدَعْ لَهُ عِذْقًا، فَجَزَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ خَيْرًا وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنَّكَ جِئْتَنِي بِهَذَا الْكِتَابِ، مَا ذَكَرْتُ مِمَّا تَرَى حَرْفًا وَاحِدًا، فَجَاءَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِالْكِتَابِ إِلَى أَبِيهِ، قَالَ مَرْوَانُ: هُوَ كَانَ أَوْصَلَ لنا منا له4.

_ 1 السابق. 2 إسناده منقطع. 3 إسناده منقطع: وانظر تهذيب تاريخ دمشق "6/ 144". 4 إسناده ضعيف: من رواية الواقدي، وأورده ابن بدران "6/ 142، 143" في تهذيب تاريخ دمشق.

وعن صالح بن كيسان قال: كان سعيد بن العاص أوقر الرجال وأحلمهم، وَكَانَ مروان حديد اللسان، سريع الجواب، ذلق اللسان، قلما صبر إن كَانَ في صدره حُبُّ أحدٍ أَوْ بُغْضُه إِلَّا ذَكَرَه، وَكَانَ سَعِيد خلاف ذلك ويقول: إن الأمور تغير، والقلَوْب تتغير، فلا ينبغي للمرء أن يكون مادحًا الْيَوْم، غائبًا غدًا1. قَالَ الزبير: مات سَعِيد في قصره بالعَرَصَة، عَلَى ثلاثة أميال من المدينة، وحُمل إِلَى البقيع، وركب ابنه عمرو بن سَعِيد إلى معاوية، فباعه منزله وبستانه بالعرصة بثلاثمائة ألف درهم، قاله الزبير بن بكار. وفي ذلك المكان يقول عمرو بن الْوَليد بن عُقْبة: القصُر ذو النخلِ والجَمَّار2 فوقهما ... أشهى إِلَى النفس من أَبُواب جَيُرونِ قَالَ خَلِيفَة وغيره: تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين. وَقَالَ مسدد: مات سَعِيد بن العاص، وعائشة، وأَبُو هريرة، وعَبْد اللَّهِ بن عامر: سَنَة سبع أَوْ ثمان وخمسين. وَقَالَ أَبُو معشر: سَنَة ثمان وخمسين. 32- سَعِيد بن يربوع المخزومي3. من مُسْلمة الفتح، وشهد حنينًا. كان ممن يجدد أنصاب الحرم لخبرته بحدود الحرم. رَوَى ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا. تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين، وعاش مائة وعشرين سَنَة، وَهُوَ من أقران حكيم بن حزام. 33- سفيان بن عوف، الأزدي الغامدي الأمير4. شهد فتح دمشق، وولي

_ 1 إسناده ضعيف: فيه انقطاع. "6/ 143" تهذيب تاريخ دمشق. 2 الجمار: شحم النخل، وهو أغلى ما في النخلة. 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 72"، وأسد الغابة "2/ 316"، والتاريخ الكبير "3/ 453، 454"، والإصابة "2/ 51، 52". 4 انظر: تاريخ الطبري "5/ 134، 234، 299"، والإصابة "2/ 56".

غزو الرصافة لمعاوية، وتوفي مرابطًا بأرض الروم سَنَة اثنتين وخمسين، وَلَا صُحبة لَهُ. 34- سَمُرَة بن جندب –ع- ابن هلال الفزاري1. لَهُ صحبة ورواية وشرف، ولي إمرة الْكُوفَة والْبَصْرَة خلافة لزياد. رَوَى عَنْهُ: ابنه سليمان، وأَبُو قِلابة الجَرْمي، وأَبُو رجاء العُطَاردي، وأَبُو نَضْرة العَبْدي، وعَبْد اللَّهِ بن بُريْدة، ومحمد بن سِيرين، والحسن بن أَبِي الْحَسَن، وسماعة مِنْهُ ثابت، فالصحيح لزوم الاحتجاج بروايته عَنْهُ، وَلَا عبرة بقول من قَالَ من الأئمة: لَمْ يسمع الْحَسَن من سَمُرة؛ لأن عندهم عِلما زائدًا عَلَى مَا عندهم من نفي سماعة مِنْهُ2. وَكَانَ سَمُرة شديدًا عَلَى الخوارج، فقتل منهم جَمَاعَة، وَكَانَ الْحَسَن وابن سيرين يُثْنيان عَلَيْهِ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَيْتٍ: "آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ"3. فِيهِمْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: فَكَانَ سَمُرَةُ آخِرُهُمْ مَوْتًا. أَبُو نَضْرَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَكِنْ لِلْحَدِيثِ مَعَ غَرَابَتِهِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَكِيمٍ - وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ بِجُرْحٍ- قَالَ: ثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ الضَّبِّيُّ قَالَ: كُنْتُ أَمُرُّ بِالْمَدِينَةِ، فَأَلْقَى أَبَا هُرَيْرَةَ، فَلَا يَبْدَأُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَسْأَلَنِي عَنْ سَمُرَةَ، فَإِذَا أَخْبَرْتُهُ بِحَيَاتِهِ فَرِحَ، فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا عَشَرَةٌ فِي بَيْتٍ، وَإِنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ وَنَظَرَ فِي وُجُوهِنَا، وَأَخَذَ بِعُضَادَتَيِ الْبَابِ، ثُمَّ قَالَ: "آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ"4. فَقَدْ مَاتَ مِنَّا ثَمَانِيَةٌ، وَلَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَغَيْرُ سَمُرَةَ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ من أن أكون قد ذقت الموت.

_ 1 انظر: الطباقت الكبرى "6/ 34"، "7/ 49"، والتاريخ الكبير "4/ 176"، والجرح والتعديل "4/ 154"، والاستيعاب "2/ 77-79". 2 قال الذهبي في السير "3/ 184": قد ثبت سماع الحسن من سمرة، ولقيه بلا ريب، صرح بذلك في حديثين. 3 حديث ضعيف: وأورده المصنف في السير "3/ 184"، وقال: حديث غريب جدا، ولم يصح لأبي نضرة سماع من أبي هريرة. 4 حديث ضعيف: فيه أنس بن حكيم في عداد المجهولين.

وَرَوَى مِثْلَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: كُنْتُ إِذَا قَدِمْتُ عَلَى أَبِي مَحْذُورَةَ سَأَلَنِي عَنْ سَمُرَةَ، وَإِذَا قَدِمْتُ عَلَى سَمُرَةَ سَأَلَنِي عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَنَا وَسَمُرَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي بَيْتٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ"1، فَمَاتَ أَبُو هُرَيْرَةَ، ثُمَّ مَاتَ أَبُو مَحْذُورَةَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ وَغَيْرُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِسَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، وَلِأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِآخَرَ: "آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ"2. فَمَاتَ الرَّجُلُ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغِيظَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَاتَ سَمُرَةَ، فَإِذَا سَمِعَهُ غُشِيَ عَلَيْهِ وَصُعِقَ، ثُمَّ مَاتَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَبْلَ سَمُرَةَ. وَقَتَلَ سَمُرَةُ بَشَرًا كَثِيرًا. وَقَالَ سليمان بن حرب: ثَنَا عامر بن أَبِي عامر قَالَ: كنّا في مجلس يونس بن عبيد في أصحاب الخزّ، فقالْوَا: مَا في الأرض بقعة نشفت من الدم مَا نشفت هَذِهِ البقعة -يعنون دار الإمارة- قُتِلَ بِهَا سبعون ألفًا، فجاء يونس بن عبيد، فقلت: إِنَّهُم يقولَوْن كذا وكذا، فَقَالَ: نعم من بَيْنِ قتيل وقطيع، قيل لَهُ: ومن فعل ذلك يَا أبا عَبْد اللَّهِ؟ قَالَ: زياد وابنه عبيد اللَّه وسمرة3. قَالَ البيهقي: نرجو لسَمُرَة بصحبته رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَبْد اللَّهِ بن مُعَاوِيَة الجُمَحي، عَن رَجُل: أن سَمُرة استجمر، فغفل عَن نَفْسَهُ، وغفلَوْا عَنْهُ حَتَّى أخذته. وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ أَبَا يَزِيدَ الْمَدِينِيَّ يَقُولُ: لَمَّا مَرِضَ سَمُرَةُ أَصَابَهُ بَرْدٌ شَدِيدٌ، فَأَوْقَدْتُ لَهُ نَارٌ فِي كَانُونٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَانُونٍ خَلْفَهُ، وَكَانُونٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ، فَجَعَلَ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ، وَكَانَ يَقُولُ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا فِي جَوْفِي، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ. وإن صحّ هَذَا فيكون إن شاء اللَّه قوله عَلَيْهِ السلام: "آخركم موتًا في النار" متعلقًا بموته في النار، لا بذاته.

_ 1 حديث ضعيف: فيه ابن جدعان، وهو من الضعفاء، وأوس بن خالد من المجهولين. 2 حديث ضعيف: إسناده مرسل. وأورده الذهبي "3/ 185" في السير. 3 السير "3/ 185".

قَالَ عَبْد اللَّهِ بن صبيح، عَن ابن سيرين: كَانَ سَمُرة -فيما علمت- عظيم الأمانة، صدوقًا، يحبّ الأسلام وأَهْله1. تُوُفِّيَ سَمْرة سَنَة تسع وخمسين، وَيُقَالُ: في أول سَنَة ستين. 35- سَوْدَة أم المؤْمِنِينَ2 مرت في خلافة عمر. قَالَ الْوَاقدي: الثابت عندنا أَنَّها توفيت سَنَة أربع وخمسين فيما حدثنا بِهِ محمد بن عَبْد اللَّهِ بن مسلم، عَن أبيه. "حرف الشين": 36- شداد بن أوس -ع- بن ثابت، أَبُو يعلى، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ الأنصاري النجاري، ابن أخي حسّان بن ثابت3. لَهُ صُحْبة ورواية، أحد سادة الصحابة. رَوَى عَنْهُ: بشير بن كعب، وخالد بن مَعْدان، وأَبُو الأشعث الصنعاني شراحيل، وأَبُو إدريس الخَوْلاني، وأَبُو أسماء الرحبي، وجماعة، ومحمد، ويعلي ابناه. فعن عُبادة بن الصامت قَالَ: شداد ممن أوتي العلم والحِلم. ابْنُ جَوْصا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الْوَهاب بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْن شداد بن أوس: حدثني أَبِي، حدثنا أَبِي، عَن أبيه، عَن جده، قَالَ: كَانَ لأبي يعلى شداد بن أوس خمسة أولاد، منهم بِنْته أسماء لها نسل إِلَى سَنَة ثلاثين ومائة. ذكرت باقي الحديث في تلك السنة. قَالَ الْبُخَارِيُّ: شداد بن أوس، قيل: إِنَّهُ بدْري، وَلَمْ يصح. وَقَالَ محمد بن سنان القزاز -وليس بحجة: ثَنَا عمر بن يونس اليماني، أنبأ عَلَى بن محمد بن عمارة، سمعت شداد أنبأ عمار يحدث، عَن شداد بن أوس، وكان بدريًّا4.

_ 1 السابق. 2 سبق الترجمة لها. 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 401"، الجرح والتعديل "4/ 328"، أسد الغابة "2/ 507". 4 السير "2/ 362".

وَقَالَ محمد بن سعد: لشداد بقية وعقب ببيت المقدس، وبها مات سَنَة ثمان وخمسين، وله خمس وسبعون سَنَة. وَعَن خالد بن مَعْدان قَالَ: لَمْ يبق من الصحابة بالشَّام أحد كَانَ أوثق وَلَا أفقه وَلَا أرضى من عُبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وعُمَير بن سعد الذي ولَّاه عمر حمص1. وذكر غير واحد وفاة شداد سَنَة ثمان وخمسين، إِلَّا مَا رواه ابن جَوْصا عَن محمد بن عَبْد الْوَهاب بن محمد المذكور، عَن آبائه، أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَة أربع وستين. وَقَالَ سَعِيد بن عَبْد العزيز: فَضُلَ شدَادُ بْنُ أوس الأنصار بخصلتين: ببيان إذا نطق، وبكظم إذا غضب. وَقَالَ ابن سعد: كَانَ عابدًا مجتهدًا، قيل: إن أباه استشهد يَوْم أحُد، وَقَالَ غيره: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَان اعتزل شداد الفتنة وتعَبْد2. وَقَالَ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَسَدِ بْنِ وَدَاعَةَ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْفِرَاشَ يَتَقَلَّبُ عَلَى فِرَاشِهِ، لَا يَأْتِيهِ النَّوْمُ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ النَّارَ أَذْهَبَتْ مِنِّي النَّوْمَ، فَيَقُومُ فَيُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ3. نَزَلَ شدّاد بيت المقدس، وأخباره في تاريخ دمشق. 37- شريك بن شدّاد الحضرمي التَّنعي4. أحد العشرة الذين قُتِلُوا مع حُجْر بعذراء صبرًا، في سَنَة إحدى وخمسين. وَهُوَ من التابعين. 38- شيبة بن عُثْمَان -خ د ق- بن أَبِي طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى العَبْدري المكي الحجبي، أَبُو صفية، وَيُقَالُ: أبو عثمان5.

_ 1 السير "2/ 464". 2 الطبقات الكبرى "7/ 401" لابن سعد. 3 إسناده ضعيف: وأخرجه أبو نعيم "1/ 264" في الحلية، وفيه ابن فضالة، وهو صدوق يدلس، وقد رواه بالعنعنة، وهو في السير "2/ 466". 4 انظر: تاريخ الطبري "5/ 271، 277". 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 331"، والاستيعاب "2/ 158-160"، وأسد الغابة "3/ 7".

حاجب الكعبة ابن أخت مُصْعَب بن عُمَير العَبْدري، وإليه ينسب بنو شيبة حَجَبة الكعبة. وأَبُوه قتله عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَوْم أُحُد، فلما كَانَ عام الفتح خرج شيبة مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كافرًا إِلَى حُنين، ومن نيته اغتيال رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ هداه اللَّه، ومن عَلَيْهِ بالإسلام، فأسلم، وقاتل يومئذ وثبت وَلَمْ يُوَلِّ1. وَرَوَى عَن: النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَن أَبِي بكر، وعمر. وعنه: ابناه مُصْعَب بن شيبة، وصفية بِنْت شيبة، وأَبُو وائل، وعكرمة، وحفيده مُسَافع بن عَبْد اللَّهِ. تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين، وقيل: سَنَة ثمان وخمسين. وحديثه في الْبُخَارِيُّ عَن عمر2. "حرف الصاد": 39- صَعصَعَة بن صُوحان -ن- بن حُجْر العَبْدي الكوفي3. أحد شيعة عليّ، أمره عَلَى بعض الكراديس يَوْم صِفين. وَكَانَ شريفًا، مطاعَا، خطيبًا، بليغًا، مفوّهًا، واجه عُثْمَان بشيء فأبَعْدَه إِلَى الشَّام. وَرَوَى عَن عَلِيّ، وغيره. وَرَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وأَبُو إِسْحَاق، وابن بُرَيْدة، والمنْهال بن عمرو. وَقَالَ ابن سعد: هُوَ ثِقَةٌ. وفد عَلَى مُعَاوِيَة فخطب، فَقَالَ مُعَاوِيَة: إن كنت لأبغض أن أراك خطيبًا، قَالَ: وأنا إن كنت لأبغض أن أراك خَلِيفَة4.

_ 1 تاريخ الطبري "3/ 75". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 363"، وابن ماجه "3116". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 221"، الجرح والتعديل "4/ 446"، أسد الغابة "3/ 21"، الاستيعاب "717". 4 السير "3/ 529".

وَقَالَ ابن سعد: تُوُفِّيَ في خلافة مُعَاوِيَة، وكنيته أَبُو عمر، لَهُ حكايات. 40- صفوان بن المعطّل، السُّلمي، الذي لَهُ ذِكْر في حديث الإفك1. قَدْ مرٌ في سَنَة تسع عشرة. وَقَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ سَنَة ستين بسُمَيْساط2. 41- صيفي بن قشيل أو فشيل الربعي. كوفي3 من شيعة عَلَى، قُتِلَ صبْرًا بعذراء مع حُجْر بن عدي، وَكَانَ من رؤوس أصحابه. "حرف الطاء": 42- طارق بن عَبْد اللَّهِ المحاربي4 –ت- لَهُ صحبة ورواية. رَوَى عَنْهُ: رِبْعي بن حِراش وأَبُو صخرة جامع بن شداد. وله حديثان إسنادهما صحيح. وَهُوَ في عِداد أَهْل الْكُوفَة. "حرف العين": 43- عائشة أم المؤْمِنِينَ بِنْت أَبِي بكر الصِدِيق، التيمية أم عَبْد اللَّهِ5، فقيهة نساء الأمة. دَخَلَ بِهَا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في شوَال بَعْدَ بدر، ولها من العمر تسع سنين. رَوَى عنها: جَمَاعَة من الصحابة، والأسود، ومسروق، وابن المسيب، وعُرْوة، والقاسم، والشَّعْبِيُّ، ومجاهد، وعِكْرِمة، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيكة، ومُعاذة العدوية، وعمرة الأنصارية، ونافع مولى ابن عمر، وخلق كثير. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطعام" 6.

_ 1 سبق الترجمة له. 2 اسم بلدة على شاطئ الفرات بالعراق، كما في معجم البلدان "3/ 258". 3 انظر: تاريخ الطبري "5/ 80، 266، 271"، الكامل "3/ 341، 477". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 42، 43"، والجرح والتعديل "4/ 485"، والاستيعاب "2/ 236". 5 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 58-81"، أسد الغابة "7/ 188"، السير "2/ 135". 6 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 73"، ومسلم "2446"، والترمذي "3887".

وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةٍ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: $"هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"1. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ: ثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَةُ"، قُلْتُ: وَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا" 2. وَهَذَا صَحِيحٌ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوَهُ. وَقَالَ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ: ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَلامٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بن سوقة، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: انْتَهَيْنَا إِلَى عَلِيٍّ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ فَقَالَ: حَلِيلَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. قُلْتُ: هَذَا حديث حَسَن، فإنّ مُصْعَبًا لَا بأس بِهِ إن شاء اللَّه. ومن عجيب مَا ورد أن أبا محمد بن حزم، مع كونه أعلم أَهْل زمانَّهُ، ذهب إِلَى أن عائشة أفضل من أبيها، وهذا ما خرق بِهِ الإجماع. قَالَ ابْنُ عُلَّيَّةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلاءِ الْمَازِنِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ فَأَرْوَنِيهِ، فَلَمَّا مَرَّ قِيلَ لَهَا: هَذَا ابْنُ عُمَرَ، قَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيرِي؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا قَدْ غَلَبَ عَلَيْكَ وَظَنَنْتُ أَنَّكِ لَا تُخَالِفَينِهِ -يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ- قَالَتْ: أما إنك لو نهيتني ما خرجت -تعني مَسِيرَهَا فِي فِتْنَةِ يَوْمِ الْجَمَلِ4. أخبرنا عَبْد الخالق بن عَبْد السلام الشافعي، أنبأ ابن قدامة سنة إحدى عشرة وستمائة، أنبأ محمد هُوَ ابن البُطّي، أنبأ أَحْمَد بن الْحَسَن، أنبأ أَبُو القاسم بن بشران، ثَنَا أَبُو مسعود، أنبأ أَبُو الفضل بن خزيمة، ثنا محمد ابن أَبِي العوام، ثَنَا موسى بن داود، ثَنَا أَبُو مسعود الجرّار، عَن عَلِيّ بن الأقمر فقال: كَانَ مسروق إذا حدث عَن عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَ: حدثتني الصَّدّيقة بِنْت الصَّديق، حبيبة حبيب اللَّه، المبرأة من فوق سبع سموات، فلم أكذبها5.

_ 1 حديث حسن: أخرجه الترمذي "3880"، وله شواهد. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 19"، ومسلم "2384". 3 خبر حسن. 4 خبر صحيح. 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 64، 66"، والطبراني "23/ 181" في الكبير.

وَقَالَ أَبُو بُرْدَة بن أَبِي موسي، عَن أبيه قَالَ: مَا أُشْكل علينا أصحاب محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديث قط، فسألنا عَنْهُ عائشة، إِلَّا وجدنا عندها مِنْهُ عِلما1. وَقَالَ مسروق: رأيت مشيخة الصحابة يسالْوَنها عَن الفرائض2. وَقَالَ عطاء بن أَبِي رباح: كانت عائشة أفقه النَّاس، وأحسن النَّاس رأيًا في العامة. وَقَالَ الزهري: لَوْ جمع علم عائشة إِلَى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق السبيعي، عَن عمرو بن غالب: إن رجلًا نال من عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عند عمار بن ياسر فَقَالَ: أُغْرُبْ مقبوحًا منبوحًا، أتؤذي حبيبة رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم3. صححه الترمذي. وَقَالَ عمّار أيضًا: هِيَ زوجته في الدنيا والآخرة4. قَالَ الترمذي: حَسَن صحيح. وَقَالَ عُرْوة: كَانَ النَّاس يتحرون بهداياهم يَوْم عائشة. وَقَالَ الزُهري، عَن القاسم بن محمد: إن مُعَاوِيَة لَمَّا قدِم المدينة حاجًا، دَخَلَ عَلَى عائشة، فلم يشهد كلامهما إلا ذكوان مولى عائشة فقالت لَهُ: أمِنْتَ أن أخبئ لك رجلًا يقتلك بأخي محمد! قَالَ: صدقت، ثُمَّ إِنَّهَا وعظته وحضته عَلَى الاتباع، فلما خرج اتكأ عَلَى ذَكوان وَقَالَ: واللَّه مَا سمعت خطيبًا ليس رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبلغ من عائشة5. وَقَالَ سَعِيد بن عَبْد العزيز: قضى مُعَاوِيَة عَن عائشة ثمانية عشر ألف دينار.

_ 1 خبر حسن: وأخرجه الترمذي "3883". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 66"، والحاكم "4/ 11"، والطبراني "23/ 182" في الكبير. 3 خبر صحيح: أخرجه الترمذي "3888"، وابن سعد "8/ 65"، وأبو نعيم "2/ 44" في الحلية، وأورده الذهبي في السير "2/ 179"، وقال: صححه الترمذي في بعض النسخ، وفي بعض النسخ: هذا حديث حسن. 4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "13/ 47"، والترمذي "3889". 5 إسناده صحيح.

وَقَالَ عُروة بن الزبير: بَعَثَ مُعَاوِيَة مرّة إِلَى عائشة بمائة ألف، فَوَاللَّه مَا أمست حَتَّى فرَّقتها، فقالت لها مولاتها: لَوْ أشتريتِ لنا منن هَذِهِ الدراهم بدرهم لحمًا! فقالت: أَلَّا قلتِ لي1. وَقَالَ عُرْوة: مَا رأيت أعلم بالطب من عائشة، فَقَالَ: يَا خالة من أين تعلمتِ الطبّ؟ قالت: كنت أسمع النَّاس ينعت بعضهم لبعض2. وَعَن عُرْوة قَالَ: مَا رأيت أعلم بالشعر منها. وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي، وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ، وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرَهَا" 3. وَقَالَ القاسم بن محمد: اشتكت عائشة، فجاء ابن عباس فَقَالَ: يَا أم المؤْمِنِينَ تقدمين عَلَى فَرَط صِدْق عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى أَبِي بكر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَلَوْ لَمْ يكن إِلَّا مَا في القرآن من البراءة لكفى بذلك شرفًا4، 5. ولهذا حظ وافر من الفصاحة والبلاغة، مع مَا لها من المناقب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. تُوفيت عَلَى الصحيح سَنَة سبع وخمسين بالمدينة، قاله هشام بن عُروة، وأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وشباب. وَقَالَ أَبُو عُبيدة، وغيره: في رمضان سَنَة ثمان. وَقَالَ الْوَاقدي: في ليلة سابع عشر رمضان. ودُفنت بالبقيع ليلًا، فاجتمع النَّاس وحضروا، فلم تُر ليلة أكثر ناسًا منها، وصلى عليها أَبُو هريرة، ولها ستٌ وستون سَنَة، وذلك في سَنَة ثمان6. ابن سعد: أنبأ محمد بن عمر حدّثني ابن أَبِي سبرة عن عثمان بن أبي عتيق،

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 67"، وأبو نعيم "2/ 47" في الحلية وغيرهما. 2 خبر صحيح: أخرجه أحمد "6/ 67"، وأبو نعيم "2/ 50" في الحلية، وغيرهما كما في المجمع "9/ 242". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 84"، ومسلم "2441"، "2442". 4 ما بين المعكوفتين من صحيح البخاري. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 83". 6 الطبقات الكبرى "8/ 77"، والسير "2/ 192".

عَن أبيه قَالَ: رأيت ليلة ماتت عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- حُمل معها جريد في الخرق والزيت، فيه نارًا ليلًا، ورأيت النساء بالبقيع كأَنَّهُ عيد1. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ: شَهَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَى عَائِشَةَ بِالْبَقِيعِ، وَكَانَ خَلِيفَةَ مَرْوَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَقَدِ اعْتَمَرَ تِلْكَ الأَيَّامَ2. وَقَالَ هشام بن عُرْوة، عن أبيه: إِن عائشة دُفنت ليلًا. قَالَ حفص بن غياث: ثَنَا إسماعيل، عَن أَبِي إِسْحَاق قَالَ: قَالَ مسروق: لَوْلا بعض الأمر، لأقمت المناحة عَلَى أم المؤْمِنِينَ3. وَعَن عَبْد اللَّهِ بن عُبَيد اللَّه قَالَ: أما أَنَّهُ لَا يحزن عليها إِلَّا من كانت أمه. وخرَّج الْبُخَارِيُّ في تفسير النور من حديث ابن أَبِي مُلَيْكة: أن ابن عباس استأذن عليها وَهِيَ مغلوبة، فقالت: أخشى أن يثني عَلِيّ، فقيل: ابن عمّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ وجوه المسلمين، قالت: ائذنوا لَهُ، فَقَالَ: كيف تجدينك؟ قالت: بخير إن اتقيت، قَالَ: فأنت بخير إن شاء اللَّه، زوجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج بكْرًا غيرك، ونزل عذرك من السماء، فلما جاء ابن الزبير قالت: جاء ابن عباس، وأثنى علَيّ، ووددت أني كنت نَسْيًا مَنْسِيًّا4. أَبُو مُعَاوِيَة، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ تَمِيمِ بن سلمة، عن عورة، عَنْ عَائِشَةَ، رَأَيْتُهَا تَصَدَّقُ بِسَبْعِينَ أَلْفًا، وَأَنَّهَا لَتُرَقِّعُ جَانِبَ دِرْعِهَا5. أَبُو مُعَاوِيَة: ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ قَالَتْ: بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى عَائِشَةَ بِمَالٍ فِي غَرَّارَتَيْنِ، يَكُونُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَدَعَتْ بِطَبَقٍ، فَجَعَلَتْ تُقْسِمُ فِي النَّاسِ، فَلَمَّا أَمْسَتْ قَالَتْ: يَا جَارِيَةُ هَاتِي فِطْرِي، فَقَالَتْ أُمُّ ذرة: يا أم المؤمنين، أما

_ 1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 76، 77"، والحاكم "4/ 6"، وفيه الواقدي، وابن أبي سبرة، وكلاهما من الضعفاء. 2 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 3 أخرجه ابن سعد "8/ 78". 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 276، 349"، وابن سعد "8/ 75"، وأبو نعيم "2/ 45" في الحلية. 5 إسناده ضعيف: أورده الذهبي "2/ 187" في السير، وفيه عنعنة الأعمش.

استطعت أن تشتري لَحْمًا مِمَّا أَنْفَقْتِ! فَقَالَتْ: لَا تُعَنِّفِينِي، لَوْ أَذْكَرْتِينِي لَفَعَلْتُ1. الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَخَرْتُ بمال أبي في الجاهلية، وكان ألف أَلْفَ أُوقِيَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ" 2. أَخْرَجَهُ س3. مُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ لأُمَّهَاتِ الْمِؤْمِنِينَ عَشْرَةَ آلافٍ، عَشْرَةَ آلافٍ، وَزَادَ عَائِشَةُ أَلْفَيْنِ، وَقَالَ: أَنَّهَا حبيبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم4. شُعْبة: أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَصُومُ الدَّهْرَ5. حَجّاج بن الأعور، عَن ابن جُرَيج، عَن عطاء: كنت أتي عائشة أنا وعُبَيد بن عُمَير، وَهِيَ مجاورة في جوف ثبير، في قبة لها تركية، عليها غشاؤها، ولكن قَدْ رأيت عليها درعًا معصفرًا، وأنا صبي6. ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَخْفَى عَلِيَّ حِينَ تَرْضِينَ وَحِينَ تَغْضَبِينَ، فِي الرِّضَا تَحْلِفِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَفِي الْغَضَبِ تَحْلِفِينَ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ" 7، فَقُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. رواه أَبُو أسامة، عَن هشام، وفي آخره فقلت: واللَّه لَا أهجر إِلَّا اسمك. الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْحَكِيمِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ: أَطْعَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عائشة بخيبر ثمانين وَعِشْرِينَ وَسَقًا8. سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَقُولُ: كَانَتْ عائشة

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 67". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 220"، ومسلم "2448". 3 رمز النسائي في "الكبرى". 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 67"، والحاكم "4/ 8". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 67"، "8/ 75". 6 إسناده ضعيف: فيه ابن جريج، وهو مدلس. وأورده المصنف "2/ 188" في السير. 7 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 285"، ومسلم "2439". 8 حديث ضعيف: فيه الواقدي، وفيه انقطاع.

تَلْبَسُ الأَحْمَرَيْنِ الذَّهَبَ وَالْمُعْصَفَر وَهِيَ مُحْرِمَةٌ. وَقَالَ ابن أَبِي مُلَيْكة: رأيت عليها درعًا مضرَّجًا. مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ: ثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا بَكْرَةُ بِنْتُ عُقْبَةَ، أنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي مُعَصْفَرَةٍ، فَسَأَلْتُهَا عَنِ الحناء فقالت: شدرة طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ، وَسَأَلْتُهَا عَنِ الْحِفَافِ فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ كَانَ لَكِ زَوْجٌ فَاسْتَطَعْتِ أَنْ تنزعي مقلتيك، فتضعينهما أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا فَافْعَلِي1. المعلَّيان ثِقَتان. وَعَن مُعَاذة قالت: رأيت عَلَى عائشة ملحفة صفراء2. الْوَاقدي: قَالَ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رُبَّمَا رَوَتْ عَائِشَةُ الْقَصِيدَةَ سِتِّينَ بَيْتًا وَأَكْثَرَ3. هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَدَدْتُ أَنِّي إِذَا مِتُّ كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا. مِسْعَرٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ وَرَقَةً مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ4. ابن أَبِي مُلَيْكة: أن ابن عباس دَخَلَ عَلَى عائشة، وَهِيَ تموت، فأثنى عليها، فقالت: دعني منك، فوالذي نفسي بيده لَوْددت أني كنت نَسْيًا منسيًا5. وَعَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَمَّنْ سَمِعَ عَائِشَةَ إِذَا قَرَأَتْ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] بَكَتْ حين تبل خمارها -رضي الله عنها6.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 70، 71" في طبقاته. 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 71". 3 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 72، 73"، وفيه الواقدي من الضعفاء. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 74، 75"، وله طرق أخرى. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 371، 372". 6 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 81" وفيه الواقدي، وفيه انقطاع.

44- عَبْد اللَّهِ بن الأرقم، بن عَبْد يغوث بن وهب بن عَبْد مناف بن زهرة، الزُهري الكاتب1. وَكَانَ ممّن أسلم يَوْم الفتح، وحسُن إسلامه، وكتب للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لأبي بكر، وعمر. ثُمَّ ولي بيت المال لعمر، وعُثْمَان مُدَيدة. وَكَانَ من فضلاء الصحابة وصُلَحائهم. قال مالك: بلغني أَنَّهُ أجازه عُثْمَان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَهُوَ عَلَى بيت المال بثلاثين ألف درهم، فأبى أن يقبلها2. وَعَن عمرو بن دينار: أنَّهَا كانت ثلاثمائة ألف درهم، فلم يقبلها، وَقَالَ: إِنَّمَا عملت للَّهِ، وإِنَّمَا أجري عَلَى اللَّه3. وَرُوِيَ عَن عمر أَنَّهُ قَالَ لعَبْد اللَّهِ بن الأرقم: لَوْ كانت لك سابقة مَا قدمت عليك أحدًا. وَكَانَ يقول مَا رأيت أخشى للَّهِ من عَبْد اللَّهِ بن الأرقم4. وَرَوَى عُبَيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبة، عَن أبيه قَالَ: واللَّه مَا رأيت رجلًا قطّ، أراه كَانَ أخشى من عَبْد اللَّهِ بن الأرقم5. قلت: رَوَى عَنْهُ عُرْوة، وغيره. 45- عَبْد اللَّهِ بن أنَيس الجُهَني6 –م 4. شذّ خَلِيفَة بن خياط فَقَالَ: شهد بدرًا. والمشهور أَنَّهُ شهد العَقَبة وَأُحُدًا. قَدْ ذكرنا من أخباره في الطبقة الماضية، وبَلَغَنا أن النبي -صَلَّى لله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثه وحده سرية إِلَى خالد ابن نبيح العنزي، فقتله7.

_ 1 انظر: التاريخ الكبير "5/ 32، 33"، والاستيعاب "2/ 260-262"، وأسد الغابة "3/ 172"، والإصابة "6/ 4". 2 خبر ضعيف: أورده ابن الأثير "3/ 173" في أسد الغابة، والمصنف "2/ 482" في السير. 3 إسناده ضعيف: وانظر: السير "2/ 482". 4 إسناده ضعيف: وأخرجه البغوي "6/ 5" كما في الإصابة، والسير "2/ 483" فيه انقطاع. 5 السير "2/ 483". 6 انظر: التاريخ الكبير "5/ 14-17"، والجرح والتعديل "5/ 1"، والاستيعاب "2/ 258"، وأسد الغابة "3/ 119، 120". 7 حديث ضعيف: وأخرجه الواقدي "2/ 531" في المغازي.

رَوَى عَنْهُ: جابر بن عَبْد اللَّهِ ورحل إليه، وبسر بن سَعِيد، وضَمْرَة ابنه، وابنا كعب بن مالك: عَبْد اللَّهِ، وعَبْد الرَّحْمَنِ، وآخرون. تُوُفِّيَ سَنَة أربعٍ وخمسين. 46- عَبْد اللَّهِ بْن السعدي1 –خ م د ت. اسم أبيه عمرو بن وقدان عَلَى الصحيح، أَبُو محمد القرشي العامري. ولقُب عمرو بالسعدي؛ لأَنَّهُ كَانَ مسترضعًا في بني سعد. لعَبْد اللَّهِ صُحْبة ورواية، نَزَلَ الأردن. وَرَوَى عَن عمر بن الخطاب. رَوَى عَنْهُ: حُوَيْطب بن عَبْد الْعُزَّى، وعَبْد اللَّهِ بن مُحَيْريز، وبُسْر بن سَعِيد، وأَبُو إدريس الخوْلاني، وغيرهم. قَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ سَنَة سبْعٍ وخمسين. 47- عَبْد اللَّهِ بْن حَوَالة2 -د- الأزدي. لَهُ صُحْبة ورواية، نَزَلَ الشَّام. رَوَى عَنْهُ جُبَير بن نُفَير، وكثير بن مُرّة، وربيعة بن يزيد القصير، وجماعة. كنيته أَبُو حَوَالة، وَيُقَالُ: أَبُو محمد. قَالَ ابن سعد: تُوُفِّيَ سَنَة ثمان وخمسين وله اثنتان وسبعون. 48- عبد الله بن عامر بن كُرَيز بن ربيعة بن حبيب بن عَبْد شمس القرشي، العَبْشَمي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ3. رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ حَدِيثٌ وَهُوَ: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ" 4.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 454"، والجرح والتعديل "5/ 187"، والاستيعاب "2/ 384"، وأسد الغابة "3/ 175". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 28، 29"، والتاريخ الكبير "5/ 33"، والاستيعاب "2/ 290"، والطبقات الكبرى "7/ 414"، وأسد الغابة "3/ 418". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 44"، والاستيعاب "931"، أسد الغابة "3/ 191"، والسير "3/ 18". 4 حديث حسن لغيره: أخرجه الحاكم "3/ 639"، وفيه أحد الضعفاء ووالده، وله شواهد عند الشيخين وغيرهما.

رَوَى عَنْهُ: حنظلة بن قيس، وأسلم والده يَوْم الفتح، وبقي إِلَى زمن عُثْمَان، وقدِم الْبَصْرَةَ عَلَى ابنه عَبْد اللَّهِ في ولايته عليها. وَهُوَ خال عُثْمَان بن عفان، وابن عمة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولي عَبْد اللَّهِ الْبَصْرَةَ وغيرها، وافتتح خراسان، وأحرم من نيسابور شكرًا للَّهِ، وَكَانَ سخيًا كريمًا جوادًا1. وفد عَلَى مُعَاوِيَة، فزوّجه بابِنْته هند، وَكَانَ لَهُ بدمشق دار بالجُوَيْرة، تُعرف الْيَوْم ببيت ابن الحَرَسْتاني. قَالَ الزبير بن بكار: هُوَ الذي دعا طلحة والزبير إِلَى الْبَصْرَةِ، في نوبة الجمل يعني وَقَالَ: إن لي بِهَا صنائع، فشخصا معه. وَقَالَ ابن سعد: قالْوَا: إِنَّهُ وُلد بَعْدَ الهجرة بأربع سنين، وحنّكه النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عُمْرَةِ القضاء، وَهُوَ ابن ثلاث سنين، فتلمظ، وولد لَهُ ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، وعمره ثلاث عشرة سَنَة. وَقَالَ غيره: هُوَ خال عُثْمَان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ كُرَيْزٍ أَتَى بِابْنِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ، فَتَفَلَ فِي فَمِهِ، فَجَعَلَ يُرَدِّدُ رِيقَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَتَلَمَّظُ، فَقَالَ: "إِنَّ ابْنَكَ هَذَا لَمُسْقَى"2، قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: لَوْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ قَدَحَ حَجَرًا أَمَامَهُ، يَعْنِي يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْهُ. قَالَ مُصْعَب بن الزبير: يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ لَا يعالج أرضًا إِلَّا ظهر لَهُ الماء3. وَقَالَ الأصمعي: أرْتُجَّ عَلَى ابن عامر بالْبَصْرَة في يَوْم أضحى، فمكث ساعة، ثُمَّ قَالَ: واللَّه لَا أجمع عليكم عِيًّا ولؤمًا، من أخذ شاة من السوق، فثمنها عَلِيّ4. وقد فَتَحَ اللَّه عَلَى يدي عَبْد اللَّهِ فتوحًا عظيمة، كما ذكرنا في حدود سنة ثلاثين.

_ 1 السير "3/ 19". 2 حديث ضعيف: وأخرجه ابن سعد "5/ 45" في الطبقات، وابن عبد البر "2/ 359" في الاستيعاب. 3 خبر ضعيف: المستدرك "3/ 639". 4 خبر ضعيف: السير "3/ 19".

وَكَانَ سخيًا، شجاعًا، وَصُولًا لرَحمهِ، فِيهِ رفق بالرعيّة، ربما غزا، فيقع الحمل في العسكر، فينزل بنَفْسَهُ، فيصلحه. قَالَ ابن سعد: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَان حمل ابن عامر مَا في بيت مال الْبَصْرَةِ من الأموال، ثُمَّ سَارَ إِلَى مكة، فوافي بِهَا عائشة، وطلحة، والزبير، وهو يريدون الشَّام فَقَالَ: لَا، بل ائتوا الْبَصْرَةَ، فإن لي بِهَا صنائع، وَهِيَ أَرْضِ الأموال، وَفِيهَا عُدَد الرجال، فلما كَانَ من أمر وقعة الجمل مَا كَانَ، لحق بالشَّام فنزل بدمشق، وقد قُتِلَ ولده عَبْد الرَّحْمَنِ يَوْم الجمل، وَلَمْ نسمع لعَبْد اللَّهِ بِذكْر في يَوْم صِفَّين، ثُمَّ لَمَّا بايع النَّاس مُعَاوِيَة ولى على البصرة بسر ابن أرطأة، ثُمَّ عزله، فَقَالَ لَهُ ابن عامر: إن لي بِهَا ودائع، فإن لَمْ تولينَّها ذهبت، فولاه الْبَصْرَةَ ثلاث سنين1. ومات قبل مُعَاوِيَة بعام، فَقَالَ: يرحم اللَّه أبا عَبْد الرَّحْمَنِ، بمن نفاخر بَعْدَه، وبمن نباهي2!. وَقَالَ أبو بكر الهُذلي: قَالَ عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَوْم الجمل: أتدرون من حاربت، حاربت أمجد النَّاس، وأنجد النَّاس -يعني عَبْد اللَّهِ بن عامر، وأشجع النَّاس، -يعني الزبير، وأدهى النَّاس، يعني طلحة3. قَالَ خَلِيفَة ومحمد بن سعد: تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين. 49- عَبْد اللَّهِ بن قُرْط -د ن- الأزدي الثُمالي4. ولي حمص لأبي عُبَيدة، وقيل: بل وليها لمعاوية. لَهُ صُحْبة. رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي فضل يَوْم النحر5، وَعَن خالد بن الوليد. وعنه: أبو عامر الهوزني عبد الله بن لحي، وسُلَيم بن عامر الخبايري، وشُرَيْح بن عُبَيد، وعمرو بن قيس السكُوني، وغيرهم. يُقَالُ: أَنَّهُ أخو عَبْد الرَّحْمَنِ بن قُرْط. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ زُرْعَةَ، عَنْ مسلم بن عبد الله الأزدي قال:

_ 1 خبر ضعيف: الطبقات الكبرى "5/ 48". 2 طبقات ابن سعد "5/ 49". 3 خبر ضعيف جدا: الهذلي من المتروكين. 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 415"، والاستيعاب "2/ 373"، والإصابة "2/ 358". 5 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 350"، وأبو داود "1765"، والنسائي "2/ 242".

جَاءَ ابْنُ قُرْطٍ الأَزْدِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَا اسْمُكَ"؟ قال: شيطان بن قُرْطٍ، قَالَ: "أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ" 1. وَعَن جُنادة بن مروان: أن عَبْد اللَّهِ بن قُرْط والي حمص خرج يحرس ليلة عَلَى شاطئ البحر. فلقيه فاثور الروم، فقتله بَيْنَ بلنياس ومرقية2. يُقَالُ: أَنَّهُ استشهد سَنَة ست وخمسين. 50- عبد الله بن مالك –ع- بن بحينة -وَهِيَ أمه، أَبُو محمد الأزدي3. لَهُ عدّة أحاديث. نَزَلَ بطن ريم، عَلَى مرحلة من المدينة، وَكَانَ يصوم الدهر. رَوَى عَنْهُ: حَفْصُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، والأعرج، ومحمد بن يحيى بن حيان. تُوُفِّيَ في أواخر أيام مُعَاوِيَة. 51- عَبْد اللَّهِ بن مُغَفَّلُ بْن عَبْد نُهْم بْن عفيف المُزَنيّ، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيد، وَيُقَالُ: أَبُو زياد4. صحابي مشهور، شهد بيعة الشجرة، ونزل المدينة، ثُمَّ سكن الْبَصْرَةَ. قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ: كَانَ عَبْد اللَّهِ بن مغَّفل أحد العشرة الذين بعثهم إلينا عمر بن الخطاب، يفقهون النَّاس5. مات والد عَبْد اللَّهِ بن مغفَّل بطريق مكة مع النَّاس، قبل فَتَحَ مكة. وَكَانَ عَبْد اللَّهِ من البكّائين الذين نزلت فيهم: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ} [التوبة: 91]

_ 1 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 350". 2 من بلاد الشام القديم. 3 انظر: التاريخ الكبير "5/ 10، 11"، والاستيعاب "2/ 326"، وأسد الغابة "3/ 250". 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 13، 14"، والجرح والتعديل "5/ 149، 150"، أسد الغابة "3/ 398"، الإصابة "6/ 223". 5 أسد الغابة "3/ 399"، السير "2/ 484".

وَقَالَ: إني لممّن رفع أغصانَ الشجرة يَوْم الحُديبية عَن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. عوف الأعرابي، عَن خُزاعي بن زياد المزَني قَالَ: أُرِيَ عَبْد اللَّهِ بن مغفَّل المزَني أن الساعة قَدْ قامت وأن النَّاس حُصروا، وَثَمَّ مكان، مَن جازه فقد نجا، وعليه عارض، فقيل لَهُ: أتريد أن تنجو وعندك مَا عندك! فاستيقظت فزعًا، قَالَ: فأيقظه أَهْله، وعنده عيبة مملَوْءة دنانير، ففرقها كلها2. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن، وَمُعَاوِيَة بن قُرَّةَ، وحميد بن هلال، ومطرف بْنِ عَبْد اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ، وثابت البناني، وغيرهم. تُوُفِّيَ سَنَة ستين، وستأتي لَهُ قصة في ترجمة عبيد اللَّه بن زياد. 52- عَبْد اللَّهِ بْن نَوْفَلِ، بْن الْحَارِثِ بْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هاشم الهاشمي، أَبُو محمد، وَهُوَ أخو الحارث3. وَلِيَ القضاء بالمدينة زمن مُعَاوِيَة، فيما قيل: وَكَانَ يشبه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يُحفظ لَهُ سماع من النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. تُوُفِّيَ فِي خَلافة مُعَاوِيَة. وقيل: قُتِلَ يَوْم الْحَرَّةِ، سَنَة ثلاث وستين. 53- عَبْد اللَّهِ بن الحارث –خ 4- بن هشام بن المغيرة المخزومي، أَبُو محمد، والد أَبِي بكر الفقيه4 وإخوته، وأحد الذين عينهم عُثْمَان لكتابة مصاحف الأمصار. سمع: أباه، وعمر، وعُثْمَان، وعليًا، وحَفْصَة أم المؤْمِنِينَ، وجماعة. وعنه: ابنه أَبُو بكر، والشَّعْبِيُّ، وأَبُو قلابة الجَرْمي، وهشام بن عمرو الفَزَاري، ويحيى بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن حاطب. رَأَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يُحفظ عَنْهُ. وأرسلته عائشة إِلَى مُعَاوِيَة يكلمه في حُجْر بن الأدبر، فوجده قد قتله5.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "7858"، وأحمد "5/ 25، 54". 2 إسناده حسن: وأورده في السير "2/ 484، 485". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 21"، الاستيعاب "2/ 332"، وأسد الغابة "3/ 269"، والإصابة "2/ 377". 4 انظر: التاريخ الكبير "5/ 65"، الاستيعاب "2/ 281"، أسد الغابة "3/ 140"، والإصابة "3/ 58، 59". 5 السير "3/ 484".

قَالَ ابن سعد قالت عائشة: لأن أكون قعدت عَن مسيري إِلَى الْبَصْرَةِ أحب إلي من أن يكون لي عشرة من الْوَلد من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثل عَبْد الرَّحْمَنِ بن الحارث بن هشام1. قلت: وَكَانَ من سادة بني مخزوم بالمدينة، وَهُوَ ابن أخي أَبِي جهل، تُوُفِّيَ في أيام مُعَاوِيَة في آخرها، وتوفي أَبُوه في طاعون عَمَواس. 54- عَبْد الرَّحْمَنِ بن شبل –د ن ق- بن عمرو الْأَنْصَارِيّ الأوسي2. أحد كُتّاب الأنصار، كَانَ فقيهًا فاضلًا نَزَلَ حمص، وله أحاديث عَن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عنه: أَبُو راشد الخيراني، وأَبُو سلام الأسود، وتميم بن محمود، وغيرهم. تُوُفِّيَ زمن مُعَاوِيَة. 55- عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي بَكْر الصديق –د ن ق. عَبْد اللَّهِ بن عُثْمَان، أَبُو محمد التيمي، وَيُقَالُ: أَبُو عُثْمَان3، شقيق أم المؤْمِنِينَ عائشة. حضر بدرًا مشركًا، ثُمَّ أسلم قبل الفتح وهاجر، وَكَانَ أسن ولد أَبِي بكر، وَكَانَ شجاعًا راميًا، قتلَ يَوْم اليمامة سبعة4. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَن أبيه. وعنه: ابناه عَبْد اللَّهِ، وحَفْصَة، وابن أخيه القاسم بن محمد، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي ليلي، وأَبُو عُثْمَان النهدي، وعمرو بن أوس الثقفي، وابن أَبِي مُلَيْكة، وجماعة. وَكَانَ يتّجر إِلَى الشَّام. قَالَ مُصْعَب الزبيري: ذهب إِلَى الشَّام قبل الإسلام، فرأى هناك امرأة يقال لها

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 6". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 243"، والاستيعاب "2/ 419"، والطبقات الكبرى "4/ 374"، والإصابة "2/ 403". 3 انظر: التاريخ الكبير "5/ 242"، والاستيعاب "2/ 825"، أسد الغابة "3/ 466"، الإصابة "6/ 295"، السير "2/ 471". 4 السير "2/ 471".

ابنة الجُودي الغساني، فكان يذكرها في شعره ويهذي بِهَا1. وَقَالَ ابن سعد: إِنَّهُ أسلم في هدنة الحُدَيبية وهاجر، وأطعمه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بخيبر أَرْبَعِينَ وسقًا، وَكَانَ يُكَني أبا عَبْد اللَّهِ، ومات سَنَة ثلاث وخمسين. وَقَالَ هشام بن عُرْوة، عَن أبيه، إن عَبْد الرَّحْمَنِ قدِم الشَّامَ، فرأى ابنة الجودي عَلَى طُنْفسَة، وحولها ولائد، فأعجبته، فَقَالَ فِيهَا: تذكرت لَيْلَى والسماوَةُ دونَها ... فما لابنةِ الجودي ليلى وماليا وأنى تعاطي قلبه حارثية ... تُدَمَّنُ بُصْرى أَوْ تحُلٌ الجوابيا فوأنى يلاقيها؟ بلَى وَلَعَلها ... إن النَّاس حَجُّوا قابِلًا أنْ تُوافيا قَالَ: فلما بَعَثَ عمر جيشه إِلَى الشَّام قَالَ لمقدمهم: إنْ ظفرت بليلى بِنْت الجوديّ عَنوةً فادفعها إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ، فظفر بها، فدفعها إليه، فأعجب بِهَا، وآثرها عَلَى نسائه، حَتَّى شكونه إِلَى أخته عائشة، فقالت لَهُ: لقد أفرطتَ، فَقَالَ: والله إني أرشف بأنيابها2 حب الرمان، قَالَ: فأصابها وجع سقطت لَهُ قواها، فجفاها حَتَّى شكته إِلَى عائشة، فقالت: يَا عَبْد الرَّحْمَنِ لقد أحببتَ ليلى فأفرطت، وأبغضتها فأفرطت، فإما أن تنصفها، وإما أنْ تجهزها إِلَى أَهْلها، فجهزها إِلَى أَهْلها، قَالَ: وكانت بِنْت ملك يعني من ملَوْك العرب3. قَالَ ابن أَبِي مُلَيْكة: إن عَبْد الرَّحْمَنِ تُوُفِّيَ بالصَّفاح4، فحُمِل فدُفن بمكة -والصِّفاح عَلَى أميال من مكة- فقدمتٌ أخته عائشة فقالت: أين قبر أخي؟ فأتته فصلت عَلَيْهِ5: رواه أيوب السختياني عَنْهُ. قَالَ الْوَاقدي، والمدائني، وغيرهما: تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاثٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْر: سَنَة أربع وخمسين.

_ 1 انظر: نسب قريش "ص/ 276"، الأغاني "17/ 358". 2 في السير "2/ 473": بثناياها. 3 السير "2/ 473". 4 الصفاح: اسم مكان بين حُنين، وبدء الدخول إلى منطقة الحرم بمكة المكرمة حوالي ستة أميال. 5 خبر صحيح: أخرجه عبد الرزاق "6535" في المصنف، والترمذي "1055".

وقد صحّ في الْوَضوء من "صحيح مسلم" عَن سالم سبلان مولى المهري قَالَ: خرجت أنا وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي بكر إِلَى جنازة سعد بن أَبِي وقاص1. وصحّ أن سعدًا مات سَنَة خمس وخمسين. 56- عبيد اللَّه بن العباس -د ن- بن عَبْد المطلب، أَبُو محمد. ابن عمِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2، لَهُ صُحبة ورواية، وَهُوَ أصغر من عَبْد اللَّهِ بسنة، وأمهما واحدة. رَوَى عَنْهُ: محمد بن سيرين، وسليمان بن يَسَارٍ، وعطاء بن أَبِي رباح. وأردفه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلفه. تُوُفِّيَ بالمدينة سَنَة ثمان وخمسين، وَكَانَ جوادًا ممدحًا، وَكَانَ يتعانى التجارة. ولي اليمن لعلي ابن عمّه، وبعث مُعَاوِيَة بُسر بن أَبِي أرطأة عَلَى اليمن، فهرب مِنْهُ عبيد اللَّه، فأصاب بُسر لعُبَيد اللَّه وَلَدَين صغيرين. فذبحهما، ثُمَّ وفد فيما بعدُ عُبيدُ اللَّه عَلَى مُعَاوِيَة، وقد هلك بُسْر، فذكر وَلَدَيه لمعاوية، فَقَالَ: مَا عزلته إِلَّا لقتلهما. وَكَانَ يُقَالُ بالمدينة: من أراد العلم والجمال والسخاء فلْيأتِ دار ابن عباس، أما عَبْد اللَّهِ فكان أعلم النَّاس، وأما عبيد الله فكان أكرم الناس، وأما الفضل فكان أجمل النَّاس3. وَرَوَى أن عُبَيد اللَّه كَانَ ينحر في كل يَوْم جَزُورًا، وَكَانَ يُسَمَّى "تيار الفرات". قَالَ خَلِيفَة وغيره: تُوُفِّيَ سَنَة ثمان وخمسين. وَقَالَ أَبُو عُبيد، ويعقوب بن شيبة وغيرهما: تُوُفِّيَ سَنَة سبع وثمانين، وأنا أستبَعْدَ أَنَّهُ بقي إِلَى هَذَا الوقت. وقيل: إنه مات باليمن.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "240". 2 انظر: الاستيعاب "2/ 429"، والإصابة "2/ 437". 3 الاستيعاب "2/ 430".

57- عِتْبان بن مالك –خ م ن ق- بن عمرو بن العَجْلان الْأَنْصَارِيّ الخزرجي1. بدري كبير القدر، أضر بأخرة، لَهُ أحاديث. رَوَى عَنْهُ أنس، ومحمود بن الربيع، والحصين بن محمد السالمي. وتوفي في وسط خلافة مُعَاوِيَة. 58- عُثْمَان بن أَبِي العاص –م- الثقفي، أَبُو عَبْد اللَّهِ الطائفي. أخو الحَكَم2، ولهما صُحبة. قدِم عُثْمَان عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في وفد ثقيف، فأسلم، واستعمله عَلَى الطائف لِما رأى من فضله وحرصه عَلَى الخير والدين، وَكَانَ أصغر الْوَفد سنًا. وأقره أَبُو بكر، ثُمَّ عمر عَلَى الطائف، ثُمَّ استعمله عمر عَلَى عُمان والبحرين، وَهُوَ الذي افتتح تَوَّجَ ومصَّرها، وسكن الْبَصْرَةَ3. ذكره الحَسَن الْبَصْرِيُّ قَالَ: مَا رأيت أفضل مِنْهُ4. رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد شهدت أمه ميلاد النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5. رَوَى عَنْهُ: سَعِيد بن المسيب، ونافع بن جيبر بن مطعم، ومطرف ابنا عَبْد اللَّهِ بن الشخَّير، وموسى بن طلحة ابن عُبيد اللَّه. تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين. رَوَى عَن عُثْمَان بن أَبِي العاص قَالَ: الناكح مغترِس، فلينظرْ أين يضع غرسه، فإن عِرْق السوء لَا بد أن يُنزع وَلَوْ بَعْدَ حين6.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 550"، التاريخ الكبير "7/ 80"، الاستيعاب "3/ 159"، والإصابة "2/ 452". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 508"، التاريخ الكبير "6/ 212"، الاستيعاب "3/ 1035"، أسد الغابة "3/ 579". 3 السير "2/ 374"، الطبقات الكبرى "5/ 509". 4 السير "2/ 375". 5 السابق. 6 بهجة المجالس "2/ 34" لابن عبد البر.

"فائدة": سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، عَنِ الْجَرِيرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلاءِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّهُ بَعَثَ غِلْمَانًا لَهُ تُجَّارًا، فَجَاءُوا، قَالَ: مَا جِئْتُمْ بِهِ؟ قَالُوا: جِئْنَا بِتِجَارَةٍ يَرْبَحُ الدِّرْهَمَ عَشْرَةً، قَالَ: مَا هِيَ؟ قالْوَا: خَمْرٌ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ شَرَابِهَا وَبَيْعِهَا!! فَجَعَلَ يَفْتَحُ أَفْوَاهَ الزِّقَاقِ وَيَصُبُّهَا1. 59- عديّ بن عَمِيرة الكِنْدي -م د م ق- أَبُو زرارة2. وفد عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَوَى عَنْهُ. رَوَى عَنْهُ: ابنه عدي، وأخوه العرس بن عَمِيرة، وقيس بن أَبِي حازم، ورجاء بن حيوة. وسكن الجزيرة، وَكَانَ من وجوه كِنْدة، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 60- عُقْبة بن عامر –ع- ابن عبْس الجُهَني، أَبُو حمّاد3. صحابي مشهور، لَهُ رواية وفضل. روى عنه: جبير بن نفيل، وأَبُو عُشَانة حيٌ بن يُؤمن، وأَبُو قبيل حييّ بن هانئ المعَافِري، وبَعْجَة الجُهَني، وسَعِيد المقبُري، وعلي بن رباح، وأَبُو الخير مَرثَد اليزَني، وطائفة سواهم. وقد ولي إمرة مصر لمعاوية، وليها بَعْدَ عُتبة بن أَبِي سفيان، ثُمَّ عزله مُعَاوِيَة، وأغزاه البحر في سَنَة سبع وَأَرْبَعِينَ، وَكَانَ يَخْضِب بالسواد. لَهُ معرفة بالقرآن والفرائض، وَكَانَ فصيحًا شاعرًا4. قَالَ أَبُو سَعِيد بن يونس: مُصْحَفه الآن موجود بخطّه، رأيته عند عَلِيّ بن الحسين بن قُدَيد، عَلَى غير التأليف الذي في مُصْحَف عُثْمَان، وَكَانَ في آخره: وكتب عُقْبة بن عامر بيده. وَلَمْ أزل أسمع شيوخنا يقولَوْن: إِنَّهُ مصحف عقبة، لا يشكون فيه.

_ 1 خبر صحيح: السير "2/ 375" وذكر له طريقين. 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 55"، الجرح والتعديل "7/ 2"، الاستيعاب "3/ 143"، الإصابة "2/ 470". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 430"، والجرح والتعديل "6/ 313". 4 السير "2/ 467".

وَكَانَ عقبة كاتبًا قارئًا، لَهُ هجرة وسابقة. وَقَالَ عَبْد اللَّهِ: سَمِعْتُ حُيَيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَعْرِضْ عَلَيَّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ سورة براءة، فبكي عمر، ثُمَّ قَالَ: مَا كنت أظن أنَّهَا نزلت1. قلت: معناه مَا كأني كنت سمعت، لحسن مَا حبَّرها عُقبةُ بتلاوته، أَوْ يكون الضمير في نزلت عائدًا إِلَى آيات من السورة استغربها عمر، واللَّه أعلم. 61- عِمْران بن حُصَين -ع- ابن عُبَيد بن خلف، أَبُو نُجَيد الخُزاعي2. صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أسلم هو وأبوه، وأبو هريرة معًا، ولعمْران أحاديث. ولي قضاء الْبَصْرَةِ، وَكَانَ عمر بن الخطاب بعثه إليهم ليفقههم، وَكَانَ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ يحلف مَا قدِم عليهم الْبَصْرَةَ بخير لهم من عِمْران بن حُصَين. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن، ومحمد بن سيرين، ومطرف بن عَبْد اللَّهِ بن الشّخّير، وزُرَاره بن أوفى، وزَهْدَم الجَرْمي، والشَّعْبِيُّ، وأَبُو رجاء العُطاردي، وعَبْد اللَّهِ بن بُريدة، وطائفة سواهم. قَالَ زُرارة بن أوفي: رأيت عِمْران بن حُصَين يلبس الخزّ. وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَينٍ، أَنَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَإِنَّهُ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ، يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ، فَلَمَّا اكْتَوَيْتُ، أَمْسَكَ، فَلَمَّا تَرَكْتُهُ عَادَ إِلَيَّ3. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ، وَلِعمران غزوات مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ ببلاد قومه ويتردد إِلَى المدينة. أَبُو خُشينة حاجب بن عمر، عَن الحكم بن الأعرج، عَن عمران بن حُصَين قَالَ: مَا مسست ذَكَري بيميني منذ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4.

_ 1 خبر حسن: وأورده المصنف "2/ 468" في السير. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 287"، التاريخ الكبير "6/ 408"، الاستيعاب "3/ 1208"، أسد الغابة "4/ 281"، الإصابة "7/ 155". 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1226"، وأحمد "4/ 427"، وابن سعد "4/ 290" في الطبقات. 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 439"، وابن سعد "4/ 287"، في طبقاته، والحاكم "3/ 472" وصححه، وأقره الذهبي، والطبراني كما في المجمع "9/ 381".

هشام، عَن ابن سيرين قَالَ: مَا قدِم الْبَصْرَةَ أحد يُفضلُ عَلَى عِمْران بن حُصَين1. هشام الدسْتَوائي، عَن قَتَادة: بلغني أن عِمْران بن حُصَين قَالَ: وددت أني رماد تذروني2. قلت: وَكَانَ ممن اعتزل الفتنة وذمّها. قَالَ أيوب، عَن حُمَيد بن هلال، عَن أبي قَتَادة قَالَ: قَالَ لي عِمْران بن حُصَين: الزَم مسجدك. قلت: فإن دُخل عَلِيّ؟ قَالَ: الزم بيتك، قلت: فإن دُخِلَ بيتي؟ فَقَالَ: لَوْ دَخَلَ عَلِيّ رَجُلٌ يريد نفسي ومالي، لرأيت أنْ قَدْ حل لي قتاله3. ثابت، عَن مُطَرَف، عَن عِمْران قَالَ: قَدِ اكتوينا، فما أفلحْنَ وَلَا أنجحْن يعني المكاوي4. قَتادة، عَن مطرف قَالَ: أرسل إليّ عِمْران بن حُصَين في مرضه، فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ يسَلَّم عَلَيّ -يعني الملائكة- فإن عشتُ، فاكتم عَليّ، وإن متٌ، فحدث بِهِ إن شئت5. حُمَيد بن هلال، عَن مطرف، قلت لعِمْران: مَا يمنعني من عيادتك إِلَّا مَا أرى من حالك، قَالَ: فلا تفعل، فإن أحبّه إِلَيّ أحبّه إِلَى اللَّه6. قَالَ يزيد بن هارون: أنبأ إِبْرَاهِيم بن عطاء مولى عِمْران بن حُصَين، عَن أبيه: أن عِمْران قضى عَلَى رَجُل بقضية، فَقَالَ: واللَّه لقد قضيت عَلَيّ بحور7، وما ألوت،

_ 1 الطبقات الكبرى "4/ 287". 2 إسناده منقطع: أخرجه ابن سعد "4/ 287". 3 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "4/ 288". 4 خبر صحيح: أخرجه أحمد "4/ 427"، وأبو داود "3865"، والترمذي "2049"، وابن ماجه "3490". 5 خبر صحيح: وأخرجه الحاكم "3/ 472". 6 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 290". 7 جور: ظلم.

قَالَ: وكيف ذلك؟ قَالَ: شهد عَلِيّ بزور، قَالَ: مَا قضيت عليك، فهو في مالي، وواللَّه لَا أجلس مجلسي هَذَا أبدًا1. وكان نقش خاتم عمران تمثال رجل، مقلدًا لسيف. شُعْبَةُ: ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ فَضَالَةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِي مِطْرَفِ خَزٍّ، لَمْ نَرَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ وَلَا بَعْدَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ" 2. وَقَالَ محمد بن سيرين: سَقَى3 بطنُ عِمْران بن حُصَين ثلاثين سَنَة، كل ذلك يُعرض عَلَيْهِ الكي فيأبى، حَتَّى كَانَ قبل موته بسنتين، فاكتوى4. رواه يزيد، عَن إِبْرَاهِيم، عَنْهُ. وَقَالَ عمْران بْنُ حُدَير، عَن أَبِي مِجْلَز قَالَ: كَانَ عِمْران ينهى عَن الكيّ فابتُلي، فاكتوى، فكان يعجّ5. وَقَالَ حُمَيد بن هلال، عَن مطرف: قَالَ لي عِمْران: لَمَّا اكتويت انقطع عني التسليم، قلت: أمن قِبَل رأسك كَانَ يأتيك التسليم؟ قَالَ: نعم، قلت: سيعود، فلما كَانَ بَعْدَ ذلك قَالَ: أشعرت أن التسليم عاد إِلَى، ثُمَّ لَمْ يلبث إِلَّا يسيرًا حَتَّى مات6. ابن عُلَيّة، عَن سلمة بن علقمة، عَن الْحَسَن: أن عِمْران بن حُصَين أوصى لأمهات أولاده بوصايا وَقَالَ: أيُّما امرأة منهن صرخت عَلَيّ، فلا وصية لها7. تُوُفِّيَ عِمْرانُ سَنَة اثنتين وخمسين. 62- عمرو بن الأسود العنسي -خ م د ن ق.

_ 1 خبر صحيح: الطبقات الكبرى "4/ 287"، السير "2/ 510". 2 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 438"، وابن سعد "4/ 291"، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو، أخرجه الترمذي "2819"، وله شواهد أخرى. 3 سقى: ماء أصفر يقع في البطن. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 289" في الطبقات الكبرى. 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 289"، والسير "2/ 511". 6 خبر صحيح: الطبقات "4/ 289" لابن سعد. 7 السير "2/ 511".

ويسمى عُمَيْرًا1، سكن داريا، وَهُوَ مخضرم أدرك الجاهلية. وَرَوَى عَن: عمر، ومُعاذ، وابن مسعود، وجماعة. وعنه: خالد بن مَعْدان، وزياد بن فياض، ومجاهد بن جبر، وشُرَحْبيل بن مسلم الخَوْلاني، وابنه حُكَيْم بن عُمَير، وجماعة. وَكَانَ من عُباد التابعين وأتقيائهم، كنيته أَبُو عياض، وقيل: أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ. قَالَ بقية، عَن صفوان بن عمرو، عَن عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ جُبير بْنِ نُفير قَالَ: حج عمرو بن الأسود، فلما انتهى إِلَى المدينة نظر إليه عَبْد اللَّهِ بن عمر قائمًا يصلي، فسأل عنه، فقيل: هذا الرجل من أَهْل الشَّام يُقَالُ لَهُ: عمرو بن الأسود، فَقَالَ: مَا رأيت أحدًا أشبه صلاة وَلَا هَدْيًا وَلَا خشوعًا وَلَا لبسة برَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنْ هَذَا الرجل2. هكذا رواه عيسى بن المنذر الحمصي، عَن بقية. ورواه عَنْهُ عَبْد الْوَهاب بن نجدة، عَن أرطأة بن المنذر الحمصي، عَن بقية. ورواه عَنْهُ عَبْد الْوَهاب بن نجدة، عَن أرطأة بن المنذر، حدثني رُزيق أَبُو عبد الله الألهاني أن عمرو بن الأسود قدم المدينة، فرآه ابن عمر يصلي فقال: من سره أن ينظر إلى أشبه الناس صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلينظر إِلَى هَذَا. ثُمَّ بَعَثَ ابن عمر بقرًى ونفقة وعلف إليه، فقبل القِرى3 والعلف، وردّ النفقة. وأما مَا رواه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ ضَمرة بن حبيب وحكيم بن عُمْير قالا: قَالَ عمر بن الخطاب: من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فلينظر إلى عمر بن الأسود4. فهَذَا منقطع. وَعَن شرَحْبيل قَالَ: قال عمرو بن الأسود يدع كثيرًا من الشبع، مخافة الأشر. قرأت عَلَى أَحْمَد بن إِسْحَاق: أنبأ الفتح بن عَبْد السلام، أنبأ ابن الداية وأَبُو الفضل الأرموي، ومحمد بن أَحْمَد قالْوَا: أنبأ ابن المسلمة، أنبأ أَبُو الفضل الزهري،

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 442"، والتاريخ الكبير "6/ 315"، وأسد الغابة "4/ 84، 85". 2 خبر حسن بطرقه: انظر التالي. 3 القرى: الطعام الذي يقدم للضيف ونحوه. 4 حديث ضعيف: وفيه انقطاع، وابن أبي مريم من الضعفاء.

أنبأ جعفر الفريابي: ثَنَا إِبْرَاهِيم بن العلاء الحمصي: ثنا إسماعيل بن عياش، عن بجير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود العنسي: أنه كان إذا خرج إلى المسجد، قبض بيمينه على شماله، فسئل عن ذلك فقال: مخافة أن تنافق يدي، يعني لئلًا يخطر بِهَا في مشيته، فيكون ذلك نفاقًا1. 63- عمرو بن حزم -ن ق- بن زيد بن لَوْذان بن حارثة، أَبُو الضّحّاك -وقيل: أَبُو محمد- الْأَنْصَارِيّ النجاري2. قَالَ ابن سعد: شهد الخندق، واستعمله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نجران، وَهُوَ ابن سبع عشرة سَنَة، وبعثه أيضًا بكتاب فِيهِ فرائض إِلَى اليمن. رَوَى عَنْهُ: ابنه محمد، وحفيده أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، والنضر بن عَبْد اللَّهِ السّلمي، وزياد الحضْرمي، وامرأته سَوْدة. تُوُفِّيَ سَنَة ثلاث، وقيل: سَنَة أربع، وقيل: سَنَة إحدى وخمسين. 64- عمرو بن الحَمق. يُقَالُ: قُتِلَ سَنَة إحدى وخمسين. 65- عمرو بن عوف، بن زيد بن مُلَيْحة المزَني، أَبُو عَبْد اللَّهِ3. قديم الصّحْبة، وَكَانَ أحد البكائين في غزوة تبوك، شهد الخندق وسكن المدينة. رَوَى كثير بن عَبْد اللَّهِ بن عمرو، عَن أبيه، عَن جده، عدّة أحاديث، وكثير وَاهِي الحديث. تُوُفِّيَ عمرو في آخر زمن مُعَاوِيَة. 66- عمرو بن مُرة -ت- بن عبْس الجُهَني4. لَهُ صُحْبة ورواية قليلة، وَكَانَ قوّالًا بالحقّ، وقد وفد عَلَى مُعَاوِيَة، وَكَانَ ينزل

_ 1 إسناده حسن. 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 224"، أسد الغابة "4/ 98"، الإصابة "2/ 532". 3 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 363"، والتاريخ الكبير "6/ 307"، الاستيعاب "2/ 516"، أسد الغابة "4/ 124، 125". 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 347"، والاستيعاب "2/ 519"، أسد الغابة "4/ 130".

فلسطين، وَكَانَ بطلًا شجاعًا، أسلم وَهُوَ شيخ، وكان معاوية يسميه أسد جُهَينة. رَوَى عَنْهُ: عيسى بن طلحة، والقاسم بن مُخَيْمَرة، وحُجْر بن مالك، وغيرهم. وهو والد طلحة، صاحب درب طلحة بداخل باب توما بدمشق. وبقي عمرو إِلَى أن غزا سَنَة تسع وخمسين، ولعلّه بقي بَعْدَها. 67- عُمَير بن جودان، العَبْدي. بَصْرِيٌّ1، أرسل عَن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعضهم يقول: لَهُ صُحْبة. رَوَى عَنْهُ: ابنه أشعث، ومحمد بن سيرين. 68- عياض بن حمار -م ع- المجاشعي التميمي2. لَهُ صُحْبَةٌ وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَلَمَّا وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- أَهْدَى لَهُ نَجِيبَةً فَقَالَ: "إِنَّا نُهِينَا أَنْ نَقْبَلَ زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ"3، فَلَمَّا أَسْلَمَ قَبِلَهَا مِنْهُ. رَوَى عَنْهُ: العلاء بن زياد العدوي، ومطرّف، ويزيد، ابنا عَبْد اللَّهِ بن الشخير، والحَسَن الْبَصْرِيُّ. وله حديث طويل في "صحيح مسلم"4. 69- عياض بن عمرو الأشعري. نَزَلَ الْكُوفَة، وله صُحْبة إن شاء اللَّه. رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْهُ أنه شهد عيدًا بالأنبار فقال: ما لي أراهم لَا يقلّسون5 كما كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقلس لهم6. وَقَالَ شُعبة، عَن سِماك، عَن عياض قَالَ: لما نزلت {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ} [المائدة: 54] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "هم قوم أبي موسى" 7.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 375"، والاستيعاب "2/ 493"، الإصابة "3/ 29، 30". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 36"، الاستيعاب "2/ 493"، أسد الغابة "4/ 2162". 3 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "7/ 36". 4 صحيح مسلم "2865". 5 التقليس: هو الضرب بالدف، ويكون في الأعياد، والأفراح. 6 حديث حسن: أخرجه البخاري "6/ 20" في تاريخه، وابن ماجه "1302". 7 سبق تاريخه.

"حرف الفاء": 70- فاطمة بِنْت قيس الفهرية -ع. أخت الضحاك بن قيس1 التي كانت تحت أَبِي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي، فطلقها، فخطبها مُعَاوِيَة وأَبُو جهم، فنصحها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأشار عليها بأسامة، فتزوجت بِهِ2. وَهِيَ التي تَروِيَ حديث السّكْنَى والنفقة في الطلاق والعدة3. وَهِيَ راوية حديث الجساسة4. رَوَى عنها: الشَّعْبِيُّ، وأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ بن الحارث، وغيرهم. تُوفْيت فيما أرى بَعْدَ الخمسين. 71- فَضَالَةُ بن عُبيد، -م 4- أَبُو محمد الْأَنْصَارِيّ5. قاضي دمشق. كَانَ أحد من بايع بَيْعة الرضوان، ولي الغزو لمعاوية، ثُمَّ ولي لَهُ قضاء دمشق، وناب عَنْهُ بِهَا. لَهُ عدّة أحاديث. رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّهِ بن مُحَيْريز، وحَنش الصنعاني، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن جُبير بن نُفَير، وعلاء بن رباح، والقاسم أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وغيرهم. قَالَ سَعِيد بن عَبْد العزيز: كَانَ أصغر من شهد بيعة الرضوان. وَقَالَ علاء بن رباح: أمسكت عَلَى فَضَالَةَ بن عُبيد القرآن، حَتَّى فرغ مِنْهُ. تُوُفِّيَ سَنَة ثلاث وخمسين. قاله المدائني. وَقَالَ خَلِيفَة: توفي سنة تسع وخمسين.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 273"، أسد الغابة "5/ 526"، الإصابة "4/ 384". 2 حديث صحيح: أخرجه مالك "2/ 98" في الموطأ، ومسلم "1480"، وأبو داود "2284"، والترمذي "1135". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 421" وغيره. 4 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2942" وغيره. 5 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 401"، الاستيعاب "1262"، أسد الغابة "4/ 182".

ورد أَنَّهُ قرأ: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} [القصص: 10]-بالزاي. 72- فيروز أَبُو الضَّحَّاك الدَّيَّلمي1 -4- قاتل الأسود العنسي، لَهُ صُحبة ورواية، وَهُوَ من أبناء الفرس الذين نزلَوْا اليمن، وفد عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- برأس الأسود - فيما بلغنا - فوجده تُوُفِّيَ. رَوَى عَنْهُ: ابناه عَبْد اللَّهِ، والضحاك. وتوفي سَنَة ثلاث وخمسين. "حرف القاف": 73- قُثَم بن العباس عمّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2، وأمه لبابة بِنْت الحارث الهلالية، وكانت أول امرأة أسلمت فيما قاله الكلبي بَعْدَ خديجة، وقد أردفه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلفه3. وَكَانَ آخر من خرج من لحْد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. قاله ابن عباس. وَلَمَّا ولي عَلِيّ الخلافة استعمل قُثَمًا عَلَى مكة، فلم يزل عليها حَتَّى استشهد عليّ، قاله خَلِيفَة. وَقَالَ الزبير بن بكار: استعمله عَلِيّ عَلَى المدينة، ثُمَّ إن قُثَمًا سَارَ أيام مُعَاوِيَة مع سَعِيد بن عُثْمَان إِلَى سمرقند، فاستشهد بِهَا5. قَالَ ابن سعد: غزا قُثَم خُراسان، وعليها سَعِيد بن عُثْمَان بن عفان، فَقَالَ لَهُ: أضرِبُ لك بألف سهم؟ -فَقَالَ: لَا بل خمّس، ثُمَّ اعطِ النَّاس حقوقهم، ثُمَّ اعطني بَعْدَ مَا شئتَ. وَكَانَ قُثَم ورعًا فاضلًا6. كَانَ يُشبه بالنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وله صُحْبة ورواية، وَلَمْ يُعقب. 74- قُطْبة بن مالك -م ت ن ق- الثعلبي الذبياني.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 533"، الاستيعاب "3/ 204"، وأسد الغابة "4/ 186". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 367"، الاستيعاب "1304"، أسد الغابة "4/ 392". 3 حديث حسن: أخرجه البخاري "7/ 194" في تاريخه الكبير، وأحمد "1/ 205". 4 السير "3/ 441". 5 السابق. 6 الطبقات الكبرى "7/ 367".

صحابي معروف1، نَزَلَ الْكُوفَة، وله رواية. وعنه: ابن أخيه زياد بن علاقة. 75- قيس بن سعد -ع- بن عُبادة بن دُلَيم الْأَنْصَارِيّ الخزرجي المدني2. كَانَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَنْزِلَةِ صاحب الشرطة من الأمير، لَهُ عدّة أحاديث. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي ليلى، وعُرْوة بن الزبير، والشعبي، وميمون بن أَبِي شبيب، وعُريب بن حُمَيد الهمْداني، وجماعة. وَكَانَ ضخمًا جسيمًا طويلًا جدًا، سيدًا مُطاعًا، كثير المال، جوادًا كريمًا، يُعدّ من دُهاة العرب. قَالَ عمرو بن دينار: كَانَ ضخمًا جسيمًا، صغير الرأس، وَكَانَ ليست لَهُ لحية، وإذا ركب الحمار خطت رجلاهُ الأرض3. رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْلا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: $"المكر والخديعة في النار"4 لكنت من أمكر هَذِهِ الأمة. وَقَالَ مِسْعَر، عَن معَبْد بن خالد، كَانَ قيس بن سعد لَا يزال هكذا رافعًا إصبعه المسبحة، يدعو5. وَقَالَ الزُهري: أخبرني ثعلبة بن أَبِي مالك: أن قيس بن سعد كان صاحب لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ6. وَقَالَ جُوَيْرية بن أسماء: كَانَ قيس يستدين ويطعمهم، فَقَالَ أَبُو بكر وعمر: إن تركْنا هَذَا الفتي أَهْلك مال أبيه، فمشيا في النَّاس، فصلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- يومًا، فقام سعد

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 36"، أسد الغابة "4/ 206"، الاستيعاب "3/ 257". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 52"، والجرح والتعديل "7/ 99"، وأسد الغابة "4/ 215". 3 السير "3/ 103". 4 حديث حسن لغيره: أخرجه ابن حبان "1107"، والطبراني "10/ 169" في الكبير، والحاكم "4/ 607"، وأبو نعيم "1/ 209" في تاريخ أصفهان، وابن عدي "3/ 1193" في الكامل. 5 السير "3/ 107". 6 وبنحوه في السير "3/ 103".

بن عبادة خلفه فَقَالَ: من يعذرني من ابن أَبِي قحافة وابن الخطاب يبخلان عَلَيَّ ابني1. وَقَالَ موسى بن عُقْبة: وَقَفَتْ عَلَى قيسٍ عجوزٌ فقالت: أشكو إليك قلة الجرذان، فقال: ما أحسن2 هذه الكناية، املؤوا بيتها خبزًا وسمنًا وتمرًا. وَقَالَ ابن سيرين: أمَّر عَلِيّ قيسَ بن سعد عَلَى مصر -زاد غيره في سَنَة ستٌ وثلاثين- وعزله سَنَة سبع؛ لأن أصحاب عَلِيّ شنعوا عَلَى أَنَّهُ قَدْ كاتب مُعَاوِيَة، فلما عُزل بمحمد بن أَبِي بكر، عرف قيس أن عليًا قَدْ خُدع، ثُمَّ كَانَ عَلِيٌّ بَعْد يطيع قيسًا في الأمر كله. قَالَ عُرُوة: كَانَ قيس بن سعد مع عَلِيّ في مقدمته، ومعه خمسة آلاف قَدْ حلقوا رؤوسهم بَعْدَ موت عَلِيّ، فلما دَخَلَ الجيش في بيعة مُعَاوِيَة، أبى قيس أن يَدْخُلَ، وَقَالَ لأصحابه: مَا شئتم، إن شئتم جالدتُ بكم أبدًا حَتَّى يموت الأعجل، وإن شئتم أخذت لكم أمانًا، قالْوَا: خذ لنا، ففعل، فلما ارتحل نَحْوَ المدينة جعل ينحر كل يَوْم جَزُورًا3. وَقَالَ أَبُو تُمَيْلة يحيي بن واضح: أخبرني أبو عثمان من ولد الحارث بن الصِّمةٌ قَالَ: بَعَثَ قيصر إِلَى مُعَاوِيَة: ابعثْ إليَّ سراويلَ أطول رَجُلٌ من العرب، فَقَالَ لقيس بن سعد: مَا أظننا إِلَّا قَدِ احتجنا إِلَى سراويلك، فقام فتنحّى، وجاء بِهَا فألقاها، فَقَالَ: ألا ذهبتَ إِلَى منزلك ثُمَّ بعثتَ بِهَا! فَقَالَ: أردّتُ بِهَا كي يعلم النَّاسُ أنَّهَا ... سراويلُ قَيس والْوَفودُ شُهودُ وأن يقولوا: غابَ قيسُ وَهَذِهِ ... سراويلُ عاديَّ نَمَتْهُ ثَمودُ وإني من الحيٌ اليمانيٌ لسَيّدٌ ... وَمَا النَّاسُ إِلَّا سيدٌ ومَسودُ فكِدْهم بمثْلي إن مثلي عليهمُ ... شديدٌ وخلقي في الرجال مديدُ فأمر مُعَاوِيَة أطول رَجُلٌ في الجيش فوضعها عَلَى أنفه، قلل: فوقفت بالأرض4.

_ 1 السير "3/ 106". 2 السابق. 3 السير "3/ 111" وصرار: اسم مكان على ثلاثة أميال من طريق العراق. 4 خبر باطل: انظر: الاستيعاب "1289"، السير "3/ 112".

قَالَ الْوَاقدي وغيره: إِنَّهُ تُوُفِّيَ في آخر خلافة مُعَاوِيَة. 76- قيس بن السكن، الأسدي الكوفي1. رَوَى عَن: عَلِيّ، وابن مسعود، وأبي ذَر، وَكَانَ ثِقَةٌ. تُوُفِّيَ زمن مُصْعَب بن الزبير، قاله محمد بن سعد، لَهُ أحاديث. 77- قيس بْن عمرو -د ت ق- وَيُقَالُ: قيس بن قهد، وَيُقَالُ: قيس بن عمرو بن قهد، وقيل: قيس بن سهل، وقيل: قيس بن عمرو بن سهل الْأَنْصَارِيّ النجاري2. لَهُ صُحبة ورواية. وَهُوَ جدٌ يحيى بن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ الفقيه. رَوَى عَنْهُ: ابنه سَعِيد، ومحمد بن إِبْرَاهِيم التميمي، وعطاء بن أَبِي رباح، وله أحاديث. قَالَ الترمذي: لَمْ يسمع مِنْهُ محمد بن إِبْرَاهِيم. "حرف الكاف": 78- كِدام بن حيان العَنَزي3. أحد من قُتِلَ بعذراء مع حجر بن عدي الكندي. 79- كُرْز بن عَلْقَمة الخزاعي4. لَهُ صُحْبة ورواية في "مُسنَد أَحْمَد" رَوَى عَنْهُ: عُرْوة بن الزبير، وغيره. قَالَ ابن سعد: هُوَ الذي قفا أثَر النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ، فانتهى إِلَى باب الغار فَقَالَ: هنا انقطع الأثر، قَالَ: وَهُوَ الذي نظر إِلَى قدم النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَذِهِ القدم من تلك القدم التي في المقام، يعني قدم إِبْرَاهِيم -عَلَيْهِ السلام5. عُمّر كُرْز عمرًا طويلًا، وكتب مُعَاوِيَة إِلَى عاملة: مُرْ كُرْز بن علقمة يوقفكم عَلَى معالم الحرم، ففعل، فهي معالمه إِلَى الساعة.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 176"، أسد الغابة "4/ 216". 2 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 495"، وأسد الغابة "4/ 222"، والإصابة "3/ 255". 3 انظر: تاريخ الطبري "5/ 271، 277". 4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 458"، أسد الغابة "4/ 237"، الاستيعاب "3/ 310". 5 حديث ضعيف: الطبقات "5/ 458".

80- كعب بن عُجْرة –ع- الْأَنْصَارِيّ المدني1. شهد بيعة الرضوان، وله أحاديث. رَوَى عَنْهُ بنوه: سعد، ومحمد، وعَبْد الملك، والربيع، وأَبُو وائل، وطارق بن شهاب، وعَبْد اللَّهِ بن معقل، ومحمد بن سيرين، وأَبُو عبيدة بن عَبْد اللَّهِ بن مسعود، وجماعة. كنيته أَبُو محمد، وقيل: أَبُو عَبْد اللَّهِ، وأَبُو إِسْحَاق، وَكَانَ قَدِ استأخر إسلامه. وَقَالَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، إِنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ، فَرَأَيْتُهُ مُتَغَيِّرًا، قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، مَا لِي أَرَاكَ مُتَغَيِّرًا؟ قَالَ: "مَا دَخَلَ جَوْفِي مَا يَدْخُلُ جَوْفَ ذَاتِ كَبِدٍ مُنْذُ ثَلَاثٍ". قَالَ: فذهبت، فَإِذَا يَهُودِيٌّ يَسْقِي، فَسَقَيْتُ لَهُ عَلَى كُلِّ دلو بتمر، فَجَمَعْتُ تَمْرًا، فَأَتَيْتُهُ بِهِ وَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "يَا كَعْبُ أَتُحِبُّنِي"؟ قُلْتُ: -بِأَبِي أَنْتَ- نَعَمْ، قَالَ: "إِنَّ الْفَقْرَ أَسْرَعُ إِلَى مَنْ يُحِبُّنِي مِنَ السَّيْلِ إِلَى مَجَارِيهِ، وَإِنَّهُ سَيُصِيبُكَ بَلَاءٌ، فَأَعِدْ لَهُ تَجْفَافًا". قَالَ: فَفَقَدَهُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا فَعَلَ كَعْبٌ"؟ قَالُوا: مَرِيضٌ، فَخَرَجَ يَمْشِي حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: "أَبْشِرْ يَا كَعْبُ"، فَقَالَتْ أُمُّهُ: هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ يَا كَعْبُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ هَذِهِ الْمُتَأَلِّيَةُ عَلَى اللَّهِ"؟ قَالَ: هِيَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "مَا يُدْريِكِ يَا أُمَّ كَعْبٍ، لَعَلَّ كعبًا قال ما لا ينفعه، أو منع ما لا يُغْنِيهِ" 2. وَقَالَ مِسْعَرٌ، عَنْ ثابت بن عُبَيد قَالَ: بعثني أَبِي إِلَى كعب بن عُجْرة، فأتيت رجلًا أقطع، فأتيت أَبِي فقلت: بعثتني إِلَى رَجُل أقطع؟ فَقَالَ: إن يده قَدْ دَخَلَتِ الجنة، وسيتبعها مَا بقي من جسده، إن شاء اللَّه3. قَالَ أَبُو عُبيد وجماعة: تُوُفِّيَ كعب بن عُجْرة سَنَة اثنتين وخمسين. 81- كعب بن مرة -ع-، وقيل: مُرَّة بن كعب البهزي4. صحابي نَزَلَ البصرة، ثم سكن الأردن، له أحاديث.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 160"، الاستيعاب "1321"، أسد الغابة "4/ 243". 2 حديث حسن: أخرجه الطبراني، وانظر: الإتحاف "7/ 461"، "8/ 194"، والترغيب "4/ 192". 3 السير "3/ 54". 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 414"، الجرح والتعديل "7/ 160"، وأسد الغابة "4/ 248، 249".

رَوَى عَنْهُ: شُرَحْبيل بن السَّمْط، وجُبَير بن نُفَير، وأَبُو الأشعث الصنعاني، وغيرهم. تُوُفِّيَ بالأردن سَنَة سبع، أَوْ تسع وخمسين. "حرف الميم": 82- مالك بن الحُوَيْرث –ع- أَبُو سليمان الليثي1. قدم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأقام أيامًا، ثُمَّ أذن لَهُ في الرجوع إِلَى أَهْله، ثُمَّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ. رَوَى عنه: أبو عطية مولى بن عقيل، ونصر بن عاصم الليثي، وأَبُو قلابة عَبْد اللَّهِ بن زيد. 83- مالك بن عَبْد اللَّهِ الخثعمي، أَبُو حكيم الفلسطيني2، المعروف بمالك السرايا. يُقَالُ: لَهُ صُحبة، قدِم عَلَى مُعَاوِيَة برسالة عُثْمَان، وقاد الصوائف أَرْبَعِينَ سَنَة، وكُسر -فيما بَلغَنا- عَلَى قبره أربعون لِوَاءً، وَكَانَ صوامًا قوامًا. شتى سَنَة ستٍّ وخمسين بأرض الروم، وعاش بَعْدَ ذلك. 84- مجمع بن جارية -خ د ن ق- الْأَنْصَارِيّ المدني3. لَهُ صُحبة ورواية، وَهُوَ مجمّع بن يزيد بن جارية. وَرَوَى أيضًا عَن: خنساء بِنْت خِذام. وعنه: ابنه يعقوب، والقاسم بن محمد، وعكرمة بن سلمة. وقرأ القرآن في صباه. قَالَ الشَّعْبِيُّ: تُوُفِّيَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبقي عَلَى مجمّع سورتان. وَقَالَ محمد بن إِسْحَاق: كَانَ أَبُوه جارية ممّن اتخذ مسجد الضرار، فكان مجمّع يصلي بهم فِيهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أُخرب، فلما كَانَ زمن عمر كُلم في مجمع ليصلي بهم،

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 44"، وأسد الغابة "4/ 277"، والاستيعاب "3/ 374". 2 انظر: الاستيعاب "3/ 375"، وأسد الغابة "4/ 283"، والإصابة "3/ 347". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 52"، الاستيعاب "3/ 414"، وأسد الغابة "4/ 303".

فقال: أوليس بإمام المنافقين؟ فَقَالَ لعمر: واللَّه الذي لَا إله إِلَّا هُوَ ما علمت بشيء من أمرهم، فيقال: أَنَّهُ تركه يصلي بهم1. 85- مِحْجَن بن الأدرع السلمي2. لَهُ رِوَايَةٌ وَصُحْبَةٌ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ"3. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ، وَرَجَاءُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ الْبَاهليُّ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَسْلَمِيُّ. وَهُوَ الَّذِي اخْتَطَّ مَسْجِدَ الْبَصْرَةِ. تُوُفِّيَ آخر خلافة معاوية. 86- محيصة بن مسعود -4- أبو أسعد، الْأَنْصَارِيّ الخزرجي4. أخو حُوَيصة، وَيُقَالُ فيهما بتشديد الياء وتخفيفهما. شهد أُحُدًا وَمَا بَعْدَها، ومُحَيصة الأصغر منهما، وَهُوَ أسلم قبل أخيه، لَهُ أحاديث. وعنه: حفيده حَرام بن سعد بن مُحَيصة، وابنه سعد، وبشير بن يَسَارٍ، ومحمد بن زياد الجُمَحي، وغيرهم. 87- مَخْرَمة بن نوفل، بن أهْيَب بن عَبْد مَنَاف بن زُهْرة الزُهْري5، والد المسْوَر. كَانَ من المؤلفة قلَوْبهم، لَهُ شرف وعقل وقعدد6، كساه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حلة باعها بأربعين أوقية7، وعمي في خلافة عثمان.

_ 1 خبر ضعيف: من مقاطيع ابن إسحاق. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 316"، الجرح والتعديل "8/ 375"، وأسد الغابة "4/ 305". 3 حديث ضعيف: وأخرجه ابن سعد "7/ 12" من رواية الواقدي، وهو من الضعفاء. 4 انظر: التاريخ الكبير "8/ 53"، أسد الغابة "4/ 334"، والاستيعاب "3/ 498". 5 انظر: التاريخ الكبير "8/ 15"، والاستيعاب "3/ 1380"، أسد الغابة "5/ 125". 6 قعدد: هو القريب الآباء من الجد الأكبر، ويوصف بهذا أيضا، الخامل يقعد عن الكارم، كما في المعجم الوجيز "ص/ 510". 7 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "5/ 164"، وَمُسْلِمٌ "1058"، وَأَبُو داود "4028"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2818"، وَالنَّسَائِيُّ "8/ 205"، وأحمد "4/ 228".

وَرَوَى أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ يَسْتَأْذِنُ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَوْتَهُ قَالَ: "بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ"، فَلَمَّا دَخَلَ بَشَّ بِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ، قُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، أَعَهِدْتِنِي فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ يُتَّقَى شَرُّهُ" 1. تُوُفِّيَ مخرمة -رحمة اللَّه- سَنَة أربع وخمسين، وله مائة وخمس عشرة سَنَة. 88- مسلم بن عقيل، بن أَبِي طالب الهاشمي2. قدمه ابن عمه الحسين -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بَيْنَ يديه إِلَى الكوفه، ليكشف لَهُ كيف اجتماع النَّاس عَلَى الحسين، فَدَخَلَ سرًا، ونزل عَلَى هانئ المرادي، فطلب عبيد اللَّه بن زياد أمير الْكُوفَة هانئًا، فَقَالَ: مَا حملك عَلَى أن تجير عدوي؟! قال: يابن أخي، جاء حقٌ هوِ أحقُ من حقك، فوثب عُبيد اللَّه فضربه بعنزة شك دماغة بالحائط، ثُمَّ أحضر مسلما من داره فقتله، وذلك في آخر سَنَة ستين3. 89- المستورد بن شداد –م د ت ن- بن عمرو القُرَشي الفِهْري4. لَهُ صُحبة ورواية، ولأبيه أيضًا صُحبة. وعنه: قيس بن أَبِي حازم، وعلى بن رباح، وأَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ، ووقاص بن ربيعة، وعَبْد الكريم بن الحارث. 90- معتب بن عوف بن الحمراء، أَبُو عوف الخُزاعي5. حليف بني مخزوم، أحد المهاجرين إِلَى الحبشة وإلى المدينة، والحمراء هِيَ أمه، اتفقوا عَلَى أَنَّهُ شهد بدرًا، وَكَانَ يُدعي عيهامة. قَالَ غير واحد: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَة سبعٍ وخمسين، والعجب أن معتَّبًا بقي إِلَى هَذَا الْوَقت، وَمَا روى شيئًا.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "10/ 378"، ومسلم "2591"، وأبو داود "4791"، والترمذي "1996"، وأحمد "6/ 38". 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 347، 350، 351، 354، 360". 3 تاريخ الطبري "5/ 368-381". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 61"، والاستيعاب "3/ 482"، وأسد الغابة "4/ 353". 5 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 264"، والاستيعاب "3/ 461"، أسد الغابة "4/ 394".

91- مَعْقِلُ بن يَسَارَ المزَني1 -ع-: لَهُ صُحبة ورواية سكن البصرى وَهُوَ ممن بايع تحت الشجرة. وَرَوَى أيضًا عَن النعمان بن مقرن. وعنه: عِمران بن حُصَين -وَهُوَ أكبر مِنْهُ، والحسن الْبَصْرِيُّ، وَمُعَاوِيَة بْنُ قُرَّةَ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّانِ، وغيرهم. قَالَ محمد بن سعد: لَا نعلم في الصحابة من يكني أبا علي سواه. تُوُفِّيَ في آخر زمن مُعَاوِيَة. 92- مَعْمَر بن عبد الله -م د ت ق-. ابن نافع بن نضلة القُرشي العدوي2. أحد المهاجرين، وله هجرة إِلَى الحبشة، وَهُوَ الذي حلق رَأْسِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجة الْوَداع، وعمَّر بَعْدَه دهرًا، وحدّث عنه. روى عنه: سعيد بن المسيب، وبسر بن سَعِيد. 93- مُعَاوِيَة بن حُدَيْج -د ن ق- بن جفنة بن قتير التجيبي الكِنْدي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو نُعَيم3. أحد أمراء مُعَاوِيَة عَلَى مصر، لَهُ صُحبة ورواية، وَرَوَى أيضًا عَن عمر، وأبي ذَر. وعنه: ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، وسُوَيد بن قيس التُجيبي، وعُلَيّ بن رباح، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن شِمَاسة المهْري، وآخرون. وله عقب بمصر، وشهد اليرموك، وَكَانَ الْوَافد عَلَى عمر بفتح الإسكندرية، وذهبت عينه في غزوة النُوبة، وَكَانَ متغاليًا في عُثْمَان وفي محبته. وَقَالَ ابن لَهِيعَة: حدثني أَبُو قبيل قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حُجْر بن الأدبر وأصحابه، بلغ مُعَاوِيَة بن حُدَيج وَهُوَ بإفريقية، فقام في أصحابة فَقَالَ: يَا أشقائي في الرحم،

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 264"، الاستيعاب "3/ 461"، أسد الغابة "4/ 394". 2 انظر: أسد الغابة "4/ 400"، الاستيعاب "3/ 441"، الإصابة "3/ 448". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 503"، أسد الغابة "4/ 383"، الإصابة "3/ 431".

وأصحابي وجيرتي، أنقاتل لقريش في الملْك، حَتَّى إذا استقام لهم دفعوا يقتلَوْننا، أما واللَّه لئن أدركتها ثانيًا، لأقولنّ لمن أطاعني من أَهْل اليمن، اعتزلَوْا بنا، ودعوا قريشًا يقتل بعضُها بعضًا، فأيهم غَلب اتبعناه1. قَالَ ابن يونس: تُوُفِّيَ مُعَاوِيَة بمصر في سَنَة اثنتين وخمسين. 94- مُعَاوِيَة بن الحَكَم السّلمي –م د ن-. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ الْجَارِيَةِ السَّوْدَاءِ، الَّتِي قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ" 2. رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. ووَهِم من سمّاه: عمر. 95- مُعَاوِيَة بن أَبِي سفيان -ع- صخر بْن حرب بْنِ أُمَيَّةَ بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد مَناف بْن قُصي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ القُرَشي الأموي، وأمه هند بِنْت عُتْبة بن رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ3. أسلم قبل أبيه في عُمرة القضاء، وبقي يخاف من الخروج إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أبيه. رَوَى عَن: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وعمر، وأخته أم المؤْمِنِينَ أم حبيبة. وعنه: ابن عباس، وسَعِيد بن المسيب، وأَبُو صالح السمان، والأعرج، وسَعِيد بن أَبِي سَعِيد، ومحمد بن سيرين، وهمام بن منبه، وعَبْد اللَّهِ بن عامر اليحصبي، والقاسم أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وشعيب بن محمد والد عمرو بن شعيب، وطائفة سواهم. وأظهر إسلامه يوم الفتح.

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه عبد الله بن أحمد في كتاب "الجمل"، وفيه ابن لهيعة. 2 حديث صحيح: أخرجه مسلم "537"، وعبد الرزاق "9501"، وأبو داود "918"، والنسائي "3/ 15، 16"، وابن أبي شيبة "8/ 33". 3 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 32"، والاستيعاب "1416"، وأسد الغابة "4/ 385".

وَكَانَ رجلًا طويلًا، أبيض، جميلًا مَهِيبًا، إذا ضحك انقلبت شفته العليا، وَكَانَ يَخْضِبُ بالصُفرة. قَالَ أَبُو عَبْد ربّ الدمشقي: رأيت مُعَاوِيَة يصفّر لحيته كأَنَّهُا الذَّهَب. وَعَن إِبْرَاهِيم بن عَبْد اللَّهِ بن قارظ قَالَ: سمعت مُعَاوِيَة عَلَى منبر المدينة يقول: أين فقهاؤكم يَا أَهْل المدينة، سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "يَنهى عَن هَذِهِ القُصة" 1، ثُمَّ وضعها عَلَى رأسه أَوْ خدّه، فلم أر عَلَى عروس وَلَا عَلَى غيرها أجمل منها عَلَى مُعَاوِيَة. وذكر المفضّل الغلابي: أن زيد بن ثابت كَانَ كاتب وَحْيِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مُعَاوِيَة كاتبه فيما بينه وبين العرب. كذا قَالَ. وَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: "ادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ" 2 وَكَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَدْعُونَا إِلَى السَّحُورِ: "هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ". ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ، وَقِهِ الْعَذَابَ" 3. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَقَدْ وَهِمَ فِيهِ قُتَيْبَةُ، وأسقط منه أبا رهم والعرباض. وقيل أَبُو مُسْهِرٍ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمِيرَةَ الْمُزَنِيِّ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ، وَقِهِ الْعَذَابَ" 4. هَذَا الْحَدِيثُ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، لَكِن اخْتَلَفُوا فِي صُحْبَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ، رُوِيَ نَحْوَهُ مِنْ وجوه أخر.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مالك "2/ 231" في الموطأ، ومسلم "2127"، وأبو داود "4149"، والترمذي "2931"، والنسائي "8/ 186"، وأحمد "4/ 95، 97، 98". 2 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 240، 335، 338". 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 127" "4/ 216"، والترمذي "3840"، فيه الحارث بن زياد، الشامي، وهو ضعيف الحديث من حديث العرباض، وابن أبي عميرة. 4 انظر السابق.

وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمِيرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لِمُعَاوِيَةَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، وَاهْدِهِ وَاهْدِ بِهِ" 1. رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، نَحْوَهُ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الذُّهْلِيِّ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ، ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ يُونُسَ بن ميسرة، عن عبد الله ابن بُسْرٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَأْذَنَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي أَمْرٍ فَقَالَ: "أَشِيرُوا"، فَقَالَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: "ادْعُوا مُعَاوِيَةَ، أَحْضِرُوهُ أَمْرَكُمْ، فَإِنَّهُ قَوِيٌّ أَمِينٌ"2. وَقَدْ رَوَوْهُ عَنِ ابْنِ شُعَيْبٍ مُرْسَلًا. قلت: هَذَا من مناكير نُعَيم، وَهُوَ صاحب أوابد. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبِ بْنِ وَحْشِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ قَالَ: أَرْدَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ خَلْفَهُ، فَقَالَ: "مَا يَلِينِي مِنْكَ؟ " قَالَ: بَطْنِي، قَالَ: "اللَّهُمَّ امْلَأْهُ عِلْمًا"، زَادَ أَبُو مُسْهِرٍ: "وَحِلْمًا"3. قَالَ صالح جزرة: لَا تشتغل بوحشي وَلَا بأبيه. وَقَالَ خَلِيفَة: جمع عمر لمعاوية الشَّام كلّه، ثُمَّ أقره عُثْمَان. وَعَن إسماعيل بن أمية أن عمر أفرد مُعَاوِيَة بالشَّام، ورزقه في كلٌ شهر ثمانين دينارًا، والمحفوظ أن الذي جمع الشَّام لمعاوية عُثْمَان4. وَقَالَ مسلم بن جندب، عَن أسلم مولى عمر قَالَ: قدِم علينا مُعَاوِيَة، وَهُوَ أبضّ النَّاس وأجملهم، فحج مع عمر، وَكَانَ عمر ينظر إليه، فيعجب لَهُ، ثُمَّ يضع إصبعه عَلَى متنه ويرفعها، عَن مثل الشراك. ويقول: بخٍ بخٍ، نحن إذا خير النَّاس، أن جُمع لنا خيرُ الدنيا والآخرة، فَقَالَ مُعَاوِيَة: يَا أمير المؤْمِنِينَ سأحدثك: إنا بأرض الحمّامات والريف، فَقَالَ عمر: سأحدثك، مَا بك إِلَّا إلطافك نفسك بأطيب الطعام، وتصبّحك

_ 1 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 216"، والترمذي "3841". 2 حديث ضعيف: وانظر السير "3/ 127". 3 حديث ضعيف: السير "3/ 127". 4 السير "3/ 133".

حتى تضرب الشمس منيتك، وذوو الحاجات وراء الباب، قَالَ: فلما جئنا ذا طُوًى، أخرج مُعَاوِيَة حُلة، فلبسها، فوجد عمر منها ريحًا طيبة، فَقَالَ: يعمد أحدكم فيخرج حاجًا تفلا1، حَتَّى إذا جاء أعظم بلدان اللَّه حُرْمة أخرج ثوبيه كأَنَّهُما كانا في الطيب فيلبسهما، فَقَالَ: إِنَّمَا لبستهما لأدَخَلَ فيهما عَلَى عشيرتي، واللَّه لقد بلغني أذاك ههنا وبالشَّام، واللَّه يعلم إني لقد عرفت الحياء فِيهِ، ونزع مُعَاوِيَة الثوبين، ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما2. وَقَالَ أَبُو الْحَسَن المدائني: كَانَ عمر إذا نظر إِلَى مُعَاوِيَة قَالَ: هَذَا كسرى العرب3. وَرَوَى ابن أَبِي ذئب، عَن المقْبُري قَالَ: تَعجبون من دَهاء هِرَقْلَ وكِسْرى، وتَدَعُون مُعَاوِيَة4. وَقَالَ الزُهري: استخلف عُثْمَان، فنزع عُمَير بن سعد، وجمع الشَّام لمعاوية. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَا تَكْرَهُوا إِمْرَةَ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّكُمْ لَوْ فقدتموه رأيتم الرؤوس تَنْدُرُ عَن كَوَاهِلْهَا5. وَرَوَى علقمة بن أَبِي علقمة، عَن أمه قالت: قدِم مُعَاوِيَة المدينة، فأرسل إِلَى عائشة: أرسلي إلي بأنبجانية رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشَعْره، فأرسلت بذلك معي أحمله، فأخذ الأنبجانية، فلبسها، وغسل الشعر بماء، فشرب مِنْهُ، وأفاض عَلَى جلده. وَرَوَى أَبُو بكر الْهُذَلِيُّ، عَن الشَّعْبِيُّ قَالَ: لَمَّا قدِم مُعَاوِيَة المدينة عام الْجَمَاعَةِ، تلقته رجال قريش فقالوا: الحمد لله الذي أعز نصرك وأعلى أمرك، فما رد عليهم جوابًا، حَتَّى دَخَلَ المدينة، فعلا المنبر، ثُمَّ حمد اللَّه وَقَالَ: أما بَعْدَ، فإني -واللَّه- مَا وُلِّيتُ أمركم حين وليته، إِلَّا وأنا أعلم أنكم لَا تُسَرون بولايتي، وَلَا تحبونها، وإني لعَالم بما في نفوسكم، ولكن خالستكم بسيفي هذا مخالسة، ولقد رمت نفسي على

_ 1 التفل: صاحب الرائحة المنفرة. 2 خبر حسن: أخرجه ابن المبارك في "الزهد" كما في البداية "8/ 125"، والسير "3/ 134". 3 خبر ضعيف: إسناده معضل. السير "3/ 134". 4 السير "3/ 135". 5 خبر ضعيف: سبق تخريجه.

عمل ابن أَبِي قُحافة، فلم أجدها تقوم بذلك، وأردتها عَلَى عمل عمر، فكانت عَنْهُ أشد نفورًا، وحاولتها عَلَى مثل سُنيات عُثْمَان فأبتْ عَلِيّ، وأين مثل هؤلاء، هيهات أن يُدْرِك فضلَهم أحدٌ من بَعْدهم، غير أني قد سلكت بها طريقًا لي فِيهِ منفعة، ولكم فِيهِ مثل ذلك، ولكل فِيهِ مؤاكلة حَسَنةٌ ومشاربة جميلة مَا استقامت السيرة، وحسُنَتِ الطاعة، فإن لَمْ تجدوني خيركم، فأنا خير لكم، واللَّه لَا أحمل السيف عَلَى من لَا سيف معه، ومهما تقدم مما قد علمتموه، فقد جعلته دُبر أُذُني، وإن لَمْ تجدوني أقوم بحقكم كله، فارضوا مني ببغضه، إِنَّهَا ليست بقائبة قوبها، وإن السيل إذا جاء تترى، وإن قل أغنى، وإياكم والفتنة، فلا تهموا بِهَا، فإِنَّها تفسد المعيشة، وتكدر النعمة، وتورث الاستئصال، واستغفر اللَّه لي ولكم، ثُمَّ نَزَلَ1. وَقَالَ جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ وَغَيْرُهُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إذا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي فَاقْتُلُوهُ"2. مجالد ضعيف. وقد رواه النَّاس عَن: عَلِيّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، عَن أَبِي نَضْرة، عَن أَبِي سَعِيد، فذكره. وَيُرْوَى عَن أَبِي بكر بن أَبِي داود قَالَ: هُوَ مُعَاوِيَة بن تابُوه رأس المنافقين، حلف أن يتغوط فوق المنبر. وَقَالَ بُسْر بن سَعِيد، عَن سعد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أحدًا بَعْدَ عُثْمَان أقضى بحق من صاحب هَذَا الباب، يعني مُعَاوِيَة. وَقَالَ أَبُو بكر بن أَبِي مريم، عَن ثابت مولى أَبِي سفيان: أَنَّهُ سمع مُعَاوِيَة يخطب ويقول: إني لست بخيركم، وإن فيكم من هُوَ خير مني: عَبْد اللَّهِ بن عمر، وعَبْد اللَّهِ بن عمرو، وغيرهما من الأفاضل، ولكني عسيت أن أكون أنكاكم3 في عدوَكم، وأنعمكم لكم ولايةً، وأحسنكم خلقًا4.

_ 1 خبر ضعيف: الهذلي من الضعفاء، وانظر البداية "8/ 132"، والسير "3/ 149". 2 حديث منكر: أخرجه ابن عدي "6/ 2416" في الضعفاء. 3 أنكاكم: أقواكم. 4 إسناده ضعيف: فيه ابن أبي مريم من الضعفاء. وانظر: السير "3/ 150".

وَقَالَ همّام بن منبه: سمعت ابن عباس يقول: مَا رأيت رجلًا كان أخلَقَ للملْك من مُعَاوِيَة، كَانَ النَّاس يَرِدون مِنْهُ عَلَى أرجاء وادٍ رحَبٍ، لَمْ يكن بالضيَّق الحَصِر العُصْعُص المتغضب. يعني ابن الزبير1. وَقَالَ جَبَلَة بن سُحَيم، عَن ابن عمر: مَا رأيت أحدًا أسود من مُعَاوِيَة، قلت: وَلَا عمر؟ قَالَ: كَانَ عمر خيرًا مِنْهُ، وَكَانَ مُعَاوِيَة أسود مِنْهُ2. وَقَالَ أيوب، عَن أَبِي قلابة: إن كعب الأحبار قَالَ: لن يملك أحدٌ هَذِهِ الأمة مَا ملك مُعَاوِيَة3. قَالَ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: نَبَّأَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ: سَمِعْتُ أَبَا قَبِيلٍ حُيَيَّ بْنَ هَانِئٍ يُخْبِرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَصَعَدَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، فَقَالَ عِنْدَ خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الْمَالَ مَالُنَا، وَالْفَيْءَ فَيْئُنَا، مَنْ شِئْنَا أَعْطَيْنَا، وَمَنْ شِئْنَا مَنَعْنَا، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمْعَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمْعَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: كَلا، إِنَّمَا الْمَالُ مَالُنَا، وَالْفَيْءُ فَيْئُنَا، مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حَكَّمْنَاهُ إِلَى اللَّهِ بِأَسْيَافِنَا. فَنَزَلَ مُعَاوِيَةُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُلِ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: هَلَكَ، فَفَتَحَ مُعَاوِيَةُ الأَبْوَابَ، وَدَخَلَ النَّاسُ، فَوَجَدُوا الرَّجُلَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا أَحْيَانِي أَحْيَاهُ الله، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "سَتَكُونُ أَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي. يَقُولُونَ فَلا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُمْ، يَتَقَاحَمُونَ فِي النَّارِ تَقَاحُمَ الْقِرَدَةِ" 4، وَإِنِّي تَكَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ أَحَدٌ، فَخَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَكَلَّمْتُ الثَّانِيَةَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلِيَّ أَحَدٌ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنِّي مِنَ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَكَلَّمْتُ الْجُمْعَةَ الثَّالِثَةَ، فَقَامَ هَذَا فَرَدَّ عَلَيَّ فَأَحْيَانِي أَحْيَاهُ اللَّهُ، فَرَجَوْتُ أَنْ يُخْرِجَنِيَ اللَّهُ مِنْهُمْ، فَأَعْطَاهُ وَأَجَازَهُ. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى: ثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: وَفَدَ الْمِقْدَامُ بْنُ معد يكرب، وعمرو ابن الأَسْوَدِ، وَرَجُلٌ مِنَ الأَسَدِ لَهُ صُحْبَةٌ إِلَى معاوية،

_ 1 خبر صحيح: أخرجه عبد الرزاق "20985" في مصنفه. 2 خبر صحيحٌ: له أكثر من طريق كما في السير "3/ 152، 153". 3 السير "3/ 153". 4 خبرٌ حسنٌ: وأخرجه الطبراني "19/ 393" في الكبير من هذا الطريق، وأبو يعلى كما في المجمع "5/ 236".

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلْمِقْدَامِ: تُوُفِّيَ الْحَسَنُ، فَاسْتَرْجَعَ، فَقَالَ: أَتَرَاهَا مُصِيبَةً؟ قَالَ: وَلَمْ لَا، وَقَدْ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حِجْرِهِ وَقَالَ: "هَذَا مِنِّي وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ" 1. فَقَالَ لِلأَسَدِيِّ: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: جَمْرَةٌ أُطْفِئَتْ، فَقَالَ الْمِقْدَامُ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينهى عَنْ لِبْسِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ، وَعَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَنِيكَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: عَرَفْتُ أَنِّي لا أَنْجُو مِنْكَ. قلت: تُوُفِّيَ كعب قبل أن يستخلف مُعَاوِيَة، وصدق كعب فيما نقله، فإن معاوية بقي خليفة عشرين سنة، لا ينازعه أحد الأمر في الأرض، بخلاف خلافة عَبْد الملك بن مروان، وأبي جعفر المنصور، وهارون الرشيد، وغيرهم، فإِنَّهُم كَانَ لهم مخالف، وخرج عَن أمرهم بعض الممالك. قلت: وَكَانَ يُضرب المثل بحلم مُعَاوِيَة، وقد أفرد ابنُ أَبِي الدُّنيا، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، تصنيفًا في حلم مُعَاوِيَة. قَالَ ابن عون: كَانَ الرجل يقول لمعاوية: واللَّه لتستقيمن بنا يَا مُعَاوِيَة أَوْ لنقومنك، فيقول: بماذا؟ فيقولَوْن: بالخُشُب، فيقول: إذا نستقيم2. وَعَن قبيصة بن جابر قَالَ: صحبت مُعَاوِيَة، فما رأيت رجلًا أثقل حلما، وَلَا أبطأ جهلًا، وَلَا أبَعْدَ أناةً مِنْهُ3. وَقَالَ جَرِيرُ، عَن مغيرة قَالَ: أرسل الْحَسَن بن عَلِيّ وعَبْد اللَّهِ بن جعفر إِلَى مُعَاوِيَة يسألانَّهُ، فبعث إليهما بمائة ألف، فبلغ عليًا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لهما: ألا تستحيان، رَجُلٌ نطعن فِيهِ غدوةً وعشيةً، تسألانه المال! قالا: لأنك حَرَمْتَنا وجاد لنا4. وَقَالَ مالك: إن مُعَاوِيَة نتف الشَّيْبَ كذا وكذا سَنَة، وَكَانَ يخرج إِلَى الصلاة ورداؤه يُحمل، فإذا دَخَلَ مصلاه جعل عليه، وذلك من الكبر5.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "4131"، وأحمد "4/ 132". 2 خبر ضعيف: فيه انقطاع. وانظر السير "3/ 154". 3 السير "3/ 153". 4 السير "3/ 155". 5 خبر ضعيف: فيه انقطاع. السير "3/ 155".

وذكر غيره: أن مُعَاوِيَة أصابته اللقْوَة قبل أن يموت، وَكَانَ اطّلع في بئر عادِيةً بالأَبُواء لَمَّا حج، فأصابته لقوة، يعني بُطل نصفه1. الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: إِنَّ مَنْ زَرَعَ قَدِ اسْتَحْصَدَ، وَقَدْ طَالَتْ إِمْرَتِي عَلَيْكُمْ، حَتَّى مَلَلْتُكُمْ وَمَلَلْتُمُونِي، وَلَا يَأْتِيكُمْ بَعْدِي خَيْرٌ مِنِّي كَمَا أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلِي خَيْرٌ مِنِّي، اللَّهُمَّ قَدْ أَحْبَبْتُ لِقَاءَكَ، فأحبب لقائي2. الواقدي: ثنا أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَة لِيَزِيدَ وَهُوَ يوصيه: اتق الله، فقد وطأت لَكَ الأَمْرَ، وَوُلِيتَ مِنْ ذَلِكَ مَا وُلِّيتَ، فإن يك خَيْرًا، فَأَنَا أَسْعَدُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، شَقِيتَ بِهِ، فَارْفِقْ بِالنَّاسِ، وَإِيَّاكَ وَجَبْهَ أَهْلِ الشَّرَفِ وَالتَّكَبُّرَ عَلَيْهِمْ3. فِي كَلامٍ طَوِيلٍ، أَوْرَدَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ مَعِين، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ النَّرْسِيِّ -وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ- عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِيَزِيدَ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ شَيْئًا عَمِلْتُهُ فِي أَمْرِكَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَلَّمَ يَوْمًا أَظْفَارَهُ، وَأَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ، فَجَمَعْتُ ذَلِكَ، فَإِذَا مِتُّ فَاحْشُ بِهِ فَمِي وَأَنْفِي4. وَرَوَى عَبْد الأَعْلَى بْنُ مَيْمُونَ بْنِ مِهْران، عَن أبيه: أن مُعَاوِيَة قَالَ في مرضه: كنت أوضِّئ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا، فنزع قميصه وكسانيه، فرقعته، وخبأت قُلامة أظفاره في قارورة، فإذا متٌ فاجعلَوْا القميص عَلَى جلدي، واسحقوا تلك القُلامة واجعلَوْها في عيني، فعسى اللَّه أن يَرحَمَني بَبَركَتِها5. حُمَيْد بن هلال، عَن أَبِي بُرْدة بن أَبِي موسى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَة حين أصابته قُرحته فَقَالَ: هَلم ابنَ أخي، تحول فأنظر، فنظرت، فإذا هِيَ قَدْ سَرَتْ6.

_ 1 خبر ضعيف: السير "3/ 156" وفيه مجالد بن سعيد، وهو من الضعفاء. 2 خبر ضعيف: وأخرجه القالي "2/ 311" في الآمالي، وفيه انقطاع. 3 خبر ضعيف: السير "3/ 159" وفيه الواقدي. 4 خبر ضعيف: السير "3/ 159" وفيه جهالة أحد الرواة. 5 السير "3/ 160". 6 الطبقات الكبرى "4/ 1/ 83".

وَعَن الشَّعْبِيُّ قَالَ: أول من خطب النَّاسَ قاعدًا معاويةُ، وذلك حين كثُر شحمُه وعظُم بطنُه1. وَعَن ابن سيرين قَالَ: أخذت معاويةَ قُرْحَةٌ، فاتخذ لُحُفًا تُلقى عَلَيْهِ، فلا يلبث أن يتأذى بِهَا، فإذا أخذت عَنْهُ، سأل أن تُرد عَلَيْهِ، فَقَالَ: قبحك اللَّه من دارٍ، مكثت فيك عشرين سَنَة أميرًا، وعشرين سَنَة خَلِيفَة، ثُمَّ صرت إِلَى مَا أرى. وَقَالَ أَبُو عمرو بن العلاء: لَمَّا حَضَرتْ مُعَاوِيَة، الْوَفاةُ قيل لَهُ: ألا توصي؟ فَقَالَ: هُوَ الموتُ لَا مَنْجي من الموتَ والذي ... نُحاذرُ بَعْدَ الموتِ أدهى وأفْظعُ اللَّهم أقِلِ العثْرةَ، واعفُ عَن الزلة، وتجاوزْ بحِلمك عَن جهل مَن لَمْ يَرْجُ غيرَك فما وراءك مذهب2. وَقَالَ أَبُو مُسْهِر: صَلَّى الضحاك بن قيس الفِهْريّ عَلَى مُعَاوِيَة، ودُفن بَيْنَ باب الجابية وباب الصغير فيما بلغني. وَقَالَ أَبُو معشر وغيره: مات مُعَاوِيَة في رجب سَنَة ستين، وقيل: إِنَّهُ عاش سبعًا وسبعين سَنَة. 96- ميمونة بِنْت الحارث -ع- أم المؤْمِنِينَ الهلالية3. تزوجها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَة سبع. رَوَى عنها: مَوْلياها عطاء، وسليمان ابنا يَسَار، وابن أختها يزيد بن الأصم، وكُريْب مولى ابن عباس، وابن أختها عَبْد اللَّهِ بن عباس، وابن أختها عَبْد اللَّهِ بن شدّاد بن الهاد، وعُبَيد بن السباق، وجماعة. وكانت قبل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند أَبِي رُهْم بن عَبْد الْعُزَّى العامري، فتأيمت مِنْهُ، فخطبها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعلت أمرها إِلَى العباس، فزوجها منه، وبنى بها بسرف بطريق مكة، لما رجع من عمرة القضاء4.

_ 1 السير "3/ 156". 2 السير "3/ 160". 3 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 132"، الاستيعاب "4/ 1914"، أسد الغابة "7/ 272". 4 السير "2/ 239".

وَهِيَ أخت أسماء بِنْت عُمَيْس لأمها، وأخت زينب بِنْت خُزيمة أيضًا لأمها. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ اسْمُ مَيْمُونَةَ بَرَّةَ، فَسَمَّاهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- ميمونة1. وقيل: أنها لما ماتت صلى عليها ابن عباس ودخل قبرها، وهي خالته2. ابْنُ عُلَيَّةَ: ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: أَمَّرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَسَأَلْتُ يَزِيدَ بْنَ الْأَصَمِّ عَنْ نِكَاحِ مَيْمُونَةَ، فَقَالَ: نَكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَلَالًا بِسَرِف، وَبَنَى بِهَا حَلَالًا بِسَرِف، وَمَاتَتْ بِسَرِف، فَذَاكَ قَبْرُهَا تَحْتَ السَّقِيفَةِ3. وَرَوَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنِ الْجُبْنِ فَقَالَ: "اقْطَعْ بِالسِّكِّينِ وَسَمِّ اللَّهَ وَكُلْ"4. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: $"الْأَخَوَاتُ الْأَرْبَعُ مَيْمُونَةُ، وَأُمُّ الْفَضْلِ، وَسَلْمَى، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، أُخْتُهُنَّ لِأُمِّهِنَّ مُؤْمِنَاتٌ"5، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: توفيت سَنَة إحدى وستين، وَهِيَ آخر من مات من أمهات المؤْمِنِينَ. وَقَالَ خَلِيفَة: توفيت سَنَة إحدى وخمسين. وقيل إِنَّهَا ماتت أيضًا بسَرِف، ووَهِم من قَالَ: إِنَّهَا ماتت سَنَة ثلاث وستين. 97- ميمونة بِنْت سَعِيد-4- أَوْ سعد. خادم النبي6 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، لها صحبة ورواية.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 137"، والحاكم "4/ 30" وصححه، وأقره الذهبي. 2 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 139، 140"، والحاكم "4/ 31" وصححه، وأقره الذهبي. 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1411"، وأبو داود "1843"، والترمذي "845"، وأحمد "6/ 333"، وابن ماجه "1964". 4 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 234"، وأخرجه الطبراني كما في المجمع "5/ 43"، وأبو نعيم "8/ 291" في الحلية. 5 حديث حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 98"، والنسائي في "الكبرى"، والحاكم "4/ 33"، والطبراني "11/ 415" في الكبير. 6 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 305"، وأسد الغابة "5/ 551"، والاستيعاب "4/ 408".

رَوَى عنها: أيوب بن خالد، وزياد بن أَبِي سَوْدة، وعُثْمَان بن أَبِي سَودة، وأَبُو يزيد الضبي، وطارق بن عَبْد الرَّحْمَنِ القرشي، وغيرهم. "حرف الهاء": 98- هشام بن عامر -م 4- الأنصاري1. لَهُ صُحْبة ورواية، نَزَلَ الْبَصْرَةَ، واستُشْهد أَبُوه يَوْم أُحُد. رَوَى عَنْهُ: سعد بن هشام، ومُعَاذة العدوية، وأَبُو قَتَادة العدوي، وأَبُو الدهماء العدوي، وحُمَيد بن هلال. 99- هنِد بن حارثه، الأسلمي2 أخو أسماء. قَالَ الْوَاقدي: قَالَ أَبُو هريرة: مَا كنت أرى أسماء وهند إِلَّا خادمين لرَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من طول لزومهما بابه، وخدمتهما إياه. وَقَالَ غيره: كانا من أصحاب الصّفة، ولهما أخوة. تُوُفِّيَ هند في خلافة مُعَاوِيَة. "حرف الْوَاوِ": 100- وابصة بن معبد –د ت ق- بن عتبة الأسدي، أسد خُزَيمة3. وفد عَلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَة تسع في عشرة من رهطه، فأسلموا ورجعوا إِلَى أرضهم، ثُمَّ نَزَلَ وابصة الجزيرة، وسكن الرقة، وله بدمشق دار. رَوَى عَن: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَن ابن مسعود، وخُرَيم بن فاتك. وعنه: زِرّ بن حُبَيْش، والشَّعْبِيُّ، وعمرو بن ناشد، وهلال بن يساف، وابنه عمر بن وابصة، وجماعة. وقبره بالرقة عند الجامع، وكنيته أبو سالم.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 26"، وأسد الغابة "5/ 64"، والاستيعاب "3/ 496". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 323"، والاستيعاب "3/ 599". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 476"، الاستيعاب "3/ 641"، أسد الغابة "5/ 76".

"حرف الياء": 101- يزيد بن شجرة الرهاوي1. و"رها": قبيلة من مَذْحِج. رَوَى عَنْهُ: مجاهد، وله صُحبة ورواية، وَكَانَ متألهًا متوقيًا. وَرَوَى عَنْهُ أيضًا أَبُو الزاهرية، وأرسل عَنْهُ الزُهرْي. وقد رَوَى هُوَ أيضًا عَن: أَبِي عُبيدة بن الجرَاح، ونزل الشَّام. وَكَانَ مُعَاوِيَة يستعمله عَلَى الغزو، وسيره مرة يقيم للناس الحج. استشهد يزيد وأصحابه في غزو البحر، وقيل: بالروم سَنَة ثمانٍ وخمسين، وقيل: سَنَة خمسٍ وخمسين. زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ شَجَرَةَ مِمَّنْ يُذَكِّرُنَا فَيَبْكِي، وَكَانَ يُصَدِّقُ بُكَاءَهُ بِفِعْلِهِ2. وَقَالَ الأعمش، عَن مُجاهد: خَطَبَنا يزيد بن شجرة الرّهاوي، وَكَانَ مُعَاوِيَة استعمله على الجيوش. والرهاوي قيده عبد الغني بالفتح، فخطّأه ابن ماكولا. 102- يَعْلَى بن أميّة -ع- بن أَبِي عبيدة التميمي المكي3. حليف قريش، وَهُوَ يعلي بن مُنْية بِنْت غزوان، أخت عُتْبة بن غزوان. أسلم يَوْم الفتح، وشهد الطائف وتبوكًا، وَرَوَى عَن: النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَن عمر. وعنه: بنوه محمد، وصفوان، وعُثْمَان، وأخوه عَبْد الرَّحْمَنِ، وابن أخيه صفوان بن عَبْد اللَّهِ، وعكرمة، وعَبْد اللَّهِ بن بابيه، ومجاهد، وعطاء بن أَبِي رباح، وآخرون. قَالَ ابن سعد: كَانَ يعلى يفتي بمكة.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 446"، وأسد الغابة "5/ 114"، الاستيعاب "3/ 653". 2 خبر صحيح: وأخرجه الطبراني "22/ 246" في الكبير. 3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 301"، الاستيعاب "3/ 661"، وأسد الغابة "5/ 128".

وقيل: إِنَّهُ عمل لعمر عَلَى نجران، وله أخبار في السخاء. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دينار قَالَ: كَانَ أول من ورّخ الكتب يعلى بن أمية، وَهُوَ باليمن. قلت: كَانَ قَدْ ولى صنعاء لعُثْمَان، وَكَانَ يعلى ممن شهد مع عائشة يَوْم الجمل، وأنفق أموالًا عظيمة في ذلك الجيش، فلما هُزم النَّاس هرب يعلى، وبقي إِلَى أواخر خلافة معاوية. وقيل: قتل بصفين مع علي، والله أعلم. أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُيَيٍّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَحْرُ مِنْ جَهَنَّمَ" 1. فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُهُ، وَلَا يُصِيبُنِي مِنْهُ قَطْرَةٌ حَتَّى أُعْرَضَ عَلَى اللَّهِ. قَالَ أَبُو عاصم: حلف عَلِيّ غيبٍ، وَهُوَ ممن أعان عَلَى عَلِيّ -رضي اللَّه عَنْهُ. 103- يعلى بن مرة الثقفي –ت ن ق- بن وهْب الثقفي وَيُقَالُ: العامري2، واسم أمه سيابة. شهد الحُديبية وخيبر، وله أحاديث، وسكن الْعِرَاق. رَوَى عَنْهُ: ابناه عُثْمَان، وعَبْد اللَّهِ، وعَبْد اللَّهِ بن حفص بن أَبِي عقيل الثقفي، وراشد بن سعد، وأبو البختري. وأرسل عَنْهُ: المنْهال بن عُمَرو، ويونس بن خباب، وعطاء بن السائب. وَكَانَ فاضلًا. "الكني": 104- أبو أروى الدوسي3.

_ 1 حديث حسن: وأخرجه أحمد "4/ 223"، والبخاري في تاريخه الكبير "1/ 70"، "8/ 414"، والبيهقي "4/ 334"، والطبري "15/ 157" في تفسيره. 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 40"، والجرح والتعديل "9/ 301"، والاستيعاب "3/ 664"، وأسد الغابة "5/ 129". 3 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 341"، والاستيعاب "4/ 10"، وأسد الغابة "5/ 134".

لَهُ صُحبة ورواية، وَكَانَ من شيعة عُثْمَان، نَزَلَ ذا الحُلَيفة. وقد رَوَى عَن أَبِي بَكْر أيضًا. وعنه: أَبُو سلمة بن عَبْد الرَّحْمَنِ، وأَبُو واقد صالح بن مُحَمَّد بن زيادة المدَنِيّ. فرَوَى وُهَيْب، عَن أَبِي واقد، عَنْهُ، قَالَ: كنت أصلي العصر مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أتي الشجرة قبل غروب الشمس1. 105- أَبُو أيْوب الْأَنْصَارِيّ –ع-. اسمه خَالِد بن زيد بن كُليْب بن ثعلبة بن عَبْد عوف بن غَنْم بن مالك بن النّجار، الخزرجي، النجاري، المالكي، المدَنِيّ2. شهد بدرًا والعَقَبة، وعليه نَزَلَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- لمّا قدم المدينة، فبقي في داره شهرًا حَتَّى بنيت حُجَرُه ومسجده. وَكَانَ من نُجَباء الصحابة، وَرَوَى أيضًا عَن: أُبَيّ. وعنه: مولاه أفلح، والبراء بن عازب، وسَعِيد بن المسيب، وعُرْوَة، وعطاء بن يزيد، وموسى بن طلحة، وآخرون. رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ وَفَدَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ، فَفَرَّغَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَهُ دَارَهُ وَقَالَ: لأَصْنَعَنَّ بِكَ مَا صَنَعْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمْ عَلَيْكَ مِنَ الدَّيْنِ؟ قَالَ: عشرون ألفًا، فأعطاه أربيعن أَلْفًا، وَعِشْرِينَ مَمْلُوكًا وَقَالَ: لَكَ مَا فِي الْبَيْتِ كُلُّهُ3. وشهد أَبُو أيوب الجمل وصِفين مع علِيّ، وَكَانَ من خاصته، وَكَانَ عَلَى مقدمته يَوْم النهروان، ثُمَّ إِنَّهُ غزا الروم مع يزيد بن مُعَاوِيَة ابتغاء مَا عند اللَّه، فتُوفي عند القسطنطينية، فدُفن هناك، وأمر يزيد بالخيل، فمرّت عَلَى قبره حَتَّى عَفت أثره لئلًا يُنبَش، ثُمَّ إن الروم عرفوا مكان قبره، فكانوا إذا أمحلَوْا كشفوا عَن قبره فمرطوا، وقبره تجاه سور القسطنطينية4.

_ 1 حديث حسن: أخرجه البزار كما في المجمع "1/ 307"، والطبراني "22/ 369" في الكبير، والدولابي "1/ 16" في الكنى. 2 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 484"، والاستيعاب "2/ 424"، أسد الغابة "2/ 94". 3 حديث ضعيف: فيه انقطاع. وأخرجه الحاكم "3/ 461"، والطبراني "3877" في الكبير. 4 السير "2/ 412".

تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين، أَوْ في آخر سَنَة خَمْسِينَ، ووَهِم من قَالَ: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وخمسين. 106- أَبُو بَرْزَة الأسلمي –ع-. اسمه نضلة بن عُبَيْد1، صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قيل: إِنَّهُ قَتَلَ ابن خطل يَوْم الفتح، وَهُوَ تحت أستار الكعبة. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْر. وعنه: ابنه المغيرة، وحفيدته منية بِنْت عُبَيْد، وأَبُو عُثْمَان النهدي، والأزرق بن قيس، وأَبُو المنْهال سيار بن سلامة، وأَبُو الرضى عباد بن نسيب، وكنانة بن نعيم العدوي، وجماعة. سكن البصرة، وتوفي غازيًا بخُراسان. وقيل: اسمه نضلة بن عُمَرو، وقيل: ابن عائذ، وقيل: ابن عَبْد اللَّهِ، وقيل: اسمه عَبْد اللَّهِ بن نضلة، وقيل: خالد ابن نضلة. وَكَانَ مع مُعَاوِيَة بالشَّام، وقيل: شهد صِفين مع عَلِيّ -رضي اللَّه عَنْهُ. وَعَن أَبِي برزة قَالَ: كُنَّا نقول في الجاهلية: من أكل الخمير سمن، فأجْهَضْنا، القوم يَوْم خيبر عَن خبرة لهم، فجعل أحدنا يأكل في الكسْرة ثُمَّ يَمَسُّ عِطْفَةً، هَلْ سَمِن2؟ وقيل: إن أَبَا بْرزَة كَانَ يقوم الليل، وله بر ومعروف3. تُوُفِّيَ سَنَة ستين قبل مُعَاوِيَة. وَقَالَ الحاكم: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وستين، فاللَّه أعلم. "فائدة": تدل عَلَى بقاء أَبِي برزة بعد هذا الوقت: قال الأنصاري: ثَنَا عوف، حدثني أَبُو المنْهال سيار بن سلامة قَالَ: لَمَّا خرج ابن زياد، ووثب ابن مروان بالشام، وابن الزبير

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 298"، والاستيعاب "4/ 24"، وأسد الغابة "5/ 146". 2 أخرجه ابن منيع كما في المطالب "3/ 165"، وأورده في السير "3/ 42". 3 السير "3/ 42".

بمكة، اغتَم أَبِي فَقَالَ: انطلق معي إِلَى أَبِي بَرْزة الأسلمي، فانطلقنا إليه في داره، فإذا هُوَ قاعد في ظل، فَقَالَ لَهُ أبي: يا أَبَا بَرْزَة ألا ترى! فكان أول شيء تكلم بِهِ أنْ قَالَ: إني أحتسب عند اللَّه أني أصبحت ساخطًا عَلَى أحياء قريش1- وذكر الحديث. قَالَ ابن سعد: مات أَبُو بَرْزَة بَمْرو، ثُمَّ رَوَى ابن سعد أنْ أَبَا بَرْزَة وأبا بكرة كانا متآخيين. وَقَالَ بعضهم: رَأَيْت أَبَا برزة أبيض الرأس واللحية. 107- أَبُو بَكْرة الثقفي –ع-. اسمه نُفَيع بن الحارث بن كَلَدَة بن عمرو2. وقيل: نفيع بن مسروح. وقيل: كَانَ عَبْدًا للحارث فاستلحقه، وَهُوَ أخو زياد بن أَبِيهِ لأمه، واسمها سُمَيَة مولاة الحارث بن كَلَدَة، وقد كَانَ تدلى يَوْم الطائف من الحصن ببكرة، وأتى إِلَى بَيْنَ يدي النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأسلم، وكُني يومئذ بأبي بكْرة. وله أحاديث، رَوَى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَنِ، وعَبْد العزيز، ومسلم، وروّاد، وعَبْد اللَّهِ، وكبشة أولاده، والأحنف بن قيس، وأَبُو عُثْمَان النَّهدي، وربعي بن حراش، والحسن، وابن سيرين. وسكن الْبَصْرَةَ، فعن الْحَسَن قَالَ: لَمْ ينزل الْبَصْرَةَ أفضل مِنْهُ ومن عِمران بن حُصَيْن. وَكَانَ أَبُو بَكْرة ممن شهد عَلَى المغيرة، فحده عُمَر لعدم تكميل أربعة شهداء، وأبطل شهادته، ثُمَّ قَالَ لَهُ: تُبْ لنقبل شهادتك، فَقَالَ: لَا أشهد بَيْنَ اثنين أبدًا. وَكَانَ أَبُو بَكْرة كثير العبادة. وَكَانَ أولاده رؤساء الْبَصْرَةِ شرفًا وعلما وولاية. مُغِيرَةُ بْنُ مُقْسِمٍ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ ثَقِيفًا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يرد إليهم أَبَا بَكْرَةَ عَبْدًا، فَقَالَ: "لَا، هُوَ طَلِيقُ الله وطليق رسوله"3.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 300"، وأبو نعيم "2/ 32" في الحلية. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 15"، والاستيعاب "1530"، وأسد الغابة "5/ 38، 151". 3 حديث ضعيف: وأخرجه أحمد "4/ 168"، وابن سعد "7/ 15" وفيه عنعنة المغيرة، وشباك تلميذ الشعبي، وكلاهما من المدلسين.

يزيد بن هارون: أنبأ عُيَيْنة بن عَبْد الرَّحْمَنِ، أخبرني أَبِي، أَنَّهُ رأي أَبَا بَكْرَة عَلَيْهِ مِطْرفُ خَز سُدَاهُ حرير. قَالَ خَلِيفَة: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وخمسين، وَقَالَ غيره: سَنَة إحدى وخمسين. 108- أَبُو بَصْرة الغفَاري –م د ن-. اسمه حُمَيْلُ بن بَصْرة1، لَهُ صُحْبة ورواية، وروى عن أبي ذر أيضًا. وعن أَبُو هُرَيْرَةَ -وَهُوَ من طبقته، وأَبُو تميم الجيشاني، وعبد الرحمن بن شماسة، وأَبُو الخير مَرْثد اليزَني، وأَبُو الهيثم سُلَيْمَان بن عُمَرو العُتْواري. وشهد فَتَحَ مصر، وسكنها، وبها تُوُفِّيَ. 109- أَبُو جهم بن حُذَيفة بن غانم الْقُرَشِيّ العدوي2. اسمه عُبَيْد، أسلم في الفتح، وابتنى دارًا بالمدينة، وَهُوَ صاحب الأنبجانية. تُوُفِّيَ في آخر خلافة مُعَاوِيَة. وَيُقَالُ: اسمه عامر، أسلم يَوْم الفتح، وشهد اليرموك، وحضر يَوْم الحَكَمين بدُوَمة الجندل، واستعمله النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الصدقة، وَكَانَ من مشيخة قريش ونَسابهم. والأصح أَنَّهُ بقي بَعْدَ مُعَاوِيَة. فسيُعاد. 110- أَبُو جهم بن الحارث –ع- بن الصمّة الْأَنْصَارِيّ3. ابن أخت أَبِي بن كعب، لَهُ صحبة ورواية. وعنه: بسر بن سَعِيد، وعُمَير مولى ابن عَبَّاس، وعَبْد اللَّهِ بن يَسَار مولى ميمونة. تُوُفِّيَ في أواخر زمن معاوية. 11- أم حبيبة –ع- رملة بِنْت أَبِي سُفْيَان4، قَدْ تقدمت سَنَة أربع وأربعين.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 50"، والاستيعاب "1/ 405"، أسد الغابة "2/ 55". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 451"، والاستيعاب "4/ 32"، وأسد الغابة "5/ 451". 3 انظر: الاستيعاب "4/ 36"، وأسد الغابة "5/ 163"، والإصابة "4/ 36". 4 سبق الترجمة لها.

وَقَالَ أَحْمَد بن أَبِي خيثمة: تُوفيت قبل أخيها مُعَاوِيَة بعام. 112- أَبُو حُمَيْد الساعدي –ع- الْأَنْصَارِيّ1 المدَنِيّ، اسمه عَبْد الرَّحْمَنِ، وقيل: المنذر بن سعد. من فقهاء الصحابة. رَوَى عَنْهُ: جَابِر بن عَبْد اللَّهِ، وعُرْوة بن الزُبير، وعمرو بن سُلَيم الزرقي، وعباس بن سهل بن سعد، وخارجة بن زيد، ومحمد بن عمرو بن عطاء. تُوُفِّيَ سَنَة ستين، وقيل: تُوُفِّيَ قبلها بقليل. 113- أَبُو زيد عمرو بن أخطب الْأَنْصَارِيّ2 –م 4-. جد عُرْوة بن ثابت، قَالَ: مسح رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رأسي ودعا لي3. وَيُقَالُ: أَنَّهُ عاش مائة وعشرين سَنَة. رَوَى عَنْهُ: علباء بن أحمر، والحسن الْبَصْرِيُّ. وقيل: لَهُ أنصاري تجوزًا؛ لأنه من غير ذرية الأوس والخزرج، بل من ولد أخيهما عدي. وأَبُوهم هُوَ حارثه بن ثعلبة. 114- أم شريك4 –سوى د-. هِيَ التي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مختلفٌ في اسمها ونسبها، ولها أحاديث. رَوَى عَنْهَا: جَابِر بْنِ عَبْد اللَّهِ، وسَعِيد بْنِ الْمُسَيِّبِ، وعُرْوة، وشهر بن حَوْشَب، وغيرهم. وَهِيَ من بني عامر بن لؤي، وفي ذلك اضطراب.

_ 1 انظر: الاستيعاب "4/ 24"، وأسد الغابة "5/ 174"، والجرح والتعديل "5/ 237". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 28"، والاستيعاب "4/ 77"، وأسد الغابة "5/ 204". 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "5/ 77، 340، 341"، والترمذي "3629"، وابن حبان "2273"، "2274". 4 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 154"، والاستيعاب "4/ 464"، وأسد الغابة "5/ 595".

115- أَبُو ضُبيس الجُهني1. كَانَ يلزم البادية، وبايع تحت الشجرة، وشهد الفتح. تُوُفِّيَ في آخر خلافة مُعَاوِيَة. قَالَه ابن سعد. 116- أَبُو عياش الزرقي2. قيل: عُبَيْد بن الصامت، وقيل: عُبَيْد بن مُعَاوِيَة، الْأَنْصَارِيّ الخزرجي، وَهُوَ والد النعمان بن أَبِي عياش. رَوَى عَنْهُ: مجاهد، وأَبُو صالح السمان، وقبلهما أنس بن مالك. وَهُوَ فارس "حلَوة"، وحلَوة فَرس كانت لَهُ، لَهُ غزوات مع النبي -صلى الله عليه وسلم. وتوفي في زمن مُعَاوِيَة بَعْدَ الخمسين، وقيل: قبلها. 117- أَبُو قَتَادة الْأَنْصَارِيّ3 السلمي، -ع- فارس النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اسمه عَلَى الصحيح الحارث بن ربعي، وقيل: النعمان، وقيل: عمرو، شهد أُحُدًا وَمَا بَعْدَها، وَكَانَ من فضلاء الصحابة. رَوَى عَنْهُ: أنس، وسَعِيد بن المسيب، وعطاء بن يَسَار، وعَبْد اللَّهِ بن رباح الْأَنْصَارِيّ، وعلي بن رباح، وعَبْد اللَّهِ بن معَبْد الزماني، وعمرو بن سليم الزرقي، وأَبُو سلمة بن عَبْد الرَّحْمَنِ، وابنه عَبْد اللَّهِ بن أَبِي قتادة، ونافع مولاه، وآخرون. وَقَالَ الْوَاقدي: اسم أَبِي قتادة النعمان. وَقَالَ الهيثم بن عدي: عُمَر. وَقَالَ ابن مَعِين وَالْبُخَارِيُّ وغيرهما: الحارث بن ربعي. وَفِي حَدِيثِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فِي مَسِيرِهِمْ إِعْوَازَهُمُ الْمَاءُ، وأن النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَعَسَ، فَدَعَمْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نبيه"4.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 348"، وأسد الغابة "5/ 231"، الإصابة "4/ 111". 2 انظر: الاستيعاب "4/ 130"، أسد الغابة "5/ 266"، والإصابة "4/ 142". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 15"، والاستيعاب "4/ 1731"، وأسد الغابة "6/ 250". 4 حديث صحيح: أخرجه مسلم "861"، وأحمد "5/ 302"، والطبراني "3271" في الكبير.

وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ: إِنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَتَلَ مَسْعَدَةَ رَأْسَ الْمُشْرِكِينَ. وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"خَيْرُ فُرْسَانِنَا أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ"1. تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين، وقيل: سَنَة اثنتين وخمسين، وشهد مع علِيّ مشاهده كلها. 118- أم قيس بِنْت مِحْصَن -ع-. أخت عُكَاشة2، من المهاجرات الأُوَلِ، -رضي اللَّه عَنْهَا. رَوَى عَنْهَا: مولاها عدي بن دينار، ووابصة بن مَعَبْد، وعبيد اللَّه بن عَبْد اللَّهِ بن عُتْبة، وعَمْرة، ونافع موليا حمنة، وغيرهم. تأخرت وفاتها. 119- أم كُرْز الكعبية –ع- الخُزَاعية المكْيَة3. لها صُحْبة ورواية. رَوَى عَنْهَا: سماع بن ثابت، وطاووس، وعرْوة، ومجاهد، وعطاء بن أَبِي رباح. وتأخرت وفاتها. 120- أبو لبابة لقرشي –خ م د ق- بن عَبْد المنذر الْأَنْصَارِيّ المدَنِيّ4. قَدْ ذكرنا في خلافة عُثْمَان أيضًا لَهُ ترجمة، وإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ هنا لرواية سالم بن عُبَيْد اللَّه، ونافع، وعبيد اللَّه بن أَبِي يزيد، عَنْهُ. 121- أَبُو محذورة –م 4- لمؤذن الجمحي المكي المؤذن5.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1807"، وأحمد "4/ 52، 53"، والطبراني "3270" في الكبير. 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 242"، والاستيعاب "4/ 485"، وأسد الغابة "5/ 609". 3 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 294"، والاستيعاب "4/ 493"، وأسد الغابة "5/ 611". 4 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 456"، والاستيعاب "4/ 168"، وأسد الغابة "5/ 248". 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 450"، والاستيعاب "4/ 177"، وأسد الغابة "5/ 292".

له صحبة ورواية، اختلفوا في اسمه ونسبه، وَهُوَ أوس بن معير عَلَى الصحيح، وَهُوَ من مسلمة الفتح. روى عنه: ابنه عبد الملك، وزوجته، والأسود بن يزيد، وابن أَبِي مُلَيْكة، وعَبْد اللَّهِ بن مُحَيْريز الجُمَحي، وغيرهم. وَكَانَ من أحسن النَّاس وأنداهم صوتًا. قاله الزبير بن بكار، قَالَ: وأنشدني عمي لبعضهم: أما وربُ الكعبةِ المستورهْ ... وَمَا تلا محمدٌ من سوره والنغمات من أَبِي محذُورَهْ ... لأفعلنَّ فِعلةً مذكُورَهْ تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين، وَكَانَ مؤذن المسجد الحرام، علمه النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأذان. 122- أَبُو مَسْعُود الْأَنْصَارِيّ1. مر سَنَة أَرْبَعِينَ، وَقَالَ الواقدي: مات في آخر خلافة معاوية بالمدينة. 123- أم هانئ –ع-. بِنْت أَبِي طَالِب الهاشمية، اسمها فاختة، وقيل: هند2. أَسْلَمَتْ عَامَ الْفَتْحِ، وَصَلَّى ابْنُ عَمِّهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِهَا يَوْمَ الْفَتْحِ صَلَاةَ الضُّحَى، وَقَالَ لَهَا "قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ" 3، وَكَانَتْ قَدْ أَجَارَتْ رَجُلًا. رَوَى عَنْهَا: حفيدها يحيي بن جعدة، ومولاها أَبُو صالح باذام، وكُرَيْب مولى ابن عَبَّاس، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي ليلى، وعُرْوة، ومجاهد، وعطاء، وآخرون. لها عدة أحاديث، وتأخر موتها إلى بعد الخمسين، وكانت تحت هبيرة بن عمرو بن عائذ المخزومي، فهرب يَوْم الفتح إِلَى نجران، وولدت لَهُ: عمرو بن هُبيرة وهانئًا، ويوسف، وجعدة.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 16"، والاستيعاب "3/ 105"، وأسد الغابة "5/ 296". 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 47"، والاستيعاب "4/ 503"، وأسد الغابة "5/ 624". 3 حديث صحيح: أخرجه مالك "1/ 152" في الموطأ، والبخاري "6/ 195، 196"، ومسلم "336".

قَالَ ابن إِسْحَاق: لَمَّا بلغ هُبيرة إسلام أم هانئ قَالَ أبياتًا منها: وعاذلةٍ هبّتْ بلَيْلٍ تلَوْمُني ... وتعذلني بالليل ضَلَّ ضَلالها وتزْعُمُ أني إنْ أطعتُ عشيرتي ... سَأرْدَى وهل يُردِيني إِلَّا زوالُها فإنْ كنتِ قَدْ تابعتِ دِينَ مُحَمَّد ... وقطعتِ الأرحَامَ منك حبالُها فكُوني عَلَى أعلى سحيق بهضبة ... ململمة غبراء يبس اختلفوا بِلالُها 124- أَبُو هُريرة الدوْسي -رضي اللَّه عَنْهُ -ع- ودَوْس قبيلة من الأزد، اختلفوا في اسمه، واسمه عَبْد شمس1. وَقَالَ كناني أَبِي بأبي هُرَيْرَةَ؛ لأني كنت أرعى غنمًا فوجدت أولاد هِرّ وحشي، فأخذتهم، فلما رآهم أخبرته، فَقَالَ: أنت أَبُو هِرّ. قَالَ: وَكَانَ اسمي في الجاهلية عَبْد شمس. وَقَالَ المحرر بن أَبِي هُرَيْرَةَ: اسم أَبِي: عُمَرو بن عَبْد غَنْم. وساق ابن خُزَيْمة من حديث مُحَمَّد بن عُمَرو بن أَبِي سلمة، عَن أَبِي هريرة عبد شمس، وقال: هَذِهِ دلالة واضحة أن اسمه كَانَ عَبْد شمس، فإِنَّهُ إسناد متصل، وَهُوَ أحسن إسنادًا من سُفْيَان بن حسين، عَن الزّهري، عَن المحرر، اللَّهم إِلَّا أن يكون كَانَ لَهُ اسمان قبل الإسلام2. وَقَالَ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ: اسمه عَبْد شمس، وَيُقَالُ: عَبْد غَنْم، وَيُقَالُ: سكين. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: اسمه عَبْد شمس، وَيُقَالُ: عَبْد غَنْم، وَيُقَالُ: عامر، قَالَ: وسُمي في الْإِسْلَام عَبْد اللَّهِ، وَيُقَالُ: عَبْد الرَّحْمَنِ. وقد استوعب الحافظ ابن عساكر أكثر مَا ورد في اسمه. وَكَانَ أحد الحُفْاظ المعدودين في الصحابة. رَوَى عَنْهُ: ابن عَبَّاس، وأنس، وجابر، وسَعِيد بن المسيب، وعلي بن الْحُسَيْن، وعُرْوة، والقاسم، وسالم، وعُبَيد اللَّه بن عَبْد اللَّهِ، والأعرج، وهمام بن منبه، وابن

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 362"، وأسد الغابة "5/ 315"، والاستيعاب "4/ 202". 2 السير "2/ 587".

سِيرين، وحُمَيد بن عَبْد الرَّحْمَنِ الزّهري، وحُمَيْد بن عَبْد الرَّحْمَنِ الحِمْيَري، وأَبُو صالح السمان، وزُرارة بن أوفي، وسَعِيد بن أَبِي سَعِيد المَقْبُرِيّ، وأَبُوه، وسَعِيد بن مرجانة، وشهر بن حَوْشب، وأَبُو عُثْمَان النهدي، وعطاء بن أَبِي رباح، وخلق كثير. قدِم من أَرْضِ دَوْسٍ مسلما هُوَ وأمه وقت فَتَحَ خَيْبَر. قَالَ البخاري: روى عنه ثمانمائة رَجُلٌ أَوْ أكثر. قلت: يُرْوَى لَهُ نَحْو من خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وسبعين حديثًا، في الصحيحين، منها ثلاثمائة وخمسة وعشرون حديثًا، وانفرد الْبُخَارِيُّ أيضًا لَهُ بثلاثة وتسعين، ومسلم بمائة وتسعين. وبَلغنا أَنَّهُ كَانَ رجلًا آدم، بعيد مَا بَيْنَ المنكبين، ذا ضفيرتين، أفرق الثنيتين، يَخضِب شيبته بالحُمْرة، وَلَمَّا أسلم كَانَ فقيرًا من أصحاب الصفة، ذاق جُوعًا وفاقة، ثُمَّ استعمله عُمَر وغيره، وولي إمرة المدينة في زمن مُعَاوِيَة، فمر في السوق يحمل حزمة حطب، وَهُوَ يقول: أوسِعوا الطريق للأمير1. وَقَالَ أسامة بن زيد، عَن عَبْد اللَّهِ بن رافع: قلت لأبي هُرَيْرَةَ: لَم اكتنيتَ بأبي هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: أما تَفْرُق مني! قلت: بلى واللَّه إني لأهابُك، قَالَ: كنت أرعى غنم أَهْلِي، وكانت لي هُريرة صغيرة، فكنت أضعها في شجرة بالليل، فإذا كَانَ النهار ذهبتُ بِهَا معي، فلُقبت بِهَا، وَكَانَ من أصحاب الصفة2. أَخْرَجَهُ الترمذي. وَقَالَ المقْبُري، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قلت: يَا رسول الله، أسمع منك أشياء فلا احفظها، فَقَالَ: $"أبسط رداءك"3، فبسطته، فحدث حديثًا كثيرًا، فما نسيت شيئًا حدثني بِهِ. وَقَالَ الْوَليد بن عَبْد الرَّحْمَنِ عَن ابن عُمَر أَنَّهُ قَالَ لأبي هُرَيْرَةَ: أنت كنتَ ألزمنا لرَسُول اللَّهِ واحفظنا لحديثه4. وَقَالَ الْأَعْرَجُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنِّي أُكْثِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ

_ 1 خبرٌ صحيحٌ: أخرجه أبو نعيم "1/ 384" في الحلية، وأورده المصنف في السير "2/ 614". 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 329" في طبقاته، والترمذي "3840". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 38"، والترمذي "3923". 4 خبر صحيح: أخرجه الترمذي "3925"، وأحمد "2/ 3".

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهُ الْمُوعِدُ، كُنْتُ رَجُلًا مِسْكِينًا أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفَقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا: "مَن بَسَطَ ثَوْبَهُ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي" 1، فَبَسَطْتُ ثَوْبِي، حَتَّى قَضَى حَدِيثَهُ، ضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ بَعْدُ. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَا تُكْنُونِي أَبَا هُرَيْرَةَ، كَنَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبَا هِرٍّ، قَالَ لِي: "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَبَا هِرٍّ"، وَالذَّكَرُ خَيْرٌ مِنَ الْأُنْثَى2. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ: شهدت خيبر مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ قيس بن أَبِي حازم عَنْهُ: جئت يَوْم خيبر بَعْدَما فرغوا من القتال. وَقَالَ ابن سيرين، عَنْهُ: لقد رأيتني أصرع بين القبر والمنبر من الجوع، حَتَّى يقول النَّاس: مجنون. وتمخط مرة فقال: الحمد لله الَّذِي تمخط أَبُو هُرَيْرَةَ في الكتان، لقد رأيتني وإني لأخر من الجوع، فيجلس الرجل عَلَى صدري، فأرفع رأسي، فأقول: ليس الَّذِي ترى، إِنَّمَا هُوَ الجوع3. وَقَالَ أَبُو كَثِيرٍ السُّحَيْمِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ مُؤْمِنًا يَسْمَعُ بِي إِلَّا أَحَبَّنِي، قلت: وما علمك بذاك؟ قَالَ: إِنَّ أُمِّيَ كَانَتْ مُشْرِكَةً، وَكُنْتُ أَدْعُوهَا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَكَانَتْ تَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا، فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُهُ أَبْكِي، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ"، فَخَرَجْتُ أَعْدُو أُبَشِّرُهَا، فَأَتَيْتُ فَإِذَا الْبَابُ مُجَافٌ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ، وَسَمِعَتْ حِسِّي فَقَالَتْ: كَمَا أَنْتَ، ثُمَّ فَتَحَتْ، وَقَدْ لَبِسَتْ دِرْعَهَا، وَعَجَّلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُحَبِّبَنِي وَأُمِّيَ إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْهُمْ إِلَيْهِمَا" 4. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَظُنُّهُ فِي مُسْلِمٍ.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 190"، "13/ 271"، ومسلم "2294". 2 حديث منكر: أورده المصنف "2/ 587" في السير، وفيه أبو معشر، وهو من الضعفاء. 3 الحلية "1/ 378"، السير "2/ 590". 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 219، 220"، ومسلم "2491".

أَيوب، عَن مُحَمَّد قَالَ: تمخط أَبُو هُرَيْرَةَ وعليه ثوب من كتان ممشق، فتمخط فِيهِ، وَقَالَ: بخٍ بخٍ، يتمخط أَبُو هُرَيْرَةَ في الكتان، لقد رأيتني أخِر فيما بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحجرة عائشة، يجيء الجائي يظن بي جنونًا1، شُعْبة، عَن مُحَمَّد بن زياد قَالَ: رَأَيْت عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ كساء خزّ. وَقَالَ قتادة وغير واحد: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يلبس الخزّ. قيس بن الربيع، عَن أَبِي حُصين، عَن خَبْاب بن عُرْوة قَالَ: رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ عِمامة سوداء. إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: هَاجَرْتُ، فَأَبَقَ مِنِّي غُلَامٌ فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَايَعْتُهُ، وَجَاءَ الْغُلَامُ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلَامُكَ"، قُلْتُ: هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَأَعْتَقْتُهُ2. عَفَّانُ: ثَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: نَشَأْتُ يَتِيمًا، وَهَاجَرْتُ مِسْكِينًا، وَكُنْتُ أَجِيرًا لِبُسْرَةَ بِنْتِ غَزَوَانَ، بِطَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةَ رِجْلِي، وَكُنْتُ أَخْدِمُ إِذَا نزلوا، وأحذوا إِذَا رَكِبُوا، فَزَوَّجَنِيهَا اللَّهُ، فَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي جَعَلَ الدِّينَ قِوَامًا، وَجَعَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ إِمَامًا3. ابن سيرين، عن أبي هريرة، أكريت نفسي من ابْنَة غزوان بطعام بطني وعُقْبة رِجلي، فقالت لي: لتردن حافيًا، ولتركبن قائمًا، ثُمَّ زوجنيها اللَّه بَعْدَ. وقد دعا لِنَفْسِهِ، وأمن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى دعائه4. فَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ صَدْرَانَ: ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي هُرَيْرَةَ، بَيْنَمَا أَنَا وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَفُلَانٌ ذَاتَ يَوْمٍ فِي الْمَسْجِدِ نَدْعُو وَنَذْكُرُ رَبَّنَا، إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا فَسَكَتْنَا، فَقَالَ: "عُودُوا لِلَّذِي كُنْتُمْ فِيهِ"، فَدَعَوْتُ أَنَا وَصَاحِبِي، فَأَمَّنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى دُعَائِنَا، ثُمَّ دَعَا أبو هريرة

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "13/ 258"، والترمذي "2367"، وابن سعد "4/ 327". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 117"، وأحمد "2/ 286"، وابن سعد "4/ 325" في طبقاته. 3 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم "1/ 379" في الحلية. 4 الحلية "1/ 380".

فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ صَاحِبِي، وَأَسْأَلُكَ عِلْمًا لَا يُنْسَى، فَقَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آمِينَ"، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْنُ نَسْأَلُكَ كَذَلِكَ، فَقَالَ: "سَبقَكُمَا بِهَا الْغُلَامُ الدَّوْسِيُّ" 1. قَالَ الطبراني: لَا يُرْوَى إِلَّا بِهَذَا الإسناد. وَقَالَ أَبُو نَضْرة العَبْدي، عَن الطفاوي قَالَ: قرأت عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ بالمدينة ستة أشهر، فلم أر مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلًا أشد تشميرًا وَلَا أقَوم عَلَى ضيفٍ مِنْهُ، فَدَخَلَت عَلَيْهِ ذات يَوْم ومعه كيس فِيهِ نوى أَوْ حصى يسبح بِهِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الأَصْبَحِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتَ هَذَا الْيَمَانِيَّ -يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ- لَهُوَ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْكُمْ، مِنْهُ أَشْيَاءُ لَا نَسْمَعُهَا مِنْكُمْ، أَمْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ يَقُلْ؟ قَالَ: أَمَّا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ نَسْمَعْ فَلا أَشُكُّ، كُنَّا أَهْلَ بُيُوتَاتٍ وَعَمَلٍ وَغَنَمٍ، فَنَأْتِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَكَانَ مِسْكِينًا لا مَالَ لَهُ، ضَيْفًا عَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَدُهُ مَعَ يَدِهِ، وَلا أَجِدُ أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ، يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ يَقُلْ2. وَقَالَ محمد بن سعد: ثنا محمد بن عمر: ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وجابر يفتون بالمدينة، ويحدثون عَن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لدن توفي عُثْمَان إِلَى أن تُوفُوا، وهؤلاء الخمسة، إليهم صارت الفتوى. وَقَالَ أَبُو سعد السمعاني: سمعت أَبَا القاسم المعمر المبارك بن أَحْمَد الأرحبي يقول: سمعت أَبَا القاسم يوسف بن عَلِيّ الزنجاني الفقيه: سمعت أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عَلِيّ الزنجاني الفقيه: سمعتُ أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الفيروزاباذي، سمعت أَبَا الطيب الطبري يقول: كُنَّا في حلقة النظر بجامع المنصور، فجاء شاب خُرَاساني، فسأل عَن مسألة المصَراة3، فطالب بالدليل، فاحتج

_ 1 حديث حسن: أخرجه النسائي في "الكبرى"، والحاكم "3/ 508". 2 حديث حسن: إن سلم من عنعنة ابن إسحاق، وأخرجه الترمذي "3926"، والحاكم "3/ 511، 512" وأقره الذهبي. 3 المصراة: هي الناقة أو البقرة أو الشاة يحبس بها اللبن عدة أيام، وذلك لكي يدلس على المشتري.

المستدل بحديث أَبِي هُرَيْرَةَ الْوَارد فِيهَا، فَقَالَ الشاب - وكان حنيفًا: أَبُو هُرَيْرَةَ غير مقبول الحديث، فما استتمٌ كلامه حَتَّى سقطت عَلَيْهِ حيّة عظيمة من سقف الجامع، فوثب النَّاس من أجلها، وهرب الشابَ وَهِيَ تتبعه، فقيل لَهُ: تُب تُب، فغابت الحيّة، فلم يُر لها أثر1. الزنجاني ممن برع في الفقه على أبي إسحاق، توفي سنة خمسمائة. وَقَالَ حَمَدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ فَرُّوخٍ الْحَرِيرِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ قَالَ: تَضَيَّفَ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلاثًا، يُصَلِّي هَذَا، ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا هَذَا وَيُصَلِّي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ تَصُومُ؟ قَالَ: أَصُومُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثَلاثًا2. قَالَ الداني: عرض أَبُو هُرَيْرَةَ القرآن عَلَى أُبَيّ بن كعب قرأ عَلَيْهِ من التابعين: عَبْد الرَّحْمَنِ بن هرمز. وَقَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ مِهْرَانَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَحْكِي لَنَا قِرَاءَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1] يَحْزنُهَا شَبَهُ الرِّثَاءِ. وَرَوَى عُمَر بن أَبِي زائدة، عَن أَبِي خَالِد الْوَالبي، أَنَّهُ كَانَ إذا قرأ بالليل خَفَضَ طَوْرًا ورفع طورًا، وذكر أنَّهَا قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. قُلْتُ: وكان أبو هريرة ممن يجهر "ببسم اللَّه" في الصلاة. وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْمَقْبُرِيِّ: مَرَّ أَبُو هُرَيْرَةَ بِقَوْمٍ، بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَدَعُوهُ أَنْ يَأْكُلَ فَأَبَى وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ. وَعَن شراحبيل أن أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يصوم الخميس والاثنين. وَقَالَ خَالِد الحذاء عَن عكرمة: إنّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يسبِّح كل يَوْم اثني عشر ألف تسبيحة، ويقول: أسبح بقدر ذنبي4.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 309"، ومسلم "1515". 2 الحلية "1/ 382". 3 حديث ضعيف: إسناده معضل. 4 خبر صحيح: وأورده المصنف "2/ 610".

هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طُلَيْحَةَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: كَيْفَ وَجَدْتَ الإِمَارَةَ؟ قَالَ: بَعَثْتَنِي وَأَنَا كَارِهٌ، وَنَزَعْتَنِي وَقَدْ أَحْبَبْتُهَا، وَأَتَاهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ قَالَ: أَظَلَمْتَ أَحَدًا؟ قَالَ: لا، قال: فما جئت به لنفسك؟ قَالَ: عِشْرِينَ أَلْفًا، قَالَ: مِنْ أَيْنَ أَصَبْتَهَا؟ قَالَ: كُنْتُ أَتَّجِرُ، قَالَ: انْظُرْ رَأْسَ مَالِكَ وَرَزْقَكَ فَخُذْهُ، وَاجْعَلِ الآخَرَ فِي بَيْتِ الْمَالِ1. وَقَالَ مُحَمَّد بن سيرين: استعمل عُمَر أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى البحرين، فقدم بعشرة آلاف، فَقَالَ لَهُ عُمَر: استأثرت بهَذِهِ الأموال يَا عدو اللَّه وعدو كتابه، قَالَ: لست بَعْدَوّ اللَّه وَلَا عدوّ كتابه، ولكني عدوّ مَن عاداهما، قَالَ: فمن أَيْنَ هَذَا؟ قَالَ: خيل نتجت لي وغلة رقيق، وأعطية تتابعت عَلِيّ، فنظروا فوجدوه كما قَالَ. ثُمَّ بَعْدَ ذلك دعاه عُمَر ليستعمله فأبى2. وَرَوَى مَعْمَر، عَن مُحَمَّد بن زياد قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَة يبعث أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى المدينة، فإذا غضب عَلَيْهِ بَعَثَ مروان وعزل أَبَا هُرَيْرَةَ، فلم يلبث أن نزِع مروان وبعث أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لغلام أسود: قف عَلَى الباب، فلا تمنع أحدًا إِلَّا مروان، ففعل الغلام، وَدَخَلَ النَّاس، ومنع مراون، ثُمَّ جاء نوبة فَدَخَلَ وَقَالَ: حجبنا منك، فقال: إن أحقّ من لَا يُنكر هَذَا لأنت. قلت: كأَنَّهُ بدا مِنْهُ نَحْوَ هَذَا في حقّ أَبِي هُرَيْرَةَ3. وَقَالَ ثابت البُناني، عَن أَبِي رافع قَالَ: كَانَ مروان ربما استخلف أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى المدينة، فيركب حمارًا ببردعة، وخطامه ليف، فيسير فيلقي الرجل فيقول: الطريق، قَدْ جاء الأمير. وربما أتى الصبيانَ وهم يلعبون بالليل لُعْبة الأعراب، فلا يشعرون بشيء حَتَّى يلقي نَفْسَهُ بينهم، ويضرب برجليه، فيفزع الصبيان ويفرّون4. وَعَن ثعلبة بن أَبِي مالك قَالَ: أقبل أَبُو هُرَيْرَةَ في السوق يحمل حزمة حطب،

_ 1 إسناده منقطع: أخرجه ابن سعد "4/ 335، 336" في الطبقات. 2 الطبقات الكبرى "4/ 335". 3 خبر حسن. 4 انظر السابق: وأورده ابن كثير "8/ 113" في البداية والنهاية.

وهو يومئذ خلفة لمروان، فَقَالَ: أوسِع الطريقَ للأمير1. وَقَالَ سَعِيد المقْبُري: دَخَلَ مروان عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ في شكواه فَقَالَ: شفاك اللَّه يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: اللَّهمَّ إني أحب لقاءك فأحبّ لقائي قَالَ: فما بلغ مروان القطانين حَتَّى مات2. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ لَا تُدْرِكَنِي3 سَنَةَ سِتِّينَ، فَتُوفِّيَ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا بِسَنَةٍ. قَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَنَة تسع وخمسين، وله ثمان وسبعون سَنَة. وَهُوَ الَّذِي صَلَّى عَلَى عَائِشَةَ في رمضان سَنَة ثمان وخمسين. وَقَالَ هشام بن عُرْوة: مات أَبُو هُرَيْرَةَ وعائشة سَنَة سبع وخمسين، تابعه المدائني، وعلي بن المديني، وغيرهما. وَقَالَ أبو معشر، وحمزة، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن مغراء، والهيثم بن عديّ ويحيى بن بكير: تُوُفِّيَ سَنَة ثمان وخمسين. وَقَالَ الْوَاقدي، وقبله مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وبَعْدَه أَبُو عُبيد، وأَبُو عُمَر الضرير، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ بن نُمَير: تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين. وقيل: صَلَّى عَلَيْهِ الْوَليد بن عُتْبة بالمدينة، ثُمَّ كتب إِلَى مُعَاوِيَة بوفاته، فكتب إلي الْوَليد: ادفع إِلَى ورثته عشرة آلاف درهم، وأحسِنْ جوارهم، فإِنَّهُ كَانَ مِمن ينصر عُثْمَان، وَكَانَ معه في الدار4. وقيل: كَانَ الذين تولَوْا حمل سريره ولد عُثْمَان5. 125- أَبُو اليسر السلمي –م 4-. من أعيان الأنصار، اسمه كعب بن عمرو6، وشهد العقبة وله عشرون سَنَة، وَهُوَ الذي أسر ابن العباس يوم بدر.

_ 1 سبق تخريجه. 2 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "4/ 339". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة كما في الفتح "13/ 8"، وأورده الذهبي "2/ 626" في السير. 4 السير "2/ 627". 5 الطبقات الكبرى "4/ 340". 6 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 581"، والاستيعاب "4/ 219"، وأسد الغابة "5/ 323".

رَوَى عَنْهُ: صيفيّ مولى أَبِي أيّوب الْأَنْصَارِيّ، وعْبادة بن الْوَليد الصامتي، وموسى بن طلحة بن عُبيد اللَّه، وحنظلة بن قيس الزّرقي، وغيرهم. وَكَانَ دحداحًا قصيرًا، ذا بطن، وَهُوَ الَّذِي انتزع راية المشركين يَوْم بدر، وقد شهد صِفّين مع عَلِيّ1. وتوفي بالمدينة سَنَة خمسة وخمسين، وَقَالَ بعضهم: وهو آخر من مات من البدريين. آخر هذه الطبقة، والحمد لله وحده دائمًا.

_ 1 انظر المعجم الكبير "19/ 164" للطبراني.

تراجم أهل هذه الطبقة مرتبين على الأحرف

تراجم أهل هذه الطبقة مرتبين على الأحرف ...

الفهرس

الفهرس العام للكتاب الموضوع رقم الصفحة -الطبقة الخامسة- "حوادث سنة إحدى وأربعين" عام الجماعة. 3 مصالحة الحسن ومعاوية. 3 الحسن يبايع معاوية. 3 أهل الكوفة ومبايعتهم للحسن. 3 الغوغاء ينتهبون سرادق الحسن. 4 معاوية يطلق للحسن المال. 4 خروج ابن أبي الحوساء على معاوية. 4 مقتل عُبادة بن قرط. 5 عبد الله بن عامر يتولى البصرة. 5 مروان بن الحكم يتولى المدينة. 5 عتبة يحج بالناس. 5 عقبة بن نافع يغزو إفريقية. 5 المتوفون في هذه السنة. "حوادث سنة اثنتين وأربعين". 5 المتوفون في هذه السنة. 5 فتح زرنج وكور الأهواز. 5 راشد بن عمرو يتوغل في السند. "حوادث سنة ثلاث وأربعين". 6 المتوفون في هذه السنة. 6 مروان يقيم الحج.

6 فتح الرخج وبلاد سجستان. 6 عقبة يفتح بلاد السودان وبرقة. 6 بُسر يشتي بأرض الروم. "حوادث سنة أربع وأربعين". 6 المتوفون هذه السنة. 6 المهلب يغزو الهند. 6 أسماء السبي من كابل. 6 معاوية يستلحق زياد. 6 معاوية يحج بالناس. "حوادث سنة خمس وأربعين". 7 المتوفون هذه السنة. 7 عزل ابن عامر عن البصرة. 7 مقتل سهم بن غالب. 7 معاوية بن حديج يغزو إفريقية. 7 ابن سوار يفتح القيقان. "حوادث سنة ست وأربعين". 7 المتوفون هذه السنة. 7 عزل ابن سمرة عن سجستان. 7 الربيع الحارثي يتولى سجستان. 7 الربيع بن زياد يهزم كابل شاه. 7 المسلمون يشتون بأرض الروم. "حوادث سنة سبع وأربعين". 7 ابن سوار يغزو القيقان. 7 استشهاد ابن سوار. 7 المشركون يغلبون على القيقان.

8 رويفع بن ثابت يدخل إفريقية. 8 عنبسة يقيم الموسم. 8 عزل عقبة بن عامر عن مصر. 8 مالك بن هبير يشتي بأرض الروم. 8 المتوفون هذه السنة. "حوادث سنة ثمان وأربعين". 8 ولاية سعيد بن العاص على المدينة. 8 توجيه سنان بن سلمة إلى الهند. 8 مقتل عبد الله بن عياش بالهند. 8 المتوفون في هذه السنة. "حوادث سنة تسع وأربعين". 8 المتوفون هذه السنة. 8 زياد يقتل الخطيم بالبصرة. 8 مقتل شبيب بن بجرة بأذربيجان. 8 المسلمون يشتون بأرض الروم. 8 سعيد بن العاص يقيم الحج. "حوادث سنة خمسين". 9 المتوفون هذه السنة. 9 البصرة والكوفة بإمرة زياد. 9 عزل الربيع عن سجستان. 9 عقبة يخط القيروان. 9 خطبة عقبة في القيروان. 9 الربيع الحارثي يغزو بلخ. 9 الربيع يغزو قُهستان. 9 معاوية بن حديج يفتح بالمغرب.

9 عبد الملك بن مروان يمد ابن حديج. 9 غزوة القسطنطينية. 10 الصوائف والشواتي أيام معاوية. 10 يزيد يقاتل أهل القسطنطينية. 10 مبايعة أهل الشام بولاية العهد ليزيد. 10 سنان بن سلمة يغزو القيقان.

تراجم أَهْل هَذِهِ الطبقة "حرف الألف". 10 1- الأرقم بن أبي الأرقم. 10 2- الأسود بن سريع. 11 3- أمامة بنت أبي العاص. 11 4- أهبان بن أوس. 11 5- أهبان بن صيفي. "حرف الجيم". 11 6- جارية بن قدامة. 12 7- جبلة بن الأيهم. 12 8- جبلة بن عمرو. 13 9- جندب بن كعب. 13 10- جعفر بن أبي سفيان. "حرف الحاء". 13 11- حارثة بن النعمان. 13 12- الحارث بن قيس. 14 13- حبيب بن مسلمة. 14 14- حُجر بن يزيد. 15 15- الحسن بن علي. 21 16- الحكم بن عمرو. 22 17- حفصة أم المؤمنين. 23 18- حنظلة بن الربيع. "حرف الخاء". 23 19- خُريم بن فاتك.

"حرف الدال". 24 20- دحية بن خليفة. "حرف الراء". 25 21- رُكانة بن عبد يزيد. 25 22- رُويفع بن ثابت الأنصاري. "حرف الزاي". 26 23- زياد بن لبيد. 26 24- زيد بن ثابت. 30 25- زيد بن عمر بن الخطاب. "حرف السين". 30 26- سالم بن عمير. 30 27- سفيان بن عبد الله. 31 28- سفيان بن مجيب الأزدي. 31 29- السائب بن أبي السائب. 32 30- سلمة بن سلامة. 32 31- سهل بن أبي حثمة. 32 32- سهل بن الحنظلية. "حرف الصاد". 33 33- صفوان بن أمية. 33 34- صفية أم المؤمنين. "حرف الضاد". 35 35- ضباعة بنت الزبير. "حرف العين". 35 36- عاصم بن عدي. 36 37- عبد الله بن أنييس.

36 38- عبد الله بن سلام. 37 39- عبد الله بن قيس. 38 40- عبد الرحمن بن خالد بن الوليد. 38 41- عبد الرحمن بن سمرة. 39 42- عتبة بن فرقد السلمي. 39 43- عتبة بن أبي سفيان. 39 44- عثمان بن حنيف. 40 45- عثمان بن طلحة. 41 46- عقيل بن أبي طالب. 42 47- عمارة بن حزم. 43 48- عمرو بن أمية. 43 49- عمرو بن الحمق. 44 50- عمرو بن العاص. 49 "فائدة". 50 51- عمرو بن معديكرب. 50 52- عمير بن سعد. 52 53- عنبسة بن أبي سفيان. "حرف القاف". 53 54- قيس بن عاصم. "حرف الكاف". 53 55- كعب بن مالك. "حرف اللام". 55 56- لبيد بن ربيعة. "حرف الميم". 56 57- محمد بن مسلمة.

58 58- مدلاج بن عمرو. 58 59- المستورد بن شداد. 58 60- معقل بن قيس. 58 61- معقل بن أبي الهيثم. 58 62- المغيرة بن شعبة. 63 63- المغيرة بن نوفل. "حرف النون". 64 64- ناجية بن جندب. 64 65- نُعيمان بن عمرو. 64 66- نُعيم بن همار. 64 67- النواس بن سمعان. "حرف الواو". 65 68- وائل بن حجر. 65 69- وحشي بن حرب. "الكنى". 65 70- أبو الأعور السلمي. 66 71- أبو بردة بن نيار. 66 72- أم حبيبة أم المؤمنين. 67 73- أبو حثمة. 68 74- أبو رفاعة. 68 75- أبو الغادية الجُهني. 69 76- أم كلثوم بنت أبي بكر. 69 77- أم كلثوم بنت عقبة. 69 78- أم كلثوم بنت علي. 70 79- أبو موسى الأشعري.

الطبقة السادسة. "حوادث سنة إحدى وخمسين". 75 المتوفون هذه السنة. 75 معاوية يحج بالناس. 75 خطبة زياد بن أبيه بالمدينة. 76 قول مروان وعبد الرحمن بن أبي بكر في بيعة يزيد. 76 معاوية يحدث ابن عمر في يزيد. 76 معاوية يدعو عبد الرحمن بن أبي بكر. 77 معاوية يدعو الزبير. 77 خطبة معاوية. 77 معاوية يهدد بقتل ابن عمر. 77 معاوية يرحب بأبناء الصحابة. 78 ابن الزبير المتحدث باسم القوم. 78 الحوار بين ابن الزبير ومعاوية. 79 خطبة معاوية والبيعة. "حوادث سنة اثنتين وخمسين". 79 المتوفون في هذه السنة. 80 مولد يزيد بن أبي حبيب. 80 الصلح من بلاد رتبيل. 80 سعيد بن العاص يقيم الحج. 80 مقتل رُؤبة بن المخبل. 80 اشتداد زياد بأمر الحرورية. "حوادث سنة ثلاث وخمسين". 81 المتوفون في هذه السنة. 81 معاوية يستعمل الضحاك على الكوفة.

81 ابن أم الحكم يشتي بأرض الروم. 81 سعيد بن العاص يقيم الموسم. 81 عبيد الله بن زياد يتولى خراسان. 81 الروم يقتلون عائذ بن ثعلبة بالبرلس. 81 أسماء بنت أبي بكر تتخذ الخنجر. "حوادث سنة أربع وخمسين". 81 المتوفون هذه السنة. 82 عزل سعيد بن العاص عن المدينة. 82 عبيد الله بن زياد يفتح راميثن. 82 أول عربي يقطع النهر إلى بخارى. 82 مصقلة يصالح أهل طبرستان. 82 عزل سمُرة عن البصرة. 82 مروان يحج بالناس. 82 وفاة سودة أم المؤمنين. "حوادث سنة خمس وخمسين". 82 المتوفون هذه السنة. 83 عزل عبيد الله الثقفي عن البصرة. 83 غزوة يزيد بن شجرة. 83 مروان بن الحكم يقيم الحج. 83 مالك بن عبد الله يشتي بأرض الروم. "حوادث سنة ست وخمسين". 83 المتوفون في هذه السنة. 83 مولد أبي جعفر محمد بن علي. 83 مولد عمرو بن دينار. 83 عزل عبيد الله بن زياد عن البصرة.

83 غزوة سعيد بن عثمان بلاد سمرقند. 83 الصغد يصالحون سعيد. 83 المسلمون يشتون بأرض الروم. 83 عمرة معاوية. 83 وفاة الكلابية. "حوادث سنة سبع وخمسين". 83 المتوفون هذه السنة. 84 عزل الضحاك عن الكوفة. 84 مصالحة البربر لحسان بن النعمان. 84 عزل مروان عن المدينة. 84 عزل سعيد بن عثمان عن خراسان. 84 عبد الله بن قيس يشتي بأرض الروم. "حوادث سنة ثمان وخمسين". 84 المتوفون هذه السنة. 85 عقبة بن نافع يخط القيروان. 85 أبو هريرة يصي على عائشة. 85 الوليد بن عتبة يحج بالناس. "حوادث سنة تسع وخمسين". 85 المتوفون هذه السنة. 85 مولد عوف الأعرابي. 85 أبو المهاجر ينزل على قرطاجنة. 85 أبو المهاجر يفتح ميلة. 85 عمرو بن مرة يشتي بأرض الروم. 85 الوليد بن عتبة يقيم الحج.

"حوادث سنة ستين". 86 المتوفون هذه السنة. 86 بيعة يزيد.

"تراجم أَهْل هَذِهِ الطبقة". "حرف الألف". 90 1- الأرقم بن أبي الأرقم. 90 2- أسامة بن زيد. 94 3- إسحاق بن طلحة. 94 4- أسماء بنت عُميس. 95 5- أوس بن عوف. "حرف الباء". 95 6- بلال بن الحارث. "حرف الثاء". 96 7- ثوبان مولى الرسول. "حرف الجيم". 96 8- جبير بن الحويرث. 96 9- جبير بن مطعم. 97 10- جرير بن عبد الله "الشاعر". 98 11- جعفر بن أبي سفيان. 98 12- جُويرية أم المؤمنين. "حرف الحاء". 99 13- الحارث بن كلدة. 99 14- حُجر بن عدي. 100 15- حسان بن ثابت. 101 16- حكيم بن حزام. 102 17- حويطب بن عبد العزى. "حرف الخاء". 102 18- خالد بن عرفطة العُذري.

103 19- خراش بن أمية. "حرف الدال". 103 20- دغفل بن حنظلة. "حرف الذال". 103 21- ذو مخمر. "حرف الراء". 103 22- الربيع بن زياد الحارث. 104 23- رُوَيفع بن ثابت الأنصاري. "حرف الزاي". 104 24- زياد بن عبيد الأمير. 106 25- زياد بن ثابت. "حرف السين". 106 26- السائب بن خلاد. 107 27- السائب بن أبي وداعة. 107 28- سبرة بن معبد. 107 29- سعد بن أبي وقاص. 112 30- سعيد بن زيد. 114 31- سعيد بن العاص. 118 32- سعيد بن يربوع. 118 33- سفيان بن عوف. 119 34- سمُرة بن جندب. 121 35- سودة أم المؤمنين. "حرف الشين". 121 36- شداد بن أوس. 122 37- شريك بن شداد.

122 38- شيبة بن عثمان. "حرف الصاد". 123 39- صعصعة بن صوحان. 124 40- صفوان بن المعطل. 124 41- صيفي بن قشيل. "حرف الطاء". 124 42- طارق بن عَبْد اللَّهِ المحاربي. "حرف العين". 124 43- عائشة أم المؤمنين. 131 44- عبد الله بن الأرقم. 131 45- عبد الله بن أنيس الجهني. 132 46- عبد الله بن السعدي. 132 47- عبد الله بن حوالة. 132 48- عبد الله بن عامر بن كُرَيز. 134 49- عبد الله بن قُرط الأزدي. 135 50- عبيد الله بن مالك بن بحينة. 135 51- عبد الله بن مغفل. 136 52- عبد الله بن نوفل. 136 53- عبد الله بن الحارث. 137 54- عبد الرحمن بن شبل. 137 55- عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. 139 56- عبيد الله بن العابس. 140 57- عتبان بن مالك. 140 58- عثمان بن أبي العاص. 141 "فائدة".

141 59- عدي بن عميرة الكندي. 141 60- عقبة بن عامر. 142 61- عمران بن حصين. 144 62- عمرو بن الأسود العنسي. 146 63- عمرو بن حزم. 146 64- عمرو بن الحمق. 146 65- عمرو بن عوف. 146 66- عمرو بن مرة. 147 67- عمير بن جودان. 147 68- عياض بن حمار. 147 69- عياض بن عمرو الأشعري. "حرف الفاء". 148 70- فاطمة بنت قيس الفهرية. 148 71- فضالة بن عبيد. 149 72- فيروز أبو الضحاك الديلمي. "حرف القاف". 149 73- قُثم بن العباس. 149 74- قُطبة بن مالك. 150 75- قيس بن سعد. 152 76- قيس بن السكن. 152 77- قيس بن عمرو. "حرف الكاف". 152 78- كدام بن حيان العنزي. 152 79- كرز بن علقمة الخزاعي. 153 80- كعب بن عُجرة.

153 81- كعب بن مرة. "حرف الميم". 154 82- مالك بن الحويرث. 154 83- مالك بن عبد الله الخثعمي. 154 84- مجمع بن جارية. 155 85- محجن بن الأدرع السلمي. 155 86- محيصة بن مسعود. 155 87- مخرمة بن نوفل. 156 88- مسلم بن عقيل. 156 89- المستورد بن شداد. 156 90- معتب بن عوف. 157 91- معقل بن يسار المُزني. 157 92- معمر بن عبد الله بن نافع. 157 93- معاوية بن حديج. 158 94- معاوية بن الحكم السلمي. 158 95- معاوية بن أبي سفيان. 166 96- ميمونة بنت الحارث. 167 97- ميمونة بنت سعيد. "حرف الهاء". 168 98- هشام بن عامر الأنصاري. 168 99- هند بن حارثة الأسلمي. "حرف الواو". 168 100- وابصة بن معبد.

"حرف الياء". 169 101- يزيد بن شجرة الرهاوي. 169 102- يعلى بن أمية. 170 103- يعلى بن مرة. "الكنى". 170 104- أبو أروى الدوسي. 171 105- أبو أيوب الأنصاري. 172 106- أبو برزة الأسلمي. 172 "فائدة". 173 107- أبو بكر الثقفي. 174 108- أبو بصرة الغفاري. 174 109- أبو جهم بن حُذيفة. 174 110- أبو جهم بن الحارث. 174 111- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان. 175 112- أبو حميد الساعدي. 175 113- أبو زيد عمرو بن أخطب. 175 114- أم شريك. 176 115- أبو ضبيس الجهني. 176 116- أبو عياش الزرقي. 176 117- أبو قتادة الأنصاري. 177 118- أم قيس بنت محصن. 177 119- أم كرز الكعبية. 177 120- أبو لبابة. 177 121- أبو محذورة. 178 122- أبو مسعود الأنصاري.

178 123- أم هانئ بنت أبي طالب 179 124- أبو هريرة 186 125- أبو اليسر السلمي 189 فهرس الموضوعات.

المجلد الخامس

المجلد الخامس الطبقة السابعة: الحوادث من سنة 61 إلى 70 حوادث سنة واحد وستين ... الطبقة السابعة: الحوادث من 61 سنة إلى 70 حوادث سنة واحد وَسِتِّينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: جَرْهَدٌ الْأَسْلَمِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَحَمْزَةُ بْنُ عُرْوَةَ الْأَسْلَمِيُّ، وَأُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَابِرُ بْنُ عَتِيكِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ، وخالد بن عرفطة، وعثمان بن زياد ابن أبيه أخو عبيد الله، توفي شابا وله ثلاث وثلاثون سنة، وهمام بن الحارث، وهو مخضرم. مقتل الحسين: واستشهد مع الحسين ستة عشر رجلا من أهل بيته. وكان من قصته أَنَّهُ تَوَجَّهَ مِنْ مَكَّةَ طَالِبًا الْكُوفَةَ لِيَلِيَ الْخِلَافَةَ. وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ الْكَاتِبُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، قَالَ بَعْدَ أن سَرَدَ عِدَّةَ أَسْطُرٍ، أَسَانِيدُ وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ: حَدَّثَنِي فِي هذا الحديث بطائفة، فكتبت جَوَامِعَ حَدِيثِهِمْ فِي مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالُوا: لَمَّا أَخَذَ الْبَيْعَةَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِهِ يَزِيدَ، كَانَ الْحُسَيْنُ مِمَّنْ لَمْ يُبَايِعْ، وَكَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَكْتُبُونَ إِلَى الْحُسَيْنِ يَدْعُونَهُ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَيْهِمْ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ يَأْبَى، فَقَدِمَ منهم قوم إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أن يَخْرُجَ مَعَهُمْ، فَأَبَى، وَجَاءَ الْحُسَيْنُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا عَرَضُوا عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا يُرِيدُونَ أن يَأْكُلُونَا وَيَشِيطُوا1 دِمَاءَنَا، فَأَقَامَ الْحُسَيْنُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مَهْمُومًا، يَجْمَعُ الْإِقَامَةَ مَرَّةً، وَيُرِيدُ أن يَسِيرَ إِلَيْهِمْ مَرَّةً، فَجَاءَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي لَكَ نَاصِحٌ وَمُشْفِقٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي أن قَوْمًا مِنْ شِيعَتِكُمْ كَاتِبُوكَ، فَلَا تَخْرُجْ فِإِنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ بِالْكُوفَةِ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَقَدْ مَلَلْتُهُمْ، وَأَبْغَضُونِي وَمَلُّونِي، وَمَا بَلَوْتُ مِنْهُمْ وَفَاءً، وَمَنْ فَازَ بِهِمْ، فَإِنَّمَا فَازَ بِالسَّهْمِ الْأَخْيَبِ، واللَّهِ مَا لَهُمْ ثَبَاتٌ وَلَا عَزْمٌ وَلَا صَبْرٌ عَلَى السَّيْفِ، قَالَ: وَقَدِمَ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ الْفَزَارِيُّ وَعِدَّةٌ مَعَهُ إِلَى الْحُسَيْنِ، بَعْدَ وَفَاةِ الْحَسَنِ، فَدَعُوهُ إلى خلع

_ 1يشيطوا: يسفكوا.

مُعَاوِيَةَ وَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا رَأْيَكَ وَرَأْيَ أَخِيكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَرْجُو أن يُعْطِيَ اللَّهُ أَخِي عَلَى نِيَّتِهِ، وَأَنْ يُعْطِيَنِي عَلَى نِيَّتِي فِي حُبِّي جِهَادِ الظَّالِمِينَ. وَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى مُعَاوِيَةَ: إني لست آمن أن يكون حسين مرضدًا لِلْفِتْنَةِ، وَأَظُنُّ يَوْمَكُمْ مِنْ حُسَيْنٍ طَوِيلًا. فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْحُسَيْنِ: إِنَّ مَنْ أَعْطَى اللَّهَ تَعَالَى صَفْقَةَ يَمِينِهِ وَعَهْدَهُ لَجَدِيرٌ بِالْوَفَاءِ، وَقَدْ أُنْبِئْتُ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةَ قَدْ دَعَوْكَ إِلَى الشِّقَاقِ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ مَنْ قَدْ جَرَّبْتَ، قَدْ أَفْسَدُوا عَلَى أَبِيكَ وَأَخِيكَ، فَاتَّقِ الله واذكر الميثاق، فإنك من تَكِدْنِي1 أَكِدْكَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ: أَتَانِي كِتَابَكَ، وَأَنَا بِغَيْرِ الَّذِي بَلَغَكَ عَنِّي جَدِيرٌ، وَمَا أَرَدْتُ لَكَ مُحَارَبَةً، وَلَا عَلَيْكَ خِلَافًا، وَمَا أَظُنُّ لِي عِنْدَ اللَّهِ عُذْرًا فِي تَرْكِ جِهَادِكَ، وَمَا أَعْظَمُ فتنة أعظم مِنْ وِلَايَتِكَ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنْ أَثَرْنَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا أَسَدًا2. رَوَاهُ بِطُولِهِ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ، وَعَنْ أَشْيَاخِهِمْ. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ: لَقِيَ الْحُسَيْنُ مُعَاوِيَةَ بِمَكَّةَ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ3 رَاحِلَتِهِ، فَأَنَاخَ بِهِ، ثُمَّ سَارَّهُ طَوِيلًا وَانْصَرَفَ، فَزَجَرَ مُعَاوِيَةُ رَاحِلَتَهُ، وقَالَ لَهُ يَزِيدُ ابْنَهُ: لَا تَزَالُ رَجُلٌ قَدْ عَرَضَ لَكَ، فَأَنَاخَ بِكَ، قَالَ: دَعْهُ لَعَلَّهُ يَطْلُبُهُ مِنْ غَيْرِي، فَلَا يُسَوِّغُهُ، فَيَقْتُلُهُ4. مَرْوَانُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، ثُمّ قَالَ: رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الْأَوَّلِ. قَالُوا: وَلَمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ أَرْسَلَ إِلَى يَزِيدَ فأوصاه وقال: انظر حسين بن فَاطِمَةَ، فَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى النَّاسِ، فَصِلْ رَحِمَهُ، وارفق بِهِ، فَإِنَّ بِكَ مِنْهُ شَيْءٍ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكْفِيكَهُ اللَّهُ بِمَنْ قَتَلَ أباه وخذل أخاه5.

_ 1 تكدني: الكد: التعب. 2 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 3 خطام: حبل. 4 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 330"، لابن بدران. 5 خبر ضعيف: إسناده منقطع. تهذيب تاريخ دمشق "4/ 330".

وَلَمَّا بُويِعَ يَزِيدُ كَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ: أَنْ ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، وَابْدَأْ بِوُجُوهِ قُرَيْشٍ، وَلْيَكُنْ أوَّلَ مَنْ تَبْدَأُ بِهِ الْحُسَيْنُ، وَارْفِقْ بِهِ، فَبَعَثَ الْوَلِيدُ فِي اللَّيْلِ إِلَى الْحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَخْبَرَهُمَا بِوَفَاةِ مُعَاوِيَةَ، وَدَعَاهُمَا إِلَى الْبَيْعَةِ، فَقَالَا: نُصْبِحُ وَنَنْظُرُ فِيمَا يَصْنَعُ النَّاسُ، وَوَثَبَا فَخَرَجَا، وأَغْلَظَ الْوَلِيدُ لِلْحُسَيْنِ، فَشَتَمَهُ الْحُسَيْنُ وَأَخَذَ بِعِمَامَتِهِ فَنَزَعَهَا، فَقَالَ الْوَلِيدُ: إِنْ هَجَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا أَسَدًا، فَقِيلَ لِلْوَلِيدِ: اقْتُلْهُ، قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَدَمٌ مَصُونٌ. وَخَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لِوَقْتِهِمَا إِلَى مَكَّةَ، وَنَزَلَ الْحُسَيْنُ بِمَكَّةَ دَارَ الْعَبَّاسِ. وَلَزِمَ عَبْدُ اللَّهِ الْحِجْرَ، فَلَبِسَ الْمَغَافِرَ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى الْحُسَيْنِ، وَيُشِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْدُمَ الْعِرَاقَ وَيَقُولُ لَهُ: هُمْ شِيعَتُكُمْ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَهُ: لَا تَفْعَلْ. وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي مَتِّعْنَا بنفسك ولا تسر إلى الْعِرَاقِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَتَلَكَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ ليتخذنا خَوَلًا1 أَوْ عَبِيدًا2. وَقَدْ لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بالأبواء، مُنْصَرِفِينَ مِنَ الْعُمْرَةِ، فَقَالَ لَهُمَا ابْنُ عُمَرَ: أُذَكِّرُكُمَا اللَّهَ إِلَّا رَجَعْتُمَا، فَدَخَلْتُمَا فِي صَالِحِ مَا يَدْخُلُ فِيهِ النَّاسُ، وَنَنْظُرُ، فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَى يَزِيدَ النَّاسُ لَمْ تَشُذَّا، وَإِنِ افْتَرَقُوا عَلَيْهِ كَانَ الَّذِي تُرِيدَانِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِلْحُسَيْنِ: لَا تَخْرُجْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ، وَإِنَّكَ بُضْعَةٌ3 مِنْهُ، وَلَا تَنَالَهَا -يَعْنِي الدُّنْيَا- فَاعْتَنَقَهُ وَبَكَى، وَوَدَّعَه، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: غَلَبَنَا حُسَيْنُ بِالْخُرُوجِ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ رَأَى فِي أَبِيهِ وَأَخِيهِ عَبْرَةً، وَرَأَى مِنَ الْفِتْنَةِ وَخِذْلَانِ النَّاسِ لَهُمْ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتَحَرَّكَ مَا عَاشَ. وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ؟ قَالَ: الْعِرَاقَ وَشِيعَتِي، قَالَ: إِنِّي لَكَارِهٍ لِوْجَهِكَ هَذَا، تَخْرُجُ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَبَاكَ وَطَعَنُوا أَخَاكَ، حَتَّى تَرَكَهُمْ سَخْطَةً وَمَلَّهُمْ، أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُغَرِّرَ بنفسك.

_ 1 خولا: خال فلان على أهله خولا: دبر أمورهم وكفاهم، فهو خائل، والجمع خوال، والخولي: الراعي الحسن القيام على الماشية وغيرها. انظر: المعجم الوجيز "ص/ 215". 2 الطبقات "5/ 145". 3 بضعة: قطعة.

الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: خَرَجَ الْحُسَيْنُ مِنَ الْمَدِينَةَ، فَمَرَّ بِابْنِ مُطِيعٍ وَهُوَ يَحْفِرُ بِئْرَهُ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي! مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ وَلَا تَسِرْ، فَأَبِي الْحُسَيْنِ، قَالَ: إِنَّ بِئْرِي هَذِهِ رَشْحُهَا، وَهَذَا الْيَوْمُ مَا خَرَجَ إِلَيْنَا فِي الدَّلْوِ، مَاءٌ، فَلَوْ دَعَوْتَ لَنَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: هَاتِ مِنْ مَائِهَا، فَأَتَى بِمَا فِي الدَّلْوِ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ مَضْمَضَ، ثُمَّ رَدَّهُ فِي الْبِئْرِ1. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: غَلَبَنِي الْحُسَيْنُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَقَدْ قَلْتُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ وَالْزَمْ بَيْتَكَ، وَلَا تَخْرُجْ عَلَى إِمَامِكَ، وَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لَوْ أَنَّ حُسَيْنًا لَمْ يَخْرُجْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ. وَقَدْ كَتَبَتْ إِلَيْهِ عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُعَظِّمُ عَلَيْهِ مَا يُرِيدُ أَنْ يَصْنَعَ، وَتَأْمُرُهُ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ، وَتُخْبِرُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُسَاقُ إِلَى مَصْرَعِهِ وَتَقُولُ: أَشْهَدُ لَحَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يُقْتَلُ حُسَيْنٌ بِأَرْضِ بَابِلٍ"2. وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ كِتَابًا يُحَذِّرُهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ، وَيُنَاشِدُهُ اللَّهَ أَنْ يَشْخَصَ إِلَيْهِمْ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ: إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا، وَرَأَيْتُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَنِي بِأَمْرٍ أَنَا مَاضٍ لَهُ، وَلَسْتُ بِمُخْبِرٍ أَحَدًا بِهَا حَتَّى أُلَاقِيَ عَمَلِي. وَلَمْ يَقْبَلِ الْحُسَيْنُ غَدًا، وَصَمَّمَ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ سَتُقْتَلُ غَدًا بَيْنَ نِسَائِكَ وَبَنَاتِكَ كَمَا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَإِنِّي لَأَخَافُ أَنْ تَكُونَ الَّذِي يُقَادُ بِهِ عُثْمَانُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. فَقَالَ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ كَبِرْتَ، فَبَكَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ: أقررت عَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَلَمَّا رَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ: قَدْ أَتَى مَا أَحْبَبْتَ، هَذَا الْحُسَيْنُ يَخْرُجُ وَيَتْرُكُكَ وَالْحِجَازَ. ثُمَّ تَمَثَّلَ: يَا لَكِ مِنْ قُنْبُرَةٍ3 بِمَعْمَرِ ... خَلَا لَكِ الْجَوُّ فَبِيضِي وَاصْفِرِي وَنَقِّرِي ما شئت أن تنقري

_ 1 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 2 حديث ضعيف: وأورده ابن كثير "3/ 163" في البداية. 3 القنبرة: هو جنس من الطيور من فصيلة القبريات، ورتبة الجواثم المخروطية المناقير سمر في أعلاها، ضاربة إلى بياض في أسفلها، وفي صدرها بقعة سوداء. المعجم الوجيز "ص/ 486".

وَبَعَثَ الْحُسَيْنُ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَسَارَ إِلَيْهِ مَنْ خَفَّ مَعَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُمْ تِسْعَةُ عَشَرَ رَجُلًا، وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، وَتَبِعَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ فَأَدْرَكَ أَخَاهُ الْحُسَيْنَ بِمَكَّةَ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ الْخُرُوجَ لَيْسَ لَهُ بِرَأْيٍ، يَوْمَهُ هَذَا، فَأَبَى الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ، فَحَبَسَ مُحَمَّدٌ وَلَدَهُ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ وَقَالَ: تَرْغَبُ بِوَلَدِكَ عَنْ مَوْضِعٍ أُصَابُ فِيهِ! وَبَعَثَ أَهْلُ الْعِرَاقِ إِلَى الْحُسَيْنِ الرُّسُلَ، وَالْكُتُبَ يَدْعُونَهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْعِرَاقِ، فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، فَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أَمِيرِ الْكُوفَةِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْحُسَيْنَ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ، وَتَاللَّهِ مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْنَا سَلْمَةً مِنَ الْحُسَيْنِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَفْتَحَ عَلَى الْحُسَيْنِ مَا لَا يَسُدُّهُ شَيْءٌ. وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: أَمَّا بَعْدُ، تَوَجَّهَ إِلَيْكَ الْحُسَيْنُ، وَفِي مِثْلِهَا تُعْتَقُ أَوْ تُسْتَرَقُّ كَمَا تُسْتَرَقُّ الْعَبِيدُ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: بَلَغَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ مَسِيرُ الْحُسَيْنِ وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ، فَخَرَجَ عَلَى بِغَالِهِ هُوَ وَاثْنَا عَشَرَ رَجُلًا حَتَّى قَدِمُوا الْكُوفَةَ، فَاعْتَقَدَ أَهْلُ الْكُوفَةِ أَنَّهُ الْحُسَيْنُ وَهُوَ مُتَلَثِّمٌ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَرْحَبًا بِابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَارَ الْحُسَيْنُ حَتَّى نَزَلَ نَهْرَيْ كَرْبَلَاءَ، وَبَعَثَ عُبَيْدَ اللَّهِ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ عَلَى جَيْشٍ. قَالَ: وَبَعَثَ شِمْرَ بْنَ ذيِ الْجَوْشَنِ فَقَالَ: إِنْ قَتَلَهُ وَإِلَّا فَاقْتُلْهُ وَأَنْتَ عَلَى النَّاسِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِيهِ: خَرَجَ الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى وَالِيهِ بِالْعِرَاقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ: إِنَّ حُسَيْنًا صَائِرٌ إِلَى الْكُوفَةِ، وَقَدِ ابْتُلِيَ بِهِ زَمَانُكَ مِنْ بَيْنِ الْأَزْمَانِ، وَبَلَدُكَ مِنْ بَيْنِ الْبُلْدَانِ، وَأَنْتَ مِنْ بَيْنِ الْعُمَّالِ، وَعِنْدَهَا تُعْتَقُ أَوْ تَعُودُ عَبْدًا. فَقَتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَيْهِ1. وَقَالَ الزُّبَيْرِ بْنُ الْخِرِّيتِ: سَمِعْتُ الْفَرَزْدَقَ يَقُولُ: لَقِيتُ الْحُسَيْنَ بِذَاتِ عِرْقٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْكُوفَةَ، فَقَالَ لِي: مَا تَرَى أَهْلَ الْكُوفَةِ صَانِعِينَ؟ مَعِي حِمْلُ بَعِيرٍ مِنْ كُتُبِهِمْ؟ قُلْتُ: لَا شَيْءَ، يَخْذُلُونَكَ، لَا تَذْهَبْ إِلَيْهِمْ. فَلَمْ يُطِعْنِي. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي بُجَيْرٌ، مِنْ أَهْلِ الثَّعْلَبِيَّةِ، قَلْتُ لَهُ: أَيْنَ كُنْتَ حِينَ مَرَّ الْحُسَيْنُ؟ قَالَ: غُلَامٌ قَدْ أَيْفَعْتَ2، قَالَ: كَانَ فِي قلة من الناس، وكان أخي أسن

_ 1 خبر ضعيف: إسناده منقطع. تهذيب تاريخ دمشق "4/ 335". 2 أيفعت: يفع الشيء أو الغلام: شب وترعرع، أو شارف الاحتلام، وناهز البلوغ، وكذا الفتاة. المعجم الوجيز "ص/ 686".

مِنِّي، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ، أَرَاكَ فِي قِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ! فَقَالَ بِالسَّوْطِ، وَأَشَارَ إِلَى حَقِيبَةِ الرَّحْلِ: هَذِهِ خَلْفِي مَمْلُوءَةٌ كُتُبًا. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَحَدَّثَنِي شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ إِلَى الْحُسَيْنِ، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ يُرِيدُونَ الدَّيْلَمَ، فَصَرَفَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الْحُسَيْنِ، فَلَقِيتُ حُسَيْنًا، فَرَأَيْتُهُ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، وَكَانَتْ فِيهِ غُنَّةٌ1. قَالَ شِهَابٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ، فَأَعْجَبَهُ قَوْلُهُ وَكَانَتْ فِيهِ غُنَّةٌ. ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، وَغَيْرِهِ، بِإِسْنَادِهِمْ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَرْسَلَ رَجُلًا عَلَى نَاقَةٍ إِلَى الْحُسَيْنِ، يُخْبِرُهُ بِقَتْلِ مُسْلِمِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَكَانَ قَدْ بَعَثَهُ الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ كَمَا مَرَّ فِي سَنَةِ سِتِّينَ، فَقَالَ لِلْحُسَيْنِ وَلَدُهُ عَلِيٌّ الْأَكْبَرُ: يَا أَبَهِ ارْجِعْ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَغَدْرُهُمْ، وَقِلَّةُ وَفَائِهِمْ، وَلَا لَكَ بِشَيْءٍ، فَقَالَتْ بَنُو عُقَيْلٍ: لَيْسَ هَذَا حِينَ رُجُوعٍ، وَحَرَّضُوهُ عَلَى الْمُضِيِّ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ تَرَوْنَ مَا يَأْتِينَا، وَمَا أَرَى الْقَوْمَ إِلَّا سَيَخْذِلُونَنَا، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَهُ مِنْ مَكَّةَ، فَكَانَتْ خَيْلُهُمُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَرَسًا. وَأَمَّا ابْنُ زِيَادٍ فَجَمَعَ الْمُقَاتِلَةَ وَأَمَرَ لَهُمْ بِالْعَطَاءِ. وَقَالَ يَزِيدُ الرِّشْكُ: حَدَّثَنِي مَنْ شَافَهَ الْحُسَيْنُ قَالَ: رَأَيْتُ أبنية مَضْرُوبَةً بِالْفَلَاةِ2 لِلْحُسَيْنِ، فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا شَيْخٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَالدُّمُوعُ تَسِيلُ عَلَى خديه، فقلت: بأبي وأمي يا بن بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَنْزَلَكَ هَذِهِ الْبِلَادَ وَالْفَلَاةَ الَّتِي لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ -قَالَ: هَذِهِ كتب أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَيَّ، وَلَا أَرَاهُمْ إِلَّا قَاتِلِيَّ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يَدَعُوا للَّهِ حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكُوهَا، فَيُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُذِلُّهُمْ حَتَّى يَكُونُوا أَذَلَّ مَنْ فَرَمِ3 الْأَمَةِ، يَعْنِي مُقَنَّعَتَهَا4. قُلْتُ: نَدَبَ ابْنُ زِيَادٍ لِقِتَالِ الْحُسَيْنِ، عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. فروى الزبير

_ 1 خبر ضعيف: السير "3/ 305"، وفيه جهالة أحد الرواة. 2 الفلاة: الصحراء. 3 فرم: شيء حقير كخرق الحيض، أو الإماء من العبيد. 4 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة. أخرجه الطبري "5/ 394" في تاريخه.

ابن بَكَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِالْحُسَيْنِ أَيْقَنَ أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ، فَقَامَ فِي أَصْحَابِهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ نَزَلَ بِنَا مَا تَرَوْنَ، إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ، وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا، وَاسْتَمَرَّتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلًا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ، وَإِلَّا خَسِيسُ عَيْشٍ كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ، أَلَا تَرَوْنَ الْحَقَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ، والباطل لا ينتاهى عَنْهُ، لِيَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً، وَالْحَيَاةُ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَمًا1. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ، أَنَّ الْحُسَيْنَ لَمَّا أَرْهَقَهُ السِّلَاحُ قَالَ: أَلَا تَقْبَلُونَ مِنِّي مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْبَلُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ قِيلَ: وَمَا كَانَ يَقْبَلُ مِنْهُمْ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا جَنَحَ أَحَدُهُمْ لِلسِّلْمِ قَبِلَ مِنْهُ، قَالُوا: لَا، قَالَ: فَدَعُونِي أَرْجِعُ، قَالُوا: لَا، قَالَ: فَدَعُونِي آتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدَ. فَأَخَذَ لَهُ رَجُلٌ السِّلَاحَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْشِرْ بِالنَّارِ، فَقَالَ: بِلْ إِنْ شَاءَ اللَّهِ بِرَحْمَةِ رَبِّي وَشَفَاعَةِ نَبِيِّي، قَالَ: فَقُتِلَ وَجِيءَ بِرَأْسِهِ حَتَّى وُضِعَ فِي طَسْتٍ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ زِيَادٍ، فَنَكَتَهُ بِقَضِيبِهِ وَقَالَ: لَقَدْ كَانَ غُلَامًا صَبِيحًا، ثُمَّ قَالَ: أيُّكُمْ قاتله؟ فقال الرجل، فقال: مَا قَالَ لَكَ؟ فَأَعَادَ الْحَدِيثَ، فَاسْوَدَّ وَجْهُهُ2. وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ بِأَسَانِيدِهِ، قَالُوا: وَأَخَذَ الْحُسَيْنُ طَرِيقَ الْعُذَيْبِ3، حَتَّى نَزَلَ قَصْرَ أَبِي مُقَاتِلٍ، فَخَفَقَ خَفْقَةً، ثُمَّ انْتَبَهَ يَسْتَرْجِعُ وَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ فَارِسًا يُسَايِرُنَا وَيَقُولُ: الْقَوْمُ يَسِيرُونَ وَالْمَنَايَا تَسْرِي إِلَيْهِمْ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ نَعَى إِلَيْنَا أَنْفُسَنَا، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ بِكَرْبَلَاءَ، فَسَارَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ كَالْمُكْرَهِ، وَاسْتَعْفَى عُبَيْدُ اللَّهِ فَلَمْ يَعْفِهِ، وَمَعَ الْحُسَيْنِ خَمْسُونَ رَجُلًا، وَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ مِنَ الْجَيْشِ عِشْرُونَ رَجُلًا، وَكَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ تِسْعَةُ عَشَرَ رَجُلًا، وَقُتِلَ عَامَةُ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَبَقِيَ عَامَةُ نَهَارِهِ لَا يَقْدُمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَأَحَاطَتْ بِهِ الرَّجَّالَةُ، فَكَانَ يَشُدُّ عَلَيْهِمْ فَيَهْزِمُهُمْ، وَهُمْ يَتَدَافَعُونَهُ، يَكْرَهُونَ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ، فَصَاحَ بِهِمْ شِمْرٌ: ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ مَاذَا تَنْتَظِرُونَ بِهِ؟ فَطَعَنَهُ سِنَانُ بْنُ أَنَسٍ النَّخَعِيُّ فِي تَرْقُوَتِهِ، ثُمَّ انْتَزَعَ الرُّمْحَ وَطُعِنَ فِي بَوَانِي4 صَدْرِهِ، فَخَرَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- صَرِيعًا، وَاحْتَزَّ رَأْسَهُ خَوْلِيٌّ الْأَصْبَحِيُّ،

_ 1 الحلية "2/ 39". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 310، 311" وفيه جهالة أحد الرواة. 3 العذيب: إحدى الطرق المشهورة بالماء عند القادسية بالعراق. 4 البواني: الأضلاع.

لَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا رَضِيَ عَنْهُ1. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ، عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَتِهِ: إِنَّ الْحُسَيْنَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ حِينَ نَزَلُوا كَرْبَلَاءَ: مَا اسْمُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ قَالُوا: كَرْبَلَاءُ، قَالَ: كَرْبٌ وَبَلَاءٌ، فَبَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ فَقَابَلَهُمْ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: يَا عُمَرُ اختر مني إحدى ثلاث: إما أن تتركني أن أرجع، أو أن تُسَيِّرُنِي إِلَى يَزِيدَ فَأَضَعُ يَدِي فِي يَدِهِ، فَيَحْكُمُ فِي مَا أَرَى، فَإِنْ أَبَيْتَ فَسَيِّرْنِي إِلَى التُّرْكِ، فَأُقَاتِلُهُمْ حَتَّى أَمُوتَ. فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ بِذَلِكَ، فَهَمَّ أَنْ يُسَيِّرَهُ إِلَى يَزِيدَ، فَقَالَ لَهُ شِمْرُ بْنُ جَوْشَنٍ -كَذَا قَالَ، وَالْأَصَحُّ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ: لَا أَيُّهَا الْأَمِيرُ، إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكْمِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ. وَأَبْطَأَ عُمَرُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ شِمْرَ الْمَذْكُورَ فَقَالَ: إِنْ تَقَدَّمَ عُمَرُ وَقَاتَلَ وَإِلَّا فَاقْتُلْهُ وَكُنْ مَكَانَهُ، وَكَانَ مَعَ عُمَرَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالُوا: يَعْرِضُ عَلَيْكُمُ ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ثَلَاثَ خِصَالٍ، فَلَا تَقْبَلُونَ مِنْهَا شَيْئًا! وَتَحَوَّلُوا مَعَ الْحُسَيْنِ فَقَاتَلُوا2. وَقَالَ عبّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حُصَينٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ بَرُودٌ، وَرَمَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: عَمْرُو بْنُ خَالِد الطُّهَوِيُّ بِسَهْمٍ، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّهْمِ مُعَلَّقًا بِجَنْبِهِ3. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سِتَّةُ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ4. وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ قَالُوا: قَاتَلَ يَوْمَئِذٍ الْحُسَيْنُ، وَكَانَ بَطَلًا شُجَاعًا إِلَى أَنْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فِي حَنَكِهِ، فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَنَزَلَ شِمْرٌ، وَقِيلَ غَيْرُهُ، فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإنَا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَرَوَى شَرِيكٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: قَالَتْ مَرْجَانَةُ لِابْنِهَا عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا خَبِيثُ، قَتَلْتَ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لَا تَرَى الجنة أبدًا.

_ 1 تاريخ الطبري "5/ 449". 2 خبر ضعيف: تهذيب تاريخ دمشق "4/ 338". 3 السير "3/ 311". 4 السير "3/ 312".

وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حُصَيْنٍ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ: إِنَّا لَمُسْتَنْقَعِينَ فِي الفرات مع عمر بن سعد، إذ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ، فَقَالَ: قَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ عُبَيْدَ اللَّهِ جُوَيْرَةَ بْنَ بَدْرٍ التَّمِيمِيَّ، وَأَمَرَهُ إِنْ أَنْتَ لَمْ تُقَاتِلْ أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُكَ، قَالَ: فَوَثَبَ عَلَى فَرَسِهِ، وَدَعَا بِسِلَاحِهِ وَعَلَا فَرَسُهُ، ثُمَّ سَارَ إِلَيْهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قَتَلَهُمْ، قَالَ سَعْدٌ: وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَإِنَّهُمْ لَقَرِيبُ مِائَةِ رَجُلٍ، فَفِيهِمْ مِنْ صُلْبِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- خَمْسَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، وَعَشَرَةٌ مِنَ الْهَاشِمِيِّينَ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَآخَرُ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ. وَرَوَى أَبُو شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ مَكَثْنَا أَيَّامًا سَبْعَةً، إِذَا صَلَّيْنَا الْعَصْرَ نَظَرْنَا إِلَى الشَّمْسِ عَلَى أَطْرَافِ الْحِيطَانِ، كَأَنَّهَا الْمَلَاحِفُ الْمُعَصْفَرَةُ، وَبَصَرْنَا إِلَى الْكَوَاكِبِ، يَضْرِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا1. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرَكٍ، عَنْ جَدِّهِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: احْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، يُرَى فِيهَا كَالدَّمِ، فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ شَرِيكًا، فَقَالَ لِي: مَا أَنْتَ مِنَ الْأَسْوَدِ؟ فَقُلْتُ: هُوَ جَدِّي أَبُو أُمِّي، فَقَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَصَدُوقَ الْحَدِيثِ2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: تَعْلَمُ هَذِهِ الْحُمْرَةَ فِي الْأُفُقِ مِمَّ؟ هُوَ مِنْ يَوْمِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ. رَوَاهُ سُلَيْمَان بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْهُ3. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَلِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَصَارَ الْوَرْسُ الَّذِي فِي عَسْكَرِهِمْ رَمَادًا، وَاحْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ، وَنَحَرُوا نَاقَةً فِي عَسْكَرِهِمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ فِي لَحْمِهَا النِّيَرانَ4. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ الْوَرْسَ عَادَ رَمَادًا، وَلَقَدْ رَأَيْتُ اللَّحْمَ كَأَنَّ فِيهِ النَّارَ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ5.

_ 1 السير "3/ 312". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 312". 3 السابق. 4 السير "3/ 312". 5 الطبراني "2858" في الكبير.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي جَمِيلُ بْنُ مُرَّةَ قَالَ: أَصَابُوا إِبِلًا فِي عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ يَوْمَ قُتِلَ، فَنَحَرُوهَا وَطَبَخُوهَا، فَصَارَتْ مِثْلَ الْعَلْقَمِ1. وَقَالَ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ بَلْهُجَيْمٍ، فَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ هَذَا الْفَاسِقَ ابْنَ الْفَاسِقِ قَتَلَهُ اللَّهُ -يَعْنِي الْحُسَيْنَ، قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: فَرَمَاهُ اللَّهُ بِكَوْكَبَيْنِ مِنَ السَّمَاءِ، فَطَمَسَ بَصَرُهُ، وَأَنَا رَأَيْتُهُ2. وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ: أوَ مَا عَرَفَ الزُّهريُّ تِلْكُمْ فِي مَجْلِسِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ؟، فَقَالَ الْوَليِدُ: تَعْلَمُ مَا فَعَلَتْ أَحْجَارُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنَّهُ لَمْ يُقْلَبْ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْسَلَ عَبْدُ الملك إلى ابن رأس جالوت فَقَالَ: هَلْ كَانَ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ عَلَامَةٌ؟ قَالَ: مَا كُشِفَ يَوْمَئِذٍ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ3. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَالِمٍ خَالَتِي قَالَتْ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ مُطِرْنَا مَطَرًا كَالدَّمِ عَلَى الْبُيُوتِ وَالْجُدُرِ. وقال علي بن زيد بن جدعان، عن أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ جِيءَ بِرَأْسِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ عَلَى ثَنَايَاهُ وَقَالَ: إِنْ كَانَ لَحَسَنَ الثَّغْرِ، فَقُلْتُ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُ مَوْضِعَ قَضِيبِكَ مِنْ فِيهِ4. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنِصْفِ النَّهَارِ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، وَبِيَدِهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا دَمُ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ، لَمْ أَزَلْ مُنْذُ الْيَوْمِ أَلْتَقِطُهُ، فَأُحْصِيَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَوَجَدُوهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ5. وَعَنْ سَلْمَى أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَتْ: ما يبكيك؟ قالت:

_ 1 السير "6/ 313". 2 خبر ضعيف: الطبراني "2830" في الكبير، وفيه جهالة أحد الرواة. 3 الطبراني "2857" في الكبير. 4 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "2878" في الكبير، وفيه ابن جدعان، وهو من الضعفاء. 5 حديث حسن: أخرجه أحمد "1/ 283"، والطبراني "2822" في الكبير.

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنَامِ، عَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ التُّرَابُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: شَهِدْتُ قَتْلَ الْحُسَيْنِ آنِفًا1. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي خَالِد الْأَحْمَرِ: ثنا رَزِينٍ، حَدَّثَتْنِي سَلْمَى. قُلْتُ: رَزِينٌ هُوَ ابْنُ حَبِيبٍ، كُوفِيٌّ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ أَمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ الْجِنَّ تَبْكِي عَلَى حُسَيْنٍ وَتَنُوحُ عَلَيْهِ2. وَرُوِيَ عَنْ أمَّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ الْكَلْبِيِّ قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ كَرْبَلَاءَ، فَقُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ بِهَا: بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَسْمَعُونَ نَوْحَ الْجِنِّ، فَقَالَ: مَا تَلْقَى أَحَدًا إِلَّا أَخْبَرَكَ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ، قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي مَا سَمِعْتَ أَنْتَ، قَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِينَهُ ... فَلَهُ بَرِيقٌ فِي الْخُدُودِ أَبَوَاهُ من عليا قري ... ش وَجَدُّهُ خَيْرُ الْجُدُودِ3 رَوَاهُ ثَعْلَبٌ فِي أَمَالِيهِ. ثنا عُمَرُ بْنُ شَيْبَةَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ جُنَادٍ: ثنا عَطَاءٌ، فَذَكَرَهُ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: لَمَّا أُدْخِلَ ثَقْلُ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ وَوُضِعَ رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بَكَى يَزِيدُ وَقَالَ: نُفَلِّقُ هامًا من رجال أحبة ... إِلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا4 أَمَّا وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ أَنَا صَاحِبُكَ مَا قَتَلْتُكَ أَبَدًا. فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: لَيْسَ هَكَذَا، قَالَ: فكيف يا بن أُمٍّ؟ قَالَ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] ، وَعِنْدَهُ عَبْدُ الرحمن بن الحكم أخو مروان، فقال:

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "3771" وفيه جهالة إحدى الرواة. 2 خبر ضعيف: السير "3/ 316" وسنده منقطع. 3 خبر ضعيف: أخرجه الطبراني "2865"، "2866" وفيه جهالة أحد الرواة. 4 خبر ضعيف: وانظر: تاريخ الطبري "5/ 460".

لَهَامٌ بِجَنْبِ الطَّفِّ أدْنَى قَرَابَةً ... مِنَ ابْنِ زِيَادِ الْعَبْدِ ذِي النَّسَبِ الْوَغْلُ سُمَيَّةُ أَمْسَى نَسْلُهَا عَدَدَ الْحَصَى ... وَبِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَ لَهَا نَسْلُ قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أبى الْحُسَيْنُ أَنْ يُسْتَأْسَرَ، فَقَاتَلُوهُ، فَقُتِلَ، وَقُتِلَ ابْنَهُ وَأَصْحَابُهُ بِالطَّفِّ، وَانْطَلَقَ بِبَنِيهِ: عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَسُكَيْنَةَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَجَعَلَ سُكَيْنَةَ خَلْفَ سَرِيرِهِ، لِئَلَّا تَرَى رَأْسَ أَبِيهَا، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي غِلٍّ، فَضَرَبَ يَزِيدُ عَلَى ثَنِيَّتَيِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ الله عنه- وقال: فلق هَامًا مِنْ أُنَاسٍ أَعِزَّةٍ ... عَلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا فَقَالَ عَلِيٌّ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} فَثَقُلَ عَلَى يَزِيدَ أَنْ تَمَثَّلَ بِبَيْتٍ، وَتَلَا عَلِيٌّ آيَةً فَقَالَ: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30] ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ رَآنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَغْلُوبِينَ، لَأَحَبَّ أَنْ يَحِلَّنَا مِنَ الْغُلِّ، قَالَ: صَدَقْتَ، حُلُّوهُمْ، قَالَ: وَلَوْ وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بُعْدٍ لَأَحَبُّ أَنْ يُقَرِّبَنَا، قَالَ: صَدَقْتَ، قَرُّبُوهُمْ، فَجَعَلَتْ فَاطِمَةُ وَسُكَيْنَةُ يَتَطَاوَلَانَ لِيَرِيَا رَأْسَ أَبِيهِمَا، وَجَعَلَ يَزِيدَ يَتَطَاوَلَ فِي مَجْلِسِهِ، فَيَسْتُرُهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ أمَرَ بِهِمْ فَجُهِّزُوا، وَأَصْلَحَ آلَتَهُمْ وَأُخْرِجُوا إِلَى الْمَدِينَةِ1. كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: لَمَّا أُتيَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ جَعَلَ يَنْكُتُ بِمَخْصَرَةٍ مَعَهُ سِنَّهُ وَيَقُولُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بَلَغَ هَذَا السِّنَّ، وَإِذَا لِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ قَدْ نُصِلَ مِنَ الْخِضَابِ الْأَسْوَدِ2. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، وَالْمَدِينِيِّ، عَنْ رِجَالِهِمَا، أن مُحَفَّزَ بْنَ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِيَّ، عَائِذَةُ قُرَيْشٍ، قَدِمَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ فَقَالَ: أتيتك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِرَأْسِ أَحْمَقِ النَّاسِ وَأَلْأَمِهُمْ، قَالَ يَزِيدُ: مَا وَلَدَتْ أُمُّ مُحَفِّزٍ أَحْمَقَ وَأَلْأَمَ، لكن الرجل لم يقرأ كتاب الله: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] ، الآية. ثم بعث يزيد برأس الحسين على عامله على المدينة، فقال: وددت أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ

_ 1 خبر ضعيف: وأخرجه الطبراني "806" في الكبير، وفيه انقطاع. 2 خبر ضعيف: ابن أبي زياد من الضعفاء. السير "3/ 320".

بِهِ إِلَيَّ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ، فَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ عِنْدَ قَبْرِ أُمِّهِ فَاطِمَةَ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا1. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سَعِيدٍ الْقَاضِي: ثنا سُلَيْمَان بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْبَهْرَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَيَّةَ الْكَلَاعِيَّ، سَمِعْتَ أَبَا كَرْبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ تَوَثَّبُوا عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَكُنْتُ فِيمَنْ نَهَبَ خَزَائِنَهُمْ بِدِمَشْقَ، فَأَخَذْتُ سَفَطًا2 وَقُلْتُ: فِيهِ غَنَائِي، فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَ يَدَيَّ، وَخَرَجْتُ مِنْ بَابِ تَوْمًا، فَفَتَحْتُهُ، فإذا بحريرة فيها رأس مكتوب عليه: "هَذَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ "، فَحَفَرْتُ لَهُ بِسَيْفِي وَدَفَنْتُهُ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، أَنَّ يُونُسَ بْنَ حَبِيبٍ حَدَّثَهُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَبَنُو أَبِيهِ، بَعَثَ ابْنُ زياد برؤوسهم إِلَى يَزِيدَ، فَسُرَّ بِقَتْلِهِمْ أَوَّلًا، ثُمَّ ندِمَ فَكَانَ يَقُولُ: وَمَا عَلَيَّ لَوِ احْتَمَلْتُ الْأَذَى وَأَنْزَلْتُ الْحُسَيْنَ مَعِي، وَحَكَّمْتُهُ فِيمَا يُرِيدُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ وَهَنٌ فِي سُلْطَانِي حِفْظًا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرِعَايَةً لِحَقِّهِ وَقَرَابَتِهِ، لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ -يُرِيدُ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ وَاضْطَرَّهُ، وَقَدْ كَانَ سَأَلَ أَنْ يُخْلِيَ سَبِيلُهُ، وَيَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ أَقْبَلَ، أَوْ يأتيني فَيَضَعُ يَدَهُ فِي يَدَيَّ، أَوْ يَلْحَقَ بِثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ، فَأَبَى ذَلِكَ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَأَبْغَضَنِي بِقَتْلِهِ الْمُسْلِمُونَ3. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ دَخَلْنَا الْكُوفَةَ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ، فَدَخَلْنَا مَنْزِلَهُ، فَأَلْحَفْنَا، فَنِمْتُ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِحِسِّ الْخَيْلِ فِي الْأَزِقَّةِ، فَحَمَلْنَا إِلَى يَزِيدَ، فَدَمَعَتْ عَيْنُهُ حِينَ رَآنَا، وَأَعْطَانَا مَا شِئْنَا وَقَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي قَوْمِكَ أُمُورٌ، فَلَا تَدْخُلَ مَعَهُمْ فِي شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا كَانَ، كَتَبَ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ كِتَابًا فِيهِ أَمَانِي، فَلَمَّا فَرَغَ مُسْلِمٌ مِنَ الْحَرَّةِ بَعَثَ إِلَيَّ، فَجِئْتُهُ وَقَدْ كَتَبْتُ وَصِيَّتِي، فَرَمَى إِلَيَّ بِالْكِتَابِ، فَإِذَا فِيهِ: اسْتَوْصِ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ خَيْرًا، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُمْ، فِي أَمْرِهِمْ فَأَمِّنْهُ وَاعْفُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ4. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ ابْنُ عَمِّهِ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلِ بن أبي طالب، وقد

_ 1 تاريخ الطبري "5/ 463". 2 السفط: الصندوق. 3 خبر ضعيف: تاريخ الطبري "5/ 506" وفيه انقطاع، والسير "3/ 317". 4 خبر حسن: السير "3/ 320، 321".

كَانَ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتِّينَ، قَتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ صَبْرًا، وَكَانَ الْحُسَيْنُ قَدْ قَدَّمَهُ إِلَى الْكُوفَةِ، لِيُخْبِرَ مَنْ بِهَا مِنْ شِيعَتِهِ بِقُدُومِهِ، فَنَزَلَ عَلَى هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ الْمُرَادِيِّ، فَأَحَسَّ بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فَقَتَلَ مُسْلِمًا وَهَانِئًا. وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِخْوَتُهُ بَنُو أَبِيهِ: جَعْفَرٌ، وَعَتِيقٌ، وَمُحَمَّدٌ، وَالْعَبَّاسُ الْأَكْبَرُ بَنُو عَلِيٍّ، وَابْنُهُ الْأَكْبَرُ عَلِيٌّ -وَهُوَ غَيْرُ عَلِيِّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، وابنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَابْنُ أَخِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ الحسين، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَخُوهُ عَوْنٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَا مُسْلِمٍ بْنِ عَقِيلٍ، -رَضِيَ اللَّهُ عنهم1. وفيها: ظنًا وتخمينًا، قدم على ابن الزُّبَيْرِ وَهُوَ بمَكَّةَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ مِنَ الطَّائِفِ، وَكَانَ قَدْ طُرِدَ إِلَى الطَّائِفِ، وَكَانَ قَوِيُّ النَّفْسِ، شَدِيدُ الْبَأْسِ، يُظْهِرُ الْمُنَاصَحَةَ وَالدَّهَاءَ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَيَسْمَعُونَ مِنْهُ كَلَامًا ينكرونه، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدَ اسْتَأْذَنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي الْمُضِيِّ إلى الْعِرَاقِ، فَأَذِنَ لَهُ وَرَكَنَ إِلَيْهِ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى الْعِرَاقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ يُوصِيهِ بِهِ، فَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى ابْنُ مُطِيعٍ، ثُمَّ أَخَذَ يَعِيبُ فِي الْبَاطِنِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَيُثْنِي عَلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ، وَيُحَرِّضُ أَهْلَ الْكُوفَةِ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ، وَيُكَذِّبُ وَيُنَافِقُ، فَرَاجَ أَمْرُهُ وَاسْتَغْوَى طَائِفَةً، وَصَارَ لَهُ شِيعَةٌ، إِلَى أَنْ خَافَهُ ابْنُ مُطِيعٍ، وَهَرَبَ مِنْهُ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

_ 1 السير "3/ 321".

حوادث سنة اثنتين وستين: المتوفون في هذه السنة

حوادث سنة اثنتين وستين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيُّ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ الدَّارَانِيُّ الزَّاهِدُ، وَعَلْقَمَةُ بن قيس النخعي الفقيه. الجارود أميرا على السند: وَفِيهَا: اسْتَعْمَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أَمِيرُ الْعِرَاقِ عَلَى السِّنْدِ الْمُنْذِرَ بْنَ الْجَارُودِ الْعَبْدِيَّ، وَلِابْنِهِ الْجَارُودِ بْنِ عَمْرٍو صُحْبَةٌ. وَكَانَ الْمُنْذِرُ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ، قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ. وَفِيهَا: غَزَا سَلْمُ بْنُ أَحْوَرَ خَوَارِزْمَ فَصَالَحُوهُ عَلَى مَالٍ، ثُمَّ عَبَرَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فَنَازَلَهَا، فَصَالَحُوهُ أَيْضًا. وَفِيهَا: نَقَضَ أَهْلُ كَابُلَ، وَأَخَذُوا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَسِيرًا، فَسَارَ أَخُوهُ يَزِيدُ فِي جَيْشٍ، فَهَجَمَ عَلَيْهِمْ، فَقَاتَلُوهُ، فَقُتِلَ يَزِيدُ، وَقُتِلَ مَعَهُ زَيْدُ بْنُ جُدْعَانَ التَّيْمِيُّ وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَصِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ الْعَدَوِيُّ، وَوَلَدَاهُ، وَعَمْرُو بْنُ قُثَمَ، وَبُدَيْلُ بْنُ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ آدَمَ الْعَدَوِيُّ، فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ. قَالَهُ خَلِيفَةُ. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ لِلنَّاسِ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سفيان بن حرب1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 235، 236"، تاريخ الطبري "5/ 478"، صحيح التوثيق "5/ 94".

حوادث سنة ثلاث وستين: المتوفون في هذه السنة

حوادث سنة ثلاث وستين: المتوفون في هذه السنة فِيهَا تُوُفِّيَ: رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ، وَمَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ. وَفِيهَا: وَقْعَةُ الْحَرَّةِ عَلَى بَابِ طِيبَةِ، وَاسْتُشْهِدَ فِيهَا خَلْقٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَفِيهَا: بَعَثَ سَلْمُ بْنُ زِيَادٍ: ابْنَ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيَّ وَالِيًا عَلَى سِجِسْتَانَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَفْدِيَ أَخَاهُ مِنَ الْأَسْرِ، فَفَدَاهُ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ، وَأَقْدَمَهُ عَلَى أَخِيهِ، وَأَقَامَ طَلْحَةُ بِسِجِسْتَانَ. فِيهَا: غَزَا عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ مِنَ الْقَيْرَوَانِ، فَسَارَ حَتَّى أَتَى السُّوسَ الْأَقْصَى، وَغَنِمَ وَسَلَّمَ، وَرَدَّ، فَلَقِيَهُ كُسَيْلَةُ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، فَالْتَقَيَا، فَاسْتُشْهِدَ فِي الْوَقْعَةِ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ، وَأَبُو الْمُهَاجِرِ دِينَارُ مَوْلَى الْأَنْصَارِ، وَعَامَّةُ أَصَحابِهِمَا. ثُمَّ سَارَ كُسَيْلَةُ الْكَلْبُ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ خَلِيفَةُ عُقْبَةَ عَلَى الْقَيْرَوَانِ، فَقُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ كُسَيْلَةُ، وَهُزِمَ جُنُودُهُ، وَقُتِلَتْ مِنْهُمْ مَقْتَلَةٌ كَبِيرَةٌ. قِصَّةُ الْحَرَّةِ: قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: سَمِعْتُ أشياخنا يَقُولُونَ: وَفَدَ إلى يَزِيدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ الْأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَفَدَ فِي ثَمَانِيَةِ بَنِينَ لَهُ، فَأَعْطَاهُ يَزِيدُ مِائَةَ أَلْفٍ، وَأَعْطَى لِكُلِّ ابْنٍ عَشَرَةَ آلَافٍ، سِوَى كِسْوَتِهِمْ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدَ رَجُلٍ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا بَنِيَّ هَؤُلَاءِ لَجَاهَدْتُهُ بِهِمْ، قَالُوا: إِنَّهُ قَدْ أَكْرَمَكَ وَأَعْطَاكَ، قَالَ: نَعَمْ وَمَا قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا لِأَتَقَوَّى بِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَّ النَّاسَ فَبَايَعُوهُ1. وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: دَعُوا إِلَى الرِّضَا وَالشُّورَى وَأَمَّرُوا عَلَى قُرَيْشٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ الْعَدَوِيَّ، وَعَلَى الْأَنْصَارِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ، وَعَلَى قَبَائِلِ الْمُهَاجِرِينَ مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيَّ، وَأَخْرِجُوا مَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: خَلَعُوا يَزِيدَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا عَلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَأَرْسَلَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَى مِيَاهِ الطَّرِيقِ، فَصَبُّوا فِي كُلِّ مَاءٍ زِقَّ قَطْرانٍ وَغَوَّرُوهُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ، فَمَا اسْتَقُوا بِدَلْوٍ. وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ يَزِيدَ لَمَّا بَلَغَهُ وُثُوبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِعَامِلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَنَفْيِهِمْ، جَهَّزَ لِحَرْبِهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبةَ الْمُرِّيَّ، وَهُوَ شَيْخٌ، وَكَانَتْ بِهِ النَّوْطَةُ2، وَجَهَّزَ مَعَهُ جَيْشًا كَثِيفًا، فَكَلَّمَ يَزِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا تَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسَكَ، فَقَالَ: أَجَلْ أَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسِي وَأَشْقَى، وَلَكَ عِنْدِي وَاحِدَةٌ، آمُرُ مُسْلِمًا أَنْ يَتَّخِذَ الْمَدِينَةَ طَرِيقًا، فَإِنْ هُمْ لَمْ يَنْصِبُوا لَهُ الْحَرْبَ، وَتَرَكُوهُ يَمْضِي إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَيُقَاتِلُهُ، وَإِنْ مَنَعُوهُ وَحَارَبُوهُ قَاتَلَهُمْ، فَإِنْ ظَفِرَ بِهِمْ قَتَلَ مَنْ أَشْرَفَ لَهُ وَأَنْهَبَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ لَا تَعْرِضُوا لِجَيْشِهِ، فَوَرَدَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، فَمَنَعُوهُ وَنَصَبُوا لَهُ الْحَرْبَ، وَنَالُوا مِنْ يَزِيدَ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ وَأَنْهَبَهَا ثلاثًا، وسار إلى الزُّبَيْرِ، فَمَاتَ بِالْمُشَلَّلِ، وَعَهِدَ إِلَى حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ لَيَالِي الْحَرَّةِ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "من نزع يدًا من طاعة

_ 1 تاريخ خليفة "ص/ 237". 2 النوطة: النوط كل ما يعلق بشيء.

لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَاتَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ يَمُوتُ مَوْتَةَ جَاهِلِيَّةٍ" 1. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تَوَجَّه مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ، وَيُقَالُ: فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ رَاجِلٍ، وَنَادَى مُنَادِي يَزِيدَ: سِيرُوا عَلَى أَخْذِ أعطياتكم، وَمَعُونَةِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا لِكُلِّ رَجُلٍ. وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ لِيَزِيدَ: وَجَّهَنِي أكْفِكَ، قَالَ: لَا، لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا هَذَا، وَاللَّهِ لَا أَقْبَلُهُمْ بَعْدَ إِحْسَانِي إِلَيْهِمْ وَعَفْوِي عَنْهُمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةً، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عَشِيرَتِكَ وَأَنْصَارِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ رَجَعُوا إلى طَاعَتِكَ، أَتَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: إِنْ فَعَلُوا فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، يَا مُسْلِمُ إِذَا دَخَلْتَ الْمَدِينَةَ ولَمْ تُصَدَّ عَنْهَا، وَسَمِعُوا وَأَطَاعُوا فَلَا تَعْرِضَنَّ لِأَحدٍ، وَامْضِ إلى الْمُلْحِدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِنْ صَدُّوكَ عَنِ الْمَدِينَةِ فَادْعُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ، فَسَتَجِدُهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ مَرْضَى، وَآخِرَهُ صُبْرًا، سُيُوفُهُمْ أَبْطَحِيَّةٌ، فَإِذَا ظَهَرَتْ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ قَدْ قُتِلَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَجَرِّدِ السَّيْفَ وَاقْتُلِ الْمُقْبِلَ وَالْمُدْبِرَ، وَأَجْهِزْ عَلَى الْجَرِيحِ وانهبها ثَلَاثًا، وَاسْتَوْصِ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَشَاوِرْ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرَ، وَإِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ، فَوَلِّهِ الْجَيْشَ2. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ ذَكَرَ الْحَرَّةَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَادَ يَنْجُو مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَقَدْ قُتِلَ ابْنَا زَيْنَبِ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَتَيْتُ بِهِمَا فَوَضَعْتُهُمَا بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنَّ الْمُصِيبَةَ عَلَيَّ فِيكُمَا لَعَظِيمَةٌ، وَهِيَ فِي هَذَا -وَأَشَارَتْ إِلَى أَحَدِهِمَا- أَعْظَمُ مِنْهَا فِي هَذَا -وَأَشَارَتْ إِلَى الْآخَرَ؛ لِأَنَّ هَذَا بَسَطَ يَدَهُ، وَأَمَّا هَذَا فَقَعَدَ فِي بَيْتِهِ، فَدُخِلَ عَلَيْهِ فَقُتِلَ، فَأَنَا أَرْجُو بِهِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: نهب مسرف بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ ثَلَاثًا، وَافْتَضَّ فِيهَا أَلْفَ عَذْرَاءَ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَخَافَهُ اللَّهُ، وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1851"، وأحمد "2/ 70، 123، 133"، وابن أبي عاصم "2/ 512" في السنة. 2 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف.

"اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صعصعة، عن عطاء بن السَّائِبِ، وَخَالَفَهُمْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ عَطَاءٍ فَقَالَ: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَتَحَدَّثُونَ قَالُوا: خَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَوْمَ الْحَرَّةِ بِجُمُوعٍ كَبِيرَةٍ، وَهَيْئَةٌ لَمْ يُرَ مِثْلَهَا، فَلَمَّا رَآهُمْ أَهْلُ الشَّامِ كَرِهُوا قِتَالَهُمْ، فَأَمَرَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بسريره، فَوُضِعَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيَهُ: قَاتِلُوا عَنِّي، أَوْ دَعُوا، فَشَدَّ النَّاسُ فِي قِتَالِهِمْ، فَسَمِعُوا التَّكْبِيرَ خَلْفَهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَأَقْحِمْ عَلَيْهِمْ بَنُو حَارِثَةَ وَهُمْ عَلَى الْحَرَّةِ، فَانْهَزَمَ النَّاسُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ مُتَسَانِدٌ إِلَى بَعْضِ بَنِيهِ يَغِطُّ نَوْمًا، فَنَبَّهَهُ ابْنُهُ، فَلَمَّا رَأَى مَا جَرَى أَمَرَ أَكْبَرَ بَنِيهِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُقَدِّمُهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْرَ سَيْفِهِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ2. وَقَالَ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ: هَا ذَاكَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ، فَقَالَ: لَا أُبَايِعُ عَلَيْهِ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانٍ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَثنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ تَمِيمٍ، كُلُّ قَدْ حَدَّثَنِي، قَالُوا: لَمَّا وَثَبَ أَهْلُ الْحَرَّةِ، وَأَخْرَجُوا بَنِي أُمَيَّةَ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَاجْتَمَعُوا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، وَبَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ قَالَ: يَا قَوْمُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَوَاللَّهِ مَا خَرَجْنَا عَلَى يَزِيدَ حَتَّى خِفْنَا أَنْ نُرْمَى بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ، إِنَّهُ رَجُلٌ يَنْكِحُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ، وَيَشْرَبُ الْخَلَّ وَيَدَعُ الصَّلَاةَ، قَالَ: فَكَانَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يَبِيتُ تِلْكَ اللَّيَالِي فِي الْمَسْجِدِ، وَمَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَشْرَبَ، يُفْطِرُ عَلَى شَرْبَةِ سَوِيقٍ وَيَصُومُ الدَّهْرَ، وَمَا رُؤِيَ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ إِخْبَاتًا، فَلَمَّا قَرُبَ الْقَوْمُ خَطَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ أَصْحَابَهُ، وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ، وَأَمَرَهُمْ بِالصِّدْقِ فِي اللِّقَاءِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إنا

_ 1 حديثٌ صحيحٌ: أخرجه أحمد "4/ 55"، وابن أبي شيبة "12/ 181" في مصنفه، وابن حبان "1039"، والطبراني "7/ 169، 171"، في الكبير. 2 خبر ضعيف: أخرجه الطبري "5/ 489"، في تاريخه، وفيه جهالة بعض الرواة. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 8"، ومسلم "1861"، وأحمد "4/ 41، 42".

بِكَ وَاثِقُونَ، فَصَبَّحَ الْقَوْمُ الْمَدِينَةَ، فَقَاتَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةَ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى كَثَّرَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ، وَدُخِلَتِ الْمَدِينَةُ مِنَ النَّوَاحِي كُلِّهَا، وَابْنُ حَنْظَلَةَ يَمْشِي بِهَا فِي عِصَابَةٍ مِنَ النَّاسِ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لِمَوْلًى لَهُ: احم لِي ظَهْرِي حَتَّى أُصَلِّي الظُّهْرَ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ، فَعَلَامَ نُقِيمُ؟ وَلِوَاؤُهُ قَائِمٌ مَا حَوْلَهُ إِلَّا خَمْسَةٌ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنَّمَا خَرَجْنَا عَلَى أَنْ نَمُوتَ، قَالَ: وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ كَالنَّعَامِ الشَّرُودِ، وَأَهْلُ الشَّامِ يَقْتُلُونَ فِيهِمْ، فَلَمَّا هُزِمَ النَّاسُ طَرَحَ الدِّرْعَ، وَقَاتَلَهُمْ حَاسِرًا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ وَهُوَ مَادٌّ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ، فَقَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ لَئِنْ نَصَبْتَهَا مَيْتًا لَطَالَمَا نَصَبْتَهَا حَيًّا1. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ مُمَعَّطَ اللِّحْيَةِ، فَقُلْتُ تَعْبَثُ بِلِحْيَتِكَ! فَقَالَ: لَا، هَذَا مَا لَقِيتُ مِنْ ظَلَمَةِ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَ الْحَرَّةِ، دَخَلُوا عَلَيَّ زَمَنَ الْحَرَّةِ فَأَخَذُوا مَا فِي الْبَيْتِ، ثُمَّ دَخَلَتْ علي طائفة، فلم يَجِدُوا فِي الْبَيْتِ شَيْئًا، فَأسِفُوا وَقَالُوا: أضْجِعُوا الشَّيْخَ، فَأَضْجَعُونِي، فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِي خُصْلَةً2. عَنْ بَعْضِهِمْ قَالُوا: وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَنَهَبُوا وَأَفْسَدُوا، وَاسْتَحَلُّوا الْحُرْمَةَ. قَالَ خَلِيفَةُ: فَجَمِيعُ مَنْ أُصِيبَ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ يَوْمَ الْحُرَّةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتَّةُ رِجَالٍ، ثُمَّ سَرَدَ أَسْمَاءَهُمْ فِي سِتِّ أَوْرَاقٍ، قَالَ: وَكَانَتِ الوقعة لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ يَوْمَ الْحَرَّةِ: هَلْ خَرَجَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ: لَا، لَزِمُوا بُيُوتَهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ مُسْرِفٌ وَقَتَلَ النَّاسَ، سَأَلَ عَنْ أَبِي، أَحَاضِرٌ هُوَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: مَا لِي لَا أَرَاهُ! فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبِي فَجَاءَهُ ومعه ابنا محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ، فَرَحَّبَ بِهِمْ، وَأَوْسَعَ لِأَبِي عَلَى سَرِيرِهِ وَقَالَ: كَيْفَ كُنْتَ؟ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكَ خَيْرًا، فَقَالَ: وَصَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: هُمَا ابْنَا عَمِّي، فَرَحَّبَ بهما. قلت: فممن أُصِيبَ يَوْمَئِذٍ: أَمِيرُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ، وَبَنُوهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ الَّذِي حَكَى وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعقل بن سنان

_ 1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 67، 68" في طبقاته، وفيه الواقدي من الضعفاء. 2 خبر ضعيف: فيه عنعنة ابن فضالة، وهو من المدلسين.

الْأَشْجَعِيُّ، حَامِلُ لِوَاءِ قَوْمِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَوَاسِعُ بْنُ حِبَّانَ الْأَنْصَارِيُّ، مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ، وَكَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، أَحَدُ مَنْ نَسَخَ الْمَصَاحِفَ الَّتِي سَيَّرَهَا عُثْمَانُ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى الْأَمْصَارِ، وَأَبُوهُ أَفْلَحُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، قُتِلَا مَعَ مَعْقِلِ الْأَشْجَعِيِّ صَبْرًا. وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ: سَعْدٌ، وَسُلَيْمَانُ، وَيَحْيَى، وَإِسْمَاعِيلُ، وَسَلِيطٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بَنُو زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ لِصُلْبِهِ. قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ. وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ نُعَيْمِ النَّحَّامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ1. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ النحام أحد الرؤوس يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ زَوْجُ رُقَيَّةَ ابْنَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَقُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةَ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، وَيَزِيدُ، وَوَهْبُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَيَعْقُوبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو حَكِيمَةَ مُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ الْقَارِئُ، الَّذِي أَقَامَهُ عُمَرُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ التَّرَاوِيحَ، وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَوَى عَنْهُ سَعِيدٌ الْمَقْبُريُّ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَمِنْهُمْ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أُنَيْسٍ، تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ. قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: أَتَى مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْأَسَدِيِّ فَقَالَ: بَايِعْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسَنَةِ نَبِيِّهِ، فَامْتَنَعَ، فَأَمَرَ بِهِ مُسْلِمَ فَقُتِلَ2. وَقَالَ: دَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ3 لِيَزِيدَ، يَحْكُمُ فِي أَهْلِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مَا شَاءَ، حَتَّى أُتِيَ بِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَكَانَ صَدِيقًا لِيَزِيدَ وَصَفِيًّا لَهُ، فَقَالَ: بَلْ أُبَايِعُكَ على أني ابن عم أمير المؤمنين،

_ 1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 170، 171"، وفيه الواقدي. 2 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف. وأخرجه الطبري "5/ 492" في تاريخه. 3 عبيد وخدم.

يَحْكُمُ فِي دَمِي وَأَهْلِي، فَقَالَ: اضْرِبَا عُنُقَهُ، فَوَثَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ مُسْلِمٌ: وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُهُ أَبَدًا، وَقَالَ: إِنْ تَنَحَّى مَرْوَانَ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُمَا مَعًا، فَتَرَكَهُ مَرْوَانُ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَقُتِلَ أَيْضًا صَبْرًا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَجَاءَ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ أَبِي الْجَهْمِ كَانَا فِي قَصْرِ العرصة، فَأَنْزَلَهُمَا مُسْلِمٌ بِالْأَمَانِ، ثُمَّ قَتَلَهُمَا، وَقَالَ لِمُحَمَّدٍ: أَنْتَ الْوَافِدُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَصَلَكَ وَأَحْسَنَ جَائِزَتَكَ، ثُمَّ تَشَهَّدَ عَلَيْهِ بِالشُّرْبِ1. وَقِيلَ: بَلْ قَالَ لَهُ: تُبَايِعُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنَّكَ عَبْدٌ قَنٍّ، إِنْ شَاءَ أَعْتَقَكَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّكَ، قَالَ: بَلْ أُبَايِعُ عَلَى أَنِّي ابْنُ عَمِّ لَئِيمٍ، فَقَالَ: اضْرِبُوا عُنُقَهُ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ من حملة القرآن سبعمائة. قلت: ولما فَعَلَ يَزِيدُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ، وَقُتِلَ الْحُسَيْنُ وَإِخْوَتُهُ وَآلُهُ، وَشَرِبَ يَزِيدُ الْخَمْرَ، وَارْتَكَبَ أَشْيَاءَ مُنْكَرَةً، بَغِضَهُ النَّاسُ، وَخَرَجَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُبَارِكِ اللَّهُ فِي عُمْرِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو بِلَالِ مِرْدَاسِ بْنِ أُدَيَّةَ الْحَنْظَلِيُّ. قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: فَوَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ جَيْشًا لِحَرْبِهِ، فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَتَلَهُ أَبُو بِلَالٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أيَضًا عَبَّادَ بْنَ أَخْضَرَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَقَاتَلُوا أَبَا بِلَالٍ فِي سَوَادِ مَيْسَانَ، ثُمَّ قُتِلَ عَبَّادُ غِيلَةً. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيدٍ: خَرَجَ أَبُو بِلَالٍ أَحَدُ بَنِي رَبِيعَةَ بْنُ حَنَظْلَةَ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فَلَمْ يُقَاتِلْ أَحَدًا، لَمْ يَعْرِضْ لِلسَّبِيلِ، وَلَا سَأَلَ، حَتَّى نَفَذَ زَادُهُمْ وَنَفَقَاتُهُمْ، حَتَّى صَارُوا يَسْأَلُونَ، فَبَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِقِتَالِهِمْ جَيْشًا، عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِصْنٍ الثَّعْلَبِيُّ، فَهَزَمُوا أَصْحَابَهُ، ثُمَّ بَعَثَ عَلَيْهِمْ عَبَّادَ بْنُ أَخْضَرَ، فَقَتَلَهُمْ أَجْمَعِينَ2. وَرَوَى غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: خَرَجَ أَبُو بلال من البصرة في

_ 1 خبر ضعيف: فيه انقطاع. 2 خبر صحيح. أخرجه خليفة بن خياط "256".

أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا، فَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ فِي قَافِلَةٍ قَالَ: جَاءُونَا يَقُودُونَ خُيُولَهُمْ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بِلَالٍ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُمْ مَا كَانَ يُؤْتَى إِلَيْنَا، وَلَعَلَّنَا لَوْ صَبَرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَنَا، وَقَدْ أَصَابَتْنَا خَصَاصَةٌ1، فَتَصَدَّقُوا، إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ، قَالَ: فَجَاءَهُ التُّجَّارُ بِالْبُدَرِ2، فَوَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: لَا، إِلَّا دِرْهَمَيْنِ لِكُلِّ رَجُلٍ، فَلَعَلَّنَا لَا نَأْكُلُهَا حَتَّى نُقْتَلَ، فَأَخَذَ ثَمَانِينَ دِرْهَمًا لَهُمْ، قَالَ: فَسَارَ إِلَيْهِمْ جُنْدٌ فَقَتَلُوهُمْ3. وَقَالَ عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ: كَانَ أَبُو بِلَالٍ صَدِيقًا لِأَبِي الْعَالِيَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَبَا الْعَالِيَةِ خُرُوجُهُ، أَتَاهُ فَكَلَّمَهُ فَمَا نَفَعَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ أَبُو بِلَالٍ يَلْبَسُ سِلَاحَهُ فِي اللَّيْلِ، وَيَرْكَبُ فَرَسَهُ، فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَقُولُ: إِنِّي وَزَنْتُ الَّذِي يَبْقَى لِأَعْدِلَهُ ... مَا لَيْسَ يَبْقَى فَلَا وَاللَّهِ مَا اتَّزَنَا خَوْفُ الْإِلَهِ وَتَقْوَى اللَّهِ أَخْرَجَنِي ... وَيَبِيعُ نَفْسِي بِمَا لَيْسَتْ لَهُ ثَمَنَا وَخَرَجَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ فِي آخِرِ خِلَافَةِ يَزِيدَ، فَاعْتَرَضَ النَّاسُ، فَانْتَدَبَ لَهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْسٍ الْعَبْشَمِيِّ الْقُرَشِيِّ، فَقُتِلَا كِلَاهُمَا. قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي فِي جَيْشِ ابْنِ عُبَيْسٍ، فَلَقَيْنَاهُمْ بِدُولَابٍ، فَقُتِلَ مِنَّا خَمْسَةُ أُمَرَاءَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ قُرَّةُ بْنُ إياس المزني وأبو معاوية، وله صحبة ورواية. وقال أبو اليقطان: قَتَلَ رَبِيعَةُ السَّلِيطِيُّ مُسْلِمَ بْنَ عُبَيْسٍ فَارِسَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الْأَزْرَقِ رَأَّسَتِ الْخَوَارِجُ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَاحُوزٍ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى الْمَدَائِنِ. وَلَمَّا قُتِلَ مَسْعُودٌ الْمُعَنَّى غَلَبُوا عَلَى الْأَهْوَازِ وَجَبُوا الْمَالَ، وَأَتَتْهُمُ الْأَمْدَادُ مِنَ الْيَمَامَةِ وَالْبَحْرَيْنِ، وَخَرَجَ طَوَّافُ بْنُ الْمُعَلَّى السَّدُوسِيُّ فِي نَفَرٍ مِنَ الْعَرَبِ، فَخَرَجَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَحَكَّمَ أُبَيَّ قَالَ: لَا حُكْمَ إِلَّا عِنْدَ قَصْرِ أَوْسٍ، فَرَمَاهُ النَّاسُ بِالْحِجَارَةِ، وَقَاتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قُتِلَ وَتَمَزَّقَ جمعه4.

_ 1 خصاصة: شدة. 2 البدر: أكياس أو صرر الأموال، والبدرة فيها عشرة آلاف. 3 تاريخ خليفة "256". 4 تاريخ خليفة "259".

حوادث سنة أربع وستين: المتوفون في هذه السنة

حوادث سنة أربع وستين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: رَبِيعَةُ الْجُرَشِيُّ فِي ذِي الْحِجَّةِ بِمَرْجِ رَاهِطٍ1، وَشَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ السَّدُوسِيُّ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَمَعْنُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ، وَابْنُهُ ثَوْرٌ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فِي آخرها، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الأموي، وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَمَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو الْأَزْدِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: لَمَّا فَرَغَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ مِنَ الْحَرَّةِ، تَوَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيَّ، فَأَدْرَكَ مُسْلِمًا الْمَوْتُ، وَعَهِدَ بِالْأَمْرِ إِلَى حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرِ، فَقَالَ: انْظُرْ يَا بَرْذَعَةَ الْحِمَارِ، لَا تُرْعِ سَمْعَكَ قُرَيْشًا، وَلَا تَرُدَّنَّ أَهْلَ الشَّامِ عَنْ عَدُوِّهِمْ، وَلَا تُقِيمَنَّ إِلَّا ثَلَاثًا حَتَّى تُنَاجِزَ ابْنَ الزُّبَيْرِ الْفَاسِقَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَعْمَلْ عَمَلًا قَطُّ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَا أَرْجَى عِنْدِي مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ، فَقَدِمَ حُصَيْنٌ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ بَايَعَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَنَفِيُّ الْحَرُورِيُّ، فِي أُنَاسٍ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَجَرَّدَ أَخَاهُ الْمُنْذِرَ لِقِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ، وَكَانَ مِمَّنْ شَاهَدَ الْحَرَّةَ، ثُمَّ لَحِقَ بِهِ فَقَاتَلَهُمْ سَاعَةً، ثُمَّ دعى إلى الْمُبَارَزَةِ، فَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ، وَخَرَّ مَيِّتًا، وَقَاتَلَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى قُتِلَ، صَابَرَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْقِتَالِ إِلَى اللَّيْلِ، ثُمَّ حَاصَرُوهُ بِمَكَّةَ شَهْرَ صَفَرَ، وَرَمَوْهُ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَكَانُوا يُوقِدُونَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَأَقْبَلَتْ شَرَرَةٌ هَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ، فَأَحْرَقَتِ الْأَسْتَارَ وَخَشَبَ السَّقْفِ، سَقْفُ الْكَعْبَةِ، وَاحْتُرِقَ قَرْنَا الْكَبْشِ الَّذِي فَدَى اللَّهُ به إِسْمَاعِيلَ، وكانا فِي السَّقْفِ. قَالَ: فَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ مَوْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَنَادَى بِأَهْلِ الشَّامِ: إِنَّ طَاغِيَتَكُمْ قَدْ هَلَكَ، فَغَدَوْا يُقَاتِلُونَ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِلْحُصَيْنِ بن نُمَيْرٍ: أُدْنُ مِنِّي أُحَدِّثُكَ، فَدَنَا، فَحَدَّثَهُ، فَقَالَ: لَا نُقَاتِلُكَ، فَائْذَنْ لَنَا نَطُفْ بِالْبَيْتِ وَنَنْصَرِفْ، فَفَعَلَ. وَذَكَرَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ، أَنَّ الْحُصَيْنَ سَأَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ مَوْعِدًا بِاللَّيْلِ، فَالْتَقَيَا بِالْأَبْطَحِ، فَقَالَ لَهُ الْحُصَيْنُ: إِنْ يَكُ هَذَا الرَّجُلُ قد هلك، فأنت أحق الناس بهذا

_ 1 إحدى أشهر الأماكن في ديار الشام، وكانت عنده مواقع حاسمة.

الأمر، هلم نبايعك، ثم اخرج معي إلى الشَّامِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ وُجُوهُ أَهْلِ الشَّامِ وَفُرْسَانُهُمْ، فَوَاللَّهِ لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اثْنَانِ، وَأَخَذَ الْحُصَيْنُ يُكَلِّمُهُ سِرًّا، وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَجْهَرُ جَهْرًا، وَيَقُولُ: أَفْعَلُ، فَقَالَ الْحُصَيْنُ: كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ لَكَ رَأْيًا، أَلَا أَرَانِي أُكَلِّمُكَ سِرًّا وَتُكَلِّمُنِي جَهْرًا، وَأَدْعُوكَ إِلَى الْخِلَافَةِ وَتَعِدُنِي الْقَتْلَ! ثُمَّ قَامَ وَسَارَ بِجَيْشِهِ، وَنَدِمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَأَرْسَلَ وَرَاءَهُ يَقُولُ: لَسْتُ أَسِيرُ إِلَى الشَّامِ، إِنِّي أَكْرَهُ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ، وَلَكِنْ بَايِعُوا لِي الشَّامَ، فَإِنِّي عَادِلٌ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ سَارَ الْحُصَيْنِ، وَقَلَّ عَلَيْهِمُ الْعَلْفُ، وَاجْتَرَأَ عَلَى جَيْشِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ، وَجَعَلُوا يَتَخَطَّفُونَهُمْ وَذُلُّوا، وَسَارَ مَعَهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ1. وَقَالَ غَيْرُهُ: سَارَ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى إِذَا صَدَرَ عَنِ الْأَبْوَاءِ هَلَكَ، وَأَمَّرَ عَلَى جَيْشِهِ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ الْكِنْدِيَّ، فَقَالَ: قَدْ دَعَوْتُكَ، وَمَا أَدْرِي أَسْتَخْلِفُكَ عَلَى الْجَيْشِ، أَوْ أُقَدِّمُكَ فَأَضْرِبُ عُنُقَكَ، قَالَ: أصلحك اللَّهُ، سَهْمُكَ، فَارْمِ بِهِ حَيْثُ شِئْتَ، قَالَ: إِنَّكَ أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ جَافٌّ، وَإِنَّ قُرَيْشًا لَمْ يُمَكِّنْهُمْ رَجُلٌ قَطُّ مِنْ أُذُنِهِ إِلَّا غَلَبُوهُ عَلَى رَأْيِهِ، فَسِرْ بِهَذَا الْجَيْشِ، فَإِذَا لَقِيتَ الْقَوْمَ فَاحْذَرْ أَنْ تُمَكِّنَهُمْ مِنْ أُذُنَيْكَ، لَا يَكُونُ إِلَّا الْوِقَافُ ثُمَّ الثِّقَافُ ثُمَّ الانصراف2. وفاة يزيد بن معاوية: وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ لَيْلًا، وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ يَرُدُّونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، قال ابن عون: فقمت فِي مَشْرَبةٍ لَنَا فِي دَارِ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَصِحْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: يَا أَهْلَ الشَّامِ، يَا أَهْلَ النِّفَاقِ وَالشُّؤْمِ، قَدْ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَاتَ يَزِيدُ، فَصَاحُوا وَسَبُّوا وَانْكَسَرُوا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَاءَ شَابٌّ فَاسْتَأْمَنَ، فَأَمَّنَّاهُ، فَجَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ، وَأَشْيَاخٌ جُلُوسٌ فِي الْحِجْرِ، وَالْمِسْوَرُ يَمُوتُ فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ الشَّابُّ: إِنَّكُمْ مَعْشَرُ قُرَيْشٍ، إِنَّمَا هَذَا الْأَمْرُ أَمْرُكُمْ، وَالسُّلْطَانُ لَكُمْ، وَإِنَّمَا خَرَجْنَا فِي طَاعَةِ رَجُلٍ مِنْكُمْ، وَقَدْ هَلَكَ، فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تَأْذَنُوا لَنَا فَنَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَنَنْصَرِفُ إِلَى بِلَادِنَا، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَى رَجُلٍ. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَا، وَلَا كَرَامَةَ، فَقَالَ ابْنُ صَفْوَانَ: لِمَ! بَلَى نَفْعَلُ ذَلِكَ، فَدَخَلَا على المسور

_ 1 خبر ضعيف: فيه انقطاع. وانظر: تاريخ الطبري "5/ 502، 503". 2 تاريخ خليفة "254"، "255".

فَقَالَ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [آل عمران: 114] ، الْآيَةَ، قَدْ خَرَّبُوا بَيْتَ اللَّهِ، وَأَخَافُوا عُوَّادَهُ، فَأَخِفْهُمْ كَمَا أَخَافُوا عُوَّادَهُ، فَتَرَاجَعُوا، وَغُلِبَ الْمِسْوَرُ وَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ1. قُلْتُ: وَكَانَ لَهُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ قَدْ أَصَابَهُ مِنْ حَجَرِ الْمَنْجَنِيقِ شَقَّهُ فِي خَدِّهِ فَهَشَمَ خَدُّهُ. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ دَعَاهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، فَبَايَعُوهُ، وَأَبَى عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَقَالَا: حَتَّى تَجْتَمِعَ لَكَ الْبِلَادُ وَمَا عِنْدَنَا خِلَافٌ، فَكَاشَرَهُمَا ثُمَّ غَلَظَ عَلَيْهِمَا سنة سِتَّ وستين2. البيعة لابن الزبير: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا بَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ مَوْتُ يَزِيدَ بَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، لَمَّا خَطَبَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ إِنَّمَا يَدْعُو إِلَى الشورى، فبايعوه في رجب. البيعة لمعاوية بن يزيد: وَلَمَّا هَلَكَ يَزِيدُ بُويِعَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ، فَبَقِيَ فِي الْخِلَافَةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقِيلَ: شَهْرَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مُتَمَرِّضًا، والضحاك بْنُ قَيْسٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ قِيلَ لَهُ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ فَأَبى وَقَالَ: مَا أَصَبْتُ مِنْ حَلَاوَتِهَا، فَلَمْ أَتَحَمَّلْ مَرَارَتَهَا3! وَكَانَ لَمْ يُغَيِّرْ أَحَدًا مِنْ عُمَّالِ أَبِيهِ. وَكَانَ شَابًّا صَالِحًا، أبيض جميلًا وَسِيمًا، عَاشَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَرَادَتْ بَنُو أُمَيَّةَ عُثْمَانَ هَذَا عَلَى الْخِلَافَةِ، فَامْتَنَعَ وَلَحِقَ بِخَالِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وقَالَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عِنْدَ موت معاوية: أقيموا أمركم قبل أن

_ 1 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 2 انظر السابق. 3 خبر صحيح: أخرجه أبو زرعة "757" في تاريخ دمشق، وانظر: البداية "8/ 256"، وتاريخ الخلفاء "ص/ 334" للسيوطي.

يَدْخُلَ عَلَيْكُمْ شَامَكُمْ، فَتَكُونُ فِتْنَةً، فَكَانَ رَأْيُ مَرْوَانَ أَنْ يُرَدَّ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَيُبَايِعُهُ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ هَارِبًا مِنَ الْعِرَاقِ، وَكَانَ عِنْدَمَا بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ خَطَبَ النَّاسَ، وَنَعَى إِلَيْهِمْ يَزِيدَ وَقَالَ: اخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَمِيرًا، فقَالُوا: نَخْتَارُكَ حَتَّى يَسْتَقِيمَ أَمْرُ النَّاسِ، فَوَضَعَ الدُّيُونَ وَبَذَلَ الْعَطَاءَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ سَلَمَةُ الرياحي بِنَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ، فَدَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَزْدِيُّ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ: اخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ، قَالُوا: نَخْتَارُكَ، فَبَايَعُوهُ وَقَالُوا: أَخْرِجْ لَنَا إِخْوَانَنَا، وَكَانَ قَدْ مَلَأَ السُّجُونَ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّهُمْ يُفْسِدُونَ عَلَيْكُمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَخْرَجَهُمْ، فَجَعَلُوا يُبَايِعُونَهُ، فَمَا تَتَامَّ آخِرُهُمْ حَتَّى أَغْلَظُوا لَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا فِي نَاحِيَةِ بَنِي تَمِيمٍ1. وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَجَعَلُوا يَمْسَحُونَ أَيْدِيَهُمْ بِجُدُرِ بَابِ الْإِمَارَةِ، وَيَقُولُونَ: هَذِهِ بَيْعَةُ ابْنِ مَرْجَانَةَ، وَاجْتَرَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ حَتَّى نَهَبُوا خَيْلَهُ مِنْ مَرْبَطِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَهَرَبَ بِاللَّيْلِ، فَاسْتَجَارَ بِمَسْعُودِ بْنِ عَمْرِو رَئِيسِ الْأَزْدِ، فَأَجَارَهُ. ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ بَايَعُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيَّ بَبَّةَ، وَرَضُوا بِهِ أميرًا عليهم، واجتمع الناس لتتمة الْبَيْعَةِ، فَوَثَبَتِ الْحَرُوريَّةُ عَلَى مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَتَلُوهُ، وَهَرَبَ النَّاسُ، وَتَفَاقَمَ الشَّرُّ، وَافْتَرَقَ الْجَيْشُ فرقتين، وكانوا نحوًا من خَمْسِينَ أَلْفًا، وَاقْتَتَلُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَكَانَ عَلَى الْخَوَارِجِ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ. وَقَالَ الزُّبَيْرِ بْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ إِنَّ مَسْعُودًا جَهَّزَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ مِائَةً مِنَ الْأَزْدِ، فَأَقْدَمُوهُ الشَّامَ. وَرَوَى ابْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ الْجَهْضَمِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ زِيَادٍ: إِنِّي لَأَعْرِفُ سُورًا كَانَ فِي قَوْمِكَ، قَالَ الْحَارِثُ: فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ فَأَرْدَفْتُهُ عَلَى بَغْلَتِي، وَذَلِكَ لَيْلًا، وَأَخَذَ عَلَى بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قُلْتُ: بَنُو سُلَيْمٍ، قَالَ: سَلِمْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ مَرَرْنَا عَلَى بَنِي نَاجِيَةَ وَهُمْ جُلُوسٌ مَعَهُمُ السِّلَاحُ، فَقَالُوا: مَنْ ذَا؟ قُلْتُ: الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، قَالُوا: امْضِ رَاشِدًا، فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا وَاللَّهِ ابْنُ مَرْجَانَةَ خَلْفَهُ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ، فَوَضَعَهُ فِي كَوْرِ عِمَامَتِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدُ من هؤلاء؟ قلت:

_ 1 تاريخ الطبري "5/ 505".

الَّذِينَ كُنْتُ تَزْعُمُ أَنَّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ، هَؤُلَاءِ بَنُو نَاجِيَةَ، فَقَالَ: نَجَوْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ قَدْ أَحْسَنْتَ وَأَجْمَلْتَ، فَهَلْ تَصْنَعُ مَا أُشِيرَ بِهِ عَلَيْكَ، قَدْ عَرَفْتَ حَالَ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو وَشَرَفَهُ وَسِنَّهُ، وَطَاعَةَ قَوْمِهِ لَهُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَذْهَبَ بِي إِلَيْهِ، فَأَكُونُ فِي دَارِهِ، فَهِيَ أَوْسَطُ الْأَزْدِ دَارًا، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ تَصَدَّعَ عَلَيْكَ قَوْمُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ، فَأُشْعِرَ مَسْعُودٌ وَهُوَ جَالِسٌ يُوقِدُ لَهُ بِقَصَبٍ عَلَى لَبِنَةٍ، وَهُوَ يُعَالِجُ أَحَدَ خُفَّيْهِ بِخَلْعِهِ، فَعَرَفَنَا فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ طَوَارِقِ السُّوءِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَفَتُخْرِجُهُ بَعْدَمَا دَخَلَ عَلَيْكَ بَيْتَكَ! فَأَمَرَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَ ابْنِهِ عَبْدِ الْغَافِرِ، وَرَكِبَ مَعِي فِي جَمَاعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَطَافَ فِي الْأَزْدِ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ قَدْ فُقِدَ، وَإِنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ نُلْطَخَ بِهِ، فَأَصْبَحَتِ الْأَزْدُ فِي السِّلَاحِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ قَدْ فَقَدُوا ابْنَ زِيَادٍ فَقَالُوا: أَيْنَ تَوَجَّهَ، مَا هُوَ إِلَّا فِي الْأَزْدِ؟ قَالَ خَلِيفَةُ: قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: فَسَارَ مَسْعُودٌ وَأَصْحَابُهُ يُرِيدُونَ دَارَ الْإِمَارَةِ، وَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ، وَقَتَلُوا قَصَّارًا كَانَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَنَهَبُوا دَارَ امْرَأَةٍ، وَبَعَثَ الْأَحْنَفُ حِينَ عَلِمَ بذَلِكَ إِلَى بَنِي تَمِيمٍ، فَجَاءُوا، وَدَخَلَتِ الْأَسَاوِرَةُ الْمَسْجِدَ فَرَمَوْا بِالنُّشَّابِ، فَيُقَالُ: فَقَأُوا عَيْنَ أَرْبَعِينَ نَفْسًا. وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَى مَسْعُودٍ فَقَتَلَهُ، وَهَرَبَ مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ، فَلَجَأَ إِلَى بَنِي عَدِيٍّ، وَانْهَزَمَ النَّاسُ1. وقال الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَدِمَ الشَّامَ، وَقَدْ بَايَعَ أَهْلُهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، مَا خَلَا أَهْلِ الْجَابِيَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، فَبَايَعَ هُوَ وَمَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ مُعَاوِيَةَ، فِي نِصْفِ ذِي الْقَعْدَةِ، ثُمَّ سَارُوا فَالْتَقَوْا هُمْ وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ بِمَرْجِ رَاهِطٍ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ الضَّحَّاكُ فِي سِتِّينَ أَلْفًا، وَكَانَ مَرْوَانُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا، فَأقَامُوا عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لِمَرْوَانَ: إِنَّ الضَّحَّاكَ فِي فُرْسَانِ قَيْسٍ، وَلَنْ تَنَالَ مِنْهُمْ مَا تُرِيدَ إِلَّا بِمَكِيدَةٍ، فَسَلْهُمُ الْمُوَادَعَةَ، وَأَعِدَّ الْخَيْلَ، فَإِذَا كَفُّوا عَنِ الْقِتَالِ فادهمهم2، قَالَ: فَمَشَتْ بَيْنَهُمُ السُّفَرَاءُ حَتَّى كَفَّ الضَّحَّاكُ عَنِ الْقِتَالِ، فَشَدَّ عَلَيْهِمْ مَرْوَانُ فِي الْخَيْلِ، فَنَهَضُوا لِلْقِتَالِ مِنْ غَيْرِ تَعْبِئَةٍ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَقُتِلَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ فُرْسَانِ قَيْسٍ3. وسنورد من أخباره في اسمه.

_ 1 تاريخ خليفة "258". 2 أي فجأهم بغتة. 3 تاريخ خليفة "259".

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَمَّا مَاتَ يَزِيدُ انْتَقَضَ أَهْلُ الرَّيِّ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ أَمِيرُ الْكُوفَةِ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَيْرِ بْنِ عُطَارِدٍ الدَّارَمِيَّ. وَكَانَ إِصْبَهْبَذَ الرَّيِّ1يَوْمَئِذٍ الْفَرُّخَانُ، فَانْهَزَمَ الْفَرُّخَانُ وَالْمُشْرِكُونَ. وَفِيهَا ظَهَرَتِ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ بِمِصْرَ، ودعوا إلى عبد اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانُوا يَظُنُّونَهُ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، وَلَحِقَ بِهِ خَلْقٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى الْحِجَازِ، فَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مِصْرَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَمٍ الْفِهْرِيَّ، فَوَثَبُوا عَلَى سَعِيدٍ الْأَزْدِيِّ فَاعْتَزَلَهُمْ. وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ، فَإِنَّهُمْ بَعْدَ هُرُوبِ ابْنِ زِيَادٍ اصْطَلَحُوا عَلَى عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ الْجُمَحِيِّ، فَأَقَرَّهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. وَفِيهَا هَدَمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ لَمَّا احْتَرَقَتْ، وَبَنَاهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا -الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ، وَمَتْنُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ، وَلَأَدْخَلْتُ الْحِجْرَ فِي الْبَيْتِ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ، بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ" 2، وَقَالَ: "إِنَّ قُرَيْشًا قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ، فَتَرَكُوا مِنْ أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ الْحِجْرَ، وَاقْتَصَرُوا عَلَى هَذَا"، وَقَالَ: "إِنَّ قَوْمَكِ عَمِلُوا لَهَا بَابًا عَالِيًا، لِيُدْخِلُوا مَنْ أَرَادُوا، أَوْ يَمْنَعُوا مَنْ أَرَادُوا". فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَبِيرًا، وَأَلْصَقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَوُلِّيَ الْحَجَّاجُ عَلَى مَكَّةَ أَعَادَ الْبَيْتَ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَقَضَ حَائِطَهُ مِنْ جِهَةِ الْحِجْرِ فَصَغَّرَهُ، وَأَخْرَجَ مِنْهُ الْحِجْرَ، وَأَخَذَ مَا فَضَلَ مِنَ الْحِجَارَةِ، فَدَكَّهَا فِي أَرْضِ الْبَيْتِ، فَعَلَا بَابُهُ، وسد الباب الغربي3.

_ 1 إصبهبذ: هو رئيس بلاد طبرستان، وكل من يتولى الحكم فيها يطلق عليه ذلك اللقب. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "2/ 180"، ومسلم "1333"، والنسائي "5/ 216"، وأحمد "6/ 239، 253، 262"، والبيهقي "5/ 89" في سننه الكبري. 3 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 261"، وتاريخ الطبري "5/ 524، 530، 540" صحيح التوثيق "5/ 96".

حوادث سنة خمس وستين: المتوفون في هذه السنة

حوادث سنة خمس وستين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: أُسَيْدُ بْنُ ظُهَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الله بن عمرو بن العاص، ومروان ابن الْحَكَمِ، وَسُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ، وَمَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ السُّكُونِيُّ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ، وَقِيلَ: فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الهمداني الأعور. البيعة لمروان بن الحكم: وَلَمَّا انْقَضَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ بَايَعَ أَكْثَرُ أَهْلِ الشَّامِ لِمَرْوَانَ، فَبَقِيَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَمَاتَ، وَعَهِدَ إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَفِيهَا: دَخَلَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ الْأَزْدِيُّ خُرَاسَانَ أَمِيرًا عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَلَّمَهُ أَمِيرُهَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ فِي قِتَالِ الْأَزَارِقَةِ1 وَالْخَوَارِجِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَمَدُّوهُ بِالْجُيُوشِ، فَسَارَ وَحَارَبَ الْأَزَارِقَةَ أَصْحَابَ ابْنِ الْأَزْرَقِ، وَصَابَرَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ حَتَّى كَسَرَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ أربع آلَافِ وَثَمَانِمِائَةٍ. وَفِيهَا: سَارَ مَرْوَانُ بِجُيُوشِهِ إِلَى مِصْرَ، وَقَدْ كَانَ كَاتِبُهُ كُرَيْبُ بْنُ أَبْرَهَةَ، وَعَابِسُ بْنُ سَعِيدٍ قَاضِي مِصْرَ، فَحَاصَرَ جَيْشَهُ وَالِي مِصْرَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَخَنْدَقَ عَلَى الْبَلَدِ، وَخَرَجَ أَهْلُ مِصْرَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يُسَمُّونَهُ يَوْمَ التَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ مِصْرَ كَانُوا يَنْتَابُونَ الْقِتَالَ وَيَسْتَرِيحُونَ، وَاسْتَحَرَّ الْقَتْلَ فِي الْمَعَافِرِ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يزيد بن معديكرب الْكَلَاعِيُّ، أَحَدُ الْأَشْرَافِ، ثُمَّ صَالَحُوا مَرْوَانَ، فَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا بِيَدِهِ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ، وَأَخَذُوا فِي دفن قتلاهم وفي البكاء، ثم تجهز إلى مِصْرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَحْدَمٍ، وَأَسْرَعَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَضَرَبَ مَرْوَانُ عُنُقَ ثمانين رَجُلًا تَخَلَّفُوا عَنْ مُبَايَعَتِهِ. وَضَرَبَ عُنُقَ الْأُكَيْدِرِ بْنِ حَمَامٍ اللَّخْمِيِّ سَيِّدِ لَخْمٍ وَشَيْخِهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَكَانَ مَنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ فِي نِصْفِ جُمَادِي الْآخِرَةِ، يَوْمَ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَمَا قَدَرُوا يَخْرُجُونَ بِجِنَازَةِ عَبْدِ اللَّهِ، فَدَفَنُوهُ بِدَارِهِ. وَاسْتَوْلَى مَرْوَانُ عَلَى مِصْرَ، وَأَقَامَ بِهَا شَهْرَيْنِ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا ابْنَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ، وَتَرَكَ عِنْدَهُ أَخَاهُ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ، وَمُوسَى بْنَ نُصَيْرِ وَزِيرًا، وَأَوْصَاهُ بِالْمُبَايَعَةِ فِي الإحسان إلى الأكابر، ورجع إلى الشام.

_ 1 من الفرق الضالة كالخوارج، بل هي طائفة منهم.

وَفِيهَا وَفَدَ الزُّهْرِيُّ عَلَى مَرْوَانَ، قَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَفَدْتُ عَلَى مَرْوَانَ وَأَنَا مُحْتَلِمٌ. قُلْتُ: وَهَذَا بَعِيدٌ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ وِفَادَتَهُ أَوَّلَ شَيْءٍ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي أَوَاخِرِ إِمَارَتِهِ. وَفِيهَا وَجَّهَ مَرْوَانُ حُبَيْشُ بْنُ دُلْجَةَ الْقَيْنِيَّ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، فَسَارَ وَمَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ أَخُو مَرْوَانَ، وَأَبُو الْحَجَّاجُ يُوسُفُ الثَّقَفِيُّ، وَابْنُهُ الْحَجَّاجُ وَهُوَ شَابٌّ، فَجَهَّزَ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةِ مِنْ جِهَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ جيشاُ مِنَ الْبَصْرَةِ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَحُبَيْشٌ بِالرَّبَذَةِ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ، فَقُتِلَ حُبَيْشُ بْنُ دُلْجَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ الْجَيْشِ، وَهَرَبَ مَنْ بَقِيَ، فَتَخَطَّفَتْهُمُ الْأَعْرَابُ، وَهَرَبَ الْحَجَّاجُ1 رِدْفَ أَبِيهِ2. وفيها دعا ابن الزيبر إِلَى بَيْعَتِهِ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَحَصَرَهُ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ فِي جَمَاعَةِ مِنْ بَيْتِهِ وَشِيعَتِهِ وَتَوَعَّدَهُمْ. وفِيهَا خَرَجَ بَنُو مَاحُوزٍ بِالْأَهْوَازِ وَفَارِسٍ، وَتَقَدَّمَ عَسْكَرُهُمْ، فَاعْتَرَضُوا أَهْلَ الْمَدَائِنِ، فَقَتَلُوهُمْ أَجْمَعِينَ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى أَصْبَهَانَ، وَعَلَيْهَا عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ الرِّيَاحِيُّ، فَقَتَلَ ابْنُ مَاحُوزٍ، وَانْهَزَمَ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ مَعَهُ، ثُمَّ أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ قَطَرِيَّ بْنَ الفُجَاءَةِ. وَأَمَّا نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ3 فَإِنَّهُ قَدِمَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي فِي جُمُوعِهِ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَاتَلُوا مَعَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ أَهْلُ الشَّامِ اجْتَمَعُوا بِابْنِ الزُّبَيْرِ وَسَأَلُوهُ: مَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ؟ فَقَالَ: تَعَالَوُا الْعَشِيَّةَ حَتَّى أُجِيبَكُمْ، ثُمَّ هَيَّأَ أَصْحَابَهُ بِالسِّلَاحِ، فَجَاءَتِ الْخَوَارِجُ، فَقَالَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ خَشِيَ الرَّجُلُ غَائِلَتَكُمْ، ثُمَّ دَنَا مِنْهُ فَقَالَ: يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ، وَابْغَضِ الْجَائِرَ، وَعَادِ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الضَّلَالَةَ، وَخَالِفْ حُكْمَ الْكِتَابِ، وَإِنْ خَالَفْتَ فَأَنْتَ مِنَ الَّذِينَ اسْتَمْتَعُوا بخلافهم، وَأَذْهَبُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا. ثُمَّ تَكَلَّمَ خطيب القوم عبيدة بن هلال، فأبلغ.

_ 1 ردف: خلف سائق الدابة. 2 تاريخ الطبري "5/ 611، 612". 3 نسبة إلى بلدة حروراء بالعراق، وبها نشأت الخوارج واعتزلت.

ثُمَّ تَكَلَّمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ فِي آخِرِ مَقَالَتِهِ: أَنَا وَلِيُّ عُثْمَانَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قالوا: فبريء الله منك يا عدو الله، فقال: وبريء مِنْكُمْ يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ، فَتَفَرَّقُوا عَلَى مِثْلِ هَذَا. وَرَحَلُوا، فَأَقْبَلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ الْحَنْظَلِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ السَّعْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ إِبَاضٍ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ بَيْهَسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَابْنُ الْمَاحُوزِ الْيَرْبُوعِيُّ، حَتَّى قَدِمُوا الْبَصْرَةَ، وَانْطَلَقَ أَبُو طَالُوتَ، وَأَبُو فُدَيْكٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْرٍ، وَعَطِيَّةُ الْيَشْكُرِيُّ، فَوَثَبُوا بِالْيَمَامَةِ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نَجْدَةَ بْنِ عَامِرٍ الْحَنَفِيِّ الْحَرُورِيِّ. وَلَمَّا رَجَعَ مَرْوَانُ إِلَى دِمَشْقَ إِذَا مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ قَدِمَ فِي عَسْكَرٍ مِنَ الْحِجَازِ يَطْلُبُ فِلَسْطِينَ، فَسَرَّحَ مَرْوَانُ لِحَرْبِهِ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ الْأَشْدَقِ، فَقَاتَلَهُ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ مُصْعَبٍ. وَوَرَدَ أَنَّ مَرْوَانَ تَزَوَّجَ بِأُمِّ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ بَعْدَهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ. وَفِيهَا: بَايَعَ جُنْدُ خُرَاسَانَ سَلْمَ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، بَعْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَأَحَبُّوهُ حَتَّى يُقَالُ: سَمَّوْا بِاسْمِهِ تِلْكَ السَّنَةَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفَ مَوْلُودٍ، فَبَايَعُوهُ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِمْ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى خَلِيفَةٍ، ثُمَّ نَكَثُوا وَاخْتَلَفُوا، فَخَرَجَ سَلْمُ وَتَرَكَ عَلَيْهِمُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ، فَلَقِيَهُ بِنَيْسَابُورَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ السُّلَمِيُّ فَقَالَ: مَنْ وَلَّيْتَ عَلَى خُرَاسَانَ؟ فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: مَا وَجَدْتُ فِي مِصْرَ رَجُلًا تَسْتَعْمِلْهُ حَتَّى فَرَّقْتَ خُرَاسَانَ بَيْنَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَأَزْدِ عُمَانَ! وَقَالَ: اكْتُبْ لِي عَهْدًا عَلَى خُرَاسَانَ، فَكَتَبَ لَهُ، وَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَقْبَلَ إِلَى مَرْوَ، فَبَلَغَ الْمُهَلَّبَ الْخَبَرُ، فَتَهَيَّأَ وَغَلَبَ ابْنَ خَازِمٍ عَلَى مَرْوَ، ثُمَّ صَارَ إِلَى سُلَيْمَان بْنِ مَرْثَدٍ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا، فَقُتِلَ سُلَيْمَانُ، ثُمَّ سَارَ ابْنُ خَازِمٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مَرْثَدٍ وَهُوَ بِالطَّالَقَانِ1 في سبعمائة، فبلغ عمرًا، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَالْتَقَوْا فَقُتِلَ عَمْرٌو، وَهَرَبَ أَصْحَابُهُ إِلَى هَرَاةَ، وَبِهَا أَوْسُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، فَاجْتَمَعَ لَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَقَالُوا: نُبَايِعُكَ، عَلَى أَنْ تُشِيرَ إِلَى ابْنِ خَازِمٍ فَيُخْرِجَ مُضَرَ مِنْ خُرَاسَانَ كُلِّهَا، فَقَالَ: هَذَا بَغْيٌ، وَأَهْلُ الْبَغْيِ مَخْذُولُونَ، فَلَمْ يُطِيعُوهُ، وَسَارَ إِلَيْهِمُ ابْنُ خَازِمٍ،

_ 1 بلدة من أعمال خراسان.

فَخَنْدَقُوا عَلَى هَرَاةَ، فَاقْتَتَلُوا نَحْوَ سَنَةٍ، وَشَرَعَ ابْنُ خَازِمٍ يَلِينُ لَهُمْ، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنْ تُخْرِجَ مُضَرَ مِنْ خُرَاسَانَ، وَإِمَّا أَنْ يَنْزِلُوا عَنْ كُلِّ سِلَاحٍ وَمَالٍ، فَقَالَ ابْنُ خَازِمٍ، وَجَدْتُ إِخْوَانَنَا قَطْعًا لِلرَّحِمِ، قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ رَبِيعَةَ لَمْ تَزَلْ غَضَابًا عَلَى رَبِّهَا مُذْ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مُضَرَ1. ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْسٍ بَعْدَ الْحِصَارِ الطَّوِيلِ وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ، أَثْخَنَ2 فِيهَا أَوْسٌ بِالْجَرَّاحَاتِ، وَقُتِلَتْ رَبِيعَةُ قَتْلًا ذَرِيعًا، وَهَرَبَ أَوْسٌ إِلَى سِجِسْتَانَ فَمَاتَ بِهَا، وَقُتِلَ مِنْ جُنْدِهِ يَوْمَئِذٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنُ خَازِمٍ وَلَدَهُ عَلَى هَرَاةَ، وَرَجَعَ إِلَى مَرْوَ. وَفِيهَا: سَارَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ الثَّقَفِيِّ فِي رَمَضَانَ مِنْ مَكَّةَ، وَمَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَمِيرًا مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى خَرَاجِ الْكُوفَةِ، فَقَدِمَ المختار والكوفة وَالشِّيعَةُ، قَدِ اجْتَمَعَتْ عَلَى سُلَيْمَان بْنِ صُرَدَ، فَلَيْسَ يَعْدِلُونَ بِهِ، فَجَعَلَ الْمُخْتَارُ يَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، وَإِلَى الطَّلَبِ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، فَتَقُولُ الشِّيعَةُ: هَذَا سُلَيْمَانُ شَيْخُنَا، فَأَخَذَ يَقُولُ لَهْمُ: إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ قِبَلِ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَصَارَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الشِّيعَةِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى الْكُوفَةُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَنَبَّهُوهُ عَلَى أَمْرِ الشِّيعَةِ، وَأَنَّ نِيَّتَهُمْ أَنْ يَتُوبُوا، فَخَطَبَ الماس، وَسَبَّ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ وَلْيَخْرُجُوا ظَاهِرِينَ إِلَى قَاتِلِ الْحُسَيْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَقَدْ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَنَا لَهُمْ عَلَى قِتَالِهِ ظَهِيرٌ، فَقِتَالُهُ أَوْلَى بِكُمْ، فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، فَنَقَمَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَعَابَهَا، فَقَامَ إِلَيْهِ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ فَسَبَّهُ، وَشَرَعُوا يَتَجَهَّزُونَ لِلْخُرُوجِ إِلَى مُلْتَقَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ. وَقَدْ كَانَ سُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ الْخُزَاعِيُّ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ الْفَزَارِيُّ -وَهُمَا مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ وَمِنْ كِبَارِ أَصْحَابِهِ- خَرَجَا فِي رَبِيعِ الْآخَرَ يَطْلُبُونَ بِدَمِ الْحُسَيْنِ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَنَادَوْا: يَا لِثَارَاتِ الْحُسَيْنِ، وَتَعَبَّدُوا بِذَلِكَ، وَلَكِنْ ثَبَّطَ جَمَاعَةٌ وَقَالُوا: إِنَّ سُلَيْمَانَ لَا يَصْنَعُ شَيْئًا، إِنَّمَا يُلْقِي بِالنَّاسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلَا خِبْرَةَ لَهُ بِالْحَرْبِ، وَقَامَ سُلَيْمَانُ فِي أَصْحَابِهِ، فَحَضَّ عَلَى الْجِهَادِ وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا فَلَا يَصَحَبْنَا، وَمَنْ أَرَادَ وَجْهَ اللَّهِ وَالثَّوَابَ فِي الْآخِرَةِ فَذَلِكَ، وَقَامَ صَخْرُ بْنُ حُذَيْفَةَ الْمُزَنِيُّ فقال: آتاك الله

_ 1 مضر: من أشهر قبائل العرب، ومنها النبي -صلى الله عليه وسلم. 2 أثخن: بالغ في الأمر، وأثخن في العدوة بالغ في قتاله.

الرُّشْدَ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَخْرَجَتْنَا التَّوْبَةُ مِنْ ذُنُوبِنَا، وَالطَّلَبُ بِدَمِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّنَا لَيْسَ مَعَنَا دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنَّمَا نُقْدِمُ عَلَى حَدِّ السُّيُوفِ. وَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ الْأَزْدِيُّ فِي قَوْمِهِ، فَدَخَلَ عَلَى سُلَيْمَان بْنِ صُرَدَ فَقَالَ: إِنَّمَا خَرَجْنَا نَطْلُبُ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، وَقَتَلَتِهِ كُلِّهِمْ بِالْكُوفَةِ، عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَشْرَافُ الْقَبَائِلِ، فَقَالُوا: لَقَدْ جَاءَ بِرَأْيٍ، وَمَا نَلْقَى إِنْ سِرْنَا إِلَى الشَّامِ إِلَّا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: أَنَا أَرَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، وَعَبَّأَ الْجُنُودَ وَقَالَ: لَا أَمَانَ لَهُ عِنْدِي دُونَ أَنْ يَسْتَسْلِمَ، فَأَمْضِي فِيهِ حُكْمِي، فَسِيرُوا إِلَيْهِ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ خَائِفًا، لَا يَبِيتَ إِلَّا فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَأَتِيَا سُلَيْمَان بْنَ صُرَدَ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ أَحَبُّ أَهْلِ بَلَدِنَا إِلَيْنَا، فَلَا تَفْجَعُونَا بِأَنْفُسِكُمْ، وَلَا تُنْقِصُوا عَدَدَنَا بِخُرُوجِكُمْ، أَقِيمُوا مَعَنَا حَتَّى نَتَهَيَّأَ، فَإِذَا عَلِمْنَا أَنَّ عَدُوَّنَا قَدْ شَارَفَ بِلَادَنَا خَرَجْنَا كُلُّنَا فَقَاتَلْنَاهُ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: قَدْ خَرَجْنَا لِأَمْرٍ، وَلَا نَرَانَا إِلَّا شَاخِصِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: فَأَقِيمُوا حَتَّى نَعُبِّئَ مَعَكُمْ جَيْشًا كَثِيفًا، فَقَالَ: سَأَنْظُرُ وَيَأْتِيكَ رَأْيِي. ثُمَّ سَارَ، وَخَرَجَ مَعَهُ كُلُّ مُسْتَمِيتٍ1، وَانْقَطَعَ عَنْهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا أَحَبَّ أَنْ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْكُمْ مَعَكُمْ، وَأَتَوْا قَبْرَ الْحُسَيْنِ فَبَكَوْا، وَقَامُوا يَوْمًا وَلَيْلَةً يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا رَبِّ إِنَّا قَدْ خَذَلْنَاهُ، فَاغْفِرْ لَنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا. ثُمَّ أَتَاهُمْ كتاب عبد الله بن يزيد مِنَ الْكُوفَةِ يَنْشُدُهُمُ اللَّهَ وَيَقُولُ: أَنْتُمْ عَدَدٌ يَسِيرٌ، وَإِنَّ جَيْشَ الشَّامِ خَلْقٌ، فَلَمْ يَلْوُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَدِمُوا قَرْقِيسِيَاءَ، فَنَزَلُوا بِظَاهِرِهَا وَبِهَا زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِلَابِيُّ قَدْ حَصَّنَهَا، فَأَتَى بَابِهَا الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ، فَأَخْبَرُوا بِهِ زُفَرَ فَقَالَ: هَذَا وَفَارِسُ مُضَرَ الْحَمْرَاءِ كُلِّهَا، وَهُوَ نَاسِكُ دِينٍ، فَأَذِنَ لَهُ وَلَاطَفَهُ، فَقَالَ: مِمَّنْ نَتَحَصَّنُ، إِنَّا وَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ نُرِيدُ، فَأَخْرِجُوا لَنَا سُوقًا، فَأَمَرَ لَهُمْ بِسُوقٍ، وَأَمَرَ لِلْمُسَيَّبِ بِفَرَسٍ، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِنْ عِنْدِهِ بِعَلَفٍ كَثِيرٍ، وَبَعَثَ إِلَى وُجُوهِ الْقَوْمِ بِعَشْرِ جَزَائِرَ وَعَلَفٍ وَطَعَامٍ، فَمَا احْتَاجُوا إِلَى شِرَاءِ شَيْءٍ مِنَ السُّوقِ، إِلَّا مِثْلَ سَوْطٍ أَوْ ثَوْبٍ، وَخَرَجَ فَشَيَّعَهُمْ وَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَعَثَ خَمْسَةَ أُمَرَاءَ قَدْ فَصَلُوا مِنَ الرَّقَّةِ: حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ السَّكُونِيَّ، وَشُرَحْبِيلَ بْنَ ذِي الْكَلَاعِ، وَأَدْهَمَ بْنَ مُحْرِزٍ الْبَاهِلِيَّ، وَرَبِيعَةَ بْنَ الْمُخَارِقِ الْغَنَوِيَّ، وَجَبَلَةَ الْخَثْعَمِيَّ، فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: عَلَى الله توكلنا، قال زفر:

_ 1 مستميت: أي مقاوم عنيد.

فَتَدْخُلُونَ مَدِينَتَنَا، وَيَكُونُ أَمْرُنَا وَاحِدًا، وَنُقَاتِلُ مَعَكُمْ، فقال: قد أردنا أَهْلُ بَلَدِنَا عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ نَفْعَلْ، قَالَ: فبادروهم إلى عَيْنِ الْوَرْدَةِ، فَاجْعَلُوا الْمَدِينَةَ فِي ظُهُورِكُمْ، وَيَكُونُ الرُّسْتَاقُ والماء فِي أَيْدِيكُمْ، وَلَا تُقَاتِلُوا فِي فَضَاءٍ، فَإِنَّهُمْ أَكْثَرُ مِنْكُمْ، فَيُحِيطُونَ بِكُمْ، وَلَا تُرَامُوهُمْ، وَلَا تَصِفُّوا لَهُمْ، فَإِنِّي لَا أَرَى مَعَكُمْ رَجَّالَةً وَالْقَوْمُ ذَوُو رِجَالٍ وَفُرْسَانٍ، وَالْقَوْمُ كَرَادِيسُ1. قَالَ: فَعَبَّأَ سُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ كِنَانَتَهُ، وَانْتَهَى إِلَى عَيْنِ الْوَرْدَةِ، فَنَزَلَ فِي غَرَبِيَّهَا، وَأَقَامَ خَمْسًا، فَاسْتَرَاحُوا وَأَرَاحُوا خُيُولَهُمْ، ثُمَّ قَالَ سُلَيْمَانُ: إِنْ قُتِلْتُ فَأَمِيرُكُمُ الْمُسَيَّبُ، فَإِنْ أُصِيبَ فَالْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ، فَإِنْ قُتِلَ فَالْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ وَالٍ، فَإِنْ قُتِلَ فَالْأَمِيرُ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، رَحِمَ اللَّهُ مَنْ صَدَقَ مَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَهَّزَ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ فِي أَرْبِعِمِائَةٍ، فَانْقَضُّوا عَلَى مُقَدِّمَةِ الْقَوْمِ، وَعَلَيْهَا شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ، وَهُمُ غَارُّونَ، فَقَاتَلُوهُمْ فَهَزَمُوهُمْ، وَأَخَذُوا مِنْ خَيْلِهِمْ وَأَمْتِعَتِهِمْ وَرَدُّوا، فَبَلَغَ الْخَبَرُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ. فَجَهَّزَ إِلَيْهِمْ الْحُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ فِي اثْنَى عَشَرَ أَلْفَا، ثُمَّ رَدَفَهُمْ بِشُرَحْبِيلَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ، ثُمَّ أَمَدَّهُمْ مِنَ الصَّبَاحِ بِأَدْهَمَ بْنِ مُحْرِزٍ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، وَوَقَعَ الْقِتَالُ، وَدَامَ الْحَرْبُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قِتَالًا لَمْ يُرَ مِثْلَهُ، وَقُتِلَ مِنَ الشَّامِيِّينَ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَقُتِلَ مِنَ التَّوَّابِينَ -وَكَذَا كَانُوا يُسَمَّوْنَ؛ لِأَنَّهُمْ تَابُوا إِلَى اللَّه مِنْ خِذْلَانِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَاسْتُشْهِدَ أُمَرَاؤُهُمُ الْأَرْبَعَةُ، لَمْ يُخْبِرْ رِفَاعَةُ بِمَنْ بَقِيَ وَرُدَّ إِلَى الْكُوفَةِ، وَكَانَ الْمُخْتَارُ فِي الْجَيْشِ، فَكَتَبَ إِلَى رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ: مَرْحَبًا بِمَنْ عَظَّمَ اللَّهُ لَهُمُ الْأَجْرَ، فَأَبْشِرُوا إِنَّ سُلَيْمَانَ قَضَى مَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكْنُ بِصَاحِبِكُمُ الَّذِي بِه تُنْصَرُونَ، إِنِّي أَنَا الْأَمِيرُ الْمَأْمُونُ، وَقَاتِلُ الْجَبَّارِينَ، فَأَعِدُّوا وَاسْتَعِدُّوا، وَكَانَ قَدْ حَبَسَهُ الْأَمِيرَانِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ، فَبَقِيَ أَشْهُرًا، ثُمَّ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَشْفَعُ فِيهِ إِلَى الْأَمِيرَيْنِ، فَضَمِنَهُ جَمَاعَةٌ وَأَخْرَجُوهُ، وَحَلَّفُوهُ فَحَلَفَ لَهُمَا مُضْمِرًا لِلشَّرِّ، فَشَرَعَتِ الشِّيعَةُ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ وَأَمْرُهُ يُسْتَفْحَلُ. وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ احْتَرَقَتْ فِي الْعَامِ الْمَاضِي مِنْ مَجْمَرٍ، عَلِقَتِ النَّارُ فِي الْأَسْتَارِ، فَأَمَر ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي هَذَا الْعَامِ بِهَدْمِهَا إِلَى الْأَسَاسِ، وَأَنْشَأَهَا مُحْكَمَةً، وَأَدْخَلَ مِنَ الْحِجْرِ فِيهَا سِعَةَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ، لِأَجْلِ الْحَدِيثِ الَّذِي حَدَّثَتْهُ خَالَتُهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا نَقَضَهَا وَوَصَلُوا إِلَى الْأَسَاسِ، عَايَنُوهُ آخِذًا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ، وأن

_ 1 كراديس: كتائب.

الستة أذرع مِنْ جُمْلَةِ الْأَسَاسِ، فَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَأَلْصَقُوا دَاخِلَهَا بِالْأَرْضِ، لَمْ يَرْفَعُوا دَاخِلَهَا، وَعَمِلُوا لَهَا بَابًا آخَرَ فِي ظَهْرِهَا، ثُمَّ سَدَّهُ الْحَجَّاجُ، فَذَلِكَ بَيِّنٌ لِلنَّاظِرِينَ، ثُمَّ قَصَّرَ تِلْكَ السِّتَّةَ الْأَذْرُعَ، فَأَخْرَجَهَا مِنَ الْبَيْتِ، وَدَكَّ تِلْكَ الْحِجَارَةَ فِي أَرْضِ الْبَيْتِ، حَتَّى عَلَا كَمَا هُوَ فِي زَمَانِنَا، زَادَهُ اللَّهُ تَعْظِيمًا. وَغَلَبَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ عَلَى خُرَاسَانَ، وَغَلَبَ مُعَاوِيَةُ الْكِلَابِيُّ عَلَى السِّنْدِ، إِلَى أَنْ قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْبَحْرَيْنِ، وَغَلَبَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَعَلَى بَعْضِ الْيَمَنِ. وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَإِنَّهُ بَعْدَ وَقْعَةِ عَيْنِ الْوَرْدَةِ مَرِضَ بِأَرْضِ الْجِزِيرَةِ، فَاحْتُبِسَ بِهَا وَبِقِتَالِ أَهْلِهَا عَنِ الْعِرَاقِ نَحْوًا مِنْ سَنَةٍ، ثُمَّ قَصَدَ الْمَوْصِلَ، وَعَلَيْهَا عَامِلُ الْمُخْتَارِ كما يأتي1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "5/ 612"، والبداية "8/ 281"، وصحيح التوثيق "5/ 116".

حوادث سنة ست وستين: المتوفون في هذه السنة

حوادث سنة ست وستين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَهُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ، وَأَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ الْفَزَارِيُّ، وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ، وَحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ السَّكُونِيُّ. وَقِيلَ: إِنَّمَا قُتِلُوا فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ. وَفِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ عَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْكُوفَةِ، أَمِيرَهَا وَأَرْسَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ، فَخَرَجَ مِنَ السِّجْنِ الْمُخْتَارُ، وَقَدِ الْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ مِنَ الشِّيعَةِ، وَقَوِيَتْ بَلِيَّتُهُ1، وَضَعُفَ ابْنُ مُطِيعٍ مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ تَوَثَّبَ بِالْكُوفَةِ، فَنَاوَشَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ الْقِتَالَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَيْسٍ، وَغَلَبَ عَلَى الْكُوفَةِ، وَهَرَبَ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَجَعَلَ يَتْبَعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ، وَقَتَلَ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَشِمْرَ بْنَ ذِي الْجَوْشَنِ الضَّبَابِيَّ وَجَمَاعَةً، وَافْتَرَى عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ يأتيه

_ 1 بليته: مصيبته.

جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ، فَلِهَذَا، قِيلَ لَهُ: الْمُخْتَارُ الْكَذَّابُ، كَمَا قَالُوا: مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابَ. وَلَمَّا قَوِيَتْ شَوْكَتُهُ فِي هَذَا الْعَامِ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ يَحِطُّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، وَيَقُولُ: رأيته مداهنًا1 لبني أُمَيَّةَ، فَلَمْ يَسَعْنِي أَنْ أَقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَا عَلَى طَاعَتِكَ، فَصَدَّقَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلَايَةِ الْكُوفَةِ، فَكَفَاهُ جَيْشُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَأَخْرَجَ مِنْ عِنْدِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأشتر، وقد جهزه للحرب ابْنِ زِيَادٍ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَشَيَّعَهُ الْمُخْتَارُ إِلَى دَيْرِ ابْنِ أُمِّ الْحَكَمِ، وَاسْتَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ أَصْحَابَ الْمُخْتَارِ قَدْ حَمَلُوا الْكُرْسِيَّ الَّذِي قَالَ لَهُمُ الْمُخْتَارُ: هَذَا فِيهِ سِرٌّ، وَإِنَّهُ آيَةٌ لكم كما التَّابُوتُ آيَةً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: وَهُمْ يَدْعُونَ حَوْلَ الْكُرْسِيِّ وَيَحُفُّونَ بِهِ، فَغَضِبَ ابْنُ الْأَشْتَرِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا، سُنَّةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا عَكَفُوا عَلَى الْعِجْلِ2. فَائِدَةٌ: وَافْتَعَلَ الْمُخْتَارُ كِتَابًا عَنِ ابْنِ الحنفية يأمره فيه بِنَصْرِ الشِّيعَةِ، فَذَهَبَ بَعْضُ الْأَشْرَافِ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ، فَوَثَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ، وَكَانَ بَعِيدُ الصَّوْتِ كَثِيرُ الْعَشِيرَةِ، فَخَرَجَ وَقَتَلَ إِيَاسَ بْنَ مُضَارِبٍ أَمِيرَ الشُّرْطَةِ، وَدَخَلَ عَلَى الْمُخْتَارِ فَأَخْبَرَهُ، فَفَرِحَ وَنَادَى أَصْحَابَهُ فِي اللَّيْلِ بِشِعَارِهِمْ، وَاجْتَمَعُوا بِعَسْكَرِ الْمُخْتَارِ بِدِيرِ هِنْدٍ، وَخَرَجَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ فَنَادَى: يَا ثَارَاتِ الْحُسَيْنِ، أَلَا إِنَّ أَمِيرَ آلِ مُحَمَّدٍ قَدْ خَرَجَ. ثُمَّ الْتَقَى الْفَرِيقَانِ مِنَ الْغَدِ، فَاسْتَظْهَرَ الْمُخْتَارُ، ثُمَّ اخْتَفَى ابْنُ مُطِيعٍ، وَأَخَذَ الْمُخْتَارُ يَعْدِلُ وَيُحْسِنُ السِّيرَةَ، وَبَعَثَ فِي السِّرِّ إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَكَانَ صَدِيقُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ: تَجَهَّزْ بِهَذِهِ وَاخْرُجْ، فَقَدْ شَعَرْتُ أَيْنَ أَنْتَ، وَوَجَدَ الْمُخْتَارُ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَبْعَةَ آلَافٍ، فَأَنْفَقَ فِي جُنْدِهِ قُوَّاهُمْ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ: حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي طُفَيْلُ بْنُ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِجَارٍ لِي زَيَّاتٍ، كُرْسِيٌّ، وَكُنْتُ قَدِ احْتَجْتُ، فَقُلْتُ لِلْمُخْتَارِ: إِنِّي كُنْتُ أَكْتُمُكَ شَيْئًا، وَقَدْ بَدَا لِي أَنْ أَذْكُرَهُ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: كُرْسِيٌّ كَانَ أَبِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ، كَانَ يَرَى أَنَّ فِيهِ أثرة من علم، قال: سبحان الله!

_ 1 المداهن: المنافق. 2 تاريخ الطبري "6/ 7".

أَخَّرْتَهُ إِلَى الْيَوْمِ، قَالَ: وكَانَ رَكِبَهُ وَسَخٌ شَدِيدٌ، فَغُسِلَ وَخَرَجَ عَوَّادًا نَضَّارًا، فَجِيءَ بِهِ وقد غشي، فأمر لهم بِاثْنَى عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ دَعَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ أَمْرٌ إِلَّا وَهُوَ كَائِنٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ التَّابُوتُ، وَإِنَّ فِينَا مِثْلَ التَّابُوتِ، اكْشِفُوا عَنْهُ، فَكَشَفُوا الْأَثْوَابَ، وَقَامَتِ السَّبَائِيَّةُ1 فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ، فَقَامَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ يُنْكِرُ، فَضُرِبَ. فَلَمَّا قُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَخَبَرَهُ الْمَقْتَلَة الْآتِيَةَ، ازْدَادَ أَصْحَابُهُ بِهِ فِتْنَةً، وَتَغَالُوا فِيهِ حَتَّى تَعَاطُوا الْكُفْرَ، فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، وَنَدِمْتُ عَلَى مَا صَنَعْتُ، فَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، فَغُيِّبَ، قَالَ مَعْبَدٌ: فَلَمْ أَرَهُ بَعْدُ2. قَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ جَرِيرٍ: وَوَجَّهَ الْمُخْتَارُ فِي ذِي الْحِجَّةِ ابْنَ الْأَشْتَرِ لِقِتَالِ ابْنِ زِيَادٍ، وَذَلِكَ بَعْدَ فراغ الْمُخْتَارِ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ السَّبِيعِ وَأَهْلِ الْكُنَاسَةِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى الْمُخْتَارِ، وَأَبْغَضُوهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَوْصَى ابْنَ الْأَشْتَرِ وَقَالَ: هَذَا الْكُرْسِيُّ لَكُمْ آيَةٌ، فَحَمَلُوهُ عَلَى بَغْلٍ أَشْهَبَ، وَجَعَلُوا يَدْعُونَ حَوْلَهُ ويَضَجُّونَ، وَيَسْتَنْصِرُونَ بِهِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا اصْطَلَمَ3 أَهْلُ الشَّامِ ازْدَادَ شِيعَةُ الْمُخْتَارِ بِالْكُرْسِيِّ فِتْنَةً، فَلَمَّا رَآهُمْ كَذَلِكَ إبراهيم بن الأشتر تألم وقال: الله لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا، سُنَّةُ بني إسرائيل إذ عَكَفُوا عَلَى العِجْلِ. وَكَانَ الْمُخْتَارِ يَرْبِطُ أَصْحَابَهُ بِالْمُحَالِ وَالْكَذِبِ، وَيَتَأَلَّفُهُمْ بِمَا أَمْكَنَ، وَيَتَأَلَّفُ الشِّيعَةُ بِقَتْلِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي مَعَ الْمُخْتَارِ مِنَ الْكُوفَةِ، فَقَالَ لَنَا: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ شُرْطَةَ اللَّهِ قَدْ حَسُوهُمْ بِالسُّيُوفِ بِنَصِيبِينَ أَوْ بِقُرْبِ نَصِيبِينَ، فَدَخَلْنَا الْمَدَائِنَ، فوالله إنه ليخطبنا إذ جَاءَتْهُ الْبُشْرَى بِالنَّصْرِ، فَقَالَ: أَلَمْ أُبَشِّرْكُمْ بِهَذَا؟ قَالُوا: بَلَى وَاللَّهِ. قَالَ: يَقُولُ لِي رَجُلٌ هَمْدَانِيٌّ مِنَ الْفُرْسَانِ: أَتُؤْمِنُ الْآنَ يَا شَعْبِيُّ؟ قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِأَنَّ الْمُخْتَارَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ، أَلَمْ يَقُلْ: إِنَّهُمُ انْهَزَمُوا، قُلْتُ: إِنَّمَا زَعَمَ أَنَّهُمْ هُزِمُوا بِنَصِيبِينَ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِالْخَازَرِ مِنَ الْمَوْصِلِ، فَقَالَ لِي: وَاللَّهِ لَا تُؤْمِنُ حتى ترى

_ 1 السبائية: أتباع عبد الله بن سبأ، اليهودي الذي أظهر الإسلام، ليطعن فيه، ويوقع بين أهله. 2 تاريخ الطبري "6/ 83". 3 اصطلم: انهزم، أو رجعوا منهزمين.

الْعَذَابَ الْأَلِيمَ يَا شَعْبِيَّ1. وَرُوِيَ أَنَّ أَحَدَ عُمُومَةِ الْأَعْشَى كَانَ يَأْتِي مَجْلِسَ أَصْحَابِهِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ وُضِعَ الْيَوْمَ وَحيُ مَا سَمِعَ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا يَكُونُ مِنْ شَيْءٍ. وَعَنْ مُوسَى بْنِ عَامِرٍ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَصْنَعُ لَهُمْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَوْفٍ وَيَقُولُ: إِنَّ الْمُخْتَارَ أَمَرَنِي بِهِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ الْمُخْتَارُ. وَفِي الْمُخْتَارِ يَقُولُ سُرَاقَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْبَارِقِيُّ الْأَزْدِيُّ: كَفَرْتُ بِوَحْيِكُمُ وَجَعَلْتُ نَذْرًا ... عَلَيَّ هِجَاكُمْ حَتَّى الْمَمَاتِ أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تبصراه ... كلانا عالم بالترهات تفشي الطاعون بمصر: وَفِيهَا: وَقَعَ بِمِصْرَ طَاعُونٌ هَلَكَ فِيهِ خَلْقٌ من أهلها. ضرب الدنانير بمصر: وَفِيهَا: ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ بِمِصْرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الْإِسْلَامِ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ الْتَقَى عَسْكَرُ الْمُخْتَارِ، وَكَانُوا ثلاثة آلاف، وعسكر ابن زياد فقتل قائد أَصْحَابُ ابْنِ زِيَادٍ، وَاتَّفَقَ أَنَّ قَائِدَ عَسْكَرِ الْمُخْتَارِ كَانَ مَرِيضًا فَمَاتَ مِنَ الْغَدِ، فَانْكَسَرَ بموته أصحابه وتحيزوا2.

_ 1 انظر: السير "3/ 542"، والبداية "8/ 304". 2 انظر: تاريخ الطبري "6/ 38"، والبداية "8/ 293".

حوادث سنة سبع وستين: المتوفون في هذه السنة

حوادث سنة سبع وستين: المتوفون في هذه السنة فِيهَا تُوُفِّيَ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَالْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الْكَذَّابُ، وَعُمَرُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَزَائِدَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ، قُتِلَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ فِي حَرْبِ الْمُخْتَارِ، وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَأَمُرَاؤُهُ فِي أَوَّلِ الْعَامِ. ذِكْرُ وَقْعَةِ الْخَازَرِ: فِي الْمُحَرَّمِ، وَقِيلَ: كَانَتْ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ، وَكَانَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، وَبَيْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَكَانَ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنَ الشَّامِيِّينَ، فَسَارَ ابْنُ الْأَشْتَرِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُسْرِعًا يُرِيدُ أَهْلَ الشَّامِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا أَرْضِ الْعِرَاقِ، فَسَبَقَهُمْ وَدَخَلَ الْمَوْصِلَ، فَالْتَقَوْا عَلَى خَمْسَةِ فَرَاسِخَ مِنَ الْمَوْصِلِ بِالْخَازَرِ، وَكَانَ ابْنُ الْأَشْتَرِ قَدْ عَبَّأَ جَيْشَهُ، وَبَقِيَ لَا يَسِيرُ إِلَّا عَلَى تُقْيَةٍ1، فَلَمَّا تَقَارَبُوا أَرْسَلَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ السُّلَمِيُّ إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ: إِنِّي مَعَكَ. قَالَ: وَكَانَ بِالْجِزِيرَةِ خَلْقٌ مِنْ قَيْسٍ، وَهِمْ أَهْلُ خِلَافٍ لِمَرْوَانَ، وَجُنْدُ مَرْوَانَ يَوْمَئِذٍ كَلْبٌ2، وَسَيِّدُهُمُ ابْنُ بَحْدَلٍ، ثُمَّ أَتَاهُ عمير ليلًا فبايعه، وأخبره أنه على مسيرة ابْنِ زِيَادٍ، وَوَعَدَهُ أَنْ يَنْهَزِمَ بِالنَّاسِ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ: مَا رَأْيُكَ أُخَندِقُ عَلَى نَفْسِي؟ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، إِنَّا للَّهِ، هَلْ يُرِيدُ القوم إلا هذه، إن طاولوك وماطلوك فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، هُمْ أَضْعَافُكُمْ، وَلَكِنْ نَاجِزِ الْقَوْمَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ مُلِئُوا مِنْكُمْ رُعْبًا، وَإِنْ شَامُوا أَصْحَابَكَ وَقَاتَلُوهُمْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ أَنِسُوا بِهِمْ وَاجْتَرَءُوا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ نَاصِحٌ لِي، وَالرَّأْيُ مَا رَأَيْتَ، وَإِنَّ صَاحِبِي بهذا الأمر أَمَدَّنِي، ثُمَّ انْصَرَفَ عُمَيْرُ، وَأتْقَنَ ابْنُ الْأَشْتَرِ أَمْرَهُ وَلَمْ يَنَمْ، وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ بِغَلَسٍ، ثُمَّ زَحَفَ بِهِمْ حَتَّى أَشْرَفَ مِنْ تَلٍّ عَلَى الْقَوْمِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَإِذَا أُولَئِكَ لَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَقَامُوا عَلَى دَهَشٍ وَفَشَلٍ، وَسَاقَ ابْنُ الْأَشْتَرِ عَلَى أُمَرَائِهِ يُوصِيهِمْ وَيَقُولُ: يَا أَنْصَارَ الدِّينِ وَشِيعَةَ الْحَقِّ، هَذَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْجَانَةَ قَاتِلُ الْحُسَيْنِ، حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُرَاتِ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ هُوَ وَأَوْلَادُهُ وَنِسَاؤُهُ، وَمَنَعَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى بَلَدِهِ، وَمَنَعَهُ أَنْ يَأْتِيَ ابْنَ عَمِّهِ يَزِيدَ فَيُصَالِحُهُ حَتَّى قَتَلَهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَمِلَ فِرْعَوْنُ مِثْلَهُ، وَقَدْ جَاءَكُمُ الله به، وإني لأرجو أن يشفي صدروكم، وَيُسْفِكَ دَمَهُ عَلَى أَيْدِيكُمْ، ثُمَّ نَزَلَ تَحْتَ رَايَتِهِ، فَزَحَفَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَلَى الْخَيْلِ شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ، فَحَمَلَ الْحُصَيْنُ عَلَى مَيْسَرَةِ ابْنِ الْأَشْتَرِ فَحَطَّمَهَا، وَقَتَلَ مُقَدِّمَهَا عَلِيُّ بْنُ مَالِكٍ الْجُشَمِيُّ، فَأَخَذَ رَايَتَهُ قُرَّةُ بْنُ عَلِيٍّ، فَقُتِلَ أَيْضًا، فَانْهَزَمَتِ الْمَيِسرَةُ، وَتَحَيَّزَتْ مَعَ ابْنِ الْأَشْتَرِ، فَحَمَلَ وَجَعَلَ يَقُولُ لِصَاحِبِ رَايَتِهِ: انْغَمِسْ بِرَايَتِكَ

_ 1 تقية: خفاء أو سرية. 2 كلب: اشتدوا، وحرصوا على الشيء.

فِيهِمْ، ثُمَّ شُدَّ ابْنَ الْأَشْتَرِ، فَلَا يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ رَجُلًا إِلَّا صَرَعَهُ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى، فَانْهَزَمَ أَهْلُ الشَّامِ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ: قَتَلْتُ رَجُلًا وَجَدْتُ مِنْهُ رَائِحَةَ الْمِسْكِ، شَرَّقَتْ يَدَاهُ وَغَرَّبَتْ رِجْلَاهُ، تَحْتَ رَايَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَلَى جَنْبِ النَّهْرِ، فَالْتَمَسُوهُ فَإِذَا هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، قَدْ ضَرَبَهُ فَقَدَّهُ1 بِنِصْفَيْنِ، وَحَمَلَ شَرِيكٌ التَّغْلِبِيُّ عَلَى الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فَاعْتَنَقَا، فَقَتَلَ أَصْحَابُ شَرِيكٍ حُصَيْنًا، ثُمَّ تَبِعَهُمْ أَصْحَابُ ابْنِ الْأَشْتَرِ، فَكَانَ مَنْ غَرِقَ فِي الْخَازَرِ أَكْثَرُ مِمَّنْ قُتِلَ، ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْتَرِ دَخَلَ الْمَوْصِلَ، وَاسْتُعْمِلَ عَلَيْهَا وَعَلَى نصيبين ودارًا وسنجار، وبعث برؤوس عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْحُصَيْنِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلَاعِ إِلَى الْمُخْتَارِ، فَأَرْسَلَهَا فنُصِبَتْ بِمَكَّةَ. وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ: هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ، وَمِمَّنْ قَتَلَهُ الْمُخْتَارُ حَبِيبُ بْنُ صُهْبَانَ الْأَسَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بِالْكُوفَةِ. وَفِيهَا وَجَّهَ الْمُخْتَارُ أَرْبَعَةَ آلَافِ فَارِسٍ، عَلَيْهِمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُدَلِيُّ، وَعُقْبَةُ بْنُ طَارِقٍ، فَكَلَّمَ الْجُدَلِيُّ عَبْدَ الله بن الزبير في محمد بن الحنيفة، وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الشِّعْبِ، وَلَمْ يَقْدِرِ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مَنْعِهِمْ، وَأَقَامُوا فِي خِدْمَةِ مُحَمَّدٍ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، حَتَّى قُتِلَ الْمُخْتَارُ، وَسَارَ مُحَمَّدٌ إِلَى الشَّامِ. فَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَإِنَّهُ غَضَبَ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَبَعَثَ لِحَرْبِهِ أَخَاهُ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَوَلَّاهُ جَمِيعَ الْعِرَاقِ، فَقَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ وَشَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ إِلَى الْبَصْرَةِ يستنصران على المختار، فسير المختار إلى الْبَصْرَةِ أَحْمَرَ بْنَ شُمَيْطٍ، وَأَبَا عَمْرَةَ كَيْسَانَ فِي جَيْشٍ مِنَ الْكُوفَةِ، حَتَّى نَزَلُوا الْمَدَارِ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ مُصْعَبُ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ وَمَيْسَرَتِهِ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، الْأَسَدِيُّ. وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمُ الْمُهَلَّبِ، فَأَلْجَأَهُمْ إِلَى دِجْلَةَ، وَرَمَوْا بِخُيُولِهِمْ فِي الْمَاءِ، وَانْهَزَمُوا، فَاتَّبَعُوهُمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمُ الْكُوفَةَ، وَقُتِلَ أَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ وَكَيْسَانُ، وَقُتِلَ مِنْ عَسْكَرِ مُصْعَبٍ: مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَدَخَلَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ الْكُوفَةَ، فَحَصَرُوا الْمُخْتَارَ فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ، فَكَانَ يَخْرُجُ فِي رِجَالِهِ، فَيُقَاتِلُ وَيَعُودُ إِلَى الْقَصْرِ، حَتَّى قتله طريف وطرف أَخَوَانِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةِ، فِي رَمَضَانَ، وَأَتَيَا بِرَأْسِهِ إِلَى مُصْعَبٍ، فَأَعْطَاهُمَا ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَقُتِلَ بين الطائفتين سبعمائة.

_ 1 قده: قطعه أو شقه.

وَيُقَالُ: كَانَ الْمُخْتَارُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، فَقُتِلَ أَكْثَرُهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَتَلَ مُصْعَبٌ خَلْقًا بِدَارِ الْإِمَارَةِ غَدْرًا بَعْدَ أَنْ أمَّنَهُمْ، وَقَتَلَ عَمْرَةَ بِنْتَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ امْرَأَةَ الْمُخْتَارِ صبرًا؛ لأنها شهدت في المختار عَبْدٌ صَالِحٌ. وَبَلَغَنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَمَّا بَلَغَهُمْ مَجِيءُ مُصْعَبٍ تَسَرَّبُوا1 إِلَيْهِ إِلَى الْبَصْرَةِ، مِنْهُمْ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٌّ، وَتَحْتَهُ بَغْلَةٌ قَدْ قَطَعَ ذَنَبَهَا وَأُذُنَهَا، وَشَقَّ قِبَاءَهُ، وَهُوَ يُنَادِي: يَا غَوْثَاهْ، وَجَاءَ أَشْرَافُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَخْبَرُوا مُصْعَبًا بِمَا جَرَى، وَبِوُثُوبِ عَبِيدُهُمْ وَغُلْمَانُهُمْ عَلَيْهِمْ مَعَ الْمُخْتَارِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ، وَلَمْ يَكُنْ شَهِدَ وَقْعَةَ الْكُوفَةِ، بَلْ كَانَ فِي قصر له بقرب القادسية، فأكرمه مصعب وأدناه لِشَرَفِهِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ -وَكَانَ عَامِلُ فَارِسٍ- لِيَقْدُمَ، فَتَوَانَى2 عَنْهُ، فَبَعَثَ مُصْعَبٌ خَلْفَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ، فَقَالَ لَهُ الْمُهَلَّبُ: مِثْلُكَ يَأْتِي بَرِيدًا؟ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَنَا بَرِيدُ أَحَدٍ، غَيْرَ أَنَّ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا غَلَبَنَا عَلَيْهِمْ عِبْدَاؤُنَا وَمَوَالِينَا، فَأَقْبَلَ الْمُهَلَّبُ بِجُيُوشٍ وَأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، وَهَيْئَةٍ لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَلَمَّا انْهَزَمَ جَيْشُ الْمُخْتَارِ انْهَدَّ لِذَلِكَ، وَقَالَ لِنَجِيٍّ لَهُ: مَا مِنَ الْمَوْتِ بُدٌّ، وَحَبَّذَا مَصَارِعَ الْكِرَامِ، ثُمَّ حُصِرَ الْقَصْرُ، وَدَامَ الْحِصَارُ أَيَّامًا، ثُمَّ فِي أَوَاخِرِ الْأَمْرِ كَانَ الْمُخْتَارُ يَخْرُجُ فَيُقَاتِلُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ قِتَالًا ضَعِيفًا، ثُمَّ جَهَدُوا وَقَلَّ عَلَيْهِمُ الْقُوتُ وَالْمَاءُ، وَكَانَ نِسَاؤُهُمْ يَجِئْنَ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ خِفْيَةً، فَضَايَقَهُمْ جَيْشُ مُصْعَبٍ، وَفتَّشُوا النِّسَاءَ، فَقَالَ الْمُخْتَارُ: وَيْحَكُمُ انْزِلُوا بِنَا نُقَاتِلُ حَتَّى نُقْتَلَ كِرَامًا، وَمَا أَنَا بِآيِسٍ إِنْ صَدَقْتُمُوهُمْ أَنْ تُنْصَرُوا، فَضَعُفُوا، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا وَاللَّهِ لَا أُعْطِي بِيَدِي، فَأَمَّلَسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ الْمَخْزُومِيُّ فَاخْتَبَأَ، وَأَرْسَلَ الْمُخْتَارُ إِلَى امْرَأَتِهِ بِنْتِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِطِيبٍ كَثِيرٍ، ثُمَّ اغْتَسَلَ وَتَحَنَّطَ3 وَتَطَيَّبَ، ثُمَّ خَرَجَ حَوْلَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فِيهِمُ السَّائِبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ خَلِيفَتُهُ عَلَى الْكُوفَةِ، فَقَالَ السَّائِبُ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَنَا أَرَى أَمِ اللَّهُ يَرَى! قَالَ: بَلِ اللَّهُ يَرَى، وَيْحَكَ أَحْمَقُ أَنْتَ، إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ، رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ انْتَزَى عَلَى الْحِجَازِ، وَرَأَيْتُ نَجْدَةَ انْتَزَى4 عَلَى الْيَمَامَةِ، وَرَأَيْتُ مَرْوَانَ انتزى

_ 1 تسربوا: تسللوا. 2 توانى: تباطأ. 3 تحنط: لبس كفنه استعدادا للموت. 4 انتزى: وثب.

عَلَى الشَّامِ، فَلَمْ أَكُنْ بِدُونِهِمْ، فَأَخَذْتُ هَذِهِ الْبِلَادَ، فَكُنْتُ كَأَحَدِهِمْ، إِلَّا أَنِّي طَلَبْتُ بِثَأْرِ أهل البيت، فقالت: عَلَى حَسَبِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ نِيَّةً، قَالَ: إنّا لِلَّهِ، وَمَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِحَسَبِي! وَقَالَ لَهُمُ الْمُخْتَارُ: أَتُؤَمِّنُونِي؟ قَالُوا: لَا، إِلَّا عَلَى الْحُكْمِ، قَالَ: لَا أَحْكُمُكُمْ فِي نَفْسِي، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ أَمْكَنَ أَهْلَ الْقَصْرِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُصْعَبٌ: عبّادَ بْنَ الْحُصْيَنِ، فَكَانَ يُخْرِجُهُمْ مُكَتَّفِينَ، ثُمَّ قُتِلَ سَائِرُهُمْ. فَقِيلَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ قَالَ لِمُصْعَبٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ابْتَلَانَا بِالْإِسَارِ، وَابْتَلَاكَ أَنْ تَعْفُوَ عَنَّا، فَهُمَا مَنْزِلَتَانِ إِحْدَاهُمَا رِضَا اللَّهِ والثانية سخطه، من عفا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ عَاقَبَ لَمْ يَأْمَن الْقِصَاصَ، يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ نَحْنُ أَهْلُ قِبْلَتِكُمْ وعلى ملتكم، لسنا تركًا ولا ديمًا، فَإِنْ خَالَفْنَا إِخْوَانَنَا مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ، فَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَصَبْنَا وَأَخْطَأُوا، وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَخْطَأْنَا وَأَصَابُوا. فَاقْتَتَلْنَا كَمَا اقْتَتَلَ أَهْلُ الشَّامِ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا وَاجْتَمَعُوا، وَقَدْ مَلَكْتُمْ فَاسْجِحُوا، وقد قدرتم فاعفوا، فرق لهم مصعب، وأرد أن يخلي سبيلهم، فقام عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، فَقَالَ: تُخَلِّي سَبِيلَهُمْ! اخْتَرْنَا وَاخْتَرْهُمْ، وَوَثَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَمْدَانِيُّ فَقَالَ: قُتِلَ أَبِي وَخُمْسُمِائَةٍ مِنْ هَمْدَانَ وَأَشْرَافِ الْعَشِيرَةِ ثُمَّ تُخَلِّهُمْ، وَوَثَبَ كل أهل البيت، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ، فَنَادُوا: لَا تَقْتُلْنَا وَاجْعَلْنَا مُقَدِّمَتَكَ إلى أهل الشام غدًا، فواله مَا بِكَ عَنَّا غَنَاءُ، فَإِنْ ظَفِرْنَا فَلَكُمْ، وَإِنْ قُتِلْنَا لَمْ نُقْتَلْ حَتَّى نَرُقَّهُمْ لَكُمْ، فَأَبَى، فَقَالَ مُسَافِرُ بْنُ سَعِيدٍ: مَا تَقُولُ لِلَّهِ غَدًا إِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَتَلْتَ أُمَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ صَبْرًا، حَكَّمُوكَ فِي دِمَائِهِمْ، فَكَانَ الْحَقُّ فِي دِمَائِهِمْ أَنْ لَا تَقْتُلَ نَفْسًا مُسْلِمَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ، فَإِنْ كُنَّا قَتَلْنَا عِدَّةَ رِجَالٍ مِنْكُمْ، فَاقْتُلُوا عِدَّةً مِنَّا، وَخَلُّوا سَبِيلَ الْبَاقِي، فَلَمْ يَسْتَمِعْ لَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِكَفِّ الْمُخْتَارِ، فَقُطِعَتْ وَسُمِّرَتْ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ، وَبَعَثَ عُمَّالَهُ إِلَى الْبِلَادِ، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ يَدْعُوهُ إِلَى طَاعَتِهِ وَيَقُولُ: إِنْ أَجَبْتَنِي فَلَكَ الشَّامُ وَأَعِنَّةُ1 الْخَيْلِ. وَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَيْضًا إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ: إِنْ بَايَعْتَنِي فَلَكَ الْعِرَاقُ، ثُمَّ اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فَتَرَدَّدُوا، ثُمَّ قَالَ: لَا أُؤْثِرُ عَلَى مِصْرِي وَعَشِيرَتِي أَحَدًا، وَسَارَ إِلَى مُصْعَبٍ. قَالَ أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ مُصْعَبُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، يَعْنِي لَمَّا وَفَدَ عَلَى أَخِيهِ ابْنِ الزبير، فقال: أي عم، أسألك عن

_ 1 أعنة: مقاليد.

قَوْمٍ خَلَعُوا الطَّاعَةَ وَقَاتَلُوا، حَتَّى إِذَا غُلِبُوا تَحَصَّنُوا وَسَأَلُوا الْأَمَانَ، فَأُعْطُوا، ثُمَّ قُتِلُوا بَعْدُ، قال: كم الْعَدَدُ؟ قَالَ: خَمْسَةُ آلَافٍ، قَالَ: فَسَبّحَ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ قَالَ: عَمْرَكَ اللَّهِ يَا مُصْعَبٍ، لَوْ أَنَّ امْرَءًا أَتَى مَاشِيَةَ لِلزُّبَيْرِ، فَذَبَحَ مِنْهَا خَمْسَةَ آلَافِ شَاةٍ فِي غَدَاةٍ، أَكُنْتَ تُعِدُّهُ مُسْرِفًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَتَرَاهُ إِسْرَافًا فِي الْبَهَائِمِ، وَقَتَلْتَ مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ، أَمَا كَانَ فِيهِمْ مُسْتَكْرِهٌ أَوْ جَاهِلٌ تَرْجَى تَوبَتُهُ! أَصِبْ يَا ابْنَ أَخِي مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ مَا اسْتَطَعْتَ فِي دُنْيَاكَ1. وَكَانَ الْمُخْتَارُ مُحْسِنًا إِلَى ابْنِ عُمَرَ، يَبْعَثُ إِلَيْهِ بِالْجَوَائِزِ وَالْعَطَايَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ زَوْجَ أُخْتِ الْمُخْتَارِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَكَانَ أَبُوهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ رَجُلًا صَالِحًا، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَالْجِسْرُ مُضَافٌ إِلَيْهِ، وَبَقِيَ وَلَدَاهُ بِالْمَدِينَةِ. فَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر، عن أم بكر بِنْتِ الْمِسْوَرِ، وَعْنَ رَبَاحِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قالوا: قدم أبو عبيد الله مِنَ الطَّائِفِ، وَنَدَبَ عُمَرُ النَّاسَ إِلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ، فَخَرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ إِلَيْهِا فَقُتِلَ، وَبَقِيَ الْمُخْتَارُ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ غُلَامًا يُعْرَفُ بِالِانْقِطَاعِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ خَرَجَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَأَقَامَ بِهَا يُظْهَرُ ذِكْرَ الْحُسَيْنِ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، فَأَخَذَهُ وَجَلَدَهُ مِائَةً، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الطَّائِفِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ2. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ: كَانَتِ الشِّيعَةُ تَكْرَهُ الْمُخْتَارَ، لِمَا كَانَ مِنْهُ فِي أمر الحسن بن علي يوم طعن، لما قَدِمَ مُسْلِمُ بْنُ عُقَيْلٍ الْكُوفَةَ بَيْنَ يَدَيِ الْحُسَيْنِ نَزَلَ دَارَ الْمُخْتَارِ، فَبَايَعَهُ وَنَاصَحَهُ، فَخَرَجَ ابْنُ عُقَيْلِ يَوْمَ خَرَجَ وَالْمُخْتَارُ فِي قَرْيَةٍ لَهُ، فَجَاءَهُ خَبَرُ ابْنِ عُقَيْلٍ أَنَّهُ ظَهَرَ بِالْكُوفَةِ، وَلَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُ عَلَى مِيعَادٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِنَّمَا خَرَجَ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ هَانِئَ بْنَ عُرْوَةَ قَدْ ضُرِبَ وَحُبِسَ، فَأَقْبَلَ الْمُخْتَارُ فِي مَوَالِيهِ وَقْتَ الْمَغْرِبِ، فَلَمَّا رَأَى الْوَهْنَ نَزَلَ تَحْتَ رَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ لِتَنْصُرَ مُسْلِمَ بْنَ عُقَيْلٍ، قَالَ: كَلا، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، وَضَرَبَهُ بِقَضِيبٍ شَتَرَ عَيْنَيْهِ، وَسَجَنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَتَبَ فِيهِ إِلَى يَزِيدَ، لَمَّا بَكَتْ صَفِيةُ أُخْتُ الْمُخْتَارِ عَلَى زَوْجِهَا ابْنِ عُمَرَ، فَكَتَبَ: إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ حَبَسَ الْمُخْتَارِ، وهو صهري، وأنا أحب أن

_ 1 تاريخ الطبري "6/ 113". 2 خبر ضعيف: فيه الواقدي. وأخرجه ابن سعد "5/ 148".

يُعَافِيَ وَيُصْلِحَ، قَالَ: فَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَخْرَجَهُ، وَقَالَ: إِنْ أَقَمْتَ بِالْكُوفَةِ بَعْدَ ثَلَاثٍ بَرِئَتْ مِنْكَ الذِّمَّةُ، فَأَتَى الْحِجَازَ، وَاجْتَمَعَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَحَضَّهُ عَلَى أَنْ يُبَايِعَ النَّاسَ، فَلْمَ يَسْمَعْ مِنْهُ، فَغَابَ عَنْهُ بِالطَّائِفِ نَحْوَ سَنَةٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ فَرَحَّبَ بِهِ، وَتَحَادَثًا، ثُمَّ إِنَّ الْمُخْتَارَ خَطَبَ وَقَالَ: إِنِّي جِئْتُ لِأُبَايِعَكَ عَلَى أَنْ لَا تَقْضِيَ الْأُمُورَ دُونِي، وَإِذَا ظَهَرْتَ اسْتَعَنْتَ بِي عَلَى أَفْضَلِ عَمَلِكِ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسَنَّةِ نَبِيِّهِ، فَبَايَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مَا طَلَبَ، وَشَهِدَ مَعَهُ حِصَارَ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ لَهُ، وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا، وَأَنْكَى فِي عَسْكَرِ الشَّامِ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَتْهُ الْأَخْبَارُ أَنَّ الْكُوفَةَ كَغَنَمٍ بِلَا رَاعٍ، وَكَانَ رَأْيُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهُ، فَمَضَى بِلَا أَمْرٍ إِلَى الْكُوفَةِ، وَدَخَلَهَا مُتَجَمِّلًا فِي الزِّينَةِ وَالثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ، وَجَعَلَ كُلَّمَا مَرَّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشِّيعَةِ الْأَشْرَافِ قَالَ: أَبْشِرُ بِالنَّصْرِ وَالْيُسْرِ، ثُمَّ يَعِدُهُمْ أَنْ يَجْتَمِعَ بِهِمْ فِي دَارِهِ، قَالَ: ثم أظهر لهم أن المهدي بن محمد الْوَصِيَّ، يَعْنِي ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ، بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ أَمِينًا ووزيرًا وأميرًا، وأمني بِقِتَالِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ، وَالطَّلَبِ بِدِمَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَهَوِيَتْهُ طَائِفَةٌ، ثُمَّ حَبَسَهُ مُتَوَلِّي الْكُوفَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثُمَّ إِنَّهُ قَوِيَتْ أَنْصَارُهُ، وَاسْتَفْحَلَ شَرُّهُ، وَأَبَادَ طَائِفَةً مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ، وَاقْتَصَّ اللَّهُ مِنَ الْظَّلَمَةِ بِالْفَجَرَةِ، ثُمَّ سَلَّطَ عَلَى الْمُخْتَارِ مُصْعَبًا، ثُمَّ سَلَّطَ عَلَى مُصْعَبٍ عبد الملك: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] . وَاسْتَعْمَلَ مُصْعَبُ عَلَى أَذْرَبَيْجَانَ وَالْجِزِيرَةِ الْمُهَلَّبَ بْنَ أبي صفرة الأزدي1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 265"، والسير "3/ 543"، والبداية "8/ 310"، وصحيح التوثيق "5/ 124".

حوادث سنة ثمان وستين: المتوفون في هذه السنة

حوادث سنة ثمان وستين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَمَلِكُ الرُّومِ قُسْطَنْطِينُ بْنُ قُسْطَنْطِينَ، لَعَنَهُ اللَّهُ. وَتُوُفِّيَ فِيهَا فِي قَوْلٍ: زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ. وَفِيهَا: عَزَلَ ابْنُ الزُّبْيَرِ أَخَاهُ مُصْعَبًا عَنِ الْعِرَاقِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهَا وَلَدَه حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ جَابِرَ بن الأسود الزهري، فأراد من سعيد ابن الْمُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَامْتَنَعَ، فَضَرَبَهُ سِتِّينَ سَوْطًا. كَذَا قَالَ خَلِيفَةُ. وَقَالَ الْمُسَبِّحِيُّ: عَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، لِكَوْنِهِ ضرب سعيد بْنَ الْمُسَيِّبِ سِتِّينَ سَوْطًا فِي بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَامَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى ذَلِكَ وَعَزَلَهُ. وَفِيهَا: كَانَ مَرْجِعُ الْأَزَارِقَةِ مِنْ نَوَاحِي فَارِسٍ إِلَى الْعِرَاقِ، حَتَّى قَارَبُوا الْكُوفَةَ وَدَخَلُوا الْمَدَائِنَ، فَقَتَلُوا الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، وَعَلَيْهِمُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْمَاحُوزِ، وَقَدْ كَانَ قَاتَلَهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ بِسَابُورَ، وَصَاحَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِأَمِيرِهِمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، الْمُلَقَّبُ بِالْقُبَاعِ، وَقَالُوا: انْهَضْ، فَهَذَا عَدُوٌّ لَيْسَتْ لَهُ تُقْيَةٌ، فَنَزَلَ بِالنُّخَيْلَةِ، فَقَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ فَقَالَ: قَدْ سَارَ إِلَيْنَا عَدُوٌّ يَقْتُلُ الْمَرْأَةَ وَالْمَوْلُودَ، وَيُخَرِّبُ الْبِلَادَ، فَانْهَضْ بِنَا إِلَيْهِ، فَرَحَلَ بِهِمْ، وَنَزَلَ دَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَقَامَ أَيَّامًا حَتَّى دَخَلَ شَبَثُ بْنُ رِبعِيُّ، فَكَلَّمَهُ بِنَحْوِ كَلَامِ إِبْرَاهِيمَ، فَارْتَحَلَ وَلَمْ يَكَدْ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ بُطْءَ سَيْرِهِ رَجَزُوا فَقَالُوا: سَارَ بِنَا الْقُبَاعُ سَيْرًا نُكْرًا ... يَسِيرُ يَوْمًا وَيُقِيمُ شَهْرًا فَأَتَى الصَّرَاةَ، وَقَدِ انْتَهَى إِلَيْهَا الْعَدُوُّ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَدْ سَارُوا إِلَيْهِمْ، قَطَعُوا الْجِسْرَ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ لِلْحَارِثِ الْقُبَاعِ: انْدُبْ مَعِي النَّاسَ حَتَّى أعبر إلى هؤلاء الكلاب، فأجيئك برؤوسهم السَّاعَةَ، فَقَالَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيُّ، وَأَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ، دَعْهُمْ فَلْيَذْهَبُوا، لَا تَبْدَأُوهُمْ بِقِتَالٍ، وَكَأَنَّهُمْ حَسَدُوا ابْنَ الْأَشْتَرِ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الْحَارِثَ عَمِلَ الْجِسْرَ، وَعَبَرَ النَّاسُ إِلَيْهِمْ فَطَارُوا حَتَّى أَتَوْا الْمَدَائِنَ، فَجَهَّزَ خَلْفَهُمْ عَسْكَرًا، فَذَهَبُوا إِلَى إِصْبَهَانَ، وَحَاصَرُوهَا شَهْرًا، حَتَّى أَجْهَدُوا أَهْلَهَا، فَدَعَاهُمْ مُتَوَلِّيهَا عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَخَطَبَهُمْ وَحَضَّهُمْ عَلَى مُنَاجَزَةِ1 الْأَزْارِقَةِ، فَأَجَأَبُوهُ، فَجَمَعَ النَّاسَ وَعَشَّاهُمْ وَأْشَبَعَهُمْ، وَخَرَجَ بِهِمْ سَحَرًا، فَصَبَّحُوا الْأَزَارِقَةَ بَغْتَةً، وَحَمَلُوا حَتَّى وَصَلُوا إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْمَاحُوزِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ عِصَابَتِهِ، فَانْحَازَتِ الْأَزَارِقَةُ إِلَى قَطَريِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ، فَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، فَرَحَلَ بِهِمْ، وَأَتَى نَاحِيَةَ كِرْمَانَ، وَجَمَعَ الْأَمْوَالَ وَالرِّجَالَ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْأَهْوَازِ، فَسَيَّرَ مُصْعَبَ لِقِتَالِهِمْ، لَمَّا أَكْلَبُوا النَّاسَ، الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، فَالْتَقَوْا بِسُولَافَ2 غَيْرَ مَرَّةٍ، وَدَامَ الْقِتَالُ ثمانية أشهر.

_ 1 مناجزة: محاربة. 2 اسم قرية من قرى خوزستان بخراسان. كما في معجم البلدان "3/ 285".

وَفِيهَا: كَانَ مَقْتَلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ، وَكَانَ صَالِحًا عَابِدًا كُوفِيًّا، فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَقَاتَلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ عَلِيٌّ، -رَضِيَ الله عنه، رجع إلى الْكُوفَةِ، وَخَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ، وَتَبِعَهُ طَائِفَةٌ، فَلَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ قَوِيَ وَصَارَ مَعَهُ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ، وَعَاثَ فِي مَالِ الْخَرَاجِ بِالْمَدَائِنِ، وَأَفْسَدَ بِالسَّوَادِ فِي أَيَّامِ الْمُخْتَارِ، فَلَمَّا كَانَ مُصْعَبُ ظَفِرَ بِهِ وَسَجَنَهُ، ثُمَّ شَفَعُوا فِيهِ فَأَخْرَجُوهُ، فَعَادَ إِلَى الْفَسَادِ وَالْخُرُوجِ، فَنَدِمَ مُصْعَبُ وَوَجَّهَ عَسْكَرًا لحربه، فكسرهم، ثم في الآخر قتل1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "6/ 122، 123"، البداية "8/ 316"، صحيح التوثيق "5/ 128".

حوادث سنة تسع وستين

حَوَادِثُ سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ صَاحِبِ النحو. الطاعون بالبصرة: وَكَانَ فِي أَوَّلِهَا طَاعُونُ الْجَارِفِ1 بِالْبَصْرَةِ، فَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: حَدَّثَنِي مَنْ أَدْرَكَ الْجَارِفَ قَالَ: كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَمَاتَ فِيهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا. قَالَ خَلِيفَةُ: قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: مَاتَ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ ثَمَانُونَ وَلَدًا، وَيُقَالُ: سَبْعُونَ. وَقِيلَ: مَاتَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَرْبَعُونَ وَلَدًا، وَقَلَّ النَّاسُ جِدًّا بِالْبَصْرَةِ، وَعَجَزُوا عَنِ الْمَوْتَى، حَتَّى كَانَتِ الْوُحُوشُ تَدْخُلُ الْبُيُوتَ فَتُصِيبَ مِنْهُمْ. وَمَاتَتْ أُمُّ أَمِيرِ الْبَصْرَةِ، فَلَمْ يَجِدُوا مَنْ يَحْمِلُهَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ. وَمَاتَ لِصَدَقَةَ بْنِ عَامِرٍ المازني فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعَةُ بَنِينَ، فقال: اللهم إني مسلم مُسْلِمٌ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ خَطَبَ الْخَطِيبُ بْنُ عَامِرٍ، وَلَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ: مَا فَعَلَتِ الْوُجُوهُ؟ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: تَحْتَ التُّرَابِ. وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ عِشْرُونَ أَلْفِ عَرُوسٍ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ في رابع يوم ولم يَبْقَ حَيًّا إِلَّا الْقَلِيلُ، فَسُبْحَانَ مَنْ بِيَدِهِ الْأَمْرُ. وَمِمَّنْ قِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِيهَا: يَعْقُوبُ بْنُ بُجَيْرِ بْنُ أُسَيْدٍ، وَقَيْسُ بْنُ السَّكَنِ، ومالك

_ 1 الجارف: الذي يموت فيه الكثيرون، كالسيل الجارف، الذي يأخذ كل ما أمامه.

ابن يُخَامِرَ السَّكْسَكِيُّ، وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَحَسَّانُ بْنُ فَائِدٍ الْعَبْسِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ عَامِرٍ الوادعي، وَحُرَيْثُ بْنُ قَبِيصَةَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ فُلَيْحٍ قَالَ: ركبني دين، فجلست يومًا إلى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أَخَذْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، فَوَتَدْتُ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ ذَا، فَأَخْبِرْنِي مَنْ رَآهَا؟ قَالَ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكِ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِهَا، قَالَ: يَقْتُلُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ يَكُونُ خَلِيفَةُ، فَرَكِبْتُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ، وَأَمَرَ لِي بِخَمْسِمِائَةِ دِيَنارٍ وَثِيَابٍ1. وَفِيهَا: أَعَادَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَخَاهُ مُصْعَبًا إِلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقِ، لِضَعْفِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْأُمُورِ وَتَخْلِيطِهِ، فَقَدِمَهَا مُصْعَبٌ، فَتَجَهَّزَ وَسَارَ يُرِيدُ الشَّامَ فِي جَيْشٍ كَبِيرٍ، وَسَارَ إِلَى حَرْبِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَسَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى آخِرِ وِلَايَتِهِ، وَهَجَمَ عَلَيْهِمَا الشِّتَاءُ فَرَجَعَا. قَالَ خليفة: كانا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَامٍ، حَتَّى قُتِلَ مصعب، واستناب مصعب على عمله إبراهيم بن الأشتر. فتح قرطاجنة: وَفِيهَا: عَقَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ أَمِيرُ مِصْرَ لِحَسَّانٍ الْغَسَّانِيِّ عَلَى غَزْوِ إِفْرِيقِيَّةَ، فَسَارَ إِلَيْهَا فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ، فَافْتَتَحَ قُرْطَاجَنَّةَ2، وَأَهْلُهَا إِذْ ذَاكَ رُومٌ عُبَّادُ صَلِيبٍ. وَفِيهَا: قُتِلَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ، مَالَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وقيل: اختلف عليه أصحابه فقتلوه.

_ 1 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 2 قرطاجنة: هي أصل بلدة مدينة تونس اليوم.

حوادث سنة سبعين: المتوفون في هذه السنة

حوادث سنة سبعين: المتوفون في هذه السنة تُوُفِّيَ فِيهَا: عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ، وَبَشِيرُ بْنُ النَّضْرِ قَاضِي مِصْرَ، وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الْأَشْدَقِ، وَبِخُلْفٍ الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ. وَفِيهَا: أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ سَهْلِ بْنِ الْأَبْرَدِ الْأَنْصَارِيِّ، وَعُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ، وَبَشِيرُ بْنُ عَقْرَبَةَ، وَيُقَالُ: بِشْرُ الْجُهَنِيُّ صَحَابِيٌّ لَهُ حَدِيثَانِ، وَأَبُو الْجَلْدِ. وَيُقَالُ: إِنَّ طَاعُونَ الْجَارِفِ الْمَذْكُورَ كَانَ فِيهَا. وَفِيهَا: كَانَ الْوَبَاءُ بِمِصْرَ، فَهَرَبَ مِنْهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى الشَّرْقِيَّةِ، فَنَزَلَ حُلْوَانَ وَاتَّخَذَهَا مَنْزِلًا، وَاشْتَرَاهَا مِنَ الْقِبْطِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِيَنارٍ، وَبَنَى بِهَا دَارَ الْإِمَارَةِ وَالْجَامِعَ، وَأَنْزَلَهَا الْجُنْدَ وَالْحَرَسَ. وَفِيهَا: سَارَتِ الرُّومُ وَاسْتَجَاشُوا1 عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، وَعَجَزَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَنْهُمْ، لِاشْتِغَالِهِ بِخَصْمِهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَصَالَحَ مَلِكَ الرُّومِ، عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَلْفَ دِينَارٍ. وَفِيهَا: وَفَدَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى مَكَّةَ عَلَى أَخِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْد اللَّهِ بِأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، وَتُحَفٍ وَأَشْيَاءَ فَاخِرَةٍ2. ذِكْرُ أَهْلِ هَذِهِ الطبقة مرتبين على الأحرف. "حَرْفُ الْأَلِفِ": 1- الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، -ع- التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ3 أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ. وَرَّخَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ، وَالْأَصَحُّ وَفَاتُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. 2- أُسَامَةُ بْنُ شَرِيكٍ، الذُّبْيَانِيُّ الثَّعْلَبِيُّ4. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: زِيَادَةُ بْنُ عِلَاقَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْأَقْمَرِ، وَغَيْرُهُمَا. حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَعِدَادُهُ فِي الْكُوفِيِّينَ. 3- أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ، بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، أبو حسان،

_ 1 استجاشوا: تجرأوا وهجموا. 2 انظر: تاريخ الطبري "6/ 150"، والبداية "8/ 236"، وصحيح التوثيق "5/ 129". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 93"، الاستيعاب "1/ 126"، أسد الغابة "1/ 55". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 27"، الاستيعاب "1/ 60"، أسد الغابة "1/ 66، 67".

وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو هِنْدٍ1. مِنْ أَشْرَافِ الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وعنه: ابنه مالك، وعلي بن ربيعة. وله وفادة على عبد الملك بن مروان، وفيه يَقُولُ الْقُطَامِيُّ: إِذَا مَاتَ ابْنُ خَارِجَةَ بْنُ حِصْنٍ ... فَلَا مَطَرَتْ عَلَى الْأَرْضِ السَّمَاءُ وَلَا رَجَعَ الْبَرِيدُ بِغُنْمِ جَيْشٍ ... وَلَا حَمَلَتْ عَلَى الطُّهْرِ النِّسَاءُ2 قَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ: فَاخَرَ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ رَجُلًا فَقَالَ: أَنَا ابْنُ الْأَشْيَاخِ الْكِرَامِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذَاكَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بن إسحاق -ذبيح الله- بن إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ3. إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ. وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَرْثِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ الْفَزَارِيُّ: أَتَيْتُ الْأَعْمَشُ، فَانْتُسِبْتُ لَهُ فَقَالَ: لَقَدْ قَسَّمَ جَدُّكَ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ قَسْمًا، فَنَسِيَ جَارًا لَهُ، فَاسْتَحْيَا أن يُعْطِيَهُ، وَقَدْ بَدَأَ بِآخَرَ قَبْلَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَالَ صَبًّا، أَفَتَفْعَلُ أَنْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؟ 4. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ. 4- أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ-4، بْنِ السَّكَنِ، أُمُّ عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أُمُّ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ الْأَشْهَلِيَّةُ5. بَايَعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَتْ جُمْلَةَ أَحَادِيثَ، وقتلت بعمود خبائها يوم اليرموك

_ 1 انظر: البداية "9/ 43"، تهذيب ابن عساكر "3/ 44"، السيرة "5/ 535". 2 أوردها ابن سلام في طبقاته "539" وعزاهما للقطامي. 3 إسناده ضعيف: وأورده المصنف في السير "3/ 536، 537"، وفيه عنعنة أبي إسحاق، وهو من المدلسين. 4 السير "3/ 536". 5 انظر: الاستيعاب "4/ 1787"، أسد الغابة "7/ 18"، الإصابة "12/ 124".

تِسْعَةً مِنَ الرُّومِ، وَسَكَنَتْ دِمَشْقَ. رَوَى عَنْهَا: شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَمَوْلَاهَا مُهَاجِرٌ، وَابْنُ أَخِيهَا مَحْمُودُ بْنُ عَمْرٍو، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ. قَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ هِيَ: أُمُّ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ. قُلْتُ: وَقَبْرُ أُمِّ سَلَمَةَ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَهِيَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هَذِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا شَهِدَتِ الْحُدَيْبِيَةَ، وَبَايَعَتْ يَوْمَئِذٍ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَأَخُوهُ عَمْرٌو، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بِنْتِ عَمِّ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَتْ: قَتَلْتُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ تِسْعَةً1. أُسَيْدُ بْنُ ظُهَيْرٍ-4-، بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ2. ابْنُ عَمِّ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقِيلَ: ابْنُ أَخِيهِ، وَأَخُو عَبَّادِ بْنِ بَشِيرٍ لِأُمِّهِ. شَهِدَ الْخَنْدَقَ وَغَيْرَهَا، وَأَبُوهُ عَقَبِيٌّ. لِأُسَيْدٍ أَحَادِيثُ، رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ رَافِعٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ بْنِ خَالِدٍ، وَغَيْرُهُمْ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وروى عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. 6- أَفْلَحُ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ -م-3. رَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ، وَعُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. روى عنه: محمد بن سيرين، وعبد الله بن الحارث، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. وثقه أحمد بن عبد الله العجلي، وقتل يوم الحرة هو وابنه كثير بن أفلح. قال الواقدي: هو من سبي عين التمر، في خلافة أبي بكر.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه الطبراني، ورجاله ثقات، قاله الهيثمي في المجمع "9/ 260"، وأورده المصنف "2/ 297" في السير. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 369"، وأسد الغابة "1/ 94"، والإصابة "1/ 123". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 86"، والتاريخ الكبير "2/ 52"، والجرح والتعديل "2/ 323".

قال هشام بن حسان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: إِنَّ أَبَا أَيُّوبَ كَاتَبَ أَفْلَحَ عَلَى أَرْبَعِينَ ألفاُ، فَجَعَلُوا يُهَنِّئُونَهُ، فَنَدِمَ أَبُو أَيُّوبَ وقال: أحب أن ترد الكتاب وَتَرْجِعَ كَمَا كُنْتَ، فَجَاءَهُ بِمُكَاتَبَتِهِ، فَكَسَرَهَا، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوبَ: أَنْتَ حُرٌّ، وَمَا كَانَ لَكَ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لَكَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، يُكْنَى أَبَا كَثِيرٍ. 7- إِيَاسُ بْنُ قَتَادَةَ الْعَبْشَمِيُّ1. ابْنُ أُخْتِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، بَصْرِيٌّ نَبِيلٌ، وَلِيَ قَضَاءَ الرَّيِّ. "حرف الْبَاءِ": 8- بُرَيْدَةُ بن الحصيب -ع، بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْلَمِيُّ2. نَزِيلُ الْبَصْرَةِ، أَسْلَمَ قَبْلَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَهُ عِدَّةُ مَشَاهِدَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِدَّةُ أَحَادِيثَ، سَكَنَ مَرْوَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَبِهَا قَبْرُهُ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَسُلَيْمَانُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو الْمَلِيحِ بْنُ أسامة، وجماعة. توفي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: غَزَا خُرَاسَانَ زَمَنَ عُثْمَانَ. أَنْبَأَ أَبُو النصر: ثنا شُعْبَةُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيَّ وَرَاءَ نَهْرِ بَلْخٍ وَهُوَ يَقُولُ: لَا عَيْشَ إِلَّا طِرَادَ الْخَيْلِ بِالْخَيْلِ3 وَقَالَ بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ، فَكُنْتُ فِيمَنْ شَهِدَ الثُّلْمَةَ4، فَقَاتَلْتُ حَتَّى رُئِيَ مكَانِي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 128"، الإصابة "1/ 90". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 241"، والاستيعاب "2/ 173"، وأسد الغابة "1/ 175". 3 إسناده ضعيف: الطبقات الكبرى "4/ 243" سنده فيه جهالة أحد الرواة. 4 الثلمة: هي الموضع الذي انثلم، ويقال: ثلم الجدار، ثلما أحدث فيه شقا. المعجم الوجيز "ص/ 87".

أحمر، فما أعلم أني ركبت في الْإِسْلَامَ ذَنْبًا أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنْهُ لِلشُّهْرَةِ1. قُلْتُ: رُوِيَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ حَدِيثًا. 9- بَشِيرُ بْنُ عَقْرَبَةَ، وَيُقَالُ: بِشْرُ، أَبُو الْيَمَانِ الْجُهَنِيُّ2. صَحَابِيٌّ لَهُ حَدِيثَانِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: ثنا ابْنُ الْحَارِثِ الرَّمْلِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ الْكِنَانِيِّ، عَامِلُ الرَّمْلَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: شَهِدْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ لِبِشْرِ بْنِ عَقْرَبَةَ يَوْمَ قَتْلِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ: قَدِ احْتَجْتُ يَا أَبَا الْيَمَانِ إِلَى كَلَامِكَ الْيَوْمَ فَقُمْ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ قَامَ بِخُطْبَةٍ لَا يَلْتَمِسُ إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً وَقَفَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَوْقِفَ رياء وسمعة" 3. 10- بشير بن النضر، بن بَشِيرِ بْنِ عَمْرٍو. قَاضِي مِصْرَ، تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعِينَ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْخَوْلَانِيُّ، وَكَانَ رِزْقَهُ فِي الْعَامِ أَلْفَ دِينَارٍ. "حرف التَّاءِ": 11- تَمِيمُ بْنُ حَذْلَمٍ، أَبُو سَلَمَةَ الضَّبِّيُّ4 الْكُوفِيُّ الْمُقْرِئُ. عَرَضَ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ. وَرَوَى عَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ. قَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ حَذْلَمٍ قَالَ: قَرَأْتُ القرآن عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ تَمِيمَ بْنَ حَذْلَمَ الضَّبِّيَّ قَرَأَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ إِلَّا قوله: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ} [النحل: 87] مده تميم، وقصره ابن

_ 1 خبر صحيح: أخرجه البخاري "3/ 177 تعليقا"، وابن سعد "7/ 117"، في طبقاته. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 429"، والاستيعاب "1/ 152"، وأسد الغابة "1/ 197". 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "3/ 500"، والطبراني "1227" في الكبير، وقال الهيثمي في المجمع "2/ 191": رجاله موثقون. 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 206"، والإصابة "1/ 187".

مَسْعُودٍ، {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] ، قَرَأَهَا ابن مسعود مخففة1. وقد أدرك تميم أن أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ. رَوَى عَنْهُ أَيْضًا: الْعَلَاءُ بْنُ بَدْرٍ، وَالرُّكَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَابْنُهُ أَبُو الْخَيِر بْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُمْ. "حرف الثَّاءِ": 12- ثور بن معن، بن يَزِيدَ بْنِ الْأَخْنَسِ السُّلَمِيُّ2. أَحَدُ الْأَشْرَافِ، قُتِلَ بِمَرْجِ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ، وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَقَدْ عَاشَ بَعْدَ ثَوْرٍ أَبُوهُ. "حرف الْجِيمِ": 13- جَابِرُ بن سمرة، -ع- بْنِ جُنَادَةَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. وَيُقَالُ: أَبُو خالد السوائي3، وَقِيلَ: اسْمُ جُنَادَةَ: عَمْرٌو، وَلَهُ وَلأَبِيهِ سَمُرَةَ صُحْبَةٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ. وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ: خَالِهِ سَعْدِ بْنِ أبي وقاص، وأبي أيوب. روى عَنْهُ: تَمِيمُ بْنُ طَرَفَةَ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَحَدِيثُهُ فِي الْكُتُبِ كَثِيرٌ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ. 14- جابر بن عتيك بن قَيْسٍ، وَيُقَالَ: جَبْرٌ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ4، أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا. وَتُوُفِّيَ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَلَهُ إِحْدَى وَتِسْعُونَ سَنَةً. وَرَّخَ مَوْتَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَابْنُ زَبْرٍ، وَابْنُ مَنْدَهْ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَتْ مَعَهُ رَايَةُ بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ الأَوْسِ يَوْمَ الْفَتْحِ.

_ 1 إسناده ضعيف: فيه عنعنة هشيم، والمغيرة، وكلاهما من المدلسين. 2 انظر: الكامل "4/ 147"، والإصابة "1/ 205". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 24"، والاستيعاب "1/ 224"، وأسد الغابة "1/ 254". 4 انظر: الاستيعاب "1/ 223"، والطبقات الكبرى "3/ 469"، وأسد الغابة "1/ 258".

وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِر بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جَدِّهِ لأُمِّهِ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَتِيكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ، فَاسْتَرْجَعَ1. قُلْتُ: هُوَ آخِرُ الْبَدْرِيِّينَ مَوْتًا. 15- جَرْهَدُ الأَسْلَمِيُّ -د ت-2 الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِيُّ لِلَّهِ: "غَطِّ فَخْذَكَ" 3. رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وحفيده زرعة. توفي سنة إحدى وستين. له دار بالمدينة. 16- جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ4 قُتِلَ شَابًّا هُوَ وَإِخْوَتُهُ مَعَ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم- أجمعين. 17- جندب بن عبد الله -ع- بن سفيان البجلي العلقي5. وَعَلَقَةُ: حَيٌّ مِنْ بَجِيلَةَ، أَقَامَ بِالْبَصْرَةِ وَبِالْكُوفَةِ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ كَثِيرَةٌ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالأَسْوَدُ بْنِ قَيْسٍ، وَآخَرُونَ. 18- جُنْدُبُ الْخَيْرِ: هُوَ جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -وَيُقَالُ: ابن كعب- الأزدي6، له صحبة ورواية.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مالك "1/ 181" في الموطأ، وأحمد "5/ 445"، وأبو داود "3111"، والنسائي "4/ 13، 14"، وابن ماجه "2803"، وابن حبان "1616"، والحاكم "1/ 352". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 298"، والاستيعاب "1/ 254"، وأسد الغابة "1/ 277". 3 حديث حسن لغيره: أخرجه أبو داود "4/ 40"، والترمذي "2947"، "2948"، وقال: حديث حسن، وأحمد "3/ 478، 479"، والحميدي "857"، "858"، وابن حبان "353"، وأورده البخاري "1/ 105"، تعليقا، وقال: روى عن ابن عباس، وجرهد، ومحمد بن جحش عن النبي -صلى الله عليه وسلم: "الفخذ عورة"، قال أنس: حسر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن فخذه، وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط حتى نخرج من اختلافهم. 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 34"، والاستيعاب "1/ 210"، وأسد الغابة "1/ 286". 5 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 35"، والاستيعاب "1/ 256"، وأسد الغابة "1/ 304". 6 انظر: الاستيعاب "1/ 258"، وأسد الغابة "1/ 305"، والسير "3/ 175".

وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عَلِيٍّ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَحَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. فَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ"1. وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: كَانَ سَاحِرٌ يَلْعَبُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَيَأْخُذُ سَيْفَهُ فَيَذْبَحُ نَفْسَهُ وَلا يَضُرُّهُ، فَقَامَ جُنْدُبٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، ثُمَّ قَرَأَ {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} [الأنبياء: 3] . إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ2. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ كَانَ بِالْعِرَاقِ يَلْعَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاحِرٌ، فَكَانَ يَضْرِبُ عُنُقَ الرَّجُلِ، ثُمَّ يَصِيحُ بِهِ، فَيَقُومُ، فَتَرْتَدُّ إِلَيْهِ رَأْسُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ يُحْيِي الْمَوْتَى! فَرَآهُ رَجُلٌ مِنْ صَالِحِي الْمُهَاجِرِينَ، فَاشْتَمَلَ مِنَ الْغَدِ عَلَى سَيْفهِ، فَذَهَبَ السَّاحِرُ يَلْعَبُ لُعْبَهُ ذَلِكَ، فَاخْتَرَطَ الرَّجُلُ سَيْفَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ. وَقَالَ: إِنْ كَانَ صَادِقًا فَيُنَجِّي نَفْسَهُ، فَأَمَرَ بِهِ الْوَلِيدُ فَسَجَنَهُ، فَأُعْجِبَ السَّجَّانُ نَحْوَ الرَّجُلِ فَقَالَ: أتستطيع أن تهرب؟ فقال: نَعَمْ، قَالَ: فَاخْرُجْ، لا يَسْأَلُنِي اللَّهُ عَنْكَ أَبَدًا3. 19- جَنْدَرَةُ بْنُ خَيْشَنَةَ أَبُو قِرْصَافَةَ الْكِنَانِيُّ4، صَحَابِيٌّ نَزَلَ الشَّامَ وَاسْتَوْطَنَ عَسْقَلانَ، لَهُ أَحَادِيثُ. روى عنه: حفيدته عزة بنت عياض بنت جَنْدَرَةَ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ الْفِلَسْطِينِيُّ، وَشَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، وَزِيَادُ بْنُ سَيَّارٍ، وَعَطِيَّةُ بْنُ سَعِيدٍ الكنانيان، وزياد بن أبي جعد. ليس له في الكتب الستة شيء.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "1460"، والحاكم "4/ 360"، والدارقطني "3/ 114" فيه إسماعيل المكي، وهو في عداد الضعفاء. 2 خبر صحيح: أخرجه الطبراني "1725" في الكبير. 3 السير "3/ 176"، وفيه ابن لهيعة متكلم فيه. 4 انظر: الجرح والتعديل "2/ 545"، والاستيعاب "1/ 274".

"حرف الْحَاءِ": 20- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ الأَعْوَرُ الْكُوفِيُّ أَبُو زُهَيْرٍ1، صَاحِبُ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ فَقِيهًا فَاضِلا مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ، وَلَكِنَّهُ لين الحديث. روى عنه: الشعبي، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن مرة، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم. قال أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الْحَارِثُ: تَعَلَّمْتُ الْقُرْآنَ فِي سَنَتَيْنِ، وَالْوَحْيَ فِي ثَلاثِ سِنِينَ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، وعلي بن المديني، وأبو خيثمة: الحارث كذاب. قلت: هذا محمول من الشعبي على أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَذِبِ الْخَطَأَ وَإلا فَلأَيِّ شَيْءٍ يَرْوِي عَنْهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّسَائِيَّ مَعَ تَعَنُّتِهِ فِي الرِّجَالِ قَدِ احْتَجَّ بِالْحَارِثِ. وَقَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو إِسْحَاقَ مِنَ الْحَارِثِ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ. وَرَوَى مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الْحَارِثُ يَهِمُ. وقَالَ النَّسَائِيُّ أَيْضًا: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَ الْحَارِثُ أفْقَهَ النَّاسِ، وَأفْرَضَ النَّاسِ، وَأَحْسَبَ النَّاسِ، تَعَلَّمَ الْفَرَائِضَ مِنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَهُمْ يُقَدِّمُونَ خَمْسَةً، مَنْ بَدَأَ بِالْحَارِثِ الأَعْوَرِ ثَنَّى بِعُبَيْدَةَ، وَمَنْ بَدَأَ بِعُبَيْدَةَ ثَنَّى بِالْحَارِثِ، ثُمَّ عَلْقَمَةَ، ثُمَّ مَسْرُوقٍ، ثُمَّ شُرَيْحٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: الْحَارِثُ لَيْسَ بِهِ بأٍس. وَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ. 21- الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْهُذَلِيُّ الْمَدَنِيُّ2 وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وحدث عن عمر بن الخطاب. قال ابْنُ سَعْدٍ. * الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ قَدْ ذُكِرَ.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 168"، والسير "4/ 152". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 59"، والتاريخ الكبرى "2/ 276".

22- حبشي بن جنادة -د ت ق- أبو الجنوب السلولي1، نَزَلَ الْكُوفَةَ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ الشَّعِبيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ. وَقَدْ بَالَغَ ابْنُ عَدِيٍّ في الثقات له بذكره في الضعفاء، ثم طرز بذلك بِقَوْلِهِ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ" 2 الْحَدِيثَ. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبيِّ، عَنْ حُبْشِيٍّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، فَذَكَرَ حَدِيثًا فِي تَحْرِيمِ الْمسأَلَةِ3. وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُبْشِيٍّ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاثَةَ مَشَاهِدَ، وَشَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ ثَلاثَةَ مَشَاهِدَ مَا هُنَّ بِدُونِهَا4. قُلْتُ: وَلِحُبْشِيٍّ أَحَادِيثُ أُخَرَ، وَمَا أَدْرِي لأَيِّ شَيْءٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ: إِسْنَادُهُ فِيهِ نَظَرٌ. 23- حَسَّانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلِ بْنِ أُنَيْفٍ الْأَمِيرُ5 أَبُو سُلَيْمَانَ الْكَلْبِيُّ. وَكَانَ عَلَى قُضَاعَةِ الشَّامِ بين صِفِّينَ، وَهُوَ الَّذِي قَامَ بِأَمْرِ الْبَيْعَةِ لِمَرْوَانَ. وَذَكَرَ الْكَلْبِيُّ أَنَّهُمْ سَلَّمُوا بِالْخِلافَةِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً عَلَى حَسَّانِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ سَلَّمَهَا إِلَى مَرْوَانَ وَقَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَّا الْخَلِيفَةُ نَفْسُهُ ... فَمَا نَالَهَا إِلا وَنَحْنُ شُهُودٌ وَقَصْرُ حَسَّانٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ قَصْرُ الْبَحَادِلَةِ، ثُمَّ صَارَ يُعْرَفُ بِقَصْرِ ابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ. 24- الْحُسَيْنُ بْنُ علي -رضي الله عنه-6 بن أَبِي طَالِبٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ رَيْحَانَةُ رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وابن بِنْتِهِ فَاطِمَةَ، السَّعِيدُ الشَّهِيدُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. استشهد بكربلاء وله ست

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 37"، والاستيعاب "1/ 391"، وأسد الغابة "1/ 366". 2 حديث صحيح: وأخرجه أحمد "4/ 165"، والترمذي "916"، والطبراني "3509"، "3510" في الكبير، وله شواهد. 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 165"، والترمذي "648"، "649"، والطبراني "3504"، في الكبير. 4 حديث ضعيف: وأخرجه ابن عدي "2/ 848" في الكامل للضعفاء. 5 انظر: تاريخ الطبري "5/ 531"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 148"، السير "3/ 537". 6 انظر: الحلية "2/ 39"، الاستيعاب "392"، أسد الغابة "2/ 18"، الإصابة "1/ 332".

وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَقَدْ حَفِظَ عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ أَبَوَيْهِ، وَخَالِهِ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ الْحَسَنُ، وَابْنُهُ عَلِيٌّ، وَابْنُ ابْنِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ، وَبِنْتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْفَرَزْدَقُ هَمَّامٌ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُقَيْلِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: مَوْلِدُهُ فِي خَامِسِ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: كَانَ بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ طُهْرٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرُونِي ابْنِي مَا سَمَّيْتُمُوهُ"؟ قُلْتُ حَرْبًا. قَالَ: "بَلْ هُوَ حَسَنٌ"، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: "إِنَّمَا سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ شَبَرٍ وَشُبَيْرٍ ومشبر"1. قلت: وكان وقد وَلَدَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَهُمَا وَلَدًا فَسَمَّاهُ مُحْسِنًا. وَرَوَى الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: كُنْتُ أُحِبُّ الْحَرْبَ، فَلَمَّا وُلِدَ الحسن هَمَمْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ حَرْبًا فَسَمَّاهُ الْحُسَيْنَ، وَقَالَ: "سَمَّيْتُ ابْنَيَّ هَذَيْنِ بِاسْمِ ابْنَيْ هَارُونَ شَبَرٍ وَشُبَيْرٍ"2. رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ عِيسَى التَّمِيمِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَهُوَ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ. وقال عكرمة: لما ولد فَاطِمَةُ حَسَنًا أَتَتْ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَمَّاهُ حَسَنًا، فَلَمَّا وَلَدَتْ حُسَيْنًا أَتَتْ بِهِ فَسَمَّاهُ، وَقَالَ: "هَذَا أَسَنُّ مِنْ هَذَا"3، فَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ حُسَيْنٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْحَسَنُ أَشْبَهُ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ، والحسين أشبه الناس بِرَسُولِ اللَّهِ، مَا كَانَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ4. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: حَدَّثَنِي أخي موسى، عن أبي، عن

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 98، 118"، والطبراني "2773"، "2774"، في الكبير، وفيه عنعنة أبي إسحاق. 2 حديث ضعيف: وأخرجه الطبراني "2777" في الكبير. 3 حديث ضعيف: إسناده مرسل. السير "3/ 248". 4 أخرجه الترمذي "3781"، وابن حبان "2235" وفيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي.

أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخذ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَالَ: "مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ"1. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ، عَنْهُ. وَفِي الْمُسْنَدِ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي" 2. وَقَالَ عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَانِ ابْنَايَ مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي" 3. لَهُ عِلَّةٌ، وَهِيَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَرْسَلَهُ، وَأَسْقَطَ مِنْهُ عَبْدَ اللَّهِ. وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ أمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَّلَ عَلِيًّا، وَحَسَنًا، وَحُسَيْنًا، وَفَاطِمَةَ، كِسَاءً، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا" 4. لَهُ طُرُقٌ صِحَاحٌ عَنْ شَهْرٍ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ، يَعْنِي {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزاب: 33] . وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِي أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 5. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ بِإِسْنَادَيْنِ جَيِّدَيْنِ. وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَأَنَسٍ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ مَرْدَانُبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أبي سعيد الخدري

_ 1 حديث منكر: أخرجه الترمذي "3734"، وقال المصنف في السير "3/ 245": إسناده ضعيف والمتن منكر. 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "2/ 531"، والحاكم "3/ 171"، والبيهقي "4/ 28" في سننه الكبرى. 3 حديث حسن: يشهد له السابق. 4 حديث صحيح لغيره: أخرجه أحمد "6/ 298، 304"، والترمذي "3205"، والطبراني "2664"، "2665" في الكبير، وله شواهد كثيرة. 5 حديث صحيح لغيره: وأخرجه الترمذي "3856".

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 1. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ قَالَ: جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَسْعَيَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَصَلَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الآخَرِ، فَجَعَلَ يَدَهُ على رقبته، ثم ضمه إلى إِبِطِهِ، ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَضَمَّهُ إِلَى إِبِطِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ قَبَّلَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: "إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا". وَقَالَ: "إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ" 2. رَوَى بَعْضَهُ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ فَقَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ خَلَفٍ. وَقَالَ كَامِلٌ أَبُو الْعَلاءِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاةِ الْعِشَاءِ، فَكَانَ إِذَا سَجَدَ رَكِبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ رَفَعَ رَفْعًا رَفِيقًا، ثُمَّ إِذَا سَجَدَ عَادَا، فَلَمَّا صَلَّى قُلْتُ: أَلا أَذْهَبُ بِهِمَا إِلَى أُمِّهِمَا؟ قَالَ: "لا" فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ فَلَمْ يَزَالا فِي ضَوْئِهَا حَتَّى دَخَلا عَلَى أُمِّهِمَا3. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عثمان بْن خثيم، عن سعيد بن راشد، عن يعلى بن مرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ" 4. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَالَ حُسَيْنُ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "صَدَقَ الله" {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "3/ 3، 62، 64، 84"، والترمذي "3768"، والحاكم "3/ 166"، وله شواهد. 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 172"، وابن ماجه "3696"، وله شواهد. 3 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 513"، والطبراني كما في المجمع "1/ 186"، والحاكم "3/ 167" فيه أحد المجهولين. 4 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 172"، واتمذي "3775"، وابن ماجه "144"، والحاكم "3/ 177"، وصححه، وأقره الذهبي.

[التغابن: 15] رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ثُمَّ أَخَذَ فِي خُطْبَتِهِ1 إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ مَسْرُوقٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ، وَعَلَى ظَهْرِهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَهُوَ يَقُولُ: "نِعْمَ الْحَمْلُ حَمْلُكُمَا وَنِعْمَ الْعَدْلانِ أَنْتُمَا"2. تَفَرَّدَ بِهِ هَذَا عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. مَهْدِيُّ بْنُ ميمون: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاةٍ فَجَاءَ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَيْنُ -قَالَ مَهْدِيٌّ: وَأَكْبَرُ ظني أنه الحسين- فركب عُنُقَهُ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَطَالَ السُّجُودَ بِالنَّاسِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالُوا لَهُ، فَقَالَ: "إِنَّ ابْنِي هَذَا ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أَعْجَلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ" 3. مُرْسَلٌ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلَ الْحُسَيْنُ فَقَالَ جَابِرٌ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا4، أَشْهَدُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُهُ. تَفَرَّدَ بِهِ الرَّبِيعُ، وَهُوَ صَدُوقٌ جُعْفِيٌّ. أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا سَلْمٌ الْحَدَّاءُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَالِمِ بْن أَبِي الْجَعْدِ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي" 5. إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ وَسَلْمٌ لَمْ يُضَعَّفْ وَلا يَكَادُ يُعْرَفُ وَلَكِنْ قَدْ رَوَى مِثْلَهُ أَبُو الْجَحَّافِ، عن أبي حازم.

_ 1 حديث حسن: أخرجه أبو داود "1109"، والترمذي "3774"، وابن ماجه "3600"، والنسائي "3/ 193"، وأحمد "5/ 354". 2 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "2661"، وانظر المجمع "9/ 182". 3 حديث صحيح: وإسناده مرسل. وأخرجه أحمد "3/ 493، 494"، والنسائي "2/ 229، 230"، وله شواهد. 4 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف. رواه أبو يعلى كما في المجمع "9/ 587"، وفيه ابن سابط لم يسمع من جابر -رضي الله عنه. 5 سبق تخريجه.

وقال أبو الحجاف، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَفَاطِمَةَ، فَقَالَ: "أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ سَلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ"1. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ زيد بن أرقم. وقال بقية، عن بحير، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَسَنٌ مِنِّي وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ"2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يعقوب، عن ابن أبي نعم قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عن دم البعوض، فقال: ممن أنت؟ قال: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا" 3. صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ على رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَلْعَبَانِ عَلَى صَدْرِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّهُمَا؟ قَالَ: "وَكَيْفَ لا أُحِبُّهُمَا وَهُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا" 4. وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى الْعَامِرِيِّ قَالَ: قال رسول الله صلى الهه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسَبَاطِ، مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ حُسَيْنًا" 5. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ هَذَيْنِ" 6. وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وابن عباس، وسلمان، وغيرهم.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه الطيالسي "2/ 129، 130"، وأحمد "1/ 101"، والطبراني "2622" في الكبير. 2 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "2628" في الكبير، وفيه عنعنة بقية. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 77، 78"، وأحمد "2/ 93، 114"، والترمذي "3770". 4 حديث حسن لغيره: أخرجه الطبراني "3890"، في الكبير، وانظر المجمع "9/ 181". 5 سبق تخريجه. 6 سبق تخريجه.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهَبِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَوْضِعَ الْجَنَايِزِ، فَطَلَعَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَاعْتَرَكَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيهًا حَسَنٌ خُذْ حُسَيْنًا". فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَى حُسَيْنٍ تُؤَلِّبُهَ وَحَسَنٌ أَكْبَرُ! فَقَالَ: "هَذَا جِبْرِيلُ يَقُولُ: إِيهًا حُسَيْنٌ"1. وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ في مسنده بِإِسْنَادٍ آخَرَ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: صَعِدْتُ الْمِنْبَرَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ: انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِي وَاذْهَبْ إِلَى مِنْبَرِ أَبِيكَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْبَرٌ، فَأَقْعَدَنِي مَعَهُ، فَلَمَّا نَزَلَ ذَهَبَ بِي إِلَى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ من علمك هذا؟ قلت: ما عَلَّمَنِيهِ أَحَدٌ، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَهَلْ أَنْبَتَ على رؤوسنا الشَّعْرَ إِلا أَنْتُمْ، لَوْ جَعَلْتَ تَأْتِينَا وَتَغْشَانَا2. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: إِنَّ عُمَرَ جَعَلَ عَطَاءَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ مِثْلَ عَطَاءِ أَبِيهِمَا خَمْسَةُ آلافٍ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَسَا عُمَرُ أَبْنَاءَ الصَّحَابَةِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يَصْلُحُ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَبَعَثَ إِلَى الْيَمَنِ فَأَتَى لَهُمَا بِكِسْوَةٍ، فَقَالَ: الآنَ طَابَتْ نَفْسِي3. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أَبِي إِدْرِيسَ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِي: أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَصَاحِبُ لَهْوٍ، وَأَمَّا الْحَسَنُ فَصَاحِبُ جَفْنَةٍ وَخِوَانُ فَتًى مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ لَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلَقَتَا الْبِطَانِ لَمْ يُغْنِ عَنْكُمْ فِي الْحَرْبِ شَيْئًا، وَأَمَّا أَنَا وَحُسَيْنٌ فَنَحْنُ مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنَّا4. وَيُرْوَى أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ لِلْحُسَيْنِ: أَيْ أَخِي وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بَعْضَ شِدَّةِ قَلْبِكَ، فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ: وَأَنَا وَاللَّهِ وَدِدْتُ أن لي بعض بسط لسانك5.

_ 1 حديث ضعيف جدًّا: فيه اللهبي في عداد المتروكين. 2 خبر صحيح: أخرجه الخطيب "1/ 141"، وصححه ابن حجر في الإصابة "1/ 333". 3 إسناده ضعيف: السير "3/ 285". 4 حديث ضعيف: وأخرجه الطبراني "2801" في الكبير، فيه عنعنة الأعمش، وابن أبي ثابت، وكلاهما من المدلسين. 5 السير "3/ 287".

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ قَالَ: كُنَّا فِي جِنَازَةِ امْرَأَةٍ، مَعَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَلَمَّا أَقْبَلْنَا أَعْيَا الْحُسَيْنُ، فَقَعَدَ فِي الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ قَدَمَيْهِ بِطَرفِ ثَوْبِهِ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَنْتَ تَفْعَلَ هَذَا! فَقَالَ: فَوَاللَّهِ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِثْلَ مَا أَعْلَمُ لَحَمَلُوكَ عَلَى رِقَابِهِمْ1. وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُدْرَكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَارَ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ صَاحِبَ مَطْهَرَتِهِ، فَلَمَّا حَاذَى نِينَوَى وَهُوَ سَائِرٌ إِلَى صِفِّينَ فَنَادَى: اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِشَطِّ الْفُرَاتِ. قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ فَقَالَ: "قَامَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيلُ فَحَدَّثَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَطِّ الْفُرَاتِ وَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ أَشُمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِيهَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ أَنْ فَاضَتَا" 2. وَرَوَى نَحْوَهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبيِّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ وَهُوَ بِشَطِّ الْفُرَاتِ: صَبْرًا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وقال عمارة بن زاذان: ثنا ثابت، عن أَنَسٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْقَطْرِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي يَوْمِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: "يَا أُمَّ سَلَمَةَ احْفَظِي عَلَيْنَا الْبَابَ لا يَدْخُلُ عَلَيْنَا أَحَدٌ"، فَبَيْنَا هِيَ عَلَى الْبَابِ إِذْ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَاقْتَحَمَ الْبَابَ وَدَخَلَ، فَجَعَلَ يَتَوَثَّبُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْثِمُهُ، فَقَالَ الْمَلَكُ: أَتُحِبُّهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: فَإِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، إِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ الْمَكَانَ الَّذِي يُقْتَلُ فِيهِ، قَالَ: "نَعَمْ" فَجَاءَهُ بِسهْلَةٍ أَوْ تُرَابٍ أَحْمَرَ3. قَالَ ثَابِتٌ: فَكُنَّا نَقُولُ: إِنَّهَا كَرْبَلاءُ. عُمَارَةُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، رَوَاهُ النَّاسُ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْهُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِنِسَائِهِ: "لا تُبْكُوا هَذَا الصَّبِيَّ" يَعْنِي حُسَيْنًا، فَكَانَ يوم أم سلمة،

_ 1 السير "3/ 287". 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "1/ 85"، والبزار كما في المجمع "9/ 187"، والطبراني "2811" في الكبير، وله شواهد. 3 حديث حسن في الشواهد: وأخرجه أحمد "3/ 242، 265"، والبزار، وأبو يعلى كما في المجمع "9/ 187"، والطبراني "3/ 28" وله شواهد.

فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأُمِّ سَلَمَةَ: "لا تَدَعِي أَحَدًا يَدْخُلُ". فَجَاءَ حُسَيْنٌ فَبَكَى، فَخَلَّتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ يَدْخُلُ، فَدَخَلَ حَتَّى جَلَسَ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، قَالَ: "يَقْتُلُونَهُ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ" 1! قال: نعم، وأراه تربته. رواه الطَّبَرَانِيُّ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبَّادِ بن إسحاق، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ: ثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ كِلاهُمَا عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اضْطَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ، ثُمَّ اضْطَجَعَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ دُونَ الْمَرَّةِ الأُولَى، ثُمَّ رَقَدَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَفِي يَدِهِ تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ، وَهُوَ يُقَلِّبُهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ التُّرْبَةُ؟ قَالَ: "أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ، وَهَذِهِ تُرْبَتُهَا" 2. وَقَالَ وَكِيعٌ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ -أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ شَكَّ عَبْدِ اللَّهِ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهَا: "دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ لِي: إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنًا مَقْتُولٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا". رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ مِثْلَهُ، إِلا أَنَّهُ قَالَ أُمُّ سَلَمَةَ وَلَمْ يَشُكَّ. وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّاسُ. وَرُوِيَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَأَبِي وَائِلٍ، كِلاهُمَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ. وَرَوَى الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ. وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِتُرَابٍ مِنْ تُرَابِ الْقَرْيَةِ الَّتِي يُقْتَلُ فِيهَا الْحُسَيْنُ، وَقِيلَ لَهُ: اسْمُهَا كَرْبَلاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَرْبٌ وَبَلاءٌ"3. كِلا الإِسْنَادَيْنِ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: عَنْ هَانِئِ بْنِ هانئ، عن علي قال: ليقتلن الحسين

_ 1 حديث حسن: وانظر السير "3/ 289". 2 حديث حسن لغيره: أخرجه الطبراني "2821" في الكبير، وله شواهد. 3 حديث ضعيف: وأخرجه الطبراني "2819"، "2902" في الكبير، وفيه إرسال.

قَتْلا، وَإِنِّي لأَعْرِفُ تُرْبَةَ الأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا، يُقْتَلُ بِقَرْيَةٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّهْرَيْنِ1. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَفَدَ الْحُسَيْنُ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ مَعَ يَزِيدَ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَمَرَ لَهُمَا فِي وَقْتِهِ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: شَهِدْتُ ابْنَ زِيَادٍ حَيْثُ أُتِيَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: أَمَا إنه كان أشهبهها بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ إِلا شَعَرَاتٍ فِي مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يَصْبُغُ بِالْوَسْمَةِ، أَمَّا هُوَ فَكَانَ ابْنَ سِتِّينَ سَنَةٍ، وَكَانَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ شَدِيدَي السَّوَادِ. جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْحُسَيْنُ يَتَخَتَّمُ فِي الْيَسَارِ. الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ: عَنِ السُّدِّيِّ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ وَلَهُ جُمَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تَحْتِ عِمَامَتِهِ. يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ: رَأَيْتُ عَلَى الْحُسَيْنِ مِطْرَفًا مِنْ خَزٍّ، قَدْ خَضَبَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. الشَّعْبِيُّ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عَلَى الْحُسَيْنِ جُبَّةً مِنْ خَزٍّ. وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: أُصِيبَ الْحُسَيْنُ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ يَخْضِبُ بِالوَسْمَةِ يَتَخَتَّمُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْحُسَيْنَ كَانَ يَخْضِبُ بِالْوَسْمَةِ. عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، عَنْ قَيْسٍ مَوْلَى خَبَّابٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. وَقَالَ طَاوُسٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اسْتَشَارَنِي الْحُسَيْنُ فِي الخروج، فقلت: لولا

_ 1 إسناده ضعيف: وأخرجه الطبراني "2824" في الكبير، وفيه عنعنة أبي إسحاق، وهو مدلس. 2 إسناده ضعيف: أخرجه الطبراني "2878" وفيه ابن جدعان من الضعفاء.

أَنْ يُزْرَى بِي وَبِكَ لَنَشَبْتُ يَدِي فِي رَأْسِكَ، فَقَالَ: لأَنْ أُقْتَلَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذا أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَسْتَحِلَّ حُرْمَتَهَا -يَعْنِي الْحَرَمَ- فَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي سَلَى نَفْسِي عَنْهُ1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: لَوْ أَنَّ الْحُسَيْنَ لَمْ يَخْرُجْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ. قُلْتُ: وَهَذَا كَانَ رَأْيُ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ، وَكلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَصْرَعِهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْحَوَادِثِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ الرَّأْسَ قُدِمَ بِهِ عَلَى يَزِيدَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي حَمْزَةُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ امْرَأَةً مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ وَأَعْقَلِهِنَّ يُقَالُ لَهَا: رَيَّا حَاضِنَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، يُقَالُ: بَلَغَتْ مِائَةَ سَنَةٍ، قَالَتْ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى يَزِيدَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْشِرْ فَقَدْ مَكَّنَكَ اللَّهُ مِنَ الْحُسَيْنِ، فَحِينَ رآه خمر وجهه كأنه يشم منه رَائِحَةٍ، قَالَ حَمْزَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: أَقْرَعَ ثَنَايَاهُ بِقَضِيبٍ؟ قَالَتْ: إِيْ وَاللَّهِ2. ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: وَقَدْ كَانَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِهَا أَنَّهُ رَأَى رَأْسَ الْحُسَيْنِ مَصْلُوبًا بِدِمَشْقَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، وَحَدَّثَتْنِي رَيَّا أَنَّ الرَّأْسَ مَكَثَ فِي خَزَائِنِ السِّلاحِ حَتَّى وَلِيَ سُلَيْمَانُ الْخِلافَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَجِيءَ بِهِ وَقَدْ بَقِيَ عَظْمًا أَبْيَضَ، فَجَعَلَهُ فِي سَفَطٍ وَكَفَّنَهُ وَدَفَنَهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا دخلت الْمُسَوِّدَةَ سَأَلُوا عَنْ مَوْضِعِ الرَّأْسِ فَنَبَشُوهُ وَأَخَذُوهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا صُنِعَ بِهِ3. وَذَكَرَ الْحِكَايَةَ وَهِيَ طَوِيلَةٌ قَوِيَّةُ الإِسْنَادِ. رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْمَذْكُورِ. وَعَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ احْتَزُّوا رَأْسَهُ وَقَعَدُوا فِي أَوَّلِ مَرْحَلَةِ يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ قَلَمٌ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ حَائِطٍ فَكَتَبَ بِسَطْرِ دَمٍ: أَتَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْنًا ... شَفَاعَةَ جَدِّهِ يوم الحساب فهربوا وتركوا الرأس4. وسئل نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ قَبْرِ الْحُسَيْنِ، فلم يعلم أين هو.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه الطبراني "2859" في الكبير، وانظر المجمع "9/ 192". 2 السير "3/ 319". 3 إسناده ضعيف: السير "3/ 319" في سنده جهالة بعض الرواة. 4 خبر ضعيف: أخرجه الطبراني "2873" في الكبير، وفيه انقطاع.

وَقَالَ الْجَمَاعَةُ: قُتِلَ يَوْمَ عَاشُورَاءِ، زَادَ بَعْضُهُمْ يَوْمَ السَّبْتِ. قُلْتُ: فَيَكُونَ عُمْرُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَارِيخِ مَوْلِدِهِ سِتًّا وَخَمْسِينَ سَنَةً وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ قَتَّةَ يَرْثِيهِ: وَإِنَّ قَتِيلَ الطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... أَذَلَّ رِقَابًا مِنْ قُرَيْشٍ فَذَلَّتِ فَإِنْ يَتَّبِعُوهُ عَائِذَ الْبَيْتِ يُصْبِحُوا ... كَعَادٍ تَعَمَّتْ عَنْ هُدَاهَا فَضَلَّتِ مَرَرْتُ عَلَى أَبْيَاتِ آلِ مُحَمَّدٍ ... فَأَلْفَيْتُهَا أَمْثَالَهَا حِينَ حَلَّتِ وَكَانُوا لَنَا غَنَمًا فعادوا رزية ... لقد عظمت تلك الزوايا وَجَلَّتِ فَلا يُبْعِدُ اللَّهُ الدِّيَارَ وَأهْلَهَا ... وَإِنْ أَصْبَحَتْ مِنْهُمْ بِرَغْمِي تَخَلَّتِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الأَرْضَ أَضْحَتْ مَرِيضَةً ... لِفَقْدِ حُسَيْنٍ وَالْبِلادُ اقْشَعَرَّتِ1 يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: أَذَلَّ رِقَابًا، أَيْ ذَلَّلَهَا، يَعْنِي أنهم لا يزعمون عن قتل قرشي بعد الحسين، وعائذ إلى الْبَيْتِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ. 25- حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ السَّكُونِيُّ2 أَحَدُ أُمَرَاءِ الشَّامِ، وَهُوَ الَّذِي حَاصَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ مَرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ وَأنَّهُ قُتِلَ بِالْجِزِيرَةِ سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّينَ. 26- الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيُّ3 تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ. 27- حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَسْلَمِيُّ4 -م د ن- الَّذِي لَهُ صُحْبَةٌ ورواية. وروى أيضا عن: أبي بكر، وعمر. روى عنه: عروة بن الزبير، وسليمان بن سياه، وحنظلة بن علي الأسلمي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وابنه محمد بن حمزة. وهو كان البشير إلى أبي بكر بوقعة أجنادين، أخرج له مسلم، وأبو داود،

_ 1 انظر: الاستيعاب "1/ 379"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 345"، والبداية "8/ 211"، والسير "3/ 318". 2 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "4/ 374"، والبداية والنهاية "8/ 224". 3 سبقت الترجمة له. 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 315"، الاستيعاب "1/ 276"، أسد الغابة "2/ 50".

والنسائي، وتوفي سنة إحدى وستين، وَقَدْ أَمَّرَهُ النبي -صلى الله عليه وسلم- على سرية، وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا يَسْرُدُ الصَّوْمَ. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. وَقَالَ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ الأَسْلَمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَتَفَرَّقْنَا فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ دِحْمَسَةٍ، فَأَضَاءَتْ أَصَابِعِي حَتَّى جَمَعُوا عَلَيْهَا ظَهْرَهُمْ "وَمَا هَلَكَ مِنْهُمْ"1 وَإِنَّ أَصَابِعِي لَتُنِيرُ2. 28- حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ أَبُو مثنى الْهِلَالِيُّ3، شَاعِرٌ مَشْهُورٌ إِسْلامِيُّ. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسِّنِّ، وَقَالَ الشِّعْرَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ، وَوَفَدَ عَلَى مَرْوَانَ وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ يُشَبِّبُ بِجَمَلٍ، وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ الْمَذْكُورِينَ. رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ، أنَّ حُمَيْدَ بْنَ ثَوْرٍ وَفَدَ عَلَى بَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ فَقَالَ: أَتَاكَ بِيَ اللَّهُ الَّذِي فَوْقَ عَرْشِهِ ... وخير معروف عَلَيْكَ دَلِيلُ وَمَطْوِيَّةُ الأَقْرَابِ أَمَّا نَهَارُها ... فَسَيْبٌ وَأَمَّا لَيْلُهَا فَذَمِيلُ وَيَطْوِي عَلَيَّ اللَّيْلُ حِصْنَيْهِ إنني ... لذاك إذا هاب الرجال فغول4 "حرف الذَّالِ": 29- ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ5 -ع- رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ قَارِئًا، فَصِيحًا، عَالِمًا. "حرف الرَّاءِ": 30- رَبِيعَةُ بْنُ عَمْرٍو6 وَيُقَالُ: ابْنُ الْحَارِثِ الْجُرَشِيُّ، أبو الغاز.

_ 1 زيادة من "التاريخ الكبير" للبخاري. 2 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "2991"، في الكبير، وفيه كثير بن زيد متكلم فيه، وانظر المجمع "9/ 411". 3 انظر: الاستيعاب "1/ 367"، وأسد الغابة "1/ 53، 54". 4 إسناده منقطع. 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 295"، والجرح والتعديل "3/ 451"، والتهذيب "3/ 220". 6 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 438"، الجرح والتعديل "3/ 472"، أسد الغابة "2/ 170".

أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَأَبُو هِشَامٍ الْغَازُ بْنُ رَبِيعَةَ وَلَدُهُ: قَالَ أَبُو الْمُتَوَكِّلِ الناجي: سألت عن ربيعة الجرشي وكان فقيه النَّاسُ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فُقِئَتْ عَيْنُ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَقُتِلَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ1. وَقَالَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْخَيْرَ مِنْ أَحَدِكُمْ كَشِرَاكِ نَعْلِهِ، وَجَعَلَ الشَّرَّ مِنْهُ مُدَّ بَصَرِهِ. 31- رَبِيعَةُ بْنُ كعب -م 4- أبو فراس الأسلمي2. المدني، مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ. خَدَمَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، لَهُ أَحَادِيثُ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَنُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ. تُوُفِّيَ أَيَّامَ الْحَرَّةِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْأَلُ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: "أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ" 3. 32- الربيع بن خثيم -ع إلا هـ-. أبو يزيد الثوري الكوفي4. مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ وَفُضَلائِهِمْ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ. روى عنه: إبراهيم النخعي، والشعبي، وهلال بن يساف، وآخرون. وكان يعد من عقلاء الرجال، توفي قبل سنة خمس وستين.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 438". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 313"، والاستيعاب "1/ 506"، أسد الغابة "2/ 171، 172". 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "489"، والبخاري في الأدب المفرد "1218"، وأحمد "4/ 59"، وأبو داود "1306"، والترمذي "3476"، والنسائي "2/ 209، 227". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 182"، والسير "4/ 258".

وعن أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا دَخَلَ عَلَى أَبِي لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِذْنٌ لأَحَدٍ حَتَّى يَفْرُغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ، فقال عبد اللَّهِ: يَا أَبَا يَزِيدَ، لَوْ رَآكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَأَحَبَّكَ وَمَا رَأَيْتُكَ إِلا ذَكَرْتُ الْمُخْبِتِينَ1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ فِيمَا عَلِمْتَ، وَمَا اسْتُؤْثِرَ بِهِ عَلَيْكَ، فَكِلْهُ إِلَى عَالِمِهِ؛ لأَنَا عَلَيْكُمْ فِي الْعَمْدِ أخْوَفُ مِنِّي عَلَيْكُمْ فِي الْخَطَإِ2. وَعَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: مَا لا نَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ يَضْمَحِلُّ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ أَشَدُّ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ وَرَعًا. "حرف الزَّاي": 33- زيد بن أرقم -ع- بْنِ زَيْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ، أَبُو عمرو، وَيُقَالُ: أَبُو عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو أُنَيْسَةَ، الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ3، نَزِيلُ الْكُوفَةِ. قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ " الله قد "4 صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ"، وَكَانَ قَدْ نُقِلَ إِلَيْهِ أَنَّ ابْنَ أُبَيٍّ قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: 8] ، فَتَوَقَّفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَفْلِهِ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ بِتَصْدِيقِهِ5. وَقَالَ زَيْدٌ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً. وَلِزَيْدٍ رِوَايَةٌ كَثِيرَةٌ، روى عنه: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عمرو الشيباني -واسمه سعيد بْنُ إِيَاسٍ- وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَيَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ ابْنُ إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عَنْ بَعْضِ قَوْمِهِ، عَنْ زَيْدِ بْن أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَخَرَجَ بِي مَعَهُ إِلَى مُؤْتَةَ مردفي

_ 1 خبرٌ صحيحٌ: وأخرجه أبو نعيم "2/ 106" في الحلية، وابن سعد "6/ 182، 183"، في طبقاته. 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "6/ 185"، وأبو نعيم "2/ 108". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 18"، والاستيعاب "1/ 556"، وأسد الغابة "2/ 319". 4 سقط من الأصل، والاستدراك من كتب الحديث. 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 494، 497"، ومسلم "2772"، وأحمد "4/ 373".

عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ1. وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: رَدَّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ نَفَرًا اسْتَصْغَرَهُمْ، مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ، وَأُسَامَةُ، وَالْبَرَاءُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَجَعَلَهُمْ حَرَسًا لِلذَّرَارِي وَالنِّسَاءِ بِالْمَدِينَةِ2. وَرَوى يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدٍ قَالَ: رَمَدْتُ، فَعَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا زَيْدُ إِنْ كَانَتْ عَيْنَكَ عَمِيَتْ لِمَا بِهَا كَيْفَ تَصْنَعُ"؟ قُلْتُ: أَصْبِرُ وَأَحْتَسِبُ، قَالَ: "إِنْ فَعَلْتَ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ" 3. وَرُوِيَ نَحْوُهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ. وَفِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ أُنَيْسَةَ بِنْتِ زَيْدِ بْنِ أرقم، أن أباها عمي بعد مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ4. وَقَالَ أَبُو الْمِنْهَالِ: سَأَلْتُ الْبَرَاءَ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: سَلْ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنِّي، وَأَعْلَمُ. قَالَ خَلِيفَةُ، وَالْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. 34- زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ5 صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. سَيُعَادُ. "حرف السِّينِ": 35- السَّائِبُ بْنُ الأَقْرَعِ بْنِ جَابِرِ بْنِ سُفْيَانَ الثقفي6.

_ 1 إسناده ضعيف: السير "3/ 166" فيه جهالة بعض الرواة. 2 إسناده مرسل: وهو من أنواع الضعيف، وأخرجه الطبراني "4962" بنحوه في الكبير، وفيه بعض المجاهيل. 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 375"، وأبو داود "3102"، والحاكم "1/ 342" وصححه، وأقره، والطبراني "5052" في الكبير. 4 إسناده ضعيف: وأخرجه الطبراني "5126" في الكبير، وفيه بعض المجاهيل. 5 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 344"، والاستيعاب "1/ 558"، وأسد الغابة "2/ 228". 6 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 102"، والاستيعاب "2/ 104"، وأسد الغابة "2/ 249".

ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَوَلاهُ عُمَرُ قِسْمَةَ الْغَنَائِمِ يَوْمَ نَهَاوَنْدَ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ عَلَى أَصْبَهَانَ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ بِأَصْبَهَانَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، الثَّقَفِيُّ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. 36- سَعِيدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيُّ1، أَخُو حَسَّانٍ الْمَذْكُورِ. وَلِيَ إِمْرَةَ الْجِزِيرَةِ وَقِنَّسْرِينَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ دَيْرُ ابْنِ بَحْدَلٍ مِنْ إِقْلِيمِ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ. 37- سُلَيْمَانُ بن صرد -ع- بن الجون الخزاعي، أبو مطرف الكوفي2. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ. ورَوَى أَيْضًا عَنْ: أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. ورَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ، وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ صالحًا دينًا، من أشراف قومه، خرج في جَمَاعَةٍ تَابُوا إِلَى اللَّهِ مِنْ خِذْلانِهِمُ الْحُسَيْنَ وَطَلَبُوا بِدَمِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، فَقُتِلَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ هُوَ وَعَامَّةُ جُمُوعِهِ، وَسُمُّوا جَيْشَ التَّوَّابِينَ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ حَوْشَبًا ذَا ظُلَيْمٍ يَوْمَ صِفِّينَ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ: كَانَ مِمَّنْ كَاتَبَ الْحُسَيْنَ يَسْأَلُهُ الْقُدُومَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيُبَايِعُوهُ، فَلَمَّا عَجَزَ عَنْ نَصْرِهِ نَدِمَ. قِيلَ: عَاشَ ثَلاثًا وَتِسْعِينَ سَنَةً. 38- سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ الأَزْدِيُّ، وَيُقَالُ: السَّدُوسِيُّ3. وفد على النبي صلى الله عليه مِنْ نَوَاحِي الْبَلْقَاءِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَهُ صُحْبَةٌ رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعْدُ بْنُ جُبَيْرٍ، سَمِعْتُ أَبِي يقول ذلك. قلت: وروى ابْنُ عَسَاكِرَ حَدِيثَ إِسْلامِهِ، وَقِصَّتَهُ مَعَ رِئْيِهِ من الجن من طريق:

_ 1 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "6/ 173". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 25"، والاستيعاب "2/ 63"، وأسد الغابة "2/ 351". 3 انظر: الاستيعاب "2/ 123"، وأسد الغابة "2/ 375"، الإصابة "2/ 96".

سعيد بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْهُ، وَأَرْسَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَإِسْنَادُ الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ يَتَكَهَّنُ وَيَقُولُ الشِّعْرَ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَقَدْ دَاعَبَهُ عُمَرُ يَوْمًا فَقَالَ: مَا فَعَلَتْ كَهَانَتُكَ يَا سَوَادُ؟ فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ جَاهِلِيَّتِنَا وَكُفْرِنَا شَرٌّ مِنَ الْكَهَانَةِ، فَاسْتَحْيَا عُمَرُ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِهِ فِي بِدْءِ الإِسْلامِ، وَمَا أَتَاهُ بِهِ رِئْيُهُ مِنْ ظُهُورِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. "حرف الشِّينِ": 39- شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2، قَدْ مَرَّ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. 40- شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلاعِ الْحِمْيَرِيُّ3 مِنْ كِبَارِ أُمَرَاءِ الشَّامِ. قُتِلَ مَعَ ابْنِ زِيَادٍ. 41- شَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ -ن- أبو الفضل السدوسي4 البصري، رَئِيسُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فِي الإِسْلامِ، وَكَانَ حَامِلُ رَايَتِهِمْ يَوْمَ الْجَمَلِ، وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ. رَوَى عَنْهُ: خَلادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيُّ، وَأَبُو وَائِلٍ. وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَقُتِلَ أَبُوهُ بِتُسْتَرَ مَعَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. وَقَالَ غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، إِنَّ شَقِيقَ بْنَ ثَوْرٍ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ سَيِّدَ قَوْمِهِ، كَمْ مِنْ بَاطِلٍ قَدْ حَقَّقْنَاهُ وَحَقٍّ قَدْ أَبْطَلْنَاهُ5. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ ظَنًّا. 42- شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ6 الضَّبَّابِيُّ الَّذِي احْتَزَّ رَأْسَ الْحُسَيْنِ عَلَى الأشهر،

_ 1 خبر صحيح: أخرجه البخاري "3866"، والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في الفتح "7/ 179". 2 سبق الترجمة له. 3 انظر: تاريخ الطبر "5/ 535، 594"، والكامل "4/ 149، 180" في التاريخ لابن الأثير. 4 انظر: الجرح والتعديل "4/ 372"، والسير "3/ 538". 5 السير "3/ 538". 6 انظر: تاريخ الطبري "6/ 52، 53"، ووفيات الأعيان "7/ 68".

كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَقَعَ بِهِ أَصْحَابُ الْمُخْتَارِ فَبَيَّتُوهُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ هَارُونَ الْكُوفِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ يُصَلِّي مَعَنَا الْفَجْرَ، ثُمَّ يَقْعُدُ حَتَّى يُصْبِحَ، ثُمَّ يُصَلِّي فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ شَرِيفٌ تُحِبُّ الشَّرَفَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي شَرِيفٌ، فَاغْفِرْ لِي، فَقُلْتُ: كَيْفَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، وَقَد خَرَجْتَ إِلَى ابْنِ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأعَنْتَ عَلَى قَتْلِهِ؟ قَالَ: وَيْحَكَ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ، إِنَّ أُمَرَاءَنَا هَؤُلاءِ أَمَرُونَا بِأمرٍ، فَلَمْ نُخَالِفْهُمْ، وَلَوْ خَالَفْنَاهُمْ كُنَّا شَرًّا مِنْ هَذِهِ الْحُمُرِ1. قُلْتُ: وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، اسْمُهُ شُرَحْبِيلُ، وَيُقَالُ: أَوْسٌ، وَيُقَالُ: عُثْمَانُ الْعَامِرِيُّ الضَّبَابِيُّ، وَكُنْيَتُهُ -أَعْنِي شِمْرَ: أَبُو السَّابِغَةِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ، مَا رَأَيْتُ بِالْكُوفَةِ أَحَدًا عَلَيْهِ طَيْلَسَانَ غَيْرَهُ. وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى يَزِيدَ مَعَ آلِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. "حرف الصَّادِ": 43- صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ2 أَبُو الصَّهْبَاءِ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ، الْعَابِدُ مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ. يُرْوَى لَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُعَاذَةُ الْعَدَوِيَّةُ -وَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَثَابِتُ الْبُنَانِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَغَيْرُهُمْ حِكَايَاتٍ. رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: صِلَةُ، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ كَذَا وَكَذَا"3. حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ كَمَا تَرَى. جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: كان أبو الصهباء يصلي

_ 1 إسناده صحيح: تهذيب تاريخ دمشق "6/ 340". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 134"، وأسد الغابة "4/ 34"، والسير "3/ 497". 3 حديث ضعيف: وأخرجه أبو نعيم "2/ 241" في الحلية، وسنده معضل.

حَتَّى مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْتِيَ فِرَاشَهُ إِلا زَحْفًا1. وَقَالَتْ مُعَاذَةُ: كَانَ أَصْحَابُ صِلَةَ إِذَا الْتَقَوْا عَانَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا2. وَقَالَ ثَابِتٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ يَنْعِي أَخَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَدْنُ فَكُلْ، فَقَدْ نُعِيَ إِلَيَّ أَخِي مُنْذُ حِينٍ3، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] . وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنبأ ثَابِتٌ أَنَّ صِلَةَ كَانَ فِي الْغَزْوِ، وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ تَقَدَّمْ فَقَاتِلْ حَتَّى أَحْتَسِبَكَ، فَحَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ هُوَ فَقُتِلَ، فَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، فَقَالَتْ: إِنْ كُنْتُنَّ جئتن لتهنئتي فَمَرْحَبًا بِكُنَّ، وَإِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ فارجعن4. وفي الزهد لابن المبارك، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ قَالَ: خَرَجْنَا فِي بَعْضِ قُرَى نَهْرِ تِيرَى وَأَنَا عَلَى دَابَّتِي فِي زَمَنِ فُيُوضِ الْمَاءِ، فَأَنَا أَسِيرُ عَلَى مُسَنَّاةٍ5 فَسِرْتُ يَوْمًا لا أَجِدُ شَيْئًا آكُلُهُ، فَلَقِيَنِي عِلْجٌ يَحْمِلُ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْئًا، فَقُلْتُ: ضَعْهُ، فَوَضَعَهُ، فَإِذَا هُوَ خُبْزٌ، فَقُلْتُ: أَطْعِمْنِي، قَالَ: إنْ شِئْتَ، وَلَكِنْ فِيهِ شَحْمَ خِنْزِيرٍ، فَتَرَكْتُهُ، ثُمَّ لَقِيتُ آخَرَ يَحْمِلُ طَعَامًا فَقُلْتُ: أَطْعِمْنِي، فَقَالَ: تَزَوَّدْتُ بِهَذَا لِكَذَا وَكَذَا مِنْ يَوْمٍ، فَإِنْ أَخَذْتَ مِنْهُ شَيْئًا أَجَعْتَنِي، فَتَرَكْتُهُ وَمَضَيْتُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَسِيرُ إِذْ سَمِعْتُ خَلْفِي وَجْبَةً كَوَجْبَةِ الطَّيْرِ فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا هُوَ شَيْءٌ مَلْفُوفٌ فِي سِبٍّ أَبْيَضَ -أَيْ خِمَارٍ- فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ دَوْخَلَّةٌ مِنْ رُطَبٍ فِي زَمَانٍ لَيْسَ فِي الأَرْضِ رُطَبَةٌ، فَأَكَلْتُ مِنْهُ، ثُمَّ لَفَفْتُ مَا بَقِيَ، وَرَكِبْتُ الْفَرَسَ وَحَمَلْتُ مَعِي نَوَاهُنَّ6. قَالَ جَرِيرٌ: فَحَدَّثَنِي أَوْفَى بْنُ دَلْهَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ ذَلِكَ السِّبَّ مَعَ امْرَأَتِهِ ملفوفًا فيه مصحف، ثم فقد بعد.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 136" في الطبقات الكبرى. 2 السير "3/ 498". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 137"، وأبو نعيم "2/ 238" في الحلية. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 137"، والحلية "2/ 239". 5 المسناة: سد تبنى للسيل لكي ترد الماء. 6 خبر صحيح: وأخرجه أبو نعيم "2/ 239" في الحلية.

قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَى نَحْوَهُ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ نَضْلَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: ثنا الْمُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ، أنا حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي غُزَاةٍ إِلَى كَابِلَ، وَفِي الْجَيْشِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ، فَنَزَلَ النَّاسُ عِنْدَ الْعَتْمَةِ، فَقُلْتُ: لأَرْمِقَنَّ عَمَلَهُ، فَصَلَّى، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَالْتَمَسَ غَفْلَةَ النَّاسِ، ثُمَّ وَثَبَ فَدَخَلَ غَيْضَةً، فَدَخَلْتُ فِي أَثَرِهِ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَافْتَتَحَ الصَّلاةَ، وَجَاءَ أَسَدٌ حَتَّى دَنَا مِنْهُ فَصَعِدْتُ فِي شَجَرَةٍ قَالَ: أَفَتَرَاهُ الْتَفَتَ إِلَيْهِ أَوِ اعْتَدَّ بِهِ حَتَّى سَجَدَ؟ فَقُلْتُ: الآنَ يَفْتَرِسُهُ فَلا شَيْءَ، فَجَلَسَ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّهَا السَّبْعُ، اطْلُبْ رِزْقَكَ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، فَوَلَّى وَإِنَّ لَهُ لَزَئِيرًا، أَقُولُ: تصدع منه الجبال، فَمَا زَالَ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ جَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا، إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ أَوْ مِثْلِي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ رجع، فأصبح كأنه بات على الحشايا، وَقَدْ أَصْبَحْتُ وَبِي مِنَ الْفَتْرَةِ شَيْءٌ اللَّهُ به عليم1. روى نحوها أبو النعيم فِي الْحِلْيَةِ بِإِسْنَادٍ لَهُ، إِلَى مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ هِلالٍ الْبَاهِلِيُّ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِصِلَةَ: يَا أَبَا الصَّهْبَاءِ، إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أُعْطِيتُ شَهَادَةً، وَأُعْطِيتَ شَهَادَتَيْنِ، فَقَالَ: تُسْتَشْهَدُ، وَأُسْتَشْهَدُ أَنَا وَابْنِي، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ لَقِيَهُمُ التُّرْكُ بسِجِسْتَانَ، فَكَانَ أَوَّلُ جَيْشٍ انْهَزَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ صِلَةُ: يَا بُنَيَّ ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ تُرِيدُ الْخَيْرَ لِنَفْسِكَ وَتَأْمُرُنِي بِالرُّجُوعِ! ارْجِعْ أنت، قال: وأما إذا قلت هذا فتقدم فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى أُصِيبَ، فَرَمَى صِلَةُ عَنْ جَسَدِهِ، وَكَانَ رَجُلا رَامِيًا، حَتَّى تَفَرَّقُوا عَنْهُ، وَأَقْبَلَ حَتَّى أَقَامَ عَلَيْهِ فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ2. قُلْتُ: وَذَلِكَ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وستين.

_ 1 خبر ضعيف: أخرجه أبو نعيم "2/ 240" في الحلية، وابن المبارك "813" في الزهد. 2 خبر صحيح: السير "3/ 500".

"حرف الضَّادِ": 44- الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ1 الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ، أخو فاطمة بنت قيس وَعَنْهُ، وَكَانَتْ أَكْبَرُ مِنْهُ بِعَشْرِ سِنِينَ، لَهُ صُحْبَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرِوَايَةٌ، يُكْنَى أَبَا أُمَيَّةَ، وَيُقَالُ: أَبَا أُنَيْسٍ، وَيُقَالُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبَا سَعِيدٍ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: حَبِيبِ بْنِ مُسْلِمَةَ. رَوَى عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوَيْدٍ الْفِهْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَشَهِدَ فَتْحَ دمشق وسكنها، وكان على عسكر أهل الشام يَوْمَ صِفِّينَ. وَقَالَ حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي، مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ -وَهُوَ عَدْلُ عَلَى نَفْسِهِ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا يَزَالُ وَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى النَّاسِ"2. وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ: ثنا حَمَّادٌ، أنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ كَتَبَ إِلَى قَيْسِ بْنِ الْهَيْثَمِ حِينَ مَاتَ يَزِيدُ: سَلامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ الدُّخَّانِ، يَمُوتُ فِيهَا قَلْبُ الرَّجُلِ كَمَا يَمُوتُ بَدَنُهُ"3. وَإِنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ قَدْ مَاتَ، وَأَنْتُمْ إِخْوَانُنَا وَأَشِقَّاؤُنَا، فَلا تَسْبِقُونَا بِشَيْءٍ حَتَّى نَخْتَارَ لأَنْفُسِنَا. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَوَلاهُ الْكُوفَةَ، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي صَلَّى عَلَى مُعَاوِيَةَ وَقَامَ بِخِلافَتِهِ حَتَّى قَدِمَ يَزِيدُ، وَكَانَ -يَعْنِي بَعْدَ مَوْتِ يَزِيدُ- قَدْ دَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَبَايَعَ لَهُ، ثُمَّ دَعَا لِنَفْسِهِ، وَفِي بَيْتِ أُخْتِهِ اجْتَمَعَ أَهْلُ الشُّورَى، وَكَانَتْ نَبِيلَةُ، وَهِيَ رَاوِيَةُ حَدِيثِ الْجَسَّاسَةِ4. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وُلِدَ الضَّحَّاكُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- بسنتين.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 410"، والاستيعاب "2/ 205"، والسير "3/ 241". 2 حديث ضعيف: في سنده ابن طلحة، وهو في عداد المجهولين. 3 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 453"، وابن سعد "7/ 410"، وفيه ابن جدعان، وهو من الضعفاء. 4 السير "3/ 242".

وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ سَمِعَ مِنْهُ. وَذَكَرَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، فَغَلَطَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ زِيَادُ بْنُ أَبِيهِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ بِالْكُوفَةِ، فَوَلاهَا مُعَاوِيَةُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، ثُمَّ عَزَلَهُ مِنْهَا، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى دِمَشْقَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْكُوفَةِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ، وَبَقِيَ الضَّحَّاكُ عَلَى دِمَشْقَ حَتَّى هَلَكَ يَزِيدُ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ الضَّحَّاكَ خَطَبَ بِالْكُوفَةِ قَاعِدًا فَقَامَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِمَامُ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ يَخْطُبُ قَاعِدًا. وَكَانَ الضَّحَّاكُ أَحَدَ الأَجْوَادِ، كَانَ عَلَيْهِ بُرْدٌ قِيمَتُهُ ثَلاثُمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ لا يَعْرِفُهُ فَسَاوَمَهُ بِهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَقَالَ: شُحٌّ بِالرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ عِطَافَهُ، فَخُذْهُ فَالْبَسْهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: أَظْهَرَ الضَّحَّاكُ بَيْعَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِدِمَشْقَ وَدَعَا لَهُ، فَسَارَ عَامَّةُ بَنِي أُمَيَّةَ وَحَشَمُهُمْ وَأَصْحَابُهُمْ حَتَّى لَحِقُوا بِالأُرْدُنِّ، وَسَارَ مَرْوَانُ وَبَنُو بَحْدَلٍ إِلَى الضَّحَّاكِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أنا الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ مُسْلِمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ، عَنْ حَرْبِ بْنِ خَالِدٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ لَمَّا مَاتَ دَعَا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِحِمْصَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَدَعَا زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ أَمِيرُ قِنَّسْرِينَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَدَعَا الضَّحَّاكُ بدمشق إلى ابْنِ الزُّبَيْرِ سِرًّا لِمَكَانِ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي كليب، وَبَلَغَ حَسَّانَ بْنَ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ وَهُوَ بِفِلَسْطِينَ، وَكَانَ هَوَاهُ فِي خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، فَكَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ كِتَابًا يُعَظِّمُ فِيهِ حَقَّ بَنِي أُمَيَّةَ وَيَذُمُّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ: إِنْ قَرَأَ الْكِتَابَ، وَإِلا فَاقْرَأْهُ أَنْتَ عَلَى النَّاسِ، وَكَتَبَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ يُعْلِمُهُمْ، فَلَمْ يَقْرَأِ الضَّحَّاكُ كِتَابَهُ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ اخْتِلافٌ، فَسَكَّنَهُمْ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، وَدَخَلَ الضَّحَّاكُ الدَّارَ، فَمَكَثُوا أَيَّامًا، ثُمَّ خَرَجَ الضَّحَّاكُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَذَكَرَ يَزِيدَ فَشَتَمَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ فَضَرَبَهُ بِعَصًا، فَاقْتَتَلَ النَّاسُ بِالسُّيُوفِ، وَدَخَلَ الضَّحَّاكُ داره، وَافْتَرَقَ النَّاسُ ثَلاثَ فِرَقٍ، فِرْقَةٌ زُبَيْرِيَّةٌ، وَفِرْقَةٌ بَحْدَلِيَّةٌ هَوَاهُمْ فِي بَنِي أُمَيَّةَ، وَفِرْقَةٌ لا يُبَالُونَ، وَأَرَادُوا أَنْ يُبَايِعُوا الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَبَى وَهَلَكَ تِلْكَ اللَّيَالِي، فَأَرْسَلَ الضَّحَّاكُ إِلَى مَرْوَانَ، فَأَتَاهُ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الأَشْدَقُ، وَخَالِدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا يَزِيدَ، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: اكْتُبُوا إِلَى حَسَّانٍ حَتَّى يَنْزِلَ الْجَابِيَةَ وَنَسِيرُ إِلَيْهِ، ونستخلف أحدكم،

فَكَتَبُوا إِلَى حَسَّانٍ، فَأَتَى الْجَابِيَةَ، وَخَرَجَ الضَّحَّاكُ وبنوا أُمَيَّةَ يُرِيدُونَ الْجَابِيَةَ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّتِ الرَّايَاتُ مُوَجَّهَةً قَالَ مَعْنُ بْنُ ثَوْرٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَشْرَافِ قَيْسِ لِلضَّحَّاكِ: دَعَوْتَنَا إِلَى بَيْعَةِ رَجُلٍ أَحْزَمِ النَّاسِ رَأْيًا وَفَضْلا وَبَأْسًا، فَلَمَّا أَجَبْنَاكَ خَرَجْتَ إِلَى هَذَا الأَعْرَابِيِّ تُبَايِعُ لابْنِ أَخِيهِ؟ قَالَ: فَمَا الْعَمَلُ؟ قَالُوا: تَصْرِفُ الرَّايَاتِ، وَتَنْزِلُ فَتُظْهِرُ الْبَيْعَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَفَعَلَ وَتَبِعَهُ النَّاسُ، وَبَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ بِإِمْرَةِ الشَّامِ، وَنَفْيِ مَنْ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنَ الأُمَوِيِّينَ، فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ إِلَى الأُمَرَاءِ الَّذِينَ دَعَوْا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَتَوْهُ، فَلَمَّا رَأَى مَرْوَانُ ذَلِكَ سَارَ يُرِيدُ ابْنَ الزُّبَيْرِ لِيُبَايِعَ لَهُ وَيَأْخُذَ الأَمَانَ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَلَقِيَهُمْ بِأذْرِعَاتٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مُقْبِلا مِنَ الْعِرَاقِ، فَحَدَّثُوهُ، فَقَالَ لِمَرْوَانَ: سبحان الله: أرضيت لنفسك بهذا، أتبايع لِأَبِي خُبَيْبٍ وَأَنْتَ سَيِّدُ قُرَيْشٍ وَشَيْخُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! وَاللَّهِ لأَنْتَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ، قَالَ: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: الرَّأْيُ أَنْ تَرْجِعَ وَتَدْعُو إِلَى نَفْسِكَ، وَأَنَا أُكْفِيكَ قُرَيْشًا وَمَوَالِيهَا، فَرَجَعَ وَنَزَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِبَابِ الْفَرَادِيسِ1، فَكَانَ يَرْكَبُ إِلَى الضَّحَّاكِ كُلَّ يَوْمٍ، فَعَرضَ لَهُ رَجُلٌ فَطَعَنَهُ بِحَرْبَةٍ فِي ظَهْرِهِ، وَعَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ الدِّرْعِ، فَانْثَنَتِ الْحَرْبَةُ، فَرَجَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَتَاهُ الضَّحَّاكُ يَعْتَذِرُ، وَأَتَاهُ بِالرَّجُلِ فَعَفَا عَنْهُ، وَعَادَ يَرْكَبُ إِلَى الضَّحَّاكِ، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا: يَا أَبَا أُنَيْسٍ، الْعَجَبُ لَكَ، وَأَنْتَ شَيْخُ قُرَيْشٍ، تَدْعُو لابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنْتَ أَرْضَى عِنْدَ النَّاسِ مِنْهُ؛ لِأَنَّكَ لَمْ تَزَلْ مُتَمَسِّكًا بِالطَّاعَةِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ مُشَاقٌّ مُفَارِقٌ لِلْجَمَاعَةِ! فَأَصْغِي إِلَيْهِ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَالُوا: قَدْ أَخَذْتَ عُهُودَنَا وَبَيْعَتَنَا لِرَجُلٍ، ثُمَّ تدعو إلى خَلْعِهِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ أَحْدَثَ! وَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ، فعاد إلى الدُّعَاءِ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ: مَنْ أَرَادَ مَا تُرِيدُ لَمْ يَنْزِلِ الْمَدَائِنَ وَالْحُصُونَ، بَلْ يَبْرُزُ وَيَجْمَعُ إِلَيْهِ الْخَيْلَ فَاخْرُجْ عَنْ دِمَشْقَ وَضُمَّ إِلَيْكَ الْأَجْنَادَ، فَخَرَجَ وَنَزَلَ الْمَرْجَ، وَبَقِيَ ابْنُ زِيَادٍ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ مَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ بِتَدْمُرَ، وَابْنَا يَزِيدَ بِالْجَابِيَةِ عِنْدَ حَسَّانٍ، فَكَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مَرْوَانَ: ادْعُ النَّاسَ إِلَى بيعتك، ثم سر إلى الضحاك فقد أصحر لك، فبايع مروان بني أُمَيَّةَ، وَتَزَوَّجَ بِأُمِّ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَهِيَ بِنْتُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَاجْتَمَعَ خَلْقٌ عَلَى بَيْعَةِ مَرْوَانَ، وَخَرَجَ ابْنُ زِيَادٍ فَنَزَلَ بِطَرَفِ الْمَرْجِ، وَسَارَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ فِي خَمْسَةِ آلافٍ، وَأَقْبَلَ مِنْ حُوَّارِينَ عباد بن زياد في ألفين من موليه، وَكَانَ بِدِمَشْقَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي النِّمْسِ فَأَخْرَجَ عَامِلُ الضَّحَّاكِ مِنْهَا، وَأَمَرَ مَرْوَانُ بِسِلاحٍ وَرِجَالٍ، فَقَدِمَ إِلَى الضَّحَّاكِ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِلابِيُّ مِنْ قِنَّسْرِينَ، وَأَمَدَّهُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِشُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلاعِ فِي أَهْلِ حِمْصَ، فَصَارَ الضَّحَّاكُ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا، وَمَرْوَانُ فِي ثَلاثَةَ

_ 1 أحد أبواب مدينة دمشق القديمة، ويقع شمال الجامع الأموي اليوم.

عَشَرَ أَلْفًا أَكْثَرِهِمْ مِنْ رِجَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي عَسْكَرِ مَرْوَانَ غَيْرَ ثَمَانِينَ عَتِيقًا نِصْفُهَا لِعَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ، فَأَقَامُوا بِالْمَرْجِ عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الأَشْدَقُ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: إِنَّا لا نَنَالُ مِنَ الضَّحَّاكِ إلا بِمَكِيدَةً، فَادْعُ إِلَى الْمُوَادَعَةِ، فَإِذَا أَمِنُوا فَكِرَّ عَلَيْهِمْ، فَرَاسَلَهُ مَرْوَانُ، فَأَمْسَكَ الضَّحَّاكُ وَالْقَيْسِيَّةُ عَنِ الْقِتَالِ، وَهُمْ يَطْمَعُونَ أَنَّ مَرْوَانَ يُبَايِعُ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَعَدَّ مَرْوَانُ أَصْحَابَهُ وَشَدَّ عَلَى الضَّحَّاكِ، فَفَزِعَ قَوْمُهُ إِلَى رَايَاتِهِمْ، وَنَادَى النَّاسُ: يَا أَبَا أُنَيْسٍ أعَجْزًا بَعْدَ كَيْسٍ! فَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَعَمْ أَنَا أَبُو أُنَيْسٍ عَجْزٌ لَعَمْري بَعْدَ كَيْسٍ، وَالْتَحَمَ الْحَرْبُ، وَصَبَرَ الضَّحَّاكُ، فَتَرَجَّلَ مَرْوَانُ وَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ مَنْ يُوَلِّيهِمُ الْيَوْمَ ظَهْرَهُ حَتَّى يَكُونَ الأَمْرُ لِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَصَبَرَتْ قَيْسُ عَلَى رَايَتِهَا يُقَاتِلُونَ عندها، فَاعْتَرَضَهَا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ، فَكَانَ إِذَا سَقَطَتِ الرَّايَةُ تَفَرَّقَ أَهْلُهَا، ثُمَّ انْهَزَمُوا، فَنَادَى مُنَادِي مَرْوَانَ لا تَتَّبِعُوا مُوَلِّيًا1. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: قُتِلَتْ قَيْسُ بِمَرْجِ رَاهِطٍ مَقْتَلَةً لَمْ يُقْتَلْ مِنْهَا قَطُّ، وَذَلِكَ فِي نِصْفِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ الْكَلْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ مَقْتَلَ الضَّحَّاكِ قَالَ: مَرَّ بِنَا زَحْنَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الكلبي، لا يطعن أحدًا إلا صرعه، إذ حَمَلَ عَلَى رَجُلٍ فَطَعَنَهُ فَصَرَعَهُ، فَأَتَيْتُهُ فِإذَا هُوَ الضَّحَّاكُ، فَاحْتَزَزْتُ رَأْسُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ مَرْوَانَ، فَكَرِهَ قَتْلَهُ، وَقَالَ: الآنَ حِينَ كَبِرَتْ سِنِّي واقترب أجلي، أقبلت بالكتائب أَضْرِبُ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَأَمَرَ لِي بِجَائِزَةٍ2. "حرف العين": 45- عاصم بن عمرو بن الخطاب3 "ت م ق". أبو عمر العدوي. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ حَفْصٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُرْوَى عَنْهُ إِلا حَدِيثٌ واحد.

_ 1 انظر: السير "3/ 243-245"، وتهذيب تاريخ دمشق "7/ 7، 9". 2 خبر ضعيف: فيه جهالة بعض الرواة. 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 15"، والاستيعاب "3/ 136"، وأسد الغابة "3/ 76".

وَأُمُّهُ هِيَ جَمِيلَةُ بِنْتُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ الأَنْصَارِيَّةُ الَّتِي كَانَ اسْمُهَا عَاصِيَةُ، فَغَيَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْمَهَا، وَتَزَوَّجَتْ بعمد عُمَرَ يَزِيدَ بْنَ جَارِيَةَ الأَنْصَارِيَّ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ. وَكَانَ عَاصِمٌ طَوِيلا جَسِيمًا، يُقَالُ: إِنَّ ذِرَاعَهُ كَانَ ذِرَاعًا وَنَحْوًا مِنْ شِبْرٍ، وَكَانَ خَيِّرًا فَاضِلا دَيِّنًا شَاعِرًا مُفَوَّهًا فَصِيحًا، وَهُوَ جَدُّ الْخَلِيفَةِ الْعَادِلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لأُمِّهِ. وَلَقَدْ رَثَاهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَقَالَ: فَلَيْتَ الْمَنَايَا كُنَّ خَلَّفْنَ عَاصِمًا ... فَعِشْنَا جَمِيعًا أَوْ ذَهَبْنَ بِنَا مَعًا وَقِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَمْرِو، تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ. 46- عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ1 التَّمِيمِيُّ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو، عَابِدُ زَمَانِهِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. وعنه: الحسن، وابن سيرين، وأبو عبد الرحمن الحبلي وغيرهم. قال أحمد العجلي: كان ثقة من كبار التابعين. وقال أبو عبيد في القراءات: كان عامر بن عبد الله الذي يعرف بابن عبد قيس يقرئ الناس. ثنا عَبَّادٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عَامِرًا كَانَ يَقُولُ: مَنْ أُقْرِئُ؟ فَيَأْتِيهِ نَاسٌ، فَيُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ يَقُومُ يُصَلِّي إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ يُصَلِّي إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ يُقْرِئُ النَّاسَ إِلَى الْمَغْرِبِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَأْكُلُ رَغِيفًا وَيَنَامُ نَوْمَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يَقُومُ لِصَلاتِهِ، ثُمَّ يَتَسَحَّرُ رَغِيفًا2. وَقَالَ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ وُشِيَ بِهِ إِلَى زِيَادٍ، وقيل: إلى ابن عامر، فقالوا له: ههنا رَجُلٌ قِيلَ لَهُ: مَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- خَيْرًا مِنْكَ، فَسَكَتَ وَقَدْ تَرَكَ النِّسَاءَ، قَالَ: فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ، أَنِ انفه إلى الشام على قتب، فلما

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 103"، والحلية "2/ 87"، والسير "4/ 15". 2 إسناده حسن.

جَاءَهُ الْكِتَابُ أَرْسَلَ إِلَى عَامِرٍ فَقَالَ: أَنْتَ قِيلَ لَكَ: مَا إِبْرَاهِيمُ خَيْرًا مِنْكَ، فَسَكَتَّ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا سُكُوتِي إِلا تَعَجُّبًا لَوَدِدْتُ إِنِّي غُبَارُ قَدَمَيْهِ، فَيَدْخُلُ بِي الْجَنَّةَ، قَالَ: وَلِمَ تَرَكْتَ النِّسَاءَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهُنَّ إِلا إِنِّي قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهَا مَتَى تَكُونُ امْرَأَةٌ فَعَسى أَنْ يَكُونَ وَلَدٌ، وَمَتَى يَكُونُ وَلَدٌ تَشَعَّبَتِ الدُّنْيَا قَلْبِي، فَأَحْبَبْتُ التَّخَلِّي مِنْ ذَلِكَ، فَأَجْلاهُ عَلَى قَتَبٍ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَنْزَلَهُ مُعَاوِيَةُ مَعَهُ الْخَضْرَاءَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ، بِجَارِيَةً، وَأَمَرَهَا أَنْ تُعْلِمَهُ مَا حَالُهُ، فَكَانَ يَخْرُجُ مِنَ السَّحَرِ، فَلا تَرَاهُ إِلا بَعْدَ الْعَتْمَةِ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بِطَعَامٍ، فَلا يَعْرِضُ لَهُ، وَيَجِيءُ مَعَهُ بِكِسْرٍ فَيَبِلُّهَا وَيَأْكُلُ مِنْهَا، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى أَنْ يَسْمَعَ النِّدَاءَ فيخرج، ولا تراه إلا مِثْلِهَا، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ يَذْكُرُ حَالَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ: أَنِ اجْعَلْهُ أَوَّلَ دَاخِلٍ وَآخِرَ خَارِجٍ، وَمُرْ لَهُ بِعَشَرَةٍ مِنَ الدَّقِيقِ وَعَشَرَةٍ مِنَ الظَّهْرِ، فَأَحْضَرَهُ وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَ لَكَ بِكَذَا، قَالَ: إِنَّ عَلَيَّ شَيْطَانًا قَدْ غَلَبَنِي، فَكَيْفَ أَجْمَعُ عَلَى عَشَرَةٍ1. وَكَانَتْ لَهُ بَغْلَةٌ فَرَوَى بِلالُ بْنُ سَعْدٍ عَمَّنْ رَآهُ بِأَرْضِ الرُّومِ يَرْكَبُهَا عُقْبَةُ، وَيَحْمِلُ الْمُهَاجِرُ عُقْبَةَ. قَالَ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ إِذَا فَصَلَ غَازِيًا يَتَوَسَّمُ -يَعْنِي مَنْ يُرَافِقَهُ- فَإِذَا رَأَى رِفْقَةً تُعْجِبُهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يخدمهم، وأن يؤذن، وأن ينفق عليهم طَاقَتَهُ2. رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ بِطُولِهِ فِي الزُّهْدِ. وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ عَامِرٌ يَسْأَلُ رَبَّهُ أن يَنْزَعَ شَهْوَةَ النِّسَاءِ مِنْ قَلْبِهِ، فَكَانَ لا يُبَالِي إِذَا لَقِيَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَسَأَلَ رَبَّهُ أن يَمْنَعَ قَلْبَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ ذَهَبَ عَنْهُ3. وَعَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْمُجَاشِعِيِّ قَالَ: قِيلَ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ. أَتُحَدِّثُ نَفْسَكَ فِي الصَّلاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أُحَدِّثُ نَفْسِي بِالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى وَمُنْصَرفِي4. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: لَمَّا رَأَى كَعْبُ الأَحْبَارِ عَامِرًا بِالشَّامِ قَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالُوا: عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، فَقَالَ كَعْبٌ: هَذَا راهب هذه الأمة.

_ 1 خبر حسن: وأخرجه ابن المبارك "867" في الزهد. 2 الزهد "350" لابن المبارك. 3 خبر صحيح: وأخرجه ابن المبارك "867" في الزهد. 4 خبر حسن: أخرجه ابن المبارك "861".

وَرَوَى جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: قِيلَ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ: إِنَّكَ تَبِيتَ خَارِجًا، أَمَا تَخَافُ الأَسَدَ قَالَ: إني لأستحيي مِنْ رَبِّي أن أَخَافَ شَيْئًا دُونَهُ1. وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ قَتَادَةَ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ: لَقِيَ رَجُلٌ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ فَقَالَ: مَا هَذَا، أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ {وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38] يَعْنِي: وَأَنْتَ لا تَتَزَوَّجُ، فَقَالَ: أَفَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ تَعَالَى2: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ السَّائِحِ، أنبأ أَبُو وَهْبٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ كَانَ مِنْ أَفْضَلِ الْعَابِدِينَ، فَفَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ، يَقُومُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَلا يَزَالُ قَائِمًا إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَقَدِ انْتَفَخَتْ سَاقَاهُ فَيَقُولُ: يَا نَفْسُ إِنَّمَا خُلِقْتِ لِلْعِبَادَةِ، يَا أَمَّارَةَ بالسوء، فَوَاللَّهِ لأَعْمَلَنَّ بِكِ عَمَلا يَأْخُذُ الْفِرَاشُ مِنْكِ نَصِيبًا3. وَهَبَطَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ: وَادِي السِّبَاعِ، وَفِيهِ عَابِدٌ حَبَشِيٌّ، فَانْفَرَدَ يُصَلِّي فِي نَاحِيَةٍ وَالْعَابِدُ فِي نَاحِيَةٍ، أَرْبَعِينَ يَوْمًا لا يَجْتَمِعَانِ إلا فِي صَلاةِ الْفَرِيضَةِ4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ: إن عامرًا كان يأخذ عطاءه، فيجعله فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ، فَلا يَلْقَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْمَسَاكِينَ إِلا أَعْطَاهُ، فِإِذَا دَخَلَ بَيْتِهِ رَمَى بِهِ إِلَيْهِمْ، فَيَعُدُّونَهَا فَيَجِدُونَهَا سَوَاءً كَمَا أُعْطِيهَا5. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ: ثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ بَعَثَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ: مَا لَكَ لا تَزَوَّجُ النِّسَاءَ؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُهُنَّ، وَإِنِّي لَدَائِبٌ فِي الْخَطِيئَةِ، قَالَ: وَمَا لَكَ لا تَأْكُلُ الْجُبْنَ؟ قَالَ: أَنَا بِأَرْضٍ فِيهَا مَجُوسٌ، فَمَا شَهِدَ شاهدان من المسلمين

_ 1 خبر حسن: أخرجه ابن المبارك "860" في الزهد. 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 106، 107" في الطبقات. 3 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم "2/ 88، 89" في الحلية. 4 الحلية "2/ 89". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن المبارك "862" في الزهد.

أَنَّ لَيْسَ فِيهِ مَيْتَةٌ أَكَلْتَهُ، قَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَ الأُمَرَاءَ؟ قَالَ: إِنَّ لَدَى أَبْوَابِكُمْ طُلَّابَ الْحَاجَاتِ، فَادْعُوهُمْ وَاقْضُوا حَوَائِجَهُمْ، وَدَعُوا مَنْ لا حَاجَةَ لَهُ إِلَيْكُمْ1. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: حَدَّثَنِي فُلانٌ أَنَّ عَامِرًا مَرَّ فِي الرَّحَبَةِ وَإِذَا ذِمِّيٌّ، يُظْلَمُ، فَأَلْقَى رِدَاءَهُ ثُمَّ قَالَ: لا أَرَى ذِمَّةَ اللَّهِ تُخْفَرُ وَأَنَا حَيٌّ، فَاسْتَنْقَذَهُ2. وَيُرْوَى أَنَّ سَبَبَ إِرْسَالِهِ إِلَى الشَّامِ كَوْنُهُ أَنْكَرَ وَخَلَّصَ هَذَا الذِّمِّيَّ، فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا الْجُرَيْرِيُّ قَالَ: لَمَّا سُيِّرَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ قَيْسٍ شَيَّعَهُ إِخْوَانُهُ، وَكَانَ بِظَهْرِ الْمِرْبَدِ، فَقَالَ: إِنِّي دَاعٍ فَأَمِّنُوا، قَالَ: اللَّهُمَّ مَنْ وَشَى بِي وَكَذَبَ عَلَيَّ وَأَخْرَجَنِي مِنْ مِصْرِي وَفَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي، فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَأَصِحَّ جِسْمَهُ، وَأَطِلْ عُمْرَهُ3. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: بُعِثَ بِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَشَرَنِي رَاكِبًا. وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ لَمَّا احْتُضِرَ جَعَلَ يَبْكِي، فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، وَلا حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى ظَمَأِ الْهَوَاجِرِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ4. رَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ قَبْرَ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ. 47- عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ أَبُو سَعْدٍ5، وَقِيلَ: أَبُو سَعِيدٍ الزُّرَقِيُّ الْأَنْمَارِيُّ، مُختَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْهُ: يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ وَمَكْحُولٌ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ زَوْجُ أَسْمَاءَ بنت يزيد بن السكن، سكن دمشق.

_ 1 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم "2/ 90" في الحلية. 2 خبر ضعيف: أخرجه أبو نعيم "2/ 91" وفيه جهالة أحد الرواة. 3 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم "2/ 91". 4 خبر صحيح. 5 انظر: أسد الغابة "5/ 209"، والاستيعاب "4/ 92"، والإصابة "4/ 86".

48- عائذ بن عمرو -خ م ن- بن هلال أبو هبيرة المزني1، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، شَهِدَ بَيْعَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَأَبُو جَمْرَةَ الضَّبُعِيُّ، وَأَبُو شِمْرٍ الضَّبُعِيُّ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ. وَكَانَ مِنْ فُضَلاءِ الصَّحَابَةِ وَصَالِحِيهِمْ، وَأَوْصَى أن يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ. وَقَدْ دَخَلَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَوَعَظَهُ، وَقَالَ: إِنَّ الدُّعَاءَ الْحُطَمَةُ2. 49- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ3 ابْنِ أَبِي عَامِرٍ عَبْدُ عَمْرِو بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ويقال: أبو بكر ابن الْغَسِيلِ غَسِيلُ الْمَلائِكَةِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَيُعْرَفُ أَبُو عَامِرٍ بِالرَّاهِبِ، الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَحِبَهُ، وَرَوَى عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الله بن يزيد الخطمي، وابن أبي ملكية، وَضَمْضَمُ بْنُ جَوْسٍ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ عُمَرَ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وَكَانَ رَأْسُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَوْمَ الْحَرَّة. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّاهِبِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى نَاقَةٍ4. تَفَرَّدَ بِهِ الْحَسَنُ، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ سَبْعِ سِنِينَ، وَأُصِيبَ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَلَدَتْهُ بعد مقتل أبيه. 50- عبد الله بن خثيمة الأَنْصَارِيُّ السَّالِمِيُّ5 الْخَزْرَجِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ أحدًا وبقي إلى دهر يزيد بن معاوية.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 20"، أسد الغابة "3/ 98"، الإصابة "2/ 262". 2 المعجم الكبير "18/ 18" للطبراني. 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 65"، والاستيعاب "2/ 286"، وأسد الغابة "3/ 147". 4 حديث حسن: أخرجه الترمذي "3/ 264"، والنسائي "5/ 270"، وابن ماجه "2/ 1009". 5 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 627"، والإصابة "2/ 303".

51- عبد الله بن زيد بن عاصم الأَنْصَارِيُّ1 النَّجَّارِيُّ الْمَازِنِيُّ الْمَدَنِيُّ، أَخُو حَبِيبٍ الَّذِي قَتَلَهُ مُسَيْلَمَةُ الْكَذَّابُ، وَعَمِّ عَبَّادٍ بْنِ تَمِيمٍ، وَهُوَ الَّذِي حَكَى وُضُوءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَهُ وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَقِيلَ: إنه الذي قتل مسيلمة مع وحشي، واشتركا فِي قَتْلِهِ، وَأَخَذَ بِثَأْرِ أَخِيهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ عَبَّادٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمَسيِّبِ، وَوَاسِعُ بْنِ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ. وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْحَرَّةِ. 52- عَبْدُ الله بن السائب -م- بن أَبِي السَّائِبِ صَيْفِيِّ بْنِ عَابِدٍ الْمَخْزُومِيُّ2 الْعَابِدِيُّ، أَبُو السَّائِبِ وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْمَكِّيُّ، قَارِئُ أَهْلِ مَكَّةَ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ أَبُو السَّائِبِ شَرِيكَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ الْمَبْعَثِ، وَأَسْلَمَ السَّائِبُ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَجَاءَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أمَّ النَّاسَ بِمَكَّةَ فِي رَمَضَانَ زَمَنَ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عن ابن أبي ملكية قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا فَرَغُوا مِنْ قَبْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، وَقَامَ النَّاسُ عَنْهُ، قَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ فدعا له وانصرف3. روى عنه: ابن أبي ملكية، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَسِبْطُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَآخَرُونَ. قَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ: مُجَاهِدٌ، وَغَيْرُهُ، وَآخِرُ مِنْ رَوَى عَنْهُ الْقُرْآنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ. تُوُفِّيَ بَعْدَ السَّبْعِينَ، وَهُوَ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ. وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ. 53- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ أَبُو مَعْمرٍ الأَزْدِيُّ4 الْكُوفِيُّ، تَابِعِيٌّ مَشْهُورٌ، وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، والمقداد بن الأسود، وخباب بن الأرت.

_ 1 انظر: أسد الغابة "3/ 167"، والاستيعاب "2/ 312"، السير "2/ 377". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 445"، والاستيعاب "2/ 380"، وأسد الغابة "3/ 170". 3 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 445" فيه عنعنة ابن جريج، وهو مدلس. 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 73"، والجرح والتعديل "5/ 68".

روى عنه: إبراهيم، ومجاهد، وعمارة بن العمير التَّيْمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 54- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاس1 بْن عَبْد المطّلب بن هاشم، الحبر أَبُو الْعَبَّاسِ، ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو الْخُلَفَاءِ. وُلِدَ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلاثِ سِنِينَ، وَذَكَر ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ قَدْ نَاهَزَ الاحْتِلامَ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَقَدْ قَرَأْتُ "الْمُحْكَمَ"، فَتَحَقَّقَ هَذَا. وَصَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحِكْمَةِ مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ ابن مسعود: نعم ترجمان العرب الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَأَبِيهِ الْعَبَّاسِ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَطَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنْهُ: أَنَسٌ، وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَابْنُهُ عَلِيٌّ، وَمَوَالِيهِ الْخَمْسَةُ: كُرَيْبٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَمِقْسَمٌ، وَأَبُو مَعْبَدٍ نافذ، وَدَفِيفٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَعُرْوَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْقَاسِمُ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَأَبُو صَالِحٍ بَاذَامُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَخُوهُ سَعِيدٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَالضَّحَّاكُ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَمَعْتُ الْمُحْكَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُبِضَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ حِجَجٍ، قُلْتُ: وَمَا الْمُحْكَمُ؟ قَالَ: الْمُفَصَّلُ2. خَالَفَهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: فَرَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال:

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "2/ 365"، أسد الغابة "3/ 290"، السير "3/ 331". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "11/ 75"، وأحمد "1/ 253، 287، 337"، والطيالسي "2/ 148".

تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَنَا خَتِينٌ1. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ، وَأَنَا قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى2. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لا خِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَنَا أَنَّهُ وُلِدَ فِي الشِّعْبِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدِيثَ أَبِي بِشْرٍ الْمَذْكُورَ فَقَالَ: هَذَا عِنْدِي حَدِيثٌ وَاهٍ، وَحَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ يُوَافِقُ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: غَزَا ابْنُ عَبَّاسٍ إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ نَفْسًا. وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، قَالَ: وَكَانَ أَبْيَضَ طَوِيلا مُشْرَبًا صُفْرَةً، جسيمًا، وَسِيمًا، صَبِيحًا، لَهُ وَفْرَةٌ، يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ لَنَا عَطَاءٌ: مَا رَأَيْتُ الْقَمَرَ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ إِلا ذَكَرْتُ وَجْهَ ابن عباس3. وقال إبراهيم بن الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ إِذَا مَرَّ فِي الطَّرِيقِ قَالَتِ النِّسَاءُ عَلَى الْحِيطَانِ: أَمَرَّ الْمِسْكُ أَمْ مَرَّ ابْنُ عَبَّاسٍ؟ 4. وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَوَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غُسْلا، فَقَالَ: "مَنْ وَضَعَ هَذَا"؟ قَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ وَفَقِّهْهُ فِي الدِّينَ" 5. وَقَالَ وَرْقَاءُ: ثَنَا عُبْيَدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَضُوءًا فَقَالَ: "اللَّهُمُّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وعلمه التأويل" 6.

_ 1 إسناده فيه ضعف: أخرجه الطيالسي "2/ 149"، والحاكم "3/ 533"، وفيه عنعنة أبي إسحاق. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 472"، ومسلم "504"، وأحمد "1/ 264". 3 السير "3/ 336، 337". 4 السابق. 5 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 216، 314، 328، 335"، والحاكم "3/ 534" وصححه وأقره الذهبي، والطبراني "10587" في الكبير. 6 انظر السابق: وأخرجه البخاري "1/ 115"، و"7/ 78"، ومسلم "2477".

وَرَوَى أَبُو مَالِكٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّخَعِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَدَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحِكْمَةِ مَرَّتَيْنِ1. أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ زَاجٌ: ثَنَا سَعْدَانُ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَطْلُبُ الْإِدَامَ، وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: "هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ"2، قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَاسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا فَإِنَّهُ حَبْرُ أُمَّتِكَ، أَوْ قَالَ: حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ. هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَعَبْدُ الْمُؤْمِنِ ثِقَةٌ، رَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ. قُلْتُ: جَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صُوَرَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، فَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لَنْ يَمُوتَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى يَذْهَبَ بَصَرُهُ"3، فَكَانَ كَذَلِكَ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنَ حُكَيْمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ: هَلُمَّ نَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ كَثِيرٌ، فَقَالَ: يَا عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَتَرَى النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكِ، وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله من ترى! فترك الرَّجُلَ وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْمُسَألَةِ، فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثَ عَنِ الرَّجُلِ، فَآتِيهِ وَهُوَ قَائِلٌ فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ، فَتَسْفِي الرِّيحُ عَلَى التُّرَابِ فيخرج فيراني، فيقول: يا ابن عم الرسول، أَلا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيكَ؟ فَأَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ أن آتيك فأسألك، قال: فعاش الرجل رَآنِي وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ، فَقَالَ: هَذَا الْفَتَى أَعْقَلُ مِنِّي4. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ وَجَدُوا عَلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي إِدْنَائِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ دُونَهُمْ، قَالَ: وَكَانَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنِّي سَأُرِيكُمُ الْيَوْمَ مِنْهُ مَا تَعْرِفُونَ فَضْلَهُ بِهِ، فسألهم عن هذه السورة

_ 1 حديث حسن: أخرجه ابن سعد "2/ 365"، والترمذي "3823". 2 حديث منكر: وأخرجه أبو نعيم "1/ 316" في الحلية. 3 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "10586" في الكبير، وفيه أحد المجاهيل. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "2/ 367"، والحاكم "3/ 538" وصححه، وأقره الذهبي.

{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمْرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إِذَا رَأَى النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا أَنْ يَحْمَدَهُ وَيَسْتَغْفِرَهُ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَعْلَمَهُ مَتَّى يَمُوتُ. قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 1، 2] فَهِيَ آيَتُكَ من الموت1 {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} . وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَأْذَنُ لِي مَعَ أَهْلِ بَدْرٍ. وَقَالَ الْمُعَافَى بْنُ عِمَرانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَسْأَلُ عَنِ الأَمْرِ الْوَاحِدِ ثَلاثِينَ من أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم2. وقال أبو بكر الْهُذَلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الإِسْلامِ بِمَنْزِلٍ، وَكَانَ مِنَ الْقُرْآنِ بِمَنْزِلٍ، وَكَانَ يَقُومُ عَلَى مِنْبَرِنَا هَذَا، فَيَقْرَأُ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَيُفَسِّرُهَا آيَةً آيَةً، وَكَانَ عُمَرُ إذا ذكره قال: ذلكم فتى الكهول، له لسان سؤول، وَقَلْبٌ عَقُولٌ3. وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ الْقُرْآنِ أَعْلَمُهُ إِلا الرَّقِيمَ، وَغِسْلِينَ، وَحَنَانًا4. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لابْنِ عَبَّاسٍ: لَقَدْ عَلِمْتَ عِلْمًا مَا عَلِمْنَاهُ5. سَنَدُهُ صَحِيحٌ. وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ قال: كَانَ عُمَرُ يَسْتَشِيرُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الأَمْرِ يهمه ويقول: غواص6.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 99"، وأحمد "1/ 337"، والترمذي "3362"، والحاكم "3/ 539". 2 خبر صحيح: السير "3/ 344". 3 خبر ضعيف: أخرجه الطبراني "10620" في الكبير، وفيه أبو بكر الهذلي من الضعفاء. وله طريق آخر عند الحاكم "3/ 539" وفيه انقطاع. 4 خبر حسن: أخرجه الطبري "15/ 199" في تفسيره. 5 خبر حسن: السير "3/ 345". 6 السير "3/ 346".

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ عُمَرُ: لا يَلُومُنِي أَحَدٌ عَلَى حُبِّ ابْنِ عَبَّاسٍ1. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ إِنَّ عُمَرَ يُدْنِيكَ، فَاحْفَظْ عَنِّي ثَلاثًا: لا تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا، وَلا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا، وَلا يُجَرِّبَنَّ عَلَيْكَ كَذِبًا2. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: حَرَّقَ عَلَيَّ نَاسًا ارْتَدُّوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ بِالنَّارِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ" وَلَقَتَلْتُهُمْ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" 3، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَقَالَ: وَيْحَ ابْنَ أُمِّ الْفَضْلِ، إِنَّهُ لَغَوَّاصٌ عَلَى الْهَنَاتِ4. وَعَنْ سعد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أَحَدًا أَحْضَرَ فَهْمًا، وَلا أَلَبَّ لُبًّا، وَلا أَكْثَرَ عِلْمًا، وَلا أَوْسَعَ حِلْمًا مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ يَدْعُوهُ لِلْمُعْضِلاتِ، فَلا يُجَاوِزُ قَوْلَهُ، وَإِنَّ حَوْلَهُ لأَهْلُ بَدْرٍ5. وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقَدْ أُعْطِيَ ابن عباس فهمًا لقنًا وَعِلْمًا، وَمَا كُنْتُ أَرَى عُمَرَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَدًا6. هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَوْ أَدْرَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْنَانَنَا مَا عَشِرَهُ مِنَّا أَحَدٌ7. وَفِي لَفْظٍ: مَا عَاشَرَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَكَذَا قَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَغَيْرُهُ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَو أن هذا الغلام أدرك ما

_ 1 السير "3/ 346". 2 إسناده ضعيف: وأخرجه أبو نعيم "1/ 318" في الحلية، والطبراني "1069" في الكبير، وفيه مجالد من الضعفاء. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6/ 106"، وأبو داود "4351"، والنسائي "7/ 104"، والترمذي "1458". 4 خبر صحيح: انظر السابق. 5 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد "2/ 369" في الطبقات. 6 السابق "2/ 370". 7 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "2/ 366" في الطبقات، والحاكم "3/ 537" وصححه وأقره الذهبي.

أَدْرَكْنَا، مَا تَعَلَّقْنَا مَعَهُ بِشَيْءٍ1. قَالَ الأَعْمَشُ: وَسَمِعْتُهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: وَلَنِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، وَكَانَ عِنْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَامَ فَقَالَ: هَذَا يَكُونُ حَبْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، أَرَى عَقْلا وَفَهْمًا، وَقَدْ دَعَا لَهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا أَبُو بكر ابن أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: مَوْلاكَ وَاللَّهِ أَفْقَهُ مَنْ مَاتَ وَمَنْ عَاشَ3. وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالْحَجِّ4. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ مِثْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَقَدْ مَاتَ يَوْمَ مَاتَ، وَإِنَّهُ لَحَبْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ، كَانَ يُسمَّى الْبَحْرَ لِكَثْرَةِ عِلْمِهِ. وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ فَاتَ النَّاسَ بِخِصَالٍ: بِعِلْمِ مَا سُبِقَ إِلَيْهِ، وَفِقْهٍ فيما احتيج إليه، وحلم نسب وَنَائِلٍ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمُ بِمَا سَبَقَهُ مِنْ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا بِقَضَاءِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، مِنْهُ، وَلا أَعْلَمُ بِمَا مَضَى، وَلا أَثْقَبَ رَأْيًا فِيمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ مِنْهُ، وَلَقَدْ كُنَّا نَحْضُرُ عِنْدَهُ، فَيُحَدِّثُنَا الْعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي الْمَغَازِي، وَالْعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي النَّسَبِ، وَالْعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي الشعر5. رواه ابن أسعد، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ. وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ: أَجْمَلُ النَّاسِ، وَإِذَا نَطَقَ قُلْتُ: أَفْصَحُ النَّاسِ، وَإِذَا تَحَدَّثَ قُلْتُ: أَعْلَمُ النَّاسِ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: مَا رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ باطلًا قط.

_ 1 خبر صحيح: السير "3/ 347". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 348". 3 خبر ضعيف: السير "3/ 348" فيه الواقدي من الضعفاء. 4 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "2/ 369". 5 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "2/ 368" فيه الواقدي.

وَقَالَ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ملكية قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا نَزَلَ قَامَ شَطْرَ اللَّيْلِ، وَيُرَتِّلُ الْقُرْآنَ حَرْفًا حَرْفًا، وَيُكْثِرُ فِي ذَلِكَ مِنَ النَّشِيجِ وَالنَّحِيبِ1. وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ دِرْهَمٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَسْفَلَ مِنْ عَيْنَيْهِ مِثْلَ الشِّرَاكِ الْبَالِي مِنَ الْبُكَاءِ2. وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ. وَقَدْ وَلِيَ الْبَصْرَةَ لِعَلِيٍّ، وَشَهِدَ مَعَهُ صِفِّينَ، فَكَانَ عَلَى مَيْسَرَتِهِ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَكْرَمَهُ وَأَجَازَهُ، وَجَاءَ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ حِلَّةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ، عَنْ شَيْخٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ شَهِدَ الْجَمَلَ مَعَ عَلِيٍّ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَقَامَ عَلِيٌّ بَعْدَ الْجَمَلِ خَمْسِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَلَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ حَمَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَبْلَغًا مِنَ الْمَالِ وَلَحِقَ بِالْحِجَازِ، وَاسْتُخْلِفَ عَلَى الْبَصْرَةِ3. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ رِشْدِينَ بْنِ كريب، عن أبيه قال: رأين ابْنَ عَبَّاسٍ يعتم بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ خُرْقَانِيَّةٍ، وَيُرْخِيهَا شِبْرًا. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا اتَّزَرَ أَرْخَى مُقَدَّمَ إِزَارِهِ، حَتَّى تَقَعَ حَاشِيَتَهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ. ابْنُ جُرَيْجٍ: أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ ينهى عن كتاب العلم، وأنه قال: إنها أَضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْكُتُبُ. حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْعَطَّافِ -وَهُوَ وَاهٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكُتُبِ. نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُمْ كَلَّمُوا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْ يَحِجَّ بِهِمْ وَعُثْمَانَ مَحْصُورٌ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَحِجَّ بِالنَّاسِ، فَحَجَّ بهم، فلما قدم وجد

_ 1 خبر صحيح: السير "3/ 352". 2 السير "3/ 352". 3 خبر ضعيف: السير "3/ 353" فيه مجالد من الضعفاء.

عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: إنْ أَنْتَ قُمْتَ بِهَذَا الأَمْرِ الآنَ أَلْزَمَكَ النَّاسُ دَمَ عُثْمَانَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ عَرَّفَ بِالْبَصْرَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ، كَانَ مَثِجًا، كَثِيرَ الْعِلْمِ، قَالَ: فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَفَسَّرَهَا آيَةً آيَةً. ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا سُئِلَ عَنِ الأَمْرِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ أَوِ السُّنَّةِ أَخْبَرَ بِهِ، وَإِلا اجْتَهَدَ رَأْيَهُ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَيُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ قَالا: مَا نُحْصِي مَا سَمِعْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ يُسْأَلُ عَنِ الشَّيْءِ مِنَ الْقُرْآنِ، فَيَقُولُ: هُوَ كَذَا، أَمَا سَمِعْتَ الشَّاعِرَ يَقُولُ: كَذَا وَكَذا. أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ يَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ صَوْمُكَ؟ قَالَ: أَصُومُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ. مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَلْبَسُ الْخَزَّ، وَيَكْرَهُ الْمُصْمَتَ منه. أبو عوانة، عن أبي الجويرية: رأين إِزَارَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ1. شَريِكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ طَوِيلَ الشَّعْرِ أَيَّامَ مِنًى، أَظُنَّهُ قَصَّرَ، وَرَأَيْتُ فِي إِزَارِهِ بَعْضَ الْإِسْبَالِ. ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُصَفِّرُ، يَعْنِي لِحْيَتَهُ. يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُثْمَانُ عَلَى الْحَجِّ وَهُوَ مَحْصُورٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا صَدَرَ عَنِ الْمَوْسِمِ إِلَى الْمَدِينَةِ، بَلَغَهُ وَهُوَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَتْلُ عُثْمَانَ، فَجَزِعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: يَا ليتني لا أصل حتى يأتيني قَاتِلُهُ فَيَقْتُلُنِي، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عَلِيٍّ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ، يَعْنِي فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَلَمَّا سَارَ الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ: خَلا لَكَ وَاللَّهِ يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ الْحِجَازُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَوْنَ إِلا أَنَّكُمْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ، وَتَكَالَمَا حَتَّى عَلَتْ أصواتهما، حَتَّى سكَّنَهُمَا رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ ابْنُ عباس وابن الحنيفة قَدْ نَزَلا بِمَكَّةَ فِي أَيَّامِ فِتْنَةِ ابْنِ الزبير، فطلب منهما أبن يُبَايِعَاهُ، فَامْتَنَعَا وَقَالا: أَنْتَ وَشَأْنُكَ لا نَعْرِضُ لك ولا لغيرك.

_ 1 خبر صحيح: السير "3/ 355".

وَعَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَلَحَّ عَلَيْهِمَا فِي الْبَيْعَةِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَتُبَايِعَنَّ أَوْ لأَحُرِّقَنَّكُمْ بِالنَّارِ، فَبَعَثَا أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ واثلة إلى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ، فَانْتَدَبَ أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَسَارُوا فَلَبِسُوا السِّلاحَ حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ، وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا النَّاسُ، وَانْطَلَقَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْمَسْجِدِ هَارِبًا، وَيُقَالُ: تَعَلَّقَ بِالأَسْتَارِ، وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللَّهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: فَمَثُلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَدْ عَمِلَ حَوْلَ دُورِهِمُ الْحَطَبَ لِيَحْرَقَهَا، فَخَرَجْنَا بِهِمْ حَتَّى نَزَلْنَا بِهِمُ الطَّائِفَ1. قُلْتُ: فَأَقَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةً أَوْ سنَتَيْنِ لم يبايع أحدًا. وقال ابن الحنيفة لَمَّا دُفِنَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْيَوْمُ مَاتَ رَبَّانِيُّ هذه الأمة. رواه مسلم بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي كُلْثُومٍ، عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ: لَمَّا مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ فَدَخَلَ فِي أَكْفَانِهِ. وَرَوَى عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نحوه، وَزَادَ: فَمَا رُؤِيَ بَعْدُ2. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً. رَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ عَاشَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ شُعَيْبِ بنِ يَسَارٍ قَالَ: لَمَّا أُدْرِجَ ابن عباس في كفنه دخل فيه طَائِرٌ أَبْيَضُ، فَمَا رُؤِيَ حَتَّى السَّاعَةِ. عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ بُجَيْرِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مَاتَ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا أُخْرِجَ بِنَعْشِهِ، جَاءَ طَائِرٌ عَظِيمٌ أَبْيَضُ مِنْ قِبَلِ وَجٍّ3 حتى خالط أكفانه، فلم يدر أين يذهب، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4. 55- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بن العاص5 بن وَائِلِ بْنِ هَاشِمٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْقُرَشِيُّ السَّهْمِيُّ مِنْ نُجَبَاءِ الصَّحَابَةِ، وعلمائهم.

_ 1 خبر ضعيف: السير "3/ 355" وفيه عطية العوفي من الضعفاء. 2 خبر حسن بطرقه: أخرجه الفسوي "1/ 540" في تاريخه، والحاكم "3/ 543". 3 اسم جبل. 4 السير "3/ 358". 5 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 261"، الاستيعاب "956"، أسد الغابة "3/ 349".

كَتَبَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْكَثِيرَ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: حَفِيدُهُ شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ، وَطَاوُسٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَوَهْبُ بْنُ مُنَبَّهٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَأَسْلَمَ قَبْلَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَصْغَرَ مِنْ أَبِيهِ إِلا بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ: بِإِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً. وَكَانَ وَاسِعَ الْعِلْمِ، مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةَ، عَاقِلا يَلُومُ أَبَاهُ عَلَى الْقِيَامِ مَعَ مُعَاوِيَةَ بِأَدَبٍ وَتُؤَدَةٍ. قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ رجُلا سَمِينًا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْعُرْيَانِ بْنِ الْهَيْثَمِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبِي إِلَى يَزِيدَ، فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ، أَحْمَرُ، عَظِيمُ الْبَطْنِ، فَقُلْتُ: مَنْ ذَا؟ قِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو1. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "نِعْمَ أَهْلُ الْبَيْتِ: عَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ". وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَكِيمِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُهُ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْهُ فِي شَهْرٍ" 2، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعُ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي، فَأَبَى. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ وَاهِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ فِي أَحَدِ إِصْبَعَي سَمْنًا، وَفِي الأُخْرَى عَسَلا، وَأَنَا أَلْعَقُهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "تَقْرَأُ الكتابين: التوراة والفرقان3"، فكان يقرأهما.

_ 1 خبر ضعيف: وأخرجه ابن سعد "4/ 265" فيه ابن جدعان من الضعفاء. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 84"، ومسلم "1159". 3 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 222"، وأبو نعيم "1/ 286" في الحلية وفيه ابن لهيعة، ورواية غير العبادلة عنه ضعيفة.

وَعَنْ شُفَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلْفَ مَثَلٍ1. وَقَالَ أَبُو قَبِيلٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَكْتُبُ مَا يَقُولُ2. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْتُبُ مَا أَسْمَعُ مِنْكَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، فَإِنِّي لا أَقُولُ إِلا حَقًّا" 3. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنِّي، إلا ما كان من عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ، وَكُنْتُ لا أَكْتُبُ4. وَقَالَ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَتَنَاوَلْتُ صَحِيفَةً تَحْتَ رَأْسِهِ، فَتَمَنَّعَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: تَمْنَعُنِي شَيْئًا مِنْ كُتُبِكَ! فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّحِيفَةَ الصَّادِقَةَ الَّتِي سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَدٌ، فَإِذَا سَلِمَ لِي كِتَابُ اللَّهِ، وَسَلِمَتْ لِي هَذِهِ الصَّحِيفَةُ وَالْوَهْطُ، لَمْ أُبَالِ مَا ضَيَّعْتُ الدُّنْيَا5. الْوَهْطِ: بُسْتَانُه بِالطَّائِفِ. وَقَالَ عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لأَنْ أَكُونَ عَاشِرَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ عَاشِرَ عَشَرَةَ أَغْنِيَاءَ، فَإِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا، يَقُولُ: يَتَصَدَّقُ يَمِينًا وَشِمَالا6. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ أَصْنَعُ الْكُحْلَ لِعَبْدِ الله بن

_ 1 حديث ضعيف: السير "3/ 87" فيه ابن لهيعة. 2 حديث صحيح: وأخرجه أبو زرعة "1514" في تاريخ دمشق، والسير "3/ 87". 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 207، 215"، وأبو داود "3646"، والدارمي "1/ 125"/ والحاكم "1/ 105، 106" وصححه، وأقره الذهبي. 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 184". 5 خبر ضعيف: وأخرجه ابن سعد "2/ 273"، والمصنف في السير "3/ 89". 6 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "1/ 288" في الحلية.

عَمْرٍو، وَكَانَ يُطْفِئُ السِّرَاجَ ثُمَّ يَبْكِي، حَتَّى رَسِعَتْ عَيْنَاهُ1. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْتِي فَقَالَ: "أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَكَلَّفْتَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَصِيَامَ النَّهَارِ"؟ قُلْتُ: إِنِّي لأَفْعَلُ. قَالَ: "إِنَّ مَنْ حَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ" 2، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى مَيْمَنَةِ مُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ، وَقَدْ وَلاهُ مُعَاوِيَةُ الْكُوفَةَ، ثُمَّ عَزَلَهُ بِالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا الْعَوَّامُ، حَدَّثَنِي أَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلانِ يَخْتَصِمَانِ فِي رَأْسِ عَمَّارٍ، كُلُّ وَاحِدٍ يَقُولُ: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لِيَطِبْ أَحَدُكُمَا بِهِ نَفْسًا لِصَاحِبِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ". فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا عَمْرُو أَلا تَرُدَّ عَنَّا مَجْنُونَكَ، فَمَا بَالُكَ مَعَنَا! قَالَ: إِنَّ أَبِي شَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: "أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَيًّا"، فَأَنَا مَعَكُمْ، وَلَسْتُ أقاتل3. وقال ابن أبي مليكة: قال ابن عمرو: ما لي ولصفين، ما لي وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ قَبْلَهَا بِعِشْرِينَ سَنَةً، أَمَّا وَاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ مَا ضَرَبْتُ بِسَيْفٍ، وَلا رَمَيْتُ بِسَهْمٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَتِ الرَّايَةُ بِيَدِهِ4. وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي رَهْطٍ مِنْ نُسَّاكِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَقُلْنَا: لَوْ نَظَرْنَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُحَدِّثُنَا، فَدُلِلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَأَتَيْنَا مَنْزِلَهُ، فَإِذَا قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِمِائَةِ رَاحِلَةٍ، فَقُلْنَا: عَلَى كُلِّ هَؤُلاءِ حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ! قَالُوا: نَعَمْ، هُوَ وَمَوَالِيهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبَيْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، بَيْنَ بُرْدَيْنِ قِطْريَّيْنِ، عَلَيْهِ عِمَامَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ5.

_ 1 خبر حسن: وأخرجه أبو نعيم "1/ 290" في الحلية، ورسعت: تغيرت وفسدت. 2 حديث صحيح: وله شواهد. أخرجه أحمد "2/ 200"، وأصله في الصحيحين. 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 164". 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 366". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 267".

رَوَاهُ حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ فَقَالَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ الْغَنَوِيِّ. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، وَتُوُفِّيَ بِمِصْرَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: مَاتَ بِالطَّائِفِ. وَقِيلَ: مَاتَ بِمَكَّةَ. وَقِيلَ: مَاتَ بِالشَّامِ. 56- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيُّ1 وَيُقَالُ: ابْنُ مَسْعُودٍ، وَيُدْعَى صَاحِبَ الْجُيُوشِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرًا عَلَى غَزْوِ الرُّومِ. قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ الْحَافِظُ ابن عَسَاكِرَ: لَهُ رُؤْيَةٌ، وَنَزَلَ دِمَشْقَ وَبَعَثَهُ يَزِيدُ مُقَدَّمًا عَلَى جُنْدِ دِمَشْقَ فِي جُمْلَةِ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ إِلَى الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَايَعَ مَرْوَانَ بِالْجَابِيَةِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعَدَةَ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَهَا فِي صَلاةٍ2، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَ مَسْعَدَةَ مِنْ سَبْيِ فَزَارَةَ، وَهَبَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، فَأَعْتَقَتْهُ. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: كَانَ ابْنُ مَسْعَدَةَ شَدِيدًا فِي قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَجَرَحَهُ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَمَا عَادَ لِلْحَرْبِ حَتَّى انْصَرَفُوا. 57- عَبْدُ الله بن يزيد –ع. ابْنِ زَيْدِ بْنِ حِصْنٍ الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ الْخَطْمِيُّ، أبو موسى3، شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَرَوَى أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ حُذَيْفَةَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ بِنْتِهِ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَالشَّعْبِيُّ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ نُبَلاءِ الصَّحَابَةِ، كَانَ الشَّعْبِيُّ كَاتِبَهُ وَشَهِدَ أَبُوهُ يَزِيدَ أُحُدًا، وَمَاتَ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَشَهِدَ أَبُو مُوسَى مَعَ عَلِيٍّ صِفَّينَ وَالنَّهْرَوانِ، وَوَلَّى إِمْرَةَ الْكُوفَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَاسْتَكْتَبَ الشَّعْبِيَّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، ثُمَّ صُرِفَ بِعَبْدِ الله بن مطيع.

_ 1 انظر: أسد الغابة "3/ 367"، الاستيعاب "2/ 327"، والإصابة "2/ 367". 2 حديث ضعيف: فيه عنعنة ابن جريج، وهو من المدلسين. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 18"، والتاريخ الكبير "5/ 12، 13".

مِسْعَرٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَطَيْلَسَانًا مُدبَّجًا. الْوَاقِدِيُّ: ثنا جَحَّافُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أن الْفِيلَ لَمَّا بَرَكَ عَلَى أَبِي عُبَيْدِ يَوْمَ الْجِسْرِ فَقَتَلَهُ، هَرَبَ النَّاسُ، فَسَبَقَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ فَقَطَعَ الْجِسْرَ وَقَالَ: قَاتِلُوا عَنْ أَمِيرِكُمْ، ثُمَّ قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ فَأَسْرَعَ السَّيْرُ، وَأَخْبَرَ عُمَرَ خَبَرَهُمْ1. 58- عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ2 بْنِ جَحْشِ بْنِ رَبَابٍ الأَسَدِيُّ، اسْمُ أَبِيهِ عَبْدٌ. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحُسَيْنُ بْنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَشَجِّ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ سَمْحًا جَوَّادًا، وَكَانَ أَبُوهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ: قَدِمْتُ مِنْ عِنْدِ مُعَاوِيَةَ بِثِلاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَأَقَمْتُ سَنَةً، وَحَاسَبْتُ قَوَّامِي فَوَجَدْتُنِي قَدْ أَنْفَقْتُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، لَيْسَ بِيَدِي مِنْهَا إِلا رَقِيقٌ وَغَنَمٌ وَقُصُورٌ، فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَقِيتُ كَعْبَ الأَحْبَارِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتَ مِنَ النَّخْلِ3. قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَيُقَوِّي وَهْنَهُ أَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ: فَلَقِيتُ كَعْبًا، وَكَعْبُ قَدْ مَاتَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ، قَبْلَ أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ بِسِنِينَ. 59- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَزْهَرَ الزُّهْرِيُّ4 ابْنُ عَمِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وشهد حنينًا. روى عنه: ابناه عبد الرحمن، وَعْبَدُ الْحَمِيدِ، وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ. وَأُمُّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وهُوَ مُقِلٌّ مِنَ الرِّوَايَةِ، لَهُ أَرْبَعَةُ أحاديث.

_ 1 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 2 انظر: التاريخ الكبير "5/ 240"، والاستيعاب "2/ 406"، والإصابة "2/ 389". 3 خبر ضعيف. 4 انظر: الجرح والتعديل "5/ 208"، والاستيعاب "2/ 406".

60- عبد الرحمن بن الأسود1 –خ د ق- ابْنِ عَبْدِ يَغُوث بْنِ وَهْبٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ القرشي الزهري المدني. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. رَوَى عَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ -وَهُمَا مِنْ طَبَقَتِهِ- وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ. قِيلَ: إِنَّهُ شَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ، وَأنَّهُ مِمَّنْ عُيِّنَ فِي حُكُومَةِ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ وَلا لِأَبِيهِ هِجْرَةٌ، وَكَانَ ذَا مَنْزِلَةٍ مِنْ عَائِشَةَ، وَأَبُوهُ مِمَّنْ نَزَلَ فيه {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ} . قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ، اطَّلَعَ مِنْ فَوْقِ دَارِهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ عَلَى الْعِرَاقِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَرَكْعَتَيْنِ أَرْكَعُهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَةِ الْعِرَاقِ. 61- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ2 بْنِ عَمْرٍو، وَأَبُو يَحْيَى اللَّخْمِيُّ، رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَوَالِدِهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ يَحْيَى، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ فَقِيهًا ثِقَةً. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. 62- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن حسان3 بن ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو سَعْدٍ الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ الْمَدَنِيُّ، الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، ابْنُ شَاعِرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِيهِ.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 7"، والإصابة "2/ 390". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 64"، والاستيعاب "2/ 427"، والإصابة "2/ 394". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 266"، والجرح والتعديل "5/ 222".

وَأُمُّهُ شِيرِينُ الْقِبْطِيَّةُ أُخْتُ مَارِيَةَ سَرِيَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُمُّ إِبْرَاهِيمَ. حَكَى مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ قال له ابنه يزيد: ألا ترى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ يُشَبِّبُ بِابْنَتِكَ؟ فَقَالَ: وَمَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُ: هِيَ زَهْرَاءُ مِثْلَ لؤلؤة الغـ ... ـواص مِيزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونِ فَقَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولَ: فإذا مَا نسبتها لَمْ تجدها ... فِي سناء من المكارم دون قَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولَ: ثُمَّ خَاصَرْتُهَا إِلَى الْقِبَّةِ الخض ... راء أَمْشِي فِي مَرْمرٍ مَسْنونِ1 وَفِيهِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ: فَمَنْ لِلْقَوَافِي بَعْدَ حَسَّانٍ وَابْنِهِ ... وَمَنْ لِلْمَثَانِي بَعْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ 63- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الحكم2 بن أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَبُو حَرْبٍ، وَيُقَالُ: أَبُو الْحَارِثِ الأُمَوِيُّ، أَخُو مَرْوَانَ. شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، شَهِدَ يَوْمَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَمِنْ شِعْرِهِ: وَأَكْرَمُ مَا تَكُونُ عَلَيَّ نَفْسِي ... إِذَا مَا قَلَّ فِي الْكُرُبَاتِ مَالِي فَتَحْسُنُ سِيرَتِي وَيَصُونُ عِرْضِي ... وَيَجْمُلُ عِنْدَ أَهْلِ الرَّأْيِ حَالِي وَقَدْ عَاشَ إِلَى يَوْمِ مَرْجِ رَاهِطٍ، فَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ: لَحَا اللَّهُ قَيْسًا قَيْسُ عَيْلانَ إِنَّهَا ... أَضَاعَتْ فُرُوجَ الْمُسْلِمِينَ وَوَلَّتِ أَتَرْجِعُ كَلْبٌ قَدْ حَمَتْهَا رِمَاحُهَا ... وَتَتْرُكُ قَتْلَى رَاهِطٍ مَا أحْنَتِ فَشَاوِلْ بِقَيْسٍ فِي الطِّعَانِ وَلا تَكُنْ ... أَخَاهَا إِذَا مَا الْمَشْرَفِيَّةُ سُلَّتِ أَلا إِنَّمَا قَيْسُ بْنُ عَيْلانَ قِلَّةٌ ... إِذَا شَرِبَتْ هَذَا الْعَصِيرَ تَغَنَّتِ 64- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الخطاب3 –ن.

_ 1 الأغاني "15/ 109" للأصفهاني. 2 انظر: تاريخ الطبري "4/ 535"، "5/ 544"، وتاريخ دمشق "1/ 56، 65" لأبي زرعة. 3 انظر: الاستيعاب "2/ 425"، الطبقات الكبرى "5/ 49"، وفيات الأعيان "6/ 274".

ابن نفيل بن عبد العزى العدوي. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَحُسَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ. وَوَلَّى إِمْرَةَ مَكَّةَ لِيَزِيدَ. قَالَ الزُّبَيْرُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِيمَا زَعَمُوا مِنْ أَطْوَلِ الرِّجَالِ وَأَتَمِّهِمْ، وَكَانَ شَبِيهًا بِأَبِيهِ، وَكَانَ عُمَرُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ: أَخُوكُمْ غَيْرُ أَشْيَبَ قَدْ أَتَاكُمْ ... بِحَمْدِ اللَّهِ عَادَ لَهُ الشَّبَابُ1 وَزَوَّجَهُ عُمَرُ بِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَجَدُّهُ أَبُو لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ. وَتُوُفِّيَ أَيَّامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلاهُ يَزِيدُ مَكَّةَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. 65- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أبي عميرة -ت-2 المزني، صَحَابِيٌّ، لَهُ أَحَادِيثُ، وَقَدْ سَكَنَ حِمْصَ وَتَاجَرَ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الْقَصِيرُ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ تَابِعِيٌّ. 66- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ3 بن عبيد الله الْمَعْرُوفُ أبوه بِزِيَادِ بْنِ أَبِيهِ عِنْدَ النَّاسِ، وعند بني أمية بزياد ابن أبي سفيان، فقد ذكرنا أن زيادًا استلحقه معاوية وجعله أخاه، ولي أَبُو حَفْصٍ عُبَيْدَ اللَّهِ إِمْرَةَ الْكُوفَةِ لِمُعَاوِيَةَ، ثُمَّ لِيَزِيدَ، ثُمَّ وَلاهُ إِمْرَةَ الْعِرَاقِ. وَقَدْ رَوَى عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَغَيْرِهِ.

_ 1 خبر ضعيف: إسناده منقطع. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 417"، والاستيعاب "2/ 407"، والإصابة "2/ 414". 3 انظر: وفيات الأعيان "6/ 344"، والبداية "8/ 283".

قَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: ذَكَرُوا أن عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ كَانَ لَهُ وَقْتَ قُتِلَ الحسين ثمان وعشرون سنة. وقال ابن مَعِينٍ: هُوَ ابْنُ مَرْجَانَةَ وَهِيَ أُمَةٌ. وَعَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى زِيَادٍ: أَنْ أَوْفِدْ عَلَيَّ ابْنَكَ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَفَعَلَ، فَمَا سَأَلَهُ مُعَاوِيَةُ عَنْ شَيْءٍ إِلا أَنْفَذَهُ لَهُ، حَتَّى سَأَلَهُ عَنِ الشِّعْرِ، فَلَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ مِنْ رِوَايَةِ الشِّعْرِ؟ قَالَ: كَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ كَلامَ اللَّهِ وَكَلامَ الشَّيْطَانِ فِي صَدْرِي، فَقَالَ: أُغْرُبْ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الرِّكَابِ يَوْمَ صِفِّينَ مِرَارًا، مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهَزِيمَةِ إِلا أَبْيَاتُ ابْنِ الإِطْنَابَةَ، حَيْثُ يَقُولُ: أَبَتْ لِي عِفَّتِي وَأَبَى بَلائِي ... وَأَخْذِي الْحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيحِ وَإِعْطَائِي عَلَى الإِعْدَامِ مَالِي ... وَإِقْدَامِي عَلَى الْبَطَلِ الْمُشِيحِ وَقُولِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَجَاشَتْ ... مكَانَكِ تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي1 وَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ فَرَوَّاهُ الشِّعْرَ، فَأَسْقَطَ عَلَيْهِ مِنْهُ بَعْدَ شَيْءٍ. قَالَ أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ: وَلَّى مُعَاوِيَةُ عُبَيْدَ اللَّهِ الْبَصْرَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ، فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ الْخِلافَةَ ضَمَّ إِلَيْهِ الْكُوفَةَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَلَّى مُعَاوِيَةُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ خُرَاسَانَ، وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ غَزَا عُبَيْدُ اللَّهِ خُرَاسَانَ وَقَطَعَ النَّهْرَ إِلَى بُخَارَى عَلَى الإِبِلِ، فَكَانَ أَوَّلُ عَرَبِيٍّ قَطَعَ النَّهْرَ، فَافْتَتَحَ رَامِينَ ونَسْفَ وَبِيكَنْدَ مِنْ عَمَلِ بُخَارَى. وَقَالَ أَبُو عَتَّابٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ. وَنَقَلَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ أُمَّ عُبَيْدِ اللَّهِ -يَعْنِي مَرْجَانَةَ- كَانَتْ بِنْتُ بَعْضِ مُلُوكِ فَارِسٍ. قَالَ أَبُو وَائِلٍ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ بِالْبَصْرَةِ، فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ تَلُّ مِنْ وَرَقٍ، ثَلاثَةُ آلافِ أَلْفٍ مِنْ خَرَاجِ أَصْبَهَانَ، فَقَالَ: مَا ظَنُّكَ بِرَجُلٍ يَمُوتُ وَيَدَعُ مِثْلَ هَذَا؟ فَقُلْت: فَكَيْفَ إِذَا كَانَ غُلُولٌ! قَالَ: ذَاكَ شَرٌّ عَلَى شَرٍّ. وَرَوَى السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، أَمَّرَهُ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ، غُلامًا، سَفِيهًا، يَسْفِكُ الدِّمَاءَ سَفْكًا شَدِيدًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الله المزني

_ 1 الشعر والشعراء "1/ 126"، والعقد الفريد "1/ 104"، عيون الأخبار "1/ 126".

فَقَالَ: انْتَهِ عَمَّا أَرَاكَ تَصْنَعُ، فَإِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطْمَةُ، قَالَ: مَا أَنْتَ وَذَاكَ، إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ حُثَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: وَهَلْ كَانَ فِيهِمْ حُثَالَةٌ، لا أُمَّ لَكَ، بَلْ كَانُوا أَهْلَ بُيُوتَاتٍ وَشَرَفٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَا مِنْ إِمَامٍ وَلا وَالٍ بَاتَ لَيْلَةً غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" 1. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، وَنَحْنُ نَعْرِفُ فِي وَجْهِهِ مَا قَدْ لَقِيَ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَا زِيَادٍ، مَا كُنْتَ تصنع بكلام هذا السفيه على رؤوس النَّاسِ! فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ عِنْدِي عِلْمٌ خَفِيٌّ مِنْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ لا أَمُوتَ حَتَّى أَقُولَ بِهِ عَلانِيَةَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ دَارَهُ وَسِعَتْ أَهْلَ الْمِصْرِ، حَتَّى سَمِعُوا مَقَالَتِي وَمَقَالَتَهُ، قَالَ: فَمَا لَبِثَ الشَّيْخُ أَنْ مَرِضَ، فَأَتَاهُ الْأَمِيرُ عُبَيْدُ اللَّهِ يَعُودُهُ، قَالَ: أَتَعْهَدُ إِلَيْنَا شَيْئًا نَفْعَلُ فِيهِ الَّذِي تُحِبَّ؟ قَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ لا تُصَلِّيَ عَلَيَّ، وَلا تَقُومَ عَلَى قَبْرِي. قَالَ الْحَسَنُ: وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ رَجُلا جَبَانًا فَرَكِبَ، فَإِذَا النَّاسُ فِي السِّكَكِ، فَفَزِعَ وَقَالَ: مَا هَؤُلاءِ؟ قَالُوا: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، فوقف حتى مر بسريره، فقال: أما إنه لَوْ كَانَ سَأَلَنَا شَيْئًا فَأَعْطَيْنَاهُ إِيَّاهُ لَسِرْنَا مَعَهُ. لَهُ إِسْنَادٌ آخَرُ، وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَنَّ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ وَكَلَّمَهُ عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ، وَلَعَلَّهُمَا وَاقِعَتَانِ، فَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: ثنا الْحَسَنُ، أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو دَخَلَ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "شَرُّ الرِّعَاءِ الْحُطْمَةُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ" 2، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ: هَلْ هَؤُلاءِ كَانَ لَهُمْ نُخَالَةٌ! إِنَّمَا كَانَتِ النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ. الْمُحَارِبيُّ: ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ أَحَدَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ عُمَرُ إِلَى الْبَصْرَةِ لِيُفَقِّهُوهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَيْنَا أَبَا زِيَادٍ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَانَ يَنْفَعُنَا بِكَ، قَالَ: هَلْ أَنْتَ فَاعِلٌ مَا آمُرُكَ بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إِذَا مُتُّ لا تُصَلِّ عَلَيَّ3، وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الحديث.

_ 1 حديث صحيح: وأخرجه البخاري "8/ 107"، ومسلم "227"، وأحمد "5/ 25". 2 انظر السابق. 3 إسناده ضعيف: فيه عنعنة ابن إسحاق، وسبق تخريجه.

وَقْد ذَكَرْنَا مَقْتَلَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. كَذَا وَرَّخَهُ أَبُو الْيَقْظَانِ. وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ أبي الطفيل قال: عزلنا سبعة رؤوس وَغَطَّيْنَاهَا، مِنْهَا رَأْسُ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فَجِئْتُ فَكَشَفْتُهَا، فَإِذَا حَيَّةٌ فِي رَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ تَأْكُلُهُ. رَوَى التِّرْمِذِيُّ نحوه، وصححه مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: جِيءَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَأَصْحَابِهِ، فَأَتَيْتُ وَهُمْ يَقُولُونَ: جَاءَتْ، فَإِذَا حَيَّةٌ قد جاءت تخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عُبَيْدِ اللَّهِ، فَمَكَثَتْ هُنَيْهَةً، ثَمَّ خَرَجَتْ، فَذَهَبَتْ حَتَّى تَغَيَّبَتْ ثُمَّ قَالُوا: قَدْ جَاءَتْ قَدْ جَاءَتْ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا1. 67- عَبْدُ المطلب بن ربيعة2 -م ت هـ ن- بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ بن عبد مناف. لَهُ صُحْبَةٌ وَحَدِيثٌ رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بن الحارث بن نوفل، وروى عن عَلِيٌّ حَدِيثًا. تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ، وَدَارَهُ بِزُقَاقِ الْهَاشِمِيِّينَ، وَكَانَ شَابًّا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ أَبُوهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيُوَلِّيَهُ عُمَّالَهُ3، وَالْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ. وَفِي الْمُسْنَدِ وَالتِّرْمِذِيِّ قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ، فَفَعَلَ وَسَكَنَ الشَّامَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ4. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي دَوْلَةِ يَزِيدَ. وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ. 68- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ5، وَأُمُّهُ لَيْلَى بِنْتُ مَسْعُودِ بْنِ خَالِدِ التَّمِيمِيِّ، أُخْتُ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "3869" وسبق تخريجه. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 57"، وأسد الغابة "3/ 331"، والسير "3/ 112". 3 صحيح مسلم "1072". 4 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 166"، وانظر السير "3/ 113". 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 117"، وتاريخ الطبري "6/ 104، 115".

قَدِمَ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَوَصَلَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قُتِلَ مَعَهُ فِي مُحَارَبَةِ الْمُخْتَارِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ. 69- عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ1 –ع- بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْحَشْرَجِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ، أَبُو طَرِيفٍ الطائي، ويكنى أبا واهب، وَلَدُ حَاتِمٍ الْجُودِ. وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ، فَأَكْرَمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ سَيِّدُ قَوْمِهِ. لَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَمُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَخَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ طُرْفَةَ، وَهَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. قَدِمَ الشَّامَ مَعَ خَالِدٍ مِنَ الْعِرَاقِ، ثُمَّ وَجَّهَهُ خَالِدٌ بِالأَخْمَاسِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَسَكَنَ الْكُوفَةَ مَرَّةً، ثُمَّ قَرْقِيسِيَاءَ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ النَّاسَ عَنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَهُوَ إِلَى جَنْبِي لا آتِيهِ، فَأَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيْثُ بُعِثَ فَكَرِهْتُهُ أَشَدَّ مَا كَرِهْتُ شَيْئًا قَطُّ، حَتَّى كُنْتُ فِي أَقْصَى أَرْضٍ مِمَّا يَلِي الرُّومَ، فَكَرِهْتُ مَكَانِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ، وَإنْ كَانَ صَادِقًا اتَّبَعْتُهُ فَأَقْبَلْتُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ اسْتَشْرَفَنِي النَّاسُ، وَقَالُوا: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: "يَا عَدِيُّ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ"، قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: "أَلَسْتَ رُكُوسِيًّا 2 تَأْكُلُ الْمِرْبَاعَ؟ " 3؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: "فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ". فَتَضَعْضَعْتُ لِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: "يَا عَدِيُّ أسْلِمْ تَسْلَمْ، فَأَظُنُّ مِمَّا يَمْنَعُكَ أَنْ تُسْلِمَ خَصَاصَةٌ تَرَاهَا بِمَنْ حَوْلِي، وَأَنَّكَ تَرَى النَّاسَ عَلَيْنَا إِلْبًا وَاحِدًا، هَلْ أَتَيْتَ الْحِيرَةَ"؟ قُلْتُ: لَمْ آتِهَا وَقَدْ عَلِمْتُ مَكَانَهَا، قَالَ: "تُوشِكُ الظَّعِينَةُ أَنْ تَرْتَحِلَ مِنَ الْحِيرَةِ بِغَيْرِ جَوَارٍ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَلَتُفْتَحَنَّ عَلَيْنَا كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ"، قُلْتُ: كِسْرى بْنُ هُرْمُزَ؟! قَالَ: "كسرى بن هرمز". مرتين أو

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 22"، وأسد الغابة "3/ 392"، والإصابة "2/ 468". 2 ركوسيا: هو دين بين النصارى والصابئة. 3 المرباع: ربع الغنيمة، وكانوا يسمونه في الجاهلية: المرباع.

ثَلاثًا، "وَلَيَفِيضَنَّ الْمَالُ حَتَّى يُهِمَّ الرَّجُلُ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُ مَالَه صَدَقَةً". قَالَ عَدِيٌّ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَتَيْنِ، وَأَحْلِفُ بِاللَّهِ لَتَجِيئَنَّ الثَّالِثَةَ، يَعْنِي فَيْضَ الْمَالِ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وغير، إِنَّ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ جَاءَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: أَعْرِفُكَ، آمَنْتَ إِذَا كَفَرُوا، وَوَفَّيْتَ إِذَا غَدَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذَا أَدْبَرُوا. رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَكَانَ قَدْ أَتَى عُمَرَ يَسْأَلُهُ مِنَ الْمَالِ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ أُسَيْدٍ، عَنْ نَائِلِ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ إِلَى بَابِ عُثْمَانَ وَأَنَا عَلَيْهِ، فَمَنَعْتُهُ، فَلَمَّا خَرَجَ عُثْمَانُ إِلَى الظُّهْرِ عَرَضَ لَهُ، فَلَمَّا رَآهُ عُثْمَانُ رَحَّبَ بِهِ وَانْبَسَطَ لَهُ، فَقَالَ عَدِيٌّ: انْتَهَيْتُ إِلَى بَابِكَ وَقَدْ عَمَّ إِذْنَكَ النَّاسَ، فَحَجَبَنِي هَذَا، فَالْتَفَتَ عُثْمَانُ إِلَيَّ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: لا تَحْجُبْهُ وَاجْعَلْهُ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ، فَلَعَمْرِي إِنَّا لَنَعْرِفُ حَقَّهُ وَفَضْلَهُ وَرَأْيَ الْخَلِيفَتَيْنِ فِيهِ وَفِي قَوْمِهِ، فَقَدْ جَاءَنَا بِالصَّدَقَةِ يَسُوقُهَا، وَالْبِلادُ كَأَنَّهَا شُعَلُ النَّارِ، مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ، فَحَمِدَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَا رَأَوْا مِنْهُ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حُدِّثْتُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيٍّ قَالَ: مَا دَخَلَ وَقْتُ صَلاةٍ حَتَّى أَشْتَاقَ إِلَيْهَا3. وَعَنْ عَدِيٍّ قَالَ: مَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلا وَأَنَا عَلَى وُضُوءٍ4. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَلَى طَيِّئٍ يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: لا تَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ، فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ صِفِّينَ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قُلْتَ: لا تَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ؟ فَقَالَ: بَلَى، وَتُفْقَأُ عُيُونٌ كَثِيرَةٌ5. وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ عَدِيًّا رَجُلا جَسِيمًا أَعْوَرَ، فَرَأَيْتُهُ يَسْجُدُ على جدار

_ 1 السير "3/ 164". 2 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 3 خبر ضعيف: السير "3/ 164" وفيه انقطاع. 4 السير "3/ 164". 5 السابق "3/ 165".

ارْتِفَاعُهُ مِنَ الأَرْضِ ذِرَاعٌ أَوْ نَحْوُ ذِرَاعٍ1. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: قَالُوا: وَعَاشَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ مِائَةً وَثَمَانِينَ سَنَةً، فَلَمَّا أَسَنَّ اسْتَأْذَنَ قَوْمَهُ فِي وِطَاءٍ يَجْلِسُ فِيهِ فِي نَادِيهِمْ، وَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَظُنَّ أَحَدُكُمْ أَنِّي أرى أن لي فَضْلا، وَلَكِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَرَقَّ عَظْمِي2. وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَحْنَظَلَةُ الْكَاتِبُ، مِنَ الْكُوفَةِ، فَنَزَلُوا قَرْقِيسِيَاءَ وَقَالُوا: لا نُقِيمُ بِبَلَدٍ يُشْتَمُ فِيهِ عُثْمَانُ3. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تُوُفِّيَ عَدِيٌّ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. 70- عروة بن الجعد -ع- ويقال: ابن أبي الجعد، البارقي الأسدي4 وَبَارِقٌ جَبَلٌ نَزَلَهُ قَوْمُهُ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةُ وثلاثة أَحَادِيثَ. اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ قَبْلَ شُرَيْحٍ. قَالَهُ الشَّعْبِيُّ. وروى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَلَمَازَةُ بْنُ زَبَّارٍ، وَالْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَشَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَةً، فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ رَبِحَ فِيهِ5. وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ: رَأَيْتُ فِي دَارِ عُرْوَةَ يَعْنِي الْبَارِقِيَّ سبعين فرسًا مربوطة.

_ 1 السير "3/ 165". 2 السابق. 3 إسناده منقطع: وأخرجه الخطيب "1/ 191" في تاريخه، وانظر السير "3/ 165". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 34"، والإصابة "3/ 476". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3642"، وأحمد "4/ 375، 376"، والحميدي "843"، والطبراني "17/ 158" في الكبير.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عُرْوَةُ مُرَابِطًا، وَلَهُ أَفْرَاسٌ، فِيهَا فَرَسٌ أَخَذَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ1. 71- عَطِيَّةُ الْقُرَظِيُّ2 -4- لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ قَلِيلَةٌ. رَوَى عنه: مجاهد، وكثير من السَّائِبِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ. وَقَالَ: كُنْتُ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ، فَكُتِبْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ، فَتُرِكْتُ. 72- عُقْبَةُ بن الحارث3 -خ د ت ن. ابن عامر نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ أَبُو سروعة القرشي النوفلي المكي. أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعُبَيْدُ بن أبي مريم المكي، وابن أبي ملكية، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ قَاتِلُ خُبَيْبٌ. وَأَمَّا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابن أبي ملكية. فَإِنَّ أَبَا سًرْوَعَةَ قَدِيمُ الْوَفَاةِ. حَمَّادُ بْنُ زيد: ثنا أيوب، عن ابن أبي ملكية: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ، وَحَدَّثَنِي صَاحِبٌ لِي، وَأَنَا لِحَدِيثِ صَاحِبِي أَحْفَظُ، قَالَ عُقْبَةُ: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْنَا جَمِيعًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّهَا كَاذِبَةٌ، قَالَ: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ! وَقَدْ قَالَتْ مَا قَالَتْ، دعها عنك" 4.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 34". 2 انظر: الاستيعاب "3/ 146"، والإصابة "2/ 485". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 447"، والاستيعاب "3/ 107"، والإصابة "2/ 488". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "88"، "2052"، وأبو داود "3586"، والترمذي "1161"، والنسائي "6/ 109"، وأحمد "4/ 7، 8"، وبلفظه أخرجه الطبراني "17/ 353" في الكبير.

قُلْتُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِ الشُّبُهَاتِ، وَفِيهِ الرُّجُوعِ مِنَ الْيَقِينِ إِلَى الظَّنِّ احْتِيَاطًا وَوَرَعًا، واستبراء للعرض والدين. 73- عقبة بن نافع1 بن عَبْدِ قَيْسِ بْنِ لَقِيطٍ الْقُرَشِيِّ الْفِهْرِيُّ الْأَمِيرُ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنِ يُونُسَ: يُقَالُ: إِنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَلَمْ يَصِحَّ، شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَاخْتَطَّ بِهَا، وَوَلَّى الْمَغْرِبَ لِمُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ الَّذِي بَنَى قَيْرَوَانَ إِفْرِيقِيَّةَ وَأَنْزَلَهَا المسلمين، قتله الْبَرْبَرُ بِهَوْذَةَ مِنْ أَرْضِ الْمَغْرِبِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَوَلَدُهُ بِمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ، وَحَكَى عَنْ مُعَاوِيَةَ، رَوَى عَنْهُ قَوْلَهُ: ابْنُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مَرَّةً وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَعَمَّارُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِصْرَ بَعَثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْقُرَى الَّتِي حَوْلَهَا الْخَيْلُ يَطَأَوهُمْ، فَبَعَثَ عُقْبَةُ بن نافع بن عبد قيس، وكان نافخ أَخَا الْعَاصِ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ لأُمِّهِ، فَدَخَلَتْ خُيُولُهُمْ أَرْضَ النُّوبَةِ غَزَاةً غَزْوًا كَصَوَائِفِ الرُّومِ، فَلَقِيَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ النُّوبَةِ قِتَالا شَدِيدًا، رَشَقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، فَلَقَدْ جُرِحَ عَامَّتُهُمْ، وَانْصَرَفُوا بِحَدَقٍ مُفَقَّأَةٍ2. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمَّا وُلِّيَ مُعَاوِيَةُ وَجَّهَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ عَلَى عَشَرَةِ آلافٍ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، فَافْتَتَحَهَا وَاخْتَطَّ قَيْرَوَانَهَا، وَقَدْ كَانَ مَوْضِعُهُ غَيْضَةً لا تُرَامُ مِنَ السِّبَاعِ وَالْحَيَّاتِ، فَدَعَا عَلَيْهَا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ إِلا خَرَجَ هَارِبًا بِإِذْنِ اللَّهِ، حَتَّى إِنْ كَانَتِ السِّبَاعُ وَغَيْرُهَا لَتَحْمِلُ أَوْلادَهَا، فحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَادَى عُقْبَةُ: "إِنَّا نَازِلُونَ فَأَظْعِنُوا" فَخَرَجْنَ مِنْ جُحُورِهِنَّ هَوَارِبَ3. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ إِفْرِيقِيَّةَ وَقَفَ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْوَادِي إِنَّا حالون إن شاء الله، فاظعنوا، ثلاث مرات، قال: فما رأينا حجرا ولا شجرا إلا يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِهِ دَابَّةٌ، حَتَّى هَبَطْنَ بَطْنَ الْوَادِي، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْزِلُوا بِاسْمِ اللَّهِ.

_ 1 انظر: الاستيعاب "3/ 108"، وأسد الغابة "4/ 59"، والبداية "8/ 217". 2 خبر ضعيف: فيه الواقدي من الضعفاء. وانظر السير "3/ 533". 3 خبر ضعيف: السابق "3/ 533".

وَعَنْ مُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ، وَغَيْرِهِ قَالُوا: كَانَ عُقْبَةُ بْنِ نَافِعٍ مُجَابُ الدَّعْوَةِ1. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ: قَدِمَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ عَلَى يَزِيدَ، فَرَدَّهُ وَالِيًا عَلَى إِفْرِيقِيَّةِ سَنَةَ اثنين وَسِتِّينَ، فَخَرَجَ سَرِيعًا لِحِينِهِ عَلَى أَبِي الْمُهَاجِرِ دِينَارٍ -هُوَ مَوْلَى مُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ- فَأَوْثَقَ أَبَا الْمُهَاجِرِ فِي الحديد، ثُمَّ غَزَا إِلَى السُّوسِ الأَدْنَى، وَأَبُو الْمُهَاجِرِ مَعَهُ مُقَيَّدٌ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ سَبَقَهُ أَكْثَرُ الْجَيْشِ، فَعَرَضَ لَهُ كُسَيْلَةُ فِي جَمْعٍ مِنَ الْبَرْبَرِ وَالرُّومِ، فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ عُقْبَةُ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو الْمُهَاجِرِ2. 74- عَلْقَمَةُ بْنُ قيس3 -ع- بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، أَبُو شِبْلٍ النَّخَعِيُّ الكوفي، الْفَقِيهُ الْمَشْهُورُ، خَالُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَشَيْخُهُ، وَعَمُّ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ. أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَسَمِعَ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا الدَّرْدَاءِ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا مُوسَى، وَحُذَيْفَةَ، وَتَفَقَّهَ بِابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ النّخَعِيُّ، وَهَنِيُّ بْنُ نُوَيْرَةَ، وَأَبُو الضُّحَى مُسْلِمٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ أَخُو الأَسْوَدِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ، وَأَبُو ظَبْيَانَ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ: يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ نَضْلَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ فَقِيهًا إِمَامًا مُقْرِئًا، طَيِّبَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، ثَبَتًا حُجَّةً، وَكَانَ أَعْرَجَ، دَخَلَ دِمَشْقَ وَاجْتَمَعَ بِأَبِي الدَّرْدَاءِ بِالْجَامِعِ، وَكَانَ الأَسْوَدُ أَكْبَرَ مِنْهُ، فَإِنَّ أَبَا نُعَيْمٍ قَالَ: قَالَ الأْسَوَدُ: إِنِّي لَأذْكُرُ لَيْلَةَ بُنِيَ بِأُمِّ عَلْقَمَةَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَنَّى عَلْقَمَةَ أَبَا شِبْلٍ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ عَقِيمًا لا يُولَدُ لَهُ، وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ سَنَتَيْنِ. وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّ الأسود وعلمقة كانا يسافران مع أبي بكر وعمر.

_ 1 السابق. 2 السابق. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 86"، السير "4/ 53"، الإصابة "3/ 110".

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ يشبه بعبد الله ين مَسْعُودٍ فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ1. وَقَالَ الأَعْمَشُ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِنَا إلى أَشْبَهِ النَّاسِ هَدْيًا وَدَلًا وَأَمْرًا بِعَبْدِ اللَّهِ، فَقُمْنَا مَعَهُ لَمْ نَدْرِ مَنْ هُوَ، حَتَّى دَخَلَ بِنَا عَلَى عَلْقَمَةَ2. وَقَالَ دَاوُدُ الأَوْدِيُّ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ أبْطَنَ الْقَوْمِ بِهِ، وَكَانَ مَسْرُوقٌ قَدْ خَلَطَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ أَسَدَّهُمِ اجْتِهَادًا، وَكَانَ عَبِيدَةَ يُوَازِي شُرَيْحًا فِي الْعِلْمِ وَالْقَضَاءِ3. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ الذين يقرأون وَيُفْتُونَ: عَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ، وَعَبِيدَةُ، وَالْحَارِثُ بْنُ قيس، وعمرو بْنُ شُرَحْبِيلَ. وَقَالَ مُرَّةُ بْنُ شَرَاحِيلَ: كَانَ عَلْقَمَةُ مِنَ الرَّبَّانِيِّينَ. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلا وَعَلْقَمَةُ يَقْرَأُ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ، أيهما أفضل؟ فقال: كان علقمة من البطيء وَيُدْرِكُ السَّرِيعَ. وَقَالَ أَبُو قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ: قُلْتُ لِأَبِي: كَيْفَ تَأْتِي عَلْقَمَةَ، وَتَدَعُ أَصْحَابَ مُحَمَّدِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: يَا بَنِي إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ كَانُوا يَسْأَلُونَهُ4. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانَ عَلْقَمَةُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي خمس، والأسود في ست، وعبد الرحمن ين يَزِيدَ فِي سَبْعٍ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنْ كَانَ أهل بين خُلِقُوا لِلْجَنَّةِ فَهُمْ أَهْلُ هَذَا الْبَيْتِ: عَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قُلْنَا لِعَلْقَمَةَ: لَوْ صَلَّيْتَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ وَنَجْلِسُ مَعَكَ فَتُسْأَلُ، قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُقَالُ هَذَا

_ 1 خبر صحيح: وأخرجه ابن سعد "6/ 86". 2 خبر حسن: وأخرجه ابن سعد "6/ 86"، وأبو نعيم "2/ 98" في الحلية. 3 خبر حسن. 4 الحلية "2/ 98".

عَلْقَمَةُ، قَالُوا: لَوْ دَخَلْتَ عَلَى الأُمَرَاءِ فَعَرَفُوا لَكَ شَرَفَكَ، قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَنْتَقِصُوا مِنِّي أَكْثَرَ مِمَّا أَنْتَقِصُ مِنْهُمْ1. وَقَالَ عَلْقَمَةُ لِأَبِي وَائِلٍ وَقَدْ دَخَلَ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ مِنْ دُنْيَاهُمْ شَيْئًا إلا أَصَابُوا مِنْ دِينِكَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، مَا أَحَبَّ أَنَّ لِي مَعَ ألْفَيَّ أَلْفَيْنِ، وَإِنِّي مِنْ أَكْرَمِ الْجُنْدِ عَلَيْهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ أَبَا بُرْدَةَ كَتَبَ عَلْقَمَةَ فِي الْوَفْدِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: امْحُنِي امْحُنِي. وَقَالَ عَلْقَمَةُ: مَا حَفِظْتُ وَأَنا شَابٌّ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي قِرْطَاسٍ. قَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ عَلْقَمَةُ فِي خلافة يزيد. وقال أبو النعيم: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وغيره: توفي سنة اثتنين وسبعين، وهو غلط. 75- عمر بن سعد2 –ن. ابْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ، أَبُو حَفْصٍ المدني نزيل الكوفة. روى عنه: أَبِيهِ. وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَابْنُ ابْنِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، وَالْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَرْسَلَ عَنْهُ قَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَلِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ جَمَاعَةٌ إِخْوَةٌ: عَمْرُو بْنُ سَعْدٍ، أَحَدُ مِنْ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ. وَعُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ: قُتِلَ أَيْضًا يَوْمَ الْحَرَّةِ. وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَامِرُ بْنُ سَعْدٍ: مَاتَا بَعْدَ الْمِائَةِ. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: وَلَهُ رِوَايَةٌ. وَإِسْمَاعِيلُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى: ذكر تراجمهم ابن سعد.

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه ابن سعد "6/ 88" فيه عنعنة الأعمش، وهو من المدلسين. 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 168"، والجرح والتعديل "6/ 111"، والبداية "8/ 273".

وقد مر أنه قَاتَلَ الْحُسَيْنَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَشَهِدَ دُومَةَ الْجَنْدَلِ مَعَ أَبِيهِ. وَقَالَ بُكَيْرِ بْنُ مِسْمَارٍ: سمعت عامر بن يَقُولُ: كَانَ سَعْدُ فِي إبِلِهِ أَوْ غَنَمِهِ، فَأَتَاهُ ابْنُهُ عُمَرُ، فَلَمَّا لاحَ قَالَ: أَعُوذُ بالله من شر هذا الراكب، فلما اتنهى إِلَيْهِ قَالَ: يَا أَبَتِ أَرَضِيتَ أَنْ تَكُونَ أَعْرَابِيًّا فِي إِبلِكَ وَالنَّاسُ يَتَنَازَعُونَ فِي الْمُلْكِ! فَضَرَبَ صَدْرَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْخَفِيَّ الْغَنِيَّ" 1. وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ سَالِمٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لِلْحُسَيْنِ: إِنَّ قَوْمًا مِنَ السُّفَهَاءِ يَزْعُمُونَ إِنِّي قَاتِلُكَ، قَالَ: لَيْسُوا بِسُفَهَاءَ وَلَكِنَّهُمْ حُلَمَاءُ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَقَرُّ عَيْنِي أَنَّكَ لا تَأْكُلُ بُرَّ الْعِرَاقِ بَعْدِي إِلا قَلِيلا2. وَرَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا قُمْتَ مَقَامًا تُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَتَخْتَارُ النَّارَ. وَيُرْوَى عن عقبة بن سمعان قال: كان اللَّهِ قَدْ جَهَّزَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ لِقِتَالِ الدَّيْلَمِ، وَكَتَبَ لَهُ عَهْدَهُ عَلَى الرَّيِّ، فَلَمَّا أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ طَالِبًا لِلْكُوفَةِ دَعَا عُبَيْدُ اللَّهِ عُمَرًا وَقَالَ: سِرْ إِلَى الْحُسَيْنِ، قَالَ: إِنْ تُعْفِينِي، قَالَ: فَرُدَّ إِلَيْنَا عَهْدَنَا، قَالَ: فَأَمْهِلْنِي الْيَوْمَ أَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَانْصَرَفَ يَسْتَشِيرُ أَصْحَابَهُ، فَنَهَوْهُ3. وَقَالَ أَبُو مِخْنَفٍ -وَلَيْسَ بِثِقَةٍ لَكِنْ لَهُ اعْتِنَاءٌ بِالأَخْبَارِ: حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، وَالصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ أَنَّهُمَا الْتَقَيَا مِرَارًا -الْحُسَيْنَ، وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ- قَالَ: فَكَتَبَ عُمَرُ إلى عبيد الله: أما بعد، فإن بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَطْفَأَ الثَّائِرَةَ، وَجَمَعَ الْكَلِمَةَ، وَأَصْلَحَ أَمْرَ الأُمَّةِ، فَهَذَا حُسَيْنٌ قَدْ أَعْطَانِي أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ أَتَى، أَوْ أَنْ يَأْتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَضَعُ يَدَهُ فِي يَدِهِ، أَوْ أَنْ يَسِيرَ إِلَى ثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ، فَيَكُونُ رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَهُ مَا لَهْمُ وَعَلَيْهِ، وَفِي هَذَا لَكُمْ رِضًا، وَلِلأُمَّةِ صَلاحٌ. فَلَمَّا قَرَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْكِتَابَ قَالَ: هَذَا كِتَابُ نَاصِحٌ لِأَمِيرِهِ، مُشْفِقٌ عَلَى قَوْمِهِ، نَعَمْ قَدْ قَبِلْتُ، فَقَامَ إِلَيْهِ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ فَقَالَ: أَتَقْبَلُ هَذَا منه وقد نزل بأرضك وإلى

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2965". 2 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة. 3 تاريخ الطبري "5/ 409".

جَنْبِكَ: وَاللَّهِ لَئِنْ خَرَجَ مِنْ بِلادِكَ وَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ فِي يَدِكَ لَيَكُونَنَّ أَوْلَى بِالْقُوَّةِ وَالْعِزِّ، وَلْتَكُونَنَّ أَوْلَى بِالضَّعْفِ وَالْعَجْزِ، فَلا تُعْطِهِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ فَإِنَّهَا مِنَ الْوَهَنِ، وَلَكِنْ لِيَنْزِلْ عَلَى حُكْمِكَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَإِنْ عَاقَبْتَ فَأَنْتَ وَلِيَّ الْعُقُوبَةِ، وَإِنْ غَفَرْتَ كَانَ ذَلِكَ لَكَ، وَاللَّهِ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ حُسَيْنًا وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ يَجْلِسَانِ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ فَيَتَحَدَّثَانِ عَامَّةَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ: نِعْمَ مَا رَأَيْتُ الرَّأْيَ رَأْيَكَ1. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ": ثنا مُوسَى بْنُ إسماعيل، ثنا سليمان بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ طُعِنَ فِي سُرَادِقِ الْحُسَيْنِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، فَرَأَيْتُ عُمَرَ وَوَلَدَيْهِ قَدْ ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ، ثُمَّ عُلِّقُوا عَلَى الْخَشَبِ، ثُمَّ أُلْهِبَ فِيهِمُ النَّارُ2. وَعَنْ أَبِي جَعْفَرِ الْبَاقِرِ: إِنَّمَا أَعْطَاهُ الْمُخْتَارُ أَمَانًا بِشَرْطِ أَلا يُحْدِثُ -وَنَوَى بِالْحَدَثِ دُخُولَ الْخَلاءِ- ثُمَّ قَتَلَهُ3. وَقَالَ عِمْرَانُ بْنِ مِيثَمٍ: أَرْسَلَ الْمُخْتَارُ إِلَى دَارِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ مَنْ قَتَلَهُ وَجَاءَهُ بِرَأْسِهِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمَّنَهُ، فَقَالَ ابْنُهُ حَفْصٌ لَمَّا رَأَى ذَلِكَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ فَقَالَ الْمُخْتَارُ: اضْرِبْ عُنُقَهُ، ثُمَّ قَالَ: عُمَرُ بِالْحُسَيْنِ، وَحَفْصُ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَلا سَوَاءٌ4. قُلْتُ: هَذَا عَلِيٌّ الأَكْبَرُ لَيْسَ هُوَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَسَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ قُتِلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَلَى فِرَاشِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَنَةَ سَبْعٍ. 76- عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْد المطلب5 –ع-، وَهَذَا عُمَرُ الأَكْبَرُ قُتِلَ مَعَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ عَلِيٌّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَبُو زرعة عمرو بن جابر

_ 1 خبر ضعيف جدًّا: انظر تاريخ الطبري "5/ 414". 2 خبر صحيح. 3 البداية والنهاية "8/ 273". 4 السابق. 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 117"، والجرح والتعديل "6/ 124"، والسير "4/ 134".

الْحَضْرَمِيُّ، وَلابْنِهِ مُحَمَّدٍ حَدِيثٌ عَنْهُ فِي السُّنَنِ. قُتِلَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ سَنَةَ سَبْعٍ. 77- عَمْرُو بن الحارث -ع- بن أبي ضرار الخزاعي1 المصطلقي، أَخُو أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ جُوَيْرِيَةَ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَرَوَى أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَوْجَتِهِ زَيْنَبَ. رَوَى عَنْهُ: مَوْلاهُ دِينَارٌ، وَأَبُو وائل، وأبو عبيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَهُوَ صِهْرُ ابْنِ مَسْعُودٍ. 78- عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ2 بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ، وأمه أُمُّ خَلِدِ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيَّةِ. سَمِعَ: أَبَاهُ وَأَخَاهُ، وَلا نَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً، وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ، وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ خُصُومَةٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ الْمُطَرِّفَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَمَّا اسْتَشْرَفُوا جَمَالَهُ قَالُوا: هَذَا حَسَنٌ مُطْرَّفٌ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ مُنْقَطِعَ الْجَمَالِ، وَكَانَ يُقَالُ: مَنْ يُكَلِّمُ عَمْرَو بن الزبير يندم، كان شديد المعارضة، مَنِيعَ الْحَوْزَةِ، وَكَانَ يَجْلِسُ بِالْبِلادِ وَيَطْرَحُ عَصَاهُ، فَلا يَتَخَطَّاهَا أَحَدٌ إِلا بِإِذْنِهِ، وَكَانَ قَدِ اتَّخَذَ مِنَ الرَّقِيقِ مِائَتَيْنِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بكر، وحدثني شرحبيل بن أبي عون، عن أَبِيهِ، وَابْنِ أَبِي الزِّنَادِ قَالُوا: كَتَبَ يَزِيدُ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ جُنْدًا، فَسَأَلَ: مَنْ أعَدْى النَّاسِ لَهُ، فَقِيلَ: عَمْرُو أَخُوهُ، فَوَلاهُ شُرْطَةَ الْمَدِينَةِ، فَضَرَبَ نَاسًا مِنْ قُرْيَشٍ وَالأَنْصَارِ بِالسِّيَاطِ وَقَالَ: هَؤُلاءِ شِيعَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ تَوَجَّهَ فِي أَلْفٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى قتال أخيه عبد الله، فنزل بذي

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 196"، وأسد الغابة "4/ 96"، والإصابة "2/ 530". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 185"، وتاريخ الطبري "4/ 460".

طُوَى، فَأَتَاهُ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: جِئْتُ لِأَنْ يُعْطِيَ أَخِي الطَّاعَةَ لِيَزِيدَ وَيَبَرَّ قَسَمَهُ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلْتُهُ، فَقَالَ لَهُ جُبَيْرُ بْنُ شَيْبَةَ: كَانَ غَيْرُكَ أَوْلَى بِهَذَا مِنْكَ، تَسِيرُ إِلَى حَرَمِ اللَّهِ وَأَمْنِهِ، وَإِلَى أَخِيكَ فِي سِنِّهِ وَفَضْلِهِ، تَجْعَلُهُ فِي جَامِعَةٍ! مَا أَرَى النَّاسَ يَدْعُونَكَ وَمَا تُرِيدُ، قَالَ: إِنِّي أُقَاتِلُ مَنْ حَالَ دُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَنَزَلَ دَارَهُ عِنْدَ الصَّفَا، وَجَعَلَ يُرْسِلُ إِلَى أَخِيهِ، وَيُرْسِلُ إِلَيْهِ أَخُوهُ، وَكَانَ عَمْرُو يَخْرُجُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَعَسْكَرَهُ بِذِي طُوَى، وَابْنُ الزُّبَيْرِ أَخُوهُ مَعَهُ يُشَبِّكُ أَصَابِعَهُ وَيُكَلِّمُهُ فِي الطَّاعَةِ، وَيَلِينُ لَهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ، إِنِّي لَسَامِعٌ مُطِيعٌ، أَنْتَ عَامِلُ يَزِيدَ، وَأَنَا أُصَلِّي خَلْفَكَ مَا عِنْدِي خِلَافٌ، فَأَمَّا أَنْ تَجْعَلَ فِي عُنُقِي جَامِعَةً، ثُمَّ أُقَادُ إِلَى الشَّامِ، فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي ذَلِكَ، فَرَأَيْتُ لا يَحِلُّ لِي أَنْ أَحُلَّهُ بِنَفْسِي، فَرَاجِعْ صَاحِبَكَ وَاكْتُبْ إِلَيْهِ، قَالَ: لا وَاللَّهِ، مَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَهَيَّأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ قَوْمًا وَعَقَدَ لَهُمْ لِوَاءً، وَأَخَذَ بِهِمْ من أسفل مكة، فلم يشعر أنيس الأسلمي إلا بالقوم وهم على عسكر عمر، قالتقوا، فَقُتِلَ أُنَيْسٌ، وَرَكِبَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي طَائِفَةٍ إِلَى عَمْرِو، فَلَقَوْهُ، فانهزم أصحابه والعسكر أيضًا، وجاء عبيد بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَخِي أَنَا أُجِيرُكَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَاءَ بِهِ أَسِيرًا وَالدَّمُ يَقْطُرُ عَلَى قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ أَجَرْتُهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا حَقِّي فَنَعَمْ، وَأمَّا حَقُّ النَّاسِ فَلأَقْتَصَّنَّ مِنْهُ لِمَنْ آذَاهُ بِالْمَدِينَةِ، وَقَالَ: مَنْ كَانَ يَطْلُبُهُ بِشَيْءٍ فَلْيَأْتِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي فَيَقُولُ: قَدْ نَتَفَ شُفَارِيَ، فَيَقُولُ: قم فانتف أشفاره، وجعل الرجل يقول: قَدْ نَتَفَ لِحْيَتِي، فَيَقُولُ: انْتِفْ لِحْيَتَهُ، فَكَانَ يُقِيمُهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَدْعُو النَّاسَ لِلْقَصَاصِ مِنْهُ، فَقَامَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: قَدْ جَلَدَنِي مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَأَمَرَهُ فَضَرَبَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَمَاتَ، وَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَصُلِبَ. رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ وَقَالَ: بَلْ صَحَّ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبُ، ثُمَّ مَرَّ بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ مِنَ السِّجْنِ، فَرآهُ جَالِسًا بِفِنَاءِ مَنْزِلِهِ فَقَالَ: أَلا أَرَاهُ حَيًّا، فَأَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ إِلَى السِّجْنِ، فَلَمْ يَبْلُغْهُ حَتَّى مَاتَ، فَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ، فَطُرِحَ فِي شِعْبِ الْخَيْفِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ عبد الله بعد1. 79- عمرو بن شرحبيل2 –ع سوى ق. أبو ميسرة الهمداني الكوفي.

_ 1 خبر ضعيف: وأخرجه ابن سعد "5/ 185، 186" في الطبقات، وفيه الواقدي. 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 106"، والحلية "4/ 41"، والسير "4/ 135".

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ سَيِّدًا صَالِحًا عَابِدًا، إِذَا جَاءَهُ عَطَاءٌ تَصَدَّقَ بِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ هَمْدَانيًا أَحَبَّ إِليَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلاخِهِ، مِنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ1. شَريِكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: مَا اشْتَمَلَتْ هَمْدَانِيَّةُ عَلَى مِثْلِ أَبِي مَيْسَرَةَ، قِيلَ: وَلا مَسْرُوقَ؟ فَقَالَ: وَلا مَسْرُوقَ2. أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، وَقِيلَ لَهُ: مَا يَحْبِسُكَ عِنْدَ الإِقَامَةِ؟ قَالَ: إِنِّي أُوتِرُ، وَلَمَّا احْتُضِرَ أَوْصَى أَنْ لا يُؤْذَنَ بِجِنَازَتِهِ أَحَدٌ، وَكَذَلِكَ أَوْصَى عَلْقَمَةَ3. إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ فِي جِنَازَةِ أَبِي مَيْسَرَةَ آخِذًا بِقَائِمَةِ السَّرِيرِ حَتَّى أُخْرِجَ، ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ أَبَا مَيْسَرَةَ4. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي وِلَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ بالكوفة. 80- عمرو بن عبسة5 –م 4- ابْنِ عَامِرِ بْنِ خَالِدٍ، أَبُو نَجِيحٍ السُّلَمِيُّ، نزيل حِمْصَ، وَأَخُو أَبِي ذَرٍّ لأُمِّهِ، قدِم عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ، فَكَانَ رَابِعَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرَجَعَ ثُمَّ هَاجَرَ فِيمَا بَعْدُ إِلَى الْمَدِينَةِ، لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَشَدَّادٌ أَبُو عُمَارَةَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَمَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَحَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وضمرة بن حبيب، وأبو إدريس الخوني، وَخَلْقٌ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَسْعُودٍ -مَعَ جَلالَتِهِ- وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 106" في طبقاته. 2 خبر حسن: وأخرجه ابن سعد "6/ 106". 3 إسناده ضعيف: فيه عنعنة أبي إسحاق. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 109". 5 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 214"، والاستيعاب "2/ 498"، وأسد الغابة "4/ 130"س.

ولا علم هَلْ مَاتَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ أَوْ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ، وَكَانَ أَحَدُ الأُمَرَاءِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ. رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي سَلامٍ الدِّمَشْقِيِّ، وعمرو بن عبد الله، سمعنا أَبَا أُمَامَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: رَغِبْتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، رَأَيْتُ أَنَّهَا آلِهَةٌ بِاطِلَةٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ1. 81- عمرو بن سعيد2 –م ت ن ق. ابْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الأموي، أبو أمية المعروف بالأشدق. وَلِيَ الْمَدِينَةَ لِيَزِيدَ، ثُمَّ سَكَنَ دِمَشْقَ، وَكَانَ أَحَدَ الأَشْرَافِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَقَدْ رَامَ الْخِلافَةَ، وَغَلَبَ عَلَى دِمَشْقَ، وَادَّعَى أَنَّ مَرْوَانَ جَعَلَهُ وَلِيَّ الْعَهْدِ بَعْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ. حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ مُوسَى، وَأُمَيَّةُ، وَسَعِيدٌ، وَخُثَيْمُ بْنُ مَرْوَانَ. وَكَانَ زَوْجَ أُخْتِ مَرْوَانَ أُمِّ الْبَنِينِ شَقِيقَةِ مَرْوَانَ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- جَمَعَ بَنِيهِ فَقَالَ: أيُّكُمُ يَكْفُلُ دَيْنِي؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: مَا لَكُمْ لا تُكَلِّمُونِ؟ فَقَالَ عَمْرُو الْأَشْدَقُ، وَكَانَ عَظِيمَ الشِّدْقَيْنِ: وَكَمْ دَيْنُكَ يَا أَبَتِ؟ قَالَ: ثَلاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، قَالَ: فِيمَ اسْتَدَنْتَهَا؟ قَالَ: فِي كَرِيمٍ سَدَدْتُ فَاقَتَهُ3 وَلَئِيمٍ فَدَيْتُ عِرْضِي مِنْهُ، فَقَالَ: هِيَ عَلَيَّ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُئِلَ عَنْ خُطَبَاءِ قُرْيَشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ: الأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَسُئِلَ عَنْ خُطَبَائِهِمْ فِي الإِسْلامِ فَقَالَ: مُعَاوِيَةُ، وَابْنُهُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، وَابْنُهُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ. وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَيُرْعَفَنَّ عَلَى مِنْبَرِي جَبَّارٌ مِنْ جبابرة

_ 1 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 217" في طبقاته. 2 انظر: الاستيعاب "1177"، والبداية "8/ 310"، والإصابة "3/ 170". 3 الفاقة: الحاجة أو الشدة.

بَنِي أُمَيَّةَ"1. قَالَ عَلِيٌّ: فَحَدَّثَنِي مَنْ رَأَى عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ رَعِفَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ وَلاهُ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ، ثُمَّ وَلاهُ يَزِيدُ، فَبَعَثَ عَمْرُو بَعْثًا لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ عَمْرُو يَدَّعِي أَنَّ مَرْوَانَ جَعَلَ إِلَيْهِ الأَمْرَ بَعْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ نَقَضَ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، فَلَمَّا شَخَصَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى حَرْبِ مُصْعَبٍ إِلَى الْعِرَاقِ، خَالَفَ عَلَيْهِ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ، وَغَلَّقَ أَبْوَابَ دِمَشْقَ، فَرَجَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَحَاطَ بِهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ أَمَانًا، ثُمَّ غَدَرَ بِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ عَمِّ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَعَيْنَيَّ جُودِي بِالدُّمُوعِ عَلَى عَمْرِو ... عَشِيَّةَ تُبْتَزُّ الْخِلافَةُ بِالْغَدْرِ؟ كَأَنَّ بَنِي مَرْوَانَ إِذْ يَقْتُلُونَهُ ... بِغَاثٍ من الطير اجتمعن على صقر غدرتم بعمرو يَا بَنِي خَيْطِ بَاطِلٍ ... وَأَنْتُمْ ذَوُو قُرَبَائِهِ وَذَوُو صِهْرِ فَرُحْنَا وَرَاحَ الشَّامِتُونَ عَشِيَّةً ... كَأَنَّ عَلَى أَكْتَافِنَا فِلَقُ الصَّخْرِ لَحَا اللَّهُ دُنْيَا يَدْخُلُ النَّارَ أَهْلُهَا ... وَتَهْتِكُ مَا دُونَ الْمَحَارِمِ مِنْ سِتْرِ وَكَانَ مَرْوَانَ يُلَقَّبُ بِخَيْطِ بَاطِلٍ. وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمَّا سَارَ يَؤُمُّ الْعِرَاقَ، جَلَسَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، فَتَذَاكَرَا مِنْ أَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَسِيرِهِمَا مَعَهُ عَلَى خَدِيعَةٍ مِنْهُ لَهُمَا، فَرَجَعَ عَمْرُو إِلَى دِمَشْقَ فَدَخَلَهَا وَسُورُهَا وَثِيقٌ، فَدَعَا أَهْلَهَا إِلَى نَفْسِهِ، فَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ، وَفَقَدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَرَجَعَ بِالنَّاسِ إِلَى دِمَشْقَ، فَنَازَلَهَا سِتَّ عَشْرَةَ لَيْلةً حَتَّى فَتَحَهَا عَمْرُو لَهُ وَبَايَعَهُ، فَصَفَحَ عَنْهُ عَبْدُ الْمَلِكِ؛ ثُمَّ أَجْمَعَ عَلَى قَتْلِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَوْمًا يَدْعُوهُ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهَا رِسَالَةُ شَرٍّ، فَزَلَفَ إِلَيْهِ فِيمَنْ مَعَهُ، لَبِسَ دِرْعًا مُتَكَفِّرًا بِهَا، ثُمَّ دَخَلَ إِلَيْهِ، فَتَحَدَّثَا سَاعَةً، وَقَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَى يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ، مَا هَذِهِ الْغَوَائِلُ وَالزُّبَى الَّتِي تُحْفَرُ لَنَا! ثُمَّ ذَكَّرَهُ مَا كَانَ مِنْهُ، وَخَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ، وَلَمْ يُقْدِمْ عَلَيْهِ يَحْيَى، فَشَتَمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ أَقْدَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ2. قَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ سَبْعِينَ خَلَعَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ عَبْدَ الْمَلِكِ، وأخرج عامله عبد

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "2/ 522" وفيه ابن جدعان من الضعفاء. 2 الطبقات الكبرى "5/ 238".

الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ عَنْ دِمَشْقَ، فَسَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَلَى أَنَّ لِعَمْرٍو مَعَ كُلِّ عَامِلٍ عَامِلًا، وَفَتَحَ دِمَشْقَ، وَدَخَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ غَدَرَ بِهِ فَقَتَلَهُ، فَحَدَّثَنِي أَبُو الْيَقْظَانِ قَالَ: قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ، لَوْ أعْلَمْ أَنَّكَ تَبْقَى وَتُصْلِحُ قَرَابَتِي لَفَدَيْتُكَ وَلَوْ بِدَمِ النَّوَاظِرِ، وَلَكِنَّهُ قَلَّمَا اجْتَمَعَ فَحَلانِ فِي إِبِلٍ إِلا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: قُتِلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. 82- عَمْرُو الْبِكَالِيُّ أَبُو عُثْمَانَ1، صَحَابِيٌّ، شَهِدَ الْيَرْمُوكَ. وَرَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: مَعْدَانُ بْنُ أبي طلحة، وأبو تميمة الهجيمي طريف، وأسماء الرَّحَبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّ النَّاسَ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ، رَوَى الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ: قَدِمْتُ الشَّامَ، فَإِذَا بِهِمْ يَطُوفُونَ بِرَجُلٍ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: هَذَا أَفْقَهُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا عَمْرُو الْبِكَالِيُّ، وَرَأَيْتُ أَصَابِعَهُ مَقْطُوعَةً، فَقِيلَ: قُطِعَتْ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ2. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: قَدِمَ عَمْرُو الْبِكَالِيُّ مِصْرَ مَعَ مَرْوَانَ، فَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرَةَ. وَقِيلَ: هُوَ أَخُو نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ تَابِعِيٌّ ثقة. "حرف القاف": 83- قباث بن أشيم3 –ت. الليثي، صَحَابِيٌّ، شَهِدَ الْيَرْمُوكَ أَمِيرًا، وَطَالَ عُمْرُهُ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، وَأَبُو الْحُوَيْرِثِ.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 421"، وأسد الغابة "4/ 89"، والإصابة "3/ 23، 24". 2 خبر حسن: وأخرجه ابن عبد البر "2/ 533، 534" في الاستيعاب. 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 411"، والاستيعاب "3/ 168"، والإصابة "3/ 221".

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا مُشْرِكًا، وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْضَ الْمَشَاهِدِ، وَكَانَ عَلَى مُجَنَّبَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ. وَقَالَ دُحَيْمٌ مَاتَ بِالشَّامِ، وَأَدْرَكَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، فَسَأَلَهُ عَنْ سِنِّهِ، فَقَالَ: أَنَا أَسَنُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَقُولُ لِقُبَاثِ بْنِ أشْيَمَ اللَّيْثِيِّ: يَا قُبَاثُ، أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْبَرُ، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ، وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ1 الْفِيلِ وَوَقَفَتْ بِي أُمِّي عَلَى رَوْثِ الْفِيلِ مجيلًا أَعْقِلُهُ. اسْمُ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، عَنْ قُبَاثٍ قَالَ: انْهَزَمْتُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي، لَمْ يُرَ مِثْلَ هَذَا الْيَوْمِ قَطُّ، فَلَمَّا أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَسْتَأْمِنَهُ قَالَ: قُلْتُ: لَمْ أَرَ مِثْلَ أَمْرِ اللَّهِ قَطُّ فَرَّ مِنْهُ إِلا النِّسَاءَ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَرَمْرَمَتْ بِهِ شَفَتَايَ، وَمَا كَانَ إِلا شَيْءٌ عَرَضَ لِي فِي نَفْسِي2. 84- قبيصة بن جابر3 –ن- بن وَهْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ، أَبُو الْعَلاءِ، مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَالْعُرْيَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ. وَشَهِدَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ، وَكَانَ أَخَا مُعَاوِيَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَقَدْ وَفَدَ عَلَيْهِ، وَكَانَ كَاتِبَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْكُوفَةَ، وَكَانَ يُعَدُّ مِنَ الْفُصَحَاءِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً لَهُ أَحَادِيثُ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قبيصة قال:

_ 1 سبق تخريجه. 2 إسناده منقطع. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 145"، وأسد الغابة "4/ 191"، والجرح والتعديل "7/ 125".

أَلا أُخْبِرُكُمْ عَمَّنْ صَحِبْتُ؟ صَحِبْتُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْهُ، وَلا أَحْسَنَ مُدَارَسَةً مِنْهُ، وصحبت طلحة بن عبيد الله، فما رأيت أَحَدًا أَعْطَى لِجَزِيلٍ مِنْهُ عَنْ غَيْرِ مُسَأَلَةٍ، وَصَحِبْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْصَعَ ظَرْفًا مِنْهُ، وَصَحِبْتُ مُعَاوِيَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ حُلْمًا وَلا أَبْعَدَ أَنَاةً مِنْهُ، وَصَحِبْتُ زِيَادًا، فَمَا رَأَيْتُ أَكْرَمَ جَلِيسًا مِنْهُ، وَصَحِبْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فَلَوْ أَنَّ مَدِينَةً لَهَا أَبْوَابٌ لا يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ بَابٍ مِنْهَا إِلا بِالْمَكْرِ لَخَرَجَ مِنْ أَبْوَابِهَا كُلِّهَا1. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ قَبِيصَةُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. 85- قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ2. أَبُو يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ الشاعر الْمَشْهُورُ، مِنْ بَادِيَةِ الْحِجَازِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يشبب بأم معمر لبني بنت الحباب الكعبي، ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ أَخَا الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنَ الرَّضَاعَةِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عِيسَى الْجَعْفَرِيُّ: أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ أَبِي جَهْمَةَ اللَّيْثِيُّ، وَكَانَ مُسِنًّا، قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ رَجُلا مَنًّا، وَكَانَ ظَرِيفًا شَاعِرًا، وَكَانَ يَكُونُ بِقُدَيِدٍ بِسَرِفَ وَبِوَادِي مَكَّةَ، وَخَطَبَ لُبْنَى مِنْ خُزَاعَةَ، ثُمَّ مِنْ بَنِي كَعْبٍ فَتَزَوَّجَهَا وَأُعْجِبَ بِهَا، وَبَلَغَتْ عِنْدَهُ الْغَايَةَ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَ أُمِّهِ وَبَيْنَهَا فَأَبْغَضَتْهَا، وَنَاشَدَتْ قَيْسًا فِي طَلاقِهَا، فَأَبَى، فَكَلَّمَتْ أَبَاهُ، فأمر بِطَلاقِهَا، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: لا جَمَعَنِي وَإيِّاكَ سَقْفٌ أَبَدًا حَتَّى تُطَلِّقَهَا، ثُمَّ خَرَجَ فِي يَوْمٍ قَيْظٍ فقَالَ: لا أَسْتَظِلُّ حَتَّى تُطَلِّقَهَا، فَطَلَّقَهَا وَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ آخِرُ عَهْدِكَ بِي، ثُمَّ إِنَّه اشْتَدَّ عَلَيْهِ فِرَاقُهَا وَجَهِدَ وَضَمُرَ، وَلَمَّا طَلَّقَهَا أَتَاهَا رِجَالُهَا يَتَحَمَّلُونَهَا، فَسَأَلَ: مَتَى هُمْ رَاحِلُونَ؟ قَالُوا: غَدًا نَمْضِي، فَقَالَ: وَقَالُوا غَدًا أَوْ بَعْدَ ذَاكَ ثَلاثَةٌ ... فِرَاقُ حَبِيبٍ لَمْ يَبِنْ وَهُوَ بَائِنُ فَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتِي ... بِكَفِّي إِلا أَنَّ مَا حَانَ حَائِنُ ثُمَّ جَعَلَ يَأْتِي مَنْزِلَهَا وَيَبْكِي، فَلامُوهُ، فَقَالَ: كَيْفَ السُّلُوُّ وَلا أَزَالُ أَرَى لها ... ربعًا كحاشية اليماني المخلق

_ 1 خبرٌ حسنٌ: تهذيب تاريخ دمشق "5/ 413"، والبداية "8/ 135". 2 الأغاني "9/ 181".

ربعًا لواضحة الجبين به فِي عِزَّةٍ ... كَالشَّمْسِ إِذ طَلَعَتْ رَخِيمَ الْمَنْطِقِ قَدْ كُنْتُ أَعْهَدُهَا بِهِ فِي عِزَّةٍ ... وَالْعَيْشُ صَافٍ وَالْعِدَى لَمْ تَنْطِقِ حَتَّى إِذَا هَتَفُوا وَأذَّنَ فِيهِمُ ... دَاعِي الشَّتَاتِ بِرِحْلَةٍ وَتَفَرُّقِ خَلَتِ الدِّيَارُ فَزُرْتُهَا فَكَأَنَّنِي ... ذُو حَيَّةٍ مِنْ سِمِّهَا لَمْ يَفْرُقِ1 وَهُوَ الْقَائِلُ: وَكُلُّ مُلِمَّاتِ الزَّمَانِ وَجَدْتُهَا ... سِوَى فُرْقَةِ الأَحْبَابِ هَيِّنَةَ الْخَطْبِ وَمِنْ شعره: ولو أنني أسطيع صَبْرًا وَسُلْوةً ... تَنَاسَيَتُ لُبْنَى غَيْرَ مَا مُضْمِرٍ حِقْدَا وَلَكِنَّ قَلْبِي قَدْ تَقَسَّمَهُ الْهَوَى ... شَتَاتًا فَمَا أَلْفَى صَبُورًا وَلا جَلَدًا سَلِ اللَّيْلَ عَنِّي كَيْفَ أَرْعَى نُجُومَهُ ... وَكَيْفَ أُقَاسِي الْهَمَّ مُسْتَخْلِيًا فَرْدَا كَأَنَّ هُبُوبُ الرِّيحِ مِنْ نَحْوِ أَرْضِكُمْ ... تُثِيرُ قَنَاةَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ النَّدَا وَعَنْ أبي عمرو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: خَرَجَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَامْتَدَحَهُ، فَأَدْنَاهُ وَأَمَرَ لَهُ بِخْمَسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ وَقَالَ: كَيْفَ وَجْدُكَ بِلُبْنَى؟ قَالَ: أشد وجد، قال: فترضى زواجها؟ قال: ما لي فِي ذَلِكَ مِنْ حَاجَةٍ قَالَ: فَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: تَأْذَنُ لِي فِي الإِلْمَامِ بِهَا، وَتَكْتُبُ إِلَى عَامِلِكَ، فَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُفَرِّقَ الْمَوْتُ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَأَنْشَدَهُ: أَضَوْءُ سَنَا بَرْقٍ بَدَا لَكَ لَمْعُهُ ... بِذِي الأَثْلِ مِنْ أَجْرَاعِ بثنة تَرْقُبُ نَعَمْ إِنَّنِي صَبٌّ هُنَاكَ مُوَكَّلٌ ... بِمَنْ لَيْسَ يُدَنِّينِي وَلا يَتَقَرَّبُ مَرِضْتُ فَجَاءُوا بِالْمُعَالِجِ وَالرُّقَى ... وَقَالُوا: بَصِيرٌ بِالدَّوَاءِ مُجَرَّبُ فَلَمْ يُغْنِ عَنِّي مَا يَعْقِدُ طَائِلا ... وَلا مَا يُمَنِّينِي الطَّبِيبُ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ أُنَاسٌ وَالظُّنُونُ كَثِيرَةً ... وَأَعْلَمُ شَيْءٍ بِالْهَوَى مَنْ يُجَرِّبُ أَلا إِنَّ فِي الْيَأْسِ الْمُفَرِّقُ رَاحَةً ... سَيُسْلِيكَ عَمَّنْ نَفْعُهُ عنك يعزب

_ 1 خبر ضعيف: الأغاني "9/ 220" فيه انقطاع.

فَكُلُّ الَّذِي قَالُوا بَلَوْتُ فَلَمْ أَجِدْ ... لِذِي الشَّجْوِ أَشْفَى مِنْ هَوَى حِينَ يَقْرُبُ عَلَيْهَا سَلامُ اللَّهِ مَا هَبَّتِ الصِّبَا ... وَمَا لاحَ وَهْنًا فِي دُجَى اللَّيْلِ كَوْكَبُ فَلَسْتُ بِمُبْتَاعٍ وِصَالًا بَوَصْلِهَا ... وَلَسْتُ بِمُفْشِ سِرَّهَا حِينَ أَغْضَبُ وَقَالَ: يَقُولُونَ: لُبْنَى فِتْنَةٌ، كُنْتَ قَبْلَهَا ... بِخَيْرٍ فَلا تَنْدَمْ عَلَيْهَا وَطَلِّقِ فَطَاوَعْتُ أَعْدَائِي وَعَاصَيْتُ نَاصِحِيَّ ... وَأَقْرَرْتُ عَيْنَ الشَّامِتِ الْمُتَخَلِّقِ وَدِدْتُ وَبَيْتِ اللَّهِ أَنِّي عَصَيْتُهُمْ ... وَحَمَلْتُ فِي رِضْوَانِهَا كُلَّ مُوبِقِ وَكُلِّفْتُ خَوْضَ الْبَحْرِ وَالْبَحْرُ زَاخِرٌ ... أَبِيتُ عَلَى أَثْبَاجِ مَوْجٍ مُغَرَّقِ كَأَنِّي أَرَى النَّاسَ الْمُحِبِّينَ بَعْدَهَا ... عُصَارَةَ مَاءِ الْحَنْظَلِ الْمُتَفَلِّقِ فَتُنْكِرُ عَيْنِي بَعْدَهَا كُلَّ مَنْظَرٍ ... وَيَكْرَهُ سَمْعِي بَعْدَهَا كل منطق فقال كعاوية: هَذَا وَأَبِيكَ الْحُبُّ، وَأَذِنَ لَهُ فِي زِيَارَتِهَا، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى امْرَأَةٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا: بُرَيْكَةُ، وَأَهْدَى لَهَا وَلِلُبْنَى هَدَايَا وَأَلْطَافًا، وَأَخْبَرَهَا بِكِتَابِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ عَمِّ مَا تُرِيدُ إلى الشُّهْرَةِ، فَأَقَامَ أَيَّامًا، فَبَلَغَ زَوْجَ لُبْنَى قُدُومُهُ، فَمَنَعَ لُبْنَى بُرَيْكَةَ، وَأَيَسَ قَيْسٌ مِنْ لِقَائِهَا، فَبَقِيَ مُتَرَدِّدًا فِي كِتَابِ مُعَاوِيَةَ، فَرَآهُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ يَوْمًا، فَقَالَ: يا أعرابي ما لي أَرَاكَ مُتَحَيِّرًا؟ قَالَ: دَعْنِي بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، قَالَ: أَخْبَرْنِي بِشَأْنِكَ، فَإِنِّي عَلَى مَا تُرِيدُ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ: لا أَرَانِي إِلا فِي طَلَبِ مِثْلِكَ، وَانْطَلَقَ بِهِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ لَيْلَةً يُحَدِّثُهُ وَيُنْشِدُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ رَكِبَ فَأَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، ارْكَبْ مَعِي فِي حَاجَةٍ، فَرَكِبَ مَعَهُ، وَاسْتَنْهَضَ ثَلاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ، وَلا يَدْرُونَ مَا يُرِيدُ، حَتَّى أَتَى بِهِمْ بَابَ زَوْجِ لُبْنَى، فَخَرَجَ فَإِذَا وُجُوهُ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكُمْ، مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: حَاجَةٌ لابْنِ أَبِي عَتِيقٍ اسْتَعَانَ بِنَا عَلَيْكَ، فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ حُكْمَهُ جَائِزٌ عَلَيَّ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ: اشْهَدُوا أَنَّ امْرَأَتَهُ لُبْنَى مِنْهُ طَالِقٌ، فَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِرْأَسِهِ ثُمَّ قَالَ: لِهَذَا جِئْتَ بِنَا! فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكُمْ، يُطَلِّقُ هَذَا امْرَأَتَهُ وَيَتَزوَّجُ بِغَيْرِهَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَا إِذْ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَلَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ: وَاللَّهِ لا أَبْرَحُ حَتَّى تَنْقُلَ مَتَاعَهَا، فَفَعَلَتْ، وَأَقَامَتْ فِي

أَهْلِهَا، حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَ بِهَا قَيْسٌ، وَبَقِيَا دَهْرًا بِأَرْغَدِ عَيْشٍ، فَقَالَ قَيْسٌ: جَزَى الرَّحْمَنُ أَفْضَلَ مَا يُجَازِي ... عَلَى الإِحْسَانِ خَيْرًا مِنْ صَدِيقِ فَقَدْ جَرَّبْتُ إِخْوَانِي جَمِيعًا ... فَمَا ألْفَيْتُ كَابْنِ أَبِي عَتِيقِ سَعَى فِي جَمْعِ شَمْلِي بَعْدَ صَدْعٍ ... وَرَأَيٍ حِدْتُ فِيهِ عَنِ الطَّرِيقِ وَأَطْفَأَ لَوْعَةً كَانَتْ بِقَلْبِي ... أَغَصَّتَنِي حَرَارَتُهَا بِرِيقِي هَذِهِ رِوَايَةٌ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ عَبَايَةَ قَالَ: خَرَجَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ إِلَى الْمَدِينَةِ يَبِيعُ نَاقَةً، فَاشْتَرَاهَا زَوْجُ لُبْنَى وَهُوَ لا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ لِقَيْسٍ: انْطَلِقْ مَعِي لِتَأْخُذَ الثَّمَنَ، فَمَضَى مَعَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ الْبَابَ إِذَا لُبْنَى اسْتَقْبَلَتْ قَيْسًا، فَلَمَّا رَآهَا وَلَّى هَارِبًا، وَاتَّبَعَهُ الرَّجُلُ بِالثَّمَنِ، فَقَالَ: لا تَرْكَبْ لِي مَطِيَّتَيْنِ أَبَدًا، قَالَ: وَأَنْتَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَذِهِ لُبْنَى، فَقِفْ حَتَّى أُخَيِّرُهَا، فَإِنِ اخْتَارَتَكَ طَلَّقْتُهَا، وَظَنَّ الزَّوْجُ أَنَّ لَهُ فِي قَلْبِهَا مَوْضِعًا، فَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ قَيْسًا، فَطَلَّقَهَا فَمَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ1. وَلَقَدْ قِيلَ لِقَيْسٍ: إِنَّ مِمَّا يُسْلِيكَ عَنْهَا ذِكْرُ مَعَايِبَهَا، فَقَالَ: إِذَا عِبْتُهَا شَبَّهْتُهَا الْبَدْرَ طَالِعًا ... وَحَسْبُكُ مِنْ عَيْبٍ بِهَا شِبْهُ الْبَدْرِ لَهَا كَفَلٌ يَرْتَجُّ مِنْهَا إِذَا مَشَتْ ... وَمتْنٌ كَغُصْنِ الْبَانِ مُضْطَمِرُ الْخِصْرِ وَلِقَيْسٍ: أُرِيدُ سُلُوًّا عَنْ لُبَيْنَى وَذِكْرِهَا ... فَيَأْبَى فُؤَادِي الْمُسْتَهَامُ الْمُتَيَّمُ إِذَا قُلْتُ أَسْلُوهَا تَعَرَّضَ ذِكْرُهَا ... وَعَاوَدَنِي مِنْ ذَاكَ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ صَحَا كُلُّ ذِي وِدٍّ عَلِمْتُ مَكَانُه ... سِوَايَ فَإِنِّي ذَاهِبُ الْعَقْلِ مُغْرَمُ وَلَهُ: هَلِ الْحُبُّ إِلا عَبْرةٌ بَعْدَ زَفْرَةٍ ... وَحِزٌ عَلَى الأَحْشَاءِ لَيْسَ لَهُ بُرْدُ وَفَيْضُ دُمُوعِ تَسْتَهِلُّ إِذَا بَدَا ... لَنَا علم من أرضكم لم يكن يبدو

_ 1 خبر ضعيف: الأغاني "9/ 220".

86- قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ1 –م ن. سَمِعَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَالْأَشْعَثَ بْنَ قيس. روى عَنْهُ: عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، وَالْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو إِسْحَاقَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: تُوُفِّيَ فِي زَمَنِ مُصْعَبٍ. 87- قَيْسُ الْمَجْنُونُ2: وَمَنْ بِهِ يُقَاسُ الْمُحِبُّونَ. هُوَ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوِّحِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وَقِيلَ: قَيْسُ بْنُ مُعَاذٍ، وَقِيلَ: اسْمُهُ الْبُحْتُرِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَهُوَ مَجْنُونُ لَيْلَى بِنْتِ مَهْدِيٍّ أُمِّ مَالِكٍ الْعَامِرِيَّةِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَقِيلَ: مِنْ بَنِي كَعْبٍ بْنِ سَعْدٍ. سَمِعْنَا أَخْبَارَهُ فِي جُزْءٍ أَلَّفَهُ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ، وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ لَيْلَى وَالْمَجْنُونَ، وَهَذَا دَفَعَ بِالصَّدْرِ، فَلَيْسَ مَنْ لا يَعْلَمُ حُجَّةً عَلَى مَنْ عَلِمَ، ولا الثبت كَالنَّافِي، فَعَنْ لَقِيطِ بْنِ بُكَيْرٍ الْمُحَارِبِيِّ: أن الْمَجْنُونَ عَلِقَ لَيْلَى عَلاقَةَ الصِّبَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا كانا صَغِيرَيْنِ يَرْعَيَانِ أَغْنَامًا لِقَوْمِهِمَا، فَعَلِقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الآخَرَ، وَكَبُرَا عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَبُرَا حُجِبَتْ عَنْهُ، فَزَالَ عَقْلُهُ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ: تعلقت ليلة وَهِيَ ذَاتُ ذُؤَابَةٍ ... وَلَمْ يَبْدُ لِلأَتْرَابِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ صَغِيرَيْنِ نَرْعَى الْبَهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا ... إِلَى الْيَوْمِ لَمْ نَكْبَرْ وَلَمْ تَكْبَرِ الْبَهْمُ3 وَذَكَرَ ابْنُ دَآبٍ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ حَبِيبٍ الْعَامِرِيِّ قَالَ: كَانَ فِي بَنِي عَامِرٍ جَارِيَةٌ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، لَهَا عَقْلٌ وَأَدَبٌ، يُقَالُ لَهَا: لَيْلَى بِنْتُ مَهْدِيٍّ، فَبَلَغَ الْمَجْنُونَ خَبَرُهَا، وَكَانَ صَبًّا بِمُحَادَثَةِ النِّسَاءِ، فَلَبِسَ حُلَّةً ثُمَّ جَلَسَ إِلَيْهِا وَتَحَادَثَا، فَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ، فَظَلَّ يَوْمَهُ يُحَادِثُهَا، فَانْصَرَفَ فَبَاتَ بِأَطْوَلِ لَيْلَةٍ، ثُمَّ بَكَّرَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهَا حَتَّى أَمْسَى، وَلَمْ تَغْمُضْ لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَيْنٌ، فَأَنْشَأَ يقول:

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 176"، والجرح والتعديل "7/ 98"، وتهذيب الكمال "2/ 1135". 2 انظر: السير "4/ 5-7"، شذرات الذهب "1/ 277". 3 السير "4/ 6"، والأغاني "2/ 11، 12".

نَهَارِي نَهَارُ النَّاسِ حَتَّى إِذَا بَدَا ... لِيَ اللَّيْلُ هَزّتْنِي إِلَيْكِ الْمَضَاجِعُ أُقَضِّي نَهَارِي بِالْحَدِيثِ وَبِالْمُنَى ... وَيَجْمَعُنِي وَالْهَمُّ بِاللَّيْلِ جَامِعُ1 وَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا مِثْلُ الَّذِي وَقَعَ بِقَلْبِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا يُحَدِّثُهَا، فَجَعَلَتْ تُعْرِضُ عَنْهُ، تُرِيدُ أن تَمْتَحِنَهُ، فَجَزِعَ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَخَافَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ: كِلانَا مُظْهِرٌ لِلنَّاسِ بُغْضًا ... وَكُلٌّ عِنْدَ صَاحِبِهِ مَكِينُ فَسُرِّيَ عَنْهُ، وَقَالَتْ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أن أَمْتَحِنَكَ، وَأَنَا مُعْطِيَةٌ لِلَّهِ عَهْدًا: لا جَالَسْتُ بَعْدَ الْيَوْمِ أَحَدًا سِوَاكَ، فَانْصَرَفَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ: أَظُنُّ هواها بتاركي بِمَضَلَّةٍ ... مِنَ الأَرْضِ لا مَالٌ لَدَيَّ وَلا أَهْلُ وَلا أَحَدٌ أُفْضِي إِلَيْهِ وَصِيَّتِي ... وَلا وَارِثٌ إِلا الْمَطِيَّةُ وَالرَّحْلُ مَحَا حُبُّهَا حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبْلَهَا ... وَحلَّتْ مَكَانًا لَمْ يَكُنْ حُلَّ مِنْ قَبْلُ قُلْتُ: ثُمَّ اشْتَدَّ بَلاؤُهُ بِهَا، وَشَغَفَتْهُ حُبًّا، وَوُسْوِسَ فِي عَقْلِهِ، فَذَكَرَ أبو عبيدة: أن الْمَجْنُونَ كَانَ يَجْلِسُ فِي نَادِي قَوْمِهِ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ، فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ بَاهِتَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ لا يَفْهَمُ مَا يُحَدِّثُ بِهِ، ثُمَّ يَثُوبُ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَيُسْأَلُ عَنِ الْحَدِيثِ فَلا يَعْرِفُهُ، حَتَّى قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّكَ لَمَخْبُولٌ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَجْلِسُ فِي النَّادِي أُحَدِّثُهُمْ ... فَأَسْتَفِيقُ وَقَدْ غَالَتْنِي الْغُولُ يَهْوِي بِقَلْبِي حَدِيثُ النفس نحوكم ... حتى يقول جليسي: أَنْتَ مَخْبُولُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَتَزَايَدَ بِهِ الأَمْرُ حَتَّى فُقِدَ عَقْلُهُ، فَكَانَ لا يَقِرُّ فِي مَوْضِعٍ، وَلا يُؤْوِيهِ رَحْلٌ، وَلا يَعْلُوهُ ثَوْبٌ، إِلا مَزَّقَهُ، وَصَارَ لا يَفْهَمُ شَيْئًا مِمَّا يُكَلَّمُ بِهِ إِلا أن تُذْكَرَ لَهُ لَيْلَى فَإِذَا ذُكِرَتْ لَهُ أَتَى بِالْبَدَائِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَوْمَ لَيْلَى شَكَوْا مِنْه إِلَى السُّلْطَانِ، فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ إِنَّ قَوْمَهَا تَرَحَّلُوا مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، فَأَشْرَفَ فَرَأَى دِيَارَهُمْ بَلاقِعَ، فَقَصَدَ مَنْزِلَهَا، وَأَلْصَقَ صَدْرَهُ بِهِ، وَجَعَلَ يُمَرِّغُ خَدَّيْهِ عَلَى التُّرَابِ وَيَقُولُ: أَيَا حَرَجَاتِ الْحَيِّ حَيْثُ تَحَمَّلُوا ... بِذِي سَلَمٍ لا جَادَكُنَّ رَبِيعُ

_ 1 الأغاني "2/ 40".

وَخَيْمَاتُكِ اللَّاتِي بمُنْعَرَجِ اللِّوَى ... بَلِينَ بَلَى لَمْ تَبْلَهُنَّ رُبُوعُ نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي نَدَامَةً ... كَمَا نَدِمَ الْمَغْبُونُ حِينَ يَبِيعُ قَالَ ابن المرزبان: قال أبو عمرو الشَّيْبَانِيُّ: لَمَّا ظَهَرَ مِنَ الْمَجْنُونِ مَا ظَهَرَ، وَرَأَى قَوْمُهُ مَا ابْتُلِيَ بِهِ اجْتَمَعُوا إِلَى أَبِيهِ وَقَالُوا: يَا هَذَا، تَرَى مَا بِابْنِكَ، فَلَوْ خَرَجْتَ بِهِ إِلَى مَكَّةَ فَعَاذَ بِبَيْتِ اللَّهِ، وَزَارَ قَبْرَ رَسُولِهِ، وَدَعَا اللَّهَ رَجَوْنَا أن يُعَافَى، فَخَرَجَ بِهِ أَبُوهُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَجَعَلَ يَطُوفُ بِهِ وَيَدْعُو لَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: دَعَا الْمُحْرِمُونَ اللَّهَ يَسْتَغْفِرُونَهُ ... بِمَكَّةَ وَهْنًا أَنْ تُحَطَّ ذُنُوبَهَا فَنَادَيْتُ أَنْ يَا رَبُّ أَوَّلُ سُؤْلَتِي ... لِنَفْسِي لَيْلَى ثُمَّ أَنْتَ حَسِيبُهَا فَإِنْ أُعْطَ لَيْلَى فِي حَيَاتِي لا يَتُبْ ... إِلَى اللَّهِ خَلْقٌ تَوْبَةً لا أَتُوبُهَا حَتَّى إِذَا كَانَ بِمِنًى نَادَى مُنَادٍ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْخِيَامِ: يَا لَيْلَى، فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلَهُ، وَنَضَحُوا عَلَى وَجْهِهِ الْمَاءَ، وَأَبُوهُ يَبْكِي، فَأَفَاقَ وَهُوَ يَقُولُ: وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى ... فَهَيَّجَ أَطْرَافَ الْفُؤَادِ وَمَا يَدْرِي دَعا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا ... أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِرًا كَانَ فِي صَدْرِي1 وَنَقَلَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ قَالَ: لَمَّا شَبَّبَ الْمَجْنُونُ بِلَيْلَى وَشَهَّرَ بِحُبِّهَا اجْتَمَعَ أَهْلُهَا وَمَنَعُوهُ مِنْهَا وَمِنْ زِيَارَتِهَا، وَتَوَعَّدُوهُ بِالْقَتْلِ، وَكَانَ يَأْتِي امْرَأَةً تَتَعَرَّفُ لَهُ خَبَرَهَا، فَنَهَوْا تِلْكَ الْمَرْأَةَ، وَكَانَ يَأْتِي غَفَلاتِ الْحَيِّ فِي اللَّيْلِ، فَسَارَ أَبُو لَيْلَى فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَشَكَوْا إِلَى مروان مِنْ قَيْسِ بْنِ الْمُلَوِّحِ، وَسَأَلُوهُ الْكِتَابَ إِلَى عامله يَمْنَعُهُ عَنْهُمْ وَيَتَهَدَّدُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَهْدَرَ دَمَهُ، فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَى عَامِلِ مَرْوَانَ، بعث إلى قيس وأبيه وأهل بيته، فجمعه وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ، وَقَالَ لِقَيْسٍ: اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، فَانْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ: أَلا حُجِبَتْ لَيْلَى وَآلَى أَمِيرُهَا ... عَلَيَّ يَمِينًا جَاهِدًا لا أزورها وَأَوْعَدَنِي فِيهَا رِجَالٌ أَبُوهُمُ ... أَبِي وَأَبُوهَا خُشِّنَتْ لِي صُدُورُهَا عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي أحبها ... وأن فؤادي عند ليلى أسيرها

_ 1 ديوان المجنون "ص/ 190".

فَلَمَّا يَئِسَ مِنْهَا صَارَ شَبِيهًا بِالتَّائِهِ، وَأَحَبَّ الْخَلْوَةَ وَحَدِيثَ النَّفْسِ، وَجَزِعَتْ هِيَ أَيْضًا لِفِرَاقِهِ وَضَنِيَتْ1. وَيُرْوَى أن أَبَا الْمَجْنُونِ قَيَّدَهُ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ لَحْمَ ذِرَاعَيْهِ وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ، فَأَطْلَقَهُ، فَكَانَ يَدُورُ فِي الْفَلاةِ عُرْيَانًا2. وَلَهُ: كَأَنَّ الْقَلْبَ لَيْلَةً قِيلَ يُغْدَى ... بِلَيْلَى الْعَامِرِيَّةِ أَوْ يُرَاحُ قَطَاةٌ عَزَّهَا شَرَكٌ فَبَاتَتْ ... تُجَاذِبُهُ وَقَدْ عَلِقَ الْجَنَاحُ وَقِيلَ: إِنَّ لَيْلَى زُوِّجَتْ، فَجَاءَ الْمَجْنُونُ إِلَى زَوْجِهَا فَقَالَ: بِرَبِّكَ هَلْ ضَمَمْتَ إِلَيْكَ لَيْلَى ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ أَوْ قَبَّلْتَ فَاهَا وَهَلْ رَفَّتْ عَلَيْكَ قُرُونُ لَيْلَى فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِذْ حلَّفْتُنِي فَنَعَمْ، وَكَانَ بَيْنَ يَدَيِ الزَّوْجِ نَارٌ يَصْطَلِي بِهَا، فَقُبِضَ الْمَجْنُونُ بِكِلْتَيْ يَدَيْهِ مِنَ الْجَمْرِ، فَلْمَ يَزَلْ حَتَّى سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ3. وكانت له داية يَأْنَسُ بِهَا، فَكَانَتْ تَحْمِلُ إِلَيْهِ إِلَى الصَّحْرَاءِ رَغِيفًا وَكُوزًا، فَرُبَّمَا أَكَلَ وَرُبَّمَا تَرَكَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ يَوْمًا فَوَجَدَتْهُ مُلْقًى بَيْنَ الأَحْجَارِ مَيِّتًا، فاحتملوه إلى الحي فغسلوه فدفنوه، وَكَثُرَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَالشَّبَابِ عَلَيْهِ، وَاشْتَدَّ نَشِيجُهُمْ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ فِي الْمُنْتَظِمِ: رُوِينَا أَنَّهُ كان يه فِي الْبَرِّيَّةِ مَعَ الْوَحْشِ يَأْكُلُ مِنْ بَقْلِ الأَرْضِ، وَطَالَ شَعْرُهُ، وَأَلِفَهُ الْوَحْشُ، وَسَارَ حَتَّى بَلَغَ حُدُودَ الشَّامِ، فَكَانَ إِذَا ثَابَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، سَأَلَ مَنْ يَمُرُّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَنْ نَجْدٍ، فَيُقَالُ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ مِنْ نَجْدٍ، أَنْتَ قَدْ شَارَفْتَ الشَّامَ، فَيَقُولُ: أَرُونِي الطَّرِيقَ، فَيَدُلُّونَهُ4. وَشِعْرُ الْمَجْنُونِ كَثِيرٌ سَائِرٌ، وَهُوَ فِي الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فِي الْحُسْنِ وَالرِّقَّةِ، وَكَانَ مُعَاصِرًا لِقَيْسِ بْنِ ذَرِيحٍ صَاحِبِ لُبْنَى، وَكَانَ في إمرة ابن الزبير، والله أعلم.

_ 1 الأغاني "2/ 68، 288". 2 خبرٌ منكرٌ. 3 الأغاني "2/ 25". 4 الأغاني "2/ 52".

"حرف الْكَافِ": 88- كَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ -ن- مَوْلَى أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ1، أَحَدُ كُتَّابِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي أَرْسَلَهَا عُثْمَانُ إِلَى الأَمَصَارِ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. روى عنه: محمد بن سيرين. وقال النسائي: روى عنه الزهري مرسلا لم يلحقه، فإن كثيرا أصيب يوم الحرة، وروى عنه ابنه. "حرف الميم": 89- محمد بن الأشعث -د ن- بن قيس2 بن معديكرب، أبو القاسم الكندي الكوفي، ابْنُ أُمِّ فَرْوَةَ أُخْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لِأَبِيهِ، تَزَوَّجَ بِهَا الأَشْعَثُ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ. حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ. روى عنه: الشعبي، ومجاهد، وسليمان بن يسار، وابنه قيس بن محمد، وغيرهم. ووفد على معاوية. ومولده في حدود سنة ثلاث عشرة، وكان شريفا مطاعا في قومه، قتل مع مصعب في سنة سبع وستين، فأقام ابنه مقامه. 90- محمد بن أبي بن كعب الأنصاري3. أبو معاذ الأنصاري. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَضْرَمِيُّ بْنُ لاحِقٍ، وَبُسْرُ بن سعيد. وكان ثقة، قتل بالحرة.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 198"، والجرح والتعديل "7/ 149"، وتهذيب الكمال "3/ 1141". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 65"، أسد الغابة "4/ 311"، والإصابة "3/ 509". 3 انظر: الاستيعاب "3/ 325"، وأسد الغابة "4/ 310"، والإصابة "3/ 471".

91- محمد بن ثابت بن قيس بن شماس1 الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ. حَنَّكَهُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرِيقِهِ. وَرَوَى عَنْ: رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِيهِ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حذيفة. روى عنه: ابناه إسماعيل، ويوسف، وعاصم بْنُ عَمِّهِ بْنِ قَتَادَةَ، وَأَرْسَلَ عَنْهُ الزُّهْرِيَّ. قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةَ. 92- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حزم2 -ن- بن يزيد الأنصاري النجاري. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ هُوَ الَّذِي كَنَّاهُ أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ. أُصِيبَ يَوْمَ الحرة. الواقدي، عن ملك، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده اشْتَرَى مِطْرَفَ خَزٍّ بِسَبْعِمِائَةٍ، فَكَانَ يَلْبَسُهُ3. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ: صَلَّى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَجِرَاحُهُ تَثْعَبُ دَمًا، وَمَا قُتِلَ إِلا نَظْمًا بِالرِّمَاحِ4. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَصْدِقُوهُمُ الضَّرْبَ، فَإِنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ عَلَى طَمَعِ دُنْيَاهُمْ، وَأَنْتُمْ تُقَاتِلُونَ عَلَى الآخِرَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَحْمِلُ عَلَى الكتيبة مِنْهُمْ فَيَفُضَّهَا حَتَّى قُتِلَ5. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: وَأَكْثَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فِي أَهْلِ الشَّامِ الْقَتْلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ، كَانَ يَحْمِلُ عَلَى الْكُرْدُوسِ مِنْهُمْ فَيَفُضَّهُ، وَكَانَ فارسًا، ثم حملوا عليه حتى

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 781"، والاستيعاب "3/ 321"، وأسد الغابة "4/ 313". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 69"، وأسد الغابة "4/ 327"والاستيعاب "3/ 353". 3 خبر ضعيف: وأخرجه ابن سعد "5/ 69" وفيه الواقدي، وهو من الضعفاء. 4 الطبقات الكبرى "5/ 70". 5 السابق.

نَظَّمُوهُ بِالرِّمَاحِ، فَلَمَّا وَقَعَ انْهَزَمَ النَّاسُ1. 93- مَالِكُ بْنُ عِيَاضٍ الْمَدَنِيُّ يُعْرَفُ بِمَالِكِ الدَّارِ. سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَوْنٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ. وَكَانَ خَازِنًا لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 94- مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّكُونِيُّ2. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةُ حَدِيثٍ وَاحِدٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اليزني، وَأَبُو الأَزْهَرِ الْمُغِيرَةُ بْنُ فَرْوَةَ. وَوَلِيَ لِمُعَاوِيَةَ حِمْصَ، وَكَانَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ مَعَ مَرْوَانَ. 95- مَالِكُ بْنُ يخامر السكسكي3 -خ 4- الحمصي، يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَكَانَ ثِقَةً كَبِيرَ الْقَدْرِ مُتَأَلِّهًا. رَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. حدث عنه: معاوية على المنبر، وجبير بن نفير، وعمير بن هانئ، ومكحول، وسليمان بن موسى، وخالد بن معدان، وآخرون. قال أبو مسهر: أكبر أصحاب معاذ: مالك بن يخامر، كان رأس القوم. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. قَالَ أَبُو عبيد: توفي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. 96- الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ4 الثَّقَفِيُّ الكّذَّابُ، الَّذِي خَرَجَ بِالْكُوفَةِ، وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الحسين يقتلهم.

_ 1 السابق. 2 انظر: التاريخ الكبير "7/ 304"، والجرح والتعديل "8/ 213". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 441"، وأسد الغابة "4/ 297"، والإصابة "3/ 358". 4 انظر: الاستيعاب "3/ 533"، وأسد الغابة "4/ 336"، والسير "3/ 538".

قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُونُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ" 1 فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْمُخْتَارُ، كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَادَّعَى أَنَّ الْوَحْيَ يَأْتِيهِ، وَالآخَرُ: الْحَجَّاجُ. قَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، ثنا عِيسَى بْنُ عُمَرَ، ثنا السُّدِّيُّ، عَنْ رِفَاعَةَ الْفِتْيَانِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ، فَأَلْقَى لِي وِسَادَةً وَقَالَ: لَوْلا أَنَّ جِبْرِيلَ قَامَ عَنْ هَذِهِ لأَلْقَيْتُهَا لَكَ، فَأَرَدْتُ أن أضرب عنقه، فتذكرت حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَمَّنَ مُؤْمِنًا عَلَى ذِمَّةٍ فَقَتَلَهُ، فَأَنَا مِنَ الْقَاتِلِ بَرِيءٌ" 2. مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَقْرَأَنِي الأَحْنَفُ كِتَابَ الْمُخْتَارِ إِلَيْهِ، يَزْعُمُ فِيهِ أَنَّهُ نَبِيٌّ3. قُلْتُ: قُتِلَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ فِي هَوَى نفسه، كما قدمنا. 97- مروان بن الحكم4 -خ ع- ابن أبي العاص بن أمية بن عبد الملك القرشي الأموي، وَقِيلَ: أَبُو الْقَاسِمِ، وَيُقَالُ: أَبُو الْحَكَمِ. وُلِدَ بِمَكَّةَ بَعْدَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يَصِحَّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكِنَّ لَهُ رِوَايَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثَ الْحُدَيْبِيَةِ بِطُولِهِ، وَفِيهِ إِرْسَالٌ، لكن أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ5. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. رَوَى عَنْهُ: سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عبد الله، وابنه عبد الملك، ومجاهد.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2545"، والترمذي "2220"، "3944"، وأحمد "2/ 26". 2 حديث صحيح: أخرجه أحمد "5/ 222، 223"، وابن ماجه "2688". 3 خبر ضعيف: فيه مجالد بن سعيد من الضعفاء. 4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 35"، والاستيعاب "3/ 425"، وأسد الغابة "4/ 348". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5/ 64".

وَكَانَ كَاتِبُ ابْنِ عَمِّهِ عُثْمَانَ، وَوَلَّى إِمْرَةَ الْمَدِينَةِ وَالْمَوْسِمِ لِمُعَاوِيَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَبَايَعُوهُ بِالْخِلافَةِ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَحَارَبَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ فِي الْمَصَافِّ، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَعَلَى الشَّامِ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْحِجَازِ كُلِّهِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِمَرْوَانَ ثَمَانِ سِنِينَ، وَلَمْ يَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا1. وَأُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْكِنَانِيَّةُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ الْحَكَمُ فِي الْفَتْحِ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَطَرَدَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ الطَّائِفَ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِمَ المدينة، ومات زمن عُثْمَانَ؛ لِأَنَّهُ زَوَّرَ عَلَى لِسَانِهِ كِتَابًا فِي شَأْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ: كَانَ مَرْوَانُ قَصِيرًا، أَحْمَرَ الْوَجْهِ، أَوْقَصَ الْعُنُقِ، كَبِيرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ "خَيْطَ بَاطِلٍ" لِدِقَّةِ عُنُقِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ الْجَمَلِ: كَانَ عَلِيٌّ يَسْأَلُ عَنْ مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْهُ! قَالَ: تَعْطِفُنِي عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ2. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: بَعَثَنِي زِيَادُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي حَوَائِجَ، فَقُلْتُ: مَنْ تَرَى لِهَذَا الأَمْرِ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَسَمَّى جَمَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْقَارِئُ لِكِتَابِ اللَّهِ، الْفَقِيهُ فِي دِينِ اللَّهِ، الشَّدِيدُ فِي حُدُودِ الله: مَرْوَانُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُقَالُ: كَانَ عِنْدَ مَرْوَانَ قَضَاءٌ، وَكَانَ يَتْبِعُ قَضَاءَ عُمَرَ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ: أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَنْحَرَ ابْنَهَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ تَسْتَفْتِي، فَجَاءَتِ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: لا أَعْلَمُ فِي النَّذْرِ إِلا الْوَفَاءَ، قَالَتْ: أَفَأَنْحَرُ ابْنِي؟ قَالَ: قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فقال: أمر الله الوفاء بالنذر، وَنَهَاكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ نَذَرَ إِنْ تَوَافَى لَهُ عَشَرَةُ رَهْطٍ أَنْ يَنْحَرَ أَحَدَهُمْ، فَلَمَّا تَوَافَوْا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَصَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ أَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ، أَهُوَ أَوْ مِائَةٌ مِنَ الإبل، ثم أقرع ثانية بين

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 36". 2 إسناده منقطعٌ.

الْمِائَةِ وَبَيْنَهُ، فَصَارَتِ الْقُرَعَةُ عَلَى الإِبِلِ، فَأَرَى أَنْ تَنْحَرِي مِائَةً مِنَ الإِبِلِ مَكَانَ ابْنِكِ، فَبَلَغَ الْحَدِيثُ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: مَا أَرَاهُمَا أَصَابَا، إِنَّهُ لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ تَعَالَى وَتُوبِي إِلَيْهِ، وَاعْمَلِي مَا اسْتَطَعْتِ مِنَ الْخَيْرِ، فَسُرَّ النّاسُ بِذَلِكَ وَأَعْجَبَهُمْ قَوْلُهُ، وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يُفْتُونَ بِأَنَّهُ لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي شُرَحْبيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ ابْنَ النَّبَّاعِ اللَّيْثِيَّ يَوْمَ الدَّارِ يُبَادِرُ مَرْوَانَ فكأني أنظر إلى قِبَائِهِ قَدْ أَدْخَلَ طَرَفَيْهِ فِي مَنْطِقَتِهِ، وَتَحْتَ القباء الدرع، فضرب مروان مَرْوَانُ عَلَى قَفَاهُ ضَرَبَةً قَطَعَ عِلابِيَّ2 عُنُقِهِ، ووقع وجهه، فَأَرَادُوا أَنْ يُدَفِّفُوا عَلَيْهِ، فَقِيلَ: أَتُبَضِّعُونَ اللَّحْمَ، فَتُرِكَ3. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أبيه، وذكر مروان فقال: والله لقد ضربت كَعْبُهُ، فَمَا أَحْسَبُهُ إِلا قَدْ مَاتَ، وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ أَحْفَظَتْنِي، قَالَتْ: مَا تَصْنَعُ بِلَحْمِهِ أَنْ تُبَضِّعَهُ، فَأَخَذَنِي الْحُفَّاظُ، فَتَرَكْتُهُ4. وَقَالَ خَلِيفَةُ: إِنَّ مَرْوَانَ وَلِيَ الْمَدِينَةَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ. وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قال: كان مروان أميرا علينا سِتَّ سِنِينَ، فَكَانَ يَسُبُّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عُزِلَ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَبَقِيَ سَعِيدٌ سَنَتَيْنِ، فَكَانَ لا يَسُبُّهُ، ثُمَّ أُعِيدَ مَرْوَانُ، فَكَانَ يَسُبُّهُ، فَقِيلَ لِلْحَسَنِ: أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ هَذَا! فَجَعَلَ لا يَرُدُّ شَيْئًا، قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ يَجِيءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَدْخُلُ فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه سلم فَيَقْعُدُ فِيهَا، فَإِذَا قُضِيَتِ الْخُطْبةُ خَرَجَ فَصَلَّى، فَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ حَتَّى أَهْدَاهُ لَهُ فِي بَيْتِهِ، قَالَ: فَإِنَّا لَعِنْدَهُ إِذْ قِيلَ: فُلانٌ بِالْبَابِ، قَالَ: ائْذَنْ لَهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَظُّنُهُ قَدْ جَاءَ بِشَرٍّ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ، إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ سُلْطَانٍ وجئتك بعزمه، قال: تكلم، قال: أرسل مرون وَيْكَ بِعَلِيٍّ وَبِعَلِيٍّ وَبِعَلِيٍّ، وَيْكَ وَيْكَ وَيْكَ، وَمَا وَجَدْتُ مِثْلَكَ إِلا مِثْلَ الْبَغْلَةِ، يُقَالُ لَهَا: مَنْ أَبُوكِ، فتَقُولُ: أُمِّي الْفَرَسُ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: إِنِّي وَاللَّهِ لا أَمْحُو عَنْكَ شَيْئًا مِمَّا قلت، فَلَنْ أَسُبَّكَ، ولكن موعدي موعدك اللَّهَ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَجَزَاكَ اللَّهُ بِصِدْقِكَ، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَاللَّهُ أَشَدُّ نَقْمَةً، وَقَدْ أكرم الله جدي أن يكون

_ 1 خبر صحيح. 2 علابي: عروقي. 3 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 37" وفيه الواقدي. 4 خبر ضعيف: وأخرجه ابن سعد "5/ 37".

مِثْلَهُ -أَوْ قَالَ مِثْلِي- مِثْلُ الْبَغْلَةِ، فَخَرَجَ الرجل، فلما كان في الحجرة لقي الحسين، فَقَالَ: مَا جِئْتَ بِهِ؟ قَالَ: رِسَالَةٌ. قَالَ: وَاللَّهِ لَتُخْبِرُنِي أَوْ لَآمُرَنَّ بِضَرْبِكَ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَرَجَعَ، فَلَمَّا رَآهُ الْحَسَنُ قَالَ: أَرْسِلْهُ، قَالَ: إِنِّي لا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: إِنِّي قَدْ حَلَفْتُ، قَالَ: قَدْ لَجَّ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: أَكَلَ فُلانٌ بَظْرَ أُمِّهِ إِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ عَنِّي مَا أَقُولُ لَهُ، قُلْ لَهُ: وَيْلٌ لك ولأبيك ولقومك، وَآيَةٌ بَيْنِي وَبَيْنِكَ أَنْ يَمْسِكَ مَنْكِبَيْكَ مِنْ لَعْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَ وَزَادَ1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السائب، عن أبي يحيى قَالَ: كُنْتُ بَيْنَ الْحَسْنِ وَالْحُسَيْنِ وَمَرْوَانَ، وَالْحُسَيْنُ يُسَابُّ مَرْوَانَ، فَجَعَلَ الْحَسْنُ يَنْهَاهُ، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ مَلْعُونُونَ، فَغَضِبَ الْحُسَيْنُ وَقَالَ: وَيْلَكَ، قُلْتَ هَذَا، فَوَاللَّهِ لَقَدْ لَعَنَ اللَّهُ أباك على لسان نبيه وأنت في صلبه2. رَوَاهُ جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى النَّخَعِيِّ. وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كانا يصليان خلف مروان، فقيل: أما كانا يصليان إذا رجعا إلى منازلهما؟ قالا: لا وَاللَّهِ3. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي الْعَاصِ ثَلاثِينَ رَجُلا اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلا، ودين الله دغلًا، وعبادة اللَّهِ خَوَلا"4. سَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَكَانَ عَطِيَّةُ مَعَ ضَعْفِهِ شِيعِيًّا غَالِيًا، لَكِنَّ الْحَدِيثُ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِذَا بَلَغَتْ بَنُو أُمَيَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلا اتخذوا عبادة اللَّهِ خَوَلا، وَمَالَ اللَّهِ دُوَلا، وَكِتَابَ اللَّهِ دغلًا"5. 6 إسناده منقطع.

_ 1 السير "3/ 478". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 478". 3 خبر حسن: السير "3/ 478"، البداية والنهاية "8/ 358". 4 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 80". 5 دغلًا: فسادًا. 6 حديث ضعيف: أخرجه الحاكم "4/ 479" في المستدرك، وانظر البداية "8/ 259".

وَذَكَرَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ، أَنَّ مَرْوَانَ قَدِمَ بِبَنِي أُمَيَّةَ عَلَى حَسَّانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بحدل وهو بالجابية فقال: أتيتني بنفسك إذ أَبَيْتُ أَنْ آتِيكَ، وَاللَّهِ لَأُجَادِلَنَّ عَنْكَ فِي قبائل اليمن، أو أسلمها إِلَيْكَ، فَبَايَعَ حَسَّانُ أَهْلِ الأُرْدُنِّ لِمَرْوَانَ، عَلَى أَنْ يُبَايِعَ مَرْوَانُ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، وَلَهُ إِمْرَةُ حِمْصَ، وَلِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ إِمْرَةُ دِمَشْقَ، وَذَلِكَ فِي نِصْفِ ذِي الْقَعْدَةِ1. وَقَالَ أَبُو مسهر: بايع مروان أَهْلِ دِمَشْقَ، وَسَائِرُ النَّاسِ زُبَيْرِيُّونَ، ثُمَّ اقْتَتَلَ مَرْوَانُ وشيعة ابْنِ الزُّبَيْرِ يَوْمَ رَاهِطٍ فَظَفِرَ مَرْوَانُ وَغَلَبَ عَلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، وَبَقِيَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَاتَ. قَالَ اللَّيْثُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَذْكُرُ مَرْوَانَ يَوْمًا، فَقَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ أصبحت فِيمَا أَنَا فِيهِ مِنْ هَرْقِ الدِّمَاءِ، وَهَذَا الشَّأْنُ2. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانُوا يَنْقِمُونَ عَلَى عُثْمَانَ تَقْرِيبَ مَرْوَانَ وَتَصَرُّفَهُ، وَكَانَ كَاتِبَهُ، وَسَارَ مَعَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ يطلبون بدم عثمان، فقالت يَوْمَ الْجَمَلِ أَشَدَّ قِتَالٍ، فَلَمَّا رَأَى الْهَزِيمَةَ رَمَى طَلْحَةَ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، وَقَدْ أَصَابَتْهُ جِرَاحٌ يَوْمَئِذٍ، وَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ، فَدَاوُوهُ وَاخْتَفَى، فَأَمَّنَهُ عَلِيٌّ، فَبَايَعَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى اسْتُخْلِفَ مُعَاوِيَةُ، وَقَدْ كَانَ يَوْمَ الْحَرَّةِ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ، وَحَرَّضَهُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَكَانَ قَدْ أَطْمَعَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ، وَعَقَدَ لِوَلَدَيْهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَخَذَ يَضَعُ مِنْهُ وَيُزْهِدُ النَّاسَ فِيهِ، وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَهُ، فَدَخَلَ يَوْمًا فَزَبَرَهُ وَقَالَ: تَنَحَّ يَا ابْنَ رَطْبَةِ الإست، والله ما لك عَقْلٌ، فَأَضْمَرَتْ أُمُّهُ السُّوءَ لِمَرْوَانَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ: هَلْ قَالَ لَكِ خَالِدٌ شَيْئًا؟ فَأَنْكَرَتْ، وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا، فَقَامَ، فَوَثَبَتْ هِيَ وجواريها فعمدت إلى وِسَادَةٍ فَوَضَعَتْهَا عَلَى وَجْهِهِ، وَغَمَرَتْهُ هِيَ وَالْجَوَارِي حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ صَرَخْنَ وَقُلْنَ: مَاتَ فَجْأَةً3. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ مَرْوَانَ: مَاتَ مَطْعُونًا بِدِمَشْقَ.

_ 1 خبر ضعيف: فيه انقطاع. 2 السير "3/ 479". 3 السير "3/ 479".

98- مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ1 الَّذِي يُقَالُ لَهُ: مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ رَبَاحِ بْنِ أسَعْدَ، أَبُو عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَهِدَ صِفِّينَ عَلَى الرَّجَّالَةِ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ صَاحِبُ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ، وَدَارُهُ بِدِمَشْقَ مَوْضِعُ الْخَشَبِ الْكَبِيرِ قِبْلِيَّ دَارِ الْبِطِّيخِ، هَلَكَ بِالْمُشَلَّلِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَهُوَ قَاصِدٌ إِلَى قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، أَظُنُّهُ الْوَاقِدِيَّ قَالَ: قَالَ ذَكْوَانُ مَوْلَى مروان: شرب مسلم دواء بعدما نَهَبَ الْمَدِينَةَ، وَدَعَا بِالْغَدَاءِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: لا تَعَجَّلْ، قَالَ: وَيْحَكَ إِنَّمَا كُنْتُ أُحِبُّ الْبَقَاءَ حَتَّى أُشْفِيَ نَفْسِي مِنْ قَتَلَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ، فَقَدْ أَدْرَكْتُ مَا أَرَدْتُ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْمَوْتِ عَلَى طَهَارَتِي، فَإِنِّي لا أَشُكُّ أَنَّ اللَّهَ قَدْ طَهَّرَنِي مِنْ ذُنُوبِي بِقَتْلِ هَؤُلاءِ الأَرْجَاسِ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ خَارِجَةَ قَالَ: خَرَجَ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَتَبِعَتْهُ أُمُّ وَلَدٍ لِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ تَسِيرُ وَرَاءَهُمْ، وَمَاتَ مُسْرِفٌ فَدُفِنَ بِثَنِيَّةِ الْمُشَلَّلِ، فَنَبَشَتْهُ ثُمَّ صَلَبَتْهُ عَلَى الْمُشَلَّلِ3. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: وَكَانَ قَدْ قُتِلَ مَوْلاهَا أَبَا وَلَدِهَا. وَقِيلَ: إِنَّهَا نَبَشَتْهُ، فَوَجَدَتْ ثُعْبَانًا يَمُصُّ أَنْفَهُ، وَأنَّهَا أَحْرَقَتْهُ، فَرَضِيَ الله عنه- وَشَكَرَ سَعْيَهَا. 99- مَسْرُوقُ بْنُ الأْجَدَعِ4 –ع- وَاسْمُ الأَجْدَعِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَبُو عَائِشَةَ الْهَمْدَانِيُّ، ثُمَّ الْوَادِعِيُّ الْكُوفِيُّ. مُخَضْرَمٌ، سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذًا، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَخَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ، وَعَائِشَةَ، وَطَائِفَةً. رَوَى عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الضُّحَى، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَأبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، وَآخَرُونَ. وَقَدِمَ الشَّامَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَشَهِدَ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى الْقَصِيرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى أَيَّامِ الْحَكَمَيْنِ، وَفُسْطَاطِي إِلَى جَنْبِ فُسْطَاطِهِ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ لَحِقُوا بِمُعَاوِيَةَ من الليل،

_ 1 انظر: وفيات الأعيان "3/ 438"، تاريخ الطبري "5/ 483- 496". 2، 3 خبر ضعيف: من رواية الواقدي. 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 76"، الحلية "2/ 95"، السير "4/ 63".

فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو مُوسَى رَفَعَ رَفْرَفَ فُسْطَاطِهِ، فَقَالَ: يَا مَسْرُوقُ بْنَ الأَجْدَعِ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ أَبَا مُوسَى، قَالَ: إِنَّ الإِمَارَةَ مَا أُؤْتُمِرَ فِيهَا، وَإِنَّ الْمُلْكَ مَا غُلِبَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مَسْرُوقٌ ثِقَةً، لَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ، وَقَدْ رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْ عُثْمَانَ شيئًا. قال الْبُخَارِيُّ: رَأَى أَبَا بَكْرٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قُلْتُ: مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الْأَجْدَعُ شَيْطَانٌ". أَنْتَ مَسْرُوقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: كَانَ الْأَجْدَعُ أَفْرَسَ فَارِسٍ بِالْيَمَنِ. وابنه مسروق ابن أخت عمرو بن معديكرب. وقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ عَائِذٍ الطَّائِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ، قَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ الْقَيَّاسِينَ، مَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ كَانَ أطْلَبَ للعلم فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ مِنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: مَا أُقَدِّمُ عَلَى مَسْرُوقٍ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَلَقِيَ عُمَرَ، وَعَلِيًّا، وَلَمْ يَرْوِ عَنْ عُثْمَانَ شيئًا. وعن مسروق قال: اخلتفت إِلَى عَبْدِ اللَّهِ مِنْ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ، مَا أَغُبُّهُ يَوْمًا. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا مَسْرُوقُ إِنَّكَ مِنْ وَلَدِي، وَإِنَّكَ لَمِنْ أَحَبَّهُمْ إِلَيَّ، فها عِنْدَكَ عِلْمٌ بِالْمُخْدَجِ2. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا السَّفَرِ يَقُولُ: مَا وَلَدَتْ هَمْدَانِيَّةُ مِثْلَ مَسْرُوقٍ. وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إبراهيم قال: كان أصحاب عبد الله الذي يُقْرِئُونَ النَّاسَ وَيُعَلِّمُونَهُمُ السُّنَّةَ: عَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ، وَعُبَيْدَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ3.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 31"، وأبو داود "4957" وفيه مجالد من الضعفاء. 2 انظر: صحيح مسلم "1066". 3 خبر صحيح: أخرجه الخطيب "13/ 233".

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ أَعْلَمَ بِالْفَتْوَى مِنْ شُرَيْحٍ، وَشُرَيْحٌ أَعْلَمُ مِنْهُ بِالْقَضَاءِ، وَكَانَ شُرَيْحُ يَسْتَشِيرُ مَسْرُوقًا، وَكَانَ مَسْرُوقُ لا يَسْتَشِيرُ شُرَيْحًا. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: بَقِيَ مَسْرُوقُ بَعْدَ عَلْقَمَةَ لا يفضل عليه أحدًا. وَقَالَ عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ حِينَ قَدِمَ الْكُوفَةَ قَالَ: أَيُّ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَفْضَلُ؟ قَالُوا: مَسْرُوقٌ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إِنْ كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ خُلِقُوا لِلْجَنَّةِ فَهَؤُلاءِ: الأَسْوَدُ، وَعَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: لَمْ يَزَلْ شُرَيْحٌ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ، فَأَحْدَرَهُ مَعَهُ زِيَادٌ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَقَضَى مَسْرُوقٌ حَتَّى رَجَعَ شُريْحٌ، وَذَكَرَ أَنَّ شُرَيْحًا غَابَ سَنَةً. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ لا يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ رِزْقًا. عَارِمٌ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ مُجَالِدٍ: أن مَسْرُوقًا قَالَ: لأَنْ أَقْضِيَ بِقَضِيَّةٍ فَأُوَافِقُ الْحَقَّ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ رِبَاطِ سَنَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: لأَنْ أُفْتِيَ يَوْمًا بِعَدْلٍ وَحَقٍّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَنَةً1. وَقَالَ شُعْبَةُ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر بن أَخِي مَسْرُوقٍ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ عَامِلَ الْبَصْرَةِ أَهْدَى إِلَى مَسْرُوقٍ ثَلاثِينَ أَلْفًا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُحْتَاجٌ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا2. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَصْبَحَ مَسْرُوقٌ يَوْمًا وَلَيْسَ لِعِيَالِهِ رِزْقٌ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ قَمِيرُ فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ، إِنَّهُ مَا أَصْبَحَ لِعِيَالِكَ الْيَوْمَ رِزْقٌ، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَيَأْتِيَنَّهُمُ اللَّهُ بِرِزْقٍ3. وَقَالَ سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ: كَلَّمَ مَسْرُوقٌ زِيَادًا لِرَجُلٍ فِي حَاجَةٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِوَصِيفٍ، فَرَدَّهُ، وَحَلَفَ ألا يكلم له في حاجة أبدًا.

_ 1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "6/ 82" وفيه مجالد، من الضعفاء. 2 الطبقات الكبرى "6/ 79". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 79".

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يَقُولُونَ: انْتَهَى الزُّهْدُ إلى ثمانية من التابعين: عامر بن عبيد قَيْسٍ، وَهَرِمِ بْنِ حَيَّانَ، وَأُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَالأَسْوَدِ، وَمَسْرُوقٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ. وَقَالَ إِسْرَائِيلُ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ مَسْرُوقًا زَوَّجَ بِنْتَهُ بِالسَّائِبِ بْنِ الأَقْرَعِ عَلَى عَشَرَةِ آلافٍ اشْتَرَطَهَا لِنَفْسِهِ، وَقَالَ: جَهِّزْ أَنْتَ امْرَأَتَكَ مِنْ عِنْدِكَ، وَجَعَلَهَا مَسْرُوقٌ فِي الْمُجَاهِدِينَ وَالْمَسَاكِينَ. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: غَابَ مَسْرُوقٌ فِي السِّلْسِلَةِ سَنَتَيْنِ يَعْنِي عَامِلا عَلَيْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ نَظَرَ أَهْلُهُ فِي خَرْجِهِ فَأَصَابُوا فَأْسًا بِغَيْرِ عُودٍ، فَقَالُوا: غِبْتَ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ جِئْتَنَا بِفَأْسٍ بِغَيْرِ عُودٍ! قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ، تِلْكَ فَأْسٌ اسْتَعَرْنَاهَا، نَسِينَا نَرُدُّهَا. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: بَعَثَهُ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى السِّلْسِلَةِ، فَانْطَلَقَ، فَمَاتَ بِهَا. وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: وَاللَّهِ مَا عَمِلْتُ عَمَلا أَخْوَفَ عِنْدِي أَنْ يُدْخِلَنِي النَّارَ مِنْ عَمَلِكُمْ هَذَا، وَمَا بِي أَنْ أَكُونَ ظَلَمْتُ فِيهِ مُسْلِمًا وَلا مُعَاهِدًا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَلَكِنَّ مَا أَدْرِي مَا هَذَا الْجَعْلُ الَّذِي لَمْ يَسُنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا أَبُو بَكْرٍ، وَلا عُمَرُ، قِيلَ: فَمَا حَمَلَكَ؟ قَالَ: لَمْ يَدَعْنِي زِيَادٌ، وَلا شُرَيْحٌ، وَلا الشَّيْطَانُ، حَتَّى دَخَلْتُ فِيهِ1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قَالَ لِي مَسْرُوقٌ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُرْغَبُ فِيهِ إِلا أَنْ نُعَفِّرَ وُجُوهَنَا فِي التُّرَابِ وَمَا آسَى عَلَى شَيْءٍ إِلا السُّجُودَ لِلَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ إِسْحَاقُ: حَجَّ مَسْرُوقٌ، فَمَا نَامَ إِلا سَاجِدًا حَتَّى رَجِعَ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ قَالَتْ: مَا كَانَ مَسْرُوقٌ يُوجَدُ إِلا وَسَاقَاهُ قَدِ انْتَفَخَتا مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَجْلِسُ خَلْفَهُ، فَأَبْكِي رَحْمَةً لَهُ2. وَرَوَاهُ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ. وَقَالَ أَبُو الضُّحَى، عَنْ مسَرْوُقٍ: إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَيْتِ شِعْرٍ فَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَجِدَ في صحيفتي شعرًا3.

_ 1 السابق "6/ 83". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 81" وغيره. 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 80".

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شُلَّتْ يَدُ مَسْرُوقٍ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، وَأَصَابَتْهُ آمَّةُ1. وَقَالَ أَبُو الضُّحَى، عَنْ مسَرْوُقٍ، وَكَانَ رَجُلا مَأْمُومًا، فَقَالَ: مَا أَحَبَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِي، لَعَلَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بِي، كُنْتُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْفِتَنِ. وَقَالَ وَكِيعٌ: لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ عَلِيٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلا سَعْدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمِنَ التَّابِعِينَ: مَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ إِذَا قِيلَ لَهُ: أَبْطَأْتَ عَنْ عَلِيٍ وَعَنْ مَشَاهِدِهِ وَلَمْ يَكْنُ شَهِدَ مَعَهُ يَقُولُ: أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ، أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّهُ صَفَّ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَأَخَذَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضِ السِّلاحِ، يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَنَزَلَ مَلَكٌ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَالَ هَذِهِ الآيَةَ: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 25] ، أَكَانَ ذَلِكَ حَاجِزًا لَكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ نَزَلَ بِهَا مَلَكٌ كَرِيمٌ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ، وَإِنَّهَا لَمُحْكَمَةٌ مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ2. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النُّجُودِ: ذُكِرَ أَنَّ مَسْرُوقًا أَتَى صِفَّينَ، فَوَقَفَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ مُنَادِيًا، فذكر نحوه، ثم ذهب. وعن أَبِي لَيْلَى قَالَ: شَهِدَ مَسْرُوقٌ النَّهْروَانَ مَعَ عَلِيٍّ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: مَا مَاتَ مَسْرُوقٌ حَتَّى اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْ تَخَلُّفِهِ عَنْ عَلِيٍّ. قَالَ أَبُو النعيم: تُوُفِّيَ مَسْرُوقٌ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ: سَنَةَ ثَلاثٍ. وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ: هُوَ مَدْفُونٌ بِالسِّلْسِلَةِ بواسط. 100- مسلمة بن مخلد3 -د. ابن الصامت الأنصاري الخزرجي، أبو معن، وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيُقَالُ: أبو معمر، له صحبة ورواية.

_ 1 خبر ضعيف جدًّا: السابق "6/ 77" فيه الكلبي من المتروكين، وابنه من الضعفاء. 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 77، 78". 3 انظر: الاستيعاب "3/ 463"، السير "3/ 424".

قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِي عَشْرُ سِنِينَ1. رَوَى عَنْهُ: أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ مَعَ جَلالَتِهِ، وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَأَبُو قَبِيلٍ حُيَيُّ بْنُ هَانِئٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُمَاسَةَ، وَشَيْبَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ صِفِّينَ، كَانَ عَلَى أَهْلِ فِلَسْطِينَ، وَقِيلَ: لَمْ يَفِدْ عَلَى مُعَاوِيَةَ إِلا بَعْدَ انْقِضَاءِ صِفَّينَ، وَلَّى إِمْرَةَ مِصْرَ لِمُعَاوِيَةَ وَلِيَزِيدَ، وَذَكَرَ أنَّ لَهُ صُحْبَةً جَمَاعَةً مِنْهُمْ: ابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ الْبُخَارِيُّ كَتَبَ أَنَّ لِمَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ صُحْبَةً، فَغَيَّرَ أَبِي ذَلِكَ، وَقَالَ: لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُسْلِمَةَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، وأنا ابن أربع سنين، توفي وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ2. وَقَالَ وَكِيعٌ: عَنْ مُوسَى بِخِلافِ ذَلِكَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: وُلِدْتُ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ. وَرَجَعَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَقَالَ: هُوَ أَقْرَبُ عَهْدًا بِالْكِتَابِ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ نُزِعَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ مِصْرَ، وَوُلِّيَ مُسْلِمَةُ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: صَلَّيْتُ خَلْفَ مُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَمَا تَرَكَ وَاوًا وَلا أَلِفًا. وَقَالَ اللَّيْثُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: فِي ذِي الْقَعْدَةِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ. 101- الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ3 بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بْنِ زُهْرَةَ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو عُثْمَانَ الزُّهْريُّ بْنُ عاتكة أخت عبد الرحمن بن عوف.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "7/ 504". 2 انظر السابق. 3 انظر: أسد الغابة "4/ 365"، والإصابة "3/ 419".

له صحبة ورواية، روى أَيْضًا عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَخَالِهِ. رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَوَلَدَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأُمُّ بَكْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ. وَقَدِمَ بَرِيدًا لِدِمَشْقَ مِنْ عُثْمَانَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَيَّامَ حَصْرِ عُثْمَانَ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي خِلافَتِهِ، وَكَانَ مِمَّنْ يَلْزَمُ عُمَرَ وَيَحْفَظُ عَنْهُ، وَانْحَازَ إِلَى مَكَّةَ كَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَرِهَ إِمْرَةَ يَزِيدَ، وَأَصَابَهُ حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ لما حاصر الحصين بن نمير ابن الزبير. قال الزبير بن بكار: وكانت الْخَوَارِجُ تَغْشَاهُ وَتُعَظِّمُهُ وَيَنْتَحِلُونَ رَأْيَهُ، حَتَّى قُتِلَ تِلْكَ الأَيَّامَ. وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ: أَنْبَأَ عبد الله بن جعفر، عن أم بكر أَنَّ أَبَاهَا احْتَكَرَ طَعَامًا، فَرَأَى سَحَابًا مِنْ سَحَابِ الْخَرِيفِ فَكَرِهَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى السُّوقِ فَقَالَ: مَنْ جَاءَنِي وَلَّيْتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ بِالسُّوقِ فَقَالَ: أَجُنِنْتَ يَا مِسْوَرُ! قَالَ: لا وَاللَّهِ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ سَحَابًا مِنْ سَحَابِ الْخَرِيفِ، فَكَرِهْتُهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أَرْبَحَ فِيهِ، وَأَرَدْتُ أَنْ لا أَرْبَحَ فِيهِ فَقَالَ عُمَرُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. وَقَالَ إِسْحَاقُ الْكَوْسَجُ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ ثِقَةٌ، إِنَّمَا كَتَبْتُ هَذَا لِلتَّعَجُّبِ، فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى صُحْبَةِ الْمِسْوَرِ، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثنا حَيْوَةُ، ثنا عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ الْمِسْوَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَلا بِهِ فَقَالَ: يَا مِسْوَرُ، مَا فَعَلَ طَعْنُكَ عَلَى الأَئِمَّةِ؟ قَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذَا، وَأَحْسِنْ فِيمَا قَدِمْنَا لَهُ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَاللَّهِ لَتُكَلِّمُنِي بِذَاتِ نَفْسِكَ بِالَّذِي تَعِيبُ عَلَيَّ، قَالَ: فَلَمْ أَتْرُكْ شَيْئًا أَعِيبُهُ عَلَيْهِ إِلا بَيَّنْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: لا أَبْرَأُ مِنَ الذَّنْبِ، فَهَلْ تَعُدُّ لَنَا يَا مِسْوَرُ بِمَا نَلِي مِنَ الإِصْلاحِ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، أَمْ تَعُدُّ الذُّنُوبَ وَتَتْرُكُ الإِحْسَانَ! قُلْتُ: لا وَاللَّهِ مَا نَذْكُرُ إِلا مَا نَرَى مِنَ الذُّنُوبِ، فَقَالَ: فَإِنَّا نَعْتَرِفُ لِلَّهِ بِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ، فَهَلْ لَكَ يَا مِسْوَرُ ذُنُوبٌ فِي خَاصَّتِكَ تَخْشَى أَنْ تَهْلِكَكَ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا يَجْعَلُكَ بِرَجَاءِ الْمَغْفِرَةِ أَحَقَّ مِنِّي فَوَاللَّهِ مَا أَلِي مِنَ الإِصْلاحِ أَكْثَرَ مِمَّا تَلِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لا أُخَيَّرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، بَيْنَ اللَّهِ وَغَيْرِهِ إِلا اخْتَرْتُ اللَّهَ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَإِنِّي لَعَلَى دِينٍ يُقْبَلُ فيه العمل، ويجزى فيه بالحسنات، ويجزى فيه بالذنوب، إِلا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهَا، وَإِنِّي أَحْتَسِبُ كُلَّ حَسَنَةٍ عَمِلْتُهَا بِأَضْعَافِهَا مِنَ الأَجْرِ، وَأَلِي أُمُورًا عِظَامًا مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ،

وَالْجِهَادِ، وَالْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ. قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ خَصَمَنِي لَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ. قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمْ أَسْمَعِ الْمِسْوَرَ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ إِلا صَلَّى عَلَيْهِ1. وَعَنْ أمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ لِكُلِّ يَوْمٍ غَابَ عَنْهَا سَبْعًا، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ الله بن جعفر، عن عتمة أُمِّ بَكْرِ بِنْتِ الْمِسْوَرِ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ وَجَدَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ إِبْرِيقَ ذَهَبٍ عَلَيْهِ الْيَاقُوتُ وَالزَّبَرْجَدُ، فَلَمْ يَدْرِ مَا هُوَ، فَلَقِيَهُ فَارِسيٌّ فَقَالَ: آخُذُهُ بِعَشَرَةِ آلافٍ، فَعَرَفَ أَنَّهُ شَيْءٌ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَنَفَلَهُ إِيَّاهُ، وَقَالَ: لا تَبِعْهُ بِعَشَرَةَ آلافٍ، فَبَاعَهُ لَهُ سَعْدٌ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَدَفَعَهَا إِلَى الْمِسْوَرِ، وَلَمْ يُخَمِّسْهَا3. وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ قَالَ: لَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ. قَالَ الواقدي: وحدثني شرحبيل بن أبي عون. عن أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا دَنَا الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ أَخْرَجَ الْمِسْوَرُ سِلاحًا قَدْ حَمَلَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَدُرُوعًا فَفَرَّقَهَا فِي مَوَالٍ لَهُ كُهُولٍ فُرُسٍ جُلُدٍ، فَدَعَانيِ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِسْوَرٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ، قَالَ: اخْتَرْ دِرْعًا، فَاخْتَرْتُ دِرْعًا وَمَا يُصْلِحُهَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلامٌ حَدَثٌ، فَرَأَيْتُ أُولَئِكَ الْفُرْسَ غَضِبُوا وَقَالُوا: تُخَيِّرُهُ عَلْيَنَا! وَاللَّهِ لَوْ جَدَّ الْجِدُّ تَرَكَكَ، فَقَالَ: لَتَجِدَنَّ عِنْدَهُ حَزْمًا، فَلَمَّا كَانَ الْقِتَالُ أَحْدَقُوا بِهِ، ثُمَّ انْكَشَفُوا عَنْهُ، وَاخْتَلَطَ الناس، والمسور يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ فِي الرَّعِيلِ الأَوَّلِ يَرْتَجِزُ قَدَمًا، وَمَعَهُ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَفْعَلانِ الأَفَاعِيلَ، إِلَى أَنْ أَحْدَقَتْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِالْمِسْوَرِ، فَقَامَ دُونَهُ مَوَالِيهِ، فَذَبُّوا عنه كل الذب، وجعل يصيح بهم، فما خَلُصَ إِلَيْهِ، وَلَقَدْ قَتَلُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَئذٍ نَفَرًا4. قَالَ: وَحَدَّثَنِي عبدَ اللَّهِ بْن جَعْفَر، عَنْ أمِّ بَكْرٍ، وَأَبِي عَوْنٍ قَالا: أمات المسور

_ 1 خبر صحيح: أخرجه عبد الرزاق "7/ 207" في مصنفه، والمصنف في السير "3/ 150، 151، 392". 2 السير "3/ 392". 3 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 4 خبر ضعيف: فيه الواقدي.

حَجَرُ الْمَنْجِنيقِ، ضُرِبَ الْبَيْتُ فَانْفَلَقَ مِنْهُ فَلْقَةٌ، فَأَصَابَتْ خَدَّ الْمِسْوَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَمَرِضَ مِنْهَا أَيَّامًا، ثُمَّ مَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُ يَزِيدَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ لا يُسَمَّى بِالْخِلافَةِ، بَلِ الأَمْرُ شُورَى1. زَادَتْ أمُّ بَكْرٍ: كُنْتُ أَرَى الْعِظَامَ تُنْزَعُ مِنْ صَفْحَتِهِ، وَمَا مَكَثَ إِلا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ. فَذَكَرْتُهُ لِشُرَحْبِيلَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ لِي الْمِسْوَرُ: هَاتِ دِرْعِي، فَلَبِسَهَا، وَأَبِي أَنْ يَلْبَسَ الْمِغْفَرَ، قَالَ: وَتُقْبِلُ ثَلاثَةُ أَحْجَارٍ، فَيَضْرِبُ الأَوَّلُ الرُّكْنَ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ فَخَرَقَ الْكَعْبَةَ حَتَّى تَغَيَّبَ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ الثَّانِي فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ الثَّالِثُ فِينَا، وَتَكَسَّرَ مِنْهُ كَسْرَةٌ، فَضَرَبَتْ خَدَّ الْمِسْوَرِ وَصُدْغَهُ الأَيْسَرِ، فَهَشَّمَتْهُ هَشْمًا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَاحْتَمَلْتُهُ أَنَا وَمَوْلًى لَهُ، وَجَاءَ الْخَبَرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَأَقْبَلَ يَعْدُو، فَكَانَ فِيمَنْ حَمَلَهُ، وَأَدْرَكَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبيدُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَمَكَثَ يَوْمَهُ لا يَتَكَلَّمُ، فَأَفَاقَ مِنَ اللَّيْلِ، وَعَهِدَ بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ، وَجَعَلَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُولُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ هَؤُلاءِ؟ فَقَالَ: عَلَى ذَلِكَ قُتِلْنَا، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يُفَارِقُهُ بِمَرَضِهِ حَتَّى مَاتَ، فَوَلِيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ غُسْلَهُ، وَحَمَلَهُ فِيمَنْ حَمَلَهُ إِلَى الْحَجُونِ، وَإِنَّا لَنَطِأَ، بِهِ الْقَتْلَى وَنَمْشِي بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ، فَصَلَّوْا مَعَنَا عَلَيْهِ2. قُلْتُ: لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا يَوْمَئِذٍ بِمَوْتِ يَزِيدَ، وَكَلَّمَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فِي أَنْ يُبَايِعَهُ بِالْخِلافَةِ، وَبَطُلَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ. وَعَنْ أُمِّ بَكْرٍ قَالَتْ: وُلِدَ الْمِسْوَرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، وَبِهَا تُوُفِّيَ لِهِلَالِ رَبِيعِ الآخَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِنْ حَجَرِ الْمَنْجَنِيقِ، فَوَهِمَ أَيْضًا، اشْتُبِهَ عَلَيْهِ بِالْحِصَارِ الأَخِيرِ. وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَعَلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: يَحْيَى بن بكير، وأبو عبيد، والفلاس، وغيرهم. 102- المسيب بن نجبة -ت- بْنِ رَبِيعَةَ الْفَزَارِيُّ3 صَاحِبُ عَلِيٍّ. سَمِعَ: عَلِيًّا، وابنه الحسن، وحذيفة.

_ 1 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 2 انظر السابق. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 216"، والإصابة "3/ 495".

وروى عَنْهُ: عُتْبَةُ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ، وَسَوَّارُ أَبُو إِدْرِيسَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَقَدِمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنَ الْعِرَاقِ، وَشَهِدَ حِصَارَ دِمَشْقَ، وَكَانَ أَحَدُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْكِبَارِ فِي جَيْشِ التَّوَّابِينَ الَّذِينَ خَرَجُوا يَطْلُبُونَ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، وَقُتِلَ بِالْجِزِيرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ كَمَا ذَكَرْنَا بَعْدَمَا قَاتَلَ قِتَالا شَدِيدًا. 103- مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ1، أَحَدُ الْكِبَارِ الَّذِينَ كانوا مع ابن الزبير، وقتل معه فِي الْحِصَارِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. كَانَ مُصْعَبٌ هَذَا قَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةَ، وَشُرْطَتَهَا فِي إِمْرَةِ مَرْوَانَ عَلَيْهَا، ثُمَّ لَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا، لَهُ مَوَاقِفُ مَشْهُورَةٌ، قَتَلَ عِدَّةً مِنَ الشَّامِيِّينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ، فَلَمَّا مَاتَ هُوَ وَالْمِسْوَرُ دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى نَفْسِهِ. 104- مُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو حَلِيمَةَ الأَنْصَارِيُّ2 الْمَدَنِيُّ الْقَارِئُ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. قَالَتْ عَمْرَةُ: مَا كَانَ يُوقِظُنَا مِنَ اللَّيْلِ إِلا قِرَاءَةُ مُعَاذٍ الْقَارِئِ. قُتِلَ مُعَاذٌ يَوْمَ الْحَرَّةِ. 105- مُعَاوِيَةُ بْنُ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ3 -ع- جَدُّ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، نزل بالبصرة ثُمَّ غَزَا خُرَاسَانَ وَمَاتَ بِهَا. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ حَكِيمٌ، وَحُمَيْدٌ الْمُرِّيُّ رَجْلٌ مَجْهُولٌ. حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ، أَعْنِي مُعَاوِيَةَ. 106- مُعَاوِيَةُ بْنُ يزيد4 بْن مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الأُمَوِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو يَزِيدَ، وَيُقَالُ: أَبُو لَيْلَى، استُخْلِفَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيهِ عِنْدَ مَوْتِهِ فِي رَبِيعِ الأَوَّلِ، وَكَانَ شَابًّا صَالِحًا لَمْ تَطُلْ خِلافَتُهُ، وَأُمُّهُ هِيَ أُمُّ هَاشِمٍ بِنْتُ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ ثلاث وأربعين.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 157"، تاريخ الطبري "5/ 345، 497". 2 انظر: أسد الغابة "4/ 378"، وتهذيب الكمال "3/ 1339". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 35"، وأسد الغابة "4/ 385"، والإصابة "3/ 432". 4 انظر: البداية "8/ 256"، تاريخ الخلفاء "ص/ 334"، صحيح التوثيق "5/ 106".

قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ: رَأَيْتُ صِفَتَهُ فِي كِتَابٍ أَنَّهُ كَانَ أَبْيَضَ شَدِيدًا، كَثِيرَ الشَّعْرِ، كَبِيرَ الْعَيْنَيْنِ، أَقْنَى الأَنْفِ، جَمِيلَ الْوَجْهِ، مُدَوَّرَ الرَّأْسِ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، وَلَمْ يَزَلْ مَرِيضًا، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ اسْتَخْلَفَهُ أَبُوهُ، فَوَلِيَ شَهْرَيْنِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ قِيلَ: لَوِ استَخْلفْتَ، فَقَالَ: كَفَلْتُهَا حَيَاتِي، فَأَتَضَمَّنُهَا بَعْدَ مَوْتِي. وَأَبَى أَنْ يَسْتَخْلِفَ1. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسِ: مَلَكَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيُّ. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ، وَغَيْرُهُ: عَاشَ عِشْرِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ. 107- مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ2 لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ حَامِلَ لِوَاءِ قَوْمِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ بَرْوَعَ. رَوَى عَنْهُ: عَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَكَانَ يَكُونُ بِالْكُوفَةِ، فَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ، فَرَأَى مِنْهُ قَبَائِحَ، فَسَارَ إِلَى المدينة وخلع يزيد، وكان من رؤوس أَهْلِ الْحَرَّةِ. قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ: كُنْيَتَهُ أَبُو سِنَانٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو يَزِيدَ، مِنْ غَطْفَانَ، قُتِلَ صَبْرًا يَوْمَ الْحَرَّةِ، فَقَالَ الشَّاعِرُ: أَلا تِلْكُمُ الأَنْصَارُ تَبْكِي سَرَاتَهَا ... وَأَشْجَعُ تَبْكِي مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ زِيَادٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ قد صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَمَلَ لِوَاءَ قَوْمِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَانَ شَابًّا طَرِيًّا، وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَبَعَثَهُ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ بِبَيْعَةِ يَزِيدَ، فَقَدِمَ الشَّامَ فِي وَفْدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَاجْتَمَعَ مَعْقِلُ وَمُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ فَقَالَ، وَكَانَ قَدْ آنَسَهُ وَحَادَثَهُ: إِنِّي خَرَجْتُ كُرْهًا بِبَيْعَةِ هَذَا، وَقَدْ كَانَ مِنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ خُرُوجِي إِلَيْهِ

_ 1 سبق تخريجه. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 282"، وأسد الغابة "4/ 397"، والإصابة "3/ 446".

رَجُلٌ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَنْكِحُ الْحُرُمَ، ثُمَّ نَالَ مِنْهُ وَاسْتَكْتَمَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَذْكُرَ ذَلِكَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمِي هَذَا فَلا وَاللَّهِ، وَلَكِنْ لِلَّهِ عَلَيَّ عَهْدٌ وَمِيثَاقٌ إِنْ مُكِّنْتُ مِنْكَ لأَضْرِبَنَّ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ، فَلَمَّا قَدِمَ مُسْلِمٌ الْمَدِينَةَ وَأَوْقَعَ بِهِمْ، كَانَ مَعْقِلٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَأُتِيَ بِهِ مَأْسُورًا، فَقَالَ: يَا مَعْقِلُ أَعَطِشْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أحْضِرُوا لَهُ شَرْبَةً بِبَلَّوَرٍ، فَفَعَلُوا، فَشَرِبَ، وَقَالَ: أَرُويِّتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ لا تَتَهَنَّأُ بِهَا، يَا مُفَرِّجُ قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ1. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَوَانَةَ، وَأَبِي زَكَرِيَّا الْعَجْلانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ: إِنَّ مُسْلِمًا لَمَّا دَعَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَيْعَةِ، يَعْنِي بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ، قَالَ: لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ، وَكَانَ لَهُ مُصَافِيًا، فَخَرَجَ ناس من أشجع، فأصابه فِي قَصْرِ الْعَرَصَةِ، وَيُقَالُ: فِي جَبَلِ أُحُدٍ، فَقَالُوا لَهُ: الأَمِيرُ يُسْأَلُ عَنْكَ فَارْجِعْ إِلَيْهِ، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمْ، إِنَّهُ قَاتِلِي، قَالُوا: كَلا، فَأَقْبَلَ مَعَهُمْ، فَقَالَ لَهُ: مَرْحبًا بِأَبِي مُحَمَّدٍ، أَظُنُّكَ ظَمْآنَ، وَأَظُنُّ هَؤُلاءِ أَتْعَبُوكَ، قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: شَوِّبُوا لَهُ عَسَلا بِثَلْجٍ، فَفَعَلُوا وَسَقَوْهُ، فَقَالَ: سَقَاكَ اللَّهُ أَيُّهَا الأَمِيرُ مِنْ شَرَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قَالَ: لا جَرَمَ وَاللَّهِ لا تَشْرَبُ بَعْدَهَا حَتَّى تَشْرَبَ مِنْ حَمِيمِ جَهَنَّمَ، قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ، قَالَ: أَلَسْتَ قُلْتَ لِي بِطَبَرِيَّةَ وَأَنْتَ مُنْصَرِفٌ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ أَحْسَنَ جَائِزَتَكَ: سِرْنَا شَهْرًا وَخَسِرْنَا ظَهْرًا، نَرْجِعُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَخْلَعُ الْفَاسِقَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، عَاهَدْتُ اللَّهَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ لا أَلْقَاكَ فِي حَرْبٍ أَقْدِرُ عَلَيْكَ إِلا قَتَلْتُكَ، وَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ2. 108- مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ -ع- المزني البصري3، مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مقرن. روى عنه: عمران بْنُ حُصَيْنٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَأَبُو الْمَلِيحِ بْنُ أُسَامَةَ الْهُذَلِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّانِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لا نَعْلَمُ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ يكنى أبا علي سواه.

_ 1 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 2 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "4/ 283". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 14"، والاستيعاب "3/ 409"، والإصابة "3/ 447".

109- مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ1 بْنِ الأَخْنَسِ بْنِ حَبِيبٍ السُّلَمِيُّ، لَهُ وَلِأَبِيهِ وَجَدِّهِ الأَخْنَسِ صُحْبَةٌ. وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا أَوْ حَدِيثَيْنِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ حِطَّانُ بْنُ خُفَافٍ الْجَرْمِيُّ، وَسُهَيْلُ بْنُ ذَرَّاعٍ، وَغَيْرُهُمَا. وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ قَيْسٍ، شَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ، وَلَهُ بِهَا دَارٌ، وَشَهِدَ صِفَّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ، عَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَا وَأَبِي، وَجَدِّي، فَأَنْكَحَنِي، وَخَطَبَ عَلَيَّ. وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: إِنَّ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الأَخْنَسِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، كَانَ هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ تَمَامُ عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَلا أَعْلَمُ رَجُلا وَابْنَهُ وَابْنَ ابْنِهِ شَهِدُوا بَدْرًا مُسْلِمِينَ غَيْرَهُمْ. قُلْتُ: لا نَعْلَمُ لِيَزِيدَ مُتَابِعٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَضَّلُ الْغِلابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُمْ صُحْبَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: سَمِعْتُ بَكَّارَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا وَلَدَتْ قُرَشَيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ خيرًا لها في دينها مِنْ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا وَلَدَتْ قُرَشَيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ خَيْرًا لَهَا فِي دُنْيَاهَا مني، فقال معن بن يزيد: ما وَلَدَتْ قُرَشِيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ شَرًّا لَهَا فِي دُنْيَاهَا مِنْكَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ عَوَّدْتَهُمْ عَادَةً كَأَنِّي بِهِمْ قَدْ طَلَبُوهَا مِنْ غَيْرِكَ، فَكَأَنِّي بِهِمْ صَرْعَى فِي الطَّرِيقِ، قَالَ: وَيْحَكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُكَاتِمُهَا نَفْسِي مُنْذُ كَذَا وَكَذَا2. قَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ وَغَيْرُهُ: قُتِلَ مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الأَخْنَسِ، وَأَبُوهُ بِرَاهِطٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَقِيَ مَعْنٌ يَسِيرًا بَعْدَ رَاهِطٍ. 110- الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي شِهَابٍ الْمَخْزُومِيُّ3 قَالَ يَحْيَى الذِّمَارِيُّ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ عَلَى الْمُغِيرَةَ بْنِ أَبِي شِهَابٍ، وَقَرَأَ الْمُغِيرَةُ عَلَى عُثْمَانَ بن عفان.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 36"، وأسد الغابة "4/ 401"، وتهذيب الكمال "1358". 2 خبر ضعيف: وأخرجه الطبراني "19/ 440" برقم "1068"، وانظر المجمع "9/ 355". 3 انظر: معرفة القراء "1/ 48، 49".

111- الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ1 لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَكَانَ سَيِّدًا جَوَّادًا شَرِيفًا وَلِيَ إِصْطَخْرَ لِعَلِيٍّ، ثُمَّ وَلِيَ ثَغْرَ الْهِنْدِ مِنْ قِبَلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَمَاتَ هُنَاكَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَلَهُ سِتُّونَ سَنَةٌ. وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الطَّبَقَةِ الآتية. 112- المنذر بْنُ الزُّبَيْرِ2 بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، أَبُو عُثْمَانَ الأَسَدِيُّ، ابْنُ حَوَارِيِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ. وُلِدَ فِي آخِرِ خِلافَةِ عُمَرَ، وَغَزَا القُسْطَنْطِينِيَّةَ مَعَ يَزِيدَ، وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ يَزِيدُ وَفَدَ عَلَيْهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: فَحَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ غَاضَبَ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ، فَسَارَ إِلَى الْكُوفَةِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجَازَهُ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَقْطَعَهُ، فَمَاتَ مُعَاوِيَةُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُنْذِرُ الْجَائِزَةَ، وَأَوْصَى مُعَاوِيَةُ أَنْ يَدْخُلَ الْمُنْذِرُ فِي قَبْرِه3. وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ أَخِيهَا الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَخُوهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنَ الشَّامِ قَالَ: وَمِثْلِي يُصْنَعُ بِهِ هَذَا وَيُفْتَاتُ عَلَيْهِ! فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ الْمُنْذِرَ، فَقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا كُنْتُ لِأَرُدَّ أَمْرًا قَضَيْتِيه، فَقَرَّتْ حَفْصَةُ عِنْدَ الْمُنْذِرِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاقًا4. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَرِيبَةُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: لَمَّا وَرَدَ عَلَى يَزِيدَ خِلافُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنَ الْمُنْذِرِ وَيَبْعَثَ بِهِ، فَأَخْبَرَهُ بِالْكِتَابِ، وَقَالَ: اذْهَبْ وَأَنَا أَكْتُمُ الْكِتَابَ ثَلاثًا، فَخَرَجَ الْمُنْذِرُ، فَأَصْبَحَ اللَّيْلَةَ الثَّامِنَةَ بِمَكَّةَ صَبَاحًا، فارتجز حاديه:

_ 1 انظر: وفيات الأعيان "6/ 349"، والإصابة "3/ 480". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 182"، تاريخ الطبري "5/ 269، 344". 3 إسناده منقطع: وهو من أنواع الضعيف. 4 خبر صحيح: أخرجه مالك "1171" في الموطأ.

قَاسَيْنَ قَبْلَ الصُّبْحِ لَيْلا مُنْكَرَا ... حَتَّى إِذَا الصُّبْحُ انْجَلَى وَأَسْفَرَا أَصْبَحْنَ صَرْعَى بِالْكَثِيبِ حُسَّرَا ... لَوْ يَتَكَلَّمْنَ شَكَوْنَ الْمُنْذِرَا فَسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ صَوْتَ الْمُنْذِرِ عَلَى الصَّفَا، فَقَالَ: هَذَا أَبُو عُثْمَانَ حَاشَتْهُ الْحَرْبُ إِلَيْكُمْ1. فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزبير، وعثمان تبن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يُقَاتِلانِ أَهْلَ الشَّامِ بِالنَّهَارِ، وَيُطْعِمَانهمْ بِاللَّيْلِ. وَقُتِلَ الْمُنْذِرُ فِي نَوْبَةِ الْحُصَيْنِ، وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً. "حرف النُّونِ": 113- النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ2: الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ أَبُو لَيْلَى، لَهُ صُحْبَةٌ وَوِفَادَةٌ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: عَاشَ النَّابِغَةُ مِائَةَ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَمَاتَ بِأَصْبَهَانَ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّابِغَةَ قَالَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ: المرء يهوى أن يعيـ ... ش وطول عمر قد يضره وتتابع الأيام حـ ... تى ما يرى شيئًا يسره تفنى بشاشته ويب ... قى بعد حلو العيش مره ثم دخل بيته فلم يخرج حتى مات3. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ، وَلَيْسَ بِثِقَةٍ: سَمِعْتُ النَّابِغَةَ يَقُولُ: أَنْشَدْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلَغَنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا ... وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا فَقَالَ: "أَيْنَ الْمَظْهَرُ يَا أَبَا لَيْلَى"؟ قُلْتُ: الْجَنَّةُ، قَالَ: "أَجَلْ إِنْ شاء الله"، ثم قلت:

_ 1 خبر ضعيف: نسب قريش "245" للزبيري. 2 انظر: الاستيعاب "3/ 581"، أسد الغابة "5/ 2-4". 3 الأمالي للقالي "2/ 8".

وَلا خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ ... بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا وَلا خَيْرَ فِي جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ... حَلِيمٌ إِذَا مَا أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرَا فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ"1، مَرَّتَيْنِ. قُلْتُ: كَانَ النَّابِغَةُ يَتَنَقَّلُ فِي الْبِلادِ وَيَمْدَحُ الْكِبَارَ؛ وَعُمِّرَ دَهْرًا وَمَاتَ فِي أَيَّامِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدَسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ جَعْدَةَ. رُوِيَ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ نابغة بني جَعْدَةَ لَمَّا أَقْحَمَتِ السَّنَةُ أَتَى ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ، فَأَنْشَدَهُ فِي الْمَسْجِدِ: حَكَيْتَ لَنَا الصِّدِّيقَ لَمَّا وَلِيتَنَا ... وَعُثْمَانَ وَالْفَارُوقَ فَارْتَاحَ مُعْدَمُ وَسَوَّيْتَ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْحَقِّ فَاسْتَوَوْا ... فَعَادَ صَبَاحًا حَالِكُ اللَّيْلِ مُظْلِمُ فِي أَبْيَاتٍ، فَأَمَرَ لَهُ بِسَبْعِ قَلائِصَ وَرَاحِلَةِ تَمْرٍ وَبُرٍّ، وَقَالَ لَهُ: لَكَ فِي مَالِ اللَّهِ حَقَّانِ، حَقٌّ لِرُؤْيَتِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَقٌّ لِشَرِكَتِكَ أَهْلَ الإِسْلامِ2، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. 114- نجدة بن عامر الحنفي الحروري، من رؤوس الْخَوَارِجِ، مَالَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَتَلُوهُ بِالْجِمَارِ. وَقِيلَ: اخْتَلَفَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَتَلُوهُ فِي سنة تسع وستين. 115- النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرِ3 بْنِ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالَ: أَبُو مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ، ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ. شَهِدَ أَبُوهُ بَدْرًا. وَوُلِدَ النُّعْمَانُ سنة اثْنَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَحَفِظَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث. روى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بن عوف، وأبو سلام

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أبو نعيم "1/ 74" في تاريخ أصفهان، والبيهقي "5/ 251" في الدلائل. 2 خبر ضعيف: فيه انقطاع. وأخرجه ابن عبد البر "3/ 588" في الاستيعاب. 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 322"، وأسد الغابة "5/ 32"، والاستيعاب "3/ 550".

الأَسْوَدِ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَمَوْلاهِ حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَوَلاهُ الْكُوفَةَ مُدَّةً، وَوَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ بَعْد فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ حِمْصَ مُدَّةً. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: وُلِدَ عَامَ الْهِجْرَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ لِلأَنْصَارِ. وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ أَعْشَى هَمْدَانَ وَفَدَ عَلَى النُّعْمَانِ وَهُوَ أَمِيرُ حِمْصَ فَقَالَ لَهُ: مَا أقَدَمَكَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِتَصِلَنِي، وَتَحْفَظُ قَرَابَتِي، وَتَقْضِيَ دَيْنِي، فَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا شَيْءٌ، ثُمَّ قَالَ: هَهْ، كَأنَّهُ ذَكَرَ شَيْئًا، فَقَامَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ حِمْصَ؟ وَهُمْ فِي الدِّيُوانِ عِشْرُونَ أَلْفًا هَذَا ابْنُ عَمِّكُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ، وَالشَّرَفِ قَدِمَ عَلَيْكُمْ يَسْتَرْفِدُكُمْ، فَمَا تَرَوْنَ؟ قَالُوا: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمْيِرَ احْتَكَمَ لَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، قَالُوا: فَإِنَّا قَدْ حَكَمْنَا لَهُ عَلَى أَنْفُسِنَا مِنْ كُلِّ رَجُلٍ فِي الْعَطَاءِ بِدِينَارَيْنِ دِينَارَيْنِ، فَعَجَّلَهَا لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَبَضَهَا1. حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: كَانَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ وَاللَّهِ مِنْ أَخْطَبَ مَنْ سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا يَتَكَلَّمُ. وَرُوِيَ أَنَّ النُّعْمَانَ لَمَّا دَعَا أَهْلَ حِمْصَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ احْتَزُّوا رَأْسَهُ2. وَقِيلَ: قُتِلَ بِقَرْيَةِ بِيرِينَ، قَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ بَعْدَ وَقْعَةِ مَرْجِ رَاهِطٍ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. 116- نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيُّ3 -خ م ن- لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ وشهد الفتح، وغزا مَعَ الصِّدِّيقِ سَنَةَ تِسْعٍ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُطِيعٍ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَنَزَلَ الْمَدِينَةَ فِي بَنِي الدِّيلِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: شَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ، وَكَانَ لَهُ ذِكْرٌ وَنِكَايَةٌ، قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي خلافة معاوية.

_ 1 السير "3/ 412". 2 السير "3/ 412". 3 انظر: الاستيعاب "3/ 538"، وأسد الغابة "5/ 47"، والإصابة "3/ 578".

وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ. وَقِيلَ: عَاشَ سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّينَ فِي الإِسْلامِ. وَكَانَ سَلْمَى بْنُ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيِّ جَوَّادًا مُمَدَّحًا، وَفِيهِ يَقُولُ الْجَعْفَرِيُّ: يَسُودُ أَقْوَامٌ وَلَيْسُوا بِسَادَةٍ ... بَلِ السَّيِّدُ الْمَحْمُودُ سَلْمَى بن نوفل "حرف الهاء": 117- هبيرة بن بريم -ع- أَبُو الْحَارِثِ الشِّبَامِيُّ1 وَيُقَالُ: الْخَارِفِيُّ الْكُوفِيُّ. روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، وأبو فاختة. وقال الإمام أحمد: لا بَأْسَ بِحَدِيثِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: ضَعِيفٌ. 118- هَمَّامُ بْنُ قَبِيصَةَ بْنِ مَسْعُودِ2 بْنِ عُمَيْرٍ النُّمَيْرِيُّ، أَحَدُ الأَشْرَافِ. كَانَ مِنْ أَبْطَالِ مُعَاوِيَةَ، كَانَ عَلَى قَيْسِ دِمَشْقَ يَوْمَ صِفِّينَ، وَكَانَ لَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ صَارَتْ لابْنِ جَوْصَا الْمُحَدِّثِ، عِنْدَ حَمَّامِ الْجُبْنِ. قُتِلَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ. وَلَهُ شِعْرٌ. 119- هِنْدُ بْنُ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيُّ3، سِبْطُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، خديجة -رضي الله عنها- قُتِلَ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. وَقِيلَ: مَاتَ فِي الطَّاعُونِ بِالْبَصْرَةِ. "حرف الواو": 120- الوليد بْن عُتْبَة4 بْن أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ الأُمَوِيُّ، وَلاه عَمُّهُ معاوية

_ 1 انظر: الطبقات "6/ 170"، الجرح والتعديل "9/ 109". 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 307"، وجمهرة أنساب العرب "279". 3 انظر: أسد الغابة "5/ 73"، والإصابة "3/ 612". 4 انظر: الجرح والتعديل "9/ 12"، والسير "3/ 534".

الْمَدِينَةَ، وَكَانَ جَوَّادًا حَلِيمًا فِيهِ دِينٌ وَخَيْرٌ. قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يُوَلِّي عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّةً مَرْوَانَ وَمَرَّةً الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، وَكَذَا وَلاهُ يَزِيدُ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ، وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ غَيْرَ مَرَّةٍ، آخِرُهَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ الْوَلِيدُ رَجُلَ بَنِي عُتْبَةَ، وَكَانَ حَلِيمًا كَرِيمًا، تُوُفِّيَ مُعَاوِيَةُ فَقَدِمَ عَلَيْهِ رَسُولُ يَزِيدَ، فَأَخَذَ الْبَيْعَةَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا سِرًّا، فَقَالا: نُصْبِحُ وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: إِنْ خرجنا مِنْ عِنْدَكَ لَمْ نَرَهُمَا، فَنَافَرَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَتَغَالَظَا حَتَّى تَوَاثَبَا، وَقَامَ الْوَلِيدُ يُحَجِّزُ بَيْنَهُمَا، فَأَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِيَدِ الْحُسَيْنِ وَقَالَ: امْضِ بِنَا، وَخَرَجَا، وَتَمَثَّلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لا تَحْسبَنِّي يَا مُسَافِرُ شَحْمَةً ... تَعَجَّلَهَا مِنْ جَانِبِ الْقِدْرِ جَائِعُ فَأَقْبَلَ مَرْوَانُ عَلَى الْوَلِيدِ يَلُومُهُ فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ، مَا كُنْتُ لأَسْفِكُ دِمَاءَهُمَا، وَلا أَقْطَعُ أَرْحَامَهُمَا. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجَادٍ، وَغَيْرِهِمَا قَالُوا: لَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَرَادُوا الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ عَلَى الْخِلافَةِ، فَأَبَى وَهَلَكَ تلك لليالي. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: أَرَادَ أَهْلُ الشَّامِ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ عَلَى الْخِلافَةِ، فَطُعِنَ فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَمْ يَصِحَّ إِنَّهُ قَدِمَ للصة عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَصَابَهُ الطَّاعُونُ فِي صَلاتِهِ، عَلَيْهِ، فَلَمْ يُرْفَعْ إلا وَهُوَ مَيِّتٌ1. "حرف الْيَاءِ": 121- يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ2 بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ الحميري البصري الشاعر. كان أحد الشعراء الإسلاميين، وَكَانَ كَثِيرَ الْهَجْوِ وَالشَّرِّ لِلنَّاسِ. فَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ أَرَادَ قَتْلَ ابْنِ مُفَرِّغٍ لِكَوْنِهِ هَجَا أَبَاهُ زِيَادًا ونِفَارُهُ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ، فَمَنَعَهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ قَتْلِهِ، وَقَالَ: أَدِّبْهُ: فَسَقَاهُ مُسْهِلا، وَأَرْكَبَهُ عَلَى حِمَارٍ، وَطَوَّفَ بِهِ وَهُوَ يَسْلَحُ فِي الأَسْوَاقِ عَلَى الحمار، فقال:

_ 1 السير "3/ 534". 2 انظر: السير "3/ 522، 523"، العقد الفريد "4/ 404"، "6/ 133".

يَغْسِلُ الْمَاءُ مَا صَنَعْتَ وَشِعْرِي ... رَاسِخٌ مِنْكَ فِي الْعِظَامِ الْبَوَالِي وَقَالَ يُخَاطِبُ مُعَاوِيَةَ: أَتَغْضَبُ أَنْ يُقَالَ: أَبُوكَ حُرٌّ ... وَتَرْضَى أَنْ يُقَالَ: أَبُوكَ زَانِي فَأَشْهَدُ أَنَّ رَحِمَكَ مِنْ زِيَادٍ ... كَرَحِمِ الْفِيلِ مِنْ وَلَدِ الأَتَانِ1 مَاتَ ابْنُ مُفَرِّغٍ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ أَيَّامِ مُصْعَبٍ. 122- يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ2 بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، أَبُو خَالِدٍ الأُمَوِيُّ، وَأُمُّهُ مَيْسُونَ بِنْتُ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيَّةُ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ خَالِدٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. بُويِعَ بِعَهْدِ أَبِيهِ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَعِشْرِينَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ: كَانَ يَزِيدُ كَثِيرَ اللَّحْمِ، ضَخْمًا، كَثِيرَ الشِّعْرِ. وَقَالَ أَبُو مُسْهَرٍ: حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ الْكَلْبِيُّ قَالَ: تَزَوَّجَ مُعَاوِيَةُ مَيْسَونَ بِنْتَ بَحْدَلٍ، وَطَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ بِيَزِيدَ، فَرَأَتْ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ قَمَرًا خَرَجَ مِنْ قِبَلِهَا، فَقَصَّتْ رُؤْيَاهَا عَلَى أُمِّهَا، فَقَالَتْ: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَتَلِدِيَنَّ مَنْ يُبَايَعُ لَهُ بِالْخِلافَةِ3. وَفِي سَنَةِ خَمْسِينَ غَزَا يَزِيدُ أَرْضَ الرُّومِ وَمَعَهُ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: حَجَّ بِالنَّاسِ يَزِيدُ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَسَنَةَ اثْنَتَيْنِ، وَسَنَةَ ثَلاثٍ. وَقَالَ أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عُقْبَةَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، عُمَرُ الْفَارُوقُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، ابْنُ عَفَّانَ ذُو النُّورَيْنِ قُتِلَ مَظْلُومًا يُؤْتَى كِفْلَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ، مُعَاوِيَةُ وَابْنُهُ مَلَكَا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ، وَالسَّفَّاحُ، وَسَلامٌ، وَمَنْصُورٌ، وَجَابِرٌ وَالْمَهْدِيُّ، وَالأَمِينُ، وَأَمِيرُ الْعُصَبِ، كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، كُلُّهُمْ صَالِحٌ، لا يُوجَدُ مِثْلُهُ4.

_ 1 انظر: الأغاني "18/ 265، 271"، وفيات الأعيان "6/ 350". 2 انظر: وفيات الأعيان "6/ 347-349"، والأغاني "7/ 120". 3 خبر حسن. 4 إسناده ضعيف. في متنه نكارة، فإن ابن العاص لم يشهد الدولة العباسية.

رَوَى نَحْوَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ. وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ أَحَدٌ. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حِينَ بَعَثَهُ يَزِيدُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: تَعْلَمُ: إِنِّي أَجِدُ فِي الْكِتَابِ أَنَّكَ سَتُعَنَّى وتُعَنَّى وَتَدَّعِي الْخِلافَةَ وَلَسْتَ بِخَلِيفَةَ، وَإِنِّي أَجِدُ الْخَلِيفَةَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ. وَرَوَى زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ قَالَ: زُرْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الحسن، فَخَلَوْتُ بِهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا تَرَى مَا النَّاسُ فِيهِ؟ فَقَالَ لِي: أَفْسَدَ أَمْرَ النَّاسِ اثْنَانِ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَوْمَ أَشَارَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ، فَحُمِلَتْ، وَقَالَ: أَيْنَ الْقُرَّاءُ، فَحَكَمَ الْخَوَارِجُ، فَلا يَزَالُ هَذَا التَّحْكِيمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَإِنَّهُ كَانَ عَامِلَ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْكُوفَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ: إِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا فَأَقْبِلْ مَعْزُولا، فَأَبْطَأَ عَنْهُ، فلما وَرَدَ عَلَيْهِ قَالَ: مَا أَبْطَأَ بِكَ؟ قَالَ: أَمْرٌ كُنْتُ أُوَطِّئُهُ وَأُهَيِّئُهُ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: الْبَيْعَةُ لِيَزِيدَ من بعدك، قال: أوفعلت؟ قال: نعم، قال: ارجع إلى عَمَلِكَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: وَضَعْتُ رِجْلَ مُعَاوِيَةَ فِي غَرْزِ غَيٍّ لا يَزَالُ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ الْحَسَنُ: فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَايَعَ هَؤُلاءِ لِأَبْنَائِهِمْ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَكَانَتْ شُورَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَرَوَى هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ وَفَدَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ بِمَنْ تَسْتَخْلِفُ عَلَيْهَا، فَقَالَ: نَصَحْتَ وَقُلْتُ بِرَأْيِكَ، وَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلا ابْنِي وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَابْنِي أَحَقُّ. وقال أبو بكر بن أبي مريم، عن عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ إِنَّمَا عَهِدْتُ لِيَزِيدَ لَمَّا رأيت من فضله، فبلغه ما أملت وأعنه، وَإِنْ كُنْتُ إِنَّمَا حَمَلَنِي حُبُّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَأنَّهُ لَيْسَ لِمَا صَنَعْتُ بِهِ أَهْلا، فَاقْبِضْهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ السَّعِيدِيُّ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يعطي عبد الله بن

_ 1 خبر ضعيف: فيه ابن أبي مريم من الضعفاء.

جَعْفَرٍ كُلَّ عَامٍ أَلْفَ أَلْفٍ، فَلَمَّا وَفَدَ عَلَى يَزِيدَ أَعْطَاهُ أَلْفَ أَلْفٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَأَمَرَ لَهُ بألفا ألف أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: وَاللَّهِ لا أَجْمَعُهُمَا لِأَحَدٍ بَعْدَكَ. مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، ثنا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، ثنا مُهَاجِرٌ أَبُو مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْعَالِيَةِ، حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَوَّلُ مَنْ يُبَدِّلُ سُنَّتِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: يَزِيدُ"1. أَخْرَجَهُ الرُّويَانِيُّ فِي "مُسْنَدِه"، عَنْ بُنْدَارٍ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ عَوْفٍ، وَلَيْسَ فِيهِ أَبُو مُسْلِمٍ. وَفِي "مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى": ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يَزَالُ أَمْرُ أُمَّتِي قَائِمًا بِالْقِسْطِ، حَتَّى يَكُونَ أَوَّلُ مَنْ يَثْلَمُهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالَ لَهُ: يَزِيدُ"2. وَرَوَاهُ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخَشْنِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَهُ. لَمْ يَلْقَ مَكْحُولٌ أَبَا ثَعْلَبَةَ، وَقَدْ أَدْرَكَهُ وَصَدَّقَةُ السَّمِينُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ جُوَيْرِيَةَ تَلْعَبُ وَتُغَنِّي فِي يَزِيدَ بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ: لَسْتَ مِنَّا وَلَيْسَ خَالُكَ مِنَّا ... يَا مُضِيعَ الصَّلاةِ لِلشَّهَوَاتِ فَدَعَا بِهَا وَقَالَ: لا تَقُولِي: لَسْتَ مِنَّا قُولِي: أَنْتَ مِنَّا. وَقَالَ صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ، ثُمَّ تَشَهَّدَ وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانٍ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْغَدْرِ أَلا يَكُونَ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ أَنْ يُبَايِعَ رَجُلٌ رَجُلا على

_ 1 حديث ضعيف: فيه انقطاع. 2 حديث ضعيف: إسناده مرسل. وانظر المجمع "5/ 241".

بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يَنْكُثُ" 1 فَلا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَزِيدَ. وَزَادَ فِيهِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ: فَمَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية، فأرادوا عَلَى خَلْعِ يَزِيدَ، فَأَبَى، وَقَالَ ابْنُ مُطِيعٍ: إِنَّ يَزِيدَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَتْرُكُ الصَّلاةَ، وَيَتَعَدَّى حُكْمَ الْكِتَابِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِنْهُ مَا تَذْكُرُونَ، وَقَدْ أَقَمْتُ عِنْدَهُ، فَرَأَيْتُهُ مُوَاظِبًا لِلصَّلاةِ، مُتَحَرِيًّا لِلْخَيْرِ، يَسْأَلُ عَنِ الْفِقْهِ، قَالَ: كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ تَصَنُّعًا لَكَ وَرِيَاءً. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَنْشَدَنِي عَمِّي لِيَزِيدَ: آبَ هَذَا الْهَمُّ فَاكْتَنَعَا ... وَأَمَرَ النَّوْمَ فَامْتَنَعَا رَاعِيًا لِلنَّجْمِ أَرْقُبُهُ ... فَإِذَا مَا كَوْكَبٌ طَلَعَا حَامَ حَتَّى إِنَّنِي لأَرَى ... أَنَّهُ بِالْغَوْرِ قَدْ وَقَعَا وَلَهَا بِالْمَاطِرُونَ إِذَا ... أَكَلَ النَّمْلُ الَّذِي جَمَعَا نَزْهَةٌ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ ... نَزَلَتْ مِنْ جِلَّقٍ بِيَعَا فِي قِبَابٍ وَسْطَ دَسْكَرةٍ ... حَوْلَهَا الزَّيْتُونُ قَدْ يَنَعَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةٍ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ رَجُلٌ يَزِيدَ فَقَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: تَقُولُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عِشْرِينَ سَوْطًا. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَغَيْرُهُ: مَاتَ يَزِيدُ فِي نِصْفِ رَبِيعِ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. 123- يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ الثَّقَفِيُّ2 وَالِدُ الْحَجَّاجِ. قَدِمَ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى الشَّامِ، وَذَهَبَ إِلَى مِصْرَ وَإِلَى الْمَدِينَةِ. لَهُ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقِيلَ: عَنِ ابْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وَكَانَ مَعَ مَرْوَانَ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّينَ.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 48". 2 انظر: تاريخ الطبري "5/ 612"، الكامل "4/ 191".

الكنى: 124- أبو الأسود الدؤلي1 "ع" ويقال: الديلي، قَاضِي الْبَصْرَةِ، اسْمُهُ ظَالِمُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى الأَشْهَرِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بْنِ كعب، وابن مسعود، وأبي ذر، وَالزُّبَيْرِ. قال الداني: وقرأ القرآن على: عثمان، وعلي. قرأ عليه: ابنه أبو حرب، ونصر بن عاصم، وحمران بن أعين، ويحيى بن يعمر. روى عنه: ابنه أبو حرب، ويحيى بن يعمر، وعبد الله بن بريدة، وعمر مولى غفرة. قال أحمد العجلي: ثقة، وهو أول من تكلم في النحو. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَاتَلَ يَوْمَ الْجَمَلِ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ مِنْ وُجُوهِ شِيعَتِهِ، وَمِنْ أَكْمَلَهُمْ رَأْيًا وَعَقْلا، وَقَدْ أمره علي -رضي الله عنهم- بِوَضْعِ النَّحْوِ، فَلَمَّا أَرَاهُ أَبُو الأَسْوَدِ مَا وَضَعَ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا النَّحْوَ الَّذِي نَحَوْتَ، وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ النَّحْوُ نَحْوًا. وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا الأَسْوَدِ أَدَّبَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ. وَذَكَرَ ابْنُ دَأْبٍ أَنَّ أَبَا الأْسَوَدِ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهم، فَأَدْنَى مَجْلِسَهُ وَأَعْظَمَ جَائِزَتَهُ. وَمِنْ شِعْرِهِ: وَمَا طَلَبُ الْمَعِيشَةِ بِالتَّمَنِّي ... وَلَكِنْ أَلْقِ دَلْوَكَ فِي الدلاء نجيء بمثلها طَوْرًا وَطَوْرًا ... تَجِيءُ بِحِمْأَةٍ وَقَلِيلِ مَاءٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: أَبُو الأَسْوَدِ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ بَابَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَالْمُضَافَ، وَحَرْفَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ وَالْجَزْمِ، فَأَخَذَ عَنْهُ ذَلِكَ يَحْيَى بن يعمر2.

_ 1 انظر: الأمالي "2/ 12، 202" للقالي، الطبقات الكبرى "7/ 99". 2 طبقات الشعراء "ص/ 12".

وقال أبو عبيدة ابن الْمُثَنَّى: أَخَذَ عَنْ عَلِيٍّ الْعَرَبِيَّةَ أَبُو الأَسْوَدِ، فَسَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ: {إِنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِهُ} [التوبة: 3] فَقَالَ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَمْرَ النَّاسِ قَدْ صَارَ إِلَى هَذَا، فَقَالَ لِزِيَادِ الأَمِيرِ: ابْغِنِي كَاتِبًا لَقِنًا، فَأَتَى بِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الأَسْوَدِ: إِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ فَتَحْتَ فَمِي بِالْحَرْفِ فَانْقُطْ نُقْطَةً أَعْلاهُ، وَإِذَا رَأَيْتَنِي ضَمَمْتُ فَمِي فَانْقُطْ نُقْطَةً بَيْنَ يَدَيِ الْحَرْفِ، وَإِنْ كَسَرْتُ فَانْقُطْ تَحْتَ الْحَرْفِ، فَإِذَا أَتْبَعْتُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ غُنَّةً فَاجْعَلْ مَكَانَ النُّقْطَةِ نُقْطَتَيْنِ. فَهِذِهِ نُقَطُ أَبِي الأَسْوَدِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ ثنا الْمَازِنِيُّ قَالَ: السَّبَبُ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ أَبَّوَابُ النَّحْوِ، أَنَّ ابْنَةَ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَتْ: مَا أَشَدُّ الْحَرِّ؟ قَالَ: الْحَصْبَاءُ بِالرَّمْضَاءِ، قالت: إنما تعجبت من شدته، فقال: أوقد لَحَنَ النّاسُ؟ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَلِيًّا عَلَيْهِ الرُّضْوَانُ، فَأَعْطَاهُ أُصُولا بَنَى مِنْهَا، وَعَمِلَ بَعْدَهُ عَلَيْهَا. وهو أول من نقط المصاحف. وأخذ عنه النَّحْوِ عَنْبَسَةُ الْفِيلِ، وَأَخَذَ عَنْ عَنْبَسَةَ مَيْمُونٌ الأَقْرَنُ، ثُمَّ أَخَذَهُ عَنْ مَيْمُونٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرِميُّ، وَأَخَذَهُ عَنْهُ: عِيسَى بْنُ عُمَرَ، وَأَخَذَهُ عَنْهُ: عِيسَى الْخَلِيلُ، وَأَخَذَهُ عَنِ الْخَلِيلِ: سِيبَوَيْهِ، وَأَخَذَهُ عَنْ سِيبَوَيْهِ: سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الأَخْفَشُ1. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: ثنا سَعِيدُ بْنُ سَلْمٍ الْبَاهِلِيُّ: ثنا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ فَرَأَيْتُهُ مُطْرِقًا، فَقُلْتُ فِيمَ تُفَكِّرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ بِبَلَدِكُمْ لَحْنًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضَعَ كِتَابًا فِي أُصُولِ الْعَرَبِيَّةِ، فَقُلْتُ: إِنْ فَعَلْتَ هَذَا أَحْيَيْتَنَا، فَأَتَيْتُهُ بَعْد أَيَّامٍ، فَأَلْقَى إِلَيَّ صَحِيفَةٍ فِيهَا: الْكَلامُ كُلُّهُ: اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ، فَالاسْمُ مَا أَنْبَأَ عَنِ الْمُسَمَّى، وَالْفِعْلُ مَا أَنْبَأَ عَنْ حَرَكَةِ الْمُسَمَّى، وَالْحَرْفُ مَا أَنْبَأَ عَنْ مَعْنًى لَيْسَ بِاسْمٍ وَلا فِعْلٍ. ثُمَّ قَالَ: تَتَبَّعْهُ وَزِدْ فِيهِ مَا وَقَعَ لَكَ، فَجَمَعْتُ أَشْيَاءَ، ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ: ثنا حَيَّانُ بْنُ بِشْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو الأَسْوَدِ إِلَى زِيَادٍ فَقَالَ: أَرَى الْعَرَبَ قَدْ خَالَطَتِ الْعَجَمَ، فَتَغَيَّرَتْ أَلْسِنَتُهُمْ، أَفَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَصْنَعَ لِلْعَرَبِ كَلامًا يُقِيمُونَ بِهِ كَلامَهُمْ؟ قَالَ: لا، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى زِيَادٍ فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، تُوُفِّيَ أَبَانَا وَتَرَكَ بَنُونٌ، فَقَالَ: ادْعُ لِي أَبَا الأَسْوَدِ، فَقَالَ: ضَعْ لِلنَّاسِ الَّذِي نهيتك عنه أن تضع لهم.

_ 1 الأغاني "12/ 298".

قَالَ الْجَاحِظُ: أَبُو الأَسْوَدِ مُقَدَّمٌ فِي طَبَقَاتِ النَّاسِ، كَانَ مَعْدُودًا فِي الْفُقَهَاءِ، وَالشُّعَرَاءِ، وَالْمُحَدِّثِينَ، وَالأَشَّرَافِ، وَالْفُرْسَانِ، وَالأُمَرَاءِ، وَالزُّهَّادِ، وَالنُّحَاةِ، وَالْحَاضِرِي الْجَوَابِ، وَالشِّيعَةِ، وَالْبُخَلاءِ، وَالصُّلَعِ الأَشَّرَافِ. تُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُونَ سنة وقيل: قبل ذَلِكَ، وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 125- أَبُو بَشِيرٍ الأنصاري –خ م د-السَّاعِدِيُّ1، وَقِيلَ: الْمَازِنِيُّ، اسْمُهُ: قَيْسٍ الأَكْبَرُ بْنُ عبيد. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، وَضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ نَافِعٍ. لَهُ حَدِيثُ: "لا تَبْقَى فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلادَةٌ إِلا قُطِعَتْ" 2، وَحَدِيثَانِ آخَرَانِ. وَقَدْ جُرِحَ يَوْمَ الْحَرَّةِ جِرَاحَاتٍ. 126- أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ3 الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ، الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ائْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ، وَاذْهَبُوا بِهَذِهِ الْخَمِيصَةِ إِلَيْهِ" 4، وَكَانَ لَهَا أَعْلامٌ. وَاسْمُهُ عُبَيْدٌ، وَهُوَ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ، أُحْضِرَ فِي تَحْكِيمِ الْخَصْمَيْنِ، وَكَانَ عَالِمًا بِالنَّسَبِ، وَقَدْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُصَدِّقًا، وَكَانَ مُعَمَّرًا بَنَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعَهُمُ الْكَعْبَةَ، ثُمَّ بَقِيَ حَتَّى بَنَى فِيهَا مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ابْتَنَى أَبُو جَهْمٍ بِالْمَدِينَةِ دَارًا وكان عمر -رضي الله عنهم- قَدْ أَخَافَهُ وَأَشْرَفَ عَلَيْهِ حَتَّى كَفَّ مِنْ غَرْبِ لِسَانِهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ سُرَّ بِمَوْتِهِ، وَجَعَلَ يَوْمَئِذٍ يَحْتَبِشُ فِي بَيْتِهِ، يَعْنِي يَقْفِزُ عَلَى رِجْلَيْهِ5. وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: طَلَّقَنِي زَوْجِي الْبَتَّةَ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ أَبْتَغِي النَّفَقَةَ، فَقَالَ:

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 236"، والاستيعاب "4/ 24"، والإصابة "4/ 20، 21". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 18"، ومسلم "2115"، وأبو داود "2552"، وأحمد "5/ 216". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 451"، والاستيعاب "4/ 32"، وأسد الغابة "5/ 162". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 99"، ومسلم "565"، وأبو داود "4052"، وأحمد "6/ 37، 199"، وابن ماجه "3550". 5 الطبقات الكبرى "5/ 451".

رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ، وَعَلَيْكِ الْعِدَّةٌ، انْتَقِلِي إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ، وَلا تُفَوِّتِينِي بِنَفْسِكِ" ثُمَّ قَالَ: "أُمُّ شَرِيكٍ يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِخْوَتُهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ". فَلَمَّا حَلَلْتُ خَطَبَنِي مُعَاوِيَةُ وَأَبُو جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما معاوية فعائل لا شي له، وأما أبو جهم فإنه ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ، أَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ أُسَامَةَ" 1، فَكَأَنَّ أَهْلَهَا كَرِهُوا ذَلِكَ، فَنَكَحَتْهُ. وَقَدْ شَهِدَ أَبُو جَهْمٍ الْيَرْمُوكِ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مَرَّاتٍ، وَلَمْ يَرْوِ شَيْئًا مَعَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ. وَحَكَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ أَنَّ أَبَا جَهْمِ بْنَ حُذَيْفَةَ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَقْعَدَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ فِيكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْمَسِيحِ: نَمِيلُ عَلَى جَوَانِبِهِ كَأَنَّا ... نَمِيلُ إِذَا نَمِيلُ عَلَى أَبِينَا نُقَلِّبَهُ لنخبر حالتيه ... فنخبر منهما كَرَمًا وَلِينًا فَأَعْطَاهُ مُعَاوِيَةُ مِائَةَ أَلْفٍ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: وَفَدَ أَبُو جَهْمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَكْرَمَهُ وَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفٍ، وَاعْتَذَرَ فَلَمْ يَرْضَ بِهَا، فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ وَفَدَ عَلَيْهِ، فَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ أَلْفًا، فَقُلْتُ: غُلامٌ نَشَأَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، وَمَعَ هَذَا فَابْنُ كَلْبِيَّةٍ، فَأَيُّ خَيْرٍ يُرْجَى مِنْهُ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَتَيْتُهُ وَافِدًا، فَقَالَ: إِنَّ عَلَيْنَا مُؤَنًا وَحِمَالاتٍ، وَلَمْ أَجْهَلْ حَقَّكَ، فَإِنِّي غَيْرُ مُخَيِّبِ سَفَرَكَ، هَذِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاسْتَعِنْ بِهَا، فَقُلْتُ: مَدَّ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَمْ تَقُلْ هَذَا لِمُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ، وَقَدْ نِلْتَ مِنْهُمَا مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا، قُلْتُ: نَعَمْ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قُلْتُ هَذَا، وَخِفْتُ إِنْ أَنْتَ هَلَكْتَ أَنْ لا يَلِي أَمْرَ النَّاسِ بَعْدَكَ إِلا الْخَنَازِيرُ. 127- أمَّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ2 هندَ بنتَ أَبِي أُمَيّة بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْر بْن مَخْزُومٍ الْمَخْزُومِيَّةُ بِنْتُ عَمِّ أَبِي جَهْلٍ، وَبِنْتُ عَمِّ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. بَنَى بِهَا النَّبِيُّ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ، وَهُوَ أَخُو النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الرضاعة.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1480"، وابن ماجه "1869"، وأحمد "6/ 412". 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 86-98"، والاستيعاب "4/ 454"، وأسد الغابة "5/ 588".

رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهَا: الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو وَائِلٍ شَقِيقٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ بْنِ مُطْعِمٍ، وَنَافِعٌ مَوْلاهَا، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، وَطَالَ عُمْرُهَا، وَعَاشَتْ تِسْعِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَهِيَ آخِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَفَاةً، وَقَدْ حَزِنَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَبَكَتْ عَلَيْهِ، وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ، وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي خِلافَةِ يَزِيدَ. وَأَبُوهَا أَبُو أمية يقال: اسمه حذيفة ويلقب بزاد الركب، وَكَانَ أَحَدَ الأَجْوَادِ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: اسْمَهَا رَمْلَةَ. وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ سَعِيدًا وَأَبَا هُرَيْرَةَ تُوُفِّيَا قَبْلَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَنْبَأَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ سَلَمَةَ حَزِنْتُ حُزْنًا شَدِيدًا -لَمَّا ذَكَرُوا لَهَا مِنْ جَمَالِهَا- فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى رَأَيْتُهَا وَاللَّهِ أَضْعَافَ مَا وُصِفَتْ لِي فِي الْحُسْنِ والجمال، فذكرت ذلك لحفصة -وكانت يَدًا وَاحِدَةً- فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ إِنَّهَا الْغَيْرَةُ وَمَا هِيَ كَمَا تَقُولِينَ إِنَّهَا لَجَمِيلَةٌ، فَرَأَيْتُهَا بَعْدُ فَكَانَتْ كَمَا قَالَتْ حَفْصَةُ، وَلَكِنَّ كُنْتُ غَيْرَى1. قَالَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِد الزَّنْجِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا: "إِنِّي قد أهديت إلى النجاشي أواق مِنْ مِسْكٍ وَحُلَّةً، وَإِنِّي أَرَاهُ قَدْ مَاتَ، وَلا أَرَى الْهَدِيَّةَ إِلا سَتُرَدُّ، فَإِذَا رُدَّتْ فهي لك"2.

_ 1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 94" في طبقاته. 2 حديث ضعيف: وأخرجه ابن سعد "8/ 94".

قَالَتْ: فَكَانَ كَمَا قَالَ، فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةً مِنْ مِسْكٍ، وَأَعْطَى سَائِرَهُ أُمَّ سَلَمَةَ، وَأَعْطَاهَا الْحُلَّةَ. الْقَعْنَبِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكَانَ يَوْمُهَا، فَأَحَبَّ أَنْ تُوَافِيَهُ1. الْوَاقِدِيُّ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: صَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ. قُلْتُ: هَذَا مِنْ غَلَطِ الْوَاقِدِيِّ، أَبُو هُرَيْرَةَ مَاتَ قَبْلَهَا. *أَبُو رُهْمٍ السَّمَاعِيُّ –د ن ق- ويقال: السمعي2. اسمه أحزاب بن أسيد، ويقال: أسد، الظهري، ويقال: بِكَسْرِ الظَّاءِ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ أَوْلادِ السَّمَعِ -وَيُقَالُ: السَّمَعُ بِكَسْرِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ- بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ سَهْلٍ. رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَمَنْ قَالَ: لا صُحْبَةَ لَهُ جَعَلَ الْحَدِيثَ مُرْسَلا. وَرَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَارِثُ بْنُ زِيَادٍ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٌ الْيَزَنِيُّ، وَمَكْحُولٌ الشَّامِيُّ، وَشُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، وجماعة. روى له أبو دَاوُدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. 128- أَبُو الرَّبَابِ الْقُشَيْرِيُّ3 وَاسْمُهُ مُطَرِّفُ بْنُ مَالِكٍ، بَصْرِيٌّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَثِقَاتِهِمْ. لَقِيَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَكَعْبَ الأَحْبَارِ، وَأَبَا مُوسَى، وَشَهِدَ فَتْحَ تُسْتَرَ. رَوَى عَنْهُ: زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بن سيرين.

_ 1 حديث ضعيف: إسناده مرسل. وأخرجه أحمد "6/ 291"، وابن سعد "8/ 95" في الطبقات. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 438"، أسد الغابة "5/ 196"، الإصابة "4/ 75". 3 انظر: التاريخ الكبير "7/ 396"، والجرح والتعديل "8/ 312".

فَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الدرداء نعوده، وهو يومئذ أَمِيرٌ، وَكُنْتُ خَامِسَ خَمْسَةٍ فِي الَّذِينَ وُلُّوا قَبْضَ السُّوسِ، فَأَتَانِي رَجُلٌ بِكِتَابٍ فَقَالَ: بِيعُونِيهِ، فإنه كتاب الله أحسن أقرأه ولا تُحْسِنُونَ، فَنَزَعْنَا دَفَّتَيْهِ، فَاشْتَرَاهُ بِدِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجْنَا إِلَى الشَّامِ، وَصَحِبَنَا شَيْخٌ عَلَى حِمَارٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ يَقْرَأُهُ ويبكي، فقلت: ما أشبه هذا المصحف بمصحف شأنه كذا وكذا، فقال: إنه ذاك، قلت: فَأَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أَرْسِلْ إِلَيَّ كَعْبُ الأَحْبَارِ عَامَ أَوَّلَ فَأَتَيْتُهُ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَيَّ، فَهَذَا وَجْهِي إِلَيْهِ، قُلْتُ: فَأَنَا مَعَكَ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى قَدِمْنَا الشَّامَ، فَقَعَدْنَا عِنْدَ كَعْبٍ، فَجَاءَ عِشْرُونَ مِنَ الْيَهُودِ فِيهِمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ يَرْفَعُ حَاجِبَيْهِ بِحَرِيرَةٍ فَقَالُوا: أَوْسَعُوا أَوْسَعُوا، وَرَكِبْنَا أَعْنَاقَهُمْ، فَتَكَلَّمُوا فَقَالَ كَعْبٌ: يَا نُعَيْمُ، أَتُجِيبُ هَؤُلاءِ أَوْ أُجِيبُهُمْ؟ قَالَ: دَعُونِي حَتَّى أَفْقَهَ هَؤُلاءِ مَا قَالُوا، ثُمَّ أُجِيبُهُمْ، إِنَّ هَؤُلاءِ أَثْنَوْا عَلَى أَهْلِ مِلَّتِنَا خَيْرًا، ثُمَّ قَلَبُوا أَلْسِنَتَهُمْ، فَزَعَمُوا أَنَّا بِعْنَا الآخِرَةَ بِالدُّنْيَا، هَلُمَّ فَلْنُوَاثِقْكُمْ، فَإِنْ جِئْتُمْ بِأَهْدَى مِنْهُ لَتَتَّبِعُنَّا، قَالَ: فَتَوَاثَقُوا، فَقَالَ كَعْبٌ: أَرْسِلْ إِلَيَّ ذَلِكَ الْمُصْحَفَ، فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أن يَكُونَ هَذَا بَيْنَنَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، لا يُحْسِنْ أَحَدٌ يَكْتُبُ مِثْلَهُ الْيَوْمَ، فَدَفَعَ إِلَى شَابٍّ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ كَأَسْرَعِ قَارِئٍ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى مَكَانٍ مِنْهُ نَظَرَ إِلَى أصحابه كَالرَّجُلِ يُؤْذِنُ صَاحِبَهُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ جَمَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ بِهِ، فَنَبَذَهُ، فَقَالَ كَعْبٌ: آهِ، وَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، فَقَرَأَ، فَأَتى عَلَى آيَةٍ مِنْهُ، فَخَرُّوا سُجَّدًا، وَبَقِيَ الشَّيْخُ يَبْكِي، فَقِيلَ: وَمَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: وَمَالِي لا أَبْكِي، رَجُلٌ عَمِلَ فِي الضَّلالَةِ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، وَلَمْ أَعْرِفِ الإِسْلامَ حَتَّى كَانَ الْيَوْمَ. هَمَّامٌ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَصَبْنَا دَانِيَالَ بِالسُّوسِ1 فِي بَحْرٍ مِنْ صَفَرٍ، وَكَانَ أَهْلُ السُّوسِ إِذَا اسْتَقَوَا اسْتَخْرَجُوهُ فاستسقوا به، وأصبنا معه ربطتي كِتَّانٍ، وَسِتِّينَ جَرَّةً مَخْتُومَةً، فَفَتَحْنَا جَرَّةً، فَوَجَدْنَا فِي كُلِّ جَرَّةِ عَشْرَةَ آلافٍ، وَأَصَبْنَا مَعَهُ رَبْعَةً فِيهَا كِتَابٌ، وَكَانَ مَعَنَا أَجِيرٌ نَصْرَانِيُّ يُقَالُ لَهُ: نُعَيْمٌ، فَاشْتَرَاهَا بِدِرْهَمَيْنِ. قَالَ هَمَّامٌ: قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنِي أَبُو حَسَّانٍ أَنَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: حُرْقُوصٌ، فَأَعْطَاهُ مُوسَى الرَّيْطَتَيْنِ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، ثُمَّ إِنَّهُ طَلَبَ أن يرد عليه الريطتين،

_ 1 السوس: بلدة من أعمال خراسان، وُجد بها قبر نبي الله دانيال -عليه السلام.

فَأَبَى، فَشَقَّقَهُمَا عَمَائِمَ، فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَعَا اللَّهَ أَنْ لا يَرِثَهُ إِلا الْمُسْلِمُونَ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَادْفِنْهُ. قَالَ هَمَّامٌ: وثنا فَرْقَدٌ، ثنا أَبُو تَمِيمَةَ أَنَّ كِتَابَ عُمَرَ جَاءَ: أَنِ اغْسِلْهُ بِالسِّدْرِ وَمَاءِ الرَّيْحَانِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ مُطَرِّفٍ قَالَ: فَبَدَا لِي أَنْ آتِيَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَبَيْنَا أَنَا فِي الطريق إذ أَنَا بِرَاكِبٍ شَبَّهْتُهُ بِذَلِكَ الْأَجِيرِ النَّصْرَانِيِّ، فَقُلْتُ: نُعَيْمٌ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: مَا فَعَلَتْ نَصْرَانِيَّتُكَ؟ قَالَ: تَحَنَّفْتُ بَعْدَكَ، ثُمَّ أَتَيْنَا دِمَشْقَ، فَلَقِينَا كَعْبًا، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتُمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَاجْعَلُوا الصَّخْرَةَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا ثَلاثِينَ، حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ لِكَعْبٍ: أَلا تُعْدِينِي عَلَى أَخِيكَ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ، فَجَعَلَ لَهَا مِنْ كُلِّ ثَلاثِ لَيَالٍ لَيْلَةً، ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَسَمِعَتِ الْيَهُودُ بِنُعَيْمٍ وَكَعْبٍ، فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ كعب: إن هذا كتاب قديم، وغنه بِلُغَتِكُمْ فَاقْرَأُوهُ، فَقَرَأَهُ قَارِئُهُمْ، فَأَتَى عَلَى مَكَانٍ مِنْهُ، فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ، فَغَضِبَ نُعَيْمٌ، فَأَخَذَهُ وَأَمْسَكَهُ، ثم قَرَأَ قَارِئُهُمْ حَتَّى أَتَى عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانَ {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] فَأَسْلَمَ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ حَبْرًا، وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ فَفَرَضَ لَهُمْ مُعَاوِيَةُ وَأَعْطَاهُمْ. قَالَ هَمَّامٌ: وَحَدَّثَنِي بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَمَرَّ بِهِمْ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ فَقَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتُمْ، إِنَّ كَعْبًا لَمَّا احْتُضِرَ قَالَ: أَلا رَجُلٌ أَئْتَمِنُهُ عَلَى أَمَانَةٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَدَفَعَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْكِتَابَ وقال: راكب الْبُحَيْرَةَ، فَإِذَا بَلَغْتَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَاقْذِفْهُ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ كَعْبٍ فَقَالَ: هَذَا كِتَابٌ فِيهِ عِلْمٌ، وَيَمُوتُ كَعْبٌ، لا أُفَرِّطُ بِهِ، فَأَتَى كَعْبًا وَقَالَ: فَعَلْتُ مَا أَمَرْتَنِي، قَالَ: وَمَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَ شَيْئًا، فَعَلِمَ كَذِبَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى رَدَّ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَلَمَّا أَيْقَنَ كَعْبٌ بِالْمَوْتِ قَالَ: أَلا رَجُلٌ يُؤَدِّي أَمَانَتِي؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَرَكِبَ سَفِينَةً، فَلَمَّا أَتَى ذَلِكَ الْمَكَانَ ذَهَبَ لِيَقْذِفَهُ، فَانْفَرَجَ لَهُ الْبَحْرُ حَتَّى رَأَى الأرض، فقذفه فأتاه وأخبره، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّهَا التَّوْرَاةُ كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، مَا غُيِّرَتْ وَلا بُدِّلِتْ، وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ نَتَّكِلَ عَلَى مَا فِيهَا، وَلَكِنْ قُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَلَقِّنُوهَا مَوْتَاكُمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ هُدْبَةَ، ثنا هَمَّامٌ.

129- أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ الْعَدَوِيُّ الْكَعْبِيُّ1، مِنْ عَرَبِ الْحِجَازِ، فِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ، أَشْهَرُهَا خُوَيْلِدُ بْنُ عَمْرٍو. أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَصَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ. حَدَّثَ عَنْهُ: نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، وَابْنُهُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ بِالْمَدِينَةِ. 130- أُمُّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةُ نُسَيْبَةُ2، الَّتِي أَمَرَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُغِسِّلَ بِنْتَهُ زَيْنَبَ3. رَوَى عَنْهَا: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأُخْتُهُ حَفْصَةُ، وَأُمُّ شَرَاحِيلَ، وَعَلِيُّ بْنُ الأَقْمَرِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بن عمير. هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبع غَزَوَاتٍ، فَكُنْتُ أَصْنَعُ لَهْمُ طَعَامَهُمْ، وَأَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، وَأُدَاوِي الْجَرْحَى، وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى4. وَعَنْ أُمِّ شَرَاحِيلَ مَوْلاةِ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: كَانَ علي -رضي الله عنهم- يقيل عِنْدِي، فَكُنْتُ أَنْتِفُ إبْطَهُ بِوَرْسَةٍ. 131- أَبُو كَبْشَةَ –د ت ق- الْأَنْمَارِيُّ الْمَذْحِجِيُّ، اسْمُهُ عُمَرُ5، وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ سعد. له صحبة ورواية، نزل الشام. روى عنه: ثَابِتُ بْنُ ثَوْبَانَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيُّ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ الطَّائِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْحَبْرَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يحيى أبو عامر الهوزني.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 295"، والاستيعاب "4/ 101"، والإصابة "4/ 101". 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 455"، وأسد الغابة "5/ 603"، والإصابة "4/ 476". 3 حديث صحيح: أخرجه مالك "1/ 222"، والبخاري "3/ 102"، ومسلم "939"، وأبو داود "3142"، والترمذي "990"، والنسائي "4/ 28"، وابن ماجه "1458". 4 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1812"، وابن سعد "8/ 455" في طبقاته. 5 انظر: أسد الغابة "5/ 281"، الاستيعاب "44/ 166"، الإصابة "4/ 164".

132- أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ1 لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وَاسْمُهُ مختلف فيه، فقيل: كعب بن عاصم، وَقِيلَ: عَامِرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. رَوَى أَحَادِيثُ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن غنم، وأم الدرداء، وربيعة الجرشي، وأبو سلام الأسود، وشهر بن حوشب، وعطاء بن يسار، وشريح بن عبيد. وكان يكون بالشام. قَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ، قَدِيمُ الْمَوْتِ بِالشَّامِ، اسْمُهُ كَعْبُ بْنُ عَاصِمٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ أَبُو مَالِكٍ فِي خِلافَةِ عُمَرَ. وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ غَنْمٍ قَالَ: طُعِنَ مُعَاذٌ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَبُو مَالِكٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا رِوَايَةِ أَبِي سَلامٍ وَمَنْ بَعْدَهُ، عَنْ أَبِي مالك مرسلة منقطعة، وهذا الإرسال كثير في حديث الشاميين. روى صفوان بن عمرو، عَنْ شُرَيْحٍ عَنْ عُبَيْدٍ، أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الأَشْعَرِيَّ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: يَا سَامِعَ الأَشْعَرِيِّينَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "حُلْوَةٌ الدُّنْيَا مُرَّةٌ الآخِرَةُ وَمُرَّةٌ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ الآخِرَةِ" 2، 3. 133- أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ4 الدَّارَانِيُّ الزَّاهِدُ، سَيِّدُ التَّابِعِينَ بِالشَّامِ. اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوَبٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: ابْنُ ثَوَابٍ، وَقِيلَ: ابْنُ عُبَيْدٍ، وَقِيلَ: ابْنُ مُسْلِمٍ، وَقِيلَ: اسْمُهُ يَعْقُوبُ بْنُ عَوْفٍ. قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ، وَقَدْ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي عبيدة، وأبي ذر، وعبادة بن الصامت.

_ 1 انظر: أسد الغابة "5/ 288"، والإصابة "3/ 294". 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "5/ 342"، والحاكم "4/ 310"، والطبراني "3/ 331" في الكبير. 3 في الأصل: ينبغي أن تحول ترجمته إلى طبقة معاذ، وحولت إلى طبقة معاذ أخصر من هذا فليعلم، فمن أراد أن يكملها من هنا فليفعل. 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 448"، والاستيعاب "2/ 272"، والسير "4/ 7".

رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ الْخَوْلانِيُّ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَعُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَفِي بَعْضِ هَؤُلاءِ مِنْ رِوَايَتُهُ عَنْهُ مُرْسَلَةٌ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا شُرَحْبِيلُ بن مسلم قال: أتى أبو مُسْلِمٌ الْخَوْلانِيُّ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: ثنا شُرَحْبِيلُ أَنَّ الأَسْوَدَ تَنَبَّأَ بِالْيَمَنِ، فَبَعَثَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، فَأَتَاهُ بِنَارٍ عَظِيمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى أَبَا مُسْلِمٍ فِيهَا، فَلَمْ تَضُرَّهُ، فَقِيلَ لِلأَسْوَدِ: إِنْ تَنْفِ هَذَا عَنْكَ أَفْسَدَ عليك من اتبعك، فأمره بالرحيل، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ، فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مِمَّنِ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ الَّذِي حَرَّقَهُ الْكَذَّابُ بِالنَّارِ، قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوبٍ، قَالَ: فَنَشَدْتُكَ بِاللَّهِ أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَاعْتَنَقَهُ عُمَرُ وَبَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدِّيقِ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَنْ صُنِعَ بِهِ كَمَا صُنِعَ بِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ1. رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نَجْدَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ، فذَكَرَهُ. وَيُرْوَى عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ كَعْبًا رَأَى أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ قَالَ: هَذَا حَكِيمُ هَذِهِ الأُمَّةِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهري قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَانَ يَتَنَاوَلُ عائشة، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلا أُحَدِّثُكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانَ قَدْ أُوتِيَ حِكْمَةً؟ قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ، سَمِعَ أَهْلَ الشَّامِ يَنَالُونَ مِنْ عَائِشَةَ فَقَالَ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِمَثَلِي وَمَثَلِ أُمِّكُمْ هَذِهِ، كَمَثَلِ عَيْنَيْنِ فِي رَأْسٍ يُؤْذِيانِ صَاحِبَهُمَا، وَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعَاقِبَهُمَا إِلا بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ لهما، فَسَكَتَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِيهِ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةَ: عَلّقَ أَبُو مُسْلِمٍ سَوْطًا فِي مَسْجِدِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَوْلَى بِالسَّوْطِ مِنَ الْبَهَائِمِ، فَإِذَا دَخَلَتْهُ فَتَرَةٌ مَشَقَ سَاقَيْهِ سَوْطًا أَوْ سوطين.

_ 1 خبر حسن.

قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْتُ الْجَنَّةَ عِيَانًا وَالنَّارَ مَا كَانَ عِنْدِي مُسْتَزَادٌ1. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ: إِنَّ رَجُلَيْنِ أَتِيَا أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ فِي مَنْزِلِهِ، فَلَمْ يَجِدَاهُ، فَأَتِيَا الْمَسْجِدَ فَوَجَدَاهُ يَرْكَعُ، فَانْتَظَرَا انْصِرَافَهُ، وَأَحْصَيَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ رَكَعَ ثَلاثَمِائَةِ رَكْعَةٍ، وَالآخَرُ أَرْبَعَمِائَةِ رَكْعَةٍ، قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ2. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةَ أن أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ سَمِعَ رَجُلا يَقُولُ: من سبق اليوم؟ فقل: أَنَا السَّابِقُ، قَالُوا: وَكَيْفَ يَا أَبَا مُسْلِمٍ؟ قَالَ: أُدْلِجْتُ مِنْ دَارِنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَكُمْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ غَازٍ فِي أَرْضِ الرُّومِ، وَقَدِ احْتَفَرَ جُوَرَةً فِي فُسْطَاطِهِ، وَجَعَلَ فِيهَا نَطْعًا، وَأَفْرَغَ فِيهِ الْمَاءَ، وَهُوَ يَتَصَلِّقُ فِيهِ، قَالُوا: مَا حَمَلَكَ عَلَى الصِّيَامِ وَأَنْتَ مُسَافِرٌ؟ قَالَ: لَوْ حضر قتال لأفطر وَلَتَهَيَّأْتُ لَهُ وَتَقَوَّيْتُ، إِنَّ الْخَيْلَ لا تَجْرِي الْغَايَاتَ وَهِيَ بُدَّنٌ، إِنَّمَا تَجْرِي وَهِيَ ضُمْرٌ، أَلا وَإِنَّ أَمَامَنَا بَاقِيَةً جَائِيَةً لَهَا نَعْمَلُ3. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ يُكْثِرُ أَنْ يُرْفَعَ صَوْتُهُ بِالتَّكْبِيرِ، حَتَّى مَعَ الصِّبْيَانِ، وَيَقُولُ: اذْكُرِ اللَّهَ حَتَّى يَرَى الْجَاهِلُ أَنَّكَ مَجْنُونٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ -وَأَرَاهُ مُنْقَطِعًا- أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَا أَرْضَ الرُّومِ، فَمَرُّوا بِنَهْرٍ قَالَ: أَجِيزُوا بِاسْمِ اللَّهِ، وَيَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَيَمُرُّونَ بِالنَّهْرِ الْغَمْرِ، فَرُبَّمَا لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الدَّوَابِّ إِلا الرَّاكِبُ، فَإِذَا جَازُوا قَالَ: هَلْ ذَهَبَ لَكُمْ شَيْءٌ، فَأَلْقَى بَعْضُهُمْ مِخْلَاتَهُ، فَلَمَّا جَاوَزُوا قَالَ: مِخْلاتِي وَقَعَتْ، قَالَ: اتَّبِعْنِي، فَاتّبَعْتُهُ، فَإِذَا بِهَا مُعَلَّقَةٌ بِعُودٍ فِي النَّهْرِ، فَقَالَ: خُذْهَا4. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ: إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ أَتَى عَلَى دِجْلَةَ، وَهِيَ تَرْمِي بِالْخَشَبِ مِنْ مَدِّهَا، فَوَقَفَ عَلَيْهَا ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ مسيرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ لَهَزَ دَابَّتَهُ، فَخَاضَتِ الْمَاءَ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ حتى قطعوا، ثم قال:

_ 1 الحلية "2/ 127". 2 خبر ضعيف: الحلية "2/ 127" فيه جهالة الرجلين. 3 خبر ضعيف: فيه ابن أبي مريم من الضعفاء. حلية الأولياء "2/ 127". 4 خبر ضعيف: إسناده منقطع.

فقدتم شيئًا، فأدعوا اللَّهَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيَّ؟ 1. وَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ إِذَا اسْتَسْقَى سُقِيَ. وَقَالَ بَقِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ: إِنَّ امْرَأَةً خَبَّبَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، فَدَعَا عَلَيْهَا، فَذَهَبَ بَصَرُهَا، فَأَتَتْهُ، فَاعْتَرَفَتْ وَقَالَتْ: إِنِّي لا أَعُودُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَارْدُدْ بَصَرَهَا، فَأَبْصَرَتْ2. وَقَالَ ضمرة بن ربيعة، عن بلال بن كعب قَالَ: قَالَ الصِّبْيَانُ لِأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْنَا هَذَا الظَّبْيَ فَنَأْخُذُهُ، فَدَعَا اللَّهَ فَحَبَسَهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَخَذُوهُ. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ: قَالَتِ امْرَأَةُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيّ: لَيْسَ لَنَا دَقِيقٌ. فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: دِرْهَمٌ بِعْنَا بِهِ غَزْلًا، قَالَ: ابْغِنِيهِ، وَهَاتِي الْجِرَابَ، فَدَخَلَ السُّوقَ، فَأَتَاهُ سَائِلٌ وَأَلَحَّ، فَأَعْطَاهُ الدِّرْهَمَ، وَمَلأَ الْجِرَابَ مِنْ نُحَاتَةِ النَّجَّارَةِ مَعَ التُّرَابِ، وَأَتَى وَقَلْبُهُ مَرْعُوبٌ مِنْهَا، فَرَمَى الْجِرَابَ وَذَهَبَ، فَفَتَحَتْهُ، فَإِذَا بِهِ دَقِيقٌ حُوَّارَى فَعَجَنَتْ وَخَبَزَتْ، فَلَمَّا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ هَوِيٌّ جَاءَ فَنَقَرَ الْبَابَ، فَلَمَّا دَخَلَ وَضَعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ خِوَانًا وَأَرْغِفَةً، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَتْ: مِنَ الدَّقِيقِ الَّذِي جِئْتَ بِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَيَبْكِي3. رَوَاهَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عُثْمَانَ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ اسْتَبْطَأَ خَبَرَ جَيْشٍ كَانَ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، إِذْ دَخَلَ طَائِرٌ فَوَقَعَ وَقَالَ: أَنَا رَتَبَايِيلُ مُسِلُّ الْحُزْنَ مِنْ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ ذَلِكَ الْجَيْشَ، فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: مَا جِئْتَ حَتَّى اسْتَبْطَأْتُكَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ يَرْتَجِزُ يَوْمَ صِفَّينَ ويقول:

_ 1 خبر حسن. 2 خبر ضعيف: فيه بقية، وهو مدلس. الحلية "2/ 129". * وخببت: أفسدت. 3 إسناده ضعيف.

مَا عِلَّتِي مَا عِلَّتِي ... وَقَدْ لَبِسْتُ دِرْعَتِي أَمُوتُ عَبْدَ طَاعَتِي وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ، حَدَّثَنِي يُونُسُ الْهَرِمُ، أن أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ قَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، إِنَّمَا أَنْتَ قَبْرٌ مِنَ الْقُبُورِ، إِنْ جِئْتَ بِشَيْءٍ كَانَ لَكَ شَيْءٌ، وَإِلا فَلا شَيْءَ لَكَ، يَا مُعَاوِيَةُ، لا تَحْسَبُ أَنَّ الْخِلافَةَ جَمْعُ الْمَالِ وَتفْرِقَتُهُ، إِنَّمَا الْخِلافَةُ الْقَوْلُ بِالْحَقِّ، وَالْعَمَلُ بالْمَعْدَلَةُ، وَأَخْذُ النَّاسِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، يَا مُعَاوِيَةُ، إِنَّا لا نُبَالِي بِكَدَرِ الأَنْهَارِ إِذَا صَفَا لَنَا رَأْسُ عَيْنِنَا، إِيَّاكَ أَنْ تَمِيلَ عَلَى قَبِيلَةٍ، فَيَذْهَبُ حَيْفُكَ بِعَدْلِكَ، ثُمَّ جَلَسَ. فقال مُعَاوِيَةُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَامَ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ فَقَالَ: السَّلامُ عَلْيَكَ أيها الأجير، فقالوا: مه. قال: دعوه فَهُوَ أَعْرَفُ بِمَا يَقُولُ، وَعَلَيْكَ السَّلامُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، ثُمَّ وَعَظَهُ وَحَثَّهُ عَلَى الْعَدْلِ1. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الرُّومَ لا يَزَالُ فِي الْمُقَدِّمَةِ، حَتَّى يُؤْذَنَ لِلنَّاسِ، فَإِذَا أُذِنَ لَهُمْ كَانَ فِي السَّاقَةِ، وَكَانَتِ الْوُلاةُ يُتَيَمَّنُونَ بِهِ، فَيُؤَمِّرُونَهُ عَلَى الْمُقَدِّمَاتِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: تُوُفِّيَ أَبُو مُسْلِمٍ بِأَرْضِ الرُّومِ، وَكَانَ قَدْ شَتَّى مَعَ بُسْرِ بْنِ أَبِي أَرْطَأَةَ، فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ، فَأَتَاهُ بُسْرٍ في مرضه، فقال له أبو مسل: اعْقُدْ لِي عَلَى مَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى لِوَائِهِمْ. وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: حُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَةِ دِمَشْقَ قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، فَمَرَرْنَا بِالْعُمَيْرِ، عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ حِمْصَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَاطَّلَعَ الرَّاهِبُ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: إِذَا أَتَيْتُمُوهُ فَأَقْرِئُوهُ السَّلامَ، فَإِنَّا نَجِدُهُ فِي الْكُتُبِ رَفِيقَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، أَمَّا إِنَّكُمْ لا تَجِدُونَهُ حَيًّا، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْغُوطَةِ بَلَغَنَا مَوْتُهُ2. قَالَ الْحَافِظُ ابن عَسَاكِرَ: يَعْنِي سَمِعُوا ذَلِكَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِأَرْضِ الروم كما حكينا.

_ 1 خبر ضعيف: الحلية "2/ 125". 2 خبر ضعيف: الحلية "2/ 128" فيه جهالة بعض الرواة.

وَقَالَ ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّمَا الْمُصِيبَةُ كُلُّ الْمُصِيبَةِ بِمَوْتِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَكُرَيْبِ بْنِ سَيْفٍ الأَنْصَارِيِّ1. هَذَا حَدِيثٌ حسن الإسناد، يعطي أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ تُوُفِّيَ قَبْلَ مُعَاوِيَةَ. وَقَدْ قَالَ الْمُفَضِّلُّ بْنُ غَسَّانَ: تُوُفِّيَ عَلْقَمَةُ وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ. *- أَبُو مَيْسَرَةَ الْهَمْدَانِيُّ2 هُوَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ، مَرَّ. 134- أَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِي3 -ع- لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَشَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَكَانَ يَكُونُ بِالْمَدِينَةِ وَبِمَكَّةَ، وَبِمَكَّةَ تُوُفِّيَ. رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو مُرَّةَ مولى عقيل المدنيون.

_ 1 خبر حسن: أخرجه أبو زرعة "2/ 690" في تاريخه. 2 سبق ذكره. 3 انظر: الاستيعاب "4/ 215"، أسد الغابة "5/ 319"، الإصابة "4/ 215".

الطبقة الثامنة

الطبقة الثامنة حوادث سنة إحدى وسبعين ... الطبقة الثامنة: أحداث الحوادث سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بن أبي حدر الأَسْلَمِيُّ. وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ. وَفِيهَا: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْرٍ أَحَدُ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بِالْبَحْرَيْنِ، فَوَجَّهَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى قِتَالِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْإِسْكَافَ، فَالْتَقَوْا بِجَوَاثَا فَانْهَزَمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَالنَّاسُ. وَفِيهَا: حَجَّ بِالنَّاسِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَعَرَّفَ بِمِصْرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرَّفَ بِمِصْرَ. يَعْنِي اجْتَمَعَ النَّاسُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَدَعَا لَهْمُ أَوْ وَعَظَهُمْ. وَفِيهَا، أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا. قُتِلَ بَخُرَاسَانَ أَمِيرُهَا أَبُو صَالِحٍ عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصَّلْتِ السُّلَمِيُّ، أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ وَالأَبْطَالِ الْمَعْدُودِينَ. وَيُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، ثَارَ بِهِ أَهْلُ خُرَاسَانَ وَقَتَلَهُ وَكِيعُ بْنُ الدَّوْرَقِيَّةَ. وَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ خَازِمٍ كِتَابًا بِوِلايَةِ خُرَاسَانَ، فَمَزَّقَ كِتَابَهُ وَسَبَّ رَسُولَهُ، فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى بُكَيْرِ بْنِ وَشَّاحٍ: إِنْ قَتَلْتَ ابْنَ خَازُمٍ فَأَنْتَ الأَمِيرُ، فَعَمِلَ عَلَى قَتْلِهِ وَتَأَمَّرَ بُكَيْرٌ عَلَى الْبِلادِ حَتَّى قَدِمَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَكَانَ في خلافة عثمان -رضي الله عنهم- قَدْ جَمَعَ قَارَنَ بِهَرَاةَ، وَأَقْبَلَ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَهَرَبَ قَيْسُ بْنُ الْهَيْثَمِ وَتَرَكَ الْبِلادَ، فقام بأمر المسلمين عبد الله بن خازم هَذَا، وَجَمَعَ أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَلَقِيَ قَارِنًا فَهَزَمَ جُنُودَهُ وَقُتِلَ قَارِنٌ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ بِالْفَتْحِ، فَأَقَرَّهُ ابْنُ عَامِرٍ أَمِيرُ الْعِرَاقِ عَلَى خُرَاسَانَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فِيهَا افْتَتَحَ عبد الملك قيسارية1.

_ 1 انظر: البداية "8/ 247"، تاريخ الطبري "6/ 166"، الكامل "4/ 335"، صحيح التوثيق "5/ 130-132".

حوادث سنة اثنتين وسبعين

حَوَادِثُ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ. وَالأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ. وَعُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ. وَالْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ التَّيْمِيُّ. وَقُتِلَ فِيهَا: مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ. وَعِيسَى وَعُرْوَةُ وَلَدَا مُصْعَبٍ. وَمُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ. وَكَانَ مُصْعَبُ قَدْ سَارَ كَعَادَتِهِ إِلَى الشَّامِ إِلَى قِتَالِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَاسْتِئْصَالِهِ، وَسَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَجَرَتْ بَيْنَهُمَا وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ بِدِيرِ الْجَاثَلِيقِ1، وَمَسْكَنٍ بِالْقُرْبِ مِنْ أَوَانَا2. وَكَانَ قَدْ كَاتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ جَمَاعَةً مِنَ الأَشْرَافِ الْمَائِلِينَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ وَغَيْرِ الْمَائِلِينَ يُمَنِّيهِمْ وَيَعِدُهُمْ إِمْرَةَ الْعِرَاقِ وَإِمْرَةَ أَصْبَهَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَأَجَابُوهُ. وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَأَتَى بِكِتَابِهِ مُصْعَبًا، وَفِيهِ إِنْ بَايَعَهُ وَلاهُ الْعِرَاقَ. وَقَالَ لِمُصْعَبٍ: قَدْ كَتَبَ إِلَى أَصْحَابُكَ بِمِثْلِ كِتَابِي فَأَطِعْنِي وَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، فَقَالَ: إِذًا لا تُنَاصِحُنَا عَشَائِرُهُمْ، قَالَ: فَأَوْقِرْهُمْ حَدِيدًا وَأَسْجِنْهُمْ بِأَبْيَضِ كِسْرَى وَوَكِّلَ بِهِمْ مَنْ إِنْ غُلِبْتَ ضَرَبَ أَعَنْاقَهُمْ، وَإِنْ نُصِرْتَ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: يَا أَبَا النُّعْمَانَ إِنِّي لَفِي شُغْلٍ عَنْ ذَلِكَ، يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَحْرٍ -يَعْنِي الأَحْنَفَ- إِنْ كَانَ لَيُحَذِّرُ غَدْرَ الْعِرَاقِ. وَقَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ: هَمَّ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِالْغَدْرِ بِمُصْعَبٍ، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْهَيْثَمِ: وَيْحَكُمْ لا تُدْخِلُوا أَهْلَ الشَّامِ عَلَيْكُمْ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ تطعموا بعيشكم ليصفين عليكم منازلكم.

_ 1 دير الجاثليق: أحد الأديرة الشهيرة قديما ببغداد من العراق. 2 أوانا: بلدة كثيرة البساتين ببغداد.

وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَشَارَ عَلَيْهِ بِقَتْلِ زِيَادِ بْنِ عَمْرٍو وَمَالِكِ بْنِ مِسْمَعٍ، فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ قَلَبَ الْقَوْمُ أَتْرِسَتَهُمْ وَلَحِقُوا بِعَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: لَمَّا تَدَانَى الْجَمْعَانِ حَمَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ فَأَزَالَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ، ثُمَّ هَرَبَ عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَكَانَ عَلَى الْخَيْلِ مَعَ مُصْعَبٍ. وَجَعَلَ مُصْعَبُ كُلَّمَا قَالَ لِمُقَدَّمٍ مِنْ عَسْكَرِهِ: تَقَدَّمْ، لا يُطِيعُهُ. فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ: أُخْبِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ أَمِيرُ خُرَاسَانَ بِمَسِيرِ مُصْعَبٍ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ: أَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ؟ قِيلَ: لا، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى فَارِسٍ. قَالَ: فَمَعَهُ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ؟ قَالُوا: لا، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْمَوْصِلِ قَالَ: فَمَعَهُ عَبَّادُ بْنُ الْحُصَيْنِ؟ قِيلَ: لا، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْبَصْرَةِ. فَقَالَ ابْنُ خَازِمٍ: وَأَنَا بِخُرَاسَانَ. ثُمَّ تَمَثَّلَ: خُذِينِي وَجُرِّينِي ضِبَاعٌ وَأَبْشِرِي ... بِلَحْمِ امْرِئٍ لَمْ يَشْهَدِ الْيَوْمَ نَاصِرُهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَقَالَ مُصْعَبٌ لابْنِهِ عِيسَى: ارْكَبْ بِمَنْ مَعَكَ إِلَى عَمِّكَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَدَعْنِي فَإِنِّي مَقْتُولٌ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أُخْبِرُ قُرَيْشًا عَنْكَ أَبَدًا، وَلَكِنِ الْحَقْ بِالْبَصْرَةِ فَهُمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَالطَّاعَةِ، قَالَ: لا تَتَحَدَّثُ قُرَيْشٌ إِنِّي فَرَرْتُ بِمَا صَنَعَتْ رَبِيعَةُ مِنْ خِذْلانِهَا، وَلَكِنْ: أُقَاتِلُ، فَإِنْ قُتِلْتُ فَمَا السَّيْفُ بِعَارٍ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ: أَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعَ أَخِيهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ إِلَى مُصْعَبٍ: إِنِّي مُعْطِيكَ الأَمَانَ يَا ابْنَ الْعَمِّ، فَقَالَ مُصْعَبٌ: إِنَّ مِثْلِي لا يَنْصَرِفُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْمَوْقِفِ إِلا غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا. وَقِيلَ: إِنَّ مُصْعَبًا أَبَى الأَمَانَ، وَأَنَّهُمْ أَثْخَنُوهُ بِالرَّمْيِ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ الثَّقَفِيُّ، فَطَعَنَهُ وَقَالَ: يَا لِثَارَاتِ الْمُخْتَارِ. وَكَانَ مِمَّنْ قَاتَلَ مَعَ مُصْعَبٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا تَفَرَّقَ عَنْ مُصْعَبٍ جُنْدُهُ قِيلَ لَهُ: لَوِ اعْتَصَمْتَ بِبَعْضِ الْقِلاعِ وَكَاتَبْتَ مَنْ بَعُدَ عَنْكَ كَالْمُهَلَّبِ وَفُلانٍ، فَإِذَا اجْتَمَعَ لَكَ مَنْ تَرْضَاهُ لَقِيتَ الْقَوْمَ فَقَدْ ضَعُفْتَ جِدًّا وَاخْتَلَّ أَصْحَابُكَ، فَلَبِسَ سِلاحَهُ وَخَرَجَ فِيمَنْ بَقِيَ مَعَهُ وَهُوَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرٍ طَرِيفٍ الْعَنْبَرِيِّ الَّذِي كَانَ يُعَدُّ بِأَلْفِ فَارِسٍ بِخُرَاسَانَ:

عَلامَ أَقُولُ السَّيْفَ يُثْقِلُ عَاتِقيِ ... إِذَا أَنَا لَمْ أَرْكَبْ بِهِ الْمَرْكَبَ الصَّعْبَا سَأَحْمِيكُمْ حَتَّى أَمُوتَ وَمَنْ يَمُتْ ... كَرِيمًا فَلا لَوْمًا عَلَيْهِ وَلا عَتْبَا وَرَوَى غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ ابْنُ الأَشْتَرِ لِمُصْعَبٍ: ابْعَثْ إِلَى زِيَادِ بْنِ عَمْرٍو وَمَالِكِ بن مسمع ووجوه من وجوه أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَغْدُرُوا بِكَ، فَأَبَى، فَقَالَ ابْنُ الأَشْتَرِ: فَإِنِّي أَخْرُجُ الآنَ فِي الْخَيْلِ، فَإِذَا قُتِلْتُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ: فَخَرَجَ وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَقَالَ الْفَسَوِيُّ: قُتِلَ مَعَ مُصْعَبٍ ابْنُهُ عِيسَى، وَجُرِحَ مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ فَقَالَ: احْمِلُونِي إِلَى خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، فَحُمِلَ إِلَيْهِ، فَاسْتَأْمَنَ لَهُ. وَوَثَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ ظَبْيَانَ عَلَى مُصْعَبٍ فَقَتَلَهُ عِنْدَ دَيْرِ الْجَاثَلِيقِ، وَذَهَبَ بِرَأْسِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَسَجَدَ لِلَّهِ. وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَاتِكًا رَدِيئًا، فَكَانَ يَتَلَهّفُ وَيَقُولُ: كَيْفَ لَمْ أَقْتُلْ عَبْدَ الْمَلِكِ يَوْمَئِذٍ حِينَ سَجَدَ، فَأَكُونُ قَدْ قَتَلْتُ مَلِكَيَّ الْعَرَبِ. وَقالَ أَبُو الْيَقْظَانِ وَغَيْرُهُ: طَعَنَهُ زَائِدَةُ وَاحْتَزَّ1 رَأْسَهُ ابْنُ ظَبْيَانَ. وَلابْنِ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ: لَقَدْ أَوْرَثَ الْمِصْرَيْنِ حُزْنًا وَذِلَّةً ... قَتِيلٌ بِدَيْرِ الْجَاثَلِيقِ مُقِيمُ فَمَا قَاتَلَتْ فِي اللَّهِ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ ... وَلا صَبَرَتْ عِنْدَ اللِّقَاءِ تَمِيمُ وَكُلُّ ثُمَالِيِّ عِنْدَ مَقْتَلِ مُصْعَبٍ ... غَدَاةَ دَعَاهُمْ لِلْوَفَاءِ دُحَيْمُ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: إِنَّ مُصْعَبًا قَالَ يَوْمًا وَهُوَ يَسِيرُ لِعُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَخْبِرْنِي عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- كَيْفَ صَنَعَ حِينَ نَزَلَ بِهِ، فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُهُ عَنْ صَبْرِهِ، وَإِبَائِهِ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ، وَكَرَاهِيَّتِهِ أَنْ يَدْخُلَ فِي طَاعَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلَ، قَالَ: فَضُرِبَ بِسَوْطِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ فَرَسِهِ وَقَالَ: وَإِنَّ الأُلَى بِالطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... تَأَسَّوْا فَسَنُّوا لِلْكِرَامِ التَّأَسِّيَا قَالَ: فَعَرَفْتُ وَاللَّهِ أَنَّهُ لا يَفِرُّ، وَأنَّهُ سيصبر حتى يقتل.

_ 1 اختز: قطع.

وقال: وَالْتَقَيَا بِمَسْكِنَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَيْلَكُمْ مَا أَصْبَهَانُ هَذِهِ؟ قِيلَ. سُرَّةُ الْعِرَاقِ، قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ كَتَبَ إِلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ ثَلاثِينَ مِنْ أَشْرَافِ الْعِرَاقِ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ: إِنْ خَبِبْتَ بِمُصْعَبٍ فَلِي أَصْبَهَانُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَكَتَبَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمْ: أَنْ نَعَمْ، فَلَمَّا الْتَقَوْا قَالَ مُصْعَبٌ لِرَبِيعَةَ: تَقَدَّمُوا لِلْقِتَالِ. فَقَالُوا: هَذِهِ عَذْرَةٌ بَيْنَ أَيْدِينَا فَقَالَ: مَا تَأْتُونَ أَنْتَنَ مِنَ الْعَذِرَةَ، يَعْنِي تَخَلُّفَكُمْ عَنِ الْقِتَالِ. وَقَدْ كَانَتْ رَبِيعَةُ قَبْلُ مُجْمِعَةً عَلَى خِذْلانِهِ، فَأَظْهَرَتْ ذَلِكَ، فَخَذَّلَهُ النَّاسُ. وَلَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ يُقَاتِلُ دُونَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: الْمَرْءُ مَيِّتٌ، فَلأَنْ يَمُوتَ كَرِيمًا أَحْسَنَ بِهِ مِنْ أَنْ يَضْرَعَ إِلَى مَنْ قَدْ وَتَرَهُ، لا أَسْتَعِينُ بِرَبِيعَةَ أَبَدًا وَلا بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، مَا وَجَدْنَا لَهُمْ وَفَاءً، انْطَلِقْ يَا بُنَيَّ إِلَى عَمِّكَ فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَدَعْنِي. فَإِنِّي مَقْتُولٌ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أُخْبِرُ نِسَاءَ قُرَيْشٍ بِصَرْعَتِكَ أَبَدًا، قَالَ: فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تُقَاتِلَ فَتَقَدَّمْ حَتَّى أَحْتَسِبُكَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرَ فَقَاتَلَ قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى أَخَذَتْهُ الرِّمَاحُ فَقُتِلَ، وَمُصْعَبُ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرٍ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نَفَرٌ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَاتَلَ أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى قُتِلَ، وَاحْتَزَّ ابْنُ ظَبْيَانَ رَأْسَهُ. وَبَايَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَدَخَلَهَا، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْكُوفَةِ أَخَاهُ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ. قِيلَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمَّا بَلَغَهُ مَقْتَلُ أَخِيهِ مُصْعَبٍ قَامَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَصْرَعَ أَخِيهِ فَقَالَ: أَلا إِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَهْلُ الْغَدْرِ وَالنِّفَاقِ أَسْلَمُوهُ وَبَاعُوهُ، وَاللَّهِ مَا نَمُوتُ عَلَى مَضَاجِعِنَا كَمَا يَمُوتُ بَنُو أَبِي الْعَاصِ، فَمَا قُتِلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ فِي زَحْفٍ وَلا نَمُوتُ إِلا قَعْصًا بِالرِّمَاحِ، وَتَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ. وَفِيهَا: خَرَجَ أَبُو فُدَيْكٍ فَغَلَبَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ. وَقِيلَ هُوَ الَّذِي قَتَلَ نَجْدَةَ الحروري، فَسَارَ إِلَيْهِ جَيْشٌ مِنَ الْبَصْرَةِ، عَلَيْهِمْ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الأُمَوِيُّ أَخُو أَمِيرِهَا خَالِدٍ، فَهَزَمَهُ أَبُو فُدَيْكٍ، فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى خَالِدٍ يُعَنِّفَهُ لِكَوْنِهِ اسْتَعْمَلَ أُمَيَّةَ عَلَى حَرْبِ الْخَوَارِجِ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلِ الْمُهَلَّبِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ، وَيَسْتَعِينَ بِرَأْيِ الْمُهَلَّبِ، وَلا يَعْمَلُ أَمْرًا دُونَهُ. وَكَتَبَ إِلَى بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ يَمُدَّهُ بِخَمْسَةِ آلافٍ، عَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، فَسَارَ

خالد بالناس حتى قدم الأهواز، وَسَارَتْ إِلَيْهِ الأَزَّارِقَةُ، فَتَنَازَلَ الْجَيْشَانِ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ زَحَفَ إِلَيْهِمْ خَالِدٌ فَأَخَذُوا يَنْحَازُونَ، فَاجْتَرَأَ عَلَيْهِمُ النَّاسُ، وَكَثُرَتْ عَلَيْهِمُ الْخَيْلُ، فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ عَلَى حَمِيَّةٍ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ، واتبعهم داود بن قحذم أَمِيرُ الْمَيْسَرَةِ وَعَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَجَعَلُوا يَتَطَلَّبُونَهُمْ بِفَارِسٍ، حَتَّى هَلَكَتْ خُيُولُ الْجُنْدِ وَجَاعُوا، وَرَجَعَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مُشَاةً. قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ: وَفِيهَا: كَانَتْ وَقَعَتْ بَيْنَ ابْنِ خَازِمٍ بِخُرَاسَانَ وَبَيْنَ بَحِيرِ بْنِ وَرْقَاءَ بِقُرْبِ مَرْوَ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ فِي الْوَقْعَةِ، وَلِيَ قَتْلَهُ وَكِيعُ بْنُ عُمَيْرَةَ بْنِ الدَّوْرَقِيَّةِ. وَيُقَالَ: اعْتَوَرَ1 عَلَيْهِ بَحِيرٌ، وَعَمَّارٌ الْجُشَمِيُّ، وَابْنُ الدَّوْرَقِيَّةِ وَطَعَنُوهُ فَصَرَعُوهُ، فَقِيلَ لِوَكِيعٍ: كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: غَلَبْتُهُ بِفَضْلِ الْقَنَا، وَلَمَّا صُرِعَ قَعَدْتُ عَلَى صَدْرِهِ، فَحَاوَلَ الْقِيَامَ فَلَمْ يَقْدِرْ، وَقُلْتُ: يَا ثَارَاتَ دُوَيْلَةَ -وَهُوَ أَخُو وَكِيعٍ لأُمِّهِ قُتِلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ- قَالَ: فَتَنَخَّمَ فِي وَجْهِي وَقَالَ: لَعَنَكَ اللَّهُ!، تَقْتُلُ كَبْشَ مُضَرَ بِأَخِيكَ عِلْجٍ لا يَسْوَى كَفًّا من نَوَى، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ رِيقًا مِنْهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ عِنْدَ الْمَوْتِ. ثُمَّ أَقْبَلَ بُكَيْرُ بْنُ وَسَّاجٍ، فَأَرَادَ أَخْذَ رَأْسِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ، فَمَنَعَهُ بَحِيرٍ، فَضَرَبَهُ بُكَيْرٌ بِعَمُودٍ وَأَخَذَ الرَّأْسَ، وَقَيَّدَ بَحِيرًا، وَبَعَثَ بِالرَّأْسِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. ثُمَّ حَكَى ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ الْخِلَافَ فِي أَنَّ ابْنَ خَازِمٍ إِنَّمَا قُتِلَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنَّ رَأْسَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَرَدَ عَلَى ابْنِ خَازِمٍ، فَحَلَفَ أَنْ لا يُعْطِيَ عَبْدَ الْمَلِكِ طَاعَةً أَبَدًا، وَإِنَّهُ دَعَا بِطَسْتٍ فَغَسَّلَ الرَّأْسَ وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى آلِ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ. قُلْتُ: وَلَعَلَّهُ رَأْسُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَعَثَ إِلَى ابْنِ خَازِمٍ مَعَ سَوْرَةَ النُّمَيْرِيِّ: أَنَّ لَكَ خُرَاسَانَ سَبْعَ سِنِينَ عَلَى أَنْ تُبَايِعَنِي، فقال للرسول: لَوْلا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ بَنِي سُلَيْمٍ وَبَنِي عَامِرٍ لَقَتَلْتُكَ، وَلَكِنْ كُلْ هَذِهِ الصَّحِيفَةَ، فَأَكَلَهَا. وَفِيهَا: سَارَ الْحَجَّاجُ إِلَى حَرْبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَوَّلُ قِتَالٍ كَانَ بَيْنَهُمَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ، ودام الحصار أشهرًا2.

_ 1 اعتور: اجتمع أو أحاط. 2 انظر: تاريخ الطبري "6/ 169-178"، الكامل "4/ 343، 345".

حوادث سنة ثلاث وسبعين

حَوَادِثُ سَنَةِ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَعَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ الْمُعَلَّى الأَنْصَارِيُّ. وَرَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ الْعَدَوِيُّ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، قُتِلُوا ثَلاثَتُهُمْ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَفِيهَا: تُوُفِّيَ: مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ الرَّبَعِيُّ، وَأَوْسُ بْنُ ضَمْعَجٍ بِخُلْفٍ فِيهِ. وَفِيهَا: حَاصَرَ الْحَجَّاجُ مَكَّةَ وَبِهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ حَصَّنَهَا، وَنَصَبَ الْحَجَّاجُ عَلَيْهَا الْمَنْجَنِيقَ. فَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِيُّ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ بِحَدِيثٍ طَوِيلٍ مِنْهُ: وَقَاتَلَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَيَّامًا، وَأَحْرَقَ فُسْطَاطًا لَهُ نَصَبَهُ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَطَارَ الشَّرَرُ إِلَى الْبَيْتِ، وَاحْتَرَقَ يَوْمَئِذٍ قَرْنَا الْكَبْشِ الَّذِي فَدَى بِهِ إِسْحَاقَ1، إِلَى أَنْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَخَطَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَقَالَ: مَنْ لابْنِ الزُّبَيْرِ؟ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: أَنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَسْكَتَهُ، ثُمَّ أَعَادَ قَوْلَهُ، فَقَالَ: أَنَا، فَعَقَدَ لَهُ عَلَى جَيْشٍ إِلَى مَكَّةَ، فَنَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَرَمَى بِهِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَجَعَلَ ابْنُ الزبير على الحجر الأسود بيضة يعني

_ 1 الصواب أن إسماعيل -عليه السلام- هو الذبيح، وهذا هو الذي عليه الجمهور.

خَوْذَةً تَرُدُّ عَنْهُ، فَقِيلَ لابْنِ الزُّبَيْرِ: أَلا تكلمهم في الصلح، فقال: أوحين صُلْحٍ هَذَا؟ وَاللَّهِ لَوْ وَجَدُوكُمْ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ لَذَبَحُوكُمْ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ: وَلَسْتُ بِمُبْتَاعِ الْحَيَاةِ بِسُبَّهٍ ... وَلا مُرْتَقٍ مِنْ خَشْيَةِ الْمَوْتِ سُلَّمَا أُنَافِسُ سَهْمًا إِنَّهُ غَيْرُ بَارِحٍ ... مُلَاقِي الْمَنَايَا أَيَّ صَرْفٍ تَيَمَّمَا قَالَ: وَكَانَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ طَائِفَةٌ مِنْ أَعَوْانِ ابْنِ الزُّبَيْرِ يَرْمُونَ عَدُوَّهُ بِالآجُرِّ، وَحَمَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَأَصَابَتْهُ آجُرَّةٌ فِي مَفْرَقِهِ فَلَقَتْ رَأْسَهُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: وثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، وثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالُوا: لَمَّا قَتَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ مُصْعَبًا بَعَثَ الْحَجّاجُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي أَلْفَيْنِ، فَنَزَلَ الطَّائِفَ، وَبَقِيَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى عَرَفَةَ، وَيَبْعَثُ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْثًا فَتُهْزَمُ خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَيُرَدُّ أَصْحَابُ الْحَجّاجِ إِلَى الطَّائِفِ، فَكَتَبَ الْحَجّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي دُخُولِ الْحَرَمِ وَمُحَاصَرَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنْ يَمُدَّهُ بِجَيْشٍ، فَأَجَابَهُ وَكَتَبَ إِلَى طَارِقِ بْنِ عَمْرٍو فَقَدِمَ عَلَى الْحَجَّاجِ فِي خَمْسَةِ آلافٍ، فَحَجَّ الْحَجَّاجُ بِالنَّاسِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ يَعْنِي، ثُمَّ صَدَرَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَطَارِقُ وَلَمْ يَطُوفَا بِالْبَيْتِ وَلا قَرُبَا النِّسَاءَ حَتَّى قتل ابن الزُّبَيْرِ فَطَافَا. وَحُصِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ لَيْلَةِ هِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. وَقَدِمَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ حُبْشَانُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَ فَلا يَقَعَ لَهُمْ مِزْرَاقٌ إلا فِي إِنْسَانٍ، فَقَتَلُوا خَلْقًا. وَكَانَ مَعَهُ أَيْضًا مِنْ خَوَارِجِ أَهْلِ مِصْرَ، فَقَاتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ ذَكَرُوا عُثْمَانَ فَتَبَرَّءُوا مِنْهُ، فَبَلَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَنَاكَرَهُمْ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ. وَأَلَحَّ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَبِالْقِتَالِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَحَبَسَ عَنْهُمُ الْمِيرَةَ فَجَاعُوا، وَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ زَمْزَمَ فَتَعْصِمُهُمْ، وَجَعَلَتِ الْحِجَارَةُ تَقَعُ فِي الْكَعْبَةِ. وَثنا شُرَحْبِيلُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: انْظُرُوا كَيْفَ تَضْرِبُونَ بِسِيُوفِكُمْ، وَلْيَصُنِ الرَّجُلُ سَيْفَهُ كَمَا يَصُونُ وَجْهَهُ، فَإِنَّهُ قَبِيحٌ بِالرَّجُلِ أَنْ يُخْطِئَ مَضْرِبَ سَيْفِهِ، فَكُنْتَ أَرْمُقُهُ إِذَا ضَرَبَ فَمَا يُخْطِئُ مَضْرِبًا وَاحِدًا شِبْرًا مِنْ ذُبَابِ السَّيْفِ أَوْ نَحْوِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْحَوَارِيِّ.

فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ قَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ فَقَاتَلَهُمْ أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَجَعَلَ الْحَجّاجُ يَصِيحُ بأصحابه: يا أهل الشام، يَا أَهْلَ الشَّامِ، اللَّهَ اللَّهَ فِي الطَّاعَةِ، فَيَشُدُّونُ الشَّدَّةَ الْوَاحِدَةَ حَتَّى يُقَالَ: قَدِ اشْتَمَلُوا معليه، فَيَشُدُّ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُفَرِّجَهُمْ وَيَبْلُغَ بِهِمْ بَابَ بَنِي شَيْبَةَ ثُمَّ يَكِرُّ وَيَكِرُّونَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مَعَهُ أَعْوَانٌ، فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا حَتَّى جَاءَهُ حَجَرٌ عَائِرٌ1 مِنْ وَرَائِهِ فَأَصَابَهُ فِي قَفَاهُ فَوَقَذَهُ فَارْتَعَشَ سَاعَةً، ثُمَّ وَقَعَ لِوَجْهِهِ، ثُمَّ انْتَهَضَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ، وَابْتَدَرَهُ النَّاسُ، وَشَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَضَرَبَ الرَّجُلَ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى مِرْفَقِهِ الأَيْسَرِ، وَجَعَلَ يَضْرِبُهُ وَمَا يَقْدِرُ أَنْ يَنْهَضَ حَتَّى كَثَّرُوهُ، فَصَاحَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الدَّارِ: وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَاهْ قَالَ: وَابْتَدَرُوهُ فَقَتَلُوهُ رَحِمَهُ اللَّهُ. وقال الواقدي: حدثني إسحاق بن يحيى، عن يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ: رَأَيْتُ الْمَنْجَنِيقَ يُرْمَى بِهِ، فَرَعَدَتِ السَّمَاءُ وَبَرَقَتْ، وَاشْتَدَّ الرَّعْدُ، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ أَهْلَ الشَّامِ وَأَمْسَكُوا، فَجَاءَ الْحَجَّاجُ وَرَفَعَ الْحَجَرُ بِيَدِهِ وَرَمَى مَعَهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ جَاءَتْهُمْ صَاعِقَةٌ تَتْبَعُهَا أُخْرَى، فَقَتَلَتْ مِنْ أَصْحَابِهِ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا، فَانْكَسَرَ أَهْلُ الشَّامِ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لا تُنْكِرُوا هَذِهِ فَهَذِهِ صَوَاعِقَ تِهَامَةَ، ثُمَّ جَاءَتْ صَاعِقَةٌ فَأَصَابَتْ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْغَدِ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ قُتِلَ وَقَدْ خَذَلَهُ مَنْ مَعَهُ خِذْلانًا شَدِيدًا، وَجَعَلُوا يَخْرُجُونَ إِلَى الْحَجَّاجِ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ آلافٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مِمَّنْ فَارَقَهُ وَلَعَلَّهُ مِنَ الْجُوعِ ابْنَاهُ حَمْزَةُ وَخُبَيْبٌ، فَخَرَجَا إِلَى الْحَجّاجِ وَطَلَبَا أَمَانًا لِأَنْفُسِهِمَا3. فَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أُمِّهِ وَقَالَ: يَا أُمَّهْ خَذَلَنِي النَّاسُ حَتَّى وَلَدَيْ وَأَهْلِي، وَلَمْ يَبْقَ مَعِي إِلا مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ دَفْعِ أَكْثَرَ مِنْ صَبْرِ سَاعَةٍ، وَالْقَوْمُ يُعْطُونِي مَا أَرَدْتُ مِنَ الدُّنْيَا، فَمَا رَأْيُكِ؟ قَالَتْ: أَنْتَ أَعْلَمُ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ عَلَى حَقٍّ وَإِلَيْهِ تَدْعُو فَامْضِ لَهُ، فَقَدْ قُتِلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُكَ، وَلا تُمَكِّنْ مِنْ رَقَبَتِكَ يَتَلَعَّبُ بِهَا غِلْمَانُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ الدُّنْيَا فَبِئْسَ الْعَبْدُ أَنْتَ، أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ وَمَنْ قُتِلَ مَعَكَ. فَقَبَّلَ رأسها وقال: هذا رأيي الَّذِي قُمْتُ بِهِ، مَا رَكَنْتُ إِلَى الدُّنْيَا، وَمَا دَعَانِي إِلَى الْخُرُوجِ إلا الْغَضَبُ لِلَّهِ، فانظري فإني

_ 1 عائر: أي أصابه بالخطأ. 2، 3 خبر ضعيف: تاريخ الطبري "6/ 187"؛ لأنه من رواية الواقدي.

مَقْتُولٌ، فَلا يَشْتَدُّ حُزْنُكِ، وَسَلِّمِي لِأَمْرِ اللَّهِ، في كلام طويل بينهما1. وقال: وجعل الزُّبَيْرِ يَحْمِلُ فِيهِمْ كَأَنَّهُ أَسَدٌ فِي أَجَمَةٍ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَيَقُولُ: لَوْ كَانَ قِرْنِي وَاحِدًا كَفَيْتُهُ وَبَاتَ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ سَابِعَ عَشْرَ جُمَادَى الأُولَى وَقَد أَخَذَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بِالأَبْوَابِ، فَبَاتَ يُصَلِّي عَامَّةَ اللَّيْلِ، ثُمَّ احْتَبَى بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ فَأَغْفَى، ثُمَّ انْتَبَهَ بِالْفَجْرِ، فَصَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ: {نْ وَالْقَلَمِ} [القلم: 1] حَرْفًا حَرْفًا، ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَأَوْصَى بِالثَّبَاتِ. ثُمَّ حَمَلَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجُونَ، فَأُصِيبَ بِآجُرَّةٍ فِي وَجْهِهِ شَجَّتَهُ، فَقَالَ: وَلَسْنَا عَلَى الأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا ... وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا تَقْطُرُ الدِّمَا ثُمَّ تَكَاثَرُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَبُعِثَ بِرَأْسِهِ، وَرَأْسَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، وَعُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ أَنْ نُصِبُوا بِالْمَدِينَةِ. وَاسْتُوسِقَ2 الأَمْرُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْحَرَمَيْنِ الْحَجّاجَ بْنَ يُوسُفَ، فَنَقَضَ الْكَعْبَةَ الَّتِي مِنْ بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَتْ تَشَعَّثَتْ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ، وَانْفَلَقَ الْحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ فَشَعَّبُوهُ، وَبَنَاهَا الْحَجَّاجُ عَلَى بِنَاءِ قُرَيْشٍ وَلَمْ يَنْقُضْهَا إِلا مِنْ جِهَةِ الْمِيزَابِ، وَسَدَّ الْبَابَ الَّذِي أَحْدَثَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَكَانِ. وَفِيهَا: غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَيْسَارِيَّةَ وَهَزَمَ الرُّومَ. وَفِيهَا: سَارَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي نَحْوِ عَشَرَةِ آلافٍ لِحَرْبِ أَبِي فُدَيْكٍ، فَالْتَقَوْا، فَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ أَخُوهُ عُمَرُ بْنُ مُوسَى. فَانْكَسَرَتِ الْمَيْسَرَةُ، وَأُثْخِنَ أَمِيرُهَا بِالْجِرَاحِ، وَأَخَذَهُ الْخَوَارِجُ فَأَحْرَقُوهُ، فِي الْحَالِ، ثُمَّ تَنَاخَى الْمُسْلِمُونَ وَحَمَلُوا حَتَّى اسْتَبَاحُوا عَسْكَرَ الْخَوَارِجِ، وَقُتِلَ أَبُو فُدَيْكٍ وَحَصَرُوهُمْ فِي الْمُشَقِّرِ، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى الْحَكَمِ فَقُتِلَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْهُمْ نَحْوَ سِتَّةِ آلافٍ، وَأُسِرَ ثَمَانِمِائَةٍ. وَكَانَ أَبُو فُدَيْكٍ قَدْ أَسَرَ جَارِيَةَ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَصَابُوهَا وَقَدْ حَبِلَتْ مِنْ أَبِي فُدَيْكٍ. وَفِيهَا: عَزَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ خَالِدًا عَنِ الْبَصْرَةِ وَأَضَافَهَا إِلَى أَخِيهِ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ. وَاسْتَعْمَلَ عَلَى خُرَاسَانَ بُكَيْرَ بن وشاح3.

_ 1 انظر السابق. 2 استوسق: استتب أو اشتد أو اجتمع له. 3 انظر: تاريخ الطبري "6/ 194".

حوادث سنة أربع وسبعين

حَوَادِثُ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ. وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ. وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ. وَخَرَشَةُ بْنُ الْحُرِّ الْكُوفِيُّ يَتِيمُ عُمَرَ. وَعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ، لَهُ رُؤْيَةٌ. وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ. وَمَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الأَصْبَحِيُّ جَدُّ مَالِكٍ الإِمَامِ. وَأَبُو جُحَيْفَةَ السُّوَائِيُّ. وَفِيهَا: فِي أَوَّلِهَا قِيلَ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ تُوُفِّيَ، وَقَدْ ذُكِرَ. وَفِيهَا: سَارَ الْحَجَّاجُ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَمَا بَنَى الْبَيْتَ الْحَرَامِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ يَتَعَنَّتَ أَهْلَهَا، وَبَنَى بِهَا مَسْجِدًا فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَهُوَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ. وَاسْتَخَفَّ فِيهَا بِبَقَايَا الصَّحَابَةِ وَخَتَمَ فِي أَعْنَاقِهِمْ. فَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَمَّنْ رَأَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مَخْتُومًا فِي يَدِهِ، وَرَأَى أَنَسًا مَخْتُومًا فِي عُنُقِهِ، يُذِلُّهُمْ بِذَلِكَ2. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ أَرْسَلَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فَقَالَ: مَا منعك لأن تَنْصُرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتَ، قَالَ: كَذَبْتَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَخُتِمَ فِي عنقه برصاص3.

_ 1، 2 خبر ضعيف: فيه الواقدي.

وَفِيهَا -ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ- وَلَّى عَبْدُ الْمَلِكِ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ حَرْبَ الأَزَارِقَةِ، فَشُقَّ ذَلِكَ عَلَى بِشْرٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ مَنْ أَرَادَ مِنْ جَيْشِ الْعِرَاقِ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ رَامَهُرْمُزَ، فَلَقِيَ بِهَا الْخَوَارِجَ، فَخَنْدَقَ عَلَيْهِ. وَفِيهَا: عَزَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بُكَيْرَ بْنَ وِشَاحٍ عَنْ خُرَاسَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا أُمَيَّةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، عَزَلَ بُكَيْرًا خَوْفًا مِنَ افْتِرَاقِ تَمِيمٍ بِخُرَاسَانَ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ ابْنَ عَمِّهِ بَحِيرًا مِنَ الْحَبْسِ، فَالْتَفَّ عَلَى بَحِيرٍ خَلْقٌ، فَخَافَ أَهْلُ خُرَاسَانَ وَكَتَبُوا إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهِمْ قُرَشِيًّا لا يَحْسِدُ وَلا يَتَعَصَّبُ عَلَيْهِ، فَفَعَلَ. وَكَانَ أُمَيَّةُ سَيِّدًا شَرِيفًا فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِبُكَيْرٍ وَلا لِعُمَّالِهِ، بَلْ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ شُرْطَتَهُ، فَامْتَنَعَ، فَوَلَّى بَحِيرَ بْنَ وَرْقَاءَ. وَيُقَالُ: فِيهَا كَانَ مَقْتَلُ أَبِي فُدَيْكٍ، وقد مر في سنة ثلاث1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "6/ 195، 211"، تاريخ خليفة "ص/ 169"، صحيح التوثيق "5/ 140".

حوادث سنة خمس وسبعين

حَوَادِثُ سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ السُّلَمِيُّ. وَأَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ. وَكُرَيْبُ بن أبرهة الأصبحي أمير الإسكندرية. وَبِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ أَمِيرُ الْعِرَاقِ. وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الأَوْدِيُّ فِيهَا، وَقِيلَ: فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَسُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ التُّجِيبِيُّ قَاضِي مِصْرَ وَقَاصُّهَا. وَفِيهَا: وَفَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ عَلَى أَخِيهِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مِصْرَ زِيَادَ بْنَ حُنَاطَةَ التُّجِيبِيَّ، فتُوُفِّيَ زِيَادُ فِي شَوَّالٍ، وَاسْتَخْلَفَ أَصْبَغُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ. وَفِيهَا: حَجَّ بِالنَّاسِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَخَطَبَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَسُيِّرَ عَلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقِ الْحَجَّاجُ، فَسَارَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْكُوفَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَاكِبًا بَعْدَ أَنْ وَهَبَ الْبَشِيرُ ثَلاثَةَ آلافِ دِينَارٍ.

قَالَ الْوَليِدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْحَجَّاجُ عَامِلا لِعَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مَكَّةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ، قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُ فِي نَفَرٍ ثَمَانِيَةٍ أَوْ تِسْعَةٍ عَلَى النَّجَائِبِ، فَلَمَّا كُنَّا بِمَاءٍ قَرِيبٍ مِنَ الْكُوفَةِ نَزَلَ فَاخْتَضَبَ وَتَهَيَّأَ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، ثُمَّ رَاحَ مُعْتَمًّا قَدْ أَلْقَى عَذْبَةَ الْعِمَامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مُتَقلَّدًا سَيْفَهُ، حَتَّى نَزَلَ عِنْدَ دَارِ الإِمَارَةِ عِنْدَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بِالأَذَانِ الأَوَّلِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمُ الْحَجَّاجُ وَهُمْ لا يَعْلَمُونَ، فَجَمَعَ بِهِمْ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَجَلَسَ عَلَيْهِ فَسَكَتَ، وَقَدِ اشْرَأَبُّوا إِلَيْهِ وَجَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ وَتَنَاوَلُوا الْحَصَى لِيَقْذِفُوهُ بِهَا، وَقَدْ كَانُوا حَصَبُوا عَامِلا قَبْلَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَسَكَتَ سَكْتَةً أَبْهَتَتْهُمْ، وَأَحَبُّوا أَنْ يَسْمَعُوا كَلامَهُ، فَكَانَ بَدْءُ كَلامِهِ أَنْ قَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، يَا أَهْلَ الشِّقَاقِ وَيَا أَهْلَ النِّفَاقِ، وَاللَّهِ إنْ كَانَ أَمْرُكُمْ لَيَهُمُّنِي قَبْلَ أن آتي إليكم، ولقد كنت أدعوا اللَّهَ أَنْ يَبْتَلِيَكُمْ بِي، فَأَجَابَ دَعْوَتِي، إِلا أَنِّي سَرَيْتَ الْبَارِحَةَ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي، فَاتَّخَذْتُ هَذَا مكَانَهُ -وَأَشَارَ إِلَى سَيْفِهِ- فَوَاللَّهِ لَأَجُرَّنَّهُ فِيكُمْ جَرَّ الْمَرْأَةِ ذَيْلَهَا، وَلَأفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ. قَالَ يَزِيدُ: فَرَأَيْتُ الْحَصَى مُتَسَاقِطًا مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ: قُومُوا إِلَى بَيْعتِكُمْ، فَقَامَتِ الْقَبَائِلُ قَبِيلَةً قَبِيلَةً تُبَايِعُ، فَيَقُولُ: مَنْ؟ فَتَقُولُ: بَنُو فُلانٍ، حَتَّى جَاءَتْهُ قَبِيلَةٌ فَقَالَ: مَنْ؟ قَالُوا النَّخَعُ، قَالَ: مِنْكُمْ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ؟ قَالُوا: أَيُّهَا الأَمِيرُ شَيْخُ كَبِيرٌ، قَالَ: لا بَيْعَةَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرُبُونِ حَتَّى تَأْتُونِي بِهِ. قَالَ: فَأَتَوُهُ بِهِ مَنْعُوشًا فِي سَرِيرٍ حَتَّى وَضَعُوهُ إِلَى جَانِبِ الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: أَلا لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ الدَّارَ غَيْرَ هَذَا، فَدَعَا بِنَطْعٍ وَضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ الْحَجَّاجَ حِينَ قَدِمَ الْعِرَاقَ، فَبَدَأَ بِالْكُوفَةِ، فَنُودِيَ: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَالْحَجَّاجُ مُتَقَلِّدٌ قَوْسًا عَرَبِيَّةً وَعَلَيْهِ عِمَامَةُ خَزٍّ حَمْرَاءُ مُتَلَثِّمًا، فَقَعَدَ وَعَرَضَ الْقَوْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى امْتَلأَ الْمَسْجِدُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرٍ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَمْنَعُهُ الْعَيُّ، وَأَخَذْتُ فِي يَدِي كَفًّا مِنْ حَصًى أَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ بِهِ وَجْهَهُ، فَقَامَ فَوَضَعَ نِقَابَهُ، وَتَقَلَّدَ قَوْسَهُ، وَقَالَ: أَنَا ابْنُ جَلا وَطَلاعُ الثَّنَايَا ... مَتَى أَضَعُ الْعِمَامَةَ تعرفوني إني لأرى رؤوسًا قَدْ أينعت وحان قطافها، كأني أنظر إلى الدماء بَيْنَ الْعَمَائِمُ وَاللِّحَى.

لَيْسَ بَعِشَّكِ فَادْرِجِي ... قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا فَشَمِّرِي هَذَا أَوَانُ الْحَرْبِ فَاشْتَدِّي زِيَمْ ... قَدْ لفها اليل بِسَوَّاقٍ حُطَمْ لَيْسَ بِرَاعِي إِبِلٍ وَلا غَنَمْ ... وَلا بِجَزَّارٍ عَلَى ظَهْرٍ وَضَمْ قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِعَصْلَبي ... مُهَاجِرٌ لَيْسَ بِأَعْرَابِيٍّ مُهَاجِرٌ لَيْسَ بِأَعْرَابِيٍّ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَغْمِزُ غَمْزَ التِّينِ، وَلا يُقَعْقَعُ لِي بِالشِّنَانِ، وَلَقَدْ فُرِرْتُ عَنْ ذَكَاءٍ، وَفُتِّشْتُ عَنْ تَجْرُبَةٍ، وَجَرَيْتُ إِلَى الْغَايَةِ، فَإِنَّكُمْ يَا أَهْلِ الْعِرَاقِ طَالَمَا أَوْضَعْتُمْ فِي الضَّلالَةِ، وَسَلَكْتُمْ سَبِيلَ الْغُوَايَةِ، أَمَّا وَاللَّهِ لأَلْحُوَنْكُمُ الْعُودَ، وَلأَعَصِبَنَّكُمْ عَصْبَ السَّلَمَةِ، وَلأَقْرَعَنَّكُمْ قَرْعَ الْمَرْوَةِ، وَلأَضْرِبَنَّكُمْ ضَرْبَ غَرَائِبِ الإِبِلِ، أَلا إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَثَلَ كِنَانَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعُجِمَ عِيدَانُهَا، فَوَجَدَنِي أَمَرَّهَا عُودًا وَأَصْلَبُهَا مَكْسَرًا، فَوَجَّهَنِي إِلَيْكُمُ، فَاسْتَقِيمُوا وَلا يَمِيلَنَّ مِنْكُمْ مَائِلٌ، وَاعْلَمُوا أَنِّي إِذَا قُلْتُ قَوْلا وَفَيْتُ بِهِ، مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَنْ بَعْثَ الْمُهَلَّبَ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، فَإِنِّي لا أَجِدُ أَحَدًا بَعْدَ ثَلاثَةٍ إلا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِيَّايَ وَهَذِهِ الزَّرَافَاتِ، فَإِنِّي لا أَجِدُ أَحَدًا يَسِيرُ فِي زَرَافَةٍ إِلا سَفَكَتْ دَمَهُ، وَاسْتَحَلْلَتْ مَالَهُ. ثُمَّ نَزَلَ1. رَوَاهُ الْمُبَرِّدُ بِنَحْوِهِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، بِإِسْنَادٍ، وَزَادَ فِيهِ: قُمْ يَا غُلامُ فَاقْرَأْ عَلَيْهِمْ كِتَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَنْ بِالْكُوفَةِ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ. فَسَكَتُوا، فَقَالَ: اكْفُفْ يَا غُلامُ، ثم أقبل عليهم فَقَالَ: يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَلا تَرُدُّونَ عَلَيْهِ شَيْئًا، هَذَا أَدَبُ ابْنِ نِهْيَةَ. أَمَّا وَاللَّهِ لَأُؤَدِّبَنَّكُمْ غَيْرَ هَذَا الأَدَبِ أَوْ لَتَسْتَقِيمُنَّ. اقْرَأْ يَا غُلامُ، فَقَرَأَ قَوْلَهُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ إلا قَالَ: وَعَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلامُ. الْعَصْلَبِيُّ: الشَّدِيدُ مِنَ الرِّجَالِ. وَالسُّوَاقُ الْحُطَمُ: الْعَنِيفِ فِي سَوْقِهِ. وَالوَضَمِ: كُلُّ شَيْءٍ وَقَيْتَ بِهِ اللَّحْمَ مِنَ الأَرْضِ مِنْ خِوَانٍ وَقَرْمِيَّةٍ. وَعَجَمْتُ الْعُودَ إِذَا عَضَضْتُهُ بِأَسْنَانِكَ. وَالزَّرَافَاتُ: الْجَمَاعَاتُ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: فَأَوَّلُ مَنْ خَرَجَ عَلَى الْحَجَّاجِ بِالْعِرَاقِ عَبْدُ اللَّهِ بن الجارود،

_ 1 خبر ضعيف: فيه الهذلي من الضعفاء.

وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ نَدَبَهُمْ إِلَى اللِّحَاقِ بِالْمُهَلَّبِ، ثُمَّ خَرَجَ فَنَزَلَ رُسْتَقُبَاذَ وَمَعَهُ وُجُوهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُهَلَّبِ يَوْمَانِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: إِنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي زَادَكُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فِي أَعْطِيَاتِكُمْ زِيَادَةُ فَاسِقٍ مُنَافِقٍ لَسْتُ أُجِيزُهَا، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ فَقَالَ: بَلْ هِيَ زِيَادَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَذَّبَهُ وَتَوَعَّدَهُ، فَخَرَجَ ابْنُ الْجَارُودِ عَلَى الحجاج، وتابعه خلق، فَقُتِلَ ابْنُ الْجَارُودِ فِي طَائِفَةٍ مَعَهُ. وَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى الْمُهَلَّبِ وَإِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ: أَنْ نَاهِضُوا الْخَوَارِجَ، قَالَ: فَنَاهِضُوهُمْ وَأَجْلَوْهُمْ عَنْ رَامَهُرْمُزَ، فَقَالَ الْمُهَلَّبُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُخَنْدِقَ عَلَى أَصْحَابِكَ فَافْعَلْ، وَخَنْدَقَ الْمُهَلَّبُ عَلَى نَفْسِهِ كَعَادَتِهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ ابْنِ مِخْنَفٍ: إِنَّمَا خَنْدَقْنَا سُيُوفَنَا، فَرَجَعَ الْخَوَارِجُ لِيُبَيِّتُوا النَّاسَ، فَوَجَدُوا الْمُهَلَّبَ قَدْ أَتْقَنَ أَمْرَ أَصْحَابِهِ، فَمَالُوا نَحْوَ ابْنِ مِخْنَفٍ، فَقَاتَلُوهُ، فَانْهَزَمَ جَيْشُهُ، وَثَبَتَ هُوَ فِي طَائِفَةٍ، فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلُوا، فَبَعَثَ الْحَجَّاجُ بَدَلَهُ عَتَّابَ بْنَ وَرْقَاءَ، وَتَأَسَّفُوا عَلَى ابْنِ مِخْنَفٍ، وَرَثَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: ثُمَّ فِي ثَالِثِ يَوْمٍ مِنْ مَقْدَمِ الْحَجَّاجِ الْكُوفَةَ أَتَاهُ عُمَيْرُ بْنُ ضَابِئٍ الْبُرْجُمِيُّ، وَهُوَ الْقَائِلُ: هَمَمْتُ وَلَمْ أَفْعَلْ، وَكِدْتُ وَلَيْتَنِي ... تَرَكْتُ عَلَى عُثْمَانَ تَبْكِي حَلائِلُهْ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: أَخِّرُوهُ، أَمَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ فَتَغْزُوهُ بِنَفْسِكَ، وَأمَّا الْخَوَارِجُ الأَزَارِقَةُ فَتَبْعَثْ بَدِيلا، وَكَانَ قَدْ أَتَاهُ بِابْنِهِ فَقَالَ: إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَهَذَا ابْنِي مَكَانِي، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فضربت عُنُقُهُ. وَاسْتَخْلَفَ الْحَجَّاجُ لَمَّا خَرَجَ عَلَى الْكُوفَةِ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَقَدِمَ الْبَصْرَةَ يَحُثُّ عَلَى قِتَالِ الأَزَارِقَةِ. وَفِيهَا: خَرَجَ دَاوُدُ بْنُ النُّعْمَانِ الْمَازِنِيِّ بِنَوَاحِي الْبَصْرَةِ، فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ الْحَكَمَ بْنَ أَيُّوبَ الثَّقَفِيَّ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةِ، فَظَفِرَ بِهِ، فَقَتَلَهُ، فَقَالَ شَاعِرُهُمْ: أَلا فَاذْكُرْنَ دَاوُدَ إِذْ بَاعَ نَفْسَهُ ... وَجَادَ بِهَا يَبْغِي الْجِنَانَ الْعَوَالِيَا وَفِيهَا: غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الصَّائِفَةَ عِنْدَ خُرُوجِ الرُّومِ بِنَاحِيَةِ مَرْعَشٍ. وَفِيهَا: خَطَبَهُمْ عَبْدُ الْمَلِكِ بِمَكَّةَ لَمَّا حَجَّ، فَحَدَّثَ أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ كَانَ مَنْ قَبْلِي مِنَ

الْخُلَفَاءِ يَأْكُلُونَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَيُؤْكَلُونَ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لا أُدَاوِي أَدْوَاءَ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلا بِالسَّيْفِ، وَلَسْتُ بِالْخَلِيفَةِ الْمُسْتَضْعَفِ -يَعْنِي عُثْمَانَ- وَلا الْخَلِيفَةِ الْمُدَاهِنِ -يَعْنِي مُعَاوِيَةَ- وَلا الْخَلِيفَةِ الْمَأْبُونِ -يَعْنِي يَزِيدَ- وَإِنَّمَا نَحْتَمِلُ لَكُمْ مَا لَمْ يكن عقد راية. أو وثوب عَلَى مِنْبَرٍ، هَذَا عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ حَقَّهُ حَقَّهُ وَقَرَابَتَهُ قَرَابَتَهُ، قَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا، فَقُلْنَا بِسَيْفِنَا هَكَذَا، أَلا فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ. وَفِيهَا: ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ، فهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الإِسْلامِ. وَحَجَّ فِيهَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَخَطَبَ بِالْمَوْسِمِ غَيْرَ مَرَّةً، وَكَانَ مِنَ الْبُلَغَاءِ الْعُلَمَاءِ الدُّهَاةِ، قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ سِيرَةَ السُّلْطَانِ تَدُورُ مَعَ النَّاسِ، فَإِنْ ذَهَبَ الْيَوْمَ مَنْ يَسِيرُ بِسِيرَةِ عُمَرَ، وَأُغِيرَ عَلَى النَّاسِ فِي بُيُوتِهِمْ، وَقُطِعَتِ السُّبُلُ، وَتَظَالَمَ النَّاسُ، وَكَانَتِ الْفِتَنُ، فَلا بُدَّ لِلْوَالِي أَنْ يَسِيرَ كُلَّ وَقْتٍ بِمَا يُصْلِحُهُ، نَحْنُ نَعَامٌ وَاللَّهِ أَنَّا لَسْنَا عِنْدَ اللَّهِ وَلا عِنْدَ النَّاسِ كَهَيْئَةِ عُمَرَ وَلا عُثْمَانَ، وَنَرْجُو خَيْرَ مَا نَحْنُ بِإِزَائِهِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَواتِ وَالْجِهَادِ وَالْقِيَامِ لِلَّهِ بِالَّذِي يُصْلِحُ دِينَهُ، وَالشِّدَّةِ عَلَى الْمُذْنِبِ، وَحسْبُنَا الله ونعم الوكيل1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "6/ 202"، تاريخ خليفة "ص/ 170"، صحيح التوثيق "5/ 140-142".

حوادث سنة ست وسبعين

حَوَادِثُ سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: حَبَّةُ بن جوين العني. وَزُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ. وَفِيهَا، أَوْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ تُوُفِّيَ: سَعِيدُ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ الخيواني. وفيها: خرج صالح بن مُسَرِّحٌ التَّمِيمِيُّ، وَكَانَ صَالِحًا نَاسِكًا مُخْبتًا، وَكَانَ يَكُونُ بِدَارَا وَالْمَوْصِلَ، وَلَهُ أَصَحْابٌ يُقْرِئُهُمْ وَيُفَقِّهُهُمْ وَيَقُصُّ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ يَحِطُّ عَلَى الْخَلِيفَتَيْنِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ كَدَأْبِ الْخَوَارِجِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُمَا وَيَقُولُ: تَيَسَّرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ لِجِهَادِ هَذِهِ الأَحْزَابِ الْمُتَحَزِّبَةِ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الْفَنَاءِ إِلَى دَارِ الْبَقَاءِ، وَلا تَجْزَعُوا مِنَ الْقَتْلِ فِي اللَّهِ، فَإِنَّ الْقَتْلَ أَيْسَرُ مِنَ الْمَوْتِ، وَالْمَوْتُ نَازِلٌ بِكُمْ. فَلَمْ يَنْشَبْ1 أَنْ أَتَاهُ كِتَابُ شَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ مِنَ الْكُوفَةِ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ شَيْخُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَنْ نَعْدِلَ بِكَ أَحَدًا، وَقَدْ دَعَوْتَنِي فاستجبت لك، وإن أردت تأخير ذلك

_ 1 لم ينشب: لم يستمر.

أَعْلَمْتَنِي، فَإِنَّ الْآجَالَ غَادِيَةٌ وَرَائِحَةٌ، وَلا آمَنُ أَنْ تَخْتَرِمَنِي الْمَنِيَّةُ وَلَمْ أُجَاهِدِ الظَّالِمِينَ، فَيَا لَهُ غَبْنًا، وَيَا لَهُ فَضْلا مَتْرُوكًا، جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِمَّنْ يُرِيدُ بِعَمَلِهِ اللَّهَ وَرِضْوَانَهُ. فرد عليه الجواب يحضه عَلَى الْمَجِيءِ، فَجَمَعَ شَبِيبٌ قَوْمَهُ، مِنْهُمْ أَخُوهُ مُصَادٌ، وَالْمُحَلَّلُ بْنُ وَائِلٍ الْيَشْكِرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَجَرٍ الْمُحَلِّمِيُّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَامِرٍ الذُّهْلِيُّ، وَقَدِمَ عَلَى صَالِحٍ وَهُوَ بِدَارًا، فَتَصَمَّدُوا مِائَةً وَعشْرَةَ أَنْفُسٍ. ثُمَّ وَثَبُوا عَلَى خَيْلٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ فَأَخَذُوهَا، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُمْ وَأَخَافُوا الْمُسْلِمِينَ. وَفِيهَا: غَزَا حَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيُّ إِفْرِيقِيَّةَ وَقَتَلَ الْكَاهِنَةَ. وَلَمَّا خَرَجَ صَالِحُ بْنُ مُسَرِّحٍ بِالْجِزِيرَةِ نُدِبَ لِحَرْبِهِ عَدِيُّ بْنُ عَدِيِّ بْنِ عُمَيْرَةَ الْكِنْدِيُّ، فَقَاتَلَهُمْ، فَهَزَمَ عَدِيًّا، فَنُدِبَ لِقِتَالِهِ خَالِدُ بْنُ جَزْءٍ السُّلَمِيُّ، وَالْحَارِثُ الْعَامِرِيُّ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، وَانْحَازَ صَالِحٌ إِلَى الْعِرَاقِ، فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ إلى لِحَرْبِهِ عَسْكَرًا، فَاقْتَتَلُوا، ثُمَّ مَاتَ صَالِحُ بْنُ مُسَرِّحٍ مُثْخَنًا بِالْجِرَاحِ فِي جُمَادِي الآخِرَةِ، وَعَهِدَ إلى شبيب بن يزيد، فاقتفى شَبِيبٌ هُوَ وَسَوْرَةُ بْنُ الْحُرِّ، فَانْهَزَمَ سَوْرَةُ بَعْدَ قِتَالٍ شَدِيدٍ. ثُمَّ سَارَ شَبِيبٌ فَلَقِيَ سَعِيدَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ، فَاقْتَتَلُوا، ثُمَّ انْصَرَفَ شَبِيبٌ فَهَجَمَ عَلَى الْكُوفَةِ، وَقَتَلَ بِهَا أَبَا سُلَيْمٍ مَوْلَى عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَالِدَ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَقَتَلَ بِهَا عَدِيَّ بْنَ عَمْرٍو، وَأَزْهَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيَّ، ثُمَّ خَرَجَ عَنِ الْكُوفَةِ فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ زَائِدَةَ بْنَ قُدَامَةَ الثَّقَفِيَّ ابْنَ عَمِّ الْمُخْتَارِ، فِي جَيْشٍ كَبِيرٍ، فَالْتَقَوْا بِأَسْفَلِ الْفُرَاتِ، فَهَزَمَهُمْ وَقَتَلَ زَائِدَةَ، فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، فَلَمْ يُقَاتِلْهُ. وَكَانَ مَعَ شَبِيبِ امْرَأَتُهُ غَزَالَةُ، وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالشَّجَاعَةِ، فَدَخَلَتْ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ تِلْكَ الليلة وَقَرَأَتْ وِرْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ نَذَرَتْ أَنْ تَصْعَدَ الْمِنْبَرَ فَصَعِدَتْ. ثُمَّ حَارَ الْحَجَّاجُ فِي أَمْرِهِ مَعَ شَبِيبٍ، فَوَجَّهَ لِقِتَالِهِ عُثْمَانَ بْنَ قَطَنٍ الْحَارِثِيَّ، فَالْتَقَوْا فِي آخِرِ الْعَامِ، فَقُتِلَ عُثْمَانُ وَانْهَزَمَ جَمْعُهُ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مِمَّنْ مَعَهُ سِتُّمِائَةِ نَفْسٍ، مِنْهُمْ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ كِنْدَةَ، وَقُتِلَ مِنَ الأَعْيَانِ: عَقِيلُ بْنُ شَدَّادٍ السَّلُولِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ نَهِيكٍ الْكِنْدِيُّ، وَالأَبْرَدُ بْنُ رَبِيعَةَ الكندي. واستفحل أمر شبيب، وَتَزَلْزَلَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَوَقَعَ الرُّعْبُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ شَبِيبٍ، وَحَارَ الْحَجَّاجُ، فكان يقول: أعياني شبيب1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 171، 172"، تاريخ الطبري "6/ 218- 223"، الكامل "4/ 393"، صحيح التوثيق "5/ 145-147".

حوادث سنة سبع وسبعين

حَوَادِثُ سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ بِمِصْرَ. وَشُرَيْحُ الْقَاضِي وَفِيهِ خِلَافٌ. وَفِيهَا: سَارَ شَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ، فَنَزَلَ الْمَدَائِنَ، فَنَدَبَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِهِ أَهْلَ الْكُوفَةِ كُلَّهُمْ، عَلَيْهِمْ زُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ السَّعْدِيُّ، شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ بَاشَرَ الْحُرُوبَ. وَبَعَثَ إِلَى حَرْبِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنَ الشَّامِ سُفْيَانَ بن الأبرد، وَحَبِيبًا الْحَكَمِيَّ فِي سِتَّةِ آلافٍ. ثُمَّ قَدِمَ عتاب بن وراق عَلَى الْحَجَّاجِ مُسْتَعْفِيًا مِنْ عِشْرَةِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، فَاسْتَعْمَلَهُ الْحَجَّاجُ عَلَى الْكُوفَةِ، وَلِجَمْعِ جَمِيعِ الْجَيْشِ خَمْسِينَ أَلْفًا. وَعَرَضَ شَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ جُنْدَهُ بِالْمَدَائِنِ، فَكَانُوا أَلْفَ رَجُلٍ، فَقَالَ: يا قوم إن الله يَنْصُرُكُمْ وَأَنْتُمْ مِائَةٌ أَوْ مِائَتَانِ، فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ مِئُونٌ. ثُمَّ رَكِبَ، فَأَخَذُوا يَتَخَلَّفُونَ عَنْهُ وَيَتَأَخَّرُونَ، فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ تَكَامَلَ مَعَ شَبِيبٍ سِتُّمِائَةٍ، فَحَمَلَ فِي مِائَتَيْنِ عَلَى مَيِسرَةِ النَّاسِ فَانْهَزَمُوا، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ، وَعَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ جَالِسٌ هُوَ وَزُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ عَلَى طِنْفَسَةٍ فِي الْقَلْبِ، فَقَالَ عَتَّابٌ: هَذَا يَوْمٌ كَثُرَ فِيهِ الْعَدَدُ وقل الغناء، والهفي على خمسة مِنْ رِجَالِ تَمِيمٍ. وَتَفَرَّقَ عَنْ عَتَّابٍ عَامَّةُ الْجَيْشِ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ شَبِيبٌ، فَقَاتَلَ عَتَّابٌ سَاعَةً وَقُتِلَ، وَوَطِئَتِ الْخَيْلُ زُهْرَةُ فَهَلَكَ، فَتَوَجَّعَ لَهُ شَبِيبٌ لَمَّا رَآهُ صَرِيعًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَمُنْذُ اللَّيْلَةِ لَمُتَوَجِّعٌ لِرَجُلٍ مِنَ الْكَافِرِينَ! قَالَ: إِنَّكَ لَسْتَ أَعْرَفَ بِضَلَالَتِهِمْ مِنِّي، إِنِّي أَعْرَفُ من قديم أمرهم ما لا تَعْرِفُ، لَوْ ثَبَتُوا عَلَيْهِ كَانُوا إِخْوَانَنَا. وَقُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ: عَمَّارُ بْنُ يَزِيدَ الْكَلْبِيُّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.

ثُمَّ قَالَ شَبِيبٌ لِأَصْحَابِهِ: ارْفَعُوا عَنْهُمُ السَّيْفَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى طَاعَتِهِ وَبَيْعَتِهِ، فَبَايَعُوهُ، ثُمَّ هَرَبُوا لَيْلا. هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ جَيْشُ الشَّامِ، فَتَوَجَّهَ شَبِيبٌ نَحْوَ الْكُوفَةِ، وَقَدْ دَخَلَهَا عَسْكَرُ الشَّامِ، فَشَدُّوا ظَهْرَ الْحَجَّاجِ وَانْتَعَشَ بِهِمْ، وَاسْتَغْنَى بِهِمْ عَنْ عَسْكَرِ الْكُوفَةِ، وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لا أَعَزَّ اللَّهُ مَنْ أَرَادَ بِكُمُ الْعِزَّ، الْحَقُوا بِالْحِيرَةِ، فَانْزِلُوا مَعَ اليهود والنصارى، ولا تقاتلوا معنا. وحنق بهم، وَهَذَا مِمَّا يَزِيدُهُمْ فِيهِ بُغْضًا. ثُمَّ إِنَّهُ وَجَّهَ الْحَارِثَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الثَّقَفِيَّ فِي أَلْفِ فَارِسٍ فِي الْكَشْفِ، فَالْتَمَسَ شَبِيبٌ غَفْلَتَهُمْ وَالْتَقَوْا، فَحَمَلَ شَبِيبٌ عَلَى الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ، وَانْهَزَمَ مَنْ معه. ثم جاء شبيب فنزل الْكُوفَةَ. وَحَفِظَ النَّاسُ السِّكَكَ، وَبَنَى شَبِيبٌ مَسْجِدًا بِطَرَفِ السَّبْخَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو الْوَرْدِ مَوْلَى الْحَجَّاجِ فِي عِدَّةِ غِلْمَانٍ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. ثُمَّ خَرَجَ طُهْمَانَ مَوْلَى الْحَجَّاجِ فِي طَائِفَةٍ، فَقَتَلَهُ شَبِيبٍ. ثُمَّ أَنَّ الْحَجَّاجَ خَرَجَ مِنْ قَصْرِ الْكُوفَةِ، فَرَكِبَ بَغْلا، وَخَرَجَ فِي جَيْشِ الشَّامِ، فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ نَزَلَ الْحَجَّاجُ وَقَعَدَ عَلَى كُرْسِيٍّ، ثُمَّ نَادَى: يَا أَهْلَ الشَّامِ، أَنْتُمْ أَهْلُ السَّمَعِ وَالطَّاعَةِ وَالصَّبْرِ وَالْيَقِينِ، لا يَغْلِبَنَّ بَاطِلُ هَؤُلاءِ حَقَّكُمْ، غُضُّوا الأَبْصَارَ، وَاجْثُوا عَلَى الرَّكْبِ، وَأَشْرِعُوا إِلَيْهِمْ بِالأَسِنَّةِ. وَكَانَ شَبِيبٌ فِي سِتِّمِائَةٍ، فَجَعَلَ مِائَتَيْنِ مَعَهُ كُرْدُوسًا، وَمِائَتَيْنِ مَعَ سُوَيْدِ بْنِ سُلَيْمٍ، وَمِائَتَيْنِ مَعَ الْمُحَلَّلِ بْنِ وَائِلٍ، فَحَمَلَ سُوَيْدٌ عَلَيْهِمْ، حَتَّى إِذَا غشي أطراف الأسنة وثبوا في وجوههم يطعنونهم قُدُمًا قُدُمًا، فَانْصَرَفُوا، فَأَمَرَ الْحَجَّاجُ بِتَقْدِيمِ كُرْسِيَّةٍ، وصاح في أصحابه فحمل عليهم شبيب، فثبتوا، وطال القتال، فلما رَأَى شَبِيبٌ صَبْرَهُمْ نَادَى: يَا سُوَيْدُ احْمِلْ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ السِّكَّةِ لَعَلَّكَ تُزِيلُ أَهْلَهَا عنها، فتأتي الحجاج من وراءه وَنَحْنُ مِنْ أَمَامِهِ، فَحَمَلَ سُوَيْدٌ عَلَى أَهْلِ السِّكَّةِ، فَرُمِيَ مِنْ فَوْقِ الْبُيُوتِ، فَرُدَّ. قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَحَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ لَقِيطٍ الْخَارِجِيُّ قَالَ: فَقَالَ لَنَا شَبِيبٌ يَوْمَئِذٍ: يَا أَهْلَ الإِسْلامِ، إِنَّمَا شَرَيْنَا اللَّهَ، وَمَنْ شَرَى اللَّهَ لَمْ يَكْثُرْ عَلَيْهِ مَا أَصَابَهُ، شَدَّةٌ كَشَدَّاتِكُمْ فِي مَوَاطِنِكُمُ الْمَعْرُوفَةِ، وَحَمَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَوَثَبَ أَصْحَابُ الْحَجَّاجِ طَعْنًا وَضَرْبًا،

فَنَزَلَ شَبِيبٌ وَقَوْمُهُ، فَصَعِدَ الْحَجَّاجُ عَلَى مَسْجِدِ شَبِيبٍ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ رَجُلا وَقَالَ: إِذَا دَنَوْا فَارْشِقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، فَاقْتَتَلُوا عَامَّةَ النَّهَارِ أَشَدَّ قِتَالٍ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى أَقَرَّ كُلُّ فَرِيقٍ لِلْآخَرِ. ثُمَّ إِنَّ خَالِدَ بْنَ عَتَّابِ بْنِ وَرْقَاءَ قَالَ لِلْحَجَّاجِ: ائْذَنْ لِي فِي قِتَالِهِمْ، فَإِنِّي مَوْتُورٌ وَمِمَّنْ لا يُتَّهَمُ فِي نَصِيحَةٍ، فَأَذِنَ لَهُ، فَخَرَجَ فِي عِصَابَةٍ وَدَارَ مِنْ وَرَائِهِمْ، فَقُتِلَ مُصَادًا أَخَا شَبِيبٍ، وَغَزَالَةُ أَمْرَأَةُ شبيب، وأضم النِّيرَانَ فِي عَسْكَرِهِ. فَوَثَبَ شَبِيبٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى خُيُولِهِمْ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: احْمِلُوا عَلَيْهِمْ فَقَدْ أُرْعِبُوا، فَشَدُّوا عَلَيْهِمْ فَهَزَمُوهُمْ، وَتَأَخَّرَ شَبِيبٌ فِي حَامِيَةِ قَوْمِهِ. فَذَكَرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ شَبِيبٌ أَنَّهُ جَعَلَ يَنْعَسُ وَيَخْفُقُ بِرَأْسِهِ وَخَلْفَهُ الطَّلَبُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْتَفِتْ فَانْظُرْ مَنْ خَلْفَكَ، فَالْتَفَتَ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ ثُمَّ أَكَبَّ يَخْفِقُ، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّهُمْ قَدْ دَنَوْا، فَالْتَفَتَ ثم أقبل يخفق. وبعث الحجاج إلى خيل أَنْ دَعُوهُ فِي حَرْقِ النَّارِ، فَتَرَكُوهُ وَرَجَعُوا. وَمَرَّ أَصْحَابُ شَبِيبٍ بِعَامِلٍ لِلْحَجَّاجِ عَلَى بَلَدٍ بِالسَّوَادِ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوْا بِالْمَالِ عَلَى دَابَّةٍ فَسَبَّهُمْ شَبِيبٌ عَلَى مَجِيئِهِمْ بِالْمَالِ وَقَالَ: اشْتَغَلْتُمْ بالدنيا، ثم رمى بالمل فِي الْفُرَاتِ. ثُمَّ سَارَ بِهِمْ إِلَى الأَهْوَازِ وَبِهَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَخَرَجَ لِقِتَالِهِ وَسَأَلَ مُحَمَّدٌ الْمُبَارَزَةَ، فَبَارَزَهُ شَبِيبٌ وَقَتَلَهُ. وَمَضَى إِلَى كِرْمَانَ فَأَقَامَ شَهْرَيْنِ وَرَجَعَ إِلَى الأَهْوَازِ فَنَدَبَ لَهُ الْحَجَّاجِ جَيْشِ الشَّامِ: سُفْيَانَ بْنَ الأَبْرَدِ الْكَلْبِيَّ، وَحَبِيبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَكَمِيَّ، فَالْتَقَوْا عَلَى جِسْرِ دُجَيْلٍ، فَاقْتَتَلُوا حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، ثُمَّ ذَهَبَ شَبِيبٌ، فَلَمَّا صَارَ عَلَى جِسْرِ دُجَيْلٍ قَطَعَ الْجِسْرَ، فَوَقَعَ شَبِيبٌ وَغَرِقَ، وَقِيلَ: نَفَرَ به فرسه فألقاه في الماء وعليه الحديد، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَغَرْقًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَالَ: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الأنعام: 96] فَأَلْقَاهُ دُجَيْلٌ إِلَى سَاحِلِهِ مَيِّتًا، فَحُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَأَمَرَ بِهِ فَشَقَّ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ قَلْبَهُ، فَإِذَا هُوَ كَالْحَجَرِ، إِذَا ضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ نَبَا عَنْهَا، فَشَقُّوهِ فَإِذَا فِي دَاخِلِهِ قَلْبٌ صَغِيرٌ1. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ: ثُمَّ أَنْفَقَ الْحَجَّاجُ الأَمْوَالَ، وَوَجَّهَ سُفْيَانَ بن

_ 1 خبر ضعيف: فيه لوط أبو مخنف من المتروكين.

الأبرد فِي طَلَبِ الْقَوْمِ، قَالَ: وَأَقَامَ شَبِيبٌ بِكِرْمَانَ، حَتَّى إِذَا انْجَبَرَ وَاسْتَرَاشَ كَرَّ رَاجِعًا، فَيَسْتَقْبِلُهُ ابن الأبرد بِجِسْرِ دُجَيْلٍ، فَالْتَقَيَا فَعَبَرَ شَبِيبٌ إِلَى ابْنِ الأبرد فِي ثَلاثَةِ كَرَادِيسَ، فَاقْتَتَلُوا أَكْثَرَ النَّهَارِ، وَثَبَتَ الْفَرِيقَانِ، وَكَرَّ شَبِيبٌ وَأَصْحَابُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ كَرَّةً، وَابْنُ الأَبْرَدِ ثَابِتٍ، ثُمَّ آلَ أَمْرُهُمْ إِلَى أَنِ ازْدَحَمُوا عِنْدَ الْجِسْرِ، وَاضْطَرَّ شَبِيبٌ أَصْحَابَ ابْنِ الأَبْرَدِ إِلَى الْجِسْرِ، وَنَزَلَ فِي نَحْوِ مِائَةٍ، فَتَقَاتَلُوا إِلَى اللَّيْلِ قِتَالا عَظِيمًا، ثُمَّ تَحَاجَزُوا. وَقَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: حَدَّثَنِي فَرْوَةُ قَالَ: مَا هُوَ إِلا أَنِ انْتَهَيْنَا إِلَى الْجِسْرِ، فَعَبَرَنَا شَبِيبٌ فِي الظُّلْمَةِ وَتَخَلَّفَ فِي آخِرِنَا فَأَقْبَلَ عَلَى فَرَسِهِ، وَكَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجْرَةٌ فَنَزَا فَرَسُهُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَلَى الْجِسْرِ، فَاضْطَرَبَتِ الْمَاذَيانَةُ وَنَزَلَ حَافِرُ الْفَرَسِ عَلَى حَرْفِ السفينة فنزل فِي الْمَاءِ فَلَمَّا سَقَطَ قَالَ: {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [الأنفال: 42] فَانْغَمَسَ ثُمَّ ارْتَفَعَ فَقَالَ: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الأنعام: 96] . قَالَ: وَقِيلَ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ قَدْ أَصَابَ مِنْ عَشَائِرِهِمْ وَأَبْغَضُوهُ، فَلَمَّا تَخَلَّفَ فِي السَّاقَةِ اشْتَوَرُوا فَقَالُوا: نَقْطَعُ بِهِ الْجِسْرُ، فَفَعَلُوا، فَمَالَتِ السُّفُنُ، وَنَفَرَ فَرَسُهُ فَسَقَطَ وَغَرِقَ. ثُمَّ تَنَادَوْا بَيْنَهُمْ: غَرِقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَاسْتَخْرَجُوهُ وَعَلَيْهِ الدِّرْعُ1. قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَسَمِعْتُهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ شُقَّ بَطْنُهُ فَأُخْرِجَ قَلْبُهُ، فَكَانَ مُجْتَمِعًا صُلْبًا، كَأَنَّهُ صَخْرَةٌ، وَأَنَّهُ كَانَ يُضْرَبُ بِهِ الأَرْضُ فَيَثِبُ قَامَةَ الإِنْسَانِ2. وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ أَخْبَارِهِ أَيْضًا. وَفِيهَا: أَمْرُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بِجَامِعِ مِصْرَ، فَهُدِمَ وَزَيْدُ فِيهِ مِنْ جهاته الأربع. وأمر ببناء حصن الإسكندرية، وَكَانَ مَهْدُومًا مُنْذُ فَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. وَفِيهَا: افْتَتَحَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ هِرْقَلَةَ وَهِيَ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ دَاخِلَ بِلادِ الرُّومِ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَفِيهَا: توغل عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأُمَوِيُّ بِسِجِسْتَانَ، فَأُخِذَ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ، فَأَعْطَى مَالا حَتَّى خَلَّوْا عَنْهُ، فَعَزَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَوَجَّهَ مَكَانَهُ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ بْنِ عبيد الله3.

_ 1، 2 خبر ضعيف: أبو مخنف من المتروكين. 3 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 171-173"، تاريخ الطبري "6/ 262-318"، الكامل "4/ 448"، البداية "9/ 20-24"، صحيح التوثيق "5/ 148-150".

حوادث سنة ثمان وسبعين

حَوَادِثُ سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ. وَأَبُو الْمِقْدَامِ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: فِيهَا أَمَّرَ الْحَجَّاجُ عَلَى سِجِسْتَانَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيَّ، فَوَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَبَا بَرْدَعَةَ فَأَخَذَ عَلَيْهِ الْمَضِيقَ، وَقُتِلَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ الْحَارِثِيُّ، وَأَصَابَ الْعَسْكَرَ ضِيقٌ وَجُوعٌ شَدِيدٌ، حَتَّى هَلَكَ عَامَّتُهُمْ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَلاكَ شَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ. قَالَ: وَكَذَلِكَ قِيلَ فِي هَلاكِ قَطْرِيِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ هلال. وعبد ربه الكبير، رؤوس الْخَوَارِجِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: فِيهَا وَلِيَ خُرَاسَانَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: فِيهَا غَزَا مُحْرِزُ بْنُ أَبِي مُحْرِزٍ أَرْضَ الرُّومِ وَفَتَحَ أَزْقَلَةَ، فَلَمَّا قَفَلَ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ شَدِيدٌ مِنْ وَرَاءِ دَرْبِ الْحَدَثِ، فَأُصِيبَ فِيهِ نَاسٌ كَثِيرٌ. وَفِيهَا: قُتِلَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَنْدِيرَ الْقُشَيْرِيُّ، قَتَلَهُ أَصْحَابُ الْحَجَّاجِ. وَفِيهَا: جَرَتْ حُرُوبٌ وَوَقَعَاتٌ بِإِفْرِيقِيَّةَ وَالْمَغْرِبِ، وَوَلِيَ فِيهَا إِمْرَةَ الْمَغْرِبِ كُلِّهِ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ اللَّخْمِيُّ، فَسَارَ إِلَى طَنْجَةَ وَقَدِمَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ طَارِقُ بْنُ زِيَادٍ الصَّدَفِيُّ مَوْلاهُمُ الَّذِي افْتَتَحَ الأَنْدَلُسَ، وَأَصَابَ فِيهَا الْمَائِدَةَ الَّتِي يَتَحَدَّثُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهَا مَائِدَةُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ. وَفِيهَا: حَجَّ بِالنَّاسِ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدُ. وَفِيهَا: وَثَبَتِ الرُّومُ عَلَى مَلِكِهِمْ فَخَلَعَتْهُ وَقَطَعَتْ أَنْفَهُ وَنَفَتْهُ إِلَى بَعْضِ الْجَزَائِرِ. قَالَهُ الْمُسَبِّحِيُّ. وَفِيهَا: فَرَغَ الْحَجَّاجُ مِنْ بِنَاءِ وَاسِطَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا وَسَطٌ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ. وَقِيلَ: بُنِيَتْ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "6/ 319-321"، تاريخ خليفة "ص173، 174"، الكامل "4/ 418"، صحيح التوثيق "5/ 151".

حوادث سنة تسع وسبعين

حَوَادِثُ سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ. وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ بسِجِسْتَانَ. وَقَطَرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ بِطَبَرِسْتَانَ، بِخُلْفٍ فِيهِ. وَفِيهَا: اسْتَعْمَلَ الحجاج على البحرين محمد بن صعصة الْكِلابِيِّ وَضَمَّ إِلَيْهِ عُمَانَ فَخَرَجَ عَلَيْهِ الرَّيَّانُ النُّكْرِيُّ، فَهَرَبَ مُحَمَّدٌ وَرَكِبَ الْبَحْرَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى الْحَجَّاجِ. وَفِيهَا: وَلَّى الْحَجَّاجُ هَارُونَ بْنَ ذِرَاعٍ النَّمَرِيَّ ثَغْرَ الْهِنْدِ وَأَمَرَهُ بِطَلَبِ الْعِلافِيِّينَ، وَهُمَا مُحَمَّدٌ وَمُعَاوِيَةُ ابْنَا الْحَارِثِ مِنْ بَنِي سَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ، كَانَا قَدْ قَتَلَا عَامِلَ الْحَجَّاجِ هُنَاكَ، فَظَفِرَ هَارُونُ بِأَحَدِهِمَا فَقَتَلَهُ، وَهَرَبَ الآخَرُ. وَفِيهَا: غَزَا الْوَلِيدُ ابْنُ أميرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نَاحِيَةِ مَلَطْيَةَ، فَغَنِمَ وَسَبَى. وَقَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: أَوَّلُ قَبِيلٍ غَزَاهُمْ مُوسَى بْنُ النصير مِنَ الْبَرْبَرِ الَّذِينَ قَتَلُوا عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ، فسار إليهم بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ وَسَبَى، وَهَرَبَ مَلِكُهُمْ كُسَيْلَةُ. يُقَالُ: بَلَغَ سَبْيُهُمْ عِشْرِينَ أَلْفًا. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وفيها: أصحاب أَهْلَ الشَّامِ الطَّاعُونُ حَتَّى كَادُوا يَفْنَوْنَ مِنْ شِدَّتِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فِيهَا كَانَ مَصْرَعُ قَطَرِيِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ وَاسْمُ الْفُجَاءَةِ جَعُونَةُ بْنُ مَازِنِ بْنِ يَزِيدَ التَّمِيمِيُّ الْمَازِنِيُّ أَبُو نَعَامَةَ، خَرَجَ فِي زَمَنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَبَقِيَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً يُقَاتِلُ وَيُسَلَّمُ عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ وَبِإِمْرَةِ المؤمنين، وتغلب على بلاد الفرس.

وَوَقَائِعَةٌ مَشْهُورَةٌ، قَدْ ذَكَرَ مِنْهَا الْمُبَرِّدُ قِطْعَةً فِي كَامِلِهِ. وَقَدْ سَيَّرَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِهِ جَيْشًا بَعْدَ جَيْشٍ وَهُوَ يَهْزِمُهُمْ. وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ عَلَى فَرَسٍ أَعْجَفَ، وَبِيَدِهِ عَمُودٌ خَشَبٌ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَكَشَفَ قَطَرِيٌّ وَجْهَهُ، فَوَلَّى الرَّجُلُ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قال: لا يستحيي الإِنْسَانُ أَنْ يَفِرَّ مِنْ مِثْلِكَ. تَوَجَّهَ لِقِتَالِهِ سُفْيَانُ بْنُ الأَبْرَدِ الْكَلْبِيُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ وَظَفِرَ بِهِ وَقَتَلَهُ. وَقِيلَ: بَلْ عَثَرَتْ بِهِ فَرَسُهُ فَانْدَقَّتْ فَخْذُهُ، فَلِذَلِكَ ظَفِرُوا بِهِ بِطَبَرِسْتَانَ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى الْحَجَّاجِ. وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ سَوْرَةُ بْنِ الدَّارِمِيُّ. وَكَانَ قَطَرِيٌّ مَعَ شَجَاعَتِهِ الْمُفْرِطَةِ وَإِقْدَامِهِ مِنْ خُطَبَاءِ الْعَرَبِ الْمَشْهُورِينَ بِالْبَلاغَةِ وَالشِّعْرِ، وَلَهُ أَبْيَاتٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْحَمَاسَةِ1، وَاللَّهُ أعلم.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 175، 176"، تاريخ الطبري "6/ 325"، الكامل "4/ 453"، البداية "9/ 35-38"، صحيح التوثيق "5/ 153".

حوادث سنة ثمانين

حَوَادِثُ سَنَةِ ثَمَانِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ. وَأَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ. وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ الْفَقِيهُ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْقَارِيِّ. وَنَاعِمُ بْنُ أُجَيْلٍ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَرِيرٍ الْغَافِقِيُّ. وَجُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ. وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، بِخُلْفٍ فِيهِمَا. وَفِيهَا: صَلَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْبدًا الْجُهَنِيَّ عَلَى إِنْكَارِهِ الْقَدَرِ. قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ. وَفِيهَا: تُوُفِّيَ: سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ -قَالَهُ أَبُو نُعَيْمٍ- وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ. قَالَهُ ابْنُ معين.

وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي. قَالَهُ ابْنُ نُمَيْرٍ. وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَحَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيُّ بِالرُّومِ. وَفِيهَا: كَانَ سَيْلُ الْجُحَافِ، وَهُوَ سَيْلٌ عَظِيمٌ جَاءَ بِمَكَّةَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجَرَ الأَسْوَدِ، فَهَلَكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْحَجَّاجِ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ نَافِعٍ الْخُزَاعِيَّ قَالَ: كَانَ مِنْ قِصَّةِ الْجُحَافِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَحَطُوا، ثُمَّ طَلَعَ فِي يَوْمٍ قِطْعَةُ غَيْمٍ، فَجَعَلَ الْجُحَافُ يَضْرِطُ بِهِ وَيَقُولُ: إِنْ جَاءَنَا شَيْءٌ فَمِنْ هَذَا، فَمَا بَرِحَ مِنْ مَكَانِه حَتَّى جَاءَ سَيْلٌ فَحَمَلَ الْجِمَالَ وَغَرَّقَ الْجُحَافَ. وفيها: غَزَا الْبَحْرَ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي الْكَنُودِ حَتَّى بَلَغَ قُبْرُسَ. وَفِيهَا: هَلَكَ أَلْيُونُ الْمَلِكُ عَظِيمُ الرُّومِ لا رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِيهَا: سَارَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ فَالْتَقَى هُوَ وَالرَّيَّانِ النُّكْرِيُّ بِالْبَحْرَيْنِ، وَمَعَ الرَّيَّانِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَزْدِ تُقَاتِلُ، اسْمُهَا جَيْدَاءُ، فَقُتِلَ هُوَ وَهِيَ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِمَا، وَصُلِبَ هُوَ. وَفِيهَا: أَوَّلُ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ: وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ شَدِيدُ الْبُغْضِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ الْكِنْدِيِّ، يَقُولُ: مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ إِلا أَرَدْتُ قَتْلَهُ. ثُمَّ إِنَّهُ أَبْعَدَهُ عَنْهُ وَأَمَّرَهُ عَلَى سِجِسْتَانَ فِي هَذَا الْعَامِ بَعْدَ مَوْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، فَسَارَ إِلَيْهَا فَفَتَحَ فُتُوحًا، وَسَارَ يَنْهَبُ بِلادَ رُتْبِيلَ وَيَأَسُرُ وَيُخَرِّبُ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ مَعَ هَذَا كُتُبًا يَأْمُرُهُ بِالْوُغُولِ فِي تِلْكَ الْبِلادِ وَيُضْعِفُ هِمَّتَهُ وَيُعَجِّزُهُ، فَغَضِبَ ابْنُ الأَشْعَثِ وَخَطَبَ الناس، وكان معه رؤوس أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَكُمْ كَتَبَ إِلَيَّ بِتَعْجِيلِ الْوُغُولِ بِكُمْ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَهِيَ الْبِلادُ الَّتِي هَلَكَ فِيهَا إِخْوَانُكُمْ بِالأَمْسِ، وَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ، أَمْضِي إِذَا مَضَيْتُمْ وَآبَى إذا أَبَيْتُمْ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَقَالُوا: لا بَلْ تَأْبَى عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ وَلا نَسْمَعُ لَهُ وَلا نُطِيعُ. وَقَالَ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ الْكِنَانِيُّ: إِنَّ الْحَجَّاجَ مَا يَرَى بِكُمْ إِلا مَا رَأَى الْقَائِلُ الأَوَّلُ: "احْمِلْ عَبْدَكَ عَلَى الْفَرَسِ، فَإِنْ هَلَكَ هَلَكَ، وَإِنْ نَجَا فَلَكَ" إِنَّ الْحَجَّاجَ مَا يُبَالِي، إِنْ ظَفِرْتُمْ أَكَلَ الْبِلادِ وَحَازَ الْمَالَ، وَإِنْ ظَفِرَ عَدُوُّكُمْ كُنْتُمْ أَنْتُمُ الأَعْدَاءُ الْبُغَضَاءُ، اخْلَعُوا

عَدُوَّ اللَّهِ الْحَجَّاجِ وَبَايِعُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، فَنَادُوا: فَعَلْنَا فَعَلْنَا، ثُمَّ أَقْبَلُوا كَالسَّيْلِ الْمُنْحَدِرِ، وَانْضَمَّ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ جَيْشٌ عَظِيمٌ، فَعَجَزَ عَنْهُمُ الْحَجَّاجُ، وَاسْتَصْرَخَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَزِعَ لِذَلِكَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَجَهَّزَ الْعَسَاكِرَ الشَّامِيَّةَ فِي الْحَالِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ1. تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 135- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ2 وَاسْمُ الأَشْتَرِ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ. كَانَ أَبُوهُ مِنْ كِبَارِ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الأُمَرَاءِ الْمَشْهُورِينَ بِالشَّجَاعَةِ وَالرَّأْيِ، وَلَهُ شَرَفٌ وَسِيَادَةٌ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ يَوْمَ الْخَازَرِ، ثُمَّ كَانَ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ أُمَرَائِهِ، وَقُتِلَ مَعَهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. 136- الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ3 –ع- بن معاوية بن حصين، أبو بحر التميمي الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْحِلْمِ. مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَأَشْرَافِهِمْ. اسْمُهُ الضَّحَّاكُ، وَيُقَالُ: صَخْرٌ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ الأَحْنَفُ لاعْوِجَاجِ رِجْلَيْهِ. وَكَانَ سَيِّدًا مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ. أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ. وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَالْعَبَّاسِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ جَاوَانَ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَخُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ. وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفَّينَ. قَالَ ابن سَعْدٍ: كَانَ الأَحْنَفُ ثِقَةً مَأْمُونًا قَلِيلَ الْحَدِيثِ، وكان صديقًا لمصعب بن

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 175"، تاريخ الطبري "6/ 326". 2 انظر: البداية "8/ 323"، السير "4/ 35". 3 سبق الترجمة له.

الزُّبَيْرِ، فَوَفَدَ عَلَيْهِ إِلَى الْكُوفَةِ، فُتُوُفِّيَ عِنْدَهُ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ أَحْنَفَ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلا بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ. قَالَ: وَكَانَ اسْمُهُ صَخْرَ بْنَ قَيْسٍ أَحْدَ بَنِي سَعْدٍ، وَأُمُّهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَاهِلَةٍ، فَكَانَتْ تُرَقِّصُهُ وَتَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْلا حَنَفٌ بِرِجْلِهِ ... وَقِلَّةٌ أَخَافُهَا مِنْ نَسْلِهِ مَا كَانَ فِي فِتْيَانِكُمْ مِنْ مِثْلِهِ وَقَالَ الْمَرْزُبَانِيُّ: قِيلَ إِنَّ اسْمَهُ الْحَارِثُ، وَقِيلَ: حُصَيْنٌ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمِ: هُوَ افْتَتَحَ مَرْوَ الرُّوذِ، وَكَانَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ فِي جَيْشِهِ ذَلِكَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فَقَالَ: أَلا أُبَشِّرُكَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ إِذْ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قَوْمِكَ بَنِي سَعْدٍ أَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَجَعَلْتُ أُخْبِرُهُمْ وَأَعْرِضُ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَدْعُو إِلَى خَيْرٍ، وَمَا أَسْمَعُ إِلا حَسَنًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَحْنَفِ"1. وَكَانَ الأَحْنَفُ يَقُولُ: فَمَا شَيْءٌ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَالْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ". وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ فَاحْتَبَسَنِي عِنْدَهُ حَوْلا، فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ، إِنِّي قَدْ بَلَوْتُكَ وَخَبِرْتُكَ فَرَأَيْتُ عَلانِيَتَكَ حَسَنَةً، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ سَرِيرَتُكَ مِثْلَ عَلانِيَتِكَ، وَإِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ إِنَّمَا يُهْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ2. وَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي سَوِيَّةَ: ثنا الْعَلاءُ بْنُ حَرِيزٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمِّهِ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بِفَتْحِ

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 372"، وفيه ابن جدعان من الضعفاء. 2 خبر ضعيف: فيه ابن جدعان.

تُسْتَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ تُسْتَرَ، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا، يَعْنِي الأَحْنَفَ، الَّذِي كَفَّ عَنَّا بَنِي مُرَّةَ حِينَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَدَقَاتِهِمْ، وَقَدْ كَانُوا هَمُّوا بِنَا، قَالَ الأَحْنَفُ: فَحَبَسَنِي عُمَرُ عِنْدَهُ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً، يَأْتِينِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَلا يَأْتِيهِ عَنِّي إِلا مَا يُحِبُّ، فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ السَّنَةِ دَعَانِي فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ هَلْ تَدْرِي لِمَ حَبَسْتُكَ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَذَّرَنَا كُلَّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ1، فَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، فَاحْمِدِ اللَّهَ يَا أَحْنَفُ. قُلْتُ: وَكَانَ الأَحْنَفُ فَصِيحًا مُفَوَّهًا. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ، وَكَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ، وَكَانَ أَعْوَرَ أَحْنَفَ، دَمِيمًا قَصِيرًا كَوْسَجًا، لَهُ بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، حَبَسَهُ عُمَرُ عِنْدَهُ سَنَةً يَخْتَبِرْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللَّهِ السَّيِّدُ. قُلْتُ: ذَهَبَتْ عَيْنُهُ بِسَمَرْقَنْدَ. ذَكَرَهُ الْهَيْثَمُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: خَطَبَ الأَحْنَفُ عِنْدَ عُمَرَ، فَأَعْجَبَهُ مَنْطِقُهُ، فَقَالَ: كنت أخشى أن تكون منفقًا عَالِمًا، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنًا، فَانْحَدِرْ إِلَى مِصْرِكَ. قُلْتُ: مِصْرُهُ هِيَ الْبَصْرَةُ. وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: مَا كَذَبْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلا مَرَّةً، سَأَلَنِي عُمَرُ عَنْ ثَوْبٍ بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟ فَأَسْقَطْتُ ثُلُثَيِ الثَّمَنِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ إِلَى خُرَاسَانَ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ الأَحْنَفُ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَحْمِلُ، يَعْنِي فِي قِتَالِ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَيَقُولُ: إِنَّ عَلَى كُلِّ رَئِيسٍ حَقًّا ... أَنْ يَخْضِبَ الصَّعْدَةَ أَوْ يَنْدَقَّا قَالَ: وَسَارَ الأَحْنَفُ إِلَى مَرْوِ الرُّوذِ، وَمِنْهَا إِلَى بَلْخٍ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ أَتَى الأَحْنَفُ خَوَارِزْمَ، فَلَمْ يُطِقْهَا، فَرَجَعَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: خَرَجَ ابْنُ عَامِرٍ مِنْ خُرَاسَانَ قَدْ أَحْرَمَ مِنْ نَيْسَابُورَ بِعُمْرَةٍ، وَخَرَجَ عَلَى خُرَاسَانَ الأَحْنَفُ فَجَمَعَ أَهْلَ خُرَاسَانَ جَمْعًا كَبِيرًا، وَاجْتَمَعُوا بمرو،

_ 1 حديث حسن: أخرجه أحمد "1/ 22، 44".

فَقَاتَلَهُمُ الأَحْنَفُ وَهَزَمَهُمْ وَقَتَلَهُمْ، وَكَانَ جَمْعًا لَمْ يَجْتَمِعْ مِثْلُهُ قَطُّ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ عَمْرًا ذَكَرَ بَنِي تَمِيمٍ فَذَمَّهُمْ فَقَامَ الْأَحْنَفُ فَقَالَ: إِنَّكَ ذَكَرْتَ بَنِي تَمِيمٍ فَعَمَّمْتَهُمْ بِالذَّمِّ، وَإِنَّمَا هُمْ مِنَ النَّاسِ، فِيهِمُ الصَّالِحُ وَالطَّالِحُ، فَقَالَ: صَدَقْتَ. فَقَامَ الْحُتَاتُ -وَكَانَ يُنَاوِئُهُ- فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ائْذَنْ لِي فَلأَتَكَلَّمَ، قَالَ: اجْلِسْ، فَقَدْ كَفَاكُمْ سَيِّدُكُمُ الأَحْنَفُ1. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى: ائْذَنْ لِلْأَحْنَفِ، وَشَاوِرْهِ، وَاسْمَعْ مِنْهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ شَرِيفَ قَوْمٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الأَحْنَفِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَفِرُّ مِنَ الشَّرَفِ وَالشَّرَفُ يَتَّبِعُهُ. وَقَالَ وَالِدُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ: قِيلَ لِلأَحْنَفِ: إِنَّكَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَإِنَّ الصِّيَامَ يُضْعِفُكَ قَالَ: إِنِّي أَعُدُّهُ لِسَفَرٍ طَوِيلٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي زُرَيْقُ بْنُ رُدَيْحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كَانَ الأَحْنَفُ عَامَّةَ صَلاتِهِ بِاللَّيْلِ، وَكَانَ يَضَعُ إِصْبَعَهُ عَلَى السِّرَاجِ فَيَقُولُ: حِسَّ. ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَحْنَفُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا2. غَيْرُهُ يَقُولُ: ابْنُ ذَرِيحٍ. وَقَالَ أَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الْحَرِيرِ: ثنا أَبُو الأَصْفَرِ، أَنَّ الأَحْنَفَ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يُوقِظْ غِلْمَانَهُ، وَذَهَبَ يَطْلُبُ الْمَاءَ، فَوَجَدَ ثلجًا فكسره واغتسل. وقال مروان الأصغر: سَمِعْتُ الأَحْنَفَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ تَغْفِرْ لِي فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذَلِكَ. وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَنَا أَهْلٌ لِذَلِكَ. وقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ: قَالَ الأَحْنَفُ: ذَهَبَتْ عَيْنِي مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، مَا شَكَوْتُهَا إِلَى أَحَدٍ. وَيُرْوَى أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فقال: أنت الشاهر علينا سيفك يوم صفين والمخذل

_ 1 خبر ضعيف: تهذيب تاريخ دمشق "7/ 15" لابن بدران، فيه انقطاع. 2 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة.

عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ! فَقَالَ: لا تُؤَنِّبْنَا بِمَا مَضَى مِنَّا، وَلا تَرُدَّ الأُمُورَ عَلَى أَدْبَارِهَا، فَإِنَّ الْقُلُوبَ الَّتِي أَبْغَضْنَاكَ بِهَا بَيْنَ جَوَانِحِنَا، وَالسُّيُوفُ الَّتِي قَاتَلْنَاكَ بِهَا عَلَى عَوَاتِقِنَا، فِي كَلامِ غَيْرِهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ قَالَتْ أُخْتُ مُعَاوِيَةَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَتَهَدَّدُ؟ قَالَ: هَذَا الَّذِي إِنْ غَضِبَ غَضِبَ لِغَضَبِهِ مِائَةُ أَلْفٍ مِنْ تَمِيمٍ، لا يَدْرُونَ فِيمَ غَضِبَ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ شَيْئًا، وَالأَحْنَفُ سَاكِتٌ: فَقَالَ معاوية: يا أبا بحر، ما لك لا تَتَكَلَّمُ: قَالَ: أَخْشَى اللَّهَ إِنْ كَذَبْتُ وَأَخْشَاكُمْ إِنْ صَدَقْتُ. وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: عَجِبْتُ لِمَنْ يَجْرِي فِي مَجْرَى الْبَوْلِ مَرَّتَيْنِ، كَيْفَ يَتَكَبَّرُ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: قَالَ الأَحْنَفُ: مَا أَتَيْتُ بَابَ هَؤُلاءِ إِلا أَنْ أُدْعَى، وَلا دَخَلْتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يُدْخِلانِي بَيْنَهُمَا، وَلا ذَكَرْتُ أَحَدًا بَعْدَ أَنْ يَقُومَ مِنْ عِنْدِي إِلا بِخَيْرٍ. وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: مَا نَازَعَنِي أَحَدٌ فَكَانَ فَوْقِي إِلا عَرَفْتُ لَهُ قَدْرَهُ، وَلا كَانَ دُونِي إِلا رَفَعْتُ قَدْرِي عَنْهُ، وَلا كَانَ مِثْلِي إلا تَفَضَّلْتُ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ الأَحْنَفُ: لَسْتُ بِحَلِيمٍ، وَلَكِنِّي أَتَحَالَمُ. وَبَلَغَنَا أَنَّ رجُلا قَالَ لِلأَحْنَفِ: لَئِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً لَتَسْمَعَنَّ عَشْرًا، فَقَالَ لَهُ: لَكِنَّكَ لَئِنْ قُلْتَ عَشْرًا لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً. وَإِنَّ رَجُلا قَالَ لَهُ: بِمَ سُدْتَ قَوْمَكَ؟ قَالَ: بِتَرْكِي مِنْ أَمْرِكَ مَا لا يَعْنِينِي كَمَا عِنْدَكَ مِنْ أَمْرِي مَا لا يَعْنِيكَ. وَعَنْهُ قَالَ: مَا يَنْبَغِي لِلأَمِيرِ أَنْ يَغْضَبَ؛ لِأَنَّ الْغَضَبَ فِي الْقُدْرَةِ لِقَاحِ السَّيْفِ وَالنَّدَامَةِ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا الأَحْنَفُ الْكُوفَةَ مَعَ مُصْعَبٍ، فَمَا رَأَيْتُ خُصْلَةً تُذَمُّ إِلا رَأَيْتُهَا فِيهِ، كَانَ ضَئِيلا، صَغِيرَ الرَّأْسِ، مُتَرَاكِبَ الأَسْنَانِ، مَائِلَ الذَّقْنِ، نَاتِئَ الْوَجْهِ، بَاخِقَ الْعَيْنَيْنِ، خَفِيفَ الْعَارِضَيْنِ، أَحْنَفَ الرِّجْلِ، فَكَانَ إِذَا تَكَلَّمَ جَلا عَنْ نَفْسِهِ. بِاخَقٌ: مُنْخَسِفُ الْعَيْنِ.

وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: الأحْنَفُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ أَنْ تُقْبَلَ كُلُّ رِجْلٍ عَلَى صَاحِبَتِهَا. وَلِلأَحْنَفِ أَشْيَاءُ مُفِيدَةٌ أَوْرَدَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ جُمْلَةً مِنْهَا. وَكَانَ زِيَادُ بْنِ أَبِيهِ كَثِيرَ الرِّعَايَةِ لِلأَحْنَفِ، فَلَمَّا وَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ تَغَيَّرَتْ حَالُ الأَحْنَفِ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَصَارَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ مَنْ دُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِأَشْرَافِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ: أَدْخِلْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِمْ، فَكَانَ فِي آخِرِهِمُ الأَحْنَفُ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ أَكْرَمَهُ لِمَكَانِ سِيَادَتِهِ، وَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَحْرٍ إِلَيَّ، وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، فَأَخَذُوا فِي شُكْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَكَتَ الأَحْنَفُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَهُ: لِمَ لا تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إِنْ تَكَلَّمْتُ خَالَفْتُهُمْ، فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ عَزَلْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجُوا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَرُومُ الإِمَارَةَ، ثُمَّ أَتَوْا مُعَاوِيَةَ بَعْدَ ثَلاثٍ، وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ شَخْصًا، وَتَنَازَعُوا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا بَحْرٍ؟ قَالَ: إِنْ وَلَّيْتَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَسُدَّ مَسَدَّ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدْ أَعَدْتُهُ، فَلَمَّا خَرَجُوا خَلا مُعَاوِيَةُ بِعُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ: كَيْفَ ضَيَّعْتَ مِثْلَ هَذَا الَّذِي عَزَلَكَ وَأَعَادَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ؟ فَلَمَّا عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الْعِرَاقِ، جَعَلَ الأَحْنَفَ خَاصَّتَهُ وَصَاحِبَ سِرِّهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَضَرْتُ جَنَازَةَ الأَحْنَفِ بِالْكُوفَةِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ، فَلَمَّا سَوَّيْتُهُ رَأَيْتُهُ قَدْ فُسِحَ لَهُ مُدَّ بَصَرِي، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَصْحَابِي، فَلَمْ يَرَوْا مَا رَأَيْتُ. رَوَاهَا ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ. تُوُفِّيَ الأَحْنَفُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ الْفَسَوِيِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبٍ عَلَى الْعِرَاقِ. وَلَمْ يُعَيِّنُوا سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ. 137- أَسْمَاءُ بِنْتُ أبي بكر الصديق1 –ع- أم عبد الله ذات النطاقين، آخر

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 249"، البداية "8/ 346"، أسد الغابة "5/ 292".

الْمُهَاجِرِينَ وَالْمُهَاجِرَاتِ وَفَاةً، وَأُمُّهَا قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيَّةُ. لَهَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهَا: عَبْدُ اللَّهِ، وَعُرْوَةُ ابْنَا الزُّبَيْرِ، وَابْنَاهُمَا عُبَادَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمَوْلاهَا عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَتُوُفِّيَا قَبْلَهَا، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبَّادُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو نَوْفَلٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي عَقْرَبٍ، ووهب بْنُ كَيْسَانَ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ. وَشَهِدَتِ الْيَرْمُوكَ مع ابنها عبد الله وزوجها. وهي وابنها وأبوها وجدها صحابيون. رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْقُرِّيِّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ عَمْيَاءُ، نَسْأَلُهَا عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَقَالَتْ: قَدْ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا1. قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ عَائِشَةَ بِعَشْرِ سِنِينَ. قُلْتُ: فَعُمْرُهَا عَلَى هَذَا إِحْدَى وَتِسْعُونَ سَنَةً. وَأَمَّا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَقَالَ: عَاشَتْ مِائَةَ سَنَةٍ وَلَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ تَصَدَّعُ فَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا فَتَقُولُ: بِذَنْبِي وَمَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ أَكْثَرَ2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ شَيْءٌ غَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُهُ وَأَسُوسُهُ، وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ، وَأَعْلِفُهُ، وَأَسْتَقِي، وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، فَكَانَ يَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ جماعة، فدعاني فقال: "إخ إخ" 3.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "6/ 348". 2 الطبقات "8/ 251" لابن سعد. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 281، 282"، ومسلم "2182"، وأحمد "6/ 347، 352"، وابن سعد "8/ 250" في طبقاته.

لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، فَمَضَى، فَلَمَّا أتَيْتُ أَخْبَرْتُ الزُّبَيْرَ، فَقَالَ: وَاللَّه لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ، فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: ضَرَبَ الزُّبَيْرُ أَسْمَاءَ، فَصَاحَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَقْبَلَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أُمَّكَ طَالِقٌ إِنْ دَخَلَتْ! قَالَ: أَتَجْعَلُ أُمِّي عُرْضَةً لِيَمِينِكَ، فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِ وَخلَّصَهَا، فَبَانَتْ مِنْهُ1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، إِنَّ الزُّبَيْرَ طَلَّقَ أَسْمَاءَ، فَأَخَذَ عُرْوَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ. وَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ سَخِيَّةَ النَّفْسِ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ قَالَتْ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا بَنَاتِي تَصَدَّقْنَ وَلا تَنْتَظِرْنَ الْفَضْلَ فَإِنَّكُنَّ إِنِ انْتَظَرَتُنَّ الفضل لن تجدنه، وإن تصدقن لن تَجِدْنَ فَقْدَهُ2. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ امْرَأَتَيْنِ قَطُّ أَجْوَدَ مِنْ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ، وَجُودُهُمَا يَخْتَلِفُ، أَمَّا عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَجْمَعُ الشَّيْءَ إِلَى الشَّيْءِ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَ عِنْدَهَا وَضَعَتْهُ مَوَاضِعَهُ، وأما أسماء فكانت لا تدخر شيء لِغَدٍ3. قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: كَانَتْ أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط تحت الزُّبَيْرِ، وَكَانَتْ فِيهِ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ، وَكَانَتْ له كارهة تسأل الطَّلاقَ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً، وَقَالَ: لا تَرْجِعُ إِلَيَّ أَبَدًا4. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَهَا

_ 1 إسناده منقطع: السير "2/ 292". 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 252". 3 خبر صحيح: السير "2/ 292". 4 الطبقات "8/ 230، 231"، لابن سعد.

ثَلاثًا، يَعْنِي لِتَمَاضِرَ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ: وَكَانَ أَبُو سلمة أمه تماضر بن الأَصْبَغِ. وَرَوَى عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ تُمَاضِرَ، حِينَ طَلَّقَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَكَانَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ طَلَّقَهَا. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ: فَرَضَ عُمَرُ أَلْفًا أَلْفًا لِلْمُهَاجِرَاتِ، مِنْهُنَّ أُمُّ عَبْدٍ، وَأَسْمَاءُ. وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ: إِنَّ جَدَّتَهَا أَسْمَاءَ كَانَتْ تَمْرَضُ الْمَرْضَةَ، فَتُعْتِقُ كُلَّ مَمْلُوكٍ لَهَا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلرُّؤْيَا، أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَخَذَتْ عَنْ أَبِيهَا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّهِ: أَنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ تَقُولُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ يُقَاتِلُ الْحَجَّاجَ: لِمَنْ كَانَتِ الدَّوْلَةُ الْيَوْمَ؟ فَيُقَالُ لَهَا: لِلْحَجَّاجِ. فَتَقُولُ: رُبَّمَا أَمَرَ الْبَاطِلُ. فَإِذَا قِيلَ لَهَا: كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ انْصُرْ أَهْلَ طَاعَتِكَ وَمِنْ غَضِبَ لَكَ1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ، قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ بِعشْرِ لَيَالٍ، وَإِنَّهَا لَوَجِعَةٌ، فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: وَجِعَةٌ، قَالَ: إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَعَافِيَةً. قَالَتْ: لَعَلَّكَ تَشْتَهِي مَوْتِي، فَلا تَفْعَلْ، وَضَحِكَتْ، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَشْتَهِي أَنْ أَمُوتَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيَّ أَحَدُ طَرَفَيْكَ، إِمَّا أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبُكَ، وَإِمَّا أَنْ تَظْفَرَ فَتَقَرَّ عَيْنِي، وَإِيَّاكَ أَنْ تَعْرِضَ عَلَيَّ خِطَّةً لا تُوَافِقُ، فَتَقْبَلَهَا كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ2. إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ عوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي، أَنَّ الْحَجَّاجَ دَخَلَ عَلَى أَسْمَاءَ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَكَ أَلْحَدَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَذَاقَهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. قَالَتْ: كَذَبَ، كَانَ بَرًّا بِوَالِدَيْهِ، صَوَّامًا قَوَّامًا، وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ

_ 1 خبر ضعيف: فيه الواقدي من الضعفاء. 2 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 56" في الحلية.

سَيَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ كَذَّابَانِ، الْآخِرُ مِنْهُمَا شَرٌّ مِنَ الأَوَّلِ، وَهُوَ مُبِيرٌ1. إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا أَبُو الْمُحَيَّاةِ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: لَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ وَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّهْ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكِ فَهَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَقَالَتْ: لَسْتُ لَكَ بِأُمٍّ، وَلَكِنِّي أُمُّ الْمَصْلُوبِ عَلَى رَأْسِ الْبَنِيَّةٍ، وَمَا لِي مِنْ حَاجَةٍ، وَلَكِنْ أُحَدِّثُكَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَخْرُجُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ" 2. فَأَمَّا الْكَذَّابُ، فَقَدْ رَأَيْنَاهُ؟ تَعْنِي الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ وَأمَّا الْمُبِيرُ فَأَنْتَ، فَقَالَ لَهَا: مُبِيرُ الْمُنَافِقِينَ. أَبُو المُحَيَّاةِ هُوَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنْبَأَ الأَسْوَدُ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ، عَنْ أَبِي عَقْرَبٍ، أَنَّ الْحَجَّاجَ لَمَّا قَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ صَلَبَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّهِ أَنْ تَأْتِيَهُ، فَأبَتْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا لَتَأْتِيَنَّ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ مَنْ يَسْحَبُكِ بقُرُونِكِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: وَاللَّهِ لا آتِيكَ حَتَّى تَبْعَثَ إِلَيَّ مَنْ يَسْحَبُنِي بِقُرُونِي. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَتَى إِلَيْهَا فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ كُنْتَ تُعَيِّرُهُ بِابْنِ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، وَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ، فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا3. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ: ثنا ابْنُ أَبِي عَبَّادٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ: إِنَّ أَسْمَاءَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَذَلِكَ حِينَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مَصْلُوبٌ، فَمَالَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْجُثَثَ لَيْسَتْ بِشْيَءٍ، وَإِنَّمَا الأَرْوَاحُ عِنْدَ اللَّهِ، فَاتَّقِي اللَّهَ، وَعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ. فَقَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَقَدْ أُهْدِيَ رَأْسُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا إِلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ. رَوَاهُ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْمُبَارَكِ. أنا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى عَلَى بِنْتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بكر -وكان أبو بكر طلقها في

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2545"، وأحمد "2/ 26"، والترمذي "2220"، "3944". 2 انظر السابق. 3 خبر صحيح: "تاريخ دمشق /23/ تراجم النساء".

الْجَاهِلِيَّةِ- بِهَدَايَا، زَبِيبٍ وَسَمْنٍ وَقَرَظٍ، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا، وَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ: سَلِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لِتُدْخِلْهَا وتقبل هَدِيَّتَهَا. وَنَزَلَتْ {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} . [الممتحنة: 60] ، الآية. شَرِيكٌ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَهِيَ كَبِيرَةٌ عَمْيَاءُ، فَوَجَدْتُهَا تُصَلِّي، وَعِنْدَهَا إِنْسَانٌ يُلَقِّنُهَا: قُومِي اقْعُدِي افْعَلِي1. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ، فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا صَلَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى أُوتَى به أحنطه وَأُكَفِّنَهُ، فَأُتِيَتْ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهَا، فَجَعَلَتْ تُحَنِّطُهُ بِيَدِهَا وَتُكَفِّنُهُ بَعْدَ مَا ذَهَبَ بَصَرُهَا2. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَتْ أَسْمَاءُ بَعْدَ وَفَاةِ ابْنِهَا بِلَيَالٍ. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَفَّنَتْهُ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَمَا أَتَتْ عليه جمعة حتى ماتت. 138 الأسود بن يزيد3 –ع- بن قَيْسٍ النَّخَعِيُّ، الْفَقِيهُ أَبُو عَمْرٍو، وَيُقَالُ: أَبُو عبد الرحمن، أو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ أَخِي علقمة بن قيس، وخال إبراهيم بن زيد النَّخَعِيِّ. وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ عَلْقَمَةَ. رَوَى عَنْ: مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَبِلالٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ وَأَخُوهُ، وَابْنُ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمُ، وَعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَخَلْقٌ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ: يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ. وَكَانَ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالْحَجِّ عَلَى أَمْرِ كَبِيرٍ. فَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَجَّ الأَسْوَدُ ثَمَانِينَ مِنْ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ4. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يزيد فقال: كان صوامًا قوامًا حجاجًا5.

_ 1 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 255". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن عساكر "ص/ 27/ تراجم النساء" من تاريخ دمشق. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 70"، الحلية "2/ 102"، البداية "9/ 12". 4، 5 الحلية "2/ 103".

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَنْدَلٍ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ عياض، عَنْ مَيْمُونٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ: وَكَانَ يَنَامُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ سِتِّ لَيَالٍ1. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: ثنا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثدٍ قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَجْتَهِدُ فِي الْعِبَادَةِ، يَصُومُ حَتَّى يَخْضَرَّ وَيَصْفَرَّ، فَلَمَّا احْتُضِرَ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا الجزع؟ فقال: ما لي لا أَجْزَعُ، وَاللَّهِ لَوْ أَتَيْتُ بِالْمَغْفِرَةِ مِنَ اللَّهِ لأَهَمَّنِي الْحَيَاءُ مِنْهُ مِمَّا قَدْ صَنَعْتُ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ الذَّنْبُ الصَّغِيرُ، فَيَعْفُو عَنْهُ، فَلا يَزَالُ مُسْتَحْيِيًا مِنْهُ2. فِي وَفَاتِهِ أَقْوَالٌ، أَحَدُهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. 139- أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3 –ع. الْعَدَوِيُّ أَبُو زَيْدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو خَالِدٍ، مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ. وَقِيلَ: حَبَشِيٌّ. وَقِيلَ: مِنْ سَبْيِ الْيَمَنِ. وَقَدِ اشْتَرَاهُ عُمَرُ بِمَكَّةَ لَمَّا حَجَّ بالناس سنة إحدى عشر فِي خِلافَةِ الصِّدِّيقِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يَقُولُ: نَحْنُ قَوْمٌ من الأشعريين، ولكنا لا نُنْكِرُ مِنَّةَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَمُعَاذًا، وَأَبَا عبيدة، وابن عمر، وَابْنَ عُمَرَ، وَكَعْبَ الأَحْبَارِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ زَيْدٌ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. قَالَ الزُّهْريُّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَسْلَمَ قَالَ: قَدِمْنَا الْجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ، فَأَتَيْنَا بِالطِّلاءِ وَهُوَ مِثْلُ عَقِيدِ الرُّبِّ.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 103" في الحلية. 2 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 103". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 10"، أسد الغابة "1/ 77"، السير "4/ 98-100".

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَجَّ عُمَرَ بِالنَّاسِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، فَابْتَاعَ فِيهَا أَسْلَمَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ أَيْضًا: ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اشْتَرَانِي عُمَرُ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا بِالأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَسِيرًا، فَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيدِ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: فَعَلْتَ وَفَعَلْتَ، حَتَّى كَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَسْمَعُ الأَشْعَثَ يَقُولُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ اسْتَبْقِنِي لِحَرْبِكَ، وَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ، فَمَنَّ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ أُمَّ فَرْوَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ1. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ الأَسْوَدُ الْحَبَشِيُّ: وَاللَّهِ ما أُرِيدَ عَيْبَهُ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا أَبَا خَالِدٍ، إِنِّي أَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَلْزَمُكَ لُزُومًا لا يَلْزَمُهُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ، لا يَخْرُجُ سَفَرًا إِلا وَأَنْتَ مَعَهُ، فَأَخْبِرْنِي عَنْهُ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَوْلَى الْقَوْمِ بِالظِّلِّ، وَكَانَ يُرَحِّلُ رَوَاحِلَنَا وَيُرَحِّلُ رَحْلَهُ وَحْدَهُ، وَلَقَدْ فَزِعْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ رَحَّلَ رِحَالِنَا وَهُوَ يُرَحِّلُ رَحْلَهُ وَيَرْتَجِزُ: لا يَأْخُذُ اللَّيْلُ عَلَيْكَ بِالْهَمْ ... وَالْبَسَنْ له قميص وَاعْتَمْ وَكُنْ شَرِيكَ رَافِعٍ وَأَسْلَمْ ... وَاخْدُمِ الْأَقْوَامَ حَتَّى تُخْدَمْ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أبيه. قال أبو عبيد: تُوُفِّيَ أَسْلَمُ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 140- أُمَيْمَةُ بِنْتُ رُقَيْقَةَ2 وَاسْمُ أَبِيهَا عَبْدُ بْنُ بِجَادٍ التَّيْمِيُّ، وَهِيَ بِنْتُ أُخْتِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ لأُمِّهَا. عِدَادُهَا فِي صَحَابُيَّاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْهَا: ابْنَتُهَا حُكَيْمَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَصَرَّحَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ بِأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهَا، وَبِأَنَّهَا بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والحديث في "الموطأ".

_ 1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 10" في الطبقات الكبرى. 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 255"، أسد الغابة "5/ 407"، الإصابة "4/ 240".

141- أوس بن طمعج -م 4- الكوفي الْعَابِدُ1. ثِقَةٌ كَبِيرٌ مُخَضْرَمٌ. رَوَى عَنْ: سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ الأَنْصَارِيِّ، وَعَائِشَةَ. رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. "حرف الْبَاءِ": 142- بجالة بن عبدة التميمي -خ د ت ن- البصري2. كَاتِبُ جَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَمُّ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ -رَضِيَ الله عنهم. رَوَى عَنْهُ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وَيَعْلَى بْنُ حُكَيْمٍ، وَطَالِبُ بْنُ السَّمَيْدَعِ. وَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ بن معاوية. 143- البراء بن عازب3 –ع. ابْنِ الْحَارِثِ أَبُو عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ الْحَارِثِيُّ الْمَدَنِيُّ، نَزِيلُ الْكُوفَةَ. صَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو جُحَيْفَةَ السُّوَائِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن يزيد الخطمي، الصحابيان، وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَسَعْدُ بْنُ عَبِيدَةَ، وَأَبُو عُمَرَ زَاذَانَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. وَاستُصْغِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَشَهِدَ غَيْرَ غزوةٌ مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: اسْتَصْغَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بَدْرٍ فَرَدَّنِي، وَغَزَوْتُ مَعَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَمَا قَدِمَ عَلَيْنَا الْمَدِينَةَ حتى قرأت سورًا من المفصل4.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 510"، والجرح والتعديل "2/ 304"، وأسد الغابة "1/ 147". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 130"، والجرح والتعديل "2/ 437"، والإصابة "1/ 170". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 17"، الاستيعاب "1/ 155"، وأسد الغابة "1/ 171". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 226"، وابن سعد "4/ 367".

شُعْبَةُ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، رَأَيْتُ عَلَى البراء خاتم ذهب. وقال البراء: كنت أنا وابن عمر لدة. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى وسبعين. 144- بسر بن أبي أرطأة1 –د ت ن. عُمَيْرُ بْنُ عُوَيْمِرِ بْنِ عِمْرَانَ، وَيُقَالُ: بُسْرُ بْنُ أَرْطَأَةَ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَامِرِيُّ الْقُرَشِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثَيْنِ، وَهُمَا: "اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا" 2. وَحَدِيثَ: "لا تُقْطَعُ الأَيْدِي فِي الْغَزْوِ" 3. رَوَى عَنْهُ جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَأَيُّوبُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَأَبُو رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وُلِدَ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَنَتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمِصْرِيُّ: كَانَ صَحَابِيًّا شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ: وَلَهُ بِهَا دَارٌ وَحَمَّامٌ، وَكَانَ مِنْ شِيعَةِ مُعَاوِيَةَ، وَوَلَّى الْحِجَازَ وَالْيَمنَ لَهُ، فَفَعَلَ أَفْعَالا قَبِيحَةً، وَشُوِّشَ فِي آخر أيامه. قلت: وكان أميرًا سريًا شجاعًا بطلًا فَاتِكًا، سَاقَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَخْبَارَهُ فِي تَارِيخِهِ، فَمِنْ أَخْبَثِ أَخْبَارِهِ الَّتِي مَا عَمِلَهَا الْحَجَّاجُ، عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ بُسْرًا لا صُحْبَةَ لَهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ وَبُسْرٌ صَغِيرٌ. قَالَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ: ثنا زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَلامَةَ، عَنْ أَبِي الزَّيَّاتِ، وَآخَرَ، سَمِعَا أَبَا ذَرٍّ يَتَعَوَّذُ مِنْ يَوْمِ الْعَوْرَةِ، قَالَ زَيْدٌ: فَقُتِلَ عُثْمَانُ، ثُمَّ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ بُسْرَ بْنَ أَرْطَأةَ إِلَى الْيَمَنِ، فَسَبَى نِسَاءً مُسْلِمَاتٍ، فأقمن في السوق.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 409"، والسير "3/ 409"، وأسد الغابة "1/ 179، 180". 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 181"، وابن حبان "2424"، "2425"، والطبراني "1196" في الكبير، والحاكم "3/ 591". 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 181"، وأبو داود "4408"، والترمذي "1450"، والنسائي "8/ 91"، والطبراني "1195" في الكبير.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَتَلَ بُسْرُ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَقُثَمَ وَلَدَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِالْيَمَنِ. وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنُ جَسْرَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ قَالَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ بُسْرَ بْنَ أَبِي أَرْطَأَةَ إِلَى الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ يَقْتُلُ مَنْ كَانَ فِي طَاعَةِ عَلِيٍّ، فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ شَهْرًا لا يُقَالُ لَهُ: هَذَا مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ، إِلا قَتَلَهُ. وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَى الْيَمَنِ، فَمَضَى بُسْرُ إِلَيْهَا فَقَتَلَ وَلَدَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَتَلَ عَمْرَو بْنَ أَرَاكَةَ الثَّقَفِيَّ، وَقَتَلَ مِنْ هَمْدَانَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْنِ، وَقَتَلَ مِنَ الأَبْنَاءِ طَائِفَةً. وَذَلِكَ بَعْدَ قَتْلِ عَلِيٍّ، وَبَقِيَ إِلَى خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ1. وَيُرْوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ بُسْرًا هَدَمَ بِالْمَدِينَةِ دُورًا كَثِيرَةً، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وصاح: يا دينار، شيخ سمح عهدته ههنا بِالأَمْسِ، مَا فَعَلَ -يَعْنِي عُثْمَانَ- يَا أَهْلَ المدينة لولا عهد أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَرَكْتُ بِهَا مُحْتَلِمًا إِلا قَتَلْتُهُ، ثُمَّ مَضَى إِلَى الْيَمَنِ فَقَتَلَ بِهَا ابْنَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، صَبِيَّيْنِ مُلَيْحَيْنِ، فهامت أمهما بهما. قلت: وقالت فيهما أبيات سَائِرَةً، وَبَقِيَتْ تَقِفُ لِلنَّاسِ مَكْشُوفَةَ الْوَجْهِ، وَتُنْشِدُ في الموسم منها: ها من أحسن بابني الذين هُمَا ... كَالدُّرَّتَيْنِ تَجَلَّى عَنْهُمَا الصَّدَفُ 145- بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ2: ابْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ. كَانَ سَمْحًا جَوَّادًا مُمَدَّحًا. وَلِيَ إِمْرةَ الْعِرَاقَيْنِ لِأَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ عِنْدَ عَقَبَةَ الْكَتَّانِ، وَجمَعَ لَهُ أَخُوهُ إِمْرَةَ الْعِرَاقَيْنِ. فَعَنِ الضَّحَّاكِ الْعَتَّابِيِّ قَالَ: خَرَجَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمٍ إِلَى بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ، فَقَدِمَ فَرَأَى النَّاسَ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ بِلا اسْتِئْذَانٍ، فَقَالَ: مَنْ يُؤْذِنُ الأَمِيرَ بِنَا؟ قَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ حِجَابٌ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: يُرَى بَارِزًا لِلنَّاسِ بِشْرٌ كَأَنَّهُ ... إِذَا لاحَ فِي أَثْوَابِهِ قمر بدر

_ 1 خبر ضعيف: فيه الواقدي من الضعفاء. 2 انظر: البداية "9/ 7"، وشذرات الذهب "1/ 83".

بعيد مراة العين مارد طَرْفُهُ ... حَذَارِ الْغَوَاشِي رَجْعُ بَابِ وَلا سَتْرُ وَلَوْ شَاءَ بِشْرُ أَغْلَقَ الْبَابَ دُونَهُ ... طَمَاطَمُ سُودٌ أَوْ صَقَالِبَةٌ حُمْرُ وَلَكِنَّ بِشْرًا يَسَّرَ الْبَابَ لِلَّتِي ... يَكُونُ لَهُ فِي جَنْبِهَا الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ فَقَالَ: تَحْتَجِبُ الْحُرُمَ، وَأَجْزَلَ صِلَتَهُ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: وَلَّى عَبْدُ الْمَلِكِ أَخَاهُ بِشْرًا عَلَى الْعِرَاقَيْنِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ حِينَ وَصَلَهُ الْخَبَرُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ قَدْ شَغَلْتَ إِحْدَى يَدَيْ، وَهِيَ الْيُسْرَى، وَبَقِيَتِ الأُخْرَى فَارِغَةٌ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلايَةِ الحجاز واليمن، فلما بَلَغَهُ الْكِتَابُ حَتَّى وَقَعَتِ الْقُرْحَةُ فِي يَمِينِهِ، فَقِيلَ لَهُ: نَقْطَعُهَا مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ، فَجَزَعَ، فَمَا أَمْسَى حَتَّى بَلَغَتِ الْمِرْفَقَ، ثُمَّ أَصْبَحَ وقد بلغت الْكَتِفَ، وَأَمْسَى وَقَدْ خَالَطَتِ الْجَوْفَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الآخِرَةِ، قَالَ: فَجَزِعَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَأَمَرَ الشُّعَرَاءَ فَرَثَوْهُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: قَالَ الْحَسَنُ: قَدِمَ عَلَيْنَا بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ الْبَصْرَةَ وَهُوَ أَبْيَضُ بَضَّ، أَخُو خَلِيفَةٍ، وَابْنُ خَلِيفَةٍ، فَأَتَيْتُ دَارَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْحَاجِبِ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. قَالَ: ادْخُلْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُطِيلَ الْحَدِيثَ وَلا تُمِلَّهُ، فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ عَلَيْهِ فرش قد كاد أن يغوص فيها، وَرَجُلٌ مُتَّكِئٌ عَلَى سَيْفِهِ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ، فَسلَّمْتُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. فَأَجْلَسَنِي، ثُمَّ قَالَ: مَا تَقُولُ فِي زَكَاةِ أموالنا، ندفعها للسلطان أَمْ إِلَى الْفُقَرَاءِ؟ قُلْتُ: أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ، فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى الَّذِي عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: لِشَيْءٍ مَا يَسُودَ مِنْ سود، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَشِيِّ، وَإِذَا هُوَ قَدِ انْحَدَرَ مِنْ سَرِيرِهِ إِلَى أَسْفَلَ وَهُوَ يَتَمَلْمَلُ، وَالأَطِبَّاءُ حَوْلَهُ، ثُمَّ عُدْتُ مِنَ الْغَدِ وَالنَّاعِيَةُ تَنْعَاهُ، وَالدَّوَابُّ قَدْ جَزُّوا نَوَاصِيَهَا. وَدُفِنَ فِي جَانِبِ الصَّحْرَاءِ. وَوَقَفَ الْفَرَزْدَقُ عَلَى قَبْرِهِ وَرَثَاهُ بِأَبْيَاتٍ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلا بَكَى1. قَالَ خَلِيفَةٌ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وسبعين، وهو أول أمير مات في بالبصرة.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 254".

تُوُفِّيَ وَعُمْرُهُ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً. "حرف التَّاءِ": 146- تَوْبَةُ بْنُ الْحُمَيِّرِ1 صَاحِبُ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ، أَحَدُ الْمُتَيَّمِينَ. وَكَانَ لا يَرَى لَيْلَى إِلا مُتَبَرْقِعَةً، وَكَانَ يَشِنُّ الْغَارَةَ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَتْ بَيْنَ أَرْضِ بَنِي عُقَيْلٍ وَبَيْنَ مُهْرَةَ، فَكَمَنُوا لَهُ وَقَتَلُوهُ، فَرَثَتْهُ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ بِأَبْيَاتٍ. وَمِنْ شِعْرِه قَوْلُهُ: فَإِنْ تَمْنَعُوا لَيْلَى وَحُسْنَ حَدِيثِهَا ... فَلَنْ تَمْنَعُوا مِنِّي الْبُكَا وَالْقَوَافِيَا فَهَلا مَنَعْتُمْ إِذْ مَنَعْتُمْ كَلَامَهَا ... خَيَالا يُمْسِينَا عَلَى النَّأْيِ هَادِيَا لَعَمْرِي لَقَدْ أَسْهَرْتِنِي يَا حمامة ال ... عقيق وَقَدْ أَبْكَيْتِ مَنْ كَانَ بَاكِيَا ذَكَرْتُكِ بِالْغَوْرِ التِّهَامِيِّ فَأَصْعَدَتْ ... شُجُونَ الْهَوَى حَتَّى بَلَغْنَ التَّرَاقِيَا وَلَهُ شِعْرٌ سَائِرٌ جَيِّدٌ. ذَكَرَ تَرْجَمَتَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ تَقْرِيبًا فِي حُدُودِ سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ. "حرف الثَّاءِ": 147- ثَابِتَ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ2 -ع، أبو زيد الأنصاري الأشهلي. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ لَهُ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ نَحْوُهَا عِنْدَ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْهُ أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ فِي الْحَلِفِ بِمِلَّةٍ سِوَى الإِسْلامِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ: عَنْ أَبِي قِلابَةَ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادٍ نازل.

_ 1 انظر: الشعر والشعراء "ص/ 360"، أمالي القالي "1/ 87، 130" وغيرهما. 2 انظر: الاستيعاب "1/ 197"، أسد الغابة "1/ 225".

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أن ابْنَ سَعْدٍ غَلَطَ فِي عُمْرِهِ كَمَا تَرَى. "حرف الْجِيمِ": 148- جَابِرُ بن عبد الله1 –ع- بن عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غُنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ أَبُو عبد الله، ويقال: أبو عبد الرحمن، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَنُو سَلَمَةَ بَطْنٌ مِنَ الْخَزْرَجِ. رَوَى الْكَثِيرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. وَقَدْ رَوَى عَنْ: أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ، وَهِيَ تَابِعِيَّةٌ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَالشَّعْبِيُّ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ مِينَا، وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. فَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الَّذِينَ أَمَدَّهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ وَهُوَ يُحَاصِرُ دِمَشْقَ. قَالَ عُرْوَةُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ شَهِدَ الْعَقَبَةَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ الْعَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِينَ، وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ، وَأَرَادَ شُهُودَ بَدْرٍ، فَخَلَّفَهُ أَبُوهُ عَلَى أَخَوَاتِهِ، وَكُنَّ تِسْعًا وخلفه يوم أحد فاستشهد يومئذ، وكان أبوه عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا مِنَ النُّقَبَاءِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَابِرٍ -يَعْنِي الْجُعْفِيَّ- عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَأَخْرَجَنِي خَالِي وَأَنَا لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرْمِي الْحَجَرَ2. وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: حَمَلَنِي خَالِي الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ فِي السَّبْعِينَ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ من الأنصار، فخرج إلينا ومعه العباس.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 574"، وأسد الغابة "1/ 256"، السير "3/ 189". 2 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "1741" فيه جابر الجعفي من الضعفاء.

وذكر البخاري، عن عمرو، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ شَهِدَ الْعَقَبَةَ. وَفِي مُسْنَدِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْتَحُ لِأَصْحَابِي الْمَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ1. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: هَذَا وَهْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قُلْتُ: صَدَقَ، فَإِنَّ زَكَرِيَّا بْنَ إِسْحَاقَ رَوَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمْ أَشْهَدْ بَدْرًا وَلا أُحُدًا، مَنَعَنِي أَبِي فَلَمَّا قُتِلَ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ غَزْوَةٍ2. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: شَهِدْنَا بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ سَبْعُونَ رَجُلا، فَوَالَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْعَبَّاسُ يُمْسِكُ بِيَدِهِ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقْولُ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ" 3. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ: ثَنَا لَيْثُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِي: "هَلْ تَزَوَّجْتَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ"؟ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبٌ قَالَ: "فَهَلا بِكْرًا تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ"؟، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهَا وَإِنَّهَا، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ لِتَقُومَ عَلَى أَخَوَاتِي، قَالَ: "أَصَبْتَ أَرْشَدَكَ اللَّهُ" 4. وَبِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اسْتَغْفَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ الْبَعِيرِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً5. صححه الترمذي.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه البخاري في تاريخه "2/ 207"، والحاكم "3/ 565"، فيه عنعنة الأعمش، وهو من المدلسين. 2 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1813". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 341"، ومسلم "1856". 4 حديث صحيح مختصرًا: وبلفظه أخرجه ابن عساكر "تهذيب تاريخ دمشق 3/ 390". 5 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "3852".

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَصْعَدُ ثِنَّيةَ الْمُرَارِ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مَا حُطَّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ"، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ صَعِدَهَا خَيْلُنَا خَيْلُ بَنِي الْخَزْرَجِ، وَتَتَابَعَ النَّاسُ، فَقَالَ: "كلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ"، فَقُلْنَا: تَعَالَ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَاللَّهِ لَأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي صَاحِبُكُمْ1. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدَنِي لا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ2. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: رَأَيْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَلَقَةً فِي الْمَسْجِدِ يُؤْخَذُ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى الحجاج: فلما سَلَّمْتُ عَلَيْهِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: إِنَّ جَابِرًا كُفَّ بَصَرُهُ3. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ أُبَيِّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنا بمنى، فجعلنا نخب جَابِرًا بِمَا نَرَى مِنْ إِظْهَارِ قُطْفِ الْخَزِّ وَالْوَشْيِ، يَعْنِي السُّلْطَانَ وَمَا يَصْنَعُونَ، فَقَالَ: لَيْتَ سَمْعِي قَدْ ذَهَبَ كَمَا ذَهَبَ بَصَرِي حَتَّى لا أَسْمَعَ مِنْ حَدِيثِهِمْ شَيْئًا وَلا أُبْصِرُهُ4. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ جَابِرًا دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا حَجَّ، فَرَحَّبَ بِهِ، فَكَلَّمَهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَصِلَ رِحَابَهُمْ، فَلَمَّا خرج في أَمَرَ لَهُ بِخَمْسَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، فَقَبِلَهَا5. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ: ثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: هَلَكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَحَضَرْنَا فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ سَرِيرُهُ مِنْ حُجْرَتِهِ إِذَا حَسَنُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ، فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ، فَيَأْبَى عَلَيْهِمْ فَسَأَلَهُ بَنُو جَابِرٍ إِلا خَرَجَ فَخَرَجَ، وَجَاءَ الْحَجَّاجُ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ حَتَّى وُضِعَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْقَبْرِ، فَإِذَا حسن بن

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2880". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 56"، وأحمد "3/ 298". 3 السير "3/ 193". 4، 5 خبر ضعيف فيه الواقدي. السير "3/ 193".

حَسَنٍ قَدْ نَزَلَ فِي الْقَبْرِ، فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ أَنْ يَخْرُجَ فَأَبَى، فَسَأَلَهُ بَنُو جَابِرٍ بالله، فخرج، فاقتحم الحجاج الحفر حَتَّى فَرَغَ مِنْهُ1. هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، فَإِنَّ جَابِرًا تُوُفِّيَ وَالْحَجَّاجُ عَلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ عَاشَ أَرْبَعًا وتسعين سنة. 149- جبير بن نفير2 –م 4- بن مَالِكِ بْنِ عَامِرٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيُّ الحمصي. أَدْرَكَ زَمَانَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بْنُ كُرَيْبٍ، وَمَكْحُولٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَآخَرُونَ. قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: اسْتَقْبَلْتُ الْإِسْلَامَ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلَمْ أَزَلْ أَرَى فِي النَّاسِ صَالِحًا وَطَالِحًا3. وَكَانَ جُبَيْرُ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الشَّامِ. قَالَ بَقِيَّةُ. ثنا عَلِيُّ بْنُ زُبَيْدٍ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ سُمَيٍّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى أَبِيهِ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ قَدْ نَشَرَ فِي مِصْرِي حَدِيثًا، فَقَدْ تَرَكُوا الْقُرْآنَ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى جُبَيْرٍ، فَجَاءَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ يَزِيدَ، فَعَرَفَ بَعْضَهُ وَأَنْكَرَ بَعْضَهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لأَضْرِبَنَّكَ ضَرْبًا أَدَعُكَ لِمَنْ بعدك نكالًا، وقال: يَا مُعَاوِيَةُ، لا تَطْغَ فِيَّ، إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ انْكَسَرَ عِمَادُهَا، وَانْخَسَفَتْ أَوْتَادُهَا، وَأَحَبَّهَا أَصْحَابُهَا، قَالَ: فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَخَذَ بِيَدِ جُبَيْرٍ وَقَالَ: لَئِنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِهِ جُبَيْرٌ لَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَلَوْ شَاءَ جُبَيْرٌ أَنْ يُخْبِرَ أَنَّ مَا سَمِعَهُ مِنِّي لَفَعَلَ4.

_ 1 خبر منكر: أخرجه الطبراني "1788" في الكبير، وانظر: المجمع "3/ 31". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 440"، الاستيعاب "1/ 234"، أسد الغابة "1/ 272". 3 الطبقات الكبرى "3/ 145"، "7/ 240". 4 السير "4/ 77".

هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، جُبَيْرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذِكْرٌ فِي أَيَّامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، بَلْ كَانَ شَابًّا لَمْ يُؤْخَذْ عَنْهُ بَعْدُ، وَأُخْرَى فَيَزِيدُ كَانَ صَغِيرًا بِمَرَّةٍ فِي أَيَّامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلَعَلَّ بَعْضَهُ قَدْ جَرَى. وَقَدْ رَوَى جُبَيْرٌ أَيْضًا، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ، وَمَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: تُوُفِّيَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 150- جنادة بن أبي أمية1 –خ- الأزدي الدوسي، وَاسْمُ أَبِيهِ كَبِيرٌ، وَلَهُ صُحْبَةٌ. رَوَى جُنَادَةُ عَنْ: مُعَاذٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَبُسْرِ بْنِ أَرْطَأَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سُلَيْمَانُ وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُجَاهِدُ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَالصُّنَابِحِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٍ الْيَزَنِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَقَيْسُ بْنُ هَانِئٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، وَآخَرُونَ. وَوَلَّى الْبَحْرَ لِمُعَاوِيَةَ، وَشَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَقَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، سَمِعْتُ يَحْيَى بن نعيم، وَقِيلَ لَهُ: جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ لَهُ صُحْبَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصامت؟ قال: هو هو. وعده ابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ، وَطَائِفَةٌ فِي تَابِعِي أَهْلِ الشَّامِ، وَهُوَ الْحَقُّ. وَلَهُ حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ صَحَّ فَيَكُونُ مُرْسَلا. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانين. قال الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: تُوُفِّيَ سنة سبع وسبعين.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 439"، والاستيعاب "1/ 242"، والسير "4/ 62، 63".

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. 151- جُهَيْمٌ الْعَنَزِيُّ1: عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَسَعْدٍ. وَعَنْهُ: أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَقِيلَ: اسْمُهُ جَهْمٌ. "حرف الْحَاءِ": 152- الْحَارِثُ بْنُ الأَزْمُعِ الْعَبْدِيُّ، وَيُقَالُ: الْوَادِعِيُّ2. عَنْ: عُمَرَ، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَعَنْهُ الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السبيعي. قال أَبُو حَاتِمٍ. 153- الْحَارِثُ بْنُ سَعِيدٍ الْكَذَّابُ3 الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ بِالشَّامِ. دِمَشْقِيُّ، يُقَالُ: إِنَّهُ مَوْلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. فَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ قَالَ: كَانَ الْحَارِثُ الْكَذَّابُ دِمَشْقِيًّا، وَكَانَ مَوْلَى لِأَبِي الْجُلاسِ، وَكَانَ لَهُ أَبٌ بِالْحُولَةِ. وَكَانَ مُتَعَبِّدًا زَاهِدًا لَوْ لَبِسَ جُبَّةً مِنْ ذَهَبٍ لَرُؤيَتْ عَلَيْهِ زُهَادَةٌ، وَكَانَ إِذَا أَخَذَ فِي التَّحْمِيدِ لَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُونَ إِلَى كَلامِ أَحْسَنَ مِنْ كَلامِهِ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ بِالْحُولَةِ: يَا أَبَتَاهُ أَعْجِلْ عَلَيَّ، فَقَدْ رَأَيْتَ أَشْيَاءَ أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْطَانُ قَدْ عَرَضَ لِي، قَالَ: فَزَادَهُ أَبُوهُ غَيًّا فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَقْبِلْ عَلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: فِي الشَّيَاطِينِ: {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: 222] وَلَسْتَ بِأَفَّاكٍ وَلا أَثِيمٍ. وَكَانَ يَجِيءُ إِلَى أَهْلِ المسجد رجل فيذاكره أمره، ويأخذ عليهم العهد والميثاق

_ 1 انظر: التاريخ الكبير "2/ 251"، الجرح والتعديل "2/ 540". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 119"، والاستيعاب "1/ 288". 3 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "3/ 445"، ولسان الميزان "2/ 151".

إِنْ رَأَى مَا يَرْضَى قَبِلَ، وَإِلا كَتَمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُرِيهُمُ الْأَعَاجِيبَ، يَأْتِي رُخَامَةً فِي الْمَسْجِدِ فَيَنْقُرُهَا بِيَدِهِ فَتُسَبِّحُ، وَيُطْعِمُهُمْ فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ، وَيَقُولُ: اخْرُجُوا حَتَّى أُرِيَكُمُ الْمَلائِكَةَ، فَيُخْرِجُهُمْ إِلَى دَيْرِ مُرَّانَ فَيُرِيهِمْ رِجَالا عَلَى خَيْلٍ. فَتَبِعَهُ بَشَرٌ، كَثِيرٌ، وَفَشَا الأَمْرُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَثُرَ أَصْحَابُهُ، فَوَصَلَ الأَمْرُ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: فَعَرَضَ عَلَى الْقَاسِمِ وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي نَبِيٌّ. قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، وَلا عَهْدَ لَكَ عِنْدِي، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ إِذْ لَمْ تَلِنْ حَتَّى تَأْخُذَهُ، الآنَ يَفِرُّ، قَالَ: وَقَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَأَعْلَمَهُ بِالأَمْرِ، وَطُلِبَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَخَرَجَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَنَزَلَ الصِّنَّبْرَةَ وَاتَّهَمَ عَامَّةَ عَسْكَرِهِ بِالْحَارِثِ أَنْ يَكُونُوا يَرَوْنَ رَأْيَهُ. وَأَتَى الْحَارِثُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مُخْتَفِيًا، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَخْرُجُونَ يَلْتَمِسُونَ الرِّجَالَ يُدْخِلُونَهُمْ عَلَيْهِ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةَ قَدْ أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ فِي التَّحْمِيدِ، فَسَمِعَ الْبَصْرِيُّ كَلامًا حَسَنًا، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِأَمْرِهِ وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّ كَلامَكَ حَسَنٌ، وَلَكِنْ فِي هَذَا نَظَرٌ، ثُمَّ خَرَجَ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ كَلامَهُ، فَقَالَ: قَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي كَلامُكَ، وَقَدْ آمَنْتُ بِكَ، هَذَا الدِّينُ الْمُسْتَقِيمُ، فَأَمَرَ أَنْ لا يُحْجَبَ، فَأَقْبَلَ الْبَصْرِيُّ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ وَيَعْرِفُ مَدَاخِلَهُ وَحِيَلَه وَأَيْنَ يَهْرُبُ، حَتَّى اخْتَصَّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِي، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى الْبَصْرَةِ أَكُونُ دَاعِيًا لَكَ بِهَا، فَأَذِنَ لَهُ، فَأَسْرَعَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ بِالصِّنَّبَرَةِ1، ثُمَّ صَاحَ: النَّصِيحَةَ النَّصِيحَةَ، فَأُدْخِلَ وَأُخْلِيَ، فَقَالَ لَهُ: مَا عِنْدَكَ؟ قَالَ: الْحَارِثُ، فَلَمَّا ذكر الحارث طَرَحَ نَفْسَهُ مِنْ سَرِيرِهِ وَقَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَصَّ شَأْنَهُ، قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُهُ، وَأَنْتَ أَمِيرُ بَيْتِ المقدس، وأمير ما ههنا، فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ، قَالَ: ابْعَثْ مَعِي أَقْوَامًا لا يَفْقَهُونَ الْكَلامَ، فَأَمَرَ أَرْبَعِينَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ فَرْغَانَةَ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا مَعَ هَذَا فَأَطِيعُوهُ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: إِنَّ فُلانًا أَمِيرٌ عَلَيْكَ فَأَطِعْهُ، فَلَمَّا قَدِمَ أَعْطَاهُ الْكِتَابَ فَقَالَ: مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، فَقَالَ: اجْمَعْ لِي إِنْ قَدِرْتَ كُلَّ شَمْعَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَادْفَعْ كُلَّ شَمْعَةٍ إِلَى رَجُلٍ، وَرَتِّبْهُمْ عَلَى أَزِقَّةِ الْبَلَدِ، فَإِذَا قُلْتُ: أَسْرِجُوا، فَأَسْرِجُوا جَمِيعًا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ الْبَصْرِيُّ وَحْدَهُ إِلَى مَنْزِلِ الْحَارِثِ، فَأَتَى الْبَابَ، فَقَالَ لِلْحَاجِبِ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ، فَقَالَ: فِي هَذِهِ السَّاعَةِ مَا نُؤْذِنُ عَلَيْهِ حَتَّى نُصْبِحَ، قَالَ: أَعْلِمْهُ أَنِّي إِنَّمَا رَجَعْتُ شَوْقًا إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ أَصِلَ، فدخل فأعلمه كلامه وأمره، قال:

_ 1 اسم مكان في الأردن، وبين بحيرة طبرية ثلاثة أميال.

فَفَتَحَ الْبَابَ، ثُمَّ صَاحَ الْبَصْرِيُّ أَسْرِجُوا، فَأُسْرِجَتِ الشُّمُوعُ حَتَّى كَأَنَّهُ النَّهارُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ مَرَّ بِكُمْ فَاضْبِطُوهُ، وَدَخَلَ كَمَا هُوَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَعْرِفُهُ، فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ لا يَجِدُهُ، فَطَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: هَيْهَاتَ، تُرِيدُونَ أَنْ تَقْتُلُوا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَطَلَبَهُ فِي شَقٍّ كَانَ قَدْ هيأه سَرَبًا، قَالَ: فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الشَّقِّ، فَإِذَا بِثَوْبِهِ فَاجْتَرَّهُ فَأَخْرَجَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْفَرْغَانِيِّينَ: ارْبُطُوا، فَرَبَطُوهُ، قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ يَسِيرُونَ به إذ قَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 28] . الآيَةَ. فَقَالَ أَهْلُ فَرْغَانَةَ: هَذَا كُرْآنَنَا فَهَاتِ كُرْآنَكَ، فَسَارَ بِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَمَرَ بِخَشَبَةٍ فَنُصِبَتْ، وَصَلَبَهُ، وَأَمَرَ رَجُلا بِحَرْبَةٍ فَطعَنَهُ، فَأَصَابَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلاعِهِ، فَكَفَّتِ الْحَرْبَةُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَصِيحُونَ: الأَنْبِيَاءُ لا يَجُوزُ فِيهِمُ السِّلاحُ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَنَاوَلَ الْحَرْبَةَ وَمَشَى إِلَيْهِ فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ1. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَبَلَغَنِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فقال: لو حضرت مَا أَمَرْتُكَ بِقَتْلِهِ، قَالَ: وَلِمَ؟! قَالَ: كَانَ بِهِ الْمُذْهبُ، فَلَوْ جَوَّعْتَهُ ذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ. قَالَ الْوَلِيدُ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ خَالِدَ بْنَ اللَّجْلاجِ يَقُولُ لِغَيْلانَ: وَيْحَكَ يَا غَيْلانُ، أَلَمْ نَأْخُذْكَ فِي شَبِيبَتِكَ تُرَامِي النِّسَاءَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِالتُّفَّاحِ، ثُمَّ صِرْتَ حَارِثِيًّا تَحْجُبُ امْرَأَتَهُ، وَتَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ صِرْتَ قَدَرِيًّا زِنْدِيقًا؟. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عَامِرٍ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلَ الْقَاسِمُ بْنَ مُخَيْمِرَةَ عَلَى أَبِي إِدْرِيسَ فَقَالَ: إِنَّ حَارِثًا لَقِيَنِي فَأَخَذَ عَهْدِي لأَسْمَعَنَّ مِنْهُ، فَإِنْ قَبِلْتَهُ قَبِلْتَهُ وَإِنْ سخطته كتمت علي. فزعم أن رَسُولُ اللَّهِ، قُلْتُ: إِنَّهُ أَحَدُ الدَّجَّالِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ الساعة لا تقوم حتى يخرج ثلاثين دَجَّالا، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَهُوَ أَحَدُهُمْ، فَارْفَعْ شَأْنَهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ أَبُو إِدْرِيسَ: أَسَأْتَ، لَوْ أَدْنَيْتَهُ إِلَيْنَا حَتَّى نَأْخُذَهُ، قَالَ: وَرَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَطَلَبَهُ وَتَغَيَّبَ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فَصَلَبَهُ، فَحَدَّثَنِي مِنْ سَمِعَ عُتْبَةَ الأَعْوَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَلاءَ بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ: مَا غَبَطْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بِشَيْءٍ مِنْ وِلَايَتِهِ إِلا بِقَتْلِهِ حَارِثًا. وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْلَةَ قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ الْحَارِثُ أَتَاهُ مَكْحُولٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، وجَعَلا لَهُ الأَمَانَ، وسألاه عن أمره، فأخبرهما، فكذبا وردا

_ 1 إسناده ضعيف: فيه عنعنة ابن مسلم، وهو من الضعفاء.

عَلَيْهِ، وَقَالا: لا أَمَانَ لَكَ، ثُمَّ أَتِيَا عَبْدَ الْمَلِكِ فَأَخْبَرَاهُ، قَالَ: وَهَرَبَ الْحَارِثُ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ حَتَّى أُتِيَ بِهِ فَقَتَلَهُ1. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ الْعُرْضِيُّ: ثنا شَيْخ يُكَنَّى أَبَا الرَّبِيعِ، وَقَدْ أَدْرَكَ نَاسًا مِنَ الْقُدَمَاءِ قَالَ: لَمَّا أَخَذَ الْحَارِثُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ، وَجُعِلَتْ فِي عُنُقِهِ جَامِعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَشْرَفَ عَلَى عَقَبَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَتَلا: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} [سبأ: 50] قَالَ: فَتَقَلْقَلَتِ الْجَامِعَةُ ثُمَّ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ وَرَقَبَتِهِ إِلَى الأرض، فوثب إلي الْحَرَسُ فَأَعَادُوهَا، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى عَقَبَةٍ أُخْرَى قَرَأَ آيَةً أُخْرَى، فَسَقَطَتْ مِنْ رَقَبَتِهِ وَيَدِهِ، فأعادوها عليه، فلما تقدموا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ حَبَسَهُ، وَأَمَرَ رِجَالا كَانُوا معه فِي السِّجْنِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ أَنْ يَعِظُوهُ وَيُخُوِّفُوهُ بِاللَّهِ، وَيُعَلِّمُوهُ أَنَّ هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلُ مِنْهُمْ، فَأَمَرَ به فصلب، وطعنه رجل بحربة، فانثت الْحَرْبَةُ، فَقَالَ النَّاسُ: مَا يَنْبَغِي لِمِثْلِ هَذَا أَنْ يُقْتَلَ، ثُمَّ أَتَاه حَرَسِيٌّ بِرُمْحٍ فَطَعَنَهُ بَيْنَ ضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلاعِهِ، ثُمَّ هَزَّهُ فَأَنْفَذَهُ، قَالَ: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ وَلا اثْنَيْنِ يَقُولُونَ: إِنَّ الَّذِي طَعَنَهُ بِالْحَرْبَةِ فَانْثَنَتْ قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: أذَكَرْتَ اللَّهَ حِينَ طَعَنْتَهُ؟ قَالَ: نَسِيتُ، أَوْ قَالَ: لا، قَالَ: فَاذْكُرِ اللَّهَ ثُمَّ اطْعَنَهُ، قَالَ: فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهَا2. قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ. 154- الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْد –ع- التيمي الكوفي3. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ كَبِيرُ الْقَدْرِ، رَفِيعًا، ثِقَةً نَبِيلًا. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، وَعُمَارَةُ بْنِ عُمَيْرٍ، وَغَيْرُهُمَا. كُنْيَتَهُ أَبُو عَائِشَةَ. 155- حَبَّةُ بْنُ جوين العرني الكوفي4، أبو قدامة.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 445". 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 448". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 167"، والاستيعاب "1/ 300"، والسير "4/ 156". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 177"، وأسد الغابة "1/ 367".

رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ. وعنه: مسلم الملائي، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتبة. وكان من شيعة علي، شهد معه النهروان. ضعفه يحيى بن معين. وقال النسائي: ليس بالقويّ. قَالَ ابْن سعد: توفي سنة ست وسبعين. وهو ضعيف له أحاديث. 156- حسان بن كريب الرعيني1، أبو كريب مصري، شهد فتح مصر. وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ. وَعَنْهُ: مَرْثَدُ الْيَزَنِيُّ، وَوَاهِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّبَائِيُّ، وَآخَرُونَ. رَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدٍ، عَنْهُ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْقَائِلُ الْفَاحِشَةَ وَالَّذِي سَمِعَ فِي الإِثْمِ سَوَاءٌ. قَالَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ"، عَنْ أَبِي مُوسَى الزَّمِنِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ. 157- حَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيُّ2 مِنْ أُمَرَاءِ عَرَبِ الشَّامِ، يُقَالُ: إِنَّهُ ابْنُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ. رَوَى عَنْ عُمَرَ. وَلاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ غَزْوَ الْمَغْرِبِ فِي سَنَةِ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ. رَوَى عَنْهُ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَبُو قَبِيلٍ حَيُّ بْنُ يُؤْمِنَ. وَكَانَ غَازِيًا مجاهدًا، وكان له بدمشق دار.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 234"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 147". 2 انظر: السير "4/ 140"، شذرات الذهب "1/ 88".

قَالَ خَلِيفَةُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ: وَجَّهَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، فَصَالَحَهُ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْبَرْبَرِ، وَوَضَعَ عَلَيْهِمُ الْخَرَاجَ. وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ قَفَلَ حَسَّانُ مِنَ الْقَيْرَوَانِ وَاسْتَخْلَفَ سُفْيَانَ بن ملك الثقفي وقد عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَرَدَّهُ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ، وَزَادَهُ أَطْرَابُلُسَ. وَفِي سَنَةِ ثَمَانِينَ غَزَا حَسَّانُ بِأَهْلِ الشَّامِ الْبَحْرَ. وَقِيلَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ أَغْزَى عَبْدُ الْمَلِكِ حَسَّانَ بْنَ النُّعْمَانِ الْمَغْرِبَ، فَبَلَغَ الْقَيْرَوَانَ، فَبَعَثَتِ الْكَاهِنَةُ ابْنَهَا، فَطَلَبَ حَسَّانَ، فَهَزَمَهُ وَحَصَرَهُ حَتَّى أَكَلُوا الدَّوَابَّ، ثُمَّ حَمَلَ حسَّانُ وَالْمُسْلِمُونَ فَأَفْرَجُوا لَهُمْ، وَنَزَلَ الْعَسْكَرُ بِقُصُورِ حَسَّانٍ. وَكَتَبَ حَسَّانُ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ يَسْتَمِدُّهُ، فَأَمَدَّهُ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ، فَسَارَ إِلَى الكاهن، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ. ثُمَّ قُتِلَتِ الْكَاهِنَةُ وَابْنُهَا. وَافْتَتَحَ حَسَّانُ عِدَّةَ حُصُونٍ، وَصَالَحَ أَهْلَ إِفْرِيقِيَةَ وَالْبَرْبَرَ، وَافْتَتَحَ فَاسَ وَمَصَّرَ الْقَيْرَوَانَ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ حَسَّانُ بِأَرْضِ الرُّومِ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 158- حَارِثَةُ بْنُ مُضَرِّبٍ -4- الْعَبْدِيُّ الْكُوفِيُّ1. عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَلْمَانَ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حسن الحديث. 159- حارثة بن وهب –ع- الخزاعي2، أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لأُمِّهِ، وَأُمُّهُمَا أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتِ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيَّةُ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ حَفْصَةَ عَمَّةِ أَخِيهِ. وَعَنْهُ: مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ. 160- حِطَّانُ بن عبد الله –م 4- الرقاشي3. البصري. ثقة مشهور.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 86" وأسد الغابة "1/ 358". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 26" وأسد الغابة "1/ 359". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 128"، التاريخ الكبير "3/ 118".

رَوَى عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةُ. وَعَنْهُ: أَبُو مِجْلَزٍ لاحِقٌ، وَيُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي مُوسَى. قَرَأَ عَلَيْهِ: الْحَسَنُ. وَثَّقَةُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ. 161- حُمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ1 –ع- مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ. كَانَ لِلْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ عُثْمَانُ -رَضِيَ الله عنهم- وَأَعْتَقَهُ. سَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَحَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ، وَابْنِ عمر، ومعاوية. روى عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَجَامِعُ بْنُ رَاشِدٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَتْ لَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ. وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَإِذَا أَخْطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانٍ مَدَّ رِجْلَهُ، فَابْتَدَرُه مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ لِكَيْ يغمزانه، وَكَانَ الْحَجَّاجُ قَدْ أَغْرَمَ حُمْرَانَ مِائَةَ أَلْفٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ حُمْرَانَ أَخُو مَنْ مَضَى وَعَمُّ مَنْ بَقِيَ، فَارْدُدْ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ، فَدَعَا بِحُمْرَانَ، فَقَالَ: كَمْ أغْرَمْنَاكَ؟ قَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ مَعَ غِلْمَانٍ، فَقَالَ: هِيَ لَكَ مَعَ الْغِلْمَانِ. وَقَسَّمَهَا حُمْرَانُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَأَعْتَقَ الْغِلْمَانَ2. وَإِنَّمَا أَغْرَمَهُ الْحَجَّاجُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِي بَعْضَ نَيْسَابُورَ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ يَأْذَنُ عَلَيْهِ مَوْلاهُ حُمْرَانَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: ثنا اللَّيْثُ أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَكَى شَكَاةً، فخاف فأوصى،

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 148"، السير "4/ 182"، البداية "9/ 12". 2 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة. انظر تهذيب تاريخ دمشق "4/ 439".

وَاسْتَخْلَفَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْحَجِّ، وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ كِتَابَهُ حمران، فاستكتمه وعوفي، فقدم عَبْد الرَّحْمَن، فلقيه حمران فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إِيشْ فَعَلْتَ لا بُدَّ أَنْ أُخْبِرَهُ، قَالَ: إِذًا وَاللَّهِ يُهْلِكُنِي. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا يَسَعُنِي فَأَتْرُكُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَأْمَنَكَ عَلَى مِثْلِهَا، وَلَكِنْ لا أَفْعَلُ حَتَّى أَسْتَأْمِنُهُ لَكَ فَأَخْبَرَهُ، فَدَعَا بِهِ عُثْمَانُ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ جَلَدْتُكَ مِائَةً، وَإِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ عَنِّي، فَاخْتَارَ الْخُرُوجَ، فَخَرَجَ إِلَى الْكُوفَةِ1. وَقَالَ خَلِيفَةُ. مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ خَمْسٍ وسبعين. 162- حفصة بنت عبد الرحمن –م د ت ق- بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ2. عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي قحافة التيمي. رَوَتْ عَنْ: أَبِيهَا، وَعَمَّتِهَا عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ. روى عَنْهَا: عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَيُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ. 163- حَنْظَلَةُ أَبُو خَلَدَةَ بَصْرِيُّ3 قَدِيمٌ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٍ. وعنه: سوادة بن أبي الأسود، وجويرية بن بشير، وأبو ثمامة محمد بن مسلم. ذكره ابن أبي حاتم، وغيره. 164- حيان بن حصين4 أبو الهياج الأسدي والد منصور. سمع: عليا، وعمارا. وعنه: أبو وائل، وعامر الشعبي، وابنه جرير.

_ 1 خبر ضعيف: فيه انقطاع. 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 468"، التهذيب "12/ 410". 3 انظر: التاريخ الكبير "3/ 42"، الجرح والتعديل "3/ 240". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 223"، والجرح والتعديل "3/ 243"، والتهذيب "3/ 67".

"حرف الخاء": 165- خرشة بن الحر –ع- الكوفي1. كَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عُمَرَ، وَأُخْتُهُ سَلامَةُ لَهَا صُحْبَةٌ. يَرْوِي عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ. وعنه: ربعي بن خراش، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير، والمسيب بن رافع، وسليمان بن مسهر، وآخرون. توفي سنة أربع وسبعين. "حرف الراء": 166- رافع بن خديج2 بن رافع بن عدي –ع- بن يزيد الأنصاري الخزرجي. شهد أحد وَالْخَنْدَقَ، وَاستُصْغِرَ يَوْمَ بَدْرٍ. وَيُقَالُ: أَصَابَهُ سَهْمٌ يَوْمَ أُحُدٍ فَنَزَعَهُ وَبَقِيَ النصل إِلَى أن مَاتَ. وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا أَشْهَدُ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3. وَشَهِدَ رَافِعٌ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ، وَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أحاديث. روى عنه: بَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ، وَحْنَظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ الزُّرَقِيُّ، وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَنَافِعٌ، وَابْنُهُ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ، وَحَفِيدُهُ عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ، وَآخَرُونَ. شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَخَذَ بِعَمُودَيْ جِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ السَّرِيرِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ، وَقَالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ يعذب ببكاء الحي4.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 147"، والاستيعاب "1/ 439"، والإصابة "1/ 423". 2 انظر: الاستيعاب "1/ 495"، وأسد الغابة "2/ 151"، والإصابة:1/ 495". 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "6/ 378"، والطبراني "4/ 282"، والحاكم "3/ 561". 4 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 562".

تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ، وَعَاشَ سِتًّا وَثَمَانِينَ سَنَةً، رحمه الله تعالى. وَكَانَ يَتَعَانَى الْمَزَارِعَ وَيَفْلَحُهَا. قَالَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْهَدَادِيُّ -وَهُوَ ثِقَةٌ: ثنا بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي جِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَنِسْوَةُ يَبْكِينَ وَيُوَلْوِلْنَ عَلَى رَافِعٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ رَافِعًا شَيْخٌ كَبِيرٌ لا طَاقَةَ لَهُ بِعَذَابِ اللَّهِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْمَيِّتُ يُعذَّبُ ببكاء أهله عليه" 1. 167- الربيع بنت معوذ –ع- بن عفراء الأنصارية2 النجارية. لَهَا صُحْبَةٌ، دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَبِيحَةَ بَنَى بِهَا. رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيثَ، وَطَالَ عُمْرُهَا. رَوَى عَنْهَا: خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَعُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بن االصامت، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَنَافِعٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عقيل، وآخرون. 168- ربيعة بن عبد الله –خ د- بن الهدير القرشي3 التيمي عَمُّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيُ، وَغَيْرُهُمْ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ أَوْ بَعْدَهَا.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 127"، ومسلم "928"، وبلفظه أخرجه الطبراني "4244" في الكبير. 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 447"، والاستيعاب "4/ 308"، والسير "3/ 516". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 27"، وأسد الغابة "2/ 170"، والسير "3/ 516".

"حرف الزَّايِ": 169- زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ معاز1، أَبُو الْهُذَيْلِ الْكِلابِيُّ. مِنْ أُمَرَاءِ الْعَرَبِ. سَمِعَ: عَائِشَةَ، وَمُعَاوِيَةَ. رَوَى عَنْهُ: ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَغَيْرُهُ. سَكَنَ الْبَصْرَةَ، ثُمَّ الشَّامَ، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى أَهْلِ قِنَّسْرِينَ يَوْمَ صِفِّينَ، وَشَهِدَ يَوْمَ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَهَرَبَ فَتَحَصَّنَ بِقَرْقِيسِيَاءَ. وَلَهُ شِعْرٌ. تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 170- زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ الْمِصْرِيُّ2. شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَسَكَنَهَا وَيُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ. قَتَلَتْهُ الرُّومُ بِبَرْقَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ الصريح أَتَاهُمْ بِمِصْرَ أن الرُّومَ نَزَلُوا عَلَى بَرْقَةَ، فَأَمَرَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ بِالنُّهُوضِ، وَكَانَ وَاجِدًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَاتَلَهُ بِنَاحِيَةِ أَيْلَةَ، إِذْ دَخَلَ مَرْوَانُ مِصْرَ، وَسَيَّرَ ابْنَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ إِلَى مِصْرَ عَلَى طَرِيقِ أَيْلَةَ، فَخَرَجَ زُهَيْرٌ عَلَى الْبَرِيدِ مُغَاضِبًا فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا، فَلَقِيَ الرُّومَ فَأَرَادَ أن يَكُفَّ حَتَّى يَلْحَقَهُ النَّاسُ، فَقَالَ فَتًى مَعَهُ: جَبُنْتَ أَبَا شَدَّادٍ: فَقَالَ: قَتَلْتَنَا فَقَتَلْتَ نَفْسَكَ، ثُمَّ لاقَى الْعَدُوَّ، فَقُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ. لَهُ حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ سُوَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، مَجْهُولٌ. 171- زِيَادُ بْنُ حُدَيْرٍ أَبُو الْمُغِيرَةَ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ3. سَمِعَ: عَلِيًّا، وَعُمَرَ. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَحَفْصُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالَ أبو حاتم: ثقة.

_ 1 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "5/ 379"، تاريخ الطبري "5/ 531، 535". 2 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "5/ 396"، والإصابة "1/ 555". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 130"، والإصابة "1/ 580".

وَقَالَ حَفْصُ بْنُ حُمَيْدٍ: يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرحمن. 172- زيد بن خالد الجهني1 –ع. أبو عبد الرحمن، وَيُقَالُ: أَبُو طَلْحَةَ. صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ بَعْدَ الْمَدِينَةِ. وَحَدَّثَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَأَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ خَالِدٍ، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، وَجَمَاعَةٌ. تُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ فِيمَا قِيلَ وَلَمْ أَرَ لِلْكُوفِيِّينَ عَنْهُ رِوَايَةً. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. 173- زَيْنَبُ بِنْتُ أبي سلمة2 –ع- عبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزومية، رَبِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُخْتُ عُمَرَ، وَلَدَتْهُمَا أُمُّ سَلَمَةَ بِالْحَبَشَةِ. رَوَتْ عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وعن أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الأَرْبَعَةِ: أُمِّهَا، وَزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ. رَوَى عَنْهَا: حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَعُرْوَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَكُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَابْنُهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَآخَرُونَ. رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ الْحَسَنَ فِي شِقِّ، وَالْحُسَيْنَ فِي شِقٍّ، وَفَاطِمَةَ فِي حِجْرِهِ فَقَالَ: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] وَأَنَا وَأُمُّ سَلَمَةَ جَالِسَتَانِ، فَبَكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: خَصَصْتَهُمْ وَتَرَكْتَنِي وَبِنْتِي، قَالَ: "أَنْتِ وَابْنَتُكِ مِنْ أَهْلِ البيت" 3. هذا حديث جيد السند. توفيت قريبًا من سنة أربع وسبعين.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 344"، والاستيعاب "1/ 558"، وأسد الغابة "2/ 228". 2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 461"، والاستيعاب "4/ 319"، وأسد الغابة "5/ 468". 3 حديث حسن: أخرجه الطبراني "24/ 281" في الكبير، وله شواهد.

"حَرْفُ السِّينِ": 174- سُرَاقَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ الأَزْدِيُّ الْبَارِقِيُّ1، شاعر مشهور. هرب من المختار بن أبي عُبَيْدٍ إِلَى دِمَشْقَ، وَكَانَ قَدْ هَجَاهُ. وَكَانَ مَعَ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْعِرَاقِ. وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَرِيرٍ مُهَاجَاةٌ. وَذَكَرْنَا لَهُ بَيْتَيْنِ فِي "المختار". سعد بن مالك هُوَ أَبُو سَعِيدٍ. يَأْتِي بِكُنْيَتِهِ. 175- سَعِيدُ بْنُ وهب –م ن- الهمداني الخيواني الكوفي2. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ": سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ وَهْبٍ مِنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِالْيَمَنِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لُزُومًا لِعَلِيٍّ، كَانَ يُقَالُ لَهُ: الْقُرَادُ لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ. أنبأ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بن وهب، وقد كان عَرِّيفَ قَوْمِهِ. وَقَالَ يُونُسُ: وَرَأَيْتُهُ مَخْضُوبًا بِالصُّفْرَةِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. كذا قَالَ. وَرَوَى عَنْ: سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَخَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ. 176- سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ3، رَبِيبُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ابْنَ أُمِّ سَلَمَةَ، لَهُ رُؤْيَةٌ وَلا يُحْفَظُ لَهُ رِوَايَةٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: زَوَّجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أُمَامَةَ بِنْتَ حَمْزَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ، وَقَالَ: "هَلْ جَزَيْتَ سَلَمَةَ"؟ يَقُولُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ سَلَمَةَ هُوَ ابْنُ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم

_ 1 انظر تهذيب تاريخ دمشق "6/ 71". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 170"، السير "4/ 180". 3 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 234"، والاستيعاب "2/ 87".

سَلَمَةَ، فرأى رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَدْ جزاه بما صنع. ثُمَّ قَالَ: تُوُفِّيَ سَلَمَةُ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. 177- سُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ1 أَبُو سَلَمَةَ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ، قَاضِي مِصْرَ وَقَاصُّهَا وَمُذَكِّرُهَا، وَكَانَ يُسَمَّى النَّاسِكُ لِشِدَّةِ عِبَادَتِهِ. حَضَرَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ. وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ. رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَأَبُو قَبِيلٍ، وَمِشْرَحُ بْنُ عَاهَانَ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ ثَوْبَانَ، وَابْنُ عَمِّهِ الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَكَانَ سُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ يَقُصُّ وَهُوَ قَائِمٌ، وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا قَالَ: وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلاثَ خَتْمَاتٍ، وَيَأْتِي امْرَأَتَهُ وَيَغْتَسِلُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَأَنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ: رَحِمَكَ اللَّهُ، لَقَدْ كُنْتُ تُرْضِي رَبَّكَ وَتُرْضِي أَهْلَكَ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ قَالَ: اخْتُصِمَ إِلَى سُلَيْمِ بْنِ عِتْرٍ فِي مِيرَاثٍ، فَقَضَى بَيْنَ الْوَرَثَةِ، ثُمَّ تَنَاكَرُوا فَعَادُوا إِلَيْهِ، فَقَضَى بَيْنَهُمْ، وَكَتَبَ كِتَابًا بِقَضَائِهِ، وَأَشْهَدَ فِيهِ شُيُوخَ الْجُنْدِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سُجِّلَ لِقَضَائِهِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ سُلَيْمَ بْنَ عِتْرٍ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. وَقَالَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عِتْرٍ قَالَ: لَمَّا قَفَلْتُ مِنَ الْبَحْرِ تَعَبَّدْتُ في غار بالإسكندرية سَبْعَةَ أَيَّامٍ، مَا أَكَلْتُ وَلا شَرِبْتُ وَلَوْلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ أَضْعُفَ لَزِدْتُ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو قَبِيلٍ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ يَزِيدُ كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بَيْعَتَهُ، وَكَانَ مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ بالإسكندرية، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مَسْلَمَةُ كُرَيْبَ بْنَ أَبْرَهَةَ، وَعَابِسَ بْنَ سَعِيدٍ، وَمَعَهُمَا سُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاصُّ أَهْلِ الشَّامِ وَقَاضِيهِمْ، فَوَعَظُوا عَبْدَ اللَّهِ فِي بَيْعَةِ يَزِيدَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَنَا أَعْلَمُ بِأَمْرِ يَزِيدَ مِنْكُمْ، وَأَنَا لأَوَّلُ النَّاسِ أَخْبَرَ بِهِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ سَيُسْتَخْلَفُ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أن يلي هو بيعتي.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "4/ 125"، السير "4/ 131".

وَقَالَ لِكُرَيْبٍ: أَتَدْرِي مَا مَثَلُكَ يَا كُرَيْبُ كَقَصْرٍ فِي صَحَرَاءَ غَشِيَهُ النَّاسُ، قَدْ أَصَابَهُمُ الْحَرُّ، فَدَخَلُوا يَسْتَظِلُّونَ فِيهِ، فَإِذَا هُوَ مَلْآنُ مِنْ مَجَالِسِ النَّاسِ وَإِنَّ صَوْتَكَ فِي الْعَرَبِ كُرَيْبُ بْنُ أَبْرَهَةَ، وَلَيْسَ عِنْدَكَ شَيْءٌ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَابِسُ، فَبِعْتَ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا سُلَيْمُ كُنْتَ قَاصًّا، فَكَانَ مَعَكَ مَلَكَانِ يُعِينَانِكَ وَيُذَكِّرَانِكَ، ثُمَّ صِرْتَ قَاضِيًا وَمَعَكَ شَيْطَانَانِ يُزِيغَانِكَ وَيَفْتِنَانِكَ1. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ بِدِمْيَاطَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 178- سَفِينَةُ مَوْلَى2 رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- م 4- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَانَ عَبْدًا لأُمِّ سَلَمَةَ فَأَعْتَقَتْهُ، وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أن يَخْدُمَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا عَاشَ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعُمَرُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَصَالِحٌ أَبُو الْخَلِيلِ، وَأَبُو رَيْحَانَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَطَرٍ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ. وَاسْمُهُ مِهْرَانُ، وَقِيلَ: رُومَانُ، وَقِيلَ: قَيْسٌ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَدْ حَمَلَ مَرَّةً مَتَاعَ الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- له: "ما أنت إلى سَفِينَةُ"، فَلَزِمَهُ. وَرَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْهُ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ، فَانْكَسَرَ بِهِمُ الْمَرْكَبُ، فَأَلْقَاهُ الْبَحْرُ إِلَى السَّاحِلِ، فَلَقِيَ الأَسَدَ فَقَالَ لَهُ: أَنَا سَفِينَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَلَّهُ الأَسَدُ عَلَى الطَّرِيقِ3، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. 179- سَلَمَةُ بْنُ الأكْوَعِ4 –ع- هُوَ سَلَمَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سِنَانِ بْنِ عبد الله بن قشير الأسلمي المدني، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَدُ مَنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وَالأَكْوَعُ لَقَبُ سنان.

_ 1 إسناده ضعيف: فيه ابن لهيعة متكلم فيه. 2 انظر: الاستيعاب "2/ 129"، وأسد الغابة "2/ 324"، والسير "3/ 172". 3 حديث ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 606"، والطبراني "6432" في الكبير، وفيه انقطاع. 4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 305"، والاستيعاب "2/ 87"، والسير "3/ 326".

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ إِيَاسٌ، وَمَوْلاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. كُنْيَتُهُ: أَبُو مُسْلِمٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو إِيَاسٍ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ: رَأَيْتُ أَبَا سَلَمَةَ يُصَفِّرُ لحيته. وقال عرمة بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ شِعَارُنَا لَيْلَةَ بَيَّتْنَا هَوَازِنَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، أَمَّرَهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمِتْ أمِتْ، وَقَتَلْتُ بِيَدِي لَيْلَتَئِذٍ سَبْعَةَ أَهْلِ أَبْيَاتٍ1. وَقَالَ عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَزِينٍ: أَتَيْنَا سَلَمَةَ بْنَ الأكْوَعِ بِالرَّبَذَةِ، فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا يَدًا ضَخْمةً كَأَنَّهَا خُفُّ الْبَعِيرِ، فَقَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِيَدِي هَذِهِ، فَأَخَذْنَا يَدَهُ فَقَبَّلْنَاهَا2. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: ثَنَا علي بن يزيد الأسلمي: ثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أردفي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِرَارًا، وَمَسَحَ عَلَى وَجْهِي، مِرَارًا، وَاسْتَغْفَرَ لِي مِرَارًا، عَدَدَ مَا فِي يَدَيَّ مِنَ الأَصَابِعِ3. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ: ثَنَا يَزِيدُ، عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْبَدْوِ، فَأَذِنَ لَهُ4. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ نَجْدَةُ وَجَبَى الصَّدَقَاتِ قِيلَ لِسَلَمَةَ: أَلَا تُبَاعِدَ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أَتَبَاعَدُ وَلا أُبَايِعُهُ، قَالَ: وَدَفَعَ صَدَقَتَهُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: وَأَجَازَ الْحَجَّاجُ سَلَمَةَ بِجَائِزَةٍ فَقَبِلَهَا5. ابْنُ عجلان، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال: رأيت سلمة تبن الأكوع يحفي شاربه أخي الحلق6.

_ 1 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 46"، وأبو داود "2638"، وابن سعد "4/ 305"، وابن ماجه "2840". 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 306". 3 حديث حسن: أخرجه الطبراني "6267"، وانظر المجمع "9/ 363". 4، 5 الطبقات الكبرى "4/ 307، 308". 6 السابق "4/ 308".

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وَجَابِرٌ، وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ، مَعَ أَشْبَاهٍ لَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُفْتُونَ بِالْمَدِينَةِ، وَيُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنْ لدن توفي عثمان، إلى أن توفوا1. وَقَالَ سَلَمَةُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعَ غَزَوَاتٍ. وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ: مَا كَذَبَ أَبِي قَطُّ، -رَضِيَ الله عنهم. وَفِي الْبُخَارِيِّ، مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ خَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ إِلَى الرَّبَذَةِ وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ، وَجَاءَهُ أَوْلادٌ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا إِلَى قَبْلِ أَنْ يموت بليال، فنزل المدينة. وقال الْوَاقِدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. وَأَوْرَدْنَا مِنْ أَخْبَارِهِ فِي "الْمَغَازِي". 180- سُوَيْدِ بْنُ مَنْجُوفِ بْنِ ثَوْرِ2 بْنِ عُفَيْرِ السَّدُوسِيُّ الْبَصْرِيُّ. رَأَى عَلِيًّا وَسَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ. وَهُوَ وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ. رَوَى عَنْهُ الْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. "حرف الشِّينِ": 181- شَبَثُ بْنُ رِبْعِيِّ بْنِ حُصَيْنٍ التَّمِيمِيُّ الْيَرْبُوعِيُّ3، أَحَدُ الأَشْرَافِ، كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ عَلَى عَلِيٍّ، ثُمَّ أَنَابَ وَرَجَعَ. قَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: شهدت جنازة شبث، فأقاموا

_ 1 خبر ضعيف: فيه الواقدي. 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 234"، والتاريخ الكبير "4/ 143". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 216"، الإصابة "2/ 163".

الْعَبِيدَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْجَوَارِي عَلَى حِدَةٍ، وَالْخَيْلَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْجِمَالَ عَلَى حِدَةٍ، وَذَكَرَ الْأَصْنَافَ، وَرَأَيْتَهُمْ يَنُوحُونَ عَلَيْهِ يَلْتَدِمُونَ، ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَقَدْ رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ. وعنه محمد بمن كعب القرظي، وسليمان التيمي. له حديث واحد في سنن. 182- شَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ1 بْنِ نُعَيْمِ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الصَّلْتِ الشَّيْبَانِيُّ الْخَارِجِيُّ، خَرَجَ بِالْمَوْصِلِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ خَمْسَةَ قُوَّادٍ، فَقَتَلَهُمْ واحد بَعْدَ وَاحِدٍ. ثُمَّ سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ وَقَاتَلَ الْحَجَّاجُ وَحَاصَرَهُ، كَمَا ذَكَرْنَا. وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ غَزَالَةُ من الشجاعة والفروسية بِالْوَضْعِ الْعَظِيمِ مِثْلَهُ، هَرَبَ الْحَجَّاجُ مِنْهَا وَمِنْهُ، فَعَيَّرَهُ بَعْضُ النَّاسِ بِقَوْلِهِ: أَسَدٌ عَلَيَّ وَفِي الْحُرُوبِ نَعَامَةٌ ... فَتَخَاءُ تَنْفِرُ مِنْ صَفِيرِ الصَّافِرِ هَلا بَرَزْتَ إِلَى غَزَالَةَ فِي الْوَغَى ... بِلْ كَانَ قَلْبُكَ فِي جَنَاحَيْ طَائِرِ وَكَانَتْ أُمُّهُ جَهِيزَةُ تَشْهَدُ الْحُرُوبَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَأَيْتُ شَبِيبًا وقد دخل الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ طَيَالِسَةٌ، عَلَيْهَا نُقَطٌ مِنْ أَثَرِ الْمَطَرِ، وَهُوَ طَوِيلٌ، أَسْمَطُ، جَعْدٌ، آدَمُ، فَبَقِيَ الْمَسْجِدُ يَرْتَجُّ لَهُ. وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ، وَغَرِقَ بِدُجَيْلٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أُحْضِرَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ رَجُلٌ وَهُوَ عَتْبَانُ الْحَرُورِيُّ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَلَسْتَ الْقَائِلَ: فَإِنْ يَكُ مِنْكُمْ كَانَ مَرْوَانُ وَابْنُهُ ... وَعَمْرُو وَمِنْكُمْ هَاشِمٌ وَحَبِيبُ فَمِنَّا حُصَيْنٌ وَالْبَطِينُ وَقَعْنَبٌ ... وَمِنَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ شَبِيبُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا قُلْتُ وَمِنَّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَصَبَهُ عَلَى النِّدَاءِ، فَاسْتَحْسَنَ قَوْلَهُ وَأَطْلَقَهُ. وَجَهِيزَةُ هِيَ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْحُمْقِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا حَمَلَتْ قَالَتْ: فِي بطني

_ 1 انظر: السير "4/ 146"، البداية "9/ 17".

شَيْءٌ يَنْقُزُ، فَقِيلَ: أَحْمَقُ مِنْ جَهِيزَةَ. وَيُرْوَى عَنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحُمْقِ، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ شَبَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَلادُ بْنُ يَزِيدَ الأَرْقَطُ قَالَ: كَانَ شَبِيبٌ يُنْعَى لِأُمِّهِ، فَيُقَالَ لَهَا: قُتِلَ، فَلا تَقْبَلُ، فَلَمَّا قِيلَ لَهَا: إِنَّهُ غَرِقَ، قَبِلَتْ، وَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ حِينَ وَلَدْتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي شِهَابُ نَارٍ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لا يُطْفِئُهُ إِلا الْمَاءُ. 183- شُرَيْحُ بن الحارث1 -ن- بن قَيْسِ بْنِ الْجَهْمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَامِرٍ القاضي: أبو أمية الكندي الكوفي قَاضِيهَا. وَيُقَالُ: شُرَيْحُ بْنُ شَرَاحِيلَ، وَيُقَالُ: ابْنُ شُرَحْبِيلَ، وَيُقَالُ: أَنَّهُ مِنْ أَوْلادِ الْفُرْسِ الَّذِينَ كَانُوا بِالْيَمَنِ. وَقَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَوَفَدَ مِنَ الْيَمَنِ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَلَّى قَضَاءَ الْكُوفَةِ لِعُمَرَ. وَرَوَى عَنْهُ: وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. رَوَى عنه: الشعبي، وإبراهيم النَّخَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَمُرَّةُ الطَّيَبُ، وَتَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ. وَهُوَ مَعَ فَضْلِهِ وَجَلالَتِهِ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سُئِلَ شُرَيْحٌ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِمَّنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالإِسْلامِ، وَعِدَادِي فِي كِنْدَةَ. وَقَالَ: كَانَ شريج شاعرا، راجزا، قائفا، وكان كوسجا. وَقَالَ الشعبي: كَانَ شُرَيْحٌ أَعْلَمَهُمْ بِالْقَضَاءِ، وَكَانَ عُبَيْدَةُ يُوازِيهِ فِي عِلْمِ الْقَضَاءِ، وَأَمَّا عَلْقَمَةُ فَانْتَهَى إِلَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُجَاوِزْهُ، وَأَمَّا مَسْرُوقٌ، فَأَخَذَ مِنْ كُلٍّ، وَأَمَّا الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ فَأَقَلُّ الْقَوْمِ عِلْمًا وَأَشَدُّهُمْ وَرَعًا. وَقَالَ أَبُو وَائِلٌ: كَانَ شُرَيْحٌ يُقِلُّ غَشْيَانَ عَبْدَ اللَّهِ لِلاسْتِغْنَاءِ. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبيِّ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ ابْنَ سُوَرٍ عَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ، وَبَعَثَ شُرَيْحًا على قضاء الكوفة.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 131"، الحلية "4/ 132"، والاستيعاب "2/ 148".

وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ رَزَقَ شُريْحًا مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى الْقَضَاءِ1. وَقَالَ هُشَيْمٌ: ثنا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبيِّ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ شُرَيْحًا عَلَى الْقَضَاءِ قَالَ: انْظُرْ مَا تَبَيَّنَ لَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَلا تَسْأَلْ عَنْهُ أَحَدًا، وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَاتَّبِعْ فِيهِ السُّنَّةَ، وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكَ فِي السُّنَّةِ فَاجْتَهِدْ فِيهِ رَأْيَكَ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى شُرَيْحٍ إِذَا أتاك أمر في كتب اللَّهِ فَاقْضِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كتاب الله فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاقْضِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَاقْضِ بِمَا قَضَى بِهِ أَئِمَّةُ الْهُدَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلا فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ، وَلا فِيمَا قَضَى بِهِ أَئِمَّةُ الهدى فأنت الخيار، إِنْ شِئْتَ تَجْتَهِدْ رَأْيَكَ، وَإِنْ شِئْتَ تُؤَامِرْنِي، وَلا أَرَى مُؤَامَرَتَكَ إِيَّايَ إِلا أَسْلَمَ لَكَ3. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ: أَنَّ عَلِيًّا جَمَعَ النَّاسَ فِي الرَّحْبَةِ وَقَالَ: إِنِّي مُفَارِقُكُمْ، فَاجْتَمَعَ فِي الرَّحْبَةِ رِجَالٌ أَيُّمَا رِجَالٍ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ حَتَّى نَفَدَ مَا عِنْدَهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ إِلا شُرَيْحٌ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: اذْهَبْ، فَأَنْتَ أَقْضَى الْعَرَبِ4. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ وَشَطْرُ النَّاسِ عَلَيَّ غِضَابٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اخْتُصِمَ إِلَى شُرَيْحٍ فِي وَلَدِ هِرَّةٍ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: هُوَ وَلَدُ هِرَّتِي، وَقَالَتِ الأُخْرَى: هُوَ وَلَدُ هِرَّتِي. فَقَالَ شُرَيْحٌ: أَلْقِهَا مَعَ هَذِهِ فَإِنْ هِيَ قَرَّتْ وَدَرَّتْ وَاسْبَطَرَّتْ فَهِيَ لَهَا، وَإِنْ هِيَ هَرَّتْ وَفَرَّتْ وَاقْشَعَرَّتْ -وَفِي لَفْظٍ: وَأَزْبَأَرَّتْ- فَلَيْسَ لَهَا. اسْبَطَرَّتِ: امْتَدَّتْ لِلِإرْضَاعِ. وتزبئر: تنتفش.

_ 1 إسناده ضعيف: فيه مجالد من الضعفاء. تهذيب تاريخ دمشق "6/ 306". 2 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 306". 3 السابق "6/ 307". 4 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "4/ 134" في الحلية.

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ رَجُلا أَقَرَّ عِنْدَ شُرَيْحٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ ذَهَبَ يُنْكِرُ فَقَالَ: قَدْ شَهِدَ عَلَيْكَ ابْنُ أُخْتِ خَالَتِكَ1. وقال جويرية، عن مغيرة قال: شُرَيْحُ يَدْخُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَيْتًا يَخْلُو فِيهِ، لا يَدْرِي النَّاسُ مَا يَصْنَعُ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: لَبِثَ شُرَيْحٌ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ تِسْعَ سِنِينَ لا يُخْبِرُ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ سلمت قال: فكيف بِالْهَوَى. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: كَانَ شُرَيْحٌ يَقْرَأُ {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12] وَيَقُولُ: إِنَّمَا يَعْجَبُ مَنْ لا يَعْلَمُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: كَانَ شُرَيْحٌ شَاعِرًا معجباُ بِرَأْيِهِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَعْلَمُ بِذَلِكَ. وَرَوَى شَرِيكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ قَالَ: أَوْصَى شُرَيْحٌ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِالْجَبَّانَةِ، وَأَنْ لا يُؤَذِّنَ بِهِ أَحَدٌ، وَلا تَتَبِعَهُ صَائِحَةٌ، وَأَنْ لا يُجْعَلَ عَلَى قَبْرِهِ ثَوْبٌ، وأن يسرع به في السَّيْرُ، وَأَنْ يُلْحَدَ لَهُ2. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ شُرَيْحٌ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَثَمَانِ سِنِينَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. وَكَذَا قَالَ فِي مَوْتِهِ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ. وَقَالَ خَلِيفَةُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ: سَنَةَ ثَمَانِينَ. وَجَاءَ أَنَّهُ اسْتَعْفَى مِنَ الْقَضَاءِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. 184- شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ3 –م 4- أبو المقدام الحارثي المذحجي الكوفي: أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -وكان من أصحابه- وعمر، وعائشة، وسعد، وأبي هريرة. روى عنه: ابناه محمد، والمقدام، والشعبي، والقاسم بن مخيمرة، وحبيب بن أبي ثابت، ويونس بن أبي إسحاق.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 135". 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "6/ 144". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 128"، السير "4/ 107"، والإصابة "2/ 166".

وشهد تحكيم الحكمين، ووفد على معاوية يشفع في كثير بن شهاب، فأطلقه له. وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ أَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ أَبَا مُوسَى وَمَعَهُ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ، عَلَيْهِمْ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ. وَمَعَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَيَلِي أَمْرَهُمْ، يَعْنِي إِلَى دُومَةَ الْجَنْدَلِ1. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ جَاهِلِيًّا إِسْلامِيًا، قَالَ فِي إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ: أَصْبَحْتُ ذَا بَثٍّ أُقَاسِي الْكِبَرَا ... قَدْ عِشْتُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ أَعْصُرَا ثَمَّتَ أَدْرَكْتُ النَّبِيَّ الْمُنْذِرَا ... وَبَعْدَهُ صِدِّيقَهُ وَعُمَرَا وَالْجَمْعُ فِي صِفَّينِهِمْ وَالنَّهَرَا ... وَيَوْمَ مِهْرَانَ ويوم تسترا وبا جُمَيْرَاوَاتِ وَالْمُشَقَّرَا ... هَيْهَاتَ مَا أَطْوَلَ هَذَا عُمرَا قال القاسم بن مخيمرة: ما رأت حَارِثِيًا أَفْضَلَ مِنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ أَنَّهُ عَاشَ مِائَةَ وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَلَّى الْحَجَّاجُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ سِجِسْتَانَ، فَوَجَّهَ أَبَا برذعة، فَأَخَذَ عَلَيْهِ الْمَضِيقَ، وَقُتِلَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ. "حرف الصاد": 185- صلة بن زفر -ع- العبسي الكوفي2. رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ الْكُوفِيِّينَ وَثِقَاتِهِمْ، لَهُ قلب منور.

_ 1 خبر ضعيف: فيه الواقدي، ومجالد، وكلاهما من الضعفاء. 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 195"، السير "4/ 517".

"حرف العين": 186- عاصم بن ضمرة –ع- السَّلُولِيُّ الْكُوفِيُّ1 صَاحِبُ عَلِيٍّ، لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ عَنْهُ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَلَيَّنَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَوَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ. 187- عَبْدُ الله بن جعفر2 –ع- بن أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، أبو جعفر الهاشمي الْجَوَّادُ ابْنُ الْجَوَّادِ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وُلِدَ بِالْحَبَشَةِ مِنْ أَسْمَاءَ عُمَيْسٍ، وَيُقَالُ: لَمْ يَكُنْ فِي الإِسْلامِ أَسْخَى مِنْهُ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبَوَيْهِ، وَعَنْ عَمِّهِ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ إِسْمَاعِيلُ، وَإِسْحَاقُ، وَمُعَاوِيَةُ، وَابْنُ مُلَيْكَةَ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبَّاسُ بْنُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ آخِرُ مِنْ رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ3. قَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ علين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا فَدَخَلَ حَائِطًا، فَإِذَا جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَنَّ وذرفت عيناه4 -الحديث.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 222"، والجرح والتعديل "6/ 345". 2 انظر: الاستيعاب "2/ 275"، أسد الغابة "3/ 139"، والسير "3/ 456". 3 السير "3/ 456". 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 204، 205"، ومسلم "1/ 268" مختصرا، وأبو داود "2549"، والحاكم "2/ 99، 100".

وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمَلَةَ قَالَ: وَفَدَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ جَعْفَرٍ عَلَى يَزِيدَ، فَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفَيْ أَلْفٍ1. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ بَايَعَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُمَا ابْنَا سَبْعِ سِنِينَ، فَلَمَّا رَآهُمَا تَبَسَّمَ وَبَسَطَ يَدَهُ وَبَايَعَهُمَا2. وَقَالَ فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ يَلْعَبُ بالتراب فقال: "اللهم بارك له فِي تِجَارَتِهِ"3. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ4. وَقَالَ جرير بن حازم: ثنا محمد بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتاهم بعدما أَخْبَرَهُمْ بِقَتْلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ ثَلاثَةٍ، فَقَالَ: "لا تَبْكُوا أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ". ثُمَّ قَالَ: "ائْتُونِي بِبَنِي أَخِي"، فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّنَا أَفْرُخٌ، فَقَالَ: "ادْعُوا لِيَ الْحَلاقَ"، فَأَمَرَهُ، فحلق رؤوسنا، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبَهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ، وَأمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَشَبَهُ خَلْقِي وَخُلُقِي"، ثم أخذ بيدي فأشالها وقال: "اللهم اخلف جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي صَفْقَتِهِ"، قَالَ: فَجَاءَتْ أُمُّنَا فَذَكَرَتْ يُتْمَنَا، فَقَالَ: "العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا وَالآخِرَةِ"! 5 حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ أبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ يَفِدُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَيُعْطِيهِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَقْضِي لَهُ مِائَةَ حَاجَةٍ6، وَذَكَرَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا وَقَفَ فِي الْمَوْسِمِ عَلَى مَرْوَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: ما عندنا ما نصلك، ولكن عليك

_ 1 السير "3/ 459". 2 حديث ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 566، 567". 3 حديث ضعيف: أخرجه أبو يعلى، والطبراني كما في المجمع "9/ 286". 4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "7/ 62". 5 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 204"، وأبو داود "4192"، والنسائي "8/ 182". 6 خبر ضعيف: السير "3/ 459" وفيه انقطاع.

بِابْنِ جَعْفَرٍ، فَأَتَاهُ الأَعْرَابِيُّ، فَإِذَا ثَقَلُهُ قَدْ سَارَ، وَرَاحِلَةٌ بِالْبَابِ عَلَيْهَا مَتَاعُهَا، وَسَيْفٌ مُعَلَّقٌ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ، فَأَنْشَأَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ ... صَلاتُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ طَهُورُ أَبَا جَعْفَرٍ ضَنَّ الأَمِيرُ بِمَالِهِ ... وَأَنْتَ عَلَى مَا فِي يَدَيْكَ أَمِيرُ أَبَا جَعْفَرٍ يَا بْنَ الشَّهِيدِ الَّذِي لَهُ ... جَنَاحَانِ فِي أَعْلَى الْجِنَانِ يَطِيرُ أَبَا جَعْفَرٍ مَا مِثْلُكَ الْيَوْمَ أَرْتَجِي ... فَلا تَتْرُكَنِّي بِالْفَلاةِ أَدُورُ فَقَالَ: يا أعرابي سار الثقل، فعليك الرَّاحِلَةُ بِمَا عَلَيْهَا، وَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ عَنِ السَّيْفِ، فَإِنِّي أَخَذْتُهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ1. قَالَ عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، أنبأ هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَرَّ عُثْمَانُ بِسَبْخَةٍ فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ قِيلَ: لِفُلانٍ، اشْتَرَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِسِتِّينَ أَلْفًا. قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِنَعْلِي. قَالَ: فَجَزَّأَهَا عَبْدُ اللَّهِ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، وَأَلْقَى فِيهَا الْعُمَّالَ، ثُمَّ قَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ: أَلا تَأْخُذُ عَلَى يَدَيِ ابْنِ أَخِيكَ وَتَحْجُرُ عَلَيْهِ، اشْتَرَى سَبْخَةً بِسِتِّينَ أَلْفًا، مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِنَعْلِي. قَالَ: فَأَقْبَلْتُ، فَرَكِبَ عُثْمَانُ ذَاتَ يَوْمٍ فَمَرَّ بِهَا، فَأَعْجَبَتْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنْ وَلِّنِي جُزْءَيْنِ مِنْهَا، قَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ دُونَ أَنْ تُرْسَلَ إِلَى الَّذِينَ سَفَّهْتَنِي عِنْدَهُمْ فَيَطْلُبُونَ ذَلِكَ إِلَيَّ، فَلا أَفْعَلُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: وَاللَّهِ لا أَنقُصُكَ جُزْءَيْنِ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُمَا. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَسْلَفَ الزُّبَيْرَ أَلْفَ أَلْفٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: إِنِّي وَجَدْتُ فِي كُتُبِ أَبِي أَنَّ لَهُ عَلَيْكَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قال: هُوَ صَادِقٌ، فَاقْبِضْهَا إِذَا شِئْتَ، ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدُ فَقَالَ: إِنَّمَا وَهِمْتُ عَلَيْكَ، الْمَالُ لَكَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَهُوَ لَهُ، قَالَ: لا أُرِيدُ ذَلِكَ2. قُلْتُ: هَذِهِ الْحِكَايَةُ مِنْ أَبْلَغِ مَا بَلَغَنَا فِي الْجُودِ. وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ بِدَجَاجَةٍ مَسْمُوطَةٍ فَقَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ! هَذِهِ الدَّجَاجَةُ كَانَتْ مِثْلَ بِنْتِي تُؤْنِسُنِي وَآكُلُ مِنْ بَيْضِهَا، فَآلَيْتُ أَنْ لا أَدْفِنَهَا إِلا فِي أَكْرَمِ مَوْضِعٍ أَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلا وَاللَّهِ مَا فِي الأَرْضِ مَوْضِعٍ أَكْرَمُ مِنْ

_ 1 السير "3/ 459". 2 إسناده ضعيف: السير "3/ 460، 461" فيه جهالة أحد الرواة.

بَطْنِكَ، قَالَ: خُذُوهَا مِنْهَا وَاحْمِلُوا إِلَيْهَا مِنَ الْحِنْطَةَ كَذَا، وَمِنَ الْتَّمْرِ كَذَا، وَمِنَ الدَّرَاهِمِ كَذَا، وَعَدَّدَ شَيْئًا كَثِيرًا، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ: بِأَبِي! إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ1. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: جَلَبَ رَجُلٌ سُكَّرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَسَدَ عَلَيْهِ فَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، فَأَمَرَ قَهْرمَانَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَأَنْ يهبه الناس. ولعبد الله -رضي الله عنهم- من هذا الأنموذج أخبار في السخاء. قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَمُصْعَبُ الزُّبيْرِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وثمانين. قال: ويقال: سنة ثمانين. وقال أبو عبيد: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ، وَيُقَالُ: سَنَةَ تِسْعِينَ. 188- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَدْرَدٍ2 الأَسْلَمِيُّ أَبُو مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الْقَعْقَاعُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْد اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ فَرْوَةَ الأَسْلَمِيُّ. وَشَهِدَ الْجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ، وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا كعب ضع الشطر" 3، قال: قد فعلت.

_ 1 خبر ضعيف: السير "3/ 461" فيه انقطاع. 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 309"، الاستيعاب "2/ 288"، الإصابة "2/ 294". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 121"، ومسلم "1558"، وأبو داود "3595"، وأحمد "6/ 287، 290".

وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ، إِلا خَلِيفَةَ فَقَالَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. وَقَدْ طَوَّلَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ تَرْجَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، وَسَاقَهَا فِي كَرَّاسٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لا صُحْبَةَ لَهُ، وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا بَلْ أَفَادَنَا الْعِلْمُ بِأَنَّ لَهُ صُحْبَةً. وَقَدْ عَلَّقْتُ حَاشِيَةً فِي ذَلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ". 189- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ1 شَذَّ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ فَقَالَ: قَدِمَ مِصْرَ مَعَ مَرْوَانَ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَقَدْ مَرَّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَرَّخَهُ جَمَاعَةٌ. 190- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ2، أَبُو صَالِحٍ السُّلَمِيُّ أَمِيرُ خُرَاسَانَ، أَحَدُ الأَبْطَالِ الْمَشْهُورِينَ وَالشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ، وَيُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَلا يَصِحُّ. رَوَى عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ الأَزْرَقِ، وَسَعْدُ بْنُ عُثْمَانَ الرَّازِيُّ. وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ ابْنُ عَامِرٍ عَلَى خُرَاسَانَ فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ، وَقَدْ حَضَرَ مَوَاقِفَ مَشْهُورَةً وَأَبْلَى فِيهَا، وَوَلِيَ خُرَاسَانَ زَمَانًا، وَأَفْتَتَحَ الطَّبَسَيْنِ. وَقَدْ مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ مِنْ أَخْبَارِهِ. 191- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزبير3 –ع- بن الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ، أَبُو بَكْرٍ، وأبو خبيب القرشي الأسدي. أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلامِ بِالْمَدِينَةِ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ عُرْوَةُ، وَابْنَاهُ عَامِرٌ، وَعَبَّادٌ، وَابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ كيسان، وسعيد بن مينا، وابن

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 414"، أسد الغابة "3/ 148"، الإصابة "2/ 300". 2 انظر: البداية "8/ 326"، الإصابة "2/ 301". 3 انظر: الاستيعاب "2/ 300"، وأسد الغابة "3/ 161"، والسير "3/ 363".

ابْنِهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ ابْنِهِ الآخَرُ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَشَهِدَ وَقْعَةَ الْيَرْمُوكِ، وَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَغَزَا الْمَغْرِبَ، وَلَهُ مَوَاقِفُ مَشْهُورَةٌ، وَكَانَ فَارِسَ قُرَيشٍ فِي زَمَانِهِ. بُوِيعَ بِالْخِلافَةِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَحَكَمَ عَلَى الْحِجَازِ، وَالْيَمَنِ، وَمِصْرَ، وَالْعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَأَكْثَرِ الشَّامِ، وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ ثَمَانِ سِنِينَ وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ. رَوَى شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ قَالَ: خَرَجَتْ أَسْمَاءُ حِينَ هَاجَرَتْ حُبْلَى، فَنَفِسَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بِقُبَاءٍ، قَالَتْ: أَسْمَاءُ: ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ لِيُبَايِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْرِ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ رَآهُ مُقْبِلا، ثُمَّ بَايَعَهُ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ يتيم عروة قال: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ أَقَامُوا لا يُولَدُ لَهُمْ، فَقَالُوا سَحَرَتْنَا يَهُودٌ، حَتَّى كَثُرَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ، فَكَانَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً حَتَّى ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بَكْرٍ فَأَذَّنَ فِي أُذُنَيْهِ بِالصَّلاةِ2. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَارِضَا ابْنِ الزُّبَيْرِ خَفِيفَيْنِ، فَمَا اتَّصَلَتْ لِحْيَتُهُ حَتَّى بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةٍ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ": ثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا هُنَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إِنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهُوَ يَحْتَجِمُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ اذْهَبْ بِهَذَا الدَّمِ فَأَهْرِقْهُ حَيْثُ لا يَرَاكَ أَحَدٌ"، فَلَمَّا بَرَزَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمَدَ إِلَى الدَّمِ فَشَرِبَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: "مَا صَنَعْتَ بِالدَّمِ"؟، قَالَ: عَمَدْتُ إِلَى أخْفَى مَوْضِعٍ علمت فجعلته فيه، قال: "لَعَلَّكَ شَرِبْتَهُ" 3، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "وَلِمَ شَرِبْتَ الدَّمَ، وَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ، وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ الناس".

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2146". 2 خبر ضعيف: السير "3/ 365" فيه الواقدي من الضعفاء. 3 حديث حسن: أخرجه البزار، والطبراني كما في المجمع "8/ 72"، والحاكم "3/ 554".

قَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عَاصِمٍ فَقَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْقِوَّةَ الَّتِي بِهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ. وَرَوَاهُ تَمْتَامٌ، عَنْ مُوسَى. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ يُوسُفَ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، وَالْحَارِثِ قَالَ: طَالَمَا حَرِصَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الإِمَارَةِ، قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلِصٍّ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ سَرَقَ، قَالَ: اقْطَعُوهُ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ فِي إِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ سَرَقَ، وَقَدْ قُطِعَتْ قَوَائِمُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَجِدُ لَكَ شَيْئًا إِلا مَا قَضَى فِيكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أَمَرَ بِقَتْلِكَ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ أُغَيْلِمَةً مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، أَنَا فِيهِمْ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمِّرُونِي عَلَيْكُمْ، فَأَمَّرْنَاهُ عَلَيْنَا، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَقَتَلْنَاهُ1. وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ: ثنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ أَنَّ نَوْفًا قَالَ: إِنِّي لأَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَارِسَ الْخُلَفَاءِ2. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَلْقَى ابْنَ الزُّبَيْرِ فَيَقُولُ: مَرْحَبًا بِابْنِ عَمَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنِ حَوَارِيَّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَأْمُرُ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ3. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: ذُكِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، عَفِيفٌ فِي الإِسْلامِ، أَبُوهُ الزُّبَيْرِ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّتُهُ خَدِيجَةُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ، وَاللَّهِ لَأُحَاسِبَنَّ لَهُ نَفْسِي مُحَاسَبَةً لَمْ أُحَاسِبْ بِهَا لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ4. وَقَالَ عَمْرُو بن دينار: ما رأيت مصليًا أحسن صلاة مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ5. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا قَامَ فِي الصَّلاةِ كَأَنَّهُ عُودٌ، وحدث أن أبا بكر كان كذلك6.

_ 1 حديث ضعيف: تهذيب تاريخ دمشق "7/ 398". 2 السير "3/ 367". 3 السابق. 4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "8/ 245"، والحاكم "3/ 549"، وأبو نعيم "1/ 334" في الحلية. 5 الحلية "1/ 335". 6 الحلية "1/ 335".

وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: كُنْتُ أَمُرُّ بِابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يُصَلِّي خَلْفَ الْمَقَامِ كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ مَنْصُوبَةٌ لا يَتَحَرَّكُ1. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنِ الثِّقَةِ بِسَنَدِهِ قَالَ: قَسَّمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الدَّهْرَ عَلَى ثَلاثِ لَيَالٍ، فَلَيْلَةٌ هُوَ قَائِمٌ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ رَاكِعٌ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ سَاجِدٌ حَتَّى الصَّبَاحِ2. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ الْمَكِّيِّ قَالَ: رَكَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمًا رَكْعَةً، فَقَرَأْنَا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ وَالْمَائِدَةَ، وَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ3. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي فِي الْحِجْرِ، وَحَجَرُ الْمَنْجَنِيقِ يُصِيبُ طَرَفَ ثَوْبِهِ، فَمَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ4. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي كأنه غصن تصفقها الريح، والمنجنيق يقع ههنا، ويقع ههنا5. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْظَمَ سَجْدَةً بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ6. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بَيْتَهُ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي، فَسَقَطَتْ حَيَّةٌ عَلَى ابْنِهِ هَاشِمٍ، فَصَاحُوا: الْحَيَّةَ الْحَيَّةَ، ثُمَّ رَمَوْهَا، فَمَا قَطَعَ صَلاتَهُ7. وعن أم جعفر بنت النعمان أنها سَلَّمَتْ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَذُكِرَ عِنْدَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَتْ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَوَّامَ اللَّيْلِ صَوَّامَ النَّهَارِ، وَكَانَ من يسمى حمامة المسجد.

_ 1 السير "3/ 369". 2 السابق. 3 السابق. 4 السابق. 5 الحلية "1/ 335". 6 السير "3/ 369، 370". 7 السابق.

وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَإِذَا أَفْطَرَ اسْتَعَانَ بِالسَّمْنِ حَتَّى يَلِينَ بِالسَّمْنِ1. وَرَوَى لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَا كَانَ بَابٌ فِي الْعِبَادَةِ يَعْجَزُ النَّاسُ عَنْهُ إِلا تَكَلَّفَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَقَدْ جَاءَ سَيْلٌ طَبَّقَ الْبَيْتَ فَجَعَلَ يَطُوفُ سِبَاحَةً2. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يُنَازَعُ فِي شَجَاعَةٍ وَلا عِبَادَةٍ وَلا بَلاغَةٍ3. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْريُّ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وسعيد بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوا الْقُرْآنَ فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدٌ فِي شَيْءٍ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ4. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رِدَاءً عَدَنيًّا يُصَلِّي فِيهِ، وَكَانَ صَيِّتًا، إِذَا خَطَبَ تَجَاوَبَ الْجَبَلانِ، وَكَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى الْعُنُقِ وَلِحْيَةٌ صَفْرَاءُ5. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثنا أَبِي وَالزُّبَيْرُ بْنُ خُبَيْبٍ قَالا: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجِيرٌ فِي عَسْكَرِنَا فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَأَحَاطُوا بِنَا وَنَحْنُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، يَعْنِي فِي غَزْوَةِ إِفْرِيقِيَّةَ، قَالَ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطَهُ، وَرَأَيْتُ غِرَّةً مِنْ جُرْجِيرٍ بَصُرْتُ بِهِ خلف عساكره على برذون أشهب، معه جاريتان تُظِلانِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيسِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَيْشِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ، فَأَتَيْتُ ابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَنَدَبَ لِي النَّاسَ، فَاخْتَرْتُ ثَلاثِينَ فَارِسًا، وَقُلْتُ لِسَائِرِهِمْ: الْبِثُوا عَلَى مَصَافِّكُمْ، وَحَمَلْتُ وَقُلْتُ لِلثَّلاثِينَ: احْمُوا لِي ظَهْرِي، فَخَرَقْتُ الصَّفَّ إِلَيْهِ، فَخَرَجْتُ صَامِدًا، وما يحسب هو وأصحابه إلا أني رسول إليه، حتى دنوت منه، فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَتَبَادَرَ بِرْذَونَةُ مُوَلِّيًا، فَأَدْرَكْتُهُ فَطَعَنْتُهُ، فسقط، ثم احتززت رأسه، فنصبته على رمحي،

_ 1 السابق. 2 السابق. 3 السابق. 4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "9/ 13، 18". 5 السير "3/ 370".

وَكَبَّرْتُ، وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ، فَأَرْفَضَّ الْعَدُوُّ وَمَنَحَ اللَّهُ أَكْتَافَهُمْ1. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أُخِذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ وَسَطَ الْقَتْلَى يَوْمَ الْجَمَلِ، وَبِهِ بِضْعٌ وَأَرْبَعُونَ ضَرْبَةً وَطَعْنَةً2. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: أَعْطَتْ عَائِشَةُ لِلَّذِي بَشَّرَهَا أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يُقْتَلْ عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ3. وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ4. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، وَابْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ فِي رَبِيعِ الآخَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ قَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، وَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةَ إِلَى الْبَيْعَةَ فَأبَيَا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ لَهُ، فَبَقِيَ يُدَارِيهِمَا سِنِينَ، ثُمَّ أَغْلَظَ عَلَيْهِمَا وَدَعَاهُمَا فَأَبَيَا5. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرُهُ: كَانَ يُقَالُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: عَائِذُ بَيْتِ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أم بكر، وحدثني شرحبيل بن أبي عون، عَنْ أَبِيهِ، وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَغَيْرُهُمْ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالُوا: لَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَخَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ، وَلَزِمَ الْحِجْرَ وَلَبِسَ الْمَغَافِرَ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَمَشَى إِلَى يَحْيَى بْنِ حَكِيمٍ الْجُمَحِيِّ وَإِلَى مَكَّةَ، فَبَايَعَهُ لِيَزِيدَ، فَقَالَ: لا أَقْبَلُ هَذَا حَتَّى يُؤْتِيَ بِهِ فِي جَامِعَةٍ وَوِثَاقٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ادْفَعِ الشَّرَّ عَنْكَ مَا انْدَفَعَ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ رَجُلٌ لَجُوجٌ وَلا يُطِيعُ لِهَذَا أَبَدًا، وَإِنْ تُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ فَهُوَ خَيْرٌ، فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنَّ فِي أَمْرِكَ لَعَجَبًا، قَالَ: فَادْعُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَسَلْهُ عَمَّا أَقُولُ، فَدَعَاهُ فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَهُمَا، فقال

_ 1 السير "3/ 371". 2 السير "3/ 371". 3 السابق. 4 السابق. 5 خبر ضعيف: فيه الواقدي، وهو من الضعفاء، السير "3/ 372".

عَبْدُ اللَّهِ: أَصَابَ أَبُو لَيْلَى وَوُفِّقَ، فَأَبى أَنْ يَقْبَلَ، وَامْتَنَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ يَذِلَّ نَفْسَهُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِبَيْتِكَ، فَمِنْ يومئذ سُمِّيَ الْعَائِذَ. وَأَقَامَ بِمَكَّةَ لا يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ، فَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى وَالِي الْمَدِينَةِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَيْهِ جُنْدًا، فَبَعَثَ لِقِتَالِهِ أَخَاهُ عَمْرًا فِي أَلْفٍ، فَظَفِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِأَخِيهِ وَعَاقَبَهُ، وَنحَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ عَنِ الصَّلاةِ بِمَكَّةَ، وَجَعَلَ مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَكَانَ لا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يُشَاوِرُهُمْ فِي الأُمُورِ وَلا يَسْتَبِدُّ بِشَيْءٍ، وَيُصَلِّي بِهِمُ الْجُمُعَةَ، وَيَحُجُّ بِهِمْ، وَكَانَتِ الْخَوَارِجُ وَأَهْلُ الأَهْوَاءِ كُلُّهُمْ قَدْ أَتَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَالُوا: عَائِذُ بَيْتِ اللَّهِ، وَكَانَ شِعَارُهُ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ. فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ، وَحَجَّ عَشْرَ سِنِينَ بِالنَّاسِ آخِرُهَا سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ فَبَايَعُوهُ، وَفَارَقَتْهُ الْخَوَارِجُ، فَوَلَّى عَلَى الْمَدِينَةِ أَخَاهُ مُصْعَبًا، وَعَلَى الْبَصْرَةِ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَلَى الْكُوفَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ، وَعَلَى مِصْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَمٍ الْفِهْرِيَّ، وَعَلَى الْيَمَنِ آخَرَ، وَعَلَى خُرَاسَانَ آخَرَ، وَأَمَّرَ عَلَى الشَّامِ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، فَبَايَعَ لَهُ عَامَّةُ الشَّامِ، وَأَطَاعَهُ النَّاسُ، إِلا طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مَعَ مَرْوَانَ1. قُلْتُ: ثُمَّ قَوِيَ أَمْرُ مَرْوَانَ، وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ، وَسَارَ فِي جُيُوشِهِ إِلَى مِصْرَ فَأَخَذَهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا وَلَدَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ. وَعَاجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ، فَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى أَخَذَ الْبِلادَ، وَدَانَتْ لَهُ الْعِبَادُ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ يَزِيدَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكِ بِسِلْسِلَةٍ فِضَّةٍ، وَقَيْدٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَجَامِعَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَحَلَفْتُ لَتَأْتِيَنِّي فِي ذَلِكَ، قَالَ فَأَلْقَى الْكِتَابَ وَقَالَ: وَلا أَلِينُ لِغَيْرِ الْحَقِّ أَسْأَلُهُ ... حَتَّى يَلِينَ لِضِرْسِ الْمَاضِغِ الْحَجَرِ2 قَالَ خَلِيفَةُ: ثُمَّ حَضَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْمَوْسِمَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ، فَحَجَّ بِالنَّاسِ، وَلَمْ يَقِفُوا الْمَوْقِفَ، وَحَجَّ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بِأَهْلِ الشَّامِ، وَلَمْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ. وَرَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَإِنْ كَانَ ليُطَيِّبُهَا حَتَّى يَجِدَ رِيحَهَا مَنْ دَخَلَ الْحَرَمِ.

_ 1 السابق "3/ 372، 373". 2 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 550"، وأبو نعيم "1/ 331" في الحلية.

زَادَ غَيْرُهُ: كَانَتْ كِسْوَتُهَا الأَنْطَاعَ1. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبٍ الْحَجَبِيُّ: إِنَّ الْمَهْدِيَّ لَمَّا جَرَّدَ الْكَعْبَةَ كَانَ فِيمَا نُزِعَ عَنْهَا كِسْوَةٌ من ديباج، مكتوب عليها لعبد الله أَبِي بَكْرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ2. وَرَوَى أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ لابْنِ الزُّبَيْرِ مِائَةُ غُلامٍ، يَتَكَلَّمُ كُلُّ غُلامٍ مِنْهُمْ بِلُغَةٍ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُكَلِّمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِلُغَتِهِ، وَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ طَرْفَةَ عَيْنِ، وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ. وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى رَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْمِسْكِ مَا لَوْ كَانَ لِي كَانَ رَأْسَ مَالٍ. قُلْتُ: وَكَانَ فِي ابْنِ الزُّبَيْرِ بُخْلٌ ظَاهِرٌ، مَعَ مَا أُوتِيَ مِنَ الشَّجَاعَةِ. قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَاوِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُعَاتِبُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِي الْبُخْلِ وَيَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيتُ وَجَارُهُ جَائِعٌ" 3. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُكْثِرُ أَنْ يُعَنِّفَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِالْبُخْلِ، فَقَالَ: لِمَ تُعَيِّرُنِي؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يَشْبَعُ وَجَارُهُ وَابْنُ عَمِّهِ جَائِعٌ" 4. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ حَيْثُ حُصِرَ: إِنَّ عِنْدِي نَجَائِبَ قَدْ أَعْدَدْتُهَا لَكَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تُحَوِّلَ إِلَى مَكَّةَ فَيَأْتِيَكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَكَ؟ قَالَ: لا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يلحد بِمَكَّةَ كَبْشٌ مِنْ قُرَيْشٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، عليه مثل نصف أوزار الناس"5. رواه

_ 1 المصنف "9087" لعبد الرزاق. 2 السير "3/ 374". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري في الأدب المفرد "112"، وابن أبي شيبة "100" في الإيمان وغيرهما. 4 انظر السابق. 5 حديث ضعيف: وأخرجه أحمد "1/ 64".

أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ، عَنِ الْقُمِّيِّ. وَقَالَ عَبَّاسُ التَّرَقُفِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يُلْحِدُ بِمَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالَ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ، عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ الْعَالَمِ"1، فَوَاللَّهِ لا أَكُونُهُ، فَتَحَوَّلَ مِنْهَا، فَسَكَنَ الطَّائِفَ. قُلْتُ: مُحَمَّدُ هُوَ الْمِصِّيصِيُّ، ضَعِيفٌ، احْتَجَّ بِهِ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ. وَلِلْحَدِيثِ شَاهِدٌ. قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ فِي الْحِجْرِ فَقَالَ: يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ إِيَّاكَ وَالإِلْحَادَ فِي حَرَمِ اللَّهِ، فَإِنِّي أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يُلْحِدُ بِهَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، لَوْ وُزِنَتْ ذُنُوبُهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ لَوَزَنَتْهَا" 2، قَالَ: فانظر أن لا تكونه يا بن عَمْرٍو، فَإِنَّكَ قَدْ قَرَأْتَ الْكُتُبَ وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ هَذَا وَجْهِي إِلَى الشَّامِ مُجَاهِدًا. وقال الزبير بن كبار: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْخَصِيبِ نَافِعٌ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَرَ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ يَهْوِي حَتَّى أَقُولُ: لَقَدْ كَادَ أَنْ يَأْخُذَ لِحْيَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنْ أُبَالِيَ إِذَا وَجَدْتُ ثَلاثَمِائَةٍ يَصْبِرُونَ صَبْرِي لَوْ أَجْلَبَ عَلَيَّ أَهْلُ الأَرْضِ3. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجُهَيْمِ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ قُتِلَ وَقَدْ خَذَلَهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ خِذْلانًا شَدِيدًا، وَجَعَلُوا يَخْرُجُونَ إِلَى الْحَجَّاجِ، وَجَعَلَ الْحَجَّاجُ يَصِيحُ: أَيُّهَا النَّاسُ عَلامَ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ، مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ آمِنٌ لَكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ، وفي حرم الله وأمنه، ورب هذه البنية لا أَغْدُرُ بِكُمْ، وَلا لَنَا حَاجَةٌ فِي دِمَائِكُمْ، فَيَسْلِكُ إِلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ آلافٍ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ4. وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَضَرْتُ قتل ابن الزبير، جعلت الجيوش

_ 1 حديث ضعيف: السير "3/ 376". 2 حديث صحيح: السير "3/ 376". 3 السير "3/ 376". 4 السير "3/ 377".

تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَكُلَّمَا دَخَلَ قَوْمٌ مِنْ بَابٍ حَمَلَ عَلَيْهِمْ وَحْدَهُ حَتَّى يُخْرِجُهُمْ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ إِذَا جَاءَتْ شُرْفَةٌ مِنْ شُرُفَاتِ الْمَسْجِدِ فَوَقَعَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَصَرَعَتْهُ، وَهُوَ يَتَمَثَّلُ: أَسْمَاءُ يَا أَسْمَاءُ لا تَبْكِينِي ... لَمْ يَبْقَ إِلا حَسَبِي وَدِينِي وَصَارِمٌ لاثَتْ بِهِ يَمِينِي1 وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ ثنا فَرْوَةُ بْنُ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: مَا أَرَانِي الْيَوْمَ إِلا مَقْتُولا، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي كَأَنَّ السَّمَاءَ فُرِجَتْ لِي فَدَخَلْتُهَا، فَقَدْ وَاللَّهِ مَلَلْتُ الْحَيَاةَ وَمَا فِيهَا، وَلَقَدْ قَرَأَ فِي الصُّبْحِ يَوْمَئِذٍ مُتَمَكِّنًا {نْ وَالْقَلَمِ} حَرْفًا حَرْفًا، وَإِنَّ سَيْفَهُ لَمَسْلُولٌ إِلَى جَنْبِهِ، وَإِنَّهُ لَيُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ كَهَيْئَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ التَّكْبِيرَ فِيمَا بَيْنَ الْمَسْجِدِ إِلَى الْحَجُونِ حِينَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَمَنْ كَانَ كَبَّرَ حِينَ وُلِدَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَكْثَرُ وَخَيْرٌ مِمَّنْ كَبَّرَ عَلَى قَتْلِهِ3. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: مَا شَيْءٌ كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ كَعْبُ إِلا قَدْ أَتَى عَلَى مَا قَالَ، إِلا قَوْلَهُ: ثَقِيفٌ يَقْتُلُنِي، وَهَذَا رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيَّ، يَعْنِي الْمُخْتَارَ4. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَصَّاصِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِغُلامِهِ: لا تَمُرَّ بِي عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، يَعْنِي وَهُوَ مَصْلُوبٌ. قَالَ: فَغَفَلَ الْغُلامُ فَمَرَّ بِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَرَآهُ، فَقَالَ: رحِمَكَ اللَّهُ، مَا عَلِمْتُكَ إِلا صَوَّامًا قَوَّامًا وَصُولا لِلرَّحِمِ، أَمَّا وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو مَعَ مَسَاوِئِ مَا قَدْ عَمِلْتَ مِنَ الذُّنُوبِ أَنْ لا يُعَذِّبَكَ اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ يَعْمَلُ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فِي الدنيا"5.

_ 1 أخرجه أبو نعيم "1/ 333" في الحلية. 2، 3 خبر ضعيف: السير "3/ 378". 4 السير "3/ 378". 5 حديث ضعيف: وأخرجه البزار كما في المجمع "7/ 12".

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْخُلَفَاءِ: وَصُلِبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مُنَكَّسًا، وَكَانَ آدَمَ نَحِيفًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، يُكَنَّى: أَبَا بَكْرٍ، وَأَبَا خُبَيْبٍ، وَبَعَثَ عُمَّالَهُ عَلَى الْحِجَازِ وَالْمَشْرِقِ كُلِّهِ1. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ جَدَّتِهِ، أَنَّ أَسْمَاءَ بنت أبي بكر غسلت ابن الزبير بعدما تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، وَجَاءَ الإِذْنُ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا، وَحَنَّطَتْهُ وَكَفَّنَتْهُ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَجَعَلَتْ فِيهِ شَيْئًا حِينَ رَأَتْهُ يَتَفَسَّخُ إِذَا مَسَّتْهُ2. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَمَلَتْهُ فَدَفَنَتْهُ فِي الْمَدِينَةِ فِي دَارِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، ثُمَّ زِيدَتْ دَارَ صَفِيَّةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَهُوَ مَدْفُونٌ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا3. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ: قُتِلَ فِي جُمَادِي الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً. وَقَالَ ضَمْرَةُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: قُتِلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. وَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ. 192- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيُّ الْمِصْرِيُّ4، مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ وَمُحِبِّيهِ. وَفَدَ عَلَى عَلِيٍّ مِنْ مِصْرَ. يَرْوِي عَنْهُ: مَرْثَدُ الْيَزَنِيُّ، وَعَيّاشُ الْقِتْبَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيرةَ السَّبَائِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 193- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ الأَنْصَارِيُّ5 الأَوْسِيُّ. لَهُ صُحْبَةٌ، شَهِدَ الْجَابِيَةَ وَخَيبرَ، فَشَهِدَهَا وَلَهُ فِيمَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَتُوُفِّيَ بَعْدَ مَقْتَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ. وَاسْتُشْهِدَ أَبُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَجَدُّهُ يَوْمَ أُحُدٍ.

_ 1 السير "3/ 379". 2 سبق تخريجه. 3 السير "3/ 379". 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 510"، والجرح والتعديل "5/ 62"، والتاريخ الكبير "5/ 95". 5 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 501"، وأسد الغابة "3/ 172"، والإصابة "2/ 316".

وَقَدْ تَفَرّدَ رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ، وَكُلُّ مِنْهُمَا ثِقَةٌ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ: أَشَهِدْتَ بَدْرًا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالْعَقَبةَ مَعَ أَبِي رديفًا. رواه عاصم، وأبو داود، وأبو أحمد الزبيري، عَنْ رَبَاحٍ. 194- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ -4- الْمُرَادِيُّ1 عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَصَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. وَقَالَ الْبُخَارِيّ: لا يُتَابَعُ فِي حَدِيثِهِ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: كَانَ قَدْ كَبِرَ، فَكَانَ يُحَدِّثُنَا فَنَعْرِفُ وَنُنْكِرُ. وَيُقَالُ: لَقِيَ عُمَرَ. 195- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِهَابٍ2 أَبُو الْجَزْلِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ وَعَائِشَةَ. وعنه: الشعبي وخيثمة بن عبد الرحمن، وشبيب بن غرقدة. ذكره ابن أبي حاتم. 196- عبد الله بن الصامت –م 4- الغفاري البصري3، من جلة التابعين. روى عن: عمه أبو ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَجَمَاعَةٍ. وَقَدْ تَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُ عَنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ، فَسَيُعَادُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. 197- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ4 -م ن ق- بن أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبٍ، أَبُو صَفْوَانَ الجمحي المكي.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 73"، التهذيب "5/ 430". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 153"، التهذيب "5/ 254"، 255". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 212"، والتهذيب "5/ 264". 4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 465"، وأسد الغابة "3/ 185".

وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحَفْصَةَ، وَصَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيدٍ. وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: حَفِيدُهُ أُمَيَّةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ. وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ قُرَيْشٍ وَأَشْرَافِهِمْ، وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جَعْدَبَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ مَكَّةَ لَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ عَلَى بَعِيرٍ، فَسَايَرَهُ، فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ: مِنَ هَذَا الأَعْرَابِيُّ الَّذِي سَايَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ إِذَا الْجَبَلُ أبيض من غنى عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ أَلْفَا شَاةٍ أَجْزَرْتُكَهَا، فَقَسَّمَهَا مُعَاوِيَةُ فِي جُنْدِهِ، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا أَسْخَى مِنَ ابْنِ عَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا الأَعْرَابِيِّ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ: مَا بَلَغَ ابْنُ صَفْوَانَ مَا بَلَغَ؟ قُلْتُ: سَأُخْبِرُكَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ عَبْدًا وَقَفَ عَلَيْهِ يَسُبُّهُ مَا اسْتَنْكَفَ عَنْهُ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَأْتِيهِ أَحَدٌ قَطُّ إِلا كَانَ أَوَّلَ خَلْقِ اللَّهِ تَسَرُّعًا إِلَيْهِ بِالرِّجَالِ، وَلَمْ يَسْمَعْ بِمَفَازَةٍ إِلا حَفَرَهَا، وَلا ثَنِيَّةٍ إِلا سَهَّلَهَا. وَعَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ وَصَفَ ابْنَ صَفْوَانَ بِالْحِلْمِ وَالاحْتِمَالِ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيِّ قَالَ: وَفَدَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدُيُّ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَطَالَ الْخِلْوَةَ مَعَهُ، فَجَاءَ ابْنُ صَفْوَانَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ شَغَلَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ؟ قَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْعَرَبِ بِالْعِرَاقِ؛ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُهَلَّبَ، فَقَالَ الْمُهَلَّبُ: مَنْ هَذَا الذي يسأل عني يا أمير المؤمنين؟ قال: سَيِّدُ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ. قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَبْدَ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: رَأَيْتُ رَأْسَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَرَأْسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، وَرَأْسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ أُتِيَ بِهَا إِلَيْنَا الْمَدِينَةُ. رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى. وَقَالَ خَلِيفَةُ: قُتِلَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثلاث وسبعين.

198- عبد الله بن عتبة -غير: ت- بن مسعود الهذلي1 المدني. رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَوَى عَنْهُ حَدِيثًا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ الْفَقِيهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَعَوْنُ الزَّاهِدُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، رَفِيعًا، كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَالْفُتْيَا. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. 199- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بن الخطاب2 –ع. أبو عبد الرحمن القرشي العدوي، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنُ وَزِيرِهِ. هَاجَرَ بِهِ أَبُوهُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ، وَاسْتُصْغِرَ عَنْ أُحُدٍ، وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَمَا بَعْدَهَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ شَقِيقُ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أُمُّهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونٍ. رَوَى عِلْمًا كَثِيرًا عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن أبي بكر، وَعُمَرَ، وَالسَّابِقِينَ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ حَمْزَةُ، وَسَالِمٌ، وَبِلالٌ، وَزَيْدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَمَوْلاهُ نَافِعٌ، وَمَوْلاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَزَيْدُ بن أسلم، وأبوه أَسْلَمَ، وَآدَمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَبِشْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَجَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَثُوَيْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَرْقِيُّ: كَانَ رَبْعَةً، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ، وَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: شَهِدَ الْغَزْوَ بفارس.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 58"، وأسد الغابة "3/ 202". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 142"، السير "3/ 203".

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ آدَمَ جَسِيمًا ضَخْمًا لَهُ إِزَارٌ إِلَى نِصْفِ السَّاقَيْنِ يَطُوفُ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ لَهُ جُمَّةً. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالا: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ بَدْرًا، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ. وَقَالَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَأَجَازَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: عُرِضْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَاسْتَصْغَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَرَوَى سَالِمٌ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا، عَزَبًا شَابًّا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، لَهَا قُرُونٌ كَقُرُونِ الْبَقَرِ، فَرَأَيْتُ فِيهَا نَاسًا قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، فَلَقِيَنَا مَلَكٌ فَقَالَ: لَنْ تُرَعَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ" 2. قَالَ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لا يَنَامُ بَعْدُ مِنَ اللَّيْلِ إِلا قَلِيلا. وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ قَالَ: "إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ". وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مِنْ أمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسِهِ عَنِ الدُّنْيَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ3. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَنَا وَنَحْنُ مُتَوَافِرُونَ، وَمَا فِينَا شَابٌّ هُوَ أمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ: ثنا أَبُو حُصَيْنٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حذيفة قال: ما منا أحد

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 302". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 5، 6"، ومسلم "2479"، والترمذي "3825". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 144"، وأبو نعيم في الحلية "1/ 294".

لَوْ فُتِّشَ إِلا فُتِّشَ عَنْ جَائِفَةٍ1 أَوْ مُنَقِّلَةٍ2 إِلا عُمَرُ وَابْنُهُ3. وَقَالَ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: مَا مِنَّا أَحَدٌ أَدْرَكَ الدُّنْيَا إِلا وَقَدْ مَالَتْ بِهِ، إلا ابن عمر4. وعن عائشة قال: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَلْزَمَ لِلأَمْرِ الأَوَّلِ مِنَ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْعَلاءِ أَخُو أَبِي عَمْرٍو، وَعَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لابْنِ عُمَرَ: مَا مَنَعَكَ أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلا قَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْكِ وَظَنَنْتُكِ لَنْ تُخَالِفِيهِ، يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ5. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ فِي الْفَضْلِ مِثْلُ أَبِيهِ6. وَقَالَ قَتَادَةُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَوْ شَهِدْتُ لِأَحَدٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَشَهِدْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ7. وَعَنْ طَاوُسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنَ ابْنِ عُمَرَ8. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ رُبَّمَا لَبِسَ الْمِطْرَفَ الْخَزَّ ثَمَنُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ9. أَبُو أُسَامَةَ: ثنا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لأَظُنُّ قُسِمَ لِي مِنْهُ مَا لَمْ يُقْسَمْ لِأَحَدٍ إِلا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ10. يَعْنِي الْجِمَاعَ. تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ، وَهُوَ ثِقَةٌ. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، أن ابن عمر تقلد سيف

_ 1 الجائفة: الطعنة الواصلة إلى الجوف. 2 المنقلة: هي التي ينقل منها العظام. 3 إسناده ضعيف: السير "3/ 211" فيه البقال من الضعفاء. 4 الحلية "1/ 294". 5 السير "3/ 211". 6 السابق. 7 السابق. 8، 9 السابق. 10 السير "3/ 223".

عُمَرَ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، وَكَانَ مُحَلَّى، قُلْتُ: كَمْ كَانَتْ حِلْيَتُهُ؟ قَالَ: أَرْبَعُمِائَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَمِعَ مِنَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا لا يَزِيدُ وَلا يُنْقِصُ، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ1. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّبِعُ أَمْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَآثَارَهُ وَحَالَهُ وَيَهْتَمُّ بِهِ حَتَّى كَانَ قَدْ خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ مِنَ اهْتِمَامِهِ بِذَلِكَ2. وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَوْ نَظَرْتَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ إِذَا اتَّبَعَ أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ لَقُلْتُ: هَذَا مَجْنُونٌ3. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّبِعُ آثَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كُلِّ مَكَانٍ صَلَّى فِيهِ، حَتَّى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَعَاهَدُهَا فَيَصُبُّ فِي أَصْلِهَا الْمَاءَ لِكَيْلا تَيْبَسُ4. وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ" 5. قَالَ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ. مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِي قَالَ: مَا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلا بَكَى6. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عِنْدَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ يَقُصُّ، فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَعَيْنَاهُ تُهْرَاقَانِ دَمْعًا7. وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ: ثنا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ قَالَ: قِيلَ لِنَافِعٍ: مَا كَانَ يَصْنَعُ ابْنُ عُمَرَ فِي مَنْزِلِهِ؟ قَالَ: لا تُطِيقُونَهُ، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما8.

_ 1 السير "3/ 213". 2 السير "3/ 213". 3 الحلية "1/ 310". 4 أسد الغابة "3/ 341"، السير "3/ 213". 5 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 162". 6، 7 السير "3/ 214". 8 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 170".

وقال عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ أَحْيَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِ1. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أنبأ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ يَصِيرُ إِلَى الْفِرَاشِ، فَيَغْفَى إِغْفَاءَةَ الطَّائِرِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَوَضَّأُ وَيُصلِّي، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ أربع مدات أَوْ خَمْسَةً2. وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَصُومُ فِي السَّفَرِ، وَلا يَكَادُ يُفْطِرُ فِي الْحَضَرِ3. وَقَالَ سَالِمٌ: مَا لَعَنَ ابْنُ عُمَرَ خَادِمًا، لَهُ إِلا مَرَّةً، فَأَعْتَقَهُ4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابن عمر إلى مكة فعرسنا، فانحدر علينا رَاعٍ مِنْ جَبَلٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَرَاعٍ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: بِعْنِي شَاةً مِنَ الْغَنَمِ؟ قَالَ: إِنِّي مَمْلُوكٌ. قَالَ: قُلْ لِسَيِّدِكَ: أَكَلَهَا الذِّئْبُ. قَالَ: فَأَيْنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَيْنَ اللَّهُ، ثُمَّ بَكَى، وَاشْتَرَاهُ بَعْدُ فَأَعْتَقَهُ5. وَرَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوًا مِنْهُ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: مَا أَعْجَبُ ابْنَ عُمَرَ شَيْءٌ إِلا قَدَّمَهُ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عمرو بْنِ حَمَاسٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَرت هَذِهِ الآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] ، فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَارِيَتِي رُمَيْثَةَ، فَعَتَقْتُهَا، فَلَوْلا أَنِّي لا أَعُودُ فِي شَيْءٍ جَعَلْتُهُ لِلَّهِ لَنَكَحْتُهَا، فَأَنْكَحْتُهَا نَافِعًا، فَهِيَ أَمُّ وَلَدِهِ6. وَقَالَ قُتَيْبَةُ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، ثنا عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ رَقِيقُ عَبْدِ اللَّهِ رُبَّمَا شَمَّرَ أَحَدُهُمْ فَيَلْزَمُ الْمَسْجِدَ فيُعْتِقُهُ، فَيَقُولُونَ لَهُ: إِنَّهُمْ

_ 1 خبر صحيح: الحلية "1/ 303"، السير "3/ 215". 2 خبر صحيح: السير "3/ 215". والمهراس: هو صخرة منقورة يعمل منها حياض الماء. 3، 4 السير "3/ 215". 5 خبر حسن: أخرجه الطبراني كما في المجمع "9/ 347"، وانظر: السير "3/ 216". 6 بنحوه في السير "3/ 218"، الحلية "1/ 296".

يَخْدَعُونَكَ، فيَقُولُ: مَنْ خَدَعَنَا بِاللَّهِ انْخَدَعْنَا لَهُ، وَمَا مَاتَ حَتَّى أَعْتَقَ أَلْفَ إِنْسَانٍ أَوْ زَادَ، وَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً1. الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى الشَّيْبَانِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ كُتُبٌ يَنْظُرُ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى النَّاسِ. الصَّائِغُ صَدُوقٌ، قال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال ابْنُ وَهْبٍ: أنبأ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا أَبِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَاتَبَ غُلامًا لَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَخَرَجَ إِلَى الْكُوفَةَ، فَكَانَ يَعْمَلُ عَلَى حُمُرٍ لَهُ حَتَّى أَدَّى خَمْسَةَ عَشْرَ أَلْفًا، فَجَاءَهُ إنسان فقال: أمجنون أنت ههنا تُعَذِّبُ نَفْسَكَ وَابْنُ عُمَرَ يَشْتَرِي الرَّقِيقَ، وَيُعْتِقُ! ارْجِعْ فَقُلْ لَهُ: قَدْ عَجَزْتُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ: قَدْ عَجَزْتُ وَهَذِهِ صَحِيفَتِي فَامْحُهَا، قَالَ: لا، وَلَكِنْ أَمْحُهَا إِنْ شِئْتَ، فَمَحَاهَا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ، قَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، أَحْسَنْتَ، أَحْسِنْ إِلَى ابْنَيَّ هَذَيْنِ. قَالَ: هُمَا حُرَّانِ. قَالَ: أَحْسِنْ إِلَى أُمَّيْهِمَا. قَالَ: هما حرتان، فَأَعْتَقَ الْخَمْسَةَ2. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَعْطَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر بن عُمَرَ بِنَافِعٍ عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ، فَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ امْرَأَتِهِ فَأَخْبَرَهَا، قَالَتْ: فَمَا تَنْتَظِرُ! قَالَ: فَهَلا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ هُوَ حرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ3. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَنْ يَلْعَنَ خَادِمًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ الْعَ، فَلَمْ يُتِمَّهَا، وَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ لا أُحِبُّ أَنْ أَقُولَهَا4. وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَتَى ابْنُ عمر ببضعة وعشرين ألفًا، فما قَامَ حَتَّى فَرَّقَهَا وَزَادَ عَلَيْهَا5. وَرَوَى بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: إِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَيُقَسِّمُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ ثَلاثِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يَأْتِي عَلَيْهِ شَهْرٌ مَا يَأْكُلُ مزعة من لحم.

_ 1 الحلية "1/ 296". 2 خبر صحيح: السير "3/ 217". 3 خبر صحيح: الحلية "1/ 296". 4 خبر صحيح: أخرجه عبد الرزاق "19533"، وأبو نعيم "1/ 307" في الحلية. 5 الحلية "1/ 296".

وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَمَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ1. وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: اشْتَهَى ابْنُ عُمَرَ الْعِنَبَ فِي مرضه في غير وقته، فجاؤوه بِسَبْعِ حَبَّاتِ عِنَبٍ بِدِرْهَمٍ فَجَاءَ سَائِلٌ، فَأَمَرَ لَهُ بِهِ وَلَمْ يَذُقْهُ2. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ نَافِعٍ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ أَتِيَ بِجَوَارِشَ3 فَكَرِهَهُ وَقَالَ: مَا شَبِعْتُ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا4. وقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ كَانَ يُرْسِلُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِالْمَالِ، فَيَقْبَلُهُ وَيَقُولُ: لا أَسْأَلُ أَحَدًا، وَلا أَرُدُّ مَا رَزَقَنِي اللَّهُ عز وجل5. قلت: والمختار هُوَ أَخُو صَفِيَّةَ زَوْجَةِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ قبيصة، ثنا سفيان، عن أبي الوازع، قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَاكَ اللَّهُ لَهُمْ، فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنِّي لَأَحْسَبُكَ عِرَاقِيًّا، وَمَا يُدْرِيكَ مَا يُغْلِقُ عَلَيْهِ ابْنُ أُمِّكَ بَابَهُ! 6. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنِّي لأَخْرُجُ وَمَا لِي حَاجَةٌ إِلا لأُسَلِّمَ عَلَى النَّاسِ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيَّ. قَالَ مَالِكٌ: كَانَ إِمَامَ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، مَكَثَ سِتِّينَ سَنَةً يُفْتِي النَّاسَ7. وَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ قائمًا يصلي، فلو رَأَيْتَهُ مُقْلَوْلِيًا، وَرَأَيْتُهُ يَفُتُّ الْمِسْكَ فِي الدُّهْنِ يدهن به.

_ 1 خبر صحيح: الحلية "1/ 296". 2 خبر صحيح: أخرجه الطبراني كما في المجمع "9/ 347"، وابن سعد "4/ 158"، وأبو نعيم "1/ 297". 3 الجوارش: المسهل للطعام، والمقوي للمعدة. 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 150"، وأبو نعيم "1/ 300" في الحلية. 5 خبر صحيح: الطبقات الكبرى "4/ 150". 6 خبر حسن: الطبقات الكبرى "4/ 161". 7 تاريخ بغداد "1/ 172" للخطيب.

وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبٍ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لابْنِ عُمَرَ: اقْضِ بَيْنَ النَّاسِ، قال: أوتعفيني يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: فَمَا تَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ أَبُوكَ يَقْضِي؟! قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْعَدْلِ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَفْلِتَ مِنْهُ كَفَافًا"1 فَمَا أَرْجُو بَعْدَ ذَلِكَ؟. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّكَ مَحْبُوبٌ إِلَى النَّاسِ، فَسِرْ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: بِقَرَابَتِي وَصُحْبَتِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالرَّحَمِ الَّتِي بَيْنَنَا، فَلَمْ يُعَاوِدْهُ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعْثَ إِلَيَّ عَلِيٌّ: إِنَّكَ مُطَاعٌ فِي أَهْلِ الشَّامِ، فَسِرْ، فَقَدْ أَمَّرْتُكَ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ وَقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّه وَصُحْبَتِي إِيَّاهُ إِلا مَا أَعْفَيْتَنِي، فَأَبَى عَلِيٌّ، فَاسْتَعَنْتُ عَلَيْهِ بِحَفْصَةَ، فَأَبَى، فَخَرَجْتُ لَيْلا إِلَى مَكَّةَ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَبَعَثَ فِي أَثَرِي، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ حَفْصَةُ: إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى الشَّامِ، إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ3. وَقَالَ مِسْعَرٌ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنَّا وَابْنُ عُمَرَ شَاهِدٌ، قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ أَحَقُّ مِنْكَ مِنْ ضَرَبَكَ عَلَيْهِ وَأَبَاكَ، فَخِفْتُ الْفَسَادَ4. وَرَوَى عِكْرِمَةُ، عَنْ خَالِدٍ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ الْحَكَمَيْنِ فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فليطلع إلى قرنه، فلنحن أحق بهذا الأمر، قَالَ: فَحَلَلْتُ حَبْوَتِي وَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ به من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ الْجَمْعَ وَتُسْفِكُ الدِّمَاءَ، فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الْجِنَانِ5. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَدِمَ أَبُو مُوسَى، وَعَمْرُو لِلتَّحْكِيمِ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: لا أَرَى لِهَذَا الأَمْرِ غَيْرَ عبد الله بن عمر، فقال عمرو

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "1322"، وفيه ابن أبي جميلة، وهو من المجاهيل. 2 خبر ضعيف: السير "3/ 224" فيه ليث بن أبي سليم من الضعفاء. 3 خبر صحيح: السير "3/ 224". 4 الطبقات "4/ 182". 5 خبر صحيح: أخرجه البخاري "7/ 309"، وعبد الرزاق "5/ 465" في مصنفه.

لابْنِ عُمَرَ: أَمَا تُرِيدُ أَنْ نُبَايِعَكَ؟ فَهَلْ لك أن تعطى مالا عظيما، على أن تدع هذا الأمر لمن هو أحرص عليك منه، فَغَضِبَ وَقَامَ، فَأَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّمَا قَالَ: تُعْطَى مَالا عَلَى أَنْ أُبَايِعَكَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أعطي عليها ولا أعطى عليها وَلا أَقْبَلُهَا إِلا عَنْ رِضَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ1. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ نَزَّالٍ الأيْلِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ قَالَ: قَالَ مَرْوَانُ لابْنِ عُمَرَ: أَلا تَخْرُجُ إِلَى الشَّامِ فَيُبَايِعُوكَ؟ قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ؟ قَالَ: تُقَاتِلُهُمْ بِأَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنْ يُبَايِعَنِي النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلا أَهْلَ فدك، وإني أقاتلهم فَقُتِلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنِّي أَرَى فِتْنَةَ تَغْلِي مَرَاجِلُهَا ... وَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا2 قُلْتُ: أَبُو لَيْلَى هُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ فِطْرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ عُمَرَ: مَا أَحَدٌ شَرٌّ لأُمَّةِ مُحَمَّدِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْكَ، قَالَ: وَلِمَ! قَالَ: إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ مَا اخْتَلَفَ فِيكَ اثْنَانِ، قَالَ: مَا أَحَبَّ أَنَّهَا أَتَتْنِي وَرَجُلٌ يَقُولُ: لا، وَآخَرُ يَقُولُ: بَلَى3. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَى الْخَشَبِيَّةِ4 وَالْخَوَارِجِ وَهُمْ يَقْتَتِلُونَ، فَقَالَ: مَنْ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ أَجَبْتُهُ، وَمَنْ قَالَ: حَيَّ عَلَى قَتْلِ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ وَأَخْذِ مَالِهِ، فَلا5. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا بن عُمَرَ فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ أمر هذا الأُمَّةِ مَا وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ أُقَاتِلَ هَذِهِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةِ كَمَا أَمَرَنِي اللَّهُ، فقلنا له: ومن ترى هذه الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ؟ قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ بَغَى عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ، فَأَخْرَجَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَنَكَثَ عَهْدَهُمْ6.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "1/ 293، 294" في الحلية. 2 خبر حسن: السير "3/ 227". 3 خبر حسن: السابق. 4 الخشبية: هم أصحاب الملحد المختار بن أبي عبيد. 5 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 169"، وأبو نعيم "1/ 309" في الحلية. 6 خبر صحيح: السير "3/ 229".

الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ عَيَّاشٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ: مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلا عَلَى ثَلاثٍ: ظَمَأِ الْهَوَاجِرِ، وَمُكَابَدَةِ اللَّيْلِ، وَأنِّي لَمْ أُقَاتِلْ هَذِهِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ الَّتِي نَزَلَتْ بِنَا، يَعْنِي الْحَجَّاجَ1. قُلْتُ: هَذَا ظَنٌّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَإِلا فَهُوَ قَدْ قَالَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَصَابَتِ ابْنَ عُمَرَ عَارِضَةُ الْمَحْمَلِ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ، فَمَرِضَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ، فَلَمَّا رآه ابن عمر أغمض عينيه، قال: فَكَلَّمَهُ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ، فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَقُولُ: إِنِّي عَلَى الضَّرْبِ الأَوَّلِ2. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدِمَ حَاجًّا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ وَقَدْ أَصَابَهُ زُجُّ رُمْحٍ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَكَ؟ قَالَ: أَصَابَنِي مَنْ أَمَرْتُمُوهُ بِحَمْلِ السِّلاحِ فِي مَكَانٍ لا يَحِلُّ فِيهِ حَمْلُهُ3، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ: ثنا خَالِدُ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَرَّفَ كِتَابَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عمر: كذبت كذبت، ما يستطيع لا ذلك وأنت مَعَهُ، فَقَالَ: اسْكُتْ فَإِنَّكَ قَدْ خَرِفْتَ وَذَهَبَ عَقْلُكَ يُوشِكُ شَيْخٌ أن يُضْرَبَ عُنُقَةُ فَيُجَرُّ، قَدِ انْتَفَخَتْ خُصْيَتَاهُ، يَطُوفُ بِهِ صِبْيَانُ أَهْلِ البقيع4. وقال أيوب، وغيره، عن نافع قال: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ، فَحَلَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ لَيَقْتُلَنَّ ابْنَ عُمَرَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ تَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ: إِيها، جِئْتَنَا لِتَقْتُلَ ابْنَ عُمَرَ! قَالَ: وَمَنْ يَقُولُ هَذَا، وَمَنْ يَقُولُ هَذَا. زَادَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: وَاللَّهِ لا أَقْتُلُهُ5. وَقَالَ مَالِكٌ: بَلَغَ ابْنُ عُمَرَ سَبْعًا وَثَمَانِينَ سنة.

_ 1 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 185". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 186". 3 خبر صحيح: أخرجه البخاري "2/ 379"، وابن سعد "4/ 186". 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 184". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 183" وغيره.

قُلْتُ: بَلَغَ أَرْبَعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالْهَيْثَمُ، وَأَبُو نعيم، وابن المديني، وأبو بكر بن شَيْبَةَ، وَأَبُو مُسْهِرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَخَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. قُلْتُ: هَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى عَلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. وَعَنْ نَافِعٍ، وَغَيْرِهِ، أن ابْنَ عُمَرَ أَوْصَى عِنْدَ الْمَوْتِ: ادْفِنُونِي خَارِجَ الْحَرَمِ، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْحَجَّاجِ، قَالَ: فَدَفَنَّاهُ بِفَخٍّ1 فِي مَقْبَرَةِ الْمُهَاجِرِينَ2. زَادَ بَعْضُهُمْ: وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ. 200- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ رَبِيعَةَ3 بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الهاشمي. قال خليف: قُتِلَ بِسِجِسْتَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، كَذَا قَالَ فِي "تَارِيخِهِ". وَقَالَ فِي "الطَّبَقَاتِ": إِنَّ الَّذِي قُتِلَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بِسِجِسْتَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ الْمَخْزُومِيُّ الَّذِي وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. 201- عَبْدُ الله بن عياش بن أبي ربيع عَمْرُو بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْنِ مَخْزُومٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ4. وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَلَهُ رُؤْيَةٌ وَشَرَفٌ، وَكَانَ مِنْ أَقْرَأِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأقْوَمِهِمْ بِهِ. قَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسمع من: عمر، وَأَبِيهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الْحَارِثُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سعيد بن

_ 1 فخ: اسم واد بمكة المكرمة. 2 الطبقات الكبرى "4/ 188". 3 انظر: تاريخ خليفة "277". 4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 144"، وأسد الغابة "3/ 262"، والإصابة "2/ 371".

الْعَاصِ، وَزِيَادُ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ مَوْلاهُ أَيْضًا، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ: ثنا مَالِكٌ، قَالَ نَافِعٌ: سَمِعْتُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ حَدِيثًا لا أَدْرِي عَمَّنْ حَدَّثَ بِهِ قَالَ: "يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لا تَدَعْ أحدًا في قلبه من الخير إِلا أَمَاتَتْهُ" 1. وَقَدْ قَرَأَ عَلَى ابْنِ عَيَّاشٍ الْقُرْآنَ مَوْلاهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحَدُ الْعَشَرَةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُمْسِكُ الْمُصْحَفَ عَلَى مَوْلاهُ عَبْدِ اللَّهِ. وَالَّذِي أَعْتَقِدُ أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بَقِيَ إِلَى هَذَا الزَّمَانِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ كَمَا غَلَطَ بَعْضُهُمْ وَصَحَّفَ سَبْعِينَ بِأَرْبَعِينَ. 202- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ2 بْنِ الأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَلَهُ حَدِيثٌ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ". وَقَدْ وَلاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْكُوفَةِ، فَلَمَّا غَلَبَ عَلَيْهَا الْمُخْتَارُ هَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ وَقَدِمَ مَكَّةَ، فَكَانَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ، وَكَانَ عَلَى قُرَيْشٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ أَيْضًا. الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ: كَيْفَ نَجَوْتَ يَوْمَ الْحَرَّةِ؟ قَالَ: كنا نَقُولُ: لَوْ أَقَامُوا شَهْرًا مَا فَعَلُوا بِنَا شَيْئًا، فلما صنع بنا وَوَلَّى النَّاسُ ذَكَرْتُ قَوْلَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: وَعَلِمْتُ أَنِّي إِنْ أُقَاتِلْ وَاحِدًا ... أُقْتَلْ وَلا يَضْرُرْ عَدُوِّي مَشْهَدِي فَتَوَارَيْتُ، ثُمَّ لَحِقْتُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ قَالَ عِيسَى: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: نَجَا ابْنُ مُطِيعٍ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ، ثُمَّ لَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَنَجَا وَلَحِقَ بِالْعِرَاقِ، وَكَثُرَ عَلَيْنَا فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَلَكِنْ مِنْ رَأْيِي الصَّفْحَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ من قومي3.

_ 1 صح الحديث من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 144"، والاستيعاب "2/ 327"، والبداية "8/ 345". 3 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 146، 147" وفيه الواقدي من الضعفاء.

وعن عامر بن عبد الله بن الزبير قَالَ: اسْتَعْمَلَ أَبِي عَلَى الْكُوفَةِ ابْنَ مُطِيعٍ. وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَقَدِمَ الْمُخْتَارُ الْكُوفَةَ، وَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، فَهَرَبَ ابْنُ مُطِيعٍ مِنَ الْكُوفَةِ، وَلَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَانَ مَعَهُ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ قَبْلَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِيَسِيرٍ فِي الْحِصَارِ، أَصَابَهُ حَجَرُ الْمَنْجَنِيقِ فَقَتَلَهُ بِمَكَّةَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ فِي عَشْرِ السَّبْعِينَ. 203- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمَّامٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلُولِيُّ1 الْكُوفِيُّ، أَحَدُ الشُّعَرَاءِ الْفُصَحَاءِ. مَدَحَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ أَنْ هَجَاهُ لَمَّا استُخْلِفَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَبْيَاتٍ: شَرِبْنَا الْغَيْظَ حَتَّى لَوْ سُقِينَا ... دِمَاءَ بَنِي أُمَيَّةَ مَا رَوِينَا وَلَوْ جَاءُوا بِرَمْلَةَ أَوْ بهِنْدِ ... لَبَايَعْنَا أَمِيرَةَ مُؤْمِنِينَا 204- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى –ع- الخزاعي مَوْلَى نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ2. اسْتَنَابَهُ نَافِعٌ عَلَى مَكَّةَ حِينَ انْتَقَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عُسْفَانَ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ قَالَ: ابْنُ أَبْزَى، وَقَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ سَكَنَ الْكُوفَةَ وَوَلِيَهَا مِرَّةً. وَلَهُ صُحْبَةٌ ورواية، وروى أيضا عن: أبي بكر، وعمر، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَمَّارٍ. روى عنه: ابناه سعيد، وعبد الله، والشعبي، وعلقمة بن مرثد، وأبو إسحاق السبيعي، وجماعة. وذكر ابن الأثير أن عَلِيًّا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى خُرَاسَانَ. وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ قَالَ: ابْنُ أَبْزَى مِمَّنْ رَفَعَهُ اللَّهُ بِالْقُرْآنِ. 205- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ3 –ع- الْهُذَلِيُّ الْكُوفِيُّ. تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَقَدْ حَفِظَ عَنْ أَبِيهِ شَيْئًا. وَرَوَى عَنْ: علي، والأشعث بن قيس، ومسروق، وغيرهم.

_ 1 انظر: طبقات الشعراء "2/ 625"، خزانة الأدب "3/ 638". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 462"، والاستيعاب "2/ 417"، والإصابة "2/ 388". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 181"، والتهذيب "6/ 215، 216".

روى عنه: ابناه القاسم ومعن وهما علواء الْكُوفَةِ وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْ لا هُوَ وَلا أَخُوهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ أَبِيهِمَا شيئًا. قلت: وحدثه في الصحيحين عن مسروق وحديثة في السنين الأربعة عن أبيه وهو قليل الحديث. 206- عبد الرحمن بن عبد القاري –ع- المدني1. وَالْقَارَّةُ وَعَضَلٌ أخَوَانِ مِنْ ذُرِّيَّةِ مُدْرِكَةِ بْنِ إلياس. قال أبو داود: لأتى بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو صغير، قلت: روى عن عمر والي طلحة بن زيد بن سطل وأبي أيوب خالد بن زيد. وروى عنه: عروة وعبيد الله بن عبد اللَّهِ وَالأَعْرَجُ وَالزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَعَاشَ ثَمَانِيًا وَسَبْعِينَ سنة، توفي سنة ثمانين، وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ الْكِبَارِ. 207- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عثمان –م د ن-بن عبيد الله القرشي2 التيمي، ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، أَسْلَمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقِيلَ: يَوْمَ الْفَتْحِ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عَمِّهِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ، وَعُثْمَانُ، وَمُعَاذُ، وَهِنْدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: شَارِبُ الذَّهَبِ. وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْمِيِّ. قُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ. 208- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسيلة3 أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيُّ الصُّنَابِحِيُّ نَزِيلُ الشَّامِ. هَاجَرَ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ قدومه بخمس أو ست ليال.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 57"، وأسد الغابة "3/ 307"، والسير "4/ 14، 15". 2 انظر: الاستيعاب "2/ 404"، الإصابة "2/ 410". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 509"، والاستيعاب "2/ 426"، والبداية "8/ 323".

وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَمُعَاذٍ، وَبِلالٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ، وَمَكْحُولٌ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ، وَمَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ صَالِحًا، عَارِفًا، كَبِيرَ الْقَدْرِ. قَالَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَهْ، لِمَ تَبْكِي، فَوَاللَّهِ لَئِنِ اسْتُشْهِدْتُ لأَشْهَدَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ شُفِّعْتُ لأَشْفَعَنَّ لَكَ، وَلَئِنِ اسْتَطَعْتَ لأَتَّبِعَنَّكَ. ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلا حَدَّثْتُكُمُوهُ، إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا، وَسَوْفَ أُحَدِّثُكُمُوهُ فِي الْمَوْتِ وَقَدْ أُحِيطَ بِنَفْسِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ" 1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ: مَا فَاتَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلا بِخَمْسِ لَيَالٍ، قُبِضَ وَأَنَا بِالْجُحْفَةِ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، وَأَصْحَابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوافرون، فَسَأَلْتُ بِلالا عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَلَمْ تُعْتِمْ. فقال: لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ2. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ثنا رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: كُنَّا عِنْدِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَأَقْبَلَ الصُّنَابِحِيُّ، فَقَالَ عُبَادَةُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إلى رجل كأنما زقي بِهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ فَعَمِلَ عَلَى مَا رَأَى فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ الصُّنَابِحِيُّ أَدْرَكَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، يَرْوِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: وَعَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ يَرْوِي عَنْهُ الْمَدَنِيُّونَ، يُشْبِهُ أن يكون له صحبة. وقال علي بن الْمَدِينِيِّ: الَّذِي رَوَى عَنْهُ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ فِي الْحَوْضِ هُوَ الصُّنَابِحُ بْنُ الأَعْسَرِ الأَحْمَسِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ الرحمن بن عسيلة

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "الإيمان/ 47"، والترمذي "2638" والنسائي "7/ 76"، وأحمد "5/ 318". 2 أخرجه ابن سعد "7/ 510" ويخشى من عنعنة ابن إسحاق، إمام المغازي.

الصُّنَابِحِيُّ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: هَؤُلاءِ الصُّنَابِحِيُّونَ إِنَّمَا هُمُ اثْنَانِ فَقَطْ: الصُّنَابِحُ الْأَحْمَسِيُّ، وَهُوَ: الصُّنَابِحُ بْنُ الأَعْسَرِ، فَمَنْ قَالَ: الصُّنَابِحِيُّ فِيهِ فَقَدْ أَخْطَأَ، يَرْوِي عَنْهُ الْكُوفِيُّونَ، قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَغَيْرُهُ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ الصُّنَابِحِيُّ، يَرْوِي عَنْهُ أَهْلُ الْحِجَازِ وَأَهْلُ الشَّامِ، دَخَلَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثَلاثِ أَوْ أَرْبَعِ لَيَالٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَبِلالٍ، وَأَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَمَنْ قَالَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيُّ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَمَنْ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَجَعَلَ كُنْيَتَهُ اسْمَهُ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ. 209- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ1 نَزِيلُ فِلَسْطِينَ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو سَلامٍ مَمْطُورٌ الْحَبَشِيُّ الأَسْوَدُ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمَكْحُولٌ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، بَعَثَهُ عُمَرُ إِلَى الشَّامِ يُفَقِّهُ النَّاسَ. وَكَانَ أَبُوهُ مِمَّنْ هَاجَرَ مَعَ أَبِي مُوسَى. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ. قُلْتُ: وَخَرَّجَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ لَهُ أَحَادِيثُ، وَهِيَ مَرَاسِيلُ فِيمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ. وَذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فِي الصَّحَابَةِ. وَذُكِرَ عَنِ اللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيعَةَ أَنَّهُمَا قَالا: له صحبة.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 441"، والسير "4/ 45"، والإصابة "3/ 97".

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: وَبِفِلَسْطِينَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ، وَهُوَ رَأْسُ التَّابِعِينَ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ، وَخَلِيفَتُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. 210- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ1 أَبُو حَاتِمٍ الثَّقَفِيُّ الأَمِيرُ، ابْنُ صَاحِبِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمِيرُ سِجِسْتَانَ. وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَكَانَ أَحَدَ الْكِرَامِ الأَجْوَادِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ ثَلاثِ وَخَمْسِينَ عُزِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ سِجِسْتَانَ، وَكَانَ قَدْ وَلِيَهَا فِي سَنَةِ خَمْسِينَ، ثُمَّ وَلِيَهَا فِي إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ. كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ أَسْوَدَ اللَّوْنِ. قَالَ أَبُو هِلالٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ رَأَيْنَاهُ يَتَوَضَّأُ بِالْبَصْرَةِ هَذَا الْوُضُوءِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، فَقُلْتُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْحَبَشِيُّ يَلُوطُ إِسْتَهُ، يَعْنِي يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ. وقال أحمد العجلي: وهو تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ، عَنْ مُؤَرِّجٍ قَالَ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ مِنَ الأَجْوَادِ، فَاشْتَرَى جَارِيَةً يَوْمًا بِمَالٍ عَظِيمٍ، فَطَلَبَ دَابَّةً تُحْمَلُ عَلَيْهَا، فَجَاءَ رجل فنزل عن دابته، فحملها عليها، وقال لَهُ: اذْهَبْ بِهَا إِلَى مَنْزِلِكَ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ يُنْفِقُ عَلَى جِيرَانِهِ، يُنْفِقُ عَلَى أَرْبَعِينَ دَارًا عَنْ يَمِينِهِ، وَأَرْبَعِينَ عَنْ يَسَارِهِ، وَأَرْبَعِينَ أمامه، وأربعين ورائه، سَائِرُ نَفَقَاتِهِمْ، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ بِالتُّحَفِ وَالْكِسْوَةِ وَيُزَوِّجُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمُ التَّزْوِيجَ، وَيُعْتِقُ فِي كُلِّ عيد مائة عبد.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 190"، السير "4/ 138".

وَرَوَى قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَجَّهَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ أَصَابَتْنِي عِلَّةٌ، فَوُصِفَ لِي لَبَنُ الْبَقَرِ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِسَبْعِمِائَةِ بَقَرَةً وَرُعَاتِهَا. وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بن محارب؟ وذكره الكلبي؟ أنه يَزِيدَ بْنَ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيَّ قَدِمَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ بِسِجِسْتَانَ، فَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسِينَ أَلْفًا، فَانْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ: يُسَائِلُنِي أَهْلُ الْعِرَاقِ عَنِ النَّدَى ... فَقُلْتُ: عُبَيْدُ اللَّهِ حِلْفُ الْمَكَارِمِ فَتَى حَاتِمِيٍّ فِي سِجِسْتَانَ دَارُهُ ... وَحَسْبُكَ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ كَحَاتِمِ سَمَا لِبِنَاءِ الْمَكْرُمَاتِ فَنَالَهَا ... بِشِدَّةِ ضِرْغَامٍ وَبَذْلِ الدَّرَاهِمِ وقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ بِسِجِسْتَانَ. 211- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ الْقُرَشِيُّ1 الْعَامِرِيُّ الْحِجَازِيُّ، أَحَدُ الشُّعَرَاءِ الْمُجَوِّدِينَ. مَدَحَ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي أَيَّامِ عُمَرَ. وَهُوَ الْقَائِلُ: خَلِيلَيَّ مَا بَالُ الْمَطَايَا كَأَنَّهَا ... نَرَاهَا عَلَى الْأَدْبَارِ بِالْقَوْمِ تَنْكُصُ الأَبَيْاتُ الْمَشْهُورَةُ. وَقِيلَ لِأَبِيهِ: قَيْسُ الرُّقَيَّاتِ؛ لِأَنَّ لَهُ جَدَّاتٍ عِدَّةً يُسَمَّيْنَ رُقَيَّةَ. 212- عُبَيْدُ بْنِ نُضَيْلَةَ –م 4- أبو معاوية الخزاعي2 الكوفي المقرئ، مُقْرِئُ أَهْلِ الْكُوفَةِ. سَمِعَ: الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، ومسروقًا، وعبيد السَّلْمَانِيَّ، وَأَرْسَلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ على علقمة. قرأ عليه: حمران بن أعين، ويحيى بن وثاب، وروى عنه: إبراهيم النخعي، وأشعث بن سليم، والحسن العرني.

_ 1 انظر: الشعر والشعراء "2/ 450"، والبداية "8/ 328". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 117"، والتاريخ الكبير "6/ 5".

قيل: إنه توفي في ولاية بشر بن مروان العراق، وكان مقرئ أهل الكوفة في زمانه، ويقال: قَرَأَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ الْكِسَائِيِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، قُلْتُ: فَيَحْيَى عَلَى مَنْ قَرَأَ؟ قَالَ: عَلَى عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ، وَقَرَأَ عُبَيْدٌ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ. 213- عُبَيدُ بْنُ عُمَيْرِ1 بْنِ قَتَادَةَ أَبُو عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ الْجُنْدَعِيُّ الْمَكِّيُّ الْوَاعِظُ الْمُفَسِّرُ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي مُوسَى، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِيهِ عُمَيْرٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ، وَكَانَ ثِقَةً إِمَامًا. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَصَّ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ2. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لَهُ: خَفِّفْ فَإِنَّ الذِّكْرَ ثَقِيلٌ، تَعْنِي إِذَا وَعَظْتَ3. وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ: رَأَيْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى قَفَاهُ، وَلِحْيَتُهُ صَفْرَاءُ. تُوُفِّيَ قَبْلَ وَفَاةِ ابْنِ عُمَرَ بِيَسِيرٍ، وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. 214- عَبِيدَةُ بْنُ عَمْرٍو السَّلْمَانِيُّ4 الْمُرَادِيُّ، من سَلْمَانَ بْنِ نَاجِيَةَ بْنِ مُرَادٍ. كَانَ أَحَدَ الفقهاء الكبار بالكوفة.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 463"، والاستيعاب "2/ 441"، أسد الغابة "3/ 353". 2 الطبقات الكبرى "5/ 463". 3 خبر صحيح: الطبقات الكبرى "5/ 463". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 93"، أسد الغابة "3/ 356"، البداية "8/ 328".

أَسْلَمَ زمَنَ الْفَتْحِ، وَلَمْ يَلْقَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَذَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعيُّ، وَالشَّعْبيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، وَأَبُو حَسَّانٍ مُسْلِمُ الأَعْرَجُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ عَبيدَةُ يُوَازِي شُرَيْحًا فِي الْقَضَاءِ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ عَبِيدَةُ أَعْوَرَ، وَكَانَ أَحَدَ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِينَ يُفْتُونَ وَيُقْرِئُونَ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا كَانَ أَشَدَّ تَوَقِّيًا مِنْ عَبِيدَةَ. وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ مُكْثِرًا عَنْ عَبِيدَةَ. هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: سَمِعْتُ عَبِيدَةَ يَقُولُ: أَسْلَمْتُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَنَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ وَلَمْ أَلْقَهُ. هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الأَشْرِبَةِ، فَمَا لِي شَرَابٌ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً إِلا الْعَسَلُ وَاللَّبَنُ وَالْمَاءُ. هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ: قُلْتُ لِعَبِيدَةَ: إِنَّ عِنْدَنَا مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَسٍ، فَقَالَ: لأَنْ يَكُونَ عِنْدِي مِنْهُ شَعْرةٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ1. تُوُفِّيَ عَلَى الصَّحِيحِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: كُنْيَتُهُ أَبُو مُسْلِمٍ، وَأَبُو عَمْرٍو. 215- الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ2 أَبُو نَجِيحٍ السُّلَمِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَحَدُ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ الَّتِي بِمَسْجِدِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ البكائين الذين نَزَلَ فِيهِمْ {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} [التوبة: 92] الآيَةَ. سَكَنَ حِمْصَ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي عبيدة.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 95". 2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 276"، والحلية "2/ 113"، والسير "3/ 419".

رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو رُهْمٍ السَّمَاعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي الْمُطَاعِ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَالْمُهَاجِرُ بْنُ حَبِيبٍ، وَحُجْرُ بْنُ حُجْرٍ، وَحَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثنا سَعِيدُ بن أَيُّوبَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُقْبَضَ، فَكَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي وَوَهَنَ عَظْمِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا يَوْمًا فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ أُصَلِّي وَأَدْعُو أَنْ أُقْبَضَ إِذَا أَنَا بِفَتًى شَابٍّ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَعَلَيْهِ دُوَّاجٍ أَخْضَرَ1، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي تَدْعُو بِهِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ أدعو يا بن أَخِي؟ قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ حَسِّنِ الْعَمَلَ وَبَلِّغِ الأَجَلَ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَنَا رَتَبَايِيلُ الَّذِي يَسِلُّ الْحُزْنَ مِنْ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ الْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا2. وَقَالَ إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ وَلَهُ اسْمٌ لا يُحِبُّهُ غَيَّرَهُ، وَلَقَدْ أَتَيْنَاهُ وَإِنَّا لَسَبْعَةٌ من بني سليم، أكبرنا العرباض بن سارية، فَبَايَعْنَاهُ3. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا أَبُو بَكْر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: لَوْلا أَنْ يُقَالَ: فَعَلَ أَبُو نَجِيحٍ لأَلْحَقْتُ مَالِي سُبُلَهُ، ثُمَّ لَحِقْتُ وَادِيًا مِنْ أَوْدِيَةِ لُبْنَانَ، فَعَبَدْتُ اللَّهَ حَتَّى أَمُوتَ4. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ: سَمِعْتُ عُمَرَ أَبَا حَفْصٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ: أَعْطَى مُعَاوِيَةُ الْمِقْدَامَ حِمَارًا مِنَ الْمَغْنَمِ، فَقَالَ لَهُ الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ: مَا كَانَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ، وَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَكَ، كَأَنِّي بِكَ فِي النَّارِ تَحْمِلُهِ عَلَى عُنُقِكَ، فَرَدَّهُ5. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.

_ 1 داوج أخضر: نوع من الثياب. 2 السير "3/ 421". 3 حديث حسن: أخرجه الطبراني كما في "المجمع" "8/ 51، 52". 4 الطبقات الطبرى "4/ 276". 5 السير "3/ 422".

216- عَطِيَّةُ بْنُ بُسْرٍ الْمَازِنِيُّ1 –ت- أَخُو عَبْدِ اللَّهِ، وَلَهُمَا صُحْبَةٌ. ذُكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهِمَا فَقَدَّمَا لَهُ تمرًا وزبدًا، وكان يحب الزبد. قال صَدَقَةُ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ ابْنَيْ بُسْرٍ وَلَمْ يُسَمِّهِمَا. 217- عَطِيَّةُ السعدي –د ت ق- بن عروة، وَيُقَالُ: ابْنُ سَعْدٍ، وَيُقَالُ: ابْنُ عَمْرِو بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الْقَيْنِ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَنَزَلَ الْبَلْقَاءَ بِالشَّامِ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ بِالْبَلْقَاءِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ أَبُو عُرْوَةَ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ. قَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الْيَدُ الْمُعْطِيَةُ خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السفلى" 2. 218- عقبة بن صهبان –خ م د ق- الأزدي البصري3. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَعِيَاضِ بْنِ عَمَّارٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ، وَقَتَادَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ وِلايَةِ الْحَجَّاجِ عَلَى الْعِرَاقِ، قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً. 219- عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ –ع- الليثي العتواري المدني4. جَدُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ. سَمِعَ: عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَمْرٌو، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وكان قليل الرواية.

_ 1 انظر: الاستيعاب "3/ 145"، الإصابة "2/ 484"، البداية "8/ 328". 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 226"، وله شواهد. 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 146"، والجرح والتعديل "6/ 312". 4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 60"، والاستيعاب "3/ 126"، وأسد الغابة "4/ 15".

220- عمارة بن رؤيبة -م د ت ن- الثقفي1. صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ، كُنْيَتُهُ أَبُو زُهَيْرَةَ. رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَارَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَهُوَ الَّذِي رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ يَخْطُبُ رَافِعًا يَدَيْهِ، فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. 221- عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ2 بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالٍ، أَبُو حَفْصٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، رَبِيبُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ خَطَأٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْلِدَهُ قَبْلُ. وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَتَيْنِ. قُلْتُ: لَمَّا تُوُفِّيَ وَالِدُهُ أَبُو سَلَمَةَ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْلادٍ: عُمَرُ، وَهُوَ الأَكْبَرُ فِيمَا أَرَى، وَسَلَمَةُ، وَزَيْنَبُ، وَدُرَّةُ، وَقَدْ تَزَوَّجَ عُمَرُ، وَاسْتَفْتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، وَقَدْ تَزَوَّجَ نَبِيُّ اللَّهِ بِأُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَوَرَدَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي زَوَّجَ أُمَّهُ3، وَأنَّهُ كَانَ صَبِيًّا مُمَيِّزًا. وَكَانَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي أُطُمِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ مَعَ النِّسَاءِ، فَكَانَ يَحْمِلُ ابْنَ الزُّبَيْرِ لِيَنْظُرَ، فَهَذِهِ الأَشْيَاءُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَوْلِدَهُ قَبْلَ عَامِ الْهِجْرَةِ وَلا بُدَّ. وَكَانَ عِنْدَ أُمِّهِ أمِّ سَلَمَةَ، وَعَلَّمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "يَا بُنَيَّ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ" 4. وروى عن أمه.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 40"، والاستيعاب "3/ 20"، وأسد الغابة "4/ 49". 2 انظر: الاستيعاب "2/ 474"، أسد الغابة "4/ 79"، والتهذيب "7/ 455". 3 حديث صحيح: أخرجه النسائي "6/ 81". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 458"، ومسلم "2022"، وأبو داود "3787"، والترمذي "1858".

رَوَى عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَابْنُ الُمُسَيِّبُ، وَوَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، وَقُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَأَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمَّهُ مِنَ الرَّضَاعِ1. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ. ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ الْأَثِيرِ قَدْ وَرَّخَ مَوْتَهُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ، فَيُؤَخَّرُ. 222- عَمْرُو بْنُ أَخْطَبَ –م 4- أبو زيد الأنصاري2 الخزرجي الأعرج. غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاثَ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ" 3 فَبَلَغَ مِائَةَ سَنَةٍ، وَلَمْ يَبْيَضَّ مِنْ شَعْرِهِ إِلا الْيَسِيرُ. نَزَلَ الْبَصْرَةَ وَلَهُ بِهَا مَسْجِدٌ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ بَشِيرٌ، وَيَزِيدُ الرِّشْكُ، وعلباء بْنُ أَحْمَرَ، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. 223- عَمْرُو بْنُ الأَسْوَدِ4 وَيُقَالُ: عُمَيْرُ بْنُ الأَسْوَدِ، أَبُو عِيَاضٍ الْعَنْسِيُّ الْحِمْصِيُّ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ سَكَنَ دَارَيَّا، وَقِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مِنْ كِبَارِ تَابِعِيِّ الشَّامِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأُمِّ حَرَامِ بِنْتِ ملحان، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَأَبُو رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ سَيْفٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنَ سُمَيْعٍ: عَمْرُو بْنُ الأَسْوَدِ هُوَ عُمَيْرُ بْنُ الأَسْوَدِ، يُكَنَّى أَبَا عِيَاضٍ. قُلْتُ: وَحَدِيثُهُ فِي صَحِيحُ البخاري في الجهاد: عمير بن الأسود.

_ 1 السير "3/ 408". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 28"، والاستيعاب "2/ 524"، وأسد الغابة "4/ 190". 3 حديث حسن: أخرجه ابن سعد "7/ 28"، وأحمد "5/ 77، 341"، والترمذي "3629". 4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 442"، السير "4/ 79"، الإصابة "3/ 120".

وقال أحمد في مسنده: ثنا أَبُو الْيَمَانِ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ، وَحَكَى ابْنُ عُمَيْرٍ قَالا: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلينظر إلى هَدْيِ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ"1، رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ضَمْرَةَ فَقَطْ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى عُمَرَ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا بَقِيَّةُ، عَنْ أَرْطَأَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنِي زُرَيْقٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الألهاني، أن عمرو بن الأسود قدم المدينة، فرآه ابن عمر يصلي، فقال: من سره أن ينظر إلى أشبه الناس صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلينظر إلى هَذَا، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ بِقِرًى وَعَلَفٍ وَنَفَقَةٍ. فَقَبِلَ الْقِرَى وَالْعَلَفَ وَرَدَّ النَّفَقَةَ، فقال بن عُمَرَ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَفْعَلُ ذَلِكَ2. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوهِيُّ. أنا الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنبأ أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْقَاضِي قَالُوا: نا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُسْلِمَةِ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، ثنا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بن العلاء الحمصي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سعيد، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود العنسي أنه كان إذا خرج إلى المسجد قبض بيمينه على شماله، فسأل عن ذلك، فقال: مخافة أن تنافق يدي3. قُلْتُ: لِئَلا يَخْطُرَ بِهَا فِي مِشْيَتِهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ يَدَعُ كَثِيرًا مِنَ الشَّبَعِ مَخَافَةَ الْأَشَرِ. 224- عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ الْقُرَشِيُّ4 الْمَخْزُومِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ بِالْكُوفَةَ. قُلْتُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سنة خمس وثمانين.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 18، 19"، وأبو نعيم "5/ 156" في الحلية. 2 خبر ضعيف: السير "4/ 80" فيه عنعنة بقية، وهو من المدلسين. 3 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 156" في الحلية. 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 23"، الاستيعاب "2/ 515"، السير "3/ 417".

225- عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ1 بْنُ فَرْقَدٍ السُّلَمِيُّ الْكُوفِيُّ الزَّاهِدُ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسُبَيْعَةَ الأسلمية. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَحَوْطُ بْنُ رَافِعٍ الْعَبْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ الْهَمْدَانِيُّ، لَكِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يَرْعَى رِكَابَ أَصْحَابِهِ وَغَمَامَةً تُظِلُّهُ، وَكَانَ يُصَلِّي وَالسَّبُعُ يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ يَحْمِيهِ2. وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: قَالَ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقدٍ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلا تُعِينَنِي عَلَى ابْنِي؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا عَمْرُو، أَطِعْ أَبَاكَ. فَقَالَ: يَا أَبَهْ، إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ أَعْمَلُ فِي فِكَاكِ رَقَبَتِي فَدَعْنِي، فَبَكَى أَبُوهُ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي لَأُحِبُّكَ حُبَّيْنِ، حُبًّا لِلَّهِ، وَحُبَّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، قَالَ: يَا أَبَهْ إِنَّكَ كُنْتَ أتَيْتَنِي بِمَالٍ بَلَغَ سَبْعِينَ أَلْفًا، فَإِنْ أَذِنْتَ لِي أَمْضَيْتُهُ. قَالَ: قَدْ أَذِنْتُ لَكَ، فَأَمْضَاهُ حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُ دِرْهَمٌ3. وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: قَامَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يُصَلِّي، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} [غافر: 18] الآيَةَ. فَبَكَى حَتَّى انْقَطَعَ، ثُمَّ قَعَدَ، فَعَلَ ذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحَ. وَيُرْوَى أَنَّ حَنَشًا جَاءَهُ فِي الصَّلاةِ، فَالْتَفَّ عَلَى رِجْلِهِ، فَلَمْ يَتْرُكْ صَلاتَهُ4. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ يَخْرُجُ عَلَى فَرَسِهِ لَيْلا، فَيَقِفُ عَلَى القبور، فيقول: يا أهل الْقُبُورِ قَدْ طُوِيَتِ الصُّحُفُ، وَقَدْ رُفِعَتِ الأَعْمَالُ، ثُمَّ يَبْكِي وَيَصُفُّ قَدَمَيْهِ حَتَّى يُصْبِحَ فَيَرْجعُ فَيَشْهَدُ صَلاةَ الصُّبْحِ5. رَوَاهَا النَّسَائِيُّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي السُّنَنِ، وعيسى لم يدرك عمرًا.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 206"، التهذيب "8/ 75"، الحلية "4/ 155". 2 الحلية "4/ 157". 3 إسناده ضعيف: الحلية "4/ 156" فيه عنعنة الأعمش. 4 الحلية "4/ 158". 5 خبر حسن: أخرجه ابن المبارك "29" في الزهد.

وَعَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يُفطِرُ عَلَى رَغِيفٍ وَيَتَسحَّرُ بِرَغِيفٍ1. وَقَالَ فُضَيْلٌ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ: سَأَلْتُ اللَّهَ ثَلاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَأَنَا أَنْتَظِرُ الثَّالِثَةَ: سَأَلْتُهُ أَنْ يُزَهِّدَنِي فِي الدُّنْيَا فَمَا أُبَالِي مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُقَوِّيَنِي عَلَى الصَّلاةِ فَرَزَقَنِي مِنْهَا، وَسَأَلْتُهُ الشَّهَادَةَ، فَأَنَا أَرْجُوهَا2. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: خَرَجْنَا وَمَعَنَا مَسْرُوقٌ، وَعَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ، وَمِعْضَدٌ الْعِجْلِيُّ غَازِينَ، فَلَمَّا بَلَغْنَا مَاسَبَذَانَ، وَأَمِيرُهَا عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ، فَقَالَ لَنَا ابْنُهُ عَمْرُو: إِنَّكُمْ إِنْ نَزَلْتُمْ عَلَيْهِ صَنَعَ لَكُمْ نُزُلا، وَلَعَلَّ أَنْ تَظْلِمُوا فِيهِ أَحَدًا، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ قُلْنَا فِي ظِلِّ هَذِهِ الشَّجَرَةِ وَأَكَلْنَا مِنْ كَسْرِنَا، ثُمَّ رُحْنَا، فَفَعَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا الأَرْضَ قَطَعَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ جُبَّةً بَيْضَاءَ فَلَبِسَهَا فَقَالَ: وَاللَّهِ إنْ تَحَدَّرَ الدَّمُ عَلَى هَذِهِ لَحَسَنٌ، فَرَمَى، فَرَأَيْتُ الدَّمَ يَنْحَدِرُ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ3. وقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ دَخَلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ عَلَى أُخْتِهِ، فَقَالَ: أخبرينا عَنْهُ، فَقَالَتْ: قام ذات ليلة فاستفتح سورة "حم" فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غافر: 18] فَمَا جَاوَزَهَا حَتَّى أَصْبَحَ4. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَحِكَايَةٌ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَهُوَ فِي طَبَقَةِ أَبِي وَائِلٍ، وَشُرَيْحٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوقٍ، وَالْقُدَمَاءِ من حيث الوفاة. أما أبو عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ فَمِنْ أَشْرَافِ بَنِي سُلَيْمٍ، شَهِدَ فَتْحَ خَيْبَرَ فِيمَا قِيلَ، وَصَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَلِيَ إِمْرَهَ الْمَوْصِلِ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَلَهُ بِهَا مَسْجِدٌ مَعْرُوفٌ وَدَارٌ، وَلا أَعْلَمُ لِعُتْبَةَ رِوَايَةً. 226- عَمْرُو بْنُ عثمان -ع- بْنِ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ5 بْنِ أُمَيَّةَ القرشي الأموي.

_ 1 الحلية "4/ 157". 2 السابق "4/ 155، 156". 3 الحلية "4/ 155". 4 الحلية "4/ 155". 5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 150"، السير "4/ 353".

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الُمَسيِّبِ، وَأَبُو الزِّنَادِ. تُوُفِّيَ فِي حُدُودِ الثَّمَانِينَ، وَكَانَ زَوْجَ رَمْلَةَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ. 227- عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ1 الأَوْدِيُّ الْمَذْحِجِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَلَمْ يَلْقَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمَ الشَّامَ مَعَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، ثُمَّ نَزَلَ الْكُوفَةَ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخَرُونَ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. قَالَ أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ، عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ2. وَفِي الْمُسْنَدِ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاذٌ الْيَمَنَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الشِّحْرِ، رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، أَجَشَّ الصَّوْتِ، فَأُلْقِيَتْ عَلَيْهِ مَحَبَّتِي، فَمَا فَارَقْتُهُ حَتَّى حَثَوْتُ عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى أَفْقَهِ النَّاسِ بَعْدَهُ، فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ3، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: رَأَيْتُ قِرْدَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: حَجَّ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ سِتِّينَ ما بين حجة وعمرة.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 117"، السير "4/ 158". 2 إسناده ضعيف: فيه عنعنة أبي إسحاق، وهو من المدلسين. 3 حديث حسن: أخرجه أحمد "5/ 231، 232"، وأبو داود "432".

وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: لَمَّا كَبِرَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أُوتِدَ لَهُ فِي الْحَائِطِ، وَكَانَ إِذَا سُئِمَ مِنَ الْقِيَامِ أَمْسَكَ بِهِ، أَوْ يَرْبِطُ حَبْلا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ إِذَا رُؤِيَ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، وَسُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ الْتَقَيَا، فَاعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. 228- عُمَيْرُ بْنُ جُرْمُوزٍ الْمُجَاشِعِيُّ1 قَاتَلَ حواريّ رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، قتله تقربًا بذلك إلى علي، وقال: لَمَّا جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ "بَشِّرْ قَاتِلَ الزُّبَيْرِ بِالنَّارِ"2، فَنَدِمَ وَسُقِطَ فِي يَدِهِ، وَبَقِيَ كَالْبَعِيرِ الأَجْرَبِ، كُلُّ يَتَجَنَّبَهُ وَيُهَوِّلُ عَلَيْهِ مَا صَنَعَ، وَرَأَى مَنَامَاتٍ مُزْعِجَةً. وَلَمَّا وَلِيَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِمْرَةَ الْعِرَاقِ خَافَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ، ثُمَّ جَاءَ بِنَفْسِهِ إِلَى مُصْعَبٍ وَقَالَ: أَقِدْنِي بِالزُّبَيْرِ، فَكَاتَبَ أَخَاهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَى مُصْعَبٍ: أَنَا أَقْتُلُ ابْنَ جُرْمُوزٍ بِالزُّبَيْرِ! وَلا بِشِسْعِ نَعْلِهِ أَقْتُلُ أَعْرَابِيًّا بِالزُّبَيْرِ، خَلِّ سَبِيلَهُ، فَتَرَكَهُ، فَكَرِهَ الْحَيَاةَ لِذَنْبِهِ، وَأَتَى بَعْضَ السواد، وهنالك قَصْرٌ عَلَيْهِ زُجٌّ فَأَمَرَ إِنْسَانًا أَنْ يَطْرَحَهُ عَلَيْهِ، فَطَرَحَهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ. 229- عُمَيْرُ بْنُ ضَابِئٍ الْبُرْجُمِيُّ3 مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ. اتَّهَمَهُ الْحَجَّاجُ بِأَنَّهُ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، فَقَتَلَهُ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَا دَخَلَ أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ فِي سَنَةِ خمس. 230- عمير بن آبِيُّ اللَّحْمِ4 -م 4- لَهُ صُحْبَةٌ، شَهِدَ خَيْبَرَ مَعَ مَوْلاهُ، وَحَفِظَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 110"، والإصابة "1/ 528". 2 حديث ضعيف: انظر البداية "7/ 250". 3 انظر: تاريخ الطبري "4/ 318، 404"، "6/ 207-210". 4 انظر: الإصابة "3/ 38"، والتهذيب "8/ 151".

رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَيَزِيدُ بن أبي عبيد، ويزيد ابن عبد الله بن الهاد، ومحمد بن زيد بْنُ الْمُهَاجِرِ، عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ. 231- عَمِيرَةُ بْنُ سَعْدٍ الشِّبَامِيُّ الْهَمْدَانِيُّ1. سَمِعَ عَلِيًّا. وَعَنْهُ: طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَعِرَارُ بْنُ سُوَيْدٍ. يُكَنَّى أَبَا السَّكَنِ. 232- عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ2 الأَشْجَعِيُّ الْغَطَفَانِيُّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. شَهِدَ الْفَتْحَ، وَلَهُ أَحَادِيثُ. وَعَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، وَالشَّعْبيُّ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَشَدَّادُ أَبُو عَمَّارٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَآخَرُونَ. وَشَهِدَ غَزْوَةَ مُؤْتَةَ. قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ: نا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ سَيْفًا مِنَ السَّمَاءِ تُدَلَّى، وَأَنَّ النَّاسَ تَطَاوَلُوا، وَأَنَّ عُمَرَ فَضَّلَهُمْ بِثَلاثَةِ أَذْرُعٍ. قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ خَلِيفَةٌ مِنْ خُلَفَاءِ اللَّهِ، وَلا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ شَهِيدًا قَالَ: فَقَصَصْتُهَا عَلَى الصِّدِّيقِ، فَطَلَبَ عُمَرَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: يَا عَوْفُ قُصَّهَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أبَنْتُ لَهُ أَنَّهُ خَلِيفَةٌ مِنْ خُلَفَاءِ اللَّهِ قَالَ: أَكُلُّ هَذَا يَرَى النَّائِمُ؟. فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ رَآنِي بِالْجَابِيَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَدَعَانِي فَأَجْلَسَنِي، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْخُطْبَةِ قال: قُصَّ عَلَيَّ رُؤْيَاكَ فَقُلْتُ لَهُ: أَلَسْتَ قَدْ جَبَهْتَنِي عَنْهَا؟ قَالَ: خَدَعْتُكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ. فَلَمَّا قَصَصْتُهَا عَلَيْهِ قَالَ: أَمَّا الْخِلافَةُ فَقَدْ أُوتِيتُ مَا تَرَى، وَأَمَّا أَنْ لا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنِّي ذَلِكَ، وَأَمَّا أَنْ أُقْتَلَ فَأَنَّى لِي بِالشَّهَادَةِ وَأَنَا فِي جِزِيرَةِ الْعَرَبِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ مَعَ ذَلِكَ كَأَنَّ دِيكًا يَنْقُرُ سُرَّتِي، وَمَا أمتنع عنه بشيء3.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 23"، التهذيب "8/ 152". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 400"، والاستيعاب "3/ 131"، وأسد الغابة "4/ 312". 3 خبر حسن.

وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الأَمِينُ -أَمَّا هُوَ إِلَيَّ فَحَبِيبٌ، وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِينٌ- عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبعة أن ثَمَانِيَةً أَوْ تِسْعَةً فَقَالَ: "أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ"؟ فَرَدَّدَهَا ثَلاثًا، فَقَدَّمْنَا أَيْدِيَنَا فَبَايَعْنَاهُ1، وَذَكَرَ الحديث. وقال عمارة بن زاذان: ثنا ثابت عَنْ أَنَسٍ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَالصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ رَايَةُ أَشْجَعَ يَوْمَ الْفَتْحِ مَعَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ2. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ عَوْفٍ قَالَ: عَرَّسَ3 بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَوَسَّدَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ، فَانْتَبَهْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، فَإِذَا أَنَا لا أُرِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ رَاحِلَتِهِ، فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ أَلْتَمِسُهُ، فَإِذَا أَنَا بِمُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى، وَإِذَا هُمَا قَدْ أفزعهما ما أفزعني، فبينا نحن كذلك إذ سَمِعْنَا هَزِيزًا عَلَى أَعْلَى الْوَادِي كَهَزِيزِ الرَّحَى. قَالَ: فَأَخْبَرْنَاهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِنَا، فَقَالَ: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَخَيَّرَنِي بَيْنَ الشَّفَاعَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ"، فَقُلْتُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالصُّحْبَةُ لِمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ، قَالَ: "فَإِنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي" 4، قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاسِ، فَإِذَا هُمْ قَدْ فَزِعُوا حِينَ فَقَدُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ: ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَيَّاشٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، ثنا ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: شَتَوْنَا فِي حِصْنٍ دُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَعَلَيْنَا عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، فَأَدْرَكَنَا رَمَضَانُ وَنَحْنُ فِي الْحِصْنِ، فَقَالَ عَوْفٌ: قَالَ عُمَرُ: صِيَامُ يَوْمٍ لَيْسَ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِطْعَامُ مِسْكِينٍ يَعْدِلُ صِيَامَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ أَصْبُعَيْهِ. قَالَ ثَابِتٌ: هُوَ تَطَوُّعٌ، مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تركه، يعني الإطعام5.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1043". 2 الطبقات الكبرى "4/ 281". 3 عرس: نزل في أحد الأودية للاستراحة ليلًا. 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "6/ 28"، والترمذي "2441"، وابن حبان "2592"، "2593". 5 السير "2/ 490".

وَرَوَى جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ قَالَ: قَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ: مَا مِنْ ذَنْبٍ إِلا وَأَنَا أَعْرِفُ تَوْبَتَهُ، قِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَا تَوْبَتُهُ؟ قَالَ: أَنْ تَتْرُكَهُ ثُمَّ لا تَعُودُ إِلَيْهِ. قُلْتُ: وَقِيلَ: إِنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: أَبُو حَمَّادٍ، وَقِيلَ: أَبُو عَمْرٍو، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَخَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ، وَتُوُفِّيَ بِالشَّامِ. قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. 233- عِيَاضُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَرِيُّ1 سَمِعَ: أَبَا عُبَيْدَةَ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَعِيَاضَ بْنَ غَنْمٍ الْفِهْرِيَّ، وَجَمَاعَةً. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَأَحْسِبُهُ نَزَلَ الْكُوفَةَ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَرَّ عِيَاضُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَرِيُّ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ: مَالِي لا أَرَاهُمْ يُقَلِّسُونَ فَإِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ. قَالَ هُشَيْمٌ: التَّقْلِيسُ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": ثنا غُنْدَرٌ نا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ: سَمِعْتُ عِيَاضًا الأَشْعَرِيَّ قَالَ: شَهِدْتُ الْيَرْمُوكَ وَعَلَيْنَا خَمْسَةُ أُمَرَاءُ: خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ، وَعِيَاضُ هُوَ ابْنُ غَنْمٍ، وَقَالَ عُمَرُ: إِذَا كَانَ قِتَالٌ فَعَلَيْكُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: فَكَتَبْنَا إِلَيْهِ: إِنَّهُ قَدْ جَاشَ إِلَيْنَا الْمَوْتُ، فَاسْتَمْدَدْنَاهُ، فَكَتَبَ إِلَيْنَا، إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكُمْ تَسْتَمِدُّونِي، وَأَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ هُوَ أَعَزُّ نَصْرًا وَأَحْصَنُ جُنْدًا: اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَأَشْهِدُوهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ نُصِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي أَقَلِّ مِنْ عِدَّتِكُمْ، قَالَ: فَقَاتَلْنَاهُمْ فَهَزَمْنَاهُمْ وَقَتَلْنَاهُمْ أَرْبعَ فَرَاسِخَ، وَأَصَبْنَا أَمْوَالا، قَالَ: فَتَشَاوَرُوا، فَأَشَارَ عَلَيْنَا عِيَاضُ أَنْ نُعْطَى عَنْ كُلِّ رَأْسٍ عَشْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَنْ يُسَابِقْنِي؟ فَقَالَ لَهُ شَابٌّ: أَنَا إِنْ لَمْ تَغْضَبْ، قَالَ: فَسَبَقَهُ: فَرَأَيْتُ عَقِيصَتَيْ2 أَبِي عُبَيْدَةَ تَنْقُزَانِ وَهُوَ خَلْفَهُ على فرس عربي3.

_ 1 انظر: الاستيعاب "3/ 129"، الإصابة "3/ 49". 2 عقيصتي: ضفائر الشعر. 3 خبر حسن: أخرجه أحمد "1/ 49".

"حرف الْغَيْنِ": 234- غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ1 بْنِ زُنَيْمٍ، أَبُو أَسْمَاءَ السَّكُونِيُّ. مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ. رَوَى عن: عمر، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَبِلالٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِذٍ الْيَمَانِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَكْحُولٌ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَشُرَحْبِيلُ بن مسلم، وأبو راشد الحبراني، وجماعة. وسكن حمص. فروى العلاء بن يزيد الثمالي: ثنا عِيسَى بْنُ أَبِي رَزِينٍ الثُّمَالِيُّ: سَمِعْتُ غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ قَالَ: كُنْتُ صَبِيًّا أَرْمِي نَخْلَ الأَنْصَارِ، فَأَتَوْا بِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَسَحَ بِرَأْسِي وَقَالَ: "كُلْ مَا سَقَطَ وَلا تَرْمِ نَخْلَهُمْ"2. رَوَاهُ خَيْثَمَةُ الأَطْرَابُلُسِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَلاءَ فَذَكَرَهُ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ فَهُوَ صَحَابِيٌّ. وَيُقَوِّيهِ مَا رَوَى مَعْنٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، بن صالح، عن يونس بن سيف، عن غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاضِعًا يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلاةِ3. وَقَالَ يُونُسُ الْمُؤَدِّبُ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ بُرْدٍ أَبِي الْعَلاءِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ مَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: نِعْمَ الْفَتَى غُضَيْفٌ. فَلَقِيتُ أَبَا ذَرِّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي اسْتَغْفِرْ لِي، قُلْتُ: أَنْتَ صاحب رسول اله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: نِعْمَ الْفَتَى غُضَيْفٍ، وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ" 4. وَرَوَى نَحْوَهُ مكحول، عن غضيف.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 429"، السير "3/ 453"، أسد الغابة "4/ 340". 2 حديث ضعيف: فيه انقطاع. 3 حديث ضعيف: وأخرجه أحمد "4/ 105"، "5/ 290"، وابن سعد "7/ 429". 4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "5/ 145، 165، 177"، وأبو داود "2962"، وابن ماجه "108".

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِنْدِيُّ ثقة، في الطبقة الأولى من تابعي أَهْلِ الشَّامِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَقِيلَ: فِيهِ الْحَارِثُ بْنُ غُضَيْفٍ، وَقَالَ أَبِي، وَأَبُو زُرْعَةَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سُمَيْعٍ: غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ الثُّمَالِيُّ مِنَ الأَزْدِ، حِمْصِيٌّ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو: إِنَّ غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ كَانَ يَتَوَلَّى لَهُمْ صَلاةَ الْجُمُعَةِ بِحِمْصَ إِذَا غَابَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ. وَقَالَ بَقِيَّةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ غُضَيْفٍ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فَقَالَ: يَا أَبَا أَسْمَاءَ، قَدْ جَمَعْنَا النَّاسَ عَلَى أَمْرَيْنِ، رَفْعِ الأَيْدِي عَلَى الْمَنَابِرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْقَصَصِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، قَالَ غُضَيْفٌ: أَمَّا إِنَّهَا أَمْثَلُ بِدْعَتِكُمْ عِنْدِي، وَلَسْتُ مُجِيبُكَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا، قَالَ: لِمَ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلا رُفِعَ مِثْلُهَا مِنَ السُّنَّةِ"1. فَتَمَسُّكٌ بِسُّنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "الْمُسْنَدِ". "حَرْفُ الفاء": 235- فروة بن نوفل -م 4- الأشجعي الكوفي2. لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَلِيًّا، وَعَائِشَةَ. رَوَى عَنْهُ: هِلالُ بْنُ يَسَافٍ، وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ أَيْضًا، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ. "حرف الْقَافِ": 236- قُرْطُ بْنُ خَيْثَمَةَ الْبَصْرِيُّ3 عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب، وأبي موسى.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 105" فيه عنعنة بقية، وابن أبي مريم من الضعفاء. 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 82"، التهذيب "8/ 266". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 146"، الثقات "5/ 325" لابن حبان.

وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ مِخْرَاقٍ، وَأَبُو الأَسْوَدِ، وَطَلْقُ بن خساف، وَدَاوُدُ بْنُ نُفَيْعٍ. قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ. 237- قَطَرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ1 وَاسْمُ أَبِيهِ جَعُونَةُ بْنُ مَازِنِ بْنِ يَزِيدَ التَّمِيمِيُّ الْمَازِنِيُّ، أَبُو نَعَامَةَ، رَأْسُ الْخَوَارِجِ فِي زَمَانِهِ. كَانَ أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَذْكُورِينَ، خَرَجَ فِي خِلافَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَبَقِيَ يُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ، وَيَسْتَظْهِرُ عَلَيْهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَسُلِّمَ عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ جهز إليه الْحَجَّاجُ جَيْشًا بَعْدَ جَيْشٍ، وَهُوَ يَسْتَظْهِرُ عَلَيْهِمْ وَيَكْسِرُهُمْ، وَتَغَلَّبَ عَلَى نَوَاحِي فَارِسٍ وَغَيْرِهَا، وَوَقَائِعُهُ مَشْهُورَةٌ. وَقِيلَ لِأَبِيهِ الْفُجَاءَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدِمَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ سَفَرٍ فَجَاءَةً. وَلِقَطَرِيٍّ، وَكَانَ مِنَ الْبُلَغَاءِ: أَقُولُ لَهَا وَقَدْ طَارَتْ شَعَاعًا ... مِنَ الأبطال ويحك لن تُرَاعِي فَإِنَّكِ لَوْ سَأَلْتِ بَقَاءَ يَوْمٍ ... عَلَى الأَجَلِ الَّذِي لَكِ لَمْ تُطَاعِي فَصبْرًا فِي مَجَالِ الْمَوْتِ صَبْرًا ... فَمَا نَيْلُ الْخُلُودِ بِمُسْتَطَاعِ وَلا ثَوْبُ الْحَيَاةِ بِثَوْبِ عَزٍّ ... فَيَطْوِي عَنْ أَخِي الْخَنْعِ الْيَرَاعِ سَبِيلُ الْمَوْتِ غَايَةُ كُلِّ حَيٍّ ... وَدَاعِيَهِ لِأَهْلِ الأَرْضِ دَاعٍ وَمَنْ لَمْ يُعْتَبَطْ يَسْأَمْ وَيَهْرَمْ ... وَتُسْلِمْهُ الْمَنُونُ إِلَى انْقِطَاعِ وَمَا لِلْمَرْءِ خَيْرٌ فِي حَيَاةٍ ... إِذَا مَا عُدَّ مَنْ سَقَطِ الْمَتَاعِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وسبعين اندقت عنقه، إذ عَثَرَتْ بِهِ فَرَسُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: بَلْ قتل. "حرف الكاف": 238- كثير بن الصلت -ن- بن معديكرب2 الكندي المدني أخو الزبير.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "6/ 308-310"، الكامل "4/ 438-443". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 14"، وأسد الغابة "4/ 212"، والاستيعاب "3/ 318".

قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي خِلافَةِ الصِّدِّيقِ وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. رَوَى عَنْهُ: يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو عَلْقَمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَوْفٍ. رَوَى أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ كَانَ اسْمُهُ قَلِيلا، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَثِيرًا1. وَخَالَفَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَجَعَلَ الَّذِي غَيَّرَ اسْمَ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ لَهُ شَرَفٌ وَحَالٌ جَمِيلَةٌ، وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ كَبِيرَةٌ بِالْمُصَلَّى. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: تَابِعيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ كَاتِبًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ عَلَى الرَّسَائِلِ. 239- كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ2 -4- أَبُو شَجَرَةَ، وَيُقَالُ: أَبُو الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِيُّ الْحِمْصِيُّ. سَمِعَ: عُمَرَ، وَرَوَى عَنْ: مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَنُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ، وَعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، وَتَمِيمِ الدَّارِيِّ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعَمْرُو بْنُ جَابِرٍ الْمِصْرِيَّانِ، وأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بْنُ كُرَيْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ سَبْعِينَ بَدْرِيًّا. قَالَهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَشَهِدَ الْجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ. رَوَى نَصْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَخِيهِ مَحْفُوظٍ: عَنِ ابْنِ عَائِذٍ قَالَ: قَالَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ لِمُعَاذٍ وَنَحْنُ بِالْجَابِيَةِ: مَنِ الْمُؤْمِنُونَ؟ قَالَ مُعَاذٌ: أَمُبَرْسَمٌ! وَالْكَعْبَةِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّكَ أَفْقَهُ مِمَّا أَنْتَ، هُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا وَصَامُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "5/ 14"، والبخاري في التاريخ الكبير "7/ 208" وغيرهما. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 448"، الإصابة "3/ 312".

قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَدْرَكَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ عَبْدَ الْمَلِكِ، يَعْنِي وَفَاةَ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَهُ الْبُخَارِيُّ. قُلْتُ: فَيُؤَخَّرُ إِلَى الطَّبَقَةِ التَّاسِعَةِ. 240- كُرَيْبُ بْنُ أبْرَهَةَ1 بْنِ مَرْثَدٍ أَبُو رِشْدِينَ الأَصْبَحِيُّ الْمِصْرِيُّ، الأَمِيرُ، أَحَدُ الأَشْرَافِ. رَوَى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحُذَيْفَةَ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ أبي حبيب: إن عبد العزيز بن مروان قَالَ لِكُرَيْبِ بْنِ أبْرَهَةَ: أَشَهِدْتَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ؟ قَالَ: حَضَرْتُهَا وَأَنَا غُلامٌ أَسْمَعُ وَلا أَدْرِي مَا يَقُولُ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: كُرَيْبُ شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَأَدْرَكْتُ قَصْرَهُ بِالْجِيزَةِ، هَدَمَهُ ذَكَاءُ الأَعْوَرُ، وَبَنَى عِوَضَهُ قَيْسَارِيَّةَ ذَكَاءُ يُبَاعُ فِيهَا الْبَزُّ، قَالَ: وَوَلَّى كُرَيْبٌ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ أَمِيرِ مِصْرَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ثَوْبَانُ بْنُ شَهْرٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ، وأَبُو سَلِيطٍ شُعْبَةُ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ التَّجِيبِيُّ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ. وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ قَالَ: رَأَيْتُ كُريْبَ بْنَ أبْرَهَةَ يَخْرُجُ من عنده عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَيَمْشِي تَحْتَ رِكَابِهِ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ حِمْيَرٍ. 241- كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ النَّخَعِيُّ2 شَرِيفٌ مُطَاعٌ. من كبار شيعة علي -رضي الله عنهم. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. قتله الحجاج. روى عنه: أبو إسحاق، وعبد الرحمن بن عائش، والأعمش، وجماعة. وثقه ابن معين.

_ 1 انظر: الاستيعاب "3/ 323"، أسد الغابة "4/ 238". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 179"، والإصابة "3/ 318".

"حرف اللام": 242- ليلى الأخيلية1 الشاعرة المشهورة. كانت من أشعر النساء، لا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا فِي الشِّعْرِ غَيْرَ الْخَنْسَاءِ. وَقِيلَ: إِنَّ النَّابِغَةَ الْجَعْدِيَّ هَجَاهَا فَقَالَ: وَكَيْفَ أُهَاجِي شَاعِرًا رُمْحُهُ اسْتُهُ ... خَضِيبَ الْبَنَانِ لا يَزَالُ مُكَحَّلا فَأَجَابَتْهُ: أعَيَّرْتَنِي دَاءً بِأُمِّكِ مِثْلُهُ ... وَأَيُّ حِصَانٍ لا يُقَالُ لَهَا: هَلا2 وَدَخَلَتْ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَقَدِ أَسَنَّتْ، فَقَالَ لَهَا: مَا رَأَى تَوْبَةُ مِنْكِ حَتَّى عَشِقَكِ؟ قَالَتْ: مَا رَأَى النَّاسُ مِنْكَ حَتَّى جَعَلُوكَ خَلِيفَةً، فَضَحِكَ وَأَعْجَبَهُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ لَهَا: هَلْ كَانَ بَيْنَكُمَا سُوءٌ قَطُّ؟ قَالَتْ: لا وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ، إِلا أَنَّهُ غَمَزَ يَدِي مَرَّةً. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ مَوْلَى لِعَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى الْحَجَّاجِ، فَأُدْخِلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ، فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَجَلَسَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا امْرَأَةٌ قَدْ أَسَنَّتْ، حَسَنَةُ الْخَلْقِ، وَمَعَهَا جَارِيَتَانِ لَهَا، فَإِذَا هِيَ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ، فَقَالَ: يَا لَيْلَى، مَا أَتَى بِكِ؟ قَالَتْ: إِخْلَافُ النُّجُومِ، وَقِلَّةُ الْغُيُومِ، وَكَلَبُ الْبَرْدِ، وَشِدَّةُ الْجَهْدِ، وَكُنْتَ لَنَا بَعْدَ اللَّهِ الرِّفْدَ، وَالنَّاسُ مُسْنَتُونَ، وَرَحَمَةُ اللَّهِ يَرْجُونَ، وَإِنِّي قَدْ قُلْتُ فِي الأَمِيرِ قَوْلا، قَالَ: هَاتِي، فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ: أَحَجَّاجُ لا يُفْلَلْ سِلَاحُكَ إِنَّمَا ال ... منايا بِكَفِّ اللَّهِ حَيْثُ يَرَاهَا إِذَا هَبَطَ الْحَجَّاجُ أَرْضًا مَرِيضَةً ... تَتَبَّعُ أَقْصَى دَائِهَا فَشَفَاهَا شَفَاهَا مِنَ الدَّاءِ الْعُضَالِ الَّذِي بِهَا ... غُلامٌ إِذَا هَزَّ الْقَنَاةَ سَقَاهَا إِذَا سَمِعَ الْحَجَّاجُ رِزْءَ كَتِيبَةٍ ... أَعَدَّ لَهَا قَبْلَ النُّزُولِ قِرَاهَا ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِي الْقَصَّةِ بِطُولِهَا وَأَنَّ الْحَجَّاجَ وَصَلَهَا بمائة ناقة، وقال لجلسائه: هذه

_ 1 انظر: العقد الفريد "6/ 4"، شرح أدب الكاتب "74، 145، 300". 2 الشعر والشعراء "1/ 359".

لَيْلَى الأخْيَلِيَّةُ الَّتِي مَاتَ تَوْبَةُ الْخَفَاجِيُّ مِنْ حُبِّهَا، أَنْشِدِينَا بَعْضَ مَا قَالَ فِيكِ، قَالَتْ: نعم، قال في: وهل تبكي لَيْلَى إِذَا مُتُّ قَبْلَهَا ... وَقَامَ عَلَى قَبْرِي النساء النوائح كما لو أصاب ليلى الموت بَكَيْتُهَا ... وَجَادَ لَهَا دَمْعٌ مِنَ الْعَيْنِ سَافِحُ وَأُغْبَطُ مِنْ لَيْلَى بِمَا لا أَنَالُهُ ... أَلا كُلَّمَا قَرَّتْ بِهِ الْعَيْنُ صَالِحُ وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى الأخْيَلِيَّةَ سَلَّمَتْ ... عَلَيَّ وَدُونِي جَنْدَلٌ وَصَفَائِحُ لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ... إِلَيْهَا صَدًى مَنْ جَانِبِ الْقَبْرَ صَائِحُ قَالَ الْحَجَّاجُ: فَهَلْ رَابَكِ مِنْهُ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لا وَالَّذِي أَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَكَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ لِي مَرَّةً: ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ خَضَعَ لِأَمْرٍ، فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ: وَذِي حَاجَةٍ قُلْنَا لَهُ: لا تَبُحْ بِهَا ... فَلَيْسَ إِلَيْهَا مَا حَيِيتَ سَبِيلُ لَنَا صَاحِبٌ لا يَنْبَغِي أَنْ نَخُونَهُ ... وَأَنْتَ لأخرى فارغ وخليل1 243- لمازة بن زبار2 –د ت ق- أبو لبيد الجهضمي البصري. رَوَى عَنْ: عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وَيَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، وَمَطَرُ بْنُ حُمْرَانَ، وَطَالِبُ بْنُ السُّمَيْدِعِ. وَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ. قَالَ ابن سعد: سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ وَلَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ، وَكَانَ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَبُو لَبِيدٍ صَالِحُ الْحَدِيثِ. سَيُعَادُ. "حرف الْمِيمِ": 244- مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ –ع- الأصبحي المدني3، جد مالك بن أنس.

_ 1 خبر ضعيف: الأمالي "1/ 86، 89" فيه جهالة أحد الرواة. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 213"، والجرح والتعديل "7/ 182". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 63"، البداية "9/ 6".

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَعْبِ الْحَبْرِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ أَنَسٌ، وَأَبُو سَهْلٍ نَافِعٌ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بن يسار، وغيرهم. وكان ثقة فاضلًا. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. 245- مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ أَبُو غَسَّانَ الرَّبَعِيُّ الْبَصْرِيُّ1. كَانَ سَيِّدُ رَبِيعَةَ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ رَئِيسًا حَلِيمًا، يُذْكَرُ فِي نُظَرَاءِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ فِي الشَّرَفِ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وسبعين. 246- محمد بن إياس –د- بن البكير2. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وعنه: أبو سلمة بن عبد الرحمن، ونافع مولى ابن عمر، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وغيرهم. 247- محمد بن حاطب –ت ن ق- بن الحارث القرشي3 الجمحي، أَخُو الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ. لَهُ صُحْبَةٌ، وَحَدِيثَانِ، وَاحِدٌ فِي الضَّرْبِ بِالدُّفِّ فِي النِّكَاحِ. وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ أَيْضًا. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ الْحَارِثُ، وَعُمَرُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَحَفِيدُهُ عُثْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو بَلْجٍ، يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، وَهُوَ رَضِيعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

_ 1 انظر: البداية "8/ 347"، الإصابة "3/ 485". 2 انظر: أسد الغابة "4/ 312"، التهذيب "9/ 68". 3 انظر: الاستيعاب "3/ 340"، وأسد الغابة "4/ 314".

وَقِيلَ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ فِي الإِسْلامِ مُحَمَّدًا. وُلِدَ بِمَكَّةَ، وَقِيلَ: وُلِدَ بِالْحَبَشَةِ. وَفِي الصَّحَابَةِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمَةَ كَبِيرٌ مَشْهُورٌ لَكِنَّهُ سُمِّيَ مُحَمَّدًا قَبْلَ الإِسْلامِ. تُوُفِّيَ ابْنُ حَاطِبٍ هَذَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. 248- مَسْرُوحُ بْنُ سَنْدَرٍ الْجُذَامِيُّ1، مَوْلَى رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ، كُنْيَتَهُ أَبُو الأَسْوَدِ. قَدِمَ مِصْرَ بَعْدَ فَتْحِهَا بِكِتَابٍ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنِ لَقِيطٍ. وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. 249- مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ2 بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، أَبُو عِيسَى، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيُّ. حَكَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَاسْتَعْمَلَهُ أَخُوهُ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَقَتَلَ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ، ثُمَّ عَزَلَهُ أَخُوهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْعِرَاقِ، فَأَقَامَ بِهَا يُقَاوِمُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ وَيُحَارِبُهُ إِلَى أن قُتِلَ. وَأُمُّهُ الرَّبَابُ بنت أنيف الكلبي. وكان يسمى آنية النحل من كرمه وجوده. وفيه يَقُولُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ: إِنَّمَا مُصْعَبُ شِهَابٌ مِنَ الل ... هـ تَجَلَّتْ عَنْ وَجْهِهِ الظَّلْمَاءُ مُلْكُهُ مُلّكُ عِزَّةٍ لَيْسَ فِيهِ ... جَبَرُوتٌ مِنْهُ وَلا كِبْرِيَاءُ يَتَّقِي الله في الأمور وقد أف ... لح من كان همه الاتقاء

_ 1 انظر: الإصابة "3/ 407، 408". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 182"، والسير "4/ 140"، والبداية "8/ 317".

وَفِيهِ يَقُولُ أَيْضًا: لَوْلا الإِلَهُ وَلَوْلا مُصْعَبٌ لَكُمْ ... بِالطَّفِّ قَدْ ضَاعَتِ الأَحَسْابُ وَالذِّمَمُ أَنْتَ الَّذِي جِئْتَنَا وَالدِّينُ مُخْتَلَسٌ ... وَالْحُرُّ مُعْتَبَدٌ وَالْمَالُ مُقْتَسَمُ فَفَرَّجَ اللَّهُ عَمْيَاهَا وَأَنْقَذَنَا ... بِسَيْفٍ أَرْوَعَ من عِرْنِينِهِ شَمَمُ مُقَلَّدٌ بِنَجَادِ السَّيْفِ فَضْلُهُ ... فِعْلُ الملوك لا عَيْبَ وَلا قِرْمُ فِي حِكَمِ لُقُمَانَ يَهْدِي مع نقيبته ... يرمي به الأعداء وَيَنْتَقِمُ وَبَيْتُهُ الشَّرَفُ الأَعْلَى سَوَابِغُهَا ... فِي الدَّارَعَيْنِ إذا ما سَأَلْتِ الْخَدَمُ قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: وَمُصْعَبُ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: مَا رَأَيْتُ أَمِيرًا قَطُّ أَحْسَنُ مِنْ مُصْعَبٍ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ: قَالَ الشَّعْبيُّ: مَا رَأَيْتُ أَمِيرًا قَطُّ عَلَى مِنْبَرٍ أَحسَنَ مِنْ مُصْعَبٍ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: كَانَ مُصْعَبٌ يُحْسَدُ عَلَى الْجَمَالِ، فَنَظَرَ يَوْمًا وَهُوَ يَخْطُبُ إِلَى أَبِي خَيْرَانَ الْحِمَّانِيُّ، فَصَرَفَ وَجْهُهُ عَنْهُ، ثم دخل ابن جوادان الْجَهْضَمِيُّ، فَسَكَتَ وَجَلَسَ، وَدَخَلَ الْحَسَنُ فَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اجْتمَعَ فِي الْحِجْرِ عَبْدُ اللَّهِ، وَمُصْعَبٌ، وَعُرْوَةُ بَنُو الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَقَالُوا: تَمَنَّوْا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى الْخِلافَةَ، وَقَالَ عروة: أما أنا فأتمن أَنْ يُؤْخَذَ عَنِّي الْعِلْمُ، وَقَالَ مُصْعَبٌ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى إِمْرَةَ الْعِرَاقِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، وَسُكَيْنَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ، فَنَالُوا مَا تَمَنَّوْا، وَلَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ غُفِرَ لَهُ. قَالَ خَلِيفَةُ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ جَمَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْعِرَاقَ لِأَخِيهِ مُصْعَبٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ الْمُلْكَ بِأَحَدٍ قَطُّ أَلْيَطَ مِنْهُ بِمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ: بَلَغَ مُصْعَبًا عَنْ عَرِّيفِ الأَنْصَارِ شَيْءٌ فَهَمَّ بِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "اسْتَوْصُوا بِالأَنَصْارِ خَيْرًا، اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ" 1، فَأَلْقَى مُصْعَبٌ نَفْسَهُ عَنِ السَّرِيرِ، وَأَلْزَقَ خَدَّهُ بِالْبُسَاطِ، وَقَالَ: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ، وَتَرَكَهُ. رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أُهْدِيَتْ لِمُصْعَبٍ نَخْلَةٌ مِنْ ذهب عثاكلها من صنوف الجواهر، فَقُوِّمَتْ بِأَلْفَيْ ألف دِينَارٍ، وَكَانَتْ مِنْ مَتَاعِ الْفُرْسِ، فَدَفَعَهَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا كَتَبَ لِلرَّجُلِ بِجَائِزَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ جَعَلَهَا مُصْعَبٌ مِائَةَ أَلْفٍ. وَسُئِلَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَيُّ ابْنَيِ الزُّبَيْرِ أَشْجَعُ؟ قَالَ: كِلاهُمَا جَاءَ الْمَوْتُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ. وَعَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَوْمًا لِجُلَسَائِهِ: مَنْ أَشْجَعُ الْعَرَبِ؟ قِيلَ: شَبِيبٌ، قَطَرِيُّ، فلان، فُلانٌ، فَقَالَ: إِنَّ أَشْجَعَ الْعَرَبِ لَرَجُلٌ وَلِيَ الْعِرَاقَيْنِ خَمْسَ سِنِينَ، فَأَصَابَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَأَلْفَ أَلْفٍ، وَأَلْفَ أَلْفٍ، وَتَزَوَّجَ سُكَيْنَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ، وَعَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ، وَأَمَةَ الْحميدِ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَأُمُّهُ رَبَابُ بِنْتُ أُنَيْفٍ الْكَلْبِيُّ، وَأُعْطِيَ الأَمَانَ، فَأَبَى وَمَشَى بِسَيْفِهِ حَتَّى مَاتَ، ذَاكَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْقَصْرَ بِالْكُوفَةِ، فَإِذَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ الْقَصْرَ بِالْكُوفَةِ، فَإِذَا رَأْسُ عُبَيْدِ اللَّهِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُخْتَارِ، ثُمَّ دَخَلْتُ الْقَصْرَ، فَإِذَا رَأْسُ الْمُخْتَارِ بَيْنَ يَدَيْ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ دَخَلْتُ بَعْدُ، فَرَأَيْتُ رَأْسَ مُصْعَبٍ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَعَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قُتِلَ مُصْعَبٌ يَوْمَ الْخَمِيسِ، النِّصْفُ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ غيره: قتل وله أربعون سنة.

_ 1 حديث صحيح لغيره: أخرجه أحمد "3/ 240، 241" وله شواهد.

وَلابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ يَرْثِيهِ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ يَوْمَ مس ... كن وَالْمُصِيبَةَ وَالْفَجِيعَهْ بِابْنِ الْحَوَارِيِّ الَّذِي ... لَمْ يَعْدُهُ يوم الوقيعه غدرت به مضر العرا ... ق وأمكنت منه ربيعه فأصبت وترك يا ربي ... ع وَكُنْتُ سَامِعَةً مُطِيعَهْ يَا لَهْفَ لَوْ كَانَتْ لَهُ ... بِالدَّيْرِ يَوْمَ الدَّيْرِ شِيعَهْ أَوْ لَمْ تَخُونُوا عَهْدَهُ ... أَهْلُ الْعِرَاقِ بَنُو اللَّكِيعَهْ لَوَجَدْتُمُوهُ حين يح ... در لا يُعَرِّسُ بِالْمَضِيعَهْ 250- مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ1 أَبُو زُرْعَةَ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. كَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ جُهَيْنَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَانَ أَلْزَمَهُمْ لِلْبَادِيَةِ. أَخَذَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَيْضًا. رَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَغَيْرُهُ. وَلا رِوَايَةٌ له في شيء من الكتب السنة. وَعَاشَ ثَمَانِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. فَأَمَّا مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ صَاحِبُ الْقَدْرِ فَسَيَأْتِي. 251- مَعْدَانُ بن أبي طلحة –م 4- اليعمري الشامي2. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَهْلُ الشَّامِ يَقُولُونَ: مَعْدَانُ بْنُ طَلْحَةَ، وَهُمْ أَثْبَتُ فِيهِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَثَوْبَانَ. رَوَى عَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُعَيْطِيُّ وَالسَّائِبُ بْنُ حُبَيْشٍ الْكَلاعِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الجعد، ويعيش بن الوليد، وغيرهم.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 338"، والإصابة "3/ 439"، وأسد الغابة "4/ 390". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 444"، التهذيب "10/ 228".

ذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ فِي الطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِي الصَّحَابَةَ. 252- الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ1 مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وُلِّيَ إِمْرَةَ إِصْطَخْرَ لِعَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهم-، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ وُلِّيَ السِّنْدَ مِنْ قِبَلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ. يُقَالُ: إِنَّهُ قُتِلَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَدِمَ الْجَارُودُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَنَشٍ الْعَبْدِيُّ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ نَصْرَانِيًّا. وَقَالَ غَيْرُهُ: لِلْجَارُودِ صُحْبَةٌ. وَقُتِلَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بِفَارِسٍ. كُنْيَةُ الْمُنْذِرِ أَبُو الأَشْعَثِ، وَيُقَالُ: أَبُو عَتَّابٍ. "حرف النُّونِ": 253- نَاعِمُ بْنُ أجيل –م- الهمداني المصري، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ2. سُبِيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاشْتَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَأَعْتَقَتْهُ فَرَوَى عَنْهَا، وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. رَوَى عَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةَ، وَالأَعْرَجُ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ بمصر. توفي سنة ثمانين. 254- نافع3 مولى أم سلمة –ن- أَيْضًا مِنَ الْقُدَمَاءِ. رَوَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي صِحَّةِ صَوْمِ الْجُنُبِ حَدِيثًا تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ.

_ 1 انظر: البداية "9/ 17"، الإصابة "3/ 480". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 298"، وأسد الغابة "5/ 7". 3 انظر: تهذيب الكمال "3/ 1405".

255- نُبَيْطُ بْنُ شَرِيطٍ الأَشْجَعِيُّ1 –د ن ق- لَهُ صُحْبةٌ وَرِوَايَةٌ. زَوَّجَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فُرَيْعَةَ بِنْتَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، وَعَاشَ دَهْرًا. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سَلَمَةُ، وَنُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَأَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ سَعْدُ بن طارق. 256- النزال بن سبرة –خ د ن ق- الهلالي الكوفي2. روى عن: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ. "حرف الْهَاءِ": 257- هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ3 الْعَبْدِيُّ الرَّبَعِيُّ -وَيُقَالُ: الأَزْدِيُّ- الْبَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَكَانَ مِنْ سَادَةِ الْعُبَّادِ، وُلِّيَ بَعْضَ الْحُرُوبِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بِأَرْضِ فَارِسٍ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عَامِلا لِعُمَرَ، وَكَانَ ثِقَةً لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ. وَقِيلَ: سُمِّيَ هَرِمًا؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ سَنَتَيْنِ حَتَّى طَلَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ. قَالَ أَبُو عِمَرانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ أَنَّهُ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالْعَالِمَ الْفَاسِقَ، فَبَلَغَ عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَأَشْفَقَ مِنْهَا: مَا الْعَالِمُ الْفَاسِقُ؟ فَكَتَبَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَرَدْتُ إِلا الْخَيْرَ، يَكُونُ إِمَامٌ يَتَكَلَّمُ بِالْعِلْمِ، وَيَعْمَلُ بِالْفِسْقِ، وَيُشَبَّهُ عَلَى النَّاسِ فَيَضِلُّوا4. قُلْتُ: إِنَّمَا أَنْكَرَ عليه عمر أنهم لَمْ يَكُونُوا يَعُدُّونَ الْعَالِمَ إِلا مَنْ عَمِلَ بعلمه.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 29، 30"، الإصابة "3/ 551". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 84"، وأسد الغابة "5/ 15". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 131"، السير "4/ 48-50". 4 الطبقات "7/ 133"، لابن سعد.

وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْقَحْذَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ الْعَاصِ وَجَّهَ هَرِمَ بْنَ حَيَّانَ إِلَى قَلْعَةٍ فَافْتَتَحَهَا عَنْوَةً. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: خَرَجَ هَرِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ بْنُ كُرَيْزٍ، فَبَيْنَمَا رَوَاحِلُهُمَا تَرْعَى إذ قَالَ هَرِمٌ: أيَسُرُّكَ أَنَّكَ كُنْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ، لَقَدْ رَزَقَنِي اللَّهُ الإِسْلامَ، وَإِنِّي لأَرْجُو مِنْ رَبِّي، فَقَالَ هَرِمٌ: لَكِنِّي وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، فَأَكَلَتْنِي هَذِهِ النَّاقَةُ، ثُمَّ بَعَرَتْنِي، فَاتُّخِذْتُ جِلَّةً، وَلَمْ أكابد الحساب، ويحك يا ابن عامر إِنِّي أَخَافُ الدَّاهِيَةَ الْكُبْرَى1. قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ وَاللَّهِ أَفْقَهَهُمَا وَأَعْلَمَهُمَا بِاللَّهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ يَقُولُ: مَا أَقْبَلَ عَبْدٌ بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ إِلا أَقَبْلَ اللَّهُ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ حَتَّى يَرْزُقَهُ مَوَدَّتَهُمْ وَرَحْمَتَهُمْ. وَقَالَ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ: قَالَ هَرِمٌ: صَاحِبُ الْكَلامِ عَلَى إِحْدَى مَنْزِلَتَيْنِ، إِنْ قَصَّرَ فِيهِ خَصَمَ، وَإِنْ أَغْرَقَ فِيهِ أَثِمَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ هَرِمٌ: مَا رَأَيْتُ كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا، وَلا كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَاتَ هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَلَمَّا دُفِنَ جَاءَتْ سَحَابَةٌ قَدْرُ قَبْرِهِ فَرَشَّتْهُ ثُمَّ انْصَرَفَتْ. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَغَيْرُهُ: قِيلَ لِهَرِمٍ: أَلا تُوصِي؟ قَالَ: قَدْ صَدَقَتْنِي نَفْسِي فِي الْحَيَاةِ وَمَا لِي شَيْءٌ أُوصِي، وَلَكِنْ أُوصِيكُمْ بِخَوَاتِيمِ سُورَةِ النَّحْلِ2. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَدِمَ هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ دِمَشْقَ فِي طَلَبِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيُّ. 258- هَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ النَّخَعِيُّ3 –ع- يَرْوِي عَنْ، عُمَرَ: وَعَمَّارٍ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَحُذَيْفَةَ وَجَمَاعَةٍ، رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَوَبَرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ معين.

_ 1 الحلية "2/ 119، 120". 2 الطبقات الكبرى "7/ 133"، الحلية "2/ 122". 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 118"، الإصابة "3/ 609".

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ زَمَنَ الْحَجَّاجِ. وَقَالَ حُصَيْنٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: إِنَّ هَمَّامَ بْنَ الْحَارِثِ كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ اشْفِنِي مِنَ النَّوْمِ بِالسَّيْرِ، وَارْزُقْنِي سَهَرًا فِي طَاعَتِكَ. فَكَانَ لا يَنَامُ إِلا هُنَيْهَةً وَهُوَ قَاعِدٌ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ: كَانَ النَّاسُ يَتَعَلَّمُونَ هَدْيَهُ وَسَمْتَهُ، وَكَانَ طَوِيلَ السَّهَرِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. "حرف الْيَاءِ": 259- يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ1 بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الأُمَوِيُّ. رَوَى: عَنْ مُعَاذٍ. رَوَى عَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ أُسَامَةَ. وَوَلِيَ الْمَدِينَةَ لابْنِ أَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ وَلِيَ حِمْصَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ فِيهِ حُمْقٌ فَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِلا إِذْنٍ، فَعَزَلَهُ. وَذَكَرَ الْعُتْبِيُّ أن عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ قَالَ: كَيْفَ لَنَا بِمِثْلِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ: هَيْفَاءُ مُقْبِلةٌ عَجْزَاءُ مُدْبِرَةٌ ... لَفَّاءُ غَامِضَةُ الْعَيْنَيْنِ مِعْطَارُ خُوذٌ مِنَ الْخَفِرَاتِ الْبِيضِ لَمْ يَرَهَا ... بِسَاحَةِ الدَّارِ لا بَعْلٌ وَلا جاز وَعَنْ جُنَادَةَ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِمْصَ، فَأَمَرَ بِإِسْحَاقَ بْنِ الأَشْعَثِ، فَقُتِلَ صَبْرًا، فَتَكَلَّمَ أَهْلُ حِمْصَ فَنُودِيَ: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ. وَقَالَ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ذِي الْكَلاعِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَسْنَا بِأَهْلِ الْكُوفَةَ، ولكنا الذين قاتلنا معك مصعب بن

_ 1 انظر تاريخ الطبري "6/ 355"، "7/ 67".

الزُّبَيْرِ، وَأَنْتَ تَقُولُ يَوْمَئِذٍ: وَاللَّهِ يَا أَهْلَ حِمْصَ لَأُوسِيَنَّكُمْ وَلَوْ بِمَا تَرَكَ مَرْوَانُ، وَعَلَيْكَ يَوْمَئِذٍ قِبَاؤُكَ الأَصْفَرُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: اعْزِلْ عَنَّا سَفِيهَكَ يَحْيَى بْنَ الْحَكَمِ. فَقَالَ: ارْحَلْ عَنْ جِوَارِ الْقَوْمِ. 260- يَزِيدُ بْنُ الأَسْوَدِ الْجُرَشِيُّ1 أسلم فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمَ الشَّامَ، وَسَكَنَ بِقَرْيَةِ زِبْدِينَ فِي الْغُوطَةِ، وَلَهُ دَارٌ بِدَاخِلِ بَابٍ شَرْقِيٍّ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: قُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ: يَا أَبَا الأَسْوَدِ، كَمْ أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَدْرَكْتُ الْعُزَّى تُعْبَدُ فِي قَرْيَةِ قَوْمِي. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ -رَجُلٌ تَابِعِيٌّ- عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: اكْتُبُوا فِي الْغَزْوِ، قَالُوا: قَدْ كَبَّرْتُ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، اكْتُبُونِي فَأَيْنَ سَوَادِي فِي الْمُسْلِمِينَ؟ قَالُوا: أَمَّا إِذَا فَعَلْتَ فَأَفْطِرْ وَتَقَوَّ عَلَى الْعَدُوِّ، قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَانِي أَبْقَى حَتَّى أُعَاتِبَ فِي نَفْسِي. وَاللَّهِ لا أُشْبِعُهَا مِنْ طَعَامٍ، وَلا أُوطِئُهَا مِنْ مَنَامٍ حَتَّى تَلْحَقَ بِالَّذِي خَلَقَهَا. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: ثنا صَفْوَانُ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، إِنَّ السَّمَاءَ قَحَطَتْ، فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ وَأَهْلُ دِمَشْقَ يَسْتَسْقُونَ، فَلَمَّا قَعَدَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: أَيْنَ يَزِيدُ بْنُ الأَسْوَدِ الْجَرَشِيُّ؟ فَنَادَاهُ النَّاسُ، فَأَقْبَلَ يَتَخَطَّى النَّاسَ، فَأَمَرَهُ مُعَاوِيَةُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَعَدَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ بِخَيْرِنَا وَأَفْضَلِنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ بِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، يَا يَزِيدُ ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اللَّهِ، فَرَفَعَ يَزِيدُ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ النَّاسُ، فَمَا كَانَ بِأَوْشَكَ أَنْ ثَارَتْ سَحَابةٌ كَأَنَّهَا تُرْسٌ، وَهَبَّتْ لَهَا رِيحٌ فَسُقِينَا حَتَّى كَادَ النَّاسُ أَنْ لا يَبْلُغُوا مَنَازِلَهُمْ2. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي عُمَرَ السَّيْبَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، إِنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ اسْتَسْقَى بِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، فَمَا بَرِحُوا حَتَّى سُقُوا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمَّا خَرَجَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ رَحَلَ مَعَهُ يَزِيدُ بْنُ الأَسْوَدِ، فَلَمَّا الْتَقَوْا قَالَ: اللَّهُمَّ احْجُزْ بَيْنَ هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ، وَوَلِّ الأَمْرَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْكَ، فَظَفِرَ عَبْدُ الملك.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 444"، أسد الغابة "5/ 103". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 444".

رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقُرَشِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ الْمَشْيَخَةِ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الأَسْوَدِ الْجُرَشِيَّ كَانَ يَسِيرُ هُوَ وَرَجُلٌ فِي أَرْضِ الرُّومِ، فَسَمِعَ مُنَادِيًا يَقُولُ: يَا يَزِيدَ إنك لمن المقربين، وإن صحبك لَمِنَ الْعَابِدِينَ، وَمَا نَحْنُ بِكَاذِبِينَ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَسَاكِرَ الْحَافِظُ: بَلَغَنِي أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الأَسْوَدِ كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ الآخِرَةَ بمسجد دمشق، ويخرج إلى زبدين، فتضيء إِبْهَامُهُ الْيُمْنَى، فَلا يَزَالُ يَمْشِي فِي ضَوْئِهَا حَتَّى يَبْلُغَ زِبْدِينَ. قُلْتُ: وَقَدْ حَضَرَهُ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ عِنْدَ الْمَوْتِ. 261- يَزِيدُ بْنُ شَرِيكٍ –ع- التيمي الكوفي، مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ لا تَيْمِ قُرَيْشٍ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةَ. روى عنه: ابنه إبراهيم التيمي، وإبراهيم النخعي، والحكم بن عتبة، وغيرهم. وثقه يحيى بن معين. مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: كَانَ عَلَى أَبِي قَمِيصٌ مِنْ قُطْنٍ، فَقُلُتْ: يَا أبَهْ، لَوْ لَبِسْتَ! فَقَالَ: لَقَدْ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ، فَأَصَبْتَ آلَافًا فَمَا اكْتَرَثْتُ بِهَا فَرَحًا، وَلا حَدَّثْتُ نَفْسِي بِالْكُرْهِ أَيْضًا، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ كُلَّ لُقْمَةٍ طَيِّبَةٍ أَكَلْتُهَا فِي فَمِ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: إِنَّ ذَا الدِّرْهَمَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدُّ حِسَابًا مِنْ ذِي الدِّرْهَمِ. سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: لَمَّا قَصَّ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ أَخْرَجَهُ أَبُوهُ رَحِمَهُ اللَّهُ. 262- يَزِيدُ بْنُ عَمَيْرَةَ –د ن- الزبيدي1، وَيُقَالُ: الْكِنْدِيُّ، وَيُقَالُ: السّكْسَكِيُّ الْحِمْصِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، وغيرهم.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 440"، والإصابة "3/ 675".

وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: شَاميٌّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَكْبَرُ أَصْحَابِ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ؛ وَكَانَ رَأْسَ الْقَوْمِ يَزِيدُ بْنُ عَمِيرَةَ الزبيدي. "الكنى": 263- أبو إدريس الخولاني1 –ع- اسمه عائذ اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ، فقيه أَهْل دمشق، وقاضي دمشق. وقيل: اسمه عَبْد اللَّهِ بْن إدريس بْن عائذ اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبة. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام حُنَيْن. وحدّث عَنْ: أَبِي ذَرّ، وأَبِي الدرداء، وحُذَيْفة، وعُبادة بْن الصّامت، وأَبِي موسى، والمُغِيرَة بْن شُعْبة، وأَبِي هريرة، وعُقْبة بْن عامر، وعَوْف بْن مالك، وشدّاد بْن أوس، وابْن عَبَّاس، وأَبِي مسلم الخَوْلانيّ، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: مكحول، وأَبُو سلام الأسود، وأَبُو قلابة الْجَرْميّ، والزُّهْريّ، وربيعة بْن يَزِيد، ويحيى بْن يحيى الغسّاني، وأَبُو حازم الأعرج، ويونس بْن مَيْسَرة، وآخرون كثيرون. قَالَ العَبَّاس بْن سالم الدمشقيّ، وهُوَ ثقة: سَمِعْت أَبَا إدريس الخَوْلانيّ قَالَ: لَمْ أنس عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود قائمًا عَلَى دَرَج كنيسة دمشق يحدّثنا بالأحاديث. قَالَ أَبُو زُرْعة الدمشقيّ: قلت لدُحَيْم: أيُّ الرَّجُلين عندك أعلم: جُبَير بْن نُفَيْر، أو أَبُو إدريس الخَوْلانيّ؟ قَالَ: أَبُو إدريس عندي المقدّم، ورفع من شأن جُبَير لإسناده وأحاديثه. وقَالَ الزُّهْري: حَدَّثَنِي أَبُو إدريس، وكَانَ من فُقهاء أَهْل الشام. وقَالَ مكحول: ما رأيت مثل أَبِي إدريس الخَوْلانيّ. عَنْ سَعِيد بْن عبد العزيز قَالَ: كَانَ أَبُو إدريس عالمَ الشام بَعْد أبي الدرداء.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 448"، أسد الغابة "5/ 134"، السير "4/ 272".

وقَالَ مُحَمَّد بْن شُعيب بْن شابور، أخبرني يَزِيد بْن عُبَيدة أنّه رأى أَبَا إدريس فِي زمن عَبْد الْمَلِكِ، وأنّ حَلِق المسجد بدمشق يقرأون الْقُرْآن يدرسون جميعًا، وأَبُو إدريس جالس إِلَى بعض العُمُد، فكُلَّما مرّت حلقةٌ بآية سَجْدةٍ بعثوا إليه يقرأ بها، فأنصتوا لَهُ وسجد بهم، وسجدوا جميعًا بسجوده، وربّما سجد بهم اثنتي عشرة سجْدة، حتّى إذا فرغوا من قراءتهم قام أَبُو إدريس يقُصّ. ثم قدّم الْقَصَصَ بَعْد ذَلِكَ. وقَالَ خَالِد بْن يَزِيد بْن أَبِي مالك، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنّا نجلس إِلَى أَبِي إدريس الخَوْلاني فيحدّثنا، فحدّث يومًا بغزاةٍ حتّى استوعبها، فقَالَ رجل: أحَضَرْتَ هذه الغَزَاة؟ قَالَ: لا، فقَالَ: قد حضرتُها مَعَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولأنْتَ أحْفَظُ لها مني. وقَالَ سعيد بْن عبد العزيز: عزل عَبْد الْمَلِكِ بلالا عَنِ القضاء وولّى أَبَا إدريس. وقَالَ الوليد عَنِ ابْن جابر: إنّ عَبْد الْمَلِكِ عزل أَبَا إدريس عَنِ القَصص وأقرَّه عَلَى القضاء، فقَالَ: عزلتموني عَنْ رغبتي، وتركتموني فِي رهْبتي. وقَالَ أَبُو عُمَر بْن عبد البَرّ: سماع أَبِي إدريس عندنا من مُعاذ صحيح. قَالَ خَلِيفَة: تُوُفِّيَ سَنَة ثمانين. 264- أَبُو بحرية التراغمي1 الحمصي. اسمه عَبْد اللَّهِ بْن قَيْس. شهِد خُطبة الجابية. وحدّث عَنْ: مُعاذ، وأَبِي هريرة، ومالك بْن يَسَار. روى عنه: خالد بن معدان، وضمرة بن حبيب، ويزيد بن قطب، ويونس بن ميسرة، وأبو بكر بن أبي مريم، وغيرهم. أدرك الجاهلية. ووثقه ابن معين، وغيره، وفي لقي ابن أبي مريم له نظر. قال بقية: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن أَبِي مريم، عَنْ يحيى بْن جَابِر، عَنْ أَبِي بحرية قَالَ: إذا رأيتموني ألتفت فِي الصّفّ فأوجئوا فِي لحيْي حتّى أسْتوي. وحكى عَبْد اللَّهِ القطربليّ، عَنِ الْوَاقِدِيّ أَنَّ عُثْمَان كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَة: أَنْ أغْزِ الصَّائِفَةَ رَجُلا مَأْمُونًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، رَفِيقًا بِسِيَاسَتِهِمْ، فَعَقَدَ لأَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بن

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 442"، والسير "4/ 594".

قَيْس الكِنْديّ، وكَانَ فقيهًا ناسكًا يُحمَل عَنْهُ الْحَدِيث، وكَانَ عُثمانيّ الهوى حَتَّى مات فِي زمن الوليد، وكَانَ مُعَاوِيَة وخلفاء بني أُمَيَّةَ تُعَظِّمُه. يُؤخَّر إِلَى الطبقة التاسعة. 265- أَبُو تميم الجيشاني1 –م ت ن ق. اسمه عَبْد اللَّهِ بْن مالك بْن أَبِي الأسحم المصري أَخُو سيف. وُلد فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقدما المدينة زمن عُمَر. روى أبو تميم عَنْ: عُمَر، وعَلِيّ، وأَبِي ذَرّ، وقرأ الْقُرْآن عَلَى مُعاذ بْن جَبَل. رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّهِ بْن هُبَيْرة، وكعب بْن علقْمة، ومَرْثَد بن عبد الله اليزني، وبكر بن سوادة، وغيرهم. قَالَ يَزِيد بْن أَبِي حبيب: كَانَ من أعبد أَهْل مصر. قلت: تُوُفِّيَ فِي سَنَة سبع وسبعين. نقله سَعِيد بْن عفير. وقَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ المقرئ: ثنا ابْن لَهيعة، حَدَّثَنِي ابْن هُبَيرة: سَمِعْت أَبَا تميم الْجَيْشَانيّ يَقُول: أقرأني مُعاذ بْن جَبَل الْقُرْآن حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى اليمن. قلت: وتعلّم مُعاذ كثيرًا من الْقُرْآن من ابْن مَسْعُود، قاله الأعمش، عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعيّ. قَالَ ابْن مَسْعُود: جاء مُعَاذ، فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أقْرِئه" 2، فأقرأتُهُ ما كَانَ معي، ثمّ كنت أنا وهُوَ نختلف إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقْرِئنا. 266- أَبُو ثعلبة الخُشنّي3 –ع- اسمه عَلَى أشهر ما قيل: جرثوم بْن ناشم. لَهُ صُحبة ورواية، ورَوَى أَيْضًا عَنْ: أبي عُبَيدة، ومُعاذ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيد بْن المسيّب، وجُبَير بْن نُفَير، وأَبُو إدريس الخَوْلاني، وأَبُو رجاء العُطَارديّ، وأَبُو الزاهرية، وعُمَير بن هانئ.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 510"، أسد الغابة "5/ 152"، الإصابة "4/ 72". 2 انظر: المجمع "8/ 257". 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 416"، الإصابة "4/ 29"، السير "2/ 567".

وسكن الشام، وكَانَ يكون بداريّا. وقيل: إنّه سكن قرية البلاط وله ذرية بها. وقَالَ الدارَقُطْنيُّ وغيرُه: بايع بَيْعة الرضوان، وضرب لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسَهْمٍ يوم خَيْبر، وأرسله إِلَى قومه فأسلموا. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا عَبْدُ الرّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قَلابَةَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُبْ لِي بِأَرْضِ كَذَا وَكَذَا بِالشَّامِ -لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَئِذٍ- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ هَذَا"؟ 1 فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَظْهَرَنَّ عَلَيْهَا. قَالَ: فَكَتَبَ لَهُ بِهَا. وقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: بينا أبو ثعلبة الخشني، وكعب جالسين، إذ قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، مَا مِنْ عَبْدٍ تَفَرَّغَ لِعِبَادَةِ اللَّهِ إِلا كَفَاهُ الله مؤونة الدنيا، قال: أشيء سمعته من رسول الله صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ شَيْءٌ تَرَاهُ؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ أَرَاهُ، قَالَ: فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ مَنْ جَمَعَ هُمُومَهُ هَمًّا وَاحِدًا، فَجَعَلَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ، وَكَانَ رِزْقُهُ عَلَى اللَّهِ، وَعَمَلُهُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ فَرَّقَ هُمُومَهُ، فَجَعَلَ فِي كُلِّ وَادٍ هَمًّا، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّهَا هَلَكَ، ثُمَّ تَحَدَّثا سَاعَةً، فَمَرَّ رَجُلٌ يَخْتَالُ بَيْنَ بُرْدَيْنِ، فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ بِئْسَ الثوب ثوب الْخُيَلَاءُ، فَقَالَ: أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ أَرَاهُ، قَالَ: فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ: مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَضَعَهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ يُحِبَّهُ2. وقَالَ خَالِد بْن مُحَمَّد الوهْبيّ والد أَحْمَد: سَمِعْت أَبَا الزَّاهرية قَالَ: سَمِعْت أَبَا ثعلبة يَقُول: إنّي لأرجو أن لا يخنُقني اللَّهُ عزَّ وجلَّ كما أراكم تُخنقون عند الموت، قَالَ: فبينما هُوَ يصلي فِي جوف الليل قُبض وهُوَ ساجد3. قَالَ أَبُو حسّان الزّياديّ: تُوُفِّيَ سَنَة خمس وسبعين. 267- أَبُو جُحَيفة السُّوائيّ –ع- اسمه وهْب بْن عَبْد اللَّهِ4، ويقَالَ لَهُ: وهب

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 192، 193"، وعبد الرزاق "8503" في مصنفه. 2 حديث حسن لغيره: ورواه الطبراني كما في المجمع "4/ 61" وله شواهد. 3 السير "2/ 570، 571". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 63"، والسير "3/ 202".

الخير من صغار الصَّحَابَة، تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُراهق، وكَانَ صاحب شُرطة عَلِيّ، وكَانَ إذا خطب عَلِيّ يقوم تحت منبره. رَوَى عَنْ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعَنْ عَلِيّ، والبَرَاء. رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن الأقمر، وسلمة بْن كهيل، والحَكَم بْن عُتْبة، وابنه عَوْن بْن أَبِي جُحَيْفة، وإسماعيل بن أَبِي خَالِد، وغيرهم. تُوُفِّيَ سَنَة إِحْدَى وسبعين، والأصحّ أنّه تُوُفِّيَ سَنَة أربعٍ وسبعين، وقيل: أنّه بقي إِلَى سَنَة نيّفٍ وثمانين. 268- أمّ خالد الأموية1 –خ د ن- بنت خَالِد بْن سَعِيد بْن العاص بْن أمية الأموية، اسمها أمة. ولدت لأبيها بالحَبَشة. ولها صُحْبة ورواية حديثين. وتزوّجها الزُّبيْر بْن العوَّام فولدت لَهُ عَمْرًا، وخالدًا. رَوَى عنها: سَعِيد بْن عَمْرو بْن سَعِيد بْن الْعَاصِ، وموسى بْن عُقبة. وأظنُّها آخر من مات من النّساء الصَّحابيّات. الْوَاقِدِيّ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْن مُحَمَّد بْن خَالِد، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أَمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ: سَمِعْتُ النَّجَاشِيَّ يَوْمَ خَرَجْنَا يَقُولُ لأَصْحَابِ السَّفِينَتَيْنِ: أَقْرِئُوا جَمِيعًا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنِّي السَّلامَ، قَالَتْ: فَكُنْتُ فِيمَنْ أَقْرَأَ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ النَّجَاشِيِّ السَّلامَ2. أَبُو نُعَيْمٍ، وَالطَّيَالِسِيُّ قَالا: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَتْنِي أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدٍ قَالَتْ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ، فَقَالَ: "مَنْ تَرَوْنَ أكْسُو هَذِهِ"؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: "ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ" 3، فَأُتِيَ بِي أُحْمَلُ، فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ وَقَالَ: "أَبْلِي وَأَخْلِقِي" يَقُولُهَا مَرَّتَيْنِ، وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ أَحْمَرَ

_ 1 انظر: الطبقات "8/ 234"، السير "3/ 470، 471". 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 234" فيه الواقدي. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "10/ 236"، وأبو داود "4024".

وَأَصْفَرَ، فَقَالَ: "هَذَا سَنَا يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَا" وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى الْعَلَمِ. وَالسَّنَا بلسان الحبش: الحسن. قال إسحاق: فحدثتني امرأة من أهلي أنّها رأت الخَميصة عند أم خالد. 269- أبو سالم الجيشاني1 –م د ن- اسْمُهُ سُفْيَانُ بْنُ هَانِئٍ الْمَصْرِيُّ. شهدِ فتحَ مصر، ووفد عَلَى عَلِيّ -رَضِيَ الله عنهم. وروى عَنْ: عَلِيّ وأَبِي ذَرّ، وزيد بْن خَالِد الْجُهَنيّ. رَوَى عَنْهُ: ابنه سالم، وابْن ابنه سعيد بْن سالم، وبكر بْن سوادة، ويَزِيد بْن حبيب، وعَبْد اللَّهِ بْن أَبِي جَعْفَرٍ. 270- أَبُو سَعِيد الخُدْرِيّ2 –ع- صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ من فُضَلاء الصَّحَابَة بالمدينة. وهُوَ سَعِيد بْن مالك بْن سنان بْن ثعلبة بْن عُبَيد الأَنْصَارِيّ الخزْرجيّ الخُدْرِيّ. روى الكثير عن النبي -صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وعَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وعُمر، وأخيه لأمّه قَتَادة بْن النُّعمان. رَوَى عَنْهُ: زيد بْن ثابت، وابْن عَبَّاس، وجَابِر بْن عَبْد اللَّهِ، وسَعِيد بْن المسيّب، وطارق بْن شهاب، وسَعِيد بْن جُبَير، وأَبُو صالح السّمّان، وعطاء بْن يسار، والحسن، وأبو الوداك، وعمرو بْن سُلَيْم الزُّرَقيّ، وأَبُو سَلَمَةَ، ونافع مولى ابْن عُمَر، وخلْق. وقُتل أَبُوهُ يوم أُحُد. قَالَ أَبُو هارون العبديّ: كَانَ أَبُو سَعِيد الخُدْرِيّ لا يَخْضب، كَانَت لحيته بيضاء خَضْلاء. وقَالَ ابْن سَعْد، وغيره، شهد أَبُو سَعِيد الخنْدق وما بعدها من المشاهد. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: عُرِضْتُ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابن

_ 1 انظر: أسد الغابة "2/ 322"، السير "4/ 74". 2 انظر: الحلية "1/ 369"، الاستيعاب "2/ 609".

ثَلاثَ عَشْرَةَ فَجَعَلَ أَبِي يَأْخُذُ بِيَدِي فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ عَبْلُ الْعِظَامِ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَعِّدُ في النظر يصوبه، ثُمَّ قَالَ: رُدَّهُ فَرَدَّنِي1. وقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أنا إسماعيل بن عياش، حدثني عقيل بن مُدْرَكٍ، يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلا أَتَاهُ فَقَالَ: أَوْصِنِي يَا أَبَا سَعِيدٍ، قَالَ: عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهَا رَأْسُ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ الإِسْلامِ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ رَوْحُكَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَذِكْرُكَ فِي أَهْلِ الأَرْضِ، وَعَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلا فِي حَقٍّ فَإِنَّكَ تَغْلِبُ الشَّيْطَانَ2. وقَالَ حنظلة بْن أَبِي سُفْيَان، عَنْ أشياخه، إنّه لَمْ يكن أحدٌ من أحداث أصحاب النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعلم من أَبِي سَعِيد الخُدْرِيّ. وقَالَ وهْب بْن جَرِير: ثنا أَبُو عَقِيلٍ الدَّوْرَقِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَصْرَةَ يُحَدِّثُ قَالَ: وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ غَارًا، فَدَخَلَ فِيهِ عَلَيْهِ رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ تَقْتُلَهُ، فَلَمَّا انْتَهَى الشَّامِيُّ إِلَى بَابِ الْغَارِ، قَالَ لأَبِي سَعِيدٍ، وَفِي عُنُقِ أَبِي سَعِيدٍ السَّيْفُ: اخْرُجْ إِلَيَّ، قَالَ: لا أَخْرُجُ وَإِنْ تَدْخُلْ عَلِيَّ أَقْتُلْكَ، فَدَخَلَ الشَّامِيُّ عَلَيْهِ، فَوَضَعَ أَبُو سَعِيدٍ السَّيْفَ، وَقَالَ: بُؤْ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ وَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ، قَالَ: أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمَ. قَالَ: فَاسْتَغْفِرْ لِي غَفَرَ اللَّهُ لَكَ3. خَالِد بْن مَخْلَد: ثنا عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر، عَنْ وهْب بْن كَيْسان قَالَ: رأيت أَبَا سَعِيد الخُدْرِيّ يلبس الخَزّ. الثَّوريّ، عَنِ ابْن عَجْلان، عَنْ عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع: رأيت أَبَا سَعِيد يحفِي شاربه كأخي الحلق. قَالَ الْوَاقِدِيّ والجماعة: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وسبعين. وقَالَ ابْن المَدينيّ قولين لَمْ يُتابع عليهما.

_ 1 حديث ضعيف: من رواية الواقدي. 2 حديث ضعيف: إسناده منقطع: وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق". 3 خبر حسن: تهذيب تاريخ دمشق "6/ 114".

وقَالَ إسماعيل القاضي: سمعته يَقُول: تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاث وَسِتِّينَ. وقَالَ البخاريّ: قَالَ عَلِيّ: مات بعد الحرة بسنة. أبو سعيد بن المعلى الأنصاري1 –خ د ن ق- المدني، قيل: اسمه رافع. له صُحْبة ورواية. رَوَى عَنْهُ: حفص بْن عاصم، وعُبَيد بْن حُنَين. تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاث وسبعين. قَالَ الْوَاقِدِيّ: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وسبعين، يعني أَبَا سَعِيد بْن المُعَلِيّ. وقَالَ ابْن سَعْد: هُوَ أَبُو سَعِيد بْن أوس بْن المُعَلِيّ بْن لَوْذان من بني جُشَم بْن الخزرج. 271- أَبُو الصَّهْباء البكْريّ صُهَيب2. عَنْ: عَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وابْن عَبَّاس. وَعَنْهُ: سَعِيد بْن جُبَير، وطاوس، وأَبُو نَضْرة، ويحيى بْن الجزّار. قَالَ أَبُو زُرْعة الرازيّ: مدنيِّ ثقة. وقَالَ البُخاريّ: سمَعَ عليًّا، وابنَ مَسْعُود. 272- أبو عامر الهوزني3 –د ن ق- عبد الله بن لحي الحمصي، والد أَبِي اليَمان عامر. من قُدماء التَّابعين، أدرك الإسلام، من أوّله، وسمَعَ: عُمَر، ومعاذ بْن جَبَل، وبلالا، وعَبْد اللَّهِ بْن قُرْط، ومُعَاوِيَة، وجماعة. وشهد خُطْبة الجابية. رَوَى عَنْهُ: أَبُو سلام الأسود، وراشد بْن سَعْد"، وأزهر الحَرَازيّ، وابنه أَبُو اليَمَان، وحَيْوَة بْن عُمَر.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 600"، وأسد الغابة "5/ 211". 2 انظر: التاريخ "4/ 315"، والتهذيب "4/ 439". 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 145"، والتهذيب "5/ 373".

وقَالَ أَبُو زُرْعة الدمشقيّ: كَانَ من أصحاب أَبِي عُبَيْدة. ووثّقه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بن عمار. 273- أبو عبد الله الأشعري1 –د ق- الشامي الدمشقي. رَوَى عَنْ: مُعَاذ، وخَالِد بْن الوليد، وأَبِي الدرداء، ويَزِيد بْن أَبِي سُفْيَان. روى عنه: أبو صالح الأشعري، وإسماعيل بن أبي المهاجر، وزيد بن واقد. 274- أبو عبد الرحمن السلمي2 –ع- مقرئ الْكُوفَة بلا مُدَافَعة. اسمه عَبْد اللَّهِ بْن حبيب بْن ربيعة. قرأ الْقُرْآن عَلَى: عُثْمَان، وعَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وسمَعَ مِنْهُمْ ومن عُمَر. رَوَى حسين بْن عَلِيّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْن أبان، عَنْ عَلْقَمة بْن مَرْثَد قَالَ: تعلّم أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ الْقُرْآن من عُثْمَان، وعَرَض عَلَى عَلِيّ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيم النَّخَعيّ، وسَعِيد بْن جُبَير، وعَلْقمة بْن مَرْثَد، وعطاء بْن السّائب، وإسماعيل السُّدّيّ، وغيرهم. وأقرأ بالْكُوفَة من خلافة عُثْمَان إِلَى إمرة الحَجّاج، قرأ عَلَيْهِ عاصم بْن أَبِي النَّجُود. تُوُفِّيَ سَنَة أربع وسبعين، وقيل: سَنَة ثَلاث، وقيل: تُوُفِّيَ فِي إمرة بِشْر بْن مَرْوَان، وقيل غير ذَلِكَ. وأمّا قول ابْن قانع: إنّه تُوُفِّيَ سَنَة خمس ومائة، فَوَهْم لا يُتابَعُ عَلَيْهِ. وعَلَيْهِ تلقّن عاصمُ الْقُرْآن. قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أقرأ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ فِي المسجد أربعين سَنَة. وقَالَ عطاء بْن السّائب: دخلنا عَلَى أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ نَعُودُه، فذهب بعضُهم يُرَجّيه، فقَالَ: أنا أرجو ربّي وقد صُمْتُ لَهُ ثمانين رمضانًا. وقَالَ حَجّاج، عَنْ شُعبة: إنّه لم يسمَعَ من عُثْمَان ولا من ابن مسعود، وهذا فيه

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 400"، التهذيب "12/ 147". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 172"، السير "4/ 267".

نظر، فإنّ روايته عَنْ عُثْمَان فِي الصّحيح، وفي كَتَبَ القراءات إنّه قرأ عَلَى عُثْمَان، وعَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وزيد بْن ثابت. قَالَ أَبُو بَكْر بْن عيّاش، عَنْ عاصم إنّ أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ قرأ عَلَى عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وقَالَ ابْن مجاهد فِي كتاب السبعة: أول من أقرأ الناس بالْكُوفَة بالقراءة التي جمَعَ الناس عليها عُثْمَان أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، فجلس فِي مسجدها الأعظم، ونصب نفسه لتعليم الْقُرْآن أربعين سَنَة. قلت: روايته عَنْ عُمَر فِي "سُنَن النَّسَائِيّ". ويقَالَ: إنّه أضرّ1 بآخره، رحمه اللَّه تعالى. قَالَ الدّانيّ: أَخَذَ القراءة عَرْضًا عَنْ: عُثْمَان، وعَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وأَبِي بْن كعب، وزيد بْن ثابت. عرض عَلَيْهِ: عاصم، وعطاء بْن السّائب، ويحيى بْن وثّاب، وأَبُو إِسْحَاق، وعَبْد اللَّهِ بْن عيسى بْن أَبِي ليلى، ومُحَمَّد بْن أَبِي أَيُّوب، وعامر الشَّعبيّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد. وكَانَ من المعمَّرين. شُعبة، عَنْ علْقمة بْن مَرْثَد، عَنْ سَعْد بْن عُبيدة أنّ أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ أقرأ في خلافة عُثْمَان إِلَى أن تُوُفِّيَ فِي إمارة الحَجّاج. 275- أَبُو عطية الوادعيّ الكوفِي2 –سوى ق. رَوَى عَنْ: ابْن مَسْعُود، وعائشة. وعنه: محمد بن سيرين، وخيثمة بن عبد الرحمن، وعمارة بن عمير، وأبو إسحاق، وغيرهم. وثقه ابن معين. وقد ورد أن الأعمش رَوَى عَنْهُ، فإنْ كَانَ قد سمع منه فيؤخر عن هنا.

_ 1 أي أصيب بالعمى. 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 121"، التهذيب "12/ 169".

276- أَبُو غَطفان المُرّيّ الحجازيّ1 –م د ن ق. رَوَى عَنْ: سَعِيد بْن زَيْدِ بْن عَمْرو بْن نُفَيْلٍ، وأَبِي هريرة، وابْن عَبَّاس، وغيرهم. رَوَى عَنْهُ: إسماعيل بْن أُمَيَّةَ، وقانط بْن شيبة الزُّهْريّ، ويعقوب بْن عُتْبة بْن الأخنس، وآخرون. 277- أَبُو قِرْصافة الكناني2، جَنْدَرة بْن خَيْشَنَة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. صَحَابيّ معروف، نزل عسقلان ورَوَى أحاديث. رَوَى ضَمْرة بْن ربيعة، عَنْ بلال بْن كعب قَالَ: زُرْنا يحيى بْن حسّان أنا وإِبْرَاهِيم بْن أدهم فِي قريته، فقَالَ: أمَّنا فِي هَذَا المسجد أَبُو قِرْصافة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربعين سَنَة، يصوم يومًا ويُفْطر يومًا، فوُلد لأَبِي غلامٌ، فدعاه فِي اليوم الَّذِي يصومه فأفطر. رواه البخاري فِي "الأدب" لَهُ. 278- أبو مراوح الغفاري –خ م ن ق- ويقال: الليثي المدني3. قَالَ مسلم: اسمه سَعْد. قلت: رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرّ، وحَمْزَة بْن عَمْرو الأَسْلَمِيّ. وعنه: عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وزيد بن أسلم، وغيرهم. وكان ثقة نبيلا، يقال: إنه ولد في زمن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 279- أَبُو مُعْرض الأسديّ أَخُو خُزَيْمة4. كوفِي شاعر، اسمه مُغِيرَة بْن عَبْد اللَّهِ ويُعرف بالأقَيْشِر. وُلد فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبقي إِلَى أن وفد عَلَى عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرْوَان. وهُوَ القائل في أم الخبائث:

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 176"، التهذيب "12/ 99". 2 انظر: الاستيعاب "1/ 274"، التهذيب "2/ 119". 3 انظر: التهذيب "12/ 227"، الثقات "2035" للعجلي. 4 انظر: البداية "9/ 6"، الشعر والشعراء "2/ 463".

تريك القذى من دونها وهي دونه ... لوجهِ أخيها فِي الإناء قطوب كميت إذا شجت وفي الكأس وردةٌ ... لها فِي عظام الشاربين دَبيبُ وقيل لَهُ: الأقَيْشر لأنّه كَانَ أحمرَ الوجه أقْشَر. وله شِعْر كثير. 280- أَبُو عمّار الهمذاني1 اسمه عريب بْن حُمَيد، عداده فِي الكوفيّين. سمَعَ: عمّار بْن ياسر، وقَيْس بْن سَعْد. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق السَّبيعيّ، والقاسم بْن مُخَيْمِرَة. 281- أبو قُرَّةَ الكِنْديّ كوفِي2، اسمه سَلَمَةُ بْن مُعَاوِيَة بْن وهْب. عَنْ: ابْن مَسْعُود، وسَلْمان، والمُغِيرَة بْن شُعْبة، وعَلْقمة. وَعَنْهُ: الشّعبيّ، وتميم بْن حذْلَم الضَّبَيّ، وأَبُو إِسْحَاق. 282- أَبُو الكَنُود3 يقَالَ: عَبْد اللَّهِ بْن عِمران الأزديّ، ويقَالَ: عَبْد اللَّهِ بْن عُوَيْمر، ويقَالَ: عَبْد اللَّهِ بْن عامر. سمَعَ: ابنَ مَسْعُود، وخبَّاب بنَ الأرتّ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق السَّبيعيُّ، وأَبُو سَعْد الأزْديٍّ. وهُوَ مُقلّ. 283- أَبُو كنف العبْدي4 سمع: ابنَ مَسْعُود، وسَعْد بْن أَبِي وقّاص، وأَبَا هُرَيرة. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ الْخَارِقِيُّ، وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ. 284- أَبُو نملة الأَنْصَارِيُّ الظَّفَرِيُّ5 قِيلَ: اسْمُهُ عَمَّارُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ زُرَارَةَ. قَالَ أبو أحمد الحاكم: له صحبة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 32"، التهذيب "7/ 91". 2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 148"، الثقات "5/ 587" لابن حبان. 3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 177"، التهذيب "12/ 213". 4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 201"، الجرح والتعديل "9/ 431". 5 انظر: التهذيب "12/ 259"، والإصابة "2/ 512".

أَدْرَكَ الْحَرَّةَ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ. وَمَاتَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي وِلَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ نَمْلَةُ بْنُ أَبِي نَمْلَةَ شَيْخُ الزُّهْرِيِّ. وَلَهُ حَدِيثٌ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ": "إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلا تُصَدِّقُوهُمْ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ" 1. 285- أَبُو يَحْيَى الْكُوفِيُّ2 هُوَ حَكِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْحَنَفِيُّ. عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ: عِمْرَانُ بْنُ ظَبْيَانَ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ به بأس. 286- أبو يحيى الأعرج المُعَرْقَب مَوْلَى3 مُعَاذ بْن عَفْراء الأَنْصَارِيّ. اسمه مِصْدع، قاله عَمْرو بْن دينار. وقَالَ ابْن معين: أَبُو يحيى الأعرج اسمه زِيَاد. رَوَى عَنْ: عَلِيّ، وعائشة، وابْن عَبَّاس. وعنه: سعيد بن أبي الحسن، وسعد بن أوس العدوي. 287- أبو مسلم الجليلي4 من أهل جبل الجليل، أدرك النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكَانَ معلِّمَ كَعْبِ الأحبار، أسلم فِي عهد عُمَر، وقيل: فِي عهد مُعَاوِيَة. حكى عَنْهُ: أَبُو مسلم الخَوْلانيّ، وأَبُو قلابة، وحزام بْن حكيم، وجُبَير بْن نُفَير، ومسلم بْن مشْكم، وشُرَيْح بْن عقيل، ولُقمان بْن عامر، وغيرهم. رَوَى قاسم الرحّال، عَنْ أَبِي قلابة أنّ أَبَا مسلم الجليليّ أسلم عَلَى عهد مُعَاوِيَة، فأتاه أَبُو مسلم الخَوْلاني فقَالَ: ما منعك أن تُسْلم عَلَى عهد أَبِي بَكْرٍ وعُمَر؟! فقَالَ: إني وجدت فِي التَّوراة أنّ هذه الأمة ثلاث أصناف، صنف يدخل الجنة بغير حساب،

_ 1 حديث صحيح لغيره: أخرجه البخاري "8/ 160" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 2 انظر: التهذيب "2/ 453"، تهذيب الكمال "3/ 1590". 3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 477"، والتهذيب "10/ 157". 4 انظر: الجرح والتعديل "9/ 436"، وتهذيب الكمال "3/ 1648".

وصنْف يحاسبون حسابًا يسيرًا، وصنْف يصيبهم شيءً ثم يدخلون الجنة، فأردت أن أكون من الأوّلين، فإنْ لَمْ أكن مِنْهُمْ كنت ممن يُحاسَب حسابًا يسيرًا، فإنْ لَمْ أكن مِنْهُمْ كنت من الآخرين. صالح المُرّيّ، عَنْ أَبِي عَبْد اللَّهِ الشامي، عَنْ مكحول، عَنْ أَبِي مسلم الخَوْلانيّ أنّه لقي أَبَا مسلم الْجَلُوليّ، وكَانَ مترهَّبا، نزل من صَوْمَعَته أيّام عُمَر وأسلم، فقَالَ: تركت الإسلام عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعهد أَبِي بَكْرٍ، وذكر الْحَدِيث. الجريريّ، عَنْ عُقْبة بْن وسّاج: كَانَ لأَبِي مسلم الخَوْلانيّ جارّ يهوديّ يُكَنّى أَبَا مسلم كَانَ يمرّ به فيَقُول: يا أَبَا مسلم أسْلمْ تَسْلَم، فمرّ به يومًأ وهُوَ يصلّي، وذكر شِبْهَ حديث أَبِي قلابة. قَالَ ابْن مَعين: أَبُو مسلم الجليلّيّ، ويقال: الجلولي، شامي. 288- الأغر بن سليك1 –ن- ويقال: ابن حنظلة الكوفي. عَنْ: عَلِيّ، وأَبِي هريرة. وَعَنْهُ: سِمَاك بْن حرب، وعَلِيّ بْن الأقمر، وأَبُو إِسْحَاق السَّبيعيّ. رَوَى لَهُ النَّسَائِيّ. آخر الطبقة الثامنة والحمد لله أولًا وآخرًا.

_ 1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 243"، التهذيب "1/ 365".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الطبقة السابعة: الصفحة الموضوع "حوادث سنة إحدى وستين" 3 المتوفون في هذه السنة 3 مقتل الحسين بن علي -رضي الله عنه- 16 قدوم المختار الثقفي على ابن الزبير "حوادث سنة اثنتين وستين" 16 المتوفون في هذه السنة 16 استعمال المنذر بن الجارود أميرا على السند 17 غزو سلم بن أحور خوارزم 17 انتقاض أهل كابل. 17 الحج هذا الموسم "حوادث سنة ثلاث وستين" 17 المتوفون في هذه السنة 17 وقعة الحرة 17 ولاية طلحة الخزاعي على سجستان. 17 غزوة عقبة بن نافع إلى السوس الأقصى. 17 قصة الحرة "حوادث سنة أربع وستين" 25 المتوفون في هذه السنة 25 قتال الحصين بن نُمير وابن الزبير 25 احتراق ستائر الكعبة وسقفها 25 لقاء الحُصَين وابن الزبير بالأبطح 26 وفاة يزيد بن معاوية 27 البيعة لابن الزبير

الصفحة الموضوع 27 البيعة لمعاوية بن يزيد بالخلافة. 27 وفاة معاوية بن يزيد. 28 إمرة عبيد الله بن زياد على العراق. 28 خروج الخوارج على ابن زياد. 28 انتهاب خيل ابن زياد. 28 استجارة ابن زياد بمسعود رئيس الأزد. 28 بيعة أهل البصرة لعبد الله بن الحارث الهاشمي. 28 خبر مسعود رئيس الأزد ومقتله. 29 الحرب بن الضحاك بن قيس ومروان بن الحكم. 29 مقتل الضحاك بن قيس. 30 انتقاض أهل الري 30 ظهور الخوارج بمصر. 30 اصطلاح أهل الكوفة على عامر بن مسعود. 30 هدم الكعبة وإعادة بنائها على يد ابن الزبير. "حوادث سنة خمس وستين" 30 المتوفون في هذه السنة. 31 البيعة لمروان بن الحكم بالخلافة. 31 إمارة المهلب بن أبي صفرة على خراسان. 31 مسير مروان بالجيش إلى مصر. 32 وفادة الشهاب الزهري على مروان بن الحكم. 32 توجيه حُبيش بن دلجة إلى المدينة ومقتله. 32 حصار ابن الزبير لابن الحنفية. 32 خروج بني ماحوز بالأهواز وفارس. 32 اجتماع الحرورية بابن الزبير. 33 خلاف الحرورية وخروجهم على ابن الزبير. 33 انهزام مصعب بن الزبير أمام ابن الأشدق. 33 بيعة جند خراسان لسلم بن زياد. 34 موت أوس بن ثعلبة بسجستان.

الصفحة الموضوع 34 خروج المختار إلى الكوفة والدعوة لنفسه. 36 خبر حريق الكعبة وإعادة بنائها. 37 غلبة الأمراء على خراسان والسند والبحرين. 37 مرض عبيد الله بن زياد بأرض الجزيرة. "حوادث سنة ست وستين" 37 المتوفون في هذه السنة. 38 خروج المختار من السجن وتعاظم أمره. 38 افتعال المختار كتابا عن أبي الحنفية. 40 تفشي الطاعون بمصر. 40 ضرب الدنانير بمصر. 40 التقاء عسكر المختار وابن زياد. "حوادث سنة سبع وستين" 40 المتوفون في هذه السنة. 41 ذكر وقعة الخازر. 42 غضب ابن الزبير على المختار. 43 تسرب أهل الكوفة إلى المصعب بن الزبير. 44 كتابة عبد الملك بن مروان لابن الأشتر. 45 رواية الطبري عن كراهية الشيعة للمختار. 46 استعمال المهلب على أذربيجان والجزيرة. "حوادث سنة ثمان وستين" 46 المتوفون في هذه السنة. 46 عزل ابن الزبير لأخيه مصعب عن العراق. 47 عزل ابن الزبير لابن الأشعث عن المدينة. 47 مَرْجِعُ الْأَزَارِقَةِ مِنْ نَوَاحِي فَارِسٍ إِلَى الْعِرَاقِ. 48 مقتل عُبيد الله بن الحُرّ. "حوادث سنة تسع وستين" 48 المتوفون في هذه السنة. 48 الطاعون الجارف بالبصرة.

الصفحة الموضوع 49 إعادة ابن الزبير أخاه مُصعَب إلى العراق 49 غزوة حسان الغساني إلى إفريقية وفتح قرطاجنة 49 مقتل نجدة الحروري "حوادث سنة سبعين" 49 المتوفون في هذه السنة 50 الوباء بمصر 50 مسير الروم إلى الشام 50 وفادة مصعب من العراق على أخيه بمكة

ذكر أهل هذه الطبقة: الصفحة الموضوع "حرف الألف" 50 1- الأحنف بن قيس. 50 2- أسامة بن شريك. 50 3- أسامة بن خارجة. 51 4- أسماء بنت يزيد. 52 5- أسيد بن ظهير. 52 6- أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري. 53 7- إياس بن قتادة العبشمي. "حرف الباء" 53 8- بريدة بن الحصيب. 54 9- بشير بن عقربة. 54 10- بشير بن النضر. "حرف التاء" 54 11- تميم بن حذلم. "حرف الثاء" 55 12- ثور بن معن. "حرف الجيم" 55 13- جابر بن سَمُرة. 55 14- جابر بن عتيك. 56 15- جرهد الأسلمي. 56 16- جعفر بن علي بن أبي طالب. 56 17- جندب بن عبد الله البجلي العلقي. 56 18- جندب الخير بن عبد الله الأزدي. 57 19- جندرة بن خيشنة. "حرف الْحَاءِ" 58 20- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ. 58 21- الحارث بن عمرو الهذلي المدني.

الصفحة الموضوع 58 21- الحارث بن قيس. 59 22- حبشي بن جنادة السلولي. 59 23- حسان بن مالك بن بحدل الكلبي. 59 24- الحسين بن علي –رضي الله عنه. 70 25- حصين بن نمير السكوني. 70 26- الحكم بن أبي العاص الثقفي. 70 27- حمزة بن عمرو الأسلمي. 71 28- حميد بن ثور الهلالي الشاعر. "حرف الذال" 71 29- ذكوان مولى عائشة. "حرف الراء" 71 30- ربيعة بن عمرو الجرشي. 72 31- ربيعة بن كعب الأسلمي. 72 32- الربيع بن خثيم الثوري. "حرف الزاي" 73 33- زيد بن أرقم. 74 34- زيد بن خالد الجهني. "حرف السين" 74 35- السائب بن الأقرع الثقفي. 75 36- سعيد بن مالك بن بحدل الكلبي. 75 37- سليمان بن صرد الخزاعي. 75 38- سواد بن قارب الأزدي. "حرف الشين" 76 39- شداد بن أوس. 76 40- شرحبيل بن ذي الكلاع الحميري. 76 41- شقيق بن ثور السدوسي. 76 42- شمر بن ذي الجوشن.

الصفحة الموضوع "حرف الصاد" 77 43- صلة بن أشيم العدوي. "حرف الضاد" 80 44- الضحاك بن قيس الفهري. "حرف العين" 83 45- عاصم بن عمر بن الخطاب. 84 46- عامر بن عبد قيس العنبري. 87 47- عامر بن مسعود الزُرقي. 88 48- عائذ بن عمرو المزني. 88 49- عبد الله بن حنظلة الأوسي. 88 50- عبد الله بن خيثمة الأنصاري. 89 51- عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري. 89 52- عبد الله بن السائب المخزومي. 89 53- عبد الله بن سخبرة الأزدي. 90 54- عبد الله بن عباس. 98 55- عبد الله بن عمرو بن العاص. 102 56- عبد الله بن مسعدة الفزاري. 102 57- عبد الله بن يزيد الأوسي الخطمي. 103 58- عبد الله بن أحمد الأسدي.. 103 59- عبد الرحمن بن أزهر الزهري. 104 60- عبد الرحمن بن الأسود الزهري. 104 61- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ. 104 62- عبد الرحمن بن حسان بن ثابت. 105 63- عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص. 105 64- عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب. 106 65- عبد الرحمن بن أبي عميرة المُزَني.. 106 66- عبيد الله بن زياد. 109 67- عبد المطلب بن ربيعة.

الصفحة الموضوع 109 68- عبيد الله بن علي بن أبي طالب. 110 69- عدي بن حاتم الطائي. 112 70- عروة بن الجعد البارقي. 113 71- عطية القرظي. 113 72- عقبة بن الحارث بن عامر النوفلي. 114 73- عقبة بن نافع الفهري. 115 74- علقمة بن قيس النخعي. 117 75- عمر بن سعد بن أبي وقاص. 119 76- عمر بن علي بن أبي طالب. 120 77- عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ الْخُزَاعِيُّ. 120 78- عمرو بن الزبير بن العوام. 121 79- عمرو بن شرحبيل الهمداني. 122 80- عمرو بن عبسة بن عامر السلمي. 123 81- عمرو بن سعيد بن العاص الأموي. 125 82- عمرو البكالي. "حرف القاف" 125 83- قُباث بن أشْيَم الليثي. 126 84- قبيصة بن جابر بن وهب الأسدي. 127 85- قيس بن ذريح الليثي الشاعر. 131 86- قيس بن السكن الأسدي. 131 87- قيس بن الملوح المجنون. "حرف الكاف" 135 88- كثير بن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري. "حرف الميم" 135 89- محمد بن الأشعث بْنِ قَيْسِ الكندي. 135 90- محمد بن أُبي بن كعب الأنصاري. 136 91- محمد بن ثابت بن قيس بن شماس. 136 92- محمد بن عمرو بن حزم النجاري.

الصفحة الموضوع 137 93- مالك بن عياض المدني. 137 94- مالك بن هبيرة السكوني. 137 95- مالك بن يخامر السكسكي. 137 96- المختار بن أبي عبيد الثقفي. 138 97- مروان بن الحكم بن أبي العاص. 143 98- مسلم بن عُقبة المري. 143 99- مسروق بن الأجدع. 147 100- مسلمة بن مخلد الأنصاري. 148 101- المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري. 151 102- المسيب بن نجبة الفزاري. 152 103- مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ. 152 104- معاذ بن الحارث الأنصاري. 152 105- معاوية بن حيدة القشيري. 152 106- معاوية بن يزيد بن معاوية. 153 107- معقل بن سنان الأشجعي. 154 108- معقل بن يسار المزني. 155 109- معن بن يزيد بن الأخنس السلمي. 155 110- المغيرة بن أبي شهاب المخزومي. 156 111- المنذر بن الجارود العبدي. 156 112- المنذر بن الزبير بن العوام. "حرف النون" 157 113- النابغة الجعدي الشاعر. 158 114- نجدة بن عامر الحنفي الحروري. 158 115- النعمان بن بشير الأنصاري. 159 116- نوفل بن معاوية الديلي. "حرف الهاء" 160 117- هبيرة بن يريم الشبامي. 160 118- همام بن قبيصة بن مسعود النميري.

الصفحة الموضوع 160 119- هِنْدُ بْنُ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيُّ. "حرف الواو" 160 120- الوليد بن عتبة بن أبي سفيان. "حرف الْيَاءِ" 161 121- يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ رَبِيعَةَ الحميري الشاعر. 162 122- يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. 165 123- يوسف بن الحكم الثقفي والد الحجاج. "الكنى" 166 124- أبو الأسود الدؤلي. 168 125- أبو بشير الأنصاري الساعدي. 168 126- أبو جهم بن حُذيفة القرشي. 169 127- أم سلمة أم المؤمنين.. 171 * أبو رُهم السماعي. 171 128- أبو الرباب القشيري. 174 129- أبو شُرَيح الخزاعي. 174 130- أم عطية الأنصارية. 174 131- أبو كبشة الأنماري. 175 132- أبو مالك الأشعري. 175 133- أبو مسلم الخولاني. 180 * أبو ميسرة الهمداني. 180 134- أبو واقد الليثي.

الطبقة الثامنة

الطبقة الثامنة: الصفحة الموضوع "حوادث سنة إحدى وسبعين" 181 المتوفون في هذه السنة. 181 خروج عبد الله بن ثور في البحرين. 181 الحج في هذا الموسم. 181 وقوف عبد العزيز بن مروان يوم عرفة بمصر. 181 مقتل أمير خراسان عبد الله بن خازم. 181 فتح عَبْدُ الْمَلِكِ قَيْسَارِيَّةَ. "حَوَادِثُ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ" 182 المتوفون في هذه السنة. 182 وقعة دير الجاثليق بين مصعب وعبد الملك. 182 مقتل مصعب بن الزبير. 183 بيعة أهل العراق لعبد الملك بن مروان. 185 كلام ابن الزبير في مقتل أخيه مُصعب. 185 خروج أبي فُدَيك وتغلُّبه على البحرين. 186 الوقعة بين ابن خازم وبين بحير بخراسان. 186 مقتل عبد الله بن خازم. 186 إرسال رأس ابن خازم إلى عبد الملك. 187 مسير الحجاج لحرب ابن الزبير. "حوادث سنة ثلاث وسبعين" 187 المتوفون في هذه السنة. 187 حصار الحجاج ابن الزبير بمكة. 187 مقتل عبد الله بن الزبير. 189 كلام أم عبد الله بن الزبير قبل مقتله. 190 نقض الحجاج للكعبة. 190 القتال بين عمر بن عبيد الله التيمي وأبي فُديك. 190 مقتل أبي فُديك. 191 إضافة البصرة إلى بشر بن مروان.

الصفحة الموضوع 191 استعمال بكير بن وشاح على خراسان. "حوادث سنة أربع وسبعين" 191 المتوفون في هذه السنة. 191 بناء الحجاج مسجده في بني سلمة. 191 استخفاف الحجاج ببقايا الصحابة وختم أعناقهم. 192 ولاية المهلب بن أبي صفرة حرب الأزارقة. 192 عزل بكير بن وشاح عن خراسان. "حوادث سنة خمس وسبعين" 192 المتوفون في هذه السنة. 192 وفادة عبد العزيز بن مروان على أخيه عبد الملك. 192 وفاة زياد بن حناطة التجيبي والي مصر. 192 حج عبد الملك بن مروان بالناس. 192 تأمير الحجاج على العراق. 193 خطبة الحجاج على العراق. 193 قتل كُميل بن زياد. 194 رواية أخرى لخطبة الحجاج. 195 خروج عبد الله بن الجارود على الحجاج. 195 مقتل عبد الله بن الجارود. 195 مقتل عبد الرحمن بن مخنف بيد الخوارج. 195 قتل الحجاج لعمير بن ضابئ البرجمي. 195 استخلاف الحجاج لعروة بن المغيرة على الكوفة. 195 قدم الحجاج البصرة للحث على قتال الأزارقة. 195 خروج داود بن النعمان المازني بنواحي البصرة وقتله. 195 غزوة محمد بن مروان الصائفة إلى الروم. 195 خطبة عبد الملك في الحج. 196 ضرب عبد الملك للدنانير. 196 من خطبة عبد الملك في الحج أيضا.

الصفحة الموضوع "حوادث سنة ست وسبعين" 196 المتوفون في هذه السنة. 196 خروج صالح بن مسرح التميمي. 196 انحياز شبيب بن يزيد إلى ابن مسرح بقومه. 197 وثوب الخوارج على خيل محمد بن مروان. 197 غزوة حسان بن النعمان إفريقية وقتل الكاهنة. 197 خروج صالح بن مسرح بالجزيرة ومقاتلته. 197 مهاجمة شبيب بن يزيد الكوفة. 197 ذكر غزالة زوجة شبيب وصعودها منبر الكوفة. 197 حيرة الحجاج في استفحال أمر شبيب. "حوادث سنة سبع وسبعين" 198 المتوفون في هذه السنة. 198 نزول شبيب بن يزيد المدائن. 198 قدوم عتاب بن ورقاء على الحجاج. 198 استعراض شبيب جُنْده بالمدائن. 199 الحرب بين الحجاج وشبيب. 201 غرق شبيب. 201 شق قلب شبيب. 201 الزيادة في جامع مصر. 201 بناء حصن الإسكندرية. 201 فتح عبد الملك هِرقلة. 201 الحج هذا الموسم. 201 توغل عبد الله بن أمية في سجستان. 202 ولاية موسى بن طلحة على سجستان. "حوادث سنة ثمان وسبعين" 202 المتوفون في هذه السنة. 202 إمارة عبيد الله بن أبي بكرة على سجستان.

الصفحة الموضوع 202 رواية الطبري عن هلاك شبيب بن يزيد. 202 ولاية المهلب بن أبي صفرة خراسان. 202 غزو محرز بن أبي محرز أرض الروم. 202 مقتل سليمان بن كندير القشيري. 202 الحرب بإفريقية والمغرب في إمرة موسى بن نصير. 202 الحج هذا الموسم. 203 وثوب الروم على ملكهم. 203 فراغ الحجاج من بناء واسط. "حوادث سنة تسع وسبعين" 203 المتوفون في هذه السنة. 203 استعمال محمد بن صعصعة الكلابي على البحرين. 203 ولاية هارون بن ذراع النمري ثغر الهند. 203 غزوة الوليد بن عبد الملك ناحية ملطية. 203 غزوة موسى بن نصير في البربر قتلة عقبة. 203 إصابة أهل الشام بالطاعون. 203 مصرع قطري بن الفجاءة. "حوادث سنة ثمانين" 204 المتوفون في هذه السنة. 204 صلب معبد الجهني لإنكاره القدر. 204 المتوفون في هذه السنة أيضا. 205 سيل الجحاف بمكة. 205 غزوة ابن الكنود إلى قبرس من الإسكندرية. 205 هلاك أليون ملك الروم. 205 القتال بين ابن أبي كبشة والريان النكري بالبحرين. 205 بداية فتنة ابن الأشعث.

"تراجم أهل هذه الطبقة" الصفحة الموضوع "حرف الألف" 206 135- إبراهيم بن الأشتر النخعي. 206 136- الأحنف بن قيس التميمي. 211 137- أسماء بنت أبي بكر الصديق. 216 138- الأسود بن يزيد النخعي. 217 139- أسلم مولى عمر بن الخطاب. 218 140- أميمة بنت رُقيقة. 219 141- أوس بن ضمعج. "حرف الباء" 219 142- بجالة بن عبدة التميمي. 219 143- البراء بن عازب. 220 144- بُسْر بن أبي أرطأة. 221 145- بِشر بن مروان بن الحكم. "حرف التاء" 223 146- توبة بن الحُمَيِّر. "حرف الثاء" 223 147- ثابت بن الضحاك. "حرف الجيم" 224 148- جابر بن عبد الله الأنصاري. 227 149- جُبير بن نُفير الحضرمي. 228 150- جُنادة بن أبي أمية. 229 151- جُهيم العنزي. "حرف الحاء" 229 152- الحارث بن الأزمع. 229 153- الحارث بن سعيد الكذاب. 232 154- الحارث بن سُوَيْد التيمي. 232 155- حبة بن جوين العرني. 233 156- حسان بن النعمان الغساني. 233 157- حارثة بن مضرِّب.

الصفحة الموضوع 234 158- حارثة بن وهب الخزاعي. 234 159- حطان بن عبد الله الرقاشي. 234 160- حمران بن أبان. 235 161- حفصة بنت عبد الرحمن. 236 162- حنظلة أبو خلدة. 236 163- حيان بن حصين. "حرف الخاء" 236 164- خرشة بن الحر. "حرف الراء" 237 165- رافع بن خديج. 237 166- الربيع بنت معوذ. 238 167- ربيعة بن عبد الله بن الهُديَر. "حرف الزاي" 238 168- زُفَر بن الحارث الكلابي. 239 169- زهري بن قيس البَلَوي. 239 171- زياد بن حُدَير الأسدي. 239 171- زيد بن خالد الجُهَني. 240 172- زينب بنت أبي سلمة. "حرف السين" 240 173- سُراقة بن مِرداس البارقي. 241 174- سعد بن مالك. 241 175- سعيد بن وهب الهمداني. 241 176- سلمة بن أبي سلمة المخزومي. 242 177- سُليم بن عتر التجيبي. 243 178- سفينة مولى رسول الله. 243 179- سلمة بن الأكوع السلمي. 245 180- سويد بن منجوف. "حرف الشين" 245 181- بن ربعي اليربوعي. 246 182- شبيب بن يزيد الشيباني.

الصفحة الموضوع 247 183- شريح بن الحارث الكندي. 249 184- شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ. "حرف الصَّادِ" 250 185- صِلَةُ بْنُ زفر العبسي. "حرف العين" 251 186- عاصم بن ضمرة السلولي. 251 187- عبد الله بن جعفر الهاشمي. 254 188- عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي. 255 189- عبد الله بن حوالة. 255 190- عبد الله بن خازم السلمي. 255 191- عبد الله بن الزبير. 265 192- عبد الله بن زرير الغافقي. 265 193- عبد الله بن سعد الأوسي. 266 194- عبد الله بن سلمة المرادي. 266 195- عبد الله بن شهاب أبو الجزل. 266 196- عبد الله بن الصامت الغفاري. 266 197- عبد الله بن صفوان الجمحي. 268 198- عبد الله بن عتبة الهذلي. 268 199- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الْخَطَّاب. 278 200- عَبْد الله بن عياش الهاشمي. 278 201- عبد الله بن عياش المخزومي. 289 202- عبد الله بن مطيع القرشي. 280 203- عبد الله بن همام السلولي. 280 204- عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي. 280 205- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. 281 206- عبد الرحمن بن عبد القاري المدني. 281 207- عبد الرحمن بن عثمان القرشي. 281 208- عبد الرحمن بن عسيلة. 283 209- عبد الرحمن بن غنم الأشعري. 284 210- عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي.

الصفحة الموضوع 285 211- عبيد الله بن قيس الرقيات. 285 212- عبيد بن نضيلة الخزاعي. 286 213- عبيد بن عمير الليثي. 286 214- عبيدة بن عمرو السلماني. 287 215- العرباض بن سارية. 289 216- عطية بن بسر المازني. 289 217- عطية السعدي. 289 218- عقبة بن صهبان الأزدي. 289 219- علقمة بن وقاص العتواري. 290 220- عمارة بن رؤيبة الثقفي. 290 221- عمر بن أبي سلمة المخزومي. 290 222- عمرو بن أخطب الخزرجي. 291 223- عمرو بن الأسود العنسي. 292 224- عمرو بن حريث القرشي. 293 225- عمرو بن عتبة السلمي. 294 226- عمرو بن عثمان بن عفان. 295 227- عمرو بن ميمون الأودي. 296 228- عمير بن حرموز المجاشعي. 296 229- عمير بن ضابئ البرجمي. 296 230- عمير آبي اللحم. 297 231- عميرة بن سعد الشبامي. 297 232- عوف بن مالك الأشجعي. 299 233- عياض بن عمرو الأشعري. "حرف الغين" 300 234- غضيف بن الحارث. "حرف الفاء" 301 235- فروة بن نوفل الأشجعي. "حرف القاف" 301 236- قرط بن خيثمة البصري. 302 237- قطري بن الفجاءة.

الصفحة الموضوع "حرف الكاف" 302 238- كثير بن الصلت الكندي. 303 239- كثير بن مرة الحضرمي. 304 240- كريب بن أبرهة. 304 241- كميل بن زياد النخعي. "حرف اللام" 305 242- ليلى الأخيلية. 306 243- لمازة بن زبار. "حرف الميم" 306 244- مالك بن أبي عامر. 307 245- مالك بن مسمع. 307 246- محمد بن إياس بن البكير. 307 247- محمد بن حاطب الجمحي. 308 248- مسروح بن سندر. 308 249- مصعب بن الزبير. 311 250- معبد بن خالد الجهني. 311 251- معدان بن أبي طلحة. 312 252- المنذر بن الجارود العبدي. "حرف النون" 312 253- ناعم بن أجيل. 312 254- نافع مولى أم سلمة. 313 255- نبيط بن شريط. 313 256- النزال بن سبرة. "حرف الهاء" 313 257- هرم بن حيان. 314 258- همام بن الحارث النخعي. "حرف الْيَاءِ" 315 259- يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي العاص. 316 260- يزيد بن الأسود الجُرشي. 317 261- يزيد بن شريك التيمي.

الصفحة الموضوع 317 262- يَزِيدُ بْنُ عَمِيرَةَ الزُّبَيْدِيُّ. "الكنى" 318 263- أَبُو إدريس الخولاني. 319 264- أبو بحرية التراغمي. 320 265- أبو تميم الجيشاني. 320 266- أبو ثعلبة الخشني. 321 267- أبو جحيفة السوائي. 322 268- أم خالد الأموية. 323 269- أبو سالم الجيشاني. 323 270- أبو سعيد الخدري. 325 * أبو سعيد بن المعلى. 325 271- أبو الصهباء البكري. 325 272- أبو عامر الهوزني. 326 273- أبو عبد الله الأشعري. 326 274- أبو عبد الرحمن السلمي. 327 275- أبو عطية الوادعي. 328 276- أبو غطفان المزي. 328 277- أبو قرصافة الكناني. 328 278- أبو مراوح الغفاري. 328 279- أبو معرض الأسدي. 329 280- أبو عمار الهمداني. 329 281- أبو قرة الكندي. 329 282- أبو الكنود الأزدي. 329 283- أبو كنف العبدي. 329 284- أبو نملة الأنصاري. 330 285- أبو يحيى الكوفي. 330 286- أبو يحيى الأعرج المُعرْقب. 330 287- أبو مسلم الجليلي. 331 288- الأغر بن سُليك. 333 فهرس الموضوعات.

المجلد السادس

المجلد السادس الطبقة التاسعة أحداث الحوادث من سنة 81 إلى 90 حوادث سنة إحدى وثمانين ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة التاسعة أحداث الحوادث من سنة 81 إلى 90: حوادث سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ. وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ. وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَفِيهَا خَلَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ الطَّاعَةَ، وَتَابَعَهُ النَّاسُ، وَسَارَ يَقْصِدُ الْحَجَّاجَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ سَبَبَ خُرُوجِهِ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: لَمَّا أَجْمَعَ ابْنُ الأَشْعَثِ الْمَسِيرَ مِنْ سِجِسْتَانَ وَقَصَدَ الْعِرَاقَ، لَقِيَ ذَرًّا الْهَمْدَانِيُّ، فَوَصَلَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَحُضَّ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُصُّ كلَّ يومٍ، وَيَنَالُ مِنَ الْحَجَّاجِ، ثُمَّ سَارَ الْجَيْشُ وَقَدْ خَلَعُوا الْحَجَّاجَ، وَلا يَذْكُرُونَ خَلْعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَاسْتَصْرَخَ الْحَجَّاجُ بِعَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ سَارَ، وَقَدَّمَ الْحَجَّاجُ طَلِيعَتَهُ، فَالْتَقَى ابْنَ الأَشْعَثِ وَهُمْ عِنْدَ دُجَيْلَ يَوْمَ الأَضْحَى، فَانْكَشَفَ عَسْكَرُ الْحَجَّاجِ وَانْهَزَمَ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَتَبِعَهُ ابْنُ الأَشْعَثِ، وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ خلقٌ مِنَ الْمُطَّوَّعَةِ مِنَ الْبَصْرَةِ، فَدَخَلُوهَا، فَخَرَجَ الْحَجَّاجُ إِلَى طَفِّ الْبَصْرَةِ1. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَرَأَيْتُ ابْنَ الأَشْعَثِ مُتَرَبِّعًا عَلَى الْمِنْبَرِ يَتَوَعَّدُ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْهُ تَوَعُّدًا شَدِيدًا. قَالَ غَيْرُهُ: فَبَايَعَهُ عَلَى حَرْبِ الْحَجَّاجِ وَعَلَى خَلْعِ عَبْدِ الْمَلِكِ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالْعُلَمَاءِ، ثُمَّ خندق ابن الأشعث على البصرة وحصنها2.

_ 1 انظر الكامل في التاريخ "4/ 465". 2 انظر الكامل في التاريخ "4/ 465".

وَفِيهَا غَزَا مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ كَعَادَتِهِ بِالْمَغْرِبِ، فقتل وسبى أَهْلِ طُبْنَةَ1 وَفِيهَا أَصَابَتِ الصَّاعِقَةُ صَخْرَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَفِيهَا قُتِلَ بَحِيرُ بْنُ وَرْقَاءَ الصُّرَيْمِيُّ وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْقُوَّادِ بِخُرَاسَانَ، قَاتَلَهُ ابْنُ خَازِمٍ وَظَفَرَ بِهِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ قَتَلَ بُكَيْرَ بْنَ وَسَّاجٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ رَهْطُ بُكَيْرٍ فَقَتَلُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ2، وَحَجَّتْ مَعَهُ أُمُّ الدرداء.

_ 1 بلد في طرف إفريقية. 2 انظر الكامل في التاريخ "4/ 466" وتاريخ الطبري "6/ 34".

أحداث سنة اثنتين وثمانين

أحداث سنة اثنتين وَثَمَانِينَ: فِيهَا: قُتِلَ جَمَاعَةٌ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ. وَمَاتَ: سُفْيَانُ بْنُ وَهْبٍ الْخَوْلانِيُّ. وَأَبُو عُمَرَ زَاذَانُ الْكِنْدِيُّ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ الزَّاوِيَةِ بِالْبَصْرَةِ بَيْنَ ابْنِ الأَشْعَثِ وَبَيْنَ جَيْشِ الْحَجَّاجِ. وَلابْنِ الأَشْعَثِ مَعَ الْحَجَّاجِ وَقَعَاتٌ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا وَقْعَةُ دُجَيْلَ الْمَذْكُورَةُ يَوْمَ عِيدِ الأَضْحَى، وَهَذِهِ الْوَقْعَةُ، وَوَقْعَةُ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ1، وَوَقْعَةُ الأَهْوَازِ. فَيُقَالُ إِنَّهُ خَرَجَ مَعَ ابْنُ الأَشْعَثِ ثلاثةٌ وَثَلاثُونَ أَلْفَ فَارِسٍ، ومائةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ راجل، فِيهِمْ عُلَمَاءُ وَفُقَهَاءُ وَصَالِحُونَ، خَرَجُوا مَعَهُ طَوْعًا عَلَى الْحَجَّاجِ. وَقِيلَ: كَانَ بَيْنَهُمَا أربعٌ وَثَمَانُونَ وَقْعَةً فِي مِائَةِ يَوْمٍ، فَكَانَتْ مِنْهَا ثلاثٌ وَثَمَانُونَ عَلَى الْحَجَّاجِ، وَوَاحِدَةٌ لَهُ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ2: كَانَتْ وَقْعَةُ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ جرير: وَفِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ هِيَ فِي سَنَةِ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ. فَذَكَرَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ يَحْيَى قال: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَخَرَجَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَسْتَقْبِلُونَهُ، فَقَالَ لِي: اعْدِلْ عَنِ الطَّرِيقِ لا يَرَى النَّاسُ جِرَاحَتَكُمْ، فَإِنِّي لا أُحِبُّ أَنْ يستقبلهم الجرحى، فلما

_ 1 بلدة بظاهر الكوفة. 2 في التاريخ "4/ 346".

دَخَلَ الْكُوفَةَ مَالُوا إِلَيْهِ كُلُّهُمْ، وَحَفَّتْ بِهِ حمدان، إِلا أَنَّ طَائِفَةً مِنْ تَمِيمٍ أَتَوْا مَطَرَ بْنَ نَاجِيَةَ، وَقَدْ كَانَ وَثَبَ عَلَى قَصْرِ الْكُوفَةِ، فَلَمْ يُطِقْ قِتَالَ النَّاسِ، فَنَصَبَ ابْنُ الأَشْعَثِ السَّلالِمَ عَلَى الْقَصْرِ فَأَخَذُوهُ، وَأَتَوْا بِمَطَرِ بْنِ نَاجِيَةَ، فَقَالَ لابن الأشعث: اسْتَبْقِنِي فَإِنِّي أَفْضَلُ فُرْسَانِكَ وَأَعْظَمُهُمْ غِنَاءً عَنْكَ، فَحَبَسَهُ، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ، فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ بِالْكُوفَةِ، ثُمَّ أَتَاهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَتَفَوَّضَتْ إِلَيْهِ الْمَسَالِحُ وَالثُّغُورُ، وَجَاءَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَعْدَ أَنْ قَاتَلَ الْحَجَّاجُ بِالْبَصْرَةِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. وَأَقْبَلَ الْحَجَّاجُ مِنَ الْبَصْرَةِ يسير مِنْ بَيْنِ الْقَادِسِيَّةِ وَالْعُذَيْبِ، فَنَزَلَ دَيْرِ قُرَّةَ، وَكَانَ أَرَادَ نُزُولَ الْقَادِسِيَّةِ، فَجَهَّزَ لَهُ ابْنُ الأَشْعَثِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْعَبَّاسِ، فَمَنَعَهُ مِنْ نُزُولِهَا، وَنَزَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْهَاشِمِيُّ دَيْرَ الْجَمَاجِمِ، فَكَانَ الْحَجَّاجُ بَعْدُ يَقُولُ: أَمَا كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَزْجُرُ الطَّيْرَ حَيْثُ رَآنِي نَزَلْتُ بِدَيْرِ قُرَّةَ، وَنَزَلَ بِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ. وَاجْتَمَعَ جُلُّ النَّاسِ عَلَى قِتَالِ الْحَجَّاجِ لِظُلْمِهِ وَسَفْكِهِ الدِّمَاءَ، فَكَانُوا مِائَةَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ فَجَاءَتْهُ أَمْدَادُ الشَّامِ، فَنَزَلَ وَخَنْدَقَ عَلَيْهِ، وَكَذَا خَنْدَقَ ابْنُ الأَشْعَثِ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ كَانَ الْجَمْعَانِ يَلْتَقُونَ كُلَّ يَوْمٍ، وَاشْتَدَّ الْحَرْبُ، وَثَبَتَ الْفَرِيقَانِ. وَأَشَارَ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَقَالُوا: إِنْ كَانَ إِنَّمَا يَرْضَى أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ تَنْزِعَ عَنْهُمُ الْحَجَّاجَ فَانْزِعْهُ عَنْهُمْ تَخْلُصُ لَكَ طَاعَتُهُمْ، فَبَعَثَ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْمَوْصِلِ، فَسَارَ إِلَيْهِ، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَعْرِضَا عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ نَزْعَ الْحَجَّاجِ عَنْهُمْ، وَأَنْ يُجْرِيَ عَلَيْهُمُ الْعَطَاءَ، وَأَنْ يَنْزِلَ ابْنُ الأَشْعَثِ أَيُّ بلدٍ شَاءَ مِنَ الْعِرَاقِ، يَكُونُ عَلَيْهِ وَالِيًا، فَإِنْ قَبِلُوا فَاعْزِلا عَنْهُمُ الْحَجَّاجَ، وَمُحَمَّدٌ أَخِي مَكَانَهُ، وَإِنْ أَبَوْا فَالْحَجّاجُ أَمِيرُكُمْ كُلُّكُمْ وَوَلِيُّ الْقِتَالِ، قَالَ: فَقَدِمُوا عَلَى الْحَجَّاجِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَشُقَّ عَلَيْهِ الْعَزْلُ، فَرَاسَلُوا أَهْلَ الْعِرَاقِ، فَجَمَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ النَّاسَ وَخَطَبَهُمْ، وَأَشَارَ عَلَيْهُمْ بِالْمُصَالَحَةِ، فَوَثَبَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَهُمْ، وَأَصْبَحُوا فِي الأَزْلِ وَالضَّنْكِ وَالْمَجَاعَةِ وَالْقِلَّةِ فَلا نَقْبَلُ. وَأَعَادُوا خَلْعَ عَبْدِ الْمَلِكِ ثَانِيَةً، وَتَعَبَّئُوا لِلْقِتَالِ، فَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ حَجَّاجُ بْنُ جَارِيَةِ الْخَثْعَمِيُّ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ الْأَبْرَدُ بْنُ قُرَّةَ التَّمِيمِيُّ، وَعَلَى الْخَيْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ، وَعَلَى الرَّجَّالَةِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَلَى

الْمُجَنَّبَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِزَامٍ الْحَارِثِيُّ، وَعَلَى المطوعة والصلحاء جبلة بن زحر الْجُعْفِيُّ. وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ الْحَجَّاجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمٍ الْكَلْبِيُّ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عُمَارَةُ بْنُ تَمِيمٍ اللَّخْمِيُّ، وَعَلَى الْخَيَّالَةِ سُفْيَانُ بْنُ الأَبْرَدِ الْكَلْبِيُّ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ تَأْتِيهِمُ الأَمْدَادُ وَالْخَيْمَاتُ مِنَ الْبَصْرَةِ، وَجَيْشُ الْحَجَّاجِ فِي ضِيقٍ وَغَلَاءِ سِعْرٍ. فَيُقَالُ إِنَّ يَوْمَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ كَانَ فِي رَبِيعِ الأَوَّلِ، وَلا شَكَّ أَنَّ نَوْبَةَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ كَانَتْ أَيَّامًا، بَلْ أَشْهُرًا، اقْتَتَلُوا هُنَاكَ مِائَةَ يَوْمٍ، فَلَعَلَّهَا كَانَتْ فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ، وَأَوَائِلِ سَنَةِ ثلاثٍ. فَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ فِي خَيْلِ جَبَلَةَ بْنِ زَحْرٍ، وَكَانَ عَلَى الْقُرَّاءِ، فَحَمَلَ عَلَيْنَا عَسْكَرُ الْحَجَّاجِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَنَادَانَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، لَيْسَ الْفِرَارُ بأحدٍ مِنَ النَّاسِ بِأَقْبَحِ مِنْكُمْ، وَبَقِيَ يُحَرِّضُ عَلَى الْقِتَالِ1. وَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: أَيُّهَا النَّاسُ، قَاتِلُوهُمْ عَلَى دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا الشَّعْبِيُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَاتِلُوهُمْ عَلَى جَوْرِهِمْ وَاسْتِذْلالِهِمُ الضُّعَفَاءَ، وَإِمَاتَتِهِمُ الصَّلاةَ. قَالَ: ثُمَّ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ حَمْلَةً صَادِقَةً، فَبَدَّعْنَا فِيهِمْ، ثُمَّ رَجَعْنَا، فمررنا بجبلة بن زحر صَرِيعًا فَهَدَّنَا ذَلِكَ، فَسَلانَا أَبُو الْبَخْتَرِيِّ، فَنَادُونَا: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ هَلَكْتُمْ، قُتِلَ طَاغُوتُكُمْ2. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: ثنا غَسَّانُ بْنُ مُضَرٍ قَالَ: خَرَجَ الْقُرَّاءُ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَفِيهِمْ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَكَانَ شِعَارُهُمْ يَوْمَئِذٍ يَا ثَارَاتِ الصَّلاةِ. وَقِيلَ إِنَّ سُفْيَانَ بْنَ الأَبْرَدِ حَمَلَ على ميسرة ابن الأَشْعَثِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا هَرَبَ الْأَبْرَدُ بْنُ قُرَّةَ التَّمِيمِيُّ، وَلَمْ يُقَاتِلْ كَبِيرَ قِتَالٍ، فَأَنْكَرَهَا مِنْهُ النَّاسُ، وَكَانَ شُجَاعًا لا يَفِرُّ، وَظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ خَامَرَ، فَلَمَّا انْهَزَمَ تَقَوَّضَتِ الصُّفُوفُ، وَرَكِبَ النَّاسُ وُجُوهَهُمْ. وَكَانَ ابْنُ الأَشْعَثِ عَلَى منبرٍ قَدْ نُصِبَ لَهُ يُحَرِّضُ عَلَى الْقِتَالِ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ ذَوُو الرَّأْيِ: انْزِلْ وَإِلا أُسِرْتَ، فَنَزَلَ وَرَكِبَ، وَخَلَّى أَهْلَ الْعِرَاقَ، وَذَهَبَ، فَانْهَزَمَ أهل

_ 1 تاريخ الطبري "6/ 357". 2 تاريخ الطبري "6/ 358".

الْعِرَاقِ كُلُّهُمْ، وَمَضَى ابْنُ الأَشْعَثِ مَعَ ابْنِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ فِي أناسٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، حَتَّى إِذَا حَاذُوا قَرْيَةَ بَنِي جَعْدَةَ عبر في مَعْبَرَ الْفُرَاتِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى بَيْتِهِ بِالْكُوفَةِ، وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ، وَعَلَيْهِ السِّلاحُ لَمْ يَنْزِلْ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ بِنْتُهُ، فَالْتَزَمَهَا، وَخَرَجَ أَهْلُهُ يَبْكُونَ، فَوَصَّاهُمْ وَقَالَ: لا تَبْكُوا، أَرَأَيْتُمْ إِنْ لَمْ أَتْرُكْكُمْ، كَمْ عَسَيْتُ أَنْ أَعِيشَ مَعَكُمْ، وَإِنْ أَمُتْ فَإِنَّ الَّذِي يَرْزُقُكُمْ حَيٌّ لا يَمُوتُ، وَوَدَّعَهُمْ وَذَهَبَ. وَقَالَ الْحَجَّاجُ: اتْرُكُوهُمْ فَلْيَتَبَدَّدُوا، وَلا تَتْبَعُوهُمْ، وَنَادَى مُنَادِيهِ: مَنْ رَجَعَ فَهُوَ آمِنٌ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْكُوفَةِ فَدَخَلَهَا، وَجَعَلَ لا يُبَايِعُ أَحَدًا مِنْهَا إِلا قَالَ لَهُ: اشْهَدْ عَلَى نَفْسِكَ أَنَّكَ كَفَرْتَ، فَإِذَا قَالَ نَعَمْ بَايَعَهُ، وَإِلا قَتَلَهُ، فَقَتَلَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِمَّنْ تَحَرَّجَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ. وَجِيءَ بِرَجُلٍ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: مَا أَظُنُّ هَذَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَخَادِعِي عَنْ نَفْسِي، أَنَا أَكْفَرُ أَهْلِ الأَرْضِ، وَأَكْفَرُ مِنْ فِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ، فَضَحِكَ وَخَلاهُ. وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَنَزَلَ بَعْدَ الْوَقْعَةِ بِالْمَدَائِنِ، فَتَجَمَّعَ إِلَيْهِ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَخَرَجَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ الْعَبْشَمِيُّ، فَأَتَى الْبَصْرَةَ وَبِهَا ابْنُ عَمِّ الْحَجَّاجِ أَيُّوبُ بْنُ الْحَكَمِ، فَأَخَذَ الْبَصْرَةَ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ الْخَلْقُ، وَقَالَ ابْنُ سَمُرَةَ لَهُ: إِنَّمَا أَخَذْتُ الْبَصْرَةَ لَكَ، وَلَحِقَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ بِهِمْ، فَسَارَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِمْ، وَخَرَجَ النَّاسُ مَعَهُ إِلَى مَسْكِنَ عَلَى دُجَيْلَ. وَتَلاوَمَ أَصْحَابُ ابْنِ الأَشْعَثِ عَلَى الْفِرَارِ، وَتَبَايَعُوا عَلَى الْمَوْتِ، فَخَنْدَقَ ابْنُ الأَشْعَثِ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَسَلَّطَ الْمَاءَ فِي الْخَنْدَقِ، وَأَتَتْهُ النَّجْدَةُ مِنْ خُرَاسَانَ، فَاقْتَتَلُوا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَقُتِلَ مِنْ أُمَرَاءِ الْحَجَّاجِ زِيَادُ بْنُ غُنَيْمٍ الْقَيْنِيُّ. ثُمَّ عَبَّأَ الْحَجَّاجُ جَيْشَهُ وَصَرَخَ فِيهِمْ وَحَمَلَ بِهِمْ، فَهَزَمَ أَصْحَابَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَقُتِلَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَكُسِرَ بِسْطَامُ بْنُ مَصْقَلَةَ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ جُفُونَ سُيُوفُهُمْ وَثَبَتُوا، وَقَاتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، كَشَفُوا فِيهِ عَسْكَرَ الْحَجَّاجِ مِرَارًا، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: عَلَيَّ بِالرُّمَاةِ، قَالَ: فَأَحَاطَ بِهِمُ الرُّمَاةُ، فَقَتَلُوا خَلْقًا مِنْهُمْ بِالنَّبْلِ، وَانْهَزَمَ ابْنُ الأَشْعَثِ فِي طائفةٍ، وَطَلَبَ سِجِسْتَانَ، فَأَتْبَعَهُمْ جَيْشُ الْحَجَّاجِ، عَلَيْهُمْ عُمَارَةُ بْنُ تَمِيمٍ، فَالْتَقَوْا بِالسُّوسِ، فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً، ثُمَّ انْهَزَمَ ابْنُ الأَشْعَثِ، فَأَتَى سَابُورَ، وَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ الأَكْرَادُ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ عُمَارَةُ، فَقُتِلَ عُمَارَةُ وَانْهَزَمَ عَسْكَرَهُ، ثُمَّ مَضَى ابْنُ الأَشْعَثِ إِلَى بُسْتَ، وَعَلَيْهَا عَامِلُهُ، فَأَنْزَلَهُ وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَوَثَبَ عَامِلُ بُسْتَ عَلَيْهِ

فَأَوْثَقَهُ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ يَدًا عِنْدَ الْحَجَّاجِ. وَقَدْ كَانَ رُتْبِيلُ سَمِعَ بِمَقْدِمِ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَسَارَ فِي جُيُوشِهِ حَتَّى أَحَاطَ بِبُسْتَ، فَرَاسَلَ عَامِلَهَا يَقُولُ لَهُ: وَاللَّهِ لَئِنْ آذَيْتَ ابْنَ الأَشْعَثِ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَسْتَنْزِلَكَ، وَأَقْتُلَ جَمِيعَ مَنْ مَعَكَ، فَخَافَهُ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ ابن الأشعث، فأكرمه رتبيل، قال ابْنُ الأَشْعَثُ: إِنَّ هَذَا كَانَ عَامِلِي فَغَدَرَ بِي وَفَعَلَ مَا رَأَيْتَ، فَأْذَنْ لِي فِي قَتْلِهِ، قَالَ: قَدْ أَمَّنْتُهُ، ثُمَّ مَضَى ابْنُ الأَشْعَثِ مَعَ رُتْبِيلَ إِلَى بِلادِهِ، فَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ. وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ عَدَدٌ كَثِيرٌ مِنَ الأَشْرَافِ وَالْكِبَارِ، مِمَّنْ لَمْ يَثِقْ بِأَمَانِ الْحَجَّاجِ، ثُمَّ تَبِعَ أَثَرَ ابْنِ الأَشْعَثِ خَلْقٌ مِنْ هَذِهِ الْبَابَةِ حَتَّى قَدِمُوا سِجِسْتَانَ، وَنَزَلُوا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْبَعَّارِ، فَحَصَرُوهُ، وَكَتَبُوا إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ بِعَدَدِهِمْ وَجَمَاعَتِهِمْ، وَعَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمُ ابْنُ الأَشْعَثِ بِمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ غَلَبُوا عَلَى مَدِينَةِ سِجِسْتَانَ، وَعَذَّبُوا ابْنَ عَامِرٍ. وَحَبَسُوهُ، ثُمَّ لَمْ يَشْعُرِ ابْنُ الأَشْعَثِ إِلا وَقَدْ فَارَقَهُ عبيد الله ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَسَارَ فِي أَلْفَيْنِ، فَغَضِبَ ابْنُ الأَشْعَثِ وَرَجَعَ إِلَى رُتْبِيلَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقِيلَ: سَارُوا مَعَ الْهَاشِمِيِّ فَقَاتَلَهُمْ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، فَأَسَرَ مِنْهُمْ وَهَزَمَهُمْ، وَفِي تَفْصِيلِ ذَلِكَ اخْتِلافٌ وَمِنْ بَقِيَّةِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ: قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: كَانَ بَيْنَهُمْ إِحْدَى وَثَمَانُونَ وَقْعَةً، كُلُّهَا عَلَى الْحَجَّاجِ، إِلا آخِرَ وَقْعَةٍ كَانَتْ عَلَى ابْنِ الأَشْعَثِ، وَقُتِلَ مِنَ الْقُرَّاءِ بِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ خَلْقٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: أَتَى الْقُرَّاءُ يَوْمَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيَّ يُؤَمِّرُونَهُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي، فَأَمِّرُوا رَجُلا مِنَ الْعَرَبِ، فَأَمَّرُوا جَهْمَ بْنَ زَحْرٍ الخثعي عَلَيْهِمْ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ: رَأَيْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ بِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ، وَشَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِالرُّمْحِ فطعنه، وانكشف ابن الأشعث فأتى لبصرة، وَتَبِعَهُ الْحَجَّاجُ، فَخَرَجَ مِنْهَا إِلَى أَرْضِ دُجَيْلَ الأهواز، واتبعه الحجاج، فالتقوا بمسكين، فَانْهَزَمَ ابْنُ الأَشْعَثِ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ ناسٌ كَثِيرٌ، وَغَرِقَ مِنْهُمْ نَاسٌ كَثِيرٌ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: افْتُقِدَ بِمَسْكِنَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي أَبُو فَرْوَةَ قَالَ: افْتُقِدَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بِسُورَاءَ، وَأَسَرَ الْحَجَّاجُ نَاسًا كَثِيرًا مِنْهُمْ: عِمْرَانُ بْنُ عِصَامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ، وَأَعْشَى هَمْدَانَ، قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: قَتَلَهُمْ جَمِيعًا. وَقَالَ خَلِيفَةُ: أَوَّلُ وقعةٍ كَانَتْ فِي يَوْمِ النَّحْرِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ، وَالْوَقْعَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ بِالزَّاوِيَةِ، وَالْوَقْعَةُ الثَّالِثَةُ بِظَهْرِ الْمِرْبَدِ فِي صَفَرٍ، وَالْوقْعَةُ الرَّابِعَةُ بَدَيْرِ الْجَمَاجِمِ فِي جُمَادَى، وَالْوَقْعَةُ الْخَامِسَةُ لَيْلَةَ دُجَيْلَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. قَالَ: ثُمَّ سَارَ ابْنُ الأَشْعَثِ يُرِيدُ خُرَاسَانَ، وَتَبِعَهُ طائفةٌ قليلةٌ، فَتَرَكَهُمْ وَصَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَقَامَ بِأَمْرِ الْحَرْبِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ الْهَاشِمِيُّ، وَمَعَهُ الْقُرَّاءُ، فَالْتَقَى هُوَ وَمُتَوَلِّي هَرَاةَ مُفَضَّلُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، فَهَزَمَهُ الْمُفَضَّلُ، ثُمَّ قَتَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَأَسَرَ عِدَّةً مِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالْهِلْقَامُ بْنُ نُعَيْمٍ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ وَلِيَ بِلادَ فَارِسٍ وَغَزَا التُّرْكَ، ثُمَّ خَلَعَ عَبْدَ الْمَلِكِ وَفَعَلَ الأَفَاعِيلَ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ. قَالَ خَلِيفَةُ: تَسْمِيَةُ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ. مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ الْمُزَنِيُّ، وَأَبُو مِرَانَةَ الْعِجْلِيُّ، وَقَدْ قُتِلَ، وَعُقْبَةُ بْنُ عبد الغافر الْعَوْذِيُّ فَقُتِلَ، وَعُقْبَةُ بْنُ وَسَّاجٍ الْبُرْسَانِيُّ، وَقُتِلَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ الْجَهْضَمِيُّ، فَقُتِلَ، وَأَبُو الْجَوْزَاءِ الرَّبَعِيُّ، وَقُتِلَ، وَالنَّضْرُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعِمْرَانُ وَالِدُ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ، وَأَبُو المنهال سيار بن سلامة الرِّيَاحِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، وَمُرَّةُ بْنُ دَبَّابٍ الْهَدَاوِيُّ وَأَبُو نُجَيْدٍ الْجَهْضَمِيُّ، وَأَبُو شَيْخٍ الْهَنَائِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ، وَأَخُوهُ الْحَسَنُ، وَقَالَ: أُكْرِهْتُ عَلَى الْخُرُوجِ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِّيُّ: قِيلَ لابْنِ الأَشْعَثِ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلُوا حَوْلَكَ كَمَا قُتِلُوا حَوْلَ الْجَمَلِ مَعَ عَائِشَةَ فَأَخْرِجِ الْحَسَنَ. وَمَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَالْمَعْرُورُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَزُبَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ الْيَامَيَانُ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ. قَالَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ: مَا صُرِعَ أحدٌ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ إِلا رُغِبَ لَهُ عَنْ مَصْرَعِهِ، وَلا نَجَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا حَمَدَ اللَّهَ الَّذِي سَلَّمَهُ.

وَقَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: قَتَلَ الْحَجَّاجُ بِمَسْكِنَ خَمْسَةَ آلافِ أَوْ أَرْبَعَةَ آلافِ أَسِيرٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: فِيهَا -يَعْنِي سَنَةَ اثْنَتَيْنِ- قَتَلَ قُتَيبةُ بْنُ مُسْلِمٍ: عُمَرَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ، وَأَخَاهُ، وَمُوسَى بْنَ كَثِيرٍ الْحَارِثِيَّ، وَبُكَيْرَ بْنَ هَارُونَ الْبَجَلِيَّ. وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بِأَرْمِينِيَةَ، فَهَزَمَ الْعَدُوَّ، ثُمَّ صَالَحُوهُ، فَوَلَّى عَلَيْهِمْ أَبَا شَيْخِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَغَدَرُوا بِهِ وَقَتَلُوهُ. وَفِيهَا فَتَحَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِصْنَ سِنَانٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْمِصِّيصَةِ. وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ صِنْهَاجَةَ بِالْمَغْرِبِ. وَأُسِر يَوْمَ الْجَمَاجِمِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ صَبْرًا، وَقُتِلَ مَاهَانُ الأَعْوَرُ الْقَاصُّ، وَالْفُضَيْلُ بْنُ بَزْوَانَ يومئذٍ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الزَّاوِيَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ أَبُو قُرَيْشٍ الْجَهْضَمِيُّ: إِنِّي لأَرَى أَمْرًا مَا بِي صَبَرَ، رُوحُوا بِنَا إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَكَانَ يُوجَدُ مِنْ رِيحِ قَبْرِهِ الْمِسْكُ. وَكَانَ عَابِدًا لَهُ أَوْرَادٌ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ بَنِيَّ مَاتُوا وَلَمْ أَتَمَتَّعْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ. رَوَى ابْنُ غَالِبٍ عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وروى عنه: عطاء السليمي، وغيره.

أحداث سنة ثلاث وثمانين

أحداث سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ: كَانَتْ فِيهَا غَزْوَةُ عَطَاءِ بْنِ رَافِعٍ صِقِلِّيَةَ، وَخَرَجَ عِمْرَانُ بْنُ شُرَحْبِيلَ عَلَى الْبَحْرِ، وَجَعَلَ عَلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَبْدَ الْمَلِكِ ابن أَبِي الْكَنُودِ. وَفِيهَا عُزِلَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَوُلِّيَ هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ. وَفِي سَنَةَ ثلاثٍ بَنَى الْحَجَّاجُ مَدِينَةَ وَاسِطٍ. وَاسْتَعْمَلَ عَلَى فَارِسٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيَّ وَأَمَرَهُ بِقَتْلِ الْأَكْرَادَ. وَفِيهَا بَعَثَ الْحَجَّاجُ عُمَارَةَ بْنَ تَمِيمٍ الْقَيْنِيَّ إِلَى رُتْبِيلَ فِي أَمْرِ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَقُيِّدَ هُوَ وجماعةٌ فِي الْحَدِيدِ، وَقُرِنَ بِهِ فِي الْقَيْدِ أَبُو الْعَنْزِ، وَسَارُوا بِهِمْ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَلَمَّا

كَانُوا بِالرُّخَّجِ1 طَرَحَ ابْنُ الأَشْعَثِ نَفْسَهُ مِنْ فَوْقَ بُنْيَانٍ فَهَلَكَ هُوَ وَقَرِينُهُ، فقُطِعَ رَأْسُهُ وَحُمِلَ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَرَأْسُهُ مَدْفُونٌ بِمِصْرَ وَجُثَّتُهُ بِالرُّخَّجِ. وَكَانَ قَدْ أَمَّرَهُ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ قَتْلِ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ. وَفِي سَنَةَ ثلاثٍ ضَمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ إِمْرَةَ أَذْرَبَيْجَانَ وَأَرْمِينِيَةَ مَعَ إِمْرَةِ الْجَزِيرَةِ، وَبَقِيَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ الْوَلِيدِ. وله غزوات وفتوحات كثيرة.

_ 1 الرخج مدينة من نواحي كابل.

أحداث سنة أربع وثمانين

أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عُتْبَةُ بْنُ النُّدَّرِ السُّلَمِيُّ، صَحَابِيٌّ شَامِيٌّ. وَالأَسْوَدُ بْنُ هًلالٍ الْمُحَارِبِيُّ. وَزَيْدُ بْنُ وَهْبٍ الْجُهَنِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيُّ. وَعِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ السَّدُوسِيُّ. وَرَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيُّ. وَقِيلَ فِيهَا ظَفَرُوا بِابْنِ الأَشْعَثِ وَطِيفَ بِرَأْسِهِ فِي الأَقَالِيمِ. وَفِيهَا قَتَلَ الْحَجَّاجُ أَيُّوبَ بْنَ الْقَرِّيَّةِ، وَكَانَ مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ وَبُلَغَائِهِمْ، خَرَجَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَاسْمُهُ أَيُّوبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ قَيْسٍ أَبُو سُلَيْمَانَ الْهِلالِيُّ، ثُمَّ نَدِمَ الْحَجَّاجُ عَلَى قَتْلِهِ1. وَفِيهَا وَلِيَ إِمْرَةَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ التُّجِيبِيُّ. وَبَعَثَ فِيهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِالشَّعْبِيِّ إِلَى مِصْرَ، إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ سَنَةً. وَفِيهَا فُتِحَتِ الْمِصِّيصَةُ، عَلَى يَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ بَلَدَ أُولِيَةَ مِنَ الْمَغْرِبِ، فَقَتَلَ وَسَبَى، حَتَّى قِيلَ إِنَّ السَّبْيَ بَلَغَ خَمْسِينَ أَلْفًا. وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ أَرْمِينِيَةَ فَهَزَمَهُمْ وحرق كنائسهم وضياعهم، وتسمى سنة الحريق.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "6/ 385".

أحداث سنة خمس وثمانين

أحداث سَنَةَ خمسٍ وَثَمَانِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ. وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ. وَعَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ الْجَرْمِيُّ. وَوَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ -تُوُفِّيَ فِيهَا أَوْ فِي الَّتِي تَلِيهَا. وَعَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ الْهَمْدَانِيُّ. وَيَسَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ. وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ. وَفِيهَا، عَلَى مَا صَرَّحَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ1 هَلاكُ ابْنِ الأَشْعَثِ، قَالَ: فَتَتَابَعَتْ كُتُبُ الْحَجَّاجِ إِلَى رُتْبِيلَ أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِابْنِ الأَشْعَثِ، وَإِلا فَوَاللَّهِ لَأُوطِئَنَّ أَرْضَكَ أَلْفَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَوَعَدَهُ بِأَنْ يُطْلَقَ لَهُ خَرَاجُ بِلادِهِ سَبْعَ سِنِينَ، فَأَسْلَمَهُ إِلَى أَصْحَابِ الْحَجَّاجِ، فَقِيلَ إِنَّهُ رَمَى بِنَفْسِهِ مِنْ علٍ فَهَلَكَ. وَقَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُلَيْكَةَ بِنْتَ يَزِيدَ تَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلا وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِي عَلَى فَخِذِي، يَعْنِي مِنْ جُرْحٍ بِهِ، فَلَمَّا مَاتَ حَزَّ رَأْسَهُ رُتْبِيلُ وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ. قُلْتُ: هَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ، وَأَبُو مِخْنَفٍ كَذَّابٌ. وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ أَرْمِينِيَةَ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً، وَوَلَّى عَلَيْهَا عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ حَاتِمِ بْنِ النُّعْمَانِ الْبَاهِلِيَّ، فَبَنَى مَدِينَةَ دَبِيلَ وَمَدِينَةَ برذعة.

_ 1 انظر تاريخه "6/ 389 وما بعدها".

وَفِيهَا قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيُّ: بَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَهُوَ مُقِيمٌ بِالْمِصِّيصَةَ يَزِيدَ بْنَ حُنَيْنٍ فِي جيشٍ، فَلَقِيَتْهُ الرُّومُ فِي جمعٍ كَثِيرٍ، فَأُصِيبَ النَّاسُ، وَقُتِلَ مَيْمُونٌ الْجُرْجُمَانِيُّ فِي نَحْوَ أَلْفِ نفسٍ مِنْ أَهْلِ أَنْطَاكِيَةَ، وَكَانَ مَيْمُونٌ أَمِيرُ أَنْطَاكِيَةَ مِنْ مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ، مشهورٌ بِالْفُرُوسِيَّةِ، وَتَأَلَّمَ غَايَةَ الأَلَمِ لِمُصَابِهِمْ. وَفِيهَا عُزِلَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ عَنْ خُرَاسَانَ، وَوُلِّيَ أَخُوهُ الْمُفَضَّلُ يَسِيرًا، ثُمَّ عُزِلَ وَوُلِّيَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَفِيهَا قُتِلَ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ السُّلَمِيُّ، وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا وَسَيِّدًا مُطَاعًا، غَلَبَ عَلَى تِرْمِذَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ مُدَّةَ سِنِينَ، وَحَارَبَ الْعَرَبَ، مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَالتُّرْكُ مِنْ تِيكَ الْجِهَةِ، وَجَرَتْ لَهُ وَقَعَاتٌ، وَعَظُمَ أَمْرُهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا وَالِدَهُ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ، وَآخِرُ أَمْرِ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ لَيْلَةً فِي هَذَا الْعَامِ لِيُغِيرَ عَلَى جيشٍ فَعَثَرَ بِهِ فَرَسُهُ، فَابْتَدَرَهُ ناسٌ مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَقَتَلُوهُ. وَقَدِ اسْتَوْفَى ابْنُ جَرِيرٍ أَخْبَارَهُ وحروبه1. وقيل قُتِلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ. وَبَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى مِصْرَ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَعَقَدَ بِالْخِلافَةِ مِنْ بَعْدِهِ لابْنَيْهِ الْوَلِيدِ، ثُمَّ سُلَيْمَانَ، وَفَرِحَ بِمَوْتِ أَخِيهِ، فَإِنَّهُ عَزَمَ عَلَى عَزْلِهِ مِنْ ولاية العهد، فجاءه موته.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "6/ 398 وما بعدها".

أحداث سنة ست وثمانين

أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيُّ. وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ. وَفِيهَا -وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانِ وَهُوَ أَصَحُّ- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى. وَفِيهَا كَانَ طَاعُونُ الْفَتَيَاتِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأنَّهُ بَدَأَ فِي النِّسَاءِ، وَكَانَ بِالشَّامِ وَبِوَاسِطَ وَبِالْبَصْرَةِ.

وَفِيهَا سَارَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ مُتَوَجِّهًا إِلَى وِلايَتِهِ، فَدَخَلَ خُرَاسَانَ، وَتَلَقَّاهُ دَهَاقِينُ بَلْخٍ، وَسَارُوا مَعَهُ، وَأَتَاهُ أَهْلُ صَاغَانَ بِهَدَايَا وَمِفْتَاحٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَسَلَّمُوا بِلادَهُمْ بِالأَمَانِ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حِصْنَ بُولَقَ وَحِصْنَ الأَخْرَمِ. وَعَقَدَ عَبْدُ الْمَلِكِ لابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى مِصْرَ، فَدَخَلَهَا فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، وَعُمْرُهُ يومئذٍ سبعٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَقَرَّهُ أَخُوهُ الْوَلِيدُ عَلَيْهَا لَمَّا اسْتُخْلِفَ، وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَذَكَرَ أَنَّ الْوَلِيدَ عَزَلَ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ عَنْ مِصْرَ بِقُرَّةَ بْنِ شَرِيكٍ أَوَّلَ مَا اسْتُخْلِفَ. وَفِيهَا هَلَكَ مَلِكُ الرُّومِ الأَخْرَمُ بُورِي لا رَحِمَهُ اللَّهُ، قَبْلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ بِشَهْرٍ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ يُونُسُ بْنُ عَطِيَّةَ الْحَضْرَمِيُّ قَاضِي مِصْرَ، فَوُلِّيَ ابْنُ أَخِيهِ أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطِيَّةِ الْقَضَاءَ بَعْدَهُ قَلِيلا وَعُزِلَ، وَوُلِّيَ الْقَضَاءَ مُضَافًا إِلَى الشُّرَطِ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، ثم عزل بعد ستة أشهر بعمران ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ. وَوَلِيَ الخلافة الوليد بعهدٍ من أبيه.

أحداث سنة سبع وثمانين

أحداث سَنَةَ سبعٍ وَثَمَانِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: عُتْبَةُ بْنُ عبْدٍ السُّلَمِيُّ. وَالْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، وَالأَصَحُّ وَفَاتَهُ سَنَةَ تِسْعٍ. وَيُقَالُ فِيهَا افْتَتَحَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ أَمِيرُ خُرَاسَانَ بِيكَنْدَ. وَفِيهَا شَرَعَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي بِنَاءِ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَكَتَبَ إِلَى أَمِيرِ الْمَدِينَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِبِنَاءِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وُلِّيَ عُمَرُ الْمَدِينَةَ وَلَهُ خمسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَصُرِفَ عَنْهَا هِشَامُ

_ 1 انظر تاريخ خليفة "301".

ابن إِسْمَاعِيلَ، وَأُهِينَ وَوَقَفَ لِلنَّاسِ، فَبَقِيَ عُمَرُ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ عَزَلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ. وَفِيهَا قَدِمَ نَيْزَكُ طَرْخَانَ عَلَى قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، فَصَالَحَهُ وَأَطْلَقَ مَنْ فِي يَدِهِ مِنْ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ نَوَاحِي بُخَارَى، فَكَانَتْ هُنَاكَ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ وَمَلْحَمَةٌ هَائِلَةٌ، هَزَمَ اللَّهُ فِيهَا الْمُشْرِكِينَ، وَاعْتَصَمَ نَاسٌ مِنْهُمْ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ صَالَحَهُمْ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا رَجُلا مِنْ أَقَارِبِهِ، فَقَتَلُوا عَامَّةَ أَصْحَابِهِ وَغَدَرُوا، فَرَجَعَ قُتَيْبَةُ لِحَرْبِهِمْ وَقَاتَلَهُمْ، ثُمَّ افْتَتَحَهَا عَنْوةً، فَقَتَلَ وَسَبَى وَغَنِمَ أَمْوَالا عَظِيمَةً. وَفِيهَا أَغْزَى أَمِيرُ الْمَغْرِبِ مُوسَى بْنَ نُصَيْرٍ عِنْدَمَا وَلاهُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِمْرَةَ الْمَغْرِبِ جَمِيعَهُ وَلَدَهُ عَبْدَ اللَّهِ سِرْدَانِيَّةَ، فَافْتَتَحَهَا وَسَبَى وَغَنِمَ. وَفِيهَا أغزى موسى بن نصير ابن أَخِيهِ أَيُّوبَ بْنَ حَبِيبٍ مَمْطُورَةَ، فَغَنِمَ وَبَلَغَ سَبْيُهُمْ ثَلاثِينَ أَلْفًا. وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَافْتَتَحَ قُمْقُمَ وَبُحَيْرَةَ الْفُرْسَانِ، فَقَتَلَ وَسَبَى. وَيَسَّرَ اللَّهُ فِي هَذَا الْعَامِ بِفُتُوحَاتٍ كِبَارٍ عَلَى الإِسْلامِ. وَأَقَامَ لِلنَّاسِ الْمَوْسِمَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَوَقَفَ غَلَطًا يَوْمَ النَّحْرِ، فَتَأَلَّمَ عُمَرُ لِذَلِكَ، فَقِيلَ لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمُ يُعْرَفُ النَّاسَ"1. وَكَانُوا بِمَكَّةَ فِي جَهْدٍ مِنْ قِلَّةِ الْمَاءِ، فَاسْتَسْقَوْا وَمَعَهُمْ عُمَرُ، فَسُقُوا، قَالَ بَعْضُهُمْ: فَرَأَيْتُ عُمَرَ يَطُوفُ وَالْمَاءُ إِلَى أنصاف ساقيه.

_ 1 حديث ضعيف بلفظ عرفة يوم يعرف الناس. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده "ص93" والدارقطني "257" والديلمي "2/ 292" بإسناده مرسل وله شاهد من طريق الواقدي عند الدارقطني كذاب انظر الضعيفة "3863".

أحداث سنة ثمان وثمانين

أحداث سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْمَازِنِيُّ. وَأَبُو الأَبْيَضِ الْعَنْسِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِيهَا جَمَعَ الرُّومُ جَمْعًا عَظِيمًا وَأَقْبَلُوا فَالْتَقَاهُمْ مُسْلِمَةُ وَمَعَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ الْخَلِيفَةِ الْوَلِيدِ، فَهَزَمَ اللَّهُ الرُّومَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ، وَافْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ جُرْثُومَةَ وَطُوَّانَةَ1. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، فَزَحَفَ إِلَيْهِ التُّرْكُ وَمَعَهُمُ الصُّغْدُ وَأَهْلُ فَرْغَانَةَ، وَعَلَيْهِمُ ابْنُ أُخْتِ مَلِكِ الصِّينِ، وَيُقَالُ بَلَغَ جَمْعُهُمْ مِائَتَيْ أَلْفٍ، فَكَسَرَهُمْ قُتَيْبَةُ، وَكَانَتْ مَلْحَمَةً عَظِيمَةً. وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وابن أخيه العباس، وتعبؤا بِقُرَى أَنْطَاكِيَةَ، ثُمَّ التقوا الرُّومَ وَحَجَّ بِالنَّاسِ عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَيُقَالُ إِنَّ فِيهَا شَرَعَ الْوَلِيدُ بِبِنَاءِ الْجَامِعِ وَكَانَ نِصْفُهُ كَنِيسَةً لِلنَّصَارَى، وَعَلَى ذَلِكَ صَالَحَهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ الْوَلِيدُ لِلنَّصَارَى: إِنَّا قَدْ أَخَذْنَا كَنِيسَةَ تُومَا عَنْوَةً، يَعْنِي كَنِيسَةَ مريم فأنا أهدمها، وكانت أكبر من النِّصْفِ الَّذِي لَهُمْ، فَرَضُوا بِإِبْقَاءِ كَنِيسَةِ مَرْيَمَ، وَأُعْطُوا النِّصْفَ وَكَتَبَ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَالْمِحْرَابُ الْكَبِيرُ هو كان باب الكنيسة، ومات الوليد وهم بَعْدُ فِي زَخْرَفَةِ بِنَاءِ الْجَامِعِ، وَجَمَعَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ الْحَجَّارِينَ وَالْمُرَخِّمِينَ مِنَ الأَقْطَارِ، حَتَّى بَلَغُوا فِيمَا قِيلَ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ مُرَخِّمٍ، وَغَرِمَ عَلَيْهَا قَنَاطِيرَ عَدِيدَةً مِنَ الذَّهَبِ، فَقِيلَ إِنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ بَلَغَتْ سِتَّةَ آلافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَذَلِكَ مِائَةُ قنطارٍ وَأَرْبَعَةُ وَأَرْبَعُونَ قِنْطَارًا بِالْقِنْطَارِ الدِّمَشْقِيِّ. وَفِيهَا أَمَرَ الْوَلِيدُ عَامِلَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ عمر بن عبد العزيز ببناء مسجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْ يُزَادَ فِيهِ مِنْ جِهَاتِهِ الأَرْبَعِ، وَأَنْ يُعْطِيَ النَّاسَ ثَمَنَ الزِّيَادَاتِ شَاءُوا أَوْ أَبُوا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سعد: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ مَنَازِلَ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ هَدَمَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَزَادَهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ بُيُوتًا بِاللَّبِنِ، وَلَهَا حُجَرٌ مِنْ جَرِيدٍ مطرورٌ بِالطِّينِ، عَدَدْتُ تِسْعَةَ أبياتٍ بِحُجَرِهَا، وَهِيَ مَا بَيْنَ بَيْتِ عَائِشَةَ إِلَى الْبَابِ الَّذِي يَلِي بَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعَ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: أَدْرَكْتُ حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، عَلَى أَبْوَابِهَا الْمُسُوحُ مِنْ شعرٍ أَسْوَدَ، فَحَضَرْتُ كِتَابَ الْوَلِيدِ يُقْرَأُ بِإِدْخَالِ الْحُجَرِ فِي الْمَسْجِدِ، فَمَا رَأَيْتُ بَاكِيًا أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ

_ 1 بلد بثغرر المصيصة.

ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَوْ تَرَكُوهَا فَيَقْدَمُ الْقَادِمُ مِنَ الآفَاقِ فَيَرَى مَا اكْتَفَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَيَاتِهِ. وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ قَالَ: ذَرْعُ السِّتْرِ الشَّعَرِ ذِرَاعٌ فِي طُولِ ثَلاثَةٍ. وَفِيهَا كَتَبَ الْوَلِيدُ، وَكَانَ مُغْرَمًا بِالْبِنَاءِ، إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِحَفْرِ الأَنْهَارِ بِالْمَدِينَةِ، وَبِعَمَلِ الْفَوَّارَةِ بِهَا، فَعَمِلَهَا وَأَجْرَى مَاءَهَا، فَلَمَّا حَجَّ الْوَلِيدُ وَقَفَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا فَأَعْجَبَتْهُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ مُهَاجِرٍ -وَكَانَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْوَلِيدِ: حَسَبُوا مَا أَنْفَقُوا عَلَى الْكَرْمَةِ الَّتِي فِي قِبْلَةِ مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَكَانَ سَبْعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَقَالَ أَبُو قُصَيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُذْرِيُّ: حَسَبُوا مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَكَانَ أَرْبَعَمِائَةِ صُنْدُوقٍ، فِي كُلِّ صُنْدُوقٍ ثمانيةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ دِينَارٍ. قُلْتُ: جُمْلَتُهَا عَلَى هَذَا: أَحَدَ عَشْرَ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ وَنَيِّفٍ. قَالَ أَبُو قُصَيٍّ: أَتَاهُ حَرَسِيُّهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَحَدَّثُوا أَنَّكَ أَنْفَقْتَ الأَمْوَالَ فِي غَيْرِ حَقِّهَا، فَنَادَى: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، وَخَطَبَهُمْ فَقَالَ: بَلَغَنِي كَيْت وكَيْت، أَلا يَا عُمَرُ قُمْ فَأَحْضِرِ الأَمْوَالَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَأَتَتِ الْبِغَالُ تَدْخُلُ بِالْمَالِ، وَفَضَّتْ فِي الْقِبْلَةِ عَلَى الأَنْطَاعِ، حَتَّى لَمْ يُبْصِرْ مَنْ فِي الْقِبْلَةِ مَنْ فِي الشَّامِ، وَوُزِنَتْ بِالْقَبَابِينَ، وَقَالَ لِصَاحِبِ الدِّيوَانِ: أَحْصِ مِنْ قِبَلِكَ مِمَّنْ يَأْخُذُ رِزْقَنَا، فَوَجَدُوا ثَلاثَمِائَةِ أَلْفٍ فِي جَمِيعِ الأَمْصَارِ، وَحَسَبُوا مَا يُصِيبُهُمْ، فَوَجَدُوا عِنْدَهُ رِزْقَ ثَلاثِ سِنِينَ، فَفَرِحَ النَّاسُ، وَحَمِدُوا اللَّهَ، فَقَالَ: إِلَى أَنْ تَذْهَبَ هَذِهِ الثَّلاثُ السِّنِينَ قَدْ أَتَانَا اللَّهُ بِمِثْلِهِ وَمِثْلِهِ، إِلا وَإِنِّي رَأَيْتُكُمْ يَا أَهْلَ دِمَشْقٍ تَفْخَرُونَ عَلَى النَّاسِ بِأَرْبَعٍ: بِهَوَائِكُمْ، وَمَائِكُمْ، وَفَاكِهَتِكُمْ، وَحَمَّامَاتِكُمْ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ مَسْجِدَكُمُ الْخَامِسُ، فَانْصَرَفُوا شَاكِرِينَ دَاعِينَ. وَرُوِيَ عَنِ الْجَاحِظِ، عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أحدٌ أَشَدَّ شَوْقًا إِلَى الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ دمشق، لما يرون من حسن مسجدهم.

أحداث سنة تسع وثمانين

أحداث سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَيُقَالُ: تُوُفِّيَ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ. وَأَبُو ظَبْيَانَ. وَأَبُو وَائِلٍ، وَالصَّحِيحُ وَفَاتُهُمْ فِي غَيْرِهَا. وَفِيهَا افْتَتَحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ جَزِيرَتَيْ مَيُورْقَةَ وَمَنُورْقَةَ، وَهُمَا جَزِيرَتَانِ فِي الْبَحْرِ، بَيْنَ جَزِيرَةِ صِقِلِّيَّةَ وَجَزِيرَةِ الأَنْدَلُسِ، وَتُسَمَّى غَزْوَةُ الأَشْرَافِ، فَإِنَّهُ كَانَ مَعَهُ خلقٌ مِنَ الأَشْرَافِ وَالْكِبَارِ. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ وَرْذَانَ خُذَاهْ ملك بخارى، فلم يُطِقْهُمْ، فَرَجَعَ. وَفِيهَا أَغْزَى مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ ابْنَهُ مَرْوَانَ السُّوسَ الأَقْصَى، فَبَلَغَ السَّبْيُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا. وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَمُّورِيَّةَ، فَلَقِيَ جَمْعًا مِنَ الرُّومِ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِيهَا وَلِيَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ مَكَّةَ، وَذَلِكَ أَوَّلُ مَا وَلِيَ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنْ قَضَاءِ مِصْرَ عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بِعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، وَلَهُ خمسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ أَنَّ الْوَاقِدِيَّ زَعَمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ صَالِحٍ حَدَّثَهُ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ مَكَّةَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّهُمَا أَعْظَمُ، خَلِيفَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ، أَمْ رَسُولُهُ إِلَيْهِمْ؟ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَعْلَمُوا فَضْلَ الْخَلِيفَةِ إِلا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ اسْتَسْقَى فَسَقَاهُ اللَّهُ مِلْحًا أُجَاجًا، وَاسْتَسْقَاهُ الْخَلِيفَةُ فَسُقِيَ عَذْبًا فُرَاتًا، بِئْرًا حَفَرَهَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عِنْدَ ثَنِيَّةِ الْحَجُونِ، وَكَانَ يُنْقَلُ مَاؤُهَا فَيُوضَعُ فِي حَوْضٍ مِنْ أَدَمٍ إِلَى جَنْبِ زَمْزَمَ، لِيُعْرَفَ فَضْلُهُ عَلَى زَمْزَمَ. قَالَ: ثُمَّ غَارَتِ الْبِئْرُ فَذَهَبَتْ، فَلا يُدْرَى أَيْنَ مَوْضِعُهَا. قُلْتُ: مَا أَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا وقع. والله أعلم.

أحداث سنة تسعين

أحداث سَنَةَ تِسْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ الْمِصْرِيُّ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمِسْوَرِ الزهري. وأبو ظبيان الجنبي. ويزيد بْنُ رَبَاحٍ. وَعُرْوَةُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ الْمِصْرِيَّانِ. وَقَالَ أَبُو خَلَدَةَ: تُوُفِّيَ فِيهَا فِي شَوَّالٍ أَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيُّ: تُوُفِّيَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ سَنَةَ تِسْعِينَ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ: تُوُفِّيَ فِيهَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ فِيهَا مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ الزُّرَقِيُّ. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ وَرْذَانَ خداه الْغَزْوَةَ الثَّانِيَةَ، فَاسْتَصْرَخَ عَلَى قُتَيْبَةَ بِالتُّرْكِ، فَالْتَقَاهُمْ قُتَيْبَةُ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ وَفَضَّ جَمْعَهُمْ. وَفِيهَا غَزَا الْعَبَّاسُ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَبَلَغَ الأَرْزَنَ ثُمَّ رَجَعَ. وَفِيهَا أَوْقَعَ قُتَيْبَةُ بِأَهْلِ الطَّالِقَانِ بِخُرَاسَانَ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَصَلَبَ مِنْهُمْ طُولَ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ فِي نِظَامٍ وَاحِدٍ، وَسَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ مَلِكَهَا غَدَرَ وَنَكَثَ، وَأَعَانَ نَيْزَكَ طَرْخَانَ عَلَى خَلْعِ قُتَيْبَةَ. قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ. وَفِيهَا سَارَ قُرَّةُ بْنُ شَرِيكٍ أَمِيرًا عَلَى مِصْرَ عَلَى الْبَرِيدِ فِي شَهْرِ رَبِيعِ الأَوَّلِ، عِوَضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَقِيلَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أعلم.

تراجم رجال هذه الطبقة

تَرَاجِمُ رِجَالِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الأموي، أبو سعيد1 -م4.

_ 1 انظر ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 151 وما بعدها" والجرح والتعديل لابن أبي حاتم "2/ 295" وتحفة الأشراف "3/ 134" للمزي، وسير أعلام النبلاء للمصنف "4/ 351 وما بعدها" وتهذيب الكمال "2/ 16 وما بعدها".

سَمِعَ: أَبَاهُ، وَزَيْدَ بْنَ نَابِتٍ. وَعَنْهُ: عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَجَمَاعَةٌ. وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً لَهُ أَحَادِيثُ عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ بِهِ صَمَمٌ ووضحٌ كَثِيرٌ، وَأَصَابَهُ الْفَالِجُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: أَبَان وَعُمَرُ وَأُمُّهُمَا أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ جُنْدُبِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ، وَأَبَانٌ تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ وِلَايَةُ أَبَانٍ عَلَى الْمَدِينَةِ سَبْعَ سِنِينَ. وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ الصَّلْتِ: ثنا أَبُو الزِّنَادِ قَالَ: مَاتَ أبان قَبْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ عَشَرَةٌ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ أَبَانَ. وَقَالَ مَالِكٌ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ كَانَ يَتَعَلَّمُ مِنْ أَبَانَ الْقَضَاءَ. وَقَالَ أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرَوِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ، عَمَّنْ قَالَ، قَالَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمُ بحديثٍ وَلا فقهٍ مِنْ أَبَانَ. 2- أَدْهَمُ بْنُ مُحْرِزٍ الْبَاهِلِيُّ الْحِمْصِيُّ1، الأَمِيرُ، أَوَّلُ مَنْ وُلِدَ بِحِمْصَ، شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ نَاصِبِيًّا2 سَبَّابًا. حَكَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الْقَيْنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَفَرْوَةُ بْنُ لَقِيطٍ. قَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي سَاسَانَ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ الصَّيْرَفِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: أَتَيْتُ الْحَجَّاجَ وَهو يَقُولُ لِرَجُلٍ: أَنْتَ هَمْدَانُ مَوْلَى عَلِيٍّ؟ فَقَالَ: سُبَّهُ، قَالَ: مَا ذَاكَ جَزَاؤُهُ مِنِّي، رَبَّانِي وَأَعْتَقَنِي، قال: فما كنت تسمعه يقرأ من الْقُرْآنَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُهُ فِي قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ وذهابه ومجيئه يتلو: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ

_ 1 انظر تاريخ الطبري "4/ 404، 5/ 28، 599، 602" والكامل في التاريخ "3/ 303، 304، 46، 180، 182، 184" والإصابة "1/ 101". 2 الناصبي هو المؤيد للأمويين.

أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [الأنعام: 44] الآية. قَالَ: فَابْرَأْ مِنْهُ. قَالَ: أَمَّا هَذِهِ فَلا، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: تُعْرَضُونَ عَلَى سَبِّي فَسُبُّونِي، وَتُعْرَضُونَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنِّي، فَلا تَبْرَأُوا مِنِّي فَإِنِّي عَلَى الإِسْلامِ، قَالَ: أَمَا لَيَقُومَنَّ إِلَيْكَ رجلٌ يَتَبَرَّأُ مِنْكَ وَمِنْ مَوْلاكَ، يَا أَدْهَمُ بْنَ مُحْرِزٍ قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَامَ يَتَدَحْرَجُ كَأَنَّهُ جَعْلٌ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا ثَارَاتِ عُثْمَانَ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلا كَانَ أَطْيَبَ نَفْسًا بِالْمَوْتِ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ فَنَدَرَ رَأْسَهُ. إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. 3- الأَسْوَدُ بْنُ هلال -خ م د ن- المحاربي الكوفي، أبو سلام. مِنَ الْمُخَضْرَمِينَ1. رَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو حُصَيْنٍ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسْدِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ. 4- الأَعْشَى الْهَمْدَانِيُّ -الشَّاعِرُ، هُوَ أَبُو الْمُصْبِحِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَحَدُ الْفُصَحَاءِ الْمُفَوَّهِينَ بِالْكُوفَةِ2. كَانَ لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَأَقْبَلَ عَلَى الشِّعْرِ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ إِلَى حِمْصَ وَمَدَحَهُ، فَيُقَالُ إِنَّهُ حَصَلَ لَهُ مِنْ جَيْشِ حِمْصَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ إِنَّ الأَعْشَى خَرَجَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ فَقَتَلَهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَكَانَ هُوَ وَالشَّعْبِيُّ كُلٌّ منهما زوج أخت الآخر.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 119" والجرح والتعديل "2/ 292، 402" وتهذيب الكمال "3/ 33" وأسد الغابة "1/ 88". 2 انظر تاريخ الطبري "5/ 607، 6/ 58، 59، 69" والسير للمصنف "4/ 185" والكامل في التاريخ "4/ 197، 186، 240".

5-الأغر بن سليك -ن- ويقال ابن حنظلة. كُوفِيٌّ1. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَعَلِيُّ بْنُ الأَقْمَرِ، وَسِمَاكُ بْنُ حرب. مقل. 6- أمية بن عبد الله -ن ق- بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ الأُمَوِيُّ2. رَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام، وَالْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَوَلِيَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَثَمَانِينَ. 7- أَيُّوبُ بْنُ الْقَرِّيَّةَ وَاسْمُ أَبِيهِ يَزِيدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ سَلْمٍ النَّمَرِيُّ الْهِلالِيُّ، وَالْقَرِّيَّةُ أُمُّهُ3. كَانَ أَعْرَابِيًّا أُمِّيًّا، صَحِبَ الْحَجَّاجَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ. قَدِمَ في عام قحط عين التمر، وعليها عَامِلٌ، فَأَتَاهُ مِنَ الْحَجَّاجِ كتابٌ فِيهِ لُغَةٌ وَغَرِيبٌ، فَأَهَمَّ الْعَامِلُ مَا فِيهِ، فَفَسَّرَهُ لَهُ أَيُّوبُ، ثُمَّ أَمْلَى لَهُ جَوَابَهُ غَرِيبًا، فَلَمَّا قَرَأَهُ الْحَجَّاجُ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ إِنْشَاءِ عَامِلِهِ، وَطَلَبَ مِنَ الْعَامِلِ الَّذِي أَمْلَى لَهُ الْجَوَابَ، فَقَالَ: لابْنِ الْقَرِّيَّةَ، فَقَالَ لَهُ: أَقِلْنِي مِنَ الْحَجَّاجِ، قَالَ: لا بَأْسَ عَلَيْكَ، وَجَهَّزَهُ إِلَيْهِ، فَأُعْجِبَ بِهِ، ثُمَّ جَهَّزَهُ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ الأَشْعَثِ كَانَ أيوب بن

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 243" والجرح والتعديل "2/ 308" والثقات لابن حبان "4/ 53" وتهذيب الكمال "3/ 317، 318". 2 انظر الطبري "5/ 318، 6/ 174" وطبقات ابن سعد "5/ 478" والجرح والتعديل "2/ 301" وتهذيب الكمال "3/ 334 وما بعدها". 3 انظر تاريخ الطبري "6/ 385، 386" والكامل في التاريخ "4/ 498" والسير "4/ 197".

الْقَرِّيَّةَ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَجَّاجَ بَعَثَهُ رَسُولا إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ إِلَى سِجِسْتَانَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ خَطِيبًا، وَأَنْ يَخْلَعَ الْحَجَّاجَ وَيَسُبَّهُ أَوْ لَيَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولٌ، قَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لك، ففعل، وأقام مع ابن الأَشْعَثِ، فَلَمَّا انْكَسَرَ ابْنُ الأَشْعَثِ أُتِيَ بِأَيُّوبَ أَسِيرًا إِلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ، قَالَ: سَلْ، قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَالَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بحقٍ وَبَاطِلٍ، قَالَ: فَأَهْلُ الْحِجَازِ، قَالَ: أَسْرَعُ النَّاسِ إِلَى فِتْنَةٍ، وَأَعْجَزُهُمْ فِيهَا، قَالَ: فَأَهْلُ الشَّامِ؟ قَالَ: أَطْوَعُ النَّاسِ لأُمَرَائِهِمْ، قَالَ: فَأَهْلُ مِصْرَ؟ قَالَ: عَبِيدُ مَنْ طَلَبَ، قَالَ: فَأَهْلُ الْمُوصِلَ؟ قَالَ: أَشْجَعُ فُرْسَانٍ، وَأَقْتَلُ لِلْأَقْرَانِ، قَالَ: فَأَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ: أَهْلُ سمعٍ وَطَاعَةٍ، وَلُزُومِ لِلْجَمَاعَةِ. ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَعَنِ الْبُلْدَانِ، وَهُوَ يُجِيبُ، فَلَمَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ نَدِمَ. وَفِي تَرْجَمَتِهِ طُولٌ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ، وَابْنُ خَلِّكَانَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَثَمَانِينَ. "حرف الْبَاءِ": بَحِيرُ بْنُ وَرْقَاءَ الْبَصْرِيُّ الصَّرِيمِيُّ، أَحَدُ الأَشْرَافِ وَالْقُوَّادِ بِخُرَاسَانَ1. وَهُوَ الَّذِي حارب ابن خازم السُّلَمِيِّ وَظَفِرَ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى قَتْلَ بُكَيْرِ بْنِ وَسَّاجٍ بِأَمْرِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأُمَوِيِّ، فَعَمِلَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ رَهْطِ بُكَيْرٍ فَقَتَلُوهُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. 9- بَشِيرُ بْنُ كعب بن أبي -خ4- أبو أيوب الحميري العدوي البصري. يُقَالُ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى شيءٍ مِنَ الْمَصَالِحِ2. رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، وَقَتَادَةُ، وَالْعَلاءُ بن زياد، وثابت البناني، وغيرهم.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "5/ 624، 6325" والكامل في التاريخ "4/ 45، 89، 346". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 223" والجرح والتعديل "2/ 395" وتاريخ الطبري "3/ 404" وتهذيب الكمال "4/ 184" وسير أعلام النبلاء "4/ 351".

وكان أحد القراء والزهاد. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 10- وَأَمَّا: بَشِيرُ بْنُ كَعْبٍ الْعَلَوِيُّ شاعر كَانَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ، لَهُ ذِكْرٌ. "حرف التَّاءِ": 11- تَيَاذُوقُ الطَّبِيبُ1 كَانَ بَارِعًا فِي الطِّبِّ، ذَكِيًّا عَالِمًا، وَكَانَ عَزِيزًا عِنْدَ الْحَجَّاجِ وَلَهُ أَلْفَاظٌ فِي الْحِكْمَةِ. تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ تِسْعِينَ، وَقَدْ شَاخَ2. صَنَّفَ كُنَاشًا كَبِيرًا3 وَكِتَابَ الأَدْوِيَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ. تُوُفِّيَ بِوَاسِطٍ. "حرف الْحَاءِ": 12- الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ الْمَكِّيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْقُبَاعِ4 -م ن. وَلِيَ إِمْرَةَ الْبَصْرَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ، وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: سُمِّيَ الْقُبَاعَ لِأنَّهُ وَضَعَ لَهُم مِكْيالا سَمَّاهُ الْقُبَاعَ. وَقِيلَ: كَانَتْ أُمُّهُ حَبَشِيَّةٌ. قَالَ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ: إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَيْثُ يَكْذِبُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، يَقُولُ سَمِعْتُهَا، تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:

_ 1 انظر الوافي بالوفيات "10/ 449-950" والبداية "9/ 81". 2 شاخ أي بلغ من الكبر عتيًا. 3 الكناش هو. 4 انظر طبقات ابن سعد "5/ 28-29" والجرح والتعديل "3/ 77" وتاريخ الطبري "5/ 396".

"يا عائشة لولا حدثان قومك بالكفر، لنفضت الْبَيْتَ حَتَّى أَزِيدَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ، فَإِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرُوا عَنِ الْبِنَاءِ" 1، فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: لا تقُلْ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَنَا سَمِعْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُحَدِّثُ هَذَا، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ سَمِعْتُهُ قَبْلَ أَنْ أَهْدِمَهُ لَتَرَكْتُهُ عَلَى بِنَاءِ ابْنِ الزبير. 13- حجر بن عنبس -د ت- الحضرمي أبو العنبس، ويقال أبو السكن. مُخَضْرَمٌ كَبِيرٌ2. صَحِبَ عَلِيًّا وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ. حَدَّثَ عَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَمُوسَى بْنُ قَيْسٍ. وَذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ3، وَوَثَّقَهُ وَقَالَ: قَدِمَ الْمَدَائِنَ. 14- حُجْرُ الْمَدَرِيُّ الْيَمَانِيُّ4 -د ت ق- عَنْ: زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: طَاوُسُ، وَشَدَّادُ بْنُ جَابَانَ. وَلَهُ حَدِيثٌ فِي السُّنَنِ الثَّلاثَةِ. 15- حَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ أَمِيرُ الْمَغْرِبِ5. قِيلَ إِنَّهُ هُوَ حَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ الْغَسَّانِيُّ، ابْنُ زَعِيمِ عَرَبِ الشَّامِ. حَكَى عَنْهُ أَبُو قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيُّ. وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا غَزَّاءً، وَلِيَ فتوحاتٍ بِالْمَغْرِبِ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَتْ لَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ. وَجَّهَهُ مُعَاوِيَةُ سَنَةَ سبعٍ وَخَمْسِينَ، فَصَالَحَ الْبَرْبَرَ، وَقَرَّرَ عَلَيْهِمُ الخراج.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "126، 1583" ومسلم "1333" والنسائي "5/ 216" وأحمد "6/ 239". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 266" والثقات لابن حبان "4/ 177" وتهذيب الكمال "5/ 473-474" وأسد الغابة "1/ 386". 3 "8/ 374" برقم "4374". 4 طبقات ابن سعد "5/ 536" والجرح والتعديل "3/ 267" والثقات لابن حبان "4/ 177" وتهذيب الكمال "5/ 475-476". 5 انظر سير أعلام النبلاء "4/ 140" والعبر "1/ 92" وشذرات الذهب "1/ 88".

ثُمَّ وَفَدَ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ نيفٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ قَدْ تَمَكَّنَ بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَدَانَتْ لَهُ، وَهَذَّبَهَا بَعْدَ قَتْلِ الْكَاهِنَةِ، فَلَمَّا وُلِّيَ الْوَلِيدُ أَرْسَلَ إِلَى نُوَّابِهِ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْجِهَادِ وَيُبَالِغُ، وَأَمَرَهُمْ بِعَمَلِ الْمَرَاكِبِ وَالإِكْثَارِ مِنْهَا، وَبِحَرْبِ الرُّومِ وَالْبَرْبَرِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَعَزَلَ حَسَّانَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ بتحفٍ عَظِيمَةٍ وَأَمْوَالٍ وَجَوَاهِرٍ، وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنّما خرجت مجاهدا فِي سبيل اللَّه وليس مثلي من خان اللَّه وأمير المؤمنين، فَقَالَ: أَنَا أَرُدُّكَ إِلَى عَمَلِكَ، فَحَلَفَ أَنَّهُ لا وَلِيَ لِبَنِي أُمَيَّةَ وِلايَةً أَبَدًا. وَكَانَ حَسَّانُ يُسَمَّى الشَّيْخَ الأَمِينَ لِثِقَتِهِ وَأَمَانَتِهِ. وَأَمَّا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ فَقَالَ: إِنَّ مَوْتَ حَسَّانٍ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 16- حُصَيْنُ بْنُ مَالِكِ -ت ق- بْنِ الْخَشْخَاشِ1، وَهُوَ حُصَيْنُ بْنُ أَبِي الْحُرِّ التميمي العنبري البصري، جَدُّ الْقَاضِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ. عَنْ: جَدِّهِ الْخَشْخَاشِ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ الْحَسَنُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَقِيلَ يُونُسُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ. مَاتَ فِي حَبْسِ الْحَجَّاجِ. 17- حَكِيمُ بْنُ جَابِرِ بْنِ طَارِقٍ الأَحْمَسِيُّ الْكُوفِيُّ2. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وعنه: بيان بن بشير، وإسماعيل بن أبي خالد، وطارق بن عبد الرحمن البجلي، وغيرهم. وثقه ابن معين. 18- حكيم بن سعد أبو تحيا الكوفي3.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 125" وتاريخ الطبري "3/ 372" والثقات لابن حبان "4/ 156" وتهذيب الكمال "6/ 533". 2 طبقات ابن سعد "6/ 288" والجرح والتعديل "3/ 201" وتاريخ الطبري "4/ 405" وتهذيب الكمال "7/ 162-165". 3 انظر التاريخ لابن معين "2/ 128" وتهذيب الكمال "3/ 1590" والمشتبه "1/ 110".

حدث عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى، وَأُمِّ سَلَمَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَعِمْرَانُ بْنُ ظَبْيَانَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُسْلِمٍ، وَآخَرُونَ. شَهِدَ وَقْعَةَ النَّهْرَوَانِ مَعَ عَلِيٍّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 19- حُمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ -ع- مَوْلَى عُثْمَانَ1، مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ، كَانَ. لِلْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ، فَابْتَاعَهُ عُثْمَانُ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ. وَعَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، وَمُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَطَائِفَةٌ. قال صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ: سَبَاهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ عَيْنِ التَّمْرِ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: إِنَّمَا هو حمران بن أبا، فقال بنوه: ابن أبان. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: نَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَادَّعَى وَلَدَهُ أَنَّهُمْ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ حُمْرَانُ يُصَلِّي مَعَ عُثْمَانَ، فَإِذَا أَخْطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَأْذَنُ عَلَى عُثْمَانَ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: كَانَ كَاتِبَ عُثْمَانَ، وَكَانَ مُحْتَرَمًا فِي دَوْلَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَطَالَ عُمْرُهُ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ الثَّمَانِينَ. 20- حميد بن عبد الرحمن -ع- الحميري2 يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَسَيَأْتِي. 21- حَنَشُ بن المعتمر-د ت- ويقال ابن ربيعة الكناني، ثم الكوفي3.

_ 1 انظر الطبقات لابن سعد "5/ 283، 7/ 148" والجرح والتعديل "3/ 265" والثقات لابن حبان "4/ 50" وتهذيب الكمال "7/ 301-306". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 147" والجرح والتعديل "3/ 225" والثقات للعجلي "رقم 340" وتاريخ الطبري "3/ 202" وتهذيب الكمال "1/ 176". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 225" والجرح والتعديل "3/ 291" وتاريخ الطبري "5/ 555" وتهذيب الكمال "7/ 432-433".

رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ. وَيَأْتِي سَنَةَ مِائَةٍ حَنَشُ الصَّنْعَانِيُّ وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْ ذَا وَأَوْثَقُ. وَأَمَّا هَذَا فَرَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَسِمَاكٌ، وَسَعِيدُ بْنُ أَشْوَعَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِي حَدِيثِهِ. وَقَالَ ابْنُ عدي وغيره: لا بَأْسَ بِهِ. "حرف الْخَاءِ": 22- خَالِدُ بْنُ عُمَيْرٍ الْبَصْرِيُّ -م ن ق- شَهِدَ خُطْبَةَ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ1. عَنْهُ: أَبُو نَعَامَةَ عَمْرُو بْنُ عِيسَى الْعَدَوِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 23- خَالِدُ بن يزيد -د- ابْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَبُو هَاشمٍ الأموي الدمشقي، أَخُو مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ2. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ. وَعَنْهُ: رجاء بن حيوة، وعلي بن رباح، والزهري، وأبو الأعيس الخولاني. قال الزبير: كان خالد بن يزيد موصوفا بالعلم وقول الشعر. وقال ابن سميع: داره هي دار الحجارة بدمشق. وقال أبو زرعة: كان هو وأخوه من صالحي القوم. وقال عقيل، عَنِ الزُّهْرِيِّ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَصُومُ الْأَعْيَادَ كُلَّهَا: الْجُمُعَةَ، وَالسَّبْتَ، وَالأَحَدَ. وَيُرْوَى أَنَّ شَاعِرًا وَفَدَ عَلَيْهِ وَقَالَ:

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 343" والثقات لابن حبان "4/ 204" وتهذيب الكمال "8/ 145-1478" وأسد الغابة "2/ 90". 2 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 355-358" والجرح والتعديل "3/ 357" وتاريخ الطبري "5/ 461" وتهذيب الكمال "8/ 201-208" وسير أعلام النبلاء "4/ 382-383" وأسد الغابة "2/ 97".

سالت الندى وَالْجُودَ: حُرَّانِ أَنْتُمَا؟ ... فَقَالا جَمِيعًا: إِنَّنَا لعبيد فَقُلْتُ: فَمَنْ مَوْلاكُمَا؟ فَتَطَاوَلا ... عَلَيَّ وَقَالا: خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَقَدْ كَانَ ذُكِرَ خَالِدٌ لِلْخِلافَةِ عِنْدَ مَوْتِ أَخِيهِ مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ بُويِعَ مروان على أَنَّ خَالِدًا وَلِيُّ عَهْدِهِ، فَلَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَهَدَّدَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بِالْحِرْمَانِ وَالسَّطْوَةِ، فَقَالَ: أَتَهُدِّدْنِي وَيَدُ اللَّهِ فَوْقَكَ مَانِعَةٌ، وَعَطَاؤُهُ دُونَكَ مَبْذُولٌ؟ وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قِيلَ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ: مَا أَقْرَبُ شَيْءٍ؟ قَالَ: الأَجَلُ، قِيلَ: فَمَا أَبْعَدُ شَيْءٍ؟ قَالَ: الأَمَلُ، قِيلَ: فَمَا أَرْجَى شَيْءٍ؟ قَالَ: الْعَمَلُ. وَعَنْهُ قَالَ: إِذَا كَانَ الرّجِلُ لَجُوجًا مماريًا معجبًا برأيه، فقد تمت خسارته. توفي سنة تسعين، وقيل: أربعٍ وَثَمَانِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ. وَلَهُ تَرْجَمَةٌ طَوِيلَةٌ فِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ. وَنَقَلَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ الْكِيمْيَاءَ، وَأَنَّهُ صَنَّفَ فِيهَا ثَلاثَ رَسَائِلَ. وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ. وَعَنْ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: كَانَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ يُوصَفُ بِالْحِلْمِ، وَيَقُولُ الشِّعْرَ. وَزَعَمُوا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ حَدِيثَ السُّفْيَانِيِّ، وَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ لِلنَّاسِ فِيهِ طَمَعٌ حِينَ غَلَبَ مَرْوَانُ عَلَى الأَمْرِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هَذَا وهمٌ مِنْ مُصْعَبٍ، أَمْرُ السُّفْيَانِيِّ قَدْ تَتَابَعَتْ فِيهِ رِوَايَاتٌ. 24- خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ الْجُعْفيِّ الْكُوفِيِّ1، أَبُوهُ وَجِدُّهُ صَحَابِيَّانِ. يَرْوِي عَنْ: أَبِيهِ، وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، وطائفة سواهم. ولم يلق ابن مسعود.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 286، 287" والجرح والتعديل "3/ 393، 394" والثقات للعجلي "145، ولابن حبان "4/ 213".

رَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَمَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا، كَبِيرَ الْقَدْرِ، لَمْ يَنْجُ مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ بِالْكُوفَةِ إِلا هُوَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ. وَحَدِيثُهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. وَكَانَ سَخِيًّا كَرِيمًا يَرْكَبُ الْخَيْلَ. "حرف الذَّالِ": 25- ذَرُّ بن عبد الله1 -ع- الهمداني الكوفي. عَنْ: سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَابْنُهُ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالأَعْمَشُ، وَمَنْصُورٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ: كَانَ مُرْجِئًا. "حرف الرَّاءِ": 26- الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمِ بْنِ عَائِذٍ الثَّوْرِيُّ، أَبُو يَزِيدَ الْكُوفِيُّ2. أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَمِعَ: ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا أَيُّوبَ، وَعَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ، وَهِلالُ بْنُ يَسَافٍ، وَآخَرُونَ. وكان عبدًا صالحًا جليلًا ثقة نبيلًا، كَبِيرَ الْقَدْرِ. 27- رَبِيعَةُ بْنُ لَقِيطٍ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ3.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 293" والجرح والتعديل "3/ 453" وتهذيب الكمال "8/ 511-513" وميزان الاعتدال "322". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 182-193" والجرح والتعديل "3/ 459" والثقات للعجلي "154-156" ولابن حبان "4/ 224-225". 3 انظر الثقات لابن حبان "3/ 130، 4/ 230" والجرح والتعديل "3/ 475" وسير أعلام النبلاء "4/ 509، 510" والإصابة "1/ 531".

عَنْ: عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ حَوَالَةَ. وَعَنْهُ: ابنه إِسْحَاقَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. وَلَهُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. 28- رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ أَبُو زُرْعَةَ الْجُذَامِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ، وَيُقَالُ أَبُو زِنْبَاعٍ1. حَدَّثَ عَنْ: أبيه، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وكعب الأحبار، وغيرهم. وعنه: ابنه روح بن روح، وشرحبيل بن مسلم، ويحيى الشيباني، وعبادة بن نسي، وجماعة. وكان ذا اختصاص بعبد الملك، لا يَكَادُ يَغِيبُ عَنْهُ، وَهُوَ كَالْوَزِيرِ لَهُ. وَلِأَبِيهِ زِنْبَاعِ بْنِ رَوْحِ بْنِ سَلامَةَ صُحْبَةٌ، وَكَانَ لِرَوْحٍ دَارٌ بِدِمَشْقَ فِي طَرَفِ الْبُزُورِيِّينَ، أَمَّرَهُ يَزِيدُ عَلَى جُنْدِ فِلَسْطِينَ، وَشَهِدَ يَوْمَ رَاهِطَ مَعَ مَرْوَانَ. وَقَالَ مُسْلِمٌ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَلَمْ يُتَابِعْ مُسْلِمًا أحدٌ. وَرَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْحَمَّامِ أَعْتَقَ رَقَبَةً. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ أربعٍ وَثَمَانِينَ. 29- رِيَاحُ بن الحارث -د ن ق- النخعي الكوفي2. عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٍ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ. وَعَنْهُ: حَفِيدُهُ صَدَقَةُ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ رِيَاحٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَبُو حَمْزَةَ الضُّبَعِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ في الثقات

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 494" وتاريخ الطبري "5/ 496، 531، 536" وسير أعلام النبلاء "4/ 251، 252". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 153" والجرح والتعديل "3/ 511" والثقات لابن حبان "4/ 238" وللعجلي "162" وتهذيب الكمال "9/ 256-157".

"حرف الزاي": 30- زاذان أبو عمر الكندي مولاهم1 الكوفي البزاز الضرير -م4- شَهِدَ خِطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ، وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَلْمَانَ، وَحُذَيْفَةَ، وَعَائِشَةَ، وَجَرِيرِ بْنِ عبد الله، والبراء، وابن عمر. روى عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَالْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ. وَكَانَ ثِقَةً، قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحاكم: ليس بالمتين عندهم. وعن أبي هاشم الرُّمَّانِيُّ قَالَ: قَالَ زَاذَانُ: كُنْتُ غُلامًا حَسَنَ الصَّوْتِ، جَيِّدَ الضَّرْبِ بِالطُّنْبُورِ، وَكُنْتُ أَنَا وَصَحْبٌ لِي، وَعِنْدَنَا نَبِيذٌ، وَأَنَا أُغَنِّيهِمْ، فَمَرَّ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَدَخَلَ فَضَرَبَ الْبَاطِيَةَ بَدَّدَهَا، وَكَسَرَ الطُّنْبُورَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَ مَا أَسْمَعُ مِنْ حُسْنِ صَوْتِكَ هَذَا يَا غُلامُ بِالْقُرْآنِ كُنْتُ، أَنْتَ أَنْتَ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا ابْنُ مَسْعُودٍ، فَأَلْقَى فِي نَفْسِي التَّوْبَةَ، فَسَعَيْتُ وَأَنَا أَبْكِي، ثُمَّ أَخَذْتُ بِثَوْبِهِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا صَاحِبُ الطُّنْبُورِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَاعْتَنَقَنِي وَبَكَى، ثُمّ قَالَ: مَرْحَبًا بِمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ، اجْلِسْ مَكَانَكَ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ إِلَيَّ تَمْرًا. وَقَالَ زُبَيْدٌ: رَأَيْتُ زَاذَانَ يُصَلِّي كَأَنَّهُ جِذْعُ خَشَبَةٍ. وَرَوَى ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ زَاذَانُ يَوْمًا: إِنِّي جَائِعٌ، فَسَقَطَ عَلَيْهِ مِنَ الرَّوْزَنَةِ رَغِيفٌ مِثْلُ الرَّحَى. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ: كَانَ زَاذَانُ إِذَا جَاءَهُ رَجُلٌ يَشْتَرِي الثَّوْبَ نَشَرَ الطَّرَفَيْنِ وَسَامَهُ سَوْمَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ سَلَمَةَ بْنَ كُهَيْلٍ عَنْ زَاذَانَ فَقَالَ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، عَنْ يحيى بن معين: هو ثقة.

_ 1 طبقات ابن سعد "6/ 178، 179" والجرح والتعديل "3/ 614" والثقات لابن حبان "4/ 238" وتاريخ الطبري "4/ 211" وتهذيب الكمال "9/ 263-265".

وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. 31- زِرُّ بن حبيش1 -ع- ابْنُ حُبَاشَةَ بْنِ أَوْسٍ، أَبُو مَرْيَمَ الأَسَدِيُّ الكوفي. ويقال أبو مريم وأبو مطرف. أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَعُمِّرَ دَهْرًا. حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَالْعَبَّاسِ، وَصَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ. وَقَرَأَ الْقُرْآنَ على: علي، وابن مسعود، وأقرأه. وقرأ عليه: عاصم، ويحيى بن وثاب، وأبو إسحاق، والأعمش، وَحَدَّثَ عَنْهُ: عَاصِمٌ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وعدي ابن ثَابِتٍ، وَالْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. قَالَ عَاصِمٌ: كَانَ زِرٌّ مِنْ أَعْرَبِ النَّاسِ، كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْعَرَبِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ هَمَّامٌ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: وَفَدْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ، وَإِنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى. ذَلِكَ حِرْصِي عَلَى لِقَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَقِيتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَغَزَوْتُ مَعَهُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً2. وَقَالَ شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: خَرَجْتُ فِي وَفْدٍ مِنْ أَهْلِ الكوفة، وايم الله إن حرضني على الوفادة إِلَّا لِقَاءُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَكَانَا جَلِيسَيَّ وَصَاحِبَيَّ، فَقَالَ أُبَيُّ: يَا زِرُّ مَا تُرِيدُ أَنْ تَدَعَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَةً إِلا سَأَلْتَنِي عَنْهَا. شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ عِيدٍ، فَإِذَا عُمَرُ ضخم أصلع، كأنه على دابةٍ مشرف.

_ 1 طبقات ابن سعد "6/ 104-105" والجرح والتعديل "3/ 622" وتهذيب الكمال "9/ 335" وسير أعلام النبلاء "1/ 250". 2 انظر الحلية "4/ 182".

حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَزِمْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأُبَيًّا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا كَانُوا يَتَّخِذُونَ هَذَا اللَّيْلَ جَملا، يَلْبَسُونَ الْمُعَصْفَرَ، وَيَشْرَبُونَ نَبِيذَ الْجَرِّ، لا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا، مِنْهُمْ زِرٌّ، وَأَبُو وَائِلٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ عُثْمَانِيًّا، وَكَانَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ عَلَوِيًّا، وَمَا رَأَيْتُ وَاحِدًا مِنْهُمَا قَطُّ تَكَلَّمَ فِي صَاحِبِهِ حَتَّى مَاتَا، وكان زر أكبر من أبي وائل، فكانا إِذَا جَلَسَا جَمِيعًا لَمْ يُحَدِّثْ أَبُو وَائِلٍ مَعَ زِرٍّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: رَأَيْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ وَإِنَّ لَحْيَيْهِ لَيَضْطَرِبَانِ مِنَ الْكِبَرِ، وَقَدْ أَتَى عَلَيْهِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ زِرٌّ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ، وَالْفَلَّاسُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. وَعَنْ عَاصِمٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَقْرَأَ مِنْ زِرٍّ. 32- زِيَادُ بْنُ جَارِيَةَ التَّميْمِيُّ1 -ت- دِمَشْقِيٌّ فَاضِلٌ مِنْ قُدَمَاءِ التَّابِعِينَ، لا نَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً إِلا عَنْ حَبِيبِ بْنِ مُسْلِمَةَ. رَوَى عَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسَ وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ. وَلَهُ دَارٌ غَرْبِيَّ قَصْرِ الثَّقَفِيِّينَ. قال سعيد بن عبد العزيز: كان زياد بْنُ جَارِيَةَ إِذَا خَلا بِأَصْحَابِهِ قَالَ أَخْرِجُوا مُخَبَّآتَكُمْ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ مَرْوَانَ الْعَنْسِيُّ: دَخَلَ زِيَادُ بْنُ جَارِيَةَ مَسْجِدَ دِمَشْقَ وَقَدْ تَأَخَّرَتْ صَلاتُهُمْ بِالْجُمُعَةِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدَ مُحَمَّدٍ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَكُمْ بِهَذِهِ الصَّلاةِ. قَالَ: فَأُخِذَ فَأُدْخِلَ الْخَضْرَاءَ، فَقُطِعَ رَأْسُهُ، وَذَلِكَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عبد الملك.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 275" والثقات لابن حبان "4/ 252" وتهذيب الكمال "9/ 439" وميزان الاعتدال "2/ 87".

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ فَقَالَ: شَيْخٌ مَجْهُولٌ. 33- زَيْدُ بن عقبة الفزاري1 -د ت ن- الكوفي. عَنْ: سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ سَعِيدٌ، وَمَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ. وَكَانَ ثِقَةً. قَالَهُ النَّسَائِيُّ. 34- زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ الجهني2 -ع- أبو سليمان، كُوفِيٌّ قَدِيمُ اللِّقَاءِ، رَحَلَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُبِضَ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ. سَمِعَ: عُمَرَ، وَعَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ. وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رَفِيعٍ، وَجَمَاعَةٌ. تُوُفِّيَ بَعْدَ وَقْعَةِ الْجَمَاجِمِ. وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ. "حرف السين": 35- سعد بن هشام3 -ع- بن عامر الأنصاري، ابْنُ عَمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَكَانَ مُقْرِئًا، صَالِحًا، فَاضِلا، نَبِيلًا.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 569" والثقات لابن حبان "4/ 247" وللعجلي "171" وتهذيب الكمال "10/ 93-195". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 102-103" والجرح والتعديل "3/ 574" والثقات لابن حبان "4/ 250" وتهذيب الكمال "10/ 111-115" وسير أعلام النبلاء "4/ 196". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 209" والجرح والتعديل "4/ 96" والثقات لابن حبان "4/ 294" وتهذيب الكمال "10/ 307-309".

36- سعيد بن علاقة1 -ت ق- وهو أبو فاختة، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وَوَالِدُ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ. وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأُمِّ هَانِئٍ، وَعَائِشَةَ، وَالأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ. وعنه: ابنه، وعمرو بن دينار، ويزيد بن أبي زياد، وإسحاق بن سويد العدوي. وثقه العجلي. 37- سفيان بن وهب أبو أيمن الخولاني المصري2. صحب النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَدَّثَ عَنْهُ، وَعَنْ عُمَرَ، وَالزُّبَيْرِ. وَغَزَا الْمَغْرِبَ، وَسَكَنَ مِصْرَ، وَطَالَ عُمْرُهُ. طَلَبَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ لِيُحَدِّثَهُ، فأتي به شيخٌ كبيرٌ محمول. روى عَنْهُ: أَبُو عُشَانَةَ الْمَعَافِرِيُّ، وَبَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَآخَرُونَ. عَدَّهُ فِي الصَّحَابَةِ أَحْمَدُ بْنُ الْبَرْقِيِّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ يُونُسَ، وَذَكَرَهُ فِي التَّابِعِينَ ابْنُ سَعْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ. 38- سُلَيْمُ بْنُ أَسْوَدَ هو أبو الشعثاء3. 39- سنان بن سلمة ن المحبق الهذلي4 -م د ت ق- كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ أَبُو حَبْتَرٍ، أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ. قِيلَ إِنَّهُ وُلِدَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سنانًا5.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 176" والجرح والتعديل "4/ 51" والثقات لابن حبان "4/ 288" وتهذيب الكمال "11/ 28". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 440" والجرح والتعديل "4/ 217" والثقات لابن حبان "4/ 319" وأسد الغابة "2/ 323". 3 انظر ترجمته في أبي الشعثاء. 4 انظر طبقات ابن سعد "7/ 124، 212" والجرح والتعديل "4/ 250" والثقات لابن حبان "3/ 178" وتهذيب الكمال "12/ 149-151". 5 انظر تهذيب الكمال "12/ 150".

وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدٍ سَنَةَ خَمْسِينَ عَلَى غَزْوِ الْهِنْدِ. وَلَهُ رِوَايَةٌ يَسِيرَةٌ. رَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا، فَهُوَ مُرْسَلٌ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَحَدِيثُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ. رَوَى عَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ جُنَادَةَ، وَمُعَاذُ بْنُ سَمُرَةَ، وَخُبَيْبٌ أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ الأَزْدِيُّ، وخلد الأشج، وَقَتَادَةُ. وَطَالَ عُمْرُهُ وَبَقِيَ إِلَى أَوَاخِرِ أَيَّامِ الْحَجَّاجِ. وَقَدْ وَلِيَ غَزْوَ الْهِنْدِ سَنَةَ خَمْسِينَ. 40- سَهْمُ بْنُ مِنْجَابٍ بْنِ رَاشِدٍ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ1 -م د ن ق. شَرِيفٌ، لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَقَرْثَعٍ الضَّبِّيِّ، وقزعة بن يحيى، وهو أصغر منه. وعنه: إبراهيم النخعي، وأبو سنان ضرار بن مرة الشيباني، وعطية بن يعلى الضبي، وآخرون. 41- سويد بن غفلة -ع- ابْنُ عَوْسَجَةَ بْنِ عَامِرٍ2، أَبُو أُمَيَّةَ الْكُوفِيُّ مِنْ كِبَارِ الْمُخَضْرَمِينَ، وَقِيلَ إِنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَحِبَهُ، وَلَمْ يَصِحَّ، بَلْ أَسْلَمَ فِي حَيَاتِهِ، وَسَمِعَ كِتَابَهُ إِلَيْهِمْ، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وبلال، وأبي ذر. روى عَنْهُ: أَبُو لَيْلَى الْكِنْدِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وعبد العزيز ابن رفيع، وغيرهم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 191" والثقات لابن حبان "4/ 321" وتاريخ الطبري "3/ 268" وتهذيب الكمال "12/ 215-216". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 68-70" والجرح والتعديل "4/ 234" وتاريخ الطبري "3/ 589".

قَالَ نُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ: حَدَّثَنِي بَعْضُهُمْ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: أَنَا لِدَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وُلِدْتُ عَامَ الْفِيلِ1 وَرَوَى زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَامِرٍ، يَعْنِي الشَّعْبِيَّ قَالَ: قَالَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ: أَنَا أَصْغَرُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَنَتَيْنِ2. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا هُشَيْمٌ، أَنَا هِلالُ بْنُ خَبَّابٍ، ثنا مَيْسَرَةُ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: أَتَانَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَسَمِعْتُ عَهْدَهُ3. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شَمِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْدَبَ الشَّعْرِ، مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ، وَاضِحَ الثَّنَايَا، أَحْسَنَ شَعْرٍ وَضَعَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ إِنْسَانٍ. أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ أَبِي عَطَاءٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ، فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ: أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّكَ صَلَّيْتَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّةً؟ قَالَ: لا، بَلْ مِرَارًا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نُودِيَ بِالأَذَانِ، كَأَنَّهُ لا يَعْرِفُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ. قُلْتُ: الْحَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ. وَقَدْ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: ثنا الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ الرُّحَيْلِ الْجُعْفِيُّ قَالَ: قَدِمَ الرُّحَيْلُ وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ حِينَ فَرَغُوا مِنْ دَفَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ صَحَابَةِ الْحَجَّاجِ عَلَى مُؤَذِّنٍ جُعْفِيٍّ وَهُوَ يُؤَذِّنُ، فَأَتَى الْحَجَّاجَ فَقَالَ: أَلا تَعْجَبُ مِنْ أَنِّي سمعت مؤذنًا يُؤَذِّنُ بِالْهَجِيرِ؟ قَالَ: فَأَرْسَلَ فَجَاءَ بِهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: لَيْسَ لِي أمرٌ، إِنَّمَا سُوَيْدُ الَّذِي يَأْمُرُنِي بِهَذَا، فَأَرْسَلَ إِلَى سُوَيْدٍ، فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الصَّلاةِ؟ قَالَ: صَلَّيْتُهَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَلَمَّا ذَكَرَ عُثْمَانَ جَلَسَ وَكَانَ مُضْطَجِعًا، فَقَالَ: أَصَلَّيْتَهَا مَعَ عُثْمَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لا تُؤَمِّنْ قَوْمُكَ، وَإِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ فَسُبَّ عَلِيًّا. قَالَ: نعم، سمعًا وطاعة،

_ 1 انظر المعرفة والتاريخ "1/ 235". 2 انظر حلية الأولياء "4/ 174" وتهذيب الكمال "12/ 266". 3 أخرجه النسائي "5/ 29-30" وأبو داود "1579" وابن ماجه "1801".

فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ الْحَجَّاجُ: لَقَدْ عَهِدَ الشَّيْخُ الناس وهو يُصَلُّونَ الصَّلاةَ هَكَذَا1. وَقَالَ الْخُرَيْبِيّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ صَالِحٍ يَقُولُ: بَلَغَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةً، لَمْ يُرَ مُحْتبِيًا قَطُّ وَلا مُتَسَانِدًا، فَأَصَابَ بِكْرًا، يَعْنِي فِي الْعَامِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ: تَزَوَّجَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ بِكْرًا، وَهُوَ ابْنُ مائةٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كَانَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ إِذَا قِيلَ لَهُ: أُعْطِيَ فُلانُ وَوُلِّيَ فُلانُ، قَالَ: حَسْبِي كِسْرَتِي وَمِلْحِي. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ مَنْزِلَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَمَا شَبَّهْتُهُ إِلا بِمَا وُصِفَ مِنْ بَيْتِ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ مِنْ زُهْدِهِ وَتَوَاضُعِهِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إحدى وثمانين. قال ابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَهَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. "حرف الشِّينِ": 42- شَبَثُ بْنُ رِبْعِيِّ التَّمِيمِيُّ الْيَرْبُوعِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَحُذَيْفَةَ. وَعَنْهُ: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْحَرُورِيَّةِ3، ثُمَّ تَابَ وأناب 43- شبيب أبو روح الوحاظي -د ن- الحمصي4 عَنْ: رَجُلٍ لَهُ صُحْبَةٌ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَيَزِيدَ بن حمير.

_ 1 انظر حلية الأولياء "4/ 175". 2 طبقات ابن سعد "6/ 216" والجرح والتعديل "4/ 388" وتاريخ الطبري "3/ 274، 4/ 483" والثقات لابن حبان "4/ 371" وتهذيب الكمال "12/ 351-353". 3 الحرورية فرقة من الفرق وكانت على عهد الصحابة. 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 358" والثقات لابن حبان "4/ 359" وتهذيب الكمال "12/ 371-373" والإصابة "2/ 170".

وَعَنْهُ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَسِنَانُ بْنُ قَيْسٍ شَامِيٌّ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ. وَقَدْ وُثِّقَ. 44- شتير بن شكل -خ م4- بن حميد، أبو عيسى العبسي الكوفي1. عَنْ: أَبِيهِ -وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ- وَعَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحَفْصَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو الضُّحَى، وَبِلالُ بْنُ يَحْيَى الْعَبْسِيُّ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 45- شَرَاحِيلُ بْنُ آدة2 -م4- عَلَى الصَّحِيحِ، أَبُو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، صَنْعَاءُ دِمَشْقَ. فِي الْكُنَى بَعْدَ الْمِائَةِ، فَيُحَوَّلُ إِلَى هُنَا. وَأَمَّا ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، فَوَهِمَ؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ روى عنه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ويحيى بن الحارث الدماري، وَطَبَقَتُهُمَا. 46- شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّد -4- بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، أَبُو عمرو الْقُرَشِيُّ السَّهْمِيُّ3. سَكَنَ الطَّائِفَ، وَحَدَّثَ عَنْ: جَدِّهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سفيان. واختلف في سماعه مِنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ أُولُو الْمَعْرِفَةِ في سماعه مِنْ جَدِّهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَمْرٌو، وَعُمَرَ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، وغيرهم.

_ 1 طبقات ابن سعد "6/ 181" والجرح والتعديل "4/ 387" والثقات لابن حبان "4/ 370" وتهذيب الكمال "12/ 376". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 536" والجرح والتعديل "4/ 373" والثقات لابن حبان "4/ 365-366" وتهذيب الكمال "12/ 408". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 243" والجرح والتعديل "4/ 351-352" والثقات لابن حبان "4/ 357" وتهذيب الكمال "12/ 534-536".

وَأَمَّا أَبُوهُ مُحَمَّدٌ فَقَلَّ مَنْ ذَكَرَ لَهُ تَرْجَمَةً، بَلْ هُوَ كَالْمَجْهُولِ. 47- شَقِيقٌ أَبُو وَائِلٍ -ع- ابن سلمة الأسدي شَيْخٌ إِمَامٌ مُعَمَّرٌ1. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ -وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ- وَحُذَيْفَةَ، وَعَائِشَةَ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَمُعَاذٍ، وَعَمَّارٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَائِفَةٍ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشُ، وَعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مِنَ الْأَذْكِيَاءِ الْحُفَّاظِ، وَالأَوْلِيَاءِ الْعُبَّادِ. قَالَ أَبُو الأَحْوَصِ: ثنا مُسْلِمٌ الأَعْوَرُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ: كُنْتُ مَعَ عُمَرَ بِالشَّامِ، فَمَرَّ دَهْقَانُ فَسَجَدَ لَهُ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَكَذَا نَفْعَلُ بِالْمُلُوكِ. فَقَالَ: اسْجُدْ لِرَبِّكَ الَّذِي خَلَقَكَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَمِعَ أَبُو وَائِلٍ بِالشَّامِ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ: أَدْرَكَتْ سَبْعَ سِنيِنَ مِنْ سِنِّي الْجَاهِلِيَّةُ. وَقَالَ أَبُو الْعَنْبَسِ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ: بُعِثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا غُلامٌ شَابٌّ2. وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: أَتَانَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ بكبشٍ لِي فَقُلْتُ: صَدِّقْ هَذَا، قَالَ: لَيْسَ فِيهِ صَدَقَةٌ3. فَقَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي أَبُو وَائِلٍ: وَقَعْتُ مِنْ جَمَلِي يَوْمَ الرِّدَّةِ، أَفَرَأَيْتَ لَوْ مِتُّ، أَلَيْسَ كَانَتِ النَّارُ، وَكُنَّا قَدْ هَرَبْنَا مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَوْمَ بُزَاخَةَ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنْتُ يومئذٍ ابْنَ إحدى عشرة سنة.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 96، 180" والجرح والتعديل "4/ 371": والثقات لابن حبان "4/ 354" وحلية الأولياء "4/ 101-112". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 96". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 196" وتهذيب الكمال "12/ 551".

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: مَا مِنْ قريةٍ إِلا وَفِيهَا مَنْ يُدْفَعُ عَنْ أَهْلِهَا بِهِ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَبُو وَائِلٍ مِنْهُمْ. وَقَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ، وَهُمْ يَعُدُّونَ أَبَا وَائِلٍ مِنْ خِيَارِهِمْ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: قُلْتُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: مَنْ أَعْلَمُ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ؟ قَالَ: أَبُو وَائِلٍ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا رَأَى أَبَا وَائِلٍ قَالَ: الثَّابِتُ، وَإِذَا رَأَى الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ قَالَ: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج: 34] . وقال مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شَقِيقٍ أَنَّهُ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ فِي شَهْرَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ ثنا سُفْيَانُ قَالَ: أَمَّهُمْ أَبُو وَائِلٍ، فَرَأَى من صَوْتَهُ، قَالَ: كَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ، فَتَرَكَ الإِمَامَةَ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ إِذَا خَلا يَنْشِجُ، وَلَوْ جُعِلَ لَهُ الدُّنْيَا عَلَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَأَحَدٌ يَرَاهُ لَمْ يَفْعَلْ وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ التيمي يقص في منازل أبي وائل، فكان أبو وَائِلٍ يَنْتَفِضُ انْتِفَاضَ الطَّائِرِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: كَانَ لِأَبِي وَائِلٍ خُصٌّ يَكُونُ فِيهِ هُوَ وَفَرَسُهُ، فَإِذَا غَزَا نَقَضَهُ، وَإِذَا رَجَعَ بَنَاهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ كَانَ عَطَاءُ أَبِي وَائِلٍ أَلْفَيْنِ فَإِذَا خَرَجَ عَطَاؤُهُ أَمْسَكَ مَا يَكْفِي أَهْلَهُ سَنَةً، وَتَصَدَّقَ بِمَا سِوَاهُ. وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ عِرْفَانَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنُكَ عَلَى السُّوقِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ جِئْتَنِي بِمَوْتِهِ كَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ، إِنِّي لأَكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتِي مَنْ عَمِلَ عَمَلَهُمْ، فَقَالَ عَاصِمٌ: كَانَ ابْنُهُ عَلَى قَضَاءِ الْكُنَاسَةِ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي شَقِيقٌ: أَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ: دَانِقٌ، قِيرَاطٌ، أَيُّهُمَا أَكْبَرُ، الدَّانِقُ أَوِ الْقِيرَاطُ؟ وَقَالَ عَاصِمٌ: مَا رَأَيْتُ أَبَا وَائِلٍ مُلْتَفِتًا فِي صلاةٍ وَلا غَيْرِهَا، وَلا سَمِعْتُهُ سَبَّ دَابَّةً، إِلا أَنَّهُ ذَكَرَ الْحَجَّاجَ يَوْمًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَطْعِمْهُ مِنْ ضريعٍ لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ، ثُمَّ تَدَارَكَهَا فَقَالَ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ. وَلا رَأَيْتُهُ قَائِلا لأحدٍ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ، وَلا كَيْفَ أَمْسَيْتَ.

وَقَالَ عَاصِمٌ: قُلْتُ لِأَبِي وَائِلٍ: شَهِدْتَ صِفِّينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَبِئْسَتِ الصُّفُونَ كَانَتْ، فَقِيلَ لَهُ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ، عَلِيٌّ أَوْ عُثْمَانُ؟ قَالَ: عَلِيٌّ، ثُمَّ صَارَ عُثْمَانُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي أَبُو وَائِلٍ: إِنَّ أُمَرَاءَنَا هَؤُلاءِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ تَقْوَى أَهْلِ الإِسْلامِ، وَلا أَحْلَامُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا عَامِرُ بْنُ شَقِيقٍ، سَمِعَ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ: اسْتَعْمَلَنِي ابْنُ زِيَادٍ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَأَتَانِي رَجُلٌ بِصَكٍّ: أَعْطِ صَاحِبَ الْمَطْبَخِ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقُلْتُ لَهُ: مَكَانَكَ، فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ فَقُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى الْقَضَاءِ وَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَعُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى مَا سَقَى الْفُرَاتُ، وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ عَلَى الصَّلاةِ وَالْجُنْدِ، وَرَزَقَهُمْ كُلَّ يومٍ شَاةً، فَجَعَلَ نِصْفَهَا وَسَقَطَهَا لِعَمَّارٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الصَّلاةِ، وَالْجُنْدِ، وَجَعَلَ لِعَبْدِ اللَّهِ رُبْعَهَا، وَلِعُثْمَانَ رُبْعَهَا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مَالا يُؤْكَلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ شَاةً لَسَرِيعُ الْفَنَاءِ. فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ: ضَعِ الْمَفَاتِيحَ وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ. وَقَالَ عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ الْحَجَّاجُ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قُلْتُ: مَا بَعَثَ إِلَيَّ الأَمِيرُ إِلا وَقَدْ عَرِفَ اسْمِي، قَالَ: مَتَى نَزَلْتَ هَذَا الْبَلَدَ؟ قُلْتُ: لَيَالِيَ نَزَلَهُ أَهْلُهُ، قَالَ: إِنِّي مُسْتَعْمِلُكَ عَلَى السِّلْسِلَةِ، قُلْتُ: إِنَّ السِّلْسِلَةَ لا تَصْلُحُ إِلا برجالٍ يَعْمَلُونَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا أَنَا فَرَجُلٌ ضَعِيفٌ أَخْرَقُ، أَخَافُ بِطَانَةَ السُّوءِ، فَإِنْ يَعْفِنِي الأَمِيرُ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَإِنْ يُقْحِمْنِي أَقْتَحِمْ، إِنِّي وَاللَّهِ لأَتَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَأَذْكُرُ الأَمِيرَ، فَلا أَنَامُ حَتَّى أُصْبِحَ، وَلَسْتُ لَهُ عَلَى عَمَلٍ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ النَّاسَ هَابُوا أَمِيرًا قَطُّ هَيْبَتَكَ، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلا أَحْرَى عَلَى ذَمٍّ مِنِّي، وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنْ يُعْفِنِي الْأَمِيرُ، فَإِنْ وَجَدْنَا غَيْرَكَ أَعْفَيْنَاكَ، ثُمَّ قَالَ: انصرف، قال: فمضيت فغفلت على الْبَابِ كَأَنِّي لا أُبْصِرُ، فَقَالَ: أَرْشِدُوا الشَّيْخَ قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ أَبُو وَائِلٍ بَعْدَ الْجَمَاجِمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ مَاتَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. "حرف الصَّادِ": 48- صَالِحُ بْنُ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ الأَنْصَارِيُّ المدني1 -ع.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 259" والثقات لابن حبان "4/ 372، 373" والجرح والتعديل "4/ 399" وتهذيب التهذيب "4/ 387".

عَنْ: أَبِيهِ، وَخَالِهِ عُمَرَ، وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ خَوَّاتٌ، وَالْقَاسِمُ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 49- صَالِحُ بْنُ شُرَيْحٍ السَّكُونِيُّ الْحِمْصِيُّ1. حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَغُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ، وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ. روى عنه: ابنه محمد، وعيسى بن أبي رزين، ومحمد بن زياد الألهاني، وعمرو بن حريث. وذكر أبو الحسن والد تمام الرازي أَنَّهُ كَانَ كَاتِبًا لِأَبِي عُبَيْدَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: رَأَيْتُ أبا عبيدة -رضي الله عنهم- يَمْسَحُ عَلَى فَرَاهِيجَتَيْنِ. رَوَاهُ جُنَادَةُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ عِيسَى أَيْضًا، فَرَوَى عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ، أَحَدُ الأَثْبَاتِ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ مَرْوَانَ -وَقَدْ ضُعِّفَ- عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي رَزِينٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ قُرْطٍ الثُّمَالِيِّ بِحِمْصَ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ دِمَشْقَ يُرِيدُ قِنَّسْرِينَ، فَلَمَّا تَغَدَّى قَالَ لَهُ ابْنُ قُرْطٍ: لَوْ نَزَعْتَ فَرَاهِيجَيْكَ وَتَوَضَّأْتَ، قَالَ: مَا نَزَعْتُهُمَا مُنْذُ خَرَجْتُ مِنْ دِمَشْقَ، وَلا أَنْزَعُهُمَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْهَا. تَفَرَّدَ بِهِ جُنَادَةُ، عَنْ عِيسَى، عَنْ صَالِحٍ، وَلا تَقُومُ بِهَؤُلاءِ الْحُجَّةُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: صَالِحُ بْنُ شُرَيْحٍ كَاتِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَمِيرًا لِأَبِي عُبَيْدَةَ عَلَى حِمْصَ. سَمِعَ أَبَا عُبَيْدَةَ، وَالنُّعْمَانَ بْنَ الرَّازِيَّةَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: بَقِيَ إِلَى وَسَطِ إِمْرَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ. صُدَيُّ بْنُ عَجْلانَ -ع- أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ2. يَأْتِي فِي الْكُنَى مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ. 50- صَفْوَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أمية بن خلف -م ن ق- الجمحي

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 405" والثقات لابن حبان "4/ 376". 2 انظر في أبي أمامة الباهلي.

المكي1، زوج الدرداء بنت أبي الدرداء. روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ، وَابْنِ عُمَرَ. وعنه: الزهري، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير، وغيرهم. وثقه أحمد العجلي. قال عبد الملك بن أبي سليمان، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ، فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَلَقِيتُهُ بِالسُّوقِ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمَتْنِهِ: "دُعَاءُ الرَّجُلِ مُسْتَجَابٌ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ"2. 51- صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ ابْنِ عُثْمَانَ الْحَجَبِيِّ3، -ع- القرشية العبدرية. يُقَالَ إِنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَهَّى ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ. رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كِتَابَيْ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، فَهُوَ مُرْسَلٌ. وَرَوَتْ عَنْ: عَائِشَةَ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهِنَّ. رَوَى عَنْهَا: ابْنُهَا مَنْصُورُ بْنُ صَفِيَّةَ -وَهُوَ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَجَبِيُّ- وَسَبْطُهَا وَمُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْحَجَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَقَتَادَةُ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ السَّهْمِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ معين: لم يسمع منها ابن جريح بل أدركها. وفي كِتَابِ ابْنِ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْفَتْحِ، دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَبِهَا عِيدَانٌ فَكَسَرَهَا4.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 474" والجرح والتعديل "4/ 421" والثقات لابن حبان "4/ 380" والعجلي "228". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري في الأدب "625" ومسلم "الذكر والدعاء ح88". ". 3 انظر طبقات ابن سعد "8/ 469" والثقات لابن حبان "3/ 197" والعجلي "520" وتهذيب الكمال "3/ 1687". 4 انظر سنن ابن ماجه "2947" وهو صحيح.

52- صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ1 -م د ن ق- أُخْتُ الْمُخْتَارُ الْكَذَّابُ، زَوْجَةُ ابْنِ عُمَرَ. رَوَتْ عَنْ: عُمَرَ، وَحَفْصَةَ، وَعَائِشَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهَا: سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَنَافِعٌ، وَحُمَيْدٌ الأَعْرَجُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُمْ. "حرف الضَّادِ": 53- ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -م د ت- عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي مُوسَى، وَأُمِّ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ، فِي الثِّقَاتِ. "حرف الطَّاءِ": 54- طارق بن شهاب ابن عبد شمس بن مسلمة3 -ع- الأحمسي البجلي. رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَزَا غَيْرَ مَرَّةٍ فِي خِلافَةِ الصِّدِّيقِ. وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا، وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَبِلالٍ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْكِبَارِ. رَوَى عَنْهُ: قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَمُخَارِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَغَزَوْتُ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ بِضْعًا وَأَرْبَعِينَ، أَوْ قَالَ: بِضْعًا وَثَلاثِينَ مِنْ بَيْنَ غزوة أو سرية4.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد 8/ 472" والثقات للعجلي "520" وتهذيب الكمال "3/ 1687" والإصابة "4/ 351". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 103" والجرح والتعديل "4/ 469" والثقات لابن حبان "4/ 390" وتهذيب الكمال "13/ 255-256". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 66" والجرح والتعديل "4/ 485" والثقات لابن حبان "3/ 401" وسير أعلام النبلاء "3/ 486". 4 انظر مسند أحمد "4/ 314-315" والطيالسي "2/ 46" والطبراني في المعجم الكبير "8204".

تُوُفِّيَ طَارِقٌ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَهَذَا وهمٌ فَاحِشٌ. 55- الطُّفَيْلُ بْنُ أُبَيِّ بن كعب1 -ت ق- يكنى أبا بطن لعظم بطنه. روى عنه: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وكان صديقا لابن عمر. وعنه: عبد الله بن محمد بن عقيل، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وغيرهما. قال ابن سعد: ثقة قليل الحديث. "حرف العين": 56- عابس بن ربيعة النخعي2 -ع- عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: ابْنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مُخَضْرَمًا. 57- عَاصِمُ بْنُ حُمَيْدٍ السَّكُونِيُّ -د ن ق- الحمصي3. عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: أزهر الحرازي، وعمرو بْنُ قَيْسٍ السَّكُونِيُّ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَجَمَاعَةٌ. وثقه الدارقطني. 58- عامر بن سعد -م د ت ن-البجلي الكوفي4.

_ 1 انظر الطبقات لابن سعد "5/ 76-77" والجرح والتعديل "4/ 489-490" والثقات لابن حبان "4/ 397" وتهذيب الكمال "3/ 387-389". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 122" والجرح والتعديل "7/ 35" والثقات لابن حبان "5/ 285" وتهذيب الكمال "13/ 472". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 443" والجرح والتعديل "6/ 342" والثقات لابن حبان "5/ 235" وتهذيب الكمال "13/ 481". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 321" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 450"

يَرْوِي عَنْ: أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَجَرِيرِ الْبَجَلِيِّ، وأبي هريرة. روى عنه: العيزار بن حريث، وإبراهيم بن عامر الجمحي، وأبو إسحاق السبيعي. 59- عباد بن زياد -م ن ن- أَخُو عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، أَبُو حَرْبٍ1. وَلِيَ إِمْرَةَ سِجِسْتَانَ لِمُعَاوِيَةَ بَعْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، وَكَانَ يَوْمَ مَرْجٍ رَاهِطٍ مَعَ مَرْوَانَ. وَلَهُ حَدِيثٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ يَرْوِيهِ مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ عَبَّادٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وَحَمْزَةَ ابْنَيِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِمَا، لَكِنْ أَخْطَأَ مَالِكٌ فِيهِ، إِذْ نَسَبَ عَبَّادًا أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَلَى الصَّوَابِ2. وَسَيُعَادُ، فَإِنَّهُ مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ. 60- عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ3 كَانَ عَظِيمَ الْقَدْرِ عِنْدَ وَالِدِهِ، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْقَضَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ صَادِقَ اللَّهْجَةِ. كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ أَبَاهُ يَعْهَدُ إِلَيْهِ بِالْخِلافَةِ. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِيهِ، وَجَدَّتِهِ أَسْمَاءَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ يَحْيَى، وَابْنُ عَمِّهِ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَابْنُ أَخِيهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ حَمْزَةَ، وَابْنُ عَمِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وآخرون. 61- عبد الله بن أم أَوْفَى4 عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيُّ، ثُمَّ الأَسْلَمِيُّ، أَبُو إِبْرَاهِيمَ، وَيُقَالُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيُقَالُ أبو محمد صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَحَدُ مَنْ بَايَعَ بَيْعَةَ الرضوان، وله عدة أحاديث.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 80" وتاريخ الطبري "5/ 168، 315" والثقات لابن حبان "7/ 158" وتهذيب الكمال "14/ 119-122". 2 والحديث في صحيح مسلم "274". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 82" وتاريخ الطبري "1/ 159" والثقات لابن حبان "5/ 140" وللعجلي "247" وسير أعلام النبلاء "4/ 217". 4 انظر الطبقات لابن سعد "4/ 301-302" والجرح والتعديل "5/ 120" والثقات لابن حبان "3/ 222" وتاريخ الطبري "2/ 621، 3/ 411" وتهذيب الكمال "14/ 317-319" والإصابة "2/ 279-280".

قَالَ أَبُو يَعْفُورٍ، عَنْهُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبع غزواتٍ نَأْكُلُ الْجَرَادَ1. وَبَلَغَنَا أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بكتابٍ مِنْ عُمَرَ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دِمَشْقَ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ الْهَجَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ السَّكْسَكِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَالأَعْمَشُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشيباني، وسعيد بن جهمان، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَخَلِيفَةُ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وثمانين. وقال البخاري: سنة سبعٍ أو ثمانٍ وَثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْكُوفَةِ. وَمِمَّنْ مَاتَ فِي عَشْرِ الْمِائَةِ بِيَقِينٍ أَوْ تَجَاوَزَ الْمِائَةَ: 62- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بسر -ع- ابن أبي بسر، أبو صفوان المازني، نَزِيلُ حِمْصَ2. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْيَحْصُبِيُّ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَسَّانُ بْنُ نُوحٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَغَزَا قُبْرُسَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ أَخُو عَطِيَّةَ بْنِ بُسْرٍ، وَالصَّمَّاءِ بِنْتِ بُسْرٍ، وَلَهُمْ وَلِأَبِيهِمْ صُحْبَةٌ. قَالَ حَرِيزٌ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ لَهُ جُمَّةٌ، لَمْ أَرَ عَلَيْهِ قَمِيصًا وَلا عِمَامَةً. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن محمد البغوي: ثنا زياد بْنُ أَيُّوبَ، ثنا مَيْسَرَةُ، ثنا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ وثيابه مشمرة، ورداؤه فوق القميص، وشعره

_ 1 خبر صحيح: أخرجه البخاري "الصيد بأكل الجراد" ومسلم "1952" وأبو داود "2/ 38" والنسائي "7/ 210" والترمذي "1822". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 413" والجرح والتعديل "5/ 11" والثقات لابن حبان "3/ 232-233" وتهذيب الكمال "14/ 333- 335.

مفروقٌ يغطي أذنيه، وَشَارِبَهُ مَقْصُوصٌ مَعَ الشَّفَةِ، وَكُنَّا نَقِفُ عَلَيْهِ وَنَتَعَجَّبُ لَهُ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: رَأَيْتُ فِي جَبْهَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَثَرَ السُّجُودِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: ثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، أَبُو حَيْوَةَ شُرَيْحُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "يَعِيشُ هَذَا الْغُلامُ قَرْنًا". فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةً1. وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَنْمَاطِيُّ، ثنا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا حَيْوَةُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَلَفْظُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ: "يَعِيشُ هَذَا الْغُلامُ قَرْنًا" فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةً. وَكَانَ فِي وَجْهِهِ ثُؤْلُولٌ، فَقَالَ: "لا يَمُوتُ هَذَا الْغُلامُ حَتَّى يَذْهَبُ هَذَا الثُّؤْلُولُ" فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى ذَهَبَ2. وَقَالَ عِصَامُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: أَرَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ شَامَةً فِي قَرْنِهِ، فَوَضَعْتُ إِصْبَعِي عَلَيْهَا، فَقَالَ: وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِصْبَعَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: "لَتَبْلُغَنَّ قَرْنًا". رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ3. وَقَالَ جُنَادَةُ بْنُ مَرْوَانَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحِمْصِيُّ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ يَقُولُ: أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَنَا حَيْسًا4 وَدَعَا لَنَا، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَأَنَا غُلامٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي، ثُمَّ قَالَ: "يَعِيشُ هَذَا الْغُلَامُ قَرْنًا". قَالَ: فَعَاشَ مِائَةَ سَنَةً5. رَوَى نَحْوَهُ سَلَمَةُ بْنُ جَوَّاسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ فِي قَرْيَتِهِ، وَزَادَ فِيهِ: فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمِ الْقَرْنُ؟ قَالَ: "مِائَةُ سَنَةٍ". وَرَوَى صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ: سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ: كَيْفَ حَالُنَا مِنْ حَالِ مَنْ قَبْلَنَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، لَوْ نُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ مَا عَرَفُوكُمْ إلا أن يجدوكم قيامًا تصلون.

_ 1 أخرجه الحاكم "4/ 500" والبيهقي في الدلائل "6/ 503". 2 أخرجه الحاكم "4/ 500". 3 أخرجه أحمد "4/ 188". 4 طعام فيه لبن وتمر وسمن. 5 تقدم انظر رقم "1".

وَقَالَ يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ: حَدَّثَتْنَا أُمُّ هَاشِمٍ الطَّائِيَّةُ قَالَتْ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ يَتَوَضَّأُ فَخَرَجَتْ نَفْسُهُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالشَّامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ، وَلَهُ أربعٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً، وَرَّخَهُ فِيهَا جَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدمشقي: توفي سَنَةِ مِائَةٍ. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سَعِيدٍ الْقَاضِي: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ: تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 63- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بن صعير العذري1 -خ د ن- أبو محمد المدني، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ. أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ، وَوَعَى ذَلِكَ. وَقِيلَ: بَلْ وُلِدَ عَامَ الْفَتْحِ، وَشَهِدَ الْجَابِيَةَ. وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٍ، وَأَبِيهِ ثَعْلَبَةَ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَأَخُو الزُّهْرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ. وَكَانَ شَاعِرًا نَسَّابَةً. قَالَ مَالِكٌ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: إِنَّهُ كَانَ يُجَالِسُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَعْلَبَةَ، وَكَانَ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ الْأَنْسَابَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَسَأَلَهُ عَنْ شيءٍ مِنَ الْفِقْهِ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ هَذَا فَعَلَيْكَ بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. قَالَ خَلِيفَةُ، وَطَائِفَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَثَمَانِينَ. وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ. 64- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ -د ن ق- أبو الحارث الزبيدي2.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 19-20" والثقات لابن حبان "3/ 246" وتهذيب الكمال "14/ 353-355" وسير أعلام النبلاء "3/ 503". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 497" والثقات لابن حبان "3/ 239" وتهذيب الكمال "14/ 392-393".

شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَسَكَنَهَا، وَهُوَ آخِرُ الصَّحَابَةِ بِهَا مَوْتًا. لَهُ أَحَادِيثُ. رَوَى عَنْهُ الأَئِمَّةُ: عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ زِيَادٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي جبيب، وعمرو بن جابر الضرمي، وَآخَرُونَ. تُوُفِّيَ بِقَرْيَةِ سَفْطِ الْقُدُورِ مِنْ أَسْفَلِ مِصْرَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ، وَقَدْ عَمِيَ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ سبعٍ، أَوْ سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ. وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. وَهُوَ ابْنُ أَخِي مَحْمِيَّةَ بْنِ جَزْءٍ. 65- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحارث بن نوفل -ع- ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ النوفلي المدني، نزيل البصر. وَلَقَبُهُ بَبَّهْ1. فَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ أُمَّهُ، وَهِيَ هِنْدٌ أُخْتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ كَانَتْ تُنَقِّزُهُ وَتَقُولُ: يَا ببه يَا ببه: ... لَأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جَارِيَةً خِدَبَّهْ ... تَسُودُ أَهْلَ الْكَعْبَهْ اصْطَلَحَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ عَلَى تَأْمِيرِهِ عَلَيْهِمْ عِنْدَ هُرُوبِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ إِلَى الشَّامِ، وَكَتَبُوا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ بِالْبَيْعَةِ لَهُ، فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهِمْ روى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَالْعَبَّاسِ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَأُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وَجَمَاعَةٍ. وَأَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَهِدَ الْجَابِيَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَهُوَ مَوْلاهُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَآخَرُونَ.

_ 1 طبقات ابن سعد "5/ 24، 74/ 100" والجرح والتعديل "5/ 30-31" والثقات لابن حبان "5/ 9" وتاريخ الطبري "1/ 447، 2/ 319".

وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَّهَ ثِقَةٌ تَابِعِيٌّ، أُتِيَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَفَلَ فِي فِيهِ وَدَعَا لَهُ1. قَالَ: وَخَرَجَ هَارِبًا مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى عُمَانَ مِنَ الْحَجَّاجِ عِنْدَ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ فَمَاتَ بِعُمَانَ سَنَةَ أربعٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاث. 66- عبد الله بن الحارث الزبيدي -م4- الكوفي المكتب2. رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَطَلِيقِ بْنِ قَيْسٍ. وعنه: حميد الأعرج الكوفي لا الْمَدَنِيُّ، وَأَبُو سُفْيَانَ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجَمَلِيُّ. قال ابن معين: ثبت. 67- عبد الله بن خليفة الهمداني3 الكوفي -ق- روى عَنْ: عُمَرَ، وَجَابِرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَابْنُهُ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ. وَلَهُ رِوَايَةٌ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مَاجَهْ. 68- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْخَلِيلِ -4- وَيُقَالُ: ابْنُ أَبِي الْخَلِيلِ الْحَضْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ5. عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَالأَعْمَشُ. 69- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رُبَيِّعَةَ بْنِ فرقد السلمي5 -د ن.

_ 1 انظر الطبقات "5/ 24". 2 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 466" والجرح والتعديل "5/ 31" والثقات لابن حبان "5/ 24" وتهذيب الكمال "14/ 402". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 230" والجرح والتعديل "5/ 45" والثقات لابن حبان "5/ 3، 29" وتهذيب الكمال "14/ 457-458". 4 انظر طبقات ابن سعد "6/ 230" والجرح والتعديل "4/ 45" والثقات لابن حبان "5/ 13، 29" وتهذيب الكمال "14/ 457-458". 5 انظر الطبقات "6/ 196"، والجرح والتعديل "5/ 54"، والثقات لابن حبان "5/ 61" وتهذيب الكمال "14/ 494-495".

يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَحَدِيثُهُ مُرْسَلٌ. وَلَهُ عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ، وابن عباس. روى عنه: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعمرو بن ميمون الأودي، ومنصور بن المعتمر ابن أخي عتاب بن ربيعة السلمي، وعطاء بن السائب، وعلي بن الأقمر. وقال شعبة: عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُبَيِّعَةَ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. تُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ بَعْدَ الثَّمَانِينَ تَقْرِيبًا. وَرُبَيِّعَةُ مُشَدَّدٌ. 70- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ سُلَيْمٍ -وَيُقَالُ ابْنُ الأَسْلَمِ- بْنِ الأَعْشَى أَبُو كَبِيرٍ، وَيُقَال أَبُو سَعْدٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ الشَّاعِرُ1. وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ فَامَتَدَحَهُمَا. وَضَبَطَ اسْمَ أَبِيهِ عَبْدَ الْغَنِيِّ وَغَيْرَهُ، وَقَالَ: هُوَ الشَّاعِرِ الَّذِي أَتَى ابْنَ الزُّبَيْرِ مُسْتَحْمَلا، فَحَرَمَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ نَاقَةً حَمَلَتْنِي إليك، قال: وهو وراكبها. وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ الأَسَدِيَّ دَخَلَ عَلَى مُصْعَبٍ بِالْعِرَاقِ، فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ: أَنْتَ الْقَائِلُ: إِلَى رجبٍ أَوْ غُرَّةِ الشَّهْرِ بَعْدَهُ ... تُوَافِيكُمْ بِيضُ الْمَنَايَا وَسُودُهَا ثَمَانِينَ أَلْفًا دِينُ عُثْمَانَ دِينُهَا ... مُسَوَّمَةً جِبْرِيلُ فِيهَا يَقُودُهَا فَفَزِعَ وَقَالَ: نَعَمْ أَمْتَعَ اللَّهُ بِكَ، فَعَفَا عَنْهُ وَأَعْظَمَ جَائِزَتَهُ. يقال: مات في أيام الحجاج. 71- عبد الله بن زرير -د ن ق- الغافقي المصري2.

_ 1 انظر مروج الذهب "1816، 1898، 2061" والأغاني "14/ 220" والبداية والنهاية "8019، 81". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 85" والجرح والتعديل "5/ 93" والثقات لابن حبان "3/ 330" وتهذيب الكمال "15/ 13-14" وسير أعلام النبلاء "3/ 426".

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ. روى عنه: عياش القتباني، ومرثد بن عبد الله اليزني، وبكر بن سوادة، وعبد الله بن هبيرة، والحارث بن يزيد، وغيرهم. توفي سنة ثمانين، وقيل سنة إحدى وثمانين. وقد مر اسمه. 72- عبد الله بن سرجس -م4- المزني البصري1، حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ. لَهُ صُحْبَةٌ، صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَغْفَرَ لَهُ2. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، وَقَتَادَةُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صُحْبَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لا يَخْتَلِفُونَ فِي ذِكْرِهِ فِي الصَّحَابَةِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي اللِّقَاءِ وَالسَّمَاعِ، وَأَمَّا عَاصِمٌ فَأَحْسَبُهُ أَرَادَ الصُّحْبَةَ الَّتِي يَذْهَبُ إِلَيْهَا الْعُلَمَاءُ، وَأُولَئِكَ قَلِيلٌ كَالْعَشَرَةِ. 73- عَبْدُ الله بن شداد بن الهاد الليثي -ع- المدني، أبو الوليد3. كَانَ يَأْتِي الْكُوفَةَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ سَلْمَى بِنْتُ عُمَيْسٍ تَحْتَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، -رَضِيَ الله عنهم-، فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ تَزَوَّجَهَا شَدَّادٌ، فَوَلَدَتْ لَهُ هَذَا. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيدِ اللَّهِ، وَمُعَاذٍ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ، وَمَنْصُورٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ الدهني، وذر الهمداني.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 58" والجرح والتعديل "5/ 93" والثقات لابن حبان "3/ 230" وتهذيب الكمال "15/ 13-14". 2 خبر صحيح أخرجه مسلم "2346". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 61، 6/ 126" والجرح والتعديل "5/ 80" والثقات لابن حبان "5/ 20" وتهذيب الكمال "15/ 81-85".

وَعَدَّهُ خَلِيفَةُ فِي تَابِعِيِّ أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الأُولَى مِنْ تَابِعِيِّ أهل المدينة: روى عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ شِيعيًّا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: كَانَ يَأْتِي الْكُوفَةَ كَثِيرًا فَيَنْزِلُهَا، وَخَرَجَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ فَقُتِلَ لَيْلَةَ دُجَيْلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السائب: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي قُمْتُ عَلَى الْمِنْبَرِ مِنْ غدوةٍ إِلَى الظُّهْرِ، فَأَذْكُرُ فَضَائِلَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السلام، ثم أنزل فتضرب عنقي. رواها خَالِدٌ الطَّحَّانُ، ثنا عَطَاءٌ، فَذَكَرَهَا. 74- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ لَمْ يَلْحَقِ الرِّوَايَةَ عَنْ أَبِيهِ1. وَرَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مِنَ الْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. 75- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ضَمْرَةَ السَّلُولِيُّ2 -ت ق- عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ. وَعَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَعَطَاءُ بْنُ قُرَّةَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ أَخُو عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ. 76- عَبْدُ الله بن أبي طلحة -م ن- زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حِزَامٍ3، وَالِدُ الْفَقِيهِ إسحاق، وأخو أنس بن مالك لأمه. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أُمُّ سليم ليلة مات ابنها، فأصبح

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 81-82" وتاريخ أبي زرعة "1/ 431" وأسد الغابة "3/ 183" والوافي بالوفيات "17/ 207". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 88" والثقات لابن حبان "5/ 34، 51" وللعجلي "262" وتهذيب الكمال "15/ 129-130". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 74-76" والجرح والتعديل "5/ 75" والثقات لابن حبان "3/ 243، 5/ 13" وتهذيب الكمال "15/ 133، 134".

أَبُو طَلْحَةَ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ فِي لَيْلَتِكُمْ" 1. وَقِيلَ إِنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي تُوُفِّيَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ هُوَ أَبُو عُمَيْرٍ الَّذِي مَازَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمَّا وُلِدَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا قَالَ أَنَسٌ: حَمَلْتُهُ وَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْسَلَتْنِي بِهِ أُمِّي وَأَرْسَلَتْ مَعِي تَمْرَاتٍ فَحَنَّكَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهَا بَعْدَ أَنْ مَضَغَهَا، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ. تُوُفِّيَ عبد الله بالمدينة زمن الوليد، وقيل: قُتِلَ بِفَارِسٍ، وَكَانَ لَهُ عَشَرَةُ أَوْلادٍ كُلُّهُمْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَرَوَى أَكْثَرُهُمُ الْعِلْمَ، وَاشْتَهَرَ مِنْهُمْ إِسْحَاقُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، رَوَيَا عَنْهُ. وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو طُوَالَةَ، وَسُلَيْمَانُ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ. وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِيهِ، وَأَخِيهِ أَنَسٍ. 77- عَبْدُ الله بن عامر بن ربيعة بن -ع- محمد العنزي2، وَعَنْزٌ أَخُو بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ الْمَدَنِيِّ حَلِيفِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ. اسْتَشْهَدَ أَخُوهُ وَسَمِيُّهُ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَ الطَّائِفِ، وَكَانَ أَبُوهُ عَامِرٌ من كبار الصحابة. روى عنه: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. وولد سنة ست من الهجرة، وروى عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ كَوْنِ الْحَدِيثِ فِيهِ إِرْسَالٌ هُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ3. رَوَى عَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ عُبَيدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ الْوَقَّاصِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَثَمَانِينَ. 78- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيُّ4 -م4- قيل إنه توفي سنة ثمانٍ وثمانين،

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 345" ومسلم "2144" وابن سعد في طبقاته "5/ 54، 8/ 317". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 9" والجرح والتعديل "5/ 122" والثقات لابن حبان "3/ 219، 5/ 61" وتهذيب الكمال "15/ 140-141". 3 انظر في سنن أبي داود "4991" كتاب الأدب باب في التشديد في الكذب. 4 انظر الكبرى لابن سعد "6/ 113-115" والجرح والتعديل "5/ 121" والثقات لابن حبان "3/ 247" وتهذيب الكمال "15/ 317-320".

وَاخْتَلَفُوا فِي صُحْبَتِهِ، وَهُوَ الْقَائِلُ: أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل مَوْتِهِ بِشَهْرَيْنِ: $"لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ"1. رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ مُوسَى الْجُهَنِيُّ، عَنِ ابْنَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَتْ: كَانَ أَبِي يُحِبُّ عُثْمَانَ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى يُحِبُّ عَلِيًّا وكان مُتَآخِيَيْنِ، فَمَا سَمِعْتُهُمَا يَذْكُرَانُهُمَا بشيءٍ قَطُّ، إِلا أَنِّي سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لَوْ أَنَّ صَاحِبَكَ صَبَرَ أَتَاهُ النَّاسُ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ قَدْ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 79- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ غَيْلانَ بْنِ سَلَمَةَ الثَّقَفِيُّ2. نَزَلَ دِمَشْقَ، وَوَلاهُ مُعَاوِيَةَ إِمْرَةَ الْبَصْرَةِ. وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وغيرهما. روى عنه: يزيد بن ظبيان الجنبي، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية، وقتادة بن دعامة. ولي البصرة بعد سمرة بن جندب سنة خمسٍ وخمسين. 80- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ أَبُو الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ الدمشقي القاري3. رأى عثمان، وَرَوَى عَنْ: أَبِي جُمْعَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَبَشِيرِ بْنِ عَقْرَبَةَ، وَكَعْبٍ. روى عنه: الزهري، ورجاء بن أبي سلمة. يحول من هذه الطبقة، فإن عمر بن عبد العزيز استعمله في شيءٍ. 81- عبد الله بن غالب الحداني -ت بخ- البصري، عَابِدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَقَاصُّهُمْ4، يُكَنَّى أَبَا فِرَاسٍ، وقيل أبا قريش.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "4147" والنسائي "2/ 192" وابن ماجه "3613" والبيهقي "1/ 14" وأحمد "4/ 310-311". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 117" والثقات لابن حبان "5/ 67" وتاريخ الطبري "5/ 216" ولسان الميزان "3/ 322". 3 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 68" والجرح والتعديل "5/ 125" والوافي بالوفيات "17/ 391". 4 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 225" والجرح والتعديل "5/ 134" والثقات لابن حبان "5/ 20" وتهذيب الكمال "15/ 419-423".

لَهُ عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حديثٌ وَاحِدٌ. رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ السُّلَمِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، وَعَوْنُ بْنُ أَبِي شَدَّادٍ، وَأَبُو مُسْلِمَةَ سَعِيدُ بن يزيد، وقتادة، والقاسم ابن الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، وَأَبِي الْمَكَارِمِ اللَّبَّانِ قَالا: أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو بَحْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ الْحُدَّانِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "خَصْلَتَانِ لا تَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ: الْبُخْلُ، وَسُوءُ الْخُلُقِ"1. وَأُنْبِئْتُ عَنِ اللَّبَّانِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يُونُسُ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا صَدَقَةُ بِهَذَا، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الْفَلاسِ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ: ثنا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، ثنا عَوْنُ بْنُ أَبِي شَدَّادٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ غَالِبٍ كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى مِائَةَ رَكْعَةٍ وَيَقُولُ: لِهَذَا خُلِقْنَا وَبِهَذَا أُمِرْنَا، وَيُوشِكُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ أَنْ يُكْفَوْا وَيُحْمَدُوا. قَالَ نَصْرٌ: وَنا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ أَخِيهِ خَالِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ غَالِبٍ كان يقص ي الْمَسْجِدِ، فَمَرَّ عَلَيْهِ الْحَسَنُ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَى أَصْحَابِكَ. فَقَالَ: مَا أَرَى أَعْيُنَهُمُ انْفَقَأَتْ، وَلا ظُهُورَهُمُ انْدَقَّتْ، وَاللَّهُ يَأْمُرُنَا يَا حَسَنُ أَنْ نَذْكُرَهُ كَثِيرًا، وَتَأْمُرُنَا أَنْ نَذْكُرَهُ قَلِيلا {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 9] ، ثُمَّ سَجَدَ. قَالَ الْحَسَنُ: بِاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ، مَا أَدْرِي أَسْجُدُ أَمْ لا. قَالَ غَسَّانُ بْنُ مُضَرٍ: ثنا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: سَجَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ، وَمَضَى رَجُلٌ إِلَى الْجِسْرِ فَاشْتَرَى حَاجَةً وَرَجَعَ، وَهُوَ سَاجِدٌ. جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ غَالِبٍ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ سَفَهَ أَحْلامِنَا، وَنَقْصَ عِلْمِنَا، وَاقْتِرَابَ، آجَالِنَا، وَذَهَابَ الصَّالِحِينَ مِنَّا. الْقَوَارِيرِيُّ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَبُو فُلانٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الزاوية رأيت ابن

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "1962" والبخاري في الأدب "282" وأبو نعيم في الحلية "2/ 389" وفي إسناده صدقه بن موسى: ضعيف لسوء حفظه انظر الضعيفة "1119".

غَالِبٍ دَعَا بماءٍ فَصَبَّهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَكَانَ صَائِمًا فِي الْحَرِّ، وَحَوْلَهُ أَصْحَابُهُ، فَكَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: رُوحُوا إِلَى الْجَنَّةِ، فَنَادَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُهَلَّبِ: أَبَا فِرَاسٍ أَنْتَ آمِنٌ أَنْتَ آمِنٌ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ، وَضَرَبَ بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا دُفِنَ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ تُرَابِ قَبْرِهِ كَأَنَّهُ مسكٌ يَصُرُّونَهُ فِي ثِيَابِهِمْ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ فِي الْجَمَاجِمِ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. 82- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخٍ1. سَمِعَ: أَبَا هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلامٍ الأَسْوَدُ، وَشَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، وَزَيْدُ بْنُ سَلامٍ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ شَامِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَوَى عَنْهُ مُبَارَكٌ الزُّبَيْرِيُّ، وَهُوَ مَجْهُولٌ. قُلْتُ: مَا هُوَ بِمَجْهُولٍ. 83- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فيروز الديلمي -د ن ق- أبو بشر2، وقيل أبو بسر، أَخُو الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ. عَنْ: أَبِيهِ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: وَهْبُ بْنُ خَالِدٍ الْحِمْصِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ اللَّخْمِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، ويحيى بن أبي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ يَسْكُنُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: كُنْتُ ثَالِثَ ثَلاثَةٍ مِمَّنْ يَخْدِمُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 137" والعلل لابن أبي حاتم "1882" والثقات للعجلي "271" وتهذيب الكمال "15/ 424-427". 2 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 336-338، 601" والثقات لابن حبان "5/ 23" وتهذيب الكمال "15/ 435-437" والإصابة "3/ 138-139.

84- عبد الله بن قيس بن مخرمة -م4- بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ القرشي المطلبي المدني1. قِيلَ لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ عُمَرَ، وزيد بن خالد الجهني. روى عنه: ابنه المطلب، وإسحاق بن يسار أبو محمد، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. ووفد على عبد الملك، وكان قاضي المدينة في أيامه، وولي له بالبصرة أيضا. 85- عبد الله بن معانق أبو معانق الأشعري الشامي2، وقيل الأزدي روى عَنْ: أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، وَعَبْدِ الله بن سلام. وعنه: شهر بن حوشب، ويحيى بن أبي كثير، وأبو سلام ممطور، وبسر بن عبيد الله. قال البرقاني، عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ: مَجْهُولٌ لا شَيْءٌ، قَالَ: أَمَّا الْجَهَالَةُ فَمَعْدُومَةٌ. 86- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مقرن -سوى ق- المزني3، أبو الوليد الكوفي. لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ. وَهُوَ أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. روى عنه: أبو إسحاق، وعبد الملك بن عمير، ويزيد بن أبي زياد، وأبو إسحاق الشيباني وغيرهم. قَالَ أَحْمَد العجلي: ثقة من خيار التابعين، وَقَالَ: تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وثمانين.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 239" والثقات لابن حبان "5/ 10، 44" وتهذيب الكمال "15/ 453-456". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 168" والثقات لابن حبان "5/ 36" وتهذيب الكمال "2/ 744" وميزان الاعتدال "2/ 506". 3 انظر الطبقات لابن سعد "6/ 175" والجرح والتعديل "5/ 169" والثقات لابن حبان "5/ 35" وتهذيب الكمال "2/ 745".

87- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -م4- رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: غَيْلانُ بْنُ جَرِيرٍ، وَقَتَادَةُ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. 88- عَبْدُ اللَّهِ بن نجي الحضرمي -د ن ق- الكوفي2 عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَحُذَيْفَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، وَالْحَارِثُ الْعِجْلِيُّ، وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 89- عَبْدُ اللَّهِ بن أبي الهذيل3 -م ت ن- أبو المغيرة العنزي الكوفي، الْعَابِدُ الْوَرِعُ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْكِبَارِ. رَوَى عَنْهُ: الأَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَوَاصِلُ الأَحْدَبُ، وَأَبُو التَّيَّاحِ الضُّبَعِيُّ وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ أَبُو التَّيَّاحِ: مَا رَأَيْتُهُ إِلا وَكَأَنَّهُ مذعور. وقال العوام بن حوشب: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ: إِنِّي لأَتَكَلَّمُ حَتَّى أَخْشَى اللَّهَ، وَأَسْكُتُ حَتَّى أَخْشَى اللَّهَ 90- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ آدَمَ الْبَصْرِيُّ -م د- صاحب السقاية4، وهو إن شاء

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 173" والثقات لابن حبان "5/ 36" وتهذيب الكمال "2/ 744" وميزان الاعتدال "2/ 5074". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 234" والجرح والتعديل "5/ 184" والثقات لابن حبان "5/ 30" وللعجلي "282". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 115-116" وتاريخ أبي زرعة "1/ 626" والجرح والتعديل "5/ 196" والثقات لابن حبان "5/ 25" وتهذيب الكمال "2/ 750" وسير أعلام النبلاء "4/ 170-171". 4 انظر الجرح والتعديل "5/ 209" والثقات لابن حبان "5/ 83" وتهذيب الكمال "2/ 773" وسير أعلام النبلاء "4/ 252".

اللَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ، أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُرْثُنٍ، أَوِ ابْنِ بُرْثُمٍ، وَكَانَتْ أُمُّ بُرْثُنٍ قَدْ تَبَنَّتْهُ، وَهُوَ مَجْهُولُ الأَبِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ آدَمَ، إِنَّمَا نُسِبَ إِلَى آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ. قُلْتُ: رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَابِرٍ. وعنه: أبو العالية الرياحي -وهو أكبر منه- وقتادة، وسليمان التيمي، وعوف الأعرابي. قال المدائني: استعمل عبيد الله بن زياد عبد الرحمن بن أُمِّ بُرْثُنٍ، ثُمَّ غَضِبَ عَلَيْهِ، فَعَزَلَهُ وَأَغْرَمَهُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَخَرَجَ إِلَى يَزِيدَ، قَالَ: فَنَزَلْتُ عَلَى مرحلةٍ مِنْ دِمَشْقَ، وَضُرِبَ لِيَ خِبَاءٌ وَحُجْرَةٌ، فإني لجالسٌ إذا كلبٌ سلوقي قد دخل في عنقه طوقٌ من ذهب، فأخذته، وطلع فارسٌ، فلما رأيته هبته، فأدخلته الحجرة، وأمرت بفرسه فجرد، فلم ألبث أَنْ تَوَافَتِ الْخَيْلُ، فَإِذَا هُوَ يَزِيدُ بن معاوية، فقال لي بعدما صَلَّى: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ كَتَبْتُ لَكَ مِنْ مَكَانِكَ، وَإِنْ شِئْتَ دَخَلْتَ. قَالَ: فَأَمَرَ فَكَتَبَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنْ رُدَّ عَلَيْهِ مِائَةَ ألفٍ، فَرَجَعْتُ، قَالَ: وَأَعْتَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يومئذٍ فِي الْمَكَانِ الَّذِي كُتِبَ لَهُ فِيهِ الْكِتَابُ ثَلاثِينَ مَمْلُوكًا، وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ مَعِي فَلْيَرْجِعْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَأَلَّهُ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: وَرَمَى غُلامًا لَهُ يَوْمًا بِسَفُّودٍ فَأَخْطَأَهُ، وَأَصَابَ ابْنَهُ، فَنَثَرَ دِمَاغَهُ، فَخَافَ الْغُلامُ، فَدَعَاهُ وَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِكَ لِأَنِّي رَمَيْتُكَ مُتَعَمِّدًا، فَلَوْ قَتَلْتُكَ هَلَكْتُ، وَأَصَبْتَ ابْنِي خَطَأً، ثُمَّ عَمِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بعدٌ، وَمَرِضَ، فَدَعَا اللَّهَ أَنْ لا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْحَكَمُ، يَعْنِي ابْنَ أَيُّوبَ أَمِيرَ الْبَصْرَةِ، وَمَاتَ فِي مَرَضِهِ، وَشُغِلَ الْحَكَمُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: إِنَّ أُمَّ بُرْثُنٍ كَانَتْ تُعَالِجُ الطِّيبَ، وَتُخَالِطُ نِسَاءَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَأَصَابَتْ غُلامًا لَقَطَتْهُ فَرَبَّتْهُ وَتَبَنَّتْهُ، وَسَمَّتْهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَنَشَأَ، فَوَلاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُمِّ بُرْثُنٍ. قُلْتُ: وَكَانَ الْحَكَمُ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ الأَشْعَثِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ هَرَبَ الْحَكَمُ وَلَحِقَ بِالْحَجَّاجِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَاتَ قَبْلَ خُرُوجِ ابْنِ الأَشْعَثِ.

91- عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني -م4- البصري القاضي1 رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: دَرَّاجٌ أَبُو السَّمْحِ، وَالْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَنَضْلَةُ بْنُ كُلَيْبٍ. وَكَانَ أَمِيرُ مِصْرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ قَدْ جَمَعَ لَهُ الْقَضَاءَ وَالْقَصَصَ وَبَيْتَ الْمَالِ، وَكَانَ رِزْقُهُ فِي الْعَامِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَلا يَدَّخِرُهَا، رَحِمَهُ اللَّهُ. كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ. 92- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ -4- الْهَمْدَانِيُّ2 كَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَقُتِلَ يَوْمَ الزَّاوِيَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. رَوَى عَنْهُ: طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَقَبَّانُ النَّهْمِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقِيلَ: كَانَ يَوْمُ الزَّاوِيَةِ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ. وَقَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ عَلْقَمَةَ، وَغَيْرِهِ. 93- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي ليلى -ع- أَبُو عِيسَى الأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ، وَيُقَالُ أَبُو مُحَمَّدٍ الفقيه المقرئ3. روى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأُبَيّ بن كعب، وَصُهَيْبٍ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدِ بن عبادة، وأبي أيوب، وَالْمِقْدَادِ -وَرِوَايَتِهِ عَنْ مُعَاذٍ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ، ولم يلحقه- وطائفة سواهم. ولأبيه صحبة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 227" والثقات لابن حبان "5/ 96" وتهذيب الكمال "2/ 782-783". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 230" والجرح والتعديل "5/ 270" والثقات لابن حبان "5/ 99" وتهذيب الكمال "2/ 808-809". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 109-113" والجرح والتعديل "5/ 301" والثقات لابن حبان "5/ 100" وتهذيب الكمال "2/ 813-814".

وُلِدَ فِي وَسَطِ خِلافَةِ عُمَرَ، وَهُوَ يَصْغُرُ عن السماع عنه، بَلْ رَآهُ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالأَعْمَشُ، وَكَانَ قَدْ أَخَذَ عَنْ عَلِيٍّ الْقُرْآنَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: جَلَسْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ كَأَنَّهُ أَمِيرٌ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: كُنَّا إِذَا قَعَدْنَا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ لِرَجُلٍ: اقْرَأِ الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَدُلُّنِي عَلَى مَا تُرِيدُونَ، نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي كَذَا، وَهَذِهِ فِي كَذَا. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: أَدْرَكْتُ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الأَنْصَارِ، إِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَنْ شيءٍ وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ1. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ اسْتَعْمَلَ ابْنَ أَبِي لَيْلَى عَلَى الْقَضَاءِ، ثُمَّ عَزَلَهُ، ثُمَّ ضُرِبَ لَيَسُبَّ عليًّا -رضي الله عنهم- وَكَانَ قَدْ شَهِدَ النَّهْرَوَانَ مَعَ عَلِيٍّ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِابْنِ أَبِي لَيْلَى فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ أَنَّ النِّسَاءَ وَلَدْنَ مِثْلَ هَذَا. قُلْتُ: وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَدْ خَرَجَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فِيمَنْ خَرَجَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَغَرِقَ لَيْلَةَ دُجَيْلَ، وَقِيلَ: قُتِلَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَاجِمِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ، وَقِيلَ: ابْنُ بِلالٍ، وَقِيلَ ابْنُ دَاوُدَ بْنِ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلاحِ بْنِ الْحَرِيشِ بْنِ جَحْجَبَا بْنِ كَلْفَةَ. وَقَالَ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَفَدَ أَبِي عَلَى مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ شُعْبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: صَحِبْتُ عَلِيًّا فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُونَ عَنْهُ بَاطِلٌ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَقَدْ ضَرَبَهُ الْحَجَّاجُ، وَكَأَنَّ ظَهْرَهُ مِسْحٌ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى ابْنِهِ، وَهُمْ يَقُولُونَ لَهُ: الْعَنِ الْكَذَّابِينَ، فَيَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ الْكَذَّابِينَ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب، عَبْد اللَّه بْن الزبير، المختار ابن أَبِي عُبَيْدٍ. قَالَ: وَأَهْلُ الشَّامِ كَأَنَّهُمْ حَمِيرٌ لا يَدْرُونَ مَا يَقُولُ، وَهُوَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اللعن.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 110".

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: افْتُقِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِمَسْكِنَ. وَقَالَ شُعْبَةُ: قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَاقْتَحَمَ بِهِمَا فَرَسَاهُمَا الْفُرَاتَ، فَذَهَبَا. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قُتِلَ بِوَقْعَةِ الْجَمَاجِمِ. 94- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ بن قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ، أَمِيرُ سِجِسْتَانَ1. قَدْ ذَكَرْنَا حُرُوبَهُ لِلْحَجَّاجِ، وَآخِرُ الأَمْرِ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى الْمَلِكِ رُتْبِيلَ، فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو: لا أَدْخُلُ مَعَكَ لِأَنِّي أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ، وَكَأَنِّي بِكِتَابِ الْحَجَّاجِ قَدْ جَاءَ إِلَى رُتْبِيلَ يُرَغِّبُهُ وَيُرْهِبُهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ بَعَثَ بِكَ سَلْمًا أَوْ قَتَلَكَ، وَلَكِنْ هَا هُنَا خَمْسَمِائَةٍ قَدْ تَبَايَعْنَا عَلَى أَنْ نَدْخُلَ مَدِينَةً وَنَتَحَصَّنُ فِيهَا، وَنُقَاتِلُ حَتَّى نُعْطَى أَمَانًا أَوْ نَمُوتُ كِرَامًا، فَقَالَ: أَمَّا لَوْ دَخَلْتَ مَعِي لَوَاسَيْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ. فَأَبَى عَلَيْهِ، فَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى رُتْبِيلَ، وَأَقَامَ الْخَمْسُمِائَةٍ حَتَّى قَدِمَ عُمَارَةُ بْنُ تَمِيمٍ، فَقَاتَلُوا حَتَّى أَمَّنَهُمْ وَوَفَى لَهُمْ. وَتَتَابَعَتْ كُتُبُ الْحَجَّاجِ إلى رتبيل في شأن ابن الأشعث، إلا أَنْ بَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ، وَتَرَكَ لَهُ الْحِمْلَ الَّذِي كَانَ يُؤَدِّيهِ سَبْعَ سِنيِنَ. وَيُرْوَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَصَابَهُ سُلٌّ وَمَاتَ، فَقَطَعُوا رَأْسَهُ، وَبَعَثُوا بِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ. وَيُرْوَى أَنَّ الْحَجَّاجَ بَعَثَ إِلَى رُتْبِيلَ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ عُمَارَةَ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا يَطْلُبُونَ ابْنَ الأَشْعَثِ، فَأَبَى أَنْ يُسَلِّمَهُ، وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ عُبَيْدُ بْنُ أَبِي سُبَيْعٍ، فَأَرْسَلَهُ مَرَّةً إِلَى رُتْبِيلَ، فَخَفَّ عَلَى رُتْبِيلَ، وَاخْتَصَّ بِهِ، فَقَالَ القاسم بن محمد بن الأشعث لأخيه: إِنِّي لا آمَنُ غَدْرَ هَذَا، فَاقْتُلْهُ، فَهَمَّ بِهِ، وَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَخَافَ، فَوَشَى بِهِ إِلَى رُتْبِيلَ، وَخَوَّفَهُ الْحَجَّاجَ، وَهَرَبَ سِرًّا إِلَى عُمَارَةَ، فاستعجل فِي ابْنِ الأَشْعَثِ أَلْفَ أَلْفٍ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ عُمَارَةُ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنْ أَعْطِ عُبَيْدًا وَرُتْبِيلَ مَا طَلَبَا، فَاشْتَرَطَ أَشْيَاءَ فَأُعْطِيَهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ وَإِلَى ثَلاثِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَدْ أَعَدَّ لَهُمُ الْجَوَامِعَ وَالْقُيُودَ فَقَيَّدَهُمْ، وَأَرْسَلَهُمْ جَمِيعًا إِلَى عُمَارَةَ، فَلَمَّا قَرُبَ ابْنُ الأَشْعَثِ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ قصرٍ فَمَاتَ، وذلك في سنة أربعٍ وثمانين.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "6/ 264-266" وسير أعلام النبلاء "4/ 183-184" ووفيات الأعيان "7/ 114" والبداية والنهاية "9/ 53".

95- عبد الرحمن بن عمرو بن سهل -خ ت- الأنصاري1 وهو عبد الرحمن بن سهل. سَمِعَ: سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقِيلَ: لَقِيَ عُثْمَانَ. وَعَنْهُ: طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ. وَيُقَالُ: قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ، فَيُقَدَّمُ. 96- عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة2 -م- بْنِ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ، أَبُو الْمِسْوَرِ الْفَقِيهُ. سَمِع: أَبَاهُ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبَا رَافِعٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جَعْفَرٍ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالزُّهْرِيُّ. وَكَانَ ثِقَةٌ قَلِيلَ الْحَدِيثِ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ. 97- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بن قيس -ع- النخعي3 أبو بكر الفقيه، أَخُو الأَسْوَدِ وَابْنُ أَخِي عَلْقَمَةَ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَسَلْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، وَعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَمَنْصُورٌ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَتُوُفِّيَ فِي حُدُودِ سَنَةَ اثنتين وثمانين. 98- عبد العزيز بن مروان -د- أبو الأصبغ الأموي4، أمير مصر، وولي

_ 1 والجرح والتعديل "5/ 266" والثقات لابن حبان "5/ 90-91" وتهذيب الكمال "2/ 806". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 114" والجرح والتعديل "5/ 283" والثقات لابن حبان "5/ 101" وتهذيب الكمال "2/ 816". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 121-122" والجرح والتعديل "5/ 299" والثقات لابن حبان "5/ 86" وتهذيب الكمال "2/ 826". 4 انظر طبقات ابن سعد "5/ 236" والجرح والتعديل "5/ 393" وتهذيب الكمال "2/ 843" وسير أعلام النبلاء "4/ 249-251".

عَهْدِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ أَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بعهدٍ مِنْ مَرْوَانَ، إِنْ صَحَّحْنَا خِلافَةَ مَرْوَانَ، فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ بَاغٌ، فَلا يَصِحُّ عَهْدُهُ إِلَى وَلَدَيْهِ، إِنَّمَا تَصِحُّ إِمَامَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ يَوْمِ قَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَلَمَّا مَلَكَ مَرْوَانُ الشَّامَ وَغَلَبَ عَلَيْهَا سَارَ إِلَى مِصْرَ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا عَبْدَ الْعَزِيزِ وَلَدَهُ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَشَهِدَ بِقَتْلِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الأَشْدَقِ بِدِمَشْقَ. وَكَانَتْ دَارُهُ الْخَانَقَاهَ السُّمَيْسَاطِيَّةُ1، وَانْتَقَلَتْ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى ابْنِهِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَبَحِيرُ بْنُ ذَاخِرٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: بَعَثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ بِأَلْفِ دِينَارٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَجِئْتُهُ فَدَفَعْتُ بْنُ مَرْوَانَ بِأَلْفِ دِينَارٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَجِئْتُهُ فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ، فَقَالَ: أَيْنَ الْمَالُ؟ فَقُلْتُ: حَتَّى أَصْبَحَ. فَقَالَ: لا وَاللَّهِ، لا أبيت الليلة وَلِي أَلْفَ دِينَارٍ، فَجِئْتُهُ بِهَا فَفَرَّقَهَا. وَقَالَ ابن أبي مليكة: شَهِدْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنُ مروان يَقُولُ عِنْدَ الْمَوْتِ: يَا لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ شَيْئًا، يَا لَيْتَنِي كَهَذَا الْمَاءِ الْجَارِي. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: لَمَّا حَضَرَتْ عَبْدَ الْعَزِيزِ الْوَفَاةُ قَالَ: ائْتُونِي بِكَفَنِي، فَلَمَّا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاهُمْ ظَهْرَهُ، فَسَمِعُوهُ وَهُوَ يَقُولُ: أُفٍّ لَكَ أُفٍّ لَكَ مَا أَقْصَرَ طَوِيلَكِ وَأَقَلَّ كَثِيرَكِ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ مُوسَى قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ أَتَاهُ بشيرٌ يُبَشِّرُهُ بِمَالِهِ الَّذِي كَانَ بِمِصْرَ حِينَ كَانَ عَامِلا عَلَيْهَا عَامَهُ، فَقَالَ: هَذَا مَالُكَ، هذه ثلاثمائة مدي من ذهب، فقال: ما لي وَلَهُ، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ بَعْرًا حَائِلا بنجد.

_ 1 قلعة على الفرات.

قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَهُوَ غَلَطٌ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُمْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَثَمَانِينَ، زَادَ الزِّيَادِيُّ فَقَالَ: فِي جُمَادَى الأُولَى. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَبْلَ أَخِيهِ بِسَنَةٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ستٍ وَثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَكَأَنَّ هَذَا أَيْضًا وهمٌ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ. وَقَدْ كَانَ مَاتَ بِمِصْرَ قَبْلَهُ بِسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا ابْنُهُ الأَصْبَغُ فَحَزِنَ عَلَيْهِ، وَمَرِضَ، وَمَاتَ بِحُلْوَانَ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ الَّتِي بَنَاهَا عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ مِصْرَ وَحُمِلَ إِلَى مِصْرَ فِي النِّيلِ. وَلَمَّا بَلَغَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ مَوْتُهُ بَايَعَ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ لابْنَيْهِ الْوَلِيدِ ثُمَّ سُلَيْمَانَ، بَعْدَ أَنْ كَانَ هَمَّ بِخَلْعِ أَخِيهِ. 99- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد مَناف بْن قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ الْخَلِيفَةُ، أَبُو الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ1. بُويِعَ بعهدٍ مِنْ أَبِيهِ فِي خِلافَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَبَقِيَ عَلَى مِصْرَ وَالشَّامِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى بَاقِي الْبِلادِ مُدَّةَ سَبْعِ سِنِينَ، ثُمَّ غَلَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الْعِرَاقِ، وَمَا وَالاهَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَبَعْدَ سنةٍ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَاسْتَوْسَقَ2، الأَمْرُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ عَابِدًا نَاسِكًا بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ الْخِلافَةِ، وَشَهِدَ يَوْمَ الدَّارِ مَعَ أَبِيهِ، وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَحَفِظَ أَمْرَهُمْ: قَالَ: وَاسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى المدينة وهو ابن ست عشرة سنة.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 223-235" وتاريخ أبي زرعة "1/ 191-193" والثقات لابن حبان "5/ 119-120" وتهذيب الكمال "2/ 862". 2 أي احتمع الأمر.

قُلْتُ: هَذَا لا يُتَابِعُ ابْنَ سعدٍ عَلَيْهِ أحدٌ مِنَ اسْتِعْمَالِ مُعَاوِيَةَ لَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ وَجِيهٍ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ صِفَةِ الْخُلَفَاءِ فِي خِزَانَةِ الْمَأْمُونِ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ رَجُلا طَوِيلا، أَبْيَضَ، مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ، كَبِيرَ الْعَيْنَيْنِ، مُشْرِفَ الأَنْفِ، رَقِيقَ الْوَجْهِ، حَسَنَ الْجِسْمِ، لَيْسَ بِالْقَضِيفِ1 وَلا الْبَادِنِ، أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. قُلْتُ: سَمِعَ عُثْمَانَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَبُرَيْرَةَ مَوْلاةَ عائشة، وابن عمر، ومعاوية. روى عنه: عروة، وخالد بن معدان، وإسماعيل بن عبيد الله، ورجاء بن حيوة، وربيعة بن يزيد، ويونس بن ميسرة، والزهري، وحريز بن عثمان، وطائفة. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنَ امرئٍ مُسْلِمٍ لا يَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ يُجَهِّزُ غَازِيًا، أَوْ يَخْلُفُهُ بخيرٍ إِلا أَصَابَهُ اللَّهُ بقارعةٍ قَبْلَ الْمَوْتِ" 2. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ فِي الإِسْلامِ عَبْد الْمَلِكِ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: أُمُّهُ هِيَ عَائِشَةُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ. وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ قَالَ: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ أَشْيَاخِ قُرَيْشٍ يُوشَكُ أَنْ تَنْقَرِضُوا، فَمَنْ نَسْأَلُ بَعْدَكُمْ؟ فَقَالَ: إِنَّ لِمَرْوَانَ ابْنًا فَقِيهًا فَسَلُوهُ. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ الْيَمَامِيِّ، عَنْ سُحَيْمٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ دَخَلَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ غلامٌ شابٌّ، فَقَالَ: هَذَا يملك العرب. محمد بن أيوب مجهول.

_ 1 أي النحيف. 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "2503" وابن ماجه "2762" والطبراني "8/ 211" والبيهقي "9/ 48".

وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ وَمَا بِهَا شَابٌّ أَشَدُّ تَشْمِيرًا، وَلا أَفْقَهُ، وَلا أَنْسَكُ، وَلا أَقْرَأُ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَلَدَ النَّاسُ أَبْنَاءً، وَوَلَدَ مَرْوَانُ أَبًا. وَعَنْ عَبْدَةَ بْنِ رِيَاحٍ الْغَسَّانِيِّ، أَنَّ أُمَّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ تَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ؟ مَا زِلْتُ أَتَخَيَّلُ هَذَا الأَمْرَ فِيكَ مُنْذُ رَأَيْتُكَ. قَالَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْكَ مُحَدِّثًا، وَلا أَحْلَمَ مِنْكَ مُسْتَمِعًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ: قَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ صلى في المسجد بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَفِتْيَانٌ مَعَهُ، كَانُوا إِذَا صَلَّى الإِمَامُ الظُّهْرَ قَامُوا فَصَلُّوا إِلَى الْعَصْرِ، فَقِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: لَوْ قُمْنَا فَصَلَّيْنَا كَمَا يُصَلِّي هَؤُلاءِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: لَيْسَتِ الْعِبَادَةُ بِكَثْرَةِ الصَّلاةِ وَلا الصَّوْمِ، إِنَّمَا الْعِبَادَةُ التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَالْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ. وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا جَالَسْتُ أَحَدًا إِلا وَجَدْتُ لِي عَلَيْهِ الْفَضْلَ، إِلا عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، فَإِنِّي مَا ذَاكَرْتُهُ حَدِيثًا إِلا زَادَنِي فِيهِ، وَلا شِعْرًا إِلا زَادَنِي فِيهِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: قَالَ لِي أَبُو خَالِدٍ: أَغْزَى مُسْلِمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ مُعَاوِيَةَ بْنَ حديج سَنَةَ خَمْسِينَ، وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ، أَنِ ابْعَثْ عَبْدَ الْمَلِكِ عَلَى بَعْثِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَقَدِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَدَخَلَ إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ معاوية بن حديج، فبعثه ابن حديج إِلَى حصنٍ، فَحَصَرَ أَهْلَهُ، وَنَصَبَ عَلَيْهِ الْمَنْجَنِيقَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَنْبَأَ حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، أَنَّ يَهُودِيًّا أسلم، وكان اسمه يوسف، قد قرأ الكتب، فَمَرَّ بِدَارِ مَرْوَانَ، فَقَالَ: ويلٌ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الدَّارِ. فَقُلْتُ لَهُ: إِلَى مَتَى؟ قَالَ: حَتَّى تَجِيءَ راياتٌ سودٌ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ. وَكَانَ صَدِيقًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَضَرَبَ يَوْمًا عَلَى مَنْكِبِهِ وَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، إِذَا مَلَكْتَهُمْ. فَقَالَ: دَعْنِي وَيْحَكَ، وَدَفَعَهُ، مَا شَأْنِي وَشَأْنُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ فِي أَمْرِهِمْ.

قَالَ: وَجَهَّزَ يَزِيدُ جَيْشًا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ، أَيَبْعَثُ إِلَى حَرَمِ اللَّهِ فَضَرَبَ يُوسُفُ بِمَنْكِبِهِ وَقَالَ: جَيْشُكَ إِلَيْهِمْ أَعْظَمُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ دَخَلْتُ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ: أَمِنْ هَذَا الْجَيْشِ أَنْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، أَتَدْرِي إِلَى من تسير؟ إلى أول مولودٍ ولد ف الإِسْلامِ، وَإِلَى ابْنِ حَوَارِيِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَى ابْنِ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، وَإِلَى مَنْ حَنَّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَا وَاللَّهِ إِنْ جِئْتَهُ نَهَارًا وَجَدْتَهُ صَائِمًا، وَلَئِنْ جِئْتَهُ لَيْلا لَتَجِدَنَّهُ قَائِمًا، فَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الأَرْضِ أَطْبَقُوا عَلَى قَتْلِهِ لأَكَبَّهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فِي النَّارِ. فَلَمَّا صَارَتِ الْخِلافَةُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وَجَّهْنَا مَعَ الْحَجَّاجِ حَتَّى قَتَلْنَاهُ. وَقَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: أَفْضَى الأَمْرُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ، فَأَطْبَقَهُ وَقَالَ: هَذَا آخِرُ الْعَهْدِ بِكَ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا عَبَّادُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَكِبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِكْرًا، فَأَنْشَأَ قَائِدُهُ يَقُولُ: يَأَيُّهَا الْبِكْرُ الَّذِي أَرَاكَا ... عَلَيْكِ سهل الأَرْضِ فِي مَمْشَاكَا وَيْحَكَ هَلْ تَعْلَمُ مَنْ عَلاكَا ... خَلِيفَةُ اللَّهِ الَّذِي امْتَطَاكَا لَمْ يَحْبُ بِكْرًا مِثْلَ مَا حَبَاكَا فَلَمَّا سَمِعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ: إيها يَا هَنَاهْ، قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قِيلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: يَا أَمِيرَ المؤمنين، عجل عليك الشيب، فقل: وَكَيْفَ لا، وَأَنَا أَعْرِضُ عَقْلِي عَلَى النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ. وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أفقٍ مِنَ الآفَاقِ قَالَ: اعْفِنِي مِنْ أَرْبَعٍ، وَقُلْ بَعْدَهَا مَا شِئْتَ: لا تَكْذِبْنِي فَإِنَّ الْمَكْذُوبَ لا رَأْيَ لَهُ، وَلا تُجِبْنِي فِيمَا لا أَسْأَلُكَ، فإن فيما أسألك عنه شغلًا، وَلا تُطْرِنِي فَإِنِّي أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْكَ، وَلا تحملني عَلَى الرَّعِيَّةِ، فَإِنِّي إِلَى الرِّفْقِ بِهِمْ أَحْوَجُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَكَتَبَ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ.

وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الدِّينَارِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَفِي الْوَجْهِ الآخَرِ: "لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ"، وَطَوَّقَهُ بِطَوْقٍ فِضَّةٍ، وَكَتَبَ فِيهِ ضُرِبَ بِمَدِينَةِ كَذَا، وَكَتَبَ فِي خَارِجِ الطَّوْقِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: لَحَنَ جليسٌ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَقَالَ رَجُلٌ: زد ألف، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَأَنْتَ فَزِدْ أَلْفًا. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِذَا قَعَدَ لِلْحُكْمِ قَيِمَ عَلَى رَأْسِهِ بِالسُّيُوفِ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حرب الزيادي قال: قيل لعبد الملك ابن مَرْوَانَ: مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ؟ قَالَ: مَنْ تَوَاضَعَ عَنْ رفعةٍ وَزَهِدَ عَنْ قُدْرَةٍ، وَأَنْصَفَ عَنْ قُوَّةٍ. وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: لعمري لَقَدْ عُمِّرْتُ فِي الدَّهْرِ بُرْهةً ... وَدَانَتْ لِيَ الدُّنْيَا بِوَقْعِ الْبَوَاتِرِ فَأَضْحَى الَّذِي قَدْ كَانَ مِمَّا يَسُرُّنِي ... كَلَمْحٍ مَضَى فِي الْمُزْمِنَاتِ الْغَوَابِرِ فَيَا لَيْتَنِي لَمْ أَعْنِ بِالْمُلْكِ سَاعَةً ... وَلَمْ أَلْهُ فِي لَذَّاتِ عيشٍ نَوَاضِرِ وَكُنْتُ كَذِي طِمْرَيْنِ عَاشَ ببلغةٍ ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى زَارَ ضَنْكَ الْمَقَابِرِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ كَثِيرًا مَا يَجْلِسُ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ فِي مُؤَخِّرِ الْمَسْجِدِ بِدِمَشْقَ، فَقَالَتْ لَهُ مَرَّةً: بَلَغَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّكَ شَرِبْتَ الطِّلاءَ بَعْدَ النُّسُكِ وَالْعِبَادَةِ، فَقَالَ: أَيْ وَاللَّهِ، والدماء، قَدْ شَرِبْتُهَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ كَانَ أَبْخَرَ، وَأَنَّهُ وُلِدَ لِسَتَّةِ أَشْهُرٍ. وَذَكَرَ ابْنُ عَائِشَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ كَانَ فَاسِدَ الْفَمِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: خَطَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِي عِظَامٌ، وَإِنَّهَا صِغَارٌ فِي جَنْبِ عَفْوِكَ، فاغفرها لِيَ يَا كَرِيمُ. قَالُوا: تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمَلِكِ في شوال سنة ست وثماني، وَخِلافَتُهُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا مِنْ وَسَطِ سَنَةِ ثلاثٍ وسبعين.

وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا احْتَضَرَ دَخَلَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ ابْنُهُ، فَتَمَثَّلَ: كَمْ عائدٍ رَجُلا وَلَيْسَ يَعُودُهُ ... إِلا لِيَعْلَمَ هَلْ تَرَاهُ يَمُوتُ وَتَمَثَّلَ أَيْضًا: ومستخبرٌ عَنَّا يُرِيدُ بِنَا الرَّدَى ... ومستخبراتٌ وَالْعُيُونُ سَوَاجِمُ فَجَلَسَ الْوَلِيدُ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا هَذَا، تَحِنُّ حَنِينَ الأَمَةِ إِذَا مِتُّ فَشَمِّرْ وَائْتَزِرْ وَالْبَسْ جِلْدَ النَّمِرِ، وَضَعْ سَيْفَكَ عَلَى عَاتِقِكَ، فَمَنْ أَبْدَى ذَاتَ نَفْسِهِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَمَنْ سَكَتَ مَاتَ بِدَائِهِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ: لَمَّا أَيْقَنَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالْمَوْتِ دَعَا مَوْلاهُ أَبَا عِلاقَةَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مُنْذُ وُلِدْتُ إِلَى يَوْمِي هَذَا حَمَّالا. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْبَنَاتِ إِلا وَاحِدَةً، وَهِيَ فَاطِمَةُ، وَكَانَ قَدْ أَعْطَاهَا قِرْطَيْ مَارِيَّةَ، وَالدُّرَّةَ الْيَتِيمَةَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أُخْلِفْ شَيْئًا أَهَمَّ مِنْهَا إِلَيِّ فَاحْفَظْهَا، فَتَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَوْصَى بَنِيهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ الْفُرْقَةِ وَالاخْتِلافِ، وَقَالَ: انْظُرُوا مُسْلِمَةَ وَاصْدُرُوا عَنْ رَأْيِهِ؟ يَعْنِي أَخَاهُمْ؟ فَإِنَّهُ مَجَنَّكُمُ الَّذِي بِهِ تَجْتَنُّونَ وَنَابَكُمُ الَّذِي عَنْهُ تَفْتَرُّونَ، وَكُونُوا بَنِي أُمٍّ بَرَرَةً، وَكُونُوا فِي الْحَرْبِ أَحْرَارًا، وَلِلْمَعْرُوفِ مَنَارًا، فَإِنَّ الْحَرْبَ لَمْ تُدْنِ مَنِيَّةً قَبْلَ وَقْتِهَا، وَإِنَّ الْمَعْرُوفَ يَبْقَى أَجْرُهُ وَذِكْرُهُ، وَاحْلَوْلَوْا فِي مَرَارَةٍ، وَلِينُوا فِي شِدَّةٍ، وَكُونُوا كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الشَّيْبَانِيُّ: إِنَّ الْقِدَاحَ إِذَا اجْتَمَعْنَ فَرَامَهَا ... بِالْكَسْرِ ذُو حنقٍ وبطشٍ أَيِّدِ عَزَّتْ فَلَمْ تُكْسَرْ، وَإِنْ هِيَ بُدِّدَتْ ... فَالْكَسْرُ وَالتَّوْهِينُ لِلْمُتَبَدِّدِ يَا وَلِيدُ اتَّقِ اللَّهَ فِيمَا أُخْلِفُكَ فِيهِ، وَاحْفَظْ وَصِيَّتِي، وَخُذْ بِأَمْرِي، وَانْظُرْ إِلَى أَخِي مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ ابْنُ أُمِّي، وَقَدِ ابْتُلِيَ فِي عَقْلِهِ بِمَا عَلِمْتَ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَآثَرْتُهُ بِالْخِلافَةِ، فَصِلْ رَحِمَهُ، وَاحْفَظْنِي فِيهِ، وَانْظُرْ أَخِي مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ، فَأَقِرَّهُ عَلَى الْجَزِيرَةِ، وَلا تعْزِلْهُ، وَانْظُرْ أَخَاكَ عبد الله، فلا توآخذه، وَأَقْرِرْهُ عَلَى عَمَلِهِ بِمِصْرَ، وَانْظُرِ ابْنَ عَمِّنَا هذا علي ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ إِلَيْنَا بِمَوَدَّتِهِ وَهَوَاهُ وَنَصِيحَتِهِ، وَلَهُ نسبٌ وَحَقُّ، فَصِلْ رَحِمَهُ وَاعْرَفْ حَقَّهُ، وَانْظُرِ الْحَجَّاجَ فَأَكْرِمْهُ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي وَطَّأَ لَكُمُ الْمَنَابِرَ، وَهُوَ سَيْفُكَ يَا وَلِيدُ، وَيَدُكَ عَلَى مَنْ نَاوَأَكَ، فَلا تَسْمَعَنَّ فِيهِ قَوْلَ أحدٍ، وَأَنْتَ إِلَيْهِ أَحْوَجُ مِنْهُ إِلَيْكَ. وَادْعُ النَّاسَ إِذَا مِتُّ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَمَنْ قَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا،

فَقُلْ بِسَيْفِكَ هَكَذَا، ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ: فَهَلْ مِنْ خالدٍ إِمَّا هَلَكْنَا ... وَهَلْ بِالْمَوْتِ يَا لِلنَّاسِ عَارُ وَعَاشَ إِحْدَى وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَ لَهُ سَبَعَةَ عَشَرَ وَلَدًا. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: فَمِنْ أَوْلادِهِ: الْوَلِيدُ، وَسُلَيْمَانُ، وَمَرْوَانُ الأَكْبَرُ، وَعَائِشَةُ، وَأُمُّهُمْ وَلادَةُ بِنْتُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مَازِنٍ. وَيَزِيدُ، وَمَرْوَانُ الأَصْغَرُ، وَمُعَاوِيَةُ، وَأُمُّ كُلْثُومَ، وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. وَهِشَامٌ، وَأُمُّهُ أُمُّ هِشَامٍ بِنْتُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ. وَأَبُو بَكْرٍ، وَأُمُّهُ عَائِشَةُ بِنْتُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ. وَالْحَكَمُ، وَمَاتَ قَدِيمًا، أُمُّهُ أُمُّ أَيُّوبَ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَفَاطِمَةُ، وَأُمُّهَا أُمُّ الْمُغِيرَةِ بِنْتُ الْمُغِيرَةِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْعَاصِ الْمَخْزُومِيَّةُ. وَمُسْلِمَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَالْمُنْذِرُ، وَعَنْبَسَةُ، وَالْحَجَّاجُ، لأُمَّهَاتِ أَوْلادِ. وَتَزَوَّجَ أَيْضًا بِأُمِّ أَبِيهَا بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَبِنْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. 100- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ1. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. وَقَدِمَ الشَّامَ غَازِيًا صُحْبَةَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، ثُمَّ سَكَنَ مِصْرَ مُدَّةً. رَوَى عَنْهُ: أَبُو تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيُّ، وَحَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ، وَقَيْسُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وآخرون. 101- عبيد الله بن الأسود -خ م د- ويقال ابن الأسد الخولاني2، رَبِيبُ مَيْمُونَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. رَوَى عَنْهَا، وَعَنْ: عثمان، وابن عباس، وزيد بن خالد.

_ 1 انظر تاريخ دمشق "24/ 378-379". 2 انظر الثقات لابن حبان "5/ 67-68" وتهذيب الكمال "2/ 873-874" وتهذيب التهذيب "7/ 3".

رَوَى عَنْهُ: بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ. 102- عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -ن- الهاشمي1. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ شَقِيقُ عَبْدِ اللَّهِ. قِيلَ لَهُ رُؤْيَةٌ، وَرِوَايَتُهُ فِي النَّسَائِيِّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ. وَكَانَ أَحَدَ الأَجْوَادِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي الطَّبَقَةِ الْخَامِسَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ: كَانَ أَصْغَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بسنةٍ وَاحِدَةٍ. سمع من النبي -صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ رَجُلا تَاجِرًا، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ، فَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ بَقِيَ إِلَى زَمَنِ يَزِيدَ. قُلْتُ: وَوَلِيَ الْيَمَنَ لِعَلِيٍّ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ. وَقِيلَ إِنَّهُ أَعْطَى رَجُلا مَرَّةً مِائَةَ أَلْفٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَالْفَسَويُّ: مَاتَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ: سَنَةَ ثمانٍ وَخَمْسِينَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَثَمَانِينَ. عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ -خ م د ن- يُؤَخَّرُ إِلَى الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 103- عُبَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ أَبُو جَنْدَلٍ النُّمَيْرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالرَّاعِي2، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ وَصْفِهِ لِلإِبِلِ فِي شِعْرِهِ وَكَانَ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ فِي صَدْرِ الإِسْلامِ، لَهُ ذِكْرٌ. وَقَدْ هَجَاهُ جَرِيرٌ بِقَصِيدَتِهِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نميرٍ ... فَلا كَعْبًا بلغت ولا كلابا

_ 1 انظر تاريخ الطبري "4/ 442-443" وتهذيب الكمال "2/ 789" وتهذيب التهذيب "7/ 19" وتاريخ الثقات للعجلي "317". 2 انظر الأغاني "24/ 205-218" والعقد الفريد "3/ 41" والفهرست لابن النديم "62" ومعجم البلدان "4/ 435".

104- عبيد بن السباق -ع- المدني الثقفي1. رَوَى عَنْ: زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَجُوَيْرِيَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه: ابنه سعيد، والزهري، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف. وهو من علماء أهل المدينة. 105- عبد خير بن يزيد -4- ويقال عبد خير بن يجمد بن خولي الهمداني2، أبو عمارة الكوفي. أدرك الجاهلية، وَسَمِعَ: عَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَغَيْرَهُمْ. وَقَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ. 106- عُتْبَةُ بْنُ عبد السلمي3 -د ق- أبو الوليد، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ يَحْيَى، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَلُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَاسِحٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ زَيْدٍ الْبِكَالِيُّ وَطَائِفَةٌ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بن عياش، عم ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد قال: قَالَ: قَالَ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَأَى الاسْمَ لا يُحِبُّهُ حَوَّلَهُ، وَلَقَدْ أَتَيْنَاهُ وَإِنَّا لَسَبْعَةٌ من بني سليم، أكبرنا العرباض بن سارية، فبايعناه جميعًا4.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 252" والجرح والتعديل "5/ 407" والثقات لابن حبان "5/ 133" وتهذيب الكمال "2/ 893". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 221" والجرح والتعديل "6/ 37-38" والثقات لابن حبان "5/ 130-131" وتهذيب الكمال "2/ 770". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 3/ 4" والجرح والتعديل "6/ 371، 72" والثقات لابن حبان "3/ 297" وتهذيب الكمال "2/ 903". 4 نسبه الهيثمي في المجمع إلى الطبراني "8/ 51-52".

وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ قَالَ: كَانَ اسْمِي عَتَلَةَ، فَسَمَّانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُتْبَةَ1. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ أَرْبَعًا وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَوَرَّخَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَطَائِفَةٌ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ. تُوُفِّيَ بِحِمْصَ. 107- عُتْبَةُ بْنُ النُّدَّرِ السُّلَمِيُّ2 -ق- لَهُ صُحْبَةٌ، وَحَدِيثَانِ، نَزَلَ الشَّامَ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ. وَذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ: الْبَغَوِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وابن البرقي. وتفرد بحديثه سُوَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ يَنْزِلُ دِمَشْقَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَثَمَانِينَ. 108- عُرْوَةُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ3 مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، الْمَصْرِيُّ الْفَقِيهُ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. روى عنه: بكير بن الأشج، وعبيد الله بن أبي جعفر، وسعيد بن عبد الله بن راشد، وسلام بن غيلان، وعبد العزيز بن صالح. وكان من الفقهاء. يؤخر، فإن ابن يونس قَالَ: تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ وَرَّخَهُ أَنَّهُ توفي سنة تسعين. 109- عروة بن المغيرةبن شعبة -ع- الثقفي الكوفي4، أخو حمزة، وعقار.

_ 1 انظر الاستيعاب "3/ 117" والإصابة "2/ 454". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 413" والجرح والتعديل "6/ 374" والثقات لابن حبان "3/ 298" وتهذيب الكمال "2/ 904" والإصابة "2/ 456". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 397". 4 انظر طبقات ابن سعد "6/ 269" وتاريخ أبي زرعة "1/ 663" والثقات لابن حبان "5/ 195" وتهذيب الكمال "2/ 630".

وَلِيَ إِمْرَةَ الْكُوفَةَ مِنْ قِبَلِ الْحَجَّاجِ. رَوَى عنه: الشعبي، وعباد بن زياد ابن أَبِيهِ، وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا لَبِيبًا، وَكَانَ أَفْضَلَ الإِخْوَةِ، وَكَانَ أحول. تُوُفِّيَ سَنَةَ بضعٍ وَثَمَانِينَ. رَوَى الْيَسِيرَ عَنْ والده. 110- وعقار أخوه1 -ت ن ق- رَوَى عَنْهُ: فَإِنَّهُ رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وعنه: مجاهد، ويعلى بن عطاء العامري، وحسان بن أبي وجزة، وعبد الملك بن عمير، وجماعة. له حديث في الكتب الثلاثة وهو: لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنِ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى، وَفِي لَفْظِ الْكُتُبِ الثلاثة فقد بريء مِنَ التَّوَكُّلِ2. 111- عَرِيبُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو عَمَّارٍ -ن ق- الدهني الهمداني الكوفي3. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ. روى عنه: طلحة بن مصرف، وأبو إسحاق السبيعي، والأعمش، وغيرهم. وهو بكنيته أشهر. 112- عقبة بن عبد الغافر4 -خ م ن- الأزدي العوذي البصري. رَوَى عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بن مغفل.

_ 1 طبقات ابن سعد "6/ 269" والجرح والتعديل "7/ " والثقات لابن حبان "5/ 287" وتهذيب الكمال "2/ 943". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "2055" وابن ماجه "2489" وأحمد "4/ 249-253" والبيهقي "9/ 341". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 32" والثقات لابن حبان "5/ 283" وتهذيب الكمال "2/ 931" وتهذيب التهذيب "7/ 91". 4 انظر طبقات ابن سعد "7/ 225" والجرح والتعديل "6/ ب313" والثقات لابن حبان "5/ 224" وتهذيب الكمال "2/ 945".

روى عنه: سليمان التيمي، ويحيى بن أبي كثير، وابن عون، وقتادة، وغيرهم. قيل هلك في وقعة الجماجم. وثقه أحمد العجلي وغيره. وقال مرة بن دباب: مررت بعقبة بن عبد الغافر وهو جريح في الخندق، فقال لِي: يَا فُلانُ، ذَهَبَتِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ أَيُّوبُ ذَكَرَ الْقُرَّاءَ الذي خَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَقَالَ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْهُمْ قُتِلَ إِلا رُغِبَ لَهُ عَنْ مَصْرَعِهِ، وَلا نَجَا فَلَمْ يُقْتَلْ إِلا نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ. 113- عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ ابن ظبيان -خ د ت- السدوسي البصري1، أَحَدُ رُءُوسِ الْخَوَارِجِ. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه: محمد بن سيرين، ويحيى بن أبي كثير، وقتادة. قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج، ثم ذكر عمران بن حطان، وأبا حسان الأعرج. وقال الفرزدق: كان عمران بن حطان من أشعر الناس، لأنه لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ مِثْلَنَا لَقَالَ، وَلَسْنَا نَقْدِرُ أَنْ نَقُولَ مِثْلَ قَوْلِهِ. وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: تَزَوَّجَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ امْرَأَةً مِنَ الْخَوَارِجِ، فَكَلَّمُوهُ فِيهَا، أَوْ فَكَلَّمُوهَا فِيهِ، فَقَالَ: سَأَرُدُّهَا إِلَى الْجَمَاعَةِ، يَعْنِي قَالَ: فَصَرَفَتْهُ إِلَى مَذْهَبِهَا. وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّهَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ، وَكَانَ دَمِيمًا قَبِيحًا، فَأَعْجَبَتْهُ مَرَّةً، فَقَالَتْ: أَنَا وَأَنْتَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتِ؟ قَالَتْ: لِأَنَّكَ أُعْطِيتَ مِثْلِي، فَشَكَرْتَ، وَابْتُلِيتَ بِمِثْلِكَ، فَصَبَرْتُ، وَالشَّاكِرُ وَالصَّابِرُ فِي الْجَنَّةِ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حِطَّانَ كَانَ ضَيْفًا لِرَوْحِ بن زنباع، فذكره

_ 1 طبقات ابن سعد "7/ 155" والجرح والتعديل "6/ 296" والثقات لابن حبان "5/ 222" وتهذيب الكمال "2/ 1056".

لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ: اعْرِضْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَنَا، فَأَعْلَمَهُ رَوْحٌ ذَلِكَ، فَهَرَبَ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى رَوْحٍ: يَا رَوْحُ كَمْ مِنْ كَرِيمٍ قَدْ نَزَلْتُ بِهِ ... قَدْ ظَنَّ ظَنَّكَ مِنْ لخمٍ وَغَسَّانِ حَتَّى إِذَا خِفْتُهُ زَايَلْتُ مَنْزِلَهُ ... مِنْ بَعْدَمَا قِيلَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانِ قَدْ كُنْتُ ضَيْفَكَ حَوْلا مَا تُرَوِّعُنِي ... فِيهِ طَوَارِقُ مِنْ إِنْسٍ وَمِنْ جَانِ حَتَّى أَرَدْتَ بِي الْعُظْمَى فَأَوْحَشَنِي ... مَا يُوحِشُ النَّاسَ مِنْ خَوْفِ ابْنِ مَرْوَانِ فَاعْذِرْ أَخَاكَ ابْنَ زِنْبَاعٍ فَإِنَّ لَهُ ... فِي الْحَادِثَاتِ هناتٍ ذَاتَ أَلْوَانِ لَوْ كُنْتُ مُسْتَغْفِرًا يَوْمًا لطاغيةٍ ... كُنْتَ الْمُقَدَّمَ فِي سِرِّي وإعلاني لكن أبت لي آيَاتٌ مُفَصَّلَةٌ ... عَقْدَ الْوِلايَةِ فِي طَهَ وَعِمْرَانِ وعن قتادة قال: لقيني عمران بن حطتن فَقَالَ: يَا أَخِي احْفَظْ عَنِّي هَذِهِ الأَبْيَاتَ: حَتَّى مَتَى تُسقَى النُّفُوسُ بِكَأْسِهَا ... رَيْبَ الْمَنُونِ وَأَنْتَ لاهٍ تَرْتَعُ أَفَقَدْ رَضِيتَ بِأَنْ تُعَلَّلَ بِالْمُنَى ... وَإِلَى الْمَنِيَّةِ كُلَّ يومٍ تُدْفَعُ أَحْلَامُ نومٍ أَوْ كظلٍ زائلٍ ... إِنَّ اللَّبِيبَ بِمِثْلِهَا لا يخدع وَمِنْ شِعْرِهِ فِي قَاتِلِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم: يا ضربة من تقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لأذكره حينا فأحسبه ... أوفى البرية عند الله مِيزَانَا أَكْرِمْ بقومٍ بُطُوِنِ الطَّيْرِ أَقْبُرُهُمْ ... لَمْ يَخْلِطُوا دِينَهُمْ بَغْيًا وَعُدْوَانَا فَبَلَغَ شِعْرُهُ عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَدْرَكَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَنَذَرَ دَمَهُ، وَوَضَعَ عَلَيْهِ الْعُيُونَ، فَلَمْ تَحْمِلْهُ أرضٌ حَتَّى أَتَى رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ، فَأَقَامَ فِي ضِيَافَتِهِ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنَ الأَزْدِ، فَبَقِيَ عِنْدَهُ سَنَةً، فَأَعْجَبَهُ إِعْجَابًا شَدِيدًا، فَسَمَرَ رَوْحٌ لَيْلَةً عِنْدَ عبد الملك، فتذاكرا شِعْرَ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ هَذَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَوْحٌ تَحَدَّثَ مَعَ عِمْرَانَ، وَأَخْبَرَهُ بِالشِّعْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَنْشَدَهُ عِمْرَانُ بَقِيَّتَهُ، فَلَمَّا أَتَى عَبْدَ الْمَلِكِ قَالَ: إِنَّ فِي ضِيَافَتِي رَجُلا مَا سَمِعْتُ مِنْكَ حَدِيثًا قَطُّ إِلا حَدَّثَنِي بِهِ وَبِأَحْسَنَ مِنْهُ، وَلَقَدْ أَنْشَدْتُهُ

الْبَارِحَةَ الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَهُمَا عِمْرَانُ فِي ابْنِ ملجم، فأنشدني القصيدة كلها، فقال: صفه لِي، فَوَصَفَهُ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَتَصِفُ صِفَةَ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، اعْرِضْ عَلَيْهِ أَنْ يَلْقَانِي، قَالَ: نَعَمْ. فَانْصَرَفَ رَوْحٌ إِلَى مَنْزِلِهِ وَقَصَّ عَلَى عِمْرَانَ الأَمْرَ، فَهَرَبَ وَأَتَى الْجَزِيرَةَ، ثُمَّ لَحِقَ بِعُمَانَ، فَأَكْرَمُوهُ، فَأَقَامَ بِهَا حَيَاتَهُ. وَوَرَدَ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ كَانَ يَتَمَثَّلُ بِأَبْيَاتِ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ هَذِهِ: أَرَى أَشْقِيَاءَ النَّاسِ لا يَسْأَمُونَهَا ... عَلَى أنَّهُمْ فِيهَا عراةٌ وَجُوَّعُ أَرَاهَا وَإِنْ كَانَتْ تُحَبُّ فَإِنَّهَا ... سَحَابَةُ صيفٍ عَنْ قليلٍ تَقَشَّعُ كركبٍ قَضَوْا حاجاتهم وَتَرحَّلُوا ... طَرِيقُهُمْ بَادِي الْعَلامَةِ مَهْيَعُ تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَثَمَانِينَ. قَالَهُ ابْنُ قَانِعٍ. 114- عِمْرَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عبيد الله -د ت ق- بن عثمان بن كعب التيمي المدني1. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأُمِّهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، وعلي بن أبي طالب. روى عَنْهُ: ابْنَا أَخِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَسَعْدُ بْنُ طَرِيفٍ. وَلَهُ وِفَادَةٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: هُوَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قد انقرض ولده. وقيل: إن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ. 115- عِمْرَانُ بْنُ عِصَامٍ أَبُو عِمَارَةَ الضُّبَعِيُّ2، وَالِدُ أَبِي جَمْرَةَ. مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَمِمَّنْ خَرَجَ عَلَى الْحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَكَانَ صَالِحًا، عَابِدًا، مُقْرِئًا، يَقُصُّ بِالْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَقِيلَ: عن رجلٍ، عن عمران، وهو الصحيح.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 166" والجرح والتعديل "6/ 299" والثقات لابن حبان "5/ 217-218" وتهذيب الكمال "2/ 1058". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 300" والثقات لابن حبان "5/ 221-222" وتهذيب الكمال "2/ 1058" وتهذيب التهذيب "8/ 134-135".

قَالَ الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ: أَدْرَكْتُ عِمْرَانَ بْنَ عِصَامٍ، وَهُوَ إِمَامُ مَسْجِدِ بَنِي ضُبَيْعَةَ، يَؤُمُّهُمْ فِي رَمَضَانَ، وَيَخْتِمُ بِهِمْ فِي كُلِّ ثلاثٍ، ثُمَّ أَمَّهُمْ قَتَادَةُ، فَكَانَ يَخْتِمُ فِي كُلِّ سَبْعٍ. رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَبُو التَّيَّاحِ، وَابْنُهُ أَبُو جَمْرَةَ. وَظَفَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ فَامْتَحَنَهُ، وَقَالَ: أَتَشْهَدُ عَلَى نَفْسِكَ بِالْكُفْرِ؟ قَالَ: مَا كَفَرْتُ بِاللَّهِ مُنْذُ آمَنْتُ بِهِ، فَقَتَلَهُ فِي سَنَةِ ثلاثٍ وثمانين. 116- عمر بن أبي سلمة -ع- عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن مخزوم1، أَبُو حَفْصٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، رَبِيبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لَهُ صحبة ورواية. وَرَوَى عَنْ أُمِّهِ أَيْضًا. وَعَنْهُ: أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ، وَعُرْوَةُ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، وَأَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ عُرْوَةُ: مَوْلِدُهُ بِالْحَبَشَةِ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَعَ النِّسْوَةِ فِي أُطُمِ حَسَّانٍ، فَكَانَ يُطَأْطِئُ لِي مَرَّةً، فَأَنْظُرُ، وَأُطَأْطِئُ لَهُ مَرَّةً فَيَنْظُرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ: كَانَ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ الْجَمَلِ، فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى فَارِسٍ وَعَلَى الْبَحْرَيْنِ. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وثمانين بالمدينة. قُلْتُ: وَكَانَ شَابًّا فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَزَوَّجَ إِذْ ذَاكَ، وَاسْتَفْتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ تَقْبِيلِ زوجته وهو صائم2.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "3/ 263" وتاريخ الطبري "3/ 164" وانظر الجرح والتعديل "6/ 117" وسير أعلام النبلاء "3/ 404". 2 خبر صحيح: انظره في صحيح مسلم "1108".

وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتَيْهِ: دُرَّةَ، وَزَيْنَبَ، وَقَدْ مَاتَ أَبُوهُمْ سَنَةَ ثلاثٍ، فَلَعَلَّ مَوْلِدَ عُمَرَ قَبْلَ عَامِ الْهِجْرَةِ بعامٍ أَوْ عَامَيْنِ. وَقَدْ رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ فِي فَارِعِ حَسَّانٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَمَعَهُمْ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، فَإِنِّي لأَظْلِمُهُ يومئذٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَتَيْنِ فَأَقُولُ لَهُ: تَحْمِلُنِي حَتَّى أَنْظُرَ، فَإِنِّي أَحْمِلُكَ إِذَا نَزَلْتَ، فَإِذَا حَمَلَنِي ثُمَّ سَأَلَنِي أَنْ يَرْكَبَ، قُلْتُ: هَذِهِ الْمَرَّةُ. قُلْتُ: هُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ. 117- عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ الله بن معمر بن عُثْمَانَ، أَبُو حَفْصٍ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ الأَمِيرُ1، أَحَدُ وُجُوهِ قُرَيْشٍ وَأَشْرَافِهَا وَشُجْعَانِهَا الْمَذْكُورِينَ، وَكَانَ جَوَّادًا مُمَدَّحًا. وَلِيَ فُتُوحَاتٍ عَدِيدَةٌ، وَوَلِيَ الْبَصْرَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ. وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ. رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنُ عَوْنٍ. وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَتُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ، وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ فَارِسٍ. قَالَ المدائني: ولد هو، وعمر بن سعد أَبِي وَقَّاصٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَامَ قَتْلِ عُمَرَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْقَحْذَمِيُّ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى الْمُهَلَّبِ فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيرُ أَخْبِرْنَا عَنْ شُجْعَانِ الْعَرَبِ. قَالَ: أَحْمَرُ قُرَيْشٍ، وَابْنُ الْكَلْبِيَّةِ، وَصَاحِبُ النَّعْلِ الدَّيْزَجُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا نَعْرِفُ مِنْ هَؤُلاءِ أَحَدًا، قَالَ: بَلَى، أَمَّا أَحْمَرُ قُرَيْشٍ فَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، وَاللَّهِ مَا جَاءَتْنَا سَرَعَانُ خيلٍ قَطُّ إِلا رَدَّهَا، وَأَمَّا ابْنُ الْكَلْبِيَّةِ فَمُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أُفْرِدَ فِي سَبْعَةٍ، وَجُعِلَ لَهُ الأَمَانُ، فَأَبَى حَتَّى مَاتَ عَلَى بَصِيرَتِهِ. وَأَمَّا صَاحِبُ النَّعْلِ الدَّيْزَجُ فَعَبَّادُ بْنُ الْحُصَيْنِ الْحَبَطِيُّ، وَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِنَا شدةٌ إِلا فَرَّجَهَا، فَقَالَ لَهُ الْفَرَزْدَقُ، وَكَانَ حَاضِرًا: إِنَّا لِلَّهِ، فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خازم قَالَ: إِنَّمَا ذَكَرْنَا الإِنْسَ وَلَمْ نَذْكُرِ الْجِنَّ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 120" وتاريخ الطبري "5/ 318، 357" وسير أعلام النبلاء "4/ 172-173".

وَقَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ قَالَ: بَعَثَ مَعِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَأَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فِي مُسْتَحَمِّهِ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ، فَصَبَبْتُهَا فِيهَا، فَقَالَ: وَصَلَتْهُ رحمٌ لَقَدْ جَاءَتْنَا عَلَى حَاجَةٍ، فَأَتَيْتُ الْقَاسِمَ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: إِنْ كَانَ الْقَاسِمُ ابْنَ عَمِّهِ فَأَنَا ابْنَةُ عَمَّتِهِ فَأَعْطِنِيهَا، فَأَعْطَيْتُهَا. وَذَكَرَ الْحَرْمَازِيّ أَنَّ إِنْسَانًا مِنَ الأَنْصَارِ وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ بِفَارِسٍ، فَوَصَلَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا. وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ اشْتَرَى مَرَّةً جَارِيَةً بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَتَوَجَّعَتْ لفراق سَيِّدِهَا وَقَالَتْ أَبْيَاتًا، وَهِيَ: هَنِيئًا لَكَ الْمَالُ الَّذِي قَدْ أصَبْتَه ... وَلَمْ يَبْقَ فِي كَفَّيَّ إِلا تَفَكُّرِي أَقُولُ لِنَفْسِي وَهِيَ فِي كَرْبٍ غشيةٍ ... أَقِلِّي فَقَدْ بَانَ الْخَلِيطُ أَوْ أَكْثِرِي إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الأَمْرِ عِنْدَكِ حيلةٌ ... وَلَمْ تَجِدِي بُدًّا مِنَ الصَّبْرِ فَاصْبِرِي فَقَالَ مَوْلاهَا: وَلَوْلا قُعُودُ الدَّهْرِ بِي عَنْكِ لَمْ يَكُنْ ... يُفَرِّقُنَا شيءٌ سِوَى الْمَوْتِ فَاعْذُرِي أَأُوُبُ بحزنٍ مِنْ فِرَاقِكِ موجعٌ ... أُنَاجِي بِهِ قَلْبًا طَوِيلَ التَّذَكُّرِ عَلَيْكِ سلامٌ لا زِيَارَةَ بَيْنَنَا ... وَلا وصلٌ إِلا أَنْ يَشَاءَ ابْنُ مَعْمَرِ فَقَالَ: خُذْهَا وَثَمَنَهَا. وَقَالَ مُسْلِمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ زَائِرًا لابْنِ أَبِي بَكْرَةَ بِسِجِسْتَانَ، فَأَقَامَ أَشْهُرًا لا يَصِلُهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنِّي اشْتَقْتُ إِلَى الأَهْلِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: سَوْءَةٌ مِنْ أَبِي حَفْصٍ أَغْفَلْنَاهُ، كَمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ، قَالُوا: أَلْفَ أَلْفٍ وَسَبْعَمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ: احْمِلُوهَا إِلَيْهِ، فحملت إليه. رواها الْمَدَائِنِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ مُسْلِمَةَ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ.

118- عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ الْهَاشِمِيُّ1. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَوَفَدَ عَلَى الْوَلِيدِ لِيَوَلِّيَهُ صَدَقَةَ أَبِيهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ: وُلِدْتُ لِأَبِي بَعْدَمَا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غلامٌ، فَقَالَ: هِبْهُ لِي. قَالَ: هُوَ لَكَ. قَالَ: قَدْ سَمَّيْتُهُ عُمَرَ وَنَحَلْتُهُ غُلامِي مُوَرِّقًا. قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَلَقِيتُ عِيسَى فَحَدَّثَنِي بِذَلِكَ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرُ، وَرُقَيَّةُ ابْنَا عَلِيٍّ تَوْءَمٌ أُمُّهُمَا الصَّهْبَاءُ التَّغْلِبِيَّةُ مِنْ سَبْيِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَيَّامَ الرِّدَّةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. وَذَكَرَ مُصْعَبٌ: أَنَّ الْوَلِيدَ لَمْ يُعْطِهِ صَدَقَةَ عَلِيٍّ، وَكَانَ عَلَيْهَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَقَالَ: لا أُدْخِلُ عَلَى بَنِي فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- غيرهم، فانصرف غضبان ولك يَقْبَلْ مِنْهُ صِلَةً. وَقِيلَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَلِيٍّ قُتِلَ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَيَّامَ الْمُخْتَارِ. قُلْتُ: فَلَعَلَّهُ أَخُوهُ وَسَمِيُّهُ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ أَنَّ الَّذِي قُتِلَ مَعَ مُصْعَبٍ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. 119- عمرو بن حريث2 -ع- المخزومي بن عمرو بن عثمان المخزومي، أَخُو سَعِيدٍ. وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَكَنَ الْكُوفَةَ. روى عنه: ابنه جعفر، والحسن العرني، ومغيرة بن سبيع، والوليد بن سريع، وعبد الملك بن عمير، وإسماعيل ابن أبي خالد.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 117" والجرح والتعديل "6/ 124" والثقات لابن حبان "5/ 146" وتهذيب الكمال "2/ 102". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 23" والجرح والتعديل "6/ 226" وتهذيب الكمال "2/ 1028" وسير أعلام النبلاء "3/ 417-419".

وآخر من رآه خلف بن خليفة، شيخ الحسن بن عرفة، فابن عرفة من أتباع التابعين. توفي عمرو سنة خمسٍ وثمانين. 120- عمرو بن سلمة -خ د ن- أَبُو بُرَيْدٍ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ1. وَقِيلَ: أَبُو يَزِيدَ، الَّذِي كَانَ يُصَلِّي بِقَوْمِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم- وَيُقَالُ: هُوَ لَهُ وِفَادَةٌ مَعَ أَبِيهِ وصحبةٌ مَا. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَثَمَانِينَ، وَهُوَ أَقْدَمُ شَيْخٍ لِأَيُّوبَ. وَرَّخَ موته أَحْمَدُ بن حنبل. 121- عمرو بن سلمة -بخ- الهمداني الكوفي2 سَمِعَ: عَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَحَضَرَ النَّهْرَوَانَ مَعَ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَدُفِنَ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ فِي يومٍ وَاحِدٍ. قُلْتُ: وَأَبُوهُ بِكَسْرِ اللامِ كَالْجَرْمِيِّ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ. 122- وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ -بِالْفَتْحِ- فَشَيْخٌ مَجْهُولٌ لِلْوَاقِدِيِّ3. وَلَهُ شَيْخٌ آخَرُ قَزْوِينِيٌّ. يَرْوِي عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 235" والثقات لابن حبان "3/ 278" وتهذيب الكمال "2/ 1035" وتقريب التهذيب "2/ 71". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 171" والجرح والتعديل "6/ 235" والثقات لابن حبان "5/ 172" وتهذيب الكمال "2/ 1035". 3 ومن ثم فالواقدي متروك.

123- عمرو بن عثمان بن عفان -ع- الأموي1، أخ أَبَانَ، وَسَعِيدٍ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأُسَامَةَ بْنِ يزيد. وعنه: علي بن الحسين، وسعيد بن المسيب، وأبو الزناد، وابنه عبد الله بن عمرو. له حديث: "لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ" 2 فِي الكتب الستة. 214- عنترة بن عبد الرحمن -ن- أبو وكيع الشيباني3. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ، أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ. "حرف الْفَاءِ": 125- فَرُّوخُ بْنُ النُّعْمَانِ أَبُو عَيَّاشٍ الْمَعَافِرِيُّ. عَنْ: عَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَغَيْرِهِمْ. حَدَّثَ بِمِصْرَ. رَوَى عَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَبَكْرُ بْنُ سَوَّادٍ، وَخَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ. ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ. "حرف الْقَافِ": 126- قبيصة بن ذؤيب -ع- أبو سعيد الخزاعي المدني، الفقيه4.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 150-151" والجرح والتعديل "6/ 248" والثقات لابن حبان "5/ 168" وتهذيب الكمال "2/ 1044". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "8/ 11" وأبو داود "2909" والترمذي "2190" وابن ماجه "2729" وأحمد "2/ 200-208". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 35" والثقات للعجلي "376" وتهذيب الكمال "2/ 1064" وتهذيب التهذيب "8/ 162-163". 4 انظر طبقات ابن سعد "5/ 176، 7/ 447" والجرح والتعديل "7/ 125" وتاريخ الطبري "2/ 239" وتهذيب الكمال "2/ 119".

يُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ عَامَ الْفَتْحِ، وَأُتِيَ بِهِ النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موت أَبِيهِ لِيَدْعُوَ لَهُ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَبِلالٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ إِسْحَاقَ، وَمَكْحُولٌ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وَالزُّهْرِيُّ، وهارون بن رياب. وَآخَرُونَ. وَكَانَ عَلَى الْخَاتَمِ وَالْبَرِيدِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَسَكَنَ دِمَشْقَ، وَأُصِيبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَلَهُ دارٌ بِبَابِ الْبَرِيدِ. وَكَنَّاهُ ابْنُ سَعْدٍ: أَبَا إِسْحَاقَ، وَقَالَ: شَهِدَ أَبُوهُ ذُؤَيْبُ بْنُ حَلْحَلَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْفَتْحَ، وَكَانَ يَسْكُنُ قُدَيْدًا1، وَكَانَ قَبِيصَةُ آثَرَ النَّاسَ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ عَلَى الْخَاتَمِ وَالْبَرِيدِ، فَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ إِذَا وَرَدَتْ، ثُمَّ يَدْخُلُ بِهَا عَلَى الْخَلِيفَةِ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَمِعَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ رَابِعُ أربعةٍ فِي الْفِقْهِ وَالنُّسُكِ، هُوَ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيُّ: ثنا حَفْصُ بْنُ نَبِيهٍ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ كَانَ مُعَلِّمَ كِتَابٍ. وَعَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ قَبِيصَةُ كَاتِبَ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أعلم مِنْ قَبِيصَةَ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ قَبِيصَةُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِقَضَاءِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: كَانَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدَائِنِيِّ وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ، وقيل: سنة سبعٍ أو سنة ثمانٍ.

_ 1 قرية لخزاعة.

127- قدامة بن عبد الله -ت ن ق- بن عمار الكلابي1. لَهُ صُحْبَةٌ، وَرَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْمِي الْجِمَارَ، رَوَاهُ عَنْهُ أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ الْمَكِّيُّ أَحَدُ صِغَارِ التَّابِعِينَ. 128- قَيْسُ بْنُ عَائِذٍ أَبُو كَاهِلٍ الأَحْمَسِيُّ، نَزِيلُ الْكُوفَةِ2. رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب عَلَى ناقةٍ، وَحَبَشِيٌّ ممسكٌ بِخِطَامِهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْهُ. 129- قَيْسُ بْنُ عباد سوى3 -ق- أبو عبد الله القيسي الضبعي البصري، رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وأبي ذر، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو مِجْلَزٍ لاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو نَضْرَةَ الْمُنْذِرُ بْنُ مَالِكٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ كَثِيرَ الْعِبَادَةِ وَالْغَزْوِ، وَلَكِنَّهُ شِيعِيٌّ، وَقَدْ رَحَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَصَلَّى مَعَ عُمَرَ. وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ قَيْسَ بْنَ عَبَّادٍ وَفَدَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَكَسَاهُ رِيطَةً مِنْ رِيَاطِ مِصْرَ، فَرَأَيْتُهَا عَلَيْهِ قَدْ شَقَّ عَلَمَهَا. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يونس المؤدب: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ النَّضْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ: أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ فرسٌ عَرَبِيَّةٌ، كُلَّمَا نَتَجَتْ مُهْرًا حَمَلَ عَلَيْهِ؟ إِذَا أُدْرِكَ؟ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى بِهِمُ الْغَدَاةَ لَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى يَرَى السَّقَّائِينَ قَدْ مَرُّوا بِالْمَاءِ، مَخَافَةَ أَنْ يَصِيرَ أُجَاجًا أَوْ يَصِيرَ غَوْرًا، أَوْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَطْلَعِهَا، مَخَافَةَ أن تطلع من مغربها.

_ 1 انظر المغازي للواقدي "1107" والجرح والتعديل "7/ 127" والثقات لابن حبان "3/ 344" وتهذيب الكمال "2/ 1125". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 102" والثقات لابن حبان "3/ 342" وتهذيب الكمال "3/ 1639" والاستيعاب "4/ 164". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 131" والجرح والتعديل "7/ 101" والثقات لابن حبان "5/ 308-309" وتهذيب الكمال "2/ 1137".

وَعَنْ أَبِي مِخْنَفٍ قَالَ: عَاشَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ حَتَّى قَاتَلَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَبَلَغَ الْحَجَّاجَ فَعَائِلُهُ، وَأَنَّهُ يَلْعَنُ عُثْمَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ. قُلْتُ: ابْنُ مِخْنَفٍ واهٍ. 130- قَيْصَرُ الدِّمَشْقِيُّ1. عَنِ ابن عُمَر. وَعَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَيزيْدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. "حرف الْكَافِ": 131- كثير بن العباس2 -م د ن- بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ الْهَاشِمِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَأَخِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ إِنَّهُ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَى عَنْهُ: الأَعْرَجُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الأَصْبَغِ مَوْلَى بَنِي سُلَيْمٍ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ فَقِيهًا فَاضِلا لا عَقِبَ لَهُ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَ يَسْكُنُ بقريةٍ عَلَى فراسخ من المدينة. وَوَرَدَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 132- كُلَيْبُ بْنُ شِهَابِ -4- بْنِ الْمَجْنُونِ الْجَرْمِيُّ الْكُوفِيُّ3. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى الأشعري، وأبي هريرة، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَاصِمٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مهاجر. ووثقه أبو زرعة، وغيره.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 148" والثقات لابن حبان "5/ 325". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 153-154" والثقات لابن حبان "5/ 329" وتاريخ الطبري "3/ 75" وأسد الغابة "3/ 5". 3 انظر الطبقات لابن سعد "9/ 123" والجرح والتعديل "7/ 167" والثقات لابن حبان "3/ 337" وتهذيب الكمال "3/ 1149".

133- كميل بن زياد بن نهيك بن هيثم النخعي الصهباني الكوفي1. حدث عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ ذَرِيحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الصَّهْبَانِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَالأَعْمَشُ. وَقَدِمَ دِمَشْقَ زَمَنَ عُثْمَانَ، وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا ثِقَةً عَابِدًا عَلَى تَشَيُّعِهِ، قَلِيلَ الْحَدِيثِ، قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ. قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: وَفِي الْكُوفَةِ مِنَ الْعُبَّادِ: أُوَيْسٌ، وَعَمْرُو بْنُ عَنْبَسَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، وَهَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمِعْضَدٌ الشَّيْبَانِيُّ، وَجُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَكُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: كُمَيْلٌ رَافِضِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ حَسَّانٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: مَنَعَ الْحَجَّاجُ النَّخَعَ أَعْطِيَاتِهُمْ حَتَّى يَأْتُوهُ بِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ كُمَيْلٌ أَقْبَلَ عَلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: أَبْلِغُونِي الْحَجَّاجَ فَأَبْلَغُوهُ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: يَا أَهْلَ الشَّامِ، هَذَا كُمَيْلٌ الَّذِي قَالَ لِعُثْمَانَ أَقِدْنِي مِنْ نَفْسِكَ، فَقَالَ كُمَيْلٌ: فَعَرَفَ حَقِّي، فَقُلْتُ: أَمَّا إِذْ أَقَدْتَنِي فَهُوَ لَكَ هِبَةٌ، فَمَنْ كَانَ أَحْسَنَ قَوْلا أَنَا أَوْ هُوَ، فَذَكَرَ الْحَجَّاجُ عَلِيًّا، فَصَلَّى عَلَيْهِ كُمَيْلٌ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: وَاللَّهِ لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكَ إِنْسَانًا أَشَدَّ بُغْضًا لِعَلِيٍّ مِنْ حُبِّكَ لَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ ابْنَ أَدْهَمَ الْحِمْصِيَّ فَضَرَبَ عُنُقَهُ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: مَاتَ كُمَيْلٌ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ، وَهُوَ ابْنُ تِسْعِينَ سَنَةً. أَنْبَأَ رُبَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ، أَنْبَأَ مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أنبأ ابن فادشاه، ثنا الطَّبَرَانِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ألا أدلك

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 179" والجرح والتعديل "7/ 174" والثقات لابن حبان "5/ 341" وتهذيب الكمال "3/ 1150".

عَلَى كنزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ"؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: "لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، وَلا مَنْجَى مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ" 1. "حَرْفُ الميم": 134- محمد بن أسامة بن زيد -ت- بن حارثة الكلبي، ابْنُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. مَدَنِيٌّ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَيَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ. 135- مُحَمَّدُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ البكير بْنِ عَبْدِ يَالِيلَ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ، مِنْ أَوْلادِ الْبَدْرِيِّينَ3. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه، أبو سلمة بن عبد الرحمن، ونافع، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. 136- محمد بن حاطب4 ورخه أبو نعيم في سنة ستٍ وثمانين. وقد مر في الطبقة الماضية.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 162" ومسلم "2704" وأبو داود "1526" والترمذي "3528" وابن ماجه "3824" وأحمد "2/ 298". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 246" والجرح والتعديل "7/ 205" والثقات لابن حبان "5/ 353" وتهذيب الكمال "3/ 1166". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 205" والثقات لابن حبان "5/ 379" وتهذيب الكمال "3/ 1176" وتهذيب التهذيب "9/ 68". 4 انظر الجرح والتعديل "7/ 224" وتهذيب الكمال "3/ 1182" وسير أعلام النبلاء "3/ 435-436" وأسد الغابة "4/ 314-315".

137- محمد بن سعد1 -سوى د- بن أبي وقاص، أبو القاسم الزهري. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُثْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، وَإِسْمَاعِيلُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خُلْدٍ، وَجَمَاعَةٌ. لَهُ أَحَادِيثُ عَدِيدَةٌ، وَأُسِرَ يَوْمَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ، فَقَتَلَهُ الْحَجَّاجُ. 138- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب -ع- أبو القاسم الهاشمي2، ابن الحنفية، وَاسْمُهَا خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرٍ مِنْ سَبْيِ الْيَمَامَةِ، وَهِيَ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ. وُلِدَ فِي صَدْرِ خِلافَةِ عُمَرَ، وَرَأَى عُمَرَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُثْمَانَ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ الْحَسَنُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُمَرُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَعَوْنٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَعَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: صَرَعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ مَرْوَانَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ، فَلَمَّا وَفَدَ عَلَى ابْنِهِ ذَكَّرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: عفواُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُكَافِئَكَ بِهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: سَمَّتْهُ الشِّيعَةُ الْمَهْدِيَّ، فَأَخْبَرَنِي عَمِّي قَالَ: قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ: هُوَ الْمَهْدِيُّ أَخْبَرَنَاهُ كعبٌ ... أَخُو الأَحْبَارِ فِي الحقب الخوالي3 فقيل لكثير: ولقيت كعبًا؟ قال: قلته بالوهم.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 167، 6/ 221" والجرح والتعديل "7/ 261" وتاريخ الطبري "4/ 211" والثقات لابن حبان "5/ 354" وتهذيب الكمال "3/ 1201". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 91-116" والجرح والتعديل "8/ 26" وتاريخ الطبري "10/ 396" وسير أعلام النبلاء "4/ 110-129". 3 انظر الأغاني "9/ 16".

وَقَالَ أَيْضًا: أَلا إِنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ قريشٍ ... وُلاةَ الْحَقِّ أَرْبَعَةٌ سَوَاءُ عَلِيُّ وَالثَّلاثَةُ مِنْ بَنِيهِ ... هُمُ الْأَسْبَاطُ لَيْسَ بِهِمْ خَفَاءُ فسبطٌ سِبْطُ إِيمَانٍ وَبِرٍّ ... وسبطٌ غَيَّبَتْهُ كَرْبَلاءُ وسبطٌ لا تَرَاهُ الْعَيْنُ حَتَّى ... يَقُودَ الْخَيْلَ يَقْدُمُهَا لِوَاءُ تَغَيَّبَ لا يُرَى عَنْهُمْ زَمَانًا ... بِرَضْوَى عِنْدَهُ عسلٌ وَمَاءُ1 قَالَ الزُّبَيْرُ: وَكَانَتْ شِيعَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ. وَفِيهِ يَقُولُ السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ: أَلا قُلْ لِلْوَصِيِّ فَدَتْكَ نَفْسِي ... أَطَلْتَ بِذَلِكَ الْجَبَلِ الْمُقَامَا أَضَرَّ بمعشرٍ وَالَوْكَ مِنَّا ... وَسَمَّوْكَ الْخَلِيفَةَ وَالإِمَامَا وَعَادَوْا فِيكَ أَهْلَ الأَرْضِ طُرًّا ... مُقَامُكَ عَنْهُمْ سِتِّينَ عَامَا وَمَا ذَاقَ ابْنُ خَوْلةَ طَعْمَ موتٍ ... وَلا وَارَتْ لَهُ أرضٌ عِظَامَا لَقَدْ أَمْسَى بِمُورِقِ شِعْبِ رضوى ... تُرَاجِعُهُ الْمَلائِكَةُ الْكَلامَا وَإِنَّ لَهُ بِهِ لَمَقِيلَ صدقٍ ... وَأَنْدِيَةً تُحَدِّثُهُ كِرَامَا هَدَانَا اللَّهُ إِذْ حُزْتُمْ لأمرٍ ... بِهِ وَعَلَيْهِ نلتمس التمام تَمَامَ مَوَدَّةِ الْمَهْدِيِّ حَتَّى ... تَرَوْا رَايَاتِنَا تَتْرَى نِظَامَا وَقَالَ السَّيِّدُ أَيْضًا: يَا شِعْبَ رَضْوَى مَا لِمَنْ بِكَ لا يُرَى ... وَبِنَا إِلَيْهِ مِنَ الصَّبَابَةِ أَوْلَقُ حَتَّى مَتَى؟ وَإِلَى مَتَى؟ وكم المدى ... يابن الْوَصِيِّ وَأَنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَوْلِدُهُ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: رَأَيْتُ أُمَّ مُحَمَّدِ بن الحنفية سنديةً سوداء، وكانت

_ 1 انظر الأبيات في الأغاني "9/ 14-15" والبداية والنهاية "9/ 38".

أَمَةٌ لِبَنِي حُنَيْفَةَ، وَلَمْ تَكُنْ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى الرَّقِيقِ، وَلَمْ يُصَالِحْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. وَقَالَ فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: كَانَتْ رخصةً لعلي -رضي الله عنهم- قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ وُلِدَ لِي بعدك ولدٌ أسميه باسمك، وأكنه بِكُنْيَتِكَ؟ قَالَ: "نَعَمْ" 1. قُلْتُ: وَكَانَ يُكْنَى أَيْضًا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ: ثنا سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ، فَقُلْتُ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. وَذَكَرَ النَّسَائِيُّ الْكُنْيَتَيْنِ. وَعَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، بإسنادٍ صحيحٍ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، لَكِنَّ ابْنَ حُمَيْدٍ ضَعِيفٌ. وَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، سَمِع ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: دَخَلَ عُمَرُ وَأَنَا عِنْدَ أُخْتِي أُمِّ كُلْثُومٍ، فَضَمَّنِي وَقَالَ: أَلْطِفِيهِ بِالْحَلْوَاءِ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ: جِئْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مَكْحُولٌ مَخْضُوبٌ بِحُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. وَقَالَ سَالِمُ بن أبي حفصة، عن منذر، عن ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: حسن وَحسين خَيْرٌ مِنِّي، وَلَقَدْ عَلِمَا أَنَّهُ كَانَ يَسْتَخْلِينِي دُونَهُمَا، وَأَنِّي صَاحِبُ الْبَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ رَجُلٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: مَا بَالُ أَبِيكَ كَانَ يَرْمِي بِكَ فِي مرامٍ لا يَرْمِي فِيهَا الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُمَا كَانَا خَدَّيْهِ، وَكُنْتُ يَدَهُ، فَكَانَ يَتَوَقَّى بِيَدِهِ عَنْ خَدَّيْهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ خَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ، وَأَقَامَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ حَتَّى سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشِ مسرفٍ أَيَّامَ الْحَرَّةِ، فَرَحَلَ إِلَى مَكَّةَ، فَقَعَدَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ دَعَاهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى بَيْعَتِهِ، فَأَبَيَا حَتَّى تَجْتَمِعَ لَهُ الْبِلادُ، فَكَاشَرَهُمَا، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ، وَغَلُظَ الأَمْرُ حَتَّى خَافَاهُ، وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَةُ، فَأَسَاءَ جِوَارَهُمْ وَحَصَرَهُمْ، وَأَظْهَرَ شَتْمَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَمَرَهُمْ وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يلزموا

_ 1 حديث: أخرجه أبو داود "4967" والترمذي "2846".

شِعْبَهُمْ بِمَكَّةَ، وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ، وَقَالَ فِيمَا قَالَ: وَاللَّهِ لَتُبَايِعُنَّ أَوْ لأَحْرِقَنَّكُمْ بِالنَّارِ، فَخَافُوا. قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَرَأَيْتُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ مَحْبُوسًا بِزَمْزَمَ، فَقُلْتُ: لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ، فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ: مَا لَكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: دَعَانِي إِلَى الْبَيْعَةِ. فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ، فَأَنَا كَأَحَدِهِمْ. فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا، فاذهب، فأقريء ابْنَ عباسٍ السَّلامَ وَقُلْ: مَا تَرَى؟ فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ ذَاهِبُ الْبَصَرِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ: رُبَّ أنصاريٍ هُوَ أَشَدُّ عَلَيْنَا مِنْ عَدُوِّنَا، فَقُلْتُ: لا تَخَفْ، أَنَا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ، وَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: قُلْ لَهُ لا تُطِعْهُ وَلا نُعْمَةَ عينٍ، إِلا مَا قُلْتَ، وَلا تَزِدْهُ عَلَيْهِ، فَأَبْلَغْتُهُ، فَهَمَّ أَنْ يَقْدَمَ الْكُوفَةَ؛ وَبَلَغَ ذَلِكَ المختار ابن أَبِي عُبَيْدٍ، فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُومُهُ. قُلْتُ: وَقَدْ كان يدعو إليه قال: إِنَّ فِي الْمَهْدِيِّ عَلامَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُمْ هَذَا، فَيَضْرِبُهُ رجلٌ فِي السُّوقِ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ لا تَضُرُّهُ وَلا تَحِيكُ فِيهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ، فَأَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيعَتِكَ بِالْكُوفَةِ فَأَعْلَمْتُهُمْ مَا أَنْتُمْ فِيهِ، فَبَعَثَ أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ إِلَى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ، فَقَدِم عَلَيْهِمْ وَقَالَ: إِنَّا لا نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاءِ، وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ، فَجَهَّزَ الْمُخْتَارُ بَعْثًا إِلَى مَكَّةَ، فَانْتَدَبَ مِنْهُ أَرْبَعَةَ آلافٍ، فَعَقَدَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ لَهُ: سِرْ، فَإِنْ وَجَدْتَ بَنِي هَاشِمٍ فِي الْحَيَاةِ فَكُنْ لَهُمْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَضُدًا، وَانْفُذْ لِمَا أَمَرُوكَ بِهِ، وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُمْ، فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ لا تَدَعْ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ شَعْرًا وَلا ظُفْرًا. وَقَالَ: يَا شُرْطَةَ اللَّهِ، لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهَذَا الْمَسِيرِ، وَلَكُمْ بِهَذَا الْوَجْهِ عَشْرُ حججٍ وَعَشْرُ عُمَرٍ. فَسَارُوا حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ، فَجَاءَ الْمُسْتَغِيثُ: أَعْجِلُوا، فَمَا أَرَاكُمْ تُدْرِكُونَهُمْ، فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ ثَمَانِمِائَةٍ، عَلَيْهِمْ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، فَأَسْرَعُوا حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ، فَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَانْطَلَقَ هابًا، وَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللَّهِ. قَالَ عَطِيَّةُ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَصْحَابِهِمَا فِي دورٍ وَقَدْ جُمِعَ لَهُمُ الْحَطَبُ، فَأُحِيطَ بِهِمُ الْحَطَبُ حَتَّى بَلَغَ رُءُوسَ الْجُدُرِ، لَوْ أَنَّ نَارًا تَقَعُ فِيهِ مَا رُؤِيَ مِنْهُمْ أحدٌ، فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ، فَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَكُنَّا صَفَّيْنِ نَحْنُ وهم

في المسجد نهارنا، ولا نَنْصَرِفُ إِلا إِلَى الصَّلاةِ حَتَّى أَصْبَحْنَا، وَقَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ فِي الْجَيْشِ، فَقُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: ذَرُونَا نُرِحِ النَّاسَ مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالا: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ مَا أَحَلَّهُ لأحدٍ إِلا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاعَةً، فَامْنَعُونَا وَأَجِيرُونَا، قَالَ: فتحملوا، وإن مناديًا لينادي فِي الْجَبَلِ، مَا غَنِمَتْ سريةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ، إِنَّ السَّرِيَّةَ إِنَّمَا تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءَنَا، فَخَرَجُوا بِهِمْ حَتَّى أَنْزَلُوهُمْ مِنِّي، ثُمَّ انْتَقَلُوا إِلَى الطَّائِفِ وَأَقَامُوا. وَتُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَبَقِينَا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْحَجُّ وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَافَى ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي أَصْحَابِهِ إِلَى عَرَفَةَ، فَوَقَفَ وَوَافَى نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَنَفِيُّ الْحَرُورِيُّ فِي أَصْحَابِهِ، فَوَقَفَ نَاحِيَةً، وَحَجَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَى لواءٍ، فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَقَامَ الْحَجَّ تِلْكَ السَّنَةِ، وَحَجَّ ابن الحنفية في الخشبية1، وهو أَرْبَعَةُ آلافٍ، نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ سَعَى فِي الْهُدْنَةِ وَالْكَفِّ حَتَّى حَجَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ الطَّوَائِفِ الأَرْبَعِ، قَالَ: وَوَقَفْتُ تِلْكَ الْعَشِيَّةِ إِلَى جَنْبِ غبن الْحَنَفِيَّةِ، فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ ادْفَعْ، وَدَفَعْتُ مَعَهُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ2. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: ح، وَنا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: كَانَ الْمُخْتَارُ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ أَشَدَّ شيءٍ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لِأَبِي الْقَاسِمِ -يَعْنِي ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ- ثُمَّ ظَلَمَهُ إِيَّاهُ، وَجَعَلَ يَذْكُرُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَحَالَهُ وَوَرَعَهُ، وَأَنَّهُ يَدْعُو لَهُ، وَأَنَّهُ بَعَثَهُ، وَأَنَّهُ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا، وَكَانَ يَقْرَأُه عَلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ وَيُبَايِعُونَهُ سِرًّا، فَشَكَّ قومٌ وَقَالُوا: أَعْطَيْنَا هَذَا الرَّجُلَ عُهُودَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِمَكَّةَ، لَيْسَ هُوَ مِنَّا بِبَعِيدٍ، فَشَخَصَ مِنْهُمْ قومٌ فَأَعْلَمُوهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ، فَقَالَ: نَحْنُ قومٌ حَيْثُ تَرَوْنَ مَحْبُوسُونَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ، فَاحْذَرُوا الْكَذَّابِينَ، وَانْظُرُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَدِينِكُمْ، فَذَهَبُوا على هذا3.

_ 1 قيل: لأنهم كانوا يحملون عصيًّا من الخشب بدل السيوف. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 103". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 199".

وَجَعَلَ أَمْرُ الْمُخْتَارِ يَكْبُرُ كُلَّ يومٍ وَيَغْلُظُ، وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ فَقَتَلَهُمْ، وَبَعَثَ ابْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَتَلَهُ، وَبَعَثَ الْمُخْتَارُ بِرَأْسِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَدَعَتْ بَنُو هَاشِمٍ لِلْمُخْتَارِ، وَعَظُمَ عِنْدَهُمْ. وَكَانَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يَكْرَهُ أَمْرَهُ، وَلا يُحِبُّ كَثِيرًا ممّا يَأْتِي بِهِ. ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ: لِمُحَمَّدِ بْنِ علي، مِنَ الْمُخْتَارِ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لا حَرَجَ إِلا فِي دَمِ امرئٍ مسلمٍ. فَقُلْتُ لابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: تَطْعَنُ عَلَى أَبِيكَ؟ قَالَ: لَسْتُ أَطْعَنُ عَلَى أَبِي، بَايَعَ أَبِي أُولُو الأَمْرِ، فَنَكَثَ ناكثٌ فَقَاتَلَهُ، وَمَرَقَ مارقٌ فَقَاتَلَهُ، وَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَحْسُدُنِي عَلَى مَكَانِي هَذَا، وَدَّ أَنِي أُلْحَدُ فِي الْحَرَمِ كَمَا أُلْحِدَ. وَقَالَ قَبِيصَةُ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْحَارِثِ الأَزْدِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: رَحِمَ اللَّهُ امْرأً أَغْنَى نَفْسَهُ، وَكَفَّ يَدَهُ، وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ، وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ لَهُ مَا احْتَسَبَ وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ أَلا إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ سُيُوفِ الْمُسْلِمِينَ، أَلا إِنَّ لِأَهْلِ الَحِّق دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَمِنَّا كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّنَامِ الأَعْلَى، وَمَنْ يَمُتْ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خيرٌ وَأَبْقَى. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: ثنا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ: كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ، فَقَالَ: أَجَلْ، أَنَا رجلٌ مَهْدِيٌّ، أَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ وَالْخَيْرِ، اسْمِي مُحَمَّدٌ، فَلْيَقُلْ أَحَدُكُمْ إِذَا سَلَّمَ: سلامٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، أَوْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالُوا: وقتل المختار سنة ثمانٍ وستين، فلما دلت سَنَةَ تسعٍ أَرْسَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَخَاهُ عُرْوَةَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكَ: إِنِّي غَيْرُ تَارِكِكَ أَبَدًا حَتَّى تُبَايِعَنِي، أَوْ أُعِيدُكَ فِي الْحَبْسِ، وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِرَاقَ عَلَيَّ، فَبَايِعْ، وَإِلا فَهِيَ الْحَرْبُ بيني وبينك. فقال: ما أسرع أخاك على قَطْعِ الرَّحِمِ وَالاسْتِخْفَافِ بِالْحَقِّ، وَأَغْفَلَهُ مِنْ تَعْجِيلِ عُقُوبَةِ اللَّهِ، مَا يَشُكُّ أَخُوكَ فِي الْخُلُودِ، وَاللَّهِ مَا بَعَثْتُ الْمُخْتَارَ دَاعِيًا وَلا نَاصِرًا، وَلِلْمُخْتَارُ كَانَ أَشَدَّ انْقِطَاعًا إِلَيْهِ مِنْهُ إِلَيْنَا، فَإِنْ كَانَ كَذَّابًا فَطَالَمَا قَرَّ بِهِ عَلَى كَذِبِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ، وَمَا عِنْدِي خِلَافٌ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي خلاف ما أقمت في جواره،

_ 1 طبقات ابن سعد "5/ 94".

ولخرجت إلى من يدعوني، ولكن ههنا، وَاللَّهِ لِأَخِيكَ قَرْنٌ يَطْلُبُ مِثْلَ مَا يَطْلُبُ أَخُوكَ، كِلاهُمَا يُقَاتِلانِ عَلَى الدُّنْيَا، عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ بِجُيُوشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيكَ، وَإِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ جِوَارَ عَبْدَ الْمَلِكِ خَيْرٌ لِي مِنْ جِوَارِ أَخِيكَ، وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قِبَلِهِ وَيَدْعُونِي إِلَيْهِ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَسْتَخِيرُ اللَّهَ، وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَى صَاحِبِكَ. فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: وَاللَّهِ لَوْ أَطَعْتَنَا لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ، فَقَالَ: وَعَلَى مَاذَا جَاءَ برسالةٍ مِنْ أَخِيهِ، وَلَيْسَ فِي الْغَدْرِ خَيْرٌ، وأنتم تعلمون أن رأيي لو اجتمع الناس علي كلهم إلا إنسانًا واحدًا لَمَا قَاتَلْتُهُ. فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَ أَخَاهُ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تَعْرِضَ لَهُ، دَعْهُ فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ، وَيَغِيِب وَجْهَهُ، فَعَبْدُ الْمَلِكِ أَمَامَهُ لا يَتْرُكُهُ يَحُلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ، وَهُوَ لا يَفْعَلُ أَبَدًا، حَتَّى يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَإِمَّا حَبَسَهُ أَوْ قَتَلَهُ. وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فَسِرْنَا مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ1، بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ بزيادةٍ عَلَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ كَتَبَ لِمُحَمَّدٍ عَهْدًا، عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَصْطَلِحَ النَّاسُ عَلَى رجلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ محمدٌ الشَّامَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي، وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي، وَنَحْنُ يومئذٍ سَبْعَةُ آلافٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ: عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي. فَفَعَلَ، فَقَامَ فَحَمَدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثم قال: فَقَامَ فَحَمَدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَلِيُّ الأُمُورِ كُلِّهَا، وَحَاكِمُهَا، مَا شاء الله كان، وما لم يشأ لم يَكُنْ، كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، عَجِلْتُمْ بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُولِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِي أَصْلابِكُمْ لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ محمدٍ مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلَ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخِرٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَعُودُنَّ فِيهِمْ كَمَا بَدَأَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَقَنَ دِمَاءَكُمْ، وَأَحْرَزَ دِينَكُمْ، مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَأْتِيَ مَأْمَنَهُ إِلَى بَلَدِهِ آمِنًا مَحْفُوظًا فَلْيَفْعَلْ. فَبَقِيَ مَعَهُ تِسْعُمِائَةِ رجلٍ، فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَقَلَّدَ هَدْيًا، فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ ندخل الرحم تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ: لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ، وَرَجَعْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ، دَعْنَا نَدْخُلُ، فَلْنَقْضِ نُسُكَنَا، ثُمَّ نَخْرُجُ عَنْكَ. فَأَبَى، وَمَعَنَا الْبُدْنُ قَدْ قَلَّدْنَاهَا، فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ، وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الْعِرَاقَ، فَلَمَّا سار مضينا فقضينا نسكنا، وقد

_ 1 المعروفة بالعقبة الآن.

رَأَيْتُ الْقَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تُوُفِّيَ1. قُلْتُ: هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ، وَفِيهِ أَنَّهُمْ قَضَوْا نُسُكَهُمْ بَعْدَ عِدَّةَ سِنِينَ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الْحَجَّاجَ لَمَّا قَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ: قَدْ قُتِلَ عَدُوُّ اللَّهِ. فَقَالَ أَبِي: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ. قَالَ: وَاللَّهِ لَأقْتُلَنَّكَ، قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يومٍ ثَلاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ لَحْظَةً، فِي كُلِّ لحظةٍ مِنْهَا ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَضْيَةً، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكْفِينَاكَ فِي قَضْيَةٍ. قَالَ: فَكَتَبَ بِذَلِكَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَتَاهُ كِتَابُهُ فَأَعْجَبَهُ، وَكَتَبَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ كَتَبَ إِلَيْهِ يَتَهَدَّدَهُ، أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً. ثُمَّ كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ عِنْدَهُ خِلًافٌ، وَهُوَ يَأْتِيكَ وَيُبَايِعُكَ فَارْفِقْ بِهِ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَهُ: مَا بَقِيَ شيءٌ، فَبَايَعَ، فَكَتَبَ بِالْبَيْعَةِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وبايع الْحَجَّاجُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ رَأَى على محمد بن الحنفية حبرة تجلل الغزار، وَكَانَ لَهُ بُرْنُسٌ خَزٌّ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ: أَنَّهُ رَأَى مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِعَرَفَةَ وَاقِفًا، عَلَيْهِ مِطْرَفٌ خَزٌّ. وَقَالَ يَعلَى بْنُ عُبَيْدٍ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَرَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ مَخْضُوبُينَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. وَرَوَى إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى: أَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ سُئِلَ عَنِ الْخِضَابِ بِالْوَسْمَةِ، فَقَالَ: هُوَ خِضَابُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثنا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَتَلَوَّى عَلَى فِرَاشِهِ وَيَنْفُخُ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: يَا مَهْدِيُّ مَا يَلْوِيكَ مِنْ أَمْرِ عَدُوِّكَ؟ هَذَا ابْنُ الزُّبَيْرِ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا بِي هَذَا، وَلَكِنْ بِي مَا يُؤْتَى فِي حَرَمِهِ غَدًا، ثُمَّ رفع يديه إلى السماء:

_ 1 انظر الطبقات لابن سعد "5/ 108-109".

فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أَعْلَمُ مما علمتني منها يَخْرُجُ مِنْهَا إِلا قَتِيلا يُطَافُ بِهِ فِي الأَسْوَاقِ. عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ، ثنا عَبْدُ رَبِّهِ أَبُو شِهَابٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ يَتَّخِذُهُمُ النَّاسُ أَنْدَادًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، نَحْنُ، وَبَنُو عَمِّنَا هَؤُلاءِ، يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. وَقَالَ أَبُو زُبَيْدٍ عَنْتَرٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ، نَتَّخِذُ مِنْ دُونِ الله أندادًا، نحن، وبنو عمنا. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْمَدَنِيِّ -وَلَيْسَ بِالأَنْصَارِيِّ- قَالَ: رَأَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لا يَمُوتُ حَتَّى يَمْلُكَ أَمْرَ النَّاسِ، فَأَرْسَلَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: لا يَمْلُكُ وَلا أحدٌ مِنْ وَلَدِهِ، وَإِنَّ هَذَا الْمَلِكَ مِنْ بَنِي أَبِيكَ لَفِي غَيْرِكَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ رِضَا بْنِ أَبِي عُقَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عَلَى بَابِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا غُلامٌ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ، إِنَّ أَبِي يُقْرِئُكُمُ السَّلامَ، وَيَقُولَ لَكُمْ: إِنَّا لا نُحِبُّ اللَّعَّانِينَ وَلا الطَّعَّانِينَ، وَلا نُحِبُّ مُسْتَعْجِلِي الْقَدَرِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ: إِنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمَقَامِ، فَزَجَرَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: إِنَّ زَيْدَ بْنَ السَّائِبِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: أَيْنَ دُفِنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: بِالْبَقِيعِ، قُلْتُ: أَيُّ سَنَةٍ؟ قَالَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْفَلَّاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ. وَهَذَا غَلَطٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدَائِنِيِّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ، وَهَذَا أَفْحَشُ مِمَّا قَبْلِهِ. 139- مَاهَانُ الْحَنَفِيُّ أَبُو سالم الأعور الكوفي1، ويقال له المسبح.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 227" والجرح والتعديل "8/ 434" وتاريخ الطبري "4/ 558" وتهذيب التهذيب "10/ 25".

رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُ. وَعَنْهُ: عَمَّارٌ الدهني، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، وَطَلْحَةُ بْنُ الأَعْلَمِ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ: كَانَ لا يَفْتُرُ مِنَ التَّسْبِيحِ، فَأَخَذَهُ الْحَجَّاجُ وَصَلَبَهُ، وَكَانَ يُسَبِّحُ وَيَعْقِدُ، قَالَ: فَطُعِنَ، وَقَدْ عَقَدَ تِسْعًا وَسِتِّينَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حُنَيْفَةَ: رَأَيْتُ مَاهَانَ الْحَنَفِيُّ حَيْثُ صُلِبَ، فَجَعَلَ يُسَبِّحُ حَتَّى عَقَدَ عَلَى تسعٍ وَعِشْرِينَ، فَطُعِنَ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ شهرٍ عَاقِدًا عَلَيْهَا، وَكُنَّا نُؤْمَرُ بِالْحَرَسِ عَلَى خَشَبَتِهِ، فَنَرَى عِنْدَهُ الضَّوْءَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: قَطَعَ الْحَجَّاجُ أَرْبَعَتَهُ وَصَلَبَهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَتَلَ الْحَجَّاجُ مَاهَانَ أَبَا سَالِمٍ الْحَنَفِيَّ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَاهَانُ أَبُو صَالِحٍ، وَهُوَ وَهْمٌ. قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: قُتِلَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ. 140- مُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ عُطَارِدِ بْنِ حَاجِبٍ1، أَبُو عُمَيْرٍ التَّمِيمِيُّ، الدَّارِمِيُّ، الْكُوفِيُّ. أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ. وَكَانَ سَيِّدَ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَجْوَدَ مُضَرٍ، وَصَاحِبَ رَبْعِ تَمِيمٍ. وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، وَقَدْ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. وَقِيلَ فِيهِ: عَلِمَتْ مَعَدُّ وَالْقَبَائِلُ كُلُّهَا ... أَنَّ الْجَوَّادَ مُحَمَّدُ بْنُ عُطَارِدِ 141- مرثد بن عبد الله -ع- أبو الخير اليزني المصري2. وَيَزَنُ بطنٌ مِنْ حِمْيَرَ. رَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ ثابت، وعمرو

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 40" والثقات لابن حبان "5/ 361" وتاريخ الطبري "5/ 270، 353" والإصابة "3/ 516-517". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 517" والجرح والتعديل "8/ 299" والثقات لابن حبان "5/ 439" وتهذيب الكمال "3/ 1314".

ابن الْعَاصِ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو، وجماعة. وكان يلزم عقبة. روى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُمَاسَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وعبيد الله بن أبي جعفر، وعياش ابن عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ الْأَعْلامِ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ فِي أَيَّامِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ، يَعْنِي أَمِيرَ مِصْرَ، يُحْضِرُهُ مَجْلِسَهُ لِلْفُتْيَا، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعين. 142- مرة الطيب1 -ع- ويلقب أيضًا مرة الخير، لِعِبَادَتِهِ وَخَيْرِهِ، وَهُوَ ابْنُ شَرَاحِيلَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ. مُخَضْرَمٌ كَبِيرُ الْقَدْرِ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وعمر، وَأَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. روى عَنْهُ: أَسْلَمُ الْكُوفِيُّ، وَزُبَيْدٌ الْيَامِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وثقه يحيى بن معين. ابن عيينة: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ يَقُولُ: رَأَيْتُ مُصَلَّى مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ مِثْلَ مَبْرَكِ الْبَعِيرِ. وَقَالَ عَطَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ: كَانَ مُرَّةُ يُصَلِّي كُلَّ يومٍ سِتَّمِائَةِ رَكْعَةٍ. وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ سَجَدَ حَتَّى أَكَلَ التُّرَابُ جَبْهَتَهُ. 143- الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ الأَحْنَفِ الْكُوفِيُّ2 -م4- عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وصِلة بْنِ زفر.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 116-117" والجرح والتعديل "8/ 366" والثقات لابن حبان "5/ 446" وتهذيب الكمال "3/ 1315". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 195" والجرح والتعديل "8/ 365" والثقات لابن حبان "5/ 451" وتهذيب الكمال "3/ 1319".

رَوَى عَنْهُ: سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَأَبُو حُصَيْنٍ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ. 144- مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ الربيع -م4- أبو هارون الأنصاري، الزرقي، الْمَدَنِيُّ1. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ عِيسَى، وَإِسْمَاعِيلُ، وَقَيْسٌ، وَيُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَالزُّهْريُّ، وَأَبُو الزِّنَادِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ سَرِيًّا مُثْرِيًا ثِقَةً. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ. 145- مُعَاذَةُ بنت عبد الله -ع- أم الصهباء العدوية، العابدة البصرية2. رَوَتْ عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ، وَهِشَامِ بْنِ عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ. رَوَى عَنْهَا: أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَيَزِيدُ الرِّشْكُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَأَيُّوبُ، وَعُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَآخَرُونَ. وَوَثَّقَهَا ابْنُ مَعِينٍ. وَبَلَغَنا أَنَّهَا كَانَتْ تُحْيِي اللَّيْلَ وَتَقُولُ: عَجِبْتُ لعينٍ تَنَامُ وَقَدْ عَلِمَتْ طُولَ الرُّقَادِ فِي ظُلَمِ الْقُبُورِ. وَلَمَّا قُتِلَ زَوْجُهَا صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ وَابْنُهَا فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ، اجْتَمَعَ النِّسَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَتْ: مَرْحَبًا بِكُنَّ إِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِتُهَنِّئْنَنِي، وَإِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَارْجِعْنَ. وَكَانَتْ تَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ الْبَقَاءَ إِلا لِأَتَقَرَّبَ إِلَى رَبِّي بِالْوَسَائِلِ، لَعَلَّهُ يَجْمَعُ بَيْنِي وبين أبي الصهباء وولده في الجنة.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 73-74" والثقات لابن حبان "5/ 440" وتهذيب الكمال "3/ 1322" وتقريب التهذيب "2/ 243". 2 انظر طبقات ابن سعد "8/ 483" وتاريخ الطبري "5/ 473" والثقات لابن حبان "5/ 466" وتهذيب الكمال "3/ 1698".

وَرَّخَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي سَنَةِ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ. 146- مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ1 -خ م د ت- أَخُو مُحَمَّدٍ، وَمَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ أَقْدَمُ إِخْوَتِهِ مَوْلِدًا وَوَفَاةً. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. رَوَى عَنْهُ: أَخَوَانِ مُحَمَّدٌ، وَأَنَسٌ. 147- مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ الْبَصْرِيُّ -ق- أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْقَدَرِ2. روى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَحُمْرَانَ بْنِ أَبَانٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَزَيْدُ بْنُ رَفِيعٍ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، وَعَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ فِي الْحَدِيثِ. قُلْتُ: هُوَ مَعْبَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُوَيْمِرٍ، وَيُقَالُ: مَعْبَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عكيم، وَلَدَ الَّذِي رَوَى: "لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بإهابٍ وَلا عَصَبٍ" 3. وَقِيلَ: هُوَ مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ. وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ بِالْبَصْرَةِ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَحْمَدَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: اجْتَمَعَتِ الْقُرَّاءُ إِلَى مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ دَوْمَةَ الْجَنْدَلِ مَوْضِعَ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالُوا لَهُ: قَدْ طَالَ أَمْرُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَلَوْ لَقِيتَهُمَا فَسَأَلْتَهُمَا عَنْ بَعْضِ أَمْرِهِمَا، فَقَالَ: لا تُعَرِّضُونِي لأمرٍ أَنَا لَهُ كارهٌ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، كَأَنَّ قُلُوبَهُمْ أُقْفِلَتْ بِأَقْفَالِ الْحَدِيدِ، وَأَنَا صَايِرٌ إِلَى مَا سَأَلْتُمْ، قَالَ مَعْبَدٌ:

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 206" والجرح والتعديل "8/ 280" والثقات لابن حبان "5/ 432" وتهذيب الكمال "3/ 1349". 2 انظر طبقات ابن سعد "4/ 348" والجرح والتعديل "8/ 280" والمجروحين "3/ 35-36" وتهذيب الكمال "31/ 1350" وميزان الاعتدال "4/ 141". 3 تقدم تخريجه.

فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: صحِبْتُ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُنْتَ مِنْ صَالِحِي أَصْحَابِهِ، وَاسْتَعْمَلَكَ، وَقُبِضَ وَهُوَ عَنْكَ راضٍ، وَقَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ هَذِهِ الأَمَّةِ، فَانْظُرْ مَا أَنْتَ صانعٌ، فَقَالَ: يَا مَعْبَدُ غَدًا نَدْعُو النَّاسَ إِلَى رجلٍ لا يَخْتَلِفُ فِيهِ اثْنَانِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَزَلَ صَاحِبَهُ، فَطَمِعْتُ فِي عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُهُ وَهُوَ رَاكِبٌ بَغْلَتَهُ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ، فَأَخَذْتُ بِعَنَانِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّكَ قَدْ صحِبْتُ رَسُولَ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكنت من صَالِحِي أَصْحَابِهِ، قَالَ: بِحَمْدِ اللَّهِ. قُلْتُ: وَاسْتَعْمَلَكَ، وَقُبِضَ رَاضِيًا عَنْكَ. قَالَ: بِمَنِّ اللَّهِ. ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ شَزَرًا، فَقُلْتُ: قَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، فَانْظُرْ مَا أَنْتَ صانعٌ، فَنَزَعَ عَنَانَهُ مِنْ يَدِي، ثُمَّ قَالَ: إِيهًا تَيْسَ جُهَيْنَةَ، مَا أَنْتَ وَهَذَا؟ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ السِّرِّ وَلا الْعَلانِيَةِ، وَاللَّهِ مَا يَنْفَعُكَ الْحَقُّ وَلا يَضُرُّكَ الْبَاطِلُ، فَأَنْشَأَ مَعْبَدُ يَقُولُ: إِنِّي لَقِيتُ أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرَنِي ... بِمَا أَرَدْتُ وَعَمْرُو ضَنَّ بِالْخَبَرِ شَتَّانَ بَيْنَ أَبِي مُوسَى وَصَاحِبِهِ ... عَمْرٍو لَعَمْرِكَ عِنْدَ الْفَضْلِ وَالْخَطَرِ هَذَا لَهُ غفلةٌ أَبْدَتْ سَرِيرَتَهُ ... وَذَاكَ ذُو حذرٍ كَالْحَيَّةِ الذَّكَرِ قَالَ أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ الْجَوْزَجَانِيُّ: كَانَ قَوْمٌ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْقَدَرِ احْتَمَلَ النَّاسُ حَدِيثَهُمْ لِمَا عُرِفُوا مِنَ اجْتِهَادِهِمْ فِي الدِّينِ وَالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، لَمْ يُتَوَهَّمْ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ، وَإِنْ بُلُوا بِسُوءِ رَأْيِهِمْ، فَمِنْهُمْ: قَتَادَةُ، وَمَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، وَهُوَ رَأْسُهُمْ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ فِي الْقَدَرِ رجلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، يُقَالُ لَهُ سَوْسَنَ، كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ تَنَصَّرَ، فَأَخَذَ عَنْهُ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، وَأَخَذَ غَيْلانُ عَنْ مَعْبَدٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ قَالَ: كُنَّا فِي الْمَسْجِدِ، إِذْ مُرَّ بِمَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ النَّاسُ: إِنَّ هذا لهو البلاء، فسمعت خالد بن معدان يقول: إن الْبَلاءُ كُلُّ الْبَلاءِ إِذَا كَانَتِ الأَئِمَّةُ مِنْهُمْ. وَقَالَ مَرْحُومٌ الْعَطَّارُ: حَدَّثَنِي أَبِي وَعَمِّي قَالا: سَمِعْنَا الْحَسَنَ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَمَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ، فَإِنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ الْحَسَنَ وَهُوَ يَعِيبُ قَوْلَ مَعْبَدٍ، يَقُولُ: هُوَ ضَالٌّ مُضِلٌّ، قَالَ: ثُمَّ تَلَطَّفَ لَهُ مَعْبَدٌ، فَأَلْقَى فِي نَفْسِهِ مَا أَلْقَى.

وَعَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: إِنَّ مَعْبَدًا يَقُولُ بِقَوْلِ النَّصَارَى. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قل لَنَا طَاوُسٌ: احْذَرُوا مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ فَإِنَّهُ كَانَ قَدَرِيًّا. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: لَقِيتُ مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ بِمَكَّةَ بَعْدَ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ وَهُوَ جَرِيحٌ، وَقَدْ قَاتَلَ الْحَجَّاجَ فِي الْمَوَاطِنِ، فَقَالَ: لَقِيتُ الْفُقَهَاءَ وَالنَّاسَ، لَمْ أَرَ مِثْلَ الْحَسَنِ، يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَاهُ، كَأَنَّهُ نادمٌ عَلَى قِتَالِ الْحَجَّاجِ. وَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ الْحَجَّاجُ يُعَذِّبُ مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ بِأَصْنَافِ الْعَذَابِ، وَلا يَجْزَعُ وَلا يَسْتَغِيثُ، قَالَ: فَكَانَ إِذَا تُرِكَ مِنَ الْعَذَابِ يَرَى الذُّبَابَةَ مُقْبِلَةً تَقَعُ عَلَيْهِ، فَيَصِيحُ وَيَضُجُّ، فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا مِنْ عَذَابِ بَنِي آدَمَ، فَأَنَا أَصْبِرُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الذُّبَابُ فَمِنْ عَذَابِ اللَّهِ، فَلَسْتُ أَصْبِرُ عَلَيْهِ، فَقَتَلَهُ. قُلْتُ: وَعَذَابُ بَنِي آدَمَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي سَلَّطَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجَ، وَأَمَّا الْقَدَرِيَّةُ فَلا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ ذَلِكَ وَلا قَدَّرَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ صَلَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ بِدِمَشْقٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ قَبْلَ التِّسْعِينَ. 148- الْمَعْرُورُ بْنُ سُوَيْدٍ1 -ع- أبو أمية الأسدي الكوفي. عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: وَاصِلٌ الأَحْدَبُ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وَالأَعْمَشُ، وَمُغِيرَةُ الْيَشْكُرِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُهُ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، أَسْوَدَ الرَّأْسِ واللحية. 149- المقدام بن معد يكرب2 ابن عمرو -خ4- بن يزيد الكندي، أبو

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 118" والجرح والتعديل "8/ 415-1416" وتاريخ الطبري "3/ 539" وتهذيب الكمال "3/ 1352". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 415" والجرح والتعديل "8/ 302" والثقات لابن حبان "3/ 395" وتهذيب الكمال "3/ 1369".

كريمة عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: أَبُو زَيْدٍ، وَقِيلَ: أَبُو صَالِحٍ، وَيُقَالُ: أَبُو بِشْرٍ، وَيُقَالُ أَبُو يَحْيَى، نَزِيلُ حِمْصَ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ. رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَشُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو عَامِرٍ الْهَوْزَنِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَيَحْيَى ابْنَا جَابِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، وَابْنُهُ يَحْيَى، وَحَفِيدُهُ صَالِحُ بْنُ يَحْيَى. رَوَى أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْكَلاعِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ الْمِقْدَامَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا يَزِيدَ، إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لَمْ تَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ وَأَنَا أَمْشِي مَعَ عَمِّي، فَأَخَذَ بِأُذُنِي هَذِهِ، وَقَالَ لِعَمِّي: أتَرَى هذا، يذكره أَبَاهُ وَأُمَّهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الأَبْرَشُ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْلَحْتَ يَا قُدَيْمُ إِنْ مِتَّ وَلَمْ تَكُنْ أَمِيرًا وَلا جَابِيًا وَلا عَرِّيفًا"1. قَالَ خَلِيفَةُ: وَالْفَلَّاسُ، أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ، زَادَ الْفَلاسُ: وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَبْرُهُ بِحِمْصَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَحَدِيثُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي الْبُيُوعِ2. 150- الْمُهَلَّبُ بن أبي صفرة3 -د ت ن- ظَالِمُ بْنُ سُرَّاقِ بْنِ صُبْحِ بْنِ كِنْدِيِّ بْنِ عَمْرٍو، الأَمِيرُ أَبُو سَعِيدٍ الأَزْدِيُّ الْعَتَكِيُّ، أَحَدُ أَشْرَافِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَوُجُوهِهِمْ، وَفُرْسَانِهِمْ، وَأَبْطَالِهِمْ، ودهاتهم، وأجوادهم.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أبو داود "2933" وأحمد "4/ 133" والبيهقي "6/ 361" وفي إسناده صالح بن يحيى بن المقدام بن معديكرب قال البخاري: فيه نظر وقال الحافظ: لين. 2 انظره في "3/ 22 فتح". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 129" والجرح والتعديل "8/ 369" وتاريخ الطبري "6/ 354" والثقات لابن حبان "5/ 451".

قِيلَ: وُلِدَ عَامَ الْفَتْحِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم، وَغَزَا فِي خِلافَةِ عُمَرَ. قُلْتُ: أَحْسَبُ هَذَا الْكَلامَ فِي حَقِّ أَبِيهِ. وَرَوَى عَنْ: سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَالْبَرَاءِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ سَيْفٍ، وَآخَرُونَ. الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنْ بَيَّتُّمُ اللَّيْلَةَ فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ: حم لا يُنْصَرُونَ" 1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَبُو صُفْرَةَ مِنْ أَزْدَ دَبَاءَ فِيمَا بَيْنَ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ، ارْتَدَّ قَوْمُهُ، فَقَاتَلَهُمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَظَفَرَ بِهِمْ، فَبَعَثَ بِذَرَارِيهِمْ إِلَى الصِّدِّيقِ، فِيهِمْ أَبُو صُفْرَةَ غُلامٌ لَمْ يَبْلُغْ، ثُمَّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ فِي إِمْرَةِ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ الْمُهَلَّبُ يَمُرُّ بِنَا وَنَحْنُ فِي الْكُتَّابِ رجلٌ جَمِيلٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ غَزَا الْمُهَلَّبُ أَرْضَ الْهِنْدِ، وَوَلِيَ الْجَزِيرَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ، وَوَلِيَ حَرْبَ الْخَوَارِجِ كَمَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ وَلِيَ خُرَاسَانَ. وَقَدْ وَرَدَ مِنْ غَيْرِ وجهٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ بَالَغَ فِي إِكْرَامِ الْمُهَلَّبِ لَمَّا رَجَعَ مِنْ حَرْبِ الأَزَارِقَةِ، فَإِنَّهُ بَدَّعَ فِيهِمْ وَأَبَادَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ فِي وقعةٍ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَةَ آلافٍ وَثَمَانِينَ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَمِيرًا قَطُّ أَفْضَلَ مِنَ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، وَلا أَسْخَى، وَلا أَشْجَعَ لِقَاءً، وَلا أَبْعَدَ مِمَّا تَكْرَهُ، وَلا أَقْرَبَ مِمَّا تُحِبُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: كَانَ بِالْبَصْرَةِ أربعةٌ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي زَمَانِهِ لا نَعْلَمُ فِي الأَنْصَارِ مِثْلَهُ: الأَحْنَفُ فِي حِلْمِهِ وَعَفَافِهِ وَمَنْزِلَتِهِ مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَالْحَسَنُ فِي زُهْدِهِ وَفَصَاحَتِهِ وَسَخَائِهِ وَمَحَلِّهِ مِنَ الْقُلُوبِ، وَالْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، فَذَكَرَ أَمْرَهُ، وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي فِي عَفَافِهِ وَتَحَرِّيهِ لِلْحَقِّ. وَعَنِ الْمُهَلَّبِ قَالَ: يُعْجِبُنِي فِي الرَّجُلِ خَصْلَتَانِ: أَنْ أَرَى عَقْلَهُ زَائِدًا عَلَى لِسَانِهِ، وَلا أَرَى لِسَانَهُ زَائِدًا عَلَى عَقْلِهِ.

_ 1 أخرجه أبو داود "2597" وأحمد "4/ 65، 5/ 377" وابن سعد "2/ 1/ 52" والطبري "4/ 174".

وَقَالَ قَتَادَةُ: سَمِعْتُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ -وَكَانَ عَاقِلا- يَقُولُ: نِعْمَ الْخِصْلَةُ السَّخَاءُ تَسُدُّ عَوْرَةَ الشَّرِيفِ، وَتَمْحَقُ خَسِيسَةَ الْوَضِيعِ، وَتُحَبِّبُ الْمَزْهُوَّ. وَقَالَ رَوْحُ بْنُ قَبِيصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: مَا شيءٌ أَبْقَى لِلْمُلْكِ مِنَ الْعَفْوِ، وَخَيْرُ مَنَاقِبِ الْمُلْكِ الْعَفْوُ. قَالَ خَلِيفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ الْمُهَلَّبُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ آخَرُ: تُوُفِّيَ غَازِيًا بِمَرْوِ الرُّوذِ فِي ذِي الْحِجَّةِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ الْمُهَلَّبُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثلاثٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ يَزِيدُ خُرَاسَانَ. 151- مَيْسَرَةُ أَبُو صَالِحٍ الْكُوفِيُّ1 -د ن- شَهِدَ قِتَالَ الْحَرُورِيَّةِ مَعَ عَلِيٍّ، وَسَمِعَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَهِلالُ بْنُ خَبَّابٍ، وعطاء بن السائب. 152- ميسرة الطهوي2 -د ن ق- أبو جميلة الكوفي، صاحب راية عَلِيٍّ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ. وعنه: ابنه عبد الله، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وعطاء بن السائب، وحصين بن عبد الرحمن. 153- ميمون بن أبي شبيب3 -ع- أبو نصر الربعي الكوفي. روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ أبي ثابت، ومنصور بن منصور بن زاذان.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 303" والجرح والتعديل "8/ 252" والثقات لابن حبان "5/ 426" وتهذيب الكمال "3/ 1396". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 224"، والجرح والتعديل "8/ 252" والثقات لابن حبان "5/ 427"، وتهذيب الكمال "3/ 1396". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 234" والثقات لابن حبان "5/ 416-417" وتهذيب الكمال "3/ 1397".

كان تاجرًا خيرًا فَاضِلا. وَلَهُ ذِكْرٌ فِي مُقَدِّمَةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ. "حرف النُّونِ": 154- نَاجِيَةُ بن كعب1 -د ت ن- الأسدي الكوفي. عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو حَسَّانٍ الأَعْرَجُ، وَوَائِلُ بْنُ دَاوُدَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: إِنَّمَا هُوَ نَاجِيَةُ بن خفاف. 155- نصر بن عاصم2 -م د ن ق- الليثي البصري الْعَرَبِيَّةِ. يُقَالُ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ الْعَرَبِيَّةِ. حَكَاهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَحَدَّثَ عَنْ: مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَأَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. رَوَى عَنْهُ: حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَقَتَادَةُ، وَالزُّهْريُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمَلَكُ بْنُ دِينَارٍ الزَّاهِدُ. وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ. وَقَالَ الدَّانِيُّ: قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي الأَسْوَدِ. قَرَأَ عَلَيْهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إسحاق، وأبو عمرو بن العلاء.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 228" والجرح والتعديل "8/ 486" وتاريخ الثقات "446" وتهذيب الكمال "3/ 1401". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 464" والثقات لابن حبان "5/ 475" وتهذيب الكمال "3/ 1409" وتذكرة الحفاظ "1/ 106".

156- نَوْفَلُ بْنُ فَضَالَةَ الْبِكَالِيُّ الشَّامِيُّ1، ابْنِ امْرَأَةِ كَعْبِ الأَحْبَارِ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَكَعْبٍ. وعنه: يحيى بن أبي كثير، ونسير بن ذعلوق، وآخرون. كان يقص. 157- نوفل بن مساحق بن عبد الله القرشي العامري الحجازي2. روى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ. روى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ عَلَى صَدَقَاتِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ، وَلِيَ الْقَضَاءَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ، وَكَانَ أَحَدَ الأَشْرَافِ الأَجْوَادِ. "حرف الهاء": 158- الهرماس بن زياد -د ن- أبو حدير الباهلي. رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ بِمِنًى عَلَى نَاقَتِهِ3. رَوَى عَنْهُ: حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. 159- هُزَيْلُ بْنُ شرحبيل4 -خ4- الأودي الكوفي. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي مُوسَى. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو قَيْسٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَرْوَانَ، وَطَلْحَةُ بن مصرف، وأبو إسحاق السبيعي.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 452" والثقات لابن حبان "5/ 483" وتهذيب الكمال "3/ 1427". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 242" والجرح والتعديل "8/ 488" والثقات لابن حبان "5/ 478" وتهذيب الكمال "3/ 1428". 3 انظر سنن أبي داود "1954" وأحمد "3/ 485، 5/ 7" وابن سعد "5/ 553". 4 انظر طبقات ابن سعد "6/ 176" والثقات للعجلي "456" وتهذيب الكمال "3/ 1437" وتهذيب التهذيب "11/ 31".

160- هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ابْنُ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ1، أَبُو الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، حَمُو عبد الملك ابن مَرْوَانَ وَأَمِيرُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ الَّذِي ضَرَبَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ لَمَّا امْتَنَعَ مِنَ الْبَيْعَةِ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ لِلْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ لا يَجُوزُ، وَقَالَ: أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، فَضَرَبَهُ هِشَامٌ سِتِّينَ سَوْطًا، وَطَوَّفَ بِهِ وَسَجَنَهُ، فَبَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى هِشَامٍ يُعَنِّفُهُ وَيَلُومُهُ. قَالَ أَبُو الْمِقْدَامِ: مَرُّوا عَلَيْنَا بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَنَحْنُ فِي الْكُتَّابِ، وَقَدْ ضُرِبَ مِائَةَ سَوْطٍ، وَعَلَيْهِ تُبَّانُ شعرٍ، وَأَوْهَمُوهُ أَنَّهُمْ يَسْلُبُونَهُ. وَقَدْ أَرْسَلَ هِشَامٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَسَّانٍ، وَقَدِمَ دِمَشْقَ. وَقِيلَ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ دِرَاسَةَ الْقُرْآنِ فِي جَامِعِ دِمَشْقَ فِي السَّبْعِ. وَهُوَ جَدُّ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ لأُمِّهِ، وَلَمَّا وَلِيَ الْوَلِيدُ عَزَلَهُ عَنِ الْمَدِينَةِ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَمُرَةَ، عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كان هشام بن إسماعيل يؤذي علي بْنَ الْحُسَيْنِ وَأَهْلَ بَيْتِهِ، يَخْطُبُ بِذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَيَنَالُ مِنْ عَلِيٍّ، فَلَمَّا وَلِيَ الْمَدِينَةَ عَزَلَهُ، وَأَمَرَ بِأَنْ يُوقَفَ لِلنَّاسِ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لِوَلَدِهِ مُحَمَّدٍ: لا تُؤْذِهِ فَإِنِّي أدَعُهُ لِلَّهِ وَلِلرَّحِمِ، وَمَرَّ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ هِشَامٌ: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} . وَقَدْ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ شَفَعَ فِيهِ إِلَى الْوَلِيدِ حَتَّى خَلاهُ وَعَفَا عَنْهُ. "حرف الواو": 161- واثلة بن الأسقع بن كعب -ع- بن عامر الليثي2، وقيل: ابن أبي

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 244" والجرح والتعديل "9/ 52" وتاريخ أبي زرعة "2/ 713" والثقات لابن حبان "5/ 501". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 407-408" والجرح والتعديل "9/ 47" والثقات لابن حبان "38/ 426" وتهذيب الكمال "3/ 1457".

الأَسْقَعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ يَالِيلَ، أَبُو الْخَطَّابِ، وَيُقَالُ أَبُو الأَسْقَعِ، وَيُقَالُ أَبُو شَدَّادٍ. أَسْلَمَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَجَهَّزُ إِلَى تَبُوكَ، فَشَهِدَهَا مَعَهُ، وَكَانَ مِنْ فُقَرَاءِ أَهْلِ الصِّفَةِ. لَهُ أَحَادِيثُ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَشَدَّادٌ أَبُو عَامِرٍ، وَبُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ الْبَصْرِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَآخَرُونَ، آخِرُهُمْ وَفَاةً مَعْرُوفٌ الْخَيَّاطُ شَيْخُ دُحَيْمٍ، وَغَيْرُهُ. وَشَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ، وَسَكَنَهَا، وَمَسْجِدُهُ معروفٌ بِدِمَشْقَ إِلَى جَانِبِ حَبْسِ بَابِ الصَّغِيرِ وَدَارُهُ إِلَى جَانِبِ دَارِ ابْنِ الْبَقَّالِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: ثنا سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا أَبِي، ثنا مَعْرُوفٌ أَبُو الْخَطَّابِ الدِّمَشْقِيّ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ يَقُولُ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمْتُ، فَقَالَ: "اغْتَسِلْ بماءٍ وَسِدْرٍ"1. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا مَعْرُوفٌ الْخَيَّاطُ قَالَ: رَأَيْتُ وَاثِلَةَ يُمْلِي عَلَى النَّاسِ الأَحَادِيثَ وَهُمْ يَكْتُبُونَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَرَأَيْتُهُ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ، وَيَعْتَمُّ بعمامةٍ سَوْدَاءَ يُرْخِي لَهَا مِنْ خَلْفِهِ قَدْرَ شبرٍ، وَيَرْكَبُ حِمَارًا. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: ثنا أَبُو عَمَّارٍ، رجلٌ مِنَّا، حَدَّثَنِي وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ قَالَ: جِئْتُ أُرِيدُ عَلِيًّا فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: انْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدعوه، فاجلس، قال: فجاءه مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلا، وَدَخَلْتُ مَعَهُمَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَسَنًا وَحُسَيْنًا، وَأَجْلَسَ كُلَّ واحدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخْذِهِ، وَأَدْنَى فَاطِمَةَ مِنْ حِجْرِهِ وَزَوْجَهَا، ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهُ فَقَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] "اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلِي"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا مِنْ أَهْلِكَ؟ قَالَ: "وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي"، قَالَ وَاثِلَةُ: إِنَّهَا لَمِنْ أَرْجَى مَا أَرْجُو. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سَكَنَ وَاثِلَةُ الْبَلاطَ خَارِجًا مِنْ دِمَشْقَ عَلَى ثَلاثَةِ فَرَاسِخَ، الْقَرْيَةُ الَّتِي كَانَ يَسْكُنُ فِيهَا بُسْرَةُ بْنُ صَفْوَانَ؛ ثُمَّ تَحَوَّلَ وَنَزَلَ بيت المقدس وبها مات.

_ 1 أخرجه الطبراني في الكبير "22/ 82" وفي الصغير "2/ 42-43" والحاكم "3/ 570" قال الهيثمي في المجمع "1/ 283" وفيه سليم بن منصور بن عمار وهو ضعيف.

قُلْتُ: إِنَّمَا هِيَ عَلَى فرسخٍ وَاحِدٍ مِنْ دِمَشْقَ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالْبُخَارِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، وَغَيْرُهُمْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَثَمَانِينَ، وَلَهُ ثمانٍ وَتِسْعُونَ سَنَةً. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ: كَانَ آخِرَ الصَّحَابَةِ مَوْتًا بِدِمَشْقَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ. 162- وَرَّادٌ كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ1 بْنِ شُعْبَةَ -ع- وَمَوْلاهُ. رَوَى عَنْهُ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمَرَةَ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ. 163- وفاء بن شريح -د- الحضرمي2 مِصْرِيٌّ. عَنِ: الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ، وَرُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: زِيَادُ بْنُ نُعَيْمٍ، وَبَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَغَيْرُهُمَا. 164- الْوَلِيدُ بْنُ عبادة بن الصامت3 -سوى د- أبو عبادة الأنصاري. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ فَقَطْ. رَوَى عَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَالأَعْمَشُ، وَابْنُهُ عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ. "حرف الياء": 165- يحيى بن جعدة -د ت ق- بْنِ هُبَيْرَةَ بْنُ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَمْرِو4 بْنِ عَائِذِ المخزومي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 48" والثقات لابن حبان "5/ 498" وتهذيب الكمال "3/ 1460". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 49" والثقات لابن حبان "5/ 497، 498" وتهذيب الكمال "3/ 1462". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 80" والجرح والتعديل "9/ 8" وتاريخ الطبري "1/ 32" والثقات لابن حبان "5/ 490" وتهذيب الكمال "3/ 1469". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 133" والثقات لابن حبان "5/ 520، 521" وتهذيب الكمال "3/ 1491".

سَمِعَ: جَدَّتَهُ أُمَّ هَانِئِ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ. رَوَى عَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ. 166- يحيى بن الجزار -م- العرني الكوفي1، مِنْ غُلاةِ الشِّيعَةِ. رَوَى عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَالْحَسَنُ الْعُرَنِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ. 167- يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ2 الْيَزَنِيّ لا الرَّحْبِيُّ، وَكِلاهُمَا حِمْصِيٌّ، وَهَذَا الْكَبِيرُ، وَذَاكَ مِنْ طَبَقَةِ قَتَادَةَ. رَوَى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وعوف بن مالك، وكعب الأحبار. روى عنه: بسر بن عبيد الله الحضرمي، وشريح بن عبيد، وشبيب بن نعيم، وفضيل بن فضالة الحمصيون. 168- يزيد بن رباح3 -م ق- أبو فراس الرومي كَانَ رَبَاحٌ مَوْلًى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. روى عنه أهل مصر: بكر بن سوادة، وَيزيْدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ. توفي سنة تسعين.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 294" والجرح والتعديل "9/ 133" والثقات لابن حبان "5/ 519" وتهذيب الكمال "3/ 1491". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 258-259" والثقات لابن حبان "5/ 53" وتهذيب الكمال "3/ 1533". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 260-261" والثقات لابن حبان "5/ 537" وتهذيب الكمال "3/ 1532".

169- يسير بن جابر -خ م ن- هُوَ يُسَيْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ1، أَبُو الخيار العبدي البصري. تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ عَشْرُ سِنِينَ، فَيُقَالُ إِنَّهُ رَآهُ. وَقَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مُرْسَلٌ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ وعلي، وابن مسعود، وسهل بن حنيف. روى عَنْهُ: زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو نَضْرَةَ الْعَبْدِيُّ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَأَبُو نَضْرَةَ يُسَمِّيهِ: أَسِيرَ بْنَ جَابِرٍ. وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ2. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ، وَسِنُّهُ خَمْسٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وَحَدِيثُهُ عَنْ سَهْلٍ متفقٌ عَلَيْهِ. 170- يُونُسُ بْنُ عَطِيَّةَ الْحَضْرَمِيُّ قَاضِي3 مِصْرَ وَصَاحِبُ الشُّرْطَةَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وثمانين، وولي بعده القضاء ابن أخيه أويس بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطِيَّةَ، ثُمَّ عُزِلَ. الْكُنَى: 171- أَبُو الأَبْيَضِ الْعَنْسِيُّ4 الشَّامِيُّ -ن- حَدَّثَ عَنْ: حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. روى عنه: ربعي بن حراش، ويمان بن المغيرة، وإبراهيم بن أبي عبلة، وغيرهم. ويقال: اسمه عيسى.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 146-147" والجرح والتعديل "9/ 308" والثقات لابن حبان "5/ 557". 2 انظره في صحيح مسلم "2542". 3 انظر أخبار القضاه لوكيع بن الجراح "3/ 225-226-325". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 336" والثقات للعجلي "489" وتهذيب الكمال "3/ 1573".

قَالَ يَمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: ثنا أَبُو الأَبْيَضِ قَالَ: قَالَ لِي حُذَيْفَةُ: أَقَرُّ أَيَّامِي لَغَيْرُ يومٍ أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَيَشْكُونَ الْحَاجَةَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْلَةَ: لَمْ يَكُنْ أحدٌ بِالشَّامِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعِيبَ الْحَجَّاجَ عَلانِيَةً إِلا ابْنُ مُحَيْرِيزٍ، وَأَبُو الأَبْيَضِ الْعَنْسِيُّ، فَقَالَ الْوَلِيدُ لِأَبِي الأَبْيَضِ: لَتَنتَهِيَنَّ أَوْ لأَبْعَثَنَّ بِكَ إِلَيْهِ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: قُتِلَ فِي غَزْوَةِ طَوَّانَةَ سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ جماعةٌ مِنْهُمْ أَبُو الأَبْيَضِ الْعَنْسِيُّ. 172- أَبُو الأَحْوَصِ عَوْفُ1 بْنُ مَالِكِ -م4- بن نضلة الجشمي الكوفي. رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَابْنِهِ مَالِكٍ. رَوَى عَنْهُ: مَسْرُوقٌ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ الأَقْمَرِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. قَتَلَهُ الْخَوَارِجُ. 173- أَبُو الأَحْوَصِ2. عَنْ: أَبِي ذَرٍّ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ. مَجْهُولٌ. أَبُو إِدْرِيسَ تَقَدَّمَ3. أَبُو أَيُّوبَ الْحِمْيَرِيُّ وَهُوَ بشير بن كعب. قد ذكر4.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 181-182" والجرح والتعديل "7/ 14، 62" والثقات لابن حبان "5/ 274-275" وتاريخ الطبري "6/ 87". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 335" وتاريخ أبي زرعة "1/ 419" والثقات لابن حبان "5/ 564" وتهذيب الكمال "3/ 1574". 3 انظره في اسمه وهو عائذ الله بن عبد الله أبو إدريس الخولاني. 4 راجعه في بشير بن كعب.

174- أبو أيوب الأزدي1 -سوى ت- العتكي البصري، يُقَالُ: اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ مَالِكٍ. وَقِيلَ: حَبِيبُ بْنُ مَالِكٍ. رَوَى عَنْ: أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ جُوَيْرِيَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَسَمُرَةَ بن جندب، وابن عباس. روى عَنْهُ: أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَيُقَالُ لَهُ الْمَرَاغِيُّ، فَقِيلَ: هُوَ نِسْبَةٌ إِلَى قبيلةٍ مِنَ الأَزْدِ، وَقِيلَ: هُوَ موضعٌ بِنَاحِيَةِ عُمَانَ. 175- أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ2 -ع- صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَزِيلُ حمص، اسمه صدي بن عجلان ابن وَهْبِ بْنِ عَرِيبٍ مِنْ أَعْصَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسٍ عَيْلانُ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عُمَرَ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَمُعَاذٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ حَزَوَّرَ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَائِفَةٌ. تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ ثَلاثُونَ سَنَةً. وَرُوِيَ أَنَّهُ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: أَنْشَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْنِي غَزْوًا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ لِي بِالشِّهَادَةِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ" فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا، وَقَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ" فَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ لا يُلْفَوْنَ إِلا صيامًا3.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 226" والجرح والتعديل "9/ 190" والثقات لابن حبان "5/ 529" وتهذيب الكمال "3/ 1578". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 411-412" والجرح والتعديل "4/ 454" وتاريخ الطبري "1/ 151" والثقات لابن حبان "3/ 195" وتهذيب الكمال "13/ 158-164". 3 حديث صحيح: أخرجه النسائي "4/ 1654" وأحمد "5/ 248-249" وابن حبان "929-930" والطبراني "7463" والحاكم "1/ 421" وقال: صحيح ووافقه الذهبي.

وَقَالَ أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَاهِلَةَ، فَأَتَيْتُهُمْ وَهُمْ عَلَى طَعَامٍ لَهُمْ، فَرَحَّبُوا بي وأكرموني، وقالوا: كل، فقلت: جئت أنهاكم عَنْ هَذَا الطَّعَامِ، وَأَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِتُؤْمِنُوا بِهِ، فَكَذَّبُونِي وَرَدُّونِي، فَانْطَلَقْتُ مِنْ عِنْدِهِمْ وَأَنَا جَائِعٌ ظَمْآنُ، قَدْ نَزَلَ بِي جهدٌ شَدِيدٌ، فَنِمْتُ فَأُتِيتُ فِي مَنَامِي بشربةٍ مِنْ لبنٍ، فَشَرِبْتُ فَشَبِعْتُ وَرُوِيتُ فَعَظُمَ بَطْنِي، فَقَالَ الْقَوْمُ: رجلٌ مِنْ أَشْرَافِكُمْ وَخِيَارِكُمْ رَدَدْتُمُوهُ، اذْهَبُوا إِلَيْهِ فَأَطْعِمُوهُ، فَأَتَوْنِي بِطَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ، فَقُلْتُ: لا حَاجَةَ لِي فِي طَعَامِكُمْ وَشَرَابِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَطْعَمَنِي وَسَقَانِي، فَنَظَرُوا إِلَى حَالَتِي الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا، فَآمَنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ صَدَقةَ بْنِ هُرْمُزَ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي غَالِبٍ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا أُمَامَةَ أَتَى عَلَى رجلٍ ساجدٍ يَبْكِي وَيَدْعُو، فَقَالَ: أَنْتَ أَنْتَ، لَوْ كَانَ هَذَا فِي بَيْتِكَ. وَقَالَ يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ مَعَ مَكْحُولٍ، وَابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا، فَنَظَرَ إِلَى أَسْيَافِنَا، فَرَأَى فِيهَا شَيْئًا مِنْ وضحٍ، فَقَالَ: إِنَّ الْمَدَائِنَ وَالأَمْصَارَ فُتِحَتْ بسيوفٍ مَا فِيهَا الذَّهَبُ وَلا الْفِضَّةُ، فَقُلْنَا: إِنَّهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: هُوَ ذَاكَ، أَمَا إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا أَسْمَحَ مِنْكُمْ، كَانُوا لا يَرْجُونَ عَلَى الْحَسَنَةِ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، وَأَنْتُمْ تَرْجُونَ ذَلِكَ وَلا تَفْعَلُونَهُ، فَقَالَ مَكْحُولٌ لَمَّا خَرَجْنَا: لَقَدْ دَخَلْنَا عَلَى شَيْخٍ مُجْتَمِعِ الْعَقْلِ. وَقَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ، فَيُحَدِّثُنَا حَدِيثًا كَثِيرًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَقُولُ: اعْقِلُوا وَبَلِّغُوا عَنَّا مَا تَسْمَعُونَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثنا بْنُ جَابِرٍ، عَنْ مَوْلاةٍ لِأَبِي أُمَامَةَ قَالَتْ: كَانَ أَبُو أُمَامَةَ يُحِبُّ الصَّدَقَةَ، وَلا يَقِفَ بِهِ سائلٌ إِلا أَعْطَاهُ، فَأَصْبَحْنَا يَوْمًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ إِلا ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ، فَوَقَفَ بِهِ سائلٌ، فَأَعْطَاهُ دِينَارًا، ثُمَّ آخَرُ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ آخَرُ فَكَذَلِكَ، قُلْتُ: لم يبق شيءٌ، ثُمَّ رَاحَ إِلَى مَسْجِدِه صَائِمًا، فَرَقَقْتُ لَهُ، وَاقْتَرَضْتُ لَهُ ثَمَنَ عَشَاءٍ، وَأَصْلَحْتُ فِرَاشَهُ، فَإِذَا تَحْتَ الْمِرْفَقَةِ ثَلاثُمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَمَّا دَخَلَ ورأى ما هيأت له حمد

_ 1 انظر المستدرك "3/ 641-642" والإصابة "2/ 182".

اللَّهَ وَتَبَسَّمَ وَقَالَ: هَذَا خيرٌ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ تَعَشَّى، فَقُلْتُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ جِئْتَ بِمَا جِئْتَ بِهِ، ثُمَّ تَرَكْتُهُ بِمَوْضِعِ مَضْيَعَةٍ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: الذَّهَبُ. وَرَفَعْتُ الْمِرْفَقَةَ، فَفَزِعَ لِمَا رَأَى تَحْتَهَا وَقَالَ: مَا هَذَا وَيْحَكِ قُلْتُ: لا عِلْم لِي. فَكَثُرَ فَزَعُهُ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا أُمَامَةَ عَنْ كِتَابَةِ الْعِلْمِ، فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدٍ الأَزْدِيِّ، وَرَوَاهُ عُتْبَةُ بْنُ السَّكَنِ الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، وَاللَّفْظُ لِإِسْمَاعِيلَ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا أُمَامَةَ وهو في النزع، فقال لي: يا سعيد إذا أنا مِتُّ فَافْعَلُوا بِي كَمَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَنَا: "إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَنَثَرْتُمْ عَلَيْهِ التُّرَابَ فَلْيَقُمْ رجلٌ مِنْكُمْ عِنْدَ رَأْسِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلانُ بْنَ فُلانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ، وَلَكِنَّهُ لا يُجِيبُ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلانُ بْنَ فُلانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي جَالِسًا، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلانُ بْنَ فُلانَةَ، يَقُولُ: أَرْشِدْنَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ، ثُمَّ لِيَقُلْ: أُذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاللَّهِ رَبًّا، وبمحمدٍ نَبِيًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَخَذَ مُنْكَرُ وَنَكِيرُ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ اخْرُجْ بِنَا مِنْ عِنْدَ هَذَا، مَا نَصْنَعُ بِهِ وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ"1. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَخَلِيفَةُ وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَثَمَانِينَ. وَشَذَّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ فَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. 176- أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ2 الدِّمَشْقِيُّ -د ت ن- قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَجَمَاعَةٌ: اسْمُهُ يُحْمِدَ. رَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَكَعْبٍ الْخَيِّرِ، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ. عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ اللَّخْمِيُّ، وَعَبْدُ السَّلامِ بْنُ مَكْلَبَةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سفيان الثقفي. أدرك الجاهلية.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "8/ 98، 299" قال الهيثمي في مجمع الزوائد "3/ 45" وفي إسناده جماعة لم أعرفهم. 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 314" وتاريخ أبي زرعة "1/ 387" وتهذيب الكمال "3/ 1578" وانظر الثقات لابن حبان "5/ 558".

177- أَبُو الْبَخْتَرِيِّ1 الطَّائِيُّ -ع- مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ الْعَابِدُ، اسْمُهُ سَعِيدُ بْن فَيْرُوزَ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَرِوَايَتُهُ عَنْهُمَا مُرْسَلَةٌ، وَسَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا بَرَزَةَ الأَسْلَمِيَّ، وَابْنَ عُمَرَ، وَأَبَا سَعِيدٍ. رَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَيُونُسُ بْنُ خَبَّابٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَكَانَ مُقَدَّمَ الْقُرَّاءِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَقُتِلَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَاجِمِ، وَكَانَ نَبِيلًا جَلِيلا. قَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: اجتمعت أَنَا وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، فكان أبو البختري أعلمنا وأفقهنا رحمه الله. 178- أبو الجوزاء2 أَوْسُ -ع- بن عبد الله الربعي البصري. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. رَوَى عنه: أبو الأشهب العطاردي، وعمرو بن مالك النكبري، وبديل بن ميسرة وجماعة. يقال: قتل في وقعة الجماجم. وكان قويا. روى نوح بن قيس، عَنْ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيِّ قَالَ: كَانَ أَبُو الْجَوْزَاءِ يُوَاصِلُ فِي الصَّوْمِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَيَقْبِضُ عَلَى ذِرَاعِ الشَّابِّ فَيَكَادُ يَحْطِمُهَا، رَحِمَهُ اللَّهُ. 179- أبو حذيفة3 -م د ت ن- وَاسْمُهُ سَلَمَةُ بْنُ صُحَيْبَةَ، أَوْ صُهَيْبٍ الْهَمْدَانِيُّ الكوفي.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 292-293" والجرح والتعديل "4/ 54" وتاريخ الطبري "4/ 14، 6/ 350-357" وتهذيب الكمال "11/ 32-35". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 223-224" والجرح والتعديل "2/ 304-305" والثقات لابن حبان "4/ 42-43" وتهذيب الكمال "3/ 392-393". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 209" والجرح والتعديل "4/ 165" والثقات لابن حبان "4/ 317" وتهذيب الكمال "11/ 291-295".

عَنْ: عَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وعلي بن الأقمر. 180- أم الدرداء الصغرى1 ع، هجيمة، وقيل جهيمة الأوصابية الحميرية. رَوَتْ عَنْ: زَوْجِهَا أَبِي الدَّرْدَاءِ؟ وَقَرَأَتْ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ؟ ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَكَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَكَانَتْ فَاضِلَةً عَالِمَةً زَاهِدَةً، كَبِيرَةَ الْقَدْرِ. رَوَى عَنْهَا: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو قِلابَةَ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَمَكْحُولٌ، وَعَطَاءٌ الْكَيْخَارَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُو حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الدِّمَشْقِيُّ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: أُمُّ الدَّرْدَاءِ هُجَيْمَةُ بِنْتُ حُيَيٍّ الْوَصَّابِيَّةُ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ الْكُبْرَى خَيِّرَةُ بِنْتُ أَبِي حَدْرَدٍ صَحَابِيَّةٌ. وَجَاءَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: هُجَيْمَةُ، وَجُهَيْمَةُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: اسْمُ أُمِّ الدَّرْدَاءِ الْفَقِيهَةِ الَّتِي مَاتَ عَنْهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ وَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ هُجَيْمَةُ بِنْتُ حُيَيٍّ الأَوْصَابِيَّةُ. وَقالت أُمُّ جابر، وابن أبي العاتكة: كانت أُمُّ الدَّرْدَاءِ يَتِيمَةً فِي حُجْرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، تَخْتَلِفُ مَعَهُ فِي برنسٍ تُصَلِّي فِي صُفُوفِ الرِّجَالِ، وَتَجْلِسُ فِي حِلَقِ الْقُرَّاءِ تُعَلِّمُ الْقُرْآنَ، حَتَّى قَالَ لَهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ يَوْمًا: الْحَقِي بِصُفُوفِ النِّسَاءِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْن صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، أَنَّهَا قَالَتْ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ الْمَوْتِ: إِنَّكَ خَطَبْتَنِي إِلَى أَبَوَيَّ فِي الدُّنْيَا فَأَنْكَحُوكَ، وَأَنَا أَخْطُبُكَ إِلَى نَفْسِكَ فِي الآخِرَةِ، قَالَ: فَلا تُنْكَحِينَ بَعْدِي، فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ، فَأَخْبَرَتْهُ بِالَّذِي كَانَ، فَقَالَ: عَلَيْكِ بِالصِّيَامِ. رَوَاهُ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، وزاد فيه: وكان لها جمالٌ وحسن.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 463" والثقات لابن حبان "5/ 517" وتهذيب الكمال "3/ 1702-1703" وسير أعلام النبلاء "4/ 277-279".

وَقَالَ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عن أم الدرداء قالت: قال لي أَبُو الدَّرْدَاءِ: لا تَسْأَلِي أَحَدًا شَيْئًا، فَقُلْتُ: إِنِ احْتَجْتُ؟ ، قَالَ: تَتَبَّعِي الْحَصَّادِينَ فَانْظُرِي مَا يسقط منهم، فخذيه واخلطيه، ثُمَّ اطْحَنِيهِ وَكُلِيهِ. قَالَ مَكْحُولٌ: كَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ فَقِيهَةً. وَرَوَى الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي أُمَّ الدَّرْدَاءِ، فَنَذْكُرُ اللَّهَ عِنْدَهَا. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ: كَانَ النِّسَاءُ يَتَعَبَّدْنَ مَعَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، فَإِذَا ضَعُفْنَ عَنِ الْقِيَامِ فِي صَلاتِهِنَّ تَعَلَّقْنَ بِالْحِبَالِ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عن عثمان بْنِ حَيَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ تَقُولُ: إِنَّ أَحَدَهُمْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ لا يُمْطِرَ عَلَيْهِ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا يُرْزَقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا فَلْيَقْبَلْ، فَإِنْ كَانَ عَنْهُ غَنِيًّا فَلْيَضَعْهُ فِي ذِي الْحَاجَةِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فليستعين بِهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ جَالِسًا فِي صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقِدِس، وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ مَعَهُ جالسةٌ، حَتَّى إِذَا نُودِيَ لِلْمَغْرِبِ قَامَ، وَقَامَتْ تَتَوَكَّأُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الْمَسْجِدَ فَتَجْلِسَ مَعَ النِّسَاءِ، وَمَضَى عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْمَقَامِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ كَثِيرًا مَا يَجْلِسُ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ فِي مُؤَخِّرِ الْمَسْجِدِ بِدِمَشْقَ. وَعَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَجَّتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. كَانَتْ لأُمِّ الدَّرْدَاءِ حرمةٌ وجلالةٌ عَجِيبَةٌ. 181- أَبُو سَالِمٍ الْجَيْشَانِيُّ1 -م د ن- حَلِيفٌ لَهُمْ، اسْمُهُ سُفْيَانُ بْنُ هانيء الْمَصْرِيُّ. شهدِ فتحَ مِصْرَ، وَوَفَدَ عَلَى عَلِيّ -رَضِيَ الله عنهم- وَكَانَ مِصْرِيًّا عَلَوِيًّا، وَهَذَا نَادِرٌ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ عثمانيون.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 219" والثقات لابن حبان "5/ 565" وتهذيب الكمال "11/ 199-200" وأسد الغابة "2/ 322".

رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدِ بْنِ خالد الجهني، وغيرهم. وعنه: ابنه سالم، وبكر بن سوادة، ويزيد بن أبي حبيب، وعبد الله بن أبي جعفر، وحفيده سعيد بن سالم بن أبي سالم، وآخرون. وتوفي بالإسكندرية في خلافة عبد الملك. 182- أبو راشد الحبراني1 -د ت ق- الحمصي، قِيلَ: اسْمُهُ أَخْصَرُ، وَقِيلَ: النُّعْمَانُ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ. وَغَزَا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَشَهِدَ غَزْوَةَ قُبْرُسَ. رَوَى عَنْهُ: شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَلُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، لَمْ يَكُنْ فِي دِمَشْقَ فِي زَمَانِهِ أَفْضَلَ مِنْهُ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: رَأَيْتُ أَبَا رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيَّ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَقِيَ بَعْدَ هَذِهِ الطبقة. 183- أبو الشعثاء المحاربي2 -ع- الكوفي سليم بن أسود. رَوَى عَنْ: حُذَيْفَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي أيوب الأنصاري، وَأَبِي موسى، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هريرة، وَابْنِ عُمَرَ، وجماعة. روى عنه: ابنه الأشعث، وأبو صخرة جامع بن شداد، وإبراهيم بن مهاجر، وحبيب بن أبي ثابت. قال أبو حاتم الرازي: لا يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قتل يوم الزاوية مع ابن الأشعث.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 457" والجرح والتعديل "3/ 483" وتهذيب الكمال "9/ 8-11" وميزان الاعتدال "2/ 35". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 195" والجرح والتعديل / 211" وتهذيب الكمال "11/ 341-342" وسير أعلام النبلاء "4/ 179".

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ كُلَّ شَيْءٍ. 184- أَبُو صَادِقٍ الأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ1 -ق- عَنْ: أَخِيهِ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِدٍ وَغَيْرِهِ. وَأَرْسَلَ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ، وَشُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ النَّسَائِيُّ: اسْمُهُ عَبْدُ الله بن ناجد. 185- أبو صالح الحنفي2 -م د ن- الكوفي اسمه عبد الرحمن بن قيس رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو عَوْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. وثقه يحيى بن معين. روى أحاديث يسيرة. 186- أبو ظبيان3 -ع- هو حُصَيْنُ بْنُ جُنْدُبِ بْنِ عَمْرٍو الْجَنْبِيُّ الْكُوفِيُّ، وَالِدُ قَابُوسَ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ؟ إن صحت روايته عَنْ هَؤُلاءِ؟ ، وَرَوَى عَنْ: أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ. وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ قَابُوسُ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، والأعمش، وآخرون.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 295-296" وتهذيب الكمال "3/ 1614" وانظر التاريخ لابن معين "2/ 710". 2 انظر طبقات "2276" والجرح والتعديل "5/ 276، 277" والثقات لابن حبان "5/ 103" وتهذيب الكمال "2/ 812". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 224" والجرح والتعديل "3/ 190" والثقات لابن حبان "4/ 165" وتهذيب الكمال "6/ 514-517".

تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَثَمَانِينَ، وَقِيلَ سَنَةَ تِسْعِينَ. ورد أَنَّهُ غَزَا قُسْطَنْطِينِيَّةَ مَعَ يَزِيدَ. 187- أَبُو ظَبْيَةَ1 السلفي -د ق- ثم الكلاعي الحمصي. قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: يُقَالُ فِيهِ أَبُو طَبْيَةَ -بِطَاءٍ مُهْمَلَةٍ- وَهَذَا وَهْمٌ، فَعَلَى الأَوَّلِ مُسْلِمٌ، وَالْحُسَيْنُ الْقَبَّانِيُّ، وَابْنُ مَاكُولا، وَآخَرُونَ. شَهِدَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ. وَرَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَعَمْرِو بْنِ عبسة، والمقداد بن الأسود، وعمرو بن العاص. روى عنه: شهر بن حوشب، وثابت البناني، وشريح بن عبيد، ومحمد بن سعد الأنصاري. قال عمر بن عطية، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا أَبُو أُمَامَةَ جالسٌ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو ظَبْيَةَ، مِنْ أَفْضَلِ رجلٍ بِالشَّامِ، إِلا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا أَعْرِفُ أَحَدًا سميه. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 188- أَبُو الْعَالِيَةِ2 الرِّيَاحِيُّ -ع- قَالَ أَبُو قَطَنٍ، عَنْ أَبِي خَلَدَةَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعِينَ. وَسَيُعَادُ فِي سَنَةِ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ. 189- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ3 بْنِ مَسْعُودٍ -ع- الهذلي، أخو عبد الرحمن،

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 399" والثقات لابن حبان "5/ 573" وتهذيب الكمال "3/ 1618". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 112-117" والجرح والتعديل "3/ 510" وتاريخ الطبري "1/ 110-118" والثقات لابن حبان "4/ 239". 3 طبقات ابن سعد "21016" والجرح والتعديل "9/ 403" والثقات لابن حبان "5/ 561" وتهذيب الكمال "14/ 61-63".

يقال: اسمه عامر، وكان ممن عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلا، وَعَنْ: أَبِي مُوسَى، وَكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسَالِمٌ الأَفْطَسُ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَخُصَيْفٌ الْجَزَرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. 190- أَبُو عَطِيَّةَ الْوَادِعِيُّ1 -سوى ق- الهمداني الكوفي، مالك بن عامر، وَقِيلَ: ابْنُ أَبِي عَامِرٍ، وَقِيلَ: ابْنُ حُمْرَةَ، وَقِيلَ: اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ جُنْدُبٍ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي مُوسَى، وَمَسْرُوقِ. وَعَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيُّ، وَعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنٌ، وَالأَعْمَشُ، وَآخَرُونَ. 191- أَبُو عِنَبَةَ الْخَوْلانِيُّ -ق- لَهُ صُحْبَةٌ2، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ، وَصَحِبَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَسَكَنَ حِمْصَ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ الأَلْهَانِيُّ، وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةَ حُدَيْرٌ، وَبَكْرُ بْنُ زُرْعَةَ، وَطَلْقُ بْنُ سُمَيْرٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ، ثنا بَكْرُ بْنُ زُرْعَةَ: سَمِعْتُ أَبَا عِنَبَةَ الْخَوْلانِيُّ، وَكَانَ مِمَّنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَكَلَ الدَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لا يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ في هذا الدين غرسًا يستعملهم لطاعته" 3.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 121" والجرح والتعديل "8/ 213" وتهذيب الكمال "3/ 1627" وتهذيب التهذيب "12/ 169-170". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 436" والجرح والتعديل "9/ 418" والثقات لابن حبان "3/ 453" وتهذيب الكمال "3/ 1633". 3 حديث صحيح: أخرجه ابن ماجه "8" ومسند أحمد بن حنبل "4/ 200" وابن حبان في صحيحه "88".

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: قَالَ أَهْلُ حِمْصَ إِنَّهُ من كبار التابعين، وأنكروا أن تكون هل صُحْبَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسنَدِهِ: ثنا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، ثنا بَقِيَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عِنَبَةَ؟ قَالَ سُرَيْجٌ وَلَهُ صُحْبَةٌ؟ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَه" قِيلَ: وَمَا عَسَلَهُ؟ قَالَ: "يَفْتَحُ لَهُ عَمَلا صَالِحًا ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ" 1. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: أَسْلَمَ أَبُو عِنَبَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيٌّ، وَصَحِبَ مُعَاذًا. أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ حَيْوَةُ، عَنْ بَقِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مختلفٌ فِي صُحْبَتِهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ: قَدْ رَأَيْتُهُ وَكَانَ هُوَ وَأَبُو فَالِجٍ الْأَنْمَارِيُّ قَدْ أَكَلا الدَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يَصْحَبَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَبُو فَاخِتَةَ هُوَ سَعِيدُ بْنُ عِلاقَةَ. ذُكِرَ2. 192- أَبُو قَتَادَةَ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -م د ن- يُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ، اسْمُهُ تَمِيمُ بْنُ نَذِيرٍ وَيُقَالُ: نَذِيرُ بْنُ قُنْفُذٍ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو قِلابَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 193- أَبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ الدِّمَشْقِيُّ4 -خ د ت ن- رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو، وسهل بن الحنظلية.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "2142" وأحمد "5/ 224" وابن أبي عاصم في السنة "1/ 175". 2 انظره في سعيد بن علاقة. 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 130" والجرح والتعديل "2/ 441" والثقات لابن حبان "4/ 85" وتهذيب الكمال "3/ 1638". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 430" والثقات لابن حبان "5/ 563" وللعجلي "508" وتهذيب الكمال "3/ 1640".

رَوَى عَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَأَبُو سَلامٍ الأَسْوَدُ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هو شامي ثقة. قال الوليد بن مزيد البيروتي: ثنا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: قَدِمَ أَبُو كَبْشَةَ دِمَشْقَ فِي وِلايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ: لَعَلَّكَ قَدِمْتَ تَسْأَلُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا؟ فَقَالَ: وَأَنَا أَسْأَلُ أَحَدًا بَعْدَ الَّذِي حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ، قَالَ: قدِم عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَقْرَعُ وَعُيَيْنَةُ فَسَأَلاهُ، فَدَعَا مُعَاوِيَةَ فَأَمَرَهُ بشيءٍ، فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِصَحْفَتَيْنِ، فَأَلْقَى إِلَى كُلِّ واحدٍ وَاحِدَةً، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبِعْتُهُ فَقَالَ: "إِنَّهُ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا ظَهْرُ الْغِنَى؟ قَالَ: "أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ عِنْدَ أَهْلِكَ مَا يُغَدِّيهِمْ أَوْ يُعَشِّيهِمْ" فَأَنَا أَسْأَلُ أَحَدًا بَعْدَ هَذَا شَيْئًا؟ 1. 194- أَبُو كَبْشَةَ السَّكُونِيُّ2. عَنْ: حُذَيْفَةَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وَعَنْهُ: إِيَادُ بْنُ لَقِيطٍ، وَغَيْرُهُ. اسْمُهُ الْبَرَاءُ السَّكُونِيُّ، مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ صَحَّفَ، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا فَقَالُوا: أَبُو كَبْشَةَ. وَأَمَّا عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَصْرِيُّ فَقَالَ: أَبُو كَيِّسَةَ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. 195- أَبُو كثير الزبيدي الكوفي3 -د ت ن- زهير بن الأقمر، وقيل: عبد الله بن مالك، وقيل: هما رجلان. روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وعبد الله بن عمرو. وعنه: عبد الله بن الحارث الزبيدي المؤدب. وثقه النسائي.

_ 1 أخرجه أحمد "1/ 147" بنحوه. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 399" والثقات لابن حبان "4/ 77" وتهذيب الكمال "3/ 1640". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 586" والثقات لابن حبان "4/ 264" وتهذيب التهذيب "12/ 210-211".

196- أبو الكنود الأزدي الكوفي1 -ق- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ، أَوِ ابْنِ عُوَيْمِرٍ وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ حَبَشِيٍّ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ ابن سَعْدٍ. عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَخَبَّابٍ. وَعَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ الأَزْدِيُّ الْقَارِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. لَهُ حَدِيثٌ فِي سنن ابن ماجه. 197- أبو مريم2 -د- الثقفي المدائني، ويقال الحنفي الكوفي، وكأنهما اثنان. روى عن: علي، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ: نُعَيْمٌ، وعبد الملك ابنا حكيم المدائني. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: اسْمُهُ قَيْسٌ. 198- أَبُو مَرْيَمَ الْحَنَفِيُّ الْكُوفِيُّ3، إِيَاسُ بْنُ صُبَيْحٍ، قَالَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ. وعنه: ابنه عبد الله، ومحمد بن سيرين، والأعمش، وآخرون. قال أبو أحمد الحاكم: هو أول من قضى بالبصرة، استعمله أبو موسى. 199- أبو معمر الأزدي4 -ع- عبد الله بن سخبرة. كَانَ أَحَدَ الْعَشَرَةِ الْمَعْدُودِينَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِالْكُوفَةِ. رَوَى عَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ الْمُعَلِّمُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كُوفِيٌّ ثِقَةٌ.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 177" وتهذيب الكمال "3/ 64" وتهذيب التهذيب "12/ 213". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 106" والثقات لابن حبان "5/ " وتاريخ الطبري "4/ 487، 5/ 91-92" وتهذيب الكمال "3/ 1647". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 91" والجرح والتعديل "2/ 280" والثقات لابن حبان "4/ 34". 4 انظر طبقات ابن سعد "6/ 103" والجرح والتعديل "5/ 68" والثقات لابن حبان "5/ 25" وتهذيب الكمال "15/ 6-8".

200- أَبُو النَّجِيبِ الْعَامِرِيُّ1 -بخ د ن- مَوْلَى عبد الله بن سعد ابن أبي سرح المصري، ويقال أبو نجيب -بِالتَّاءِ- اسْمُهُ ظُلَيْمٌ. رَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَعَنْهُ: بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ. قَالَ عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ: تُوُفِّيَ بِإِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ ثمانٍ وثمانين، وكان فقيهًا. آخر الطبقة التاسعة ولله الحمد والمنة2.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "5/ 575" وتهذيب الكمال "3/ 1652" وتهذيب التهذيب "12/ 254" وتقريب التهذيب "2/ 480". 2 وللمزيد انظر أحداث سنة إحدى وثمانين: 1- تاريخ خليفة "ص176". 2- وتاريخ الطبري "6/ 331". 3- والبداية والنهاية "9/ 38". 4- وصحيح التوثيق "ص153".

الطبقة العاشرة

الطبقة العاشرة: أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: سَهْلُ بْنُ سعد. والسائب بن يزيد. والسائب بن خلاد الأنصاري. وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فِي قَوْلِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَغَيْرِهِ. وَكَذَا فِي سَهْلٍ، وَالَّذِي بَعْدَهُ خِلَافٌ. وَفِيهَا: مُحَمَّدُ ابْنُ أَمِيرِ الْيَمَنِ أَخُو الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ. وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ خَالِدٍ الْفَهْمِيُّ الْمَصْرِيُّ نَائِبُ قُرَّةَ بْنِ شَرِيكٍ عَلَى مِصْرَ. وَفِيهَا سَارَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ إِلَى مَرْوِ الرُّوذِ، فَهَرَبَ مَرْزُبَانُهَا، فَصَلَبَ قُتَيْبَةُ وَلَدَيْهِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الطَّالِقَانِ، فَلَمْ يُحَارِبْهُ صَاحِبُهَا، فَكَفَّ قُتَيْبَةُ عَنْهُ، وَقَتَلَ لُصُوصًا كَثِيرَةً بِهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَمْرَو بْنَ مُسْلِمٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى أَنْ وَصَلَ الْفَارِيَابَ1، فَخَرَجَ إِلَيْهِ مَلِكُهَا سَامِعًا مُطِيعًا، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَامِرَ بْنَ مَالِكٍ، ثُمَّ دَخَلَ بَلْخَ، وَأَقَامَ بِهَا يَوْمًا، فَأَقْبَلَ نِيزَكُ، فَعَسْكَرَ بِبَغْلانَ2، فَاقْتَتَلَ هُوَ وَقُتَيْبَةُ أَيَّامًا، ثُمَّ أَعْمَلَ قُتَيْبَةَ الْحِيَلَ عَلَى نِيزَكَ، وَوَجَّهَ إِلَيْهِ مِنْ خَدَعَهُ، حَتَّى جَاءَ بِرِجْلَيْهِ إِلَى قُتَيْبَةَ مِنْ غَيْرِ أَمَانٍ، فَجَاءَ مُعْتَذِرًا إِلَيْهِ مِنْ خَلْعِهِ، فَتَرَكَهُ أَيَّامًا ثُمَّ قَتَلَهُ، وَقَتَلَ سَبْعَمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ3. وَفِيهَا عَزَلَ الْوَلِيدُ عَمَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ عَنِ الْجَزِيرَةِ وَأَذْرَبِيجَانَ، وَوَلاهَا أَخَاهُ مُسْلِمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَغَزَا مُسْلِمَةُ فِي هَذَا الْعَامِ إِلَى أَنْ بَلَغَ الْبَابَ مِنْ بَحْرِ أَذْرَبَيْجَانَ، فَافْتَتَحَ مَدَائِنَ وحصونًا، ودان له من وراء الباب.

_ 1 من المدن المشهورة بخراسان. 2 بلدة بنواحي بلخ. 3 وللمزيد انظر تاريخ الطبري "6/ 454-458".

وَفِيهَا افْتَتَحَ قُتَيْبَةُ أَمِيرَ خُرَاسَانَ شُومَانَ1، وَكَسَّ2، وَنَسْفَ، وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ فِرْيَابَ3، فَأَحْرَقَهَا، وَجَهَّزَ أَخَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُسْلِمٍ إِلَى السُّغْدِ إلى طَرَخُونَ أَمْوَالا، وَتَقَهْقَرَ إِلَى أَخِيهِ إِلَى بُخَارَى، فَانْصَرَفُوا حَتَّى قَدِمُوا مَرْوَ، فَقَالَتِ السُّغْدُ لِطَرَخُونَ: إِنَّكَ قَدْ رَضِيتَ بِالذُّلِّ وَأَدَّيْتَ الْجِزْيَةَ، وَأَنْتَ شيخٌ كَبِيرٌ، فَلا حَاجَةَ لَنَا فِيكَ، ثُمَّ عَزَلُوهُ وَوَلَّوْا عَلَيْهِمْ غَوْزَكَ، فَقَتَلَ طَرَخُونُ نَفْسَهُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ عَصَوْا وَنَقَضُوا الْعَهْدَ. وَفِيهَا حَجَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدُ. ثُمَّ إِنَّهُ كَتَبَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مُتَوَلِّي الْمَدِينَةِ أَنْ يَهْدِمَ بُيُوتَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُوَسِّعُ بِهَا الْمَسْجِدَ. فَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ قال: كان على أبوابها المسموح مِنَ الشَّعْرِ، ذَرَعْتُ السَّتْرَ فَوَجَدْتُهُ ثَلاثَةَ أذرعٍ فِي ذِرَاعٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتَنِي فِي مجلسٍ فِيهِ جماعة، وإنهم ليبكون حين قريء الْكِتَابُ بِهَدْمِهَا، فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ: لَيْتَهَا تُرِكَتْ حَتَّى يَقْصُرَ الْمُسْلِمُونَ عَنِ الْبِنَاءِ، وَيَرَوْنَ مَا رَضِيَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- ومفاتيح خزائن الدنيا بيده4.

_ 1 بلد من وراء نهر جيجون. وهي مدينة أصغر من ترمد. 2 مدينة تقارب سمرقند. 3 بلدة من نواحي بلخ. 4 وللمزيد انظر أحداث سنة إحدى وتسعين: 1- تاريخ خليفة "193". 2- تاريخ الطبري "6/ 454". 3- الكامل "4/ 554". 4- البداية والنهاية "9/ 89، 93". 5- النجوم الزاهرة. 6- صحيح التوثيق "176".

أحداث سنة اثنتين وتسعين

أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ التَّيْمِيُّ. وَخَبِيبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَطُوَيْسُ الْمُغَنِّي صَاحِبُ الأَلْحَانِ. وَفِيهَا وَلِيَ قَضَاءَ مِصْرَ عِيَاضُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَاجِذٍ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي عُقَيْلٍ الثَّقَفِيُّ مَدِينَةَ أَرْمَائِيلَ صُلْحًا وَمَدِينَةَ قَنَّزْبُورَ. وَسَارَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ إِلَى رُتْبِيلَ فَصَالَحَهُ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ1. وَافْتَتَحَ إِقْلِيمَ الأَنْدَلُسِ، وَهِيَ جَزِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِبَرِّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ مِنْ جِهَةِ الشَّمَالِ، وَالْبَحْرِ الْكَبِيرِ مِنْ غَرْبِيِّهَا وَقَدْ خَرَجَ مِنْهُ بَحْرُ الرُّومِ مِنْ جَنُوبِيِّهَا، ثُمَّ دَارَ إِلَى شَرْقِيِّهَا، ثُمَّ اسْتَدَارَ إِلَى شَمَالِيِّهَا قَلِيلا. وَهِيَ جَزِيرَةٌ مُثَلَّثَةُ الشَّكْلِ، افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ أَكْثَرَهَا فِي رَمَضَانَ مِنْهَا عَلَى يَدِ طَارِقٍ أَمِيرِ طَنْجَةَ، مِنْ قِبَلِ مَوْلَاهُ أَمِيرِ الْمَغْرِبِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ2. وَطَنْجَةُ هِيَ أَقْصَى الْمَغْرِبِ، فَرَكِبَ طَارِقٌ الْبَحْرَ وَعَدَّى مِنَ الزُّقَاقِ لِكَوْنِ الْفِرَنْجِ اقْتَتَلُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَاشْتَغَلُوا، فَانْتَهَزَ الْفُرْصَةَ. وَقِيلَ: بَلْ عَبَرَ بِمُكَاتَبَةِ صَاحِبِ الْجَزِيرَةِ الْخَضْرَاءِ لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى عَدُوِّهِ، فَدَخَلَ طَارِقٌ وَاسْتَظْهَرَ عَلَى الْعَدُوِّ، وَأَمْعَنَ فِي بِلادِ الأَنْدَلُسِ، وَافْتَتَحَ قُرْطُبَةَ، وَقَتَلَ مَلِكَهَا لُذَرِيقَ، وَكَتَبَ إِلَى مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ بِالْفَتْحِ، فَحَسَدَهُ مُوسَى عَلَى الانْفِرَادِ بِهَذَا الْفَتْحِ الْعَظِيمِ، وَكَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ يُبَشِّرُهُ بِالْفَتْحِ وَيَنْسِبُهُ إِلَى نَفْسِهِ، وَكَتَبَ إِلَى طَارِقٍ يَتَوَعَّدُهُ لِكَوْنِهِ دَخَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ لا يَتَجَاوَزَ مَكَانَهُ حَتَّى يَلْحَقَهُ، وَسَارَ مُسْرِعًا بِجُيُوشِهِ، وَدَخَلَ الأَنْدَلُسَ وَمَعَهُ حَبِيبُ بْنُ أبي عبيدة الفهري، فتلقها طَارِقٌ وَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا مَوْلاكَ، وَهَذَا الْفَتْحُ لَكَ3. وَأَقَامَ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ غَازِيًا وَجَامِعًا لِلأَمْوَالِ نَحْوَ سَنَتَيْنِ، وَقَبَضَ عَلَى طَارِقٍ، ثُمَّ

_ 1 انظر تاريخ الطبري "6/ 468" والكامل في التاريخ "4/ 569". 2 انظر تاريخ الطبري "6/ 468" والكامل "4/ 556". 3 انظر الكامل "4/ 564، 566".

اسْتَخْلَفَ عَلَى الأَنْدَلُسِ وَلَدَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مُوسَى، وَرَجَعَ بأموالٍ عَظِيمَةٍ، وَسَارَ بِتُحَفِ الْغَنَائِمِ إِلَى الْوَلِيدِ. وَمِمَّا وَجَدَ بِطُلَيْطِلَةَ لَمَّا افْتَتَحَهَا: مَائِدَةُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَهِيَ مِنْ ذهبٍ مُكَلَّلَةٌ بِالْجَوَاهِرِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى طَبَرِيَّةَ بَلَغَهُ مَوْتُ الْوَلِيدِ وَقَدِ اسْتَخْلَفَ سُلَيْمَانَ أَخَاهُ، فَقَدَّمَ لِسُلَيْمَانَ مَا مَعَهُ. وَقِيلَ: بَلْ لَحِقَ الْوَلِيدَ وَقَدَّمَ مَا مَعَهُ إِلَيْهِ. وَقِيلَ إِنَّ هَذِهِ الْمَائِدَةَ كَانَتْ حِمْلَ جَمَلٍ. وَتَتَابَعَ فَتْحُ مَدَائِنِ الأَنْدَلُسِ. وَفِي هَذَا الْحِينِ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِلادَ التُّرْكِ وَغَيْرَهَا، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَكَانَ أَكْثَرَ جُنْدِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ الْبَرْبَرُ، وهم قوم موصفون بِالشَّهَامَةِ وَالشَّجَاعَةِ، وَفِيهِمْ صدقٌ وَوَفَاءٌ، وَلَهُمْ هممٌ عَالِيَةٌ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَبِهِمْ مَلِكُ الْبِلادِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيعِيُّ، وَبَنُو عُبَيْدٍ، وَتاشَفِينُ، وَابْنُهُ يُوسُفَ، وَابْنُ تُومَرْتَ، وَعَبْدُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُلْكُ فِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ. وَفِيهَا تَوَجَّهَ طائفةٌ مِنْ عَسْكَرِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ فِي الْبَحْرِ إِلَى جَزِيرَةِ سَرْدَانِيَةَ، فَأَخَذُوهَا وَغَنِمُوا، وَلَكِنَّهُمْ غَلُّوا فَلَمَّا عَادُوا سَمِعُوا قَائِلا يَقُولُ: اللَّهُمَّ غَرِّقْ بِهِمْ، فَغَرِقُوا عَنْ آخِرِهِمْ، ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْفِرَنْجُ1. وَقَدْ غَزَاهَا مُجَاهِدٌ الْعَامِرِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا الْفِرَنْجُ فِي الْعَامِ كَمَا سَيَجِيءُ إن شاء الله تعالى، وبه العون2.

_ 1 الكامل في التاريخ "4/ 567-568". 2 وللمزيد انظر أحداث سنة اثنتين وتسعين: 1- تاريخ الطبري "6/ 468". 2- الكامل "4/ 569". 3- صحيح التوثيق "ص177".

أحداث سنة ثلاث وتسعين

أحداث سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ: تُوُفِّيَ فِيهَا: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَأَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ. وَأَبُو الْعَالِيَةَ الرِّيَاحِيُّ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى الْبَصْرِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ. وَبِلَالُ بْنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِيُّ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيُّ الدَّيْبُلَ1 وَغَيْرَهَا، وَلاهُ الْحَجَّاجُ ابْنُ عَمِّهِ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَفِيهِ يَقُولُ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ: إِنَّ الشَّجَاعَةَ وَالسَّمَاحَةَ وَالنَّدَى ... لِمُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَادَ الْجُيُوشَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً ... يَا قُرْبَ ذَلِكَ سُؤْدُدًا مِنْ مَوْلِدِ قَالَ كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ: كُنْتُ مَعَهُ، فَجَاءَنَا الْمَلِكُ داهِرٌ فِي جمعٍ كثيرٍ وَمَعَهُ سبعٌ وَعِشْرُونَ فِيلا، فَعَبَرْنَا إِلَيْهِمْ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَهَرَبَ دَاهِرٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ أَقْبَلَ دَاهِرٌ وَمَعَهُ جمعٌ كَثِيرٌ مُصْلِتِينَ، فَقُتِلَ دَاهِرٌ وَعَامَّةُ أُولَئِكَ، وَتَبِعْنَا مَنِ انْهَزَمَ، ثُمَّ سَارَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ فَافْتَتَحَ الْكَيْرَجَ وَبَرَّهُمَا2. قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: وَفِي أَوَّلِهَا غَزَا مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ، فَأَتَى طَنْجَةَ، ثُمَّ سَارَ لا يَأْتِي عَلَى مدينةٍ فَيَبْرَحُ حَتَّى يَفْتَحَهَا، أو ينزلوا على حكمه، ثم ساروا إِلَى قُرْطُبَةَ، ثُمَّ غَرَّبَ وَافْتَتَحَ مَدِينَةَ بَاجَةَ وَمَدِينَةَ الْبَيْضَاءِ، وَجَهَّزَ الْبُعُوثَ، فَجَعَلُوا يَفْتَتِحُونَ وَيَغْنِمُونَ3. قَالَ خَلِيفَةُ4: وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ خوارزمٍ، فَصَالَحُوهُ عَلَى عَشَرَةِ آلافِ رَأْسٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فَقَاتَلُوهُ قِتَالا شَدِيدًا، وَحَاصَرَهُمْ حَتَّى صَالَحُوهُ عَلَى أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ، وَعَلَى أَنْ يُعْطُوهُ تِلْكَ السَّنَةَ ثَلاثِينَ أَلْفِ رأس.

_ 1 مدينة على ساحل بحر الهند. 2 انظر تاريخ خليفة "304-305". 3 تاريخ خليفة "305". 4 انظر تاريخ خليفة "305".

قَالَ: وَفِيهَا غَزَا الْعَبَّاسُ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَرْضَ الرُّومِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ حِصْنًا. وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَافْتَتَحَ مَا بَيْنَ الْحِصْنِ الْجَدِيدِ مِنْ نَاحِيَةِ مَلَطْيَةَ1. وَغَزَا مَرْوَانُ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدَ فَبَلَغَ خَنْجَرَةَ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْوَلِيدِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ2: سَارَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ إِلَى سَمَرْقَنْدَ بَغْتَةً في جيشٍ عظيم، فنازلها، فاستنجد بِمَلِكِ الشَّاشِ وَفَرْغَانَةَ، فَأَنْجَدُوهُمْ، فَنَهَضُوا لِيُبَيِّتُوا الْمُسْلِمِينَ، فَعَلِمَ قُتَيْبَةُ، فَانْتَخَبَ فُرْسَانًا مَعَ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ وَأَكْمَنَهُمْ عَلَى جَنْبَتَيْ طَرِيقِ التُّرْكِ، فَأَتَوْا نِصْفَ اللَّيْلِ، فَخَرَجَ الْكَمِينُ عَلَيْهِمْ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَفْلِتْ مِنَ التُّرْكِ إِلا الْيَسِيرُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: أَسَرْنَا طَائِفَةً فَسَأَلْنَاهُمْ، فَقَالُوا: مَا قَتَلْتُمْ مِنَّا إِلا ابْنَ ملك، أو بطلًا، أو عظيمًا، فاحتزرنا الرؤوس، وَحَوَيْنَا السَّلَبَ، وَالأَمْتِعَةَ الْعَظِيمَةَ، وَأَصْبَحْنَا إِلَى قُتَيْبَةَ، فَنَفَّلْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ، ثُمَّ نَصَبْنَا الْمَجَانِيقَ عَلَى أَهْلِ السُّغْدِ، وَجَدَّ فِي قِتَالِهِمْ حَتَّى قَارَبَ الْفَتْحَ، ثُمَّ صَالَحَهُمْ، وَبَنَى بِهَا الْجَامِعَ وَالْمِنْبَرَ3. قَالَ: وَأَمَّا الْبَاهِلِيُّونَ فَيَقُولُونَ: صَالَحَهُمْ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ رَأْسٍ، وَبُيُوتِ النِّيرَانِ، وَحِلْيَةِ الأَصْنَامِ، فَسُلِبَتْ ثُمَّ أُحْضِرَتْ إِلَى بَيْنَ يَدَيْهِ، فَكَانَتْ كَالْقَصْرِ الْعَظِيمِ -يَعْنِي الأَصْنَامَ- فَأَمَرَ بِتَحْرِيقِهَا، فَقَالُوا: مَنْ حَرَّقَهَا هَلَكَ. قَالَ قُتَيْبَةُ: أَنَا أَحْرِقُهَا بِيَدَيَّ، فَجَاءَ الْمَلِكُ غَوْزَكُ فَقَالَ: إِنَّ شُكْرَكَ عَلَيَّ واجبٌ، لا تَعْرِضَنَّ لِهَذِهِ الأَصْنَامِ، فَدَعَا قُتَيْبَةُ بِالنَّارِ وَكَبَّرَ، وَأَشْعَلَ فِيهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ أُضْرِمَتْ، فَوَجَدُوا بَعْدَ الْحَرِيقِ مِنْ بَقَايَا مَا كَانَ فِيهَا مِنْ مَسَامِيرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خَمْسِينَ أَلْفِ مِثْقَالٍ4. ثُمَّ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ أَخَاهُ، وَخَلَّفَ عِنْدَهُ جَيْشًا كَثِيفًا، وَقَالَ: لا تَدَعْنَ مُشْرِكًا يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْمَدِينَةِ إِلا وَيَدُهُ مَخْتُومَةٌ، وَمَنْ وَجَدْتَ مَعَهُ حَدِيدَةً أَوْ سِكِّينًا فَاقْتُلْهُ، وَلا تَدَعَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ يَبِيتُ فِيهَا، وانصرف قتيبة إلى مرو5.

_ 1 انظر تاريخ خليفة "305" وتاريخ الطبري "6/ 469". 2 في التاريخ "6/ 469". 3 تاريخ الطبري "6/ 474". 4 تاريخ الطبري "6/ 475". 5 وللمزيد انظر أحداث سنة ثلاث وتسعين: 1- تاريخ الطبري "6/ 482". 2- البداية والنهاية "9/ 89". 3- صحيح التوثيق "77/ 178".

أحداث سنة أربع وتسعين

أحداث سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ. وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَمَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ السُّلَمِيُّ. وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَرَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ. وَتَمِيمُ بْنُ طُرْفَةَ. وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ بَلَدَ كَابُلَ وَحَصَرَهَا حَتَّى افْتَتَحَهَا، ثُمَّ غَزَا فَرْغَانَةَ، فَحَصَرَهَا وَافْتَتَحَهَا عُنْوَةً، وَبَعَثَ جَيْشًا فَافْتَتَحُوا الشَّاشَ1 وَفِيهَا قَتَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيُّ صَصَّةَ بْنَ دَاهِرٍ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُسْلِمَةُ سَنْدَرَةً مِنْ أَرْضِ الرُّومِ. وَغَزَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ فَافْتَتَحَ مَدِينَتَيْنِ مِنَ السَّاحِلِ. وَغَزَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْوَلِيدِ حَتَّى بَلَغَ غزالة.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "6/ 483" والكامل "4/ 581".

وَحَجَّ بِالنَّاسِ الأَمِيرُ مُسْلِمَةُ. وَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى الإِسْلامِ فُتُوحًا عَظِيمَةً فِي دَوْلَةِ الْوَلِيدِ، وَعَادَ الجهاد شبيهًا بأيام عمر -رضي الله عنهم. وَفِي شَعْبَانَ عُزِلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَوَلِيَهَا عُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الْمُرِّيُّ بَعْدَهُ سَنَتَيْنِ وَشَهْرًا حَتَّى عَزَلَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ مَالِكٌ: وَعَظَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَأَصْحَابُهُ نَفَرًا فِي شيءٍ، وَكَانَ فِيهِمْ مَوْلَى لابْنِ حَيَّانَ، فَبَعَثَ لابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَصْحَابَهُ فَضَرَبَهُمْ لِكَلامِهِمْ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ: تَتَكَلَّمُونَ فِي مِثْلِ هَذَا. قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَظْلَمُ مِنِّي مَنْ وَلَّى عُثْمَانَ بْنَ حَيَّانَ الْحِجَازَ، يَنْطِقُ بِالأَشْعَارِ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَلَّى قُرَّةَ بْنَ شَرِيكٍ مِصْرَ، وَهُوَ أَعْرَابِيٌّ، جافٍ أَظْهَرَ فِيهَا الْمَعَازِفَ، وَاللَّهُ المستعان1.

_ 1 وللمزيد انظر أحداث سنة وأربع وتسعين: 1- تاريخ خليفة "195". 2- تاريخ الطبري "6/ 403". 3- الكامل "4/ 582". 4- البداية والنهاية "9/ 106". 5- صحيح التوثيق "179".

أحداث سنة خمس وتسعين

أحداث سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ شَهِيدًا. وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ. وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَأَخُوهُ حُمَيْدٌ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ قَاضِي مِصْرَ. وَفِيهَا أَوْ سَنَةِ سِتٍّ جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ.

وَفِيهَا الْحَجَّاجُ. وَفِيهَا قَالَ خَلِيفَةُ: افْتَتَحَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمُولْتَانَ. وَقَفَلَ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْوَلِيدِ، وَحَمَلَ الأَمْوَالَ عَلَى الْعَجَلِ، وَمَعَهُ ثَلاثُونَ أَلْفَ رَأْسٍ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُسْلِمَةُ مَدِينَةَ الْبَابِ مِنْ أَرْمِينِيَةَ وَخَرَّبَهَا، ثُمَّ بَنَاهَا مُسْلِمَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتِسْعِ سِنِينَ. وَحَدَّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ رجلٍ مِنْ بِاهِلَةَ حَضَرَ مُسْلِمَةَ قَالَ: نَزَلَ مُسْلِمَةُ عَلَى مَدِينَةِ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ أَنْ يُؤَمِّنَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، وَيَدُلُّهُ عَلَى عَوْرَةِ الْمَدِينَةِ، فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ، فَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ، وَبَدَرَ بِهِمُ الْعَدُوُّ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ كَبَّرَ شَيْخٌ وَقَالَ: الظَّفْرُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَأَظْهَرَ اللَّهُ مُسْلِمَةَ. وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ الشَّاشَ ثَانِيًا، فَأَتَتْهُ وَفَاةُ الْحَجَّاجِ، فَرَجَعَ إِلَى مَرْوَ. وَيُقَالُ: فِيهَا تُوُفِّيَ صِلَةُ بْنُ أُشَيْمٍ. وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ. وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى. وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. وَأَبُو تَمِيمَةَ طَرِيفُ بْنُ مُجَالِدٍ الْهُجَيْمِيُّ. وَالْفَضْلُ بْنُ زَيْدٍ الرَّقَاشِيُّ أبو سنان، أحد العابدين1.

_ 1 للمزيد لأحداث سنة خمس وتسعين انظر صحيح التوثيق "178-185".

أحداث سنة ست وتسعين

أحداث سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقُتِلَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ: مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ. وَمَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ -فِي قَوْلٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ. وَقُرَّةُ بْنُ شَرِيكٍ الْقَيْسِيُّ. وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ. وَآخَرُونَ بخلافٍ فِيهِمْ. وَفِيهَا اسْتُخْلِفَ سُلَيْمَانُ، فَأَغْزَى الصَّائِفَةَ أَخَاهُ مُسْلِمَةَ. وَغَزَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَافْتَتَحَ طُوبَسَ وَالْمَرْزُبَانِينَ، وَأُصِيبَ جِدَارُ الْعُذْرِيِّ الشَّامِيِّ وَمَنْ مَعَهُ بِأَرْضِ الرُّومِ، وَهُوَ جَدُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ لأُمِّهِ، وَقَدْ روى عنه1.

_ 1 وللمزيد لأحداث سنة ست وتسعين انظر صحيح التوثيق "186-198".

أحداث سنة سبع وتسعين

أحداث سَنَةَ سبعٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ -أَوْ فِي سَنَةِ ثمانٍ. وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ. وَسَعِيدُ بْنُ مُرْجَانَةَ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ الْمَصْرِيُّ. وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ -فِي قَوْلٍ. وَالْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. وَالسَّائِبُ بْنُ خَبَّابٍ. وَفِي بَعْضِهِمْ خلفٌ يَأْتِي فِي تَرَاجِمِهِمْ. وَمُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ. وَفِيهَا غزا يزيد المهلب جرجان.

قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: غَزَاهَا وَلَمْ تَكُنْ يومئذٍ مَدِينَةً، إِنَّمَا هِيَ جبالٌ محيطةٌ بِهَا، وَتَحَوَّلَ صَوْلُ الْمَلِكِ إِلَى الْبُحَيْرَةِ جَزِيرَةً فِي الْبَحْرِ، وَكَانَ يَزِيدُ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا، فَدَخَلَهَا يَزِيدُ، فَأَصَابَ أموالًا، ثم خرج إلى البحيرة، فحاصره، فَكَانَ يَخْرُجُ فَيُقَاتِلُ، فَمَكَثُوا كَذَلِكَ أَشْهُرًا، ثُمَّ انْصَرَفَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ. وَذَكَرَ الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ: أَنَّ يَزِيدَ صَالَحَهُمْ عَلَى خَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي الْعَامِ. وَرَوَى حَاتِمُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ شَهِدَ ذَلِكَ مَعَ يَزِيدَ، قَالَ: صَالَحَهُمْ عَلَى خَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ، وَبَعَثُوا إِلَيْهِ بثِيَابٍ وَطَيَالِسَةٍ وَأَلْفِ رَأْسٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بَرْجَمَةَ، وَحِصْنَ ابْنِ عَوْفٍ، وَافْتَتَحَ أَيْضًا حِصْنَ الْحَدِيدِ، سَرْدَوْسَلَ، وَشَتَّى بِنَوَاحِي الرُّومِ. وَأَقَامَ الْحَجَّ الْخَلِيفَةُ سُلَيْمَانُ. وَفِيهَا بَعَثَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى الْمَغْرِبِ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ مَوْلَى قُرَيْشٍ، فَوَلِيَ سَنَتَيْنِ فَعَدَلَ، وَلَكِنَّهُ عَسَفَ بِآلِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ، وَقَبَضَ عَلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى وَسَجَنَهُ، ثُمَّ جَاءَهُ الْبَرِيدُ بِأَنْ يَقْتُلَهُ، فَوَلِيَ قَتْلَ عَبْدِ اللَّهِ: خَالِدُ بْنُ خَبَّابٍ، وَكَانَ أَخُوهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُوسَى عَلَى الأَنْدَلُسِ، ثُمَّ ثَارُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ فِي سَنَةِ تسعٍ وَتِسْعِينَ، لِكَوْنِهِ خَلَعَ طَاعَةَ سُلَيْمَانَ، قَتَلَهُ وَهُوَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ حَبِيبُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ نافع الفهري1.

_ 1 وللمزيد لأحداث سنة سبع وتسعين انظر صحيح التوثيق "198".

أحداث سنة ثمان وتسعين

أحداث سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: كُرَيْبٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ. وَسَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَدَنِيُّ أَبُو عُبَيْدٍ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ النَّخَعِيُّ. وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ الْفَقِيهُ. وَآخَرُونَ مختلفٌ فِيهِمْ. وَفِيهَا غَزَا يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ طَبَرِسْتَانَ، فَسَأَلَهُ الأَصْبَهْبَذُ الصُّلْحَ، فَأَبَى، فَاسْتَعَانَ بِأَهْلِ الْجِبَالِ وَالدَّيْلَمِ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ مَصَافٌّ كَبِيرٌ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ صُولِحَ الأَصْبَهْبَذُ عَلَى سَبْعِمِائَةِ أَلْفٍ، وَقِيلَ خَمْسِمِائَةٍ فِي السَّنَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَتَاعِ وَالرَّقِيقِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: غَدَرَ أَهْلُ جُرْجَانَ بِمَنْ خَلَّفَ يزيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صُلْحِ طَبَرِسْتَانَ سَارَ إِلَيْهِمْ، فَتَحَصَّنُوا، فَقَاتَلَهُمْ يَزِيدُ أَشْهُرًا، ثُمَّ أَعْطُوا بِأَيْدِيهِمْ، وَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَقَاتَلَ الْمُقَاتِلَةَ، وَصَلَبَ مِنْهُمْ فَرْسَخَيْنِ، وَقَادَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ نفسٍ إِلَى وَادِي جُرْجَانَ فَقَتَلَهُمْ، وَأَجْرَى الْمَاءَ فِي الْوَادِي عَلَى الدَّمِ، وَعَلَيْهِ أَرْحَاءُ تَطْحَنُ بِدِمَائِهِمْ، فَطَحَنَ وَاخْتَبَزَ وَأَكَلَ، وَكَانَ قَدْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَفِيهَا شَتَّى مُسْلِمَةُ بِضَوَاحِي الرُّومِ، وَشَتَّى عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ فِي الْبَحْرِ، فَسَارَ مُسْلِمَةُ مِنْ مَشْتَاهُ حَتَّى صَارَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، إِلَى أَنْ جَاوَزَ الْخَلِيجَ، وَافْتَتَحَ مَدِينَةَ الصَّقَالِبَةِ، وَأَغَارَتْ خَيْلُ بُرْجَانَ عَلَى مُسْلِمَةَ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَخَرَّبَ مُسْلِمَةُ مَا بَيْنَ الْخَلِيجِ وقسطنطينية. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ نَزَلَ بِدَابِقٍ، وَكَانَ مُسْلِمَةُ عَلَى حِصَارِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ المغير، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَتُفتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ وَلَنِعْمَ الأَمِيرُ أَمِيرُهَا"1 فَدَعَانِي مُسْلِمَةُ، فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَغَزَاهُمْ. قَالَ ابن المديني: راويه مجهول.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد وابنه في زوائده "4/ 235" والحاكم "4/ 422" والطبراني في الكبير "1/ 119/ 2". في إسناده عبد الله بن بشر الغنوي قال الشيخ الألباني رحمه الله في الضعيفة "878" لم أجد من ترجمه.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَخْبَرَنِي مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ أَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ هَمَّ بِالإِقَامَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَجَمَعَ النَّاسَ وَالأَمْوَالَ بِهَا، وَقَدِمَ عَلَيْهِ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَمُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الْخَبَرُ أَنَّ الرُّومَ خَرَجَتْ عَلَى سَاحِلِ حِمْصَ فَسَبَتْ جَمَاعَةً فِيهِمُ امْرَأَةٌ لَهَا ذِكْرٌ، فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا هُوَ إِلا هَذَا، نَغْزُوهُمْ وَيَغْزُونَا، وَاللَّهِ لأَغْزُوَنَّهُمْ غَزْوَةً أَفْتَحُ فِيهَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ أَوْ أَمُوتَ دُونَ ذَلِكَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى مُسْلِمَةَ وَمُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ. فَقَالَ مُوسَى: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ أَرَدْتَ ذَلِكَ فَسِرْ سِيرَةَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا فَتَحُوهُ مِنَ الشَّامِ وَمِصْرَ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، ومن العراق إلى خراسان، كُلَّمَا فَتَحُوا مَدِينَةً اتَّخَذُوهَا دَارًا وَحَازَوْهَا لِلإِسْلامِ، فَابْدَأْ بِالدُّرُوبِ فَافْتَحْ مَا فِيهَا مِنَ الْحُصُونِ وَالْمَطَامِيرِ وَالْمَسَالِحِ، حَتَّى تَبْلُغَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَقَدْ هُدِّمَتْ حُصُونُهَا وَأُوهِيَتْ قُوَّتُهَا، فَإِنَّهُمْ سَيُعْطُونَ بِأَيْدِيهِمْ. فَالْتَفَتَ إِلَى مُسْلِمَةَ فَقَالَ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: هَذَا الرَّأْيُ إِنْ طَالَ عمرٌ إِلَيْهِ، أَوْ كَانَ الَّذِي يَبْنِي عَلَى رَأْيِكَ، وَلا تَنْقُضُهُ، رَأَيْتُ أَنْ تَعْمَلَ مِنْهُ مَا عَمِلْتَ وَلا يَأْتِي عَلَى مَا قَالَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَكِنِّي أرى أن تغزي جماعةً من المسامين فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فَيُحَاصِرُونَهَا، فَإِنَّهُمْ مَا دَامَ عَلَيْهِمُ الْبَلاءُ أَعْطُوا الْجِزْيَةَ أَوْ فَتَحُوهَا عُنْوَةً، وَمَتَى مَا يَكُونُ ذَلِكَ، فَإِنَّ مَا دُونَهَا مِنَ الْحُصُونِ بِيَدِكَ. فَقَالَ سُلَيْمَانُ: هَذَا الرَّأْيُ. فَأَغْزَى جَمَاعَةَ أَهْلِ الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ فِي الْبَرِّ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، وَأَغْزَى أَهْلَ مِصْرَ وَإِفْرِيقِيَّةَ فِي الْبَحْرِ فِي أَلْفِ مَرْكَبٍ، عَلَيْهِمْ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيُّ، وَعَلَى الْكُلِّ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَأَخْبَرَنِي غَيْرُ واحدٍ أَنَّ سُلَيْمَانَ أَخْرَجَ لَهُمُ الأَعْطِيَةَ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ عَزَمَ عَلَى غَزْوِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَالإِقَامَةِ عَلَيْهَا، فَاقْدِرُوا لِذَلِكَ قَدْرَهُ، ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ فَصَلَّى بِنَا الْجُمُعَةَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَكَلَّمَ النَّاسَ، وَأَخْبَرَهُمْ بِيَمِينِهِ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا مِنْ حِصَارِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، فَانْفِرُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ ثُمَّ الصَّبْرِ، وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ دَابِقًا، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَرَحَلَ مُسْلِمَةُ. وَفِيهَا ثَارَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْفِهْرِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ النَّابِغَةِ التَّمِيمِيُّ بِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ مُتَوَلِّي الأَنْدَلُسِ فَقَتَلُوهُ وَأَمَّرُوا عَلَى الأَنْدَلُسِ أَيُّوبَ ابْنَ أُخْتِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ.

ثُمَّ الأُمُورُ مَا زَالَتْ مُخْتَلِفَةٌ بِالأَنْدَلُسِ زَمَانًا لا يَجْمَعُهُمْ والٍ، إِلَى أَنْ وَلِيَ السَّمْحُ بْنُ مَالِكٍ الْخَوْلانِيُّ فِي حُدُودِ الْمِائَةِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مُسْلِمَةُ فَسَارَ بِالْجُيُوشِ، وَأَخَذَ مَعَهُ إِلْيُونَ الرُّومِيَّ الْمَرْعَشِيَّ لِيَدُلَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ وَالْعَوَارِ، وَأَخَذَ عُهُودَهُ وَمَوَاثِيقَهُ عَلَى الْمُنَاصَحَةِ وَالْوَفَاءِ، إِلَى أَنْ عَبَرُوا الْخَلِيجَ وَحَاصَرُوا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، إِلَى أَنْ بَرَحَ بِهِمُ الْحِصَارُ، وَعَرَضَ أَهْلُهَا الْفِدْيَةَ عَلَى مُسْلِمَةَ، فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَهَا إِلا عُنْوَةً، قَالُوا: فَابْعَثْ إِلَيْنَا إِلْيُونَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِنَّا وَيَفْهَمُ كَلامَنَا مُشَافَهَةً، فَبَعَثَهُ إِلَيْهِمْ، فَسَأَلُوهُ عَنْ وَجْهِ الْحِيلَةِ، فَقَالَ: إِنْ مَلَّكْتُمُونِي عَلَيْكُمْ لَمْ أَفْتَحَهَا لِمُسْلِمَةَ، فَمَلَّكُوهُ، فَخَرَجَ وَقَالَ لِمُسْلِمَةَ: قَدْ أَجَابُونِي أَنَّهُمْ يَفْتَحُونَهَا، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يَفْتَحُونَهَا مَا لَمْ تُنَحِّ عَنْهُمْ، قَالَ: أَخْشَى غَدْرَكَ، فحلف لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ كُلَّ مَا فِيهَا مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَدِيبَاجٍ وَسَبْيٍ، وَانْتَقَلَ عَنْهَا مُسْلِمَةُ، فَدَخَلَ إِلْيُونُ فَلَبِسَ التَّاجَ، وَقَعَدَ عَلَى السَّرِيرِ، وَأَمَرَ بِنَقْلِ الطَّعَامِ وَالْعُلُوفَاتِ مِنْ خَارِجٍ، فَمَلَأُوا الأَهْرَاءَ1 وَشَحَنُوا الْمَطَامِيرَ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ مُسْلِمَةَ، فَكَرَّ رَاجِعًا، فَأَدْرَكَ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ، فَغَلَّقُوا الأَبْوَابَ دُونَهُ، وَبَعَثَ إِلَى إِلْيُونَ يُنَاشِدُهُ وَفَاءَ الْعَهْدِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ إِلْيُونُ يَقُولُ: مَلِكُ الرُّومِ لا يُبَايِعُ بِالْوَفَاءِ، وَنَزَلَ مُسْلِمَةُ بِفَنَائِهِمْ ثَلاثِينَ شَهْرًا، حَتَّى أَكَلَ النَّاسُ فِي الْعَسْكَرِ الْمَيْتَةَ، وقتل خلق، ثم ترحل2.

_ 1 الأهراء: البيت الكبير الذي يجمع فيه طعام السلطان. 2 وللمزيد لأحداث سنة ثمان وتسعين انظر: 1- تاريخ الطبري "6/ 530-531". 2- الكامل في التاريخ "5/ 27-28". 3- صحيح التوثيق "198-199".

أحداث سنة تسع وتسعين

احداث سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ: فِيهَا تُوُفِّيَ: الْخَلِيفَةُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ. وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. وَأَبُو سَاسَانَ حضين بْنُ الْمُنْذِرِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيَّ.

وَمَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَلَى الصَّحِيحِ. وَآخَرُونَ بِخِلَافٍ. وفيها أَغَارَتِ الْخَزَرُ عَلَى أَرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ، وَأَمِيرُ تِلْكَ الْبِلادِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ حَاتِمٍ الْبَاهِلِيُّ، فَكَانَتْ وَقْعَةً قَتَلَ اللَّهُ فِيهَا عَامَّةَ الْخَزَرِ، وَكَتَبَ بِالنَّصْرِ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبَاهِلِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَوَّلُ مَا وَلِيَ الْخِلافَةَ. وَكَانَتْ وَفَاةُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِدَابِقَ غَازِيًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، عَاشِرَ صَفَرٍ. وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِحَمْلِ الطَّعَامِ وَالدَّوَابِّ إِلَى مُسْلِمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَمَرَ مَنْ كَانَ لَهُ حميمٌ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ، فَأَغَاثَ النَّاسَ، وَأَذِنَ لَهُمْ فِي الْقُفُولِ مِنْ غَزْوِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. وَفِيهَا قَدِمَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ مِنْ خُرَاسَانَ، فَمَا قَطَعَ الْجِسْرَ إِلا وَهُوَ مَعْزُولٌ، وَقَدِمَ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ وَالِيًا عَلَى الْبَصْرَةِ مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَتَى يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ عَدِيٌّ وَقَيَّدَهُ وَبَعَثَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَحَبَسَهُ حَتَّى مَاتَ. وَبَعَثَ عُمَرُ الجَّراحَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ عَلَى إِمْرَةِ خُرَاسَانَ، وَقَالَ لَهُ: لا تَغْزُوا، وَتَمَسَّكُوا بِمَا فِي أَيْدِيكُمْ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ. وَعَزَلَ عُمَرُ عَنْ إِمْرَةِ مِصْرَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ رِفَاعَةَ بِأَيُّوبَ بْنِ شُرَحْبِيلَ. وَاسْتَقْضَى عَلَى الْكُوفَةِ الشَّعْبِيَّ. وَجَعَلَ الْفُتْيَا بِمِصْرَ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ. وَقَالَ عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثنا بَقِيَّةُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ قَالَ: غَزَوْنَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَجُعْنَا حَتَّى هَلَكَ ناسٌ كَثِيرٌ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَخْرُجُ إِلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالآخَرُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ أَقْبَلَ ذَاكَ إِلَى رَجِيعِهِ فَأَكَلَهُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَخْرُجُ إِلَى الْمَخْرَجِ فَيُؤْخَذُ فَيُذْبَحُ وَيُؤْكَلُ، وَإِنَّ الأَهْرَاءَ مِنَ الطَّعَامِ كَالتِّلالِ لا نَصِلُ إِلَيْهَا، يُكَايِدُ بِهَا أَهْلُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ خَلِيفَةُ: فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْقُدُومِ. وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ عُمَرُ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ مَوْلاهُمْ، فَوَصَلَ إِلَيْهَا سَنَةَ مِائَةٍ، وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ، فَأَسْلَمَ خلقٌ مِنَ الْبَرْبَرِ فِي وِلَايَتِهِ1.

_ 1 وللمزيد لأحداث سنة تسع وتسعين انظر: - 1- وتاريخ خليفة "202-502". 2- وتاريخ الطبري "6/ 550-554". 3- النجوم الزاهرة "1/ 306". 4- البداية "9/ 198-206". 5- صحيح التوثيق "200-215".

أحداث سنة مائة

أحداث سَنَةَ مِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ. وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ. وَتَمِيمُ بْنُ مُسْلِمَةَ. وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَدُخَيْنُ بْنُ عَامِرٍ. وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ. وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ. وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ الزَّاهِدُ الْمَدَنِيُّ. وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ. وَيُقَالُ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو عُثْمَانُ النَّهْدِيُّ. وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ. وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ. وَأَبُو خَالِدٍ الْوَالِبِيُّ. وَفِيهَا وُلِدَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ.

ويقال: فيها توفي: حنش الصَّنْعَانِيُّ، وَعِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَأَبُو الطُّفَيْلِ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيُّ. وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَفِيهَا غَزَا الصَّائِفَةَ الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُعَيْطِيُّ. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ لِلنَّاسِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ.

تراجم رجال أهل هذه الطبقة

تَرَاجِمُ رِجَالِ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 201- إِبْرَاهِيمُ بْنُ سويد النخعي -م4- الأعور1. عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، وَعَلْقَمَةَ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَزُبَيْدٌ الْيَامِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. 202- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ2 بن قارظ -م د ت ن- وَيُقَالُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظٍ الكناني المدني. رَأَى عُمَرَ، وَعَلِيًّا، وَرَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وجبر، وَأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، والسائب بن يزيد، وغيرهم. روى عنه: ابن أخيه سعيد بن خالد، وسلمان الأغر، وعمر بن عبد العزيز، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ويحيى ابن أبي كثير، وآخرون. 203- إبراهيم بن عبد الله بن معبد3 -د م ن ق- بن عباس.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 103" والثقات لابن حبان "6/ 6" وتهذيب الكمال "2/ 104" ومشاهير علماء العصر "1290". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 58" والجرح والتعديل "2/ 109" والثقات لابن حبان "6/ 7" وتهذيب الكمال "2/ 126". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 108" والثقات لابن حبان "6/ 6" وتهذيب الكمال "2/ 130" ومشاهير علماء الأمصار "1124".

عَنْ: عَمِّ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ أَبِيهِ، وَمَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ عَبَّاسٌ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. 204- إِبْرَاهِيمُ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللَّهِ -خ د ن- بن أبي ربيعة المخزومي1 المدني، وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومَ بِنْتُ الصِّدِّيقِ. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَخَالَتِهِ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّهِ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وعنه: ابناه إسماعيل، وموسى، والزهري، وأبو حازم سلمة، والضحاك بن عثمان. 205- إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف2 -سوى ت- أَبُو إِسْحَاقَ، وَيُقَالُ أَبُو مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَسَعْدٍ، وَعَمَّارٍ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ. روى عنه: ابناه: سعد، وصالح، والزهري، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن عمرو، وغيرهم. وأمه هي أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط، وَأَخَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ، وَحُمَيْدٌ. وَرَدَ أَنَّهُ شَهِدَ الدَّارَ مَعَ عُثْمَانَ. تُوُفِّي سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. وَوَثَّقَهُ النسائي، وغيره. 206- إبراهيم النخعي -ع- ابْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسِ بْنِ الأَسْوَدِ3، أَبُو عمران النخعي الكوفي، فَقِيهُ الْعِرَاقِ. رَوَى عَنْ: عَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوقٍ، وَخَالِهِ الأسود بن يزيد، والربيع بن خثيم،

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 111" والثقات لابن حبان "6/ 6" وتهذيب الكمال "2/ 132-134" وتاريخ الطبري "1/ 180". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 55-56" وتهذيب الكمال "2/ 1034-136" والثقات لابن حبان "4/ 4". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 270-284" والجرح والتعديل "2/ 144-145" وتاريخ الطبري "1/ 114-116" والثقات لابن حبان "4/ 8-9".

وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي، وَصِلَةَ بْنِ زُفَرَ، وَعُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، وسيد بْنِ غَفَلَةَ، وَعَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، وهني بْن نويرة، وَخَلْقٍ. وَدَخَلَ عَلَى عائشة -رضي الله عنهما- وَهُوَ صَبِيٌّ. رَوَى عَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ مُعَتِّبٍ، وَالْعَلاءُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن شُبْرُمَةُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَطَائِفَةٌ. وَتَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ. قِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا احْتَضَرَ جَزَعَ جَزَعًا شَدِيدًا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: وَأَيُّ خَطَرٍ أَعْظَمُ مِمَّا أَنَا فِيهِ، أَتَوَقَّعُ رَسُولا يرد عَلَيَّ من ربي، إما بِالْجَنَّةِ وَإِمَّا بِالنَّارِ، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّها تَلَجْلَجُ فِي حَلْقِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ سَنَةَ ستٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ، وَلَهُ تسعٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: ثَمَانٍ وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: تُوُفِّيَ بَعْدَ الْحَجَّاجِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ. قُلْتُ: مَاتَ الْحَجَّاجُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، وَسَمِعَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. روى عنه: الشعبي، ومنصور، ومغيرة بن مقسم، وغيرهن من التابعين. وقال عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْنَا نَنْتَظِرُ إِبْرَاهِيمَ، فَيَخْرُجُ وَالثِّيَابُ عَلَيْهِ مُعَصْفَرَةٌ، وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ الْمَيْتَةَ قَدْ حَلَّتْ لَهُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: جَهِدْنَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنْ نُجْلِسَهُ إِلَى سَارِيَةً، وَأَرَدْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَبَى، وَكَانَ يَأْتِي الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ قِبَاءٌ وريطة مُعَصْفَرَةٌ. قَالَ: وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَ الشُّرَطِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ ذَكِيًّا حَافِظًا، صَاحِبَ سنة.

وَعَنِ الشَّعْبِيِّ إِنَّهُ قِيلَ لَهُ: مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ: مَا تُرِكَ بَعْدَهُ خلفٌ. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: تَبِعْتُ الشَّعْبِيَّ، فَمَرَرْنَا بِإِبْرَاهِيمَ، فَقَامَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مَجْلِسِهِ، فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ: أَنَا أَفْقَهُ منك حيًا، وأنت أفقه مني ميتًا، وذاك أَنَّ لَكَ أَصْحَابًا يَلْزَمُونَكَ، فُيُحْيُونَ عِلْمَكَ. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَعْوَرُ. قَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُظْهِرَ الرَّجُلُ مَا خَفِيَ مِنْ عَمَلِهِ الصَّالِحِ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ رَجُلا عَالِمًا، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ أَقْدَمَ وَأَكْثَرَ حَدِيثًا. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَبِيهِ: كُنْتُ فِيمَنْ دَفَنَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ لَيْلا سَابِعَ سَبْعَةٍ، أَوْ تَاسِعَ تِسْعَةٍ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَدَفَنْتُمْ صَاحِبَكُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَا تَرَكَ أَحَدًا أَعْلَمَ أَوْ أَفْقَهَ مِنْهُ، قُلْتُ: وَلا الْحَسَنَ، وَابْنَ سِيرِينَ؟ قَالَ: ولا الحسن وَابْنَ سِيرِينَ، ولا من أهل البصرة، ولا من أهل الكوفة، ولا من أهل الحجاز. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: مات مختفيا من الحجاج. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ إِذَا طَلَبَهُ إِنْسَانٌ لا يُحِبُّ أَنْ يَلْقَاهُ، خَرَجَتِ الْجارية فَقَالَتْ: اطلبوه فِي الْمَسْجِدِ. وَقَالَ قَيْسٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي ذَكَرْتُ رَجُلا بشيءٍ، فَبَلَغَهُ عَنِّي، فَكَيْفَ أَعْتَذِرُ، قَالَ: تَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَيَعْلَمُ مَا قُلْتُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مَا كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ أَوْحَشَ رَدًّا لِلآثَارِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ لِقِلَّةِ مَا سَمِعَ، فَذُكِرَ لِحَمَّادٍ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ: فِي الْفَأْرَةِ جزاءٌ إِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ. قَالَ الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ. قرأ عليه: الأعمش، وطلحة بن مصرف. وقال وكيع: عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِدْعَةٌ.

207- إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ التَّيْمِيُّ1 -ع- تَيْمُ الرَّبَابِ، أَبُو سَمَاءَ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ الْعَابِدُ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَالأَعْمَشُ، وَآخَرُونَ. قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ، وَقِيلَ: مَاتَ فِي حَبْسِهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ أَوْ أربعٍ وَتِسْعِينَ، وَهُوَ شَابٌّ لَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعِينَ سَنَةً؛ وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: رُبَّمَا أَتَى عَلَيَّ شَهْرٌ لا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلا أَشْرَبُ شَرَابًا، لا يَسْمَعَنَّ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ. وَقَالَ الأعمش: كان إذا سجد كأنه إِذَا سَجَدَ كَأَنَّهُ جَذْمُ حَائِطٍ تَنْزِلُ عَلَى ظَهْرِهِ الْعَصَافِيرُ. 208- الأَخْطَلُ النَّصْرَانِيُّ الشَّاعِرُ2 اسْمُهُ غِيَاثُ بْنُ غَوْثٍ التَّغْلِبِيُّ، شَاعِرُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَهُوَ مِنْ نُظَرَاءِ جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ عَلَيْهِمَا. وَقَدْ قِيلَ لِلْفَرَزْدَقِ: مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ؟ قَالَ: كَفَاكَ بِي إِذَا افْتَخَرْتُ، وَبِجَرِيرٍ إِذَا هَجَا. وَبِابْنِ النَّصْرَانِيَّةِ إِذَا امْتَدَحَ. وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ يُجْزِلُ عَطَاءَ الأَخْطَلِ وَيُفَضِّلُهُ فِي الشِّعْرِ عَلَى غَيْرِهِ. وَلَهُ: وَالنَّاسُ هَمُّهُمُ الْحَيَاةُ وَلا أَرَى ... طُولَ الْحَيَاةِ يَزِيدُ غَيْرَ خَبَالِ وَإِذَا افْتَقَرْتَ إِلَى الذَّخَائِرِ لَمْ تَجِدْ ... ذُخْرًا يَكُونُ كَصَالِحِ الأَعْمَالِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَائِشَةَ قَالَ: قَالَ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى دِمَشْقٍ، فَإِذَا كنيسة، وإذا الأخطل في ناحيتها،

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 285-286" والجرح والتعديل "2/ 145" والثقات لابن حبان "4/ 7-8" وتهذيب الكمال "2/ 232-233". 2 انظر تاريخ الطبري "7/ 290" والكامل في التاريخ "4/ 310-311، 317" ووفيات الأعيان "1/ 321-324".

فَسَأَلَ عَنِّي فَأُخْبِرَ، فَقَالَ: يَا فَتَى إِنَّ لَكَ شَرَفًا وَمَوْضِعًا وَإِنَّ الْأُسْقُفَ قَدْ حَبَسَنِي، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَهُ وَتُكَلِّمَهُ فِي إِطْلاقِي، قُلْتُ: نَعَمْ، فَذَهَبْتُ إِلَى الأُسْقُفِّ، فَقَالَ لِي: مَهْلا، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَكَلَّمَ فِي مِثْلِ هَذَا، فَإِنَّهُ ظالمٌ يَشْتِمُ النَّاسَ وَيَهْجُوهُمْ، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَامَ مَعِي، فَدَخَلَ الْكَنِيسَةَ فَجَعَلَ يَتَوَعَّدُهُ وَيَرْفَعُ عَلَيْهِ الْعَصَا، وَيَقُولُ: تَعُودُ، وَهُوَ يَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: لا، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا مَالِكٍ، تَهَابُكَ الْمُلُوكُ وَتُكْرِمُكَ الْخُلَفَاءُ، وَذِكْرُكَ فِي النَّاسِ، فَقَالَ: إِنَّهُ الدِّينُ، إِنَّهُ الدِّينُ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: لَمَّا أَنْشَدَ الأخطل كلمته لعبد الملك التي قول فِيهَا: شُمْسُ الْعَدَاوَةِ حَتَّى يُسْتَقَادَ لَهُمْ ... وَأَعْظَمُ النَّاسِ أَحْلامًا إِذَا قَدَرُوا قَالَ: خُذْ بِيَدِهِ يَا غُلامُ فَأَخْرِجْهُ ثُمَّ أَلْقِ عَلَيْهِ مِنَ الْخِلَعِ مَا يَغْمُرُهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لِكُلِّ قومٍ شَاعِرًا، وَإِنَّ شَاعِرَ بَنِي أُمَيَّةَ الأَخْطَلُ، فَمَرَّ بِهِ جَرِيرٌ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَكْتَ خَنَازِيرَ أُمِّكَ؟ قَالَ: كَثِيرَةٌ، وَإِنْ أَتَيْتَنَا قَرَيْنَاكَ مِنْهَا، قال: فكيف تَرَكْتَ أَعْيَارَ أُمِّكَ؟ قَالَ: كَثِيرَةٌ، وَإِنْ أَتَيْتَنَا حَمَلْنَاكَ عَلَى بَعْضِهَا. وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: دَخَلَ الأَخْطَلُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ: ويحك، صِفْ لِيَ السُّكْرَ، قَالَ: أَوَّلُهُ لذةٌ، وَآخِرُهُ صُدَاعٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ سَاعَةٌ لا أَصِفُ لَكَ مَبْلَغَهَا، فقال: ما مبلغها؟ قال: لملكك يا أيمر الْمُؤْمِنِينَ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ شِسْعِ نَعْلِي، وَأَنْشَأَ يَقُولُ: إِذَا مَا نَدِيمِي عَلَّنِي ثُمَّ عَلَّنِي ... ثَلاثَ زُجَاجَاتٍ لَهُنَّ هَدِيرُ خَرَجْتُ أَجُرُّ الذَّيْلَ حَتَّى كَأَنِّي ... عَلَيْكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمِيرُ 209- أَرْقَمُ بن شرحبيل1 -ق- الأودي الكوفي أَخَذَ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَصَحِبَ ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَى الشَّامِ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعيُّ، وَأَبُو قَيْسٍ الأَوْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وقال أبو زرعة: كوفي ثقة.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 177" والجرح والتعديل "2/ 310" والثقات لابن حبان "4/ 54" وتهذيب الكمال "2/ 314-315".

210- أسلم بن يزيد -د ت ق- أبو عمرتن التجيبي المصري1، مَوْلَى عُمَيْرِ بْنِ تَمِيمٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَصَفِيَّةَ أُمَّيِ المؤمنين، وجماعة. وعنه: سعيد بن أبي هلال، ويزيد بن أبي حبيب، وعبد الله بن عياض. وكان وجيها في مصر، وكانت الأمراء يسألونه. وثقه النسائي. أسير بن جابر-خ م- وَيُقَالُ يُسَيْرُ2 سَيَأْتِي، وَقَدْ تقدم 211- الأغر أبو مسلم -م تم-3 المدني نَزِيلُ الْكُوفَةِ. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ وَكَانَا اشْتَرَكَا فِي عِتْقِهِ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الأَقْمَرِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَعَطَاءُ ابن السَّائِبِ، وَجَمَاعَةٌ. وَأَمَّا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرُّ ففي الكنى. 212- أنس بن مالك4 -ع- ابْنُ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمَ بْنِ زَيْدِ بْن حَرَامِ بْن جُنْدُب بْن عَامِرِ بْن غَنْمِ بْنِ عَدِيّ بْنِ النَّجَّارِ، أَبُو حَمْزَةَ الأَنْصَارِيُّ النجاري الخزرجي، خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتًا. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا كَثِيرًا، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَأُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأُمِّهِ أُمِّ سُلَيْمٍ، وَخَالَتِهِ أَمِّ حَرَامٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي ذر، وطائفة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 307" والثقات للعجلي "63" ولابن حبان "4/ 64" وتهذيب الكمال "2/ 528-529". 2 انظر ترجمته في يسير بن جابر. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 308" والثقات لابن حبان "4/ 53" وتهذيب الكمال "3/ 317-318". 4 انظر طبقات ابن سعد "7/ 17-26" والجرح والتعديل "2/ 286" والثقات لابن حبان "3/ 4" وتهذيب الكمال "3/ 353-378".

رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وعمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو قِلابَةَ، وَطَائِفَةٌ مِنْ هَذِهِ الطائفة، ثُمَّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَتَادَةُ، وَثَابِتٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وخلقٌ كَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَآخَرُونَ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ، وَعُمَرُ بْنُ شَاكِرٍ، وَكَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَنَاسٌ قَلِيلٌ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ الَّتِي انْقَرَضَتْ بَعْدَ السَّبْعِينَ وَمِائَةٍ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا مَنْ يُحتَجُّ بِهِ. وَرَوَى عَنْهُ بَعْدَهُمْ نَاسٌ مُتَّهَمُونَ بِالْكَذِبِ كَخِرَاشٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ هُدْبَةَ، وَدِينَارٍ أَبُو مُكَيَّسٍ، حَدَّثُوا فِي حُدُودِ الْمِائَتَيْنِ. فَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَنَّانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَقْلَةٍ أَجْتَنِيهَا، يَعْنِي حَمْزَةَ1. وَفِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا ابن عشرٍ، وَكَانَ أُمَّهَاتِي يَحْثُثْنَنِي عَلَى خِدْمَتِهِ2. وَقَالَ عَلِيّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ -وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، فَأَخَذَتْ أُمِّي بِيَدِي، فَانْطَلَقَتْ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ رجلٌ وَلا امرأةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلا وَقَدْ أَتْحَفَكَ بِتُحْفَةٍ، وَإِنِّي لا أَقْدِرُ عَلَى مَا أُتْحِفُكَ بِهِ، إِلا ابْنِي هَذَا، فَخُذْهُ فَلْيَخْدُمْكَ مَا بَدَا لَكَ، فَخَدَمْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرُ سنسن، فَمَا ضَرَبَنِي وَلا سَبَّنِي سَبَّةً، وَلا عَبَسَ فِي وَجْهِي3. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِأَطْوَلِ مِنْ هَذَا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ قال: جاءت بي أم سليم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَزَّرَتْنِي بِنِصْفِ خِمَارِهَا وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، فَقَالَتْ: هَذَا أُنَيْسٌ ابْنِي أَتَيْتُكَ بِهِ يَخْدُمُكَ، فَادْعُ الله له، فقال: "اللهم أكثر ماله

_ 1 انظر الترمذي "8/ 39" والطبراني في الكبير "1/ 239". 2 خبر صحيح: أخرجه مسلم "2029" وأحمد "3/ 110" وابن سعد في الطبقات الكبرى "7/ 19". 3 انظره في الترمذي "589، 2678، 2698" وللمزيد انظر مجمع الزوائد "1/ 271-272".

وَوَلَدَهُ". قَالَ أَنَسٌ: فَوَاللَّهِ إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي يَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوٍ مِنْ مِائَةٍ الْيَوْمَ1. وَرَوَى نَحْوَهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسٌ خَادِمُكَ، ادْعُ اللَّهَ لَهُ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ"، فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ وَلَدِي أَنَّهُ دُفِنَ مِنْ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ2. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَطِلْ حَيَاتَهُ" فَاللَّهُ أَكْثَرَ مَالِي حَتَّى أَنَّ كَرْمًا لِي لَيَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَوُلِدَ لِصُلْبِي مِائَةٌ وَسِتَّةٌ3. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، ثنا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ، وَمُحَمَّدُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ السُّوذَرْجَانِيُّ4، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَضِيُّ، ثنا أَبُو عَمْرٍو حَكِيمٌ، ثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثَنَا محمد بْنُ عبد الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، فَقَالَ: "أَعِيدُوا تَمْرَكُمْ فِي وِعَائِكُمْ وَسَمْنَكُمْ فِي سِقَائِكُمْ فَإِنِّي صَائِمٌ"، ثم قال فِي نَاحِيَة الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِنَا صَلاةً غَيْرَ مَكْتُوبَةٍ، فَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَلِأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أم سليم: يا رسول الله إِنَّ لِي خُوَيْصَةٌ، قَالَ: "وَمَا هِيَ"؟ قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخرةٍ وَلا دُنْيَا إِلا دَعَا لِي بِهِ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالا وَوَلَدًا وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ " 5، فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالا. وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أَمِينَةُ أَنَّهُ دُفِنَ مِنْ صُلْبِي إِلَى مَقْدَمِ الْحَجَّاجُ الْبَصْرَةَ تسعةٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، عن أبي خلدة قال: قلت

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 229" ومسلم "2481" والترمذي "3829" وأحمد "3/ 194". 2 تقدم تخريجه. 3 تقدم تخريجه وهو في البخاري في كتاب الأدب المفرد "222-223". 4 نسبة إلى بلد من قرى أصبهان. 5 حديث صحيح: تقدم تخريجه وانظر البخاري "4/ 198، 199".

لِأَبِي الْعَالِيَةِ: سَمِعَ أَنَسٌ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: خَدَمَهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَدَعَا لَهُ، وَكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الْفاكِهَةَ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ فِيهَا رَيْحَانُ يَجِيءُ مِنْهُ رِيحُ الْمِسْكِ. أَبُو خَلَدَةَ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثنا الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَوْلَى لِأَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: شَهِدْتَ بَدْرًا؟ فَقَالَ: لا أُمَّ لَكَ، وَأَيْنَ غِبْتُ عَنْ بدرٍ؟ قَالَ الأَنْصَارِيُّ: خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو غُلامٌ يَخْدُمُهُ. وَقَدْ رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، عَنِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثُمَامَةَ قَالَ: قِيلَ لِأَنَسٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. قُلْتُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ الْمَغَازِي قَالَ هَذَا. وَعَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَالَ: غَزَا أَنَسٌ ثَمَانِ غَزَوَاتٍ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ؛ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ ابْنِ أُمِّ سُلَيْمٍ، يَعْنِي أَنَسًا1. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ: كَانَ أَنَسٌ أَحْسَنَ النَّاسِ صَلاةً فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ. وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ قَالَ: كَانَ أَنَسٌ يُصَلِّي حَتَّى تَقْطُرُ قَدَمَاهُ دَمًا مِمَّا يُطِيلُ الْقِيَامَ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا ثَابِتٌ قَالَ: جَاءَ قَيِّمُ أَرْضِ أَنَسٍ فَقَالَ: عَطِشَتْ أَرَضُوكَ، فَتَرَدَّى أَنَسٌ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْبَرِيَّةِ، ثُمَّ صَلَّى وَدَعَا، فَثَارَتْ سحابةٌ وَغَشَتْ أَرْضَهُ وَمَطَرَتْ حَتَّى مَلأَتْ صِهْرِيَةً لَهُ، وَذَلِكَ فِي الصَّيْفِ، فَأَرْسَلَ بَعْضَ أَهْلِهِ فَقَالَ: انْظُرْ أَيْنَ بَلَغَتْ، فَإِذَا هِيَ لَمْ تَعْدُ أَرْضَهُ إِلا يَسِيرًا. رَوَى نَحْوَهُ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثُمَامَةَ. وَقَالَ هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي مَنْ صَحِبَ أَنَسًا قَالَ: لَمَّا أَحْرَمَ لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أُكَلِّمَهُ حَتَّى حَلَّ من شدة إبقائه عَلَى إِحْرَامِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَ إِلَى أنس بن مالك ليوجهه على البحرين ساعيًا، فدخل عليه عمر فقال: إني أردت أن أبعث هذا على البحرين،

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 20-21".

وَهُوَ فَتًى شَابٌّ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ابْعَثْهُ، فَإِنَّهُ لبيبٌ كاتبٌ، فَبَعَثَهُ، فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: هَاتِ مَا جِئْتَ بِهِ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْبَيْعَةُ أَوَّلا، فَبَسَطَ يَدَهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي أَبُو بَكْرٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَدِمْتُ وَقَدْ مَاتَ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَنَسٌ، أَجِئْتَنَا بظهرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: جِئْتَنَا بِالظَّهْرِ، وَالْمَالُ لَكَ. قُلْتُ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ، فَهُوَ لَكَ. وَكَانَ أَرْبَعَةَ آلافٍ. وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَكَانَ يَخْدُمُنِي، وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الأَنْصَارَ يَفْرَحُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ، فَلا أَرَى أَحَدًا مِنْهُمْ إِلا خَدَمْتُهُ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: كَتَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْدَ مَوْتِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ إِلَى أَنَسٍ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ بِالْبَصْرَةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَقَالَ الأَعْمَشُ: كَتَبَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، يَعْنِي لَمَّا آذَاهُ الْحَجَّاجُ: إِنِّي خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِسْعَ سِنِينَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ النَّصَارَى أَدْرَكُوا رَجُلا خَدَمَ نَبِيَّهُمْ لأَكْرَمُوهُ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ بِالْقَصْرِ، وَالْحَجَّاجُ يُعَرِّضُ النَّاسَ لَيَالِيَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَجَاءَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: يَا خَبِيثُ جوالٌ فِي الْفِتَنِ، مَرَّةً مَعَ عَلِيٍّ، وَمَرَّةً مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَرَّةً مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَسْتَأْصِلَنَّكَ كَمَا تُسْتَأْصَلُ الصَّمْغَةُ، وَلَأُجَرِّدَنَّكَ كَمَا يُجَرَّدُ الضَّبُّ. قَالَ: يَقُولُ أَنَسٌ: مَنْ يَعْنِي الأَمِيرُ؟ قَالَ: إِيَّاكَ أَعْنِي، أَصَمَّ اللَّهُ سَمْعَكَ، فَاسْتَرْجَعَ أَنَسٌ، وَشُغِلَ الْحَجَّاجُ، وَخَرَجَ أنسٌ، فَتَبِعْنَاهُ إِلَى الرَّحْبَةِ، فَقَالَ: لَوْلا أَنِّي ذَكَرْتُ وَلَدِي وَخَشِيتُهُ عَلَيْهِمْ بَعْدِي لَكَلَّمْتُهُ بكلامٍ لا يَسْتَحْيِينِي بَعْدَهُ أَبَدًا1. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ، عَنْ أَزْهَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ فِي الْخَيْلِ الَّذِينَ بَيَّتُوا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَكَانَ فِيمَنْ يُؤَلِّبُ عَلَى الْحَجَّاجِ، وَكَانَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَشْعَثِ، فَأَتَوْا بِهِ الْحَجَّاجَ، فَوَسَمَ فِي يَدِهِ: "عَتِيقُ الحجاج".

_ 1 انظر الطبراني "1/ 247" ومجمع الزوائد "7/ 274".

وَقَالَ الأَعْمَشُ: كَتَبَ أَنَسٌ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِسْعَ سِنِينَ، وَإِنَّ الْحَجَّاجَ يُعَرِّضُنِي لِحَوَكَةِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ: يَا غُلامُ، أُكْتُبْ إِلَيْهِ: وَيْلَكَ قَدْ خَشِيتُ أَنْ لا يُصْلَحَ عَلَى يَدِكَ أحدٌ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا. فَقُمْ إِلَى أَنَسٍ حَتَّى تَعْتَذِرَ إِلَيْهِ، قَالَ الرَّسُولُ: فَلَمَّا جِئْتُهُ قَرَأَ الْكِتَابَ ثُمَّ قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ بِمَا هُنَا؟ قُلْتُ: إِيْ وَاللَّهِ، وَمَا كَانَ فِي وَجْهِهِ أَشَدُّ مِنْ هَذَا، قَالَ: سمعٌ وَطَاعَةٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَعْلَمْتُهُ، فَأَتَيْتُ أَنَسًا، فَقُلْتُ: أَلا تَرَى قَدْ خَافَكَ، وَأَرَادَ أَنْ يَقُومَ إِلَيْكَ، فَقُمْ إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى دَنَا مِنْهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ غَضِبْتَ؟ قَالَ: كَيْفَ لا أَغْضَبُ؟ تُعَرِّضُنِي لِحَوَكَةِ الْبَصْرَةِ قَالَ: إِنَّمَا مِثْلِي وَمِثْلُكَ كَقَوْلِ الَّذِي قَالَ: "إِيَّاكَ أَعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَةُ"، أَرَدْتُ أَنْ لا يَكُونَ لأحدٍ عَلَيَّ مَنْطِقٌ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَبْرَصَ، وَبِهِ وضحٌ شديدٌ، وَرَأَيْتُهُ يَأْكُلُ، فَيَلْقَمُ لُقَمًا كِبَارًا. وَقَالَ عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: يَقُولُونَ: لا يَجْتَمِعُ حُبُّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ، وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ حُبَّهُمَا فِي قُلُوبِنَا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا رَأَتْ أَنَسًا مُتَخَلِّقًا بِالْخَلُوقِ، وَكَانَ بِهِ برصٌ، فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقُولُ لِأَهْلِهِ: لَهَذَا أَجْلَدُ مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ سَهْلٍ. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا لِي. وَقَالَ خَلِيفَةُ: قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: مَاتَ لِأَنَسٍ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ ثَمَانُونَ ابْنًا، وَيُقَالُ سَبْعُونَ فِي سَنَةِ تسعٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: ثنا عِمْرَانُ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: ضَعُفَ أَنَسٌ عَنِ الصَّوْمِ، فَصَنَعَ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيدٍ، وَدَعَا ثَلاثِينَ مِسْكِينًا فأطعمهم. قلت: أنس -رضي الله عنهم- مِمَّنِ اسْتَكْمَلَ مِائَةَ سَنَةٍ بيقينٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ. وَقَدْ قَالَ شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثنا مُعْتَمِرٌ عَنْ حُمَيْدٍ: أَنَّ أَنَسًا مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَأَبُو عبيدة.

وقال الواقدي: سنة اثنتين وتسعين، تَابَعَهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابنٍ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَالْمَدَائِنِيُّ، وَالْفَلَّاسُ، وَخَلِيفَةُ، وَقَعْنَبُ، وَغَيْرُهُمْ سَنَةَ ثَلاثٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ: اخْتَلَفَ عَلَيْنَا مَشْيَخَتُنَا فِي سِنِّ أَنَسٍ، فَقَالَ بَعْضُهْم: بَلَغَ مِائَةً وَثَلاثَ سِنِينَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلَغَ مِائَةً وَسَبْعَ سِنِينَ. وقال يحيى بن بكير: نوفي أَنَسٌ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَسَنَةٍ. قُلْتُ: وَفِي الصَّحَابَةِ. 213- أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْكَعْبِيُّ1 -4- الْقُشَيْرِيُّ أَبُو أُمَيَّةَ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ لَفْظُهُ: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ2. رَوَى عَنْهُ: أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَوَادَةَ الْقُشَيْرِيُّ. حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ. 214- أَوْسُ بْنُ ضَمْعَجَ3 -م4- الحضرمي، ويقال النخعي الكوفي. عن: سلمان، وَأَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعيُّ، وَابْنُهُ عِمْرَانُ بْنُ أَوْسٍ. قَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: كَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ الأُوَلِ، وَذُكِرَ لَهُ فَضْلا، وَأَثْنَى عَلَيْهِ شُعْبَةُ. رَوَى له الخمسة حديثًا واحدًا في الإمامة4.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 45" والجرح والتعديل "2/ 286" والثقات لابن حبان "3/ 5" وتهذيب الكمال "3/ 387-380". 2 أخرجه أبو داود "2408" والنسائي "2/ 180-182" والترمذي "711" وابن ماجه "1667" وحسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة "2042، 2043، 2044". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 213" والجرح والتعديل "2/ 304" وتهذيب الكمال "3/ 290-392" والثقات للعجلي "74". 4 وهو حديث "ليؤمكم أقروكم لكتاب الله ... " الحديث: أخرجه مسلم "673" وأبو داود "582-584" والنسائي "2/ 76" والترمذي "235" وابن ماجه "980".

215- أوسط البجلي الحمصي1 -ق بخ- ابن إسماعيل، وَقِيلَ: ابْنُ عَامِرٍ، وَقِيلَ: ابْنُ عَمْرٍو. نَزَلَ دمشق، وروى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ. وعنه: سليم بن عامر الخبايري، ولقمان بن عامر، وحبيب بن عبيد. له حديثٌ واحد في سؤال العافية، عَنِ الصِّدِّيقِ. 216- أَيْمَنُ الْحَبَشِيُّ2 -خ- مَوْلَى عُتْبَةَ بن أبي لهب الهاشمي، وعتيق ابن مَخْزُومٍ، وَهُوَ وَالِدُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَسَعْدٍ، وَجَابِرٍ. لم يرو عنه إلا ابنه. قال أبو زرعة: ثقة. قلت: لم يخرج له إلا البخاري. 217- أيوب بن بشير -د ت- بْنِ سَعْدِ بْنِ النُّعْمَانِ3 الأَنْصَارِيُّ الْمُعَاوِيُّ الْمَدَنِيُّ أبو سليمان. وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَرْسَلَ عَنْهُ، وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ. وَتُوُهِّمَ أَنَّهُ أَخُو النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ. وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو طُوَالَةَ، وَعَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، شَهِدَ الْحَرَّةَ وَجُرِحَ بِهَا جِرَاحَاتٍ كَثِيرَةً، وَمَاتَ بَعْدَ ذلك. 218- أيوب بن خالد -م ت ن- بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ الْمَدَنِيُّ4، نزيل برقة.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 441" والجرح والتعديل "2/ 346" وتهذيب الكمال "3/ 394" والثقات للعجلي "74". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 318" وتهذيب الكمال "3/ 451" والكاشف "1/ 92" وتهذيب التهذيب "1/ 394". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 79" والجرح والتعديل "2/ 242" والثقات لابن حبان "6/ 56" وتهذيب الكمال "3/ 453-445". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 245" والثقات لابن حبان "6/ 54" وتهذيب الكمال "3/ 468-470".

عَنْ: أَبِيهِ، وَجَابِرٍ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: عُمَرُ مَوْلَى عَفْرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَهُوَ رَاوِي حَدِيثِ: "خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ" 1 الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ. 219- أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَلِيَ غَزْوَ الصائفة2، ورشحه أبو لِوِلايَةِ الْعَهْدِ، فَمَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ بِأَيَّامٍ. وَفِيهِ يَقُولُ جَرِيرٌ: إِنَّ الإِمَامَ الَّذِي تُرْجَى نَوَافِلُهُ ... بعد الإمام ولي الْعَهْدِ أَيُّوبُ "حرف الْبَاءِ": 220- بَجَالَةُ بْنُ عَبْدَةَ التميمي -خ د ت ن- العنبري البصري3، كَاتِبُ جَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَنْ كِتَابِ عُمَرَ فِي الْمَجُوسِ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَقُشَيْرُ بْنُ عَمْرٍو، وَقَتَادَةُ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي نُسَّاكِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. 221- بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى بَنِي الْحَضْرَمِيِّ4 السَّيِّدُ الْعَابِدُ الْفَقِيهُ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَطَائِفَةٍ. رَوَى عَنْهُ: بُكَيْرٌ، وَيَعْقُوبُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم التيمي، وزيد بن اسلم، وآخرون.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2789" وأحمد "2/ 327". 2". 2 انظر تاريخ الطبري "6/ 451" والكامل في التاريخ "1/ 572-573" 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 130." والجرح والتعديل "2/ 437" وتهذيب الكمال "4/ 8-9" والثقات لابن حبان "4/ 83". 4 انظر طبقات ابن سعد "5/ 281-282" والجرح والتعديل "2/ 423" والثقات لابن حبان "4/ 78، 79".

وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَبْلَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الْمُنْقَطِعِينَ وَالزُّهَّادِ، كَثِيرَ الْحَدِيثِ، وَوَرَدَ أَنَّ الْوَلِيدَ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ المدينة؟ قَالَ: مَوْلَى لِبَنِي الْحَضْرَمِيِّ يُقَالُ لَهُ بُسْرٌ. وَقِيلَ: إِنَّ رَجُلا وَشَى عَلَى بُسْرٍ عِنْدَ الْوَلِيدِ بِأَنَّهُ يَعِيبُكُمْ، فَأَحْضَرَهُ وَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لِمَ أَقُلْهُ، وَاللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَأرِنِي بِهِ آيَةً، فَاضْطَرَبَ الرَّجُلُ حَتَّى مَاتَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَاتَ بُسْرٌ وَمَا خَلَّفَ كفنًا. 222- بسر بن محجن -ن- الديلي1 المدني روى عن: أبيه في صلاة الجماعة. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، حَدِيثَهُ فِي الْمُوَطَّأِ. وَالأَصَحّ أَنَّهُ بِشْرٌ بِالْكَسْرِ، وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ: بِالضَّمِّ وَالإِهْمَالِ. 223- بَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ -ع- أبو الشعثاء البصري2 عَنْ: بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَّةِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَهُ عَنْهُ صَحِيفَةٌ. وَعَنْهُ: أَبُو الْوَلِيدِ بَرَكَةُ الْمُجَاشِعِيُّ، وأبو مجلزلاحق، وَالنَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ، وَخَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ. وَكَانَ صَالِحًا مِنَ الثِّقَاتِ. وَشَذَّ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. بشير بن كعب العلوي تقدم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 423" والثقات لابن حبان "4/ 9" وتهذيب الكمال "4/ 77-78". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 223" والجرح والتعديل "2/ 379" والثقات لابن حبان "4/ 70-71" وتهذيب الكمال "4/ 18، 182".

224- بِلالُ بْنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ1 الدِّمَشْقِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقٍ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَامْرَأَةَ أَبِيهِ أُمِّ الدَّرْدَاءِ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ زيد ابن جُدْعَانَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ أَسَنُّ مِنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: بِلالُ بْنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَمِيرُ الشَّامِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَلِيَ الْقَضَاءَ، ثُمَّ فضالة بن عبيد، ثن النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، ثُمَّ بِلالُ بْنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَزَلَهُ بِأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ. 225- بِلالُ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ2. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلاءَ، وَغَيْرُهُمَا. شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَبَقِيَ إِلَى خِلافَةِ سُلَيْمَانَ. قَالَ رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ: إِنَّهُ دَخَلَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَإِلَى جَانِبِهِ بِلالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَلَى السَّرِيرِ. "حرف التَّاءِ": 226- تَمِيمُ بن سلمة -م د ت ق- الكوفي3 عَنْ: شُرَيْحٍ الْقَاضِي، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلالٍ الْعَبْسِيُّ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَلا تُعْلَمُ لَهُ رِوَايَةٌ عَنِ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنْهُ: طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَمَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَتُوُفِّيَ سنة مائة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 397" والثقات لابن حبان "4/ 64" وتهذيب الكمال "4/ 285-288". 2 انظر الثقات لابن حبان "4/ 65". 3 انظر طبقات ابن سعد "6/ 287" والجرح والتعديل "2/ 441" والثقات لابن حبان "4/ 86".

227- تميم بن طرفة -م د ن ق- الطائي الكوفي1. يَرْوِي عَنْ: جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ. روى عنه: سماك بن حرب، وعبد العزيز بن رفيع، والمسيب بن رافع. وثقه النسائي. توفي سنة أربعٍ وتسعين. "حرف الثاء": 228- ثابت بن عبد الله بن الزبير ابن العوام2، أبو مصعب، ويقال: أبو حكمة الأسدي الزبيري. روى عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ. وعنه: نافع، وإسحاق والد عباد بن إسحاق. ووفد على عبد الملك بعد مقتل والده، ثم على سليمان بن عبد الملك. قال الزبير بن بكار: كان لسان آل الزبير جلدا وفصاحة وبيانا. وَحَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ قَالَ: لَمْ يَزَلْ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ خَبِيبٌ، وَحَمْزَةُ، وَثَابِتٌ، عِنْدَ جَدِّهِمْ مَنْظُورِ بْنِ زَبَّانٍ بِالْبَادِيَةِ، حَتَّى تَحَرَّكَ ثَابِتٌ فَقَالَ: الْحَقُوا بِنَا بِأَبِينَا، فَزَعَمُوا أَنَّ ثَابِتًا جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، فَزَوَّجَهُ أَبُوهُ، وَكَانَ يَشْهَدُ الْقِتَالَ مَعَ أَبِيهِ وَيُبَارِزُ، وَكَانَ قَدْ أَشَارَ عَلَى أَبِيهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ، فَلَمْ يُطِعْهُ، وَقَيَّدَهُ خَوْفًا مِنْ هَرَبِهِ. لَهُ أَخْبَارٌ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ. 229- ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مالك -خ د ق- القرظي3 حَلِيفُ الأَنْصَارِ، إِمَامُ مَسْجِدِ بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: سِنَّهُ سِنُّ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، وَقِصَّتُهُ كقصته.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 288" والجرح والتعديل "2/ 442" والثقات لابن حبان "4/ 85، 804". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 454" والثقات لابن حبان "4/ 90". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 79" والجرح والتعديل "2/ 463" وتهذيب الكمال "4/ 397-398" والإصابة "1/ 201".

رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، وَعَمُّهُ مَوْلَى عَفْرَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وجماعة. "حرف الْجِيمِ": جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ. في الكنى. 230- جعفر بن عمرو1 -سوى د- بن أمية الضمري المدني، أَخُو عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ مِنَ الرِّضَاعَةِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَوَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. روى عنه: سليمان بن يسار، وأبو قلابة، والزهري، وغيرهم. وثقه أحمد العجلي. توفي سنة خمسٍ أو ست وتسعين. 231- جميل بن عبد الله2، ابن معمر، أبو عمرو العذري، الشاعر المشهور، صَاحِبُ بُثَيْنَةَ. رَوَى عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَهُوَ الْقَائِلُ: أَلا لَيْتَ رَيْعَانَ الشَّبَابِ جَدِيدُ ... وَدَهْرًا تَوَلَّى يَا بُثَيْنُ يَعُودُ فَكُنَّا كَمَا كُنَّا نَكُونُ وَأَنْتُمْ ... صديقٌ وَإِذْ مَا تَبْذُلِينَ زَهِيدُ لِكُلِّ حديثٍ عِنْدَهُنَّ بشاشةٌ ... وَكُلُّ قتيلٍ عِنْدَهُنَّ شَهِيدُ وَلَهُ يَرْوِيهِ ثَعْلَبٌ: خَلِيلَيَّ فِيمَا عِشْتُمَا هَلْ رَأَيْتُمَا ... قَتِيلا بَكَى من حب قاتله قبلي؟

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 247" والجرح والتعديل "28/ 484" وتاريخ الطبري "2/ 541" والثقات لابن حبان "4/ 104". 2 انظر الأغاني "8/ 90" وسير أعلام النبلاء "4/ 181" وشذرات الذهب "1/ 397".

أَفِي أُمِّ عَمْرٍو تَعْذِلانِي هُدِيتُمَا ... وَقَدْ تَيَّمَتْ قلبي بِهَا عَقْلِي وَلَهُ يَرْوِيهِ الصَّنْدَلِيُّ: أَرَيْتُكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ الْوِدّ عَنْ قِلًى ... وَلَمْ يَكُ عِنْدِي إِنْ أَبَيْتَ إِبَاءُ أَتَارِكَتِي لِلْمَوْتِ أَنْتِ فميتٌ ... وَعِنْدَكِ لِي لَوْ تَعْلَمِينَ شِفَاءُ فَوَاكَبِدِي مِنْ حب من لا يجيبني ... وَمِنْ عبراتٍ مَا لَهُنَّ فَنَاءُ وَأَنْشَدَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ لِجَمِيلٍ: خَلِيلِيَّ عُوجَا الْيَوْمَ عنّي فَسَلِّما ... عَلَى عَذْبَةِ الأَنْيَابِ طَيِّبَةِ النَّشْرِ فَإِنَّكُمَا إِنْ عِجْتُمَا بِي سَاعَةً ... شَكَرْتُكُمَا حَتَّى أُغَيَّبَ فِي قبري وما لي لا أَبْكِي وَفِي الأَيْكِ نائحٌ ... وقد فارقتني شختة الكشح والخصر أيبكي حمام الأيك من فقد إلفه ... وأصبر مالي عَنْ بُثَيْنَةَ مِنْ صَبْرِ يَقُولُونَ: مسحورٌ يُجَنُّ بِذِكْرِهَا ... فَأُقْسِمُ مَا بِي مِنْ جنونٍ وَلا سِحْرِ وَأُقْسِمُ لا أَنْسَاكِ مَا ذَرَّ شارقٌ ... وَمَا أَوْرَقَ الأَغْصَانُ فِي وَرَقِ السِّدْرِ ذَكَرْتُ مَقَامِي لَيْلَةَ الْبَابِ قَابِضًا ... عَلَى كَفِّ حَوْرَاءِ الْمَدَامِعِ كَالْبَدْرِ فَكِدْتُ وَلَمْ أَمْلِكُ إِلَيْهَا صَبَابَةً ... أَهِيمُ، وَفَاضَ الدَّمْعُ مِنِّي عَلَى النَّحْرِ أَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... كليلتنا حَتَّى يرى ساطع الفجر فليت إلهي قَدْ قضى ذاك مرة ... فَيَعْلَمُ رَبِّي عِنْدَ ذَلِكَ مَا شُكْرِي وَلَوْ سَأَلَتْ مِنِّي حَيَاتِي بَذَلْتُهَا ... وَجُدْتُ بِهَا إِنْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ أَمْرِي وَلِجَمِيلٍ: أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادِي الْقُرَى إِنِّي إِذًا لَسَعِيدُ إِذَا قُلْتُ مَا بِي يَا بُثَيْنَةُ قَاتِلِي ... مِنَ الْحُبِّ قَالَتْ ثابتٌ وَيَزِيدُ وَإِنْ قُلْتُ رُدِّي بَعْضَ عَقْلِي أَعِشْ بِهِ ... مَعَ النَّاسِ قَالَتْ ذَاكَ مِنْكَ بَعِيدُ فَلا أَنَا مردودٌ بِمَا جِئْتُ طَالِبًا ... وَلا حُبُّهَا فِيمَا يبيد يبيد

وَلَهُ: لَمَّا دَنَا الْبَيْنُ بَيْنَ الْحَيِّ وَاقْتَسَمُوا ... حَبْلَ النَّوَى فَهُوَ فِي أَيْدِيهِمْ قُطَعُ جَادَتْ بِأَدْمُعِهَا لَيْلَى فَأَعْجَبَنِي ... وَشْكُ الْفِرَاقِ فَمَا أَبْكِي وَلا أَدَعُ يَا قَلْبُ وَيْحَكَ لا عَيْشَ بِذِي سلمٍ ... وَلا الزَّمَانَ الَّذِي قَدْ مَرَّ يَرْتَجِعُ أَكُلَّمَا مَرَّ حَيٌّ لا يُلايِمُهُمْ ... وَلا يُبَالُونَ أَنْ يَشْتَاقَ مَنْ فَجَعُوا عَلَّقَتْنِي بِهَوًى مِنْهُمْ فَقَدْ كَرَبْتُ ... مِنَ الْفِرَاقِ حَصَاةُ الْقَلْبِ تَنْصَدِعُ وَلَهُ مَطْلَعُ قَصِيدَةٍ: أَلا أَيُّهَا النُّوَّامُ وحكم هُبُّوا ... أُسَائِلُكُمْ هَلْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ الْحُبُّ؟ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قَالَ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ السَّاعِدِيُّ: بَيْنَا أَنَا بِالشَّامِ، إِذْ لَقِيَنِي رجلٌ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي جميلٍ نَعُودُهُ، فَإِنَّهُ ثَقِيلٌ؟ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، وَمَا يُخَيَّلُ إِلَيّ أَنَّ الْمَوْتَ بَكَّرَ بِهِ، فَقَالَ: يَا بْنَ سَهْلٍ، مَا تَقُولُ فِي رجلٍ لَمْ يَشْرَبِ الْخَمْرَ قَطُّ، وَلَمْ يَزْنِ، وَلَمْ يَقْتُلْ نَفْسًا يَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهَ؟ قُلْتُ: أَظُنُّهُ قَدْ نَجَا، فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: أَنَا. فَقُلْتُ: مَا أَحْسَبُكَ سَلِمْتَ، أَنْتَ تُشَبِّبُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً بِبُثَيْنَةَ. فَقَالَ: لا نَالَتْنِي شَفَاعَةُ محمدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنْ كُنْتُ وَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهَا لريبةٍ. فَمَا بَرِحْنا حَتَّى مات، رحِمه اللَّه تَعَالَى. "حرف الحاء": 232- حبيب بن صهبان1 -بخ- الأسدي الكاهلي الكوفي. عَنْ: عُمَرَ، وَعَمَّارٍ. وَعَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَأَبُو حُصَيْنٍ الأَسَدِيُّ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ. 233- الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بن الْحَكَمِ2 بْنِ أَبِي عُقَيْلِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، أمير العراق، أبو محمد.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 166" والجرح والتعديل "3/ 103" والثقات لابن حبان "4/ 138" وتهذيب الكمال "5/ 382-383". 2 الجرح والتعديل "3/ 168" وتاريخ أبي زرعة "1/ 192، 480" وسير أعلام النبلاء "4/ 343" والبداية والنهاية "9/ 117".

وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، أَوْ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ. وَرَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ، وَابْنِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ. وَكَانَ لَهُ بِدِمَشْقَ آدُرُ. وَلِيَ إِمْرَةَ الْحِجَازِ، ثُمَّ وَلِيَ الْعِرَاقَ عِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلا مَأْمُونٍ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْصَحَ مِنَ الْحَسَنِ وَالْحَجَّاجِ، وَالْحَسَنُ أَفْصَحُهُمَا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: مَا بَالُ الْحَجَّاجِ لا يُهَيِّجُكَ كَمَا يُهَيِّجُ النَّاسَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مَعَ أَبِيهِ، فَصَلَّى، فَأَسَاءَ الصَّلاةِ، فَحَصَبْتُهُ، فَقَالَ: لا أزل أُحْسِنُ صَلاتِي مَا حَصَبَنِي سَعِيدٌ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ1 أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَنَا $"أَنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا"، فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَقَدْ رَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فلاف إِخَالُكَ إِلا إِيَّاهُ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ: أَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ يَخْطُبُ وَابْنُ عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ، فَخَطَبَ النَّاسَ حَتَّى أَمْسَى، فَنَادَاهُ ابْنُ عُمَرَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ الصَّلاةُ، فَأُقْعِدَ، ثُمَّ نَادَاهُ الثَّانِيَةَ، فَأُقْعِدَ، ثُمَّ نَادَاهُ الثَّالِثَةَ، فَأُقْعِدَ، فَقَالَ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ نَهَضْتُ أَتَنْهَضُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَنَهَضَ فَقَالَ: الصَّلاةُ فَلا أَرَى لَكَ فِيهَا حَاجَةً، فَنَزَلَ الْحَجَّاجُ فَصَلَّى، ثُمَّ دَعَا بِهِ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: إِنَّمَا نَجِيءُ لِلصَّلاةِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلِّ لِوَقْتِهَا، ثُمَّ نَقْنِقْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شِئْتَ مِنْ نَقْنَقَةٍ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ قَالَ: قَدِمَ مَرْوَانُ مِصْرَ وَمَعَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُوهُ، فَبَيْنَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّ بِهِمْ سُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ، وَكَانَ قَاصَّ الْجُنْدِ، وَكَانَ خِيَارًا، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَوْ أجد هذا خلف

_ 1 انظر صحيح مسلم "2545" والترمذي "2317" وأحمد "2/ 26" وهو حديث صحيح.

حَائِطِ الْمَسْجِدِ وَلِي عَلَيْهِ سلطانٌ لَضَرَبْتُ عُنُقَهُ، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يُثَبِّطُونَ عَنْ طَاعَةِ الْوُلاةِ، فَشَتَمَهُ وَالِدُهُ وَلَعَنَهُ وَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعِ الْقَوْمَ يَذْكُرُونَ عَنْهُ خَيْرًا، ثُمَّ تَقُولُ هَذَا؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ رَأْيِي فِيكَ أَنَّكَ لا تَمُوتُ إِلا جَبَّارًا شَقِيًّا. وَكَانَ أَبُو الْحَجَّاجِ فَاضِلا. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: كَانَ الْحَجَّاجُ عَلَى مَكَّةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بِوِلايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ، فَخَرَجَ فِي نفرٍ ثَمَانِيَةٍ أَوْ تِسْعَةٍ عَلَى النَّجَائِبِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: مَا رُؤِيَ مِثْلُ الْحَجَّاجِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَلا مِثْلُهُ لِمَنْ عَصَاهُ. وَرَوَى ابْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعَ الْحَجَّاجُ تَكْبِيرًا فِي السُّوقِ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ صَعَدَ الْمِنْبَرَ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، وَأَهْلَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ، وَمَسَاوِئِ الأَخْلاقِ، قَدْ سَمِعْتُ تَكْبِيرًا لَيْسَ بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ اللَّه فِي التَّرْهِيبِ، وَلَكِنَّهُ الَّذِي يُرَادُ التَّرْغِيبُ، إِنَّهَا عجاجةٌ تَحْتَهَا قصفٌ، أَيْ بَنِي اللَّكِيعَةِ، وَعَبِيدِ الْعَصَا، وَأَوْلَادِ الإِمَاءِ، أَلا يَرْقَأُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ عَلَى ظَلْعِهِ، وَيُحْسِنُ حَمْلَ رَأْسِهِ، وَحَقْنَ دَمِهِ، وَيُبْصِرُ مَوْضِعَ قَدَمِهِ، وَاللَّهِ مَا أَرَى الأُمُورَ تَثْقُلُ بِي وَبِكُمْ حَتَّى أُوقِعَ بِكُمْ وَقْعَةً تَكُونُ نِكَالا لِمَا قَبْلَهَا، وَتَأْدِيبًا لِمَا بَعْدَهَا. وَقَالَ سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ، رَجُلٌ خَطَمَ نَفْسَهُ وَزَمَّهَا، فَقَادَهَا بِخِطَامِهَا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَعَنَجَها بِزِمَامِهَا عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَخْطُبُ فَقَالَ: امرؤٌ رَدَّ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْحِسَابُ إِلَى غَيْرِهِ، امْرُؤٌ نَظَرَ إِلَى مِيزَانِهِ، فَمَا زَالَ يَقُولُ امْرُؤٌ حَتَّى أَبْكَانِي. وَعَنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: امرؤٌ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ؛ امرؤٌ أَفَاقَ وَاسْتَفَاقَ وَأَبْغَضَ الْمَعَاصِي وَالنِّفَاقَ، وَكَانَ إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالأَشْوَاقِ. وعن الحجاج أن خَطَبَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ الصَّبْرُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ أَيْسَرُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى عَذَابِ اللَّهِ. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: ويحك مَا أَصْفَقَ وَجْهَكَ، وَأَقَلَّ حَيَاءَكَ، تَفْعَلُ مَا تَفْعَلُ، ثُمَّ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا؟ فَأَخَذُوهُ، فَلَمَّا نَزَلَ دَعَا بِهِ فَقَالَ: لَقَدِ اجْتَرَأْتَ، فَقَالَ: يَا حَجَّاجُ، أَنْتَ تَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ فَلا تُنْكِرُهُ عَلَى نَفْسِكَ، وَأَجْتَرِئُ أَنَا عَلَيْكَ فَتُنْكِرُهُ عَلَيَّ، فَخَلَّى سبيله.

وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ الْحَجَّاجُ يَوْمًا: مَنْ كَانَ لَهُ بَلاءٌ فَلْيَقُمْ فَلْنُعْطِهِ عَلَى بَلائِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَعْطِنِي عَلَى بَلائِي. قَالَ: وَمَا بَلاؤُكَ؟ قَالَ: قَتَلْتُ الْحُسَيْنَ. قَالَ: وَكَيْفَ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: دَسَرْتُهُ بِالرُّمْحِ دَسْرًا، وَهَبَرْتُهُ بِالسَّيْفِ هَبْرًا، وَمَا أَشْرَكْتُ مَعِي فِي قَتْلِهِ أَحَدًا، قَالَ: أَمَا إِنَّكَ وَإِيَّاهُ لَنْ تَجْتَمِعَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. فَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ. وَرَوَى شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الملك بن عمير. ورواه صالح بن موسى الطلحي، عن عاصم بن بهدلة أنهم ذكروا الحسين -رضي الله عنهم، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لَمْ يَكُنْ مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ: كَذِبْتَ أَيُّهَا الأَمِيرُ، فَقَالَ: لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا قُلْتُ ببينةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، أَوْ لأقتلنك. فقال قوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ} [الأنعام: 84] إلى قوله {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بِأُمِّهِ، قَالَ: صَدَقْتَ، فَمَا حَمَلَكَ عَلَى تَكْذِيبِي فِي مَجْلِسِي؟ قَالَ: مَا أَخَذَ اللَّهُ على الأنبياء لتبيننه للناس ولا تكتمونه. قَالَ: فَنَفَاهُ إِلَى خُرَاسَانَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ، وَذَكَرَ هَذِهِ الآيَةَ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن: 16] ، فَقَالَ: هَذِهِ لِعَبْدِ اللَّهِ، لِأَمِينِ اللَّهِ وَخَلِيفَتِهِ، لَيْسَ فِيهَا مَثُوبَةٌ، وَاللَّهِ لَوْ أَمَرْتُ رَجُلا يَخْرُجُ مِنْ بَابِ هَذَا الْمَسْجِدِ فَأَخَذَ مِنْ غَيْرِهِ لَحَلَّ لِي دَمُهُ وَمَالُهُ، وَاللَّهِ لَوْ أَخَذْتُ رَبِيعَةَ بِمُضَرَ لَكَانَ لِي حَلالا، يَا عَجَبًا مِنْ عَبْدِ هُذَيْلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَقْرَأُ قُرْآنًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، مَا هُوَ إِلا رَجْزٌ مِنْ رَجِزِ الأَعْرَابِ، وَاللَّهِ لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه. رواها وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى شَيْخٌ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ. قَاتَلَ اللَّهُ الْحَجَّاجُ مَا أَجْرَأَهُ عَلَى اللَّهِ، كَيْفَ يَقُولُ هَذَا فِي الْعَبْدِ الصَّالِحِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: ذَكَرْتُ قَوْلَهُ هَذَا لِلأَعْمَشِ، فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ. وَرَوَاهَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، فَزَادَ: وَلا أَجِدُ أَحَدًا يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ إِلا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَلأَحُكَّنَّهَا مِنَ الْمُصْحَفِ وَلَوْ بضلع خنزير. وروها ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة. وَقَالَ الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ: ابْنُ مَسْعُودٍ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ، لَوْ أَدْرَكْتُهُ لأَسْقَيْتُ الأَرْضَ مِنْ دَمِهِ.

وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: رُبَّمَا دَخَلَ الْحَجَّاجُ عَلَى دَابَّتِهِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى حَلَقَةِ الْحَسَنِ، فَيَسْتَمِعَ إِلَى كَلامِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ يَقُولُ: يَا حَسَنُ لا تُمِلَّ النَّاسَ. قَالَ: فَيَقُولُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلا مَنْ لا حَاجَةَ لَهُ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَجَّاجِ: إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلا وَهُوَ يَعْرِفُ عَيْبَهُ، فَعِبْ نَفْسَكَ. قَالَ: أَعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنَا لجوجٌ حقودٌ حسودٌ، فَقَالَ: مَا فِي الشَّيْطَانِ شَرٌّ مِمَّا ذَكَرْتَ. وَقَالَ عبد الله بن صالح: ثنا معاوية بن صَالِحٍ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، قَالَ: أُخْبِرَ عُمَرُ بِأَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ قَدْ حَصَبُوا أَمِيرَهُمْ، فَخَرَجَ غَضْبَانُ، فَصَلَّى فَسَهَا فِي صَلاتِهِ، حَتَّى جَعَلُوا يَقُولُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: من ههنا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ؟ فَقَامَ رَجُلٌ، ثُمَّ آخَرُ، ثُمَّ قُمْتُ أَنَا، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الشَّامِ اسْتَعِدُّوا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ بَاضَ فِيهِمْ وَفَرَّخَ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ قَدْ لَبَّسُوا عَلَيَّ فَالْبِسْ عَلَيْهِمْ، وَعَجِّلْ عَلَيْهِمْ بِالْغُلامِ الثَّقَفِيِّ، يَحْكُمُ فيها بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ، لا يَقْبَلُ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَلا يَتَجَاوَزُ عَنْ مُسِيئِهِمْ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم- لِرَجُلٍ: لا مِتَّ حَتَّى تُدْرِكَ فَتَى ثَقِيفَ، قِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا فَتَى ثَقِيفَ؟ قَالَ: لَيُقَالَنَّ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: اكْفِنَا زَاوِيَةً مِنْ زَوَايَا جَهَنَّمَ، رجلٌ يَمْلِكُ عِشْرِينَ سَنَةً، أَوْ بِضْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، لا يَدَعُ لِلَّهِ مَعْصِيَةً إِلا ارْتَكَبَهَا. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ عَلِيًّا كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي ائْتَمَنْتُهُمْ. فَخَافُونِي، وَنَصَحْتُهُمْ فَغَشُّونِي، اللَّهُمَّ فَسَلِّطْ عَلَيْهِمْ غُلامَ ثَقِيفَ يَحْكُمُ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَزِيدَ: قَالَ رَأَيْتُ أَنَسًا -رضي الله عنهم- مَخْتُومًا فِي عُنُقِهِ خَتْمَةَ الْحَجَّاجِ، أَرَادَ أَنْ يُذِلَّهُ بِذَلِكَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ واحدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، يُرِيدُ أَنْ يُذِلَّهُمْ بِذَلِكَ، وَقَدْ مَضَتْ لَهُمُ الْعِزَّةُ بصُحبة رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ مُوسَى الضَّبِّيِّ قَالَ: أَمَرَ الْحَجَّاجُ أَنْ

تُوجَأَ عُنُقُ أَنَسٍ، وَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ هَذَا خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَلْتُهُ بِهِ لِأَنَّهُ سَيِّئُ الْبِلاءِ فِي الْفِتْنَةِ الأُولَى، غَاشُّ الصَّدْرِ فِي الْفِتْنَةِ الآخِرَةِ. وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زمانٌ يُصَلُّونَ فِيهِ عَلَى الْحَجَّاجِ. وَعَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ قَالَ: أَرَادَ الْحَجَّاجُ قَتْلَ الْحَسَنِ مِرَارًا، فَعَصَمَهُ اللَّهُ مِنْهُ، وَاخْتَفَى مَرَّةً فِي بَيْتِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ سَنَتَيْنِ. قُلْتُ: لِأَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَذُمُّ الأُمَرَاءَ الظَّلَمَةَ مُجْمَلا، فَأَغْضَبَ ذَلِكَ الْحَجَّاجَ. وَعَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: إِنَّ الْحَجَّاجَ عقوبةٌ سَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَلا تَسْتَقْبِلُوا عُقُوبَةَ اللَّهِ بِالسَّيْفِ، وَلَكِنِ اسْتَقْبِلُوهَا بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: حَدَّثَنِي جليسٌ لِهِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِعَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ: أَخْبِرْنِي بِبَعْضِ مَا رَأَيْتَ مِنْ عَجَائِبِ الْحَجَّاجِ. قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَهُ لَيْلَةً، فَأُتِيَ برجلٍ، فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ وَقَدْ قُلْتُ: لا أَجِدُ فِيهَا أَحَدًا إِلا فَعَلْتُ بِهِ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لا أَكْذِبُ الأَمِيرَ، أُغْمِيَ عَلَى أُمِّي مُنْذُ ثلاثٍ، فَكُنْتُ عِنْدَهَا، فَلَمَّا أَفَاقَتِ السَّاعَةَ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ، فَإِنَّهُمْ مَغْمُومُونَ لِتَخَلُّفِكَ عَنْهُمْ، فَخَرَجْتُ، فَأَخَذَنِي الطَّائِفَ، فَقَالَ: نَنْهَاكُمْ وَتَعْصُونَا اضْرِبْ عُنُقَهُ. ثُمَّ أُتِيَ برجلٍ آخَرَ، فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ لا أَكْذِبُكَ، لَزِمَنِي غريمٌ فَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ أَغْلَقَ الْبَابَ وَتَرَكَنِي عَلَى بَابِهِ، فَجَاءَنِي طَائِفُكَ فَأَخَذَنِي، فَقَالَ: اضْرِبُوا عُنُقَهُ. ثُمَّ أُتِيَ بِآخَرَ، فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: كُنْتُ مَعَ شربةٍ أَشْرَبُ، فَلَمَّا سَكِرْتُ خَرَجْتُ، فَأَخَذُونِي، فَذَهَبَ عَنِّي السُّكْرُ فَزَعًا، فَقَالَ: يَا عَنْبَسَةُ مَا أَرَاهُ إِلا صَادِقًا، خَلُّوا سَبِيلَهُ، فَقَالَ عُمَرُ لِعَنْبَسَةَ، فَمَا قُلْتَ لَهُ شَيْئًا؟ فَقَالَ: لا. فَقَالَ عُمَرُ لِآذِنِهِ: لا تَأْذَنَ لِعَنْبَسَةَ عَلَيْنَا، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي حَاجَةٍ. وَقَالَ بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: خَرَجْتَ عَلَى الْحَجَّاجِ؟ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ عَلَيْهِ حَتَّى كَفَرَ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ: أَحْصُوا مَا قَتَلَ الْحَجَّاجُ صَبْرًا، فَبَلَغَ مِائَةَ ألفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ قَحْذَمٍ قَالَ: أَطْلَقَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي غداةٍ واحدةٍ

واحدًا وثمانين ألف أسيرًا، وَعُرِضَتِ السُّجُونُ بَعْدَ مَوْتِ الْحَجَّاجِ، فَوَجَدُوا فِيهَا ثَلاثَةَ وَثَلاثِينَ أَلْفًا، لَمْ يَجِبْ عَلَى أحدٍ مِنْهُمْ قطعٌ وَلا صلبٌ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: مَاتَ الْحَجَّاجُ، وَفِي سِجْنِهِ ثَمَانُونَ أَلْفًا، مِنْهُمْ ثَلاثُونَ أَلْفَ امْرَأَةٍ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لَوْ تَخَابَثَتِ الأُمَمُ، وَجِئْنَا بِالْحَجَّاجِ لَغَلَبْنَاهُمْ، مَا كَانَ يَصْلُحُ لِدُنْيَا وَلا لِآخِرَةٍ، وَلِيَ الْعِرَاقَ، وَهُوَ أَوْفَرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْعِمَارَةِ، فَأَخَسَّ بِهِ حَتَّى صَيَّرَهُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَلَقَدْ أُدِّيَ إِلَيَّ فِي عَامِي هَذَا ثَمَانُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَزِيَادَةً. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ الْحَجَّاجِ، فَإِنَّمَا نَلْتَفِتُ إِلَى مَا عَلَيْنَا مِنَ الشَّمْسِ، فَقَالَ: إِلَى مَا تَلْتَفِتُونَ، أَعْمَى اللَّهُ أَبْصَارَكُمْ، إِنَّا لا نَسْجُدُ لشمسٍ وَلا لقمرٍ، وَلا لحجرٍ، وَلا لِوَبَرٍ. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ: مَا بَقِيَتْ لِلَّهِ حُرْمَةٌ إِلا وَقَدِ انْتَهَكَهَا الْحَجَّاجُ. وقال طاوس: إني لأعجب من أهل العراف، يُسَمُّونَ الْحَجَّاجَ مُؤْمِنًا، وَقَالَ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: ذَكَرْتُ لِإِبْرَاهِيمَ لَعْنَ الْحَجَّاجِ أَوْ بَعْضِ الْجَبَابِرَةِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] وَكَفَى بِالرَّجُلِ عَمًى. أَنْ يَعْمَى عَنْ أَمْرِ الْحَجَّاجِ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: قِيلَ لِأَبِي وَائِلٍ: تَشْهَدُ عَلَى الْحَجَّاجِ أَنَّهُ فِي النَّارِ؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَحْكُمُ عَلَى اللَّهِ. وَقَالَ عَوْفٌ: ذُكِرَ الْحَجَّاجُ عِنْدَ ابْنِ سِيرِينَ، فَقَالَ: مِسْكِينٌ أَبُو مُحَمَّدٍ، إِنْ يُعَذِّبْهُ اللَّهُ فَبِذَنْبِهِ، وَإِنْ يَغْفِرْ لَهُ فَهَنِيئًا. وَقَالَ رَجُلٌ لِلثَّوْرِيِّ: اشْهَدْ عَلَى الْحَجَّاجِ وَأَبِي مُسْلِمٍ أَنَّهُمَا فِي النَّارِ. فَقَالَ: لا، إِذَا أَقَرَّا بِالتَّوْحِيدِ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ الأَزْرَقُ: عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى قَالَ: مَرَّ الْحَجَّاجُ فِي يَوْمِ جمعةٍ، فَسَمِعَ اسْتِغَاثَةً، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قِيلَ: أَهْلُ السُّجُونِ يَقُولُونَ: قَتَلَنَا الْحَرُّ، فَقَالَ: قُولُوا لَهُمْ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108] ، قَالَ: فَمَا عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا أَقَلَّ مِنْ جمعة.

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: بَنَى الْحَجَّاجُ وَاسِطًا فِي سَنَتَيْنِ وَفَرَغَ مِنْهُ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثنا الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: مَرِضَ الْحَجَّاجُ، فَأَرْجَفَ بِهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَلَمَّا عُوفِيَ صَعَدَ الْمِنْبَرَ وَهُوَ يَتَثَنَّى عَلَى أَعْوَادِهِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَالْمِرَاقِ، نَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي مَنَاخِرِكُمْ، فَقُلْتُمْ: مَاتَ الْحَجَّاجُ، فَمَهْ، وَاللَّهِ مَا أَرْجُو الْخَيْرَ إِلا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمَا رَضِيَ اللَّهُ الْخُلُودَ لأحدٍ مِنْ خَلْقِهِ إِلا لِأَهْوَنِهِمْ عَلَيْهِ إِبْلِيسَ، وَقَدْ قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ سُلَيْمَانُ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35] فَكَانَ ذَلِكَ، ثُمَّ اضْمَحَلَّ وَكَأَنْ لَمْ يَكُنْ، يا أيها الرَّجُلُ، وَكُلُّكُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ، كَأَنِّي بِكُلِّ حَيٍّ مَيِّتٌ، وَبُكِلِّ رَطْبٍ يَابِسٌ، وَبِكُلِّ امرئٍ فِي ثِيَابٍ طَهُورٍ إِلَى بَيْتِ حُفْرَتِهِ، فَخُدَّ لَهُ فِي الأَرْضِ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ طُولا فِي ذِرَاعَيْنِ عَرْضًا، فَأَكَلَتِ الأَرْضُ مِنْ لَحْمِهِ، وَمَصَّتْ مِنْ صَدِيدِهِ وَدَمِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَبْغَضُ الْحَجَّاجَ، فَنَفَّسَ عَلَيْهِ بِكَلِمَةٍ قَالَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لا تَفْعَلُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: مَا حَسَدْتُ الْحَجَّاجَ عَدُوَّ اللَّهِ عَلَى شيءٍ حَسَدِي إِيَّاهُ عَلَى حُبِّهِ الْقُرْآنَ وَإِعْطَائِهِ أَهْلَهُ، وَقَوْلِهِ حِينَ احْتُضِرَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لا تَفْعَلُ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ الْحَجَّاجُ لَمَّا احْتَضَرَ: يَا رَبِّ قَدْ حَلِفَ الأَعْدَاءُ وَاجْتَهَدُوا ... بِأَنَّنِي رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِي النَّارِ أَيَحْلِفُونَ عَلَى عَمْيَاءَ وَيْحَهُمُ ... مَا عِلْمُهُمْ بِكَثِيرِ الْعَفْوِ سَتَّارِ فَأُخْبِرَ الْحَسَنُ فَقَالَ: إِنْ نَجَا فَبِهِمَا. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو الْمَخْزُومِيُّ: ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ، فَأُخْبِرَ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ، فَسَجَدَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ: مَاتَ الْحَجَّاجُ، فَبَكَى مِنَ الْفَرَحِ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ سبعٍ وَعِشْرِينَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ.

قُلْتُ: عَاشَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً. قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ أَشْعَثَ الْحُدَّانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ فِي مَنَامِي بحالٍ سَيِّئَةٍ، قُلْتُ: مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: مَا قَتَلْتُ أَحَدًا قَتْلَةً، إِلا قَتَلَنِي بِهَا، قُلْتُ: ثُمَّ مَهْ. قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِي إِلَى النَّارِ، قُلْتُ: ثُمَّ مَهْ. قَالَ: ثُمَّ أَرْجُو مَا يَرْجُو أَهْلُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: إِنِّي لأَرْجُو لَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّه لَيُخْلِفَنَّ اللَّهُ رَجَاءَهُ فِيهِ. ذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَنَّهُ مَاتَ بِوَاسِطَ، وَعُفِيَ قَبْرُهُ وَأَجْرَوْا عَلَيْهِ الْمَاءَ. وَعِنْدِي مُجَلَّدٌ فِي أَخْبَارِ الْحَجَّاجِ فِيهِ عَجَائِبُ، لَكِنْ لا أَعْرِفُ صحتها. 234- حرملة مولى أسامة -خ- بن زيد عَنْ1: مَوْلَاهُ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -وَلَزِمَهُ مُدَّةً حَتَّى نُسِبَ إِلَيْهِ- وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَالزُّهْرِيُّ. حَسَّانُ بْنُ بِلالٍ الْمُزَنِيُّ البصري2. عَنْ: عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ، وَقَتَادَةُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. وَثَّقَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ. 235- حَسَّانُ بْنُ أَبِي وَجْزَةَ -ن- مَوْلَى قُرَيْشٍ3 عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَقَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَعَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَيَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ. لَهُ فِي السُّنَنِ، عَنْ عَقَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ حَدِيثٌ: "مَا تَوَكَّلَ مَنِ اكْتَوَى واسترقى" 4.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 304" والجرح والتعديل "3/ 273" والثقات لابن حبان "4/ 173" وتهذيب الكمال "5/ 552، 553". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 234" والثقات لابن حبان "4/ 164"، وتهذيب الكمال "6/ 13-16". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 234، 235" والثقات لابن حبان "4/ 164"، وتهذيب الكمال "4/ 44". 4 أخرجه الترمذي "2055".

236- الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب -ن- بن عبد المطلب بن هاشم1، أبو محمد المدني. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. وعنه: ابنه عبد الله، وابن عمه الحسن بن محمد بن الحنفية، وسهيل بن أبي صالح، وإسحاق بن يسار، والوليد بن كثير، وفضيل بن مرزوق. قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلانَ، عَنْ سُهَيْلٍ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ رَأَى رَجُلا وَقَفَ عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو لَهُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ: لا تَفْعَلْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا تَتَّخِذُوا بَيْتِي عِيدًا، وَلا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي"2. هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ: أُمُّ الْحَسَنِ هَذَا هِيَ خَوْلَةُ بِنْتُ مَنْظُورٍ الْفَزَارِيِّ، وَهِيَ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ، وَدَاوُدَ، وَأُمُّ الْقَاسِمَ، بَنُو مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ بْن عُبَيْد اللَّهِ التَّيْميّ، قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ وَصِيُّ أَبِيهِ، وَوَلِيُّ صَدَقَةِ عَلِيٍّ، قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ يَوْمًا وَهُوَ يُسَايِرُهُ فِي مَوْكِبِهِ بِالْمَدِينَةِ، إِذْ كَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ: أَدْخِلْ عَمَّكَ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ مَعَكَ فِي صَدَقَةِ عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ عَمُّكَ وَبَقِيَّةُ أَهْلِكَ، قَالَ: لا أُغَيِّرُ شَرْطَ عَلِيٍّ. قَالَ: إِذًا أَدْخِلْهُ مَعَكَ. فَسَافَرَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَرَحَّبَ بِهِ وَوَصَلَهُ، وَكَتَبَ لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ كِتَابًا لا يُجَاوِزُهُ. وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: حَدَّثَنِي أَبُو مُصْعَبٍ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَى هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَامِلِ الْمَدِينَةِ: بَلَغَنِي أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ يُكَاتِبُ أَهْلَ الْعِرَاقِ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي فَاسْتَحْضِرْهُ. قَالَ: فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: يَا بْنَ عَمِّ، قُلْ كَلِمَاتِ الْفَرَجِ "لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، لا إِلَهَ إِلا الله رب

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 319-320" والجرح والتعديل "3/ 5" والثقات لابن حبان "4/ 121، 122" وتهذيب الكمال "6/ 89-95". 2 إسناده ضعيف مرسل: أخرجه مرسل: أخرجه عبد الرزاق "6726" قال المصنف: هذا حديث مرسل.

السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ" 1 قَالَ: فَخُلِّيَ. ورويتْ مِنْ وجهٍ آخَرَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: لَكِنْ قَالَ: كَتَبَ الْوَلِيدُ إِلَى عُثْمَانَ الْمُرِّيِّ: انْظُرِ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ فَاجْلِدْهُ مِائَةَ ضربةٍ، وَقِفْهُ لِلنَّاسِ يَوْمًا، وَلا أُرَانِي إِلا قَاتِلَهُ، قَالَ: فَعَلَّمَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ كلماتٍ لِلْكَرْبِ. وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ لرجلٍ مِنَ الرَّافِضَةِ: إِنَّ قَتْلَكَ قربةٌ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ تَمْزَحُ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ مِنِّي بِمُزَاحٍ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ لرجلٍ مِنَ الرَّافِضَةِ: وَيْحَكُمْ أَحِبُّونَا، فَإِنْ عَصَيْنَا اللَّهَ فَأَبْغِضُونَا، فَلَوْ كَانَ اللَّهُ نَافِعًا أَحَدًا بِقَرَابَتِهِ من رسول الله لِغَيْرِ طاعةٍ لَنَفَعَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَتِسْعِينَ. 237- الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُرَنِيُّ الْكُوفِيُّ2 -سوى ت- عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، وَعُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، وَيَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ. وَعَنْهُ: عَزْرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَأَبُو الْمُعَلَّى يَحْيَى بْنُ مَيْمُونٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ. 238- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بن الحنفية -ع- أبو محمد3، وَأَخُو أَبِي هَاشِمٍ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ الْحَسَنُ هُوَ الْمُقَدَّمُ فِي الْهَيْئَةِ وَالْفَضْلِ. رَوَى عَنْ: جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَأَبُو سعد البقال، وآخرون.

_ 1 الحديث صحيح مرفوع: أخرجه البخاري "11/ 133" ومسلم "2730". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 295" والثقات لابن حبان "4/ 125" والجرح والتعديل "3/ 45" وتهذيب الكمال "6/ 195، 196". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 328" والجرح والتعديل "3/ 35" وسير أعلام النبلاء "4/ 130، 131".

قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمُ، بِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، مَا كَانَ زُهْرِيُّكُمْ إِلا غُلامًا مِنْ غِلْمَانِهِ. وَقَالَ مِسْعَرٌ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُفَسِّرُ قَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ مِنَّا" لَيْسَ مِثْلَنَا. وَقَالَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ: قَالَ: أَنَا أَكْبَرُ مِنَ الْمُرْجِئَةِ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ رجلٌ مِنْ بني هَاشِمٍ يُقَالُ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ، وَمَيْسَرَةَ، أَنَّهُمَا دَخَلا على الحسن ابن مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلامَاهُ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي وَضَعَهُ فِي الإِرْجَاءِ، فَقَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ وَلَمْ أَكْتُبْهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَاطِبٍ: أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، كُنْتُ حَاضِرًا يَوْمَ تَكَلَّمَ، وَكُنْتُ فِي حَلَقَتِهِ مَعَ عَمِّي، وَكَانَ فِي الْحَلَقَةِ جُنْدُبٌ وَقَوْمٌ مَعَهُ، فَتَكَلَّمُوا فِي عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَآلِ الزُّبَيْرِ، فَأَكْثَرُوا، فَقَالَ الْحَسَنُ: سَمِعْتُ مَقَالَتَكُمْ هَذِهِ، وَلَمْ أَرَ مِثْلَ أَنْ يُرْجَأَ عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَلا يَتَوَلَّوْا وَلا يُتَبَرَّأُ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَامَ، فَقُمْنَا، وَبَلَغَ أَبَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ مَا قَالَ، فَضَرَبَهُ بِعَصًا فَشَجَّهُ، وَقَالَ: لا تُوَلِّي أَبَاكَ عَلِيًّا قَال: وَكَتَبَ الرِّسَالَةَ الَّتِي ثَبَّتَ فِيهَا الْإِرْجَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ، وَكَانَ مِنْ ظُرَفَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَعُقَلائِهِمْ، وَلا عَقِبَ لَهُ. وَأُمُّه جَمَالُ بِنْتُ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ. قُلْتُ: الْإِرْجَاءُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُرْجِئُ أَمْرَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ إِلَى اللَّهِ، فَيَفْعَلُ فِيهِمْ مَا يَشَاءُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَخْبَارَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي مسند علي -رضي الله عنهم- لِيَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ، فَأَوْرَدَ فِي ذَلِكَ كِتَابَهُ فِي الإِرْجَاءِ، وَهُوَ نَحْوَ وَرَقَتَيْنِ، فِيهَا أَشْيَاءُ حَسَنَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَوَارِجَ تَوَلَّتِ الشَّيْخَيْنِ، وَبَرِئَتْ مِنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، فَعَارَضَتْهُمُ السَّبَائِيَّةُ، فَبَرِئَتْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَتَوَلَّتْ عَلِيًّا وَأَفْرَطَتْ فِيهِ، وَقَالَتِ الْمُرْجِئَةُ الأُولَى: نَتَوَلَّى الشَّيْخَيْنِ وَنُرْجِئُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا فَلا نَتَوَلاهُمَا وَلا نَتَبَرَّأُ مِنْهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْيَامِيُّ: قَالَ: اجْتَمَعَ قُرَّاءُ الْكُوفَةِ قَبْلَ الْجَمَاجِمِ فَأجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَاتِ وَالْبَرَاءَاتِ بِدْعَةٌ، مِنْهُمْ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أَبِي، فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ إِخْوَانُهُ، فَيَقُولُ لِي: اقْرَأْ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الرسالة، فكنت أقرؤها: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا نُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَنَحُثُّكُمْ عَلَى أَمْرِهِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَنُضِيفُ وِلايَتَنَا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَنَرْضَى مِنْ أَئِمَّتِنَا بِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ أَنْ يُطَاعَا، وَنَسْخَطُ أَنْ يعصيا، ونرجيء أَهْلَ الْفِرْقَةِ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، لَمْ تَقْتَتِلْ فِيهِمَا الأُمَّةُ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِمَا الدَّعْوَةُ، وَلَمْ يُشَكَّ فِي أَمْرِهِمَا، وَإِنَّمَا الْإِرْجَاءُ فِيمَا غَابَ عَنِ الرِّجَالِ وَلَمْ يَشْهَدُوهُ، فَمَنْ أَنْكَرَ عَلَيْنَا الْإِرْجَاءَ وَقَالَ: مَتَى كَانَ الْإِرْجَاءُ؟ قُلْنَا: كَانَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى، إِذْ قَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ: {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى، قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ} [طه: 51، 52] ، إِلَى أَنْ قَالَ: مِنْهُمْ شِيعَةٌ مُتَمَنِّيَةٌ يَنْقِمُونَ الْمَعْصِيَةَ عَلَى أهلها ويعلمون بِهَا، اتَّخَذُوا أَهْلَ بيتٍ مِنَ الْعَرَبِ إِمَامًا، وَقَلَّدُوهُمْ دِينَهُمْ، يُوَالُونَ عَلَى حُبِّهِمْ، وَيُعَادُونَ عَلَى بُغْضِهِمْ، جفاةٌ لِلْقُرْآنِ، أَتْبَاعٌ لِلْكُهَّانِ، يَرْجُونَ الدَّوْلَةَ فِي بعثٍ يَكُونُ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ، حَرَّفُوا كِتَابَ اللَّهِ وَارْتشوا فِي الْحُكْمِ، وَسَعَوْا فِي الأَرْضِ فَسَادًا، وَذَكَرَ الرِّسَالَةَ بِطُولِهَا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَرَأْتُ رسال الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَى أَبِي الشَّعْثَاءِ، فَقَالَ لِي: مَا أَحْبَبْتُ شَيْئًا كَرِهَهُ، وَلا كَرِهْتُ شَيْئًا أَحَبَّهُ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَوَانَةَ قَالَ: قَدِمَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفَةَ بَعْدَ قَتْلِ الْمُخْتَارِ، فَمَضَى إِلَى نَصِيبِينَ، وَبِهَا نفرٌ مِنَ الْخَشَبِيَّةِ، فَرَأَّسُوهُ عَلَيْهِمْ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ مُسْلِمُ بْنُ الأَسِيرِ مِنَ الْمَوْصِلِ، وَهُوَ مِنْ شِيعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَهَزَمَهُمْ وَأَسَرَ الْحَسَنَ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَسَجَنَهُ بِمَكَّةَ فَقِيلَ: إِنَّهُ هَرَبَ مِنَ الْحَبْسِ، وَأَتَى أَبَاهُ إِلَى مِنًى. قَالَ الْعِجْلِيُّ: هُوَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 239- حصين بن قبيصة -د ن ق- الفزاري الكوفي1.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 180" والجرح والتعديل "3/ 195" والثقات لابن حبان "4/ 175" وتهذيب الكمال "6/ 530".

عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْمُغِيرَةِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَالرُّكَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْفَزَارِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. حُصَيْنٌ أَبُو سَاسَانَ فِي الْكُنَى. 240- حَفْصُ بْنُ عاصم بن عمر بن الخطاب -ع- القرشي العدوي المدني1. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ، وَأَبِي سَعِيدِ بن النعلى. رَوَى عَنْهُ: عُمَرُ، وَعِيسَى، وَرَبَاحٌ بَنُوهُ، وَابْنُ عَمِّهِ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَنَسِيبُهُ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّانِ، وَخُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مِنْ سَرَوَاتِ بَنِي عَدِيٍّ، مجمعٌ عَلَى ثِقَتِهِ. 241- الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي عُقَيْلٍ الثَّقَفِيُّ2، ابْنُ عَمِّ الْحَجَّاجِ. رَوَى عَنْ: أبي هريرة وعنه: الجريري. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وَلِيَ الْبَصْرَةَ لَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْعِرَاقَ، فلما وثب ابن الأشعث على البصرة لحق بالحجاج. 242- حمزة بن أبي أسيد -خ د ق- مالك بن ربيعة الأنصاري الساعدي المدني3. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ الأَنْصَارِيِّ.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "7/ 117-119" والجرح والتعديل "3/ 184" والثقات لابن حبان "4/ 152". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 114" والثقات لابن حبان "4/ 145" وتاريخ الطبري "6/ 209، 279". 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 271" والجرح والتعديل "3/ 214" والثقات لابن حبان "4/ 168" وتهذيب الكمال "7/ 311".

روى عنه: ابناه مالك، ويحيى، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وعبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل. وقال ابن الغسيل: توفي زمن الوليد. 243- حمزة بن المغيرة بن شعبة1 الثقفي -م ن ق- عَنْ أَبِيهِ فِي الْمَسْحِ. وَعَنْهُ: بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَغَيْرُهُمَا. 244- حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ2 -ع- الزهري المدني، وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ، وَهِيَ أُخْتُ عُثْمَانَ بْنِ عفان لأمه. روى عن: سَعْدُ، ابْنُ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ، وَقَتَادَةُ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: إنه أدرك عمر، والصحيح أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ. وَكَانَ فَقِيهًا نَبِيلًا شَرِيفًا. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، وَأَمَّا سَنَةَ خَمْسِ وَمِائَةٍ فغلطٌ. 245- حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ3 الْبَصْرِيُّ -ع- عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي بَكْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وثلاثةٍ من ولد سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَدَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيُّ، وجماعة.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "6/ 270" والجرح والتعديل "3/ 214" والثقات لابن حبان "4/ 168" وتهذيب الكمال "7/ 339، 340". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 153" والجرح والتعديل "3/ 225" والثقات لابن حبان "4/ 146" وتهذيب الكمال "7/ 378-381". 3 انظر طبقات ابن سعد "4/ 147" والجرح والتعديل "3/ 225" والثقات لابن حبان "4/ 147" وتهذيب الكمال "7/ 381-383".

قَالَ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: هُوَ أَفْقَهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. قلت: رواه منصور بن زاذان، وعن ابْنِ سِيرِينَ. وَقَالَ هِشَامٌ: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: كَانَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَعْلَمَ أَهْلِ الْمِصْرَيْنِ يَعْنِي الْكُوفَةَ وَالْبَصْرَةَ. 246- حَنَشُ بْنُ عَبْدِ الله بن عمرو1 -م4- بن حنظلة، أبو رشدين السبائي الصنعاني، صَنْعَاءُ دِمَشْقَ لا صَنْعَاءُ الْيَمَنِ. رَوَى عَنْ: فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَرُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الْحَارِثُ، وَقَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَخَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، وَعَامِرُ بْنُ يَحْيَى الْمَعَافِرِيُّ، وَالْجُلاحُ أَبُو كَثِيرٍ، وَرَبِيعَةُ بْنُ سُلَيْمٍ. وَغَزَا الْمَغْرِبَ، وَسَكَنَ إِفْرِيقِيَّةَ، وَلِهَذَا عَامَّةُ أَصْحَابِهِ مِصْرِيُّونَ. وَتُوُفِّيَ غَازِيًا بِإِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ. وَأَمَّا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ فَقَالَ: حَنَشُ الصَّنْعَانِيُّ كان مع عَلِيٍّ بِالْكُوفَةِ، وَقَدِمَ مِصْرَ بَعْدَ قَتْلِ عَلِيٍّ، وَغَزَا الْمَغْرِبَ مَعَ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ، وَكَانَ فِيمَنْ ثَارَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأُتِيَ بِهِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ فِي وَثَاقٍ، فَعَفَا عَنْهُ، وَلَهُ عَقِبٌ بِمِصْرَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَلِيَ عُشُورَ إِفْرِيقِيَّةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَكَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي وَفَاةِ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ. قُلْتُ: وَهِمَ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي أَنَّهُ صَاحِبُ عَلِيٍّ، لِأَنَّ صَاحِبَ عَلِيٍّ اسْمُهُ كَمَا ذَكَرْنَا حَنَشُ بْنُ رَبِيعَةَ أَوِ ابْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَهُوَ كِنَانِيٌّ كُوفِيٌّ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ جماعةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، كَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا مِصْرَ ولا إفريقية، فتبين أنهما رجلان.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 536" والجرح والتعديل "3/ 291" والثقات لابن حبان "4/ 184" وتاريخ الطبري "3/ 217".

وَلِحَنَشٍ صَاحِبِ عَلِيٍّ تَرْجَمَةٌ فِي الْكَامِلِ لابْنِ عَدِيٍّ، وَقَالَ مَا أَظُنُّ أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ غَيْرِهِمَا. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَرْجَمَتُهُ. 247- حَنْظَلَةُ بْنُ علي الأسلمي1 -م د ن ق- المدني يَرْوِي عَنْ: حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَخَفَّافِ بْنِ إِيمَاءٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، وَعِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 248- حنظلة بن قيس2 -سوى ت- الأنصاري الزرقي المدني. يَرْوِي عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ -إِنْ صَحَّ- وَعَنْ أَبِي الْيَسَرِ السُّلَمِيِّ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَكَانَ عَاقِلا ذَا رَأْيٍ وَنُبْلٍ وَفَضْلٍ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ. 249- حَوْشَبُ بْنُ سَيْفٍ أَبُو هُرَيْرَةَ السَّكْسَكِيُّ3، وَيُقَالُ الْمَعَافِرِيُّ الْحِمْصِيُّ. عَنْ: فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَمَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ. وَعَنْهُ: صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَشَدَّادُ بْنُ أَفْلَحَ الْمَغْرَانِيُّ. وثقه أحمد العجلي.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 251" والجرح والتعديل "3/ 239" والثقات لابن حبان "4/ 165" وتهذيب الكمال "7/ 451، 452". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 73" والجرح والتعديل "3/ 240" والثقات لابن حبان "4/ 166" وتهذيب الكمال "7/ 453، 454". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 280" والثقات لابن حبان "4/ 184" وللعجلي "137".

"حرف الخاء": 250- خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لواذن1، أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ النَّجَّارِيُّ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ، وَأُمُّهُ أُمُّ سَعْدِ بِنْتُ أَحَدِ النُّقَبَاءِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ يَزِيدَ، وَأُمِّ الْعَلاءِ الأَنْصَارِيَّةِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سُلَيْمَانُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ يُفْتِي بِالْمَدِينَةِ مَعَ عُرْوَةَ وَطَبَقَتِهِ، عَدُّوهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ فِي زَمَانِهِمَا يُسْتَفْتَيَانِ وَيَنْتَهِي النَّاسُ إِلَى قَوْلِهِمَا، وَيُقَسِّمَانِ الْمَوَارِيثَ مِنَ الدُّورِ وَالنَّخْلِ وَالأَمْوَالِ بَيْنَ أَهْلِهَا، وَيَكْتُبَانِ الْوَثَائِقَ للناس. وقال معن القزاز: ثنا زبد بْنُ السَّائِبِ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَجَازَ خَارِجَةَ بْنَ زيدٍ بمالٍ فَقَسَّمَهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ غلمانٌ شبابٌ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ فَدُفِنَ فِي مُؤَخَّرِ الْبَقِيعِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ حُمَيْدٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدِمَ قادمٌ السَّاعَةَ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ خَارِجَةَ بْنَ زيدٍ مَاتَ، فاسترجع عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَصَفَّقَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وَقَالَ: ثُلْمَةٌ وَاللَّهِ فِي الإِسْلامِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْجَمَاعَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ عَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً. 251- خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ الكوفي -خ ت ق- مولى أبي مسعود البدري2.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 262، 263" والجرح والتعديل "3/ 274" والثقات لابن حبان "4/ 211". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 334" والثقات لابن حبان "4/ 197" وتهذيب الكمال "8/ 79-81".

عَنْ: مَوْلاهُ، وَحُذَيْفَةَ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَمَنْصُورٌ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبُو حُصَيْنٍ الأَسَدِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 252- خَالِدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ1 -م- ابن المغيرة المخزومي. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ. وَكَانَ شَاعِرًا شَرِيفًا، اتَّهَمَ مُعَاوِيَةَ بِأَنْ يَكُونَ سَقَى عَمَّهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خالد سمًا، فنابذ بني أمية، وكان عم ابن الزبير. روى عنه مُسْلِمٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: اتَّهَمَ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَكُونَ دَسَّ إِلَى عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدٍ طَبِيبًا يُقَالُ لَهُ ابْنُ أُثَالٍ، فَسَقَاهُ فِي شربةٍ سُمًّا، فَاعْتَرَضَ ابْنُ أُثَالٍ فَقَتَلَهُ. قُلْتُ: وَقِيلَ إِنَّ الَّذِي قَتَلَ ابْنَ أُثَالٍ هُوَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدٍ. 253- خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ -ن- ابن العوام الأسدي2. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ أَوِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِذْ كَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ الْوَلِيدِ خَمْسِينَ سَوْطًا، وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ قِرْبَةً فِي يومٍ بَارِدٍ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَوْمًا، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ. قُلْتُ: رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَائِشَةَ. وعنه: ابنه الزبير، ويحيى بن عبد الله بن مالك، والزهري، وغيرهم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 351" والثقات لابن حبان "4/ 197" وسير أعلام النبلاء "4/ 415". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 387" وطبقات ابن سعد "3/ 108" وتاريخ الطبري "5/ 344" وتهذيب الكمال "8/ 223-227".

وقيل: إنه أدرك كعب الأحبار، وكان من النساك. قال الزبير بن بكار: أدركت أصحابنا يذكرون أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ عِلْمًا كَثِيرًا لا يَعْرِفُونَ وَجْهَهُ وَلا مَذْهَبَهُ فِيهِ، يُشْبِهُ مَا يَدَّعِي النَّاسُ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ. وَلَمَّا مَاتَ نَدِمَ عُمَرُ وَسُقِطَ فِي يَدِهِ وَاسْتَعْفَى مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانُوا إِذَا ذَكَرُوا لَهُ أَفْعَالَهُ الْحَسَنَةَ وَبَشَّرُوهُ يَقُولُ: فَكَيْفَ بِخُبَيْبٍ. وَقِيلَ: أَعْطَى أَهْلَهُ دِيَتَهُ، قَسَّمَهَا فِيهِمْ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: أَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّهُمْ نَقَلُوا خُبَيْبًا إِلَى دَارِ عُمَرَ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَاجْتَمَعُوا عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ. قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ جُلُوسٌ إِذْ جَاءَهُمُ الْمَاجِشُونَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ مُسَجًّى، وَكَانَ الْمَاجِشُونَ يَكُونُ مَعَ عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ: كَأَنَّ صَاحِبَكَ فِي مريةٍ مِنْ مَوْتِهِ، اكْشِفُوا عَنْهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَجَعَ، قَالَ الْمَاجِشُونَ: فَأَتَيْتُ عُمَرَ فَوَجَدْتُهُ كَالْمَرْأَةِ الْمَاخِضِ قَائِمًا وَقَاعِدًا، فَقَالَ لِي: مَا وَرَاءَكَ؟ فَقُلْتُ: مَاتَ الرَّجُلُ، فَسَقَطَ إِلَى الأَرْضِ فَزَعًا، وَاسْتَرْجَعَ، فَلَمْ يَزَلْ يُعْرَفُ فِيهِ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ، وَاسْتَعْفَى مِنَ الْمَدِينَةِ وَامْتَنَعَ مِنَ الْوِلايَةِ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: إِنَّكَ فَعَلْتَ فَأَبْشِرْ، فَيَقُولُ: فَكَيْفَ بِخُبَيْبٍ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَحُدِّثْتُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ خُبَيْبُ وَهُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ، إِذْ وَقَفَ ثُمَّ قَالَ: سَأَلَ قَلِيلا فَأُعْطِيَ كَثِيرًا، وَسَأَلَ كَثِيرًا فَأُعْطِيَ قَلِيلا، فَطَعَنَهُ فَأَذْرَاهُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: قُتِلَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ السَّاعَةَ، ثُمَّ ذَهَبَ فَوَجَدَ أَنَّ عَمْرًا قُتِلَ يومئذٍ، وَلَهُ أَشْبَاهُ هَذَا فِيمَا يُذْكَرُ. 254- خلاد بن السائب -ع- بْنِ خَلادٍ الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ: أَبِيهِ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ. وَعَنْهُ: حَيَّانُ بْنُ وَاسِعٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ الله بن حنطب، والزهري، وقتادة. 255- خلاس بن عمرو -ع- الهجري البصري2.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 270" والجرح والتعديل "3/ 364" والثقات لابن حبان "4/ 208" وتهذيب الكمال "8/ 354". 2 انظر طبقات ابن سعد "7/ 149" والمجروحين لابن حبان "1/ 285" والجرح والتعديل "3/ 402" وتهذيب الكمال "8/ 364-467".

رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هند، وعوف الأعرابي. وثقه أحمد، وغيره. ويروي عَنْ عَلِيٍّ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كتابٌ وَقَعَ لَهُ فَرَوَاهُ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: لَمْ يَسْمَعْ خِلَاسٌ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ شَيْئًا. 256- خُلَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَصَرِيُّ -م د- البصري1 قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى: زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، وَرَوَى عن أبي الدَّرْدَاءِ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وعلي، والأحنف. روى عنه: قتادة، وأبان بن أبي عياش، وأبو الأشهب العطاردي بن جعفر، وغيرهم. وهو ثقة. "حرف الدال": 257- دخين بن عامر -د ن ق- الحجري2 أبو ليلى، كَاتِبُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. رَوَى عَنْ: عُقْبَةَ. وَعَنْهُ: بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ نَهِيكٍ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ الْمَصْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بن أنعم. قال ابن يونس: قتلته الرُّومُ بِتِنِّيسَ، سَنَةَ مِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 258- دِرْبَاسٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَكِّيٌّ قَرَأَ على مولاه ابن عباس وقرأ عَلَيْهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ، وزمعة بن صالح. قال أبو عمرو الداني.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 383" وتهذيب الكمال "8/ 309-312" وانظر حلية الأولياء "2/ 232، 234" وتهذيب التهذيب "3/ 159". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 442" والثقات لابن حبان "230" وتهذيب الكمال "8/ 476" وتهذيب التهذيب "3/ 207".

"حرف الرَّاءِ": 259- رَبِيعَةُ بْنُ عِبَادٍ الدِّيلِيُّ الْحِجَازِيُّ1 رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وأبو الزناد. وقال الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَأَبُوهُ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ، قَيَّدَهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ. وَقَيَّدَهُ بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ ابْنُ مَنْدَهْ، وَهُوَ قَوْلٌ مُنْكَرٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عُبَادٌ بِالضَّمِّ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عبّاد مُشَدَّدٌ. قَالَ خَلِيفَةُ، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ، وَقَدْ شهِدَ الْيَرْمُوكَ. قُلْتُ: لا شَكَّ فِي سَمَاعِهِ مِنَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَإِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُسْلِمٌ. 260- رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ2 -خ د- تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ، وَلَهُ سبعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْ: طَلْحَةَ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَعَنْهُ: ابْنَا أَخِيهِ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا الْمُنْكَدِرِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ، وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ. 261- رَبِيعَةُ بْنُ لَقِيطٍ ابْن حَارِثَةَ التجيبي المصري3.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 472" والثقات لابن حبان "3/ 230" وتاريخ الطبري "2/ 248" والاستيعاب "1/ 509". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 27" والجرح والتعديل "4/ 473" والثقات لابن حبان "3/ 129" وتهذيب الكمال "9/ 120-121". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 475" والثقات لابن حبان "4/ 230" وسير أعلام النبلاء "4/ 509".

حَدَّثَ عَنْ: مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ. وشهد صفين مع الشاميين. روى عنه: ابنه إِسْحَاقَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَثَّقَهُ أحمد العجلي. قال يزيد بن أبي حبيب: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ لَقِيطٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَامَ الْجَمَاعَةِ، وَهُمْ رَاجِعُونَ مِنْ مَسْكِنَ، وَمُطِرُوا دَمًا عَبِيطًا1. قَالَ رَبِيعَةُ: فَلَقَدْ رَأَيْتَنِي أَنْصُبُ الإِنَاءَ فَيَمْتَلِئُ دَمًا عَبِيطًا، فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّمَا هِيَ، يَعْنِي السَّاعَةَ، وَمَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، فَقَامَ عَمْرٌو فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَصْلِحُوا مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَلا يَضُرُّكُمْ لَوِ اصْطَدَمَ هَذَانِ الْجَبَلانِ. رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ2. وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ، وَلَفْظُهُ: إِنَّهُمْ كَانُوا مَعَ مُعَاوِيَةَ حِينَ قَفَلُوا مِنَ الْعِرَاقِ، فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ بِدِجْلَةَ دَمًا عَبِيطًا، وَظَنُّوا الظُّنُونَ وَقَالُوا الْقِيَامَةُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. 262- الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ ابْنُ عَائِذٍ، أَبُو يَزِيدَ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ، الزَّاهِدُ، أَحَدُ الْأَعْلَامِ3. أرسل عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ. وَهُوَ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَهِلالُ بْنُ يَسَافٍ، وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ خُزيْمَةَ، وَآخَرُونَ.

_ 1 أي طربًا. 2 رقم "561". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 459" وطبقات ابن سعد "6/ 182-193" والثقات لابن حبان "4/ 224".

قَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِنَادٍ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، ثنا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا دَخَلَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ إذنٌ لأحدٍ حَتَّى يَفْرُغَ كُلُّ واحدٍ مِنْ صَاحِبِهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَا أَبَا يَزِيدَ، لَوْ رَآكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَأَحَبَّكَ، وَمَا رَأَيْتُكَ إِلا ذَكَرْتُ الْمُخْبِتِينَ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ: أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا أَبُو الْمَكَارِمِ اللَّبَّانِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الطبراني، ثنا عبدان ابن أَحْمَدَ، ثنا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ فَذَكَرَهُ، بِالإِسْنَادِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو حَامِدِ بْنُ صِلَةٍ، ثنا السَّرَّاجُ، ثنا هَنَّادٌ، ثنا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ يَسْأَلُهُ قَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فِيمَا عَلِمْتَ وَمَا اسْتُؤْثِرَ بِهِ عَلَيْكَ، فَكِلْهُ إِلَى عَالِمِهِ، لأَنَا عَلَيْكُمْ فِي الْعَمْدِ أَخْوَفُ مِنِّي عَلَيْكُمْ فِي الْخَطَأِ، وَمَا خَيْرُكُمُ الْيَوْمَ بِخَيِّرٍ، وَلَكِنَّهُ خيرٌ مِنْ آخَرَ شَرٍّ مِنْهُ، وَمَا تَتَّبِعُونَ الْخَيْرَ حَقَّ اتِّبَاعِهِ، وَمَا تَفِرُّونَ مِنَ الشَّرِّ حَقَّ فِرَارِهِ، وَلا كُلُّ مَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَدْرَكْتُمْ، وَلا كُلُّ ما تقرأون تَدْرُونَ مَا هُوَ، ثُمَّ يَقُولُ: السَّرَائِرَ السَّرَائِرَ اللاتِي تُخْفُونَ مِنَ النَّاسِ، وَهِيَ لِلَّهِ بوادٍ، الْتَمِسُوا دَوَاءَهُنَّ، وَمَا دَوَاؤُهُنَّ إِلا أَنْ تَتُوبَ ثُمَّ لا تَعُودَ. الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ فُلانٌ: مَا أَرَى الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ تَكَلَّمَ بكلامٍ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً إِلا بِكَلِمَةٍ تُصْعِدُهُ. الثَّوْرِيُّ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ صَحِبَ ابْنَ خُثَيْمٍ عِشْرِينَ عَامًا مَا سَمِعَ مِنْهُ كَلِمَةً تُعَابُ. الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَالَسْتُ الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ سِنِينَ، فَمَا سَأَلَنِي عَنْ شيءٍ مِمَّا فِيهِ النَّاسُ، إِلا أَنَّهُ قَالَ لِي مَرَّةً: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ إِذَا قِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالَ: ضُعَفَاءَ مُذْنِبِينَ نَأْكُلُ أَرْزَاقَنَا وَنَنْتَظِرُ آجَالَنَا. خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَأَخِي حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، فَإِذَا هُوَ جالسٌ فِي مَسْجِدِهِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَرَدَّ وَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قُلْنَا: جِئْنَا لِنَذْكُرَ اللَّهَ مَعَكَ ونحمده، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ تَقُولا جئنا لتشرب ونشرب معك، ولا لنزني معك، رواها آخَرُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ.

وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ قَالَ: كُلُّ مَا لا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ يضمحل. الأعمش، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ: أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ قَالَ لِأَهْلِهِ: اصْنَعُوا لِي خَبِيصًا؟ وَكَانَ لا يَكَادُ يَتَشَهَّى عَلَيْهِمْ شَيْئًا؟ قَال فَصَنَعُوهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى جارٍ لَهُ مُصَابٌ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَلُعَابُهُ يَسِيلُ، قَالَ أَهْلُهُ: مَا يَدْرِي مَا أَكَلَ. قَالَ الرَّبِيعُ: لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي. سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَرِيَّةَ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ قَالَتْ: كَانَ الرَّبِيعُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الدَّاخِلُ وَفِي حجره الْمُصْحَفُ يَقْرَأُ فِيهِ فَيُغَطِّيهِ. وَعَنْ بِنْتِ الرَّبِيعِ بْنِ خثيم قالت: كنت أَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ أَلا تَنَامُ؟ فَيَقُولُ: يَا بُنَيَّةُ، كَيْفَ يَنَامُ مَنْ يَخَافُ الْبَيَاتَ؟ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ يُقَادُ إِلَى الصَّلاةِ وَبِهِ الْفَالِجُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا يَزِيدَ، قَدْ رُخِّصَ لَكَ، قَالَ: إِنِّي أَسْمَعُ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَأْتُوهَا وَلَوْ حَبْوًا. الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مَاعِزٍ قَالَ: كَانَ فِي وَجْهِ الرَّبِيعِ بن خثيم شيء، فكان فمه يسيل، فرأى في وجهي المساءة، فقال: يا أبا بكر، ما يسرني أَنَّ هَذَا الَّذِي بِي بِأَعْتَى الدَّيْلَمِ عَلَى اللَّهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: قِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ: لَوْ تَدَاوَيْتَ، فَقَالَ: ذَكَرْتُ عَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا، كَانَتْ فِيهِمْ أَوْجَاعٌ، وَكَانَتْ لَهُمْ أطباء، فَمَا بَقِيَ الْمُدَاوَى وَلا الْمُدَاوِي، إِلا وَقَدْ فَنِيَ. ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا مَالِكُ بْنُ مغولٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا جَلَسَ رَبِيعٌ فِي مجلسٍ مُنْذُ اتَّزَرَ بإزارٍ، يَقُولُ: أَخَافُ أَنْ أرى حاملًا، أخاف أن أَرُدَّ السَّلامَ، أَخَافُ أَنْ لا أُغْمِضَ بَصَرِي. الثَّوْرِيُّ، عَنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ قَالَ: مَا رُؤِيَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ مُتَطَوِّعًا فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ قَطُّ غَيْرَ مَرَّةٍ. مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ عِنْدَ هَذِهِ السَّارِيَةِ، وَكَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ. وَعَنْ مُنْذِرٍ قَالَ: كَانَ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا أَخَذَ عَطَاءَهُ قَسَّمَهُ، وَتَرَكَ قَدْرَ مَا يَكْفِيهِ.

وعن ياسين الزيات قال: جاء ابن الْكَوَّاءِ إِلَى الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى مَنْ هُوَ خيرٌ مِنْكَ. قَالَ: نَعَمْ، مَنْ كَانَ مَنْطِقُهُ ذِكْرًا، وَصَمْتُهُ تَفَكُّرًا، وَمَسِيرُه تَدَبُّرًا، فَهُوَ خيرٌ مِنِّي. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ أَشَدَّ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرَعًا. زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أَبِي لَيْلَى، عَنْ امرأةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ لَيْلَةً بِثُلُثِ الْقُرْآنِ"؟ فَأَشْفَقْنَا أَنْ يَأْمُرَنَا بأمرٍ نَعْجَزُ عَنْهُ، فَسَكَتْنَا، قَالَ: "إِنَّهُ مَنْ قَرَأَ: اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ، فَقَدْ قَرَأَ ليلتئذٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ" 1. أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ، إِجَازَةً عَنْ أَبِي الْمَكَارِمِ الْمُعَدِّلِ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خلاد، ثنا محمد بن غالب، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا زَائِدَةُ فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ خمسةٌ مِنَ التَّابِعِينَ، بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ. 263- الرَّبِيعُ بْنُ عميلة2 -م4- الفزاري الكوفي. عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٍ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَأَخِيهِ يُسَيْرِ بْنِ عُمَيْلَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ الرُّكَيْنُ، وَهِلالُ بْنُ يَسَافٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف الزاي": 264- زرارة بن أوفى -ع- أبو حاجب العامري3، قاضي البصرة.

_ 1 إسناده صحيح: أخرجه النسائي "2/ 171-172" والترمذي "2896" وأحمد "5/ 418، 419" في رواية الترمذي. عن امرأة وهي امرأة أبي أيوب. قال الترمذي: حديث حسن قلت وأصله عند البخاري "6643" ومسلم "811". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 176" والجرح والتعديل "3/ 467" والثقات لابن حبان "4/ 226" وتهذيب الكمال "9/ 96-98". 3 انظر طبقات ابن سعد "7/ 150" والجرح والتعديل "3/ 603" والثقات لابن حبان "4/ 266" وتهذيب الكمال "9/ 339".

كَانَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ وَصُلَحَائِهَا. سَمِعَ: عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: أَيُّوبُ، وَقَتَادَةُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَبَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ الْقُشَيْريُّ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَثَبَتَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا تَلا {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر: 8] خَرَّ مَيِّتًا، وَذَلِكَ فِي سنة ثلاثٍ وتسعين. 265- زهدم بن مضرب -خ م ت ق- الأزدي الجرمي البصري1، أبو مسلم. عَنْ: أَبِي مُوسَى، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَعَنْهُ: أَبُو قِلابَةَ، وَأَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْوَرَّاقُ، وَقَتَادَةُ. 266- زِيَادُ بْنُ جَارِيَةَ الدِّمَشْقِيُّ2 -د- لَهُ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ، وَقِيلَ لَهُ صُحْبَةٌ. وَلَهُ عَنْ: حَبِيبِ بْنِ مُسْلِمَةَ فِي النَّفْلِ. رَوَى عَنْهُ: مَكْحُولٌ، ويُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَنْكَرَ زَمَنَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ تَأْخِيرَ الْجُمُعَةِ، فَأَخَذُوهُ وَقَتَلُوهُ. 267- زِيَادُ بْنُ ربيعة الحضرمي3 -د ت ق- المصري وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ، فَيُقَالُ: زِيَادُ بْنُ نُعَيْمٍ. رَوَى عَنْ: زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ، وابن عمر، وأبي أيوب الأنصاري، وغيرهم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 4794" والثقات لابن حبان "4/ 269" وتهذيب الكمال "9/ 396" وتقريب التهذيب "1/ 263". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 527" والثقات لابن حبان "4/ 252" وتهذيب الكمال "9/ 439-441" وميزان الاعتدال "2/ 87". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 548" والثقات لابن حبان "4/ 257-258" وتهذيب الكمال "9/ 460-462".

وَعَنْهُ: بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الإِفْرِيقِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. 268- زِيَادُ بْنُ صُبَيْحٍ الْحَنَفِيُّ1 الْمَكِّيُّ -د ن- ويقال البصري. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ، وَالأَعْمَشُ، وَمَنْصُورٌ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. 269- زَيْدُ بن وهب الجهني2 -ع- الكوفي مُخَضْرَمٌ، وَقَدْ ذُكِرَ. قَالَ ابْنُ مَنْدَوَيْهِ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ. "حرف السِّينِ": 270- سَالِمٌ الْبَرَّادُ3 -د ن- أبو عبد الله، كُوفِيٌّ. عَنْ: أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين. 271- سالم بن أبي الجعد4 -ع- الأشجعي مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ، أَخُو عَبْدِ اللَّهِ، وَعُبَيْدٍ، وَزِيَادٍ، وَعِمْرَانَ، وَمُسْلِمٍ، وَأَشْهَرُهُمْ سَالِمٌ. رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَثَوْبَانَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وعبد الله بن عمر، وَأَنَسٍ، وَأَبِيهِ رَافِعٍ أبي الجعد، وجماعة. روى عنه: قتادة، ومنصور، والأعمش، والحكم، وحصين بن عبد الرحمن، وآخرون. كان ثقة نبيلًا.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 535" والثقات لابن حبان "4/ 255" وتهذيب الكمال "9/ 483-484". 2 تقدم ذكره. 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 300" والجرح والتعديل "4/ 190" وتهذيب الكمال "10/ 175-177". 4 انظر طبقات ابن سعد "6/ 291" والجرح والتعديل "4/ 281" والثقات لابن حبان "4/ 305".

توفي سنة مائة، وقيل قبلها، ويقال بعدها بسنة. وقد روى أيضا عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ في سنن النسائي وذلك مرسل. 272- سالم أبو الغيث1 -ع- مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَطْ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ الْمَقْبُرِيُّ، وَثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ التَّيْمِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابن معين. 273- السائب بن مالك2 -ع- وَقِيلَ ابْنُ يَزِيدَ، أَوْ زَيْدٍ الثَّقَفِيِّ، مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ. عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. 274- السَّائِبُ بْنُ يزيد ع ابْنُ سَعِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ3، أَبُو يَزِيدَ الْكِنْدِيُّ المدني، ابْنُ أُخْتِ نَمِرٍ، يُعْرَفُونَ بِذَلِكَ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ ثُمَامَةَ حَلِيفَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ. قَالَ السَّائِبُ: حَجَّ بِي أَبِي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ. وَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ نتلقى رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ4. وَقَالَ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ وجعٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي، وَرَأَيْتُ بين كتفيه خاتم النبوة5.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "5/ 301" والجرح والتعديل "4/ 189-190" والثقات لابن حبان "4/ 306" وتهذيب الكمال "10/ 179". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 252" والجرح والتعديل "4/ 242" والثقات لابن حبان "4/ 326" وتهذيب الكمال "10/ 192-193". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 241" وتاريخ الطبري "2/ 492" وتهذيب الكمال "10/ 193-196". 4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "4/ 61" والترمذي "925" وأحمد "3/ 449". 5 خبر صحيح: أخرجه البخاري "4/ 390"، وأبو داود "2779"، والترمذي "2779".

وَقَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَخَالَهُ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَطَلْحَةَ، وَحُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالْجَعْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُمَرُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنِ السَّائِبِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَطَلٍ يَوْمَ الْفَتْحِ، اسْتَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْتَ الْأَسْتَارِ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ، ثُمَّ قَالَ: "لا يُقْتَلُ قُرَشِيُّ بَعْدَ هَذَا صَبْرًا" 1. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: ثنا عَطَاءٌ مَوْلَى السَّائِبِ قَالَ: كَانَ السَّائِبُ رَأْسُهُ أَسْوَدَ مِنْ هَامَتِهِ إِلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وَسَائِرُ رَأْسِهِ وَمُؤَخِّرُهُ وَعَارِضُهُ وَلِحْيَتُهُ أَبْيَضَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا رَأَيْتُ أَعْجَبَ شَعْرًا مِنْكَ فَقَالَ لِي: أَوَ تَدْرِي مِمَّ ذَاكَ يَا بُنَيَّ؟ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِي وَأَنَا أَلْعَبُ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، وَقَالَ: "بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ" 2 فَهُوَ لا يَشِيبُ أَبَدًا. يَعْنِي: مَوْضِعَ كَفِّهِ. وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاضِيًا، وَلا أَبُو بَكْرٍ، وَلا عُمَرُ، حَتَّى قَالَ عُمَرُ لِلسَّائِبِ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ: لَوْ رَوَّحْتَ عَنِّي بَعْضَ الأَمْرِ حَتَّى كَانَ عُثْمَانُ. وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى الْفَرْوِيُّ: رَأَيْتُ عَلَى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ مِطْرَفَ خَزٍّ، وَجُبَّةَ خَزٍّ، وَعِمَامَةَ خَزٍّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، وَهُوَ ابْنُ ثمانٍ وثمانين سنة، ويروى عن الجعد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ وَفَاتَهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ. سعد بن إياس أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ. فِي الْكُنَى. سَعْدُ بْنُ عبيد هو أبو عبيد في الكنى.

_ 1 الحديث المرفوع صحيح: أخرجه مسلم "1782" وأحمد "4/ 213" والدرامي "2/ 198". 2 أخرجه الطبراني "6693" وفي الصغير "1/ 249".

275- سعيد بن جبير1 -ع- ابن هشام الأسدي الوالبي مَوْلاهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ. سَمِعَ: ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، وَغَيْرَهُمْ. وروى عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَذَلِكَ مُنْقَطِعٌ وَرَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَرَأَ عَلَيْهِ: الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ. وَرَوَى عَنْهُ: جَعْفَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخُصَيْفٌ الْجَزَرِيُّ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وابنه الآخر عبد الملك، والقاسم ابن أَبِي بَزَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَمُسْلِمٌ الْبَطِينُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -وَقَدْ أَتَاهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَسْأَلُونَهُ- فَقَالَ: أَلَيْسَ فِيكُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَعَنْ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: جِهْبِذُ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: مَا خَلَّفَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ أَسْوَدَ اللَّوْنِ. خَرَجَ مَعَ ابْنِ الأشعث على الحجاج، ثن إِنَّهُ اخْتَفَى وَتَنَقَّلَ فِي النَّوَاحِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ وَقَعُوا بِهِ، فَأَحْضَرُوهُ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: يَا شَقِيَّ بْنَ كُسَيْرٍ --يَعْنِي مَا أَنْتَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ- أَمَا قَدِمْتَ الْكُوفَةَ وَلَيْسَ يَؤُمُّ بِهَا إِلا عَرَبِيٌّ فَجَعَلْتُكَ إِمَامًا؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: أَمَا وَلَّيْتُكَ الْقَضَاءَ، فَضَجَّ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَقَالُوا: لا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ إِلا عَرَبِيٌّ، فَاسْتَقْضَيْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى وَأَمَرْتُهُ أَنْ لا يَقْطَعَ أَمْرًا دُونَكَ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَمَا جَعَلْتُكَ فِي سُمَّارِي وَكُلُّهُمْ رُءُوسُ الْعَرَبِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَمَا أَعْطَيْتُكَ مِائَةَ أَلْفٍ تُفَرِّقُهَا عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَمَا أَخْرَجَكَ عَلَيَّ؟ قَالَ: بَيْعَةٌ كَانَتْ فِي عُنُقِي لابْنِ الأَشْعَثِ. فَغَضِبَ الْحَجَّاجُ وَقَالَ: أَمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُنُقِكَ مِنْ قَبْلُ يَا حَرَسِيُّ اضْرِبْ عُنُقَهُ. فَضَرَبَ عُنُقَهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ بِوَاسِطٍ، وَقَبْرُهُ ظَاهِرٌ يُزَارُ.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 256-267" والجرج والتعديل "4/ 9-10" والتاريخ لابن معين "2/ 196-198" ولابن زرعة "1/ 515".

وَقَالَ مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الشَّعْبِيُّ يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لا يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ إِذَا أتي بالرجل قال له: أكفرت إذا خَرَجْتَ عَلَيَّ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، تَرَكَهُ، وَإِنْ قَالَ: لا، قَتَلَهُ، فَأُتِيَ بِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فقال لَهُ: أَكَفَرْتَ إِذْ خَرَجْتَ عَلَيَّ؟ قَالَ: مَا كَفَرْتُ مُنْذُ آمَنْتُ. قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ أَقْتُلُكَ؟ فَقَالَ: اختَرْ أَنْتَ فَإِنَّ الْقِصَاصَ أَمَامَكَ. وَقَالَ رَبِيعَةُ الرَّأْيِ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مِنَ الْعُبَّادِ الْعُلَمَاءِ، فَقَتَلَهُ الْحَجَّاجُ، وَجَدَهُ فِي الْكَعْبَةِ وَنَاسًا فِيهِمْ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، فَسَارُوا بِهِمْ إِلَى الْعِرَاقِ، فَقَتَلَهُمْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ تَعَلَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ، إِلا بِالْعِبَادَةِ، فَلَمَّا قتل سَعِيدًا خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيرٌ، حَتَّى رَاعَ الْحَجَّاجَ، فَدَعَا طَبِيبًا، فَقَالَ: مَا بَالُ دَمِهِ كَثِيرًا؟ قَالَ: قَتَلْتَهُ وَنَفْسُهُ مَعَهُ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: عَنْ أَبِيهِ: مَاتَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَا عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ إِلا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى علمه. وَعَنْ هِلالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ: دَخَلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ الْكَعْبَةَ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: عَنْ سَعِيدٍ إِنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ. وَلَهُ تَرْجَمَةٌ جَلِيلَةٌ فِي الْحِلْيَةِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ قَالَ: لَدَغَتْ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عقربٌ، فَأَقْسَمَتْ أُمُّهُ عَلَيْهِ لَيَسْتَرْقِيَنَّ، فَنَاوَلَ الرَّقَّاءَ يَدَهُ الَّتِي لَمْ تُلْدَغْ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَؤُمُّنَا فِي رَمَضَانَ، فَيَقْرَأُ لَيْلَةً بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَيْلَةً بِقِرَاءَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَقَالَ عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ خَصِيفٍ قَالَ: أَعْلَمُهُمْ بِالطَّلاقِ سَعِيدُ بْنُ المسيب، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَجِّ عَطَاءٌ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ طَاوُسٌ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالتَّفْسِيرِ مُجَاهِدٌ، وَأَجْمَعُهُمْ لِذَلِكَ كُلِّهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بن يزيد: ثنا الْفَضْلُ بْنُ سُوَيْدٍ، ثنا الضَّبِّيُّ قَالَ: كُنْتُ فِي حِجْرِ الْحَجَّاجِ فَقَدَّمُوا سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَنَا شَاهِدٌ، فَأَخَذَ الْحَجَّاجُ يُعَاتِبُهُ كَمَا يُعَاتِبُ الرَّجُلُ وَلَدَهُ، فَانْفَلَتَتْ مِنْ سَعِيدٍ كَلِمَةً فَقَالَ إِنَّهُ عَزَمَ عَلَيَّ، يَعْنِي ابْنَ الأَشْعَثِ. وَيُرْوَى أَنَّ الْحَجَّاجَ رُؤِيَ فِي النَّوْمِ، فَقِيلَ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: قَتَلَنِي بِكُلِّ قتيل قتلته، قتلة، وقتلني بسعيد ابن جُبَيْرٍ سَبْعِينَ قَتْلَةً.

رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا احْتُضِرَ كَانَ يَغُوصُ ثُمَّ يفيق ويقول: ما لي وما لك يَا سَعِيدُ بْنَ جُبَيْرٍ. قُلْتُ: صَحَّ أَنَّهُ قَالَ لابْنِهِ: مَا يُبْكِيكَ، مَا بَقَاءُ أَبِيكَ بَعْدَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَذَلِكَ حِينَ دُعِيَ لِيُقْتَلَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. رَوَاهَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ. 276- سَعِيدُ بْنُ عبد الرحمن بن أبزى -ع- الكوفي1 عَنْ: أَبِيهِ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. وَعَنْهُ: ذر الْهَمْدَانِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَزُبَيْدٍ الْيَامِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. 277- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أُسيد بْنِ أَبِي الْفَيْضِ بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ أَحَدُ الأَشْرَافِ بِالْبَصْرَةِ. كَانَ نَبِيلًا جَوَّادًا مُمَدَّحًا، لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: زَعَمُوا أَنَّهُ أَعْطَى شَاعِرًا ثَلاثَةَ آلافِ دينار. 287- سعيد بن مرجانة -خ م ت ن- أبو عثمان مَوْلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ2. وَمَرْجَانَةُ هِيَ أُمُّهُ. كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، مَعَ جَلالَتِهِ وَقِدَمِهِ، وَابْنَاهُ: أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَعُمَرُ، وَوَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وُلِدَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سبع وتسعين. 279- سعيد بن المسيب3 -ع- ابن حَزْنِ بْنِ أَبِي وَهْبِ بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ، الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ القرشي المخزومي المدني عَالِمُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِلا مُدَافَعَةٍ. وُلِدَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْهَا، وَقِيلَ لِسَنَتَيْنِ مضتا منها.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 39" وتهذيب التهذيب "4/ 54". 2 انظر الكاشف للمصنف "1/ 295" وتهذيب التهذيب "4/ 78، 79". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 119-134" والجرح والتعديل "4/ 59-61" والمراسيل لابن أبي حاتم "714" وسير أعلام النبلاء "4/ 217-246".

وَرَأَى عُمَرَ، وَسَمِعَ: عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَجُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْمَازِنِيَّ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَطَائِفَةً مِنَ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَبُكَيْرِ ابن الأَشَجِّ، وَشَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ هُوَ وَاللَّهِ أَحَدُ الْمُفْتِينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَكَذَا قَالَ مَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: غَضِبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَلَى الزُّهْرِيِّ وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ حَدَّثْتَ بَنِي مَرْوَانَ حَدِيثِي فَمَا زَالَ غَضْبَانَ عَلَيْهِ حَتَّى أَرْضَاهُ بَعْدُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثنا مَالِكٌ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: أَسَأَلْتَ أَحَدًا غَيْرِي؟ قَالَ: نَعَمْ عُرْوَةَ، وَفُلانًا وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ: أَطِعِ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، فَإِنَّهُ سَيِّدُنَا وَعَالِمُنَا. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، سَمِعَ مَكْحُولا يَقُولُ: طُفْتُ الأَرْضَ كُلَّهَا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، فَمَا لَقِيتُ أَحَدًا أعلم مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ: إِنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ. وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَا شَيْءٌ عِنْدِي الْيَوْمَ أَخْوَفَ مِنَ النِّسَاءِ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ يُقَالُ لابْنِ الْمُسَيِّبِ رواية عُمَرَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَتْبَعُ أَقْضِيَةَ عُمَرَ يَتَعَلَّمُهَا، وَإِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَيُرسِلُ إِلَيْهِ يَسْأَلَهُ. مُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَنْ أَكَلَ الْفُجْلَ وَسَرَّهُ أَنْ لا يُوجَدَ مِنْهُ رِيحُهُ فَلْيَذْكُرِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ أَوَّلِ قَضْمَةٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: مَا فَاتَتْنِي التَّكْبِيرَةُ الأُولَى مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً. وَعَنْهُ قَالَ: حَجَجْتُ أَرْبَعِينَ حَجَّةً.

وَعَنْهُ قَالَ: مَا نَظَرْتُ إِلَى قَفَا رَجُلٍ فِي الصَّلاةِ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً، يَعْنِي لِمُحَافَظَتِهِ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ. وَكَانَ سَعِيدُ مُلازِمًا لِأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَانَ زَوْجَ ابْنَتِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ رَجُلا صَالِحًا لا يَأْخُذُ الْعَطَاءَ، وَلَهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ؟ يَتَّجِرُ بِهَا فِي الزَّيْتِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لا أَعْلَمُ فِي التَّابِعِينَ أَوْسَعَ عِلْمًا مِنْهُ، هُوَ عِنْدِي أَجَلُّ التَّابِعِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ: مُرْسَلاتُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ صِحَاحٌ. قُلْتُ: قَدْ مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَنَّهُ ضَرَبَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سِتِّينَ سَوْطًا. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ضَرَبَ سَعِيدًا حِينَ دَعَاهُ إِلَى بَيْعَةِ الْوَلِيدِ، إِذْ عَقَدَ لَهُ أَبُوهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالْخِلافَةِ، فَأَبَى سَعِيدٌ وَقَالَ: أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، فَضَرَبَهُ هِشَامٌ وَطَوَّفَ بِهِ وَحَبَسَهُ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَمْ يرضه، فَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ، أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ تُوُفِّيَ، فَعَقَدَ عَبْدُ الْمَلِكِ لابْنَيْهِ الْعَهْدَ، وَكَتَبَ بِالْبَيْعَةِ لَهُمَا إِلَى الْبُلْدَانِ، وَأَنَّ عَامِلَهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ هِشَامٌ الْمَخْزُومِيُّ، فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَبَايَعُوا، وَأَبَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لَهُمَا، وَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ، فَضَرَبَهُ سِتِّينَ سَوْطًا، وَطَافَ بِهِ فِي تُبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ حَتَّى بَلَغَ بِهِ رأس الثَّنِيَّةِ، فَلَمَّا كَرُّوا بِهِ قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالُوا: السِّجْنِ. قَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّهُ الصَّلْبُ مَا لَبِسْتُ هَذَا التُّبَّانَ أَبَدًا، فَرَدُّوهُ إِلَى السِّجْنِ. وَكَتَبَ هِشَامٌ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِخِلافِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلُومُهُ فِيمَا صَنَعَ به، ويقول: سعيد وَاللَّهِ أَحْوَجَ إِلَى أَنْ تَصِلَ رَحِمَهُ مِنْ أَنْ تَضْرِبَهُ، وَإِنَّا لَنَعْلَمُ مَا عِنْدَ سَعِيدٍ شِقَاقٌ وَلا خِلَافٌ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ السِّجْنَ، فَإِذَا

هُوَ قَدْ ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ، فَجَعَلَ الْإِهَابَ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ جَعَلُوا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قضبًا رَطْبًا، وَكَانَ كُلَّمَا نَظَرَ إِلَى عَضُدَيْهِ قَالَ: اللَّهُمَّ انْصُرْنِي مِنْ هِشَامٍ. وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ دَخَلَ عَلَى سَعِيدٍ السِّجْنَ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ وَيَقُولُ: إِنَّكَ خَرَقْتَ بِهِ وَلَمْ تَرْفُقْ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ اتَّقِ اللَّهَ وَآثِرْهُ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: إِنَّكَ خَرَقْتَ بِهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ وَاللَّهِ أَعْمَى الْبَصَرِ وَالْقَلْبِ، ثُمَّ نَدِمَ هِشَامٌ بَعْدُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَاجِشُونُ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بِالسُّوقِ، فَمَرَّ بَرِيدٌ لِبَنِي مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: مِنْ رُسُلِ بني أمية أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ تَرَكْتَهُمْ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ. قَالَ: تَرَكْتَهُمْ يُجِيعُونَ النَّاسَ وَيُشْبِعُونَ الْكِلابَ؟ قَالَ: فَاشْرَأَبَّ الرَّسُولُ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَلَمْ أَزَلْ أُرَجِّيهِ حَتَّى انْطَلَقَ، ثُمَّ قُلْتُ لِسَعِيدٍ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، تُشِيطُ بِدَمِكَ بِالْكَلِمَةِ هَكَذَا تُلْقِيهَا، قَالَ: اسْكُتْ يَا أُحَيْمَقُ، فَوَاللَّهِ لا يُسْلِمُنِي اللَّهُ مَا أَخَذْتُ بِحُقُوقِهِ. وَقَالَ سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَرَى نَفْسَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ كَانَتْ أهون عَلَيْهِ فِي اللَّهِ مِنْ نَفْسِ ذُبَابٍ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ قَالَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الآثَارِ وَأَفْقَهُهُمْ فِي رَأْيِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَسِيرُ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْفَوِّيُّ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا سعيد بن المسيب جالس وحده، فقلت: ما له؟ قَالُوا: نَهَى أَنْ يُجَالِسَهُ أَحَدٌ. وَكَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إِمَامًا أَيْضًا فِي تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا. قَالَ أَبُو طَالِبٍ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ حُجَّةٌ؟ قَالَ: هُوَ عِنْدَنَا حُجَّةٌ، قَدْ رَأَى عُمَرَ وَسَمِعَ مِنْهُ، إِذَا لَمْ يُقْبَلْ سَعِيدُ عَنْ عُمَرَ فَمَنْ يقبل؟ قال ابن خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ: ثنا لُوَيْنٌ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ ابن المسيب قال: لو رأيتني لبالي الْحَرَّةِ، وَمَا فِي الْمَسْجِدِ غَيْرِي، مَا يَأْتِي وَقْتُ صَلاةٍ إِلا

سَمِعْتُ الأَذَانَ مِنَ الْقَبْرِ، ثُمَّ أُقِيمُ فَأُصَلِّي، وإن أهل الشام ليدخلوا الْمَسْجِدَ زُمَرًا فَيَقُولُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ الْمَجْنُونِ. قُلْتُ: عَبْدُ الْحَمِيدِ لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ وَكِيعٌ: ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: مَا أَحَدٌ أعلم بقضاءٍ قَضَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلا أَبُو بَكْرٍ وَلا عُمَرَ مِنِّي. وَمِنْ مُفْرَدَاتِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلاثًا تَحِلُّ لِلأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ. تُوُفِّيَ سَعِيدٌ فِي قَوْلِ الْهَيْثَمِ، وَسَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَغَيْرِهِمْ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: فَأَمَّا أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. ثنا الأَصَمُّ، ثنا حَنْبَلٌ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَاتَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. 280- سَعِيدُ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ1 -م ن- الكوفي. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. وَالصَّوَابُ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَرَوَى الْيَسِيرَ. 281- سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ يَسَارٌ -ع- أَخُو الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ2 رَوَى عَنْ: أُمِّهِ خَيِّرَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي بكر الثقفي، وابن عباس. روى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَعَوْفٌ الأعرابي، وجماعة.

_ 1 انظر الطبقات لابن سعد "6/ 170" والجرح والتعديل "4/ 69، 70" وسير أعلام النبلاء "4/ 180" والإصابة "2/ 113". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 178-179" والجرح والتعديل "4/ 72-73" وسير أعلام النبلاء "4/ 588-589" وتهذيب التهذيب "4/ 16-17".

وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ، وَيُقَالُ إِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْحَسَنِ بِسَنَةٍ، وَالأَوَّلُ أَثْبَتُ. وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ. 282- سُلَيْمَانُ بْنُ سِنَانٍ الْمُزَنِيُّ مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ. قَالَهُ ابْنُ يونس. 283- سليمان بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ2 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو أَيُّوبَ. وَكَانَ مِنْ خِيَارِ مُلُوكِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَلِيَ الْخِلافَةَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ بَعْدَ الْوَلِيدِ بِالْعَهْدِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَبِيهِ. وَرَوَى قَلِيلا عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُنَيْدَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ، وَالزُّهْرِيُّ. وَكَانَتْ دَارُهُ مَوْضِعَ سِقَايَةِ جَيْرُونَ3، وَلَهُ دَارٌ بَنَاهَا بِدَرْبِ مُحْرِزٍ بِدِمَشْقَ، فَجَعَلَهَا دَارَ الْخِلافَةِ، وَجَعَلَ لَهَا قُبَّةً صَفْرَاءَ كَالْقُبَّةِ الْخَضْرَاءَ الَّتِي بِدَارِ الْخِلافَةِ، وَكَانَ فَصِيحًا مُفَوَّهًا مُؤْثِرًا لِلْعَدْلِ، مُحِبًّا لِلْغَزْوِ، وَجَهَّزَ الْجُيُوشَ مَعَ أَخِيهِ مُسْلِمَةَ لِحِصَارِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَحَاصَرَهَا مُدَّةً حَتَّى صَالَحُوا عَلَى بِنَاءِ جَامِعٍ بالقسطنطينية. وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتِّينَ. وَقَالَتِ امْرَأَةٌ: رَأَيْتُهُ أَبْيَضَ عَظِيمَ الْوَجْهِ مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ، يَضْرِبُ شَعْرُهُ مِنْكِبَيْهِ، مَا رَأَيْتُ أَجْمَلَ مِنْهُ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْبَيْعَةَ أَتَتْ سليمان وهو يشارف

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 118" والتاريخ الكبير "4/ 17" وتهذيب التهذيب "4/ 198-199" والكاشف "1/ 315". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 130" والتاريخ الكبير "4/ 25" وتاريخ الطبري "6/ 546-549" وسير أعلام النبلاء "5/ 111-113". 3 أحد أبواب الجامع الأموي بدمشق.

الْبَلْقَاءَ، فَأَتَى، بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَأَتَتْهُ الْوُفُودُ فَلَمْ يَرَوْا وِفَادَةً كَانَتْ أَهْيَأُ مِنَ الْوِفَادَةِ إِلَيْهِ، كَانَ يَجْلِسُ فِي قُبَّةٍ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ مِمَّا يَلِي الصخرة، وَيَجْلِسُ النَّاسُ عَلَى الْكَرَاسِيِّ، وَتُقَسَّمُ الأَمْوَالُ وَتُقْضَى الْأَشْغَالُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَلِيَ سُلَيْمَانُ وَهُوَ إِلَى الشَّبَابِ وَالتَّرَفُّهِ مَا هُوَ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَبَا حَفْصٍ، إِنَّا وَقَدْ وُلِّينَا مَا قَدْ تَرَى، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا بِتَدْبِيرِهِ عِلْمٌ، فَمَا رَأَيْتَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَمُرْ بِهِ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ عَزَلَ عُمَّالَ الْحَجَّاجِ، وَأَخْرَجَ مَنْ كَانَ فِي سِجْنِ الْعِرَاقِ، وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُهُ: أَنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ قَدْ أُمِيتَتْ فَأَحْيُوهَا وَرُدُّوهَا إِلَى وَقْتِهَا، مَعَ أمورٍ حَسَنَةٍ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ عُمَرَ فِيهَا، فَأَخْبَرَنِي مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ هَمَّ بِالإِقَامَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاتَّخَذَهَا مَنْزِلا، ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَدَّمْنَا فِي سَنَةِ ثمانٍ وَتِسْعِينَ، مِنْ نُزُولِهِ بِقِنَّسْرِينَ مُرَابِطًا. وَحَجَّ سُلَيْمَانُ فِي خِلافَتِهِ سَنَةَ سبعٍ وَتِسْعِينَ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: حَجَّ سُلَيْمَانُ، فَرَأَى النَّاسَ بِالْمَوْسِمِ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَمَا تَرَى هَذَا الْخَلْقَ الَّذِي لا يُحْصِي عَددَهُمْ إِلا اللَّهُ وَلا يَسَعُ رِزْقَهُمْ غَيْرُهُ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَؤُلاءِ الْيَوْمَ رَعِيَّتُكَ، وَهُمْ غَدًا خُصَمَاؤُكَ فَبَكَى سُلَيْمَانَ بُكَاءً شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: بِاللَّهِ أَسْتَعِينُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَخْطُبُنَا كُلَّ جُمُعَةٍ، لا يَدَعُ أَنْ يَقُولَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلُ الدُّنْيَا عَلَى رَحِيلٍ لَمْ تَمْضِ بِهِمْ نِيَّةٌ وَلَمْ تَطْمَئِنَّ لَهُمْ دَارٌ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ. لا يَدُومُ نَعِيمُهَا وَلا تُؤْمَنُ فجائعها، وَلا يُتَّقَى مِنْ شَرِّ أَهْلِهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: 205-207] . وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، افْتَتَحَ خِلَافَتَهُ بِإِحْيَائِهِ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، وَاخْتَتَمَهَا بِاسْتِخْلافِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَكَانَ سُلَيْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْغِنَاءِ، وَقِيلَ: كَانَ مِنَ الأَكَلَةِ الْمَذْكُورِينَ، فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغِلابِيُّ -وَلَيْسَ بِثِقَةٍ- ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَكَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْبَعِينَ دَجَاجَةً تُشْوَى لَهُ عَلَى النَّارِ عَلَى صِفَةِ الْكَبَابِ، وَأَكَلَ أَرْبَعًا وَثَمَانِينَ كُلْوَةً بِشُحُومِهَا وثمانين جردقة1.

_ 1 أي الرغيف.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ: أَنَّ سُلَيْمَانَ حَجَّ فَأَتَى الطَّائِفَ، فَأَكَلَ سَبْعِينَ رُمَّانَةً وَخَرُوفًا وَسِتَّ دَجَاجَاتٍ، وَأُتِيَ بِمَكُّوكِ1 زَبِيبٍ طَائِفِيٍّ، فَأَكَلَهُ أَجْمَعَ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَكُولا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي بَيْتٍ أَخْضَرَ عَلَى وِطَاءٍ أَخْضَرَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ خُضْرٌ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ فَأَعْجَبَهُ شَبَابُهُ وَجَمَالُهُ فَقَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبِيًّا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ صِدِّيقًا، وَكَانَ عُمَرُ فَارُوقًا، وَكَانَ عُثْمَانُ حَيِيًّا، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ حَلِيمًا، وَكَانَ يَزِيدُ صَبُورًا، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ سَائِسًا، وَكَانَ الْوَلِيدُ جَبَّارًا، وَأَنَا الْمَلِكُ الشَّابُّ. فَمَا دَارَ عَلَيْهِ الشَّهْرُ حَتَّى مَاتَ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ مِنْ فَرْقِهِ إِلَى قَدَمِهِ وَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ الشَّابُّ، فَلَمَّا نَزَلَ بِمَرْجِ دَابِقٍ حُمَّ وَفَشَتِ الْحُمَّى فِي عَسْكَرِهِ، فَنَادَى بعض خَدَمِهِ، فَجَاءَتْ بِطِسْتٍ، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: مَحْمُومَةٌ. قَالَ: فَأَيْنَ فُلانَةُ؟ قَالَتْ: مَحْمُومَةٌ، فَمَا ذَكَرَ أَحَدًا إِلا قَالَتْ: مَحْمُومَةٌ، فَالْتَفَتَ إِلَى خَالِهِ الْوَلِيدِ بْنِ الْقَعْقَاعِ الْعَبْسِيِّ وَقَالَ: قَرِّبْ وَضُوءَكَ يَا وَلِيدُ فَإِنَّمَا ... هَذِي الْحَيَاةُ تعلةٌ وَمَتَاعُ فَقَالَ الْوَلِيدُ: فَاعْمَلْ لِنَفْسِكِ فِي حَيَاتِكَ صَالِحًا ... فَالدَّهْرُ فِيهِ فُرْقَةٌ وَجَمَاعُ وَمَاتَ فِي مَرَضِهِ. وَعَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْمُهَلَّبِ قَالَ: عَرَضَتْ لِسُلَيْمَانَ سعلةٌ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَنَزَلَ وَهُوَ مَحْمُومٌ، فَمَا جَاءَتِ الْجُمُعَةُ الأُخْرَى حَتَّى دُفِنَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حسان الكناني قال: لما مرض سليمان بدابق قَالَ لِرَجَاءِ بْنِ حَيَوَةَ: مَنْ لِهَذَا الأَمْرِ بَعْدِي، أَسْتَخْلِفُ ابْنِي؟ قَالَ: ابْنُكَ غَائِبٌ، قَالَ: فَابْنِي الآخَرُ، قَالَ: صَغِيرٌ، قَالَ: فَمَنْ تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَسْتَخْلِفَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: أَتَخَوَّفُ إِخْوَتِي لا يَرْضَوْنَ، قَالَ: فول عمر، ومن بعده

_ 1 مكيال يسع صاعًا ونصف.

يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَتَكْتُبُ كِتَابًا وَتَخْتِمُ عَلَيْهِ وَتَدْعُوهُمْ إِلَى بَيْعَتِهِ مَخْتُومًا، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَ؛ ائْتِنِي بقرطاس، فَدَعَا بِقِرْطَاسٍ، فَكَتَبَ فِيهِ الْعَهْدَ، وَدَفَعَهُ إِلَى رَجَاءٍ، وَقَالَ: اخْرُجْ إِلَى الناس فليبايعوا على ما فيه مختوما، فخرج، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُوا لِمَنْ فِي هَذَا الْكِتَابِ، قَالُوا: وَمَنْ فِيهِ؟ قَالَ: هُوَ مَخْتُومٌ لا تُخْبَرُونَ بِمَنْ فِيهِ حَتَّى يَمُوتَ. قَالُوا: لا نُبَايِعُ. فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ وَالْحَرَسِ، فاجمع الناس ومرهم بالبيعة، فمن أبى فاضرب عُنُقَهُ، قَالَ: فَبَايَعُوهُ عَلَى مَا فِيهِ. قَالَ رَجَاءُ بْنُ حَيَوَةَ: فَبَيْنَا أَنَا رَاجِعٌ إِذْ سَمِعْتُ جَلَبَةَ مَوْكِبٍ، فَإِذَا هِشَامٌ، فَقَالَ لِي: يَا رَجَاءُ قَدْ عَلِمْتُ مَوْقِعَكَ مِنَّا، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَنَعَ شَيْئًا مَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَزَالَهَا عَنِّي، فَإِنْ يَكُنْ قَدْ عَدَلَهَا عَنِّي فَأَعْلِمْنِي مَا دَامَ فِي الأَمْرِ نَفْسٌ حَتَّى يَنْظُرَ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَسْتَكْتِمُنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرًا أطلعك عليه، لا يكون ذا أبدا، قال: فَأَدَارَنِي وَلاحَانِي، فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ، فَانْصَرَفَ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِذْ سَمِعْتُ جَلَبَةً خَلْفِي، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ لِي: يَا رَجَاءُ إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَمْرٌ كَبِيرٌ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ جعلها إلي ولست أقوم بهذا الشأن، فأعلمني ما دام في الأمر نفس لعلي أتخلص مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَسْتَكْتِمُنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرًا أُطْلِعَكَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَثَقُلَ سُلَيْمَانُ، فَلَمَّا مَاتَ أَجْلَسْتُهُ مَجْلِسَهُ وَأَسْنَدْتُهُ وَهَيَّأْتُهُ وَخَرَجْتُ إِلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: كَيْفَ أَصْبَحَ أمير المؤمنين؟ قلت: أصبح ساكنا، وقد أحب أَنْ تُسَلِّمُوا عَلَيْهِ وَتُبَايِعُوا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، فَدَخَلُوا وَأَنَا قَائِمٌ عِنْدَهُ، فَلَمَّا دَنَوْا قُلْتُ: إِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ بِالْوُقُوفِ، ثُمَّ أخذت الكتاب من عنده وتقدمت إليهم وَقُلْتُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُوا عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَبَايَعُوا وَبَسَطُوا أيديهم. فلما بَايَعْتُهُمْ وَفَرَغْتُ قُلْتُ: آجَرَكُمُ اللَّهُ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالُوا: فَمَنْ؟ فَفَتَحْتُ الْكِتَابَ فَإِذَا فِيهِ الْعَهْدُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا سَمِعُوا: "وَبَعْدَهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ" كَأَنَّهُمْ تَرَاجَعُوا فَقَالُوا: أَيْنَ عُمَرُ، فَطَلَبُوهُ فَإِذَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَوْهُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ، فَعُقِرَ بِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعِ النُّهُوضَ حَتَّى أَخَذُوا بِضَبْعَيْهِ، فَدَنَوْا بِهِ إِلَى الْمِنْبَرِ وَأَصْعَدُوهُ، فَجَلَسَ طَوِيلا لا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ رَجَاءٌ: أَلا تَقُومُونَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَتُبَايِعُونَهُ، فنهض القوم إليه فبايعوه رجلٌ رجلٌ وَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِمْ، قَالَ فَصَعَدَ إِلَيْهِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ قَالَ: يَقُولُ هِشَامٌ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَقَال عُمَرُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، حِينَ صَارَ يَلِي هَذَا الأَمْرَ أَنَا وَأَنْتَ. ثُمَّ قَالَ: فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ،

ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَسْتُ بِفَارِضٍ وَلَكِنِّي مُنَفِّذٌ، وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ وَلَكِنِّي مُتَّبِعٌ، وَإِنَّ مَنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَمْصَارِ وَالْمُدُنِ إِنْ هُمْ أَطَاعُوا كَمَا أَطَعْتُمْ فَأَنَا وَالِيكُمْ، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَلَسْتُ لَكُمْ بوالٍ. ثُمَّ نَزَلَ فَأَتَاهُ صَاحِبُ الْمَرَاكِبِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: مَرْكَبُ الْخَلِيفَةِ. قَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِيهِ، ائْتُونِي بِدَابَّتِي، فَأَتَوْهُ بِدَابَّتِهِ فَانْطَلَقَ إِلَى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ دَعَا بِدَوَاةٍ فَكَتَبَ بِيَدِهِ إِلَى عُمَّالِ الأَمْصَارِ. قَالَ رَجَاءٌ: كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ سَيَضْعُفُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ صُنْعَهُ فِي الْكِتَابِ عَلِمْتُ أَنَّهُ سَيَقْوَى. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ: صَلَّى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى جِنَازَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي عَاشِرِ صَفَرٍ سَنَةَ تسعٍ وَتِسْعِينَ. قَالَ الْهَيْثَمُ وَجَمَاعَةٌ: عَاشَ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ آخَرُونَ عَاشَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: تِسْعًا وَثَلاثِينَ سَنَةً، وَخِلافَتُهُ سَنَتَانِ وَتِسْعَةُ أشهر وعشرون يومًا. 284- سميط بن عمير -ن م ق- أَوِ ابْنُ عَمْرٍو أَوِ ابْنِ سُمَيْرٍ أَبُو عبد الله السدوسي البصري1. يُقَالُ إِنَّهُ سَارَ إِلَى عُمَرَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي مُوسَى، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَنَسٍ؛ وَقِيلَ الَّذِي روى عَنْ أَنَسٍ آخَرُ. وَعَنْهُ: عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَبُو حَاتِمٍ، وَخَالَفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2. 285- سَهْلُ بْنُ سعد -ع- ابن مالك أبو العباس الساعدي الأنصاري صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِأَبِيهِ أَيْضًا صُحْبة. رَوَى عَن: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَغَيْرِهِ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 317" وتاريخ ابن معين "2/ 240" وتاريخ البخاري "4/ 203-204" وتهذيب التهذيب "4/ 240". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 50-51" والتاريخ للبخاري "4/ 97-98" وسير أعلام النبلاء "3/ 422-424".

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ. وَهُوَ: آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ قَارَبَ الْمِائَةَ سَنَةٍ. وَقَالَ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ اسْمُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ حَزَنًا فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَهْلا1. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: تَزَوَّجَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً. وَرُوِيَ أَنَّهُ حَضَرَ وَلِيمَةً فِيهَا تِسْعَةٌ مِنْ مُطَلَّقَاتِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ وَقَفْنَ لَهُ وَقُلْنَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ؟ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَحْمَدَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بِمِصْرَ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ الْخِلَعِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْبَزَّازُ، أَنْبَأَ أَبُو الطاهر أحمد بن محمد الميني، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدٍ الأَعْلَى، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، سَمِعَهُ يقول: اطلع رجل من حجر فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِدْرًى2 يَحُكُّ بِهِ رَأْسِهِ، فَقَالَ: $"لَوْ أَعْلَمُ أنَّكَ تَنْظُرُنِي لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ"3. اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، إِلا مَا ذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَالْبُخَارِيُّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَثَمَانِينَ. 286- سَوَاءٌ الْخُزَاعِيُّ4 -د ن- عَنْ: حَفْصَةَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ. "حرف الشين": 287- شبيل بن عوف -ع- أبو الطفيل5 الأحمسي البجلي الكوفي.

_ 1 خبر ضعيف: أخرجه الطبراني "6/ 149" بإسناد ضعيف فيه عبد المهيمن وهو ضعيف. 2 أي مشط. 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "10/ 309-310". 4 انظر التاريخ الكبير للبخاري "4/ 202" وتهذيب التهذيب "4/ 265". 5 انظر الجرح والتعديل "4/ 381" والتاريخ الكبير "4/ 258" للبخاري والتاريخ لابن معين "2/ 248".

مُخَضْرَمٌ سَمِعَ عُمَرَ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. وَهُوَ وَالِدُ الْحَارِثِ، وَمُغِيرَةَ. 288- شَهْرُ بْنُ حوشب1 -م- مقرون الأشعري الشامي، مولى أسماء بنت يزيد -رضي الله عنهما. رَوَى عَنْ: مَوْلاتِهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عمرو، وخلق. وقرأ القرآن على ابن عباس، وأرسل عَنْ سَلْمَانَ، وَبِلالٍ، وَأَبِي ذَرٍّ. رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَالْحَكَمُ بن عيينة، وَأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحُدَّانِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زياد الْمَكِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، وَطَائِفَةٌ آخِرُهُمْ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ. قَالَ أَبَانُ بْنُ سَمْعَةَ: قُلْتُ لِشَهْرٍ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، وَبِهَا كَنَّاهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ شَهْرٍ قَالَ: عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ. وَعَنْ أَبِي نَهِيكٍ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَمَاعَةٍ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَقْرَأَ لِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَةِ شَهْرٍ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وقال علي بن عباس: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ قَالَ: أَتَى عَلَى شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَرَأَيْتُهُ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، طَرَفُهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَعِمَامَةٍ أُخْرَى، قَدْ أَوْثَقَ بِهَا وَسَطَهُ سَوْدَاءَ، وَرَأَيْتُهُ مَخْضُوبًا خِضَابَةً سَوْدَاءَ فِي حُمْرَةٍ، وَوَفَدَ عَلَى بِلالِ بْنِ مِرْدَاسَ الْفَزَارِيِّ بِحَوْلايَا، فَأَجَازَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَهَا. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ نُوَيْرَةَ قَالَ: دُعِيَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ إِلَى وَلِيمَةٍ وَأَنَا معه، فأصبنا من طعامهم، فلما سمع شهر المزمار وضع إصبعه في أذنيه وخرج.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 449" والجرح والتعديل "4/ 382-383" وميزان الاعتدال "2/ 283-285".

قَالَ حَرْبٌ الْكِرْمَانِيُّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، فَوَثَّقَهُ وَقَالَ: مَا أَحْسَنَ حَدِيثَهُ. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: شَهْرٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قَالَ التِّرْمِذِيّ: قَالَ مُحَمَّدٌ -يَعْنِي الْبُخَارِيَّ: شَهْرٌ حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَقَوَّى أَمْرَهُ وَقَالَ: إِنَّمَا تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ عَوْنٍ، ثُمَّ رَوَى عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: شَهْرٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: شَهْرٌ مِمَّنْ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَلا يُتَدَيَّنُ بِهِ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثنا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا أَعْيَنُ الإِسْكَافُ قَالَ: آجَرْتُ نَفْسِي مِنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَ لَهُ غُلامٌ دَيْلَمِيٌّ مغنٍ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلا قَالَ لَهُ: تَنَحَّ فَاخْلِ، فَاسْتَذْكِرْ غِنَاءَكَ، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَيْنَا فَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا يَنْفُقُ بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ: عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَأَخَذَ خَرِيطَةً فِيهَا دَرَاهِمُ، فَقِيلَ فِيهِ: لَقَدْ بَاعَ شهرٌ دِينَهُ بخريطةٍ ... فَمَنْ يَأْمَنُ الْقُرَّاءَ بَعْدَكَ يَا شَهْرُ أَخَذْتَ بِهَا شَيْئًا طَفِيفًا وَبِعْتَهُ ... مِنَ ابْنِ جريرٍ إِنَّ هَذَا هُوَ الْغَدْرُ وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ فَسَرَقَ عَيْبَتِي. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: إِنَّ شَهْرًا تَرَكُوهُ، قَالَ النَّضْرُ: يَعْنِي طعنوا به. وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: مَنْ رَكِبَ مَشْهُورًا مِنَ الدَّوَابِّ أَوْ لَبِسَ مَشْهُورًا مِنَ الثِّيَابِ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى اللَّهِ كَرِيمًا. قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ، تَابَعَهُ الْمَدَائِنِيُّ، وَخَلِيفَةُ، وَالْهَيْثَمُ، وَآخَرُونَ.

وَيُرْوَى أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ، وَلا يَصِحُّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ومائة. 289- شويس بن جياش1 -بالجيم أبو بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ- عَنْ: عُمَرَ، وَعُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ. وَعَنْهُ: عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَأَبُو نَعَامَةَ عَمْرُو بْنُ عِيسَى الْعَدَوِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ كَيْسَانَ الْعَدَوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. لَهُ حَدِيثٌ فِي الشَّمَائِلِ. "حرف الصَّادِ": 290- صَالِحُ بن أبي مريم أبو الخليل -ع- الضبعي2، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: سَفينَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، وَأَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ -وَهُمَا أَسَنُّ مِنْهُ- وَقَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَمَنْصُورٌ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَقَدْ أرسل عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. 291- صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيُّ البصري3، أحد الأئمة العابدين. روى عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عمر، وعمران بن حصين، وحكيم بن حزام.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 389" وتهذيب التهذيب "4/ 372". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 415" والتاريخ الكبير "4/ 289" وتهذيب التهذيب "4/ 402-403" والكاشف "2/ 22". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 147" والجرح والتعديل "4/ 423" والتاريخ الكبير "4/ 305-306".

رَوَى عَنْهُ: جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، وَقَتَادَةُ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَآخَرُونَ. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ لَهُ فَضْلٌ وَوَرَعٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ قَدِ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ سَرَبًا يَبْكِي فِيهِ، وَكَانَ وَاعِظًا عَابِدًا. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَقِيتُ أَقْوَامًا كَانُوا فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ أَزْهَدُ مِنْكُمْ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَصَحِبْتُ أَقْوَامًا كَانَ أَحَدُهُمْ يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ وَيَنَامُ عَلَى الأَرْضِ، مِنْهُمْ صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ كَانَ يَقُولُ: إِذَا أَوَيْتُ إِلَى أَهْلِي وَأَصَبْتُ رَغِيفًا فَجَزَى اللَّهُ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا شَرًّا، وَاللَّهِ مَا زَادَ عَلَى رَغِيفٍ حَتَّى مَاتَ، كَانَ يَظَلُّ صَائِمًا، وَيُفْطِرُ عَلَى رَغِيفٍ، وَيُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُصْحَفَ فَيَتْلُو حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ، ثُمَّ يُصَلِّي، ثُمَّ يَنَامُ إِلَى الظُّهْرِ، فَكَانَتْ تِلْكَ نَوْمَتُهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، وَيُصَلِّي مِنَ الظُّهْرِ إِلَى الْعَصْرِ، وَيَتْلُو فِي الْمُصْحَفِ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشمس. 292- صفوان بن أبي زيد1 -بخ ن- وقيل ابن يزيد المدني. عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ اللَّجْلاجِ -وَاسْمُهُ حُصَيْنُ بْنُ اللَّجْلاجِ، وَقِيلَ خَالِدٌ، وَقِيلَ الْقَعْقَاعُ، وَقِيلَ أَبُو الْعَلاءِ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: سهيل بن أبي صالح، وعبيد الله بن أبي جعفر المصري، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وصفوان بن سليم. له أحاديث يسيرة، وثقه ابن حبان. 293- صفوان بن يعلى2 -سوى ق- بن أمية التميمي حَلِيفُ قُرَيْشٍ. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ أبي رباح، وعمرو بن الحسن، والزهري.

_ 1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "4/ 307" وتهذيب التهذيب "4/ 431-432". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 423" والبخاري في التاريخ الكبير "4/ 308" وتهذيب التهذيب "4/ 32".

"حرف الضاد": 294- الضحاك بن فيروز -د ت ق- الديلمي1 الأنباري اليماني، نَزِيلُ الشَّامِ. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: أَبُو وَهْبٍ الْجَيْشَانِيُّ، وَكَثِيرٌ الصَّنْعَانِيُّ. لَهُ عَنْ أَبِيهِ: أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. "حرف الطَّاءِ": 295- طَارِقُ بْنُ زِيَادٍ الْمَغْرِبِيُّ الْبَرْبَرِيُّ2 مَوْلَى مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ الأَمِيرِ. وَيُقَالُ هُوَ مَوْلَى الصَّدِفِ. عَدَّى الْبَحْرَ مِنَ الزُّقَاقِ السَّبْتِيِّ إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَنَزَلَ بِالْجَبَلِ الْمَنْسُوبِ إِلَيْهِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ، فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا إِلا اثْنَيْ عَشَرَ نَفْسًا، سَائِرُهُمْ مِنَ الْبَرْبَرِ، وَفِيهِمْ قَلِيلٌ مِنَ الْعَرَبِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ أَنَّ طَارِقًا لَمَّا رَكِبَ الْبَحْرَ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَرَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَوْلَهُ الصَّحَابَةُ وَقَدْ تقلَّدُوا السُّيُوفَ وَتَنَكَّبُوا الْقِسِيَّ فَدَخَلُوا قُدَّامَهُ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَقَدَّمْ يَا طَارِقُ لِشَأْنِكَ، فَانْتَبَهَ مُسْتَبْشِرًا وَبَشَّرَ أَصْحَابَهُ وَلَمْ يَشُكَّ فِي الظَّفْرِ، قَالَ: فَشَنَّ الْغَارَةَ وَافْتَتَحَ سَائِرَ الْمَدَائِنِ، وَوُلِّيَ سَنَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ دَخَلَ مَوْلاهُ مُوسَى، فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنَ الْفَتْحِ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ. 296- طَرِيفُ بن مجالد3 -خ4- أبو تميمة الهجيمي البصري، وَهُوَ بِكُنْيَتِهِ أَشْهَرُ. عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، وَأَبِي جَرِيرٍ الْهُجَيْمِيِّ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَحَكِيمٌ الأَثْرَمُ، وَالْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وسليمان التيمي، وآخرون.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 461" والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 333" وتهذيب التهذيب "4/ 448". 2 انظر تاريخ الرسل والملوك "4/ 468" والكامل في التاريخ "4/ 556". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 492" والتاريخ لابن معين "2/ 277" والاستيعاب لابن عبد البر "1616".

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، قَالَهُ الْفَلاسُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَنَةَ سَبْعٍ. 297- طلحة بن عبد الله بن عوف1 -خ4- القرشي الزهري، قَاضِي الْمَدِينَةِ فِي أَيَّامِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. يَرْوِي عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ. وَكَانَ فَقِيهًا نَبِيلًا عَالِمًا جَوَّادًا مُمَدَّحًا، وَهُوَ طَلْحَةُ النَّدَى أَحَدُ الطَّلَحَاتِ الْمَوْصُوفِينَ بِالْكَرَمِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ. 298- طُوَيْسٌ صَاحِبُ2 الْغِنَاءِ اسْمُهُ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْمَدَنِيُّ الْمُغَنِّي كَانَ مِمَّنْ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْحِذْقِ بِالْغِنَاءِ وَقَالَ الشَّاعِرُ: تَغَنَّى طُوَيْسٌ وَالسُّرَيْجيُّ بَعْدَهُ ... وَمَا قَصَبَاتُ السَّبْقِ إِلا لِمَعْبَدِ وَكَانَ أَحْوَلَ، مُفْرِطًا فِي الطُّولِ. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: "أَشْأَمَ مِنْ طُوَيْسٍ " لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا قِيلَ، وَفُطِمَ فِي يَوْمِ وَفَاةِ الصِّدِّيقِ، وَبَلَغَ يَوْمَ مَقْتَلِ عُمَرَ، وَتَزَوَّجَ يَوْمَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، وَوُلِدَ لَهُ يَوْمَ مَقْتَلِ علي.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 160" والجرح والتعديل "4/ 472" وسير أعلام النبلاء "4/ 174-175". 2 انظر الأغاني "3/ 27-44" وسير أعلام النبلاء "4/ 364" والبداية والنهاية "9/ 84".

تُوُفِّيَ بِالسُّوَيْدَاءِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فِي دَرْبِ الشَّامِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. وَأَصْلُ اسْمُهُ طَاوُسٌ. "حرف الْعَيْنِ": 299- عَامِرُ بْنُ لُدَيْنٍ أَبُو سَهْلٍ1 الأَشْعَرِيُّ وَقِيلَ أَبُو عَمْرٍو، وَقِيلَ أَبُو بِشْرٍ، شَامِيٌّ مِنْ أَهْلِ الأُرْدُنِّ. وُلِّيَ الْقَضَاءُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَحَدَّثَ عَنْ: بِلالٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي لَيْلَى الأَشْعَرِيِّ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. قَالَ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ لَمْ يُخَرِّجُوا له شيئًا. 300- عباد بن تميم -ع- المازني الأنصاري المدني2. عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي بَشِيرٍ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَوُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ ابْنَا أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بن حبان. 301- عباد بن حمزة بن -م ن- عبد الله بن الزبير3. عَنْ: جِدَّةِ أَبِيهِ أَسْمَاءَ، وَعَائِشَةَ ابْنَتَيِ الصِّدِّيقِ، وَجَابِرٍ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَالسَّرِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيُّ. قَالَ الزُّبَيْرُ فِي النَّسَبِ: كَانَ سَرِيًّا سَخِيًّا حُلْوًا، يُضْرَبُ الْمَثَلُ بِحُسْنِهِ. قَالَ الأَحْوَصُ يَصِفُ امْرَأَةً: لَهَا حُسْنُ عبادٍ وَجِسّمُ ابْنِ واقدٍ ... وَرِيحُ أَبِي حفصٍ وَدِينُ ابن نوفل

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 327" والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 453-454" وأسد الغابة "3/ 93". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 77" والتاريخ الكبير "6/ 35" وتهذيب التهذيب "5/ 90-91". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 87" وتهذيب التهذيب "5/ 91-92".

ابْنُ وَاقِدٍ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبُو حَفْصٍ هُوَ عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ نَوْفَلٍ إِنْسَانٌ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَهُ حَدِيثٌ فِي الثَّانِي مِنْ حَدِيثِ زُغْبَةَ، أَخْرَجَهُ خ فِي كِتَابِ الأَدَبِ، وَآخَرُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. 302- عَبَّادُ بْنُ زِيَادِ1 ابْنِ أَبِيهِ -م د ن- أَخُو عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ. عَنْ: حَمْزَةَ، وَعُرْوَةَ ابْنَيِ الْمُغِيرَةِ فِي الْوُضُوءِ. وَعَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: أَخْطَأَ فِيهِ مَالِكٌ خَطَأً قَبِيحًا حَيْثُ يَقُولُ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ: مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ، وَالصَّوَابُ: عَنْ عَبَّادٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ الْمُغِيرَةِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: عَزَلَ مُعَاوِيَةُ عبيد اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ سِجِسْتَانَ، وَوَلاهَا عَبَّادَ بْنَ زِيَادٍ، فَغَزَا حَتَّى بَلَغَ بَيْتِ الذَّهَبِ2، وَجَمَعَ لَهُ الْهِنْدَ فَهَزَمَ اللَّهُ الْهِنْدَ، وَبَقِيَ عَبَّادٌ عَلَى سِجِسْتَانَ سَبْعَ سِنِينَ. وَقَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ. قَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ بِجَيْرُودَ مِنْ عَمَلِ دِمَشْقَ. 303- عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ السَّاعِدِيُّ3 قِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقِيلَ قَبْلَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، كَمَا يَأْتِي. 304- عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ -ع- الأنصاري الزرقي المدني4. عَنْ: جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَأَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو حَيَّانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ التَّيْمِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وثقه ابن معين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 10" والتاريخ الكبير "6/ 32" وميزان الاعتدال "2/ 366" وتهذيب التهذيب "5/ 93-94". 2 مدينة من بلاد السند أو الهند. 3 انظر طبقات ابن سعد "5/ 271" والجرح والتعديل "6/ 210" وسير أعلام النبلاء "5/ 261" وتهذيب التهذيب "5/ 118-119". 4 تاريخ ابن معين "2/ 295" والتاريخ للبخاري "7/ 37" وتهذيب التهذيب "5/ 136".

305- عبد الله بن بسر المازني الصحابي1 -ع- قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سَعِيدٍ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَاتَ قَبْلَ سَنَةِ مِائَةٍ قَدْ مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجُسِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. 306- عَبْدُ اللَّهِ بن الحارث -ع- أبو الوليد2، البصري، زَوْجُ أُخْتِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وعنه: أيوب، وخالد الحذاء، وعاصم الأحول، وابنه يوسف بن عبد الله، وجماعة. وثقه أبو زرعة، وليس هو بالمشهور. 307- عبد الله بن رباح3 أَبُو خالد -م4- الأنصاري المدني، نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ: أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ. روى عنه: ثابت البناني، وأبو عمران الجوني، وقتادة، وخالد الحذاء. وهو ثقة. جليل القدر. قال شعبة: عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَقَفْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ وَنَحْنُ نُقَاتِلُ الأَزَارِقَةَ مَعَ الْمُهَلَّبِ، فَبَكَى، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: قَدْ كَانَ فِي قِتَالِ أَهْلِ الشرك غنى عن قتال أهل القبلة.

_ 1 انظر الطبقات لابن سعد "7/ 413" والجرح والتعديل "5/ 11" والتاريخ الكبير "5/ 14" وسير أعلام النبلاء "3/ 430-433". 2 انظر تاريخ ابن معين "2/ 301" والتاريخ الكبير "5/ 64" وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 405". 3 انظر التاريخ لابن معين "2/ 306" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 84" وتهذيب التهذيب "5/ 206-207".

308- عبد الله بن زياد -خ ت- أبو مريم الأسدي الكوفي1. عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٍ. وَعَنْهُ: شَمِرُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَأَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو حصين عثمان ابن عَاصِمٍ، وَغَيْرُهُمْ. 309- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَاعِدَةَ2 أَبُو مُحَمَّدٍ الْهُذَلِيُّ الْمَدَنِيُّ يَرْوِي عَنْ عُمَرَ. قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. 310- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ3 -م4- ابن أَخِي أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ. عَنْ: عَمِّهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَحُذَيْفَةَ، وَالْحَكَمِ، وَرَافِعٍ ابْنَيْ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ الْبَرَاءُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو نَعَامَةَ السَّعْدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. 311- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحارث -خ م د ن- بْن نوفل بْن الحارث بْن عَبْد المطَّلب4 أبو يحيى الهاشمي المدني أَخُو إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدٍ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ عَوْنٌ الزُّهْرِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. وَكَانَ مِنْ صَحَابَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الملك.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 60" والتاريخ لابن معين "2/ 308" وتهذيب التهذيب "5/ 221". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 60". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 84" والتاريخ لابن معين "2/ 313" وميزان الاعتدال "2/ 447" وتهذيب التهذيب "5/ 264". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 317".

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ، قَتَلَتْهُ السَّمُومُ بِالأَبْوَاءِ سَنَةَ سبعٍ وَتِسْعِينَ وَهُوَ مَعَ سُلَيْمَانَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ. 312- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عبد الرحمن -د ن- بن أبزى الخزاعي1 مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: أَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ، وَأَسْلَمُ الْمِنْقَرِيُّ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَجَمَاعَةٌ. 313- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ2 بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيُّ. وَلِيَ الْغَزْوَ فِي أَيَّامِ أَبِيهِ، وَبَنَى الْمِصِّيصَةَ، وَكَانَتْ دَارُهُ بِمَحَلَّةِ الْقِبَابِ عِنْدَ بَابِ الْجَامِعِ. وَوَلِيَ إِمْرَةَ مِصْرَ بَعْدَ عَمِّهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَنْ عُزِلَ سَنَةَ تِسْعِينَ بُقُرَّةَ بْنِ شَرِيكٍ. وَعَنْ مَعْنٍ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: مَاتَ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ وَلَمْ يَدَعْ كَفَنًا، وَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَتَرَكَ ثَمَانِينَ مُدًى ذَهَبٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. 314- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ3 الأَنْصَارِيُّ -خ م ق- مَوْلَى أَنَسِ بْنُ مَالِكٍ. عَنْ: مَوْلاهُ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ -وَكَأَنَّهُ مُرْسَلٌ- وَجَابِرٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَثَابِتٌ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 315- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عفان -م د ت ن- أبو محمد الأموي4، سبط ابن عمر.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 94" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 132" وتهذيب التهذيب "5/ 290". 2 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 419-420" والوافي بالوفيات "17/ 310". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 124" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 158" وتهذيب التهذيب "5/ 312". 4 انظر الجرح والتعديل "5/ 117-118" والتاريخ الكبير "5/ 153-154" وتهذيب التهذيب "5/ 338-339".

مَدَنِيٌّ، كَانَ يُقَالُ لَهُ الْمِطْرَفُ مِنْ حُسْنِهِ وَمَلاحَتِهِ، وَهُوَ وَالِدُ مُحَمَّدٍ الدِّيبَاجُ. رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ الدِّيبَاجُ. وَكَانَ شَرِيفًا كَبِيرَ الْقَدْرِ جَوَّادًا، مَدَحَهُ الْفَرَزْدَقُ، وَمُوسَى شَهَوَاتٌ. تُوُفِّيَ بِمِصْرَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ. وَعَنْ جَمِيلٍ أَنَّهُ قَالَ لِبُثَيْنَةَ: مَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ يَخْطُرُ عَلَى الْبَلاطِ إِلا أَخَذَتْنِي الْغِيرَةُ عَلَيْكِ وَأَنْتِ بِخِبَائِكِ. 316- عَبْدُ الله بن أبي قتادة -ع- الحارث بن ربعي الأنصاري1. رَوَى عَنْ أَبِيهِ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. مَاتَ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَثِقَاتِهِمْ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. 317- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ2 -م4- وَيُقَالُ ابْنُ قَيْسٍ، أَبُو الأَسْوَدِ، وَيُقَالُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُوسَى مَوْلَى عَطِيَّةَ، شَامِيٌّ حِمْصِيٌّ. رَوَى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي ذَرٍّ وَعَائِشَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ. روى عَنْهُ: عِيسَى بْنُ رَاشِدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. عبيد اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ أَبُو بَحَرِيَّةَ. فِي الْكُنَى.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 247" والتاريخ الكبير "5/ 175-176" وتهذيب التهذيب "5/ 360". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 140" والتاريخ الكبير "5/ 172-173" وتهذيب التهذيب "5/ 365، 366".

318- عبد الله بن قيس الرقيات1 المدني المشهور الذي يَقُولُ فِي كَثِيرَةَ زَوْجَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: عَادَ لَهُ مِنْ كَثِيرَةَ الطَّرَبُ ... فَعَيْنُهُ بِالدُّمُوعِ تَنْسَكِبُ كُوفِيَّةٌ نازحٌ مَحَلَّتُهَا ... لا أممٌ دَارُهَا وَلا صَقَبُ وَاللَّهِ مَا إِنْ صَبَتْ إِلَيَّ وَلا ... يُعْرَفُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا نسب إلا الذي أورثت كثيرة في ال ... قلب وَلِلْحُبِّ سورةٌ عَجَبُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ2 -خ م ن ق- تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ أَوْ ثمانٍ وَتِسْعِينَ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ فَيُحَوَّلُ. 320- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كعب الحميري3 مولى عثمان -رضي الله عنهم. عن: عمر ابن أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمَا. يُؤَخَّرُ. 321- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ -ع- بْنِ الْحَنَفيَّةِ أَبُو هَاشِمٍ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ الْمَدَنِيُّ4. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ صِهْرٍ لَهُ صَحَابِيٍّ مِنَ الأَنْصَارِ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَابْنُهُ عِيسَى أبو محمد. وهو نزر الحديث.

_ 1 انظر الأغاني "5/ 73-100" ووفيات الأعيان "3/ 88، 196". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 272" والجرح والتعديل "5/ 142" والثقات لابن حبان "126" وتهذيب التهذيب "5/ 369". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 142" والتاريخ الكبير "5/ 180" وتهذيب التهذيب "5/ 369". 4 انظر الطبقات الكبرى "5/ 327-328" والجرح والتعديل "5/ 155" والتاريخ الكبير "5/ 187" وتهذيب التهذيب "5/ 166".

وَفَدَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ بِالْبَلْقَاءِ فِي رُجُوعِهِ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كان أبو هاشم صَاحِبَ الشِّيعَةِ، فَأَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَالِدِ السَّفَّاحِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ كُتُبَهُ وَصَرَفَ الشِّيعَةَ إِلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ وَكَانَ الشِّيعَةُ يُلْقُونَهُ وَيَنْتَحِلُونَهُ، فَلَمَّا احْتَضَرَ أَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَقَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأمر، وهو في والدك، وَصَرَفَ الشِّيعَةَ إِلَيْهِ وَدَفَعَ إِلَيْهِ كُتُبَهُ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ مَرَّةً أُخْرَى: ثنا الْحَسَنُ، وَعَبْدُ اللَّهِ ابنا محمد بن علي. وكان عبد الله يجمع أحاديث السبائية1. وقال أبو أسامة: أحدهما مرجئ -يعني الحسن- والآخر شيعي. قال يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ ثنا حُجْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ وَذَكَرَ أَبَا هَاشِمٍ فَقَالَ: كَانَ قَبِيحَ الْخُلُقِ، قَبِيحَ الْهَيْئَةِ، قَبِيحَ الدَّابَّةِ، فَمَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الْقُبْحِ إِلا نَسَبَهُ إِلَيْهِ، قَالَ: وَكَانَ لا يُذْكَرُ أَبِي عِنْدَهُ -أَبُوهُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ- إِلا عَابَهُ، فَبَعَثَ إِلَى ابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى بَابِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَتَى أَبَا هَاشِمٍ، فَكَتَبَ عَنْهُ الْعِلْمَ، وَكَانَ يَأْخُذُ بِرِكَابِهِ، فَكَفَّهُ ذَلِكَ عَنْ أَبِينَا، وَكَانَ أَبِي يُلَطِّفُ مُحَمَّدًا بِالشَّيْءِ يَبْعَثُ بِهِ إِلَيْهِ مِنْ دِمَشْقَ، فَيَبْعَثُ بِهِ مُحَمَّدُ إِلَى أَبِي هَاشِمٍ. وَأَعْطَاهُ مَرَّةً بَغْلَةً فكَبُرَتْ عِنْدَهُ، قَالَ: وَكَانَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يَخْتَلِفُونَ إِلَى أَبِي هَاشِمٍ، فَمَرِضَ وَاحْتَضَرَ، فَقَالَ لَهُ الْخُرَاسَانِيَّةُ: مَنْ تَأْمُرُنَا نَأْتِي بَعْدَكَ؟ قَالَ: هَذَا، قَالُوا: وَمَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالُوا: وَمَا لَنَا وَلِهَذَا؟ قَالَ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْهُ وَلا خَيْرًا مِنْهُ، فاختلفوا إِلَيْهِ. قَالَ عِيسَى: فَذَاكَ سَبَبُنَا بِخُرَاسَانَ. وَرُوِيَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، وَعَنْ غَيْرِهِ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ دَسَّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ مَنْ سَمَّهُ لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ، فَهَيَّأَ أُنَاسًا، وَجَعَلَ عِنْدَهُمْ لَبَنًا مَسْمُومًا، فَتَعَرَّضُوا لَهُ فِي الطَّرِيقِ، فَاشْتَهَى اللَّبَنَ وَطَلَبَهُ مِنْهُمْ، فَشَرِبَهُ، فَهَلَكَ، وَذَلِكَ بِالْحُمَيْمَةِ2 فِي سنة ثمانٍ وتسعين، وقيل سنة تسع وتسعين.

_ 1 طائفة اسمها السبئية وأسسها عبد الله بن سبأ ومن المعتقدات عندهم ألوهية علي ورجعته. 2 بلد من أعمال عمان طرف الشام.

حَدِيثُهُ بعلوٍ فِي جزء البانياسي. 322- عَبْدُ اللَّهِ بن محيريز -ع- ابْنِ جُنَادَةَ بْنِ وَهْبٍ1 الْقُرَشِيُّ الْجُمَحِيُّ الْمَكِّيُّ أبو محيريز، نَزِيلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. لا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ أَبَاهُ فِي الصَّحَابَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مُسْلِمَةَ الْفَتْحِ. رَوَى عَنْ: عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي مَحْذُورَةَ الْمُؤَذِّنُ الْجُمَحِيُّ، وَكَانَ زَوْجَ أُمِّهِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَالصُّنَابِحِيُّ وَغَيْرِهِمْ. وَاسْمُ أَبِي مَحْذُورَةَ سَلَمَةُ بْنُ مِعْيَرٍ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَمَكْحُولٌ، وَحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى الشَّيْبَانِيُّ أَبُو زُرْعَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ عَالِمًا عَابِدًا قَانِتًا لِلَّهِ. قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَانَ ابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا يَقْدَمُ فِلَسْطِينَ فَيَلْقَى ابْنَ مُحَيْرِيزٍ فَتَتَقَاصَرُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ. وَقَالَ عَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محيريز: كَانَ جدي يختم فِي كلّ جمعة، وربما فرشنا لَهُ فراشا، فيصبح عَلَى حاله لَمْ ينم عَلَيْهِ. وَقَالَ مروان الطاطري: ثنا رباح بْن الوليد؟ قلتُ: وقد وثقه أَبُو زُرْعة؟ النصري، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عبلة قَالَ: قَالَ رجاء بْن حيوة: إنَّ يفخر عَلَيْنَا أَهْل المَدِينَةِ بعابدهم عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فإنا نفخر عليهم بعبادنا عَبْد اللَّه بْن محيريز. وَقَالَ مُحَمَّد بْن حمير: عَنْ ابن أَبِي عبلة، عَنْ رجاء قَالَ: إنَّ كَانَ أَهْل المدينة يرون ابن عُمَر فيهم إماما فإنا نرى ابن محيريز فينا إماما، وكان صموتا معتزلا فِي بيته. روى رجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ خَالِد بْن دريك قَالَ: كَانَتْ فِي ابن محيريز خصلتان مَا كانتا فِي أحدٍ ممن أدركت، كَانَ أبعد النّاس أن يسكت عَنْ حقٍ فِي اللَّه من غضب ورضا، وكان من أحرص النّاس أن يكتم من نفسه أحسن مَا عِنْدَهُ. وَقَالَ ضَمْرَةُ: عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مقبل بْن عَبْد اللَّه الكناني قال: ما

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "7/ 447" والجرح والتعديل "5/ 168" والثقات لابن حبان "126".

رَأَيْت أحدا أحرى أن يستر خيرا من نفسه، ولا أقول لحق إذا رآه من ابن محيريز. ولقد رَأَى عَلَى خَالِد بْن يزيد بْن معاوية جبة خزٍ، فَقَالَ: أتلبس الخز؟ فَقَالَ: إنّما ألبسها لهؤلاء -وأشار إلى عَبْد الملك- فغضب ابن محيريز وَقَالَ لَهُ: مَا ينبغي أن تعدل خوفك من اللَّه بأحد من النّاس. وعن الأوزاعي قَالَ: من كَانَ مقتديا فليقتد بمثل ابن محيريز، فإن اللَّه لَمْ يكن ليضل أمة فِيهَا ابن محيريز. وقال يحيى بن أبي عَمْرو السيباني: قَالَ لَنَا ابن محيريز إني أحدثكم فَلا تقولوا حَدَّثَنَا ابن محيريز، فإني أخشى أن يصرعني ذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَةِ مصرعا يسوءني. وَقَالَ عَبْد الواحد بْن مُوسَى: سَمِعتُ ابن محيريز يَقُولُ: اللَّهُمّ إني أسألك ذكرا خاملا. وقال رجاء بن أبي سلمة: كَانَ ابن محيريز يجيء إلى عَبْد الملك بالصحيفة فِيهَا النصيحة فيقرئه إياها، فإذا فرغ منها أخذ الصحيفة. وَعَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيَوَةَ قَالَ: بَقَاءُ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أمانٌ لِلنَّاسِ. وَقَالَ ضمرةٌ: مَاتَ فِي وِلايَةِ الْوَلِيدِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 323- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ1. يَرْوِي عَنِ: الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَابْنِ عُمَرَ، ومسروق. روى عنه: منصور، والأعمش. وثقه ابن معين. توفي سنة مائة. 324- عبد الله بن مسافع2 -د ن- بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَكْبَرِ بْنِ شَيْبَةَ بْنِ عثمان بن أبي طلحة الحجبي المكي.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 290" والجرح والتعديل "5/ 165-166" وتهذيب التهذيب "6/ 24-25". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 176" وتاريخ أبي زرعة "1/ 515" وتهذيب التهذيب "6/ 26-27".

سمع من: عمته صفية، وابن عَمَّتِهِ مُصْعَبِ بْنِ عُثْمَانَ. وَعَنْهُ: مَنْصُورُ بْنُ صَفِيَّةَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. وَمَاتَ مُرَابِطًا مَعَ سُلَيْمَان بْن عَبْد الملك. لَهُ حديثٌ فِي سجود السَّهْوِ فِي السُّنَنِ. 325- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ1 بن زمعة -ت ق- بن الأسود الأسدي الزمعي المدني الأصغر، أن أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ الأَكْبَرَ قُتِلَ يَوْمَ الدَّارِ. عَنْ: أُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ. وَعَنْهُ: هَاشِمُ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَحَفِيدُهُ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 326- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْحُبُلِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. يُذْكَرُ فِي الْكُنَى. 327- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ2. أَبُو بَحْرٍ، وَيُقَالُ أَبُو حَاتِمٍ. سَمِع: أَبَاهُ، وَعَلِيًّا. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ أبي وحشية، وخالد بن الحذاء، وآخرون. وهو أول مولود بِالْبَصْرَةِ، وَكَانَ ثِقَةً جَلِيلَ الْقَدْرِ، قَدْ وَفَدَ مَعَ أَبِيهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَقْرَأُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. قَالَ هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَفْوَانَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ يَقُولُ: أَنَا أَنْعَمُ النَّاسِ، أَنَا أَبُو أَرْبَعِينَ، وَعَمُّ أَرْبَعِينَ، وَخَالُ أَرْبَعِينَ، وَأَبِي أَبُو بَكْرَةَ وَعَمِّي زِيَادٌ، وَأَنَا أَوَّلُ مولود ولد بالبصرة، فنحرت علي جزور.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "189" والجرح والتعديل "5/ 188-189" والتاريخ الكبير "5/ 218" وأسد الغابة "3/ 273". 2 انظر التاريخ لابن معين "2/ 345" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 260" وتهذيب التهذيب "6/ 148-149".

وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: اشْتَكَى رَجُلٌ فَوُصِفَ لَهُ لَبَنُ الْجَوَامِيسِ، فَبَعَثَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ: ابْعَثْ إِلَيْنَا بِجَامُوسَةٍ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى قَيِّمِهِ: كَمْ حَلُوبٌ لَنَا؟ قَالَ: تِسْعُمِائَةٍ. قَالَ: ابْعَثْ بِهَا إِلَيْهِ. وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، وَهِيَ بِهِ أَشْبَهُ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَابْنُ مَعِينٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. 328- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُذَيْنَةَ1 الْعَبْدِيُّ -ق- قَاضِي الْبَصْرَةِ. يَرْوِي عَنْ: أَبِيهِ أُذَيْنَةَ بْنِ سَلَمَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَوَلاهُ الْحَجَّاجُ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ سَنَةَ ثلاثٍ وَثَمَانِينَ، وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ سَنَةِ خمسٍ وَتِسْعِينَ وَمَاتَ. 329- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأسود -ع- ابْنِ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ أَبُو حَفْصٍ2 النَّخَعِيُّ الكوفي. يَرْوِي عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عَلْقَمَةَ بن قيس، وعائشة، وابن الزبير. وأدرك عمر. روى عنه: الأعمش، وإسماعيل بن خالد، ومحمد بن إسحاق، وحجاج بن أرطأة، ومالك بن مغول، وزبيد اليامي، وأبو إسرائيل الملائي، وعبد الرحمن المسعودي، وأبو بكر النهشلي، وآخرون. وكان فقيها عابدا ثقة فاضلا. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثنا الصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ: كَانَ أَبِي يَبْعَثُنِي إِلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنهما- فَلَمَّا احْتَلَمْتُ أَتَيْتُهَا، فَنَادَيْتُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: يا أم

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 210" والتاريخ الكبير "5/ 255" وتهذيب التهذيب "6/ 134-135". 2 انظر الطبقات الكبرى "6/ 289" والجرح والتعديل "5/ 209" والمراسيل لابن أبي حاتم "129" وتهذيب التهذيب "6/ 140-141".

الْمُؤْمِنِينَ، مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؟ فَقَالَتْ: أَفَعَلْتَهَا يَا لُكَعُ؟ إِذَا الْتَقَتِ الْمَوَاسِي1. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْأَلَ كَمَا سَأَلَ إِبْرَاهِيمُ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يُقَالُ: جَرِّدُوا الْقُرْآنَ. وَقَالَ زُبَيْدٌ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِقَوْمِهِ فِي رَمَضَانَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ تَرْوِيحَةً، وَيُصَلِّي لِنَفْسِهِ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَيَقْرَأُ بِهِمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَكَانَ يَقُومُ بِهِمْ لَيْلَةَ الْفِطْرِ. وَرَوَى مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَإِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَعَدَدْتُ لَهُ سِتًّا وَخَمْسِينَ رَكْعَةً، ثُمَّ صَلَّى الْجُمُعَةَ، ثُمَّ قَامَ، فَعَدَدْتُ لَهُ مِثْلَهَا حَتَّى سَهَوْتُ أَوْ تَرَكَ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ حاجًَّا فَاعْتُلَّتْ رِجْلُهُ، فَقَامَ يُصَلِّي عَلَى قدمٍ حَتَّى أَصْبَحَ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: ثنا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، ثنا هِلالُ بْنُ خَبَّابٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ، وَعُقْبَةُ مَوْلَى رُوَيْمٍ، وَسَعْدٌ أَبُو هِشَامٍ، يُحْرِمُونَ مِنَ الْكُوفَةِ، وَيَصُومُونَ يَوْمًا وَيُفْطِرُونَ يَوْمًا حَتَّى يَرْجِعُوا. وَيُرْوَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ صَامَ حَتَّى أَحْرَقَ الصَّوْمُ لِسَانَهُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَهْلُ بَيْتٍ خلقا لِلْجَنَّةِ، عَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ. وَعَنِ الْحَكَمِ قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ بَكَى، فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَسَفًا عَلَى الصَّلاة وَالصَّوْمِ، وَلَمْ يَزَلْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ حَتَّى مَاتَ. وَرُؤِيَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ أَوْ تسعٍ وَتِسْعِينَ. وَذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 330- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بشر2 بن مسعود -م د ن- الأنصاري المدني الأزرق.

_ 1 أي العانات. 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 215" والتاريخ لابن معين "2/ 345" والتاريخ الكبير "5/ 261" وتهذيب التهذيب "6/ 145".

عَنْ: أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، وَخَبَّابٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو حُصَيْنٍ الأَسَدِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، وَآخَرُونَ. 331- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ -ع- الشَّاعِرُ1 رَوَى عَنْ: سَعِيد بْن زَيْدِ بْن عَمْرو بْنِ نُفَيْلٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَمْرِو بن عبسة، وابن عمر، وغيرهم. روى عنه: حبيب بن أبي ثابت، وزيد بن أسلم، وربيعة الرأي، ومحمد ابنه. لينه أبو حاتم. توفي في خلافة الوليد، وقيل كان أشعر شعراء اليمن. 332- عبد الرحمن بن جبير2 -م د ت ق- المصري المؤذن يَرْوِي عَنْ: عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَغَيْرِهِمَا. رَوَى عَنْهُ: بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الْمِصْرِيُّونَ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: كَانَ عَالِمًا بِالْفَرَائِضِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو مُعْجَبًا بِهِ يَقُولُ إِنَّهُ لَمِنَ الْمُخْبِتِينَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: هُوَ مَوْلَى نَافِعِ بْنِ عَبْدِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ الْعَامِرِيِّ. شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ أَوْ ثمانٍ وَتِسْعِينَ. 333- عبد الرحمن بن عائذ -ع- الأزدي الثمالي الحمصي3، أبو عبد الله، يقال له صحبة ولا يصح.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 216" والتاريخ الكبير "5/ 263-264" وتحفة الأشراف للمزي "13/ 270" وتهذيب التهذيب "1/ 474". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 221" والتاريخ الكبير "5/ 267" وتهذيب التهذيب "6/ 154-155". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 270" والتاريخ الكبير "5/ 324-325" والمراسيل "124" وميزان الاعتدال "2/ 571".

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَلِيٍّ، وَعَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَالْعِرْبَاضِ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: مَحْفُوظُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَيَحْيَى بْنُ جَابِرٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ: كَانَ مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ وَيَتَطَلَّبُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا مَاتَ خَلَّفَ كُتُبًا وَصُحُفًا مِنْ عِلْمِهِ، وَخَرَجَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ فَأُسِرَ يَوْمَ الْجَمَاجِمِ وَأُدْخِلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَعَفَا عَنْهُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ بَقِيَّةُ: حدثني ثور بن زيد قال: كان من أَهْلُ حِمْصَ يَأْخُذُونَ كُتُبَ ابْنِ عَائِذٍ، فَمَا وَجَدُوا فِيهَا مِنَ الأَحْكَامِ، عَمَدُوا بِهَا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ قَنَاعَةً بِهَا وَرِضًا بِحَدِيثِهِ. وَحَدَّثَنِي أَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: اقْتَسَمَ رِجَالٌ مِنَ الْجُنْدِ كُتُبَ ابْنِ عَائِذٍ بَيْنَهُمْ بِالْمِيزَانِ لِقَنَاعَتِهِ فِيهِمْ. رَوَى جُنَادَةُ بْنُ مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أُتِيَ الْحَجَّاجُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ يَوْمَ الْجَمَاجِمِ، وَكَانَ بِهِ عَارِفًا، قَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: كَمَا لا يُرِيدُ اللَّهُ، وَلا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ، وَلا أُرِيدُ، قَالَ: وَيْحَكَ مَا تَقُولُ قَالَ: نَعَمْ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ أَكُونَ عَابِدًا زَاهِدًا، وَمَا أَنَا كَذَلِكَ، وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ أَكُونَ فَاسِقًا مَارِقًا، وَمَا أَنَا كَذَلِكَ، وَأُرِيدُ أَنْ أَكُونَ مُخَلًّى فِي سَرَبِي آمِنًا فِي أَهْلِي، وَمَا أَنَا كَذَلِكَ. فَقَالَ الْحَجَّاجُ: أَدَبٌ عِرَاقِيٌّ ومولدٌ شَامِيٌّ وَجِيرَانُنَا إِذْ كُنَّا بِالطَّائِفِ، خَلُّوا عَنْهُ. 334- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ1 -ع- أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ الْجُمَحِيُّ الشَّامِيُّ، وَهُوَ الصَّغِيرُ. وَرَوَى عَنْ: فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، وَمَكْحُولٌ، وَأَبُو قلابة الجرمي. صدوق.

_ 1 انظر تهذيب التهذيب "6/ 268".

335- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ1 الْكِنْدِيُّ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ. قَاضِي مِصْرَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ وَصَاحِبُ شُرْطَتِهِ وَنَائِبِهِ عَلَى مِصْرَ إِذَا غاب، ولهذا قَالَ شُعْبَةُ بْنُ عُفَيْرٍ: جُمِعَ لَهُ الْقَضَاءُ وَخِلافَةُ السُّلْطَانِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَصْرَةَ الغفاري، وعبد الله بن عمر. وروى عنه: يزيد بن أبي حبيب، وعقبة بن مسلم، وواهب المعافري، وسويد بن قيس. ووفد على الوليد بن عبد الملك ببيعة أهل مصر له. توفي سنة خمسٍ وتسعين. كنيته أبو معاوية، ولم يخرجوا له شيئا. 336- عبد الرحمن بن يزيد بن جارية الأنصاري2 -خ4- المدني، أَخُو مُجَمِّعٍ، وَابْنُ أَخِي مُجَمِّعٍ. وُلِدَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: عَمِّهِ، وَأَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَخَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ. رَوَى عَنْهُ: الْقَاسِمُ بْنُ محمد، والزهري، وعبد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ. وَرُوِيَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ بَعْدَ الصَّحَابَةِ أَفْضَلَ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، وَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ. 337- عبد الرحمن بن وعلة -م4- ويقال ابن أسميفع-3 السبائي المصري. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: أَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٌ الْيَزَنِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَجَعْفَرُ بن ربيعة، وآخرون.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 284" والتاريخ الكبير "5/ 350" وتهذيب التهذيب "6/ 271-272". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 299" والتاريخ الكبير "5/ 363" وتهذيب التهذيب "6/ 298-299". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 296" والتاريخ الكبير "5/ 259" وميزان الاعتدال "28/ 596".

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ أَحَدَ الأَشْرَافِ بِمِصْرَ. 338- عَبْدُ الْمَلِكِ الشَّابُّ النَّاسِكُ الْعَابِدُ وَلَدُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ1. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ قَالَ: قَالَ ابنٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا أَبَهْ أَقِمِ الْحَقَّ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ. وَكَانَ يُفَضَّلُ عَلَى عُمَرَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِيُّ: ثنا بَعْضُ الْمَشْيَخَةِ قَالَ: كُنَّا نَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنَّمَا أَدْخَلَهُ فِي الْعِبَادَةِ مَا رَأَى مِنَ ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ أَبُو الْمَلِيحِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إلق عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لِغُلامِهِ: اسْتَأْذِنْ لِي، فَسَمِعْتُ صَوْتَهُ: أدخل، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا خوانٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، عَلَيْهِ ثَلاثَةُ أقرصةٍ وقصعةٌ فِيهَا ثَرِيدٌ، فَقَالَ: كُلْ فَمَا مَنَعَنِي مِنَ الأَكْلِ إِلا الإِبْقَاءُ عَلَيْهِ، فَاعْتَلَلْتُ بِشَيْءٍ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا غُلامَهُ وَأَعْطَاهُ فُلُوسًا، فَقَالَ: جِئْنَا بعنبٍ، فَجَاءَ بشيءٍ صَالِحٍ، وَكَانَ عُمَرُ مُنِعَ مِنَ الْعَصِيرِ، فَرُخِّصَ الْعِنَبُ، فَقَالَ: اللَّهُ كَانَ مَنَعَكَ الإِبْقَاءُ عَلَيْنَا فَكُلْ مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ رَخِيصٌ، قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ مَعَاشُكَ؟ قَالَ: أرضٌ لِي أَسْتَدِينُ عَلَيْهَا، قُلْتُ: فَلَعَلَّكَ تَسْتَدِينُ مِنْ رجلٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ لِمَكَانِكَ؟ قَالَ: لا إنما هي دراهم لصاحبتي استقرضها، قُلْتُ: أَفَلا أُكَلِّمُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُجْرِي عَلَيْكَ رِزْقًا، فَأَبَى ذَلِكَ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرَى عَلَيَّ شَيْئًا مِنْ صُلْبِ مَالِهِ دُونَ إِخْوَتِي الصِّغَارِ، فَكَيْفَ يُجْرِي عَلَيَّ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ: عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ: إِنَّ ابْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ آثَرُ وَلَدِي عِنْدِي، وَقَدْ زُيِّنَ عَلَيَّ عِلْمِي بِفَضْلِهِ، فَاسْتَثِرْهُ لِي ثُمَّ ائْتِنِي بِعِلْمِهِ وَعَقْلِهِ، فَأَتَيْتُهُ، فَجَاءَ غُلامُهُ فَقَالَ: قَدْ أَخْلَيْنَا الْحَمَّامَ، فَقُلْتُ: الْحَمَّامُ لَكَ؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَطْرُدَ عَنْهُ غَاشِيَتَهُ وَتَدْخُلَ وَحْدَكَ فَتَكْسِرَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ غُلَّتَهُ، ويرجع من جاءه متعينًا قَالَ: أَمَّا صَاحِبُ الْحَمَّامِ فَإِنِّي أَرْضَيْتُهُ، قُلْتُ: هَذِهِ نَفَقَةُ سرفٍ يُخَالِطُهَا كبرٌ. قَالَ: يَمْنَعُنِي أَنَّ الرِّعَاعَ يَدْخُلُونَ بِغَيْرِ إِزَارٍ وَكَرِهْتُ أَدَبَهُمْ على الإزار فقد وعظتني

_ 1 انظر حلية الأولياء "5/ 353-364" والكامل في التاريخ "5/ 64-65" وصفة الصفوة "2/ 127-130".

مَوْعِظَةً انْتَفَعْتُ بِهَا فَاجْعَلْ لِي مِنْ هَذَا فَرَجًا، فَقُلْتُ: ادْخُلْ لَيْلا، فَقَالَ: لا جَرَمَ لا أَدْخُلُهُ نَهَارًا وَلَوْلا شِدَّةُ بَرْدِ بِلادِنَا مَا دَخَلْتُهُ، فَأَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتَكْتُمَنَّ هَذِهِ عَنْ أَبِي فَإِنِّي مُعْتِبُكَ، قُلْتُ: فَإِنْ سَأَلَنِي: هَلْ رَأَيْتَ مِنْهُ شَيْئًا، أَتَأْمُرُنِي أَنْ أَكْذِبَ وَإِنَّمَا أَبْغِي عَقْلَهُ مَعَ وَرَعِهِ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، ولكن قُلْ: رَأَيْتُ عَيْبًا فَفَطَّنْتُهُ، لَهُ، فَأَسْرَعَ إِلَى مَا أَحْبَبْتُ، فَإِنَّهُ لَنْ يَسْأَلَكَ عَنِ التَّفْسِيرِ، لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَاذَهُ مِنْ بَحْثِ مَا سَتَرَ اللَّهُ. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيّ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيُّ قَالَ: جَلَسْتُ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقُلْتُ: هَلْ خَصَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ جَعَلَ لَكَ مَطْبَخًا أَوْ كَذَا؟ فَقَالَ: إِنِّي فِي كفايةٍ، وَيْحَكَ يَا سُلَيْمَانُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَوَلاهُ فَأَحْسَنَ مَعُونَتَهُ مُنْذُ وَلاهُ، وَاللَّهِ لِأَنْ تَخْرُجَ نَفْسُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَخْرُجَ نَفْسُ هَذَا الذُّبَابِ، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ: هُوَ فِي نِعَمِ اللَّهِ فِي عِنَايَتِهِ بِالْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، وَلَسْتُ آمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يَجِيئَهُ بَعْضُ مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْلا أَنْ أَكُونَ زُيِّنَ لِي مِنْ أَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَا يُزَيَّنُ فِي عَيْنِ الْوَالِدِ لَرَأَيْتُهُ أَهْلا لِلْخِلافَةِ. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ: ثنا نَافِعٌ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَرَ لِأَبِيهِ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَمْضِيَ لِلَّذِي تُرِيدُ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُبَالِي لَوْ غَلَتْ بِي وَبِكَ الْقُدُورُ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِي مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ يُعِينُنِي عَلَى هَذَا الأَمْرِ، يَا بُنَيَّ لَوْ تَأَهَّبَ النَّاسُ بِالَّذِي تَقُولُ لَمْ آمَنُ أَنْ يُنْكِرُوهَا فَإِذَا أَنْكَرُوهَا لَمْ أَجِدْ بُدًّا مِنَ السَّيْفِ، وَلا خَيْرَ فِي خيرٍ لا يَجِيءُ إِلا بِالسَّيْفِ، إِنِّي أَرُوضُ النَّاسَ رِيَاضَةَ الصَّعْبِ، فَإِنْ يَطُلْ بِي عُمْرٌ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُنْفِذَ اللَّهُ مَشِيئَتِي، وَإِنْ تَغْدُو عَلَيَّ مَنِيَّةٌ فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ الَّذِي أُرِيدُ. وَقَالَ حُسَيْنٌ الْجُعَفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبان قَالَ: جَمَعَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قُرَّاءَ أَهْلِ الشَّامِ؛ فِيهِمُ ابْنُ أبي زكريا الخزاعي فقال: إني جمعنكم لِأَمْرٍ قَدْ أَهَمَّنِي، هَذِهِ الْمَظَالِمُ الَّتِي فِي أَيْدِي أَهْلِ بَيْتِي مَا تَرَوْنَ فِيهَا؟ فَقَالُوا: مَا نَرَى وِزْرَهَا إِلا عَلَى مَنِ اغْتَصَبَهَا، فَقَالَ لابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ: مَا تَرَى؟ قَالَ: مَا أَرَى مَنْ قَدِرَ عَلَى رَدِّهَا فَلَمْ يَرُدَّهَا وَالَّذِي اغْتَصَبَهَا إِلا سَوَاءً، فَقَالَ: صَدَقْتَ أبي بُنَيَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِي.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لابْنِهِ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: فِي الْمَوْتِ. قَالَ: لِأَنْ تَكُونَ فِي مِيزَانِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ فِي مِيزَانِكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا أَبَهْ، لِأَنْ يَكُونَ مَا تُحِبُّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَا أُحِبُّ. قِيلَ إِنَّهُ عَاشَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَلَهُ حِكَايَاتٌ فِي زُهْدِهِ وَخَوْفِهِ. 339- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَعْلَى اللَّيْثِيُّ قَاضِي البصر1. عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ رَجُلٍ صَحَابِيٍّ مِنْ قَوْمِهِ، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَجَمَاعَةٌ آخِرُهُمْ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الضَّالُّ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ، كَذَا قَالَ وَلا أَرَاهُ إِلا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ قُرَّةَ بْنَ خَالِدٍ، وَمُعَاوِيَةَ بْنَ عَبْدِ الْكَرِيمِ رَوَيَا عَنْهُ وَأَدْرَكَاهُ. لَمْ يخرجوا له 340- عبيد الله بن أبي -ع- رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. سَمِع: أَبَاهُ، وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ كَاتِبَهُ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ، وعلي بن الحسين، وابنه محمد بن علي، وَابْنُ ابْنِهِ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 341- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -ع- ابْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ3، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الهذلي المدني الضرير، أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَأَخُو عَوْنٍ. رَوَى عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وجماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 375" والطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 217" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 437". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 307" والتاريخ لابن معين "2/ 382" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 381". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 250" والجرح والتعديل "5/ 319-320" وحلية الأولياء "2/ 188-189" وسير أعلام النبلاء "4/ 475-479".

رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ. وَكَانَ إمامًا حجةً حافظًا مجتهدًا. قال: مَا سَمِعْتُ حَدِيثًا قَطُّ فَأَشَاءُ أَنْ أَعِيَهُ إِلا وَعَيْتُهُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ما رويت عن عبيد الله ابن عَبْدِ اللَّهِ أَكْثَرَ مِمَّا رَوَيْتُ عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا مَا صَدَرْتُ إِلا عَنْ رَأْيِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإسكندراني، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ عُبَيْدَ اللَّهِ يَقُولُ: مَا سَمِعْتُ حَدِيثًا قَطُّ فَأَشَاءُ أَنْ أَعِيَهُ إِلا وَعَيْتُهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَثِيرَ الْعِلْمِ، وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَخْدُمُهُ وَيَصْحَبُهُ، حَتَّى أَنْ كَانَ لَيَنْزَحُ لَهُ الْمَاءَ. وَسُئِلَ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ: مَنْ أَفْقَهُ مَنْ رَأَيْتَ؟ قَالَ: أَعْلَمُهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَغْزَرُهُمْ فِي الْحَدِيثِ عُرْوَةُ، وَلا تَشَاءُ أَنْ تَفْجُرَ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بَحْرًا إِلا فَجَرْتَهُ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَدْرَكْتُ أَرْبَعَةَ بُحُورٍ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ عُبَيْدَ اللَّهِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ شَيْئًا كثيرًا من العلم، فظننت أني التقيت، حَتَّى لَقِيتَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لِأَنْ يَكُونَ لِي مجلسٌ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ. وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَيْضًا مِنَ الشُّعَرَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ مُؤَدِّبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ يَحْمِلُ جِنَازَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ. 342- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ1 بن عدي بن نوفل -خ م د ت- النوفلي.

_ 1 انظر التاريخ الكبير "5/ 391" والجرح والتعديل "5/ 329" وتهذيب التهذيب "6/ 36-38".

تُوُفِّيَ فِي آخِرِ خِلافَةِ الْوَلِيدِ. فَيُحَوَّلُ مِنَ الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ إِلَى هُنَا 343- عُبَيْدُ بْنُ فَيْرُوزَ1 -4- أبو الضحاك الشيباني مولاهم رَوَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، رَوَى عَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُمَا وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 344- الْعَجَّاجُ أَبُو رُؤْبَةَ صَاحِبُ الرَّجَزِ، هُوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ عَبْدُ الله بن رؤية بْنِ صَخْرٍ2 التَّمِيمِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ. وعنه: ابنه رؤبة. وفد على الوليد، ومات في خلافته بعد أَنْ كَبُرَ وَأُقْعِدَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ رَفَعَ الرجز وشبهه بالقصيد وجعل له أوائل. ولقي بالعجاج ببيتٍ قاله. 345- عروة بن الزبير -ع- ابْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ3، الإِمَامُ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ الزُّبَيْرِ، وَعَلِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَائِفَةٍ. وَكَانَ ثَبْتًا حَافِظًا فَقِيهًا عَالِمًا بِالسِّيرَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الْمَغَازِي. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ هِشَامٌ، وَهُوَ أَجَلُّهُمْ، وَيَحْيَى، وَعُثْمَانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ وَمُحَمَّدٌ، وَابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَحَفِيدُهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيمُهُ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَخَلْقٌ. وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ: قَالَهُ مُصْعَبٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وُلِدَ سَنَةَ ثلاث وعشرين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 411-412" والتاريخ الكبير "6/ 1-2" وتهذيب التهذيب "7/ 72". 2 انظر تهذيب تاريخ دمشق "7/ 397-399" والشعر والشعراء "493-494". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 178-182" والتاريخ الكبير "7/ 31-32" وسير أعلام النبلاء "4/ 421-437".

وَمُصْعَبٌ أَخْبَرَ بِنَسَبِهِ، وَيُقَوِّيهِ قَوْلُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَذْكُرُ أَنَّ أَبِي الزُّبَيْرِ كَانَ يَنْقُزُنِي وَيَقُولُ: مباركٌ مِنْ وَلَدِ الصِّدِّيقِ ... أبيضٌ مِنْ آلِ أَبِي عَتِيقِ أَلَذُّهُ كَمَا أَلَذُّ رِيقِي وَيُقَوِّي قَوْلَ خَلِيفَةَ مَا رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيِّ قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ: وَقَفْتُ وَأَنَا غلامٌ وَقَدْ حَصَرُوا عُثْمَانَ. رَوَى الْفَسَوِيُّ فِي تَارِيخِهِ عِنْدَ ذِكْرِ عُرْوَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ هِلالٍ السُّلَيْحِيُّ، ثنا أَبُو حَيَوَةَ شُرَيْحُ بْنُ يَزِيدَ، ثنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا لِي ذُؤَابَتَانِ، فَقُمْتُ أَرْكَعُ، فَبَصُرَ بِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمَعَهُ الدرة؟ فقررت مِنْهُ، فَأَحْضَرَ فِي طَلَبِي حَتَّى تَعَلَّقَ بِذُؤَابَتِي، فَنَهَانِي، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا أَعُودُ. قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ مَعَ نَظَافَةِ رِجَالِهِ. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رُدِدْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَوْمَ الْجَمَلِ وَاسْتُصْغِرْنَا. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: كَانَ عُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ: مَا مَاتَتْ عَائِشَةُ حَتَّى تَرَكْتُهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاثِ سِنِينَ. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَنِي قَبْلَ مَوْتِ عَائِشَةَ بِأَرْبَعِ حِجَجٍ وَأَنَا أَقُولُ: لَوْ مَاتَتِ الْيَوْمَ مَا نَدِمْتُ عَلَى حديثٍ عندها إلا وقد وعيته. ولقد يَبْلُغُنِي عَنِ الرَّجُلِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْحَدِيثُ فَآتِيهِ فَأَجِدُهُ قَدْ قَالَ، فَأَجْلِسُ عَلَى بَابِهِ فَأَسْأَلُهُ عَنْهُ، يَعْنِي إِذَا خَرَجَ. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ لاحِقٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا أحدٌ أَعْلَمُ مِنْ عُرْوَةَ وَمَا أَعْلَمُهُ يَعْلَمُ شَيْئًا أَجْهَلُهُ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةٌ: ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَقَبِيصَةُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَقَالَ أَبُو عُيَيْنَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عُرْوَةَ بَحْرًا لا تُكَدِّرُهُ الدِّلاءُ. وَكَانَ يَتَأَلَّفُ النَّاسَ عَلَى حَدِيثِهِ.

وَعَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّهُمْ لَيَسْأَلُونَ عُرْوَةَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: إِنَّ أَبَاهُ حَرَقَ كُتُبًا لَهُ، فِيهَا فِقْهٌ، ثُمَّ قَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ فَدَيْتُهَا بِأَهْلِي وَمَالِي. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَرْوَى لِلشِّعْرِ مِنْ عُرْوَةَ. وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: الْعِلْمُ لواحدٍ مِنْ ثَلاثَةٍ، لِذِي حَسَبٍ يُزَيِّنُهُ، أَوْ ذِي دينٍ يَسُوسُ بِهِ دِينَهُ، أَوْ مُخْتَلِطٌ بِسُلْطَانٍ يُتْحِفُهُ بِعِلْمِهِ. وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا أَشْرَطَ لِهَذِهِ الخلال من عروة بن الزبير وعمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: كان عروة يقرأ الْقُرْآنِ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْمُصْحَفِ نَظَرًا، وَيَقُومُ بِهِ اللَّيْلَ، فَمَا تَرَكَهُ إِلا لَيْلَةَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ، وَكَانَ وَقَعَ فِيهَا الأَكَلَةُ فَنَشَرَهَا، وَكَانَ إِذَا كَانَ أَيَّامُ الرُّطَبِ يَثْلِمُ حَائِطَهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ فَيَدْخُلُونَ فَيَأْكُلُونَ وَيَحْمِلُونَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَقَعَتْ فِي رِجْلِ عُرْوَةَ الآكِلَةُ فَصَعِدَتْ فِي سَاقِهِ، فَدَعَا بِهِ الْوَلِيدُ، ثُمَّ أَحْضَرَ الأَطِبَّاءَ وَقَالُوا: لا بُدَّ مِنْ قَطْعِ رِجْلِهِ، فَقُطِعَتْ، فَمَا تَضَوَّرَ وَجْهُهُ. وَقَالَ عَامِرُ بْنُ صَالِحٍ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: إِنَّ أَبَاهُ خَرَجَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي الْقُرَى، وَجَدَ فِي رِجْلِهِ شَيْئًا فَظَهَرَتْ بِهِ قُرْحَةٌ، ثُمَّ تَرَقَّى بِهِ الْوَجَعُ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى الْوَلِيدِ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اقْطَعْهَا. قَالَ: دُونَكَ، فَدَعَا لَهُ الطَّبِيبَ وَقَالَ لَهُ: اشْرِبِ الْمُرْقِدَ1. فَلَمْ يَفْعَلْ، فَقَطَعَهَا مِنْ نِصْفِ السَّاقِ، فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ يَقُولَ: حَسِّ حَسِّ. فَقَالَ الْوَلِيدُ: مَا رَأَيْتُ شَيْخًا قَطُّ أَصْبَرَ مِنْ هَذَا. وَأُصِيبَ عُرْوَةُ فِي هَذَا السَّفَرِ بِابْنِهِ مُحَمَّدٍ، رَكَضَتْهُ بغلةٌ فِي إِصْطَبْلٍ، فَلَمْ نَسْمَعْ مِنْهُ كَلِمَةً فِي ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ بِوَادِي الْقُرَى قَالَ: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62] اللَّهُمَّ كَانَ لِي بَنُونَ سَبْعَةٌ فَأَخَذْتَ مِنْهُمْ وَاحِدًا وَأَبْقَيْتَ لِي سِتَّةً، وَكَانَ لِي أطرافٌ أربعةٌ فَأَخَذْتَ طَرَفًا وَأَبْقَيْتَ ثَلاثَةً، فَإِنِ ابْتَلَيْتَ لَقَدْ عَافَيْتَ، وَلَئِنْ أَخَذْتَ لقد أبقيت. ولهذه الحكاية طرق.

_ 1 دواء من شربه رقد.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ نَظَرَ إِلَى رِجْلِهِ فِي الطَّسْتِ فَقَالَ: اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مَا مَشَيْتُ بِهَا إِلَى مَعْصِيَةٍ قَطُّ، وَأَنَا أَعْلَمُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: كَانَ أَبِي يَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَمَاتَ وَهُوَ صَائِمٌ، جَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ: افْطِرْ، فَلَمْ يُفْطِرْ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ ابْنُ الزُّبَيْرِ تِسْعَ سِنِينَ وَأَبِي مَعَهُ. وَعَنْ أَبِي الأَسْوَدِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ زَوَّجَ بِنْتَهُ سَوْدَةَ مِنْ عُرْوَةَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَسَارَ عُرْوَةُ مِنْ مَكَّةَ بِالأَمْوَالِ، فَأَوْدَعَهَا بِالْمَدِينَةِ، وَأَسْرَعَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِ الْخَبَرِ، فَقَالَ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِالْبَابِ، فَقَالَ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: قُلْ لَهُ كذا، فدخل، فقال: ههنا رجلٌ عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، قَالَ: كَيْتَ وَكَيْتَ. قَالَ: ذَاكَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأْذَنْ لَهُ، فَلَمَّا رَآهُ زَالَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ: كَيْفَ أَبُو بَكْرٍ -يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ؟ قَالَ: قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: فَنَزَلَ عَنِ السَّرِيرِ فَسَجَدَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: إِنَّ عُرْوَةَ قَدْ خَرَجَ وَالْأَمْوَالُ عِنْدَهُ، قَالَ: فَكَلَّمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا تَدَعُونَ الشَّخْصَ حَتَّى يَأْخُذَ بِسَيْفِهِ فَيَمُوتَ كَرِيمًا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ، كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ أَعْرِضْ عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: مَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ يَذْكُرُ أَبِي بشرٍ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: مَا بَرَّ وَالِدَهُ مَنْ شَدَّ طَرْفَهُ إِلَيْهِ. وَقَالَ نَوْفَلُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ أَبِي مِنْ بِنَاءِ قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ، وَحَفَرَ بِئَارَهُ، دَعَا جَمَاعَةً فَأَطْعَمَهُمْ. وَقَالَ أَبُو ضَمْرَهَ: عَنْ هِشَامٍ قَالَ: لَمَّا اتَّخَذَ قَصْرَهُ بِالْعَقِيقِ قَالُوا: جَفَوْتَ مَسْجِدَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ مَسَاجِدَهُمْ لَاهِيَةً، وَأَسْوَاقَهُمْ لاغِيَةً، وَالْفَاحِشَةَ فِي فِجَاجِهِمْ عَالِيَةً، فَكَانَ فِيمَا هُنَالِكَ عَمَّا هُمْ فِيهِ عَافِيَةً. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَخَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَالْفَلَّاسُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: سَنَةَ خَمْسٍ.

346- عروة بن المغيرة بن شعبة -ع- أبو يعفور1، أَخُو عَقَّارٍ، وَحَمْزَةَ. وَلِيَ بِالْكُوفَةِ الصَّلاةَ زَمَنَ الْوَلِيدِ، وَكَانَ سَيِّدَ ثقيفٍ فِي وَقْتِهِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَائِشَةَ. وعنه: الحسن البصري، وبكر بن عبد الله المزني، ونافع بن جبير بن مطعم، وآخرون. عطاء بن فروخ الحجازي2 -ن ق- عَنْ: عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بن جدعا، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 348- عَطَاءُ بن مينا المدني -ع- وقيل: البصري3 رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ. وَكَانَ مِنْ صُلَحَاءِ الناس وفضلائهم. روى عنه: سعيد المقبري، وأيوب بن موسى، وعمرو بن دينار، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ. 349- عطاء بن يسار4 قيل: سنة أربعٍ وتسعين، وقيل: سنة سبعٍ وتسعين، وقيل: سنة ثلاثة ومائة، كما يأتي إن شاء الله تعالى. 350- عقبة بن وساج الأزدي -خ- البصري5 روى عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بن عمرو، وأنس، وغيرهم.

_ 1 الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 269" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 32" وتهذيب التهذيب "7/ 189". 2 انظر التاريخ الكبير "6/ 467" وتهذيب التهذيب. 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 477" وتاريخ أبي زرعة "1/ 524". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 173، 174" والجرح والتعديل "6/ 338" وميزان الاعتدال "3/ 77". 5 انظر الجرح والتعديل "6/ 318" وتاريخ أبي زرعة "1/ 501" وتهذيب التهذيب "7/ 251-252".

رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَيَحْيَى السَّيْبَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أبي عبلة، وأبو عبيدة حاجب سليمان. ونزل الشَّامَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 351- عَلْقَمَةُ بْنُ وائل بن حجر1 -م4- الحضرمي الكندي أَخُو عَبْدِ الْجَبَّارِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. روى عنه: سماك بن حرب، وعبد الملك بن عمير، وعمرو بن مرة، وعوف الأعرابي، وآخرون. 352- علي بن الحسين بن الإمام -ع- عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بن هاشم الهاشمي المدني زين العابدين2، أبو الحسن ويقال أبو الحسين، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. روى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ الْحَسَنِ، وابن عباس، وعائشة، وأبي هريرة، وجابر، ومسور بن مخرمة، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَصَفِيَّةَ أُمَّيِ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَرْوَانَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ، وَزَيْدٌ، وَعُمَرُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَمُسْلِمٌ الْبَطِينُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ ابن هُرْمُزَ. وَحَضَرَ مَصْرعَ وَالِدِهِ الشَّهِيدِ بِكَرْبَلاءَ، وَقَدِمَ إِلَى دِمَشْقَ، وَمَسْجِدُهُ بِهَا مَعْرُوفٌ بِالْجَامِعِ. قَالَ الْفَسَوِيُّ: وُلِدَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أُمُّهُ غَزَالَةُ، وَأَخُوهُ عَلِيٌّ الأَكْبَرُ قُتِلَ مَعَ أَبِيهِ. وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ يَعْتَمُّ بعمامةٍ بيضاء يرخيها من ورائه.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 405" والطبقات الكبرى "6/ 316" وتاريخ أبي زرعة "2/ 719" وتهذيب التهذيب "7/ 280". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 178-179" وتاريخ أبي زرعة "1/ 406" والتاريخ للطبري "6/ 491" وسير أعلام النبلاء "4/ 386-401".

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ قُرَشِيًّا أَفْضَلَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَكَانَ مَعَ أَبِيهِ يَوْمَ قُتِلَ، وَلَهُ ثَلاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: لا تَعَرَّضُوا لِهَذَا الْمَرِيضِ. قَالَ: وَكَانَ عَلِيٌّ مِنْ أَحْسَنِ أَهْلِ بَيْتِهِ طَاعَةً وَأَحَبَّهُمْ إِلَى مَرْوَانَ وَإِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: مَا رَأَيْتُ فِيهِمْ مِثْلَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَطُّ. وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ: مَا رَأَيْتُ هَاشِمِيًّا أَفْضَلَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: اللَّهُمَّ لا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فأعجز عَنْهَا، وَلا تَكِلْنِي إِلَى الْمَخْلُوقِينَ فَيُضَيِّعُونِي. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ أَبَاهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ قَاسَمَ اللَّهَ مَالَهُ مَرَّتَيْنِ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُؤْمِنَ الْمُذْنِبَ التَّوَّابَ. وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ يَحْمِلُ الْخُبْزَ عَلَى ظَهْرِهِ بِاللَّيْلِ يَتَتَبَّعُ بِهِ الْمَسَاكِينَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَيَقُولُ: إِنَّ الصَّدَقَةَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ شَيْبَةَ بْنِ نَعَامَةَ: قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَبْخُلُ، فَلَمَّا مَاتَ وَجَدُوهُ يَعُولُ مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ: أَعْتَقَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ غُلامًا أَعْطَاهُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّهُمْ لَمَّا رَجَعُوا مِنَ الطَّفِّ كَانَ أَتَى بِهِ يَزِيدُ أَسِيرًا فِي رهطٍ هُوَ رَابِعُهُمْ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَوْرَعَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: بَعَثَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكَرِهَ أَنْ يَقْبَلَهَا، وَخَافَ أَنْ يَرُدَّهَا، فَأَخَذَهَا فَاحْتَبَسَهَا عِنْدَهُ، فَلَمَّا قُتِلَ الْمُخْتَارُ، كَتَبَ فِي أَمْرِهَا إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: يَابْنَ عَمِّ خُذْهَا فَقَدْ طَيَّبْتُهَا لَكَ.

وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِذَا مَشَى لا يَخطِرُ بِيَدِهِ، وَكَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ أَخَذَتْهُ رعدةٌ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: تَدْرُونَ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ أَقُومُ وَمَنْ أُنَاجِي؟ . وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ بْنِ أَبِي عِيسَى، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ قَالَ: دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: عَلَيَّ دينٌ، قَالَ: كَمْ؟ قَالَ: بِضْعَةُ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ، قَالَ: فَهِيَ عَلَيَّ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: إِنِّي لأستحيي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَسْأَلَ لِلأَخِ مِنْ إِخْوَانِي الْجَنَّةَ وَأَبْخَلُ عَلَيْهِ بِالدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قِيلَ لِي: لَوْ كَانَتِ الْجَنَّةُ بِيَدِكَ لَكُنْتَ بِهَا أَبْخَلُ وَأَبْخَلُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عَنِ الْقُرْآنِ فَقَالَ: كِتَابُ اللَّهِ وَكَلامُهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: سَأَلَ رجلٌ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ: مَا كَانَ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: كَمَنْزِلَتِهِمَا السَّاعَةَ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْقَبْرِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: جِئْتُكَ فِي حَاجَةٍ وَمَا جِئْتُكَ حَاجًّا وَلا مُعْتَمِرًا، قُلْتُ: وَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِأَسْأَلَكَ مَتَى يُبْعَثُ عَلِيٌّ، فَقُلْتُ لَهُ: يُبْعَثُ وَاللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُهِمُّهُ نَفْسُهُ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبٍ قَالَ: جَاءَ قَوْمٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا أَجْرَأَكُمْ وَأَكْذَبَكُمْ عَلَى اللَّهِ، نَحْنُ مِنْ صَالِحِي قَوْمِنَا فَحَسْبُنَا أَنْ نَكُونَ مِنْ صَالِحِيهِمْ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ -وَكَانَ أَفْضَلَ هَاشِمِيٍّ أَدْرَكْتُهُ- يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَحِبُّونَا حُبَّ الإِسْلامِ. فَمَا بَرِحَ بِنَا حُبُّكُمْ حَتَّى صَارَ عَلَيْنَا عَارًا. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمْ يَكُنْ لِلْحُسَيْنِ عقبٌ إِلا مِنَ ابْنِهِ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ وَلَدٌ إِلا مِنْ بِنْتِ عَمِّهِ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ الْحَسَنِ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: لَوِ اتَّخَذْتُ السراري لعل

اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَكَ مِنْهُنَّ. فَقَالَ: مَا عِنْدِي مَا أَشْرِي بِهِ. قَالَ: فَأَنَا أُقْرِضُكَ، فَأَقْرَضَهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَاتَّخَذَ السَّرَارِي، فَوُلِدَ لَهُ جماعة، لم يَأْخُذْ مِنْهُ مَرْوَانُ ذَلِكَ الْمَالَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَجَّ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَلَمَّا أَحْرَمَ أصفر لونه وانتفض، ووقه عَلَيْهِ الرَّعْدَةُ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُلَبِّي، فَقِيلَ لَهُ: مَالَكَ لا تُلَبِّي؟ قَالَ: أَخْشَى أَنْ أَقُولَ لَبَّيْكَ، فَيُقَالُ لِي: لا لَبَّيْكَ، فَلَمَّا لَبَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، وَسَقَطَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، وَلَمْ يَزَلْ يَعْتَرِيهِ ذَلِكَ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: أَحْرَمَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: لَبَّيْكَ، أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى سَقَطَ مِنْ نَاقَتِهِ، فَهُشِّمَ، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ. قَالَ: وكان يسمى بالمدينة: زَيْنُ الْعَابِدِينَ لِعِبَادَتِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الشَّيْبَانِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ قَالَ: كَانَ بَيْنَ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ وَبَيْنَ عَلِيِّ ابن الْحُسَيْنِ شَيْءٌ، فَجَاءَ حَسَنٌ فَمَا تَرَكَ شَيْئًا إِلا قَالَهُ وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ، فَذَهَبَ حَسَنٌ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَتَاهُ عَلِيٌّ، فَقَرَعَ بَابَهُ، فَخَرَجَ إليه، فقال له: يابن عَمِّ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَغَفَرَ اللَّهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ. فَالْتَزَمَهُ حَسَنٌ وَبَكَى حَتَّى رَثَى لَهُ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا عِيسَى بْنُ دِينَارٍ -ثِقَةٌ- قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنِ الْمُخْتَارِ فَقَالَ: قَامَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ فَلَعَنَ الْمُخْتَارَ، فَقَالَ لَهُ رجلٌ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، تَلْعَنُهُ وَإِنَّمَا ذُبِحَ فِيكُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا أَبُو إِسْرَائِيلَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: إِنَّا لَنُصَلِّي خَلْفَهُمْ فِي غَيْرِ تَقِيَّةٍ، وَأَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَهُمْ فِي غَيْرِ تَقِيَّةٍ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ -شيخٌ لِلْمَدَائِنِيِّ- عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَاللَّهِ مَا قُتِلَ عُثْمَانُ عَلَى وَجْهِ الْحَقِّ. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ كساءٌ أَصْفَرُ يَلْبَسُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ: رَأَيْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كساء خز وجبة خز. وَرَوَى مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حُسَيْنٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَمِّهِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ يَشْتَرِي كِسَاءَ الْخَزِّ بِخَمْسِينَ دِينَارًا يَشْتُو فِيهِ، ثُمَّ يَبِيعُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ.

وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى بْنَ الْحُسَيْنِ يَعْتَمُّ وَيُرْخِي خَلْفَ ظَهْرِهِ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: ثنا عَمِّي وَمُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ وَمَنْ لا أُحْصِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ قَالَ: مَا أَوَدُّ أَنَّ لِي بِنَصِيبِي مِنَ الذُّلِّ حُمُرَ النَّعَمِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا حُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ يَلْبَسُ كِسَاءَ خَزٍّ بِخَمْسِينَ دِينَارًا، يَلْبَسُهُ فِي الشِّتَاءِ، فَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ، وَيَلْبَسُ فِي الصَّيْفِ ثَوْبَيْنِ مُمَشَّقَيْنِ مِنْ ثِيَابِ مِصْرَ، وَيَقْرَأُ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 22] . وَعَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ كَانَ إِذَا سَارَ عَلَى بَغْلَتِهِ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، لَمْ يَقُلْ لأحدٍ: الطريق، وَكَانَ يَقُولُ: الطَّرِيقُ مُشْتَرَكٌ لَيْسَ لِي أَنْ أُنَحِّيَ عَنْهُ أَحَدًا. وَرُوِيَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ حَجَّ قَبْلَ الْخِلافَةِ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ اسْتِلامَ الْحَجَرَ زُوحِمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِذَا دَنَا مِنَ الْحَجَرِ تَفَرَّقُوا عَنْهُ إِجْلالا لَهُ، فَوَجَمَ لِذَلِكَ هِشَامٌ وَقَالَ: مَنَ هَذَا فَمَا أعرفه؟ وَكَانَ الْفَرَزْدَقُ وَاقِفًا فَقَالَ: هَذَا الَّذِي تَعْرِفُ الْبَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ ... وَالْبَيْتُ يَعْرِفُهُ وَالْحِلُّ وَالْحَرَمُ هَذَا ابْنُ خيرٍ عِبَادِ اللَّهِ كُلِّهِمُ ... هَذَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ الْعَلِمُ إِذَا رَأَتْهُ قريشٌ قَالَ قَائِلُهَا ... إِلَى مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي الْكَرَمُ يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانُ رَاحَتِهِ ... رُكْنَ الْحَطِيمِ إِذَا مَا جَاءَ يَسْتَلِمُ يُغْضِي حَيَاءً وَيُغْضِي مِنْ مَهَابَتِهِ ... فَلا يُكَلَّمُ إِلا حِينَ يَبْتَسِمُ هَذَا ابْنُ فاطمةٍ إِنْ كُنْتَ جَاهِلَهُ ... بِجَدِّهِ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ قَدْ خُتِمُوا وَهِيَ طَوِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ، فَأَمَرَ هِشَامٌ بِحَبْسِ الْفَرَزْدَقِ، فَحُبِسَ بِعُسْفَانَ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: اعْذُرْ أَبَا فراسٍ، فَرَدَّهَا وَقَالَ: مَا قُلْتُ ذَلِكَ إِلا غَضَبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَرَدَّهَا عَلَيٌّ وَقَالَ: بِحَقِّي عليك لَمَا قَبِلْتَهَا فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ نِيَّتَكَ وَرَأَى مَكَانَكَ، وَقَبِلَهَا. وَهَجَا هِشَامًا بِقَوْلِهِ: أَيَحْبِسُنِي بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالَّتِي ... إِلَيْهَا قُلُوبُ النَّاسِ يَهْوِي مُنِيبُهَا يُقَلِّبُ رَأْسًا لَمْ يَكُنْ رَأْسَ سيدٍ ... وَعَيْنَيْنِ حَوْلاوَيْنِ بادٍ عيوبها

قلت: وليس للحسين -رضي الله عنهم- عقبٌ إِلا مِنْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ، وَأُمُّهُ أمةٌ، وَهِيَ سُلافَةُ بِنْتُ يَزْدَجِرْدَ آخِرِ مُلُوكِ فَارِسٍ. وَقِيلَ: غَزَالَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، خَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحُسَيْنِ مَوْلاهُ زُبَيْدٌ فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ بن زبيد، قاله محمد ابن سَعْدٍ. وَهِيَ عَمَّةُ أُمِّ الْخَلِيفَةِ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: عَاشَ أَبِي ثمانين وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ، وَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، والفلاس، وروى عن جعفر ابن مُحَمَّدٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْهَاشِمِيِّ الْحَسَنِيُّ: مَاتَ فِي رَابِعَ عَشَرَ رَبِيعَ الأَوَّلِ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَخَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَنَة ثلاثٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْر: سَنَة خَمْسٍ. وَالأَوَّلُ الصَّحِيحُ. 353- عَلِيُّ بْنُ ربيعة الوالبي1 -ع- الأسدي الكوفي أبو المغيرة. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ، وابن عمر. روى عنه: سعد بن عبيد الطائي، وسلمة بن كهيل، وعثمان بن المغيرة، وعاصم بن بهدلة، وأبو إسحاق، وإسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيراء. وثقه ابن معين. 354- علي بن عبد الله الأزدي2 -م4- الْكُوفِيُّ الْبَارِقِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي الوليد. سَمِع: أَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عُمَرَ. وَعَنْهُ: يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وحميد الطويل، وآخرون.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 226" والجرح والتعديل "6/ 185" وسير أعلام النبلاء "4/ 489" وتهذيب التهذيب "7/ 320". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 193" والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 283" وميزان الاعتدال "3/ 142".

عمارة بن عمير الليثي1 -ع- أبو سليمان الكوفي. رَوَى عَنْ: عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ، وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي، والحارث بن سويد، وأبي عطية الوادعي. روى عنه: الحكم بن عتيبة وزبيد اليامي، ومنصور الأعمش. قال ابن المديني: له ثمانين حديثا. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ سُلَيْمَانَ، وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلًا. 356- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيُّ2 -خ م د ن. عَنْ: سُبَيْعَةَ الأسلمية. 357- عمرو بن أوس3 -ع- بن أبي أوس الثقفي المكي. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيُّ. وَكَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ الثِّقَاتِ. عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ 358- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيُّ مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ4. كَانَ عَلَى خَاتَمِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. عَنْ: عَائِشَةَ، وَمَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَأَبِي بَحَرِيَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ. 359- عَمْرُو بْنُ5 سَلَمَةَ الْجَرْمِيُّ أَحْسَبُهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدِ التسعين. وقد تقدم.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 288" والجرح والتعديل "6/ 366-367" وتهذيب التهذيب "7/ 421-422". 2 انظر تهذيب التهذيب "7/ 467-468" والكاشف "2/ 473". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 220" وتهذيب التهذيب "8/ 706". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 225" والتاريخ الكبير "6/ 320". 5 انظر الطبقات الكبرى "7/ 89" والجرح والتعديل "6/ 235" وسير أعلام النبلاء "3/ 523" وأسد الغابة "4/ 234".

360- عمرو بن الشريد1 -سوى ت- بن سويد الثقفي الطائفي. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. رَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَيَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 361- عمرو بن سليم بن خلدة2 -ع- الزرقي المدني. رَوَى عَنْ: أَبِي حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي قَتَادَةَ الْحَارِثِ بْنِ رِبْعِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالزُّهْرِيُّ، ومحمد بن يحيى بن حبان، وجماعة. 362- عمرو بن مالك الجنبي -4- المصري3 روى عن: فضالة بن عبيد، وأبي سعيد الخدروي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُمَيْرٍ الرُّعَيْنِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 363- عمران بن الحارث -م ن- أبو الحكم السلمي الكوفي4. سَمِعَ: ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَقَتَادَةُ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرحمن. وهو قليل الحديث.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "5/ 518" والجرح والتعديل "6/ 238" والتاريخ الكبير "6/ 343" وتهذيب التهذيب "8/ 47-48". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 236" والتاريخ الكبير "6/ 333" وميزان الاعتدال "2/ 263". 3 انظر التاريخ لابن معين "2/ 452" والجرح والتعديل "6/ 259" وميزان الاعتدال "3/ 286" وتهذيب التهذيب "9518-96". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 296" وتهذيب التهذيب "8/ 124".

364- عمرة بنت عبد الرحمن -ع- ابْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ الأَنْصَارِيَّةُ الْمَدَنِيَّةُ الْفَقِيهَةُ1. كَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ فَأَكْثَرَتْ عَنْهَا، وَرَوَتْ أَيْضًا عَنْ: أُمِّ سَلَمَةَ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَأُخْتِهَا لأُمِّهَا أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ. رَوَى عَنْهَا: ابْنُهَا أَبُو الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنَاهُ حَارِثَةُ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ أُخْتِهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَابْنَاهُ مُحَمَّدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَالزُّهْرِيُّ، ويحيى بن سعيد، وآخرون. وكان ثِقَةً حُجَّةً خَيِّرَةً كَثِيرَةَ الْعِلْمِ. رَوَى الزُّهْرِيُّ -وَفِي الإِسْنَادِ إِلَيْهِ ابْنُ لَهِيعَةَ- أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ حَدِيثَ عَائِشَةَ فَعَلَيْكَ بِعَمْرَةَ فَإِنَّهَا مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيثِهَا، وَكَانَتْ تَحْتَ حِجْرِهَا. تُوُفِّيَتْ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ، وَيُقَالُ: سَنَةَ ستٍ وَمِائَةٍ. رَوَى أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لِي: يا غلامٌ أراك تحرص على طلب العلم، أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى وِعَائِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: عليك بعمرة فإنها كانت في حجر عائشة، فَأَتَيْتُهَا فَوَجَدْتُهَا بَحْرًا لا يُنْزَفُ. 365- عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ2 بْنِ سَعِيدٍ -خ م د- بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ أَبُو خَالِدٍ، وَيُقَالُ أبو أيوب، أَخُو عَمْرٍو الأَشْدَقِ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. روى عنه: أبو قلابة، والزهري، وأسماء بن عبيد، ومحمد بن عمرو بن علقمة. وثقه ابن معين. وقال الدارقطني: كان جليسًا للحجاج.

_ 1 انظر طبقات ابن سعد "8/ 484" وسير أعلام النبلاء "4/ 507-508" وتهذيب التهذيب "12/ 438-439". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 398" والتاريخ الكبير "7/ 35" وتهذيب التهذيب "8/ 155".

366- عوف بن الحارث الأزدي1 -خ د ن ق- المدني رَضِيعُ عَائِشَةَ وَابْنُ أُخْتِهَا لأُمِّهَا. رَوَى عَنْ: عائشة، وأخيه رُمَيْثَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَهِشَامُ بْنُ عروة. 367- العلاء بن زياد ابن مطر -ق- بن شريح2، أبو نصر العدوي البصري. أرسل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثًا. وَحَدَّثَ عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ الْمُجَاشِعِيِّ، وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ، وَأُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الْعَدَوِيُّ، وَأَوْفَى بْنُ دَلْهَمٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَقَدْ كَانَ زَاهِدًا خَاشِعًا قَانِتًا لِلَّهِ بَكَّاءً. لَهُ تَرْجَمَةٌ فِي حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ. ذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ بِالشَّامِ فِي آخِرِ وِلايَةِ الْحَجَّاجِ سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ. قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْعَلاءُ بْنُ زِيَادٍ قَدْ بَكَى حَتَّى غَشِيَ بَصَرُهُ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ يَقْرَأَ جَهَشَهُ الْبُكَاءُ، وَكَانَ أَبُوهُ زِيَادُ بْنُ مَطَرٍ قَدْ بَكَى حَتَّى عَمِيَ. وَعَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ الْعَلاءَ بْنَ زِيَادٍ فَقَالَ: أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي وَقَالَ: ائْتِ الْعَلاءَ بْنَ زِيَادٍ فَقُلْ لَهُ: لِمَ تَبْكِ، قَدْ غُفِرَ لَكَ. فَبَكَى، وَقَالَ: الآنَ حِينَ لا أَهْدَأُ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ سَعِيدٍ: رَأَى الْعَلاءُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمَكَثَ ثَلاثًا لا تَرْقَأُ لَهُ دمعةٌ وَلا يَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلا يَذُوقُ طَعَامًا، فَأَتَاهُ الْحَسَنُ فَقَالَ: أَيْ أَخِي، أتقتل

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 14" والتاريخ الكبير "7/ 57" وتهذيب التهذيب "6/ 168". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 217-218" والتاريخ الكبير "6/ 507" والجرح والتعديل "6/ 355".

نَفْسَكَ أَنْ بُشِّرْتَ بِالْجَنَّةِ، فَازْدَادَ بُكَاءً عَلَى بكائه، فلم يفارقه الحسن -رضي الله عنهم- حتى أمسى، وكان صائمًا فطعم شيئًا. رواها مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبُرْجُلانِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيّ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَسْأَلُ هِشَامَ بْنَ زِيَادٍ الْعَدَوِيَّ؟ قُلْتُ هُوَ أَخُو صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ؟ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَنَا بِهِ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: تَجَهَّزَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لِلْحَجِّ، فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ: ائْتِ الْبَصْرَةَ، فَائْتِ بِهَا الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ ربعةٌ أَقْصَمُ الثَّنِيَّةِ بسامٌ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، فَقَالَ: رُؤْيَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ. فَأَتَانِي فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، وَجَاءَهُ بوعيدٍ، فَأَصْبَحَ وَتَجَهَّزَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبُيُوتِ، إِذَا الَّذِي أَتَاهُ فِي مَنَامِهِ يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا نَزَلَ فَقَدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى دَخَلَ الْبَصْرَةَ، قَالَ هِشَامٌ: فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْعَلاءِ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: أَنْتَ الْعَلاءُ؟ فَقُلْتُ: لا، وَقُلْتُ: أَنْزِلْ رَحِمَكَ اللَّهُ فضع رحلك، فقال: لا، أَيْنَ الْعَلاءُ، فَقُلْتُ: فِي الْمَسْجِدِ، وَأَتَيْتُ الْعَلاءَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَجَاءَ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلَ تَبَسَّمَ فَبَدَتْ ثَنِيَّتُهُ فَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ صَاحِبِي، فَقَالَ الْعَلاءُ: هَلا حَطَطْتَ رَحْلَ الرَّجُلِ، أَلا أَنْزَلْتَهُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ فَأَبَى، فَقَالَ الْعَلاءُ: انزل رحمك الله، فقال: أخلني، فَدَخَلَ الْعَلاءُ مَنْزِلَهُ وَقَالَ: يَا أَسْمَاءُ تَحَوَّلِي إِلَى الْمَنْزِلِ الآخَرِ، وَدَخَلَ الرَّجُلُ وَبَشَّرَهُ بِرُؤْيَاهُ، ثُمَّ خَرَجَ، فَرَكِبَ، قَالَ: وَقَامَ الْعَلاءُ فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَبَكَى ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ قَالَ: سَبْعَةَ أَيَّامٍ، لا يَذُوقُ فِيهَا طَعَامًا وَلا شَرَابًا وَلا يَفْتَحُ بَابَهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي حَالِ بُكَائِهِ: أَنَا أَنَا، وَكُنَّا نَهَابُهُ أَنْ نَفْتَحَ بَابَهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يَمُوتَ، فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَجَاءَ فَدَقَّ عَلَيْهِ، فَفَتَحَ وَبِهِ مِنَ الضُّرِّ شيءٌ اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، وَكَلَّمَهُ الحسن، ثم قال: رحمك الله وَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أفقاتلٌ نفسك أنت قَالَ هِشَامٌ: فَحَدَّثَنَا الْعَلاءُ لِي وَلِلْحَسَنِ بِالرُّؤْيَا، وَقَالَ: لا تُحَدِّثُوا بِهَا مَا كُنْتُ حَيًّا. وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: مَا يَضُرُّكَ شَهِدْتَ عَلَى مُسْلِمٍ بكفرٍ أَوْ قَتَلْتَهُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ: كَانَ قُوتُ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ رَغِيفًا كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: وَكَانَ يَصُومُ حَتَّى يَخْضَرَّ، وَيُصَلِّي حَتَّى يَسْقُطَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ فَقَالا: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْكَ بِهَذَا كُلِّهِ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا عبدٌ مملوكٌ لا أَدَعُ مِنَ الاسْتِكَانَةِ شَيْئًا إِلا جِئْتُهُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ أَوْفَى بْنِ دَلْهَمٍ قَالَ: كَانَ لِلْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ مالٌ ورقيقٌ،

فَأَعْتَقَ بَعْضَهُمْ وَبَاعَ بَعْضَهُمْ، وَتَعَبَّدَ، وَبَالَغَ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَتَذَلَّلُ لِلَّهِ لَعَلَّهُ يَرْحَمُنِي. قُلْتُ: عَلَّقَ الْبُخَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ حم "الْمُؤْمِنِ" قَوْلا فِي: {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] . وَرَوَى حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ الدُّنْيَا عَجُوزًا شَوْهَاءَ هَتْمَاءَ، عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زينة ولحية، وَالنَّاسُ يَتْبَعُونَهَا، فَقُلْتُ: مَا أَنْتِ؟ قَالَتِ: الدُّنْيَا، قُلْتُ: أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُبَغِّضَكِ إِلَيَّ. قَالَتْ: نَعَمْ إِنْ أَبْغَضْتَ الدَّرَاهِمَ. 368- الْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ العبدي -م د ن ت- الكوفي1. رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ. روى عنه: ابنه الوليد، وأبو إسحاق السبيعي، ويونس بن أبي إسحاق السبيعي، وجرير بن أيوب البجلي. وثقه ابن معين، وكأنه تأخر. 369- عيسى بن طلحة بن عبيد2 الله -ع- القرشي التيمي المدني، أبو محمد. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمُعَاوِيَةَ. روى عنه: محمد بن إبراهيم التيمي، وطلحة بن يحيى، والزهري، وغيرهم. وكان من حلماء قريش وأشرافهم، وفد على معاوية. وثقه ابن معين. روى أيوب بن عباية، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِرْبَاعٍ قَالَ: دَخَلَ رجلٌ إِلَى عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ فَأَنْشَدَ عِيسَى:

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 307" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 79" والجرح والتعديل "7/ 36-37" وتهذيب التهذيب "8/ 203-204". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 164" والجرح والتعديل "6/ 279" والتاريخ الكبير "6/ 385" وسير أعلام النبلاء "4/ 367".

يَقُولُونَ: لَوْ عَزَّيْتَ قَلْبَكَ لارْعَوَى ... فَقُلْتُ: وَهَلْ لِلْعَاشِقِينَ قُلُوبُ عَدِمْتُ فُؤَادِي كَيْفَ عَذَّبَهُ الْهَوَى ... أَمَا لِفُؤَادِي مِنْ هَوَاهُ طَبِيبُ فَقَامَ الرَّجُلُ فَأَسْبَلَ إِزَارَهُ وَمَضَى إِلَى بَابِ الْحُجْرَةِ يَتَبَخْتَرُ ثُمَّ يرجع، حَتَّى عَادَ لِمَجْلِسِهِ طَرَبًا، وَقَالَ: أَحْسَنْتَ، فَضَحِكَ عِيسَى وَجُلَسَاؤُهُ لِطَرَبِهِ. مَاتَ عِيسَى فِي حُدُودِ سَنَةَ مِائَةٍ. 370- عِيسَى بْنُ هِلالٍ الصدفي -د ت- المصري1. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. رَوَى عَنْهُ: دَرَّاجٌ أَبُو السَّمْحِ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ أُبَيٍّ، وَعَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْمِصْرِيُّونَ. "حرف الغين": 371- غزوان أبو مالك -د ت ن- الغفاري كُوفِيٌّ2. يَرْوِي عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْبَرَاءِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى. وَعَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَحُصَيْنٌ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَهُوَ بِالْكُنْيَةِ أَشْهَرُ. 372- غَزْوَانُ بْنُ يَزِيدَ الرَّقَاشِيُّ الْبَصْرِيُّ أَحَدُ الْخَائِفِينَ، أَصَابَ ذِرَاعَهُ شرارةٌ فَلَمَّا آلَمَتْهُ حلف أن لا ياره اللَّهُ ضَاحِكًا حَتَّى يَعْلَمَ أَفِي الْجَنَّةِ هُوَ أَمْ فِي النَّارِ، فَلَبِثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يُرَ ضَاحِكًا مُكَشِّرًا. رَوَاهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَجْلانَ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ أَنَّ غَزْوَانَ أَصَابَ ذِرَاعَهُ، فَقِيلَ أَنَّهُ بَلَغَ الْحَسَنَ فَقَالَ: عَزَمَ غَزْوانُ فَفَعَلَ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ شَيْخٍ لَهُ أَنَّ غَزْوَانَ كَانَ إِذَا سَافَرَ هَدَمَ خصه فإذا رجع أعاده.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 385" والجرح والتعديل "6/ 290" وتهذيب التهذيب "8/ 236". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 55" وتهذيب التهذيب "8/ 245".

373- غنيم بن قيس -م4- أبو العنبر المازني الكعبي البصري1. أَدْرَكَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَدَ عَلَى عمر -رضي الله عنهم، وَغَزَا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَسَعْدَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. رَوَى عَنْهُ: ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَذَّاءِ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَسَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ. وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ الْبَصْرِيِّينَ. "حرف الْفَاءِ": 374- فَرْوَةُ بْنُ مُجَاهِدٍ اللَّخْمِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ2. أَرْسَلَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الرَّمْلِيُّ، وَأُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانُوا لا يَشُكُّونَ أَنَّهُ مِنَ الأَبْدَالِ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَخْبَرَنِي مُغِيرَةُ بْنُ مُغِيرَةَ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ طَاغِيَةَ الرُّومِ لَمَّا دَعَاهُ وَأَصْحَابَهُ إِلَى قِتَالِ برجان ووعدهم تخلية سبيلهم إن نصرتهم عَلَيْهِمْ، فَأَجَبْنَاهُ إِلَى ذَلِكَ، فَقَالَ لِي أَصْحَابِي: كَيْفَ نُقَاتِلُهُمْ بِلا دَعْوَةٍ إِلَى الإِسْلامِ؟ فَقُلْتُ: لا يُجِيبُنَا الطَّاغِيَةُ، وَلَكِنِّي سَأَرْفِقُ، فَقُلْتُ لِلطَّاغِيَةِ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَنَا فِي إِقَامَةِ الصَّلاةِ، وَنَجْمَعُهَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ قُولُوا أَنْتُمْ: جَاءَنَا مددٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَتَكُونُ صَلاتُنَا مُصَدِّقًا لِمَا قُلْتُمْ مِنْ ذَلِكَ فَأَجَابَنَا إِلَى ذَلِكَ، وَأَقَمْنَا الصَّلاةَ، فَصَلَّيْنَا، ثُمَّ قَاتَلْنَاهُمْ، فَنَصَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَخَلَّى سَبِيلَنَا. 375- الْفُضَيْلُ بْنُ زيد أبو سنان3 الرقاشي

_ 1 انظر الطبقات لابن سعد "7/ 123-124" والجرح والتعديل "7/ 58" وتهذيب التهذيب "8/ 251". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 82" والتاريخ الكبير "7/ 127-128" وتهذيب التهذيب "8/ 264-265". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 129" والجرح والتعديل "7/ 72" والتاريخ الكبير "7/ 119".

أَحَدُ زُهَّادِ الْبَصْرَةِ وَعُبَّادِهَا، لَهُ ذكرٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. "حرف الْقَافِ": 376- قُتَيْبَةُ بْنُ مسلم بن عَمْرِو بْنِ الْحُصَيْنِ بْنِ رَبِيعَةَ1، أَبُو حفصٍ الْبَاهِلِيُّ. أَمِيرُ خُرَاسَانَ كُلِّهَا بَعْدَ إِمْرَةِ الرَّيِّ، وكان من الشجاعة والجزم وَالرَّأْيِ بمكانٍ، وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ خُوَارَزْمَ وَبُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ، وَقَدْ كَانُوا كَفَرُوا وَنَقَضُوا، ثُمَّ افْتَتَحَ فَرْغَانَةَ وَالتُّرْكَ فِي سَنَةِ خمسٍ وَتِسْعِينَ. وَوَلِيَ خُرَاسَانَ عَشْرَ سِنِينَ. وَقَدْ سَمِعَ، مِنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَلَمَّا مَاتَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ نَزَعَ الطَّاعَةَ، فَلَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ النَّاسِ. وَكَانَ قُتَيْبَةُ قَدْ عَزَلَ وَكِيعَ بْنَ حَسَّانِ بْنِ قَيْسٍ الْغُدَانِيَّ عَنْ رِيَاسَةِ تَمِيمٍ، فَحَقَدَ عَلَيْهِ، وَسَعَى فِي تَأْلِيبِ الْجُنْدِ، ثُمَّ وَثَبَ عَلَى قُتَيْبَةَ فِي أَحَدَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَتَلُوهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ تسعٍٍ وَتِسْعِينَ، وَلَهُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً. وَقُتِلَ أَبُو صَالِحٍ، أَبُوهُ، مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَبَاهِلَةُ قَبِيلَةٌ منحطةٌ بَيْنَ الْعَرَبِ، كَمَا قِيلَ: وَمَا يَنْفَعُ الأَصْلُ مِنْ هاشمٍ ... إِذَا كَانَتِ النَّفْسُ مِنْ بَاهِلَهْ وَقَالَ آخَرُ: وَلَوْ قِيلَ لِلْكَلْبِ يَا بَاهِلِيُّ ... عَوَى الْكَلْبُ مِنْ لُؤْمِ هَذَا النَّسَبِ وَعَنْ قُتَيْبَةَ أَنَّهُ قَالَ لِهُرَيْرَةَ بْنِ مَسْرُوحٍ: أَيُّ رجلٍ أَنْتَ، لَوْ كَانَ أَخْوَالُكَ مِنْ غَيْرِ سَلُولَ فَلَوْ بَادَلْتَ بِهِمْ. قَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، بَادِلْ بِهِمْ مَنْ شِئْتَ وَجَنِّبْنِي بَاهِلَةَ. وَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ: أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ بَاهِلِيُّ وَأَنَّكَ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ؟ قال: أي والله بشرط أن لا تعلم أَهْلُ الْجَنَّةِ أَنِّي بَاهِلِيٌّ. وَيُرْوَى أَنَّ أَعْرَابِيًّا لَقِيَ آخَرَ فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ باهلة، فرثى له الأعرابي،

_ 1 انظر تاريخ الطبري "6/ 506" والكامل في التاريخ لابن الأثير "5/ 12" وسير أعلام النبلاء "4/ 410-411".

فَقَالَ: وَأَزِيدُكَ، إِنِّي لَسْتُ مِنْ صَمِيمِهِمْ بَلْ مِنْ مَوَالِيهِمْ، فَأَخَذَ الأَعْرَابِيُّ يُقَبِّلُ يَدَيْهِ وَيَقُولُ: مَا ابْتَلاكَ اللَّهُ بِهَذِهِ الرَّزِيَّةِ فِي الدُّنْيَا إِلا وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قُلْتُ: قُتَيْبَةُ لَمْ يَنَلْ مَا نَالَهُ بِالنَّسَبِ، بَلْ بِالشَّجَاعَةِ وَالرَّأْيِ وَالدَّهَاءِ وَالسَّعْدِ وَكَثْرَةِ الْفُتُوحَاتِ. 377- قُرَّةُ بْنُ شَرِيكِ بْنِ مَرْثَدِ1 بْنِ حَرَامٍ الْعَبْسِيُّ الْقِنَّسْرِينِيُّ، أَمِيرُ مِصْرَ مِنْ قِبَلِ الْوَلِيدِ، وَكَانَ ظَالِمًا فَاسِقًا جَبَّارًا. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: كَانَ خَلِيعًا، مَاتَ عَلَى إِمْرَةِ مِصْرَ فِي سَنَةِ ستٍ وَتِسْعِينَ، بَعْدَ أَنْ وَلِيَهَا سَبْعَ سِنِينَ، أَمَرَهُ الْوَلِيدُ بِبِنَاءِ جَامِعِ الْفُسْطَاطِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ، قَالَ: وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ إِذَا انْصَرَفَ الصُّنَّاعُ مِنْ بِنَاءِ الْجَامِعِ دَخَلَهُ فَدَعَا بِالْخَمْرِ وَالطَّبْلِ وَالْمِزْمَارِ وَيَقُولُ: لَنَا ليلٌ وَلَهُمْ نَهَارٌ، وَكَانَ مِنْ أَظْلَمِ خَلْقِ اللَّهِ. هَمَّتِ الإِبَاضِيَّةُ بِاغْتِيَالِهِ، وَتَبَايَعُوا عَلَى ذَلِكَ، فَعَلِمَ بِهِمْ، فَقَتَلَهُمْ. قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ وَغَيْرُهُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الْوَلِيدُ بِالشَّامِ، وَالْحَجَّاجُ بِالْعِرَاقِ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الْمُرِّيُّ بِالْحِجَازِ، وَقُرَّةُ بِمِصْرَ، امْتَلأَتِ الأرض والله جورًا. ويروى أن نعي الحجاج وَقُرَّةَ وَرَدا عَلَى الْوَلِيدِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنَّ قُرَّةَ عَاشَ بَعْدَ الْحَجَّاجِ سِتَّةَ أشهرٍ. 378- قَزَعَةُ بْنُ يَحْيَى2 أَبُو الْغَادِيَةِ -ح- البصري، مَوْلَى زِيَادِ ابْنِ أَبِيهِ، وَقِيلَ مَوْلَى غَيْرِهِ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَرَوَى عَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الْقَصِيرُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ كَثِيرَ الْحَجِّ، وَيَسْبِقُ الْحَجَّاجَ إِلَى مَكَّةَ فِي أَيَّامِ معاوية. وهو من الثقات.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "6/ 522" وسير أعلام النبلاء "4/ 409-410"، والبداية والنهاية "9/ 169". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 139" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 191-192" وتهذيب التهذيب "8/ 377".

379- قسامة بن زهير المازني -ت ن- البصري1. حَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ.. قُلْتُ: وَقَعَ حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي الْقَطِيعِيَّاتِ. 380- قَيْسُ بْنُ أَبِي حازم -ع- عَبْدُ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ2، وَيُقَالُ عَوْفُ بْنُ عبد الحارث الأحمسي البجلي، مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ. تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَيْسٌ فِي الطَّرِيقِ قَدْ قَدِمَ لِيُبَايِعَهُ، وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالزُّبَيْرِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَخَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَطَائِفَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَطَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَالأَعْمَشُ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعِيسَى بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ كُوفِيًّا عُثْمَانِيًّا، وَذَلِكَ نَادِرٌ. رَوَى حَفْصُ بْنُ سَلْمٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ -وَهُوَ متهمٌ واهٍ- عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قيسٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ مَعَ أَبِي، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ وَأَنَا ابْنُ سبعٍ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ. وَقَالَ جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ لأُبَايِعَهُ، فَجِئْتُ وَقَدْ قُبِضَ، وَأَبُو بَكْرٍ قائمٌ فِي مَقَامِهِ. كَانَ قَيْسٌ مَعَ خَالِدٍ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ من السماوة.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 152" والجرح والتعديل "7/ 147" وتهذيب التهذيب "2/ 162". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 67" وتاريخ أبي زرعة "1/ 656" والجرح التعديل "7/ 102".

وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: أَمَّنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْيَرْمُوكِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ تُرَوِّحُهُ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وشمٍ فِي ذِرَاعِهَا، فَقَالَ لِأَبِي: يَا أَبَا حَازِمٍ قَدْ أَجَزْتُ لَكَ فَرَسَكَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قيسٌ سَمِعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَسَعْدٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَطَلْحَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مَسْعُودٍ، وَجَرِيرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَكَانَ عُثْمَانِيًّا. وَرَوَى عَنْ بلال ولم يلقه. قال ابن عيينة: ما كان بالكوفة أروى من الصحابة منه. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى عَنْ تسعةٍ مِنَ الْعَشَرَةِ، لَمْ يَرْوِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ أَوْثَقُ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: ثنا قيس بن أبي حازم هذه الأصطوانة. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ كِلابِ الْحَوْأَبِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: أَمَّنَا قيسٌ كَذَا وَكَذَا، فَمَا رَأَيْتُهُ مُتَطَوِّعًا فِي مَسْجِدِنَا، وَكَانَ عُثْمَانِيًّا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي غَنِيَّةَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: كَبُرَ قيسٌ حَتَّى جَاوَزَ الْمِائَةَ بِسِنِينَ كثيرةٍ حَتَّى خَرِفَ وَذَهَبَ، فَاشْتَرَوْا لَهُ جَارِيَةً سَوْدَاءَ أَعْجَمِيَّةً فِي عُنُقِهَا قَلَائِدُ مِنْ عهنٍ وودعٍ وَأَجْرَاسٍ، فَجُعِلَتْ عِنْدَهُ، وَأُغْلِقَ عَلَيْهِمَا، فَكُنَّا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ، فَيَأْخُذُ تِلْكَ الْقَلائِدَ فَيُحَرِّكُهَا بِيَدِهِ وَيَضْحَكُ فِي وَجْهِهَا. قَالَ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ: قَالُوا: كَانَ يَحْمِلُ عَلَى عَلِيٍّ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ عُثْمَانَ، وَلِذَلِكَ تَجَنَّبَ كثيرٌ مِنْ قُدَمَاءِ الْكُوفِيِّينَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ. قَالَ الْهَيْثَمُ: مَاتَ فِي آخِرِ خِلافَةِ سُلَيْمَانَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَخَلِيفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وتسعين.

وَغَلَطَ الْفَلاسُ وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ. 381- قيس بن حبتر1 -د- النهشلي الكوفي. حَدَّثَ بِالْجَزِيرَةِ عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ بَذِيمَةَ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ، وَغَالِبُ بْنُ عُبَادَةَ. وَثَّقَهُ ن. 382- قَيْسُ بْنُ رَافِعٍ الأَشْجَعِيُّ الْقَيْسِيُّ الْمِصْرِيُّ2، أَحَدُ الْعُلَمَاءِ. روى عن: أبي هريرة، وابن عمر. وعنه: يزيد بن أبي حبيب، وعبد الكريم بن الحارث، والحسن بن ثوبان، وإبراهيم بن نشيط، وعياش بن عقبة. قال عبد الكريم بن الحارث عَنْ قَيْسٍ: ويلٌ لِمَنْ كَانَ دِينُهُ دُنْيَاهُ وَهَمُّهُ بَطْنُهُ. 383- قَيْسُ بْنُ كُلَيْبٍ الْحَضْرَمِيُّ3 حَاجِبُ الأُمَرَاءِ بِمِصْرَ. حَجَبَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعُتْبَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ بَعْدَهُ، ثُمَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، وَمُسْلِمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ، وَسَعِيدَ بْنَ مَخْلَدٍ، وَسَعِيدَ بْنَ مَخْلَدٍ، وَسَعِيدَ بْنَ يَزِيدَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَمٍ، وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ، وَعُمَرَ بْنَ مَرْوَانَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيُّ. وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ التِّسْعِينَ. "حرف الْكَافِ": 384- كُرَيْبُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ4 الْمَكِّيُّ -ع- مولى ابن عباس، كنيته أبو رشدين.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 207" والجرح والتعديل "7/ 95" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 148". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 96" والتاريخ الكبير "7/ 152" وتهذيب التهذيب "8/ 391". 3 انظر الولاة والقضاة للكندي "54". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 293" والجرح والتعديل "7/ 168" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 231".

أَدْرَكَ عُثْمَانَ، وَرَوَى عَنْ: زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَأُمِّ هَانِئٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ رِشْدِينُ، وَمُحَمَّدٌ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُحَمَّدٌ، وَمُوسَى بَنُو عُقْبَةَ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمَخْرَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَصَفْوَانُ بن سليم، وطائفة. وبعثته أُمُّ الْفَضْلِ وَالِدَةُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ رَسُولا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَضَعَ عِنْدَنَا كُرَيْبٌ حِمْلَ بعيرٍ -أَوْ عَدْلَ بعيرٍ- مِنْ كُتُبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فكان علي بن عبد الله ابن عَبَّاسٍ إِذَا أَرَادَ الْكِتَابَ كَتَبَ إِلَيْهِ: ابْعَثْ إلي بصحيفة كذا وكذا، قَالَ: فَنَنْسَخُهَا وَنَبْعَثُ إِلَيْهِ إِحْدَاهُمَا، رَوَاهَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْهُ. وَعَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَغَيْرِهِ: أَنَّ كُرَيْبًا تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وقد رأى عثمان -رضي الله عنهم. 385- كنانة بن نعيم العدوي1 -م د- البصري. رَوَى عَنْ: قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ، وَأَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ. رَوَى عَنْهُ: عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَهَارُونُ بْنُ رِيَابٍ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ. وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الرِّوَايَةَ. "حرف الْمِيمِ": 386- مالك بن أوس بن -ع- الحدثان أبو سعيد النصري المدني2.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 222" والجرح والتعديل "7/ 169" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 236". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 56-57" والجرح والتعديل "8/ 203" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 305".

أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ. وَرَأَى أَبَا بَكْرٍ، وَقِيلَ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَمْ يَصِحَّ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَالْعَبَّاسِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَابْنُ مُطْعِمٍ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، وَآخَرُونَ. وَحَضَرَ الْجَابِيَةَ وَبَيْتَ الْمَقْدِسِ مَعَ عُمَرَ، وَكَانَ عَرِّيفًا عَلَى قَوْمِهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ، وَكَانَ مِنْ أَفْصَحِ الْعَرَبِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ. قَالَ الْفَلاسُ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. وَنَقَلَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ ركب الْخَيْلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. 387- مَالِكُ بن الحارث -م د ن- السلمي1 الرقي ويقال: الكوفي. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بن ربيعة، وعلقمة. وعبد الله بن يزيد النخغيين. روى عنه: منصور، والأعمش. ووثقه ابن معين. وتوفي سنة أربعٍ وتسعين. 388- مالك بن مسمع أبو غسان2 الربعي من أشراف أهل البصرة وسادتهم. ذكره ابن عساكر وَقَالَ: وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وتسعين.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 294" والجرح والتعديل "8/ 207" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 307". 2 انظر تاريخ خليفة "258-259".

389- محمد بن أسامة بن زيد -ت- بن حارثة الكلبي1، ابْنُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مَدَنِيٌّ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ قُسَيْطٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ. 390- مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ شُرَحْبِيلَ2، أَبُو مُصْعَبٍ الْعَبْدَرِيُّ الْمَدَنِيُّ، عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: ابناه: مصعب، وإبراهيم، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ويزيد بن عيبد الله بن قسيط، وآخرون. له حديثٌ في كتاب الأدب للبخاري. 391- محمد بن جبير -ع- بن مطعم بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ3، أبو سعيد القرشي النوفلي المدني، أخو نافع. روى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ: جُبَيْرٌ، وَعُمَرُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَسَعِيدٌ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيَّانِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ قُرَيْشٍ وَأَشْرَافِهَا. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّ محمد بن جبير بن مطعم احتسب

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 246" والجرح والتعديل "7/ 205" والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 19-20". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 215-216" والتاريخ الكبير "1/ 50" وتهذيب التهذيب "9/ 83-84". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 205" والتاريخ الكبير لابن سعد "5/ 205" والجرح والتعديل "7/ 218".

بِعِلْمِهِ وَجَعَلَهُ فِي بيتٍ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابًا، وَدَفَعَ المفتاح إِلَى مولاةٍ لَهُ، وَقَالَ لَهَا: مَنْ جَاءَكِ يَطْلُبُ مِنْكِ مِمَّا فِي هَذَا الْبَيْتِ شَيْئًا فَادْفَعِي إِلَيْهِ الْمُفْتَاحَ، وَلا تُذْهِبِينَ مِنَ الْكُتُبِ شَيْئًا. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقِيلَ فِي خِلافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 392- مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1، أَبُو بَكْرٍ، وَيُقَالُ أَبُو عَامِرٍ. رَوَى عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلَّى فِي ثوبٍ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ وَفِيهِ: كَانَ مَا كَانَ، رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، أخبرني محمد بن أبي سُفْيَانَ، فَذَكَرَهُ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يُرِدْ هَوَانَ قريشٍ أَهَانَهُ اللَّهُ" 2. وَرَوَى الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ أَبِي عُمَرَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، سَمِعَ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ، عَنْ بِلالٍ فِي الأَذَانِ. 393- مُحَمَّدُ بْنُ عبد الرحمن -م- بن ثوبان القرشي العامري مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ3. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدٍ مَوْلَى الأَسْوَدِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَيَزِيدُ بن عبد الله بن قسيط، ويحيى ابن سعيد، وآخرون. وهو ثقة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 275" والتاريخ الكبير "1/ 103" وتهذيب التهذيب "9/ 192-193". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "3905" وأحمد "1/ 71، 176، 183" والحاكم "4/ 71" وانظر الصحيحة "3/ 173". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 312" والتاريخ الكبير "1/ 145" وتهذيب التهذيب "9/ 294".

394- محمد بن عبد الرحمن بن الحارث -م ن- بن هشام المخزومي أَخُو الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ1. رَوَى: عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ. وَهُوَ مُقِلّ لا يَكَادُ يُعْرَفُ. 395- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ -4- بْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ2. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ الأَسْوَدِ، وعم أبيه علقمة. روى عنه: الحسن بن عمرو الفقيمي، وزبيد اليامي، والحكم، ومنصور الأعمش، والأكابر. قال أبو زرعة: كان رفيع القدر من الجلة. وقال ابن معين: ثقة. 396- محمد بن عروة بن الزبير -ت- بن العوام، الَّذِي ضَرَبَهُ فرسٌ فَمَاتَ3. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ بَارِعَ الْجَمَالِ يُضْرَبُ بِحُسْنِهِ الْمَثَلُ. رَوَى عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ هِشَامٌ، وَالزُّهْرِيُّ. 397- محمد بن عمرو بن الحسن -خ م د ن- بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ المدني4.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 313" والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 145-146" وميزان الاعتدال "7/ ". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 298" والجرح والتعديل "7/ 321-322" والتاريخ الكبير "1/ 153". 3 انظرالجرح والتعديل "7/ 48" والتاريخ الكبير "16/ 201". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 29" والتاريخ الكبير "189-190".

رَوَى عَنْ: جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه: سعد بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، وأبو الجحاف داود بن أبي عوف. وثقه أبو زرعة الرازي، والنسائي. 398- محمد بن يوسف الثقفي أخو الحجاج. كان أمير اليمن1. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ خُشْكٍ، عَنْ حُجْرٍ الْمَدَرِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: كَيْفَ بِكَ إِذَا أُمِرْتَ أَنْ تَلْعَنَنِي؟ قُلْتُ: وكائنٌ ذَلِكَ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: الْعَنِّي وَلا تَبْرَأْ مِنِّي. قَالَ: فَأَمَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنْ يَلْعَنَ عَلِيًّا، فَقَالَ: إِنَّ الأَمِيرَ أَمَرَنِي أَنِ ألْعَنَ عَلِيًّا فَالْعَنُوهُ. لَعَنَهُ اللَّهُ، فَمَا فَطِنَ لَهَا إِلا رجلٌ. قُلْتُ: حُجْرٌ الْمَدَرِيُّ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: صَلَّيْتُ أَنَا وَطَاوُسٌ الْمَغْرِبَ خَلْفَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ طَاوُسٌ فَشَفَعَ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ. وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا غَشُومًا. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: الْوَلِيدُ بِالشَّامِ وَالْحَجَّاجُ بِالْعِرَاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بِالْيَمَنِ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ بِالْحِجَازِ، وَقُرَّةُ بْنُ شَرِيكٍ بِمِصْرَ، امْتَلأَتْ وَاللَّهِ الأَرْضُ جُورًا. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: مَاتَ بِالْيَمَنِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إحدى وتسعين. 399- محرر بن أبي هريرة -د ق- الدوسي اليماني2. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ عُمَرَ. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عقيل، والزهري، والمثنى بن الصباح. توفي في أيام عمر بن عبد العزيز.

_ 1 التاريخ للطبري "2/ 156-498" والكامل "1/ 458". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 188" والجرح والتعديل "8/ 408" والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 22".

400- محمود بن الربيع -ع- أَبُو سُرَاقَةَ1 بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ، أَبُو محمد، ويقال أبو نعيم، وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ بِنْتُ أَبِي صَعْصَعَةَ بْنِ زَيْدٍ النَّجَّارِيَّةُ الأَنْصَارِيَّةُ الْمَدَنِيَّةُ. عَقَلَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِهِ مِنْ بئرٍ فِي دَارِهِمْ وَلَهُ أَرْبَعُ سِنِينَ2. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعُتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. رَوَى عَنْهُ: رَجَاءُ بْنُ حَيَوَةَ، وَمَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ. قَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ وَغَيْرُهُ: هُوَ خَتَنُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، نَزَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ أَمَدٌ الْعِجْلِيُّ: ثقةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: اجْتَازَ بِدِمَشْقَ غَازِيًا إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَكَذَا ورخه علي بن عبد الله التميمي. وَقَالَ خَلِيفَةُ: سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. 401- مَحْمُودُ بْنُ عمرو -د ن- بن يزيد بن السكن الأنصاري المدني3. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ يَزِيدَ، وَعَمَّتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَحُصَيْنُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بن معاذ الأشهلي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 289" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 402" وأسد الغابة "5/ 116" وتهذيب التهذيب "10/ 63". 2 خبر صحيح: أخرجه البخاري "1/ 157" ومسلم "265". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 290" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 403".

402- محمود بن لبيد -م4- بْنِ عُقْبَةَ، أَبُو نُعَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ الأَشْهَلِيُّ الْمَدَنِيُّ1. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ أَحَادِيثَ، لَكِنَّ حُكْمَهَا الْإِرْسَالُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَقَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. رَوَى عَنْهُ: بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَانْقَرَضَ عقبه، وَفِي أَبِيهِ نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ فِيمَنْ لا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ أَسَنُّ مِنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ. تُوُفِّيَ ابْنُ لَبِيدٍ سَنَةَ سَبْعِ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ وتسعين. 403- مرقع بن صيفي -د ن ق- التميمي الأسدي الكوفي2. رَوَى عَنْ: عَمِّ أَبِيهِ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي الرَّبِيعِ الْكَاتِبِ، وَجَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَأَبِي ذَرٍّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عمر، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ. 404- مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ3 يُرْوَى أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ فِي خِلافَتِهِ كلامٌ، فقال: يابن اللَّخْنَاءِ، فَفَتَحَ مَرْوَانُ فَاهُ لِيُجِيبَهُ، فَأَمْسَكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِفِيهِ، وَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ، إِمَامُكَ وَأَخُوكَ وَلَهُ السِّنُّ، فَسَكَتَ، وَقَالَ: قَتَلْتَنِي وَاللَّهِ، قَالَ: كَلا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ، لَقَدْ رَدَدْتُ فِي جَوْفِي أَحَرَّ مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى حَتَّى مَاتَ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ سُلَيْمَانُ وَجْدًا شديدًا.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 77" والجرح والتعديل "8/ 289" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 402". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 418" وتهذيب التهذيب "10/ 88". 3 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 347".

405- مزاحم مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ أنْجَبَ مَوَالِيهِ، وَكَانَ بَرْبَرِيَّ الْجِنْسِ1. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سَعِيدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعُيَيْنَةُ أَبُو سُفْيَانَ الْهِلالِيُّ. وَكَانَ ذَا فَضْلٍ وَعِبَادَةٍ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَيْقَظَنِي لِشَأْنِي مُزَاحِمٌ، حَبَسْتُ رَجُلا فَكَلَّمَنِي فِي إِطْلاقِهِ، فَقُلْتُ: لا أُخْرِجُهُ، فَقَالَ: يا عُمَرُ، أُحَذِّرُكَ لَيْلَةَ تُمَخَّضُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَاللَّهِ لَقَدْ كِدْتُ أَنْ أَنْسَى اسْمَكَ مِمَّا أَسْمَعُ "قَالَ الأَمِيرُ، وَأَمَرَ الأَمِيرُ" فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أنى قَالَ ذَاكَ، فَكَأَنَّمَا كُشِفَ عَنِّي غطاءٌ، فَذَكِّرُوا أَنْفُسَكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ. قُلْتُ: قَالَ لَهُ هَذَا هو أميرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ الْخِلافَةِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِمُزَاحِمٍ مَوْلاهُ: قَدْ جَعَلْتُكَ عَيْنًا عَلَيَّ إِنْ رَأَيْتَ مِنِّي شَيْئًا فَعِظْنِي وَنَبِّهْنِي عَلَيْهِ. تُوُفّيَ مُزَاحِمٌ سَنَةَ مائة. 406- مسلم بن يسار2 -د ن ق د- أبو عبد الله البصري الفقيه الزاهد، مولى بني أمية، وقيل مولى طلحة ابن عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ. رَوَى عَنْ: عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَلَمْ يَلْقَهُ، وَعَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَأَبِيهِ يَسَارٍ. وَيُقَالُ: لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، وَأَيُّوبُ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَآخَرُونَ. قال ابن عون: كان لا يُفَضَّلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي زَمَانِهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً فَاضِلا عَابِدًا وَرِعًا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمَلَةَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ دِمَشْقَ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أبا عبد

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 405" والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 23" وتهذيب التهذيب "10/ 110". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 186-188" والجرح والتعديل "8/ 198" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 275".

اللَّهِ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ بِالْعِرَاقِ مَنْ هو أفضل منك أتانا بِهِ، فَقَالَ: كَيْفَ لَوْ رَأَيْتُمْ أَبَا قِلابَةَ الْجَرْمِيَّ. رَوَاهَا ضَمْرَةُ عَنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ يُعَدُّ خَامِسَ خمسةٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ كُنْتَ مُتَمَنِّيًا لَتَمَنَّيْتُ فِقْهَ الْحَسَنِ، وَوَرَعَ ابْنِ سِيرِينَ، وَصَوَابَ مُطَرِّفٍ، وَصَلاةَ مسلم ابن يَسَارٍ. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ هَذَا الْمَسْجِدَ وَمَا فِيهِ حلقةٌ تنسب إلى القفقه إِلا حَلَقَةَ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ إِذَا صَلَّى كَأَنَّهُ وتدٌ لا يَمِيلُ هَكَذَا وَلا هَكَذَا. وَقَالَ غَيْلانُ بْنُ جَرِيرٍ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ إِذَا صَلَّى كَأَنَّهُ ثوبٌ مُلْقَى. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ يَقُولُ لِأَهْلِهِ إِذَا دَخَلَ فِي صَلاتِهِ: تَحَدَّثُوا فَلَسْتُ أَسْمَعُ حَدِيثَكُمْ. وَجَاءَ أَنَّهُ وَقَعَ حريقٌ فِي دَارِهِ وأطفأوه، فَلَمَّا ذُكِرَ بِهِ بَعْدُ قَالَ: مَا شَعَرْتُ. رَوَاهَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، عَنْ مَعْدِيِّ بن سليمان. وقال هشام ابن عَمَّارٍ، وَغَيْرُهُ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، ثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ يَحُجُّ كُلَّ سنةٍ، وَيَحُجُّ مَعَهُ رِجَالٌ مِنْ إِخْوَانِهِ تَعَوَّدُوا ذَلِكَ، فَأَبْطَأَ عَامًا حَتَّى فَاتَتْ أَيَّامُ الْحَجِّ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: اخْرُجُوا، فَقَالُوا: كيف؟ قال: لا بد أَنْ تَخْرُجُوا، فَفَعَلُوا اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فَأَصَابَهُمْ حِينَ جَنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ إعصارٌ شَدِيدٌ حَتَّى كَادَ لا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَأَصْبَحُوا وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى جِبَالِ تِهَامَةَ، فَحَمِدُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: مَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ فِي الْكَلامِ فِي الْقَدَرِ: هُمَا وَادِيَانِ عَمِيقَانِ، يَسْلُكُ فِيهِمَا النَّاسُ، لَنْ يُدْرِكَ غَوْرَهُمَا، فَاعْمَلْ عَمَلَ رجلٍ تَعْلَمُ أَنَّهُ لا يُنْجِيكَ إِلا عَمَلُكَ، وَتَوَكَّلْ تَوَكُّلَ رجلٍ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَكَ إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكَ.

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: لَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ يَعْنِي نَوْبَةَ ابْنِ الأَشْعَثِ، خَفَّ مُسْلِمٌ فِيهَا، وَأَبْطَأَ الْحَسَنُ، وَارْتَفَعَ الْحَسَنُ وَاتَّضَعَ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِّيُّ: قِيلَ لابْنِ الأَشْعَثِ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُقْتَلُوا حَوْلَكَ كَمَا قُتِلُوا حَوْلَ جَمَلِ عَائِشَةَ، فَأَخْرِجْ مَعَكَ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ، فَأَخْرَجَهُ مُكْرَهًا. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ: قَالَ لِي مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: إِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ أَنِّي لَمْ أَضْرِبْ فِيهَا بِسَيْفٍ. قُلْتُ: فَكَيْفَ بِمَنْ رَآكَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ؟ فَقَالَ: هَذَا لا يُقَاتِلُ إِلا عَلَى حَقٍّ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَبَكَى وَاللَّهِ، حَتَّى وَدِدْتُ أَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ فَدَخَلْتُ فِيهَا. قَالَ أَيُّوبُ فِي الْقُرَّاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْهُمْ قُتِلَ إِلا رُغِبَ لَهُ عَنْ مَصْرَعِهِ أَوْ نَجَا إِلا نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ الْحَسَنُ، لَمَّا مَاتَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: وَامُعَلِّمَاهُ. قَالَ خَلِيفَةُ والفلاس. مات سنة مائة. وقال الهيثم: سنة إِحْدَى وَمِائَةٍ. قُلْتُ: لَهُ تَرْجَمَةٌ حَافِلَةٌ فِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ. وَمِنْ طَبَقَتِهِ: 407- مُسْلِمُ بْنُ يسار -د ت ق- المصري أبو عثمان الطنبذي1 رَضِيعُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَطُنْبُذُ مِنْ قُرَى مِصْرَ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. روى عنه: بكر بن عمرو المعافري، وأبو هانئ، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وجماعة. وهو صدوق. 408- مصدع أبو يحيى الأعرج2 -م- عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أبي طالب -إن

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 199" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 275-276" وسير أعلام النبلاء "4/ 514". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 429" والتاريخ الكبير "8/ 65" وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 118".

صَحَّ- وَعَنْ: عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. رَوَى عَنْهُ: سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ الْعَدَوِيُّ، وَهِلالُ بْنُ يَسَافٍ، وَعَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ، وَشِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ بْنِ السَّائِبِ، وَغَيْرُهُمْ. يُقَالُ لَهُ الْمُعَرْقَبُ. 409- مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1 بْنِ الشِّخِّيرِ -ع- ابْنِ عَوْفِ بْنِ كَعْبٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحرشي العامري البصري، أَحَدُ الْأَعْلَامِ. حَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِيهِ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَائِشَةَ، وَعِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ. رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ يَزِيدُ أَبُو الْعَلاءِ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَمُحَمَّدُ بن واسع، وثابت، والجريري، وغيلان ابن جَرِيرٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَأَبُو التَّيَّاحِ، وَآخَرُونَ، وَلَقِيَ أَبَا ذَرٍّ بِالشَّامِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: رَوَى عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعُثْمَانَ، وعلي، وكان ثقةً له فضل وورعٌ وَأَدَبٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ أَسَنَّ مِنَ الْحَسَنِ بِعِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: لَقِيتُ عَلِيًّا فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا بطَّأ بِكَ أَحُبُّ عثمانَ؟ ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذاك لَقَدْ كَانَ أَوْصَلَنَا لِلرَّحِمِ وَأَتْقَانَا لِلرَّبِّ. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: قَالَ مُطَرِّفٌ: لَقَدْ كَانَ خَوْفُ النَّارِ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ مُطَرِّفٌ: ما يسرني أني كذبن كذبةً واحدةً وأن لي الدنيا وَمَا فِيهَا. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَخَذَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 14-16" والجرح والتعديل "8/ 312" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 396-397".

وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ غيلان بْنِ جَرِيرٍ: إِنَّ مُطَرِّفًا كَانَ يَلْبَسُ الْمَطَارِفَ وَالْبَرَانِسَ وَالْمُوَشَّى، وَيَرْكَبُ الْخَيْلَ، وَيَغْشَى السَّلَاطِينَ، وَلَكِنَّهُ إِذَا أَفْضَيْتَ إِلَيْهِ أَفْضَيْتَ إِلَى قرة عينٍ. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ: أَتَى مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرُورِيَّةُ يَدْعُونَهُ إِلَى رَأْيِهِمْ فَقَالَ: يَا هَؤُلاءِ إِنَّهُ لَوْ كَانَ لِي نَفْسَانِ بَايَعْتُكُمْ بِإِحْدَاهِمَا وَأَمْسَكْتُ الأُخْرَى، فَإِنْ كَانَ الَّذِي تَقُولُونَ هُدًى أَتْبَعْتُهَا الأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ ضَلالَةً هَلَكَتْ نفسٌ وَبَقِيَتْ لِي نفسٌ، وَلَكِنْ هِيَ نفسٌ واحدةٌ فَلا أَغُرِّرُ بِهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ مُطَرِّفٌ: لِأَنْ أُعَافَى فَأَشْكُرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُبْتَلَى فَأَصْبِرَ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثنا عقيل الدروقي، ثنا يَزِيدُ قَالَ: كَانَ مُطَرِّفٌ يَبْدُو، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ جَاءَ لِيَشْهَدَ الْجُمُعَةَ، فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ سَطَعَ مِنْ رَأْسِ سَوْطِهِ نورٌ لَهُ شُعْبَتَانِ، فَقَالَ لابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ خَلْفَهُ: أَتُرَانِي لَوْ أَصْبَحْتُ فَحَدَّثْتُ النَّاسَ بِهَذَا كَانُوا يُصَدِّقُونِي؟ فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَهَبَ. وَرُوِيَ نَحْوُهَا مِنْ وجهٍ آخَرَ، عَنْ غُلامِ مُطَرِّفٍ، عَنْهُ. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ غَيْلانَ، قَالَ: أَقْبَلَ مُطَرِّفٌ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ إِذْ سَمِعَ فِي طَرَفِ سَوْطِهِ كَالتَّسْبِيحِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ مُطَرِّفٌ يَسِيرُ مَعَ صَاحِبٍ لَهُ، فَإِذَا طَرَفُ سَوْطِ أَحَدِهِمَا عِنْدَهُ ضَوْءٌ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: كَانَ مُطَرِّفٌ إِذَا دَخَلَ بَيْتِهِ سَبَّحَتْ مَعَهُ آنِيَةُ بَيْتِهِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُطَرِّفٍ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ شيءٌ، فَكَذِبَ عَلَى مُطَرِّفٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَعَجَّلَ اللَّهُ حَتْفَكَ، فَمَاتَ الرَّجُلُ مَكَانَهُ، وَاسْتَعْدَى أَهْلُهُ زِيَادًا عَلَى مُطَرِّفٍ، فَقَالَ: هَلْ ضَرَبَهُ؟ هَلْ مَسَّهُ؟ قَالُوا: لا. قَالَ: دَعْوَةُ رجلٍ صَالِحٍ وَافَقَتْ قَدَرًا. وَرُوِيَ نَحْوُهَا عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: كَانَ مُطَرِّفٌ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، قَالَ لرجلٍ: إِنْ كُنْتَ كَذِبْتَ فَأَرِنَا بِهِ، فَمَاتَ مكانه.

وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ غَيْلانَ قَالَ: كَانَ ابْنُ أَخِي مُطَرِّفٍ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ فَلَبِسَ مُطَرِّفٌ خُلْقَانَ ثِيَابِهِ، وَأَخَذَ عُكَّازًا وَقَالَ: أَسْتَكِينُ لِرَبِّي لَعَلَّهُ أَنْ يُشَفِّعَنِي فِي ابْنِ أَخِي. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: كَانَ مُطَرِّفٌ يَقُولُ لِإِخْوَانِهِ: إِذَا كَانَتْ لَكُمْ حَاجَةٌ فَاكْتُبُوهَا فِي رقعةٍ لِأَقْضِيَهَا لَكُمْ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى ذُلَّ السُّؤَالِ فِي الْوَجْهِ. قَالَ الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ بَعْدَ سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ستٍ وَثَمَانِينَ. قَالَ الْعِجْلِيُّ: لَمْ يَنْجُ مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ بِالْبَصْرَةِ إِلا مُطَرِّفٌ، وَابْنُ سِيرِينَ. 410- مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 بن عثمان -خ م ن- بن عبيد الله القرشي التيمي أَخُو عُثْمَانَ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَحُمْرَانَ بْنِ أبان، وَيُقَالُ إِنَّهُ أَدْرَكَ زَمَانَ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، وجماعة. 411- معاوية بن سبرة السوائي العامري -ع- أبو العبيدين الكوفي الأعمى2. عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَمُسْلِمٌ الْبَطِينُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَهُوَ مُقِلٌّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ، وَلَهُ في بخ. 412- معاوية بن سويد3 -ع- بن مقرن المزني الكوفي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 247" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 363-364" ولابن معين "2/ 572". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 378" وتاريخ أبي زرعة "1/ 480" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 329". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 378" والتاريخ الكبير "7/ 330" وتهذيب التهذيب "10/ 208".

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. روى عنه: سلمة بن كهيل، وأشعث بن أبي الشعثاء، وأبو السفر، وعمرو بن مرة. واسم أبي السفر سعيد بن محمد. 413- معاوية بن عبد الله -ن ق- بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي المدني1. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ. روى عنه: ابنه عبد الله، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والزهري، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وآخرون. وهو قليل الحديث نبيلٌ فاضل، وفد على يزيد بن معاوية وبقي إلى أَنْ وَفَدَ عَلَى ويزيد بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ صَدِيقًا لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ خَاصًّا بِهِ. وَذَكَرَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ أن معاوية وفى عن أبيه عبد الله بْنِ جَعْفَرٍ مِنَ الدُّيُونِ أَلْفَ أَلْفِ درهمٍ. 414- الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ2 -4- سَارَ فِي هَذَا الزَّمَانِ، بَلْ فِي سَنَةِ مِائَةٍ إِلَى غَزْوِ الْبَحْرِ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقِيلَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَحْرِ "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" 3. رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَغَيْرُهُ. 415- الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي شِهَابٍ الْمَخْزُومِيُّ4. قَرَأَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 377" والطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 329" وتهذيب التهذيب "10/ 212-213". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 219" والتاريخ الكبير "7/ 323" وميزان الاعتدال "4/ 159" وتهذيب التهذيب "10/ 257". 3 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "83" والنسائي "1/ 50، 176" والترمذي "69" وابن ماجه "386، 387، 388" وأحمد "2/ 237، 361". 4 انظر معرفة القراء للمصنف "1/ 48".

وَعَلَيْهِ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الدِّمَشْقِيُّ. نَقَلَ الْقَصَّاعُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَلَهُ تسعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. 416- الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ الْكُوفِيُّ1 -م د ن. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُقَيْلٍ الْيَشْكُرِيِّ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَالْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وَجَمَاعَةٌ. 417- مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ2 اللَّخْمِيُّ أَمِيرُ الْمَغْرِبِ، كَانَ مَوْلَى امرأة من لخم، وقيل مَوْلَى لِبَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ أَعْرَجَ. رَوَى عَنْ: تميم الدراي. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَيَزِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الْيَحْصُبِيُّ. وَشَهِدَ مَرْجَ رَاهِطٍ، وَوَلَّى غَزْوَ الْبَحْرِ لِمُعَاوِيَةَ، فَغَزَا جَزِيرَةَ قُبْرُسَ وَبَنَى هُنَاكَ حُصُونًا كالماغوصةَ وَحِصْنِ يَانِسَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا افْتِتَاحَهُ الأَنْدَلُسَ، وَجَرَتْ لَهُ عَجَائِبُ وأمورٌ طَوِيلَةٌ هَائِلَةٌ. وَقِيلَ انْتَهَى إِلَى آخِرِ حِصْنٍ مِنْ حُصُونِ الأَنْدَلُسِ، فَاجْتَمَعَ الرُّومُ لِحَرْبِهِ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ وقعةٌ مَهُولَةٌ، وَطَالَ الْقِتَالُ، وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ جَوْلَةً وَهَمُّوا بِالْهَزِيمَةِ، فَأَمَرَ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ بِسُرَادِقِهِ فَكَشَفَ عَنْ ثِيَابِهِ وَحُرَمِهِ حَتَّى يُرَوْنَ، وَبَرَزَ بَيْنَ الصُّفُوفِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالْبُكَاءِ، فَأَطَالَ، فَلَقَدْ كُسِرَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَغْمَادُ السُّيُوفِ، ثُمَّ فَتَحَ اللَّهُ وَنَزَلَ النَّصْرُ. قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَأَلَ مُوسَى بْنَ نُصَيْرٍ عَنْ أَعْجَبِ شَيْءٍ رَآهُ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ: انْتَهَيْنَا إِلَى جَزِيرَةٍ فِيهَا سِتَّ عَشْرَةَ جرةٍ خَضْرَاءَ، مَخْتُومَةً بِخَاتَمِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَأَمَرْتُ بِأَرْبَعَةٍ مِنْهَا، فأخرجت،

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 224" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 319" وتهذيب التهذيب "10/ 263". 2 انظر سير أعلام النبلاء "4/ 496" والبداية والنهاية "9/ 171".

وَأَمَرْتُ بِوَاحِدَةٍ فَنُقِبَتْ، فَإِذَا شيطان يَقُولُ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالنُّبُوَّةِ لا أَعُودُ بَعْدَهَا أُفسِدُ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ نَظَرَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَى بها سليمات وَلا مُلْكَهُ، فَانْسَاخَ فِي الأَرْضِ، فَذَهَبَ، فَأَمَرْتُ بِالْبَوَاقِي فَرُدَّتْ إِلَى مَكَانِهَا. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: إِنَّ مُوسَى بْنَ نُصَيْرٍ بَعَثَ ابْنَهُ مَرْوَانَ عَلَى جيشٍ، فَأَصَابَ مِنَ السَّبْيِ مِائَةَ ألفٍ، وَبَعَثَ ابْنَ أَخِيهِ فِي جيشٍ فَأَصَابَ مِنَ السَّبْيِ مِائَةَ ألفٍ أُخْرَى، فَقِيلَ لِلَّيْثِ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: الْبَرْبَرُ، فَلَمَّا جَاءَ كِتَابُهُ بِذَلِكَ، قَالَ النَّاسُ: إِنَّ ابْنَ نُصَيْرٍ وَاللَّهِ أَحْمَقُ، مِنْ أَيْنَ لَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفًا يَبْعَثُ بِهِمْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْخُمْسِ؟ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: لِيَبْعَثُوا مَنْ يَقْبِضُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا فَتَحُوا الأَنْدَلُسَ جَاءَ رجلٌ فَقَالَ: ابْعَثْ مَعِي أَدُلُّكَ عَلَى كنزٍ، فَبَعَثَ مَعَهُ فقال لهم: انزحوا ههنا، فَنَزَحُوا فَسَالَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ مَا أَبْهَتَهُمْ فَقَالُوا: لا يُصَدِّقُنَا مُوسَى، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ، فَجَاءَ وَنَظَرَ، قَالَ اللَّيْثُ: إِنْ كَانَتِ الطِّنْفَسَةُ لَتُوجَدُ مَنْسُوجَةً بِقُضْبَانِ الذَّهَبِ، تُنْظَمُ السِّلْسِلَةُ الذَّهَبِ بِاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ، فَكَانَ الْبَرْبَرِيَّانِ رُبَّمَا وَجَدَاهَا فَلا يَسْتَطِيعَانِ حَمْلَهَا حَتَّى يَأْتِيَا بِالْفَأْسِ فَيُقَسِّمَانَهَا. وَلَقَدْ سُمِعَ يَوْمَئِذٍ منادٍ يُنَادِي وَلا يَرَوْنَهُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ فُتِحَ عَلَيْكُمْ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ. وَقِيلَ: لَمَّا دَخَلَ مُوسَى إِفْرِيقِيَّةَ وَجَدَ أَكْثَرَ مُدُنِهَا خَالِيَةً لاخْتِلافِ أَيْدِي الْبَرْبَرِ عَلَيْهَا، وَكَانَتِ الْبِلادُ فِي قحطٍ، فَأَمَرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ وَالصَّلاةِ وَإِصْلاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الصَّحْرَاءِ وَمَعَهُ سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَوْلادِهَا، فَوَقَعَ الْبُكَاءُ وَالضَّجِيجُ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، ثُمَّ صَلَّى وَخَطَبَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَلِيدَ، فَقِيلَ لَهُ: أَلا تَدْعُو لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: هَذَا مقامٌ لا يُذْكَرُ فِيهِ إِلا اللَّهُ، فَسُقُوا حَتَّى رُوُوا وَأُغِيثُوا. قَالَ أَبُو شَبِيبٍ الصَّدَفِيُّ: لَمْ نَسْمَعْ فِي الإِسْلامِ بِمِثْلِ سَبَايَا مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ. وَقِيلَ: إِنَّ مُوسَى تَمَادَى فِي سَيْرِهِ بِأَرْضِ الأَنْدَلُسِ مُجَاهِدًا حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَرْضٍ تَمِيدُ بِأَهْلِهَا، فَقَالَ لَهُ جُنْدُهُ: إِلَى أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ تَذْهَبَ بِنَا، حَسْبُنَا مَا بِأَيْدِينَا فَرَجَعَ وَقَالَ: لو أطعتموني لوصلت إلى القسطنطينية. ولم افْتَتَحَ مُوسَى أَكْثَرَ الأَنْدَلُسِ رَجَعَ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ وَلَهُ نيفٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى بغلٍ اسْمُهُ كَوْكَبٌ وَهُوَ يَجُرُّ الدُّنْيَا بَيْنَ يَدَيْهِ جَرًّا، أَمَرَ بِالْعِجْلِ تَجُرُّ أَوْقَارَ الذَّهَبِ وَالْجَوَاهِرِ وَالتِّيجَانِ وَالثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ وَمَائِدَةِ سُلَيْمَانَ، ثُمَّ استخلف ولده

بأفريقية، وأخذ معه مائةً من رءوس الْبَرْبَرِ، وَمِائَةً وَعِشْرِينَ مِنَ الْمُلُوكِ وَأَوْلادِهِمْ، وَقَدِمَ مِصْرَ فِي أبهةٍ عَظِيمَةٍ، فَفَرَّقَ الأَمْوَالَ، وَوَصَلَ الأَشْرَافَ وَالْعُلَمَاءَ، ثُمَّ سَارَ يَطْلُبُ فِلَسْطِينَ، فَتَلَقَّاهُ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ، فَوَصَلَهُ بمبلغٍ كبيرٍ، وَتَرَكَ عِنْدَهُ بَعْضَ أَهْلِهِ وَخَدَمِهِ، فَأَتَاهُ كِتَابُ الْوَلِيدِ بِأَنَّهُ مَرِيضٌ، وَيَأْمُرُهُ بِشِدَّةِ السَّيْرِ لِيُدْرِكَهُ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يُبَطِّئُهُ فِي سَيْرِهِ فَإِنَّ الْوَلِيدَ فِي آخِرِ نفسٍ، فَجَدَّ فِي السَّيْرِ، فَآلَى سُلَيْمَانُ إِنْ ظَفِرَ بِهِ لَيَصْلُبَنَّهُ، وَأَرَادَ سُلَيْمَانُ أَنْ يُبْطِئَ لِيَتَسَلَّمَ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى، فَقَدِمَ قَبْلَ مَوْتِ الْوَلِيدِ بأيام، فأتاه بالدر والجوهر وَالنَّفَائِسِ وَمِلاحِ الْوَصَائِفِ وَالتِّيجَانِ وَالْمَائِدَةِ، فَقَبَضَ ذَلِكَ كله، وأمر بباقي الذهب وَالتَّقَادُمِ فَوُضِعَ بِبَيْتِ الْمَالِ، وَقُوِّمَتِ الْمَائِدَةُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ لِمُوسَى رِضَا الْوَلِيدِ، واستخلف سليمان فأحضره وعنفه وَأَمَرَ بِهِ فَوَقَفَ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرَّ؟ وَكَانَ سَمِينًا بَدِينًا؟ فَوَقَفَ حَتَّى سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاقِفٌ يَتَأَلَّمُ لَهُ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَفْصٍ مَا أَظُنُّ إِلا أَنَّنِي خَرَجْتُ مِنْ يَمِينِي، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَضَمَّهُ؟ فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ: أَنَا أَضَمُّهُ. قَالَ: فَضُمَّهُ إِلَيْكَ وَلا تضيق عَلَيْهِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ أَيَّامًا، وَتَوَسَّطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُلَيْمَانَ وَافْتُدِيَ مِنْهُ بِأَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَيُقَالُ: إن يزيد قَالَ لَهُ: كَمْ تَعُدُّ مِنْ مَوَالِيكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ؟ قَالَ: كَثِيرٌ. قَالَ يَزِيدُ: يَكُونُونَ أَلْفًا؟ قَالَ: وألف أَلْفٍ، وَقَالَ يَزِيدُ: وَأَنْتَ عَلَى هَذَا وَتُلْقِي بِيَدِكَ إِلَى التَّهْلُكَةِ، أَفَلا أَقَمْتَ فِي قَرَارِ عِزِّكَ وَسُلْطَانِكَ وَبَعَثْتَ بِالتَّقَادُمِ، فَإِنْ أعطيت الرضا، وإلا فائت عَلَى عِزِّكَ قَالَ: لَوْ أردت ذَلِكَ لَصَارَ، وَلَكِنِّي آثَرْتُ اللَّهَ وَلَمْ أَرَ الْخُرُوجَ، قَالَ يَزِيدُ: كُلُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ، أَرَادَ بِذَلِكَ قُدُومَهُ هو على الحجاج. وقال سُلَيْمَانُ يَوْمًا لِمُوسَى: مَا كنت تَفْزَعُ إِلَيْهِ عِنْدَ حَرْبِكَ؟ قَالَ: الدُّعَاءُ وَالصَّبْرُ، قَالَ: فَأَيُّ الْخَيْلِ رأيتها أصبر؟ قَالَ: الشُّقْرُ، قَالَ: فَأَيُّ الأُمَمِ أَشَدُّ قِتَالا؟ قَالَ: هُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَصِفَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الرُّومِ، قَالَ: أسدٌ فِي حُصُونِهِمْ، عقبانٌ عَلَى خُيُولِهِمْ، نساءٌ فِي مَرَاكِبِهِمْ، إِنْ رَأَوْا فُرْصَةً افْتَرَصُوهَا، وَإِنْ رَأَوْا غَلَبَةً فَأَوْعَالٌ تَذْهَبُ فِي الْجِبَالِ، لا يَرَوْنَ الهزيمة عارًا، قال: فأخبرني عن البربر، قال: هم أشبه العجم بالعرب لقاءً ونجدة وصبرًا وفروسيةً وشجاعةً، غير أنهم أغدر الناس، ولا وفاء لهم ولا عهد، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ الأَنْدَلُسِ، قَالَ: مُلُوكٌ مُتْرَفُونَ وَفُرْسَانٌ لا يَجْبُنُونَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الفرنج، قال: هناك العدد والجلد والشدة والبأس والنجدة، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ؟ قَالَ: أَمَّا هَذَا فَوَاللَّهِ مَا هُزِمَتْ لِي رايةٌ قَطُّ، وَلا بُدِّدَ

جَمْعِي، وَلا نُكِبَ الْمُسْلِمُونَ مَعِي مُنْذُ اقْتَحَمْتُ الأَرْبَعِينَ إِلَى أَنْ بَلَغْتُ الثَّمَانِينَ، ثُمّ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ بَعَثْتُ لِأَخِيكَ الْوَلِيدِ بتورٍ مِنْ زبرجدٍ أَخْضَرَ كَانَ يُجْعَلُ فِيهِ اللَّبَنُ حَتَّى يُرَى فِيهِ الشَّعْرَةُ الْبَيْضَاءُ، ثُمَّ جَعَلَ يُعَدِّدُ مَا أَصَابَ مِنَ الْجَوْهَرِ وَالزَّبَرْجَدِ حَتَّى بُهِتَ سُلَيْمَانُ وَتَعَجَّبَ. وَبَلَغَنَا أَنَّ النُّصَيْرِيَّ مِنْ وَلَدِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ قَالَ: دَخَلَ مُوسَى مَعَ مَرْوَانَ مِصْرَ، فَتَرَكَهُ مَعَ ابْنِهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، ثُمَّ كَانَ مَعَ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ وَزِيرًا بِالْعِرَاقِ. وَقَالَ الْفَسَوِيُّ: وَلِيَ مُوسَى إِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ تسعٍ وَسَبْعِينَ، فَافْتَتَحَ بِلادًا كَثِيرَةً، وَكَانَ ذَا حزمٍ وَتَدْبِيرٍ. وَذَكَرَ النُّصَيْرِيُّ أَنَّ مُوسَى بْنَ نُصَيْرٍ قَالَ يَوْمًا: أَمَا وَاللَّهِ لَوِ انْقَادَ النَّاسُ إِلَيَّ لَقُدْتُهُمْ حَتَّى أُوقِفَهُمْ عَلَى رُومِيَّةَ ثُمَّ لَيَفْتَحَنَّهَا اللَّهُ عَلَى يَدَيَّ إن شاء الله. ولم قَدِمَ مِصْرَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ تَوَجَّهَ إِلَى الْوَلِيدِ، فَلَمَّا جَلَسَ الْوَلِيدُ يَوْمَ جمعةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ أَتَى مُوسَى وَقَدْ أَلْبَسَ ثَلاثِينَ رَجُلا التِّيجَانَ، عَلَى كُلِّ واحدٍ تَاجُ الْمَلِكِ وَثِيَابُهُ، وَدَخَلَ بِهِمُ الْمَسْجِدَ فِي هَيْئَةِ الْمُلُوكِ، فَلَمَّا رَآهُمُ الْوَلِيدُ، بُهِتَ ثُمَّ حمد اللَّهَ وَشَكَرَ، وَهُمْ وُقُوفٌ تَحْتَ الْمِنْبَرِ، وَأَجَازَ مُوسَى بجائزةٍ عَظِيمَةٍ، وَأَقَامَ مُوسَى بِدِمَشْقَ حَتَّى مَاتَ الْوَلِيدُ وَاسْتُخْلِفَ سُلَيْمَانُ، وَكَانَ عَاتِبًا عَلَى مُوسَى، وَحَبَسَهُ وَطَالَبَهُ بِأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، ثُمَّ حَجَّ سُلَيْمَانُ وَمَعَهُ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ، فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ. وَقِيلَ: مَاتَ بِوَادِي الْقُرَى. وَقِيلَ: لَمْ يُسْمَعْ فِي الإِسْلامِ بِمِثْلِ سَبَايَا مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ وَكَثْرَتِهِمْ. وَرُوِيَ أَنَّ مُوسَى قَالَ لِسُلَيْمَانَ يَوْمًا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ كَانَتِ الشِّيَاهُ الأَلْفُ تُبَاعُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَمُرُّ النَّاسُ بِالْبَقَرَةِ لا يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهَا، وتباع الناقة بعشرة دَرَاهِمَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْعِلْجَ الْفَارِهَ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلادَهُ يُبَاعُونَ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا. 418- مَيْسَرَةُ أَبُو صَالِحٍ الْكُوفِيُّ -د ن- مَوْلَى كِنْدَةَ1. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ، وَشَهِدَ قِتَالَ الْخَوَارِجِ مع علي.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 223" والجرح والتعديل "8/ 252" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 374".

وَعَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَهِلالُ بْنُ خَبَّابٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. "حرف النُّونِ": 419- نَاعِمُ بْنُ أُجَيْلٍ -م ن- مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. هَمْدَانِيُّ النَّسَبِ، أَصَابَهُ سِبَاءٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ1. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَعْبِ بْنِ عَدِيٍّ. وَعَنْهُ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَانِئٍ الأَعْرَجُ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالْحَارِثُ بْنُ يزيد، وغيرهم. 420- نافع بن جبير ابن مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيُّ الْنَّوْفَلِيُّ الْمَدَنِيُّ2، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ. روى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَالْعَبَّاسِ، وَالزُّبَيْرِ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَعَائِشَةَ، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: حَكِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنْ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: أَصْحَابُ زيدٍ الَّذِينَ كَانُوا يَأْخُذُونَ عَنْهُ وَيُفْتُونَ بِفَتْوَاهُ مِنْهُمْ مَنْ لَقِيَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَلْقَهُ، وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلا، فَذَكَرَ مِنْهُمْ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِرَاشٍ: كَانَ ثِقَةً أَحَدَ الأَئِمَّةِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَحُجُّ مَاشِيًا وَرَاحِلَتُهُ تُقَادُ مَعَهُ، وَكَانَ مِنَ الْفُصَحَاءِ الأَلْبَاءِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ: إِنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ لِنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَذَكَرَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَهُوَ الَّذِي قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، لَيْتَنِي ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، قَالَ: أراد الله بك خيرًا مما

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 508" والتاريخ الكبير "8/ 125" وتهذيب التهذيب "10/ 403". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 205" والجرح والتعديل "8/ 451" والتاريخ الكبير "8/ 82-83" وتهذيب التهذيب "10/ 404-4015".

أَرَدْتَ بِنَفْسِكَ، قَالَ: صَدَقْتَ، ثُمَّ قَالَ الْحَجَّاجُ: عُمَرُ الَّذِي يَقُولُ: سَيَكُونُ لِلنَّاسِ نفرةٌ مِنْ سُلْطَانِهِمْ، أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ يُدْرِكَنِي وَإِيَّاكُمْ ذَلِكَ أَهْوَاءٌ مُتَّبَعَةٌ، وَمَا كَانَ عَلَى عُمَرَ لَوْ أَدْرَكَ ذَلِكَ، فَقَالَ بِالسَّيْفِ هَكَذَا وَهَكَذا، وَقَالَ نَافِعٌ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ مِنْ خَيْرِ الأُمَرَاءِ؟ قَالَ: صَدَقْتَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ: رَأَيْتُ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. وَرَوَى مَعْنٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ مَرْبُوطَةٌ أَسْنَانُهُ بِخِرْصَانِ الذَّهَبِ. وَقِيلَ: غَزَا الدَّيْلَمَ زَمَنَ الْحَجَّاجِ. تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، قَالَهُ غَيْرُ واحد. 421- نافع بن عباس -ع- أبو عياش مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ1. رَوَى عَنْ: مَوْلاهُ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بن أفلج، وَالزُّهْرِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ. وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. 422- نافع بن عجير بن عبد يزيد -د- بن هاشم بن المطلب المطلبي2. عَنْ: عَمِّهِ رُكَانَةَ، وَأَبِيهِ عَلِيٍّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُطَّلِبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَوَلَدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 423- النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ3 -سوى د- أبو سلمة الأنصاري الزرقي المدني، فَاضِلٌ نَبِيلٌ. رَوَى عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وجابر، وخولة بنت عامر.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "5/ 304" والجرح والتعديل "8/ 454" والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 83". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 454" والتاريخ الكبير "8/ 84" وتهذيب التهذيب "10/ 408". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 445" والتاريخ الكبير "8/ 77" وتهذيب التهذيب "10/ 455".

رَوَى عَنْهُ: سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَسُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَعَبْدُ اللَّهِ الْمَاجِشُونُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَابْنِ عَجْلانَ. "حرف الْهَاءِ": 424- هَانِئُ بْنُ كُلْثُومَ1 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيُّ، وَيُقَالُ: الْكِنْدِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ. أَرَادَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى إِمْرَةِ فِلَسْطِينَ فَأَبَى عَلَيْهِ. رَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَمَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ دَهْقَانَ، وَأُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ شَرِيفًا جَلِيلا عَابِدًا مُجَاهِدًا غَازِيًا. تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 425- هِلالُ بْنُ يساف أبو الحسن2 -م4- الأشجعي مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ، مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. رَوَى: عَنْ أبي الدرداء، وسعيد بن زيد مرسلًا، وعن: عائشة، وعمران بن حصين، وسويد بن مقرن، وسمرة بن جندب، والبراء بن عازب، وعن طائفة من التابعين. وروى عنه: حصين بن عبد الرحمن، وعبدة بن أبي لبابة، ومنصور، والأعمش، وسعيد بن مسروق الثوري، وآخرون. وثقه ابن معين وغيره. 426- هنيدة بن خالد -د ن- الخزاعي3 ويقال النخعي. كانت أمه تحت عمر بن الخطاب.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 101" والتاريخ الكبير "8/ 230" وتهذيب التهذيب "11/ 22". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 72" والتاريخ الكبير "8/ 200" وتهذيب التهذيب "11/ 86، 87". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 120" والتاريخ الكبير "8/ 248" وتهذيب التهذيب "11/ 73".

رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَحَفْصَةَ، وَعَائِشَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَالْحُرُّ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الْعَدَوِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 427- الْهَيْثَمُ بْنُ شفي1 أبو الحصين -د ن ق- الرعيني الحجري المصري. يَرْوِي عَنْ: أَبِي عَامِرٍ الْحُجَرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي رَيْحَانَةَ. رَوَى عَنْهُ: عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ، وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٌ الْيَزَنِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. قَالَ: الدَّارَقُطْنِيُّ: وَشَفِيٌّ بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ، وَغَلَطَ مَنْ ضَمَّهُ. "حرف الْوَاوِ": 428- واسع بن حبان2 بن منقذ -ع- بن عمرو الأنصاري المدني. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ الأَنْصَارِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ حِبَّانُ، وَابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ. 429- الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ3 بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَبُو الْعَبَّاسِ الأُمَوِيُّ، اسْتُخْلِفَ بعهدٍ مِنْ أَبِيهِ بَعْدَهُ. قَالَ الْعُتْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ: كَانَ دَمِيمًا، إِذَا مَشَى تَبَخْتَرَ فِي مِشْيَتِهِ، وَكَانَ أَبَوَاهُ يُتْرِفَانَهُ، فَشَبَّ بِلا أَدَبٍ، وَكَانَ سَائِلَ الأَنْفِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: كَانَ الْوَلِيدُ طَوِيلا أَسْمَرَ، بِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ، وَبِمُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ شمطٌ لَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلا لِحْيَتِهِ غيره، أفطس.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 79-80" والتاريخ الكبير "8/ 212-213" وميزان الاعتدال "9/ 79". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 48" والتاريخ الكبير "8/ 190" وتهذيب التهذيب "11/ 102". 3 انظر فوات الوفيات "4/ 254-255" والبداية والنهاية "9/ 70/ 161".

وَرَوَى ابْنُ يَحْيَى الْغَسَّانِيّ أَنَّ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وهو مهموم، فقال: فكرت فيما أُوَلِّيهِ أَمْرَ الْعَرَبِ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقُلْتُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنِ الْوَلِيدِ؟ قَالَ: إِنَّهُ لا يُحْسِنُ النَّحْوَ. قَالَ: فَقَالَ لِي: رُحْ إِلَيَّ الْعَشِيَّةَ فَإِنِّي سَأُظْهِرُ كَآبَةً، فَسَلْنِي، قَالَ: فَرُحْتُ إِلَيْهِ، وَالْوَلِيدُ عِنْدَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لا يسوءك اللَّهُ مَا هَذِهِ الْكَآبَةِ؟ قَالَ: فَكَّرْتُ فِيمَنْ أُوَلِّيهِ أَمْرَ الْعَرَبِ، فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ رَيْحَانَةِ قريشٍ وَسَيِّدِهَا الْوَلِيدِ فقال لِي: يَا أَبَا زِنْبَاعٍ إِنَّهُ لا يَلِي الْعَرَبَ إِلا مَنْ تَكَلَّمَ بِكَلامِهِمْ. قَالَ: فَسَمِعَهَا الْوَلِيدُ، فَقَامَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَجَمَعَ أَصْحَابَ النَّحْوِ، وَجَلَسَ مَعَهُمْ فِي بَيْتٍ وَطَيَّنَ عَلَيْهِ سِتَّةَ أشهرٍ، ثُمَّ خرج وَهُوَ أَجْهَلُ مِمَّا كَانَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ أُعْذِرَ. وَقَدْ غَزَا الْوَلِيدُ أَرْضَ الرُّومِ فِي خِلافَةِ أَبِيهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ سَنَةَ ثمانٍ وَسَبْعِينَ. وَرَوَى الْعُتْبِيّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ أَوْصَى بَنِيهِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأُمُورٍ، ثُمّ قَالَ لِلْوَلِيدِ: لا أُلْفِيَنَّكَ إِذَا مِتُّ تَعْصُرُ عَيْنَيْكَ وَتَحِنُّ حَنِينَ الأَمَةِ، وَلَكِنْ شَمِّرْ وَائْتَزِرْ وَالْبَسْ جِلْدَ نمرٍ وَدَلِّنِي فِي حُفْرَتِي وَخَلِّنِي وَشَأْنِي، ثُمَّ ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَمَنْ قَالَ هَكَذَا، فَقُلْ بِالسَّيْفِ هَكَذَا. وَبُويِعَ الْوَلِيدُ فِي شَوَّالٍ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيّ عَنْ كَثِيرٍ أَبِي الْفَضْلِ الطُّفَاوِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ صَلَّى الْجُمُعَةَ وَالشَّمْسُ عَلَى الشُّرَفِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ. قُلْتُ: كَثِيرٌ هُوَ ابْنُ يَسَارٍ، بَصْرِيٌّ. رَوَى عَنْهُ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، وَجَمَاعَةٌ. لَمْ يضعف، وَبَنُو أُمَيَّةَ مَعْرُوفُونَ بِتَأْخِيرِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا. وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: قَالَ لِي الْوَلِيدُ: كَيْفَ أَنْتَ وَالْقُرْآنُ؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْتِمُهُ فِي كُلِّ جُمَعَةٍ، قُلْتُ: فَأَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: وَكَيْفَ مَعَ الأَشْغَالِ، قُلْتُ: عَلَى ذَاكَ، قَالَ: فِي كُلِّ ثَلاثٍ. قَالَ عَلِيٌّ: فذكرت ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ فَقَالَ: كَانَ يَخْتِمُ فِي رَمَضَانَ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً.

وَقَالَ ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي عَبْلَةَ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ الْوَلِيدَ وَأَيْنَ مِثْلُ الْوَلِيدِ، افْتَتَحَ الْهِنْدَ والأندلس وَبَنَى مَسْجِدَ دِمَشْقَ، وَكَانَ يُعْطِينِي قِصَاعَ الْفِضَّةِ أُقَسِّمُهَا عَلَى قُرَّاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنَ الْبَابِ الأَصْغَرِ، فَوَجَدَ رَجُلا عِنْدَ الْحَائِطِ عِنْدَ الْمِئْذَنَةِ الشَّرْقِيَّةِ يَأْكُلُ وَحْدَهُ، فَجَاءَ فَوَقَفَ عَلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا هُوَ يَأْكُلُ خُبْزًا وَتُرَابًا، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ انْفَرَدْتَ مِنَ النَّاسِ قَالَ: أَحْبَبْتُ الْوِحْدَةَ، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَكْلِ التُّرَابِ، أَمَا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مَا يُجْرَى عَلَيْكَ قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ رَأَيْتُ الْقُنُوعَ، قَالَ: فَرَدَّ الْوَلِيدُ إِلَى مَجْلِسِهِ ثُمَّ أَحْضَرَهُ، فَقَالَ: إِنَّ لَكَ لَخَبَرًا لَتُخْبِرْنِي بِهِ وَإِلا ضَرَبْتُ مَا فِيهِ عَيْنَاكَ، قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ جَمَّالًا وَمَعِي ثَلاثَةُ أَجْمَالٍ مُوقَرَةٌ طَعَامًا حَتَّى أَتَيْتُ مَرْجَ الصُّفَّرِ فَقَعَدْتُ فِي خربةٍ أَبُولُ فَرَأَيْتُ الْبَوْلَ يَنْصَبُّ فِي شِقٍّ، فَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى كَشَفْتُهُ، فَإِذَا غطاء عَلَى حَفِيرٍ، فَنَزَلْتُ، فَإِذَا مَالٌ صبيبٌ، فَأَنَخْتُ رَوَاحِلِي وَأَفْرَغْتُ أَعْكَامِي، ثُمَّ أَوْقَرْتُهَا ذَهَبًا وَغَطَّيْتُ الْمَوْضِعَ، فَلَمَّا سِرْتُ غَيْرَ يَسِيرٍ وَجَدْتُ مَعِي مِخْلاةً فِيهَا طَعَامٌ، فَقُلْتُ: أَنَا أَنْزِلُ الْكُسْوَةَ فَفَرَّغْتُهَا وَرَجَعْتُ لِأَمْلأَهَا فَخَفِيَ عَنِّي الْمَوْضِعُ، وَأَتْعَبَنِي الطَّلَبُ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْجِمَالِ فَلَمْ أَجِدْهَا، وَلَمْ أَجِدِ الطَّعَامَ، فَآلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَلا آكُلَ شَيْئًا إِلا الْخُبْزَ بِالتُّرَابِ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: كَمْ لَكَ مِنَ الْعِيَالِ؟ فَذَكَرَ عِيَالا. قَالَ: يُجْرَى عَلَيْكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلا تُسْتَعْمَلْ فِي شَيْءٍ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمَحْرُومُ. قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَذُكِرَ لَنَا أَنَّ الإِبِلَ جَاءَتْ إِلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَأَنَاخَتْ عِنْدَهُ، فَأَخَذَهَا أَمِينُ الْوَلِيدِ فَطَرَحَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، قَالَهُ الْكِنَانِيُّ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ الْغِلابِيُّ: ثنا نُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: لَوْلا أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ آلَ لوطٍ فِي الْقُرْآنِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا. وَقَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: ثنا أَبُو عِكْرِمَةَ الضَّبِّيُّ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحافة: 27] ، وَتَحْتَ الْمِنْبَرِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: وَدِدْتُهَا وَاللَّهِ. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: كَانَ الْوَلِيدُ لَحَّانًا كَأَنِّي أَسْمَعُهُ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: يَا أهل الْمَدِينَةِ.

قُلْتُ: وَكَانَ الْوَلِيدُ جَبَّارًا ظَالِمًا، لَكِنَّهُ أَقَامَ الْجِهَادَ فِي أَيَّامِهِ، وَفُتِحَتْ فِي خِلافَتِهِ فُتُوحَاتٌ عَظِيمَةٌ كَمَا ذَكَرْنَا. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ قَالَ: لَمَّا وَلانِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ خُرَاسَانَ وَدَّعَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لِي: يَا يَزِيدَ اتَّقِ اللَّهَ، إِنِّي حِينَ وَضَعْتُ الْوَلِيدَ فِي لَحْدِهِ إِذَا هُوَ يَرْكُضُ فِي أَكْفَانِهِ، يَعْنِي ضَرَبَ الأَرْضَ برجله. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: هَلَكَ الْوَلِيدُ بِدَيْرِ مُرَّانَ فَحُمِلَ عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ فَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: عَاشَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ سَنَةً. قُلْتُ: كَانَتْ خِلافَتُهُ تِسْعَ سِنِينَ وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، وَبَلَغَنَا أَنَّ الْبَشِيرَ لَمَّا جَاءَ الْوَلِيدَ بِفَتْحِ الأَنْدَلُسِ جَاءَهُ أَيْضًا بشيرٌ بِفَتْحِ مدينةٍ مِنْ خُرَاسَانَ، قَالَ الْخَادِمُ: فَأَعْلَمْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَسَجَدَ لِلَّهِ طَوِيلًا وَحَمِدَهُ وَبَكَى. وَقِيلَ: كَانَ يَخْتِنُ الْأَيْتَامَ وَيُرَتِّبُ لَهُمُ الْمُؤَدِّبِينَ وَيُرَتِّبُ لِلزَّمْنَى مَنْ يَخْدُمُهُمْ وَلِلأَضِرَّاءِ مَنْ يَقُودُهُمْ مِنْ رَقِيقِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَمَّرَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَسَّعَهُ، وَرَزَقَ الْفُقَهَاءَ وَالْفُقَرَاءَ وَالضُّعَفَاءَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهُمْ سُؤَالَ النَّاسِ، وَفَرَضَ لَهُمْ مَا يكفيهم وضبط الأموال أَتَمَّ ضبطٍ. "حرف الْيَاءِ": 430- يُحَنَّسُ بْنُ أَبِي موسى -م ن- المدني مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ1. رَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَرْسَلَ عَنْ عُمَرَ، وَالزُّبَيْرِ. روى عنه: قطن بن وهب، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وغيرهم. وثقه النسائي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 313" والتاريخ الكبير "8/ 427" وتهذيب التهذيب "11/ 174".

431- يحيى بن سعيد بن العاص1 -م- الأموي المدني أَخُو عُمَرَ، والأشدق، وعنبسة، وعبد اللَّه. لَمَّا قَتَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَخَاهُمْ عَمْرًا سَيَّرَهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ. رَوَى هَذَا عَنْ: أَبِيهِ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ. روى عنه: الربيع بن سبرة، والزهري. 432- يحيى بن عمارة2 -ع- بن أبي حسن الأنصاري المازني المدني. عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، وَأَبُو طُوَالَةَ عَبْدُ اللَّهِ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 433- يَحْيَى بْنُ يعمر3 العدواني البصري -ع- أبو سليمان، ويقال: أبو عدي، قَاضِي مَرْوَ أَيَّامَ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، وَقَتَادَةُ، وَيَحْيَى بْنُ عُقَيْلٍ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ نَقَطَ الْمُصْحَفَ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُصَحَاءِ أَخَذَ الْعَرَبِيَّةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ قد نفاه، فقبله قتيبة، وولاه القضاء بخراسان، فكان إذا انتقل من بلدٍ إلى بلد استخلف على القضاء بها. ثم إن قتيبة عزله لما بلغه عنه شرب المنصف.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 238" والجرح والتعديل "9/ 149" والتاريخ الكبير "8/ 275". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 175" والتاريخ الكبير "8/ 295" وتهذيب التهذيب "11/ 259". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 368" والجرح والتعديل "9/ 196" والتاريخ الكبير "8/ 311-312".

وقال الداني: روى عنه القراءة عرضا عبد الله بن أبي إسحاق، وأبو عمرو ابن العلاء. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَنْبَأَ عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فُطَيْمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ: قال عثمان -رضي الله عنهم: فِي الْقُرْآنِ لحنٌ سَتُقِيمُهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ قَبْلَ التِّسْعِينَ. 434- يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ1 سنة 153. 435- يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ2 ابْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ بِشْرٍ الثَّقَفِيِّ الْبَصْرِيِّ الشَّاعِرِ. حَدَّثَ عَنْ: عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ. رَوَى عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ. وَفِي الْأَغَانِي بإسنادٍ ضَعِيفٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ دَعَا يَزِيدَ بْنَ الْحَكَمِ الثَّقَفِيَّ فَوَلاهُ كُوَرَ فَارِسٍ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ عَهْدَهُ بِهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ لِيُوَدِّعَهُ اسْتَنْشَدَهُ، فَأَنْشَدَهُ قَوْلَهُ يَفْتَخِرُ: وَأَبِي الَّذِي صَلَبَ ابْنَ كِسْرَى راية ... بيضاء تخفق كالعقاب الطائر فغضب الحجاج وَعَزَلَهُ، فَقَالَ فِي الْحَجَّاجِ: فَوَرِثْتُ جَدِّي مَجْدَهُ وَنَوَالَهُ ... وَوَرِثْتَ جَدَّكَ أَعْنُزًا بِالطَّائِفِ ثُمَّ لَحِقَ بِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَامْتَدَحَهُ فَوَصَلَهُ وَجَعَلَ لَهُ فِي السَّنَةِ عِشْرِينَ أَلْفًا. وَمِنْ شِعْرِهِ: شريت الصبا والجهل بالحلم والتقى ... وراجعت عقلي والحليم يراجع أبى الشيب والإسلام أن أتبع الهوى ... وفي الشيب والإسلام للمرء وازع 436- يزيد بْنُ طَرِيفٍ الْبَجَلِيُّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَ: تُوُفِّيَ أَخِي عُثْمَانُ بن طريف أيام الجماجم،

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 299" والجرح والتعديل "9/ 193" والتاريخ الكبير "8/ 308" وسير أعلام النبلاء "4/ 379-382". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 257" وسير أعلام النبلاء "4/ 519-520".

فَلَمَّا دُفِنَ وَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى قَبْرِهِ، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ أَخِي أعرفه ضَعِيفًا يَقُولُ: اللَّهُ رَبِّي، قَالَ الآخَرُ: فَمَا دِينُكَ؟ قَالَ: الإِسْلامُ ديني. 437- يزيد بن عبد الرحمن1 الأودي -د ق- الكوفي، جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: ابْنَاهُ إِدْرِيسُ، وَدَاوُدُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ الْعَطَّارُ. 438- يَزِيدُ مولى المنبعث2 المدني -ع- عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. 439- يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ3 الْمَدَنِيُّ -م د ت ن- كَانَ رَأْسَ الْمَوَالِي يَوْمَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه: قيس بن سعد المكي، والزهري، والحارث بن عبد الرحمن ابن أبي ذباب، وآخرون. وثق. 440- يسير بن عمرو -خ م ن- وَيُقَالُ: يُسَيْرُ بْنُ جَابِرٍ4، وَيُقَالُ: أُسَيْرٌ، يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَقِيلَ: رُؤْيَةٌ، وَهُوَ أَشْبَهُ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَسَلْمَانَ. وعنه: زرارة بن أوفى، وأبو قتادة العدوي، وأبو نضرة العبدي، وأبو إسحاق السيباني. يقال: ولد في حدود عام بدر.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 234" والجرح والتعديل "9/ 277" وتهذيب التهذيب "11/ 345". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 299" والتاريخ الكبير "8/ 362-363" وتهذيب التهذيب "11/ 375". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 284" والجرح والتعديل "9/ 293-294" والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 367-368". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 146-147" والجرح والتعديل "9/ 307-308" والتاريخ الكبير "8/ 422".

قال العوام بن حوشب: مات سنة خمسٍ وثمانين. 441- يعقوب بن عاصم1 بن عروة -م د ن- بن مسعود الثقفي الطائفي. عَنِ: الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَيْكَةَ، وَغَيْرُهُمْ. 422- يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سلام -ع- ابْنِ الْحَارِثِ، أَبُو يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ حَلِيفُ الأَنْصَارِ2. سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ3، وَلَهُ رؤيةٌ وروايةٌ حَدِيثَيْنِ حُكْمُهُمَا الْإِرْسَالُ. وَرَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعِيسَى بْنُ مَعْقِلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الأَعْوَرُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعَوْنُ بن عبد الله، ويحيى ابن أَبِي الْهَيْثَمِ الْعَطَّارُ، وَغَيْرُهُمْ. وَشَهِدَ مَوْتَ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِدِمَشْقَ. قَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ الأَعْوَرِ، عَنْ يُوسُفَ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَ كِسْرَةً فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً وَقَالَ: "هَذِهِ إِدَامُ هَذِهِ". فَأَكَلَهَا4. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الْخَامِسَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ: يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ وَلَدِ يُوسُفَ نَبِيِّ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَكَانَ ثِقَةً وَلَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ. وَقَالَ ابن أبي حاتم: له رؤية.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 211" والتاريخ الكبير "8/ 388" وتهذيب التهذيب "11/ 389". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 225" والتاريخ الكبير "8/ 371" وأسد الغابة "3/ 264". 3 إسناده صحيح: أخرجه البخاري في الأدب "838" وأحمد في المسند "4/ 35، 6/ 6". 4 إسناده ضعيف: أخرجه أبو داود "3830" في إسناده مجهول وهو يزيد بن أبي أمية الأعور.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: إِنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 443- يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ أَبُو غلاب -ع- الباهلي البصري1. حَكَى صَلاةَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ بِأَصْبَهَانَ، وَرَوَى عَنْ: جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَحَطَّانَ الرَّقَاشِيِّ. وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ عَوْنٍ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. روى أَنَّهُ أَوْصَى أَنَّ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. "الْكُنَى": 444- أَبُو الأَشْعَثِ الصنعاني الدمشقي2 -م4- أصح ما قيل: إن اسْمَهُ شَرَاحِيلُ بْنُ آدَةَ. رَوَى عَنْ: عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَثَوْبَانَ، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، وَأَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ. وَعَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ يَمَانِيٌّ نَزَلَ دِمَشْقَ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَعَلَّهُ مِنْ صَنْعَاءِ دِمَشْقَ. 445- أَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ3 -م4- قَالَ ابْنُ زَبْرٍ: وَالرَّحْبَةُ قريةٌ رَأَيْتُهَا عَامِرَةً بينها وبين دمشق ميل.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 236-237" والتاريخ الكبير "8/ 401-402" وتهذيب التهذيب "11/ 436". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 373" والطبقات الكبرى "5/ 536" وسير أعلام النبلاء "4/ 357". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 259" والتاريخ الكبير "9/ 5" وسير أعلام النبلاء "4/ 491".

اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ مَرْثَدٍ، وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ أَسْمَاءَ. رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَعَنْ ثَوْبَانَ، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، وَأَبُو سَلامٍ مَمْطُورٌ، وَشَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، وَأَبُو قِلابَةَ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَيَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. 446- أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سهل1 بن حنيف -ع- الأنصاري الأوسي المدني، واسمه أسعد، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِالْكُنْيَةِ، وَسُمِّيَ بِجَدِّهِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ النَّقِيبِ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَآهُ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ الأَشَجِّ، وَابْنَاهُ: مُحَمَّدٌ، وَسَهْلٌ. وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ. قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ: رَأَيْتُهُ وَقَدْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ وَكَانَ مِنْ عِلِّيَّةِ الأَنْصَارِ وَعُلَمَائِهِمْ وَمِنْ أَبْنَاءِ الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا. وَحَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَكِيمُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: كَتَبَ مَعِي عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "اللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لا مَوْلَى لَهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لا وَارِثَ لَهُ" 2. وَقَالَ يوسف الْمَاجِشُونِ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: آخِرُ خرجةٍ خَرَجَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ حَصَبَهُ النَّاسُ، فَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاةِ، فَصَلَّى لِلنَّاسِ يومئذٍ أَبُو أمامة بن سهل بن حنيف.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "5/ 72" والجرح والتعديل "2/ 344" والتاريخ الكبير "2/ 63". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "2103" وابن ماجه "2737" وأحمد "1/ 218، 46" وابن ماجه "2227".

قَالُوا: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. 447- أَبُو بَحْرِيَّةَ هُوَ عبد الله -ع- بن فيس1 الْكِنْدِيُّ التَّرَاغِمِيُّ الْحِمْصِيُّ. شَهِدَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ، وروى عن: معاذ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَيَزِيدُ بْنُ قُطَيْبٍ، وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَابْنُهُ بَحْرِيَّةُ، وَأَبُو ظَبْيَةَ الْكَلاعِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ. وكان فاضلًا ناسكًا مجاهدًا. روى عَنِ الْوَاقِدِيّ أَنَّ عُثْمَان كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَة أَنْ أغْزِ الصَّائِفَةَ رَجُلا مَأْمُونًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، رَفِيقًا بِسِيَاسَتِهِمْ، فَعَقَدَ لأَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْد اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ -وَكَانَ نَاسِكًا فَقِيهًا يُحْمَلُ عَنْهُ الْحَدِيثُ- حَتَّى مَاتَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ وَخُلَفَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ تُعَظِّمُهُ. 448 أَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ2 بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَجَدَّتِهِ الشِّفَاءِ، وأبي هريرة، وابن عمر. روى عنه: محمد بن إبراهيم التيمي، والزهري، وصالح بن كيسان، ويزيد بن عبد الله بن قسيط. وقد روى له البخاري مقرونا بآخر. 449- أبو بكر بن عبد الرحمن -ع- ابن الحارث3 بن هشام بن المغيرة المخزومي الفقيه. أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. الأصح أَنَّ اسْمَهُ كُنْيَتُهُ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، وله عدة إخوة هو أجلهم.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "7/ 442" والجرح والتعديل "5/ 138" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 171". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 223" والجرح والتعديل "9/ 431" والتاريخ الكبير "9/ 13" وتهذيب التهذيب "12/ 25". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 207" والجرح والتعديل "9/ 336" والتاريخ الكبير للبخاري "9/ 9" وحلية الأولياء "2/ 187".

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُطِيعٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسُمَيٌّ مَوْلاهُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ أَخِيهِ، مُحَمَّدٍ، وَخَلْقٌ مِنْهُمْ أَيْضًا ابْنَاهُ عُمَرُ، وَسَلَمَةُ، وَأَشْهَرُ أَوْلادِهِ عَبْدُ اللَّهِ شَيْخُ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي، وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ. قَالَ الزُّبَيْرُ: وَكَانَ يُسَمَّى الرَّاهِبُ، وَكَانَ مِنْ سَادَةِ قُرَيْشٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وُلِدَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ رَاهِبُ قُرَيْشٍ لِكَثْرَةِ صَلاتِهِ، وَكَانَ مَكْفُوفًا. وَقَالَ سُلَيْمٌ وَغَيْرُهُ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ فَقِيهًا ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَاقِلا سخيًا. وقال هشام ابن عُرْوَةَ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ كِسَاءَ خَزٍّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ مُكْرِمًا لِأَبِي بَكْرٍ مُجِلا لَهُ، يَقُولُ: إِنِّي لأهم بِالشَّيْءِ أَفْعَلُهُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ لِسُوءِ أَثَرِهِمْ عِنْدَنَا، فَأَذْكُرُ أبا بكر بن عبد الرحمن، فأستحيي مِنْهُ، وأدع ذَلِكَ الأَمْرَ لَهُ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَالْبُخَارِيُّ: سَنَةَ أربعٍ. 450- أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ1 بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيُّ. كَانَ أَسَنَّ مِنْ عُمَرَ أَخِيهِ لِأَبَوَيْهِ، وكان خيرًا فاضلًا، له ابنان: بالحكم وَمَرْوَانُ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. 451- أَبُو تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيُّ اسْمُهُ طَرِيفُ بْنُ مجالد2. من فضلاء أهل البصرة. تقدم.

_ 1 تاريخ الرسل والملوك "6/ 414". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 152" والجرح والتعديل "4/ 492" والتاريخ الكبير "4/ 355-356".

قَالَ الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. 452- أَبُو جميلة الطهوي -د ن ق- الكوفي1 صاحب راية علي -رضي الله عنهم. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ. وعنه: ابنه عبد الله، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وعطاء بن السائب، وجماعة. اسمه ميسرة بن يعقوب. وثقه ابن حبان. 453- أبو حازم الأشجعي -ع- الكوفي2 اسمه سلمان مَوْلَى عَزَّةَ الأَشْجَعِيَّةِ. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَكْثَرَ، وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَفُرَاتُ الْقَزَّازُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وَفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، وَنُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. وَتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ جَالَسَ أَبَا هريرة خمس سنين. 454- أبو خالد الوالبي3 الكوفي -د ت ق- اسمه هرمز، ويقال هرم. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وعنه: منصور، والأعمش، وفطر بن خليفة. 455- أبو رافع الصائغ4 المدني -ع- ثم البصري مَوْلَى آلِ عُمَرَ، اسْمُهُ نُفَيْعٌ، يُقَالُ إِنَّهُ أدرك الجاهلية.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 252" والتاريخ الكبير "7/ 347" وتهذيب التهذيب "10/ 387". 2 انظر الطبقات الكبرى "6/ 294" والجرح والتعديل "4/ 397" والتاريخ الكبير "4/ 137". 3 انظر التاريخ لابن معين "2/ 702" ولأبي زرعة "1/ 294" وتهذيب التهذيب "12/ 83". 4 انظر الطبقات الكبرى "7/ 122" والجرح والتعديل "8/ 489" وسير أعلام النبلاء "4/ 414-415".

وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وأبي موسى، وأبي هريرة، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وجماعة سواهم. روى عنه: الحسن البصري، وبكر المزني، وقتادة، وعلي بن زيد جدعان، وعطاء بن أبي ميمونة، وآخرون. وثقه أحمد العجلي وغيره. وقال أبو حاتم: ليس به بأس. وقال ثابت البناني: لما أعتق بكى، وَقَالَ: كَانَ لِي أجران فذهب أحدهما. 456- أبو رزين1 -م- اسمه مسعود بن مالك الأسدي الكوفي. رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وعمرو بن أم كلثوم، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ فَقِيهًا مُسِنًّا. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: ضُرِبَتْ رَقَبَتُهُ عَلَى مَنَارَةِ جَامِعِ الْبَصْرَةِ، وَرُمِيَ بِرَأْسِهِ. 457- أبو الزاهرية -م د ن ق- حدير بن كريب الحمصي2. سَمِع: أَبَا أُمَامَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ، وَجُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحُذَيْفَةَ، وَجَمَاعَةٌ مُرْسَلا. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ، وَالأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى فِي تاريخه: زعموا أَنَّهُ أَدْرَكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَكَانَ أُمِّيًّا لا يكتب. وثقه ابن معين وغيره.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 284" والتاريخ الكبير "7/ 423" وتهذيب التهذيب "10/ 118". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 295" والتاريخ الكبير "3/ 98" وسير أعلام النبلاء "5/ 193".

قَالَ قُتَيْبَةُ: ثنا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَغْفَيْتُ فِي صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَجَاءَتِ السَّدَنَةُ فَأَغْلَقُوا عَلَيَّ الْبَابَ، فَمَا انْتَبَهْتُ إِلا بِتَسْبِيحِ الْمَلائِكَةِ، فَوَثَبْتُ مَذْعُورًا، فَإِذَا الْمَكَانُ مَصْفُوفٌ. فَدَخَلْتُ مَعَهُمْ فِي الصَّفِّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: فِي إِمْرَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَأَمَّا ابْنُ سَعْدٍ وَخَلِيفَةُ فَقَالا: سَنَةَ تسعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 458- أَبُو زرعة بن عمرو -ع- بْن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ1. اسْمُهُ فيما قيل: هرم وَقِيلَ: اسْمُهُ بِاسْمِ أَبِيهِ، فَإِنَّ أَبَاهُ مَاتَ فِي حَيَاةِ جَدِّهِ وَكَفَلَهُ جَدُّهُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ رَأَى عَلِيًّا. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَخَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: عَمُّهُ إِبْرَاهِيمُ، وَحَفِيدَاهُ جَرِيرٌ، وَيَحْيَى ابْنَا أَيُّوبَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ الْبَجَلِيُّ، وَالْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ، وَعُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، وَمُوسَى الْجُهَنِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ، ويحيى ين سَعِيدٍ التَّيْمِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلًا شَرِيفًا كثير الْعِلْمِ، وَفَدَ مَعَ جَدِّهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ. 459- أَبُو ساسان -م د ت ق- اسْمُهُ حُضَيْنُ2 بْنُ الْمُنْذِرِ الرَّقَاشِيُّ الْبَصْرِيُّ، وَيُكَنَّى أيضًا بأبي محمد. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَالْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ، وَابْنُهُ يَحْيَى بْنُ حُضَيْنٍ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ قَدْ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ ثُمَّ نَزَلَ مَرْوَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَكَانَ قُتَيْبَةُ بْنُ مسلم يستشيره في أموره.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 297" والتاريخ الكبير "8/ 243" وسير أعلام النبلاء "5/ 8". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 155" والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 128" والجرح والتعديل "3/ 311-312".

وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ حَامِلَ رَايَةِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّينَ. وَرَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ صَاحِبَ شُرْطَةِ عَلِيٍّ. وَعَنِ الْمَازِنِيِّ قَالَ: قِيلَ لِحُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ: بِمَ سُدْتَ قَوْمَكَ؟ قَالَ: بِحَسَبٍ لا يُطْعَنُ فِيهِ، ورأيٍ لا يُسْتَغنَى عَنْهُ، وَمِنْ تَمَامِ السُّؤْدُدِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ ثَقِيلَ السَّمْعِ، عَظِيمَ الرَّأْسِ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ: كَانَ مِنْ سَادَاتِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ يَبْخَلُ، وَفِيهِ يَقُولُ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم: لِمَنْ رايةٌ سَوْدَاءُ يَخْفِقُ ظِلُّهَا إِذَا قِيلَ قَدِّمْهَا حُضَيْنُ تَقَدَّما قَالَ: ثُمَّ وَلاهُ إِصْطَخْرَ. وَفِيهِ يَقُولُ زِيَادٌ الْأَعْجَمُ: يَسُدُّ حُضَيْنُ بَابَهُ خَشْيَةَ الْقِرَى ... بِإِصْطَخْرَ وَالشَّاةُ السَّمِينُ بِدِرْهَمٍ وَعَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَذُكِرَ الْحُضَيْنُ فَقَالَ: هُوَ بَاقِعَةُ الْعَرَبِ وَدَاهِيَةُ النَّاسِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: أَدْرَكَ خِلافَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: توفي سنة سبع وتسعين. 460- أبو سخلية1 عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ. وَسَلْمَانَ. وَعَنْهُ: الْخِضْرُ بْنُ الْقَوَّاسِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ، وَفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ. وَلَهُ فِي مُسْنَدِ عَلِيٍّ. 461- أبو سعيد المقبري -ع- كيسان2 مَوْلَى الْجُنْدَعِيِّينَ، كَانَ يَنْزِلُ الْمَقَابِرَ بِالْمَدِينَةِ، وَيُقَالُ لَهُ صَاحِبُ الْعَبَاءِ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بن عامر، وعبد الله بن وديعة، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سَعِيدٌ، وَحَفِيدُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ. تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التابعين وثقاتهم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 388" وتهذيب التهذيب "12/ 105". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 85" والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 234-235" والجرح والتعديل "7/ 166".

462- أبو سعيد مولى المهري -م د ت ن- مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ1. رَوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ، إِنْ صَحَّ، وَعَنْ: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: ابْنَاهُ سَعِيدٌ، وَيَزِيدُ، وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الحضرمي. 463- أَبُو سُفْيَانَ -ع- مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيُّ2. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، وَخَالِدُ بْنُ رَبَاحٍ، وَغَيْرُهُمَا. اسْمُهُ: قَزْمَانُ، وَقِيلَ: وَهْبٌ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، ثِقَةٌ. 464- أبو سلمة بن عبد الرحمن -ع- ابن عوف3 الزهري المدني الفقيه. قَالَ مَالِكٌ: اسْمُهُ كُنْيَتُهُ، وَقِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَقِيلَ إِسْمَاعِيلُ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُثْمَانَ، وَأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي أسيد الساعدي، وَأَبِي هريرة، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، وَطَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَكَانَ يُنَاظِرُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَيُمَارِيهِ، فَحُرِمَ بِذَلِكَ كَثِيرًا مِنْ عِلْمِهِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ. وَرَوَى عَنْهُ: سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَابْنُ أَخِيهِ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَابْنُهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سعيد الأنصاري، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو سَلَمَةَ: زَمَنَ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: أَنَا أَفْقَهُ مَنْ بَالَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي المبارك. رواها ابن عيينة عنه.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 377" والتاريخ الكبير للبخاري "9/ 35" وتهذيب التهذيب "12/ 111-112". 2 انظر طبقات ابن سعد "5/ 307". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 155-157" والجرح والتعديل "5/ 93-94" والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 130".

وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ: كَانَ أَبُو سَلَمَةَ مَعَ قومٍ، فَرَأَوْا قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِكَ أَنْ أَكُونَ خَلِيفَةً فَاسْقِنَا مِنْ لَبَنِهَا، فَانْتَهَى إِلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ تيوسٌ كُلُّهَا. وَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ مَرَّةً، وَهُوَ حدثٌ: إِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ الْفَرُّوجِ يَسْمَعُ الدِّيَكَةَ تَصِيحُ فَيَصِيحُ. وَكَانَ إِمَامًا حُجَّةً، وَاسِعَ الْعِلْمَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَدْرَكْتُ أَرْبَعَةً بُحُورًا: عُرْوَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَدِمَ أَبُو سَلَمَةَ الْكُوفَةَ، فَكَانَ يَمْشِي بَيْنِي وَبَيْنَ رجلٍ، فَسُئِلَ عَنْ أَعْلَمِ مَنْ بَقِيَ، فَتَمَنَّعَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: رجلٌ بَيْنَكُمَا. وَقَالَ ابْنُ مَهِينٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: سَنَةَ ثلاثٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ. 465- أَبُو الشعثاء -ع- جابر1 بن زيد الأزدي اليحمدي، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ الْخَوْفِيُّ. وَالْخَوْفُ نَاحِيَةٌ مِنْ عُمَانَ. كَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَقَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ. قَالَ عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ نَزَلُوا عِنْدَ قَوْلِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ لأَوْسَعَهُمْ عِلْمًا عَمَّا فِي كِتَابِ اللَّهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ وَفِيكُمْ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: كَانَتْ لِأَبِي الشَّعْثَاءِ حَلْقَةٌ فِي جَامِعِ الْبَصْرَةِ يُفْتِي فِيهَا قَبْلَ الْحَسَنِ، وَكَانَ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْعِبَادَةِ. وَكَانُوا يُفَضِّلُونَ الْحَسَنَ عَلَيْهِ، حَتَّى خَفَّ الحسن في أمر ابن الأشعث.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 197-182" والجرح والتعديل "2/ 494-495" والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 204".

وَقَالَ أَيُّوبُ: رَأَيْتُ أَبَا الشَّعْثَاءِ وَكَانَ لَبِيبًا. وَقَالَ قَتَادَةُ يَوْمَ مَوْتِهِ: الْيَوْمَ دُفِنَ عِلْمُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، أَوْ قَالَ: عَالِمُ الْعِرَاقِ. وَعَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَمُفْتِيهِمْ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ. وَقَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ: لَوِ ابتليت بِالْقَضَاءِ لَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي وَهَرَبْتُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْفَلَّاسُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَنَةَ ثلاثٍ ومائة. 466- أبو صالح الحنفي -م د ن- الكوفي، اسمه عبد الرحمن بن قيس عَلَى الصَّحِيحِ1. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: اسْمُهُ مَاهَانُ. عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَبُو عَوْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الصَّقَفِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وثقه ابن معين. 467- أبو الضحى مسلم -ع- بن صبيح الكوفي العطار2، مَوْلَى هَمْدَانَ. رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاس، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوقٍ. رَوَى عَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَأَبُو يَعْفُورٍ عبد الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَعَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 468- أبو الطفيل3 -ع- عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو الليثي الكناني. آخِرُ مِنْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا بِالإِجْمَاعِ، وَكَانَ مِنْ شِيعَةِ علي.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "2/ 615" والجرح والتعديل "5/ 276-277" وسير أعلام النبلاء "5/ 38". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 288" والجرح والتعديل "8/ 186" والتاريخ الكبير "7/ 264". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 457" والجرح والتعديل "6/ 328" والتاريخ الكبير "6/ 446".

رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتِلامَهُ الرُّكْنَ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَسَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وَمَعْرُوفُ بْنُ خَرْبُوذَ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ. قَالَ مَعْرُوفٌ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا غلامٌ شَابٌّ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: دَخَلَ أَبُو الطُّفَيْلِ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ: مَا أَبْقَى لَكَ الدَّهْرُ مِنْ ثُكْلِكَ عَلِيًّا قَالَ: ثُكْلُ الْعَجُوزُ الْمِقْلاتُ وَالشَّيْخُ الرَّقُوبُ، قَالَ: فَكَيْفَ حُبُّكَ لَهُ؟ قَالَ: حُبُّ أُمِّ مُوسَى لِمُوسَى، وَإِلَى اللَّهِ أَشْكُو التَّقْصِيرَ. كَانَ أَبُو الطُّفَيْلِ مِنْ أَعْوَانِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وَحَضَرَ مَعَهُ حُرُوبَهُ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ أَوْ نَحْوَهَا. قَالَ: وَيُقَالُ: سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْتُ مِنْ حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَانِ سِنِينَ2. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ثنا مُوسَى، ثنا مُبَارَكٌ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ بِمَكَّةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كُنْتُ بِمَكَّةَ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ، فَرَأَيْتُ جِنَازَةً فَسَأَلْتُ عَنْهَا، فَقَالُوا: هَذَا أَبُو الطُّفَيْلِ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِثُبُوتِ إِسْنَادِهِ وَهُوَ مطابقٌ لما قبله. 469- أبو ظبيان3 -ع- الْجَنْبِيُّ الْكُوفِيُّ، حُصَيْنُ بْنُ جُنْدُبِ بْنِ عَمْرِو بن الحارث.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه مسلم "1275" وأبو داود "1879" وابن ماجه "2949". 2 انظر طبقات ابن سعد "6/ 64" والترمذي "1/ 152" والإصابة "4/ 113-114". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 112-117" والجرح والتعديل "3/ 510" والتاريخ الكبير "3/ 326 رقم 1103".

رَوَى عَنْ: حُذَيْفَةَ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَعَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَرِيرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ قَابُوسُ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالأَعْمَشُ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. 470- أَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ -ع- مَوْلَى امرأة1 مِنْ بَنِي رِيَاحِ بْنِ يَرْبُوعَ، حَيَّ مِنْ تَمِيمٍ. أَحَدَ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ وَأَئِمَّتِهَا، اسْمُهُ رَفِيعُ بْنُ مِهْرَانَ. أَسْلَمَ فِي إمْرَةِ الصِّدِّيقِ وَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَصَلَّى خَلْفَ عُمَرَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي موسى، وَأَبِي أيوب الأنصاري، وَابْنِ عباس. قال الدّاني: أخذ القراءة عَرْضَا عَنْ أُبَيِّ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَيُقَالُ: قَرَأَ عَلَى عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: الْقِرَاءَةَ عَرْضًا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ، وَالأَعْمَشُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ. قُلْتُ: وَجَمَاعَةٌ. وَيُقَالُ: قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَ عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَبُو خَلْدَةَ خُلْدُ بْنُ دِينَارٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ الْخُرَاسَانِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَثَابِتٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ. قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ بَعْدَ وَفَاةِ نَبِيِّكُمْ بِعَشْرِ سِنِينَ. وَقَالَ خَالِدٌ أَبُو الْمُهَاجِرِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ مَعَ أَبِي ذَرٍّ. وَقَالَ مُعْتمِرٌ وَغَيْرُهُ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو الْعَالِيَةِ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى عُمَرَ ثلاثَ مِرَارٍ. وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ يَقُولُ: كُنَّا عَبِيدًا مَمْلُوكِينَ، منا من يؤدي

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 224-241" والجرح والتعديل "3/ 190" والتاريخ الكبير "3/ 2-3".

الضَّرَائِبَ، وَمِنَّا مَنْ يَخْدُمُ أَهْلَهُ، فَكُنَّا نختم كُلَّ لَيْلَةٍ، فَشُقَّ عَلَيْنَا، حَتَّى شَكَا بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، فَلَقِيَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَّمُونَا أَنْ نَخْتِمَ كلَّ جمعةٍ، فَصَلَّيْنَا وَنِمْنَا وَلَمْ يشق عَلَيْنَا. وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: ذُكِرَ الْحَسَنُ لِأَبِي الْعَالِيَةَ فَقَالَ: رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَدْرَكَنَا الْخَيْرُ، وَتَعَلَّمْنَا قَبْلَ أَنْ يُولَدَ الْحَسَنُ، وَكُنْتُ آتِي ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ، فُيُجْلِسُنِي عَلَى السَّرِيرِ، وقريشٌ أَسْفَلُ، فَتَغَامَزَتْ قريشٌ بِي، فَقَالَتْ: يُرْفَعُ هَذَا الْعَبْدُ عَلَى السَّرِيرِ ففطن بهم، فقال: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ يَزِيدُ الشَّرِيفَ شَرَفًا، وَيُجْلِسُ الْمَمْلُوكَ عَلَى الأَسِرَّةِ. وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: كَانَ أَشْبَهَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عِلْمًا بِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَبُو الْعَالِيَةِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: كُنْتُ أَرْحَلُ إِلَى الرَّجُلِ مَسِيرَةَ أَيَّامٍ لِأَسْمَعَ مِنْهُ، فَأَتَفَقَّدُ صَلاتَهُ، فَإِنْ وجدته يُحْسِنُهَا أَقَمْتُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَجِدْهُ يُضَيِّعُهَا رَحَلْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَقُلْتُ: هُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ: حَابَيْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ فِي ثوبٍ فَأَبَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنِّي. وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: لَمَّا كَانَ زَمَانُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ وَإِنِّي لَشَابٌّ الْقِتَالُ أَحَبُّ إلي مِنَ الْطَّعَامِ الطَّيِّبِ، فَتَجَهَّزْتُ بِجَهَازِ حسنٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ، فَإِذَا صَفَّانِ مَا يُرَى طَرَفَاهُمَا، إِذَا كَبَّرَ هَؤُلاءِ كَبَّرَ هَؤُلاءِ، وَإِذَا هَلَّلَ هَؤُلاءِ هَلَّلَ هَؤُلاءِ، فَرَاجَعْتُ نَفْسِي فَقُلْتُ: أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أُنْزِلُهُ كَافِرًا، وَمَنْ أَكْرَهَنِي عَلَى هَذَا، فَمَا أَمْسَيْتُ حَتَّى رَجَعْتُ وَتَرَكْتُهُمْ. وَقَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: كَانَ أَبُو الْعَالِيَةِ إِذَا جَلَسَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ من أربعة قام تركهم. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: أَنْتُمْ أَكْثَرَ صَلاةً وَصِيَامًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَلَكِنَّ الْكَذِبَ قَدْ جَرَى عَلَى أَلْسِنَتِكُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثنا حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: حَدِيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ

رِيَاحٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَعْنِي الَّذِي يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلاةِ أَنَّ عَلَى الضَّاحِكِ الْوُضُوءَ1. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: لَيْسَ أحدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ أعلم بِالْقُرْآنِ مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَبَعْدَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. قَالَ أَبُو خَلْدَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ فِي شَوَّالٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ: سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: سنة ستٍ ومائة. 471- أبو العباس الشاعر -ع- المكي2 الأعمى، اسمه السائب بن فروخ، وَهُوَ وَالِدُ الْعَلاءِ. سَمِعَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، وَابْنَ عُمَرَ. وَعَنْهُ: عَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ. وَهُوَ قَدِيمُ الْوَفَاةِ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَلَهُ حَدِيثَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ. 472- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرُّ3 الْمَدَنِيُّ -ع- مَوْلَى جُهَيْنَةَ، اسْمُهُ سَلْمَانُ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. روى عنه: ابناه عبد الله، وعبيد الله، وبكير بن عبد الله بن الأشج، والزهري، وصفوان بن سليم، وزيد بن رباح، ومحمد بن عمرو بن علقمة. وأما أبو مسلم الأغر الكوفي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَرَجُلٌ آخَرُ، وَقَدْ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَصْرِيُّ، وَقَبْلَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فَوَهِمَا. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ الأَغَرُّ قَاصًّا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَضِيًّا. 473- أَبُو عَبْدِ الله الجدلي4 الكوفي -د ت- عَبْدُ بْنُ عَبْدٍ، وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عبد.

_ 1 انظر المراسيل لأبي داود وهو حديث ضعيف. 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 477" والجرح والتعديل "4/ 243" والتاريخ الكبير "4/ 154" وتهذيب الكمال "1/ 464". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 284" والجرح والتعديل "4/ 297" والثقات لابن حبان "4/ 333". 4 انظر الطبقات الكبرى "6/ 228" والتاريخ الكبير "5/ 319" وتهذيب الكمال "3/ 1620".

عَنْ: سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَشِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَمُسْلِمٌ الْبَطِينُ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين، وغيره. 474- أبو عبد الله الأشعري -د ق- الدمشقي1. رَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ الأَشْعَرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَإِسْمَاعِيلُ بن عبيد الله بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ. 475- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ2 -م ع- عبد الله بن يزيد المعافري المصري، نَزِيلُ إِفْرِيقِيَّةَ، وَأَحَدُ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ. رَوَى: عَنْ أَبِي ذَرٍّ -وَذَلِكَ فِي جَامِع التِّرْمِذِيِّ- وَعَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، وَأَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَقَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وعياش ابن عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الإِفْرِيقِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. قَالَ الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ فِيمَا قَالَهُ عَنْهُ ابْنُ لَهِيعَةَ: قُلْتُ لِحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قَالَ: هَذِهِ وَاللَّهِ صِفَةُ سُلَيْمِ بْنِ عِتْرٍ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ بأفريقية وكان رجلًا صالحًا فاضلًا.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 400" والتاريخ الكبير "9/ 48". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 511" والتاريخ الكبير "5/ 226".

أبو عبيد مولى ابن أزهر1 -ع- اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَدَنِيُّ الزُّهْرِيُّ مَوْلاهُمْ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ. روى عنه: الزهري، وسعيد بن خالد القارظي. وكان فقيها مقرئا ثقة نبيلا، توفي سنة ثمانٍ وتسعين. وابن أزهر هو عبد الرحمن بن أزهر الزهري. له صحبة. 477- أبو عثمان النهدي البصري2 عبد الرحمن بن مل. أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَسَمِعَ مِنْ: عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَبِلالٍ، وَسَلْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَائِفَةٍ. رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ. وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ، وَحَجَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَدَّى الصَّدَقَةَ إِلَى عُمَّالِهِ، وَصَحِبَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ صَوَّامًا قَوَّامًا قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا. وَرَدَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ، وَكَانَ ثِقَةً إِمَامًا ثَبْتًا، هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ عُمَرَ. رَوَى حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغْتُ مِائَةً وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَرَوَى عَنْهُ عَاصِمٌ قَالَ: رَأَيْتُ يَغُوثَ صَنَمًا مِنْ رَصَاصٍ يُحْمَلُ عَلَى جملٍ أَجْرَدَ فَإِذَا بَلَغَ وَادِيًا بَرَكَ فِيهِ، وَقَالُوا: قَدْ رَضِيَ لَكُمْ رَبُّكُمْ هَذَا الْوَادِي. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلُ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عُثْمَانَ وَأَنَا أَسْمَعُ: هَلْ أَدْرَكْتَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: نِعْمَ أَسْلَمْتُ عَلَى عَهْدِهِ وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِ ثَلاثَ صدقاتٍ وَلَمْ أَلْقَهُ، وَغَزَوْتُ الْيَرْمُوكَ وَالْقَادِسِيَّةَ وجَلُولاءَ وَنَهَاوَنْدَ وَتُسْتَرَ وَأَذْرَبِيجَانَ وَرُسْتُمَ.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "5/ 86" والجرح والتعديل "4/ 90" وتهذيب الكمال "3/ 1623". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 97-98" والجرح والتعديل "5/ 283" وتهذيب الكمال "2/ 819".

وَرُوِيَ أَنَّهُ سَكَنَ الْكُوفَةَ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ تَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَحَجَّ سِتِّينَ حَجَّةً مَا بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْهُ: أَتَيْتُ عُمَرَ بِالْبِشَارَةِ يَوْمَ نَهَاوَنْدَ. وَقَالَ مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبُو عُثْمَانَ يُصَلِّي حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ عِبَادَةَ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَخَذَهَا مِنْ أَبِي عُثْمَانَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: إِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ كَانَ لا يُصِيبُ ذَنْبًا، كَانَ لَيْلَهُ قَائِمًا وَنَهَارَهُ صَائِمًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ عَرِّيفَ قَوْمِهِ وَكَانَ ثِقَةً. وَقَالَ الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. 478- أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ -4- سَعْد بْن إياس الكوفي1 مِنْ بَنِي شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابَةَ. روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَغَيْرِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْعَيْزَارِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، وَآخَرُونَ. وَعُمِّرَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا أَرْعَى إِبِلا بِكَاظِمَةَ. وَقَالَ: كُنْتُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ: كَانَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ فِي الْمَسْجِدِ الأَعْظَمِ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ فَاتَّهَمَنِي بِهَوًى. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كُوفِيٌّ ثِقَةٌ. 479- أبو الغيث2 هو سالم -ع- المدني مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ الْعَدَوِيُّ. رَوَى عن: أبي هريرة فقط.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 104" والتاريخ الكبير "4/ 47-48" والجرح والتعديل "4/ 78-79". 2 انظر الطبقات الكبرى "5/ 310" والجرح والتعديل "4/ 189-190" والتاريخ الكبير "4/ 118".

رَوَى عَنْهُ: ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، وصفوان بن سليم، وجماعة. وثقه ابن معين. 480- أبو لبيد الجهضمي1 بصري أسمه لمازه بن زبار. روى عن: عمر، وعلي، وأبي موسى، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وَيَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، وَطَالِبُ بْنُ السَّمَيْدَعِ، وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: قَدْ رَأَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَبَا لَبِيدٍ، وَأَبُو لَبِيدٍ رَأَى عَلِيًّا. وَقَالَ ابن سعد: سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ وَكَانَ ثِقَةً. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا لَبِيدٍ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَكَانَتْ تَبْلُغُ سُرَّتَهُ، وَقَدْ قَاتَلَ عَلِيًّا يَوْمَ الْجَمَلِ، وَقِيلَ لَهُ: أَتُحِبُّ عَلِيًّا؟ قَالَ: كَيْفَ أُحِبُّ رَجُلا قَتَلَ مِنْ قَوْمِي أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ فِي يَوْمٍ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ: وَكَانَ شَتَّامًا. وَقِيلَ لابْنِ مَعِينٍ: مَنْ كَانَ يَشْتُمُ؟ قَالَ: نَرَى أَنَّهُ كَانَ يَشْتُمُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عنهم. يُؤَخَّرُ إِلَى طَبَقَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنْ أَجْلِ رواية جرير عنه. 481- أبو ليلى الكندي2 مولاهم -د ق- الْكُوفِيُّ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وخباب بن الأرت، وغيرهم. وروى عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو جعفر الفراء، وعثمان بن أبي زرة الثَّقَفِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 482- أَبُو مَدِينَةَ السَّدُوسِيُّ الْبَصْرِيُّ3 اسمه عبد الله بن حصين.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "7/ 213" والجرح والتعديل "7/ 182" وتهذيب الكمال "3/ 1152". 2 انظر تهذيب الكمال "3/ 1642" والثقات للعجلي "509". 3 انظر الطبقات الكبرى "7/ 189" والجرح والتعديل "5/ 39".

قِيلَ لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَمْ يَصِحَّ. سَمِعَ: أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَغَيْرَهُمَا. رَوَى عَنْ: قَتَادَةَ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. أَخْبَرَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: أَنْبَأَ الْحَدَّادُ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا الطَّبَرَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُسْتَمْلِي، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي مَدِينَةَ الدَّارِمِيِّ -وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- قَالَ: كَانَ الرَّجُلانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا الْتَقَيَا لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1] إِلَى آخِرِهَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ. قُلْتُ: هَذَا حديثٌ غريبٌ جِدًّا وَرُوَاتُهُ مَشْهُورُونَ. 483- أبو مرة مولى1 -ع- عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَاسْمُهُ يَزِيدُ. رَوَى عَنْ: عَقِيلٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُثْمَانَ بن عثمان، وأم هانيء بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ. وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلا. 484- أَبُو الْمُهَلَّبِ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -م4- عَمُّ أَبِي قِلابَةَ. رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وأبي مسعود البدري، وعمران بن حصين، وجماعة. روى عنه: أبو قلابة، ومحمد بن سيرين، وعوف الأعرابي. 485- أبو نجيح3 يسار مولى الأخنس بن شريق الثقفي المكي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 299" وتهذيب الكمال "3/ 1547". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 126" والجرح والتعديل "6/ 260". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 473" والجرح والتعديل "9/ 306".

أرسل عن: عمر وسعيد، وَقَيْسِ بْنِ عُبَادَةَ، وَرَوَى عَنْ: مُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وعبيد بن عمير الليثي وطائفة. وعنه: ابنه عبد الله بن أبي نجيح، وعمرو بن دينار، وميمون أبو مغلس، وآخرون. وثقه وكيع، وجماعة. 486- أبو الهيثم1 -4- كان تحت حجر أبي سعيد الخدري فأكثر عنه، كان أبوه أوصى به إليه، واسمه سليمان ابن عمرو العتواري. سكن مصر وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ. رَوَى عَنْهُ: دَارِجٌ أَبُو السَّمْحِ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، عنه. 487- أبو الوداك2 -م د ت ق- اسْمُهُ جَبْرُ بْنُ نَوْفٍ الْهَمْدَانِيُّ الْبِكَالِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: أَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي، خَالِدٍ، وَقَيْسُ بْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو التَّيَّاحِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَيُونُسُ ابن أَبِي إِسْحَاقَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 488- أَبُو يونس3 مولى -م د د ت- عَائِشَةَ رَوَى عَنْ: عائشة. روى عنه: زيد بن أسلم، والقعقاع بن حكيم، وأبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن. عداده في أهل المدينة. آخر الطبقة العاشرة، والحمد لله.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 131" والتاريخ الكبير "4/ 27". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 532-533" وتهذيب الكمال "1/ 184". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 296" وتهذيب التهذيب "12/ 283-284".

الفهرس

الفهرس العام للكتاب: الموضوع رقم الصفحة الطبقة التاسعة "سنة إحدى وثمانين" 3 المتوفون في هذه السنة. 3 خلع عبد الرحمن بن الأشعث طاعة الحجاج. 3 الحرب بين الحجاج وابن الأشعث. 4 غزوة موسى بن نصير إلى طبنة. 4 الصاعقة تصيب صخرة بيت المقدس. 4 مقتل ابن ورقاء وابن ساج وابن حازم. 4 الحج هذا الموسم. 4 "سنة اثنين وثمانين". 4 المتوفون في هذه السنة. 4 وقعة دير الجماجم بين ابن الأشعث والحجاج. 9 تَسْمِيَةُ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ. 10 غزوة محمد بن مروان بأرمينية. 10 فَتَحَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِصْنَ سِنَانٍ. 10 غزوة صنهاجة بالمغرب. 10 ترجمة عبد الله بن غال الجهضمي. "سنة ثلاث وثمانين". 10 غزوة عطاء بن رافع صقلية. 10 عزل أبان بن عثمان عن المدينة. 10 بناء الحجاج مدينة واسط. 10 استعمال محمد بن القاسم الثقفي على فارس.

11 مهلك ابن الأشعث. 11 إمرة محمد بن مروان على أذربيجان وأرمينية. "سنة أربع وثمانين". 11 المتوفون في هذه السنة. 11 الطواف برأس ابن الأشعث. 11 مقتل زيوب بن القرية. 11 ولاية عياض بن غنم إمرة الإسكندرية. 12 فتح مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ بَلَدَ أُولِيَةَ مِنَ الْمَغْرِبِ. 12 غزوة محمد بن مروان أرمينية. "سنة خمس وثمانين". 12 المتوفون في هذه السنة. 12 رواية الطبري في هلاك ابن الأشعث. 12 رواية أبي خنف عن هلاك ابن الأشعث. 12 غزو محمد بن مروان أرمينية. 13 بناء مدينتي دبيل وبرذعة. 13 مقتل ميمون الجرجماني. 13 عزل يزيد بن المهلب عن خراسان. 13 ولاية قتيبة بن مسلم على خراسان. 13 مقتل موسى بن عبد الله بن خازم. 13 بيعة عبد الملك لابنيه الوليد وسليمان. "سنة ست وثمانين". 13 المتوفون في هذه السنة. 13 طاعون الفتيات بالسام وواسط والبصرة. 13 دخول قتيبة بن مسلم ولايته خراسان.

14 مسلمة بن عبد الملك يفتح حصني بولق والأخرم. 14 عبد الملك يعقد لابنه عبد الله على مصر. 14 موت ملك الروم. 14 وفاة يونس بن عطية قاضي مصر. 14 الوليد يلي الخلافة بعهد من أبيه. "سنة سبع وثمانين". 14 المتوفون في هذه السنة. 14 قتيبة بن مسلم يفتح ببكند. 14 شروع الوليد ببناء جامع دمشق. 14 كتابة الوليد بِبِنَاءِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. 14 ولاية عمر بن عبد العزيز المدينة. 15 الصُلح بن نيزك طرخان وقتيبة بن مسلم. 15 قتيبة بن مسلم يغزو نواحي بخارى. 15 فتح جزيرة سردانية. 15 أيوب بن حبيب يغزو ممطورة. 15 مسلمة بن عبد الملك يفتح قمقم وبُحيرة الفراسان. 15 وقوف عمر بن عبد العزيز يوم النحر غلطا. "سنة ثمان وثمانين". 15 المتوفون في هذه السنة. 16 هزيمة الروم وفتح جرثومة وطُوانة. 16 قتيبة يكسر الترك والصفد وأهل فرغانة. 16 غزوة مسلمة وابن أخيه العباس نواحي أنطاكية. 16 الحج هذا الموسم. 16 بناء الوليد جامع دمشق. 16 الوليد يأمر بِبِنَاءِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والزيادة به.

16 رواية محمد بن سعد عن الزيادة في المسجد. 16 رواية الواقدي عن حُجَر أَزْوَاجِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. 17 الوليد بأمر بحفر الأنهار بالمدينة. 17 مقدار ما أتفق علي مسجد دمشق. 17 رواية الجاحظ في مسجد دمشق. "سنة تسع وثمانين". 17 المتوفون في هذه السنة. 18 غزوة الأشراف وفتح جزيرتي ميروقة ومنورقة. 19 غزوة قتيبة إلى ملك بخارى وعودته. 19 غزوة مروان بن موسى بن نصير السوس الأقصى. 19 غزوة مسلمة بن عبد الملك عمورية. 19 ولاية خالد بن عبد الله القسري مكة. 19 عزل عمران بن عبد الرحمن عن قضاء مصر. 19 رواية الواقدي عن البئر التي حفر الوليد. "سنة تسعين". 19 المتوفون في هذه السنة. 19 غزوة قتيبة التُرك وهزيمتهم. 19 غزوة العباس بن الوليد إلى الأرزن. 19 قتيبة يوقع بأهل الطالقان بخراسان. 19 إمرة قرة بن شريك على مصر.

-تراجم رجال هذه الطبقة- 19 1- أبان بن عثمان بن عفان. 20 2- أدهم بن محرز الباهلي. 21 3- الأسود بن هلال المحاربي. 22 4- الأعشى الهمذاني "أبو المصبح عبد الرحمن". 22 5- الأغر بن سليك. 22 6- أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الأُمَوِيُّ. 7- أيوب بن القرية الهلالي. 22 "حرف الباء". 23 8- بخير بن ورقاء. 23 9- بشير بن كعب بن أبي الحميري. 24 10- بشير بن كعب العلوي الشاعر. "حرف التاء". 24 11- تياذوق الطبيب. "حرف الْحَاءِ". 24 12- الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ "القُباع". 25 13- حُجْرر بن عنْيس الحضرمي. 25 14- حُجْر المَدَري اليماني. 25 15- حسان بن النعمان أمير المغرب. 26 16- حُصين بن مالك بن الخشخاش. 26 17- حكيم بن جابر بن طارق الأحمسي. 26 18- حكيم بن سعد أو تحيا الكوفي. 27 19- حمران بن أبان مولى عثمان. 27 20- حميد بن عبد الرحمن الحميري. 27 21- حنش بن المعتمر الكوفي.

"حرف الخاء" 28 22- خالد بن عُمَير البصري. 28 23- خالد بن يزيد بن معاوية الأموي. 29 24- خَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ. "حرف الذَّالِ". 30 25- ذَرُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ. "حرف الراء". 30 26- الربيع بن خيثم بن عائذ الثوري. 27- ربيعة بن لُقَيط التجيبي. 30 31 28- روح بن زِنْباع الجُذامي الفلسطيني. 31 29- رياح بن الحارث النخعي. "حرف الزاي". 32 30- زاذان أبو عمر الكندي الضرير. 33 31- زر بن حبيش بن حُباشة الأسدي. 34 32- زياد بن جارية التيميمي. 35 33- زيد بن عقبة الفزاري. 35 34- زيد بن وهب الجهني. "حرف السِّينِ". 35 35- سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ بْنِ عَامِرٍ الأنصاري. 36 36- سعيد بن علاقة أبو فاختة. 36 37- سفيان بن وهب الخولاني. 36 38- سليم بن أسود أبو الشعثاء. 37 39- سنان بن سلمة بن المحبق. 37 40- سهم بن منجاب الضبي. 37 41- سويد بن غلفة بن عوسجة.

"حرف الشين". 39 42- شبث بن ربعي اليربوعي. 39 43- شبيب أبو روح الوحاظي. 40 44- شتير بن شكل العبسي. 40 45- شراحيل بن آدة الصنعاني. 40 46- شعيب بن محمد بن عبد الله. 41 47- شقيق بن سلمة بن أبو وائل. "حرف الصَّادِ". 43 48- صَالِحُ بْنُ خَوَّاتِ بْنِ جُبير الأنصاري. 44 49- صالح بن شريح السكوني الحمصي. 44 * صدي بن عجلان. 44 50- صفوان بن عبد الله بن صفوان. 45 51- صفية بنت شيبة العبدرية. 46 52- صفية بنت أبي عبيد الثقفي. "حرف الضاد". 46 53- ضبة بن محصن أبو بطن. "حرف الطَّاءِ". 54- طَارِقُ بْنُ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ شمس الأحمسي. 46 47 55- الطفيل بن أبي بن كعب. "حرف العين". 47 56- عابس بن ربيعة النخعي. 47 57- عاصم بن حميد السكوني الحمصي. 47 58- عامر بن سعد البجلي. 48 59- عباد بن زياد الأمير. 48 60- عباد بن عبد الله بن الزبير.

48 61- عبد الله بن أبي أوفي علقمة. 48 62- عبد الله بن بسر المازني. 51 63- عبد الله بن ثعلبة العذري. 51 64- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ. 52 65- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيَّ. 53 66- عبد الله بن الحارث الزبيدي المكتب. 53 67- عبد الله بن خليفة الهمداني الكوفي. 53 68- عبد الله بن الخليل الحضرمي. 53 69- عبد الله بن ربيعة بن فرقد. 54 70- عبد الله بن الزبير بن سليم. 54 71- عبد الله بن زُرَير الغافقي. 55 72- عبد الله بن سرجس المزني. 55 73- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ. 56 74- عبد الله بن شرحبيل بن حسنة. 56 75- عبد الله بن ضمرة السلولي. 56 76- عبد الله بن أبي طلحة. 57 77- عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي. 58 78- عبد الله بن عكيم الجهني. 58 79- عبد الله بن عمرو بن غيلان. 58 80- عبد الله بن عوف الكناني. 58 81- عبد الله بن غالب الحداني. 60 82- عبد الله بن فروخ. 60 83- عبد الله بن فيروز الديلمي. 61 84- عبد الله بن قيس بن مخرمة. 61 85- عبد الله بن معانق الأشعري.

61 86- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معقل بن مقرن. 62 87- عبد الله بن معبد الزماني. 62 88- عبد الله بن بجي الحضرمي. 62 89- عبد الله بن أبي الهذيل. 62 90- عبد الرحمن بن آدم البصري. 64 91- عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني. 64 92- عبد الرحمن بن عوسجة الهمداني. 64 93- عبد الرحمن بن أبي ليلى. 66 94- عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. 67 95- عبد الرحمن بن عمرو بن سهل. 67 96- عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة. 67 97- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ. 67 98- عبد العزيز بن مروان الأموي. 69 99- عبد الملك بن مروان الخليفة. 75 100- عبد الملك بن أبي ذر الغفاري. 75 101- عبيد الله بن الأسود الخولاني. 76 102- عبيد الله بن العباس الهاشمي. 76 * عُبيد الله بن عدي بن الخيار. 76 103- عبيد بن حصين النميري الشاعر. 77 104- عبيد بن السباق المدني. 77 105- عبدُ خير بن يزيد الهمداني. 77 106- عتبة بن عبد السلمي. 78 107- عتبة بن النذر السلمي. 78 108- عروة بن أبي قيس المصري. 78 109- عروة بن المغيرة الثقفي.

79 110- عقار بن المغيرة. 79 111- عريب بن حميد الدهني. 79 112- عقبة بن عبد الغافر العوذي. 80 113- عمران بن حطان. 82 114- عمران بن طلحة التيمي. 82 115- عمران بن عصام الضبعي. 83 116- عمر بن أبي سلمة. 84 117- عمر بن عبيد الله بن معمر. 86 118- عمر بن علي بن أبي طالب. 86 119- عمرو بن حريث المخزومي. 87 120- عمرو بن سلمة الجرمي. 87 121- عمرو بن سلمة الهمداني. 87 122- عمرو بن سلمة. 88 123- عمرو بن عثمان بن عفان. 88 124- عنترة بن عبد الرحمن الشيباني. "حرف الفاء". 88 125- فروخ بن النعمان المعافري.. "حرف القاف". 88 126- قبيصة بن ذُؤيب الخزاعي. 90 127- قدامة بن عبد الله الكلابي. 90 128- قيس بن عائذ الأحمسي. 90 129- قيس بن عباد الضبعي. 91 130- قيصر الدمشقي. "حرف الكاف". 91 131- كثير بن العباس الهاشمي. 91 132- كليب بن شهاب الجرمي.

92 133- كميل بن زياد الصهباني.. "حَرْفُ الْمِيمِ". 93 134- مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ. 93 135- محمد بن إياس بن البكير. 93 136- محمد بن حاطب. 94 137- محمد بن سعد بن أبي وقاص. 94 138- محمد بن علي بن أبي طالب. 102 139- ماهان الحنفي الأعور. 103 140- محمد بن عمير بن عطار الدارمي. 103 141- مرثد بن عبد الله اليزني. 103 142- مرة الطيب. 103 143- المستورد بن الأحنف الكوفي. 105 144- سعود بن الحكم الزرقي. 105 145- معاذة بنت عبد الله العدوية. 106 146- معبد بن سيرين. 106 147- معبد الجهني البصري. 108 148- المعرور بن سويد الأسدي. 108 149- المقدام بن معد يكرب. 109 150- المهلب بن أبي صفرة. 111 151- ميسرة أبو صالح الكوفي. 111 152- ميسرة الطهوي. 111 153- ميمون بن أبي شبيب. "حرف النون". 112 154- ناجية بن كعب الأسدي. 112 155- نصر بن عاصم الليثي.

113 156- نوفل بن فضالة البكالي. 113 157- نوفل بن مساحق العامري. "حرف الهاء". 113 158- الهرماس بن زياد الباهلي. 113 159- هُزَيل بن شرحبيل الأودي. 114 160- هشام بن إسماعيل المخزومي. "حرف الواو". 114 161- وائلة بن الأسقع. 116 162- وراد كاتب المغيرة. 116 163- وفاء بن شريح الحضرمي. 116 164- الوليد بن عبادة بن الصامت. "حرف الْيَاءِ". 116 165- يَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ. 117 166- يحيى بن الجزار العرني. 117 167- يزيد بن خمير اليزني. 117 168- يزيد بن رباح الرومي. 118 169- يسير بن جابر العبدي. 118 170- يونس بن عطية الحضرمي. "الكنى". 118 171- أبو الأبيض العنسي الشامي. 119 172- أبو الأحوص عوف بن مالك. 119 173- أبو الأحوص. 119 * - أبو إدريس. 119 * - أبو أيوب الحميري 120 174- أبو أيوب الأزدي. 120 175- أبو أمامة الباهلي.

122 176- أبو أمية الشعباني. 123 177- أبو البختري الطائي. 123 178- أبو الجوزاء الربعي. 123 179- أبو حذيفة الهمداني. 124 180- أم الدرداء الصغرى. 125 181- أبو سالم الجيشاني. 126 182- أبو راشد الحبراني. 126 183- أبو الشعثاء المحاربي. 127 184- أبو صادق الأزدي. 127 185- أبو صالح الحنفي. 127 186- أبو ظبيان الجنبي. 128 187- أبو ظبية السلفي. 128 188- أبو العالية الرياحي. 128 189- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. 129 190- أبو عطية الوادعي. 129 191- أبو عنبة الخولاني. 130 * - أبو فاختة "سعيد بن علاقة". 130 192- أبو قتادة العدوي البصري. 130 193- أبو كبشة السلولي. 131 194- أبو كثير الزبيدي. 131 195- أبو كثير الزبيدي. 132 196- أبو الكنود الأزدي. 132 197- أبو مريم الثقفي. 132 198- أبو مريم الحنفي. 132 199- أبو محمر الأزدي 133 200- أبو النجيب العامري.

الطبقة العاشرة. "سنة إحدى وتسعين" 135 المتوفون في هذه السنة. 135 مسير قتيبة بن مسلم إلى مرو الروذ. 135 دخول قتيبة بلخ وقتلة نيزك. 135 عزل محمد بن مروان عن الجزيرة وأذربيجان. 136 غزوة مسلمة بن عبد الملك إلى الباب. 136 قتيبة يفتح شومان وكس ونسف. 136 السغد يعزلون طرخون فينتحر. 136 الحج هذا الموسم. 136 الوليد يكتب بهدم بُيُوتَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. "سنة اثنتين وتسعين". 136 المتوفون في هذه السنة. 137 ولاية عياض بن عبيد الله قضاء مصر. 137 محمد بن القاسم يفتح أرمائيل وقنزبور. 137 مصالة رُتبيل وقتيبة بن مسلم. 137 الحج هذا الموسم. 137 فتح الأندلس على يد طارق. 137 موسى بن نصير يقبض على طارق. 138 العثور على مائدة سليمان –عليه السلام-. 138 فتح بلاد الترك. 138 تعريف المؤلف –رحمه الله- بالبربر. 138 فتح سردانية وغرق الفاتحين. "سنة ثلاث وتسعين". 138 المتوفون في هذه السنة.

139 محمد بن القاسم الثقفي يفتح الديبل. 139 فتح الكيرج. 139 فتح موسى بن نصير لكثير من مدن الأندلس. 139 قتيبة بن مسلم يغزو خوارزم. 139 العباس بن الوليد يغزو أرض الروم. 140 مسلمة يفتح ما بين الحصن الجديد. 140 مروان بن الوليد يغزو إلى خنجرة. 140 الحج هذا الموسم. 140 قتيبة يفتح سمرقند ويبني بها الجامع. 141 قتيبة يستعمل أخاه عبد الله على سمرقند. "سنة أربع وتسعين". 141 المتوفون في هذه السنة. 141 قتيبة بن مسلم يغزو كابل وفرغانة. 141 محمد بن القاسم يقتل صصة بن داهر. 141 مسلمة يفتح سندرة من أرض الروم. 141 العباس بن الوليد يفتح مدينتين على الساحل. 141 عبد العزيز بن الوليد يغزو إلى غزالة. 142 الحج هذا الموسم. 142 عُزِلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْمَدِينَةِ. 142 ولاية عثمان بن حيان المدينة. "سنة خمس وتسعين". 142 المتوفون في هذه السنة. 143 محمد بن القاسم يفتح المولتان. 143 موسى بن نصير يحمل الأموال إلى الوليد. 144 مسلمة يفتح الباب من أرمينية.

143 قتيبة يغزو الشاس ثانية ويرجع إلى مرو. 143 المتوفون في هذه السنة كما يقال. "سنة ست وتسعين". 143 المتوفون في هذه السنة. 144 استخلاف سليمان وغزو مسلمة الصائفة. 144 العباس بن الوليد يفتح طويس والمرزبانين. "سنة سبع وتسعين". 144 المتوفون في هذه السنة. 145 يزيد بن المهلب يغزو جرجان. 145 مسلمة بن عبد الملك يغزو برجمة. 145 الحج هذا الموسم. 145 ولاية محمد بن يزيد مولى قريش على المغرب. 145 مقتل محمد بن يزيد والي المغرب. "سنة ثمان وتسعين". 145 المتوفون في هذه السنة. 146 يزيد بن المهلب يغزو طبرستان. 146 غدر أهل جرجان بأصحاب يزيد بن المهلب. 146 غزوة مسلمة إلى القسطنطينية. 147 نزول سليمان بن عبد الملك بدابق. 147 خروج الروم إلى ساحل حمص. 147 قسم سليمان بغزو القسطنطينية. 147 غزو أهل الشام ومصر في البر والبحر. 147 ثورة حبيب الفهري وزياد بن النابغة بالأندلس. 148 ولاية السمح بن مالك الخولاني الأندلس. 148 حصار مسلمة القسطنطينية.

148 غدر إليون وتملكه على الروم. "سنة تسع وتسعين". 148 المتوفون في هذه السنة. 149 غارة الخزر على أرمينية وأذربيجان وهزيمتهم. 149 وفاة الخليفة سليمان بن عبد الملك بدابق. 149 عمر بن عبد العزيز يغيث مسلمة وجنده. 149 عزل يزيد بن المهلب من خراسان. 149 ولاية عدي بن أرطأة على البصرة. 149 إمرة الجراح الحكمي على خراسان. 149 ولاية عدي بن أرطأة على البصرة. 149 إمرة الجراح الحكمي على خُراسان. 149 الحج هذا الموسم. 149 عزل عبد الملك بن رفاعة عن إمرة مصر. 149 استقضاء الشعبي على الكوفة. 149 الفتيا بمصر. 149 هلاك الناس أثناء حصار القسطنطينية. 150 استعمال إسماعيل بن عبيد الله على إفريقية. "سنة مائة". 150 المتوفون في هذه السنة. 150 الوليد بن هشام يغزو الصائفة. 150 الحج هذا الموسم.

-تَرَاجِمُ رِجَالِ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ-"حَرْفُ الأَلِفِ" 151 201- إِبْرَاهِيمُ بْنُ سويد النخعي. 151 202- إبراهيم بن عبد الله بن قارظ. 151 203- إبراهيم بن عبد الله بن معبد. 152 204- إِبْرَاهِيمُ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللَّهِ. 152 205- إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. 155 206- إبراهيم بن يزيد النخعي. 155 207- إبراهيم بن يزيد التميمي. 156 208- الأخطل النصراني الشاعر. 156 209- أرقم بن شرحبيل الأودي. 156 210- أسلم بن يزيد التجيبي. 156 - أسير بن جابر. 156 211- الأغر أبو مسلم المدني. 156 - أبو عبد الله الأغر. 156 212- أنس بن مالك. 163 213- أنس بن مالك الكعبي. 163 214- أوس بن ضمعج. 164 215- أوسط البجلي الحمصي. 164 216- أيمن الحبشي. 164 217- أيوب بن بشير. 164 218- أيوب بن خالد النجاري. 165 219- أيوب بن سليمان بن عبد الملك. "حرف الباء". 165 220- بجالة بن عبدة التميمي.

166 221- بُسْر بن سعيد المدني. 166 222- بسر بن محجن الديلي. 166 223- بشير بن نهيك. 166 - بشير بن كعب العلوي. 167 224- بلال بن أبي الدرداء الدمشقي. 167 225- بلال بن أبي هريرة الدوسي. "حرف التاء". 167 226- تميم بن سلمة الكوفي. 168 227- تميم بن طرفة الطائي. "حرف الثاء". 168 228- ثابت بن عبد الله بن الزبير. 168 229- ثعلبة بن أبي مالك القرظي. "حرف الجيم". 169 - جابر بن زيد. 169 230- جعفر بن عمرو الضمري. 169 231- جميل بن عبد الله العذري. "حرف الحاء". 171 232- حبيب بن صُهبان الأسدي. 171 233- الحجاج بن يوسف الثقفي. 179 234- حرملة مولى أسامة. 179 235- حسان بن أبي وجزة. 180 236- الحسن بن الحسن بن علي. 181 237- الحسن بن عبد الله العرني. 181 238- الحسن بن محمد ابن حنيفة. 183 239- حصين بن قبيصة.

184 - حصين أبو ساسان. 184 240- حَفْصُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 184 241- الحكم بن أيوب بن الحكم الثقفي. 184 242- حمزة بن أبي أسيد. 185 243- حمزة بن المغيرة بن شعبة الثقفي. 185 244- حميد بن عبد الرحمن بن عوف. 185 245- حميد بن عبد الرحمن الحميري. 186 246- حنش بن عبد الله السبائي. 187 247- حنظلة بن علي الأسلمي. 187 248- حنظلة بن قيس الأنصاري. 187 249- حوشب بن سيف السكسكي. "حرف الخاء". 188 250- خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري. 188 251- خالد بن سعد الكوفي. 189 252- خَالِدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. 189 253- خُبيب بن عبد الله بن الزبير. 190 254- خلاد بن السائب الأنصاري. 190 255- خلاس بن عمرو الهجري. 191 256- خليد بن عبد الله العصري. "حرف الدال". 191 257- دخين بن عامر الحجري. 191 258- درباس مولى عبد الله بن عباس. "حرف الرَّاءِ". 192 259- رَبِيعَةُ بْنُ عِبَادٍ الدِّيلِيُّ الْحِجَازِيُّ. 192 260- ربيعة بن عبد الله بن الهدير.

192 261- ربيعة بن لقيط. 193 262- الربيع بن خثيم. 196 263- الربيع بن عميلة الفزاري. "حرف الزاي". 196 264- زرارة بن أوفى العامري. 197 265- زهدم بن مضرب الأزدي. 197 266- زياد بن جارية الدمشقي. 197 267- زياد بن ربيعة الحضرمي. 198 268- زياد بن صبيح الحنفي المكي. 198 269- زيد بن وهب الجهني. "حرف السين". 198 270- سالم البراد. 198 271- سالم بن أبي الجعد. 199 272- سالم أبو الغيث. 199 273- السائب بن مالك. 199 274- السائب بن يزيد الكندي. 200 - سعد بن إياس. 200 - سعيد بن عبيد. 201 275- سعيد بن جبير الوالبي. 203 276- سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي. 203 277- سعيد بن عبد الرحمن بن عتاب. 203 278- سعيد بن مرجانة. 203 279- سعيد بن المسيب. 207 280- سعيد بن وهب الهمداني. 207 281- سعيد بن أبي الحسن يسار.

208 282- سليمان بن سنان. 208 283- سليمان بن عبد الملك الخليفة. 212 284- سميط بن عمير. 212 285- سهل بن سعد الساعدي. 213 286- سواء الخزاعي. "حرف الشين". 213 287- شبيل بن عوف. 214 288- شهير بن حوشب. 216 289- شويس بن جياش. "حرف الصاد". 216 290- صالح بن أبي مريم. 216 291- صفوان بن محرز. 217 292- صفوان بن أبي زيد. 217 293- صفوان بن يعلى. "حرف الضاد". 218 294- الضحاك بن فيروز. "حرف الطاء". 218 295- طارق بن زياد المغربي. 218 296- طريف بن مجالد الهجيمي. 219 297- طلحة بن عبد الله بن عوف. 219 298- طويس صاحب الغناء. "حرف العين". 220 299- عامر بن لُدَين الأشعري. 220 300- عباد بن تميم المازني. 220 301- عباد بن حمزة.

221 302- عباد بن زياد ابن أبيه. 221 303- عباس بن سهل الساعدي. 221 304- عباية بن رفاعة. 222 305- عبد الله بن بسر المازني. 222 306- عبد الله بن الحارث البصري. 222 307- عبد الله بن بن رباح الأنصاري. 223 308- عبد الله بن زياد الأسدي. 223 309- عبد الله بن ساعدة الهذلي. 223 310- عبد الله بن الصامت. 223 311- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ. 224 312- عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبْزى. 224 313- عبد الله بن عبد الملك بن مروان. 224 314- عبد الله بن أبي عتبة الأنصاري. 224 315- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عفان. 225 316- عبد الله بن أبي قتادة. 225 317- عبد الله بن أبي قيس. 225 - عبد الله بن قيس أبو بحرية. 226 318- عبد الله بن قيس الرقيات. 226 319- عبد الله بن كعب بن مالك. 226 320- عبد الله بن كعب بن مالك مولى عثمان. 226 321- عبد الله بن محمد ابن الحنفية. 228 322- عبد الله بن محيريز. 228 323- عبد الله بن مرة الهمداني. 228 324- عبد الله بن مسافع الحجبي. 230 325- عبد الله بن وهب الزمعي.

230 326- عبد الله بن يزيد الحبلي. 230 327- عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي. 231 328- عبد الرحمن بن أذينة العبدي. 231 329- عبد الرحمن بن الأسود. 232 330- عبد الرحمن بن بشر الأزرق. 233 331- عبد الرحمن بن البيلماني الشاعر. 233 332- عبد الرحمن بن جبير المصري المؤذن. 233 333- عبد الرحمن بن عائذ الأزدي. 234 334- عبد الرحمن بن محيريز. 235 335- عبد الرحمن بن معاوية بن حُدَيج. 235 336- عبد الرحمن بن يزيد بن جارية. 235 337- عبد الرحمن بن وعْلة. 235 338- عبد الملك الشاب الناسك. 238 339- عبد الملك يعلى الليثي القاضي. 238 340- عبيد الله بن أبي رافع. 238 341- عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن عُتْبَة. 239 342- عبيد الله بن عدي بن الخيار. 240 343- عبيد بن فيروز الشيباني. 240 344- العجاج بن رؤبة. 240 345- عروة بن الزبير. 244 346- عروة بن المغيرة بن شعبة. 244 347- عطاء بن فروخ الحجازي. 244 348- عطاء بن مينا المدني. 244 349- عطاء بن يسار. 244 350- عقبة بن وساج الأزدي.

245 351- علقمة بن وائل بن حجر. 245 352- عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. 250 353- علي بن ربيعة الوالبي. 250 354- علي بن عبد الله الأزدي. 251 355- عمارة بن عمير الليثي. 251 356- عمر بن عبد الله بن الأرقم. 251 357- عمرو بن أوس الثقفي. 251 358- عمرو بن الحارث العامري. 251 359- عمرو بن سلمة الجرمي. 252 360- عمرو بن الشريد الثقفي. 252 361- عمرو بن سليم بن خلدة. 252 362- عمرو بن مالك الجنبي. 252 363- عمران بن الحارث. 253 364- عمرة بنت عبد الرحمن. 253 365- عنبسة بن سعيد بن العاص. 254 366- عوف بن الحارث الأزدي. 254 367- العلاء بن زياد بن مضر. 256 368- العيزار بن حريث. 256 369- عيسى بن طلحة. 257 370- عيسى بن هلال. "حرف الغين". 257 371- غزوان أبو مالك الغفاري. 257 372- غزوان بن يزيد الرقاشي. 258 373- غنيم بن قيس المازني. "حرف الفاء". 258 374- فروة بن مجاهد اللخمي.

258 375- الفضيل بن زيد. "حرف القاف". 259 376- قتيبة بن مسلم الباهلي. 260 377- قرة بن شريك. 260 378- قزعة بن يحيى. 261 379- قسامة بن زهير المازني. 261 380- قيس بن أبي حازم. 263 381- قيس بن حسبتر. 263 382- قيس بن رافع الأشجعي. 263 383- قيس بن كليب الحضرمي. "حرف الكاف". 263 384- كريب بن أبي مسلم. 264 385- كنانة بن نعيم العدوي. "حرف الْمِيمِ". 264 386- مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ. 265 387- مالك بن الحارث السلمي. 265 388- مالك بن مسمع. 266 389- محمد بن أسامة بن زيد. 266 390- محمد بن ثابت بن شرحبيل. 266 391- محمد بن جبير بن مطعم. 267 392- محمد بن أبي سفيان الثقفي. 267 393- محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. 268 394- محمد بن عبد الرحمن بن الحارث. 268 395- محمد بن عبد الرحمن بن يزيد. 268 396- محمد بن عروة بن الزبير.

268 397- محمد بن عمرو بن الحسن. 269 398- محمد بن يوسف الثقفي. 269 399- محرر بن أبي هريرة. 270 400- محمود بن الربيع الأنصاري. 270 401- محمود بن عمرو بن يزيد. 271 402- محمود بن لبيد بن عقبة. 271 403- مرقع بن صيفي. 271 404- مروان بن عبد الملك. 272 405- مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز. 272 406- مسلم بن يسار. 274 407- مسلم بن يسار المصري. 274 408- مصدع أبو يحيى الأعرج. 275 409- مطرف بن عبد الله بن الشخير. 277 410- معاذ بن عبد الرحمن. 277 411- معاوية بن سبرة السوائي. 277 412- معاوية بن سويد. 278 413- معاوية بن عبد الله بن جعفر. 278 414- المغيرة بن أبي بُردة. 279 415- المغيرة بن أبي شهاب المخزومي. 279 416- المغيرة بن عبد الله اليشكري. 279 417- موسى بن نصير. 282 418- ميسرة أبو صالح الكوفي. "حرف النون". 283 419- ناعم بن أجيْل. 283 420- نافع بن جبير بن مطعم.

284 421- نافع بن عباس. 284 422- نافع بن عجير. 284 423- النعمان بن أبي عياش. "حرف الهاء". 285 424- هانئ بن كلثوم. 285 425- هلال بن يساف. 285 426- هنيدة بن خالد الخزاعي. 286 427- الهيثم بن شفي. "حرف الواو". 286 428- واسع بن حبان. 286 429- الوليد بن عبد الملك. "حرف الْيَاءِ". 289 430- يُحَنَّسُ بْنُ أَبِي مُوسَى الْمَدَنِيُّ. 290 431- يحيى بن سعيد بن العاص. 290 432- يحيى بن عمارة المازني. 290 433- يحيى بن يعمر العدواني. 291 434- يحيى بن وثاب. 291 435- يزيد بن الحكم الشاعر. 291 436- يزيد بن طريف البجلي. 292 437- يزيد بن عبد الرحمن الأودي. 292 438- يزيد مولى المنبعث. 292 439- يزيد بن هرمز المدني. 292 440- يسير بن عمرو. 293 441- يعقوب بن عاصم بن عروة. 293 442- يوسف بن عبد الله بن سلام.

294 434- يونس بن جبير الباهلي. "الكنى". 294 444- أبو الأشعث الصنعاني. 294 445- أبو أسماء الرحبي. 295 446- أبو أمامة بن سهل. 296 447- أبو بحرية التراغمي. 296 448- أَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ. 296 449- أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث. 297 450- أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ. 297 451- أبو تميمة الهجيمي. 298 452- أبو جميلة الطهوي. 298 453- أبو حازم الأشجعي. 298 454- أبو خالد الوالبي"هرمز". 298 455- أبو رافع الصائغ"نفيع". 299 456- أبو رزين الأسدي"مسعود". 299 457- أبو الزاهرية الحمصي"حدير". 300 458- أبو زرعة بن عمرو"هرِم". 300 459- أبو ساسان"حُضين بن المنذر". 301 460- أبو سخيلة. 301 461- أبو سعيد المقبُري"كَيْسان". 302 462- أبو سعيد مولى المهري. 302 463- أبو سفيان مولى عبد الله بن أبي أحمد 304 466- أبو صالح الحنفي"عبد الرحمن بن قيس".

304 467- أبو الضُحَى"مسلم بن صُبَيْح". 304 468- أبو الطفيل عامر بن واثلة. 305 469- أبو ظبيان الجنبي"حصين". 306 470- أبو العالية الرياحي"رُفيع". 308 471- أبو العباس الشاعر المكي الأعمى. 308 472- أبو عبد الله الأعز المدني"سلمان". 308 - أبو مسلم الأغر الكوفي. 308 473- أبو عبد الله الجَدَلي"عبد بن عبد". 309 474- أبو عبد الله الأشعري. 309 475- أبو عبد الرحمن الحُبْلي"عبد الله". 310 476- أبو عبيد مولى ابن أزهر"سعد". 310 477- أبو عثمان النهدي"عبد الرحمن بن مُل". 311 478- أبو عمرو الشيباني"سعد بن إياس". 311 479- أبو الغيث"سالم المدني". 312 480- أبو لَبِيد الجهضمي"لُمازة". 312 481- أبو ليلى الكندي. 312 482- أبو مدينة السدوسي"عبد الله بن حصين". 313 483- أبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب. 313 484- أبو المهلب الجرمي البصري. 313 485- أبو نجيح"يسار مولى الأخنس". 314 486- أبو الهيثم"سليمان بن عمرو". 314 487- أبو الوداك"جبر بن نوف". 314 488- أبو يونس مولى عائشة. 315 فهرس الموضوعات.

المجلد السابع

المجلد السابع الطبقة الحادية عشر حوادث من سنة 101 إلى 110 حوادث سنة إحدى ومائة ... الطبقة الحادية عشرة: حوادث من سنة 101 إلى 110 حَوَادِثُ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: ذَكْوَانُ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ. رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ الْعَبْسِيُّ الكوفي. عمارة بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأُمَوِيُّ. الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمَرَةَ فِيهَا فِي قَوْلٍ. مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ وَالِدُ مَرْوَانَ الْحَمَّارُ. مِقْسَمٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَفِيهَا استُخْلِفَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ في رجب.

حوادث سنة اثنتين ومائة

حَوَادِثُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ صَاحِبُ التَّفْسِيرِ. عَدِيُّ بْنُ أَرْطَأَةَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ. مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِ جَمَاعَةٍ. يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَمِيرُ. يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الثَّقَفِيُّ كَاتِبُ الْحَجَّاجِ. أَبُو الْمُتَوَكِّلِ التَّاجِيُّ. عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ الْعَقْرِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ كَرْبَلاءَ مِنَ الْعِرَاقِ بَيْنَ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَبَيْنَ مُسْلِمَةَ بن عبد الملك بن المروان، قُتِلَ فِيهَا يَزِيدُ وَكُسِرَ جَيْشُهُ وَانْهَزَمَ آلُ

الْمُهَلَّبِ، ثُمَّ ظَفَرَ بِهِمْ مُسْلِمَةُ فَقَتَلَ فِيهِمْ وَبَدَّعَ، وَقَلَّ مَنْ نَجَا مِنْهُمْ، وَكَانَ يَزِيدُ قَدْ خَرَجَ عَلَى الْخِلافَةِ لَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَشَأْتُ وَهُمْ يَقُولُونَ ضَحَّى بَنُو أُمَيَّةَ يَوْمَ كَرْبَلاءَ بِالدِّينِ وَيَوْمَ الْعَقْرِ بِالْكَرَمِ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: ثُمَّ بَعَثَ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ هِلالَ بْنَ أَحْوَزَ الْمَازِنِيَّ إِلَى قَنْدَابِيلَ فِي طَلَبِ آلِ الْمُهَلَّبِ فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ الْمُفَضَّلُ بْنُ الْمُهَلَّبِ وانهزم أصحابه وخدمه، وقتل هلال بن الاحوز جَمَاعَةً مِنَ آلِ الْمُهَلَّبِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلنِّسَاءِ وَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَحَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا قَدِمَ بِآلِ الْمُهَلَّبِ عَلَيْهِ قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ قِبَلَ آلِ الْمُهَلَّبِ دم فيلقم، فَقَامَ نَاسٌ، فَدَفَعَهُمْ إِلَيْهِمْ حَتَّى قُتِلَ نحوٌ مِنْ ثَمَانِينَ نَفْسًا. وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بن محمد أن الحجاج عزل يزد بْنَ الْمُهَلَّبِ عَنْ خُرَاسَانَ، وَكَتَبَ بِوِلايَتِهَا إِلَى الْمُفَضَّلِ بْنِ الْمُهَلَّبِ، فَوَلِيَهَا سَبْعَةَ أشهرٍ، فَافْتَتَحَ بَاذَغِيسَ وَغَيْرَهَا، وَقَسَّمَ الْغَنِيمَةَ بَيْنَ النَّاسِ، فَأَصَابَ الرَّجُلُ ثَمَانِمِائَةَ دِرْهَمٍ. قُلْتُ: وُثِّقَ الْمُفَضَّلُ، وَلَهُ حديث عن النعمان بن البشير فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ حَاجِبِ عَنْهُ، وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَكَانَ جَوَّادًا مُمَدَّحًا.

حوادث سنة ثلاث ومائة

حَوَادِثُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: عَطَاءُ بن يسار مولى ميمونة في قوله. عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث. عمر بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدَةَ، مِصْرِيٌّ مُقِلٌّ. مُجَاهِدٌ، فيها أو في سنة اثنين. مُصْعَبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ مُقْرِئُ الْكُوفَةَ. يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ نَزِيلُ الرِّقَّةِ. يَزِيدُ بْنُ حُصَيْنٍ السَّكُونِيُّ. وَفِيهَا قُتِلَ أَمِيرُ الأَنْدَلُسِ السَّمْحُ بْنُ مَالِكٍ الْخَوْلانِيُّ، قَتَلَتْهُ الرُّومُ يوم التروية.

حوادث سنة أربع ومائة

حوادث سنة أربع ومائة ... حوادث سنة أربعة وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ الْكُلاعِيُّ الْحِمْصِيُّ. عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، فِيهَا، قِيلَ قَبْلَ المائة. عامرالشعبي عَالِمُ الْعِرَاقِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ الشَّاعِرُ. عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَدِيٍّ الْبَهْرَانِيُّ. عبد الأعلى بن الهلال السَّلَمِيُّ أَبُو النَّضْرِ. عُمَيْرٌ مَوْلَى آلِ الْعَبَّاسِ. مجاهد في فول الْقَطَّانِ. وَابْنُ الْمَدِينِيِّ. يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الحطاب اللَّخْمِيُّ. أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ. أبو سلمة بن عبد الرحمن، فيها في قَوْلٌ. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ نَهْرِ الرَّانِ، فَالْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ، وَعَلَى أُولَئِكَ ابْنُ الْخَاقَانِ، وَذَلِكَ بِقُرْبِ بَابِ الأَبْوَابِ، وَنَصَرَ اللَّهُ الإِسْلامَ وَرَكَبَ الْمُسْلِمُونَ أُقْفِيَةَ التُّرْكِ قَتْلا وَأَسْرًا وَسَبْيًا.

حوادث سنة خمس ومائة

حَوَادِثُ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي قَوْلٍ. رُزَيْقُ بْنُ حَيَّانَ بْنِ الْفَزَارِيِّ مَوْلاهُمْ. سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. فِي قَوْلِ الْمَدَائِنِيِّ، وَالصَّحِيحُ سَنَةَ بضعٍ وَتِسْعِينَ كَمَا تَقَدَّمَ. سُلَيْمَانُ بْنُ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيُّ. سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ الْمَدَنِيُّ. عِمَارَةُ بْنُ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ. وَالْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ الأَسَدِيُّ. يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَفِيهَا زَحَفَ الْخَاقَانُ وَخَرَجَ مِنَ الْبَابِ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ مِنَ التُّرْكِ وَقَصَدَ أَرْمِينِيَّةَ، فَسَارَ إِلَيْهِ الْجَرَّاحُ الْحَكَمِيُّ فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا، ثُمَّ كَانَتِ الْهَزِيمَةُ عَلَى الْكُفَّارِ، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.

حوادث سنة ست ومائة

حَوَادِثُ سَنَةَ ستٍّ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ فِي قَوْلٍ. سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعَدَوِيُّ الْفَقِيهُ. طَاوُسُ بْنُ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ. أَبُو مِجْلَزٍ لاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ السَّدُوسِيُّ. وَفِيهَا عُزِلَ مُتَوَلِّي الْعِرَاقِ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ بِخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ فَدَخَلَ خَالِدٌ وَاسِطَ بَغْتَةَ وَأَبُو الْمُثَنَّى عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ يَتَهَيَّأُ لِصَلاةِ الْجُمْعَةِ وَيُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: هَكَذَا تَقُومُ السَّاعَةُ بَغْتَةً، فَقَيَّدَهُ خَالِدٌ وَأَلْبَسَهُ مِدْرَعَةَ صوفٍ وَحَبَسَهُ، ثُمَّ إِنَّ غِلْمَانَ ابْنِ هُبَيْرَةَ اكْتَرَوْا دَارًا إِلَى جَانِبِ السِّجْنِ فَنَقَّبُوا سَرَبًا إِلَى السِّجْنِ وَأَخْرَجُوهُ مِنْهُ، فَهَرَبَ إِلَى الشَّامِ، وَاسْتَجَارَ بِالأَمِيرِ مَسْلَمَةَ أَخِي الْخَلِيفَةِ، فَأَجَارَهُ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ، وَقَدْ وُلِّيَ الْعِرَاقَ ثَلاثَةَ أَعْوَامٍ. وَفِيهَا غَزَا مُسْلِمُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَسْلَمَ فَرْغَانَةَ، فَلَقِيَهُ ابْنُ خَاقَانَ فِي جَمْعٍ كبيرٍ من تركستان، فَقُتِلَ ابْنُ أَخِي خَاقَانَ فِي طائفةٍ كَبِيرَةٍ. وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ خالدٌ الْقَسْرِيُّ عَلَى إِقْلِيمِ خُرَاسَانَ أَخَاهُ أَسَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نِيَابَةً عَنْهُ. وَفِيهَا دَخَلَ الْجَرَّاحُ الْحَكَمِيُّ وَغَوَّرَ فِي أَرْضِ الْخَزَرِ، فَصَالَحَتْهُ اللانُ، وَأَعْطُوهُ الْجِزْيَةَ وَخَرَاجَ أَرْضِهِمْ. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ خَلِيفَةُ الْوَقْتِ هِشَامٌ، وَاللَّهُ أعلم.

حوادث سنة سبع ومائة

حَوَادِثُ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ الله عنهما. وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ. وعِكْرِمَةُ الْبَرْبَرِيُّ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ بخلفٍ فيه. والقاسم أبو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَكُثَيِّرُ عَزَّةَ الْخُزَاعِيُّ. وَفِيهَا عُزِلَ الْجَرَّاحُ الْحَكَمِيّ عَنْ إِمْرَةِ أَذْرَبَيْجَانَ وَأَرْمِينِيَّةَ بِمُسْلِمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَنَهَضَ مُسْلِمَةُ فَغَزَا قَيْصَرِيَّةَ الرُّومِ وَافْتَتَحَهَا بِالسَّيْفِ. وَفِيهَا غَزَا أَسَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ مُتَوَلِّي خُرَاسَانَ بِلادِ غَرْشِسْتَانَ، فَانْكَسَرَ الْمُسْلِمُونَ وَاسْتُشْهِدَ طائفةٌ وَرَجَعَ الْجَيْشُ مَجْهُودِينَ جَائِعِينَ.

حوادث سنة ثمان ومائة

حَوَادِثُ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ فِي قولٍ. مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقَرَظِيُّ الْمَدَنِيُّ. يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشِّخِّيرُ أَبُو الْعَلاءِ. أَبُو نَضْرَةَ الْعَبْدِيُّ الْمُنْذِرُ. وَفِيهَا غَزَا أَسَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ بِلادَ الْغُورِ، فَالْتَقُوهُ فِي جيشٍ لَجْبٍ، فَهَزَمَهُمْ أَسَدٌ. وَفِيهَا زَحَفَ ابْنُ الْخَاقَانِ إِلَى أذربيجان ونازل مدينة ورثان، ورماها بِالْمَجَانِيقِ، فَسَارَ إِلَيْهِ مُتَوَلِّي تِلْكَ النَّاحِيَةِ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو، فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ ابْنُ الْخَاقَانِ، وقُتِلَ خلقٌ مِنْ جَيْشِهِ، وَاسْتُشْهِدَ أَيْضًا الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو. وَفِيهَا غَزَا وَلَدُ الْخَلِيفَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ أَرْضَ الرُّومِ، فَجَهَّزَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْبِطَّالَ إِلَى خَنْجَرَةَ فَافْتَتَحَهَا.

حوادث سنة تسع ومائة

حَوَادِثُ سَنَةَ تسعٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: بِشْرُ بْنُ صَفْوَانَ الْكَلْبِيُّ أَمِيرُ الْمَغْرِبِ. سَعْدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ. أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ. أَبُو نَجِيحٍ يَسَارٌ الْمَكِّيُّ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ. وَفِيهَا غَزَا فِي الصَّيْفِ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَافْتَتَحَ حِصْنًا مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، وَغَزَا أَيْضًا مُسْلِمَةُ فَجَهَّزَ جَيْشًا شَتُّوا بِأَذْرَبِيجَانَ.

حوادث سنة عشر ومائة

حَوَادِثُ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ الأَعْرَجُ. جَرِيرٌ التّيمي الشَّاعِرُ. الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ سَيِّدُ زَمَانِهِ. أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ فِي قولٍ. عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْمَذْبُوحُ فِي قَوْلِ.

الْفَرَزْدَقِ وَهُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبٍ. مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ الْبَصْرِيُّ. وَنُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ الأَشْجَعِيُّ الْكُوفِيُّ. وَفِيهَا غَزَا مُسْلَمَةُ بِلادَ الْخَزَرِ، وَتُسَمَّى غزوة الطين، التقى هو وملك الخزر وَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا، وَكَانَتْ مَلْحَمَةً مَشْهُورَةً هَزَمَ اللَّهُ فِيهَا الْكُفَّارَ فِي سَابِعِ جُمادَى الآخِرَةِ. وَفِيهَا افْتَتَحَ مُعَاوِيَةُ وَلَدُ هِشَامٍ حِصْنَيْنِ كَبِيرَيْنِ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ. وَفِيهَا قَدِمَ إِلَى إِفْرِيقِيَةَ عُبَيْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّكْوَانِيُّ أَمِيرًا عَلَيْهَا، فَجَهَّزَ وَلَدَهُ وَأَخَاهُ، فَالْتَقَوْا الْمُشْرِكِينَ، فَنَصَرَ اللَّهُ تَعَالَى وَأُسِرَ طَاغِيَةُ الْقَوْمِ وَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ.

تراجم أعيان هذه الطبقة على حروف المعجم

تَرَاجِمُ أَعْيَانِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ1 -م4- بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُميَّةَ، أَبُو سَعِيدٍ القرشي الأموي المدني، وَإِنَّمَا أَعَدْتُهُ لِلْخُلْفِ فِي مَوْتِهِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَنَبِيهُ بْنُ وَهْبٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَحَدُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ الثِّقَاتُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ بِهِ وضحٌ كَثِيرٌ وصممٌ وَأَصَابَهُ الْفَالِجُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. تُوُفِّيَ أَبَانٌ بِالْمَدِينَةِ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ قَبْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 2- إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن حنين2 -ع- أبو إسحاق المدني مولى آل العبّاس.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 151-153"، والجرح والتعديل "2/ 295" والتاريخ الكبير "1/ 450-451"، تهذيب الكمال "2/ 16-19" سير أعلام النبلاء "4/ 351-353" تهذيب التهذيب "1/ 97"، البداية والنهاية "9/ 233". 2 التاريخ الكبير "1/ 99-300"، الجرح والتعديل "2/ 108"، تهذيب الكمال "2/ 124"، تهذيب التهذيب "1/ 133-134"، سير أعلام النبلاء "4/ 604-605".

رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَرْسَلَ عَنْ عليّ -رضي الله عنهم. وَعَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَاللَّيْثِيُّ، وَابْنُ عَجْلانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عبد الله1 -م د ن- بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الهاشمي المدني. سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَمَيْمُونَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. وَكَانَ ثِقَةً. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بن طلحة2 -بخ م4- بْن عُبَيْد الله القرشي التيمي المدني أَبُو إسحاق. رَوَى عَنْ: سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وأبي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعِدَّةٍ، وَكَانَ مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ قَوَّالا بِالْحَقِّ بَلِيغًا وَقُورًا كَبِيرَ الْقَدْرِ. رَوَى عَنْهُ: سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقَاضِي، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، وَطَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى أَحَدُ بَنِي عَمِّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّلْحِيُّ، وَآخَرُونَ. وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَجْلَسَهُ عَلَى فَرْشِهِ فَنَصَحَهُ وَوَعَظَهُ. قَالَ الْعِجْلِيُّ: تابعيٌّ ثقةٌ رجلٌ صَالِحٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ يُسَمَّى أَسَدُ قُرَيْشٍ، كَانَ شَرِيفًا صَبَّارًا أَعْرَجَ وُلِّيَ خَرَاجُ الْعِرَاقِ لابن الزّبير. توفي سنة عشرٍ ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 302-303" الجرح والتعديل "2/ 108" تهذيب الكمال "2/ 130"، تهذيب التهذيب "1/ 137". 2 الطبقات الكبرى "5/ 52"، التاريخ الكبير "1/ 315-316"، الجرح والتعديل "2/ 124" الثقات لابن حبان "4/ 5"، تهذيب التهذيب "1/ 153-154"، سير أعلام النبلاء "4/ 562-563".

5- الأَحْوَصُ الشَّاعِرُ1 أَبُو عَاصِمٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عُثْمَانَ بن عبد الله بن محمد بْنِ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ الأَنْصَارِيُّ. نَفَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى دَهْلَكَ لِكَثْرَةِ هِجَائِهِ. قَالَ عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَلَطَمَ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ الْغِفَارِيَّ وَجَرَّ بِرِجْلِهِ، وَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى مَرْكَبٍ فِي الْبَحْرِ، فَنَفَاهُ إِلَى دَهْلَكَ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا الأَحْوَصَ، فَكَانَ أَهْلُهَا يَقُولُونَ: جَزَى اللَّهُ عَنَّا يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ خَيْرًا، أَخَذَ عَنَّا رَجُلا عَلَّمَ أَوْلادَنَا الْبَاطِلَ وَأَقْدَمَ عَلَيْنَا رَجُلًا علَّمَنَا الْخَيْرَ. وَالْحَوْصُ هُوَ ضيقٌ فِي آخِرِ الْعَيْنِ. وَقِيلَ: بَلِ الَّذِي نَفَاهُ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَكَانَ يُشَبِّبُ بِعَاتِكَةَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ إِذْ يَقُولُ: يَا بَيْتَ عَاتِكَةَ الَّتِي أَتَغَزَّلُ ... حَذَرَ الْعِدَى وَبِهِ الْفُؤَادُ مُوَكَّلُ إنِّي لأَمْنَحُكَ الصُّدُودَ وَإِنَّنِي ... قَسَمًا إِلَيْكَ مَعَ الصُّدُودِ لأَمْيَلُ وَلَقَدْ نَزَلْتَ مِنَ الفؤاد بمنزلٍ ... ماكان غَيْرُكَ وَالأَمَانَةُ يُنْزَلُ وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْكَ بَعْضَ صَبَابَتِي ... وَلِمَا كَتَمْتُ مِنَ الصَّبَابَةِ أَطْوَلُ هَلْ عَيْشُنَا بِكَ فِي زَمَانِكَ راجعٌ ... فَلَقَدْ تَفَحَّشَ بُعْدُكَ الْمُتَعَلِّلُ أَعْرَضْتُ عَنْكَ وَلَيْسَ ذَاكَ لبغضةٍ ... أَخْشَى مَقَالَةَ كاشحٍ لا يَعْقِلُ 6- إِسْحَاقُ بْنُ عبد الله2 د -بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَبُو يَعْقُوبَ الْهَاشِمِيُّ البصري. عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأُمِّ الْحَكَمِ بِنْتِ الزبير بن عبد المطلب. وعنه: قتادة، وحمبد الّطَوِيلُ، وَعَوْفٌ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَآخَرُونَ. وثقه أحمد بن عبد الله العجلي.

_ 1 طبقات ابن سلام "655"، سير أعلام النبلاء "4/ 593"، الأغاني "4/ 224-268". 2 التاريخ الكبير "1/ 394-395" الجرح والتعديل "2/ 227"، تهذيب الكمال "2/ 442-443"، الطبقات الكبرى "5/ 223"، الثقات لابن حبان "6/ 46"، تهذيب التهذيب "1/ 239".

7- إسحاق بن قبيصة1 -ق- بن ذؤيب الخزاعي الدمشقي. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ نَاظِرَ دِيوَانِ الزَّمْنَى بِدِمَشْقَ، لَهُ حديث واحدٌ عند ابن ماجه. 8- إسحاق مولى زائدة2 -م د ن- رَوَى عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْه: ابْنُهُ عُمَرُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيُّ، وأسامة بن زيد الليثي، وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَالْعَلاءُ بن عبد الرحمن، وآخرون. وثقه ابن معين. 9- أسلم العجلي3 -د ت ن- عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَبِشْرِ بْنِ شَغَافٍ، وَأَبِي مُرَايَةَ الْعِجْلِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ أَشْعَثُ، وَشُمَيْطُ بْنُ عَجْلانَ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 10- الأَسْوَدُ بْنُ سعيد الهمذاني4 -د- الكوفي، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَمَعْنُ بْنُ يَزِيدَ، وَأَبُو إسرائيل الملائي.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 400"، الجرح والتعديل "2/ 231-232"، تهذيب الكمال "2/ 468-469"، تهذيب التهذيب "1/ 427". 2 الطبقات الكبرى "5/ 306"، التاريخ الكبير "1/ 396-3978"، الثقات لابن حبان "4/ 23"، الجرح والتعديل "2/ 239-239"، تهذيب الكمال "2/ 500-501"، تهذيب التهذيب "1/ 258". 3 التاريخ الكبير "2/ 24" الجرح والتعديل "2/ 306-307"، الثقات لابن حبان "6/ 46"، تهذيب الكمال "2/ 529"، تهذيب التهذيب "265-266". 4 التاريخ الكبير "1/ 446"، الجرح والتعديل "2/ 292-293"، تهذيب الكمال "3/ 223-224"، تهذيب التهذيب "1/ 339".

له حديث في الملاحم. 11- أصبغ عن نباتة1 -ق- الدرامي ثم المجاشعي الكوفي، أبو القاسم، عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ. وَعَنْهُ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَالأَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: منُكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: كَانَ يَقُولُ بِالرَّجْعَةِ. 12- أَيْفَعُ بْنُ عَبْدِ الْكَلاعِيِّ2 شَامِيٌّ أَظُنُّهُ خَطَبَ بِحِمْصَ. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَرْسَلَ حَدِيثَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عَن صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو وَقَالَ: أُمِّرَ عَلَيْنَا مَرَّةً فِي الْغَزْوِ، وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ حِمْصٍ، قَدْ غَلَطَ غَيْرَ وَاحِدٍ وَعَدَّهُ فِي الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ عَبْدَانُ الْمَرْوَزِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ، وَأَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ، وَاغْتَرُّوا بِمَا أَرْسَلَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ. 13- أَيُّوبُ بن بشير3 -د- بن كعبٍ العدوي البصري. له وفادةٌ على سليمان بن عبد الملك. رَوَى عَنْ رجلٍ تَابِعِيٍّ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَقَتَادَةُ، وَسِمَاكٌ الْمِرْبَدِيُّ. وَهُوَ مقلٌ لا يكاد يعرف.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 35"، الجرح والتعديل "2/ 319-320"، الكامل لابن عدي "1/ 398"، المجرومين لابن حبان "1/ 173"، ميزان الاعتدال "1/ 271"، تهذيب التهذيب "1/ 362-363". 2 التاريخ الكبير "2/ 63-64"، الجرح والتعديل "2/ 341"، تهذيب الكمال "3/ 442"، الكامل لابن عدي "1/ 410"، ميزان الاعتدال "1/ 283"، تهذيب التهذيب "1/ 391-392". 3 التاريخ الكبير "1/ 409"، الجرح والتعديل "2/ 242"، ميزان الاعتدال "1/ 285"، تهذيب التهذيب "1/ 397".

14- أَيُّوبُ بْنُ شُرَحْبِيلِ1 بْنِ أكْسُومِ بْنِ أَبْرَهَةَ بْنِ الصَّبَّاحِ الأَصْبَحِيُّ الْحِمْيَرِيُّ، وَأُمُّهُ أُمُّ أيُّوبَ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ. وُلِّيَ مِصْرُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْه أَبُو قَبِيلٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِهْرَانَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ. "حرف الباء": 15- بسر بن عبيد الله2 -ع- الحضرمي الشامي. عَنْ: وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، وَرُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَزَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً جَلِيلَ الْقَدْرِ. قَالَ أَبُو مِسْهَرٍ: هُوَ أَحْفَظُ أَصْحَابِ أَبِي إِدْرِيسَ رَحِمَهُ اللَّهُ. 16- بِشْرُ بن صفوان الكللبي3 أَمِيرُ إِفْرِيقِيَةَ. وُلِّيَ الْمَغْرِبَ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ، وَلَمَّا احْتَضَرَ وُلِّيَ عَلَى النَّاسِ قعاس بْنُ قُرْطٍ الْكَلْبِيُّ. تُوُفِّي بِشْرُ سَنَةَ تسعٍ وَمِائَةٍ. 17- بُشَيْرُ بن يسار المدني4 -ع- مولى الأنصار.

_ 1 كتاب الولاة وكتاب القضاة "67-69"، النجوم الزاهرة "1/ 237". 2 التاريخ الكبير "2/ 142"، الجرح والتعديل "2/ 423"، الثقات لابن حبان "6/ 109"، تهذيب الكمال "4/ 75-77"، سير أعلام النبلاء "4/ 592"، تهذيب التهذيب "1/ 438". 3 كتاب الولاة وكتاب القضاة للكندي "69-71"، النجوم الزاهرة "1/ 244-245". 4 الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 303"، الجرح والتعديل "2/ 394-395"، تهذيب الكمال "4/ 187-188"، سير أعلام النبلاء "4/ 591-592"، تهذيب التهذيب "1/ 472".

عَنْ: رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثَمَةَ، وَسُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ، وَمُحَيَّصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ فَقِيهًا أَدْرَكَ عَامَّةَ الصَّحَابَةِ. قلت: وليس هُوَ أخا لسليمان بْن يسار. 18- بَعْجَةُ بْنُ عبد الله1 -خ م ت ن ق- بن بدر الجهني، مِنْ بَادِيَةِ الْحِجَازِ. عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَبُو حَازِمٍ الْمَدِينِيُّ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. وَثَّقَهُ النسائي. 19- بكر بن عبد الله2 -ع- ابْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، أَحَدُ الأَعْلامِ. عَنْ: الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَابْنِ عباس، وابن عمر، وأنس، وَابْنِ رَافِعٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَحَبِيبٌ الْعَجَمِيُّ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ، وَغَالِبٌ الْقَطَّانُ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً ثبتًا كثيرا الْحَدِيثِ حُجَّةً فَقِيهًا. قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: الْحَسَنُ شَيْخُ الْبَصْرَةِ، وَبَكْرٌ الْمُزَنِيُّ فَتَاهَا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ الْمُزَنِيُّ: حَدَّثَتْنِي أُخْتِي أَنَّهَا سمعت أبانا يقول: عزمت على

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 149"، الجرح والتعديل "2/ 427"، تهذيب التهذيب "1/ 473"، الإصابة "1/ 182". 2 الطبقات الكبرى "7/ 209-211"، التاريخ الكبير "2/ 90-91"، الجرح والتعديل "2/ 388"، الثقات لابن حبان "4/ 74"، حلية الأولياء "2/ 224-232"، سير أعلام النبلاء "4/ 532-536"، البداية والنهاية "9/ 256"، تهذيب التهذيب "1/ 484".

نَفْسِي أَنْ لا أَسْمَعَ قَوْمًا يَذْكُرُونَ الْقَدَرَ إِلا قُمْتُ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ1. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ أَيْضًا: سَمِعْتُ فُلانًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أَنَّهُ كَانَ وَاقِفًا بِعَرَفَةَ فَرَقَّ فَقَالَ: لَوْلا أَنِّي فِيهِمْ لَقُلْتُ: قَدْ غُفِرَ لَهُمْ2. أَبُو هِلالٍ، عَنْ غَالِبٍ، عَنْ بَكْرٍ أَنَّهُ لَمَّا ذُهِبَ بِهِ لِلْقَضَاءِ قَالَ: إِنِّي سَأُخْبِرُكَ عَنِّي أَنِّي لا عِلْمَ لِي وَاللَّهِ بِالْقَضَاءِ، فَإِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَمَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تستعملني، وإن كنتت كاذبًا فيما يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَسْتَعْمِلَ كَاذِبًا3. حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ بَكْرٍ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَعِيشَ عَيْشَ الأَغْنِيَاءِ وَأَمُوتَ مَوْتَ الْفُقَرَاءِ، فَكَانَ لِذَلِكَ يَلْبَسُ كِسْوَتَهُ ثُمَّ يَجِيءُ إِلَى الْمَسَاكِينَ فَيَجْلِسُ مَعَهُمْ يُحَدِّثُهُمْ وَيَقُولُ: إِنَّهُمْ يَفْرَحُونَ بِذَلِكَ4. مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ أَنَّ بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ قِيمَةُ كِسْوَتِهِ أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَكَانَتْ أُمُّهُ ذَاتَ ميسرةٍ، وكَانَ لَهَا زوجٌ كَثِيرُ الْمَالِ5. عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو التَّقِيُّ، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَوْشَنٍ قَالَ: اشْتَرَى بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ طَيْلَسَانًا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَأَرَادَ الْخَيَّاطُ أَنْ يَقْطَعَهُ، فَذَهَبَ لِيَذُرَّ عَلَيْهِ تُرَابًا، فَقَالَ لَهُ بَكْرٌ: كَمَا أَنْتَ، فَأَمَرَ بكافورٍ فَسُحِقَ، ثُمَّ ذَرَّهُ عَلَيْهِ6. عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ: ثَنَا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ: سَمِعْتُ بَكْرًا الْمُزَنِيَّ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: أَصْبَحْتُ لا أَمْلِكُ مَا أَرْجُو وَلا أَدْفَعُ عَنْ نَفْسِي مَا أَكْرَهُ، أَمْرِي بِيَدِ غَيْرِي، وَلا فَقِيرَ أَفْقَرُ مِنِّي7. أَبُو الأَشْهَبِ: سَمِعْتُ بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا رِزْقًا يَزِيدُ لَكَ شُكْرًا، وَإِلَيْكَ فَاقَةً وَفَقْرًا، وبك عمن سواك غنى8.

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 209"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 225". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 209". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 210". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 210"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 227". 5 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 210". 6 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 210". 7 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 210-211". 8 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 211"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 225".

مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: حَضَرَ الْحَسَنُ جَنَازَةَ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى حِمَارٍ، فَرَأَى النَّاسَ يَزْدَحِمُونَ فَقَالَ: مَا يُؤْزِرُونَ أَكْثَرُ مِمَّا يُؤْجَرُونَ، كَانَ الْقَوْمُ يَنْظُرُونَ، فَإِنْ قَدِرُوا عَلَى عَمَلِ الْجَنَازَةِ أَعْقَبُوا إِخْوَانَهُمْ1. قَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: تُوُفِّيَ بَكْرٌ سَنَةَ ستٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُ واحدٍ: سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ، وَأَظُنُّهُ أَصَحُّ. 20- بَكْرُ بْنُ مَاعِزٍ أَبُو حَمْزَةَ الْكُوفِيُّ2. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ، وَالرَّبِيعِ بن خيثم. وَعَنْهُ: يونس بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَنُسَيْرُ بْنُ ذُعْلُوقٍ، وَسَعْدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الْكُوفِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. "حرف التَّاءِ": 21- تُبَيْعُ بْنُ عَامِرٍ الْحِمْيَرِيّ3 -ن- ابْنِ امْرَأَةِ كَعْبٍ الأَحْبَارِ. نَزَلَ الشَّامَ. يُقَالُ إِنَّهُ أَسْلَمَ زَمَنَ الصِّدِّيقِ. رَوَى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَكَعْبٍ. وعنه: مجاهد، وعطاء، وأبو قبيل المصري، وحكيم بن عمير الحمصي، وحيان أبو النضر، وغيرهم. وكان يقال له تبيع صَاحِبُ الْمَلاحِمِ، قَرَأَ الْكُتُبَ وَنَظَرَ فِي سِيَرِ الأَوَّلِينَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى ومائة.

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 211". 2 الطبقات الكبرى "6/ 310"، الجرح والتعديل "2/ 392"، الثقات لابن حبان "6/ 102"، تهذيب الكمال "4/ 226-227"، تهذيب التهذيب "1/ 486-487". 3 الطبقات الكبرى "7/ 452"، التاريخ الكبير "2/ 159"، الجرح والتعديل "2/ 447"، سير أعلام النبلاء "4/ 413-414"، تهذيب الكمال "4/ 312-318"، تهذيب التهذيب "1/ 508-509"، الإصابة "1/ 187".

يُكْنَى أَبَا غُطَيْفٍ، قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَإِنَّهُ كلاعيٌ مِنْ أُلْهَانَ. وَكَنَّاهُ الْبُخَارِيُّ أَبَا عُبَيْدٍ. وكناه صَاحِبُ تَارِيخِ حِمْصٍ: أَبَا عُبَيْدَةَ، مَاتَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ. 22- تَمِيمُ بْنُ نُذَيْرٍ1 أَبُو قَتَادَةَ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وَعَنْهُ: حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف الثاء": 23- ثمامة بن حزن2 -م ت س- القشيري البصري. مخضرمٌ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ وَلَهُ خمسٌ وَثَلاثُونَ سنة. وثقه ابن مَعِينٍ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَائِشَةَ، وَغَلَطَ مَنْ قَالَ لَهُ صُحْبَةٌ. رَوَى عَنْهُ: الْجُرَيْرِيُّ، وَالأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الفضل الحراني. وثقة ابن مَعِينٍ، وَحَدِيثُهُ مِنْ أَعْلَى شيءٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. "حرف الْجِيمِ": 24- جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ3 أَبُو الشَّعْثَاءِ، فَقِيهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، قَدْ مَرَّ. وَقَالَ ابن سعد: توفي سنة ثلاثٍ ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 151"، الجرح والتعديل "2/ 441"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 88"، الإصابة "1/ 188". 2 التاريخ الكبير "2/ 176-177"، الجرح والتعديل "2/ 465"، تهذيب الكمال "4/ 401-403"، أسد الغابة "1/ 248"، تهذيب التهذيب "2/ 27". 3 الطبقات الكبرى "7/ 179-182"، التاريخ الكبير "2/ 204"، الجرح والتعديل "2/ 492-495"، حلية الأولياء "3/ 85-91"، تهذيب الكمال "4/ 434-436"، سير أعلام النبلاء "4/ 481-483"، البداية والنهاية "9/ 93"، تهذيب التهذيب "2/ 38-39".

25- جَرِيرُ بْنُ الْخَطَفَى1 وَهُوَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ سَلَمَةَ، أَبُو حَزْرَةَ التَّمِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ. مَدَحَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الأُمَوِيِّينَ، وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهَى وَإِلَى الْفَرَزْدَقِ فِي حُسْنِ النَّظْمِ. فَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرًا وَمَا يَضُمُّ شَفَتَيْهِ مِنَ التَّسْبِيحِ، فَقُلْتُ: ما ينفعك هذا وأنت تقذق الْمُحْصَنَاتِ! فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا الله لا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 115] وعد من الله حقٌ. وعن بشار قَالَ: كَانَ جَرِيرٌ يُحْسِنُ ضُرُوبًا مِنَ الشِّعْرِ لا يحسنها الفرزدق. روى عن مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ عَنْ يُونُسَ قَالَ: كَانَ الْفَرَزْدَقُ يَتَضَوَّرُ وَيَجْزَعُ إِذَا أَنْشَدَ لِجَرِيرٍ، وَكَانَ جَرِيرٌ أَصْبَرَهُمَا. قَالَ بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الشَّامِ عَلَى جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ وَالأَخْطَلِ، وَالأَخْطَلُ دُونَهُمَا، وَمِمَّنْ فَضَّلَ جَرِيرًا عَلَى الْفَرَزْدَقِ: ابْنُ هَرِمَةَ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ هِلالٍ. قَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ: قَالَ الْفَرَزْدَقُ لامْرَأَتِهِ النَّوَّارِ: أَنَا أَشْعَرُ أَمِ ابْنُ الْمَرَاغَةِ؟ قَالَتْ: غَلَبَكَ عَلَى حُلْوِهِ وَشَرِكَكَ فِي مُرِّهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: ذَاكَرْتُ مَرْوَانَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ فَقَالَ: ذَهَبَ الْفَرَزْدَقُ بِالْفَخَارِ وَإِنَّمَا ... حُلْوُ الْقرِيضِ وَمُرُّهُ لِجَرِيرٍ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنِ أَبِيهِ، أَنَّ أَعْرَابيًّا مَدَحَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ فَأَحْسَنَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: تَعْرِفُ أَهْجَى بيتٍ فِي الإِسْلامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَوْلُ جَرِيرٍ: فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نميرٍ ... فَلا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلا كِلَابَا قَالَ: أَصَبْتَ، فَهَلْ تَعْرِفُ أَرَقَّ بَيْتٍ قِيلَ فِي الإِسْلامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَوْلُ جَرِيرٍ. إِنَّ الْعُيُونَ الَّتِي فِي طَرْفِهَا مَرَضٌ ... قَتَلْنَنَا ثُمَّ لَمْ يُحْيِينَ قَتْلانَا يَصْرَعْنَ ذَا اللُّبِّ حَتَّى لا حَرَاكَ بِهِ ... وَهُنَّ أَضْعَفُ خلق الله أركانا

_ 1 الأغاني "8/ 1-89"، البداية والنهاية "9/ 260-265"، سير أعلام النبلاء "4/ 590-591"، شذرات الذهب "1/ 140".

قَالَ: أَحْسَنْتَ، فَهَلْ تَعِرفُ جَرِيرًا؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ وَإِنِّي إِلَى رُؤْيَتِهِ لَمُشْتَاقٌ، قَالَ: فَهَذَا جَرِيرٌ، وَهَذَا الأَخْطَلُ، وَهَذَا الْفَرَزْدَقُ، فَأَنْشَأَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: فَحَيَّا الإِلَهُ أَبَا حزرةٍ ... وَأَرْغَمَ أَنْفَكَ يَا أخْطَلُ فَأَنْشَأَ الْفَرَزْدَقَ يَقُولُ: بَلْ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفًا أَنْتَ حَامِلُهُ ... يَا ذَا الْخَنَا وَمَقَالِ الزُّورِ والْخَطَلِ مَا أَنْتَ بِالْحَكَمِ لِتَرْضَى حُكُومَتَهُ ... وَلا الأَصِيلُ وَلا ذِي الرَّأْيِ وَالْجَدَلِ فَغَضِبَ جَرِيرٌ وَقَالَ أَبْيَاتًا، ثُمَّ وَثَبَ فَقَبَّلَ رَأْسَ الأَعْرَابِيِّ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَائِزَتِي لَهُ؟ وَكَانَتْ كُلَّ سَنَةٍ خَمْسَةُ عَشْرَ أَلْفًا؟ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلَهُ مِثْلُهَا مِنِّي. قَالَ نَفْطَوَيْهِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُزَنِيُّ أَنَّ جَارِيَةً قَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: يَدْخُلُ عَلَيْكَ جَرِيرٌ فَيُشَبِّبُ بِالْحُرُمِ، قَالَ: مَا عَلِمْتُهُ إِلا عَفِيفًا، قَالَتْ: فَأَخْلِنِي وَإِيَّاهُ، فأخلاهما، فقالت: يا جرير، فنكس رأسه، وَقَالَ هَأَنَذَا، قَالَتْ: بِاللَّهِ أَنْشِدْنِي قَوْلَكَ: أُوَانِسُ أَمَّا مَنْ أَرَدْنَ عَنَاءَهُ ... فعانٍ وَمَنْ أَطْلَقْنَ فَهُوَ طَلِيقُ دَعَوْنَ الْهَوَى ثُمَّ ارْتَمَيْنَ قُلُوبَنَا ... بِأَسْهُمِ أعداءٍ وَهُنَّ صَدِيقُ فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ هَذَا وَلَكِنِّي الْقَائِلُ: وَمَنْ يَأْمَنُ الْحَجَّاجَ أَمَّا نَكَالُهُ ... فصعبٌ وَأَمَّا عَهْدُهُ فَوَثِيقُ يُسِرُّ لَكَ الْبَغْضَاءَ كُلُّ منافقٍ ... كَمَا كُلُّ ذِي دينٍ عَلَيْكَ شَفِيقُ وَلِجَرِيرٍ: يَا أُمَّ نَاجِيَةَ السَّلامُ عَلَيْكُمُ ... قَبْلَ الرَّحِيلِ وَقَبْلَ يَوْمِ الْمَعْدَلِ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ آخِرَ عَهْدِكُمْ ... يَوْمَ الرَّحِيلِ فَعَلْتُ مَا لَمْ أَفْعَلِ تُوُفِّيَ جَرِيرٌ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ بَعْدَ الْفَرَزْدَقِ بِشَهْرٍ. 26- جعفر بن عمرو بن حريث1 -م د ن ق- أبو عون المخزومي الكوفي.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 193"، والجرح والتعديل "2/ 484"، تهذيب الكمال "1/ 198"، تهذيب التهذيب "2/ 101".

عَنْ: أَبِيهِ وَعَنْ جَدِّهِ لِأُمِّهِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ. وَعَنْهُ: مُسَاوِرٌ الْوَرَّاقُ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَمَعْنٌ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَسْعُودِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ جَدُّ الْمُحَدِّثِ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ الْعُمَرِيِّ. 27- جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ1 أَبُو الأَسْوَدِ التَّيْمِيُّ تَيْمُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ، كُوفِيٌّ جَلِيلٌ. عَنْ: عَائِشَةَ: وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: صَدَقَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَكَثِيرٌ النَّوَّاءُ، وَحَكِيمُ بن جبير، وأبو الجحاف دواو بْنُ أَبِي عَوْفٍ، وَالصَّلْتُ بْنُ بِهْرَامَ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كوفيٌ مِنْ عُتَقِ الشِّيعَةِ مَحَلُّهُ الصَدْقُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: هُوَ مِنْ أَكْذَبِ النَّاسِ، كَانَ يَقُولُ الْكَرَاكِيُّ تَفْرِخُ فِي السَّمَاءِ ولا تقع فراخها. وقال ابن حيان: رافضيٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ. "حرف الْحَاءِ": 28- الْحَارِثُ بْنُ مِخْمَرٍ2 أَبُو حَبِيبٍ الظَّهْرَانِيُّ الْحِمْصِيُّ، وُلِّيَ قَضَاءُ حِمْصَ وَقَضَاءُ دِمَشْقَ زَمَنَ الْوَلِيدِ. وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ مُنْقَطِعَةٌ، وَسَمِعَ مِنَ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ. وَعَنْهُ: الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حريز بن عثمان، وعن الحارث بن مخمر، عن

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 2424"، الجرح والتعديل "2/ 532"، الكامل في الضعفاء "3/ 588"، المجروحين لابن حبان "1/ 218"، تهذيب الكمال "1/ 204"، ميزان الاعتدال "1/ 421"، تهذيب التهذيب "2/ 111-112". 2 التاريخ الكبير "2/ 281"، الجرح والتعديل "3/ 89-90"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 460".

أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: الإِيمَانُ يَنْقُصُ وَيَزْدَادُ. 29- حِبَّانُ بْنُ رُفَيْدَةَ الْكُوفِيُّ1 عَنِ الْحَسَنِ، وَمَسْرُوقٍ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، ابْنُهُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَيَحْيَى الْجَابِرُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ ثِقَةٌ. 30- حِبَّانُ بْنُ جَزِيءٍ السَّلَمِيُّ2 -ت ق- عَنْ أَخِيهِ خُزَيْمَةَ وَأَبِيهِ -وَلَهُمَا صُحْبَةٌ- وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن عثمان خُثَيْمٍ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي طَلِيقٍ، وَآخَرُونَ. لَهُ حديث عن الترمذي، وابن ماجه. 31- حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ3 -م4- كَاتِبُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَمَوْلاهُ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ عَرْفَطَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ، وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ ثِقَةٌ. 32- حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ4 أَبُو مَرْزُوقٍ التُّجِيبِيُّ، شَيْخٌ مصريٌ وَلَيْسَ بِالْبَصْريِّ. وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالْكُنِّيَةِ، وَكَانَ يَنْزِلُ بِطَرَابُلُسَ الْمَغْرِبِ، وكان فقيهًا.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 132-133"، الثقات لابن حبان "4/ 193"، ميزان الاعتدال "1/ 448". 2 التاريخ الكبير "3/ 89-90"، الجرح والتعديل "3/ 268"، تهذيب الكمال "1/ 224"، تهذيب التهذيب "2/ 171". 3 التاريخ الكبير "2/ 318"، الجرح والتعديل "3/ 102"، تهذيب الكمال "1/ 227"، ميزان الاعتدال "1/ 455"، تهذيب التهذيب "2/ 184". 4 التاريخ الكبير "9/ 72"، الجرح والتعديل "9/ 442"، تهذيب الكمال "3/ 1464"، ميزان الاعتدال "3/ 572".

قال ابن يونس: توفي سنة تسعٍ مائة. 33- حبيب بن يسار1 -ت ن- الكندي الكوفي. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى. وَعَنْهُ: زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْكِنْدِيُّ، وَأَبُو الْجَارُودِ زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَيُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وغيره، وحديثه قليل. 34- الحسن البصري2 -ع- ابن أبي الحسن يسار، أبو سعيد مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَيُقَالُ: مَوْلَى جَمِيلِ بْنِ قُطْبَةَ، إِمَامُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بَلْ إِمَامُ أَهْلِ الْعَصْرِ، وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ خَيِّرَةُ مَوْلاةً لأُمِّ سَلَمَةَ، فَكَانَتْ تَذْهَبُ لأُمِّ سَلَمَةَ فِي الْحَاجَةِ وَتُشَاغِلُهُ أُمُّ سَلَمَةَ بَثْدَيِهَا، فَرُبَّمَا دَرَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ نَشَأَ بِوَادِي الْقُرَى. وَقَدْ سَمِعَ عَنْ عُثْمَانَ وَهُوَ يَخْطُبُ، وَشَهَد يَوْمَ الدَّارِ، وَرَأَى طَلْحَةَ وَعَلِيًّا. وَرَوَى عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَأَبِي بَكْرَةَ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَعَمْرِو بْنِ ثَعْلَبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ كَالأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، وَحِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَصَارَ كَاتِبًا فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ لِلرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ مُتَوَلِّي خُرَاسَانَ. رَوَى عَنْهُ: أَيُّوبُ، وَثَابِتٌ، وَيُونُسُ بْنُ عَوْنٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَيَزِيدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَالرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ، وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، وَأَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ، وَأَشْعَثُ بْنُ عبد الملك،

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 327"، الجرح والتعديل "3/ 110-111"، تهذيب الكمال "1/ 230-231"، تهذيب التهذيب "2/ 192". 2 الطبقات الكبرى "7/ 156-178"، الزهد لأحمد "258"، التاريخ الكبير "2/ 289-290"، تهذيب الكمال "1/ 255-259"، الجرح والتعديل "3/ 40-42"، سير أعلام النبلاء "4/ 563-588"، حلية الأولياء "2/ 131-161"، تهذيب التهذيب "2/ 263-270".

وَأَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَشَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ، وَحَزْمٌ الْقُطَعِيُّ، وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ، وَشُمَيْطُ بْنُ عَجْلانَ، وأممٌ لا يُحْصَوْنَ. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْكِبَارِ: لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَلا مِنْ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبٍ وَلا مِنَ الأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ وَلا مِنْ عِمْرَانَ وَلا مِنْ أَبِي بَكْرَةَ. قُلْتُ: وَكَانَ يُدَلِّسُ وَيُرْسِلُ وَيُحَدِّثُ بِالْمَعَانِي، وَمَنَاقِبُهُ كثيرةٌ وَمَحَاسِنُهُ غزيرةٌ، كَانَ رَأْسًا فِي الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ، إِمَامًا مُجْتَهِدًا كَثِيرَ الاطِّلاعِ، رَأْسًا فِي الْقُرْآنِ وَتَفْسِيرِهِ، رَأْسًا فِي الْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ، رَأْسًا فِي الْحِلْمِ وَالْعِبَادَةِ، رَأْسًا فِي الزُّهْدِ وَالصِّدْقِ، رَأْسًا فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَلاغَةِ، رَأْسًا فِي الأَيْدِ وَالشَّجَاعَةِ. رَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ زَنْدًا أَعْرَضَ مِنْ زند الحسن البصري، كنا عَرْضُهُ شِبْرًا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ: أَصْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنْ مَيْسَانَ. وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ هَذَا الشَّيْخِ، يَعْنِي الْحَسَنَ1. وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو قَتَادَةَ الْعَدَوِيُّ: الْزَمُوا هَذَا الشَّيْخَ فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ بِعُمَرَ -رَضِيَ الله عنهم- مِنْهُ، يَعْنِي الْحَسَنَ2. وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَلُوا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ حَفِظَ وَنَسِينَا. وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: لَمَّا ظَهَرَ الْحَسَنُ جَاءَ كَأَنَّمَا كَانَ فِي الآخِرَةِ، فَهُوَ يُخْبِرُ عَمَّا عَايَنَ. وروى ضمرة بن ربيعة، عن الإصبع بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: ما أشبهه الْحَسَنَ إِلا بِنَبِيٍّ أَقَامَ فِي قَوْمِهِ سِتِّينَ عَامًا يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْفُضَيْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: أَنَا يَوْمَ الدَّارِ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سنةٍ جَمَعْتُ الْقُرْآنَ، فَأَنْظُرُ إِلَى طَلْحَةَ بن عبيد الله، وذكر قصةً.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 162". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 161".

وَقَالَ غَالِبٌ الْقَطَّانُ، عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَفْقَهِ مَنْ رَأَيْنَا فَلْيَنْظُرْ إِلَى الْحَسَنِ. مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ الَّذِي كَانَ أَسْوَدَ مِنَ الحسن. قال الحسن: احتملت سَنَةَ صِفِّينَ1. وَعَنْ أَمَةَ الْحَكَمِ قَالَتْ: كَانَ الْحَسَنُ يَجِيءُ إِلَى حَطَّانَ الرِّقَاشِيِّ، فَمَا رَأَيْتُ شَابًا قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْهُ. غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ وَعَلَيْهِ عُمَامَةً سَوْدَاءَ2. وَقَالَ سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ، رَأَيْتُ عَلَى الْحَسَنِ طَيْلَسَانًا كَأَنَّمَا يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ. وَخَمِيصَةً كَأَنَّهَا خَزٌّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: ذُكِرَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبَوَايَ لرجلٍ مِنَ التُّجَّارِ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي سَلَمَةَ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَاقَهُمَا إِلَى الْمَرْأَةِ مِنْ مَهْرِهَا فَأَعْتَقَتْهُمَا، وَيُقَالُ بَلْ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلاةً لأُمِّ سلمة، فولد الْحَسَنِ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ، قَالَ: فَيَذْكُرُونَ أَنَّ أُمَّهُ رُبَّمَا غَابَتْ فَيَبْكِي، فَتُعْطِيهِ أُمُّ سَلَمَةَ ثَدْيَهَا تُعلِّلُهُ بِهِ إِلَى أَنْ تَجِيءَ أُمُّهُ، فَدَرَّ عَلَيْهِ ثَدْيُهَا فَشَرِبَهُ، فَيَرَوْنَ أَنَّ تِلْكَ الْحِكْمَةَ وَالْفَصَاحَةَ مِنْ بَرَكَةِ ذَلِكَ. أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُكَيْرٍ، ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ يَخْطُبُ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سنةٍ قَائِمًا وَقَاعِدًا3. مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: الْوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ، قَالَ الْحَسَنُ: فَلا أَدَعُهُ أَبَدًا4. مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثَنَا هِلالٌ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: كَانَ مُوسَى لا يَغْتَسِلُ إِلا مُسْتَتِرًا، فَقِيلَ لَهُ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ5.

_ 1 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 157". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 160". 3 خبر حسن لغيره: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 157". 4 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 158". 5 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 157".

مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: ثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاثًا: الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، وَالْوِتْرُ قَبْلَ النَّوْمِ، وَصِيَامُ ثلاثةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ1. وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ مِثْلَهُ حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بن زيد. حماد بن سلمة، عن حميد قال: كان علم الحسن في صحيفةٍ مثل هذه، وعقد عفان بالإبهامين والسبابتين2. حماد بن سلمة، عن يزيد بن الرِّشْكِ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ عَلَى الْقَضَاءِ3. عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: جِئْتُ بكتابٍ مِنْ قَاضِي الْكُوفَةِ إِلَى إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَجِئْتُ وَقَدْ عُزِلَ وَاسْتُقْضِيَ الْحَسَنُ4. قَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ يُصفِّرُ لِحْيَتَهُ5. وَقَالَ جُرْثُومَةُ مَوْلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ. وَقَالَ أَبُو خُلْدَةَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ6. وَقَالَ عَفَّانُ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الْحَسَنِ ثَوْبًا سَعِيدِيًا مُصَلَّبًا وَعُمَامَةً سَوْدَاءَ7. أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ عَلَيْهِ عمامةٌ سَوْدَاءُ مَرْخِيَّةً مِنْ وَرَائِهِ، وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ وبردٌ صغير مرتديًا به8.

_ 1 حديث صحيح لغيره: أخرجه أحمد في المسند "2/ 229"، وابن سعد في طبقاته "7/ 158"، والنسائي "2404" من طريق آخر عن أبي هريرة، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن النسائي "2404"، وللحديث شواهد في البخاري ومسلم. 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 159". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 159". 4 حبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 159". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 160". 6 خبر صحيح لغيره: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 160". 7 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 160". 8 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 161".

حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالا: قَدْ رَأَيْنَا الْفُقَهَاءَ، فَمَا رَأَيْنَا أجمع من الحسن1. حماد بن زيد، عَنْ أيُّوبَ قَالَ: قِيلَ لابْنِ الأَشْعَثِ: إِنَّ سَرَّكَ أَنْ يُقْتَلُوا حَوْلَكَ كَمَا قُتِلُوا حَوْلَ عَائِشَةَ فأَخْرِجِ الْحَسَنَ فَأَرْسِلْ إِلَيْهِ فأَكْرِهْهُ2. عَفَّانُ: ثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ: ثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: قَالُوا: لابْنِ الأَشْعَثِ: أَخْرِجْ هَذَا الشَّيْخَ، يَعْنِي الْحَسَنَ، قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بَيْنَ الْجِسْرَيْنِ عَلَيْهِ عمامةٌ سَوْدَاءُ، فَغَفِلُوا عَنْه، فَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الأَنْهَارِ حَتَّى نجا منهم، وكاد يهلك يومئذ3. سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّبْعِيُّ قَالَ: لَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ ابْنِ الأَشْعَثِ، إِذْ قَاتَلَ الْحَجَّاجَ، انْطَلَقَ عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْغَافِرِ، وَأَبُو الْجَوْزَاءِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ فِي طائفةٍ فَدَخَلُوا عَلَى الْحَسَنِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَا تَقُولُ فِي قِتَالِ هَذَا الطَّاغِيَةِ الَّذِي سَفَكَ الدَّمَ الْحَرَامَ، وَأَخَذَ الْمَالَ الْحَرَامَ، وَتَرَكَ الصَّلاةَ وَفَعَلَ وَفَعَلَ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ لا تُقَاتِلُوهُ فَإِنَّهَا إِنْ تَكُنْ عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ، فَمَا أَنْتُمْ بِرَادِّي عُقُوبَةَ اللَّهِ بِأَسْيَافِكُمْ، وَإِنْ يَكُنْ بَلاءً فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ، فَخَرَجُوا وَهُمَ يَقُولُونَ: نَطْرَحُ هَذَا الْعلْجَ، قَالَ: وَهُمْ قومٌ عَرَبٌ، وَخَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ فَقُتِلُوا4. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا سُلِّطَ الْحَجَّاجُ إِلا عُقُوبَةَ فَلا تَعْتَرِضُوا عُقُوبَةَ اللَّهِ بِالسَّيْفِ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالتَّضَرُّعِ5. رَوْحُ بْنُ عبادة: ثنا حجاج الأسود قال: تمنى رجلٌ فقال: ليتني بزهد الحسن، وورع ابن سيرين، وعبادة عامر ابن عبد قيس، وفقه سعيد بن المسيب، وذكر مطرفا بشيءٍ، فنظروا فوجدوا ذلك كاملا كله في الحسن6.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 162". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 163". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 163". 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 163-164". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 164". 6 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 165".

روحٌ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْريِّ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ لِلْحَسَنِ: أَرَأَيْتَ مَا تُفْتِي النَّاسَ، أَشَيْئًا سَمِعتَهُ أَمْ بِرَأْيِكَ؟ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ مَا كُلُّ مَا نُفْتِي بِهِ سَمِعْنَاهُ، وَلَكِنَّ رُأْيَنَا لَهُمْ خيرٌ مِنْ رُأْيِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ1. قَالَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي قَصَصِهِ فِي الدُّعَاءِ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ2. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ: كَانَ الْحَسَنُ يَشْتَرِي كُلَّ يومٍ لَحْمًا بِنِصْفِ درهمٍ3. وَقَالَ سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: أَهِينُوا هَذِهِ الدُّنْيَا، فَوَاللَّهِ لأَهْنَأُ مَا تَكُونُ إِذَا أَهَنْتُمُوهَا4. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، أَنَّ عَطَاءً سُئِلَ عَنْ شيءٍ فَقَالَ: لا أَدْرِي فَقِيلَ: إِنَّ الْحَسَنَ يَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: إِنَّهُ وَاللَّهِ لَيْسَ بَيْنَ جَنْبَيَّ مِثْلُ قَلْبِ الْحَسَنِ5. وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ابْنَ آدَمَ لَمْ تَكُنْ فَكُوِّنْتَ، وَسَأَلْتَ فَأُعْطِيتَ، وَسُئِلْتَ فَمَنَعْتَ، فَبِئْسَ مَا صَنَعْتَ6. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: ثَنَا يُونُسُ أَنَّ الْحَسَنَ أَخَذَ عَطَاءَهُ فَجَعَلَ يُقَسِّمُهُ، فَذَكَرَ أَهْلُهُ حَاجَةً، فَقَالَ: دُونَكُمْ بَقِيَّةَ الْعَطَاءِ، أَمَا إِنَّهُ لا خَيْرَ فِيهِ إِنْ لَمْ يُصْنَعْ بِهِ هَكَذَا7.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 165". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 167". 3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 167". 4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 167". 5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 168". 6 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 170". 7 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 171".

وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَثْرَةُ الضَّحِكِ مِمَّا يُمِيتُ الْقَلْبَ1. قَالَ أَبُو حُرَّةَ: وَكَانَ الْحَسَنُ لا يَأْخُذُ عَلَى قَضَائِهِ2. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: ثَنَا عُقْبَة بْنُ خَالِدٍ الْعَبْدِيُّ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: ذَهَبَ النَّاسُ وَالنَّسْنَاسُ، نَسْمَعُ صَوْتًا وَلا نَرَى أَنِيسًا3. وَقَالَ يَزِيدُ بن هارون: أنبأ هشام قال: بعث مسملة بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى الْحَسَنِ بجبةٍ وَخَمِيصَةٍ فَقَبِلَهُمَا، فَرُبَّمَا رَأَيْتُهُ وَقَدْ سَدَلَ الْخَمِيصَةَ عَلَى الْجُبَّةِ4. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: ثَنَا أَبِي، رَأَيْتُ الْحَسَنَ يُصَلِّي وَعَلَيْهِ خميصةٌ كَثِيرَةُ الْأَعْلَامِ، فَلا يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْهَا إِذَا سَجَدَ5. وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: لَمْ يَحُجَّ الْحَسَنُ إِلا حَجَّتَيْنِ6. وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ الْحَسَنِ عَلَى الْبَوَادِي، وَكَانَ الْحَسَنُ يَحْلِقُ رَأْسَهُ كُلَّ عَامٍ يَوْمَ النَّحْرِ7. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ: ثَنَا عُمَارَةُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا فَرْقَدٌ وَهُوَ يَأْكُلُ خَبِيصًا فَقَالَ: تَعَالَ فَكُلْ، فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ لا أُؤَدِّي شُكْرَهُ، قَالَ الْحَسَنُ: وَيْحَكَ وَتُؤَدِّي شُكْرَ الْمَاءِ الْبَارِدِ8. قَالَ حَجَّاجٌ، وَثَنَا عُمَارَةُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ أَنَّهُ كَانَ يكره الأصوات بالقرآن هذا التطريب9.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 171"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 152". 2 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 173"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 152"، وفيه أبو حرة واصل بن عبد الرحمن، وكان يدلس عن الحسن، التهذيب "7666", 3 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 172". 4 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 173"، وفيه هشام بن حسان وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال؛ لأنه قيل: كان يرسل عنهما. التهذيب "7568". 5 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 173". 6 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 175". 7 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 176". 8 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 176". 9 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 177".

وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ الْحَسَنَ لَقُلْتَ إِنَّكَ لَمْ تُجَالِسْ فَقِيهًا قَطُّ1. وَعَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: مَا زَالَ الْحَسَنُ يَعِي الْحِكْمَةَ حَتَّى نَطَقَ بِهَا وَقِيلَ: كان الحسن إذا ذكر عند أبي حعفر الْبَاقِرِ قَالَ: ذَاكَ الَّذِي يُشْبِهُ كَلامُهُ كَلامَ الأَنْبِيَاءِ2. وَعَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ابْنُ آدَمَ إِنَّمَا أَنْتَ أيامٌ كُلَّمَا ذَهَبَ يومٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ3. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: فَضَحَ الْمَوْتُ الدُّنْيَا فَلَمْ يَتْرُكْ فِيهَا لِذِي لُبٍّ فَرَحًا4. قَالَ قَتَادَةُ: مَا جَمَعْتُ عِلْمَ الْحَسَنِ إِلَى عِلْمِ أحدٍ إِلا وَجَدْتُ لَهُ عَلَيْهِ فَضْلا، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ شيءٌ كَتَبَ فِيهِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ يَسْأَلُهُ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: كَانَ الرَّجُلُ يَجْلِسُ إِلَى الْحَسَنِ ثَلاثَ حججٍ مَا يَسْأَلُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ هَيْبَةً لَهُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: قُلْتُ لِأَشْعَثَ: قَدْ لَقِيتَ عَطَاءً وَعِنْدَكَ مَسَائِلُ، أَفَلا سَأَلْتَهُ؟ قَالَ: مَا لَقِيتُ أَحَدًا، يَعْنِي بَعْدَ الْحَسَنِ، إِلا صَغُرَ فِي عَيْنِي. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: يُقَالُ: مَا خَلَتِ الأَرْضُ قَطُّ مِنْ سَبْعَةِ رهطٍ بِهِمْ يُسْقَوْنَ وَبِهِمْ يُدْفَعُ عَنْهُمْ، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ الْحَسَنُ أَحَدَ السَّبْعَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا كَانَ أحدٌ أَكْمَلَ مُرُوءَةً مِنَ الْحَسَنِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: لَمْ أَرَ أَقْرَبَ قَوْلًا مِنْ فعلٍ مِنَ الْحَسَنِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِي، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى الْحَسَنِ عَشْرَ سِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ يومٍ إِلا أَسْمَعُ مِنْهُ مَا لَمْ أَسْمَعْ قبل ذلك.

_ 1 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 147". 2 خبر حسن: أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 147". 3 خبر ضعيف: أخرجه أحمد في الزهد "225"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 148". 4 خبر صحيح: أخرجه أحمد في الزهد "209"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 149".

روى حوشب، عن الحسن قال: يابن آدَمَ وَاللَّهِ إِنْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ثُمَّ آمَنْتَ بِهِ لَيَطُولَنَّ فِي الدُّنْيَا حُزْنُكَ وَلَيَشْتَدَّنَّ خَوْفُكَ وَلَيَكْثُرَنَّ بُكَاؤُكَ1. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عِيسَى الْيَشْكُرِيُّ: مَا رَأَيْتَ أَحَدًا أَطْوَلَ حُزْنًا مِنَ الْحَسَنِ، وَمَا رَأَيْتُهُ إِلا حَسِبْتُهُ حَدِيثَ عهدٍ بِمُصِيبَةٍ2. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَصِيرِ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ شيءٍ فَقُلْتُ: إِنَّ الْفُقَهَاءَ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: وَهَلْ رَأَيْتَ فَقِيهًا بِعَيْنِكَ، إِنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا الْبَصِيرُ بِدِينِهِ، الْمُدَاوِمُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ3. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ: لَقِيتُ مُسْلِمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَسَنِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، أخبرك عنه بعلم أما جَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ وَجَلِيسُهُ فِي مَجْلِسِهِ، أَشْبَهُ النَّاسِ سَرِيرَةً بِعَلانِيَةٍ وَأَشْبَهُ قَوْلا بفعلٍ، إِنْ قَعَدَ عَلَى أمرٍ قَامَ بِهِ، وَإِنْ قَامَ عَلَى أمرٍ قَعَدَ بِهِ، وَإِنْ أَمَرَ بِأَمْرٍ كَانَ أَعْمَلَ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ نَهَى عَنْ شيءٍ كَانَ أتْرَكَ النَّاسِ لَهُ، رَأَيْتُهُ مُسْتَغْنِيًا عَنِ النَّاسِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ مُحْتَاجِينَ إِلَيْهِ، قَالَ: حَسْبُكَ يَا خَالِدُ، كَيْفَ يضلٌ قومٌ هَذَا فِيهِمْ4. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَسَّانَ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا أَعَزَّ أحدٌ الدِّرْهَمَ إِلا ذَلَّ5. وَقَالَ حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: بِئْسَ الرَّفِيقَانِ: الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ لا يَنْفَعَانَكَ حَتَّى يُفَارِقَانَكَ6. قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ فِي كِتَابِ "سُؤَالاتِ الْآجُرِيِّ" لَهُ: كَانَ الْحَسَنُ يَكُونُ بِخُرَاسَانَ، وَكَانَ يرافق مثل قطري ابن الْفُجَاءَةِ، وَالْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، كَانَ مِنَ الشجعان.

_ 1 خبر حسن لغيره: أخرجه أحمد في الزهد "210"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 133-134". 2 خبر ضعيف أخرجه أحمد في الزهد "209"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 133". 3 خبر حسن: أخرجه أحمد في الزهد "216"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 147". 4 خبر ضعيف: أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 147-148". 5 خبر ضعيف: أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 152". 6 خبر ضعيف: أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 155".

قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: كَانَ الْحَسَنُ أَشْجَعَ أَهْلِ زَمَانِهِ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: مَا رَأَيْتُ أَفْصَحَ مِنَ الْحَسَنِ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ، وَكَانَ الْمُهَلَّبُ إِذَا قَاتَلَ الْمُشْرِكِينَ يُقَدِّمُهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: لَمَّا وُلِّيَ الْحَسَنُ الْقَضَاءَ كَلَّمَنِي رجلٌ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي مَالِ يتيمٍ يُدْفَعُ إِلَيْهِ وَيَضُمُّهُ قَالَ: فَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ: أَتَعْرِفُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ: كَلَّمْتُ مَطَرًا الْوَرَّاقَ فِي بَيْعِ الْمَصَاحِفِ، فَقَالَ: خُذْ: كَانَ حَبْرَا الأُمَّةِ؟ أَوْ قَالَ فَقِيهَا الأُمَّةِ؟ لا يَرَيَانِ بِهِ بَأْسًا: الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ مَطَرٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ فَمَا كَانَ فِي الْبَيْتِ شَيْءٌ لا فراشٌ وَلا بساطٌ وَلا حَصِيرٌ إِلا سريرٌ مرمولٌ هُوَ عَلَيْهِ. ذِكْرُ غَلَطِ مَنْ نَسَبَهُ إِلَى الْقَدَرِ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعِيبَ الْحَسَنَ إِلا بِهِ -يَعْنِي الْقَدَرَ- أَنَا نَازَلْتُهُ فِي الْقَدَرِ غَيْرَ مرةٍ حَتَّى خَوَّفْتُهُ السُّلْطَانَ فَقَالَ: لا أَعُودُ فِيهِ بَعْدَ الْيَوْمِ، وَقَدْ أَدْرَكْتُ الْحَسَنَ وَاللَّهِ مَا يَقُولُهُ1. وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ: ثَنَا أَبُو هِلالٍ، سَمِعْتُ حُمَيْدًا، وَأَيُّوبَ يَقُولانِ، فَسَمِعْتُ حُمَيْدًا يَقُولُ لِأَيُّوبَ: لَوَدِدْتُ أَنَّهُ قُسِّمَ عَلَيْنَا غرمٌ، وَأَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ2. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَيْضًا، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: كَذَبَ عَلَى الْحَسَنِ ضَرْبَانِ مِنَ النَّاسِ: قومٌ الْقَدَرُ رَأْيُهُمْ ليُنْفِقُوهُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَسَنِ، وقومٌ فِي صُدُورِهِمْ شنآنٌ وبغضٌ لِلْحَسَنِ، وَأَنَا نَازَلْتُهُ غَيْرَ مرةٍ فِي الْقَدَرِ حَتَّى خَوَّفْتُهُ بِالسُّلْطَانِ، فَقَالَ: لا أَعُودُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: اللَّهُ خَلَقَ الشَّيْطَانَ وَخَلَقَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 167". 2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 167".

وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54] . قَالَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الإِيمَانِ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ، كُلَّهُ عَلَى الْحَسَنِ، فَفَسَّرَهُ لِي أَجْمَعَ عَلَى الإِثْبَاتِ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الشعراء: 200] . قَالَ: الشِّرْكُ سَلَكَهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ. وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ} [المؤمنون: 63] . قَالَ: أعمالٌ سَيَعْمَلُونَهَا لَمْ يَعْمَلُوهَا. وَقَالَ حَمَّادُ بن زيد، وعن خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ: سَأَلَ رجلٌ الْحَسَنَ فَقَالَ: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118-119] . قَالَ: أَهْلُ رَحْمَتِهِ لا يَخْتَلِفُونَ: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] . فَخَلَقَ هَؤُلاءِ لِجَنَّتِهِ وَهَؤُلاءِ لِنَارِهِ. قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ آدَمُ خُلِقَ لِلسَّمَاءِ أَمْ لِلأَرْضِ؟ قَالَ: لِلأَرْضِ خُلِقَ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوِ اعْتَصَمَ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ بدٌ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، فَقُلْتُ: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ، إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 162-163] . قَالَ: نَعَمْ، الشَّيَاطِينُ، لا يُضِلُّونَ إِلا مَنْ أَحَبَّ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَصْلَى الْجَحِيمَ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْحَسَنِ يَوْمَ جمعةٍ وَلَمْ يَكُنْ جَمَّعَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَمَا جَمَّعْتَ؟ قَالَ: أَرَدْتُ ذَاكَ وَلَكِنْ مَنَعَنِي قَضَاءُ اللَّهِ. قَالَ سُلَيْمَانُ، وَثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَمَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، قَالا: سَأَلْنَا الْحَسَنَ عَنْ مَا بَيْنَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 1] ، إِلَى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] . فَفَسَّرَهُ عَلَى الإِثْبَاتِ. قُلْتُ: عَلَى إِثْبَاتِ أَنَّ الْأَقْدَارَ لِلَّهِ. وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: مَنْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ فَقَدْ كَفَرَ1. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: قِيلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فِي الْحَسَنِ وَمَا كَانَ يَنْحَلُ إِلَيْهِ أَهْلُ الْقَدَرِ فَقَالَ: كَانُوا يَأْتُونَ الشَّيْخَ بِكَلامٍ مجملٍ لَوْ فَسَّرَهُ لهم لساءهم.

_ 1 خبر حسن: أخرجه أحمد في الزهد "231".

قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي كِتَابِ طَبَقَاتِ النُّسَّاكِ: كَانَ يَجْلِسُ إِلَى الْحَسَنِ طائفةٌ مِنْ هَؤُلاءِ، وَكَانَ هُوَ يَتَكَلَّمُ فِي الْخُصُوصِ حَتَّى نَسَبَتْهُ الْقَدَرِيَّةُ إِلَى الْجَبْرِ، وَتَكَلَّمَ فِي الاكْتِسَابِ حَتَّى نَسَبَتْهُ السُّنَّةُ إِلَى الْقَدَرِ، كُلُّ ذلك لافتتانه وَتَفَاوُتِ النَّاسِ عِنْدَهُ، وَتَفَاوتِهِمْ فِي الأَخْذِ عَنْهُ، وَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ الْقَدَرِ، وَمِنْ كُلِّ بدعةٍ، فلما توفي تكشفت أصاحبه وَبَانَتْ سَرَائِرُهُمْ وَمَا كَانُوا يَتَوَهَّمُونَهُ مِنْ قَوْلِهِ بِدَلائِلَ يُلْزِمُونَهُ بِهَا لا نَصًّا مِنْ قَوْلِهِ، فَأَمَّا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فَأَظْهَرَ الْقَدَرَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: الْخَيْرُ بقدرٍ وَالشَّرُّ لَيْسَ بِقَدَرٍ، هكذا رواه أحمد بن علي على الأبار في تاريخه، قال: ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قُلْتُ: هَذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا الْحَسَنُ ثُمَّ أفاق على نفسه ورجع عنه وَتَابَ مِنْهَا. وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أَيْضًا: كَانَ عَامَّةُ نُسَّاكِ الْبَصْرَةِ يَأْتُونَهُ وَيَسْمَعُونَ كَلامَهُ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ مِنَ الْمُلازِمِينَ لَهُ، وَكَانَ لِلْحَسَنِ مجلسٌ خاصٌ فِي مَنْزِلِهِ، لا يَكَادُ يَتَكَلَّمُ فِيهِ إِلا فِي مَعَانِي الزُّهْدِ وَالنُّسُكِ وَعُلُومِ الْبَاطِنِ، فَإِنْ سَأَلَهُ إنسانٌ غَيْرَهَا تَبَرَّمَ بِهِ، وَقَالَ: إِنَّمَا خَلَوْنَا مَعَ إِخْوَانِنَا نَتَذَاكَرُ، فَأَمَّا حَلَقَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَكَانَ يَمُرُّ فِيهَا الْحَدِيثُ، وَالْفِقْهُ، وَعُلُومُ الْقُرْآنِ، وَاللُّغَةِ، وَسَائِرُ الْعُلُومِ، وَكَانَ رُبَّمَا يُسْأَلُ عَنِ التَّصَوُّفِ فَيُجِيبُ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَصْحَبُهُ لِلْحَدِيثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَصْحَبُهُ لِلْقُرْآنِ وَالْبَيَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَصْحَبُهُ لِلْبَلاغَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَصْحَبُهُ لِلْإِخْلَاصِ وَعِلْمِ الْخُصُوصِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي: كُلُّ شيءٍ قَالَ الْحَسَنُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَدْتُ لَهُ أَصْلا ثَابِتًا مَا خَلا أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ الْحَسَنُ جَامِعًا عَالِمًا رَفِيعًا حُجَّةً ثِقَةً عَابِدًا كَثِيرَ الْعِلْمِ فَصِيحًا جَمِيلا وَسِيمًا، وَمَا أَرْسَلَهُ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ1. قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: تُوُفِّيَ الحسن في رجب سنة عشر ومائة.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 157-158".

وَقَالَ عَارِمٌ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: مَاتَ الْحَسَنُ لَيْلَةَ الْجُمْعَةِ، وَغَسَّلَهُ أَيُّوبُ، وَحُمَيْدٌ، وَأُخْرِجَ حِينَ انْصَرَفَ النَّاسُ، وَذَهَبَ بِي أَبِي مَعَهُ1. وَقِيلَ: تُوُفِّي فِي أَوَّلِ رَجَبٍ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ عَقِيبَ الْجُمْعَةِ وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ، حَتَّى أَنَّ صَلاةَ الْعَصْرِ لَمْ تُقَمْ فِي جَامِعِ الْبَصْرَةِ. 35- الحسن بن مسلم2 -سوى ت- بن يناق المكي، كهلٌ ثِقَةٌ، تُوُفِّيَ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ. حَدَّثَ عن: صفية بنت شيبة، وطاوس، وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، وَعَمْرَةُ بْنُ مُرَّةَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ مِنْ أَعْلَى أَصْحَابِ طَاوُسَ، وَمَاتَ قَبْلَ طَاوُسَ وَكَانَ يحدث عن طاوس بحضرته، وقد بقي أَبُوهُ حَتَّى سَمِعَ مِنْهُ شُعْبَةُ. 36- الْحُصَيْنُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْخَشْخَاشِ3، أَبُو الْقَلُوصِ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ، جَدُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَجَدِّهِ -وَلَهُمَا صُحْبَةٌ- وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَسَمُرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ الْحَسَنُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ. وَهُوَ الْحُصَيْنُ بْنُ أَبِي الْحُرِّ، وَقِيلَ إِنَّهُ كَبِيرُ السِّنِّ، وُلِّيَ عِمَالَةَ مَيْسَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَامْتَدَّتْ حَيَاتُهُ، وَيُقَالُ: مَاتَ فِي سِجْنِ الْحَجَّاجِ. 37- حِطَّانُ بْنُ خُفَافٍ الْجَرْمِيُّ4 أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ، وهو بكنيته أشهر.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 177-178". 2 الطبقات الكبرى "5/ 497"، التاريخ الكبير "2/ 306"، الجرح والتعديل "3/ 36"، تهذيب التهذيب "2/ 322". 3 الطبقات الكبرى "7/ 125"، التاريخ الكبير "3/ 9"، تهذيب الكمال "1/ 297-299"، الثقات لابن حبان "4/ 156"، تهذيب التهذيب "1/ 183". 4 الطبقات الكبرى "6/ 322"، التاريخ الكبير "3/ 118"، الجرح والتعديل "3/ 304"، تهذيب التهذيب "2/ 396".

روى عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. 38- حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ1 -ع- أم الهذيل البصرية. رَوَتْ عَنْ: أُمِّ عَطِيَّةَ، وَأُمِّ الرَّائِحِ الرَّبَابِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَوْلاهَا مِنْ أَعْلَى، وَأَبِي الْعَالِيَةِ. وَعَنْهَا: أَخُوهَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا أُفضِّلُهُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، قَرَأَتِ الْقُرْآنَ وَلَهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَعَاشَتْ سَبْعِينَ سَنَةً، فَذَكَرُوا لَهُ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ فقال: أما أَنَا فَلا أُفَضِّلُ عَلَيْهَا أَحَدًا. وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: مَكَثَتْ حَفْصَةُ ثَلاثِينَ سَنَةً لا تَخْرُجُ مِنْ مُصَلاهَا إِلا قَائِلَةً أَوْ لِأَجْلِ حَاجَةٍ. قُلْتُ: كَانَتْ عَدِيمَةَ النَّظِيرِ فِي نِسَاءِ وَقْتِهَا، فَقِيهَةً صَادِقَةً فَاضِلَةً كَبِيرَةَ الْقَدْرِ، تُوُفِّيَتْ بَعْدَ الْمِائَةِ. 39- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ2 -م د ت ن- الأعرج. رَوَى عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ أخيه، أبو خشينة حاجب بن عمرو، وينس بْنُ عُبَيْدٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أحمد بن حنبل: ثقة.

_ 1 الطبقات الكبر ى "8/ 484"، تهذيب الكمال "3/ 1679"، سير أعلام النبلاء "4/ 507"، تهذيب التهذيب "12/ 409". 2 الطبقات الكبرى "7/ 213"، التاريخ الكبير "2/ 332"، الجرح والتعديل "3/ 120"، الثقات لابن حبان "6/ 186"، ميزان الاعتدال "1/ 576"، تهذيب التهذيب "2/ 428-429".

40- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدَلٍ الأَسَدِيُّ الشَّاعِرُ1 شاعرٌ مفلقٌ خَبِيثُ الْهِجَاءِ، مَدَحَ الْكِبَارَ، وَوَفَدَ مِنَ الْكُوفَةِ عَلَى عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ بِوَاسِطٍ. وَشِعْرُهُ سائرٌ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْأَغَانِي لِأَبِي الْفَرَجِ الْأَصْفَهَانِيِّ، مَا عِنْدِي الآنَ مِنْ شِعْرِهِ مَا أُورِدُهُ. 41- الْحَكَمُ بْنُ مِينَا الأَنْصَارِيُّ2 -م ن ق- رأى بلالًا -رضي الله عنهم- يَتَوَضَّأُ بِدِمَشْقَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وعنه: سعد بن إبراهيم، والضحاك بن عثمان الحزامي، وأبو سلام ممطور، وحجاج بن أرطأة، وابنه شبيب بن الحكم. وثقه أبو زرعة. 42- حكيم بن أبي حرة3 -خ ق- الأسلمي المدني. عَنْ: ابْنِ عُمَرَ، وَسِنَانِ بْنِ سَنَّةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ حِبَّانَ. 43- حَكِيمُ بْنُ حَكِيمِ4 -4- بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: ابْنِ عَمِّهِمْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، وَمَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ الزُّرَقِيِّ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ عُثْمَانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إسحاق. وثقه ابن حبان.

_ 1 الأغاني "2/ 404-427"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 399-402"، وفيات الأعيان "2/ 201-204"، الأعلام "2/ 267". 2 التاريخ الكبير "2/ 343"، الجرح والتعديل "3/ 127-128"، تهذيب الكمال "1/ 314-315"، تهذيب التهذيب "2/ 440". 3 التاريخ الكبير "3/ 14"، الجرح والتعديل "3/ 203"، تهذيب الكمال "1/ 317"، تهذيب التهذيب "4/ 446". 4 التاريخ الكبير "3/ 17"، الجرح والتعديل "3/ 202"، الثقات لابن حبان "6/ 214"، ميزان الاعتدال "1/ 584"، تهذيب التهذيب "2/ 448".

حكيم بن عمير1 -د ق- بن الأحوص الحمصيّ. عن: العرباض بن سارية، وعتبة بن عبد، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَرْسَلَ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ، وَأَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو بكر بن أبي مريم، ومعاوية بن صالح، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: رَأَيْتُ فِي جَبْهَتِهِ أَثَرَ السُّجُودِ رَحِمَهُ اللَّهُ. 45- حَكِيمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ2 -4- بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ، أَبُو بَهْزٍ. رَوَى عن: أبيه -رضي الله عنهم. وَعَنْهُ: بَنُوهُ بَهْزٌ، وَسَعِيدٌ، وَمِهْرَانُ، وَسَعِيدٌ وَالْجُرَيْرِيُّ، وَأَبُو قُزْعَةَ سُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، خَرَّجَ لَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَعَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. 46- حَمَّادٌ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: أَبُو الْعُمَيْسِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيُّ، وَهُوَ مُقِلٌّ. 47- حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3 -ع- العدوي المدني. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمَّتِهِ حَفْصَةَ، وَعَائِشَةَ أُمَّيِ الْمُؤْمِنِينَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهاد، موسى بْنُ عُقْبَةَ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ وفقهائهم، وسالم أجل منه.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 16"، الجرح والتعديل "3/ 206"، تهذيب الكمال "1/ 320"، تهذيب التهذيب "2/ 450". 2 التاريخ الكبير "3/ 12"، تهذيب الكمال "1/ 321"، تهذيب التهذيب "2/ 451". 3 الطبقات الكبرى "5/ 203"، التاريخ الكبير "3/ 47-48"، الجرح والتعديل "3/ 212"، الثقات لابن حبان "4/ 6"، تهذيب الكمال "1/ 333"، تهذيب التهذيب "3/ 30".

48- حمزة بن أبي أسيد1 مالك بن ربيعة السَّاعِدِيُّ الْمَدَنِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ. وعنه: ابنه مالك، والزهري، ومحمد بن عمرو، وعبد الرحمن بن الغسيل، وغيرهم. قال: الهيثم: توفي في أيام الوليد، وقيل: تأخر. 49- حميد بن عقبة2 أبو سنان الدمشقي. روى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، وَالْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّائِبِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ فِلَسْطِينَ، وَلَهُ حَدِيثَانِ. 50- حُمَيْدُ بْنُ مَالِكِ3 بْنِ خُثَمَّ، مَدَنِيٌّ. عَنْ: سَعْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ. لَهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِي أَدَبِ الْبُخَارِيِّ حَدِيثٌ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 51- حَوْطُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ4 بْنِ رَافِعٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ: ابْنِ مَسْعُودٍ -وَأَرَاهُ مُنْقَطِعًا- وَعَنْ: تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ. وَعَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَمِسْعَرٌ، وَالصَّلْتُ بْنُ بِهْرَامَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَلَمْ يُخَرِّجُوا له.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 271-272"، التاريخ الكبير "3/ 46-47"، الجرح والتعديل "3/ 214"، تهذيب الكمال "1/ 331"، تهذيب التهذيب "3/ 26"، الإصابة "1/ 352". 2 التاريخ الكبير "2/ 349-350"، الجرح والتعديل "3/ 226". 3 التاريخ الكبير "2/ 347-348"، الجرح والتعديل "3/ 228"، تهذيب الكمال "1/ 338"، الثقات لابن حبان "4/ 148"، تهذيب التهذيب "3/ 47-48". 4 التاريخ الكبير "3/ 91-92"، الجرح والتعديل "3/ 228".

52- حيّان بن عمير1 -م د ن- الجريري البصري. عَنْ: سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وسليمان التّيمي، وعوف بن أبي جميلة. له حديثٌ واحدٌ فِي الْكُتُبِ، حَدِيثُ الْكُسُوفِ. "حرف الخاء": 53- خالد بن معدان2 -ع- بن أَبِي كَرْبٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكَلاعِيُّ الْحِمْصِيُّ. عَنْ: ثَوْبَانَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، وَالْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَجَرِيرُ بْنُ عُثْمَانَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَبِنْتُهُ عَبْدَةُ ابْنَةُ خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ صَفْوَانُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَقِيتُ سَبْعِينَ صَحَابِيًّا. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَمَّا خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ مِنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ متّصلٌ قَدْ أَدْرَكَهُ. وَقَالَ بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ: ما رأيت أحدًا ألزم للعلم منه، وكان علمه في مصحفٍ له أزرار وعرى. وعن حبيب بن صالح قَالَ: مَا خِفْنَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ مَا خِفْنَا خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو: رَأَيْتُ خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ إِذَا عَظُمَتْ حَلَقَتُهُ قَامَ كَرَاهِيَةَ الشُّهْرَةِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مَا أُقَدِّمُ عَلَى خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ أَحَدًا.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 54"، الجرح والتعديل "3/ 244"، تهذيب الكمال "1/ 346"، تهذيب التهذيب "3/ 67-68". 2 الطبقات الكبرى "7/ 455"، التاريخ الكبير "3/ 176"، الجرح والتعديل "3/ 351"، حلية الأولياء "5/ 210-221"، تهذيب الكمال "1/ 363"، سير أعلام النبلاء "4/ 536-541"، تهذيب التهذيب "3/ 118".

وَعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ -وَكَانَ مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ- قَالَ: لَوْ كَانَ لِلْمَوْتِ غَايَةٌ تُعْرَفُ مَا سَبَقَنِي أحدٌ إِلَيْهِ، إِلا بِفَضْلِ قُوَّةٍ. وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُسَبِّحُ فِي الْيَوْمِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ1. وَبَلَغَنَا أَنَّهُ مَاتَ صَائِمًا، رَحِمَهُ اللَّهُ2. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ سَنَةَ ثلاثٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحِمْصِيِّينَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ، وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ. وَكَانَ كَثِيرَ الْجِهَادِ. 54- خُلَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَصَرِيُّ3 أَبُو سُلَيْمَانَ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ. وَكَأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ، فَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، قَالَ: كَانَ خُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ يَصُومُ الدَّهْرَ4. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شِهَابٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خُلَيْدٍ قَالَ: أَلا إِنَّ كُلَّ حَبِيبٍ يُحِبُّ أَنْ يَلْقَى حَبِيبَهُ فَأَحِبُّوا اللَّهَ وَسِيرُوا إِلَيْهِ5. "حرف الدَّالِ": 55- دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمِ6 بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ الطَّائِفِيُّ ثُمَّ الْمَكِّيُّ. رَوَى عَنْ: ابْنِ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمن.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 210". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 455"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 210". 3 التاريخ الكبير "3/ 198"، الجرح والتعديل "3/ 383"، تهذيب الكمال "1/ 377"، حلية الأولياء "2/ 232-234"، تهذيب التهذيب "3/ 159". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 233". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 232". 6 الطبقات الكبرى "5/ 488"، التاريخ الكبير "3/ 230"، الجرح والتعديل "3/ 421"، تهذيب التهذيب "3/ 189".

وَعَنْهُ قَتَادَةُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. عَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. 56- دِينَارُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظُ1 -م ن- مدنيٌّ جَلِيلٌ. رَوَى عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: عُمَرُ بْنُ نُبَيْهٍ الْكَعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وآخرون. وكان ذال صَلاحٍ وَوَقَارٍ وَفَضْلٍ. 57- دِينَارُ عقيصا أَبُو سَعِيدٍ2. عن: عليٍّ -رضي الله عنهم. وَعَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جِحَادَةَ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. "حرف الذَّالِ": 85- ذَفِيفٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ3. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: حُمَيْدٌ الأَعْرَجُ الْمَكِّيُّ وَحْدُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَمِائَةٍ، وَلَهُ حديثٌ أَوْ حَدِيثَانِ. ذكوان هُوَ أَبُو صالح السمان، يأتي في الكنى. 59- ديّال بْنُ حَرْمَلَةَ الأَسَدِيُّ4. عَنْ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 244"، الجرح والتعديل "3/ 430"، تهذيب الكمال "1/ 395"، تهذيب التهذيب "3/ 217". 2 التاريخ الكبير "3/ 247"، الجرح والتعديل "3/ 430"، ميزان الاعتدال "2/ 30". 3 التاريخ الكبير "3/ 267"، الجرح والتعديل "3/ 443"، الثقات لابن حبان. 4 التاريخ الكبير "3/ 261"، الجرح والتعديل "3/ 451".

وَعَنْهُ: حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَآخَرُونَ. "حرف الرَّاءِ": 60- رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ الْحِمْصِيُّ1 -4- يُقَالُ فِيهَا وَقِيلَ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ. 61- الرَّاعِي الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ2 هُوَ أَبُو جَنْدَلٍ عُبَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ النُّمَيْرِيُّ الَّذِي هَجَاهُ جَرِيرٌ، حَيْثُ يَقُولُ: فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نميرٍ ... فَلا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلا كِلَابَا وَلُقِّبَ بِالرَّاعِي لِكَثْرَةِ وَصْفِهِ لِلْإِبِلِ فِي نَظْمِهِ، وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَللرَّاعِي تَرْجَمَةٌ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: وَلَقَدْ هجا الرّاعي فأوجع، وهو القائل في ابن الرِّقَاعِ الْعَامِلِيِّ الشَّاعِرِ: لَوْ كُنْتَ مِنْ أَحَدٍ يُهْجَى هَجَوْتُكُمْ ... يَابْنَ الرِّقَاعِ وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أحدٍ تَأْبَى قُضَاعَةُ أَنْ يُعْزَى لَكُمْ نَسَبًا ... وَابْنَا نزارٍ فَأَنْتُمْ بَيْضَةُ الْبَلَدِ وَأَوَّلُ قَصِيدَةِ جرير التي هجاه بها: أقلّي اللّؤم عَاذِلٌ وَالْعَتَابَا ... وَقُولِي إِنْ أَصَبْتُ لَقَدْ أَصَابَا إِذَا غَضِبَتْ عَلَيَّ بَنُو تميمٍ ... حَسِبْتُ النَّاسَ كُلَّهُمْ غِضَابَا أَلَمْ تَرَ أَنَّ كَلْبَ بَنِي كليبٍ ... أَرَادَ حِيَاضَ دِجْلَةَ ثُمَّ هَابَا 62- رِبْعِيُّ بن حراش -ع3- ابْنِ جَحْشِ بْنِ عَمْرٍو الْغَطَفَانِيُّ ثُمَّ الْعَبْسِيُّ

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 456"، التاريخ الكبير "3/ 292"، الجرح والتعديل "3/ 483"، تهذيب الكمال "1/ 398"، الثقات لابن حبان "4/ 233"، ميزان الاعتدال "2/ 35"، تهذيب التهذيب "3/ 225-226". 2 الأغاني "24- 205-217"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 152-153"، لسان العرب "6/ 146". 3 الطبقات الكبرى "6/ 127" التاريخ الكبير "3/ 327"، سير أعلام النبلاء "4/ 359-362"، أسد الغابة "2/ 162"، تهذيب التهذيب "3/ 236-237"، الإصابة "1/ 525".

الكوفي، أَحَدُ كِبَارِ التَّابِعِينَ الْمُعَمَّرِينَ، وَهُوَ أَخُو الرَّجُلِ الصَّالِحِ مَسْعُودِ بْنُ حِرَاشٍ الَّذِي تَكَلَّمَ بَعْدَ الْمَوْتِ. سَمِعَ: عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِالْجَابِيَةِ وَعَلِيًّا، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبَا مُوسَى، وَأَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِيَّ، وَأَبَا بَكْرَةَ الثَّقَفِيَّ، وَجَمَاعَةً. وَعَنْهُ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، وَمَنْصُورٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخَرُونَ. قَالَ عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ: خَطبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ1. وَعَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: وَكَتَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى حِرَاشِ بْنِ جَحْشٍ فَمَزَّقَ كِتَابَهُ2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بن عليّ السّمليّ: رَأَيْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حراشٍ وَمَرَّ بِعَشَّارٍ وَمَعَهُ مالٌ، فَوَضَعَهُ عَلَى قَرَبُوسِ سِرْجِهِ ثُمَّ غَطَّاهُ وَمَرَّ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَتَى رجلٌ الْحَجَّاجَ فَقَالَ: إِنَّ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ زَعَمُوا لا يَكْذِبُ، وَقَدْ قَدِمَ ابْنَاهُ عَاصِيَيْنِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ فَقَالَ: مَا فَعَلَ ابْنَاكَ؟ قَالَ: هُمَا فِي الْبَيْتِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: هُمَا لَكَ. وَأَعْجَبَهُ صِدْقَهُ. رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، فَزَادَ: قَالُوا مَنْ ذَكَرْتَ يَا أَبَا سُفْيَانَ قَالَ: ذَكَرْتُ رِبْعِيًّا وَتَدْرُونَ مَنْ رِبْعِيٍّ! كَانَ رِبْعِيٌّ مِنْ أَشْجَعَ، زَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ قَطُّ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حِرَاشٍ: رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ صَدُوقٌ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْبُرْجُلَانِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عون، أخبرني بكربن مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ، عَنِ الْحَارِثِ الْغَنَوِيِّ قَالَ: آلَى ربعيّ ابن حِرَاشٍ أَلا تَفْتَرَّ أَسْنَانُهُ ضَاحِكًا حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ مَصِيرُهُ، قَالَ الْحَارِثُ فَأَخْبَرَ غَاسِلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُبْتَسِمًا عَلَى سَرِيرِهِ وَنَحْنُ نُغَسِّلُهُ، حتى فرغنا منه.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق. 2 حديث موضوع: أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 127"، وفيه محمد بن السائب الكلبي وهو متهم بالكذب، التهذيب "6124".

قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: بَنُو حِرَاشٍ ثَلاثَةٌ: رِبْعِيٌّ، وَرَبِيعٌ، وَمَسْعُودٌ. قَالَ هَارُونُ بْنُ حَاتِمٍ: ثنا أصحابنا أنّ ربعيًّا توفّي سسنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ بَعْدَ الْجَمَاجِمِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُمَا: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ سَنَةَ مِائَةٍ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَنَةَ أربع ومائة. 63- رزيق بن حبّان1 -م- أبو المقدام الفزاريّ، مَوْلاهُمْ كَاتِبُ دِيوَانِ الْعُشْرِ بِدِمَشْقَ. رَوَى عَنْ: مُسْلِمِ بْنِ قُرْظَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وعنه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأخوه يزيد بن يزيد، ويحيى بن حمزة، فتحرر وفاة هذا الشيخ، ورواية يحيى عنه. قال يحيى: إنما كتب العلم في أول دولة بني العباس. وورد أَنَّهُ وُلِّيَ دِيوَانَ الْعُشْرِ بِمِصْرَ لِلْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: تُوُفِّيَ فِي إِمَارَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَرْضِ الرُّومِ مِنْ سَهْمٍ أَصَابَهُ فِي الْغَزَاةِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. "حرف الزاي": 64- زهير بن سالم2 -د ق- العنسيّ -بِالنُّونِ- أَبُو الْمُخَارِقِ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَغَيْرِهِ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن جبير بن نفير.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 381"، الجرح والتعديل "3/ 505"، تهذيب الكمال "1/ 413"، تهذيب التهذيب "2/ 273-274". 2 التاريخ الكبير "3/ 427"، الجرح والتعديل "3/ 587-588"، تهذيب الكمال "1/ 424"، ميزان الاعتدال "2/ 83"، تهذيب التهذيب "3/ 344".

وَعَنْهُ: أَبُو وَهْبٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ الْكَلاعِيُّ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَهُوَ مُقِلٌّ. 65- زِيَادُ الْأَعْجَمُ1 -د ن ق- وهو زياد بن سليم، أبو أمامة مولى عبد القيس، كانت فِي لِسَانِهِ عجمهٌ، وَقَدْ شَهِدَ فَتْحَ إِصْطَخْرَ مَعَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَطَالَ عُمْرُهُ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُوسَى وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: طَاوُسُ، وَهِشَامُ بْنُ قَحْذَمٍ، وَأَخُوهُ الْمُحَبَّرُ بْنُ قَحْذَمٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَلَهُ وفادةٌ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ أَحَدُ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، امْتَدَحَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرَهُ، وَلَهُ فِي الْمُغِيرَةِ مَدَائِحُ، وَهُوَ الْقَائِلُ يُرْثِي الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ بِأَبْيَاتٍ سَائِرَةٍ، مِنْهَا. مَاتَ الْمُهَلَّبُ بَعْدَ طُولِ تعرّضٍ ... لِلْمَوْتِ بَيْنَ أسنّةٍ وَصَفَائِحِ فَإِذَا مَرَرْتَ بِقَبْرِهِ فَاعْقِرْ بِهِ ... كُومَ الْهِجَانِ وَكُلَّ طرفٍ سَابِحِ. وَانْضِحْ جَوَانِبَ قَبْرِهِ بِدِمَائِهَا ... فَلَقَدْ يَكُونُ أَخَا دمٍ وذبائح. 66- زياد بن جبير2 -ع- بن حيّة الثقفيّ البصريّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالْمُغِيرةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: ابْنَا أَخِيهِ سَعِيدٌ، وَمُغِيرَةُ ابْنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَالْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. 67- زِيَادُ بن الحصين3 -م ن ق- بن قيس الحنظليّ البصري.

_ 1 سير أعلام النبلاء "4/ 597"، تهذيب الكمال "1/ 441-442"، تهذيب التهذيب "3/ 370-373". 2 التاريخ الكبير "3/ 347"، الجرح والتعديل "3/ 526-527"، تهذيب الكمال "1/ 441"، سير أعلام النبلاء "4/ 516"، تهذيب التهذيب "3/ 357-358". 3 التاريخ الكبير "3/ 349"، الجرح والتعديل "3/ 29"، تهذيب الكمال "1/ 439-440"، الثقات لابن حبان "6/ 319"، تهذيب التهذيب "3/ 363-364".

عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ. وعنه: الأعمش، وعاصم الأحول، وعوف الأعرابيّ، فوطر بْنُ خَلِيفَةَ، وَآخَرُونَ. وَقِيلَ: لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَنَاهُ بَعْضُهُمْ أَبَا جَهْمَةَ. قَالَ أَبُو حاتم: أبو جهمة، عن ابن عَبَّاسٍ مُرْسَلٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. 68- زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ1 ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيِّ، وَالِدُ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ الْحَسَنِ بن زيد. سمع: أباه، ابن عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ حَسَنٌ -وَالِدُ السَّيِّدَةِ نَفِيسَةَ- وَيَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ، وَأَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي حَقِّهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ زَيْدَ بْنَ الْحَسَنِ شَرِيفُ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَدُّوا إِلَيْهِ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعِنْهُ يَا هَذَا عَلَى مَا اسْتَعَانَكَ عَلَيْهِ. وَلِزَيْدٍ وفادةٌ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ: رَأَيْتُهُ أَتَى الْجُمْعَةَ مِنْ ثَمَانِيَةِ أميالٍ إِلَى الْمَدِينَةِ2. وَقِيلَ: كَانَ النَّاسُ يُعجَبُونَ مِنْ عِظَمِ خِلْقَتِهِ. وَقَدْ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَزَلَهُ عَنْ صَدَقَاتِ آلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ. مَاتَ بِالْبَطْحَاءِ عَلَى سِتَّةِ أميالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ وَشَيَّعَهُ الْخَلْقُ، وَكَانَ جَوَّادًا مُمَدَّحًا، عَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً، وَقَلَّمَا رَوَى. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الْوَلِيدَ كَتَبَ إِلَى زيد بن

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 318-319"، التاريخ الكبير "3/ 392"، الجرح والتعديل "3/ 560"، تهذيب الكمال "1/ 451-452"، سير أعلام النبلاء "4/ 487"، تهذيب التهذيب "3/ 406". 2 خبر ضعيف: وفيه أبو معشر وهو ضعيف التهذيب "7380".

الْحَسَنِ يَسْأَلُهُ أَنْ يُبَايِعَ لابْنِهِ، وَيَخْلَعَ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ، فَفَرَّقَ زَيْدٌ، وَأَجَابَ الْوَلِيدَ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ سُلَيْمَانُ، وَجَدَ كِتَابَ زَيْدٍ بِذَلِكَ إِلَى الْوَلِيدِ، فَكَتَبَ سُلَيْمَانُ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ: ادْعُ زَيْدًا فَأَقْرِئْهُ هَذَا الْكِتَابَ، فَإِنْ عَرَفَهُ فَاكْتُبْ إِلَيَّ، وَإِنْ هُوَ نَكَلَ فَحَلِّفْهُ، قَالَ: فَخَافَ اللَّهَ وَاعْتَرَفَ، وَبِذَلِكَ أَشَارَ عَلَيْهِ الْقَاسِمُ، فَكَتَبَ بِذَلِكَ ابْنُ حَزْمٍ، فَكَانَ جَوَابُ سُلَيْمَانَ أَنِ اضْرِبْهُ مِائَةَ سوطٍ وَدَرِّعْهُ عَبَاءَةً وَمَشِّهِ حَافِيًا، قَالَ: فَحَبَسَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّسُولَ فِي عَسْكَرِ سُلَيْمَانَ، وَقَالَ حَتَّى أُكَلِّمَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَا كَتَبَ بِهِ، وَمَرِضَ سُلَيْمَانُ، ثُمَّ مَاتَ، فَحَرَّقَ عُمَرُ الْكِتَابَ. وَلِلشُّعَرَاءِ فِي زيدٍ مَدَائِحُ. 69- زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ1 أَبُو الْقَمُوصِ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْجَارُودِ بْنِ الْمُعَلَّى الْعَبْدِيِّ. وعنه: قتادة، وعوف الأعرابي، وغيرهما. "حرف السين": 70- سالم بن أبي سالم الجيشاني2 -م د ن- واسم سفيان بن هانيء الْمَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو. عنه: ابنه عبد الله بن سالم، ويزيد بن أبي حبيب، وعبيد الله بن أبي جعفر، وغيرهم. له حديثٌ واحدٌ في الكتب.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 403"، الجرح والتعديل "3/ 568"، تهذيب الكمال "1/ 456"، تهذيب التهذيب "3/ 420-423". 2 التاريخ الكبير "4/ 111"، الجرح والتعديل "4/ 182"، تهذيب الكمال "1/ 460"، تهذيب التهذيب "3/ 435".

71- سالم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ1 -ع- العدوي، أبو عمر، يقال: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ، أَحَدُ الْأَعْلَامِ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَائِشَةَ، وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَسَفِينَةَ، وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرَهُمْ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَمُوسَى، بْنُ عُقْبَةَ، وَعَبْدُ الله بن عمرو2، وَحَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَقَدِمَ الشَّامَ وَافِدًا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِبَيْعَةِ وَالِدِهِ لَهُ، ثُمَّ عَلَى الْوَلِيدِ وَعَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ عِيسَى الْجُهَنِيُّ، ثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا مَدَّ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يُرْسِلْهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ3. تَفَرَّدَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ شَيْخٌ صَالِحٌ لَيِّنٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: تَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُهُ سَالِمًا؟ قُلْتُ: لا، قَالَ بِاسْمِ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ سَالِمُ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ، عَالِيًا مِنَ الرِّجَالِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُشْبِهُ أَبَاهُ، وَكَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُشْبِهُ أَبَاهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ أحدٌ فِي زَمَانِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَشْبَهَ بِمَنْ مَضَى مِنَ الصَّالِحِينَ فِي الزُّهْدِ وَالْقَصْدِ وَالْعَيْشِ مِنْهُ، كَانَ يَلْبِسُ الثَّوْبَ بِدِرْهَمَيْنِ، وَيَشْتَرِي الشِّمَالَ يَحْمِلُهَا. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِسَالِمٍ، وَرَآهُ خَشِنَ السِّحْنَةِ: أَيُّ شيءٍ تَأْكُلُ؟ قَالَ:

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 195-201"، التاريخ الكبير "4/ 115"، الجرح والتعديل "4/ 184"، تهذيب الكمال "1/ 460"، حلية الأولياء "2/ 193-198"، سير أعلام النبلاء "4/ 457-467"، البداية والنهاية "9/ 234"، تهذيب التهذيب "3/ 436-438"، صفة الصفوة "3/ 163". 2 كما في التهذيب. 3 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "3386"، والحاكم في المستدرك "1/ 536" وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "433".

الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ، وَإِذَا وَجَدْتُ اللَّحْمَ أَكَلْتُهُ. وَرَوَى زَيْدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَلْقَى وَلَدَهُ سَالِمًا، فَيُقَبِّلُهُ وَيَقُولُ: شيخٌ يُقَبِّلُ شَيْخًا. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُلامُ فِي حُبِّ سَالِمٍ، فَيَقُولُ: يَلُومُونَنِي فِي سالمٍ وَأَلُومُهُمْ ... وَجِلْدَةُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالأَنْفِ سَالِمُ1 مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ:: قُلْتُ لسالمٍ: أَسَمِعْتَ كَذَا مِنَ ابْنِ عُمَرَ؟ فَقَالَ: مَرَّةً وَاحِدَةً! أَكْثَر مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَكْرَهُونَ اتِّخَاذَ الإِمَاءِ حَتَّى نَشَأَ فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالْقَاسِمُ، وَسَالِمٌ فُقَهَاءٌ، فَفَاقُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ عِلْمًا وَتُقًى وَعِبَادَةً، فَرَغِبُوا حينئذٍ فِي السَّرَارِيِّ. وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: فُقَهَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ يُصْدِرُونَ عَنْ رَأْيِهِمْ سَبْعَةٌ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْقَاسِمُ، وَعُرْوَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، لا يَقْضِي القاضي حتى يرفع إليهم. رواها يعقوب الْفَسَوِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْعَسْقَلانِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: فُقَهَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَؤُلاءِ -فَسَمَّى الْمَذْكُورِينَ- وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، وَأَبَا سَلَمَةَ، وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ: أَصَحُّ الأَسَانِيدِ كُلِّهَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ. هَمَّام بْن يَحْيَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: دَفَعَ الْحَجَّاجُ إِلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الله رجلًا ليقتله، فقال للرجل: أمسلمٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَصَلَّيْتَ الْيَوْمَ الصُّبْحَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَدَّهُ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَرَمَى بِالسَّيْفِ وَقَالَ: ذَكَرَ أَنَّهُ مسلمٌ، وَأَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذمة الله" 2، فقال:

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 196". 2 حديث صحيح لغيره: أخرجه أحمد في المسند "2/ 111" والطبراني في الكبير "13211"، وفي الباب عن جندب بن عبد الله أخرجه مسلم "657"، والترمذي "222".

لَسْنَا نَقْتُلُهُ عَلَى صلاةٍ، وَلَكِنَّهُ مِمَّنْ أَعَانَ على قتل عثمان، فقال: ههنا مَنْ هُوَ أَوْلَى بِعُثْمَانَ مِنِّي، قَالَ: فَبَلَغَ ذلك ابن عمر، فقال: مكيسٌ مِكْيَسٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: دَخَلْتُ عَلَى سَالِمٍ، وَكَانَ لا يَأْكُلُ إِلا وَمَعَهُ مِسْكِينٌ1. وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: كَانَ لِسَالِمٍ حِمَارٌ هَرِمٌ، فَنَهَاهُ بَنُوهُ عَنْ رُكُوبِهِ، فَأَبَى، فَجَدَعُوا أُذُنَهُ، فَأَبَى أَنْ يَدَعَ رُكُوبَهُ، فَقَطَعُوا ذَنَبَهُ، فَأَبَى أَنْ يَدَعَهُ، وَرَكِبَهُ أَجْدَعَ الأُذُنَيْنِ مَقْطُوعَ الذَّنَبِ. وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيِّ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ إِذَا خَرَجَ عَطَاؤُهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَضَاهُ، ثُمَّ يَصِلُ مِنْهُ وَيَتَصَدَّقُ. سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ: حَدَّثَنِي ابْنُ أبي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدُ اللَّهِ يَلْبِسُ الصُّوفَ، وَكَانَ عَلِجَ الْخَلْقُ2 يُعَالِجُ بِيَدَيْهِ وَيَعْمَلُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: دَخَلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا هُوَ بِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: سَلْنِي حَاجَةً، قَالَ: إِنِّي أَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَسْأَلَ فِي بَيْتِهِ غَيْرَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ فِي أَثَرِهِ فَقَالَ: الآنَ قَدْ خَرَجْتَ فَسَلْنِي حَاجَةً، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُ الدُّنْيَا مَنْ يَمْلِكُهَا، فَكَيْفَ أَسْأَلُهَا مَنْ لا يَمْلِكُهَا؟ 3. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ إِذَا خَلا حَدَّثَنَا حَدِيثَ الْفِتْيَانِ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ سَالِمٌ غَلِيظًا؛ كَأَنَّهُ جَمَّالٌ، سُئِلَ: مَا أُدَامُكَ؟ قَالَ: الْخَلُّ وَالزَّيْتُ، قِيلَ: فَإِنْ لَمْ تَشْتَهْهُ؟ قَالَ: أَدَعُهُ حَتَّى أَشْتَهِيَهُ4. وَعَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وقال: كَانَ سَالِمٌ عَلَى سَمْتِ وَالِدِهِ عَبْدِ اللَّهِ فِي عَدَمِ الرَّفَاهِيَةِ. الْعُتْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَالِمًا دَخَلَ فِي هيئةٍ رثةٍ وَثِيَابٍ غَلِيظَةٍ، فَرَحَّبَ بِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَجْلَسَهُ معه على السرير.

_ 1 خبر ضعيف: وفيه عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ التهذيب "7878". 2 عالج الخلق: شديد معالج للأمور. 3 تاريخ دمشق "7/ 16ب"، وصفة الصفوة "2/ 91". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 200-201".

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَالِمٌ ثقةٌ وَرِعٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ. رَوَى لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَابْنُ شَوْذَبٍ، وَطَائِفَةٌ أَنَّ سَالِمًا تُوُفِّي سَنَةَ ستٍ وَمِائَةٍ، زَادَ ابْنُ سَعْدٍ1: وَهِشَامُ يومئذٍ بِالْمَدِينَةِ، كان حج تلك السَّنَةَ، فَوَافَقَ مَوْتَ سَالِمٍ. وَعَنْ أَفْلَحَ وَغَيْرِهِ، أَنَّ هِشَامًا صَلَّى عَلَى سَالِمٍ بِالْبَقِيعِ، لِكَثْرَةِ النَّاسِ، فَلَمَّا رَأَى هِشَامُ كَثْرَتَهُمْ قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ بن هشام المخزومي: اضرب على أهل الْمَدِينَةِ بَعَثَ أَرْبَعَةَ آلافٍ، فَكَانَ النَّاسُ إِذَا دَخَلُوا الصَّائِفَةَ، خَرَجَ أَرْبَعَةُ آلافٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَى السَّوَاحِلِ، فَكَانُوا هُنَاكَ إِلَى قُفُولِ النَّاسِ وَمَجِيئِهِمْ مِنَ الصَّائِفَةَ2. قَالَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ: حَجَّ هِشَامٌ، فَأَعْجَبَتْهُ سِحْنَةَ سَالِمٍ، فَقَالَ لَهُ: مَا تَأْكُلْ؟ قَالَ الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ، قَالَ: فَإِذَا لَمْ تَشْتَهِهُ؟ قَالَ: أَدَعُهُ حَتَّى أَشْتَهِيهِ، فَعَانَهُ هِشَامٌ؟ أَيْ أَصَابَهُ بِالْعَيْنِ؟ فَمَرِضَ وَمَاتَ، فَشَهِدَهُ هِشَامٌ، وَازْدَحَمَ النَّاسُ فِي جِنَازَتِهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لكثيرٌ، فَضَرَبَ عَلَيْهِمْ بَعْثًا خرج فيه جَمَاعَةٌ لَمْ يَرْجِعُوا، فَتَشَاءَمَ بِهِشَامٍ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا عَانَ فَقِيهَنَا، وَعَانَ بَلَدَنَا وَأَهْلَهُ3. وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: حَدَّثَنِي أَشْعَبُ قَالَ: قَالَ لِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: لا تَسْأَلْ أَحَدًا غَيْرَ اللَّهِ. وَيُقَالُ: تُوُفِّيَ سَالِمٌ فِي أَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. 72- سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الله النصري4 -م د ن ق- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ، وَهُوَ سَالِمٌ سَبَلانُ، وَهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ وَهُوَ سَالِمٌ السَّدُوسِيُّ مَوْلاهُمْ، وَهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ، وَهُوَ سَالِمٌ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ. عُمِّرَ دَهْرًا، وَرَوَى عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَآخَرُونَ. لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ، وَاحْتَجَّ به مسلم وغيره.

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 200". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 201". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 201". 4 الطبقات الكبرى "5/ 301"، التاريخ الكبير "4/ 109-110"، الجرح والتعديل "4/ 184"، الثقات لابن حبان "4/ 307-308"، تهذيب الكمال "1/ 464"، سير أعلام النبلاء "4/ 595-596"، تهذيب التهذيب "3/ 438-439".

73- سَالِمُ أَبُو الزُّعَيْزَعَةِ الدِّمَشْقِيُّ1. مَوْلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَكَاتِبُهُ، وَكَاتِبُ ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَصَاحِبُ حرسه. روى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْه: عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، والنضر بن محرز، وعمرو بن عبيد. وهو مقل. 74- سعد بن عبيدة2 -ع- أبو حمزة السلمي الكوفي، زَوْجُ ابْنَةِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ. حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عُمَرَ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَالْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الأَحْنَفِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَزُبَيْدٌ الْيَامِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. 75- سَعْدٌ أَبُو هَاشِمٍ السِّنْجَارِيُّ3 حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وعنه: علي بن بذيمة، وخصيف، وعبد الكريم الجزري، وهلال بن خباب، وإسماعيل بن سالم. وثقه ابن معين، وقيل: هو بصريٌ نزل سنجار. 76- سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ4 بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ، قاضي المدينة، قال

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 59"، والكنى والأسماء للدولابي "1/ 83". 2 الطبقات الكبرى "6/ 289"، التاريخ الكبير "4/ 60"، الجرح والتعديل "4/ 89"، تهذيب الكمال "1/ 474"، سير أعلام النبلاء "5/ 9"، تهذيب التهذيب "4/ 478". 3 التاريخ الكبير "4/ 66-67"، الجرح والتعديل "4/ 98"، الثقات لابن حبان "4/ 296". 4 التاريخ الكبير "3/ 481"، الجرح والتعديل "4/ 25"، تهذيب الكمال "1/ 492"، تهذيب التهذيب "4/ 42-43".

مَالِكٌ: كَانَ فَاضِلا عَابِدًا، أُرِيدَ عَلَى الْقَضَاءِ فَامْتَنَعَ، فَكَلَّمَهُ إِخْوَانُهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَقَالُوا: الْقَضِيَّةُ نقضيها بحقٍ أَفْضَلُ مِنْ كَذَا وَكَذَا مِنَ التَّطَوُّعِ، فَلَمْ يُجِبْ، فَأُكْرِهَ، فَكَانَ أَوَّلَ شيءٍ قَضَى بِهِ عَلَى الأَمِيرِ عَبْدِ الْوَاحِدِ النَّصْرِيِّ مُتَوَلِّي الْمَدِينَةِ، أَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ مَالا عَظِيمًا لِلْفُقَرَاءِ فَقَسَّمَهُ، وَبِذَلِكَ السَّبَبِ عُزِلَ عَبْدُ الْوَاحِدِ. قَالَ مصعب بن عثمان الزبيري: كن عبد الواحد صالحًا بارزًا للأمراء، ولا يَسْتُرُ شَيْئًا، وَكَانَ إِذَا أَتَى بِرِزْقِهِ فِي الشَّهْرِ، وَهُوَ ثَلاثُمِائَةَ دِينَارٍ يَقُولُ: إِنَّ الَّذِي يَخُونُ بَعْدَكَ لَخَائِنٌ. وَرُوِيَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ تَوَجَّعَ لِعَزْلِ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَجَزَعَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمْ يُقْدِمْ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ والٍ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ النَّصْرِيِّ، كَانَ لا يوصل أمرًا إلا استشارًا الْقَاسِمَ وَسَالِمًا. 77-سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ1 -ع- تَقَدَّمَ، وَقَدْ قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، وَمَالَ إِلَى هذا الحاكم. 78- سعيد بن أبي هند2 -ع- مَوْلَى سَمُرَةَ. رَوَى عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، ومطرف بن عبد الله بن الشخير. وعنه: ابنه عبد الله بن سعيد، ويزيد بن أبي حبيب، ومحمد بن أبي إسحاق، ونافع بن عمر الجمحي، وآخرون. كان ثقة فاضلا قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ هِشَامٍ. 79- سعيد بن أبي الحسن3 -خ م- يسار، أخو الحسن البصري.

_ 1 تقدم في الطبقة الماضية. 2 التاريخ الكبير "3/ 518-519"، الجرح والتعديل "4/ 71"، تهذيب الكمال "1/ 509"، سير أعلام النبلاء "5/ 9-10"، تهذيب التهذيب "4/ 93-94". 3 الطبقات الكبرى "7/ 178-179"، التاريخ الكبير "3/ 462-463"، الزهد لأحمد "287"، الجرح والتعديل "4/ 72-73"، تهذيب الكمال "1/ 486"، سير أعلام النبلاء "4/ 588"، تهذيب التهذيب "4/ 16".

رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وعنه: قتادة، وعوف الأعرابي، ويحيى بن أبي إسحاق، وعلي بن علي الرفاعي، وآخرون. وثقه أبو زرعة وغيره. قال ابن حبان: مات بفارس سنة ثمانٍ، وقيل: سنة تسعٍ ومائة، وقيل: سنة مائة. ابن علية، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ طَالَ حُزْنُ الْحَسَنِ عَلَيْهِ وَبَكَى، فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّكَ إمامٌ يُقْتَدَى بِكَ! فَقَالَ: دَعُونِي، فَمَا رَأَيْتُ اللَّهَ تَعَالَى عَابَ عَلَى يَعْقُوبَ طُولَ الْحُزْنِ. قَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ: دَخَلَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْحَسَنِ وَهُوَ يَبْكِي عَلَى أَخِيهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا سعيد، إنك تعلم الناس ويحتجون ببكائك عند الْمُصِيبَةِ! فَحَمَدَ اللَّهَ، وَقَدْ خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ هَذِهِ الرَّحْمَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّمَا الْجَزَعُ مَا كَانَ بِاللِّسَانِ أَوِ الْيَدِ، فَرَحِمَ اللَّهُ سَعِيدًا مَا عَلِمْتُ فِي الأَرْضِ مِنْ شدةٍ كَانَتْ تَنْزِلُ بِي إِلا يَوَدُّ أَنَّهُ وَقَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ. 80- سُلَيْمَانُ بْنُ بريدة1 -م4- بن الحصيب الأسلمي، وُلِدَ هُوَ وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ في بطنٍ في خِلافَةِ عُمَرَ، وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُفَضِّلُهُ عَلَى أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَمُحَارِثُ بْنُ دَثَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةِ، وَجَمَاعَةٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. 81- سُلَيْمَانُ بْنُ سَعْدٍ الْخُشَنِيُّ2 مَوْلاهُمُ الْكَاتِبُ، قِيلَ إِنَّ هَذَا هُوَ أَوَّلُ مَنْ نَقَلَ حِسَابَ الدِّيوَانِ مِنَ الرُّومِيَّةِ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ. وَكَانَ مِنْ نُبَلاءِ الرِّجَالِ، وَكَانَ كَاتِبَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَالْوَلِيدِ، وَسُلَيْمَانَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. حَكَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلا رِوَايَةَ لَهُ.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 4"، الجرح والتعديل "4/ 102"، تهذيب الكمال "1/ 532"، ميزان الاعتدال "2/ 1974"، تهذيب التهذيب "4/ 174". 2 تاريخ خليفة "299-312-319" تهذيب تاريخ دمشق "6/ 278".

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمَلَةَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِسُلَيْمَانَ بْنِ سَعْدٍ: بَلَغَنِي أَنَّ فُلانًا عَامِلَنَا زِنْدِيقٌ، قَالَ: وَمَا يَضُرُّكَ؟ كَانَ أَبُو النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَافِرًا، فَمَا ضَرَّهُ ذَلِكَ، فَغَضِبَ عُمَرُ وَقَالَ: وما وَجَدْتَ مَثَلا إِلا ذَا، فَعَزَلَهُ. 82- سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1 مَوْلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَقَائِدُهَا، وَيُقَالُ لَهُ: سُلَيْمٌ، يُكْنَى أَبَا عِمْرَانَ. حَدَّثَ عَنْهَا، وَعَنْ ذِي الأَصَابِعِ الصَّحَابِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ. وَعَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيَوَةَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 83- سليمان بنت عتيق المكي2 -م د س ق- عَنْ: جَابِرٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَطَلَقِ بْنِ حَبِيبٍ. وَعَنْهُ: حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ الأَعْرَجُ، وَزِيَادُ بْنُ سَعدٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صِرْمَا، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، قَالا: أَنْبَأَ أَبُو الْفَضْلِ الأرموي، أنبأ أبو الحسن بن النقور، أنبأ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرَمِيّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ معين، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عُتَيْقٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ3. 84- سُلَيْمَانُ بْنُ قَتَّةَ الْبَصْرِيُّ4 مولى بني تميم. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَرَضًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَمِعَ منه ومن معاوية، وعمرو بن العاص.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 22"، الجرح والتعديل "4/ 125". 2 التاريخ الكبير "4/ 29"، الجرح والتعديل "4/ 133"، تهذيب الكمال "1/ 543-544"، ميزان الاعتدال "2/ 214"، تهذيب التهذيب "4/ 210". 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1554"، وأبو داود "3374"، والنسائي "4542"، وابن ماجه "2218"، وأحمد في المسند "3/ 309". 4 التاريخ الكبير "4/ 32" الجرح والتعديل "4/ 136"، سير أعلام النبلاء "4/ 596".

قَرَأَ عَلَيْهِ: عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ مُوسَى بن أبي عائشة، وحميد بن الطَّوِيلُ، وَأَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ شُعَرَاءِ وَقْتِهِ، وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ معن، وَقَتَّةُ هِيَ أُمُّهُ. وَمِنْ شِعْرِهِ: وَقَدْ يَحْرِمُ اللَّهُ الْفَتَى وَهُوَ عاقلٌ ... وَيُعْطِي الْفَتَى مَالا وَلَيْسَ لَهُ عَقْلُ 85- سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ الْمَدَنِيُّ1 -ع- أَخُو عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ. كَاتَبَ سُلَيْمَانُ أُمَّ سَلَمَةَ -رَضِيَ الله عنهما، وَرَوَى عَنْهَا، وَعَنْ عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَيْمُونَةَ، وزيد بن ثاب، وَأَبِي رَافِعٍ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَسَالِمُ أَبُو النَّضْرِ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ وَآخَرُونَ. وَكَانَ فَقِيهًا إِمَامًا مُجْتَهِدًا، رَفِيقَ الذِّكْرِ. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: سُلَيْمَانُ عِنْدَنَا أَفْهَمُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ2. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ امرأةٌ فَرَاوَدَتْهُ، فَامْتَنَعَ، فَقَالَتْ: إِذًا أَفْضَحُكَ، فَتَرَكَهَا فِي مَنْزِلِهِ وَهَرَبَ، فَحُكِيَ أَنَّهُ رَأَى فِي النَّوْمِ يُوسُفَ الصِّدِّيقَ عَلَيْهِ السّلام يقول: أنا يوسف الذي همم، وأنت سليمان الذي لم تهمّ3.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 174"، التاريخ الكبير "4/ 41-42"، الجرح والتعديل "4/ 149"، الثقات لابن حبان "6/ 394"، حلية الأولياء "2/ 190-193"، صفة الصفوة "2/ 82-85"، تهذيب الكمال "1/ 548"، سير أعلام النبلاء "4/ 444-448"، تهذيب التهذيب "4/ 228-230"، البداية والنهاية "9/ 244". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 174". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 190-191"، وصفوة الصفوة "2/ 82".

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: رَأَيْتُ السَّائِلَ يَأْتِي سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَيَقُولُ: اذْهَبْ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ سُلَيْمَانُ مِنْ عُلَمَاءِ النَّاسِ بَعْدَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً عَالِمًا فَقِيهًا، كَثِيرَ الْحَدِيثِ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَ ابْنُ خَلِيلٍ، أنا أبو المكارم اللّبّان، أنبأ أو عليّ المقريء، أنبأ أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لَهُ نَاتِلٌ أَخُو أَهْلِ الشَّامِ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدِّثْنَا حديثاُ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "أَوَّلُ النَّاسِ يُقْضَى فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثلاثةٌ: رجلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ اللَّهُ نِعْمَةً فعرفها، فقال: ما علمت فيها؟ قال: قاتلت في سبيلك حتى استشهدت، فقال: كذب، إنما أردت أن يقال فلانٌ جريٌ، وَقَدْ قِيلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ العلم وعلّمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذب، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عالمٌ. وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ، فَأَمَرَ بِهِ، فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى النَّارِ. ورجلٌ آتَاهُ اللَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نعمة، فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ قال: مَا تَرَكْتُ مِنْ شَيْءٍ يَجِبُ أَنْ يُنْفَقَ فِيهِ إِلا أَنْفَقْتُ فِيهِ لَكَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ، إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فلانٌ جوادٌ، فَقَدْ قِيلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى ألقي في النار" 1. وهذا حديثٌ صَحِيحٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ دِمَشْقَ، فَدَعَاهُ أَبِي إِلَى الْحَمَّامِ، وَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمَصْرِيُّ: كَانَ أَبُوهُ يسار فارسيًّا.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1905"، والترمذي "2382"، والنسائي "3137"، وأحمد في المسند "2/ 322"، والبيهقي في السنن الكبرى "9/ 168".

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: يُكْنَى أَبَا أَيُّوبَ. وَقَدْ وُلِّيَ سوق لأميرها عمر بن عبد العزيز1. وقال ابن الْمَدِينِيِّ، وَالْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَآخَرُونَ: كُنْيَتُهُ أَبُو أَيُّوبَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقَدِّمِيُّ: يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلْتُ عَنْ أَعْلَمَ أَهْلِهَا بِالطَّلاقِ، فَقِيلَ: سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ يَصُومُ الدَّهْرَ، وَكَانَ أَخُوهُ عَطَاءٌ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْفَلَّاسُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، وَالْبُخَارِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَمِائَةٍ، وَقَالَ خَلِيفَةُ: سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ، وَهُوَ غَلَطٌ، تُوُفِّيَ فِي عُشْرِ الثَّمَانِينَ. 86- سَلامَانُ بْنُ عَامِرٍ الشَّعْبَانِيُّ الْمَصْرِيُّ2 عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَبِي عُثْمَانَ صَاحِبٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، وَابْنُ لَهِيعَةَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ رَجُلا صَالِحًا، تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 87- سِنَانُ بْنُ أَبِي سنان3 -خ م ت ن- الدّيلي المدني. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، وَجَابِرٍ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. 88- سَوَادَةُ بْنُ عَاصِمٍ4 -4- أَبُو حَاجِبٍ الْعنَزَيُّ الْبَصْرِيُّ.

_ 1 خبر ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 175"، وفيه الواقدي وهو من المتروكين. 2 التاريخ الكبير "4/ 213"، الجرح والتعديل "4/ 322". 3 الطبقات الكبرى "5/ 249"، التاريخ الكبير "4/ 162-163"، الجرح والتعديل "4/ 250-251"، تهذيب التهذيب "4/ 242". 4 التاريخ الكبير "4/ 184-185"، والجرح والتعديل "4/ 292"، تهذيب الكمال "1/ 559"، تهذيب التهذيب "4/ 267".

عَنْ: الْحَكَمِ بْنِ الأَقْرَعِ الْغِفَارِيِّ -وَاسْمُ أَبِيهِ عَمْرٌو، وَعَائِذِ بْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ. وَعَنْهُ: عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ. وَهُوَ ثِقَةٌ. 89- سَيَّارٌ مَوْلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ1 نَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَرَوَى عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْرٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا تَكَلَّمَ فِيهِ. "حرف الشِّينِ": 90- شُرَحَبيلُ بْنُ شفعة2 -ت- أبو يزيد الشامي. عَنْ: شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وُعُتْبَةَ بْنِ الْعَاصِ، وَعُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَأَبِي عُتْبَةَ الْخَوْلانِيِّ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ. قَالَ أَبُو دَاوُدُ: شُيُوخُ حَرِيزٍ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. 91-شُعْبَةُ بْنُ دِينَارٍ3 -د- مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَدَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ به.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 160"، الجرح والتعديل "4/ 254"، تهذيب الكمال "1/ 565"، تهذيب التهذيب "4/ 293". 2 التاريخ الكبير "4/ 250"، الجرح والتعديل "4/ 339"، تهذيب الكمال "2/ 576"، تهذيب التهذيب "4/ 324". 3 التاريخ الكبير "4/ 244"، الكامل لابن عدي "4/ 1339-1345"، الجرح والتعديل "4/ 368"، المجروحين لابن حبان "1/ 361"، تهذيب الكمال "2/ 583-584"، تهذيب التهذيب "4/ 346-347".

92- شفيّ بن ماتع1 -د ت ن- الأصبحي المصري. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: ابْنُهُ حُسَيْنٌ، وَأَبُو قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيُّ، وَأَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ، وَعَنْهُ ابْنُ مُسْلِمٍ، وَقَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ سَيْفٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِهِ: كَانَ شُفَيُّ عَالِمًا حَكِيمًا، ثُمَّ سَاقَ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ شُفَيٍّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَأَقْبَلَ شَفَيٌّ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: جَاءَكُمْ أَعْلَمُ مَنْ عَلَيْهَا؛ فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبِرْنَا يَا أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ، مَا الْخَيْرَاتُ الثَّلاثُ، وَمَا الشَّرَّاتُ الثَّلاثُ؟ قَالَ: الْخَيْرَاتُ الثَّلاث: لسانٌ صَدُوقٌ، وقلبٌ تقيٌ، وامرأةٌ صالحة. والشّرّات الثَّلاثُ: لسانٌ كاذبٌ، وقلبٌ كافرٌ، وَامْرَأَةُ سُوءٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. وَرَوَى أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ شُفَيٍّ قَالَ: مَنْ كَثُرَ كَلامُهُ كَثُرَتْ خَطَايَاهُ2. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. 93- شَقِيقُ بْنُ عُقْبَةَ الْكُوفِيُّ3 -م- عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. وَعَنْهُ: الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، وَفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ. 94- شُيَيْمُ بْنُ بَيْتَانَ الْقِتْبَانِيُّ الْمَصْرِيُّ4 -د ت ن- عَنْ أَبِيهِ، وَجُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، ورويفع بن ثاب، وأبي سالم الجيشاني، وغيرهم.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 266"، الجرح والتعديل "4/ 389-390"، المعجم الكبير للطبراني "7/ 372"، الثقات لابن حبان "4/ 371"، تهذيب الكمال "2/ 587"، حلية الأولياء "5/ 166-169"، أسد الغابة "2/ 399"، تهذيب التهذيب "4/ 360". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 167". 3 التاريخ الكبير "4/ 247"، الجرح والتعديل "4/ 371"، تهذيب الكمال "2/ 588"، تهذيب التهذيب "4/ 363". 4 التاريخ الكبير "4/ 260"، الجرح والتعديل "4/ 384"، تهذيب الكمال "2/ 592"، تهذيب التهذيب "4/ 379".

وعنه: خير بن نعيم، وعياش بن عباس القتباني. وثقه يحيى بن معين. "حرف الصاد": 95- صالح بن أبي حسان المدني1 -ت ن- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ الْغَسِيلِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ الْيَاسَ، وَبَكِيرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. وَثَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ: صَالِحُ بْنُ حَسَّانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: يَجِيءُ هَذَا بَعْدَ سنة خمسيبن ومائة. 96- صالح بن أبي صالح ذكوان2 -م ن- السّمّان المدني، أبو عبد الرحمن، مَوْتُهُ قريبٌ مِنْ مَوْتِ وَالِدِهِ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَأنَسَ بْنَ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَهُوَ مقلٌّ. 97- صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3 أَبُو الْوَلِيدِ الْكَاتِبُ. كَانَ فَصِيحًا جَمِيلا مِنْ سَبْيِ سِجِسْتَانَ، سَرِيعَ الْحِفْظِ، عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَقَلَ الدِّيوَانَ مِنَ الْفَارِسِيَّةِ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ. وَيُقَالُ: بَذَلَ لَهُ كُتَّابُ الْفُرْسِ ثَلاثَمِائَةَ ألفٍ عَلَى أَنْ لا يَفْعَلُ ذَلِكَ فَأَبَى، وَبِهِ تَخَرَّجَ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي كِتَابَةِ الدِّيوَانِ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَدْ وَلاهُ خَرَاجَ الْعِرَاقِ، ثُمَّ وَلاهُ يَزِيدُ، فَتَعَقَّبَهُ أَمِيرُ الْعِرَاقِ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيُّ فَقَتَلَهُ.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 275"، الجرح والتعديل "4/ 399"، تهذيب الكمال "2/ 595"، ميزان الاعتدال "2/ 292"، تهذيب التهذيب "4/ 395-386". 2 التاريخ الكبير "4/ 279"، الجرح والتعديل "4/ 400-101"، تهذيب الكمال "2/ 597"، تهذيب التهذيب "4/ 394". 3 تاريخ خليفة "313، 318، 319"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 373".

98- صَخْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْفَزَارِيُّ1 أَعْرَابِيٌّ. رَوَى عَنْ: ابْنِ ضَلِيعٍ وَجَزِيِّ بْنِ بُكَيْرٍ. رَوَى عَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ خَالِدٍ، وَغَيْرُهُمْ. "حرف الضَّادِ": 99- الضَّحَّاكُ بْنُ عبد الرحمن2 -ت ق- بْنِ عَرْزَبٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَشْعَرِيُّ الشَّامِيُّ الطبراني، وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ، ووالده عبد الرحمن. وعنه: مكحول، ومحمد بن زياد الألهاني، وأبو طلحة الخولاني، وعبد الله بن العلاء بن زبر، وحريز بن عثمان، والأوزاعي، وآخرون. وثقه أحمد العجلي وغيره. قال أبو مسهر: كان من خير الولاة. وقال عبد الله بن العلاء: سمعته يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يُقَالَ: أَلَمْ أُصِحَّ جِسْمَكَ وَأُرْوِكَ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ"3. وَعَرْزَبُ بِالْبَاءِ أصحّ. 100- الضّحّاك بن مزاحم الهلاليّ4 الخراسانيّ

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 311-312"، الجرح والتعديل "4/ 426"، تهذيب التهذيب "4/ 413-414". 2 التاريخ الكبير "4/ 333"، الجرح والتعديل "4/ 459"، تهذيب الكمال "2/ 626"، سير أعلام النبلاء "4/ 603-604"، ميزان الاعتدال "2/ 324"، تهذيب التهذيب "4/ 446"، الإصابة "2/ 217". 3 حديث ضعيف: أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "1/ 412"، أو "7/ 7". 4 الطبقات الكبرى "6/ 300-302"، التاريخ الكبير "4/ 332-333"، الجرح والتعديل "4/ 458"، تهذيب الكمال "2/ 618"، سير أعلام النبلاء "4/ 598-600"، ميزان الاعتدال "2/ 33"، تهذيب التهذيب "4/ 453-454".

أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: أَبُو الْقَاسِمِ صَاحِبُ التَّفْسِيرِ، وَلَهُ أَخَوَانِ: مُحَمَّدٌ، وَمُسْلِمٌ، كَانَ يَكُونُ بِسَمَرْقَنْدَ وببلخ. حدّث عن: ابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد الْخُدْرِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالأَسْوَدِ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: جُوَيْبِرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَأَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ سَعِيدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعُمَرُ بْنُ الرَّمَّاحِ، وَنَهْشَلُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُقَاتِلٌ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ، وَأَبُو رَوْقٍ عَطِيَّةُ، وَأَبُو جَنَابِ يَحْيَى بْنُ أَبِي حِيَّةَ الْكَلْبِيُّ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَضَعَّفَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَغَيْرُهُ، وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مُدَلِّسًا، وَوَرَدَ أَنَّهُ كَانَ فَقِيهَ مكتبٍ فِيهِ ثَلاثَةُ آلافِ صبيٍّ، وَكَانَ يَرْكَبُ حِمَارًا وَيَدُورُ عَلَيْهِمْ. وَلَهُ يدٌ طُولَى فِي التَّفْسِيرِ وَالْقَصَصِ. قَالَ الثَّوْرِيُّ: كَانَ الضَّحَّاكُ يُعَلِّمُ وَلا يَأْخُذُ أَجْرًا. وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ مُشَاشٍ قَالَ: سَأَلْتُ الضَّحَّاكَ: هَلْ لَقِيتَ ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: لا. وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: لَمْ يَلْقَ الضَّحَّاكُ ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنَّمَا لَقِيَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ بِالرَّيِّ فَأَخَذ عَنْهُ التَّفْسِيرَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: كَانَ شُعْبَةُ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الضَّحَّاكُ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَطُّ، ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: وَالضَّحَّاكُ عِنْدَنَا ضَعِيفٌ. وَرَوَى أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: جَاوَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ سَبْعَ سِنِينَ. وَقَالَ قَبِيصَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ: كَانَ الضَّحَّاكُ إِذَا أَمْسَى بَكَى، فَيُقَالُ لَهُ! فَيَقُولُ: لا أَدْرِي مَا صَعَدَ الْيَوْمَ مِنْ عَمَلِي. وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي الضَّحَّاكِ قَالَ: أَدْرَكْتُهُمْ وَمَا يَتَعَلَّمُونَ إِلا الْوَرَعَ1. وَقَالَ قُرَّةُ: كَانَ هِجِّيرُ2 الضَّحَّاكِ إِذَا سَكَتَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ وَرَوَى مَيْمُونٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: حقٌ عَلَى كُلِّ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا، وَتَلا قَوْلَهُ تَعَالَى: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} [آل عمران: 79] . وَرَوَى زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ بَشِيرٍ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الضَّحَّاكِ: كُنْتُ ابن ثمانين جلدًا غزّاءً.

_ 1 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى "6/ 301". 2 هجير: دأبه وعادته وديدنه.

قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ الضَّحَّاكُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْكُوفِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمس ومائة. وقال الحسين ابن الوليد: سنة ستٍّ ومائة. 101- الضّحّاك المشرقي1 -خ م- أبو سعيد الكوفي، وَمِشْرَقٌ بطنٌ مِنْ هَمْدَانَ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سعيد الخدريّ. وعنه: حبيب بن أبي ثاب، والزهري، والأعمش، وآخرون. قيل: اسم أبيه: شراحيل، وقيل شرحبيل. 102- ضمضم بن جوس الهفاني2 اليمامي-4. عن أبى هريرة، وعبد الله بن حنظلة الغسيل. وعَنْه: يحيى بْن أَبِي كثير، وعِكْرِمة بْن عمار. وثقة يحيى بن معين وغيره. "حرف الطاء": 103- طاوس بن كيسان3 -ع- أبو عبد الرحمن اليماني الجندي أحد الأعلام، كان من أبناء الفرس الذين سَيَّرهُمْ كِسْرَى إِلَى الْيَمَنِ، مِنْ مَوَالِي بَحِيرِ بْنِ رَيْسَانَ الْحِمْيَرِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْلَى لِهَمْدَانَ. سمع: زيد بن ثاب، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَطَائِفَةً. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نُجَيْحٍ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ مسلم

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 335"، الجرح والتعديل "4/ 461"، تهذيب الكمال "2/ 615"، سير أعلام النبلاء "4/ 604"، ميزان الاعتدال "2/ 324"، تهذيب التهذيب "4/ 444-445". 2 التاريخ الكبير "4/ 337-338"، الجرح والتعديل "4/ 467-468"، تهذيب الكمال "2/ 620-621"، والثقات لابن حبان "4/ 389"، تهذيب التهذيب "4/ 426". 3 الطبقات الكبرى "5/ 537-542"، التاريخ الكبير "4/ 365"، الجرح والتعديل "4/ 500-5014"، تهذيب الكمال "2/ 623"، حلية الأولياء "4/ 3- 23"، صفة الصفوة "2/ 284-290"، سير أعلام النبلاء "5/ 38-49"، تهذيب التهذيب "5/ 8-10"، البداية والنهاية "9/ 235-244".

ابن يَنَّاقٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الدِّمَشْقِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ عَمْرُو بن دينار: ما رأيت أحدًا مثل طاوس. وَرَوَى عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنِّي لأَظُنُّ طَاوُسًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ طَاوُسٌ فِينَا مِثْلَ ابْنِ سِيرِينَ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن ابن أَبِي نُجَيْحٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ لِطَاوُسٍ: رَأَيْتُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُصَلِّي فِي الْكَعْبَةِ وَالنَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بَابِهَا يَقُولُ لَكَ: "اكْشِفْ قِنَاعَكَ وَبَيِّنْ قِرَاءَتَكَ"، قَالَ: أَسْكُتْ لا يَسْمَعُ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ، ثُمَّ خُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّهُ انْبَسَطَ فِي الْكَلامِ، يَعْنِي فَرَحًا بِالْمَنَامِ1. رَوَى هِشَامُ بْنُ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: لا يَتِمُّ نُسُكُ الشَّابِّ حَتَّى يَتَزَوَّجَ2. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: إِنَّ الأَسَدَ حَبَسَ لَيْلَةً النَّاسَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ، فَدَقَّ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ ذَهَبَ عَنْهُمْ، فَنَزَلُوا وَنَامُوا وَقَامَ طَاوُسُ يُصَلِّي، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَلا تَنَامُ؟ قَالَ: هل يَنَامُ أحدٌ السَّحَرَ؟ 3. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَسَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ الزُّبَيْرِ الصَّنْعَانِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّ أَمِيرَ الْيَمَنِ بَعَثَ إِلَى طَاوُسٍ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا4. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِطَاوُسٍ: ارْفَعْ حَاجَتَكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: مَا لِي إِلَيْهِ مِنْ حاجةٍ5، فَكَأَنَّهُ عَجِبَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: ابْنُ عُيَيْنَةُ فَحَلِفَ لَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ عِنْدَهُ بمنزلةٍ إِلا طَاوُسًا6. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَجَاءَ وَلَدُ سُلَيْمَانَ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ طَاوُسٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَقِيلَ له: ابن أمير المؤمنين، فلم يلتف، ثُمّ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ لِلَّهِ عبادًا يزهدون فيما في يديه7.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 5". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 6". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 3"، وصفة الصفوة "2/ 285". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية " "4/ 3"، وصفة الصفوة "2/ 287". 5 انظر العزو السابق. 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 14-16". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 16".

وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ قَالَ: كُنْتُ لا أَزَالُ أَقُولُ لِأَبِي: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُخْرَجَ عَلَى هَذَا السُّلْطَانِ وَأَنْ يُفْعَلَ بِهِ، قَالَ: فَخَرَجْنَا حُجَّاجًا فَنَزَلْنَا فِي بَعْضِ الْقُرَى وَفِيهَا عاملٌ لِنَائِبِ الْيَمَنِ، يُقَالُ لَهُ أَبُو نُجَيْحٍ، وَكَانَ مِنْ أَخْبَثَ عُمَّالِهِمْ، فَشَهِدْنَا الصُّبْحَ في السمجد، فَإِذَا أَبُو نُجَيْحٍ قَدْ عَلِمَ بِطَاوُسٍ، فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ كَلَّمَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ عَدَلَ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا بِهِ قُمْتُ إِلَيْهِ، فَمَدَدْتُ بِيَدِهِ، وَجَعَلْتُ أُسَائِلُهُ، وقلت: إن أبا عبد الرحمن لم يعرفك، فَقَالَ: بَلَى مَعْرِفَتُهُ بِي فَعَلَتْ بِي مَا رأي، قال: فمضى وهو ساك، فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَنْزِلَ قَالَ لِي: يَا لُكَعُ، بَيْنَمَا أَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ عَلَيْهِمْ بِسَيْفِكَ، لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَحْبِسَ عَنْهُمْ لِسَانَكَ1. حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ إِذَا تَشَدَّدَ النَّاسُ فِي شَيْءٍ رَخَّصَ فِيهِ، وَإِذَا رَخَّصَ النَّاسُ فِي شيءٍ شَدَّدَ فِيهِ، قَالَ لَيْثٌ: وَذَلِكَ الْعِلْمُ. عنبسة بن عبد الواحد، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عَالِمًا قَطُّ يَقُولُ لا أَدْرِي أَكْثَرَ مِنْ طَاوُسٍ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: كَانَ طَاوُسُ يَتَشَيَّعُ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: أَقَامَ طَاوُسٌ عَلَى رَقِيقٍ لَهُ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ. قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: رَأَيْتُ طَاوُسًا يَخْضِبُ بِحِنَّاءٍ شَدِيدِ الْحُمْرَةِ2. وَقَالَ فِطْرٌ: كَانَ طَاوُسُ يَتَقَنَّعُ وَيَصْبِغُ بِالْحِنَّاءِ3. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُلَيْكِيُّ: رَأَيْتُ طَاوُسًا وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ أثَرُ السُّجُودِ4. وَرَوَى سفيان الثّورريّ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ طَاوُسٍ: اللَّهُمَّ احْرِمْنِي الْمَالَ وَالْوَلَدَ وَارْزُقْنِي الإِيمَانَ وَالْعَمَلَ5. وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: عَجِبْتُ لِإِخَوَتِنَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يُسَمُّونَ الْحَجَّاجَ مُؤْمِنًا6. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ اسْتَعْمَلَ طَاوُسًا عَلَى بَعْضِ الصَّدَقَةِ، فَسَأَلْتُ طَاوُسًا: كَيْفَ صنعت؟ قال: كنا نقول للرجل: تزكّى

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 16". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 538". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 538". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 539". 5 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 540". 6 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 540".

رَحِمَكَ اللَّهُ بِمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، فَإِنْ أَعْطَانَا أَخَذْنَا، وَإِنْ تَوَلَّى لَمْ نَقُلْ تَعَالَ1. وَرَوَى عبد السلام بن هشام، عن الحرّ ابن أَبِي الْحُصَيْنِ الْعَنْبَرِيِّ، أَنَّ طَاوُسًا مَرَّ برآسٍ قَدْ أَخْرَجَ رَأْسًا فَغُشِيَ عَلَيْهِ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ إِذَا رَآى تِلْكَ الرُّءُوسَ الْمَشْوِيَّةَ لَمْ يَتَعَشَّ2 تِلْكَ اللَّيْلَةَ. عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، أَنَّ رَجُلا كَانَ يَسِيرُ مَعَ طَاوُسٍ، فَسَمِعَ غُرَابًا فَقَالَ: خَيْرٌ، فَقَالَ طَاوُسٌ: أَيُّ خَيْرٍ عِنْدَ هَذَا، أَوْ شرٍّ، لا تَصْحَبْنِي3. ابْنُ أَبِي نُجَيْحٍ: إِنَّ طَاوُسًا قَالَ لِأَبِي: مَنْ قَالَ وَاتَّقَى اللَّهَ خيرٌ مِمَّنْ صَمَتَ وَاتَّقى اللَّهَ4. عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ خَمْسِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5. أُنْبِئْتُ عَنِ اللَّبَانِ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، أَنْبَأَ أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا إِسْحَاقُ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصَّنْعَانِيِّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ، أَوْ أَيُّوبَ بْنَ يَحْيَى بَعَثَ إِلَى طَاوُسٍ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقِيلَ لِلرَّسُولِ: إِنْ أَخَذَهَا مِنْكَ فَإِنَّ الأَمِيرَ سَيُحْسِنُ إِلَيْكَ، فَقَدِمَ بِهَا عَلَى طَاوُسٍ الْجَنَدِ، فَأَرَادَهُ عَلَى أَخْذِهَا فَأَبَى، فَغَفِلَ طَاوُسٌ، فَرَمَى بِهَا الرَّجُلُ في كوّة البي، ثُمَّ ذَهَبَ، وَقَالَ: أَخَذَهَا، ثُمَّ بَلَغَهُمْ عَنْ طاوس شيء يَكْرَهُونَهُ، فَقَالَ: ابْعَثُوا إِلَيْهِ، فَلْيَبْعَثْ إِلَيْنَا بِمَالِنَا، فَجَاءَهُ الرَّسُولُ فَقَالَ: الْمَالُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ الأَمِيرُ، قَالَ: مَا قَبَضْتَ مِنْهُ شَيْئًا، فَرَجَعَ الرَّسُولُ، وَعَرَفُوا أَنَّهُ صادقٌ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ الرَّجُلَ الأَوَّلَ، فَقَالَ لَهُ: الْمَالُ الَّذِي جِئْتُكَ بِهِ، قَالَ: هَلْ قَبَضْتُ مِنْكَ شَيْئًا؟! قَالَ: لا. قَالَ: فَانْظُرْ حَيْثُ وَضَعْتَهُ، فَمَدَّ يَدَهُ، فَإِذَا بالصّرّة قد نبت عليها العنكبو، فَأَخَذَهَا6. رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ؛ تُوُفِّيَ طَاوُسٌ بِمُزْدَلِفَةَ، أَوْ بِمِنًى، فَلَمَّا حُمِلَ أخذ عبد الله ابن الْحَسَنِ بِقَائِمَةِ السَّرِيرِ، فَمَا زَايَلَهُ حَتَّى بَلَغَ القبر7.

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 541". 2 أخرجه ابن سعد في الحلية "4/ 4". 3 أخرجه ابن سعد في الحلية "4/ 4-5". 4 أخرجه ابن سعد في الحلية "4/ 5". 5 أخرجه ابن سعد في الحلية "4/ 10". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 14-15"، وصفة الصفوة "286". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 3".

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: شَهِدْتُ جَنَازَةَ طَاوُسٍ بِمَكَّةَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَآخَرُونَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍّ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ، وَهُوَ غَلَطٌ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ هِشَامٌ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ صَلَّى هِشَامٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَخْبَارُهُ مُسْتَوْفَاةٌ فِي التَّهْذِيبِ. 104- طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ الْعَنَزِيُّ1 الْبَصْرِيُّ -م4. عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ. وَعَنْهُ: مَنْصُورٌ، والأعمش، وسليمان التّيمي، وعوف الأعرابيّ، ومصعب ابن شَيْبَةَ، وَجَمَاعَةٌ، وَكَانَ صَالِحًا عَابِدًا شَدِيدَ الْبِرِّ بأمه طيّب الصّت بِالْقُرْآنِ، فَعَنْ طَاوُسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ، وَكَانَ مِمَّنْ يَخْشَى اللَّهَ. وَرَوَى عَاصِمٌ الأَحْوَلٌ، عَنْ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ: لَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ ابْنِ الأَشْعَثِ، قَالَ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ: اتَّقُوهَا بِالتَّقْوَى، فَقِيلَ لَهُ صِفْ لَنَا التَّقْوَى، قَالَ: الْعَمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ، رَجَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ، وَتَرْكُ مَعَاصِي اللَّهِ، عَلَى نورٍ مِنَ اللَّهِ، مَخَافَةَ عَذَابِ اللَّهِ2. وَرَوَى سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ طَلْقٍ قَالَ: إِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَقُومَ بِهَا الْعِبَادُ، وَإِنَّ نِعَمَ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَلَكِنْ أَصْبِحُوا تَائِبِينَ وَأَمْسُوا تَائِبِينَ3. وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: كَانَ يُقَالُ: فِقْهُ الْحَسَنِ، وَوَرَعُ ابْنِ سِيرِينَ، وَحِلْمُ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، وَعُبَادَةُ طَلْقٌ. وَكَانَ طَلْقٌ يَتَكَلَّمُ عَلَى النَّاسِ وَيَعِظُ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا من أعبد من طلق من حبيب. قيل إنّ الحجّاج قتل طلب بْنَ حَبِيبٍ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: طَلْقٌ صدوق، كان يرى الإرجاء.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 227-228"، التاريخ الكبير "4/ 359"، الجرح والتعديل "4/ 490-491"، الثقات لابن حبان "4/ 396"، تهذيب الكمال "2/ 632"، حلية الأولياء "3/ 63-66"، سير أعلام النبلاء "4/ 601-603" ميزان الاعتدال "2/ 345"، تهذيب "5/ 31-32"، البداية والنهاية "9/ 101". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 64". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 65".

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْكَرِيمِ يَقُولُ: كَانَ طَلْقٌ لا يَرْكَعُ إِذَا افْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، حَتَّى يَبْلُغَ الْعَنْكَبُوتَ، وَكَانَ يَقُولُ: كَانَ طَلْقٌ لا يركع هذا افْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، حَتَّى يَبْلُغَ الْعَنْكَبُوتَ، وَكَانَ يَقُولُ: أَشْتَهِي أَنْ أَقُومَ حَتَّى يَشْتَكِي صُلْبِي1. قَالَ غُنْدَرٌ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمَ الْخَائِفِينَ لَكَ، وَخَوْفَ الْعَالِمِينَ بِكَ، وَيَقِينَ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ، وَتَوَكُّلَ الْمُوقِنِينَ بِكَ، وَإِنَابَةَ الْمُخْبَتِينَ إِلَيْكَ، وَإِخْبَاتَ الْمُنِيبِينَ إِلَيْكَ، وَشُكْرَ الصَّابِرِينَ لَكَ، وَصَبْرَ الشَّاكِرِينَ لَكَ، وَلِحَاقًا بِالأَحْيَاءِ الْمَرْزُوقِينَ عِنْدَكَ2. "حرف الْعَيْنِ": 105- عَامِرُ بْنُ سَعْد بْنِ أبي وقاص3 -ع- الزّهري المدني، وَلَهُ ثَمَانِيَةُ إِخْوَةٍ: سَمِعَ أَبَاهُ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَجَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ دَاوُدُ، وَابْنَا أَخَوَيْهِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثقة شريفًا، كثير الحديث، توفي سنة أربعٍ ومائة. 106- عامر بن شراحيل4 -ع- الشّعبيّ، شَعْبُ هَمْدَانَ، أَبُو عَمْرٍو، عَلامَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي زِمَانَةَ، وُلِدَ فِي وَسَطِ خِلافَةِ عُمَرَ، وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ يَسِيرًا، وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَرِيرِ الْبَجَلِيِّ، وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَسْرُوقٍ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَلْقَمَةَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيِّ. قَرَأَ عَلَيْهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَرَوَى عنه إسماعيل بن أبي

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 64"، وصفوة الصفوة "3/ 258". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 63-64". 3 الطبقات الكبرى "5/ 167"، التاريخ الكبير "6/ 449"، الجرح والتعديل "6/ 321"، تهذيب الكمال "2/ 641"، سير أعلام النبلاء "4/ 349"، تهذيب التهذيب "5/ 63-64". 4 الطبقات الكبرى "6/ 246-256"، التاريخ الكبير "6/ 450-451"، الجرح والتعديل "6/ 322-323"، تهذيب الكمال "3/ 643-644"، حلية الأولياء "4/ 3140-338"، تهذيب التهذيب "5/ 65-69".

خَالِدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَالأَعْمَشُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَمُجَالِدٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: مُرْسَلُ الشَّعْبِيِّ صَحِيحٌ، لا يَكَادُ يُرْسِلُ إِلا صَحِيحًا. قَالَ الشَّعْبِيُّ: وُلِدْتُ عَامَ جَلُولَاءِ1، قَالَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، وَجَلُولَاءُ كَانَتْ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ. وَقَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلِ: كَانَ الشَّعْبِيُّ أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنَ الْحَسَنِ، وَأَكْبَرَ مِنْهُ بِسَنَتَيْنِ2، وُلِدَ لِأَرْبَعٍ بَقَيْنَ مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وعشرين، وقيل غَيْرُ ذَلِكَ، شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغُدَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَدْرَكْتُ خَمْسَمِائَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ أَكْثَرَ. وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: مَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَلا حَدَّثَنِي رَجُلٌ بحديثٍ قَطُّ إِلا حَفِظْتُهُ، وَلا أَحْبَبْتُ أَنْ يُعِيدَهُ عَلَيَّ. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ عَنْهُ3. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثَنَا ابْنُ شُبْرُمَةَ، سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: مَا سَمِعْتُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً رَجُلا يُحَدِّثُ بحديثٍ إِلا وَأَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ، وَلَقَدْ نَسِيتُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَوْ حَفِظَهُ رجلٌ لَكَانَ بِهِ عَالِمًا4. وَقَالَ نُوحُ بْنُ قَيْسٍ الطَّامِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ وَادِعٍ الرَّاسِبِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا أَرْوِي شَيْئًا أَقَلَّ مِنَ الشِّعْرِ، وَلَوْ شِئْتُ لأَنْشَدْتُكُمَ شَهْرًا لا أُعِيدُ5. رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، عن نوح أيضًا، لكنّه قَالَ: عَنْ يُونُسَ، وَوَادِعٍ، كِلاهُمَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: كَانَ عُمَرُ فِي زَمَانِهِ، وكان بعده ابن عبّاس، وكان بعده الشّعبيّ، وكان بعده الثّوريّ فِي زَمَانِهِ6. قَالَ مَحْمُودُ بْنُ غِيلانَ: وَكَانَ بَعْدَ الثَّوْرِيِّ يَحْيَى بْنِ آدَمَ. وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: مَرَّ ابن عباس بِالشَّعْبِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ الْمَغَازِي، فَقَالَ: كَأَنَّهُ كَانَ شَاهِدًا مَعَنَا، وَلَهُوَ أَحْفَظُ لَهَا مِنِّي وَأَعْلَمُ7.

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 248". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 238". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 321"، وصفة الصفوة "3/ 75". 4 تاريخ بغداد "12/ 229"، تاريخ دمشق "158". 5 تاريخ بغداد "12/ 229"، تاريخ دمشق "160". 6 أخرجه البخاري في تاريخه "6/ 451"، والخطيب في تاريخ بغداد "9/ 154"، وابن عساكر في تاريخ دمشق "160-161". 7 أخرجه الخطيب في تاريخه "12/ 232"، وابن عساكر في تاريخه "164".

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنَ الشَّعْبِيِّ. قُلْتُ: وَلا شُرَيْحَ، قَالَ: تُرِيدُ أَنْ تُكَذِّبَنِي. وَقَالَ أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قال: قدمت الكوفة وَلِلشَّعْبِيِّ حلقةٌ عَظِيمَةٌ، وَالصَّحَابَةُ يومئذٍ كَثِيرٌ، وَرَوَى سليمان التّيمي، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا أَفْقَهَ مِنَ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ مَكْحُولٌ: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ بسنّةٍ ماضيةٍ مِنَ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنَ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ: مَا جَالَسْتُ أحدًا من أعلم الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَلا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا الأَعْوَرِ، يَأْتِينِي بِاللَّيْلِ فَيَسْأَلُنِي، وَيُفْتِي بِالنَّهَارِ1، يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ. وَرَوَى أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ بِهْرَامَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا بَلَغَ مَبْلَغَ الشَّعْبِيِّ أَكْثَرَ مِنْهُ، يَقُولُ: لا أَدْرِي، وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا جَاءَهُ شيءٌ اتَّقَاهُ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ وَيَقُولُ، وَكَانَ مُنْقَبِضًا، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ مُنْبَسِطًا، إِلا فِي الْفَتْوَى. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: كَانَ الشَّعْبِيّ صَاحِبُ آثَارٍ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ صَاحِبُ قِيَاسٍ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ: مَا اجْتَمَعَ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ إِلا سَكَتَ إِبْرَاهِيمُ. وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: سُئِلَ الشَّعْبِيّ عَنْ شيءٍ فَلَمْ يُجِبْ، فَقَالَ رجلٌ عِنْدَهُ: أَبُو عَمْرٍو يَقُولُ فِيهِ كَذَا، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هَذَا فِي الْمَحْيَا، فَأَنْتَ فِي الْمَمَاتِ أَكْذَبُ عَلَيَّ. قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: وَجَّهَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِالشَّعْبِيِّ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: تَدْرِي يَا شَعْبِيُّ مَا كَتَبَ بِهِ مَلِكُ الرُّومِ؟ قُلْتُ: وَمَا كَتَبَ؟ قَالَ كَتَبَ: الْعَجَبُ لِأَهْلِ دِينِكَ كَيْفَ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا رَسُولَكَ؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُ رَآنِي وَلَمْ يَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. رَوَاهَا الأَصْمَعِيُّ، وَفِيهَا: يا شعبيّ إنّما أرد أَنْ يُغْرِينِي بِقَتْلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مَلِكَ الرُّومِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلا ذَلِكَ2. جَابِرُ بْنُ نُوحٍ الْحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْعِرَاقَ سَأَلَنِي عَنْ أَشْيَاءٍ مِنَ الْعِلْمِ فَوَجَدَنِي بِهَا عَارِفًا، فَجَعَلَنِي عَرِّيفًا عَلَى الشَّعْبِيِّينَ وَمُنْكَبًا عَلَى جَمِيعِ هَمْدَانَ، وَفَرَضَ لِي، فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُ بِأَشْرَفِ منزلةٍ، حَتَّى كَانَ ابْنُ الأَشْعَثِ، فَأَتَانِي قُرَّاءُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَالُوا: يَا أَبَا عَمْرٍو إِنَّكَ زَعِيمُ القرّاء، فلم يزالوا

_ 1 أخرجه ابن عساكر في تاريخه "174". 2 أخرجه ابن عساكر في تاريخه "179".

حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُمْ، فَقُمْتُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَذْكُرُ الْحَجَّاجَ وَأَعِيبُهُ بِأَشْيَاءَ، فَبَلَغَنِي أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ: أَلا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا الشَّعْبِيِّ الْخَبِيثِ، أَمَا لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ لأَجْعَلَنَّ الدُّنْيَا عَلَيْهِ أَضْيَقَ مِنْ مَسْكِ حَمَلٍ، قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا أَنْ هُزِمْنَا، فَجِئْتُ إِلَى بَيْتِي وَأَغْلَقْتُ عَلَيَّ فَمَكَثْتُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَنُدِبَ النَّاسُ لِخُرَاسَانَ، فَقَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَنَا لَهَا، فَوَلاهُ خُرَاسَانَ، وَنَادَى مُنَادِيهِ: مَنْ لَحِقَ بِقُتَيْبَةَ فَهُوَ آمنٌ، فاشترى مولى لي حمارًا وزوّدني، فخرج، فكنت في العسكر، فلم أزل معه حتى أتينا فرغانة، فجلس ذات يوم وقد سر، فنظرت إليه فقلت: أيها الأمير، عندي علمٌ، قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أُعِيذُكَ، لا تَسْأَلْ عَنْ ذَلِكَ، فَعَرِفَ أَنِّي مِمَّنْ يَخْتَفِي، فَدَعَا بكتابٍ وَقَالَ: اكْتُبْ نُسْخَةً، قُلْتُ: لَسْتَ تَحْتَاجُ إلى ذلك، فجعلت أملّ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَنْظُرُ، حتى فرغ من كتاب الفتح، قَالَ: فَحَمَلَنِي عَلَى بغلةٍ، وَبَعَثَ إِلَيَّ بسرقٍ1 مِنْ حَرِيرٍ، وَكُنْتُ عِنْدَهُ فِي أَحْسَنِ منزلةٍ، فإنّي ليلةً أتعشّى معه، إذا أَنَا بِرَسُولِ الْحَجَّاجِ بكتابٍ فِيهِ: إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا، فَإِنّ صَاحِبَ كِتَابِكَ الشَّعْبِيُّ، فإن فَاتَكَ قَطَعْتُ يَدَكَ عَلَى رِجْلِكَ وَعَزَلْتُكَ، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِليَّ وَقَالَ: مَا عَرَفْتُكَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الأَرْضِ، فَوَاللَّهِ لأَحْلِفَنَّ لَهُ بِكُلِّ مُمْكِنٍ يَمِينٍ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيرُ، إِنَّ مِثْلِي لا يَخْفَى، قَالَ: فَأَنْتَ أَعْلَمُ، وَبَعَثَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ: إِذَا وَصَلْتُمْ إِلَى خَضْرَاءِ وَاسِطٍ فَقَيِّدُوهُ، ثُمَّ أَدْخِلُوهُ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْ وَاسِطَ اسْتَقْبَلَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عُمَرَ إِنِّي أَضِنُّ بِكَ عَلَى الْقَتْلِ، إِذَا دَخَلْتَ، فَقُلْ: كَذَا وكذا، فلما دخلت قَالَ: لا مَرْحَبًا وَلا أَهْلا، فَعَلْتُ بِكَ وَفَعَلْتُ، ثُمَّ خَرَجْتَ عَلَيَّ! وَأَنَا سَاكِتٌ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ. قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، كُلُّ مَا قُلْتَهُ حَقٌّ، وَلَكِنَّا قَدِ اكْتَحَلْنَا بَعْدَكَ السَّهَرَ وَتَحَلَّسْنَا2 الْخَوْفَ، وَلَمْ نَكُنْ مَعَ ذَلِكَ بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ، وَهَذَا أَوَانُ حَقَنْتَ لِي دَمِي، وَاسْتَقْبَلْتَ بِي التَّوْبَةَ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا أُدْخِلَ الشَّعْبِيُّ عَلَى الْحَجَّاجِ قَالَ: هِيهْ يَا شَعْبِيُّ، فَقَالَ: أَحْزَنَ بِنَا الْمَبْرَكَ وَاكْتَحَلْنَا السَّهَرَ، وَاسْتَحْلَسْنَا الْخَوْفَ، فَلَمْ نَكُنْ فِيمَا فَعَلْنَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ، قَالَ: لِلَّهِ دَرُّكَ3. وَقَالَ جَهْمُ بْنُ وَاقِدٍ: رَأَيْتُ الشَّعْبيَّ يَقْضِي فِي أَيَّامِ

_ 1 بسرق: جمع سرقة: وهي القطعة من جيد الحرير. 2 تحلسنا: واستحلس الخوف بفلان إذا لم يفارقه الخوف. 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 325".

عمر بن عبد العزيز. ومالك بْنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا بَكَيْتُ مِنْ زمانٍ إِلا بَكَيْتُ عَلَيْهِ1. مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ رَجُلا لَقِيَهُ وَامْرَأَةٌ، فقال: أيكما الشعبي، فقلت: هذه. وقيل: كان الشعبي ضئيلا نحيفا، فقيل له في ذلك، فقال: زوحمت في الرّحم، وكان توءمًا2. مجالد، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: فَاخَرْتُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ فغلبتهم بأهل الكوفة، والأحنف ساك، فَلَمَّا رَآنِي قَدْ غَلَبْتُهُمْ، أَرْسَلَ غُلامًا لَهُ، فَجَاءَهُ بكتابٍ فَقَالَ لِي: هَاكَ اقْرَأْ، فَقَرَأْتُهُ، فَإِذَا فِيهِ مِنَ الْمُخْتَارِ إِلَيْهِ يَذْكُرُ أَنَّهُ نبيٌّ، فَقَالَ الأَحْنَفُ: أَفِيهَا مِثْلُ هَذَا؟ رَوَاهَا الْفَسَوِيُّ3 عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُجَالِدٍ. وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَذُمُّ الرَّأْيَ وَيُفْتِي بِالنَّصِّ، قَالَ مجالد: سمعت الشّعبيّ يقول: لعن الله رأيت4. وروى الثّوريّ، عمّن سمع الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: لَيْتَنِي أَنْفَلِتُ مِنْ عِلْمِي كَفَافًا لا عَلَيَّ وَلا لِي. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِيهِ شَيْءٍ، فَقِيلَ لَهُ: قُلْ فِيهِ بِرَأْيِكَ، فَقَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِرَأْيِي، بَلْ عَلَى رَأْيِي5. رَوَى سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا أَنَا بعالمٍ، وَمَا أَتْرُكُ عَالِمًا6. قَالَ أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ يَلْبِسُ الْخَزَّ، وَيُجَالِسُ الشُّعَرَاءَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ مُسْلِمَةَ فَقَالَ: مَا يَقُولُ فِيهَا بَنُو اسْتَهَا، يَعْنِي الْمَوَالِيَ7، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ عِمَامَةً بَيْضَاءَ، قَدْ أَرْخَى طَرَفَهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: سَمِعْتُ لَيْثًا يَقُولُ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ وَمَا أَدْرِي مِلْحَفَتَهُ أَشَدَّ حُمْرَةً أَوْ لِحْيَتَهُ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الزَّيَّاتُ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ مِطْرَفَ خزٍّ أَصْفَرَ. وَقَالَ رَوْحٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ قُلُنْسُوَةَ خزٍّ خَضْرَاءَ. وقال دواد بْنُ أَبِي هِنْدٍ: كَانَ يَلْبِسُ الْمُعَصْفَرَ. وَقَالَ

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 323". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 247". 3 أخرجه الفسوي في المعرفة "2/ 31، 32، 255". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 320". 5 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 250". 6 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 250". 7 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 251".

عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلَكِ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ جَالِسًا عَلَى جِلْدِ أَسَدٍ. وَرَوَى قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ مُجَالِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ قِبَاءَ سِنَّوْرٍ. جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَا اخْتَلَفَتْ أمّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا إِلا ظَهَرَ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَى أَهْلِ حَقِّهَا1. قُتَيْبَةُ: ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ يُسَلِّمُ عَلَى مُوسَى النَّصْرَانِيِّ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَوَلَيْسَ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ، لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي رَحْمَتِهِ هَلَكَ. الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ قُتِلَ الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَقُتِلَ طفلٌ، أَكَانَتْ دِيَتُهُمَا سَوَاءً، أَمْ يُفَضَّلُ الأَحْنَفُ لِعَقْلِهِ وَحِلْمِهِ؟ قُلْتُ: بَلْ سَوَاءً، قَالَ: فَلَيْسَ الْقِيَاسُ بِشَيْءٍ2. أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي: ثَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: نِعْمَ الشَّيْءُ الْغَوْغَاءِ يَسُدُّونَ السُّبُلُ، ويطفئون الْحَرِيقَ، وَيَشْغَبُونَ عَلَى وُلاةِ السَّوْءِ3، ابْنُ شُبْرُمَةَ قَالَ: وَلَّى ابْنُ هُبَيْرَةَ الشَّعْبِيَّ الْقَضَاءَ، وَكَلَّفَهُ أَنْ يُسَامِرَهُ فَقَالَ: لا أَسْتَطِيعُ، فَأَفْرِدْنِي بِأَحَدِهِمَا. إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنِ الأَعْمَشِ: سَأَلَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ: مَا اسْمُ امْرَأَةِ إِبْلِيسَ؟ قَالَ: ذَاكَ عرسٌ مَا شَهِدْتُهُ4. سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ وَغَيْرُهُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عنهم- جَلَدَ شِرَاحَةَ يَوْمِ الْخَمِيسِ، وَرَجَمَهَا مِنَ الْغَدِ، وَقَالَ جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ: تُوُفِّيَ الشَّعْبِيُّ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ سنة ستٍّ ومائة، وقيل غير ذلك.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 313". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 320". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "4/ 324". 4 أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق "232". 5 خبر صحيح: أخرجه أحمد في المسند "1/ 93، 107، 140، 141، 143، 153"، والحاكم في المستدرك "4/ 365".

عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ أَبُو الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيُّ. 107- عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ1 وَيُقَالُ ابْنُ عَوْفٍ. هُوَ أَحَدُ مَنْ قَدِمَ مَعَ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ إِلَى عَذْرَاءَ فَسَلِمَ وَأُطْلِقَ. رَوَى عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَفَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 108- عبادة بن الوليد2 -سوى ت- بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ، أَبُو الصّام، وَهُوَ أَخُو يَحْيَى. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَأَبِيهِ، وَالرُّبَيْعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ. وعنه: أبو حرزة يعقوب بن مجاهد، ويحيى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وابن إسحاق، وآخرون. وثّقه أبو زرعة. 109- عائشة بنت طلحة3 -ع- بن عبيد الله التّيمي، وأمها أُمُّ كُلْثُومٍ ابْنَةُ الصَّدِّيقِ، تَزَوَّجَتْ بِابْنِ خالها عبد الله ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَبَعْدَهُ بِمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَصْدَقَهَا مُصْعَبٌ مِائَةَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَكَانَتْ أَجْمَلَ أَهْلِ زَمَانِهَا وَأَحْسَنَهُنَّ وَأَرْأَسَهُنَّ، فَلَمَّا قُتِلَ مُصْعَبٌ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَصْدَقَهَا أَيْضًا أَلْفَ أَلْفٍ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: بُضْعُ الْفَتَاةِ بِأَلْفِ ألفٍ كاملٍ ... وَتَبِيتُ سادات الجيوش جياع

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 483-484"، الجرح والتعديل "6/ 348"، تهذيب الكمال "2/ 639"، ميزان الاعتدال "2/ 356"، تهذيب تاريخ دمشق "7/ 131-132"، لسان الميزان "7/ 253"، تهذيب التهذيب "5/ 54-55". 2 التاريخ الكبير "6/ 94"، الجرح والتعديل "6/ 96"، الكنى والأسماء "2/ 11"، تهذيب الكمال "2/ 655"، سير أعلام النبلاء "5/ 107"، تهذيب التهذيب "5/ 114". 3 الطبقات الكبرى 8/ 467"، تهذيب الكمال "3/ 1690"، الأغاني "11/ 176-194"، شذرات الذهب "1/ 122"، تهذيب التهذيب "12/ 436-437"، سير أعلام النبلاء "4/ 369-370"، البداية والنهاية "9/ 302".

حدّثت عن خالتها عائشة -رضي الله عنهما. وَعَنْهَا: حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، وَابْنُ أَخِيهَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، وَابْنُ أَخِيهَا الآخَرُ مُعَاوِيَةُ بن إسحاق، وابن ابن أَخِيهَا مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَفُضَيْلٌ الْفُقَيْمِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَفَدَتْ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَكْرَمَهَا وَاحْتَرَمَهَا. وَثَّقَهَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَمِنْ أَعْجَبِ مَا تَمَّ لَهَا. مَا روى هشيم قال: أنا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ قَالَتْ: إِنْ تَزَوَّجَتْ مُصْعَبًا فَهُوَ عَلَيْهَا كَظَهْرِ أُمِّهَا، فَتَزَوَّجَتْهُ، فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ فَأُمِرَتْ أَنْ تُكَفِّرَ، فَأَعْتَقَتْ غُلامًا لَهَا، ثَمَنُهُ أَلْفَانِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي "سُنَنِهِ". 110- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أمامة1 -د ق- بن ثعلبة الأنصاريّ البلوي المدني. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ. وَعَنْهُ: صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مُهَاجِرٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 111- عَبْدُ الله بن باباه2 -م4- ويقال ابن بابيه المكيّ. لَهُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وعنه: حبيب بن أبي ثابت. 112- عبد الله بن حنين3 -ع- المدني، مَوْلَى الْعَبَّاسِ، وَيُقَالُ: مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ وَالِدُ إِبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مخرمة.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 45"، الجرح والتعديل "5/ 10"، تهذيب الكمال "2/ 666"، تهذيب التهذيب "5/ 149". 2 التاريخ الكبير "5/ 48"، الجرح والتعديل "5/ 12"، تهذيب الكمال "2/ 667"، تهذيب التهذيب "5/ 152-153". 3 الطبقات الكبرى "5/ 286"، التاريخ الكبير "5/ 69-70"، الجرح والتعديل "5/ 40"، تهذيب الكمال "2/ 676"، سير أعلام النبلاء "4/ 604"، تهذيب التهذيب "5/ 193-194".

وعنه: ابنه إبراهيم، ومحمد بن المنكدر، وشريك بن أبي نمر، وأسامة بن زيد، وآخرون. حديثه في الأصول الستة. 113- عبد الله بن رافع1 -م4- أبو رافع المدني، مولى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ: أُمِّ سَلَمَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَأَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَأَيُّوبُ بْنُ خَالِدٍ، وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 114- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ2 أَبُو سَلَمَةَ الْحَضْرَمِيُّ الْمَصْرِيُّ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَمْرِو بْنِ معديكرب، وَابْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ. وَعَنْهُ: جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وعيّاش ابن عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ، وَعَيَّاشُ بْنُ عُقْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ. 115- عَبْدُ اللَّهِ بن زيد3 -ت ق- أو ابن يزيد الدمشقيّ الأزرق القاصّ، كَانَ يَقُصُّ فِي غَزْوِ الرُّومِ مَعَ مُسْلِمَةَ، رَوَى عَنْ: عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَعَنْهُ: بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَأَخُوهُ يَعْقُوبُ، وَأَبُو سَلامٍ مَمْطُورٌ، وَزَيْدُ بْنُ سَلامٍ، وَابْنُ أَبِي حَفْصَةَ، وَآخَرُونَ.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 297"، التاريخ الكبير "5/ 90"، الجرح والتعديل "5/ 53"، تهذيب الكمال "2/ 680"، الثقات لابن حبان "5/ 30"، تهذيب التهذيب "5/ 206". 2 التاريخ الكبير "5/ 90"، الجرح والتعديل "5/ 53-54"، تهذيب الكمال "2/ 680"، تهذيب التهذيب "5/ 206". 3 التاريخ الكبير "5/ 93"، الجرح والتعديل "5/ 58" تهذيب الكمال "2/ 685"، ميزان الاعتدال "2/ 426"، تهذيب التهذيب "5/ 226-227".

116- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الْكُوفِيّ1 -خ م ت ن- أَخُو عَبْدِ الْمَلِكِ. سَمِعَ أَبَاهُ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ السَّبِيعِيُّ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ. قَالَ السِّخْتِيَانِيُّ: كَانُوا يَعُدُّونَهُ أَفْضَلَ مِنْ أَبِيهِ، يعني فِي الْعِبَادَةِ. 117- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ2 -م د ن- مَوْلَى آلِ الْمُنْكَدِرِ. رَوَى عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عُمَرَ -فقيل لم يلقهم، وعن عَبْد الله بْن عَبْد الله بْن عُمَر، والنعمان بن أبي عياش، وعمرو بن قيس الزرقيين، وجماعة. وعنه: ابنه عبد العزيز، وحكيم بن عبد الله بن قيس، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن إسحاق، وآخرون. وثقه النسائي. وَقَالَ حَفِيدُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: تُوُفِّيَ جَدِّي سَنَةَ ستٍّ وَمِائَةٍ. 118- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -م4- رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ. وَعَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَقَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَعُمِّرَ دَهْرًا. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل: ثقة. وكان سليمان التّيميّ سيئ الرَّأْيِ فِيهِ لِكَوْنِهِ كَانَ يَنَالُ مِنْ عَلِيٍّ بَعْضَ الشَّيْءِ، قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ. 119- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ4 -سوى ق- العدوي

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 103"، الجرح والتعديل "5/ 70"، تهذيب الكمال "2/ 688"، تهذيب التهذيب "5/ 236". 2 التاريخ الكبير "5/ 100"، الجرح والتعديل "5/ 70"، تهذيب الكمال "2/ 690"، تهذيب التهذيب "5/ 343". 3 الطبقات الكبرى "7/ 126"، التاريخ الكبير "5/ 116"، الجرح والتعديل "5/ 81"، تهذيب الكمال "2/ 693"، ميزان الاعتدال "2/ 439"، تهذيب التهذيب "5/ 253-254". 4 الطبقات الكبرى "5/ 201-202"، التاريخ الكبير "5/ 125"، الجرح والتعديل "5/ 90"، تهذيب الكمال "2/ 701"، الثقات "5/ 6"، أسد الغابة "3/ 199"، تهذيب التهذيب "5/ 285-286".

المدني، وَصِيُّ أَبِيهِ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَغَيْرُهُمْ. وثقه وكيع. تُوُفِّيَ سنة خمس، قبل أخيه سالم بعام. 120- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزّبير1 -سوى د- بن العوّام، أبو بكر الأسديّ المدني، لَهُ جَمَاعَةٌ إِخْوَةٌ، وَهُوَ أَكْبَرُهُمْ، وَأَبُوهُ أَكْبَرُ مِنْهُ بِخَمْسِ عَشْرَةَ سَنَةً. رَوَى عَنْ: الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَدَّتِهِ أَسْمَاءَ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ هِشَامٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ الْحِزَامِيُّ، وَنَافِعٌ الْقَارِئُ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ الَّذِي خَرَجَ رَسُولا مِنْ عَمِّهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَى حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ السَّكُونِيِّ. وَكَانَ سَيِّدًا نَبِيلا فَصِيحًا، يُشَبَّهُ بِعَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ فِي بَيَانِهِ، وَبَنُو عُرْوَةَ، هُوَ، وَيَحْيَى، وَمُحَمَّدٌ، وَعُثْمَانُ، وَهِشَامٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ. 121- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ2 أَبُو الْقَاسِمِ الْكِنَانِيُّ الشَّامِيُّ. رَأَى عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وَرَوَى عَنْ: أَبِي جُمْعَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَبَشِيرِ بْنِ عَقْرَبَةَ، وَكَعْبٍ الأَحْبَارِ. وعنه: الزهري، وحجر بن الحارث، ورجاء بن أبي سلمة. وقد ولي خراج فلسطين، لعمر بن عبد العزيز. 122- عبد الله بن غابر3 -ن ق- أبو عامر الألهاني الحمصيّ. أدرك عمر -رضي الله عنهم، وَحدَّثَ عَنْ: ثَوْبَانَ، وَعُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ. وعنه: أرطأة بن المنذر، وثور بن يزيد، وحريز بن عثمان، ومعاوية بن صالح.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 167"، التاريخ الكبير "5/ 163"، الجرح والتعديل "5/ 33"، تهذيب الكمال "2/ 711"، تهذيب التهذيب "5/ 319-320". 2 التاريخ الكبير "5/ 156"، الجرح والتعديل "5/ 125". 3 التاريخ الكبير "5/ 167"، الجرح والتعديل "5/ 135"، تهذيب الكمال "2/ 721"، تهذيب التهذيب "5/ 354".

123- عبد الله بن أبي قيس النّصريّ1 -م4- أبو الأسود الحمصي. روى عن: عمر، وأبي ذرّ، وأبي الدرداء -وَأَرَى ذَلِكَ مُنْقَطِعًا- وَرَوَى عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. وعنه: محمد بن زياد الألهاني، ويزيد بن خمير، ومعاوية بن صالح. وثقه النسائي. 124- عبد الله بن قدامة أبو سوار العنبريّ2، قاضي البصرة، وأبو قاضيها، روى عَنْ: أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ. وَعَنْهُ: تَوْبَةُ الْعَنْبَرِيُّ. ذَكَرَهُ أَبُو حاتم الرازي ولم يضعفه. 125- عبد الله بن أبي عتيق3 -خ م ن ق- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ الصّدّيق التّيمي، وَالِدُ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ. عَنْ: أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ، وَخَالِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ أَمْرَأً صَالِحًا، وَفِيهِ دُعَابَةٌ، مَرَّ بِهِ رجلٌ مَعَهُ كَلْبٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: وَثَّابٌ. قَالَ: فَمَا اسْمُ كَلْبِكَ؟ قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ: وَاخْلافَاهُ. وَحَكَى مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: لَقِيَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّ إِنْسَانًا هَجَانِي، فَقَالَ: أَذْهَبْتَ مَالَكَ غَيْرَ مُتْرَكٍ ... فِي كُلِّ مومسةٍ وَفِي الْخَمْرِ ذَهَبَ الإِلَهُ بِمَا تَعِيشُ بِهِ ... فَبَقِيتَ وَحْدَكَ غَيْرَ ذِي وَفْرِ فَقَالَ لَهُ: أَرَى أَنْ تَصْفَحَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَفْعَلَنَّ بِهِ -لا يُكَنَّى- فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: سُبْحَانَ اللَّهِ لا تَتْرُكِ الْهَزْلَ، وَافْتَرَقَا، ثُمَّ لَقِيَهُ فقال: قد أولجت فيه.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 172-173"، الجرح والتعديل "5/ 140"، تهذيب الكمال "2/ 725"، الثقات لابن حبان "5/ 44"، تهذيب التهذيب "5/ 365-366". 2 التاريخ الكبير "5/ 176" الجرح والتعديل "5/ 141"، تهذيب الكمال "2/ 723"، تهذيب التهذيب "5/ 361". 3 الطبقات الكبرى "5/ 194"، التاريخ الكبير "5/ 184-185"، الجرح والتعديل "5/ 154"، تهذيب الكمال "2/ 735-736"، تهذيب التهذيب "6/ 11".

فَأَعْظَمَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَتَأَلَّمَ! فَقَالَ: امْرَأَتِي وَاللَّهِ الَّتِي قَالَتِ الْبَيْتَيْنِ. قَالَ مُصْعَبٌ: وَامْرَأَتُهُ هِيَ أُمُّ إِسْحَاقَ بِنْتُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَتْ قَدْ غَارَتْ عَلَيْهِ، وَلَهُ مُزَاحٌ وَنَوَادِرُ. 126- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَوْهِبٍ الشَّامِيُّ1 -4- وُلِّيَ قَضَاءَ فِلَسْطِينَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَحَدَّثَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ يَزِيدُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الملك بن أبي جميلة، وعبد العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز، وَآخَرُونَ. وَالأَصَحُّ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ تَمِيمًا، وَإِنَّمَا هُوَ: ابْنُ مَوْهِبٍ عَنْ قَبِيصَةَ عَنْ تَمِيمٍ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي غِيلانَ الْفِلَسْطِينِيُّ، قَالَ: ثلاثٌ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْقَاضِي فَلَيْسَ بقاضٍ: يَسْأَلُ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا، وَلا يَسْمَعُ مِنْ أَحَدٍ دَعْوَى إِلا مَعَ خَصْمِهِ، وَلا يَقْضِي إِلا بَعْدَ أَنْ يَفْهَمَ. 127- عَبْدُ الله بن واقد2 -م د ق- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. عن: جدّه، وعائشة. وعنه: الزّهري، وفضيل ابن غَزْوَانَ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَرَآهُ مَالِكٌ. ثُمّ وَجَدْتُ وَفَاتَهُ سَنَةَ سبع عشرة وَمِائَةٍ، وَرَّخَهُ ابْنُ سَعْدٍ فَيُؤَخَّرُ. 128- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ الْجُهَنِيُّ3 الْكُوفِيُّ -د ن- شَيْخُ مُعَمَّرٍ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ صرد، وغيرهم.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 198-199"، الجرح والتعديل "5/ 174"، تهذيب الكمال "2/ 746-747"، تهذيب التهذيب "6/ 47". 2 التاريخ الكبير "5/ 219"، الجرح والتعديل "5/ 190"، تهذيب الكمال "2/ 571"، تهذيب التهذيب "6/ 65". 3 التاريخ الكبير "5/ 234"، الجرح والتعديل "5/ 202"، تهذيب الكمال "2/ 758"، تهذيب التهذيب "6/ 84-85".

وَعَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَشْوَعَ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 129- عبد الله البهي1 -م4- مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ. رَوَى عَنْ عَائِشَةَ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وعروة بن الزبير. وعنه: أبو إسحاق السبيعي وإسماعيل السدي، وإسماعيل بن أبي خالد، والعباس بن ذريح، والصلت بن بهرام، وآخرون. وهو من تابعي أهل الكوفة وثقاتهم. 130- عبد الأعلى بن عديّ2 -ن ق- البهراني الحمصي القاضي. عَنْ ثَوْبَانَ، وَعُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْهُ: أَحْوَصُ بْنُ حُكَيْمٍ، وَلُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبَّهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ. 131- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ هِلالٍ3 أَبُو النَّضْرِ السَّلَمِيُّ الْحِمْصِيُّ. رَوَى عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، وَوَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، وَأَبِي أُمَامَةَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ الأَيْهَمِ. وَرِوَايَتُهُ فِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 132- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبَانٍ4 -4- بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ الأُمَوِيُّ الْمَدَنِيُّ، أَحَدُ سَادَاتِ بَنِي أُمَيَّةَ وكبرائهم. سمع أباه.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 56"، تهذيب الكمال "2/ 759"، تهذيب التهذيب "6/ 89-90". 2 التاريخ الكبير "6/ 72-73"، الجرح والتعديل "6/ 25"، تهذيب الكمال "2/ 761"، تهذيب التهذيب "6/ 79". 3 التاريخ الكبير "6/ 68-69"، الجرح والتعديل "6/ 25". 4 التاريخ الكبير "4/ 254"، الجرح والتعديل "5/ 210"، تهذيب الكمال "2/ 771"، سير أعلام النبلاء "5/ 10-11" تهذيب التهذيب "6/ 130-131".

رَوَى عَنْه: عُمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعُمَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ ابْنَا أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَمُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحْمَدَ لِلدِّينِ وَالْحِكْمَةِ وَالشَّرَفِ مِنْهُ. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبَانٍ يَشْتَرِي أَهْلَ الْبَيْتِ، ثُمَّ يَكْسُوهُمْ، ثُمَّ يَعْرِضُهُمْ عَلَيْهِ وَيُعْتِقَهُمْ، وَيَقُولُ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ أَسْتَعِينُ بِكُمْ عَلَى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ، فَمَاتَ وَهُوَ نائمٌ فِي مَسْجِدِهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ عَبْدُ الرحمن من خيار المسملين، كَانَ كَثِيرَ الصَّلاةِ، فَرَآهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، فَأَعْجَبَهُ هَدْيُهُ وَنُسْكُهُ وَقَالَ: أَنَا أَقْرَبُ رَحِمًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ، وَأَوْلَى بِهَذِهِ الْحَالِ، فَمَا زَالَ مُجْتَهِدًا حَتَّى مَاتَ. 133- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ1 -ع- أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ بِالْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنِ الأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، وَعَنْ عليٍّ إِنْ صَحَّ. وَعَنْهُ: أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وإسحاق بن سويد، آخرون. وَكَانَ ثِقَةً كَبِيرَ الْقَدْرِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: نَحَرُوا جَزُورًا يَوْمَ مَوْلِدِهِ وَهُمْ بِالْخُرَيْبَةَ، فَكَفَتَهُمْ، وَكَانُوا قَدْرَ ثَلاثِمِائَةِ رجلٍ. قُلْتُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا ضَبَطَ وَفَاتَهُ، وَهِيَ بَعْدَ الْمِائَةِ بِقَلِيلٍ. 134- عبد الرحمن بن جابر2 -ع- عبد الله الأنصاري. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَمُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَحِزَامُ بْنُ عُثْمَانَ، وَآخَرُونَ. وكان ثقةً، قاله الْعِجْلِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. وقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لا يُحْتَجُّ به.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 190"، التاريخ الكبير "5/ 260"، تهذيب الكمال "2/ 779"، الثقات لابن حبان "5/ 77"، سير أعلام النبلاء "4/ 319-320"، تهذيب التهذيب "6/ 148-149". 2 الطبقات الكبرى "5/ 275"، التاريخ الكبير "5/ 266"، الجرح والتعديل "5/ 220"، تهذيب الكمال "2/ 779"، الثقات لابن حبان "5/ 77"، ميزان الاعتدال "3/ 553"، تهذيب التهذيب "6/ 153".

135- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ1 -ق- الأنصاريّ المدنيّ، الشَّاعِرُ ابْنُ الشَّاعِرِ، الْمُؤَيَّدُ بُرُوحِ الْقُدُسِ، وَهُوَ ابن خالة إبراهيم ابن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْ: أُمِّهِ سِيرِينَ الْقِبْطِيَّةِ، وَعَنْ أَبِيهِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ سَعِيدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُهْمَانَ. لَهُ حديثٌ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَحِبَ عُمَرَ. وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ بهمان، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ2، وَلَكِنَّ ابْنَ بُهْمَانَ لا يُعْرَفُ. رَوَى مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عبد الله مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، لَقِيَهُ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: تَلَقَّانِي النَّاسُ كُلُّهُمْ غَيْرَكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! قَالَ: لَمْ يَكُنْ لَنَا دوابٌ، قَالَ: فَأَيْنَ النَّوَاضِحُ؟ قَالَ: عَقَرْنَاهَا فِي طَلَبِكَ وَطَلَبِ أَبِيكَ يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لَنَا: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً" 3 قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا أَمَرَكُمْ؟ قَالَ: أَمَرَنَا بِأَنْ نَصْبِرُ، قَالَ فَاصْبِرُوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَسَّانَ بن ثاب، فَقَالَ: أَلا أَبْلِغْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حربٍ ... أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَثَا كَلامِي فَإِنَّا صَابِرُونَ وَمُنْظِرُوكُمْ ... إِلَى يَوْمِ التَّغَابُنِ وَالْخِصَامِ أَبُو عُبَيْدٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، أَنَّ يَزِيدَ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: أَلا تَرَى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ يشبب بابنتك ويقول:

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 266"، التاريخ الكبير "5/ 266"، تهذيب الكمال "2/ 783"، الجرح والتعديل "5/ 222"، سير أعلام النبلاء "5/ 64-65"، تهذيب التهذيب "6/ 126-163"، الإصابة "3/ 76"، الأغاني "15/ 110-121، 157-173، 21/ 269". 2 حديث صحيح لغيره: أخرجه ابن ماجه "1574"، وأحمد في المسند "3/ 442-443"، والحاكم في المستدرك "1/ 374"، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء "3/ 233"، وفي الباب عن ابن عابس: أخرجه أبو داود "3236"، والترمذي "320"، والنسائي "2042"، وابن ماجه "1575"، وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة: أخرجه الترمذي "1056"، وابن ماجه "1576"، وأحمد في المسند "2/ 337". 3 حديث صحيح لغيره: أخرجه أحمد في المسند "5/ 304"، وفي الباب عن عبد الله أخرجه البخاري "3603"، ومسلم "1843"، والترمذي "2190".

هي زهراء مثل لؤلؤة الغـ ... ـواص مِيزَتْ مِنْ جوهرٍ مَكْنُونِ فَقَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولَ: فإذا مَا نسبتها لَمْ تجدها ... في سناءٍ من المكارم دون فَقَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولَ: ثُمَّ خَاصَرْتُهَا إِلَى الْقُبَّةِ الْخَضْـ ... ـرَاءِ نَمْشِي فِي مرمرٍ مَسْنُونِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: كَذَبَ. قَوْلُهُ خَاصَرْتُهَا: أَخَذْتُ بِيَدِهَا. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ. 136- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ الْمَدَنِيُّ1 -م د ق- رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُو مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ نُفَيْلٍ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 137- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ الْكُوفِيُّ2 مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. رَوَى عَنْ: مَوْلاهُ، وَعَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: مَنْصُورٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبُو شَيْبَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 138- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ3 أَبُو مُحَمَّدٍ، عَاشَ ثمانين سنة. روى عَنْ: أَبِيهِ حَدِيثًا، وَعَنْ عُثْمَانَ. وَعَنْهُ: أَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَحَفِيدَاهُ: عَمْرٌو، وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَهُوَ مُقِلٌّ.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 287"، والجرح والتعديل "5/ 237"، تهذيب الكمال "2/ 790"، تهذيب التهذيب "6/ 184". 2 التاريخ الكبير "5/ 287"، الجرح والتعديل "5/ 237"، تهذيب التهذيب "6/ 186". 3 التاريخ الكبير "5/ 288-289"، الجرح والتعديل "5/ 239"، تهذيب الكمال "2/ 791"، تهذيب التهذيب "6/ 187".

139- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيُّ الْمَصْرِيّ1 -م4- عن: زيد بن ثاب، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَرَوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ، فَلَعَلَّهُ مُرْسَلٌ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، وَآخَرُونَ. تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. 140- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الضحاك، بن قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ2، أَحَدُ أَشْرَافِ الْعَرَبِ، وُلِّيَ إِمْرَةَ الْمَدِينَةِ، فَأَحْسَنَ إِلَى أَهْلِهَا. رَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ خَطَبَ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهما، فَأَبَتْ، فَأَلَحَّ عَلَيْهَا، فَشَكَتْهُ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَغَضِبَ لَهَا وَعَزَلَهُ، وَغَرَّمَهُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دينارٍ، وَطَوَّفَ بِهِ فِي جُبَّةٍ صوفٍ. وأبوه الْمَقْتُولِ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ. 141- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ3 -خ م د ن- بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ السَّلَمِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَرَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَعَمِّهِ عُبَيْدِ الله بن كعب، وأبي هريرة، وجابر. وعنه: الزهري، ومحمد بن أبي أمامة بن سهل، وعبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان أحد الفقهاء بالمدينة. 142- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عمار4 -م4- القرشي المكي، الملقب بالقس، لِعِبَادَتِهِ وَدِينِهِ، وَهُوَ صَاحِبُ سَلامَةَ وَلَهُ مَعَهَا أَخْبَارٌ، وَكَانَ قَدْ هَوِيَهَا. روى عَن: أبي هُرَيْرَةَ، وجابر، وشداد بْن الهاد، وعبد الله بْن بابيه، وجماعة. وَعَنْهُ: عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. 143- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عبسة5 -د ت ق- السلمي الشامي.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 295-296"، الجرح والتعديل "5/ 243"، تهذيب الكمال "2/ 794"، تهذيب التهذيب "6/ 195". 2 تاريخ خليفة "325، 327، 328، 332، 334، 335"، نسب قريش "447". 3 التاريخ الكبير "5/ 303، 304"، الجرح والتعديل "5/ 249"، تهذيب الكمال "2/ 800"، تهذيب التهذيب "6/ 214-215". 4 التاريخ الكبير "5/ 301"، الجرح والتعديل "5/ 249"، تهذيب التهذيب "1/ 487". 5 التاريخ الكبير "5/ 325"، تهذيب الكمال "2/ 807"، تهذيب التهذيب "6/ 237-238".

عن: العرباض بن سارية، وعتبة بن عبد. وَعَنْهُ: ابْنُهُ جَابِرٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ صَدُوقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. 144- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الأنصاري1 -ع- المدني القاص، فِي اسْمِ أَبِيهِ أَقْوَالٌ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَعَنْ عُثْمَانَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُبَادَةَ بن الصام، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ. وَرِوَايَتُهُ عَنْ عُثْمَانَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَشَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَهِلالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ. وَثَّقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ. 145- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ الْجُرْشِيّ2 -د ن- قَاضِي حِمْصَ. وروى عن: مرو بْنِ الْعَاصِ، وَأَبِي هِنْدٍ الْبَجَلِيِّ، وَالْمِقْدَامِ بْنِ معديكرب. وعنه: ثزر بْنُ يَزِيدَ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَصَفْوَانُ بن عمرو. 146- عبد الرحمن بن كعب3 -ع- بن مالك الأنصاري السلمي المدني. عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَأَبُو عَامِرٍ صَالِحُ بْنُ رستم الخزاز، وَابْنَاهُ: كَعْبٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ. 147- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مطعم4 -ع- بن عبد الله، أبو المنهال البناني

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 237"، الجرح والتعديل "5/ 273"، تهذيب الكمال "2/ 808"، تهذيب التهذيب "6/ 243"، الإصابة "3/ 72". 2 التاريخ الكبير "5/ 336"، الجرح والتعديل "5/ 274"، تهذيب الكمال "809"، الثقات لابن حبان "5/ 104"، تهذيب التهذيب "6/ 246". 3 الطبقات الكبرى "5/ 432"، الجرح والتعديل "5/ 280"، تهذيب الكمال "2/ 813"، تهذيب التهذيب "6/ 259". 4 التاريخ الكبير "5/ 352"، الجرح والتعديل "5/ 284"، تهذيب الكمال "2/ 817"، تهذيب التهذيب "6/ 270".

البصري، وقيل الكوفي، نَزِيلُ مَكَّةَ. حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. وعنه: حبيب بن أبي ثابت -م ن- وَسُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ -خ- وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ-ع- وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ -ع. 148- عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي1 -ع- أبو الحكم الكوفي، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ. عَنْهُ: ابْنُهُ الْحَكَمُ، وَسَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، وَصَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، وَعِمَارَةُ بْنُ القعقاع، وفضل بن غزوان، وفضيل ابن مَرْزُوقٍ، وَيَزِيدُ بْنُ مِرْدَانُبَةَ. وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ الْعَابِدِينَ. قَالَ بُكَيْرُ بْنُ عَامِرٍ: كَانَ لَوْ قِيلَ لَهُ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ مَلَكُ الْمَوْتِ، مَا كَانَ عِنْدَهُ زيادةٌ، وَكَانَ يَمْكُثُ نِصْفَ شهرٍ لا يَأْكُلُ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ يُحْرِمُ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ، وَيَقُولُ: لَبَّيْكَ، لَوْ كَانَ رِيَاءً لاضْمَحَلَّ. وَقِيلَ: إِنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى الْحَجَّاجِ كَثْرَةَ سَفْكِهِ لِلدِّمَاءِ، فهمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ فِي بَطْنِهَا أَكْثَرُ مِمَّنْ عَلَى ظَهْرِهَا. رَوَاهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيرَةَ2. وَرَوَى حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، وَهُوَ يُلَبِّي بِصَوْتٍ حَزِينٍ، ثُمَّ يَأْتِي خُرَاسَانَ وَأَطْرَافَ الأَرْضِ، ثُمَّ يُوَافِي مَكَّةَ وَهُوَ محرمٌ، وَكَانَ يُفْطِرُ فِي الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ3. أخبرنا إسحاق الصفار، أنا يوسف الخليل، أَنَا اللَّبَّانِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَرْدَانُبَةَ، وَالْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أبي سعيد قال: قال

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 298"، التاريخ الكبير "5/ 356"، الجرح والتعديل "5/ 295"، تهذيب الكمال "2/ 822"، سير أعلام النبلاء "5/ 62-63"، ميزان الاعتدال "2/ 595"، حلية الأولياء "5/ 69-73"، تهذيب التهذيب "6/ 286". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 70". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 69".

رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 1. 149- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هِلالٍ الْعَبْسِيُّ2 الْكُوفِيُّ -م د س ق- عَنْ: جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ تَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 150- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ3 بْن أَبِي سُفْيان الأمويّ الدمشقي، كان مِنْ خِيَارِ بَنِي أُمَيَّةَ وَصُلَحَائِهِمْ. سَمِعَ ثَوْبَانَ. وَعَنْهُ: أَبُو طُوَالَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدُ بن قيس، وعبد الرحمن بن يزيد ابن جَابِرٍ، وَغَيْرُهُمْ. رَوَى رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وعن الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَرِقُّ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، لِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ النُّسُكِ، فَرَفَعَ دَيْنًا عَلَيْهِ إِلَى عُمَرَ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ آلافٍ، فَوَعَدَهُ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ وَقَالَ: وَكِّلْ أَخَاكَ الْوَلِيدَ، فَوَكَّلَهُ، وَقَالَ عُمَرُ لِلْوَلِيدِ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَقْضِيَ عَنْ رجلٍ واحدٍ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ، وَإِنْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَنْفَقَهَا فِي حَقٍّ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يُقَالُ: مِنْ أَخْلاقِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يُنْجِزَ مَا وَعَدَ، قَالَ: وَيْحُكَ، وَضَعْتَنِي هَذَا الْمَوْضِعَ، فَلَمْ يَقْضِ عَنْهُ شَيْئًا. قَالَ الْمُفَضَّلُ الْغَلابِيُّ: كَانَ يُقَالُ: جَمَاعَةٌ كلُّهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكُلُّهُمْ عَابِدٌ قُرَشِيٌّ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن زياد بن أبي سفيان، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وعبد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: اجْتَهَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ فِي الْعِبَادَةِ حَتَّى صَارَ كالشن.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "3768"، وأحمد في المسند "3/ 62، 64، 82"، والطبراني في الكبير "2611-2612"، وابن حبان في صحيحه "6959"، والحاكم في المستدرك "3/ 166-167"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 71"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "3180، 3181، 3182". 2 الجرح والتعديل "5/ 297"، تهذيب الكمال "2/ 824"، تهذيب التهذيب "6/ 292". 3 التاريخ الكبير "5/ 364"، الجرح والتعديل "5/ 299"، تهذيب الكمال "2/ 826"، سير أعلام النبلاء "4/ 49"، تهذيب التهذيب "6/ 300".

قلت: لعل هذا الرجل أفضل عند اللَّهِ مِنْ آبَائِهِ. 151- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُهَنِيُّ1 -م4- مَوْلَى الْحَرَقَةَ. أَكْثَرَ عَنْ أَبِي هريرة. روى عنه: ابنه العلاء بن عبيد الرحمن، وابن عجلان، وسالم أبو النضر، ومحمد بن عمرو بن علقمة. قال أبو عبد الرحمن النسائي: ليس به بأس. 152- عبد العزيز بن أبي بكرة2 -د ت ق- الثقفي البصري. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ بَكَّارُ بْنُ عبد العزيز، وسار أَبُو حَمْزَةَ، وَأَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الْحَرِيرِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ رَبِّهِ، وَبَحْرُ بْنُ كَنِيزٍ السَّقَّاءُ. 153- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جُرَيْجٍ الْمَكِّيُّ3 مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ: عائشة، وابن عباس، وابن أبي مليكة، وسعيد بن كثير، وروى عَنْ أُمِّ حُمَيْدٍ أيضًا، عن عَائِشَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ شَيْخُ مَكَّةَ، وخصيف الجزري. قال البخاري: لا يتابع في حديثه. وذكره ابن حبان في الثقات. وفي رواية أحمد في مسنده: ثنا محمد بن سلمة، عن خصيف، عن عبد العزيز بن جريج: سألت عائشة عن الوتر. حسنه الترمذي. 154- عبد العزيز بن عبد الله4 -د ت ن- بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بن أمية الأموي المكي أَمِيرُ مَكَّةَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ مُحَرِّشٍ الْكَعْبِيِّ.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 366"، الجرح والتعديل "5/ 301"، تهذيب الكمال "2/ 826"، الثقات لابن حبان "5/ 108"، تهذيب التهذيب "6/ 301". 2 التاريخ الكبير "6/ 9"، الجرح والتعديل "5/ 398"، تهذيب الكمال "2/ 835"، الثقات لابن حبان "5/ 122"، تهذيب التهذيب "6/ 332". 3 التاريخ الكبير "6/ 23"، الجرح والتعديل "5/ 379"، تهذيب الكمال "2/ 835"، ميزان الاعتدال "2/ 624"، تهذيب التهذيب "6/ 333". 4 التاريخ الكبير "6/ 11-12"، الجرح والتعديل "5/ 386"، تهذيب الكمال "2/ 838"، تهذيب التهذيب "342-343".

وَعَنْهُ: حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَمُزَاحِمٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ جُرَيْجٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَدْ حَجَّ فَأَقَامَ الْمَوْسِمَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ. وَحَكَى الزبير بن بكار أن سليمان بن عد الْمَلِكِ لَمَّا حَجَّ فِي خِلافَتِهِ قَالَ: مَنْ سَيِّدُ أَهْلِ مَكَّةَ؟ قَالُوا لَهُ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَتَنَازَعَانِ الشَّرَفَ، فَقَالَ: مَا سُوِّيَ عَمْرُو بِعَبْدِ الْعَزِيزِ فِي سُلْطَانِنَا وَهُوَ ابْنُ عَمِّنَا، أَلا وَهُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ، ثُمَّ خَطَبَ ابْنَةَ عمروٍ وَتَزَوَّجَ بِهَا، وَكَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ جَوَّادًا مُمَدَّحًا. تُوُفِّيَ بِرُصَافَةَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ زَائِرًا لَهُ، فَرَثَاهُ أَبُو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ بأبياتٍ. 155- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْوَلِيدِ1 بن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الأَمِيرُ أَبُو الأَصْبَغِ الأُمَوِيُّ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، سَعَى أَبُوهُ الْوَلِيدُ فِي خَلْعِ سُلَيْمَانَ مِنَ الْعَهِد وَتَوْلِيَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَذَا فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ مَا رَامَهُ، وَقَدْ وُلِّيَ نِيَابَةَ دِمَشْقَ لِأَبِيهِ، وَدَارُهُ بِنَاحِيَةِ الْكُشْكِ قِبْلِيِّ دَارِ الْبِطِّيخِ الْعَتِيقَةِ، وَلَهُ ذُرَّيَّةٌ بِالْمَرْجِ بِقَرْيَةِ الْجَامِعِ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: أَرَادَ الْوَلِيدُ أَنْ يُبَايِعَ لابْنِهِ، فَأَرَادَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: لِسُلَيْمَانَ بيعةٌ فِي أَعْنَاقِنَا، فَأَخَذَهُ الْوَلِيدُ وَطَيَّنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَتَحَ عَنْهُ بَعْدَ ثلاثٍ فَأَدْرَكُوهُ وَقَدْ مَالَتْ عُنُقُهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: فَكَانَ ذَلِكَ الْمَيْلُ فِيهِ حَتَّى مَاتَ. وَحَكَى نَحْوَ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ لَكِنَّهُ قَالَ: خُنِقَ بمنديلٍ حَتَّى صَاحَتْ أُخْتُهُ أُمُّ الْبَنِينِ، فَشَكَرَ سُلَيْمَانُ لِعُمَرَ ذَلِكَ وَعَهِدَ إِلَيْهِ بِالْخِلافَةِ. وَقَدْ حَجَّ عَبْدُ الْعَزِيزِ بِالنَّاسِ سَنَةَ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ، وَغَزَا الرُّومَ فِي سَنَةِ أربعٍ وَتِسْعِينَ، وَكَانَ مِنْ أَلِبَّاءِ بَنِي أُمَيَّةَ وَعُقَلائِهِمْ. رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شِبْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْوَلِيدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ: يا بن أُخْتِي، بَلَغَنِي أَنَّكَ سِرْتَ إِلَى دِمَشْقَ تَدْعُو إِلَى نَفْسِكَ، وَلَوْ فَعَلْتَ مَا نَازَعْتُكَ. قَالَ عَامِرُ بْنُ شِبْلٍ: أَنَا مِمَّنْ سَارَ مَعَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى دِمَشْقَ، فَجَاءَنَا الْخَبَرُ بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدْ بُوِيعَ وَنَحْنُ بِدِيرِ الْجُلْجُلِ، فَانْصَرَفْنَا. 156- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بكر2 -ع- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ

_ 1 سير أعلام النبلاء "5/ 148-149". 2 التاريخ الكبير "5/ 407-408" الجرح والتعديل "5/ 344"، تهذيب الكمال "2/ 851"، الثقات لابن حبان "7/ 93"، تهذيب التهذيب "6/ 387".

ابن المغيرة المخزومي المدني، أَخُو الْحَارِثِ وَعُمَرَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَخَلادِ بْنِ السَّائِبِ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وقيل: إنه روى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ وَآخَرُونَ. وَكَانَ جَوَّادًا سَخِيًّا سَرِيًّا، قَرَنَهُ الْبُخَارِيُّ بِغَيْرِهِ. 157- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ رِفَاعَةَ1 بْنِ خَالِدٍ الْفَهْمِيُّ الْمَصْرِيُّ الأَمِيرُ. وُلِّيَ مِصْرَ لِلْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ عَزَلَهُ بِأَيُّوبَ بْنِ شُرَحْبِيلَ، ثُمَّ إِنَّهُ وُلِّيَ مِصْرَ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فِي أَوَّلِ سَنَةِ تسعٍ، فَمَاتَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَوُلِّيَ مِصْرَ بَعْدَهُ أَخُوهُ الْوَلِيدُ بْنُ رِفَاعَةَ. 158- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ الطَّائِفِيُّ2 رَوَى عَنْ: عَبَّاسٍ، وَأَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ. وَعَنْهُ: حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَعُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ، وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ أحدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ. 159- عَبْدُ الملك بن المغيرة3 -ق- بْن نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هاشم أبو محمد الهاشمي المدنيّ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وما أحسبه أدرك عليا. روى عنه: ابنه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وبكير بن عبد الله بن الأشج، والزهري، ومحمد بن عمرو بن علقمة. وثّقه يحيى بْن معين. 160- عَبْد الملك بْن نافع4 الشيباني الكوفي قيل هو عبد الملك بن أبي القعقاع. روى عن ابن عمر.

_ 1 النجوم الزاهرة "1/ 365-366"، كتاب الولاة، وكتاب القضاة للكندي "64-67". 2 التاريخ الكبير "5/ 433"، الجرح والتعديل "5/ 365"، تهذيب الكمال "2/ 683"، تهذيب التهذيب "6/ 426". 3 الطبقات الكبرى "5/ 222"، التاريخ الكبير "5/ 433"، الجرح والتعديل "5/ 365"، تهذيب الكمال "2/ 863"، تهذيب التهذيب "6/ 425-426". 4 التاريخ الكبير "5/ 433-434"، الجرح والتعديل "5/ 371-372"، تهذيب الكمال "2/ 363"، الكامل في الضعفاء "5/ 1944"، المجروحين لابن حبان "2/ 132"، تهذيب التهذيب "6/ 427".

وَعَنْهُ: أُبو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَالْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ يُسْتَغْرَبُ. 161- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَسَارٍ1 -س- مَوْلَى مَيْمُونَةَ، أَخُو عَطَاءٍ، وَسُلَيْمَانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ، مَدَنِيُّونَ. رَوَى عَنْهُ أَخُوهُ سُلَيْمَانُ. 162- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عبد الله2 -خ4- بن بسر، أبو بسر النصري الشامي. رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ، وَوَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ. وَعَنْهُ: ابْنُ عَجْلانَ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ رُؤْبَةَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. قَالَ أَبُو زرعة الدمشقي: هُوَ جدنا، وَلِيَ إمرة حمص وإمرة المدينة، وكان محمود السيرة. 163- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الأَرْقَمِ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ، مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ. وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَخَرَجَ إِلَى الْغَزْوِ، فَاسْتُشْهِدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، لا أَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً. 164- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3 -ع- العدوي المدني: سَمِعَ أَبَاهُ، وَصُمَيْتَةَ اللَّيْثِيَّةَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَآخَرُونَ. يُكَنَّى أَبَا بَكْرٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 437-438"، الجرح والتعديل "5/ 375"، تهذيب الكمال "2/ 864"، ميزان الاعتدال "2/ 668"، تهذيب التهذيب "6/ 429". 2 التاريخ الكبير "6/ 55"، الجرح والتعديل "6/ 22"، الثقات لابن حبان "5/ 127"، تهذيب التهذيب "6/ 436-437". 3 التاريخ الكبير "5/ 387"، الجرح والتعديل "5/ 320"، تهذيب الكمال "2/ 880"، تهذيب التهذيب "7/ 25".

165- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ الْقُرَشِيُّ1 -سِوَى ت- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ: أَبُو حَازِمٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَابْنُ عَجْلانَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. 166- عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ التَّيْمِيُّ2 -سِوَى ت- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 167- عبيد بن حصين النّميري3 الشاعر، وهو الْمَشْهُورُ بِالرَّاعِي. قَدْ ذُكِرَ وَمِنْ شِعْرِهِ: إِنَّ الزمان الذين ترجو هودايه ... يَأْتِي عَلَى الْحَجَرِ الْقَاسِي فَيَنْفَلِقُ مَا الدَّهْرُ والناس إلا مثل وارده ... إذا ما مَضَى عنقٌ مِنْهَا بَدَا عُنُقُ 168- عُبَيْدُ بْنُ حنين المدني4 -ع- أبو عبد الله، مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ: أَبِي موسى الأشعري، وزيد بن ثاب، وأبي هريرة، وابن عباس، وجماعة. وعنه سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَأَبُو طَوَالَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَآخَرُونَ، وَلَهُ أَخَوَانِ: عَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 397"، الجرح والتعديل "5/ 333"، تهذيب الكمال "2/ 889"، تهذيب التهذيب "7/ 50". 2 التاريخ الكبير "5/ 444"، الجرح والتعديل "5/ 403"، الثقات لابن حبان "5/ 133"، تهذيب التهذيب "7/ 62". 3 سير أعلام النبلاء "4/ 597-598"، الأغاني "24/ 205-217". 4 التاريخ الكبير "5/ 446"، الجرح والتعديل "5/ 404"، تهذيب الكمال "2/ 892"، تهذيب التهذيب "7/ 63".

169- عبيدة بن سفيان1 -م4- بن الحارث الحضرميّ المدنيّ. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وعنه: بسر بن سعيد، وإسماعيل بن أبي حكيم، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وكان ثقة قليل الحديث. 170- عبيدة بن أبي المهاجر2 سمع من: معاوية، وأرسل عَنْ حُذَيْفَةَ، وَكَعْبٍ الأَحْبَارِ، وعنه: ابنه يزيد عبيدة، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر. 171- عثمان بن حيّان3 -م ن- بن معبد المزني مَوْلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ أَوْ مَوْلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، غَزَا الرُّومَ فِي سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ، وَحَدَّثَ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ، وَكَانَ ظَلُومًا عَسَّافًا جَائِرًا، كَانَ يَرْوِي فِي خُطَبِهِ الشِّعْرَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الْوَلِيدُ بِالشَّامِ، وَالْحَجَّاجُ بِالْعِرَاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بِالْيَمَنِ، وعثمان ابن حَيَّانَ بِالْحِجَازِ، وَقُرَّةُ بْنُ شَرِيكٍ بِمِصْرَ، امْتَلأَتْ وَاللَّهِ الأَرْضُ جَوْرًا. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَنَّ ابْنَ حَيَّانَ الْمُرِّيَّ إِذْ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ: وَعَظَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وأصحابه نفرا في شيء، وكان فيهم مولى لابْنِ حَيَّانَ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى ابْنِ حَيَّانَ فَضَرَبَ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ وَأَصْحَابَهُ لِإِنْكَارِهِمْ وَقَالَ: تَتَكَلَّمُونَ فِي مِثْلِ هَذَا!. 172- عَجْلَانُ الْمَدَنِيُّ4 -م ن- رَوَى عَنْ مَوْلاتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ ربيعة، وزيد بن ثاب، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، قَالَ النَّسَائِيُّ: لا بَأْسَ به. 173- عدي بن أرطأة الفزاريّ5 الدمشقيّ

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 82"، تهذيب الكمال "2/ 898"، تهذيب التهذيب "7/ 83-84". 2 التاريخ الكبير "6/ 83"، الجرح والتعديل "6/ 91". 3 التاريخ الكبير "6/ 217"، الجرح والتعديل "6/ 148"، تهذيب الكمال "2/ 907"، تهذيب التهذيب "7/ 113-114". 4 التاريخ الكبير "7/ 61"، الجرح والتعديل "7/ 18"، تهذيب الكمال "2/ 922"، تهذيب التهذيب "7/ 162". 5 التاريخ الكبير "7/ 44"، الجرح والتعديل "7/ 3"، تهذيب الكمال "2/ 923"، ميزان الاعتدال "3/ 61"، سير أعلام النبلاء "5/ 53"، تهذيب التهذيب "263"، شذرات الذهب "1/ 124".

أَخُو زَيْدٍ، وُلِّيَ الْبَصْرَةَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَحَدَّثَ عَنْ: عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلامٍ الأَسْوَدُ، وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، وَبُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعُرْوَةُ بْنُ قُبَيْصَةَ. قَالَ عَبَّادُ بْنُ منصور: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ أَرْطَأَةَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْمَدَائِنِ، فَوَعَظَ حَتَّى بَكَى وَأَبْكَانَا ثُمَّ قَالَ: كُونُوا كرجلٍ قَالَ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ لا تُصَلِّ صَلاةً إِلا ظَنَنْتَ أَنَّكَ لا تُصَلِّي بَعْدَهَا غَيْرَهَا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَ مَعْمَرٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَأَةَ: "أَمَّا بَعْدَ، فَإِنَّكَ غَرَرْتَنِي بِعِمَامَتِكَ السَّوْدَاءِ، وَمُجَالَسَتِكَ الْقُرَّاءِ، وَإِرْسَالِكَ الْعِمَامَةِ مِنْ وَرَائِكَ، وَأَظْهَرْتَ لِي الْخَيْرَ، وَقَدْ أَظْهَرَنَا اللَّهُ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّا تَكْتُمُونَ" زَادَ غَيْرُهُ: قَاتَلَكُمُ اللَّهُ، أَمَا تَمْشُونَ بَيْنَ الْقُبُورِ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ قَدِمَ عَدِيٌّ وَالِيًا مِنْ قِبَلِ عُمَرَ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَأَتَى يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَقَيَّدَهُ عَدِيٌّ وَبَعَثَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَحَبَسَهُ. قُلْتُ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ انْفَلَتَ يَزِيدُ مِنَ الْحَبْسِ، وَقَصَدَ الْبَصْرَةَ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَتَسَمَّى بِالْقَحْطَانِيِّ، وَنَصَبَ رَايَاتٍ سَوْدَاءَ، وَقَالَ: أَدْعُو إِلَى سِيرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَامَ الْحَسَنُ البصريُّ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، فَذَمَّ يَزِيدَ وَخُرُوجَهُ، فَأَرْسَلَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَاهُ مُسْلِمَةَ فِي جيشٍ، فَحَارَبَ ابْنَ الْمُهَلَّبِ، فَظَفَرَ بِهِ فَقَتَلَهُ، فَوَثَبَ ابْنُه مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ، فَقَتَلَ عَدِيَّ بْنَ أَرْطَأَةَ وَجَمَاعَةً صَبْرًا. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: عَدِيٌّ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. قُلْتُ: قُتِلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ. 174- عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعَامِلِيُّ1 الشَّاعِرُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الرِّقَاعِ، مَدَحَ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرَهُ، وَهَاجَى جَرِيرًا، وَكَانَ أَبْرَصَ، وَفِيهِ يَقُولُ الرَّاعِي. لو كنت من أحدٍ يهجى هجوتكم ... بابن الرِّقَاعِ وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أَحَدٍ تَأْبَى قُضَاعَةُ أَنْ تَعْرِفَ لَكُمْ نَسَبًا ... وَابْنَا نزارٍ فَأَنْتُمْ بيضة البلد

_ 1 سير أعلام النبلاء "5/ 110"، الأغاني "9/ 307-317".

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: ثَنَا أَبُو الْغَرَّافِ قَالَ: دَخَلَ جَرِيرٌ عَلَى الْوَلِيدِ وَعِنْدَهُ ابْنُ الرِّقَاعِ، فَقَالَ لِجَرِيرٍ: أَتَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ: لا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: هَذَا رَجُلُ مِنْ عَامِلَةَ، قَالَ: الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ، تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} [الغاشية: 3-4] ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ. يَقْصُرُ بَاعُ الْعَامِلِيِّ عَنِ الْعُلا ... وَلَكِنَّ أَيْرَ الْعَامِلِيَّ طَوِيلُ فَقَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ: أَأُمُّكَ يَا ذَا خَبَّرَتْكَ بِطُولِهِ ... أَمْ أَنْتَ أمرؤٌ لَمْ تَدْرِ كَيْفَ تَقُولُ فَقَالَ: لا، بَلْ لَمْ أَدْرِ كَيْفَ أَقُولُ، فَوَثَبَ ابْنُ الرِّقَاعِ إِلَى الْوَلِيدِ فَقَبَّلَ رِجْلَهُ، وَقَالَ أَجِرْنِي مِنْهُ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: لَئِنْ سَمَّيْتَهُ لَأُسْرِجَنَّكَ وَلأَلْجُمَنَّكَ وَلَيَرْكَبَنَّكَ فَتُعَيِّرُكُ الشُّعَرَاءُ بِذَلِكَ. 175- عَدِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَمَّارِ1 الْعَبَّادِيُّ التَّمِيمِيُّ الشَّاعِرُ: جَاهِلِيٌّ نَصْرَانِيٌّ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، ذَكَرْتُهُ هُنَا تَمْيِيزًا لَهُ مِنَ ابْنِ الرِّقَاعِ الْعَامِلِيِّ، وَأَظُنُّهُ مَاتَ قَبْلَ الإِسْلامِ أَوْ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ. ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ فِي الطَّبَقَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ: هُمْ أَرْبَعَةُ فُحُولٍ: طُرْفَةُ بْنُ الْعَبْدِ، وَعُبَيْدُ بْنُ الأَبْرَصِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ، وَعَدِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحِمَارِ، وَأَمَّا أَبُو الْفَرَجِ صَاحِبُ "الْأَغَانِي" فَقَالَ: ابْنُ الْخُمَارِ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ. رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ خَالِد بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: أَوْفَدَنِي يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي وَفْدِ الْعِرَاقِ إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: هات يا بن صَفْوَانَ، قُلْتُ: إِنَّ مَلِكًا مِنَ الْمُلُوكِ خَرَجَ مُتَنَزِّهًا فِي عامٍ مِثْلَ عَامِنَا هَذَا إِلَى الْخَوَرْنَقِ، وَكَانَ ذَا عِلْمٍ مَعَ الْكَثْرَةِ وَالْغَلَبَةِ، فَنَظَرَ وَقَالَ لِجُلَسَائِهِ لِمَنْ هَذَا؟ قَالُوا: لِلْمَلِكِ، قَالَ: فَهَلْ رَأَيْتُمْ أَحَدًا أُعْطِيَ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ؟ قَالَ: وَكَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَقَايَا حَمَلَةِ الْحُجَّةِ، فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ عَنْ أمرٍ أَفَتَأْذَنُ لِي بِالْجَوَابِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَرَأَيْتَ مَا أَنْتَ فِيهِ، أشيءٌ لَمْ تَزَلْ فِيهِ أَمْ شيءٌ صَارَ إِلَيْكَ مِيرَاثًا، وَهُوَ زائلٌ عَنْكَ إِلَى غَيْرِكَ، كَمَا صَارَ إِلَيْكَ؟ قَالَ: كَذَا هُوَ، قَالَ: فَتَعَجَّبَ بشيءٍ يَسِيرٍ لا تَكُونُ فِيهِ إِلا قَلِيلا وَتُنْقَلُ عَنْهُ طَوِيلا، فَيَكُونُ عَلَيْكَ حِسَابًا، قَالَ: وَيْحُكَ فَأَيْنَ المهرب، وأين المطلب؟ وأخذته

_ 1 الأغاني "2/ 95-154"، تاريخ خليفة "482-483".

قَشْعَرِيرَةٌ. قَالَ: إِمَّا أَنْ تُقِيمَ فِي مُلْكِكَ فَتَعْمَلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَلَى مَا سَاءَكَ وَسَرَّكَ، وَإِمَّا أَنْ تَنْخَلِعَ مِنْ مُلْكِكَ وَتَضَعَ تَاجَكَ وَتُلْقِي عَلَيْكَ أَطْمَارَكَ وَتَعْبُدَ رَبَّكَ، قَالَ: إِنِّي مفكّرٌ اللَّيْلَةَ وَأُوَافِيكَ السَّحَرَ، فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ قَرَعَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَقَالَ: إِنِّي اخْتَرْتُ هَذَا الْجَبَلَ وَفَلَوَاتِ الأَرْضِ، وَقَدْ لَبِسْتُ عَلَيَّ أَمْسَاحِي فَإِنْ كُنْتَ لِي رَفِيقًا لا تُخَالِفْ، فَلَزِمَا وَاللَّهِ الْجَبَلَ حَتَّى مَاتَا. وَفِيهِ يَقُولُ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعِبَادِيُّ: أَيُّهَا الشَّامِتُ الْمُعَيِّرُ بالدّهـ ... ـر أَأَنْتَ الْمُبَرَّأُ الْمَوْفُورُ أَمْ لَدَيْكَ الْعَهْدُ الْوَثِيقُ من الأيـ ... ـام بَلْ أَنْتَ جاهلٌ مَغْرُورُ مَنْ رَأَيْتَ الْمَنُونَ خَلَّدْنَ أَمْ مَنْ ... ذَا عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يُضَامَ خَفِيرُ أَيْنَ كِسْرَى كِسْرَى الْمُلُوكِ أَبُو سا ... سان أَمْ أَيْنَ قَبْلَهُ سَابُورُ وَبَنُو الأَصْفَرِ الْكِرَامُ ملوك الـ ... ـرّوم لَمْ يَبْقَ مِنْهُمُ مَذْكُورُ وَأَخُو الْحَضْرِ إِذْ بناه وإذ دجـ ... ـلة تجبى إليه والخابور شاد مرمرًا وجلّله كلـ ... ـسًا فَلِلطَّيْرِ فِي ذُرَاهُ وَكُورُ لَمْ يَهَبْهُ رَيْبَ المنون فباد المـ ... ـلك عَنْهُ فَبَابُهُ مَهْجُورُ وَتَذَكَّرْ رَبَّ الْخَوَرْنَقِ إِذْ أشـ ... ـرف يَوْمًا وَللْهُدَى تَذْكِيرُ سَرَّهُ حَالُهُ وَكَثْرَةُ مَا يمـ ... ـلك وَالْبَحْرُ معرضٌ وَالسَّدِيرُ فَارْعَوَى قَلْبُهُ وَقَالَ: وَمَا غبـ ... ـطة حيٍّ إِلَى الْمَمَاتِ يَصِيرُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي هذه القصيدة: ثم بعد الفلاح والمك والإمّـ ... ـة وَارَتْهُمُ هُنَاكَ الْقُبُورُ ثُمَّ صَارُوا كَأَنَّهُمْ ورقٌ جـ ... ـفّ فَأَلْوَتْ بِهِ الصِّبَا وَالدَّبُورُ وَزِدْتُ أَنَا: فَافْعَلِ الخير ما استطعت ولا تبـ ... ـغ فكلٌّ بِبَغْيهِ مَأْسُورُ وَاتَّقِ اللَّهَ حَيْثُ كُنْتَ وأتبع ... سيئ الْفِعْلَ صَالِحًا فَهُوَ نُورُ

قَالَ: فَبَكَى هِشَامٌ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ، وَأَمَرَ بِنَزْعِ أَبْنِيَتِهُ، وَطَيِّ فَرْشِهِ، وَلَزِمَ قَصْرَهُ، فَأَقْبَلَتِ الْمَوَالِي وَالْحَشَمُ عَلَى خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ الأَهْتَمِ وَقَالُوا: مَاذَا أَرَدْتَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ لَذَّتَهُ؟! فَقَالَ: إِلَيْكُمْ عَنِّي فَإِنِّي عَاهَدْتُ اللَّهَ أَنْ لا أَخْلُو بِمَلِكٍ إِلا ذَكَّرْتُهُ اللَّهَ تَعَالَى، قَالَ: فَبَعَثَ هِشَامٌ إِلَى كُلِّ واحدٍ مِنَ الْوَفْدِ بِجَائِزَةٍ، وَكَانُوا عَشَرَةَ أنفسٍ، وَبَعَثَ إِلَى خَالِدٍ بِمِثْلِ جَمِيعِ مَا وَجَّهَ إِلَيْهِمْ. رَوَاهُ غَيْرُ واحدٍ عَنْ بُهْلُولِ بْنِ حَسَّانَ الأَنْبَارِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ زِيَادٍ بِنَحْوِهِ. وَمِنْ شِعْرِ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ هَذِهِ الْكَلِمَةُ السَّائِرَةُ، رَوَاهَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ وَخَلَفُ الأَحْمَرُ: أَيْنَ أَهْلُ الدِّيَارِ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ ... ثُمَّ عادٍ مِنْ بَعْدِهِمْ وَثَمُودُ أَيْنَ آبَاؤُنَا وَأَيْنَ بَنُوهُمْ ... أَيْنَ آبَاؤُهُمْ وَأَيْنَ الْجُدُودُ سَلَكُوا مَنْهَجَ الْمَنَايَا فَبَادُوا ... وَأَرَانَا قَدْ حَانَ مِنَّا ورود بينما هم على الأسرّة والأنـ ... ـماط أَفْضَتْ إِلَى التُّرَابِ الْخُدُودُ ثُمَّ لَمْ يَنْقَضِ الْحَدِيثُ وَلَكِنَّ ... بَعْدَ ذَاكَ الْوَعِيدُ وَالْمَوْعُودُ وَأَطِبَّاءُ بَعْدَهُمْ لَحِقُوهُمْ ... ضَلَّ عَنْهُمْ سُعُوطُهُمْ وَاللَّدُودُ وصحيحٌ أَضْحَى يَعُودُ مَرِيضًا ... هُوَ أَدْنَى لِلْمَوْتِ مِمَّنْ يعود 176- العريان بن الهيثم1 -س- بن الأسود النّخعي الكوفي. رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ قَدْ وَفَدَ مَعَ وَالِدِهِ الْهَيْثَمِ عَلَى يَزِيدَ. وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ، وَقُبَيْصَةَ بْنِ جَابِرٍ. وعنه: عبد الملك بن عمير، وعلي بن زيد بن جدعان. وولي شرطة الكوفة في أيام خالد القسري، وكان شريفا مطاعا في قومه، خرج له النسائي. 177- عراك بن مالك الغفاري2 المدني -ع- الْفَقِيهُ الصَّالِحُ مِنْ جلّة

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 38"، تهذيب الكمال "2/ 931"، التاريخ الكبير "7/ 85"، تهذيب التهذيب "190-191". 2 الجرح والتعديل "7/ 38"، تهذيب الكمال "2/ 927"، سير أعلام النبلاء "5/ 63-64"، ميزان الاعتدال "3/ 63"، تهذيب التهذيب "172-174".

التَّابِعِينَ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكٍ، وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ. قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَكْثَرَ صَلاةً مِنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ. وَكَانَ عِرَاكٌ يُحَرِّضُ عُمَرَ عَلَى انْتِزَاعِ مَا بِأَيْدِي بَنِي أُمَيَّةَ من المظالم، فوجدوا عله، فَلَمَّا استُخْلِفَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ نَفَاهُ إِلَى دَهْلَكَ، فَلَمْ يَطُلْ مَقَامُهُ بِهَا، وَانْتَقَلَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَيَّامِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 178- عُرْوَةُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ1 مَوْلَى عمرر بن العاص، فقيه فاضل. روى عنه: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وعنه: بكير بن الأشج، وعبيد الله بن أبي جعفر، وسعيد بن راشد، وعبد العزيز بن صالح، وآخرون. قال أبو سعيد بن يونس: توفي قريبا من سنة عشرٍ ومائة. 179- عروة بن عياض القرشي القاري2 -م س- أَمِيرُ مَكَّةَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وعنه: عمرو بن دينار، وسعيد بن حسان، وابن جريج، وهو ثقة غزير الحديث. 180- عروة بن محمد بن عطيّة السّعدي3 -د- الأمير. رَوَى عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ. وَعَنْهُ: رَجَاءُ بن أبي سلمة، وحنظلة بن أبي سُفْيَانَ، وَأَبُو وَائِلٍ الْقَاصُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ، وَوُلِّيَ إِمْرَةَ الْيَمَنِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز وقبله، وكان ذا زهدٍ

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 43"، الجرح والتعديل "6/ 397". 2 التاريخ الكبير "7/ 32-33"، الجرح والتعديل "6/ 396"، تهذيب الكمال "2/ 929"، تهذيب التهذيب "7/ 186-187". 3 التاريخ الكبير "7/ 34"، الجرح والتعديل "6/ 397"، تهذيب الكمال "2/ 929"، تهذيب التهذيب "7/ 187-188".

وَصَلاحٍ. وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ يَزِيدُ عَزَلَهُ، فَخَرَجَ عَنِ الْيَمَنِ بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ وَمُصْحَفِهِ فَقَطْ رَاكِبًا رَاحِلَتَهُ، وَرَوَى حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا اسْتُعْمِلْتُ عَلَى الْيَمَنِ، قَالَ لِي أَبِي: إِذَا غَضِبْتَ فَانْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَكَ وَالأَرْضِ تحتك، ثم أعظم خالقهما. 181- عزرة بن عبد الرحمن1 -م د ت س- بن زرارة الخزاعيّ الكوفيّ الأعور، عَنْ عَائِشَةَ مُرَسَّلا، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، وَالْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَآخَرُونَ، وَثَّقَهُ عَلِيُّ بْنُ المديني، ويحيى. 182- عطاء بن يزيد اللّيثي2 -ع- أبو محمد الجندعي المدني. نزل الشام، وحدّث عن تميم الدَّارِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَابْنُهُ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْحَاجِبُ، وَآخَرُونَ، وَعُمِّرَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ وَثِقَاتِهِمْ، تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ خمسٍ ومائة. 183- عطاء بن يسار3 -ع- أبو محمد المدني الفقيه، مَوْلَى مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ أَخُو سُلَيْمَانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ قَاصًّا وَاعِظًا ثقةً جليل القدر. أرسل عن أبي ابن كَعْبٍ وَغَيْرِهِ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَزَيْدِ بن ثاب، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَهِلالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ -عَلَى الأَرْجَحِ- وَشَرِيكُ بْنُ أبي نمر.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 65"، الجرح والتعديل "7/ 21"، تهذيب الكمال "2/ 931"، الثقات لابن حبان "7/ 300"، تهذيب التهذيب "7/ 192-193". 2 التاريخ الكبير "6/ 459-461"، الجرح والتعديل "6/ 338"، تهذيب الكمال "2/ 938"، الثقات لابن حبان "5/ 200"، ميزان الاعتدال "3/ 77"، تهذيب التهذيب "7/ 217". 3 الطبقات الكبرى "5/ 173"، التاريخ الكبير "6/ 461"، الجرح والتعديل "6/ 338"، تهذيب الكمال "2/ 938"، الثقات لابن حبان "5/ 199"، سير أعلام النبلاء "4/ 448-449"، ميزان الاعتدال "3/ 177"، تهذيب التهذيب "7/ 217-218".

قال ابن وهب: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: كَانَ أَبُو حَازِمٍ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا كَانَ أَلْزَمَ لِمَسْجِدِ رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ أَبِي: كَانَ عَطَاءٌ يُحَدِّثُنَا حَتَّى يُبْكِينَا أَنَا وَأَبُو حَازِمٍ، ثُمَّ يُحَدِّثُنَا حَتَّى يُضْحِكُنَا، وَيَقُولُ: مَرَّةً هَكَذَا، وَمَرَّةً هَكَذَا. ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرٍ، وَكَانَ ثِقَةً، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ قَبْلُ الْمِائَةِ. رَوَى ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أحدًا كان أزين لِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَدْ سَمِعَ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ. 184- عَطِيَّةُ بْنُ قيس -م4 "1"- أبو يحيى الكلبي مَوْلاهُمُ الْحِمْصِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْمُقْرِئُ، وَيُعْرَفُ بِالْمَذْبُوحِ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ، وَأَرْسَلَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحَدَّثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ سَعْدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ الْعَسْقَلانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي حملة -وقرءوا عَلَيْهِ- وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَآخَرُونَ، وَسَأُعِيدُهُ لاخْتِلافِهِمْ فِي مَوْتِهِ. رَوَى سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْهُ قَالَ: غَزَوْتُ فَارِسًا زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، فَبَلَغَ نَفْلِي مِائَتَيْ دِينَارٍ، فَتَحْنَا شَمَّاسَةَ، وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ذَكَرْتُ لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قِدَمَ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّهُ كَانَ فِيمَنْ غَزَا القسطنطينة زمن معاوية. وقال دحيم: كان هو وإسماعيل بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَارِئَ الْجُنْدِ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ قَيْسٍ: كَانَ النَّاسُ يُصْلِحُونَ مَصَاحِفَهُمْ عَلَى قِرَاءَةِ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ وَهُمْ جلوسٌ عَلَى دَرَجِ الْكَنِيسَةِ مِنَ الْمَسْجِدِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا كَانَ أَحَدٌ يَطْمَعُ أَنْ يَفْتَحَ فِي مَجْلِسِهِ ذِكْرَ الدُّنْيَا. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُولُ: كَانَ مَوْلِدُ عَطِيَّةَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَةَ سبعٍ، وَمَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَقَالَ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ: أَنْبَأَ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ، حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ مائةٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ. وَكَذَا رواه جماعة عن ابن مسهر.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 460"، التاريخ الكبير "7/ 9"، الجرح والتعديل "6/ 383-384"، تهذيب الكمال "2/ 942"، سير أعلام النبلاء "5/ 324-325"، تهذيب التهذيب "7/ 228".

185- عَطِيَّةُ مَوْلَى سَلَمِ بْنِ زِيَادٍ الدِّمَشْقِيُّ1 عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَانِقٍ الأَشْعَرِيِّ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، وَبُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. 186- عِكْرِمَةُ بن عبد الرحمن2 -خ م د س- بن الحرث بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ المخزومي، أَخُو أَبِي بَكْرٍ، سَمِعَ أَبَاهُ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو. وعنه: ابناه عبد الله، ومحمد، والزهري، ويحيى بن محمد بن صيفي. قال ابن سعد: ثقة. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَمِائَةٍ. 187- عِكْرِمَةُ الْبَرْبَرِيّ3 -ع- ثم المدني، أبو عبد الله مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الرَّبَّانِييِّنَ. رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -وَذَلِكَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عَمْرٍو، وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ وَثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الدِّيلِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، وعقيل بن خالد، وعبد الرحمن ابن الْغَسِيلِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأَفْتَى فِي حَيَاةِ مَوْلاهُ، وَقَالَ: طَلَبْتُ الْعِلْمَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، مَلَكَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، إِذْ وُلِّيَ الْبَصْرَةَ، لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلا يَبْعُدُ سَمَاعُهُ مِنْ عَلِيٍّ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: كَانَ عِكْرِمَةُ بَرْبَرِيًّا لِلْحُصَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُرِّ الْعَنْبَرِيِّ، فَوَهَبَهُ لابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ وُلِّيَ الْبَصْرَةَ. ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو: سَمِعَ أَبَا الشَّعْثَاءِ يَقُولُ: هَذَا عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، هَذَا أعلم الناس4.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 12"، الجرح والتعديل "6/ 384"، الثقات لابن حبان "7/ 277". 2 التاريخ الكبير "7/ 50"، الجرح والتعديل "7/ 10"، تهذيب الكمال "2/ 949"، تهذيب التهذيب "7/ 260-261". 3 الطبقات الكبرى "5/ 287"، التاريخ الكبير "7/ 49"، الجرح والتعديل "7/ 7-9"، تهذيب الكمال "2/ 950-952"، حلية الأولياء "3/ 326-347"، سير أعلام النبلاء "5/ 12-36"، ميزان الاعتدال "3/ 93-97"، تهذيب التهذيب "7/ 263-273". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 327".

ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: وَفَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَكَانَا يَسْمُرَانِ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ أَوْ أَكْثَرَ، فَرَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ: رَأَيْتُ عِكْرِمَةَ أَبْيَضَ اللِّحْيَةِ، عَلَيْهِ عِمَامَةٌ بَيْضَاءُ، طَرَفُهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ، قَدْ أَدَارَهَا تَحْتَ حَنَكِهِ، وَقَمِيصُهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَرِدَاؤُهُ أَبْيَضٌ، قَدِمَ عَلَى بِلالِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْفَزَارِيِّ وَالِي الْمَدَائِنِ فَأَجَازَهُ بِثَلاثَةِ آلافٍ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزبير بن الخرّي، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَضَعُ فِي رِجْلِي الْكَبْلَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ وَالسُّنَنِ1. حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ} [الأعراف: 16] . فَقَالَ: لَمْ أَدْرِ، أَنَجُوا أَمْ هَلَكُوا، فَمَا زِلْتُ أُبَيِّنُ لَهُ أَبَصِّرُهُ حَتَّى عَرِفَ أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا، فَكَسَانِي حُلَّةً2. أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: انْطَلِقْ فأف، فَمَنْ جَاءَكَ يَسْأَلُكَ عَمَّا يَعْنِيهِ فَأَفْتِهِ3. ابْنُ سَعْدٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ قَالَ: بَاعَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عِكْرِمَةَ مِنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِينَارٍ. فَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَا خِيرَ لَكَ، بِعْتَ عِلْمَ أَبِيكَ! فَاسْتَقَالَ خَالِدًا، فَأَقَالَهُ وَأَعْتَقَ عِكْرِمةَ4. رَوَى أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ مِثْلَهُ. وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ عِكْرِمَةُ حَبْرُ الأُمَّةِ. وَقَالَ مُغِيرَةُ: قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، عِكْرِمَةُ5. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ عِكْرِمَةَ6. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِالتَّفْسِيرِ عِكْرِمَةُ7. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دينار: كنت إذا سمعت عكرمة

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 287"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 326". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 287"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 331". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 327". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 287". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 326". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 326". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 326".

يُحَدِّثُ عَنْهُمْ كَأَنَّهُ مشرفٌ عَلَيْهِمْ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ. قَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: قَالَ عِكْرِمَةُ: إِنِّي لأَخْرُجُ إِلَى السُّوقِ فَأَسْمَعُ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، فَيَنْفَتِحُ لِي خَمْسُونَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ1. وَقَالَ لَنَا عِكْرِمَةُ مَرَّةً: أَيُحْسِنُ حَسَنُكُمْ مِثْلَ هَذَا؟ 2 قُلْتُ: وَكَانَ عِكْرِمَةُ كَثِيرَ التَّطواف، كَثِيرَ الْعِلْمِ وَيَأْخُذُ جَوَائِزَ الأُمَرَاءِ. قَالَ شَبَابَةُ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ يَسَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ عِكْرِمَةَ قَادِمًا مِنْ سَمَرْقَنْدَ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ تَحْتَهُ جوالقان حَرِيرٌ، أَجَازَهُ بِذَلِكَ عَامِلُ سَمَرْقَنْدَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا جَاءَ بِكَ إِلَى هُنَا؟ قَالَ: الْحَاجَةُ3. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَدِمَ عِكْرِمَةُ الْجَنَدَ، فَحَمَلَهُ طَاوُسُ عَلَى نجيبٍ لَهُ، فَقَالَ: إِنِّي ابْتَعْتُ عِلْمَهُ بِهَذَا الْجَمَلِ. قَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ: إِنِّي لَفِي سُوقِ الْبَصْرَةِ إِذَا رَجُلٌ عَلَى حِمَارٍ فَقِيلَ لِي: هَذَا عِكْرِمَةُ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَمَا قَدِرْتُ عَلَى شَيْءٍ أَسْأَلُهُ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ وَأَنَا أَحْفَظُ. قِيلَ لِأَيُّوبَ: كَانُوا يَتَّهِمُونَهُ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَّا فَلَمْ أَكُنْ أَتَّهِمُهُ4. ابْنُ لَهِيعَةَ: قَالَ أَبُو الأَسْوَدِ: هَيَّجْتُ عِكْرِمَةَ عَلَى السَّيْرِ إِلَى إِفْرِيقِيَةَ، فَلَمَّا قَدِمَهَا اتَّهَمُوهُ، قَالَ: وَكَانَ قَلِيلَ الْعَقْلِ خَفِيفًا، كَانَ قَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ ذَا وَمِنْ ذَا، فَيُحَدِّثُ بِهِ مَرَّةً عَنْ هَذَا وَمَرَّةً عَنْ هَذَا، فَيَقُولُونَ: مَا أَكْذَبَهُ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَكَانَ يُحَدِّثُ بِرَأْيِ نَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ، أَتَاهُ فَأَقَامَ عِنْدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ جَاءَ الْخَبِيثُ. الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَدَّانِيُّ: ثَنَا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ قَالَ كَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ الْمُرِّيِّ: سَلْ عِكْرِمَةَ عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَمِنَ الدُّنْيَا هُوَ أَوْ مِنَ الآخِرَةِ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ: سَمِعْتُ رَجُلا قَالَ لِعِكْرِمَةَ: فلانٌ سَبَّنِي فِي النَّوْمِ، قَالَ: اضْرِبْ ظِلَّهُ ثَمَانِينَ. أَيُّوبُ: بَلَغَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَوْ كَفَّ عِكْرِمَةُ عَنْ بَعْضِ حديثه لشدّت إليه المطايا5.

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 288". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 289"، وابن عدي في الكامل "5/ 1909". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 291". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 289"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 328". 5 أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1905".

وقال طاوس: لو ترك مِنْ حَدِيثِهِ وَاتَّقَى اللَّهَ لَشُدَّتْ إِلَيْهِ الرِّحَالُ. وَمِنْ كَلامِهِمْ فِي عِكْرِمَةَ، وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْبُخَارِيُّ وَالْجُمْهُورُ يَحْتَجُّونَ بِهِ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُحَتجُّ بِهِ إِذَا كَانَ عَنْ ثِقَةٍ، أَصْحَابُ ابْنُ عَبَّاسٍ عيالٌ فِي التَّفْسِيرِ عَلَى عِكْرِمَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إِذَا رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ فَهُوَ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ، وَلا بَأْسَ بِهِ. رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُرَّةَ: قُلْتُ: لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: كَيْفَ تَرَى فِي هَذِهِ الأَوْعِيَةِ، فَإِنَّ عِكْرِمَةَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَرَّمَ النَّقِيرَ وَالدُّبَّاءَ وَالْحَنْتَمَ1، فَقَالَ عِكْرِمَةُ كَذَّابٌ. ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِنَافِعٍ: لا تَكْذِبْ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ عِكْرِمَةُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، هَذَا ضَعِيفُ السَّنَدِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو خَلَفٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُهُ. أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ لِغُلامِهِ برد: لا تكذب علي كما كذب عبد ابن عباس. رواه إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ المسيّب أنه قال لبرد: لا تَكْذِبْ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ عِكْرِمَةُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَمَّنْ مَشَى بَيْنَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعِكْرِمَةَ فِي رجلٍ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَقَالَ سَعِيد يُوفِي بِهِ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لا يُوفِي بِهِ، فَأَخْبَرَ الرَّجُلُ سَعِيدًا بِقَوْلِ عِكْرِمَةَ، فَقَالَ سَعِيدٌ: لا يَنْتَهِي عِكْرِمَةُ حَتَّى يُلْقَى فِي عُنُقِهِ حَبْلٌ وَيُطَافُ بِهِ، فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى عِكْرِمَةَ فَأَبْلَغَهُ، فَقَالَ: أَنْتَ رَجُلُ سُوءٍ كَمَا أَبْلَغْتَنِي عَنْهُ، فَأَبْلِغْهُ عَنِّي، قُلْ لَهُ: هَذَا النَّذْرُ للَّهِ أَمْ لِلشيَّطَانِ، وَاللَّهِ لَئِنْ قَالَ: لِلَّهِ لَيَكْذِبَنَّ، وَإِنْ قَالَ: لِلشَّيْطَانِ، لَيَكْفُرَنَّ، وَلَئِنْ زَعَمَ أَنَّهُ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَا فِيهِ وَفَاءٌ. هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ: قُلْتُ: لِعَطَاءٍ: إِنَّ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَبَقَ الْكِتَابَ الْمَسْحَ، فَقَالَ: كَذِبَ عِكْرِمَةُ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لا بَأْسَ بِالْمَسْحِ، ثُمَّ قَالَ عَطَاءٌ: وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ لَيَرَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْقَدَمَيْنِ يُجزِئُ2. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عن فطر مثله.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "3694" مختصرًا وأحمد في المسند "1/ 361"، وله رواية أخرى عن ابن عباس أخرجه البخاري "53"، ومسلم "17"، وأبو داود "3692"، وأحمد في المسند "1/ 228، 274". 2 أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1905".

جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ مُقَيَّدٌ، قُلْتُ: مَا هَذَا! قَالَ: إِنَّهُ يَكْذِبُ عَلَى أَبِي. مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثَنَا الصَّلْتُ أَبُو شُعَيْبَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: ما يسوءني أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلَكِنَّهُ كَذَّابٌ1. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيّ: ثَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ، ثَنَا أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: كَانَ عِكْرِمَةُ مِنْ أَعْلَمَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُ يَرَى رَأْيَ الصُّفْرِيَّةِ، وَلَمْ يَدَعْ مَوْضِعًا إِلا خَرَجَ إِلَيْهِ: خُرَاسَانَ، وَالشَّامِ، وَالْيَمَنِ، وَمِصْرَ، وَإِفْرِيقِيَةَ، كَانَ يَأْتِي الأُمَرَاءَ فَيَطْلُبُ جَوَائِزَهُمْ2، وَيُقَالُ: إِنَّمَا أَخَذَ أَهْلُ إِفْرِيقِيَةَ رَأْيَ الصُّفْرِيَّةِ مِنْ عِكْرِمَةَ. قَالَ وُهَيْبٌ: شَهِدْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيَّ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيَّ فَذَكَرَا عِكْرِمَةَ، فَقَالَ يَحْيَى: كَانَ كَذَّابًا، وَقَالَ أَيُّوبُ: لا. إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ أَنْ يَذْكُرَ عِكْرِمَةَ وَلا يَرَى أَنْ يُرْوَى عَنْهُ3. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَ فَسَمَّى عِكْرِمَةَ إِلا فِي حديثٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: "لا أَرَى لأحدٍ أَنْ يَقْبَلَ حَدِيثَ عِكْرِمَةَ. يَحْيَى الْقَطَّانُ: حَدَّثُونِي وَاللَّهِ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ عِكْرِمَةُ وَأَنَّهُ لا يُحْسِنُ الصَّلاةَ، فَقَالَ أَيُّوبُ: وَكَانَ يُصَلِّي. الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، عَنْ رِشْدِينٍ قَالَ: رَأَيْتُ عِكْرِمَةَ قَدْ أُقِيمَ فِي لَعِبِ النَّرْدِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: قَدِمَ عِكْرِمَةُ، فَأَتَاهُ أَيُّوبُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَيُونُسُ، فَبَيْنَا هُوَ يُحَدِّثُهُمْ؛ إِذْ سَمِعَ صَوْتَ غناءٍ، فَقَالَ اسْكُتُوا، ثُمَّ قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَجَادَ، فَأَمَّا سُلَيْمَانُ وَيُونُسُ فَمَا عَادَا إِلَيْهِ. عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ: ثَنَا خَلادُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: كُنَّا بِالْمَغْرِبِ وَعِنْدَنَا عِكْرِمَةُ فِي وَقْتِ الْمَوْسِمِ، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَدِدْتُ أَنَّ بِيَدِي حربةٌ أَعْتَرِضُ بِهَا مَنْ شَهِدَ الْمَوْسِمَ، قَالَ: فَرَفَضَهُ أَهْلُ إِفْرِيقِيَةَ. عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ يَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: وَقَفَ عِكْرِمَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: مَا فِيهِ إِلا كَافِرٌ، قَالَ: وَكَانَ يَرَى رَأْيَ الإِبَاضِيَّةِ، قَالَ ابْنُ المديني: كان

_ 1 أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1905". 2 أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1905-1906". 3 أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1908".

يَرَى رَأْيَ نَجْدَةَ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ يرى رأي الخوارج، وادّعى على ابن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ، نَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُصْعَبٍ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ عِكْرِمَةَ كَانَ إِبَاضِيًّا. إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُتِيَ بِجِنَازَةِ عِكْرِمَةَ وَكُثَيْرِ عَزَّةَ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ حَلَّ حَبْوَتَهُ إِلَيْهِمَا. قَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ: مَاتَا فِي يومٍ وَاحِدٍ فَمَا شَهِدَهُمَا إِلا سُودَانُ الْمَدِينَةِ. قَالَ جَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَا سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ، وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَغَيْرُهُ: سَنَةَ ستٍّ وَمِائَةٍ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَجَمَاعَةٌ: سَنَةَ سبعٍ، وقال يحيى بن معين والمدائني: سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَأَظُنُّ هَذَا الْقَوْلَ غَلَطًا، لَمْ يَبْقَ إِلَى هَذَا التَّارِيخِ قَطُّ. 188- عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -م ت ن ق- رَوَى عَنْ: أَبِي زَيْدٍ عَمْرِو بن أحطب -رضي الله عنهم، وعن عكرمة. وعنه: عزرة بن ثاب، وداود بن أبي الفرا، وَحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَحُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ الرّحبيّ، وثّقه يحيى بن معين. 189- عار بن سعد القرظ2 -ق- بن عائذ المؤذّن. عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ ابْنُهُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَخِيهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو الْمِقْدَامِ هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ. 190- عَمَّارُ بْنُ سَعْدٍ التُّجِيبِيُّ3 أَحَدُ مَنْ شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَعُمِّرَ دَهْرًا. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وعنه: الضحاك بن شرحبيل، وعطاء بن دينار، توفي سنة خمس ومائة. 191- عمارة بن أكيمة الليثي4 ثم الجندعي، حجازي. روى عَنْ أَبِي هريرة.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 28"، تهذيب الكمال "2/ 953"، تهذيب التهذيب "7/ 273-274". 2 التاريخ الكبير "7/ 26"، الجرح والتعديل "6/ 390"، تهذيب الكمال "2/ 996"، ميزان الاعتدال "3/ 165"، تهذيب التهذيب "7/ 401". 3 التاريخ الكبير "7/ 27"، الجرح والتعديل "6/ 390"، تهذيب الكمال "2/ 996"، تهذيب التهذيب "7/ 401-402". 4 التاريخ الكبير "6/ 498"، الجرح والتعديل "6/ 362"، تهذيب الكمال "2/ 999"، ميزان الاعتدال "3/ 173"، تهذيب التهذيب "7/ 401-411".

لم يرو عنه غير الزّهري. حديثه في السنن. 192- عمارة بن خزيمة1 -4- بن ثابت الأنصاري. روى عَنْ: أَبِيهِ ذِي الشَّهَادَتَيْنِ، وَعَمِّهِ، وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، وَعَمْرُو بْنُ خُزَيْمَةَ الْمُزَنِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ عُمَيْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. 193- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ2 عُمَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ، أَحَدُ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ بِالْحِجَازِ. وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَامْتَدَحَهُ، فَوَصَلَهُ بمالٍ عظيمٍ لِشَرَفِهِ وَبَلاغَةِ نَظْمِهِ، وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَحدث عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ وُلِدَ في زمن عمر -رضي الله عنهم. رَوَى عَنْهُ: مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ، وَعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَخْشَى أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ عَطَّافٍ عَنْهُ مُنْقَطِعَةٌ، فَمَا أَرَاهُ بَقِيَ إِلَى حُدُودِ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنَّهُ مِنْ طَبَقَةِ جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ. حَكَى الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ، وَإِلَى جَمِيلِ بْنِ مَعْمَرٍ الْعُذْرِيِّ، وَإِلَى كُثَيِّرِ عَزَّةَ، وَأَوْقَرَ نَاقَةً ذَهَبًا وَفِضَّةً، ثُمّ قَالَ: لَيُنْشِدَنِي كُلُّ واحدٍ مِنْكُمْ ثَلاثَةَ أَبْيَاتٍ، فَأَيُّكُمْ كَانَ أَغْزَلَ شِعْرًا، فَلَهُ النَّاقَةُ وَمَا عَلَيْهَا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ: فَيَا لَيْتَ أَنِّي حَيْثُ تَدْنُو مَنِيَّتِي ... شَمَمْتُ الَّذِي مَا بَيْنَ عَيْنَيْكِ وَالْفَمِ وَلَيْتَ طَهُورِي كَانَ رِيقُكِ كُلَّهُ ... وَلَيْتَ حَنُوطِي مِنْ مُشَاشِكِ وَالدَّمِ وَلَيْتَ سُلَيْمَى فِي الْمَنَامِ ضَجِيعَتِي ... لَدَى الْجَنَّةِ الْخَضْرَاءِ أَوْ فِي جَهَنَّمَ وَقَالَ جَمِيلٌ: حَلَفْتُ يَمِينًا يَا بُثَيْنَةُ صَادِقًا ... فَإِنْ كُنْتُ فِيهَا كَاذِبًا فَعَمِيتُ حَلَفْتُ لَهَا بِالْبُدْنِ تُدْمِي نُحُورَهَا ... لَقَدْ شَقِيَتْ نفسي بكم وعييت

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 498"، الجرح والتعديل "6/ 365"، تهذيب الكمال "2/ 1000"، تهذيب التهذيب "7/ 416". 2 الجرح والتعديل "6/ 119"، البداية والنهاية "9/ 92"، الأغاني "61-248".

وَلَوْ أَنَّ رَاقِي الْمَوْتِ يَرْقِي جَنَازَتِي ... بِمَنْطِقِهَا فِي النَّاطِقِينَ حَيِيتُ فَقَالَ كُثَيِّرٌ: بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتِ مِنْ مَعْشُوقَةٍ ... ظَفِرَ الْعَدُوُّ بِهَا فَغَيَّرَ حَالَهَا وَمَشَى إِلَيَّ بِبَيْنِ عَزَّةَ نسوةٌ ... جَعَلَ الْمَلِيكُ خُدُودَهُنَّ نِعَالَهَا لَوْ أَنَّ عَزَّةَ خَاصَمَتْ شَمْسَ الضُّحَى ... فِي الْحُسْنِ عِنْدَ موفّقٍ لَقَضَى لَهَا فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: خُذِ النَّاقَةَ يَا صَاحِبَ جَهَنَّمَ. وَكَانَ يُقَالُ: مَنْ أَرَادَ رِقَّةَ الْغَزَلِ وَالنَّسِيبِ فَعَلَيْهِ بِشِعْرِ عُمَرَ بْنِ أَبِي ربيعة. ومن شعره رَوَاهُ الأَنْبَارِيُّ: لَبِثُوا ثَلاثَ مِنًى بِمَنْزِلِ قلعةٍ ... وَهُمُ عَلَى عرضٍ لَعَمْرُكَ مَا هُمُ مُتَجَاوِرِينَ بِغَيْرِ دَارِ إقامةٍ ... لَوْ قَدْ أَجَدَّ رَحِيلُهُمْ لَمْ يَنْدَمُوا وَلَهُنَّ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ لبانةٌ ... وَالْبَيْتُ يعرفهن لو يتكلم لو كان حيا قبلهن ظَعَائِنًا ... حَيَّا الْحَطِيمُ وُجُوهَهُنَّ وَزَمْزَمُ لَكِنَّهُ مِمَّا يَطِيفُ بِرُكْنِهِ ... مِنْهُنَّ صَمَّاءُ الصَّدَا مُسْتَعْجَمُ وَكَأَنَّهُنَّ وَقَدْ صَدَرْنَ عَشِيَّةً ... بيضٌ بِأَكْنَافِ الْخِيَامِ مُنَظَّمُ وَفِي كِتَابِ النَّسَبِ لِلزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ لِعُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ: نَظَرْتُ إِلَيْهَا بِالْمُحَصِّبِ مِنْ مِنَى ... وَلِي نظرٌ لَوْلا التَّحَرُّجُ عَارِمُ فَقُلْتُ: أشمسٌ أَمْ مَصَابِيحُ بيعةٍ ... بَدَتْ لَكَ تَحْتَ السِّجْفِ أَمْ أَنْتَ حَالِمُ بَعِيدَةُ مَهْوَى الْقُرْطِ إِمَّا لنوفلٌ ... أَبُوهَا وَإِمَّا عَبْدُ شمسٍ وَهَاشِمٌ فَلَمْ أَسْتَطِعْهَا غَيْرَ أَنْ قَدْ بَدَا لَنَا ... عَشِيَّةَ رَاحَتْ وَجْهُهَا وَالْمَعَاصِمُ قَالَ الزُّبَيْرُ: وَثَنَا سَلَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَنْشَدَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، قَوْلَ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ: أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُجِدُّ ابْتِكَارَا ... قَدْ قَضَى مِنْ تِهَامَةَ الأَوْطَارَا إِنْ يَكُنْ قَلْبُكَ الْغَدَاةَ جَلِيدَا ... فَفُؤَادِي بِالْحُبِّ أَمْسَى مُعَارَا لَيْتَ ذَا الدَّهْرِ كَانَ حَتْمًا عَلَيْنَا ... كُلَّ يَوْمَيْنِ حِجَّةً وَاعْتِمَارَا

فقال سعيد: لقد كلّف المسلمسن شَطَطًا. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ: إِنِّي قَدْ أَنْشَدْتُ مِنَ الشِّعْرِ مَا بَلَغَكَ، وَرَبُّ هَذِهِ الْبُنَيَّةِ مَا حَلَلْتُ إِزَارِي عَلَى فرجٍ حرامٍ قطّ. وروي أنّ عمر ابن أَبِي رَبِيعَةَ غَزَا الْبَحْرَ، فَاحْتَرَقَتْ سَفِينَتُهُ وَاحْتَرَقَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 194- عُمَرُ بْنُ خَلْدَةَ1 قَاضِي الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ، لِهِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ أَمِيرِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ رَجُلا مَهِيبًا عَفِيفًا، لَمْ يَرْتَزِقْ عَلَى الْقَضَاءِ شَيْئًا. قَالَ رَبِيعَةُ الرَّأْيُ: كَانَ يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ ابْنُ خَلْدَةَ قَاضِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُه يَقْضُونَ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ ابْنُ خَلْدَةَ يَجْلِسُ مَعَ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَمَعَ رَبِيعَةَ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: آذَيْتَنَا وَأَبْرَمْتَنَا، فَيَقُولُ: لا تُقِيمُونِي مِنْ عِنْدِكُمْ دَعُونِي أَتَحَدَّثُ مَعَكُمْ، فَإِذَا جَاءَ الْخَصْمَانِ تَحَوَّلْتُ إِلَيْهِمَا ثُمَّ عُدْتُ. وَذَكَرَ الواقديّ، عن ابن أبي ذِئْبٍ قَالَ: حَضَرْتُ عُمَرَ بْنَ خَلْدَةَ يَقُولُ لخصمٍ: اذْهَبْ يَا خَبِيثُ فَاسْجُنْ نَفْسَكَ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ وَلَيْسَ مَعَهُ حرسيٌّ، وَتَبِعْنَاهُ وَنَحْنُ صِبْيَانُ حَتَّى أَتَى السَّجَّانَ فَحَبَسَ نَفْسَهُ2. 195- عُمَرُ بْنُ عبد الله بن عروة3 -خ م ن- بن الزّبير، تُوُفِّيَ شَابًّا. رَوَى الْقَلِيلَ عَنْ جَدِّهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ. وَكَانَ ثِقَةً خَيَّارًا. 196- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ4 بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْن عَبْد شمسٍ بْن عَبْد مَناف بْن قصيّ ابن كِلابٍ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو حفصٍ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ -رضي الله عنهم- وَأَرْضَاهُ، وُلِدَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ سِتِّينَ، عام تُوُفِّيَ معاوية أو بعده بسنة، وأمّه

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 152"، الجرح والتعديل "6/ 106"، تهذيب الكمال "2/ 1008"، وميزان الاعتدال "2/ 192"، تهذيب التهذيب "7/ 442-443"، والطبقات الكبرى "5/ 279". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 279". 3 التاريخ الكبير "6/ 167"، الجرح والتعديل "6/ 117"، تهذيب الكمال "2/ 1015"، تهذيب التهذيب "7/ 469". 4 الطبقات الكبرى "5/ 530-408"، التاريخ الكبير "6/ 174-175"، الجرح والتعديل "6/ 122"، تهذيب الكمال "2/ 1016-1018"، حلية الأولياء "5/ 253-353"، صفة الصفوة "2/ 113-127"، سير أعلام النبلاء "5/ 114-148"، تهذيب التهذيب "7/ 475-478".

هِيَ أُمُّ عَاصِمِ بِنْتُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَنَسَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْن جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب، وابن قارظ، وأرسل عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَخَوْلَةَ بِنْتِ حُكَيْمٍ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَيُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحَدُ شُيُوخِهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَمُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَيْدٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وَوَلَدَاهُ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَانَتْ خِلافَتُهُ تسعةً وعشرين شهارًا، كَأَبِي بكرٍ الصِّدِّيقِ. قَالَ الْخُرَيْبِيُّ: وُلِدَ عَامَ قتل الحسين -رضي الله عنهم. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ: رَأَيْتُ صِفَتَهُ فِي كتابٍ: أَبْيَضَ، رَقِيقَ الْوَجْهِ، جَمِيلا، نَحِيفَ الْجِسْمِ، حَسَنَ اللِّحْيَةِ، غَائِرَ الْعَيْنَيْنِ، بِجَبْهَتِهِ أَثَرٌ حَافِرِ دَابَّةٍ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَشَجُّ بَنِي أُمَيَّةَ، وَقَدْ وَخَطَّهُ الشَّيْبُ، قَالَ ثَرْوَانُ مَوْلَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّهُ دَخَلَ إِلَى إِصْطَبْلِ أَبِيهِ وَهُوَ غُلامٌ، فَضَرَبَهُ فَرَسُهُ فَشَجَّهُ، فَجَعَلَ أَبُوهُ يَمْسَحُ عَنْهُ الدَّمَ وَيَقُولُ: إِنْ كُنْتَ أَشَجَّ بَنِي أُمَيَّةَ إِنَّكَ لَسَعِيدٌ1. رَوَاهُ ضَمْرَةُ عَنْهُ. نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ ضِمَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَكَى وَهُوَ غُلامٌ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: ذِكْرُ الْمَوْتِ -وَكَانَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَهُوَ غلامٌ صَغِيرٌ- فَبَكَتْ أُمُّهُ. سَعِيدُ بْنُ عفير، وعن يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ أَمِيرَ مِصْرَ بَعَثَ ابْنَهُ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَتَأَدَّبُ بِهَا، وَكَتَبَ إِلَى صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ أَنْ يَتَعَاهَدَهُ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَسْمَعُ مِنْهُ الْعِلْمَ، فَبَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ يَنْتَقِصُ عَلِيًّا، فَقَالَ لَهُ: مَتَى بَلَغَكَ أَنَّ اللَّهَ سَخَطَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ بَعْدَ أَنْ رَضِيَ عَنْهُمْ! فَفَهِمَ، وَقَالَ: مَعْذِرَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ لا أَعُودُ. وَقَالَ غَيْرَهُ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْعَزِيزِ، طَلَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى دِمَشْقَ، فزوّجه بِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، وَكَانَ الَّذِينَ يَعِيبُونَ عُمَرَ مِنْ حُسَّادِهِ لا يَعِيبُونَهُ إِلا بِالإِفْرَاطِ فِي التَّنَعُّمِ وَالاخْتِيَالِ فِي الْمِشْيَةِ، هَذَا قَبْلَ الإِمَرَةِ، فَلَمَّا ولي الوليد الخلافة،

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 331".

أَمَّرَ عُمَرَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَوُلِيَهَا مِنْ سَنَةِ ستٍّ وَثَمَانِينَ، إِلَى سَنَةِ ثلاثٍ وَتِسْعِينَ، وَعُزِلَ، فَقَدِمَ الشَّامَ، ثُمَّ إِنَّ الْوَلِيدَ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَعْزِلَ أَخَاهُ سُلَيْمَانَ مِنَ الْعَهْدِ وَأَنْ يَجْعَلَ وَلِيَّ عَهْدِهِ وَلَدَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْوَلِيدِ، فَأَطَاعَهُ كثيرٌ مِنَ الأَشْرَافِ طَوْعًا وَكَرْهًا، وَصَمَّمَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَامْتَنَعَ، فَطَيَّنَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الأَحَدِ بْنُ اللَّيْثِ الْفِتْيَانِيُّ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: أَتَى فَتَيَانِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالُوا: إِنَّ أَبَانَا تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالا عِنْدَ عَمِّنَا حُمَيْدٍ الأَمَجِيِّ، فَأَحْضَرَهُ عُمَرُ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الْقَائِلُ: حُمَيْدٌ الَّذِي أمجٌ دَارُهُ ... أَخُو الْخَمْرِ ذُو الشَّيْبَةِ الأَصْلَعُ أَتَاهُ الْمَشِيبُ عَلَى شُرْبِهَا ... فَكَانَ كَرِيمًا فَلَمْ يَنْزَعُ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَا أَرَانِي إِلا حَادُّكَ، أَقْرَرْتُ بِشُرْبِهَا، وَأَنَّكَ لَنْ تَنْزَعَ عَنْهَا، قَالَ: أَيْنَ يُذْهَبُ بِكَ، أَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ يَقُولُ: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 224-226] قَالَ: أَوْلَى لَكَ يَا حُمَيْدُ مَا أَرَاكَ إِلا قَدْ أُفْلِتَّ، وَيْحَكَ يَا حُمَيْدُ، كَانَ أَبُوكَ رَجُلا صالحًا وأنت رجل سوءٍ، قال: أصلحك الله وَأَيُّنَا يُشْبِهُ أَبَاهُ، كَانَ أَبُوكَ رَجُلَ سوءٍ، وأنت رجلٌ صالحٌ، قَالَ: إِنَّ هَؤُلاءِ زَعَمُوا أَنَّ أَبَاهُمْ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالا عِنْدَكَ، قَالَ: صَدَقُوا، وَأَحْضَرَهُ بِخَتْمِ أَبِيهِمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أَبَاهُمْ مَاتَ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، وَكُنْتُ أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِي، وَهَذَا مَالُهُمْ، قَالَ: مَا أحدٌ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْكَ، فَامْتَنَعَ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أسلم: قال أنس -رضي الله عنهم: مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إمامٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشْبَهَ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْفَتَى، يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ عُمَرَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: فَكَانَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَيُخَفِّفُ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ. رَوَاهُ الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ1. قَالَ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ الْمُلائِيُّ: سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: هُوَ نَجِيبُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتِ الْعُلَمَاءُ مَعَ عُمَرَ بْنِ

_ 1 خبر صحيح: أخرجه النسائي "980"، وأحمد في المسند "3/ 225"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن النسائي "980".

عَبْدِ الْعَزِيزِ تَلامِذَةً! أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ، الْتَفَتَ إِلَيْهَا وَبَكَى، ثُمّ قَالَ: يَا مُزَاحِمُ أَتَخْشَى أَنْ نَكُونَ مِمَّنْ نَفَتْهُ الْمَدِينَةُ؟ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمَرْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيْلَةً فَقَالَ: كُلُّ مَا حُدِّثْتُ اللَّيْلَةَ قَدْ سَمِعْتُهُ، وَلَكِنَّكَ حَفِظْتَ وَنَسِيتُ. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: يَا آلِ عُمَرَ، كُنَّا نَتَحَدَّثُ -وَفِي لَفْظٍ: يَزْعَمُ النَّاسُ- أَنَّ الدُّنْيَا لا تَنْقَضِي حَتَّى يَلِي رجلٌ مِنْ آلِ عُمَرَ، يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِ عُمَرَ، قَالَ: فَكَانَ بِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِوَجْهِهِ شَامَةٌ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ هُوَ، حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أُمُّهُ بِنْتُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي تَارِيخِهِ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَفَّانُ بْنُ عُثْمَانُ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ لاحِقٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ قَالَ: إِنَّ مِنْ وَلَدِي رَجُلا بِوَجْهِهِ شينٌ، يَلِي فَيَمْلَأُ الأَرْضَ عَدْلا، قَالَ نَافِعٌ: فَلا أَحْسِبُهُ إِلا عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ. مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: لَيْتَ شِعْرِي مَنْ هَذَا الَّذِي مِنْ وَلَدِ عُمَرَ فِي وَجْهِهِ علامةٌ، يملأ الأرض عدلًا! 1. أيوب بن محمد بن الْوَزَّانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالا: ثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، عَنْ رِيَاحِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الصَّلاةِ، وشيخٌ متوكّئٌ عَلَى يَدِهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنَّ هَذَا لشيخٌ جافٍ، فَلَمَّا صَلَّى وَدَخَلَ لَحِقْتُهُ، فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، مِنَ الشَّيْخِ الَّذِي كَانَ يتّكئ عَلَى يَدِكَ؟ قَالَ: يَا رِيَاحُ رَأَيْتَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: مَا أَحْسِبُكَ إِلا رَجُلا صَالِحًا، ذاك أخي الخضر، أتاني فأعلمني أنّي سَأَلِي أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَأَنِّي سَأَعْدِلُ فِيهَا. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ هَزَّانَ بْنِ سَعِيدٍ: حَدَّثَنِي رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ قَالَ: لَمَا ثَقُلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، رَآنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الدَّارِ فَقَالَ: يَا رَجَاءُ، أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُذَكِّرَنِي أَوْ تُشِيرَ بِي، فَوَاللَّهِ مَا أَقْدَرُ عَلَى هَذَا الأَمْرِ، فَانْتَهَرْتُهُ وَقُلْتُ: إِنَّكَ لحريصٌ عَلَى الْخِلافَةِ، أتطمع أن أشير عليه بك، فاستحيا، ودخل، فَقَالَ لِي سُلَيْمَانُ: يَا رَجَاءُ، مَنْ تَرَى لِهَذَا الأَمْرِ؟ قُلْتُ: اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّكَ قادمٌ عَلَى رَبِّكَ وَسَائِلُكَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، وَمَا صَنَعْتَ فِيهِ، قَالَ: فَمَنْ تَرَى؟ قُلْتُ: عُمَرُ بن عبد العزبز. قَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِعَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَيَّ، وَإِلَى الْوَلِيدِ فِي ابْنَيْ عَاتِكَةٌ، أَيُّهُمَا بَقِيَ؟ قلت تجعله من

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 254".

بعده، قال: أصب، هَاتِ صَحِيفَةً، فَكَتَبَ عَهْدَ عُمَرَ، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ دَعَوْتُ رِجَالا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: عَهْدِي فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ مَعَ رَجَاءٍ، اشْهَدُوا وَاخْتُمُوا الصَّحِيفَةَ، فَمَا لَبَثَ أَنْ مَاتَ، فَكَفَفْتُ النِّسَاءَ عَنِ الصِّيَاحِ، وَخَرَجْتُ إِلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: كَيْفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ مُنْذُ اشْتَكَى أَسْكَنَ مِنْهُ السَّاعَةَ، قالوا لله الحمد1. الوليد بن المسلم، عن عبد الرحمن بن حسان الكناني قال: لما مرض سليمان بدابق، قال لرجاء بن حَيْوَةَ: مَنْ لِلأَمْرِ أَسْتَخْلِفُ ابْنَيْ؟ قَالَ: ابْنُكَ غَائِبٌ، قَالَ: فَالآخَرُ، قَالَ: صَغِيرٌ، قَالَ: فَمَنْ ترى؟ قال: أرى أن تستخلف عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: أَتَخَوَّفُ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ! قَالَ: وَلِّ عُمَرَ، وَمِنْ بَعْدِهِ يَزِيدَ، وَاخْتُمِ الْكِتَابَ، وَتَدْعُوهُمْ إِلَى بَيْعَتِهِ مَخْتُومًا، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَ، ائْتِنِي بِقِرْطَاسٍ، فَدَعَا بقرطاسٍ، وَكَتَبَ الْعَهْدَ، وَدَفَعَهُ إِلَى رَجَاءٍ، وَقَالَ: اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ فَلْيُبَايعُوا عَلَى مَا فِيهِ مَخْتُومًا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَامْتَنَعُوا، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ الْحَرَسِ وَالشُّرَطِ فاجمع الناس ومرهم بالبيعة، فمن أبى فاضرب عُنُقَهُ، فَفَعَلَ، فَبَايَعُوا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، قَالَ رَجَاءٌ: فَبَيْنَا أَنَا رَاجِعٌ إِذَا بِمَوْكِبِ هِشَامٍ، فَقَالَ: تَعْلَمُ مَوْقِعَكَ مِنَّا، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ صَنَعَ شَيْئًا مَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَزَالَهَا عَنِّي، فَإِنْ يَكُنْ عَدَلَهَا عَنِّي فَأَعْلِمْنِي مَا دَامَ فِي الأَمْرِ نفسٌ، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يستكتمني أمير المؤمنين أمرا أطلعك عليه، لا يَكُونَ ذَا أَبَدًا! قَالَ: فَأَدَارَنِي وَأَلاحَنِي، فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ، وَانْصَرَفَ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ، إِذْ سَمِعْتُ جَلَبَةً خَلْفِي، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ لِي: يَا رَجَاءُ إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي أمرٌ كَبِيرٌ أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ جَعَلَهَا إليَّ، وَلَسْتُ أَقْوَمُ بِهَذَا الشَّأْنِ، فَأَعْلِمْنِي مَا دَامَ فِي الأَمْرِ نفسٌ، لعلي أتخلص منه ما دام حيا، قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ، يَسْتَكْتِمُنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرًا أطلعك عليه! فأدارني وَأَلاحَنِي، فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ، وَثَقُلَ سُلَيْمَانُ، وَحُجِبَ النَّاسُ، فَلَمَّا مَاتَ أَجْلَسْتُهُ وَسَنَّدْتُهُ وَهَيَّأْتُهُ، وَخَرَجْتُ إِلَى الناس، فقالوا: كيف أصبح أمير المؤمنين؟ قلت: أَصْبَحَ سَاكِنًا، وَقَدْ أَحَبَّ أَنْ تُسَلِّمُوا عَلَيْهِ وَتُبَايِعُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَذِنْتُ لِلنَّاسِ، فَدَخَلُوا، وَقُمْتُ عنده، فقلت إن أمير المؤمنين

_ 1 خبر صحيح بطرقه: أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 335"، ومن طريقه الطبري في تاريخه "6/ 650"، من طريق الواقدي، ومن طريق آخر أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 339"، ومن طريق آخر حسن أخرجه ابن أبي خيثمة كما في مناقب عمر لابن الجوزي "63-64"، وأخرجه ابن سعد من طريق آخر "5/ 340" مختصرًا.

يَأْمُرُكُمْ بِالْوُقُوفِ، ثُمَّ أَخَذْتُ الْكِتَابَ مِنْ عِنْدِهِ، وتقدمت إليهم، وَقُلْتُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُوا عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَبَايَعُوا وَبَسَطُوا أيديهم، فلما بايعبهم وفرغ، قُلْتُ لَهُمْ: آجَرَكُمُ اللَّهُ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالُوا: فَمَنْ؟ فَفَتَحْتُ الْكِتَابَ، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ، فلما قرءوا: بَعْدَهُ يَزِيدُ فَكَأَنَّهُمْ تَرَاجَعُوا، فَقَالُوا: أَيْنَ عُمَرُ؟ فَطَلَبُوهُ، فَإِذَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَوْا فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ، فَعُقِرَ بِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعِ النُّهُوضَ، حَتَّى أَخَذُوا بِضَبْعَيْهِ فَأَصْعَدُوهُ الْمِنْبَرَ، فَجَلَسَ طَوِيلا لا يَتَكَلَّمُ، فَلَمَّا رَآهُمْ رَجَاءُ جَالِسِينَ، قَالَ: ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعونه رَجُلا رَجُلا، وَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِمْ، فَصَعَدَ إِلَيْهِ هِشَامٌ، فَلَمَّا مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ قَالَ: يَقُولُ هِشَامٌ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَقَال: إنا للَّهِ حِينَ صَارَ يَلِي هَذَا الأَمْرَ أَنَا وَأَنْتَ، ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَسْتُ بقاضٍ وَلَكِنِّي مُنَفِّذٌ، ولست بمبتدعٍ، ولكني متبعٌ، وَإِنْ أَبَوْا فَلَسْتُ لَكُمْ بوالٍ، ثُمَّ نَزَلَ يَمْشِي، فَأَتَاهُ صَاحِبُ الْمَرَاكِبِ، فَقَالَ: مَا هَذَا! قال مركب الخلافة، قال: ائْتُونِي بِدَابَّتِي، ثُمَّ إِنَّهُ كَتَبَ إِلَى الْعُمَّالِ فِي الأَمْصَارِ، قَالَ رَجَاءٌ: كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ سَيَضْعُفُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ صُنْعَهُ فِي الْكِتَابِ عَلِمْتُ أَنَّهُ سَيَقْوَى1. قَالَ عُمَرُ بْنُ مُهَاجِرٍ: صَلَّى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: وَذَلِكَ يَوْمُ الْجُمْعَةِ عَاشِرُ صَفَرٍ سَنَةَ تسعٍ. قُلْتُ: وَكَانَ عُمَرُ فِي خِلافَةِ سُلَيْمَانَ كَالْوَزِيرِ لَهُ. أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَنَا سُفْيَانُ: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ دَابِقَ، وَكَانَ مُجْتَمَعَ غَزْوِ النَّاسِ، فَمَاتَ سُلَيْمَانُ، وَكَانَ رَجَاءٌ صَاحِبَ مَشُورَتِهِ وَأَمْرِهِ، فَأَعْلَمَ النَّاسَ بِمَوْتِهِ، وَصَعَدَ الْمِنْبَرَ، وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ كِتَابًا وَعَهِدَ عَهْدًا وَمَاتَ، أَفَسَامِعُونَ أَنْتُمْ مُطِيعُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: نَسْمَعُ وَنُطِيعُ إِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِخْلافُ رجلٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: فَجَذَبَهُ النَّاسُ حَتَّى سَقَطَ وَقَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، فَقَالَ رَجَاءٌ: قُمْ يَا عمر، فقال عمر: والله إن هذا لأمر مَا سَأَلْتُهُ اللَّهَ قَطُّ. وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عثمان قال:

_ 1 خبر صحيح تقدم فيما قبله.

لَمَّا انْصَرَفَ عُمَرُ عَنْ قَبْرِ سُلَيْمَانَ، قَدَّمُوا لَهُ مَرَاكِبَ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ: فَلَوْلا التُّقَى ثُمَّ النُّهَى خشْيَةَ الرَّدَى ... لَعَاصَيْتُ فِي حُبِّ الصِّبَى كل زاجر قضى ما قضى فيما مضى ثُمَّ لا تُرَى ... لَهُ صبوةٌ أُخْرَى اللَّيَالِي الْغَوَابِرِ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، قَدِّمُوا بَغْلَتِي. خَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ: ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ جَاءَهُ أَصْحَابُ الْمَرَاكِبِ يَسْأَلُونَهُ الْعُلُوفَةَ وَرِزْقَ خَدَمِها، قَالَ: ابْعَثْ بِهَا إِلَى أَمْصَارِ الشَّامِ يَبِيعُونَهَا فِيمَنْ يَزِيدُ، وَاجْعَلْ أَثْمَانَهَا فِي مَالِ اللَّهِ، تَكْفِينِي بَغْلَتِي هَذِهِ الشَّهْبَاءُ. سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ: ثنا ابن عيينة، عن عمرو بن زاذان مولى عمرو بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ، إِذَا رَجَعَ من جنازة سليمان: ما لي أَرَاكَ مُغْتَمًّا؟ قَالَ: لَمِثْلُ مَا أَنَا فِيهِ فَلْيُغْتَمُّ، لَيْسَ أحدٌ مِنَ الأُمَّةِ إِلا وَأَنَا أُرِيدَ أَنْ أُوصِلَ إِلَيْهِ حَقَّهُ غَيْرَ كاتبٍ إِلَيَّ فِيهِ، وَلا طَالِبَهُ مِنِّي. إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ، أَنَّ عُمَرَ بن عبد العزيز لما استخلف قام في النَّاسِ، فَحَمَدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لا كِتَابَ بَعْدَ الْقُرْآنِ، ولا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلا وَإِنِّي لَسْتُ بقاضٍ، وَلَكِنِّي مُنَفِّذٌ، وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ، وَلَكِنِّي متبعٌ، إِنَّ الرَّجُلَ الْهَارِبَ مِنَ الإِمَامِ الظَّالِمِ لَيْسَ بظالمٍ، أَلا لا طَاعَةَ لمخلوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ. رَوَاهُ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَزَادَ فِيهِ: لَسْتُ بخيرٍ مِنْ أحدٍ مِنْكُمْ، وَلَكِنِّي أَثْقَلُكُمْ حِمْلا. أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ: ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، يَكْتُبُ إِلَيْهِ بِسِيرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الصَّدَقَاتِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِالَّذِي سَأَلَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّكَ إِنْ عَمِلْتَ بِمِثْلِ عَمَلِ عُمَرَ فِي زَمَانِهِ، وَرِجَالِهِ فِي مِثْلِ زَمَانِكَ وَرِجَالِكَ، كُنْتَ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا مِنْ عُمَرَ. حَمَّادُ بْنُ يزيد، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَعُمَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَإِذَا رَجُلانِ يَخْتَصِمَانِ، وَأَنْتَ بَيْنَ يَدَيْهِ جَالِسٌ، فَقَالَ لَكَ: يَا عُمَرُ إِذَا عَمِلْتَ فَاعْمَلْ بِعَمَلِ هَذَيْنِ -لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ- فَاسْتَحْلَفَهُ عُمَرُ بِاللَّهِ لرأيت هذا؟ فحلف له فبكى1. ورويت

_ 1 خبر ضعيف: لجهالة الراوي: أورده ابن القيم في الروح ص34.

مِنْ وجهٍ آخَرَ، وَأَنَّ الرَّائِيَ عُمَرَ نَفْسَهُ. قال ميمون ابن مِهْرَانَ: إِنَّ اللَّهَ يَتَعَاهَدُ النَّاسَ بنبيٍ بَعْدَ نبي، إن اللَّهَ تَعَاهَدَ النَّاسَ بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَكَى، فَقَالَ: يَا أَبَا فُلانُ أَتَخْشَى عَلَيَّ؟ قَالَ: كَيْفَ حُبُّكَ لِلدِّرْهَمِ؟ قَالَ: لا أُحِبُّهُ، قَالَ: لا تَخَفْ فَإِنَّ اللَّهَ سَيُعِينُكَ. جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، قال: جمع عمر بن عبد العزيز بني مَرْوَانَ حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ لَهُ فَدَكٌ يُنْفِقُ مِنْهَا، وَيَعُودُ مِنْهَا عَلَى صَغِيرِ بَنِيهِمْ، وَيُزَوِّجُ مِنْهَا أَيِّمَهُمْ، وَإِنَّ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عنهما- سَأَلَتْهُ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهَا، فَأَبَى، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَيَاةُ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ، قَالَ: ثُمَّ أَقْطَعَهَا مَرْوَانُ، ثُمَّ صَارَتْ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَرَأَيْتُ أَمْرًا مَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاطِمَةَ، لَيْسَ لِي بحقٍ، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ إِنِّي قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَدَأَ بِلُحْمَتِهِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَأَخَذَ ما بأيديهم، وسمى أموالهم مظالم، ففرغت بَنُو أُمَيَّةَ إِلَى عَمَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مَرْوَانَ، فَأَتَتْهُ لَيْلا، فَأَنْزَلَهَا عَنْ دَابَّتِهَا، فَلَمَّا أَخَذَتْ مَجْلِسَهَا قَالَ: يَا عَمَّةُ أَنْتِ أَوْلَى بِالْكَلامِ فَتَكَلَّمِي، قَالَتْ: تَكَلَّمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِيَّهُ رَحْمَةً، ثُمَّ اخْتَارَ لَهُ مَا عِنْدَهُ، فَقَبَضَهُ اللَّهُ، وَتَرَكَ لَهُمْ نَهْرًا شُرْبُهُمْ سواءٌ، ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَتَرَكَ النَّهْرَ عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ وُلِّيَ عُمَرُ فَعَمِلَ عَمَلَ صَاحبِهِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلِ النَّهْرُ يَشُقُّ مِنْهُ يَزِيدُ، وَمَرْوَانُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَالْوَلِيدُ، وَسُلَيْمَانُ، حَتَّى أَفْضَى الأَمْرُ إِلَيَّ، وَقَدْ يَبِسَ النَّهْرُ الأَعْظَمُ، وَلَنْ يُرْوَى أَصْحَابُ النَّهْرِ الأَعْظَمِ حَتَّى يَعُودَ النَّهْرُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: حَسْبُكَ قَدْ أَرَدْتُ كَلامَكَ وَمُذَاكَرَتَكَ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مَقَالَتُكَ هَذِهِ فَلَسْتُ بذاكرةٍ لَكَ شَيْئًا، فَرَجَعْت إِلَيْهِمْ فَأَبْلَغَتْهُمْ كَلامَهُ. هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: لَوْ أَقَمْتُ فِيكُمْ خَمْسِينَ عَامًا مَا اسْتَكْمَلْتُ فِيكُمُ الْعَدْلَ، إِنِّي لَأُرِيدُ الأَمْرَ فَأَخَافُ أَنْ لا تَحْمِلَهُ قُلُوبُكُمْ، فَأُخْرِجُ مِنْهُ طَمَعًا مِنْ طَمَعِ الدُّنْيَا، فَإِنْ أَنْكَرَتْ قُلُوبُكُمْ هَذَا سَكَنَتْ إِلَى هَذَا.

_ 1 خبر صحيح: أخرجه ابن الجوزي في مناقب عمر "131".

ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، قُلْتُ لِطَاوُسٍ: هُوَ الْمَهْدِيُّ؟ يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: هُوَ مهديٌّ وَلَيْسَ بِهِ، إِنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلِ الْعَدْلَ كُلَّهُ. ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الطَّلَاءِ قَالَ: نَهَى عَنْه إِمَامُ هُدًى، يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: الْخُلَفَاءُ خَمْسَةً: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ نَحْوُهُ. ابْنُ وَهْبٍ: حدثني ابن زَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلَ يَجِيءُ بِالْمَالِ الْعَظِيمِ فَيَقُولُ: اجْعَلُوا هَذَا حَيْثُ تَرَوْنَ، فَمَا يَبْرَحُ حَتَّى يَرْجِعَ بِمَالِهِ كُلِّهِ، قَدْ أَغْنَى عُمَرُ النَّاسَ. سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: ثَنَا جُوَيْرِيَةُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى فاطمة بنة عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَثْنَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَتْ: لَوْ كَانَ بَقِيَ لَنَا مَا احْتَجْنَا بَعْدُ إِلَى أحدٍ. إِبْرَاهِيمُ الْجَوْزَجَانِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ امْرَأَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي مُصَلاهُ تَسِيلُ دُمُوعُهُ عَلَى لِحْيَتِه، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ألشيءٍ حَدَثَ؟ قَالَ: يَا فَاطِمَةُ إِنِّي تَقَلَّدْتُ مِنْ أَمْرِ أُمَّةِ محمدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْوَدَهَا وَأَحْمَرَهَا، فَتَفَكَّرْتُ فِي الْفَقِيرِ الْجَائِعِ، وَالْمَرِيضِ الضَّائِعِ، وَالْعَارِي الْمَجْهُودِ، وَالْمَظْلُومِ الْمَقْهُورِ، وَالْغَرِيبِ الأَسِيرِ، وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَذِي الْعِيَالِ الْكَثِيرِ وَالْمَالِ الْقَلِيلِ، وَأَشْبَاهِهِمْ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ وَأَطْرَافِ الْبِلادِ فَعَلِمْتُ أَنَّ رَبِّي سَائِلِي عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَخَشِيتُ أَنْ لا تَثْبُتُ لِي حُجَّةً، فَبَكَيْتُ1. الْفِرْيَابِيُّ: ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ، وَعِنْدَهُ أَشْرَافُ بَنِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ: تُحِبُّونَ أَنْ أُوَلِّيَ كُلَّ رجلٍ مِنْكُمْ جُنْدًا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: لِمَ تَعْرِضْ عَلَيْنَا مَا لا تَفْعَلُهُ! قَالَ: تَرَوْنَ بِسَاطِي هَذَا، إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّهُ يَصِيرُ إِلَى بِلًى وفناءٍ، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ تُدَنِّسُوهُ بِأَرْجُلِكُمْ، فَكَيْفَ أُوَلِّيكُمْ دَيْنِي، أُوَلِّيكُمْ أَعْرَاضَ المسمين وَأَبْشَارَهُمْ، هَيْهَاتَ لَكُمْ هَيْهَاتَ! فَقَالُوا لَهُ: لِمَ أَمَا لَنَا حقٌّ؟ قَالَ: مَا أَنْتُمْ وَأَقْصَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدِي فِي هَذَا الأَمْرِ إِلا سَوَاءَ إِلا رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَبَسَهُ عني طول شقته2.

_ 1 خبر حسن. 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 270-271".

حماد بن سلمة: أنبأ حميد قال: أملى عَلَيْنَا الْحَسَنُ رِسَالَةً إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَبْلَغَ، ثُمَّ شَكَا الْحَاجَةَ وَالْعِيَالَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ لا تُهَجِّنْ هَذَا الْكِتَابَ بِالْمَسْأَلَةِ، اكْتُبْ هَذَا فِي غَيْرِ ذَا، قَالَ: دَعْنَا مِنْكَ، فَأَمَرَ بِعَطَائِهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ اكْتُبْ إِلَيْهِ فِي الْمَشُورَةِ فَإِنَّ أَبَا قِلابَةَ قَالَ: كَانَ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْوَحْيِ، فَمَا مَنَعَهُ ذَلِكَ أَنْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِالْمَشُورَةِ، فَقَالَ نَعَمْ، فَكَتَبَ بِالْمَشُورَةِ، فَأَبْلَغَ فِيهَا أَيْضًا. أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَاقِبَ رَجُلا حَبَسَهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ عَاقَبَهُ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَعْجَلَ فِي أَوَّلِ غَضَبِهِ. مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ صَلَّى بِهُمُ الْجُمْعَةَ، ثُمَّ جَلَسَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ مَرْقُوعُ الْجَيْبِ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَاكَ، فَلَوْ لَبِسْتَ، فَنَكَّسَ مَلِيًّا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: أُفَضِّلُ الْقَصْدَ عِنْدَ الْجِدَّةِ، وَأُفَضِّلُ الْعَفْوَ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ1. سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بن أسماء قال: قال عمر بن بعد الْعَزِيزِ: إِنَّ نَفْسِي نفسٌ تواقةٌ، لَمْ تُعْطَ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا إِلا تَاقَتْ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، قَالَ سَعِيدٌ: يُرِيدُ الْجَنَّةَ2. حَمَّادُ بْنُ وَاقِدٍ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: النَّاسُ يَقُولُونَ: إِنِّي زاهدٌ، إِنَّمَا الزَّاهِدُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الَّذِي أَتَتْهُ الدُّنْيَا فَتَرَكَهَا. الَفِسَوِيُّ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: دَعَانِي الْمَنْصُورُ قَالَ: كَمْ كَانَتْ غَلَّةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ أَفْضَتْ إِلَيْهِ الْخِلافَةُ؟ قُلْتُ: خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: كَمْ كَانَتْ غَلَّتُهُ يَوْمَ مَاتَ؟ قُلْتُ: مَا زَالَ يَرُدُّهَا حَتَّى كَانَتْ مِائَتَيْ دِينَارٍ. وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ مُسْلِمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَإِذَا عَلَيْهِ قميصٌ وسخٌ فَقُلْتُ لامْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ، وَهِيَ أُخْتُ مُسْلِمَةَ، اغْسِلُوا قَمِيصَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ: نَفْعَلُ، ثم عدت فإذا القميص

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 240". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن الجوزي "ص81" في مناقب عمر من طريقين.

عَلَى حَالِهِ، فَقُلْتُ لَهَا! فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لَهُ قميصٌ غَيْرُهُ1. إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ، قَالَ: كَانَتْ نَفَقَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ. سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى زَوْجَتِهِ فَقَالَ: عِنْدَكِ دِرْهَمٌ نَشْتَرِي بِهِ عِنَبًا؟ قَالَتْ: لا، أَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لا تَقْدِرُ عَلَى دِرْهَمٍ! قَالَ: هَذَا أَهْوَنُ مِنْ مُعَالَجَةِ الْأَغْلَالِ فِي جَهَنَّمَ2. يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: ثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكَاهِلِيُّ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَلْبِسُ الْفَرْوَةَ الْكُبُلَ، وَكَانَ سِرَاجُ بَيْتَهُ عَلَى ثَلاثِ قَصَبَاتٍ، فَوْقَهُنَّ طِينٌ. وَعَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ غُلامَهَ أَنْ يُسَخِّنَ لَهُ مَاءً، فَانْطَلَقَ فَسَخَّنَ قُمْقُمًا فِي مطبخ العامة، فأمره عمر أن يأخذ بردهم حَطَبًا يَضَعَهُ فِي الْمَطْبَخِ. ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ: أَنْبَأَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بن حميد، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهَا: أَخْبِرِينِي عَنْ عُمَرَ، قَالَتْ: مَا اغْتَسَلَ مِنْ جنابةٍ مُنْذُ اسْتُخْلِفَ3. يَحْيَى بْنُ حمزة: ثنا عمرو من مهاجر أن عمر ين عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يُسْرِجُ عَلَيْهِ الشَّمْعَةَ مَا كَانَ فِي حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حَوَائِجِهِمْ أَطْفَأَهَا، ثُمَّ أَسْرَجَ عَلَيْهِ سِرَاجَهُ. خَالِدُ بن مرداس: ثَنَا الْحَكَمُ قَالَ: كَانَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز ثلاثمائة حرسيٌ، وثلاثمائة شرطي، قشهدته يَقُولُ لِحَرَسِهِ: إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ بِالْقَدَرِ حَاجِزًا، وَبِالأَجَلِ حَارِسًا، مَنْ أَقَامَ مِنْكُمْ فَلَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَلْحَقْ بِأَهْلِهِ. إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ قَالَ: اشْتَهَى عمر بن عبد العزيز

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 297"، والفسوي في المعرفة "1/ 600"، وابن الجوزي في سيرة عمر "ص153". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 259". 3 أخرجه ابن المبارك في الزهد "890"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 259".

تُفَّاحًا، فَأَهْدَى لَهُ رجلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ تُفَّاحًا، فَقَالَ: مَا أَطْيَبَ رِيحَهُ وَأَحْسَنَهُ، ارْفَعْهُ يَا غُلامُ لِلَّذِي أَتَى بِهِ، وَأَقْرِئْ فُلانًا السَّلامَ، وَقُلْ لَهُ: إِنَّ هَدِيَّتَكَ وَقَعَتْ عِنْدَنَا بِحَيْثُ نُحِبُّ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ابْنُ عَمِّكَ ورجلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ، وَقَدْ بَلَغَكَ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنَّ الْهَدِيَّةَ كَانَتِ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً، وَهِيَ الْيَوْمِ لَنَا رِشوةٌ. ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: قَالَ لِي رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ: مَا أَكْمَلَ مروءة أبيك، سمرت عنده ليلةٍ فَعَشِي السِّرَاجُ، فَقَالَ لِي: مَا تَرَى السِّرَاجَ قَدْ عَشِيَ، قُلْتُ بَلَى، قَالَ: وَإِلَى جَانِبِه وَصِيفٌ رَاقِدٌ قُلْتُ: أَلا أُنَبِّهُهُ؟ قَالَ: لا، أَفَلا أَقُومُ؟ قَالَ: لَيْسَ مِنْ مُرُوءَةِ الرَّجُلِ اسْتِخْدَامُهُ ضَيْفَهُ، فَقَامَ إِلَى بَطَّةِ الزَّيْتِ وَأَصْلَحَ السِّرَاجَ، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ قُمْتُ وَأَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرَجَعْتُ وَأَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ رَجَاءٍ أَبِي الْمِقْدَامِ الرَّمْلِيِّ، عَنْ نُعَيْمٍ كَاتِبِ عُمَرَ بن عبد العزيز قَالَ: إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي مِنْ كثيرٍ مِنَ الْكَلامِ مَخَافَةُ الْمُبَاهَاةِ1. سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ حُكَيْمٍ: قَالَتْ لِي فَاطِمَةُ امْرَأَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِنَّهُ يَكُونُ فِي النَّاسِ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ صَلاةً وَصِيَامًا مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَشَدَّ فَرَقًا مِنْ رَبِّهِ مِنْ عُمَرَ، كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ قعد في مسجده، ثم يرفع يده، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى تَغْلِبَهُ عَيْنُهُ، ثُمَّ يَنْتَبِهُ، فَلا يَزَالُ يَدْعُو رَافِعًا يَدَيْهِ يَبْكِي حَتَّى تَغْلِبَهُ عَيْنُهُ. رَوَى مِثْلَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَزَادَ: يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ لَيْلَةِ أَجْمَعَ2. هِشَامُ بْنُ الْغَازِ، عَنْ مكحول قال: لو حلفت لصدق، مَا رَأَيْتُ أَزْهَدَ وَلا أَخْوَفَ لِلَّهِ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. أَبُو جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ: ثَنَا النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٌّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَانَ لا يَكَادُ يَبْكِي، إِنَّمَا هُوَ يَنْتَفِضُ أَبَدًا، كَأَنَّ عَلَيْهِ حزن الخلق.

_ 1 أخرجه ابن المبارك في الزهد "137". 2 أخرجه ابن المبارك في الزهد "884"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 260".

الفسوي: حدثني إبراهيم بن هشام بن يحيى، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: حَدِّثْنِي، فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثًا بَكَى مِنْهُ بُكَاءً شَدِيدًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ عَلِمْتُ لَحَدَّثْتُكَ حَدِيثًا أَلْيَنَ مِنْهُ. قَالَ: يَا مَيْمُونُ إِنَّا نَأْكُلُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ الْعَدَسَ، وَهِيَ مَا عَلِمْتَ، مرقةٌ لِلْقَلْبِ معزرةٌ لِلدَّمْعَةِ، مذلةٌ لِلْجَسَدِ. عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَجْمَعُ كُلَّ ليلةٍ الْفُقَهَاءَ، فَيَتَذَاكَرُونَ الْمَوْتَ وَالْقِيَامَةَ، ثُمَّ يَبْكُونَ، حَتَّى كَأَنَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ جَنَازَةً. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَغَيْرِهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ إِذَا ذُكِرَ الْمَوْتُ اضْطَرَبَتْ أَوْصَالُهُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنِي أَرْطَأَةُ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ جَعَلْتَ عَلَى طَعَامِكَ أَمِينًا لا تغتال، وحرسًا إذا صلي، وَتَنَحَّ عَنِ الطَّاعُونَ؛ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ إِنِّي أَخَافُ يَوْمًا دُونَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلا تُؤَمِّنْ خَوْفِي. رَوَى عَنِ ابْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: لَقِيَنِي يَهُودِيٌّ فَقَالَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَيَلِي، ثُمَّ لَقِيَنِي آخِرَ وِلايَةِ عُمَرَ، فَقَالَ: صَاحِبُكَ قَدْ سُقِيَ فَمُرْهُ فَلْيَتَدَارَكْ، فَأَعْلَمْتُ عُمَرَ، فقال: قاتله الله، وما أَعْلَمَهُ؟ لَقَدْ عَلِمْتُ السَّاعَةَ الَّتِي سُقِيتُ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ شِفَائِي أَنْ أَمْسَحَ شَحْمَةَ أُذُنِي وَأُوتَى بطيبٍ فَارْفَعْهُ إِلَى أَنْفِي مَا فَعَلْتُ. رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ ضَمْرَةَ عَنْهُ، وَلَكِنَّ بَعْضُهُمْ قَالَ: عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ، بَدَلَ الْوَلِيدِ. مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ مُشْكَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيَّ؟ قُلْتُ: يَقُولُونَ مَسْحُورٌ، قَالَ: مَا أَنَا بمسحورٍ، ثُمَّ دَعَا غُلامًا لَهُ فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تُسْقِينِي السُّمَّ؟ قَالَ: أَلْفُ دينارٍ أُعْطِيتُهَا، عَلَى أَنْ أُعْتَقَ، قَالَ: هَاتِهَا، فَجَاءَ بِهَا، فَأَلْقَاهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَالَ: اذْهَبْ حَيْثُ لا يَرَاكَ أَحَدٌ1. قُلْتُ: كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ قَدْ تَبَرَّمَتْ بِعُمَرَ، لِكَوْنِهِ شَدَّدَ عَلَيْهِمْ، وَانْتَزَعَ كَثِيرًا مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ مِمَّا قَدْ غَصَبُوهُ، وكان قد أهمل التحرز، فسقوه السم.

_ 1 خبر صحيح.

سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَبُوكَ عِنْدَ مَوْتِهِ؟ فَقَالَ: كَانَ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ أَنَا، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَعَاصِمٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَكُنَّا أُغَيْلِمَةً، فَجِئْنَا كَالْمُسَلِّمِينَ، عَلَيْهِ وَالْمُوَدِّعِينَ لَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تَرَكْتَ وَلَدَكَ لَيْسَ لَهُمْ مالٌ، وَلَمْ تُؤْوِهِمْ إِلَى أَحَدٍ! فَقَالَ: مَا كُنْتُ لَأُعْطِيَهُمْ مَا لَيْسَ لَهُمْ، وَمَا كُنْتُ لِآخُذَ مِنْهُمْ حَقًّا هُوَ لَهُمْ، وَإِنَّ وَلِيِّي فِيهِمُ اللَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ، وَإِنَّمَا هُمْ أَحَدُ رَجُلَيْنِ، رجلٌ صَالِحٌ أَوْ فَاسِقٌ1، وَقِيلَ إِنَّ الَّذِي كَلَّمَهُ فِيهِ خَالُهُمْ مُسْلِمَةُ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَتَيْتَ الْمَدِينَةَ، فَإِنْ مُتَّ دُفِنْتَ فِي مَوْضِعِ الْقَبْرِ الرَّابِعِ، مَوْضِعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لِأَنْ يُعَذِّبَنِي اللَّهُ بِكُلِّ عَذَابٍ إِلا النَّارَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنِّي أَنِّي أَرَانِي لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَهْلا2. رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ مِثْلَهُ. جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ حُكَيْمٍ: قَالَتْ لِي فَاطِمَةُ بِنْتُ عد الْمَلِكِ: كُنْتُ أَسْمَعُ عُمَرَ فِي مَرَضِهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَخْفِ عَلَيْهِمْ أَمْرِي وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَقُلْتُ لَهُ يَوْمًا: أَلا أَخْرُجُ عَنْكَ، فَإِنَّكَ لَمْ تَنَمْ، فَخَرَجْتُ عَنْهُ، فَجَعَلْتُ أَسْمَعُهُ يَقُولُ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83] . مِرَارًا، ثُمَّ أَطْرَقَ فَلَبِثَ طَوِيلا لا يُسْمَعُ لَهُ حسٌ، فَقُلْتُ لِوَصِيفٍ: وَيْحَكَ انْظُرْ، فَلَمَّا دَخَلَ صَاحَ، فَدَخَلْتُ فَوَجَدْتُهُ مَيِّتًا، قَدْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى الْقِبْلَةِ، وَوَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى فِيهِ. وَالأُخْرَى عَلَى عَيْنَيْهِ. هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ الرَّقِّيُّ: ثَنَا أَبِي، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الرَّقِّيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: اخْرُجُوا عَنِّي، فَقَعَدَ مُسْلِمَةُ، وَفَاطِمَةُ عَلَى الْبَابِ فَسَمِعُوهُ يَقُولُ: مَرْحَبًا بِهَذِهِ الْوُجُوهِ، لَيْسَتْ بِوُجُوهِ إنسٍ وَلا جانٍ، ثُمَّ قَالَ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ} [القصص: 83] الآيَةَ، ثُمَّ هَدَأَ الصَّوْتُ، فَقَالَ مُسْلِمَةُ لِفَاطِمَةَ: قَدْ قُبِضَ صَاحِبُكِ، فدخلوا فوجدوه قد قبض3.

_ 1 خبر حسن: أخرجه الفسوي "1/ 620"، وابن الجوزي في مناقب عمر "319". 2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 404"، والفسوي في تاريخه "1/ 608"، وابن الجوزي في مناقب عمر "323". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 407"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 335" بسند صحيح.

رَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ خَالِدٍ الرَّبَعِيِّ قال: إنا نجد في التوارة أن السماوات والأرض تبكي على عمر بن عد العزيز أربعين صَبَاحًا. جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَاتَ خَيْرُ النَّاسِ1. سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الأَقْطَعِ: ثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الْخَصِيُّ غُلامُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِدِينَارَيْنِ إِلَى أَهْلِ الدَّيْرِ، فَقَالَ: إِنْ بِعْتُمُونِي مَوْضِعَ قَبْرِي، وَإِلا تَحَوَّلْتُ عَنْكُمْ2. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّ صَالِحَ بْنَ عَلِيٍّ لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ سَأَلَ عَنْ قَبْرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُخْبِرُهُ، حَتَّى دُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَقَالَ: قَبْرُ الصِّدِّيقِ تُرِيدُونَ، هُوَ فِي تِلْكَ الْمَزْرَعَةِ. مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ وَغَيْرُهُ: أَنَا عَبَّادُ بْنُ عَمْرٍو الْوَاشِجِيُّ: ثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ -لَقِيتُهُ مِنْ نَحْوِ خَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ فَاضِلا خَيِّرًا- عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ نُسَوِّي التُّرَابَ عَلَى قَبْرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، إِذْ سَقَطَ عَلَيْنَا كتابٌ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أمانٌ مِنَ اللَّهِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ النَّارِ. الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ القحذفي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُمَرَ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ، بِدَيْرِ سَمْعَانَ، مِنْ أَعْمَالِ حِمْصٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ ابْنُ تسعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ: تُوُفِّيَ بِدَيْرِ سَمْعَانَ، لِعَشْر بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ، وَآخَرُونَ قَالُوا: فِي رَجَبٍ، وَلَمْ يُؤَرِّخُوا الْيَوْمَ. وَمَنَاقِبُهُ طويلةٌ اكْتَفَيْنَا بِهَذَا. 197- عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ3 -خ م- مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ. عَنْ: ابْنِ عُمَرَ، وَسَفِينَةَ، وَابْنِ سَفِينَةَ، وَنَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَأَخُوهُ سَعْدِ بن سعيد، وابن عون.

_ 1 خبر حسن. 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 404-405". 3 التاريخ الكبير "6/ 188"، الجرح والتعديل "6/ 130"، تهذيب الكمال "2/ 1022"، تهذيب التهذيب "7/ 493".

قال النسائي: ثقة. 198- عمر بن هبيرة1 بن مُعَيَّةَ بْنِ سُكَيْنٍ، أَبُو الْمُثَنَّى الْفَزَارِيُّ أَمِيرُ الْعِرَاقَيْنِ، وَلِّيهُمَا لِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ هِشَامٌ عَزَلَهُ، قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: في سنة سبعٍ وتسعين غزا مسلمة القسطنطينة، وَكَانَ عَلَى أَهْلِ الْبَحْرِ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَجُمِعَتْ إِمْرَةُ الْعِرَاقِ فِي أول سنة ثلاث مائة لابْنِ هُبَيْرَةَ، فرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ هُبَيْرَةَ جَمَعَ فُقَهَاءَ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَكْتُبُ إِلَيَّ فِي أُمُورٍ أَعْمَلُ بِهَا؟ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَنْتَ مأمورٌ، وَالتَّبِعَةُ عَلَى مَنْ أَمَرَكَ، فَأَقْبَلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قَدْ قَالَ هَذَا، قَالَ: فَقُلْ أَنْتَ، قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، فَكَأَنَّكَ بِمَلَكِ الْمَوْتِ قَدْ أَتَاكَ فَاسْتَنْزَلَكَ عَنْ سَرِيرِكَ هَذَا، وَأَخْرَجَكَ مِنْ سَعَةِ قَصْرِكَ إِلَى ضِيقِ قَبْرِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ يُنَجِّيكَ مِنْ يَزِيدَ، وَلا ينجيك زيد مِنَ اللَّهِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تعرض لِلَّهِ بِالْمَعَاصِي، فَإِنَّهُ لا طَاعَةَ لمخلوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، قَالَ: فَخَرَجَ عَطَاؤُهُمْ وَفَضَلَ الْحَسَنُ2. قال ابن عون: أرسل عمر بن هبيرة إلى ابن سيرين، فأتاه فقال: كيف تركت أهل مصر؟ قَالَ: تَرَكْتُهُمْ وَالظُّلْمُ فِيهِمْ فَاشٍ، فَغَضِبَ، وَأَبُو الزِّنَادِ حاضرٌ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، إِنَّهُ شيخٌ، إِنَّهُ شَيْخٌ. وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: لَمَّا استُخْلِفَ هِشَامٌ بَعَثَ عَلَى الْعِرَاقِ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ، فَدَخَلَ وَاسِطَ، وَقَدْ تَهَيَّأَ ابْنُ هُبَيْرَةَ لِلْجُمُعَةِ، وَالْمِرْآةُ فِي يَدِهِ يُسَوِّي عِمَّتَهُ، إِذْ قِيلَ: هَذَا خالدٌ قَدْ دَخَلَ، فَقَالَ: هَكَذَا تَقُومُ السَّاعَةُ بَغْتَةً، فَأَخَذَهُ خَالِدٌ فَقَيَّدَهُ وَأَلْبَسَهُ عَبَاءَةً، فَقَالَ: بِئْسَ مَا سَنَنْتَ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ، أَمَا تَخَافُ أَنْ تُؤْخَذَ بِمِثْلِ هَذَا! قَالَ: فَاكْتَرَى مَوَالِي ابْنِ هُبَيْرَةَ دَارًا نَقَّبُوا مِنْهَا سَرَبًا إِلَى السِّجْنِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْحَوَادِثِ، وَقَدْ تَوَلَّى الْعِرَاقَيْنِ أَيْضًا وَلَدُهُ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ. 199- عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ3 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. كَانَ لَعَّابًا مُتَنَعِّمًا، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ فَحْلُ بَنِي مَرْوَانَ؛ لِأَنَّهُ كان يركب معه ستون ابنًا لصلبه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "4/ 562"، تاريخ دمشق "36/ 195-198". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 149-150". 3 تاريخ خليفة "302-311، 312"، المعرفة والتاريخ "1/ 575".

200- عَمْرُو بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبَدَةَ الْمَصْرِيُّ1 -ق- مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ فَقَطْ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ مائة. 201- عَمْرُو بْنُ هَرِمٍ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيّ2 -م ت ن ق- عَنْ: أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: حَبِيبُ بن أبي حبيب الحرمي، وَسَالِمٌ الْمُرَادِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ. 202- عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3 ابْنِ الأَمِيرِ شُرَحْبِيل بْن حَسَنة الكِندي الْمَصْريّ القاضي، أَبُو شُرَحبِيلٍ. رَوَى عَنْ أَبِي خراش، صحابي. وعنه: عياش بن عباس القتابي، وَمُوسَى بْنُ أَيُّوبَ الْغَافِقِيُّ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ قَاضِي مِصْرَ وَصَاحِبَ شُرَطِهَا فِي سَنَةِ تسع وثمانين وقبلهما، ثُمَّ وُلِّيَ مِصْرَ سَنَةَ ثلاثٍ وَمِائَةٍ. عِمْرَانُ بْنُ مِلْحَانَ -ع- هُوَ أَبُو رَجَاءٍ. سَيَأْتِي. 203- عمير مولى أم الفضل4 -خ م د ن- وَقِيلَ مَوْلَى ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. عن: ابن عباس، وأسامة بن زيد، وأبو جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةَ، وَأُمِّ الْفَضْلِ بنة الْحَارِثِ. وَعَنْهُ سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَالأَعْرَجُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيُّ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَمَاتَ سَنَةَ أربعٍ ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 378"، الجرح والتعديل "6/ 266"، تهذيب الكمال "2/ 1054"، ميزان الاعتدال "3/ 292"، تهذيب التهذيب "8/ 116-117". 2 التاريخ الكبير "3/ 380"، الجرح والتعديل "6/ 267"، وميزان الاعتدال "3/ 291"، تهذيب الكمال "2/ 1053"، تهذيب التهذيب "8/ 113". 3 التاريخ الكبير "6/ 420"، الجرح والتعديل "6/ 301". 4 التاريخ الكبير "6/ 532"، الجرح والتعديل "6/ 380"، تهذيب الكمال "2/ 1062".

204- عَنْبَسَةُ بْنُ سُحَيْمٍ الْكَلْبِيُّ الأَمِيرُ1، مُتَوَلِّي بِلادِ الأندلس من قبل بني أمية. قال ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. 205- عِيَاضُ بن عبد الله2 -ع- بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيُّ الْحِجَازِيُّ، ولد أمير الْمِصْرِيَّةِ لِعُثْمَانَ، نَشَأَ بِمِصْرَ، الْقُرَشِيُّ الْمَكِّيُّ. حَدَّثَ بِمِصْرَ وَالْحِجَازِ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وعنه: بكير بن الأشج، وزيد بن أسلم، وسعيد المقبري -وهو من أقرانه- وابن عجلان، وإسماعيل بن أمية، وداود بن قيس، وعبيد الله بن عمر، وآخرون. ثقةٌ حجة. 206- عيسى بن عاصم الكوفي3 -د ن ق- عَنِ: الْقَاضِي شُرَيْحٍ، وَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وَعَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ. وَعَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بْنُ صالح، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَغَيْرُهُمْ وَكَانَ صَدُوقًا نَزَلَ أَرْمِينِيَّةَ. "حرف الْفَاءِ": 207- الْفَرَزْدَقُ4 مُقدَّمُ شُعَرَاءِ الْعَصْرِ: أَبُو فِرَاسٍ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ نَاجِيَةَ بْنِ عِقَالٍ التَّمِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: عَليّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -وَكَأَنَّهُ مُرْسَلٌ- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحُسَيْنِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَالطِّرِمَّاحِ الشَّاعِرِ. وَعَنْهُ الكميت الشاعر، ومروان الأصغر، وخالد الحذاء، وأشعث بن عبد الملك، والصعق بن ثاب، وَآخَرُونَ، وَابْنُ لَبَطَةَ بْنِ الْفَرَزْدَقِ، وَحَفِيدُهُ أَعْيَنُ بن لبطة. ووفد

_ 1 الكامل في التاريخ "5/ 136-490". 2 الطبقات الكبرى "5/ 242"، التاريخ الكبير "8/ 21"، الجرح والتعديل "6/ 408"، تهذيب الكمال "2/ 1076"، الثقات لابن حبان "5/ 264"، سير أعلام النبلاء "4/ 516"، تهذيب التهذيب "8/ 200-201". 3 التاريخ الكبير "6/ 395"، الجرح والتعديل "6/ 283"، تهذيب الكمال "2/ 1080"، تهذيب التهذيب "216-217". 4 سير أعلام النبلاء "4/ 590"، الأغاني "9/ 324"، الشعر والشعراء "1/ 381-392"، البداية والنهاية "9/ 265-266".

عَلَى الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ، وَمَدَحَهُمَا، وَلَمْ أَرَ لَهُ وِفَادَةً عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَلَمْ يَصِحَّ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: كَانَ غَلِيظَ الْوَجْهِ جَهْمًا، لُقِّبَ الفرزدق، وهو الرغيف الضخم، شبه وجهه ذلك. قَالَ مُسَدَّدٌ: ثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعَ الْجَارُودُ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي رِيَاحٍ، يُقَالُ لَهُ ابْنُ وَثِيلٍ الْفَرَزْدَقُ بماءٍ يظهر الْكُوفَةِ، عَلَى أَنْ يَعْقِرَ هَذَا مِائَةً مِنَ الإِبِلِ، وَهَذَا مِائَةً مِنَ الإِبِلِ إِذَا وَرَدْتُ الْمَاءَ، فَلَمَّا وَرَدَتْ قَامَا إِلَيْهَا بِالسُّيُوف يَكْسَعَانِ عَرَاقِيبَهَا، فَخَرَجَ النَّاسُ عَلَى الْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ يُرِيدُونَ اللحم، وعلي -رضي الله عنهم- بِالْكُوفَةِ، فَخَرَجَ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُنَادِي: لا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِهَا فَإِنَّهُ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ. قَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أحدٌ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ بِالْبَادِيَةِ أَحْسَنَ دِينًا مِنْ صَعْصَعَةَ جَدِّ الْفَرَزْدَقِ، وَلَمْ يُهَاجِرْ، وَهُوَ الَّذِي أَحْيَا الْوَئِيدَةَ، وَبِهِ يَفْتَخِرُ الْفَرَزْدَقُ حَيْثُ يَقُولُ: وجدي الذي منع الوائدا ... ت فأحيا الوئيد فلم يوءد فقيل: إنه أحيا ألف موءدةٍ، وَحُمِلَ عَلَى أَلْفِ فَرَسٍ. وَقَدْ رَوَى الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدِيثَ وِفَادَةِ صَعْصَعَةَ بْنِ نَاجِيَةَ الْمُجَاشِعِيِّ، وَأَنَّهُ جَدُّ الْفَرَزْدَقِ. رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْفَرَزْدَقِ، فَتَحَرَّكَ، فَإِذَا فِي رِجْلَيْهِ قَيْدٌ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا أَبَا فِرَاسٍ؟ قَالَ: حَلَفْتُ أَنْ لا أُخْرِجُهُ مِنْ رِجْلِي حَتَّى أَحْفَظَ الْقُرْآنَ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: لَمْ أَرَ بَدَوِيًّا أَقَامَ بِالْحَضَرِ إِلا فَسَدَ لِسَانُهُ غَيْرُ رُؤْبَةَ وَالْفَرَزْدَقِ. وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: كَانَ الْفَرَزْدَقُ أَشْعَرَ النَّاسِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ النَّحْوِيُّ: مَا شَهِدْتُ مَشْهَدًا قَطُّ، وَذُكِرَ فِيهِ جَرِيرٌ وَالْفَرَزْدَقُ فَأَجْمَعَ ذَلِكَ الْمَجْلِسُ وَأَهْلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَكَانَ يُونُسُ يُقَدِّمُ الْفَرَزْدَقَ بِغَيْرِ إِفْرَاطٍ. وَقَالَ ابْنُ دَابٍ: الْفَرَزْدَقُ أَشْعَرُ عَامَّةً، وَجَرِيرُ أَشْعَرُ خَاصَّةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: أَتَى الْفَرَزْدَقُ الْحَسَنَ فَقَالَ: إِنِّي هَجَوْتُ إِبْلِيسَ، فاسمع. قال: لا حاجة لنا بما تَقُولُ، قَالَ: لَتَسْمَعَنَّ أَوْ لأَخْرُجَنَّ فَلأَقُولَنَّ لِلنَّاسِ: إن

الْحَسَنَ يَنْهَى عَنْ هِجَاءِ إِبْلِيسَ، قَالَ: اسْكُتْ فَإِنَّكَ عَنْ لِسَانِهِ تَنْطِقُ. وَقِيلَ لابْنِ هُبَيْرَةَ: مَن سَيِّدُ أَهْلِ الْعِرَاقِ؟ قَالَ الْفَرَزْدَقُ هَجَانِي مَلِكًا، وَمَدَحَنِي سُوقَةً. رَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو قَالَ: دَخَلَ الْفَرَزْدَقُ عَلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ فَقَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْيَمَنِ إِلا أَبُو مُوسَى حَجَمَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَمَ بِلالُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: ترى أنه ذهب على هذا، أو ليس كثيرٌ لِأَبِي مُوسَى أَنْ يَحْجِمَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا فَعَلَ هَذَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلا بَعْدَهُ، قَالَ الْفَرَزْدَقُ: أَبُو مُوسَى كَانَ أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ يُجَرِّبَ الْحِجَامَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ الْفَرَزْدَقُ زِيرَ نساءٍ وَصَاحِبَ زِيٍّ عَلَى مَا ذَكَرَ الْجَاحِظُ، وَقَالَ: وَكَانَ لا يُحْسِنُ بَيْتًا وَاحِدًا فِي صِفَاتِهِنَّ وَاسْتِمَالَةِ أَهْوَائِهِنَّ، وَلا فِي صِفَّةِ عشقٍ وَتَبَارِيحِ حُبٍّ، وَجَرِيرٌ ضِدَّهُ فِي إِرَادَتِهِنَّ، وَخِلافَهُ فِي وَصْفِهِنَّ، أَحْسَنُ خَلْقِ اللَّهِ تَشْبِيبًا، وَأَجْوَدُهُمْ نَسِيبًا، وَهَذَا ظاهرٌ مَعْرُوفٌ. الأَصْمَعِيُّ: ثَنَا أَبُو مَوْدُودٍ، ثَنَا شَفْقَلُ رِوَايَةَ الْفَرَزْدَقِ قَالَ: طَلَّقَ الْفَرَزْدَقُ امْرَأَتَهُ النَّوَّارَ ثَلاثًا، وَقَالَ لِي: يَا شَفْقَلُ، امْضِ بِنَا إِلَى الْحَسَنِ حَتَّى نُشْهِدَهُ عَلَى طَلاقِ نَوَّارٍ، قُلْتُ: أَخْشَى أَنْ يَبْدُو لَكَ فِيهَا، فَيَشْهَدُ عَلَيْكَ الْحَسَنُ فَتُجْلَدُ وَيُفَرِّقُ بَيْنَكُمَا، فَقَالَ: لا بدَ مِنْهُ، فَمَضَيْنَا إِلَى الْحَسَنِ فِي حَلَقَتِهِ، فَقَالَ لَهُ الْفَرَزْدَقُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، عَلِمْتَ أَنِّي قَدْ طَلَّقْتُ النَّوَّارَ ثَلاثًا، فَقَالَ: قَدْ شَهِدْنَا عَلَيْكَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ فَأَعَادَهَا، فَشَهِدَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَأَنْشَأَ الْفَرَزْدَقُ يَقُولُ: نَدِمْتُ نَدَامَةَ الْكُسَعِيِّ لَمَّا ... مَضَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَّارُ وَكَانَتْ جَنَّتِي فَخَرَجْتُ مِنْهَا ... كَآدَمَ حِينَ أَخْرَجَهُ الضِّرَارُ فَلَوْ أَنِّي مَلَكْتُ يَدِي وَقَلْبِي ... لكان علي للقدر الخيار روى الأصمعي وغيره أن النوار مات، فَخَرَجَ الْحَسَنُ فِي جَنَازَتِهَا، فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ: يَا أبا سعيد، يَقُولُ النَّاسُ حَضَرَ هَذِهِ الْجَنَازَةَ خَيْرُ النَّاسِ وَشَرُّ النَّاسِ، فَقَالَ الْحَسَنُ: لَسْتُ بِخَيْرِ النَّاسِ ولست بشرهم، ما أعدت لِهَذَا الْيَوْمِ يَا أَبَا فِرَاسٍ؟ قَالَ: شَهَادَةُ أن لا الله إِلا اللَّهُ مُنْذُ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَفِي رِوَايَةٍ: مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً، قَالَ الْحَسَنُ: نَعَمِ الْعُدَّةُ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْفَرَزْدَقُ يَقُولُ:

أَخَافُ وَرَاءَ الْقَبْرِ إِنْ لَمْ يُعَافِنِي ... أَشَدَّ مِنَ الْقَبْرِ الْتِهَابًا وَأَضْيَقَا إِذَا جَاءَنِي يَوْمُ الْقِيَامَةِ قائدٌ ... عنيفٌ وسواقٌ يَسُوقُ الْفَرَزْدَقَا لَقَدْ خَابَ مِنْ أَوْلادِ آدَمَ مَنْ مَشَى ... إِلَى النَّارِ مَشْدُودَ الْقِلادَةِ أَزْرَقَا وَفِي رِوَايَةٍ: يُسَاقُ إِلَى نَارٍ الْجَحِيمِ مُسَرْبَلا ... سَرَابِيلَ قطرانٍ لِبَاسًا مُحْرِقَا إِذَا شَرِبُوا فِيهَا الْحَمِيمَ رَأَيْتَهُمْ ... يَذُوبُونَ مِنْ حَرِّ الصَّدِيدِ تُمَزَّقَا قَالَ: فَأَبْكَى النَّاسَ. وللفرزدق مما رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّ الْمَهَالِبَةَ الْكِرَامَ تَحَمَّلُوا ... دَفْعَ الْمَكَارِهِ عَنْ ذَوِي الْمَكْرُوهِ زَانُوا قَدِيمَهُمْ بِحُسْنِ حَدِيثِهِمْ ... وَكَرِيمَ أخلاقٍ بِحُسْنِ وُجُوهِ أَبُو الْعَيْنَاءِ: ثَنَا أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ، عن أبي عمرو بن العلاء قال: حضرت الفرزدق وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ ثِقَةً بالله منه، قَالَ: وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ عشرٍ وَمِائَةٍ، فَلَمْ أَنْشُبْ أَنْ قَدِمَ جَرِيرٌ مِنَ الْيَمَامَةِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَمَا أَنْشَدَهُمْ وَلا وَجَدُوهُ كَمَا عَهِدُوهُ، فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَطْفَأَ وَاللَّهِ الْفَرَزْدَقُ جَمْرَتِي، وَأَسَالَ عَبْرَتِي، وَقَرَّبَ مَنِيَّتِي، ثُمَّ رَدَّ إِلَى الْيَمَامَةِ، فَنُعِيَ لَنَا فِي رَمَضَانَ مِنَ السَّنَةِ. قُلْتُ: وَكِتَابُ مُنَاقَضَاتِ جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ مشهورٌ، وَفِيهِ كثيرٌ مِنْ شِعْرِهِمَا. 208- فُضَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيُّ1 -م ت ن ق- أَحَدُ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَمَاتَ شَابًا قَبْلَ أَنْ يَتَكَهَّلَ. رَوَى عَنْهُ أَخُوهُ الْحَسَنُ، وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَالْعَلاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو إِسْرَائِيلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيفَةَ الْمُلائِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ حُجَّةٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 334"، التاريخ الكبير "7/ 120"، الجرح والتعديل "7/ 73"، تهذيب الكمال "2/ 1102-1103"، الثقات لابن حبان "7/ 314"، تهذيب التهذيب "8/ 293".

209- فُضَيْلُ بْنُ فَضَالَةَ الْهَوْزَنِيُّ الشَّامِيُّ1 -ن- أَرْسَلَ عن: النبي -صلى الله عليه وسلم، وروى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَكَانَ ثِقَةً. "حرف الْقَافِ": 210- الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر الصِّدّيق2 -ع- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْن عَامِرِ بْن عمرو بْن كعب بن سعد بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَحَدُ الْأَعْلَامِ. وُلِدَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ، وَكَانَ خَيْرًا مِنْ أَبِيهِ بِكَثِيرٍ، نَشَأَ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ فِي حِجْرِ عَمَّتِهِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رَضِيَ الله عنهما، فَسَمِعَ مِنْهَا، وَمِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَصَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَطَائِفَةٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَأَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَآخَرُونَ، وَحَدِيثُهُ أَعْلَى شيءٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، فَإِنَّهُ رَوَى فِي صَحِيحِهِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ أَفْلَحَ عَنْهُ أَحَادِيثَ، وَكَانَ فَقِيهًا إِمَامًا مُجْتَهِدًا وَرِعًا عَابِدًا ثِقَةً حُجَّةً، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: مَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا بِالْمَدِينَةِ نُفَضِّلُهُ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ3. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَفْضَلَ مِنَ الْقَاسِمِ، لَقَدْ تَرَكَ مِائَةَ ألفٍ هِيَ لَهُ حَلالٌ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ قَلَنْسُوَةَ خزٍ، رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ وهيب، سمع أيوب يقول ذلك.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 120"، الجرح والتعديل "7/ 74"، تهذيب الكمال "2/ 1105"، تهذيب التهذيب "8/ 298". 2 الطبقات الكبرى "5/ 187-194"، التاريخ الكبير "7/ 157"، الجرح والتعديل "7/ 118"، تهذيب الكمال "2/ 115"، حلية الأولياء "2/ 183-187"، سير أعلام النبلاء "5/ 53-60"، تهذيب التهذيب "8/ 333-335". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 184".

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ ثلاثة: القاسم، وعروة، وعمرة، وقال علي بن الْمَدِينِيُّ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ -أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ- وَكَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ -فَذَكَرَ حَدِيثًا. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا أَعْلَمَ مِنَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ1. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أبيه قال: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِالسُّنَةِ مِنَ الْقَاسِمِ بن محمد2. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ تَرْجَمَةً مُشَبَّكَةً بِالذَّهَبِ. ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قال: سبعةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ نُظَرَاءُ، إِذَا اخْتَلَفُوا أُخِذَ بِقَوْلِ أَحَدِهِمْ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَالْقَاسِمُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: صَارَت الْفَتْوَى إِلَى أَبِي سَلَمَةَ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ عَشَرَةٌ، فَذَكَرَ مِنْهُمُ الْقَاسِمَ. يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ: ثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: جَاءَ أعرابيٌ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ أَمْ سَالِمٌ؟ قَالَ: ذَاكَ مَنْزِلُ سَالِمٍ، لَمْ يَزِدْهُ عَلَى ذَا. ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحَدَّ ذِهْنًا مِنَ الْقَاسِمِ، إِنْ كَانَ لَيَضْحَكُ مِنْ أَصْحَابِ الشُّبَهِ كَمَا يَضْحَكُ الْفَتَى. خَالِدُ بْنُ خِرَاشٍ: ثَنَا مَالِكٌ قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ رَجُلا عَاقِلا، وَكَانَ ابْنُهُ يُحَدِّثُ عَنْهُ أَنَّ الذُّنُوبَ لاحقةٌ بِأَهْلِهَا. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَسْأَلُ الْقَاسِمَ فَيَقُولُ: لا أَدْرِي، لا أَعْلَمُ. فَلَمَّا أَكْثَرَ قَالَ: وَاللَّهِ لا نَعْلَمُ كُلَّ مَا تَسْأَلُونَا عَنْهُ3. حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: لِأَنْ يَعِيشُ الرَّجُلُ جَاهِلا بَعْدَ أَنْ يَعْلَمَ حَقَّ اللَّهِ خيرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَقُولَ مَا لا يَعْلَمُ4. قَالَ مَالِكٌ: مَا حَدَّثَ الْقَاسِمُ مِائَةَ حديثٍ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قال: لو كان لي في

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 184". 2 صفة الصفوة "2/ 89". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 184". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 184".

الأَمْرِ شَيْءٌ لَوَلَّيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْخِلافَةِ. قُلْتُ: إِنَّمَا بَايَعُوا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالْخِلافَةِ مَشْرُوطًا بِأَنَّ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ لِيَزِيدَ، فَلِهَذَا قَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِنَ الأَمْرِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَوْ كَانَ إِلَيَّ أَنْ أَعْهَدَ مَا عَدَوْتُ أَحَدَ رَجُلَيْنِ: صَاحِبُ الأَحْوَصِ، يَعْنِي إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَّيَةَ، وَكَانَ خِيَارًا، أَوْ أعيمش بني تميم، يَعْنِي الْقَاسِمَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: فَبَلَغَتِ الْقَاسِمَ فَقَالَ: إِنَّ الْقَاسِمَ لَيَضْعُفُ عَنْ أَهْلِيهِ فَكَيْفَ بِأَمْرِ الأُمَّةِ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ الْقَاسِمُ مِمَّنْ يَأْتِي بِالْحَدِيثِ بِحُرُوفِهِ، ابْنُ وَهْبٍ: ثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ لا يَكَادُ يردٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَعِيبُ عَلَيْهِ، فَتَكَلَّمَ رَبِيعَةُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ، فَلَمَّا قَامَ الْقَاسِمُ وَهُوَ متكئ عَلَيَّ قَالَ لِي: لا أَبًا لِغَيْرِكَ، أَتَرَى النَّاسَ كَانُوا غَافِلِينَ عَمَّا يَقُولُ صَاحِبُنَا؟ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ قَالَ: أَرْسَلَنِي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ التَّيْمِيُّ إِلَى الْقَاسِمِ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ لا يُفَسِّرُ، يَعْنِي الْقُرْآنَ. وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: مَا كَانَ الْقَاسِمُ يُجِيبُ إِلا فِي الشَّيْءِ الظَّاهِرِ، وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: إِنَّ الْقَاسِمَ قَالَ فِي شَيْءٍ: أَرَى وَلا أَقُولُ إِنَّهُ الْحَقُّ1. وَقَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ، وَسَالِمًا يَلْعَنَانِ الْقَدَرِيَّةُ. قَالَ زَيْدُ بْنُ يَحْيَى الدِّمَشْقِيُّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ، قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ يُمْلِي عَلَيَّ أَحَادِيثَ، فَقَالَ: إِنَّ الأَحَادِيثَ كَثُرَتْ عَلَى عَهْدِ عمر -رضي الله عنهم، فَأَنْشَدَ النَّاسَ أَنْ يَأْتُوهُ بِهَا، فَلَمَّا أَتَوْهُ بِهَا أَمَرَ بِتَحْرِيقِهَا، ثُمَّ قَالَ: مَثْنَاةَ2 كَمَثْنَاةِ أَهْلِ الْكِتَابِ! قَالَ: فَمَنَعَنِي الْقَاسِمُ يومئذٍ أَنْ أَكْتُبَ حَدِيثًا3. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ مَجْلِسُ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ فِي الْمَسْجِدِ وَاحِدًا، ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 187". 2 المثناة: كتاب وضعه أحبار بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام. 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 188".

بَعْدَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ بَعْدَهُمَا مَالِكٌ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ1. أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ القاسم قال: اختلاف الصحبة رحمة. ومحمد بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ، ابْنُ أَبِي الْمَوَّالِ قَالَ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ يَأْتِي الْمَسْجِدَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَجْلِسُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَسْأَلُونَهُ. سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ قَدْ ضَعُفَ جِدًّا، فَكَانَ يَرْكَبُ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى يَأْتِيَ مَسْجِدَ مِنًى، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ، فَيَمْشِي مِنْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ إِلَى الْجِمَارِ وَيَرْمِيهَا2. قَالَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: رَأَيْتُ عَلَى الْقَاسِمِ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ حَلَقَةً فِيهَا اسْمُهُ، فِي خِنْصَرِه الْيُسْرَى. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ هِلالٍ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ لا يُحْفِي شَارِبَهُ جِدًّا. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ قال: رأيت على القاسم جبة خزٍ، وكساء خز، وعمامة خز، وقد أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ: كَانَ الْقَاسِمُ يَلْبِسُ جُبَّةَ خَزٍّ، وَقَالَ الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ صَفْرَاءُ، وَرِدَاءُ مُقَبَّبٌ3. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْعَلاءِ قَالَ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَرَأَيْتُ عَلَى رَحْلِهِ قَطِيفَةً مِنْ خزٍ، غَبْرَاءَ، وَعَلَيْهِ رداءٌ مُعَصْفَرٌ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَيْدٍ: دَخَلْتُ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ فِي قَبَّوَةٍ معصفرةٍ، وَتَحْتَهُ فِرَاشٌ مُعَصْفَرٌ، وَقَالَ مَعْنٌ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الْقَاسِمِ، عِمَامَةً بَيْضَاءَ، قَدْ سَدَلَ خَلْفَهُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ شِبْرٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ الْقَاسِمُ يَخْضِبُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ، وَقَالَ آخَرُ: لَمْ أَرَهُ يَخْضِبُ. وَقَالَ فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ: رَأَيْتُ الْقَاسِمَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: مَاتَ الْقَاسِمُ بِقُدَيْدٍ، فَقَالَ: كَفِّنُونِي فِي ثِيَابِي الَّتِي كُنْتُ أُصَلِّي فِيهَا، قَمِيصِي وَإِزَارِي وَرِدَائِي، هَكَذَا كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ، وَالْحَيُّ

_ 1 خبر ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 188"، وفيه الواقدي وهو من المتروكين. 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 190". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 191".

أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ1. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: أَوْصَى الْقَاسِمُ أَنْ لا يُبْنَى عَلَى قَبْرِهِ، وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ: مَاتَ بِقُدَيْدٍ وَدُفِنَ بِالْمُشَلَّلِ، وَبَيْنَهُمَا ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ، وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ بَصَرهُ2. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ، أَوْ أَوَّلِ سَنَةِ سبعٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الهيثم، وابن بكير: سنة سبع. قال ابْنُ الْمَدِينِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ: سَنَةَ ثمانٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشَرَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ قولٌ شاذٌ. 211- الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ الشَّامِيُّ3 عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ. وَعَنْهُ: قَيْسُ بْنُ الأَحْنَفِ، وَعُثْمَانُ بْنُ الأَحْنَفِ، وَعُثْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ. وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي رَوَى عَنْ مُعَاوِيَةَ هو القاسم أبو عبد الرحمن. القاسم بن مخيمرة في الطبقة الآتية. 212- الْقُطَامِيُّ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ4 عَمْرُو بْنُ شُيَيْمٍ، وَيُقَالُ شُيَيْمُ بْنُ عَمْرٍو التَّغْلِبِيُّ، كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَمَدَحَ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَغَيْرَهُ، وَهُوَ صَاحِبُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ السَّائِرَةِ الَّتِي أَوَّلِهَا: إِنَّا مُحَيُّوكَ فَاسْلَمْ أَيُّهَا الطُّلَلُ ... وَإِنْ بَلِيتَ وَإِنْ طَالَتْ بِكَ الطِّيَلُ وَمَا هَدَانِي لتسليمٍ عَلَى دمنٍ ... بِالْعُمْرِ غَيْرُهُنَّ الأَعْصَرُ الأَوَّلُ وَالنَّاسُ مَنْ يَلْقَ خَيْرًا قَائِلُونَ لَهُ ... مَا يَشْتَهِي وَلأُمِّ الْمُخْطِئِ الْهَبَلُ قَدْ يُدْرِكُ الْمُتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ ... وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ وَرُبَّمَا فَاتَ قَوْمًا بَعْضَ أَمْرِهِمْ ... مِنَ التَّأَنِّي وَكَانَ الْحَزْمُ لَوْ عَجَلُوا وَالْعَيْشُ لا عَيْشَ إِلا مَا تَقَرُّ بِهِ ... عينٌ وَلا حَالَ إِلا سَوْفَ تنتقل

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 193". 2 خبر ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 194" وفيه الواقدي وهو متروك. 3 التاريخ الكبير "7/ 157، 158"، الجرح والتعديل "7/ 118". 4 الشعر والشعراء "2/ 609-612"، الكامل في الأدب "1/ 37"، الأغاني "24/ 16-50"، طبقات الشعراء لابن سلام "452-457".

أَمَّا قريشٌ فَلَنْ تَلْقَاهُمُ أَبَدًا ... إِلا وَهُمْ خَيْرُ مَنْ يَحْفَى وَيَنْتَعِلُ قومٌ هُمْ أُمَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ ... رَهْطُ الرَّسُولِ فَمَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلُ 213- الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ الْمَدَنِيُّ1 -م4- عَنْ: عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سُمَيٌّ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَابْنُ عَجْلانَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ. 214- قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ2 -د- عَنْ عبادة بن الصام، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ ابن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ. 215- قَيْسُ بْنُ عَبَايَةَ3 -4- أَبُو نَعَامَةَ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَسَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَعُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ بِالْكُنْيَةِ أَشْهَرُ، وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. "حرف الْكَافِ": 216- كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ4 -د- مولى أبي بكر الصديق.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 188"، الجرح والتعديل "7/ 136"، تهذيب الكمال "2/ 1131"، تهذيب التهذيب "8/ 383". 2 التاريخ الكبير "7/ 151-152"، الجرح والتعديل "7/ 95"، تهذيب الكمال "2/ 1132"، تهذيب التهذيب "8/ 386". 3 التاريخ الكبير "7/ 156"، الجرح والتعديل "7/ 102"، تهذيب الكمال "2/ 1137"، تهذيب التهذيب "8/ 400-401"، ميزان الاعتدال "3/ 397". 4 التاريخ الكبير "7/ 206"، الجرح والتعديل "7/ 155"، تهذيب الكمال "2/ 1144"، تهذيب التهذيب "8/ 423-424".

عن عائشة، وزيد بن ثاب، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ سَعِيدٌ، وَحَفِيدُهُ عَنْبَسَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، ومجالد بن سعيد. 217- كثير عزة الشاعر المشهور1 هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود الخزاعي، أبو صخر المدني، قدم الشام، ومدح عبد الملك بن مروان وغيره. قال الزبير بن بكار: كان شيعيا يَقُولُ بِتَنَاسُخِ الأَرْوَاحِ، وَيَقْرَأُ {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 8] ، قَالَ: وَكَانَ خَشَبِيًّا يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ، يَعْنِي رَجْعَةَ عَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهم- إلى الدنيا. قال عمر بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ: ثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ جَعُونَةَ قَالَ: كَانَ لا يَقُومُ خَلِيفَةٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلا سَبَّ عَلِيًّا، فَلَمْ يَسُبُّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ كُثَيِّرٌ: وُلِّيتَ فَلَمْ تَشْتُمْ عَلِيًّا وَلَمْ تُخِفْ ... بَنِيهِ وَلَمْ تَتْبَعْ سَجِيَّةَ مُجْرِمِ وَقُلْتَ فَصَدَّقْتَ الَّذِي قُلْتَ بِالَّذِي ... فَعَلْتَ فَأَضْحَى رَاضِيًا كُلُّ مُسْلِمِ وَكَانَ قَدْ أَحَبَّ عَزَّةَ وَشَبَّبَ بِهَا، فَمِنْ ذَلِكَ: وَإِنِّي وَتَهْيَامِي بِعَزَّةَ بَعْدَ مَا ... تَخَلَّيْتُ مِمَّا بَيْنَنَا وَتَخَلَّتِ لَكَالْمُرْتَجِي ظِلَّ الغمامة كلما ... تبوء مِنْهَا لِلْمَقِيلِ اضْمَحَلَّتِ وَقُلْتُ لَهَا: يَا عَزُّ كلُّ مصيبةٍ ... إِذَا ذُلِّلَتْ يَوْمًا لَهَا النَّفْسُ ذَلَّتِ قَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ النَّحْوِيُّ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ يَقُولُ: كُثَيِّرٌ أَشْعَرُ أَهْلِ الإِسْلامِ، وَرَأَيْتُ ابْنَ أَبِي حَفْصَةَ يُعْجِبُهُ مَذْهَبُهُ فِي الْمَدِيحِ جِدًّا، يَقُولُ: كَانَ يَسْتَقْصِي الْمَدِيحَ، وَكَانَ فِيهِ خطلٌ وعجبٌ، وَكَانَتْ لَهُ عِنْدَ قريشٍ منزلةٌ وقدرٌ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُمَوِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقِيَتِ امرأةٌ كُثَيِّرَ عَزَّةَ -وَكَانَ قَلِيلا دَمِيمًا- فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: كُثَيِّرُ عَزَّة، فَقَالَتْ: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ خيرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ، قَالَ: مهٍ أَنَا الَّذِي أَقُولُ: فَإِنْ أَكُ مَعْرُوقَ الْعِظَامِ فَإِنَّنِي ... إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن

_ 1 الأغاني "9/ 3-39"، "12/ 174-191"، سير أعلام النبلاء "5/ 152-153"، طبقات الشعراء لابن سلام "457".

قالت: وكيف تكون القوم وَازِنًا وَأَنْتَ لا تُعْرَفُ إِلا بِعَزَّةَ! قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ ذَاكَ لَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ بها قدري، وزين بها شعري، وإنها لكلما قُلْتُ: وَمَا رَوْضَةٌ بِالْحُزْنِ طَاهِرَةُ الثَّرَى ... يَمُجُّ النَّدَى جَثْجَاثُهَا وَعَرَارُهَا بِأَطْيَبَ مِنْ أَرْدَانِ عَزَّةَ مَوْهِنًا ... وَقَدْ أُوقِدَتْ بِالْمَنْدِلِ الرَّطِبِ نَارُهَا مِنَ الْخَفِرَاتِ الْبِيضِ لَمْ تَلْقَ شِقْوَةً ... وَبِالْحَسَبِ الْمَكْنُونِ صافٍ نَجَارُهَا فَإِنْ بَرَزَتْ كَانَتْ لِعَيْنِكَ قُرَّةً ... وإن غِبْتَ عَنْهَا لَمْ يَعْمَمْكَ عَارُهَا قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنِّي لأَعْرِفُ صَلاحَ بَنِي هَاشِمٍ وَفَسَادَهُمْ بِحُبِّ كثير؛ لِأَنَّهُ كَانَ خَشَبِيًّا يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: مَاتَ كُثَيِّرٌ وَعِكْرِمَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَاحْتَفَلَتْ قريشٌ فِي جَنَازَةِ كُثَيِّرٍ، وَلَمْ يُوجَدْ لِعِكْرِمَةَ مَنْ يَحْمِلُهُ. قَالَ الْغَلابِيُّ: مَاتَا فِي سَنَةِ خمسٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: سَنَةَ سبعٍ ومائة. 218- كردوس الثعلبي1 -د ن- الكوفي القاص. رَوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبِي مُوسَى، وَعَائِشَةَ. وعنه: عبد الملك بن عمير، وابن عون، ومنصور بن المعتمر، وآخرون. "حرف اللام": 219- لِمَازَةُ بْنُ زَبَّارٍ2 أَبو لَبِيدٍ الْجَهْضَمِيَّ الْبَصْرِيَّ. روى عَنْ عُمَرَ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. وَعَنْهُ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وَيَعْلَى بْنُ حُكَيْمٍ، وَجَمَاعَةٌ. حَضَرَ وَقْعَةَ الْجَمَلِ مَعَ عَائِشَةَ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الحديث.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 242-243"، الجرح والتعديل "7/ 157"، تهذيب الكمال "3/ 1146"، تهذيب التهذيب "8/ 431-432". 2 التاريخ الكبير "7/ 251"، الكنى والأسماء "2/ 92"، الجرح والتعديل "7/ 182"، تهذيب التهذيب "8/ 457-458"، ميزان الاعتدال "3/ 419".

وَقَالَ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ أَبَا لَبِيدٍ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ، وَكَانَتْ تَبْلُغُ سُرَّتَهُ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، وكان شتامًا، قال ابن معين: نَرَى أَنَّهُ كَانَ يَشْتُمُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عنهم. وروى الزبير بن الخري، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ قَالَ: وَفَدْنَا إِلَى يَزِيدَ فَقَالُوا: هُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، فَهَاجَتْ ريحٌ فَأَلْقَتْ خَيْمَتَهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ نَشَرَ الْمُصْحَفَ وَهُوَ يَقْرَأُ. قُلْتُ: مَا يُلامُ الشِّيعِيُّ عَلَى بُغْضِ هذا الناصبي اليزيدي الذي ينال مِنْ عَلِيٍّ وَيَرْوِي مَنَاقِبَ يَزِيدَ. "حرف الْمِيمِ": 220- مَالِكُ بْنُ أَسْمَاءَ1 ابْنِ خَارِجَةَ الْفَزَارِيُّ الشَّاعِرُ، وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَحَكَى الْعُتْبِيُّ، أَنَّهُ كَانَ عَامِلا لِلْحَجَّاجِ عَلَى الْحِيرَةِ، وَكَانَ صِهْرًا لَهُ، فَبلَغَهُ عَنْهُ شيءٌ فَعَزَلَهُ، فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ قَالَ: أَنْتَ الْقَائِلُ: حَبَّذَا لَيْلَتِي بِحَيْثُ نُسَقَّى ... قَهْوَةً مِنْ شَرَابِنَا وَنُغَنَّى حَيْثُ دَارَتْ بِنَا الزُّجَاجَةُ حَتَّى ... حَسِبَ الْجَاهِلُونَ أَنَّا جُنِنَّا وَنَزَلْنَا بنسوةٍ عطراتٍ ... وسماعٍ وقرقفٍ فَنَزَلْنَا فَقَالَ: بَلْ أَنَا الْقَائِلُ: رُبَّمَا قَدْ لُقِيتُ أَمْسِ كَئِيبًا ... أَقْطَعُ اللَّيْلَ عَبْرَةً وَنَحِيبَا أَيُّهَا الْمُشْفِقُ الْمُلِحُّ حِذَارًا ... إِنَّ لِلْمَوْتِ طَالِبًا وَرَقِيبَا فَصْلُ مَا بَيْنَ ذِي الْغِنَى وَأَخِيهِ ... أَنْ يُعَارَ الْغَنِيُّ ثَوْبًا قَشِيبَا فَرَقَّ الْحَجَّاجُ ورقت عَيْنُهُ، ثُمَّ حَبَسَهُ، وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ عَمَلِهِ يَكْشِفُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا بَيْنَهُمْ: هَذَا صِهْرُ الأَمِيرِ، يَغْضَبُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ، وَيَرْضَى عَنْهُ غَدًا، فَلَمَّا دَخَلُوا قَالَ كَبِيرُهُمْ: مَا وَلِيَنَا أحدٌ قَطُّ أَعَفَّ مِنْهُ، فَأَمَرَ بِضَرْبِ الْكَبِيرِ ثَلاثَمِائَةَ سوطٍ، ثُمَّ سَأَلَ أَصْحَابَهُ، فَرَفَعُوا كلَّ شيءٍ، فَقَالَ له الحجاج: ما تقول يا ملك؟ قَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، مِثْلِي وَمِثْلُكَ وَمِثْلُ هَؤُلاءِ، وَالْمَضْرُوبُ مِثْلُ أسدٍ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الصيد

_ 1 سير أعلام النبلاء "4/ 357"، الأغاني "17/ 229-239"، لسان الميزان "5/ 2".

فَيَصْحَبَهُ ذئبٌ وثعلبٌ، فَاصْطَادُوا حِمَارَ وحشٍ وَتَيْسًا وأرنبًا، فقال الأسد للذئب: ومن يَكُونُ الْقَاضِي؟ فَقَالَ: وَمَا الْحَاجَةُ إِلَيْهِ! الْحِمَارُ لَكَ، وَالتَّيْسُ لِي، وَالأَرْنَبُ لِلثَّعْلَبِ، فَضَرَبَهُ الأَسَدُ ضَرْبَةً وَضَعَ رَأْسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِلثَّعْلَبِ: مَنْ يُقَسِّمُ هَذَا؟ قَالَ: أَنْتَ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ، أَنَا الأَمِيرُ، وَأَنْتَ الْقَاضِي، قَالَ: فَالْحِمَارُ لِغَدَائِكَ، وَالتَّيْسُ لِعَشَائِكَ، وَالأَرْنَبُ تَتَفَكَّهُ بِهِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا أَبَا الْحُصَيْنِ، مَا أَعْدَلَكَ مَنْ عَلَّمَكَ الْقَضَاءَ؟ قَالَ: عَلَّمَنِيهِ رَأْسُ الذِّئْبِ، فَالشَّيْخُ الْمَضْرُوبُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَ هَؤُلاءِ. فَضَحِكَ الْحَجَّاجُ، وَوَصَلَ الْمَضْرُوبَ، وَخَلَّى سَبِيلَ مَالِكٍ. رَوَاهَا أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ الْحَدَثَانِ، عَمَّنْ شَهِدَ الْحَجَّاجَ. وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بإسنادٍ قَالَ: كَانَ الْحَجَّاجُ يُنْشِدُ قَوْلَ مَالِكِ بْنِ أَسْمَاءَ: يَا مُنَزِّلَ الْغَيْثَ بَعْدَمَا قَنِطُوا ... وَيَا وَلِيَّ النَّعْمَاءِ وَالْمِنَنِ يَكُونُ مَا شَئْتَ أَنْ يَكُونَ وَمَا ... قَدَّرْتَ أَنْ لا يَكُونَ لَمْ يَكُنِ لَوْ شِئْتَ إِذْ كَانَ حُبُّهَا عَرَضًا ... لَمْ تَرَنِي وَجْهَهَا وَلَمْ تَرَنِي يَا جَارَةَ الْحَيِّ كُنْتِ لِي سَكَنًا ... وَلَيْسَ بَعْضُ الْجِيرَانِ بِالسَّكَنِ أَذْكُرُ مِنْ جَارَتِي وَمَجْلِسِهَا ... طَرَائِفًا مِنْ حَدِيثِهَا الْحَسَنِ وَمِنْ حَدِيثِ يَزِيدُنِي مِقَةً ... مَا لِحَدِيثِ الْمَحْبُوبِ مِنْ ثَمَنِ ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَّاجُ: فَضَّ اللَّهُ فَاهُ مَا أَشْعَرَهُ. قَالَ: مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ وَغَيْرُهُ: رَأَى ابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ رَجُلا فِي الطَّوَافِ قَدْ بَهَرَ النَّاسَ بِحُسْنِهِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ: هُوَ مَالِكُ بْنُ أَسْمَاءَ الْفَزَارِيُّ، فَجَاءَهُ وَعَانَقَهُ وَقَالَ: أَنْتَ أَخِي، قَالَ: فَمَنْ أَنَا وَمَنْ أَنْتَ. رَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ رَجُلٍ، لِمَالِكِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ: أَمُغَطَّى مِنِّي عَلَى بصري بالـ ... ـحب أَمْ أَنْتِ أَكْمَلُ النَّاسِ حُسْنَا وحديثٍ أَلَذَّهُ هُوَ مِمَّا ... تَشْتَهِيهِ النُّفُوسُ يُوزَنُ وَزْنَا منطقٌ صائبٌ وَتَلْحَنُ أَحْيَا ... نًا وَخَيْرُ الْحَدِيثِ مَا كان لحنًا

121- مجاهد بن جبر1 -ع- أبو الحجاج المكي الْمُقرِئُ الْمُفَسِّرُ، أَحَدُ الأَعْلامِ، مَوْلَى السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ الْمَخْزُومِيِّ، وَوُلِدَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ. وَسَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمَّ هَانِئٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَأُسَيْدَ بْنَ ظُهَيْرٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ -وَلَزِمَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً- وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، وَرَافِعَ بْنَ خُديْجٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَخَلْقًا سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ: عِكْرِمَةُ، وَطَاوُسُ، وجماعةٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَقَتَادَةُ، وَمْنَصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَعُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَمَعْرُوفُ بْنُ مِشْكَانَ، وَخَلْقٌ. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ: ثننا الْفَضْلُ بْنُ مَيْمُونٍ، سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُولُ: عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عباسٍ ثَلاثِينَ مَرَّةً2. مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عباسٍ ثلاث عرضا، أَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيةٍ، أَسْأَلُهُ فِيمَ نَزَلَتْ وَكَيْفَ كَانَتْ3. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: ثَنَا الشَّافِعِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسْطَنْطِينَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى شِبْلِ بْنِ عَبَّادٍ، وَقَرَأَ عَلَى ابْنِ كَثِيرٍ، وَأَخْبَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ، وَقَرَأَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الثَّوْرِيُّ: خُذُوا التفسير، على أربعةٍ: مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَالَ خُصَيْفٌ: كَانَ مُجَاهِدٌ أَعْلَمَهُمْ بِالتَّفْسِيرِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالتَّفْسِيرِ مُجَاهِدٌ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: قُلْتُ: لِلأَعْمَشِ: مَا لَهُمْ يَتَّقُونَ تَفْسِيرَ مُجَاهِدٍ؟ قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ يَسْأَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ4. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعَ مجاهدٌ عَائِشَةَ، وَقَالَ الْقَطَّانُ: لَمْ يَسْمَعْ منها.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 466-467"، التاريخ الكبير "7/ 411-412"، التاريخ لابن معين "2/ 549-551"، الكنى والأسماء "1/ 144"، الجرح والتعديل "8/ 319"، الثقات لابن حبان "5/ 419"، حلية الأولياء "3/ 279-310"، تهذيب الكمال "3/ 1305"، ميزان الاعتدال "3/ 439-440"، سير أعلام النبلاء "4/ 449-457"، الإصابة "3/ 485-486"، تهذيب التهذيب "10/ 42-44". 2 أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى "5/ 266"، وأبو نعيم في الحلية، "3/ 280". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 279-280"، وصفة الصفوة "2/ 209". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 467".

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: لِأَنْ أَكُونَ سَمِعْتُ مِنْ مُجَاهِدٍ فَأَقُولُ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي ومالي. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَجَمَاعَةٌ: مجاهدٌ ثِقَةٌ. وَقِيلَ: سكن الكوفة بأخرة. قال سلمة من كُهَيْلٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُرِيدُ بِهَذَا الْعِلْمِ وَجْهَ اللَّهِ إِلا هَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ: عَطَاءٌ، وَمُجَاهًد، وَطَاوُسٌ. بَقِيَّةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: اسْتَفْرَغَ عِلْمِي الْقُرْآنَ. شُعْبَةُ، عَنْ رجلٍ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُولُ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَخْدِمَهُ، فَكَانَ يَخْدِمُنِي1. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: رُبَّمَا أَخَذَ لِي ابْنُ عُمَرَ بِالرِّكَابِ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: كنت إذ رَأَيْتُ مُجَاهِدًا ازْدَرَيْتُهُ مُبْتَذِلا، كَأَنَّهُ خربندجٌ2 ضَلَّ حماره وهو متهم3. الأَجْلَحُ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: طَلَبْنَا هَذَا الْعِلْمَ وَمَا لَنَا فِيهِ نِيَّةٌ، ثُمَّ رَزَقَ اللَّهُ النِّيَّةَ بَعْدَ. وَقَالَ مَنْصُورٌ: قَالَ مُجَاهِدٌ: لا تُنَوِّهُوا بِي فِي الْخَلْقِ. وَقَالَ حُصَيْنٌ، عَنْ مجاهد: بينا أنا أصلي، إذا قَامَ مِثْلُ الْغُلامِ ذَاتَ ليلةٍ، فَشَدَدْتُ عَلَيْهِ لِآخُذَهُ، فَوَثَبَ، فَوَقَعَ خَلْفَ الْحَائِطِ، حَتَّى سَمِعْتُ وَقْعَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُمْ يَهَابُونَكُمْ كَمَا تَهَابُونَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُلْكِ سُلَيْمَانَ. وَعَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: كُنْتُ إِذَا نَظَرْتُ إِلَى مجاهدٍ كَأَنَّهُ جَمَّالٌ فَإِذَا نَطَقَ خَرَجَ مِنْ فِيهِ اللُّؤْلُؤُ. قَالَ حُمَيْدٌ الأَعْرَجُ: كَانَ مُجَاهِدٌ يُكَبِّرُ مِنْ: {وَالضُّحَى} . وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: بَلَغَ مُجَاهِدٌ ثَلاثًا وَثَمَانِينَ سَنَةً4. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، سَمِعْتُ شُيُوخَنَا يَقُولُونَ: تُوُفِّيَ مُجَاهِدٌ سَنَةَ ثلاثٍ وَمِائَةٍ، وَكَذَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَتَبِعَهُ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَآخَرُونَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ، زَادَ بَعْضُهُمْ: تُوُفِّيَ وَهُوَ سَاجِدٌ. وَقَالَ يَحْيَى بن

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 285-286". 2 خربندج: مؤجر الحمار أو حارسه. 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 466-467"، وأبو نعيم في الحلية "1/ 711-712". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 467".

الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ. 222- مُحَمَّدُ بْنُ أَوْسِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْهُ: الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، وَأَبُو الأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَغَزَا مَعَ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ، وَكَانَ عَلَى بَحْرِ تُونُسَ، وَلِيَهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ، وَلَمَّا قُتِلَ أَمِيرُ إِفْرِيقِيَةَ يزيد ابن أَبِي مُسْلِمٍ اجْتَمَعَ أَهْلُهَا فَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ مُحَمَّدَ بْنَ أَوْسٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 223- مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ2 -ع- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ العدوي. رَوَى عَنْ: سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَدِّهِ. وعنه بنوه الخمسة: عاصم، وعمر، وواقد، وزيد، وأبو بكر، والأعمش، وغيرهم، وله وفادة على هشام بن عبد الملك. وثقه أبو حازم وغيره. 224- محمد بن سويد3 -ن- بن كلثوم القرشي الفهري. وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ إِمْرَةَ الطَّائِفِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْ عَمِّ أَبِيهِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَعَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 225- مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ4 أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ، الإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ، صَاحِبُ التَّعْبِيرِ، مَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، كَانَ سِيرِينُ مِنْ سَبْيِ جَرْجَرَايَا، فَكَاتَبَ أَنَسًا عَلَى مالٍ جليلٍ فَوَفَّاهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ سيرين: ولد أخي محمد لسنتين بقيتا في خِلافَةِ عُثْمَانَ، وَوُلِدْتُ بَعْدَهُ بِسَنَةٍ، سَمِعَ: أَبَا هُرَيْرَةَ، وَعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، وَأَنَسًا، وَعُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيَّ، وشريحًا، وطائفة.

_ 1 تاريخ خليفة "326"، الكامل في التاريخ "4/ 108". 2 التاريخ الكبير "1/ 84"، الجرح والتعديل "7/ 256"، تهذيب الكمال "3/ 1199"، تهذيب التهذيب "9/ 172-173". 3 التاريخ الكبير "1/ 107"، الجرح والتعديل "7/ 287-279"، تهذيب الكمال "3/ 1208"، تهذيب التهذيب "9/ 210-211". 4 التاريخ الكبير "1/ 90-92"، الطبقات الكبرى "7/ 193-206"، الزهد لأحمد "372-410"، الجرح والتعديل "7/ 280-281"، حلية الأولياء "2/ 263-282"، صفة الصفوة "3/ 241-248"، تهذيب الكمال "3/ 1208-1209"، الكنى والأسماء "1/ 122"، سير أعلام النبلاء "4/ 606-623"، التهذيب "9/ 214-217".

وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَعَوْفٌ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعُقْبَةُ الأَصَمُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَجَّ بِنَا وَنَحْنُ سَبْعَةُ وَلَدُ سِيرِينَ، فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قِيلَ لَهُ: هَؤُلاءِ بَنُو سِيرِينَ، فَقَالَ: هَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَانِ لأُمٍّ وَهَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَا لأُمٍّ، فَمَا أَخْطَأَ وَاحِدًا، وَكَانَ مَعْبَدٌ أَخَا مُحَمَّدٍ لِأَبَوَيْهِ. قَالَ هِشَامٌ: أَدْرَكَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ثَلاثِينَ صَحَابِيًّا. قال عمر بن شبة: ثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بن سيرين، وكان قصيرًا، عظيم البطن، وله وَفْرَةٌ، يَفْرُقُ شَعْرَهُ، كَثِيرَ الْمِزَاحِ وَالضَّحِكِ، يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَأْتِي بِالْحَدِيثِ عَلَى حُرُوفِهِ، وَكَانَ الْحَسَنُ صَاحِبُ مَعْنًى، وَقَالَ عَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ: ثَنَا هِشَامُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَصْدَقُ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ الْبَشَرِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيريِنَ1، وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ: كُنْتُ عِنْدَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ طَاوُسٍ قَطُّ، فَقَالَ أَيُّوبُ؟ وَكَانَ جَالِسًا: وَاللَّهِ لَوْ رَأَى مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ لَمْ يَقُلْهُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَعَنْ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ نَسِيجَ وَحَدَهُ، وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ: كَانَ الشَّعْبِيّ يَقُولُ لَنَا: عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ الأَصَمِّ، يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ أَفْطَنَ مِنَ الْحَسَنِ فِي أَشْيَاءٍ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَوْفٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ حَسُنَ الْعِلْمِ بِالْفَرَائِضِ وَالْقَضَاءِ وَالْحِسَابِ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ كَانَ أَدْرَكَ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ مِنَ الْحَسَنِ، وَقَالَ أَشْعَثُ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ حَتَّى يَكُونَ كَأَنَّهُ لَيْسَ بِالَّذِي كان. قال مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ فِي وَرَعِهِ وَلا أَوْرَعَ فِي فِقْهِهِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. وَقَالَ أَبُو قِلابَةَ: مَنْ يَسْتَطِيعُ مَا يَطِيقُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَرْكَبُ مِثْلَ حَدِّ السِّنَانِ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ مَرَّ فِي السُّوقِ، فَمَا رَآهُ أَحَدٌ إلا ذكر الله تعالى.

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 194".

وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ زُهَيْرٍ الأَقْطَعِ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا ذُكِرَ الْمَوْتُ مَاتَ كُلُّ عضوٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ1. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا كَانَ أَعْظَمَ رَجَاءً لِأَهْلِ الإِسْلامِ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَلا رَأَيْتُ أَسْخَى مِنْهُ، وقال مهدي بن ميمون: رأيت ابن سيرين يَتَكَلَّمُ بِأَحَادِيثَ النَّاسِ وَيُنْشِدُ الشِّعْرَ وَيَضْحَكُ حَتَّى يَمِيلَ، فَإِذَا جَاءَ الْحَدِيثَ مِنَ السُّنَّةِ كَلِحَ وَتَقَبَّضَ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: قَالَ لِي مُحَمَّدٌ: لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُنِي مِنْ مُجَالَسَتِكُمْ إِلا خَوْفَ الشُّهْرَةِ، فَلَمْ يَزَلْ بِي الْبَلاءُ حَتَّى أَخَذَ بِلِحْيَتِي، فَأَقَمْتُ عَلَى الْمَصْطَبَةِ، فَقِيلَ: هَذَا ابْنُ سِيرِينَ أَكَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ، قَالَ: وَكَانَ عَلَيْهِ دينٌ كَثِيرٌ2. وَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّهُ اشْتَرَى زَيْتًا بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَوَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً فَبَدَرَهُ. قُلْتُ: شَكٌّ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ الْفَأْرَةَ فِي زقٍ وَقَالَ: الْفَأْرَةُ كَانَتْ فِي الْمَعْصَرَةِ. قَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ صَاحِبُ ضَحِكٍ وَمِزَاحٍ، وقال هشيم بن مَنْصُورٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَضْحَكُ حَتَّى تَدْمَعَ عَيْنَاهُ، وَكَانَ الْحَسَنُ يُحَدِّثُنَا وَيَبْكِي. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثَنَا عُمَارَةُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، فَوُضِعَتِ الْجَنَازَةُ وَدَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ صِهْرِيجًا يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ الْحَسَنُ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالُوا: يَتَوَضَّأُ، قَالَ: صَبًّا صَبًّا، دَلْكًا دلْكًا، عذابٌ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَهْلِهِ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: أَنْبَأَ ابْنُ عَوْنٍ: سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَنْهَى عَنِ الْجِدَالِ إِلا رَجَاءً إِنْ كَلَّمْتَهُ أَنْ يَرْجِعَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: كَاتَبَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَبِي أَبَا عَمْرَةَ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفَ درهمٍ فَأَدَّاهَا. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ: هَذِهِ مُكَاتَبَةُ سِيرِينَ عِنْدَنَا، وَكَانَ قِنًّا. قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ ابن سِيرِينَ بِوَاسِطٍ، فَلَمْ أَرَ أَجْبَنَ عَنْ فُتْيَا وَلا أَجْرَأَ عَلَى رُؤْيَا مِنْهُ. قَالَ يُونُسُ بن عبيد: لم يكن يعرض لمحمد ابن سِيرِينَ أَمْرَانِ فِي دِينِهِ إِلا أَخَذَ بِأَوْثَقِهِمَا. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَتَّجِرُ، فَإِذَا ارْتَابَ فِي شيءٍ تَرَكَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ مِنْ أَشَدَّ النَّاسِ إِزْرَاءً عَلَى نَفْسِهِ. وَقَالَ غَالِبٌ الْقَطَّانُ: خُذُوا بِحِلْمِ ابْنِ سِيرِينَ، وَلا تَأْخُذُوا بِغَضَبِ الْحَسَنِ.

_ 1 أخرجه أحمد في الزهد "374"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 272". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 199"، وأبو نعيم في الحلية "2/ 271".

حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا1. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ يَصُومُ مُحَمَّدٌ عَاشُورَاءَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ يُفْطِرُ بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمَيْنِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ سِيرِينَ فَذَكَرَ رَجُلا فقال: ذاك الأسود، ثم قال: إنا لِلَّهِ، أَرَانِي قَدِ اغْتَبْتُهُ. وَقَالَ مُعَاذٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعَثَ إِلَى الْحَسَنِ فَقَبِلَ، وَبَعَثَ إِلَى ابْنِ سِيرِينَ فَلَمْ يَقْبَلْ. وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ رَجَاءٍ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَجِيءُ إِلَى السُّلْطَانِ وَيَعِيبُهُمْ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لا يَجِيءُ إِلَيْهِمْ وَلا يَعِيبُهُمْ. وَقَالَ هِشَامٌ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا عِنْدَ سُلْطَانٍ أَصْلَبَ مِنَ ابْنِ سِيرِينَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ فِي الْمَنَامِ مُقَيَّدًا، وَرَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ فِي النَّوْمِ مُقَيَّدًا. أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ، عَنْ هِشَامٍ: أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ اشْتَرَى طَعَامًا بَيْعًا مَنُونِيًّا فَأَشْرَفَ فِيهِ عَلَى رِبْحِ ثَمَانِينَ أَلْفًا، فَعَرَضَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ فَتَرَكَهُ؛ قَالَ هِشَامٌ وَاللَّهِ مَا هُوَ بِرِبًا. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَأَلْتُ مُحَمَّد بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيّ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الَّذِي رَكِبَ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ حَتَّى حُبِسَ، قَالَ: اشتري طعامًا بأربعين ألف درهم، فأخبر عَن أصل الطعام بشيءٍ فكرهه فتركه، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، فَحُبِسَ عَلَى الْمَالِ، حَبَسَهُ مَالِكُ بْنُ الْمُنْذِرِ. قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: تَرَكَ مُحَمَّدٌ أَرْبَعِينَ أَلْفًا فِي شيءٍ مَا تَرَوْنَ بِهِ الْيَوْمَ بَأْسًا. وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: إِنِّي لأَعْرِفُ الَّذِي حَمَلَ عَلَيَّ الدَّيْنَ، قُلْتُ لِرَجُلٍ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً: يَا مُفْلِسُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ وَقَدْ بَلَغَهُ هَذَا: قَلَّتْ ذُنُوبُهُمْ فَعَرَفُوا مِنْ أَيْنَ أَتَوْا، وَكَثُرَتْ ذُنُوبُنَا فَلَمْ نَدْرِ مِنْ أَيْنَ نؤتى. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ عَيَّرَ مَرَّةً رَجُلا بِالْفَقْرِ، فَابْتُلِيَ بِهِ. وَقَالَ قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ: ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ السَّجَّانَ قَالَ لابْنِ سِيرِينَ: إِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَاذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَتَعَالَ، قَالَ: لا وَاللَّهِ لا أُعِينُكَ عَلَى خِيَانَةِ السُّلْطَانِ. وَقَالَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى: تَرَكَ مُحَمَّدٌ رِبْحَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، قَالَ لِي التَّيْمِيُّ: وَاللَّهِ لَقَدْ تَرَكَهَا فِي شَيْءٍ مَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ مَعْمَرٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ سِيرِينَ فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ حَمَامَةً الْتَقَمَتْ لؤلؤةً

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 200"، وأحمد في الزهد "373".

فَخَرَجَتْ مِنْهَا أَعْظَمَ مِمَّا كَانَتْ، وَرَأَيْتُ حَمَامَةً الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ أَصْغَرَ مِمَّا دَخَلَتْ، وَرَأَيْتُ حَمَامَةً أُخْرَى الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ مِنْهَا كَمَا دَخَلَتْ سَوَاءُ، فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: أَمَّا الَّتِي خَرَجَتْ أَعْظَمَ مِمَّا دَخَلَتْ، فَذَاكَ الْحَسَنُ يَسْمَعُ الْحَدِيثَ فَيُجَوِّدُهُ بِمَنْطِقِهِ، وَيَصِلُ فِيهِ مِنْ مَوَاعِظِهِ، وَأَمَّا الَّتِي خَرَجَتْ أَصْغَرَ مِمَّا دَخَلَتْ، فَهُوَ محمد ابن سِيرِينَ يَسْمَعُ الْحَدِيثَ فَيُنْقِصُ مِنْهُ، وَأَمَّا الَّتِي خرجت كما دخل، فَهُوَ قَتَادَةُ، فَهُوَ أَحْفَظُ النَّاسِ. ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ، كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ سِيرِينَ فَتَرَكْتُهُ وَجَالَسْتُ الإِبَاضِيَّةَ، فَرَأَيْتُ كَأَنِّي مَعَ قَوْمٍ يَحْمِلُونَ جَنَازَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ فَذَكَرْتُهُ لَهُ فَقَالَ: مَالَكَ جَالَسْتَ أَقْوَامًا يُرِيدُونَ أَنْ يَدْفِنُوا مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ قَالَ: قَصَّ رَجُلٌ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ بِيَدِي قَدَحًا مِنْ زُجَاجٍ فِيهِ ماء، فانكسر القدح وَبَقِيَ الْمَاءُ فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّكَ لَمْ تَرَ شَيْئًا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: فَمَنْ كَذِبَ فَمَا عَلَيَّ سَتَلِدُ امرأتك وتموت ويبقى ولدها، فلما خرج الرجل قَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا، فَمَا لَبِثَ أَنْ وُلِدَ لَهُ وَمَاتَتِ امْرَأَتُهُ قَالَ: وَدَخَلَ آخَرُ فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي وَجَارِيَةً سَوْدَاءُ، نَأْكُلُ فِي قَصْعَةٍ سَمَكَةً، قَالَ: أَتُهَيِّئُ لِي طَعَامًا وَتَدْعُونِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَفَعَلَ، فَلَمَّا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ، إِذَا جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ سِيرِينَ: هَلْ أَصَبْتَ هَذِهِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَادْخُلْ بِهَا الْمَخْدَعَ، فَدَخَلَ بِهَا، فَصَاحَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، رَجُلٌ وَاللَّهِ! قَالَ: هَذَا الَّذِي شَارَكَكَ فِي أَهْلِكَ. أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ سِيرِينَ فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ الْجَوْزَاءَ تَقَدَّمَتِ الثُّرَيَّا، فَقَالَ هَذَا الْحَسَنُ يَمُوتُ قَبْلِي ثُمَّ أَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَرْفَعُ مِنِّي1. وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِي التَّفْسِيرِ عَجَائِبُ يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهَا، وَكَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ تَأْيِيدٌ إِلَهِيٌّ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ لِمُحَمَّدٍ سَبْعَةُ أَوْرَادٍ، فَإِذَا فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ قَرَأَهُ بِالنَّهَارِ. وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: إِنَّ مُحَمَّدًا كَانَ يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ قلت: كَانَ عنده وسواس، وقد ذكرنا تطويله فِي الوضوء يوم وفاة أخته. قَالَ مهدي بْن ميمون: رأيت مُحَمَّدًا إذا توضأ فغسل رجليه بلغ عضلة ساقيه.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 277".

وقَالَ قرة بْن خَالِد وغيره: كَانَ نقش خاتم ابن سيرين كنيته أَبُو بَكْر. قَالَ مهدي: رأيته يتختم في الشمال. وقال مُحَمَّدً بْن عَمْرو: سَمِعْتُ ابن سيرين يَقُولُ: عققت عَن نفسي بختية1. وقَالَ مهدي بْن ميمون: رأيت ابن سيرين يلبس طيلسانا ويلبس كساء أبيض فِي الشتاء وعمامة بيضاء وفروة وقَالَ سُلَيْمَان بْن المغيرة: رأيت ابن سيرين يلبس الثياب الثمينة والطيالس والعمائم. وقَالَ يَحْيَى ابن خليف: ثَنَا أَبُو خلدة قَالَ: رأيت ابن سيرين يتعمم بعمامة بيضاء لاطية، قد أرخى ذوائبها من خلفه، ورأيته يخضب بالصفرة. وقال أَبُو الأشهب: رأيت عَلَيْهِ ثياب كتان. وَقَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرو: رأيت ابن سيرين خضب بحناء وكيم، ورأيته لا يحفي شاربه. وقَالَ حميد الطويل: أمر ابن سيرين سويدا أن يجعل لَهُ حلة حبرة يكفن فيها. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حسان: حدثتني حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ قَالَتْ: كَانَتْ أُمُّ مُحَمَّدٍ حِجَازِيَّةٌ، وَكَانَ يُعْجِبُهَا الصَّبْغَ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشترى لها ثويًا اشْتَرَى أَلْيَنَ مَا يَجِدُ، فَإِذَا كَانَ عيدٌ صَبَغَ لَهَا ثِيَابًا، وَمَا رَأَيْتُهُ رَافِعًا صَوْتَهُ عَلَيْهَا، كَانَ إِذَا كَلَّمَهَا كَالْمُصْغِي إِلَيْهَا. قَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: إِنَّ مُحَمَّدًا كَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ أُمِّهِ لَوْ رآه رجلٌ لا يعرفه، ظن بِهِ مَرَضًا مِنْ خَفْضِ كَلامِهِ عِنْدَهَا. أَزْهَرُ، عن ابن عون قال: كان إِذَا ذَكَرُوا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَجُلا بِسَيِّئَةٍ ذَكَرَهُ هُوَ بِأَحْسَنَ مَا يَعْلَمُ، وَجَاءَهُ نَاسٌ فَقَالُوا: إِنَّا نِلْنَا مِنْكَ، فَاجْعَلْنَا فِي حلٍ، فَقَالَ: لا أُحِلُّ لَكُمْ شَيْئًا حَرَّمَهُ اللَّهُ. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ: ثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: قَدِمْتُ الْكُوفَةَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ الْبَزَّ: فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ بِالْكُوفَةِ، فَسَاوَمْتُهُ، فَجَعَلَ إِذَا بَاعَنِي صِنْفًا مِنْ أَصْنَافِ الْبَزِّ قَالَ: هَلْ رَضِيتَ؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ، فَيُعِيدُ ذَلِكَ عَلَيَّ ثَلاثَ مرارٍ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلَيْنِ فَيُشْهِدُهُمَا، وَكَانَ لا يَشْتَرِي وَلا يَبِيعُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْحَجَّاجِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَرَعَهُ مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ حاجتي أجده عنده إلا اشتريه، حتى لفائف البز.

_ 1 بختيه: الأنثى من الجمال.

أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا وَقَعَ عِنْدَهُ دِرْهَمٌ زَيْفٌ أَوْ سَتُّوقٌ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ فَمَاتَ يَوْمَ مَاتَ وَعِنْدَهُ خَمْسُمِائَةُ سَتُّوقَةٍ وَزُيُوفٍ. عَارِمٌ: ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ غَالِبٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدًا -وَذُكِرَ مِزَاحُهُ- فَسَأَلْتُهُ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ: تُوُفِّيَ الْبَارِحَةَ، أما شعرت؟ فقلت: إنا لله وإنا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. "ذِكْرُ وَفَاتِهِ" قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ: أَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَتْ وَصِيَّةُ ابْنِ سِيرِينَ: "ذِكْرُ مَا أَوْصَى بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ، أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، وَأُوصِيهُمْ بِمَا أَوْصَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132] أوصيكم أَنْ لا يَدَّعُوا أَنْ يَكُونُوا إِخْوَانَ الأَنْصَارِ وَمَوالِيَهُمْ فِي الدِّينِ، فَإِنَّ الْعَفَافَ وَالصِّدْقَ خيرٌ وَأَبْقَى وَأَكَرْمُ مِنَ الزِّنَا وَالْكَذِبِ، وَأُوصِي فِيمَا أَتْرُكُ إِنْ حَدَثَ بِي حدثٌ قَبْلَ أَنْ أغير وصيتي" قال ابن سَعْدٍ: أَنْبَأَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا ضَمَنْتُ عَنْ أَبِي دَيْنَهُ قَالَ: بِالْوَفَاءِ، قُلْتُ: بِالْوَفَاءِ، فَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، فَقَضَى عَبْدُ اللَّهِ عَنْهُ ثَلاثِينَ أَلْفَ درهمٍ، فَمَا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى قَوَّمْنَا مَالَهُ ثَلاثَمِائَةَ أَلْفَ درهمٍ أَوْ نَحْوَهَا1. وَقَالَ أَيُّوبُ: أَنَا زَرَرْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ، يَعْنِي الْقَمِيصَ لَمَّا كَفَّنَهُ. وَرَوَى أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَنْ يُجْعَلَ لِقَمِيصِ الْمَيِّتِ أَزْرَارٌ وَيُكَفُّ. قَالَ غَيْرُ واحدٍ: مَاتَ ابْنُ سِيرِينَ بَعْدَ الْحَسَنِ بِمِائَةِ يَوْمٍ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ عشرٍ وَمِائَةٍ، وَعَاشَ بِضْعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَقَدْ مَرَّ مَوْلِدُهُ أَنَّهُ فِي خِلافَةِ عُمَرَ. قَالَ خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: مَاتَ ابْنُ سِيرِينَ لتسعٍ مَضَيْنَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنِي يحيى بْنُ أَيُّوبَ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَوَاخَيَا فَتَعَاهَدَا إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِمَا وَجَدَ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَرَآهُ صَاحِبُهُ فِي النَّوْمِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: ذَاكَ مَلَكٌ فِي الْجَنَّةِ لا يَعْصِي، قَالَ: فَابْنُ سِيرِينَ قَالَ: ذَاكَ فِيمَا شَاءَ وَاشْتَهَى، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا، قَالَ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ أدرك الحسن؟ قال: بشدة الخوف والحزن.

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 205".

وَقَالَ الْمُحَارِبِيُّ: ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ الْحَكَمُ بْنُ جَحْلٍ صَدِيقًا لابْنِ سِيرِينَ، فَحَزَنَ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ حَتَّى كَانَ يُعَادُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ: رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ فِي حَالِ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلْتُهُ لَمَّا سَرَّنِي: فَمَا صَنَعَ الْحَسَنُ؟ قَالَ: رُفِعَ فَوْقِي بِسَبْعِينَ دَرَجَةً، قُلْتُ: بِمَ، فَقَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّكَ فَوْقَهُ؟ قَالَ: بِطُولِ الْحُزْنِ1. رَوَاهُمَا جَمَاعَةٌ عَنِ الْمُحَارِبِيِّ. 226- محمد بن طلحة2 -د ق- بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ الْقُرَشِيُّ الْمُطَّلِبِيُّ الْمَكِّيُّ، ثم المدني. عَنْ: إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَجَمَاعَةٌ، قِيلَ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ هِشَامٍ، وثقه يحيى ابن مَعِينٍ، وَتُوُفِّيَ أَخُوهُ يَزِيدُ بْنُ طَلْحَةَ بَعْدَهُ بيسير. 227- محمد بن عباد3 -ع- بن جعفر القرشي المخزومي المكي. عَنْ جَدِّهِ لأُمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: زِيَادُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلا. 228- مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ4 -ع- أَبُو حَمْزَةَ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ سُلَيْمٍ. كَانَ أَبُوهُ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَنَزَلَ الْكُوفَةَ، وَوُلِدَ بِهَا مُحَمَّدٌ فِيمَا قِيلَ. وَقَدْ أخبرنا محمد بن قايماز وغيره قالوا: أَنْبَأَ ابْنُ اللُّتِّيِّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْجَرَّاحِ، أَنْبَأَ ابْنُ مَحْبُوبٍ، ثَنَا أَبُو عِيسَى الترمذي:

_ 1 أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق "15/ 230". 2 الجرح والتعديل "7/ 291"، التاريخ الكبير "1/ 120"، تهذيب الكمال "3/ 1214-1215"، تهذيب التهذيب "9/ 239-240". 3 التاريخ الكبير "1/ 275"، الجرح والتعديل "8/ 13-14"، تهذيب الكمال "3/ 1215-1216"، تهذيب التهذيب "9/ 243". 4 التاريخ الكبير "1/ 261"، الجرح والتعديل "8/ 68"، الثقات لابن حبان "5/ 351"، حلية الأولياء "3/ 212-221"، الكنى والأسماء "1/ 156"، تهذيب الكمال "3/ 1262-1263"، سير أعلام النبلاء "5/ 65-68"، شذرات الذهب "1/ 136".

سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَقِيلَ: نَشَأَ مُحَمَّدٌ بِالْكُوفَةِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ بِهِ أَبُوهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَاشْتَرَى بِهَا أَمْلاكًا. رَوَى عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَشَبْثِ بْنِ رِبْعِيٍّ، وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ، وَأَحْسِبُ رِوَايَتَهُ عَنْ علي وذويه مرسلة. وقد قال أبو دواد: سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، وَابْنُ عَجْلانَ، وَأُسَامَةُ بن زيد الليثي، وعاصم بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، وَأَبُو الْمِقْدَامِ هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي، وَآخَرُونَ. رَوَى عَنْهُ أَبُو الْمِقْدَامِ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِخُنَاصِرَةَ وَكَانَ عَهْدِي بِهِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ حَسَنُ الْجِسْمِ وَالشَّعْرِ، وَقَدْ حَالَ لَوْنُهُ وَنَحُلَ جِسْمُهُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ ثِقَةً عَالِمًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَرَعًا مِنْ حُلَفَاءِ الأَوْسِ. وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ أَبَاهُ كَعْبًا كَانَ مِمَّنْ لَمْ يُنْبِتْ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَتُرِكَ. وَثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ، ثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ" 2. الْفَسَوِيُّ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، ثَنَا أَبُو صَخْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِ الْكَاهِنَيْنِ رَجُلٌ يَدْرُسُ الْقُرْآنَ دِرَاسَةً لا يَدْرُسُهَا أَحَدٌ بَعْدَهُ" 3. قَالَ نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ: قَالَ رَبِيعَةُ: فَكُنَّا نَقُولُ: هُوَ محمد بن كعب. والكاهنان:

_ 1 قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: لم يصح "5/ 65". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "2910"، وابن أبي شيبة "7/ 3/ 1، 2، 3" كتاب فضائل القرآن وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة "660". 3 حديث ضعيف: أخرجه أحمد في المسند "6/ 11"، والطبراني في الكبير "22/ 518، 794"، وذكره الهيثمي في المجمع، وعزاه أيضًا للبزار وأشار إلى أن عبد الله بن مغيث سكت عنه أبو حاتم.

قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ. رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ بِنَحْوِهِ. يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ عَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ مِنَ الْقُرَظِيِّ. زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: قَالَتْ: أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: يَا بُنَيَّ لَوْلا أَنِّي أَعْرِفُكَ صَغِيرًا طيبًا كبيرًا طَيِّبًا لَظَنَنْتُ أَنَّكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا مُوبِقًا لِمَا أَرَاكَ تَصْنَعُ بِنَفْسِكَ! قَالَ: يَا أَمَتَاهُ، وَمَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى قَدِ اطَّلَعَ عَلَيَّ وَأَنَا فِي بَعْضِ ذُنُوبِي فَمَقَتَنِي فَقَالَ: اذْهَبْ فَلا أَغْفِرُ لَكَ، مَعَ أَنَّ عَجَائِبَ الْقُرْآنِ تُورِدُنِي عَلَى أمورٍ حَتَّى إِنَّهُ لَيَنْقَضِي اللَّيْلُ وَلَمْ أَفْرُغْ مِنْ حَاجَتِي1. ابْنُ الْمُبَارَكِ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهِبٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ: لأَنْ أقرأ في ليلتي حتى أصبح بإذا زلزل، وَالْقَارِعَةُ، وَأَتَرَدَّدُ وَأَتَفَكَّرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أهذ القرآن ليلي هذًّا، أو قال: أنثره نثرًا2. بسرة بن صَفْوَانَ: ثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: رَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ إِلَى مَنْزِلِهِ مِنَ الْجُمْعَةِ، فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ جَلَسَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا تَتَمَنَّوْنَ أَنْ تُفْطِرُوا عَلَيْهِ؟ قَالُوا كُلُّهُمْ: طَبِيخٌ، قَالَ: تعالوا ندعو اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا طَبِيخًا، فَدَعُوا اللَّهَ، فَإِذَا خَلْفَهُمْ مِثْلُ رَأْسِ الْجَزُورِ يَفُورُ، فَأَكَلُوا. مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بعبدٍ خَيْرًا زَهَّدَهُ فِي الدُّنْيَا وَفَقَّهَهُ فِي الدِّينِ وَبَصَّرَهُ بِعُيُوبِهِ3. نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: أَصَابَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ مَالا، فَقِيلَ لَهُ: ادَّخِرْ لِوَلَدِكَ، قَالَ: لا، وَلَكِنْ أَدَّخِرُهُ لِنَفْسِي عِنْدَ رَبِّي، وَأَدَّخِرُ رَبِّي لولدي. أبو القداد هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ عَلامَةِ الْخُذْلانَ، قَالَ: أَنْ يَسْتَقْبِحَ الرَّجُلُ مَا كَانَ يَسْتَحْسِنُ، وَيَسْتَحْسِنُ مَا كان قبيحًا4.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 214-215". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 214-215". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 213". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 214".

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ قَالَ: كَانَ لِمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ جُلَسَاءُ كَانُوا مِنْ أَعْلَمَ النَّاسِ بالتفسير، وكانوا مجتمعين في مسجده الرَّبَذَةِ، فَجَاءَتْ زَلْزَلَةٌ، فَسَقَطَ عَلَيْهِمُ الْمَسْجِدُ، فَمَاتُوا جَمِيعًا تَحْتَهُ. قَالَ حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَأَبُو مَعْشَرٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَقَعْنَبٌ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ، وَالْفَلاسُ، وَخَلِيفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ: سَنَةَ سَبْعٍ عشرة ومائة. وَرَوَى هَذَا ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ ابن مَعِينٍ: سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ قَوْلٌ عَنِ الْهَيْثَمِ أَيْضًا. وَغَلَطَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ فَقَالَ: سَنَةَ تسعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَسَأُعِيدُهُ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ مُخْتَصَرًا. 229- مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ1 بْنِ أَبِي الْعَاصِ الأُمَوِيُّ الأمير. سَمِعَ أَبَاهُ، وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُهُ. وُلِّيَ الْجَزِيرَةَ لِأَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ. رَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ قَوِيًّا فِي بَدَنِهِ، شَدِيدَ الْبَأْسِ، فَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَحْسِدُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ يَفْعَلُ أَشْيَاءَ لا يَزَالُ يَرَاهَا مِنْهُ، فَلَمَّا اسْتَوْثَقَ الأَمْرُ بَعْدَ الْمُلْكِ جَعَلَ يُبْدِي لَهُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ مِمَّا فِي نَفْسِهِ، وَيُقَابِلُهُ بِمَا يَكْرَهُ، فَلَمَّا رَأَى مُحَمَّدٌ ذَلِكَ تَهَيَّأَ لِلرَّحِيلِ إِلَى أَرْمِينِيَّةَ، وَأَصْلَحَ جِهَازَهُ، وَرَحَلَتْ إِبِلُهُ، وَدَخَلَ يُوَدِّعُ أَخَاهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا بَعَثَكَ عَلَى ذَلِكَ! فَأَنْشَأَ يَقُولُ: وَإِنَّكَ لا تَرَى طَرْدًا لِحُرٍّ ... كَالصَّاقِ بِهِ بَعْضَ الْهَوَانِ فَلَوْ كُنَّا بِمَنْزِلَةٍ جَمِيعًا ... جَرَيْتَ وَأَنْتَ مُضْطَرِبُ الْعَنَانِ فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلا مَا أَقَمْتَ، فَوَاللَّهِ لا رَأَيْتَ مركوهًا بَعْدَهَا، فَأَقَامَ. ولمحمدٍ عِدَّةُ وَقَعَاتٍ ومصافاتٍ مَعَ الرُّومِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ، ذَكَرَهَا ابْنُ عَائِذٍ وَغَيْرُهُ. وَهُوَ وَالِدُ مَرْوَانَ الْخَلِيفَةِ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سنة إحدى ومائة.

_ 1 المعرفة والتاريخ "2/ 241"، جمهرة أنساب العرب "107-110".

230- محمد بن المنتشر1 -ع- بن الأجذع الهمداني الكوفي، عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ مَسْرُوقٍ، وَأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَآخَرُونَ. 231- مُحَمَّدُ بْنُ نَشْرٍ الْهَمَدَانِيُّ2 مُؤَذِّنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. رَوَى عَنْ: ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمَسْرُوقٍ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحَزَوَّرِ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَكَثِيرُ النَّوَا، وَمُجَالِدٌ. خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ خَارِجَ الصَّحِيحِ. 232- مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ مَوْلَى الأَنْصَارِ مِنْ صَحَابَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْهُ: دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَلَمَّا قَتَلَ أَهْلُ إِفْرِيقِيَةِ مُتَوَلِّيهِمْ يَزِيدَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ لِعَسَفِهِ أَخْرَجُوا مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ مِنْ سِجْنِهِ وَأَمَّرُوهُ عَلَيْهِمْ، فَأَقَرَّهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَكَانَ قَدْ كَتَبَ الرَّسَائِلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَقَلَّمَا رَوَى. 233- مُحَمَّدُ بن يوسف3 -ت- بن عبد الله بن سلام المدني. رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وعنه: عثمان بن الضحاك، وعبد الملك بن عمير، ومحمد بن عجلان. 234- مسافع بن عبد الله4 -م د ت- بْنِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ الْحَجَبِيُّ المكي، أبو سليمان، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ الأَكْبَرِ، وَعَمَّتِهِ صَفِيَّةَ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَدِّهِ شَيْبَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ عَمِّهِ مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ، وَابْنُ عَمَّتِهِ مَنْصُورُ بْنُ صَفِيَّةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وجويرية بن أسماء. وثقه العجلي وغيره.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 219"، الجرح والتعديل "8/ 425"، تهذيب الكمال "3/ 1275-1276"، الثقات لابن حبان "7/ 399"، تهذيب التهذيب "9/ 471". 2 الجرح والتعديل "8/ 108-109"، ميزان الاعتدال "4/ 55"، تهذيب التهذيب "9/ 488". 3 التاريخ الكبير "1/ 262-263"، الجرح والتعديل "8/ 118"، تهذيب الكمال "3/ 1294"، تهذيب التهذيب "9/ 534". 4 التاريخ الكبير "8/ 70"، الجرح والتعديل "8/ 432"، تهذيب الكمال "3/ 1318"، الثقات لابن حبان "5/ 464"، تهذيب التهذيب "10/ 102".

235- مسلم بن جندب الهذلي1 -ت- أبو عبد الله قَاصُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَارِئُهُمْ، قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ الْقَارِئِ، وَابْنِ عُمَرَ، روى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَابْنِ عُمَرَ. قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ نَافِعٌ، وَهُوَ أَحَدُ شُيُوخِهِ الْخَمْسَةِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَآخَرُونَ، رَزَقَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ دِينَارَيْنِ فِي الشَّهْرِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَقُصُّ بِلا رِزْقٍ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ جُنْدَبٍ مِنْ فُصَحَاءِ النَّاسِ. قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْمَعْ قِرَاءَةَ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدَبٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحُلْوَانِيُّ، عَنْ قَالُونَ: كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لا يَهْمِزُونَ، حَتَّى هَمَزَ ابْنُ جُنْدَبٍ فَهَمَزُوا قوله "مستهزئون" و"يستهزي". قُلْتُ: ذَكَرَهُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى غَيْرِ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ: "تُوُفِّيَ مُسْلِمُ بْنُ جُنْدَبٍ سَنَةَ ستٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ هِشَامٍ. 236- مُسْلِمُ بْنُ مِشْكَمٍ الْخُزَاعِيُّ2 -د س ق- أو عبيد الله الدمشقي كاتب أبي الدرداء، روى عن أبي الدردراء، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وعمرو بن غيلان الثقفي. وقيل: إنه قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ. رَوَى عَنْهُ: زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَبْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ، وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ طَوِيلَ الْعُمْرِ. مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ عَابِدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَعَالِمُهُمْ مَعَ الْحَسَنِ، وَمَنْ كَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي صَلاتِهِ وَخُشُوعِهِ، وَمَنْ قَالَ الحسن البصري لما توفي، وامعلماه.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 258"، الجرح والتعديل "8/ 128"، تهذيب الكمال "3/ 1324"، تهذيب التهذيب "10/ 124". 2 التاريخ الكبير "7/ 272"، تهذيب الكمال "3/ 1328"، تهذيب التهذيب "10/ 138-139".

قَدْ ذُكِرَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ، قَالَ خَلِيفَةُ والفلاس: مات سنة مائة، وقال الهيثم: سنة إِحْدَى وَمِائَةٍ. 238- مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: عُمَرُ بْنُ دِينَارٍ، هَذَا حِجَازِيٌّ. 239- مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ1 أَبُو عُثْمَانَ الطِّنْبِذِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: عمرو بن أبي نعيمة، وغيره، وكان رضيع عبد الملك بن مروان. 240- المسيب بن رافع2 -ع- أبو العلاء الأسدي الكاهلي الكوفي. رَوَى عَنْ: جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ الْعَلاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، وأبو إسحاق السبيعي، ومنصور، والأعمش، وآخرون. قال ابن معين: لم يسمع أحدًا مِنَ الصَّحَابَةِ إِلا الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، وَأَبَا إياس عَامِرِ بْنَ عَبْدَةَ. قَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ: حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ هُبَيْرَةَ دَعَا الْمُسَيِّبَ بْنَ رَافِعٍ لِيُوَلِّيهِ الْقَضَاءَ، فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي وُلِّيتُ الْقَضَاءَ وَأَنَّ لِي سَوَارِيَّ مَسْجِدِكُمْ هَذَا ذَهَبًا. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: قَالُوا: تُوُفِّيَ الْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ سَنَةَ خمسٍ وَمِائَةٍ. 241- مصعب بن سعد3 -ع- بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَبُو زُرَارَةَ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَصُهَيْبٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَآخَرِينَ. وَعَنْهُ: سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَمُوسَى الْجُهَنِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ، تُوُفِّيَ رحمه الله سنة ثلاثٍ ومائة.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 199"، تهذيب الكمال "3/ 1328"، تهذيب التهذيب "10/ 141-142". 2 الطبقات الكبرى "6/ 293"، التاريخ الكبير "7/ 407-408"، الجرح والتعديل "8/ 293"، تهذيب الكمال "3/ 1330-1331" سير أعلام "5/ 102-103"، تهذيب التهذيب "10/ 153". 3 الطبقات الكبرى "7/ 350-351"، الجرح والتعديل "8/ 303"، تهذيب الكمال "3/ 1332"، تهذيب التهذيب "1/ 160".

242- مضارب بن حزن1 -ق- التيمي المجاشعي البصري. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ قَتَادَةُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. 243- مُعَاذُ بْنُ رفاعة2 -خ د ت س- بن رافع الزرقي المدني أَخُو عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وجابر بن عبد الله. وعنه: ابن ابن أخيه رفاعة بن يحيى، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، وَمُحَمَّدُ بن إسحاق، وآخرون. ثقة. 244- معاوية بن عبد الله3 -س ق- بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ المطلب الهاشمي المدني. وَفَدَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاويَة، وطالت حياته إلى أن وفد على يزيد بن عبد الْمَلِكِ، فُيُحَوَّلُ مِنَ الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ إِلَى هُنَا. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَالسَّائِبِ بن يزد. روى عنه: ابنه عبد الله، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والزهري، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وآخرون. وقليل الحديث، نبيل فاضل، وفد على يزيد بن معاوية، وبقي إلى أَنْ وَفَدَ عَلَى يَزِيدَ بن عبد الملك، وكان صديقًا ليزيد ابن مُعَاوِيَةَ خَاصًّا بِهِ. وَذَكَرَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ أن معاوية وفى عن أبيه عبد الله بْنِ جَعْفَرٍ مِنَ الدُّيُونِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. 245- معبد بن كعب4 -خ م س ق- بن مالك الأنصاري السلمي المدني.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 19"، الجرح والتعديل "8/ 393"، تهذيب الكمال "3/ 1334"، تهذيب التهذيب "10/ 166-167". 2 التاريخ الكبير "7/ 361"، الجرح والتعديل "8/ 247"، تهذيب الكمال "3/ 1339"، تهذيب التهذيب:10/ 190". 3 الطبقات الكبرى "5/ 329"، التاريخ الكبير "7/ 331"، الجرح والتعديل "8/ 377"، تهذيب الكمال "3/ 1346"، الثقات لابن حبان "5/ 412"، تهذيب التهذيب "10/ 212-213". 4 الجرح والتعديل "8/ 279"، تهذيب التهذيب "10/ 224"، تهذيب الكمال "3/ 1349"، الثقات لابن حبان "5/ 432".

عَنْ: أَبِي قَتَادَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، ولم يروا عَنْ أَبِيهِ بَلْ عَنْ أَخَوَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِمَا. وَعَنْهُ الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَقَعَ لَنَا حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي الدَّارَمِيِّ وهُوَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْه، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ حَدِيثَ: "مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ"1. 246- مُغِيثُ بْنُ سُمَيٍّ الأَوْزَاعِيُّ الشَّامِيُّ2 -ق- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَمْرٍو، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ عُمَرَ، وَكَعْبٍ الأَحْبَارِ. وَعَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، وَزَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَيُقَالُ إِنَّهُ أَدْرَكَ أَلْفًا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ إِخْبَارِيًّا صَاحِبَ كُتُبٍ كَوَهْبٍ، وَأَبِي الْجَلَدِ، وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. 247- الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ3 -4- وَيُقَالُ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، حِجَازِيٌّ. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، وَمُوسَى بْنُ أَشْعَثَ البلوي. 248- المغيرة بن سبيع العجلي4 -ت س ق- عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ، لَهُ حَدِيثَانِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو فَرْوَةَ الْهَمَدَانِيُّ، وَأَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ الْكَبِيرُ. 249- الْمُغِيرَةُ بْنُ شُبَيْلٍ الأَحْمَسِيُّ5 الْكُوفِيُّ -4- عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

_ 1 حديث حسن: أخرجه ابن ماجه "35"، وأحمد في المسند "5/ 297"، والدارمي في سننه "237"، وحسنه الشيخ الألباني في الصحيحة "1753". 2 التاريخ الكبير "8/ 24"، الجرح والتعديل "8/ 391"، تهذيب الكمال "3/ 1359"، تهذيب التهذيب "10/ 255". 3 التاريخ الكبير "8/ 323"، الجرح والتعديل 8/ 219"، تهذيب الكمال "3/ 1359"، ميزان الاعتدال "4/ 159"، تهذيب التهذيب "10/ 256-257". 4 التاريخ الكبير "7/ 319"، الجرح والتعديل "8/ 222"، تهذيب الكمال "3/ 1360"، تهذيب التهذيب "10/ 260". 5 التاريخ الكبير "7/ 317"، الجرح والتعديل "8/ 224".

الْبَجَلِيِّ، وَطَارِقِ بْن شِهَابٍ، وَقَيْسِ بْن أَبِي حَازِمٍ. وَعَنْهُ: جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَكَانَ ثِقَةً. 250- مَمْطُورٌ أَبُو سَلامٍ الدمشقي1 -م4- الأعرج الأسود الحبشي، وَهَذِهِ نِسْبَتُهُ إِلَى حَيٍّ مِنْ حِمْيَرٍ لا إِلَى الْحَبَشَةِ. مِنْ ثِقَاتِ الشَّامِيِّينَ وَعُلَمَائِهِمُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصام، وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَثَوْبَانَ، وَعَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وأبي أمامة، وَأَبِي أَسْمَاءَ الرَّحْبِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ غَنْمٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ حَفِيدَاهُ: زَيْدٌ، وَمُعَاوِيَةُ ابْنَا سَلامِ بْنِ أَبِي سَلامٍ، وَمَكْحُولٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَابْنُ زَبْرٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَآخَرُونَ. رَوَى عَنْهُ بالإجازة يحي بنت أَبِي كَثِيرٍ جَمَاعَةَ أَحَادِيثَ. وَقَدِ اسْتَقْدَمَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلافَتِهِ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى خُنَاصِرَةَ لِيُشَافِهَهُ بِمَا سَمِعَ فِي ذِكْرِ الْحَوْضِ مِنْ ثَوْبَانَ، فَقَالَ لِعُمَرَ: شَقَقْتَ عَلَيَّ، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعَ أَبُو سَلامٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. قُلْتُ: وَهُوَ بِكُنْيَتِهِ أَشْهَرُ. 251- مُنْذِرُ بْنُ يَعْلَى2 -ع- أبو يعلى النوري الكوفي. لازَمَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَحَفِظَ عَنْهُ، وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ، وَالأَعْمَشُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معين. 252- مهاجر بن عكرمة3 -د ت س- بن عبد الرحمن المخزومي المدني. عن: جابر بن عبد الله، وعن ابن عمه عبد الله بن أبي بكر.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 75-85" الجرح والتعديل "8/ 431". 2 التاريخ الكبير "7/ 357"، والكنى والأسماء "2/ 169". 3 التاريخ الكبير "7/ 380"، الجرح والتعديل "8/ 260".

عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ. 253- مُهَاجِرُ بْنُ عَمْرٍو النَّيَّالُ1 -د ت ق- عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ أَبِي زُرْعَةَ الثَّقَفِيُّ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وصفوان بن عمرو الحمصي. له فيمن لبث ثوب شهرة. 254- مورق العجلي2 -ع- أبو المعتمر، بَصْرِيٌّ كَبِيرُ الْقَدْرِ، وَأَظُنُّهُ تُوُفِّيَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. رَوَى عَنْ عُمَرَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي ذر، وَابْنِ عُمَرَ، وجندب، وعبد الله بن جعفر، وجماعة. وعنه: توبة العنبري، وقتادة، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وإسماعيل بن أبي خالد. قال ابن سعيد: كان ثقة عابدا، توفي في ولاية عمر بن هبيرة على العراق. قال يوسف بن عطية: ثَنَا مُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ قَالَ: قَالَ مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ: مَا مِنْ أمرٍ يَبْلُغُنِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَوْتِ أَحَبَّ أَهْلِي إِلَيَّ، وَقَالَ: تَعَلَّمْتُ الصَّمْتَ فِي عَشْرِ سِنِينَ وَمَا قُلْتُ شَيْئًا قَطُّ إِذَا غَضِبْتُ أَنْدَمُ عَلَيْهِ إِذَا زَالَ غَضَبِي3. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ: كَانَ مُوَرِّقٌ يَجِيئُنَا فَيَقُولُ: أَمْسِكُوا لَنَا هَذِهِ الصُّرَّةَ فَإِنِ احْتَجْتُمْ فَأَنْفِقُوهَا، فَيَكُونُ آخِرَ عَهْدِهِ بِهَا4. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ مُوَرِّقٌ يَتَّجِرُ فَيُصِيبُ الْمَالَ، فَلا تَأْتِي عَلَيْهِ جُمُعَةُ وَعِنْدَهُ منه شيء5. 255- موسى بن طلحة6 -ع- بن عبيد الله، أبو عيسى القرشي التيمي المدني نَزِيلُ الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ: وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عِمْرَانُ، وَحَفِيدُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عِيسَى، وبنو إخوته معاوية، وموسى ابنا

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 380"، الجرح والتعديل "8/ 261". 2 الطبقات الكبرى "7/ 213-216"، الزهد لأحمد "371". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 213-214". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 215". 5 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 215". 6 الطبقات الكبرى "5/ 161، 6/ 211"، التاريخ الكبير "7/ 286".

إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ، وَطَلْحَةُ، وَإِسْحَاقُ ابْنَا يَحْيَى، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن موهب، وولداه محمد، وعمرو ابنا عثمان، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم الرازي: هُوَ أفضل ولد طلحة بعد مُحَمَّدً. قلت: ولد لطلحة جماعة أولاد، فأجلهم مُحَمَّدً، وقد قتل مَعَ أَبِيهِ يوم الجمل، ثُمَّ أفضلهم مُوسَى، ثُمَّ عيسى، وقد مر سنة مائة، وأخوتهم يَحْيَى وله عدة بنين، وَيَعْقُوب كَانَ أحد الأجواد قتل يوم الحرة، وزكريا وهو ابن أم كلثوم بِنْت الصديق، وإسحاق وله عدة أولاد بالكوفة، وعمران وكان لَهُ أولاد انقرضوا. ذكر ذَلِكَ ابن سعد بعد ترجمة مُوسَى بْن طلحة، ويقال: كَانَ يسمى المهدي. وثقه أَحْمَد العجلي وغيره. وقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ قَالَ: لَمَّا ظهر المختار الكذاب بالكوفة هرب منه ناس، فقدموا علينا البصرة، فكان منهم وموسى بْن طلحة، وكان فِي زمانه يرون أَنَّهُ المهدي فعشيناه، فإذا هُوَ رَجُل طويل السكوت شديد الكآبة والحزن إلى أن رفع رأسه فَقَالَ: والله لأن اعلم أنَّها فتنة لَهَا انقضاء أحب إلي من كذا وكذا وأعظم الخطر! فَقَالَ لَهُ رَجُل: يا أبا مُحَمَّدً، وما الَّذِي ترهب أن يكون أعظم من الفتنة؟ قَالَ: الهرج، قَالُوا: وما الهرج؟ قَالَ: الَّذِي كَانَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يحدثونا القتل القتل حتى تقوم الساعة وهم عَلَى ذَلِكَ1. وروى صالح بْن مُوسَى الطلحي، عَن عَاصِم بْن أبي النجود قَالَ: فصحاء النَّاس ثلاثة: مُوسَى بْن طلحة التيمي، وقبيصة بْن جَابِر الأسدي، ويحيى بْن يعمر، وقَالَ مثل ذَلِكَ عَبْد الملك بن عمير، وعن موسى بن طلة قال: صحبت عثمان -رضي الله عنهم- ثنتي عشرة سنة. وقَالَ ابن موهب: رأيت مُوسَى بْن طلحة يخضب بالسواد. وقَالَ عيسى بن عَبْد الرَّحْمَن: رأيت عَلَى مُوسَى بْن طلحة برنس خز2. تُوُفِّيَ آخِرَ سَنَةِ ثلاثٍ وَمِائَةٍ على الصحيح.

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 162-163"، وأبو نعيم في الحلية "4/ 371-372". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 163"، وأبو نعيم في الحلية "4/ 371".

"حرف النُّونِ": 256- نَافِعٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيُّ الْمَدَنِيُّ1 الأَقْرَعُ رَوَى عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْحَارِثِ بْنِ رِبْعِيٍّ مَوْلاهُ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَعُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي سَالِمٍ الْبَرَّادُ. وَقِيلَ: وَلاؤُهُ لِعُقَيْلَةَ الغفارية. 257- النضر بن أنس بن مالك2 -ع- بن النضر الأنصاري البصري، عَنْ أَبِيهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَبَشِيرِ بْنِ نُهَيْكٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَحَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 258- نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ الأَشْجَعِيُّ الْكُوفِيّ3 -م ت س ق- وَاسْمُ أَبِيهِ النُّعْمَانُ بْنُ أَشْيَمَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، وَابْنُ عَمِّ أَبِي مَالِكٍ الأشجعي. وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، رَوَى عَنْ: أَبِيهِ وَنُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، وَسُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، وَآخَرِينَ. وَعَنْهُ: ابْنُ عَمِّهِ أَبُو مَالِكٍ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وشعبة، وشيبان النحوي، وهما آخر من حَدَّثَ عَنْهُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ. "حرف الْهَاءِ": 259- هِلالُ بْنُ سِرَاجٍ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ4 رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي هريرة، وعبيد الله بن عمر.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 253"، التاريخ الكبير "8/ 83". 2 التاريخ الكبير "8/ 87"، الجرح والتعديل "8/ 473". 3 الطبقات الكبرى "6/ 306"، التاريخ الكبير "8/ 96". 4 التاريخ الكبير "8/ 208"، الجرح والتعديل "9/ 73".

رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَالدَّخِيلُ بْنُ إِيَاسٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَطَرٍ، وَغَيْرُهُمْ. 260- هِلالُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 بْنِ الْمَصْرِيُّ مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ. وَعَنْهُ: حَفْصُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُلَيْلٍ. وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَذَا ابْنُ سِرَاجٍ لَهُ وِفَادَةٌ. 261- الْهَيْثَمُ بْنُ الأَسْوَدِ2 أَبُو الْعُرْيَانِ الْمَذْحِجِيُّ الْكُوفِيُّ أَحَدُ الْمُعَمَّرِينَ الشُّعَرَاءِ، وَلَهُ شَرَفٌ وَبَلاغَةٌ وَفَصَاحَةٌ، أَدْرَكَ عليًّا -رضي الله عنهم، وسمع عبد الله بن عمرو، وغزا القسطنطينة سنة ثمانٍ وتسعين مع مسلمة. روى عنه: ابنه العريان، والأعمش، وغيرهما. وهو صاحب الأبيات المشهورة الرجز فِي الكبر. قَالَ أَحْمَد العجلي: ثقةٌ من خيار التابعين. قَالَ مُحَمَّدً بْن زياد بْن الأعرابي: قَالَ عَبْد الملك بْن مروان للهيثم بْن الأسود: ما مالك؟ قَالَ: الغني عَن النَّاس والبلغة الجميلة، فقيل له: لِمَ لَمْ تخبره؟ قَالَ: إني إن أخبرته أنني غنيٌ حسدني، وإن أخبرته أنني فقير حقرني. حبان بْن عَليّ العنزي، عَن عَبْد الملك بْن عمير، عَن عَمْرو بْن حريث قَالَ: دخل رَجُل عَلَى الهيثم بْن الأسود فَقَالَ: كيف تجدك يا أبا العريان؟ قال: أجدني والله قد اسود مني ما أحب أن يبيض، وابيض مني ما أحب أن يسود، واشتد مني ما أحب أن يلين، ولان مني ما أحب أن يشتد، وسأنبئك عَن آيات الكبر: تقارب الخطو وضعفٌ فِي البصر ... وقلة الطعم إذا الزاد حضر وقلة النوم إذا الليل اعتكر ... وكثرة النسيان فِي ما يدكر وتركي الحسناء من قبل الطهر ... والناس يبلون كما تبلى الشجر

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 211". 2 التاريخ الكبير "8/ 211-212"، الثقات لابن حبان "5/ 507".

262- الْهَيْثَمُ بْنُ مَالِكٍ الطَّائِيُّ1 الشَّامِيُّ الأَعْمَى. عَنْ: النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَيْهَمَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْحِمْصِيُّونَ. لَهُ فِي الأَدَبِ لِلْبُخَارِيِّ. "حرف الْوَاوِ": 263- وَضَّاحٌ الْيَمَنِ لُقِّبَ2 بِالْوَضَّاحِ لِحُسْنِهِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ كَلالٍ، قِيلَ: إِنَّهُ وَفَدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَحْسَنَ صِلَتَهُ، لَهُ حِكَايَةٌ فِي اعْتِلالِ الْقُلُوبِ لِلْخَرَائِطِيِّ فِي مَحَبَّتِهِ لأُمِّ الْبَنِينِ، وَلَهُ أشعارٌ مَلِيحَةٌ. "حرف الياء": 264- يحيى بن عبد الرحمن3 -م4- بْنِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ اللَّخْمِيُّ، أَبُو محمد المدني، حَلِيفُ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، رَوَى عَنْ: أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وعثمان بن عبد الرحمن التيمي. وعنه: أسامة بن زيد الليثي، وبكير بن الأشج، ومحمد بن عمرو، وهشام بن عروة. وثقه النسائي وغيره، ولد في إمرة عثمان، وتوفي سنة أربعٍ ومائة. 265- يحيى بن أبي المطاع الأردني4 -ق- هو ابن أخت بلال بن رباح، رَوَى عَنْ: الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. وعنه: عطاء الخراساني، وعبيد الله بن العلاء بن زبر، والوليد بن سليمان بن أبي السائب. وثقه دحيم.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 214"، الجرح والتعديل "9/ 80". 2 الأغاني "6/ 209-241"، النجوم الزاهرة "1/ 226". 3 الطبقات الكبرى "5/ 250"، التاريخ الكبير "8/ 289". 4 التاريخ الكبير "8/ 306"، الجرح والتعديل "9/ 192".

266- يحيى بن وثاب الأسدي1 -خ م ت س ق- مولاهم قارئ أهل الكوفة. أخذ القراءة عرضا عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ، وَعُبَيْدَةَ، وَمَسْرُوقٍ، وزر، وأبي عمرو الشيباني، وأبي عبد الرحمن السلمي. روى عنه القراءة عرضا: طلحة بن مصرف، والأعمش، وأبو حصين، وحمران بن أعين. قاله أبو عمرو الداني. وقال محمد بن جرير الطبري: كان مقرئ أهل الكوفة في زمانه. قَالَ الأعمش: كَانَ يَحْيَى بْن وثاب لا يقرأ: بسم الله الرَّحْمَن الرحيم، فِي عرض ولا فِي غيره، وقَالَ أَبُو بَكْر بْن عياش: كنت إذا قرأت عَلَى عَاصِم قَالَ: اقرأ قراءة يَحْيَى بْن وثاب، فإنه قرأ عَلَى عُبَيْد بْن نضيلة كل يومٍ آية2. وروى يَحْيَى بْن عيسى، عَن الأعمش قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْن وثاب من أحسن النَّاس قراءة، وكان إذا قرأ لم تحس فِي المسجد حركة، كأن لَيْسَ فِي المسجد أحد. وقَالَ: عُبَيْد الله بْن مُوسَى: كَانَ الأعمش يَقُولُ: يَحْيَى بْن وثاب أقرأ من بال عَلَى التراب. وعن غير واحد قَالُوا: قرأ يَحْيَى بْن وثاب عَلَى عُبَيْد بْن نضيلة. وقَالَ أَحْمَد بْن جُبَيْر الأنطاكي: ثَنَا الكسائي ثَنَا زائدة قَالَ: قلت للأعمش: عَلَى من قرأ يحيى؟ قال: على علقمة، والأسود، ومسروق. وقال يحيى بن آدم: حدَّثَنِي حسن بْن صالح، قَالَ: قرأ يَحْيَى عَلَى علقمة، وقرأ علقمة عَلَى ابن مَسْعُود. قلت: وحدث عَن ابن عَبَّاس، وابن عُمَر، ومسروق، وأبي عَبْد الرَّحْمَن السلمي. وعنه: الأعمش، وَعَاصِم بْن أبي النجود، وأبو العميس، وأبو حصين عثمان بْن عَاصِم وآخرون، وكان من جلة العلماء، لَهُ قدر وفضل وعبادة، قَالَ الأعمش: كنت إذا رأيت يَحْيَى بْن وثاب قلت: هذا قد وقف للحساب، وإذا كَانَ فِي الصلاة كأنما يخاطب رجلا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ، صَاحِبَ قرآن. توفي بالكوفة سنة ثلاثٍ ومائة.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 299"، التاريخ الكبير "8/ 308". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 299".

267- يزيد بن الأصم1 -م4- أبو عوف العامري البكائي الكوفي، نَزِيلُ الرِّقَّةِ. رَوَى عَنْ: خَالَتِهِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مَيْمُونَةَ، وَعَنِ ابْنِ خَالَتِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَمُعَاوِيَةَ. وَعَنْهُ: ابْنَا أَخِيهِ عَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ، وَكَانَ ثِقَةً إِمَامًا، كَثِيرَ الْحَدِيثِ، وَأُمُّهُ هِيَ بَرْزَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلالِيَّةُ. عَن عُبَيْد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ، عَن عمه قَالَ: دخلت عَلَى خالتي ميمونة، فوقفت فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصلى فبينا أَنَا كذلك، إِذْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فاستحيت خالتي، لوقوفي فِي مسجده، فقالت: يا رسول الله، ألا ترى إلى هذا الغلام وريائه، فَقَالَ: دعيه، فلأن يرائي بالخير، خير من أن يرائي بالشر2. هذه حديث منكر لا يصح بوجهٍ. وقد أخرج ابن منده يزيد فِي الصحابة معتمدا عَلَى هذا الخبر الساقط، وقَالَ: اسم الأصم عَمْرو، وقيل يزيد بْن عَبْد عُمَرو. تُوُفِّيَ يَزِيد بن الأصم سنة ثلاثٍ ومائة. قاله الْوَاقِدِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: سَنَةَ أربعٍ. 268- يزيد بن حصين بن نُمَيْرٍ السَّكُونِيُّ الْحِمْصِيُّ3، مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَرَوَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ. وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَبَنِيهِ. حَكَى عَنْهُ عَلاءُ بْنُ رَبَاحٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ ومائة. 269- يزيد بن الحكم4 بن أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيُّ الْبَصْرِيُّ الشَّاعِرُ، لَهُ نَظْمٌ فائق وشعر سائر.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 479"، التاريخ الكبير "8/ 318". 2 حديث منكر: كما نبه على ذلك المصنف. 3 سير أعلام النبلاء "4/ 519-520"، الجرح والتعديل "9/ 257".

مَدَحَ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرَهُ، وَرَوَى عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ. وَعَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ. وَقَدْ وَلاهُ الْحَجَّاجُ لِشَرَفِهِ وَقَرَابَتِهِ مِنْهُ مَمْلَكَةَ فَارِسٍ، فَلَمَّا دَخَلَ لِيُوَدِّعَهُ أَنْشَدَ أَبْيَاتًا يَفْتَخِرُ فِيهَا، مِنْهَا: وأبي الَّذِي سلب ابن كسرى راية ... بيضاء تخفق كالعقاب الطائر فغضب الحجاج من فخره وعزله، فهجاه، ولحق بسليمان بن عبد الملك، فقال له سُلَيْمَان: كم كَانَ الحجاج جعل لك عَلَى ولاية فارس؟ قَالَ: عشرين ألفا، قَالَ: هي لك ما عشت. ومن شعره: شربت الصبا والجهل بالحلم والتقى ... وراجعت عقلي والحليم يراجع أبى الشيب والإسلام أن أتبع الهوى ... وفي الشيب والإسلام للمرء وازع 270- يزيد بن حبان التيمي الْكُوفيّ1 -م د ت ن- عَن زيد بْن أرقم وغيره. وعنه: ابن أخيه أَبُو حيان يَحْيَى بْن سَعِيد التيمي، وسعيد بْن مسروق، وفطر بْن خليفة. وثقه النسائي. 271- يَزِيدُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ الْحِمْصِيُّ2 -د ت ق- عَنْ عَائِشَةَ، وَثَوْبَانَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَكَعْبٍ، وَأَبِي حَيٍّ الْمُؤَذِّنِ شَدَّادِ بْنِ حَيٍّ. وَعَنْهُ: حَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. 272- يَزِيدُ بن صهيب الفقير3 -سوى ت- أبو عثمان الكوفي. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: جَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمِسْعَرٌ، وَآخَرُونَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وغيره: صدوق.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 324-325"، الجرح والتعديل "9/ 256". 2 التاريخ الكبير "8/ 341"، الجرح والتعديل "9/ 271". 3 الطبقات الكبرى "6/ 305"، التاريخ الكبير "8/ 432-433".

273- يزيد بن عبد الله بن الشخير1 -ع- أبو العلاء العامري البصري، أَحَدُ الأَئِمَةِ، عَنْ: أَبِيهِ، وَأَخِيهِ مُطَرِّفٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَائِشَةَ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَالْحَذَّاءُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَكَهْمَسٌ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَكْبَرُ مِنَ الْحَسَنِ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ ثِقَةً فَاضِلا، وَرَدَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ. 274- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ2 ابْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَبُو خَالِدٍ الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، وَلِيَ الْخِلافَةَ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بعهدٍ مِنْ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ، مَعْقُودٌ فِي تَوْلِيَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَأُمُّهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. قَالَ سَعِيد بْن عفير: كَانَ جسيما أبيض مدور الوجه أفقم3 لم يشب. قَالَ عَبْد العزيز، عَن ابن جَابِر: بيَّنَّا نَحْنُ عِنْدَ مكحول، إذ أقبل يزيد بْن عَبْد الملك، فهممنا أن نوسع لَهُ، فَقَالَ مكحول: دعوه يجلس حيث انتهى به المجلس، يتعلم التواضع. أَبُو ضمرة، عَن مُحَمَّدً بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن بشار قَالَ: إني لجالس فِي مسجد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد حج يزيد بْن عَبْد الملك قبل أن يكون خليفة، فجلس مَعَ المقبري، وابن أبي الغياث، إذ جاء أَبُو عَبْد الله القراظ، فوقف عَلَيْهِ فَقَالَ: أنت يزيد بْن عَبْد الملك؟ فالتفت يزيد إلى الشيخين فَقَالَ: أمجنونٌ هذا! فذكروا لَهُ فضله وصلاحه وقالوا: هذا أَبُو عَبْد الله القراظ صاحب أَبِي هُرَيْرَةَ، حتى رق لَهُ ولان، فَقَالَ: نعم أَنَا يزيد، فَقَالَ لَهُ: ما أجملك، إنك تشبه أباك إن وليت من أمر النَّاس شيئا، فاستوص بأهل المدينة خيرا، فأشهد عَلَى أبي هُرَيْرَةَ لحدثني عَن حبه وحبي صاحب هذا البيت -وأشار إلى الحجرة- أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خرج إلى ناحية من المدينة، يقال لها بيوت السقيا، وخرجت معه، فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال: "إن إبراهيم خليلك

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 155-156"، التاريخ الكبير "8/ 345". 2 سير أعلام النبلاء "5/ 150-151"، البداية والنهاية "9/ 231". 3 الفقم: تقدم الثنايا العليا فلا تقع على السفلى.

دعاك لأهل مكة، وأنا نبيك ورسولك أدعوك لأهل المدينة، اللَّهُمَّ بارك لهم فِي مدهم وصاعهم وقليلهم وكثيرهم، ضعفي ما باركت لأهل مكة، اللهم ارزقهم من ههنا وههنا -وأشار إلى نواحي الأرض كلها- اللهم من أرادهم بسوءٍ فأذبه كَمَا يذوب الملح فِي الماء" 1. ثُمَّ التفت إلى الشيخين فَقَالَ: ما تقولان؟ قالا: حديثٌ معروفٌ مرويٌ، وقد سمعنا أيضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: "من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين هذين" 2. وأشار كل واحدٍ منهما إلى قلبه، رَوَاهُ ابن أَبِي خيثمة فِي تاريخه عَن الحزامي عَنْهُ. قَالَ ابن وهب: ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بن زيد بْن أسلم قَالَ: لَمَّا توفي عمر بن عَبْد العزيز وولى يزيد قَالَ: سيروا بسيرة عُمَر بْن عَبْد العزيز، قَالَ: فأتى بأربعين شيخا فشهدوا لَهُ: ما عَلَى الخلفاء حساب ولا عذاب. وقال روح ابن عباد: ثَنَا حجاج بْن حسان التيمي، ثَنَا سليم بْن بشير قَالَ: كَتَبَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ إِلَى يزيد بْن عَبْد الملك حين احتضر: سلامٌ عليك، أما بعد فإني لا أرى إلا ملما بي، فالله، الله، فِي أمة محمدٍ فإنك تدع الدُّنْيَا لمن لا يحمدك، وتفضي إلى من لا يعذرك، والسلام. قَالَ الزبير بْن بكار: ثَنَا هَارُونَ الفروي، حدَّثَنِي مُوسَى بن جعفر بن كثير، وابن الماجشون قالا: لما مات عمر ابن عَبْد العزيز قَالَ يزيد: والله ما عُمَر بأحوج إلى الله مني، فأقام أربعين يوما يسير بسيرة عُمَر، فَقَالَت حبابة لخصي لَهُ؟ كَانَ صاحب أمره: ويحك قربني منه حَيْثُ يسمع كلامي، ولك عشرة آلاف درهم، ففعل، فلما مر يزيد بِهَا قَالَتْ: بكيت الصبا جهدا فمن شاء لامني ... ومن شاء آسى فِي البكاء وأسعدا ألا لا تلمه اليوم أن يتبلدا ... فقد منع المحزون أن يتجلدا والشعر للأحوص، فلما سمعها قَالَ: ويحك قل لصاحب الشرط يصلي بالناس.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1386"، والحميدي "1167"، وابن ماجه "3114"، وأحمد في المسند "2/ 230-231"، والدارمي "2072"، وابن حبان في صحيحه "3737". 2 حديث صحيح: أخرجه أحمد في المسند "3/ 354"، وذكره الهيثمي في المجمع "3/ 306"، وقال: رجال أحمد رجال الصحيح وذكره المنذري في الترغيب "1823"، وصححه، وصححه الشيخ الألباني.

وقَالَ يوما: والله إني لأشتهي أن أخلو بِهَا فلا أرى غيرها، فأمر ببستانٍ لَهُ فهيئ، وأمر حاجبه أن لا يعلمه بأحدٍ، قَالَ: فبينما هُوَ معها أسر شيء بِهَا، إذ حذفها بحبة رمانٍ أو بعنبة، وهي تضحك، فوقعت في فيها، فشرقت فمات، فأقامت عنده فِي البيت حتى جيفت أو كاد، واغتم لَهَا، وأقام أياما، ثُمَّ إنه خرج إلى قبرها فَقَالَ: فإن تسل عنك النفس أو تدع البكا ... فباليأس أسلو عنك لا بالتجلد وكل خليلٍ زارني فهو قائل ... من أجلك هذا هامة اليوم أو غد ثُمَّ رجع، فما خرج من منزله إلا عَلَى النعش، قَالَ الهيثم بْن عِمْرَانَ العبسي: مات يزيد بْن عَبْد الملك بسواد الأردن، مرض بطرفٍ من السل. وقَالَ أَبُو مسهر: مات يزيد بأربد، وقَالَ غير واحد: مات لخمسٍ بقين من شعبان سنة خمسٍ ومائة، وكانت خلافته أربع سنين وشهرا. 275- يَزِيدُ بْنُ مَرْثَدٍ الْهَمْدَانِيُّ الصَّنْعَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1، أرسل عَنْ: مُعَاذٍ وَأَبِي ذَرٍّ، وأدرك عبادة بن الصام، وشداد ابن أَوْسٍ، وَعَنْهُ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَالْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَكَانَ خَاشِعًا بَكَّاءً عَابِدًا عَالِمًا، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْ أَنْ تُوَاعِدَنِي إِنْ أَنَا عَصَيْتُهُ أَنْ يَسْجِنَنِي فِي الْحَمَّامِ لَكَانَ حَرِيًّا أَنْ لا تَنْقَطِعَ دُمُوعُ عَيْنِي. وَقِيلَ: إِنَّهُ طُلِبَ لِلْقَضَاءِ، فَقَعَدَ يَأْكُلُ فِي الطَّرِيقِ، فَتَخَلَّصَ بِذَلِكَ، وَرَغِبُوا عَنْهُ. وَقَدْ أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْعَنْكَبُوتُ شيطانٌ فَاقْتُلُوهُ"2. 276- يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ أَبُو الْعَلاءِ الثَّقَفِيُّ3، مَوْلاهُمُ الأَمِيرُ، كَاتِبُ الْحَجَّاجِ وَوَزِيرُهُ وَخَلِيفَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ، أقره الوليد عَلَى إمرة العراق أربعة أشهرٍ، ومات الوليد، فعزله سُلَيْمَان، وكان رأسا فِي الكتابة، فهم سُلَيْمَان أن يجعله كاتبه، فَقَالَ عُمَر: نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تحيي ذكر الحجاج، قال: إني قد كشفت

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 357-358"، الجرح والتعديل "9/ 288". 2 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 189" وابن عدي في الكامل "6/ 2317"، وذكره الشيخ الألباني في الضعيفة "151"، وقال: موضوع. وأخرجه مرسلًا: أبو داود في مراسيله "3/ 89". 3 حلية الأولياء "5/ 315"، تاريخ خليفة "308، 326، 334".

عَلَيْهِ فلم أجد عَلَيْهِ خيانة، فَقَالَ عُمَر بن عبد العزيز: إبليس أعف منه في الدينار والدرهم، وقد أهلك الخلق، فترك ذَلِكَ، ثُمَّ ولاه إفريقية، فبقي عَلَى المغرب سنة، وفتكوا بِهِ،؛ لأنه أساء السيرة وظلم -وفي المغاربة زعارةٌ ويبس- فقتلوه وأراح الله منه فِي سنة اثنتين ومائة. وكان قصيرا قبيح الوجه، ذا بطنٍ، ثُمَّ ولوا عليهم مُحَمَّدً بْن يزيد مولى الأنصار، وقد ذكرناه. 277- يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ1 بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ الأَمِيرُ، قُتِلَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ كَمَا مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ عَدِيِّ بْنِ أَرْطَأَةَ. وَكَانَ شَرِيفًا جَوَّادًا بَطَلا شُجَاعًا مِنْ جِلَّةِ أُمَرَاءِ زَمَانِهِ، وَلَكِنَّهُ تَحَرَّكَ بحركةٍ نَاقِصَةٍ أَفْضَتْ إِلَى اسْتِئْصَالِ شَأْفَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي الْحَوَادِثِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 278- يَزِيدُ بْنُ نِمْرَانَ الدِّمَشْقِيُّ2 وَيُقَالُ يَزِيدُ بْنُ غَزْوَانَ الْمَذْحِجِيُّ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَنْهُ: مَوْلاهُ سَعِيدٌ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَقَدْ شَهِدَ مَرَجَ رَاهِطٍ مَعَ مَرْوَانَ. "الْكُنَى": أَبُو الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ الدمشقي -م4- أصح ما قيل إنه اسمه شراحيل ابن آذة. تَقَدَّمَ. 279- أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ3 -ع- الفقيه، قَاضِي الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَحُذَيْفَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: حَفِيدُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَابْنُهُ بِلالٌ، وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَشَجِّ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَخَلْقٌ كثَيِرٌ. وَكَانَ إِمَامًا ثِقَةً وَاسِعَ الْعِلْمِ، قِيلَ: اسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قيس بن حضار،

_ 1 سير أعلام النبلاء "4/ 503-506"، تاريخ خليفة "215، 284، 295، 313، 322". 2 التاريخ الكبير "8/ 365-366" تهذيب الكمال "3/ 1544". 3 الطبقات الكبرى "6/ 268-269"، التاريخ الكبير "447-448".

وَلِيَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ بَعْدَ شُرَيْحٍ مُدَّةً، ثُمَّ عَزَلَهُ الْحَجَّاجُ وَوَلَّى أَخَاهُ أَبَا بَكْرٍ. قَالَ الروياني: ثمنا أَحْمَدُ بْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، ثَنَا عَمِّي، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ وَلِيَ خُرَاسَانَ فَقَالَ: دُلُّونِي عَلَى رجلٍ كاملٍ بِخِصَالِ الْخَيْرِ، فَدُلَّ عَلَى أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، فَلَمَّا رَآهُ رَأَى رَجُلا فَائِقًا، فَلَمَّا كَلَّمَهُ رَأَى مِنْ مَخْبَرَتِهِ أَفْضَلَ مِنْ مَرْآتِهِ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي وَلَّيْتُكَ كَذَا وَكَذَا مِنْ عَمَلِي، فَاسْتَعْفَاهُ، فأبى، فقال: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ تَوَلَّى عَمَلا وهو يعلم أنه ليس له بأهلٍ، فليبيتوا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"1. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ أَتَعَلَّمُ مِنْهُ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ. وقَالَ الواقدي: تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ ومائة. 280- أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ2 -م- سَمِعَ أَبَاهُ، وَعُتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، وَمَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ، وَعَنْهُ قَتَادَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 281- أَبُو بكر بن أبي موسى الأشعري3 -ع- الكوفي. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِيهِ أَبِي مُوسَى، وَابْنِ عباس، وجابر ابن سَمُرَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ الضُّبَعِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَآخَرُونَ، وَكَانَ كُوفِيًّا عُثْمَانِيًّا وُلِّيَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ. 282- أَبُو بَكْرِ بْنُ عمارة4 -م د ت- بن رؤيبة الثقفي البصري. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِسْعَرُ بْنُ كدام. 283- أبو بكر أخو عبد الله5 -خ- بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ التَّيْمِيُّ المكي، عن: عائشة، وعثنمان بن عبد الرحمن التيمي، وعبيد بن عمير، وعنه: ابنه

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه ابن عساكر في تاريخه "7/ 178". 2 التاريخ الكبير "9/ 12"، والجرح والتعديل "9/ 340". 3 التاريخ الكبير "9/ 12"، الجرح والتعديل "9/ 340". 4 تهذيب الكمال "3/ 1585"، تهذيب التهذيب "2/ 399". 5 الطبقات الكبرى "5/ 573"، تهذيب الكمال "3/ 1085".

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَغَيْرُهُمْ. خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مقرونًا بغيره، وما علمت بِهِ بَأْسًا. أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 284- أَبُو حَاجِبٍ1 هُوَ سَوَادَةُ بْنُ عَاصِمٍ الْعَنَزِيُّ، مِنْ رِجَالِ السُّنَنِ. 285- أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ2 -م د ت ق- عَنْ أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَزَاذَانَ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَأَبُو الْيَقْظَانِ عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهُوَ بَصْرِيٌّ مَشْهُورٌ صَدُوقٌ، لَهُ أَحَادِيثُ. وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى وَالِدِهِ، قَرَأَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ بْنُ أعين، وغيره. 286- أبو رجاء العطاري3 -ع- وهو عمران بن مليحان، وقيل ابن تيم. مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَمْ يَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ رَأَى أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ. حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَمُرَةَ، وَتَلَقَّنَ الْقُرْآنَ مِنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَرَضَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَ تَلاءً لِكِتَابِ اللَّهِ. قَرَأَ عَلَيْهِ: أَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَسَلَمُ بْنُ زرير، وصخر ابن جُوَيْرِيَةَ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. سَمِعَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ يَقُولُ: بَلَغَنَا أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ عَلَى ماءٍ لَنَا، فَانْطَلَقْنَا نَحْوَ الشَّجَرَةِ هَارِبِينَ بِعِيَالِنَا، فَبَيْنَا أَنَا أَسُوقُ بِالْقَوْمِ، إِذْ وَجَدْتُ كُرَاعَ ظبيٍ طريٍ فَأَخَذْتُهُ فَأَتَيْتُ الْمَرْأَةَ فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَعِيرٌ؟ فَقَالَتْ: قَدْ كَانَ فِي وعاءٍ لَنَا عَامَ أَوَّلِ شَيْءٍ مِنْ شَعِيرٍ، فَمَا أَدْرِي بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لا، فَأَخَذَتْهُ فنفضته، فاستخرجت منه ملء كفٍ من شَعِيرٍ، فَرَضَخْتُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، ثُمَّ أَلْقَيْتُهُ وَالْكُرَاعَ في برمة، ثم قمت على بعيرٍ فَفَصَدْتُهُ إِنَاءً مِنْ دمٍ، ثُمَّ أَوْقَدْتُ تَحْتَهُ، ثُمَّ أَخَذْتُ عُودًا، فَلَبَكْتُهُ بِهِ لَبْكًا شَدِيدًا حَتَّى أَنْضَجْتُهُ، ثُمَّ أَكَلْنَا. فَقُلْتُ لَهُ: مَا طَعْمَ الدَّمِ؟ قَالَ: حُلْوٌ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا أبو عمرو قال: قلت

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 184-185"، الجرح والتعديل "4/ 292". 2 الطبقات الكبرى "7/ 226"، والتاريخ الكبير "9/ 23". 3 الطبقات الكبرى "7/ 138-140"، التاريخ الكبير "6/ 410".

لِأَبِي رَجَاءٍ: مَا تَذْكُرُ؟ قَالَ: أَذْكُرُ قَتْلَ بَسْطَامٍ، ثُمَّ أَنْشَدَ: وَخَزَّ عَلَى الأَلاءَةِ لَمْ يُوَسَّدْ ... كَأَنَّ جَبِينَهُ سيفٌ صَقِيلُ قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قتل بسطام قبل الإسلام بقليل. أبو يلمة التَّبُوذَكِيُّ: ثَنَا أَبُو الْحَارِثِ الْكَرْمَانِيُّ -ثِقَةٌ- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُولُ: أَدْرَكْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا شَابٌّ أَمْرَدُ وَلَمْ أَرَ نَاسًا كَانُوا أَضَلَّ مِنَ الْعَرَبِ، كَانُوا يَجِيئُونَ بِالشَّاةِ الْبَيْضَاءِ فَيُقَيِّدُونَهَا، فَيَخْتَلِسُهَا الذِّئْبُ، فَيَأْخُذُونَ أخرى مكانها فيقيدونها، وإذا رأوا صخرة ً حَسَنَةً جَاءُوا بِهَا وَصَلُّوا إِلَيْهَا، فَإِذَا رَأَوْا أَحْسَنَ مِنْهَا رَمَوْهَا، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا أَرْعَى الإِبِلَ عَلَى أَهْلِي فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوجِهِ لَحِقْنَا بِمُسَيْلِمَةَ. وَقِيلَ اسْمُ أَبِي رَجَاءٍ: عُثْمَانُ بْنُ تَيْمٍ، وَبَنُو عُطَارِدٍ بطنٌ مِنْ تَمِيمٍ، وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا رَجَاءٍ كَانَ يَخْضِبُ رَأْسَهُ دُونَ لِحْيَتِهِ. قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: كَانَ أَبُو رَجَاءٍ عَابِدًا، كَثِيرَ الصَّلاةِ وَتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، كَانَ يَقُولُ: مَا آسَى عَلَى شيءٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلا أَنْ أُعَفِّرَ فِي التُّرَابِ وَجْهِي كُلَّ يومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ أَبُو رَجَاءٍ رَجُلا فِيهِ غَفْلَةٌ وَلَهُ عِبَادَةٌ، عُمِّرَ طَوِيلا أَزْيَدَ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، ومات سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ذَكَرَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ: اجْتَمَعَ فِي جَنَازَةِ أَبِي رَجَاءٍ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالْفَرَزْدَقُ، فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ: "يَا أَبَا سَعِيدٍ، يَقُولُ النَّاسُ: اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الْجَنَازَةِ خَيْرُ النَّاسِ وَشَرُّهُمْ، فقال الحسن: لست بخيرالناس وَلَسْتُ بِشَرِّهِمْ، لَكِنَّ مَا أَعْدَدْتَ لِهَذَا الْيَوْمِ يَا أَبَا فِرَاسٍ؟ قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لا الله لا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ النَّاسَ مَاتَ كَبِيرُهُمْ ... وَقَدْ كَانَ قَبْلُ الْبَعْثِ بَعْثُ مُحَمَّدِ وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ الْيَوْمَ سَبْعُونَ حَجَّةً ... وَسِتُّونَ لَمَّا بَاتَ غَيْرَ مُوَسَّدِ إِلَى حفرةٍ غَبْرَاءَ يَكْرَهُ وِرْدَهَا ... سِوَى أَنَّهَا مَثْوَى وضيعٍ وَسَيِّدِ وَلَوْ كَانَ طُولُ الْعُمْرِ يُخَلِّدُ وَاحِدًا ... وَيَدْفَعُ عَنْهُ عَيْبَ عُمْرِ مُمَرِّدِ لَكَانَ الَّذِي رَاحُوا بِهِ يَحْمِلُونَهُ ... مُقِيمًا وَلَكِنْ لَيْسَ حيٌ بِمُخَلَّدِ نَرُوحُ وَنَغْدُو وَالْحُتُوفُ أَمَامَنَا ... يَضَعْنَ لَنَا حَتْفَ الرَّدَى كل مرصد

287- أبو السليل1 -م4- ضريب بن نقير -وقيل ابن نفير بِالْفَاءِ- الْجُرَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ -وَلَمْ يَلْقَهُمَا- وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رباح، وزهدم الجرمي. وعنه سليمان التميم، وَسَعِيدٌ وَالْجُرَيْرِيُّ، وَكَهْمَسٌ، وَآخَرُونَ، وَثَّقُوهُ. أَبُو سَلامٍ الْحَبَشِيُّ، مَمْطُورٌ قَدْ ذُكِرَ. أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَتِسْعِينَ كَمَا أَوْرَدْنَاهُ. 288- أَبُو السَّوَّارِ الْعَدَوِيُّ2 -خ م ن- بصريٌ نَبِيلٌ اسْمُهُ حَسَّانُ بْنُ حُرَيْثٍ. رَوَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَجُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ، وَعَنْهُ. قَتَادَةُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَثَّقُوهُ. 289- أبو صالح السمان3 -ع- ذكوان مَوْلَى جُوَيْرِيَة الْغَطَفَانِيَّةِ، مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، كَانَ يَجْلِبُ السَّمْنَ وَالزَّيْتَ إِلَى الْكُوفَةِ، قِيلَ إِنَّهُ شَهِدَ حِصَارَ يَوْمِ الدَّارِ، وَسَمِعَ: سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا سَعِيدٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَجَمَاعَةً، وَعَنْهُ: ابْنُهُ سُهَيْلٌ، والأَعْمَش، وَسُمَيٌّ، وَزَيْدُ بن أسلم، وبكير ابن الأَشَجِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَخَلْقٌ. ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: ثقةٌ ثِقَةٌ، مِنْ أَجَلَّ النَّاسِ وَأَوْثَقَهُمْ، وَقِيلَ كَانَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَتْ لِأَبِي صَالِحٍ لحيةٌ طَوِيلَةٌ، فَإِذَا ذُكِرَ عُثْمَانُ بَكَى، فَارْتَجَّتْ لِحْيَتُهُ وَقَالَ: هَاهْ هَاهْ، وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ فَضْلِهِ، وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ مُؤَذِّنًا فَأَبْطَأَ الإِمَامُ، فَأَمَّنَا، فَكَانَ لا يَكَادُ يجيزها من الرقة والبكاء، وقال أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، صَالِحُ الْحَدِيثِ، يُحتَجُّ بِحَدِيثِهِ. وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ إِذَا رَآهُ قَالَ: مَا عَلَى هَذَا أَلا يَكُونُ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. وَقَالَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي صَالِحٍ

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 222"، التاريخ الكبير "4/ 342". 2 الطبقات الكبرى "7/ 151"، التاريخ الكبير "3/ 30". 3 الطبقات الكبرى "5/ 301"، التاريخ الكبير "3/ 260-261".

السَّمَّانِ أَلْفَ حَدِيثٍ. قلت: تُوُفِّيَ سنة إحدى ومائة، رحمه الله. 290- أَبُو السَّائِبِ1 -م4- مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ، مدنيٌ مَشْهُورٌ لَمْ يُسَمَّ. رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَالْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَشَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَآخَرُونَ، وَهُوَ ثقةٌ مُكْثِرٌ. 291- أَبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ الكوفي2 -د ت ق- قيل اسمه عبد الله بن عباس. رَوَى عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ، وَغَيْرِهِ، وَأَرْسَلَ عَنْ عُمَرَ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ، والأعمش، وغيرهما. 292- أبو سعيد مولى عبد الله بن عامر3 -م ت ق- بْنِ كُرَيْزٍ الْقُرَشِيِّ الْمَدَنِيِّ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ عَجْلانَ، وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 392- أَبُو شَيْخٍ الْهُنَائِيّ4 -د ن- حَيْوَانُ، وَقِيلَ خَيْوَانُ الْمُقْرِئُ. قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ، وَقَرَأَ عَلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمُعَاوِيَةَ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَيُونُسُ بْنُ مِهْرَانَ. قال شباب: وهو بَصْرِيٌّ، مَاتَ بَعْدَ الْمِائَةِ. 294- أَبُو صَادِقٍ الأَزْدِيُّ الكوفي5 -ق- مُسْلِمُ بْنُ يَزِيدَ، وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ناجذ أَخُو رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِذٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ ناجذ، وعن علي، وأبي هريرة مرسلًا، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ، وَعَنْهُ: الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ، وَالْحَكَمُ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَجَمَاعَةٌ.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 307"، التاريخ الكبير "9/ 38". 2 التاريخ الكبير "9/ 40"، الجرح والتعديل "9/ 385". 3 التاريخ الكبير "9/ 34"، الجرح والتعديل "9/ 376". 4 التاريخ الكبير "3/ 130"، الجرح والتعديل "3/ 401". 5 التاريخ الكبير "7/ 277"، الجرح والتعديل "8/ 199".

قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ بَابَةُ أَبِي الْبَخْتَرِيُّ. 295- أَبُو الصِّدِّيقِ الناجي البصري1 -ع- بكر بن عمرو، وقيل ابن قيس. سَمِعَ: عَائِشَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَزَيْدٌ الْعَمِّيُّ، وَعَامِرٌ الأَحْوَلُ، وَآخَرُونَ، مُجْمَعٌ عَلَى ثِقَتِهِ. أَبُو الطفيل: قد ذكر. 296- أبو العالية البصري2 -خ م- البراء، قِيلَ اسْمُهُ زِيَادُ، وَقِيلَ: كُلْثُومٌ. حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصام، وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيَّ، وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظُ دِينَارٌ قد تقدم. 297- أبو العلاء بن الشخير3 -ع- هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ العامري البصري، أَخُو مُطَرِّفٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ: وَأَخِيهِ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ، وَأَحْنَفَ بْنِ قَيْسٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَكَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ الأَثْبَاتِ، ذُكِرَ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنَ الْحَسَنِ بِعَشْرِ سِنِينَ، فَلَعَلَّهُ وُلِدَ فِي خِلافَةِ الصِّدِّيقِ، قَالَ أَبُو هِلالٍ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ الشِّخِّيرِ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: رَأَيْتُ أَبَا الْعَلاءِ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ. وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ فِي مَجْلِسٍ، فَقِيلَ لِأَبِي الْعَلاءِ يَزِيدَ بْنِ عبد الله بن الشخير: تكلم، فقال: أوهناك أَنَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْكَلامَ وَمُؤْنَتَهُ وَتَبِعَتَهُ. تُوُفِّيَ أَبُو الْعَلاءِ يَزِيدُ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سنة إحدى عشرة.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 390"، تهذيب الكمال "3/ 1616". 2 تهذيب الكمال "3/ 1619"، تهذيب التهذيب "12/ 143-144". 3 الطبقات الكبرى "7/ 155-156" التاريخ الكبير "8/ 345".

298- أَبُو عَلْقَمَةَ1 -م4- مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، سَكَنَ مِصْرَ، وَحَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: "أَبُو الْخَلِيلِ صَالِحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَيَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الإِفْرِيقِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: أَحَادِيثُهُ صِحَاحٌ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَارِسِيُّ مَوْلَى لابْنِ عَبَّاسٍ، وُلِّيَ قَضَاءَ إِفْرِيقِيَةَ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ. أَبُو قَتَادَةَ الْعَدَوِيُّ اسْمُهُ تَمِيمٌ، قَدْ ذُكِرَ. 299- أَبُو قِلابَةَ2 -ع- هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ، أَحَدُ أَعْلامِ التَّابِعِينَ، رَوَى عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَعَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ، وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، وَزَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ، وَخَالِدِ بْنِ اللَّجْلاجِ، وَأَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ -رَضِيعُ عَائِشَةَ- وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَقُبَيْصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، وَقُبَيْصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ، وَأَبِي الْمُلَيْحِ الْهُذَلِيِّ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَآخَرُونَ. وَرِوَايَتُهُ عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلَةٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ. وَرَوَى عَنْ حُذَيْفَةَ، وَأَخْرَجَ ذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ، وَهُوَ مُرْسَلٌ أَيْضًا. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَغَيْرُهُ: قِيلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: هَذَا أَبُو قلابة قدم، قَالَ: مَا أَقْدَمَهُ؟ قَالَ: مُتَعَوِّذًا مِنَ الْحَجَّاجِ، أَرَادَهُ عَلَى الْقَضَاءِ، فَكَتَبَ لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ بِالْوِصَاةِ، فَقَالَ أَبُو قِلابَةَ: لَنْ أَخْرُجَ مِنَ الشَّامِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ، دِيوَانُهُ بِالشَّامِ، قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلانِيُّ: قُلْتُ لِأَبِي قِلابَةَ مَا هَذِهِ الصَّلاةِ الَّتِي يصليها أميرالمؤمنين عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عشرةٌ من أفضل

_ 1 التاريخ الكبير "9/ 59"، الجرح والتعديل "9/ 419". 2 الطبقات الكبرى "7/ 183-185"، التاريخ الكبير "5/ 92".

مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهَا صَلاةُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقِرَاءَتُهُ وَرُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ. قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: مَاتَ أَبُو قِلابَةَ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ تَرَكَ حِمْلَ بغلٍ كُتُبًا. وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلابَةَ، إِنَّ عَنْبَسَةَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ لِأَبِي قِلابَةَ: لا يَزَالُ هَذَا الْجُنْدُ بِخَيْرِ مَا أَبْقَاكَ اللَّهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ1. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ذَكَرَ أَيُّوبُ أَبَا قِلابَةَ فَقَالَ: كَانَ وَاللَّهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ ذَوِي الأَلْبَابِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لا يُعْرَفُ لِأَبِي قِلابَةَ تَدْلِيسٌ. وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا قِلابَةَ خَرَجَ حَاجًّا، فَتَقَدَّمَ أَصْحَابَهُ فِي يومٍ صائفٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَصَابَهُ عطشٌ شَدِيدٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قادرٌ عَلَى أَنْ تُذْهِبَ عَطَشِي مِنْ غَيْرِ فِطْرٍ، فَأَظَلَّتْهُ سحابةٌ فَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِ، حَتَّى بَلَّتْ ثَوْبَيْهِ، وَذَهَبَ عَنْهُ الْعَطَشُ. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ: كُنَّا نَأْتِي أَبَا قِلابَةَ، فَإِذَا حَدَّثَنَا بِثَلاثَةِ أَحَادِيثَ قَالَ: قَدْ أكثرت2. قال أيوب السختياني: لم يكن ههنا أعلم بالقضاء من أبي قِلابَةَ، لا أَدْرِي مَا مُحَمَّدٌ. وَقَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُذَيْنَةَ الْقَاضِي ذُكِرَ أَبُو قِلابَةَ لِلْقَضَاءِ، فَهَرَبَ حَتَّى أَتَى الْيَمَامَةَ، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ! فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ مِثْلَ الْقَاضِي الْعَالِمِ إِلا مِثْلَ رجلٍ وقع في بحرٍ فكما عَسَى أَنْ يَسْبَحَ حَتَّى يَغْرَقَ3. قَالَ أَيُّوبُ: كَانَ يُرَادُ عَلَى الْقَضَاءِ، فَيَفِرُّ، مَرَّةً إِلَى الشَّامِ، وَمَرَّةً إِلَى الْيَمَامَةِ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ الْبَصْرَةَ كَانَ يَخْتَفِي. عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: لا تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهْوَاءِ، فَإِنِّي لا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلالَتِهِمْ أَوْ يُلْبِسُوا عَلَيْكُمْ بَعْضَ مَا تَعْرِفُونَ، وَقَالَ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ: قَالَ أَبُو قِلابَةَ لِأَيُّوبَ: يَا أَيُّوبُ، إِذَا أَحْدَثَ اللَّهُ لَكَ عِلْمًا فَأَحْدِثْ لَهُ عِبَادَةُ، وَلا يَكُنْ هَمُّكَ أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ النّاسَ. أَيُّوبُ قَالَ: مَرِضَ أَبُو قِلابَةَ، فَعَادَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ: تَشَدَّدْ يَا أَبَا قِلابَةَ، لا يَشْمَتُ بِنَا الْمُنَافِقُونَ4. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مرض أبو قلابة بالشام، فأوصى بكتبه

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 284". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "2/ 287". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 183". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 185".

لِأَيُّوبَ وَقَالَ: إِنْ كَانَ حَيًّا وَإِلا فَأَحْرِقُوهَا فَأَرْسَلَ أَيُّوبُ فَجِيءَ بِهَا عَدْلَ رَاحِلَةٍ. شَبَابَةُ: ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ أَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمَلَةَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ دِمَشْقَ، فَقُلْنَا لَهُ: لَوْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ بِالْعِرَاقِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْكَ لَجَاءَنَا بِهِ، فَقَالَ: كَيْفَ لَوْ رَأَيْتُمْ أَبَا قِلابَةَ! فَمَا لَبِثْنَا أَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو قِلابَةَ، وَقَالَ أَيُّوبُ: رَآنِي أَبُو قِلابَةَ وَقَدِ اشْتَرَيْتُ تَمْرًا رَدِيئًا، فَقَالَ: مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ نَزَعَ مِنْ كُلِّ رَدِيءٍ بَرَكَتَهُ! وَعَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: لَيْسَ شيءٌ أَطْيَبَ مِنَ الرَّوْحِ، مَا انْتُزِعَ مِنْ شيءٍ إِلا أَنْتَنَ، وَعَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ: إِذَا حَدَّثْتَ الرَّجُلَ بِالسُّنَّة فَقَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذَا وَهَاتِ كِتَابَ اللَّهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ ضَالٌّ1. قُلْتُ: وَإِذَا رَأَيْتَ الْمُتَكَلِّمَ يَقُولُ: دَعْنَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهَاتِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ أَبُو جَهْلٍ، وَإِذَا رَأَيْتَ الْعَارِفَ يَقُولُ: دَعْنَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْعَقْلِ، وَهَاتِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الذَّوْقُ وَالْوَجْدُ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ شرٌ مِنْ إِبْلِيسَ، وَأَنَّهُ ذُو اتِّحَادٍ وَتَلْبِيسٍ. قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: يُقَالُ: رَجُلُ قِلابَةَ، إِذَا كَانَ أَحْمَرَ الْوَجْهِ. وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا قِلابَةَ كَانَ يَسْكُنُ دَارِيَا. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أربعٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَنَةَ أربعٍ أَوْ خمسٍ وَمِائَةٍ، وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: سَنَةَ ستٍّ أَوْ سبعٍ وَمِائَةٍ، رَحِمَهُ الله. 300- أبو المتوكّل النّاجي البصريّ2 -ع- اسمه علي بن دؤاد، حَدَّثَ عَنْ عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَحُمَيْدٌ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيُّ، وَأَبُو عقيل بشير ابن عُقْبَةَ، وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلا مِنْ جِلَّةِ التَّابِعِينَ. توفّي سنة اثنتين ومائة. 301- أبو مجلز3 -ع- هُوَ لاحِقُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ السَّدُوسِيُّ البصري

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 184". 2 الطبقات الكبرى "7/ 225"، التاريخ الكبير "6/ 273". 3 الطبقات الكبرى "7/ 216"، التاريخ الكبير "8/ 258-259".

الأعور، سَمِعَ: جُنْدُبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيَّ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَسَمُرَةَ بْنَ جُنْدَبٍ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَأَرْسَلَ عَنْ عُمَرَ، وَحُذَيْفَةَ، وَالْكِبَارِ. وَعَنْهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، وهاشم بن حسّان، وأبو هاشم الرمّاني يحيى ابن دِينَارٍ، وَآخَرُونَ. وَقَدْ دَخَلَ خُرَاسَانَ صُحْبَةَ أَمِيرِهَا قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَكَانَ أَحَدَ عُلَمَاءِ زَمَانِهِ. قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو مِجْلَزٍ مِنْ حذيفة. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: كَانَ أَبُو مِجْلَزٍ قَصِيرًا قَلِيلا، فَإِذَا تَكَلَّمَ كَانَ مِنَ الرِّجَالِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: هَذَا أَبُو مِجْلَزٍ تَجِيئُنَا عَنْهُ أَحَادِيثُ كَأَنَّهُ شِيعِيٌّ، وَتَجِيئُنَا عَنْهُ أَحَادِيثُ كَأَنَّهُ عُثْمَانِيٌّ. وَرَوَى عمْران بْنُ حُدَير، عَن أَبِي مِجْلَز قَالَ: شَهِدْتُ بشهادةٍ عِنْدَ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى وَحْدِي، فَقَضَى بِهَا وَبِئْسَ مَا صَنَعَ. 302- أَبُو مُصْبِحٍ المقرائيّ1 -د- الأوزاعيّ الحمصي. عَنْ: ثَوْبَانَ، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَجَابِرٍ، وَكَعْبٍ الأَحْبَارِ، وَوَاثِلَةَ، وَطَائِفَةٍ، وَعَنْهُ صُبَيْحُ بْنُ مُحْرِزٍ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَالأَوْزَاعِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. 303- أَبُو مَرْزُوقٍ التُّجِيبِيُّ2 -د ق- مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ، حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ. عَنْ: حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، وَمُغِيرَةَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ، نَزَلَ إِفْرِيقِيَةَ فَانْتَفَعُوا بِهِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَمِائَةٍ. أَبُو الْمَلِيحِ الْهُذْلِيُّ -ع- وَرَّخَهُ خَلِيفَةُ سَنَةَ ثمانٍ وَمِائَةٍ، وَسَيَأْتِي. 304- أَبُو المنيب الحرشي الدمشقي3 -د- الأحدب. أرسل عن معاذ، وأبي هريرة، وجماعة، روى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. 305- أبو نضرة العبدي4 -م4- المنذر بن مالك بن قطعة العوقي، وَالْعُوقَةُ بَطْنٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، بصريٌّ كَبِيرٌ أَدْرَكَ طَلْحَةَ أَحَدَ الْعَشْرَةِ، وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وأبي

_ 1 التاريخ الكبير "9/ 74"، الجرح والتعديل "9/ 445". 2 التاريخ الكبير "9/ 72"، الجرح والتعديل "9/ 442". 3 التاريخ الكبير "9/ 70"، الجرح والتعديل "9/ 440". 4 الطبقات الكبرى "7/ 208"، التاريخ الكبير "7/ 355-356".

مُوسَى، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: قَتَادَةُ، وَالْجُرَيْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَكَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ، وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَدَّانِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ، وَلَيْسَ كُلُّ أحدٍ يَحْتَجُّ بِهِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانٍ ومائة. 306- أبو نهيك الأزدي1 -د- الفراهيدي البصري، صَاحِبُ الْقِرَاءَاتِ. يُقَالُ: اسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ نَهِيكٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وعنه: قتادة، وزيادة بن سعد، وحسين بن واقد، وآخرون، وحدث بمرو. 307- أبو يزيد المديني2 -خ ن- حَدَّثَ بِالْبَصْرَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأُمِّ أَيْمَنَ مُرْسَلا، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَرَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ، وَذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ، وَهُمَا مِنْ طَبَقَتِهِ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ. وَثَّقَهُ ابن معين، الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. تَمَّتِ الطَّبَقَةُ الْحَادِيَةُ عَشْرَةُ، والحمد لله.

_ 1 التاريخ الكبير "9/ 76"، تهذيب الكمال "3/ 1654". 2 التاريخ الكبير "9/ 81"، تهذيب الكمال "3/ 1659".

الطبقة الثانية عشرة الحوادث من 111 إلى 120

الطبقة الثانية عشرة: الحوادث من 111 إلى 120 حوادث سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: عَطِيَةُ الْعَوْفِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخيْمَرَةَ فِي قَوْلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ الشِّخِّيرِ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا قَالَ خَلِيفَةُ: عُزِلَ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ، وَأُعِيدَ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ فَسَارَ إِلَى تَفْلِيسَ، وَأَغَارَ عَلَى مَدِينَةِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي لِلخَزَرِ فَافْتَتَحَهَا وَرَجَعَ، فَجَمَعَتِ الْخَزَرُ جُمُوعًا عَظِيمَةً كَثِيرَةً مَعَ ابْنِ خَاقَانَ، فَدَخَلُوا أَرْمِينِيَّةَ وَحَاصَرُوا أَرْدَبِيلَ. وَفِيهَا أَغْزَى الأَمِيرُ عُبَيْدَةُ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ إِفْرِيقِيَةَ مُسْتَنِيرَ بْنَ الْحَارِثِ فِي الْبَحْرِ، وفي مائةٍ وَثَمَانِينَ مَرْكِبًا، وَهَجَمَ الشِّتَاءُ فَقَفَلَ، وَجَاءَتْ ريحٌ مزعجةٌ، فَغَرَّقَتْ عَامَّةَ تِلْكَ الْمَرَاكِبِ وَمَنْ فِيهَا، فَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهَا إلا سَبْعَةَ عَشَرَ مركبًا1، فما شاء الله كان.

_ 1 تاريخ خليفة "341".

حوادث سنة اثنتي عشر ومائة

حوادث سنة اثنتي عشر ومائة ... حَوَادِثُ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَقَدْ مَرَّ سَنَةَ مِائَةٍ. وَقَدْ قَالَ شُعْبَةُ: لَقِيتُ شَهْرًا، فَلَمْ أعتدّ به. وفيها تُوُفِّيَ: طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي سعيد الخردي، وَأَبُو عَبْدِ رَبِّ الدِّمَشْقِيُّ الزَّاهِدُ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّامِيُّ، وَأَبُو الْمَلِيحِ الْهُذَلِيُّ. وَفِيهَا زَحَفَ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ بَرْذَعَةَ إِلَى ابْنِ خَاقَانَ لِيَدْفَعَهُ عَنْ أَرْدَبِيلَ، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ وَعَظُمَ الْقِتَالُ، وَاشْتَدَّ الْبَلاءُ وَانْكَسَرَ الْمُسْلِمُونَ، وَقُتِلَ خلقٌ مِنْهُمُ الْجَرَّاحُ وَكَانَ أَحَدَ الأَبْطَالِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَغَلَبَتِ الْخَزَرُ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ، عَلَى أَذرَبَيْجَانَ، وَبَلَغَتْ خُيُولُهُمْ إِلَى الْمَوْصِلِ1، وَحَصَلَ وهنٌ عظيمٌ عَلَى الإِسْلامِ لَمْ يُعْهَدْ.

_ 1 تاريخ خليفة "342"، والطبري "7/ 70".

وَفِيهَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ مَدِينَةَ فَرْغَانَةَ، وَعَلَيْهِمْ أَشْرَسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ، فَالْتَقَاهُمُ التُّرْكُ وَأَحَاطُوا بِالْمُسْلِمِينَ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَبَادَرَ بِتَوْلِيَةِ جُنَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُرِّيِّ عَلَى بِلادِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، لِيَحْفَظَ ذَلِكَ الثَّغْرَ. وَفِيهَا أَخَذَتِ الْخَزَرُ أَرْدَبِيلَ بِالسَّيْفِ، وَاسْتَبَاحُوهَا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ وَجَّهَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى أَذرَبَيْجَانَ سَعِيدَ بْنَ عُمَيْرٍ الْحَرَشِيَّ فَسَاقَ وَبَيَّتَ الْخَزَرَ، وَاسْتَنْقَذَ مِنْهُمْ بَعْضَ السَّبْيِ، ثُمَّ رَكِبَ فِي الْبَحْرِ وَكَسَرَ طَاغِيَةَ الْخَزَرِ، وَقَتَلَ خلقٌ مِنَ الْخَزَرِ وَنَزَلَ النَّصْرُ1. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: خَرَجَ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي طَلَبِ التُّرْكِ، وَذَلِكَ فِي الْبَرَدِ وَالثَّلْجِ، فَسَارَ حَتَّى جَاوَزَ الْبَابَ، وَخَلَّفَ الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو الطَّائِيَّ فِي بُنْيَانِ الْبَابِ وَتَحْصِينِهِ وَإِحْكَامِهِ، وَبَثَّ سَرَايَاهُ، وَافْتَتَحَ حُصُونًا، فَحَرَّقَ الْمَلاعِينُ أَنْفُسَهُمْ فِي حُصُونِهِمْ عِنْدَ الْغَلَبَةِ2. وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ صِقَلِيَّةَ، فَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ وَسَبُوا3. وَفِيهَا سَارَ مُعَاوِيَةُ وَلَدُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَافْتَتَحَ خَرْشَنَةَ مِنْ نَاحِيَةِ مَلَطْيَةَ، وَاللَّهُ أعلم.

_ 1 تاريخ خليفة "343"، والطبري "7/ 70". 2 تاريخ خليفة "343"، والطبري "7/ 71". 3 تاريخ خليفة "345".

حوادث سنة ثلاث عشرة ومائة

حَوَادِثُ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: حَرَامُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَيْصَةَ الْمَدَنِيُّ. وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ الْحِمْصِيُّ، فِي قَوْلِ ابْنِ سَعْدٍ. وَأَبُو السِّفْرِ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، أَوْ فِي آخِرِ الْمَاضِيَةِ. وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ بُخْتٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ الْمَكِّيُّ.

وَعَبْدُ اللَّهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَطَّالُ. وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قرّة أبو إياس المزني البصري. ومكحول الدمشقي الفقيه. وَيُوسُفُ بْنُ مَاهِكٍ. وَفِيهَا غَزَا الْجُنَيْدُ الْمُرِّيُّ نَاحِيَةَ طَخَارَسْتَانَ، فَجَاشَتِ التُّرْكُ بِسَمَرْقَنْدَ، فَالْتَقَاهُمُ الْجُنَيْدُ بِقُرْبِ سَمَرْقَنْدَ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، ثُمَّ تَحَاجَزُوا، فكتب الجنيد إلى سورة بن أبجر الدَّارَمِيِّ نَائِبِهِ عَلَى سَمَرْقَنْدَ بِالإِسْرَاعِ إِلَيْهِ، فَخَرَجَ فَلَقِيَهُ التُّرْكُ عَلَى غرّةٍ، فَقَتَلَتْهُ فِي طَائِفَةٍ مِنْ جُنْدِهِ، ثُمَّ إِنَّ الْجُنَيْدَ الْتَقَاهُمْ ثَانِيَةً، فَهَزَمَهُمْ وَدَخَلَ سَمَرْقَنْدَ1 وَفِيهَا أُعِيدَ مُسْلِمَةُ إِلَى إِمْرَةِ أَذْرَبَيْجَانَ، فَأَخَذَ مُتَوَلِّيهَا سَعِيدَ بْنَ عَمْرٍو فَسَجَنَهُ، فَجَاءَ أَمْرُ هِشَامٍ بِأَنْ يُطْلِقَهُ. وَسَأَلَ مُسْلِمَةُ أَهْلَ حَيْزَانَ الصُّلْحَ فَأَبُوا عَلَيْهِ، فَقَاتَلَهُمْ وَجَدَّ فِي قِتَالِهِمْ، فَطَلَبُوا الصُّلْحَ وَالأَمَانَ، فَحَلَفَ لَهُمْ أَلا يَقْتُلُ مِنْهُمْ رَجُلا وَلا كَلْبًا2، فَنَزَلُوا، فَقَتَلَ الْجَمِيعَ إِلا رَجُلا وَاحِدًا وَكَلْبًا وَرَأَى أَنَّ هَذَا سَائِغًا لَهُ، وَأَنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ. ثُمَّ إِنَّهُ سَارَ إِلَى أَرْضِ شَرْوَانَ3، فَسَأَلَهُ مَلِكُهَا الصُّلْحَ، فَصَالَحَهُمْ وَغَوَّرَ فِي بِلادِهِمْ، فَقَصَدَهُ خَاقَانُ، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ، وَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، وَكَادَ الْعَدُوُّ أَنْ يَظْفَرُوا، فَتَحَيَّزَ مُسْلِمَةُ بِالنَّاسِ، ثُمَّ الْتَقَاهُمْ ثَانِيًا انْهَزَمَ فِيهَا خَاقَانُ4. وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ هَائِلَةٌ بِأَرْضِ الرُّومِ، انْكَسَرَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ وَتَمَزَّقُوا، وَكَانُوا ثَمَانِيَةَ آلافٍ، عَلَيْهِمْ مالك ابن شَبِيبٍ الْبَاهِلِيُّ، وَكَانَ قَدْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فِي بِلادِ الرُّومِ، فَحَشَدُوا لَهُ، فَاسْتُشْهِدَ فِي هَذِهِ الوقعة مَالِكٌ الأَمِيرُ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ بُخْتٍ، وَالْبَطَّالُ الذي تضرب الأمثال بشجاعته5.

_ 1 تاريخ خليفة "344". 2 تاريخ خليفة "344". 3 شروان: مدينة من نواحي باب الأبواب، معجم البلدان "3/ 339". 4 تاريخ خليفة "344". 5 تاريخ الطبري "7/ 88".

حوادث سنة أربع عشرة ومائة

حَوَادِثُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، فِي قَوْلِ شُعْبَةَ. وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَلاءُ بْنُ رَبَاحٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ. وَيَحْيَى بْنُ مَيْمُونٍ الْحَضْرَمِيُّ قَاضِي مِصْرَ. وَفِي أَوَّلِ السَّنَةِ عَزَلَ هِشَامٌ أَخَاهُ مُسْلِمَةَ عَنْ أَذْرَبَيْجَانَ وَالْجَزِيرَةِ بِابْنِ عَمِّهِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَسَارَ مَرْوَانُ بِجَيْشِهِ حَتَّى جَاوَزَ نَهْرَ الزَّمِّ، فَقَتَلَ وَسَبَى، وَأَغَارَ عَلَى الصَّقَالِبَةِ1. وَفِيهَا غَزَا الْجُنَيْدُ الْمُرِّيُّ بِلادَ الصَّغَانِيَانِ مِنَ التُّرْكِ فَرَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: وَفِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ بِلادَ الرُّومِ وَأَسَرَ الْمُسْلِمُونَ قُسْطَنْطِينَ2 وَقَالَ غَيْرُهُ: فِيهَا وُلِّيَ إِمْرَةَ الْمَغْرِبِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَبْحَابِ السَّلُولِيُّ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا تِسْعَ سِنِينَ، وَكَانَ خَبِيرًا حَازِمًا وَشَاعِرًا كَاتِبًا، وَهُوَ الَّذِي بَنَى جَامِعَ تُونُسَ، وَقَدْ وُلِّيَ إِمْرَةَ دِيَارِ مِصْرَ قُبَيْلَ هَذَا، وَمِنْهَا سَارَ إِلَى إِفْرِيقِيَةَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مِصْرَ وَلَدَهُ الْقَاسِمَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَمْلَكَةِ الأَنْدَلُسِ عُقْبَةَ بْنَ حَجَّاجٍ، وَصَرَفَ عَنْبَسَةَ. وَافْتَتَحَ فِي أَيَّامِهِ عدّة فتوحا، وَأَوْطَأَ الْبَرْبَرُ، خَوْفًا وَهَوَانًا وَذُلا، وَكَانَ مُقَدَّمَ جيوشه حبيب بن أبي عبيدة الفهري.

_ 1 تاريخ خليفة "344". 2 تاريخ خليفة "345".

حوادث سنة خمس عشرة ومائة

حوادث سنة خمس عشرة ومائة: وفيها تُوُفِّيَ: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَلَى الأَشْهَرِ. وَالْجُنَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُرِّيُّ أَمِيرُ خُرَاسَانَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ. وَعُمَرُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. وَعُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ. وَفِيهَا خَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ، وَتَغَلَّبَ عَلَى مَرْوَ وَالْجَوْزَجَانِ، فَحَارَبَهُ عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ الْحَارِثَ قَطَعَ بِهِمْ نَهْرَ بَلْخٍ، فَسَارَ فِي طَلَبِهِ أَمِيرُ خارسان أَسَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ، فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ الْحَارِثُ وَنَجَا، وَأَسَرَ أَسَدٌ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ وبدّع فيهم1.

_ 1 تاريخ خلفة "346".

حوادث سنة ست عشرة ومائة

حَوَادِثُ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ. وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْوَفِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْمُرَادِيُّ الْجَمَلِيُّ. وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَعَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ. وَالْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ. وَالْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلٍ. وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ الْقَاضِي. وَمَيْمُونُ بْنُ مهران الجوزري فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا كَتَبَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى ابْنِ الْحَبْحَابِ السَّلُولِيِّ تَقْلِيدًا بِوِلايَةِ إِفْرِيقِيَةَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ جُرَيْجٍ بِطَنْجَةَ، وَكَانَ صُفْرِيًّا، فَالْتَقَى عَسْكَرَ ابْنِ الْحَبْحَابِ فَهَزَمَهُمْ1. وَفِيَها بَعَثَ ابْنُ الْحَبْحَابِ جَيْشًا إِلَى بِلادِ السُّودَانِ، فَغَنِمُوا وَسَبُوا. وَفِيهَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْبَحْرِ مِمَّا يَلِي صِقِلِّيَةَ، فَأُصِيبُوا فَلِلَّهِ الأمر.

_ 1 تاريخ خليفة "347".

حوادث سنة سبع عشرة ومائة

حَوَادِثُ سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، وَقَدْ ذُكِرَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا الْخُزَاعِيُّ. وَسُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ. وَشُرَيْحُ بْنُ صَفْوَانَ بِمِصْرَ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزٍ الأَعْرَجُ. وَعَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ. وَعُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ. وَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَقَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ الْمُفَسِّرُ، وَقِيلَ بَعْدَهَا. وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ. وَمُوسَى بْنُ وَرْدَانَ الْقَاصُّ بِمِصْرَ. وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، أَوْ فِي عَامِ أَوَّلِ. وَأَبُو الْبَدَّاحِ بْنُ عَاصِمٍ الْمَدَنِيُّ. وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعَدَوِيِّ. وَفِيهَا جَاشَتِ التُّرْكُ بِخُرَاسَانَ وَمَعَهُمُ الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ الْخَارِجِيُّ، وَعَلَيْهِمُ الْخَاقَانُ الْكَبِيرُ، فَعَاثُوا وَأَفْسَدُوا، وَوَصَلُوا إِلَى بَلَدِ مَرْوِ الرُّوذِ، فَسَارَ أسدٌ الْقَسْرِيُّ فَالْتَقَاهُمْ فَهَزَمَهُمْ، وَكَانَتْ وَقْعَةً هَائِلَةً قُتِلَ فِيهَا مِنَ التُّرْكِ خَلائِقُ1. وَفِيهَا افْتَتَحَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُتَوَلِّي أَذْرَبَيْجَانَ ثَلاثَةَ حُصُونٍ، وَأَسَرَ تُومَانْشَاهَ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْخَلِيفَةِ هِشَامٍ، فَمَنَّ عَلَيْهِ وَأَعَادَهُ إِلَى مَمْلَكَتِهِ. وَفِيهَا غَزَا ابْنُ الْحَبْحَابِ أَمِيرُ المغرب فغنم وسلم2.

_ 1 تاريخ خليفة "347-348". 2 تاريخ خليفة "348".

حوادث سنة ثمان عشرة ومائة

حَوَادِثُ سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ. وَحُكَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ. وَأَبُو عُشَانَةَ حَيُّ بْنُ يُومِنٍ الْمَعَافِرِيُّ. وَعُبَادَةُ بْنُ نَسِيٍّ الْكِنْدِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مُقْرِئُ الشَّامِ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ الْجُمَحِيُّ. وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ الْمَدَنِيُّ. وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ الْهَاشِمِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبَ السَّهْمِيُّ. وَمُعَاذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ. وَمَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَدَلِيُّ الْكُوفِيُّ. وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بن عليّ الباقر، وفي قَوْلِ ابْنِ مَعِينٍ. وَفِيهَا غَزَا مَرْوَانُ الْحِمَارُ نَاحِيَةَ وَرْتَنِيسَ، وَظَفَرَ بِمَلِكِهِمْ فَقَتَلَ وَسَبَى1. وَغَزَا معاوية بن هشام بأرض الروم2.

_ 1 تاريخ خليفة "348". 2 تاريخ خليفة "349".

حوادث سنة تسع عشرة ومائة

حَوَادِثُ سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ فِي قَوْلٍ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي قَوْلٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الْفَقِيهُ بِدِمَشْقَ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ الْفَقِيهُ بِمَكَّةَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ الأَمِيرُ بِأَرْضِ الرُّومِ. وَفِيهَا غَزَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ غَزْوَةَ السَّائِحَةِ، فَدَخَلَ بِجَيْشِهِ فِي بَابِ اللانِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى خَرَجَ إِلَى بِلادِ الْخَزَرِ، وَمَرَّ بِبَلَنْجَرَ وَسَمَنْدَرَ، وَانْتَهَى إِلَى الْبَيْضَاءِ مَدِينَةِ الْخَاقَانِ، فَهَرَبَ الْخَاقَانُ1. وَفِيهَا جَهَّزَ أَمِيرُ إِفْرِيقِيَةَ الْمَغْرِبِ جَيْشًا، عَلَيْهِمْ قُثَمُ بْنُ عَوَانَةَ، فَأَخَذُوا قَلْعَةَ سَرْدَانِيَةَ مِنْ بِلادِ الْمَغْرِبِ، وَرَجَعُوا فَغَرِقَ قُثَمُ بْنُ عَوَانَةَ هُوَ وجماعة2. فيها حَجَّ بِالنَّاسِ مُسْلِمَةُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الملك.

_ 1 تاريخ خليفة "349". 2 تاريخ خليفة "349".

حوادث سنة عشرين ومائة

حَوَادِثُ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَنَسُ بن سيرين على الصحيح. وأسيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ الأَمِيرُ. وَالْجَلاحُ أَبُو كَثِيرٍ الْقَاصُّ. وَالْجَارُودُ الْهُذَلِيُّ. وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ فِي قَوْلٍ. وَأَبُو مَعْشَرٍ زِيَادُ بْنُ كُلَيْبٍ الْكُوفِيُّ. وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ الصَّفَرِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ مُقْرِئُ أَهْلِ مَكَّةَ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ الأَوْدِيُّ. وَعَدِيُّ بْنُ عَدِيِّ بْنِ عُمَيْرَةَ الْكِنْدِيُّ. وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ الْكُوفِيُّ. وَعَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ. وَقَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ الْجَدَلِيُّ الْكُوفِيُّ.

وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ فِي قَوْلٍ. وَمُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَوَاصِلٌ الأَحْدَبُ. وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِيهَا عُزِلَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ عَنْ إِمْرَةِ الْعِرَاقِ بِيُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ، وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلايَةِ خَالِدٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الوليد بعث به إلى يوسف فقتله.

ترجمة رجال هذه الطبقة على حروف المعجم

ترجمة رجال هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 308- أَبَانُ بْنُ صَالِ بْنِ عُمَيْرٍ1 حِجَازِيٌّ ثقةٌ ورعٌ كَبِيرُ الْقَدْرِ. رَوَى عَنْ: أَنَسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وشهر بن حشوب، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَجَمَاعَةٌ. مَاتَ فِي الْكُهُولَةِ. 309- إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ، قَيْسٌ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ. سَمِعَ أَبَا وَائِلٍ، وَنَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَالْعَلاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. مَاتَ شَابًّا. 310- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ2 الْقُرَشِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَسَعِيدِ ين الْمُسَيِّبِ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ، وَسُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ. صَدَّقَهُ أَبُو حاتم. 311- إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي3 -خ د ن- أبو إسماعيل الكوفي. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، وَأَبِي وائل، وأبي بردة. وعنه العوام بن

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 451-452"، الجرح والتعديل "2/ 297". 2 التاريخ الكبير "1/ 307"، الجرح والتعديل "2/ 118". 3 التاريخ الكبير "1/ 295-296"، الكنى والأسماء "1/ 96".

حَوْشَبٍ، وَمِسْعَرٌ، وَالْمَسْعُودِيُّ. قَالَ النِّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 312- إبراهيم بن عبيد1 -م- بن رفاعة الزرقي المدني. عن أبيه، وعائشة، وجابر. وعنه ابن جريح، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 313- الأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ الْحَارِثِيّ2 -خ د ق- ثِقَةٌ كُوفِيٌّ. عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي رِيمَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ، وَالْحَمَّادَانِ، وَالْمِنْهَالُ بْنُ خَلِيفَةَ. 314- إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ الْمَدَنِيُّ3 مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرمَةَ الْمُطَّلِبِيِّ. رَأَى مُعَاوِيَةَ وَرَوَى عَنْ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد الله. وعنه ابنه صَاحِبُ السِّيرَةِ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلاءَ. وثقه ابن معين وغيره. له في كتاب مراسيل أبي داود. 315- أسد بن عبد الله بن يزيد4، الأمير أبو عبد الله القسري متولي خراسان، وأخو أمير العراقين خالد بن عبد الله. كان شجاعا مقداما سائسا جوادا ممدحا. روى عَنْ أَبِيهِ، وَالْحَجَّاج. وَعَنْهُ سالم بن قتيبة، وسعيد بن خثيم، وغيرهما. وله دار بِدِمَشْقَ بِالزَّقَّاقَيْنِ عِنْدَ دَارِ الْبِطِّيخِ. وَفِيهِ يَقُولُ سُلَيْمَانُ بْنُ قَتَةَ: سَقَى اللَّهُ بَلْخًا حَزْنَ بلخٍ وَسَهْلَهَا ... وَمَرْوَيْ خُرَاسَانَ السَّحَابَ الْمُجَمَّمَا وَمَا بِي لِسُقْيَاهُ وَلَكِنْ لحفرةٍ ... بِهَا غَيِّبُوا شِلْوًا كَرِيمًا وَأَعْظُمَا مُرَاجِمَ أقوامٍ وَمُرْدِي عَظِيمَةً ... وَطَلابَ أوتارٍ عفرني عثمثا لَقَدْ كَانَ يُعْطِي السَّيْفَ فِي الْبَذَعِ حَقَّهُ ... وَيَرْوِي السِّنَانُ الزَّاعِبِيُّ الْمُقَوَّمَا قَالَ: خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَأَمَّا أَخُوهُ فَتَأَخَّرَ بَعْدَهُ مُدَّةً. 316- إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَوْسَطَ الْبَجَلِيُّ5 أَمِيرُ الْكُوفَةِ. يُرْسِلُ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَلَهُ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأنماري.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 304"، الجرح والتعديل "2/ 113-114". 2 تاريخ خليفة "351"، التاريخ لابن معين "2/ 21-22". 3 التاريخ الكبير "1/ 405"، الجرح والتعديل "2/ 237-238". 4 التاريخ الكبير "2/ 50"، الكامل في الضعفاء "1/ 390". 5 تاريخ خليفة "358"، ميزان الاعتدال "1/ 222".

وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ لِلْقَتْلِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. رَوَى عَنْهُ الْمَسْعُودِيُّ. تُوُفِّيَ سنة سبع عشر ومائة. 317- إسماعيل بن رجاء1 -م4- بن ربيعة الزبيدي الكوفي، أبو إسحاق. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ. وَعَنْهُ الأَعْمَشُ، وَشُعْبَةُ، وَالْمَسْعُودِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. 318- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد الرحمن2 -ن- بْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ، وَيُقَالُ ابْنُ ذُؤَيْبٍ الأَسَدِيُّ المدني. عن ابن عمر، وعطاء ابن يَسَارٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَارِظِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ. لَهُ حَدِيثَانِ، وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 319- أُكَيْلٌ مُؤَذِّنُ إِبْرَاهِيمَ3 النَّخَعِيِّ عَنْهُ، وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ أُكَيْلٌ ضَرِيرًا وَاسْمُهُ مَعْبَدٌ. 320- أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ4 -ع- الأنصاري، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ، آخِرُ بَنِي سِيرِينَ مَوْتًا. وُلِدَ فِي آخِرِ خِلافَةِ عُثْمَانَ، وَدَخَلَ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عُمَرَ، ومسروق، وجماعة. وعنه: ابن عون، وخالد بن حذاء، وشعبة، والحمادان، وهمام، وأبان، وخلق. وثقه ابن معين وغيره. توفي سنة عشرين ومائة على الصحيح. ويقال: توفي سنة ثماني عشرة. 321- إياد بن لقيط5 -م د ت س- السدوسي الكوفي. عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَالْبَرَاءِ بْنِ قَيْسٍ، وَأَبِي رِمْثَةَ الْبَلَوِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعَامِرِيِّ، وَالْحَارِثِ بْنِ حَسَّانَ صَحَابِيٍّ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَمِسْعَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحديث.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 353"، الكنى والأسماء "1/ 100". 2 التاريخ الكبير "1/ 362-363"، الجرح والتعديل "2/ 183". 3 التاريخ الكبير "2/ 65"، الجرح والتعديل "2/ 348". 4 الطبقات الكبرى "7/ 207"، التاريخ الكبير "7/ 32"، تهذيب التهذيب "1/ 84". 5 التاريخ الكبير "2/ 69"، الجرح والتعديل "2/ 345".

322- إياس بن سلمة1 -ع- بن الأكوع الأسلمي المدني. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَأَبُو الْعُمَيْسِ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَيَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. "حرف الْبَاءِ": 323- بَاذَامُ أَبُو صَالِحٍ2 -وَيُقَالُ: بَاذَانُ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ. عَن مَوْلاتِهِ وَأَخِيهَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: أَبُو قِلابَةَ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَالأَعْمَشُ، وَالسُّدِّيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، ومحمد بن سوقة، ومالك ابن مِغْوَلٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَطَائِفَةٌ آخِرُهُمْ عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَإِذَا حَدَّثَ عَنْهُ الْكَلْبِيُّ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا تَرَكَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ تَفْسِيرُ مَا أَقَلَّ مَا لَهُ مِنَ الْمُسْنَدِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 324- بَحِيرُ بْنُ ذَاخِرِ بن عامر3، أبو علي المعارفي النَّاشِرِيُّ الْمَصْرِيُّ، سَيَّافٌ الأَمِيرُ سَلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ. روى عن عمر بْنِ الْعَاصِ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَمُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْروٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ بَحِيرٍ، وَالأَسْوَدُ بْنُ مَالِكٍ الْحِمْيَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَيْضًا مِنْ حَرَسِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ. جَوَّدَهُ ابْنُ مَاكُولا، وَرَدَّ عَلَى مَنْ جَعَلَهُ رَجُلَيْنِ، بَلْ هُمَا وَاحِدٌ. 325- بُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ4 السَّلُولِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَنْ أَنَسٍ، وَأَبِي الْجَوْزَاءِ السَّعْدِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَوَلَدُهُ يُونُسُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَشُعْبَةُ، وَمَعْمَرٌ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وغيره.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 248"، التاريخ الكبير "1/ 439". 2 التاريخ الكبير "2/ 144"، المجروحين "185". 3 التاريخ الكبير "2/ 138"، الجرح والتعديل "2/ 411". 4 التاريخ الكبير "2/ 140"، الجرح والتعديل "2/ 426".

326- بَشِيرُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو1 الْخَوْلانِيُّ الْمَصْرِيُّ. عَنْ أَبِي فِرَاسٍ، وَالْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وعنه سعيد ابن أَبِي أَيُّوبَ، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. 327- بُكَيْرُ بْنُ الأَخْنَسِ الْكُوفِيُّ2 -م د ن ق- عَنْ أَنَسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَجَمَاعَةٍ، وَقِيلَ إِنَّهُ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ بْنُ عَائِذٍ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَمِسْعَرٌ، وأَبُو عَوَانَةَ، وَآخَرُونَ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. 328- بُكَيْرُ بْنُ فَيْرُوزٍ الرُّهَاوِيُّ3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْه: زَيْدٌ وَيَحْيَى ابْنَا أَبِي أُنَيْسَةَ، وقتادة ابن الْفَضْلِ الرُّهَاوِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرُّهَا، قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 329- بِلالُ بْنُ سعد4 -ت- ابن تميم، أبو عمرو الدمشقي، الْمُذَكِّرُ، وَاعِظُ أَهْلِ الشَّامِ وَعَالِمُهُمْ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَطَائِفَةٌ. وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ النَّفَّاعِينَ بِحُسْنِ مَوَاعِظِهِ، وَبَلِيغِ قَصَصِهِ. قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَانَ مِنَ الْعِبَادَةِ عَلَى شيءٍ لم نسمع أحدًا قوي عليه، كان لَهُ كُلَّ يومٍ وليلةٍ أَلْفُ رَكْعَةٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَشَبَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، كَانَ لِأَهْلِ الشَّامِ مِثْلُ الْحَسَنِ بِالْعِرَاقِ، وَكَانَ قَارِئَ الشَّامِ، وَكَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ، حَدَّثَنِي رجلٌ مِنْ وَلَدِهِ أَنَّهُ مَاتَ فِي إِمْرَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ: ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ وَاعِظًا قَطُّ أَبْلَغَ مِنْ بِلالِ بْنِ سَعْدٍ5. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ تَمِيمٍ: سَمِعْتُ بِلالَ بْنَ سَعْدٍ يقول: يا أهل

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 100"، الجرح والتعديل "2/ 377". 2 الطبقات الكبرى "6/ 311"، التاريخ الكبير "2/ 112". 3 التاريخ الكبير "2/ 111-112"، الجرح والتعديل "2/ 402". 4 الطبقات الكبرى "7/ 461"، التاريخ الكبير "2/ 108". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 222".

الْخُلُودِ، يَا أَهْلَ الْبَقَاءِ، إِنَّكُمْ لَمْ تُخْلَقُوا لِلْفَنَاءِ، وَإِنَّمَا تُنْقَلُونَ مِنْ دارٍ إِلَى دَارٍ، كَمَا نُقِلْتُمْ مِنَ الأَصْلابِ إِلَى الأَرْحَامِ، وَمِنَ الأَرْحَامِ إِلَى الدُّنْيَا، وَمِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْقُبُورِ، وَمِنَ الْقُبُورِ إِلَى الْمَوْقِفِ، وَمِنَ الْمَوْقِفِ إِلَى الْخُلُودِ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْمَعَالِي الأَبْرقُوهِيِّ: أَخْبَرَكُمُ الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، ثَنَا عِيسَى بْنُ الْجَرَّاحِ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرِ بْنُ نَحِيرُوزٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ، سَمِعْتُ بِلالَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: لا تَنْظُرْ إِلَى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ، وَلَكِنَّ انْظُرْ مَنْ عَصَيْتَ1. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ إِمَامَ الْجَامِعِ بِدِمَشْقَ، وَقَالَ خَيْثَمَةُ: ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ: أَنْبَأَ أَبِي، ثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: كَانَ لِبِلالِ بْنِ سَعْدٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وليلةٍ أَلْفُ رَكْعَةٍ، وَعَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قال: كان بلال ابن سَعْدٍ إِمَامَ الْجَامِعِ، وَكَانَ إِذَا كَبَّرَ سُمِعَ صَوْتُهُ مِنَ الأَوْزَاعِ، وَتَبِينُ قِرَاءَتُه مِنَ الْعَقَبَةِ الَّتِي فِيهَا دَارُ الضِّيَافَةِ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْعُمْرَانُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ: رَأَيْتُ بِلالَ بْنَ سَعْدٍ يَعِظُ النَّاسَ فِي غَدَاةِ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى إِلَى جَانِبِ الْمِنْبَرِ، حَتَّى يَخْرُجَ الْخَلِيفَةُ، فَإِذَا خَرَجَ، جَلَسَ بِلالٌ. وَمِنْ كَلامِهِ مِمَّا سَمِعَهُ مِنْهُ الأَوْزَاعِيُّ: وَاللَّهِ لَكَفَى بِهِ ذَنْبًا، أَنَّ اللَّهَ يُزَهِّدُنَا فِي الدُّنْيَا، وَنَحْنُ نَرْغَبُ فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ الشَّعْبَانِيُّ، ثَنَا الضَّحَّاكُ عَنْ: بِلالِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: عِبَادَ اللَّهِ أَنْتُمُ الْيَوْمَ تَتَكَلَّمُونَ، وَاللَّهُ سَاكِتٌ، وَيُوشِكُ اللَّهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَتَسْكُتُونَ، ثُمَّ يَثُورُ مِنْ أَعْمَالِكُمْ دخانٌ تَسْوَدُّ مِنْهُ الْوُجُوهُ2. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: خَرَجُوا يَسْتَقُونَ بِدِمَشْقَ وَفِيهِمْ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ، فَقَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ حَضَرَ، أَلَسْتُمْ مُقِرُّونَ بِالإِسَاءَةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتُ: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] وَقَدْ أقررنا بالإساءة فاعف عنا واسقنا، فسقينا يومنا ذلك3، وتوفي بِلالٌ فِي إِمْرَةِ هِشَامٍ، وَتَرْجَمَتُهُ فِي تَارِيخِ دمشق في نيفٍ وعشرين ورقة.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 223". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 224". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 226".

330- بَيَانُ بْنُ سَمْعَانَ التَّيْمِيُّ النَّهْدِيُّ1، لَعَنَهُ اللَّهُ. ظَهَرَ بِالْعِرَاقِ، وَقَالَ بِآلُهِيَّةِ عَليٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وَأَنَّ فِيهِ جُزْءًا مِنَ الآلُهِيَّةِ، مُتَّحِدًا بِنَاسُوتَهْ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ بَعْدِهِ فِي ابْنِهِ مُحَمَّدِ بن الحنيفة، ثُمَّ فِي وَلَدِهِ أَبِي هَاشِمٍ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ فِي بَيَانٍ، يَعْنِي نَفْسَهُ، ثُمَّ أَنَّهُ كَتَبَ كِتَابًا إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ يَدْعُوهُ إلى نفسه وأنه نبي. قتله خالد ابن عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ أَمِيرُ الْعِرَاقِ. "حرف التَّاءِ": 331- تَوْبَةُ بْنُ نَمِرِ بْنِ حَرْمَلِ بْنِ تَغْلِبَ2 الْحَضْرَمِيُّ الْبُسْتِيُّ، أَبُو مِحْجَنٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ قاض مِصْرَ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: جُمِعَ لَهُ الْقَضَاءُ وَالقَصَصُ بِمِصْرَ. قُلْتُ: رَوَى يَسِيرًا عَنِ التَّابِعِينَ. حَدَّثَ عَنْهُ زِيَادُ بْنُ عَجْلانَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ: لَمَّا وُلِّيَ تَوْبَةُ بْنُ نَمِرٍ الْقَضَاءَ، قَالَ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ الطَّلاقُ، فَصَاحَتْ، فَقَالَ لَهَا: إِنْ كَلَّمْتِنِي فِي خصمٍ وذكرتني به، فإن كنت لَتَرَى دَوَاتَهُ قَدِ احْتَاجَتْ إِلَى أَنْ تُلاقَ، فَلا تُصْلِحُهَا خَوْفًا أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ شَيْءٌ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الثَّاءِ": 332- ثَابِتُ بْنُ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ3 -م4- عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَالْبَرَاءِ، وَعِدَّةٍ، وَعَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَمِسْعَرٌ، وَسُفْيَانُ، وَآخَرُونَ، وَأَظُنُّ رِوَايَتَهُ عَنْ مَوْلاهُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مُنْقَطِعَةٌ. 333- ثالبت بْنُ عِيَاضٍ الْعَدَوِيُّ4 -خ م د ن- مَوْلاهُمُ الأَعْرَجُ الأَحْنَفُ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ، وَفُلَيْحٌ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لا بأس به.

_ 1 المعرفة والتاريخ "2/ 776"، الكامل في التاريخ "5/ 207-209". 2 أخبار القضاة "3/ 230-231"، حسن المحاضرة "2/ 87". 3 الطبقات الكبرى "6/ 294"، التاريخ الكبير "2/ 166". 4 التاريخ الكبير "2/ 160-161"، الجرح والتعديل "2/ 454-455".

344- ثماية بْنُ شُفَيٍّ الْهَمْدَانِيُّ الْمَصْرِيُّ1 -م د ن ق- نَزِيلُ الإِسْكَنْدَرِيَةِ. عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، وعمرو ابن الْحَارِثِ، وَإِسْحَاقُ، وَغَيْرُهُمْ. وثقه النسائي. مات قبل العشرين. 335- ثمامة بن عبد الله2 -ع- بن أنس بن مالك الأنصاري، عن جده، والبراء بن عازب، وعنه ابن عَوْنٍ، وَمَعْمَرٌ، وَعَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الضَّالُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَآخَرُونَ. وَلِيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ يَقُولُ صَحِبْتُ جَدِّي ثَلاثِينَ سَنَةً. "حرف الْجِيمِ": 336- الْجَارُودُ بْنُ سَبْرَةَ الْهُذَلِيُّ3 أَحَدُ الأَشْرَافِ بِالْبَصْرَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ عَشَرَةٍ وَمِائَةٍ. 337- جامع بن شداد4 -ع- أبو صخرة المحاربي الكوفي، أَحَدُ الْعُلَمَاءِ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانٍ، وَأَبِي بردة، وصفوان ابن مُحْرِزٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحْرِزٍ، وَعَنْهُ الأَعْمَشُ، وشعبة، ومسعر، وَالثَّوْرِيُّ، وَشَرِيكٌ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 338- جَبْرُ بْنُ حَبِيبٍ5 -ق- عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْهُ، الْجُرَيْرِيُّ، وَأَبُو نَعَامَةَ الْعَدَوِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. له حديث واحد. 339- جبير بن محمد6 -د- بن جبير بن طعم بن عدي النوفلي. عن أبيه،

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 177"، الجرح والتعديل "2/ 466". 2 الطبقات الكبرى "7/ 239"، التاريخ الكبير "2/ 177". 3 التاريخ الكبير "2/ 237"، الجرح والتعديل "2/ 525". 4 الطبقات الكبرى "6/ 318"، التاريخ الكبير "2/ 240-241". 5 التاريخ الكبير "2/ 243"، الجرح والتعديل "2/ 533". 6 التاريخ الكبير "2/ 224"، الجرح والتعديل "2/ 513".

عَنْ جَدِّهِ حَدِيثَ الأَطِيطِ1. رَوَى عَنْهُ يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ. 340- الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ2 الأَمِيرُ أَبُو عُقْبَةَ، لَهُ تَرْجَمَةٌ طَوِيلَةٌ فِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرٍ، وُلِّيَ الْبَصْرَةَ فِي دَوْلَةِ الْوَلِيدِ، مِنْ تَحْتِ يَدِ الْحَجَّاجِ، ثُمَّ وُلِّيَ خُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَكَانَ مِنْ صُلَحَاءِ الأُمَرَاءِ وَمُجَاهِدِيهِمْ. رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ عَطِيَّةَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَرَبِيعَةُ بْنُ فَضَالَةَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ حَكَمٍ قَالَ: قَالَ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ وَكَانَ فَارِسَ أَهْلِ الشَّامِ: تَرَكْتُ الذُّنُوبَ حَيَاءً أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ أَدْرَكَنِي الْوَرَعُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: وَلِيَ الْجَرَّاحُ خُرَاسَانَ لِيَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، وَهُوَ مِنْ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ، فَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ الْجَرَّاحَ كَانَ إِذَا مَشَى فِي جَامِعِ دِمَشْقَ يُمِيلُ رَأْسَهُ عَنِ الْقَنَادِيلِ مِنْ طُولِهِ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الزُّرَقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَامِلَ خُرَاسَانَ كُلِّهَا، حَرْبِهَا وَصَلاتِهَا، وَمَالِهَا، وَقَالَ الْوَلِيدُ: ثَنَا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ غَزَا الْجَرَّاحُ أَرْضَ التُّرْكِ، فَدَخَلَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَأَدْرَكَتْهُ التُّرْكُ، فَقُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ: كَانَ الْجَرَّاحُ عَلَى أَرْمِينِيَةَ، وَكَانَ رجلًا صالحًا، فقتله الخزر، ففرغ النَّاسُ لِقَتْلِهِ فِي الْبُلْدَانِ. وَرَوَى صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْجَرَّاحِ، وَعِنْدَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ، فَإِذَا بِهِ قَدْ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعُوا، فَمَكَثَ طَوِيلا، ثُمَّ قَالَ لِي يَا أَبَا يَحْيَى، تَدْرِي مَا كُنَّا فِيهِ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: سَأَلْنَا اللَّهَ الشَّهَادَةَ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْهُمْ أحدٌ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ إِلا اسْتُشْهِدَ، قَالَ: فَبَعَثَ الْجَرَّاحُ إِلَى الأُمَرَاءِ أَنْ يَنْضَمُّوا إِلَيْهِ حِينَ دُهِمُوا فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: زَحَفَ الْجَرَّاحُ مِنْ بَرْذَعَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ إِلَى ابن خاقان،

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أبو داود "4726"، وابن عاصم في السنن "575"، وابن خزيمة في التوحيد "1/ 239-240"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن أبي داود "47269". 2 التاريخ الكبير "2/ 226-227"، الجرح والتعديل "2/ 522-523"، سير أعلام النبلاء "5/ 189-190"، البداية والنهاية "9/ 303".

وَهُوَ محاصٌر أَرْدبِيلَ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ الْجَرَّاحُ لثمانٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَغَلَبَتِ الْخَزَرُ عَلَى أَذْرَبَيْجَانَ، وبلغت خيولهم على الْمَوْصِلِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ الْبَلاءُ بِمَقْتَلِ الْجَرَّاحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَظِيمًا، فَبُكِيَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ جندٍ مِنْ أَجْنَادِ الْعَرَبِ وَفِي الأَمْصَارِ، رَحِمَهُ الله تعالى. 341- جريد1 بن زيد2 -خ م ن- أبو سلمة الأزدي البصري، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أُبَيٍّ، وَتُبَيْعٍ الحميري، وسالم ابن عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنَا أَخِيهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَيَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ. 342- جُعْثُلُ بْنُ هاعان3 -4- أبو سعيد الرعيني الفتباني المصري، قاضي إفريقية، عن أبي تميمٍ الجيشاني. وَعَنْهُ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 343- الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ4 مُؤَدِّبُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِمَارِ، وَلِهَذَا يُقَالُ لَهُ مَرْوَانُ الْجَعْدِيُّ. كَانَ الْجَعْدُ أَوَّلُ مِنْ تَفَوَّهَ بِأَنَّ اللَّهَ لا يَتَكَلَّمُ، وَقَدْ هَرَبَ مِنَ الشَّامِ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْجَهْمَ بْنَ صَفْوَانَ أَخَذَ عَنْهُ مَقَالَةَ خَلْقِ الْقُرْآنِ، وَأَصْلُهُ مِنْ حران. فبلغنا عَنْ عُقَيْلِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: وَقَفَ الْجَعْدُ عَلَى وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنِ الصُّفَّهِ، فَقَالَ: يَا جَعْدُ، وَيْلَكَ، أَنْقِصْ مِنَ الْمَسْأَلَةِ، إِنِّي لأَظُنُّكَ مِنَ الْهَالِكِينَ، لو لم يخبرنا الله في كتابه أنه لَهُ يَدًا، مَا قُلْنَا ذَلِكَ، وَأَنَّ لَهُ عَيْنًا، مَا قُلْنَا ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثِ الْجَعْدُ أَنْ صُلِبَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ: كان الجعد زنديقًا. وروى أَنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الأَضْحَى بِوَاسِطٍ، وَقَالَ: ضَحُّوا يَقْبَلُ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ، فَإِنِّي مضحٍ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ خليلًا، لم يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا، ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ. وَهَذِهِ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ رَوَاهَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ الصَّبَاحِ، وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ، عَنِ ابن أبي سفيان المعمري.

_ 1 جرير بن زيد كما في التهذيب وليس جريد بن زيد كما في المطبوع. 2 التاريخ الكبير "2/ 212"، الجرح والتعديل "2/ 503". 3 الجرح والتعديل "2/ 542"، تهذيب الكمال "4/ 558-560". 4 سير أعلام النبلاء "5/ 433"، ميزان الاعتدال "1/ 399".

وَأَمَّا الْجَهْمُ فَسَيَأْتِي فِيمَا بَعْدَ. 344- جَعْفَرُ بْنُ عبد الله بن الحكم1 -م4- بن رافع بن سنان الأوسي الأنصاري، مِنْ نُبَلاءِ التَّابِعِينَ، رَوَى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، وَعَلْبَاءَ السَّلَمِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وحمود بْنِ لَبِيدٍ، وَعَمِّهِ الْحَكَمِ، وَرَافِعِ بْنِ أَسِيدِ بْنِ ظَهِيرٍ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ اللَّيْثِ وَثِقَاتِهِمْ. 345- الْجُنَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2 الْمُرِّيُّ الدِّمَشْقِيُّ الأَمِيرُ. وُلِّيَ خُرَاسَانَ وَالسِّنْدِ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ مِنَ الأَجْوَادِ، ولكن لم يخمد فِي الْحُرُوبِ. 346- الْجَهْمُ بْنُ دِيَنارٍ3 وَيُقَالُ؛ هُوَ ابْنُ مَيْسَرَةَ. رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ الرُّمَّانِيُّ، وَأَشْعَثُ بْنُ سِوَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُكَيْرٍ الْغَنَوِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: صَدُوقٌ. 347- جَوَّابُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ4 الْكُوفِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ التَّيْمِيِّ، وَمَعْرُوفِ بْنِ سُوَيْدٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَجُوَيْبِرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالْمَسْعُودِيُّ، وَطَائِفَةٌ. وَكَانَ قَاصًّا وَاعِظًا، سَكَنَ جُرْجَانَ مُدَّةً، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ، مَعَ أَنَّ ابْنَ مَعِينٍ قَدْ وَثَّقَهُ. 348- الْجَلاحُ أَبُو كَثِيرٍ الرُّومِيُّ5 -م د ت ن- مَوْلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، كَانَ لَهُ فَضْلٌ وَمِعْرِفَةٌ، جَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَاصَّ الإِسْكَنْدَرِيةَ. يَرْوِي عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وابن لهيعة، والليث بن سعد. مات سنة عشرين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 195"، الجرح والتعديل "2/ 482". 2 تاريخ خليفة "342، 344، 345، 358، 359"، شذرات الذهب "1/ 151". 3 التاريخ الكبير "2/ 230"، الجرح والتعديل "2/ 522". 4 التاريخ الكبير "2/ 246"، الجرح والتعديل "2/ 535-536". 5 التاريخ الكبير "2/ 254"، الجرح والتعديل "2/ 551".

"حرف الحاء": 349- الحارث بن يزيد1 -خ م ن ق- العكلي التيمي الكوفي الفقيه. عَنْ: إِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجِيٍّ الْحَضْرَمِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ الْبَجَلِيِّ. وَعَنْهُ: مُغِيرَةُ بْنُ مُقْسِمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ، وَصَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ فَقِيهًا مِنْ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مِنْ عَلِيَّتِهِمْ، وَكَانَ ثِقَةً قَدِيمَ الْمَوْتِ. 350- حِبَّانُ بْنُ واسع بن حبان2 -م د ت ق- بن منقذ الأنصاري المازني المديني، ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ. سَمِعَ أَبَاهُ، وَخَلادَ بْنَ السَّائِبِ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَابْنُ لَهِيعَةَ. 351- حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ3 قَيْسُ بْنُ دِينَارٍ، وَقِيلَ قَيْسُ بْنُ هند، الكوفي أَحَدُ الأَعْلامِ. عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: مِسْعَرٌ، وَشُعْبَةُ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْمَسْعُودِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَآخَرُونَ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنَ الكبار: عطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ، وَكَانَ هُوَ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ فَقِيهَيِّ الْكُوفِيَّةِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ. وَقَالَ أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ: قَدِمْتُ مَعَ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ الطَّائِفَ، فَكَأَنَّمَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ نَبِيٌّ4. وَقَالَ غَيْرُ واحدٍ: حَبِيبٌ ثِقَةٌ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَالْبُخَارِيُّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَرَوَى زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: وَضَعَ جَبِينَهُ لِلَّهِ فَقَدْ برئ من الكبر5.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 285"، الجرح والتعديل "3/ 93". 2 التاريخ الكبير "3/ 112"، الجرح والتعديل "3/ 296-297". 3 الطبقات الكبرى "6/ 320"، تاريخ خليفة "349". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 60". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 61".

وَعَنْ كَامِلٍ أَبِي الْعَلاءِ قَالَ: انْفَقَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ عَلَى الْقُرَّاءِ مِائَةَ أَلْفٍ1. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: رَأَيْتُ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ سَاجِدًا، فَلَوْ رَأَيْتَهُ قُلْتَ مَيِّتٌ، يَعْنِي مِنْ طُولِ السُّجُودِ2، رَحِمَهُ اللَّهُ. 352- حبيب بن عبيد الرحبي الحمصي3 -م4. أبو حفص، عن العرياض بْنِ سَارِيَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَأُمَامَةَ، وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَطَائِفَةٍ، وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَعِصْمَةُ بْنُ رَاشِدٍ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَآخَرُونَ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ سَبْعِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَيُرْوَى أَنَّهُ أَدْرَكَ خِلافَةَ عُمَرَ، وَفِيهِ بُعْدٌ. 353- حَرَامُ بْنُ حُكَيْمِ بْنِ خَالِدٍ الأَنْصَارِيُّ4: وَيُقَالُ الْعَنْسِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ -وَلَهُ صحبة، وأبي هريرة، وأبي مسلم الخولاني، وأرسل عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ الْعَلاءُ بْنُ الْحَارِثِ، وَزَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابن الْمُهَاجِرِ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ، وَغَيْرُهُ. وَيُقَالُ كَانَ لَهُ بِدِمَشْقَ دارٌ فِي سُوقِ الْقَمْحِ. 354- حَرَامُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُحَيَّصَةَ5 بْنِ مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ فَقَطْ. وَهُوَ ثِقَةٌ، وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ. 355- الْحُرُّ بْنُ الصَّيَّاحِ النَّخَعِيُّ6 الْكُوفِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَر، وَأَنَسٍ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشَرِيكٌ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 61". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 61". 3 الطبقات لخليفة "311"، التاريخ الكبير "2/ 321-322". 4 التاريخ الكبير "3/ 101"، الجرح والتعديل "3/ 282". 5 الطبقات الكبرى "5/ 258"، التاريخ الكبير "3/ 101". 6 التاريخ الكبير "3/ 81-82"، الجرح والتعديل "3/ 377".

356- حَزْنُ بْنُ بَشِيرٍ الْخَثْعَمِيُّ1 الْكُوفِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَشَرِيكٌ، وَعَنْبَسَةُ قَاضِي الرَّيِّ. وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 357- الْحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ الْحِمْصِيُّ2 -ت ق- عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَالْمِقْدَامِ بْنِ معديكرب، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيُّ. 358- الْحَسَنُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَعْبَدٍ الْكُوفِيُّ3 -م د ن ق- مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهم، عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَالْمَسْعُودِيُّ، وَأَخُوهُ أَبُو الْعُمَيْسِ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. 359- الْحُسَيْنُ بن الحارث الجدلي4 -د ن- أبو القاسم الكوفي. عن: ابن عمر، والعمان بْنِ بَشِيرٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. وَعَنْهُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَشُعْبَةُ، وَغَيْرُهُمَا. 360- الْحَضْرَمِيُّ بْنُ لاحِقٍ5 -د ن- اليماني الأعرج. عَنْ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُ مُرْسَلا، وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي صَالِح السَّانِيِّ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 361- حفص بن عبيد الله6 -سوى د- بن أنس بن مالك الأنصاري

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 111"، الجرح والتعديل "3/ 294". 2 التاريخ الكبير "2/ 288"، الجرح والتعديل "3/ 4". 3 التاريخ الكبير "2/ 295"، الجرح والتعديل "3/ 16". 4 التاريخ الكبير "2/ 382"، الجرح والتعديل "3/ 50". 5 التاريخ الكبير "3/ 125"، الجرح والتعديل "3/ 302". 6 التاريخ الكبير "2/ 360" الجرح والتعديل "3/ 176".

البصري. عَنْ: جَدِّهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يَثْبُتُ لَهُ السَّمَاعُ إِلا مِنْ جَدِّهِ. قُلْتُ: حَدِيثُهُ عن جابر في صحيح البخاري. 362- حفص بن أبي أخي أنس بن مالك1 -د ن- قِيلَ هُوَ: حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طلحة، وقيل هو: حفص ابن عبد اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. عَنْ عَمِّهِ. وَعَنْهُ: عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ، وَخَلَفُ بْنُ خليفة، وثقه الدارقطني. 363- الحكم بن حجلٍ الْبَصْرِيُّ2 -ن- عَنْ حُجْرٍ الْعَدَوِيِّ، وَعَطاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ دِيَنارٍ، وسعيد بن أبي عروبة. وثقه ابن معين. 364- الحكم بن عتيبة3 -ع- أبو محمد الكندي، مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ، الْفَقِيهُ أَحَدُ الأَعْلامِ. عَنْ: أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي، وَأَبِي وَائِلٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ، وَمِسْعَرٌ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، حمزة الزَّيَّاتُ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَخَلْقٌ. قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: حَجَجْتُ، فَلَقِيتُ عَبْدَةَ بْنَ أَبِي لُبَابَةَ، فَقَالَ لِي: هَلْ لَقِيتَ الْحَكَمَ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: فَالْقَهُ، فَمَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَفْقَهُ مِنْهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَفْقَهُ النَّاسَ فِي إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا كَانَ بِالْكُوفَةِ مِثْلُ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ. وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: كَانَ الْحَكَمُ صَاحِبَ عِبَادَةٍ وَفَضْلٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ الْحَكَمُ ثِقَةً، ثَبْتًا، فَقِيهًا، مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ صَاحِبَ سنةٍ وَاتِّبَاعٍ. وَقَالَ مُغِيرةُ بْنُ مُقْسِمٍ: كَانَ الْحَكَمُ إِذَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَخْلُوا لَهُ سَارِيَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي إِلَيْهَا، وَقَالَ الشَّاذَكُونِيُّ: أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: كَانَ الْحَكَمُ يُفَضِّلُ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، الشَّاذَكُونِيُّ ضَعِيفٌ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ الزُّهْرِيُّ في أصحابه كالحكم في أصحابه، وقال أبو إِسْرَائِيلَ الْمُلائِيُّ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ رُومِيٍّ قَالَ: ما كنت

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 360"، الجرح والتعديل "3/ 176". 2 التاريخ الكبير "2/ 336"، الجرح والتعديل "3/ 114-115". 3 الطبقات الكبرى "6/ 331-332"، تاريخ خليفة "346-361".

أَعْرِفُ فَضْلَ الْحَكَمِ إِلا إِذَا اجْتَمَعَ عُلَمَاءُ النَّاسِ فِي مَسْجِدِ مِنًى، نَظَرْتُ إِلَيْهِمْ فَإِذَا هُمْ عِيَالٌ عَلَيْهِ. قَالَ شُعْبَةُ: مَاتَ الْحَكَمُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَقَالَ آخَرُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. 365- حُكَيْمُ بْنُ عبد الله1 -م4- بن قيس بن مخرمة القرشي المطلبي. عن: نافع بن جبير، وعن عامر بْنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ، وَرَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَآخَرُونَ، وثقه ابن حِبَّانَ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 366- حَمَّادُ بن أبي سليمان2 -م4- الفقيه الكوفي، أبو إسماعيل بن مسلم مَوْلَى الأَشْعَرِيِّينِ، أَحَدُ الأَعْلامِ، أَصْلُهُ مِنْ أَصْبَهَانَ، روى عن: أنس، وابن الْمُسَيِّبِ، وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَطَبَقَتِهِمْ، وَتَفَقَّهَ بِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَعَنْهُ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ، وَمِسْعَرٌ، وَشُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، وَكَانَ سَخِيًّا جَوَّادًا، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إياس: سألت إبراهيم والنخعي: مِنْ نَسْأَلُ بَعْدَكَ! قَالَ: حَمَّادٌ. وَقَالَ مُغِيرَةُ: قُلْتُ: لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: إِنَّ حَمَّادًا قَدْ قَعَدَ يُفْتِي! قَالَ: وَمَا يَمْنَعُهُ، وَقَدْ سَأَلَنِي عَمَّا لم تسألوني عن عشره، قال شُعْبَةُ: سَمِعْتُ الْحَكَمَ يَقُولُ: وَمَنْ فِيهِمْ مِثْلُ حَمَّادٍ! يَعْنِي أَهْلَ الْكُوفَةِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ مِنْ حَمَّادٍ، قِيلَ: وَلا الشَّعْبِيُّ؟ قَالَ: وَلا الشَّعْبِيُّ. وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ حَمَّادٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الأَشْعَرِيُّ مِنَ الأَجْوَادِ، كَانَ يُفْطِرُ كُلَّ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ كُلَّ ليلةٍ خَمْسَمِائَةِ إنسانٍ، وَيُعْطِيهِمْ لَيْلَةَ الْعِيدِ مِائَةً مِائَةً. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، كَانَ يُفْطِرُ خَمْسِينَ إِنْسَانًا، قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ حَمَّادٌ صَدُوقُ اللِّسَانِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ ثِقَةٌ، إِلا أَنَّهُ مُرْجِئٌ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: حَمَّادٌ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ، مَا رَوَى عَنْهُ سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ وَالْقُدَمَاءُ، وَلَكِنَّ حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمَةُ عِنْدَهُ عَنْهُ تَخْلِيطٌ، قُلْتُ لِأَحْمَدَ: أَبُو مَعْشَرٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ، أَمْ حَمَّادٌ فِي إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: مَا أَقْرَبَهُمَا، وَحَمَّادٌ كَانَ يُرْمَى بِالإِرْجَاءِ.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 94"، الجرح والتعديل "3/ 286-287". 2 الطبقات الكبرى "6/ 332-333"، تاريخ خليفة "162".

وَرَوَى وَرْقَاءُ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ جَلَسَ الْحَكَمُ وَأَصْحَابُهُ إِلَى حَمَّادٍ، حَتَّى أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ، يَعْنِي الإِرْجَاءَ. ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ لا يَحْفَظُ، يَعْنِي أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ كَانَ الْفِقْهُ. حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ حَمَّادٌ وَمُغِيرَةُ أَحْفَظَ مِنَ الْحَكَمِ، يَعْنِي مَعَ سُوءِ حِفْظِ حَمَّادٍ الآثَارِ، كَانَ أَحْفَظَ مِنَ الْحَكَمِ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَمَّادٌ صَدُوقٌ، وَلا يُحْتَجُّ بِهِ، وَهُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي الْفِقْهِ، فَإِذَا جَاءَ الآثَارَ شَوَّشَ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: كَانَ حَمَّادٌ أَفْقَهَ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَتْ بِهِ مُوتَةٌ، كَانَ رُبَّمَا حَدَّثَ فَتَعْتَرِيهِ، فَإِذَا أَفَاقَ أَخَذَ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَقَعُ فِي حَدِيثِهِ أَفْرَادٌ وَغَرَائِبُ، وَهُوَ مُتَمَاسِكٌ فِي الْحَدِيثِ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالُوا: وَكَانَ حَمَّادٌ ضَعِيفًا فِي الْحَدِيثِ، وَاخْتَلَطَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ وَكَانَ مُرْجِئًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ، تُوُفِّيَ حَمَّادٌ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَيُقَالُ: سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُونًا برجلٍ آخَرَ، وَأَهْلُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ. 367- حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ الكوفي1 -ق- المقرئ، قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى الْكِبَارِ، أَبِي الأَسْوَدِ ظَالِمِ بْنِ عَمْرٍو، وَقِيلَ: بَلْ قَرَأَ عَلَى وَلَدِهِ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، وَعَلَى عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَعَنْهُ: أَبُو خَالِدٍ الْقَمَّاطُ، وَحَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ الزَّيَّاتُ -وَقَرَأَ عَلَيْهِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، سُئِلَ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ فَقَالَ: كَانَ رَافِضِيًّا، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ، قُلْتُ لَهُ فِي سُنَنِ ق حَدِيثَانِ. 368- حَمْزَةُ بْنُ بيضٍ الْحَنَفِيُّ2 أَحَدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، كوفيٌّ شَاعِرٌ مُجَوِّدٌ، سَائِرُ القَوْلِ، كَثِيرُ الْمُجُونِ، وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَوَلَدِهِ، ثُمَّ إِلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بردة، حصل له أموال كَثِيرَةً إِلَى الْغَايَةِ مِنْ ذَهَبٍ وَخَيْلٍ وَرَقِيقٍ، وَقِيلَ إِنَّهُ حَصَّلَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَمَاتَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. وَبِيضٌ: بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَرَّخَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَأَخْبَارُهُ مُسْتَوْفَاةٌ فِي كِتَابِ الأَغَانِي.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 80"، الجرح والتعديل "3/ 265". 2 الأغاني "16/ 202-225"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 443-445".

369- حمزة بن عمرو الضبي1 -م د ن- العائذ البصري، عائذ الله بن ضبة، رَوَى عَنْ: أَنَسٍ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، وعنه: ابنه عمر، وعوف، وشعبة، وثقه النسائي. 370- حميد بن نافع الأنصاري2 -ع- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَنْهُ: ابْنُهُ أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَشُعْبَةُ، وَصَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، وَآخَرُونَ، وَثَّقَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: هُوَ مَوْلَى صَفْوَانَ بْنِ خَالِدٍ. وَيُقَالُ: مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، حَجَّ مَعَ أَبِي أَيُّوبَ، وَرَوَى عَنْهُ، وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ عَاصِمًا عَنِ الْمَرْأَةِ تَحُدُّ، فَقَالَ: قَالَتْ: حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ: كَتَبَ حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ إِلَى حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ زَيْنَبَ. قَالَ شُعْبَةُ: فَكَانَ عَاصِمٌ يَرَى أَنَّهُ مَاتَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ. 371- حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ الْعَدَوِيُّ3 -ع- عَدِيُّ تَمِيمٌ، بصريٌ نَبِيلٌ، رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَمُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَجَمَاعَةٍ، وَعَنْهُ أَيُّوبُ، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَشُعْبَةُ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو هِلالٍ الرَّاسِبِيُّ: مَا كَانَ بِالْبَصْرَةِ أحدٌ أَجَلُّ مِنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَلْقَ حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ عِنْدِي أَبَا رِفَاعَةَ الْعَدَوِيَّ، قال أَبُو هِلالٍ: ثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: مَا كَانُوا يُفَضِّلُونَ أَحَدًا عَلَى حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ فِي الْعِلْمِ بِالْبَصْرَةِ، يَعْنِي بَعْدَ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: رَأَيْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ يَلْبِسُ الثِّيَابَ الثَّمِينَةَ وَالطَّيَالِسَةَ وَالْعَمَائِمَ، تُوُفِّيَ حُمَيْدٌ فِي إِمْرَةِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ القسري، وموته قريبٌ من موت قتادة.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 49"، الجرح والتعديل "3/ 212". 2 التاريخ الكبير "2/ 347"، الجرح والتعديل "3/ 229-230". 3 الطبقات الكبرى "7/ 231"، التاريخ الكبير "2/ 346-347".

372- حُمَيْدٌ الشَّامِيُّ1 عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، وَسُلَيْمَانَ المُنَبِّهِيِّ، وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وَغَيْلانُ بْنُ جَامِعٍ، وَسَالِمٌ الْمُرَادِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: لا نَعْرِفُهُ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ فِي مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ. 373- حَيَّانُ أَبُو النَّضْرِ2 الأَسَدِيُّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، وَجُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ الْغَازِ، وَمُدْرِكٌ الْفَزَارِيُّ، وَالْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السائب، وثقه ابن مَعِينٍ، وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: صَالِحٌ. حَيُّ بْنُ يُومِنٍ أَبُو عُشَانَةَ الْمَصْرِيُّ، فِي الْكُنَى، يَأْتِي. 374- حَيَّانُ الأَعْرَجُ شَيْخٌ بَصْرِيٌّ3، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَنْهُ: قَتَادَةُ -مع تَقَدَّمَهُ- وَمَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَآخَرُونَ، وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. "حرف الْخَاءِ": 375- خَالِدُ بْنُ بَابٍ الرِّبْعِيُّ الْبَصْرِيُّ4 عَنْ عَمِّهِ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَعَنْهُ عَوْفٌ، وَجَسْرُ بْنُ فَرْقَدٍ، وَسَلَمُ بْنُ زُرَيْرٍ، وَغَيْرُهُمْ. تَرَكَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 376- خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ الْعَسْقَلانِيُّ5 -4- وَقِيلَ: الدِّمَشْقِيُّ، وَقِيلَ: الرَّمْلِيُّ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَقُبَاثِ بْنِ أَشْيَمَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، وَأَرْسَلَ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْهُ قَتَادَةُ، وَأَيُّوبُ، وَأَبُو بِشْرٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وسفيان بن حسين وغيرهم. وثقه النسائي.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 232"، تهذيب الكمال "1/ 341". 2 التاريخ الكبير "3/ 55"، الجرح والتعديل "3/ 244-245". 3 الجرح والتعديل "3/ 246-247"، تهذيب الكمال "1/ 346". 4 التاريخ الكبير "3/ 141-142"، الجرح والتعديل "3/ 322". 5 التاريخ الكبير "3/ 146"، الجرح والتعديل "3/ 328".

377- خَالِد بْنُ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِيُّ1 عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَقَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعَنْهُ: عَنْبَسَةُ قَاضِي الرَّيِّ، وَشَرِيكٌ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. 378- خَالِدُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ الْمَدَنِيّ2 -ق- نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. عَنْ: رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَنْهُ: خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَغَيْرُهُمْ، وَثَّقَهُ ابْنُ حبان. 379- خالد بن اللجلاج العامري3 -د ت ن- أبو إبراهيم الدمشقي. سَمِعَ أَبَاهُ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَايِشٍ، وَقُبَيْصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ، وَقَدْ أَرْسَلَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وعنه: أبو قلابة، ومكحول، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزبز، وزيد بن واقد، والأوزاعي، وجماعة، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَن مكحول: كَانَ ذا سنٍ وصلاح، وله جرأة عَلَى الملوك وغلظةٌ عليهم. وَقِيلَ: كان من بِنَاءِ جَامِعِ دِمَشْقَ، قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ يُفْتِي مَعَ مَكْحُولٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَمِعَ مِنْ عُمَرَ، وَالْبُخَارِيُّ لَيْسَ بِالْخَبِيرِ بِرِجَالِ الشَّامِ، وَهَذِهِ مِنْ أَوْهَامِهِ. 380- خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ4 عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَنْهُ: الزُّبَيْدِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَهْلُ حِمْصَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَهُوَ مُقِلٌّ. "حرف الذَّالِ": 381- ذُو الرُّمَّةِ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ5 هُوَ غَيْلانُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ بُهَيْشٍ، مُضَرِيُّ النَّسَبِ، وَكَانَ كَثِيرَ التَّشْبِيبِ بِمَيَّةَ بِنْتِ مُقَاتِلٍ الْمِنْقَرِيَّةِ، ثُمَّ شَبَّبَ بِالْخَرْقَاءِ، وَلَهُ مَدَائِحُ فِي بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: فتح الشعر بامرئ القيس، وختم

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 149"، الجرح والتعديل "3/ 331". 2 التاريخ الكبير "3/ 155-156"، الجرح والتعديل "3/ 336-337". 3 التاريخ الكبير "3/ 170"، الجرح والتعديل "3/ 349". 4 التاريخ الكبير "3/ 172"، الجرح والتعديل "3/ 350". 5 الأغاني "18/ 1-52"، سير أعلام النبلاء "5/ 267".

بِذِي الرُّمَّةِ، وَقِيلَ إِنَّ الْفَرَزْدَقَ وَقَفَ عَلَى ذِي الرُّمَّةِ وَهُوَ يُنْشِدُ، فَاسْتَحْسَنَ شِعْرَهُ، وَكَانَ ذُو الرُّمَّةِ يَنْزِلُ بِبَادِيَةِ الْعِرَاقِ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَدَحَهُ. وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ، وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ النَّحْوِيُّ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْوَلِيدَ سَأَلَ الْفَرَزْدَقَ: مَنْ أَشْعَرَ النَّاسِ؟ قَالَ: أَنَا، قَالَ: فَتَعْلَمُ أَحَدًا أَشْعَرَ مِنْكَ؟ قَالَ: لا، إِلا غُلامًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ يَرْكَبُ أَعْجَازَ الإِبِلِ، يَعْنِي ذَا الرُّمَّةِ، وَلَهُ: وَعَيْنَانِ قَالَ اللَّهُ: كُونَا، فَكَانَتَا ... فَعُولانِ بِالأَلْبَابِ مَا تَفْعَلُ الْخَمْرُ وَلَهُ: إِذَا هَبَّتِ الأَرْوَاحُ مِنْ نَحْوِ جَانِبٍ ... بِهِ أَهْلُ مَيٍّ هَاجَ قَلْبِي هُبُوبُهَا هَوًى تَذْرِفُ الْعَيْنَانِ مِنْهُ وَإِنَّمَا ... هَوَى كُلِّ نفسٍ حَيْثُ حَلَّ حَبِيبُهَا تُوُفِّيَ ذُو الرُّمَّةِ بِأَصْبَهَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، عَنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. "حرف الرَّاءِ": 382- رَاشِدُ بن سعد المقرائي1 -ع- وَيُقَالُ الْحُبْرَانِيُّ الْحِمْصِيُّ. عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَثَوْبَانَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَعُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو بَكْرِ بن أبي مريم، ومعاوية بن صالح الحمصيون. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَكْحُولٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: توفي سنة ثلاث عشرة ومائة. وقيل: سنة ثمانٍ. 383- راشد بن أبي سكنة2 أبو عبد الملك العبدري مولاهم الشامي. أرسل عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحَدَّثَ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَوَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ. وَوَلِيَ خَرَاجَ مِصْرَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ مُحَمَّدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ، وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ ومائة.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 456"، التاريخ الكبير "3/ 292". 2 التاريخ الكبير "3/ 292"، الجرح والتعديل "3/ 484".

384- الربيع بن سبرة1 -م- بن معبد الجهني المدني. عَنْ أَبِيهِ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَعِمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْن عُمَر بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَخَلْقٌ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ الزُّهْرِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَزِيدُ بْنُ أبي حبيب. وكان من علماء التابعين، العجلي والنسائي. 385- ربيعة بن سيف2 -د ت ن- بن ماتع المعافري الإسكندراني. عَنْ: شُفَيٍّ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ. وَعَنْهُ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، وَاللَّيْثُ، وَصَمْصَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: لَعَلَّهُ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّةً. 386- رَبِيعَةُ بْنُ عطاء3 -م ن- بن يعقوب المدني، مَوْلَى ابْنِ سِبَاعٍ. صَدُوقٌ. رَوَى عَنْ عُرْوَةَ، وَالْقَاسِمِ، وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ. 387- رجاء بن حيوة4 -م4- أبو نصر الكندي، وأبو المقدام الشامي. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أبي سُفْيَانَ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقُبَيْصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَابْنُ عَجْلانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ، وَخَلْقٌ. وَكَانَ أَحَدَ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ، وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. رَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ مَكْحُولٌ: مَا زِلْتُ مُضَطَّلِعًا عَلَى مَنْ نَاوَأَنِي حَتَّى عَاوَنَهُمْ عَلَيَّ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الشَّامِ فِي أَنْفُسِهِمْ. وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: مَا رَأَيْتُ شَامِيًّا أَفْضَلَ مِنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ. وَرَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: مَا مِنْ رجلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ مِنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: رَأَيْتُ ثَلاثَةً مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُمْ: ابْنَ سِيرِينَ بِالْعِرَاقِ، والقاسم

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 273"، الجرح والتعديل "3/ 462". 2 التاريخ الكبير "3/ 290"، الجرح والتعديل "3/ 477". 3 التاريخ الكبير "3/ 289"، الجرح والتعديل "3/ 477". 4 الطبقات الكبرى "7/ 454-455"، التاريخ الكبير "3/ 312-313".

بالحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام، قال: وَكَانَ هَؤُلاءِ يَأْتُونَ بِالْحَدِيثِ بِحُرُوفِهِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، يَأْتُونَ بِالْمَعَانِي1. وَقَالَ رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يُجْرِي عَلَى رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ ثَلاثِينَ دِينَارًا فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَلَمَّا وُلِّيَ هِشَامٌ الْخِلافَةَ قَطَعَهَا، فَرَأَى أَبَاهُ فِي النَّوْمِ يُعَاتِبُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَجْرَاهَا، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ الأَزْدِيُّ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفًا عَلَى بَابِ سليمان بن عبد الملك، إذا أَتَانِي رَجُلٌ لَمْ أَرَهُ قَبْلَ وَلا بَعْدَ، فَقَالَ: يَا رَجَاءُ، إِنَّكَ قَدِ ابْتُلِيتَ بِهَذَا وَابْتُلِيَ بِكَ فَعَلَيْكَ بِالْمَعْرُوفِ وَعَوْنِ الضَّعِيفِ، يَا رَجَاءُ أَنَّهُ مَنْ كَانَ لَهُ مَنْزِلَةٌ مِنْ سُلْطَانٍ، فَرَفَعَ حَاجَةَ ضعيفٍ لا يَسْتَطِيعُ رَفْعَهَا، لَقِيَ اللَّهَ، وَقَدْ شَدَّ قَدَمَيْهِ لِلْحِسَابِ بَيْنَ يَدَيْهِ2. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ بإسنادٍ فِيهِ الْكُدَيْمِيُّ قَالَ: قِيلَ لِرَجَاءٍ: إِنَّكَ كُنْتَ تَأْتِي السُّلْطَانَ فتركتهم! قال: يكفيني لذي أَدَعُهُمْ لَهُ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، فَكَانَ يَدْعُو بَعْدَ الصُّبْحِ بِدَعَوَاتٍ، قَالَ: فَغَابَ، فَتَكَلَّمَ رجلٌ مِنَ الْمُؤَذِّنِينَ، فَقَالَ رَجَاءٌ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنَا يَا أَبَا الْمِقْدَامِ، فَقَالَ: اسْكُتْ، فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَسْمَعَ الْخَيْرَ إِلا مِنْ أَهْلِهِ. وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ الْقَارِئُ الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، فَتَذَاكَرْنَا شُكْرَ النِّعَمِ، فَقَالَ: مَا أَحَدٌ يَقُومُ بِشُكْرِ نعمةٍ وَخَلْفُنَا رجلٌ عَلَى رَأْسِهِ كِسَاءٌ، فَقَالَ: وَلا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فقلنا: وما ذكر أمير المؤنين هُنَا! وَإِنَّمَا هُوَ رجلٌ مِنَ النَّاسِ، فَغَفَلْنَا عَنْهُ، فَالْتَفَتَ رَجَاءٌ فَلَمْ يَرَهُ، فَقَالَ: أَتَيْتُمْ مِنْ صَاحِبِ الْكِسَاءِ، وَلَكِنْ إِنْ دُعِيتُمْ فَاسْتُحْلِفْتُمْ فَاحْلِفُوا، فَمَا عَلِمْنَا إِلا بِحَرَسِيٍّ قَدْ أَقْبَلَ، فَقَالَ: أَجِيبُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَتَيْنَا بَابَ هِشَامٍ، فَأَذِنَ لِرَجَاءٍ وَحْدَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هَيْهَ يَا رَجَاءُ، يُذْكَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَلا تَحْتَجَّ لَهُ! قَالَ: فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: ذَكَرْتُمْ شُكْرَ النِّعَمِ، فَقُلْتُمْ: مَا أحدٌ يَقُومُ بِشُكْرِهَا، قِيلَ لَكُمْ: وَلا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَقُلْتَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ رجلٌ مِنَ النَّاسِ، فَقُلْتُ: لَمْ يَكُنْ ذَاكَ، قَالَ: آللَّهِ، قُلْتُ: آللَّهِ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ السَّاعِي، فَضُرِبَ سَبْعِينَ سَوْطًا، وَخَرَجَ وَهُوَ مُتَلَوِّثٌ فِي دَمِهِ، فَقَالَ: هَذَا وَأَنْتَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ! فَقُلْتُ: سَبْعُونَ سوطًا في ظهرك،

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 454"، وأبو نعيم في الحلية "5/ 170". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 171".

خيرٌ مِنْ دَمٍ مؤمنٍ، قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَكَانَ رَجَاءٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا جَلَسَ الْتَفَتَ وَقَالَ: احْذَرُوا صَاحِبَ الْكِسَاءِ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ رَجَاءٌ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: وَرَجَاءٌ هُوَ الَّذِي نَهَضَ بِأَخْذِ الْخِلافَةِ لعمر بن عبد العزيز، وكان الوزير لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ. 388- رُدَيْنِيُّ بْنُ أَبِي مِجْلَزٍ1 لاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، وعنه زياد بن حدير، والمنذر بن ثعلبة، وقرة بن خالد، وما أعلم به بأسا. 389- رياح بن عبيدة السلمي2 -د ت ق- الكوفي، لا الباهلي البصري، ذاك فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. رَوَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وغيرهما. وعنه: ابنه إسماعيل، وحجاج بن أرطأة، وعمرو بن عثمان بن موهب. له حديث، وفيه اضطراب كثير. "حرف الزاي": 390- زايدة بن عمير الطائي3 الكوفي عن ابن عباس، وعنه أبو إسحاق ويونس بن أبي إسحاق وشعبة، وثقه يحيى بن معين. 391- الزبرقان بن عمرو4 -د ن ق- بن أمية الضمري، أرسل عن زيد بن ثاب، وأسامة بن زيد، روى عَنْ عُرْوَةَ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهِمَا: وَعَنْهُ: بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي حُكَيْمٍ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَثَّقَهُ النسائي. 392- زرارة بن مصعب5 -ت- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ، جَدُّ أَبِي مُصْعَبٍ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادَةَ، رَوَى عَنْ عَمِّهِ أبي سلمة،

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 330"، الجرح والتعديل "3/ 515-516". 2 التاريخ الكبير "3/ 329"، الجرح والتعديل "3/ 511". 3 التاريخ الكبير "3/ 431"، الجرح والتعديل "3/ 612". 4 التاريخ الكبير "3/ 433، 334"، الجرح والتعديل "3/ 611". 5 التاريخ الكبير "38/ 439"، الجرح والتعديل "3/ 604".

وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ -إِنْ صَحَّ- وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَعَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أبي المليكي، وغيرهم، وثقه النسائي. 393- زياد الأعلم1 -خ د ن- وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ بْنِ قُرَّةَ الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَنْهُ: الْحَمَّادَانِ، وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَهَمَّامٌ، وَجَمَاعَةٌ، وكان أحد الثقات، له أحاديث قليلة. 394- زيادب بْنُ أَبِي سَوْدَةَ الْمَقْدِسِيُّ2 رَوَى عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَيْمُونَةَ خَادِمَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُرْسَلا، وَعَنْهُ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَصَدَقَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَغَيْرُهُمْ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ. 395- زِيَادُ بن كليب3 -م د ت ن- أبو معشر التميمي الحنظلي الْكُوفِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَنْهُ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَشُعْبَةُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 396- زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ أَبُو النَّضْرِ4، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ الشَّعْبِيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَهُوَ صَدُوقٌ. 397- زَيْدُ بْنُ أَرْطَأَةَ الْفَزَارِيُّ5 -د ت ن- أَخُو الأَمِيرِ عديٌ. أَرْسَلَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَغَيْرِهِ، وَرَوَى عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَعَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ. وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ. "حرف السين": 398- سعيد بن أبي برردة6 -ع- بن أبي موسى الأشعري الكوفي. عن أبيه،

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 345"، الجرح والتعديل "3/ 552". 2 التاريخ الكبير "3/ 357"، الجرح والتعديل "3/ 534". 3 التاريخ الكبير "3/ 367"، الجرح والتعديل "3/ 542". 4 التاريخ الكبير "3/ 376"، الجرح والتعديل "3/ 547". 5 التاريخ الكبير "3/ 387-388"، الجرح والتعديل "3/ 556". 6 التاريخ الكبير "3/ 460"، تهذيب الكمال "1/ 478".

وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَعَنْهُ قَتَادَةُ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَمِسْعَرٌ، وَشُعْبَةُ، وَطَائِفَةٌ آخِرُهُمْ أَبُو عَوَانَةَ، وَكَانَ ثِقَةً. 399- سَعِيدُ بْنُ سَمْعَانَ الزُّرَقِيُّ الْمَدَنِيّ1 -د ت ن- مَوْلَى الأَنْصَارِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْهُ سَابِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، يَقَعُ غَالِبًا حَدِيثُهُ فِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 400- سَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ الْكَلْبِيُّ2 عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، وَعُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُبَيْدَةَ الأَمْلُوكِيِّ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بْنِ هِلالٍ. وَعَنْهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْجَةَ، وَكَأَنَّهُ حِمْصيٌّ. 401- سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ3 -د ت ق- الثقفي المدني. عَنْ أَبِيهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ زَيْدٍ، وأرسل عن أبي هريرة، وعنه الزهري، ومحمد بن إسحاق، وفليح بن سليمان، وآخرون، وثقه النسائي. 402- سعيد بن عمرو بن أشوع الهمداني4 -خ م ت- قَاضِي الْكُوفَةِ. عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَشُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ الصَّايِدِيِّ، وَعَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَآخَرُونَ، قَالَ النسائي: ليس به بأس، توفي سنة سبع بِضْعَ عَشْرَةَ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَوْزَجَانِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ: سَعِيدُ بْنُ أَشْوَعَ قَاضِي الْكُوفَةِ، غالٍ زَائِغٍ. 403- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ5 الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بن عبد الله بن مسعود، وعنه يونس بن أبي إسحاق، والقاسم بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ، وَالْمَسْعُودِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عَبْدُ الله بن خرداش: صَدُوقٌ. سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 404- سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ الْقُرَشِيُّ6، عن جده، وأبي هريرة،

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 479-480"، الجرح والتعديل "4/ ". 2 التاريخ الكبير "3/ 477"، الجرح والتعديل "4/ 29". 3 التاريخ الكبير "3/ 496"، الجرح والتعديل "4/ 46". 4 التاريخ الكبير "3/ 500"، الجرح والتعديل "4/ 50". 5 التاريخ الكبير "3/ 500"، الجرح والتعديل "4/ 49". 6 التاريخ الكبير "3/ 514"، الجرح والتعديل "4/ 57-58".

وَوَالِدِهِ، وَعَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَوْهِبٍ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُخَرَّمِيُّ، مَا أَعْلَمُ بِهِ بأسًا. 405- سعيد بن مينًا1 -سوى ن- الوليد، حجازيٌ نَبِيلٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَابِرٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَنْهُ أَيُّوبُ، وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَسُلَيْمُ بْنُ حِبَّانَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ. 406- سَعِيدُ بْنُ يُحْمَدَ2 -ع- أبو السفر الهمداني الكوفي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَنَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشُ، ومالك بن مغول ويويس بن أبي إسحاق، وثقه ابن معين وغيره، وتوفي سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 407- سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ3 -ع- أبو الحباب المدني، مَوْلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مَيْمُونَةَ، وَقِيلَ: مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عباس، وابن عمر، وزيد بن خالد الجهني، وعنه ابن أخيه معاوية بن أبي مزرد، وسعيد بن المقبري، وأبو طوالة سهيل بن أبي صالح، وابن عجلان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن إسحاق، وآخرون، وكان من العلماء الأثبات، مات سنة ست عشرة، أو سبع عشرة ومائة. 408- سعيد بن هاني الخولاني4 -ن ق- شاميٌ صَدُوقٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وعلي بن زبيد الخولانيان، ومعاوية بن صالح، وغيرهم. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، كَذَا قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، فَيُؤَخَّرُ. 409- سُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ5 بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيَّةُ، يُرْوَى عَنْهَا حديثٌ عَنْ أَبِيهَا، وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، فَتَزَوَّجَهَا مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ الزبير

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 311"، التاريخ الكبير "3/ 512". 2 الطبقات الكبرى "6/ 299"، التاريخ الكبير "3/ 519-520". 3 الطبقات الكبرى "5/ 284"، التاريخ الكبير "3/ 520". 4 التاريخ الكبير "3/ 518"، الجرح والتعديل "4/ 70". 5 الطبقات الكبرى "8/ 475"، تهذيب الكمال "3/ 1428".

ابن بَكَّارٍ: اسْمُهَا أَمِينَةُ، وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ الأَكْبَرُ، فَقُتِلَ يوم كربلاء قبل أن يدخل بِهَا، ثُمَّ تزوجها مصعب، فقتل عَنْهَا، وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَرْقِيِّ: كَانَتْ مِنْ أَجْلَدِ النِّسَاءِ، دَخَلَتْ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلَكِ فِي قَوَاعِدِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، فَسَلَبَتْهُ مِنْطَقَتَهُ وَعِمَامَتَهُ وَمِطْرَفَهُ، فَقَالَ لَهَا، لِمَا طَلَبَتْ ذَلِكَ مِنْهُ: أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَقَالَتْ: مَا أُرِيدُ غَيْرَهُ، وَكَانَ هِشَامٌ يَعْتَمُّ فَأَعْطَاهَا ذَلِكَ، وَدَعَا لَهَا بِثِيَابٍ، وَكَانَتْ إِذَا لَعَنَ مَرْوَانُ عَلِيًّا لَعَنَتْهُ وَأَبَاهُ. وَيُرْوَى فِي بَعْضِ الآثَارِ، أَنَّ مُصْعَبًا سَارَ عَنِ الْكُوفَةِ أَيَّامًا، فَكَتَبَ إِلَى سُكَيْنَةَ. وَكَانَ عَزِيزًا أَنْ أَبِيتَ وَبَيْنَنَا ... شعارٌ، فَقَدْ أَصْبَحْتُ مِنْكِ عَلَى عَشْرِ وَأَبْكَاهُمَا، وَاللَّهِ، لِلْعَيْنِ، فَاعْلَمِي ... إِذَا ازْدَدْتُ مِثْلَيْهَا فَصِرْتُ عَلَى شَهْر وَأَبْكَى لِعَيْنِي مِنْهُمَا الْيَوْمَ أَنَّنِي ... أخافٌ بِأَنْ لا نَلْتَقِي آخِرَ الدَّهْرِ فَلَمَّا قُتِلَ، قَالَتْ: فَإِنْ تَقْتُلُوهُ تَقْتُلُوا الْمَاجِدَ الَّذِي ... يَرَى الْمَوْتَ إِلا بِالسِّيُوفِ حَرَامَا وَقَبْلَكَ مَا خَاضَ الْحُسَيْنُ مَنِيَّةً ... إِلَى السَّيْفِ حَتَّى أَوْرَدُوهُ حِمَامَا عَبْدُ اللَّهِ بن صالح: ثا الليث، عن يونس، وعن ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: زَوَّجَتْ سُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ نَفْسَهَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِلا وَلِيٍّ، فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَنْ فَرِّقْ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، فَلَهَا صَدَاقُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَرَوَى عَنْ رَجُلٍ قَالَ: حَجَجْتُ فَأَتَيْتُ منزل سكينة، فإذا بابها جَرِيرُ، وَالْفَرَزْدَقُ، وَجَمِيلٌ، وَكُثَيِّرُ عَزَّةَ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ، فَخَرَجَتْ جاريةٌ مليحةٌ فَقَالَتْ: سَيِّدَتِي تَقُولُ لِلْفَرَزْدَقِ: أَنْتَ الْقَائِلُ: هُمَا دَلَّيَانِي مِنْ ثَمَانِينَ قَامَةً ... كَمَا انْقَضَّ بازٍ أَقْثَمَ الرِّيشِ كَاسِرُهْ فَلَمَّا اسْتَوَتْ رِجْلايَ فِي الأَرْضِ نَادَتَا ... أَحَيٌّ يُرَجَّى أَمْ قَتِيلٌ نُحَاذِرُهْ فَأَصْبَحَتْ فِي الْقَوْمِ الْقُعُودِ وأصبحت ... مغلقةً دوني عليها دساكره فقال: سوءة لَكِ قُضِيَتْ حَاجَتُكِ ثُمَّ هَتَكْتَ سِتْرَهَا! ثُمَّ سَاقَ قِصَّةً طَوِيلَةٌ، وَأَمَرَتْ لِلشُّعَرَاءِ بِأَلْفِ أَلْفٍ، وَقِيلَ: أَنَّهَا لَمَّا تُوُفِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ أَخَذُوا لَهَا كَافُورًا بِثَلاثِينَ دِينَارًا، وَصَلَّى عَلَيْهَا شَيْبَةُ بْنُ نِصَاحٍ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ: مَاتَتْ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ.

410- سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ1 بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَعُقَيْلٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. 411- سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ2 -4- الْفَقِيهُ، أَحَدُ الأَعْلامِ، أَبُو أَيُّوبَ، وَيُقَالُ: أَبُو الرَّبِيعِ مَوْلَى آلِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَيُعْرَفُ بِالأَشْدَقِ، رَوَى عَنْ وَاثِلَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَمَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ، وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَطَائِفَةٍ، وَعَنْهُ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَحَفْصُ بْنُ غِيلانَ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، وَآخَرُونَ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ الشَّامِ بَعْدَ مكحول. قال ابن لهيعة: ما لقيت مثله، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ مَكْحُولٍ أَفْقَهَ مِنْهُ، وَلا أَثْبَتَ، وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يُدْرِكْ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى كَثيرَ بْنَ مُرَّةَ، وَلا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غَنْمٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: تَفَرَّدَ بِأَحَادِيثَ وَهُوَ عِنْدِي ثبتٌ صَدُوقٌ، وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ: قَالَ لِي الزُّهْرِيُّ: إِنَّ مَكْحُولا يَأْتِينَا وَسُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى، وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ سُلَيْمَانَ لأَحْفَظَ الرَّجُلَيْنِ3، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: قَدِمَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَلَى هِشَامٍ الرُّصَافَةَ، فَسَقَاهُ طبيبٌ لِهِشَامٍ شَرْبَةً فَقَتَلَهُ، فَسَقَى هِشَامُ طَبِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّوَاءِ فَقَتَلَهُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: أَرْفَعُ أَصْحَابِ مَكْحُولٍ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، ثُمَّ الْعَلاءُ بْنُ الْحَارِثِ، وَقَالَ ابْنُ جَابِرٍ: كُنْتُ أَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، وَقَدْ صَلُّوا، فَيُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ، وَأَتَقَدَّمُ فَأُصَلِّي بِهِ، وَكُنْتُ أَدْخُلُ مَعَ مَكْحُولٍ، وَقَدْ صَلُّوا فَيُؤَذِّنُ مَكْحُولٌ، وَيُقِيمُ، وَيَتَقَدَّمُ فَيُصَلِّي بِي، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَفَاتُهُ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 412- سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ4 مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ أَبُو

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 80-81"، الجرح والتعديل "4/ 164". 2 التاريخ الكبير "4/ 38-39"، الجرح والتعديل "4/ 141-142". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 87". 4 التاريخ الكبير "4/ 1-2"، الجرح والتعديل "4/ 151".

المقدام هشام بن يزيد، وَخَلَفُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَزْرَجُ بْنُ عُثْمَانَ بَيَّاعُ السَّابِرِيِّ، لَهُ حديثٌ أَوْ حَدِيثَانِ. 413- سُلَيْمَانُ وَيُقَالُ: سُلَيْمٌ أَبُو عِمْرَانَ الأَنْصَارِيُّ1، مولى أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَقَائِدِهَا، رَوَى عَنْهَا، وَعَنْ ذِي الأَصَابِعِ أَحَدِ الصَّحَابَةِ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، وَأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ، وَعَنْهُ فَرْوَةُ بْنُ مُجَاهِدٍ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. 414- سُلَيْمُ بْنُ عامر الكلاعي2 -م- الخبائري الحمصي، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ، وَجَمَاعَةٍ، وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يزيد بن جابر، والزبيدي، وحريز ابن عُثْمَانَ، وَعُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، وَآخَرُونَ. وَعُمِّرَ دَهْرًا طَوِيلا، وَكَانَ يَقُولُ: اسْتَقْبَلْتُ الإِسلامَ مِنْ أَوَّلِهِ، وَأَدْرَكَ النَّبِيَّ وَلَمْ يَرَهُ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ الْحِمْصِيَّ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ الكَلاعِيُّ زَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ عُمَرَ، وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرٍ: شَهِدَ فَتْحَ الْقَادِسِيَّةِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْحِمْصِيُّ: عَاشَ سليم بن اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، قُلْتُ: أَحْسِبُ هَذَا وَهْمًا، وَلَوْ كَانَ سُلَيْمٌ بَقِيَ إِلَى هَذَا التَّارِيخِ لَسَمِعَ مِنْهَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَبَقِيَّةُ، والله أعلم. 415- سماك بن الوليد الحنفي3 -م4- أبو زميل اليمامي، نزل الكوفة، وروى عن ابن عباس، وابن عمر، ومالك ابن مرثد، وعنه عكرمة بن عمار، والأوزاعي، ومسعر، وشعبة، وغيرهم، وثقه أحمد وغيره. 416- سهل بن معاذ4 -د ت ق- بن أنس الجهني، مِنْ أَوْلادِ الصَّحَابَةِ بِمِصْرَ، عَنْ أَبِيهِ نُسْخَةً، رَوَى عَنْهُ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَزَبَّانُ بْنُ فايد، والليث، وابن لهيعة، ضعفه

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 125-126"، الجرح والتعديل "4/ 151". 2 الطبقات الكبرى "7/ 464"، التاريخ الكبير "4/ 125". 3 التاريخ الكبير "4/ 173"، الكنى والأسماء "1/ 183". 4 التاريخ الكبير "4/ 98"، الجرح والتعديل "4/ 203-204".

ابْنُ مَعِينٍ، وَمَشَّاهُ غَيْرُهُ. 417- سَهْلُ بْنُ أُمَامَةَ1 -م4- بن سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي. عَنْ أَبِيهِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعَمْيَاءِ، وَخَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ المهدي، وعيسى ابن عمر القاري، وثقه ابن مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، مَاتَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ فِي حُدُودِ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 418- سَوَادَةُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْقُشَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -م د ت ن- رَأَى عَلِيًّا، وَرَوَى عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَعَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَشُعْبَةُ، وَهَمَّامٌ، وَأَبُو هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ. 419- سُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -م4- وَالِدُ فَرْعَةَ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَحَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جُنْدَةَ، وَآخَرِينَ، وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَشُعْبَةُ، وَمَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وُثِّقَ. 420- سَيَّارُ بن سلامة4 -ع- أبو المنهال الرياحي البصري، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، وَالْبَرَاءِ السُّلَيْطِيِّ، وَعَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَعَوْفٌ الأعرابي، وَشُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 421- سَيَّارٌ أَبُو حَمْزَةَ الْكُوفِيّ5 -د ت- أَكْبَرُ مِنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ الْوَاسِطِيِّ. رَوَى عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ أبجر، وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ بَشِيرُ بْنُ الصَّلْتِ بْنِ بَهْرَامَ، وثقه أبو حبان.

_ 1 تهذيب التهذيب "3/ 534". 2 التاريخ الكبير "4/ 185"، الجرح والتعديل "4/ 243". 3 التاريخ الكبير "4/ 147"، الجرح والتعديل "4/ 235-236". 4 تاريخ خليفة "286"، التاريخ الكبير "4/ 160"، الجرح والتعديل "4/ 254"، الكنى والأسماء "2/ 129"، الثقات لابن حبان "4/ 335"، تهذيب الكمال "1/ 565"، تهذيب التهذيب "4/ 290-291". 5 التاريخ الكبير "4/ 160"، الجرح والتعديل "4/ 255".

"حرف الشِّينِ": 422- شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ1 -م4- مَوْلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَوَاثِلَةَ، وَأَبِي أَسْمَاءَ الرَّحْبِيِّ، وَعَنْهُ عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ، وَعِكْرِمَةُ بن عمار، والأوزاعي، وجماعة. وقال صلح جَزْرَةُ: صَدُوقٌ، لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. 423- شريح بن عبيد المقرائي2 -د ن ق- أبو الصلت الحمصي، عَنْ ثوبان، وفَضَالة بْن عُبَيْد ومعاوية بْن مالك ابن يخامر السكسكي، وطائفة كبيرة، وأرسل عَنْ أَبِي ذَرّ، وأَبِي الدِّرْداء، رَوَى عَنْه ثور بْن يزيد، وصَفْوان بْن عَمْرو، وضمضم بْن زُرْعَة، ومعاوية بْن صالح، وآخرون، وثقه النسائي. 424- شعلة مولى ابن عباس3 -د- أَبُو يحيى الْمَدَنِيّ، عَنِ ابن عَبَّاس، وعَنْه جَابِر الْجُعْفي، وحفص بْن عُمَر المؤذّن، وابن أَبِي ذئب، ضعّفه مالك، وقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وقَالَ ابْنُ عَدِيّ: أرجو أَنَّهُ لا بأس به. 425- شمر بن عطية4 -ت- الكاهلي الكوفي، عَنْ أَبِي وائل، وزِر بْن حبيش، وشهر بْن حَوْشَب، وعَنْه الأعمش، وفِطْر بْن خليفة، وقَيْس بْن الربيع، وجماعة، وكان عثمانيًا، وثَّقه النّسائي. 426- شَيْبَة بْن مُسَاور الواسطي5 ويقال المكي، عن ابن عباس، وعن عمر بن عَبْد العزيز، وعَنْه عَبْد الكريم أَبُو أُمَّية، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر الْعُمَرِيُّ، وسُفْيان بْن حُسَين، وما أعلم أحدًا تكلّم فيه. "حرف الصاد": 427- صالح بْن جُبَيْر الصُّدائي6 الطَّبَراني ويُقال الفلسطيني. عن أبي جمعة،

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 226"، الجرح والتعديل "4/ 329". 2 التاريخ الكبير "4/ 230"، الكنى والأسماء "2/ 11". 3 التاريخ الكبير "4/ 243"، الجرح والتعديل "4/ 367-368". 4 التاريخ الكبير "4/ 256"، تهذيب الكمال "2/ 588". 5 التاريخ الكبير "4/ 242"، الجرح والتعديل "4/ 336". 6 التاريخ الكبير "4/ 274"، الجرح والتعديل "4/ 396-397".

الأنصَارِيّ، وأَبِي أسماء الرَّحبي، ورجاء بْن حَيْوَة، وعَنْه أَسِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن الخثعميّ، ورجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ، ومعاوية بْن صالح، وغيرهم. ويقال: إنَّ هشام بْن سعد لَقِيَه، وثَّقه يحيى بْن مَعِين. وقَالَ أَبُو حاتم: مجهول، قَالَ رجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ: قَالَ عُمَر بْن عَبْد العزيز: وَلَّيْنَا صالحَ بْن جُبَيْر، فوجدناه كاسمه. قُلْتُ: ولي ديوانَ الخراج والْجُنْد لعُمَر، وذكره خليفة بْن خيّاط فِي عُمّال يزيد بْن عَبْد الملك عَلَى الخَراج والرسائل، ثم عزله بأُسَامة بْن زيد. 428- صالح بْن درهم1 -د- أبو الأزهر الباهلي البصري، خرّج لَهُ أَبُو دَاوُد حديثًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ورَوَى أيضًا عَنْ سَمُرَة، وأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، وابن عُمَر، وعنه ابنه إبراهيم، ومسلمة بن سالم الجهني، وشعبة. وقد ذكر ابن أبي حاتم أن يحيى القطّان رَوَى عَنْه حديثًا، وذكر ابن حَبّان فِي الثقات أنّ مروان بْن معاوية رَوَى عَنْه، فإنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فقد عاش إلى بعد الأربعين ومائة. 429- صالح بْن رُسْتُم2 أَبُو عَبْد السّلام الدمشقي، مولى بني هاشم، عَنْ ثَوْبَان وعَبْد اللَّه بْن حوالة، وعَنْه سَعِيد بْن أيّوب، وعَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيدَ بْن جَابِر ووالده عَبْد الرَّحْمَن. قَالَ أَبُو حاتم: مجهول، كذا قَالَ. 430- صالح بْن سُعَيْد3 حجازيٌ صَدُوق، عَنْ نافع بْن جُبَيْر بْن مُطْعِم، وسُلَيْمَان بْن يَسار، وعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وعنه سَعِيد بْن السّائب الطّائفي، وابن جُرَيْج، وعُبَيْد اللَّه بْن عد اللَّه بْن مَوْهب. لَهُ حديث فِي اليوم والليلة للنّسائي. 431- صالح بْن أَبِي عَرِيب4 -د س ق- واسم أَبِيهِ قُلَيْب بْن حرمل الحضْرَمِيّ، رَوَى عَنْ كثير بْن مُرَّة، وخلاد بن السائب، وعنه الحميد بْن جَعْفَر، وحَيْوَة بْن شُرَيْح، واللَّيْث، وابن لَهِيعَة، وثَّقه ابن حِبّان. 432- الصَّلت بْن عبد الله5 -د ت- بْن نوفل بْن الحارث بْن عَبْد المطَّلب

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 278"، الجرح والتعديل "4/ 400". 2 التاريخ الكبير "4/ 279"، الجرح والتعديل "4/ 403". 3 التاريخ الكبير "4/ 281"، الجرح والتعديل "4/ 404". 4 التاريخ الكبير "4/ 287"، الجرح والتعديل "4/ 410". 5 التاريخ الكبير "4/ 299"، تهذيب الكمال "2/ 612".

الهاشمي، ابن عمّ عَبْد اللَّه بْن الحارث بَبَّه، رَوَى عَنِ ابن عَبَّاس، وعَنْه الزُّهْرِيّ، وابن إسحاق، ويوسف بْن يعقوب بْن حاطب، وثَّقه ابن حِبّان، وقَالَ الزُّبَيْر: كَانَ فقيهًا عابدًا، وقد ولي أَبُوهُ قضاءَ المدينة زمن معاوية. 433- صَيْفي بْن زياد الأنصَارِيّ1 -م د ن ت- مولاهم الْمَدَنِيّ، عَنْ أَبِي اليُسْر كعب بْن عَمْرو، وأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، وأَبِي السّائب مولى هشام بْن زُهْرة، وعَنْه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، وابن عَجْلان، وابن أَبِي ذئب، ومالك، وآخرون، وأما النّسائي فعدهما رجلين فقال: صيفي يروي عنه ابن عِجْلان، ثقة. 434- صَيْفي مولى أفلح2 رَوَى عَنْه ابن أَبِي ذئب. لَيْسَ بِهِ بأس. "حرف الضاد": 435- الضَّحَّاك بْن شُرَحْبِيل الغافقيّ3 -د ق- عن أبي هريرة، وابن عمر، وغيرهما، وعنه حَيْوَة بْن شُرَيْح، وسَعِيد بْن أَبِي هلال، ورِشْدين بْن سعد، وابن لَهِيعَة، وعَبْد اللَّه بْن المسيّب، قَالَ أَبُو زُرْعَة: صَدُوق. 436- ضَمْرَةُ بْن حبيب الزُّبَيْدِيُّ الحمصي4 -4- عَنْ شدّاد بْن أوس، وعوف بن مالك الأشجعي، وأَبِي أُمَامة، وجماعة، وعَنْه ابنهُ عتْبَة، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي مريم، ومعاوية بن صالح، وعبد الرحمن بن يزيد بن جَابِر، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. "حرف الطاء": 437- طلْحة بْن عَبْد اللَّه5 -ن ق- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِيقِ

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 323"، الجرح والتعديل "4/ 448". 2 قال ابن حجر في التهذيب "4/ 441": قال النسائي: صيفي روى عنه ابن عجلان ثقة قال: صيفي مولى أفلح ليس به بأس، روى عنه ابن أبي ذئب. كذا فرق بينهما وهما واحد. 3 التاريخ الكبير "4/ 335"، الجرح والتعديل "4/ 459". 4 التاريخ الكبير "4/ 337"، الجرح والتعديل "4/ 467". 5 التاريخ الكبير "4/ 345-346"، الجرح والتعديل "4/ 475".

التيمي المدني، وأمّه عَائِشَةُ بنت طلْحة، رَوَى عَنْ أبَوَيْه، وعائشة، وأسماء ومعاوية بْن جاهمة السلمي، وعفير بن أبي عفير، ولهما صحبة، روى عنه ولداه مُحَمَّد، وشُعَيْب، وعثمان بْن أَبِي سُلَيْمَان، وعطاف بْن خَالِد. لَهُ فِي الكتابين حديث واحد، وكان مِنْ أَشْرَاف أهل المدينة. 438- طلحة بن مصرف1 -ع- أَبُو عَمْرو بْن كعب، أَبُو مُحَمَّد اليامي الهمداني الكوفي، أحد الأئمّة الأعلام، ومقرئ الكوفة فِي زمانه، قرأ عَلَى يحيى بْن وثّاب وغيره، وحدّث عَنْ أنس بْن مالك، وابن أَبِي أَوْفَى، وزيد بْن وهب، ومُرّه الطّيّب، ومجاهد، وخَيْثَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن، وذَرّ الهَمْداني، وأَبِي صالح السّمّان، وغيرهم، وعَنْه ابنه مُحَمَّد، ومنصور، والأعمش، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وشُعْبَة، وخلْق كثير. قَالَ أَبُو خَالِد الأحمر: أُخْبِرْتُ أن طلحة بْن مُصَرِّف شُهِر بالقراءة، فقرأ عَلَى الأعمش لينسلخ ذَلِكَ عَنْه، فسمعت الأعمش يَقُولُ: كَانَ يأتي فيجلس عَلَى الباب حتى أخرج، فيقرأ، فما ظنكم برجلٍ لا يخطئ ولا يلحن، وقَالَ مُوسَى الْجُهَنِيُّ: سَمِعْتُ طلحة بْن مُصَرِّف يَقُولُ: قد أكثرتُم فِي عثمان، ويأبى قلبي إلا أن يحبَّه، وعَنْ عَبْد الملك بْن أبجر قَالَ: ما رأيت طلحة بْن مُصَرِّف فِي مَلأ، إلا رأيت لَهُ الفضْلَ عليهم2. وقَالَ الحَسَن بْن عَمْرو: قَالَ لي طلحة بْن مُصَرِّف: لولا أنّي عَلَى وضوءٍ لأخبرتُك بما تقول الرافضة، وقال فضيل ابن غزوان: قيل لطلحة بن مُصَرِّف: لو ابتعتَ طعامًا ربِحْتَ فيه، قَالَ: إنّي اكره أن يعلم اللَّه مِنْ قلبي غلًّا على المسلمين3، وقال فضيل بْن عِياض: بلغني عَنْ طلحة أَنَّهُ ضحك يومًا، فوثب عَلَى نفسه وقال: فيم الضِّحْك، إنّما يضحك مِنْ قطع الأهوالَ، وجاز الصرّاط، ثم قَالَ: آلَيْتُ ألا أَفْتَرَّ ضاحكًا حتى أعلم بم تقع الواقعة، فما رؤي ضاحكًا حتى صار إلى الله4.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 308-309"، التاريخ الكبير "4/ 346-347". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 20". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 15". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 15".

وقَالَ ابن عُيَيْنَة، عَنْ أَبِي خبَّاب قَالَ: سَمِعْتُ طلحة بْن مُصَرِّف يَقُولُ: شهدْتُ الجماجمَ، فما رميتُ ولا طعنتُ ولا ضربتُ، وَلَوَدِدْتُ أن هذه سقطت من ههنا ولم أكنْ شهدتُها1، وقَالَ لَيْثُ بْن أَبِي سُلَيْم: حَدَّثتُ طلحة بْن مُصَرّف فِي مرضه، أنّ طاوسًا كره الأنين، فما سُمع طلحةُ يئنّ حتى مات. وقَالَ شُعْبَة: كنّا فِي جنازة طلحة بْن مُصَرّف، فأثنى عَلَيْهِ أَبُو مَعْشَر وقَالَ: ما خلَّف مثْلَه، وقَالَ أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الْعِجْليُّ: كَانَ طلحة يحرّم النبيذ. قُلْتُ: وكان يفضِّل عثمانَ عَلَى عليّ، وهاتان عزيزيتان فِي أهل الكوفة، تُوُفِّي فِي آخر سنة اثنتي عشرة. 439- طليق بن عمروان2 -ق- بْن حُصَيْن، وقيل: بل طُلَيْق بْن مُحَمَّد بن عمران بن حصين. روى عَنْ عِمران، وأَبِي بُردَة بْن أَبِي مُوسَى، وعنه إبراهيم بن إِسْمَاعِيل بْن مجمع، وابنه خَالِد بْن طُلَيْق، سليمان التيمي، وصالح بن كيسان، وذكره ابن حبان في الثقات. "حرف العين": 440- عاصم بْن عُمَر بْن قتادة3 -ع- بْن النُّعْمان الظَّفَري، أبو عُمَر، وقيل: أَبُو عمرو المدني، عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه، ومحمود بْن لَبِيد، وجدّته رُمَيْثَة -ولها صُحبة، وأنس بْن مالك، وعَنْه بُكَيْر بْن الأشجّ، ومُحَمَّد بْن عَجْلان، وعَبْد الرَّحْمَن بْن الْغَسِيلِ، وجماعة، وكان ثقة عارفًا بالمغازي، واسع العلم، وثَّقه أَبُو زُرْعة والنّسائي، تُوُفِّي سنة تسع عشرة، وقيل: سنة عشرين، وهو أصح، وقيل: سنة ستٍ أو سبعٍ وعشرين. 441- عامر بن جشيب الحمصي4 -ن- أبو خالد، عَنْ أَبِي أُمَامة الباهلي، وعَنْ خَالِد بْن مَعْدان، وغير واحد، وعَنْه لُقمان بْن عامر، والزبيدي، ومعاوية بن صالح، وثقه ابن حبان.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 15" وصفة الصفوة "3/ 97". 2 التاريخ الكبير "4/ 359"، الجرح والتعديل "4/ 499". 3 الطبقات الكبرى "3/ 452، 5/ 349"، تاريخ خليفة "350". 4 التاريخ الكبير "6/ 457"، الجرح والتعديل "6/ 319-320".

442- عامر بن يحيى1 -م ت ن- بن حبيب، أبو خنيس المعافري المصري، عن حنش الصنعاني، وأبي عبد الرحمن الحبلي، وعنه عمرو بن الحارث، والليث بن سعد، وابن لَهِيعَة، وآخرون، وثَّقه أَبُو دَاوُد، وهو راوي حديث البطاقة، قَالَ ابن يونس: تُوُفِّي قبل سنة عشرين ومائة. 443- عُبَادة بْن نُسَيّ الْكِنْدِيُّ2 -4- أَبُو عُمَر الأَزْدِيّ قاضي طَبَرَيَّة. رَوَى عَنْ أُبَيّ بْن عمارة، وشدّاد بْن أوس، وأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، ومعاوية، وغيرهم، وعَنْه بُرْد بْن سِنان، وعَبْد الرَّحْمَن بْن زياد الإفريقي، وعليّ بْن أَبِي حَمَلة، وهشام بْن الغاز، وخلق كثير. وكان شريفًا نبيلا، موصوفًا بالصّلاح والفضل والجلالة، وثقه ابن مَعِين، ولي قضاءَ الأردنّ لعبد الملك بْن مروان، وولي جُنْدَ الأردنَّ لعُمَر بْن عَبْد العزيز. قال أبو مسهر: سَمِعْتُ كاملَ بْن مَسْلَمةُ بْن رجاء بْن حَيْوَة يَقُولُ: قَالَ هشام بْن عَبْد الملك: مَن سيّد أهل فلسطين؟ قالوا: رجاء بْن حَيْوَة، قَالَ: فمن سيّد أهل الأردنّ؟ قالوا: عُبَادَةُ بْن نُسيّ، قَالَ: فمن سيّد أهل دمشق؟ قالوا: يَحْيَى بْن يَحْيَى الغسّاني، قَالَ: فمن سيّد أهل حمص؟ قالوا: عَمْرو بْن قَيْس، قَالَ: فمن سيّد الجزيرة؟ قالوا: عَدِيّ بْن عدي الكندي، قال مُغِيرة بْن مُغِيرة الرَّمْلِيُّ: قَالَ مَسْلَمةُ بْن عَبْد الملك: إنّ فِي كِنْدَة لثلاثة، إنّ اللَّه بهم يُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وينصرُ بهم عَلَى الأعداء: رجاء بْن حَيْوَة، وعُبَادةُ بْن نُسَيّ، وعَدِيّ بْن عَدِيّ. وَرَوَى ضَمْرَةُ بْن ربيعة، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عثمان الأَزْدِيّ، قَالَ: كَانَ عُبَادَةُ بْن نُسَيّ عَلَى القضاء، فأهدى لَهُ رجلٌ قُلَّةَ عسلٍ، فقبلها وهو يخاصم إِلَيْهِ، فقضي عَلَيْهِ، ثم قَالَ: يا فلان، ذهبت القُلَّة، قَالَ غير واحد: تُوُفِّي عُبَادَةُ ابن نُسَيّ سنة ثماني عشرة ومائة. 444- عَائِشَةُ بنت سعد بن أبي وقاص3 -خ د ت ن- الزهرية المدينة. رأت سِتًّا مِنْ أُمَّهات المؤمنين، وروت عَنْ أبيها وغيره، وعنها أيوب السختياني،

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 457"، الجرح والتعديل "6/ 329". 2 الطبقات الكبرى "7/ 456"، التاريخ الكبير "6/ 95". 3 الطبقات الكبرى "8/ 342"، تهذيب الكمال "3/ 1690".

والْجُعَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن، وعُبَيْدة بْن نابل، وصخر بْن جُوَيْرية، وعدد مِنَ العلماء، آخرهم وفاةً مالك بْن أنس. وَهِيَ مِنَ الثّقات، تُوُفِّيت باتفاقٍ سنة سبع عشرة، ولها أربعٌ وثمانون سنة. 445- العباس بن ذريح الكلبي1 الكوفي -د ن ق- عَنْ شُرَيْح القاضي، وشُرَيْح بْن هانئ، وكميل بْن زياد، والشَّعْبي، وجماعة، وعَنْه زكريّا بْن أَبِي زائدة، ومِسْعَر، وشَرِيك وجماعة، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صالح. 446- الْعَبَّاس بْن سالم الدمشقي2 عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَولاني، وأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ، وعَنْه ابن أخيه الصَّقْر بْن فَضَالَةَ، ومُحَمَّد بْن مهاجر. وثقه العجلي. 447- العباس بن سهل3 -سوى ن- بن سعد الأنصاري الساعدي المدني. عَنْ أَبِيهِ، وسَعِيد بْن زيد، وأَبِي حُمَيْد السّاعدي، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وجماعة، مولده فِي أول خلافة عثمان، وعَنْه ابناه أُبَيّ، وعَبْد المهيمن، والعلاء ابن عَبْد الرَّحْمَن، وابن إسحاق، وفُلَيْح بْن سُلَيْمَان، وابن الغسيل، وثقه ابن مَعِين وغيره. وقد آذاه الحَجَّاج وضربه؛ لأنّه كان من أصحاب ابن الزبير، فأتى أبو سهل فَقَالَ: ألا تحفظ فينا وصيَّة رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ: "اقبَلُوا مِنْ محسنهم وتجاوزا عَنْ مُسِيئهم" 4 فأطلَقَه. يقال: تُوُفِّي قريبًا مِنْ سنة عشرين ومائة. 448- عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ5 -ع- بن الحصيب، أبو سهل الأسلمي، قاضي مرو بعد أخيه سليمان، وهما توءمان. رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وأَبِي مُوسَى، وعَائِشَة، وعِمران بْن حُصَيْن، وسَمُرَة، وابن مسعود، والمغِيرة بْن شُعْبَة، وعَبْد اللَّه بْن مُغَفَّلٍ، وعَنْ أَبِي الأسود الدؤلي، ويحيى بن يعمر، وطائفة.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 7"، الجرح والتعديل "6/ 214". 2 التاريخ الكبير "7/ 7، الجرح والتعديل "6/ 214". 3 الطبقات الكبرى "5/ 271"، تاريخ خليفة "308". 4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3801"، ومسلم "2510"، والترمذي "3907"، وأحمد في المسند "3/ 176، 272"، وابن حبان في صحيحه "7265". 5 الطبقات الكبرى "7/ 221"، تاريخ خليفة "361".

وعَنْه حُسَين المعلِّم، والْجُرَيْري، ومالك بْن مِغْوَلٍ، ومقاتل بن حيان، وأجلح الْكِنْدِيُّ، وَكَهْمَسُ بْن الحَسَن، والحُسَين بْن واقد قاضي مَرْو، وخلق آخرُهُم معاوية بْن عَبْد الكريم الضال. قال أبو تميلة: ثنا عَبْد المؤمن بْن خَالِد، عَنِ ابن بُرَيْدَةَ قَالَ: ينبغي للرجل أن يتعاهد مِنْ نفسه ثلاثةَ أشياء: أَلا يدع المشي فإنّه إن احتاج إِلَيْهِ لم يقدْر عَلَيْهِ، وَأَلا يدعَ الأكلَ فإنّ أمعاءه تَضيق، وَأَلا يدعَ الجماع فإن البئر إذا لم تنزح ذهب ماؤها. وقَالَ أَحْمَد فِي مُسْنَدِه: ثنا زيد بْن الحُبَاب، حدّثني حُسَين، حدّثني ابن بُرَيْدَةَ قَالَ: دخلت أَنَا وأَبِي عَلَى معاوية، فأجلَسَنَا عَلَى الفرش، ثم أكلنا ثم شرب معاوية، فناول أَبِي، ثم قَالَ: ما شرِبته مند حَرَّمَه رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ، ثم قَالَ معاوية: كنتُ أجملَ شبابِ قريشٍ وأجوَدَهم ثغرًا، وما شيء كنت أجد لَهُ لذَّةً وأنا شابٌ، يجده اليوم، غير اللّبن، أو إنسان حَسَن الحديث يحدّثني1. وَعَنِ ابن بُرَيْدَةَ قَالَ: وُلدتُ أَنَا وأخي لثلاثٍ خَلَوْن مِنْ خلافة عُمَر. قُلْتُ: أراهُ وُلد بعد ذَلِكَ بمُدَيْدَة، فإنّ الفضل السّيناني رَوَى عَنْ حُسَين بن واقد، عَنْه قَالَ: جئتُ إلى أمّي فقلت: يا أُمّاه، قُتِل عثمان، فقالت: يا بُنَيّ اذهب فالعب مَعَ الغِلْمان، وكان يزيد بن المهلب استقضى عبد الله ابن مَرْو. وقَالَ ابن خِراش: صَدُوق، وقَالَ ابن حِبّان: ولي قضاء مَرْو بعد أخيه سُلَيْمَان سنة خمسٍ، إلى أن مات سنة خمسَ عشرةَ ومائة، وقَالَ وكيع: كانوا بعد موت سُلَيْمَان بْن بُرَيْدَةَ عَلَى أخيه عَبْد اللَّه. 449- عَبْد اللَّه بْن حَنشَ الأَوْدِيُّ الكوفي2 عَنِ البَرَاء، وابن عُمَر، وشُرَيْح القاضي، والأسود، وغيرهم. وعَنْه: مُحَمَّد بْن جُحَادة، وشُعْبَة، وسُفْيان، وأَبُو عوانة، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بأس به.

_ 1 أخرجه أحمد في المسند "5/ 347". 2 التاريخ الكبير "5/ 68"، الجرح والتعديل "5/ 39".

450- عَبْد اللَّه بْن أَبِي زكريّا الخُزَاعي1 أَبُو يحيى فقيه دمشق، وأحد الأعلام، عَنْ أَبِي الدرداء، وسلمان، وعبادة بن الصم، وأكثر ذَلِكَ مراسيل، ورَوى عَنْ أم الدِّرْداء، وغيرها. وعَنْه: عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وصَفْوان بْن عَمْرو، وعليّ بْن أَبِي جملة، والأوزاعي، وخالد بن دهقان، وسعيد عَبْد العزيز، وخلق، وقَالَ أَبُو مُسْهر: كَانَ سيد أهل المسجد، قيل: بم سادهم؟. قَالَ: بحُسْن الخُلُق. وقَالَ الواقدي: كَانَ يُعْدَلُ بعُمَر بْن عَبْد العزيز. وَرَوَى عليّ بْن عيّاش، عَنِ اليَمَان بْن عَدِيّ قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي زكريّا عابدَ أهلِ الشّام، وكان يَقُولُ: ما عالجتُ مِنَ العبادة شيئًا أشدَّ مِنَ السكُوت. وقَالَ الأَوزاعيّ: لم يكن بالشام رَجُل يُفَضَّلُ عَلَى ابن أَبِي زكريّا. وَرَوَى بقّية، عَنْ مُسْلِم بْن زياد، قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي زكريّا لا يكاد يتكلّم إلا أن يُسأل، وكان مِنْ أكثر النَّاسَ تبسُّمًا، قَالَ: ما مَسَسْتُ دينارًا، ولا درهمًا قط، ولا شربت شيئًا قطّ، ولا بعتُه إلا مرّة، وكان له إخوة يكفونه. وقال ابن سعيد: كَانَ ثقةً قليل الحديث، صاحب غزو، كَانَ عُمَر بْن عَبْد العزيز يُجْلِسُه معه عَلَى السّرير، تُوُفِّي عَبْد الله سنة سبْعَ عشرةَ ومائة. 451- عَبْد اللَّه بْن أَبِي إسحاق2 زيد بْن الحارث بْن عَبْد اللَّه الحضْرَمِيّ الْبَصْرِيّ، مولى لهم، أحد الأئمّة فِي القراءة والنَّحْو، هُوَ أخو يحيى بْن أَبِي إسحاق، وجدّ مقرئ البصرة يعقوب بْن إسحاق الحضْرَمِيّ. أخذ القرآن عَنْ يحيى بْن يَعْمَر، ونصر بْن عاصم، وروى عن أبيه وجده، عن علي، وروى أيضًا عن أنس. وروى عنه حفيده يعقوب بن زيد الحضرمي، وهارون بْن مُوسَى النَّحْوِيُّ الأعور. ذكره ابن حِبّان فِي الثقات. قَالَ أَبُو عُبَيْدة: اختلف النَّاسَ إلى أَبِي الأسود يتعلّمون منه العربية، فكان أبرعَ أصحابه عَنْبَسَةُ بْن مَعْدان، ثم اختلف النَّاسَ إلى عَنْبَسَةَ بْن مَعْدان، فكان أبرعَ أصحابه ميمون الأقرع، فتخرّج بِهِ عَبْد اللَّه بْن أَبِي إسحاق. وعَنْ أَبِي عُبَيْدة قَال: أول من وضع العربية أبي الأسود، ثم ميمون، ثم عنبسة الفيل، ثم عبد الله بن أبي إسحاق، كذا قَالَ هنا أَبُو عُبَيْدة: ميمون قبل عَنْبَسَةَ. وقال غيره: كان مع عبد الله ابن أبي إسحاق أبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 456-457"، التاريخ الكبير "5/ 96". 2 التاريخ الكبير "5/ 43-44"، الجرح والتعديل "5/ 4-5"، تهذيب التهذيب "5/ 148".

عمر الثقفي، فمات قبلها، وكان أَبُو عَمْرو أوسَعَ فِي معرفة كلام العرب، وكان عَبْد اللَّه بْن أَبِي إسحاق أشدّ تجريدًا للقياس، فجمع بينهما بلال بْن أَبِي بُردَة، فتناظرا، فكان أَبُو عَمْرو يَقُولُ: غلبني عَبْد اللَّه يومئذ بالهَمْز، فنظرت فيه بعدُ وبالغتُ فيه. وقَالَ مُحَمَّد بْن سلام الْجُمَحِي: سَمِعْتُ يونس يسأل عَنِ ابن أَبِي إسحاق، فَقَالَ: هُوَ والنَّحْو سواء، أي هُوَ الغاية، قَالَ: وكان ابن أَبِي إسحاق يُكْثِر الردَّ على الفرزدق ويتعنته، الفَرَزْدَق: فلو كَانَ عَبْد اللَّه مَوْلى هَجَوْتُهُ ... ولكن عبد الله مولى المواليا وكان المولى لآل الحضرمي حليف بني عبد الشمسٍ، والحليفُ عند العرب كالمولَى، وكان ابن أَبِي إسحاق أول مِنْ بَعَجَ النَّحْو، ومدّ القياس، وَشَرَحَ الْعِلَلَ. ومات عَبْد اللَّه وقَتَادة فِي يوم واحد في البصرة، سنة سبع عشرة ومائة. وقيل: إنه عاس ثمانيًا وثمانين سنة، ولم يصحّ. ونقل ابن حِبّان: إنّه تُوُفِّي سنة تسعٍ وعشرين ومائة. 452- عَبْد اللَّه بْن أَبِي سَلَمَةَ الماجَشُون الْمَدَنِيُّ1 -م د ن- والد عَبْد العزيز، وأخو يعقوب. أرسل عَنْ عَائِشَةَ، وأمّ سَلَمَةَ، ولعلّه أدركها، وَرَوَى عَنِ ابن عُمَر، والنُّعْمان بْن أَبِي عياش، وعروة، وعنه ابنه، وبكير بن الأشح، وعمرو بن الحارث، وابن إسحاق، وآخرون. 453- عَبْد اللَّه بْن أَبِي سُلَيْمَان2 -د- مَوْلَى أمير المؤمنين عثمان. سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وجُبَيْر بْن مُطْعِم. وعَنْه مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المكّي، وإسحاق بْن إبْرَاهِيم الثقفي، وخَلَف بْن إِسْمَاعِيل الخُزاعي، وحمّاد بْن سَلَمَةَ. قَالَ أَبُو حاتم: شَيْخ. 454- عَبْد اللَّه بْن سهل أَبُو ليلى الأنصَارِيّ3 الحارث عَنْ عَائِشَةَ، وسهل بْن أَبِي حَثَمَة، وجابر بْن عَبْد اللَّه. وعَنْه ابن إسحاق، ومالك. كناه الحاكم.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 100"، الجرح والتعديل "5/ 70"، تهذيب الكمال "2/ 960". 2 التاريخ الكبير "5/ 108"، الجرح والتعديل "5/ 75-76". 3 التاريخ الكبير "5/ 98-99"، الجرح والتعديل "5/ 67-68".

455- عبد الله بن عامر1 -م ت- بن يزيد بن تميم، أبو عمران اليحصبي، مقرئ أهل الشّام. قرأ القرآن عَلَى المُغيرة بْن أَبِي شهاب المخزومي، عَنْ عثمان. ويقال: إن ابن عامر سَمِعَ قراءةَ عثمان فِي الصَّلاة. ويقال: إنّه قرأ عَلَيْهِ نصفَ القرآن، ولم يصحّ. وروينا بإسنادٍ قويّ أَنَّهُ قرأ القرآنَ عَلَى أَبِي الدرداء، والنفس من هذا الشيء، مَعَ أنّ ذَلِكَ محتَمَل عَلَى بعدٍ، بناءً عَلَى ما رَوَى عَنْ خَالِد بْن يزيد المري، أنه أعني بن عامر، وُلِد سنة ثمانٍ مِنَ الهجرة، وأمّا صاحبُه يحيى الذماريّ. فَقَالَ: ولُد ابن عامر سنة إحدى وعشرين مِنَ الهجرة، وورد أيضًا أَنَّهُ قرأ عَلَى فَضَالَةَ بْن عُبَيْد. وحدّث عَنْه، وعَنْ معاوية، والنُّعْمان بْن بشير، وواثلة بْن الأسقع، وطائفة. وعَنْه: ربيعة بْن يزيد، وعَبْد اللَّه بْن العلاء بْن يزيد، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يزيد ابن جابر، وآخرون. وثقه النسائي وغيره، وخلفه فِي القراءة صاحبُهُ الذماريّ، قَالَ: الْهَيْثَمُ بْن عِمران: كَانَ ابن عامر رئيس أهلِ المسجد زمنَ الوليد وبَعْده. وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: ضرب ابن عامر عطيَّة بْن قيس حين رفع يديه فِي الصَّلاة، فرَوى عَمْرو بْن مهاجر أنّ ابن عامر استأذن عَلَى عُمَر بْن عبد العزيز، فلم يأذن لَهُ، وقَالَ: ضرب أخاه عطيّةَ أنْ رَفَعَ يديه، إنْ كنّا لَنُؤَدّب عليها في المدينة. قُلْتُ: فِي كنية ابن عامر تسعةُ أقوال، أصحّها أَبُو عِمران، وقد ولي قضاءَ دمشق بعد أَبِي إدريس الخَوْلاني. وقَالَ هشام بْن عمّار: ثنا الْهَيْثَمُ بْن عِمران قَالَ: كَانَ فِي رأس المسجد بدمشق فِي زمان عَبْد الملك، وبعده ابن عامر، وكان يُغْمَز فِي نَسَبه، فجاء رمضان، فقالوا: مَن يَؤُمُّنا؟ فذكروا المهاجر بن أَبِي المهاجر، فقيل: ذا مولى، ولسنا نريد أن يَؤُمَّنا مولى، فَبَلَغتْ سُلَيْمَان، فلما استُخْلِف بعث إلى المهاجر، فَقَالَ: إذا كَانَ أول لَيْلَةٍ فِي رمضان قفْ خلفَ الإِمَام، فإذا تقدّم ابن عامر، فخُذْ بثيابه واجْذُبْه، وقل: تأخَّرْ، فلن يتقدَّمَنا دَعِيٌّ وَصَلِّ أنتَ بالنَّاسَ، ففعل ذَلِكَ. وكان ابن عامر يزعم أنه مِنْ حِمْيَر. قُلْتُ: الأصحّ أَنَّهُ ثابت النَّسَب. وقال يحيى بن الحارث: وكان ابن العامر قاضي الْجُنْد، وكان عَلَى بناء مسجد دمشق، وكان رئيس المسجد لا يرى فيه بِدْعَةً إلا غيرها. ومات يومَ عاشوراء، سنة ثماني عشرة ومائة، وله سبعٌ وتسعون سنة، رحمه اللَّه تعالى.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 156"، الجرح والتعديل "5/ 122-123".

456- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِر1 -ع- بن عتيك الأنصاري المدني. عَنِ ابن عُمَر، وأنس بْن مالك، وجدّه لأُمّه عَتِيك بْن الحارث. وعَنْه مِسْعَر، وشُعْبَة، ومالك، وغيرهم. 457- عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد اللَّه2 -ع- بن عبد الله بن أبي ملكية زهير بْن عَبْد اللَّه بْن جُدْعان، الإِمَام أَبُو مُحَمَّد، وأَبُو بَكْر التَّيْمي المكّي الأحول، مؤذّن الحَرمَ، ثم قاضى مكة لابن الزُّبَيْر. روى عن جده أبي ملكية، وله صُحْبة، وعَنْ عَائِشَةَ، وأم سَلَمَةَ، وابن عَبَّاس، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، وطائفة. وعنه عمرو بن دينار، وأيوب، وحاتم بن أبي صغيرة، وابن جريج، ونافع بن عمر الجمحي، وعبد الواحد بن أيمن، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، وجرير بن حازم، وأبو عامر الخزاز، وعبد الجبار بن الورد، وابن لهيعة، والليث بن سعد، وخلق كثير. روى أيوب، عَنِ ابن أَبِي ملكية قَالَ: بعثني ابن الزُّبَيْر عَلَى قضاء الطائف، فكنت أسأل عن ابن عَبَّاس. قُلْتُ: وثَّقه غير واحد، ومات سنة سبعَ عشرةَ ومائة. قَالَ خَالِد بْن أبي يزيد الهدادي: رأيت ابن أبي ملكية يَخْضِب بالحِنّاء. وقَالَ جَعْفَر بْن سُلَيْمَان، عَنِ الصلت بالدينار، عن أبي ملكية قال: أدركت أكثر من خمسمائة مِنَ الصّحابة، كلّهم خاف النّفاق عَلَى نفسه. كذا رواه الصلت، والصحيح رواية ابن جريح عَنْه أَنَّهُ قَالَ: أدركتُ ثَلاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 458- عَبْد اللَّه بنت عبد الله قاضي الري3 -د ت ق- كوفيٌّ مِنْ موالي بني هاشم. سَمِعَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى، وسعيد بْن جبير، وجماعة. وعَنْه الحَكَم بْن عُتَيْبَةَ، والأعمش، وحَجَّاج بْن أرطأة، وفِطْر بْن خليفة، وابن أَبِي ليلى. وثَّقه أَحْمَد وغيره، وهو ابن سريّة علي وضي الله عنه. 459- عبد الله بن زيد العابدين علي بن حسين الهاشمي4 -ت ن- رَوَى عَنْ جدّه -رَضِيَ الله عنهم- مُرْسلا، وعَنْ جدّه لأُمّه الحَسَن بْن عليّ، وعن أبيه. وعنه عمارة بن

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 126"، الجرح والتعديل "5/ 90". 2 الطبقات الكبرى "5/ 473"، التاريخ الكبير "5/ 137". 3 التاريخ الكبير "5/ 127"، الجرح والتعديل "5/ 92"، تهذيب الكمال "2/ 701". 4 التاريخ الكبير "5/ 148"، الجرح والتعديل "5/ 114".

غَزِيّة، وموسى بْن عُقّبَة، ويزيد بْن أَبِي زياد، وغيرهم، كعبد العزيز بْن عُمَر العُمَري. ذكره ابن حبان في كتاب الثقات. 460- عبد الله بن عبيد1 -م- بْن عُمَيْر بْن قَتَادةُ اللَّيْثي الْجُنْدُعي، أَبُو هاشم المكي. عَنْ أَبِيهِ، وعَائِشَة، وابن عَبَّاس، وابن عُمَر، وجماعة. وعنه ابن جريح، والأوزاعي، وعكرمة بن عمّار، وجرير بْن حازم، وابنه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه المُحْرِم. قَالَ دَاوُد العطّار: كَانَ عَبْد اللَّه مِنْ أفصح أهل مكّة. وقَالَ أَبُو حاتم ثقة. تُوُفِّي سنة ثلاث عشرةَ ومائة. 461- عَبْد اللَّه بْن كثير2 مقرئ أهل مكة، أَبُو مَعْبَد، مولى عَمْرو بْن عَلْقَمَة الكِنانيّ. أصله فارسيّ، ويقال لَهُ، الدّاريّ العطّار نسبةً إلى عكر دارين. أما البخاريّ فَقَالَ: هُوَ قُرَشِيّ مِنْ بني عَبْد الدار. وقَالَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد: الدار بطن مِنْ لخم، منهم تميم الدّاريّ. وَعَنِ الأصمعيّ قَالَ: الداريّ الَّذِي لا يبرح فِي داره، ولا يطلب مَعَاشًا. وكان عَبْد اللَّه بْن كثير عطّارًا مِنْ أبناء فارس الَّذِي بعثهم كِسْرَى إلى صَنْعاء، فطردوا عَنْهَا الحَبَشَة. قَالَ ابن المَديني: قد رَوَى عَنِ ابن كثير الداريّ أيّوب، وابن جريح، وكان ثقة. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً لَهُ أَحَادِيثُ صالحة. حَجَّاج، عَنْ حمّاد بْن سَلَمَةَ قَالَ: رأيت أَبَا عَمْرو يقرأ عَلَى عَبْد اللَّه بْن كثير. وقَالَ ابن عُيَيْنَة: لم يكن بمكة أحدٌ أقرأ مِنْ حُمَيْد، وعَبْد اللَّه بْن كثير. وقال جرير بن حازم: رأيت بن كثير فصيحًا بالقرآن. وذكر الدّاني أَنَّهُ أخذ القراءة عَنْ عَبْد اللَّه بْن السّائب. وقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُولُ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا أَبَا بَكْر فِي جنازة عَبْد اللَّه بْن كثير وأنا غلام، فِي سنة عشرين ومائة، قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَن. وقَالَ بشْرُ بْن مُوسَى: ثنا الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيان، ثنا قاسم الرحّال فِي جنازة عَبْد اللَّه بْن كثير؟ قَالَ: رأيتُهُ سنة ثنتين وعشرين ومائة أسمع قَصَصَه وأنا غلام، وكان قاصَّ الجماعة. قُلْتُ: فأمّا: 462- عَبْد اللَّه بن كثير3 بن المطلب بن أبي وداعة السهمي المكي، فلجده

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 143"، الكنى والأسماء "2/ 148". 2 الطبقات الكبرى "5/ 484"، التاريخ الكبير "5/ 181". 3 تهذيب الكمال "2/ 725-726"، ميزان الاعتدال "2/ 473-474".

صُحْبة، وهو فلا يكاد يُعْرَف إلا فِي حديثٍ واحد، سَنَدُهُ مضطَّرب، وهو حديث عَائِشَةَ فِي استغفاره لأهل البَقيع1. رواه ابن وهب، عن جريح، عَنْه، عَنْ مُحَمَّد بْن قيس بْن مَخْرَمَة، عن عائشة، رواه مسلم، ورواه حجاج بن أبي جُرَيْج فَقَالَ: عَنْ عَبْد اللَّه رَجُل مِنْ قُرَيْش. قُلْتُ: قرأ القرآن عَلَى مجاهد باتفاقٍ، وورد أَنَّهُ قرأ القرآن أيضًا عَلَى عَبْد اللَّه بْن السّائب المخزوميّ صاحب أَبِي بْن كعب. قرأ عَلَيْهِ طائفة منهم شِبْلُ بْن عباد، وأبو عَمْرو بْن العلاء، ومعروف بْن مِشْكَان، وإِسْمَاعِيل بن عبد القُسْط. وقد حدّث عَنِ ابن الزُّبَيْر، وأَبِي المِنْهال عَبْد الرَّحْمَن بْن مُطْعِم، وعِكْرِمة. وعَنْه أيوب، وابن جريج، جرير بن حازم، وحُسَين بْن واقد، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي نَجِيح، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وآخرون، وثَّقه عليّ بْن المَدِيني وغيره، وكان أبيض اللّحْية طويلا جسيمًا، أسمر أشْهَلَ العينين، عَلَيْهِ سَكِينة ووقار، وكان فصيحًا مُفَوَّهًا واعظًا، ويقال: إنّ ابن عُيَيْنَة سَمِعَ منه، وهو بعيد، إنّما شهِد جنازَتَه، تُوُفِّي سنة عشرين ومائة، وله خمسٌ وسبعون سنة، رحمه اللَّه، وثَّقه النّسائي. 463- عبد الله بن كيسان2 -ع- أبو عمر التيمي المدني، مولى أسماء بنت أَبِي بَكْر، عَنْ أسماء وابن عُمَر، وعَنْه عَبْد الملك بْن أَبِي سليمان، وحجاج بن أرطأة، وجُرَيْج، وَالْمُعَلَّى بْن زياد، وغيرهم، وثَّقُوه. 464- عَبْد اللَّه بْن أَبِي المجالد3 -خ د س ق- روى عن مولاه عبد الله بن أبي أوفى، وعبد الرحمن بن أبزى، ووَرَّاد كاتب المغيرة، وعَبْد اللَّه بْن شدّاد، وعنه إسماعيل السدي، والحسن بْن عمارة، وأَبُو إسحاق الشّيباني، وشُعْبَة، لكنّ شُعْبَة سمّاه مُحَمَّدًا فَوَهِمَ، وثَّقه أَبُو زرعة وغيره. 465- عَبْد اللَّه بْن نِيَار4 رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وعُرْوَة، وعَمْرو بْن شاس. وعَنْه أَبُو الزناد، وعبد الرحمن بن حولة، وجماعة.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "974"، والنسائي "2036، 3973"، وابن ماجه "1546"، وأحمد في المسند "6/ 221"، وابن حبان في صحيحه "7110". 2 التاريخ الكبير "5/ 178"، الكنى والأسماء "2/ 40". 3 الجرح والتعديل "5/ 182"، تهذيب الكمال "2/ 732". 4 التاريخ الكبير "5/ 214"، الجرح والتعديل "5/ 185".

466- عبد الله بن واقد1 بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. عَنْ جدّه، وعَائِشَة، وعنه الزهري، وفضيل بن غزوان، وعمر بن محمد، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَرَآهُ مَالِكٌ، ثُمّ وَجَدْتُ وفاته سنة سبعَ عشرةَ ومائة. 467- عَبْد اللَّه أَبُو مُحَمَّد البطّال2 ويقال: أَبُو يحيى، أحد الموصوفين بالشجاعة والإقدام، ومَن سارت بذِكْره الرُّكْبان، كَانَ أحد أمراء بني أُمّية، وكان عَلَى طلائع مسلمة بن عبد الله الملك، وكان ينزل بأنطاكية، شهد عدّةَ حُرُوب، وأوطأ الرومَ خوفًا وذُلا، ولكنْ ما يحدّ ولا يوصف، ما كذبوا عَلَيْهِ مِنَ الخُرافات المستحيلات، وعنه عَبْد الملك، أَنَّهُ أوصى مَسْلَمةُ، فَقَالَ: صَيِّر عَلَى طلائعك البطّال، وَمُرْهُ فلْيَعسّ باللّيل، فإنّه أمينٌ شجاع مِقْدام، وقَالَ الوليد بْن مُسْلِم: حدّثني بعضُ شيوخنا أنّ مَسْلَمةُ عقد للبطّال عَلَى عشرة آلاف، فجعلهم يَعْني يَزَكًا3. وحدّثني أبو مروان الأنطاكي قَالَ: كنت أغازي مَعَ البطّال، وقد أَوْطأَ الرومَ ذُلا، قَالَ البطّال: فسألني بعض ولاةٍ بني أُميَّة عَنْ أعجب ما كَانَ مِنْ أمري، فقلت: خرجتُ فِي سَريّةٍ ليلا، فأتينا قريةً، وقلت لأصحابي: ارفعوا لجم خيولكم، ولا تُهَيِّجوا، ففعلوا واخترقوا فِي أزِقَّتِها، ودفعتُ فِي ناس مِنْ أصحابي إلى بيتٍ فيه سراجٌ وامرأة تُسْكِتُ ولَدَها مِنْ بُكائه وتقول: اسكُتْ أو لأَدّفَعَنَّك إلى البطّال، ثم انتَشَلَتْه مِنْ سريره وقالت: خذه يا بطّال، قَالَ: فأخذْتُه. وخرجت يومًا وحدي على فرسي لأصيب غفلةٍ، ومعي شواء وغيره، فأكل، ودخلت بستانًا، وأسهلني بطني، فاختلفتُ مرارًا، وخفتُ مِنَ الضَّعف، فركبتُ وأسهلتُ عَلَى سرجي، كرهت أن أنزل فأضعفَ عَنِ الركوب، ولزِمتُ عُنُقَ الفَرَس، وذهب بي لا أدري إلى أَيْنَ، فسمِعت وَقْعَ حوافره عَلَى بلاطٍ، فأفتح عينيَّ فإذا دَيْر، وإذا نسوةٌ يتطلَّعن مِنْ أبواب الدير، فلما رأين حالي وضعفي، وقوف فرسي، رَطَنَتْ واحدةٌ منهنّ، فنزعن عنّي ثيابي، وغسلن ما بي وألبسنني ثيابًا، وسَقْيَنني تِرْياقًا أو دواءً، ووُضعتُ عَلَى سريرٍ، فأقمت يومًا وليلةً مسبوتًا، وذهب عنّي ذَلِكَ ثاني يوم، وأنا ضعيف عَنِ الركوب، فجاءها فِي اليوم الثالث بطريقٌ أقبل فِي مركبه، فأمَرَتْ بفَرَسي فغُيِّبَ، وأغلقتْ علي بيتًا، ودخل

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 219"، الجرح والتعديل "5/ 190"، تهذيب الكمال "2/ 751". 2 الكامل في التاريخ "5/ 248"، البداية والنهاية "9/ 331-334". 3 يزكًا: أي حرسًا.

البَطْريقُ، فسَمعْتُ بعضَ النّسوَة تُخبر أنّه خاطب لها، فبلغه شأني، فَهَمَّ أن يهجم عَلَيَّ، فأَقسَمَتْ إنْ فَعَلَ لا نال حاجَتَه، فأمسك، ثم تزوّج، وخرجتُ فدعوتُ بِفَرَسي، فقالت: لا آمن أن يَكْمُن لك، دعه يذهب، فأبيتُ وركبتُ وقَفَوْتُ الأثر حتى لَحِقتُه، وشدَدْتُ عَلَيْهِ، فانفرج عَنْه أصحابُه، فقتلته، وطلبت أصحابَه فهربوا، فأخذت فَرسَه وسمطْتُ رأسه، ورددت إلى الدَّير، فألقيت الرأس، ودعوتُها ومَن معها مِنَ النّساء والخَدَم، فوقفن بين يديّ، وأمرتها بالرحلة ومن معها عَلَى الدّوابّ، وسرت بها وبهنّ إلى العسكر، فنفلت المرأة بعينها وسلَّمتُ سائرَ الغنيمة، واتّخذتُها، فهي أمّ بَنِيَّ. قَالَ الوليد بْن مُسْلِم: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن راشد الخُزاعي، يُخبر عمّن سَمِعَ مِنَ البطَّال، أَنَّهُ ولي المصِّيصة وما يليها، فبعث سَرِيَّةً، فأبطأ عَلَيْهِ خبرُها، فأشفق مِنْ مصيبة، قَالَ: فخرجتُ مُفْرَدًا، فلم أجد لهم خبرًا، ثم أُعْطِيتُ خَبَرَهم، فخفت عليهم مِنَ العدوّ، ولم أجد أحدًا يخبرني بشيءٍ، فسرتُ حتى أقف بباب عمورِيّة، فضربتُ بابها وقلت للبوّاب: افتح لفلانٍ وسيّافِ الملِك ورسولِه، وكنت أشبه بِهِ، فأعلمه، فأمره ففتح لي، فصرت إلى بلاطها، وأمرت مِنْ يشتدّ بين يديّ إلى باب بَطْرِيقها، ففعل، ووافَيْتُه وقد جلس لي، فنزلت عَنْ فرسي وأنا متلثّم، فأذِن لي ورحَّب بي، فقلت: أَخْرِجْ هَؤُلاءِ فإنّي قد حملتُ إليك أمرًا، فأخرجهم، وشدَّدْتُ عَلَيْهِ حتى أغلق بابَ الكنيسة وأتى إليّ، فاخترطْتُ سيفي وقلت: وقد وقعتُ بهذا الموضع، فأعطني عهدًا حتى أكلّمك بما أردت حتى أرجع مِنْ حيث جئت، ففعل، فقلت: أَنَا البطّال، فاصْدُقْني وانصحني، وإلا قتلتك، قَالَ: سل. فقلت: السّرِيّة. قَالَ: نعم، وافت البلاد غارةٌ لا يدفع أهلها يد لامس، فوغلوا في البلاد وملئوا أيديهم غنائهم، وهذا آخر خبر جاءني بأنّهم بوادي كذا وكذا، قد صَدَقْتُك. فغمدت سيفي، وقلت: ادعُ لي بطعامٍ، فدعا بِهِ، ثم قمت وقَالَ: سيروا بين يدي رسول الملك حتى يخرج، ففعلوا، وقصدت السّريّة وخرجت بهم وبما غنموا. وعَنْ أَبِي بَكْر بْن عيّاش قَالَ: قِيلَ للبطّال: ما الشجاعة؟ قَالَ: صبرُ ساعة، وقَالَ الوليد: أخبرني ابن جدابر، حدّثني مَن سَمِعَ البطّال يخبر مالك بْن شبيب أميرُ مُقَدِّمة الجيش الَّذِي قُتِل فيه، عَنْ خبر بَطْرِيق أقرن صهْر البطّال، أنّ ليُون طاغيةَ الروم قد أقبل نحوه فِي مائة ألف فذكر قصّة، فيها إشارةُ البطّال عَلَيْهِ باللّحاق ببعض مدن

الروم والتحصُّن بِهِ، حتى يلحقهم الأمير سُلَيْمَان بْن هشام، وذكر عصيان مالك فِي رأيه، قَالَ: ولقينا ليون، فقاتل مالك يومئذٍ ومَن معه حتى قتل فِي جماعة، والبطّال عصمة لمن بقي، ووالٍ لهم قد أمرهم ألا يذكروا لَهُ اسمًا، فتجمَّعوا عَلَيْهِ، فحمل البطّال، فصاح بعضُ مَن معه باسمه وفداه، فشدّتْ عَلَيْهِ فرسانُ الروم حتى شالتْهُ برماحها عَنْ سَرْجه وألقتْه إلى الأرض، وأقبلت تشدّ عَلَى بقية النَّاسَ مَعَ اصفرار الشمس. قَالَ الوليد: قَالَ غير ابن جَابِر: وليون طاغيتُهم قد نزل، ورفعوا أيديهم يستنصرون على المسلمين، ورأوا من قلة المسلمين وقلة مِنْ بقي، فَقَالَ: نادِ يا غلام برفْع السيف، وترك بقيّة القوم لله وانصرفوا، قَالَ ابن جَابِر: فأمر البطّال مناديًا، فنادى: أيّها النَّاسَ، عليكم بسنادة، فتحصّنوا فيها، وأمر رجلا عَلَى مقدِّمتهم، وآخر عَلَى ساقتِهم يحمل الجريح والضعيف، وَثَبَتَ البطّال مكانه، ومعه قرابةٌ لَهُ فِي مواليه، وأمر مِنْ يسير فِي أوائلهم يَقُولُ: أيّها النَّاسَ الحقوا فإنّ البطّال يسير بأُخراكم، وأمر مِنْ ينادي في أُخراهم: الحقوا فإن البطال في أولاكم، فلم يصبحوا إلا وقد دخلوها، يعني سنادة، وأصبح البطّال فِي المعركة وبه رمق، فلما كَانَ مِنَ الغد، ركب ليون بجيشه، فأتى المعركة، فوجد البطال وأصحابه، فأخبر بِهِ، فأتى حتى وقف عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَبَا يحيى كيف رأيت؟ قَالَ: وما رأيت، كذلك الأبطال تقتُل وَتُقْتَلُ! فَقَالَ ليون: عليّ بالأطبّاء، فأتي بهم، فنظروا فِي جراحة، فوجدوه قد أنفذت مقاتله، فَقَالَ: هَلْ مِنْ حاجة؟ قَالَ: نعم، فأمُرْ مَن ثبت معي بولايتي وكَفني والصلاةِ عليّ، ثم تُخلي سبيلَهم، ففعل. قَالَ أَبُو عُبَيْدة: قُتِل البطّال سنة اثنتي عشرة ومائة، وقَالَ أَبُو حسّان الزيادي: سنة ثلاث عشرة، وقَالَ خليفة: سنة إحدى وعشرين. 468- عَبْد الجبّار بْن وائل بْن حُجْر1 الحضْرَمِيّ الكوفي -م4- عَنْ أَبِيهِ، وأخيه عَلْقَمَة، وغيرهما، وعَنْه ابنه سَعِيد، وزيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وأَبُو إسحاق السّبيعي، ومُحَمَّد بْن جُحَادة، ومِسْعَر بْن كدام، وفِطْر بْن خليفة، والمسعودي، وغيرهم، قَالَ ابن مَعِين: ثبت، ولم يسمع مِنْ أَبِيهِ شيئًا. قلت: روايته عن أبيه في السنن الأربعة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 106-107"، الجرح والتعديل "6/ 30".

469- عبد الحميد بن عبد الرحمن1 -ع- بْن زيد بْن الْخَطَّاب، أَبُو عُمَر العدوي المدني الأعرج، أخو أَسِيد، وعَبْد العزيز، ولي إمرةَ الكوفة لعُمَر بْن عَبْد العزيز، سأل ابن عَبَّاس، وَرَوَى عَنْ مُسْلِم بْن يَسار، ومُقْسِم، ومُحَمَّد بْن سعد بْن أَبِي وقّاص، وعَنْه ابناه عُمَر، وزيد، والزُّهْرِيّ، وزيد بْن أَبِي أنيسة، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وغيرهم. وثقه ابن خراش وغيره، روى المدائني، عَنْ يعقوب بْن زيد، أنّ عُمَر بْن عَبْد العزيز أجاز عاملَه عَلَى الكوفة عَبْد الحميد بعشرة آلافٍ. تُوُفِّي عَبْد الحميد بحِرَّان سنة نيّف عشرة ومائة. 470- عَبْد الحميد بْن محمود الْمِعْولِيُّ الْبَصْرِيّ2 -د ت س- عَنِ ابن عَبَّاس وأنس، وعَنْه ابنه حمزة، ويحيى بْن هانئ المُرَادي، وعَمْرو بْن هَرِم، قَالَ أَبُو حاتم: شيْخ. 471- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيُّ الْمَدَنِيّ3 -م4- عَنْ أَبِيهِ، وأَبِي حُمَيْد السّاعدِي، وعَنْه ابناه ربيح، وسَعِيد، وَزَيْدِ بْن أَسْلَمَ، وَسُهَيْلِ بْن أَبِي صَالِحٍ، وجماعة، وثَّقه النّسائي، مات سنة ثنتي عشرة ومائة. 472- عبد الرحمن بن ثروان4 -خ4- أبو قيس الأودي الكوفي، عَنْ عَلْقَمَة، والقاضي شُرَيْح، وهُزَيْل بْن شُرَحْبيل، وسُوَيْد بْن غَفْلَة، وعَنْه الأعمش، وَالثَّوْرِيُّ، وشُعْبَة، وحماد بن سلمة، وآخرون، وثقه ابن مَعِين، وليَّنَه أَبُو حاتم، وغيره، مات سنة عشرين ومائة. 473- عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر بْن نُفَيْر الحضْرَمِيّ الحمصي5 -م4- عَنْ أَبِيهِ، وخَالِد بْن مَعْدان، وكثير بْن مُرَّة، وغيرهم، وعَنْه الزُّبَيْدِيّ، وثور بْن يزيد، ويحيى بْن جَابِر، وصَفْوان بْن عَمْرو، وطائفة، آخرُهم موتًا إِسْمَاعِيل بْن عيّاش. وثَّقه النّسائي وغيره، تُوُفِّي سنة ثماني عشرة ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 145"، الجرح والتعديل "6/ 15-16". 2 الجرح والتعديل "6/ 18"، تهذيب الكمال "2/ 769". 3 الطبقات الكبرى "5/ 267-268"، ميزان الاعتدال "2/ 567". 4 التاريخ الكبير "5/ 265"، الجرح والتعديل "5/ 2148". 5 التاريخ الكبير "5/ 267-268"، الجرح والتعديل "5/ 221".

474- عَبْد الرَّحْمَن بْن رافع التنوخي الْمَصْريّ1 -د ت ن- قاضي إفريقية، يُكنَّى أَبَا الْجَهْمُ، وقيل أَبَا الحجر، رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعُقْبَةَ بْن الحارث، وعنه ابنه إبراهيم، وشراحيل بن يزيد، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال البخاري: في حديثه مناكير. وقَالَ أَبُو حاتم: شيْخ مغربيّ إنْ صحّت الروايةُ عَنْه، عَنْ عَبْد اللَّه بن عَمْرو، قُلْتُ: يشير إلى حديثه الَّذِي رواه عَنْه ابن أنعم الأفريقي وحده: "إذا رفع الرجل رأسه مِنْ آخر سجدة ثم أحدث فقد تمّت صلاته"2. قُلْتُ: مات سنة ثلاث عشرةَ ومائة. 475- عَبْد الرَّحْمَن بْن سابط الْجُمَحِي المكي3 -م د ت ق- وهو عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن سابط، رَوَى عَنْ أَبِيهِ وله صُحبة، وعَنْ عَائِشَةَ، وجابر، وأَبِي أُمَامة، وأرسل عَنْ مُعاذ، وغيره، وعَنْه حسّان بْن عطيّة، وابن جُرَيْج، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيان، واللَّيْث بْن سعد، وجماعة، وكان أحد الفقهاء، وثَّقوه، لكن كَانَ ابن مَعِين يعدّ أنّ أكثر رواياته مُرْسَلَة. مات سنة ثماني عشرة ومائة. 476- عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد4 بْن وهْب الهَمْداني الكوفي عَنْ أَبِيهِ، وأرسل عَنْ عَائِشَةَ، وعَنْه خَالِد الحذّاء، وابن عَجْلان، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وشُعْبَة، وثَّقه أَبُو حاتم. 477- عَبْد الرَّحْمَن بْن سَلَمَةَ الْقُرَشِيّ5 عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وعَنْه خَالِد بْن محمد الثقفي، وإسماعيل بْن أَبِي المهاجر، وسَعِيد بْن عَبْد العزيز. 478- عَبْد الرَّحْمَن بْن عابس بْن ربيعة النَّخْعي الكوفي6 -خ م د ن ق-

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 280"، الجرح والتعديل "5/ 232". 2 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "408"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الترمذي "408". 3 التاريخ الكبير "5/ 294-295"، الجرح والتعديل "5/ 240". 4 التاريخ الكبير "5/ 288"، الجرح والتعديل "5/ 239". 5 التاريخ الكبير "5/ 290"، الجرح والتعديل "5/ 240-241". 6 التاريخ الكبير "5/ 327"، الجرح والتعديل "5/ 269-270".

عَنْ أَبِيهِ، وابن عَبَّاس، وأم يعقوب الأسَدِيّة. وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى، وعنه حجاج بْن أرطأة، وشعبة والثوري، وقيس بْن الربيع، وثقه ابن مَعِين. تُوُفِّي سنة تسعَ عشرة. 479- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه الغافقي1 أمير الأندلس وعاملها لهشام بْن عَبْد الملك. رَوَى عَنِ ابن عُمَر. وعَنْه عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز، وعَبْد اللَّه بْن عِياض. استُشْهد سنة خمس ومائة فِي حربٍ بينه وبين النَّصَارَى. 480- عَبْد الرحمن بن هرمز2 الأعرج -ع- أبو داود المدني، مولى رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ. سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وأبا سَعِيد، وعَبْد الله بن مالك بن بحينة، وطائفة، وسمع أيضًا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، وعُمَيْر مولى ابن عَبَّاس، وعدّة. وكان يكتب المصاحف ويُقرِئُ القرآن. رَوَى عَنِ الزُّهْرِيّ، وأَبُو الزّناد، وصالح بْن كَيْسَان، ويحيى بْن سَعِيد الأنصَارِيّ، وعبد الله بن لهيعة، وخلق. وكان ثقة ثبتا، عالما بأبي هريرة، انتقل في آخر أيامه إلى مصر، وتوفي غريبا بالإسكندرية سنة سبع عشرة ومائة على الصحيح. 481- عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني3 -ت- القاص الأبناوي. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عُمَر، وعَنْه عَبْد الله بن بحير ابن رَيْسان القَصَّاص، وهمام أَبُو عَبْد الرزّاق، والمنذر بْن النُّعْمان، وغيرهم. قَالَ عَبْد اللَّه بْن بَحِير: كَانَ أعلم بالحلال والحرام مِنْ وهب بْن منّبه. وذكره ابن حِبّان فِي الثقات. لَهُ فِي الجامع حديث واحد. 482- عَبْد الملك بن ميسرة الهلالي العامري4 -ع- أبو زيد الكوفي الزراد.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 256"، ميزان الاعتدال "2/ 576". 2 الطبقات الكبرى "5/ 283-284"، التاريخ الكبير "5/ 360". 3 تهذيب الكمال "2/ 962"، تهذيب التهذيب "6/ 300". 4 الطبقات الكبرى "6/ 319"، التاريخ الكبير "5/ 430-431".

عن ابن عمر، وأبي الكفيل، وزيد بْن وهب، وغيرهم، وعَنْه زيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ ومِسْعَر، وشُعْبَة، وجماعة. وكان ثقة نبيلا. 483- أما عَبْد الملك بْن مَيْسرة المكّي1 فشيخ. رَوَى عَنْه أَبُو دَاوُد الطيالسي، وعَبْد الملك بْن مُحَمَّد الصَّنَعانيّ مِنْ أهل طبقة شُعْبَة. 484- عَبْد المُلْك بْن أَبِي مَحْذَورة الْجُمَحِي الْمَكَّيّ2 -د ت ن- عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ الله عنهم، وعن ابن محيريز. وعَنَه إبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك، ووالده، وعمّاه مُحَمَّد وإسماعيل، وابن عمّه إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل، والنُّعْمان بْن راشد، ونافع بْن عُمَر الْجُمَحِي. 485- عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَرْوَة العَبْدِي الْبَصْرِيّ3 الأحمر، واسم أبيه رزيق، روى عن عائشة، وعقبة بن صهبان، وعمته، وعنه جابر بن صبح، وهشام الدستوائي، والقاسم بن المفضل الحداني، وشعبة، وغيرهم. لا بأس به. 486- عبيد الله بن عبد الله بن حصين4 الخطمي المدني عن جابر بن عبد الله وعبد الملك بن عمرو. وعنه ابن الهاد، والوليد بن كثير، ومحمد بن إسحاق، وعبد الرحمن بن النعمان، وجماعة، وثقه أبو زرعة. 487- عبيد الله بن القبطية5 عن أمّ سَلَمَةَ، وجابر بْن سَمُرَة، وابن أَبِي ربيعة، وعنه عبد العزيز بن رفيع، ومسعر ابن كدام. وثقه ابن معين. له حديثان. 488- عثمان بن حاضر6 -د ق- سَمِعَ ابن عَبَّاس، وجابرًا، وابن عُمَر، وَأَنَسًا، وغيرهم، وعَنْه إِسْمَاعِيل بْن أميّة، وعَمْرو بن ميمون بن مهران، والخليل بن

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 431"، الجرح والتعديل "5/ 366". 2 التاريخ الكبير "5/ 430"، تهذيب الكمال "2/ 861". 3 التاريخ الكبير "5/ 376"، الجرح والتعديل "5/ 214". 4 التاريخ الكبير "5/ 388"، الجرح والتعديل "5/ 321". 5 التاريخ الكبير "5/ 396-397"، الجرح والتعديل "5/ 331". 6 التاريخ الكبير "6/ 217-218"، الجرح والتعديل "6/ 147-148".

أَحْمَد العَرُوضي، وزَمْعَة بْن صالح، وابن إسحاق، وجماعة. قَالَ أَبُو زُرْعة: حِمْيَرِيّ ثِقة. 489- عثمان بْن أَبِي سَوْدَة المقِدسي1 -ت ق- أخو زياد. يروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وأمّ الدِّرْداء، وميمونة مولاة رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وسلم. وعنه زيد بن واقد، وشيب بْن شَيْبة، وعَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، والأَوزاعيّ. وكان كثيرَ الجهاد، لَهُ فضل وعِبادة، وأبوه مِنْ موالي عَبْد اللَّه بْن عَمْرو. 490- عثمان بْن عَبْد اللَّه بْن سُرَاقة2 -خ ق- بْن المُعْتمر بْن أنس الْقُرَشِيّ العدوي الْمَدَنِيّ، وأمه زينب بنت عُمَر بْن الْخَطَّاب. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وجابر، وخاله ابن عُمَر. ورأى أَبَا قَتَادةُ الأنصَارِيّ، وولي إمرةَ مكة. وعَنْه الزُّهْرِيّ، والوليد بْن أَبِي الوليد، وابن أبي الذئب، وأَبُو المنيب عُبَيْد اللَّه المَرْوزي، وعدّة. وثَّقه أَبُو زُرْعة والنّسائي. وسُراقة جدّه الأعلى، فإنه عثمان بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن سُراقة. مات سنة ثماني عشرة ومائة. أرّخه الواقدي، وروايته عَنْ جدّه عُمَر مُرْسَلَة. 491- عَدِيّ بْن ثابت الكوفي3 -ع- وهو عَدِيّ بْن أبان بْن ثابت بْن قيس بن الخطيم الأنصاري الظفري. وقَالَ يحيى بْن مَعِين: هُوَ عَدِيّ بْن ثابت بْن دينار. وقيل: عَدِيّ بْن ثابت بْن عُبَيْد بْن عازب، فالبراء بْن عازب أخو جدّه عَلَى هذا. رَوى عَنْ جدّه لأمه عَبْد اللَّه بْن يزيد الخطمي، وعَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدّه، وسُلَيْمَان بْن صرد، والبَرَاء بْن عازب، وابن أَبِي أوفى، وأبي حازم الأشجعي، وطائفة. وعنه زيد بن أبي أنيسة، والأعمش، ويحيى بن سعيد الأنصاري ومسعر، وشعبة، وخلق. قال أبو حاتم: كان إمام مسجد الشيعة وقاصهم، وهو صدوق. وقال غيره: ثقةٌ ثب، مات سنة ست عشرةَ ومائة. 492- عَدِيّ بْن عَدِيّ بْن عَمِيرة بن فروة الكندي4 -د ن ق- أبو فروة سيّد اهل الجزيرة. رَوَى عَنْ أَبِيهِ -وله صحبة- وعمه العرس، ورجاء بن حيوة،

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 226"، الجرح والتعديل "6/ 153-154". 2 التاريخ الكبير "6/ 230-231"، الجرح والتعديل "6/ 155". 3 التاريخ الكبير "7/ 44"، تاريخ خليفة "561". 4 التاريخ الكبير "7/ 44"، تاريخ خليفة "274، 316، 323، 350".

وجماعة. وعَنْه أيّوب، وشُعْبَة، وجرير بْن حازم، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وآخرون. وكان فقيهًا ناسكًا كبير القدر. إمرة الجزيرة وأذربيجان. وثقه ابن مَعِين وغيره. مات سنة عشرين ومائة. 493- العَرجّي الشاعر1 هُوَ أَبُو عُمَر عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَمْرو بْن عثمان بْن عفّان الأموي. وكان ينزل بعَرْج الطّائف فنُسِب إِلَيْهِ، وكان أحد الأبطال المذكورين غزا القسطنطينية فِي البحر، ثم وقع منه أمرٌ، واتُّهِم بدمٍ، فسُجن بمكة إلى أن مات فِي خلافة هشام. وهو القائل: أضاعوني وأيَّ فتى أضَاعُوا ... ليوم كريهةٍ وسَدَادِ ثَغْر وخَلُّوني لِمُعْتَرَكِ الْمَنَايَا ... وقد شُرِعَتْ أسِنَّتُها لِنَحْرِي كأنّي لم أكنْ فيهم وَسِيطًا ... ولم تَكُ نِسْبَتي فِي آلِ عَمْرو 494- عُرْوة بْن عَبْد اللَّه بْن قُشَيْر الْجُعْفي الكوفي2 -د ت ق- عَنِ ابن الزُّبَيْر، وابن سِيرِين، ومعاوية بْن قُرَّةَ، وعَنْ عَنْبَسَةَ بْن أَبِي سُفْيان ولم يدركه. وعَنْه زهير بْن معاوية، وسُفْيان الثَّورِي. 495- عطاء بْن أبي رباح المكي3 -ع- أبو محمد بن أسلم مولى قريش، أحد أعلام التّابعين. وُلد فِي خلافة عثمان، وسمع: عَائِشَةَ، وأبا هُرَيْرَةَ، وأسامة بْن زيد، وأمّ سَلَمَةَ، وابن عَبَّاس، وابن عُمَر، وأبا سَعِيد الْخُدْرِيَّ، وخلقًا كثيرًا، منهم جَابِر، وصَفْوان بْن يَعْلَى، وعُبَيْد بْن عُمَيْر، وأَبُو الْعَبَّاس الشاعر. وعنه: أيوب، والحكم، حسين المعلّم، وابن إسحاق، وجرير بْن حازم، وأَبُو حنيفة، والأَوزاعيّ، وهمام بْن يحيى، وأسامة بْن زيد اللَّيْثي، وإبْرَاهِيم الصّائغ، وأيّوب بْن مُوسَى، وحبيب بن أبي ثاب، وحبيب بن الشهيد، وحجاج ابن أرطاة، وزيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وسلمة بْن كُهَيْلٍ، وطلحة بْن عَمْرو، وعُبَادة بْن منصور الباجي، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي نَجِيح وعَبْد اللَّه بْن المؤمّل المخزوميّ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن حبيب بن

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 153-154"، الجرح والتعديل "5/ 117-118". 2 الجرح والتعديل "7/ 34"، الكنى والأسماء "2/ 135". 3 الطبقات الكبرى "5/ 467-470"، تاريخ خليفة "346".

أردك، وعبد المجيد بن سهيل، وعثمان بن الأسود، وعقبة بن عبد الله الأصم، وعِكْرِمة بْن عمّار، وعليّ بْن الحَكَم البَنَاني، وعَمْرو بْن دينار، وعَمْران القصّار، وقيس بْن سعد، وكثير بن شنظير، وابن أَبِي ليلى، وأَبُو شهاب مُوسَى بن نافع، وأَبُو المليح الرَّقّي، ومَعْقِلُ بْن عُبَيْد اللَّه، واللَّيْث بْن سعد، وابن جُرَيْج، ويزيد بْن إبْرَاهِيم التُّسْتَرِيُّ، وخلق كثير. وكان إمامًا سيّدًا أسود مُفَلْفَلَ الشَّعْر، مِنْ مُوَلَّدِي الْجَنَد، فصيحًا عَلامة، انتهت إِلَيْهِ الفتوى بمكة مَعَ مجاهد، وكان يَخْضِب بالحِنّاء. قَالَ أَبُو حنيفة: ما رأيت أحدًا أفضل مِنْ عطاء. وقَالَ ابن جُرَيْج: كَانَ المسجد فراش عطاء عشرين سنة1، وكان مِنَ أحَسَن النَّاسَ صلاةً. وقَالَ الأَوزاعيّ: مات عطاء يوم مات، وهو أرضى أهلِ الأرض عند النَّاسَ. وقَالَ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عثمان: ما رأيت فتِيًّا خيرًا مِنْ عطاء، إنّما كَانَ مجلسُه ذِكر اللَّه لا يفتر، وهم يخوضون، فإن سُئل أحسن الجواب2. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن أُمَّية: كَانَ عطاء يُطِيلُ الصَّمْت، فإذا تكلّم خُيِّلَ إلينا أنّه مُؤَيَّد3. وقَالَ عثمان بْن عطاء الخراساني: كَانَ عطاء أسودَ شديدًا فصيحًا، إذا تكلّم، فما قَالَ بالحجاز قُبِلَ منه. وقَالَ ابن عباس: يا أهل مكة، تجتمعمون عليّ وعندكم عطاء4. وَرَوَى سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَتَادةُ قَالَ: هَؤُلاءِ أئمّة الأمصار: الحَسَن، وإبْرَاهِيم بالعراق، وسَعِيد بْن المسيّب، وعطاء بالحجاز. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن عيّاش: سَأَلت عَبْد الله بن عثمان بن خيثم: ما كَانَ عيش عطاء؟ قَالَ: نَيْلُ السلطان وصِلة الإخوان. وقَالَ الأصمعيّ: دخل عطاء عَلَى عَبْد الملك بْن مروان، وهو عَلَى السرير، فقام إِلَيْهِ وأجلسه معه، وقعد بين يديه، فوعظه عطاء. ورَوى عُمَر بْن قيس الْمَكِّيّ، عَنْ عطاء قَالَ: أَعْقِلْ مقتلَ عثمان5 ووُلدت لعامين من خلافته. وقَالَ أَبُو المليح الرَّقّي:

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "3/ 310". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 469". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 496"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 313". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 311". 5 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 468".

لما بلغ ميمونَ بْن مهران موتُ عطاء قَالَ: ما خلَّف بعده مثْلَه1. وعَنْ ربيعة الرأي قَالَ: فاق عطاءُ أهلَ مكة فِي الفتوى. وقال ابن المعين: كَانَ عطاء معلَّم كُتّابٍ دهرًا. وقَالَ جرير بْن حازم: رأيت يدَ عطاء شلاء، ضُرِبتْ أيام ابن الزُّبَيْر. قَالَ ابن سعد: وكان عطاء أعور. وقَالَ أَبُو عاصم الثقفي: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَر الباقر يَقُولُ للناس، وقد أكثروا عَلَيْهِ: عليكم بعطاء، فهو والله خيرٌ لكم منّي. وقَالَ أَبُو جَعْفَر أيضًا: ما أجد أحدًا أعلم بالمناسك مِنْ عطاء2. وقَالَ رَجُل لابن جُرَيْج: لولا هذان الأسودان ما كَانَ لنا فقهٌ: مجاهد، وعطاء، فَقَالَ: فَضَّ اللَّه فاكَ، تَقُولُ لهما الأسودان! وقَالَ عَمْرو بْن ذَرّ: ما رأيت عَلَى عطاء ثوبًا يسوى خمسةَ دراهم3 وَرَوَى ليث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سابط قَالَ: والله ما أرى إيمان أهل الأرض يَعْدِلُ إيمان أَبِي بَكْر، ولا أرى إيمانَ أهلِ مكة يَعْدِلُ إيمانَ عطاء. وقَالَ عمران بْن حدير: رأيت عَمامةَ عطاء مُخرَّقةً، فقلت: أُعطيك عمامتي؟ فَقَالَ: إنّا لا نقبل إلا مِنَ الأمراء. قُلْتُ: يريد بيتَ المال. قَالَ ابن سعد: عطاء مِنْ مُوَلَّدِي الْجَنَد، نشأ بمكة، وهو مولى لبني فِهْر، أو لِجُمَح، إِلَيْهِ انتهت فتوى أهل مكة، وإلى مجاهد، وأكثر ذَلِكَ إلى عطاء، فسمعت بعضَ العلماء يَقُولُ: كَانَ عطاء أسودَ، أعورَ، أفْطَسَ، أشَلَّ أعرجَ، ثم عُمِي، وكان ثقةً فقيهًا. قَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ والد عطاء نوبيًا يعيل المكاتل. وقيل: حجّ عطاء نيّفًا عَلَى سبعين حِجّة، وكان يشرب الماء فِي رمضان ويقول: إنّي أُطعِم أكثر مِنْ مسكين. وقَالَ يحيى القطّان: مُرسَلات مجاهد أحبّ إليّ مِنْ مُرسَلات عطاء بكثير، فإنّ عطاء كَانَ يأخذ عَنْ كل أحدٍ. وقَالَ أَحْمَد وابن مَعِين: ليست مُرسَلات عطاء بذاك. وقَالَ عليّ بْن المَديني: كَانَ عطاء اختلط باخْرة، فتركه ابن جُرَيْج، وقيس بْن سعد. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن دَاوُد:

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 470". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 468". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 311".

سَمِعْتُ مالكًا يَقُولُ: كَانَ عطاء أسودَ، ضعيف العقل. قُلْتُ: عطاء حُجَّة بالإجماع إذا أسند. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: لَيْسَ فِي المُرسَلات شيء أضعف من مرسلات الحسن، وعطاء، كان يأخذان عَنْ كلّ أحد. قَالَ أَبُو المليح، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وأَحْمَد، وجماعة: تُوُفِّي عطاء سنة أربعَ عشرةَ ومائة. وقَالَ ابن جُرَيْج والواقديّ: سنة خمسَ عشرةَ، وقيل: غير ذَلِكَ، والأول أصح، وعاش تسعين سنة، وكان موته فِي رمضان، ومن قَالَ: عاش مائة سنة فقد وَهِم، والله أعلم. 496- عطاء بن أبي مروان الأسلمي1 -ن- أبو مصعب، مدنّي نزل الكوفة. رَوى عَنْ أَبِيهِ، وعَنْه موسى بن عقبة، ومِسْعَر، وشُعْبَة، وشَريك. 497- عطيّة بْن سعد بْن جنادة2 -د ت ق- العوفي، أبو الحسن الكوفي. عَنِ ابن عَبَّاس. وأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، وابن عُمَر، وغيرهم، وعَنْه ابنه الحَسَن، وأبان بْن تَغْلِب، وحَجَّاج بْن أرطأة، وقُرّة بْن خَالِد، وزكريّا بْن أَبِي زائدة، ومُحَمَّد بْن جُحَادة، ومِسْعَر بْن كِدام، وفُضَيْل بْن مرزوق، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: ضعيف يُكتب حديثُه، وكذا ضعّفه غير واحد، وَيُرْوَى أنّ الحَجَّاج ضربه اربعمائَة سوطٍ، عَلَى أن يلعن عليًّا، فلم يفعل، وكان شيعيًّا رحمَه اللَّه، ولا رحِم الحَجَّاج. قَالَ مُطَيِّن: تُوُفِّي سنة إحدى عشرة ومائة. وقَالَ خليفة: مات سنة سبعٍ وعشرين ومائة، وهذا القول غَلَط. 498- عُقْبة بْن حُرَيْث التَّغلِبيّ الكوفي3 -م ن- سَمِعَ ابنَ عُمَر، وسَعِيد بْن المسيّب، وعَنْه شُعْبَة، وفُرات بْن الأحنف. 499- عُقْبة بْن مُسْلِم التُّجَيْبي الْمَصْريّ4 -4- أَبُو مُحَمَّد، إمام جامع مصر وقاصُّها. رَوى عَنْ شُفَيّ بن ماتع، وأبي عبد الرحمن الحلبي، وعن عقبة بن عامر، وعبيد الله بن عمرو أيضا. وأراه مرسلا. وعنه حيوة بن شريح، والوليد بن أبي

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 471-472"، الكنى والأسماء "2/ 115". 2 التاريخ الكبير "7/ 8-9"، الجرح والتعديل "6/ 382-383". 3 التاريخ الكبير "6/ 433"، الجرح والتعديل "6/ 309". 4 التاريخ الكبير "6/ 473"، الجرح والتعديل "6/ 316".

الوليد المدني، وابن لهيعة، وثقه أحمد العجلي وغيره. 500- عكرمة بن خالد بن العاص1 -خ م د ت ن- بْن هشام بْن المُغِيرَة بْن عبد الله المكي، أبو خالد المقرئ، قرأ القرآن عَلَى ابن عَبَّاس عَرْضًا، وسَمِعَ منه، ومن أَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عُمَر، وأَبِي الطُّفَيْلِ، وسَعِيد بْن جُبَيْر، وغيرهم. رَوى القراءة عَنْه عَرْضًا أَبُو عَمْرو بْن العلاء، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيان، فيما قاله أَبُو عَمْرو الداني، ورَوى عَنْه قَتَادةُ، وعَبْد اللَّه بْن طاوس، وابن جُرَيْج، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيان، وَمَعْقِلُ بْن عُبَيْد اللَّه الْجَزَرِيُّ، وجماعة، تُوُفِّي بعد عطاء بْن أَبِي رباح بيسير. وثَّقه جماعة. وكان أحدَ العلماءِ الأشراف. ولجدّه العاص صُحبة ورواية فِي المُسْنَد. 501- أما عِكْرِمة بْن خالد2 بن سلمة بن العاص بْن هشام بْن المُغِيرَة بْن عَبْد اللَّه المخزومي، فهو ولد ابن عمّ عِكْرِمة بْن خَالِد. وهو ضعيف مُقِلّ، أدركه مُسْلِم بْن إبْرَاهِيم. 502- عَلْقَمَة بن مرثد الحضرمي3 -ع- أبو الحارث الكوفي، أحد الأئمة. رَوى عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السلمي. وطارق بْن شهاب، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى، وسعد بْن عُبَيْدة، وجماعة. وعَنْه غيلان بْن جامع، وأَبُو حنيفة، والأَوزاعيّ، وشُعْبَة، ومِسْعَر، وسُفْيان، والمسعودي. قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ: هُوَ ثَبْتٌ فِي الحديث. قُلْتُ: تُوُفِّي سنة عشرين ومائة. 503- علي بن الأقمر4 -ع- بْن عَمْرو بْن الحارث الهَمْداني الوادعي، أَبُو الوازع الكوفي. عَنْ أَبِي جُحَيْفَة، وأسامة بْن شَرِيك، وَعَنِ الأغرّ أَبِي مُسْلِم، وأَبِي حُذَيْفَةَ سَلَمَةَ بْن صُهَيْبَة، وأَبِي الأحوص الحَبَشي، وغيرهم. وعَنْه الأَعْمَشِ، وشُعْبَة، وسُفْيان، والحَسَن بْن صالح، وشَرِيك، وآخرون. وثَّقه جماعة. 504- عليّ بْن ثابت5 بْن أَبِي زيد، عَمْرو بْن أحطب الأنصَارِيّ، أخو عَزْرَة

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 475"، التاريخ الكبير "7/ 49". 2 التاريخ الكبير "7/ 49"، الضعفاء للعقيلي "3/ 372-373". 3 الطبقات الكبرى "6/ 331"، تاريخ خليفة "351". 4 الطبقات الكبرى "6/ 311"، التاريخ الكبير "6/ 561". 5 التاريخ الكبير "6/ 264"، الجرح والتعديل "6/ 177".

ابن ثابت. رَوى عَنْ نافع ومُحَمَّد بْن زياد الْقُرَشِيّ، وغيرهما. ومات شابا. روى عنه سعيد بن أبي عروبة، والحمادان، وعمران القطان، وسعيد بن إبراهيم. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بأس بِهِ. 505- عُلَيُّ بْن رباح1 -م4- بن قَصِير بْن قَشِيب بْن يَيْنَع اللَّخْمِيّ الْمَصْريّ، واسمه علي لكنَّه صُغِّر. قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن المقرئ: بنو أُمَّية إذا سمعوا بمولودٍ اسمه عليّ قتلوه، فبلغ ذَلِكَ رباحًا، فَقَالَ: هُوَ عُلَيّ. قُلْتُ: قوله مولود لا يستقيم؛ لأنّ عَلِيًّا هذا وُلد فِي أول خلافة عثمان، أو قبل ذلك بقليل، وكان في خلافة ابن أمية رجلا لا مولودًا. سَمِعَ مِنْ عمرو بن العاص، وعقبة بْن عامر، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وأَبِي قَتَادةُ، وفَضَالة بْن عُبَيْد، وغيره مِنَ الصّحابة. وعُمِّر مائة سنةٍ إلا قليلا. وعَنْه: ابنه مُوسَى، فأكثر عَنْه، ويزيد بْن أَبِي حبيب، وحُمَيْد بْن هانئ، ومعروف بْن سُوَيْد، وآخرون. وكان ثقة عالمًا إمامًا، وفد عَلَى معاوية. وقد قَالَ: كنت خلف مؤدبي، فسمعته يبكي، فقلت: ما لك؟ قَالَ: قُتِل أمير المؤمنين عثمان، وكنتُ بالشّام. وأمّا ابن يونس فذكر، أَنّه وُلِد عامَ اليرموك قَالَ: وذَهَبتْ عينُه يوم ذات الصَّواري فِي البحر مَعَ عَبْد اللَّه بْن سعد ابن أَبِي سَرْح سنة أربعٍ وثلاثين، وكانت لَهُ منزلة من عبد العزيز بْن مروان، وهو الَّذِي زَفَّ بنتَه أمّ البنين بنت عَبْد العزيز إلى الشّام، فدخل بها زوجُها الوليد بْن عَبْد الملك، ثُمَّ تغيّر عَلَيْهِ عَبْد العزيز، فأغزاه إفريقية، فلم يزل مرابطًا بها إلى أن تُوُفِّي بها، سُئل عَنْه أَحْمَد بْن حنبل فَقَالَ: ما علِمتُ إلا خيرًا. يقال: تُوُفِّي سنة أربع عشرة ومائة. فقال الحَسَن بْن عليّ العدّاس: تُوُفِّي سنة سبع عشرة ومائة. 506- عَليّ بْن عَبْد الله بن عباس2 -م4- بن عَبْد المطّلب الهاشمي الْمَدَنِيّ، أَبُو مُحَمَّد السجاد، والد مُحَمَّد، وعيسى، ودَاوُد، وسُلَيْمَان، وإِسْمَاعِيل، وعَبْد الصّمد، وصالح، وعَبْد اللَّه، وُلد أيام قُتِل علي -رضي الله عنهم، فسُمِّي باسمه. رَوى عَنْ أَبِيهِ، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وأبي سعيد الخدري، وابن عمر، وجماعة. وعنه بنوه عيسى،

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 512"، التاريخ الكبير "6/ 274". 2 الطبقات الكبرى "5/ 312-314"، تاريخ خليفة "199، 349".

وداود، وسليمان، وعبد الصمد، والزهري، وسعد بن إبراهيم، ومنصور بن المعتمر، وعلي بن أبي جملة وآخرون. وأمه هي زرعة بنت الملك مشرح بن عدي الكندي أحد ملوك الأربعة، وكان جسيما وسيما طويلا إلى الغاية، جميلًا مهيبًا، ذا لحية مليحةٍ، يخضب بالوسمة، ذكر الأوزاعي وغيره، أَنَّهُ كَانَ يسجد كلّ يومٍ ألف سجدة. قَالَ ابن سعد: ثقة قليل الحديث، وقَالَ: قَالَ لَهُ عَبْد الملك بْن مروان: لا أحتمل لك الاسم والكنية جميعًا فغيره، وكناه أَبَا مُحَمَّد. وقَالَ عِكْرِمة: قَالَ لي ابن عَبَّاس، ولابنه عليًّا: انطلِقا إلى أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ فاسمعا مِنْ حديثه، فأتيناه فِي حائطٍ لَهُ. وقَالَ ميمون بْن زياد: ثنا أَبُو سِنان قَالَ: كَانَ عليّ بْن عَبْد اللَّه معنا بالشّام، وكانت لَهُ لِحْيَةٌ طويلة يَخْضِبهَا بالوَسمَة، وكان يصلّي كلّ يومٍ ألفَ رَكْعَةٍ، وكان عليّ بْن أَبِي جملةٍ يَقُولُ: دخلت عَلَى عليّ بْن عَبْد اللَّه، وكان آدم جسيمًا، ورأيت لَهُ مسجدًا كبيرًا فِي وجهه، يعني أثرَ السّجود. وقَالَ ابن المبارك: كَانَ له خمسمائة شجرة، يصلّي عند كلّ شجرة رَكعتين، وَذَلِكَ كل يوم. وعن أبي المعز المُغِيرة قَالَ: إنْ كنّ لَنَطْلب لعليّ بْن عَبْد اللَّه الخُفَّ والنَّعْلَ، فما نجده حتى يستعمله لِكَبرِ رِجْلِه. قُلْتُ: وكان عليّ بْن عَبْد اللَّه السّجّاد قد أُسْكِن الشَّرَاةَ بالحُمَيْمَة مِنَ البَلْقاء، وهو جدّ الخلفاء، تُوُفِّي سنة ثماني عشرة ومائة. 507- عليّ بْن مُدْرِك النَّخْعي الكوفي1 -ع- عَنْ أَبِي زُرْعة البَجَلي، وإِبْرَاهِيم النخعي، وهلال بن يساف، وعنه الأعمش، والمسعودي، وشعبة، وغيرهم، تُوُفِّيَ سنة عشرين ومائة. وثقه غير واحد. 508- عمارة بْن راشد الليثي2 مولاهم الدمشقي، أرسل عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، وغيره، وروى عَن جُبَيْر بْن نفير، وأبي إدريس الخولاني، وعمر بْن عَبْد العزيز، وعنه عتبة بْن أَبِي حكيم، وعبد الرَّحْمَن بْن زياد بْن أنعم، وعبد الله بن عيسى بن أبي

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 294"، الجرح والتعديل "6/ 203". 2 التاريخ الكبير "6/ 499-500"، الجرح والتعديل "6/ 365".

ليلى، وما أظن به بأسًا، لكن قَالَ أَبُو حاتم: مجهول. 509- عِمْرَانَ بْن أَبِي أنس الْقُرَشِيّ العامري الْمَصْرِيّ1 -م د ت س- عَن عَبْد الله بْن جَعْفَر، وحنظلة بْن عَليّ الأسلمي، وسهل بْن سعد، وسُلَيْمَان بْن يسار، وطائفة، وعنه أسامة بْن زيد الليثي، والضحاك بْن عثمان، وعبد الحميد بْن جَعْفَر، ويونس الأيلي، والليث بْن سعد، وآخرون، وثقه أَبُو حاتم، وغيره. تُوُفِّيَ سنة سبع عشرة ومائة. 510- عُمَر بْن ثابت الخزرجي الْمَدَنِيّ2 -م4- عن أبي أيوب الأنْصَارِيّ فِي صوم ستٍّ من شوال. وعنه: الزُّهْرِيّ، وصفوان بْن سليم، وسعد بْن سَعِيد الأنْصَارِيّ، ومالك، وآخرون. وثقه النسائي، وله حديث آخر فِي ذكر الدجال. 511- عُمَر بْن الحكم بن رافع بن سنان3 -م د ن ق- أبو حفص. عَن أَبِي الخير كعب بْن عَمْرو، وأبي هُرَيْرَةَ، وعبد الله بْن عَمْرو، وجابر. وعنه: سَعِيد بْن أَبِي هلال، وعمران بْن أَبِي أنس، وابن ابن أخيه عَبْد الحميد بْن جَعْفَر بْن عَبْد الله، وغيرهم، وثقه أَبُو زرعة. 512- عمر بن الحكم بن ثوبان4 -م د ن ق- أبو حفص المدني. قَالَ ابن معين: هُوَ والآخر واحد. عَن سعد بْن أَبِي وقاص، وأبي هُرَيْرَةَ، وأبي سَعِيد، وعبد الله بْن عَمْرو، وجماعة، وعنه يحيى بن أبي كثير، ويحيى بن سعيد الأنْصَارِيّ، وَمُحَمَّد بْن عَمْرو، وموسى بْن عبيدة، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة سبع عشرة، عَن ثمانين سنة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 423"، الجرح والتعديل "6/ 294". 2 الطبقات الكبرى "5/ 280"، التاريخ لابن معين "2/ 425". 3 التاريخ الكبير "6/ 147"، الجرح والتعديل "6/ 101-102". 4 الطبقات الكبرى "5/ 281"، التاريخ الكبير "6/ 146".

513- عُمَر بْن سالم الْمَدَنِيّ1 أَبُو عثمان، قاضي مرو. رأى ابن عَبَّاس، وسَمِعَ مِنَ القاسم بْن مُحَمَّد، وغيره. وعَنْه مُطَرِّف بْن طَرِيفٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، ومهدي بْن ميمون، والربيع بْن مُسْلِم، وغيرهم. 514- عُمَر بن علي بن الحسين2 -م ت س- بن علي الهاشمي المدني الأصغر. أرسل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ورَوى عَنْ أبيه، وسَعِيد بْن مُرْجَانة، وعنه ابنه مُحَمَّدً. وعلي ابن أخيه حسين بْن زيد، ويزيد بن الهاد، وابن إِسْحَاق، وفُضَيْل بْن مرزوق. وكان سيّدًا، كثير العبادة والاجتهاد، لَهُ فضل وعِلم. 515- عُمَر بْن مروان بْن الحَكَم3 الأموي ويقال عَمْرو. قَالَ أَبُو سَعِيد بْن يونس: لم يكن بمصر رَجُل من بني أمية أفضل منه. وكان أولاد أخيه يستشيرونه. رَوى عَنْه يزيد بْن أبي حبيب، وعبيد الله بن أبي جعفر. تُوُفِّي سنة خمس عشرة ومائة. قَالَ: وولده بالأندلس إلى اليوم. 516- عَمْرو بْن سعد الفَدَكي4 -ن ق- ويقال اليمامي. عَنْ مُحَمَّد بْن كعب القرظي، ونافع، وعَمْرو بْن شُعَيْب، ومات شابًّا. رَوى عَنْه: يحيى بْن أَبِي كثير -مَعَ تقدُّمه- وعِكْرِمة بْن عمّار، والأَوزاعيّ، وغيرهم، وثَّقه دُحَيْم. 517- عَمْرو بْن سَعِيد الثقفي5 الْبَصْرِيّ -م4- عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكٍ، وسَعِيد بْن جُبَيْر، ووَرَّاد كاتب المُغِيرة، وأَبِي زُرْعة البَجَلي. وعَنْه أيّوب، وابن عون، ويونس، وجرير بْن حازم، وآخرون، وثَّقه النّسائي. 518- عمرو بن شُعيب 6 -3- بن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن العاص، أَبُو إبْرَاهِيم السَّهْمِيّ الطائفي، وكناه بعضُهم أَبَا عَبْد اللَّه. سَمِعَ مِنْ زينب بنت أبي سلمة -رضي الله عنهما، ومن أبيه، وسعيد بن المسيب، وعطاء ابن أبي رباح، وطاوس، وعمرو بن الشَّرِيد، وسُلَيْمَان بْن يَسار، وغيرهم. وعَنْه عطاء، وقتادة،

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 161-162"، الكنى والأسماء "2/ 26". 2 التاريخ الكبير "6/ 179"، الجرح والتعديل "6/ 124". 3 كتاب الولاة والقضاة للكندي "325". 4 التاريخ الكبير "6/ 340-341"، الجرح والتعديل "6/ 236-237". 5 التاريخ الكبير "6/ 338-339"، الجرح والتعديل "6/ 236". 6 التاريخ الكبير "6/ 342-343"، الجرح والتعديل "6/ 238-239".

ومكحول، والزُّهْرِيّ، وأيّوب، وحسين المعلّم، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، ودَاوُد بْن أَبِي هند، وابن لَهِيعَة، وابن إسحاق، وخلق كثير. وكان ثقةً صدوقًا، كثيرَ العِلم، حَسَنَ الحديث. قَالَ يحيى بْن مَعِين: عَمْرو بْن شُعَيْب عندنا واهٍ. وقَالَ معتمر بْن سُلَيْمَان، عَنْ أَبِي عَمْرو بن العلاء قال: كان قتادة، وعمرو بْن شُعَيْب، لا يغيب عليهما شيء، يأخذان عَنْ كلّ أحدٍ، وكان ينزل الطّائفَ. قَالَ الأَوزاعيّ: ما رأيت قُرَشِيًّا أكملَ من عَمْرو بْن شُعَيْب. ووثّقه يحيى بْن مَعِين، وابن رَاهَوَيْه، وصالح جَزْرة. وقَالَ التِّرْمِذِيّ قَالَ البُخاري: رأيت أحمدَ وابن المَدِيني، وإسحاق، يحتجُّون بحديث عمرو بن شُعَيْب، فَمَنِ النَّاسَ بَعْدَهم. وقَالَ إسحاق بْن راهويه: إذا كَانَ الراوي عَنْ عَمْرو ثِقة، فهو كأيوب، عَنْ نافع، عَنِ ابن عُمَر. قَالَ الدارَقُطْنيُّ وغيره: قد ثُبت سماعُ عَمْرو مِنْ أَبِيهِ، وسماعُ أَبِيهِ مِنْ جدّه عَبْد اللَّه بْن عَمْرو. وقَالَ أَبُو زكريّا النَّوَوِيُّ: الصّحيح المختار الاحتجاج بِهِ. وقَالَ صالح بْن مُحَمَّد: حديث عَمْرو بْن شُعَيْب، عَنْ أَبِيهِ صحيفة ورثوها. وقَالَ بعض العلماء: ينبغي أن تكون تِلْكَ الصّحيفة أصحّ من كلّ شيءٍ؛ لأنّها ممّا كتبه عَبْد اللَّه بْن عَمْرو عَنِ النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ، والكتابة أضبط مِنْ حِفْظ الرجال. وقَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ يَقُولُ: أهل الحديث إذا شاءوا احتجُّوا بعَمْرو بْن شُعَيْب، وإذا شاءوا تركوه. قُلْتُ: يعني يقولون: حديثه مِنْ صحيفة موروثة، فقد يُخْرِجون هذا القول فِي معرض التضعيف. وقَالَ أَبُو عُبَيْد الآجُرِي: سُئل أبو داود عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدّه أحُجَّة؟ قَالَ: لا، ولا نصف حُجَّة. قُلْتُ: لا أعلم لمن ضَعَّفَهُ مُستَنَدًا طائلا أكثر مِنْ أنّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جدّه يحتمِل أن يكون الضميرُ فِي قوله: عَنْ جدّه، عائدًا إلى جدّه الأقرب، وهو مُحَمَّد، فيكون الخبر مُرسِلا، ويحتمِل أن يكون جدّه الأعلى، وهذا لا شيء؛ لأنّ فِي بعض الأوقات يأتي مبيَّنًا، فيقول عَنْ جدّه عَبْد اللَّه بْن عَمْرو، ثم إنا لا نعرف لأبيه شعيب، عن جدّه مُحَمَّد رواية صريحة أصلا، وأحسب مُحَمَّدًا مات

فِي حياة عَبْد اللَّه بْن عَمْرو والده، وخلَّف ولَدَه شُعَيْبًا، فنشأ فِي حجْر جدّه، وأخذ عَنْه العلم، فأما أخْذُه عَنْ جدّه عَبْد اللَّه، فمتيقنٌ، وكذا أخْذُ ولدِه عَمْرو عَنْه فثابت. تُوُفِّي بالطّائف سنة ثماني عشرة ومائة. 519- عمرو بن مرة1 -ع- بن عَبْد اللَّه بْن طارق المرادي الْجَمَلي، أَبُو عبد الله الكوفي، أحد الأعلام، الحفاظ وكان ضريرًا. سَمِعَ ابن أَبِي أوَفى، وسَعِيد بْن المسيّب، ومُرَّة الطّيّب، وأَبَا وائل، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أبي ليلى، وأَبَا عُمَر زاذان، وطائفة. وعَنْه زيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، والأعمش، وسُفْيان وشُعْبَة، ومِسْعَر، وقيس بْن الربيع، وخلق. لَهُ نحو مائتي حديث. قال مسعر، مع جلالته: ما أدركت أحدًا أفضل مِنْ عَمْرو بْن مُرَّة. وعَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ قَالَ: هُوَ مِنْ حُفَّاظ الكوفة. وقَالَ قراد: ثنا شُعْبَة قَالَ: ما رأيت عَمْرو بْن مُرَّة يصلّي صلاةً قطّ، فظننت أَنَّهُ ينصرف حتى يُغْفَرَ لَهُ. وقَالَ مِسْعَر: سَمِعْتُ عَبْد الملك بْن مَيْسرة، ونحن في جنازة عَمْرو بْن مُرَّة يَقُولُ: إنّي لأحسبه خيرَ أهلِ الأرض2. ويقال: إنّ عُمَرًا دخل فِي شيءٍ مِنَ الإرجاء، وهو مجمعٌ عَلَى ثِقته وإمامته. تُوُفِّي سنة ستّ عشرة ومائة. وعَنْ عَمْرو قَالَ: أكره أن أمرّ بمَثَل فِي القرآن لا أعرفه؛ لأنّ اللَّه تعالى يَقُولُ: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43] . ورَوى أَبُو سِنان، عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة قَالَ: نظرت إلى امرأةٍ فأعجبتني، فكُفَّ بَصَرِي، فأنا أرجو. أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الحافظ، أَنَا ابنُ اللَّتي، أَنَا أَبُو الوق، أَنَا أَبُو منصور بْن عفيف، أَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد، أَنَا أَبُو القاسم الْبَغَوِيُّ، ثنا مُحَمَّد بْن حُمَيْد الرازي، ثنا جرير، عَنْ مُغِيرة قَالَ: لم يزل فِي النَّاسَ بقيّة حتى دخل عَمْرو بْن مُرَّة فِي الإرجاء، فتهافت النَّاسَ فيه. 520- عُمَيْر بْن سَعِيد النَّخْعي الكوفي3 -خ م د ق- عَنْ عليّ، وابن مسعود، وعمّار، وأَبِي مسعود، وسعد بن وقاص. وهو من أقران مسروق

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 315"، التاريخ الكبير "6/ 368-369". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 315". 3 التاريخ الكبير "6/ 532-533"، الكنى والأسماء "2/ 165".

والكبار، لكنّه عُمِّر إلى هذا الوقت، وحديثه عَنْ عليّ فِي الصَّحِيحَين. رَوى عَنْه أَبُو حُصَيْن الأسدي، والأعمش، وأشعث بْن سِوار، وفِطْر بْن خليفة، وحَجَّاج بْن أرطأة، ومِسْعَر، وجماعة. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّي سنة خمسٍ ومائة. 521- عَوْن بْن عَبْد الملك بن عتبة بن مسعود1 -م4- أبو عبد الله الهذلي الكوفي الزاهد، أحد الأئمة. رَوى عَنْ أَبِيهِ، وأخيه أَبِي عَبْد اللَّه الفقيه، وعَائِشَة، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عَبَّاس، وعَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وسَعِيد بْن المسيّب. وقيل: إنّ روايته عَنْ عَائِشَةَ، وأَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلَة، وقد أرسل عَنِ ابن مسعود، وغيره. وعَنْه إسحاق بنو يزيد الْهُذَلِيُّ، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيان، وصالح بْن حيّ، ومالك بْن مِغْوَلٍ، والمسعوديّ، وابن عَجْلان، وأَبُو حنيفة، ومِسْعَر، وآخرون. وثَّقه أَحْمَد، وغيره. وقَالَ ابن المديني: صلى خلف أبي هريرة. وقَالَ ابن سعد: لما ولي عُمَر بْن عبد العزيز الخلافة، رحل إليه عون ابن عَبْد اللَّه، وموسى بْن أَبِي كثير، وعُمَر بْن ذَرّ، فكلّموه فِي الإرجاء وناظروه، فزعموا أَنَّهُ لم يخالفهم فِي شيءٍ منه، قَالَ: وكان عَوْن ثقةً يُرْسِل كثيرًا. وقَالَ البُخَاري: عَوْن سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ. وقَالَ الأصمعيّ: كَانَ عون من آدب أهل المدينة وأفقههم، وكان مُرْجِئًا، ثم تركه، وقَالَ أبياتًا فِي مفارقة الإرجاء. ورَوى جرير، عَنْ مُغِيرة قَالَ: بلغ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه أنّ أخاه عَوْنًا حدث، فَقَالَ: قد قامت القيامة. وقيل: إنّ عَوْنًا خرج مَعَ ابن الأشعث، ثم إنّه هرب إلى نَصِيبيّن، فأمّنه مُحَمَّد بْن مروان، وألزمه ابنه مروان الَّذِي استُخْلِف، ثم قَالَ لَهُ مُحَمَّد: كيف رأيتَ ابنَ أخيك؟ قَالَ: ألزمتني رجلا إنْ قَعْدت عَنْه عَتَب، وإنْ جئتُه حَجَب، وإن عاتبته صخب، وإن صاحبته غضب، فتركه ولزم عُمَر بْن عَبْد العزيز، فكانت لَهُ منه مكانةٌ، وطال مقام جريرٍ بباب عُمَر، فكتب إلى عون: يَا أَيُّهَا الْقَارِئُ الْمُرْخِي عِمَامَتَهُ ... هَذَا زَمَانُكَ إنّي قد مضى زمني أَبْلِغْ خليفتَنا إنْ كنتَ لاقِيه ... أنِّي لدى الباب كالمصْفودِ فِي قَرَنِ ورَوى جرير، عَنْ مُغِيرة قَالَ: كَانَ عَوْن بْن عَبْد اللَّه يقُصّ، فإذَا فرغ أمر جاريةٍ

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 313"، التاريخ الكبير "7/ 13-14".

لَهُ أنّ تغنّي وتُطْرِب، فأردتُ أن أرسل إليه: إنك مِنَ أهل بيتِ صدقٍ، وإنّ اللَّه لم يبعث نبيَّه بالحُمْق، وصنيعك هذا حُمْق. زيد بن عوف، نا سعيد بن زرْبى. عَنْ ثابت البُنَانيّ قَالَ: كَانَ لِعَوْن جاريةٌ يقال لها بُسْرَة، تقرأ بألحانٍ فَقَالَ لها يومًا: اقرئي عَلَى إخواني، فكانت تقرأ بصوتٍ وجيعٍ، فرأيتهُم يُلْقُون العمائم، ويبكون، فَقَالَ لها يومًا: يا بُسْرَة، قد أعطيتُ لك ألفَ دينارٍ لحُسنِ صَوتِك، اذهبي فأنت حرةٌ لوجه الله. مات سنة بِضْعَ عشرةَ ومائة. 522- عَوْن بْن أَبِي جحيفة1 -ع- وهب السوائي الكوفي. عَنْ أَبِيهِ، والمنذر بْن جرير البَجَلي، وعَبْد الرَّحْمَن بْن سمير. وعَنْه حَجَّاج بْن أرطأة، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وعُمَر بْن أَبِي زائدة، وشعبة، وسفيان، وقيس بن الربيع. وثقه ابن مَعِين. 523- عيّاش بْن عَمْرو الكوفي2 -م ن- عَنِ ابن أَبِي أوفى، وإبْرَاهِيم التَّيْمي، وسَعِيد بْن جُبَيْر، وزاذان أَبِي عَمْرو. وعَنْه ابنه عَبْد اللَّه، وشُعْبَة وسُفْيان، وشَرِيك، وغيرهم. وثَّقه النّسائي. 524- عيسى بْن جارية المَدَني3 -ق- عَنْ جرير بْن عَبْد اللَّه، وجابر بْن عَبْد اللَّه، وشَرِيك -صَحَابيٌّ لا اعرفه- سَعِيد بْن المسيب. وعنه زيد بن أبي أنيسة، وعنبسة بْن سَعِيد الرازي، ويعقوب القُمّي، وأَبُو صخْر حُمَيْد بْن زياد. وهو مُقِلّ، اختلفوا فِي توثيقه. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بذاك، عنده مناكير. وقَالَ أَبُو زُرْعة: لَا بَأْسَ بِهِ. وقَالَ أَبُو دَاوُد: مُنْكَر الحديث. 525- عيسى بْن سِيلان المُزَني الْمَكِّيّ4 حدّث بمصر عَنْ أَبِي هريرة. وعنه زيد بن أسلم، والليث بن سعد، وابن لهيعة.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 15"، الجرح والتعديل "6/ 385". 2 التاريخ الكبير "7/ 48"، الجرح والتعديل "7/ 6". 3 التاريخ الكبير "6/ 385"، الجرح والتعديل "6/ 273". 4 الجرح والتعديل "276-277"، تهذيب التهذيب "6/ 331".

"حرف الغين": غيلان بن عقبة هو ذو الرمة الشاعر. تقدم في الذال. 526- غيلان القدري1 أبو مروان، صاحب مَعْبَد الْجُهَني. ناظَرَه الأَوزاعيّ بحضرة هشام بْن عَبْد الملك، فانقطع غَيْلان، ولم يتُب. وكان قد أظهر الْقَدَرَ فِي خلافة عُمَر بْن عَبْد العزيز، فاستتابه عُمَر، فقال: لقد كنت ضالا فهدَيْتني، وقَالَ عُمَر: اللَّهُمَّ إن كان صادقًا، وإلا فاصلبه واقطع يدَيه ورِجْلَيه، ثم قَالَ: أَمِّنْ يا غَيْلان، فَأمَّن عَلَى دُعائه. وروينا عَنْ حسان بْن عطية أنّه قَالَ: يا غَيْلان، والله لئن كنتَ أُعطِيتَ لسانًا لم نُعْطَه، إنّا لَنَعْرِفْ باطلَ ما جئتَ بِهِ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ سالم، عن الأحوص بن حكيم، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصامت قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ، يُقَالُ لَهُ غَيْلان، أضَرّ عَلَى أمّتي مِنْ إبليس"2. مروان واهي الحديث. وقد حجّ بالنَّاسَ هشام بْن عَبْد الملك سنة ستٍ ومائة، فِي أول خلافته، وكان معه غَيْلان يُفتي النَّاسَ ويحدّثهم وكان ذا عبادة وتألُّه وفصاحة وبلاغة، ثم نفذتْ فيه دعوةُ الإِمَام الراشد عُمَر بْن عَبْد العزيز، فأُخِذ وقُطِّعَتْ أربَعَتُهُ وصُلِب بدمشق فِي القَدَر، نسأل اللَّه السلامةَ، وذلك فِي حياة عُبَادَةَ بْن نَسِيّ، فإنّه أحد من فرِح بصَلْبِه. "حرف الفاء": 527- فاطمة بنت الحسين3 -د ت ق- بنة علي بن أبي طالب، أخت سُكَيْنَة. روت عَنْ أبيها، وعَنْ عَائِشَةَ، وابن عَبَّاس، وعَنْ جدّتها فاطمة الزَّهراء مُرسِلا. وَعَنْهَا بنوها حسن، وإِبْرَاهِيم، وعَبْد اللَّه، وأمّ جَعْفَر، أولاد الحَسَن بْن الحَسَن بْن عليّ، ورَوى عَنْهَا أيضًا ابنُها مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عثمان

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 102-104"، المجروحين لابن حبان "2/ 200". 2 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 47"، وقال: هذا حديث موضوع: قال أبو حاتم البستي: لا أصل لهذا الحديث والأحوص كان يروي المناكير عن المشاهير فبطل الاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل: مروان ليس بثقة. وقال الكسائي والدارقطني متروك. 3 الطبقات الكبرى "8/ 473-474"، الثقات لابن حبان "3/ 216".

الديباج، وأَبُو المقدام هشام بْن زياد، وشَيْبة بْن نَعَامة، وآخرون. قَالَ يحيى بْن بُكَيْر: ثنا اللَّيْث قَالَ: أَبَى الحُسَين أن يُستَأمر، فقاتلوه وقتلوه، وقتلوا ابنه وأصحابه، وَانْطَلَقَ بِبَنِيهِ عَلِيٍّ، وَفَاطِمَةَ، وَسُكَيْنَةَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى يَزِيدَ، فَجَعَلَ سُكَيْنَةَ خَلْفَ سَرِيرِهِ لِئَلَّا تَرَى رَأْسَ أبيها. وقَالَ الزبير وغيره: مات الحسن بن الحسن عَنْ فاطمة، فتزوجّها عَبْد اللَّه المُطَرِّف، ويقال: أصْدَقَها ألفَ ألفِ دِرهم. قَالَ ابن عُيَيْنَة: بقيت فاطمة إلى سنة نيِّف عشرة ومائة، وَيُرْوَى أنّها وَفَدت عَلَى هشام بْن عَبْد الملك. 528- فاطمة بنت عَبْد الملك بْن مروان1 تزوجّها ابنُ عمّها عُمَر بْن عَبْد العزيز، ثم خلف عليها سليمان بن داود ابن مروان بْن الحَكَم، وكان أعْوَر، فقيل: هذا الْخَلَفَ الأعور، فَوَلَدتْ لَهُ عَبْد الملك، وهشامًا. وحكى عنها عطاء ابن أَبِي رَبَاح، والمُغيرة بْن حكيم. تُوُفِّيت فِي خلافة أخيها هشام فيما أرى. 529- فاطمة الصُّغْرَى ابنة الإمام علي2 -ن- بن أبي طالب. رَوَتْ عَنْ أبيها مُرسِلا، وعَنْ أسماء بنت عُمَيْس. وَعَنْهَا الحَكَم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نعم، وموسى الْجُهَني، ونافع بْن أَبِي نُعَيم، وآخرون. تزوّجت بغير واحدٍ مِنْ أشراف قُرَيش، منهم ابن عمّها أَبُو سَعِيد بْن عَقِيل. وفي سُنَن النّسائي أنّ مُوسَى الْجُهَني قال: دخلت عليها، فقيل لها: كم لك؟ فقالت: ستٌ وثمانون سنة، قُلْتُ: ما سَمِعْتُ شيئًا؟ قالت: لا، ولكن أخبرَتْني أسماءُ بنتُ عُمَيْس أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "يا عليّ أنتَ منّي بمنزلة هارون مِنْ مُوسَى" 3. تُوُفِّيت سنة سبعَ عشرةَ ومائة. 530- فاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام4 -ع- الأسدية المدينة.

_ 1 المعرفة والتاريخ "1/ 569-571" جمهرة أنساب العرب "88". 2 تهذيب الكمال "3/ 1639"، تهذيب التهذيب "12/ 443". 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد في المسند "6/ 369-438"، من الطريق الذي أتى المصنف، وللحديث شواهد أخرى، وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص أخرجه البخاري "4416"، ومسلم "2404"، والترمذي "3724-3731"، وابن ماجه "115"، وأحمد في المسند "1/ 173، 177، 179، 185"، وابن حبان في صحيحه "6643، 6926، 6927"، وفي الباب أيضًا عن جابر أخرجه الترمذي "3730". 4 الطبقات الكبرى "8/ 477"، المعرفة والتاريخ "3/ 13".

رَوَتْ عَنْ جدّتها أسماء بنت أَبِي بَكْر، وأمّ سَلَمَةَ. رَوى عَنْهَا زوجها هشام بْن عُرْوَة، ومُحَمَّد بْن سُوقة، وإسحاق. وثّقها أَحْمَد الْعِجْلِيُّ. وكانت أسنّ مِنْ زوجها بثلاث عشرة سنة. 531- الفضل بْن الحَسَن بْن عَمْرو بْن أُمَّية الضَّمْريّ1 حدث بمصر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عُمَر، وابن أمّ الحَكَم. رَوى عَنْه ابنه حسن، وعُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر، ويزيد بن أبي حبيب، وعياش بن عقبة، وابن إسحاق، وآخرون. ما أعلم بِهِ بأسًا. 532- الفضل بْن قُدَامة2 أَبُو النَّجْم الْعِجْلِيُّ الراجز، مِنْ طبقة العَجَّاج فِي الرَّجْز، وربّما قدَّمه بعضُهم عَلَى العَجَّاج. لَهُ مدائح فِي هشام بن عبد الملك وغيره. ومن رَجْزِه: أوْصَيْتُ مِنْ بَرَّةَ قلبًا حُرَّا ... بالكلب خيرا والحماة شرا لا تسأمي خنقا لها وجَرًا ... حتى تَرَى حلَو الحياةَ مُرَّا ومن شعره: لقد عَلِمَتْ عُرْسِي فلانةٌ أنّني ... طويل سنى ناري بعيدٌ خُمُودُها إذا حلَّ ضَيْفي بالفلاةِ فلم أجدْ ... سوى مَنْبِتِ الأطنابِ شَبَّ وَقُودُها وله: والمرءُ كالحالم فِي المنام ... يَقُولُ إنّي مدركٌ أمامي فِي قابلٍ ما فاتَني فِي العام ... والمرءُ يُدْنيه مِنَ الحِمامِ مَرُّ اللّيالي السُّودِ والأيامِ ... إنّ الفَتَى يصحّ للأسقامِ كالغرض المنصوبِ للسِّهامِ ... أخطأ رامٍ وأصابَ رامِ حكى الزبير بن بكار قال: قَالَ هشام للشعراء: صِفُوا لي إِبلا، قَالَ أَبُو النَّجم: فذهب بي الرَّوِيُّ إلى أنْ قلت: وصارت الشمس كعين الأحول

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 114-115"، الجرح والتعديل "7/ 60". 2 الأغاني "10/ 150-161"، عيون الأخبار "2/ 86"، "4/ 51-58".

فغضب هشام -وكان أحْوَل- فَقَالَ: أَخْرِجوا هذا، ثم بعد مدة أدخلت عليه، فقالت: أَلَك أهلٌ؟ قُلْتُ: نعم، وابنتان، قَالَ: هَلْ زوَّجْتَهُما؟ قُلْتُ: إحداهما، قَالَ: فما أوصَيْتَها؟ قُلْتُ: أوصيت من برة قلبا حرا ... بالكلب خيرا والحماة شرا لا تسأمي خنقا لها وجرا ... والحيُّ عُمِّيهم بشرٍ طُرَّا وإنْ حَبَوُكِ ذَهَبًا ودُرًّا ... حتى يَرَوْا حُلْوَ الحياةِ مُرّا فضحك هشام حتى استلقى وقَالَ: ما هذه، وصيَّةُ يعقوب بَنِيه! قُلْتُ: يا أمير المؤمنين، ولا أَنَا مثل يعقوب عَلَيْهِ السَّلامُ، قَالَ: فما زِدْتَها؟ قُلْتُ: سبي الحماة وابْهَتِي عليها ... وإنْ دَنَتْ فازْدَلِفي إليها واقْرَعي بالفِهْرِ مِرْفَقَيْها ... وظاهِري اليد بِهِ عَلَيْهَا لا تُخْبِري الدَّهْرَ بِهِ ابنَتَيْها وقال: فما فعلت أختها؟ قُلْتُ: دَرَجَت بين أبيات الحيّ ونَفَعَتْنا، قَالَ: فما قُلْتُ فيها؟ قُلْتُ: كأنّ ظَلامَةَ أختَ شَيْبانْ ... يتيمةٌ ووالداها حَيَّانْ الرأسُ قملٌ كُلُّهُ وصئبان ... وليس في الرجلان إلا خَيْطانْ فهي التي يَذْعر منها الشَّيْطَانْ فَوَصَلني هشامُ بدنانير، وقَالَ: اجْعَلْها فِي رِجْلَيْ ظَلامَة. وهو القائل: أَنَا أَبُو النَّجْم وشِعْري شعْري "حرف القاف": 533- القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن1 -خ4- بن عَبْد اللَّه بْن مسعود الْهُذَلَيُّ، أَبُو عَبْد الرحمن الفقيه، قاضي الكوفة، وكان ممّن لم يأخذ عَلَى القضاء رِزْقًا، وهو أخو مَعَن، رَوى عَنْ أبيه، وابن عمر، وجابر بن سمرة، ومسروق، وغيرهم، وعنه

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 306"، الكنى والأسماء "2/ 68".

الأعمش، وابن أبي ليلى، ومسعر، والمسعودي، وآخرون، وثقه ابن معين وغيره، قال محارب بن دثار: صحبناه إلى بيت المقدس، ففضلنا بكثرة الصلاة وطول الصمت وبالسخاء. وقال ابن عيينة: قُلْتُ لمِسْعَر: مَن أشدّ مِنْ رأيتَ تَوَقّيًا للحديث؟ قَالَ: القاسم بن عبد الرحمن، وقال ابن المديني: لم يلق ابن عمر، وقال خليفة بن خيّاط: عزله ابن هُبَيْرَة عَنِ القضاء سنةَ ثلاثٍ ومائة بالحُسَين بْن الحَسَن الْكِنْدِيِّ، قَالَ الأعمش: كنت أجلس إلى القاسم وهو قاضٍ. قَالَ ابن قانع: مات سنة ستّ عشرة ومائة، وقيل: مات سنة اثنتي عشرة. 534- القاسم أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الدمشقي1 -4- مولى عَبْد الرَّحْمَن بْن خَالِد بْن يزيد بْن معاوية، أحد الأعلام؛ وهو القاسم بْن أَبِي القاسم. رَوى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وفَضَالة بْن عُبَيْد، وأَبِي أُمَامة، ومعاوية بْن أَبِي سُفْيان، وأرسل عَنْ عليّ، وابن مسعود، وتميم الدّاري، وغيره. وعنه يحيى بن الحارث الذماري، وثور بن يزيد، وعبد الله بن العلاء بن زبر، ومعاوية بن صالح، وابن جابر، وآخرون. قال ابن سعد: هو مولى أمّ المؤمنين أمّ حبيبة بنت أَبِي سُفْيان، وقيل مولى معاوية، وله حديث كثير، وفي حديث الشاميّين أَنَّهُ أدرك بَدْريًا. وذكر البُخَاري فِي تاريخه: أَنَّهُ سَمِعَ عليًّا وابن مسعود، فَوَهِم. وقَالَ ابن مَعِين: ثقة. وقَالَ ابن شابور، عَنْ يحيى الذِّماري: سَمِعْتُ القاسم أَبَا عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: لقيت مائةً مِنَ الصّحابة. وقَالَ يحيى بْن حمزة، عَنْ عُرْوَة بْن رُوَيْم، عَنِ القاسم أَبِي عَبْد الرَّحْمَن قَالَ: قدِم علينا سَلْمان الفارسيّ دمشقَ. قُلْتُ: أنكر أَحْمَد بْن حنبل هذا وقَالَ: كيف يكون لَهُ هذا الّلقاء، وهو مولى لخَالِد بْن يزيد بْن معاوية! وقَالَ عَبْد اللَّه بْن صالح: ثنا معاوية بْن صالح، عَنْ سُلَيْمَان أَبِي الربيع، عَنِ القاسم قَالَ: رأيت النَّاسَ مجتمعين عَلَى شيخٍ، فقلت: مَن هذا؟ فقالوا: سهل بْن الحنظليّة. وقَالَ دُحَيْم: كَانَ القاسم مولى جُوَيْرية بنت أَبِي سُفْيان فوُرِثَتْ. وقَالَ صَدَقَةَ بْن خَالِد: ثنا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: ما رأيت أحدًا

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 449-450"، التاريخ الكبير "7/ 159".

أفضل من القاسم أبي عبد الرحمن، كنا بالقسطنطينة، وكان النَّاسَ يُرْزَقون رغيفين رغيفين، فكان يتصدّق برغيف، ويصوم ويُفْطِر عَلَى رغيف. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: فِي حديث القاسم مناكير ممّا يرويه الثِّقات. وقَالَ يعقوب بْن شَيْبَة: القاسم أَبُو عَبْد الرَّحْمَن منهم مِنْ يُضَعِفُه. وقَالَ أحمد بن حنبل: حديث القاسم عَنْ أَبِي أُمَامة: الدِّباغ طَهُور مُنْكر. قَالَ أَبُو عُبَيْد: تُوُفِّي سنة اثنتي عشرة ومائة. 535- القاسم بْن عَوْف الشَّيْباني الكوفي1 -م ق- عَنْ أَبِي بَرزة الأسلمي، وزيد أرقم، وعَبْد اللَّه بْن أوفى. وعَنْه قَتَادةُ، وأبو أيوب السختياني، وزيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وغيرهم. قَالَ أَبُو حاتم: محلُّه الصِّدْق. قُلْتُ: حديثه عَنْ زيد بْن أرقم مضطرّب، توقّف فيه عليّ بْن المَدِيني. 536- القاسم بن مخيمرة -م4 "2"- أبو عروة الهمداني الكوفي نزيل دمشق، رَوَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرو، وشُرَيْح بْن هانئ، وعلقمة، وعَبْد اللَّه بْن حُكَيْم. وعَنْه حسّان بن عطية، والحكم، وسلمة ابن كُهَيْلٍ، وأَبُو إسحاق السّبيعي، وعُمَر بْن أَبِي زائدة، والأَوزاعيّ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وسَعِيد بْن عَبْد العزيز وآخرون، وثَّقه ابن معين وغيره، وكان يؤدب بالكوفة، وكان من العلماء العالمين، قال يزيد بن أبي مريم: كان القاسم بْن مُخَيْمِرة يتوضّأ مِنَ النهر الَّذِي يخرج من باب الصّغير. قُلْتُ: لعلّه توضّأ منه، وقد أبعد عَنِ البلد وصفًا. قَالَ مُحَمَّد بْن كثير، عَنِ الأَوزاعيّ قَالَ: جلست إلى القاسم بن مخيمرة حين احتملت. وقَالَ ابن أَبِي خَالِد: كنّا فِي كُتّاب القاسم، وكنا لا يأخذ منّا، وعَنْ منصور بْن نافع قَالَ: كَانَ القاسم يأمرنا بجهازه للغزو ويقول: لا تُماكِسُوا فِي جهازنا فإنّ النّفقة فِي سبيل اللَّه مضاعَفَة. وَعَنِ القاسم، أَنَّهُ كَانَ لا ينصرف حتى يستأذن الوالي، ويقرأ: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا} [النور: 62] الآية. أَبُو مُسْهِرٍ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ القاسم بْن مُخَيْمِرة قَالَ: دخلت عَلَى عُمَر بْن عَبْد العزيز، فقضى عنّي سبعين دينارًا، وحملني عَلَى بغلةٍ، وفرض لي في

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 166"، الجرح والتعديل "7/ 114-115". 2 الطبقات الكبرى "6/ 303"، التاريخ الكبير "7 167".

خمسين، فقلت: أغنيتَني عَنِ التجارة، فسألني عَنْ حديثٍ، فقلت: هنّيني يا أمير المؤمنين، قَالَ سَعِيد: كأنّه كرِه أن يحدّثه عَلَى هذا الوجه1. قَالَ: وقَالَ القاسم: ما اجتمع عَلَى مائدتي لونان من طعام واحد، ولا أغلقت بابي ولي خلفه همٌّ. وعَنْه قَالَ: كنت أدعو بالموت، فلما نزل بي كرِهْتُه2 قَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّي سنة إحدى عشرة ومائة، وقَالَ غير واحد: مات سنة إحدى ومائة، والأوّل هُوَ الصّحيح، والله أعلم. 537- قتادة بن دعامة3 -ع- بن قتادة بن عزبز، وقيل غير ذَلِكَ فِي نَسَبه، أَبُو الْخَطَّاب السَّدُوسي الْبَصْرِيّ الأعمى الحافظ، أحد الأئمّة الأعلام، رَوى عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَرْجِس، وَأَنَسٍ بْن مالك، وأَبِي الطُّفَيْلِ، وأَبِي رافِع، وأَبِي أيّوب المراغي وأَبِي الشَّعْثاء، وزُرَارة بْن أَوْفَى، والشَّعْبي، وعَبْد اللَّه بْن شقيق، ومُطَرِّف بْن الشِّخَّير، وسَعِيد بْن المسيّب، وأَبِي العالية، وصَفْوان بْن مُحْرِز، وَمُعَاذَةَ العدوية، وأَبِي عثمان النَّهْدِيِّ، والحَسَن، وخَلْق. وعَنْه سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبة، ومَعْمَر، ومِسْعَر، وشُعْبَة، والأَوزاعيّ، وعَمْرو بْن الحارث الْمَصْريّ، وأبان بن يزيد، وهمّام، وجرير بْن حازم، وشَيْبَان النَّحْوِيُّ، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وسَعِيد بْن بشير، وأَبُو عوانة، وخلق كثير، وكان أحَدَ مَنْ يُضْرَب الْمَثَلُ بحِفْظه. قَالَ مَعْمَر: أقام قَتَادةُ عند سَعِيد بْن المسيّب ثمانيةَ أيام، فَقَالَ لَهُ فِي اليوم الثامن: ارتِحلْ يا أعمى، فقد أنزقْتَني4. وقَالَ قَتَادةُ: ما قُلْتُ لمحدثٍ قطّ أعِدْ عليّ، وما سَمِعْتُ أُذُناي شيئًا قطّ إلا وعاه قلبي. وقَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين: قَتَادةُ أحفظ النَّاسَ. وقَالَ مَعْمَر: سَمِعْتُ قَتَادةُ يَقُولُ: ما فِي القرآن آيةٌ إلا وقد سَمِعْتُ فيها شيئًا. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: قَتَادةُ عالم بالتفسير وباختلاف العلماء، ثم وصفه أَحْمَد بالفِقْه والحِفْظ، وأطنب فِي ذِكْره وقَالَ قلَّما تجد مِنْ يتقدّمه، تُوُفِّي سنة سبع عشرة، وقَالَ همّام: سَمِعْتُ قَتَادةُ يَقُولُ: ما أفتيتُ بشيءٍ مِنْ رأيي منذ عشرين سنة، وقد ذكر سُفْيان الثَّورِي قَتَادةُ مَرَّة فَقَالَ: وكان فِي الدنيا مثل قَتَادةُ. وقَالَ مَعْمَر: قُلْتُ: للزُّهْرِيّ: قتادة أعلم أم مكحول؟ قال: لا، بل قتادة. وقال

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 83". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "69/ 81". 3 الطبقات الكبرى "7/ 229-231"، التاريخ الكبير "7/ 185-186". 4 أخرجه ابن سعد في طبقاته "7/ 229"، والبخاري في التاريخ "7/ 186".

أحمد بن حنبل: "كان قتادة أحفظ أهل البصرة، لا يسمع شيئًا إلا حفِظَه، قُرِئت عَلَيْهِ صحيفةُ جَابِر مرَّة واحدةً فحفِظَها، وقَالَ شُعْبَة: نَصَصْتُ عَلَى قَتَادةُ سبعين حديثًا، كلّها يَقُولُ: سَمِعْتُ أنس بْن مالك إلا أربعة. قُلْتُ: قد دلّس قَتَادةُ عَنْ جماعة. وقَالَ شُعْبَة: لا يُعرف لقَتَادةُ سماعٌ مِنْ أَبِي رافع. وقَالَ يحيى بْن مَعِين: لم يسمع قَتَادةُ مِنْ سَعِيد بْن جُبَيْر، ولا مِنْ مجاهد. وقَالَ القطّان: لم يسمع مِنْ سُلَيْمَان بْن يَسار. وقَالَ أَحْمَد: لم يسمع مِنْ مُعَاذَة. قُلْتُ: وقد تفّوه قَتَادةُ بشيءٍ مِنَ القَدَر. وقَالَ وَكيع: كَانَ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبة، وهشام الدّسْتوائي وغيرهما يقولون: قَالَ قَتَادةُ: "كلُّ شيءٍ بقدرٍ إلا المعاصي. وقَالَ ابن شوذب: ما كان قتادة يرضى حتى يصيح بِهِ صياحًا، يعني القَدَر. قُلْتُ: وكان قَتَادةُ أيضًا رأسًا فِي العربية، والغريب، وأيام العرب، وأنسابها، قَالَ أَبُو عَمْرو بْن العلاء: كَانَ قَتَادةُ مِنْ أنسب النَّاسَ. ونقل القِفْطيُّ فِي تاريخ النُّحاة قَالَ: كَانَ الرجلان مِنْ بني أُمَّية يختلفان فِي البيت مِنَ الشِّعر، فيُبْرِدان بريدًا إلى العراق، يسأل قَتَادةُ عَنْه، وثَّقه غير واحدٍ. ومات سنة سبع عشرة ومائة، وقيل سنة ثماني عشرة بواسط، وله سبعٌ وخمسون سنة، رحِمه اللَّه. 538- قيس بْن سعد الْمَكِّيّ الحبشي1 -م د ن ق: مولى نافع بْن عَلْقَمَة، أحد الفقهاء، رَوى عَنْ طاوس، ومجاهد، وعطاء، ويزيد بن هرمز. وعنه يزيد بن إبراهيم التستري، وجرير بن حازم، والحمادان، والربيع بن صبيح، ومعاوية بن عبد الكريم الضال، وآخرون، وكان قد خلف عطاء بمكة في

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 483"، التاريخ الكبير "7/ 154".

الفتوى وفي مجلسه، ولم تطل أيامه، ولا عمر1. وثقه أحمد، ومات سنة تسع عشرة. 539- قيس بن مسلم2: بن عمرو الجدلي الكوفي، أحد الأئمة. روى عَنْ طارق بْن شهاب، وعبد الرحنمن بْن أَبِي ليلى، ومجاهد، وغيرهم، وعنه أيوب بن عائذ، ومسعر بن كدام، وأبو العميس عتبة بن عبد الله، وأبو حنيفة، وسفيان، وشعبة، وآخرون، وثقه أحمد، وغيره. وقال أبو داود: كان مرجئا، وروى أحمد بن حنبل، عَنْ سُفْيان بْن عُيَيْنَة قَالَ: كانوا يقولون: ما رفع قيس بْن مُسْلِم رأسَه إلى السماء منذ كذا وكذا تعظيمًا لله. قلت: تُوُفِّي عشرين ومائة. "حرف اللام": 540- لُقمان بْن عامر الوصابي3 -د ن: أبو عامر الحمصي، ويقال فيه الأوصابي، رَوى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وعُتْبَة بْن عَبْد، وأَبِي أُمَامة، وعَبْد اللَّه بْن بُسْر، وكثير بْن مُرّة، وجماعة، رَوى عَنْه عقيل بْن مدرِك، ومُحَمَّد بْن الوليد الزُّبَيْدِيُّ، وعيسى بْن أبي رزين، وفرج بْن فَضَالَةَ، وجماعة. قَالَ أَبُو حاتم: يُكْتَبُ حديثه. "حرف الميم": 541- محارب بن دثار4 -ع- بن كردوس بن قرواش السدوسي الكوفي الفقيه. ولي قضاءَ الكوفة لخَالِد بْن عَبْد اللَّه القسري. وحدث عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وعَبْد اللَّه بْن يزيد الخطْمي، والأسود بن يزيد، وغيرهم. وعنه زبيد اليامي، ومسعر، وسفيان، وشعبة، وقيس بن الربيع، وخلق. وكان ثقة ثبتا. وقال سفيان الثوري: ما يخيل إلي أني رأيت أحدا أفضله على محارب بن دثار. وقال ابن سعد: كان من المرجئة الأولى الذين يرجئون عليًّا وعثمان

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 483". 2 الطبقات الكبرى "6/ 317"، والتاريخ الكبير "7/ 154". 3 التاريخ الكبير "7/ 251"، الجرح والتعديل "7/ 182". 4 الطبقات الكبرى "6/ 307"، التاريخ الكبير "8/ 28-29".

إلى أمر الله، ولا يشهدون عليهما بإيمان ولا بكفر. وقَالَ ابن مَعِين وأحمد وغيرُهما: ثقة. وقال عثمان بْن عُيَيْنَة: رأيت مُحَاربًا يقضي فِي المسجد. ورَوى عَبْد اللَّه بْن إدريس عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رأيت الحَكَم، وحمّاد بْن أَبِي سُلَيْمَان فِي مجلس حُكْم مُحَارب بْن دِثار، أحدهما عَنْ يمينه والآخر عَنْ شماله. وقَالَ الثَّورِي: استُعْمِل مُحَاربُ عَلَى القضاء، فبكى أهلُه، وعُزل عَنِ القضاء فبكى أهلُه. وقَالَ سعد بْن الصَّلْت: ثنا هارون بْن الْجَهْمُ، ثنا عَبْد الملك بْن عُمَيْر قَالَ: كنت فِي مجلس قضاء مُحَارب، فادّعى رَجُل عَلَى رَجُل فأنكر، فَقَالَ: ألك بَيِّنَة؟ قَالَ: نعم، فلان. قَالَ خصْمه: إنّا لله، لئن شهِد عليّ ليشهدنّ بزورٍ، ولئن سألتَني عَنْه لأُزَكِيَّنه، فلما جاء الشاهد، قَالَ مُحَارب: حدّثنا ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الطَّير لَتَضْرِب بمناقيرها وتقذف ما فِي حواصلها مِنْ هَوْلِ يوم القيامة، وإنّ شاهد الزُّور لاتقار قَدَمَاهُ عَلَى الأرض حتى يُقْذَفَ بِهِ فِي النار"1. ثم قَالَ: بِمَ تشهد؟ قَالَ: قد نسي، أرجعُ فأتذكَّر. تُوُفِّي مُحَارب بْن دِثار سنة ستّ عشرة ومائة. 542- محفوظ بْن عَلْقَمَة الحضْرَمِيّ الحمصي2، أبو جنادة رَوى عَنْ أَبِيهِ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن عائذ، وغيرهما، وأرسل عَنْ سَلْمان الفارسيّ، وغيره. رَوى عَنْه أخوه نصر بْن عَلْقَمَة، والوضين بْن عطاء، وثور بْن يزيد، ومُحَمَّد بْن راشد. وثَّقه دُحَيْم، وابن مَعِين. 543- مُحِلُّ بْن خليفة الطائي الكوفي3 عَنْ جدّه عَدِيّ بْن حاتم، وأَبِي السَّمح خادم النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ. وعَنْه سعد أَبُو مجاهد الطّائي، وأَبُو الزَّعْراء يحيى بْن الوليد الطّائي، وشُعْبَة وسُفْيان، وغيرهم. وثَّقه ابن مَعِين. 544- مُحَمَّد بْن إبْرَاهِيم بْن الحارث التَّيْمي القرشي4، أبو عبد الله المدني وكان جدُّه الحارث بْن صَخْر مِنَ المهاجرين، وهو ابن عم أبو بكر الصديق. روى

_ 1 حديث موضوع: أخرجه ابن ماجه "2373"، والحاكم في المستدرك "4/ 98"، والعقيلي في الضعفاء "354"، وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة، وقال: موضوع، وفيه: محمد بن الفرات وقد كذبه أحمد، وقال البخاري: منكر الحديث. 2 التاريخ الكبير "8/ 20"، الجرح والتعديل "8/ 422". 3 التاريخ الكبير "8/ 20"، المعرفة والتاريخ "2/ 657". 4 التاريخ الكبير "1/ 22-23"، الجرح والتعديل "7/ 184".

عَنْ أسامة بْن زيد، وأَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، وجابر بْن عَبْد اللَّه، وعلقمة بْن وقّاص، وعيسى بْن طلحة بْن عُبَيْد اللَّه، وطائفة مِنْ قُدَماء التّابعين، ورأى سعد بْن أَبِي وقاص، وغيره. وكان أحد الفقهاء الثقات. وروى عن يحيى ابن سعيد الأنصاري، وهشام بن عروة، وابن موسى بن محمد، ويزيد بن عبد الهاد، ويحيى بن أبي كثير، وأبو عمرو الأَوزاعيّ، وابن إسحاق، وآخرون. وكان عريف بني تميم، تُوُفِّي سنة عشرين ومائة، وقيل: سنة تسع وعشرين ومائة. 545- مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر بْن العوَّام1 الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيّ عَنْ عمّه عُرْوَة، وابن عمه عباد بن عبد اللَّه. وعَنْه عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر، وابن جريح، والوليد بن كثير، وإبن إسحاق، وغيرهم. وهو معدود فِي الفقهاء، وثَّقه النسائي، وتوفي شابًّا، وكان أبو ممّن طال عمره، وبقى إلى خلافة سُلَيْمَان بن عَبْد الملك. 546- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن المسيّب2 المخزومي الْمَدَنِيّ عَنْ أَبِيهِ. وعَنْه ابناه عمران، وطلحة، ويحيى بْن سَعِيد الأنصَارِيّ، وابن إِسْحَاق. 547- مُحَمَّد بْن سهل بْن أَبِي حَثْمَة الأَوْسي الأنصَارِيّ3 رَوى عَنْ أَبِيهِ ورافع بْن خُدَيْج، ومُحيّصَة بْن مسعود. وعنه بريد بن أبي حبيب، وحجاج بن أرطأة. 548- محمد بن عبيد الله بن سعيد4 -خ م د ت س- أبو عون الثقفي الكوفي الأعور. روى عن جابر بن سمرة، وابن الزبير، والقاضي شُرَيْح، ووَرَّاد كاتب المُغيرة، وأَبِي صالح الحنفي عَبْد الرَّحْمَن. وعَنْه الْعَبَّاس بْن ذَرِيح وابن سوقة، ومسعر، وسفيان، وشُعْبَة. قَالَ أَبُو أسامة، عَنْ أبي جناب قَالَ: حدّثني أَبُو عَوْن الثقفي قَالَ: كنت أقرأ عَلَى أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السَّلَميّ. قَالَ خليفة: مات أَبُو عَوْن سنة عشرين ومائة. وثقه ابن مَعِين وأَبُو زُرْعة. 549- مُحَمَّدُ بْن عَليّ بْن الحسين5 -ع- بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ، أبو جعفر الباقر سيّد بني هاشم فِي زمانه. رَوى عَنْ جديه الحسن،

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 54-56"، الجرح والتعديل "7/ 221". 2 التاريخ الكبير "1/ 92"، الجرح والتعديل "7/ 262". 3 التاريخ الكبير "1/ 107-108"، الجرح والتعديل "7/ 277". 4 التاريخ الكبير "1/ 170-171"، الجرح والتعديل "8/ 1". 5 الطبقات الكبرى "5/ 320-324"، تاريخ خليفة "349".

والحُسَين، وعَائِشَة، وأمّ سَلَمَةَ، وابن عَبَّاس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وجابر، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن جعفر، وأبيه، وسعيد بن المسيب، وطائفة. وعنه ابن جعفر الصادق، وعمرو بن دينار، والأعمش، وربيعة الرأي، وابن جريح، والأوزاعي، ومرة بن خالد، ومخول بن راشد، وحرب بن سريج، والقاسم بن الفضل. الحراني، وآخرون. قال أحمد بن البرقي: مولده سنة ستٍّ وخمسين. قُلْتُ: فَعَلِيٌّ هذا لم يسمع مِنْ عَائِشَةَ، ولا مِنْ جَدَّيْه، مع أنه روايته عَنْ جدّه الحَسَن بخطّه، وعَنْ عَائِشَةَ، فِي سُنَن النّسائي، فهي مُنقطعه، وروايته عَنْ سَمُرَة عند أَبِي دَاوُد. وكان أحد مِنْ جمع العلم، والفِقْه، والشَرَف، والديانة، والثّقة، والسُّؤْدُد، وكان يَصْلُح للخلافة، وهو أحد الاثَنْي عشر الذين تعتقد الرّافضةُ عِصْمَتَهُم، ولا عصمة إلا لنبيّ؛ لأنّ النّبيّ إذا أخطأ لا يُقَرّ عَلَى الزَّلَّة، بل يعاتب بالوحي عَلَى هفوةٍ إنْ ندر وُقُوعُها منه، ويتوب إلى اللَّه تعالى، كما جاء فِي سجدة "ص" أنّها توبة نبيُّ، وأما قولهم الباقر، فهو مِنْ بقر الْعِلْمَ أي شَقَّة فعرف أصله وخَفِيِّه. قَالَ ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة: سَأَلت أَبَا جَعْفَر وابنه جَعْفَر الصّادق، عَنْ أَبِي بَكْر، وعُمَر، فقالا لي: يا سالم تولهما وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إمامي هدى1. هذه حكاية مليحة؛ لأن روابيها سالمُ وابنُ فُضَيْل، من أعيان الشّيعة، لكنّ شيعةَ زمانِنا عثَّرَهُم اللَّهُ ينالون مِنَ الشّيخَيْن، يحملون هذا القول مِنَ الباقر والصّادق رحِمَهُما الله على التقية، قال إسحاق الأرزق، عَنْ بسّام الصَّيْرَفي: سَأَلت أَبَا جَعْفَر، عَنْ أَبِي بَكْر، وعُمَر، فَقَالَ: والله إنّي لأتَوَلاهما، وأستغفر لهما، وما أدركتُ أحدًا مِنْ أهل بيتي إلا هو يتولاهما2. وعَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عقيل قَالَ: كنت أَنَا وأَبُو جَعْفَر نختلف إلى جَابِر، نكتب عَنْه فِي ألواح، ورَوى أن أَبَا جَعْفَر كَانَ يصلّي فِي اليوم والليلة مائة وخمسين ركعةً، وقد عدّه النّسائي وغيره فِي فُقَهاء التّابعين بالمدينة. قَالَ لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم: دخلت عَلَى أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن عليّ وهو يبكي ويذكر ذنوبَه، تُوُفِّي أَبُو جَعْفَر سنة أربع عشرة ومائة، قاله أَبُو نُعَيم، ومُصْعَب الزُّبَيْرِيّ، وسَعِيد بْن عُفَيْر، وقيل: سنة سبع عشرة ومائة، وله إخوة أشراف: زيد الذي صلب،

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 321". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "5/ 321".

وعُمَر، وحُسَين، وعَبْد اللَّه بنو زَيْن العابدين، رحمه اللَّه عليهم. 550- مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عطاء القرشي1 -ع- العامري أبو عبد الله. عَنْ أَبِي حُمَيْد السّاعدِي، فِي عشرة مِنَ الصّحابة، فِي وصف صلاة النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عَبَّاس، وأبي قتادة، وعن سعيد ابن المسيّب، وغيرهم، وعَنْه مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حلحلة، وعمرو بن يحيى المازني، والوليد بْن كثير، وابن عَجْلان، وعَبْد الحميد بْن جَعْفَر، وابن إسحاق، وابن أَبِي ذئب، وآخرون. قَالَ ابن سعد: كانت لَهُ هيئة ومروءة، كانوا يتحدثون أن تُفْضي الخلافَة أليه لهيبته وعقله وكماله، لقي ابن عَبَّاس وغيره، وكان ثقةً لَهُ أحاديث. تُوُفِّي فِي آخر خلافة هشام بْن عَبْد الملك. 551- محمد بن قيس بن مخرمة2 -م ت س- بْن المطَّلب بْن عَبْد مَنَاف المُطَّلبي الحجازي، عَنْ عَائِشَةَ، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وعَنْه ابنه حُكَيْم، وعمرو بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَيْصن، وابن عَجْلان، وابن إسحاق، وغيرهم، وثَّقه أَبُو دَاوُد. 552- مُحَمَّد بْن كعب القُرَظي3 -ع- مختلفٌ فِي وفاته، وقد مرّ فِي الطبقة الماضية، وقد قَالَ الواقديّ، وخليفة، والفلاس: إنه توفي سنة سبع عشرة. قَالَ الواقدي: عاش ثمانيًا وسبعين سنة، وكان ممّن جمع بين العِلْم والعمل. 553- مُحَمَّد بْن أَبِي المجالد4 -خ د س ق- روى عن مولاه عبد الله بن أبي أوفى، وعَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، وعَنْه أَبُو إسحاق السّبيعي، وشُعْبَة، والحَسَن بْن عمارة، وغيرهم، وكان ثقة. 554- مروان الأصغر5 -خ م د ت- أبو خلف البصري، عَنِ ابن عُمَر، وأنس بْن مالك، ومسروق، وأَبِي وائل، وغيرهم، وعَنْه خَالِد الحذّاء، وعَوْف، وشعبة وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 189"، الجرح والتعديل "8/ 29". 2 التاريخ الكبير "1/ 211-212"، تاريخ خليفة "323". 3 التاريخ الكبير "1/ 216-217"، الجرح والتعديل "8/ 67". 4 التاريخ الكبير "1/ 231"، الجرح والتعديل "8/ 106-107". 5 التاريخ الكبير "7/ 369"، الجرح والتعديل "8/ 271".

555- مروان أَبُو لُبابة الورّاق1 -ت س- بصريٌ، ثقة، سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ. وعَنْه هشام بْن حسّان، وحمّاد بْن زيد، يقع حديثه عاليا فِي الصّيام لأبي يوسف القاضي. 556- مُسْلِم بْن مخراق2 -م د ن- أبو الأسود والد سوادة العبدي الْبَصْرِيّ القطان. عَن ابن عباس، ومعقل بن يسار، وأبي بكر الثقفي، وأسماء بِنْت أَبِي بَكْر، وعنه ابن عون، وشعبة، وابنه سوادة، والقاسم بْن الفضل الحداني. وثقه النسائي. 557- مسلم بْن يناق3 الخزاعي مولاهم الكوفي م س- عَن ابن عَبَّاس، وابن عُمَر، وعنه إِبْرَاهِيم بْن نَافِع الْمَكِّيّ، وحاتم بْن أَبِي صغيرة وشعبة، وثق هو والد الْحَسَن. 558- مُسْلِم البطين4 أَبُو عَبْد الله الكوفي، عن إبراهيم التيمي، وعلي بن الْحُسَيْن، وسعيد بْن جُبَيْر، ومجاهد، وغيرهم، وعنه مخول بْن راشد، وابن عون، والأعمش، وعبد الرَّحْمَن المسعودي، وآخرون. وثقه أَحْمَد وغيره. 559- مَسْلَمةُ بن عبد الله بن ربعي5 -د س ق- الجهني الدمشقي الداراني. رَوى عن عمّه أَبِي مشجعة، خَالِد بْن اللَّجلاج، وعُمَر بْن عَبْد العزيز وغيرهم. وعَنْه مُحَمَّد بْن عَبْد الشّيعي، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عُلاثة الْعُقَيْليُّ، وسَعِيد بْن عَبْد العزيز، وغيرهم، وما علمت فيه جَرْحًا. 560- مَسْلَمةُ بن عبد الملك6 -د- بن مروان بْن الحَكَم الأمير أَبُو سَعِيد، وأَبُو الأصبغ الأموي، ويسمى الجرادة الصفراء، سمع عمر بن عبد العزبز. رَوى عَنْه معاوية بْن صالح، ويحيى بْن يحيى الغسّاني، وجماعة، وله دار بدمشق، ولي غزو

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 372"، الجرح والتعديل "8/ 272". 2 التاريخ لابن معين "2/ 563"، التاريخ الكبير "7/ 271". 3 التاريخ الكبير "7/ 277"، الجرح والتعديل "8/ 198". 4 التاريخ الكبير "7/ 268-269"، الكنى والأسماء "2/ 6". 5 التاريخ الكبير "7/ 388"، الجرح والتعديل "8/ 269". 6 التاريخ الكبير "7/ 378"، تهذيب الكمال "3/ 1329".

القسطنطينية لأخيه سُلَيْمَان، وغزا الرومَ مرّات، وكان بطلا شجاعًا مهيبًا، لَهُ آثار حميدة فِي الحروب، وقد ولي لأخيه يزيد بْن عَبْد الملك إمرةَ العراقَيْن، ثم عُزِل، وولي أرمينية حِفْظًا لذلك الثغر، وأول ما ولي غزوَ الروم فِي آخر دولة أَبِيهِ، فافتتح ثلاثةَ حصون. وفي سنة تسعٍ وثمانين غزا عَمُّورِية، والتقى المشركين فهزمهم. وفي سنة تسعين، افتتح خمسة حصون، وفي سنة إحدى عُزِل مُحَمَّد بْن مروان عَنْ أرمينية، وأَذْرَبَيْجان بمَسْلَمةُ، فغزا عامئذٍ التُّرْكُ حتى بلغ البابَ، مِنْ قِبَل بحر أذربيجان، فافتتح مدائن وحصونا، ودان له مِنْ وراء الباب، ثم افتتح سَنْدَرَة، ثم حج بالناس، ثم افتتح بعد ذَلِكَ فتحًا كبيرًا، وشهد غير مَصَافّ. قَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: أَنْبَأَ الْوَلِيدُ بْنُ المغيرة، عن عبد الله بن بشير الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لتفتحن القسطنطينة، ولَنِعْم الأميرُ أميرُها"1 قَالَ: فَدَعَانِي مُسْلِمَةُ، فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَغَزَاهُمْ، رَوَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، عَنْ زَيْدٍ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَآخِرُ عَنْ زَيْدٍ فَقَالَ: الْخَثْعَمِيُّ، بَدَلَ الْغَنَوِيِّ. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وَسَارَ مُسْلِمَةُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فِي طَلَبِ التُّرْكِ، وَذَلِكَ فِي شِدَّةِ الثَّلْجِ وَالْمَطَرِ، حَتَّى جَاوَزَ الْبَابَ، وَخَلَّفَ الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو الطَّائِيَّ فِي بُنْيَانِ الْبَابِ وَتَحْصِينِهِ، فَافْتَتَحَ عِدَّةَ حُصُونٍ، فَحَرَقَ أَعْدَاءُ اللَّهِ أَنفُسَهُمْ فِي مَدَائِنِهِمْ عِنْدَ الْغَلَبَةِ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: فِي سَنَةِ تسعٍ وَمِائَةٍ غَزَا مَسْلَمةُ التُّرْكَ وَالسِّنْدَ. وقَالَ ابن عُيَيْنَة: ثنا أَبِي: سَمِعْتُ مَسْلَمةُ بْن عَبْد الملك يَقُولُ: لو رأيتَني أَنَا وعُمَر بْن عَبْد العزيز ننتهي إلى الزَّرْعَ فيُقْحِمُ عُمَر فَرَسَه، وأكُفُّ فَرَسِي، وسمعت مسلمة بقول: إن أقلّ النَّاسَ همًّا فِي الدنيا، أقلّهم همًّا فِي الآخرة. قَالَ أَبُو الحَسَن المدائني: قَالَ مَسْلَمةُ لنَصِيب: سلْني! قَالَ: لا، فإنّ كفَّكَ بالجزيل أكثر مِنْ مسألتي باللّسان، فأعطاه ألفَ دينار، وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: أوصى مَسْلَمةُ بثُلُثِ ماله لطّلاب الأدب، وقَالَ: إنّها صناعة مَجْفُوُّ أهلُها. قَالَ الزُّبَيْر بْن بكّار

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد في المسند "4/ 335"، والطبراني في الكبير "1216"، والحاكم في المستدرك "4/ 421-422"، وضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة "878".

للوليد بْن يزيد، يرثي عمّه مَسْلَمةُ: أقول وما الْبُعْدُ إلا الردَّى ... أمسلمٌ لا تَبْعَدَنْ مسلمة فقد كنت نورًا لنا في البلا ... د مُضِيئًا فقد أصْبَحَتْ مُظْلِمَة ونَكْتُمُ موتَكَ نخشَى اليقيـ ... ـن فأبدى اليقينُ عَنِ الْجُمْجُمَهْ تُوُفِّي مَسْلَمةُ سنة عشرين ومائة. قاله خليفة. وقَالَ ابن عائذ: سنة إحدى. 561- مشرح بن هاعان1 أبو مصعب المعافري المصري، عَنْ عُقبة بْن عامر، وغيره. وعَنْه بَكْر بن عمر، وعبد الله ابن المغيرة، والليث بن سعد، وابن لهيعة، وآخرون، وثقه ابن مَعِين، وقد ليَّنَه ابن حِبّان فَقَالَ: لَهُ مناكير، وقَالَ ابن يونس: تُوُفِّي قريبًا مِنْ عشرين، وكان على المنجيق الَّذِي رمى بِهِ الكعبة. 562- مُصْعَب بْن شَيْبة بن جبير بن شيبة2 -م4- بن عثمان الحجبي المكي القرشي العبدري، عَن صفيّة بنت شَيْبة عمّه أَبِيهِ، وطَلْق بْن حبيب. وعَنْه ابنه زُرَارة وزكريّا بْن أَبِي زائدة، وابن جُرَيْج، ومِسْعَر، وآخرون، قَالَ أبو حاتم، لا يحمدونه. وقَالَ الدارَقُطْنيُّ: لَيْسَ بالقويّ، احتجّ بِهِ مُسْلِم وغيره. 563- المطَّلِب بْن عَبْد اللَّه بْن حَنْطَب القرشي المخزومي3 عن عمر، وغيره مرسلًا، وعن أبي هُرَيْرَةَ، وابن عَبَّاس، وعَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وجابر بن عبد الله، وجماعة، وعنه ابناه حكم، وعبد العزيز، وعبد الله بن طاوس، ومولاه عمرو بن أبي عمرو، وابن جريج، والأوزاعي، وزهير بن محمد التميمي، وآخرون، وثقه أبو زرعة والدارقطني، وكان مروان بن الحكم خاله، ويروى عَنْ خاله الآخر أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ أَبُو حاتم: لم يدرك عَائِشَةَ، وعامّة حديثه مَرَاسيل، وقَالَ أَبُو زُرْعة: أرجو أن يكون سَمِعَ منها. وقَالَ ابن سعد: لَيْسَ يُحْتَجّ بحديثه لأنّه ممن يُرْسِل كثيرًا. قُلْتُ: وفد عَلَى هشام بْن عَبْد الملك، فوصله لقَرابته بسبعة عشر ألف دينار. بقي إلى حدود العشرين ومائة، ولعلّه عاش بعد ذَلِكَ، فالله أعلم.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 54"، الكنى والأسماء "2/ 115". 2 التاريخ الكبير "7/ 352"، الجرح والتعديل "8/ 305". 3 التاريخ الكبير "8/ 7"، الجرح والتعديل "8/ 359".

564- مُعَاذ بْن عَبْد اللَّه بْن خُبَيب الْمَدَنِيّ1 عن أبيه، وعقبة بْن عامر، وابن عَبَّاس، وجابر بْن عَبْد اللَّه، وعَنْ سَعِيد بْن المسيّب، وجماعة. وعَنْه زيد بن أسلم، وبُكَيْر بْن الأشجّ، وأسامة بْن زيد الليثي، وهشام بن سعد، وثقه ابن مَعِين، مات سنة ثماني عشرة ومائة. 565- معاوية بن قرة -ع-2 بن إياس بْن هلال، أَبُو إياس المُزَني الْبَصْرِيّ، عَنْ أَبِيهِ، وأَبِي أيّوب الأنصَارِيّ، وابن عَبَّاس، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وابن عُمَر، ومَعْقِلِ بْن يَسار، وعَبْد اللَّه بْن مُغَفَّلٍ، وعائذ بْن عَمْرو المُزَنّيين، وعدّة. وعَنْه ابنه إياس القاضي، وثابت البُنَانيّ، وخَالِد بْن مَيْسرة، وقَتَادة، وقُرّة بْن خَالِد، وشُعْبَة، والقاسم الحُدّاني، وشبيب بْن شَيْبة، وخلق آخرهم أَبُو عَوَانَة، سَمِعَ منه أَبُو عَوَانَة فردٍ حديثٍ، وهو أكبر شيْخ لَهُ. وثَّقه أَبُو حاتم وغيره. ويقال إنّه وُلد يوم الجمل، وكان يومُ الجمل فِي سنة ثلاثٍ وثلاثين مِنَ الهجرة، قَالَ معاوية بْن قُرّة: لقيت ثلاثين صحابيًّا، وقَالَ ابن المبارك فِي كتاب الزُّهد: أَنْبَأَ سُفْيان الثَّورِي قَالَ: وفد الحَجَّاج عَلَى عَبْد الملك بْن مروان، وممّن معه معاوية بْن قُرّة، فسأله عَنِ الحَجَّاج فَقَالَ: إنْ صَدَقْناكم قتلتمونا، وإنْ كَذَبْناكم خِفْنا اللَّه تَعالى، فنظر إِلَيْهِ الحَجَّاج، فَقَالَ عَبْد الملك: لا تعرِضْ لَهُ، فنفاه الحَجَّاج إلى السَّنْد. وقَالَ حمّاد بْن سَلَمَةَ: ثنا حَجَّاج الأسود، أنّ معاويةَ بْن قُرّة قَالَ: مِنْ يدلّني عَلَى رَجُل بكاءٍ باللّيل بسامٍ بالنّهار، وقَالَ أسد بْن مُوسَى: ثنا عَوْن بْن مُوسَى، سَمِعَ معاوية بْن قُرّة يَقُولُ: لأنْ يكون فِي نَفاق أحبّ إليّ مِنْ كذا، أعُمَرُ بْن الْخَطَّاب يخشاه، وآمنُه أَنَا؟ قُلْتُ: كَانَ معاوية بْن قُرّة مِنْ جِلَّة علماء التابعين بالبصرة: توفي بها ثلاث عشرة ومائة، رحمة اللَّه تعالى. قَالَ أَبُو عُبَيْد القاسم بْن سلام: قُرّة بْن إياس من مزنية، ومزنية امْرَأَة، وهي بنت كلب بْن وَبْرة، وقَالَ ضمرة، عن ابن شَوْذب، قَالَ: لقي الْحَسَنُ معاويةَ، فاعتنقه وضمّه إِلَيْهِ فما انشرح لذلك مُعَاويَة، وقَالَ عَوْن بْن مُوسَى: سَمِعْتُ معاويةَ بْن قُرّة يَقُولُ: عوِّدوا نساءكم: لا، وقَالَ حَجَّاج بْن مُحَمَّد: ثنا شعبة: قلت لمعاوية: أكان

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 362"، الجرح والتعديل "8/ 426-427". 2 الطبقات الكبرى "7/ 221"، تاريخ خليفة "257"، التاريخ الكبير "7/ 330".

أبوك مِنَ الصّحابة؟ قَالَ: لا، ولكنْ كَانَ على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- قد حلب وصر، قال أَبُو دَاوُد، ثنا شُعْبَة، عَنْ معاوية بْن قُرّة، عَنْ أَبِيهِ، إِنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد حلب وَصَرَّ. 556- معاوية بْن هشام بْن عَبْد الملك1 بْن مروان، أَبُو شاكر الأموي، الدمشقي، وهو والد صقر بني أُمَّية عَبْد الرَّحْمَن بْن معاوية الدّاخل إلى الأندلس، عند غَلَبة بني الْعَبَّاس عَلَى الأمر، وكان مُعَاويَة هذا جوادًا ممدَّحًا، ولي غزْوَ الصّائفة فِي خلافة أَبِيهِ غير مرّة، وكان البطّال عَلَى طلائعه، وقد افتتح عدَّة حُصون، مات سنة تسع عشرة ومائة. 567- مَعْبَد بن خالد الجدلي الكوفي القاص العابد2 -ع- أبو القاسم، رَوى عَنْ جَابِر بْن سَمُرَة، والمستورد بْن شدّاد، وحارثة بْن وهب، وعَنْ مسروق، وعَبْد اللَّه بْن شدّاد بْن الهاد، وطائفة، وعَنْه حَجَّاج بْن أرطأة، ومِسْعَر، وسُفْيان، وشُعْبَة، وثّقوه، ومات سنة ثماني عشرة ومائة. 568- المغيرة بْن حكيم الصنعاني3 من أبناء فارس. روى عَنْ أَبِيهِ، وابن عُمَر، وصفية بنت شيبة، وأم كُلْثُوم بنت وطاوس، وغيرهم. وعَنْه، ابن جُرَيْج، وجرير بْن حازم، وعَبْد العزيز بْن أَبِي رواد، وعقيل بْن خَالِد، وآخرون. وثَّقه ابن مَعِين وغيره. 569- المغيرة بْن سَعِيد البَجَلي الكوفي4، لعنه اللَّه. قَالَ أَبُو مُحَمَّد بْن حَزْمٍ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ: كان يَقُولُ إن معبوده عَلَى صورة رَجُل عَلَى رأسه تاج وإن أعضاءه عَلَى عدد حروف الهجاء. وإنه لما أراد أن يخلق خلق تكلم باسمه أفطار فوقع عَلَى تاجه ثم كتب بإصبعه أعمال العباد من المعاصي

_ 1 نسب قريش "167"، المعرفة والتاريخ "2/ 394". 2 التاريخ الكبير "7/ 399"، الجرح والتعديل "8/ 280". 3 التاريخ الكبير "7/ 317"، الطبقات الكبرى "5/ 367". 4 الجرح والتعديل "8/ 223"، التاريخ لابن معين "2/ 579".

والطاعات، فلما رأى المعاصي ارفضّ عرقًا، فاجتمع مِنْ عَرَقِهِ بحران أحدهما ملح مظلم والثاني عذب، فاطّلع فِي البحر فرأى ظلّه فأخذه فقلع ظلّه فخلق مِنْ عيني ظلّه الشمس والقمر، وخلق الكُفّار مِنَ البحر الملح. وقَالَ أَبُو بَكْر بْن عيّاش: رأيت خَالِد بْن عَبْد اللَّه حين أتى بالمغيرة بْن سَعِيد وأصحابه فقتل منهم رجلا ثم قَالَ للمغيرة أخيه -وكان يريهم أَنَّهُ يحيى الموتى- فقَالَ: والله ما أحيي الموتى: فأمر الأمير خَالِد بطن1 قصبٍ فأضرم نارًا ثُمَّ قَالَ للمغيرة: اعتنقه فتمنّع، فعدا رَجُل مِنْ أصحابه فاعتنقه فأكلته النار، فَقَالَ خَالِد: هذا والله كَانَ أحق بالرياسة منك ثم قتله وقتل أصحابه. قَالَ ابن عَوْن: سَمِعْتُ إبْرَاهِيم النَّخْعي يَقُولُ: إياكم والمغيرة بْن سَعِيد وأبا عَبْد الرَّحْمَن فإنهما كذّابان. ورَوى الفضل بْن مُوسَى السيناني، عمّن أخبره، عَنِ الشَّعْبي أَنَّهُ قَالَ للمغيرة بْن سَعِيد: ما فعل حبّ عليٍّ -رَضِيَ اللَّه عنهم؟ قَالَ فِي العَظْم واللَّحم والعُرُوق، فَقَالَ الشَّعْبي: اجمعه قبل أن يغلي. وقَالَ شبابة: ثنا عَبْد الأعلى بْن أَبِي المساور: سَمِعْتُ المغيرة الكذّاب يَقُولُ: إن اللَّه يأمر بالعدل "عَليّ" والإحسان "فاطمة" وإيتاء ذي القربى "الحَسَن والحُسَين" وينهى عَنِ الفحشاء "أَبِي بَكْر" والمنكر "عُمَر" والبغي "عثمان". ورَوى أَبُو معاوية، عَنِ الأعمش قال: أدركت الناس يسمونهم الكذابين ولا عليكم أن تذكروا ذَلِكَ عني فإني لا آمنهم أن يقولوا وجدنا الأعمش عَلَى امْرَأَة، وقد آتاني المغيرة بْن سَعِيد فوثب وثبة صار فِي قبلة البيت فقلت: ما شانك؟ قَالَ: إن حيطانكم نجسة. فقلت: أكان عليّ يحيى الموتى؟ قَالَ: إي والذي نفسي بيده لو شاء لأحيا عادًا وثمود. قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ علمت؟ قَالَ: إني أتيت رجلا مِنْ أهل البيت فتفل فِي فيّ فما بقي شيء إلا وأنا أعلمه، ثم تنفس الصعداء. فقلت: ما شأنك؟ قَالَ: طوبى لمن رَوى مِنْ ماء الفرات. قُلْتُ: وهل لنا شراب غيره؟ قَالَ: أترى أشرب منه: قُلْتُ: فمن أَيْنَ تشرب؟ قَال: مِنْ بئر لبعض هَؤُلاءِ المرجئة. وعَنْ أَبِي يوسف القاضي قَالَ: لما وقع المغيرة فيما وقع مِنَ الخزي أتيته فقال: يا

_ 1 الطن: حزمة القصب.

أَبَا مُحَمَّد طوبى لمن شرب شربة مِنْ ماء الفرات، قلت: أولست على أفنية الفرات؟ قَالَ: يختلسه عنا أصحاب ابن هبيرة. وقَالَ الجوزجاني: قتل المغيرة بْن سَعِيد عَلَى ادّعاء النُّبُّوة. وقَالَ أَبُو عَوَانَة، عَنِ الأعمش قَالَ: أتاني المغيرة بْن شُعْبَة فذكر عليًّا وذكر الأنبياء ففضّل عليًّا عليهم ثم قَالَ: كَانَ عليّ بالبصرة فأتى أعمى فمسح يده عَلَى عينيه فأبصر ثم قَالَ للأعمى: أتحب أن ترى الكوفة؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فأمر بالكوفة فحملت إِلَيْهِ حتى نظر إليها ثم قَالَ لها: ارجعي، فرجع، فقلت: سبحان اللَّه سبحان اللَّه، فلما رأى إنكاري عَلَيْهِ تركني وقام. وقد ذكره ابن عَدِيّ فِي الضعفاء فقال: لم يكن بالكوفة ألعن مِنَ المغيرة بْن سَعِيد فيما يُرْوَى عَنْه مِنَ التزوير عَلَى عليّ -رَضِيَ اللَّه عنهم- وعلى أهل البيت وهو دائم الكذب عليهم ولا أعرف لَهُ حديثًا مسندًا. 570- الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1، بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام بن المغيرة المخزومي أخو أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن، رَوى عَنْ أَبِيهِ. وعَنْه: ابنه يحيى، وابن إسحاق، ومالك بْن أنس. وكان سيدًا جوادًا سخيًا غازيًا مجاهدًا، ولا أعلم بِهِ بأسًا إن شاء اللَّه، وهو مقلّ، أرسل عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وعن خَالِد بْن الوليد. قَالَ الواقدي: خرج المغيرة إلى الشّام غير مرة غازيًا وكان فِي جيش مسلمة الذين احتبسوا بالروم -يعني بقسطنطينة- حتى أقفلهم عُمَر بْن عَبْد العزيز، وذهبت عينه، وكان ثقة قليل الحديث. وقَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. قُلْتُ: الأخبار فِي جودة وبذله كثيرة. 571- المغيرة بْن فروة الدمشقي2 -د- عَنْ معاوية بْن أَبِي سُفْيان، ومالك بْن هبيرة.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 320"، الجرح والتعديل "8/ 325". 2 التاريخ الكبير "7/ 320"، الجرح والتعديل "8/ 227".

وعَنْه: عَبْد الله بْن العلاء بْن زيد، وسَعِيد بْن عَبْد العزيز. 572- المغيرة بْن النُّعْمان النَّخْعي1 الكوفي -سوى ت- عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وغيره. وعَنْه: مِسْعَر، وسُفْيان، وشُعْبَة، وشَرِيك. وثَّقه أَبُو دَاوُد، تُوُفِّي فِي حدود العشرين ومائة، وهو قليل الرواية. 573- مكحول بْن أَبِي مسلم2 -م4- أبو عبد الله. فقيه الشام وشيخ أهل دمشق. أرسل عَنِ النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ، وعَنْ أَبِي بْن كعب، وعُبَادَةُ بْن الصام، وعَائِشَة، وطائفة. ورَوى عَنْ: أَبِي أُمَامة، وواثلة بْن الأسقع، وأنس بْن مالك وعَبْد الرَّحْمَن بْن غنم، وابن محيريز، ومحمود بْن الربيع، وأَبِي سلام الأسود، وأَبِي إدريس الخَوْلاني، وشرحبيل بْن السمط، وخلق كثير. وعَنْه: أيّوب بْن مُوسَى، وثور بْن يزيد، والعلاء بْن الحارث، وعامر الأحول، وحجاج بن أرطأة، وحفص بْن غيلان، وزيد بْن واقد، وابن زَبْر، والأَوزاعيّ، وسَعِيد بْن عَبْد العزيز، وابن إِسْحَاق، وعلى بْن أَبِي حملة، ومُحَمَّد بن راشد، وحميد الطويل، وخلق كثير. وداره بدمشق فِي طرف سوق الأحد. وكان أَبُوهُ مولى امْرَأَة مِنْ هُذَيْلٍ ويقال هُوَ مِنْ أولاد كسرى واسمه زبر. وقيل: هُوَ زبر بْن شاذل بْن سند بْن شروان بْن كسرى مِنْ سبي كابل. روى سَعِيد بْن عَبْد العزيز، عَن مكحول أَنَّهُ كَانَ يرمي ويقول: أَنَا الغلام الهذلي. وأما عبد الله بن العلاء بْن زَبْر فَقَالَ: سَمِعْتُ مكحولا يَقُولُ: كنت عبدًا لسعيد بْن العاص فوهبني لامرأة مِنْ هذيل فأنعم اللَّه عليّ -يعني بمصر- فما خرجت منها

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 325"، الطبقات الكبرى "6/ 329". 2 التاريخ الكبير "8/ 21"، الطبقات الكبرى "7/ 453".

حتى ظننت أَنَّهُ لَيْسَ بها علم إلا وقد سمعته، ثم قدمت المدينة فما خرجت منها حتى ظننت أَنَّهُ لَيْسَ بها علم إلا وقد سَمِعْتُهُ، ثم لقيت الشَّعْبي فلم أر مثْلَه، رواها الوليد بْن مُسْلِم، عَنْه. وقَالَ يحيى بْن حمزة، عَنْ أَبِي وهب الكلاعي -عَبْد الله بن عبيد، عن مكحول قَالَ: أعتقت بمصر فلم أدع بها علمًا إلا حَوَيْته فيما أرى، ثم أتيت العراق فلم أدع بها علمًا إلا حويت عَلَيْهِ فيما أرى، ثم أتيت المدنية فكذلك ثم أتيت الشّام فغربلتها، كل ذَلِكَ أسأل عَنِ النقل، وذكر الحديث فِي النقل. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ مكحولا يَقُولُ: طفت الأرض كلها فِي طلب العلم. وقَالَ الزُّهري: العلماء ثلاثة فذكر منهم مكحولا. وقَالَ أَبُو حاتم الرازي: ما أعلم بالشام أفقه مِنْ مكحول. وقَالَ ابن زيد: سَمِعْتُ الزُّهْرِيّ يَقُولُ: العلماء أربعة: سَعِيد بالمدينة والشعبي بالكوفة، والحَسَن بالبصرة، ومكحول بالشّام. وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: قَالَ: مكحول: ما سَمِعْتُ شيئًا فاستودعته صدري إلا وجدته حين أريد، ثم قَالَ سَعِيد: كَانَ مكحول أفقه مِنَ الزُّهْرِيّ وكان بريئًا مِنَ القَدَر. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: صحبت مكحولا فِي أسفار كثيرة يحمل فيها ديكًا لا يفارقه. وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: أعطى مكحول مرة عشرة آلاف دينار فكان يعطي الرجل خمسين دينارًا ثمن الفرس. وقَالَ عثمان بْن عطاء الخراساني: كَانَ مكحول يَقُولُ: كل من لا يستطيع أن يَقُولُ "قل" كَانَ أعجميًا. وقَالَ أَحْمَد الْعِجْلِيُّ: مكحول ثقة دمشقي. وقَالَ ابن خراش: صَدُوق يرى القَدَر. وقَالَ يحيى بْن مَعِين: كَانَ قَدَرِيًّا ثم رجع عَنْه.

وقَالَ الأَوزاعيّ: لم يبلغنا أن أحدًا مِنَ التابعين تكلم فِي القدر إلا الحَسَن، ومكحول، فكشفنا عَنْ ذَلِكَ فإذا هُوَ باطل. وقَالَ سعيد بن عيد العزيز: جلس مكحول وعطاء بْن أَبِي رباح يفتيان النَّاسَ يعني فِي الموسم، فكان لمكحول الفضل عَلَيْهِ حتى بلغا جزاء الصيد فكأن عطاء كَانَ أنفذ فِي ذَلِكَ منه، قَالَ سَعِيد: وسئل مكحول عَنِ الرجل يدرك مِنَ الجمعة ركعة فقال: ما أفتيت فيها منذ ثلاثين سنة. قَالَ أَبُو زُرْعة: دلّنا قوله عَلَى أَنَّهُ أفتى فِي أيام عَبْد الملك. قَالَ سَعِيد: وكان إذا سئل يَقُولُ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، هذا رأي والرأي يخطئ ويصيب. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، عَنْ تميم بْن عطية قَالَ: كثيرًا ما كنت أسمع مكحولًا يسأل فيقول: ندانم يعني: لا أدري. وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: لم يكن عندنا أحد أحسن سمتًا فِي العبادة مِنْ مكحول، وربيعة بْن يزيد. ورَوى غير واحد، عَنْ مكحول قَالَ: لأن أقْدَمَ فتُضْربَ عُنُقي أحب إليّ مِنْ أنْ ألي القضاء، ولأن أليَ القضاء أحبّ إليّ مِنْ أن أَلِيَ بيت المال. وقَالَ: إن يكن فِي مخالطة النَّاسَ خير فالعزلة أسلم. وقَالَ ابن جَابِر: أقبل يزيد بْن عَبْد الملك إلى مكحول فِي أصحابه فهممنا بالتوسعة فَقَالَ مكحول: مكانكم، دعوه يجلس حيث أدرك يتعلّم التواضع. وقَالَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز: كانوا يؤخّرون الصَّلاة فِي أيام الوليد بْن عَبْد الملك ويستحلفون النَّاسَ أنهم ما صلّوا، فأتى عَبْد اللَّه بْن أَبِي زكريّا فاستحلف ما صلّى فحلف، وأتى مكحول فاستحلف، فَقَالَ: فلِمَ جئنا إذًا؟ فترك. ورَوى نُعَيم بْن حمّاد قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كتب عمر بْن عَبْد العزيز أن انظروا إلى الأحاديث التي رواها مكحول فِي الدِّيات أحرقوها، قَالَ: فأُحرقت. وقَالَ رجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْد مولى سُلَيْمَان قَالَ: ما سَمِعْتُ رجاء بْن حَيْوَة يلعن أحدًا إلا يزيد بْن المهلّب، ومكحولا.

قُلْتُ: لعنه لكلامه فِي القدر. قَالَ عليّ بْن أَبِي حمله: كُنَّا عَلَى ساقية بأرض الروم والناس يمرُّون وذلك فِي الغَلَس وأَبُو شَيْبة يقصّ فدعا فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارزقنا طيبًا واستعملنا صالحًا. وقَالَ مكحول وهو في القوم: إن اللَّه لا يرزق إلا طيبًا، ورجاء بن حيوة وعدي بْن عَدِيّ ناحية، فَقَالَ أحدهما لصاحبه: أتسمع؟ قَالَ: نعم فقيل لمكحول: إنهما سمعا قولك: فشُق عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه بْن زيد: أَنَا أكفيك رحمًا قَالَ: فأتاه فأجرى ذكر مكحول وقَالَ: دعه أليس هُوَ صاحب الكلمة؟ قَالَ: فما تَقُولُ فِي رَجُل قتل يهوديًّا فأخذ منه ألف دينار فكان ينفق منها أرزقٌ رزقه اللَّه؟! قَالَ: كلٌ مِنْ عند اللَّه. قَالَ ابن أَبِي حملة: أَنَا شهدتهما حين تكلما. وقَالَ عاصم بْن رجاء بْن حَيْوَة: جاء مكحول إلى أَبِي فَقَالَ: يا أَبَا المقدام إنهم يريدون دمي! قَالَ: قد حذَّرتك القرشيين ومُجالستَهم ولكن أدنَوْك وقرّبوك فحدّثتهم بأحاديث فلما أفشوها عنك كرهتها. وقَالَ رجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ: قَالَ مكحول: ما زلت مستقلا بمريعاتي حتى أعانهم عليّ رجاء، وذلك أَنَّهُ رَجُل أهل الشّام فِي أنفسهم. ورَوى إبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن نُعَيم، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سألني مكحول خَلاء فأخليته فتشهّد ثم ذكر أَنَّهُ رفع إلى الضَّحَّاك بْن عَبْد الرَّحْمَن أَنَّهُ رأس القدرية فأمر الضَّحَّاك الحاجب أن لا يدخله كما يدخلني فِي الخاصة، فتّبرأ مكحول مِنْ ذَلِكَ وسأل أَبِي أن يعلم الضَّحَّاك ذَلِكَ ففعل حتى رددته إلى منزلته. وقَالَ أَبُو مسهر: كَانَ سَعِيد بْن عَبْد العزيز يبرّئ مكحولا ويرفعه عَنِ القدر. قَالَ أبو مسهر وطائفة: توفي مكحول سنة ثلاثة عشرة. وقَالَ أَبُو نُعَيم، ودُحَيم: سنة اثنتي عشرة ومائة. ويقال: سنة ثماني عشرة، وهو وَهْم. 574- مكحول أَبُو عَبْد اللَّه الأَزْدِيّ1 الْبَصْرِيّ -ب خ- عن ابن عمر، وأنس

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 22"، الجرح والتعديل "8/ 407".

ابن مالك. وعنه: عمارة بن زاذان، وهارون بْن مُوسَى، والربيع بْن صبيح. قَالَ أَبُو حاتم الرّازيّ: لا بأس بِهِ، ما أقرب أحاديثه عَنِ ابن عُمَر، وهو بَصْرِيّ. وقَالَ عباس: عن ابن مَعِين: ثقة. 575- المنهال بْن عَمْرو الأسدي1 -خ4- مولاهم الكوفي. عَنْ: أنس بْن مالك، وعَبْد الرَّحْمَن وزِرّ بْن حبيش، وأَبِي عُمَر زاذان، وسَعِيد بْن جُبَيْر. وعَنْه: حَجَّاج بْن أرطأة، وزيدُ بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وشُعْبَة، والمسعودي، وسوار بْن مُصْعَب، وآخرون. ثم إن شُعْبَة ترك الرواية عَنْه لكونه سَمِعَ مِنْ داره آله الطرب. ووثقه ابن مَعِين وغيره. وقَالَ الدارَقُطْنيُّ: صَدُوق. وقَالَ أَبُو مُحَمَّد بْن حزم: لَيْسَ بالقوي. قُلْتُ: تفرّد بحديث منكر ونكير عَنْ زاذان عَنِ البَرَاء، وقد قرأ القرآن عَلَى سَعِيد بْن جُبَيْر، قرأ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى القاضي. وقَالَ الأَعْمَشُ عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ إِلَى السَّمَاءِ الدنيا ليلة القدر جملة فَدُفِعَ إِلَى جِبْرِيلَ فَكَانَ يُنَزِّلُهُ. 576- مُوسَى بْن أنس بْن مالك2 -ع- عَنْ أَبِيهِ. وعَنْه: ابن عَوْن، وعُبَيْد اللَّه بْن مُحْرِز، وشُعْبَة، وغيرهم. وولي قضاء البصرة، وكان مِنْ ثقات البصريين. 577- مُوسَى بْن أَبِي تميم3، عَنْ سَعِيد بن يسار.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 12"، الجرح والتعديل "8/ 356". 2 الطبقات الكبرى "7/ 192"، الجرح والتعديل "8/ 133". 3 تهذيب التهذيب "10/ 338"، الخلاصة "30".

وعَنْه مالك وسُلَيْمَان بْن بلال. 578- مُوسَى بْن أَبِي عثمان التُّبّان1 -د ن ق. عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي يحيى الْمَكِّيّ، وسَعِيد بْن جُبَيْر، وجماعة. وعنه: أَبُو الزناد، وشُعْبَة، وسُفْيان. وثَّقه ابن حِبّان. 579- موسى بن وردان2 -د ت ق- القرشي العامري المصري القاص أبو عمر مولى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ. رَوى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وكعب بْن عجرة، وأَبِي سَعِيد، وجابر، وأنس بْن مالك، وسَعِيد بْن المسيّب، وأرسل عَنْ أَبِي الدِّرْداء، وجماعة. وعَنْه: الحَسَن بْن ثَوْبَان، ومُحَمَّد بْن أبي حميد، وعياش بن عباس القتباني، واللَّيْث بْن سعد وابن لَهِيعَة، وضمام بْن إسماعيل، وآخرون. وكان صاحب مال وتجارة، ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ به بأس. وقال أبو دواد: ثقة. قال ابن يونس: توفي سنة سبع عشرة ومائة. 580- موسى بن يسار المدني3 -م د ن ق- مولى قيس بْن مَخْرَمَة. سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ. وعَنْه: ابن أخيه مُحَمَّد بن إسحاق، ودواد بْن قيس، وعَبْد الرَّحْمَن بْن الغسيل. وثَّقه ابن مَعِين. 581- ميمون بْن سُياه أَبُو بحر الْبَصْرِيّ4 -خ ن:

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 290"، تهذيب التهذيب "10/ 360". 2 التاريخ الكبير "7/ 297"، الجرح والتعديل "8/ 165". 3 تاريخ أبي زرعة "1/ 384"، الجرح والتعديل "8/ 167". 4 التاريخ الكبير "7/ 339"، الجرح والتعديل "8/ 233".

وكان أسنّ مِنَ الحَسَن الْبَصْرِيّ، قاله كهمس. رَوى عَنْ: جُنْدُب البجلي، وأنس بْن مالك، وشهر بْن حوشب، وغيرهم. وعَنْه: حُمَيْد الطويل، وسلام بْن مسكين، ومنصور بْن سعد، وصالح المرّي، وحزم القُطَعي. وكان يقال لَهُ سيد القراء لعبادته وفضله رحمه اللَّه. وثَّقه أَبُو حاتم. وقال أَبُو داود: ليس بذاك. وصعفة ابن مَعِين. وحديثه بعُلُوٌّ فِي جزء الحفار. 582- ميمون بن مهران الجزري1 -م4. الفقيه أبو أيوب عالم الجزيرة وسيّدها، أعتقته امْرَأَة مِنْ بني نصر بْن معاوية بالكوفة فنشأ بها ثم سكن الرقة. ورَوى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وعَائِشَة، وابن عباس، وابن عمر، وأم الدِّرْداء، وطائفة، وأرسل عَنْ عُمَر، والزُّبَيْر بن العوام. وعنه: ابنه عمر، وأبو بشر جعفر بن إياس، وحجاج بن أرطأة، وخصيف، وسالم بن أبي المهاجر، والأوزاعي، وجعفر بن برقان، ومعقل بن عبد الله، وأبو المليح الحسن بن عمر الرقيان، وخلق كثير. قال أحمد بن حنبل: هو أوثق من عكرمة وقيل مولده عام توفي علي -رضي الله عنهم. وقد وثقه النسائي وغيره. وروى سعيد بن عبد العزيز، عَنْ سُلَيْمَان بْن مُوسَى قَالَ: هَؤُلاءِ الأربعة علماء النَّاسَ فِي زمن هشام بن عبد الملك: مكحول، والحسن، والزهري، وميمون بْن مهران. ورَوى إِسْمَاعِيل بْن عُبَيْد اللَّه، عَنْ ميمون بْن مهران قَالَ: كنت أفضِّل عليَا عَلَى عثمان، فَقَالَ لي عُمَر بْن عَبْد العزيز: أيهما أحب إليك، رَجُل أسرع في الدماء، أو

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 338"، الطبقات الكبرى "4/ 165"، "5/ 371، 380".

رَجُل أسرع فِي المال؟ فرجعت وقلت: لا أعود، وقَالَ: كنت عند عُمَر بْن عَبْد العزيز فلما قمت قَالَ: إذا ذهب هذا وضرباؤه وصار النَّاسَ بعده رجراجة1. قَالَ أَبُو المليح الرَّقّي: ما رأيت رجلا أفضل مِنْ ميمون بْن مهران. وقَالَ عَمْرو بْن ميمون بْن مهران: قَالَ أَبِي: وددت أن أصبعي قُطعت من ههنا وأني لم ألِ لعُمَر بْن عَبْد العزيز ولا لغيره. قُلْتُ: كَانَ قد ولي لَهُ خراج الجزيرة وقضاءها. وروي أن ميمون بْن مهران صلّى فِي سبعة عشر يومًا سبعة عشر ألف ركعة، فلما كَانَ فِي اليوم الثامن عشر انقطع فِي جوفه شيءٍ فمات، وعَنْ ميمون بْن مهران قَالَ: لا يكون الرجل تقيًا حتى يكون أشد محاسبة لنفسه مِنَ الشريك لشريكه، وحتى يعلم مِنْ أَيْنَ ملبسه ومشربه. وقَالَ أَبُو المليح الرَّقّي: جاء رَجُل يخطب بنت ميمون بْن مهران، فَقَالَ: لا أرضاها لك لأنها تحب الحليّ وَالْحُلَلَ! قَالَ: فعندي هذا. قَالَ: الآن لا أرضاك لها. وقَالَ مَعْمَر بْن سُلَيْمَان، عَنْ فرات بْن السائب، عَنْ ميمون بْن مهران قَالَ: ثلاث لا تبلونّ نفسك بهن: لا تدخل عَلَى السلطان وإن قُلْتُ: آمرُهُ بطاعة اللَّه، ولا تُصغينَّ سمعك الَّذِي هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه. ولا تدخل عَلَى امرأة وإن قُلْتَ: أُعلّمها كتاب اللَّه. وقَالَ أَبُو المليح، عَنْ حبيب بْن أَبِي مرزوق قَالَ: قَالَ ميمون: وددت أن عيني ذهبت وبقيت الأخرى أتمتع بها وأني بها وأني أعمل عملا قط، وقَالَ أَبُو المليح عَنْ ميمون قَالَ: لا تضرب المملوك فِي كل ذنب ولكن احفظ لَهُ، فإذا عصى اللَّه فعاقبه عَلَى المعصية وذكَّره الذنوب التي بينك وبينه. وقَالَ أَبُو الحَسَن الميموني: قَالَ لي أَحْمَد بْن حنبل: إني لأُشَبِّه ورع جدِّك بورع ابن سيرين. وقَالَ أَبُو المليح: قَالَ ميمون: إذا أتى أحد باب السلطان فاحتجب عنه فليأت بيت الرحمن فإنه مفتوح فليصل ركعتين وليسأل حاجته.

_ 1 الرجرجة من الناس: من لا عقل له ومن لا خير فيه.

توفي ميمون سنة سبع عشرة ومائة عَلَى الصحيح. "حرف النون": 583- نافع مولى ابن عمر1 -ع- أَبُو عَبْد اللَّه. أحد الأئمة الكبار بالمدينة، بربري الأصل وقيل نيسابوري وقيل كابلي وقيل ديلمي وقيل طالقاني. رَوى عَنْ: مولاه، وعَائِشَة، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وأم سَلَمَةَ، ورافع بْن خُدَيْج، وأَبِي لبابة بْن عَبْد المنذر، وصفية بنت أبي عبيد، وطائفة. وعنه: أيوب، والزهري، وبكير بْن الأشجّ، وابن عَوْن، وعُبَيْد اللَّه بْن عمر، وابن جريج، وعقيل، والأوزاعي، ويزيد ابن الهاد. ويونس بْن يزيد، ويونس بْن عُبَيْد، وأسامة بْن زيد اللَّيْثي، والعمري، وإِسْمَاعِيل بْن أُمَّية، وأيوب بْن مُوسَى، وجرير بْن حازم، وجويرية بن أسماء، وحجاج بن أرطأة، وحميد بن زياد، ورقبة بن مصقلة، والضحاك بْن عثمان، وزيد، وعاصم، وعُمَر أَبُو مُحَمَّد بْن زيد، ومالك بْن مِغْوَلٍ، ومالك بْن أنس، وفُلَيْح بْن سُلَيْمَان، واللَّيْث، ونافع بْن أَبِي نُعَيم، وخلق كثير. وقَالَ الْبُخَارِيّ: أَصَحُّ الأَسَانِيدِ: مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عُمَر. وقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر: بعث عُمَر بْن عَبْد العزيز نافعًا إلى أهل مصر يعلّمهم السُّنَن. وقَالَ الأصمعي: ثنا العمري، عَنْ نافع قَالَ: دخلت مَعَ مولاي عَلَى عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر فأعطاه فيّ اثني عشر ألفًا، فأبى وأعتقني أعتقه اللَّه. وقَالَ زيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ نافع: سافرت مَعَ ابن عُمَر بضعًا وثلاثين حجَّة وعُمرة. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: إذا اختلف نافع وسالم ما أقدم عليهما. وقَالَ ابن وهب: قَالَ مالك: كنت آتي نافعًا وأنا حديث السنّ ومعي غلام لي

_ 1 التاريخ لابن معين "2/ 602"، التاريخ الكبير "8/ 84-85".

فيقعد ويحدّثني، وكان صغير النفس، وكان فِي حياة سالم لا يفتي شيئًا. ورَوى مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، عَنْ مالك قَالَ: كَانَ فِي نافع حِدَّة، ثم حكى أَنَّهُ كَانَ يلاطفه ويداريه، وقيل: كَانَ فِي نافع لكْنَه. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن أُمَّية: كُنَّا نرد عَلَى نافع اللحن فيأبى. ورَوى الواقدي، عَنْ جماعة قالوا: كَانَ كتاب نافع الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ ابن عمر صحيفة، فكنا نقرؤها. وقَالَ عَبْد العزيز بْن أَبِي دَاوُد: احتضر نافع فبكى، فقيل: ما يبكيك؟ قَالَ: ذكرت سعد بْن مُعَاذ وضَغْطَةَ القبر. قَالَ النّسائي: نافع ثقة، أثبت أصحابه مالك، عن أيّوب، ثم عُبَيْد اللَّه ثم يحيى بْن سَعِيد، ثم ابن عَوْن، ثم صالح بْن كيسان، ثم موسى بن عقبة، ثم ابن جُرَيْج، ثم كثير بْن فرقد، ثم الليث. واختلف سالم، ونافع، على ابن عُمَر فِي ثلاثة أحاديث. وسالم أجلّ منه، لكن أحاديث نافع الثلاثة أولى بالصواب. وقَالَ يونس بْن يزيد: قَالَ نافع: مَنْ يعذرني مِنْ بربريكم يأتيني فأحدّثه عَنِ ابن عُمَر. ثم يذهب إلى سالم فيقول: هَلْ سَمِعْتُ هذا مِنْ أبيك؟ فيقول: نعم. فيحدّث عَنْ سالم ويدعني. والسياق مِنْ عندي. ابن وهب، عَنْ مالك قَالَ: كنت آتي نافعًا وأنا غلام حديث السنّ معي غلام فينزل ويحدّثني، وكان يجلس بعد الصبح فِي المسجد لا يكاد يأتيه أحد، فإذا طلعت الشمس خرج، وكان يلبس كساء وربما يضعه عَلَى فمه لا يكلّم أحدًا، وكنت أراه بعد صلاة الصبح يلتفّ بكساء لَهُ أسود. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أويس، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نختلف إلى نافع، وكان سيّئ الخلق فقلت: ما أصنع بهذا العبد؟ فتركته ولزمه غيري فانتفع بِهِ. قَالَ حمّاد بْن زيد، وابن سعد، وعدّة: تُوُفِّي نافع سنة سبع عشرة ومائة. وأعلى ما يقع حديثه اليوم فِي جزء أَبِي الْجَهْمُ وجزء بهي. وقَالَ ابن عُيَيْنَة وأحمد: مات سنة تسع عشرة.

قَالَ الْهَيْثَمُ وأَبُو عُمَر الضرير: سنة عشرين ومائة. 584- نُصَيْب بْن رَبَاح الأسود1، أَبُو مِحْجَن مولى عَبْد العزيز بْن مروان. شاعر مشهور مدح عَبْد الملك بْن مروان وأولاده. وكان مِنْ فحول الشعراء. يُعدّ مَعَ جرير وكُثير عَزَّة. تنسّك فِي أواخر عمره. وقد قَالَ لَهُ عُمَر: أنت الَّذِي تَقُولُ فِي النساء؟ قَالَ: قد تركت ذَلِكَ، وأثنى عَلَيْهِ الحاضرون، فكتب بناته فِي الديوان. ومن شعره: بزينبَ أَلْمِمْ قبل أن يرحلَ الرَّكْبُ ... وَقُلْ: إنْ تملّينا فما ملك القلب وقل في تجنّيها لك الذنب إنما ... عتابك أن عَاتبتِ فيما لَهُ عُتْبُ خليليَّ مِنْ كعبٍ أَلَمَّا هُدِيتُما ... بزيْنَبَ لا تَفْقُدكُما أبدًا كَعْبُ وقولا لَهَا: ما فِي البعاد لِذِي الْهَوَى ... بعاد وما فيه لصدع الهوى شعب مساكين أهل العشق ما كنت أشتري ... حياة جميع العاشقين بدِرْهمِ وذلك أن النَّاسَ فازوا من الهوى ... بسهمٍ وفي كفّايَ تِسعةَ أَسْهُمِ وَعَنِ الضَّحَّاك بْن عثمان الحزامي قَالَ: نزلت خيمة بالأبواء عَلَى امْرَأَة اعجبني حسنها فتمثّلت بقول نُصَيْب: فقالت المرأة لي: تعرف زينب صاحبة نصيب؟ قُلْتُ: لا! قالت: أَنَا هِيَ واليوم وعدني أن يأتيني. فلم أرم حتى جاء نصيب فنزل وسلّم ثم ناجاها ثم أنشدها شعرًا. وأخبار نصيب مستوفاة فِي تاريخ ابن عساكر. 585- النُّعْمان بْن سالم الطائفي2 -م4. عَنْ: ابن عُمَر، وعَمْرو بْن أوس الثقفي. وعَنْه: دَاوُد بْن أَبِي هند، وحاتم بْن أبي صغيرة، وشعبة. وثّقه النّسائي.

_ 1 الشعر والشعراء "410-421"، الأغاني "1/ 324". 2 الجرح والتعديل "8/ 445"، تهذيب التهذيب "10/ 453".

586- نُعَيم بْن عَبْد اللَّه المجْمِر1، مولى آل عمر -رضي الله عنهم. كَانَ يبخّر مسجد النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ. جالس أَبَا هُرَيْرَةَ مدة، وسَمِعَ أيضًا مِنَ ابن عُمَر، وجابر، وطائفة. وعَنْه: سَعِيد بْن أَبِي هلال، والعلاء بْن عَبْد الرَّحْمَن، ومالك بْن أنس، وفُلَيْح ابن سُلَيْمَان، وهشام بْن سعد، ومُسْلِم بْن خَالِد الزنجي، وآخرون. وثقة أَبُو حاتم وغيره. وبقي إلى حدود العشرين ومائة. قَالَ سَعِيد بْن أَبِي مريم، عَنْ مالك: سَمِعَ نعيمًا المجمر يَقُولُ: جالست أَبَا هُرَيْرَةَ عشرين سنة. "حرف الهاء": 587- هشام بْن أَبِي رقية اللخمي الْمَصْريّ2. عُمِّر دهرًا طويلًا. وروى عن: عمر بْنِ الْعَاصِ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَمُسْلِمَةَ بْنِ مخلد. وعنه: يزيد بن أبي حبيب، وخالد بن أبي عمران، ويزيد بن أبي مريم، وغيرهم. قال ابن يونس: توفي سنة خمس عشرة ومائة. 588- هشام بن زيد بن أنس بن مالك3 -ع- عَنْ جدّه. وعَنْه: ابن عوف، وشعبة، وحمّاد بن سملة. قَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. 589- هلال بْن عَبْد اللَّه4، أَبُو طعمة مولى عُمَر بْن عَبْد العزيز. رَوى عَنْ مولاه، وَعَنِ ابن عُمَر. وعَنْه: عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز ويزيد بْن يزيد بْن جَابِر وابن لهيعة. وهو قليل الحديث.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 96"، الجرح والتعديل "8/ 460". 2 التاريخ الكبير "8/ 192"، الجرح والتعديل "9/ 57". 3 التاريخ الكبير "8/ 194"، الجرح والتعديل "9/ 58". 4 الجرح والتعديل "9/ 77".

"حرف الواو": 590- واصل بْن حيّان الأسدي الكوفي الأحدب1 -ع- بيّاع السابَري. رَوى عَنْ: زر، وأَبِي وائل، والمعرور بْن سُوَيْد، وإِبْرَاهِيم. وعنه: شعبة، وسفيان، ومهدي بن ميمون، وقيس بن الربيع، وآخرون. وثقه ابن معين. قال أبو نعيم: مات سنة عشرين ومائة. 591- واقد بن عمرو2 -م د ت ق- بن سعد بْن مُعَاذ بْن النُّعْمان الأشهلي أَبُو عبد الله المدني. رَوى عن: جَابِر بْن عَبْد اللَّه، وأنس، ونافع بْن جُبَيْر. وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن عمرو بن علقمة وآخرون. وثقه ابن سعد. توفي سنة عشرين ومائة. 592- وبرة بن عبد الرحمن المسلي الكوفي3 -خ م د ت. عَنْ: ابن عُمَر، وابن عَبَّاس، وهمام بْن الحارث، وطائفة. وعَنْه: بيان بْن بشر، وإِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، ومجالد، ومِسْعَر. وثَّقه أَبُو زُرْعة. 593- الوليد بْن رفاعة الفهمي4، الأمير. ولي إقليم مصر لهشام. وحدثّ. رَوى عَنْه اللَّيْث بْن سعد. تُوُفِّي سنة ثماني عشرة ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 171"، الطبقات الكبرى "6/ 386". 2 التاريخ الكبير "8/ 174"، الجرح والتعديل "9/ 32". 3 التاريخ الكبير "8/ 182"، الجرح والتعديل "9/ 42". 4 التاريخ الكبير "8/ 143"، الجرح والتعديل "9/ 4".

594- الوليد بْن سَريع1 -م ن. عَنْ: مولاه عَمْرو بْن حريث المخزومي، وابن أَبِي أوفي. وعَنْه: أَبُو حنيفة، ومِسْعَر، والمسعودي، وخلف بْن خليفة. وكان صدوقًا. 595- الوليد بْن عَبْد الرَّحْمَن الْجُرَشي الحمصي2. عَنْ: ابن عُمَر، وأَبِي أُمَامة الباهلي، وجُبَيْر بْن نفير. وعَنْه دَاوُد بْن أَبِي هند، وإبْرَاهِيم بْن أَبِي عبلة، وعَبْد اللَّه بْن العلاء بْن زبر. وثَّقه أَبُو حاتم. 596- الوليد بْن العَيْزار بْن حريث الكوفي3 -خ م ت ن. عَنْ: أَبِي عَمْرو السيباني، وأبيه العيزار، وعِكْرِمة، ورأى أنسًا. وعَنْه: شُعْبَة، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وإسرائيل، وآخرون. وثَّقه أَبُو حاتم. 597- الوليد بْن مُسْلِم أَبُو بِشْر العنبري الْبَصْرِيّ4 -م د ن. عَنْ: جُنْدُب بْن عَبْد اللَّه، وعَنْ حمران بْن أبان، وأَبِي الصِّدِّيق الناجي. وعَنْه: خَالِد الحذّاء، ومنصور بْن زاذان، وسَعِيد بْن أَبِي عروبة، وجماعة. وثَّقه أَبُو حاتم الرازي وغيره. 598- الوليد بْن قيس أَبُو همام السَّكوني5 -ن. عَنْ: عَمْرو بْن ميمون الأودي، وسويد بْن غفلة، والقاسم بْن حسان. وعَنْه: الثَّورِي، وزهير بْن معاوية، ومحمد بن طلحة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 144"، الجرح والتعديل "9/ 6". 2 التاريخ لابن معين "2/ 633"، التاريخ الكبير "8/ 147". 3 التاريخ الكبير "8/ 174"، الجرح والتعديل "9/ 10". 4 التاريخ الكبير "8/ 152"، الجرح والتعديل "9/ 16". 5 التاريخ الكبير "8/ 51"، الجرح والتعديل "9/ 13".

وثّقه ابن مَعِين. ولم يدركه ولده أَبُو بدر شجاع. 599- وهب بن منبّه1 -خ د ت ن- بن كامل بن سيج بن الأسوار الأبناوي أبو عبد الله الصنعاني العالم الحبر. عَنْ: ابن عَبَّاس، وعَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وأَبِي هُرَيْرَةَ، وجابر، وأَبِي سَعِيد، وأخيه همّام بْن منّبه. وعاش همّام بعده. وعَنْه: ابن أخيه عَبْد الصمد بْن مُغَفَّلٍ، وإسرائيل بْن مُوسَى، وسماك بْن الفضل، وعَمْرو بْن دينار، وعَوْف الأعرابي، وصالح بْن عُبَيْد، وخلق سواهم. وثَّقه أَبُو زُرْعة، والعجلي، والنّسائي. وكان صدوقًا عالمًا قد قرأ في كتب الأولين وعرف قصص الأنبياء عليهم السلام وكان يُشبَّه بكعب الأحبار فِي زمانه وكلاهما تابعيّ لكن مات قبله بنحوٍ مِنْ ثمانين سنة. فمولد وهب قريب مِنْ وفاة كعب، وفي الصحيحين حديث عمرو بن دينار، عَنْ وهب بْن منبّه، عَنْ أخيه همام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ العِجْلي: وهب تابعي ثقة كَانَ عَلَى قضاء صنعاء. وقَالَ غيره: كان أبوه منبه من أهل هراة فأرسل إلى اليمن زمن كسرى فأسالم فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحسُن إسلامه. وعَنْ وهب قَالَ: كانوا يقولون عَبْد اللَّه بْن سلام أعلم أهل زمانه وكان كعب أعلم أهل زمانه أفرأيت مِنْ جمعهما، يعني نفسه. وقَالَ مثَّنى بْن الصباح: لبث وهب أربعين سنة لم يسبّ شيئًا فيه روح، ولبث عشرين سنة لم يجعل بين العشاء والصبح وضوءًا. ثم قَالَ وهب: قرأت ثلاثين كتابًا نزلت عَلَى ثلاثين نبيًا. وقَالَ عَبْد الصمد بْن مُغَفَّلٍ: صحبت عمّي وَهَبًا أشهُرًا يصلّي العداةَ بوضوء العشاء. وقيل: لبث أربعين سنة لم يرقد على فراش.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 395"، التاريخ الكبير "8/ 164".

روى عَبْد المنعم بْن إدريس، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ وهب يحفظ كلامه فإن سلم يومه أفطر وإلا طوى. ورَوى عَبْد الصمد، عَنِ الْجَعْد بْن درهم قَالَ: ما كلَّمت عالمًا قط إلا حلّ حَبْوَتَه أو غضبٍ إلا وهب بْن منبّه. مَعْمَر، عَنْ سماك بْن الفضل قَالَ: كنّا عند عُرْوَة أمير اليمن إلى جنبه وهب فِي قوم، فشكوا عاملهم وذكروا منه شيئًا قبيحًا، فتناول وهُب عصا فضرب بها رأس العامل حتى سال دمه، فضحك عُرْوَة بْن مُحَمَّد وقَالَ: يعيب علينا أَبُو عَبْد اللَّه الغضب وهو يغضب فَقَالَ: ما لي لا أغضب وقد غضب الَّذِي خلق الأحلام فَقَالَ: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55] . ويرى أنهم قالوا لوهب: إنك تحدّثنا بالرؤيا فتقع حقًّا. فَقَالَ: هيهات ذهب ذَلِكَ عنّي مذ وليت القضاء. ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثنا حَسَّانُ بْنُ إبراهيم، ثنا يحيى بن ريان، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ مَوْلَى لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلانِ أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ وَهْبٌ يَهَبُ اللَّهُ لَهُ الْحِكْمَةَ، وَالآخَرُ يُقَالُ لَهُ غَيْلَانُ، هُوَ أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ إِبْلِيسَ"1. قَالَ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ رَيَّانٍ، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ فَقَالَ: لا أَعْرِفُهُمَا. وَقَدْ رَوَى مِثْلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ سَالِمِ، عن الأحوص بن حكيم، عن خالد بن مَعْدَانَ، عَنْ عُبَادَةَ، لَكِنَّ مَرْوَانَ واهٍ. قَالَ العِجْلي: وكان وهب ثقة عَلَى قضاء صنعاء. وقَالَ أَحْمَد بْن حنبل: كَانَ يُتَّهم بشيء مِنَ القَدَر، ورجع. وقَالَ عَمْرو بْن دينار: دخلت عَلَى وهب بصنعاء، فأطعمني مِنْ جوزة في داره

_ 1 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 47"، وقال: هذا حديث موضوع. قال أبو حاتم البستي: لا أصل لهذا الحديث، والأحوص كان يروي المناكير عن المشاهير فبطل الاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل: مروان ليس بثقة، وقال الكسائي، والدارقطني: متروك.

فقلت له: وددت أنك لم تكن كتبت فِي القدر كتابًا، فَقَالَ: وأنا والله وَدِدْتُ ذَلِكَ. وقَالَ حمّاد بْن سَلَمَةُ: ثنا أَبُو سنان، سَمِعْتُ وهب بْن منِّبه يَقُولُ: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعًا وسبعين كتابًا مِنْ كتب الأنبياء مِنْ جعل شيئًا مِنَ المشيئة إلى نفسه فقد كفر، فتركت قولي. وقَالَ عَبْد الرزاق: سَمِعْتُ أَبِي همّامًا يَقُولُ: حجّ عامّة الفقهاء سنة مائة فحجّ وهب، فلما صلّوا العشاء أتاه نفر فيهم عطاء والحَسَن وهم يريدون أن يكلّموه فِي القدر قال: فأخذ في باب الحمد فما زال حتى طلع الفجر فافترقوا ولم يسألوه. وعَنْ وهب قَالَ: لا بُدَّ لك مِنَ النَّاسَ فكن فيهم أصمَّ سميعًا أعمى بصيرًا أخْرَسَ نَطُوقًا. ورَوى أَبُو سلام -رَجُل لا أعرفه- عَنْ وهب قَالَ: العِلْم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والعمل قيمته، والصبر أمير جنوده، والرفق أَبُوهُ، واللّين أخوه. وعَنْ وهب قَالَ: احتمال الذُّلّ خير مِنَ انتصارٍ يزيد صاحبَهُ قماءة. وقد حُبس وهب وامتحن. قال حبان بن وزهير العدوي: حَدَّثَني أَبُو الصيد صالح بْن طريف قال: لما قدم يوسف بن عمر العراق بكيت وقلت: هذا الَّذِي ضرب وهب بْن منّبه حتى قتله. وقَالَ عَبْد الصمد بْن معقِل: مات وهب فِي المحرَّم سنة أربع عشرة ومائة. وقَالَ الواقدي: سنة عشر ومائة. "حرف الياء": 600- يحيى بن عبد الله1 -ع- بن محمد بن صيفي المخزومي المكي. عَنْ: أَبِي معبد مولى ابن عَبَّاس، وسَعِيد بْن جُبَيْر، وغيرهما. وعَنْه: ابن أَبِي نجيح، وزكريّا بْن إسحاق، والسائب بْن عُمَر، وابن جريج المكيون. وثقه ابن معين وغيره.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 184"، الجرح والتعديل "9/ 162".

601- يحيى بْن الحصين الأحمسي1 -م د ن ق- صَدُوق. رَوى عَنْ: جدّته أم الحصين، ولها صُحْبه. وعَنْه: يزيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وشُعْبَة. وثَّقه ابْن مَعِين. 602- يحيى بْن عبّاد أَبُو هُبَيرة الأنصَارِيّ الكوفي2 -م4. عَنْ: أنس، وأرسل عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وخبّاب بْن الأرتّ. وعنه: سليمان التيمي، وأشعث بن سوار، ومسعر. وكان فاضلا عابدا صدوقا. 603- يحيى بن عروة بن الزبير3 -خ م د. عَنْ أَبِيهِ. وعَنْه: أخوه هشام، وابنه مُحَمَّد، والزُّهْرِيّ، وابن إسحاق، وغيرهم. وثَّقه النّسائي، وقَالَ: كَانَ أعلم مِنْ أخيه هشام. 604- يحيى بْن عُقَيْل الخزاعي4 -م د ن ق- بَصْرِيّ نزل مرو. عَنْ: عمران بْن حُصَيْن، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي أوفى، وأنس، ويحيى بْن يعمر. وعَنْه: واصل مولى أَبِي عُيَيْنَة، وسُلَيْمَان التَّيْمي، وعزرة بْن ثابت، والحُسَين بْن واقد، وآخرون. وهو ثقة. 605- يحيى بْن عُمَر البَهْراني الكوفي5 -م د ن ق- عَنِ ابن عَبَّاس. وعَنْه أَبُو إسحاق، وزيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وشُعْبَة. قَالَ أبو حاتم: صدوق.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 266"، الجرح والتعديل "9/ 135". 2 التاريخ الكبير "8/ 291"، الجرح والتعديل "9/ 172". 3 التاريخ الكبير "8/ 296"، الجرح والتعديل "9/ 175". 4 التاريخ الكبير "8/ 292"، الجرح والتعديل "9/ 176". 5 لم أجده في كتاب الجرح والتعديل.

606- يحيى بْن ميمون الحضْرَمِيّ1 -د ن- قاضي مصر. عَنْ سهل بْن سعد الساعدي، وربيعة الجرشي، وأَبِي سالم الجيشاني. وعَنْه: عَمْرو بْن الحارث، وعياش بن عقبة، وابن لَهِيعَة. قَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. 607- يزيد بن خمير الرحبي الهمداني2 -م ع- أبو عمر. عَنْ: أَبِي أُمَامة، وعَبْد اللَّه بْن بسر، وخَالِد بْن معدان. وعَنْه: صَفْوان بْن عَمْرو، وشُعْبَة وأَبُو عَوَانَة، وجماعة. وثَّقه شُعْبَة. 608- أما يزيد بْن خمير اليزني3 فحمصي مِنْ قدماء التابعين. 609- يزيد بْن أَبِي سُلَيْمَان الكوفي4. عَنْ أَبِي وائل، وزِر بْن حبيش. وعَنْه: العلاء بْن المسيّب، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وحبيب بْن خَالِد، وجابر بْن يزيد العِجْلي -لا الجعفي، وغيرهم. 610- يزيد بْن شُرَيْح الحضْرَمِيّ الحمصي5. عن: عائشة، وثوبان، وكعب مرسلًا، وسمع أباحى المؤذّن. وعَنْه: الزُّبَيْدِيُّ، وثور بْن يزيد. قَالَ الدارَقُطْنيُّ: يُعتبر بِهِ. 611- يزيد بن رومان6 -ع- أبو روح المدني المقرئ مولى آل الزبير.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 303"، الجرح والتعديل "9/ 188". 2 التاريخ الكبير "8/ 329"، الجرح والتعديل "9/ 258". 3 التاريخ الكبير "8/ 329"، الجرح والتعديل "9/ 258". 4 الجرح والتعديل "9/ 269"، الخلاصة "432". 5 التاريخ الكبير "8/ 341"، الجرح والتعديل "9/ 271". 6 التاريخ الكبير "8/ 331"، الجرح والتعديل "9/ 260".

رَوى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ -وما أحسبه لقيه- وَعَنِ ابن الزُّبَيْر، وعُرْوَة وصالح ابن خوّات، وغيرهم، وقرأ القرآن عَلَى عَبْد اللَّه بْن عيّاش المخزومي باتفاق، وقيل إنّه قرأ عَلَى زيد بْن ثابت ولا يصح ذَلِكَ. وهُوَ أحد شيخ نافع الخمسة الذين أسند عَنْهُمُ القراءة. رَوى عَنْه: أَبُو حازم الأعرج، وابن إسحاق، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وجرير بْن حازم، ومالك، وآخرون. قَالَ ابن سعد: كَانَ ثقة عالمًا كثير الحديث، قِيلَ: تُوُفِّي سنة عشرين ومائة وهُوَ أشبه، وقيل: سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل: سنة ثلاثين. قَالَ النّسائي: ثقة. 612- يزيد بْن قُطَيْب السَّكوني الشامي المقرئ1. سَمِعَ أَبَا بحرية عَبْد اللَّه بْن قيس. وعَنْه: أَبُو إبراهيم الكلبي، والولد بْن سُفْيان الغسّاني، وصَفْوان بْن عَمْرو. وغيرهم. 613- يزيد بْن أَبِي منصور الأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ2 -ت. رَوى بمصر وبأفريقية عَنْ عَائِشَةَ -إنْ صحّ- وعَنْ ذي اللحية الكلابي وأنس بْن مالك. وعَنْه: سهل العدوي، وعَبْد الرَّحْمَن بْن زياد بْن أنعم، وموسى بْن عليّ، وعَبْد العزيز. ورجع فِي آخر عمره إلى البصرة. قَالَ أَبُو حاتم: لَيْسَ بِهِ بأس. 614- يزيد بْن ميسرة بن حلبس الدمشقي3.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 353"، الجرح والتعديل "9/ 385". 2 التاريخ الكبير "8/ 363"، التاريخ لابن معين "2/ 677". 3 التاريخ الكبير "8/ 355"، الجرح والتعديل "9/ 288".

روى عنه: أم الدِّرْداء، وأَبِي إدريس الخَوْلاني. وعَنْه: أخوه يونس، وصَفْوان بْن عَمْرو، ومعاوية بْن صالح، وآخرون. سكن حمص، وكان واعظًا زاهدًا عارفًا. ومن كلامه قَالَ: إن ظللت تدعو عَلَى مِنْ ظلمك فإن اللَّه يَقُولُ: إن آخر يدعو عليك إن شئت لك وله وإن شئت آخّرتكما إلى يوم القيامة ووسعكما عفوي. ورَوى الوليد بْن مُسْلِم عَنِ الأَوزاعيّ قَالَ: قدم عطاء الخراساني عَلَى هشام بْن عَبْد الملك فنزل على مكحول فقال له: ههنا أحد يحرّكنا؟ قَالَ: نعم يزيد بْن مَيْسرة، فأتوه فَقَالَ عطاء: حرّكنا رحمك اللَّه، قَالَ: كَانَ العلماء إذا علموا عملوا، فإذا عملوا شغلوا، فإذا شغلوا فقدوا، فإذا فقدوا طلبوا، فإذا طلبوا هربوا، ثم استعاده فأعاد عَلَيْهِ، فرجع عطاء ولم يلق هشامًا وتركه. 615- يزيد بْن نُعَيم بْن هَزَّالٍ الأسلمي1 -م د ن. عَنْ: جدّه وجَابِر بْن عَبْد اللَّهِ، وسَعِيد بْن المسيّب. وعَنْه: يحيى بْن أَبِي كثير، وعِكْرِمة بْن عمار، وهشام بْن سعد. 616- يعقوب بن أبي سلمة الماجشون2 -م د ت ن. أبو يوسف المدني مولى آل المنكدر التَّيْمي. سَمِعَ ابن عُمَر، وأبا سَعِيد، والأعرج. وعَنْه: ابناه يوسف، وعَبْد العزيز، وابن أخيه عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه الماجشون. وكان يعلم الغناء ويتّخذ القِيان وأمره فِي ذَلِكَ ظاهر مَعَ صدقه فِي الرواية، وكان يجالس عُرْوَة، ويجالس عُمَر بْن عَبْد العزيز أيام ولايته عَلَى المدينة فلما استُخلف وَفَد يعقوب عَلَيْهِ فَقَالَ: إنا تركناك حين تركنا لبس الخزّ. قَالَ مُصْعَب الزُّبَيْرِيّ: وكان الماجشون أول مِنْ علم الغناء مِنْ أهل المروءة بالمدينة. وقَالَ سوار بْن عَبْد اللَّه: ثَنَا أَبِي، ثنا إسحاق بْن عيسى بْن مُوسَى، عَنِ ابن الماجشون قَالَ: عُرِّج برُوح أَبِي الماجشون فوضعناه عن مغتسله وأعلمنا الناس فدخل

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 364"، الجرح والتعديل "9/ 292". 2 الطبقات الكبرى "5/ 415"، التاريخ الكبير "8/ 392".

غاسل فرأى عرقًا يتحرك من أسفل قدمه فَقَالَ لنا: أرى عِرْقًا يتحرك مِنْ أسفل قدمه، فاعتللنا عَلَى النَّاسَ وقلنا: لم يتهيأ، فأصبحنا وأتى الغاسل والناس فرأى العِرق يتحرك. قَالَ: فاعتذرنا إلى النَّاسَ بالأمر الَّذِي رأيناه فمكث ثلاثًا، ثم إنّه نشغ فاستوى جالسًا فَقَالَ: ائتوني بسويق فأتيَ بِهِ فشربه فقلنا: خبّرنا قَالَ: نعم إنّه عُرج بروحي إلى السماء فصعد بي المَلَك حتى انتهى إلى السماء السابعة فقيل لَهُ: مِنْ معك؟ قَالَ: الماجشون. فقيل لَهُ: لم يأن لَهُ بقي مِنْ عمره كذا وكذا سنة، ثم هبط فرأيت النَّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- وَأَبَا بَكْر عَنْ يمينه وعُمَر عَنْ يساره وعُمَر بْن عَبْد العزيز بين يديه، فقلت للذي معي: مَن هذا؟ وأحبببت أن أستثبته قال: أوتعرفه! هذا عُمَر بْن عَبْد العزيز، قُلْتُ: إنّه لقريب المقعد مِنَ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ: قَالَ: إنّه عمل بالحق فِي زمن الجور وإنهما عملا بالحق فِي زمن الحق. توفي في خلافة هشام وولد فِي زمن عثمان سنة أربع وثلاثين. 617- يعقوب بن خالد بن المسيب المخزومي1. عَنْ: أَبِي صالح السمان، وإِسْمَاعِيل بْن إبْرَاهِيم الشيباني. وعَنْه: يحيى بْن سَعِيد الأنصَارِيّ، ويزيد بْن الهاد، وعمرو بن أَبِي عُمَر. ومات شابًا. 618- يعقوب بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي طلحة الأنصَارِيّ2 -م- عَنْ عمه أنس. وعَنْه: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وأسامة بْن زيد اللَّيْثي. وثَّقه أَبُو زُرْعة. 619- يعلى بْن عطاء العامري الطائفي3 -م4- نزيل واسط. رَوى عَنْ: أَبِيهِ، ووكيع بْن عدس، وعمارة بْن حديد، وعمرو بن الشريد، وجماعة كثيرة. وعنه: شعبة، وحماد بن سلمة، وشريك، وأبو عوانة، وهشيم.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 207". 2 التاريخ الكبير "8/ 389"، تهذيب التهذيب "11/ 396". 3 الطبقات الكبرى "5/ 520"، التاريخ الكبير "8/ 415".

وثقه أحمد، وقَالَ غير واحد: تُوُفِّي سنة عشرين ومائة. 620- يعلي بْن مُسْلِم بْن هُرْمُز1 -م د ن. بَصْرِيّ نزل مكة. وحدّث عَنْ: أَبِي الشعثاء، وسَعِيد بْن جُبَيْر، ومجاهد. وعنه: ابن جريج، وسفيان بن حسين، وشعبة. وثقه ابن معين. 621- يوسف بن سعد الجمحي2 -ت ن- مولاهم البصري. عَنْ: الحَسَن بْن عليّ، والحارث بْن حاطب. وعَنْه: القاسم بْن الفضل الحُدّاني، والربيع بْن مُسْلِم، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وآخرون. أثنوا عَلَيْهِ. 622- يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن الحارث الأنصَارِيّ3 -م ت ن ق- مولاهم الْبَصْرِيّ. عَنْ: أَبِيهِ، وخاله مُحَمَّد بْن سيرين، وأنس بْن مالك، وأَبِي العالية. وعَنْه: خَالِد الحذّاء، ومهدي بْن ميمون، وسُلَيْمَان بْن المغيرة، وحمّاد بْن سلمة. وثقه ابن مَعِين. 623- يوسف بْن ماهك الفارسي4 -ع- مولى المكيين. رَوى عَنْ: حكيم بن حزم، وابن عباس، وأبي هريرة، وعَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وعَبْد اللَّه بْن صفوان بن أمية، وعبيد ابن عُمَيْر، وغيرهم. وعَنْه: أيّوب، وعطاء، وأَبُو بشر، وحميد الطويل، وابن جريج، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 417"، الجرح والتعديل "9/ 302". 2 التاريخ الكبير "8/ 373"، التاريخ لابن معين "2/ 685". 3 التاريخ لابن معين "2/ 685"، التاريخ الكبير "8/ 372". 4 الطبقات الكبرى "5/ 470"، التاريخ الكبير "8/ 375".

وثقه ابن مَعِين. قَالَ الواقدي ويحيى بْن بُكَيْر والفلاس: تُوُفِّي سنة ثلاث عشرة ومائة. وقَالَ الْهَيْثَمُ بْن عَدِيّ سنة عشر، وقيل سنة أربع عشرة والأول أصح. 624- يونس بْن سيف الكلاعي الحمصي1 -د ق. عَنْ: الحارث بْن زياد، وأَبِي إدريس الخَوْلاني. وعَنْه: الزُّبَيْدِيُّ، ومعاوية بْن صالح، وغيرهما. تُوُفِّي سنة عشرين ومائة. "الكنَى": 625- أبو البداع بن عاصم2 -ع- بن عدي البلوي أبو عمرو الْمَدَنِيّ. عَنْ: أَبِيهِ. وعَنْه: أَبُو بَكْر بْن حزم، وعبد الملك بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارث، وابنه عاصم. توفي سنة سبع عشرة وقيل: سنة عشر ومائة. 622- أبو بكر بن حفص3 -ع- بْن عُمَر بْن سَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيّ الْمَدَنِيّ، واسمه عبد الله. رَوى عَنْ: ابن عُمَر، وأنس، وعُرْوَة بْن الزبير. وعنه: زيد بن أَبِي أُنَيْسَةَ، ومُحَمَّد بْن سوقة، وشُعْبَة. وكان ثقة. 627- أَبُو بكر بْن عَبْد اللَّه بْن أبي الجهم4 -م ت ن ق- بن حذيفة العدوي.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 405"، الجرح والتعديل "9/ 239". 2 الجرح والتعديل "9/ 348"، تهذيب التهذيب "12/ 17". 3 التاريخ الكبير "9/ 10"، الجرح والتعديل "9/ 338". 4 الجرح والتعديل "9/ 338"، تهذيب التهذيب "12/ 26".

عن: ابن عمر، وفاطمة بنت قيس، وغيرهما. وعَنْه: أَبُو بَكْر النَّهْشَلِيُّ، وشُعْبَة، وشَرِيك. 628- أَبُو بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ1 -ع- الأنصاري النجاري المدني. قاضي المدينة وأميرها وكان أعلم زمانة بالقضاء فيما قَالَ. رَوى عَنْ عبّاد بْن تميم وسلمان الأغرّ وعَبْد اللَّه بْن قيس بْن مخرمة وعمرو بن سليم الزرقي أبي حَبّة البدري وخالته عمرة. وعَنْه ابناه عَبْد اللَّه ومُحَمَّد وأفلح بْن حُمَيْد والأَوزاعيّ والمسعودي وآخرون. وثقه ابن مَعِين. وقَالَ مالك: لم يل عَلَى المدينة أمير أنصَارِيّ غيره. وقيل: كَانَ كثير العبادة والتهجُّد. وقَالَ الواقدي: هُوَ الَّذِي كَانَ يصلّي بالناس ويتولَّى أمرهم واستقضى ابن عمّه أَبَا طوالة. وقَالَ أَبُو الغصن الْمَدَنِيّ: رأيت فِي يدي أَبِي بَكْر بْن حزم خاتم ذهب فَصّه ياقوتة حمراء. ورَوى عطاف بْن خَالِد، عَنْ أُمّه، عَنْ زَوْجَة ابن حزم أَنَّهُ ما اضطَّجع عَلَى فراشة بالليل منذ أربعين سنة. وقيل: كان له في الشهر ثلاثمائة دينار. وقَالَ مالك: ما رأيت مثل ابن حزم أعظم مروءة وأتم حالا ولا رأيت من أوتي مثل ما أوتي: ولاية المدينة والقضاء والموسم. قِيلَ: تُوُفِّي سنة عشرين ومائة، وقيل: سنة سبع عشرة. 629- أَبُو بَكْر بْن المنكدر التيمي2 -سوى ق- أسن الإخوة.

_ 1 الطبقات الكبرى "8/ 480-481"، التاريخ الكبير "9/ 10". 2 التاريخ الكبير "9/ 13"، الجرح والتعديل "9/ 342".

رَوى عَنْ: جَابِر، وأَبِي أُمَامة بْن سهل. وعَنْه: بُكَيْر بْن الأشجّ، وعُمَر بْن مُحَمَّد العمري، وشُعْبَة، وثقوه. 630- أَبُو ذبيان1 -خ م ن- عَن ابن الزبير. وعَنْه: حفصة بنت سيرين -مَعَ تقدّمها- وجعفر بْن ميمون، وشُعْبَة. وثَّقه النّسائي، واسمه خليفة بْن كعب التميمي. 631- أَبُو رافع مولى أم سَلَمَةَ2، واسمه عَبْد اللَّه بْن رافع. عَنْ: أم سَلَمَةَ، وأَبِي هُرَيْرَةَ. وعَنْه: سَعِيد المَقْبُري، وأيوب بْن خَالِد، ومُحَمَّد بْن إسحاق. وثَّقه أَبُو زُرْعة. مِنْ سادات التابعين وزُهّادهم، وكان ابن جزء الزُّبَيْدِيُّ إذا رآه قَالَ: ما لأحد عَلَى أَبِي زُرْعة فضل إلا بالصَّحْبَة. 632- أَبُو زُرْعة التجيبي3، مولى بني سَوْم الْمَصْريّ. وقَالَ عَبْد الملك بن مروان: وهو والله خير بنى سوم. وقَالَ غيره: قتل وهيب فخرج القُرّاء يطلبون بدمه وممن كَانَ معهم أَبُو زُرْعة، فقُتل فيمن قُتِل سنة سبع عشرة ومائة، وكان من الصالحين الكبار. 633- أبو رجاء مولى أبي قلابة4 -خ م د ن- اسمه سلمان. عَنْ: مولاه، وعَنْ عَنْبَسَةَ بْن سَعِيد بْن العاص وعُمَر بْن عَبْد العزيز، وأبي المهلب. وعنه: أيوب السختياني، وحميد الطويل، وابن عَوْن، وحَجَّاج الصواف. وهُوَ مُقِلّ.

_ 1 تهذيب التهذيب "3/ 162". 2 الجرح والتعديل "5/ 53"، تهذيب التهذيب "5/ 206". 3 لم أجد له ترجمة. 4 الجرح والتعديل "4/ 299"، تهذيب التهذيب "4/ 140".

634- أَبُو السائب1 -م ع- مولى هشام بْن زهرة. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وأَبِي سَعِيد. وعَنْه: بُكَيْر بْن الأشجّ، والعلاء بْن عَبْد الرَّحْمَن، والزُّهْرِيّ، وشَرِيك بْن أَبِي نَمِر، وغيرهم. ويحتمل أَنَّهُ مات فِي الطبقة الماضية. 635- أَبُو سَعِيد الرعيني2 -4- القتابي المصري قاضي إفريقية. عن: أبي تميم الجيشاني، وعَبْد اللَّه بْن مالك اليَحْصُبي. وعَنْه: بَكْر بْن سوارة، وعُبَيْد اللَّه بْن زحر. مات فِي حدود سنة خمس عشرة ومائة، اسمه جُعْثُل بْن هَاعَان. 636- أَبُو سُفْيان طلحة بْن نافع الإسكاف3 -خ م ت د. عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه وأنس بْن مالك وابن عَبَّاس وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَيْر. وعَنْه: حُصَيْن، والأعمش، وحَجَّاج بْن أرطأة، وابن إسحاق، وشُعْبَة. قَالَ أَبُو حاتم: أَبُو الزُّبَيْر أحبّ إلي منه. وقال ابن عُيَيْنَة: إنما أَبُو سُفْيَان عَن جَابِر صحيفة. وقَالَ أَحْمَد بْن حنبل وغيره: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا شيء. قُلْتُ: قرنه الْبُخَارِيّ بآخر. 637- أَبُو عَبْد رب الزّاهد الدمشقي4 -ق- مولى روميّ اسمه قسطْنطين. رَوى عن: فَضَالَةَ بْن عُبَيْد، ومعاوية، وأُوَيْس القرني.

_ 1 تهذيب التهذيب "12/ 104". 2 التاريخ لابن معين "2/ 83"، تهذيب التهذيب "2/ 79". 3 التاريخ الكبير "4/ 346"، الجرح والتعديل "4/ 475". 4 تاريخ أبي زرعة "1/ 247"، تهذيب التهذيب "12/ 152".

وعنه: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وسعيد بن عبد العزيز، وغيرهما. وقد خرج عن عشرة آلاف دينار الله، وكان يختار الفقر عَلَى الْغِنَى، ولم يخلّف إلا ثمن كفنٍ، وكان كبير الشأن. رَوى سَعِيد بْن عَبْد العزيز، عَنْ أَبِي عَبْد ربّ قَالَ: لو سَالَتْ بَرَدِي ذهبًا أو فضّةً ما قمت إليها، ولو قِيلَ لي: من احتضن هذا العمود مات لَقُمْتُ إِلَيْهِ1! قَالَ سَعِيد: ونَحْنُ نعلم أَنَّهُ صادق. مات سنة اثنتي عشرة ومائة. 638- أَبُو عُبَيْد الحاجب2 -م د- مولى سُلَيْمَان بْن عَبْد الملك وحاجبه. عَنْ: عَمْرو بْن عَبْسَةَ، وأنس بْن مالك، وعدة. وعَنْه: ابن عَجْلان، والأَوزاعيّ، ومالك، وآخرون. وثَّقه أَبُو زُرْعة، وكان بعد الحجابة مِنَ العلماء العاملين رحمه اللَّه تعالى. قَالَ بِشْر بْن عَبْد اللَّه: لم أر أحدًا أعلم بالعلم من أبي عبيد. وروى وليد، عن عبد الرحمن بن حسان الكناني أنا أبا عبيد كَانَ يحجب سُلَيْمَان، فلمّا ولي عُمَر بْن عَبْد العزيز قَالَ: أَيْنَ أَبُو عُبَيْد؟ فدنا منه فَقَالَ: هذه الطريق إلى فلسطين وأنت أهلها فالْحق بها، فقالوا: بعد يا أمير المؤمنين لو رأيت أَبَا عُبَيْد وتشميره للخير والعبادة، قَالَ: ذاك أحقّ أن لا نفتنه، كانت فيه أبهةٌ عَنِ العامّة، وفي لفظ: للعامة. 639- أبو عبيدة بن عَبْد اللَّهِ3 -م د ت ق- بن زمعة بن الأسود القرشي الأسدي. عَنْ: أَبِيهِ، وأمّه زينب بنت أَبِي سَلَمَةَ، وجدَّته أمّ سَلَمَةَ. وعَنْه: الزُّهْرِيّ، وابن إسحاق، وجماعة.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 160". 2 تهذيب التهذيب "12/ 158". 3 الجرح والتعديل "9/ 404".

640- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ1 -4- بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ العنسيّ. عَنْ: أَبِيهِ، وجابر، والرّبيع بنت معوّذ. وعَنْه: سعد بْن إبْرَاهِيم، وابن إسحاق، وجماعة وَيُكْنَى أَبَا سَلَمَةَ. 641- أَبُو عُشّانة المعافريّ2 -د ت ق- حي بن يؤمن المصري. عن: رويفع بن ثاب، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وعَنْه: حرملة بْن عمران، وعمرو بن الحارث، والليث، وعدة. وكان من أجناد اليمن، مات سنة ثمان عشرة ومائة. 642- أَبُو الفيض3 -د ت ن- واسمه موسى بن أيوب، حمصيّ. عَنْ: معاوية، وأَبِي قرصافة جَنْدَرَة. وعَنْه: زيد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ، وشُعْبَة. وثَّقه ابْن مَعِين. 643- أبو كثير السحيمي4 -م4- اليمامي الأعمى وزيد بْن عَبْد الرَّحْمَن وقيل: ابن عَبْد اللَّه. روى عن أبي هريرة. وعنه: يحيى بن أبي كثير، وعقبة بن التوءم، وعِكْرِمة بْن عمّار، والأَوزاعيّ، وأيوب بْن عُتْبَة، وجماعة. وثَّقه أَبُو حاتم وغيره. 644- أَبُو لُبابة التيمي الوراق5 -ت ن- واسمه مروان. عن: عائشة، وأنس.

_ 1 التاريخ الكبير "9/ 52"، تهذيب التهذيب "12/ 160". 2 التاريخ لابن معين "2/ 141"، التاريخ الكبير "3/ 119". 3 التاريخ لابن معين "2/ 592"، الجرح والتعديل "8/ 134". 4 الجرح والتعديل "9/ 276"، تهذيب التهذيب "12/ 211". 5 الجرح والتعديل "8/ 372"، تهذيب التهذيب "10/ 99".

وعَنْه: هشام بْن حسّان، وحمّاد بْن زيد. وثقه ابن مَعِين يقال: إنّه مولى لعائشة -رَضِيَ اللَّه عنهما. 645- أبو مريم النصاري1 -د ت. ويقال الحضرمي الشامي صاحب القناديل وقيّم مسجد حمص وقيل: إنّه قرره خالد بن الوليد لذلك. روى عن: أبي هريرة، وجابر. وعنه: يحيى بن أبي عمرو السيباني، ومعاوية بن صالح، وحريز بن عثمان، وصفوان بن عمرو، وقيل: إن فرج بن فضالة لحقه. قال أحمد بن حنبل: رأيتهم بحمص يثنون عليه. وقال العجلي: أبو مريم مولى أبي هريرة تابعي ثقة. وفرق البخاري بين هذا وبين خادم مسجد حمص، وجمعهما أبو حاتم. 646- أبو المليح بن أسامة الهذلي2 -ع- اسمه عامر وقيل: زيد بَصْرِيّ ثقة. رَوى عَنْ: أَبِيهِ، وعَائِشَة، وبريدة بْن الحصيب، وعَوْف بْن مالك وابن عَبَّاس، وعَبْد اللَّه بْن عَمْرو، وجماعة. وعَنْه: أيّوب السختياني، وأَبُو بِشرْ، وخَالِد الحذّاء، وحَجَّاج بْن أرطأة، وقَتَادة، وأَبُو بَكْر الْهُذَلِيُّ. وكان عاملا عَلَى الأُبّلة. قَالَ ابن سعد وابن أَبِي عاصم: توفي سنة اثنتي عشرة ومائة. 647- أبو المهزم التيمي3 -د ت ق. بَصْرِيّ اسمه يزيد بْن سُفْيان وقيل: عَبْد الرَّحْمَن بْن سفيان. عن أبي هريرة.

_ 1 التاريخ الكبير "9/ 68"، الجرح والتعديل "9/ 436-437". 2 الطبقات الكبرى "7/ 219"، التاريخ الكبير "6/ 449". 3 الطبقات لابن معين "2/ 671"، الجرح والتعديل "9/ 269".

وعَنْه: حُسَين المعلّم، وحبيب المعلّم، وشُعْبَة -ثم تركه- وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وعَبْد الوارث بْن سَعِيد. وهُوَ أقدم شيْخ لعبد الوارث، وأحسبه عاش بعد العشرين ومائة. ضعّفه ابن مَعِين. وقال النسائي: متروك. 648- أبو نوقل بن أبي عقرب1 -د ن. رَوى عَنْ: أَبِيهِ، وعَائِشَة، وأسماء، وعَبْد اللَّه بْن عُمَر. روى: عنه ابن جريج، والأسود بن شيبان، وشعبة. وثقه ابن معين. 649- أبو وهيب الجيشاني المصري2 -د ت ق. عن: الضحاك بن فيروز الديلمي، وعبد الله بن عمرو بن العاص. وعنه: عمرو بن الحارث، والليث، وابن لهيعة. اسمه على الأصح: عبيد بن شرحبيل. وقال البخاري: ديلم بن هوشع، والله أعلم. آخر الطبقة الثانية عشرة

_ 1 التاريخ لابن معين "2/ 574". 2 التاريخ الكبير "3/ 349"، الجرح والتعديل "3/ 434".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الموضوع رقم الصفحة -الطبقة الحادية عشر- "حوادث سنة إحدى ومائة". 3 الوفيات في هذه السنة. 3 استخلاف يزيد بن عبد الملك. "حوادث سنة اثنتين ومائة". 3 الوفيات في هذه السنة. 3 وقعة العقر. 4 مقتل المفضل وجماعة من آل المهلب. 4 توثيق المفضل بن المهلب. "حوادث سنة ثلاث ومائة". 4 الوفيات في هذه السنة. 5 مقتل أمير الأندلس. "حوادث سنة أربع ومائة". 5 الوفيات في هذه السنة. 5 وقعة نهر الران. "حوادث سنة خمس ومائة". 5 الوفيات في هذه السنة. 6 الحرب بين الخاقان والجراح الحكمي. "حوادث سنة ست ومائة". 6 الوفيات في هذه السنة. 6 عزل عمر بن هبيرة عن ولاية العراق. 7 غزو مسلم بن سعيد فرغانة. 7 استعمال أسد بن عبد الله على خُراسان. 7 اللان يُعطون الجزية للجراح الحكمي.

"حوادث سنة سبع ومائة". 7 الوفيات في هذه السنة. 7 عزل الجراح وغزو مسلمة قيصرية الروم. 7 غزو أسد بن عبد الله بلاد غرشستان. "حوادث سنة ثمان ومائة". 7 الوفيات في هذه السنة. 8 غزو أسد بن عبد الله بلاد الغور. 8 زحف ابن الخاقان إلى أذربيجان وهزيمته. 8 غزو معاوية بن هشام أرض الروم وفتح خنجرة. "حوادث سنة تسع ومائة". 8 الوفيات في هذه السنة. 8 غزوة معاوية بن هشام أرض الروم وفتح حصن بها. 8 غزوة مسلمة لأذربيجان. "حوادث سنة عشر ومائة". 8 الوفيات في هذه السنة. 9 غزو مسلمة بلاد الخرز"غزوة الطين". 9 افتتاح معاوية بن هشام حصنين من أرض الروم. 9 وقوع طاغية القوم بيد عبيدة الذكواني أمير إفريقية.

تَرَاجِمُ أَعْيَانِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ"حرف الألف" "حَرْفُ الأَلِفِ". 9 1- أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. 9 2- إبراهيم بن عبد الله بن حُنين. 10 3- إبراهيم بن عبد الله بن معبد. 10 4- إبراهيم بن محمد بن طلحة. 11 5- الأحوص الشاعر"أبو عاصم". 11 6- إسحاق بن عبد الله بن الحارث. 12 7- إسحاق بن قبيصة بن ذُؤَيْب. 12 8- إسحاق مولى زائدة. 12 9- أسلم العجلي. 12 10- الأسود بن سعيد الهمذاني. 12 11- أصبغ بن نباتة الدارمي. 13 12- أيفع بن عبد الكلاعي. 13 13- أيوب بن بشير بن كعب. 14 14- أيوب بن شرحبيل بن أكسوم. "حرف الْبَاءِ". 14 15- بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ الشامي. 14 16- بُشير بن صفوان الكلبي. 14 17- بُشير بن يسار المدني. 15 18- بعجة بن عبد الله بن بدر. 15 19- بكر بن عبد الله بن عمرو المُزني. 17 20- بكر بن ماعز الكوفي. "حرف التاء". 17 21- تُبيع بن عامر الحميري. 18 22- تميم بن نذير العدوي. "حرف الثاء". 18 23- ثُمامة بن حزن القُشَيري.

"حرف الْجِيمِ". 18 24- جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ. 19 25- جرير بن الخطفي الشاعر. 20 26- جعفر بن عمرو بن حُرَيث. 21 27- جُميع بن عُمَير. "حرف الحاء". 21 28- الحارث بن مِخْمَر الظهراني. 22 29- حبان بن رفيدة الكوفي. 22 30- حبان بن جزئ السلمي. 22 31- حبيب بن سالم. 22 32- حبيب بن الشهيد. 23 33- حبيب بن بسار. 23 34- الحسن البصري. 32 ذكر غلط من نسبه إلى القدر. 35 35- الحسن بن مسلم بن يناق. 35 36- الحصين بن مالك بن الخشخاش. 35 37- حطان بن خُفاف الجَرْمي. 36 38- حفصة بنت سيرين. 36 39- الحكم بن عبد الله البصري. 37 40- الحكم بن عبد الأسدي. 37 41- الحكم بن مينا الأنصاري. 37 42- حكيم بن أبي حُرة. 37 43- حكيم بن حكيم بن عباد. 38 44- حكيم بن عُمير بن الأحوص. 38 45- حكيم بن معاوية بن حيدة. 38 46- حماد الأسدي الكوفي. 38 47- حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 39 48- حمزة بن أبي أُسيد.

39 49- حميد بن عُقْبة. 39 50- حميد بن مالك. 39 51- حَوْطُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ الْعَبْدِيُّ. 40 52- حيان بن عُمَير الجريري. "حرف الخاء". 40 53- خالد بن مَعْدان. 41 54- خُلَيْد بن عبد الله العصري. "حرف الدَّالِ". 41 55- دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمِ بْنِ عُروة. 42 56- دينار، أبو عبد الله القراظ. 42 57- دينار عُقَيصا أبو سعيد. "حرف الذال". 42 58- ذفيف مولى ابن عباس. 42 - ذكوان أبو صالح السمان. 42 59- ذيال بن حَرْملة الأسدي. "حرف الراء". 43 60- راشد بن سعد الحمصي. 43 61- الراعي النميري الشاعر المشهور. 43 62- ربعي بن حراش. 45 63- زُرَيق بن حبان. "حرف الزاي". 45 64- زهير بن سالم العنسي. 46 65- زياد الأعجم. 46 66- زياد بن جُبَير بن حية. 46 67- زياد بن الحُصين. 47 68- زيد بن الحسن. 48 69- زيد بن علي أبو القموص.

"حرف السين". 48 70- سالم بن أبي سالم الجيشاني. 49 71- سالم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 52 72- سالم بن عبد الله النصري. 53 73- سالم أبو الزعيزعة الدمشقي. 53 74- سعد بن عُبيدة السلمي. 53 75- سعد أبو هاشم السنجاري. 53 76- سعيد بن سليمان بن زيد. 54 77- سعيد بن المسيب. 54 78- سعيد بن أبي هند. 54 79- سعيد بن أبي الحسن. 55 80- سليمان بن بُريدة. 55 81- سليمان بن سعد الخُشني. 56 82- سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ. 56 83- سليمان بن عتيق المكي. 56 84- سليمان بن قتة البصري. 57 85- سليمان بن يسار المدني. 59 86- سلامان بن عامر الشعباني المصري. 59 87- سنان بن أبي سنان الديلي. 59 88- سوادة بن عاصم العنزي. 60 89- سيار مولى يزيد بن معاوية. "حرف الشين". 60 90- شرحبيل بن شفعة. 60 91- شُعبة بن دينار. 61 92- شُفي بن ماتع. 61 93- شقيق بن عقبة الكوفي. 61 94- شييم بن بيتان القتياني.

"حرف الصاد". 62 95- صالح بن أبي حسان المدني. 62 96- صالح بن أبي صالح ذكوان. 62 97- صالح بن عبد الرحمن الكاتب. 63 98- صخر بن الوليد الفزاري. "حرف الضَّادِ". 63 99- الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بْنِ عرزب. 63 100- الضحاك بن مُزاحم الهلالي الخُراساني. 65 101- الضحاك المشرقي. 65 102- ضمضم بن جوس الهفاني اليمامي. "حرف الطاء". 65 103- طاوس بن كيسان. 69 104- طلق بن حبيب العنزي. "حرف الْعَيْنِ". 70 105- عَامِرُ بْنُ سَعْد بْنِ أَبِي وقاص. 70 106- عامر بن شراحيل الشعبي. 76 - عامر بن واثلة. 76 107- عاصم بن عمرو البجلي. 76 108- عُبادة بن الوليد بن عُبادة. 76 109- عائشة بنت طلحة. 77 110- عبد الله بن أبي أمامة. 77 111- عبد الله بن باباه. 77 112- عبد الله بن حُنين. 78 113- عبد الله بن رافع المدني. 78 114- عبد الله بن رافع الحضرمي المصري. 78 115- عبد الله بن زيد الدمشقي الأزرق. 79 116- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الْكُوفِيّ. 79 117- عبد الله بن أبي سلمة الماجشون.

79 118- عبد الله بن شقيق العُقيلي. 79 119- عَبْد الله بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 80 120- عبد الله بن عُروة بن الزبير. 80 121- عبد الله بن عوف الكناني. 80 122- عبد الله بن غابر الألهاني. 81 123- عبد الله بن أبي قيس النصري. 81 124- عبد الله بن قُدامة العنبري. 81 125- عبد الله بن أبي عتيق. 82 126- عبد الله بن مَوْهب الشامي. 82 127- عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر. 82 128- عبد الله بن يسار الجُهني. 83 129- عبد الله البهي مولى مصعب. 83 130- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَدِيٍّ الْبَهْرَانِيُّ. 83 131- عَبْدُ الأَعْلَى بن هلال السلمي الحمصي. 83 132- عبد الرحمن بن أبان الأموي. 84 133- عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي. 84 134- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأنصاري. 85 135- عبد الرحمن بن حسان بن ثابت. 86 136- عبد الرحمن بن سعد المدني. 86 137- عبد الرحمن بن الكوفي. 86 138- عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع. 87 139- عبد الرحمن بن شماسة المهري. 87 140- عبد الرحمن بن الضحاك الفهري. 87 141- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ الأنصاري. 87 142- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عمار القرشي. 87 143- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عبسة السَّلَمِيُّ. 88 144- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كعب بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ. 88 145- عبد الرحمن بن أبي عمرة الجرشي.

88 146- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كعب بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ. 88 147- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُطعم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البُناني. 89 148- عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي. 90 149- عبد الرحمن بن هلال العبسي الكوفي. 90 150- عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية. 91 151- عبد الرحمن بن يعقوب الجُهني. 91 152- عبد العزيز بن أبي بكرة الثقفي. 91 153- عبد العزيز بن جُريج المكي. 91 154- عبد العزيز بن عبد الله. 92 155- عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك الأموي. 92 156- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ. 157- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ خَالِدٍ الْفَهْمِيُّ. 93 93 158- عبد الملك بن المغيرة الطائفي. 93 159- عبد الملك بن المغيرة بن نوفل. 93 160- عبد الملك بن نافع الشيباني. 94 161- عبد الملك بن يسار. 94 162- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ. 94 163- عبيد الله بن الأرقم القرشي المخزومي. 94 164- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 95 165- عبيد الله بن مقسم القرشي. 95 166- عبيد بن جريج التيمي. 95 167- عبيد بن حصين النميري. 95 168- عبيد بن حنين المدني. 96 169- عبيدة بن سفيان الحضرمي. 96 170- عبيدة بن أبي المهاجر. 96 171- عثمان بن حيان بن معبد المزني. 96 172- عجلان المدني.

96 173- عدي بن أرطأة الفزاري الدمشقي. 97 174- عدي بن زيد العاملي الشاعر. 98 175- عدي بن زيد بن الحمار. 100 176- العريان بن الهيثم بن الأسود النخعي. 100 177- عراك بن مالك الغفاري. 101 178- عروة بن أبي قيس. 101 179- عروة بن عياض القرشي القاري. 101 180- عروة بن محمد بن عطية السعدي. 102 181- عزرة بن عبد الرحمن بْنُ زُرارة الْخُزَاعِيُّ. 102 182- عطاء بن يزيد الليثي الجُندُعي. 102 183- عطاء بن يسار. 103 184- عطية بن قيس. 104 185- عطية مولى سلم بن زياد الدمشقي. 104 186- عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي. 104 187- عكرمة البربري المدني. 109 188- علباء بن أحمر اليشكري البصري. 109 189- عمار بن سعد القرظ. 109 190- عمار بن سعد التجيبي. 109 191- عمارة بن أكيمة الليثي. 110 192- عمارة بن خزيمة بن ثابت الأنصاري. 110 193- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ. 112 194- عمر بن خَلْدة قاضي المدينة. 112 195- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْر. 112 196- عمر بن عبد العزيز الخليفة. 126 197- عمر بن كثير بن أفلح الأنصاري. 127 198- عمر بن هبيرة بن معية الفزاري. 127 199- عمر بن الوليد بن عبد الملك. 128 200- عمرو بن الوليد بن عبدة المصري.

128 201- عمرو بن هرم الأزدي البصري. 128 202- عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل الكندي. 128 عمران بن ملحان أبو الرجاء. 128 203- عمير مولى أم الفضل. 129 204- عنبسة بن سُحيم الكلبي. 129 205- عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبي سرح العامري. 129 206- عيسى بن عاصم الكوفي. "حرف الفاء". 129 207- الفرزدق أبو فراس همام بن غالب. 132 208- فُضيل بن عمرو الفُقيمي. 133 209- فُضيل بن فضالة الهوزني الشامي. "حرف الْقَافِ". 133 210- الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر الصِّدّيق. 137 211- القاسم بن محمد الثقفي الشامي. 137 القاسم بن مخيمرة. 137 212- القُطامي الشاعر عمرو بن شُييم. 138 213- القعقاع بن حكيم المدني. 138 214- قيس بن الحارث. 138 215- قيس بن عبابة أبو نعامة. "حرف الكاف". 138 216- كثير بن عُبيد مولى أبو بكر الصديق. 139 217- كثير عزة الشاعر أبو صخر الخُزاعي. 140 218- كردوس الثعلبي الكوفي القاص. "حرف اللام". 140 219- لمازة بن زبار الجهضمي. "حرف الميم". 141 220- مالك بن أسماء بن خارجة الفزاري الشاعر. 143 221- مجاهد بن جبر أبو الحجاج المكي.

145 222- محمد بن أوس بن ثابت الأنصاري. 145 223- محمد بن زيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 145 224- محمد بن سويد بْنِ كُلْثُومٍ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ. 145 225- محمد بن سيرين الأنصاري البصري. 151 ذكر وفاته. 152 226- مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكانة القرشي. 152 227- مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ القُرشي الْمَخْزُومِيُّ. 152 228- محمد بن كعب القرظي. 155 229- محمد بن مروان بن الحكم الأموي. 156 230- محمد بن المنتشر بن الأجذع الهمداني. 156 231- محمد بن نشر الهمداني. 156 232- محمد بن يزيد مولى الأنصار. 156 233- مُحَمَّدُ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ المدني. 156 234- مُسافع بن عبد الله بنشيبة العبدري. 157 235- مسلم بن جُندب الهُذلي. 157 236- مسلم بن مِشْكَم الخزاعي. 157 237- مسلم بن يسار عابد أهل البصرة. 158 238- مسلم بن يسار. 158 239- مسلم بن يسار أبو عثمان الطنبذي. 158 240- المسيب بن رافع الأسدي الكاهلي. 158 241- مصعب بن سعد بن أبي وقاص. 159 242- مُضارب بن حزن التميمي المجاشعي. 159 243- معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي. 159 244- معاوية بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. 159 245- معبد بن كعب بن مالك الأنصاري. 160 246- مغيث بن سُمي الأوزاعي الشامي. 160 247- المغيرة بن أبي بردة. 160 248- المغيرة بن سُبيع العجلي.

160 249- المغيرة بن شُبيل الأحمسي. 161 250- ممطور أبو سلام الدمشقي. 161 251- منذر بن يعلى النوري الكوفي. 161 252- مهاجر بن عكرمة المخزومي. 162 253- مهاجر بن عمرو النبال. 162 254- مورق العجلي. 162 255- موسى بن طلحة بن عبيد الله القرشي. "حرف النُّونِ". 164 256- نَافِعٌ أَبُو مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيُّ الْمَدَنِيُّ. 164 257- النضر بن أنس بن مالك الأنصاري. 164 258- نُعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي. "حرف الْهَاءِ". 164 259- هِلالُ بْنُ سِرَاجٍ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ. 165 260- هلال بن عبد الرحمن المصري. 165 261- الهيثم بن الأسود المذحجي. 166 262- الهيثم بن مالك الطائي الشامي. "حرف الواو". 166 263- وضاح اليمن عبد الله بن إسماعيل. "حرف الْيَاءِ". 166 264- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حاطب اللخمي. 166 265- يحيى بن أبي المطاع الأردني. 167 266- يحيى بن وثاب الأسدي. 168 267- يزيد بن الأصم العامري البكائي. 168 268- يزيد بن حُصين بن نمير السكوني الحمصي. 168 269- يزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي الشاعر. 169 270- يزيد بن حيان التيمي الكوفي. 169 271- يزيد بن شريح الحضرمي الحمصي. 169 272- يزيد بن صُهيب الفقير.

170 273- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ الْعَامِرِيُّ. 170 274- يزيد بن عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين. 172 275- يزيد بن مرثد الهمداني. 172 276- يزيد بن أبي مسلم الثقفي الأمير. 172 277- يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَمِيرُ. 173 278- يزيد بن نمران الدمشقي. "الكنى". 173 - أبو الأشعث الصنعاني الدمشقي. 173 279- أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ. 174 280- أَبُو بكر بن أنس بن مالك الأنصاري. 174 281- أبو بكر بن أبي موسى الأشعري. 174 282- أبو بكر بن عمارة بن رُئيبة الثقفي. 174 283- أبو بكر أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبيد اللَّهِ بْنِ أبي مُليكة. 175 - أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. 175 284- أبو حاجب سوادة بن عاصم العنزي. 175 285- أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ. 175 286- أَبُو رجاء العُطاردي عمران بن ملحان. 177 287- أبو السليل ضُريب بن نُقير. 177 - أبو سلام الحبشي، ممطور. 177 - أبو سلمة بن عبد الرحمن. 177 288- أبو السوار العدوي. 177 289- أبو صالح السمان ذكوان مولى جويرية. 178 290- أبو السائب مولى هشام بن زُهرة. 178 291- أبو سبرة النخعي الكوفي. 178 292- أبو سعيد مولى عبد الله بن عامر. 178 293- أبو شيخ الهُنائي. 178 294- أبو صادق الأزدي الكوفي. 179 295- أبو الصديق الناجي البصري.

179 - أبو الطُفيل. 179 296- أبو العالية البصري. 179 - أبو عبد الله القراظ. 179 297- أبو العلاء بن الشخير. 180 298- أبو علقمة مولى بن بني هشام. 180 - أبو قتادة العدوي. 180 299- أبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي. 182 300- أبو المتوكل الناجي البصري. 182 301- أبو مجلز، لاحق بن حُميد. 183 302- أبو مُصبح المقرائي. 183 303- أبو مرزوق التجيبي. 183 - أبو المليح الهُذلي. 183 304- أبو المنيب الحرشي الدمشقي. 183 305- أبو نضرة العبدي. 184 306- أبو نهيك الأزدي. 184 307- أبو يزيد المديني.

الطبقة الثانية عشر. "ذكر سنة إحدى عشرة ومائة" 185 الوفيات في هذه السنة. 185 عُزِلَ مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَرْمِينِيَّةَ. 185 فتح الجراح الحكمي مدينة البيضاء. 185 دخول الخزر أرمينية وحصارهم أردبيل. 185 غزوة مستنير بن الحارث من إفريقية في البحر. "حوادث سنة اثنتي عشرة ومائة". 185 الوفيات في هذه السنة. 185 القتال بين الجراح الحكمي وابن خاقان. 185 غلبة الخزر على أذربيجان وبلوغ خيلهم الموصل. 186 غزو المسلمين فرغانة. 186 ولاية جنيد المري على بلاد ما وراء النهر. 186 أخذ الخزر لأردبيل بالسيف. 186 توجيه هشام بن عبد الملك لسعيد بن عمير على أذربيجان. 186 استنفاذ بعض سبي المسلمين وكسر طاغية الخزر. 186 خروج مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي طَلَبِ التُّرْكِ. 186 تحريق الخزر أنفسهم في الحصون. 186 غزوة صقلية. 186 فتح معاوية ولد هشام بن عبد الملك خرشنة. "حوادث سنة ثلاث عشرة ومائة". 186 الوفيات في هذه السنة. 187 غزو الجنيد المري ناحية طخارستان. 187 قتل الترك سورة بن أبجر النائب على سمرقند. 187 عودة مسلمة إلى إمرة أذربيجان. 187 قتال مسلمة لأهل حيزان وقتلهم جميعا. 187 مسير مسلمة إلى أرض شروان ومصالحة ملكها.

187 وقعة أرض الروم واستشهاد الأمير الباهلي والبطال. 188 "حوادث سنة أربع عشرة ومائة". 188 الوفيات في هذه السنة. 188 عزل مسلمة عن أذربيجان والجزيرة. 188 غارة مروان بن محمد على الصقالبة. 188 غزو الجنيد المري بلاد الصغانيان من الترك. 188 غزو معاوية بن هشام بلاد الروم وأسر قسطنطين. 188 ولاية عبيد الله بن الحبحاب إمرة المغرب. "حوادث سنة خمس عشرة ومائة". 188 الوفيات في هذه السنة. 189 تغلب الحارث بن سريج على مرو والجوزجان. 189 الحرب بين الحارث وأمير خُراسان أسد القسري. "حوادث سنة ست عشرة ومائة". 189 الوفيات في هذه السنة. 189 تقليد بين الحبحاب ولاية إفريقية. 189 خروج الصفري بطنجة. 189 إرسال ابن الحبحاب جيشا إلى بلاد السودان. 189 غزو المسلمين في البحر مما يلي صقلية. "حوادث سنة سبع عشرة ومائة". 190 الوفيات في هذه السنة. 190 جياش الترك بخراسان ووصولهم إلى مرو الروذ. 190 فتح مروان بن محمد ثلاث حصون وسر تومانشاه. 191 غزوة ابن الحبحاب أمير المغرب. "حوادث سنة ثمان عشرة ومائة". 191 الوفيات في هذه السنة. 191 غزو مروان ناحية ورتنيس وظفره بملكهم. 191 غزو مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ بِأَرْضِ الرُّومِ.

"حوادث سنة تسع عشرة ومائة". 191 الوفيات في هذه السنة. 192 غزوة مروان بن محمد السائحة. 192 دخول مروان باب اللان إلى بلاد الخزر. 192 هروب الخاقان من مدينة البيضاء. 192 أخذ قثم بن عوانة قلعة سردانية من بلاد المغرب. 192 غرق قثم بن عوانة وجماعة معه. 192 حج مسلمة بن هشام بالناس. "حوادث سنة عشرين ومائة". 192 الوفيات في هذه السنة. 193 عُزِلَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ عَنْ إمرة العراق.

ذِكْرُ رِجَالِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ. "حَرْفُ الألف". 193 308- أبان بن صالح بن عُمير. 193 309- إبراهيم بن إسماعيل. 193 310- إبراهيم بن عامر بن مسعود. 193 311- إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي. 194 312- إبراهيم بن عُبيد بن رفاعة الزرقي. 194 313- الأزرق بن قيس الحارثي. 194 314- إسحاق بن يسار المدين. 194 315- أسد بن عبد الله بن يزيد. 194 316- إسماعيل بن أوسط البجلي. 195 317- إسماعيل بن رجاء الزبيدي. 195 318- إسماعيل بن عبد الرحمن الأسدي. 195 319- أكيل مؤذن إبراهيم النخعي. 195 320- أنس بن سيرين الأنصاري. 195 321- إياد بن لقيط السدوسي. 196 322- إياس بن سلمة بن الأكوع. "حرف الباء". 196 323- باذام أبو صالح. 196 324- بحير بن ذاخر. 196 325- بُريد بن أبي مريم السلولي. 197 326- بشير بن أبي عمرو الخولاني. 197 327- بُكير بن الأخنس الكوفي. 197 328- بُكير بن فيروز الرهاوي.

197 329- بلال بن سعد بن تميم المذكر. 199 330- بيان بن سمعان التميمي النهدي. "حرف التاء". 199 331- توبة بن نمر بن حرملة. "حرف الثَّاءِ". 199 332- ثَابِتُ بْنُ عُبيد الأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ. 199 333- ثابت بن عياض العدوي الأعرج. 200 334- ثمامة بن شُفي الهمداني. 200 335- ثمامة بن عبد الله بن أنس. "حرف الجيم". 200 336- الجارود بن أبي سبرة الهذلي. 200 337- جامع بن شداد المحاربي. 200 338- جبر بن حبيب. 200 339- جبير بن محمد النوفلي. 201 340- الجراح بن عبد الله الحكمي. 202 341- جرير بن زيد الأزدي البصري. 202 342- جعثل بن هاعان الرعيني. 203 343- الجعد بن درهم الجعدي. 203 344- جعفر بن عبد الله بن الحكم.

"حرف الحاء". 204 349- الحارث بن يزيد العكلي. 204 350- حبان بن واسع بن حبان. 204 351- حبيب بن أبي ثابت. 205 352- حبيب بن عُبيد الرحبي الحمصي. 205 353- حرام بن حكيم بن خالد. 205 354- حرام بن سعد بن محيصة. 205 355- الحر بن الصياح النخعي. 206 356- حزن بن بشير الخثعمي. 206 357- الحسن بن جابر الحمصي. 206 358- الحسن بن سعد بن معبد. 206 359- الحسين بن الحارث الجدلي. 206 360- الحضرمي بن لاحق اليماني. 206 361- حفص بن عبيد الله. 207 362- حفص ابن أخي أنس بن مالك. 207 363- الحكم بن جحل البصري. 207 364- الحكم بن عُتيبة الكندي. 208 365- حكيم بن عبد الله بن قيس المطلبي. 208 366- حماد بن أبي سليمان. 209 367- حمران بن أعين الكوفي. 209 368- حمزة بن بيض الحنفي. 210 369- حمزة بن عمرو الضبي. 210 370- حميد بن نافع الأنصاري. 210 371- حميد بن هلال العدوي.

211 372- حميد الشامي. 211 373- حيان أبو النضر الأسدي. 211 حي بن يُومن. 211 374- حيان الأعرج. "حرف الخاء". 211 375- خالد بن باب الربعي. 211 376- خالد بن دُريك العسقلاني. 212 377- خالد بن زيد بن جارية الأنصاري. 212 378- خالد بن أبي الصلت المدني. 212 379- خالد بن اللجلاج العامري. 212 380- خالد بن محمد الثقفي. "حرف الذال". 212 381- ذو الرمة الشاعر غيلان بن عقبة. "حرف الراء". 213 382- راشد بن سعد المقرائي. 213 383- راشد بن أبي سكنة. 214 384- الربيع بن سبرة. 214 385- ربيعة بن سيف بن مانع المعافري. 214 386- ربيعة بن عطاء بن يعقوب المدني. 214 387- رجاء بن حيوة الكندي. 216 388- رديني بن أبي مجلز. 216 389- رياح بن عبيدة السلمي. "حرف الزاي". 216 390- رائدة بن عمير الطائي الكوفي.

216 391- الزبرقان بن عمرو الضمري. 216 392- زرارة بن مصعب الزهري. 217 393- زياد الأعلم بن حسان الباهلي. 217 394- زياد بن أبي سودة المقدسي. 217 395- زياد بن كليب التميمي. 217 396- زياد بن النضر. 217 397- زيد بن أرطأة الفزاري. "حرف السين". 217 398- سعيد بن أبي بردة. 218 399- سعيد بن سمعان الزرقي. 218 400- سعيد بن سويد الكلبي. 218 401- سعيد بن عبيد بن السابق. 218 402- سعيد بن عمرو بن أشوع. 218 - سعيد بن عمرو بن جعدة. 218 403- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. 218 404- سعيد بن محمد بن جبير القرشي. 219 405- سعيد بن مينا. 219 406- سعيد بن يحمد. 219 407- سعيد بن يسار. 219 408- سعيد بن هاني الخولاني. 219 409- سكينة بنت الحسين. 221 410- سلمة بن أبي سلمة. 221 411- سليمان بن موسى الأموي. 221 412- سليمان بن أيوب.

222 413- سليمان"سُليم أبو عمران الأنصاري". 222 414- سليم بن عامر الكلاعي. 222 415- سماك بن الوليد الحنفي. 222 416- سهل بن معاذ الجهني. 223 417- سهيل بن أبي أمامة. 223 418- سوادة بن حنظلة القشيري. 223 419- سويد بن حجير الباهلي. 223 420- سيار بن سلامة الرياحي. 223 421- سيار أبو حمزة الكوفي. "حرف الشين". 224 422- شداد أبو عمار الدمشقي. 224 423- شريح بن عبيد المقرائي. 224 424- شعبة مولى ابن عباس. 224 425- شمر بن عطية الكاهلي. 224 426- شيبة بن مساور الواسطي. "حرف الصاد". 224 427- صالح بن جبير الصدائي. 225 428- صالح بن درهم الباهلي. 225 429- صالح بن رستم الدمشقي. 225 430- صالح بن سعيد الحجازي. 225 431- صالح بن أبي عريبة. 225 432- الصلت بن عبد الله الهاشمي. 226 433- صيفي بن زياد الأنصاري. 226 434- صيفي مولى أفلح.

"حرف الضاد". 226 435- الضحاك بن شرحبيل الغافقي. 226 436- ضمرة بن حبيب الزبيدي الحمصي. "حرف الطاء". 226 437- طلْحة بْن عَبْد اللَّه بْن عبد الرحمن. 227 438- طلحة بن مصرف. 228 439- طليق بن عمران. "حرف العين". 228 440- عاصم بْن عُمَر بْن قتادة. 228 441- عامر بن جشيب الحمصي. 229 442- عامر بن يحيى المعافري. 229 443- معبادة بن نسي الكندي. 229 444- عائشة بنت سعد بن أبي وقاص. 230 445- العباس بن ذريح الكلبي. 230 446- العباس بن سالم الدمشقي. 230 447- العباس بن سهل الساعدي. 230 448- عبد الله بن بريدة الأسلمي. 231 449- عبد الله بن حنش الأودي. 232 450- عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي. 232 451- عبد الله بن أبي إسحاق. 233 452- عبد الله بن أبي سلمة الماجشون. 233 453- عبد الله بن أبي سليمان. 233 454- عبد الله بن سهل أبو ليلى. 234 455- عبد الله بن عامر اليحصبي.

235 456- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِر. 235 457- عبد الله بن عبيد الله المكي. 235 458- عبد الله بن عبد الله قاضي الري. 235 459- عبد الله بن زين العابدين علي. 236 460- عبد الله بن عبيد بن عمير الجندعي. 236 461- عبد الله بن كثير الكناني. 236 462- عبد الله بن كثير السهمي. 237 463- عبد الله بن كيسان التيمي. 237 464- عبد الله بن أبي المجالد. 237 465- عبد الله بن نيار بن مكرم. 238 466- عبد الله بن واقد. 238 467- عبد الله بن أبو محمد البطال. 240 468- عبد الجبار بن وائل بن حُجْر. 241 469- عَبْد الْحَمِيدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْدِ. 241 470- عبد الحميد بن محمود المعولي. 241 471- عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري. 241 472- عبد الرحمن بن ثروان الأودي. 241 473- عبد الرحمن بن جبير بن نفير. 442 474- عبد الرحمن بن رافع التنوخي. 442 475- عبد الرحمن بن سابط الجمحي. 442 476- عبد الرحمن بن سعيد بن وهب. 442 477- عبد الرحمن بن سلمة القرشي. 442 478- عَبْد الرَّحْمَن بْن عابس بْن ربيعة النَّخْعي. 243 479- عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي.

243 480- عبد الرحمن بن هرمز الأعرج. 243 481- عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني. 243 482- عبد الملك بن ميسرة الهلالي. 244 483- عبد الملك بن ميسرة المكي. 244 484- عبد الملك بن أبي محذورة الْجُمَحِي. 244 485- عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَرْوَة العَبْدِي. 244 486- عبيد الله بن عبد الله بن حصين. 244 487- عبيد الله بن القبطية. 244 488- عثمان بن حاضر. 245 489- عثمان بن أبي سودة المقدسي. 245 490- عثمان بن عبد الله بن سراقة. 245 491- عدي بن ثابت الكوفي. 245 492- عَدِيّ بْن عَدِيّ بْن عَمِيرة بْن فَرْوَةَ الكندي. 246 493- العرجي الشاعر عبد الله بن عمر. 246 494- عروة بن عبد اله بن قشير الجعفي. 246 495- عطاء بن أبي رباح المكي. 249 496- عطاء بن أبي مروان الأسلمي. 249 497- عطية بن سعد بن جنادة. 249 498- عقبة بن حريث التغلبي. 249 499- عقبة بن مسلم التجيبي. 250 500- عكرمة بن خالد بن العاص. 250 501- عكرمة بن خالد بن سلمة. 250 502- علقمة بن مرثد الحضرمي. 250 503- علي بن الأقمر الوادعي.

250 504- علي بن ثابت بن أبي زيد. 251 505- علي بن رباح بن قصير اللحمي. 251 506- عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. 251 507- عَلَى بن مدرك النخعي. 252 508- عمارة بن راشد الليثي. 252 509- عمران بن أبي أنس القرشي. 253 510- عمر بن ثابت الخزرجي. 253 511- عُمَر بْن الحكم بْن رافع بْن سنان. 253 512- عمر بن الحكم بن ثوبان. 253 513- عمر بن سالم المدني. 254 514- عمر بن علي بن الحسين. 254 515- عمر بن مروان بن الحكم. 254 516- عمرو بن سعد الفدكي. 254 517- عمرو بن سعيد الثقفي البصري. 254 518- عمرو بن شعيب بن محمد السهمي. 256 519- عمرو بن مرة بن عبد الله المرادي. 257 520- عمير بن سعيد النخعي. 258 521- عَوْن بْن عَبْد الملك بْن عُتبة بْن مسعود. 258 522- عون بن أبي جحيفة وهب السوائي. 258 523- عياش بن عمرو الكوفي. 258 524- عيسى بن جارية المدني. 258 525- عيسى بن سيلان المزني. "حرف الغين". 259 526- غيلان القدري.

"حرف الفاء". 259 527- فاطمة بنت الحسين. 260 528- فاطمة بنت عبد الملك بن مروان. 260 529- فاطمة الصُغرى ابنه الإمام علي. 260 530- فاطمة بنت المنذر بْن الزُّبَيْر بْن العوَّام. 261 531- الفضل بْن الحَسَن بْن عَمْرو بْن أُمَّية. 261 532- الفضل بن قدامة العجلي الراجز. "حرف القاف". 262 533- القاسم بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. 263 534- القاسم أبو عبد الرحمن الدمشقي. 264 535- القاسم بن عوف الشيباني. 264 536- القاسم بن مُخيمرة. 265 537- قتادة بن دعامة. 266 538- قيس بن سعد المكي الحبشي. 267 539- قيس بن مسلم بن عمرو الجدلي. "حرف اللام". 267 540- لقمان بن عامر الوصابي. "حرف الميم". 267 541- محارب بن دثار. 268 542- محفوظ بن علقمة الحضرمي. 268 543- مُحل بن خليفة الطائي. 268 544- محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي. 269 545- مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر بْن العوَّام. 269 546- محمد بن سعيد بن المسيب المخزومي.

269 547- مُحَمَّد بْن سهل بْن أَبِي حَثْمَة الأَوْسي. 269 548- مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيِّ. 269 549- محمد بن علي بن الحسين الباقر. 271 550- محمد بن عمرو بن عطاء القرشي. 271 551- محمد بن قيس بن مخرمة. 271 552- محمد بن كعب القُرظي. 271 553- محمد بن أبي المجالد. 271 554- مروان الأصغر. 272 555- مروان أبو لُبابة الوراق. 272 556- مسلم بن مخراق. 272 557- مسلم بن يناق الخزاعي. 272 558- مسلم البطين. 272 559- مسلمة بن عبد الله بن ربعي. 272 560- مسلمة بن عبد الملك. 274 561- مشرح بن هاعان المعافري. 274 562- مصعب بن شيبة. 274 563- المطلب بن عبد الله بن حنطب. 275 564- معاذ بن عبد الله بن خبيب. 275 565- معاوية بن قرة. 276 566- معاوية بن هشام بن عبد الملك. 276 567- معبد بن خالد الجدلي. 276 568- المغيرة بن حكيم الصنعاني. 276 569- المغيرة بن سعيد البجلي. 276 570- المغيرة بن عبد الرحمن.

278 571- المغيرة بن قروة الدمشقي 279 572- المغيرة بن النعمان النخعي 279 573- مكحول بن أبي مسلم 282 574- مكحول أبو عبد الله الأزدي 283 575- المنهال بن عمرو الأسدي 283 576- موسى بن أنس بن مالك 283 577- موسى بن أبي تميم 284 578- موسى بن أبي عثمان التبان 284 579- موسى بن وردان القرشي 284 580- موسى بن يسار المدني 284 581- ميمون بن سياه 285 582- ميمون بن مهران الجزري "حرف النون" 287 583- نافع مولى ابن عمر 289 584- نُصَيب بن رباح الأسدي 289 585- النعمان بن سالم الطائفي 290 586- نُعيم بن عبد الله المجمر "حرف الهاء" 290 587- هشام بْن أَبِي رقية اللخمي 290 588- هشام بن زيد بن أنس بن مالك 290 589- هلال بن عبد الله "حرف الواو" 291 590- واصل بن حيان الأسدي 291 591- واقد بن عمرو

592- 291 وبرة بن عبد الرحمن المُسلي 593- 291الوليد بن رفاعة الفهمي 594- 292 الوليد بن سريع 595- 292 الوليد بن عبد الرحمن الجُرشي 596- 292 الوليد بن العَيْزار بن حريث 597- 292 الوليد بن مسلم العنبري 598- 292 الوليد بن قيس السكوني 599- 293 وهب بن منبه "حرف الياء" 600- 295 يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن صيفي. 601- 296 يحيى بن الحصين الأحمسي. 602- 296 يحيى بن عباد. 603- 296 يحيى بن عُروة بن الزبير. 604- 296 يحيى بن عُقيل الخزاعي. 605- 296 يحيى بن عمر البهراني. 606- 297 يحيى بن ميمون الحضرمي. 607- 297 يزيد بن خمير الرحبي. 608- 297 يزيد بن خمير اليزني. 609- 297 يزيد بن أبي سليمان الكوفي. 610- 297 يزيد بن شُريح الحضرمي. 611- 297 يزيد بن رومان. 612- 298 يزيد بن قُطيب السكوني. 613- 298 يزيد بن أبي منصور. 614- 298 يزيد بن ميسرة بن حلبس.

299 615- يزيد بن نُعيم بن هزال. 299 616- يعقوب بن أبي سلمة الماجشون. 300 617- يعقوب بن خالد بن المسيب. 300 618- يعقوب بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي طلحة. 300 619- يعلى بن عطاء العامري. 301 620- يعلى بن مسلم بن هرمز. 301 621- يوسف بن سعد الجمحي. 301 622- يوسف بن عبد الله بن الحارث. 301 623- يوسف بن ماهك الفارسي. 302 624- يونس بن سيف الكلاعي. "الكنى". 302 625- أبو البداع بن عاصم. 302 626- أبو بكر بن حفص بن عمر. 302 627- أَبُو بكر بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الجهم. 303 628- أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. 303 629- أبو بكر بن المنكذر التيمي. 304 630- أبو ذُبيان. 304 631- أبو رافع مولى أم سلمة. 304 632- أبو زرعة التجيبي. 304 633- أبو رجاء مولى أبي قلابة. 305 634- أبو السائب. 305 635- أبو سعيد الرُعيني. 305 636- أبو سفيان طلحة بن نافع الإسكاف. 305 637- أبو عبد رب الزاهد الدمشقي

306 638- أبو عبيد الحاجب. 306 639- أبو عبيدة بن عبد الله. 307 640- أبو عبيدة بن محمد بن عمار. 307 641- أبو عشانة المعافري. 307 642- أبو الفيض موسى بن أيوب. 307 643- أبو كثير السحيمي. 307 644- أبو لبابة التيمي الوراق. 308 645- أبو مريم الأنصاري. 308 646- أبو المليح بن أسامة الهذلي. 308 647- أبو المهزم التيمي. 309 648- أبو نوفل بن أبي عقرب. 309 649- أبو وهب الجيشاني المصري. 311 فهرس الموضوعات.

المجلد الثامن

المجلد الثامن الطبقة الثالثة عشرة: الحوادث من سنة 121 إلى 130 أحداث سنة إحدى وعشرين ومائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثالثة عشرة: الحوادث من سنة121 إلى130 أحداث سنة أحدى وعشرين ومائة: تُوُفِّيَ فِيهَا إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَوْ فِي الَّتِي تَلِيهَا، وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ قُتِلَ فِيهَا بِخُلْفٍ. وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا. وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ الْمَذْبُوحُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ يحيى ين حِبَّانَ الأَنْصَارِيُّ. ومُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِيهَا بِخُلْفٍ. وَنُمَيْرُ بْنُ أَوْسٍ الأَشْعَرِيُّ. وَفِيهَا غَزَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَسَارَ مِنْ أَرْمِينِيَّةَ إِلَى قَلْعَةِ بَيْتِ السَّرِيرِ مِنْ بِلادِ الرُّومِ فَقَتَلَ وَسَبَى وَغَنِمَ، ثُمَّ أَتَى قَلْعَةً ثَانِيَةً فَقَتَلَ وَأَسَرَ. ثُمَّ دَخَلَ حِصْنَ عَوْمِيكَ وَفِيهِ سَرِيرُ الْمَلِكِ، فَهَرَبَ الْمَلِكُ. ثُمَّ إِنَّهُمْ صَالَحُوا مَرْوَانَ فِي السَّنَةِ عَلَى أَلْفِ رَأْسٍ وَمِائَةِ أَلْفِ مُدْيٍ. ثُمَّ سَارَ مَرْوَانُ فَدَخَلَ أَرْضَ أَزَرَ وَبِلادَ بَطْرَانَ فَصَالَحُوهُ، وَصَالَحَهُ أَهْلُ بِلادِ تَوْمَانَ. ثُمَّ أَتَى جِمْرِينَ فَقَاتَلَهُمْ وَلازَمَ الْحِصَارَ عَلَيْهِمْ شَهْرَيْنِ ثُمَّ صَالَحُوهُ، ثُمَّ افْتَتَحَ مِسْدَارَةَ وَغَيْرَهَا. وَذَكَرَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ1 أَنَّ الْبَطَّالَ قُتِلَ فيها. وفيها غزا الصائفة مسلمة ابن أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هِشَامٍ فَسَارَ حَتَّى أَتَى مَلَطْيَةَ2. وَقَدْ مَاتَ مُسْلِمَةُ هَذَا فِي دَوْلَةِ أَبِيهِ.

_ 1 انظر تاريخ خليفة "352". 2 انظر تاريخ خليفة "352".

أحداث سنة اثنتين وعشرين ومائة

أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ بُكَيْرُ بْنُ عبد اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَلَى قَوْلِ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ, وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَسَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ بِوَاسِطَ. وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ. وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَأَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ يَحْيَى. وَالزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ. وَوُلِدَ فِيهَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَفِيهَا: خَرَجَ بِأَرْضِ الْمَغْرِبِ مَيْسَرَةُ الْحَقِيرُ وَعَبْدُ الأَعْلَى مَوْلَى مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ مُتَعَاضِدَيْنِ، وَمَعَهُمَا خَلائِقُ مِنَ الصُّفْرِيَّةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ, فَعَسْكَرَ لِمُلَتَقَاهُمْ مُتَوَلِّي أَفْرِيقِيَّةَ فَكَانَ الْمَصَافُّ بَيْنَهُمْ فَاسْتَظْهَرَ وَالِي أَفْرِيقِيَّةَ لَكِنْ قُتِلَ ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَبْحَابِ. ثُمَّ إِنَّهُ جَهَّزَ جَيْشًا عَلَيْهِمْ أَبُو الأَصَمِّ خَالِدٌ فَالْتَقَوْا فَقُتِلَ أَبُو الأَصَمِّ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الأَشْرَافِ فِي آخِرِ السَّنَةِ. وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ الصُّفْرِيَّةِ، وَبَايَعُوا بِالْخِلافَةِ الشَّيْخَ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيْدٍ الْهَوَّارِيَّ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ قُتِلَ وَجَرَتْ حُرُوبٌ مُهَوِّلَةٌ وَقُتِلَ الْمُسْلِمُونَ وَعَظُمَ الْخَطْبُ وَكَانَتْ سَنَةً وَأَيَّ سَنَةٍ. وَكَانَ الأَمِيرُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَبْحَابِ قَدْ جَهَّزَ حَبِيبَ بْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عُقْبَةَ الْفِهْرِيَّ غَازِيًا إِلَى جَزِيرَةِ صَقَلِّيَّةَ فَقَدِمَ مَعَهُ وَلَدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى طَلائِعِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَحَدَ الأَبْطَالِ فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَحَدٌ وَظَفَرَ ظَفَرًا مَا سَمِعَ بِمِثْلِهِ قَطُّ وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى أَكْبَرِ مَدَائِنَ صَقَلِّيَّةَ، وَهِيَ مَدِينَةُ سَرْقُوسَةُ فَقَابَلُوهُ فَهَزَمَهُمْ، وَهَابَتْهُ النَّصَارَى وَذَلُّوا لِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ. وَكَانَ وَالِدُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَبْحَابِ قَدِ اسْتَعْمَلَ عَلَى طَنْجَةَ وَمَا يَلِيهَا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيَّ فَظَلَمَ وَعَسَفَ وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فِي الْبَرْبَرِ فَثَارُوا وَاغْتَنَمُوا غَيْبَةَ الْعَسَاكِرِ، وَتَدَاعَتْ عَلَى عُمَرَ الْقَبَائِلُ وَعَظُمَ الشَّرُّ. وَهَذِهِ أَوَّلُ فِتْنَةٍ كَانَتْ بِالْمَغْرِبِ بَعْدَ تَمْهِيدِ الْبِلادِ فَأَمَّرَتِ الْبَرْبَرُ عَلَيْهِمْ مَيْسَرَةَ الْحَقِيرَ فَأَسْرَعَ حَبِيبُ الْفِهْرِيُّ الْكَرَّةَ مِنْ صَقَلِّيَّةَ فَالْتَقَى هُوَ وَمَيْسَرَةُ, فَكَانَتْ مَلْحَمَةٌ هَائِلَةٌ فاستظهر ميسرة. ثم إن البرب أَنْكَرَتْ سُوءَ سِيرَةِ مَيْسَرَةَ وَتَغَيَّرُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ خَالِدَ بْنَ حُمَيْدَةَ الزَّنَاتِيَّ فَأَقْبَلَ بِهِمْ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ, فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَسْكَرِ الإِسْلامِ مَلْحَمَةٌ مَشْهُورَةٌ قُتِلَ فِيهَا خَالِدُ الزَّنَاتِيُّ، وَسَائِرُ مَنْ مَعَهُ, وَذَهَبَ فِيهَا خَلْقٌ مِنْ فِرْسَانِ الْعَرَبِ وَلِهَذَا سُمِّيَتْ غَزْوَةَ الأَشْرَافِ. وَمَرَجَ أَمْرُ النَّاسِ وَقَوِيَتِ الْخَوَارِجُ. وَعَمَدَ النَّاسُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَبْحَابِ فَعَزَلُوهُ فَغَضِبَ الْخَلِيفَةُ هِشَامُ لَمَّا بَلَغَهُ وَتَنَمَّرَ، وَبَعَثَ عَلَى المغرب كلثوم بن عياض القشيري.

أحداث سنة ثلاث وعشرين ومائة

أحداث سَنَةَ ثَلاثَ وَعِشرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ ثَابِتُ الْبُنَانِيُّ. وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الْقَصِيرُ بِدِمَشْقَ. وَأَبُو يُونُسَ سُلَيْمٌ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ الذُّهْلِيُّ. وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ. وَشُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ الْمَدَنِيُّ. وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عبد الملك بن حبيب. وابن محيض مُقْرِئِ مَكَّةَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ عَابِدُ الْبَصْرَةِ. وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ بِخُلْفٍ. وَفِيهَا: كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ الْبَرْبَرِ وَبَيْنَ كُلْثُومِ بْنِ عِيَاضٍ فَقُتِلَ كُلْثُومُ فِي الْمَصَافِّ وَاسْتُبِيحَ عَسْكَرُهُ وَقُتِلَ عِدَّةٌ مِنْ أُمَرَائِهِ كَسَرَهُمْ أَبُو يُوسُفَ الأَزْدِيُّ رَأَسُ الصُّفْرِيَّةِ ثُمَّ اتَّبَعَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ. وَقَتَلَ حَبِيبَ بْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ الْفِهْرِيَّ وَسُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي الْمُهَاجِرِ. ثُمَّ قَامَ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ بَلْجُ ابْنُ عَمِّ كُلْثُومٍ فَانْتَصَرَ عَلَى الْخَوَارِجِ وَهَزَمَهُمْ، وَقُتِلَ أَبُو يُوسُفَ فِي خَلْقٍ مِنَ الصُّفْرِيَّةِ. وَكَانَ كُلْثُومُ الْمَذْكُورُ مِنْ جِلَّةِ الأُمَرَاءِ وَلِيَ دِمَشْقَ مُدَّةً لِهِشَامٍ ثُمَّ وَلاهُ الْمَغْرِبَ فَسَارَ إِلَيْهَا فِي خَلْقٍ مِنْ عَرَبِ الشَّامِ فَلَمَّا قُتِلَ دَخَلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ إِلَى الأَنْدَلُسِ وَعَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ الْفِهْرِيُّ، وَعَبْدُ الملك بن قطن فجرت بينهم وَقَعَاتٌ عَلَى الْمُنَافَسَةِ عَلَى الدُّنْيَا فَقُتِلَ بَلْجُ الْقُشَيْرِيُّ وَوُجُوهُ أَصْحَابِهِ. وَفِيهَا: حَجَّ بِالنَّاسِ يَزِيدُ ابن الخلفية هِشَامٍ، وَفِي صُحْبَتِهِ الزُّهْرِيُّ وَفِيهَا لَقِيَهُ مَالِكٌ وابن عيينة.

أحداث سنة أربع وعشرين ومائة

أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الْجُهَنِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الزرقي أبو طلحة. والقاسم ابن أَبِي بَزَّةَ الْمَكِّيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِخُلْفٍ. وَأَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيُّ. وَعَاثَتِ الصُّفْرِيَّةُ بِالْمَغْرِبِ وَحَاصَرُوا قَابِسَ وَنَصَبُوا عَلَيْهَا الْمَجَانِيقَ، وَافْتَرَقَتِ الصُّفْرِيَّةُ بَعْدَ مَقْتَلِ مَيْسَرَةَ فِرْقَتَيْنِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ فِي صِبَاهُ يَسْقِي الْمَاءَ وَلَمَّا بَلَغَ الْخَلِيفَةَ هشام قَتْلُ كُلْثُومٍ بَعَثَ عَلَى الْمَغْرِبِ حَنْظَلَةَ بْنَ صفوان الكلبي.

أحداث سنة خمس وعشرين ومائة

أحداث سِنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ سُلَيْمٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ، وَجَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ. وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ. وَزِيَادُ بْنُ علافة الثَّعْلَبِيُّ وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ الرُّهَاوِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ فِي قَوْلٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حُمَيْدٍ بِمِصْرَ. وَصَالِحُ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ بِالْمَدِينَةِ. وَعَلِيُّ بْنُ نُفَيْلٍ الْحَرَّانِيُّ بِهَا. وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الأَصَحِّ. ومرثد بن سمي والوليد ابن عبد الملك بْنِ أَبِي مَالِكٍ. وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَلِيفَةُ، وَيَحْيَى بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ قُتِلَ كَأَبِيهِ. وَفِيهَا: استُخْلِفَ الْوَليِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَتَبَ إِلَى يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ أَنْ يَبْعَثَ إِلَى أَمِيرِ الْعِرَاقِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ بِالأَخَوَيْنِ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ. فَلَمَّا قَدِمَا عَلَيْهِ عَذَّبَهُمَا حَتَّى هَلَكَا. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ هَذَا قَدْ وَلِيَ الْحَرَمَيْنِ لِهِشَامٍ مُدَّةً وَأَقَامَ الْحَجَّ مُدَّةً. وَكَانَتِ الْفِتَنُ شَدِيدَةً بِالْمَغْرِبِ وَنِيرَانُ الْحَرْبِ تَسْتَعِرُ وَعَلَيْهَا الأَمِيرُ حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ, فَزَحَفَ إِلَيْهِ عُكَاشَةُ الْخَارِجِيُّ فِي جَمْعٍ فَالْتَقَوْا فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ وَقْعَةٌ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا, وَانْهَزَمَ عُكَاشَةُ وَقُتِلَ مِنَ الْبَرْبَرِ مَنْ لا يُحْصَى ثُمَّ تَنَاخُوا وَسَارَ رَأْسُهُمْ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْهَوَّارِيُّ بِنَفْسِهِ فَجَهَّزَ حَنْظَلَةُ لِمُلْتَقَاهُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا فَانْكَسَرُوا وَوَلَّوِا الأَدْبَارَ وَقُتِلَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ أَلْفًا، وَنَزَلَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بِجُيوُشِهِ عَلَى فَرْسَخٍ مِنَ الْقَيْرَوَانِ، وَكَانَ فِيمَا قِيلَ فِي ثَلاثِمِائَةِ أَلْفٍ، فَبَذَلَ حَنْظَلَةُ الأَمْوَالَ وَالسِّلاحَ وَعَبَّأَ عَشْرَةَ آلافٍ فَخَرَجُوا وَمَعَهُمُ الْقُرَّاءُ وَالْوُعَّاظُ، وَكَثُرَ الدُّعَاءُ وَالاسْتِغَاثَةُ بِاللَّهِ وَضَجَّ النِّسَاءُ، وَالأَطْفَالُ وَكَانَتْ سَاعَةً مَشْهُودَةً، وَسَارَ حَنْظَلَةُ بَيْنَ الصُّفُوفِ يُحَرِّضُ عَلَى الْجِهَادِ، وَاسْتَسْلَمَتِ النِّسَاءُ لِلْمَوْتِ لِمَا يَعْلَمْنَ مِنْ رَأَيِ هَؤُلاءِ الصُّفْرِيَّةِ، ثُمَّ كَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ وَصَدَقُوا الْحَمْلَةَ وَكَسَرُوا أَغْمَادَ سُيُوفِهِمْ، وَالْتَحَمَ الْحَرْبُ وَثَبَتَ الْجَمْعَانِ ثُمَّ انْكَسَرَتْ مَيْسَرَةُ الإِسْلامِ ثُمَّ تَرَاجَعُوا وَحَمَلُوا فَهَزَمُوا الْعَدُوَّ وَقُتِلَ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْهَوَّارِيُّ وَأُتِيَ بِرَأْسِهِ، وَقُتِلَ الْبَرْبَرُ مَقْتَلَةً لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا، وَأُسِرَ عُكَاشَةُ وَأُتِيَ بِهِ فَقَتَلَهُ حَنْظَلَةُ وَأَمَرَ بِإِحْصَاءِ الْقَتْلَى بِالْقَصَبِ بِأَنْ طَرَحَ عَلَى كُلِّ قَتِيلٍ قَصَبَةٌ ثُمَّ جَمَعَ الْقَصَبَ فَبَلَغَتْ مِائَةُ أَلْفٍ وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَهَذِهِ مَلْحَمَةٌ مَشْهُودَةٌ مَا سَمِعْنَا بِمِثْلِهَا قَطُّ، وَهَؤُلاءِ الْكِلابُ يَسْتَبِيحُونَ سَبْيَ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَذُرِّيَتِهِمْ وَدِمَاءِهِمْ وَيُكَفِّرَونَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ، وَتُعْرَفُ بِغْزَوَةِ الأَصْنَامِ بِاسْمِ قَرْيَةٍ هُنَاكَ. وَعَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: مَا غَزْوَةٌ كَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَشْهَدَهَا بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ غَزْوَةِ الْغَرْبِ بالأصنام.

أحداث سنة ست وعشرين ومائة

أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ الْكُوفِيُّ؛ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ مَقْتُولا؛ وَدَرَّاجُ أَبُو السَّمْحِ الْمِصْرِيُّ الْقَاصُّ؛ وَسَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ؛ وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيُّ؛ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّبَائِيُّ؛ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ؛ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ الْمَكِّيُّ؛ وَعَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ الْمِصْرِيُّ؛ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ الْمَكِّيُّ. وَالْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ الأَسَدِيُّ الشَّاعِرُ. ونَبِيهُ بْنُ وَهْبٍ الْعَبْدَرِيُّ. وَالْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ خُلِعَ وَقُتِلَ. وَيَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ بِحِمْصٍ. وَيَزِيدُ بْنُ الْوَليِدِ النَّاقِصُ فِي آخِرِ الْعَامِ. وَفِيهَا: خَرَجَ أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ الْخَلِيفَةِ الْوَلِيدِ لِمَا انْتَهَكَ مِنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ وَاسْتَهْتَرَ بِالدِّينِ, فَبُويِعَ يَزِيدُ بِالْمِزَّةِ وَتَوَثَّبَ عَلَى دِمَشْقَ فَأَخَذَهَا, ثُمَّ جَهَّزَ عَسْكَرًا إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَهُوَ بِنَوَاحِي تَدْمُرَ عَاكِفًا عَلَى الْمَعَاصِي, فَقُتِلَ بِحِصْنِ الْبَخْرَاءِ مِنْ نَاحِيَةِ تَدْمُرَ فِي شَهْرِ جُمَادَى الآخِرَةِ. فَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ: قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ فِي الْوَلِيدِ أَبَدًا عِنْدَ هِشَامِ وَيُعِيبُهُ وَيَذْكُرُ عَنْهُ الْعَظَائِمَ مِنَ الْمُرْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَخْضِبُهُمْ بِالْحِنَّاءِ وَيَقُولُ: مَا يَحِلُّ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلا أَنْ تَخْلَعَهُ مِنَ الْعَهْدِ. وَكَانَ الْوَليِدُ قَدْ جَعَلَهُ أَبُوهُ وَلِيَّ عَهْدٍ بَعْدَ هِشَامٍ فَكَانَ هِشَامٌ لا يَسْتَطِيعُ خَلْعَهُ وَيُعْجِبُهُ قَوْلَ الزُّهْرِيِّ رَجَاءَ أَنْ يُؤَلِّبَ النَّاسَ عليه. ثم إن يزيداً استُخْلِفَ فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ وَلا مُتِّعَ فَعُهِدَ بِالأَمِرِ إِلَى أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَليِدِ فِي ذِي الْحِجَّةِ, وَقِيلَ: لَمْ يَعْهَدْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بَلْ بَايَعَهُ الْمَلَأُ فَتَوَثَّبَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَيَّامٍ مَرْوَانُ الْحِمَارُ كَمَا يَأْتِي. وَفِيهَا: خَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ الْفِهْرِيُّ بِالْمَغْرِبِ وَعَلَيْهَا حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ، وَكَانَ فِيهِ دِينٌ وَوَرَعٌ عَنِ الدِّمَاءِ فَنَزَحَ عَنِ الْقَيْرَوَانِ وَتَأَسَّفَ عَلَيْهِ النَّاسُ لجهاده وعدله.

أحداث سنة سبع وعشرين ومائة

أحداث سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ. وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَلَى الأَصَحِّ. وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلٍ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ الْفَهْمِيُّ. وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَنَدِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ الْمَدَنِيُّ. وَعَمْرُو بن عبد الله أبو إسحق السبيعي، وعمير بن هانيء الْعَنْسِيِّ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ الزَّاهِدُ فِي قَوْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ. وَوَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ الْمُؤَدَّبُ. وَفِيهَا: كَانَتْ فِتَنٌ عَظِيمَةٌ وَبَلاءٌ: فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ مُتَوَلِّي أَذْرَبَيْجَانَ، وَأَرْمِينِيَّةَ وَتِلْكَ الْمَمَالِكِ، لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ النَّاقِصِ، أَنْفَقَ الأَمْوَالَ وَجَمَعَ الأَبْطَالَ وسار بالعساكر فدخل الشام، فجهز ابرهيم بْنُ الْوَليِدِ لِحَرْبِهِ أَخَوَيْهِ بِشْرًا وَمَسْرُورًا، فَالْتَقَوْا، فَانْتَصَرَ مَرْوَانُ وَأَسَرَهُمَا وَسَجَنَهُمَا، ثُمَّ زَحَفَ حَتَّى نَزَلَ بِعَذْرَاءَ فَالْتَقَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا وَقْعَةٌ مَشْهُودَةٌ، ثُمَّ انهزم سليمان وبلغ ذلك ابرهيم بْنَ الْوَليِدِ فَعَسْكَرَ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ وَأَنْفَقَ الأَمْوَالَ فِي الْعَسْكَرِ فَخَذَلُوهُ وَتَفَلَّلُوا عَنْهُ، وَوَثَبَ الْكِبَارُ بِدِمَشْقَ فَقَتَلُوا عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَيُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الَّذِي كَانَ نَائِبَ الْعِرَاقِ فِي الْحَبْسِ. وَقُتِلَ الْحَكَمُ وَعُثْمَانُ ابْنَا الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَكَانَا يُلَقَّبَانِ بِالْجَمَلَيْنِ وَكَانَا شَابَّيْنِ أَمْرَدَيْنِ قَتَلُوهُمَا بِالدَّبَابِيسِ وَثَبَ عَلَيْهِمَا غِلْمَانُ يَزِيدَ بْنِ خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ لِأَنَّ أُمَرَاءَ دِمَشْقَ خَافُوا مِنْ أَنْ يُخْرِجَهُمَا مَرْوَانُ الْحِمَارُ فَيُبَايِعُ أَحَدَهُمَا أَوْ يَجْعَلُهُ وَلِيَّ عَهْدٍ فَلا يَسْتَبْقِي أَحَدًا قَامَ عَلَى أَبِيهِ. ثُمَّ هَرَبَ الْخَلِيفَةُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ فَسَارَ يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية وَبَنُو عَمِّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ إِلَى عَذْرَاءَ إِلَى مَرْوَانَ الْحِمَارِ وَبَايَعُوهُ بِالْخِلافَهِ وَدَخَلَ الْبَلَدَ فَأمَرَ بِنَبْشِ يَزِيدَ بْنِ الْوَليِدِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَلَبَهُ لِأَجْلِ قِيَامِهِ عَلَى الْوَلِيدِ الْفَاسِقِ، ثُمَّ إِنَّ الْخَلِيفَةَ إِبْرَاهِيمَ ذَلَّ وَجَاءَ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِ مَرْوَانَ ابْنَ مُحَمَّدٍ وَخَلَعَ نَفْسَهُ مِنَ الأَمْرِ وَسَلَّمَهُ إِلَى مَرْوَانَ وَبَايَعَ طَائِعًا. وَجَرَتْ هَوَشَاتٌ وَفِتَنٌ، وَوَثَبَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ بِالْغُوطَةِ فَقَتَلَ يَزِيدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقِسْرِيَّ وَتَمَّ الأَمْرُ لِمَرْوَانَ، ثُمَّ سَارَ عَنْ دِمَشْقَ فَخَلَعَهُ أَهْلُهَا وَأَهْلُ حِمْصٍ فَنَزَلَ عَلَى حِمْصٍ بِجَيْشِهِ، وَحَاصَرَهَا وَأَخَذَهَا وَقَتَلَ عِدَّةُ أُمَرَاءَ وَهَدَمَ نَاحِيَةً مِنْ سُورِهَا. وَخَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ طَبَرِيَّةَ ثَابِتُ بْنُ نَعِيمٍ الْجُذَامِيُّ فَجَهَّزَ لِحَرْبِهِ عَسْكَرًا, فَانْهَزَمَ ثَابِتٌ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ جُنْدِهِ ثُمَّ أُسِرَ وَأُتِيَ بِهِ مَرْوَانُ فَقَطَعَ أَرْبَعَتَهُ بِدِمَشْقَ وَكَانَ سَيِّدَ الْيَمَانِيَّةِ فِي زَمَانِهِ. وَأَمَّا أَهْلُ الْكُوفَةِ فَبَايَعُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيَّ، وَكَانَ معه أخوه الْحَسَنُ وَيَزِيدُ وَكَانُوا قَدْ وَفَدُوا عَلَى نَائِبِ الْكُوفَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَكْرَمَهُمْ وَبَالَغَ فِي الإِحْسَانِ، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ النَّاقِصُ هَاجَتْ شِيعَةُ الْكُوفَةِ وَجَيَّشُوا وَغَلَبُوا عَلَى الْقَصْرِ، وَبَايَعُوا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا، فَحَشَدَ مَعَهُ خَلائِقَ فَالْتَقَاهُمْ عَسْكَرُ

الْكُوفَةِ وَتَمَّتْ لَهُمْ وَقْعَةٌ انْهَزَمَ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ الْقَصْرَ وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنْ شِيعَتِهِ, ثُمَّ إِنَّهُ أُخْرِجَ مِنَ الْقَصْرِ وَأَمَّنُوهُ وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْكُوفَةِ, فَتَلاحَقَ بِهِ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى قَصْرِ الإِمَارَةِ. وَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ كَانَ ظُهُورُ سَعِيدِ بْنِ بَحْدَلٍ الْخَارِجِيِّ بِنَوَاحِي الْمَوْصِلِ وَتَبِعَهُ خَلْقٌ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ وَاسْتُخْلِفَ عَلَى أَصْحَابِهِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْمَحْكَمِيُّ فَغَلَبَ عَلَى تِكْرِيتَ, ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى الْكُوفَةِ فَعَسْكَرَ بِدِيرِ الثَّعَالِبِ فِي نَحْوٍ مِنْ ثَلاثَةِ آلافٍ فَالْتَقَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكَانَ بَيْنَهُمَا وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ ثُمَّ انْكَسَرَ عَبْدُ اللَّهِ، وَتَحَيَّزَ إِلَى وَاسِطَ، وَمَلَكَ الضَّحَّاكُ الْكُوفَةَ وَقَوِيَ أَمْرُهُ ثُمَّ عَبَّأَ جُيُوشَهُ فِي رَمَضَانَ، وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى وَاسِطَ فَحَارَبَهُ عَبْدُ اللَّهُ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ مَنْصُورُ بْنُ جُمْهُورٍ أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَذْكُورِينَ وَالشُّجْعَانِ الْمَعْدُودِينَ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَدَامَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَقُتِلَ خَلْقٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ الضَّحَّاكُ الْمَحْكَمِيُّ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلاطَفَهُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي طَاعَتِهِ وَيُقِرَّهُ عَلَى عَمَلِهِ، فَأَعْطَاهُ عَبْدُ اللَّهِ ذلك ولابنه، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شُبَيْلُ بْنُ عَزْرَةَ الضُّبَعِيِّ وَكَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَظْهَرَ دِينَهُ ... وَصَلَّتْ قُرَيْشٌ خَلْفَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ثُمَّ سَارَ الضَّحَّاكُ إِلَى الْمَوْصِلِ فَخَرَجَ لِحَرْبِهِ مُتَوَلِّيهَا فَقُتِلَ، ثُمَّ اسْتَوْلَى الضَّحَّاكُ عَلَى الْمَوْصِلِ وَاتَّسَعَ سُلْطَانُهُ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ الْخَوَارِجِ، فَكَتَبَ مروان ابن مُحَمَّدٍ الْخَلِيفَةُ - إِلَى وَلَدِهِ عَبْدُ اللَّهِ وَالِي الْجَزِيرَةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعَسْكِرَ بِنَصِيبِينَ فَسَارَ إِلَيْهِ الضحاك فحصره نَحْوًا مِنْ شَهْرَيْنِ وَبَثَّ خَيْلَهُ يُغِيرُونَ عَلَى بِلادِ الْجِزِيرَةِ وَكَثُرَتْ جُمُوعُ الضَّحَّاكِ وَانْضَافَ إِلَيْهِ مَنْ هَرِبَ مِنْ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَظُمَ الْخَطْبُ فَسَارَ مَرْوَانُ بِنَفْسِهِ لِيَكْشِفَ عَنِ ابْنِهِ، فَالْتَقَاهُ الضَّحَّاكُ فَأَشَارَ عَلَى الضَّحَّاكِ أُمَرَاؤُهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ وَيُقَدِّمَ فُرْسَانَهُ فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَالِي فِي دُنْيَاكُمْ هَذِهِ مِنْ حَاجَةٍ وَإِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا الطَّاغِيَةَ وَقَدْ جَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَعَلَيَّ دَيْنٌ سَبْعَةُ دَرَاهِمَ فِي كُمِّي مِنْهَا ثَلاثَةٌ؛ وَالْتَحَمَ الْقِتَالُ إِلَى الْمَسَاءِ فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ فِي الْمَعْرَكَةِ وَلَمْ يَدْرِ بِهِ أَحَدٌ وَدَخَلَ اللَّيْلُ وَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ نَحْوٌ مِنْ سِتَّةِ آلافٍ ثُمَّ أَصْبَحُوا عَلَى الْقِتَالِ، وَرَكَبَ النَّاس يَوْمَئِذٍ ضَبَابٌ بِحَيْثُ أَنَّ الْفَارِسَ لا يَرَى عَرْفَ فَرَسِهِ، وَمَضَى مَرْوَانُ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَثَبَتَ جُنْدُهُ وَجَاءَ الْخَيْبَرِيُّ أَحَدُ رؤوس الْخَوَارِجِ فَدَخَلَ فِي مُعَسْكَرِ مَرْوَانَ وَقَطَعَ أَطْنَابَ خِيَامِهِ وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِهِ فَكَرَّ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثَةِ آلافٍ عَلَى الْخَيْبَرِيِّ فَقَتَلُوهُ، فَقَامَ بِأَمْرِ الخوارج

شَيْبَانُ فَتَحَيَّزَ بِهِمْ وَنَزَلَ بِالزَّابَيْنِ وَخَنْدَقُوا عَلَى نُفُوسِهِمْ فَقَاتَلَهُمْ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ كُلُّ يَوْمٍ رَايَةُ مَرْوَانَ مَهْزُومَةٌ، ثُمَّ نَزَلَ شَيْبَانَ الْخَنَادِقَ وَطَلَبَ شَهْرَ زُورَ ثُمَّ انْحَدَرَ عَلَى مَاهٍ ثُمَّ عَلَى الصَّيْمَرَةِ فَأَتَى بِلادَ كرمان وعاث وأفسد ثم رجع إلى عُمَانَ فَقَاتَلُوهُ فَقُتِلَ فِي الوقعة. وَفِيهَا: كَانَ قَدْ خَرَجَ بِأَذْرَبَيْجَانَ بِسْطَامُ بْنُ اللَّيْثِ التَّغْلَبِيُّ فَسَارَ فِي نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ فَارِسًا حَتَّى قَدِمَ بَلَدَ فَسَارَ إِلَيْهِ عَسْكَرٌ مِنَ الْمَوْصِلِ فَبَيَّتَهُمْ وَأَصَابَ مِنْهُمْ ثُمَّ قَدِمَ نَصِيبِينَ فَعَاثَ وَشَغَبَ فِي حَيَاةِ الضَّحَّاكِ, فَجَهَّزَ لَهُ الضَّحَّاكُ عَسْكَرًا فَقُتِلَ هُوَ وَغَالِبُ أَصْحَابِهِ ثُمَّ سَكَنَ وَذُلَّتِ الْخَوَارِجُ. وَتَوَطَّدَتِ الْمَمْلَكَةُ لِمَرْوَانَ فَبَعَثَ عَلَى الْعِرَاقِ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيُّ وَعَزَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَكَانَتْ إِمْرَةُ عَبْدِ اللَّهِ عَامَيْنِ فَسَارَ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ حَتَّى نَزَلَ هِيتَ وَحَارَبَ الْخَوَارِجَ مَرَّاتٍ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ وَانْهَزَمَ مِنْهُ مَنْصُورُ بْنُ جَمْهُورٍ إِلَى السِّنْدِ. وَفِيهَا: خَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ حُرَيْثٍ الْكَرْمَانِيُّ وَمَعَهُ الأَزْدُ فَالْتَقَاهُ أَمِيرُ خُرَاسَانَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ فَانْهَزَمَ نَصْرُ وَقَوِيَ أَمْرُ الْحَارِثِ وَالْتَفَّتْ عَلَيْهُ مُضَرُ وَبَايَعُوهُ وَغَلَبَ عَلَى مَرْوَ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ. وَفِيهَا: خَرَجَ بِمِصْرَ وُجُوهُ أَهْلِهَا عَلَى مَرْوَانَ وَكَثُرَتْ عَلَيْهِ الْفُتُوقُ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ إِلَى بلاد الترك.

أحداث سنة ثمان وعشرين ومائة

أحداث سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا بَكْرُ بْنُ سُوَادَةَ الْفَقِيةُ بِمِصْرَ، وَجَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الجعفي بالكوفة، وأبو قبيل حيي بن هانيء المعافري، وعاصم بن أبي النجود القاريء، وعاصم بن الصباح الجحدري البصري، وأبو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ فِي قَوْلٍ، وَأَبُو حُصَيْنٍ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ عَلَى الأَصَحِّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ مُحَمَّدُ بن مسلم المكي، وَمَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبُو خَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ فِي أَوَّلِهَا، وَأَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي قَوْلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبيِبٍ الْفَقِيهُ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ الْمَدَنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ حَفْصُ بْنُ الْوَلِيدِ أَمِيرُ مِصْرَ. وَفِيهَا: كَانَ اسْتِيلاءُ الضَّحَّاكِ الْخَارِجِيِّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. وَفِيهَا: أُسِرَ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ الْمَذْكوِرُ فَقُتِلَ صَبْرًا. وَفِيهَا: قَتْلُ حَوْثَرَةِ بْنِ سُهَيْلٍ الْبَاهِلِيِّ لِمُتَوَلِّي مِصْرَ حَفْصِ بْنِ الْوَلِيدِ الْحَضْرَمِيِّ، كَانَ حَفْصُ شَرِيفًا مُطَاعًا وَلِيَ مِصْرَ مُكْرَهًا لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ, ثُمَّ لِمَرْوَانَ عِنْدَ قِيَامِ أَهْلِ مِصْرَ عَلَى أَمِيرِهِمْ حَسَّانِ بْنِ عَتَاهِيَةَ، ثُمَّ اسْتَوْلَى حَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ عَلَى دِيَارِ مِصْرَ وَقَتَلَ رَجَاءَ بْنَ أَشْيَمَ الْحِمْيَرِيَّ من كبار المصريين.

أحداث سنة تسع وعشرين ومائة

أحداث سَنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أَزْهَرُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَرَازِيُّ بِحِمْصٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالْمَدِينَةِ، وَخَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ قَاضِي أَفْرِيقِيَّةَ، وَسَالِمُ أَبُو النَّضْرِ الْمَدَنِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْمِيُّ، وَقَيْسُ بْنُ الحجاج السلفي، وَمَطَرُ بْنُ طَهْمَانَ الْوَرَّاقُ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الْيَمَامِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ حَرْبٍ النَّدَبِيُّ وَآخَرُونَ. وَفِيهَا: خَرَجَ بِحَضْرَمَوْتَ طَالِبُ الْحَقِّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الْكِنْدِيُّ الأَعْوَرُ فَغَلَبَ عَلَى حَضْرَمَوْتَ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الأَبَاضِيَّةُ ثُمَّ سَارَ إِلَى صَنْعَاءَ وَبِهَا الْقَاسِمُ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ ثُمَّ انْهَزَمَ الْقَاسِمُ بْنُ عُمَرَ وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي جُنْدِهِ وَتَبِعَهُ طَالِبُ الْحَقِّ فَبَيَّتَهُ فَهَرَبَ الْقَاسِمُ وَقُتِلَ أَخُوهُ الصَّلْتُ وَاسْتَوْلَى طَالِبُ الْحَقِّ عَلَى صَنْعَاءَ فَجَبَى الأَمْوَالَ وَجَهَّزَ إِلَى مَكَّةَ عَشْرَةَ آلافٍ، وَكَانَ عَلَى مَكَّةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَكَرِهَ قِتَالَهُمْ وَفَشِلَ, فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ وَوَقَفَ مَعَهُمُ الْحَجِيجُ ثُمَّ غَلَبُوا عَلَى مَكَّةَ فَنَزَحَ عَنْهَا عَبْدُ الْوَاحِدِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَفِيهَا: كَتَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَمِيرُ الْعِرَاقَيْنِ إِلَى عَامِرِ بْنِ ضُبَارَةَ فَسَارَ حَتَّى أَتَى خُرَاسَانَ وَقَدْ ظَهَرَ بِهَا أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ فِي رَمَضَانَ، وَكَانَ قَدْ ظَهَرَ هُنَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْهَاشِمِيُّ فَقَبَضَ عَلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ وَسَجَنَهُ وَسَجَنَ خَلْقًا مِنْ شِيعَتِهِ. وَفِيهَا: سَارَ الْكَرْمَانِيُّ إِلَى مَرْوَ الرُّوذِ فَسَارَ إِلَى قِتَالِهِ مُتَوَلِّيهَا سَالِمُ بْنُ أَحْوَزَ الْمَازِنِيُّ فَاقْتَتَلُوا فَانْهَزَمَ الْكَرْمَانِيُّ ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِمْ وَبَيَّتَهُمْ فَاقْتَتَلُوا ثُمَّ تَهَادَنُوا ثُمَّ سَارَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ فَحَاصَرَ الْكَرْمَانِيَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَغَلَتِ الْمَرَاجِلُ بِالْفِتَنِ إِلَى أَنْ قَتَلَ الْكَرْمَانِيَّ وَلَحِقَ عَسْكَرُهُ بِشَيْبَانَ بْنِ مُسْلِمَةَ السَّدُوسِيِّ الْحَرُورِيِّ الَّذِي تَغَلَّبَ عَلَى سَرَخْسَ وَطُوسَ، وَعَظُمَتْ جُيُوشُ شَيْبَانَ هَذَا وَقَاتَلَهُمْ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَاشْتَغَلَ بِهِمْ إِلَى أَنْ قَوِيَ أَمْرُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ. فَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَوَثَبَ بِهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ الْفِهْرِيُّ عَلَى رَأْسِ الإِبَاضِيَّةِ فَقَتَلَهُ وَصَلَبَ جُثَّتَهُ فَثَارَ أَصْحَابُهُ وَجَيَّشُوا, وَجَرَتْ لَهُمْ حُرُوبٌ عَدِيدَةٌ قُتِلَ فِيهَا أَمِيرُ هَؤُلاءِ وَأَمِيرُ هؤلاء.

أحداث سنة ثلاثين ومائة

أحداث سَنَةُ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: تُوَفِّيَ فِيهَا: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ بِالْمَدِينَةِ، وَالْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ بِبَرْقَةَ، وَالْحَرِثُ بْنُ يَعْقُوبَ أَبُو عَمْرٍو بِمِصْرَ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ الْخَبَائِرِيُّ، وَشُعَيْبُ بْنُ الْحِجَابِ البصري، وشيبة بن نصاح المقريء، وعبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو الْحُوَيْرِثِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ بِالْكُوفَةِ. وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ بِالْبَصْرَةِ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمِصْرِيُّ التَّنُوخِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ، ومخرمة بْنُ سُلَيْمَانَ قُتِلَ بِقُدَيْدَ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ بِخُلْفٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، وَأَبُو وَجَزَةَ يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَيَزِيدُ الرِّشْكُ، وَخَلْقٌ فِيهِمُ اخْتِلافٌ. وَفِيهَا قَالَ خَلِيفَةُ: اصْطَلَحَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ وَجَدْيَعُ بْنُ عَلِيٍّ الْكَرْمَانِيُّ عَلَى أَنْ يُقَاتِلُوا أَبَا مُسْلِمٍ صَاحِبَ الدَّعْوَةِ, فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ حَرْبِهِ نَظَرُوا فِي أمرهم فدس أبو مسلم بمكره إلى ابن الْكَرْمَانِيِّ يَخْدَعُهُ وَيَقُولُ أَنَا مَعَكَ وَانْخَدَعَ لَهُ ابن الْكَرْمَانِيُّ وَالْتَفَّ مَعَهُ فَقَاتَلُوا نَصْرَ بْنَ سَيَّارٍ، ثُمَّ كَتَبَ نَصْرُ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ إِنِّي أبايعك وأنا أحق بك من ابن الْكَرْمَانِيِّ فَقَوِيَ شَأْنُ أَبِي مُسْلِمٍ وَكَثُرَ جَيْشُهُ وَخَافَهُ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ وَتَقَهْقَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنَزَحَ عَنْ مَرْوَ فَأَخَذَ أَبُو مُسْلِمٍ أَثْقَالَهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ بَعَثَ عَسْكَرًا إِلَى سَرَخْسَ فَقَاتَلَهُمْ شَيْبَانُ الْحَرُورِيُّ فَقُتِلَ شَيْبَانُ. وَأَقْبَلَتْ سَعَادَةُ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ مُزْعِجَةٌ بَيْنَ جَيْشِ أَبِي مُسْلِمٍ وَبَيْنَ جَيْشِ نَصْرٍ, فَانْهَزَمَ أَيْضًا جَيْشُ نَصْرٍ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا، وَتَأَخَّرَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ إِلَى قُومِسَ وَظَفَرَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ بِسَالِمِ بْنِ أَحْوَزَ فَقَتَلَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَى أَكْثَرِ مُدُنِ خُرَاسَانَ, ثُمَّ ظَفَرَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْهَاشِمِيِّ فَقَتَلَهُ وَجَهَّزَ قُحْطُبَةُ بْنُ شَبِيبٍ فِي جَيْشٍ فَالْتَقَى هُوَ وَنُبَاتَةُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْكِلابِيُّ عَلَى جُرْجَانَ فَقُتِلَ فِي الْمَصَافِّ نُبَاتَةُ وَابْنُهُ حَيَّةُ، ثُمَّ هَرَبَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ وَخَارَتْ قُوَاهُ, وَكَتَبَ إِلَى نَائِبِ الْعِرَاقِ ابْنِ هُبَيْرَةَ يَسْتَصْرِخُ بِهِ وَإِلَى مَرْوَانِ الْحِمَارِ يَسْتَمِدَّهُ حِينَ لا يَنْفَعُ الْمَدَدُ.

وَفِيهَا: قُتِلَ فِي وَقْعَةِ قُدَيْدَ بِقُرْبِ مَكَّةَ خَلْقٌ مِنْ عَسْكَرِ الْمَدِينَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الْوَاحِدِ الْمَذْكُورَ لَمَّا تَقَهْقَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَاسْتَوْلَى جَيْشُ طَالِبِ الْحَقِّ عَلَى مَكَّةَ كَتَبَ إِلَى مَرْوَانَ يُخْبِرُهُ بِخُذْلانِ أَهْلِ مَكَّةَ فَعَزَلَهُ وَجَهَّزَ جَيْشًا مِنَ الْمَدِينَةِ فَبَرَزَ لِحَرْبِهِمُ الَّذِينَ اسْتَوْلُوا عَلَى مَكَّةَ وَعَلَيْهِمْ أَبُو حَمْزَةَ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مكة إبراهيم ابن صَبَّاحٍ الْحِمْيَرِيَّ، ثُمَّ الْتَقَى الْجَمْعَانِ بِقُدَيْدَ فِي صَفَرٍ مِنَ السَّنَةِ فَانْهَزَمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَاسْتَحَرَّ بِهِمُ الْقَتْلُ، وَسَاقَ أَبُو حَمْزَةَ فَاسْتَوْلَى عَلَى الْمَدِينَةِ فَأُصِيبَ يَوْمَ قُدَيْدَ ثَلاثِمِائَةِ نَفْسٍ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ حَمْزَةُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنُهُ عُمَارَةُ وَابْنُ أَخِيهِ مُصْعَبُ بْنُ عُكَاشَةَ وَعَتِيقُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنُهُ عَمْرٌو وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ وَابْنُ عَمِّهِمُ الْحَكَمُ بْنُ يَحْيَى وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنٌ لِمُوسَى بْنِ خَالِدٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ عَمِّهِمْ مُهَنَّدٌ، حَتَّى قَالَ خَلِيفَةُ: قُتِلَ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلا مِن بَنِي أَسَدٍ وَقُتِلَ أُمَيّة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَقَالَتْ نَائِحَةٌ: مَا لِلزَّمَانِ وَمَالِيَهْ ... أَفْنى قُدَيْدُ رِجالِيَهْ قَالَ: فَحَّدَثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: بَعَثَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَرْبَعَةَ آلافِ فَارِسٍ عَلَيْهِمْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ السَّعْدِيُّ فَسَارَ ابْنُ عَطِيَّةَ فَلَقِيَ بَلْجًا عَلَى مُقَدِّمَةِ أَبِي حَمْزَةَ بِوَادِي الْقُرَى فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ بَلْجٌ وَعَامَّةُ جُنْدِهِ، ثُمَّ سَارَ ابْنُ عَطِيَّةَ السَّعْدِيُّ طَالِبًا أَبَا حَمْزَةَ فَلَحِقَهُ بِمَكَّةَ بِالأَبْطَحِ وَمَعَ أَبِي حَمْزَةَ خَمْسَةُ عَشَرَ أَلْفًا, فَفَرَّقَ عَلَيْهِ ابْنُ عَطِيَّةَ الْخَيْلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ وَمِنْ أَعْلاهَا وَمِنْ نَاحِيَةِ مِنًى فَاقْتَتَلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقُتِلَ أَبْرَهَةُ بْنُ الصَّبَّاحِ عِنْدَ بِئْرِ مَيْمُونٍ وَقُتِلَ أَبُو حَمْزَةَ وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنْ جَيْشِهِ، فَبَلَغَ طَالِبُ الْحَقِّ ذَلِكَ فَأْقَبَلَ مِنَ الْيَمَنِ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا فَسَارَ لِمُلْتَقَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ السَّعْدِيُّ فَنَزَلَ بَتَبَالَةَ وَنَزَلَ الآخَرُ صَعْدَةَ, ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ فَانْهَزَمَ طَالِبُ الْحَقِّ فَسَارَ إِلَى جُرَشَ ثُمَّ تَبِعَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ فَالْتَقَوْا ثَانِيًا, وَدَامَ الْحَرْبُ حَتَّى دَخَلَ اللَّيْلُ ثُمَّ أَصْبَحُوا فَنَزَلَ طَالِبُ الْحَقِّ فِي نَحْوٍ مِنْ أَلْفِ حَضْرَمِيٍّ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ وَبَعَثُوا بِرَأْسِهِ إِلَى مَرْوَانَ بِالشَّامِ، وَقَدِمَ ابْنُ عَطِيَّةَ حَتَّى نَزَلَ صَنْعَاءَ فَثَارَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ فَبَعَثَ ابْنُ عَطِيَّةَ جَيْشًا فَهَزَمُوهُ وَلَحِقَ بِعَدَنَ فَجَمَعَ نَحْوًا مِنْ أَلْفَيْنِ فَالْتَقَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ الْحِمْيَرِيُّ وَعَامَّةُ عَسْكَرِهِ وَرَجَعَ ابْنُ عَطِيَّةَ إِلَى صَنْعَاءَ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِ حِمْيَرِيٌّ أَيْضًا فَظَفِرَ بِهِ عَسْكَرُ ابْنُ عَطِيَّةَ، ثُمَّ أَسْرَعَ ابْنُ عَطِيَّةَ السَّيْرَ فِي تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنَ الأَشْرَافِ لِإِقَامَةِ الْمَوْسِمِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْيَمَنِ ابْنَ أَخِيهِ، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ وَادِي شِبَامَ فَبَاتَ بِهِ فَشَدَّ

عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْعَرَبِ فَبَيَّتُوهُ وَقَتَلُوهُ وَقَتَلُوا سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَنَجَا مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ. وَفِيهَا: كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ الْعَظِيمَةُ بِالشَّامِ: قَالَ ابْنُ جَوْصا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الْوَهاب بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدِ بْن شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ ثنا أَبِي عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلا، مِنْهُ: لَمَّا كَانَتِ الرَّجْفَةُ الَّتِي بِالشَّامِ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ كَانَ أَكْثَرُهَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَهَلَكَ كَثِيرٌ مِمَّنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ وَوَقَعَ مَنْزِلُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ وَسَلِمَ مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادٍ وَذَهَبَ مَتَاعُهُ تَحْتَ الرَّدْمِ. وَكَانَتِ النَّعْلُ زَوْجًا خَلَّفَهَا شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ عِنْدَ وَلَدِهِ فَصَارَتْ إِلَى ابْنِهِ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا رَأَتْ أُخْتُهُ مَا نَزَلَ بِهِ وَبِأَهْلِهِ جَاءَتْ وَأَخَذَتْ فَرْدَ النَّعْلَيْنِ وَقَالَتْ: يَا أَخِي لَيْسَ لَكَ نَسْلٌ وَقَدْ رُزِقْتَ وَلَدًا وَهَذِهِ مَكْرُمَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُحِبُّ أَنْ يُشْرِكَكَ فِيهَا وَلَدِي فَأَخَذَتْهَا مِنْهُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الرَّجْفَةِ فَمَكَثْتُ عِنْدَهَا حَتَّى كبر أولادها فلما قدم المهدي إلى بيت الْمَقْدِسِ أَتَوْهُ بِهَا وَعَرَّفُوهُ نَسَبَهَا مِنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ فَعَرَفَ ذَلِكَ وَقَبِلَهَا وَأَجَازَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَلْفِ دِينَارٍ وَقَرَّبَهُ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأَتَى بِهِ مَحْمُولا لِزَمَانَتِهِ فَسَأَلَهُ عَنْ خَبَرِ النَّعْلِ فَصَدَّقَ مَقَالَةَ الأَخَوَيْنِ فَقَالَ ائْتِنِي بِالأُخْرَى فَبَكَى وَنَاشَدَهُ اللَّهُ فَرَقَّ لَهُ وأقرها عنده.

تراجم رجال هذه الطبقة

تراجم رجال هذه الطبقة ... تراجم رجال هذه الطبعة: حَرْفُ الأَلِفِ: 1- آدَمُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ1 - خ -. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلامُ بْنُ سُلَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ ثقة قليل الحديث. 2- إبراهيم بن جرير2 - د ن ق - بن عبد الله البجلي. مَاتَ بِالْكُوفَةِ وَلَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ يَحْيَى: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، وَرَوَى عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وعنه أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَشَرِيكُ الْقَاضِي. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَعَمَّرَ حَتَّى لَقِيَهُ شَرِيكٌ. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حُرَّةَ الْحَرَّانِيُّ3. رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ. وَرَوَى عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ4، بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْعَلَوِيُّ. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ أَبُو عُقَيْلٍ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ وَفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَغَيْرُهُمَا. وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَرِيفٍ الْمَدَنِيُّ5. رَوَى عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودِ6، بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ الْبَجَلِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 7- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الكوفي7 - م د ن ق -

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 37"، الجرح والتعديل "2/ 266". 2 التاريخ الكبير "1/ 278"، الجرح والتعديل "2/ 90". 3 التاريخ الكبير "1/ 281"، الجرح والتعديل "2/ 96". 4 التاريخ الكبير "1/ 279". 5 التاريخ لابن معين "2/ 10"، التاريخ الكبير "1/ 294". 6 التاريخ الكبير "1/ 307"، الجرح والتعديل "2/ 118". 7 التاريخ الكبير "1/ 304"، الجرح والتعديل "2/ 112".

عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ وَمُصَرِّفٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. 8- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ1، بْنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ. سَمِعَ أَبَاهُ وَالزُّهْرِيَّ. وَعَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ بِشْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ. 9- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ2، أَبُو إِسْحَاقَ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَطَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَصَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَزَائِدَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَعُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ المُسْلِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. 10- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ3 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَبُو إِسْحَاقَ الأُمَوِيُّ الْخَلِيفَةُ. بُويِعَ بِالْخِلافَةِ بِدِمَشْقَ عِنْدَ مَوْتِ أَخِيهِ يَزِيدَ النَّاقِصِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ طَوِيلا أَبْيَضَ جَمِيلا مُسْمِنًا. قَالَ مَعْمَرُ: رَأَيْتُ رَجُلا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ جاء إلى الزهري بكتاب فعرضه عليه ثم قال: أحدث بهذا عنك؟ قال: إي لعمري فَمَنْ يُحَدِّثُكُمُوهُ غَيْرِي؟ وَقَدْ حَكَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَلَدُهُ يَعْقُوبُ. وَقَالَ بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ: حَضَرْتُ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَقَدِ احْتَضَرَ فَأَتَاهُ قَطَنٌ, فقال: أنا رسول من وراءك يسألونك بحق اللَّهِ لَمَا وَلَّيْتَ أَمْرَهُمْ أَخَاكَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَغَضِبَ، وَقَالَ بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ: أَنَا أُوَلِّي إِبْرَاهِيمَ! ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا الْعَلاءِ إِلَى مَنْ تَرَى أَعْهَدُ؟ قُلْتُ: أَمْرٌ نَهَيْتُكَ عَنِ الدُّخُولِ فِيهِ فَلا أُشِيرُ عَلَيْكَ فِي آخِرِهِ، قَالَ: وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى حَسِبْتُهُ قَدْ مَاتَ فَقَعَدَ قَطَنٌ فَافْتَعَلَ كِتَابًا بِالْعَهْدِ على لسان يزيد ودعا ناسا

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 308"، المعرفة والتاريخ "1/ 572، 619". 2 التاريخ الكبير "1/ 328"، الجرح والتعديل "2/ 132". 3 سير أعلام النبلاء "5/ 376"، المعرفة والتاريخ "2/ 828".

فَاسْتَشْهَدَهُمْ عَلَيْهِ وَلا وَاللَّهِ مَا عَهِدَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ شَيْئًا. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: مَكَثَ إِبْرَاهِيمُ سَبْعِينَ لَيْلَةً فِي الْخِلافَةِ ثُمَّ خُلِعَ وَوَلِيَهَا مَرْوَانُ. وَذَكَر غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْوَلِيدِ بَقِيَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 11- أَزْهَرُ بْنُ رَاشِدٍ1، أَبُو الْوَليِدِ الْهَوْزَنِيُّ الشَّامِيُّ. عَنْ عِصْمَةَ بْنِ قَيْسٍ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُرْسَلا وَسُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ. وعنه حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. فَأَمَّا أَزْهَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْكَاهِلِيُّ فَآخَرُ مِنْ طَبَقَةِ شُعْبَةَ. يَأْتِي. 12- أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ الْحَرَازِيُّ الْحِمْصِيُّ2. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَعَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيُّ. وَعَنْهُ الزُّبَيْدِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَزْهَرُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَزْهَرُ بْنُ يَزِيدَ الثَّلاثَةُ وَاحِدٌ، نُسِبَ مَرَّةً مُرَادِيٌّ وَمَرَّةً هَوْزَنِيُّ وَمَرَّةً حَرَازِيُّ. كَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَأَمَّا ابْنُ عبد اللَّهِ3 فَهُوَ يَرْوِي عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو وَفَرَجُ بْنُ فُضَالَةَ وَعُمَرُ بْنُ جَعْثُمٍ الْقُرَشِيُّ. تُوَفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَفِيهِ نَصَبٌ. 13- إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الْمَدَنِيُّ4 -د ن ق- أَخُو إِسْحَاقَ مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدِ بْنِ مُرْجَانَةَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ مَالِكُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وآخرون. وثقه يحيى بن معين وغيره.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 456"، الجرح والتعديل "2/ 313". 2 التاريخ الكبير "1/ 456"، تهذيب الكمال "2/ 325". 3 التاريخ الكبير "1/ 459"، تهذيب الكمال "2/ 327". 4 التاريخ الكبير "1/ 350"، الجرح والتعديل "2/ 164".

وَكَانَ كَاتِبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَهُ بِهِ اخْتِصَاصٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ. 14- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد الله بن جعفر1 -ق- بن أبي طالب الهاشمي المدني أَخُو إِسْحَاقَ وَمُعَاوِيَةَ وَعَلِيٍّ. سَمِعَ أَبَاهُ. وَعَنْهُ الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنُ أَخِيهِ صالح بن معاوية وعبد الرحمن ابن أَبِي بَكْرٍ الْمُلَيْكِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ وَالِدُ مُصْعَبٍ الزبيدي وآخرون. وثقه الدارقطني. 15- إسماعيل بن عبد الرحمن2 -م4- بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ السُّدِّيُّ الكبير الحجازي ثم الكوفي الأعور المفسر، مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ خَيْرٍ الْهَمْدَانِيِّ وَمُصْعَبِ بْنِ أَسْعَدَ وَأَبِي صَالِحٍ بَاذَانَ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ومُرَةَ الطَّيْبِ وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَزَائِدَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَآخَرُونَ! وَقَدْ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ. قَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ وَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٌ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي صَدُوقٌ. وَيُرْوَى أَنَّ السُّدِّيَّ كان عظيم اللحية جدا.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 363"، الجرح والتعديل "2/ 179". 2 الطبقات الكبرى "6/ 323"، التاريخ الكبير "1/ 361".

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيَّ قَدْ أُعْطِيَ حَظًّا مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ قَالَ: إِنَّ إِسْمَاعِيلَ قَدْ أُعْطِيَ حَظًّا مِنْ جَهْلٍ بِالْقُرْآنِ. قُلْتُ: مَا أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلا وَمَا جَهِلَ مِنَ الْعِلْمِ أَكْثَرَ مِمَّا عَلِمَ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: كَانَ السُّدِّيُّ أَعْلَمَ بِالْقُرْآنِ مِنَ الشَّعْبِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ سَلْمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخُ شَرِيكٍ: مَرَّ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ بِالسُّدِّيِّ وَهُوَ يُفَسِّرُ فَقَالَ: إِنَّهُ لَيُفَسِّرُ تَفْسِيرَ الْقَوْمِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ السُّدِّيُّ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: فَأَمَّا السُّدِّيُّ الصَّغِيرُ فَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ مُعَاصِرٌ لِوَكِيعٍ. 16- إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ أَبُو هَاشِمٍ الْمَكِّيُّ1 -4-. عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمِسْعَرٌ وَدَاوُدُ الْعَصَّارُ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ. وَثَّقَه أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالنَّسَائِيُّ. لَهُ حَدِيثٌ فِي السُّنَنِ عَنْ عَاصِمِ بن لقيط. 17- أشعث بن أبي الشعثاء2 -ع- سليم بن أسود المحاربي الكوفي. عَنْ أَبِيهِ وَالأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَأَسْوَدَ بْنِ هِلالٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقُوهُ. وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 18- الأَغَرُّ بْنُ الصَّبَّاحِ الْمِنْقَرِيُّ الْكُوفِيُّ3 -د ت ن- والد أبيض.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 370، 371"، الجرح والتعديل "2/ 194". 2 التاريخ الكبير "1/ 430"، الجرح والتعديل "2/ 270". 3 التاريخ الكبير "2/ 44"، الجرح والتعديل "2/ 380".

رَوَى عَنْ أَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ وَخَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ الْمِنْقَرِيِّ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْسِيُّ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعَ. وَثَّقَهُ النسائي. 19- أمية بن صفوان1 -م ن ق- ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خلف الجمحي المكي. رَوَى عَنْ جَدِّهِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ الثَّقَفِيِّ. وَعَنْهُ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. صدوق. 20- أُمَيّة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، الأُمَوِيُّ2. عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عِكْرِمَةَ، وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز في خلافته. وعنه ابن إسحق وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ. وَذَكَرَ خَلِيفَةُ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ قُدَيْدَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 21- أَوْسُ بْنُ بِشْرٍ الْمَعَافِرِيُّ3. عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَكَانَ يُوَازِي عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي الْعِلْمِ. روى عنه عَامِرُ بْنُ يَحْيَى وَأَبُو قَبِيلٍ وَوَاهِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّونَ وَالْجَلاحُ مَوْلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرٍ: قَدِمَ دمشق بمبايعة المصريين ليزيد بن الوليد.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 8"، الجرح والتعديل "2/ 301". 2 التاريخ الكبير "2/ 8"، الجرح والتعديل "2/ 301". 3 التاريخ الكبير "2/ 19"، الجرح والتعديل "2/ 305".

22- أَوْفَى بْنُ دَلْهَمٍ الْبَصْرِيُّ1 -ت- عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ وَحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ الْمَرْوَزِيُّ وَسُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 23- إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ2 -مق- بن قرة أبو واثلة المزني البصري. قَاضِي الْبَصْرَةِ وَأَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ خَالِدُ الْحَذَّاءُ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الضَّالُّ وَآخَرُونَ. وَكَانَ أَحَدَ مَنْ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الذَّكَاءِ وَالرَّأْيِ وَالسُّؤْدُدِ وَالْعَقْلِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَلَكِنْ قَلَّمَا رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ شَيْئًا فِي مُقَدِّمَتِهِ وَعَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ شَيْئًا. وَأَخْبَارُهُ مُسْتَوْعَبَةٌ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ لِشَيْخِنَا، مَادَّتُهَا مِنْ تَارِيخِ دِمَشْقٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: كَانَ يُقَالُ: يُولَدُ فِي كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ رَجُلٌ تَامُّ الْعَقْلِ وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ مِنْهُمْ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ إِيَاسُ: مَنْ عَدَمِ فَضِيلَةَ الْعَقْلِ فَقَدْ فُجِعَ بأكرم أخلاقه. وقال ربيعة الرأي: قَالَ لِي إياس بْن معاوية: يا ربيعة كُلّ ديانة أسست عَلَى غير ورع فهي هباء. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ: قُلْتُ لإِيَاسٍ: مَا الْمُرُوءَةُ - قَالَ: حَيْثُ تَعْرِفُ التَّقْوَى وَحَيْثُ لا تَعْرِفُ اللُّبَاسَ الْجَيِّدَ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ فِي بَيْتِ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ رَجُلا أَحْمَرَ طَوِيلَ الذُّرَاعِ غَلِيظَ الثِّيَابِ يَلُوثُ عِمَامَتِهِ لَوْثًا وَرَأَيْتُهُ قَدْ غَلَبَ عَلَى الْكَلامِ فَلا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ مَعَهُ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ حَتَّى قَالَ قَائِلٌ لَهُ: يَا أَبَا واثلة، فعرفت أنه إياس.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 349"، ميزان الاعتدال "1/ 278". 2 التاريخ الكبير "1/ 442"، حلية الأولياء "3/ 123".

وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ: سَمِعْتُ إِيَاسًا يَقُولُ: لَسْتُ بِخَبٍّ1 وَلا يَخْدَعُنِي الْخَبُّ وَلا يَخْدَعُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ, وَلَكِنَّهُ يَخْدَعُ أَبِي وَيَخْدَعُ الْحَسَنَ وَيَخْدَعُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ حَبِيبٌ: وَأَتَى رَجُلٌ إِيَاسًا يُشَاوِرُهُ فِي خُصُومِهِ فَقَالَ: إِنْ أَرَدْتَ الْقَضَاءَ فَعَلَيْكَ بِعَبِد الْمَلِكِ بْنِ يَعْلَى فَهُوَ الْقَاضِي، وَإِنْ أَرَدْتَ الْفُتْيَا فَعَلَيْكَ بِالْحَسَنِ فَهُوَ مُعَلِّمِي، وَإِنْ أَرَدْتَ الصُّلْحَ فَعَلَيْكَ بِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَتَدْرِي مَا يَقُولُ لَكَ، يَقُولُ لَكَ: دَعْ شَيْئًا مِنْ حَقِّكَ، وَإِنْ أَرَدْتَ الْخُصُومَةَ فَعَلَيْكَ بِصَالِحِ السَّدُوسِيِّ وَتَدْرِي مَا يَقُولُ لَكَ؟ - يَقُولُ: اجْحَدْ مَا عَلَيْكَ وَاسْتَشْهِدِ الْغُيَّبَ يَعْنِي الْمُسَافِرِينَ إِلَى أَنْ يقدموا. قَالَ المدائني: كان إياس قاضيا قائفا2 ذَكِيًّا اسْتَقْضَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثُمَّ هَرَبَ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: وَلَّى عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ الأَمِيرُ إِيَاسًا قَضَاءَ الْبَصْرَةَ فَأَبَى وَقَالَ: بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ خَيْرٌ مِنِّي. وَقَالَ سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ: قَالَ لِي إِيَاسٌ: إِنَّ هَذَا قَدْ بَعَثَ إِلَيَّ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ ثُمَّ خَرَجَ وَمَعَهُ حَرَسِيٌّ فَقَالَ: أَبِي أَنْ يُعْفِيَنِي فَصَلَّى رَكْعَتْيِنِ ثُمَّ قَالَ لِلْحَرَسِيِّ: قَدِّمْ يَعْنِي خَصْمًا فَمَا قَامَ حَتَّى قَضَى سَبْعِينَ قَضِيَّةً. ثُمَّ خَرَجَ إِيَاسُ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي قَضِيَّةٍ كَانَتْ فَاسْتَعْمَلَ عَدِيُّ عَلَى الْقَضَاءِ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ. وَقَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: لَمَّا وَلِيَ إِيَاسٌ دَخَلَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ وَإِيَاسٌ يَبْكِي فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ - فَذَكَرَ حَدِيثَ: "الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ وَاثْنَانِ فِي النَّارِ". فَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ فِيمَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ مَا يَرُدُّ قَوْلَ هَؤُلاءِ النَّاسِ وَقَرَأَ {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: 79] فَحَمِدَ اللَّهُ سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَذُمَّ دَاوُدَ. وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ: قَضَى إِيَاسٌ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ إِيَاسٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقْضَى وَكُنَّا نَكْتُبُ عَنْهُ الْفَرَاسَةَ كَمَا نَكْتُبُ مِنْ صَاحِبِ الْحَدِيثِ الْحَدِيثَ. وَقَالَ حُمَيْدٌ: شَكَّ أَنَسٌ فِي وَلَدٌ لَهُ فَدَعَا إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ فنظر له.

_ 1 الخب: الخداع. 2 القائف: الذي يتتبع الآثار ويعرفها.

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَى إِيَاسٌ رَجُلا فَقَالَ: تَعَالَ يَا يَمَامِيُّ قَالَ: لَسْتُ بِيَمَامِيٍّ فَقَالَ: فَتَعَالَى يَا أُضَاخِيُّ. قَالَ: لَسْتُ بِأُضَاخِيٍّ قَالَ: فَتَعَالَ يَا ضَرَوِيُّ، فَجَاءَ فَسَأَلَهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَقَرَّ أَنَّهُ وَلَدٌ بِالْيَمَامَةِ وَنَشَأَ بِأُضَاخَةَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى ضَرِيَّةَ. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: شَهِدْتُ إِيَاسًا يَقُولُ: مَا بَعُدَ عَهْدُ قَوْمٍ بِنَبِيِّهِمْ إِلا كَانَ أحَسْنَ لِقَوْلِهِمْ وَأَسْوَأَ لِفِعْلِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ شَبْرُمَةَ: قَالُوا لإِيَاسٍ: إِنَّكَ مُعْجَبٌ بِرَأْيِكَ! قَالَ: لَوْ لَمْ أُعْجَبْ بِهِ لَمْ أَقْضِ بِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِسْعَرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِإِيَاسٍ: عَلِّمْنِي الْقَضَاءَ، قَالَ: إِنَّ الْقَضَاءَ لا يُتَعَلَّمُ إِنَّمَا الْقَضَاءُ فَهْمٌ. وَقِيلَ إِنَّهُمْ قَالُوا لِإِيَاسٍ: إِنَّكَ تُكْثِرُ الْكَلامَ! قَالَ أَفَبِصَوابٍ أَتَكَلَّمُ أَمْ بِخَطَأٍ؟ - قَالُوا: بصواب. قَالَ فَالإِكْثَارُ مِنَ الصَّوَابِ أَفْضَلُ. وَعَنْ إِيَاسٍ وَقِيلَ لَهُ: مَا عَيْبُكَ - قَالَ: الإِكْثَارُ. وَقَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: لَمَّا مَاتَتْ أُمُّ إِيَاسٍ بَكَى فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ - قَالَ: كَانَ لِي بَابَانِ مَفْتُوحَانِ مِنَ الْجَنَّةِ فَأُغْلِقَ أَحَدُهُمَا. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي هُرُوبِ إِيَاسٍ مِنَ الْقَضَاءِ عَلَى أَقْوَالٍ: أَحَدِهَا أَنَّهُ رَدَّ شَهَادَةَ شَرِيفٍ مُطَاعٍ فَآلَى أَنْ يَقْتُلَهُ فَهَرَبَ لِذَلِكَ. وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلايَتِهِ سَنَةً وَأَكُرِهَ بَعْدَهُ الْحَسَنُ عَلَى الْقَضَاءِ. وَتُوُفِّيَ إِيَاسٌ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَمَحَاسِنُهُ كَثِيرَةٌ رَحِمَهُ اللَّهُ. 24- أَيُّوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْمَدَنِيُّ1 -د ت ق- عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ وَأَيُّوبَ بْنِ بِشْرٍ الْمَعَافِرِيِّ. وَعَنْهُ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَآخَرُونَ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي السُّنَنِ. 25- أَيُّوبُ بْنُ مَيْسَرَةَ2، بن حليس الدمشقي أخو يونس.

_ 1 الطبقات الكبرى "2/ 223"، التاريخ الكبير "1/ 420"، الجرح والتعديل "2/ 251". 2 التاريخ الكبير "1/ 421"، الجرح والتعديل "2/ 257".

رَوَى عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ وَبُسْرِ بْنِ أَبِي أَرْطَاةَ. وَعَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَالْهَيْثَمُ بْنُ عِمْرَانَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ أَفْقَهَ مِنْ أَخِيهِ وَأَسَنَّ، وَكَانَ مُفْتِيًا. مَاتَ قَبْلَ يُونُسَ بِقَلِيلٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. [حرف الْبَاءِ] : بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -م4-. عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي الْجَوْزَاءِ الرَّبَعِيِّ أَوْسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَأَبَانُ الْعَطَّارُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَيُقَالُ سَنَةَ ثَلاثِينَ. 27- بُرَيْدة بْن سُفْيَان بْن فَروة الأَسْلَمِيُّ2. عَنْ أَبِيهِ وَمَسْعُودِ بْنِ هُبَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ وَسَهْلُ بن شعيب وغيرهم. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. 28- بِشْرُ بن حرب3 -ن ق- أبو عمرو الأزدي الندبي البصري. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَشُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وضعفه ابن المديني وغيره.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 142"، الجرح والتعديل "2/ 428". 2 التاريخ الكبير "2/ 141"، الجرح والتعديل "2/ 424". 3 التاريخ لابن معين "2/ 58"، التاريخ الكبير "2/ 71".

وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي وَلا أَعْرِفُ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 29- بِشْرُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ1 -د ت ق-. عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَعَنْهُ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَهَ وَجَمَاعَةٌ. وَتُوُفِّيَ بَعْدَ الزُّهْرِيُّ بِيَسِيرٍ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معين. 30- بكر بن سوادة2 -م4- أبو ثمامة الجذامي الْمَصْرِيُّ الْفَقِيهُ. رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَطَائِفَةٍ. وعنه عمرو بن الحارث والليث بن سعد وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 31- بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأشج3 -ع- المدني الفقيه مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ مَخْرَمَةَ. نَزَلَ مِصْرَ وَهُوَ أَخُو يَعْقُوبَ وَعُمَرَ. رَوَى عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَحُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ وَكُرَيْبٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ. روى عنه ابْنُهُ مَخْرَمَةُ وَعَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ مجمع على ثقته وجلالته.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 360". 2 التاريخ الكبير "2/ 89"، الجرح والتعديل "2/ 386". 3 الجرح والتعديل "2/ 403"، تهذيب التهذيب "1/ 491".

ذَكَرَهُ مَالِكٌ فَقَالَ: كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَفُوقَ بُكَيْرَ بْنَ الأَشَجِّ فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. 32- فَأَمَّا بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي روى عنه سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ1، الْحَدِيثَ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَحْدَهُ: هَذَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الطَّوِيلُ يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ. وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّازُ الْحَافِظُ فَقَالَ: بَلْ هُوَ بُكَيْرُ بْن الأَشَجِّ وَيُقَوِّي هَذَا أَنَّ مُسْلِمًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِسَنَدِهِ عَنْ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ قَالَ: حَدَثَّنِي كُرَيْبٌ فَذَكَرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 33- بِلالِ بن أبي بردة2 -ت- عَامِرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ أَبُو عُمَرَ وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الله أَمِيرُ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ أَبِي بَكْرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ قَتَادَةُ وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَسَهْلُ بْنُ عَطِيَّةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ ذَا رَأْيٍ وَدَهَاءَ، وَقَدْ وَلِيَ أَيْضًا قَضَاءَ الْبَصْرَةِ مُدَّةً. وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَرَآهُ لا يَنْفَقُ عِنْدَهُ إِلا التَّقْوَى وَالدِّيَانَةُ فَلَزِمَ الْمَسْجِدَ وَالصَّلاةَ لِيَخْدَعَ عُمَرَ فَدَسَّ إِلَيْهِ عُمَرُ مَنْ سَارَةَ فَقَالَ: إنْ كَلَّمْتُ لَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُوَلِّيَكَ الْبَصْرَةَ مَا تُعْطِينِي - فَوَعَدَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَأَبْلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَنَفَاهُ عَنْهُ وَأَبْعَدَهُ. وَقَدْ وَلاهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَمِائَةٍ فَدَامَ عَلَى الْقَضَاءِ إِلَى سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَوَلِيَ فِي غُضُونِ ذَلِكَ الصلاة والأحداث.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "698، 992، 1198، 4570، 4571، 4572"، ومسلم "763"، وأبو داود "1367"، وابن ماجه "1363"، وأحمد في المسند "1/ 242، 358"، وعبد الرزاق في المصنف "4708"، وابن حبان في صحيحه "2526، 2579، 2592". 2 التاريخ الكبير "2/ 109"، الجرح والتعديل "2/ 397"، تهذيب التهذيب "1/ 500".

وَعَنْ جُوَيْرِيَّةَ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ: اسْتُخِلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَوَفَدَ بِلالٌ فَهَنَّأَهُ وَقَالَ: مَنْ كَانَتِ الْخِلافَةُ يَا أَمِيرُ شَرَّفَتْهُ فَقَدْ شَرَّفْتَهَا، وَمَنْ كَانَتْ زَانَتْهُ فَقَدْ زِنْتَهَا وَأَنْتَ كَمَا قَالَ مَالِكُ بْنُ أَسْمَاءَ: وَتَزِيدِينَ طِيبَ الطِّيبِ طِيبًا ... إِنْ تَمَسِّيهِ أَيْنَ مِثْلُكِ أيْنَا وَإِذَا الدُّرُّ زَانَ حُسْنَ وُجُوهٍ ... كَانَ لِلدُّرِّ حُسْنُ وَجهِكَ زَيْنًا فَجَزَاهُ عُمَرُ خَيْرًا، وَلَزِمَ بِلالُ الْمَسْجِدَ يُصَلِّي وَيَقْرَأُ وَيَتَهَجَّدُ فَهَمَّ عُمَرُ بِهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ الْعِرَاقَ ثُمَّ دَسَّ ثِقَةً لَهُ فَقَالَ لِبِلالٍ وَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ: فَنَفَاهُ عُمَرُ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ إِنَّ صَاحِبَكُمْ أَعْطَى مَقُولا وَلَمْ يُعْطِ مَعْقُولا زَادَتْ بَلاغَتُهُ، وَنَقَصَتْ زَهَادَتُهُ. وَقِيلَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ أَخَذَ حَظَّ بِلالٍ بِالْمَالِ ثُمَّ حَمَلَ ذَلِكَ الْحَظُّ إِلَى عُمَرَ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ: كَانَ بِلالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ ظَلُومًا جَائِرًا لا يُبَالِي مَا صَنَعَ فِي الْحُكْمِ وَلا فِي غَيْرِهِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: كَانَ بِلالِ قُد خَافَ الْجُذَامَ فَوُصِفَ لَهُ سَمْنٌ يَقْعُدُ فِيهِ فَكَانَ يَقْعُدُ ثُمَّ يَأْمُرُ بِالسَّمْنِ فَيُبَاعُ فَتُحِبُّ السُّوقَةُ شِرَاءَ السَّمْنِ. وَفِيهِ يَقُولُ يَحْيَى بْنُ نَوْفَلٍ الْحِمْيَرِيُّ: وَكُلُّ زَمَانِ الفَتَى قَدْ لَبِسْتُ ... خَيْرًا وَشَرًّا وَعُدْمًا وَمَالا فَلا الفَقْرُ كُنْتُ لَهُ ضَارِعًا ... وَلا الْمَالُ أَظْهَرَ مِنِّي اخْتِيَالا وَقَدْ طُفْتُ لِلْمالِ شَرْقَ الْبِلادِ ... وَغَرْبِيَّهَا وَبَلَوْتُ الرِّجَالا فَلَوْ كُنْتُ مُمْتَدِحًا للنَّوَالِ ... فَتًى لَمَدَحْتُ عَلَيْهِ بِلالا وَلَكِنَّنِي لَسْتُ مِمَّنْ يُرِيدُ ... بِمَدْحِ الْمُلُوكِ عَلَيْهِ النَّوَالا سَيَكْفِي الْكَرِيمَ إخَاءُ الْكَرِيمِ ... وَيَقْنَعُ بِالْوَدَّ مِنْهُ سُؤَالا ثُمَّ إِنَّهُ هَجَا بِلالا بِأَبْيَاتٍ، وَكَانَ بِلالُ مِنَ الأَكَلَةِ الْمَعْدُودِينَ. ذَكَرَ المدائني أن بلال أَرْسَلَ إِلَى قَصَّابٍ سَحَرًا قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَانُونٌ وَعِنْدَهُ تَيْسٌ ضَخْمٌ فَقَالَ: اذْبَحْهُ وَاسْلُخْهُ وَكَبُّبْ لَحْمَهُ. فَفَعَلْتُ وَدَعَا بِخِوَانٍ فَوُضِعَ، وَجَعَلْتُ أُكَبِّبُ اللَّحْمَ فَإِذَا اسْتَوَى مِنْهُ شَيْءٌ وَضَعْتُهُ بُيْنَ يَدَيْهِ فَأَكَلَهُ حَتَّى تَعَرَّقَتْ له لحم

التَّيْسِ وَلَمْ يَبْقَ إِلا بَطْنُهُ وَعِظَامُهُ وَبَقِيَتْ بُضْعَةٌ عَلَى الْكَانُونِ فَقَالَ لِي: كُلْها فَأَكَلْتُهَا. وَجَاءَتْ جَارِيَةٌ بِقِدْرٍ فِيهَا دَجَاجَتَانِ وَفَرْخَانِ وَصَحْفَةٌ مُغَطَّاةٌ فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا فِي بَطْنِي مَوْضِعٌ فَضَعِيهَا عَلَى رَأْسِي فَضَحِكْنَا، وَدَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْدَاحٍ وَسَقَانِي قَدَحًا. وَعَنِ الْحَكَمِ بْنِ النَّضْرِ قَالَ: قَتَلَ بِلالا دَهَاؤُهُ فَإِنَّهُ لَمَّا حُبِسَ قَالَ لِلسَّجَّانِ: خُذْ مِنِّي مِائَةِ أَلْفٍ، وَأَعْلِمْ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ أَنِّي قَدْ مُتُّ - وَكَانَ فِي حَبْسِهِ - فَقَالَ لَهُ السَّجَّانُ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا سِرْتَ إِلَى أَهْلِكَ - قَالَ: لا يسمع لي يوسف بخبر ما دام حَيًّا عَلَى الْعِرَاقِ، فَأَتَى السَّجَّانُ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: مَاتَ بِلالٌ قَالَ: أَرِنِيهِ مَيِّتًا فإني أحب ذلك، فحار السجان فجاء فَأَلْقَى عَلَى بِلالٍ شَيْئًا غَمَّهُ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ أَرَاهُ يُوسُفَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. [حرف التَّاءِ] : 34- تَمِيمُ بْنُ حُوَيْصٍ1، أَبُو الْمُنْذِرِ الأَزْدِيُّ الأَهْوَازِيُّ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ وَلَمْ يُدْرِكْهُ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ. سُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: صَالِحٌ. [حرف الثَّاءِ] : 35- ثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ البُنَانِيُّ2، أَبُو مُحَمَّدٍ. أَحَدُ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ بِالْبَصْرَةِ. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ الرحمن بن أَبِي لَيْلَى، وَعُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ وَأَبِي الْعَالِيَةَ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغْيِرةِ، وَمَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَهَمَّامٌ وَالْحَمَّادَانِ وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ وَأَبُو عَوَانَةَ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَخَلائِقُ، ومن الكبار عطاء بن أبي رباح.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 154"، الجرح والتعديل "2/ 441". 2 التاريخ الكبير "2/ 159"، الجرح والتعديل "2/ 449".

وَكَانَ رَأْسًا فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ ثِقَةٌ ثَبْتًا رَفِيعًا، وَلَمْ يُحْسِنِ ابْنِ عَدِيٍّ بِإِيرَادِهِ فِي كَامِلِهِ، وَلَكِنَّهُ اعْتَذَرَ وَقَالَ: مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِهِ مِنَ النُّكْرَةِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الرواي عَنْهُ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ ضُعَفَاءُ. رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: إِنَّ لِلْخَيْرِ أَهْلا، وَإِنَّ ثَابِتًا هَذَا مِنْ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: كَانَ ثَابِتٌ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَدًا أَنْ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِي الصَّلاةَ فِي قَبْرِي. وَعَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَعْبَدَ مِنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ثَابِتٌ يَتَثَبَّتُ فِي الْحَدِيثِ، وَكَانَ يَقُصُّ وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُصُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ: ذَهَبْتُ أُلَقِّنُ أَبِي عِنْدَ الْمَوْتِ فَقَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي فِي وِرْدِي السَّابِعِ، كَانَ يَقْرَأُ وَنَفْسُهُ تَخْرُجُ. وَرَوَى حَمَّادُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: دَعُوةٌ فِي السِّرِّ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ فِي الْعَلانِيَةِ. وَرَوَى أَبُو هِلالٍ عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَعْبَدِ أَهْلِ زَمَانِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، فَمَا أَدْرَكْنَا الَّذِي هُوَ أَعْبَدُ مِنْهُ. وَقَالَ شُعْبَةُ: كَانَ ثَابِتٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَيَصُومُ الدَّهْرَ. وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: مَا تَرَكْتُ فِي الْجَامِعِ سَارِيَةً إِلا وَقَدْ خَتَمْتُ الْقُرْآنَ عِنْدَهَا وَبَكَيْتُ عِنْدَهَا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يَبْكِي حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعُهُ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانُ: بَكَى ثَابِتٌ حَتَّى كَادَتْ عَيْنُهُ تَذْهَبُ فَقِيلَ لَهُ عِلاجَهَا بِأَنْ لا تَبْكِي، قَالَ: وَمَا خَيْرُهُمَا إِذَا لَمْ تَبْكِيَا؟ وَأَبَى أَنْ تُعَالَجَ. وَقَال سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ: رَأَيْتُ ثَابِتًا يَلْبَسُ الثِّيَابَ الثَّمِينَةَ وَالطَّيَالِسَةَ وَالْعَمَائِمَ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لِثَابِتٍ نَحْوَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ حَدِيثًا

قُلْتُ: وَرِوَايَتُهُ عَنِ ابن عُمَرَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَرِوَايَتُهُ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فِي سُنُنِ النَّسَائِيِّ. قَالَ سَعْدُوَيْهِ: ثنا مُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ثَابِتٍ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ فِي عُلُوٍّ وَكَانَ لا يَزَالُ يَذْكُرُ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهُ لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أُصَلِّيَ الْبَارِحَةَ كَمَا كُنْتُ أُصَلِّي وَلَمْ أَقْدِرْ أَنْ أَصُومَ كَمَا كُنْتُ أَصُومُ، وَلَمْ أَقْدِرْ أَنْ أَنْزِلَ إِلَى أَصْحَابِي فَأَذْكُرُ اللَّهَ كَمَا كُنْتُ أَذْكُرُهُ مَعَهُمْ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِذْ حَبَسْتَنِي عَنْ ثَلاثٍ فَلا تَدَعْنِي فِي الدُّنْيَا سَاعَةً. وَعَنْهُ قَالَ: كَابَدْتُ الصَّلاةَ عِشْرِينَ سَنَةً وَتَنَعَّمْتُ بِهَا عِشْرِينَ سَنَةً. مَاتَ ثَابِتٌ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٌ، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ. 36- ثَابِتُ بْنُ ثَوْبَانَ الدِّمَشْقِيُّ1 -د ت ق- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَغَيْرِهِمَا. وَكَانَ وَصِيُّ مَكْحُولٍ. روى عنه ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. ثَابِتٌ أَبُو الْمِقْدَامِ، فِي الْكُنَى. 37- ثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَثْعَمِيُّ الشَّامِيُّ2 -د- عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ الْعِجْلِيِّ وَسَعُودِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ مَوْلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ أَبُو مَهْدِيٍّ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَمُسْلِمَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَشَنِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَآخَرُونَ. وثقه أبو حاتم بن حبان.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 161"، الجرح والتعديل "2/ 449". 2 التاريخ الكبير "2/ 175"، الجرح والتعديل "2/ 464".

38- ثَعْلَبَةُ أَبُو بَحْرٍ الْكُوفِيُّ1. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَمِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَالْمَسْعُودِيُّ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 39- ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الدِّيلِيُّ الْمَدِينِيُّ2 -ع-. عَنْ أَبِي الْغَيْثِ سَالِمٍ وَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ وَمَالِكٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. [حرف الْجِيمِ] : 40- جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعَفِيُّ3 الْكُوفِيُّ -د ت ق- أَحَدُ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ عَلَى ضَعْفِهِ وَرَفْضِهِ. رَوَى عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَالشَّعْبِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي الضُّحَى وَعِكْرَمَةَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وَشَيْبَانُ وَخَلْقٌ. رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: كَانَ جَابِرُ الْجُعَفِيُّ وَرِعًا فِي الْحَدِيثِ مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ فِي الْحَدِيثِ مِنْهُ. وَقَالَ شُعْبَةُ: هُوَ صَدُوقٌ، وَرَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ جَابِرٌ إِذَا قَالَ: ثنا وَسَمِعْتُ فَهُوَ مِنْ أَوْثَقِ النَّاسِ. وَقَالَ وَكِيعٌ: مَا شَكَكْتُمْ فِي شَيْءٍ فَلا تَشُكُّوا أن جابرا ثقة.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 174"، الجرح والتعديل "2/ 463". 2 التاريخ الكبير "2/ 181"، الجرح والتعديل "2/ 468". 3 الطبقات الكبرى "6/ 346"، التاريخ الكبير "2/ 210".

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ لِشُعْبَةَ: لَئِنْ تَكَلَّمْتَ فِي جَابِرٍ الْجُعَفِيِّ لأَتَكَلَّمَنَّ فِيكَ. وَرَوَى عَبَّاسُ الدُّورِيُّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُ جَابِرٍ الْجُعَفِيِّ وَلا كَرَامَةَ. وَقَالَ زَائِدَةُ: كَانَ جَابِرُ الْجُعَفِيُّ كَذَّابًا يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. وَرَوَى أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: مَا لَقِيتُ أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ الْجُعَفِيِّ مَا أَتَيْتُهُ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ إِلا جَاءَنِي فِيهِ بِأَثَرٍ وَزَعَمَ أَنَّ عِنْدَهُ ثَلاثِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ لَمْ يُظْهِرْهَا. وَقَالَ أَحْمَدُ: تَرَكَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ: لَهُ حَدِيثٌ صَالِحٌ، وَقَدِ احْتَمَلَهُ النَّاسُ وَرَوَوْا عَنْهُ وَعَامَّةُ مَا قَذَفُوهُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ يَعْنِي رَجْعَةَ عَلِيٍّ إِلَى الدُّنْيَا. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعَفِيِّ وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ فَقَالَ: جَابِرٌ أَقْوَاهُمَا حَدِيثًا وَلَيْثٌ أَحْسَنُهُمَا رَأْيًا إِنَّمَا تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَ جَابِرٍ لِسُوءِ رَأْيِهِ. فَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ فَأَطْرَقَ سَاعَةً وَقَالَ: لا أَدْرِي ثُمَّ قَالَ: قَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ جَابِرٍ الْجُعَفِيِّ نَحْوَ سَبْعِينَ حَدِيثًا، وَقَالَ شُعْبَةُ: هُوَ صَدُوقٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: لا نَعْلَمُ أَحَدًا تَرَكَ جَابِرًا الْجُعْفِيَّ إِلا زَائِدَةَ وَهُوَ رَجُلٌ فِي حَدِيثِهِ اضْطِرَابٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِ سُجُودِ السَّهْوِ: لَيْسَ فِي كِتَابِي عَنْ جَابِرٍ سِوَاهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٌ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 41- جَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ الْكَاهِلِيُّ الْكُوفِيُّ الصَّيْرَفِيُّ1 -ع- أَخُو الرَّبِيعِ وَرَبِيحٍ. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَمُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى الثَّوْرِيِّ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَشَريِكٌ وَمُحَمَّدُ بن طلحة وآخرون.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 241"، الجرح والتعديل "2/ 530".

قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ صَالِحٌ. 42- جَبَلَةُ بن سحيم التيمي1 -ع- ويقال الشيباني الكوفي. عَنْ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَحَنْظَلَةَ أَحَدِ الصَّحَابَةِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَقَيْسُ بْنُ الربيع وجماعة. وثقه يحيى القطان. قال خليفة: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 43- الْجَعْدُ أَبُو عُثْمَانَ الْيَشْكُرِيُّ الصَّيْرَفِيُّ2 -خ م د ت ن- بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وأبي رجاء العطاردي وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَأَبُو عَوَانَةَ وابن علية وعبد الوارث وآخرون. وثقه ابن مَعِينٍ. وَيُعْرَفُ بِصَاحِبِ الْحُلَى. 44- جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وحشية3 -ع- إِيَاسٍ الْيَشْكُرِيِّ، أَبُو بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ ثُمَّ الْوَاسِطِيُّ. أَحَدُ الأَئِمَّةِ الْكِبَارُ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرَمَةَ، وَنَافِعٍ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَطَائِفَةٍ كَثِيرَةٍ، وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ شُرَحْبِيلٍ الْيَشْكُرِيِّ أَحَدِ الصَّحَابَةِ. روى عنه الأَعْمَشُ وَشُعْبَةُ، وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ وآخرون.

_ 1 التاريخ لابن معين "2/ 77"، التاريخ الكبير "2/ 219". 2 التاريخ الكبير "2/ 239"، الجرح والتعديل "2/ 528". 3 التاريخ الكبير "2/ 186"، الجرح والتعديل "2/ 473".

وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَبُو بِشْرٍ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنَ الْمِنَهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَأَوْثَقُ. وَقَالَ الْقَطَّانُ: كَانَ شُعْبَةُ يُضَعِّفُ حَدِيثَ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ شُعْبَةُ أَيْضًا: أَحَادِيثُ أَبِي بِشْرٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ ضَعِيفَةٌ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ وَجَمَاعَةٌ: سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ أَصَحُّ. وَقَالَ نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ: كَانَ أَبُو بِشْرٍ سَاجِدًا خَلْفَ الْمَقَامِ حِينَ مَاتَ. وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشرِينَ وَمِائَةٍ. 45- جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ الْخُزَاعِيُّ الْقُمِّيُّ1 -ت د ن- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى وَعِكْرَمَةَ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. وَكَانَ مُخْتَصًّا بِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَدَخَلَ مَعَهُ مَكَّةَ فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَرَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. روى عنه ابْنُهُ خَطَّابٌ وَيَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ وَأَشْعَثُ بن إسحاق القمي ومندل بن عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ صَدُوقًا. 46- جَمِيلُ بْنُ مُرَّةَ الشَّيْبَانِيُّ2 -ق- بَصْرِيٌّ، مُقِلُّ. عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ عَبَّادِ بْنِ نُسَيْبٍ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ حازم والحمادان وعباد بن عباد وآخرون.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 200"، الجرح والتعديل "2/ 490". 2 التاريخ الكبير "2/ 215"، الجرح والتعديل "2/ 55".

وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 47- جَمِيلٌ الْحَذَّاءُ الأَسْلَمِيُّ1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ. سَكَنَ مِصْرَ. وَهُوَ أَبُو عُرْوَةَ جَمِيلُ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى أَسْلَمَ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ. 48- جَمِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ الْمُؤَذِّنُ2. عَنْ أَنَسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُمْ. مَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 49- الْجَلِدُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَصْرِيُّ3. صَاحِبُ الْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ. عن معاوية بْنِ قُرَّةَ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. ضَعَّفَهُ إِسْحَاقُ بن راهويه. وقال الدارقطني: مَتْرُوكٌ. 50- جَوَّابُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ4، الأَعْوَزُ نَزِيلُ جُرْجَانَ. رَوَى عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ مُرْسلا وَعَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ التَّيْمِيِّ وَيَزِيدَ بْنَ شريك التيمي.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 217"، الجرح والتعديل "2/ 517". 2 الجرح والتعديل "2/ 518". 3 الجرح والتعديل "2/ 548". 4 الجرح والتعديل "2/ 535"، ميزان الاعتدال "1/ 426".

وَعَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ وَجُوَيْبِرٌ وَمِسْعَرٌ وَقَيْسُ بْنُ سُلَيْمٍ. وَرَآهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ بِجُرْجَانَ قَالَ: فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ ثُمَّ كَتَبْتُ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْمُلائِيُّ: كَانَ مُرْجِئًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: ضَعِيفٌ. 51- جُوثَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّيلِيُّ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَابْنُ عَجْلانَ وَعَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ. وَقِيلَ فِيهِ: حُوثَةُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ تَصْحِيفٌ. 52- الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ2، أَبُو مُحْرِزٍ الرَّاسِبِيُّ مَوْلاهُمُ السَّمَرْقَنْدِيُّ. الْمُتَكَلِّمُ الضَّالُّ رَأْسُ الْجَهْمِيَّةِ وَأَسَاسُ الْبِدْعَةِ. كَانَ ذَا أَدَبٍ وَنَظَرٍ وَذَكَاءٍ وَفَكْرٍ وَجِدَالٍ وَمِرَاءٍ، وَكَانَ كَاتِبًا لِلأَمِيرِ الْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ التَّمِيمِيِّ الَّذِي تَوَثَّبَ عَلَى عَامِلِ خُرَاسَانَ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ، وَكَانَ الْجَهْمُ يُنْكِرُ صِفَاتِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ وَيُنَزِّهُهُ بِزَعْمِهِ عَنِ الصِّفَاتِ كُلَّهَا وَيَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَيَزْعُمْ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ بَلْ فِي كُلِّ مَكَانٍ، فَقِيلَ: كَانَ يُبْطِنُ الزَّنْدَقَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَتِهِ. وَكَانَ هُوَ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُفَسِّرُ بِخُرَاسَانَ طَرَفَيْ نَقِيضٍ هَذَا يُبَالِغُ فِي النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ وَمُقَاتِلٌ يُسْرِفُ فِي الإِثْبَاتِ وَالتَّجْسِيمِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: كَانَ جَهْمُ مَعَ مُقَاتِلٍ بِخُرَاسَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ يُخَالِفُ مُقَاتِلا فِي التَّجْسِيمِ كَانَ جَهْمُ يَقُولُ: لَيْسَ اللَّهُ شَيْئًا وَلا غَيْرَ شَيْءٍ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء} [الرعد: 16] فَلا شَيْءٌ إلا وَهُوَ مَخْلُوقٌ، قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ الإِيمَانَ عُقِدَ بِالْقَلْبِ وَإِنْ كَفَرَ بِلِسَانِهِ مِنْ تُقْيَةٍ أَوْ إِكْرَاهٍ، وَإِنْ عَبَدَ الصَّلِيبَ وَالأَوْثَانَ فِي الظَّاهِرِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلِيٌّ لِلَّهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ: وَكَانَ مُقَاتِلٌ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ جِسْمٌ لَحْمٌ وَدَمٌ عَلَى صُورَةِ الإِنْسَانِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 549". 2 سير أعلام النبلاء "5/ 307"، ميزان الاعتدال "1/ 426".

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَصْبَهَانِيُّ بِنَيْسَابُورَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مَهْدِيِّ بْنِ يَزِيدَ الْقَافِلانِيَّ قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَؤُلاءِ اللَّفْظِيَّةُ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: قَالَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: ذَهَبْتُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ فَقَالَ: هَا هُنَا رَجُلٌ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فَمَرَرْتُ مع إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا جَهْمُ مَا هَذَا، بَلَغَنِي أنك لا تصلي! قال: نعم. قال: مذكم - قَالَ: مُذْ تِسْعَةٍ وَثَلاثِينَ يَوْمًا وَالْيَوْمَ أَرْبَعِينَ. قَالَ: فَلِمَ لا تُصَلِّي؟ قَالَ: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لِي لِمَنْ أُصَلِّي، قَالَ: فَجَهَدَ بِهِ ابْنُ سُوقَةَ أَنْ يَرْجِعَ أَوْ أَنْ يَتُوبَ، أَوْ يُقْلِعَ، فَلَمْ يَفْعَلْ فَذَهَبَ إِلَى الْوَالِي فَأَخَذَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَصَلَبَهُ، ثُمَّ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ بن حنبل: ألا يترك اللَّهُ مَنْ يُصَلِّي، وَيَصُومُ لَهُ يَدَعِ الصَّلاةَ عَامِدًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلا وَيَضْرِبُهُ بِقَارِعَةٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُنِيبٍ ثنا مُوسَى بْنُ حِزَامٍ التِّرْمِذِيُّ ثنا الأَصْمَعِيُّ عَنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ خَلادِ الطَّفَاوِيِّ قَالَ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ أَحْوَزَ عَلَى شُرْطَةِ نَصْرِ بن سيار فقتل جهم بن صَفْوَانَ لِأَنَّه أَنْكَرَ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ مُدْرِكٍ الْقَاصُّ: سَمِعْتُ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: ظَهَرَ عِنْدَنَا جَهْمُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ فَرَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَلْخٍ يقول بتعطيل الله عن عرشه وأن الْعَرْشَ مِنْهُ خَالٍ. قُلْتُ: سَلَمُ بْنُ أَحْوَزَ الَّذِي قَتَلَ الْجَهْمَ قَتَلَهُ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ فِي حُدُودِ الثَّلاثِينَ وَمِائَةٍ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ الرَّمْلِيُّ ثنا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: تَرَكَ جَهْمُ الصَّلاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَانَ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَ الْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ شُبَيْلٍ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَعَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ إِذْ جَاءَ شَابٌّ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَه} [القصص: 88] . قَالَ مُقَاتِلٌ: هَذَا جَهْمِيُّ وَيْحَكَ إِنَّ جَهْمًا وَاللَّهِ مَا حَجَّ الْبَيْتَ وَلا جَالَسَ الْعُلَمَاءَ إِنَّمَا كَانَ رَجُلا قَدْ أُعْطِيَ لِسَانًا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ: وَمِنْ فَضَائِحِ الْجَهْمِيَّةِ قَوْلُهُمْ بِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ شَيْئًا حَتَّى أَحْدَثَ لِنَفْسِهِ عِلْمًا وَكَذَا قَوْلُهُمْ فِي الْقُدْرَةِ.

وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْكُوفِيُّ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْحِمَّانِيِّ قَالَ: جَهْمُ كَافِرٌ بِاللَّهِ، وَقِيلَ إِنَّ الْجَهْمَ تَابَ عَنْ مَقَالَتِهِ وَرَجَعَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ: حَدَّثَنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ جَهْمًا رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَنَزَعَ عَنْهُ وَتَابَ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي أَفْعَالِ الْعِبَادِ: قَالَ ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: تَرَكَ جَهْمُ الصَّلاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ فَخَاصَمَهُ بَعْضُ السَّمْنِيَّةِ فشك وأقام أربعين يوما لا يصلي. قال ضمرة: قد رأى ابن شوذب جهما. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ: كَلامُ جَهْمٍ صِفَةٌ بِلا مَعْنًى وَبِنَاءٌ بِلا أَسَاسٍ. قُلْتُ: فَكَانَ النّاسُ فِي عَافِيَةٍ وَسَلامَةِ فِطْرَةٍ حَتَّى نَبَغَ جَهْمُ فَتَكَلَّمَ فِي الْبَارِي تَعَالَى وَفِي صِفَاتِهِ بِخِلافِ مَا أَتَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَأُنْزِلَتْ بِهِ الْكُتُبُ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلامَةَ فِي الدِّينِ. [حرف الْحَاءِ] : 53- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -4- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ خَالُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. رَوَى عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمٍ ابني عبد الله وأبي سلمة بن عبد الرحمن. وعنه ابن أخته فقط, وقيل: إن ابن إسحق روى عنه. قال النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تسع وعشرين ومائة. 54- الحارث بن فضيل الأنصاري2 الخطمي المدني -م د ن ق- عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ وَمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَسُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي قُرَادٍ وغيرهم.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 272"، الجرح والتعديل "3/ 80". 2 التاريخ الكبير "2/ 279"، الجرح والتعديل "3/ 86".

وَعَنْهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ عمير وفليح وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 55- الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ الْمِصْرِيُّ1 -م د ن ق- نَزِيلُ بَرْقَةَ. ذُكِرَ أَنَّهُ عَقِلَ مَقْتَلَ عُثْمَانَ. وَرَوَى عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ وَطَائِفَةٍ، وَعَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ وَالأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَابْنِ لَهِيعَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ, قَالَ اللَّيْثُ: كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ سِتِّمِائَةِ رَكْعَةٍ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 56- الحارث بن يزيد العكلي2 -خ م ن ق- أبو علي التيمي الكوفي الفقيه تِلْمِيذُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ. روى عنه مُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ وَخَالِدُ بْنُ دِينَارٍ النِّيلِيُّ وَابْنُ عَجْلانَ وَالْقَاسِمُ بْنُ الْوَليِدِ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ قَدِيمُ الْمَوْتِ قَلِيلُ الْحَدِيثِ جِدًّا. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 57- الْحَارِثُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَنْصَارِيُّ3 -م ت ن- مولى قيس بن سعد بن عبادة. مِصْرِيٍّ نَبِيلٌ صَالِحٌ كَانَ يُعَدُّ أَفْضَلُ مِنِ ابْنِهِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ. رَوَى عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ, وَقِيلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَاللَّيْثُ بْنُ سعد وبكر بن مضر وآخرون.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 286"، الجرح والتعديل "3/ 93". 2 التاريخ الكبير "2/ 285"، الجرح والتعديل "3/ 93". 3 التاريخ الكبير "2/ 285"، الجرح والتعديل "3/ 93".

رَوَى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: كَانَ الْحَارِثُ بْنُ يَعْقُوبَ مِنَ الْعُبَّادِ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ عِشَاءِ الآخِرَةِ دَخَلَ بَيْتَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَيُجَاءُ بِعَشَائِهِ فَيُقولُ: أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَلا يَزَالُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يُصْبِحَ فَيَكُونَ عَشَاؤُهُ، وَسُجُودُهُ وَاحِدًا. وَكَانَ أَبُوهُ يَعْقُوبُ مِنَ الْعُبَّادِ أَيْضًا. تُوُفِّيَ الْحَارِثُ فِي سَنَةِ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 59- حِبَّانُ بْنُ أَبِي جَبَلَةَ القرشي1 -ع- مولاهم عن عمرو بن العاص وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَكَانَ يَكُونُ بِأَفْرِيقِيَّةَ. روى عنه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ وَأَبُو شَيْبَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 59- حبيب بن الزبير بن مشكان2 الهلالي -ت- ويقال: الحنفي، الأصبهاني. مِنْ نَاقِلَةِ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ صَاحِبِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَنْ عِكْرِمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أُبَيٍّ. وَعَنْهُ عُمَرُ بْنُ فَرُّوخٍ الْعَبْدِيُّ وَشُعْبَةُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: حَدَّثَ من أولاده عدة بأصبهان.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 269"، تهذيب التهذيب "2/ 171". 2 التاريخ الكبير "2/ 318"، الجرح والتعديل "3/ 100"، ميزان الاعتدال "1/ 454".

60- حَبِيبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ خَلادٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -4 - عَنْ لَيْلَى مَوْلاةِ جَدَّتِهِ أُمِّ عُمَارَةَ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَشُعْبَةُ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 61- حَبِيبُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْفِهْرِيُّ الْمِصْرِيُّ الأَمِيرُ2. كَانَ عَلَى وِلايَاتٍ جَلِيلَةٍ بِالأَنْدَلُسِ وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 62- حَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ3 -ت ن- عَنْ عُرْوَةَ وَعَطَاءٍ وَنَافِعٍ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَأَبُو الْمُلَيْحِ الرَّقِّيُّ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْجَزِيرَةِ. 63- حَبِيبٌ الأَعْوَرُ الْمَدَنِيُّ4 -م د ن- عَنْ مَوْلاةِ عُرْوَةَ وَأُمِّ عُرْوَةَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَنَدْبَةَ مَوْلاةِ مَيْمُونَةَ. وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ، وَمَاتَ قَبْلَهُ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ الْحِزَامِيُّ وَأَبُو الأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ. وَهُوَ صَدُوقٌ. مَاتَ فِي آخِرِ دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ. 64- حَرْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ5، بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. يُلَقَّبُ بأبي جهل.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 318"، الجرح والتعديل "3/ 101". 2 تهذيب ابن عساكر "4/ 31"، البيان المغرب "1/ 51". 3 التاريخ الكبير "2/ 325"، الجرح والتعديل "3/ 109". 4 الجرح والتعديل "3/ 113"، الخلاصة "72". 5 ذكره الطبري "7/ 265" حودث سنة 126.

كَانَ أَحَدُ مَنْ سَارَ فِي جُنْدِ حِمْصَ لِلطَّلَبِ بِدَمِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ فَقُتِلَ بِنَوَاحِي دِمَشْقَ فِي الْوَقْعَةِ. 65- حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الْبَصْرِيُّ1، الزَّاهِدُ أَحَدُ الْعُبَّادِ الْمَذْكُورِينَ صَحِبَ الْحَسَنَ. أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ شَوْذَبٍ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ. وَكَانَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَهْوَنَ مِنَ الورع "دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لا يُرِيبُكَ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ قَالَ: كَانَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ يَفْتَحُ بَابَ حَانُوتِهِ فَيَضَعُ الدَّوَاةَ وَالدَّفْتَرَ وَيُرْخِي سِتْرَهُ وَيُصَلِّي فَإِذَا أَحَسَّ بِإِنْسَانٍ قَدْ جَاءَ يُقْبِلُ عَلَى حِسَابِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْحِسَابِ. وَقَالَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ: كَانَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ يَقُولُ: لَوْلا الْمَسَاكِينُ مَا اتَّجَرْتُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كنت إذا رأيت حسان كَأَنَّهُ أَبَدًا مَرِيضٌ. وَرَوَى الْبُرْجُلانِيُّ عَنْ عَبْدِ الجبار بن النضر أن حسان مَرَّ بِغُرْفَةٍ فَقَالَ: مُذْ كَمْ بُنِيَتْ هَذِهِ؟ ثُمَّ قَالَ: يَا نَفْسُ وَمَا عَلَيْكِ تَسْأَلِينَ عَنْ هَذَا! فَعَاقَبَهَا بِصَوْمِ سَنَةٍ. وَقَالَ الشَّاذَكُونِيُّ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا بِالْعِرَاقِ مِنَ الأَبْدَالِ أَحَدٌ؟ قَالَ: بَلَى، مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ وَحَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ وَمَالِكُ بن دينار. 66- حسان بن عطية الدمشقي2 -ع- أبو بكر المحاربي مَوْلاهُمْ. أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّامِيِّينَ. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بْنُ غَيْلانَ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: رَوَى عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ لم يدركه.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 35"، تهذيب التهذيب "2/ 249". 2 التاريخ الكبير "3/ 23"، حلية الأولياء "6/ 70".

قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ عَمَلا فِي الْخَيْرِ مِنْ حَسَّانِ بْنِ عَطَيَّةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مِنْ أَهْلِ بَيْرُوتَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَدْ رُمِيَ بِالْقَدَرِ فَرَوَى مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ذَلِكَ فَبَلَغَ الأَوْزَاعِيَّ كَلامُ سَعِيدٍ فِيهِ فَقَالَ: مَا أَغَرَّ سعيدًا بِاللَّهِ مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا أَشَدَّ اجْتِهَادًا وَلا أَعْمَلَ مِنْ حَسَّانٍ. وَرَوَى ضَمْرَةُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ سَيْفٍ يَقُولُ: مَا بَقِيَ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ إِلا كَبْشَانِ أَحَدُهُمَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ. وَرَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ فَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ مَنَاقِبِ حَسَّانٍ. وَقَالَ الْوَليِدُ بْن مَزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: كَانَ لِحَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ غَنَمٌ فَسَمِعَ مَا جَاءَ فِي الْمَنَائِحِ فَتَرَكَهَا. وَقُلْتُ: كَيْفَ الَّذِي سَمِعَ؟ قَالَ: يَوْمٌ لَهُ وَيَوْمٌ لِجَارِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الصَّنْعَانِيُّ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قَالَ: كَانَ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسِ، وَمِنْ دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَتَعَزَّزُ بِشَيْءٍ مِنْ مَعْصِيَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلنَّاسِ بِشَيْءٍ يَشِينُنِي عِنْدَكَ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَقُولَ قَوْلا أَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ غَيْرِكَ. بَقِيَ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ إِلَى حُدُودِ سَنَةِ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 67- الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَدَلِيُّ الْكُوفِيُّ1 -د ن-. عن ابن عمر والنعمان بن بشير والحارث بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيِّ. وَعَنْهُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَشُعْبَةُ وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَجَمَاعَةٌ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 68- الْحُسَيْنُ بْنُ شُفَيِّ بْنِ ماتع الأصبحي المصري2 -د-

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 382"، الجرح والتعديل "3/ 50". 2 التاريخ الكبير "2/ 383"، الجرح والتعديل "3/ 54".

عَنْ: أَبِيهِ وَتُبَيْعَ ابْنِ امْرَأَةِ كَعْبٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُ أَدْرَكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَسَمِعَ مِنْهُ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 69- حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو1 -د ن- بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ الأشهلي المدني. أَرْسَلَ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَرَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَعَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الأَزْرَقُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ حُصَيْنُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 70- حِطَّانُ بْنُ خفاف -خ د ن- أبو الجويرية الجرمي الكوفي. عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَعَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَالسُّفْيَانَانِ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 71- حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ2، بَصْرِيٌّ. عَنِ: الْحَسَنِ. وَعَنْهُ: مَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. ثِقَةٌ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 72- حَفْصُ بْنُ الْوَلِيدِ بن سيف3 -ن- أبو بكر الحضرمي. أَمِيرُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِنْ جِهَةِ هِشَامِ بْنِ عبد الملك. روى عن الزهري.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 8"، الجرح والتعديل "3/ 194". 2 الطبقات الكبرى "7/ 276"، التاريخ الكبير "2/ 363". 3 التاريخ الكبير "2/ 369"، الجرح والتعديل "3/ 188".

وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. وَهُوَ مقلٌ. قَتَلَهُ حَوْثَرَةُ الْبَاهِلِيِّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ مِمَّنْ خَلَعَ مَرْوَانَ الْحِمَارَ فَلَمْ يَتِمَّ. 73- الْحَكَمُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ1، بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ. أَحَدُ الأَشْرَافِ. نَزَلَ مَنْبَجَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَالْهَيْثَمُ بْنُ عِمْرَانَ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. قُلْتُ: كَانَ أَحَدُ الأَجْوَادِ الْمُمَدَّحِينَ قَصَدَتْهُ الشُّعَرَاءُ وَامْتَدَحُوهُ. 74- حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ2 -4- عَنْ: أَبِي جُحَيْفَةَ وَعَلْقَمَةَ وَعَبْدِ خَيْرٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَزَائِدَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ غُلاةِ الشِّيعَةِ تَرَكَهُ شُعْبَةُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَمْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَأَمَّا النَّسَائِيُّ فَمَشَّاهُ وَقَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 75- حَكِيمُ بْنُ الدَّيْلَمِ3. عن: شُرَيْحٍ وَأَبِي بُرْدَةَ وَزَاذَانَ وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ وغيرهم.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 128"، ميزان الاعتدال "1/ 580". 2 التاريخ الكبير "3/ 16"، الجرح والتعديل "3/ 201". 3 التاريخ الكبير "3/ 16"، الجرح والتعديل "3/ 204".

وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ لا يُحْتَجُّ بِهِ. 76- حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ1، أَبُو حَفْصٍ الْكَلْبِيُّ. الأَمِيرُ مِنْ أَشْرَافِ الشَّامِيِّينَ وَلِيَ إِمْرَةَ مِصْرَ مَرَّتَيْنِ وَإِمْرَةَ الْمَغْرِبِ. 77- حُنَيْنُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الْمِصْرِيُّ2 -د ت- مَوْلَى سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ. عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ وَعَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ وَسَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَاللَّيْثُ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ في السنن. حيي بن هانيء3، هُوَ أَبُو قَبِيلٍ. "حرف الْخَاءِ": 78- خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ الْمَدَنِيُّ4 -ع- عن الرَّبِيعِ بِنْتِ مُعَوِّذَ وَأَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. وَانْتَقَلَ إِلَى الْبَصْرَةِ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 79- خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ5، أَبُو صفوان بن الأهتم التميمي المنقري البصري.

_ 1 المعرفة والتاريخ "3/ 345"، كتاب الولاة والقضاة "71". 2 التاريخ الكبير "3/ 105"، الجرح والتعديل "3/ 286". 3 التاريخ الكبير "3/ 75"، الطبقات الكبرى "7/ 512". 4 التاريخ الكبير "3/ 147"، الجرح والتعديل "3/ 329". 5 سير أعلام النبلاء "5/ 448".

أَحَدُ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ وَمِنْ مَشَاهِيرِ الأَخْبَارِيِّينَ وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي الْبَخْلِ، وَفَدَ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. حَكَى عَنْهُ شَبِيبُ بْنُ شَيَّبَةَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. وَمِنْ كَلامِهِ وَسُئِلَ: أَيُّ إِخْوَانِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ - قَالَ: الَّذِي يَغْفِرُ زَلَلِي وَيَقْبَلُ عِلَلِي وَيَسِدُّ خَلَلِي. قُلْتُ: إِنَّمَا ذَاكَ هُوَ اللَّهُ أَجْوَدُ الأَجْوَدِينَ. 80- خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحْرِزٍ الْبَصْرِيُّ1 -م ن- الأحدب الأثبج. رَوَى عن عَمِّهِ صَفْوَانَ بْنُ مُحْرِزٍ وَزُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ وَأَبُو بِشْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَآخَرُونُ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 81- خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّه بْن يزيد بْن أسد2 -د- الأمير أبو القاسم القسري البجلي الدمشقي. أَحَدُ الأَشْرَافِ. وَلِيَ إِمْرَةَ مَكَّةَ لِلْوَلِيدِ ثُمَّ إِمْرَةَ الْعِرَاقَيْنِ وَغَيْرَهَا لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَلَهُ أَخَوَانِ أَسَدٌ وَإِسْمَاعِيلُ، وَلِجِدِّهِمْ صُحْبَةٌ. رَوَى خَالِدُ عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَسَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ. وَكَانَ خَطِيبًا بَلِيغًا جَوَّادًا مُمَدَّحًا عَظِيمُ الْقَدْرِ لَكِنَّهُ نَاصِبِيٌّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: رَجُلُ سُوءٍ يَقَعُ فِي عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: قِيلَ لِسَيَّارٍ: تَرْوِي عَنْ خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ. وذكره ابن حبان في الثقات.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 160"، الجرح والتعديل "3/ 339". 2 التاريخ الكبير "3/ 158"، الجرح والتعديل "3/ 340"، سير أعلام النبلاء "5/ 425"، ميزان الاعتدال "1/ 633".

وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: أَوَّلُ مَا عُرِفَ بِهِ سُؤْدُدُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ مَرَّ فِي سوق دمشق، وهو غلام فوطيء فَرَسُهُ صَبِيًّا فَوَقَفَ عَلَيْهِ, فَلَمَّا رَآهُ لا يَتَحَرَّكَ أَمَرَ غُلامَهُ فَحَمَلَهُ ثُمَّ أَتَى بِهِ مَجْلِسَ قَوْمٍ فَقَالَ: إِنْ حَدَثَ بِهَذَا الْغُلامِ حَدَثٌ فَأَنَا صَاحِبُهُ وَطَأَتْهُ فَرَسِي وَلَمْ أَعْلَمْ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَلِيَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ مَكَّةَ لِلْوَلِيدِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ فَبَقِيَ حَتَّى عَزَلَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ وَلِيَ خَالِدٌ الْعِرَاقَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ إِلَى سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَصُرِفَ بِيُوسُفَ بْنِ عُمَرَ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ نُوحٍ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: إِنِّي لَأُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ سِتَّةً وَثَلاثِينَ أَلْفًا مِنَ الأَعْرَابِ مِنْ تَمْرٍ وَسَوِيقٍ. وَقَالَ أَبُو تَمَّامٍ حَبِيبُ بْنُ أَوْسٍ الطَّائِيُّ الشَّاعِرُ: حَدَّثَنِي بَعْضُ الْقَسْرِيِّينَ قَالَ: كَانَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَدْعُو بِالْبَدْرِ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا هَذِهِ الأَمْوَالُ وَدَائِعُ لا بُدَّ مِنْ تَفْرِيقِهَا وَيَقُولُ: إِذَا أَتَانَا الْمُمْلِقُ فَأَغْنَيْنَاهُ وَالظَّمْآنُ فَأَرْوَيْنَاهُ فَقَدْ أَدَّيْنَا الأَمَانَةَ. وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: دَخَلَ عَلَى خَالِدٍ أَعْرَابِيُّ فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيرُ قَدِ امْتَدَحْتُكَ بِبَيْتَيْنِ فَلا أُنْشِدُكُهُمَا إِلا بِعَشَرَةِ آلافٍ وَخَادِمٍ، قَالَ: قُلْ، فَقَالَ: لَزِمْتَ نَعَمْ حَتَّى كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ ... سَمِعْتَ مِنَ الأَشْيَاءِ شَيْئًا سَوَّى نَعَمِ وَأَنْكَرْتَ "لا" حَتَّى كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ ... سَمِعْتَ بِهَا فِي سَالِفِ الدَّهْرِ وَالأُمَمِ فَأَمَرَ لَهُ بُعَشَرَةِ آلافٍ وَخَادِمٍ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: أخَالِدٌ إِنِّي لَمْ أَزُرْكَ لِحَاجَةٍ ... سِوَى أَنَّنِي عَافٍ وَأَنْتَ جَوَّادُ أَخَالِدٌ إِنَّ الْحَمْدَ وَالأَجْرَ حَاجَتِي ... فَأَيُّهُمَا تَأْتِي فَأَنْتَ عِمادُ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: سَلْ يَا أَعْرَابِيُّ، قَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، قَالَ: أَكْثَرْتَ، قَالَ: قَدْ حَطَطْتُ الأَمِيرَ تِسْعِينَ أَلْفًا، قَالَ: مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّ أَمْرَيْكَ أَعْجَبُ! قَالَ: إِنَّكَ لَمَّا جَعَلْتَ الْمَسْأَلَةَ إِلَيَّ سَأَلْتُ عَلَى قَدْرِكَ فَلَمَّا سَأَلْتَنِي أَنْ أَحُطَّ حَطَطْتُ عَلَى قَدْرِي، قَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ لا تَغْلِبْنِي، يَا غُلامُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ. وَرَوَى زَكَرِيَّا الْمِنْقَريُّ عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى خَالِدٍ فِي يَوْمٍ مَجْلِسَ الشُّعَرَاءِ فَأَنْشَدَهُ:

تَعَرَّضْتَ لِي بِالْجُودِ حَتَّى نَعَّشْتَنِي ... وَأَعْطَيْتَنِي حَتَّى ظَنَنْتُكَ تَلْعَبُ فَأَنْتَ النَّدَى وَابْنُ النَّدَى وَأَخُو النَّدَى ... حَلِيفُ النَّدَى مَا لِلنَّدَى عَنْكَ مَذْهَبُ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَعَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ قَالَ: لا يَحْتَجِبُ الْوَالِي إِلا لِثَلاثٍ: إِمَّا عَيِيٌّ فَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَى عِيَّهِ، وَإِمَّا صَاحِبُ سُوءٍ فَهُوَ يَتَسَتَّرُ، وَإِمَّا بَخِيلٌ يَكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ. وَلِخَالِدٍ تَرْجَمَةٌ طَوِيلَةٌ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: قتل خالد سنة ست وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَهُوَ ابْنُ نَحْوِ سِتِّينَ سَنَةٍ. قُلْتُ: لَهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ أَضْعَفَ صَاعَ الْعِرَاقِ فَجَعَلَهُ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلا. 82- خَالِدُ بْنُ عَرْفَطَةَ1 -د ن-. عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ. وَعَنْهُ قَتَادَةُ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَأَبُو بِشْرٍ وَوَاصِلُ مَوْلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. مَاتَ كَهْلا. 83- خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ أَبُو حَيَّةَ الْوَادِعِيُّ الْكُوفِيُّ2 -د ن ق- عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ فِي الْوُضُوءِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو عَوَانَةَ وَزَائِدَةُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَسَمَّاهُ شُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ: مَالِكَ بْنَ عَرْفَطَ. 84-خَالِدُ بْنُ أَبِي عمران التجيبي3 -م د ت ن- التونسي أبو عمر قاضي أفريقية.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 337". 2 التاريخ الكبير "3/ 163"، تهذيب التهذيب "3/ 108". 3 التاريخ الكبير "3/ 163"، الجرح والتعديل "3/ 345".

عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْن يَسَارٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ وَطَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ وَعُبَيَدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَعِدَّةٌ. وَكَانَ عَالِمَ أَهْلِ الْمَغْرِبِ وَفَقِيهِهِمْ. ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَيُقَالُ: كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ. قَالَ زُوَيْنُ بْنُ خَالِدٍ الصَّدَفِيُّ: خَرَجَتِ الصُّفْرِيَّةُ بِأَفْرِيقِيَّةَ يَوْمَ الْقَرْنِ فَبَرَزَ خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ لِلْقِتَالِ فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَئِيسُ الْقَوْمِ مِنْ زِنَاتَةَ فَقَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ. تُوُفِّيَ خَالِدٌ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. 85- خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1 -د- نَزِيلُ حِمْصَ. عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَبِلالِ بْنِ سعد وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ. 86- خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2 -ع- بْنِ خُبَيْبِ بْنِ يَسَافَ أَبُو الْحَارِثِ الأَنْصَارِيُّ الخزرجي المدني. عَنْ أَبِيهِ وَعَمَّتِهِ أُنَيْسَةَ وَحَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أُخْتِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَمُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ زَمَنَ مَرْوَانَ.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 171"، الجرح والتعديل "3/ 350". 2 التاريخ الكبير "3/ 209"، الطبقات الكبرى "3/ 535"، تهذيب التهذيب "3/ 136".

87- خَلَفُ بْنُ حَوْشَبٍ الْكُوفِيُّ1. الْعَابِدُ الأَعْوَرُ وَهُوَ أخو كليب بن حوشب. عن مجاهد وأبي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَعَطَاءٍ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَأَبِي إِسْحَاقَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَشَرِيكٌ وَمَرْوَانُ وَأَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَعَلَى هَذَا كَأَنَّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدِ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَلَهُ أَخْبَارٌ وَمَوَاعِظُ وَجَلالَةٌ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 88- خَلادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَةَ الصَّنْعَانِيُّ2 -د ن-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ الْقَاسِمُ بْنُ فَيَّاضٍ وَمَعْمَرٌ وَبَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَامِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَوَصَفَهُ مَعْمَرٌ بِالْحِفْظِ. [حرف الدَّالِ] : 89- داود بن شابور3 -ت ن- أبو سليمان المكي. عن طاووس وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَدَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 90- دَاوُدُ بْنُ فَرَاهِيجَ الْمَدَنِيُّ4. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَشُعْبَةُ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مطرف.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 193"، الجرح والتعديل "3/ 369". 2 التاريخ الكبير "3/ 185"، الجرح والتعديل "3/ 365". 3 الجرح والتعديل "3/ 415"، تهذيب التهذيب "3/ 187". 4 التاريخ الكبير "3/ 230"، الجرح والتعديل "3/ 422".

ضَعَّفَهُ شُعْبَةَ وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعيِنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَدْ بَقِيَ إِلَى أَيَّامِ مَقْتَلِ الْوَلِيدِ فَإِنَّهُ قَدِمَ الشَّامَ إِذْ ذَاكَ. قَالَ شُعْبَةُ: كَبُرَ وَافْتَقَرَ. أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُعَلِّمَ أَخْبَرَهُمْ أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ هَزَامَرَدَ أَنَا ابْنُ حُبَابَةَ ثنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ ثنا عَلِيٌّ ثنا شُعْبَةُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ يَقُولُ: الضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ. 91- دَرَّاجُ بْنُ سَمْعَانَ1، -4- أَبُو السَّمْحِ الْمِصْرِيُّ الْقَاصُّ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ وَعَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ - وَهُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو الْعُتْوَارِيُّ - وَأَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَسَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْقِتْبَانِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ يَسِيرًا فَإِنَّهُ قَالَ: فِيهِ ضَعْفٌ. وَيُقَالُ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ مِنَ الْخَاشِعِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ. وَقَالَ مُنْذِرُ بْنُ يُونُسَ: سَمِعْتُ دَرَّاجًا مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ فَذَكَرَ حِكَايَةً. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: ثنا دَرَّاجُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ يَقُولُ: إِنَّ فِي النَّارِ لَحَيَّاتٍ كأعناق البخت.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 441"، ميزان الاعتدال "2/ 24".

تُوُفِّيَ دَرَّاجٌ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 92- دُوَيْدُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو عِيسَى الْحِمْصِيُّ1 -د ن ق- مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. نَزَلَ مِصْرَ، وَحَدَّثَ عَنْ عُرْوَةَ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَعَطَاءٍ وَابْنِ شِهَابٍ. وَعَنْهُ جُبَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دُوَيْدٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 93- دِينَارُ أَبُو عُمَرَ الْبَزَّارُ الْكُوفِيُّ2، مَوْلَى ابْنِ أَبِي غَالِبٍ الأَسَدِيِّ. عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَلِيُّ بْنُ الْحَزَوَّرِ. وَثَّقَهُ وَكِيعٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ. [حرف الرَّاءِ] : رَبِيعَةُ بْنُ سَيْفٍ الْمَعَافِرِيُّ3. مر. 94- ربيعة بن يزيد القصير4، -ع- أبو شعيب الإيادي الدمشقي. أَحَدُ الأَعْلامِ فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ. عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، وَقِيلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ مُعَاوِيَةَ. وَعَنْهُ حَيْوةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفَرَجُ بْنُ فُضَالَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ فَرَجٌ: كَانَ رَبِيعَةُ يُفَضَّلُ عَلَى مكحول يعني في العبادة.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 251"، الجرح والتعديل "3/ 438". 2 التاريخ الكبير "3/ 246"، الجرح والتعديل "3/ 430". 3 الجرح والتعديل "3/ 477"، ميزان الاعتدال "2/ 43". 4 التاريخ الكبير "3/ 288"، الجرح والتعديل "3/ 474".

وقال سعيد بن عبد العزيز: لم يكن عِنْدَنَا أَحْسَنُ سَمْتًا فِي الْعِبَادةَ مِنْهُ وَمِنْ مَكْحُولٍ. وَقِيلَ: كَانَتْ دَارُهُ بِنَاحِيَةِ دَارِ الْفَرَادِيسِ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَامِرٍ سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: مَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلاةِ الظُّهْرِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً إِلا وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ إِلا أَنْ أَكُونَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ يُعْرَفُ بِالْقَصِيرِ يُعْتَبَرُ بِهِ؛ وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ: خَرَجَ رَبِيعَةُ مَعَ كُلْثُومِ بْنِ عِيَاضٍ فَقَتَلَهُ الْبَرْبَرُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: اسْتُشْهِدَ بِأَفْرِيقِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ. 95- رَبِيعُ بْنُ لُوطٍ1 -ن-. عَنْ عَمِّهِ الْبَرَّاءِ بْنِ عَازِبٍ وَقَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وآخرون. 96- ربيع بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الْمَدَنِيُّ2 -د ق-. عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَكَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَيْخٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ. قُلْتُ: لَهُ خَبَرٌ فِي وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ على الوضوء. 97- رزيق بن حكيم الأيلي3 -ن- أبو حكيم. مُتَوَلِّي أَيْلَةَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَبْدٌ صَالِحٌ خَيِّرٌ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَمْرَةَ. وعنه يونس وعقيل ومالك وابن عيينة.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 468"، تهذيب التهذيب "3/ 250". 2 التاريخ الكبير "3/ 331"، الجرح والتعديل "3/ 518"، تهذيب التهذيب "3/ 238". 3 التاريخ الكبير "3/ 318"، الجرح والتعديل "3/ 504".

98- رُزَيْقُ بْنُ حَيَّانَ، أَبُو الْمِقْدَامِ الْفَزَارِيُّ1. عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُسْلِمِ بْنِ قُرْطٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَغَيْرُهُمَا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: زُرَيْقٌ بِتَقْدِيمِ الْمُعْجَمَةِ. 99- رُزَيْقٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَلْهَانِيُّ الْحِمْصِيُّ2 -ن-. أَرْسَلَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ أَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ الدِّمْشِقِيُّ وَمُسْلِمَةُ الْخَشَنِيُّ. وَقَدْ وُثِّقَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحتَجُّ بِهِ. 100- رِيَاحُ بْنُ عُبَيْدَةَ الْبَاهِلِيُّ3. عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٍ؛ وَعَنْهُ ابْنُ شَوْذَبٍ وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ وَمُحْرِزُ بْنُ قَعْنَبٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. "حرف الزَّايِ": 101- زُبَيْدُ بْنُ الحارث اليامي4 - ع - الكوفي أحد الأعلام.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 318"، تهذيب التهذيب "3/ 273". 2 التاريخ الكبير "3/ 318"، الجرح والتعديل "3/ 505"، تهذيب التهذيب "3/ 275". 3 الطبقات الكبرى "5/ 395"، التاريخ الكبير "3/ 329"، تهذيب التهذيب "3/ 399". 4 زبيد بن الحارث: أبو عبد الله الكريم، ابن عمرو بن كعب اليامي، بالتحتانية، أبو عبد الرحمن الكوفي: ثقة ثبت. دول الإسلام "1/ 84"، وتهذيب التهذيب "3/ 310، 311"، والتقريب "1/ 252"، وحلية الأولياء "5/ 29"، وتاريخ الدوري "2/ 171"، وتاريخ الثقات "163"، والثقات "6/ 341".

عن إبرهيم بْنِ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ النَّخْعِيَّيْنِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي وَائِلٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. قَالَ شُعْبَةُ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا خَيْرًا مِنْ زُبَيْدٍ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ زُبَيْدٌ: أَلْفُ بَعْرَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ. وَقَالَ ابن شبرمة: كان زبيد يجزيء اللَّيْلَ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءًا عَلَيْهِ، وَجُزْءًا عَلَى ابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجُزْءًا عَلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، فَكَانَ زُبَيْدُ يُصَلِّي ثُمَّ يَقُولُ لِأَحَدِهِمَا: قُمْ، فَإِنْ تَكاسَلَ، صَلَّى جُزْءَهُ ثُمَّ يَقُولُ لِلآخَرِ: قُمْ، فَإِنْ تَكَاسَلَ أَيْضًا صَلَّى جُزْءَهُ فَيُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ. قَالَ نُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَوْ خُيِّرْتُ مَنْ أَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى فِي مِسْلاخِهِ لاخْتَرْتُ زُبَيْدًا الإِيَامِيَّ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ مَنُصورٌ يَأْتِي زُبَيْدَ بْنَ الْحَارِثِ فَكَانَ يَذْكُرُ لَهُ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيَعْصِرُ عَيْنَيْهِ يُرِيدُهُ عَلَى الْخُرُوجِ أَيَّامَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ زُبَيْدٌ: ما أَنَا بِخَارِجٍ إِلا مَعَ نَبِيٍّ وَمَا أَنَا بِوَاجِدِهِ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي كُنْيَةِ زُبَيْدٍ فَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: ثَبْتٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. وَرَوَى لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَعْجَبُ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَيَّ أَرْبَعَةٌ فَذَكَرَ مِنْهُمْ زُبَيْدًا. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ زُبَيْدَ بْنَ الْحَارِثِ مُقْبِلا مِنَ السُّوقِ رَجَفَ قَلْبِي1. وَرَوَى شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَمْرٍو قال: كان عمي زبيد حاجا فاحتاج

_ 1 رجف قلبي: يعني ارتعد واضطرب اضطرابا شديدا.

إِلَى الْوُضُوءِ فَقَامَ فَتَنَجَّى فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ فَإِذَا هُوَ بِمَاءٍ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فِيهِ مَاءٌ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَهُمْ يُعَلِّمُهُمْ فَأَتَوْهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ1. وَقَالَ يُونُسُ الْمُؤَدَّبُ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ قَالَ: كَانَ زُبَيْدٌ مُؤَذِّنَ مَسْجِدِهِ فَكَانَ يَقُولُ لِلصِّبْيَانِ: تَعَالَوْا فَصَلُّوا أَهَبُ لَكُمُ الْجُوزَ، فَكَانُوا يُصَلُّونَ ثُمَّ يُحِوطُونَ بِهِ، فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ! فَقَالَ: وَمَا عَلَيَّ، أَشْتَرِي لَهُمْ جُوزًا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَيَتَعَوَّدُونَ الصَّلاةَ2. وَرُوِيَ عَنْ زُبَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةً مَطِيرَةً3 طَافَ عَلَى عَجَائِزِ الْحَيِّ وَيَقُولُ: أَلَكُمْ فِي السُّوقِ حَاجَةٌ4 قُلْتُ: زُبَيْدٌ مَعْدُودٌ فِي صِغَارِ التَّابِعِينَ وَلا أَعْلَمُ لَهُ شَيْئًا عَنِ الصَّحَابَةِ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. 102- الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ -م د ت ق-. مِنْ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ. عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَأَبِي لَبِيدٍ لِمَازَةَ بْنِ زَبَادٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ هَرَونُ النَّحْوِيُّ الأَعْوَرُ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ وَابْنُ مَعِينٍ. 103- الزُّبَيْرُ بْنُ عَرَبِيِّ أَبُو سَلَمَةَ النَّمَرِيُّ الْبَصْرِيُّ5 -ن-. عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْه مَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ بن الزبير وآخرون.

_ 1 حسن: أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 30"، والذهبي في السير "6/ 110". 2 انظر السابق. 3 ليلة مطيرة: يعني ذات مطر. 4 سير أعلام النبلاء "5/ 110". 5 وهو الزبير بن عربي: بفتح الراء بعدها موحدة النمري، أبو سلمة البصري، ليس به بأس، التاريخ الكبير "3/ 318"، وتهذيب التهذيب "3/ 318".

قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 104- الزَّبَيْرُ بْنُ مُوسَى بْنِ مِينَا الْمَكِّيُّ1. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد اللَّهِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَجَمَاعَةٍ؛ وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ2. 105- زُجْلَةُ مَوْلاةُ عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معاوية3. ا أَدْرَكَتْ كُوَيْسَةَ. الصَّحَابِيَّةَ، وَرَوَتْ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبَقِيَتْ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ بَنِي أُمَيَّةَ؛ روى عنها كُلَيْبُ بْنُ عِيسَى الثَّقَفِيُّ وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ. فَقَالَ صَدَقَةُ: حَدَّثَتْنَا زُجْلَةُ مَوْلاةُ مُعَاوِيَةَ قَالَتْ: كُنَّا مَعَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ فَأَتَاهَا هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَمِيرُ فَقَالَ: مَا أَوْثَقُ عَمَلِكِ فِي نَفْسِكِ - قَالَتْ: الْحُبُّ فِي اللَّهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَتْ زُجْلَةُ لِعَاتِكَةَ امْرَأَةِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَكَانَتْ تَرَى مِنْهَا مَا لا تُحِبُّ فَقَالَتْ: مَا أَرْضَاكِ لِلَّهِ، فَغَضِبَتْ مِنْهَا وَزَوَّجَتْهَا لِعَبْدٍ أَسْوَدٍ فَأَرَاهَا دَعَتِ اللَّهِ فَكَفَّ عَنْهَا الأَسْوَدَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَرَكِبَ إِلَى بِنْتِ عَمِّهِ فِي أَمْرِهَا فَأَعْتَقَتْهَا. 106- زُهَيْرُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ الْعَنْسِيُّ4، وَيُقَالُ: الْعَمِّيُّ, وَيُقَالُ: الأَسَدِيُّ5. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَقَدْ وثق.

_ 1 وهو الزبير بن موسى بن ميناء المكي: قال الحافظ ابن حجر: "مقبول" من الرابعة، التاريخ الكبير "3/ 412"، والتهذيب "3/ 320". 2 انظر السابق. 3 زجلة العابدة مولاة معاوية: صفة الصفوة "3/ 300". 4 وبالباء التحتانية "العبسي" كذا في التاريخ الكبير "3/ 427". 5 راجع الجرح والتعديل "3/ 587"، والتاريخ لابن معين برقم "1406".

107- زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّمَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -ت-. عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى قَيْسِ بْنِ حَبِيبٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدَّبُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَزَائِدَةُ بْنُ أَبِي الرُّقَادِ وَعُمَارَةُ بْنُ زاذان. قال ابن حبان في الثقات: يخطيء وَكانَ مِنَ الْعُبَّادِ. وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ. 108- زِيَادُ بن علاقة بن مالك الثعلبي -ع- أبو مالك الكوفي2. أَحَدُ الثِّقَاتِ الْمُعَمَّرِينَ. رَوَى عَنْ عَمِّهِ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَأُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ وَعَمْرِو بن ميمون الأَوْدِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَشَيْبَانُ وَزَائِدَةُ وَزُهَيْرٌ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ: أَدْرَكَ ابْنَ مَسْعُودٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ ثِقَةٌ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ أَوْ بَعْدَهَا بِيَسِيرٍ وَعَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 109- زِيَادُ بْنُ فَيَّاضٍ أَبُو الْحَسَنِ الْخُزَاعِيُّ الْكُوفِيُّ -م د ن3-. عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمن وسعيد بن جبير وأبي عياض عمرو بْنِ الأَسْوَدِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالأَعْمَشُ وَسُفْيَانُ وَشَرِيكٌ ومسعر.

_ 1 زياد بن عبد الله النميري البصري. قال فيه ابن حجر وغيره: "ضعيف" التهذيب "3/ 378"، والتقريب "1/ 263". 2 زياد بن علاقة: بكسر المهملة وبالقاف، الثعلبي، ثقة قاله ابن حجر والنسائي وابن معين وغيرهم. التاريخ الكبير "3/ 361". 3 زياد ن فياض الخزاعي أبو الحسن الكوفي، ثقة عابد، التاريخ الكبير "3/ 361"، والتهذيب "3/ 381".

وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ الثَّوْرِيُّ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ نُشِرَ مِنْ قَبْرٍ. قُلْتُ: لَهُ فِي الْكُتُبِ حَدِيثَانِ فِي صَوْمِ يَوْمٍ وَيَوْمٍ وَفِي الْمُسْكِرِ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 110- زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدِينِيُّ1 -م ت ق-. وَاسْمُ أَبِيهِ مَيْسَرَةُ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ. لَهُ دَارٌ وَذُرِّيَةٌ بِدِمَشْقَ. رَوَى عَنْ مَوْلاهُ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أُبَيٍّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَآخَرُونُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَكَانَ عَبْدًا صَالِحًا زَاهِدًا كَبِيرَ الْقَدْرِ. قَالَ مَالِكٌ: كَانَ مَمْلُوكًا فَدَخَلَ يَوْمًا عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ يَكْرِمُهُ. وَإِيَّاهُ عَنِّي الْفَرَزْدَقَ بِقَوْلِهِ: يا أيها القاريء المرخي عمامته ... هذا زمانك إني قد مضى زَمَنِي2 قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ عَابِدًا مُعْتَزِلا يَكُونُ وَحْدَهُ يَدْعُو اللَّهَ، وَكَانَتْ فِيهِ لَكْنَةٌ، وَكَانَ يَلْبِسُ الصُّوفَ وَلا يَأْكُلُ اللَّحْمَ، وَكَانَتْ لَهُ دُرَيْهِمَاتٌ يُعَالِجُ لَهُ فِيهَا. وَرَوَى يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ3 عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بن عبد العزيز

_ 1 زياد بن أبي زياد ثقة عابد، التاريخ الكبير للبخاري "3/ 354"، وتهذيب التهذيب "3/ 367". 2 وفي تهذيب ابن عساكر "5/ 433" بدل "قد مضى" "خلا زمني". وفي سير أعلام النبلاء "6/ 236": "إني قد مضى زمني". 3 "الوحاظي -بضم الواو، وقيل بكسرها - هذه النسبة إلى وحاظة، وهو بطن من حمير. والمشهور بالانتساب إليها إليها جماعة منهم أبو زكريا يحيى بن صالح الوحاظي الحمصي" قاله السمعاني في الأنساب "5/ 576".

يَتَغَدَّى إِذْ بَصُرَ بِزِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ فَأَمَرَ حَرَسَيًّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ؛ فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ وَبَقِيَ زِيَادُ قَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ حَتَّى جَلَسَ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ: يَا فَاطِمَةُ هَذَا زِيَادٌ فَاخْرُجِي فَسَلِّمِي عَلَيْهِ هَذَا زِيَادٌ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَعُمَرَ قَدْ وَلِيَ أَمْرَ الأُمَّةِ، فَجَاشَتْ نَفْسُهُ حَتَّى قَامَ إِلَى الْبَيْتِ فَقَضَى عَبْرَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَغَسَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ؛ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا زِيَادُ هَذَا أَمْرُنَا وَأَمْرُهُ مَا فَرِحْنَا بِهِ وَلا قَرَّتْ أَعْيُنُنَا مُنْذُ وَلِيَ1. رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ زِيَادُ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ يَمُرُّ بِي وَأَنَا جَالِسٌ فَرُبَّمَا أَفْزَعَنِي حِسَّهُ مِنْ خَلْفِي فَيَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفِي فَيَقُولُ لِي: عَلَيْكَ بِالْجَدِّ فَإِنْ كَانَ مَا يَقُولُ أَصْحَابُكَ هَؤُلاءِ مِنَ الرُّخَصِ حَقًّا لَمْ يَضُرَّكَ، وَإِنْ كَانَ الأَمْرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ بِالْحَذَرِ2. قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ زِيَادُ قَدْ أَعَانَهُ النَّاسُ عَلَى فِكَاكِ رَقَبَتِهِ وَأُسْرِعَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَفَضُلَ بَعْدَ الَّذِي قُوطِعَ عَلَيْهِ مَالٌ كَثِيرٌ فَرَدَّهُ زِيَادٌ إِلَى مَنْ أَعَانَهُ بِالْحِصَصِ وَكَتَبَهُمْ زِيَادُ عِنْدَهُ فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَهُمْ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ. لَهُ فِي الْكُتُبِ ثَلاثةُ أَحَادِيثَ. 111- زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ3. مَرَّ فَيُحَوَّلُ إِلَى هُنَا. 112- زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ4 -ع- عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَخِشْفِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي يَزِيدَ الضَّبِّيِّ. وَعَنْهُ حَجَّاجُ بْنَ أَرْطَاةَ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَزُهَيْرٌ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَآخَرُونَ. قال أحمد بن حنبل: صالح الحديث.

_ 1 ذكره الذهبي في السير "6/ 237". 2 انظر المصدر السابق. 3 زياد بن مخراق: بكسر الميم وسكون المعجمة، المزني مولاهم، أبو الحارث البصري، ثقة قاله ابن حجر والنسائي، وابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. التاريخ الكبير "3/ 371"، والتهذيب "3/ 383"، والتقريب "1/ 264". 4 زيد بن جبير الطائي الكوفي من ثقات التابعين. ترجم له الذهبي في الكاشف "1/ 264"، وفي السير "6/ 168".

وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: لَهُ سَبْعَةُ أَحَادِيثَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَدْ وَهِمَ الْعِجْلِيُّ حَيْثُ يَقُولُ: لَيْسَ بِتَابِعِيٍّ. 113- زَيْدُ بن سلام1 -م4- بن أبي سلام ممطور الحبشي الدمشقي نَزِيلُ الْيَمَامَةِ. عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلامٍ الأَسْوَدِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الأَزْرَقِ وَعَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ. وَعَنْهُ أَخُوهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ وَيَحْيَى بن أبي كثير. وثقه الدارقطني وَغَيْرُهُ. 114- زَيْدُ بْنُ طَلْحَةَ أَبُو يَعْقُوبَ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ2. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنِ الْمَقْبُرِيُّ. وَعَنْهُ ابْنُهُ يَعْقُوبُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو عَلْقَمَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 115- زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بن الحسين3 -د ت ق- ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو الْحُسَيْنِ الهاشمي العلوي المدني أَخُو أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَالْحُسَيْنِ وَهُوَ ابْنُ أَمَةٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَخِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَعُرْوَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَشُعْبَةُ وَفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٌ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ وَسَعِيدُ بْنُ خَثْيَمٍ الْهِلالِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وآخرون سواهم.

_ 1 هو زَيْدُ بْنُ سَلامِ بْنِ أَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ، الْحَبَشِيُّ، بالمهملة والموحدة والمعجمة، ثقة. التاريخ الكبير "3/ 395"، وتهذيب ابن عساكر "6/ 12"، وتهذيب التهذيب "3/ 415". 2 راجع التاريخ الكبير "3/ 398". 3 زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو الْحُسَيْنِ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ الْمَدَنِيُّ. ترجم له الذهبي في الكاشف "1/ 267"، والسير "6/ 183".

وَكَانَ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الصُّلَحَاءِ بَدَتْ مِنْهُ هَفْوَةٌ1 فَاسْتُشْهِدَ فَكَانَتْ سَبَبًا لِرَفْعِ دَرَجَتِهِ فِي آخِرَتِهِ. رَوَى أَبُو الْيَقْظَانِ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ وَفَدَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ أَمِيرِ الْعِرَاقَيْنِ الْحِيرَةَ فَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالُوا: ارْجَعْ فَلَيْسَ يُوسُفُ بِشَيْءٍ فَنَحْنُ نَأْخُذُ لَكَ الْكُوفَةَ، فَرَجَعَ فَبَايَعَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ وَخَرَجُوا مَعَهُ فَعَسْكَرَ فَالْتَقَاهُ الْعَسْكَرُ الْعِرَاقِيُّ فَقُتِلَ زَيْدٌ فِي الْمَعْرَكَةِ ثُمَّ صُلِبَ فَبَقِيَ مُعَلَّقًا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أُنْزِلَ فَأُحْرِقَ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ2: كَانَ قَدِمَ الْكُوفَةَ وَخَرَجَ بِهَا لِكَوْنِهِ كَلَّمَ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي دِينِ مُعَاوِيَةَ فَأَبَى عَلَيْهِ وَأَغْلَظَ لَهُ. وَقَدْ سُئِلَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الرَّافِضَةِ3 وَالزَّيْدِيَّةِ4 فَقَالَ: أَمَّا الرَّافِضَةُ فَإِنَّهُمْ جَاءُوا إِلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ حِينَ خَرَجَ فَقَالُوا: تَبَرَّأْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حَتَّى نَكُونَ مَعَكَ، فَقَالَ: لا بَلْ أَتَوَلاهُمَا وَأَبْرَأُ مِمَّنْ يَبْرَأُ مِنْهُمَا، قَالُوا: إِذًا نَرْفُضُكَ فَسُمِّيَتِ الرافضة. وأما الزيدية فقالوا بِقَوْلِهِ وَحَارَبُوا مَعَهُ فنُسِبُوا إِلَيْهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: الرَّافِضَةُ حِزْبِي وَحِزْبُ أَبِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مَرَقُوا عَلَيْنَا كَمَا مَرَقَتِ الْخَوَارِجُ عَلَى عَلِيٍّ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْعَتَكِيُّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ مُتَسَانِدٌ إِلَى خَشَبَةِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ يَقُولُ: هَكَذَا تَفْعَلُونَ بِوَلَدِي6. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ وَهُوَ رَافِضِيٌّ ضَالٌّ لَكِنَّهُ صادق - وهذا نادر - أنبأ عمرو بن

_ 1 الهفوة: السقطة والذلة: والمعنى بدت منه هفوة زلة وخطأ. 2 المعرفة والتاريخ "3/ 348". 3 الرافضة: هم فرقة من الشيعة تجيز الطعن في الصحابة، سموا بذلك لأنهم رفضوا نصح زيد بن علي حين نهاهم عن الطعن في الشيخين أبي بكر وعمر، "ج": روافض "والرافضي": من يذهب مذهب الرافضة. 4 الزيدية: هم أيضا فرقة من الشيعة تنسب إلى زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهما، ومذهبهم السائد هو في اليمن، وهو حصر الإمامة في أولاد علي من فاطمة. 5 راجع: سير أعلام النبلاء "6/ 184". 6 المصدر السابق.

الْقَاسِمِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُ أُنَاسٌ مِنَ الرَّافِضَةِ فَقُلْتُ: إِنَّ هَؤُلاءِ يبرؤون من عمك زيد، فقال بريء اللَّهُ مِمَّنْ تَبَرَّأَ مِنْهُ، كَانَ وَاللَّهِ أَقْرَأَنَا لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَفْقَهَنَا فِي دِينِ اللَّهِ وَأَوْصَلَنَا لِلرَّحِمِ مَا تَرَكَ فِينَا مِثْلَهُ1. وَقَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُعْصَى؟ فَقَالَ زَيْدٌ: أَفَيُعْصَى عُنْوةً؟ وروى هاشم بن البريد عن زيد بن عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِمَامُ الشَّاكِرِينَ ثُمَّ تَلا {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِين} [آل عمران: 144] ، وَرَوَى كَثِيرُ النَّوَا قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: تَوَلَّهُمَا وَأَبْرَأُ مِمَّنْ تَبَرَّأَ مِنْهُمَا. وَرَوَى هَاشِمُ بْنُ الْبَرِيدِ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: الْبَرَاءَةُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَرَاءَةُ مِنْ عَلِيٍّ2. وَرَوَى مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ: أَقَرَّ وَلَدٌ لِخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ عَزَمُوا عَلَى خَلْعِ هِشَامِ، فَقَالَ هِشَامٌ لِزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ: قَدْ بَلَغَنِي كَذَا - قَالَ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ قَالَ: قَدْ صَحَّ عِنْدِي، قَالَ: أَحْلِفُ لَكَ، قَالَ: لا أُصَدِّقُكَ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْفَعْ مِنْ قَدْرِ أَحَدٍ حَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ فَلَمْ يَصْدُقْ، قَالَ: اخْرُجْ عَنِّي، قَالَ إِذًا لا تَرَانِي إِلا حَيْثُ تَكْرَهُ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ الْحَيَاةَ ذَلَّ؛ ثُمَّ تَمثَّلَ: إِنَّ الْمُحَكَّمَ مَا لَمْ يَرْتَقِبْ حَسَدًا ... أَوْ مُرْهَفَ السَّيْفِ أَوْ وَخْزِ الْقَنَا هَتَفَا مَنْ عَاذَ بِالسَّيْفِ لاقَى فُرْجَةً عَجَبًا ... مَوْتًا عَلَى عَجَلٍ أَوْ عَاشَ فَانْتَصَفَا3 وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَارِيخِ مَصْرَعِهِ عَلَى أَقْوَالٍ: فَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: قُتِلَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً؛ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قُتِلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةَ. رَوَاهُ ابْنُ سعد عنه. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَغَيْرُهُمْ: قُتِلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وعشرين.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 184". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 184". 3 المصدر السابق "6/ 184، 185"، وتهذيب ابن عساكر "6/ 22".

وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: قُتِلَ زَيْدٌ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ ثَانِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. وَكَذَا رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ. 116- زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ1، أَبُو أُسَامَةَ الْجَزَرِيُّ الرُّهَاوِيُّ الْغَنَوِيُّ مَوْلَى آلِ غَنِيِّ بْنِ أَعْصَرَ. كَانَ أَحَدَ الأَعْلامِ. رَوَى عَنِ الْحَكَمِ وَشَهْرِ بْنِ حَوَشْبٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَنُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ2 وَالْمَقْبُريِّ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَمَعْقِلُ بْن عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً فَقِيهًا رَاوِيَةً لِلْعِلْمِ كَثِيرَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ؛ وَمَاتَ شَابًّا قِيلَ: إِنَّهُ عَاشَ بِضْعًا وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَكَانَ يَسْكُنُ مَدِينَةَ الرُّهَا. "حرف السِّينِ": 117- سَالِمُ أَبُو النَّضْرِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَدَنِيُّ3 -ع-. مَوْلَى عُمَرَ بن عبيد الله القرشي التيمي وكاتبه.

_ 1 وهو ثقة له أفراد. التاريخ الكبير "3/ 388"، وتهذيب التهذيب "3/ 397". 2 نعيم المجمر، بسكون الجيم وضم الميم الأولى وكسر الثانية وهو ثقة. كان يجمر المسجد يعني يبخره. فأطلق عليه ذلك. 3 وهو ثقة، وكان يرسل كثيرًا. التاريخ الكبير "4/ 111"، وتهذيب التهذيب "3/ 431".

رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَعُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعُمَيْرٍ مَوْلَى ابن عباس وعامر بن سعد. وروى بالإجازة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى فِي كِتَابِهِ وَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَروى عنه مَالِكٌ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالسُّفْيَانَانِ وَفُلَيْحٌ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوُ خَمْسِينَ حَدِيثًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ ثِقَةٌ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ. 18- سَالِمُ بْنُ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الأَسَدِيُّ1. أَمِيرُ الرَّقَّةِ وَلِيَهَا ثَلاثِينَ سنَةً وَعَاشَ إِلَى آخِرِ دَوْلَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ صَخْرُ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَجَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَفُضَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ خَطِيبًا مُفَوَّهًا شَاعِرًا فَاضِلا. 119- سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ2 -ع- قَاضِي الْمَدِينَةِ أَبُو إِسْحَاقَ3 الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ؛ رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَخَالَيْهِ إِبْرَاهِيمَ وَعَامِرٍ ابْنَيْ سَعْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَحَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ وَعَمَّيْهِ حُمَيْدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَشُعْبَةُ وَمِسْعَرٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَأَبُو عَوَانَةَ وابن عجلان وطائفة.

_ 1 راجع ترجمته في: الجرح والتعديل "4/ 188"، وتهذيب ابن عساكر "6/ 56"، وتاريخ أبي زرعة "2/ 686". 2 وكان ثقة فاضلا، التاريخ الكبير "4/ 51"، والصغير "324"، وتهذيب التهذيب "3/ 463". 3 وفي المشاهير "136" "أبو إبراهيم".

قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَلْقَ أَحدًا مِنَ الصَّحَابَةِ. قُلْتُ: بَلَى حَدِيثُهُ عَنِ ابْنِ جَعْفَرٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ. قَالَ: وَكَانَ لا يُحَدِّثُ فِي المدينة فمالك لم يكتب لذا عنه، وَسَمِعَ مِنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بِوَاسِطَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ بِمَكَّةَ. وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ إِنَّكُمْ تُحِلُّونَ الزِّنَا يَعْنِي عَارِيَةَ الْفَرْجِ وَالْمُتْعَةَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: أَدْرَكْتُ أَبِي وَلَهُ عَمَائِمُ لا أَحْفَظُ عَدَدَهَا كَانَ يَعْتَمُّ وَيُعَمِّمُنِي وَأَنَا صَغِيرٌ، قَالَ: وَسَرَدَ أَبِي الصَّوْمَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ شُعْبَةُ: كَانَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَصُومُ الدَّهْرَ وَيَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ وَكَانَ مِنْ قُضَاةِ الْعَدْلِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْزَجَانِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: وَسُئِلَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ رَأَى ابْنَ عُمَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي صَافًّا قَدَمَيْهِ وَأَنَا غُلامٌ. وَرَوَى مِسْعَرٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: لا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلا الثِّقَاتُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَتَبَ عَنِّي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدِيثِي كُلَّهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ بَانِكَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: تُوُفِّيَ جَدِّي وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: سَنَةَ سِتٍّ. قُلْتُ: كَانَ طَلابَةً لِلْعِلْمِ وَسَمِعَ وَلَدُهُ إِبْرَاهِيمُ من الزهري.

120- سَعْدُ أَبُو مُجَاهِدٍ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ1 -خ د ت ق- ثِقَةٌ مُقِلٌّ. رَوَى عَنْ أَبِي مُدَلِّهٍ2 مَوْلَى عَائِشَةَ وَمَحَلِّ بْنِ خَلِيفَةَ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ. وَعَنْهُ الأَعْمَشُ وَإِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. 121- سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى3 الأَنْصَارِيُّ -ع-. قَاضِي الْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَعُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَآخَرُونَ. مات فِي حدود عشرين ومائة. 122- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ4، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ. الشَّاعِرُ هُوَ وَأَبُوهُ وَجِدُّهُ. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَوَالِدِهِ. وَعَنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِجْلانِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَمُعَاذُ بْنُ فُلانٍ. وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ قليل الحديث. ومن شعره: وإن امرأ لاحى الرِّجَالَ عَلَى الِغنَى ... وَلَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ الْغِنَى لِحَسُودٍ5 123- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُرَيْجٍ البصري6 -. د ت-.

_ 1 تهذيب التهذيب "3/ 484"، والتقريب "1/ 279". 2 وفي التاريخ الكبير "4/ 65" بضم الميم وفتح الدال وتشديد اللام المكسورة "مد له". 3 وهو ثقة التاريخ الكبير "3/ 463، 464"، وتهذيب التهذيب "4/ 15". 4 الجرح والتعديل "4/ 39"، والمعرفة والتاريخ "1/ 235". 5 وهذا الشاهد: في تهذيب ابن عساكر "6/ 152". 6 وهو صدوق ربما وهم. التاريخ الكبير "3/ 487"، وتهذيب التهذيب "4/ 51".

عُنْ أَبِي بَرْزَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ الأَعْمَشُ وَحَوْشَبُ بْنُ عُقَيْلٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالزِّمَامُ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مَجْهُولُ الْعَدَالَةِ لَمْ يُضَعَّفْ. 124- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ1 بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيُّ الأَمِيرُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُلَقَّبُ بِسَعِيدِ الْخَيْرِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَرَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمَا. وَكَانَ دَيِّنًا مُتَأَلِّهًا، وَلِيَ الْغَزْوَ زَمَنَ أَخِيهِ هِشَامٍ، وَلَهُ بِالْمَوْصِلِ مَسْجِدٌ وَدَارٌ. مَاتَ فِي حُدُودِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 125- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ الْحَرَشِيُّ2. قِيلَ كَانَ صُعْلُوكًا يَسْأَلُ عَلَى الأَبْوَابِ، ثُمَّ صَارَ سَقَّاءً ثُمَّ صَارَ جُنْدِيًّا، إِلَى أَنْ وَلِيَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ ثُمَّ عَزَلَهُ وَسَجَنَهُ، فَلَمَّا وَلِيَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ الْعِرَاقَ أَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ وَأَكْرَمَهُ، فَلَمَّا هَرَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ مِنْ سِجْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نَفَّذ سَعِيدًا هَذَا فِي طَلَبِهِ فَلَمْ يُدْرِكْهُ فَقَدِمَ سَعِيدٌ عَلَى هِشَامِ ابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَمَّرَهُ عَلَى حَرْبِ الْخَزَرِ فَسَارَ وَبَيَّتَهُمْ فَقَتَلَ مِنْهُمْ عَدَدًا لا يُحْصَرُ. لَمْ يُؤَرِّخُوا وَفَاتَهُ. 126- سَعِيدُ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ3 -خ م د ت ق- الأموي المدني. نَزِيلُ الْكُوفَةِ، كَانَ مَعَ أَبِيهِ إِذْ غَلَبَ عَلَى دِمَشْقَ وَذَبَحَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ ثُمَّ سَارَ وَهُوَ كَبِيرٌ مَعَ أَهْلِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ عَمُّ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ وَأَبِيهِ عمرو بن سعيد الأشدق.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 497". 2 تهذيب ابن عساكر "6/ 164"، والوافي بالوفيات "15/ 348". 3 التاريخ الكبير "3/ 499"، والصغير "1/ 306"، وتهذيب التهذيب "4/ 68".

وَعَنْهُ بَنُوهُ خَالِدٌ وَإِسْحَاقُ وَعَمْرٌو وَحَفِيدُهُ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَشُعْبَةُ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَطَالَ عَمْرُهُ حَتَّى وَفَدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ فِي خِلافَتِهِ. وَكَانَ ثِقَةٌ نَبِيلا مِنْ كِبَارِ الأَشْرَافِ. 127- سَعِيدُ بْنُ أَبِي كيسان1 -ع- الإمام أبو سعد الليثي مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ الْمَقْبُرِيُّ. كَانَ يَنْزِلُ بِمَقْبَرَةِ الْبَقِيعِ، وَكَانَ أَسْنَدَ مَنْ بَقِيَ فِي زَمَانِهِ بِالْمَدِينَةِ. حَدَّثَ عَنْ عَائِشَةَ وَسَعْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَوَالِدِهِ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ أَوْلادُهُ وَشُعْبَةُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ خِرَاشٍ: ثِقَةٌ جَلِيلٌ أَثْبَتُ النَّاسِ فِيهِ اللَّيْثُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ لَكِنَّهُ اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ. قُلْتُ: مَا أَظُنُّهُ رَوَى شَيْئًا فِي الاخْتِلاطِ وَلِذَلِكَ احْتَجَّ بِهِ مُطْلَقًا أَرْبَابُ الصِّحَاحِ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ, وَقِيلَ: سَنَةَ ثلاث, وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ. وَقَعَ لِي حَدِيثُهُ عَالِيًا وَسَهَوْتُ عَنْهُ ثُمَّ أَلْحَقْتُهُ هُنَا. 128- سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ع-. وَالِدُ الإِمَامِ سُفْيَانَ وَمُبَارَكٍ وَعُمَرَ. يَرْوِي عَنْ عُبَابَةَ بْنِ رِفَاعَةَ وَخَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وأبي الضحى

_ 1 وهو الإمام المحدث الثقة أبو سعد سعيد بن أبي سعيد كيسان الليثي مولاهم المديني المقبري. ترجم له الذهبي في السير "6/ 49"، وفي ميزان الاعتدال "2/ 139". 2 وهو والد سفيان الثوري ثقة، التاريخ الكبير "3/ 513"، وتهذيب التهذيب "4/ 82".

وَالشَّعْبِيِّ وَطَائِفَةٍ وَأَدْرَكَ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَعَنْهُ بَنُوهُ وَشُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو الأَحْوَصِ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ, وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ. 129- سَعِيدُ بْنُ هانيء الْخَوْلانِيُّ1 -ت ق-. شَامِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ مُعَاوِيَةَ وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَلِيُّ بْنُ زُبَيْدٍ الخولانيان ومعاوية بن صالح وغيرهم. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ توفي سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ كَذَا قَالَ ابْنُ سَعْدٍ. 130- سَلْمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2 -م4- أَخُو حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النخعي وَأَبِي عُمَر زَاذَانَ وَأَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو وَوَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ. قال النسائي: ليس به بأس. 133- سليم بن عطية الفقيمي3 -ن- الكوفي. عَنْ طَاوُسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 132- سليم بن قيس العلوي4 -د- البصري.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 518"، وتهذيب التهذيب "4/ 92". 2 التاريخ الكبير "4/ 157"، وتهذيب التهذيب "4/ 132". 3 وراجع ترجمته في التهذيب "4/ 135"، والتقريب "1/ 305"، والجرح والتعديل "4/ 265". 4 ميزان الاعتدال "2/ 187"، والتهذيب "4/ 135".

وبنو علي قبيلة تسكن ببادية الْعِرَاقِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ جرير بن حازم وهمام بن يحيى وحماد بْنِ يَزِيدَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ رَوَى حَدِيثَيْنِ ثَلاثَةً. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ذَكَرْتُ لِشُعْبَةَ سَلْمًا الْعَلَوِيُّ فَقَالَ: ذَاكَ الَّذِي يَرَى الْهِلالِ قَبْلَ النَّاسِ بِيَوْمَيْنِ. وَقَالَ الإِبَّارُ: ثنا عبد الله بن عون قال: قَالَ مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: كَانَ سَلْمُ الْعَلَوِيُّ لا يُخْفَى عَلَيْهِ مَطْلَعُ الْهِلالِ فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةَ الشَّكِّ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ تَجُوزُ شَهَادَتَهُ فَأَرَاهُ الْهِلالَ, فَإِذَا ثَبَتَ مَعَهُ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلالِ جَاءَا فَشَهِدَا وَلَمْ يَشْهَدْ وَحْدُهُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ حِدَّةِ بَصَرِهِ رَأَى رَجُلا يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ مِنْ مَسِيرَةِ مِيلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَغَطَّى وَجْهَهُ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ. 133- سَلَمَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ سَلَمَةَ الزُّرَقِيُّ1. رَوَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَيَزِيدَ بْنِ طَلْحَةَ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ. 134- سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ أَبُو يَحْيَى -ع- الحضرمي التنعي2. وتنعه بطن من حضرموت، وقيل: بَلْ هِيَ قَرْيَةٌ. كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ الأَثْبَاتِ عَلَى تَشَيُّعٍ فِيهِ. دَخَل عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَعَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. وَرَوَى عَنْ جُنْدَبٍ الْبَجَلِيِّ وَأَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ وَسُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ وَطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ يَحْيَى وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَآخَرُونُ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ: لَمْ يَكُنْ بِالْكُوفَةِ أَثْبَتُ مِنْ أَرْبَعَةٍ، فَذَكَرَ مُنْهُمْ سلمة

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 79"، وتهذيب التهذيب "4/ 147"، والتقريب "1/ 307". 2 التاريخ الكبير "4/ 74"، والصغير "1/ 311".

ابن كُهَيْلٍ. وَلَهُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ حَدِيثًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ مُتْقِنٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: ثنا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ وَكَانَ رُكْنًا مِنَ الأَرْكَانِ. وَقَالَ يَحْيَى: وُلِدَ أَبِي سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمَاتَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَقَالَ آخَرُ: بَلْ تُوُفِّيَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 135- سَلَمَةُ بْنُ وَهْرَامٍ الْيَمَانِيُّ1 -ت ق-. عَنْ عكرمة وطاوس وشعيب بن الأسود الجبأي بوزن السبأي. وَعَنْهُ الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ وَزَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ وَمَعْمَرُ بْنُ حَبِيبَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وغيره، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَتَوَقَّفَ فِي أَمْرِهِ أَحْمَدُ بْنُ حنبل. 136- سليمان بن حبيب المحاربي2 -خ د ق- الداراني الدمشقي. قَاضِي دِمَشْقَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ، كُنْيَتُهُ أَبُو أَيُّوبَ وَقِيلَ: أَبُو ثَابِتٍ. رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمُعَاوِيَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَأَسْوَدَ بْنِ أَصْرَمَ الْمُحَارِبِيِّ وَغَيْرِهِمْ؛ وَعَنْهُ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى الْبَلْقَاوِيُّ وَعَبْدُ العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَآخَرُونُ. وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وغيره.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 81"، وتهذيب التهذيب "4/ 161". 2 وهو أبو أيوب الداراني، القاضي بدمشق. ثقة من الثالثة. التاريخ الكبير "4/ 6"، والصغير "1/ 304"، وتهذيب التهذيب "4/ 177، 178".

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَضَى سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ بِدِمَشْقَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَكَمَ ثَلاثِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَطَائِفَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ, وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ كُلْثُومُ بْنُ زِيَادٍ: أَدْرَكْتُ سُلْيَمَانَ بْنَ حَبِيبٍ وَالزُّهْرِيَّ يَقْضِيَانِ بشاهد ويمين، وَأَقَامَ سُلَيْمَانُ يَقْضِي ثَلاثِينَ سَنَةً. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا أَقَلَّتِ السُّفَهَاءُ مِنْ أَيْمَانِهِمْ فَلا تُقِلُّهُمُ الْعِتَاقُ وَالطَّلاقُ. 137- سُلَيْمَانُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمُزَنِيُّ1. عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وعن محمد بن كعب القظي وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَمَاعَةٌ. مَاتَ بِمِصْرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 138- سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ-4- 2. وَهُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ الدِّمَشْقِيُّ الْكَبِيرُ. وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيلٍ. رَوَى عَنِ الأَوْزَاعِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزٍ؛ وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ حَسَنَ النَّحْوِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. 139- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ الأَحْوَلُ3 -ع-. عن مجاهد وسعيد بن جبير وطاوس.

_ 1 راجع ترجمته في: التاريخ الكبير "4/ 8"، والجرح والتعديل "2/ 1061". 2 تهذيب الكمال "12/ 30"، وتهذيب التهذيب "4/ 208"، والتقريب "1/ 316". 3 التاريخ الكبير "4/ 37"، وتهذيب التهذيب "4/ 221".

وَعَنْهُ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. 140- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةَ1 -ق-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَأُخْتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ؛ وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. 141- سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ2 -م د ت- أبو يونس مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. سَكَنَ مِصْرَ. وَرَوَى عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ وَأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِث وحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ الخبائري3 -م 4- فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 142- سِمَاكُ بْنُ حَرْبِ4 -م4 خت- بْنِ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ أَبُو الْمُغِيرَةِ الذُّهَلِيُّ البكري الكوفي. أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ. وَهُوَ أَخُو مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ. رَوَى عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَرَأَى الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ وَغَيْرَهُ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَثَعْلَبَةَ اللَّيْثِيِّ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - وَالشَّعْبِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عميرة وعلقمة بن وائل وعدة.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 37"، وتاريخ الدوري "2/ 234"، وتهذيب التهذيب "4/ 221". 2 التاريخ الكبير "4/ 122"، وتهذيب الكمال "11/ 344"، وتهذيب التهذيب "4/ 166". 3 التاريخ الكبير "4/ 125"، والتقريب "1/ 310"، والجرح والتعديل "4/ 211". 4 التاريخ الكبير "4/ 173"، وميزان الاعتدال "2/ 232".

وَعَنْهُ الأَعْمَشُ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وابراهيم بن طهمان وعمر بن عُبَيْدٍ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَآخَرُونَ. وَذَكَرَ أَنَّهُ أَدْرَكَ ثَمَانِينَ نَفْسًا مِنَ الصَّحَابَةِ. قَالَ: وَكَانَ بَصَرِي قَدْ ذَهَبَ فَدَعَوْتُ اللَّهَ تَعَالَى فَرَدَّهُ عَلَيَّ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ذَهَبَ بَصَرِي فَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: ذَهَبَ بَصَرِي، فَقَالَ: انْزِلْ فِي الْفُرَاتِ فَاغْمِسْ رَأْسَكَ وَافْتَحْ عَيْنَيْكَ فِيهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَرُدُّ بَصَركَ. فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَبْصَرْتُ1. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَدْرَكْتُ ثَمَانِينَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ أَنَّ رَجُلا رَكِبَ الْبَحْرَ فَنَفَخَ زِقًّا2 وَأَوْكَاهُ فَجَعَلَ يَسْتَرْخِي حَتَّى غَرِقَ قَالَ: يَقُولُ لَهُ الزِّقُّ يَدَاكَ أَوْكَتَا وَفُوكَ نَفَخَ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: جَائِزُ الْحَدِيثِ، وَكَانَ عَالِمًا بِالشِّعْرِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ، فَصِيحًا. وَقَدَّمَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ أَسْنَدَ أَحَادِيثَ لَمْ يُسْنِدْهَا غَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: فِي حَدِيثِهِ لِينٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ. 143- سِمَاكُ بْنُ الْفَضْلِ الصَّنْعَانِيُّ الْيَمَانِيُّ3 -د ت ن-. عَنْ مُجَاهِدٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 144- سِنَانُ بْنُ سَعْدٍ الْكِنْدِيُّ الْمِصْرِيُّ4، وَيُقَالُ: سَعْدُ بن سنان والأول أصح.

_ 1 أورده الذهبي في السير "6/ 74". 2 والزق: وعاء من جلد يجز شعره يتخذ للماء والشراب وغيره "ج" أزقاق، وزقاق. 3 التاريخ الكبير "4/ 174"، والصغير "1/ 268". 4 التاريخ الكبير "4/ 163"، وميزان الاعتدال "2/ 235".

رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَاللَّيْثُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. لَهُ فِي كِتَابِ الأَدَبِ لِلْبُخَارِيِّ. 145- سَيَّارُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّدَفِيُّ الْمِصْرِيُّ1 -د ق-. عَنْ عِكْرِمَةَ وَيَزِيدَ بْنَ قَوْذَرَ. وَعَنْهُ نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخ. 146- سيار أبو الحكم الواسطي2 -ع- العنزي. مَوْلاهُمُ الْعَبْدُ الصَّالِحِ. رَوَى عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَهُشَيْمٌ وَخَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَيُقَالُ: إِنَّ اسْمَ أَبِيهِ وِرْدَانُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الشِّينِ": 147- شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ الْكُوفِيُّ3 -ع-. عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونُ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين وغيره.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 160"، وتهذيب التهذيب "4/ 291". 2 وهو سيار: أبو الحكم العنزي بنون وزاي، التاريخ الكبير "4/ 161"، والصغير "2/ 288". 3 التاريخ الكبير "4/ 231"، وتهذيب التهذيب "4/ 309".

148- شَرَاحِيلُ بْنُ يَزِيدَ الْمَعَافِرِيُّ الْمِصْرِيُّ1 - د -. عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ هَدِيَّةَ الصَّدَفِيِّ وَمُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَأَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَجَمَاعَةٌ. تُوُفِّيَ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. 149- شُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ المدني2 - د ت ن - مولى الأنصار. عن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَعَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَالِكٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ. وَقِيلَ: إِنَّ مَالِكًا لَمْ يَرْوِ عَنْهُ شَيْئًا. وَقِيلَ: كُنِّيَ عَنِ اسْمِهِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ يُفْتِي وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالْمَغَازِي مِنْهُ ثُمَّ احْتَاجَ فَكَأَنَّهُمُ اتَّهَمُوهُ وَكَانُوا يَخَافُونَ إِذَا جَاءَ إِلَى الرَّجُلِ يَطْلُبُ مِنْهُ فَلَمْ يُعْطِهِ أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَشْهَدْ أَبُوكَ بَدْرًا. رَوَاهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ سُفْيَانَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. وَقَالَ الْفَلاسُ: قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: كَانَ مُتَّهَمًا. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَمَعَ تَعَنُّتِ ابْنِ حِبَّانَ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إِلَى الضَّعْفِ أَقْرَبُ. 150- شُرَحْبِيلُ بْنُ عَمْرِو بن شريك3 - م ت ن - المعافري المصري.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 255"، وتهذيب التهذيب "4/ 320". 2 التاريخ الكبير "4/ 251"، وميزان الاعتدال "2/ 266"، وتقريب التهذيب "1/ 335". 3 تهذيب الكمال "12/ 421"، والتقريب "1/ 335، 336".

عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَجَمَاعَةٌ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 151- شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ الشَّامِيُّ1 -د ت ق-. عَنْ عُتْبَةَ بن عبد والمقدام بن معد يكرب وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 152- شُعَيْبُ بن الحبحاب2، سوى ق- أبو صالح الأزدي مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي العالية وإبراهيم النخعي. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَوَلَدَاهُ عَبْدُ السَّلامِ وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا شُعَيْبٍ. وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ حَدِيثًا. وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي الْعَالِيَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 153- شُعَيْبُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ3، أَبُو يُونُسَ مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ. وعنه عمرو بن الحارث والليث بن سعد وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. 154- شَيْبَةُ بْنُ نِصَاحِ بْنِ سَرْجِسَ4، مَوْلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَمِّ سَلَمَةَ وَأَحَدُ مشيخة نافع في القراءة.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 252"، وميزان الاعتدال "2/ 267". 2 وهو أبو صالح البصري. التاريخ الكبير "4/ 216"، وتهذيب التهذيب "4/ 350". 3 التاريخ الكبير "4/ 218"، ومعرفة القراء "1/ 64". 4 التاريخ الكبير "4/ 241"، وتهذيب التهذيب "4/ 377".

ذَكَرَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ أَنَّهُ تَلا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَا أَسْتَبْعِدُ ذَلِكَ. وَقَدْ مَسَحَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِرَأْسِهِ وَدَعَتْ لَهُ. وَرَوَى عَنْ خَالِدِ بْنِ مُغِيثٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَلا نَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةَ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَلَوْ أُخِذَ الْقُرْآنُ عَنْهُمَا لَكَانَ بِالأَوْلَى أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُمَا. وَلُه حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَنِ النَّسَائِيِّ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وَأَدْرَكَ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ. قُلْتُ: روى عنه ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ وَأَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ قَالُونُ: كَانَ نَافِعُ أَكْثَرَ اتِّبَاعًا لِشَيْبَةَ بْنَ نِصَاحٍ مِنْهُ لِأَبِي جَعْفَرٍ. وَقِيلَ: إِنَّ شَيْبَةَ وَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الصَّادِ": 155- صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ1 -خ م-. عَنْ أَبِيهِ وَأَخِيهِ سَعْدٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَالأَعْرَجِ. وَعَنْهُ ابْنُهُ سَالِمٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالزُّهْرِيُّ -وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ - وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَيُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ. لَهُ حَدِيثٌ فِي مَقْتَلِ أَبِي جَهْلٍ. 156- صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُوحٍ الدهان2.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 272"، وتهذيب التهذيب "4/ 379". 2 راجع الجرح والتعديل "4/ 393".

عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ. وَعَنْهُ زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ وَسَلْمُ بْنُ أَبِي الذَّيَّالِ وَأَبَانٌ الْعَطَّارُ وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بأس. 157- صالح مولى التوءمة1 -د ت ق- وَهُوَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ نَبْهَانَ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالسُّفْيَانَانِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ مِنْهُ وَلُعَابُهُ2 يَسِيلُ مِنَ الْكِبَرِ، وَلَقَدْ لَقِيَهُ الثَّوْرِيُّ بَعْدِي. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَنْ سَمِعَ منه قبل أنه يُخَرِّفَ كَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَهُوَ ثَبْتٌ. وَقَالَ مَالِكٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَكَذَا مَشَّاهُ ابْنُ عَدِيٍّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 158- الصَّلْتُ بْنُ رَاشِدٍ3. عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَأَبَانٌ الْعَطَّارُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف الضَّادِ": 159- ضَمْرَةُ بْنُ سعيد4 -م 4- بن أبي حسنة الأنصاري المازني المدني.

_ 1 تهذيب التهذيب "4/ 405"، والجرح والتعديل "4/ 416". 2 اللعاب: ما سال من الفم. 3 التاريخ الكبير "4/ 301"، والجرح والتعديل "4/ 437". 4 التاريخ الكبير "4/ 337"، وتهذيب التهذيب "4/ 461".

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ عَمِّهِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة؛ وعنه مالك وليح وسفيان بن عيينة وغيرهم. "حرف الطَّاءِ": 160- طَلْحَةُ بْنُ خِرَاش1 بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خِرَاشِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِيُّ. عَنْ جابر بن عبد الله وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ وَمُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحِزَامِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ؛ قَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْفَقِيهُ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ أَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ معين ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُون} [الْكَافِرُونَ: 1] فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا عَبْدٌ عَرَفَ رَبَّهُ"، وَقَرَأَ فِي الآخِرَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا عَبْدٌ آمَنَ بِرَبِّهِ". قَالَ طَلْحَةُ: فَأَنَا أَسْتَحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ هَاتَيْن السُّورَتَيْنِ فِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ2. تُوُفِّيَ طَلْحَةُ بْنُ خِرَاشٍ فِي حُدُودِ الثَّلاثِينَ وَمِائَةٍ. 161- طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ3. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ؛ وَأَرْسَلَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَوْقَةَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَثَّقَهُ أحمد والنسائي. وكريز بالفتح من الأفراد.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 347"، وميزان الاعتدال "2/ 338". 2 ذكره الذهبي في السير "9/ 361"، وأورده الطحاوي في شرح معاني الآثار "1/ 298"، وانظر موارد الظمآن "611". 3 التاريخ الكبير "4/ 347"، وتقريب التهذيب "1/ 361".

"حرف الْعَيْنِ": 162- عَاتِكَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ1. كَانَ لَهَا قَصْرٌ بِظَاهِرِ بَابِ الْجَابِيَةِ؛ وَإِلَيْهَا تُنْسَبُ أَرْضُ عَاتِكَةَ وَهُنَاكَ قَبْرُهَا. وَهِيَ أُمُّ الْخَلِيفَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. كَانَ لَهَا مِنَ الْمَحَارِمِ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً. وَبَقِيَتْ إِلَى أَنْ قُتِلَ ابْنُ ابْنَهَا الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ. 163- عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ بَهْدَلَةَ2، -4خ م- مَقْرُونًا الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الأسدي القاريء الْكُوفِيُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمِيِّ وَزِرِّ بْنِ حُبيْشٍ، وَرَوَى عَنْهُمَا، وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ وَطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ، وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ بِالْكُوفَةِ بَعْدَ شَيْخِهِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ خَلْقٌ مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَحَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَالْمُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَآخَرُونَ. وَحَدَّثَ عَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وشيبان وَالْحَمَّادَانِ وَأَبُو عَوَانَةَ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ لِي عَاصِمٌ: مَا أَقْرَأَنِي أَحَدٌ حَرْفًا إِلا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمِيُّ كَانَ قَدْ قَرَأَ عَلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَكُنْتُ أَرْجِعُ مِنْ عِنْدِهِ فَأَعْرِضُ عَلَى زِرٍّ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: زَعَمَ مَنْ لا يَعْلَمُ أَنَّ بَهْدَلَةَ أُمُّهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: لا أُحْصِي مَا سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ السبيعي يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَقْرَأَ مِنْ عَاصِمٍ مَا أَسْتَثْنِي أَحَدًا مِنَ أَصْحَابِهِ. وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ أَحَدَ الْفُصَحَاءِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: مَا رَأْيُت أَحَدًا قَطُّ أَفْصَحَ مِنْ عَاصِمٍ إِذَا تَكَلَّمَ يَكَادُ تَدْخُلُهُ خيلاء3.

_ 1 جمهرة أنساب العرب "91"، وتاريخ الخلفاء "331". 2 التاريخ الكبير "6/ 487"، وتقريب التهذيب "1/ 365". 3 خيلاء: أي تكبر وعجب.

وَقَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: قَالَ لِي رَجُلٌ: هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ؟ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَأَدْخَلَنِي عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ حَوْلَهُ جَمَاعَةٌ كَأَنَّ على رؤوسهم الطير فجلست فقال: أشهد أن ألي بن أبي تالب والهسن والهسين1 وَالْمُخْتَارَ يُبْعَثُونَ قَبْلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَمْلَآنِ الأَرْضِ عَدْلا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا. قِيلَ: كَمْ يَمْكُثُونَ فِي الْعَدْلِ سَنَةً؟ قَالَ: أَيْشِ سَنَةٍ وَأيْشُ مِائَةِ سَنَةٍ وَأَيْشِ أَلْفِ سَنَةٍ. قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ صَادِقٌ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ؛ ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا وَائِلٍ فَحَدَّثْتُهُ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ عَاصِمٍ: كَانَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ ذَا نُسُكٍ وَأَدَبٍ، وَكَانَ لَهُ فَصَاحَةٌ وَصَوْتٌ حَسَنٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ عَاصِمٌ رَجُلا صَالِحًا وَبَهْدَلَةُ أَبُوهُ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِحَافِظٍ. قُلْتُ: رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ مُسْلِمٌ وَيُصَحِّحُ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ. فَأَمَّا فِي الْقِرَاءَةِ فَثَبْتٌ إِمَامٌ، وَأَمَّا فِي الْحَدِيثِ فَحَسَنُ الْحَدِيثِ. 164- عَاصِمُ بْنُ أَبِي الصَّبَّاحِ الْجَحْدَرِيُّ الْبَصْرِيُّ2. المقريء الْمُفَسِّرُ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ وَنَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ؛ وَقَدْ قَرَأَ سُلَيْمَانُ شَيْخَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَسَمِعَ عَاصِمٌ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ؛ قَرَأَ عَلَيْهِ هَارُونُ بْنُ مُوسَى وَالْمُعَلَّى بْنُ عِيسَى وَسَلامُ أَبُو الْمُنْذِرِ؛ وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي قِلابَةَ الْجَرْمِيِّ؛ قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ سنة ثمان وعشرين ومائة.

_ 1 ومقصوده: "أَشْهَدُ أَنَّ عليّ بْن أَبِي طَالِب والحَسَن والحسين ... ". 2 التاريخ الكبير "6/ 486".

نَعَمْ وَهُوَ عَاصِمُ بْنُ الْعَجَّاجِ أَبُو مِحْشَرٍ الْجَحْدَرِيُّ. قَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ عُقْبَةَ بْنِ ظَبْيَانَ؛ روى عنه يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ هُوَ صَاحِبُ الْقِرَاءَةِ ثِقَةٌ. قُلْتُ: قِرَاءَتُهُ شَاذَّةٌ لَمْ تَثْبُتْ. 165- عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ1. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ. قُتِلَ فِي بَعْضِ حُرُوبِ الضَّحَّاكِ الْخَارِجِيِّ2. 166- عَاصِمُ بن عمرو البجلي3، ق - وقيل: عاصم بن عوف. يُقَالُ: إِنَّهُ قُدِمَ بِهِ مَعَ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ فَأُطْلِقَ هَذَا بِشَفَاعَةِ يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ الْقَسْرِيِّ وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ دَهْرًا طَوِيلا. وَرَوَى عَنْ عُمَرَ مُرْسلا وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلٍ. وَعَنْهُ الشَّعْبِيُّ وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَالْمَسْعُودِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَشُعْبَةُ وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وآخرون. وأخشى أن يكونا اثنين وما ذاك بِبَعِيدٍ، فَإِنَّ ابْنَ مَعِينٍ ذَكَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو الْبَجَلِيَّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ كُوفِيًّا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ زَمَنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 167- عامر بن شقيق4 - د ت ق - بن جمرة بالجيم الأسدي الكوفي. عن أبي وائل.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 478"، والمعرفة والتاريخ "1/ 619". 2 وذلك في سنة "127هـ" وراجع: تاريخ الطبري "7/ 318"، والبداية والنهاية "10/ 25". 3 التاريخ الكبير "6/ 483"، وتهذيب التهذيب "5/ 54". 4 التاريخ الكبير "6/ 458"، وتقريب التهذيب "1/ 369".

وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ؛ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 168- عامر بن عبد الله بن الزبير1، -ع- ابن العوام أبو الحارث الأسدي المدني الْقَانِتُ الْعَابِدُ. سَمِعَ أَبَاهُ وَعَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ. وعنه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ وَأَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ وَابْنُ عَجْلانَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ2 أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى سِتَّ مَرَّاتٍ، يَعْنِي يَتَصَدَّقُ كُلَّ مَرَّةٍ بِدِيَتِهِ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لِمَا يُرَى مِنْ تَبَتُّلِهِ: قَدْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَمْ يَكُونَا هَكَذَا. وَقَالَ مَالِكٌ: عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يُوَاصِلُ الصِّيَامَ ثَلاثًا. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سُمِعَ عَامِرٌ الْمُؤَذِّنُ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: خُذُوا بِيَدِي3 إلى الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ: إِنَّكَ عَلِيلٌ! فَقَالَ: أَسْمَعُ دَاعِيَ اللَّهِ فَلا أُجِيبُهُ! فَأَخَذُوا بِيَدِهِ فَدَخَلَ مَعَ الإِمَامِ فِي صَلاةِ الْمَغْرِبِ فَرَكَعَ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ مَاتَ4. قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ: أَخْبَرَكُمُ ابْنُ خَلِيلٍ أنا أَبُو الْمَكَارِمِ الْعَدْلِ أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ أَنْبَأَ أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ ثنا محمد بن غَالِبٍ ثنا الْقَعْنَبِيُّ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَقِفُ عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ يَدْعُو وَعَلَيْهِ قَطِيفَةٌ فَرُبَّمَا سَقَطَتْ عَنْهُ الْقَطِيفَةُ وَمَا يَشْعُرُ بِهَا5. وَرَوَى مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: رُبَّمَا خَرَجَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مُنْصَرِفًا مِنَ الْعَتْمَةِ مِنْ

_ 1التاريخ الكبير "6/ 448"، وتقريب التهذيب "1/ 370". 2 يعني سفيان بن عيينة كما في الكاشف "2/ 51". 3 ومراده: "إلى المسجد ... ". 4 انظر: سير أعلام النبلاء "6/ 52". 5 انظر المصدر السابق "6/ 52".

مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَعْرِضُ لَهُ الدُّعَاءُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ, فَمَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُنَادَى بِالصُّبْحِ فَيَرْجِعُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي الصُّبْحَ بِوُضُوءِ الْعَتْمَةِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: اشْتَرَى عَامِرٌ نَفْسَهُ بِسَبْعِ دِيَاتٍ. وَلِعَامِرٍ عِدَّةُ إِخْوَةٍ مِنْهُمْ خَبِيبٌ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَهَاشِمٌ وَعَبَّادٌ وَثَابِتٌ وَحَمْزَةُ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. قُلْتُ: أَجْمَعُوا عَلَى ثِقَةِ عَامِرٍ؛ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ قُبَيْلُ مَوْتِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أبو بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ. 169- عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَصْرِيُّ الأَحْوَلُ1 -م 4-. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَأَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَهَمَّامٌ وَهُشَيْمٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ؛ وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 170- عَبَّاسُ بن عبد الله بن معبد2 -د- بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي المدني. عَنْ أَخِيهِ وَأَبِيهِ وَعِكْرَمَةَ؛ وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ. وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 171- عَبَّاسُ بْنُ فَرُّوخٍ الْجُرَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -ع-. عَنْ أَبِي عثمان النهدي والحسن البصري.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 456"، وتهذيب التهذيب "5/ 77". 2 التاريخ الكبير "7/ 8"، وتقريب التهذيب "1/ 378". 3 التاريخ الكبير "7/ 4"، وتقريب التهذيب "1/ 379".

وَعَنْه شُعْبَةُ وَهَمَّامٌ وَالْحَمَّادَانِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَلَيْسَ هُوَ بِأَخٍ لِسَعِيدٍ الْجُرَيْرِيُّ. 172- الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ1 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَبُو الْحَارِثِ الأُمَوِيُّ. كَانَ مِنَ الأَبْطَالِ الْمَذْكُورِينَ وَالأَسْخِيَاءِ الْمَوْصُوفِينَ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: فَارِسُ بَنِي مَرْوَانَ. اسْتَعْمَلَهُ أَبُوهُ عَلَى حِمْصٍ، وولي المغازي، وافتتح عدة حصون، ولكنه كَانَ يَنَالُ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِجَهْلٍ. وَقَدْ مَاتَ فِي سِجْنِ مَرْوَانَ. 173- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرِ بْنِ عُمَيْرَةَ السُّحَيْمِيُّ الْيَمَامِيُّ2 -4-. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَقَيْسِ بْنِ طَلْقٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ سِبْطُهُ مُلازِمُ بْنُ عَمْرٍو الْيَمَامِيُّ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ الْيَمَامِيُّونَ وَيَاسِينُ الزَّيَّاتُ الْكُوفِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ سَحِيمِيٌّ حَنِيفِيٌّ. 174- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ3. عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ وعقيل الإيلي. 175- عبد الله بن دينار4 -ع- أبو عبد الرحمن العمري مولاهم المدني. أحد الثقات.

_ 1 المعرفة والتاريخ "1/ 606، 2/ 410"، والعقد الفريد "4/ 422". 2 تقريب التهذيب "1/ 383"، والجرح والتعديل "5/ 11". 3 المعرفة والتاريخ "1/ 376". 4 التاريخ الكبير "5/ 79"، والتقريب "1/ 391".

سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَأَبَا صَالِحٍ السَّمَّانَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَوَرْقَاءُ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الله بن اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَقَدِ انْفَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الولاء وهبته. وأساء العقيلي بإيراده فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ, فَقَالَ: فِي رِوَايَةِ الْمَشَايِخِ عن عبد الله ابن دِينَارٌ اضْطِرَابٌ، ثُمَّ أَوْرَدَ لَهُ حَدِيثَيْنِ مُضْطَرِبَيِ الإسناد وإنما الاضْطِرَابُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 176- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ1. أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْكِنَانِيِّ مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. وَاسْمُ أَبِيهِ يَسَارٌ. رَوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْفُقَهَاءِ الْعَابِدِينَ. كَانَ عَلَى صِنَاعَةِ مَرَاكِبِ الْغَزْوِ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 177- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ2 -د ت- أَبُو مُحَمَّدٍ. حَلِيفُ قُرَيْشٍ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَنْ أَبِيهِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَفِيهِ جَهَالَةٌ. 178- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السائب الشيباني3 -م ن- ويقال الكندي الكوفي.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 62". 2 التاريخ الكبير "5/ 103"، وميزان الاعتدال "2/ 426". 3 تقريب التهذيب "1/ 395"، والجرح والتعديل "5/ 65".

عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَتَادَةَ الْمُحَارِبِيُّ وَعَنْهُ الأَعْمَشُ وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ وَفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. 179- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ1 -سِوَى ت-. عَنْ أَبِيهِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقُوهُ. 180- عَبْدُ الله بن سليمان الطويل2 -د ت- أبو حمزة المصري. أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ الأَبْدَالِ. عَنْ نَافِعٍ وَكَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلُ وَمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ وَآخَرُونَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 181- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَرِيكٍ الْعَامِرِيُّ الْكُوفِيُّ3. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عَمْرٍو جُنْدَبٍ الأَزْدِيِّ - قَاتِلِ السَّاحِرِ - وَسُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُقَيْمٍ الطَّائِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ فِطْرُ بْنُ خليفة السفيانان وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ عَنْهُ، وَابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةِ الْكَوْسَجِ عَنْهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ليس بالقوي.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 105"، والتقريب "1/ 397". 2 التاريخ الكبير "5/ 108"، وتقريب التهذيب "1/ 398". 3 التاريخ الكبير "5/ 115"، وتهذيب التهذيب "5/ 252، 253".

وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ الْجَوْزَجَانِيُّ فَعَقَرَهُ1 وَقَالَ: مُخْتَارِيٌّ كَذَّابٌ. وَتَرَكَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لِسُوءِ مَذْهَبِهِ. وقال العقيلي: كان ممن يغلو فِي التَّشَيُّعِ. قُلْتُ: لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ شَيْئًا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: جَالَسْنَاهُ وَكَانَ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ. 182- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانُ2 -م د ت ق-. أَخُو سُهَيْلٍ وَصَالِحٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ وَهُشَيْمٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَهُوَ مُقِلٌّ. 183- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حسين النوفلي3 -ع- القرشي المكي. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 184- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدَةَ الربذي4 -خ-. عن سهل بْنِ سَعْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَأَرْسَلَ عَنْ جَابِرٍ أَوْ لَقِيَهُ. وَعَنْهُ أَخُوهُ موسى بن عبيدة وصالح بن كيسان.

_ 1 عقره: يعني جرحه. 2 تقريب التهذيب "1/ 400"، وتاريخ الدوري "2/ 291". 3 التاريخ الكبير "5/ 133"، والجرح والتعديل "5/ 97"، والعلل "1/ 130". 4 التاريخ الكبير "5/ 143"، والجرح والتعديل "5/ 101".

وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الضَّعْفُ عَلَى حَدِيثِهِ بَيِّنٌ. قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بِوَقْعَةِ قُدَيْدَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 185- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ1. عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالْمَسْعُودِيُّ. وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةِ الْعِرَاقَيْنِ لِيَزِيدَ النَّاقِصِ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: كَانَ أَكُولا يَأْكُلُ فِي الْيَوْمِ تِسْعَ مَرَّاتٍ وَيَنْتَبِهُ فِي السَّحَرِ فَيَدْعُو بِالطَّعَامِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا قَدِمَ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ عَلَى الْعِرَاقِ أَمْسَكَ عَبْدَ اللَّهِ فَقَيَّدَهُ وَبَعَثَ بِهِ إِلَى مَرْوَانِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَسَجَنَهُ فِي مَضِيقٍ مُظْلِمٍ وَاخْتَفَى خَبَرُهُ. 186- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُصْمٍ أَبُو عُلْوَانَ الْعِجْلِيُّ الْحَنَفِيُّ -د ت ق-2. عن ابن عباس وابن عمرو أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. وَعَنْهُ إِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَأَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. لَكِنَّ سَمَّاهُ إِسْرَائِيلُ بْنُ عُصْمَةَ. 187- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عيِسَى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى -ع- الكوفي3. كَانَ أَسَنَّ مِنْ عَمِّهِ الْقَاضِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَزْهَدَ. رَوَى عَنْ جَدِّهِ وَسَعِيدِ بن جبير والشعبي وعكرمة.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 145"، والجرح والتعديل "5/ 107". 2 ميزان الاعتدال "2/ 460"، وتهذيب التهذيب "5/ 321". 3 التاريخ الكبير "5/ 164"، وتقريب التهذيب "1/ 413".

وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَعُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ وَجَمَاعَةٌ. قال ابن خراش: هو أَوْثَقُ وَلَدِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 188- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ بن العباس1 -ع- بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الهاشمي المدني. قتل أبوه يوم الحرة وهذا صَبِيٌّ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالأَعْرَجِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَمَالِكٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ "الْبِكْرُ تُستَأْمَرُ". عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ2. يَأْتِي فِي طبقة الأعمش. عبد الله بن كثير المقريء. مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 189- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُخْتَارِ الْبَصْرِيُّ3 -م د ن ق-. عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَمُوسَى بْنِ أَنَسٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعِدَّةٌ. تُوُفِّيَ شَابًا طَرِيًّا، وَكَانَ ثِقَةً. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ أَصْغَرَ مِنِّي سنًا.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 168"، والتهذيب "5/ 357". 2 التاريخ الكبير "5/ 183"، وتهذيب التهذيب "6/ 13". 3 التاريخ الكبير "5/ 207"، الجرح والتعديل "5/ 170".

190- عبد الله بن مسلم1 -م د ت ن- بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شهاب الزهري أبو محمد المدني. وَهُوَ أَسَنُّ مِنْ أَخِيهِ الإِمَامُ أَبِي بَكْرٍ. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ أَخُوهُ وَبُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ وَمَعْمَرٌ وَالنُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 191- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمِسْوَرِ2، بْنِ عَوْنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ. نَزِيلُ الْمَدَائِنِ. عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُرْسَلًا وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَخَالِدُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ. وَلَمْ يَكُنْ بِثَقَةٍ وَلا مَأْمُونٍ. رَوَى جَرِيرٌ عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيَّ الْمَدَائِنِيَّ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِسْوَرٍ يَفْتَعِلُ الْحَدِيثَ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ يَكْذِبُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَ بِمَرَاسِيلَ لا يُوجَدُ لَهَا أَصْلٌ. 192- عَبْدُ اللَّهِ بن معاوية بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ3. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ أَخُوهُ صَالِحٌ وَجُوَيْرِيَّةُ بْنُ أَسْمَاءَ. وَكَانَ جَوَّادًا مُمَدَّحًا شَاعِرًا مِنْ رِجَالِ الْعَالَمِ وَأَبْنَاءِ الدُّنْيَا. خرج بالكوفة وجمع

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 190"، وتهذيب التهذيب "6/ 29". 2 ميزان الاعتدال "2/ 504"، والجرح والتعديل "5/ 169". 3 الأغاني "12/ 215"، ولسان الميزان "3/ 363".

خلقًا وعسكر وَنَزَعَ الطَّاعَةَ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُورٌ يَطُولُ شَرْحُهَا. ثُمَّ لَحِقَ بِأَصْبَهَانَ وَغَلَبَ عَلَى تِلْكَ الدِّيَارِ، ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ فَقَتَلَهُ، وَقِيلَ: بَلْ سَجَنَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي حُدُودِ الثَّلاثِينَ. وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ الْفَامِيُّ: قَتَلَهُ شبل بْنُ طَهْمَانَ مُتَوَلِّي هُرَاةَ بِأَمْرِ أَبِي مُسْلِمٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ. وَكَانَ فَصِيحًا مُفَوَّهًا شُجَاعًا جَرِيئًا. وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ1 فَقَالَ: كَانَ رَدِيءَ الدِّينِ مُعَطِّلا مُسْتَصْحِبًا لِلدَّهْرِيَّةِ. ذَهَبَ بَعْضُ الْكَيْسَانِيَّةِ إِلَى أَنُّه حَيٌّ لَمْ يَمُتْ وَأَنَّهُ بِجَبَلِ أَصْبَهَانَ وَلا بُدَّ لَهُ أَنْ يَظْهَرَ2، فَصَارَ هَؤُلاءِ وأمثالهم في سبيل اليهود بأن ملكي صيدق بْنَ عَابِدٍ وَفَنْحَاصَ بْنَ الْعَازِرِ أَحْيَاءٌ إِلَى الْيَوْمِ، وَسَلَكَ هَذَا السَّبِيلَ بَعْضُ نَوْكِي الصُّوفِيَّةِ وَزَعَمُوا أَنَّ الْخَضِرَ وَإِلْيَاسَ حَيَّانِ إِلَى الْيَوْمِ. وادعى بعضهم أنه يلقى إِلْيَاسُ فِي الْفَلَوَاتِ وَالْخَضِرُ فِي الْمُرُوجِ. 193- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّامِ الْقَيْنِيُّ الأَزْدِيُّ3. عَنْ مَكْحُولٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالضَّحَّاكِ بْنِ عَرْزَبٍ وَعُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ عَاصِمٌ وَعَبْدُ الْغَنِيِّ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأَزْدِيُّ. وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. سُئِلَ عَنْهُ ابْنُ مَعِينٍ فقال: مظلم. 194- عبد الله بن هبيرة4 -م 4- بْنِ أَسْعَدَ السَّبَائِيُّ الْحَضْرَمِيُّ الْمِصْرِيُّ أَبُو هُبَيَرَةَ. عَنْ مَسْلَمَة بْنِ مَخْلَدٍ وَأَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ وعبيد بن عميرة وقبيصة بن ذؤيب.

_ 1 الملل والنحل لابن حزم "2/ 69". 2 انظر المصدر السابق. 3 التاريخ الكبير "5/ 215"، وتقريب التهذيب "1/ 428". 4 التاريخ الكبير "5/ 222"، والتهذيب "6/ 61".

وَعَنْهُ بَكْرُ بْنُ عُمَرَ وَخَيْرُ بْنُ نُعَيْمٍ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أحمد. مولده سنة أربعين ومات سن سِتٍّ وَعِشْرِينَ. 195- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ1، الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الأَصَمُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ. وَقِيلَ: بَلِ اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزٍ. تَفَقَّهَ عَلَيْهِ مَالِكٌ وَصَحِبَهُ مُدَّةٌ وَحَكَى عَنْهُ فَوَائِدَ. قَالَ مَالِكٌ: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ، وَكَانَ قَلِيلُ الْكَلامِ قَلِيلُ الْفُتْيَا شَدِيدُ التَّحَفُّظِ، كَثِيرًا مَا يُفْتِي الرَّجُلَ ثُمَّ يَبْعَثُ مَنْ يَرُدُّهُ ثُمَّ يُخْبِرُهُ بِغَيْرِ مَا أَفْتَاهُ، قَالَ: وَكَانَ بَصِيرًا بِالْكَلامِ يَرُدُّ عَلَى أُصُولِ الأَهْوَاءُ كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ أَنَّ ابْنَ عَجْلانَ سَأَلَ ابْنَ هُرْمُزٍ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَزَلِ ابْنُ هُرْمُزٍ يُخْبِرُهُ حَتَّى فَهِمَ فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ عَجْلانَ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ. قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَالَ لابْنِ هُرْمُزٍ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُصلُّونَ فِيمَا مَضَى وَلَمْ يَكُونُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ - فَصَمَتَ ابْنُ هُرْمُزَ. قُلْتُ لِمَالِكٍ: لِمَ صَمَتَ عَنْهُ؟ قَالَ: لَمْ يُحِبُّ أَنْ يَقُولَ نَعَمْ وَهُوَ أَمْرٌ قَدْ تُرِكَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ: مَا تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ إِلا لِنَفْسِي. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ كَانَ يَقوُلُ: إِنِّي لَأُحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ لا يَحُوطَ رَأْيَ نَفْسِهِ كَمَا يَحُوطَ السُّنَّةَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ ابْنُ هُرْمُزٍ رَجُلا كُنْتُ أُحِبّ أَنْ أَقْتَدِي بِهِ. وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ دَخَلَ يَوْمًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ فَوَجَدَهُ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ لَهُ وَهُوَ وَحْدَهُ فَذَكَرَ شَرَائِعَ الإِسْلامِ وَمَا انْتَقَصَ مِنْهُ وَمَا يَخَافُ مِنْ ضَيْعَتِهِ2 وَإِنَّ دُمُوعَهُ لتنسكب، قال: وقتل أبوه يوم الحرة.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 224"، والمعرفة والتاريخ "1/ 651". 2 والضيعة: هي الأرض المغلة "ج" ضياع.

وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْأَلُ عَنِ الشَّيْءِ فَيَقُولُ: إِنَّ لِهَذَا نَظَرًا وَتَفَكُّرًا فَيُقَالُ: أَجَلْ فَافْعَلْ، فَيَقُولُ: مَا أُحِبُّ أَنْ أَشْغَلَ نَفْسِي فِي ذَلِكَ مَتَى أُصَلِّي مَتَى أَذْكُرُ. وَقَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَقَايَا الْعَالِمِ بَعْدَهُ: لا أَدْرِي, لِيَأْخُذَ بِذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُ. قَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بِالْمَدِينَةِ لَهُ شَرَفٌ إِلا إِذَا حَزَبَهُ الأَمْرُ رَجَعَ إِلَى أَمْرِ ابْنِ هُرْمُزٍ وَقَوْلِهِ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ غَنَمُ الصَّدَقَةِ وَإِبِلُهَا تَرَكَ اللَّحْمَ وَلَمْ يَأْكُلْهُ، فَقِيلَ لَهُ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُقَدِّمُونَ بِهَا إِلَى الأُمَرَاءِ وَلا يَضَعُونَهَا فِي حَقِّهَا؛ وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ قَالَ: إِنِّي لأَعْجَبُ لِلإِنْسَانِ أَنْ يُرْزَقَ الرِّزْقَ الْحَلالَ فَيَرْغَبُ فِي الرِّبْحِ فَيُدْخَلُ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرَ مِنَ الْحَرَامِ فَيُفْسِدُ الْمَالَ كُلَّهُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كَانَ ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ حَدَّثَنَا عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ أَنَّهُ قال: حين كف عن كلام: مَا كُنَّا إِلا قُضَاةً؛ وَلَكِنْ لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَكَانَتِ الْفُرُوجُ تُسْتَحَلُّ بِكَلامِنَا وَتُؤْخَذُ الأَمْوَالُ بِكَلامِنَا، أَدْرَكْنَا مَنْ كَانَ قَبْلَنَا إِذَا سُئِلُوا عَنِ الشَّيْءِ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا فِيمَا يَقُولُ صَاحِبُكُمْ فَيَقُولُونَ: كُلُّنَا نشبه هذا الأمر بالأمر الَّذِي كَانَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ فِي فُلانٍ وَفِي زَمَانِ عُمَرَ فِي فُلانٍ شَكٌّ ذَلِكَ فَقَالُوا: هُوَ مِثْلُهُ، وَقَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا، ثُمَّ اجْتَرَأْنَا أَنَا وَرَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ فَقُلْنَا: أَيُّ شَيْءٍ يُلْبِسُ عَلَى النَّاسِ كَأَنَّهُ وَشِبْهَهُ! قَالَ: فَاجْتَرَأْنَا وَأَبَى الْقَوْمُ فَقُلْنَا نَحْنُ: هُوَ مِثْلُهُ، وَسُئِلْنَا عَنْ أَشْيَاءَ فَقُلْنَا نَكْرَهُهَا، فَجَاءَ آخَرُونَ كَانُوا تَحْتَنَا فَقَالُوا: لِأَيِّ شَيْءٍ نَكْرَهُهَا ما هو إلا حلال وحرام فاجترؤا عَلَى الَّتِي هِبْنَاهَا كَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى الَّتِي هَابَهَا مَنْ كَانَ قَبْلَنَا. مَالِكٌ عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ قَالَ: يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يُوَرَّثُ جُلَسَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ لا أَدْرِي. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لِي ابْنُ هُرْمُزٍ: يَا مَالِكٌ لا نُمْسِكُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الرَّأْيِ أَخَذْتَ عَنِّي فَإِنِّي وَاللَّهِ فَجَّرْتُ ذَلِكَ وَرَبِيعَةُ. وَرَوَى مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى ابْنِ هُرْمُزٍ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكُنْتُ قَدِ اتَّخَذْتُ فِي الشِّتَاءِ سَرَاوِيلَ مَحْشُوًّا، كُنَّا نَجْلِسُ مَعَهُ فِي الصَّحْنِ فِي الشِّتَاءِ فَاسْتَحْلَفَنِي أَنْ لا أَذْكُرَ اسْمَهُ فِي الْحَدِيثِ. وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: رُحْتُ إِلَى الصَّلاةِ الظُّهْرَ مِنْ بَيْتِ ابْنِ هُرْمُزٍ اثْنَتَيْ عشرة سنة.

وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزٍ: الرَّجُلُ يَسْتَفْتِينِي فَأفُتْيِهِ بِرَأْيِي يَسَعْنِي ذَلِكَ - قَالَ: لا وَاللَّهِ حَتَّى تَعْلَمَ، لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ لِلسَّقَّائِينَ1. مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي ابْنَ هُرْمُزٍ فَيَلْقَى، بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ وَنَتَكَلَّمُ ومعنا ربيعة وابن أبي رَبِيعَةُ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَكَثُرَ كَلامُنَا يَوْمًا وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْفَرَّاءُ صَامِتٌ لا يَتَكَلَّمُ فَقُلْنَا لابْنِ هُرْمُزٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى دَاوُدَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزٍ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ، يَكْتُبُ حَدِيثُهُ. 196- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ مولى المنبعث2 -د ن ق-. مَدَنِيٌّ صَالِحُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهْنِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ رَبُيعَةُ الرَّائِيُّ وَعَبَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مَالِكٍ وَجُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الليثي. 197- عبد الله بن يزيد مولى الأسود المدني3 -ع- عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. وَقَدْ وُثِّقَ. وَكَانَ مُقْرِئًا مِنْ مَوَالِي بَنِي مَخْزُومٍ. 198- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الصُّهْبَانِيُّ الْكُوفِيُّ4. عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَحْمَرِ وَكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ.

_ 1 والساقي: من يقدم الشراب "ج" سقاة. 2 التاريخ الكبير "5/ 228"، وتهذيب التهذيب "6/ 81". 3 التاريخ الكبير "5/ 235"، وتهذيب التهذيب "6/ 82". 4 تهذيب التهذيب "6/ 80"، والجرح والتعديل "5/ 199".

199- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ الثَّعْلَبِيُّ الْكُوفِيُّ1 -4- عَنْ أَبِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَوَرْقَاءُ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ. 200- عَبْدُ الْحَمِيدِ بن جبير بن شيبة بن عثمان الحجبي الْعَبْدَرِيُّ2 -ع- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَمَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ وَعِكْرِمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وَكَانَ ثِقَةٌ ثَبْتًا. 201- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ رَافِعٍ3. حِجَازِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ سَعْدِ بْنِ كَعْبٍ وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ وَأَبِي مَرَارَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَمُسْلِمٍ الزَّنْجِيِّ وَغَيْرُهُمْ. 202- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ الْفَهْمِيُّ4. -خ ت ن- أَمِيرُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. لَهُ نُسْخَةٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوَ مِائَتَيْ حَدِيثٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَاللَّيْثُ فَمَوْلاهُ وَبِسَبَبِهِ نَالَ اللَّيْثُ دُنْيَا عَرِيضَةً. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ ثَبْتًا فِي الْحَدِيثِ، وَلِيَ إمْرَةَ مِصْرَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَعُزِلَ بَعْدَ سَنَةٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بأس.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 64"، وتهذيب التهذيب "6/ 94". 2 التاريخ الكبير "6/ 46"، وتقريب التهذيب "1/ 436". 3 التاريخ الكبير "6/ 44"، والجرح والتعديل "5/ 12". 4 تهذيب التهذيب "6/ 165"، والجرح والتعديل "5/ 277".

يُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٌ. 203- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ السَّرَّاجُ1 -م ن- عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَنَافِعٍ وَعَطَاءٍ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَحَمَّادُ بُنْ زَيْدٍ. وَثَّقَةُ أَبُو حَاتِمٍ. 204- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ الْجُهَنِيُّ الْكُوفِيُّ2، ع - وَكَانَ يَتَّجِرُ إِلَى أَصْبَهَانَ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 205- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْن مُحَمَّد بْن أبي بكر الصديق3 -ع - أبو محمد التيمي المدني. الفقيه أَحَدُ الأَعْلامِ. سَمِعَ أَبَاهُ وَأَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ. وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَمَالِكٌ وَالأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ عيينة وآخرون. وكان إمامًا ورعًا حجة. قال ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ؛ وَهُوَ خَالُ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ؛ وُلِدَ فِي حَيَاةِ عَمَّةِ أَبِيهِ عَائِشَةَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ وَمَا بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْهُ.

_ 1 تاريخ الدوري "2/ 351"، والتقريب "1/ 453". 2 ابن محرز "493"، والجرح والتعديل "5/ 255"، والتقريب "1/ 454". 3 وهو ثقة جليل، وانظر ترجمته في المواضع الآتية: التاريخ الكبير "5/ 339"، وتقريب التهذيب "1/ 460"، والجرح والتعديل "5/ 278".

وَقَالَ مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ: إِنَّهُ رُئِيَ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ قَمِيصٌ هَرَوِيٌّ أَصْفَرُ وَرِدَاءٌ مُوَرَّدٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: اسْتَوْفَدَهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ فَقَدِمَ فَأَدْرَكَهُ الأَجَلُ بِحَوْرَانَ فَمَاتَ بِهَا سَنَةَ سِتٍّ وعشرين. 206- عبد الرحمن بن معاوية1 -د ق- أبو الحويرث الزرقي المدني. شهد جنازة جابر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَرَوَى عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَأَخِيهِ نَافِعٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ. قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيِّنٌ. وَقَالَ حَجَّاجٌ عَنْ أَبِي مِعْشَرٍ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيةَ قَالَ: مَكَثَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَمَا كَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلا مَاتَ. تُوُفِّيَ أَبُو الْحُوَيْرِثِ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٌ. 207- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ2 الأُمَوِيُّ الأَمِيرُ أَبُو الإِصْبَغِ. قَامَ مَعَ يَزِيدَ النَّاقِصِ وَحَارَبَ الْوَلِيدَ فَجَعَلَهُ يَزِيدُ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ فِيمَا قِيلَ. وَعَبْدُ الْعَزِيزِ هَذَا أَخُو السَّفَّاحِ لأُمِّهِ رِيطَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيَّةَ. وَلَمَّا غَلَبَ مَرْوَانُ الْحِمَارُ عَلَى الأَمْرِ وَثَبَ أَعْوَانَهُ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَتَلُوهُ بِدَارِهِ فِي سَنَةِ سبع وعشرين ومائة.

_ 1 أبو الحويرث المدني، مشهور بكنيته. التاريخ الكبير "5/ 350"، وتقريب التهذيب "1/ 462"، وتاريخ الدوري "2/ 258". 2 الأمير أبو الأصبغ، معجم بني أمية "99، 100".

وكان قدريًا1. 208- عبد العزيز بن رفيع -ع- أبو عبد الله الأسدي الطائفي2. نَزِيلُ الْكُوفَةَ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَشَرِيكٌ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَحَدِيثُهُ نَحْوٌ مِنْ سِتِّينَ حَدِيثًا. وَكَانَ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْمُسْنِدِينَ. وَقَدْ روى عنه رَفِيقُهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، بَلَغَنَا عَنْهُ أَنَّهُ قَلَّمَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً إِلا وَطَلَبَتْ فِرَاقَهُ مِنْ كَثْرَةِ جِمَاعِهِ. وَقَدْ مَاتَ فِي عَشْرِ الْمِائَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 209- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ الْبُنَانِيُّ3 -ع- مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ الأَعْمَى. عَنْ أَنَسٍ وَشَهْرٍ وَأَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَالْحَمَّادَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَالْمُبَارَكُ بْنُ سُحَيْمٍ وَهُشَيْمٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 210- عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ فَيْرُوزٍ4، أَبُو بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ الصَّفَّارُ. عَنْ يَزِيدَ بْنِ الشِّخِّيرِ وَأَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ.

_ 1 قال النووي في شرح صحيح مسلم "1/ 190": واعلم أن مذهب أهل الحق إثبات القدر, ومعناه: أن الله تبارك وتعالى: قدر الأشياء في القدم وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى. وعلى صفات مخصوصة فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه وتعالى. 2 التاريخ الكبير "6/ 11"، وتاريخ الدوري "2/ 365". 3 التاريخ الكبير "6/ 14"، والتقريب "1/ 472". 4 التاريخ الكبير "6/ 90"، والجرح والتعديل "6/ 61".

وَعَنْهُ حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ الأَزْدِيُّ وَحَرَمِيُّ بْنُ عمارة. 211- عبد الكريم بن أبي المخارق1، -ت ن ق-، وم متابعة - أبو أمية. المعلم البصري نَزِيلُ مَكَّةَ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَحَسَّانِ بْنِ بِلالٍ الْمُزَنِيِّ وَالْحَارِثِ الأَعْوَرِ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَالسُّفْيَانَانِ وَطَائِفَةٌ. رَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رباح وكان أحد الفقهاء العلماء إِلا أَنَّهُ يَقُولُ بِالإِرْجَاءِ، وَفِي حَدِيثِهِ ضَعْفٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ ضَعِيفٌ، وَكَذَا ضَعَّفَهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ. وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"، وَخَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً. وَوَفَاتُهُ قَرِيبَةٌ مِنْ وَفَاةِ سَمِيِّهِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ. 212- عبد الكريم بن مالك الجزري2 -ع- أبو سعيد الحرّانيّ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّهَ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَزُهَيْرُ بْنُ معاوية وعُبَيْد الله بن عَمْرٍو الرَّقِّيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَكَانَ أَحَدُ الأَثْبَاتِ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَوَصَفَهُ بِالْحِفْظِ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 213- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ3 -4خ م- أَخُو حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ الشَّيْبَانِيِّ مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ. وَلَهُ أَيْضًا أَخَوَانِ: بِلالٌ وَعَبْدُ الأَعْلَى.

_ 1 وهو أبو أمية، المعلم البصري، نزيل مكة، وهو ضعيف. تهذيب التهذيب "6/ 376"، وتاريخ أبي زرعة الدمشقي "472"، والبرقاني "306"، والمجروحين "2/ 144". 2 التاريخ الكبير "6/ 88"، وتهذيب التهذيب "6/ 373". 3 التاريخ الكبير "5/ 405"، وتقريب التهذيب "1/ 479".

رَوَى هُوَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيِّ وَأَبِي وَائِلٍ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَالسُّفْيَانَانِ. وَهُوَ صَادِقٌ فِي الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ مِنْ غُلاةِ الرَّافِضَةِ. رَوَى لَهُ خ م مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ. 214- عبد الملك بن حبيب1 -ع- أبو عمران الجوني البصري رَأَى عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ. وَرَوَى عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامَتِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَأَبَانٌ الْعَطَّارُ وَالْحَمَّادَانِ وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ الْغَالِبُ عليه الكلام في الحكمة؛ وكان يَقُولُ أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا آثَرُوا طَاعَةَ اللَّهِ عَلَى شَهَوَاتِهِمْ. وَكَانَ يَقُولُ: أَجْرَى اللَّهُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ مَحَبَّتَهُ وَجَعَلَ قُلُوبَنَا أَوْطَانًا تَحِنُّ إِلَيْهِ. تُوُفِّيَ أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ. 215- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قَطَنٍ الْفِهْرِيُّ2، أَمِيرُ الأَنْدَلُسِ مِنْ قِبَلِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ, قُتِلَ بِهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 216- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ السَّعْدِيُّ، الأَمِيرُ. مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ كَيْفَ قُتِلَ فِي سَنَةِ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ بِنَاحِيَةِ الْيَمَنِ. 217- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ قَيْسٍ السَّلْمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ3 -ق- وَالِدُ عُمَرَ. رَوَى عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَنَافِعٍ. وعنه الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 410"، وتهذيب التهذيب "6/ 389". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 269"، بغية الملتمس "382". 3 التاريخ الكبير "6/ 56"، وتهذيب التهذيب "6/ 439".

ولم يدركه ولده. قال النسائي: ليس بالقوي وَقَالَ مُرَّةً: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ قَيْسٍ الأَفْطَسِ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَكَانَ عَالِمَ أَهْلِ الشَّامِ بِالنَّحْوِ وَكَانَ مُعَلِّمَ أَوْلادِ الْخَلِيفَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ: قُلْتُ لِيَزِيدَ: إِنِّي لَسْتُ آخِذٌ مِنْكُمْ شَيْئًا عَلَى التَّعْلِيمِ لِلْقُرْآنِ إِنَّمَا آخُذُ مِنْكُمْ عَلَى أَدَبِي. 218- عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزبير1 -ت- الأسدي الزبيري. عَنْ جَدِّهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَجُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ. وَهُوَ مُقِلٌّ صُوَيْلِحٌ. 219- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ الْبَصْرِيُّ2. سَمِعَ أَبَاهُ وَالشَّعْبِيَّ. وَعَنْهُ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ وَهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ مُقِلٌّ صَدُوقٌ. 220- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يزيد المكي3، ع مولى بني كنانة حلفاء الزُّهْرِيِّينَ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَسِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وطائفة سواهم.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 96"، وتهذيب التهذيب "6/ 454". 2 التاريخ الكبير "5/ 377"، تاريخ الدوري "2/ 379". 3 التاريخ الكبير "5/ 403"، وتهذيب التهذيب "7/ 56".

وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعْبَةُ وَوَرْقَاءُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ. وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ شُيُوخِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ, وَيَقُولُ: هَذَا شَيْخٌ قَدِيمٌ يُوهَمُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَبَيْنَا أَنَا يَوْمًا عَلَى بَابِ دَارٍ إِذْ سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ: ادْخُلْ بِنَا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ فَقُلْتُ: مَنْ ذَا؟ قَالَ: شَيْخٌ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ، قُلْتُ: أَدْخُلُ مَعَكُمْ - قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَسَمِعْتُ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ أَحَادِيثَ ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ فَحَدَّثَ عَنْهُ فَقُلْتُ: قَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعْتَ عَلَيْهِ! فَلَمْ أَزَلْ1 أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ حَتَّى مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَكَانَ ثِقَةٌ: قَالَ: وَعَاشَ سِتًّا وَثَمَانِينَ سَنَةً. قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا مَنْ عَالِي رِوَايَتِهِ. 221- عُبَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُزَنِيُّ الْكُوفِيُّ2, م د ق. عَنْ عَبْدِ الله بن أبي أوفى وعبد الرحمن بن مَعْقِلٍ الْمُزَنِيِّ. وَعَنْهُ مَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. وَثَّقُوهُ. 222- عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لبابة الاسدي3، -سوى د- ثم الغاضري مَوْلاهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ. الْكُوفِيُّ التَّاجِرُ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الأَثْبَاتِ. سَكَنَ دِمَشْقَ، وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ وَعَلْقَمَةَ وَأَبِي وَائِلٍ وَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَشُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَآخَرُونَ. وَكَانَ شَرِيكًا لِلْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ فَقَدِمَا بِتِجَارَةٍ إِلَى مكة وكانت أربعين ألفًا.

_ 1 وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 69، 70". 2 التاريخ الكبير "5/ 446"، وتهذيب التهذيب "7/ 62". 3 التاريخ الكبير "6/ 114"، وتقريب التهذيب "1/ 490".

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَقِيَ عَبْدَةُ ابْنَ عُمَرَ بِالشَّامِ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: لَمْ يُقْدِمْ عَلَيْنَا مِنَ الْعِرَاقِ أَحَدٌ أَفْضَلُ مِنْهُ وَمِنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ. وَرَوَى ابْنَ ثَوْبَانَ عَنْ عَبْدَةَ قَالَ: كُنْتُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُ الرّجِلُ لَجُوجًا مُمَارِيًا مُعْجَبًا بِرَأْيِهِ فَقَدَ تَمَّتْ خَسَارَتُهُ. وَقَالَ حُسَيْنٌ الْجُعَفِيُّ: قَدِمَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ وَكَانَا شَرِيكَيْنِ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا تِجَارَةً فَوَافَيَا مَكَّةَ وَبِأَهْلِهَا فَاقَةٌ وَحَاجَةٌ, فَقَالَ الْحَسَنُ لِعَبْدَةَ: هَلْ لَكَ أَنْ نُقْرِضَ رَبَّنَا عَشْرَةَ آلافٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَدْخَلُوا مَسَاكِينَ أَهْلِ مَكَّةَ دَارًا وَبَقُوا يُخْرِجُونَ وَاحِدًا وَاحِدًا ثُمَّ يُعْطُونَهُ، فَقَسَّمُوا العشرة الآلاف، وَفَضُلَ خَلْقٌ فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ نُقْرِضَ رَبَّنَا عَشْرَةَ آلافٍ أُخْرَى؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَسَّمُوا فَلَمْ يَزَالا إِلَى أَنْ قَسَّمَا الْمَالَ كُلَّهُ وَتَعَلَّقَ بِهِمَا الْمَسَاكِينُ وَقَالُوا: لُصُوصٌ بَعَثَ مَعَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِمَالٍ فَخَانُوا. قَالَ: فَاسْتَقْرَضُوا عَشْرَةَ آلافٍ حَتَّى أَرْضُوا بِهَا مَنْ بَقِيَ، وَطَلَبَهُمُ السُّلْطَانُ فَاخْتَفَوْا حَتَّى ذَهَبَ أَشْرَافُ مَكَّةَ فَأَخْبَرُوا الْوَالِي عَنْهُمَا بِفَضْلٍ وَصَلاحٍ. قَالَ: فَخَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ بِاللَّيْلِ وَرَجَعُوا إِلَى الشَّامِ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدَةَ قَالَ: ذُقْتُ مَاءَ الْبَحْرِ الْمَلِحَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَوَجَدْتُهُ عَذْبًا. وَقَالَ أَبُو الْمُغِيرَةَ: ثنا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدَةَ قَالَ: أَقْرَبُ النَّاسِ مِنَ الرِّيَاءِ آمَنُهُمْ مِنْهُ. وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَةَ يَقُولُ: لَوَدَدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ أَنَّهُمْ لا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ ولا أسألهم يتكاثرون بالمسائل كما يَتَكَاثَرُ أَهْلُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ. تُوُفِّيَ عَبْدَةُ فِي حُدُودِ سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 223- عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ النَّوْفَلِيُّ الْمَكِّيُّ1، م د ن ق- عَنِ ابْنِ عَمِّهِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير وعروة بن الزبير وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 223"، والجرح والتعديل "6/ 152".

وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 224- عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ أَبُو حُصَيْنٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ1، -ع- أَحَدُ الأَشْرَافِ وَالأَئِمَّةَ. رَوَى عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْقَاضِي شُرَيْحٍ وَأَبِي وَائِلٍ الأَسْوَدِ بْنِ هِلالٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَزَائِدَةُ وَعُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ أَرْكَانِ الْمُحَدِّثِينَ وَثِقَاتِهِمْ، عُثْمَانِيًّا صَالِحًا خَيِّرًا، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي أَسَدٍ بِالْكُوفَةِ. قَالَ وَكِيعٌ: كَانَ أَبُو حُصَيْنٍ يَقُولُ: أَنَا أَقْرَأُ مِنَ الأَعْمَشِ، فَقَالَ الأَعْمَشُ لِرَجُلٍ يَقْرَأُ عَلَيْه: اهْمِزِ الْحُوتَ فَهَمَزَهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَرَأَ أَبُو حُصَيْنٍ فِي الصُّبْحِ فَهَمَزَ الْحُوتَ, فَقَالَ لَهُ الأَعْمَشُ لَمَّا سَلَّمَ: كَسَرْتَ ظَهْرَ الْحُوتِ يَا أَبَا حُصَيْنٍ فَكَانَ مَا بَلَغَكُمْ، يَعْنِي وَقَعَ بَيْنَهُمَا. رَوَاهَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ عَنْ وَكِيعٍ. قَالَ: وَالَّذِي بَلَغَنَا أَنَّهُ قَذَفَ الأَعْمَشَ فَحَلَفَ الأَعْمَشُ لَيُحَدِّثَنَّهُ، فَكَلَّمَهُ بَنُو أَسَدٍ فَأَبَى فَقَالَ خَمْسُونَ مِنْهُمْ: وَاللَّهِ لَنَشْهَدُ أَنَّ أُمَّهُ كَمَا قَالَ أَبُو حُصَيْنٍ، فَحَلَفَ الأَعْمَشُ لا يُسَاكِنَهُمْ، وَتَحَوَّلَ. قَالَ الدارقطني: أَبُو حُصَيْنٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَابْنَ الزُّبَيْرِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لا تَرَى حَافِظًا يَخْتَلِفُ عَلَى أَبِي حُصَيْنٍ. وَقَالَ مِسْعَرٌ: أُتِيَ أَبُو حُصَيْنٍ بِجَائِزَةٍ مِنَ السُّلْطَانِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا فَقِيلَ لَهُ: مَالَكَ لَمْ تَقْبَلْهَا قَالَ: الْحَيَاءُ وَالتَّكَرُّمُ. وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ: سَمِعْتُ أَبَا حُصَيْنٍ يَقُولُ: إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُفْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ وَرَدَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لَجَمَعَ لَهَا أَهْلَ بَدْرٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ: أنا أبو حصين وكان في خلفه زَعَارَةٌ. وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعَمِّي عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى يَحْيَى بْنِ وثاب.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 240"، وتقريب التهذيب "2/ 13".

قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ عَنْهُ الْقِرَاءَةَ الأعمش، وكذا قَالَ أَبُو عَمْرٍو. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيِّ عَنْ أبي بكر بن عياس قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي حُصَيْنٍ وَهُوَ مُخْتَفٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَالَ: إِنَّهُمْ يُرَاوِدُونِي عَنْ دِينِي وَاللَّهِ لا أُعْطِيهِمْ إِيَّاهُ أَبَدًا. تُوُفِّيَ أَبُو حُصَيْنٍ عَلَى الصَّحِيحِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 225- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ1، -سوى د- أبو عبد الله التيمي المدني الأعرج نَزِيلُ الْعِرَاقِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَشَيْبَانُ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَفِي الطَّبَقَاتِ لابْنِ سَعْدٍ وَهَمٌ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: مَاتَ فِي خِلافَةِ الْمَهْدِيِّ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَإِنَّمَا مَاتَ فِي حُدُودِ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 226- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ2 -خ د ت- لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ وَجَدُّهُ عُثْمَانُ أَخُو طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَحَدِ الْعَشَرَةِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَبُيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ. وَعَنْهُ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَآخَرُونَ. وُثِّقَ. 227- عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ أَبُو الْيَقْظَانِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ الأعمى3 -د ت ق- ويقال: عثمان بن قيس فَلَعَلَّهُ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ، وَيُقَالُ لَهُ: عُثْمَانُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَأَبِي وَائِلٍ وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَإِبْرَاهِيمَ النخعي وعدي بن ثابت وعدة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 231"، وتهذيب التهذيب "7/ 132". 2 التاريخ الكبير "6/ 237"، وتهذيب التهذيب "7/ 133". 3 التاريخ الكبير "6/ 245"، والتقريب "2/ 16".

وَعَنْهُ الأَعْمَشُ وَشُعْبَةُ وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ وَسُفْيَانُ الثّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. وَهُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقٍ وَكَانَ يَغْلُو فِي تَشَيُّعِهِ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: خَرَجَ أَبُو الْيَقْظَانِ فِي الْفِتْنَةِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ يَعْنِي سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يُحَوَّلَ إِلَى طَبَقَةِ الأَعْمَشِ. 228- عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الأَخْنَسِ1 -4- بْنِ شُرَيْقٍ الثَّقَفِيُّ الْحِجَازِيُّ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالأَعْرَجِ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 229- عثمان بن المغيرة الثقفي2 -خ 4- أبو المغيرة الكوفي الأعشى. عن علي بن ربيعة الوالي وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمِيِّ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ، وَقَالَ: هُوَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي زُرْعَةَ. قُلْتُ: وَهُوَ أَعْشَى ثَقِيفٍ. 230- عُرْوَةُ بْنُ أُذَيْنَةَ3، أَبُو عَامِرٍ اللَّيْثِيُّ الْحِجَازِيُّ. الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ. سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ. وَعَنْهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْن عُمَر وغيرهما. وله وفادة على هشام بن عبد الملك. وكان من فحول الشعراء.

_ 1 التهذيب "7/ 152"، والجرح والتعديل "6/ 166". 2 التاريخ الكبير "6/ 248"، والتهذيب "7/ 155". 3 الجرح والتعديل "3/ 396"، وفيات الأعيان "2/ 395".

قال أبو داود: لا أعلم له حَدِيثًا وَاحِدًا. وَمِنْ قَوْلِهِ السَّائِرِ: وَلَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى الدِّيَارِ لَعَلَّهَا ... بِجَوَابِ رَجْعِ تَحِيَّةٍ تَتَكَلَّمُ وَالْعِيسُ تَسْجَعُ بِالْحَنِينِ كَأَنَّهَا ... بَيْنَ الْمَنَازِلِ حِينَ تسجع مأتم نزلوا ثلاث مِنِّي بِمَنْزِلِ غِبْطَةٍ ... وَهُمْ عَلَى عَجَلٍ لَعَمْرِك مَا هُمُ مُتَجَاوِرَيْنِ بِغَيْرِ دَارِ إِقَامَةٍ ... لَوْ قَدْ أَجَدَّ رَحِيلُهُمْ لَمْ يَنْدَمُوا وَلَهُنَّ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ لِبانَةٌ ... وَالْحَجَرُ يَعْرِفُهُنَّ لَوْ يَتَكَلَّمُ لَوْ كان حيا قبلهن ظعائنا ... حيا الحطيم وجوههن وَزَمْزَمُ 231- عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ الْهُذَلِيُّ1، -د ت- مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ، يُكَنَّى أَبَا طَلْحَةَ. رَوَى عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ التُّجِيبِيِّ وَحَكِيمِ بْنِ شَرِيكٍ الْهُذَلِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 232- عَطَاءُ بْنُ صُهَيْبٍ الأَنْصَارِيُّ2 -خ م ت ق- عَنْ مَوْلاهُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَالأَوْزَاعِيُّ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 233- عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ3 -م4- قَدْ ذُكِرَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ مُخْتَصَرًا. وهو أبو

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 473"، وتهذيب التهذيب "7/ 198". 2 تهذيب التهذيب "7/ 208"، والثقات "5/ 203". 3 التاريخ الكبير "7/ 9"، والصغير "1/ 307"، وترجم له الذهبي في السير "6/ 132".

يحيى الكلبي الدمشقي المذبوح. مقريء أَهْلِ دِمَشْقٍ مَعَ ابْنِ عَامِرٍ وَلَكِنْ لَمْ يشتهر حرفه. قال أبوة عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ قِرَاءَتِهَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَرَوَى عَنْهُ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمَلَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ. قلت: وَحَدَّثَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ وَمُعَاوِيَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرِو بْن الْعَاصِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ. وَغَزَا فِي أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ؛ وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِي الدرداء وغيره. روى عنه ابنه سعد وعبد الله بن العلاء بن زبر وأبو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن يزيد بْن جَابِر وغيرهم. قَالَ، سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَمْ يَكُنْ أحد يطمع أَنْ يَفْتَحَ شَيْئًا مِنْ ذِكْرِ الدُّنْيَا فِي مَجْلِسِ عَطِيَّةَ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرٍ: دَارُهُ قَبَلِيُّ كنيسة اليهود. وكان قاريء الْجُنْدِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 234- عُقَيْلُ بْنُ طَلْحَةَ السَّلْمِيُّ1 -ن ق- مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ. رَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَمُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ وَأَبِي جُرَيٍّ الْهُجَيْمِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 235- الْعَلاءُ بْنُ عُتْبَةَ الْحِمْصِيُّ2. عَنْ خَالِدِ بْنِ معدان وعمير بن هانيء

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 51"، وتهذيب الكمال "20/ 237". 2 التاريخ الكبير "6/ 512"، وتقريب التهذيب "2/ 99".

وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ؛ صُوَيْلِحُ الْحَدِيثِ. 236- عَلُيُّ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْخَشْخَاشِ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؛ وَعَنْهُ المفَضَّل بْنُ لاحِقٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ؛ وَكَان يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ؛ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحتَجُّ بِهِ. عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ2 -4 م تَبَعًا- مُخَتَلَفٌ فِي تَارِيخِ مَوْتِهِ. وَهُوَ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 237- علي بن نفيل بن زراع3 -د ق- أبو النهدي الحراني جَدُّ أَبِي جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ الْحَافِظُ. رَوَى عَنْ سعيد بن المسيب. وعنه أبو المليح الرَّقِّيُّ وَالنَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ الْبَاهِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 238- عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بن خلاد4، -خ د ن ق- بن رافع الزرقي المدني. عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَمِّ أَبِيهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ وَنُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاق وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْفَرَّاءُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 267"، وميزان الاعتدال "3/ 124". 2 التاريخ الكبير "6/ 275"، وأحوال الرجال "185". 3 التاريخ الكبير "6/ 299"، وتهذيب التهذيب "7/ 391". 4 التاريخ الكبير "6/ 300"، وتقريب التهذيب "2/ 51".

239- علي بن يزيد بن أبي هلال1 -ت ق - أبو عبد الملك الإلهاني الشامي. عَنْ مَكْحُولٍ وَالْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلُه عَنْهُ نُسْخَةٌ مَشْهُورَةٌ. وَعَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ وَمُعَاذُ بْنُ رِفَاعَةَ وَآخَرُونَ. وَلُه مَنَاكِيرُ، وَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. 240- عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارِ الْمَكِّيُّ2 -م 4- مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَقِيلَ: مَوْلَى بَنِي نَوْفَلٍ. عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَالْكِبَارِ. وَعَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَشُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 241- عُمَارَةُ بن عبد الله بن صياد الأنصاري3 -ت ق- المدني. وَأَبُوهُ هُوَ الَّذِي يُحَدَّثُ أَنَّهُ دَجَّالٌ. رَوَى عن جَابِر بن عَبْد اللَّهِ وسَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ الْغِفَارِيُّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ لا يُقَدِّمُ عَلَيْهِ فِي الْفَضْلِ أَحدًا. مَاتَ فِي خِلافَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ. 242- عُمَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طُعْمَةَ4 الْمَدَنِيُّ -د- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بن يسار أيضًا.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 301"، ميزان الاعتدال "3/ 161". 2 التاريخ الكبير "7/ 26"، وتهذيب التهذيب "7/ 404". 3 وهو أبو أيوب المدني، ثقة فاضل. التاريخ الكبير "6/ 502"، وتقريب التهذيب "2/ 56". 4 التاريخ الكبير "6/ 502"، وتقريب التهذيب "2/ 56".

وَعَنْهُ مَالِكٌ وَابْنُ إِسْحَاق. 243- عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِيُّ1. عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ. وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ ضَعْفًا. 244- عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْجُعَفِيُّ الْكُوفِيُّ، الضَّرِيرُ2. عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَخَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهَ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ صَدُوقٌ. 245- عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ رِيَاحٍ الثَّقَفِيُّ3. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ وَعَلِيِّ بْنِ عُمَارَةَ. وَعَنْه سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَزَكَرِيَّا بْنُ سِيَاهٍ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 246- عُمَرُ بْنُ حُسَيْنٍ الْمَكِّيُّ4 -م-. عُن نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونَ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. عمر بن عبد الرحمن بن محيصن5 -م ت ن- قيل: اسمه محمد. يأتي.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 423"، وميزان الاعتدال "3/ 238". 2 التاريخ الكبير "6/ 418"، والتقريب "2/ 91". 3 التاريخ الكبير "6/ 419"، وتهذيب التهذيب "8/ 137". 4 التاريخ الكبير "6/ 148"، والجرح والتعديل "6/ 104". 5 ميزان الاعتدال "3/ 212"، والخلاصة "284".

247- عمر بن قيس الماصر1 -د- أبو الصباح الكوفي. مَوْلَى ثَقِيفٍ وَقِيلَ مَوْلَى الأَشْعَثِ الْكِنْدِيِّ، وَقِيلَ هو عجلي وهو جد يونس ابن حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الْمَاصِرِ الْعِجْلِيِّ. أَصْلُهُ مِنْ سَبْيِ الدَّيْلَمِ. رَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي وَعُمَرَ بْنِ أَبِي قُرَّةَ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ عَوْنٍ وَزَائِدَةُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ. لَهُ فِي السُّنَنِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أيُّمَا رَجُلٍ سَبَبْتَهُ أَوْ لَعَنْتَهُ فَاجْعَلْهَا عَلَيْهِ صَلاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ2. 248- عُمَرُ بْنُ الْمُنْكَدِر التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ3. الْعَابِدُ الْخَاشِعُ، لَهُ طَبَقَةٌ وَأَخْبَارٌ فِي الْكُتُبِ. قَالَ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ: قَالَتْ وَالِدَةُ عُمَرَ بْنِ الْمُنْكَدِرِ لَهُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَنَامَ، قَالَ: يَا أُمَه إِنِّي لأَسْتَقْبِلُ اللَّيْلَ فَيَهُولُنِي فَيُدْرِكُنِي الصُّبْحُ وَمَا قَضَيْتُ حَاجَتِي. وَقَدْ حَزِنَ عُمَرُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَعَادَهُ أَبُو حَازِمٍ وَكَلَّمَهُ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَبْدُو لِي مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ أَكُنْ أَحْتَسِبُ. وَقِيلَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ خَالَفَ أُمَّهُ فِي شَيْءٍ - وَكَانَ الْحَقُّ مَعَهُ - فَقَالَ: يَا أُمَّه أُحِبُّ أَنْ تَضَعِي قَدَمَكِ عَلَى خَدِّي، قَالَتْ: يَا بُنَيَّ وَمَا الَّذِي قُلْتُ! فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى وَضَعَتْ قَدَمَهَا عَلَى خَدِّهِ. 249- عَمْرُو بْنُ جَابِرٍ أَبُو زُرْعَةَ الْحَضْرَمِيُّ الْمِصْرِيُّ4 -ت ق-. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بن الحارث بن جزء.

_ 1 عر بن قيس بن الماصر، بكسر المهملة وتخفيف الراء، أبوالصباح، بمهملة وموحدة شديدة، الكوفي. التارخ الكبير "6/ 186"، وميزان الاعتدال "3/ 220". 2 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2600، 2601"، وأحمد في المسند "2/ 496" بنحوه. 3 التاريخ الكبير "6/ 191"، والجرح والتعديل "6/ 132". 4 التاريخ الكبير "6/ 319"، وميزان الاعتدال "3/ 250".

وَعَنْهُ ابْنُ لَهِيعَةَ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَضَعَّفَهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يَقُولُ إِنَّ عَلِيًّا فِي السَّحَابِ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: كَانَ شَيْخًا أحَمْقَ كَانَ يَجْلِسُ مَعَنَا فَيُبْصِرُ سَحَابَةً فَيَقُولُ: هَذَا عَلِيٌّ. 250- عَمْرُو بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الْوَاسِطِيُّ1 - د ن - المعروف بابن الكردي. عَنِ الزِّبْرِقَانِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَشُعْبَةُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ. وَثَّقَهُ د. 251 -عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ2، -ع- مَوْلاهُمُ الْمَكِّيُّ الأَثْرَمُ. أَحَدُ أَئِمَّةِ الدِّينِ. سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ وَجَابِرًا وَبَجَالَةَ بْنَ عَبْدَةَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَعُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُطْعَمٍ وَأَبا الشَّعْثَاءِ وَأَبَا سَلَمَةَ وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَطَاوُسًا وَخَلْقًا سِوَاهُمْ. وَرِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابِ ابْنِ مَاجَهْ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَالسُّفْيَانَانِ وَوَرْقَاءُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ وَخَلْقٌ. قَالَ شُعْبَةُ: مَا رَأَيْتُ أَثْبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عُيْيَنَة: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ لا يَدَعُ إِتْيَانَ الْمَسْجِدِ كَانَ يُحْمَلُ عَلَى حِمَارٍ ماركبه إِلا وَهُوَ مُقْعَدٌ3، وَكَانَ يَقُولُ: أُحَرِّجُ عَلَى من يكتب عني فما كتبت عن

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 326"، والتقريب "2/ 74". 2 التاريخ الكبير:6/ 328"، والجرح والتعديل "6/ 231". 3 والخبر في طبقات ابن سعد "6/ 29" بنحوه.

أَحَدٍ شَيْئًا، كُنْتُ أَتَحَفَّظُ، قَالَ: وَكَانَ يُحَدِّثُ بِالْمَعَانِي وَكَانَ فَقِيهًا رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَفْقَهَ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ لا عَطَاءَ وَلا مُجَاهِدًا وَلا طَاوُسًا. وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. قُلْتُ: وَكَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مِنَ الأَبْنَاءِ وَالأَبْنَاءُ بِمَكَّةَ وَبِالْيَمَنِ مِنْ أَوْلادِ الْفُرْسِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ لا يَرْضَوْنَهُ يَرْمُونَهُ بِالتَّشَيُّعِ وَالتَّحَامُلِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَلا بَأْسَ بِهِ هُوَ بِريءٌ مِمَّا يَقُولُونَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ إِذَا جَاءَهُ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ، وَإِذَا جَاءَ إِلَيْهِ فَمَازَحَهُ وَحَدَّثَهُ وَأَلْقَى إِلَيْهِ الشَّيْءَ انْبَسَطَ إِلَيْهِ وَحَدَّثَهُ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ عَمْرٌو قَدْ جَزَّأَ اللَّيْلَ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ: ثُلُثًا ينام وثلثًا يدرس حديثه وثلثًا يصلي، وما كَانَ أَثْبَتَهُ1. وَرَوَى نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَا كَانَ عِنْدَنَا أَحَدٌ أَفْقَهَ وَلا أَعْلَمَ وَلا أَحْفَظَ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ عَنِ ابْنِ عُيَيَّنَةَ قَالَ: قِيلَ لِإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ: أَيُّ أَهْلِ مَكَّةَ رَأَيْتَ أَفْقَهَ؟ قَالَ: أَسْوَأَهُمْ خُلُقًا عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ الَّذِي كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيثٍ كَأَنَّمَا تُقْلَعُ عَيْنُهُ2. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِ "مُزَكِّي الأَخْبَارِ" وَأَنَّهُ سَمِعَ أَيْضًا مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ق وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ. وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا وَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَتَى الْحَاكِمُ بِهَؤُلاءِ. ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِنَا أَعْلَمُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَلا فِي جَمِيعِ الأَرْضِ. وَقَال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ شُعْبَةُ يُقَدِّمُ أَحَدًا عَلَى عَمْرِو بْنِ ديِنَارٍ فِي الثَّبْتِ لا

_ 1 أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 114". 2 انظر المصدر السابق.

الْحَكَمَ وَلا غَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: أَدْرَكْنَا عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ وَقَدْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ مَا بَقِيَ لَهُ إِلا نَابٌ فَلَوْلا أَنَّا أَطَلْنَا مُجَالَسَتَهُ لَمْ نَفْهَمْ كَلامَهُ. وَقَالَ إِسْحَاقُ السَّلُولِيُّ: ثنا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: إِنَّهُ لَيَزِيدُنِي فِي الْحَجِّ رَغْبَةً لِقَاءَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّنَا وَيُفِيدُنَا. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ثَمَانِينَ سَنَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَرِضَ عَمْرُو بْنَ دِينَارٍ فَعَادَهُ الزُّهْرِيُّ فَلَمَّا قَامَ الزُّهْرِيُّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْخًا أَنَصَّ لِلْحَدِيثِ الْجَيِّدِ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ قَتَادَةَ. قَالَ أَحْمَدُ: وَهُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي عَطَاءٍ. قُلْتُ: يَعْنِي ابْنَ أَبِي رَبَاحٍ فَإِنَّهُ رَوَى أَيْضًا عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ فِي مُسْلِمٍ. 252- عَمْرُو بْنُ سَعْدٍ الْفَدَكِيُّ1 - ت ق - مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَعُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 253- عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ الأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ2 - ع - سَمِعَ أَنَسًا. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمِسْعَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ. وثقه أبو حاتم.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 340"، وتهذيب التهذيب "8/ 36". 2 التاريخ الكبير "6/ 356"، وتهذيب التهذيب "8/ 60".

254- فَأَمَّا عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ الْبَجَلِيُّ1. وَالِدُ أَسَدِ بن عمرو الفقيه فَيَرْوِي عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَالْمُحَارِبِيُّ وَأَبُو عُتَيْبَةَ. وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. صَدُوقٌ. 255- عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أبو إسحاق السبيعي2 - ع - الهمداني الكوفي. أَحَدُ الأَعْلامِ وَشَيْخُ الْكُوفَةِ. رَأى عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَخْطُبُ. وَرَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعَنْ خَلائِقَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَيَنْفَرِدُ بِالأَخْذِ عَنْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ كَانَ إِمَامًا طَلابَةً لِلْعِلْمِ. روى عنه الأَعْمَشُ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وشريك وأبو الأحوص وإبراهيم ابن طَهْمَانَ وَالأَجْلَحُ وَإِسْرَائِيلُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ وَالْجَرَّاحُ أَبُو وَكِيعٍ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَحَجَّاجٌ، وَحُدَيْجٌ وَزُهَيْرٌ ابْنَا مُعَاوِيَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ وَحَمَّادُ الأَبُحُّ وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ وَرَقَبَةُ بْنُ مَصْقَلَةَ وَزَائِدَةُ وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَشُعَيْبُ بْنُ خَالِدٍ وَشُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ وَالْمَسْعُودِيُّ وَعَمَّارُ بْنُ زُرَيْقٍ وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ وَمِسْعَرٌ وَوَرْقَاءُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَحَفِيدُهُ يُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ وابنه يونس والمطلب ابن زِيَادٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَأُمَمٌ سِوَاهُمْ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ. وَقَدْ غَزَا الرُّومُ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ وَقَالَ: سَأَلَنِي مُعَاوِيَةُ كَمْ عَطَاءُ أَبِيكَ - قُلْتُ: ثَلاثِمِائَةٍ يَعْنِي فِي الشَّهْرِ، قَالَ: فَفَرَضَهَا لِي. وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: وُلِدْتُ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ لِسَنَتَيْنِ بقيتا منها. وقال ابن المديني: رَوَى عَنْ سَبْعِينَ رَجُلا أَوْ ثَمَانِينَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ غَيْرُهُ، وَأَحْصَيْتُ مَشْيَخَتَهُ نَحْوًا مِنْ ثَلاثِمِائَةِ شَيْخٍ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَرْبَعُمِائَةِ شيخ.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 357"، وتهذيب التهذيب "8/ 60". 2 التاريخ الكبير "6/ 347"، وتهذيب التهذيب "8/ 63".

وَقَالَ آخَرُ: سَمِعَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَثَلاثِينَ صَحَابِيًّا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُشْبِهُ الزُّهْرِيُّ فِي الْكَثْرَةِ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: كَانَ أَصْحَابُ ابْنِ مَسْعُودٍ إِذَا رأوا أبا إسحاق قالوا: هذا عمرو القاريء هَذَا الَّذِي لا يَلْتَفِتُ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ ثَلاثِ لَيَالٍ1. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ ذِي يَحْمَدَ بْنِ السَّبِيعِ, قَالَ: وَأَكْثَرُ مَنْ سَمَّاهُ لَمْ يَتَجَاوَزْ أَبَاهُ2. وَقَالَ سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. وَرَوى يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لِي أَبِي: قُمْ يَا عَمْرُو فَانْظُرْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: غَزَوْتُ فِي زَمَنِ زِيَادٍ سِتَّ غَزَوَاتٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ فَوَقَعَتْ إِلَيْهِ كُتُبُهُ. وَرَوَى شَبَابَةُ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو إِسْحَاقَ مِنَ الْحَارِثِ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ3. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَا أَقَلْتُ عَيْنَيَّ غُمْضًا مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ وَكِيعٌ: ثنا الأَعْمَشُ قَالَ: كُنْتُ إذا خلوت بأبي إسحق حَدَّثَنِي بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ غَضًّا. وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: شَهِدْتُ عِنْدَ شُرَيْحٍ في وصية فأجاز شهادتي وحدي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 188". 2 طبقات ابن سعد "6/ 311". 3 قال الذهبي في السير "6/ 191": يعني: أن أبا إسحاق، كان يدلس.

وَقِيلَ لِشُعْبَةَ: أَسَمِعَ أَبُو إِسْحَاق مِنْ مُجَاهِدٍ؟ قَالَ: وَمَا كَانَ يَصْنَعُ بِهِ هُوَ أَحْسَنُ حَدِيثًا مِنْ مُجَاهِدٍ وَمِنَ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمَسْلَمِيُّ1: رَأَيْتُ أَبَا إِسْحَاقَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ أَعْمَى يَسُوقُهُ إِسْرَائِيلُ يَعْنِي ابْنَ ابْنِهِ وَيَقُودُهُ ابْنُهُ يُوسُفُ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ عَوْنٌ لِأَبِي إِسْحَاقَ: مَا بَقِيَ مِنْكَ؟ قَالَ: أَقْرَأُ الْبَقَرَةَ فِي رَكْعَةٍ. قَالَ ذَهَبَ شَرُّكَ وَبَقِيَ خَيْرُكَ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ: كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ يُحَرِّضُ الشَّبَابَ يَقُولُ: مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْتَوِيَ قَائِمًا حَتَّى أَعْتَمِدَ عَلَى رَجُلَيْنِ فَإِذَا اعْتَدَلْتُ قَائِمًا قَرَأْتُ بِأَلْفِ آيَةٍ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: قَدْ كَبُرْتُ وَضَعُفْتُ مَا أَصُومُ إِلا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ وَالاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ وَشُهُورَ الْحُرُمِ رَوَاهُ أَبُو الأَحْوَصِ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: حَفِظَ الْعِلْمَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ4 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِتَّةُ رِجَالٍ: فَلِأَهْلِ مَكَّةَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ابْنُ شِهَابٍ, وَلِأَهْلِ الْكُوفَةِ أَبُو إِسْحَاقَ وَالأَعْمَشُ وَلِأَهْلِ الْبَصْرَةِ قَتَادَةُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ نَاقِلَةً. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: مَا سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَغْتَابُ أَحَدًا قَطُّ إِذَا ذُكِرَ رَجُلا مِنَ الصَّحَابَةِ فَكَأَنَّهُ أَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ. وَقَالَ فَضْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ: وَدَدْتُ أَنِّي أَنْجُو مِنْ عِلْمِي كَفَافًا. وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: أَبُو إِسْحَاقُ ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جِئْتُ بِمُحَمَّدِ بْنِ سَوْقَةَ مَعِي شَفِيعًا عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ فَقُلْتُ لِإِسْرَائِيلَ: اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى الشَّيْخِ، فَقَالَ: صَلَّى بِنَا الشَّيْخُ البارحة فاختلط، فدخلنا فسلمنا عليه وخرجنا.

_ 1 راجع ترجمته في ميزان الاعتدال "3/ 204". 2 ذكره الذهبي في السير "6/ 191". 3 المصدر السابق. 4 وفي السير للذهبي "6/ 191" قال: "حفظ العلم على الأمة ستة ... " بدل "على أمة..".

وَقِيلَ: إِنَّمَا سَمِعَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مِنْهُ وَهُوَ مُخْتَلِطٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَإِسْرَائِيلُ حَدِيثُهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَرِيبٌ مِنَ السُّوءِ وَإِنَّمَا أَصْحَابُ أَبِي إِسْحَاقَ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ فَإِذَا هُوَ فِي قُبَّةٍ تَرْكِيَّةٍ وَمَسْجِدٍ عَلَى بَابِهَا وهو من الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ: كَيْفَ أَنْتَ؟ قَالَ: مِثْلُ الَّذِي أَصَابَهُ الْفَالِجُ لا تَنْفَعُنِي يَدٌ وَلا رِجْلٌ1. وَقَالَ جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ: مَا أَفْسَدَ حَدِيثِ أَهْلِ الْكُوفَةِ غَيْرُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالأَعْمَشُ. قُلْتُ: لا يُسْمَعُ هَذا مِنْ مُغِيرَةَ وَلا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: تُوُفِّيَ أَبُو إِسْحَاقَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ يَوْمَ دَخَلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ غَالِبًا عَلَى الْكُوفَةِ. وَفِيهَا أَرَّخَهُ الْهَيْثَمُ وَالْوَاقِدِيُّ وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَخَلِيفَةُ وَأَحْمَدُ وَالْفَلاسُ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ. وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ رُبَّمَا دَلَّسَ. 256- عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ النُّكْرِيُّ2، أَبُو يَحْيَى, وَقِيلَ: أَبُو مَالِكٍ. بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. رَوَى عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ الرَّبَعِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ الْحَدّانِيُّ وَآخَرُونَ وَابْنُهُ يَحْيَى. 257- عَمْرُو بن مسلم بن عمارة3 - م4 - بن أكيمة الليثي المدني. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِحَدِيثِ: "مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ فَأَهَلَّ ذُو الْحِجَّةِ فَلا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ". رَوَاهُ عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ وَمَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بن عمرو. وثقه ابن معين.

_ 1 ذكره الذهبي في السير "6/ 189"، والفالج: شلل يصيب أحد شقي الجسم طولا. 2 التاريخ الكبير "6/ 371"، والميزان "3/ 286". 3 التاريخ الكبير "6/ 369"، وتهذيب التهذيب "8/ 104".

258- عَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ الْجَنَدِيُّ الْيَمَنِيُّ1 - م د ت ن -. عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 259- عُمَيْرُ بن هانيء العنسي الداراني2 - ع - أبو الوليد. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَمُعَاوِيَةَ خ م - وَابْنِ عُمَرَ د. وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ جابر وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَآخَرُونَ. وَعُمِّرَ دَهْرًا، اسْتَنَابَهُ الْحَجَّاجُ عَلَى الْكُوفَةِ ثُمَّ وَلِيَ خَرَاجَ دِمَشْقَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ ثَلاثِينَ صَحَابِيًّا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: كَانَ عُمَيْرُ بْنُ هانيء يَضْحَكُ فَأَقُولُ: مَا هَذَا - فَيَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَانَ يَقُولُ: إِنِّي لأَسْتَجِمُّ لِيَكُونَ أَنْشَطَ لِي فِي الْحَقِّ فَقُلْتُ لَهُ: أَرَاكَ لا تَفْتُرْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَمْ تسبح؟ قال: مائة ألف إلا أن تخطيء الأَصَابِعُ3. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عمير بن هانيء قَالَ: وَجَّهَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بِكُتُبٍ إِلَى الْحَجَّاجِ وَهُوَ مُحَاصِرُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَقَدْ نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ4 يَرْمِي عَلَى الْبَيْتِ فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ صَلَّى مَعَ الْحَجَّاجِ وَإِذَا حَضَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ صَلَّى مَعَهُ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُصَلِّي مَعَ هَؤُلاءِ! فَقَالَ: يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ صَلِّ مَعَهُمْ مَا صَلُّوا وَلا تُطِعْ مَخْلُوقًا فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ؛ فَقُلْتُ: مَا قَوْلُكَ فِي أَهْلِ مَكَّةَ؟ قَالَ: مَا أَنَا لَهُمْ بِعَاذِرٍ، قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ فِي أَهْلِ الشَّامِ؟ قَالَ: مَا أَنَا لَهُمْ بحامد كلاهما

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 370"، وميزان الاعتدال "3/ 289". 2 التاريخ الكبير "6/ 535"، والصغير "1/ 265". 3 ذكره الذهبي في السير "6/ 208، 209". 4 المنجنيق: آلة قديمة من آلات الحرب وحصار المدن كانت ترمى بها حجارة ثقيلة على الأسوار فتهدمها.

يقتتلون على الدنيا يتهافتون في النار تافت الذُّبَابِ فِي الْمَرَقِ، قُلْتُ: فَمَا قَوْلُكَ فِي هَذِهِ الْبَيْعَةِ الَّتِي أَخَذَهَا عَلَيْنَا ابنُ مَرْوَانَ - فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا نُبَايِعُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَكَانَ يُلَقِّنُنَا فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ الْفَسَوِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ حَسَّانٍ: ثنا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي عمير بن هانيء قَالَ: وَلانِي الْحَجَّاجُ الْكُوفَةَ فَمَا بَعَثَ إِلَيَّ فِي إِنْسَانٍ أَحُدُّهُ إِلا حَدَدْتُهُ وَلا فِي إِنْسَانٍ أَقْتُلُهُ إِلا أَرْسَلْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذْ بَعَثَ إِلَى الْجَيْشِ أُسَيِّرُهُمْ إِلَى أُنَاسٍ أُقَاتِلُهُمْ، فَقُلْتُ: ثَكِلَتْكَ1 أُمُّكَ عُمَيْرٌ كَيْفَ بِكَ، فَلَمْ أَزَلْ أُكَاتِبُهُ حَتَّى بَعَثَ إِلَيَّ انْصَرِفْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَجْتَمِعُ أَنَا وَأَنْتَ فِي بَلَدٍ، فَجِئْتُ وَتَرَكْتُهُ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ صُبَيْحٍ: قُلْتُ لِمَرْوَانَ الطَّاطَرِيِّ: لا أَرَى سَعِيدَ بْنَ عَبْدَ الْعَزِيزِ رَوَى عَنْ عمير بن هانيء. قَالَ: كَانَ أَبْغَضَ إِلَى سَعِيدٍ مِنَ النَّارِ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: أَوَ لَيْسَ هُوَ الْقَائِلُ عَلَى الْمِنْبَرِ حِينَ بُويِعَ لِيَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ: سَارِعُوا إِلَى هَذِهِ الْبَيْعَةِ إِنَّمَا هُمَا هِجْرَتَانِ هِجْرَةٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَهِجْرَةٌ إِلَى يَزِيدَ. فَسَمِعْتُ أَبِي مُحَمَّدًا يَقُولُ: رَأَيْتُ ابْنَ مُرَّةَ وَهُوَ عَلَى دَابَّةٍ وَقَدْ سَمَطَ خَلْفَهُ رأسَ عمير بن هانيء وَهُوَ دَاخِلٌ بِهِ إِلَى مَرْوَانَ الْحِمَارِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَيُّ رَأْسٍ يَحْمِلُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: قُتِلَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُتِلَ عُمَيْرُ صَبْرًا بِدَارَيَا أَيَّامَ فِتْنَةِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ لِأَنَّهُ كَانَ يُحَرِّضُ عَلَى قَتْلِهِ فَقَتَلَهُ ابْنُ مُرَّةَ وَسَمَطَ رَأَسَهُ خَلْفَهُ وَدَخَلَ بِهِ دِمَشْقَ إِلَى مروان ابن مُحَمَّدٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وقَالَ أحمد بْن أبي الحواري: إني لأيغضه. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ قَدَرِيًّا. 260- عَوْنُ بْنُ أبي شداد العقيلي2 - ق - ويقال العبدي البصري أبو معمر.

_ 1 ثكل الولد أو الحبيب -ثكلا، وثكلا: فقده، وأكثر ما يقال للمرأة، فهو ثاكل، وثكلان. وهي ثاكلة وثكلي وقالوا: ثكلته أمه: دعاء عليه بالهلاك، أو للتعجب والاستحسان. 2 تهذيب التهذيب "8/ 171"، والجرح والتعديل "6/ 385".

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهَرِمِ بْنِ حِبَّانَ وَمُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ وَهِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ وَخَلَفُ بْنُ خَليِفَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 261- عِيسَى بْنُ أُبَيٍّ الْكُوفِيُّ1 - ت ن -. عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَضَعَّفَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ. "حرف الْغَيْنِ": 262- غَيْلانُ بْنُ أَنَسٍ الْكَلْبِيُّ2 - د ق - مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعِكْرِمَةَ وَعُمَرُ بْنَ عَبْدَ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَعِيسَى بْنُ مُوسَى الْقُرَشِيُّ. 263- غَيْلانُ بْنُ جَرِيرٍ أَبُو يَزِيدَ الْمَعْوَلِيُّ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ3 - ع -. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ وَزِيَادِ بْنِ رياح وَأَبِي بُرْدَةَ وَابْنِ أَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ أَيُّوبُ وَشُعْبَةُ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَأَبُو هِلالٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ. وَكَانَ ثِقَةٌ. قيل: توفي سنة تسع وعشرين ومائة

_ 1 التهذيب "8/ 220"، الميزان "3/ 318". 2 تهذيب التهذيب "8/ 252"، والجرح والتعديل "7/ 54". 3 وهو الإمام أبو يزيد الأزدي المعولي، وهو بصري ثقة، تهذيب التهذيب "8/ 253"، وسير أعلام النبلاء "6/ 67".

"حرف الْفَاءِ": 264- فُرَاتُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ التميمي1 - ع - البصري القزاز. نَزِيلُ الْكُوفَةِ. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْقِبْطِيَّةِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ وَالسُّفْيَانَانِ وَشُعْبَةُ وَشَرِيكٌ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو الأَحْوَصِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 265- فِرَاسُ بن يحيى الهمداني الكوفي2 - ع - أبو يحيى المؤدب. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَشَيْبَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 266- فرقد بن يعقوب السبخي3 - ت ق - أبو يعقوب البصري الحائك. أَحَدُ الْعُبَّادِ الأَعْلامُ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ وَمُرَّةَ الطَّيِّبِ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهَمَّامُ وَصَدَقَةُ بْنُ مُوسَى وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ الدارقطني: ضعيف. قلت: له قصص ومواعظ.

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 258"، والمشاهير "167". 2 تهذيب التهذيب "8/ 259"، وميزان الاعتدال "3/ 343". 3 تهذيب التهذيب "8/ 262"، وميزان الاعتدال "3/ 345".

رَوَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ فَرْقَدٍ قَالَ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ: أُمَّهَاتُ الْخَطَايَا ثَلاثٌ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ: الْكِبْرُ وَالْحَسَدُ وَالْحِرْصُ. وَرَوَى عَنْ رَجُلٍ قَالَ: دُعِيَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيّ إِلَى طَعَامٍ فَنَظَرَ إِلَى فَرْقَدٍ السَّبَخِيُّ وعليه جبة صوف فقال: يا فرقد لو شَهِدْتَ الْمَوْقِفَ لَخَرَقْتَ ثِيَابَكَ مِمَّا تَرَى مِنْ عَفْوِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الزُّهْدِ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا سَيَّارُ ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ فَرْقَدَ السَّبَخِيَّ يَقُولُ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ: "مَنْ أَصْبَحَ حَزِينًا عَلَى الدُّنْيَا أَصْبَحَ سَاخِطًا عَلَى رَبِّهِ، وَمَنْ جَالَسَ غَنِيًّا فَتَضَعْضَعَ لَهُ1 ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ، وَمَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَشَكَاهَا إِلَى النَّاسِ فَكَأَنَّمَا يَشْكُو رَبَّهُ"2. 267- فَضْيلُ بْنُ طَلْحَةَ الأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ3. عَنِ الْحَسَنِ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَأَيُّوبَ أبو العلاء وأبو عوانة. وهو صَالِحُ الْحَدِيثِ. "حرف الْقَافِ": 268- الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أيوب الأصبهاني4 - ن - ثم الواسطي الأعرج. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ حَدِيثَ الْفُتُونِ بِطُولِهِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَأَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ وَهُشَيْمٌ وَأَبُو خَالِدٍ الدَّالانِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ، وَانْفَرَدَ عَنْهُ بَحِدِيثِ الْفُتُونِ أَصْبَغُ، وَفِيهِ لِينٌ.

_ 1 فتضعضع له: يعني أذل نفسه له وخضع له. 2 موضوع: أخرجه الطبراني في الصغير "1/ 257"، وابن الجوزي في الموضوعات "3/ 133"، والسيوطي في الآلئ المصنوعة "2/ 269"، والعقيلي "3/ 127" في الضعفاء، والقيسراني في التذكرة "760"، والشوكاني في الفوائد "238" وغيرهم. 3 التاريخ الكبير "7/ 121"، والجرح والتعديل "7/ 73". 4 التاريخ الكبير "7/ 168"، وتهذيب التهذيب "8/ 309".

269- القاسم بن أبي بزة1 - ع - أبو عبد الله ويقال: أبو عاصم مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ بْن صيفي الْمَخْزُومِيِّ الْمَكِّيِّ. وَكَانَ أَبُو بَزَّةَ مِنْ سَبْيِ هَمْدَانَ فِيمَا قِيلَ. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ وَشُعْبَةُ وَمِسْعَرٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقُوهُ. وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. وَمِنْ وَلَدِهِ الْبَزِّيُّ صَاحِبُ الْقِرَاءَةِ. 270- الْقَاسِمُ بن عباس2 - م د ت ق - بن محمد بن معتب بْنِ أَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو العباس الهاشمي المدني. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عباس ونافع بن جبير. وعنه بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 271- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ الْمِصْرِيُّ3. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. تُوُفِّيَ فِي حُدُودِ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 272- قَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ الرَّحَّالُ4. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَقَعَ لَنَا حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي كِتَابِ "الْبَعْثِ"؛ روى عنه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 167"، وتهذيب التهذيب "8/ 310". 2 التاريخ الكبير "7/ 168"، وميزان الاعتدال "3/ 371". 3 التاريخ الكبير "7/ 160"، والجرح والتعديل "7/ 112". التاريخ لابن معين "434، 3574".

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 273- قَطَنُ بْنُ وَهْبٍ اللَّيْثِيُّ1 - م ن - ويقال: الخزاعي المدني أبو الحسن. عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَيُحَنَّسَ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 274- قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ خلي2 - ت ق - الكلاعي ثم السلفي المصري وقيل: دمشقي. عن حنش الصنعاني وأبي عبد الرحمن الحبلي. وعنه عبد الله بن عياش الْقِتْبَانِيِّ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَخُوهُ عَبْدُ الأَعْلَى وَآخَرُونَ. وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا صَدُوقًا مَا جَرَّحَهُ أَحَدٌ. تُوُفِّي سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 275- قَيْسُ بْنُ سَالِمٍ أَبُو جَزَرَةَ الْمُؤَذِّنُ3. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. كَنَّاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمَ، وَلَهُ حَدِيثٌ يُسْتَنْكَرُ. 276- قَيْسُ بْنُ طَلْقِ4 بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُنْذِرِ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ النُّعْمَانِ السُّحَيْمِيُّ وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ وَعِكْرَمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ الْيَمَامِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ فِي السُّنَنِ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بْنُ حنبل.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 190"، والجرح والتعديل "7/ 138". 2 التاريخ الكبير "7/ 155"، وتهذيب التهذيب "8/ 389". 3 التاريخ الكبير "7/ 154"، وميزان الاعتدال "3/ 397". 4 التاريخ الكبير "7/ 151"، وتهذيب التهذيب "8/ 398".

277- قَيْسُ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ1 - م د ق -. عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمِيِّ وَأَبِي الْوَدَّاكِ جَبْرِ بْنِ نَوْفٍ. وَعَنْه الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. "حرف الْكَافِ": 278- كَثِيرُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو أَمِينٍ الْحِمْيَرِيُّ2. عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ خالد بن معدان - وهو شَيْخُهُ - وَأَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. لَهُ حَدِيثَانِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 279- كَثِيرُ بْنُ خُنَيْسٍ اللَّيْثِيُّ3. عَنْ أَنَسٍ وَعَمْرَةَ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَسْوَدُ بْنُ الْعَلاءِ ومحمد بن عمرو بن علقمة. وثقه ابن مَعِينٍ. 280-كَثِيرُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو سَهْلٍ الأَزْدِيُّ4 - د ت ق - العتكي البصري. نَزِيلُ بَلْخٍ. عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ وَالْحَسَنِ وَمَسَّةَ الأَزْدِيَّةَ. وَعَنْهُ عُمَرُ بْنُ الرَّمَّاحِ وَابْنُ شَوْذَبٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَجَعْفَرُ الأَحْمَرُ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 281- كَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ5 - خ د ن - مدني سكن مصر.

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 405"، والمعرفة والتاريخ "3/ 375". 2 التاريخ الكبير "7/ 214"، وتهذيب التهذيب "8/ 412". 3 التاريخ الكبير "7/ 210"، والجرح والتعديل "7/ 150". 4 التاريخ الكبير "7/ 215"، وتهذيب التهذيب "8/ 413". 5 التاريخ الكبير "7/ 214"، وتهذيب التهذيب "8/ 424".

وَرَوَى عَنْ نَافِعٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُذَافَةَ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِث وَاللَّيْثُ وَمَالِكٌ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَمَاتَ شَابًّا. 282- كَثِيرُ بن كثير بن المطلب1 - خ د ن ق - بن أبي وداعة السهمي المكي أَخُو جَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ. عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ شَاعِرًا قَلِيلَ الْحَدِيثِ. 283- كَثِيرُ بْنُ مَعْدَانَ الْبَصْرِيُّ2. عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمٍ. وَعَنْهُ أَبُو هِلالٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَالْحَمَّادَانِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ لَهُ: كَثِيرُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ, وَكَثِيرُ بْنُ أَبِي أَعْيَنَ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ. 284- كَعْبُ بْنُ علقمة3 - م د ت ن - بْنِ كَعْبِ بْنِ عَدِيٍّ التَّنُوخِيُّ الْمِصْرِيُّ أَبُو عبد الحميد. وَقِيلَ: لِجَدِّهِ كَعْبٍ صُحْبَةٌ، وَرَأَى هُوَ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الزُّبَيْدِيُّ. وَرَوَى عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ وَمَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَحَدَ الثِّقَاتِ الْعُلَمَاءِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 311"، وتهذيب التهذيب "8/ 426". 2 التاريخ الكبير "7/ 211"، الجرح والتعديل "7/ 157". 3 التاريخ الكبير "7/ 225"، وتهذيب التهذيب "8/ 436".

285- كُلْثُومُ بْنُ جَبْرٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ1 - م ن -. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ ابْنُ عَوْنٍ وَابْنُهُ رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ وَالْحَمَّادَانِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 286- كُلْثُومُ بْنُ عِيَاضٍ الْقُشَيْرِيُّ أَحَدُ الأُمَرَاءِ. مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ. 287- كِنَانَةُ مَوْلَى صَفِيَّةَ أُمِّ المؤمنين2. أدرك خلافة عثمان وعمر دهرًا. وحديث عَنْ صَفِيَّةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَخُوهُ حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَسَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ الْجُهَنِيُّ وَهَاشِمُ بْنُ سَعِيدٍ. 288- الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ3، شَاعِرُ زَمَانَهُ؛ يُقَالُ إِنَّ شِعْرَهُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ آلافِ بَيْتٍ. رَوَى عَنِ الْفَرَزْدَقِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَعَنْهُ وَالِبَةُ بْنُ الْحُبَابِ الشَّاعِرُ وَحَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْغَاضِرِيُّ وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ وَآخَرُونَ. وَقَدْ وَفَدَ عَلَى الْخَلِيفَتَيْنِ يَزِيدَ وَهِشَامِ ابْنَيْ عَبْدَ الْمَلِكِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِبَنِي أَسَدٍ مَنْقَبَةً غَيْرَ الْكُمَيْتِ لَكَفَاهُمْ، حَبَّبَهُمْ إِلَى النَّاسِ وَأَبْقَى لَهُمْ ذِكْرًا. وَقَالَ أَبُو عِكْرِمَةَ الضَّبِّيُّ: لَوْلا شِعْرُ الْكُمَيْتِ لَمْ يَكُنْ لِلّغَةِ تُرْجُمَانُ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كُمَيْتُ بْنُ زَيْدِ بْنِ خُنَيْسِ بْنِ الْمُجَالِدِ أَبُو الْمُسْتَهِلِّ الأَسَدِيُّ أَسَدُ خُزَيْمَةَ. رَوَى الْمُبَرِّدُ عَنِ الزِّيَادِيِّ قَالَ: كَانَ عَمُّ الْكُمَيْتِ رَئِيسَ قَوْمِهِ فَقَالَ يَوْمًا: يَا كُمَيْتُ لِمَ لا تَقُولُ الشِّعْرَ؟ ثُمَّ أَخَذَهُ فَأَدْخَلَهُ الْمَاءَ فَقَالَ: لا أُخْرِجُكَ أَوْ تَقُولُ الشعر،

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 227"، وتهذيب التهذيب "8/ 442". 2 تهذيب التهذيب "8/ 449"، والجرح والتعديل "7/ 169". 3 وترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 182"، وميزان الاعتدال "3/ 239".

فَمَرَّتْ بِهِ قُنْبُرَةٌ فَأَنْشَدَ مُتَمَثِّلا: يَا لَكِ مِنْ قُنْبُرَةٍ بِمَعْمَرٍ فَقَالَ عَمُّهُ وَرَحِمَهُ: قَدْ قُلْتَ شِعْرًا، فَقَالَ هُوَ: لا أَخْرُجُ أَوْ أَقُولُ لِنَفْسِي، فَمَا رَامَ حَتَّى قَالَ قَصِيدَتُهُ الْمَشْهُورَة، ثُمَّ غَدَا عَلَى عَمِّهِ فَقَالَ: اجْمَعْ لِيَ الْعَشِيرَةَ لِيَسْمَعُوا، فَجَمَعَهُمْ لَهُ فَأَنْشَدَ: طَرِبْتُ وَمَا شَوْقًا إِلَى الْبِيضِ أَطْرَبُ ... وَلا لَعِبًا مِنِّي وَذُو الشَّيْبِ يَلْعَبُ وَلَمْ تُلْهِنِي دَارٌ وَلا رَسْمُ مَنْزِلٍ ... وَلَمْ يَتَطَرَّبُنِي بَنَانٌ1 مُخَضَّبُ2 وَلا أَنَا مِمَّنْ يَزْجُرُ الطَّيْرُ هَمَّهُ ... أَصَاحَ غُرَابٌ أَمْ تَعَرَّضَ ثَعْلَبُ وَلا السَّانِحَاتُ البَارِحَاتُ عَشِيَّةً ... أَمَرَّ سَلِيمُ الْقَرْنِ أمْ مَرَّ أَعْضَبُ فَقَالَ لَهُ عَمُّهُ: فَأَيُّ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: وَلَكِنْ إِلَى أَهْلِ الْفَضَائِلِ وَالنُّهَى ... وَخَيْرِ بَنِي حَوَّاءَ وَالْخَيْرُ يُطْلَبُ إِلَى النَّفَرِ الْبِيضِ الَّذِينَ بِحُبِّهِمْ ... إِلَى اللَّهِ فِيمَا نَابَنِي أتَقَرَّبُ بَنِي هَاشِمٍ رَهْطِ الرَّسُولِ فَإِنَّنِي ... لَهُمْ وَبِهِمْ أَرْضَى مِرَارًا وَأَغْضَبُ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَكْفَرَتْنِي بِحُبِّهِمْ ... وَطَائِفَةٌ قَالَتْ: مُسِيءٌ وَمُذْنِبُ قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ عَنِ ابْنِ شَبْرُمَةَ: قُلْتُ لِلْكُمَيْتِ: إِنَّكَ قُلْتَ فِي بَنِي هَاشِمٍ فَأَحْسَنْتَ وَقَدْ قُلْتَ فِي بَنِي أُمَّيَةَ أَفْضَلَ مِمَّا قُلْتَ فِي بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: إِنِّي إِذَا قُلْتُ أَحْبَبَتُ أَنْ أُحْسِنَ. وَكَانَ الْكُمَيْتُ شِيعِيًّا. قِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا مَدَحَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: إِنِّي قَدْ مَدَحْتُكَ بِمَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ وَسِيلَةً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَنْشَدَهُ قَصِيدَةً لَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: ثَوَابُكَ نَعْجَزُ عَنْهُ وَلَكِنْ مَا عَجَزْنَا عَنْهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَعْجَزَ عَنْ مُكَافَأَتِكَ، وَقَسَّطَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذِهِ يَا أَبَا الْمُسْتَهِلِّ، فَقَالَ: لَوْ وَصَلْتَنِي بِدَانِقَ لَكَانَ شَرَفًا وَلَكِنْ إنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُحْسِنَ إِلَيَّ فَادْفَعْ لِي بَعْضَ ثيابك التي تلي جسدك

_ 1 البنان: "أطرافل الأصابع، واحدته: بنانة". 2 الخضاب: "ما يخضب به من حناء ونحوه"، ومنه قولك اختضب: أي تلون بالخضاب.

أتبرك بِهَا، فَقَامَ فَنَزَعَ ثِيَابَهُ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ كُلَّهَا ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْكُمَيْتَ جَادَ فِي آلِ رَسُولِكَ وَذُرِّيَةِ نَبِيِّكَ بِنَفْسِهِ حِينَ ضَنَّ النَّاسُ وَأَظْهَرَ مَا كَتَمَهُ غَيْرُهُ مِنَ الْحَقِّ فَأَمِتْهُ شَهِيدًا وَأَحْيهِ سَعِيدًا وَأَرِهِ الْجَزَاءَ عَاجِلا وَأَجْرِ لَهُ جَزِيلَ الْمَثُوبَةِ آجِلا فَإِنَّا قَدْ عَجَزْنَا عَنْ مُكَافَأَتِهِ. قَالَ الْكُمَيْتُ: مَا زِلْتُ أَعْرِفُ بَرَكَةَ دُعَائِهِ1. وَرُوِيَ أَنَّ الْكُمَيْتَ أَتَى بَابَ مَخْلَدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ فَصَادَفَ عَلَى بَابِهِ أَرْبَعِينَ شَاعِرًا فَاسْتَأْذَنَ فَقَالَ لَهُ الأَمِيرُ: كَمْ رَأَيْتَ عَلَى الْبَابِ شَاعِرًا؟ قَالَ: أَرْبَعِينَ. قَالَ: فَأَنْتَ جَالِبُ التَّمْرِ إِلَى هَجْرٍ، قَالَ: إِنَّهُمْ جَلَبُوا دَقَلا2 وَجَلَبْتَ أَزَاذًا3. قَالَ: فَهَاتِ، فَأَنْشَدَهُ: هَلا سَأَلْتَ مَنَازِلا بِالأَبْرَقِ ... دُرِسَتْ وَكَيْفَ سُؤَالُ مَنْ لَمْ يَنْطِقْ؟ لَعِبَتْ بِهَا رَيْحانُ رَيحِ عُجَاجَةٍ ... بِالسَّافِيَاتِ مِنَ التُّرَابِ الْمُعَبَّقْ وَالْهَيَفُ رَائِحَةٌ لَهَا بِنَتَاجِهَا ... طِفْلُ الْعَشِيِّ بِذِي حناتم سُرِقْ "الْهَيَفُ رِيحٌ حَارَّةٌ. وَالْحَنَاتِمُ: جَرَّارٌ، شَبَّهَ الْغَنَمَ بِهَا". غَيَّرْنَ عَهْدَكَ بِالدِّيَارِ وَمَنْ يَكُنْ ... رَهْنَ الْحَوَادِثِ مِنْ جَدِيدٍ يُخْلَقِ دَارُ الَّتِي تَرَكَتْكَ غَيْرُ مَلُومَةٍ ... دَنِفًا فَأَرْعِ بِهَا عَلَيْكَ وَأَشْفِقِ قَدْ كُنْتَ قَبْلُ تَنُوءُ مِنْ هُجْرَانِهَا ... فَالْيَوْمَ إِذْ شَطَّ الْمَزَارُ بِهَا ثِقِ وَالْحُبُّ فِيهِ حَلاوَةٌ وَمَرَارَةٌ ... سِائِلْ بِذَلِكَ مَنْ تَطَعَّمَ أَوْ ذُقِ مَا ذَاقَ بُؤْسَ مَعِيشَةٍ وَنَعِيمَهَا ... فِيمَا مَضَى أَحَدٌ إِذَا لَمْ يَعْشَقِ فَلَمَّا بَلَغَ: بَشَّرْتُ نَفْسِي إِذْ رَأَيْتُكَ بِالْغِنَى ... وَوَثِقْتُ حِينَ سَمِعْتُ قَوْلَكَ لِي ثِقِ فَأَمَرَ بِالْخُلَعِ فأفيضت عليه حتى استغاث من كثرتها.

_ 1 راجع: سير أعلام النبلاء "6/ 183". 2 الدقل: أردأ التمر. 3 الأزاذ: وهو نوع من أنواع التمر.

وَقَدْ أَجَازَ الْكُمَيْتُ أَمِيرَ خُرَاسَانَ أَبَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ عَلَى أَبْيَاتٍ بِخَمْسِينَ أَلْفًا. وَعَنْ أَبِي عِكْرِمَةَ الضَّبِّيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: مَا جَمَعَ أَحَدٌ مِنْ عِلْمِ الْعَرَبِ وَمَنَاقِبِهَا وَمَعْرِفَةِ أَنْسَابِهَا مَا جَمَعَ الْكُمَيْتُ، فَمَنْ صَحَّحَ الْكُمَيْتُ نَسَبَهُ صَحَّ وَمَنْ طَعَنَ فِيهِ وَهَنَ1. قَالَ الْمُبَرِّدُ: وَقَفَ الْكُمَيْتُ وَهُوَ صَبِيٌّ عَلَى الْفَرَزْدَقِ وَهُوَ يُنْشِدُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: يَا غُلامُ أَيَسُرُّكَ أَنِّي أَبُوكَ؟ قَالَ: أَمَّا أَبِي فَلا أُرِيدُ بِهِ بَدَلا وَلَكِنْ يَسُرُّنِي أَنْ تَكُونَ أُمِّي، فَحُصِرَ الْفَرَزْدَقُ وَقَالَ: مَا مَرَّ بِي مِثْلَهَا. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْحَافِظُ: وَبَلَغَنِي أَنَّ الْكُمَيْتَ وُلِدَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْمِيمِ": 289- مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ2 -4- الزَّاهِدُ أَبُو يَحْيَى الْبَصْرِيُّ أَحَدُ الأَعْلامِ. يُقَالُ إِنَّ أَبَاهُ مِنْ سَبْيِ سِجِسْتَانَ. وَوَلاؤُهُ لامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي نَاجِيَةَ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَعَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَابْنُ شَوْذَبٍ وَهَمَّامٌ وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ وَعَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ وَالْحَارِثُ بْنُ وَجِيهٍ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيُّ: لَهُ نَحْوَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. فَنَاهِيكَ بِتَوْثِيقِ النَّسَائِيِّ، وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَعَنْ سَلْمِ الْخَوَّاصِ قَالَ: قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: خَرَجَ أَهْلُ الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ

_ 1 وهن: يعني ضعف في الأمر والعمل والبدن. 2 التاريخ الكبير "7/ 309"، والصغير "1/ 316".

يَذُوقُوا أَطْيَبَ شَيْءٍ فِيهَا، قِيلَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى1. وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ سليمان عنه قال: إن الصديقين إذا قريء عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ طَرِبَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَى الآخِرَةِ ثُمَّ يَقُولُ: خُذُوا فَيَقْرَأُ وَيَقُولُ: اسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ الصَّادِقِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ2. وَرَوَى جَعْفَرٌ عَنْهُ قَالَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَلِب حُزْنٌ خَرِبَ كَمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ سَاكِنٌ خَرِبَ3. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مَالِكٌ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ كَانَ يَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنَا وَثَابِتٌ وَيَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ وَزِيَادُ النُّمَيْرِيُّ فَنَظَرَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا أَشْبَهُكُمْ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- وإني لأدعو لكم بالأسحار4. قال الدارقطني: مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ ثِقَةٌ وَلا يَكَادُ يُحَدِّثُ عَنْهُ ثِقَةٌ. قُلْتُ: أَكْثَرُ مَنْ يَرْوِي عَنْهُ ثِقَاتٌ فِيمَا عَلِمْتُ لَكِنِ الْحَارِثَ بْنَ وَجِيهٍ وَنَابِتَةَ ضُعَّفَا. قَالَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّهُ لَتَأْتِي عَلَيَّ السَّنَةُ لا آكُلُ فِيهَا لَحْمًا إِلا مِنْ أُضْحِيَتِي يَوْمَ الأَضْحَى5. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: مَا أَدْرَكْتُ أَزْهَدَ مِنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: وَدَدْتُ أَنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ الْخَلائِقَ فَيَقُولُ: يَا مَالِكٌ فَأَقُولُ: لَبَّيْكَ، فَيَأْذَنَ لِي أَنْ أَسْجُدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَعْرِفُ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنِّي فَيَقُولُ: كُنْ تُرَابًا. وَقَالَ رَبَاحُ بْنُ عَمْرٍو الْقَيْسِيُّ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: دَخَلَ عَلَيَّ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَا أَكْتُبُ فَقَالَ: يَا مالك مالك عَمَلٌ إِلا هَذَا تَنْقُلُ كِتَابَ اللَّهِ، هَذَا والله الكسب الحلال.

_ 1 أورده الذهبي في السير "6/ 163". 2 المصدر السابق. 3 المصدر السابق. 4 المصدر السابق. 5 سير أعلام النبلاء "6/ 163".

وَعَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ أُدْمُ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ بِفِلْسَيْنِ مِلْحًا. وَقَالَ جَعْفَرٌ: كَانَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَلْبَسُ إِزَارَ صُوفٍ وَعَبَاءَةً خَفِيفَةً وَفِي الشِّتَاءِ فَرْوَةً وَكَانَ يَنْسَخُ الْمُصْحَفِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَيَدَعُ أُجْرَتَهُ عِنْدَ الْبَقَّالِ فَيَأْكُلُهُ1. وَعَنْهُ قَالَ: لَوِ اسْتَطَعْتُ لَمْ أَنَمْ مَخَافَةَ أَنْ يَنْزِلَ الْعَذَابُ وَأَنَا نَائِمٌ وَلَوْ وَجَدْتُ أَعْوَانًا لَفَرَّقْتُهُمْ يُنَادُونَ فِي الدُّنْيَا: يَأَيُّهَا النَّاسُ النَّارَ النَّارَ. وَقَالَ مُعَلَّى الْوَرَّاقُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: خَلَطْتُ دَقِيقِي بِالرَّمَادِ فَضَعُفْتُ عَنِ الصَّلاةِ وَلَوْ قَوِيتُ عَلَى الصلاة ما أكلت غيره. "قلت": مُعَلَّى الْوَرَّاقُ لا أَعْرِفُهُ. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: وَدَدْتُ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ رِزْقِي فِي حَصَاةٍ أَمُصَّهَا لا أَلْتَمِسُ غَيْرَهَا حَتَّى أَمُوتَ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: مُنْذُ عَرَفْتُ النَّاسَ لَمْ أَفْرَحْ2 بِمَدْحِهِمْ وَلَمْ أَكْرَهْ مَذَمَّتَهُمْ لِأَنَّ حَامِدَهُمْ مُفْرِطٌ وَذَامَّهُمْ مُفْرِطٌ. وَرُوِيَ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ مُغَلِّسٍ السَّقَطِيِّ أَنَّ لِصًّا دَخَلَ بَيْتَ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ فَمَا وَجَدَ شَيْئًا فَجَاءَ لِيَخْرُجَ فَنَادَاهُ مَالِكٌ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ، قَالَ: مَا حَصَلَ لَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا فَتَرْغَبُ فِي شَيْءٍ مِنَ الآخِرَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: تَوَضَّأْ مِنْ هَذَا الْمِرْكَنِ3 وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَفَعَلَ ثُمَّ قَالَ: يَا سَيِّدِي أَجْلِسُ إِلَى الصُّبْحِ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ مَالِكٌ إِلَى الْمَسْجِدِ قَالَ أَصْحَابَهُ: مَن هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: جَاءَ يَسْرِقُنَا فَسَرَقْنَاهُ. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَقُولُ: إِذَا تَعَلَّمَ الْعَبْدُ الْعِلْمَ لِيَعْمَلَ بِهِ كَسَرَهُ عِلْمُهُ وَإِذَا تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لغير العمل زَادَهُ فَخْرًا. وَرَوَى الأَصْمِعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَّ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ عَلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ وَهُوَ يَتَبَخْتَرُ4 فِي مَشْيَتِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ هَذِهِ الْمِشْيَةَ تُكْرَهُ إلا بين الصفين5؟

_ 1 المصدر السابق "6/ 164". 2 ذكره أبو نعيم في حلية الأولياء "2/ 370". 3 المركن: هو الإجانة التي تغسل فيها الأثواب. 4 يتبختر في مشيته: يعني يتمايل، وهي مشية المعجب بنفسه. 5 يعني: المشي بتكبر مباح أمام أهل الكفر ليلقى الرعب في قلوب الذين كفروا خاصة بين=

فَقَالَ لَهُ الْمُهَلَّبُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: أَعْرِفُكَ أَوَّلُكَ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ وَآخِرُكَ جِيفَةٌ قَذِرَةٌ وَأَنْتَ بَيْنَهُمَا تَحْمِلُ الْعُذْرَةَ، فَقَالَ الْمُهَلَّبُ: الآنَ عَرَفْتَنِي حَقَّ الْمَعْرِفَةِ. قَالَ هُدْبَةُ: ثنا حَزْمُ الْقُطَعِيُّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ الْبَقَاءَ لِبَطْنٍ وَلا لِفَرْجٍ. قَالَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ1 وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 290- مَجْزَأَةُ بْنُ زَاهِرٍ الأَسْلَمِيُّ الْكُوفِيُّ2 - خ م ن -. عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَهْبَانَ بْنِ أَوْسٍ وَنَاجِيَةَ الأَسْلَمِيِّينِ وَلَهُمْ صُحْبَةٌ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 291- مُجَمِّعُ التَّيْمِيُّ3. أَحَدُ الْعَابِدِينَ. وَهُوَ ابْنُ سَمْعَانَ أَبُو حَمْزَةَ الْكُوفِيُّ الْحَائِكُ قَلَّمَا رَوَى. حَكَى عَنْ ماهان الزاهد. روى عنه أبو حيان التَّيْمِيِّ وَأَبُو التَّيَّاحِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ مَرَّةً فَقَالَ: وَمَنْ كَانَ أَوْرَعَ مِنْ مُجَمِّعٍ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِي أَرْجُو أَنْ لا يَشُوبَهُ شَيْءٌ مِثْلَ حُبِّي مُجَمِّعًا التَّيْمِيَّ. وَقَالَ ابن معين: مجمع ثقة.

_ الصفين، يعني ساعة الحرب. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 123] . 1 يعني في تاريخه "395". 2 تهذيب التهذيب "10/ 45"، وطبقات ابن سعد "4/ 319". 3 التاريخ الكبير "7/ 409"، والمعرفة والتاريخ "2/ 682".

وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَعَا مُجَمِّعٌ اللَّهَ أَنْ يُمِيتَهُ قَبْلَ الْفِتْنَةِ فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ؛ وَخَرَجَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ مِنَ الْغَدِ. قُلْتُ: قَدْ مَرَّ أَنَّ زَيْدًا خَرَجَ فِي سَنَةِ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 292- مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْقُرَشِيُّ1 -ع- مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيِّ الْمَدَنِيِّ نَزِيلِ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ حَدِيثًا. روى عنه يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَمَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَالرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٌ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. مَاتَ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ. 293- مُحَمَّدَ بْنُ زيد الكندي البصري2 -ق- قَاضِي مَرْوَ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي شُرَيْحٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ. 294- مُحَمَّدُ بْنُ شَبِيبٍ الزَّهْرَانِيُّ3 -م ن -. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 295- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ التميمي4 -ع- الضبي البصري. سَيُّدُ بَنِي تَمِيمٍ وَشَرِيفُهُمْ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَالْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ وعبد الرحمن بن أبي بكرة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 82"، وتهذيب التهذيب "9/ 169". 2 التاريخ الكبير "1/ 84"، وتقريب التهذيب "2/ 172". 3 التاريخ الكبير "1/ 114"، وتهذيب التهذيب "9/ 218". 4 التاريخ الكبير "1/ 127"، والتقريب "2/ 190".

وعنه شعبة ومهدي بن ميمن وجري بْنُ حَازِمٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 296- مُحَمَّدُ بن عبد الرحمن الأنصاري المدني1 -خ م ن ق- أبو الرجال أَحَدُ الثِّقَاتِ. عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنَاهُ مُحَمَّدٌ وَحَارِثَةُ ابْنَا أَبِي الرِّجَالِ. 297- محمد بن عبد الرحمن بن محيصن2 -م ت ن- السهمي المكي المقريء. قاريء أَهْلِ مَكَّةَ مَعَ ابْنِ كَثِيرٍ وَلَكِنْ قِرَاءَتَهُ شَاذَّةٌ فِيهَا مَا يُنْكَرُ وَسَنَدُهُ غَرِيبٌ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ عَلَى عِدَّةِ أَقْوَالٍ فَقِيلَ: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, وَقِيلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَيْصِنٍ. قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَدِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ وَصَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَشِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ الْمَخْزُومِيُّ وَهُشَيْمٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ وَشِبْلٌ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ: ابْنُ مُحَيْصِنٍ هَذَا -يَعْنِي عُمَرَ- هُوَ الَّذِي كَانَ قَارِئًا هُنَا بِمَكَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ, قُلْتُ: سَمَّاهُ ابْنُ عَدِيٍّ عُمَرَ فَقَالَ: هَذَا الصَّوَابُ، وَمُحَمَّدٌ أَسَنُّ مِنْ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: كَانَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ عَالِمًا بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَهُ اخْتِيَارٌ لَمْ يتبع فيه أصحابه.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 150"، وتقريب التهذيب "2/ 183". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 81"، وغاية النهاية "2/ 167" وغيرها.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَانَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ أَعْلَمَهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ, وَيُقَالُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَيُقَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثنا مُصْعَبٌ الزُّبَيْدِيُّ قَالَ: هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَيْصِنٍ؛ وَسَمَّاهُ عِيسَى بْنُ مُرَّةَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَذَلِكَ سَمَّاهُ شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ. وَقَدْ سَمَّاهُ الْحَاكِمُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو أَحْمَدَ السَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَيْصِنٍ. وَسَمَّاهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ: عُمَرَ بْنَ مُحَيْصِنٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 298- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَبْد الرحمن بن سعد بن زرارة1 -ع- الأنصاري المدني. وَقِيلَ: أَسْعَدُ بَدَلُ سَعْدٍ؛ فَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ جَدُّهُ لأُمِّهِ. رَوَى عَنْ عَمَّتِه عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَنْ خَالِهِ يَحْيَى بْنِ أَسْعَدَ وَابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَالأَعْرَجِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ يحيى بن أبي كثير ويحيى بن سعيد الأَنْصَارِيُّ وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ الْمَدِينَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ. وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 299- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو جَابِرٍ الْبَيَاضِيُّ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ2. أَحَدُ الضُّعَفَاءِ. عَنْ سعيد بن المسيب وصالح مولى التوءمة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 148"، وتهذيب التهذيب "9/ 298". 2 التاريخ الكبير "1/ 163"، وميزان الاعتدال "3/ 627".

وَعَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: بَيَّضَ اللَّهُ عَيْنَيْ مَنْ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي جَابِرٍ الْبَيَاضِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بِثَقَةٍ. وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 300- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عِيسَى الْمُؤَذِّنُ1. شَيْخٌ مِصْرِيٌّ. رَوَى عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ التُّجِيبِيِّ وَالضَّحَّاكِ بْنِ شُرَحْبِيلٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ. 301- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عباس2 -م4- بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيِّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. وَالِدُ السَّفَّاحِ وَالْمَنْصُورِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَرْسَلَ عَنْ جَدِّهِ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَآخَرُونَ. وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ فِي الْمَوْلِدِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَكَانَ أَبُوه يَخْضِبُ فَيَظُنُّ مَنْ لا يَدْرِي أَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ الأَبُّ. عَاشَ مُحَمَّدٌ سِتِّينَ سَنَةً. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةَ قد أوصى إلى محمد ودفع إِلَيْهِ كُتُبُهُ وَأَلْقَى إِلَيْهِ إِنَّ هَذَا الأَمْرَ فِي وَلَدِكَ. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ وَسَمِعَ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ جَمِيلا وَسِيمًا نَبِيلا كَأَبِيهِ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ دَعْوَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَى مُحَمَّدٍ وَلَقَّبُوهُ بِالإِمَامِ وَكَاتَبُوهُ سِرًّا بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ يَقْوَى وَيَتَزَايَدُ فَعَاجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ3 حِينَ انْتَشَرَتْ دَعْوَتُهُ بِخُرَاسَانَ فَأَوْصَى بِالأَمْرِ إِلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ بَعْدَ أَبِيهِ فَعَهِدَ إِلَى أَخِيهِ أَبِي العباس السفاح.

_ 1 راجع الجرح والتعديل "7/ 325". 2 المشاهير "128"، والوافي بالوفيات "1584". 3 المنية: الموت "ج" منايا.

قَالَ مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَبْلَةَ يَقُولُ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى أمير المؤمنين عمر بن الْعَزِيزِ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ عُمَرُ: لَوْ كَانَ إِلَيَّ مِنَ الْخِلافَةِ شَيْءٌ لَقَمَصْتُهَا هَذَا الْخَارِجُ. أخبرنا أحمد بن إسحاق أنا ابْنَ صَرْمَا وَابْنَ عَبْدِ السَّلامِ قَالا: أَنَا الأَرْمَوِيُّ أَنَا ابْنُ النَّقُورِ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ السُّكَّرِيُّ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْدُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ وَأَحِبُّونِي لِحُبِّهِ وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي"1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ فَوَقَعَ بَدَلا بِعُلُوِّ دَرَجَتَيْنِ، تَفَرَّدَ بِهِ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ قَاضِي صَنْعَاءَ، وَالنَّوْفَلِيُّ لا يُعْرَفُ، وَلَعَلَّ ابْنَ مَعِينٍ تَفَرَّدَ بِهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أُمُّهُ هِيَ الْعَالِيَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَأُمُّهَا عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَدَّانِ. وَيُقَالُ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وستين. قال يعقوب بن شيبة: بلغني عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَمَدَّهُمْ قَامَةً وَكَانَ رَأْسُهُ مَعَ مَنْكِبِ أَبِيهِ وَكَانَ رَأْسُ أَبِيهِ مَعَ مَنْكِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ رَأْسُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ مَنْكِبِ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-. وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ عَنْ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ وَذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ فَذَكَر مِنْ فَضْلِهِ حَتَّى قَدَّمَهُ عَلَى أَبِيهِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو هَاشِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةَ قَبِيحُ الْخُلُقِ وَالْهَيْئَةِ قَبِيحُ الدَّابَّةِ وَكَانَ لا يُذْكَرُ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله ابن عَبَّاسٍ فِي مَوْضِعٍ إِلا عَابَهُ فَبَعَثَ أَبِي وَلَدَهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ إِلَى بَابِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَى أَبَا هَاشِمٍ فَكَتَبَ عَنْهُ الْعِلْمَ. وَكَانَ إِذَا قَامَ أَبُو هَاشِمٍ يَأْخُذُ لَهُ بِرِكَابِهِ فَكَفَّ عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ أَبِي يُلَطِّفُ ابْنَهُ مُحَمَّدًا بِالشَّيْءِ يَبْعَثُ بِهِ إليه فيبعث به محمد إلى أبي

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي في السنن "3798"، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "8/ 376"، وفي سنده انقطاع حيث إن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عباس لم يسمع من جده، وفي السند عبد الله بن سليمان النوفلي مقبول يعني حين يتابع، وقال المصنف ليس بمعروف، وانظر تاريخ الفسوي "1/ 497".

هَاشِمٍ. وَكَانَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يَخْتَلِفُونَ إِلَى أَبِي هَاشِمٍ فَمَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فيه فقالوا: من تأمرنا أن تأتي بَعْدَكَ - فَقَالَ: هَذَا - وَهُوَ عِنْدَهُ - قَالُوا: وَمَنْ هَذَا؟ وَمَا لَنَا وَلَهُ قَالَ: لا أَعْلَمُ أحدا أعلم منه ولا خيرا منه فاختلفوا إِلَيْهِ، قَالَ عِيسَى: فَذَاكَ كَانَ سَبَبُنَا بِخُرَاسَانَ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ: كَانَ ابْتِدَاءُ دُعَاةِ بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَى مُحَمَّدٍ وَطَاعَتِهِمْ لِأَمْرِهِ وَذَلِكَ زَمَنَ الْوَلِيدِ, فَلَمْ يَزَلِ الأَمْرُ يَنْمَى وَيَقْوَى وَيَتَزَايَدُ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَقَدِ انْتَشَرَتْ دَعْوَتُهُ وَكَثُرَتْ شِيعَتُهُ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: تُوُفِّيَ سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بَعْدَ وَالِدِه بِسَبْعِ سِنِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ. 302- محمد بن عمار بن سعد القرظ -ت- المدني المؤذن. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَدِيثِ "ضِرْسُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ" 1. وَعَنْهُ سِبْطُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ حَفْصٍ. 303- مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيُّ الْمُرْهِبِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ ثِقَةً. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ مرجيء. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 304- مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ الْقَاصُّ3 -م ت ن ق- كَانَ يَقُصُّ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي صَرْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَرْسَلَ عَنْ أبي هريرة وغيره.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2851". 2 التاريخ الكبير "1/ 209"، وتهذيب التهذيب "9/ 413". 3 التاريخ الكبير "1/ 212"، وتهذيب التهذيب "9/ 414".

وَعَنْهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو مَعْشَرٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَاللَّيْثُ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. فَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَاصِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي صَرْمَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ: لَقَدْ كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَوْ أَنَّكُمْ لا تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا يُذْنِبُونَ لِيَغْفِرَ لَهُمْ" 1. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَة وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ مَوْلَى يَعْقُوبَ الْمَدَنِيِّ قَاصِّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الزَّيَّاتُ مَدَنِيٌّ أَيْضًا. قُلْتُ: هَذَا مُعَاصِرٌ لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. قَالَ: وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ مَوْلَى سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ عَنْ سَهْلٍ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ بِالْمَدِينَةِ فِي فِتْنَةِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَكانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَالِمًا. قُلْتُ: أَحْسَبُهُ يُقَالُ لَهُ قَاصُّ عُمَرَ وَقَاضِي عُمَرَ فَيُحَرَّرُ هَذَا. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنِّي نَظَرْتُ فِي أَمْرِي وَأَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا خَيْرًا مِنَ الْمَوْتِ، ثُمَّ قَالَ لِقَاصِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ: ادْعُ لِي بِالْمَوْتِ، قَالَ: فَدَعَا وهو يؤمن ويبكي. 305- الزهري2 ع - مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ وَحَافِظُ زَمَانَهُ. وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَطَلَبَ الْعِلْمَ فِي أَوَاخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. فَرَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثَيْنِ فِيمَا بَلَغَنَا وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ وَسُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَرَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَكَثِيرِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وعلقمة ابن وقاص والسائب

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2748"، والترمذي "3539"، وأحمد في مسنده "5/ 414". 2 التاريخ الكبير "1/ 220"، والصغير "93، 104".

ابن يَزِيدَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَعُرْوَةَ وَسَالِمٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَمَعْمَرٌ وَعُقَيْلٌ وَيُونُسُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَفُلَيْحُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَبَكْرُ بْنُ وَائِلٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَهُشَيْمٌ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَلائِقُ. وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الْكِبَارِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدِيثُهُ أَلْفَانِ وَمِائَتَا حَدِيثٍ النِّصْفُ مِنْهَا مُسْنَدٌ. وقال ابن المديني: نَحْوَ أَلْفَيْ حَدِيثٍ. قَالَ مَكْحُولٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهَذَا لَفْظٌ: لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قُلْتُ لِعُمَرَ: أَسَمِعَ الزُّهْرِيُّ مِنِ ابْنِ عُمَرَ؟ قَالَ: سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ أُعَيْمَشَ أَحْمَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَفِي حُمْرَتِهَا انْكِفَاءٌ كَانَ يَجْعَلُ فِيهِ كَتَمًا1. وَرَوَى مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: جَالَسْتُ سعيد بن المسيب ثمان سنين. وروى ابن أبي الزناد عن أبيه قَالَ: كُنَّا نَطُوفُ مَعَ الزُّهْرِيِّ وَمَعَهُ الأَلْوَاحُ وَالصُّحُفُ وَيَكْتُبُ كُلَّ مَا سَمِعَ. قُلْتُ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ حَافِظًا لا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَكْتُبَ فَلَعَلَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَيَحْفَظُ ثُمَّ يَمْحُوهُ. وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عَالِمًا قَطُّ أَجْمَعَ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ يُحَدِّثُ فِي التَّرْغِيبِ فَتَقُولُ: لا يُحْسِنُ إِلا هَذَا وَإِنْ حَدَّثَ عَنِ الْعَرَبِ وَالأَنْسَابِ قُلْتَ: لا يُحْسِنُ إِلا هَذَا وَإِنْ حَدَّثَ عَنِ القرآن والسنة كان حديثه.

_ 1 كان يجعل فيه كتما: هو نوع من النبات يخضب به الشعر.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَشْكَابٍ: كَانَ الزُّهْرِيُّ جُنْدِيًّا. وَقَالَ إِسْحَاقُ الْمُسَيِّبِيُّ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّهُ عَرَضَ الْقُرْآنَ عَلَى الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ: ذَكَرَ ابْنَ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ إِلَى أَنْ قَالَ: أَعْلَمُهُمْ عِنْدِي الزُّهْرِيُّ فَإِنَّهُ جَمَعَ عِلْمَهُمْ إِلَى عِلْمِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: مَا صَبَرَ أَحَدٌ عَلَى الْعِلْمِ صَبْرِي وَلا نَشَرَهُ أَحَدٌ نَشْرِي. قَالَ اللَّيْثُ: وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ مِنْ أَسْخَى مَنْ رَأَيْتُ كَانَ يُعْطِي كُلَّ مَنْ جَاءَ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ شَيْءٌ اقْتَرَضَ، وَكَانَ يَسْمُرُ عَلى الْعَسَلِ كَمَا يَسْمُرُ أَهْلُ الشَّرَابِ عَلَى شَرَابِهِمْ وَيَقُولُ: اسْقُونَا وَحَدِّثُونَا، وَكَانَتْ لَهُ قُبَّةٌ مُعَصْفَرَةٌ1 وَعَلَيْهِ مَلْحَفَةٌ مُعْصَفَرَةٌ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ هَزَّانَ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: لا يُرْضِي النَّاسَ قولُ عَالِمٍ إِلا بِعَمَلٍ وَلا عَمَلٌ إِلا بِعَلْمٍ. قَاسِمٌ هَذَا صدوق. وعن ابن ذِئْبٍ قَالَ: ضَاقَ حَالُ الزُّهْرِيِّ فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَجَالَسَ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ فَأَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَلَقَةِ: مَن مِنْكُم يَحْفَظُ قَضَاءَ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ؟ قُلْتُ: أَنَا، فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَن أَنْتَ؟ فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ أَبُوكَ لَنَعَّارًا2 فِي الْفِتَنِ اجْلِسْ، فسأله مسائل وَقَضَى دَيْنَهُ. وَقَالَ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ إِنَّ عَمَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانِينَ لَيْلَةً. وَرَوَى الزُّبَيْرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَسْتَقِي الْمَاءَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَيَقُولُ لِجَارِيَتِهِ: مَنْ بِالْبَابِ؟ فَتَقُولُ: غُلامُكَ الأَعْمَشُ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا اسْتَفْهَمْتُ عَالِمًا قَطُّ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: قَالَ مَالِكٌ: ثنا الزُّهْرِيُّ بِحَدِيثٍ طَوِيلٍ فَلَمْ أَحْفَظْهُ, فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ حَدَّثْتُكُمْ؟ قُلْتُ: بَلَى ثُمَّ قُلْتُ: أَمَا كُنْتَ تَكْتُبْ؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: وَلا تَسْتَعِيدُ؟ قَالَ: لا. وَرَوَى وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أحدًا أعلم من الزهري.

_ 1 يعني مصبوغة بالعصفر. 2 إن كان أبوك لنعارا: يعني صياحا.

وَقَالَ مَعْنُ الْقَزَّازُ: ثنا الْمُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ بَيْنَ عَيْنَيِ الزُّهْرِيِّ أَثَرَ السُّجُودِ. وَرَوَى اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبِي عِلْمًا فَنَسِيتُهُ. قَالَ اللَّيْثُ: فَكَانَ يُكْثِرُ شُرْبَ الْعَسَلِ وَلا يَأْكُلُ شَيْئًا مِنَ التُّفَّاحِ. وَقَالَ مَالِكٌ: بَقِيَ ابْنُ شِهَابٍ وَمَالَهُ فِي الدُّنْيَا نَظِيرٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: جَالَسْنَا الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ فَمَا رَأَيْنَا مِثْلَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: مَا رَأَيْتُ الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ عِنْدَ أَحَدٍ أَهْوَنَ مِنْهُ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ كَأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْبَعْرِ1. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَدَّى هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَبْعَةَ آلافِ دِينَارٍ وَكَانَ يُؤَدِّبُ وَلَدَهُ وَيُجَالِسَهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: نَشَأْتُ وَأَنَا غُلامٌ لا مَالَ لِي مُنْقَطِعٌ مِنَ الدِّيوَانِ، وَكُنْتُ أَتَعَلَّمُ نَسَبَ قَوْمِي مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعَدَوِيِّ، وَكَانَ عَالِمًا بِنَسَبِ قَوْمِي، وَكَانَ ابْنَ أُخْتِهِمْ وَحَلِيفَهُمْ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الطَّلاقِ، فَأَشَارَ لَهُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَلا أَرَانِي مَعَ هَذَا الرَّجُلِ الْمُسِنُّ يَعْقِلُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسَحَ رَأْسَهُ وَلا يَدْرِي مَا هَذَا، فَانْطَلَقْتُ مَعَ السَّائِلِ إِلَى سَعِيدٍ وَتَرَكْتُ ابْنَ ثَعْلَبَةَ، وَجَالَسْتُ عُرْوَةَ وَعُبَيْدَ اللَّهِ وَأَبَا بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ حَتَّى فَقِهْتُ فَرَحَلْتُ إِلَى الشَّامِ فَدَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فِي السَّحَرِ فَأَمَمْتُ حَلْقَةً وِجَاهَ الْمَقْصُورَةِ عَظِيمَةً، فَجَلَسْتُ فِيهَا، فَنَسَبَنِي الْقَوْمُ فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالُوا: هَلْ لَكَ عِلْمٌ بِالْحُكْمِ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ؟ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِ عُمَرَ، فَقَالَ لِي الْقَوْمُ: هَذَا مَجْلِسُ قَبِيصَةَ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَهُوَ جَائِيكَ، وَقَدْ سَأَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَأَلْنَاهُ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ عِلْمًا، وَجَاءَ قَبِيصَةُ وَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَنَسَبَنِي، فَانْتَسَبْتُ، وَسَأَلَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَنُظَرَائِهِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَال: أَنَا أُدْخِلُكَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَتَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، وَجَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ سَاعَةً حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ خَرَجَ الإِذْنُ فَقَالَ: أَيْنَ هَذَا الْمَدَنِيُّ الْقُرَشِيُّ؟ قُلْتُ: هَأَنَذَا، فَدَخَلْتُ مَعَهُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَجِدُ بين يديه المصحف قد أطبقه وأمر

_ 1 البعر: رجيع ذوات الخف وذوات الظلف.

بِهِ فَرُفِعَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُ قَبِيصَةَ، فَسَلَّمْتُ بِالْخِلافَةِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابن شِهَابٍ، فَقَالَ: أَوَّهَ قَوْمٍ نَعَّارُونَ1 فِي الْفِتَنِ، قَالَ: وَكَانَ أَبِي مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ قَالَ: مَا عِنْدَكَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ؟ فَأَخْبَرْتُهُ وَقُلْتُ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، فَقَالَ: كَيْفَ سَعِيدٌ وَكَيْفَ حَالُهُ؟ قَالَ: وَالْتَفَتَّ إِلَى قَبِيصَةَ فَقَالَ: هَذَا يُكْتَبُ بِهِ إِلَى الآفَاقِ، فَقُلْتُ: لا أَجِدْهُ أَخْلَى مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ وَلَعَلِّي لا أَدْخُلُ عَلَيْهِ بَعْدَهَا فَقُلْتُ: إِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَصِلَ رَحِمِي وَأَنْ يَفْرِضَ لِي فَإِنِّي رَجُلٌ مُنْقَطِعٌ لا دِيوَانَ لِي، قَالَ: إِيهَا الآنَ امْضِ لِشَأْنِكَ، فَخَرَجْتُ مُوئِسًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَرَجْتُ لَهُ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ وَاللَّهِ مُقِلٌّ مُرْمَلٌ، فَجَلَسْتُ حَتَّى خَرَجَ قَبِيصَةُ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ لا يُمَالِي فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِي، أَلا اسْتَشَرْتَنِي - قُلْتُ: ظَنَنْتُ أَنِّي لا أَعُودُ إِلَيْهِ، قَالَ: ائْتِنِي فِي الْمَنْزِلِ، فَمَشَيْتُ خَلْفَ دَابَّتِهِ وَالنَّاسُ يُكَلِّمُونَهُ حَتّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَقَلَّمَا لَبِثَ حَتَّى خَرَجَ خَادِمٌ بِرُقْعَةٍ فِيهَا: هذه مِائَةُ دِينَارٍ قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِهَا وَبَغْلَةٌ تَرْكَبُهَا وَغُلامٌ وَعَشْرَةُ أَثْوَابٍ، فَقُلْتُ لِلرَّسُولِ: مِمَّنْ أَطْلُبُ هَذَا؟ قَالَ: أَلا تَرَى الرُّقْعَةَ فِيهَا اسْمُ الَّذِي أَمَرَكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، قَالَ: فَنَظَرْتُ فِي طَرَفِ الرُّقْعَةِ فَإِذَا فِيهَا: فَأْتِ فُلانًا، فَسَأَلْتُ عنه فقيل: ها هو ذا، فَأَتَيْتُهُ بِالرُّقْعَةِ فَأَمَرَ لِي بِذَلِكَ مِنْ سَاعَتِهِ، قَالَ: وَغَدَوْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ وَأَنَا عَلَى الْبَغْلَةِ فَسِرْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: احْضَرْ بَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى أُوَصِّلَكَ إِلَيْهِ، فَحَضَرْتُ، فَأَوْصَلَنِي، فَسَلَّمْتُ، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنْ أَجْلِسَ، فَلَمَّا جَلَسْتُ ابْتَدَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالْكَلامِ قَالَ: فَجَعَلَ يَسْأَلُنِي عَنْ أَنْسَابِ قَوْمِي قُرَيْشٍ، فَلَهُوَ كَانَ أَعْلَمُ بِهَا مِنِّي، ثُمَّ قَالَ: قَدْ فَرَضْتُ لَكَ فَرَائِضَ أَهْلِ بَيْتِكَ، وَالْتَفَتَ إِلَى قَبِيصَةَ فَأَمَرُه أَنْ يَكْتُبَ ذَلِكَ لِي فِي الدِّيوَانِ ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ دِيوَانِكَ، إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ قَبيِصَةَ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَمَرَ أَنْ تُثَبَّتَ فِي صَحَابَتِهِ وَأَنْ تُرْفَعَ فَرِيضَتُكَ، فَالْزَمْ بَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَزِمْتُ عَسْكَرَ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ، وَكُنْتُ أَدْخُلُ عَلَيْهِ كَثِيرًا، وَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِيمَا يَسْأَلُنِي يَقُولُ: مَنْ لَقِيتَ! فَأُسَمِّيهُمْ لَهُ لا أَعْدُو قُرَيْشًا، فَقَالَ: فَأَيْنَ أَنْتَ عَنِ الأَنْصَارِ فَإِنَّكَ وَاجِدٌ عِنْدَهُمْ عِلْمًا؟، أَيْنَ أَنْتَ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ؟، أَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خَارِجَةَ؟ قَالَ: فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فسألتهم فوجدت عندهم علمًا كثيرًا2.

_ 1 نعارون: يعني صياحون في الفتن، ومنه النعار: الكثير النعير، ويقال: رجل نعار في الفتن: خراج فيها سعاء. 2 وراجع: حلية الأولياء "3/ 367، 368"، والسير "6/ 138" للذهبي.

قَالَ وَتُوُفِّيَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَلَزِمْتُ الْوَلِيدَ ثُمَّ سُلَيْمَانَ ثُمَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثُمَّ يَزِيدَ ثُمَّ هِشَامًا، فَاسْتَقْضَى يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى قَضَائِهِ الزُّهْرِيَّ وَسُلَيْمَانَ بْنَ حَبِيبٍ جَمِيعًا. وَحَجَّ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ وَمَعَهُ الزُّهْرِيُّ حَصَرَهُ مَعَ وَلَدِهِ يُفَقِّهُهُمْ وَيُعَلِّمُهُمْ وَيَحُجُّ مَعَهُمْ فَلَمْ يُفَارِقْهُمْ حَتَّى مَاتَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ أَبَدًا عِنْدَ هِشَامٍ فِي الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَيُعِيبُهُ ويذكر أمورا عظيمة لا ينطق بها حتى يَذْكُرَ الصِّبْيَانِ وَأَنَّهُمْ يُخَضِّبُونَ بِالْحِنَّاءِ، وَيَقُولُ: مَا يَحِلُّ لَكَ إِلا خَلْعُهُ1، فَكَانَ هِشَامُ لا يقدر ولا يسؤوه مَا صَنَعَ الزُّهْرِيُّ رَجَاءَ أَنْ يُؤَلِّبَ النَّاسَ عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فَكُنْتُ يَوْمًا عِنْدَهُ فِي نَاحِيَةِ الْفُسْطَاطِ أَسْمَعُ مِنْ كَلامِ الزُّهْرِيِّ فِي الْوَلِيدِ وَأَتَغَافَلُ؛ فَجَاءَ الْحَاجِبُ2؛ فَقَالَ: هَذَا الْوَلِيدُ عَلَى الْبَابِ قَالَ: أَدْخِلْهُ فَدَخَلَ وَأَوْسَعَ لَهُ هِشَامٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَنَا أَعْرِفُ فِي وَجْهِ الْوَلِيدِ الْغَضَبَ وَالشَّرَّ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الْوَلِيدُ بَعَثَ إِلَيَّ وَإِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَرَبِيعَةَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ لَيْلَةً مُخَلِّيًا، فَقَالَ: يَا بْنَ ذَكْوَانَ أَرَأَيْتَ يَوْمَ دَخَلْتَ عَلَى الأحول وَأَنْتَ عِنْدَهُ وَالزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ فِيَّ3 أَفَتَحْفَظُ مِنْ كَلامِهِ شَيْئًا؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَذْكُرُ يَوْمَ دَخَلْتَ وَالْغَضَبَ فِي وَجْهِكَ قَالَ: كَانَ الْخَادِمُ الَّذِي رَأَيْتُ عَلَى رَأْسِ هِشَامٍ نَقَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ إِلَيَّ وَأَنَا عَلَى الْبَابِ وَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تَنْطِقْ بِشَيْءٍ ثُمَّ قَال: قَدْ كُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللَّهُ أَنْ أَقْتُلَ الزُّهْرِيَّ. قَالَ ابْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَال: سُئِلَ مَكْحُولٌ: مَنْ أَعْلَمُ مَنْ لَقِيتَ؟ قَال: ابْنُ شِهَابٍ قِيلَ: ثُمَّ مَنْ! قَالَ: ثُمَّ ابْنُ شِهَابٍ. وَعَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ لِي سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: مَا مَاتَ رَجُلٌ تَرَكَ مِثْلُكَ. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أبيه قال: مَا أَرَى أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ ما جمع ابن شهاب.

_ 1 ما يحل لك إلا خلعه: يعني إلا عزله. 2 الحاجب: يعني البواب "ج" حجبة، وحجاب. 3 يقدح في: يعني يقع في.

وَقَالَ عُقَيْلٌ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ خَاتَمًا "مُحَمَّدٌ يَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ". قَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ الزُّهْرِيَّ قَالَ لِهِشَامٍ: اقْضِ دَيْنِي، قَالَ: وَكَمْ هُوَ؟ قَالَ: ثَمَانِيَةُ عَشَرَ أَلْفِ دِينَارٍ، قَالَ: إِنِّي أَخَافُ إِنْ قَضَيْتُهَا عَنْكَ أَنْ تَعُودَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ" 1 فَقَضَاهَا عَنْهُ، قَالَ سَعِيدٌ: فَمَا مَاتَ الزُّهْرِيُّ حَتّى اسْتَدَانَ مِثْلَهَا فَبَعَثَ بِبَعْثِ كَذَا فَقَضَى دَيْنَهُ. وَقَالَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَنْزِلُ بِالأَعْرَابِ يُعَلِّمُهُمْ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ثنا سُفْيَانُ قَالَ: قَالُوا لِلزُّهْرِيِّ: لَوْ أَنَّكَ الآنَ فِي آخِرِ عُمْرِكَ أَقَمْتَ بِالْمَدِينَةِ فَغَدَوْتَ إِلَى مَسْجِدِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرُحْتَ وَجَلَسْتَ إِلَى عَمُودٍ فَذَكَّرْتَ النَّاسَ وَعَلَّمْتَهُمْ. قَالَ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ ذلك لوطيء النَّاسُ عَقِبَيَّ وَلا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَفْعَلَ حَتَّى أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا وَأَرْغَبَ فِي الآخِرَةِ2. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتُ مَعْمَرًا يَقُولُ: أَتَيْتُ الزُّهْرِيَّ بِالرُّصَافَةِ3 فَجَالَسْتُهُ فَجَعَلْتُ أَسْأَلُهُ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ فَرَغْتُ مِنْهُ فَلَمَّا مَاتَ مُرَّ عَلَيْنَا بِكُتُبِهِ عَلَى الْبِغَالِ. وَفِي لَفْظٍ لِلإِمَامِ أَحْمَدَ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ سَمِعْتُ مَعْمَرًا يَقُولُ: كُنَّا نَرَى أَنَّا قَدْ أَكْثَرْنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ حَتَّى قُتِلَ الْوَلِيدُ فَإِذَا الدَّفَاتِرُ قَدْ حُمِلَتْ عَلَى الدَّوَابِ مِنْ خَزَائِنِهِ، يَعْنِي مِنْ عِلْمِ الزُّهْرِيِّ. قُلْتُ: يَعْنِي الْكُتُبَ الَّتِي كُتِبَتْ عَنْهُ لِآلِ مَرْوَانَ. وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ أَنَّ أَبَا جَبَلَةَ حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ شِهَابٍ فِي سَفَرٍ فَصَامَ عَاشُورَاءَ فَقِيلَ لَهُ! فَقَالَ: إِنَّ رَمَضَانَ لَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَإِنَّ عَاشُورَاءَ يفوت4.

_ 1 حديث صحيح: وأخرجه البخاري في الأدب المفرد "1278"، ومسلم "2998"، وأبو داود "4862"، وابن ماجه "3982". 2 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 142، 143". 3 الرصافة: كل منبت بأرض السواد، وغلب على محلة ببغداد. 4 ذكره الذهبي في السير "6/ 147".

قَالَ أَبُو مُسْهِرٌ: ثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: ثَلاثٌ إِذَا كُنَّ فِي الْقَاضِي فَلَيْسَ بِقَاضٍ: إِذَا كَرِهَ الْمَلامَ وَأَحَبَّ الْمَحَامِدَ وَكَرِهَ الْعَزْلَ1. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: ثنا اللَّيْثُ ثنا بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنّ ابْنَ شِهَابٍ وَضَعَ يَدَهُ فِي وُضُوئِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ حَدِيثًا فَلَمْ يَزَلْ يَتَذَكَّرُ وَيَدَهُ فِي الْمَاءِ حَتَّى أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فِي السَّحَرِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ: ثنا الْمُوَقَّرِيُّ قَالَ: كُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى الزُّهْرِيِّ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ فَقَالَ لَنَا: مَنْ لَمْ يَأْكُلْ طَعَامَنَا فَلا يَقْرَبْنَا. وَعَاتَبُوهُ يَوْمًا فِي دَيْنِهِ فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ إِلا عَشَرَةُ آلافِ دِينَارٍ وَأَنَا مُنَعَّمٌ فِي الدُّنْيَا لِي خَمْسَةٌ مِنَ الْعُيُونِ كُلُّ عَيْنٍ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا، وَلَيْسَ لِي وَارِثٌ إِلا ابْنُ الابْنِ، وَمَا أُبَالِي أَنْ لا يُصِيبَ مِنِّي دِرْهَمًا لِأَنَّهُ فَاسِقٌ2. ابْنُ وَهْبٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: لا يُنَاظَرُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلا بِكَلامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ ابْنُ شِهَابٍ الْمَدِينَةَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَبِيعَةَ وَدَخَلا إِلَى بَيْتِ الدِّيوَانِ فَمَا خَرَجَا إِلَى الْعَصْرِ فَخَرَجَ ابْنُ شِهَابٍ يَقُولُ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ بِالْمَدِينَةِ مِثْلَ رَبِيعَةَ وَخَرَجَ رَبِيعَةُ يَقُولُ: مَا ظَنَنْتُ أَنْ أَحَدًا بَلَغَ مِنَ الْعِلْمِ مَا بَلَغَ ابْنُ شِهَابٍ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: الإِيمَانُ بِالْقَدَرِ نِظَامُ التَّوْحِيدِ فَمَنْ وَحَّدَ وَيُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ نَقَضَ كُفْرُهُ بِالْقَدَرِ تَوْحِيدَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالا: ثنا عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مِنْ سُنَّةِ الصَّلاةِ أَنْ تَقْرَأْ بسم الله الرحمن الرحيم ثُمَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ثُمَّ تَقْرَأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ تَقْرَأُ سُورَةٌ. وَكَانَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سِرًّا بِالْمَدِينَةِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَكَانَ رَجُلا حييا3. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: سَمِعْتُ خَالِي مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ لَقَدْ أَدْرَكْتُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ سَبْعِينَ مِمَّنْ يَقُولُ: قَالَ فُلانٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَوِ ائْتُمِنَ عَلَى بَيْتِ مَالٍ لَكَانَ بِهِ أَمِينًا فَمَا أَخَذْتُ

_ 1 المصدر السابق. 2 لأنه فاسق: يعني: لأنه عاص ومجاوز لحدود الشرع، ويقال: فسق عن أمر ربه: خرج عن طاعته. 3 سير أعلام النبلاء "6/ 148".

مِنْهُمْ شَيْئًا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ وَيَقْدِمُ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ وَهُوَ شَابٌّ فَنَزْدَحِمُ عَلَى بَابِهِ. كَذَا قَالَ، وَلَمْ يَلْقَ مَالِكٌ الزُّهْرِيَّ إِلا وَهُوَ شَيْخٌ فَلَعَلَّهُ اشتُبِه عَلَيْهِ بِالْخِضَابِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ مِنَ الْعِلْمِ وَأَصَبْتُ مِنْهُ فَلَمَّا جَالَسْتُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فَكَأَنَّمَا كُنْتُ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ. وَقَالَ يُونُسُ عَنْهُ: جَالَسْتُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ حَتَّى مَا كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْهُ إِلا الرُّجُوعَ يَعْنِي الْمَعَادَ وَجَالَسْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ فَمَا رَأَيْتُ أَغْرَبَ حَدِيثًا مِنْهُ وَجَالَسْتُ عُرْوَةَ فَوَجَدْتُهُ بَحْرًا لا تُكَدِّرُهُ الدَّلاءُ. وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَأَيْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَوْمًا يُؤْتَى بِالْكِتَابِ مَا يقرأه وَلا يُقْرَأُ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: نَأْخُذُ هَذَا عَنْكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَأْخُذُونَهُ وَلا يَرَاهُ وَلا يَرَوْنَهُ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا استْعَدْتُ حَدِيثًا إِلا مَرَّةً فَسَأَلْتُ صَاحِبي فَإِذَا هُوَ كَمَا حَفِظْتُ. قَالَ قُرَّةُ بْنُ صُوَيْلٍ: لَمْ يَكُنْ لِلزُّهْرِيِّ كِتَابٌ إِلا كِتَابٌ فِي نَسَبِ قَوْمِهِ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: يأهل الْعِرَاقِ يَخْرُجُ الْحَدِيثُ مِنْ عِنْدَنَا شِبْرًا وَيَصِيرُ عِنْدَكُمْ ذِرَاعًا. وَقَالَ نُوحُ بْنُ يَزِيدَ الْمُؤَدَّبُ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ: لَقِيَنِي سَالِمٌ كَاتِبُ هِشَامٍ فَقَالَ لِي: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَكْتُبَ لِوَلَدِهِ حَدِيثَكَ، قُلْتُ: لَوْ سَأَلْتَنِي عَنْ حَدِيثَيْنِ أَتْبَعَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ مَا قَدِرْتُ، وَلَكِنِ ابْعَثْ إِلَيَّ كَاتِبًا أَوْ كَاتِبَيْنِ فَإِنَّهُ قَلَّ يَوْمٌ إِلا يَأْتِينِي قَوْمٌ يَسْأَلُونِي عَمَّا لَمْ أُسْأَلْ عَنْهُ بِالأَمْسِ، فَبَعَثَ إِلَيَّ كَاتِبَيْنِ اخْتَلَفَا إِلَيَّ سَنَةً، قَالَ: ثُمَّ لَقِيَنِي فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَرَانَا إِلا قَدِ انْفَضْنَا بِكَ، قُلْتُ: كَلا إِنَّمَا كُنْتُ فِي عِزَازٍ مِنَ الأَرْضِ فَالآنَ هَبَطْتُ بُطُونُ الأَوْدِيَةِ. وَعَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: مَكَثْتُ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَخْتَلِفُ مِنَ الشَّامِ إِلَى الْحِجَازِ فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَسْتَطْرِفُهُ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مَالِكٍ أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ

مَرْوَانَ قَالَ لِلزُّهْرِيِّ: هَلْ جَالَسْتَ عُرْوَةَ! قَالَ: لا، فَأَمَرَهُ بِهِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَفَجَّرْتُ بِهِ بَحْرًا1. ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَقَدْ هَلَكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَلَمْ يَتْرُكْ كِتَابًا وَلا الْقَاسِمُ وَلا عُرْوَةُ وَلا ابْنُ شِهَابٍ، ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ: قُلْتُ لابْنِ شِهَابٍ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَخْصِمُهُ: مَا كُنْتُ تَكْتُبُ! قَالَ: لا، قُلْتُ: وَلا تَسْأَلُ أَنْ يُعَادَ عَلَيْكَ الْحَدِيثُ! قَالَ: لا. وَلَقْد سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِيثٍ قَالَ: الَّذِي أَعْجَبَنِي مِنْهُ قَدْ حَدَّثْتُكُمْ بِهِ. وَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ: ثنا يُونُسُ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: إِيَّاكَ وَغُلُولَ الْكُتُبِ، قُلْتُ: مَا غُلُولُهَا قَالَ: حَبْسُهَا. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أبيه قَالَ: مَا سَبَقَنَا ابْنُ شِهَابٍ بِشَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ إِلا أَنَّهُ كَانَ يَشُدّ ثَوْبَهُ عِنْدَ صَدْرِهِ وَيَسْأَلُ عَمَّا يُرِيدُ وَكُنَّا تَمْنَعُنَا الْحَدَاثَةُ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي: ثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا حُسَيْنُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا الزُّهْرِيُّ فَأَتَيْنَاهُ وَمَعَنا رَبِيعَةَ فَحَدَّثَنَا بِنَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مِنَ الْغَدِ وَقَالَ: انْظُرُوا كِتَابًا حَتّى أُحَدِّثُكُمْ مِنْهُ أَرَأَيْتُمْ مَا حَدَّثْتُكُمْ أَمْسَ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْهُ؟ فَقَالَ لَهُ رَبِيعَةُ: هَا هُنَا مَنْ يَسْرِدُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثْتَ بِهِ أَمْسَ، قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: ابْنُ أَبِي عَامِرٍ، قَالَ لِي: هَاتِ، فَحَدَّثْتُهُ بِأَرْبَعِينَ مِنْهَا؛ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَحْفَظُ هَذَا غَيْرِي. وَرَوَى الأَوْزَاعِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا أَتَاكَ بِهِ الزُّهْرِيُّ عَنْ غيره فشديديك بِهِ وَمَا أَتَاكَ بِهِ عَنْ رَأْيِهِ فَانْبُذْهُ. وَقَال ابْنُ الْمَدِينِيِّ: دَارَ عِلْمُ الثِّقَاتِ عَلَى سِتَّةٍ: فَكَانَ بِالْحِجَازِ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ والزُّهْرِيُّ، وَبِالْبَصْرَةِ قَتَادَةُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَبِالْكُوفَةِ أَبُو إِسْحَاقَ وَالأَعْمَشُ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: ثنا الأَصَمُّ أَنْبَأَ الرَّبِيعُ أَنْبَأَ الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنِي ابْنُ سَعْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْخُلْعِ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي فِيهِ ثَلاثِينَ حَدِيثًا مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَطُّ. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّمْلِيُّ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مسلم عن الأوزاعي سمعت

_ 1 وراجع البداية والنهاية "9/ 345" لابن كثير.

الزُّهْرِيَّ لَمَّا حَدَّثَ بِحَدِيثِ "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ" 1 قُلْتُ لَهُ: فَمَا هُوَ؟ قَالَ: مِنَ اللَّهِ الْقَوْلُ وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ أَمِرُّوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا جَاءَ بِلا كَيْفٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى الزُّهْرِيِّ وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَ بَابِ الصَّفَا فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: يَا صَبِيُّ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى؛ قَالَ: تَعَلَّمْتَ الْفَرَائِضَ؟ قُلْتُ: بَلَى؛ قَالَ: كَتَبْتَ الْحَدِيثَ؟ قُلْتُ: بَلَى، وَقُلْتُ: أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: أَبُو إِسْحَاقَ أُسْتَاذٌ أُسْتَاذٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: كَتَبَ إِلِيَ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ: اجْمَعْ لِي أَحَادِيثِ الزُّهْرِيِّ. مَعْمَرٌ أَنْبَأَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ: اجْتَمَعْتُ أَنَا وَالزُّهْرِيُّ نَطْلُبُ الْعِلْمَ فَقُلْنَا: نَكْتُبُ السُّنَنَ فَكَتَبْنَا مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ قَالَ: نَكْتُبُ مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ، فَقُلْتُ أَنَا: لَيْسَ بِسُنَّةٍ، فَكَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ. وَرَوَى يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: الْعِلْمُ وَادٍ فَإِذَا هَبَطْتَ وَادِيًا فَعَلَيْكَ بِالتُؤُدَةِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْهُ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي الْعَالِمَ فَمَا نَتَعَلَّمُ مِنْ أَدَبِهِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ عِلْمِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: كُنَّا نَكْرَهُ الْكِتَابَ حَتَّى أَكْرَهَنَا عَلَيْه السُّلْطَانُ فَكَرِهْنَا أَنْ نَمْنَعَهُ النَّاسَ. وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلُ مِنَ الْعِلْمِ. وَقَالَ الليث: قال ابن شهاب: ما صبر أحد لِلْعِلْمِ صَبْرِي وَمَا نَشَرَهُ أَحَدٌ نَشْرِي، فَأمَّا عُرْوَةُ فَبِئْرٌ لا تُكَدِّرُهَا الدِّلاءُ، وَأَمَّا سَعِيدٌ فَانْتَصَبَ لِلنَّاسِ فَذَهَبَ اسْمُهُ كُلَّ مَذْهَبٍ. وَرَوَى سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ فَتَلا: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيم} [النور: 11] فَقَالَ: نَزَلْتُ فِي عَلِيٍّ، قُلْتُ: أصلح الله الأمير ليس

_ 1 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "2475"، وَمُسْلِمٌ "57"، وَأَبُو داود "4689"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2625"، وَالنَّسَائِيُّ "4885- 4887"، وابن ماجه "3936" وأحمد في المسند "2/ 376".

كَذَا فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ في عبد الله بن أبي المنافق1. أنبأونا عَنِ اللَّبَّانِ أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا ابْنُ الصَّوَّافِ ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ مَنْ مَضَى مِنْ عُلَمَائِنَا يَقُولُونَ: الاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ نَجَاةٌ وَالْعِلْمُ يُقْبَضُ قَبْضًا سَرِيعًا، فَبِعِزِّ الْعِلْمِ ثَبَاتُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَفِي ذَهَابِ الْعِلْمِ ذَهَابُ ذَلِكَ كُلِّهِ2. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ قَالَ: قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: أَخْرِجْ لِي كُتُبَكَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي ثُمَّ قَالَ: يَا جَارِيَةُ هَاتِي تِلْكَ الْكُتُبَ، فَأَخْرَجَتْ صُحُفًا فِيهَا شِعْرٌ، وَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلا هَذَا. وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ الْمَكِّيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَحْفَظَ الْحَدِيثَ فَلْيَأْكُلِ الزَّبِيبَ3. وَقَالَ أَيُّوبُ بْن سُوَيْدٍ: ثنا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي الْقَاسِمُ: يَا غُلامُ أَرَاكَ تَحْرِصُ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى وعائه؟ قلت: بلى، قال: عليك بعمرة فإنها كَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ، فَأَتَيْتُهَا فَوَجَدْتُهَا بَحْرًا لا يُنْزَفُ4. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: جَالَسْتُ جَابِرًا وَابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَنْسَقَ لِلْحَدِيثِ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَعَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيِّ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: الْحَافِظُ لا يُولَدُ إِلا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ سَنَةً مَرَّةً. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدَّبُ: ثنا أَبُو أُوَيْسٍ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا يَجُوزُ فِي الْقُرْآنِ فَكَيْفَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ إِذَا أُصِيبَ مَعْنَى الْحَدِيثِ فَلا بَأْسَ.

_ 1 صحيح بنحوه: أخرجه البخاري "4749"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 369"، واللفظ له، وأخرجه ابن منده، والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل كما في الدر المنثور للسيوطي "5/ 36"، والآية من سورة النور رقم "11". 2 راجع الحلية " 3/ 369" لأبي نعيم. 3 سير أعلام النبلاء "6/ 150". 4 المصدر السابق.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ: ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَكَمٍ ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: ضَاقَتْ حَالُ الزُّهْرِيِّ وَرَهَقَهُ دَيْنٌ فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَجَالَسَ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فبَيْنَا نَحْنُ مَعَهُ نَسْمُرُ إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَذَهَبَ بِهِ إِلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: مَنْ مِنْكُمْ يَحْفَظُ قَضَاءَ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ؟ قُلْتُ: أَنَا، قَالَ: قُمْ، فَدَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى نَمْرَقَةٍ، بِيَدِهِ مِخْصَرةٌ، عَلَيْهِ غَلالَةٌ مُلْتَحِفٌ بِسُبَيْبَةٍ1، بَيْنَ يَدَيْهِ شَمْعَةٌ، فَسَلَّمْتُ فَقَالَ: مَن أَنْتَ؟ فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ أَبُوكَ لَنَعَّارًا فِي الْفِتَنِ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ، قَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ، قَالَ: تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اقْرَأْ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَمِنْ سُورَةِ كذا، فقرأت فقال: أتفرض؟ قلت: نعم، قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي امْرَأَةٍ تَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأَبَوَيْهَا، قُلْتُ: لِزَوْجِهَا النِّصْفُ وَلأُمِّهَا السُّدُسُ وَلِأَبِيهَا مَا بَقِيَ، قَالَ: أَصَبْتَ الْفَرْضَ وَأَخْطَأْتَ اللَّفْظَ إِنَّما لِزَوْجِهَا النِّصْفُ وَلأُمِّهَا ثُلُثُ مَا يَبْقَى، هَاتِ حَدِيثَكَ، قُلْتُ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فَذَكَرَ قَضَاءَ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الأَوْلادِ، فَقَالَ: وَهَكَذَا حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ دَيْنِي، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَتَفْرِضُ لِي، قَالَ: لا وَاللَّهِ مَا نَجْمَعَهُمَا لِأَحَدٍ، قَالَ: فَتَجَهَّزْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ2. وَعَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ أُرِيدُ الْغَزْوَ فَأَتَيْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ فَوَجَدْتُهُ عَلَى قُبَّةٍ عَلَى فُرُشٍ تُفَوِّتُ الْقَائِمَ وَالنَّاسُ تَحْتَهُ سِمَاطَانِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: ثنا عَنْبَسَةُ ثنا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَفَدتُ إِلَى مَرْوَانَ وَأَنَا مُحْتَلِمٌ. هَذِهِ رِوَايَةً غَرِيبَةً قَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فِيهَا: هَذَا بَاطِلٌ إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَلَمْ يَكُنْ عَنْبَسَةَ مَوْضِعًا لِكِتَابَةِ الْحَدِيثِ. قَالَ خَلِيفَةُ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ3. وَقَالَ دُحَيْمٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: ولد سنة خمسين.

_ 1 السبيبة "بفتح السين وكسر الياء": الثوب الرقيق، والشقة الرقيقة من الكتان. جمعها سبائب. "المعجم الوسيط: ص/ 412". 2 أورده الذهبي في السير "6/ 135". 3 راجع: تاريخ خليفة "8/ 2".

وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ أَحْمَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَفِي حُمْرَتِهَا انْكِفَاءٌ1 كَأَنَّهُ يَجْعَلُ فِيه كَتَمًا، وَكَانَ أُعَيْمَشَ وَلَهُ جَمَّةٌ، قَدِمَ عَلَيْنَا فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ - يَعْنِي مَكَّةَ - فَأَقَامَ إِلَى هِلالِ الْمُحَرَّمِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ قَصِيرًا قَلِيلَ اللِّحْيَةِ لَهُ شَعَرَاتٌ طُوَالٌ خفيف الْعَارِضَيْنِ. وَلِفَايِدِ بْنِ أَقْرَمَ يَمْدَحُ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ تَغَزَّلَ: دَعْ ذَا وَأَثْنِ عَلَى الْكَرِيمِ مُحَمَّدٍ ... وَاذْكُرْ فَوَاضِلَهُ عَلَى الأَصْحَابِ وَإِذَا يُقَالُ مَنِ الْجَوَّادُ بِمَالِهِ ... قِيلَ الْجَوَّادُ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابِ أَهْلُ الْمَدَائِنِ يَعْرِفُونَ مَكَانَهُ ... وَرَبِيعٌ بَادِيَةٌ عَلَى الأَعْرَابِ2 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: حَدَّثَ الزُّهْرِيُّ قَوْمًا بِحَدِيثٍ فَلَمَّا قُمْتُ فَأَخَذْتُ بِعَنَانِ دَابَّتِهِ فَاسْتَفْهَمْتُهُ فَقَالَ: تَسْتَفْهِمُنِي مَا اسْتَفْهَمْتُ عَالِمًا قَطُّ وَلا أَعَدْتُ شَيْئًا عَلَى عَالِمٍ قَطُّ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: ثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْقَاوِيُّ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: حَدَّثَ الزُّهْرِيُّ بِمِائَةِ حَدِيثٍ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: كَمْ حَفِظْتَ يَا مَالِكُ؟ قُلْتُ: أَرْبَعِينَ حَدِيثًا، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتُهُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ كَيْفَ نَقَصَ الْحِفْظُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يَبْتَغِي الْعِلْمَ مِنْ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ فَيَأْتِي جَارِيَةً لَهُ نَائِمَةً فَيُوقِظُهَا فَيَقُولُ لَهَا: حَدَّثَنِي فُلانٌ وَفُلانٌ بِكَذَا، فَتَقُولُ: مَا لِي وَلِهَذَا، فَيَقُولُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ لا تَنْتَفِعِينَ بِهِ وَلَكِنْ سَمِعْتُ الآنَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَذِكِرَهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ: خَرَجَ الزُّهْرِيُّ مِنَ الْخَضْرَاءِ مِنْ عِنْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَجَلَسَ عِنْدَ ذَاكَ الْعَمُودِ فَقَالَ: يأيها الناس إنا

_ 1 وفي حمرتها انكفاء: أي تغير. 2 هذه الأبيات ذكرها المرزبان في معجم الشعراء "ص/ 316" ضمن ترجمة فائد بن الأقرم البلوي، وأوردها له أيضا في مدح الزهري، وراجع السير "6/ 139" للإمام الذهبي.

كُنَّا قَدْ مَنَعْنَاكُمْ شَيْئًا قَدْ بَذَلْنَاهُ لِهَؤُلاءِ فَتَعَالَوْا حَتَّى أُحَدِّثَكُمْ قَالَ: وَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فقال: يَا أَهْلَ الشَّامِ مَا لِي أَحَادِيثُكُمْ لَيْسَ لَهَا أَزِمَّةٌ وَلا خَطْمٌ، قَالَ الْوَلِيدُ: فَتَمَسَّكَ أَصْحَابُنَا بِالأَسَانِيدِ مِنْ يَوْمَئِذٍ1. وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزهري: كنا نكره الكتاب حتى أكرهنا عليه الأمراء فرأيت أن لا أمنعه مسلمًا. قال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الزُّهْرِيُّ أَحْسَنُ النَّاسِ حَدِيثًا وَأَجْوَدُ النَّاسِ إِسْنَادًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَثْبَتَ أَصْحَابُ أَنَسٍ الزُّهْرِيَّ. وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَخْتِمُ حَدِيثَهُ بِدُعَاءٍ جَامِعٍ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ2. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: مَا بَقِيَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعِلْمِ مَا بَقِيَ عِنْدَ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ وَرَجُلٍ آخَرَ، كَأَنَّهُ عَنِيَ نَفْسَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ مَعَ مُجَالَسَتِهِ لِلْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ: لَمْ أَرَ قَطُّ مِثْلَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا الزُّهْرِيُّ إِلا بَحْرٌ. سَمِعْتُ مَكْحُولا يَقُولُ: ابْنُ شِهَابٍ3 أَعْلَمُ النَّاسِ. وَقَالَ مَالِكٌ: بَقِيَ ابْنُ شِهَابٍ وَمَالَهُ فِي النَّاسِ نَظِيرٌ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: شَهِدْتُ وُهَيْبًا وَبِشْرَ بْنَ الْمُفَضَّلِ وَغَيْرِهِمَا ذَكَرُوا الزُّهْرِيَّ فَلَمْ يَجِدُوا أحدًا يقيسونه به إلا الشعبي.

_ 1 ذكره الذهبي في السير "6/ 140". 2 المصدر السابق. 3 راجع السير "6/ 141- 142" للإمام الذهبي.

وقال ابن المديني: أَفْتَى أَرْبَعَةٌ: الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَقَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ عندي أفقههم. وقال الفرياني: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: أَتَيْتُ الزُّهْرِيَّ فَتَثَاقَلَ عَلَيَّ فَقُلْتُ لَهُ: أَتُحِبُّ لَوْ أَنَّكَ أَتَيْتَ مَشَايِخَكَ فَصَنَعُوا بِكَ مِثْلَ هَذَا؟! فَقَالَ: كَمَا أَنْتَ، وَدَخَلَ فَأَخْرَجَ إِلَيَّ كِتَابًا فَقَالَ: خُذْ هَذَا فَارْوِهِ عَنِّي، فَمَا رَوَيْتُ عَنْهُ حَرْفًا. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: أَتَيْتُ الزُّهْرِيَّ بَعْدَ أَنْ تَرَكَ الْحَدِيثَ فَأَلْفَيْتُهُ عَلَى بَابِهِ فَقُلْتُ: إِنْ رأيتَ أَنْ تُحَدِّثَنِي، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنِّي قَدْ تَرَكْتُ الْحَدِيثَ؟ فَقُلْتُ: إِمَّا أَنْ تُحَدِّثَنِي وَإِمَّا أَنْ أُحَدِّثَكَ، حَدِّثْنِي، فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا1. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: مُرْسَلُ الزُّهْرِيِّ شَرٌّ مِنْ مُرْسَلِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ حَافِظٌ وَكُلَّمَا قَدِرَ أَنْ يُسَمِّي سَمَّى وَإِنَّمَا يَتْرُكُ مَنْ لا يُحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَهُ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ حَوْشَبٍ الْفَزَارِيُّ عَنْ مَكْحُولٍ وَذَكَرَ الزُّهْرِيَّ فَقَالَ: أَيُّ رَجُلٍ هُوَ لَوْلا أَنَّهُ أَفْسَدَ نَفْسَهُ بِصُحْبَةِ الْمُلُوكِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ثنا الشَّافِعِيُّ ثنا عَمِّي قَالَ: دَخَلَ سُلَيْمَانُ بن يسار على هشام فقال له: يَا سُلَيْمَانُ مَنِ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: ابْنُ سَلُولٍ، قَالَ: كَذَبْتَ بَلْ هُوَ علي، فدخل ابن شهاب فقال: يا بن شِهَابٍ مَنِ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ؟ قَالَ: ابْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ لَهُ: كَذَبْتَ بَلْ هُوَ عَلِيٌّ، قال: أنا أكذب لا أبالك فو الله لَوْ نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ الْكَذِبَ مَا كَذَبْتُ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَعُرْوَةُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ2، قَالَ: فَلَمْ يَزَلِ الْقَوْمُ يُغْرُونَ بِهِ فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ: ارْحَلْ فَوَاللَّهِ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَحْمِلَ عَنْ مِثْلِكَ، فَقَالَ: وَلِمَ؟ أَنَا اغْتَصَبْتُكَ عَلَى نَفْسِي أَوْ أَنْتَ اغْتَصَبْتَنِي عَلَى نَفْسِي فَخَلِّ عَنِّي، فَقَالَ لَهُ: لا وَلَكِنَّكَ اسْتَدَنْتَ أَلْفَيْ أَلْفٍ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ - وَأَبُوكَ قَبْلُ - أَنِّي مَا اسْتَدَنْتُ هَذَا الْمَالَ عَلَيْكَ وَلا عَلَى أَبِيكَ، فَقَالَ هشام: إنا إن نهج

_ 1 المصدر السابق "6/ 143، 144". 2 تقدم قريبا رواه البخاري وأبو نعيم في الحلية وغيرهما.

الشَّيْخَ يَهْجُ الشَّيْخُ، فَأَمَرَ فَقَضَى مِنْ دَيْنِهِ ألف ألف، فأخبر بذلك فقال: الحمد لله الَّذِي هَذَا هُوَ مِنْ عِنْدِهِ. قَالَ عَمِّي: وَنَزَلَ ابْنُ شِهَابٍ بِمَاءٍ مِنَ الْمِيَاهِ فَالْتَمَسَ سَلَفًا فَلَمْ يَجِدْ فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَنُحِرَتْ وَدَعَا إِلَيْهَا أَهْلَ الْمَاءِ فَمَرَّ بِهِ عَمُّهُ فَدَعَاهُ إلى الغداء فقال: يا بن أَخِي إِنَّ مُرُوءَةَ سَنَةٍ تَذْهَبُ بِذُلِّ الْوَجْهِ سَاعَةً، فَقَالَ: يَا عَمِّ انْزِلْ فَكُلْ وَإِلا فَامْضِ. وَنَزَلَ مَرَّةً بِمَاءٍ فَشَكَا إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَاءِ إِنَّ لَنَا ثَمَانِيَ عَشْرَةَ امْرَأَةً عَمْرِيَّةً - أَيْ لَهُنَّ أَعْمَارٌ - لَيْسَ لَهُنَّ خَادِمٌ، فَاسْتَسْلَفَ ابْنُ شِهَابٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَأَخْدَمَ كُلَّ واحدة منهن خَادِمًا بِأَلْفٍ1. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ قَضَى عَنِ الزُّهْرِيِّ سَبْعَةَ آلافِ دِينَارٍ وَقَالَ: لا تَعُدْ لِمِثْلِهَا، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ" 2. وَقَالَ مَالِكٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَجَدْنَا السَّخِيَّ لا تَنْفَعُهُ التَّجَارِبُ. وَقَالَ يُونُسُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: مَرَّ تَاجِرٌ بِالزُّهْرِيِّ وَهُوَ فِي قَرْيَتِهِ وَالرَّجُلُ يُرِيدُ الْحَجَّ فَابْتَاعَ مِنْهُ بَزًّا3 بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ فَلَمْ يَبْرَحِ الزُّهْرِيُّ حَتَّى فَرَّقَهُ، فَلَمَّا رَأَى الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ التَّاجِرِ أَعْطَاهُ وَقْتَ رُجُوعِهِ مِنَ الْحَجِّ الثَّمَنَ وَزَادَهُ ثَلاثِينَ دِينَارًا وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُكَ يَوْمَئِذٍ سَاءَ ظَنُّكَ، فَقَالَ: أَجَلْ، قَالَ: وَاللَّهِ لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ إِلا لِلتِّجَارَةِ أُعْطِي الْقَلِيلُ فأُعْطَى الْكَثِيرُ. وَرَوَى سُوَيْدٌ عَنْ ضِمَامٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ خَرَجَ إِلَى الأَعْرَابِ ليفقههم فجاءه أعرابي وقد نفد مَا فِي يَدِهِ فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى عِمَامَتِي فَأَخَذَهَا، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا وَقَالَ: يَا عُقَيْلُ أُعْطِيكَ خَيْرًا مِنْهَا4. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كُنَّا نَأْتِي الزُّهْرِيَّ بِالرَّاهِبِ فَيُقَدِّمُ إِلَيْنَا كَذَا كَذَا لَوْنًا. قُلْتُ: الرَّاهِبُ عِنْدَ الْمُصَلَّى بِظَاهِرِ دمشق.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 144، 145". 2 حديث صحيح: تقدم قريبا. 3 البز: نوع من الثياب، والبزاز: بائع البز. 4 سير أعلام النبلاء "6/ 145".

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يُحَدِّثُ ثُمَّ يَقُولُ: هَاتُوا مِنْ أَشْعَارِكُمْ وَأَحَادِيثِكُمْ فَإِنَّ الأُذْنَ مَجَّاجَةٌ وَإِنَّ لِلنَّفْسِ حُمْضَةً1. قُلْتُ: قَدْ جَمَعَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ عِلْمَ الزُّهْرِيِّ وكذا أَلَّفَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ فَأَتْقَنَ وَاسْتَوْعَبَ وَهُوَ فِي مُجَلَّدَيْنِ. وَقَدِ انْفَرَدَ الزُّهْرِيُّ بِسُنَنٍ كَثِيرَةٍ وَبِرِجَالٍ عِدَّةٍ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ غَيْرُهُ سَمَّاهُمْ مُسْلِمٌ، وَعِدَّتُهُمْ بِضْعٌ وَأَرْبَعُونَ نَفْسًا، فَأَمَّا أَصْحَابُهُ فَعَلَى مَرَاتِبَ. قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ قُلْتُ لَهُ: مَعْمَرٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي الزُّهْرِيِّ أَوْ مَالِكٌ؟ قَالَ: مَالِكٌ، قُلْتُ: فَيُونُسُ وَعُقَيْلٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَالِكٌ؟ قَالَ: مَالِكٌ، قُلْتُ: فَابْنُ عُيَيْنَةَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَعْمَرٌ؟ قَالَ: مَعْمَرٌ، قُلْتُ: فَشُعَيْبٌ؟ قَالَ: مِثْلُ يُونُسَ وَعُقَيْلٍ، قُلْتُ: فَالزُّبَيْدِيُّ؟ قَالَ: هُوَ سَلِيمٌ، قُلْتُ: فَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوِ اللَّيْثِ؟ قَالَ: كِلاهُمَا ثِقَتَانِ، قُلْتُ: فَمَعْمَرٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ؟ قَالَ: مَعْمَرٌ وَصَالِحٌ ثِقَةٌ، قُلْتُ: فَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ؟ قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، قُلْتُ: فَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ؟ قَالَ: صُوَيْلِحٌ، قُلْتُ: فَصَالِحُ بْنُ الأَخْضَرِ؟ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ فِي الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَابْنُ جُرَيْجٍ؟ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ فِي الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَجَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ؟ قَالَ: ضَعِيفٌ فِي الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَابْنُ إِسْحَاقَ؟ قَالَ: صَالِحٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيُّ؟ قَالَ: صَالِحٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَمَعْمَرٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ يُونُسُ؟ قَالَ: مَعْمَرٌ، فَيُونُسُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ عُقَيْلٌ؟ قَالَ: يُونُسُ ثِقَةٌ وَعُقَيْلٌ ثِقَةٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: فَالأَوْزَاعِيُّ فِي الزُّهْرِيِّ؟ قَالَ: ثِقَةٌ مَا أَقَلُّ مَا أَسْنَدَ عَنْهُ، قُلْتُ: فَشُعَيْبٌ؟ قَالَ: كَتَبَ إِمْلاءً عَنِ الزُّهْرِيِّ وَكَانَ شُعَيْبٌ كَاتِبًا لِلسُّلْطَانِ فَكَتَبَ لِلسُّلْطَانِ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِمْلاءً، قُلْتُ: فَالْمُوَقَّرِيُّ؟ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، قُلْتُ: فَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ؟ قَالَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبَّاسُ الدُّورِيُّ: سئل ابن معين عن ابن أخي ابن شِهَابٍ وَعَنْ أَبِي أُوَيْسٍ، فَقَالَ: ابْنُ أَخِي ابن شِهَابٍ أَمْثَلُ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ فِي الزُّهْرِيِّ من محمد بن إسحاق. وقال عثمان الدارمي: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ ضعيف في

_ 1 يعني أن الأذن مشتاقة للسماع، والنفس تطلبه.

الزُّهْرِيِّ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ: ثِقَةٌ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَصَحُّ حَدِيثًا عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ مَالِكٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: لَمَّا رَحَلَ مَعْمَرٌ إِلَى الزُّهْرِيِّ نَبُلَ فَكُنَّا نُسَمِّيهِ الزُّهْرِيَّ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مَحْمُودٍ الْهَرَوِيُّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مَنْ أَعْرَفُ النَّاسِ بِأَحَادِيثِ ابْنِ شِهَابٍ؟ قَالَ: أَحْمَدُ بن صالح المصري وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا: مَاتَ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَالنَّاسُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَشَذَّ أَبُو مُسْهِرٍ فَقَالَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنِي حُسَيْنُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلانِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ قَبْرَ الزُّهْرِيِّ بِأَدَامَى وَهِيَ خَلْفَ شِعْبٍ وَبْذَى وَهِيَ أَوَّلُ عَمَلِ فِلَسْطِينَ وَآخِرُ عَمَلِ الْحِجَازِ، وَبِهَا ضَيْعَةٌ لِلزُّهْرِيِّ، رَأَيْتُ قَبْرَهُ مُسَنَّمًا مُجَصَّصًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَرْبَعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً. 306- مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ أَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ1 - م4خ مَقْرُونًا - مَوْلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، الْقُرَشِيِّ الأَسَدِيِّ أَحَدِ الأَعْلامِ. رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ، وَحَدِيثُهُ عَنِ الثَّلاثَةِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَجَابِرٍ فَأَكْثَرَ وَعَنْ طَاوُسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَحَجَّاجٌ الصَّوَّافُ وَشُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 221"، والصغير "146".

وَكَانَ مِنَ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْثَقَ مِنْهُ. قَالَ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ وَكَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ عَقْلا وَأَحْفَظَهُمْ، وَكَانَ أَيُّوبُ إِذَا رَوَى عَنْهُ يَقُولُ: ثنا أَبُو الزُّبَيْرِ وَأَبُو الزُّبَيْرِ أَبُو الزُّبَيْرِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل: يُضَعِّفُهُ بِذَلِكَ1. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: كُنَّا نَكُونُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَيُحَدِّثُنَا فَإِذَا خَرَجْنَا تَذَاكَرْنَا وَكَانَ أَبُو الزُّبَيْرِ أَحْفَظَنَا لِلْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ وَكَذَا وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وغَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَمَّا أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا فَقَالُوا: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ لِأَبِي الزُّبَيْرِ فِي صَحِيحِهِ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ إِلا أَنْ يَرْوِي عَنْهُ بَعْضُ الضُّعَفَاءِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الضَّعِيفِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيُّ ثنا وَرْقَاءُ قَالَ: قُلْتُ لِشُعْبَةَ: مَا لَكَ تَرَكْتَ حَدِيثَ أَبِي الزُّبَيْرِ - قَالَ: رَأَيْتُهُ يَزِنُ وَيَسْتَرْجِعُ فِي الْمِيزَانِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَجُلٍ يَقْدَمُ مِنْ مَكَّةَ فَأَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ فَسَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ, فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ فَافْتَرَى عَلَيْهِ, فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الزُّبَيْرِ تَفْتَرِي عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ، قَالَ: إِنَّهُ أَغْضَبَنِي، قُلْتُ: مَنْ يُغْضِبُكَ تَفْتَرِي عَلَيْهِ، لا رَوَيْتَ عَنْكَ أَبَدًا، قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ فِي صَدْرِي أَرْبَعُمِائَةِ حَدِيثٍ لِأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ2. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ: قِيلَ لِشُعْبَةَ: لِمَ تَرَكْتَ أَبَا الزُّبَيْرِ؟ قَالَ: رَأَيْتُهُ يُسِيءُ الصَّلاةَ فَتَرَكْتُ الرِّوَايَةَ عَنْهُ. وَرَوَى عُمَرُ بْنُ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: يَا أَبَا عُمَرَ لَوْ رَأَيْتَ أَبَا الزُّبَيْرِ لَرَأَيْتَ شُرْطِيًّا بِيَدِهِ خَشَبَةٌ فَقُلْتُ لَهُ: ما لقي منك أبو الزبير.

_ 1 راجع: ميزان الاعتدال "4/ 37"، وتذكرة الحفاظ "1/ 127". 2 ذكره الذهبي في السير "6/ 178"، وميزان الاعتدال "4/ 40".

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: ثنا اللَّيْثُ قَالَ: قَدِمْتُ مُكَّةَ فَجِئْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابَيْنِ وَانْقَلَبْتُ بِهِمَا ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي: لَوْ عَاوَدْتُهُ فَسَأَلْتُهُ أَسَمِعَ هَذَا كُلَّهُ مِنْ جَابِرٍ فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ: مِنْهُ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ وَمِنْهُ مَا حُدِّثْتُ عَنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْلِمْ لِي عَلَى مَا سَمِعْتَ، فَأَعْلَمَ لِي عَلَى هَذَا الَّذِي عِنْدِي1. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: قَالَ سُفْيَانُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي الزُّبَيْرِ وَمَعَهُ كِتَابُ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ فَجَعَلَ يَسْأَلُ أَبَا الزُّبَيْرِ فَيُحَدِّثُ بَعْضَ الْحَدِيثِ ثُمَّ يَقُولُ: انْظُرْ كَيْفَ هُوَ فِي كِتَابِكَ، فَيُخْبِرُهُ بِمَا فِي الْكِتَابِ فَيُخْبِرُ بِهِ كَمَا فِي الْكِتَابِ2. وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْمُسْتَمْلِيُّ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: جِئْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ أَنَا وَرَجُلٌ فَكُنَّا إِذَا سَأَلْنَاهُ عَنِ الْحَدِيثِ فَتَغَايَمَ فِيهِ قَالَ: انْظُرُوا فِي الصَّحِيفَةِ كَيْفَ هُوَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَدَنِيُّ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: مَا تَنَازَعَ أَبُو الزُّبَيْرِ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَطُّ عَنْ جَابِرٍ إِلا زَادَ عَلَيْهِ أَبُو الزُّبَيْرِ. وَقَدْ خَرَّجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَارَ الْبَيْتَ لَيْلا3. وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ لِأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "فِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ"4. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْخَشَّابُ أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ حَدَّثَنَا عَيْنُ الشَّمْسِ الثَّقَفِيَّةُ أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أنا أَبُو طَاهِرٍ الْكَاتِبُ أنا أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ ثنا عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ سَمِعْتُ أَبَا أُسَيْدٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ يُفْتِي: الدِّينَارُ

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 178". 2 انظر السابق. 3 لم أقف عليه في مسلم، وقال الذهبي: في سير أعلام النبلاء "6/ 181" وهو عندي منقطع، قلت: وقد وصله الإمام أحمد في المسند "10/ 25777" عن وكيع عن سفيان عن أبي الزبير عن عائشة وابن عباس -رضي الله عنهم- أجمعين. 4 إسناده منقطع: أخرجه أبو داود "2324"، والدارقطني في سننه "2/ 199". قلت: ومحمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة، وانظر تهذيب التهذيب "9/ 473".

بِالدِّينَارَيْنِ فَأَغْلَظَ لَهُ أَبُو أُسَيْدٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَحَدًا يَعْرِفُ قَرَابَتِي من رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ مِثْلَ هَذَا يَا أَبَا أُسَيْدٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو أُسَيْدٍ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ وَصَاعُ حِنْطَةَ بِصَاعِ حِنْطَةَ وَصَاعُ شَعِيرٍ بِصَاعِ شَعِيرٍ وَصَاعُ مِلْحٍ بِصَاعِ مِلْحٍ لا فَضْلَ بَيْنَ ذَلِكَ" 1، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا الَّذِي كُنْتُ أَقُولُهُ بِرَأْيِي وَلَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ يَحْتَجُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِمَا رَوَاهُ عَنْهُ اللَّيْثُ فَقَطْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَحْمِلْ إِلا مَا سَمِعَهُ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِسَمَاعِهِ مِنْ جَابِرٍ، وَمَعَ كَوْنِ الْبُخَارِيُّ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ مَا رَأَيْتُ ذَكَرَهُ فِي كِتَابَيْهِ فِي الضُّعَفَاءِ. قَالَ الْفَلاسُ وَغَيْرُهُ: مَاتَ أَبُو الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: أَرَاهُ عَاشَ تِسْعِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا. 307- مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ -ع2- بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ. الزَّاهِدُ العابد أحد الأعلام أخو عم بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي رَافِعٍ وَسَفِينَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ رَقِيقَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَمِّهِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ الْمُنْكَدِرُ وَالزُّهْرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وعلي بن زيد بن جُدْعَانُ وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ وَحَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَطَبَقَةٌ أُخْرَى ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَاسْتَقْدَمَهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ إِلَى الشَّامِ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ لِيُفْتُوهُ فِي طَلاقِ زَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ: صدقة بن عبد الله قال: جئت

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1588"، والنسائي "7/ 278"، وابن ماجه "2261"، وأحمد في المسند "2/ 379"، والحاكم في المستدرك "2/ 19، 20" وصححه على شرط مسلم، وأقره الذهبي وأورده الذهبي في السير "6/ 181" وغيره. 2 التاريخ الكبير "1/ 219"، وحلية الأولياء "3/ 146".

مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ وَأَنَا مُغْضَبٌ فَقُلْتُ لَهُ: أَحَلَلْتَ لِلْوَلِيدِ أُمَّ سَلَمَةَ! قَالَ: أَنَا وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حَدَّثَنِي جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا طَلاقَ لِمَنْ لا يَمْلِكُ وَلا عِتْقَ لِمَنْ لا يَمْلِكُ"1. صَدَقَةُ السَّمِينُ ضَعِيفٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: جَاءَ الْمُنْكَدِرُ إِلَى عَائِشَةَ فَشَكَا إِلَيْهَا الْحَاجَةَ فَقَالَتْ: أَوَّلُ شَيْءٍ يَأْتِينِي أَبْعَثُ بِهِ إليك فَجَاءَتْهَا عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ: مَا أَسْرَعُ مَا امتُحِنْتُ وَبَعَثْتُ بِهَا إِلَيْهِ فَاتَّخَذَ مِنْهَا جَارِيَةً فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدًا وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ2. رَوَى نَحْوَهَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ السِّنْدِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَمُصْعَبٌ وَأَبُو خَيْثَمَةَ وَإِسْمَاعِيلُ - أَحْسَبُهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ - وَغَيْرُهُمْ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. وَكَنَّاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ: أَبَا بَكْرٍ. قَالَ خ: قَالَ لِي الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ لا يَكَادُ أَحَدٌ يَسْأَلُهُ عَنْ حَدِيثٍ إِلا كَادَ يَبْكِي. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: بَلَغَ نَيِّفًا وَسَبْعِينَ سَنَةً وَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَحْمِلُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْهُ جَالَسْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثَلاثًا وَعِشْرِينَ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَجْدَرَ أَنْ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلا يُسْأَلْ عَمَّنْ هُوَ مِنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي جَابِرٍ أَوْ أَبُو الزُّبَيْرِ؟ قَالَ: ثِقَتَانِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ فِي غَايَةِ الإِتْقَانِ وَالْحِفْظِ وَالزُّهْدِ حجة3. وقال أبو حاتم وطائفة: ثقة.

_ 1 ضعيف: أخرجه الحاكم في المستدرك "2/ 419، 420"، والطبراني في معجمه الكبير "11/ 49، 193"، وأبو نعيم في حلية الأولياء "3/ 165". 2 طبقات ابن سعد "5/ 357"، وسير أعلام النبلاء "6/ 159". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 159".

وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: الْمُنْكَدِرُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ بْنِ مُحْرِزِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَارِثَةَ بْن سَعْدِ بْن تَيْمِ بْن مُرَّةَ بْن كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: كَمْ مِنْ عَيْنٍ سَاهِرَةٍ فِي رِزْقِي فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ1، وَكَانَ إِذَا بَكَى مَسَحَ وَجْهَهُ وَلِحْيَتَهُ مِنْ دُمُوعِهِ وَيَقُولُ: النَّارُ لا تَأْكُلُ مَوْضِعًا مَسَّتْهُ الدُّمُوعُ. وَعَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: كَابَدْتُ نَفْسِي أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى اسْتَقَامَتْ. وَرَوَى حُسَيْنُ الْجُعَفِيُّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ سَوْقَةَ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يَسْتَقْرِضُ وَيَحُجُّ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: أَرْجُو قَضَاءَهَا. وَقَالَ سُفْيَانُ: تَعَبَّدَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَهُوَ غُلامٌ وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ عِبَادَةٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: محمد وأبو بكير وَعُمَرُ بَنُو الْمُنْكَدِرِ لا يُدْرَى أَيُّهُمْ أَفْضَلُ. وَرَوَى الْفَضْلُ الْغِلابِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: إِنِّي لأَدْخُلُ فِي اللَّيْلِ فَيَهُولُنِي فَأُصْبِحُ حِينَ أُصْبِحُ وَمَا قَضَيْتُ مِنْهُ أُرْبِي. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يُصَلِّي ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَمُدَّ يَدَيْهِ وَيَدْعُو ثُمَّ يَنْحَرِفُ عَنِ الْقِبْلَةِ وَيُشْهِرُ يَدَيْهِ وَيَدْعُو، يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فِعْلَ الْمُوَدِّعِ. وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارُ بْنُ الْعَلاءِ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ رُبَّمَا قَامَ اللَّيْلَ فَكَانَ لَهُ جَارٌ مُبْتَلًى فَكَانَ يَصِيحُ وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْحَمْدِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَرْفَعُ صَوْتِي بِالنِّعْمَةِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْبَلاءِ. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَعْقُوبَ التَّيْمِيُّ2 قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يَجْلِسُ مَعَ أَصْحَابِهِ وَكَانَ يُصِيبُهُ صِمَاتٌ فَكَانَ يَقُومُ كَمَا هُوَ حَتَّى يَضَعَ خَدَّهُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ يَرْجِعُ، فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهُ تُصِيبُنِي خَطْرَةٌ فَإِذَا وَجَدْتُ ذَلِكَ اسْتَغَثْتُ بِقَبْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-3.

_ 1 ولفظه في طبقات ابن سعد "5/ 357". 2 وإسماعيل بن يعقوب التيمي عن هشام بن عروة، ضعفه أبو حاتم. وله حكايات منكرة عن مالك ساقها الخطيب في ميزان الاعتدال "1/ 254". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 159".

وَكَانَ يَأْتِي مَوْضِعًا مِنَ الْمَسْجِدِ يَتَمَرَّغُ فِيهِ وَيَضْطَجِعُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هَذَا الْمَوْضِعِ1. إِسْمَاعِيلُ: فِيهِ لِينٌ2. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا مُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ أبي يحج بولده فقيل له: لن تَحُجُّ بِهَؤُلاءِ؟ قَالَ: أَعْرِضُهُمْ لِلَّهِ. وَرَوَى حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ سَيِّدًا يُطْعِمُ الطَّعَامَ وَيَجْتَمِعُ عِنْدَهُ الْقُرَّاءُ3. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قِيلَ لابْنِ الْمُنْكَدِرِ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ. وَقِيلَ لَهُ: أَيُّ الدُّنْيَا أَحَبُّ إِلَيْكَ - قَالَ: الإِفْضَالُ إِلَى الإِخْوَانِ4. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: بَاتَ أَخِي عُمَرُ يُصَلِّي وَبِتُّ أَغْمِزُ قَدَمَ أُمِّي وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ5. وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلَى الأَرْضِ وَيَقُولُ: يَا أُمِّ ضَعِي قَدَمَكِ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: تَبِعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ جَنَازَةَ رَجُلٍ كَانَ يُسَفَّهُ بِالْمَدِينَةِ فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ فقال: والله إني لأستحيي مِنَ اللَّهِ أَنْ يَرَانِي أَرَى رَحْمَتَهُ عَجَزَتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: خَرَجَ نَاسٌ غُزَاةٌ فِي الصَّائِفَةِ فِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ فَبَيْنَا هُمْ يَسِيرُونَ فِي السَّاقَةِ إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اشْتَهِي جُبْنًا رَطِبًا فَقَالَ مُحَمَّدٌ: فَاسْتَطْعِمِ اللَّهَ فَإِنَّهُ قَادِرٌ، فَدَعَا الْقَوْمُ فَلَمْ يَسِيرُوا إِلا شَيْئًا حَتَّى وَجَدُوا مِكْتلا6 مَخِيطًا فَإِذَا هُوَ جُبْنٌ طَرِيٌّ رَطِبٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ كان هذا عسلًا، قال:

_ 1 انظر السابق. 2 وانظر ميزان الاعتدال "1/ 254". 3 وذكره الذهبي في السير "6/ 160". 4 المصدر السابق. 5 الطبقات: لابن سعد "5/ 358". 6 مكتلا: هو زنبيل يعمل من الخوص، والزنبيل: هو القفة، والجمع: زنانبيل، وزبل.

الذي أطعمكموه قادر، فدعوا اللَّهَ فَسَارُوا قَلِيلا فَوَجَدُوا فِرْقَ عَسَلٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَنَزَلُوا وَأَكَلُوا الْجُبْنَ وَالْعَسَلَ. وَقَدْ رَوَاهَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ "مُجَابِي الدَّعْوَةِ" عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ1. وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَمَامِيُّ قَالَ: اسْتَوْدَعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَدِيعَةً فَاحْتَاجَ فَأَنْفَقَهَا فَجَاءَ صَاحِبُهَا فَطَلَبَهَا فَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَدَعَا فَقَالَ: يَا سَادَّ الْهَوَاءَ بِالسَّمَاءِ وَيَا كَابِسَ الأَرْضِ عَلَى الْمَاءِ وَيَا وَاحِدًا قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَيَا وَاحِدًا بَعْدَ كُلِّ أَحَدٍ يَكُونُ أَدِّ عَنِّي أَمَانَتِي، فَسَمِعَ قَائِلا يَقُولُ: خُذْ هَذِهِ فَأَدِّهَا عَنْ أَمَانَتِكَ وَأَقْصِرْ فِي الْخُطْبَةِ فَإِنَّكَ لَنْ تَرَانِي2. وَعَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ: إِنَّ رُؤْيَةَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ لَتَنْفَعُنِي فِي دِينِي. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الصَّالِحُونَ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ حَافِظٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَمِعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ مِنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ. وَقَالَ عَمْرٌو النَّاقِدُ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَالَ: أَتَأْذَنُونَ؟ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مَتِينَانِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ وَرَأَيْتُهُ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ. أُنْبِئْتُ عَنِ اللبان أَنَا أَبُو عليّ الحدّاد أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ الأُنَيْسِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يَذْكُرْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَائِمٌ يُصَلِّي إِذْ بَكَى فَكَثُرَ بُكَاؤُهُ حَتَّى فَزِعَ لَهُ أَهْلُهُ وَسَأَلُوهُ فَاسْتَعْجَمَ عَلَيْهِمْ وَتَمَادَى فِي الْبُكَاءِ فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ حَازِمٍ فَجَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا الَّذِي أَبْكَاكَ؟ قَالَ: مَرَّتْ بِي آيَةٌ، قال: وما هي؟ قال: قوله تعالى

_ 1 أورده في مجابو الدعوة ابن أبي الدنيا "ص/ 99 برقم [67] "، وأبو نعيم في الحلية "3/ 151"، والذهبي في السير "6/ 160". 2 طبقات ابن سعد بنحوه "5/ 359".

{وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47] فَبَكَى أَبُو حَازِمٍ مَعَهُ حَتَّى اشْتَدَّ بُكَاؤُهُمَا1. وَقَالَ ابْنُ سَوْقَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ الْغِنَى. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: بَعَثَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا ثُمَّ قَالَ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ مَا ظَنُّكُمْ بِرَجُلٍ فَرَّغَ صَفْوَانَ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ. تُوُفِّيَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَقِيلَ: سنة إحدى وثلاثين، قاله هارون بْنُ مُوسَى الْفَرَوِيُّ وَالْفَسَوِيُّ. 308- مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعِ بن جابر بن الأخنس2 -م د ت ن- أَبُو بَكْرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الأَزْدِيُّ البصري. أَحَدُ الأَئِمَّةِ وَالْعُبَّادِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْمَكِّيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ وَأَزْهَرُ بْنُ سِنَانٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَمَّادَانِ وَمَعْمَرٌ وَسَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ وَأَبُو الْمُنْذِرِ سَلامٌ الْقَارِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ عَابِدٌ صَالِحٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ لَكِنَّهُ بُلِيَ بِرُوَاةٍ ضُعَفَاءَ. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: لَمْ يَكُنْ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عِبَادَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَكَانَتِ الْفُتْيَا إِلَى غَيْرِهِ، وَإِذَا قِيلَ: مَن أَفْضَلُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ؟ قِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ صَحِيفَتِهِ مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ. وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَخْشَعَ من محمد بن واسع.

_ 1 تذكرة الحفاظ "1/ 127"، وسير أعلام النبلاء "6/ 156". 2 التاريخ الكبير "1/ 255"، وتهذيب التهذيب "9/ 499".

وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كُنْتُ إِذَا وَجَدْتُ مِنْ قَلْبِي قَسْوَةً غَدَوْتُ فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ كَانَ كَأَنَّهُ ثَكْلَى1. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ رَجُلٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ: أَوْصِنِي، قَالَ: أُوصِيكَ أَنْ تَكُونَ مَلِكًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ: كَيْفَ هَذَا - قال: ازْهَدْ2 فِي الدُّنْيَا. وَعَنْهُ قَالَ: طُوبَى لِمَنْ وجد عشاء ولم غَدَاءً وَوَجَدَ غَدَاءً وَلَمْ يَجِدْ عَشَاءً وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قَسَّمَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ عَلَى قُرَّائِهَا فَبَعَثَ إِلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ فَأَخَذَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ وَاسِعٍ: قَبِلْتَ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ! قَالَ: سَلْ جُلَسَائِي، فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ اشْتَرِي بِهَا رَقِيقًا فَأَعْتِقْهُمْ، قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَقَلْبُكَ السَّاعَةُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لا. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: لَوْ كَانَ لِلذُّنُوبِ رِيحٌ مَا جَلَسَ أَحَدٌ إِلَيَّ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا صَافَّ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ التُّرْكَ وَهَالَهُ أَمْرَهُمْ سَأَلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ فَقِيلَ: هو ذاك فِي الْمَيْمَنَةِ يُبَصْبِصُ3 بِإِصْبَعِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ قَالَ: تِلْكَ الإِصْبَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ سَيْفٍ شَهِيرٍ4 وَشَابٍّ طَرِيرٍ5. وَقَالَ حَزْمُ الْقُطَعِيُّ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ: يَا إِخْوَتَاهُ تَدْرُونَ أَيْنَ يَذْهَبُ بِيَ اللَّهُ إِلَى النَّارِ أَوْ يَعْفُوَ عَنِّي. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: لَمْ يَكُنْ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ كَبِيرُ عبادة وكان يلبس قميصًا بصريًا وساجًا6.

_ 1 يعني: أفقدني حياتي. 2 ازهد في الدنيا: يعني أعرض عنها ولا تكن راغبا فيها، راضيا بها. لأن الزهد: هو الزهادة: وهي خلاف الرغبة في الشيء، والرضا باليسير. مما يتيقن حله، وترك الزائد على ذلك لله تعالى. 3 يعني يحرك بإصبعه نحو السماء. 4 شهر السيف: يعني سله من غمده، ورفعه. 5 شاب طاير: يعني ذو المنظر والرواء والهيئة الحسنة. 6 الساج: هو الطيلسان.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: ثنا جُبَيْرٌ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ: رَأَى رَجُلٌ كَأَنَّ مُنَادِيًا يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ: خَيْرُ رَجُلٍ بِالْبَصْرَةِ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ. وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: لا نَزَالُ بِخَيْرٍ مَا بَقِيَ لَنَا أَشْيَاخُنَا: مَالِكٌ وَثَابِتٌ وَابْنُ وَاسِعٍ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: قَالَ ابْنُ وَاسِعٍ: إِنِّي لأَغْبِطُ رَجُلا مَعَهُ دِينُهُ وَلَيْسَ مَعَهُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ رَاضٍ عَنْ رَبِّهِ. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: إِذَا أَقْبَلَ الْعَبْدُ بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ أَقْبَلَ اللَّهُ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: يَكْفِي مِنَ الدُّعَاءِ مَعَ الْوَرَعِ الْيَسِيرُ مِنَ الْعَمَلِ كَمَا يَكْفِي الْقَدْرُ مِنَ الْمِلْحِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ عَلَى قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ الأَمِيرِ فِي مَدْرَعَةِ صُوفٍ1، فَقَالَ: مَا يَدْعُوكَ إِلَى لِبْسِ هَذِهِ؟ فَسَكَتَ فَقَالَ: أُكَلِّمُكَ فَلا تُجِيبُنِي! قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ زُهْدًا فَأُزَكِّي نَفْسِي أَوْ أَقُولَ فَقْرًا فَأَشْكُو رَبِّي. وَرَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ وَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: قَرِيبًا أَجَلِي، بَعِيدًا أَمَلِي، سَيِّئًا عَمَلِي. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ - وَلَيْسَ بِالضُّبَعِيِّ - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ فَشَكَا ابْنَهُ فَأَقْبَلَ مُحَمَّدٌ عَلَى ابْنِهِ فَقَالَ: تَسْتَطِيلُ عَلَى النَّاسِ وَأُمُّكَ اشْتَرَيْتُهَا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَمَّا أَبُوكَ فَلا كَثَّرَ اللَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ مِثْلَهُ. وَعَنْ قَاسِمٍ الْخَوَّاصِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ قَالَ لِرَجُلٍ: أَأَبْكَاكَ قَطُّ سَابِقُ عِلْمِ اللَّهِ فِيكَ. قَالَ خَلِيفَةُ2: مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَكَذا رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ. وَقَالَ بَعْضُ وَلَدِ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.

_ 1 يعني وهو يلبس درعا من الصوف، والدرع هو القميص من حلقات من الحديد تلبس وقاية من السلاح "ج" أدراع. 2 راجع تاريخ خليفة وفاته في عام "127هـ"، وليس كما ورد "123 هـ".

وَعَنْ أَبِي الطَّيْبِ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ قَالَ: صَحِبْتُ مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ أَجْمَعَ، يُصَلِّي فِي الْمَحْمَلِ جَالِسًا. وَعَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: شَهِدْتُ حَوْشَبًا جَاءَ إِلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ كَأَنَّ مُنَادِيًا يُنَادِي يَقُولُ: يَأَيُّهَا النَّاسُ الرَّحِيلَ الرَّحِيلَ فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَرْتَحِلُ إِلا مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ فَصَاحَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. قَالَ مُضَرُ: كَانَ الْحَسَنُ يُسَمِّي مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ زَيْنُ الْقُرَّاءِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَبْكِي عِشْرِينَ سَنَةً وَامْرَأَتُهُ مَعَهُ لا تَعْلَمُ. وَقَالَ أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنِي مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: دَعَا مَالِكُ بْنُ الْمُنْذِرِ مُحَمَّدَ بْنَ وَاسِعٍ وَكَانَ عَلَى شُرْطَةِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ: اجْلِسْ عَلَى الْقَضَاءِ، فَأَبَى فَعَاوَدَهُ فَقَالَ: لِتَجْلِسَنَّ أَوْ لأَجْلِدَنَّكَ ثَلاثِمِائَةٍ، قَالَ: إِنْ تَفْعَلْ فَإِنَّكَ مُسَلَّطٌ وَإِنَّ ذَلِيلَ الدُّنْيَا خَيْرٌ مِنْ ذَلِيلِ الآخِرَةِ. قَالَ: وَدَعَاهُ بَعْضُ الأُمَرَاءِ فَأَرَادَهُ عَلَى بَعْضِ الأَمْرِ فَأَبَى فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ أَحْمَقٌ1، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: مَا زِلْتُ يُقَالُ لِي هَذَا مُنْذُ أَنَا صَغِيرٌ. وَعَنِ ابْنِ وَاسِعٍ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى ابْنٍ لَهُ يَخْطُرُ بِيَدِهِ فَقَالَ: تَعَالَ وَيْحَكَ تَدْرِي، أُمُّكَ اشْتَرَيْتُهَا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَأَبُوكَ فَلا كَثَّرَ اللَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ ضَرْبَهُ. وَيُرْوَى أَنَّ قَاصًّا كَانَ قَرِيبًا مِنْ مَجْلِسِ ابن واسع فقال: ما لي أَرَى الْقُلُوبَ لا تَخْشَعُ وَالْعُيُونَ لا تَدْمَعُ وَالْجُلُودَ لا تَقْشَعِرُّ؟ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَا فُلانُ مَا أَرَى الْقَوْمَ أَتَوْا إِلا مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ الذِّكْرَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْقَلْبِ وَقَعَ عَلَى الْقَلْبِ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَزِّمٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ يَصُومُ الدَّهْرَ وَيُخْفِي ذَلِكَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ عَلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ فَدَعَاهُ إِلَى طَعَامِهِ فَاعْتَلَّ عَلَيْهِ فَغَضِبَ بِلالٌ وَقَالَ: إِنِّي أَرَاكَ تَكْرَهُ طَعَامَنَا، فَقَالَ: لا تَقُلْ ذَاكَ أَيُّهَا الأمير فو الله لَخِيَارُكُمْ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَبْنَائِنَا. أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ عَنِ اللَّبَّانِ عَنِ الْحَدَّادِ قِرَاءَةً أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

_ 1 يعني قليل العقل.

جَعْفَرٍ ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ. أَخْرَجَهُ مسلم من حديث إسماعيل ابن مسلم1. 309- محمد بن يحيى بن حبان2 -ع- بْنِ مُنْقِذٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ الْبُخَارِيُّ المازني المدني الفقيه. رَوَى عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ وَعَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ وَالأَعْرَجِ وَعَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ. وَعَنْهُ رَبِيعَةُ الرَّائِيُّ وَابْنُ عَجْلانَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَمْرُو بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَخَلْقٌ. وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ثِقَتِهِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ لَهُ حَلَقَةٌ لِلْفَتْوَى وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَاشَ أَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. قُلْتُ: اتَّفَقُوا عَلَى مَوْتِهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 310- مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو بَكْرٍ الرَّحْبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ3. وَالرَّحْبَةُ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى دِمَشْقَ قَدْ خَرِبَتْ. رَوَى عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ وَعُمَيْرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَبِي خَنْبَشٍ الأَسَدِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَالْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ وَآخَرُونَ. وهو قليل الحديث لم أرلهم فِيهِ كَلامًا. وَأَبُو خَنْبَشٍ هَذَا شَهِدَ يَوْمَ الدار.

_ 1 أخرجه مسلم "1226/ 171". 2 التاريخ الكبير "1/ 265"، وتهذيب التهذيب "9/ 507". 3 التاريخ الكبير "1/ 261"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 221".

311- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَوْفٍ الثَّقَفِيُّ1 -خ م ن ق- حِجَازِيٌّ مُوَثَّقٌ لَهُ حَدِيثٌ فِي التَّهْلِيلِ يَوْمَ عَرَفَةَ. رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمْ بِرِوَايَتِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. 312- مَخْرَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَالِبِيُّ الْمَدَنِيُّ2 -ع-. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَكُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عباس وعبد ربه بن سَعِيدٍ وَالضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. قُتِلَ يَوْمَ قُدَيْدَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 313- مَرْثَدُ بْنُ سُمَيٍّ الأَوْزَاعِيُّ3. شَهِدَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ. وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَطَائِفَةٍ وَعَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ. وَعَنْهُ حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. وَفِي النَّفْسِ مِنْ صِحَّةِ شُهُودِهِ الْيَرْمُوكَ، وَأَمَّا رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَلَعَلَّهَا مُرْسَلَةٌ. اتَّفَقُوا عَلَى وَفَاتِهِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. أَرَّخَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَخَلِيفَةُ وَالزِّيَادِيُّ. 314- مَرْزُوقٌ أَبُو بَكْرٍ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ4. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَجَمَاعَةٌ. قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَلَمْ يُضَعِّفْهُ. 315- مُزَاحِمُ بن زفر الكوفي5 -م ن- وهو مزاحم بن أبي مزاحم.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 46"، وتقريب التهذيب "2/ 148". 2 التاريخ الكبير "8/ 15"، وتقريب التهذيب "2/ 242". 3 التاريخ الكبير "7/ 416"، والجرح والتعديل "8/ 299". 4 التاريخ الكبير "7/ 383"، وتقريب التهذيب "2/ 244". 5 التاريخ الكبير "8/ 23"، وتقريب التهذيب "2/ 247".

عَنْ مُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَشُعْبَةُ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنِي مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ الضَّبِّيُّ وَكَانَ كَخَيْرِ الرِّجَالِ. 316- مُسْلِمُ بْنُ سَمْعَانَ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 317- مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ السَّلْمِيُّ2. مَوْلاهُمْ أَخُو مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ وَأَبِي صَالِحٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَيُقَالُ لَهُ مُسْلِمُ الْخَيَّاطُ، وَعَامَّةُ رِوَايَتِهِ مُرْسَلٌ وَآثَارٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 318- مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ يَسَارٍ الأَنْصَارِيُّ3 -خ م د ن ق- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ الْخَيَّاطُ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي صالح السمان. هو الَّذِي قَبْلَهُ وَلا أَرَى لِتَفْرِيقِهِمَا وَجْهًا قَوِيًّا. وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ. 319- مُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ4 -د- قد ذكر.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 262"، والتعديل "8/ 184". 2 التاريخ الكبير "7/ 273"، والتاريخ لابن معين "885". 3 تقريب التهذيب "2/ 253"، وميزان الاعتدال "4/ 527". 4 التاريخ الكبير "7/ 387" وتهذيب التهذيب "10/ 144".

وَيُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 320- مُشَاشٌ أبو ساسان1 -ن- ويقال: أبو الأزهر السليمي. عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَالضَّحَّاكِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقِيلَ: إِنَّهُمَا اثْنَانِ أَحَدُهُمَا الَّذِي رَوَى عَنِ الضَّحَّاكِ وَأَنَّهُ مَرْوَزِيٌّ. 321- مُصْعَبُ بن محمد شرحبيل2 -ن ق- العبدري المكي. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ وَوُهَيْبٌ والسُّفْيَانَانِ وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ به. 322- مطر الوراق3 -م4- أبو رجاء بن طهمان مَوْلَى عَلْبَاءَ بْنِ أَحْمَدَ الْيَشْكُرِيِّ. خُرَاسَانِيٌّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ وَكَانَ يَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ وَلَهُ حَظٌّ مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَالْحَسَنِ وَعِكْرَمَةَ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ. وَعَنْهُ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ فِي عَطَاءٍ ضَعِيفٌ. قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعْتُ عَمِّي عيسى يقول: ما رأيت مثل مطر

_ 1 تهذيب التهذيب "10/ 154"، وعلل أحمد "1/ 60". 2 التاريخ الكبير "7/ 351"، وتهذيب التهذيب "10/ 164". 3 التاريخ الكبير "7/ 400"، وميزان الاعتدال "4/ 126".

الْوَرَّاقِ فِي فِقْهِهِ وَزُهْدِهِ، وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: رَحِمَ اللَّهُ مَطَرًا الْوَرَّاقَ إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الْجَنَّةَ. وَعَنْ شَيْبَةَ بِنْتِ الأَسْوَدِ قَالَتْ: رَأَيْتُ مَطَرًا الْوَرَّاقَ وَهُوَ يَقُصُّ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 323- مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ بْن طلحة بْن عُبَيْد الله القرشي التيمي1 -خ ن ق-. عَنْ أَبِيهِ وَأَعْمَامِهِ مُوسَى وَعِمْرَانَ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ وَعُرْوَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 324- مُعَاوِيَةُ بْنُ الرَّيَّانِ2. مولى عبد العزيز بن مران. عَنْ أَبِي فِرَاسٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وعنه عمرو بن الحارث والليث بن سعد وَابْنُ لَهِيعَةَ. عِدَادُهُ فِي الْمِصْرِيِّينَ. تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ هِشَامٍ. 325- مَعْبَدٌ الْمُغَنِّي3. الَّذِي يُضَربُ بِهِ الْمَثَلُ فِي جَوْدَةِ الْغِنَاءِ، وَهُوَ مَعْبَدُ بْنُ وَهْبٍ - وَيُقَالُ: ابْنُ قَطَنِيٍّ وَيُقَالُ: ابْنُ قَطَنٍ - أَبُو عَبَّادٍ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ. وَيُقَالُ: مَوْلَى مُعَاوِيَةَ. وَقِيلَ: مَوْلَى ابْنِ قَطَنٍ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ. وَكَانَ أَدِيبًا فَصِيحًا لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى الْوَلِيدِ الْمَقْتُولِ. قَالَ كَرْدَمُ بْنُ مَعْبَدٍ الْمُغَنِّي مَوْلَى ابْنِ قَطَنٍ: مَاتَ أَبِي وَهُوَ فِي عَسْكَرِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَأَنَا مَعَهُ, فَنَظَرْتُ حِينَ أُخْرِجَ نَعْشُهُ إِلَى سَلامَةِ الْقَسِّ جَارِيَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَدْ أَضْرَبَ النَّاسُ عَنْهُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَهِيَ آخِذَةٌ بِعَمُودِ نَعْشِهِ تَنْدِبُهُ وَتَقُولُ: قَدْ لَعَمْرِي بِتُّ لَيْلِي ... كَأَخِي الدَّاءِ الْوَجِيعِ وَنَجِيُّ الْهَمِّ مِنِّي ... بَاتَ أدْنَى من ضجيعي

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 333"، وميزان الاعتدال "4/ 134". 2 التاريخ الكبير "7/ 334"، والجرح والتعديل "8/ 384". 3 راجع الأغاني "1/ 36"، وعيون الأخبار "4/ 90".

كُلَّمَا أَبْصَرْتُ رَبْعًا ... خَالِيًا فَاضَتْ دُمُوعِي قَدْ خلا من سيد كا ... ن لَنَا غَيْرُ مُضِيعِ لا تَلُمْنَا إِنْ خَشَعْنَا ... أَوْ هَمَمْنَا بِخُشُوعِ1 وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمَرَ أَبِي أَنْ يُعَلِّمَهَا هَذَا الصَّوْتَ فَعَلَّمَهَا إِيَّاهُ فَرَثَتْهُ بِهِ يَوْمَئِذٍ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 326- مَعْمَرُ بْنُ أَبِي حَبِيبَةَ2. عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ وَعُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ. وَعَنْهُ بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 327- مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ3 -خ م- الهذلي الكوفي. قَاضِي الْكُوفَةِ. عَنْ أَبِيهِ وَجَعْفَرِ بْن عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ وَأَبِي دَاوُدَ نُفَيْعٍ، وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ. وَكَانَ عَفِيفًا صَارِمًا عَالِمًا مُوَثَّقًا فِي الْحَدِيثِ. 328- الْمُغِيرَةُ بْنُ عُتَيْبَةَ بْنِ النَّهَّاسِ الْعِجْلِيُّ4، الْكُوفِيُّ. قَاضِي الْكُوفَةِ أَيْضًا. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُوسَى بْنِ طَلْحَةَ وَمُكَيْثٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَكَامِلٌ أَبُو الْعَلاءِ وَمِسْعَرٌ وفضيل بن غزوان.

_ 1 انظر الأغاني "1/ 36". 2 التاريخ الكبير "7/ 377"، وتهذيب التهذيب "10/ 243". 3 التاريخ الكبير "7/ 390"، وتهذيب التهذيب:10/ 252". 4 التاريخ الكبير "7/ 322"، والجرح والتعديل "8/ 227".

ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ. 329- المقدام بن شريح بن هانيء الحارثي1 -م4 الكوفي. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ وَابْنُهُ يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 330- الْمُنْذِرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَدَنِيُّ2 -د ن-. عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيحٌ وَغَيْرُهُمْ. 331- مُهَاجِرٌ أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ الصَّائِغُ3 -خ م د ت ن-. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْبَرَاءِ وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 332- مُوسَى بْنُ السَّائِبِ4 -د- أبو سعدة. عَنْ قَتَادَةَ وَمُعَاوُيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. 333- مُوسَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الصَّبَّاحُ الأَنْصَارِيُّ5، الْكُوفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِمُوسَى الكبير. عن سعيد بن المسيب ومجاهد.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 430"، وتهذيب التهذيب "10/ 287". 2 التاريخ الكبير "7/ 357"، والجرح والتعديل "8/ 243". 3 التاريخ الكبير "7/ 380"، وتهذيب التهذيب "10/ 324". 4 التاريخ الكبير "7/ 285"، وتهذيب التهذيب "10/ 344". 5 التاريخ الكبير "7/ 293"، وميزان الاعتدال "4/ 218".

وعنه مِسْعَرٍ وَسُفْيَانَ وَشُعْبَةَ وَشَرِيكٍ وَهُشَيْمٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ سَعْدٍ والْفَسَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْمُرْجِئَةِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَكَلَّمَهُ فِي الإِرْجَاءِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ: كَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمُرْجِئَةِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ: كَانَ يَرَى القدر. كذا قالا. وقد رَوَى ابْنَ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ سَمِعَ أَبَا الصباح يقول: الكلام فِي الْقَدَرِ أَبُو جَادٍ الزَّنْدَقَةَ. قُلْتُ: قَلَّمَا رَوَى هَذَا الشَّيْخُ. 334- مَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ النَّهْدِيُّ1 -د ت ن- أبو حازم. كُوفِيٌّ ثِقَةٌ. رَوَى عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 335- مَيْسَرَةُ الأَشْجَعِيُّ الْكُوفِيُّ2 -خ م ن-. عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَزَائِدَةُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَثَّقُوهُ. 336- مَيْمُونٌ الْكُرْدِيُّ3. عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَدَيْلَمُ بْنُ غَزْوَانَ وَالْفَضْلُ بْنُ عُمَيْرَةَ الطُّفَاوِيُّ. وثقه أبو داود.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 376"، وتهذيب التهذيب "10/ 386". 2 التاريخ الكبير "7/ 376"، وتهذيب التهذيب "10/ 386". 3 التاريخ الكبير "7/ 340"، وتهذيب التهذيب "394".

"حرف النون": 337-نبيه بن وهب1 -م4- بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيُّ الْحَجَبِيُّ المدني. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةَ وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ. وَعَنْهُ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ بَلْ أَقْدَمُ مِنْهُ - وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي فِتْنَةِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ وَكَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. صَدُوقٌ. 338- نِزَارُ بْنُ حَيَّانَ الأَسَدِيُّ2 -ت ق-. عَنْ أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ وَالْقَاسِمُ بْنُ حَبِيبٍ التَّمَّارُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّيْثِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَآخَرُونَ. لا بَأْسَ بِهِ. 339- نسير بن ذعلوق أبو أَبُو طُعْمَةَ الْكُوفِيُّ3 -ق-. عَنْ أَبِيهِ وَابْنِ عُمَرَ وَالرَّبيِعِ بْنِ خَثْيَمٍ وَبَكْرِ بْنِ مَاعِزٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَمْرٌو وَالثَّوْرِيُّ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ وَغَيْرُهُمْ. وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا. 340- نَصْرُ بْنُ عمران4 -ع- أبو جمرة الضبعي البصري. أَحَدُ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ. رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وابن عمر وغيرهم.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 123"، وتقريب التهذيب "2/ 303". 2 ميزان الاعتدال "4/ 248"، والمجروحين "3/ 56". 3 تهذيب التهذيب "10/ 424"، والثقات "5/ 486". 4 التاريخ الكبير "8/ 104"، وتهذيب التهذيب "10/ 431".

وَعَنْهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ وَآخَرُونَ. وَكَانَ إِمَامًا ثِقَةً. اسْتَصْحَبَهُ مَعَهُ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ إِلَى خُرَاسَانَ فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَصْرَةِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَبُو جَمْرَةَ وَأَبُو حَمْزَةَ رَوَيَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ بَصْرِيٌّ. وَأَبُو حَمْزَةَ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي عَطَاءٍ وَاسِطِيٌّ ثِقَةٌ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةً أَنَّ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُعَلِّمَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّا ابْنَ خَيْرُونٍ وَعَبْدَ الْوَهَّابِ الأَنْمَاطِيَّ قَالا: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ الصريفيني أنا عبيد الله ابن حُبَابَةَ أنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ أَنا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِي أُنَاسٌ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَأَمَرَنِي بِهَا، قَالَ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ قَائِلا يَقُولُ: حَجٌّ مَبْرُورٌ وَعُمْرةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، قَالَ: فَحَدَّثْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ أَوْ قَالَ: سُنَّةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَبِهِ قَالَ: كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَانَ يُجْلِسُنِي مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ لِي: أَقِمْ عِنْدِي حَتَّى أَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي فَأَقَمْتُ مَعَهُ شَهْرَيْنِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ ثِقَةٌ تُوُفِّيَ فِي وِلايَةِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ عَلَى الْعِرَاقِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ بِسَرْخَسَ فِي آخِرِ سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ. 341- النَّضْرُ بْنُ شَيْبَانَ الْحُدَّانِيُّ1 -ن ق-. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ. وَعَنْهُ أَبُو عُقَيْلٍ الدَّوْرَقِيُّ وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ الْكَبِيرُ وَالْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَوَقَعَ لَنَا حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي المخلصات.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 88"، وتهذيب التهذيب "10/ 438".

342- النُّعْمَانُ بْنُ عَمْرٍو اللَّخْمِيُّ الْمِصْرِيُّ1. عَنْ علَيِّ بْنِ رَبَاحٍ وَحُسَيْنِ بْنِ شَفِيٍّ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. 343- نُفَيْعُ بْنُ الحارث الهمداني2 -ن ق- أبو داود الأعمى الكوفي القاص. عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَبُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ وابن عباس وزيد بن أرقم وطائفة. وعنه الأَعْمَشُ وَسُفْيَانُ وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى وَأَبُو الأَحْوَصِ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: كَانَ يَغْلُو فِي الرَّفْضِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: ثنا هَمَّامٌ قَالَ: دَخَلَ أَبُو دَاوُدَ الأَعْمَى عَلَى قَتَادَةَ فَلَمَّا قَامَ قِيلَ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ لَقِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَدْرِيًّا، فَقَالَ قَتَادَةُ: هَذَا كَانَ سَائِلا قَبْلَ الْجَارِفِ لا يَعْرِضُ فِي شَيْءٍ مِنْ هذا ولا يتكلم فيه فو الله مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً وَلا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ بَدْرِيٍّ مُشَافَهَةً إِلا عَنْ سَعِيدٍ. 344- نُمَيْرُ بْنُ أَوْسٍ الأَشْعَرِيُّ3 -ت- الفقيه قَاضِي دِمَشْقَ. أَرْسَلَ عَنْ حُذَيْفَةَ وَغَيْرِهِ وَرَوَى عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ ابْنُهُ الْوَلِيدُ وَيَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَّارِيُّ وَالزُّبَيْدِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمْ. وَأَيْضًا قَضَاءُ أَذْرَبَيْجَانَ، وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ صَدُوقًا. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 446". 2 التاريخ الكبير "8/ 112"، وتهذيب التهذيب "1/ 470". 3 التاريخ الكبير "8/ 117"، وتهذيب التهذيب "10/ 475".

"حرف الهاء": 345- هارون بن رياب1 -م د ن- التميمي الأسيدي أبو بكر البصري. أَحَدُ الْعُبَّادِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَكِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ. وعنه أيوب السختياني والأوزاعي وشعبة والحمادان وسفيان بن عيينة وآخرون. قال أبو داود: يقال إنه كان أجل أهل البصرة. ووثقه أحمد بن حنبل. قال ابن عيينة: عنده أربعة أحاديث. قَالَ: وَكَانَ يُخْفِي الزُّهْدَ وَيَلْبَسُ الصُّوفَ تَحْتَ ثِيَابِهِ وَكَانَ النُّورُ عَلَى وَجْهِهِ. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ هَارُونَ بْنَ رِيَابٍ فَكَأَنَّمَا أَقْلَعَ عَنِ الْبُكَاءِ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ أنا يُوسُفُ الْحَافِظُ أَنا أَبُو الْمَكَارِمِ أَنا أَبُو عَلِيٍّ الْمُقْرِيُّ أَنا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ أَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ أَنا الْبَابِلِيُّ ثنا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ رِيَابٍ قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِيَةٌ يَتَجَاوَبُونَ بِصَوْتٍ رَخِيمٍ حَسَنٍ يَقُولُ أَرْبَعَةٌ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ عَلَى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ. وَيَقُولُ الآخَرُونَ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ عَلَى عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ2. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ: يَمَانُ وَهَارُونُ وَعَلِيٌّ بنو ريان: فَهَارُونُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَالْيَمَانُ مِنْ أَئِمَّةِ الْخَوَارِجِ وَعَلِيٌّ مِنْ أَئِمَّةِ الرَّوَافِضِ وَكَانُوا مُتَعَادِينَ كُلُّهُمْ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: عُدْتُ هَارُونَ بْنَ رِيَابٍ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَمَا فَقَدْتُ وَجْهَ رَجُلٍ فَاضِلٍ إِلا وَقَدْ رَأَيْتُهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: يَا أَخِي كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَ: هُوَ ذَا أَخُوكُمْ يُذْهَبُ بِهِ إِلَى النَّارِ أَوْ يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ3. يُقَالُ: عاش ثلاثًا وثمانين سنة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 219"، وتهذيب التهذيب "11/ 4". 2 أبو نعيم في حلية الأولياء "3/ 55". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 85".

346- هَارُونُ بْنُ سَعْدٍ الْكُوفِيُّ1 -م-. عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ. 347- هشام بن حجيب الْمَكِّيُّ2 -خ م ن-. عَنْ طَاوُسٍ وَالْحسَنِ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ لِي ابْنُ شَبْرُمَةَ: لَيْسَ بِمَكَّةَ مِثْلُ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ. وَقَالَ آخَرُ: ثِقَةٌ. 348- هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ3 -ع-. سَمِعَ جَدَّهُ. وَعَنْهُ ابْنُ عَوْنٍ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 349- هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ4 بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَّيَةَ. الْخَلِيفَةُ أَبُو الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ، وَاسْتُخْلِفَ بِعَهْدٍ مِنْ أَخِيهِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَتْ دَارُهُ عِنْدَ بَابِ الْخَوَّاصِينَ الَّتِي بَعْضُهَا السَّاعَةُ مَدْرَسَةِ النَّوْرِيَّةِ. وَبُويِعَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. وَأُمُّهُ هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: اسْتُخْلِفَ وَعُمْرُهُ أَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ سَنَةً يَوْمَئِذٍ فَاسْتُخْلِفَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامًا.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 221"، وتهذيب التهذيب "11/ 6". 2 تهذيب التهذيب "11/ 33"، وميزان الاعتدال "2954". 3 التاريخ الكبير "8/ 194"، وتهذيب التهذيب "11/ 39". 4 سير أعلام النبلاء "6/ 153"، ودول الإسلام "1/ 85".

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: كَانَ جَمِيلا أَبْيَضَ مُسْمِنًا أَحْوَلَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: زَعَمُوا أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ بَالَ فِي الْمِحْرَابِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَدَسَّ مَنْ يَسْأَلُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْهَا وَكَانَ يَعْبُرُ الرُّؤْيَا وَعَظُمَتْ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: سَعِيدُ يَمْلِكُ مِنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ أَرْبَعَةٌ، فَكَانَ هِشَامُ آخِرَهُمْ، وَكَانَ يَجْمَعُ الْمَالَ وَيُوصَفُ بِالْحِرْصِ وَيَبْخَلُ، وَكَانَ حَازِمًا عَاقِلا. قَالَ أَبُو عُمَيْرِ بْنُ النَّحَّاسِ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كَانَ لا يَدْخُلُ بَيْتَ مَالِ هِشَامٍ مَالٌ حَتَّى يَشْهَدَ أَرْبَعُونَ قَسَّامَةً لَقَدْ أَخَذَ مِنْ حَقِّهِ وَلَقَدْ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَسْمَعُ رَجُلٌ مَرَّةً هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَلامًا فَقَالَ لَهُ: يَا هَذَا لَيْسَ لَكَ أَنْ تُسْمِعَ خَلِيفَتَكَ1. قَالَ: وَغَضِبَ مَرَّةً عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَضْرِبَكَ سَوْطًا. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ثنا سَحْبَلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ الْخُلَفَاءِ أَكْرَهُ إِلَيْهِ الدِّمَاءُ وَلا أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ هِشَامٍ. وَلَقَدْ دَخَلَهُ مِنْ مَقْتَلِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَيَحْيَى بْنِ زَيْدٍ أَمْرٌ شَدِيدٌ وَقَالَ: وَدَدْتُ أَنِّي كُنْتُ أَفْتَدَيْتُهُمَا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَكْرَهُ إِلَيْهِ الدِّمَاءُ مِنْ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَلَقَدْ ثَقُلَ عَلَيْهِ خُرُوجُ زَيْدٍ فَمَا كَانَ شَيْءٌ حَتَّى أُتِيَ إِلَيْهِ بِرَأْسِهِ وَصُلِبَ بَدَنُهُ بِالْكُوفَةِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فَلَمَّا ظَهَرَ بَنُو الْعَبَّاسِ عَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَنَبَشَ هِشَامًا مِنْ قَبْرِهِ وَصَلَبَهُ2. قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: مَا بَقِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ لَذَّاتِ الدُّنْيَا إِلا وَقَدْ نِلْتُهُ إِلا شَيْئًا وَاحِدًا: أَخٌّ أَرْفَعُ مَئُونَةَ التَّحَفُّظِ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا الْبَيْتَ لَهُ وَلَمْ يُحْفَظْ لَهُ سِوَاهُ. إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْصِ الْهَوَى قَادَكَ الْهَوَى ... إِلَى بَعْضِ ما فيه عليك مقال

_ 1 راجع البداية والنهاية "9/ 351"، وفيه "أتقول لي مثل هذا وأنا خليفتك ... ". 2 يعني أخرجه من قبره وصلبه.

قَالَ حَرْمَلَةُ: ثنا الشَّافِعِيُّ قَالَ: لَمَّا بَنَى هِشَامُ الرَّصَافَةَ بِقِنَّسْرِينَ أَحَبَّ أَنْ يَخْلُوَ يَوْمًا لا يَأْتِيهِ فِيهِ غَمٌّ فَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ حَتَّى أَتَتْهُ رِيَشَةٌ بِدَمٍ مِنْ بَعْضِ الثُّغُورِ فَأَوْصَلَتْ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَلا يَوْمًا وَاحِدًا! وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لا يُكْتَبُ إِلَيْهِ بِكِتَابٍ فِيهِ ذِكْرُ الْمَوْتِ. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عِمْرَانَ: مَاتَ هِشَامٌ مِنْ وَرَمٍ أَخَذَهُ فِي حَلْقِهِ يُقَالُ لَهُ الْجَرْذُونَ بِالرَّصَافَةِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: مَاتَ فِي رَبِيعٍ الآخَرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ أَرْبَعٌ وخمسون سنة. 350- هلال بن علي1 -ع- وهو هلال بن أبي ميمونة المدني مولى آل عامر ابن لُؤَيٍّ. مِنَ الثِّقَاتِ الْمَشَاهِيرِ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَأَبِي مُسْلِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الماجشون ومالك بن أنس وفليح. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 351- هِلالٌ الْوَزَّانُ الْكُوفِيُّ الصيرفي2 -خ م د ت ن- هُوَ ابْنُ مِقْلاصٍ وَيُقَالُ: ابْنُ أَبِي حُمَيْدٍ, وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ وَعُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمِسْعَرٌ وَشَيْبَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 352- الْهَيْثَمُ بْنُ حَبِيبٍ أَبُو الْهَيْثَمِ الْكُوفِيُّ الصَّيْرَفِيُّ3. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ وَالْحَكَمِ.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 204"، وتهذيب "11/ 82". 2 التاريخ الكبير "8/ 208"، وتهذيب التهذيب "11/ 77". 3 التاريخ الكبير "8/ 214"، وتهذيب التهذيب "11/ 91".

وَعَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَالْمَسْعُودِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَشُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ. وَكَانَ صَاحِبُ حَدِيثٍ، لم يخرجوا له. "حرف الواو": 353- واصل مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صفرة1 -م د ن ق- الأَزْدِيٌّ. بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ وَالْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ وَيَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ الْخُزَاعِيِّ. وَعَنْهُ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 354- الْوَلِيدُ بْنُ عبد الرحمن2 -ت ن- بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْهَمْدَانِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ أَخُو يَزِيدَ. رَوَى عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ وَقَزَعَةَ بْنِ يَحْيَى وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَمِسْعَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ. قَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقِيلَ: كَانَ مُؤَدِّبًا سَكَنَ الْكُوفَةَ. 355- الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ معاوية الأموي3 -م4- المعيطي أبو يعيش. مُتَوَلِّي قِنَّسْرِينَ لِعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ وَأُمِّ الدرداء وعبد الله بن محيريز وغيرهم.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 172"، وتهذيب التهذيب "11/ 105". 2 التهذيب "11/ 139"، والتقريب "2/ 340". 3 التاريخ الكبير "8/ 156"، وتهذيب التهذيب "11/ 156".

وَعَنْهُ ابْنُهُ يَعِيشُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الأَخْضَرِ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَعِدَّةٌ. وَصَفَهُ الْوَاقِدِيُّ بِالنُّسُكِ وَالدِّينِ، وَلَوْلا ذَا لَمَا أَمَّرَهُ عُمَرُ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَدْ وَلِيَ غَزْوَ الصَّائِفَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ. 356- الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ1 -م4- مُولاهُمُ الْمَدَنِيُّ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَعُرْوَةَ. وَرَأَى ابْنَ عُمَرَ وَجَابِرًا يَخْضِبَانِ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 357- الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ2 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. الْخَلِيفَةُ الْفَاسِقُ أَبُو الْعَبَّاسِ الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. وُلِدَ سَنَةَ تِسْعِينَ، وَيُقَالُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ، فَلَمَّا احْتَضَرَ أَبُوهُ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَهُ لِأَنَّهُ صَبِيٌّ حَدَثٌ فَعَقَدَ لِأَخِيهِ هِشَامٌ وَجَعَلَ هَذَا وَلِيَّ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِ هِشَامٍ. قَالَ أَحْمَدُ في مسنده: ثنا أبو المغيرة أنا ابن عَيَّاشٍ, هُوَ إِسْمَاعِيلُ, حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ قَالَ: وُلِدَ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ وَلَدٌ فَسَمَّوْهُ الْوَلِيدَ, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "سميتموه بأسماء فراعنتكم ليكون فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْوَلِيدُ لَهُوَ أَشَدُّ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ فِرْعَوْنَ لِقَوْمِهِ"3. وَقَدْ رَوَاهُ الْهِقْلُ4 بْنُ زِيَادٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ وَابْنُ كَثِيرٍ عَنِ

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 156"، والتقريب "2/ 343". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 169"، تاريخ ابن خلدون "3/ 106"، مآثرة الإنافة "1/ 156". 3 الحديث أخرجه أحمد في المسند "1/ 109" وهو من الأحاديث التي رماها الحافظ العراقي بالوضع سندا لابن الجوزي في موضاعاته، وقد ذب عنها الحافظ ابن حجر في كتابه "القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد"، وانظر الموضوعات "1/ 158"، واللآلئ المصنوعة "1/ 58"، والهندي في كنز العمال "31442". 4 والهقل: إمام مفت ثبت "الكاشف 3/ 198".

الأَوْزَاعِيِّ فَأَرْسَلُوهُ لَمْ يُدْرِكُوا عُمَرَ، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى الْمَرَاسِيلِ. وَفِي لَفْظِ بَعْضِهِمْ: "لَهُوَ أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي"1. وَفِي لَفْظٍ: "لَهُوَ أَشَدُّ عَلَى أُمَّتِي"2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ: ثنا سَلَمَةُ الأَبْرَشُ حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدِي غُلامٌ مِنْ آلِ الْمُغِيرَةِ اسْمُهُ الْوَلِيدُ فَقَالَ: "مَنْ هَذَا" - قُلْتُ: الْوَلِيدُ، قَالَ: قَدِ اتَّخَذْتُمُ الْوَلِيدَ حَنَانًا غَيِّرُوا اسْمَهُ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ فِرْعَوْنُ يُقَالُ لَهُ الْوَلِيدُ". رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ مُنْقَطِعًا3. وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ: قَالَ لِي الرَّشِيدُ: هَلْ رَأَيْتَ الْوَلِيدَ بْنَ يَزِيدَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: صِفْهُ لِي، قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَشْعَرِهِمْ وَأَشَدِّهِمْ، قَالَ: أَتَرْوِي مِنْ شِعْرِهِ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَجَّ بِالنَّاسِ الْوَلِيدُ وَهُوَ وَلِيُّ عَهْدٍ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ أَبَدًا عِنْدَ هِشَامٍ فِي الْوَلِيدِ وَيَعِيبُهُ وَيَذْكُرُ أُمُورًا عَظِيمَةً لا يُنْطَقُ بِهَا حَتَّى يَذْكُرَ الصِّبْيَانَ أَنَّهُمْ يخضبون بالحناء ويقول: ما يحل لك إلا خَلْعُهُ، فَلا يَسْتَطِيعُ هِشَامٌ. وَلَوْ بَقِيَ الزُّهْرِيُّ إِلَى أَنْ تَمَلَّكَ الْوَلِيدُ لَفَتَكَ بِهِ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ: قَالَ: أَرَادَ هِشَامٌ أن يخلع الوليد وَيَجْعَلَ الْعَهْدَ لولده فقال الوليد: كفرت يدا من منعم لَوْ شَكَرْتَهَا ... جَزَاكَ بِهَا الرَّحْمَنُ ذُو الْفَضْلِ وَالْمَنِّ رَأَيْتُكَ تَبْنِي جَاهِدًا فِي قَطِيعَتِي ... وَلَوْ كُنْتَ ذَا حَزْمٍ لَهَدَمْتَ مَا تبني

_ 1 إسناده ضعيف: سير أعلام النبلاء "6/ 169". 2 انظر السابق. 3 أورده السيوطي في اللآلئ المصنوعة "1/ 101".

أراك على الباقين تجني ضغينة ... فيا ويحهم إنْ مُتَّ مِنْ شَرِّ مَا تَجْنِي كَأَنِّي بِهِمْ يَوْمًا وَأَكْثَرُ قِيلِهِمْ ... أَلا لَيْتَ أَنَا حِينَ يَا لَيْتَ لا تُغْنِي1 قَالُوا: وَتَسَلَّمَ الأَمْرَ الْوَلِيدُ فِي رَبِيعٍ الآخَرِ سَنَةَ خَمْسٍ عِنْدَ مَوْتِ هِشَامٍ. قَالَ حَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ الْوَلِيدِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُنَجِّمَانِ فَقَالا: نَظَرْنَا فِيمَا أَمَرْتَنَا فَوَجَدْنَاكَ تَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ، قَالَ حَمَّادٌ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَخْدَعَهُ فَقُلْتُ: كَذَبَا وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالآثَارِ وَضُرُوبِ الْعِلْمِ وَقَدْ نَظَرْنَا فِي هَذَا وَالنَّاسِ فَوَجَدْنَاكَ تَمْلِكُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ: لا مَا قَالا يَكْسِرُنِي وَلا مَا قُلْتَ يُغِرَّنِي وَاللَّهِ لأَجْبِيَنَّ هَذَا الْمَالَ مِنْ حِلِّهِ جِبَايَةَ مَنْ يَعِيشُ الأَبَدَ وَلأَصْرِفَنَّهُ فِي حَقِّهِ صَرْفَ مَنْ يَمُوتُ الْغَدَ2. قَالَ الْعُتْبِيُّ: كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ رَأَى نَصْرَانِيَّةً اسْمَهَا سَفْرَى فَجُنَّ بِهَا وَجَعَلَ يَرَاسِلُهَا وَتَأْبَى عَلَيْهِ وَقَدْ قَرُبَ عِيدُ النَّصَارَى, فَبَلَغَهُ أنَهَّا تَخْرُجُ فِيهِ إِلَى بُسْتَانٍ يَدْخُلُهُ النِّسَاءُ فصانع الوليد صاحب البستان وتقشف الوليد وَتَنَكَّرَ وَدَخَلَتْ سفرى البستان فجعلت تمشي حتى انتهت إليه, فقالت لصاحب البستان: من هذا؟ قَالَ: رَجُلٌ مُصَابٌ، فَأَخَذَتْ تُمَازِحُهُ وَتُضَاحِكُهُ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا: تَدْرِينَ مَنْ ذَاكَ الرَّجُلُ؟ قَالَتْ: لا، فَقِيلَ لَهَا: هُوَ الْوَلِيدُ، فَجُنَّتْ بِهِ بَعْد ذَلِكَ فَكَانَتْ عَلَيْهِ أَحْرَصُ مِنْهُ عَلَيْهَا فَقَالَ: أَضْحَى فُؤَادُكَ يَا وَلِيدُ عَمِيدًا ... صَبًّا قَدِيمًا لِلْحِسَانِ صَيُودًا مِنْ حُبِّ وَاضِحةِ الْعَوَارِضِ طِفْلَةٌ ... بَرَزَتْ لَنَا نَحْوَ الْكَنِيسَةِ عِيدًا مَا زِلْتُ أَرْمُقُهَا بِعَيْنِي وَامِقٍ ... حَتَّى بَصُرْتُ بِهَا تُقَبِّلُ عُودًا عُودَ الصَّليِبِ فَوَيحَ نَفْسِي مَنْ رَأى ... مِنْكُمْ صَلِيبًا مِثْلَهُ مَعْبُودًا فَسَأَلْتُ رَبِّي أَنْ أَكُونَ مَكَانَهُ ... وَأَكُونَ فِي لَهَبِ الْجَحِيمِ وَقُودًا3 قَالَ الْمُعَافِيُّ الْجُرَيْرِيُّ: كُنْتُ جَمَعْتُ مِنْ أَخْبَارِ الْوَلِيدِ شَيْئًا وَمِنْ شِعْرِهِ الَّذِي ضَمَّنَهُ مَا فَخَرَ بِهِ مِنْ خَرْقِهِ وَسَخَافَتِهِ وَخَسَارَتِهِ وَحُمْقِهِ وَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنَ الإِلْحَادِ فِي القرآن والكفر بالله تعالى.

_ 1 هذه الأبيات انظرها في تاريخ الطبري "7/ 215"، وابن الأثير "5/ 266"، وسير أعلام النبلاء "6/ 170". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 170". 3 المصدر السابق مختصرا.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ ثنا صَالِحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَرَادَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَجَّ, وَقَالَ: أَشْرَبُ فَوْقَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَهَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَفْتِكُوا بِهِ إِذَا خَرَجَ وَكَلَّمُوا خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ لِيُوَافِقَهُمْ فَأَبَى، فَقَالُوا: اكْتُمْ عَلَيْنَا، قَالَ: أَمَّا هَذَا فَنَعَمْ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْوَلِيدِ فَقَالَ: لا تَخْرُجْ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ، قَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَ: لا أجَهْرُكَ بِهِمْ، قَالَ: إِنْ لَمْ تُخْبِرْنِي بِهِمْ بَعَثْتُ بِكَ إِلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ، قَال: وَإِنْ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ فَعَذَّبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ1. وَرَوَى مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْمَهْدِيِّ فَذُكِرَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ رَجُلٌ: كَانَ زِنْدِيقًا، فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: مَهْ خِلافَةُ اللَّهِ عِنْدَهُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي زِنْدِيقٍ2. قَالَ خَلِيفَةُ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَحَاطُوا بِالْوَلِيدِ أَخَذَ الْمُصْحَفَ وَقَالَ: أُقْتَلُ كَمَا قُتِلَ ابْنُ عَمِّي عُثْمَانُ. قُلْتُ: مَقَتَ النَّاسُ الْوَلِيدَ لِفِسْقِهِ وَتَأَثَّمُوا مِنَ السُّكُوتِ عَنْهُ وَخَرَجُوا عَلَيْهِ فَقَالَ خَلِيفَةُ3: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ الْجَرْمِيُّ - وَكَانَ شَهِدَ قَتْلَ الْوَلِيدِ - قَالَ: لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ قَلَّدُوا أَمْرَهُمْ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَى أَخَاهُ الْعَبَّاسَ لَيْلا فَشَاوَرَهُ فنَهَاهُ قَالَ: وَأَقْبَلَ يَزِيدُ لَيْلا فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا وَدَخَلَ الْجَامِعَ بِدِمَشْقَ فَكَسَرُوا بَابَ الْمَقْصُورَةِ وَدَخَلُوا عَلَى وَالِيهَا فَأَوْثَقُوهُ وَحَمَلَ يَزِيدُ الأَمْوَالَ عَلَى الْعَجَلِ إِلَى بَابِ الْمِضْمَارِ وَعَقَدَ رَايَةً لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَنَادَى مُنَادِيَهُ مَنِ انْتَدَبَ لِلْوَلِيدِ فله ألفان، فانتدب معه ألفا رَجُلٍ. قَالَ عَلِيٌّ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ مَرْوَانَ الْكَلْبِيِّ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ مَوْلَى الْوَلِيدِ لَمَّا خَرَجَ يَزِيدُ النَّاقِصُ خَرَجَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فَسَاقَ فَأَتَى الْوَلِيدَ مِنْ يَوْمِهِ فَنَفَقَ الْفَرَسُ حِينَ وَصَلَ فَأَخْبَرَ الْوَلِيدُ فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَحَبَسَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا محمد بن عبد الله بن يزيد بن مُعَاوِيَةَ فَأَجَازَهُ وَجَهَّزَهُ إِلَى دِمَشْقَ فَخَرَجَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَلَمَّا أَتَى ذَنْبَةَ أَقَامَ فَوَجَّهَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ لِحَرْبِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُصَادٍ فسالمه أبو محمد وبايع ليزيد فأتى

_ 1 ذكره الذهبي في السير "6/ 170". الزندقة: القول بأزلية العالم، وأطلق على الزردشتية، والمانوية وغيرهما من الثنوية، وتوسع فيه فأطلق على كل شاك أو ضال أو ملحد، والزنديق: من يؤمن بالزندقة "ج" زناديق، وزنادقة. 3 راجع تاريخ خليفة "363".

الْوَلِيدُ الْخَبَرَ وَهُوَ بِالأَعْرَفِ, فَقَالَ لَهُ بَيْهَسُ الْكِلابِيُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سِرْ فَانْزِلْ حِمْصَ فَإِنَّهَا حَصِينَةً وَوَجِّهِ الْجُنُودَ إِلَى يَزِيدَ فَيُقْتَلُ أَوْ يُؤْسَرُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ: مَا يَنْبَغِي لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَدَعَ عَسْكَرَهُ وَنِسَاءَهُ قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلَ وَيُعْذَرَ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُهُ، فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ: وَمَاذَا يَخَافُ عَلَى حَرَمِهِ مِنْ بَنِي عَمِّهِمْ؟ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَدْمُرُ حَصِينَةٌ وَبِهَا بَنُو كَلْبٍ قَوْمِي. قاله الأبرش، فقال الوليد: ما أرى أَنْ نَأْتِيَهَا وَأَهْلَهَا بَنُو عَامِرٍ وَهُمُ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَيَّ وَلَكِنْ دُلَّنِي عَلَى حِصْنٍ، قَالَ: انْزِلِ الْقَرْيَتَيْنِ قَالَ: أَكْرَهُهَا، قَالَ: فَهَذَا الْهَزَمُ، قَالَ: أَكْرَهُ اسْمُهُ، قَالَ: وَأَقْبَلَ فِي طَرِيقِ السَّمَاوَةِ وَتَرَكَ الرِّيفَ وَمَرَّ فِي سِكَّةِ الضَّحَّاكِ وَبِهَا مِنْ آلِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلا، فَسَارُوا مَعَهُ وَقَالُوا: إِنَّا عَوْنٌ فَلَوْ أَمَرْتَ لَنَا بِسِلاحٍ، فَمَا أَعْطَاهُمْ سَيْفًا فَقَالَ لَهُ بَيْهَسُ: هَذَا حِصْنُ الْبَخْرَاءِ وَهُوَ مِنْ بِنَاءِ الْعَجَمِ فَانْزِلْهُ، قَالَ: أَخَافُ الطَّاعُونَ، قَالَ: الَّذِي يُرَادُ بِكَ أَشَدُّ مِنَ الطَّاعُونِ، فَنَزَلَ حِصْنَ الْبَخْرَاءِ. ثُمَّ سَارَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ بِالْجُنْدِ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الأَمَوالَ فَتَلَقَّاهُمْ ثَقْلُ الْوَلِيدِ فَأَخَذُوهُ وَنَزَلُوا قَرِيبًا مِنَ الْوَلِيدِ وَأَتَى الْوَلِيدَ رَسُولُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ إِنِّي آتِيكَ فَقَالَ الْوَلِيدُ: أَخْرِجُوا سَرِيرًا1، فَفَعَلُوا وَجَلَسَ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَعَلَيَّ تَوَثَّبَ الرِّجَالُ وَأَنَا أَثِبُ عَلَى الأَسَدِ وَأَتَخَصَّرُ الأَفَاعِي، وَبَقُوا يَنْتَظِرُونَ قُدُومَ الْعَبَّاسِ فَأَقْبَلَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ حَوَى بْنُ عَمْرٍو وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ مَنْصُورُ بْنُ جَمْهُورٍ وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ زِيَادُ بْنُ حُصَيْنٍ الْكَلْبِيُّ يَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ فَقَتَلَهُ قَطَرِيٌّ مَوْلَى الْوَلِيدِ فَانْكَشَفَ أَصْحَابُ يَزِيدَ فَكَرَّ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي أَصْحَابِهِ وَقَدْ قُتِلَ مِنْهُمْ عِدَّةٌ وحملت رؤوسهم إِلَى الْوَلِيدِ وَقُتِلَ أَيْضًا مِنْ أَصْحَابِ الْوَلِيدِ يَزِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْخَشَنِيُّ. وَبَلَغَ عَبْدُ الْعَزِيزِ مَسِيرُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ فَجَهَّزَ لِحَرْبِهِ مَنْصُورَ بْنَ جَمْهُورٍ فَأَدْرَكَ الْعَبَّاسَ وَهُوَ آتٍ فِي ثَلاثِينَ فَارِسًا، فَقَالَ: اعْدِلْ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ فَشَتَمُوهُ فَقَالَ مَنْصُورٌ: وَاللَّهِ لَئِنْ تَقَدَّمَتْ لأَنْفُذَنَّ حضنيك، ثم أحاط به وجيء بِهِ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ, فَقَالَ: بَايِعْ لِأَخِيكَ يَزِيدَ، فَبَايَعَ وَوَقَفَ وَنَصَبُوا رَايَةً وَقَالُوا: هَذِهِ رَايَةُ الْعَبَّاسِ وَقَدْ بَايَعَ لِأَخِيهِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنَّا لِلَّهِ، خِدْعَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، هَلَكَ بَنُو مَرْوَانَ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنِ الْوَلِيدِ فَأَتَوُا الْعَبَّاسَ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ ثُمَّ ظَاهَرُوا الْوَلِيدَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ وَأَتَوْهُ بِفَرَسَيْنِ: السِّنْدِيِّ، وَالرَّائِدِ، فَرَكِبَ وَقَاتَلَ، فَبَادَأَهُمْ رَجُلٌ: اقْتُلُوا عَدُوَّ اللَّهِ قَتْلَةَ قَوْمِ لُوطٍ ارموه

_ 1 سريرا: وهو ما يجلس أو يضطجع عليه "ج" سرر وأسرة.

بِالْحِجَارَةِ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ دَخَلَ الْقَصْرَ فَأَغْلَقَهُ، فَأَحَاطَ بِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَأَصْحَابُهُ فَدَنَا الْوَلِيدُ مِنَ الْبَابِ فَقَالَ: أَمَا فِيكُمْ رَجُلٌ شَرِيفٌ لَهُ حَسَبٌ وَحَيَاءٌ أُكَلِّمُهُ، فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ بْنُ عَنْبَسَةَ: كَلِّمْنِي، فَقَالَ: يَا أَخَا السَّكَاسِكِ أَلَمْ أَزِدْ فِي أَعْطِيَاتِكُمْ أَلَمْ أَرْفَعْ عَنْكُمُ الْمُؤْنَ أَلَمْ أُعْطِ فُقَرَاءَكُمْ؟ فَقَالَ: مَا نَنْقِمُ عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِنَا لَكِنْ نَنْقِمُ عَلَيْكَ انْتِهَاكَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَنِكاحَ أُمَّهَاتِ أَوْلادِ أَبِيكَ وَاسْتِخْفَافَكَ بِأَمْرِ اللَّهِ، قَالَ: حَسْبُكَ، قَدْ أَكْثَرْتَ، وَرَجَعَ إِلَى الدَّارِ فَجَلَسَ وَأَخَذَ مُصْحَفًا وَقَالَ: يَومٌ كَيَوْمِ عُثْمَانَ وَنَشَرَ الْمُصْحَفَ يَقْرَأُ، فَعَلَوُا الْحَائِطَ فَكَانَ أَوَّلُهْم يَزِيدُ بْنُ عَنْبَسَةَ1. فَنَزَلَ إِلَيْهِ وَسَيْفُ الْوَلِيدِ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: نَحِّ سَيْفَكَ، قَالَ الْوَلِيدُ: لَوْ أَرَدْتَ السَّيْفَ كَانَ لِي بِذَلِكَ حَالٌ غَيْرَ هَذِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِ الْوَلِيدِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَعْتَقِلَهُ وَيُؤَامَرُ فِيهِ فَنَزَلَ مِنَ الْحَائِطِ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ مَنْصُورُ بْنُ جَمْهُورٍ وَحُمَيْدُ بْنُ نَصْرٍ. فَضَرَبَهُ عَبْدُ السَّلامِ اللَّخْمِيُّ عَلَى رَأْسِهِ وَضَرَبَهُ آخَرُ عَلَى وَجْهِهِ فَتَلِفَ - وَجَرُّوهُ بَيْنَ خَمْسَةٍ لِيُخْرِجُوهُ فَصَاحَتِ امْرَأَةٌ، فَكَفُّوا وَحَزُّوا رَأْسَهُ وَخَاطُوا الضَّرْبَةَ الَّتِي فِي وَجْهِهِ وَأَتَى يَزِيدُ النَّاقِصُ بِالرَّأْسِ فَسَجَدَ. وَبِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْوَانَ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: دَخَلَ بِشْرٌ مَوْلَى كِنَانَةَ مِنَ الْحَائِطِ فَفَرَّ الْوَلِيدُ وَهُمْ يَشْتُمُونَهُ فَضَرَبَهُ بِشْرٌ عَلَى رَأْسِهِ وَاعْتَوَرَهُ النَّاسُ بِأَسْيَافِهِمْ فَطَرَحَ عَبْدُ السَّلامِ نَفْسَهُ عَلَيْهِ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ، وَكَانَ يَزِيدُ قَدْ جَعَلَ لِمَنْ أَتَاهُ بِالرَّأْسِ مِائَةَ أَلْفٍ. وَقِيلَ: قُطِعَتْ كَفُّهُ وَبُعِثَ بِهَا إِلَى يَزِيدَ فَسَبَقَتِ الرَّأْسَ بِلَيْلَةٍ وَأُتِيَ بالرَّأْسِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَنَصَبَهُ يَزِيدُ عَلَى رُمْحٍ بَعْدَ الصَّلاةِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَخُوهُ سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ فَقَالَ: بُعْدًا لَهُ أَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ شَرُوبًا لِلْخَمْرِ مَاجِنًا فَاسِقًا وَلَقَدْ رَاوَدَنِي عَلَى نَفْسِي. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَجَمَاعَةٌ: عَاش الْوَلِيدُ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. قُلْتُ: هَذَا خِلافُ مَا مَرَّ، بَلِ الأَصَحُّ أَنَّهُ عَاشَ بِضْعًا وَثَلاثِينَ سَنَةً. قَالَ خَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ: عَاشَ سِتًّا وَثَلاثِينَ سَنَةً. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثنا سُفْيَانُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْوَلِيدُ كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ سَدِيدُ الْعَقْلِ فَقَالَ لِخَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ: اصْنَعْ طَعَامًا وَاجْمَعْ لَهُ، قَالَ: فَجَمَعَهُمْ فَقَالَ سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ: أَنَا لَكُمُ النَّذِيرُ كَفَّ رَجُلٌ يَدَهُ وملك لسانه وعالج قلبه.

_ 1 راجع: تاريخ ابن الأثير "5/ 287" بنحوه.

قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عِمْرَانَ: مَلَكَ الْوَلِيدُ خَمْسَةَ عَشَرَ شَهْرًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: قُتِلَ بِالْبَخْرَاءِ فِي جُمَادَى الأُخْرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ سَامَحَهُ اللَّهُ. وَلَمْ يَصِحَّ عَنِ الْوَلِيدِ كُفْرٌ وَلا زَنْدَقَةٌ نَعَمُ اشْتُهِرَ بِالْخَمْرِ وَالتَّلَوُّطِ1 فَخَرَجُوا عَلَيْهِ لِذَلِكَ. وَكَانَ الْحَجَّاجُ عَمَّ أُمِّهِ وَهِيَ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ. 358- وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ2 -ع- أبو نعيم المدني المؤدب مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ. رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَرَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَآخَرُونَ. وَهُوَ ثِقَةٌ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْيَاءِ": 359- يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ3 -م4- قَاضِي حِمْصَ. عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ مُرْسَلا وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَيَزِيدَ بْنَ شُرَيْحٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ وَالزُّبَيْدِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَآخَرُونَ. يُكَنَّى أَبَا عمر.

_ 1 والتلوط: يعني الذي يفعل فعل قوم لوط وهو إتيان الفاحشة وفي القرآن يقول الله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 80] . 2 التاريخ الكبير "8/ 163"، وتهذيب التهذيب "11/ 166". 3 التاريخ الكبير "8/ 265"، وتهذيب التهذيب "11/ 191".

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 360- يَحْيَى بْنُ خَلادِ بن رافع بن مالك الأنصاري1 -خ4- الزرقي المدني. عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ وَحَفِيدُهُ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ. ثِقَةٌ مُقِلٌّ. 361- يَحْيَى بْنُ راشد الليثي2 -د- الدمشقي الطويل أبو هشام. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَكْحُولٍ. وَعَنْهُ عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمَلَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَعَاشَ تِسْعِينَ سَنَةً. 362- يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الإمام3 -ع- أبو نصر. أَحَدُ الأَعْلامِ، اسْمُ أَبِيهِ صَالِحٌ وَقِيلَ: يَسَارٌ وَقِيلَ: نَشِيطٌ، مَوْلَى الطَّائِيِّينَ وَعَالِمُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مُرْسلا وَقَدْ رَأَى أَنَسًا وَذَلِكَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيُّ، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - وَذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَهُوَ مُرْسَلٌ - وَعَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي قِلابَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ وَحَضْرَمِيِّ بْنِ لاحِقٍ وَعُرْوَةَ - وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ - وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ ومُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زُرَارَةَ وَيَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ وَهِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. روى عنه ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَمَعْمَرٌ وَالأَوْزَاعِيُّ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ وَشَيْبَانُ وَهَمَّامٌ وَأَبَانُ بْنَ يَزِيدَ وَعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ وَحَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ وَأَيُّوبُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَخَلْقٌ سواهم.

_ 1التاريخ الكبير "8/ 269"، وتهذيب التهذيب "11/ 204". 2 تهذيب التهذيب "11/ 206"، وميزان الاعتدال "4/ 373". 3 التاريخ الكبير "8/ 301"، وميزان الاعتدال "4/ 402".

هُشَيْمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَحْيَى بن أبي كثير قال: رأيت أنس ابن مَالِكٍ يُصَلِّي وَبَيْنَ يَدَيْهِ سَهْمٌ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: لا يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجَسَدِ1. الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى قَالَ: الْعَالِمُ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ، الْعُلَمَاءُ مِثْلُ الْمِلْحِ هُمْ صَلاحُ كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا فَسَدَ الْمِلْحُ لا يُصْلِحُهُ شَيْءٌ. وَرَوَى عَنْ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ يَحْيَى عَلَى الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ يُعَدُّ مَعَ الزُّهْرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ إِذَا حَضَرَ جَنَازَةً لَمْ يَتَعَشَّ لَيْلَتَهُ وَلا يَقْدِرُونَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. وَيُقَالُ: إِنَّ يَحْيَى أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ للعلم. قال حرب عن يحيى: كان شَيْءٍ عِنْدِي عَنْ أَبِي سَلامٍ الأَسْوَدِ إِنَّمَا هُوَ كِتَابٌ. وَرَوَى وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِثْلُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَحْسَنُ حَدِيثًا مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أحمد بن حنبل: إذا خالف يَحْيَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ يَحْيَى. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ إِمَامٌ لا يَرْوِي إِلا عَنْ ثِقَةٍ وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ يَحْيَى امْتُحِنَ فَضُرِبَ وَحُلِقَ وَحُبِسَ لِكَوْنِهِ تَنَقَّصَ بَنِي أُمَيَّةَ وَذَكَرَ أَفَاعِيلَهُمْ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطِيعِيُّ أنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُجَلِّدُ أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخْلِصُ ثَنَا يَحْيَى بْنُ صَاعِدٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عبد الرحمن المقري ثنا أويب بْنُ يَحْيَى النَّجَّارُ الْيَمَامِيُّ ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "حَاجَّ آدَمُ مُوسَى فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ أَنْتَ الَّذِي أَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَشْقَيْتَهُمْ؟ فَقَالَ آدَمُ: يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاتِهِ وَبِكَلامِهِ تلومني على أمر كتبه

_ 1 أخرجه الإمام مسلم "612/ 175".

اللَّهُ عَلَيَّ -أَوْ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ- قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَحَاجَّ آدَمُ مُوسَى" 1. صَوَابُهُ فَحَجَّ. وَهَذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ أَعْلَى مَا وَقَعَ لَنَا، وَأَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ مُجْمَعٌ عَلَى ثِقَتِهِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَرْوِ عَنْ يَحْيَى سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حديث أيوب النجار فوقع لنا بدلًا عليًا. وَلَعَلّ أَيُّوبَ هَذَا آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَبِإِسْنَادِي إِلَى ابْنِ الْمُقْرِي قَالَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ النّجَّارِ الْحَنَفِيُّ عَنْ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ. وَقَالَ: "فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ثَلاثًا". تفرد مسلم بطريق هشام هذه2. قال غيره وَاحِدٍ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 363- يَحْيَى بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ3. قَدْ مَرَّ مَقْتَلُ أَبِيهِ، فَسَارَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْعَجَمِ، ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ بِخُرَاسَانَ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ خَلْقٌ مِنَ الشِّيعَةِ وَجَرَتْ لَهُ حُرُوبٌ مَعَ عَسْكَرِ خُرَاسَانَ وَمَوَاقِفُ إِلَى أَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَلْمُ بْنُ أَحْوَزَ مَصَافٌّ فَجَاءَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ في صدغه فوقع فَاحْتَزُّوا رَأْسَهُ وَبَعَثُوا بِهِ إِلَى الشَّامِ وَصَلَبُوا جُثَّتَهُ كَأَبِيهِ. فَلَمَّا اسْتَوْلَى أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ عَلَى الْبِلادِ أَنْزَلَ الْجُثَّةَ وَأَمَرَ بِإِقَامَةِ الْمَأْتَمِ عَلَيْهِ بِبَلْخٍ وَمَرْوَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَنَاحَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ. وَكَانَ مَنْ وُلِدَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ بِخُرَاسَانَ مِنْ أَوْلادِ الأَعْيَانِ سُمِّيَ يَحْيَى، ثُمَّ تتبع أبو مسلم قتله فَأَبَادَهُمْ. وَكَانَ مَقْتَلُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. 364- يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ الْبَكَّاءُ4 -ت ق- بَصْرِيٌّ مَشْهُورٌ ولاؤه للأزد.

_ 1 إسناده حسن: والحديث صحيح: وأخرجه أبو داود "4702"، وأبو يعلي "104" في مسنده وانظر مسند الفاروق لابن كثير "2/ 635". 2 أخرجه مسلم "2652". 3 راجع: تاريخ الإمام الطبري "7/ 228 وما بعدها". 4 تهذيب التهذيب "11/ 278"، وميزان الاعتدال "4/ 408".

حَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب وأبي العالية. وعنه الحمادان عبد الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ النرمقي وقدامة بن شهاب وعلي بن عاصم وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ كَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ لا يَرْضَاهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ الْقَوَارِيرِيُّ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: اشْتَكَى مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ أَعُودُهُ فَقِيلَ لَهُ: يَحْيَى عَلَى الْبَابِ قَالَ: مَنْ يَحْيَى؟ قِيلَ: أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: مَنْ أَبُو سَلَمَةَ؟ قَالَ: حَمَّادٌ وَقَدْ عَرَفَ فَقَالُوا: يَحْيَى الْبَكَّاءُ، قَالَ: يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: إِنَّ شَرَّ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ نُسِبْتُمْ إِلَى الْبُكَاءِ. قَالَ النَّسَائِيُّ: يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ الْبَكَّاءُ بَصْرِيٌّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ فَقَالَ: ابْنُ مُسْلِمٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي خُلَيْدٍ: الْبَكَّاءُ مَوْلَى الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ الأَزْدِيِّ اسْمُ أَبِيهِ سُلَيْمَانُ, كَانَ يَنْفَرِدُ بِالْمَنَاكِيرِ عَنِ الْمَشَاهِيرِ لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ حُصَيْنٍ: لَيْسَ بِذَاكَ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أنا ابْنُ اللَّتِّيِّ وَأنا أَحْمَدُ أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ قَالا أَنا عَبْدُ الأَوَّلِ أَنا جَمَالُ الإِسْلامِ أَبُو الْحَسَنِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمُّوَيْهِ أَنْبَأَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُزَيْمٍ ثنا عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ تُحْسَبُ بِمِثْلِهِنَّ فِي صَلاةِ السَّحَرِ وَلَيْسَ شَيْءٌ إِلا وَهُوَ يُسَبِّحُ اللَّهَ تِلْكَ السَّاعَةَ ثُمَّ قَرَأَ: {يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} [النحل: 48]-الآيَةَ كلها "أخرجه الترمذي عن عبد فوافقناه1.

_ 1 حديث ضعيف: في سنده يحيى البكاء وهو ضعيف، قاله البيهقي في شعب الإيمان، والحديث انفرد به الترمذي عن غيره من أصحاب الكتب الستة "3128"، وانظر تحفة الأحوذي "8/ 96، 97".

365- يَحْيَى بْنُ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ1. عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 366- يَحْيَى بْنُ النَّضْرِ الأنصاري السلمي المدني2 -ب خ ق- وَالِدُ أَبِي بَكْرٍ. رَوَى عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَلَقْمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ وَأَبِي سَلَمَةَ. وَعَنْهُ وَلَدُهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَأَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ. 367- يَحْيَى بن هانيء بْنِ عُرْوَةَ الْمُرَادِيُّ3 -د ت ن-. رَوَى عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَحْمُودٍ الْمَعْوَلِيِّ وَنُعَيْمِ بْنِ دَجَاجَةٍ، وَأَدْرَكَ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَوَفَدَ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. روى عنه شُعْبَةُ وَشَرِيكٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ سَيِّدُ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قُلْتُ: وَكَذَا كَانَ أَبُوهُ. وَثَّقَهُ ابن معين. 368- يزيد بن أبان الرقاشي4 -ت ق- الواهد أبو عمرو البصري. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ المازني والحسن البصري.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 299"، والجرح والتعديل "9/ 182". 2 التاريخ الكبير "8/ 308"، وتهذيب التهذيب "11/ 292". 3 التاريخ الكبير "8/ 309"، وتهذيب التهذيب "11/ 293". 4 التاريخ الكبير "8/ 320"، وتهذيب التهذيب "11/ 309".

وعن شَيْخُهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ. وَكَانَ أَحَدُ الْوُعَّاظِ الْبَكَّائِينَ. ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ قَالَ: إِذَا نِمْتُ ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ فَنِمْتُ الثَّانِيَةَ فَلا أَنَامَ اللَّهُ عَيْنِي. وَعَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ مُوسَى قَالَ: جَوَّعَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ نَفْسَهُ لِلَّهِ سِتِّينَ عَامًا حَتَّى ذَبُلَ جِسْمُهُ وَنَهِكَ بَدَنُهُ وَكَانَ يَقُولُ: غَلَبَنِي بَطْنِي مَا أَقْدِرُ لَهُ عَلَى حِيلَةٍ. وَذَكَرَ ابْنُ السَّمَّاكِ عَنْ أَشْعَثَ أَنَّ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ صَامَ ثَلاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ قَالَ: بَكَى يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ حَتَّى تساقطت أشفاره وأظلمت عيناه وتغيرت مَجَارِي دُمُوعِهِ. وَلِيَزِيدَ مَوَاعِظُ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْخَائِفِينَ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: عَطَّشَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ نَفْسَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي حَرِّ الْبَصْرَةِ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: تَعَالَوْا حَتَّى نَبْكِي عَلَى الْمَاءِ الْبَارِدِ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْحُمَيْسِيُّ قَالَ: كَانَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ يقول في قصصه: ويحك يا يزد مَنْ يَتَرَضَّى عَنْكَ رَبَّكَ وَمَنْ يَصُومُ لَكَ أَوْ يُصَلِّي لَكَ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا مَعْشَرُ مَنِ الْقَبْرُ بَيْتُهُ وَالْمَوْتُ مَوْعِدُهُ أَلا تَبْكُونَ، قَالَ: فَبَكَى حَتَّى تَسَاقَطَتْ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ. 369- يَزِيدُ بن أبي حبيب الفقيه1 -ع- أبو رجاء الأزدي. مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ أَحَدُ الأَعْلامِ وَشَيْخُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ. وكان أسود حبشيًا.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 324", وتهذيب التهذيب "11/ 318".

قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: وُلِدَ تَقْرِيبًا فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَانَ أَبِي مِنْ أَهْلِ دَنْقَلَةَ وَنَشَأْتُ بِمِصْرَ وَهُمْ عَلَوِيَّةٌ فَقَلَبْتُهُمْ عُثْمَانِيَّة. قُلْتُ: رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ وَعَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ حَتَّى إِنَّهُ رَوَى عَنْ تَلامِذَتِهِ. وعنه سعيد بن أبي أيوب وحيوة بن شُرَيْحٍ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ وَكَانَ حَلِيمًا عَاقِلا وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الْعِلْمَ وَالْمَسَائِلَ وَالْحَلالَ وَالْحَرَامَ بِمِصْرَ، وَقَبْلَ ذَلِكَ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فِي التَّرْغِيبِ وَالْمَلاحِمِ وَالْفِتَنِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ عَالِمُنَا وَسَيِّدُنَا يُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: ثنا عُبَيْدُ الله بن أبي جعفر ويزيد بن أبي حَبِيبٍ وَهُمَا جَوْهَرَتَا الْبِلادِ: كَانَتِ الْبَيْعَةُ إِذَا جَاءَتْ لخَلِيَفَةٍ كَانَ أَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُ عُبَيْدُ اللَّهِ ثُمَّ يَزِيدُ ثُمَّ النَّاسُ. وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: كَانَ يَزِيدُ كَأَنَّهُ فَحْمَةٌ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ: أَيُّهُمَا كَانَ أَفْضَلُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَوْ عُبَيْدِ الله بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَوْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي جعفر؟ قال: لَوْ جُعِلا فِي مِيزَانٍ مَا رَجَحَ هَذَا عَلَى هَذَا. وَقَال ابْنُ لَهِيعَةَ: مَرِضَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ فَعَادَهُ حَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ أَمِيرُ مِصْرَ فَقَالَ: يَا أَبَا رَجَاءٍ مَا تَقُولُ فِي الصَّلاةِ فِي ثَوْبٍ فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثُ؟ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ، فَقَامَ فَنَظَرَ إِلَى يَزِيدَ فَقَالَ: تَقْتُلُ خَلْقًا كُلَّ يَوْمٍ وَتَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ! وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: سَمِعَ ابْنُ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ مُسَتقْبِلَ الْقِبْلَةِ" 1. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: لا أدع أخًا لي يعضب عَلَيَّ مَرَّتَيْنِ بَلْ أَنْظُرُ مَا يَكْرَهُ فَأَدَعُهُ.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه ابن ماجه "317"، وأحمد في المسند "4/ 191"، وأبو نعيم في حلية الأولياء "7/ 326".

قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْمُرَادِيُّ أَنَّ زِيَادَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ أَرْسَلَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: ائْتِنِي لِأَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْعَلْم قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بَلْ أَنْتَ فَائْتِنِي فَإِنَّ مَجِيئَكَ إلي رزين لك ومجييء إِلَيْكَ شَيْنٌ عَلَيْكَ. قَالَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: لَمَّا كَثُرَتِ الْمَسَائِلُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ لَزِمَ بَيْتَهُ. وَرَوَى ضِمَامُ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ وَالْعَلاءِ بْنِ كَثِيرٍ قَالُوا: يَزِيدُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْعِلْمَ بِمِصْرَ وَكَانُوا إِنَّمَا يَتَحَدَّثُونَ بِالْفِتَنِ وَالْمَلاحِمِ وَالتَّرْغِيبِ، قَالَ: وَكَانَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ جَعَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَيْهِمُ الْفُتْيَا بِمِصْرَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: اسْمُ أَبِيهِ سُوَيْدٌ مَوْلَى شَرِيكِ بْنِ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيِّ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: مَاتَ يَزِيدُ سنة ثمان وعشرين مائة. 370- يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو التَّيَّاحِ الضُّبَعِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -ع- أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الزُّهَّادِ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَمُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَآخَرُونَ. قَالَ شُعْبَةُ: رَأَيْتُ أَبَا التَّيَّاحِ وَأَبَا جَمْرَةَ وَأَبَا نَوْفَلٍ يُضَبِّبُونَ أَسْنانَهُمْ بِالذَّهَبِ. قَالَ جَعْفَرِ بْنُ سُلَيْمَانَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي التَّيَّاحِ نَعُودُهُ وَاللَّهِ إِنْ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ الْيَوْمَ لِمَا يَرَى مِنَ التَّهَاوُنِ في الناس بأمر الله أن يزيده ذاك جِدًّا وَاجْتِهَادًا ثُمَّ بَكَى. وَقَالَ أَبُو التَّيَّاحِ: كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَتَقَرَّأُ عِشْرِينَ سَنَةً مَا يَعْلَمُ بِهِ جِيرَانُهُ. يَتَقَرَّأُ: أَيْ يَتَعَبَّدُ وَالْقُرَّاءُ فِي اصْطِلاحِ الصَّدْرِ الأَوَّلِ هُمُ الْعُبَّادِ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَنَسٍ فِي أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ: يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ يَا مِلْحَ الْبَلَدْ ... مَنْ يُصْلِحُ الْمِلْحَ إِذَا الْمِلْحُ فَسَدْ؟ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَبُو التياج ثبت ثقة ثقة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 326"، وتهذيب التهذيب "11/ 320".

وَقَالَ أَبُو إِيَاسٍ: مَا بِالْبَصْرَةِ أَحَدٌ أُحِبُّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْ أَبِي التَّيَّاحِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثِينَ. 371- يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ الْمَدَنِيُّ الْقَارِئُ1 -ع- أبو روح. أَحَدُ مَشْيَخَةِ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْقِرَاءَةِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثِينَ. وَقَدْ مَرَّتْ تَرْجَمَتُهُ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 372- يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُمَيَّةَ أَبُو صَخْرٍ الأَيْلِيُّ -د-2. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ سَعْدَانُ بْنُ سَالِمٍ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ الأَيْلِيَّانِ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ. وَهُوَ مُقِلٌّ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ أَجْمَعَ وَيَبْكِي. 373- يَزِيدُ بْنُ الطَّثَرِيَّةِ3. الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ أَحَدُ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ. وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ سَلَمَةَ وَيُكَنَّى أَبَا الْمَكْشُوحِ. اسْتَوْفَى أَخْبَارَهُ ابْنُ خِلِّكَانَ فِي تَارِيخِهِ4، وَذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الأَغَانِي جَمَعَ لَهُ ديونًا وَأَنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَبْدَ اللَّهِ الطُّوسِيَّ جَمَعَ له ديونًا. وَلَهُ شِعْرٌ فِي أَمَاكِنَ مِنَ الْحَمَاسَةِ. وَنَظْمُهُ فِي الذِّرْوَةِ. وَهُوَ الْقَائِلُ. وَحَنَّتْ قَلُوصِي بَعْدَ هَذَا صَبَابَةً ... فَيَا رَوْعَةً مَا رَاعَ قَلْبِي حَنِينَهَا فَقُلْتُ لَهَا صَبْرًا فَكُلُّ قَرِينَةٍ ... مُفَارِقَةٌ لا بد يومًا قرينها ومن شعره قوله:

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 331"، وتقريب التهذيب "2/ 373". 2 التاريخ الكبير "8/ 338"، والتقريب "2/ 374"، والجرح والتعديل "9/ 269". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 307". 4 وفيات الأعيان "6/ 367".

إِذَا نَحْنُ جِئْنَا لَمْ نُجَمَّلْ بِزِينَةٍ ... حَذَارَ الأَعَادِي وَهِيَ بَادٍ جَمَالُهَا وَلا نَبْتَدِيهَا بِالسَّلامِ وَلَمْ نَقُلْ ... لَهُمْ مَنْ تَوَقَّى شَرَّهُمْ: كَيْفَ حَالُهَا؟ قُتِل يَزِيدُ بْنُ الطَّثَرِيَّةِ بِالْيَمَامَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَالطَّثْرُ ضَرْبٌ مِنَ اللَّبَنِ. 374- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ اللَّيْثِيُّ المدني1 -ع- أبو عبد الله. أَحَدُ الثِّقَاتِ الْمُسْنِدِينَ. وَكَانَ أَعْرَجَ. رَوَى عَنْ أبي هريرة وابن عمر وعبيد بن جريح وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَأَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي ابْنُ قُسَيْطٍ وَكَانَ ثِقَةٌ فَقِيهًا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الأَعْمَالِ لِأَمَانَتِهِ وَفِقْهِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَقِيلَ: سُئِلَ مَالِكٌ أَنْ يُحَدِّثَ بِحَدِيثِ ابْنِ قُسَيْطٍ فِي الْقِصَاصِ فَامْتَنَعَ وَقَالَ: لَيْسَ رَجُلَهُ عِنْدَنَا هُنَاكَ. ووثقه أرباب الصحاح. مات سنة اثنين وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 375- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الهمداني الدمشقي2 -د ن ق- الفقيه قاضي دمشق. عن وائلة بْنِ الأَسْقَعِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَرِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ مُرْسَلَةٌ. وَعَنْهُ ابْنُهُ خَالِدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ. وَثَّقَهُ أبو حاتم وغيره.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 344". 2 التاريخ الكبير "8/ 347" وتهذيب التهذيب "11/ 345، 346".

قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا أَعْلَمُ بِالْقَضَاءِ مِنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ لا مَكْحُولٌ وَلا غَيْرُهُ وَقَدْ بَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى بَنِي نُمَيْرٍ يُفَقِّهُهُمْ وَيُقْرِئُهُمْ. تُوُفِّيَ يَزِيدُ هَذَا سَنَةَ ثَلاثِينَ مائة وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتِّينَ. 376- يَزِيدُ بْنُ القعقاع أبو جعفر المدني1، مقريء الْمَدِينَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّيهِ فَيْرُوزَ، وَكَانَ عَابِدًا صَوَّامًا قَوَّامًا مُجَوِّدًا لِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَهُ قِرَاءَةٌ مَحْفُوظَةٌ فَهُوَ أَحَدُ الْعَشَرَةِ الأَعْلامِ. أَقْرَأَ النَّاسَ دَهْرًا طَوِيلا وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى مَوْلاهُ عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة الْمَخْزُومِيِّ وَعَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ صَلَّى بِابْنِ عُمَرَ وَإِنَّهُ أَقْرَأَ النَّاسَ مِنْ قَبْلِ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ وَكَانَتْ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ نَافِعٌ وَعِيسَى بْنُ وَرْدَانَ، وَحَدَّثَ عَنْهُ مَالِكٌ - فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ - وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ. وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي زَمَانِهِ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ. وَكَانَ مَعَ عِبَادَتِهِ وَتَبَتُّلِهِ مُفْتِيًا مُجْتَهِدًا كَبِيرَ الْقَدْرِ وَلَمْ يُخَرِّجُوا لَهْ شَيْئًا فِي الْكُتُبِ. وَقَدْ بَسَطْتُ تَرْجَمَتَهُ فِي كِتَابِ "طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ"2. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثِينَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. وَقِيلَ: سَنَةَ ثلاثٍ وثلاثين. وقال محمد بن المثني: سنة سبع وعشرين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 353"، وتهذيب التهذيب "12/ 58". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 58- 62".

377- يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ1 بْنِ مَرْوَانَ أَبُو خَالِدٍ الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. الْمُلَقَّبُ بِالنَّاقِصِ لِكَوْنِهِ نَقَصَ الْجُنْدَ مِنْ أَعْطِيَاتِهِمْ، تَوَثَّبَ عَلَى الْخِلافَةِ وَتَمَّ لَهُ ذَاكَ وَقَتَلَ ابْنَ عَمِّهِ الْوَلِيدَ كَمَا ذَكَرْنَا. وَتَمَلَّكَ أَوَّلا دِمَشْقَ وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الأَخِرَةِ. حَكَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ أَنَّ قُتَيْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ ظَفَرَ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ بِابْنَتَيْ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجَرْدَ فَبَعَثَ بِهِمَا إِلَى الْحَجَّاجِ فَبَعَثَ الْحَجَّاجُ بِإِحَدَاهُمَا وَهِيَ شاه فرند إِلَى الْوَلِيدِ فَأَوْلَدَهَا يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ. وَفَيْرُوزُ هَذَا هُوَ ابْنُ بِنْتِ شِيرَوَيْهِ بْنِ كِسْرَى، وَأُمُّ شِيرَوَيْهِ ابْنَةُ خَاقَانَ مَلِكِ التُّرْكِ، وَأُمُّهَا - أَعْنِي أُمَّ فَيْرُوزَ - هِيَ بِنْتُ قَيْصَرَ عَظِيمِ الرُّومِ، فَلِذَلِكَ يَقُولُ: يَزِيدُ وَيَفْتَخِرُ: أَنَا ابْنُ كِسْرَى وَأَبِي فَمَرْوَانُ ... وَقَيْصَرُ جَدِّي وَجَدِّي خَاقَانُ2 قَالَ خَلِيفَةُ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَامَ خَطِيبًا عِنْدَ قَتْلِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، إِنِّي وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ أَشِرًا وَلا بَطِرًا وَلا حِرْصًا عَلَى الدَّنْيَا، وَلا رَغْبَةً فِي الْمُلْكِ، وَإِنِّي لَظَلُومٌ لِنَفْسِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي، وَلَكِنْ خَرَجْتُ غَضِبًا لِلَّهِ وَلِدِينِهِ، وَدَاعِيًا إِلَى كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ حِينَ دَرَسَتْ معالم الهدى وطفيء نُورُ أَهْلِ التَّقْوَى، وَظَهَرَ الْجَبَّارُ الْمُسْتَحِلُّ لِلْحُرْمَةِ وَالرَّاكِبُ الْبِدْعَةِ3، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَشْفَقْتُ إِنْ غَشِيَتْكُمْ ظُلْمَةٌ لا تُقْلِعَ عَنْكُمْ عَلَى كَثْرَةٍ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَقَسْوَةٍ مِنْ قُلُوبِكُمْ، وَأَشْفَقْتُ أَنْ يَدْعُو كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَيُجِيبُهُ، فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ فِي أَمْرِي وَدَعَوْتُ مَنْ أَجَابَنِي مِنْ أَهْلِي وَأَهْلِ وِلايَتِي، فَأَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُ البِّلادَ وَالْعِبَادَ وِلايَةٌ مِنَ اللَّهِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لَكُمْ عِنْدِي إِنْ وَلِيتُ أُمُورَكُمْ أَنْ لا أَضَعُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَلا حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، وَلا أَنْقُلُ مَالا مِنْ بَلَدٍ حَتَّى أَسُدَّ ثَغْرَهُ وَأُقَسِّمَ بَيْنَ مَسَالِحِهِ مَا يَقْوُونَ بِهِ، فَإِنْ فَضَلَ رَدَدْتُهُ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي يَلِيهِ حَتَّى تَسْتَقِيمَ الْعِيشَةُ وَتَكُونَ فِيهِ سَوَاءً فَإِنْ أَرَدْتُمْ بَيْعَتِي عَلَى الَّذِي بَذَلْتُ لَكُمْ فَأَنَا لَكُمْ، وَإِنْ مِلْتُ فَلا بَيْعَةَ لِي عَلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمْ أَحَدًا أَقْوَى مني عليها فأردتم بيعته أنا أَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُ وَيَدْخُلُ فِي طَاعَتِهِ، وَأَسْتَغْفِرُ الله لي ولكم4.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 172". 2 راجع هذا الشاهد في سير أعلام النبلاء "6/ 172". 3 البدعة: هي ما استحدث في الدين وغيره "ج" بدع. 4 سير أعلام النبلاء "6/ 173".

قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ خَرَجَ بِالسِّلاحِ فِي الْعِيدِ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ خَرَجَ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ صَفَّيْنِ مِنَ الْخَيْلِ عَلَيْهِمُ السِّلاحُ مِنْ بَابِ الْحِصْنِ إِلَى الْمُصَلَّى. وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ الليثي قال: قال يزيد لا النَّاقِصُ؛: يَا بَنِي أُمَيَّةَ إِيَّاكُمْ وَالْغِنَاءَ فَإِنَّهُ يُنْقِصُ الْحَيَاءَ وَيَزِيدُ فِي الشَّهْوَةِ وَيَهْدِمُ الْمُرُوءَةَ، وَإِنَّهُ لَيَنُوبُ عَنِ الْخَمْرِ وَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ الْمُسْكِرُ، فَإِنْ كُنْتُمْ لا بُدَّ فَاعِلِينَ فَجَنِّبُوهُ النِّسَاءَ فَإِنَّ الْغِنَاءَ دَاعِيَةُ الزِّنَا1. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكِم: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: لَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْقَدَرِ وَحَمَلَهُمْ عَلَيْهِ وَقَرَّبَ غَيْلانَ أَوْ قَالَ: أَصْحَابُ غَيْلانَ2. قُلْتُ: كَانَ غَيْلانُ قَدْ صَلَبَهُ هِشَامٌ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ بِمُدَّةٍ. وَلَمْ يُمَتَّعْ يَزِيدُ بِالْخِلافَةِ وَمَاتَ فِي سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ فَكَانَتْ خِلافَتُهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ نَاقِصَةً. وَقِيلَ: مَاتَ بَعْدَ عِيدِ الأَضْحَى. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: عَاشَ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: عَاشَ خَمْسًا وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: كَانَ أَسْمَرَ نَحِيفًا حَسَنَ الْوَجْهِ. وَدُفِن بَيْنَ الْجَابِيَةِ وَبَابِ الصَّغِيرِ. وَيُقَالُ: مَاتَ بِالطَّاعُونِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَخُوهُ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي استُخْلِفَ. 378- يَزِيدُ الرِّشْكُ الضبعي3 -ع- مولاهم. والرشك هو القاسم بِلُغَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ. قَالَ عَبَّاسُ الدُّورِيُّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ مُطَرِّفٍ يُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ فَخَرَجَ مِنْهَا عَقْرَبٌ فَلُقِّبَ بِالرِّشْكِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ ثِقَةً صالحًا خيرًا وكان يقسم الدور والأملاك.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 انظر السابق. 3 تهذيب التهذيب "11/ 371، 372"، وميزان الاعتدال "4/ 444".

غُنْدَرٌ: رَوَى النَّاسُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ سَمِعْتُ مُعَاذَةَ تَقُولُ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: أَرْبعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: يَزِيدُ الرِّشْكِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الضُّبَعِيُّ: بَعَثَ الْحَجَّاجُ يَزِيدَ الرِّشْكَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَوَجَدَ طُولَهَا فَرْسَخَيْنِ وَعَرْضَهَا خَمْسَ دَوَانِيقَ1. قُلْتُ: يَعْنِي فَرْسَخًا إِلا سدسًا. قيل: إنه توفي في سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 379- يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الأشج2 -م ت ن ق- أبو يوسف. رَوَى عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَكُرَيْبٍ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَابْنُ عَجْلانَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَآخَرُونَ. وَكَانَ صَدُوقًا. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قُتِلَ فِي البر شَهِيدًا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 380- يَعْقُوبُ بْنُ عتبة بن المغيرة3 -د ن ق- بن الأخنس بن شريق الثقفي المدني. عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وعكرمة والزهري. وعن ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَكَانَ فَقِيهًا وَرِعًا عَارِفًا بِالسِّيرَةِ. مَاتَ سنة ثمان وعشرين ومائة.

_ 1 راجع عيون الأخبار "1/ 216". 2 التاريخ الكبير "8/ 391"، تهذيب التهذيب "11/ 390". 3 التاريخ الكبير "8/ 389"، تهذيب التهذيب "11/ 392"، الجرح والتعديل "9/ 211".

381- يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ الثَّقَفِيُّ1 -سِوَى ت- مَوْلاهُمُ الْمَكِّيُّ نَزِيلُ الْبَصْرَةِ وَصَدِيقُ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ. رَوَى عن سعيد بن جبير وسلميان بْنِ يَسَارٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ أَيُّوبُ وَيَحْيَى بْنُ أبي كثير وابن جريح وسعيد بن أبي عروبة وحماد بن زَيْدٍ. وَثَّقهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 382- يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ الأَمِيرُ2، وَلِيَ الْيَمَنَ لِهِشَامٍ، ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقَيْنِ فَأَقَرَّهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ وَأَضَافَ إِلَيْهِ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ، وَكَانَ مَهِيبًا جَبَّارًا ظَلُومًا. ذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ سِمَاطَ يُوسُفَ بِالْعِرَاقِ كَانَ كُلُّ يَوْمٍ خَمْسَمِائَةِ مَائِدَةٍ، وَكَانَتْ مَائِدَتُهُ وأقصى الموائد سواء، يتعمد ذلك وينوعه. وروينا أن ضَرَبَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ فِي إِمَارَتِهِ عَلَى الْيَمَنِ حَتَّى هَلَكَ تَحْتَ الضَّرْبِ. وَلَمَّا قُتِلَ عُزِلَ يُوسُف ثُمَّ قُتِلَ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَمَّا هَلَكَ الْحَجَّاجُ أَخَذُوا يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فِي آلِ الْحَجَّاجِ لِيُعَذَّبَ وَيُطْلَبَ مِنْهُ الْمَالُ فَقَالَ: أَخْرِجُونِي أَسْأَلُ فَدَفَعَ ابْنُ الْحَارِثِ الْجَهْضَمِيُّ وَكَانَ مُغَفَّلا فَانْتَهَى إِلَى دَارٍ لَهَا بَابَانِ فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ: دَعْنِي أَدْخُلُ إِلَى عَمَّتِي أَسْأَلُهَا فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ وَهَرَبَ، وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ3: وَلِيَ يُوسُفُ الْيَمَنَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمِائَةٍ, فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى كُتِبَ إِلَيْهِ بِوِلايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ فَاسْتَخْلَفَ ابْنَهُ الصَّلْتَ وَسَارَ. قَالَ اللَّيْثُ: فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ نُزِعَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ عَنِ الْعِرَاقِ وَأُمِّرَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ. وَرَوَى بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ازْدَحَمَ النَّاسُ عَشِيَّةً فِي دَارِ يُوسُفَ عَلَى الطَّعَامِ فَدَفَعَ رَجُلٌ مِنَ الْجُنْدِ رَجُلا بِقَائِمِ سَيْفِهِ فَرَآهُ يُوسُفُ فَدَعَا بِهِ فَضَرَبَهُ مِائَتَيْنِ وقال: يا

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 417"، والصغير "1/ 308"، وتهذيب التهذيب "11/ 401". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 225"، ومرآة الجنان "1/ 267". 3 يعني في تاريخه "ص/ 357".

ابن اللَّخْنَاءِ أَتَدْفَعُ النَّاسَ عَنْ طَعَامِي؟ وَحَكَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ أَنَّ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ وَزَنَ دِرْهَمًا فَنَقَصَ حَبَّةً فَكَتَبَ إِلَى دُورِ الضَّرْبِ بِالْعِرَاقِ فَضَرَبَ أَهْلَهَا فَأَحْصَى فِي تِلْكَ الْحَبَّةِ مِائَةَ أَلْفِ سَوْطٍ ضَرَبَهَا. وَقِيلَ: كَانَ يُضْرَبُ المثل بحمقه وتيهه حتى كانوا يقولوا أَحْمَقُ مِنْ أَحْمَقِ ثَقِيفٍ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ حَجَّامًا أَرَادَ أَنْ يَحْجِمَهُ1 فَارْتَعَدَ فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: قُلْ لِهَذَا الْبَائِسِ لا تَخَفْ، وَمَا رَضِيَ أَنْ يَقُولَ لَهُ بِنَفْسِهِ. وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الْوَلِيدُ الْفَاسِقُ هَمَّ بِعَزْلِ يُوسُفَ وَبِتَوْلِيَةِ ابْنِ عَمِّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَوَالِدَةُ الْوَلِيدِ ابْنَيْ عَمٍّ فَسَارَ يُوسُفُ إِلَى الْوَلِيدِ وَقَدَّمَ لَهُ أَمْوَالا عَظِيمَةً وَتُحَفًا، وَكَانَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ مَسْجُونًا فِي سِجْنِ الْوَلِيدِ فَقَرَّرَ مَعَ أَبَانِ النمري أن يشتري خالد الْقِسْرِيَّ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْوَلِيدُ لِيُوسُفَ: ارْجَعْ إِلَى عَمِّكَ، فَقَالَ أَبَانُ لِلْوَلِيدِ: اعْطِنِي خَالِدًا وَأَدْفَعُ إِلَيْكَ أَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، قَالَ: وَمَنْ يَضْمَنُ هَذَا الْمَالُ عَنْكَ؟ قَالَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: أَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ فَحَمَلَهُ في محمل لغير وِطَاءٍ وَقَدِمَ بِهِ إِلَى الْعِرَاقِ فَأَهْلَكَهُ تَحْتَ الْعَذَابِ وَالْمُصَادَرَةِ وَطَلَبَ مِنْهُ أُلُوفًا لا تُحْصَى. ثُمَّ اقْتَصَّ مِنْ يُوسُفَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ بأبيه وقتله ثم قتل يويد بْنَ خَالِدٍ حِينَ تَمَلَّكَ مَرْوَانُ الْحِمَارُ. قَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: ثنا حَيَّانُ بْنُ زُهَيْرٍ ثنا أَبُو الصَّيْدَاءِ صَالِحُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الْعِرَاقَ أَتَانَا خَبَرَهُ بِخُرَاسَانَ، قَالَ: فَبَكَى أَبُو الصَّيْدَاءِ وَقَالَ: هَذَا الْخَبِيثُ شَهِدْتُهُ ضَرَبَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ حَتَّى قَتَلَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: يُقَالُ: إِنَّ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ لَمَّا وُلِّيَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا الْفَاسِقَ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ قَدْ صَارَ إِلَى الْبَلْقَاءِ فَاطْلُبُوهُ، قَالَ: فَلَمْ يُوجَدْ، فَتَهَدَّدُوا ابْنَهُ، فَقَالَ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَيْهِ، إِنَّهُ انْطَلَقَ إِلَى مَزْرَعَةٍ لَهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ خَمْسُونَ فَارِسًا، فَإِذَا بِهِ انْمَلَسَ وَاخْتَفَى، فَإِذَا نِسْوَةٌ أَلْقَيْنَ عَلَيْهِ قَطِيفَةً وَجَلَسْنَ عَلَى حَوَاشِيهَا، فَجَرُّوا بِرِجْلِهِ فَأَتَوْا بِهِ، وَكَانَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ فَأَخَذَ حَرَسِيٌّ بِلِحْيَتِهِ فَهَزَّهَا وَنَتَفَ مِنْهَا، وَكَانَ قَصِيرًا فَأُدْخِلَ عَلَى يَزِيدَ فَقَبَضَ يُوسُفُ عَلَى لِحْيَتِهِ، وَإِنَّهَا لَتَجُوزُ سُرَّتَهُ، وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا أمير

_ 1 والحجامة: امتصاص الدم بالمحجم بعد تشريط الجلد، وقد تكون الحجامة جافة دون إدماء.

المؤمنين نتف والله لحيتي، فسبحنه فِي الْخَضْرَاءِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ فقال: أما تخاف أن يطلع عليه بَعْضُ مَنْ قَدْ وَتَرْتَ فَيُلْقِي عَلَيْكَ حَجَرًا؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا فَطِنْتُ لِهَذَا، فَنَشَدْتُكَ اللَّهُ لَتَكَلَّمْتَ فِي تَحْوِيلِي، فَأَخْبَرْتُ يَزِيدَ فَقَالَ: مَا غَابَ عَنْكَ مِنْ حُمْقِهِ أَكْثَرُ وَمَا حَبَسْتُهُ إِلا لأُوَجِّهَ بِهِ إِلَى الْعِرَاقِ فَيُقَامُ لِلنَّاسِ، وَتُؤْخَذُ الْمَظَالِمُ مِنْ مَالِهِ وَدَمِهِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: فَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا أَبُو هَاشِمٍ قَالَ: أَرْسَلَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَسْرِيُّ مَوْلًى لِأَبِيهِ يُكَنَّى أَبَا الأَسَدِ فِي عِدَّةٍ مِنْ أصحابه، فدخل السحن، فَأَخْرَجَ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَذَلِكَ في سنة سبع وعشرين مائة1. وكذا أَرَّخَ خَلِيفَةُ وَقَالَ: وَلَهُ نَيِّفٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. وزاد ابن خلطان وَغَيْرُهُ: إِنَّهُمْ رَمَوْا جُثَّتَهُ فَشَدَّ الصِّبْيَانُ فِي رِجْلِهِ حَبْلا وَجَرُّوهُ فِي شَوَارِعِ دِمَشْقَ، وَكَانَ دَمِيمًا فَمَرَّتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: مَا فَعَلَ هَذَا الصَّبِيُّ الْمِسْكِينُ حَتَّى قُتِلَ2؟ 383- يُونُسُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ حِمَاسٍ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ3 -م ن ق-. عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ ابن جريح وَمَالِكٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَكَانَ مِنَ الأَوْلِيَاءِ. يُقَالُ: إِنَّهُ نَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ فَدَعَا عَلَى بَصَرِهِ فَعُمِيَ، ثُمَّ احْتَاجَ إِلَى الْخِلافَةِ فَدَعَا فَأَبْصَرَ. "الْكُنَى": 384- أَبُو الأَعْيَسِ الْخَوْلانِيُّ الْحِمْصِيُّ4. اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ. عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

_ 1 راجع تاريخ الطبري "7/ 302". 2 تاريخ خليفة "373"، ووفيات الأعيان "7/ 111، 112". 3 التاريخ الكبير "8/ 404"، وتهذيب التهذيب "11/ 452". 4 تهذيب التهذيب "6/ 188"، والتاريخ لأبي زرعة "1/ 388".

وَعَنْهُ ابْنُ زَبْرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ. وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا. أَبُو بِشْرٍ. هُوَ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ. مَرَّ. 385- أَبُو بِشْرٍ الدِّمَشْقِيُّ الْمُؤَذِّنُ1. عَنْ عمر بن عبد العزيز ومكحول. وعنه سعيد بن عبد العزيز ومعاوية بن صالح. مات سنة وثلاثين وَمِائَةٍ. 386- أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرحمن2 - سوى د- بن عبد الله بن عمر العمري. عن نافع وسالم بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى. لَهُ فِي الْكُتُبِ حَدِيثُ الْوِتْرِ عَلَى الْبَعِيرِ. 387- أَبُو بَلْجٍ الْفَزَارِيُّ الْوَاسِطِيُّ3 -4- يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَلَى الصَّحِيحِ. عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ وَأَبِي الْحَكَمِ الْعَنْزِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. 388- أَبُو جَعْفَرٍ الْفَرَّاءُ الكوفي4 -ن- سلمان. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ وَأَبِي عَبْدِ الرحمن السلمي.

_ 1 تهذيب التهذيب "12/ 21"، والخلاصة "443"، وتاريخ الثقات "491". 2 التاريخ الكبير "9/ 13". 3 تهذيب الكمال "33/ 162"، والتقريب "2/ 409". 4 التاريخ الكبير "9/ 18"، والمعرفة والتاريخ "3/ 100".

وَعَنْهُ ابْنَاهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَإِسْحَاقُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ. تَقَدَّمَ. أَبُو جَمْرَةَ الْقَصَّابُ، مَيْمُونٌ. أَبُو حُصَيْنٍ، عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ. مَرَّ. أَبُو الرِّجَالِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. مَرَّ. 389- أَبُو الزَّاهِرِيَّةَ1 -م د ن ق- اسمه حدير بن كريب. سَمِعَ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ وَأَبَا عُتْبَةَ الْخَوْلانِيَّ وَكَثِيرَ بْنَ مُرَّةَ وَأَبَا ثَعْلَبَةَ الْخَشَنِيَّ. وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ ابْنُهُ حُمَيْدٌ وَأَبُو مَهْدِيٍّ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ، قَالَ خَلِيفَةُ وَابْنُ سَعْدٍ وَالْبَلاذُرِيُّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَالْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَنَةَ مِائَةٍ. قلت: هذا أشبه. 390- أبو الزناد2 -ع- هو عبد الله بن ذكوان. يَأْتِي فِي الطَّبَقَةِ الْمُقْبِلَةِ لاخْتِلافِهِمْ فِي مَوْتِهِ. وَالأَصَحُّ مَوْتُهُ فِي سَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثلاثين ومائة. ضبطه الواقدي.

_ 1 المعرفة والتاريخ "2/ 448"، والمشاهير "114، 179". 2 تهذيب التهذيب "5/ 203"، والتقريب "2/ 423".

391- أَبُو الْعَاجِ السَّلْمِيُّ. يُقَالُ لَهُ كَثِيرٌ، وَلِيَ الْبَصْرَةَ مِنْ قِبَلِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: قِيلَ: أُتِيَ أَبُو الْعَاجِ بِرَجُلٍ مَأْبُونٍ فَقَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ أُوَكِّلَ بِهِ مَنْ يَحْفَظُ دُبُرَهُ لَقَدْ جَعَلْتُمُونَا إِذًا فِي عَنَاءٍ، أَطْلِقُوهُ. 392- أَبُو عِصَامٍ1 -م د ت ن- عَنْ أَنَسٍ ثَلاثَةَ أَحَادِيثَ. وَعَنْهُ هِشَامُ الدسوائي وَشُعْبَةُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ. وَهُوَ صَدُوقٌ. أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَبْدُ الْمَلِكِ2. أبُو عُمَرَ الْبَزَّارُ، دِينَارٌ مر. 393- أبو العنبس العدوي3 -د- الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ. وَهُوَ جَدُّ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ لأُمِّهِ. عَنِ الأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَآخَرُونَ. صَدُوقٌ كُوفِيٌّ 394- أَبُو الْعَنْبَسِ الْكُوفِيُّ4 -د س- عبد الله بن مروان. عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ. صَدُوقٌ. 495- أبو غالب البصري5 -د ت ق- حزور على الصحيح.

_ 1 التاريخ الكبير "9/ 58"، وتهذيب التهذيب "12/ 168"، والجرح والتعديل "9/ 412". 2 وهو عبد الملك بن حبيب سبقت ترجمته قريبا. 3 تهذيب التهذيب "12/ 189"، وميزان الاعتدال "4/ 559". 4 تهذيب التهذيب "12/ 189"، وميزان الاعتدال "4/ 559". 5 تهذيب التهذيب "3/ 227"، والتقريب "2/ 447".

وعن أبي أمانة وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ. وَعَنْهُ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ وَحَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. 496- أَبُو فزارة العبسي الكوفي1 -م د ت ق- راشد بن كيسان. عَنْ أَنَسٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَيَزِيدَ بْنَ الأَصَمِّ وَأَبِي زيد مولى عمرو بْنِ حُرَيْثٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ كَيِّسٌ. 397- أَبُو قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيُّ المصري2 -ت ن-. اسمه حي بن هانيء بن ناصر، قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ فَسَكَنَ مِصْرَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. وَرَوَى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَشَفِيِّ بْنِ مَاتِعٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَرَوَى ضِمَامٌ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ بِالْيَمَنِ فَجَاءَنَا قَتْلُ عُثْمَانَ فَخِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَقُلْنَا: نُقْتَلُ السَّاعَةَ فَصَعِدْنَا الْجَبَلَ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِي. قَالَ ضِمَامٌ: كَانَ أَبُو قَبِيلٍ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ أَنْ يُعَظَّمُ ذُو الشَّيْبَةِ فِي الإِسْلامِ. وَقِيلَ: اسْمُ أَبِي قَبِيلٍ: حُيَيُّ مُصَغَّرًا. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٌ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قلت: وقع لنا من عواليه.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 296"، وتهذيب التهذيب "3/ 227". 2 التاريخ الكبير "3/ 75"، والصغير "1/ 262".

398- أبو كثير السحيمي اليمامي الأعمى1 -د ت ن ق- اسمه يزيد. عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَرَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَادِيثَ. وَعَنْهُ ابْنُه زُفَرُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 399- أَبُو الْمِحْجَلِ2. رُدَيْنِيُّ بْنُ مُرَّةَ, وَقِيلَ: ابْنُ خَالِدٍ. عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ بُرَيْدَةَ وَمُقْعَبَيْنِ بْنِ عِمْرَانَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ. وَعَنْه الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ ابن معين. 400- أبو المقدام الكوفي3 -د ن ق- ثابت بن هرمز الحداد. عَنْ عَدِيِّ بْنِ دِينَارٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَسَعِيدِ ابن الْمُسَيِّبِ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَمْرٌو وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَشَرِيكٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. لَهُ فِي السُّنَنِ حَدِيثٌ. أَبُو الْمَكْشُوحِ. هُوَ يَزِيدُ بْنُ الطَّثَرِيَّةِ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ. مَرَّ. 401- أَبُو نَعَامَةَ السَّعْدِيُّ الْبَصْرِيُّ4 - م د ت ن - عبد ربه. وَثَّقُوهُ. رَوَى عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَمَرْحُومٌ الْعَطَّارُ وَآخَرُونَ.

_ 1 تهذيب التهذيب "12/ 211"، والجرح والتعديل "9/ 276". 2 التاريخ لابن معين "2827"، والجرح والتعديل "3/ 516". 3 تهذيب التهذيب "2/ 16"، والتقريب "2/ 459". 4 أبو نعامة السعدي، واسمه: عبد ربه ثقة. راجع ترجمته في: تهذيب التهذيب "12/ 257"، والميزان "2/ 545".

402- أبو هاشم الرماني الواسطي1 -ع- يَحْيَى بْنُ دِينَارٍ, وَيُقَالُ: يَحْيَى بْنُ نَافِعٍ. كَانَ يَنْزِلُ قَصْرَ الرُّمَّانِ بِوَاسِطَ فَنُسِبَ إِلَيْهِ. عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَهُشَيْمٌ وَخَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ. 403- أَبُو الْهَيْثَمِ الْمُرَادِيُّ الْكُوفِيُّ2. صَاحِبُ الْقَصَبِ. قِيلَ: اسْمُهُ عَمَّارٌ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 404- أَبُو الْوَازِعِ الْكُوفِيُّ3. هُوَ زُهَيْرُ بْنُ مَالِكٍ النَّهْدِيُّ. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَمْزَةَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ السُّكَّرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَتْ عِنْدَهُ غَفْلَةٌ شَدِيدَةٌ وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. 405- أَبُو الْوَازِعِ الرَّاسِبِيُّ الْبَصْرِيُّ4 -م ت ق- جابر بن عمرو. عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ. وَعَنْهُ أَبَانُ بْنُ صَمْعَةَ وَشَدَّادُ أَبُو طَلْحَةَ الرَّاسِبِيُّ وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ وَأَبُو هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبِ بن الحباب. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 406- أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ5 -د ن- يزيد بن عبيد المدني.

_ 1 تهذيب التهذيب "12/ 261"، والمعرفة والتاريخ "2/ 75". 2 تهذيب التهذيب "12/ 269"، الجرح والتعديل "6/ 391". 3 التاريخ الكبير "3/ 429"، والمعرفة والتاريخ "3/ 76". 4 التاريخ الكبير "2/ 209"، وتهذيب التهذيب "2/ 43". 5 التاريخ الكبير "8/ 348"، وتهذيب التهذيب "11/ 349".

عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ. وَعَنْهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ. وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ شُعَرَاءِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، وَهُوَ صَدُوقٌ. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 407- أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ الْكُوفِيُّ1 -د ت ق- فِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ: يَزِيدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُسْلِمٌ وَعِمْرَانَ، وَالأَصَحُّ زَاذَانُ. رَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ ابْنُ معين وغيره. 408- أبو يعفور العبدي الكوفي2 -ع- واقد, وقيل: وقدان. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَنَسٍ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَالسُّفْيَانَانِ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَابْنُهُ يُونُسُ. وَثَّقُوهُ. وَأَبُو يَعْفُورَ الْكُوفِيُّ، آخَرُ أَصْغَرُ مِنْ هَذَا فِي طَبَقَةِ الأعمش. 409- أبو يونس مولى أبي هريرة3 -م د ت- اسْمُهُ سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ. وَكَانَ أَبُوهُ مُكَاتِبًا لِأَبِي هُرَيْرَةَ فَعَجَزَ فَرَدَّهُ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى الرِّقِّ ثُمَّ قَدِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِصْرَ عَلَى مُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ وَمَعَهُ جُبَيْرٌ وَابْنُهُ أَبُو يُونُسَ فَسَأَلَهُ مُسْلِمَةُ أَنْ يَعْتِقَهُمَا فَفَعَلَ فَأَقَامَا بِمِصْرَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ: تَزَوَّجَ أَبِي بِبِنْتِ أَبِي يُونُسَ وَوَرِثَ مِنْهَا. تُوُفِّيَ أَبُو يُونُسَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ كَمَا مَرَّ في اسمه.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 438"، وتهذيب التهذيب "12/ 277". 2 تهذيب التهذيب "6/ 225"، وتهذيب الكمال "7288". 3 التاريخ الكبير "4/ 122"، وسير أعلام النبلاء "6/ 112".

الطبقة الرابعة عشرة: الحوادث من سنة 131 إلى 140

الطبقة الرابعة عشرة: الحوادث من سنة 131 إلى 140 أحداث سنة إحدى وثلاثين ومائة ... الطبقة الرابعة عشرة: الحوادث من سنة131 إلى140 أحداث سنة إحدى وثلاثين مائة 1: ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مُجْمَلا: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الصَّائِغُ الْمَرْوَزِيُّ، إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ، إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَالِمُ الْبَصْرَةِ، تَوْبَةُ الْعَنْبَرِيُّ البصري ثقة، الركين بن الربيع بن عملية، الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ، سُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ الْمَكِّيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي قَوْلِ خَليِفَةَ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ السَّبَائِيُّ، عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الْبُنَانِيُّ الْبَصْرِيُّ، عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْمِيُّ، فَرْقَدُ السَّبَخِيُّ أَحَدُ الْعُبَّادِ، مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ الْكُوفِيُّ، مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ عَلَى الصَّحِيحِ، نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ الأَمِيرُ، هَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَقِيلَ بَعْدَهَا، وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ الْمُعْتَزِلِيُّ، يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الأَزْدِيُّ ثُمَّ النَّحْوِيُّ، مِنْ نَحْوِ الأَزْدِ. وَفِيهَا تَوَجَّهَ قُحْطُبَةُ بْنُ شَبِيبٍ بَعْدَ قَتْلِ نُبَاتَةَ مِنْ جُرْجَانَ فَجَهَّزَ ابْنُ هُبَيْرَةَ جَيْشًا عَظِيمًا فَنَزَلَ بَعْضُهُمْ بِهَمَذَانَ وَبَعْضُهُمْ بِمَاهٍ2 وَبِغَيْرِهَا، وَعَلَيْهِمْ وَلَدُهُ دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ وَعَامِرُ بْنُ ضُبَارَةَ فَالْتَقَوْا بِنَوَاحِي أَصْبَهَانَ فِي رَجَبٍ فَقُتِلَ فِي الْمَصَافِّ عَامِرٌ وَانْهَزَمَ دَاوُدُ وَجَيْشُهُ. فَذَكَر مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ أَنَّ عَامِرَ بْنَ ضُبَارَةَ كَانَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ وَكَانَ قُحْطُبَةُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، قَالَ: فَأَمَرَ قُحْطُبَةُ بِمُصْحَفٍ فَرُفِعَ عَلَى رُمْحٍ ثُمَّ نَادَى يَا أَهْلَ الشَّامِ: إِنَّا نَدْعُوكُمْ إِلَى مَا فِي هَذَا الْمُصْحَفِ، فَشَتَمُوهُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَطُلِ الْقِتَالُ حَتَّى انْهَزَمُوا. ثُمَّ نَزَلَ قُحْطُبَةُ وَابْنُهُ الْحَسَنُ عَلَى بَابِ نَهَاوَنْدَ وَغَنِمَ جَيْشُهُ مَا لا يُوصَفُ وَأَثْخَنُوا فِي الشاميين3.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "7/ 403 - 412"، والكامل في الضعفاء "5/ 396". 2 ماه: اسم بلدة بأرض فارس. 3 تاريخ الطبري "7/ 406".

قَالَ حَفْصُ بْنُ شَبِيبٍ: فَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ مَعَ قُحْطُبَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عَسْكَرًا قَطُّ جَمَعَ مَا جَمَعَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَصْبَهَانَ مِنَ الْخَيْلِ وَالسِّلاحِ وَالرَّقِيقِ، وَأَصَبْنَا مَعَهُمْ مَا لا يُحْصَى مِنَ الْبَرَابِطِ وَالطَّنَابِيرِ وَالْمَزَامِيرِ فَقَلَّ خِبَاءٌ أَوْ بَيْتٌ نَدْخُلُهُ إِلا وَجَدْنَا فِيهِ زُكْرَةً أَوْ زِقًّا مِنْ خَمْرٍ. وَوَقَعَ الْحِصَارُ عَلَى نَهَاوَنْدَ وَتَقَهْقَرَ الأَمِيرُ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى الرَّيِّ فَأَدْرَكَهُ الأَجَلُ بِهَا، وَقِيلَ: مَاتَ نِسَاؤُهُ وَأَوْصَى بَنِيهِ أَنْ يَلْحَقُوا بِالشَّامِ. وَقَدْ كَانَ أَنْشَدَ لَمَّا أَبْطَأ عَنْهُ الْمَدَدُ: أَرَى خَلَلَ الرَّمَادِ وَمِيضَ نَارٍ ... وَيُوشِكُ أن يكون له ضرام فإن النار بالزنادين تُورِي ... وَإِنَّ الْفِعْلَ يَقْدُمُهُ الْكَلامُ وَإِنْ لَمْ يَطُفْهَا عُقَلاءُ قَوْمٍ ... يَكُونُ وَقُودُهَا جُثَثٌ وَهَامُ أَقُولُ مِنَ التَّعَجُّبِ: لَيْتَ شِعْرِي ... أَأَيْقَاظٌ أُمَيَّةُ أَمْ نِيَامُ ثُمَّ إِنَّ ابْنَ هُبَيْرَةَ كَتَبَ إِلَى مَرْوَانَ الْحِمَارِ يُخْبِرُهُ بِمَقْتَلِ ابْنِ ضُبَارَةَ فَوَجَّهَ إِلَى نَجْدَتِهِ حَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ الْبَاهِلِيُّ فِي عَشَرَةِ آلافٍ مِنْ قَيْسٍ، ثُمَّ تَجَمَّعَتْ حيوش مَرْوَانَ بِنَهَاوَنْدَ، عَلَيْهِمْ مَالِكُ بْنُ أَدْهَمَ، فَضَايَقَهُمْ - كَمَا ذَكَرْنَا - قُحْطُبَةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ حَتّى أَكَلُوا خَيْلَهُمْ، ثُمَّ خَرَجُوا بِالأَمَانِ فِي شَوَّالٍ، ثُمَّ قَتَلَ قُحْطُبَةُ وُجُوهًا مِنْ عَسْكَرِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ وَقَتَلَ أَوْلادَهُ وَقَتَلَ سَعِيدَ بْنُ الْحُرِّ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْجَزَرِيَّ وَحَاتِمَ بْنَ الحارث التميمي وعاصم بن عمرو السمر قندي وَعُمَارَةَ بْنَ سُلَيْمٍ. ثُمَّ أَقْبَلَ قُحْطُبَةُ فِي جُيُوشِهِ يُرِيدُ الْعِرَاقَ فَنَهَضَ مُتَوَلِّيهَا ابْنُ هُبَيْرَةَ حَتَّى نَزَلَ بَيْنَ حُلْوَانَ وَالْمَدَائِنِ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ اللَّيْثِيُّ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ الْمُنْهَزِمُونَ حَتَّى صَارَ فِي ثَلاثَةٍ وَخَمْسِينَ أَلْفًا. ثُمَّ تَوَجَّهَ فَنَزَلَ جَلُولاءَ، وَنَزَلَ قُحْطُبَةُ فِي آخِرِ الْعَامِ بِخَانِقِينَ، فَكَانَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ بَرِيدٌ فَبَقُوا أَيَّامًا كَذَلِكَ. وَفِيهَا، فِي شَعْبَانَ وَبَعْدَهُ كَانَ الطَّاعُونُ بِالْبَصْرَةِ فَهَلَكَ خَلْقٌ حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ هَلَكَ فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ سَبْعُونَ أَلْفًا. نقله صاحب لمنتظم. وَفِيهَا: تَحَوَّلَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ مِنْ مَرْوَ فنزل نيسابور واستولى على عامة خراسان.

أحداث سنة اثنتين وثلاثين ومائة

أحداث سنة اثنتين وثلاثين ومائة 1: توفي فيما خَلْقٌ: مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الملك بن مروان، إسحاق ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ، أَعْيَنُ بْنُ لَيْثٍ جَدُّ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ، رَبَاحُ بْنُ عبد الرحمن الدمشقي، زياد بن سلم ابن زياد ابن أَبِيهِ، سَالِمٌ الأَفْطَسُ بْنُ عَجْلانَ، سُلَيْمَانُ بْنُ هشام بن عبد الملك، سليمان الْمَدَنِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ الْيَمَانِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خَثْيَمٍ الْمَكِّيُّ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمِصْرِيُّ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الْكَلاعِيُّ، عَطَاءُ بْنُ قُرَّةَ السَّلُولِيُّ. عَطَاءُ السُّلَيْمِيُّ الْعَابِدُ، عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الزُّهْرِيُّ، قُحْطُبَةُ بْنُ شَبِيبٍ الأَمِيرُ، مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأُمَوِيُّ الْخَلِيفَةُ، مَنْصُورُ بن المعتمر عالم الكوفة، يزيد بن عمرو بْنِ هُبَيْرَةَ الأَمِيرُ، يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ أَبُو جعفر في قول، يونس بن ميسرة بْنِ حُلَيْسٍ. وَفِيهَا زَالَتْ دَوْلَةُ بَنِي أُمَيَّةَ. فَفِي الْمُحَرَّمِ بَلَغَ ابْنَ هُبَيْرَةَ أَنَّ قُحْطُبَةَ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْمَوْصِلِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا بَالُ الْقَوْمِ تَنَكَّبُونَا -! قَالُوا: يُرِيدُونَ الْكُوفَةَ، فَتَرَحَّلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ نَحْوَ الْكُوفَةِ وَكَذَلِكَ فعَلَ قُحْطُبَةُ فَعَبَرَ الْفُرَاتَ فِي سَبْعِمِائَةِ فَارِسٍ، وَتَتَامَّ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ نَحْوَ ذَلِكَ، فَتَوَاقَعُوا فَجَاءَتْ قُحْطُبَةَ طَعْنَةٌ فَوَقَعَ فِي الْفُرَاتِ فَهَلَكَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَوْمُهُ، وَانْهَزَمَ أَيْضًا أَصْحَابُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَغَرِقَ خَلْقٌ مِنْهُمْ فِي الْمَخايضِ2 وذَهَبَتْ أَثْقَالَهُمْ3، فَقَالَ بَيْهَسُ بْنُ حَبِيبٍ: نَجْمَعُ النَّاسَ بَعْدَ أَنْ جاوز الْفُرَاتَ، فَنَادَى مُنَادٍ: مَنْ أَرَادَ الشَّامَ فَهَلُمَّ، فَذَهَبَ مَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، وَنَادَى آخَرُ: مَنْ أَرَادَ الْجَزِيرَةَ فَتَبِعَهُ خَلْقٌ، وَنَادَى آخَرُ: مَنْ أَرَادَ الْكُوفَةَ فَذَهَبَ كُلُّ جُنْدٍ إِلَى نَاحِيَةٍ، فَقُلْتُ: مَنْ أَرَادَ وَاسِطَ فَهَلُمَّ فَأَصْبَحْنَا مع ابن هبيرة بقناطر المسيب ودخلنا واسطًا يَوْمَ عَاشُورَاءِ، وَأَصْبَحَ الْمُسَوِّدَةُ4 قَدْ فَقَدُوا قَائِدَهُمْ قُحْطُبَةُ ثُمَّ اسْتَخْرَجُوهُ مِنَ الْمَاءِ فَدَفَنُوهُ، وَأَمَّرُوا عَلَيْهِمُ ابْنُهُ الْحَسَنُ فَقَصَدَ بِهِمُ الْكُوفَةَ فَدَخَلُوهَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَيْضًا وَهَرَبَ مُتَوَلِّيهَا زِيَادُ بْنُ صالح إلى واسط.

_ 1 وانظر: تاريخ الطبري "7/ 412"، والبداية والنهاية "10/ 38". 2 يعني في الماء. 3 وذهبت أثقالهم: يعني أمتعتهم. 4 وأصبح المسودة: هم العباسيون، وكان شعارهم السواد.

وَقُتِلَ لَيْلَةَ الْفُرَاتِ صَاحِبُ شُرْطَةِ ابْنِ هُبَيْرَةَ زِيَادُ بْنُ سُوَيْدٍ الْمُرِّيُّ وَكَاتِبُهُ عَاصِمٌ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. وَأَمَّا ابْنُ قُحْطُبَةَ فَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْكُوفَةِ أَبَا سَلَمَةَ الْخَلالِ، ثُمَّ قَصَدَ وَاسِطَ فَنَازَلَهَا وَخَنْدَقَ عَلَى جَيْشِهِ فَعَبَّأَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَسَاكِرَهُ فَالْتَقَوْا, فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَتَحَصَّنُوا بِوَاسِطَ، وَقُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ يَزِيدُ أَخُو الْحَسَنِ بْنِ قُحْطُبَةَ وَحَكِيمُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْجَدَلِيُّ. وَفِي الْمُحَرَّمِ، وَثَبَ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ عَلَى ابْنِ الْكَرْمَانِيِّ فَقَتَلَهُ بِنَيْسَابُورَ وَجَلَسَ فِي دَسْتِ الْمَلِكِ وَبُويِعَ وَصَلَّى وَخَطَبَ لِلسَّفَّاحِ وَصَفَتْ لَهُ خُرَاسَانَ. بَيْعَةُ السَّفَّاحِ: فِي ثَالِثِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، بُويِعَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ السَّفَّاحُ أَوَّلُ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ بِالْكُوفَةِ فِي دَارِ مَوْلاهُمُ الْوَلِيدِ بْنِ سَعْدٍ. وَأَمَّا مَرْوَانُ الْحِمَارُ خَلِيفَةُ الْوَقْتِ فَسَارَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ حَتَّى نَزَلَ الزَّابِينَ دُونَ الْمَوْصِلِ، فَجَهَّزَ السَّفَّاحُ عَمَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ فِي جَيْشٍ فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ عَلَى كُشَافٍ1 فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، فَانْكَسَرَ مَرْوَانُ وَتَقَهْقَرَ إِلَى الْجَزِيرَةِ وَقَطَعَ وَرَاءَهُ الْجِسْرَ وَقَصَدَ الشَّامَ لِيَتَقَوَّى وَيَلْتَقِي، وَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْجَزِيرَةَ فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا مُوسَى بْنُ كَعْبٍ التَّمِيمِيُّ ثُمَّ طَلَبَ الشَّامَ مُجِدًّا، وَأَمَدَّهُ السَّفَّاحُ بِصَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ عَمُّهُ الآخَرُ، فَسَارَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى نَازَلَ دِمَشْقَ وَفَرَّ مَرْوَانُ إِلَى غَزَّةَ، فَحُوصِرَتْ دِمَشْقُ مُدَّةً وَأُخِذَتْ فِي رَمَضَانَ وَقُتِلَ بِهَا خَلْقٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَمِنْ جُنْدِهِمْ، فَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، فَلَمَّا بَلَغَ مَرْوَانَ ذَلِكَ هَرَبَ إِلَى مِصْرَ ثُمَّ قُتِلَ فِي آخِرِ السَّنَةِ. وَهَرَبَ ابْنَاهُ عَبْدُ الله وعبيد الله حتى دخلا أَرْضَ النُّوبَةِ، وَكَانَ مَرْوَانُ قَدِ اسْتَعْمَلَ عَلَى مِصْرَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ اللَّخْمِيَّ مَوْلاهُمْ فَأَحْسَنَ السِّيرَةَ، وَسَارَ عَمُّ السَّفَّاحِ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ فَافْتَتَحَ مِصْرَ وَظَفَرَ بِعَبْدِ الْمَلِكِ وَبِأَخِيه مُعَاوِيَةَ فَعَفَا عَنْهُمَا وَقَتَلَ الأَمِيرُ حَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ، فَيُقَالُ: طَبَخُوهُ طَبْخًا، وَكَانَ قَدْ وَلِيَ مِصْرَ مُدَّةً. وَقُتِلَ حَسَّانُ بْنُ عَتَاهِيَةَ وَصُلِبَ سَنَةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: كَانَ بَدْءُ أَمْرِ بَنِي الْعَبَّاسِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ أَعْلَمَ الْعَبَّاسَ عَمَّهُ أن الخلافة تؤول إِلَى وَلَدِهِ فَلَمْ يَزَلْ وَلَدُهُ يَتَوَقَّعُونَ ذَلِكَ.

_ 1 وهو موضع من زاب الموصل "ياقوت 4/ 461".

وَعَنْ رِشْدِينَ بْنِ كُرَيْبٍ أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَلَقِيَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا بْنَ عَمِّ إِنَّ عِنْدِي عِلْمًا أُرِيدُ أَنْ أَنْبُذَهُ إِلَيْكَ فَلا تُطْلِعَنَّ عَلَيْهِ أَحَدًا: إِنَّ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي يَرْتَجِيهِ النَّاسُ فِيكُمْ. قَالَ: قَدْ عَلِمْتُهُ فَلا يَسْمَعَنَّهُ مِنْكَ أَحَدٌ. وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّ الإِمَامَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: لَنَا ثَلاثَةُ أَوْقَاتٍ: مَوْتُ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوُيَةَ، وَرَأْسُ الْمِائَةِ، وَفَتْقٌ بِأَفْرِيقِيَّةَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَدْعُو لَنَا دُعَاةٌ ثُمَّ يُقْبِلُ أَنْصَارُنَا مِنَ الْمَشْرِقِ حَتَّى تَرِدَ خُيُولُهُمُ الْمَغْرِبَ. فَلَمَّا قُتِلَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ بِأَفْرِيقِيَّةَ وَنَقَضَتِ الْبَرْبَرُ بَعَثَ مُحَمَّدٌ الإِمَامُ رَجُلا إِلَى خُرَاسَانَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلا يُسَمِّي أَحَدًا، ثُمَّ وَجَّهَ أَبَا مُسْلِمٍ وَغَيْرَهُ، وَكَتَبَ إِلَى النُّقَبَاءِ1 فَقَبِلُوا كُتُبَهُ, ثُمَّ وَقَعَ فِي يد مروان الحمار كتاب من إبراهيم من مُحَمَّدٍ الإِمَامِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ جَوَابُ كِتَابٍ يَأْمُرُهُ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ بِخُرَاسَانَ، فَقَبَضَ مَرْوَانُ عَلى إِبْرَاهِيمَ، وَقَدْ كَانَ مَرْوَانُ وُصِفَ لَهُ صِفَةُ السَّفَّاحِ الَّتِي كَانَ يَجِدَهَا فِي الْكُتُبِ فَلَمَّا جِيءَ بِإِبْرَاهِيمَ قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ الَّتِي وَجَدْتَ ثُمَّ رَدَّهُمْ فِي طَلَبِ الْمَوْصُوفِ لَهُ فَإِذَا بِالسَّفَّاحِ وَاخْوَتِهِ وَعُمُومَتِهِ قَدْ هَرَبُوا إِلَى الْعِرَاقِ وَأَخْفَتْهُمْ شِيعَتُهُمْ، فَيُقَالُ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ قَدْ نَعَى إِلَيْهِمْ نَفْسَهُ وَأَمَرَهُمْ بالهرب وكانوا بالحمية مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ، فَلَمَّا قَدِمُوا الْكُوفَةِ أَنْزَلَهُمْ أَبُو سَلَمَةَ الْخَلالُ دَارَ الْوَلِيدِ بْنِ سَعْدٍ فَبَلَغَ الْخَبَرُ أَبَا الْجَهْمِ فَاجْتَمَعَ بِمُوسَى بْنِ كَعْبٍ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ رِبْعِيٍّ وَسَلَمَةَ بْنِ محمد وإبراهيم بن سلمة وعبد الطَّائِيِّ وَإِسْحَاقَ بْن إِبْرَاهِيمَ وَشَرَاحِيلَ وَابْنَ بَسَّامٍ وجماهة مِنْ كِبَارِ شِيعَتِهِمْ فَدَخَلُوا عَلَى آلِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِيَّةِ؟ فَأَشَارُوا إِلَى السَّفَّاحِ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ، ثم خرج السفاح يوم الجمعة عَلَى بِرْذَوْنٍ أَبْلَقَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ بِالْكُوفَةِ فَذُكِرَ أَنَّهُ لَمَّا صَعِدَ الْمِنْبَرِ وَبُويِعَ قَامَ عَمُّهُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ دُونَهُ. فَقَالَ السَّفَّاحُ2: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اصْطَفَى الإِسْلامَ لِنَفْسِهِ فَكَرَّمَهُ وَشَرَّفَهُ وَعَظَّمَهُ وَاخْتَارَهُ لَنَا وَأَيَّدَهُ بِنَا وَجَعَلَنَا أَهْلَهُ وَكَهْفَهُ وَحِصْنَهُ وَالْقُوَّامَ بِهِ وَالذَّابِيِّنَ عَنْهُ، ثُمَّ ذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ إِلَى أَنْ قال: فلما قيض اللَّهُ نَبِيَّهُ قَامَ بِالأَمْرِ أَصْحَابَهُ إِلَى أَنْ وَثَبَتْ بَنُو حَرْبٍ وَمَرْوَانُ فَجَارُوا وَاسْتَأْثَرُوا فَأَمْلَى الله لهم حينًا حتى آسفوه فانتقم

_ 1 والنقيب: رتبه من رتب الجيش، والشرطة فوق الملازم الأول ودون الرائد. 2 وراجع خطبته في تاريخ الإمام الطبري "7/ 425"، وما بعدها.

مِنْهُمْ بِأَيْدِينَا وَرَدَّ عَلَيْنَا حَقَّنَا لِيُمِنَّ بِنَا عَلَى الَّذِينَ استُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَخَتَمَ بِنَا كَمَا افْتَتَحَ بِنَا وَمَا تَوْفِيقُنَا أَهْلِ الْبَيْتِ إِلا بِاللَّهِ، يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَنْتُمْ مَحَلُّ مَحَبَّتِنَا وَقَبُولُ مَوَدَّتِنَا لَمْ تَفْتَرُّوا عَنْ ذَلِكَ وَيُثْنِكُمْ عَنْهُ تَحَامُلُ أَهْلِ الْجَوْرِ فَأَنْتُمْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِنَا وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْنَا وَقَدْ زِدْتُ فِي أَعْطِيَاتِكُمْ مِائَةَ مِائَةٍ فَاسْتَعِدُّوا فَأَنَا السَّفَّاحُ الْمُتِيحُ1 وَالثَّائِرُ الْمُبِيرُ، وَكَانَ مَوْعُوكًا2 فَجَلَسَ. وَخَطَبَ دَاوُدُ فَأَبْلَغَ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَصَرَهُ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا إِنَّمَا عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ بَعْدَ الصَّلاةِ لِأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَخْلِطَ بِكَلامِ الْجُمُعَةِ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا قَطَعَهُ عَنِ اسْتِتْمَامِ الْكَلامِ شِدَّةُ الْوَعْكِ فَادْعُوا لَهُ بِالْعَافِيَةِ فَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِمَرْوَانَ عَدُوِّ الرَّحْمَنِ وَخَلِيفَةِ الشَّيْطَانِ الْمُتَّبِعِ لِسَلَفِهِ الْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ الشَّابَّ الْمُكْتَهِلَ، فَعَجَّ3 النَّاسُ لَهُ بِالدُّعَاءِ. وَكَانَ عِيسَى بْنُ مُوسَى إِذَا ذُكِرَ خُرُوجُهُمْ مِنَ الْحُمَيِّمَةَ يُرِيدُونَ الْكُوفَةَ قَالَ: إِنَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلا خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ يَطْلُبُونَ مَا طَلَبْنَا لَعَظِيمَةٌ هِمَّتُهُمْ شَدِيدَةٌ قلبوهم. وأما إبراهيم بن محمد فإن مرون قَتَلَهُ غِيلَةً، وَقِيلَ: بَلْ مَاتَ بِالسِّجْنِ بِحَرَّانَ مِنْ طَاعُونٍ4، وَكَانَ قَدْ وَقَعَ بِحَرَّانَ وَبَاءٌ عَظِيمٌ، وَهَلَكَ فِي السِّجْنِ أَيْضًا: الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيمَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَفِيهَا: تَوَجَّهَ أَبُو عَوْنٍ الأَزْدِيُّ إِلَى شَهْرِزَوْرَ لِقِتَالِ عَسْكَرِ مَرْوَانَ فَالْتَقَوْا، وَقُتِلَ أَمِيرُ الْمَرْوَانِيَّةِ عُثْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ وَاسْتَوْلَى أَبُو عَوْنٍ عَلَى نَاحِيَةِ الْمَوْصِلِ قَبْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ فَلَمَّا جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ جَهَّزَ خَمْسَةَ آلافٍ عَلَيْهِمْ عُيَيْنَةُ بْنُ مُوسَى فخاضو النراب وحاربو الْمَرْوَانِيَّةَ حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، ثُمَّ جَهَّزَ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ الْغَدِ أَرْبَعَةَ آلافٍ عَلَيْهِمْ مُخَارِقُ بْنُ عَفَّارٍ فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ مُخَارِقٌ، وَقِيلَ أُسِرَ، فَبَادَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَعَبَّأَ جَيْشَهُ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ عَلَى مَيْمَنَتِهِ أَبُو عَوْنٍ الأزدي، وعلى ميسرته الوليد بن معاوية

_ 1 يعني القوي الشديد. 2 موعوكا: الموعوك: هو المحموم، والوعكة: المرضة وشدة الحمى، ووعك فلان وعكا أي أصابه ألم من شدة التعب. 3 عج الناس له بالدعاء: يعني رفعوا أصواتهم له بالدعاء. 4 الطاعون: هو الوباء "ج": طواعين، وقيل: هو داء وبائي سببه مكروب يصيب الفئران، وتنقله البراغيث إلى فئران أخرى وإلى الإنسان. القاموس المحيط "ص/ 1565"، والمعجم الوجيز "ص/ 391".

فَالْتَقَاهُ مَرْوَانُ وَاشْتَدَّ الْحَرْبُ، ثُمَّ تَخَاذَلَ عَسْكَرُ مَرْوَانَ وَانْهَزَمُوا، فَانْهَزَمَ مَرْوَانُ وَقَطَعَ وَرَاءَهُ الْجِسْرَ، فَكَانَ مَنْ غَرِقَ يَوْمَئِذٍ أَكْثَرُ مِمَّنْ قُتِلَ، فَغَرِقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَخْلُوعُ وَاسْتَوْلَى عَبْدُ اللَّهِ عَلَى أَثْقَالِهِمْ وَمَا حَوَتْ، فَوَصَلَ مَرْوَانُ إِلَى حَرَّانَ فَأَقَامَ بِهَا عِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ دَهَمَتْهُ الْمُسَوِّدَةُ فَانْهَزَمَ، وَخَلَفَ بِحَرَّانَ ابْنَ أُخْتِهِ أَبَانَ بْنَ يَزِيدَ، فَلَمَّا أَظَلَّهُ عَبْدُ اللَّهِ خَرَجَ أَبَانُ مُسَوِّدًا مُبَايِعًا1 لِعَبْدِ اللَّهِ فَأَمَّنَهُ، فَلَمَّا مَرَّ مَرْوَانُ بِحِمْصَ اعْتَرَضَهُ أَهْلَهَا فَحَارَبُوهُ، وَكَانَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْهُ فَكَسَرَهُمْ، ثُمَّ مَرَّ بِدِمَشْقَ وَبِهَا مُتَوَلِّيهَا زَوْجُ بِنْتِهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَانْهَزَمَ وَخَلَفَ بِدِمَشْقَ زَوْجُ بِنْتِهِ لِيَحْفَظَهَا فَنَازَلَهَا عَبْدُ اللَّهِ وَافْتَتَحَهَا عَنْوَةً بِالسَّيْفِ وَهَدَمَ سُورَهَا وَقُتِلَ أَمِيرَهَا فِيمَنْ قُتِلَ، وَتَبِعَ عَسْكَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ إِلَى أَنْ بَيَّتُوهُ بِقَرْيَةِ بُوصَيْرَ مِنْ عَمَلِ مِصْرَ، فَقُتِلَ وَهَرَبَ وَلَدَاهُ، وَحَلَّ بِالْمَرْوَانِيَّةِ مِنَ الْبَلاءِ مَا لا يُوصَفُ2. وَيُقَالُ: كَانَ جَيْشُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ لَمَّا الْتَقَى مَرْوَانَ عِشْرِينَ أَلْفًا, وَقِيلَ: اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. وَافْتَتَحَ فِي عَاشِرِ رَمَضَانَ، صَعِدَ الْمُسَوِّدَةُ سُورَهَا وَدَامَ الْقَتْلُ بِهَا ثَلاثَ سَاعَاتٍ، فَيُقَالُ: قُتِلَ بِهَا خَمْسُونَ أَلْفًا. وَذَكَر ابْنُ عَسَاكِرٍ فِي تَرْجَمَةِ الطُّفَيْلِ بْنِ حَارِثَةِ الْكَلْبِيِّ أَحَدِ الأَشْرَافِ3: أَنَّهُ شَهِدَ حِصَارَ دِمَشْقَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَحَاصَرَهَا شَهْرَيْنِ وَبِهَا يَوْمَئِذٍ الْوَلِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خَمْسِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ فَوَقَعَ الْخَلَفُ بَيْنَهُمْ ثُمَّ إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْكُوفِيِّينَ تَسَوَّرُوا بُرْجًا وَافْتَتَحُوهَا عَنْوَةً فَأَبَاحَهَا عَبْدُ اللَّهِ ثَلاثَ سَاعَاتٍ لا يَرْفَعُ عَنْهُمُ السَّيْفَ. وَقِيلَ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ قَتَلَهُ أَصْحَابُهُ لَمَّا اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَّنَ عَبْدُ اللَّهِ النَّاسَ كُلَّهُمْ وَأَمَرَ بِقَلْعِ حِجَارَةِ السُّورِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْمَدَائِنِيِّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَيْضِ الْغَسَّانِيُّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَحَصَرَ دِمَشْقَ اسْتَغَاثَ النَّاسُ بِيَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ فَسَأَلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَخْرُجَ وَيَطْلُبَ الأَمَانَ، فَخَرَجَ فَأُجِيبَ فَاضْطَرَبَ بِذَلِكَ الصَّوْتِ حَتَّى دَخَلَ الْبَلَدَ وَقَالَ النَّاسُ: الأَمَانَ الأَمَانَ فَخَرَجَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْبَلَدِ خَلْقٌ وَأَصْعَدُوا إِلَيْهِمُ الْمُسَوِّدَةَ، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ: اكْتُبْ لَنَا بِالأَمَانِ كِتَابًا، فَدَعَا بِدَوَاةٍ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا السُّورُ قَدْ رَكِبَتْهُ الْمُسَوِّدَةُ فقال:

_ 1 تقدم أن شعار العباسيين كان السواد. 2 راجع: صحيح التوثيق "5/ 296 وما بعدها". 3 راجع تهذيب ابن عساكر "7/ 62".

نَحِّ الْقِرْطَاسَ فَقَدْ دَخَلْنَا قَسْرًا، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: لا وَاللَّهِ وَلَكِنْ غَدْرًا لِأَنَّكَ أَمَّنْتَنَا فَإِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُ فَارْدُدْ رِجَالَكَ عَنَّا وَرُدَّنَا إِلَى بَلَدِنَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا مَا أَعْرِفُ مِنْ مَوَدَّتِكَ إِيَّانَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَهَدَّدَهُ وَقَالَ: أَتَسْتَقْبِلُنِي بِهَذَا! فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَالْحَقِّ، وَأَخَذَ يُلاطِفُهُ، فَقَالَ: تَنَحَّ عَنِّي، ثُمَّ نَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَقَالَ: يَا غُلامُ اذْهَبْ بِهِ إِلَى حُجَرِي تَخَوُّفًا عَلَيْهِ لِمَكَانِ ثِيَابِهِ الْبِيضِ، وَقَدْ سَوَّدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، ثُمَّ حَمَى لَهُ دَارَهُ فَسَلِمَ فِيهَا خَلْقٌ، وَقُتِلَ بِالْبَلَدِ خَلْقٌ لَكِنْ غَالِبَهُمْ مِنْ جُنْدِ الأُمَوِيِّينَ وَأَتْبَاعِهِمْ. ثُمَّ سَارَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى فِلَسْطِينَ وَجَهَّزَ أَخَاهُ صَالِحًا لِيَفْتَتِحَ مِصْرَ وَسَيَّرَ مَعَهُ أَبَا عَوْنٍ الأَزْدِيَّ وَعَامِرَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الحارثي وابني قَنَانٍ، فَسَارُوا عَلَى السَّاحِلِ، فَافْتَتَحُوا الإِقْلِيمَ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ مِصْرَ أَبُو عَوْنٍ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ نَزَلَ عَلَى نَهْرِ أَبِي فُطْرُسٍ1 وَقَتَلَ هُنَاكَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ خَاصَّةً اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ نَفْسًا صَبْرًا. وَلَمَّا رَأَى النَّاسُ جُورَ الْمُسَوِّدَةِ وَجَبَرُوتَهُمْ كَرِهُوهُمْ فَثَارَ الأَمِيرُ أَبُو الورد مجزأة ابن كَوْثَرٍ الْكِلابِيُّ أَحَدُ الأَبْطَالِ بِقَنَّسْرِينَ وَبَيَّضَ وَبَيَّضَ مَعَهُ أَهْلُ قِنَّسْرِينَ كُلُّهُمْ، وَاشْتَغَلَ عَنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ بِحَرْبِ حَبِيبِ بْنِ مُرَّةَ الْمُرِّيُّ بِالْبَلْقَاءِ وَالثَنِيَّةِ وَتَمَّ لَهُ مَعَهُ وَقَعَاتٌ، ثم هادنه عبد الله وتوجه نحو قنسرين وَخَلَفَ بِدِمَشْقَ أَبَا غَانِمٍ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ رِبْعِيٍّ الطَّائِيَّ فِي أَرْبَعَةِ آلافِ فَارِسٍ، وَسَارَ فَمَا بَلَغَ حِمْصَ حَتَّى انْتَقَضَ عَلَيْهِ أَهْلُ دِمَشْقَ وَبَيَّضُوا وَنَبَذُوا السَّوَادَ وَكَانَ رَأْسُهُمُ الأَمِيرُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيُّ، فَهَزَمُوا أَبَا غَانِمٍ وَأَثْخَنُوا فِي أَصْحَابِهِ2 وَأَقْبَلَتْ جُمُوعُ الْحَلَبِيِّينَ وَانْضَمَّ إِلَيْهِمُ الْحِمْصِيُّونَ وَأَهْلُ تَدْمُرَ، وَعَلَيْهِمْ كُلُّهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ السُّفْيَانِيُّ وَصَارَ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَأَبُو الْوَرْدِ كَالْوَزِيرِ لَهُ، فَجَهَّزَ عَبْدُ اللَّهِ لِحَرْبِهِمْ أَخَاهُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيٍّ فِي عَشَرَةِ آلافٍ، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاسْتَمَرَّ الْقَتْلُ بِالْفَرِيقَيْنِ، وَانْكَشَفَ عَبْدُ الصَّمَدِ، وَذَهَبَ تَحْتَ السَّيْفِ مِنْ جَيْشِهِ أُلُوفٌ، وَانْتَصَرَ السُّفْيَانِيُّ، فَقَصَدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَعَهُ حُمَيْدُ بْنُ قُحْطُبَةَ فَالْتَقَوْا، وَعَظُمَ الْخَطْبُ وَاسْتَظْهَرَ عَبْدُ اللَّهِ فَثَبَتَ أَبُو الْوَرْدِ فِي خَمْسِمِائَةٍ, فَرَاحُوا تَحْتَ السَّيْفِ كُلُّهُمْ وَهَرَبَ السُّفْيَانِيُّ إِلَى تَدْمُرَ وَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى دِمَشْقَ وَقَدْ عَظُمَتْ هَيْبَتُهُ فَتَفَرَّقَتْ كَلِمَةُ أَهْلِهَا وَهَرَبُوا فَآمَّنَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ وَهَرَبَ السُّفْيَانِيُّ إِلَى الْحِجَازِ وَأَضْمَرَتْهُ الْبِلادُ إِلَى أَنْ قُتِلَ فِي دَوْلَةِ الْمَنْصُورِ، بَعَثَ إِلَيْهِ مُتَوَلِّي الْمَدِينَةِ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ خَيْلا فَظَفِرُوا بِهِ وَقَتَلُوهُ وَأَسَرُوا وَلَدَيْهِ فَعَفَا عَنْهُمَا المنصور وخلاهما.

_ 1 نهر أبي فطرس: وهو قرب الرملة، يصب في البحر المالح بقرب يافا. 2 وأثخنوا في أصحابه: يعني بالغوا في قتالهم.

ولما بلغ أهل الجزيزة هَيْجُ أَهْلِ الشَّامِ خَلَعُوا السَّفَّاحَ أَيْضًا وَبَيَّضُوا وَبَيَّضَ أَهْلِ قَرْقِيسِيَا1، فَسَارَ لِحَرْبِهِمْ أَبُو جَعْفَرٍ أَخُو السَّفَّاحِ فَجَرَتْ لَهُمْ وَقَعَاتٌ، ثُمَّ انْتَصَرَ أَبُو جَعْفَرٍ وَحَكَمَ عَلَى الْجَزِيرَةِ وَأَذْرَبِيجَانَ وَأَرْمِينِيَّةَ وَضَبَطَ تِلْكَ النَّاحِيَةَ إِلَى أَنِ انْتَهَتْ إِلَيْهِ الْخِلافَةُ فَشَخَصَ أَبُو جَعْفَرٍ لَمَّا مَهَّدَ ذَلِكَ الْقُطْرَ إِلَى خُرَاسَانَ إِلَى صَاحِبِ الدَّوْلَةِ أَبِي مُسْلِمٍ لِيَأْخُذَ رَأْيَهُ فِي قَتْلِ وَزِيرِ دَوْلَتِهِمْ أَبِي سَلَمَةَ حَفْصِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْخَلالِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ عِنْدَهُ آلُ الْعَبَّاسِ بِالْكُوفَةِ حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ فِيمَا قِيلَ أَنْ يُبَايِعَ رَجُلا مِنْ آلِ عَلِيٍّ ويَذَرَ آلَ الْعَبَّاسِ، وَشَرَعَ يُخْفِي أَمْرَهُمْ عَلَى الْقُوَّادِ، فَبَادَرُوا وَبَايَعُوا السَّفَّاحَ كَمَا ذَكَرْنَا فَبَايَعَهُ أَبُو سَلَمَةَ الْخَلالُ وَبَقِيَ مُتَّهَمًا عِنْدَهُمْ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: انْتَدَبَنِي أَخِي السَّفَّاحُ لِلذَّهَابِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ فَسِرْتُ رَاحِلا فَأَتَيْتُ الرَّيَّ وَمِنْهَا إِلَى مَرْوٍ, فَلَمَّا كُنْتُ عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنْهَا تَلَقَّانِي أَبُو مُسْلِمٍ فِي النَّاسِ فَلَمَّا دَنَا مِنِّي تَرَجَّلَ وَمَشَى وَقَبَّلَ يَدِي فَنَزَلْتُ وَأَقَمْتُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لا يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ: فَعَلَهَا أَبُو سَلَمَةَ أَنَا أَكْفِيكُمُوهُ فَدَعَا مَرَّارَ بْنَ أَنَسٍ الضَّبِّيَّ فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى الْكُوفَةِ فَاقْتُلْ أَبَا سَلَمَةَ حَيْثُ لَقِيتُهُ، فَأَتَى الْكُوفَةَ فَقَتَلَهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: وَزِيرُ آلِ مُحَمَّدٍ، وَلَمَّا رَأَى أَبُو جَعْفَرٍ عَظَمَةِ أَبِي مُسْلِمٍ بِخُرَاسَانَ وَسَفْكِهِ لِلدِّمَاءِ وَرَجَعَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لِأَخِيهِ أَبِي الْعَبَّاسِ: لَسْتَ بِخَلِيفَةٍ إِنْ تركت أبا مسلم حيًا! قال: كيف؟ قال: وَاللَّهِ مَا يَصْنَعُ إِلا مَا يُرِيدُ، قَالَ: فَاسْكُتْ وَاكْتُمْهَا. وَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ قُحْطُبَةَ فَإِنَّهُ اسْتَمَرَّ عَلَى حِصَارِ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ بِوَاسِطَ وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ يَطُولُ شَرْحُهَا، ودام القتال الحصر أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ قَتْلُ مَرْوَانَ الْحِمَارِ ضَعُفُوا وَطَلَبُوا الصُّلْحَ، وَتَفَرَّغَ أَبُو جَعْفَرٍ فَجَاءَ فِي جَيْشٍ نَجْدَةً لابْنِ قُحْطُبَةَ وَجَرَتِ السُّفَرَاءُ بَيْنَ أَبِي جَعْفَرٍ وَبَيْنَ ابْنِ هُبَيْرَةَ حَتَّى كَتَبَ لَهُ أَمَانًا، مَكَثَ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَهُوَ يُشَاوِرُ فِيهِ الْعُلَمَاءَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا حَتَّى رَضِيَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَأَمْضَاهُ السَّفَّاحُ، وَكَانَ رَأْيُ أَبِي جَعْفَرٍ الْوَفَاءَ بِهِ, وَكَانَ السَّفَّاحُ لا يَقْطَعُ أَمْرًا ذَا بَالٍ دُونَ أَبِي مُسْلِمٍ ومشاروته، وَكَانَ أَبُو الْجَهْمِ عَيْنًا لِأَبِي مُسْلِمٍ بِحَضْرَةِ السَّفَّاحِ، فَكَتَبَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَيْهِ: إِنَّ الطَّرِيقَ السَّهْلَ إِذَا أَلْقَيْتَ فِيهِ الْحِجَارَةَ فَسَدَ، وَلا وَاللَّهِ لا يَصْلُحُ طَرِيقٌ فِيهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَخَرَجَ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَفِي خِدْمَتِهِ مِنْ خَوَاصِّهِ أَلْفُ وَثَلاثِمِائَةٍ، وَهَمَّ أَنْ يَدْخُلَ الْحُجْرَةَ عَلَى فَرَسِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ الْحَاجِبُ سلام وقال: مرحبًا أبا خالد انزل،

_ 1 وبيضوا وبيض أهل قرقيسيا: يعني خلعوا السواد ولبسوا البياض.

وَقَدْ أَطَافَ بِالْحُجْرَةِ مِنَ الْخُرَاسَانِيَّةِ عَشَرَةُ آلافٍ فَأَدْخَلَهُ الْحَاجِبُ وَحْدَهُ فَحَدَّثَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَامَ، فَلَمْ يَزَلْ يُنقِصُ مِنْ كَثْرَةِ الْحَشَمِ حَتَّى بَقِيَ فِي ثَلاثَةٍ، وَأَلَحَّ السَّفَّاحُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ يَأْمُرُهُ بِقَتْلِهِ وَهُوَ يُرَاجِعُهُ, فَلَمَّا زَادَ عَلَيْهِ أَزْمَعَ عَلَى قَتْلِهِ وَجَاءَ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَالْهَيْثَمُ بْنُ شُعْبَةَ فَخَتَمَا بُيُوتَ الأَمْوَالِ الَّتِي بِوَاسِطَ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى وُجُوهِ مَنْ مَعَ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَأَقْبَلُوا وَهُمْ مُحَمَّدُ بْن نُبَاتَةَ وَحَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ وَطَارِقُ بْنُ قَدَّامَةَ وَزِيَادُ بْنُ سُوَيْدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ كَعْبٍ وَالْحَكَمُ بْنُ بِشْرٍ فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ رَجُلا مِنْ وُجُوهِ الْقَيْسِيَّةِ، فَخَرَجَ سَلامٌ الْحَاجِبُ فَقَالَ: أَيْنَ الْحَوْثَرَةَ وَابْنُ نُبَاتَةَ؟ فَقَامَا فَأُدْخِلا، وَقَدْ أَقْعَدَ لَهُمْ فِي الدِّهْلِيزِ مِائَةً فَنُزِعَتْ سُيُوفُهُمَا وَكُتِّفَا، ثُمَّ طُلِبَ الْبَاقُونَ كَذَلِكَ فَأُمْسِكُوا، ثُمَّ ذُبِحُوا صَبْرًا. وَبَادَرَ خَازِمٌ وَالْهَيْثَمُ فِي مِائَةٍ فَدَخَلُوا عَلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ وَمَعَهُ ابْنُهُ دَاوُدَ وَكَاتِبُهُ عَمْرُو بْنُ أَيُّوبَ وَحَاجِبُهُ وَعِدَّةٌ مِنْ مَمَالِيكِهِ وَبُنَيٌّ لَهُ فِي حِجْرِهِ فَأَنْكَرَ نَظَرَهُمْ, وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ فِي وُجُوهِهِمُ الشَّرَّ، فَقَصَدُوهُ، فَقَامَ صَاحِبُهُ فِي وُجُوهِهِمْ, وَقَالَ: تَأَخَّرُوا، فَضَرَبَهُ الْهَيْثَمُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ فَصَرَعَهُ، وَقَاتَلَهُمْ دَاوُدُ فَقُتِلَ، وَقُتِلَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمَمَالِيكِ فَنَحَّى الصَّغِيرُ مِنْ حِجْرِهِ ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ قَتَلُوا خَالِدَ بْنَ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ وَأَبَا عَلاقَةَ الْفَزَارِيَّ صَبْرًا، وَوَجَّهَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ أَشْعَثَ عَلَى إِمْرَةِ فَارِسٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَضْرِبَ أَعْنَاقَ نُوَّابِ أَبِي سَلَمَةَ الْخَلالِ فَفَعَلَ ذَلِكَ. وَفِيهَا: وَجَّهَ السَّفَّاحُ عَمَّهُ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ عَلَى فَارِسَ, فَغَضِبَ مُحَمَّدُ بْنُ أَشْعَثَ وَهَمَّ بِقَتْلِهِ, وَقَالَ: أَمَرَنِي أَبُو مُسْلِمٍ أَنْ لا يَقْدِمَ عَلَيَّ أَحَدٌ يَدَّعِي الْوِلايَةَ مِنْ عِنْدِهِ إِلا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ فَكَّرَ وَخَافَ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ الْمَقَالِ وَاسْتَحْلَفَ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ عَلَى أَنْ لا يَعْلُو مِنْبَرًا وَلا يَتَقَلَّدَ سَيْفًا إِلا وَقْتَ جِهَادٍ، فَلَمْ يَلِ عِيسَى بَعْدَ ذَلِكَ عَمَلا. ثُمَّ وَجَّهَ السَّفَّاحُ عَمَّهُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى فَارِسَ وَغَضِبَ مِنْ أَبِي مُسْلِمٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ يَعْجَزُ عَنْهُ، وَبَعَثَ عَلَى الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ دَاوُدَ بْنَ عَلِيٍّ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْكُوفَةِ ابْنُ عَمِّهِ عِيسَى بْنُ مُوسَى وَتَوَطَّدَتْ لِلسَّفَّاحِ الْمَمَالِكُ.

أحداث سنة ثلاث وثلاثين ومائة

أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ 1: ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّي فِيهَا مِنَ الأَعْيَانِ: أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى الأُمَوِيُّ الْمَكِّيُّ الْفَقِيهُ، وَالْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ الْكُوفِيُّ بِدِمَشْقَ، وداود ابن عَلِيٍّ الأَمِيرُ عَمُّ السَّفَّاحِ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ فِي قَوْلِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ بِمِصْرَ وَقِيلَ:135 وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ فِي آخِرِ الْعَامِ، وَعَمَّارُ الدُّهْنِيُّ أَبُو مُعَاوِيَةَ بِالْكُوفَةِ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ بِمِصْرَ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ الضَّبِّيُّ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَمُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ الْكُوفِيُّ، وَيَحْيَى بن العلاء أبو هارون الغنوي، ويحيى بن يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ فِي قَوْلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا: اسْتَعْمَلَ السَّفَّاحُ عَلَى الْبَصْرَةِ عَمَّهُ سُلَيْمَانَ بْنَ عَلِيٍّ، وَلَمَّا قَدِمَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ مَكَّةَ أَخَذَ مَنْ كَانَ بِالْحِجَازِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَتَلَهُمْ صَبْرًا، فَلَمْ يُمَتَّعْ، وَهَلَكَ وَاسْتَخْلَفَ حِينَ احْتَضَرَ عَلَى عَمَلِهِ وَلَدُهُ مُوسَى فَاسْتَعْمَلَ السَّفَّاحُ عَلَى مَكَّةَ خَالَهُ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَلَى الْيَمَنِ ابْنَ خَالِهِ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، فَوَجَّهَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الأَمِيرُ أَبَا حَمَّادٍ الأَبْرَصَ إِلَى الْمُثَنَّى بْنِ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ وَهُوَ بِالْيَمَامَةِ فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ وَقَتَلَ أَصْحَابَهُ. وَفِيهَا: وَجَّهَ السَّفَّاحُ عَلَى أَفْرِيقِيَّةَ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ وَكَانَ أَهْلُهَا قَدْ عَصَوْا فَحَارَبَهُمْ حَرْبًا شَدِيدًا حَتَّى اسْتَوْلَى عَلَيْهَا. وَفِيهَا: خَرَجَ بِبُخَارَى شَرِيكُ بْنُ شَيْخِ الْمَهْرِيِّ, وَكَانَ قَدْ نَقِمَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ تَجَبُّرَهُ وَعَسْفَهُ, وَقَالَ: مَا عَلَى هَذَا تَبِعْنَا آلَ مُحَمَّدٍ، فَالْتَفَّ عَلَيْه نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ أَلْفًا فَجَهَّزَ أَبُو مُسْلِمٍ لِحَرْبِهِ زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ الْخُزَاعِيُّ فَظَفِرَ زِيَادٌ بِهِ قتله. وَفِيهَا: تَوَجَّهَ أَبُو دَاوُدَ خَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى الْخُتَّلِ2 فَدَخَلَهَا وَهَرَبَ صَاحِبَهَا فِي طَائِفَةٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَرْضِ فَرْغَانَةَ ثُمَّ سَارَ إِلَى أَنْ دَخَلَ الصِّينَ. وَفِيهَا: قُتِلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بِنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ. وَفِيهَا: خَرَجَ طَاغِيَةُ الرُّومِ قُسْطَنْطِينُ - لَعَنَهُ اللَّهُ - فِي جُيُوشِهِ فَنَازَل مَلَطْيَةَ وَأَلَحَّ عَلَيْهِمْ بِالْقِتَالِ حَتَّى أَخَذَهَا بِالأَمَانِ وَهَدَمَ السُّورَ وَالْجَامِعَ وَبَعَثَ مَنْ يَخْفِرُ أَهْلَهَا إِلَى مَأْمَنِهِمْ3. وَفِيهَا: قَتَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ خَلْقًا مِنْ قُوَّادِ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْهُمْ ثَعْلَبَةَ وَعَبْدَ الْجَبَّارِ ابنا أبي سلمة بن عبد الرحمن4.

_ 1 راجع: تاريخ الطبري "7/ 412"، والبداية "10/ 38"، وتاريخ خليفة "ص/ 260- 264". 2 وهي كوة واسعة كثيرة المدن على نهر جيحون. "2/ 346" ياقوت. 3 راجع: تاريخ الطبري "7/ 458"، والبداية "10/ 52، 53". 4 تاريخ الطبري "7/ 459، 460"، تاريخ خليفة "ص/ 268"، وتاريخ ابن الأثير "5/ 448".

أحداث سنة أربع وثلاثين ومائة

أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أُسَيْدُ بن عبد الرحمن بالرملة، وإسماعيلي بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ فِيمَا قِيلَ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ الْمِصْرِيُّ. قَالَهُ خليفة، وعبد لله بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَعَبْدُ العزيز بن حكيم الحضرمي، وأبو هارون الْعَبْدِيُّ عُمَارَةُ بْنُ جُوَيْنٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ جَمْهُورٍ بِالْهِنْدِ، وَيَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا: خَلَعَ الطَّاعَةَ بَسَّامُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الخراساني خرج مَعَهُ طَائِفَةٌ فَسَاقُوا إِلَى الْمَدَائِنِ، فَوَجَّهَ السَّفَّاحُ لِحَرْبِهِمْ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ فَالْتَقَوْا فَانْهَزَمَ بَسَّامُ وَقُتِلَ أبَطْالُهُ، ثُمَّ مَرَّ خَازِمٌ بِثَلاثِينَ مِنَ الحارثيين خؤولة السفاح فكلمهم في أمر فاسخفوا بِهِ فَضَرَبَ أَعْنَاقَ الْكُلِّ، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ الْيَمَانِيَّةُ وَدَخَلَ وُجُوهُهُمْ عَلَى السَّفَّاحِ وَصَاحُوا فَهَمّ السَّفَّاحُ بِقَتْلِ خَازِمِ بْنِ خُزَيْمَةَ، فَأُشِيرَ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ فَإِنَّ لَهُ سَابِقَةً وَطَاعَةً وَإِنْ أَرَادَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَتْلَهُ فَلْيَعْرِضْهُ لِلْغَزْوِ فَإِنْ ظَفِرَ فَظَفْرُهُ لك وإلا استرحت منه، أشاروا عَلَيْهِ بِأَنْ يَبْعَثَهُ إِلَى عُمَانَ وَبِهَا خَلْقٌ من الخوارح عَلَيْهِمُ ابْنُ الْجُلَنْدَيِّ وَشَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْيَشْكُرِيُّ، فَجَهَّزَ مَعَهُ سَبْعَمِائَةِ فَارِسٍ وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْبَصْرَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ لَيَحْمِلَهُمْ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي السُّفُنِ إِلَى جَزِيرَةِ بَرْكَاوَانَ وَإِلَى عُمَانَ، فَفَعَلَ؛ فَأَنْكَى خَازِمٌ فِي الْخَوَارِجِ وَجَرَتْ لَهُ حُرُوبٌ مَعَ شَيْبَانَ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ وَقَتَلَهُ حَتَّى بَلَغَ عِدَّةُ قَتْلَى الْخَوَارِجِ عَشْرَةَ آلافٍ فَقَتَلَ ابْنُ الْجَلَنْدِيُّ وَبَعَثَ خَازِمٌ بالرؤوس إِلَى الْبَصْرَةِ. وَفِيهَا: قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ1: كَانَ لِصَاحِبِ الصِّينِ حَرَكَةٌ. وَكَانَ زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ بسمرقند فبلغه ذلك وأن صحب الصِّينِ قَدْ أَقْبَلَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ سِوَى مَنْ يَتْبَعَهُ مِنَ التُّرْكِ، فَعَسْكَرَ زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ بِالأَمْرِ، فَعَسْكَرَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى مَرْوٍ وَجَمَعَ جُيُوشَهُ، وَسَارَ إليه خالد بن إبراهيم من ظخارستان، وَسَارَ جَيْشُ خُرَاسَانَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَأَنْجَدَ زِيَادُ بْنُ صَالِحٍ بِعَشَرَةِ آلافٍ فَسَارَ زِيَادُ بِجُيُوشِهِ حَتَّى عَبَرَ نَهْرَ الشَّاشِ، وَأَقْبَلَ جَيْشُ الصِّينَ، فَحَاصَرُوا سَعْدَ بن

_ 1 المعرفة والتاريخ "3/ 351".

حُمَيْدٍ، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ دُنُوُّ زِيَادٍ تَرَحَّلُوا، ثُمَّ نَزَلَ صَاحِبُ جِبَالِ الصِّينِ مَدِينَةَ طَلْخٍ، فَقَصَدَهُ زِيَادٌ، ثُمَّ الْتَقَوْا مِنَ الْغَدِ، فَقَدَّمَ زِيَادٌ الرُّمَاةَ صَفًّا أَمَامَ الْجَيْشِ وَخَلْفَهُمْ أَصْحَابُ الرِّمَاحِ ثُمَّ الْخَيَّالَةُ ثُمَّ الْحُسْرُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَعَدَّ خَيْلا كَمِينًا، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ وَصَبَرَ الْفَرِيقَانِ يَوْمَهُمْ إِلَى اللَّيْلِ, فَلَمَّا غَرُبَتِ الشَّمْسُ أَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِ الصِّينِ الرُّعْبَ وَنَزَلَ النَّصْرُ فَانْهَزَمَ الْكُفَّارُ. وَفِيهَا: وَثَبَ الأَمِيرُ خَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ على أهل مدينة كس1 وقتل الأخر يد مَلِكَهَا وَهُوَ سَامِعٌ مُطِيعٌ قَدْ قَدِمَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بَلْخَ, ثُمَّ إِنَّهُ تَلَقَّاهُ بِقُرْبِ كِسٍّ فَقَتَلَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَى خَزَائِنِهِ ثُمَّ بَعَثَ بِذَلِكَ أَجْمَعَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَقَتَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ قُوَّادِ كِسٍّ، ثُمَّ عَهِدَ إِلَى أَخِي صَاحِبِ كِسٍّ فَمَلَّكَهُ وَرَجَعَ إِلَى بَلْخٍ. وَفِيهَا: وَجَّهَ السَّفَّاحُ مُوسَى بْنَ كَعْبٍ إِلَى السِّنْدِ لِقِتَالِ مَنْصُورِ بْنِ جَمْهُورٍ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ، فَسَارَ وَاسْتَخْلَفَ مَكَانَهُ عَلَى شُرْطَةِ السَّفَّاحِ الْمُسَيَّبَ بْنَ زُهَيْرٍ فَالْتَقَى هُوَ وَمَنْصُورٌ فَانْكَسَرَ جَيْشُ مَنْصُورٌ وَهَرَبَ فَمَاتَ فِي الرِّمَالِ عَطَشًا، وَقِيلَ: مَاتَ بِالإِسْهَالِ. وَفِيهَا: مَاتَ أَمِيرُ الْيَمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَارِثِيُّ فَوُلِّيَ مَكَانَهُ عَلِيُّ بْنُ الرَّبِيعَ الْحَارِثِيُّ. وَفِيهَا: تَحَوَّلَ السَّفَّاحُ مِنَ الْحِيرَةِ فَنَزَلَ الأَنْبَارَ وَسَكَنَهَا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ عِيسَى بْنُ مُوسَى. وَكَانَ فِيهَا عَلَى الْبُلْدَانِ مَنْ ذُكِرَ، وَعَلَى مِصْرَ أَبُو عَوْنٍ، وَعَلَى الشَّامِ عَبْدُ اللَّهِ عَمُّ السَّفَّاحِ. وَعَلَى الْجَزِيرَةِ وَأَذْرَبِيجَانَ أَخُو السَّفَّاحِ، وَعَلَى دِيوَانِ الأَمْوَالِ خَالِدُ بْنُ بَرْمَكٍ. وَفِيهَا: جَهَّزَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ جَيْشًا عَلَيْهِمُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرْشِيُّ لِلْغَزْوِ فَخَرَجَتِ الرُّومُ عَلَيْهِمْ كَوْشَانُ الْبَطْرِيقُ فَالْتَقَاهُمْ مَخْلَدُ بن مقاتل فانهزم وأصيب المسلمون2.

_ 1 وهي إحدي المدن القريبة من سمرقند "4/ 460" ياقوت. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 269"، والكامل "5/ 454".

أحداث سنة خمس وثلاثين ومائة

أحداث سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّي بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو الْعَلاءِ بِالْبَصْرَةِ، وَدَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ بِالْمَدِينَةِ، وَأَبُو عُقَيْلٍ زَهْرَةُ بْنُ مَعْبدٍ بِالثَّغْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثِينَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ فِي قَوْل ابْنِ مُثَنَّى، وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ الرُّهَاوِيُّ بِهَا، وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ أَخُو السَّفَّاحِ مَاتَ عَلَى إِمْرَةِ فَارِسٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ مُخْتَصَرًا. وَفِيهَا: خَلَعَ زياد بن صالح الطاعة بما وارء النَّهْرِ فَتَهَيَّأَ لِحَرْبِهِ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ، وَبَعَثَ نَصْرُ بْنُ صَالِحٍ إِلَى تِرْمِذَ لِيُحْصِنُهَا فَقَتَلَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ وَسَارَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى آمُلَ وَمَعَهُ سِبَاعُ بْنُ النُّعْمَانِ الأَزْدِيُّ الَّذِي قَدِمَ بِعَهْدِ زِيَادِ بْنِ صَالِحٍ مِنْ جِهَةِ السَّفَّاحِ، وَأَمَرَهُ السَّفَّاحُ إِنْ قَدِرَ عَلَى اغْتِيَالِ أَبِي مُسْلِمٍ فَلْيَفْعَلْ، فَفَهِمَ ذَلِكَ أَبُو مُسْلِمٍ فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَسَجَنَهُ بِآمُلَ وَعَبَرَ إِلَى بُخَارَى فَأَتَاهُ أَبُو شَاكِرٍ وَأَبُو سَعْدٍ وَقَدْ فَارَقَا وساد بْنَ صَالِحٍ فَسَأَلَهُمَا عَنْ شَأْنِ زِيَادٍ وَمَنْ أَفْسَدَهُ فَقَالا: سِبَاعٌ فَكَتَبَ إِلَى وَالِي آمُلَ فَقَتَلَ سِبَاعًا، وَلَمَّا تَفَلَّلَ عَنْ زِيَادٍ أَعْوَانُهُ وَلَحِقُوا بِأَبِي مُسْلِمٍ لَحِقَ بِدَهْقَانَ بَازِلْتُ فَضَرَبَ الدِّهْقَانُ عُنُقَهُ وَتَقَرَّبَ بِرَأْسِهِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ. وفيها أوفي التي قبلها: أغزى السَّفَّاحُ عَمَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى الصَّائِفَةِ فَحَزِرَهَا النَّاسُ بِمِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، قاله الوليد بن مسلم1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 272"، وتاريخ الطبري "7/ 466، 471".

أحداث سنة ست وثلاثين ومائة

أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ الْكُوفِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ الْمِصْرِيُّ عَلَى الأَصَحِّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقِيهُ الْمَدِينَةِ ذو الرأي، وزيد بْنُ أَسْلَمَ فِي آخِرِ السَّنَةِ فِي قَوْلٍ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ السَّفَّاحُ، وَزَيْدُ بْنُ رَفِيعٍ فِي قَوْلٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ بِالْبَصْرَةِ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ الْعَابِدُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَلِيُّ بن بذيمة الحراني، والعلاء بن الحارث الْحَضْرَمِيُّ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ فِي قَوْلٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاق بِالْبَصْرَةِ. وَفِيهَا: كَتَبَ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّوْلَةِ إِلَى السَّفَّاحِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْقُدُومِ، فَأَذِنَ لَهُ فَاسْتَخْلَفَ عَلَى خُرَاسَانَ خَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فَقَدِمَ فِي جَمْعٍ وَحِشْمَةٍ عَظِيمَةٍ، وَتَلَقَّاهُ الأُمَرَاءُ وَبَالَغَ الْخَلِيفَةُ فِي إِكْرَامِهِ فَاسْتَأْذَنَ في الحج, فقالا: لَوْلا أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ يَحُجُّ لَوَلَّيْتُكَ الْمَوْسِمَ، وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ إِذْ ذَاكَ بِالْحَضْرَةِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَطِعْنِي وَاقْتُلْ أَبَا مُسْلِمٍ فو الله إِنَّ فِي رَأْسِه لَغَدْرَةٌ، فَقَالَ: يَا أَخِي قَدْ عَرَفْتَ بَلاءَهُ وَمَا كَانَ مِنْهُ، فَرَاجَعَهُ، فَقَالَ: كَيْفَ نَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ: إِذَا دَخَلَ عَلَيْكَ وَحَادَثْتُهُ دَخَلْتُ أَنَا وَتَغَفَّلْتُهُ وَضَرَبْتُ عُنُقَهُ مِنْ خَلْفِهِ، فَقَالَ: كَيْفَ بِأَصْحَابِهِ الَّذِينَ يُؤْثِرُونَهُ عَلَى دينهم ودنياهم؟ قال: يؤول ذَلِكَ إِلَى كُلِّ مَا تُرِيدُ وَلَوْ عَلِمُوا بِقَتْلِهِ تَفَرَّقُوا وَأَخَافُ إِنْ لَمْ تَتَغَدَّ بِهِ يَتَعَشَّاكَ، قَالَ: فَدُونَكَ، فَخَرَجَ عَلَى ذَلِكَ؛ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ السَّفَّاحُ: لا تَفْعَلْ. ثُمَّ حَجَّ فِيهَا أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو مُسْلِمٍ، فَلَمَّا انْقَضَى الْمَوْسِمُ وَقَفَلا وَرَدَ الْخَبَرُ بِذَاتِ عِرْقٍ بِمَوْتِ السَّفَّاحِ، وَكَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ بمُدَيْدَةَ قَدْ عَقَدَ لِأَبِي جَعْفَرٍ بِالأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَقَامَ بِأَمْرِ الْبَيْعَةِ يَوْمَ مَوْتِ السَّفَّاحِ عِيسَى بْنُ مُوسَى ابْنُ عَمِّهِ، وَبَعَثُوا أَبَا غَسَّانَ بِبَيْعَةِ أَبِي جَعْفَرٍ إِلَى عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ وَكَانَ رَاجِعًا فِي الطَّرِيقِ مِنْ عِنْدِ السَّفَّاحِ فَبَايَعَ عَسْكَرَهُ وَقُوَّادَهُ لِنَفْسِهِ، وَزَعَمَ أَنَّ السَّفَّاحَ جَعَلَ لَهُ الأَمْرُ ثُمَّ دَخَلَ حَرَّانَ وَغَلَبَ عَلَى الشَّامِ، وَقَدِمَ أَبُو جَعْفَرٌ الْمَنْصُورُ مِنَ الحج فدخل الكوفة بأهلها الجمعة1.

_ 1 راجع: تاريخ خليفة "ص/ 272"، وتاريخ الطبري "7/ 466- 471".

أحداث سنة سبع وثلاثين ومائة

أحداث سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أَسَدُ بْن وَدَاعَةَ الْكِنْدِيُّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ، وَخَصِيفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ في قول، خير بْنُ نُعَيْمٍ قَاضِي مِصْرَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ مَقْتُولا، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ فِي قَوْلٍ، وَعَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ وَغَيْرِهِ، وَمَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَشَلُّ، وَوَاهِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ فِي قَوْلٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ الْمَدَنِيُّ، وَابْنُ الْمُقَفَّعِ قَتَلَهُ وَالِي الْبَصْرَةِ. وَفِيهَا: فِي أَوَّلِهَا بَلَغَ أَهْلَ الشَّامِ مَوْتُ السَّفَّاحِ فَبَايَعَ أَهْلُ دِمَشْقَ هَاشِمَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَامَ بِأَمْرِهِ فِيمَا قِيلَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيُّ، فَلَمَّا أَظَلَّهُمَا صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ بِالْجُيُوشِ هَرَبَا، وَكَانَ عُثْمَانُ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى أَهْلِ دِمَشْقَ فَخَرَجَ وَسَبَّ بَنِي الْعَبَّاسِ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ، ثُمَّ إِنَّهُ قُتِلَ، وَدَخَلَ الْمَنْصُورُ دَارَ الإِمْرَةِ بِالأَنْبَارِ فَوَجَدَ عِيسَى بْنَ مُوسَى ابْنَ عَمِّهِ قَدْ بذر

الْخَزَائِنَ فَجَدَّدَ النَّاسُ لَهُ الْبَيْعَةَ وَمِنْ بَعْدِهِ لِعِيسَى، وَأَمَّا عَمُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ أَبْدَى أَنّ السَّفَّاحَ قَالَ: مَنِ انْتُدِبَ لِمَرْوَانَ الْحِمَارِ فَهُوَ وَلِيُّ عَهْدِي مِنْ بَعْدِي وَعَلَى هَذَا خَرَجْتُ، فَقَامَ عُدَّةٌ مِنَ الْقُوَّادِ الْخُرَاسَانِيَّةِ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ، وَبَايَعَهُ حُمَيْدُ بْنُ قُحْطُبَةَ وَمُخَارِقُ بْنُ الْغِفَارِ وَأَبُو غَانِمٍ الطَّائِيُّ وَالْقُوَّادُ، فَقَالَ الْمَنْصُورُ لِأَبِي مُسْلِمٌ الْخُرَاسَانِيُّ: إِنَّمَا هُوَ أَنَا وَأَنْتَ فَسِرْ نَحْوَ عَبْدِ اللَّهِ، فَسَارَ بِسَائِرِ الْجَيْشِ مِنَ الأَنْبَارِ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ مَالِكُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيُّ وَمَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ قُحْطُبَةَ، وَأَخُوهُ حُمَيْدٌ كَانَ فَارَقَ عَبْدَ اللَّهِ لَمَّا تَنَكَّرَ لَهُ، وَخَشِيَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ الْخُرَاسَانِيَّةَ الَّذِينَ مَعَهُ لا تَنْصَحُ فَقَتَلَ مِنْهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا أمَرَ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ فَقَتَلَهُمْ بِخَدِيعَةٍ، ثُمَّ نَزَلَ نَصِيبِينَ وَخَنْدَقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَقْبَلَ أَبُو مُسْلِمٍ فَنَزَلَ بِقُرْبٍ مِنْهُ ثُمَّ نَفَذَ إِلَيْهِ: إِنِّي لَمْ أُؤْمَرْ بِقِتَالِكَ وَلَكِنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلانِي الشَّامَ وَأَنَا أُرِيدُهَا. فَقَالَ الشَّامِيُّونَ لِعَبْدِ اللَّهِ: كَيْفَ نُقِيمُ مَعَكَ وَهَذَا يَأْتِي بِلادَنَا وَيَقْتُلُ وَيَسْبِي؟ وَلَكِنْ نَسِيرُ إِلَى بِلادِنَا وَنَمْنَعُهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ مَا يُرِيدُ الشَّامَ وَلَئِنْ أَقَمْتُمْ لَيَقْصِدَنَّكُمْ، ثُمَّ كَانَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ نَحْوًا مِنْ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَأَهْلُ الشَّامِ أَكْثَرُ فِرْسَانًا وأكمل عدة، وكان على مَيْمَنَتُهُمْ بَكَّارَ بْنَ مُسْلِمٍ الْعُقَيْلِيَّ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَاسْتَظْهَرَ الشَّامِيُّونَ غَيْرَ مَرَّةً، وكاد عَسْكَرُ أَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يَنْهَزِمُوا وَهُوَ يُثَبِّتُهُمْ وَيَرْتَجِزُ. مَنْ كَانَ يَنْوِي أَهْلَهُ فَلا رَجَعْ ... فَرَّ مِنَ الْمَوْتِ وَفِي الْمَوْتِ وَقْعٌ ثُمَّ أَرْدَفَ الْقَلْبُ بِمَيْمَنَتِهِ وَحَمَلُوا عَلَى مَيْسَرَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لابْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيِّ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ نَصْبِرَ وَنُقَاتِلَ فَإِنَّ الْفِرَارَ قَبِيحٌ بِمِثْلِكَ وَقَدْ عِبْتَهُ عَلَى مَرْوَانَ، قَالَ: إِنِّي أَقْصِدُ الْعِرَاقَ، قال: فأنا معك، فانهزموا وخلوا عسكرهم فاحتوى عَلَيهِ أَبُو مُسْلِمٍ بِمَا فِيهِ وَكَتَبَ بِالنَّصْرِ إِلَى الْمَنْصُورِ, فَبَعَثَ مَوْلًى لَهُ يُحْصِي مَا حَوَاهُ أَبُو مُسْلِمٍ، فَغَضِبَ عِنْدَهَا أَبُو مُسْلِمٍ وتنمر وهم يقتل الْمَوْلَى وَقَالَ: إِنَّمَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذَا الْخُمْسُ، وَمَضَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَأَخُوهُ عَبْدُ الصَّمَدِ، فَأَمَّا عَبْدُ الصَّمَدِ فَقَصَدَ الْكُوفَةَ فَاسْتَأْمَنَ لَهُ عِيسَى بْنُ مُوسَى فَأَمَّنَهُ الْمَنْصُورُ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَأَتَى أَخَاهُ سُلَيْمَانَ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةَ فَاخْتَفَى عِنْدَهُ, وَأَمَّا الْمَنْصُورُ فَخَافَ مِنْ غَيْظِ أَبِي مُسْلِمٍ وَأَنْ يَذْهَبَ إِلَى خُرَاسَانَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلايَةِ الشَّامِ وَمِصْرَ فَأَقَامَ بِالشَّامِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مِصْرَ، فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ أَظْهَرَ الْغَضَبَ وَقَالَ: يُوَلِّينِي مِصْرَ وَالشَّامَ وَأَنَا لِي خُرَاسَانُ! وَعَزَمَ عَلَى الشَّرِّ، وَقِيلَ: بَلْ شَتَمَ الْمَنْصُورَ لَمَّا جَاءَهُ مَنْ يُحْصِي عَلَيْهِ الْغَنَائِمَ، وَأَجْمَعَ عَلَى الْخِلافِ، ثُمَّ طَلَبَ خُرَاسَانَ، وَخَرَجَ المنصور إلى المدائن، وكان ن دُهَاةِ الْعَالَمِ لَوْلا شُحُّهُ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ لِيُقْدِمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ إِنَّهُ لَمْ يبق لأمير

الْمُؤْمِنِينَ عَدُوٌّ، وَقَدْ كُنَّا نَرْوِي عَنْ مُلُوكِ آلِ سَاسَانَ أَنَّ أَخْوَفَ مَا يَكُونُ الْوُزَرَاءُ إِذَا سَكَتَتِ الدَّهْمَاءُ، فَنَحْنُ نَافِرُونَ مِنْ قُرْبِكَ حَرِيصُونَ عَلَى الْوَفَاءِ بِعَهْدِكَ مَا وَفَّيْتَ، فَإِنْ أَرْضَاكَ ذَاكَ فَأَنَا كَأَحْسَنِ عَبِيدِكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ نَقَضْتُ مَا أَبْرَمْتُ مِنْ عَهْدِكَ ضَنًّا بِنَفْسِي. فَرَدَّ عَلَيْهِ الْمَنْصُورُ الْجَوَابَ يُطَمْئِنُهُ مَعَ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ الْبَجَلِيِّ، وَكَانَ وَاحِدَ وَقْتِهِ فَخَدَعَهُ وَرَدَّهُ. وَأَمَّا أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ فَذَكَرَ عَنْ جَمَاعَةٍ قَالُوا: كَتَبَ أَبُو مُسْلِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي اتَّخَذْتُ رَجُلا إِمَامًا1 وَدَلِيلا عَلَى مَا افْتَرَضَهُ اللَّهُ وَكَانَ فِي مَحِلَّةِ الْعِلْمِ نَازِلا فَاسْتَجْهَلَنِي بِالْقُرْآنِ فَحَرَّفَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ، طَمَعًا فِي قَلِيلٍ قَدْ نَعَاهُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ وَكَانَ كَالَّذِي دَلَّى بِغُرُورٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُجَرِّدَ السَّيْفَ وَأَرْفَعَ الرَّحْمَةَ فَفَعَلْتُ تَوْطِئَةً2 لِسُلْطَانِكُمْ، ثُمَّ اسْتَنْقَذَنِي اللَّهُ بِالتَّوْبَةِ، فَإِنْ يَعْفُ عَنِّي فَقِدْمًا عُرِفَ بِهِ وَنُسِبَ إِلَيْهِ، وَإِنْ يُعَاقِبْنِي فَبِمَا قَدَّمَتْ يَدَايَ. ثُمَّ سَارَ يُرِيدُ خُرَاسَانَ مُشَاقًّا3 مُرَاغِمًا. فَأَمَرَ الْمَنْصُورُ لِمَنْ بِالْحَضْرَةِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ أَنْ يَكْتُبُوا إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ يُعْظِمُونَ الأَمْرَ وَيَأْمُرُونَهُ بِلُزُومِ الطَّاعَةِ وَأَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَوْلاهُ، وَقَالَ الْمَنْصُورُ لِرَسُولِهِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ أَبُو حُمَيْدٍ الْمَرْوَرُوذِيُّ: كَلِّمْهُ بِاللِّينِ مَا يُمْكِنُ وَمَنِّهِ وَعَرِّفْهُ بِحُسْنِ نِيَّتِي وَتَلَطَّفَ، فَإِنْ يَئِسْتَ مِنْهُ فَقُلْ لَهُ. قَالَ وَاللَّهِ لَوْ خُضْتَ البَحرَ لَخَاضَهُ وَرَاءَكَ، وَلَوِ اقْتَحَمْتَ النَّارَ لاقْتَحَمْتُهَا حَتَّى أَقْتُلَكَ. فَقَدِمَ الرَّسُولُ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَلَحِقَهُ بِحُلْوَانَ. فَاسْتَشَارَ أَبُو مُسْلِمٍ خَاصَّتَهُ فَقَالُوا: احْذَرْهُ، فَلَمَّا طَلَبَ الرَّسُولُ الْجَوَابَ قَالَ: ارْجِعْ إِلَى صَاحِبَكَ فَلَسْتُ آتِيهِ وَقَدْ عَزَمْتُ عَلَى خِلافِهِ، قَالَ: لا تَفْعَلْ، لا تَفْعَلْ، فَلَمَّا آيَسَهُ بَلَّغَهُ قَوْلُ الْمَنْصُورِ فَوَجَمَ لَهَا وَأَطْرَقَ مُنْكِرًا ثُمَّ قَالَ: قُمْ؛ وَانْكَسَرَ لِذَلِكَ الْقَوْلِ وَارْتَاعَ. وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ كَتَبَ إِلَى نَائِبِ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَى خُرَاسَانَ فَاسْتَمَالَهُ وَقَالَ: لَكَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ، فَكَتَبَ نَائِبُ خُرَاسَانَ أَبُو دَاوُدَ خَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ يَقُولُ: إِنَّا لَمْ نَقُمْ لِمَعْصِيَةِ خُلَفَاءِ اللَّهِ وَأَهْلِ الْبَيْتِ فَلا تُخَالِفَنَّ إِمَامَكَ؛ فَوَافَاهُ كِتَابُهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَزَادَهُ رُعْبًا وَهَمًّا، ثُمَّ أَرْسَلَ مَنْ يَثِقْ بِهِ مِنْ أُمَرَائِهِ إِلَى الْمَنْصُورِ فَلَمَّا قَدِمَ تَلَقَّاهُ بَنُو هَاشِمٍ بِكُلِّ مَا يَسُرُّ، وَاحْتَرَمَهُ الْمَنْصُورُ وَقَالَ: اصْرِفْهُ عَنْ وَجْهِهِ ولك إمرة خراسان،

_ 1 وهو يقصد أخاه إبراهيم الإمام "الطبري "7/ 483". 2 توطئة لسلطانكم: يعني تقدمة أو مقدمة لسلطانكم. 3 مشاقا: يعني معاديا ومخالفا.

فَرَجَعَ وَقَالَ لِأَبِي مُسْلِمٍ: طَيِّبْ قَلْبَكَ لَمْ أر مكروها إني رأيتهم معظمين لحقك فارجع وَاعْتَذِرْ؛ فَأَجْمَعَ عَلَى الرُّجُوعِ؛ فَقَالَ لَهُ أَبُو إسحاق أحد قواده متمثلًا: ما للرجال من الْقَضَاءِ مَحَالَةٌ ... ذَهَبَ الْقَضَاءُ بِحِيلَةِ الأَقْوَامِ خَارَ اللَّهُ لَكَ، احْفَظْ عَنِّي وَاحِدَةً: إِذَا دَخَلْتَ إِلَى الْمَنْصُورِ فَاقْتُلْهُ ثُمَّ بَايِعْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّ النَّاسَ لا يُخَالِفُونَكَ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَنْصُورَ كَتَبَ إِلَى مُوسَى بْنِ كَعْبٍ بِوِلايَةِ خُرَاسَانَ؛ وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ: هَذَا ابْنُ كعب من دونك بمن معه من شعيتنا وَأَنَا مُوَجِّهٌ لِلِقَائِكَ أَقْرَانِكَ فَاجْمَعْ كَيْدَكَ غَيْرَ مُوَفَّقٍ وَحَسْبُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهَ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَشَاوَرَ أَبُو مُسْلِمٍ أَبَا إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَقَالَ: مَا الرَّأْيُ، فَهَذَا مُوسَى بْنُ كَعْبٍ مِنْ هُنَا، وَهَذِهِ سُيُوفُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ خَلْفِنَا، وَقَدْ أَنْكَرْتُ مَنْ كُنْتُ أَثِقُ بِهِ مِنْ قُوَّادِي، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ يَضْطَغِنُ عَلَيْكَ أُمُورًا قَدِيمَةً فَلَوْ كُنْتَ وَالَيْتَ رَجُلا مِنْ آلِ عَلِيٍّ كَانَ أَقْرَبُ، وَلَوْ أَنَّكَ قَبِلْتَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ مِنْهُ كُنْتَ فِي فَسْحَةٍ مِنْ أَمْرِكَ وَكُنْتَ اخْتَلَسْتَ1 رَجُلا مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ فَنَصَّبْتَهُ إِمَامًا فَاسْتَمَلْتَ بِهِ الْخُرَاسَانِيَّةَ وَأَهْلَ الْعِرَاقِ وَرَمَيْتَ أَبَا جَعْفَرٍ بِنَظِيرِهِ لَكُنْتَ عَلَى طَرِيق التَّدْبِيرِ. أَتَطْمَعُ أَنْ تُحَارِبَ أَبَا جَعْفَرٍ وَأَنْتَ بِحُلْوَانَ وَجَيْشُهُ بِالْمَدَائِنِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، لَيْسَ مَا ظَنَنْتَ لَكِنْ مَا بَقِيَ لَكَ إِلا أَنْ تَكْتُبَ إِلَى قُوَّادِكَ وَتَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: هَذَا رَأْيٌ إِنْ وَافَقَنَا عَلَيْهِ قُوَّادُنَا. قَالَ: فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَخْلَعَ أَبَا جَعْفَرٍ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ مِنْ قَوَّادِكَ! أَنَا أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ مِنْ قَتِيلٍ، أَرَى أَنْ تُوَجِّهَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ تَسْأَلُهُ الأَمَانَ, فَإِمَّا صَفْحٌ وَإِمَّا قَتْلٌ عَلَى عِزٍّ قَبْلَ أَنْ تَرَى الْمَذَلَّةَ مِنْ عَسْكَرِكَ إِمَّا قَتَلُوكَ وَإِمَّا أَسْلَمُوكَ. قَالَ: فَسَفَرَتِ السُّفَرَاءُ بَيْنَهُمَا وَأَعْطَاهُ أَبُو جَعْفَر أَمَانًا مُؤَكَّدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو مُسْلِمٍ لِحِينِهِ ثُمَّ بَعَثَ الْمَنْصُورُ أَمِيرًا إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ لِيَتَلَقَّاهُ وَلا يُظْهِرُ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمَنْصُورِ لِيُطَمْئِنَهُ وَيَذْكُرُ حُسْنَ نِيَّةِ الْخَلِيفَةِ لَهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ وَحَدَّثَهُ فَرِحَ الْمَغْرُورُ وَانْخَدَعَ، فَلَمَّا وَصَلَ الْمَدَائِنَ أَمَرَ الْمَنْصُورُ الأَعْيَانَ فَتَلَقَّوْهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ سَلَّمَ قَائِمًا فَقَالَ الْمَنْصُورُ: انْصَرِفْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَاسْتَرِحْ وَادْخُلِ الْحَمَّامَ ثُمَّ اغْدُ عَلَيَّ، فَانْصَرَفَ، وَكَانَ مِنْ نِيَّةِ الْمَنْصُورِ أَنْ يَقْتُلَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَمَنَعَهُ وَزِيرُهُ أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَدَخَلْتُ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَقَالَ لِيَ الْمَنْصُورُ: أَقْدِرُ عَلَى هَذَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ وَلا أَدْرِي مَا يَحْدُثُ فِي لَيْلَتِي، وَكَلَّمَنِي فِي الْفَتْكِ بِهِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَكَّرْتُ فَقَالَ: يا بن اللخناء لا

_ 1 يعني: أخذت رجلا من ولد فاطمة.

مَرْحَبًا بِكَ أَنْتَ مَنَعْتَنِي مِنْهُ أَمْسَ وَاللَّهِ مَا غَمَضْتُ الْبَارِحَةَ، ادْعُ لِي عُثْمَانَ بْنَ نَهِيكٍ، فَدَعَوْتُهُ، فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ كَيْفَ بَلا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا عَبْدُكَ ولو أمرتني أن أتكيء عَلَى سَيْفِي حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي لَفَعَلْتُ، قَالَ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا أَمَرْتُكَ بِقَتْلِ أَبِي مُسْلِمٍ؟ فَوَجَمَ لَهَا سَاعَةً لا يَتَكَلَّمُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ لا تَتَكَلَّمُ! فَقَالَ قَوْلةً ضَعِيفَةً: أقتله. فقال: انطلق اذهب فجيء بِأَرْبَعَةً مِنْ وُجُوهِ الْحَرَسِ وَشُجْعَانِهِمْ، فَذَهَبَ فَأَحْضَرَ شَبِيبُ بْنُ وَاجٍ وَثَلاثَةٌ فَكَلَّمَهُمْ فَقَالُوا: نَقْتُلُهُ، فَقَالَ: كُونُوا خَلْفَ الرِّوَاقِ فَإِذَا صَفَّقْتُ فَدُونُكُمُوهُ، ثُمَّ طَلَبَ أَبَا مُسْلِمٍ فَأَتَاهُ، وَخَرَجْتُ لِأَنْظُرَ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَتَلَقَّانِي أَبُو مُسْلِمٍ دَاخِلا فَتَبَسَّمَ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَدَخَلَ فَرَجَعْتُ فَإِذَا بِهِ مَقْتُولٌ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ أَبُو الْجَهْمِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلا أَرُدَّ النَّاسَ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَمَرَ بِمَتَاعٍ يُحَوَّلُ إِلَى رِوَاقٍ آخَرَ وَفُرُشٍ؛ وَقَالَ أَبُو الْجَهْمِ لِلنَّاسِ: انْصَرِفُوا فَإِنَّ الأَمِيرَ أَبَا مُسْلِمٍ يُرِيدُ أَنْ يُقِيلَ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَرَأَوُا الْمَتَاعَ يُنْقَلُ فَظَنُّوهُ صَادِقًا فَانْصَرَفُوا وَأَمَرَ الْمَنْصُورُ لِلأُمَرَاءِ بِجَوَائِزِهِمْ، قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَقَالَ لِيَ الْمَنْصُورُ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو مُسْلِمٍ فَعَاتَبْتُهُ ثُمَّ شَتَمْتُهُ فَضَرَبَهُ عُثْمَانُ بْنُ نَهِيكٍ فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا وَخَرَجَ شَبِيبُ بْنُ وَاجٍ وَأَصْحَابَهُ فَضَرَبُوهُ فَسَقَطَ؛ فَقَالَ وَهُمْ يَضْرِبُونَهُ: العفو، فقلت: يا ابن اللَّخْنَاءِ الْعَفْوَ وَالسُّيُوفُ قَدِ اعْتَوَرَتْكَ، ثُمَّ قُلْتَ: اذبحوه، فذبحوه. وقيل: إنه ألقي في دحلة، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: خَلُّوهُ فَقَالَ الْمَنْصُورُ: أَخْبِرْنِي عَنْ سَيْفَيْنِ أَصَبْتَهُمَا فِي مَتَاعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ؛ فَقَالَ: هَذَا أَحَدُهُمَا قَالَ: أَرِنِيهِ فَانْتَضَاهُ فَنَاوَلَهُ، فَهَزَّهُ الْمَنْصُورُ ثُمَّ وَضَعَهُ تَحْتَ فِرَاشِهِ وَأَقْبَلَ يُعَاتِبُهُ؛ وَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ كِتَابِكَ إِلَى أَخِي أَبِي الْعَبَّاسِ تَنْهَاهُ عَنِ الْمَوْتِ أَرَدْتَ أَنْ تُعَلِّمَنَا الدِّينَ؛ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّ أَخْذَهُ لا يَحِلُّ؛ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ تَقَدُّمِكَ إِيَّايَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ؛ قَالَ: كَرِهْتُ اجْتِمَاعَنَا عَلَى الْمَاءِ فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ؛ قَالَ: فَجَارِيةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ أَرَدْتَ أَنْ تَتَّخِذَهَا؛ قَالَ: لا, وَلَكِنْ خِفْتُ أَنْ تَضِيعَ فَحَمَلْتُهَا فِي قُبَّةٍ وَوَكَّلْتُ بِهَا مَنْ يَحْفَظُهَا، قَالَ: فَمُرَاغَمَتِكَ وَخُرُوجِكَ إِلَى خُرَاسَانَ، قَالَ: خِفْتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَكَ مِنِّي شيء فقلت أذهب غليها وَأَكْتُبُ إِلَيْكَ بِعُذْرِي، وَالآنَ قَدْ ذَهَبْتَ مَا فِي نَفْسِكَ عَلَيَّ. قَالَ: تَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى يَدِهِ فَخَرَجُوا عَلَيْهِ1. وَقِيلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: ألَسْتَ الْكَاتِبُ إِلَيَّ تَبْدَأُ بِنَفْسِكَ؛ وَالْكَاتِبُ إِلَيَّ تَخْطُبُ عَمَّتِي

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "7/ 486- 490"، وتاريخ ابن الأثير "5/ 474".

أمينة وتزعم أنك ابن سُلَيْطِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ؛ وَمَا الَّذِي دَعَاكَ إِلَى قَتْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ مَعَ أَثَرِهِ فِي دَعْوَتِنَا وَهُوَ أَحَدُ نُقَبَائِنَا! فَقَالَ: عَصَانِي وَأَرَادَ الْخِلافَ عَلَيَّ فَقَتَلْتُهُ فَقَالَ: فَأَنْتَ تُخَالِفُ عَلَيَّ! قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ؛ وَضَرَبَهُ بِعَمُودٍ ثُمَّ وَثَبُوا عَلَيْهِ. وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ قَدْ قَتَلَ فِي دَوْلَتِهِ وَفِي حُرُوبِهِ سِتِّمِائَةِ أَلْفٍ صَبْرًا1، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا سَبَّهُ الْمَنْصُورُ انْكَبَّ عَلَى يَدِهِ يُقَبِّلُهَا وَيَعْتَذِرُ، وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهُ عُثْمَانُ فَمَا صَنَعَ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ قَطَعَ حَمَائِلَ سَيْفِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمَؤْمِنِينَ اسْتَبْقِنِي لِعَدُوِّكَ، قَالَ: إِذًا لا أَبْقَانِي اللَّهُ وَأَيُّ عَدُوٍّ أَعْدَى لِي مِنْكَ، ثُمَّ هَمَّ الْمَنْصُورُ بِقَتْلِ أَبِي إِسْحَاقَ صَاحِبِ حَرَسِ أَبِي مُسْلِمٍ وَبِقَتْلِ نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ، فَكَلَّمَهُ فِيهِمَا أَبُو الْجَهْمِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جُنْدُهُ جُنْدُكَ أَمَرْتَهُمْ بِطَاعَتِهِ فَأَطَاعُوهُ، ثُمَّ أَجَازَهُمَا وَأجَازَ جَمَاعَةً مِنْ كِبَارِ قُوَّادِهِ بِالْجَوَائِزِ السَّنِيَّةَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ. ثُمَّ كَتَبَ بِعَهْدِ خَالِدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَى خُرَاسَانَ وَمَا وَرَاءَهَا. قَالَ خَلِيفَةُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنُ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: قَتَلَهُ الْمَنْصُورُ وَهُوَ فِي سُرَادِقٍ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى فَجَاءَ فَأَعْلَمَهُ فَأَعْطَاهُ الرَّأْسَ وَالْمَالَ فَخَرَجَ بِهِ وَنَثَرَ الْمَالَ عَلَى الْخُرَاسَانِيَّةَ فَتَشَاغَلُوا بِالذَّهَبِ. وَفِيهَا: خَرَجَ سِنْبَاذُ بِخُرَاسَانَ لِلطَّلَبِ بِثَأْرِ أَبِي مُسْلِمٍ، وَكَانَ سِنْبَاذٌ مَجُوسِيًّا تَغَلَّبَ عَلَى نَيْسَابُورَ وَالرَّيِّ وَأَخَذَ خَزَائِنَ أَبِي مُسْلِمٍ وَتَقَوَّى بِهَا، فَجَهَّزَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ جَهْوَرَ بْنَ مَرَّارٍ الْعِجْلِيَّ فِي عَشَرَةِ آلافٍ فَكَانَتِ الْوَقْعَةُ بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمَذَانَ, وَكَانَتْ مَلْحَمَةً مُهَوِّلَةً فَهُزِمَ سِنْبَاذٌ وقُتِلَ مِنْ جَيْشِهِ نَحْوٌ مِنْ سِتِّينَ أَلْفًا، وَكَانَ غَالِبُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجِبَالِ، وَسُبِيَتْ ذَرَارِيهِمْ، ثُمَّ قُتِلَ سِنْبَاذٌ بِقُرْبِ طَبَرِسْتَانَ. وَفِيهَا: خَرَجَ مُلَبَّدُ بْنُ حَرْمَلَةَ الشَّيْبَانِيُّ مُحَكِّمًا بِنَاحِيَةِ الْجِزِيرَةِ، فَانْتَدَبَ لِقِتَالِهِ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ عَسْكَرِ النَّاحِيَةِ فَهَزَمَهُمْ مُلَبَّدٌ، ثُمَّ الْتَقَاهُ عَسْكَرُ الْمَوْصِلِ فَهَزَمَهُمْ. ثُمَّ سَارَ لِحَرْبِهِ يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيُّ، فَهَزَمَهُ مُلَبَّدٌ وَاسْتَفْحَلَ شَرُّهُ. ثُمَّ جَهَّزَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ مُهَلْهَلَ بْنَ صَفْوَانَ فِي أَلْفَيْنِ نَقَاوَةً فَهَزَمَهُمْ مُلَبَّدٌ وَاسْتَوْلَى عَلَى عَسْكَرِهِمْ. ثُمَّ وَجَّهَ إِلَيْهِ جَيْشًا آخَرَ فَهَزَمَهُمْ وَعَظُمَتْ هَيْبَتُهُ وَبَعُدَ صِيتُهُ فَسَارَ لِحَرْبِهِ جَيْشٌ لَجِبٌ وَعِدَّةُ قُوَّادٍ فَهَزَمَهُمْ، وَتَحَصَّنَ مِنْهُ حُمَيْدُ بْنُ قُحْطُبَةَ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِيَكُفَّ عَنْهُ. وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ، فَذَكَر أَنَّ خُرُوجَ مُلَبَّدٍ كَانَ فِي الْعَامِ الآتِي. وَمَاتَ أَمِيرُ مَكَّةَ الْعَبَّاسُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِعبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ وَوَلِيَ بَعْدَهُ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ مِصْرَ الأَمِيرُ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ العباسي2.

_ 1 راجع: تاريخ الطبري "7/ 491"، والبداية والنهاية "10/ 72" لابن كثير. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 272"، وتاريخ الطبري "7/ 479، 496".

أحداث سنة ثمان وثلاثين ومائة

أحداث سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ الْقُرَشِيُّ بِدِمَشْقَ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلٍ. وَسُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ فِي قَوْلٍ، وَالْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ فِي قَوْلٍ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ فِي قَوْلٍ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ فِي قَوْلِ مُطَيَّنٍ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ الْقَرَظِيُّ الْمَدِينِيُّ. وَفِيهَا: أَهَمّ الْمَنْصُورَ شَأْنُ مُلَبَّدٍ الشَّيْبَانِيِّ فَنَدَبَ لِقِتَالِهِ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ فَسَارَ فِي ثمانية آلاف فارس فارس فالتقوا فَقَتَلَ اللَّهُ تَعَالَى مُلَبَّدًا بَعْدَ حُرُوبٍ يَطُولُ شَرْحُهَا. وَفِيهَا: غَزَا الأَمِيرُ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ فنزل دابق فأقبل طاغية الروم قسطنيطين بن أَلْيُونَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ فَالْتَقَاهُ صَالِحُ فَانْتَصَرَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَسَلِمَ وَغَنِمَ، وَكَانَ هَذَا اللَّعِينُ قَدْ أَخَذَ مَلَطْيَةَ مِنْ قَرِيبٍ وَهَدَمَ سُورَهَا كَمَا ذَكَرْنَا. وَفِيهَا: ظَهَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَبَعَثَ بِالْبَيْعَةِ مَعَ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَأَمَّا جَهْوَرُ بْنُ مَرَّارٍ الْعِجْلِيُّ فَإِنَّهُ هَزَمَ سِنْبَاذَ كَمَا مَضَى، وَحَوَى مَا فِي عَسْكَرِهِ مِنَ الأَمْوَالِ وَالذَّخَائِرِ الَّتِي أَخَذَهَا سِنْبَاذُ مِنْ خَزَائِنِ أَبِي مُسْلِمٍ فَلَمْ يَبْعَثْ بِهَا إِلَى الْمَنْصُورِ، ثُمَّ خَافَ فَخَلَعَ الْمَنْصُورَ. فَجَهَّزَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ الْخُزَاعِيُّ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ فَالْتَقَوْا وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ انْكَسَرَ جَهْوَرُ فَهَرَبَ إِلَى أَذْرَبَيْجَانَ ثُمَّ قُتِلَ. وَفِيهَا: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدَّاخِلُ الأُمَوِيُّ إِلَى الأَنْدَلُسِ وَاسْتَوْلَى عليها وامتدت أيامه وبقيت الأندلس في ي أولاده إلى بعد الأربعمائة والله أعلم1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "7/ 497"، تاريخ خليفة "ص/ 273".

أحداث سنة تسع وثلاثين ومائة

أحداث سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ الأُمَوِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ. وَسَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ أَبُو بِشْرٍ بِالْبَصْرَةِ. وَعَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ الدِّمَشْقِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ. وَمُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي صَعْصَعَةَ. وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ. وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ بِالْبَصْرَةِ. وَفِيهَا: خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْبَهْرَانِيُّ فَأَتَى مَدِينَةَ مَلَطْيَةَ وَهِيَ خارب فَعَسْكَرَ بِهَا، وَأَقْبَلَ الأَمِيرُ عَبْدُ الْوَاحِدِ, فَنَزَلَ عَلَى مَلَطْيَةَ فَزَرَعَ أَرْضَهَا وَطَبَخَ كِلْسًا لِبِنَاءِ سُورِهَا ثُمَّ قَفَلَ فَوَجَّهَ طَاغِيَةُ الرُّومِ مِنْ حرق الزرع. وفيها: غزا الأمير صالح بن علي, الأمير الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَوَغَلا فِي أَرْضِ الرُّومِ، وَغَزَتْ مَعَهُمَا أُمُّ عِيسَى وَلُبَابَةُ أُخْتَا الأَمِيرِ صَالِحٍ، وَكَانَتَا نَذَرَتَا إِنْ زَالَ مُلْكَ بَنِي أُمَيَّةَ أَنْ تُجَاهِدَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ صَائِفَةٌ وَلا غَزْوٌ إِلَى أَنْ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ لاشْتِغَالِ الْمَنْصُورِ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ بِخُرُوجِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ عَلَيْهِ. وَفِيهَا: عَزَلَ الْمَنْصُورُ عَمَّهُ سُلَيْمَانَ عَنِ الْبَصْرَةِ وَوَلِيَ سُفْيَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَاخْتَفَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ وَآلِهِ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَبَعَثَ الْمَنْصُورُ إِلَى سُلَيْمَانَ وَعِيسَى فَعَزَمَ عَلَيْهِمَا فِي إِشْخَاصِ أَخِيهِمَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَعْطَاهُمَا لَهُ الأَمَانُ وَكَتَبَ إِلَى سُفْيَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لِيَحُثَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ، فَأَقْدَمُوا عَبْدَ اللَّهِ عَلَى الْمَنْصُورِ فَسَجَنَهُ، وَسَجَنَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ، وَقَتَلَ بَعْضَهُمْ، وَبَعَثَ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ إِلَى خُرَاسَانَ لِيَقْتُلَهُمْ خَالِدٌ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ العباس بن محمد أخو المنصور1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 274"، وتاريخ الطبري "7/ 503".

أحداث سنة أربعين ومائة

أحداث سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا: تُوُفِّيَ أَيُّوبُ أَبُو الْعَلاءِ الْقَصَّابُ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ فِي أَوَّلِهَا، وَأَبُو خَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ الأَعْرَجُ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ بِخُلُفَ، وَسَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبٍ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ فِيهَا بِخُلُفَ، وَعُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ، وَعُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ الأَنْصَارِيُّ؛ وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ السَّكُونِيُّ الْحِمْصِيُّ بِخُلُفَ. وَفِيهَا: تَوَجَّهَ جِبْرِيلُ بْنُ يَحْيَى إِلَى الْمِصِّيصَةِ فَرَابَطَ فِيهَا حَتَّى بَنَاهَا وَأَحْكَمَهَا وَسَكَنَهَا النَّاسُ، وَتَوَجَّهَ الأَمِيرُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ محمد العباسي ابن أَخِي الْمَنْصُورِ فَأَقَامَ عَلَى مَلَطْيَةَ سَنَةً حَتَّى بَنَاهَا وَرَمَّ شَعْثَهَا وَأَسْكَنَهَا النَّاسَ. وَفِيهَا: ثَارَ جمع من جن خُرَاسَانَ عَلَى أَمِيرِهَا أَبِي دَاوُدَ خَالِدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ لَيْلا وَهُوَ بِمَرْوٍ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى دَارِهِ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عَلَى طَرَفِ آجُرَّةٍ خَارِجَةٍ وَجَعَلَ يُنَادِي أَصْحَابَهُ، فَانْكَسَرَتْ بِهِ الآجُرَّةُ، فَوَقَعَ فَانْكَسَرَ ظَهْرُهُ فَمَاتَ مِنَ الْغَدِ؛ فَبَعَثَ الْمَنْصُورُ عَلَى إِمْرَةِ خُرَاسَانَ عَبْدَ الْجَبَّارِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيَّ فَقَبَضَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الأُمَرَاءِ اتَّهَمَهُمْ بِالدَّعْوَةِ إِلَى وَلَدِ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، مِنْهُمْ مُجَاشِعُ بْنُ حُرَيْثٍ صَاحِبُ بُخَارَى، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ عَامِلُ قُوهِسْتَانَ وَالْحَريشُ بْنُ مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيُّ ابْنُ عَمِّ خَالِدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَقَتَلَهُمْ، وَضَرَبَ الْجُنَيْدَ بْنَ خَالِدٍ التَّغْلِبِيَّ وَمَعْبَدًا الْمُرِّيَّ ضَرْبًا شَدِيدًا وَحَبَسَهُمَا فِي عِدَّةٍ مِنَ الأُمَرَاءِ. وَفِيهَا: حَجَّ الْمَنْصُورُ ثُمَّ زَارَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ثُمَّ سَلَكَ الشَّامَ وَنَزَلَ الرِّقَّةَ فَقَتَلَ بِهَا مَنْصُورُ بْنُ جَعْوُنَةَ الْعَامِرِيُّ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الْهَاشِمِيَّةِ وَهِيَ بِالْكُوفَةِ، وَأَمَرَ بالشروع بعمل مدينة بغداد واختطها.

تراجم هذه الطبقة على حروف المعجم

تراجم هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ1 بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الْجَعْفَرِيُّ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ سَعْدُ بْنُ زِيَادٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإِسْكَنْدَرِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مُقِلٌّ عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ. 2- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ2 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَلَّبِ الْمَعْرُوفُ بِإِبْرَاهِيمَ أَخُو السَّفَّاحِ وَالْمَنْصُورِ، يُكَنَّى أَبَا إِسْحَاقَ. كَانَ يَكُونُ بِالْحُمَيِّمَةَ مِنْ أَعْمَالِ الشَّرَاةِ، عَهِدَ إِلَيْهِ أَبُوهُ مُحَمَّدٌ فِي السَّيْرِ بِالإِمَامَةِ فَبَلَغَ خبره إلى مروان الحمال فَأَخَذَهُ وَحَبَسَهُ مُدَّةً بِحَرَّانَ ثُمَّ قَتَلَهُ غِيلَةً. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةَ. روى عنه أَخُوهُ وَأَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّوْلَةِ. وَكَانَتْ شِيعَةُ بَنِي هاشم يختلفون إليه ويكاتبون مِنْ خُرَاسَانَ، وكان أَبُوهُ أَوْصَى إِلَيْهِ وَلِذَلِكَ كَانُوا يُلَقِّبُونَهُ بِالإِمَامِ. وَهُوَ الَّذِي أَنْفَذَ أَبَا مُسْلِمٍ دَاعِيًا لَهُ إِلَى خُرَاسَانَ وَجَعَلَهُ مُقَدَّمًا عَلَى دُعَاتِهِ وَنُقَبَائِهِ، إِلَى أَنِ اسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ وَبَلَغَ ذَلِكَ مَرْوَانُ؛ لِأَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ أَرْسَلَ رَسُولا مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَوَجَدَهُ أَعْرَابِيًّا فَصِيحًا فَغَمَّهُ ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ: أَلَمْ أَنْهَكَ أَنْ يَكُونَ رَسُولُكَ عَرَبِيًّا يَطَّلِعُ عَلَى أَمْرِكَ فَإِذَا أَتَاكَ فَاقْتُلْهُ، فَخَرَجَ الرَّسُولُ فَفَتَحَ الْكِتَابَ وَقَرَأَهُ فَأَتَى بِهِ مَرْوَانَ فَقَبَضَ حِينَئِذٍ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَمَرَ بِهِ فَغُمَّ فِي سِجْنِ حَرَّانَ، جَعَلُوا عَلَى وَجْهِهِ مُخَدَّةً وَقَعَدُوا فَوْقَهَا حَتَّى تَلَفَ. وَقِيلَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَجَّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاثِينَ بِتَجَمُّلٍ وَافِرٍ وَمَعَهُ ثَلاثُونَ نَجِيبًا فَشَهَرَ نَفْسَهُ فِي الْمَوْسِمِ وَرَآهُ أَهْلُ الشَّامِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ إِمْسَاكِهِ، وَكَانَ جَوّادًا فَاضِلا نَبِيلا سَرِيًّا خَلِيقًا لِلإِمَارَةِ. وَكَانَ قَدْ أَمَرَ أَبَا مُسْلِمٍ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ وَقَتْلِ مَنْ يَتَّهِمُهُ. وَلَمَّا أُغِمَّ صَارَ أَمْرُهُمْ إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ السَّفَّاحِ، وَكَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَيْهِ بِالأَمْرِ لَمَّا أُحِيطَ بِهِ. وَكَانَ مَقْتَلُهُ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي سِجْنِ مَرْوَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُرَّةَ الدِّمَشْقِيُّ3. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ وَالأَوْزَاعِيُّ وَصَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينُ. صَدُوقٌ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ الطَّائِفِيُّ4 -ع- نَزِيلُ مَكَّةَ. عَنْ أنس وعمرو بن الشريد وطاوس.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 318"، والجرح والتعديل "2/ 125". 2 التاريخ الكبير "1/ 317"، تهذيب التهذيب "1/ 157". 3 التاريخ الكبير "1/ 329"، والتهذيب "1/ 163". 4 التاريخ الكبير "1/ 328"، وتهذيب التهذيب "1/ 172".

وعنه شعبة السفيانان وابن جريح وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوُ سِتِّينَ حَدِيثًا. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ: مَنْ لَمْ تَرَ وَاللَّهِ عَيْنَاكَ مِثْلَهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْمُسْتَمْلِي: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُ بِالْمَعَانِي وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ يُحَدِّثُ كَمَا سَمِعَ، كَانَ فَقِيهًا. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَيْنَ كَانَ حِفْظُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ مِنْ حِفْظِ ابْنِ طَاوُسٍ؟ قَالَ: لَوْ شِئْتَ قُلْتُ لَكَ إِنِّي أُقَدِّمُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ فِي الْحِفْظِ فَعَلْتُ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: مَاتَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. 5- إبراهيم بن ميمون1 -د ن- أبو إسحاق الصائغ المروزي. روى عن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَنَافِعٍ وَغَيْرِهِمَا. وعنه حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَتَلَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ ظُلْمًا. 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ2 بْنِ مَرْوَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَانِيُّ. بُويِعَ بِالْخِلافَةِ وَخَطَبَ لَهُ عَلَى الْمَنَابِر بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ يَزِيدَ النَّاقِصِ بِعَهْدٍ مِنْهُ إِلَيْهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: بَلْ لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْهِ أَخُوهُ وَأَنَّهُ بُويِعَ بِلا عَهْدٍ. روى عن الزُّهْرِيِّ وَعَنْ عَمِّهِ هِشَامٍ. حَكَى عنه ابنه يعقوب وغيره.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 325"، وتهذيب التهذيب "1/ 172". 2 المعرفة والتاريخ "2/ 828"، وتاريخ اليعقوبي "3/ 75".

وكان أبيض جميلًا وسيما جسيمًا طَوِيلا. وَقَالَ مَعْمَرٌ: رَأَيْتُ رَجُلا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ جَاءَ إلى الزهري بكتاب فعرضه عليه ثم قال: أحدث بهذا عنك؟ قال: إي لعمري فمن يُحَدِّثُكُمُوهُ غَيْرِي؟! قَالَ شَيْبَانُ: ثنا الْعَلاءُ بْنُ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَضَرْتُ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ حِينَ احْتَضَرَ فَأَتَاهُ قَطَنٌ فقال: أنا رسول من وراءك يسألونك بحق اللَّهِ لِمَا وَلَّيْتَ أَمْرَهُمْ أَخَاكَ إِبْرَاهِيمَ، فَغَضِبَ وَقَالَ بِيَدِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ: أَنَا أُوَلِّي إِبْرَاهِيمَ! ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا الْعَلاءِ إِلَى مَنْ تَرَى أَنْ أَعْهَدَ؟ فَقُلْتُ: أَمْرٌ نَهَيْتُكَ عَنِ الدُّخُولِ فِيهِ فَلا أُشِيرُ عَلَيْكَ فِي آخِرِهِ، قَالَ: وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَقَعَدَ قَطَنٌ فَافْتَعَلَ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ يَزِيدَ وَدَعَا نَاسًا فَأَشْهَدَهُمْ عَلَيْهِ، قَالَ أَبِي: وَلا وَاللَّهِ مَا عَهِدَ إِلَيْهِ يَزِيدُ شَيْئًا. قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: بُويِعَ فَمَكَثَ سَبْعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ خُلِعَ وَوَلِيَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَأَمَّنَهُ وَبَقِيَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. 7- آدم بن سليمان مولى قريش الكوفي1 -م ت ن- وَالِدُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ. سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَعَطَاءً وَغَيْرَهُمَا. وعنه شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ ابْنُهُ لِصِغَرِهِ. 8- إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ هُبَيْرَةَ التَّمِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -خ م د ن-. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَمُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ وَأَبِي قَتَادَةَ تَمِيمِ بْنِ يَزِيدَ الْعَدَوِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وعنه الْحَمَّادَانِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لِعَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى. مات سنة إحدى وثلاثين ومائة.

_ 1 تهذيب التهذيب" 1/ 196"، والجرح والتعديل "2/ 268". 2 التاريخ الكبير "1/ 366"، وتهذيب التهذيب "1/ 236".

9- إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ1 -ع- زيد بن سهل الأنصاري النجاري. أَحَدُ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ. سَمِعَ مِنْ عَمِّهِ لأُمِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عُقَيْلٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ. وعنه عِكْرِمَةُ بْنُ عمار ومالك وهمان بْنُ يَحْيَى وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مَالِكٌ لا يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَدًا. وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ. 10- أَسَدِ بْنِ وَدَاعَةَ2. عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وعنه مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَفَرَجُ بْنُ فُضَالَةَ وَجَابِرُ بْنُ غَانِمٍ. وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِدِمَشْقَ وَفِيهِ نَصَبٌ مَعْرُوفٌ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ. 11- إِسْمَاعِيلُ بن أمية3 -ع- بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيُّ المكي. ابْنُ عَمِّ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى الآتِي بَعْدَ وَرَقَتَيْنِ وَابْنُ أَخِي إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرٍو الآتِي بعد ورقة. روى عن أبيه وبجير بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعِكْرِمَةَ وسعيد المقبري وأبي سلمة بن عبد الرحمن وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ وَمَكْحُولٍ وَطَائِفَةٍ. وعنه السفيانان ومعمر وابن جريح وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوَ سِتِّينَ حَدِيثًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى. يُقَالُ: تُوُفِّي سَنَةَ تسع وثلاثين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 393"، وتهذيب التهذيب "1/ 239". 2 ميزان الاعتدال "1/ 207"، والمشاهير "113". 3 تهذيب التهذيب "1/ 283"، وميزان الاعتدال "1/ 222".

12- إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْكُوفِيُّ1 -د ت- الْفَقِيهُ ابْنُ الْفَقِيهِ. كَانَ جَدُّهُ مِنْ سَبْيِ أَصْبَهَانَ. عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ وَأَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ. وعنه مُعْتَمِدٌ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ. 13- إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ2 -م د ن-. سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيَّ وَغَيْرَهُمَا. وَلَهُ أَحَادِيثُ نَحْوُ الْعَشَرَةِ. روى عنه ابْنُهُ يَحْيَى وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَهُشَيْمٌ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَيُكَنَّى بِابْنِهِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ، وَمِنْ أَخْبَارِهِ أَنَّهُ نَزَلَ أَرْضَ بَغْدَادَ قَبْلَ أَنْ تُبْنَى فِي أَيَّامِ السَّفَّاحِ. 14- إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ الْكُوفِيُّ3 -م د ن- بَيَّاعُ السَّابَرِيِّ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي رَزِينٍ مَسْعُودِ بْنِ مَالِكٍ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ. وعنه سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعَلِيُّ بْن عَاصِمٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَكَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ فِيمَا قِيلَ. 15- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ4 -خ م د ن ق- الإمام أبو عبد

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 351"، وتهذيب التهذيب "1/ 290". 2 التاريخ الكبير "1/ 356"، وتهذيب التهذيب "1/ 301". 3 التاريخ الكبير "1/ 356"، وتهذيب التهذيب "1/ 305". 4 التاريخ الكبير "1/ 366"، والصغير "2/ 11".

الحميد المخزومي مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ مُؤَدِّبُ آلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ مِنْ ثِقَاتِ الشَّامِيِّينَ وَعُلَمَائِهِمُ الْكِبَارُ. روى عن أَنَسٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ وَطَائِفَةٍ. وعنه سَعِيدٌ الأوزاعي وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مَعْنٍ التَّنُوخِيِّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَزْهَدَ مِنْهُ وَمِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلاهُ إِمْرَةَ الْغَرْبِ فَأَقَامَ بِهَا سَنَةَ مِائَةٍ وَسَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ، فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ وَلَّوْا بَعْدَ إِسْمَاعِيلَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ مَوْلَى الْحَجَّاجِ. قَالَ خَلِيفَةُ: أَسْلَمَ عَامَّةُ الْبَرْبَرِ فِي وِلايَةِ إِسْمَاعِيلَ وَكَانَ حَسَنُ السِّيرَةِ1. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَدْرَكَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ غُلامٌ؛ قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَتْ دَارُهُ عِنْدَ طَرِيقِ الْقَنَوَاتِ2. الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قال: أشرقت أُمُّ الدَّرْدَاءِ عَلَى وَادِي جَهَنَّمَ وَمَعَهَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَتْ: اقْرَأْ يَا إِسْمَاعِيلُ، فَقَرَأَ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: 115] فَخَرَّتْ عَلَى وَجْهِهَا، وَخَرَّ إِسْمَاعِيلُ عَلَى وَجْهِهِ فَمَا رفعا رؤوسهما حَتَّى ابْتَلَّ مَا تَحْتَ وُجُوهِهِمَا مِنَ الدُّمُوعِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي المهاجر: ثنا الْوَلِيدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا إِسْمَاعِيلُ عَلِّمْ بَنِيَّ فَإِنِّي مُثِيبُكَ عَلَى ذَلِكَ؛ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ وَقَدْ حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنْ أَخَذَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ قَوْسًا قَلَّدَهُ اللَّهُ قَوْسًا مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3 قَالَ: فَإِنِّي لَسْتُ أُعْطِيكَ عَلَى الْقُرْآنِ إِنَّمَا أَعْطِيكَ على النحو.

_ 1 راجع: تاريخ خليفة "323". 2 راجع تهذيب ابن عساكر "3/ 28". 3 صحيح: أخرجه البيهقي في السنن "6/ 126، 156"، وذكره الهندي في الكنز "2841"، وراجع الصحيحة "256" للألباني.

قال إبراهيم بن أبي اشيبان: مَاتَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ دُخُولِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ بِثَلاثَةِ أَشْهُرٍ. 16- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سعيد بن العاص -ق- أبو محمد الأموي؛ وَيُعْرَفُ أَبُوهُ بِالأَشْدَقِ. روى عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ وَغَيْرِهِمَا. وَهُوَ مُقِلٌّ صَدُوقٌ. روى عنه شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبي سبرة وآخرون. سكن الأعوص بالحجارة بَعْدَ قَتْلِ وَالِدِه وَاعْتَزَلَ النَّاسَ وَتَعَبَّدَ؛ وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ يُعَدُّ مِنْ عُبَّادِ الأَشْرَافِ. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَرَاهُ أَهْلا لِلْخِلافَةِ قَالَ: لَوْ كَانَ الأَمْرُ إِلَيَّ لَوَلَّيْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَوْ صَاحِبَ الأَعْوَصِ. وَالأَعْوَصُ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ. تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ دَاوُدُ قَدْ هَمَّ بِالْفَتْكِ بِهِ فَخَوَّفُوهُ مِنْ دُعَائِهِ عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ. لَهُ حَدِيثٌ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ. 17- إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص1 -خ م ت ن ق- أبو محمد الزهري المدني. عَنْ أَبِيهِ وَعَمَّيْهِ عَامِرٍ وَمُصْعَبٍ وَأَنَسِ بْنِ مالك وغيرهم. وعن صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مِنْ أَرْفَعِ هَؤُلاءِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ حُجَّةٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ. قُلْتُ: قَتَلَ الْحَجَّاجُ أَبَاهُ لِخُرُوجِهِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ وَأَسَرَ هَذَا فَبَعَثَ بِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فعفا عنه لكونه لم يكن أنبت.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 371"، وتهذيب التهذيب "1/ 329".

مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 18- أَسْلَمُ الْمِنْقَرِيُّ1 -د- أبو سعيد. روى عن ابن أبرى وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَعُثَيْمٌ وَجَرِيرٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. 19- الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ الْكُوفِيُّ2 -ع-. عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ ونُبَيْحٍ الْعَنْزِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَأَبُو عَوَانَةَ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَآخَرُونَ. مُجْمَعٌ عَلَى ثِقَتِهِ. 20- أُسَيْدُ بْنُ أَبِي أُسَيْدٍ الْبَرَّادُ3 -4- أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَزِيدَ الْمَدَنِيُّ. روى عن أَبَوَيْهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَمُوسَى بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ. 21- أَشْعَثُ بْنُ سوار الكندي الكوفي4 -م ت ن ق- الأفرق التوابيتي النجار. روى عن عِكْرِمَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَجَمَاعَةٍ. وعنه هُشَيْمٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَآخَرُونَ آخِرُهُمْ مَوْتًا يَزِيدُ.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 24"، وتهذيب التهذيب "1/ 267". 2 التاريخ الكبير "1/ 448"، وتهذيب التهذيب "1/ 341". 3 تهذيب التهذيب "1/ 343"، والجرح والتعديل "2/ 317". 4 تهذيب التهذيب "1/ 352"، وميزان الاعتدال "1/ 263".

ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَقَوَّاهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: هُوَ أَضْعَفُ الأَشَاعِثَةِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. 22- أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ1 بْنِ أَبِي عُثْمَانَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ الأُمَوِيُّ. روى عن مَكْحُولٍ وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي مُصْبِحٍ الْمُقْرَائِيُّ. وعنه ابْنُ لَهِيعَةَ وَبَقِيَّةُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَابْنُ شَابُورٍ وَآخَرُونَ. وَلَعَلَّهُ عَاشَ إِلَى بَعْدِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ بِيَسِيرٍ. 23- أَيُّوبُ السختياني2 -ع- أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ كَيْسَانَ الْبَصْرِيُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ مِنْ نُجَبَاءِ الْمَوَالِي. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: أَيُّوبُ مَوْلَى عَنْزَةَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ يَبِيعُ الأَدِمَ. سَمِعَ عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ الْجَرْمِيَّ وَأَبَا الْعَالِيَةَ وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَقِيقٍ وَأَبَا قِلابَةَ وَالْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَمُجَاهِدًا وَابْنَ سِيرِينَ وَخَلْقًا سِوَاهُمْ. وعنه شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَالسُّفْيَانَانِ وَمَعْمَرٌ وَمُعْتَمِرٌ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَخَلائِقُ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ حَدِيثٍ. وَقَالَ شُعْبَةُ: كَانَ سَيِّدَ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ أَلْقَ مِثْلَهُ. يَقُولُ هَذَا وَقَدْ لَقِيَ مِثْلَ الزُّهْرِيِّ. وَرَوَى وُهَيْبٌ عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ سَمِعَ الْحَسَنَ يَقُولُ: أَيُّوبُ سَيُّدُ شَبَابِ أهل البصرة. رواه جماعة عن الحسن.

_ 1 تهذيب ابن عساكر "3/ 136"، والجرح والتعديل "2/ 302". 2 تهذيب التهذيب "1/ 397"، والتاريخ الكبير "1/ 409".

وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ أَشْعَثَ قَالَ: كَانَ أَيُّوبُ جهبذ العلماء، وعن سلام ابن أَبِي مُطِيعٍ وَذَكَرَ أَيُّوبَ وَجَمَاعَةً قَالَ: كَانَ أَفْقَهَهُمْ فِي دِينِهِ أَيُّوبُ. وقَالَ هشام بْن عُرْوَة لم أر فِي البصرة مثل أيوب. وعن مالك بن أنس قال: منا نَدْخُلُ عَلَى أَيُّوبَ فَإِذَا ذَكَرْنَا لَهُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَكَى حَتَّى نَرْحَمَهُ. وَعَنْ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ قَالَ: حَجَّ أَيُّوبُ أَرْبَعِينَ حَجَّةً. وَقَالَ عَوْنُ بْنُ الْحَكَمِ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: غَدَا عَلَى مَيْمُونٍ أَبُو حَمْزَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ قَبْلَ الصَّلاةِ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: مَا جَاءَ بِكُمَا؟ قَالا: جِئْنَا نُصَلِّي عَلَى أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ فَقُلْتُ لَهُ: مَاتَ أَيُّوبُ الْبَارِحَةَ. وَقَالَ وُهَيْبٌ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ كُنْتُ عَنْهُمْ بِمَعْزِلٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ أَيُّوبُ صَدِيقًا لِيَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ فَلَمَّا وَلِيَ الْخِلافَةَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْسِهِ ذِكْرِي. وَكَانَ يَقُولُ: لِيَتَّقِي اللَّهَ رَجُلٌ وَإِنْ زَهِدَ وَلا يَجْعَلَنَّ زُهْدَهُ عَذَابًا عَلَى النَّاسِ. وَكَانَ أَيُّوبُ مِمَّنْ يُخْفِي زُهْدَهُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: غَلَبَ أَيُّوبُ الْبُكَاءَ يَوْمًا فَقَالَ: الشَّيْخُ إِذَا كَبُرَ مَجَّ وَغَلَبَهُ فُوهُ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَقَالَ: الزُّكْمَةُ رُبَّمَا عَرَضَتْ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ فِي قَمِيصِ أَيُّوبَ بَعْضُ التَّذْيِيلِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: الشُّهْرَةُ الْيَوْمَ فِي التَّشْهِيرِ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ أَبِي الأَخْضَرِ: قُلْتُ لِأَيُّوبَ: أَوْصِنِي، قَالَ: أَقِلَّ الْكَلامَ، وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: قَال أَيُّوبُ: لَقَدْ شُهِرْنَا فِي هَذَا الْمِصْرِ لَوْ خَرَجْنَا مِنْهُ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ خَطَأَ مُعَلِّمُكَ فَجَالِسْ غَيْرَهُ، وَقَالَ: إِنِّي لَأُخْبَرُ بِمَوْتِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَكَأَنَّمَا أَفْقِدُ بَعْضَ أَعْضَائِي. قَالَ حَمَّادُ: وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ قَدْ جَالَسَ أَيُّوبَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْخِلافَةِ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ جَعَلَ أَيُّوبَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ أنْسِهِ ذِكْرِي.

حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ أَيُّوبُ: لا تُحَدِّثُوا الناس بما لا يعملون فَتَضُرُّوهُمْ، وَقَالَ وَدَدْتُ أَنِّي أُفْلِتُ مِنْ هَذَا الأمر كنافا لا عَلَيَّ وَلا لِيَّ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ عَنْ سَلامٍ: كَانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ فَيُخْفِي ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ رَفَعَ صَوْتَهُ كَأَنَّهُ قَامَ تِلْكَ السَّاعَةَ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ وَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ لا تَنْظُرُ فِي الرَّأْيِ؟ قَالَ: قِيلَ لِلْحِمَارِ أَلا تَجْتَرَّ؟ قَالَ: أَكْرَهُ مَضْغَ الْبَاطِلِ. وَقَالَ حَمَّادٌ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا قَطُّ أَشَدَّ تَبَسُّمًا فِي وُجُوهِ النَّاسِ مِنْ أَيُّوبَ وَلَوْ رَأَيْتُمْ أَيُّوبَ ثُمَّ اسْتَقَاكُمْ شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ عَلَى النُّسُكِ لَمَا سَقَيْتُمُوهُ، لَهُ شَعْرٌ وَافِرٌ وَشَارِبٌ وَافِرٌ وَقَمِيصٌ جَيِّدٌ هَرَوِيٌّ يَسِمُ الأَرْضَ وَقَلَنْسُوَةٌ جَيِّدَةٌ مُتَرَّكَةٌ وَطَيْلُسَانُ كُرْدِيٌّ جَيِّدٌ وَرِدَاءٌ عَدَنِيٌّ. قَالَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ: لا خَبِيثَ أَخْبَثُ من قاريء فَاجِرٍ. قَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ: ثنا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قُلْنَا: مَن لَنَا؟ فَقُلْنَا: لَنَا أَيُّوبُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ لِأَيُّوبَ بُرْدٌ أَحْمَرُ يَلْبِسُهُ إِذَا أَحْرَمَ وَكَانَ يُعِدُّهُ لِلْكَفَنِ وَكُنْتُ أَمْشِي مَعَ أَيُّوبَ فَيَأْخُذُ فِي طُرُقٍ أَعْجَبَ كَيْفَ يَهْتَدِي لَهَا فِرَارًا مِنَ النَّاسِ أَنْ يقال هذا أيوب. وقال شعبة: ربما ذهب مَعَ أَيُّوبَ لِحَاجَةٍ فَلا يَدَعْنِي أَمْشِي مَعَهُ ويخرج من هاهنا وَهَا هُنَا لِكَيْ لا يَفْطِنُ لَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَيُّوبُ ثِقَةً ثَبْتًا فِي الْحَدِيثِ جَامِعًا كَثِيرَ الْعِلْمِ حُجَّةٌ عَدْلا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَيُّوبُ ثِقَةٌ لا يُسْأَلُ عن مثله. قلت: لم يَرْوِ مَالِكٌ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ إِلا عَنْ أَيُّوبَ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ أَحَدٍ إِلا وَأَيُّوبُ فَوْقَهُ، أَوْ كَمَا قَالَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ أَيُّوبُ عِنْدِي أَفْضَلَ مَنْ جَالَسْتُهُ وَأَشَدَّهُمْ إتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ. وَرَوَى ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: كَانَ أَيّوُب يَؤُمُّ أَهْلَ مَسْجِدِهِ فِي رمضان

وَيُصَلِّي بِهِمْ قَدْرَ ثَلاثِينَ آيَةٍ فِي الركعة وكان يصلي لنفسه فيما بين الترويحتين بقدر ثلاثين آية, وَكَانَ يَقُولُ هُوَ بِنَفْسِهِ لِلنَّاسِ: الصَّلاةَ، وَكَانَ يُؤْثِرُ بِهِمْ وَيَدْعُو بِدُعَاءِ الْقُرْآنِ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ، وَكَانَ آخِرُ مَا يَقُولُ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ اسْتَعْمِلْنَا بِسُنَّتِهِ وَارْعِنَا بِهَدْيِهِ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" ثُمَّ يَسْجُدُ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ دَعَا بِدَعَوَاتٍ1. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ أنا يُوسُفُ الأَدَمِيُّ ثنا أَبُو الْمَكَارِمِ اللَّبَّانُ أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ أنا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ ثنا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ ثنا خَالِدُ بْنُ النَّضْرِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحِرَشِيُّ ثنا النَّضْرُ بْنُ كَثِيرٍ ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَلَى حِرَاءٍ فَعَطِشْتُ عَطَشًا شَدِيدًا حَتّى رَأَى ذَلِكَ فِي وَجْهِي قَالَ: فَقَالَ: مَا الَّذِي أَرَى بِكَ؟ قُلْتُ: الْعَطَشَ قَدْ خِفْتُ عَلَى نَفْسِي، قَالَ: تَسْتُرُ عَلَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَاسْتَحْلَفَنِي فَحَلَفْتُ لَهُ أَنْ لا أُخْبِرُ عَنْهُ مَا دَامَ حَيًّا فَغَمَزَ بِرِجْلِهِ عَلَى حِرَاءٍ فَنَبَعَ الْمَاءُ فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ وَحَمَلْتُ مَعِي مِنَ الْمَاءِ. وَقَالَ شُعْبَةُ: قَالَ أَيُّوبُ: قَدْ ذَكَرْتُ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَذْكُرَ. قُلْتُ: إِلَى أَيُّوبَ الْمُنْتَهَى فِي التَّثَبُّتِ. تُوُفِّي شَهِيدًا فِي طَاعُونِ الْبَصْرَةِ الَّذِي كَانَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ ثَلاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. 24- أَيُّوبُ بْنُ موسى بن عمرو الأشدق2 -ع- بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيُّ أَبُو مُوسَى الْمَكِّيُّ الْفَقِيهُ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَمَكْحُولٍ وَعَطَاءِ بْنِ مَيْنَاءَ وَنَافِعٍ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَطَائِفَةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَاللَّيْثُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ الوارث وَابْنُ عُلَيَّةَ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَالْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ وَمَالِكٌ وَخَلْقٌ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ مُفْتِيًا فَقِيهًا. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نحو من أربعين حديثًا.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 268". 2 تهذيب التهذيب "1/ 412"، وتهذيب ابن عساكر "3/ 215".

وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَأَبُو زُرْعَةَ وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ ابْنُ عَمِّ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ مَكِّيَّانِ ثِقَتَانِ. 25- أَيُّوبُ بْنُ أَبِي مِسْكِينٍ أَبُو الْعَلاءِ الْقَصَّابُ1 -د ت ن- الْفَقِيهُ مُفْتِي أَهْلِ وَاسِطَ وَعَالِمُهُمْ فِي زَمَانِهِ. روى عن سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَقَتَادَةَ وَابْنِ شَبْرُمَةَ وَغَيْرِهِمْ. وعنه هُشَيْمٌ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال غَيْرُهُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: أَرَّخَهُ يَزِيدُ أَنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْبَاءِ": 26- بَابُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيُّ الشَّامِيُّ2 -د-. عَنْ نافع ابْنِ عُمَرَ وَرَجُلٍ آخَرَ مَدَنِيٍّ. وعنه يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ - وَالأَوْزَاعِيُّ وَحَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَهُوَ مَسْتُورٌ. 27- بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ3. فِي وَفَاتِهِ اخْتِلافٌ، وَقَدْ مَرَّ، وقيل بَقِيَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 28- بُرْدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ4 -ن- أَخُو يَزِيدَ الْكُوفِيِّ. قليل الحديث.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 423"، وتهذيب التهذيب "1/ 411". 2 تهذيب التهذيب "1/ 416"، والإكمال "1/ 161". 3 تهذيب التهذيب "1/ 424"، والجرح والتعديل "2/ 428". 4 التاريخ الكبير "2/ 135"، وتهذيب التهذيب "1/ 428".

لَهُ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرٍ وَشُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ وَالْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَعُثَيْمُ بْنُ الْقَاسِمِ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 29- بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ1 -4- أَبُو الْعَلاءِ الدِّمَشْقِيُّ. نَزِيلُ الْبَصْرَةِ مِنْ جُلَّةِ الْعُلَمَاءِ. لَهُ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ وَعُبَادَةَ بْنِ نُسِيٍّ وَمَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه السُّفْيَانَانِ وَالْحَمَّادَانِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلْقَمَةَ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا شَامِيٌّ خَيْرٌ مِنْ بُرْدٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هَرَبَ بُرْدُ مِنْ مَرْوَانَ الْحِمَارِ إِلَى الْبَصْرَةِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 30- بِشْرُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمُزَنِيُّ الْمَدَنِيُّ2. عَنْ عُرْوَةَ وَأَبِي قِلابَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وعنه ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَغَيْرُهُمْ. وَلَمْ أَرَ أَحَدًا ضَعَّفَهُ. 31- بَكْرُ بْنُ زُرْعَةَ الْخَوْلانِيُّ الشَّامِيُّ3 -ق-. عَنْ أَبِي عِنَبَةَ الْخَوْلانِيِّ وَمُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيِّ. وعنه الْجَرَّاحُ بْنُ مُلَيْحٍ الْبَهْرَانِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بن عياش. صويلح الحديث مقل.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 134"، وتهذيب التهذيب "1/ 428". 2 التاريخ الكبير "2/ 71". 3 التاريخ الكبير "2/ 89"، وتهذيب التهذيب "1/ 482".

32- بَكْرُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ الزَّاهِدُ1 -سِوَى ق- إِمَامُ جَامِعِ مِصْرَ وَكَانَ ذَا عِبَادَةٍ وَفَضْلٍ وَجَلالَةٍ. روى عن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَمِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَحَدَ الأَثْبَاتِ. 33- بَكْرُ بْنُ وَائِلِ بْنِ داود التميمي الْكُوفِيُّ2 -م4-. عَنْ نَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي الزُّبَيْرِ. وعنه أبوه وشبعة وَهَمَّامٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ وَلَهُ عنه أحاديث. 34- بيان بن بشر الأحمسي3 -ع- أبو بشر الكوفي. المؤدب أحد الأثبات. "مولى أم" هانيء بنت طالب. كوفي ضعيف. لَهُ عَنْ أَنَسٍ وَقَيْسِ بْن أَبِي حَازِمٍ وطارق بْن شهاب والشعبي وطائفة. وعنه زائدة وابن عيينة وابن فضيل وعبيدة بن حميد وعلي بن عاصم وطائفة. له نحو من سبعين حديثًا. "حرف التاء": 35- توبة العنبري مولاهم4 -خ م د ت- أَبُو الْمُوَرِّعِ الْبَصْرِيُّ. أَصْلُهُ مِنْ سِجِسْتَانَ وَهُوَ جد العباس بن عبد العظيم.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 91"، وتهذيب التهذيب "1/ 485". 2 التاريخ الكبير "2/ 95"، وتهذيب التهذيب "1/ 488". 3 التاريخ الكبير "2/ 133"، تهذيب التهذيب "1/ 506". 4 التاريخ الكبير "2/ 155"، والتهذيب "1/ 515".

روى عن أَنَسٍ وَأَبِي الْعَالِيَةَ وَمُوَرِّقٍ الْعِجْلِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وعنه سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَمُطِيعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ حَدِيثًا. قَالَ تَوْبَةُ الْعَنْبَرِيُّ: أَرْسَلَنِي صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَلاهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ عَمَلَ سَابُورَ ثُمَّ وَلاهُ الأَهْوَازَ وَهُوَ تَوْبَةُ. كَانَ صَاحِبَ بَدَاوَةٍ فَمَاتَ بِصُنْعٍ وَهُوَ عَلَى يَوْمَيْنِ مِنَ الْبَصْرَةِ. مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ وَعَاشَ أَرْبَعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً. "حرف الثَّاءِ": 36- ثَابِتُ بن عجلان بن حفص السلمي الأنصاري1 -خ د ن ق- أبو عبد الله الحمصي. وَقَدْ تَغَرَّبَ وَوَقَعَ إِلَى بَابِ الأَبْوَابِ. روى عن أَنَسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وطائفة. وعنه إسماعيل بن عياش وبقية وعتاب بن بشير ومحمد بن حميد وسويد بن عبد العزيز وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 37- ثُوَيْرُ بْنُ أبي فاختة2 -ت- أبو الجهم بن سعيد بن علاقة مولى أم هانيء بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ كُوفِيٌّ ضَعِيفٌ. لَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ ومجاهد وجماعة.

_ 1 تهذيب التهذيب "2/ 10"، وميزان الاعتدال "1/ 364"، والخلاصة "56". 2 التاريخ الكبير "2/ 183"، وتهذيب التهذيب "2/ 36".

وعنه سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ الله العرزمي وعبيدة وعلي بن عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. رَمَاهُ الثَّوْرِيُّ بِالْكَذِبِ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: كَانَ رَافِضِيًّا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. "حرف الْجِيمِ": 38- جَرِيرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ1 -ن ق- أَحَدُ الأَشْرَافِ. روى عن أَبِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ أَبِي زُرْعَةَ. وعنه مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَبَقِيَّةُ وَهُشَيْمٌ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَامِيٌّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يكتب حديثه، وهو شَيْخٌ. 39- جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ شُرَحْبِيلِ بْنِ حسنة الكندي2 -ع- أبو شرحبيل المصري. وَلِأَبِيهِ رَبِيعَةَ رُؤْيَةٌ، وَرَأَى هُوَ ابْنَ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ الصَّحَابِيَّ. روى عن أَبِي الْخَيْرِ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَعِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ وَالأَعْرَجِ وَجَمَاعَةٍ. وعنه بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ ومائة بمصر.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 212"، والتهذيب "1/ 127". 2 التاريخ الكبير "2/ 190"، وتهذيب التهذيب "2/ 90".

"حرف الحاء": 40 - حبيب العجمي1 -خ- ثم البصري أبو محمد الزاهد أَحَدُ الأَعْلامِ. روى عن الْحَسَنِ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَالْفَرَزْدَقِ وَغَيْرِهِمْ حِكَايَاتٍ. وعنه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو عَوَانَةَ الْوَضَّاحُ وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَغَيْرُهُمْ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ أنا ابْنُ خَلِيلٍ نا اللَّبَّانُ نا الْحَدَّادُ نا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: كَانَ حَبِيبٌ صَاحِبُ الْكَرَامَاتِ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، كَانَ سَبَبُ زُهْدِهِ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحَسَنِ فَوَقَعَتْ مَوْعِظَتُهُ فِي قَلْبِهِ فَخَرَجَ عَمَّا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ فَتَصَدَّقَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا2. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا ابْنُ قُتَيْبَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدٍ الْخَزَّازُ ثنا ضَمْرَةُ ثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ عَنْ حَبِيبٍ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ فَاشْتَرَى مِنْ أَصْحَابِ الدَّقِيقِ دَقِيقًا وَسَوِيقًا بِنَسِيئَةٍ وَعَهِدَ إِلَى خَرَائِطِهِ فَخَيَّطَهَا وَوَضَعَهَا تَحْتَ فِرَاشِهِ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى فَجَاءَ الَّذِينَ اشْتَرَى مِنْهُمْ يَطْلُبُونَ حُقُوقَهُمْ فَأَخْرَجَ تِلْكَ الخرائط قد امتلأت فقال لهم: زنوا فوزنوها فَإِذَا هُوَ يَقْرُبُ مِنْ حُقُوقِهِمْ. قَالَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ: سَمِعْتُ مَشْيَخَةً يَقُولُونَ: كَانَ الْحَسَنُ يَجْلِسُ يَذْكُرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ, وَكَانَ حَبِيبٌ أَبُو مُحَمَّدٍ يَقْعُدُ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي يَأْتِيهِ فِيهِ أَهْلُ الدُّنْيَا وَالتُّجَّارُ وَهُوَ غَافِلٌ عَمَّا فِيهِ الْحَسَنُ لا يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ مَقَالَتِهِ إِلَى أَنِ الْتَفَتَ يَوْمًا فَقَالَ: أين برهمي درآيد درآيد خلوات فَقِيلَ: وَاللَّهِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ يَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَيَذْكُرُ النَّارَ وَيُرَغِّبُ فِي الآخِرَةِ وَيُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا، فَوَقَرَ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ، فَقَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: اذْهَبُوا بِنَا إِلَيْهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ جُلَسَاءُ الْحَسَنِ: هَذَا حَبِيبٌ أَبُو مُحَمَّدٍ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ فَعِظْهُ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَيْنَ همي كَوئي بركَوي فَقَالَ الْحَسَنُ: أَيْشِ يَقُولُ؟ قِيلَ: يَقُولُ: هَذَا الَّذِي تَقُولُ أَيْشِ تَقُولُ؟ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ فَذَكَّرَهُ الْجَنَّةَ وَخَوَّفَهُ النَّارَ ورغبة في الخير، فقال: إن كَوئي قَالَ الْحَسَنُ: أَنَا ضَامِنٌ لَكَ عَلَى اللَّهِ ذَلِكَ، فَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَمْ يَزَلْ فِي إِنْفَاقِ أَمْوَالِهِ حَتَّى لَمْ يُبْقِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ جَعَلَ بَعْدُ يَسْتَقِرضُ عَلَى اللَّهِ.

_ 1 تهذيب التهذيب "2/ 189"، وميزان الاعتدال "1/ 457". 2 راجع: سير أعلام النبلاء "6/ 361".

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ لَنَا: كَانَ حَبِيبٌ أَبُو مُحَمَّدٍ يأخذ متاعًا من التجارة يَتَصَدَّقُ بِهِ فَأَخَذَ مَرَّةً فَلَمْ يَجِدْ مَا يعطيهم فقال: يا رب كَأَنَّهُ قَالَ: إِنِّي مُنْكَسِرٌ وَجْهِي عِنْدَهُمْ فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بَجَوَالِقَ مِنْ شَعْرٍ كَأَنَّهُ نُصِبَ مِنْ أَرْضِ الْبَيْتِ إِلَى قَرِيبٍ مِنَ السَّقْفِ مليء دراهم فقال: يا رب لَيْسَ أُرِيدُ هَذَا فَأَخَذَ حَاجَتَهُ وَتَرَكَ الْبَقِيَّةَ، وَقَالَ: سَارَ بِنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: كُنَّا نَنْصَرِفُ مِنْ مَجْلِسِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ فَنَأْتِي حَبِيبًا أَبَا مُحَمَّدٍ فَيَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ فَإِذَا وَقَعَتْ قَامَ فَتَعَلَّقَ بِقَرْنٍ مُعَلَّقٍ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ يَقُولُ: هَا قَدْ تَغَذَّيْتُ وَطَابَتْ نَفْسي ... فَلَيْسَ فِي الْحَيِّ غُلامٌ مِثْلِي إِلا غُلامٌ قَدْ تَغَذَّى قَبْلِي سُبْحَانَكَ وَحَنَانَيْكَ خَلَقْتَ فَسَوَّيْتَ وَقَدَّرْتَ فَهَدَيْتَ وَأَعَطَيْتَ فَأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ وَعَفَوْتَ وَعَافَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ حَمْدًا لا يَنْقَطِعُ أُولاهُ وَلا يَنْفِذُ أُخْرَاهُ حَمْدًا أَنْتَ مُنَاهُ فَتَكُونُ الجنة عقباه. وقال عبد الرحمن من بْنُ وَاقِدٍ وَهَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ: ثنا ضَمْرَةُ ثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى قَالَ: كَانَ حَبِيبٌ يُرَى بِالْبَصْرَةِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ. قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَصْدَقَ يَقِينًا مِنْ حَبِيبٍ أَبِي مُحَمَّدٍ. وَقَالَ حَبِيبٌ: ثنا بَكْرُ الْمُزَنِيُّ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَبَادَحُونَ1 بِالْبِطِّيخِ فَإِذَا كَانَتِ الْحَقَائِقُ كَانُوا هُمُ الرِّجَالُ. 41- حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الدِّمَشْقِيُّ2. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بِن مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ. وعنه وَلَدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيُّ وَحُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. 42- حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ الْبَاهِلِيُّ البصري3 -سوى ت- الأحوال. عَنْ أَنَسِ بْنُ سِيرِينَ وَالْفَرَزْدَقِ وَقَتَادَةَ وَأَبِي الزبير المكي وجماعة.

_ 1 يتبادحون: يعني يترامون به. 2 تهذيب التهذيب "2/ 182"، وميزان الاعتدال "1/ 453"، وغيرهما. 3 التاريخ الكبير "2/ 372"، وتهذيب التهذيب "2/ 199".

وعنه مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ روايته وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وكان الْحُفَّاظِ أَصْحَابِ قَتَادَةَ. مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَشِيخَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 43- حَجَّاجُ بْنُ فرافصة1 -د ن- الباهلي البصري الْعَابِدُ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْرِيِّ - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ - وَجَمَاعَةٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَابْنُ شَوْذَبٍ وَعَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ الْمِصِّيصِيُّ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ صَالِحٌ مُتَعَبِّدٌ. وَقَالَ ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ: رَأَيْتُ حَجَّاجَ بْنَ فُرَافِصَةَ وَاقِفًا بِالسُّوقِ عِنْدَ أَصْحَابِ الْفَاكِهَةِ فَقُلْتُ: مَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: أَنْظُرُ إِلَى هَذِهِ الْمَقْطُوعَةِ الْمَمْنُوعَةِ. 44- الْحُرُّ بْنُ مِسْكِينٍ2، أَبُو مِسْكِينٍ الأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وهذيل بن شرحبيل. وعنه زائدة وإسرائيل وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ. 45- حَسَّانُ بْنُ عَتَاهِيَةَ3 بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ التُّجِيبِيُّ. أَمِيرُ مِصْرَ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ لِمَرْوَانَ الْحِمَارِ، وَكَانَ فَقِيهًا قَدْ جَالَسَ عَطَاءً وَغَيْرَهُ. قَتَلَهُ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ مَعَ شُعْبَةَ بْنُ عُثْمَانَ في سنة ثلاث وثلاثين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 375"، وتهذيب التهذيب "2/ 204" وغيره. 2 التاريخ الكبير "3/ 82"، وتهذيب التهذيب "2/ 222". 3 النجوم الزاهرة "1/ 335".

46- الحسن بن الحر النخعي1 -د ن- ويقال: الجعفي الكوفي نَزِيلُ دِمَشْقَ. روى عن أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَعَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ - خَالِهِ - وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ وَغَيْرِهِمْ. وعنه ابْنُ أَخِيهِ حُسَيْنُ الْجُعَفِيُّ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: هَاجَتْ فِتْنَةٌ بِالْكُوفَةِ فَعَمِلَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ طَعَامًا كَثِيرًا, وَدَعَا قَرَّاءَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَكَتَبُوا كِتَابًا يَأْمُرُونَ فِيهِ بِالْكَفِّ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْفِتْنَةِ, فَتَكَلَّمَ هُوَ بِثَلاثِ كَلِمَاتٍ فَاسْتَغْنَوْا بِهِنَّ عَنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَءًا مَلَكَ لَسَانَهُ وَكَفَّ يَدَهُ وَعَالَجَ مَا فِي صَدْرِهِ، فَتَفَرَّقُوا فَإِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ طُولَ الْمَجْلِسِ. ابْنُ الْمَدِينِيِّ ثنا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: اسْتَقْرَضَ أَبِي مِنَ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَجَّهَ بِهَا إِلَيْهِ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا وَقَالَ: لم أقرضكها لأرتجعها اشتر لِزُهَيْرٍ سُكَّرًا. وَقَالَ حُسَيْنٌ الْجُعَفِيُّ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ يَجْلِسُ عَلَى بَابِهِ فَإِذَا مَرَّ بِهِ الْبَائِعُ يَبِيعُ الْمِلْحَ أَوِ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ لَعَلَّ الرَّجُلَ يَكُونُ رَأْسُ مَالِهِ دِرْهَمَيْنِ فَيَدْعُوهُ فَيَقُولُ: إِنْ أَعْطَاكَ إِنْسَانٌ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ تَأْكُلُهَا فَيَقُولُ: لا فَيَقُولُ: هَذِهِ اجْعَلْهَا رَأْسُ مَالِكَ وَيُعْطِيهِ خَمْسَةً أُخْرَى فَيَقُولُ: اشْتَرِ لِأَهْلِكَ دَقِيقًا وَتَمْرًا وَيُعْطِيهِ خَمْسَةً أُخْرَى فَيَقُولُ: اشْتَرِ بِهَا قطنًا للأهل ومر هم يَغْزِلُونَ. وَقَالَ ابْنَ أَبِي غَنِيَّةَ: ثنا مُحْرِزُ قَالَ: كَتَبَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنِّي كُنْتُ أُقَسِّمُ زَكَاتِي فِي إِخْوَانِي فَلَمَّا وُلِّيتَ رَأَيْتُ أَنْ أَسْتَأْمِرَكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ فَابْعَثْ إِلَيْنَا بِزَكَاةِ مَالِكَ وَسَمِّ لَنَا إِخْوَانَكَ نُغْنِهِمْ عَنْكَ وَالسَّلامُ عَلَيْكَ. قَالَ الْعِجْلِيُّ: كَانَ تَاجِرًا كَثِيرَ الْمَالِ سَخِيًّا مُتَعَبِّدًا فِي عِدَادِ الشُّيُوخِ. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: قَالَ لَنَا الأَوْزَاعِيُّ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا من العراق مثل الحسن بن الحر

_ 1 تهذيب التهذيب "2/ 261"، والتاريخ الكبير "2/ 290".

وَعَبْدَةِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ وَكَانَا شَرِيكَيْنِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ بْنِ الْحَكَمِ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ وَقَدْ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مَوْلًى لِبَنِي الصَّيْدَاءِ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، مَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 47- الْحَسَنُ بْنُ عبيد بن عروة النخعي1 -م4- أبو عروة الكوفي. عن أبي وائل وأبي عمرة الشَّيْبَانِيِّ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وعنه السُّفْيَانَانِ وَجَرِيرٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَابْنُ إِدْرِيسَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ ثَلاثِينَ حَدِيثًا. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 48- الْحَسَنُ بْنُ عِمْرَانَ الْعَسْقَلانِيُّ2 -د-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى وَمَكْحُولٍ وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِمْ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ. روى عنه شُعْبَةُ وَسُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 49- حُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ أَبُو عَلِيٍّ الرَّحْبِيُّ الْوَاسِطِيُّ3 -ت ق- لقبه حنش. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمَا. وعنه سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: متروك.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 297"، وتهذيب التهذيب "2/ 292". 2 التاريخ الكبير "2/ 300"، وتهذيب التهذيب "2/ 312". 3 التاريخ الكبير "2/ 393"، وتهذيب التهذيب "2/ 364".

50- الْحُسَيْنُ بْنُ مَيْمُونٌ الْخِنْدَفِيُّ1. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي الْجَنُوبِ الأَسَدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَاضِي الرَّيِّ. وعنه عبد الرحمن بن الغسيل هاشم بْنُ الْبَرِيدِ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 51- حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي2 -ع- أبو الهذيل الكوفي ابْنُ عَمِّ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ. روى عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَعُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ الصَّحَابِيَّيْنِ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي وائل وأبي ظبيان وسعيد بن جبير وعمرة بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وعنه شُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَهُشَيْمٌ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَعُثَيْمُ بْنُ الْقَاسِمِ وَزِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ وآخرون كثيرون وآخرهم مَوْتًا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا عَالِيَ السَّنَدِ عَاشَ ثَلاثًا وَتِسْعِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 52- حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ3، أَبُو سَلَمَةَ الْخَلالُ السَّبِيعِيُّ مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ. وَزِيرُ السَّفَّاحِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الوزارة في دولة بني العباس, وكان أدبيًا عَالِي الْهِمَّةِ عَالِمًا بِالسِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ, وَكَانَ السَّفَّاحُ يَأْنَسُ بِهِ لِحُسْنِ مُفَاكَهَتِهِ، وَكَانَ مِنْ مَيَاسِيرِ الصَّيَارِفَةِ بِالْكُوفَةِ فَأَنْفَقَ أَمْوَالَهُ فِي إِقَامَةِ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ, وَسَارَ بِنَفْسِهِ إِلَى خُرَاسَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ تَابِعًا لَهُ, وَقَدْ تَوَهَّمُوا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ الْخَلالِ عِنْدَ إِقَامَةِ السَّفّاحِ مَيْلا إِلَى آلِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَلَمَّا بُويِعَ السَّفَّاحُ وَاسْتَوْزَرَهُ بَقِيَ فِي النُّفُوسِ مَا فِيهَا. وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ حَسَّنَ لِلسَّفَّاحِ قَتْلَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ, وقال: هذا رجل بذل أمواله

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 385"، وتهذيب التهذيب "2/ 372". 2 التاريخ الكبير "3/ 7"، وتهذيب التهذيب "2/ 381". 3 تهذيب ابن عساكر "4/ 380"، ووفيات الأعيان "2/ 195".

فِي إِقَامَةِ دَوْلَتِنَا وَقَدْ صَدَرَتْ مِنْهُ هَفْوَةٌ فَنَغْفِرُهَا. فَلَمَّا رَأَى أَبُو مُسْلِمٍ امْتِنَاعِ السَّفَّاحِ جَهَّزَ مَنْ قَتَلَ أَبَا سَلَمَةَ غِيلَةً فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَقُولُونَ: قَتَلَتْهُ الْخَوَارِجُ، وَكَانَ قَتْلُهُ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ خِلافَةِ السَّفَّاحِ وَمَا كَرِهَ السَّفَّاحُ ذَلِكَ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: وَزِيرُ آلِ مُحَمَّدٍ وفيه يقول الشاعر: إن الوزيرَ وزيرَ آلِ مُحَمَّدٍ ... أوْدَى فَمَنْ يَشْنَاكَ صَارَ وَزِيرًا وَأَرَى الْمَسَاءَةَ قَدْ تَسُرُّ وَرُبَّمَا ... كَانَ السُّرُورُ بِمَا كَرِهْتَ جَدِيرًا 53- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِيُّ1. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنِ وَجَمَاعَةٍ. وعنه ابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَلادُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَمَةَ. 54- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الأَيْلِيُّ2، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. عن علي بن الحسين القاسم وَالزُّهْرِيِّ. وعنه اللَّيْثُ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. الْحَكِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو سَلَمَةَ الْعَامِلِيُّ. مِنْ طَبَقَةِ هُشَيْمٍ، يُذْكَرُ هُنَاكَ. 55- حُمْرَانُ بْنُ أعين الكوفي3، المقريء. قَرَأَ عَلَى أَبِي الأَسْوَدِ ظَالِمٍ الدِّيلِيِّ وَعَلَى عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيِّ. وَسَمِعَ أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ وَغَيْرَهُ. قَرَأَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ وَحَدَّثَ عَنْهُ حَمْزَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أبو حاتم: شيخ.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 337"، وتهذيب التهذيب "2/ 430". 2 التاريخ الكبير "2/ 345"، وميزان الاعتدال "1/ 572". 3 تهذيب التهذيب "3/ 25"، وميزان الاعتدال "1/ 604".

وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كان شيعيا جلدًا. 56- حميد بن قيس1 -ع- أبو صفوان المكي الأعرج المقريء. قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ خَتْمَاتٍ وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ وَحدث عن مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الدَّانِيُّ: روى عن الْقِرَاءَةَ عَرْضًا أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَجُنَيْدُ بْنُ عَمْرٍو وَعَبْدُ الْوَارِثِ الثَّوْرِيُّ. وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ بَعْدَ ابْنِ كَثِيرٍ أَحَدٌ أَقْرَأَ مِنْهُ. حَدَّثَ عَنْهُ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ أَفْرَضَ أَهْلَ مَكَّةَ وَأَحْسَبَهُمْ وَكَانُوا لا يَجْتَمِعُونَ إِلا عَلَى قِرَاءَتِهِ. وَرُوِيَ أَنَّهُ خَتَمَ الْقُرْآنَ لَيْلَةً بِالْحَرَمِ فَحَضَرَ عِنْدَهُ عَطَاءٌ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي خِلافَةِ السَّفَّاحِ، وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 57- الْحَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ2، أَبُو الْمُثَنَّى الْبَاهِلِيُّ الأَمِيرُ. وَلِيَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ لِمَرْوَانَ وَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ ظَلُومًا قُتِلَ بِظَاهِرِ وَاسِطَ مَعَ ابْنِ هُبَيْرَةَ. "حرف الْخَاءِ": 58- خَالِدُ بْنُ أَبِي خلدة الحنفي الكوفي3، الأعور.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 352"، وتهذيب التهذيب "3/ 46"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 513"، والمشاهير "144". 2 راجع كتاب الولاة والقضاة "88". 3 التاريخ الكبير "3/ 145"، والجرح والتعديل "3/ 327".

عَنْ إِبْرَاهِيمَ النخعي وَالشَّعْبِيِّ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَهُوَ مُقِلٌّ. 59- خَالِدُ بن سلمة بن العاص1 -م4- بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ الْفَأْفَاءُ. أَحَدُ الأَشْرَافِ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ الْبَهِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُوسَى بْنِ طَلْحَةَ وَأَبِي بردة بْن أَبِي مُوسَى وَجَمَاعَةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَالسُّفْيَانَانِ وَهُشَيْمٌ وَوَلَدَاهُ عِكْرِمَةُ وَمُحَمَّدُ ابْنَا خَالِدٍ. وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ يَكُونُ لَهُ عَشَرَةُ أَحَادِيثَ. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ الْمَكِّيِّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ قَطَعَ لِسَانَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ، يَعْنِي لَمَّا افْتَتَحَ وَاسِطَ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: كَانَ خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ رَأْسًا فِي الْمُرْجِئَةِ2 وَكَانَ يَبْغَضُ عَلِيًّا. قُلْتُ: وَكَانَ مِمَّنْ قَامَ وَقَعَدَ فِي قِتَالِ بَنِي الْعَبَّاسِ لَمَّا ظَهَرُوا، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ يَوْمًا فَقَالَ: قُتِلَ مَظْلُومًا. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: دَخَلْتِ الْمُسَّودَةُ وَاسِطًا فَنَادَى مُنَادِيهِمُ النَّاسُ آمِنُونَ آمِنُونَ إِلا الْعَّوَّامَ بْنَ حَوْشَبٍ وَعَمْرَو بْنَ ذَرٍّ وَخَالِدَ بْنَ سَلَمَةَ فَأَمَّا خَالِدٌ فَقُتِلَ وَأَمَّا الْعَوَّامُ فَهَرَبَ وَكَانَ يُحَرِّضُ عَلَى قِتَالِهِمْ وَكَانَ عَمْرُو بْنِ ذَرٍّ يَقُصُّ بِهِمْ وَيُحَرِّضُ بِوَاسِطَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ بَيْهَسِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: فِي سَابِعَ عَشَرَ ذِي الْقِعْدَةِ بَعَثَ أَبُو جَعْفَرٍ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ وَطَلَبَ خَالِدَ بْنَ سَلَمَةَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَنَادَى مُنَادِيهِمْ: خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ آمن فخرج فقتلوه غدرًا.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 154"، وتهذيب التهذيب "3/ 95"، وطبقات ابن سعد "6/ 347". 2 المرجئة: هم فرقة إسلامية لا يحكمون على أحد من المسلمين بشيء بل يرجئون الحكم إلى يوم القيامة: "المعجم الوجيز ص/ 255".

60- خالد بن كثير الهمذاني الْكُوفِيُّ1 -ق-. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَبِي إِسْحَاقَ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَزَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ. وَهُوَ صَدُوقٌ لَهُ حَدِيثٌ فِي الأَشْرِبَةِ مِنْ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ. 61- خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ أبو عبد الرحيم الإسكندراني المصري2 -ع- الفقيه. عَنْ عَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ. وعنه اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ رَفِيقُهُ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: كَانَ أَفْقَهَ جُنْدِنَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ كَهْلا رَحِمَهُ اللَّهُ. 62- خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ الشَّامِيُّ3. عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَشُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ مُرْسَلا وَعَنْ قَزَعَةَ بْنِ يَحْيَى وَأَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ. وعنه سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: مَا بِهِ بَأْسٌ. 63- خَصِيفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَزَرِيُّ الْحَرَّانِيُّ4 -4- الْفَقِيهُ أَبُو عَوْنٍ الخضرمي - بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ -. مِنْ مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ. رَأَى أَنَسًا وَسَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدًا وعكرمة وطبقتهم.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 169"، وتهذيب التهذيب "3/ 113". 2 التاريخ الكبير "3/ 180"، وتهذيب التهذيب "3/ 139". 3 تهذيب التهذيب "3/ 93"، والجرح والتعديل "3/ 331"، والثقات "4/ 202". 4 تهذيب التهذيب "3/ 143"، وميزان الاعتدال "1/ 653"، والمعرفة والتاريخ "2/ 175".

وعنه السفيانان وشريك وَعَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَمَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ وَمَعْمَرُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سلمة وآخرون. قا النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ أَبُو حاتم: سيء الحفظ. وروى عتاب عن خصيف قال لي مجاهد: أَبَا عَوْنٍ أَنَا أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: خُصَيْفٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو فَرْوَةَ الرُّهَاوِيُّ: كَانَ خُصَيْفٌ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ: سَمِعْتُ جَرِيرًا يَقُولُ: كَانَ خصيف متمكنًا في الإرجاء. قال مُحَمَّدُ بْن الْمُثَنَّى: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ: مَاتَ بِالْعِرَاقِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ. وقال عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ وَالْبُخَارِيُّ: سَنَةَ سَبْعٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَخَلِيفَةَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: كَانَ امْرَءًا صَالِحًا مِنْ صَالِحِي النَّاسِ. 64- خَلادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَةَ الصَّنْعَانِيُّ1. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَشَقِيقِ بْنِ ثَوْرٍ. وعنه مَعْمَرٌ وَالْقَاسِمُ بْنُ فَيَّاضٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَأَثْنَى مَعْمَرٌ عَلَى حِفْظِهِ. 65- خَيْرُ بْنُ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ2 -م ن- قَاضِي مصر ثم قاضي برقة.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 187"، وتهذيب التهذيب "3/ 173". 2 تهذيب التهذيب "3/ 179"، والجرح والتعديل "3/ 404"، والثقات "6/ 277"، وكتاب الولاة والقضاة "348".

عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وعبد الله بن هبيرة السبأي. وعنه عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: مَا أَدْرَكْتُ فِي قُضَاةِ مِصْرَ أَفْقَهَ مِنْهُ. قُلْتُ: يَزِيدُ أَكْبَرُ مِنْهُ وَأَعْلَمُ. قِيلَ: توفي ينة سبع وثلاثين مائة. "حرف الدَّالِ": 66- دَاوُدُ بْنُ الْحُصَينِ أَبُو سُلَيْمَانَ1 -ع- الأموي مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. روى عن أَبِيهِ وَالأَعْرَجِ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أبي أحمد وغيرهم. وعنه مالك وابن إسحاق وجماعة. وهو صدوق له غرائب تنكر عليه. وثقه ابن معين وغيره مطلقا. وقال ابن المديني: ما روي عَنْ عِكْرِمَةَ فَمُنْكَرٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَوْلا أَنَّ مَالِكًا رَوَى عَنْهُ لَتُرِكَ حَدِيثُهُ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كُنَّا نَتَّقِي حَدِيثَهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ قَدَرِيًّا. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ قُدَامَةَ أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ وَمُبَارَكُ بْنُ الْمَعْطُوشِ أَنَّ هِبَةَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُمْ أنا الْحَسَنُ أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنِي أَبِي ثنا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: طَلَّقَ رُكَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَزِيدَ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا, فَسَأَلَهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كَيْفَ طَلَّقْتَهَا"؟ قَالَ: طَلَّقْتُهَا ثَلاثًا قَالَ فَقَالَ: فِي "مَجْلِسٍ وَاحِدٍ"؟ - قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَإِنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَرَاجِعْهَا إِنْ شِئْتَ". قال: فراجعها2.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 231"، وتهذيب التهذيب "3/ 181". 2 إسناده صحيح: قاله الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لمسند أحمد "2387"، وقد فصل الكلام حوله في كتابه الماتع "نظام الطلاق في الإسلام" "ص/ 27-38".

فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى إِنَّمَا الطَّلاقُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ، وَهَذَا مِنْ غَرَائِبِ الإِفْرَادِ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَان دَاوُدُ فَصِيحًا عَالِمًا وَيُتَّهَمُ بِرَأْيِ الْخَوَارِجِ وَعِنْدَهُ مَاتَ عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. 67- دَاوُدُ بْنُ سُلَيْكٍ السَّعْدِيُّ1. عَنْ أَبِي سَهْلٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ. وعنه بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ وَمِحْلَمُ بْنُ عِيسَى وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ. وَكَانَ إِمَامُ مَسْجِدِ مُغِيرَةَ بْنَ مِقْسَمٍ بِالْكُوفَةِ. 68- دَاوُدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ2 التَّمَّارُ الأَنْصَارِيُّ مولاهم المدني. عن أمه عَائِشَةَ وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وعنه هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ - وابن جريح وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ: لا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. 69- دَاوُدُ بْنُ عَامِرِ بْنِ سعد بن أبي وقاص3 -م د ت- الزهري المدني. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. وَهُوَ مُقِلٌّ، أَظُنُّهُ مَاتَ شَابًّا، وَهُوَ ثِقَةٌ. 70- دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْن عَبَّاس4 -ت- الأمير أبو سليمان الهاشمي العباسي عَمُّ الْمَنْصُورِ وَالسَّفَّاحِ. وَلِيَ إِمْرَةَ الْحِجَازِ وَغَيْرِهَا للسفاح.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 242"، وتهذيب التهذيب "3/ 186". 2 التاريخ الكبير "3/ 234"، وتهذيب التهذيب "3/ 188". 3 التاريخ الكبير "3/ 232"، وتهذيب التهذيب "3/ 194". 4 تهذيب التهذيب "3/ 194"، وتهذيب ابن عساكر "5/ 206".

وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَالأَوْزَاعِيُّ وَشَرِيكٌ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَيْسُ بن الربيع غيرهم. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: شَيْخٌ هَاشِمِيٌّ، قُلْتُ: كَيْفَ حَدِيثُهُ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنَّهُ لَيْسَ بِكَذِبٍ إِنَّمَا يُحَدِّثُ بحدث وَاحِدٍ. قُلْتُ: يَعْنِي حَدِيثَ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ وَعَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ قَيْسٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ فِي الدُّعَاءِ. تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ وَلَيْسَ بِذَاكَ، وَقَيْسٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُمَا لا يَحْتَمِلانِ هَذَا الْمَتْنِ الْمُنْكَرِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ1. وَفِي الْخُلَفَاءِ وَآبَائِهِمْ وَأَهْلِهِمْ قَوْمٌ أَعْرَضَ أَهْلِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ عَنْ كَشْفِ حَالِهِمْ خَوْفًا مِنَ لسيف والضرب، وما زال هَذَا فِي كُلِّ دَوْلَةٍ قَائِمَةٍ يَصِفُ الْمُؤَرِّخُ مَحَاسِنَهَا وَيُغْضِي عَنْ مَسَاوِئَهَا، هَذَا إِذَا كَانَ الْمُحَدِّثُ ذَا دِينٍ وَخَيْرٍ فَإِنْ كَانَ مَدّاحًا مُدَاهِنًا لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الْوَرَعِ بَلْ رُبَّمَا أخرج مساويء الْكَبِيرِ وَهَنَاتِهِ فِي هَيْئَةِ الْمَدْحِ وَالْمَكَارِمِ وَالْعَظَمَةِ فلا "حول ولا" قَوَّةَ إِلا بِاللَّهِ. وَكَانَ دَاوُدُ هَذَا مِنْ جَبَابِرَةِ الأُمَرَاءِ لَهُ هَيْبَةٌ وَرِوَاءُ وَعِنْدَهُ أَدَبٌ وَفَصَاحَةٌ، وَقِيلَ: كَانَ قَدَرِيًّا. قَالَ أَبُو قِلابَةَ الرقاشي: عن جارود بن أبي الجارود والسلمي حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي رَزِينٍ الْخُزَاعِيُّ سَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ عَلِيٍّ حِينَ بُويِعَ ابْنُ أَخِيهِ السَّفَّاحُ فَأَسْنَدَ دَاوُدُ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: شُكْرًا شُكْرًا إِنَّا وَاللَّهِ مَا خَرَجْنَا لِنَحْتَفِرَ نَهْرًا وَلا لِنَبْنِي قَصْرًا أَظَنَّ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أَمْهَلَ لَهُ فِي طُغْيَانِهِ وَأَرْخَى لَهُ فِي زِمَامِهِ حَتَّى عَثُرَ فِي فَضْلِ خِطَامِهِ وَالآنَ أَخَذَ الْقَوْسَ بَارِيهَا وَعَادَ الْمُلْكُ إِلَى نِصَابِهِ فِي أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ أَهْلِ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ, وَاللَّهِ إِنَّ كُنَّا لَنَسْهَرُ لَكُمْ وَنَحْنُ عَلَى فُرُشِنَا أَمِنَ الأَسْوَدِ والأبيض ذمة الله ورسوله وذمة العباس، وها ورب هَذِهِ الْبِنْيَةِ لا نَهِيجُ أَحَدًا. ثُمَّ نَزَلَ. قَالَ خَلِيفَةُ: أَقَامَ دَاوُدُ الْحَجَّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ ثُمَّ مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ فِي ربيع الأول2.

_ 1 قلت: وهذا الحديث الطويل والذي تفرد به عنه ابن أبي ليلى وهو ضعيف، وكذلك قيس ليس بحجة، رواه الترمذي في الجامع "3419"، وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 227". 2 راجع: تاريخ خليفة "404".

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَمَّا ظَهَرَ السَّفَّاحُ صَعِدَ لِيَخْطُبَ فَحُصِرَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَوَثَبَ عَمُّهُ دَاوُدُ بَيْنَ يَدَيِ الْمِنْبَرِ فَخَطَبَ وَذَكَرَ أَمَرَهُمْ وخُرُوجَهُمْ وَمَنَّى النَّاسَ وَوَعَدَهُمُ الْعَدْلَ فَتَفَرَّقُوا عَنْ خُطْبَتِهِ. ويقال: مولده سنة إحدى سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. 71- دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الأَوْدِيُّ الشَّامِيُّ1 -د- عَامِلُ مَدِينَةِ وَاسِطَ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا وَأَبِي سَلامٍ الأَسْوَدِ وَمَكْحُولٍ وَبِشْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وعنه هُشَيْمٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ وَخالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 72- دَاوُدُ بْنُ أَبِي هند2 -م4 خ ت- أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ دِينَارِ بْنِ عَذَافِرَ الْبَصْرِيُّ. مِنَ الْمَوَالِي، أَصْلُهُ مِنْ خُرَاسَانَ وَكَانَ مِنَ الأئمة والأعلام، وَيُقَالُ اسْمُ أَبِيهِ طَهْمَانُ، وَيُقَالُ: وَلاؤُهُ لِبَنِي قُشَيْرٍ، وَيُقَالُ: كُنْيَتُهُ أَبُو بَكْرٍ. روى عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ "م" وَأَبِي الْعَالِيَةَ "م ق" وَأَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ وَالشَّعْبِيِّ "م4" وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ "م ن" وَمَكْحُولٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ "م" وَجَمَاعَةٍ، وَرَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. وعنه شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهُشَيْمٌ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَخَلْقٌ، سَمِعَ مِنْهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ حَدِيثًا. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ قَالَ: قَالَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ: أَتَيْتُ الشَّامَ فَلَقِيَنِي غَيْلانُ فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَسَائِلَ، قَالَ: سَلْنِي عَنْ خَمْسِينَ مَسْأَلَةً وَأَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ، قَالَ: سَلْ يَا دَاوُدُ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَفْضَلِ مَا أُعْطِيَ ابْنُ آدَمَ، قَالَ: الْعَقْلَ، قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْعَقْلِ مَا هُوَ شَيْءٌ مُبَاحٌ لِلنَّاسِ مَنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ أَوْ هُوَ مَقْسُومٌ - قَالَ فَمَضَى وَلَمْ يجبني3.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 236"، وتهذيب ابن عساكر "5/ 209". 2 التاريخ الكبير "3/ 231"، وميزان الاعتدال "2/ 11". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 521".

ذَكَرَ كُنْيَتَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَعِينٍ وغيرهما: ثقة. وقال حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ مِنْ دَاوُدَ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: عَجَبًا لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ يَسْأَلُونَ عُثْمَانَ الْبَتِّيَّ وَعِنْدَهُمْ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ1. وَقَالَ وُهَيْبٌ: دَارَ الأَمْرُ بِالْبَصْرَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ: أَيُّوبَ وَيُونُسَ وَابْنِ عَوْنٍ وسليمان التميمي، فَقَالَ قَائِلٌ: فَأَيْنَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ. وقال ابن عيينة عن ابن جريح قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ إِنْ كَانَ لَيَقْرَعُ الْعِلْمَ قَرْعًا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ فَقَالَ: مِثْلُ دَاوُدَ يُسْأَلُ عَنْهُ ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ صَالِحًا ثِقَةً خَيَّاطًا. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: كَانَ دَاوُدُ مُفْتِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ فَقَالَ: يَا فِتْيَانُ أُخْبِرُكُمْ لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ: كُنْتُ وَأَنَا غُلامٌ أَخْتَلِفُ إِلَى السُّوقِ فَإِذَا انْقَلْبَتُ إِلَى الْبَيْتِ جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَإِذَا بَلَغْتُ ذَلِكَ الْمَكَانَ جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَذُكْرَ اللَّهَ إِلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا حَتَّى آتِي الْمَنْزِلَ. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَدِيٍّ يَقُولُ: صَامَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً لا يعلم به أهله كان خزارًا يَحْمِلُ مَعَهُ غِذَاءَهُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِي الطَّرِيقِ وَيَرْجِعُ عِشَاءً فَيُفْطِرُ مَعَهُمْ2. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: ثنا سُفْيَانُ سَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ يَقُولُ: أَصَابَنِي الطَّاعُونَ فَأُغْمِيَ عَلَيَّ فَكَأَنّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي فَغَمَزَ أَحَدُهُمَا عِكْوَةَ3 لِسَانِي وَغَمَزَ الآخَرُ أَخْمَصَ4 قَدَمَيَّ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ تَجِدُ؟ قَالَ: اجْدُ تَسْبِيحًا وَتَكْبِيرًا وَشَيْئًا مِنْ خَطْوٍ إلى

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 سير أعلام النبلاء "6/ 521". 3 يعني بها أصل اللسان. 4 الأخمص: باطن القدم الذي يتجافى عن الأرض، والمعني: رفع باطنها من الأرض بعدما مسها.

الْمَسْجِدِ وَشَيْئًا مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، قَالَ: وَلَمْ أَكُنْ أَخَذْتُ الْقُرْآنَ حِينَئِذٍ قَالَ: فَكُنْتُ أَذْهَبُ فِي الْحَاجَةِ فَأَقُولُ: لَوْ ذَكَرْتُ اللَّهَ حَتَّى آت حَاجَتِي قَالَ: فَعُوفِيتُ فَأَقْبَلْتُ عَلَى الْقُرْآنِ فَتَعَلَّمْتُهُ. وَعَنْ دَاوُدَ قَالَ: اثْنَتَانِ لَوْ لَمْ يَكُونَا لَمْ يَنْتَفِعْ أَهْلُ الدُّنْيَا بِدُنْيَاهُمْ: الْمَوْتُ وَالأَرْضُ تُنَشِّفُ النَّدَى. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: دَخَلْتُ عَلَى دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ فَرَأَيْتُ ثِيَابَ بَيْتِهِ مُعْصَفَرَةً. قَالَ دَاوُدُ: وُلِدْتُ بِمَرْوٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَالقَطَّانُ وَطَائِفَةٌ: مَاتَ سَنَةَ وتسع وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ مَصْدَرَ النَّاسِ مِنَ الْحَجِّ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الرَّاءِ": 73- رَبَاحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ1 بْنِ حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ قَاضِي الْمَدِينَةِ. روى عن جَدَّتِهِ ابْنَةِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وعنه أَبُو ثِفَالٍ الْمُرِّيُّ وَصَدَقَةُ رَجُلٌ لَمْ يُنْسَبْ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: قُتِلَ مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ يَوْمَ نَهْرِ أَبِي فُطْرُسٍ. 74- الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ الْبَكْرِيِّ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -4-. نَزَلَ مَرْوَ هَارِبًا مِنَ الْحَجَّاجِ ثُمَّ تَحَوَّلَ فَسَكَنَ بِبَعْضِ الْقُرَى, فَلَمَّا ظَهَرَتْ دَعْوَةُ بَنِي الْعَبَّاسِ تَغَيَّبَ فَوَقَعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فَسَمِعَ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ حُبِسَ بِمَرْوَ مُدَّةً. وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَعْطَيْتُ لِمَنْ أَدْخَلِني عَلَى الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ سِتِّينَ دِرْهَمًا. سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَبَا العالية.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 314"، وتهذيب التهذيب "3/ 234". 2 التاريخ الكبير "3/ 271"، وتهذيب التهذيب "3/ 238".

وَلَهُ حَدِيثٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - وَلَمْ يُدْرِكْهَا - أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. روى عنه سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَالأَعْمَشُ - وَهُمَا مِنْ أَقْرَانِهِ - وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَقِيَ ابْنَ عُمَرَ وَجَابِرًا. وَرَوَى أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى الْحَسَنِ عَشْرَ سِنِينَ. بَقِيَ الرَّبِيعُ إِلَى سنة وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ وَرَوَى كَثِيرًا مِنَ التَّفْسِيرِ وَالْمَقَاطِيعِ. 75- الربيع بن أبي راشد1، الكوفي العباد أَخُو جَامِعٍ. كَانَ قَانِتًا خَاشِعًا ذَاكِرًا لِلآخِرَةِ. فَعَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ قَالَ: كَانَ كَأَنَّهُ مَخْمُورٌ مِنْ غَيْرِ شَرَابٍ. قُلْتُ: مَا رَوَى هذا شيئًا. 76- ربيعة الرائي2 -ع- هُوَ أَبُو عُثْمَانَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرحمن فروخ التيمي الْفَقِيهُ الْعَلَمُ مَوْلَى آلِ الْمُنْكَدِرِ مُفْتِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَشَيْخُهُمْ. روى عن أَنَسٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَحَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَطَائِفَةٍ. وعنه الأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ وَشُعْبَةُ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ رَبِيعَةُ صَاحِبَ الْفُتْيَا بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ وُجُوهُ النَّاسِ وَيَحْضُرُ مَجْلِسَهُ أَرْبَعُونَ مُعْتَمًّا وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ مَالِكٌ3. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ رَبِيعَةُ ثِقَةً وكانوا يتقونه للرأي.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 273"، الجرح والتعديل "3/ 461". 2 تهذيب التهذيب "3/ 258"، والجرح والتعديل "3/ 475". 3 راجع: سير أعلام النبلاء "6/ 321".

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ رَبِيُعةُ حَافِظًا لِلْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ أَقْدَمَهُ السَّفَّاحُ الأَنْبَارَ لِيُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ الدِّينَوَرِيُّ1 صَاحِبُ "الْمُجَالَسَةِ" وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَشْيَخَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ فَرُّوخًا وَالِدُ رَبِيعَةَ خَرَجَ فِي الْبُعُوثِ إِلَى خُرَاسَانَ أَيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ غَازِيًا وَرَبِيعَةُ حَمْلٌ فَخَلَفَ عِنْدَ الزَّوْجَةِ ثَلاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ ثُمَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ ثُمَّ دفع الباب برمحه فخرج ربيعة فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَتَهْجُمْ عَلَى مَنْزِلِي! وَقَالَ فَرُّوخُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَنْتَ رَجُلٌ دَخَلْتَ عَلَى حُرْمَتِي، فَتَوَاثَبَا وَاجْتَمَعَ الْجِيرَانُ وَجَعَلَ رَبِيَعَةَ يَقُولُ: لا وَاللَّهِ لا فَارَقْتُكَ إِلَى السُّلْطَانِ، وَجَعَلَ فَرُّوخُ يَقُولُ كَذَلِكَ وَكَثُرَ الضَّجِيجُ, فَلَمَّا بَصَرُوا بِمَالِكٍ سَكَتَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَقَالَ مَالِكٌ: أَيُّهَا الشَّيْخُ لَكَ سِعَةٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الدَّارُ، فَقَالَ: هِيَ دَارِي وَأَنَا فَرُّوخُ مَوْلَى بَنِي فُلانَ، فَسَمِعَتِ امْرَأَتُهُ كَلامَهُ فَخَرَجَتْ وَقَالَتْ: هَذَا زَوْجِي وَقَالَتْ لَهُ: هَذَا ابْنُكَ الَّذِي خَلَّفْتَهُ وَأَنَا حَامِلٌ، فَاعْتَنَقَا جَمِيعًا وَبَكَيَا وَدَخَلَ فَرُّوخُ الْمَنْزِلَ وَقَالَ: هَذَا ابْنِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَخْرِجِي الْمَالَ وَهَذِهِ أَرْبَعَةُ آلافِ دِينَارٍ مَعِي، قَالَتْ: إِنِّي قَدْ دَفَنْتُهُ وَسَأُخْرِجُهُ. وَخَرَجَ رَبِيعَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَجَلَسَ فِي حَلْقَتِهِ وَأَتَاهُ مَالِكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهَبِيُّ وَالأَشْرَافُ فَأَحْدَقُوا بِهِ فَقَالَتِ امْرَأَةُ فَرُّوخَ: اخْرُجْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلِّ فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَى حَلْقَةٍ وَافِرَةٍ فَأَتَى فَوَقَفَ فَفَرَجُوا لَهُ قَلِيلا وَنَكَسَ رَبِيعَةُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ، وَعَلَيْهِ طَوِيلَةٌ فَشَكَّ فِيهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا رَبِيعَةُ. فَرَجَعَ وَقَالَ لِوَالِدَتِهِ: لَقَدْ رَأَيْتُ وَلَدَكِ فِي حَالَةٍ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَأَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ ثَلاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ أَوْ هَذَا الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنَ الْجَاهِ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ إِلا هَذَا، قَالَتْ: فَإِنِّي قَدْ أَنْفَقْتُ الْمَالَ كُلَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا ضَيَّعْتِيهِ. قُلْتُ: حِكَايَةٌ مُعْجِبَةٌ لَكِنَّهَا مَكْذُوبَةٌ لِوُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّ رَبِيعَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَلَقَةٌ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً, بَلْ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ شُيُوخَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ. الثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ ابْنُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً كَانَ مَالِكُ فَطِيمًا أَوْ لم يوبد بعد.

_ 1 انظر المصدر السابق "6/ 322، 323".

والثالث: أَنَّ الطُّوَيْلَةَ لَمْ تَكُنْ خَرَجَتْ لِلنَّاسِ وَإِنَّمَا أَخْرَجَهَا الْمَنْصُورُ فَمَا أَظُنُّ رَبِيَعَةَ لَبِسَهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ لَبِسَهَا فَيَكُونُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً لا شَابًّا. الرَّابِعُ: كَانَ يَكْفِيهِ فِي السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ سَنَةً أَلْفَ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ قَدْ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: مَكَثَ رَبِيعَةُ دَهْرًا طَوِيلا يُصَلِّي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ثُمَّ نَزَعَ عَنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ جَالَسَ الْعُلَمَاءَ فَجَالَسَ الْقَاسِمَ فَنَطَقَ بِلُبٍّ وَعَقْلٍ فَكَانَ الْقَاسِمُ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَالَ: سَلُوا هَذَا - لِرَبِيعَةَ - وَصَارَ رَبِيعَةُ إِلَى فِقْهٍ وَفَضْلٍ وَعَفَافٍ وَمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ أَسْخَى مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُحَدِّثُنَا فَإِذَا طَلَعَ رَبِيعَةُ قَطَعَ يَحْيَى حَدِيثَهُ إِجْلالا لَهُ وَإِعْظَامًا. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مَا رَأَيْتُ أَفْطَنَ مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَالَ لِي عبيد بْنُ عُمَرَ: رَبِيعَةُ صَاحِبُ مُعْضِلاتُنَا وَعَالِمُنَا وَأَفْضَلُنَا. وَقَالَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَاضِي الْبَصْرَةِ: مَا رَأَيْتُ قَطُّ مِثْلَ رَبِيعَةَ قُلْتُ: وَلا الْحَسَنَ وَلا ابْنَ سِيرِينَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ الزُّهْرِيُّ الْمَدِينَةَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَبِيعَةَ وَدَخَلا الْمَنْزِلَ فَمَا خَرَجَا إِلَى الْعَصْرِ، وَخَرَجَ ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ يَقُولُ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ بِالْمَدِينَةِ مِثْلَ رَبِيعَةَ وَخَرَجَ رَبِيعَةُ وَهُوَ يَقُولُ نَحْوَ ذَلِكَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: اللَّيْثُ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى مَالِكٍ: ثُمَّ اخْتَلَفَ الَّذِينَ كَانُوا بَعْدَهُمْ وَحَضَرْنَاهُمْ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا وَرَأْسُهُمْ فِي الْفُتْيَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ, فَكَانَ مِنْ خِلافِ رَبِيعَةَ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ لِبَعْضِ مَا مَضَى وَحَضَرْتُ وَسَمِعْتُ قَوْلَكَ فِيهِ وَقَوْلَ ذِي السِّنِّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَكَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ حَتَّى اضْطَرَّكَ مَا كَرِهْتَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى فِرَاقِ مَجْلِسِهِ وَذَاكَرْتُكَ أَنْتَ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَعْضَ مَا تَعِيبُ عَلَى رَبِيعَةَ وَكُنْتُمَا مُوَافِقِينَ فِيمَا أَنْكَرْتُ تَكْرَهَانِ مِنْهُ مَا أَكْرَهُ, وَمَعَ ذَلِكَ بِحَمْدِ اللَّهِ عِنْدَ ربيعة أثر كثير وعقل أصيل لسان بَلِيغٌ وَفَضْلٌ مُسْتَبِينٌ وَطَرِيقَةٌ حَسَنَةٌ فِي الإِسْلامِ وَمَوَدَّةٌ صَادِقَةٌ لِإِخْوَانِهِ فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ وَجَزَاهُ بِأَحْسَنِ عَمَلِهِ.

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ثنا عَنْبَسَةُ عَنْ يُونُسَ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي مَجْلِسِ رَبِيعَةَ فَكَانَ مَجْهُودُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَفْهَمَ مَا يَقُولُ رَبِيعَةَ. وَرَوَى مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَخِي يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ أَنَّ رَجُلا سَأَلَهُ عَنْ بَوْلِ الْحِمَارِ فَقَالَ ابْنُ هُرْمُزٍ: نَجِسٌ قَالَ: فَإِنَّ رَبِيعَةَ لا يَرَى بِهِ بَأْسًا، قَالَ: لا عَلَيْكَ أَنْ لا تذكر مساويء ربيعة, فلربما تكلمنا في المسألة نخالفه فِيهَا ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِ بَعْدَ سَنَةٍ1. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: لا يَنْبَغِي أَنْ نَتْرُكَ الْعَمَائِمَ وَلَقَدِ اعْتَمَمَتُ وَمَا فِي وَجْهِي شَعْرَةٌ وَلَقَدْ رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِ رَبِيعَةَ بِضْعَةٌ وَثَلاثِينَ مُعْتَمًّا. قُلْتُ: وَرَبِيعَةُ مُجْمَعٌ عَلَى تَوْثِيقِهِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ. ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ: لَمَّا جِئْتُ إِلَى الْعِرَاقِ جَاءَنِي أَهْلُهَا فَقَالُوا: حَدَّثَنَا عَنْ رَبِيعَةَ الرَّائِيِّ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ تَقُولُونَ هَذَا وَلا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحْوَطَ لِسُنَّةٍ مِنْهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ رَبِيعَةُ أَعْجَلَ شَيْءٍ فُتْيَا وَأَعْجَلَ جَوَابًا وَكَانَ يَقُولُ: مَثَلُ الَّذِي يَعْجَلُ بِالْفُتْيَا قَبْلَ أَنْ يَتَثَبَّتَ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْخُذُ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ لا يَدْرِي مَا هُوَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمِصِّيصِيُّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: بَكَى رَبُيعَةُ يَوْمًا فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: رِيَاءٌ2 حَاضِرٌ وَشَهْوَةٌ خَفِيَّةٌ وَالنَّاسُ عند علمائهم كصبيان في جحور أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أَمَرُوهُمُ ائْتَمَرُوا وَإِنْ نُهُوا انْتَهَوْا. وقال ضمرة عن رجاء بن جميل قَالَ: قَالَ رَبِيعَةُ: إِنِّي رَأَيْتُ الرَّأْيَ أَهْوَنَ عَلَى مَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْحَدِيثِ قَالَ الأُوَيْسِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: كَانَ رَبيَعَةُ يَقُولُ لِلزُّهْرِيِّ: إِنَّ حَالِي لَيْسَتْ تُشْبِهُ حَالَكَ قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: أَنَا أَقُولُ بِرَأْيٍ مَنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ وَأَنْتَ تُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- فيحفظ. قال ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَخْبَرَنِي مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ لِي ربيعة: يا مالك إني خراج إِلَى الْعِرَاقِ وَلَسْتُ مُحَدِّثُهُمْ حَدِيثًا وَلا مُفْتِيهِمْ عَنْ مَسْأَلَةٍ، قَالَ مَالِكٌ: فَوَفَّى مَا حَدَّثَهُمْ ولا افتاهم.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 324". 2 يعني نفاق حاضر.

وَقَالَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى قَوْمٍ نُفَاةٍ لِلْقَدَرِ فَقَالَ مَا مَعْنَاهُ: إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَلَمَا فِي أَيْدِيكُمْ أَعْظَمُ مِمَّا فِي يَدِي رَبِّكُمْ إِنْ كَانَ الْخَيْر وَالشَّرُّ بِأَيْدِيكُمْ. قَالَ: وَقَفَ غَيْلانُ عَلَى رَبِيعَةَ وَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُعْصَى؟ فَقَالَ: وَيْلُكَ يَا غَيْلانُ أنت تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يُعْصَى قَسْرًا. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قِيلَ لِرَبِيعَةَ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَقَالَ: الاسْتِوَاءُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَعَلَيْنَا وَعَلَيْكَ التَّسْلِيمُ. هَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ وَالظَّاهِرُ سُقُوطُ شَيْءٍ وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ عَنْهُ بِإِسْنَادَيْنِ أَنَّهُ أَجَابَ فَقَالَ: الاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَمِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا التَّصْدِيقُ، وَمِثْلُهُ مَشْهُورٌ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ. وَصَحَّ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ: الْعِلْمُ وَسِيلَةٌ إِلَى كُلِّ فَضِيلَةٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: قَدِمَ رَبِيعَةُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنيِنَ فَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ يَشْتَرِي بِهَا جَارِيَةً فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا. وَعَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ رَبِيعَةَ أَنْفَقَ عَلَى إِخْوَانِهِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ ثُمَّ جَعَلَ يَسْأَلُ إِخْوَانِهِ فِي إِخْوَانِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ: قَالَ رَبِيعَةُ: الْمُرُوءَةُ سِتُّ خِصَالٍ: ثَلاثَةٌ فِي الْحَضَرِ: تِلاوَةُ الْقُرْآنِ وَعِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَاتِّخَاذُ الإِخْوَانِ فِي اللَّهِ، وَثَلاثَةٌ فِي السَّفَرِ: بَذْلُ الزَّادِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَالْمِزَاحِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَزَلْ أَمْرُ النَّاسِ مُعْتَدِلا مُسْتَقِيمًا حَتَّى ظَهَرَ الْبَتِّيُّ بِالْبَصْرَةِ وَرَبِيعَةُ بِالْمَدِينَةِ وَآخَرُ بِالْكُوفَةِ فَوَجَدْنَاهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ سَبَايَا الأُمَمِ فَذَكَرَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بِإِسْنَادٍ لَهُمْ يَضْبِطُهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُعْتَدِلا مُسْتَقِيمًا حَتَّى نَشَأَ فِيهِمْ أَبْنَاءُ سَبَايَا الأُمَمِ"1. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ وَزِيرٍ ثنا الشَّافِعِيُّ ثنا سُفْيَانُ قَالَ: كُنَّا إِذَا رَأَيْنَا رَجُلا مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ يَغْشَى أَحَدَ ثَلاثَةٍ ضَحِكْنَا مِنْهُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لا يُتْقِنُونَ

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه ابن ماجه في سننه "56"، وضعفه الألباني في الضعيفة "4336"، وضعيف ابن ماجه "9".

الْحَدِيثَ وَلا يَحْفَظُونَهُ: رَبِيعَةُ الرَّائِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ الْحِزَامِيُّ: نا مُطَرِّفٌ عَنِ ابْنِ أَخِي يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن هُرْمُزٍ: قَالَ رَأَيْتُ رَبِيعَةَ جُلِدَ وَحُلِقَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ فَنَبَتَتْ لِحْيَتُهُ مُخْتَلِفَةً شِقٌّ أَطْوَلُ مِنَ الآخَرِ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عُثْمَانَ لَوْ سَوَّيْتَهُ، قَالَ: لا حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ مَعَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحِزَامِيُّ: فَكَانَ سَبَبُ جَلْدِهِ سِعَايَةَ أَبِي الزِّنَادِ سَعَى بِهِ فَوَلِيَ بَعْدَ فُلانٍ التَّيْمِيِّ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي الزِّنَادِ فَأَدْخَلَهُ بَيْتًا وَطَيَّنَ عَلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ جُوعًا فَبَلَغَ ذَلِكَ رَبِيَعَةَ فَجَاءَ إِلَى الْوَالِي وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَاسْتَطْلَقَهُ وَقَالَ: سأحاكمه إِلَى اللَّهِ. قَالَ مُطَرِّفٌ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: ذَهَبَتْ حَلاوَةُ الْفِقْهِ مُنْذُ مَاتَ رَبِيعَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ رَبِيعَةُ يَتَحَدَّثَ كَثِيرًا وَيَقُولُ: السَّاكِتُ بَيْنَ النَّائِمِ وَالأَخْرَسِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ يَوْمًا وَطَوَّلَ, فَقَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ مَا الْبَلاغَةُ عِنْدَكُمْ؟ قَالَ: الإِيَجازُ وَإِصَابَةُ الْمَعْنَى، قَال: فَمَا الْعِيُّ؟ قَالَ: مَا أَنْتَ فِيهِ، فَخَجِلَ رَبِيعَةُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَاتَ رَبِيعَةُ بِالأَنْبَارِ فِي مَدِينَةِ السَّفَّاحِ وَكَانَ جَاءَ بِهِ لِلقْضَاءِ. قَالَ خَلِيفَةُ وجماعة: مات سنة وست وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 77- رَقَبَةُ بْنُ مَصْقلَةَ1 -خ م د ت ن- أبو عبد الله العبدي الكوفي. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَنْ عَطَاءٍ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَعَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَغَيْرِهِمْ. وعنه رَفِيقُهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً مُفَوَّهًا يُعَدُّ مِنْ رِجَالاتِ الْعَرَبِ. 78- رُكَيْنُ بن الربيع بن عميلة الفزاري2 -م4- أبو الربيع الكوفي. عَنْ أَبِيهِ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -إِنْ صَحَّ- وأبي الطفيل ونعيم بن حنظلة وجماعة.

_ 1 تاريخ أبي زرعة "1/ 506"، والجرح والتعديل "3/ 522"، والمشاهير "167". 2 التاريخ الكبير "3/ 330"، والتاريخ لابن معين "2/ 167".

وعنه زَائِدَةُ وَشُعْبَةُ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. "حرف الزيِن": 79- زَبَّانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ1 بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيُّ. أَخُو أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ، كَانَ أَحَدَ فِرْسَانِ مِصْرَ الْمَذْكُورِينَ. روى عن أَخِيهِ وَأَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَام. وعنه الأَوْزَاعِيُّ ولليث وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَحَدُ مَنْ فَرَّ مِنَ الْمُسَوِّدَةِ تَقَنْطَرَ بِهِ فَرَسُهُ لَيْلَةَ قَتَلُوا مَرْوَانَ بِبُوصِيرَ فَسَقَطَ فَذَبَحُوهُ وَذَلِكَ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 80- الزُّبَيْرُ بن عدي الهمذاني اليامي2 -ع- أبو عدي الكوفي. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَالْحَارِثِ الأَعْوَرِ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ. وعنه مِسْعَرٌ وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَبِشْرُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَكَانَ فَاضِلا صَاحِبَ سُنَّةٍ وَلِيَ قَضَاءَ الرَّيِّ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنْ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ وَكَانَ مَعَ قُتَيْبَةَ بْن مُسْلِمٍ وَكَانَ يَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: اتَّقِ اللَّهَ لا تَقْتُلْ مَعَ قُتَيْبَةَ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 81- زُرْعَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ3. عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلاجِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وعنه عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شعيب بن شابور وغيرهم.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 444"، والجرح والتعديل "3/ 616". 2 التاريخ الكبير "3/ 410"، وتهذيب التهذيب "3/ 317". 3 التاريخ الكبير "441"، وتهذيب ابن عساكر "5/ 250".

قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُتِلَ زُرْعَةُ يَوْمَ دُخُولِ الْمُسَوِّدَةِ دِمَشْقَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 82- زَنْكَلُ بْنُ عَلِيٍّ الْعُقَيْلِيُّ الرَّقِّيُّ1. عن أم الدرداء وعمر بن عبد العزيز وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وعنه جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَأَبُو الْمُلَيْحِ الرَّقِّيَّانِ. لَمْ يُضَعَّفْ. 83- زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ2 الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ أَبُو عُقَيْلٍ الْمَدَنِيُّ نَزِيلُ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ. روى عن جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِمْ. وعنه حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَاللَّيْثُ وَسَعِيدُ بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَآخِرُ مَنْ روى عنه رِشدِينُ بْنُ سَعْدٍ. وَكَانَ عَبْدًا صَالِحًا. قَالَ الدَّارِمِيُّ: زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ مِن الأَبْدَالِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. تُوُفِّي سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ, وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَقَالَ: لِجَدِّهِ صُحْبَةٌ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَنْبَأَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ أَخْبَرَنِي زُهْرَةُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ: أَيْنَ تَسْكُنْ؟ قَالَ: قُلْتُ: بِالْفُسْطَاطِ، قَالَ: أُفٍّ تَسْكُنُ الْخَبِيثَةَ الْمُنْتِنَةَ وَتَذَرُ الطَّيِّبَةُ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَإِنَّكَ تُجْمَعُ بِهَا دُنْيَا وَآخِرَةَ طَيِّبَةُ الْمَوْطِأِ وَدِدْتُ أَنَّ قَبْرِي يَكُونُ بِهَا، وَرَوَى نَحْوًا مِنْهُ ضمام بن إسماعيل عن زهرة.

_ 1 راجع: تهذيب ابن عساكر "5/ 387". 2 التاريخ الكبير "3/ 443"، وتهذيب التهذيب "3/ 341".

84- زِيَادُ بْنُ بَيَانٍ الرَّقِّيُّ1 -د ق-. عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ. وعنه أَبُو الْمُلَيْحِ الرَّقِّيُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. 85- زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ الْمُزَنِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -د-. عَنْ أبي نعامة قيس بن عبابة وَعِكْرِمَةَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وعنه شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ عُلَيَّةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 86- زَيْدُ بْنُ أسلم3 -ع- أبو عبد الله العدوي المدني مَوْلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِيهِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَطَائِفَةٍ. وعنه بَنُوهُ: أُسَامَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ عَجْلانَ ومالك ويعمر وهمام وابن جريح وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ وَالسُّفْيَانَانِ وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَهِشَامُ بُن سَعْدٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ وَخَلْقٌ. وَكَانَتْ لَهُ حَلَقَةٌ لِلْعِلْمِ بِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَرِوَايَتِهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَأَحْسَبُ ذَلِكَ غَيْرَ مُتَّصِلٍ، وَكَانَ أَحَدُ مَنْ أَقْدَمَهُ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ يَسْتَفْتِيهِمْ فِي الطَّلاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ هَلْ يُعْتَبَرُ. قَالَ مَالِكٌ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ: مَا هِبْتُ أَحَدًا هَيْبَتِي زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ. قَالَ عَبَّاسُ الدُّورِيُّ: قَالَ لَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلا مِنْ جَابِرٍ.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 346"، وتقريب التهذيب "1/ 260". 2 التاريخ الكبير "3/ 371"، وتهذيب التهذيب "3/ 383". 3 التاريخ الكبير "3/ 387"، والصغير "2/ 32- 40".

ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: جَدِّي أَسْلَمُ لَمَّا وُلِدَ لِي زَيْدٌ قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: مَا سَمَّيْتُ ابْنَكَ؟ قُلْتُ: زَيْدُ، قَالَ: بِأَيِّ الزَّيْدَيْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَمْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ؟ قُلْتُ: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَكَنَّيْتُهُ بِكُنْيَتِهِ، قَالَ: أَصَبْتَ وَكُنْيَتُهُ أَبُو أُسَامَةَ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ثِقَةٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَعْدٍ شَيْئًا. وقال جماعة عَنِ الْعَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بِحَدِيثٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا أُسَامَةَ عَمَّنْ هَذَا؟ قَالَ: يَا بْنَ أَخِي مَا كُنَّا نُجَالِسُ السُّفَهَاءَ وَلا نَحْمِلُ عَنْهُمْ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: وَزَيْدٌ ثِقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ عَالِمٌ بِتَفْسِيرِ الْعِرَاقِ لَهُ فِيهِ كِتَابٌ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ أَكُنْتُمْ تَتَقَايَسُونُ فِي مَجْلِسِ رَبِيعَةَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا مَجْلِسُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا إِلا أَنْ يَكُونَ هو يبتديء شَيْئًا يَذْكُرُهُ. ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ أَبِي لَهُ جُلَسَاءُ فَرُبَّمَا أَرْسَلَنِي إِلَى الرَّجُلِ مِنْهُمْ فَيُقَبِّلُ رَأْسِي وَيَمْسَحُهُ وَيَقُولُ: وَاللَّهِ لأَبُوكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي وَاللَّهِ لَوْ خَيَّرَنيِ اللَّهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ أَوْ بِهِمْ لاخْتَرْتُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِمْ وَيَبْقَى لِي زَيْدٌ. وَقَالَ لِي أَبُو حَاتِمٍ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا فِي مَجْلِسِ أَبِيكَ أَرْبَعِينَ حَبْرًا فَقِيهًا أَدْنَى خَصْلَةً مِنَّا التَّوَاسِي بِمَا فِي أَيْدِينَا مَا رؤي فينا متماريين وَلا مُتَنَازِعِينَ فِي حَدِيثٍ لا يَنْفَعُ، وَكَانَ أَبُو حَازِمٍ يَقُولُ: لا يُرِينِي اللَّهُ يَوْمَ زَيْدٍ وَقَدِّمْنِي بَيْنَ يَدَيْ زَيْدٍ, قَالَ: فَأَتَاهُ نَعْيُ زَيْدٍ فَعَقَرَ فَمَا قَامَ وَلا شَهِدَهُ. ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَال: يَعْقُوبُ بْنُ الأَشَجِّ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ لَيْسَ مِنَ الْخَلْقِ أَحَدٌ آمَنُ عَلَيَّ مِنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ اللَّهُمَّ فَزِدْ فِيَّ مِنْ أَعْمَارِ النَّاسِ وَابْدَأْ بِي. فَرُبَّمَا قَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: أَرَأَيْتَ طَلَبْتَ حَيَاتِي لِي أَوْ لِنَفْسِكَ قَال: لِنَفْسِي قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ تَمُنُّ عَلَيَّ فِي شَيْءٍ طَلَبْتُهُ لِنَفْسِكَ. يَعُقوُبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ: ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ وَلا كَمَا قَالَتِ الْمَلائِكَةُ وَلا كَمَا قَالَ النَّبِيُّونَ وَلا أَهْلُ الْجَنَّةِ وَلا النَّارِ وَلا كَمَا قَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ، قَالَ اللَّهُ {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30] وَقَالَتِ الْمَلائِكَةُ: {لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32] وَقَالَ شُعَيْبٌ:

{وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} [الأعراف: 9] وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ: {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] وَقَالَ أَهْلُ النَّارِ: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106] وَقَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الأعراف: 16] . وَرَوَى حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: اسْتَغْنِ بِاللَّهِ عَمَّنْ سِوَاهُ وَلا يَكُونَنَّ أَحَدٌ أَغْنَى مِنْكَ بِاللَّهِ وَلا يَكُنْ أَحَدٌ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنْكَ وَلا تُشْغِلَنَّكَ نِعَمُ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ عَنْ نِعْمَتِهِ عَلَيْكَ وَلا تُشْغِلَنَّكَ ذُنُوبُ الْعِبَادِ عَنْ ذُنُوبِكَ وَلا تُقَنِّطِ الْعِبَادَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَتَرْجُوهَا لِنَفْسِكَ. ابْنَ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقوُل: يَا بُنَيَّ لا تُعْجِبْكَ نَفْسَكَ وأنت لا تَشَاءُ أَنْ تَرَى مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مِنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ إِلا رَأَيْتَهُ. وَقَالَ ابْنُ الطَّبَّاعِ: ثنا حَمَّادُ بن زيد قال: قدمت المدينة وَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ فِي زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَقُلْتُ. لعبيد الله: ما تقول في مولاكم؟ قَالَ: مَا نَعْلَمُ بِه بَأْسًا إِلا أَنَّهُ يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ بِرَأْيِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ زَيْدُ يُحَدِّثُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَإِذَا سَكَتَ لا يجتريء عَلَيْهِ إِنْسَانٌ وَكَانَ يَقُولُ: ابْنَ آدَمَ اتَّقِ اللَّهَ يُحِبُّكَ النَّاسُ وَإِنْ كَرِهُوا. وَكَانَ أَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَنْظُرُ إِلَى زَيْدٍ فَأَذْكُرُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ الْقُوَّةَ عَلَى عِبَادَتِكَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ يَجْلِسُ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَكَلِّمُوهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا يَجْلِسُ الرَّجُلَ إِلَى مَنْ يَنْفَعُهُ فِي دِينِهِ1. قُلْتُ: مَنَاقِبُ زَيْدٍ كَثِيرَةٌ، وَتَبَادَرَ ابْنُ عَدِيٍّ بِإِيرَادِهِ فِي كَامِلِهِ وَقَالَ: هُوَ مِنَ الثِّقَاتِ مَا امْتَنَعَ أَحَدٌ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ: مَاتَ فِي ذِي الْحِجَّةَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: سَنَةَ ثَلاثٍ. 87- زَيْدُ بْنُ الْحَوَارِيِّ2 -4- الْعَمِّيُّ الْبَصْرِيُّ أَبُو الْحَوَارِيِّ قَاضِي هُرَاةَ، وَهُوَ مَوْلَى زِيَادِ ابْنِ أبيه.

_ 1 قاله البخاري في التاريخ الكبير "3/ 387". 2 التاريخ الكبير "3/ 392"، وتهذيب التهذيب "3/ 407".

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابناه عبد الرحيم وعبد الرَّحْمَنِ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَعَلَّ شُعْبَةَ لَمْ يَرْوِ عَنْ أَضْعَفَ مِنْهُ، ثُمَّ سَاقَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ عِدَّةَ أَحَادِيثَ تُنْكَرُ. وَقَالَ النسائي: ضعيف. وقال الدارقطي: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَوْزَجَانِيُّ: مُتَمَاسِكٌ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لُقِّبَ بِالْعَمِّيِّ لِكَوْنِهِ كَانَ كُلَّمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ عَمِّي. 88- زَيْدُ بْنُ رُفَيْعٍ الْجَزَرِيُّ1. عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَحَرَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حَرَامٍ. وعنه مَعْمَرٌ وَالْمَسْعُودِيُّ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي الدُّنْيَا النَّصِيبِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَةُ أَحْمَدُ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ. وَلَيَّنَهُ بَعْضُهُمْ. 89- زَيْدُ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ2، مَوْلَى أُمِّ حَبِيبَةَ. أَرْسَلَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَمُعَاوِيَةَ وَروى عن أَبِي سَلَمَةَ وَأُسَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وعنه مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الله بن المنتشر ونوح بن أَبِي بِلالٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ. 90- زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ القرشي الدمشقي3 -خ د ن ق- أبو عمرو.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 394"، ميزان الاعتدال "2/ 103" وغيرهما. 2 التاريخ الكبير "3/ 401"، والجرح والتعديل "3/ 571" وغيرهما. 3 التاريخ الكبير "3/ 407"، وتهذيب التهذيب "3/ 426"، والمشاهير "179" وغيرهم.

روى عن بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَجُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ وَحَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ. وعنه صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ وَصَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينُ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَسُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْخَشَنِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَمِيعٍ وَغَيْرُهُمْ. رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: أَنَا رَأَيْتُ الرَّأْسَ الَّذِي يُقَالُ إِنَّهُ رَأْسُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلامُ طَرِيًّا كَأَنَّمَا قُتِلَ السَّاعَةَ1. قَال أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ، وَقَدْ رُمِيَ بِالْقَدَرِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ هِشَامُ بن عمارة: ثنا صدقة بن خالد ثنا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يُقَالُ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا لَوْ رَأَوْا خِيَارَكُمْ لَقَالُوا: مَا لِهَؤُلاءِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَلاقٍ، وَلَوْ رَأَوْا شِرَارَكُمْ لَقَالُوا: مَا يُؤْمِنُ هَؤُلاءِ بِيَوْمِ الْحِسَابِ. "حَرْفُ السِّينِ": 91- سَالِمُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ أَبُو يُونُسَ الْكُوفِيُّ2 -ت-. رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ وَسَمِعَ أَبَا حَازِمٍ الأَشْجَعِيَّ وَالشَّعْبِيَّ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيَّ وَمُنْذِرًا الثَّوْرِيَّ. وعنه السُّفْيَانَانِ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْفَلاسُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ مُفْرِطٌ فِي التَّشَيُّعِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ لِسَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ: أَنْتَ قَتَلْتَ عُثْمَانَ، فَجَزِعَ وَقَالَ: أَنَا! قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّكَ تَرْضَى بِقَتْلِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ أَحْمَقَهَا وهو

_ 1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 467". 2 التاريخ الكبير "4/ 111"، وتهذيب التهذيب "3/ 433".

يَقُولُ: لَبَّيْكَ قَاتِلُ نَعْتَلٍ لَبَّيْكَ مُهْلِكَ بَنِي أُمَيَّةَ. يَعْنِي بِقَوْلِهِ فِي الطَّوَافِ. وَرَوَاهَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ رَآهُ يَطُوفُ وَيَقُولُ ذَلِكَ فَأَجَازَهُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ بِأَلْفِ دِينَارٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عِيبَ عَلَيْهِ الْغُلُوُّ فِي التَّشَيُّعِ وَأَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. 92- سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيُّ الدَّارَانِيُّ1. قَاضِي دِمَشْقَ، وَلاهُ عَبْدُ الله بن عَلِيٍّ. روى عن مُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ وَغَيْرِهِمَا. وعنه الأَوْزَاعِيُّ وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُرِّيُّ. وَهُوَ مُقِلٌّ وثقه الفسوي. 93- سالم بن عجلان2 -خ د ن ق- أبو محمد الأموي مَوْلاهُمُ الْجَزَرِيُّ الْحَرَّانِيُّ الأَفْطَسُ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالزُّهْرِيِّ. وعنه سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَمَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ مرجيء. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَتَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ سِتِّينَ حَدِيثًا. 94- سَدِيرُ بْنُ حَكيِمِ3 بْنِ صُهَيْبٍ أَبُو الْفَضْلِ الصَّيْرَفِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ عُكْرِمَةَ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وعنه السُّفْيَانَانِ وَهُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَوَلَدُهُ حَنَانُ بُنْ سَدِيرٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صالح الحديث.

_ 1 تهذيب ابن عساكر "6/ 57"، والجرح والتعديل "4/ 185" وغيرهما. 2 التاريخ الكبير "4/ 117"، تهذيب التهذيب "3/ 441". 3 ميزان الاعتدال "2/ 116"، والجرح والتعديل "4/ 323" وغيرهما.

95- السَّرِيُّ الْكُوفِيُّ1 -ق- ابْنُ عَمِّ الشَّعْبِيِّ. عَنِ الشَّعْبِيِّ. وعنه جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. 96- سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ2. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، وَسَيُعَادُ. 97- سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ3 -4- أَبُو حَفْصَ الأَسْلَمِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَبِي الْقَيْنِ وَسَفِينَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَمُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ. وعنه الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَشْرَجُ بْنُ نُبَاتَةَ وَعَبْدُ الْوَارِثِ التَّنُورِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَذَكَرَ حَشْرَجُ عَنْهُ أَنَّهُ لقي سفينة في ولاية الحجاج ببطن مخلة فَبَقِيَ عِنْدَهُ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 98- سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ4 بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ خَارِجَةَ. وعنه الزُّهْرِيُّ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعُقَيْلٌ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَمَاتَ كَهْلا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ سَعِيدًا كَانَ فَاضِلا عَابِدًا أُرِيدَ على قضاء المدينة

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 176"، وتهذيب التهذيب "3/ 459". 2 راجع المشاهير "136". 3 التاريخ الكبير "3/ 462"، وتهذيب التهذيب "4/ 14". 4 التاريخ الكبير "3/ 481"، وتهذيب التهذيب "4/ 242".

وَأُكْرِهَ فَكَانَ أَوَّلُ مَا قَضَى بِهِ عَلَى الأَمِيرِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِيِّ وَالِي الْمَدِينَةِ فَأَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ مَالا عَظِيمًا لِلْفُقَرَاءِ فَقَسَّمَهُ، فَعُزِلَ عَبْدُ الْوَاحِدِ لِذَلِكَ فَقَالَ لِسَعِيدٍ أَصْحَابُهُ: قَضِيَّتُكَ هَذِهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ مَالٍ عَظِيمٍ لَوْ تَصَدَّقَتْ بِهِ. 99- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو1 بْنِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ، الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود. وعنه يونس بن أبي إسحاق وَالْمَسْعُودِيُّ وَالْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِرَاشٍ: صَدُوقٌ. 100- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ2 الزُّرَقِيُّ الْمَدَنِيُّ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّيهِ سَعْدًا. سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ. وعنه عبيد الله بن عمرو وَمَالِكٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 101- سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ اللَّيْثِيُّ3 -ع- مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ أَبُو الْعَلاءِ. أَحَدُ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ وَنُعَيْمٍ الْمُجَمِّرِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ وَقَتَادَةَ وَنَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ. وَأَرْسَلَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ. وعنه خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَعُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَإِنَّمَا أَكْثَرَ اللَّيْثُ عَنْ خَالِدٍ عَنْهُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنِ يُونُسَ: وُلِدَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ, وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وثلاثين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 500"، والجرح والتعديل "4/ 49". 2 التاريخ الكبير "3/ 499"، والمشاهير "128". 3 تقريب التهذيب "1/ 298"، وطبقات ابن سعد "7/ 514".

102- سعيد بن يزيد بن مسلمة1 -ع- أبو مسلمة الطاحي البصري القصير. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَأَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ الشِّخِّيرِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أُسَيْدٍ وَأَبِي قِلابَةَ الْجَرْمِيِّ وَأَبِي نَضْرَةَ وَغَيْرِهِمْ. وعنه شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَغَسَّانُ بْنُ مُضَرَ وَآخَرُونَ. وثقه النسائي. 103- سعيد بن يزيد الأحمسي2 -ن- الكوفي. عَنِ الشَّعْبِيِّ. وعنه وَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَبَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ. فِي طَبَقَةِ الأَوْزَاعِيِّ. 104- وَكَذَا سَعِيدُ بن يزيد القتباني3 -م د ت ن- الحميري الإسكندراني أبو شجاع. عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ وَخَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ. وعنه اللَّيْثُ وَأَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَآخَرُونَ. مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٌ وَخَمْسِينَ، سَيَأْتِي. 105- سَلَمَةُ بْنُ دينار4 -ع- أَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ الْمَدَنِيُّ التَّمَّارُ الْقَاصُّ الزَّاهِدُ، أَحَدُ الأَعْلامِ وَشَيْخُ الإِسْلامِ. سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَالنُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ وَأَبَا صَالِحٍ السَّمَّانَ وَأَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيَّ وَأَبَا سَلَمَةَ وَعَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ وَخَلْقًا. وعنه الزُّهْرِيُّ وَمَعْمَرٌ وَمَالِكٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَالْحَمَّادَانِ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو مَعْشَرٍ وَابْنُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ وَأَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عياض وآخرون.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 520"، وتهذيب التهذيب "4/ 100". 2 تقريب التهذيب "1/ 300"، والجرح والتعديل "4/ 74". 3 تقريب التهذيب "1/ 300"، وتاريخ الدوري "2/ 210". 4 الجرح والتعديل "4/ 159"، وتاريخ الثقات "196".

قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَبُو حَازِمٍ فَارِسِيُّ الأَصْلِ وَهُوَ مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ، وَأُمُّهُ رُومِيَّةٌ وَكَانَ أَشْقَرَ أَحْوَلَ أَفْزَرَ الشَّفَةِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ مَوْلَى الأسود بْنِ سُفْيَانَ الْمَخْزُومِيِّ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: أَبُو حَازِمٍ ثِقَةٌ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مِثْلُهُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا الْحِكْمَةُ أَقْرَبُ إِلَى فِيهِ مِنْ أَبِي حَازِمٍ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ: إِنِّي لأَعِظُ وَمَا أَرَى مَوْضِعًا مَا أُرِيدُ إِلا نَفْسِي، وَقَالَ قُتَيْبَةُ: ثنا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: انْظُرِ الَّذِي تُحِبُّهُ أَنْ يَكُونَ مَعَكَ فِي الآخِرَةِ فَقَدِّمْهُ الْيَوْمَ وَالَّذِي تَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَكَ فَاتْرُكْهُ الْيَوْمَ. وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: نَحْنُ لا نُرِيدُ أَنْ نَمُوتَ حَتَّى نَتُوبَ وَنَحْنُ لا نَتُوبُ حَتَّى نَمُوتَ. وعنه قَالَ: مَنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ ضَلَّ وَمَنِ اسْتَغْنَى بِعَقْلِهِ زَلَّ. وَعَنْهُ قَالَ: اخْفِ حَسَنَاتِكَ كَمَا تُخْفِي سَيِّئَاتِكَ وَلا تَكُنْ مُعْجَبًا بِعَمَلِكَ فَلا تَدْرِي شَقِيٌّ أَنْتَ أَمْ سَعِيدٌ. وَعَنْهُ قَالَ: النَّظَرُ فِي الْعَوَاقِبِ تَلْقِيحُ الْعُقُولِ. وَقَالَ لَهُ هِشَامُ بْنُ عَبْدُ الْمَلِكِ لَمَّا وَعَظَهُ: مَا النَّجَاةُ مِنْ هَذَا الأَمْرِ؟ قَالَ: يَسِيرٌ لا تَأْخُذَنَّ شَيْئًا إِلا مِنْ حِلِّهِ وَلا تَضَعَهُ إِلا فِي حَقِّهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: كُلُّ عَمَلٍ تَكْرَهُ الْمَوْتَ مِنْ أَجْلِهِ فَاتْرُكْهُ ثُمَّ لا يَضُرُّكَ مَتَى مُتَّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ: ثنا أَبُو حَازِمٍ قَالَ: لا يُحْسِنُ عَبْدٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إِلا أَحْسَنَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِبَادِ وَلا يَعْوَرُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إِلا أَعْوَرَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِبَادِ، وَلَمُصَانَعَةُ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَيْسَرُ مِنْ مُصَانَعَةِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا، إِنَّكَ إِذَا صَانَعْتَهُ مَالَتِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا إِلَيْكَ وَإِذَا اسْتَفْسَدْتَ بَيْنَكَ وبينه شنئتك1 الوجوه كلها.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 327".

وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: مَنْ عَرَفَ الدُّنْيَا لَمْ يَفْرَحْ فِيهَا بِرَخَاءٍ وَلَمْ يَحْزَنْ عَلَى بَلْوَى. وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ السيئة ما عمل حسنة قد أَنْفَعُ لَهُ مِنْهَا وَكَذَا فِي الْحَسَنَةِ1. وَعَنْهُ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ يُتَابِعُ عَلَيْكَ نِعَمَهُ وَأَنْتَ تَعْصِيهِ فَاحْذَرْهُ، وَإِذَا أَحْبَبْتَ أَخًا فِي اللَّهِ فَأَقِلَّ مُخَالَطَتِهِ فِي دُنْيَاهُ. تُوُفِّيَ أَبُو حَازِمٍ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. أَرَّخَهُ الْمَدَائِنِيُّ وَابْنُ سعد2. 106- سلمة بن تمام3 -ن- أبو عبد الله الشقري الكوفي. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بالقوي. 107- سلمة بن علقمة4 -سوى ت- أبو بشر التميمي البصري. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَنَافِعٍ. وعنه يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ ثِقَةٌ مُقِلٌّ. 108- سَلْمُ بْنُ أَبِي الذَّيَّالِ الْبَصْرِيُّ5 -م د-. عَنِ الْحَسَنِ وَحُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ وَجَمَاعَةٍ. وعنه مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وإسماعيل بن علية. وثقه أحمد بن حنبل وغيره.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 طبقات ابن سعد "5/ 424". 3 التاريخ الكبير "4/ 79"، وميزان الاعتدال "2/ 188". 4 التاريخ الكبير "4/ 82"، وتقريب التهذيب "1/ 308". 5 التاريخ الكبير "4/ 159"، وتهذيب التهذيب "4/ 129".

109- سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ1، أَبُو خَيْثَمَةَ الْعَذَرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ وَأَنَسٍ وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ. وعنه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. وَكَنّاهُ مُسْلِمٌ وَلَمْ يُضَعِّفُهُ أَحَدٌ. 110- سُلَيْمَانُ بْنُ داود الخولاني2 -ن- الدارني أبو داود. عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى وَأَبِي قِلابَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُمَيْرِ بْنِ هانيء وَالزُّهْرِيِّ. وعنه هِشَامُ بْنُ الْغَازِ وَالْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ وَصَدَقَةُ السَّمِينُ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ. رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ حَدِيثَ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ حَدِيثَ الصَّدَقَاتِ الطَّوِيلَ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلانِيُّ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ3: لا أعْلَمُ فِي جميع الكتب التي وردت كتابًا أصح منه كِتَابَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالتَّابِعُونَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: الصَّوَابُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: نَظَرْتُ فِي أَصْلِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ فَإِذَا هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ. وَرَوَى الْحَدِيثُ مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا وَهْمٌ مِنَ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ أشبه وهو متروك الحديث.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 8"، وميزان الاعتدال "2/ 200". 2 التاريخ الكبير "4/ 10"، وتهذيب التهذيب "4/ 189". 3 في المعرفة والتاريخ "1/ 331، 379".

قُلْتُ: فَلاحَ أَنَّ الْخَوْلانِيَّ لا رِوَايَةَ لَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي تَارِيخِ دَارَيَّا: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ حَاجِبًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ مُقَدَّمًا عِنْدَهُ لَهُ ذُرِّيَةٌ بِدَارَيَا إِلَى الْيَوْمَ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهِ الْحَافِظُ: نَظَرْتُ فِي أَصْلِ كِتَابِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ فَإِذَا هُوَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ. 111- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي زَيْنَبَ1، أَبُو الرَّبِيعِ السَّبَأيُّ مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ الزَّاهِدُ. روى عنه حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: كَانَ فَاضِلا وَكَانَ قَوْمُهُ سَبَأُ إِذَا نَزَلَ لَهُمْ مُعْضِلَةٌ فَزِعَوا إِلَيْهِ فِيهَا لِفَضْلِهِ فِيهِمْ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدًا مِنْ شُيُوخِهِ. 112- سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ الْخُزَاعِيُّ الْمَرْوَزِيُّ2. أَحَدُ نُقَبَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ الأَثْنَى عَشَرَ، لَهُ ذِكْرٌ وَأَثَرٌ كَبِيرٌ فِي السَّعْيِ لِقِيَامِ دَوْلَةِ الْعَبَّاسِيِّينَ، قَتَلَهُ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ خَوْفًا مِنْهُ. سليمان بْنُ مُوسَى الأَشْدَقُ3. مَرَّ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. 113- سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ4. أَخَذَ عَنْ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ. وَوَلِيَ غَزْوَ الرُّومِ فَلَمَّا بُويِعَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ حَبَسَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ يَزِيدُ النَّاقِصُ

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 14"، والجرح والتعديل "4/ 118". 2 تهذيب ابن عساكر "6/ 285". 3 التاريخ الكبير "4/ 38"، وتهذيب التهذيب "4/ 226". 4 تهذيب ابن عساكر "6/ 288"، والوافي "15/ 439".

وَصَيَّرَهُ مِنْ أُمَرَائِهِ فَلَمَّا وَلِيَ مَرْوَانُ هَرَبَ مِنْهُ ثُمَّ أَمَّنَهُ ثُمَّ خَلَعَ مَرْوَانُ وَطَمِعَ فِي الْخِلافَةِ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ وَكَادَ أَنْ يَمْلُكَ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا, فَبَعَثَ مَرْوَانُ جَيْشَهُ فَهَزَمُوهُ وَتَحَصَّنَ بِحِمْصَ, فَسَارَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ بِنَفْسِهِ فَهَرَبَ وَلَحِقَ بِالضَّحَّاكِ الْخَارِجِيِّ وَبَايَعَهُ ثُمَّ ظَفِرَتْ بِهِ الْمُسَوِّدَةُ فَقَتَلُوهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 114- سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ1. كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ خَرَجَ عَلَى أَخِيهِ الْوَلِيدِ. قَتَلَتْهُ الْمُسَوِّدَةُ بِدِمَشْقَ عِنْدَ اسْتِيلائِهِمْ. 115- سُلَيْمٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَكِّيُّ2. مَوْلَى أُمِّ عَلِيٍّ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مُجَاهِدٍ. قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: روى عنه ابْنُ جُرَيْجٍ وَعَبْدُ الملك بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ وَدَاوُدُ الْعَطَّارُ. 116- سِمَاكُ بْنُ عَطِيَّةَ الْبَصْرِيُّ3 -خ م د-. عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ. وَكَانَ جَلِيسًا لِأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَمَاتَ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ. روى عنه حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ الأَنْصَارِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. وثقة ابن معين. 117- سمي مولى أبي بكر4 -ع- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ أَحَدُ الأَثْبَاتِ. سَمِعَ مِنْ مَوْلاهُ وسعد بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَوَرْقَاءُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وآخرون. وثقه أحمد غيره.

_ 1 ميزان الاعتدال "2/ 228"، ومعجم بني أمية "70". 2 التاريخ الكبير "4/ 126"، وتهذيب التهذيب "4/ 167". 3 التاريخ الكبير "4/ 174"، وتهذيب التهذيب "4/ 235". 4 التاريخ الكبير "4/ 203"، وتهذيب التهذيب "4/ 238".

قَتَلَتْهُ الْحَرُورِيَّةُ يَوْمَ وَقْعَةِ قُدَيْدَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 118- سِنَانُ بْنُ حَبِيبٍ السُّلَمِيُّ1، أَبُو حَبِيبٍ الْكُوفِيُّ. عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وعنه الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 119- سِنَانُ بْنُ ربيعة الباهلي2 -د ت ق خ مقرونًا- أبو ربيعة البصري عَنْ أَنَسٍ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. وعنه الْحَمَّادَانِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُكَيْرٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 120- سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صالح السمان3 -م4خ مقرونًا- أبو يزيد المدني أَخُو صَالِحٍ وَمُحَمَّدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ. سمع أَبَاهُ وَالْحَارِثَ بْنَ مَخْلَدٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَالزُّهْرِيَّ وَسَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ وَالنُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ وَعَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ وَجَمَاعَةً. وعنه ابْنُ جريح وَسُفْيَانُ وَمَالِكٌ وَفُلَيْحٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَخَلْقٌ. وَهُوَ صَدُوقٌ، احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ لا الْبُخَارِيُّ. سَأَلَ رَجُلٌ النَّسَائِيَّ عَنْ سُهَيْلٍ فَقَالَ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ فُلَيْحٍ وَمِنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ وَمِنْ أَبِي الْيَمَانِ وَمِنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ. قُلْتُ: مَا نَقَمُوا مِنْ سُهَيْلٍ إِلا أَنَّهُ مَرِضَ وَنَسِيَ بَعْضَ حَدِيثِهِ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَصْلَحَ حَدِيثَهُ هُوَ أَثْبَتُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: مُحَمَّدُ بن عمرو أحب إلينا منه.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 165"، والجرح والتعديل "4/ 252". 2 التاريخ الكبير "4/ 164"، وتهذيب التهذيب "4/ 240"، وميزان الاعتدال "2/ 235". 3 التاريخ الكبير "4/ 104"، وتهذيب التهذيب "4/ 263"، والمشاهير "137"، والجرح والتعديل "4/ 246".

قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. تُوُفِّيَ سُهَيْلٌ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ أَوْ قَبْلَهَا بِيَسِيرٍ. "حرف الصَّادِ": 121- صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ الْجَزَرِيُّ1 -م د ن ق- نَزِيلُ مَكَّةَ. روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، - وَذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ - وَروى عن طَاوُسٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مُقِلٌّ. روى عنه مَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَمُسْلِمٌ الزِّنْجِيُّ وَجَرِيرٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 122- الصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ الأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ2. روى عَن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وعنه جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ وَأَبُو مِخْنَفٍ لُوطُ بْنُ يَحْيَى ابْنُ أُخْتِهِ وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيُّ الْمُؤَرِّخُ. وَهُوَ صَدُوقٌ، وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 123- صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ3 -ع- مَوْلَى حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ, وَيُقَالُ: أَبُو الْحَارِثِ الْمَدَنِيُّ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ. روى عن ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلاهُ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ وطائفة.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 293"، وتهذيب التهذيب "4/ 419". 2 تهذيب التهذيب "4/ 432"، والجرح والتعديل "4/ 455". 3 التاريخ الكبير "4/ 307"، تهذيب التهذيب "4/ 425".

وعنه ابن جريح وَمَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَخَلْقٌ. كَانَ رَأْسًا فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ. قَالَ أَبُو ضَمْرَةَ: رَأَيْتُهُ وَلَوْ قِيلَ لَهُ: السَّاعَةُ غَدًا مَا كَانَ عِنْدَهُ مَزِيدُ عَمَلٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ يُسْتَنْزَلُ بِذِكْرِهِ الْقَطْرُ. وَرَوَى إِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ يُصَلِّي فِي الشِّتَاءِ فِي السَّطْحِ وَفِي الصَّيْفِ وفي بَطْنِ الْبَيْتِ يَتَيَقَّظُ بِالْحَرِّ وَالْبَرْدِ حَتَّى يُصْبِحَ يَقُولُ: هَذَا الْجَهْدُ مِنْ صَفْوَانَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ وَأَنَّهُ الْتَزَمَ رِجْلاهُ حَتَّى يَعُودَ كَالسَّقْطِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَيَظْهَرَ فِيهِ عُرُوقٌ خُضْرٌ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: حَجَّ صَفْوَانُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ بِمِنًى فَقِيلَ لِي: إِذَا دَخَلْتَ مَسْجِدَ الْخِيفِ فانظر شيخًا إذا رأيته علمت أن يَخْشَى اللَّهَ فَهُوَ هُوَ، قَالَ: وَحَجَّ وَلَيْسَ مَعَهُ إِلا سَبْعَةُ دَنَانِيرَ فَاشْتَرَى بِهَا بَدَنَةً يَعْنِي وَقَرَّبَهَا. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ التّمَّارِ أَنَّ صَفْوَانَ كَانَ يَأْتِي الْمَقَابِرَ فَيَجْلِسُ فَيَبْكِي حَتَّى أَرْحَمُهُ. وَقَالَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ: إِنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ وَأَعَانَهُ عَلَى الْحِكَايَةِ أَخُوهُ: إِنَّ صَفْوَانَ حَلَفَ أَنْ لا يَضَعَ جَنْبَهُ إِلَى الأَرْضِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ فَمَكَثَ عَلَى هَذَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ عَامًا فَمَاتَ وَإِنَّهُ لَجَالِسٌ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: قَالَ صَفْوَانُ: أُعْطِي اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لا أَضَعَ جَنْبِي حَتَّى أَلْحَقَ بِرَبِّي، قَال فَبَلَغَنِي أَنَّ صَفْوَانَ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يَضَعْ جَنْبَهُ. قَالَ: وَيَقُولُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِنَّهُ نَقَبَتْ جَبْهَتُهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّجُودِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَقَدْ وَهِمَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ حَيْثُ قَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.

"حرف الضاد": 124- ضرار بن مرة1 -ت ن- أبو سنان الشيباني الكوفي. روى عنه سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَآخِرُ مَنْ روى عنه ابْنُ عُيَيْنَةَ, وَثَّقَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ ومائة. "حرف الطاء": 125- طلق بن معاوية2 -م ن- أبو غياث النخعي الكوفي جَدُّ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. رَوَى عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الْبَجَلِيُّ. وعنه حَفِيدَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وطلق بن غنام والثوري وشريك وجرير بن عبد الحميد. "حرف العين": 126- عاصم بن عبيد الله3 -د ت ق- بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيُّ العمري المدني. روى عن ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وعنه شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَشَرِيكٌ وَغَيْرُهُمْ. روى عنه مَالِكٌ حَدِيثًا وَاحِدًا فَهَذَا مِمَّنِ اتَّفَقَ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ مع ضعفه. ضعفه مالك ويحيى القطان. وقال البخاري: منكر الحديث.

_ 1 التاريخ لابن معين "2/ 273"، والجرح والتعديل "4/ 465". 2 تقريب التهذيب "1/ 363"، وميزان الاعتدال "2/ 345". 3 التاريخ الكبير "6/ 484"، وتهذيب التهذيب "5/ 46" وغيرهما.

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فَاحِشُ الْخَطَأِ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ السَّفَّاحِ وَكَانَتْ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. 127- عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبِ بْنِ شِهَابٍ الْجَرْمِيُّ الْكُوفِيُّ1 -م4- عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَعِدَّةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَزَائِدَةُ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَكَانَ فَاضِلا عَابِدًا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 128- عَبَّادُ بْنُ الرَّيَّانِ اللَّخْمِيُّ2 الْحِمْصِيُّ. عَنِ المقداد بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ وَمَكْحُولٍ. وعنه يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ الْقَاضِي وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 129- عَبَّاسُ بْنُ عبد الله بن معبد3 -د- بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي المدني أحد الصلحاء. روى عن أبيه وأخيه وإبراهيم وَعِكْرِمَةَ. وعنه ابْنُ إِسْحَاقَ وَوُهَيْبٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَوَصَفَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ بِالصَّلاحِ. 130- عَبْدُ الأَعْلَى التَّيْمِيُّ4. أحد العباد الخائفين. روى عن إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَغَيْرِهِ. روى عنه مِسْعَرٌ قَالَ: مَنْ أُوتِيَ عِلْمًا لا يُبْكِيهِ خَلِيقٌ أَنْ يَكُونَ أُوتِيَ عِلْمًا لا يَنْفَعُهُ وَيَحْتَجُّ بِآيَةِ {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} . [الإسراء: 109] .

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 487"، وميزان الاعتدال "2/ 356" وغيرهما. 2 تهذيب تاريخ ابن عساكر "7/ 219". 3 التاريخ الكبير "7/ 8"، وتهذيب التهذيب "5/ 120". 4 التاريخ الكبير "6/ 72"، والجرح والتعديل "6/ 28".

وَعَنْهُ قَالَ: قَطَعَ عَنِّي لَذَاذَةَ الدُّنْيَا ذِكْرُ الْمَوْتِ وَالْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى. 131- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْحُبْرَانِيُّ1 السَّكْسَكِيُّ الْحِمْصِيُّ -ت ق- نزيل البصرة. عن عبد لله بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَأَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ وَجَماعَةٍ. وعنه أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ الْقَيْسِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ هُنَا بِالْبَصْرَةِ رَأَيْتُهُ وَكَانَ لا شَيْءَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. 132- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بشر الخثعمي2 -ت ن- أبو عمير الكوفي الكاتب. عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ وَأَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو. وعنه حَفِيدُهُ بِشْرُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. ذَكَرَهُ ابْنُ حبان في كتاب "الثقات". 133- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ3 -ع- أبو محمد الأنصاري المدني أَحَدُ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ. روى عن أَنَسٍ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ وَحُمَيْدِ بن نافع وجماعة. وعنه ابن جريح وَابْنُ إِسْحَاقَ وَالزُّهْرِيُّ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وفليح بن عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ مَالِكٌ: كَانَ رَجُلَ صِدْقٍ كَثِيرَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً عَالِمًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ, عَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً, وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٌ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 48"، وتهذيب التهذيب "5/ 159". 2 التاريخ الكبير "5/ 49"، وتهذيب التهذيب "5/ 161"، وميزان الاعتدال "2/ 398". 3 التاريخ الكبير "5/ 54"، وتهذيب التهذيب "5/ 164".

134- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو حَرِيزٍ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ1 -4- قَاضِي سِجِسْتَانَ. روى عن شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى وَطَائِفَةٍ. وعنه سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَالْفُضَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَعُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ قَوَّاهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقِيلَ: كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 135- عَبْدُ اللَّهِ بن دينار البهراني الحمصي2 -ق- أبو محمد. عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَنَافِعٍ وَكَثِيرِ بْنِ الْعَلاءِ. وعنه أَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَالْجَرَّاحُ بْنُ مُلَيْحٍ الْبَهْرَانِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فِيهِ لِينٌ. وَوَثَّقَهُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ. وَرَوَى الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: شَامِيٌّ ضَعِيفٌ. قلت: لَهُ حديث واحد في سنن ابن ماجه. 136- عبد الله بن ذكوان3 -ع- أبو الزناد ويكنى أبا عبد الرحمن. الْفَقِيهُ الْمَدَنِيِّ مَوْلَى قُرَيْشٍ، يُقَالُ: إِنَّهُ ابْنُ أخي أبو لُؤْلُؤَةَ قَاتِلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ. سَمِعَ أَنَسًا وَأَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْن جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ والأعرج فاكثر عنه.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 72"، وتهذيب التهذيب "5/ 187". 2 والتاريخ الكبير "5/ 81"، تهذيب التهذيب "5/ 203". 3 التاريخ الكبير "5/ 83"، والصغير "2/ 27"، وتهذيب التهذيب "5/ 203".

روى عنه مَالِكٌ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ والسُّفْيَانَانِ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ. قَالَ اللَّيْثُ: رَأَيْتُ خَلْفَهُ ثَلاثَمِائَةِ تَابِعٍ مِنْ طَالِبِ فِقْهٍ وَطَالِبِ شِعْرٍ وَصُنُوفٍ. قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَلْبُثْ أَنْ بَقِيَ وَحْدَهُ وَأَقْبَلُوا عَلَى رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: رَأَيْتُ رَبِيعَةَ وَأَبَا الزِّنَادِ وَكَانَ أَبُو الزِّنَادِ أَفْقَهَ الرَّجُلَيْنِ. وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ دَخَلَ مَسْجِدَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ مِثْلُ مَا مَعَ السُّلْطَانِ مِنَ الأَتْبَاعِ فَمِنْ سَائِلٍ عَنْ فَرِيضَةٍ وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الْحِسَابِ وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الشِّعْرِ وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الْحَدِيثِ وَمِنْ سَائِلٍ عَنْ مُعْضِلَةٍ1. وَقَالَ بَعْضُ النُّقَّادِ: أَصَحُّ الأَسَانِيدِ: أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَعْلَمُ مِنْ رَبِيعَةَ قَالَ: وَكَانَ سُفْيَانُ يُسَمِّي أَبَا الزِّنَادِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ فَقِيهَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ صَاحِبَ كِتَابَةٍ وَحِسَابٍ وَفَدَ عَلَى هِشَامٍ الْخَلِيفَةِ بِحِسَابِ دِيوَانِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ يُعَانِدُ رَبيِعَةَ. قَالَ إبراهيم بن المنذر الحزامي: هُوَ كَانَ سَبَبَ جَلْدِ رَبِيعَةَ الرَّائِيِّ فَوَلِيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَدِينَةَ فُلانٌ التَّيْمِيُّ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي الزِّنَادِ فَطَيَّنَ عَلَيْهِ بَيْتًا فَشَفَعَ فِيهِ رَبِيعَةُ. وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ: أَمَّا أَبُو الزِّنَادِ فَلَيْسَ بِثِقَةٍ وَلا رَضِيٍّ. قُلْتُ: انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى تَوْثِيقِ أَبِي الزِّنَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقِيلَ لِلثَّوْرِيِّ: جَالَسْتَ أَبَا الزِّنَادِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالْمَدِينَةِ أَمِيرًا غَيْرَهُ. تُوُفِّيَ أَبُو الزِّنَادِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثلاثين. 137- عبد الله بن سبرة الكوفي2، أبد سبرة. عن الشعبي وأبي الضحى

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 229". 2 التاريخ الكبير "5/ 111".

وعنه هشيم ويحيى بن أَبِي زَائِدَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ. 138- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ الْطَّوِيلُ1 -د ن- أبو حمزة المصري. كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنَ الأَبْدَالِ. روى عن نَافِعٍ وَكَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ. وعنه اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ. وَهُوَ صَدوُقٌ مُقِلٌّ، مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 139- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَوَادَةَ القشيري2 -م4-. بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ. عَنْ أَبِيهِ سُوَادَةَ بْنِ حَنْظَلَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ. وعنه حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو هِلالٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 140- عبد الله بن طاوس بن كيسان3 -ع- أبو محمد اليماني سمع أباه وعكرمة وعمرة بْنَ شُعَيْبٍ وَعِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ وَجَمَاعَةً. وعنه ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ. قَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالْعَرَبِيَّةَ وَأَحْسَنِهِمْ خُلُقًا مَا رَأَيْنَا ابْنَ فَقِيهٍ مِثْلَهُ. قُلْتُ: وَثَّقُوه. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ خِلِّكَانَ4 فِي تَرْجَمَةِ طَاوُسٍ أَنَّ الْمَنْصُورَ طَلَبَ ابْنَ طَاوُسٍ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَصَدَعَهُ ابْنُ طَاوُسٍ بِكَلامٍ. قُلْتُ: هَذَا لا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ ابْنَ طَاوُسٍ مَاتَ قَبْلَ أَيَّامِ الْمَنْصُورِ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 108"، وتقريب التهذيب "1/ 398"، والمشاهير "190". 2 تهذيب التهذيب "5/ 247"، والمعرفة والتاريخ "2/ 471". 3 التاريخ الكبير "5/ 123"، وتهذيب التهذيب "5/ 267". 4 يعني في وفيات الأعيان "2/ 511".

141- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طلحة1 -م ن-. أبو يحيى الأنصاري أَخُو إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعُقوبَ وَعَمْرٍو. روى عن أَبِيهِ وَعَمِّهِ لأُمِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. روى عنه مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْفِطْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ وَغَيْرُهُمَا. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. ثِقَةٌ. 142- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرِ بْنِ حَزْمٍ2 أَبُو طُوَالَةَ الأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ الْمَدَنِيُّ قَاضِي الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. روى عن أَنَسٍ وَأَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ وعامر بن سعد وأبي الخباب سعيد بن يسار وعدة. وعنه مالك وفليح وسليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر وآخرون. وحكم بالمدينة وكان عبدا صالحا ثقة يسرد الصوم. توفي سنة نيف وثلاثين وَمِائَةٍ. 143- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يحنس3. حجازي ثقة مقل. روى عن دِينَارٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظِ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي سفيان. وعنه ابن جريح وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ وَغَيْرُهُمْ. 144- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو نَصْرٍ الضبي -ت ق- الكوفي. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمُسَاوِرَ الْحِمْيَرِيِّ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. 145- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرحمن البصري4 المعروف بالرومي

_ 1 تهذيب التهذيب "5/ 269"، والتقريب "1/ 403". 2 التاريخ الكبير "5/ 130"، وتهذيب التهذيب "5/ 297". 3 تهذيب التهذيب "5/ 297"، والتقريب "1/ 405". 4 التاريخ الكبير "5/ 133"، وتهذيب التهذيب "5/ 299".

روى عن أبي هريرة وابن عمر. وعنه ابْنُهُ عُمَرُ بْنُ الرُّومِيِّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 146- عَبْدُ اللَّهِ بن عطاء الطائفي1 -م4- ثم المكي مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - وَلَمْ يُدْرِكْهُ - وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وعكرمة بن خَالِدٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو مَعِينٍ الضَّرِيرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي حُدُودِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 147- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي لبيد2 أبو المغيرة المدني مَوْلَى الأَخْنَسِ بْن شُرَيْقٍ كَانَ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ زَمَانِهِ. سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ وَغَيْرَهُمَا. وعنه مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَالسُّفْيَانَانِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ الْقَوْلُ بِالْقَدَرِ وَلَمْ يَصِحَّ. مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 148- عَبْدُ اللَّهِ السَّفَّاحُ بْنُ مُحَمَّدِ3 بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ أَبُو الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَوَّلُ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ، قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ. وَبِدَوْلَتِهِ تَفَرَّقَتِ الْجَمَاعَةُ وَخَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ مَا بَيْنَ تَاهِرْتَ إِلَى بِلادِ السُّودَانِ وَجَمَعَ مَمْلَكَةَ الأَنْدَلُسِ وَخَرَجَ بِهَذِهِ الْبِلادِ مِنْ تغلب عليها واستمر ذلك.

_ 1 تهذيب التهذيب "5/ 322"، وميزان الاعتدال "2/ 461". 2 التاريخ الكبير "5/ 182"، تهذيب التهذيب "4/ 372". 3 البداية والنهاية "10/ 61"، وتاريخ الطبري "3/ 88"، والذهب المسبوك "36" للمقريزي وغيرهم.

وَكَانَ شَابًّا طَوِيلا أَبْيَضَ مَلِيحَ الْوَجْهِ وَاللِّحْيَةِ. وُلِدَ بِالْحُمَيَّمَةِ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَلْقَاءِ وَنَشَأ بِهَا وَبُويِعَ بِالْكُوفَةِ، وَأُمُّهُ رَايِطَةُ الْحَارِثِيَّةُ. حَدَّثَ عَنْ إبراهيم بن محمد الإمام وَهُوَ أَخُوهُ. روى عنه عَمُّهُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ. وَكَانَ أَصْغَرَ مِنْ أَخِيهِ الْمَنْصُورِ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ. رَوَى عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شيبة وقتيبة عَنْ جَرِيرٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَطِيَّةَ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَخْرُجْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي عِنْدَ انْقِطَاعٍ مِنَ الزَّمَانِ وَظُهُورٍ مِنَ الْفِتَنِ يُقَالُ لَهُ السَّفَّاحُ فَيَكُونُ إِعْطَاؤُهُ الْمَالَ حَثْيًا"، وَرَوَاهُ الْعُطَارِدِيُّ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ1. قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: كَانَ السَّفَّاحُ أبيض طولًا أَقْنَى2 ذَا شَعْرَةٍ جَعْدَةٍ حَسَنَ اللِّحْيَةِ مَاتَ بِالْجُدَرِي3. قال عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيُّ: قَالَ أَبِي: سَمِعْتُ الأَشْيَاخَ يَقُولُونَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَفْضَتِ الْخِلافَةُ إِلَى بَنِي الْعَبَّاسِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَحَدٌ أَكْثَرُ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ وَلا أَفْضَلُ عَابِدًا وَنَاسِكًا مِنْهُمْ بِالْحُمَيِّمَةِ. وَقَالَ الصُّولِيُّ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَلْمٍ الْبَاهِلِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ السَّفَّاحِ وَهُوَ أَحْشَدُ مَا يَكُونُ بِبَنِي هَاشِمٍ وَالشِّيعَةِ وَوُجُوهِ النَّاسِ فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ وَمَعَهُ مُصْحَفٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِنَا حَقَّنَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَنَا فِي هَذَا الْمُصْحَفِ، فَأَشْفَقَ النَّاسُ مِنْ أَنْ يَعْجَلَ السَّفَّاحُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَلا يُرِيدُونَ ذَلِكَ فِي شَيْخِ بَنِي هَاشِمٍ أَوْ يَعْيَا بِجَوَابِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ نَقْصًا وَعَارًا عَلَيْهِ، فَأَقْبَلَ غَيْرَ مُنْزَعِجٍ فَقَالَ: إِنَّ جَدَّكَ عَلِيًّا كَانَ خَيْرًا مِنِّي وَأَعْدَلَ وَلِيَ هَذَا الأَمْرَ فَأَعْطِي جَدَّيْكَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وكانا خَيْرًا مِنْكَ شَيْئًا وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ أُعْطِيَكَ مِثْلَهُ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ فَقَدْ أَنْصَفْتُكَ وَإِنْ كُنْتُ زِدْتُكَ فَمَا هَذَا جَزَائِي مِنْكَ، قَالَ: فَمَا رَدَّ عَلَيْهِ جَوَابًا وَانْصَرَفَ وَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ جَوَابِهِ له.

_ 1 ضعيف: أخرجه أحمد في المسند بنحوه "3/ 80". 2 يعني دقيق. 3 الجدري: حمى معدية تتميز بطفح حليمي على الجلد يتقيح، ويعقبه قشر.

قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَجَمَاعَةٌ: عَاشَ السَّفَّاحُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ سَنَةً وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ. وَأَمَّا خَلِيفَةُ فَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْخَطْبِيُّ: مَوْلِدُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: مَاتَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ. 149- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغِيثِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّه وَعَنْ أُمِّ عَامِرٍ الأَشْهَلِيَّةِ. وعنه ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ وَشُعَيْبُ بْنُ عُمَارَةَ. وَهُوَ مُقِلٌّ صَدُوقٌ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْهَاشِمِيُّ. قَدْ ذُكِرَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 150- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ2 بْنِ قَيْسِ بن أحزم التجيبي المصري. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي الْخَيْرِ مَرْثَدٍ الْيَزَنِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ وَجَمَاعَةٍ. وعنه سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَيَحْيَى بْنُ أيوب والمصريون. وثقه ابن حِبَّانَ. مَاتَ فِي سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 151- عبد الله بن أبي نجيح يسار3 -ع-. مَوْلَى الأَخْنَسِ بْنِ شُرَيْقٍ الثَّقَفِيِّ أَبُو يَسَارٍ الْمَكِّيُّ أَحَدُ الثِّقَاتِ. روى عن مُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَابْنُ عُلَيَّهَ وعبد الوارث وآخرون.

_ 1 المعروفة والتاريخ "3/ 237"، والجرح والتعديل "4/ 74". 3 تقريب التهذيب "1/ 430". 3 التاريخ الكبير "5/ 233"، وتهذيب التهذيب "6/ 54".

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ مُفْتِي أَهْلِ مكة بعد عمرة بْنِ دِينَارٍ وَكَانَ جَمِيلا فَصِيحًا حَسَنَ الْوَجْهِ لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ مُعْتَزِلِيًّا1. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: هُوَ ثِقَةٌ قَدَرِيٌّ. وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ثنا الزِّنْجِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ فِي النَّوْمِ فِي الْمَنَارَةِ قَائِمًا يَقُولُ: مَا لَقِيتُ شَيْئًا مِثْلَ الَّذِي لَقِيتُ فِي الْقَدَرِ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ مَوْجِلٍ عَنِ ابْنِ صَفْوَانَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: أَدْعُوكَ إِلَى رَأَيِ الْحَسَنِ يَعْنِي الْقَدَرَ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ أَيْضًا، وَيُقَالُ: لَمْ يَسْمَعِ التَّفْسِيرَ مِنْ مُجَاهِدٍ. 152- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ الْمَكِّيُّ الأَعْرَجُ2، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وعنه عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ". وَرَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا مَتْنُهُ "ثَلاثَةٌ لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ" 3. 153- عَبْدُ الْحَمِيدِ الْكَاتِبُ4 بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعْدٍ أَبُو يَحْيَى. الْكَاتِبُ الشَّهِيرُ أَحَدُ مَنْ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْكِتَابَةِ والبلاغة. وأستاذه في الصنعة

_ 1والمعتزلة: هي أول المدارس الكلامية الكبري، تؤمن بالعقل، وتحاول التوفيق بينه وبين النقل وتلجأ إلى التأويل ما وسعها، وفي هذا ما باعد بينها وبين السلف الصالح وأهل السنة. 2 التاريخ الكبير "5/ 233"، وتهذيب التهذيب "6/ 85"، وذكره ابن حبان في الثقات "7/ 23". 3 حديث حسن: أخرجه النسائي في سننه الصغري "2561"، وابن حبان "1/ 156"موارد"، وأحمد في مسنده "2/ 134". 4 ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 240"، وله ترجمة في وفيات الأعيان "3/ 228".

سَالِمٌ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَأَصْلُهُ أَنْبَارِيٌّ ثُمَّ سَكَنَ الرَّقَّةِ وَكَتَبَ الإِنَشاءَ لِمَرْوَانَ الْحِمَارِ وَلَهُ عَقِبٌ. حَكَى عَنْهُ خَالِدُ بْنُ بَرْمَكٍ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ: كَانَ فِي الأَوَّلِ مُؤَدِّبًا فَتَنَقَّلَ فِي الْبُلْدَانِ وَعَنْهُ أَخَذَ الْمُتَرَسِّلُونَ وَمِنْهُ يستمدون حتى قيل: فتحت الرسائل يعبد الْحَمِيدِ وَخُتِمَتْ بِابْنِ الْعَمِيدِ وَمَجْمُوعُ رَسَائِلِهِ نَحْوٌ مِنْ مِائَةِ كُرَّاسٍ. قُتِلَ مَعَ مَرْوَانَ بِبُوصِيرَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. فَقِيلَ إِنَّهُمْ حَمُّوا لَهْ طِسْتًا ثُمَّ وَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ فَهَلَكَ. وَمِنْ جُمْلَةِ تَلامِيذِهِ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ وزير المهدي. ويقال: ولاؤه لنبي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَيُقَالُ: لِبَنِي عَامِرِ بْنِ كِنَانَةَ. رُوِيَ عَنْ مُهَزِّمِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: نَظَرَ إِلَيَّ عَبْدُ الْحَمِيدِ الْكَاتِبُ وَأَنَا أَكْتُبُ خَطًّا رَدِيئًا فَقَالَ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُجَوَّدَ خَطُّكَ فَأَطِلْ جَلْفَتَكَ وَأَسْمِنْهَا وَحَرِّفْ قِطَّتَكَ وَأَيْمِنْهَا1. 154- عَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ2 -خ م د ن- بَصْرِيٌّ جَلِيلٌ. روى عن أَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ وَأَبِي رَجَاءٍ الْعَطَارِدِيِّ. وعنه شُعْبَةُ وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 155- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَرْدَكَ الْمَخْزُومِيُّ3 -د ت ق-. مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَقِيلَ هُوَ أَخُوهُ مِنْ أُمِّهِ وَعَنْ عَطَاءٍ وَعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ. وعنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: مُنْكَرُ الحديث. وقال غيره: صدوق فيه شيء.

_ 1 انظر المصدر السابق للمصنف في السير "6/ص 241". 2 التاريخ الكبير "6/ 47"، والتهذيب "6/ 114". 3 التاريخ الكبير "5/ 275"، وتهذيب التهذيب "6/ 159".

156- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَوْف1 -ع- الزهري المدني. عَنْ أَبِيهِ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وعنه صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَآخَرُونَ. وَهُوَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ. 157- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي صعصة2 -خ د ن ق- الأنصاري المازني المديني أَحَدُ الأُخْوَةِ. سَمِعَ أَبَاهُ وَعَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ. وعنه يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. قَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ الْمَنْصُورِ. 158- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِي الْمَدَنِيُّ3. حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ. روى عن أَبِيهِ وَعَمِّهِ إِبْرَاهِيمَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وعنه ابْنُهُ يَعْقُوبُ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَفِي الْمُوَطَّأِ حَدِيثٌ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى فَأَخْبَرَهُ عَنْ رَجُلٍ ارْتَدَّ وَقَتَلُوهُ فَقَالَ: هَلا حَبَسْتُمُوهُ - الْحَدِيثَ. 159- عَبْدُ الْعَزِيزِ بن حكيم4 الحضرمي الكوفي.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 273"، وتهذيب التهذيب "6/ 164" 2 التاريخ الكبير "5/ 303"، وتهذيب التهذيب "6/ 209". 3 التاريخ الكبير "5/ 346"، الجرح والتعديل "5/ 281". 4 التاريخ الكبير "6/ 11"، والجرح والتعديل "5/ 379".

عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَابْنِ عُمَرَ. وعنه أَبُو عَوَانَةَ وَشَرِيكٌ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى حُدُودِ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 160- عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ1 -م ت- الحضرمي المصري أبو الحارث الزاهد. أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ. عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ وَعَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَمِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ. وعنه اللَّيْثُ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةً. تُوُفِّيَ بِبَرْقَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 161- عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ سُهَيْلِ2 بْنِ عبد الرحمن بن عوف -خ م د ن- الزهري المدني. عَنْ عَمِّهِ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وَجَمَاعَةٍ. وعنه مَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَجَمَاعَةٌ آخرهم الدَّرَاوَرْدِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 162- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَشِيرٍ الْبَصْرِيُّ3 -ت ن- نَزَلَ الْمَدَائِنَ. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَاوِرٍ. وعنه سُفْيَانُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَالْمُحَارِبِيُّ. وَثَّقَهُ يَحْيَى القطان.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 89"، وتهذيب التهذيب "6/ 371". 2 التاريخ الكبير "6/ 110"، وتهذيب التهذيب "6/ 380". 3 التاريخ الكبير "5/ 408"، وتهذيب التهذيب "6/ 386".

163- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ رَاشِدٍ الْحِمْصِيُّ1. عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَالْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ وَعَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ. وعنه سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ وَبَقِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الأَبْرَشُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الضَّحَّاكِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ. 164- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ سويد2 -ع- بن حارثة اللخمي الكوفي. أَحَدُ الأَعْلامِ أَبُو عُمَرَ، وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو. رَأَى عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وَروى عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَجُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَالأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَزَائِدَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَإِسْرَائِيلُ وَزِيَادُ الْبَكَّائِيُّ وَسُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَخَلْقٌ. وَوَلِيَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ بَعْدَ الشَّعْبِيِّ. قَالَ النَّسَائِيُّ وَجَمَاعَةٌ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِحَافِظٍ. وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ لِغَلَطِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مُخْتَلِطٌ. وَوَثَّقَهُ آخَرُونَ. وَكَانَ مُعَمَّرًا مَاتَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ بِالاتِّفَاقِ، وَأَمَّا سِنُّهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَاشَ مِائَةً وَثَلاثَ سِنِينَ وَقِيلَ: مِائَةً وَبِضْعَ سِنِينَ. قَالَ أَبُو بَكْر بْنُ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَذِهِ السَّنَةُ لِي مِائَةُ سَنَةٍ وَثَلاثُ سِنِينَ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ عَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَاقِفًا فِي رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ عَلَى فَرَسٍ وَهُوَ وَافِي الْمَشِيبِ وَهُوَ يَقُولُ: أَرَى حَرْبًا مُضَلِّلَةً وَسِلْمًا ... وعهدًا ليس بالعهد الوثيق

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 112". 2 تقريب التهذيب "1/ 482"، والجرح والتعديل "5/ 360".

165- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ1 بْنِ الأَمِيرِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ اللَّخْمِيُّ. كَانَ مِنْ أَعْيَانِ أُمَرَاءِ الدَّوْلَةِ الأُمَوِيَّةِ ثُمَّ مِنْ كِبَارِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ. وَهَذَا اتِّفَاقٌ نَادِرٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وَلاهُ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ جُنْدَ مِصْرَ وَخَرَاجِهَا فَعَدَلَ فِينَا وَسَارَ سَيْرَةً جَمِيلَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدِمَ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ مِصْرَ فَأَكْرَمَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى الْعِرَاقِ فَوَلاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ إِقْلِيمَ فَارِسَ وَكَانَ فَصِيحًا مِنْ أَخْطَبِ النَّاسِ. 166- عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ أَبِي شِرَاعَةَ2، أَبُو بِلالٍ الأَزْدِيُّ الْحَلابُ. روى عن ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وعنه مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 167- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بكر بن أنس بن مالك3 -ع- أبو معاذ الأنصاري البصري. رَوَى عَنْ جَدِّهِ. وعنه شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَهُشَيْمٌ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ. 168- عبيد الله بن أبي جعفر4 -ع- الليثي المصري الفقيه أبو بكر. مَوْلَى عُرْوَةَ بْنِ شُيَيْمٍ اللَّيْثِيِّ مِنْ سَبْيِ طَرَابُلْسَ الْغَرْبِ أَعْنِي أَبَاهُ وَاسْمُهُ يَسَارٌ. رَأَى عُبَيْدُ اللَّهِ مِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ الْحَارِثِ الزُّبَيْدِيَّ وَسَمِعَ الأَعْرَجَ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَطَاءً وَحَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالشَّعْبِيَّ وَنَافِعًا وَمُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بن الزبير وبكير بن الأشج وجماعة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 241". 2 التاريخ الكبير "6/ 116"، والجرح والتعديل "6/ 65". 3 التاريخ الكبير "5/ 375"، وتهذيب التهذيب "6/ 5". 4 التاريخ الكبير "5/ 376"، وتهذيب التهذيب "6/ 5".

روى عنه ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ بَابَةُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: غَزَوْنَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فَكَسَرَ بِنَا مَرْكَبُنَا فَأَلْقَانَا الْمَوْجُ عَلَى خَشَبَةٍ فِي الْبَحْرِ وَكُنَّا خَمْسَةً، فَأَنْبَتَ اللَّهُ لَنَا بِعَدَدِنَا وَرَقَةً لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَّا فَنَمُصُّهَا فَتُشْبِعُنَا وَتَرْوِينَا فَإِذَا أَمْسَيْنَا أَنْبَتَ اللَّهُ مَكَانَهَا حَتَّى مَرَّ بِنَا مَرْكَبٌ فَحَمَلْنَا. وَمِمَّا رُوِيَ مِنْ كَلامِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَجَادَ قَالَ: إِذَا كَانَ الْمَرْءُ يُحَدِّثُ فَأَعْجَبَهُ الْحَدِيثُ فَلْيُمْسِكْ وإن كان ساكنًا فَأَعْجَبَهُ السُّكُوتُ فَلْيَتَحَدَّثْ. وَقَالَ سَعِيدٌ الآدَمُ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ يَقُولُ: مَا رَأَتْ عَيْنِي عَالِمًا زَاهِدًا إِلا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي جَعْفَرٍ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِهِ: كَانَ عَالِمًا زَاهِدًا عَابِدًا وُلِدَ سَنَةَ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 169- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَبْحَابِ السَّلُولِيُّ1. مَوْلاهُمُ الْكَاتِبُ الأَمِيرُ، كَانَ كَاتِبَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ رَقَّاهُ وَوَلاهُ إِمْرَةَ مِصْرَ وَعَظَّمَ شَأْنَهُ ثُمَّ وَلاهُ الْمَغْرِبَ مُدَّةً. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَتَلَهُ الْمَنْصُورُ بِوَاسِطَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ مَعَ ابْنِ هُبَيْرَةَ. 170- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ الضَّمْرِيُّ2 -4- مَوْلاهُمُ الإِفْرَيِقِيُّ وُلِدَ بِإِفْرِيقِيَّةَ وَرَحَلَ فِي الْعِلْمِ وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ. رَوَى عَنْ أَبِي الهيثم صاحب أبي سَعِيد الخدري وعن أبي هارون العَبْديّ وخالد بْن أَبِي عَمْران والربيع بْن أنس. وَلَهُ نُسْخَةً مَشْهُورَةً عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الأَلْهَانِيِّ وَقَدْ أرسل عن أبي أمامة الباهلي وغيره.

_ 1 راجع: الولاة والقضاة "73". 2 التاريخ الكبير "5/ 382"، وتهذيب التهذيب "7/ 12".

روى عنه يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ جَائِزُ الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لين الحديث. 171- عبيد الله بن طلحة1 -د ق- بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ أَبُو مُطَرِّفٍ الخزاعي. عَنِ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ هُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَحِبَّانُ بْنُ يَسَارٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَهَارُونُ بْنُ مُوسَى الأَعْوَرُ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 172- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو وَهْبٍ الْكَلاعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ2 -ق-. عَنْ مَكْحُولٍ وَبِلالِ بْنِ سَعُدٍ وَحَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَصَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ الله والهيثم بن حميد وإسماعيل بن عَيَّاشٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 173- عبيد الله بن المغيرة3 -ق- بن معيقيب أبو المغيرة السبأي المصري. روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخَيَّارِ وَأَبِي الْهَيْثَمِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْعُتْوَارِيِّ صَاحِبِ أَبِي سَعِيدٍ. وعنه عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ بَلَدِهِ. قَال أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وثلاثين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 385"، وتهذيب التهذيب "7/ 19". 2 تهذيب التهذيب "7/ 35"، والتقريب "1/ 498". 3 التاريخ الكبير "5/ 399"، وتهذيب التهذيب "7/ 49".

174- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سلَمَانَ الأَغَرُّ1 -خ ت ق- مَوْلَى بَنِي جُهَيْنَةَ. عَنْ وَالِدِه أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ. وعنه مَالِكٌ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 175- عُبَيْدُ بْنُ سَلْمان الأَعْرَجُ2. مَوْلَى مُسْلِمِ بْنِ هِلالٍ. سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ. وعنه ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا أَعْلَمُ فِي حَدِيثِهِ إِنْكَارًا يُحَوَّلُ مِنْ كِتَابِ الضُّعَفَاءِ لِلْبُخَارِيِّ. 176- عُبَيْدُ بْنُ سُوَيَّةَ الأَنْصَارِيُّ3. مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ، رَجُلٌ صَالِحٌ مُفَسِّرٌ قَلَّمَا رَوَى. أَخَذَ عَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شريح وَابْنُ لَهِيعَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَغَيْرُهُمْ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ ومائة. 177- عبيد بن مهران الكوفي4 -م ن- المكتب. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ. وعنه فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَجَرِيرٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وُثِّقَ. 178- عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدِ5 -ع- بن قيس بن عمرو الأنصاري المدني أخو يحيى وسعد.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 384"، وتهذيب التهذيب "7/ 18". 2 الجرح والتعديل "5/ 407". 3 تهذيب التهذيب "7/ 67". 4 التاريخ الكبير "6/ 4"، وتهذيب التهذيب "7/ 74". 5 التاريخ الكبير "6/ 76"، وتهذيب التهذيب "6/ 126"، والمشاهير "133"، والجرح والتعديل "6/ 41".

روى عن أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَعَمْرَةَ. وعنه عَطَاءٌ شَيْخُهُ وَشُعْبَةُ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ وَقَّادًا حَيَّ الْفُؤَادِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ. 179- عَبْدَةُ بْنُ رَبَاحٍ الْغَسَّانِيُّ1، الشَّامِيُّ. عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَعُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ. وعنه ابْنُهُ الْحَارِثُ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَجَبَلَةُ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرُهُمْ. وَلَهُ دَارٌ بِبَابِ الْبَرِيدِ تُعْرَفُ بِدَارِ الْكَاسِ، وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ الْمَوْصِلِ وَالْجَزِيرَةَ لِلْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ جَلِيسٌ لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُقَالُ لَهُ هِشَامُ بْنُ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ فَقَالَ لَهُ: كَانَ عِنْدَنَا صَاحِبُ شُرْطَةَ يُقَالُ لَهُ عَبْدَةُ بْنُ رَبَاحٍ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنِي يَعُقُّنِي وَيَظْلِمُنِي فَأَرْسَلَ مَعَهَا يَطْلُبُهُ فَقَالَتِ الشُّرْطَ لَهَا: إِنْ أَخَذَ ابْنَكِ ضَرَبَهُ أَوْ قَتَلَهُ، قَالَتْ: كَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَمَرَّتْ بِكَنِيسَةٍ عَلَى بابها شامس فَقَالَتْ: خُذُوا هَذَا ابْنِي فَقَالُوا: أَجِبِ الأَمِيرَ، فَلَمَّا حَضَرَ قَالُوا لَهُ: تَضْرِبُ أُمَّكَ وَتَعُقَّهَا! قَالَ: مَا هِيَ أُمِّي، قَالَ: وَتَجْحَدُهَا أَيْضًا! فَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: إِنْ أَرْسَلْتَهُ مَعِي ضَرَبَنِي، فَقَالَ: هَاتُوهُ، فَأَرْكَبَهَا عَلَى عُنُقِهِ وَأَمَرَ فَنُودِيَ عَلَيْهِ هَذَا جَزَاءُ مَنْ يَعُقُّ أُمُّهُ. فَمَرَّ بِهِ صَدِيقٌ لَهُ فَقَالَ: مَا هَذَا! قَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُمٌّ فَلْيَمْضِ إِلَى عَبْدَةَ يُجْعَلْ لَهُ أُمًّا. 180- عُتْبَةُ بن حميد الضبي البصري2 -د ت ق- أبو معاذ. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ. وعنه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 114"، والجرح والتعديل "6/ 69". 2 التاريخ الكبير "6/ 526"، وتهذيب التهذيب "7/ 96".

وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 181- عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ التَّيْمِيُّ1 -خ م د ق- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. وَهُوَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ. روى عن عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وعنه ابْنُ إِسْحَاقَ وَمُسْلِمٌ الزِّنْجِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ. وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ. 182- عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عباد2 -م ن4- بْنِ حَنِيفٍ أَبُو سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسٍ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَدَدٍ كَثِيرٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَهُشَيْمٌ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَطَائِفَةٌ. وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتًا زَاهِدًا عَابِدًا. 183- عُثْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلانِيُّ الشَّامِيُّ3، أَخُو سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ. روى عن عِكْرِمَةَ وَالضَّحَاكِ وَعُمَرَ بن عبد العزيز وعمير بن هانيء. وعنه ابْنُ ثَوْبَانَ وَهِشَامُ بْنُ الْغَازِ وَعُمَرُ بْنُ مَرْوَانَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هُوَ مَجْهُولٌ يَنْقُلُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ قَدَرِيًّا. قُلْتُ: أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ خَبَرًا مُنْكَرًا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ. 184- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيُّ4، الدِّمَشْقِيُّ الأَمِيرُ. وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ مِنْ قِبَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ.

_ 1 التاريخ الكبير"6/ 524"، وتهذيب التهذيب "7/ 102". 2 التاريخ الكبير "6/ 216"، وتهذيب التهذيب "7/ 111". 3 تاريخ أبي زرعة "1/ 66". 4 المعرفة والتاريخ "3/ 379".

وَروى عن كُهَيْلِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثًا رَوَاهُ عَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ. وَثَّقَهُ يَعْقُوبُ الفسوي. وكان قد ولي إمرة لِلْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ ثُمَّ إِنَّهُ نَزَعَ الطَّاعَةَ وَخَرَجَ فَقَتَلَهُ بَنُو الْعَبَّاسِ. 185- عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ بن الزبير1 -خ م د ن ق- بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْقُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيُّ. أَحَدُ خُطَبَاءِ قُرَيْشٍ وَعُلَمَائِهِمْ وَأَشْرَافِهِمْ وَكَانَ جَمِيلَ الْهَيْئَةِ رَوَى عَنْ أَبِيهِ فَقَطْ شَيْئًا يَسِيرًا. وَروى عنه أَخُوهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ صَائِحًا يَصِيحُ مِنَ السَّمَاءِ لَقَالَ أَمِيرُكُمْ عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ: الشُّكْرُ وَإِنْ قَلَّ جَزَاءُ كُلِّ نَائِلٍ وَإِنْ جَلَّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَفَدَ عُثْمَانُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ فَوَصَلَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا لَمْ يُعَقِّبْ. وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ لِي وَأَنا أُغَلِّفُ لِحْيَتِي بِالْغَالِيَةِ: إِنِّي أَرَاهَا سَتَقْطُرُ دَمًا وَمَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيَّ. وَقِيلَ: إِنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسِهِ فَيَسْلِتُ نَاسٌ الْغَالِيَةَ مِنْ عَلَى الْحَصَى مِمَّا أَصَابَهَا مِنْ لِحْيَتِهِ. وَيُقَالُ: لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَحَسَنَ مِنْهُ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ عُثْمَانُ أَصْغَرَ مِنْ هِشَامٍ وَمَاتَ قَبْلَ هِشَامٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ قَبْلَ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 186- عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ الْفَقِيهُ2 -4- أَبُو عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ بَيَّاعُ الْبُتُوتِ. اسْمُ أَبِيهِ مُسْلِمٌ, وَيُقَالُ أَسْلَمُ, وَيُقَالُ: سُلَيْمَانُ، وَأَصْلُهُ مِنَ الكوفة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 244"، تهذيب التهذيب "7/ 138". 2 التاريخ الكبير "6/ 215"، وتهذيب التهذيب "7/ 153".

روى عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَلُمَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وعنه شُعْبَةُ والثوري هشيم وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ مِنْ كِبَارِ الْفُقَهَاءِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ لَهُ أَحَادِيثُ وَكَانَ صَاحِبَ رَأْيٍ وَفِقْهٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَرَوَى عَبَّاسُ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. قُلْتُ: وَمِمَّنْ روى عنه أبو شعاب عَبْدُ رَبِّهِ الْخَيَّاطُ وَعُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ الْغَطْفَانِيُّ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. 187- عُرْوَةُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو فَرْوَةَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ1 -خ م د ت-. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي زُرْعَةَ. وعنه شُعْبَةُ وَمِسْعَرٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ. وَهُوَ ثِقَةٌ يُعْرَفُ بِأَبِي فَرْوَةَ الأكبر. 188- عروة بن رويم2 -د ن ق- أبو القاسم اللخمي الأزدي. عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخَشَنِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ. روى عنه مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مَرَاسِيلُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ أَبَا ثَعْلَبَةَ وَسَمِعَ مِنْهُ.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 34"، وتهذيب التهذيب "7/ 178". 2 التاريخ الكبير "7/ 33"، وتهذيب التهذيب "7/ 179".

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ آخَرُ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 189- عُرْوَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قشير1 -د ق- أبو سهل الجعفي الكوفي. عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وعنه سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وعمر بْنُ شِمْرٍ وَعَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَلَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي السنن. 190- عطاء بن السائب2 -4خ متابعة - بن مالك الثقفي أبو زيد الكوفي. أَحَدُ الْمَشَاهِيرِ. روى عن أَبِيهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَذَرٍّ الْهَمْدَانِيِّ وَأَبِي وَائِلٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وطائفة سواهم. وعنه سفيان وشعبة وحماد وبن سلمة - هؤلاء حَدِيثُهُمْ عَنْهُ صَحِيحٌ عَلَى مَا ذَكَرَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ - وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَزَائِدَةُ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَزِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَهُوَ أَقْدَمُ شَيْخٍ لِلْقَطَّانِ وَرَوَى عَنْهُ خَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ثِقَةٌ ثِقَةٌ رَجُلٌ صَالِحٌ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا كَانَ صَحِيحًا وَكَان يَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ فِي حَدِيثِهِ الْقَدِيمِ لَكِنَّهُ تَغَيَّرَ وَرِوَايَةُ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْهُ جَيِّدَةٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ وَضِرَارَ بْنَ مُرَّةَ رَأَيْتُ أَثَرَ الْبُكَاءَ عَلَى خُدُودِهِمَا.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 34"، وتهذيب التهذيب "7/ 186". 2 التاريخ الكبير "6/ 465"، وتهذيب التهذيب "7/ 203".

وقال أَبُو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: كَانَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَكَانَ مِنَ الْمَهَرَةِ بِهِ وَصَحَّ أَنَّهُ رَأَى عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْهُ قَالَ: مَسَحَ عَلَى رأسي ودعا لي بالبركة. قال ابن المديني: قُلْتُ لِيَحْيَى الْقَطَّانِ: مَا حَدَّثَ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ صَحِيحٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِلا حَدِيثَيْنِ كَانَ شُعْبَةُ يَقُولُ: سَمِعْتُهُمَا بِأَخَرَةٍ عَنْ زَاذَانَ. قَالَ الْقَطَّانُ: وَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَقُولُ فِي عَطَاءٍ شَيْئًا قَطُّ فِي حَدِيثِهِ الْقَدِيمِ وَقَدْ شَهِدَ الْجَمَاجِمَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كُلُّ حَدِيثِهِ ضَعِيفٌ إِلا مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ سَأَلَنَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَيَقُولُ: إِنَّهُ مِنَ الْبَقَايَا1، قَال ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ أَكْبَرَ مِنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَجْلَحِ: رَأَيْتُ عَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. وَرَوَى ابْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: شَهِدْتُ الْجَمَاجِمَ فَرَأَيْتُ رَجُلا فِي السِّلاحِ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ إِلا عَيْنُهُ فَجَاءَ سَهْمٌ فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَقَتَلَهُ وَرَأَيْتُ رَجُلا حَاسِرًا فِي وسطه منطقة فرمى فأصاب سَهْمٌ فِي مَنْطِقَتِهِ ثُمَّ نَبَا عَنْهَا. وَفِي الْجَعْدِيَّاتِ أَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ أَتَى بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ: "كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا وَلا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا" 2. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَسْوَدِ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ عطاء سنة ست وثلاثين ومائة.

_ 1 تقدم في سير أعلام النبلاء "6/ 336". 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "3772"، والترمذي "1805"، وابن ماجه "3275".

191- عطاء بن عجلان الحنفي1 -ت- أبو محمد البصري العطار. روى عن أَنَسٍ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ. وعنه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ قَاضِي شِيرَازَ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كذاب. وقال النسائي وغيره: متروك. وقال الدارقطني مَرَّةً: ضَعِيفٌ يُعْتَبَرُ بِهِ، وَمَرَّةً قَالَ: مَتْرُوكٌ. 192- عطاء بن قرة السلولي الدمشقي2 -ت ق- أبو قرة. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ وَالزُّهْرِيِّ. وعنه ابْنُ ثَوْبَانَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: كَانَ عَبْدًا صَالِحًا قِيلَ لَهُ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ دِمَشْقَ فَقَالَ: هَاه فَمَاتَ. وَرُوِيَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فُؤَادِهِ وَقَالَ: وَافُؤَادَاهُ وَافُؤَادَاهُ حَتَّى مَاتَ وَذَلِكَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 193- عَطَاءُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ3، -ع- أَحَدُ الْكِبَارِ، نَزَلَ دِمَشْقَ وَالْقُدْسَ، وَحَدِيثُهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مُرْسَلٌ. وَروى عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَنَافِعٍ وَعِدَّةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَخَلْقٌ، حَتَّى إن شيخه عطاء روى عنه.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 476"، وتهذيب التهذيب "7/ 208"، وميزان الاعتدال "3/ 75"، والتاريخ لابن معين "1968". 2 تهذيب التهذيب "7/ 210"، والثقات "7/ 252". 3 تهذيب التهذيب "7/ 212"، والمعرفة والتاريخ "2/ 325".

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ لَكِنَّهُ لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ ابْنُ مَيْسَرَةَ رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَسَمِعَ مِنْهُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً إِلا نَوْمَةَ السَّحَرِ وَكَانَ يَعِظُنَا وَيَحُضُّنَا عَلَى التَّهَجُّدِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ إِذَا جَلَسَ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُحَدِّثُهُ أَتَى الْمَسَاكِينَ فَحَدَّثَهُمْ. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَوْثَقُ عَمَلِي فِي نَفْسِي نَشْرُ الْعِلْمِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: ثنا اللَّيْثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: إِنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ حدثني أن عطاء الخرساني حَدَّثَهُ فِي الرَّجُلِ الَّذِي أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ قَالَ: لا أجدها - الحديث. هكذا رواه كاتب الليث وَغَلَطَ وَالصَّوَابُ مَا رَوَى سُلَيْمَان بْن حَرْب ثَنَا حَمَّادُ بْن زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدٍ: إِنَّ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ حَدَّثَنِي عَنْكَ فِي الَّذِي وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ: كَذِبَ مَا حَدَّثْتُهُ إِنَّمَا بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "تَصَدَّقَ تَصَدَّقَ" 1. وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ نُوحٍ هُوَ عَطَاءٌ هَذَا، وَأَنَا أَرَاهُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ2. وُلِدَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَقِيلَ: وُلِدَ سَنَةَ سِتِّينَ. وَقَالَ ابْنُهُ عُثْمَانُ: تُوُفِّيَ أَبِي بِأَرِيحَا سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 194- عَطَاءُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ الْبَصْرِيُّ3 -سِوَى ت-. عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ. وعنه خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَشُعْبَةُ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَحَمَّادُ بْنُ سلمة وغيرهم.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1935"، ومسلم "1112"، وأبو داود "2394". 2 راجع فتح الباري "8/ 821/ حديث "4920". 3 التاريخ الكبير "6/ 469"، وتهذيب التهذيب "7/ 215".

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ: هُوَ وَابْنُهُ قَدَرِيَّانِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَنْدَهْ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ وَكَانَ يَرَى الْقَدَرَ. 195- عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ الزَّاهِدُ1 عَابِدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. يُحْكَى عَنْهُ أَمْرٌ يَتَجَاوَزُ الْحَدَّ فِي الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ. أَدْرَكَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَخَذَ عَنِ الْحَسَنِ. قَالَ صَالِحُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ خُلَيْدِ بْنِ دَعْلَجٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَطَاءٍ السَّلِيمِيِّ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ فُلانَ بْنَ عَلِيٍّ قَتَلَ أَرْبَعَمِائَةٍ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى دَمِ وَاحِدٍ فَقَالَ مُتَنَفِّسًا: هَاه ثُمَّ خَرَّ مَيِّتًا2. قَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ عَنْ عَطَاءٍ السَّلُولِيِّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ السَّلِيمِيِّ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَارًا أَشْعَلَتْ ثُمَّ قِيلَ مَنْ دَخَلَهَا نَجَا تُرَى كَانَ أَحَدٌ يَدْخُلُهَا؟ فَقَالَ: لَوْ قِيلَ ذَلِكَ لَخَشِيتُ أَنْ تَخْرُجَ نَفْسِي فَرَحًا قَبْلَ أَنْ أَصِلَ إِلَيْهَا. وقال سليمان الشاذ كوني: ثنا نُعَيْمُ بْنُ مُوَرِّعٍ قَالَ: انْتَبَهَ عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ فَجَعَلَ يَقُولُ: وَيْلٌ لِعَطَاءٍ لَيْتَ عَطَاءً لَمْ تَلِدْهُ أُمُّهُ، وَعَلَيْهِ مَدْرَعَةٌ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى اصْفَرَّتِ الشَّمْسِ فَقُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانُ الدَّارَانِيُّ: كَانَ عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ قَدِ اشْتَدَّ خَوْفُهُ فَكَانَ لا يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ3. وَعَنْ مُرَجَّى بْنِ وَدَاعٍ الرَّاسِبِيِّ قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ إِذَا هَبَّتْ رِيحٌ وَرَعْدٌ قَالَ: هَذَا مِنْ أَجْلِي يُصِيبُكُمْ لَوْ مُتُّ اسْتَرَاحَ النَّاسُ. وَعَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيُّ قَالَ: أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا شَيْخُ قَدْ خَدَعَكَ إِبْلِيسُ فَلَوْ شَرِبْتَ كُلَّ يَوْمٍ شَرْبَةَ سَوِيقٍ4. وَقِيلَ: كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ ارْحَمْ غُرْبَتِي فِي الدُّنْيَا وَارْحَمْ مَصْرَعِي عِنْدَ الْمَوْتِ وَارْحَمْ وَحْدَتِي فِي قَبْرِي وَارْحَمْ قيامي بين يديك.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 475"، وميزان الاعتدال "3/ 78". 2 كذا أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 318". 3 وفي السير "6/ 317" "قال: فكان لا يسأل الجنة بل يسأل العفو". 4 انظر المصدر السابق.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ: تَرَكْتُ عَطَاءً السَّلِيمِيَّ بِالْبَصْرَةِ حِينَ خَرَجْتُ إِلَى الثَّغْرِ فَمَكَثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً عَلَى فِرَاشِهِ لا يَقُومُ مِنَ الْخَوْفِ وَلا يَخْرُجُ، أَضْنَاهُ الْخَوْفُ فَكَانَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُصَلِّي قَائِمًا وَكَانَ يُوَضَّأُ عَلَى الْفِرَاشِ وَأَيُّ شَيْءٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَدْ أَطَاعَ اللَّهَ عَدَدَ شَعْرِهِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: كَانَ عَطَاءُ قَدِ اشْتَدَّ خَوْفُهُ فَإِذَا ذُكِرَتْ عِنْدَهُ الْجَنَّةَ قَالَ: نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ، وَعَنْ عَطَاءٍ السَّلِيمِيِّ قَالَ: الْتَمِسُوا لِي هَذِهِ الأَحَادِيثَ فِي الرخص لعل الله يُرَوِّحَ عَنِّي بَعْضَ غَمِّي. وَقِيلَ: كَانَ إِذَا بَكَى بَكَى ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا. وَقَالَ الصَّلْتُ بْنُ حَلِيمٍ: ثنا أَبُو يَزِيدَ الْهَدَادِيُّ قَالَ: انْصَرَفْتُ مِنَ الْجُمُعَةِ فَإِذَا عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ وَعُمَرُ بْنُ ذَرٍّ يَمْشِيَانِ، وَكَانَ عَطَاءٌ قَدْ بَكَى حَتَّى عَمِشَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ صَلَّى حَتَّى دَبَرَ، فَقَالَ عُمَرُ لِعَطَاءٍ: حَتَّى مَتَى نَسْهُو وَنلْعَبُ وَمَلَكُ الْمَوْتِ فِي طَلَبِنَا لا يَكُفُّ! فَصَاحَ عَطَاءٌ وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَانْشَجَّ مَوْضِحَهُ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى حَالِهِ إِلَى الْمَغْرِبِ ثُمَّ أَفَاقَ فَحُمِلَ. وَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ: شَهِدْتُ عَطَاءً السَّلِيمِيَّ خَرَجَ فِي جَنَازَةٍ فَغُشِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: ثنا أَبُو يَزِيدَ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: مَاتَ حَبِيبٌ مَاتَ مَالِكٌ مَاتَ فُلانٌ لَيْتَنِي مِتُّ فَكَانَ أَهْوَنَ لِعَذَابِي. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ السَّلِيمِيُّ يَمَسُّ جَسَدَهُ بِاللَّيْلِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ مُسِحَ. 196- عُقَيْلُ بْنُ مُدْرِكٍ2، أَبُو الأَزْهَرِ. شَامِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ الصُّنَابِحِيِّ وَأَبِي الزَّاهِرِيَّةَ وَلُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ. وعنه صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ. 197- الْعَلاءُ بْنُ الْحَارِثِ3 -م4- أبو وهب الحضرمي الشامي الفقيه.

_ 1 فانشج موضحه: هي التي تبدي وضح العظم أي بياضه. 2 التاريخ الكبير "7/ 53"، والمعرفة والتاريخ "2/ 350". 3 التاريخ الكبير "6/ 513"، وتهذيب التهذيب "8/ 177".

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ وَمَكْحُولٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه الأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَفَرَجُ بْنُ فُضَالَةَ وَآخَرُونَ. وَكَانَ أَعْلَمَ أَصْحَابِ مَكْحُولٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ مُفْتِيًا قَلِيلَ الْحَدِيثِ وَخَلَطَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا أَعْلَمُ فِي أَصْحَابِ مَكْحُولٍ أَوْثَقَ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ تَغَيَّرَ عَقْلُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ يَرَى الْقَدَرَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثِقَةٌ. قَالُوا: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: عَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً. 198- الْعَلاءُ بْنُ خَالِدٍ الأَسَدِيُّ الْكَاهِلِيُّ1 -م ت- عَنْ أَبِي وَائِلٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 199- الْعَلاءُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ2. الشَّاعِرُ الْمَكِّيُّ. وَاسْمُ أَبِيهِ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخٍ. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَهُوَ شِيعِيٌّ جَلْدٌ. روى عنه ابْنُ جُرَيْجٍ وَالسُّفْيَانَانِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 200- الْعَلاءُ بن عبد الجبار3 اليحصبي الحمصي.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 516"، وميزان الاعتدال "3/ 98". 2 التاريخ الكبير "6/ 512"، وميزان الاعتدال "3/ 102". 3 التاريخ الكبير "6/ 512"، وتهذيب التهذيب "8/ 188" وفيه "عتبة" بدلا من "عبد الجبار".

عن خالد بن معدان وعمير بن هانيء. وعنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ وَالْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 201- الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يعقوب1 -م4- أبو شبل المدني. أَحَدُ الْمَشَاهِيرِ، وَلاؤُهُ لِلْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ. روى عن أَبِيهِ وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زَهْرَةَ وَمَعْبِد بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. روى عنه شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ. ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: كَانَ جدي يعقوب مكاتبًا لمالك بن أوس ابن الْحَدَثَانِ الْبَصْرِيُّ وَكَانَتْ أُمُّهُ مَوْلاةٌ لِرَجُلٍ مِنَ الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ, فَوَلَدَتْ لَهُ أَبِي وَهُوَ مُكَاتَبٌ فَعُتِقَ أَبِي لِعِتَاقَةِ أُمِّهِ فَدَخَلَ بِهِ الْحُرَقِيُّ بَعْدَمَا عَتَقَ جَدِّي عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ يَسْأَلُهُ اللَّحِقَ فِي الدِّيوَانِ, فَقَامَ إِلَيْهِ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ فَقَالَ: مَوْلاي قَدْ أُعْتِقَ أَبُوهُ فَجُرَّ إِلَيَّ وَلاؤُهُ، قَالَ: فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ فَقَضَى بِهِ لِلْحُرَقِيُّ، فَنَحْنُ مَوْلَى الْحُرَقَةَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: لَمْ يَزَلِ النَّاسِ يَتَّقُونَ حَدِيثَ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَذْكُرُهُ بِسُوءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَنْكَرُ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِحُجَّةٍ وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. تُوُفِّيَ الْعَلاءُ سَنَةَ ثَمَانٍ وثلاثين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 508"، وتهذيب التهذيب "8/ 186".

202- علقمة بن أبي علقمة1 -ع- بلال المدني مَوْلَى عَائِشَةَ. كَانَ ثِقَةً يُعَلِّمُ الْعَرَبِيَّةَ. روى عن أُمِّهِ مُرْجَانَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالأَعْرَجِ. وعنه مَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. تُوُفِّيَ قُبَيْلَ الأَرْبَعِينِ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ. 203- عَلِيُّ بْنُ بَذِيمَةَ2 -4- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ مَوْلَى جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ. وَهُوَ كُوفِيُّ الأَصْلِ. روى عن أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ. وعنه شُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَإِسْرَائِيلُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ رَأْسٌ فِي التَّشَيُّعِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 204- عَلِيُّ بْنُ الحكم البناني3 -خ4- أبو الحكم البصري. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وعنه الْحَمَّادَانِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 205- عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جدعان4، -4م- مقرونًا هُوَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ أَبُو الْحَسَنِ القرشي التيمي البصري الضرير.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 42"، وتهذيب التهذيب "7/ 275". 2 التاريخ الكبير "6/ 262"، وتهذيب التهذيب "7/ 285". 3 التاريخ الكبير "6/ 270"، وتهذيب التهذيب "7/ 311". 4 التاريخ الكبير "6/ 275"، وتهذيب التهذيب "7/ 322".

أَحَدُ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ فِي زَمَانِهِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعُرْوَةَ وَجَمَاعَةٍ وَلَزِمَ الْحَسَنَ مُدَّةً. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَالْحَمَّادَانِ وَهَمَّامٌ وَزَائِدَةُ وَهُشَيْمٌ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَخَلْقٌ، وَوَلَدٌ أَعْمَى. قَالَ مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ: لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ قُلْنَا لابْنِ جُدْعَانَ: اجْلِسْ مَجْلِسَ الْحَسَنِ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: سَمِعْتُ الْجُرَيْرِيَّ يَقُولُ: أَصْبَحَ فُقَهَاءُ الْبَصْرَةِ عُمْيَانًا ثَلاثَةً: قَتَادَةُ وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَأَشْعَثُ الْحُدَّانِيُّ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ: رُبَّمَا حَدَّثْتُ الْحَسَنَ بِالْحَدِيثِ أَسْمَعُهُ مِنْه فَأَقُولُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَتَدْرِي مَنْ حَدَّثَكَ فَيَقُولُ: لا أَدْرِي إِلا أَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ ثِقَةٍ، فَأَقُولُ: أَنَا حَدَّثْتُكَ بِهِ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ عَنْ مُبَارَكٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: بِتُّ مَعَ الْحَسَنِ فَقُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأْتُ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ فَقَالَ الْحَسَنُ: دَافَعْتَ الصُّبْحَ اللَّيْلَةَ. وَقَالَ شُعْبَةُ: ثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَكَانَ دَفَّاعًا. وَقَالَ مُرَّةُ: حَدَّثَنَا قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: أنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَكَانَ يَقْلِبُ الأَحَادِيثَ. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ قَالَ: كَانَ شِيعِيًّا. وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا أَحْتَجُّ بِهِ لِسُوءِ حِفْظِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ فِي الطَّاعُونِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ وَغَيْرُهُ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: صَدُوقٌ. 206- عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلادِ بْنِ رَافِعٍ الزَّرْقِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -خ د ن ق- أبو الحسن. روى عن عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ وَعَنْ أَبِيهِ يَحْيَى. وعنه ابْنُهُ إِسْحَاقَ وَابْنُ عَجْلانَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُهُ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ وَروى عنه نُعَيْمٌ الْمُجَمِّرُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 207- عمار الدهني2 -م4- أبو معاوية البجلي الكوفي. وَدُهْنٌ هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَسْلَمَ، وَفِي بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ دُهْنُ بْنُ عَذْرَةَ. رَوَى عَمَّارٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ. وعنه شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ: تُوُفِّي سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 208- عُمَارَةُ بْنُ جوين3 -ت ق- أبو هارون العبدي البصري. روى عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري. وعنه الْحَمَّادَانِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: شِيعِيٌّ جَلْدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ عَوْنٍ وَالثَّوْرِيِّ وَشَرِيكٍ وَهُشَيْمٍ وَعَبْدِ الْوَارِثِ وَيُذْكَرُ عنه أشياء في الغلو في التشيع.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 300"، وتهذيب التهذيب "7/ 394". 2 التاريخ الكبير "7/ 38"، وتهذيب التهذيب "7/ 406". 3 التاريخ الكبير "6/ 499"، وتهذيب التهذيب "7/ 412".

قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 209- عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ1 -خ4- وَاسْمُ أَبِيهِ ثَابِتٌ. بَصْرِيٌّ مَشْهُورٌ وَلاؤُهُ لِلْعَتَكِيِّينَ وَلَمْ يُدْرِكْ وَلَدُهُ حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ الأَخْذَ عَنْهُ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ. يَرْوِي عن أبي عثمان النهدي وأبي مجلذ لاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَجَمَاعَةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: تُوُفِّيَ سنة اثنين وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَهُوَ مِنْ قُدَمَاءِ مَشْيَخَةِ يَزِيدَ بن هارون. 210- عمارة بن غزية2 -م4- بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَزِيَّةَ الأَنْصَارِيُّ. مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، مَدَنِيٌّ مَشْهُورٌ ثِقَةٌ. روى عن أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَالشَّعْبِيِّ وَالرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه بَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَإِسْمَاعِيلَ بْنُ جَعْفَرٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَآخَرُونَ. اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ. وَأَمَّا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فَضَعَّفَهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 211- عُمَارَةُ بن القعقاع3 -ع- بن شبرمة الضبي الكوفي. كان أسن من

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 502"، وتهذيب التهذيب "7/ 415". 2 التاريخ الكبير "6/ 503"، وتهذيب التهذيب "7/ 422". 3 التاريخ الكبير "6/ 501"، وتهذيب التهذيب "7/ 423".

عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبْرُمَةَ وَكَانَ يَفْضُلُ عَلَيْهِ. روى عن أَبِي زُرْعَةَ فَأَكْثَرَ وَعَنِ الأَخْنَسِ بْنِ خَلِيفَةَ الضَّبِّيُّ. وعنه السُّفْيَانَانِ وَشَرِيكٌ وَجَرِيرٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 212- عُمَرُ بْنُ جُعْثُمٍ الشَّامِيُّ الْحِمْصِيُّ1. عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَسُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ وَعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السُّكُونِيِّ. وعنه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ. 213- أَمَّا عُمَرُ بْنُ خَثْعَمٍ الْيَمَامِيُّ2، فَهُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَثْعَمٍ. يَرْوِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. ضَعِيفٌ. 214- عُمَرُ بْنُ السَّائِبِ3، أَبُو عَمْرٍو الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ. روى عن الْقَاسِمِ بْنِ قَزْمَانَ وَابْنٍ لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ. وَهُوَ مُقِلٌّ. روى عنه اللَّيْثُ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 215- عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ4 -4- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أبو حاتم: هو عندي صالح.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 145"، وتهذيب التهذيب "7/ 430". 2 تهذيب التهذيب "7/ 438، 468"، والكامل في الضعفاء "5/ 64". 3 التاريخ الكبير "6/ 162"، تهذيب التهذيب "7/ 450". 4 تهذيب التهذيب "7/ 456"، وميزان الاعتدال "3/ 201".

قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَلَمْ يُحْتَجَّ بِهِ بَلِ اسْتَشْهَدَ بِهِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَتَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ مَعَ ابْنِ أُخْتٍ لَهُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَكَذَا قَالَ خَلِيفَةُ. وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ. 216- عُمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ. روى عن شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَمَكْحُولٍ وَسَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ. وعنه بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ وَمَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ. 217- عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ الْقَاضِي1 -م ن- السلمي البصري أبو حفص. عَنْ أَمِّ كُلْثُومٍ وَعَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ قَتَادَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَجَمَاعَةٍ. وعنه سَالِمُ بْنُ نُوحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْقَطِيعِيُّ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَعِدَّةٌ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ عَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ مَاتَ فَجْأَةً. 218- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الله بن يعلى2 -ق- بن مرة الثقفي الكوفي. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَجَدَّتِهِ حَكِيمَةَ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ وَزِيَادُ الْبَكَّائِيُّ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. ضَعَّفَهُ أحمد، وقال الدارقطني: متروك.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 181"، وتهذيب التهذيب "7/ 466". 2 التاريخ الكبير "6/ 170"، وتهذيب التهذيب "7/ 480"، وميزان الاعتدال "3/ 211".

219- عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ الْبَصْرِيُّ1 -ت ق- قَهْرَمَانُ آلَ الزُّبَيْرِ، ابْنُ شُعَيْبٍ أَبُو يَحْيَى الأَعْوَرُ. روى عن سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَصَيْفِيِّ بن صهيب. وعنهه الْحَمَّادَانِ وَابْنُ عُلَيَّهَ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فيه نظر. 220- عمرو بن عامر2 -د ن ق- أو ابن عمرو أبو الزعراء الجشمي. عَنْ عَمِّهِ أَبِي الأَحْوَصِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعِكْرِمَةَ. وعنه سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 221- عَمْرُو بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ3، أَبُو سُهَيْلٍ الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ الْوَاقِفِيُّ وَالِدُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو. رَوَى عَنْ سَعِيد بْن المسيب وسعيد بْن عمير. وعنه مَالِكٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 222- عَمْرُو بْنُ عِمْرَانَ أَبُو السَّوْدَاءِ النَّهْدِيُّ4 -د- كُوفِيٌّ مُقِلٌّ. عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ وَعَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ عَبْدِ خَيْرٍ وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَأَبِي مجلز. وعنه السُّفْيَانَانِ وَحَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَوْقَةَ. قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُتِلَ أيام قحطبة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 369"، وتهذيب التهذيب "8/ 30". 2 الجرح والتعديل "6/ 251"، وتقريب التهذيب "2/ 81". 3 التاريخ الكبير "6/ 352". 4 التاريخ الكبير "6/ 359"، وتهذيب التهذيب "8/ 84".

223- عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب1 -ع- بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ أَبُو عُثْمَانَ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْن جُبَيْر وأبي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَالأَعْرَجِ وَعِكْرِمَةَ. وعنه مَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَخُوهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَاسْمُ أَبِيهِ مَيْسَرَةُ. 224- عَمْرُو بْنُ قيس2، -ع- بْنِ ثَوْرِ بْنِ مَازِنِ بْنِ خَيْثَمَةَ أَبُو ثَوْرٍ السَّكُونِيُّ الْكِنْدِيُّ الْحِمْصِيُّ، وَلِجِدِّهِمْ مَازِنٍ صُحْبَةٌ. وُلِدَ عَمْرٌو عَامَ قُتِلَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مَعَ أَبِيهِ. وَروى عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَالنُّعْمَانِ بْنِ بشير واثلة بْنِ الأَسْقَعِ وَأَبِي أُمَامَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ وَعَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ وَطَائِفَةٍ. وعنه مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَثَوَابَةُ بْنُ عَوْنٍ الْحَمَوِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ السَّكُونِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: أَدْرَكَ سَبْعِينَ صَحَابِيًّا وَكَانَ سَيِّدَ أَهْلِ حِمْصَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: شَامِيٌّ ثِقَةٌ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ وَلِيَ جَيْشَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى غَزْوِ الصَّائِفَةَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وعشرين ومائة وحدث عن معاوية بحديثين.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 359"، والجرح والتعديل "6/ 252". 2 التاريخ الكبير "6/ 362"، وتهذيب التهذيب "8/ 91".

وَقَالَ عُمَيْرُ بْنُ مُغَلِّسٍ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ مَنْصُورٍ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ قَيْسٍ يَقُولُ: قَالَ لِي الْحَجَّاجُ: مَتَى وُلِدْتَ يَا أَبَا ثَوْرٍ؟ قُلْتُ: عَامَ الْجَمَاعَةِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، قَالَ: هِيَ مَوْلِدِي، قَالَ بَعْضُ رُوَاةٍ هَذَا فَتُوُفِّيَ الْحَجَّاجُ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَتُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَهُ مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَزْعُ بِهَذِه الآيَةِ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] نَزَلَتْ فِي يوم جمعة يوم عرفة1. قال: قال أبو حاتم وأحمد العجلي وغيرهما: ثقة. وقال الوليد: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَغْزَى الرُّومَ صَائِفَتَيْنِ عَلَى إِحْدَاهُمَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ السَّكُونِيُّ فِي أَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا نَظَرًا مِنْهُ لِجَمَاعَةِ مَنْ كَانَ أَصَابَهُ الأَزَلُّ2 عَلَى حِصَارِ قُسْطَنْطِينِيَّةَ قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ لاوُنُ طَاغِيَةُ الرُّومِ لَمَّا بَلَغَهُ مِنْ قِلَّتِهِمْ فَلَقِيَهُ سَائِحٌ مِنْ سُيَّاحِي الرُّومِ فَقَالَ: أَيْنَ يُرِيدُ الْمَلِكُ؟ قَالَ: هَذِهِ الطَّائِفَةُ الْقَلِيلَةُ، قَالَ: تَرَكْتَ لِقَاءَهُمْ وَأُمَرَاؤُهُمْ عَلَى تِلْكَ السِّيرَةِ فَلَمَّا وَلِيَهُمْ هَذَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ تَعْرِضُهُمْ! فقال: ذاك بِالشَّامِ وَهَؤُلاءِ بِأَرْضِ الرُّومِ، قَال: عَمَلُ ذَاكَ مُقَدِّمَةٌ لِهَؤُلاءِ. قَالَ سَعِيدُ: فَانْصَرَفَ لاوُنُ عَنْ لِقَائِهِمْ. وَرَوَى بَقِيَّةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي مَرْيَمَ قَال: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى وَالِي حِمْصَ انْظُرِ الَّذِينَ نَصَبُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْفِقْهِ وَحَبَسُوهَا فِي الْمَسْجِدِ عَنْ طَلَبِ الدُّنْيَا فَأَعْطِ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَكَانَ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ وَأَسَدُ بْنُ وَدَاعَةَ فِيمَنْ أَخَذَهَا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلاءِ ثنا ثَوَابَةُ بْنُ عَوْنٍ التَّنُوخِيُّ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ قَيْسٍ السَّكُونِيَّ يَقُولُ: حَجَجْتُ فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ حَجِّنَا خَرَجْنَا نُرِيدُ الْعُمْرَةَ مِنْ بَطْنِ مُرٍّ فَأَغْفَيْتُ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُقْبِلا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ مَكَّةَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى رَوَاحِلِهِمْ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: "تُرِيدُ الْعُمْرَةَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَقَالَ لِي: "لا، الْعُمْرَةُ مِنَ الْجُحْفَةِ" ثَلاثًا, فَانْتَبَهْتُ فَأَخْبَرْتُ أَصْحَابِي بِرُؤْيَايَ وَإِلَى جَانِبِنَا رَجُلٌ مَعَهُ حَشْمٌ فلما سمعني أقص رؤياي أرسل

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "45"، ومسلم "3017". 2 أصابها الأزل: يعني الضيق والشدة.

إِلَى رَسُولِهِ, فَقَالَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُرِيدُكَ، فَقُلْتُ: مَنْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فَقُلْتُ: أَهَلْ هُوَ صَاحَبَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال: نَعَمْ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي رَأَيْتَ هَذِهِ الرُّؤْيَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: اقْصُصْهَا عَلَيَّ رَحِمَكَ اللَّهُ، فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا انْتَهَيْتُ إِلَى ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَكَى حَتَّى نَشَجَ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَحَسَا مِنْهُ ثُمَّ قَال: ارْدُدْ عَلَيَّ رَحِمَكَ اللَّهُ فَرَدَّدْتُ عَلَيْهِ فَتَنَفَّسَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ قَلْبَهُ خَرَجَ ثُمَّ قَالَ: امْضِ لِمَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي منامك فو الذي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَرُبَّمَا سَمِعْتُهُ غَيْرَ مَرَّةً وَلا مَرَّتَيْنِ يَقُولُ: "مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ فَمَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ بِي"1. قُلْتُ: وَهِمَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَإِنَّهُ كَانَ فِيمَنْ سَارَ لِلطَّلَبِ بِدَمِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ إِلَى دِمَشْقَ، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَيَكُونُ عُمْرُهُ مِائَةَ سَنَةٍ. وَكَذَا قَالَ فِي عُمْرِهِ مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ. عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلائِيُّ الْكُوفِيُّ فِي الطبقة الآتية. 225- عمرو بن مهاجر2 -د ق- أبو عبيد الدمشقي. كَبِيرُ حَرَسِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَأَى وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ وَروى عن عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وعنه أَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ وَالأَوْزَاعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ سِرًّا فَإِنَّ الْغِيلَ يُدْرِكُ الرَّجُلَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ"3 عَنَى بِالسِّرِّ: الْجِمَاعَ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ عَلَى سِتِّينَ جَنَازَةً مَاتُوا فِي الطَّاعُونِ فَجَعَلَ الرِّجَالُ مِمَّا يليه.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "6993"، ومسلم "2266"، والترمذي "2276"، وابن ماجه "3901". 2 تهذيب التهذيب "8/ 107"، والتقريب "2/ 85". 3 ضعيف: أخرجه أبو داود "3881"، وابن ماجه "2012"، وأحمد في المسند "6/ 453"، وابن سعد في الطبقات "7/ 167".

قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ دِيَنارٍ هُوَ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الأَنْصَارِيَّةَ. وَقَالَ ابْنُ عَائِذٍ: ثنا أَبُو مُسْهِرٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لِخَالِدِ بْنِ الرَّيَّانِ وَقَدْ لَبِسَ جُبَّةً: مَا دَعَاكَ إِلَى لِبْسِ هَذِهِ الْجُبَّةِ؟ قَالَ: سُرُورًا بِخِلافَتِكَ، قَالَ: مَنْ أَيْنَ هِيَ لَكَ؟ قَالَ: مِنْ كِسْوَتِي أَوْ مِنْ كِسْوَةِ أَهْلِ بَيْتِي، قَالَ: انْزَعْ هَذَا السَّيْفَ وَالْحَقْ بِأَهْلِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ وَضَعْتُهُ لَكَ فَلا تَرْفَعْهُ. ثُمَّ قَالَ هَكَذَا: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخْبِرُكَ، يَا كَهْلُ، قَالَ عَمْرٌو: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِي غَيْرِي، قَالَ: إِيَّاكَ أَعْنِي مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَدْ وَلَّيْتُكَ الْحَرَسَ فَاللَّهَ اللَّهَ فِي الضَّعِيفِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ: ثنا عمرو بن مهاجر أن عمر بن عبد الْعَزِيزِ قَالَ: إنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ كَمَثَلِ رَجُلٍ اتَّخَذَ سَهْمًا لا رِيشَ لَهُ وَاللَّهِ لأَرُيِّشَنَّهُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ جَعَلَ لَهُ فِي الشَّهْرِ عِشْرِينَ دِينَارًا. قَال خَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 226- عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ الْمَازِنِيُّ1 -ع-. عَنْ أَبِيهِ وَعَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ دِينَارٍ الْقَرَّاظِ. وعنه مَالِكُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَالْحَمَّادَانِ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ صَالِحٌ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: صُوَيْلِحٌ وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 227- عِمْرَانُ بْنُ أَبِي عَطَاءٍ2. هُوَ أَبُو حَمْزَةَ الْقَصَّابُ، سماه هكذا ابن أبي حاتم.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 382"، وتهذيب التهذيب "8/ 118"، وميزان الاعتدال "3/ 293". 2 التاريخ الكبير "6/ 412"، وتهذيب التهذيب "8/ 135".

وَقِيلَ: أَبُو حَمْزَةَ الْقَصَّابُ مَيْمُونٌ، يَأْتِي بِكُنْيَتِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا اثْنَانِ وَأَنَّ أَبَا حَمْزَةَ عِمْرَانَ بْنَ أَبِي عَطَاءٍ الأَسَدِيَّ الْوَاسِطِيَّ. روى عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَمَّرَ دَهْرًا. روى عنه شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَهُشَيْمٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: بَصْرِيٌّ لَيِّنٌ. 228- عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ الْقَطَّانُ1 -د-. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَالْحَسَنِ وَجَمَاعَةٍ. وعنه ابْنُ أَخِيهِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ. وَهُوَ ضَعِيفٌ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ لَكِنَّهُ مَعْرُوفٌ بِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ. 229- عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو غُنَيْمٍ الْكَلاعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ2. عَنْ أَنَسٍ وَمَكْحُولٍ وَأَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ وَعِدَّةٍ. وعنه الأَوْزَاعِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَابْنُ شَابُورٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أحاديثه منكرة. 230- عياش بن عباس3 -م4- أبو عبد الرحيم القتباني الحميري المصري وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ. رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ وَروى عن أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْهَيْثَمِ بْنِ شَفِيٍّ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ وَعِيسَى بْنِ هِلالٍ الصَّدَفِيِّ وَعِدَّةٍ. وعنه حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَشُعْبَةُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَالْمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين وغيره. مات سنة ثلاث وثلاثين.

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 157"، والجرح والتعديل "6/ 399". 2 ميزان الاعتدال "3/ 300"، والجرح والتعديل "6/ 400". 3 التاريخ الكبير "7/ 48"، وتهذيب التهذيب "8/ 197".

231- عيسى بن سليم العنسي1 -م ن- الرستني. وَالرَّسْتَنُ عَلَى ثَلاثَةِ فَرَاسِخَ مِنْ حِمْصَ. يَرْوِي عَن عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ جُبير بْنِ نُفير وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ. وعنه عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَبَقِيَّةُ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. يُكَنّى أَبَا حَمْزَةَ وَهُوَ بِالْكُنْيَةِ أَشْهَرُ. 323- عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيُّ الْمِصْرِيُّ. عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وعنه يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ. مَاتَ شَابًّا. "حرف الْغَيْنِ": 233- غَالِبُ بْنُ مِهْرَانَ العبدي2 -د ت ق- البصري التمار. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَحَمِيدِ بْنِ هِلالٍ. وعنه قَتَادَةُ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وَشُعْبَةُ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 234- غُضَيْفُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ3 -ن-. عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ وَنَافِعِ بْنِ عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ وَأَخِيهِ يَعْقُوبَ بْنِ عَاصِمٍ. وعنه سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ وَعَمْرُو بْنُ وَهْبٍ الطَّائِفِيَّانِ. 235- غَيْلانُ بْنُ جَامِعٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ4 -م د ن ق-.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 106"، وتهذيب التهذيب "8/ 211". 2 التاريخ الكبير "7/ 100"، وتهذيب التهذيب "8/ 243". 3 التاريخ الكبير "7/ 206"، وتهذيب التهذيب "8/ 250". 4 التاريخ الكبير "7/ 104"، وتهذيب التهذيب "8/ 252".

عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَجَمَاعَةٍ. وعنه شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَيَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَمَاتَ كَهْلا، لَهُ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ حَدِيثًا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف الْفَاءِ": 236- فَرْقَدُ بْنُ يَعْقُوبَ السَّبَخِيُّ1 -ت ق- مِنْ سَبَخَةِ الْبَصْرَةِ. وَقِيلَ: مِنْ سَبَخَةِ الْكُوفَةِ. أَبُو يَعْقُوبَ النَّسَّاجُ أَحَدُ الْعُبَّادِ. روى عن أَنَسٍ وَمُرَّةَ الطَّيِّبِ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وعنه هَمَّامٌ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ يَحْيَى: ثِقَةٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ مَنَاكِيرُ. رُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ فَنَظَرَ إلى فرقد السبخي وعليه جبة صوف فقال: يَا فَرْقَدُ لَوْ شَهِدْتَ الْمَوْقِفَ لَخَرَقْتَ ثِيَابَكَ مِمَّا تَرَى مِنْ عَفْوِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَعَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ قَالَ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ: أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ: الْكِبْرُ وَالْحَسَدُ وَالْحِرْصُ. قِيلَ: إِنَّ فَرْقَدًا تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ بِالْبَصْرَةِ. "حرف الْقَافِ": 237- الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو نَهِيكَ الأَسَدِيُّ2. عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ محمد وطاوس.

_ 1 تقدمت ترجمته قبل ذلك. 2 التاريخ الكبير "7/ 158"، وتهذيب التهذيب "8/ 336".

وعنه مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ وَسُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ. وَقَدْ وُثِّقَ. 238- الْقَاسِمُ بْنُ مِهْرَانَ1 -م ن ق- عَنْ أَبِي رَافِعٍ الصائغ. وعنه شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. عِنْدَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. 239- قُحْطُبَةُ بْنُ شَبِيبٍ الطَّائِيُّ الْمَرْوَزِيُّ الأَمِيرُ. أَحَدُ دُعَاةِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَمُقَدِّمُ الْجُيُوشِ، قِيلَ: اسْمُهُ زِيَادٌ وَإِنَّمَا قُحْطُبَةُ لَقَبٌ. وَهُوَ وَالِدُ الأَمِيرَيْنِ الْحَسَنِ وَحُمَيْدٍ، أَصَابَتْهُ ضَرْبَةٌ فِي وَجْهِهِ لَيْلَةَ الْمُسَفَاةِ فَوَقَعَ فِي الْفُرَاتِ فَهَلَكَ وَلَمْ يُدْرَ بِهِ. وَذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ، وَقَدْ مَرَّ مِنْ شَأْنِهِ فِي الْحَوَادِثِ. 240- قُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ الْمَدَنِيُّ2 -ق- عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ. وعنه ابْنَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَصَالِحٌ وَسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَآخَرُونَ. صُوَيْلِحٌ. 241- الْقَعْقَاعُ بْنُ يَزِيدَ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ الأَعْمَى3. روى عن إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وعنه سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَجَرِيرُ بن عبد الحميد. وثقه ابن معين.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 166"، وتهذيب التهذيب "8/ 339". 2 تهذيب التهذيب "8/ 363"، والتقريب "2/ 130". 3 التاريخ الكبير "7/ 188"، والجرح والتعديل "7/ 137".

"حرف الْكَافِ": 242- كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ أَبُو قُرَّةَ الْبَصْرِيُّ1 -سِوَى ت-. عَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بن عباد عبد الْوَارِثِ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. قَالَ أَحْمَدُ: صَالِحٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لين. وتردد ابن معين فيه. 243- كثير النواء2 -ت- أبو إسماعيل الكوفي مَوْلَى بَنِي تَيْمِ اللَّهِ. روى عن عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَجُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَكَانَ مِنْ أَجْلادِ الشِّيعَةِ. روى عنه الْمَسْعُودِيُّ وَشَرِيكٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَعُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسْلِيِّ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. 244- كُرْزُ بْنُ وَبَرَةَ الْحَارِثِيُّ الْكُوفِيُّ3، أَحَدُ الأَوْلِيَاءِ. روى عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَطَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ خَثْيَمٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ. روى عنه أَبُو طِيبَةَ عِيسَى بْنُ سُلَيْمَان الدَّارِمِيُّ - لَقِيَهُ بِجُرْجَانَ - وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْوَصَّافِيُّ وَمُخْتَارُ التَّيْمِيُّ ومحمد بن فضل وَغَيْرُهُمْ. رَوَى ابْنُ فَضْلٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ كُرْزًا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ أَرْبَعِينَ سنة حياء من الله تعالى.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 215"، والجرح والتعديل "7/ 153". 2 التاريخ الكبير "7/ 215"، وتهذيب التهذيب "8/ 411". 3 التاريخ الكبير "7/ 238"، والجرح والتعديل "7/ 170".

قَالَ: وَكَانَ يُكْثِرُ الصَّلاةَ فَكَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. وَكَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ فَرُبَّمَا ضَرَبُوهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ. قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: دَخَلَ كُرْزٌ جُرْجَانَ غَازِيًا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ مَعَ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ ثُمَّ سَكَنَهَا وَاتَّخَذَ بِهَا مَسْجِدًا فِي طَرَفِ مَحِلَّةِ سُلَيْمَانَ آبَاذَ، وَكَانَ مَعْرُوفًا بِالزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ شَبْرُمَةَ: صَحِبْنَا كُرْزَ بْنَ وَبَرَةَ وَكَانَ لا يَنْزِلُ مَنْزِلا إِلا ابْتَنَى مَسْجِدًا وَقَامَ يُصَلِّي فِيهِ. وَلابْنِ شَبْرُمَةَ: لَوْ شِئْتُ كُنْتُ كَكُرْزٍ فِي تَعَبُّدِهِ ... أَوْ كَابْنِ طَارِقٍ حَوْلَ الْبَيْتِ فِي الحَرَمِ قَدْ حَالَ دُونَ لَذِيذِ الْعَيْشِ خَوْفُهُمَا ... وَسَارَعَا فِي طِلابِ الْفَوْزِ وَالْكَرَمِ1 قَالَ أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ أَبُو عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ شَبْرُمَةَ: سَأَلَ كُرْزُ بْنُ وَبَرَةَ رَبَّهُ أَنْ يُعْطِيَهُ الاسْمَ الأَعْظَمَ عَلَى أَنْ لا يَسْأَلَ بِهِ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا فَأُعْطِيَهُ، فَسَأَلَ أَنْ يَقْوَى عَلَى خَتْمِ الْقُرْآنِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. قَال الدَّوْرَقِيُّ: وَحَدَثَّنِي جَرِيرُ بْنُ زِيَادِ بْنِ كُرْزٍ الْحَارِثِيُّ عَنْ شُجَاعِ بْنِ صَبِيحٍ مَوْلَى كُرْزِ بْنِ وَبَرَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ الْمُكْتِبُ قَالَ: صَحِبْتُ كُرْزًا إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ إِذَا نَزَلَ أَدْرَجَ ثِيَابَهُ فِي الرَّحْلِ ثُمَّ تَنَحَّى لِلصَّلاةِ فَإِذَا سَمِعَ رُغَاءَ الإِبِلِ أَقْبَلَ، فَاحْتَبَسَ يَوْمًا عَنِ الْوَقْتِ فَانْبَثَّ أَصْحَابُهُ فِي طَلَبِهِ فَأَصَبْتُهُ فِي وَهْدَةٍ يصلي في ساعة حارة وإذا سَحَابَةٌ تُظِلُّهُ فَلَمَّا رَآنِي أَقْبَلَ نَحْوِي فَقَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ أُحِبُّ أَنْ تَكْتُمَ مَا رَأَيْتَ، قُلْتُ: نَعَمْ. وَعَنِ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَوْضَةَ مَوْلاةِ كُرْزٍ قَالَتْ: قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ يُنْفِقُ كُرْزٍ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُولُ: يَا رَوْضَةُ إِذَا أَرَدْتِ شَيْئًا فَخُذِي مِنْ هَذِهِ الْكُوَّةِ، فَكُنْتُ آخُذُ كُلَّمَا أَرَدْتُ. قُلْتُ: وَأَمَّا ابْنُ طَارِقٍ الْمَذْكُورُ فَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ طَارِقٍ. قَالَ ابْنُ فَضْلٍ: حَزَّرُوا طَوَافَهُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَشْرَةَ فَرَاسِخَ.

_ 1 راجع الشاهد في تاريخ جرجان "ص/ 337، 338" للسهمي.

245- كليب بن وائل1 -خ د ت- بن هنان التيمي البكري المدني نَزِيلُ الْكُوفَةِ. روى عن ابْنِ عُمَرَ وَزَيْنَبَ بنت أبي سلمة وهانيء بْنِ قَيْسٍ. وعنه زَائِدَةُ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. "حرف اللامِ": 246- لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ2 -4- تُوُفِّيَ فِي قَوْلِ مُطَيَّنٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، وَسَيَأْتِي. "حرف الْمِيمِ": 247- الْمُحِبُّ بْنُ حَذْلَمٍ، أَبُو خَيْرَةَ الرُّعَيْنِيُّ. مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ أَحَدُ الْعَابِدِينَ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: كَانَ أَبُو خَيْرَةَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَرَّتَيْنِ. وَرَوَى طَلْقُ بْنُ السَّمْحِ عَنْ ضِمَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَنَّ الْمُحِبَّ أَبَا خَيْرَةَ قَامَ وَالْحَوْثَرَةُ أَمِيرُ مِصْرَ يَخْطُبُ وَيَبْكِي فَوْقَ الْمِنْبَرِ فَقَالَ أَبُو خَيْرَةَ: يَا مُحَمَّدَاهُ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَانْظُرْ مَا فَعَلَتْ أُمَّتَكَ بَعْدَكَ، يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّ اللَّهَ يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2] فَقَالَ: خُذُوا الْمُنَافِقَ! فَأَتَوْهُ بِهِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقِيلَ لَهُ: مَجْنُونٌ، فَقَالَ: الْمُحِبُّ أَجَنُّ مِنِّي يَقُولُ مَا لا يَفْعَلُ! قَالَ: خَلُّوهُ فَإِنَّهُ مَجْنُونٌ. تَرَدَّى أَبُو خَيْرَةَ فَاسْتُشْهِدَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 248- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عمرو بن حزم3 -ع- أبو عبد الملك الأنصاري قَاضِي الْمَدِينَةِ. كَانَ أَكْبَرَ مِنْ أَخِيهِ عَبْدِ الله بن أبي بكر.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 229"، وميزان الاعتدال "3/ 414". 2 التاريخ الكبير "7/ 246"، وتهذيب التهذيب "8/ 465". 3 التاريخ الكبير "1/ 46"، وتهذيب التهذيب "9/ 80".

روى عن أَبِيهِ وَعَمْرَةَ وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ وعبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَنِ. وعنه ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَشُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَفَضْلُ بْنُ فُضَالَةَ وَابْنُ عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ. وَرَأَى بَعْضَ الصَّحَابَةِ وَكَانَ مِنَ الثِّقَاتِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 249- مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ الْكُوفِيُّ1 -ع- أَحَدُ الأَئِمَّةَ. روى عن أَنَسٍ وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَأَبِي صَالِحٍ بَاذَامَ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَخَلْقٍ. وعن ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ وَشُعْبَةُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَكَانَ مِنْ فُضَلاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ. تُوُفِّيَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 250- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ الْقُرَشِيُّ2 -خ م د ن ت- مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَأَبِي سَلَمَةَ وَكُرَيْبٍ. وعنه مَالِكٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. 251- مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الضَّبِّيُّ3 الْكُوفِيُّ -ت-. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيُّ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وعنه الثَّوْرِيُّ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ كِبَارٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بحديثه بأس. وقال ابن ما كولا: كُنْيَتُهُ أَبُو خَبِئَةَ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَبِمُوَحَّدَةٍ وَهَمْزَةٍ، قَالَ: وَروى عنه إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ فَكَنَّاهُ أَبَا خالد.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 54"، وتهذيب التهذيب "9/ 92". 2 التاريخ الكبير "1/ 59"، وتهذيب التهذيب "9/ 110". 3 تهذيب التهذيب "9/ 145"، وميزان الاعتدال "3/ 536".

وَقَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ: أَبُو خُبْئَةَ بِالضَّمِّ هُوَ سُؤْرُ الأَسَدِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الضَّبِّيُّ، كَذَا ضَمَّهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 252- مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ الْحِمْصِيُّ1 -خ4- مِنْ عُلَمَاءِ بَلَدِهِ، وَالْهَانُ هُوَ أَخُو هَمْدَانَ ابْنَا مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَوْسِلَةَ الْقَحْطَانِيِّ. يَرْوِي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الباهلي وأبي عنبة الْخَوْلانِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ وَأَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ. وعنه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ وَبَقِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 253- مُحَمَّدُ بْنُ زيد بن المهاجر2 -م4- بْنِ قُنْفُذِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ جُدْعَانَ الْقُرَشِيُّ التيمي المدني. رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَأَخَذَ الْعَطَاءَ فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ. وَروى عن عُمَيْرٍ مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهِمْ. وعنه الزُّهْرِيُّ - وَمَاتَ قَبْلَهُ - وَمَالِكٌ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. 254-مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ أَبُو سَهْلٍ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ3 -ت-. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَابْنِ إِسْحَاق. وعنه جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسَعْدُ بْنُ الصلت وغيرهم.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 83"، وتهذيب التهذيب "9/ 170". 2 التاريخ الكبير "1/ 84"، وتهذيب التهذيب "9/ 173". 3 التاريخ الكبير "1/ 105"، وتهذيب التهذيب "9/ 176".

وَكَانَ فَرْضِيًّا وَلَعَلَّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدِ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. تَرَكَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ الْقَطَّانُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ: مَتْرُوكٌ. 255- مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ1 -ت ق- بن بركة المكي. عَنْ أُمِّهِ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ. وعنه ابْنُ جُرَيْجٍ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى بْنُ سليم إسماعيل بْنُ عُلَيَّةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مُقِلٌّ. 256- مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الأَنْصَارِيُّ2، شَامِيٌّ. عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي ظِبْيَةَ الْكَلاعِيِّ وَرَبِيعَةَ الْقَصِيرِ. وعنه شَرِيكٌ وَهُشَيْمٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ. قال ابن معين: ليس بن بأس. 257- محمد بن سيف3 -ت- أبو رجاء البصري الحداني. عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ. وعنه شُعْبَةُ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَابْنُ عُلَيَّةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 258- مُحَمَّدُ بْنُ شَيْبَةَ بْنِ نَعَامَةَ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ4. -م-. عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ. وعنه هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ وَجَرِيرٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ ثِقَةٌ مقل.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 100"، وتهذيب التهذيب "9/ 178". 2 التاريخ الكبير "1/ 89"، وتهذيب التهذيب "9/ 184". 3 التاريخ الكبير "1/ 104"، وتهذيب التهذيب "9/ 217". 4 التاريخ الكبير "1/ 112"، وتهذيب التهذيب "9/ 224".

259- مُحَمَّدُ بْنُ طَارِقٍ الْمَكِّيُّ الْعَابِدُ1 -ق-. روى عن ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَالثَّوْرِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. قَدْ ذُكِرَ مِنِ اجْتِهَادِهِ فِي الْعِبَادَةِ آنِفًا فِي تَرْجَمَةِ كُرْزٍ. 260- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ2 -خ ن ق- المازني أبو عبد الرحمن المدني. أَحَدُ الثِّقَاتِ. عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يسار وعباد بن تميم وَغَيْرِهِمَا. وعنه ابْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ وَالْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 261- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَبِيدٍ الأَسَدِيُّ، وَيُقَالُ الأَسْلَمِيُّ. وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ مُدَيْدَةً فِي إِمْرَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ عُزِلَ بِكُلْثُومِ بْنِ زِيَادٍ ثُمَّ وَلِيَ فِي دَوْلَةِ السَّفَّاحِ. حَكَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ. 262- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي عتيق3 -خ د ت ن- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ الصديق القرشي التيمي. روى عن نَافِعٍ وَالزُّهْرِيُّ. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ ثِقَةً. 263- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن نوفل4 -ع- بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى أَبُو الأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ الأسدي يَتِيمُ عُرْوَةَ، لِأَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِهِ إِلَيْهِ

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 119"، وتهذيب التهذيب "9/ 234". 2 التاريخ الكبير "1/ 140"، وتهذيب التهذيب "9/ 262". 3 التاريخ الكبير "1/ 130"، وتهذيب التهذيب "9/ 277". 4 التاريخ الكبير "1/ 145"، وتهذيب التهذيب "9/ 307".

وَكَانَ جَدُّهُ نَوْفَلٌ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ وَبِهَا تُوُفِّيَ. نَزَلَ أَبُو الأَسْوَدِ مِصْرَ وَحَدَّثَ بِهَا بِكِتَابِ "الْمَغَازِي" لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَالنُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ وَعِكْرِمَةَ الْهَاشِمِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وعنه حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وشعبة ومالك وابن لهيعة وآخرون. آخرهم وَفَاةً أَبُو ضَمْرَةَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ. وَكَانَ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْمَشَاهِيرِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 264- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ1 بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيِّ الأَمِيرُ. وَلِيَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ لِأَخِيةِ الْخَلِيفَةِ هِشَامٍ وَكَانَ فِيهِ دِينٌ، وَلَمَّا قُتِلَ الْوَلِيدُ غَلَبَ عَلَى الأُرْدُنِ. روى عن أَبِيهِ. وعنه الأَوْزَاعِيُّ وَزَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ وَغَيْرُهُمَا. ظَفِرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ يَوْمَ نَهْرِ أَبِي فُطْرُسٍ فَذَبَحَهُ صَبْرًا. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ يُوَثِّقُهُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَهَذَا غَلَطٌ. وَذَكَر ابْنُ يُونُسَ أَنَّهُ رَوَى عَنْ رَجُلٍ. 265- مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ2 -4- أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ الْمَدَنِيُّ مِنْ سَادَاتِ بَنِي هَاشِمٍ. روى عن أَبِيهِ وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ وَعَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْعَبَّاسِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. روى عنه بَنُوهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُمَرُ وَابْنُ جريح وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْفِطْرِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ ابن سعد: أدرك خلافة بني العباس.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 632"، والتاريخ لابن معين "5153". 2 التاريخ الكبير "1/ 177"، وتهذيب التهذيب "9/ 361".

وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: كَانَ النَّاسِ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ يُشْبِهُ جَدَّهُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. 266- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -خ م د ن-. عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَمَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ. وعنه مَالِكٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَمُسْلِمٌ الزِّنْجِيُّ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 267- مُحَمَّدُ بْنُ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ2، أَخُو رِشْدِينَ. روى عن أَبِيهِ. وعنه إِسْرَائِيلُ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَغَيْرُهُمَا. ضَعَّفُوهُ. 268- مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ -ع- قَدْ تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ. 269- مُخَارقُ بن خليفة3 -م د ت ن- ويقال: ابن عبد لله بن جابر الأحمسي الكوفي. عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ. وعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَإِسْرَائِيلُ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 270- مُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ الْكُوفِيُّ4 -م د ت ن-. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 191"، وتهذيب التهذيب "9/ 371". 2 التاريخ الكبير "1/ 217"، وتهذيب التهذيب "9/ 420". 3 التاريخ الكبير "7/ 431"، وتهذيب التهذيب "10/ 67". 4 التاريخ الكبير "7/ 385"، وتهذيب التهذيب "10/ 68"، وميزان الاعتدال "4/ 80".

وعنه الثَّوْرِيُّ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَكَانَ خَيِّرًا رَقِيقَ الْقَلْبِ بَكَّاءً عِنْدَ الذِّكْرِ، تَفَرَّدَ بِحَدِيثِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلامُ-، وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 271- مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ1 ابْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الْخَلِيفَةُ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الأُمَوِيُّ، وَيُلَقَّبُ بِمَرْوَانَ الْحِمَارِ وَمَرْوَانَ الْجَعْدِيِّ، وَتِلْكَ نِسْبَةٌ إِلَى مُؤَدِّبِهِ الْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، وَيُقَالُ: فُلانٌ أَصْبَرُ مِنْ حِمَارٌ فِي الْحُرُوبِ، وَلِهَذَا قِيلَ لَهُ مَرْوَانُ الْحِمَارِ فَإِنَّهُ كَانَ لا يُخْفِ لَهُ لَبِدٌ فِي مُحَارَبَةِ الْخَارِجِينَ عَلَيْهِ. كَانَ يَصِلُ السَّرَى بِالسَّيْرِ وَيَصْبِرُ عَلَى مَكَارِهِ الْحَرْبِ. وَقِيلَ: سُمِّيَ بِالْحِمَارِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي كُلَّ مِائَةِ سَنَةٍ حِمَارًا فَلَمَّا قَارَبَ مُلْكُ بَنِي أُمَيَّةَ مِائَةَ سَنَةٍ لَقَّبُوا مَرْوَانَ بِالْحِمَارِ لِذَلِكَ وَأَخَذُوهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي مَوْتِ حِمَارِ الْعُزَيْرِ. {وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ} [البقرة: 259] . وُلِدَ مَرْوَانُ بِالْجَزِيرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَأَبُوهُ مُتَوَلِّيهَا، وَأُمُّهُ أَمُّ وَلَدٍ، وَقَدْ وَلِيَ وِلايَاتٍ جَلِيلَةٍ قَبْلَ الْخِلافَةِ، وَافْتَتَحَ قُونِيَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ، وَوَلِيَ الْجَزِيرَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ مَشْهُورًا بِالْفُرُوسِيَّةِ وَالإِقْدَامِ وَالْرُجْلَةَ وَالدَّهَاءِ وَفِيهِ عَسَفٌ. سَارَ مَرَّةً حَتَّى جَاوَزَ نَهْرَ2 الرُّومِ فَقَتَلَ وَسَبَى وَأَغَارَ على الصقالبة. قاله خَلِيفَةٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَغَيْرُهُ: كَانَ مروان أبيض شديد الشهلة ضخم الخامة كَثَّ اللِّحْيَةِ أَبْيَضَهَا رِبْعَةً مِنَ الرِّجَالِ. وَقَالَ الوليد بن مسلم: بويع يوم نصف سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا قُتِلَ الْوَلِيدُ بَلَغَ ذَلِكَ مَرْوَانَ وَهُوَ عَلَى أَرْمِينِيَّةَ فَدَعَا إِلَى بَيْعَةِ مَنْ رَضِيَهُ الْمُسْلِمُونَ فَبَايَعُوهُ, فَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ النَّاقِصِ أَنْفَقَ الْخَزَائِنَ وَسَارَ فِي بِضْعٍ وَثَلاثِينَ فَارِسًا مِنَ الْجَزِيرَةِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا أَخَاهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ محمد, فلما وصل

_ 1 معجم بني أمية "161، 162"، وسير أعلام النبلاء "6/ 307". 2 انظر السير "6/ 308" للإمام الذهبي.

إِلَى حَلَبَ بَايَعَهُ خَلْقٌ مِنَ الْقَيْسِيَّةِ ثُمَّ قدم حمص فدعاهم إلى المسير معه إلى بَيْعَةِ وَلِيَّيِ الْعَهْدِ الْحَكَمِ وَعُثْمَانَ ابْنَيِ الْوَلِيدِ وَكَانَا مَحْبُوسَيْنِ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اسْتُخْلِفَ بِدِمَشْقَ بَعْدَ وَفَاةِ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ فَسَارَ مَعَهُ جَيْشُ حِمْصَ وَخَرَجَ لِحَرْبِهِ أَصْحَابُ إِبْرَاهِيمَ فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ بِمَرْجِ عَذْرَاءَ فَهَزَمَهُمْ مَرْوَانُ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَانْهَزَمَ بَعْدَ حَرْبٍ شَدِيدٍ، فَبَرَزَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَسْكَرَ بِمَيْدَانِ الْحَصَى وَمَعَهُ الْخَزَائِنُ, فَتَفَلَّلَ عَنْهُ النَّاسُ فَتَوَثَّبَ أَعْوَانَهُ فَقَتَلُوا وَلِيَّيِ الْعَهْدِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَتَلُوا مَعَهُمَا يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ فِي السِّجْنِ، وَثَارَ أَحْدَاثِ أَهْلِ دِمَشْقَ بِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَتَلُوهُ لِكَوْنِهِ سَعَى فِي قَتْلِ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ, ثُمَّ أَخْرَجُوا مِنَ الْحَبْسِ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَوَضَعُوهُ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ وَفَكُّوا قُيُودَهُ لِيُبَايِعُوهُ، وَوَضَعُوا رَأْسَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَخَطَبَهُمْ وَحَضَّهُمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَبَايَعَ لِمَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ فَهَرَبَ حِينَئِذٍ مِنْ مَيْدَانِ الْحَصَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ وَأَمَّنَ مَرْوَانُ أَهْلَ الْبَلَدِ وَرَضِيَ عَنْهُمْ، فَأَوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورُ وَاسْتَوْثَقَ لَهُ الأَمْرُ وَأَمَرَ بِنَبْشِ1 يَزِيدَ النَّاقِصِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصَلَبَهُ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّهُ خَلَعَ نَفْسَهُ وَبَعَثَ بِالْبَيْعَةِ إِلَى مَرْوَانَ فَأَمَّنَهُ، وَتَحَوَّلَ إِبْرَاهِيمُ فَنَزَلَ الرَّقَّةَ خَامِلا ثُمَّ اسْتَأْمَنَ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ فَأَمَّنَهُ مَرْوَانُ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ مَرْوَانُ عَظِيمَ الْمُرُوءَةِ2 يُحِبُّ اللَّهْوَ وَالسَّمَاعَ غَيْرَ أَنَّهُ شُغِلَ بِالْحُرُوبِ وَكَانَ يُحِبُّ الْحَرَكَةَ وَالأَسْفَارَ. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ: سَمِعْتُ الْوَزِيرَ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَأَلَنِي الْمَنْصُورُ: مَا كَانَ أَشْيَاخُكَ الشَّامِيُّونَ يَقُولُونَ؟ قُلْتُ: أَدْرَكْتُهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ إِذَا اسْتُخْلِفَ غُفِرَ لَهُ مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ، فَقَالَ: إِي وَاللَّهِ وَمَا تَأَخَّرَ، أَتَدْرِي مَا الْخَلِيفَةُ؟ بِهِ تُقَامُ الصَّلاةُ وبه يحج البيت ويجاهد العدو، قال: فَعَدَّدَ مِنْ مَنَاقِبِ الْخَلِيفَةِ مَا لَمْ أَسْمَعْ

_ 1 وأمر بنبش يزيد ... : يعني إخراجه من قبره. 2 المروءة: وهي كلمة تحمل كل معاني الإنسانية منذ عصر الجاهلية إلى اليوم ولها تعاريف كثيرة منها: هي: "كمال النفس بصونها عما يوجب ذمها عرفا ولو مباحا في ظاهر الحال" وقيل: هي "استعمال ما يجمله ويزينه، وتجنب ما يدنسه ويشينه" وقيل: "هي الوقوف على محاسن الأخلاق وجميل العادات". وقيل غير ذلك وراجع: العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية "1/ 329"، والمحرر "2/ 266"، وحاشية العنقري على الروض المربع "3/ 424"، والتعريفات "111"، والمصباح المنير "569".

أحدًا ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ عَرَفْتَ مِنْ حَقِّ الْخِلافَةِ فِي دَهْرِ بَنِي أُمَيَّةَ مَا أَعْرِفُ الْيَوْمَ لأَتَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُمْ حَتَّى أُبَايِعَهُ أَقُولَ: مُرْنِي بِمَ شِئْتَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ الْمَهْدِيُّ: وَكَانَ الْوَلِيدُ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ الْوَلِيدَ وَمَنْ أَقْعَدَهُ خَلِيفَةً، قَالَ: أَفَكَانَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ الْمَنْصُورُ: لِلَّهِ دَرُّ مَرْوَانَ مَا كَانَ أَحْزَمَهُ وَأَسْوَسَهُ وَأَعَفَّهُ عَنِ الْفَيْءِ. قَالَ: فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُ؟ قَالَ: لِلأَمْرِ الَّذِي سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ. وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُسْلِمٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ فَعَلَ فِعْلا فَظِيعًا أَدْخَلَ عَلَيْهِ يَزِيدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقِسْرِيَّ فَاسْتَدْنَاهُ وَلَفَّ مِنْدِيلا عَلَى إِصْبَعِهِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي عَيْنِ يَزِيدَ فَقَلَعَهَا وَاسْتَخْرَجَ الْحَدَقَةَ ثُمَّ أَدَارَ يَدَهُ فَأَخْرَجَ حدقته الأُخْرَى وَمَا سَمِعْتُ لِيَزِيدَ كَلِمَةً، وَكَانَ قَدْ حَارَبَ مَرْوَانُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخْلَفَ وَقَامَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَلِيدِ. قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ1: وَسَارَ مَرْوَانُ لِحَرْبِ بَنِي الْعَبَّاسِ فَكَانَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ وَخَمْسِينَ أَلْفًا فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ الزَّابِينَ دُونَ الْمَوْصِلِ, فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ عَمُّ الْمَنْصُورِ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ فَانْكَسَرَ مَرْوَانُ وَقَطَعَ الْجُسُورَ إِلَى الْجِزِيرَةِ وَأَخَذَ بُيُوتَ الأَمْوَالِ وَالْكُنُوزِ فَقَدِمَ الشَّامَ فَاسْتَوْلَى عَبْدُ اللَّهِ عَلَى الْجَزِيرَةِ وَطَلَبَ الشَّامَ وَفَرَّ مِنْهُ مَرْوَانُ وَنَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ دِمَشْقَ، فَلَمَّا بَلَغَ مَرْوَانُ أَخَذَ دِمَشْقَ وَهُوَ حِينَئِذٍ بِأَرْضِ فِلَسْطِينَ دَخَلَ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ وَعَبَرَ النِّيلَ وَطَلَبَ الصَّعِيدَ، فَوَجَّهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ أَخَاهُ صَالِحَ بْنَ عَلِيٍّ فَطَلَبَ مَرْوَانَ وَعَلَى طَلائِعِهِ عَمْرٌو بْن إِسْمَاعِيلُ، فَسَاقَ عَمْرٌو فِي أَثَرِ مَرْوَانَ فَلَحِقَهُ بِقَرْيَةِ بُوصِيرَ فَبَيَّتَهُ فَقَتَلَهُ. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ: قُتِلَ مَرْوَانُ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: نَزَلَ بُوصِيرَ وَسَهْرَ وَتَطَيَّرَ بِاسْمِ بُوصِيرَ فَأَحَاط عَامِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِبُوصِيرَ فَقَتَلُوهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ. وَيُرْوَى أَنَّ مَرْوَانَ مَرَّ فِي هَرَبِهِ عَلَى رَاهِبٍ فَقَالَ: يَا رَاهِبُ هَلْ تَبْلُغُ الدُّنْيَا مِنَ الإِنْسَانِ أَنْ تَجْعَلَهُ مَمْلُوكًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كيف؟ قال: بحبها قال: فما السبيل إلى العتق2؟ قال: ببغضها وَالتَّخَلِّي مِنْهَا. قَالَ هَذَا مَا لا يَكُونُ قَالَ: بَلْ سَيَكُونُ فَبَادِرْ بِالْهَرَبِ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تُبَادِرَكَ، قَالَ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ أنت مروان ملك العرب

_ 1 راجع تاريخ ابن خياط "403، 404". 2 العتق: هو الخروج من الرق والأسر.

تُقْتَلُ فِي بِلادِ السُّودَانَ وَتُدْفَنَ بِلا أَكْفَانَ وَلَوْلا أَنَّ الْمَوْتَ فِي طَلَبِكَ لَدَلَلْتُكَ عَلَى موضع هربك. قال هشام بن عمار: ثنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ مُهَلْهِلٍ عَنْ أبيه قال: قَالَ لِي مَرْوَانُ لَمَّا أَنْ عَظُمَ أَمْرِ أَصْحَابِ الرَّايَاتِ السُّودِ: لَوْلا وَحْشَتِي لَكَ وَأُنْسِي بِكَ لأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ ذَرِيعَةً1 فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ هَؤُلاءِ فَتَأْخُذُ لِي وَلَكَ الأَمَانَ قُلْتُ: وَبَلَغْتَ هَذَا الْحَالَ! قَال: إِيْ وَاللَّهِ، قُلْتُ: فَأَدُلُّكَ عَلَى أَحْسَنِ مَا أَرَدْتُ، قَالَ: قُلْ، قُلْتُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي يَدِكَ تُخْرِجُهُ مِنَ الْحَبْسِ وَتُزَوِّجُهُ بِنْتَكَ وَتُشْرِكْهُ فِي أَمْرِكَ فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ كَمَا تَقُولُ انْتَفَعْتَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كُنْتَ قَدْ وَضَعْتَ بِنْتَكَ فِي كَفَاءَةٍ، قَالَ: أَشَرْتَ وَاللَّهِ بِالرَّأْيِ وَلَكِنْ وَاللَّهِ السَّيْفُ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا. 272- مِسْحَاجُ بْنُ مُوسَى الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ2 -د-. سَمِعَ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وعنه جَرِيرٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَمَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 273- مُسْلِمُ بْنُ زِيَادٍ الْحِمْصِيُّ3. - د ت -. عَنْ أَنَسٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ عَلَى خَيْلِهِ، وَرَأَى فُضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. روى عنه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ. 274- مُسْلِمُ بْنُ سَالِمٍ أَبُو فَرْوَةَ الْجُهَنِيُّ4 -سِوَى ت- نَزَلَ فِيهِمْ بِالْكُوفَةِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ. روى عن عَبْدِ اللَّهِ بن عكيم وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي الأَحْوَصِ عوف وغيرهم. وعن مسعر وشعبة والسفيانان وزياد البكائي وجماعة.

_ 1 ذريعة: يعني وسيلة وسببا فيما بيني وبين هؤلاء. 2 تهذيب التهذيب "10/ 107"، وتاريخ الدوري "2/ 559". 3 تقريب التهذيب "2/ 251"، وابن حبان في الثقات "5/ 400". 4 التاريخ الكبير "7/ 262"، وتهذيب التهذيب "10/ 130"، ميزان الاعتدال "4/ 104".

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. مُسْلِمُ بْنُ عُبَيْدٍ1. هُوَ أَبُو نُصَيْرَةَ، يَأْتِي بِالْكُنْيَةِ. 275- مُسْلِمُ بْنُ كَيْسَانَ الضبي2 -ت ق- الملائي الكوفي الأعور. عَنْ أَنَسٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَمُجَاهِدٍ. وعنه جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَالْمُحَارِبِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. ضَعَّفُوهُ. كَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ لا يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. 276- الْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ3 بْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيُّ. عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا. وعنه أَبُو عَلْقَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ وَإِبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ. وَهُوَ مَدَنِيٌّ مُقِلٌّ خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ "الأَدَبِ" تأليفه. 277- مطرح بن يزيد4 -ق- أبو المهلب الأسدي الكوفي. عِدَادُهُ فِي الشَّامِيِّينَ. روى عن بِشْرِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ. وعنه ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَالْمُحَارِبِيُّ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ عاصم بن بهدلة.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 252". 2 التاريخ الكبير "7/ 271"، وتهذيب التهذيب "10/ 135"، وميزان الاعتدال "4/ 106". 3 تهذيب التهذيب "10/ 150"، والجرح والتعديل "8/ 297"، والثقات "5/ 436". 4 تهذيب التهذيب "10/ 171"، وميزان الاعتدال "4/ 123".

ضعفه النسائي غيره. مَاتَ شَابًّا فَإِنَّهُ مِنْ أَقْرَانِ الرُّوَاةِ عَنْهُ. 278- مُطَيْرُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَثَابِتٍ الْبَجَلِيِّ. وعنه ابْنُهُ مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ وَعَوْسَجَةُ وَعَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ. ضَعَّفُوهُ. 279- مُعَاوِيَةُ بْنُ سَعِيدٍ التُّجِيبِيُّ2 -ق- مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ. عَنْ أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ وَيَزِيدَ بْنِ أبي حبيب. وعنه يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ. 280- مَعْبَدُ بْنُ هِلالٍ الْعَنْزِيُّ3 الْبَصْرِيُّ -خ م ن-. عَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ -إِنْ صَحَّ- وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْحَسَنِ. وعنه سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَالْجُرَيْرِيُّ وَالْحَمَّادَانِ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. وَكَانَ أَحَدُ الثِّقَاتِ. 281- مُغِيرَةُ بْنُ حَبِيبٍ4، أَبُو صَالِحٍ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ خِتْنُ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمَا. وعنه هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. 282- مُغِيرَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْفَزَارِيُّ5. أَمِيرُ مِصْرَ فِي دَوْلَةِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ كَانَ حسن السيرة.

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 129". 2 التاريخ الكبير "7/ 334"، وتهذيب التهذيب "10/ 206"، والجرح والتعديل "8/ 384". 3 التاريخ الكبير "7/ 400"، وتهذيب التهذيب "10/ 225"، والتاريخ لابن معين "2/ 574". 4 التاريخ الكبير "7/ 325"، وميزان الاعتدال "4/ 159"، والجرح والتعديل "8/ 220". 5 راجع كتاب الولاة والقضاة "92، 93".

ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 283- مُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ الضبي1 -ع- الكوفي الأعمى أبو هشام. أَحَدُ الأَعْلامِ مِنْ مَوَالِي بَنِي ضَبَّةَ. تَفَقَّهَ بِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وبالشعبي وَرَوَى عَنْهُمَا وَعَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقٍ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَزَائِدَةُ وَإِسْرَائِيلُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَوْتًا: مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ أَحْفَظَ مِنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: مَا وَقَعَ فِي مَسَامِعِي شَيْءٌ فَنَسِيتُهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَدْ سَمِعَ مُغِيرَةُ مِنْ مُجَاهِدٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَأَبِي رَزِينٍ، قَالَ: وَمُغِيرَةُ لا يُدَلِّسُ سَمِعَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ مِائَةٍ وَثَمَانِينَ حَدِيثًا وَقَدْ أُدْخِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ رَجُلا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: مُغِيرَةُ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ فُضَيْلُ بن غزوان: عنا نَجْلِسُ أَنَا وَمُغِيرَةُ -وَعَدَّدَ نَاسًا- نَتَذَاكَرُ الْفِقْهَ فَرُبَّمَا لَمْ نَقُمْ حَتَّى نَسْمَعَ النِّدَاءَ بِصَلاةِ الْفَجْرِ. وَقَالَ جَرِيرٌ: سَمِعْتُ مُغِيرَةُ يَقُولُ: إِنِّي لأَحْتَسِبُ فِي مَنْعِي الْحَدِيثَ الْيَوْمَ كَمَا تَحْتَسِبُونَ فِي بَذْلِهِ. وَكَانَ مَكْفُوفَ الْبَصَرِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ مُغِيرَةُ مِنَ الْفُقَهَاءِ. وَكَانَ عُثْمَانِيًّا إِلا أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ على علي -رضي الله عنهم- بَعْضَ الْحَمْلِ. وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ اللِّسَانُ بِمَا لا يَعْنِيهِ قَالَ الْفَتَى: وَاحَرْبَاهُ. وَرَوَى فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: مَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ قَلَّتْ صَلاتُهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ مِنْ مُغِيرَةَ فَلَزِمْتُهُ وَلا أَقْرَأَ من عاصم فقرأت عليه.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 322"، وتهذيب التهذيب "10/ 269"، وميزان الاعتدال "4/ 165".

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مُغِيرَةُ صَاحِبُ سُنَّةٍ ذَكِيٌّ حَافِظٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ضَعْفٌ. وَقَالَ حَجَّاجٌ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: مُغِيرَةُ أَحْفَظُ مِنَ الْحَكَمِ. وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: كَانَ مُغِيرَةُ يُدَلِّسُ وَكُنَّا لا نَكْتُبْ عَنْهُ إِلا مَا قَالَ ثنا إِبْرَاهِيمُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَجْلَحِ: رَأَيْتُ مُغِيرَةَ يَخْضِبُ بِحِنَّاءٍ. قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ. مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ الْبَلْخِيُّ. سَيَأْتِي فِي الطَّبَقَةِ الأُخْرَى. 284- منصور بن جمهور الكلبيّ المزي الدمشقي الأمير. أحد من قام بخلافة يزيد بن الوليد وخرج معه على الوليد ثم إنه سار إلى العراق. فذكر خليفة أنه افتعل عهدا على لسان يزيد بإمرة العراق فحكم بها أربعين يوما وجعل على شرطته حجاج بن أرطاة. قلت: ثم إنه عزل فسار نحو بلاد السند فغلب عليها مدة. وكان قدريا فلما استولى السفاح وجه لقتاله موسى بن كعب فالتقاه فانهزم منصور وهلك عطشًا. 285- منصور بن زاذان1 -ع- أبو المغيرة الثقفي مولاهم الواسطي. أحد الأعلام. وقبره بواسط مشهور يزار. روى عن أنس بن مالك وأبي العالية والحسن البصري وابن سيرين وحميد بن هلال وعدة. وعنه شُعْبَة وجرير بن حازم وأبو عوانة وهشيم وخلف بن خليفة وخلق سواهم. قال هشيم: كان منصور بن زاذان لو قيل له: إن ملك الموت على الباب ما كان عنده زيادة فِي العمل وكان يصلي من طلوع الشمس إلى أن يصلي العصر ثم يسبح إلى المغرب2.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 346"، وتهذيب التهذيب "10/ 306"، وسير أعلام النبلاء "6/ 224". 2 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 225".

قال ابن سعد: وكان ثقة ثبتًا سريع القراءة، وكان يريد أن يترسل فلا يستطيع، وكان يختم فِي الضحى، وكان قد تحول إلى المبارك1. وقال يزيد بن هارون: كان منصور بن زاذان يقرأ القرآن كله فِي صلاة الضحي، وكان يختم القرآن من الأولى إلى العصر، ويختم فِي يوم مرتين وكان يصلي الليل كله2. وقال أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم الدورقي: ثنا مُحَمَّد بن عيينة حدثني مخلد بن الْحُسَيْن عن هشام بن حسان قال: كنت أصلي أَنَا ومنصور بن زاذان جميعًا, فكان إذا جاء شهر رمضان ختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء ختمتين ثم يقرأ إلى الطواسين قبل أن تقام الصلاة وكان يختم القرآن فيما بين الظهر والعصر ويختمه فيما بين المغرب والعشاء وكان يبل عمامته من دموع عينيه رحمه الله عليه3. وقال صالح بن عُمَر الواسطي: كان الْحَسَن الْبَصْرِيّ يقعد مع أصحابه فلا يقوم حتى يختم منصور بن زاذان القرآن4. أنبئت عن أبي المكارم اللبان أَنَا الحداد أَنَا أَبُو نعيم ثنا مخلد بن جعفر ثنا الفريابي ثنا عَبَّاس ثنا يحيى بن أَبِي بكير ثنا شُعْبَة عن هشام بن حسان قال: صليت إلى جنب منصور بن زاذان فيما بين المغرب والعشاء فقرأ القرآن وبلغ الثانية إلى النحل. وروى خلف بن خليفة عن منصور قال: الهم والحزن يزيد فِي الحسنات والشر والبطر يزيد فِي السيئات5. وقال أبو معمر القطيعي: ذكر عباد بن العوام أنه شهد جنازة منصور بن زاذان قال: فرأيت النصارى على حدة والمجوس على حدة واليهود على حدة وقد أخذ خالي بيدي من كثرة الزحام. قال يزيد بن هارون: توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة.

_ 1 المصدر السابق. 2 المصدر السابق. 3 المصدر السابق. 4 المصدر السابق. 5 المصدر السابق.

286- منصور بن عبد الرحمن بن طلحة1 -خ م د ن ق- بن الحارث العبدري الحجبي المكي أخو مُحَمَّد. روى عن أمه صفية بِنْت شيبة وسعيد بن جُبَيْر. وعنه زهير بن معاوية والسفيانان ووهيب بن خَالِد وفضيل بن سليمان النميري وجماعة. اثنى عليه سُفْيَان بن عيينة وقال: كان يبكي عند كل صلاة فكانوا يرون أنه يذكر الموت والقيامة عند الصلوات. وثقة النسائي وغيره. وأشار بعضهم إلى لين فِيهِ، وهو قليل الرواية. مات سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومائة. 287- منصور بن عبد الرحمن الغداني2 -م د- البصري الأشل. روى عن الْحَسَن والشعبي. روى عنه شُعْبَة وبشر بن المفضل وابن علية. وثقه ابن معين وغيره. وأشار أَبُو حاتم إلى لين ما فيه. 288- منصور بن المعتمر السلمي3 -ع- الإمام العلم أبو عتاب الكوفي. روى عن أَبِي وائل وإبراهيم والشعبي ورِبْعي بن حِراش وسعيد بن جُبَيْر وعبد الله بن مرة وأبي حازم الأشجعي وأبي الضحى وهلال بن يساف والزهري وعمرو بن مرة والحكم ومجاهدة وخلق. وما علمت له رواية عن أحد من الصحابة. روى عن شُعْبَة وسفيان وشيبان النحوي وشريك وفضيل بن عياض وأبو الأحوص وابن عيينة وجرير ومعتمر بن سُلَيْمَان وعبيدة بن حميد وخلق سواهم. وكان من كبار الحفاظ الأثبات. قال شُعْبَة: قال منصور: ما كتبت حديثًا قط.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 344"، وميزان الاعتدال "4/ 186". 2 التاريخ الكبير "7/ 345"، وتهذيب التهذيب "10/ 311". 3 التاريخ الكبير "7/ 346"، وتهذيب التهذيب "10/ 312".

وقال عَبْد الرَّحْمَن بن مهدي: لم يكن بالكوفة أحد أحفظ من منصور. وقال زائدة: صام منصور أربعين سنة وقام ليلها وكان يبكي الليل كله فإذا أصبح كحل عينيه وبرق شفتيه ودهن رأسه فتقول له أمه: قتلت قتيلا؟ فيقول: أَنَا أعلم بما صنعت بنفسي. وقد أخذه يوسف بن عُمَر أمير العراق ليوليه قضاء الكوفة فامتنع فدخلت عليه وقد جيء بالقيد يقيدونه ثم خُلي عَنْهُ يعني لما أيسوا منه. وقال أَحْمَد العجلي: كان منصور أثبت أهل الكوفة لا يختلف فِيهِ أحد، صالح متعبد أكره على القضاء فقضى شهرين، وفيه تشيع يسير، وكان قد عمش من البكاء، قَالَتْ فتاة لأبيها: يا أبه الأسطوانة التي كانت فِي دار منصور ما فعلت؟ قال: يا بنية ذاك منصور كان يصلي بالليل فمات1. قال ابن عيينة: كان منصور فِي الديوان فكان إذا دارت نوبته لبس ثيابه وذهب فحرس يعني فِي الرباط. وقال أَبُو نعيم: سمعت حماد بن زيد يقول: قد رَأَيْت منصور بن المعتمر صاحبكم وكان من هذه الخشبية ما أراه كان يكذب. وقال يحيى القطان: كان منصور من أثبت الناس. وقال سفيان الثوري: كنت إذا رَأَيْت منصورًا قلت: الساعة يموت. كان فِي خدّه خال مما ظهر من البكاء. قال أَبُو دَاوُد: طلب منصور الحديث قبل الجماجم، يعني فِي حدود الثمانين، قال: والأعمش طلب بعده. وقال أَبُو حاتم: هُوَ أتقن من الأعمش لا يخلط ولا يدلس بخلاف الأعمش2. قال ابن مهدي: كان منصور أثبت أهل الكوفة. وقال شُعْبَة: قال منصور: وددت أني كتبت وأن علي كذا وكذا فقد ذهب مني مثل علمي.

_ 1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 197". 2 انظر السابق.

وقال أَبُو عوانة: لما ولي منصور القضاء كان يأتيه الخصمان فيقص ذا قصة ويقص ذا قصة، فيقول: قد فهمت ما قلتما ولست أدري ما أرد عليكما. فبلغ ذلك خَالِد بن عَبْد الله أو ابن هبيرة الَّذِي كان ولاه فقال: هذا أمر لا ينفع إلا من أعان عليه بشهوة، قال: يعني فعزله. وقال أَبُو بَكْر بن عياش: ربما كنت مع منصور جالسًا فِي منزله فتصيح به أمه وكانت فظة عليه فتقول: يا منصور يريدك ابن هبيرة على القضاء فتأبى! وهو واضع لحيته على صدره ما يرفع طرفه إليها. وكان رحمه الله صوامًا قوامًا. قال ابن معين: لم يكن أحد أعلم بحديث منصور من سفيان الثوري. وقال هشيم: سئل حصين: أنت أكبر أم منصور؟ قال: أني لأذكر ليلة أهديت أم منصور إلى أَبِيهِ. قلت: توفي منصور سنة اثنتين وثلاثين بعد ظهور المسودة. 289- منصور بن أَبِي الهياج حيان1 -م د ن- الأسدي الكوفي. روى عن أَبِي الطفيل وعمرو بن ميمون الأودي وسعيد بن جُبَيْر. وعنه سُفْيَان وشعبة وأبو خالد الأحمر ويزيد بن هارون وجماعة. قال أَبُو حاتم: كان ثبتًا. 290- مهاجر بن مخلد2 -ت ن ق-. روى عن أَبِي العالية الرياحي وعبد الرَّحْمَن بن أَبِي بَكْر. وعنه حماد بن زيد ووهيب وعبد الوهاب الثقفي وغيرهم. قال ابن معين: هُوَ صالح. 291- موسى بن أيوب3 -د ت ن- ويقال: ابن أَبِي أيوب - الحمصي أَبُو الفيض المهري.

_ 1 تهذيب التهذيب "10/ 306"، وتاريخ الدوري "2/ 587". 2 التاريخ الكبير "7/ 381"، وتهذيب التهذيب "10/ 323". 3 تقريب التهذيب "2/ 286"، والجرح والتعديل "8/ 134".

عن سليم بن عامر الخبايري وعبد الله بن مرة الزُّرَقي وأرسل عن معاذ بن جبل ومعاوية. وعنه زيد بن أَبِي أنيسة وشعبة لقيه بواسط. قال ابن معين: هُوَ من أبناء جند الحجاج ثقة. وقال أَبُو حاتم: صالح. 292- مُوسَى بن أَبِي تميم1 -م ن- مدني. عن سَعِيد بن يسار. وعنه مالك وسليمان بن بلال. وثقة أَبُو حاتم. 293- موسى بن جبير المدني2 -د ق- الحذاء مولى الأنصار. عن أَبِي أمامة بن سهل وعبد الله بن كعب بن مالك ومعاذ بن رفاعة الزرقي. ونزل مصر. روى عنه عمرو بن الحارث وزهير بن معاوية والليث وبكر بن مضر. 294- مُوسَى بن سالم أَبُو جهضم3 -4- مولى آل الْعَبَّاس. روى عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. وعنه الثوري والحمادان والليث وعبد الوارث وابن علية. وثقة أَحْمَد وابن معين. له حديث أو حديثان. 295- مُوسَى بن عَبْد الله بن يزيد الخطمي4 -م د ق- الأنصاري الكوفي. عن أَبِيهِ وعن امْرَأَة صحابية من بنى عَبْد الأشهل وعن عَبْد الرَّحْمَن بن هلال.

_ 1 تهذيب التهذيب "1/ 338"، والجرح والتعديل "8/ 138"، والثقات "7/ 455". 2 التاريخ الكبير "7/ 381"، وتهذيب التهذيب "10/ 339". 3 التاريخ الكبير "7/ 284"، وتهذيب التهذيب "10/ 344". 4 التاريخ الكبير "7/ 287"، وتهذيب التهذيب "10/ 353".

وعنه الأعمش ومسعر ومعتمر بن سُلَيْمَان. وثقه ابن معين. 296- مُوسَى بن أَبِي عَائِشَةَ الهمداني الكوفي1 -ع- العابد أحد الأعلام. روى عن سَعِيد بن جُبَيْر وعبد الله بن شداد بن الهاد وعبيد اللَّه بن عَبْد الله بن عتبة وجماعة. وعنه شُعْبَة والسفيانان وزائدة وأبو إِسْحَاق الفزاري وعبيدة بن حميد وآخرون. وثقه ابن عيينة. وقال جرير بن عَبْد الحميد: كنت إذا رَأَيْته ذكرت الله لرؤيته. وقال القطان: كان سفيان يحسن الثناء عليه. وقال سُفْيَان بن عيينة: قال جار لموسى بن أبي عَائِشَةَ: ما رفعت رأسي قط إلا رَأَيْته قائمًا يصلي. "حرف النون": 297- نافع بن مالك2 -ع- بن أَبِي عامر أَبُو سهيل الأصبحي الْمَدَنِيّ. روى عن ابن عُمَر وأنس بن مالك وسهل بن سعد وسعيد بن المسيب، وأكثر عن أَبِيهِ. روى عنه ابن أخيه مالك بن أنس والزهري - مع تقدمه - وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَر. وثقة أَحْمَد وغيره. 298- نصر بن سيار3، الأمير أَبُو الليث المروزي. متولي خراسان لمروان الخمار. روى عن عكرمة وأبي الزبير.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 289"، وتهذيب التهذيب "10/ 352". 2 التاريخ الكبير "8/ 86"، وتهذيب التهذيب "10/ 409". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 241"، وتاريخ خليفة "383، 388".

وعنه ابن المبارك ومحمد بن الفضل بن عطية وغيرهما. وخطب بنيسابور لما قدمها غير مرة. خرج عليه أَبُو مُسْلِم الخراساني وحاربه فعجز نصر عنه واستصرخ بمروان غير مرة فبعُد عن إنجاده واشتغل عَنْهُ باختلال الجزيرة وأذربيجان، فتقهقر قدّام أَبِي مُسْلِم فأدركه الموت على فاقة إليه بناحية ساوة. وقيل: بل مرض بالري وحمل إلى ساوة فمات بها فِي ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين. وقد ولي خراسان عشرة أعوام وفي أول سنة اثنتين وثلاثين خطب للسفاح بمرو. 299- نصر بن علقمة الحضرمي1 -ن ق- أبو علقمة الحمصي. روى عن أخيه محفوظ وجبير بن نفير وكثير بن مرة وعمرو بن الأسود العنسي. وعنه الوضين بن عطاء وصدقة السمين ويحيى بن حمزة وبقية بن الوليد وابن ابن أخيه خزيمة بن جنادة بن محفوظ. قال دُحَيْم: هُوَ وأخوه ثقتان. 300- النعمان بن راشد2 -م4- أبو إسحاق الرقي. عَن ميمون بْن مهران والزهري وزيد بْن أبي أنيسة. وعنه ابن جريح وحماد بن سلمة ووهيب وحماد بن زيد وغيرهم. ضعفه ابن معين وغيره، وحسن أمره أَبُو حاتم. وقال الْبُخَارِيّ: فِي حديثه وهم كثير. 301- النعمان بن المنذر3 -د ن- أبو الوزير الغساني الدمشقي. عَن عطاء بْن أَبِي رباح ومكحول ونافع وجماعة. وعنه الهيثم بن حميد ويحيى بن حمزة وابن شابور وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 102"، وتهذيب التهذيب "10/ 429". 2 التاريخ الكبير "8/ 80"، وتهذيب التهذيب "10/ 452". 3 تهذيب التهذيب "10/ 457"، وميزان الاعتدال "4/ 266".

وثقة أَبُو زرعة: وقال أَبُو مسهر: كان قَدَرِيًّا. قال خليفة: توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة. وقال ابن سعد: فِي أول خلافة بني الْعَبَّاس. 302- نوح بن ذَكْوَان الْبَصْرِيّ1 -ق-. عن أخيه أيوب بن ذكوان والحسن الْبَصْرِيّ وعطاء ويحيى بن أَبِي كثير. وعنه يوسف بن أَبِي كثير وسويد بن عَبْد العزيز. قال أَبُو حاتم: ليس بشيء. "حرف الهاء": 303- هاشم بن بلال2 -د ق- أبو عقيل الشامي. قاضي واسط. روى عن أَبِي سلام الأسود وسابق بن ناجية. وعنه مسعر وشعبة وهشيم. وثقه ابن معين. 304- هاشم بن يزيد بن خَالِد بن يزيد بْن معاوية بْن أَبِي سُفْيَان الأمويّ. قد ذكر فِي الحوادث أنه خرج بدمشق. هلال بن خباب -4 - أَبُو العلاء الْبَصْرِيّ. يأتي فِي الطبقة الآتية. 305- همام بن منبه3 -ع- ابن كامل بن سيج اليماني الأبناوي الصنعاني أَبُو عقبة. صاحب الصحيفة التي كتبها عن أَبِي هُرَيْرَةَ. وروى عن ابن عباس ومعاوية أيضًا.

_ 1 تهذيب التهذيب "10/ 484"، وميزان الاعتدال "4/ 276". 2 التاريخ الكبير "8/ 234"، وتهذيب التهذيب "11/ 17". 3 التاريخ الكبير "8/ 236"، والجرح والتعديل "9/ 107".

وعنه أخوه وهب - ومات قبله بدهر - وابن أخيه عقيل بن معقل ومعمر بن راشد وعلي بن الْحَسَن بن اتش الصنعاني. وثقة يحيى بن معين وغيره. وقال الميموني: سمعت أَحْمَد يقول فِي صحيفة همام أدركه معمر أيام السودان فقرأ عليه همام حتى إذا مل أخذ معمر فقرأ عليه الباقي وعبد الرزاق لم يكن يعرف ما قريء عليه مما هُوَ قرأه وهي نحو من مائة وأربعين حديثًا1. وقال أَحْمَد: كان يغزو ويشتري الكتب لأخيه فجالس أَبَا هُرَيْرَةَ بالمدينة، وكان قد عاش حتى أدرك ظهور المسودة وسقط حاجباه على عينيه من الكبر. وقال ابن عيينة: كنت أتوقع قدوم همام مع الحجاج عشر سنين. وقال خليفة: مات سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين ومائة. قلت: لعله عاش مائة سنة. وآخر من روى عَنْهُ الصحيفة التي له عن أَبِي هُرَيْرَةَ معمر وعاش بعده إحدى وعشرين سنة ليس إلا، وآخر من رواها عن معمر عَبْد الرزاق, وعاش بعده ثمانيا وخمسين سنة، وآخر من رواها عَنْهُ إِسْحَاق الدَّبَري, وعاش بعد عَبْد الرزاق ثلاثًا وسبعين سنة، وآخر من روى عن الدبري من الرجال أَبُو القاسم الطبراني وعاش بعده ستًا وسبعين سنة، والطبراني ممن جاوز المائة بيقين. قاله الْبُخَارِيّ. قال علي: سَأَلت رجلا قد لقي هماما عن موته فقال: سنة أثنتين وثلاثين ومائة. 306- هود بن عطاء اليمامي2. عَن أنس بْن مالك وعطاء بْن أَبِي رباح وشداد بن عَبْد الله وسالم بن عَبْد الله. وعنه الأوزاعي ومعاوية بن سلام وعبد الملك بن مُحَمَّد الصنعاني. قال ابن حبان: منكر الرواية على قلتها. يروي عن أنس ما لا يشبه حديثه وفي القلب عن مثله.

_ 1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 121". 2 التاريخ الكبير "8/ 241"، والجرح والتعديل "9/ 111".

"حرف الواو": 307- واصل بن عطاء1، أَبُو حذيفة الْبَصْرِيّ الغزال. مولى بني مخزوم، وقيل مولى بني ضبّة، ولد سنة ثمانين بالمدينة. وكان أحد البلغاء المفَّوهين لكنه يلثغ بالراء يُبدلها غَيْنًا فكان لاقتداره على العربيه وتوسُّعه فِي الكلام يتجنب الراء فِي خطابه حتى قيل فِيهِ: ويجعل البُرَّ قمحًا فِي تصرُّفه ... وخالف الراء حتى احتال للشعر وهو من رؤوس المعتزلة بل معلمهم الأول، والخوارج لما كفرت بالكبائر قال واصل: بل الفاسق لا مؤمن ولا كافر بل هُوَ منزلة بين المنزلتين فطرده لذلك الْحَسَن، فمن ثَمَّ قيل لهم المعتزلة لذلك. وما أملح ما قال بعض الشعراء. وجعلت وصلي الراء لم تنطق به ... وقطعتني حتى كأنك واصل وبلغنا أن لواصل تصانيف منها تأليف فِي أصناف المرجئة، وكتاب التوبة، وكتاب معاني القرآن، وغير ذلك. وقيل: إنما عُرف بالغزَّال لأنه كان يدور فِي سوق الغزل فيتصدّق على النساء، ومن مقالاته أنه كان يشك فِي عدالة من حضر وقعة الجمل فقال: إحدى الفئتين مخطئة فِي نفس الأمر، فلو شهد عندي علي وطلحة وعائشة على باقة بقل لم أحكم بشهادتهم لأن أحدهم فاسق لا بعينه. قلت: والفاسق إذا لم يتب فهو عنده مخلد فِي النار نسأل الله العافية. ويحكى أنه كان يمتحن بأشياء فِي الراء ويتحيل لها حتى قيل له: اقرأ أول سورة براءة فقال على البدية: عهد من الله ونبيه إلى الذين عاهدتم من الفاسقين فسيحوا فِي البسيطة هلالين وهلالين وكان يجيز القراءة بالمعني، وهذه جرأة على كتاب الله العزيز2. يقال: توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة.

_ 1 ترجم له الذهبي "6/ 242" كما في السير، وميزان الاعتدال "4/ 329". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 242".

308- واقد بن محمد بن زيد1 -خ م د ن- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ العدوي أحد الإخوة. روى عن سَعِيد بن مرجانة ونافع ووالده مُحَمَّد. وعنه أخوه عاصم وابنه عثمان وشعبة وغيرهم. 309- واهب بن عَبْد الله المعافري2 أَبُو عَبْد الله الكعبي الْمَصْرِيّ. روى عن عَبْد الله بن عمرو وأبي هُرَيْرَةَ وعقبة بن عامر وابن عُمَر وحسان بن كريب وجماعة. وعنه عَبْد الرَّحْمَن بن شريح والليث وابن لهيعة وضمام بن إسماعيل ورجاء بن أَبِي عطاء المؤذن. وثقه ابن حبان. وقد خرج له الْبُخَارِيّ فِي "كتاب الأدب" وكان معمرًا عالي السند. قال ابن يونس: توفي ببرقة سنة سبع وثلاثين ومائة. 310- الوليد بن قيس3 أَبُو همام السكوني الكوفي والد شجاع بن الوليد. روى عن سويد بن غفلة وعمرو بن ميمون الأودي والضحاك بن قيس. وعنه سُفْيَان الثوري وزهير بن معاوية وعنبسة بن سَعِيد. وثقه ابن معين. ولم يدرك ابنه السماع منه لأنه مات والولد صغير. 311- الوليد بن أَبِي هشام الْبَصْرِيّ4 -م4-. عن الْحَسَن ونافع وأبي بَكْر بن حزم. وعنه أخوه أَبُو المقدام هشام بن زياد وجويرية بن أسماء وإسماعيل بن علية. وثقه أحمد بن حنبل.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 173"، وتهذيب التهذيب "11/ 109". 2 تهذيب التهذيب "11/ 108"، والمشاهير "121". 3 التاريخ الكبير "8/ 151"، وتهذيب التهذيب "11/ 146". 4 التاريخ الكبير "8/ 157"، وتهذيب التهذيب "11/ 156".

"حرف الياء": 312- يحيى بن أَبِي إِسْحَاق الحضرمي1 -ع- مولاهم الْبَصْرِيّ. واسم أَبِيهِ زيد بن الحارث، ويحيى وعبد الله جد المقريء يعقوب أخَوان. سمع أنس بن مالك وسالم بن عَبْد الله وعبد الرَّحْمَن بن أَبِي بكرة وجماعة. روى عنه شُعْبَة وسفيان وعبّاد بن العّوام وعبد الوارث وهشيم وابن علية وآخرون، وقد روى عَنْهُ مُحَمَّد بن سيرين أحد شيوخه. قال ابن سعد: ثقة له أحاديث، قال: وكان صاحب قرآن وعربية. قلت: توفي سنة ست وثلاثين ومائة وقيل: سنة اثنتين وثلاثين. 313- يحيى بن حيان2 أَبُو هلال الطائي الكوفي. عن شريح القاضي. وعنه السفيانان وشريك والقاسم بن مالك المزني. 314- يحيى بن عبد الله الكوفي3 -د ت ق- أبو يحيى الجابر. كان يجبر الإعضاء المكسورة. روى عن سالم بن أَبِي الجعد وأبي ماجدة الحنفي. وعنه شُعْبَة وإسرائيل وأبو عوانة وجرير وحفص بن غياث. قال أَحْمَد: ليس به بأس. وقال يحيى والنسائي: ضعيف. وقال ابن حبان: لا يُحتج به. 315- يحيى بن عتيق الْبَصْرِيّ -م د ن-. عن مجاهد والحسن وابن سيرين.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 259"، وتهذيب التهذيب "11/ 177". 2 التاريخ الكبير "8/ 267"، والجرح والتعديل "9/ 136". 3 تهذيب التهذيب "11/ 238"، والجرح والتعديل "9/ 161".

وعنه الحمادان وهمام وابن علية. قال فِيهِ أويب السختياني لما بلغه موته: لقد هدني موته. يحيى بن أَبِي كثير. قد مضى. 316- يحيى بن ميمون الضبي العطار1 -ن ق- بصري ثقة مُقِل. روى عن أَبِي عثمان النهدي وسعيد بن جُبَيْر. وعنه شُعْبَة وحماد بن زيد وابن علية وعلي بن عاصم. 317- يحيى بن يحيى بن قيس2 -د- بن حارثة بن عمرو أَبُو عثمان الأَزْدِيّ الغساني. عالم أهل دمشق ورئيسهم، ولي قضاء الموصل لعمر بن عَبْد العزيز. وروى عن أَبِي إدريس الخولاني وعروة بن الزبير ومكحول ومحمود ابن لبيد وعمرة وابن المسيب وغيرهم. وعنه ابنه هشام وعبد الرَّحْمَن بن يزيد بن جَابِر ومحمد بن راشد المكحولي وأبو بَكْر بن أَبِي مريم وسفيان بن عيينة وآخرون. وثقه ابن معين. وقال ابن سعد: كان عالمًا بالفتيا والقضاء وله أحاديث. توفي سنة خمسين وثلاثين ومائة. وكذا أرخه ابن أَبِي حاتم قال: فيقال إنه شرق بشربة ماء فمات. وقال يزيد بن مُحَمَّد فِي "تاريخ الموصل": ولي الموصل لعمر بن عَبْد العزيز حربها وخراجها وقضاءها وكان محدثا فقيهًا فصيحًا بليغًا. وقيل: بل توفي فِي رمضان سنة اثنتين وثلاثين مائة، عاش سبعين سنة. 318- يحيى بن يزيد الهُنائي الْبَصْرِيّ3 -م د-.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 306"، وتهذيب التهذيب "11/ 392"، وميزان الاعتدال "4/ 411". 2 تهذيب التهذيب "11/ 299"، وتهذيب الأسماء "2/ 160". 3 التاريخ الكبير "8/ 310"، وتهذيب التهذيب "11/ 302".

عن أنس بن مالك وعن الفرزدق. وعنه شُعْبَة وخلف بن خليفه وإسماعيل بن علية. كنيته أبو يزيد. 319- يحيى البكاء1 -ت ق- الأزدي مولاهم الْبَصْرِيّ. واسم أَبِيهِ سليم. عن ابن عمر وعن سعيد بن المسيب وأبي العالية. وعنه الحمادان وعبد الوارث وعبد العزيز بن عبد الله النرمقي وقدامة بن شهاب وعلي بن عاصم. قال أَبُو زرعة وغيره: ليس بقوي. وكان يحيى القطان لا يرضاه. وقال ابْن سعد: ثقة إن شاء اللَّه. قلت: يقال توفي سنة ثلاثين ومائة فيحوَّل إليها إن تيسَّر. 320- يزيد بن أيهم2، أَبُو رواحة الحمصي. عن الهيثم بن مالك الطائي وعبد الأعلى بن هلال ولقمان بن عامر وغيرهم وعنه إِسْمَاعِيل بن عياش وصفوان بن عمرو وبقية وآخرون. ما علمت فِيهِ جرحًا. 328- يزيد بن أَبِي زياد الكوفي3 -4م- متابعة، مولى بني هاشم. عن إِبْرَاهِيم النخعي وسالم بن أَبِي الجعد وعبد الرَّحْمَن بن أَبِي ليلى ومولاه من فوق عَبْد الله بن الحارث بن نوفل ومجاهد وجماعة. وعنه شُعْبَة وسفيان وزائدة وابن عيينة وعلي بن مسهر وابن نمير وهشيم وعلي بن عاصم وخلق. وكان محدثا مكثرًا شيعيًا ليس بحجة يكني أَبَا زياد وأبا عبد الله واسم أبيه ميسرة. قيل: كان يوم قتل الْحُسَيْن مراهقًا وكان صدوقًا في نفسه سيء الحفظ.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 281"، وميزان الاعتدال "4/ 417". 2 التاريخ الكبير "8/ 321"، وتهذيب التهذيب "11/ 315". 3 التاريخ الكبير "8/ 334"، وتهذيب التهذيب "11/ 329".

قال ابن معين: ضعيف الحديث. وقال ابن حبان: كبر وساء حفظه فكان يتلقن، مولده سنة سبع وأربعين. وسماع من سمع منه فِي أول أمره صحيح. وقد خلط ابن حبان ترجمته بترجمة يزيد بن أَبِي زياد الدمشقي. وسئل أَحْمَد بن حنبل عن يزيد فضعفه وحرك رأسه. وساق له ابن حبان مناكير. توفي على الصحيح سنة ست وثلاثين ومائة. 322- يزيد بن زياد1 -ت- وقيل: بن أبي زياد المخزومي مولاهم الْمَدَنِيّ. عن مُحَمَّد بن كعب القرظي. وعنه ابن إِسْحَاق ومالك، وثقة النسائي. يزيد بن زياد الدمشقي. يأتي فِي طبقة الثوري. 323- يزيد بن أَبِي سَعِيد الْقُرَشِيّ2 -4-، النحوي أَبُو الْحَسَن المروزي. عن سُلَيْمَان بن بريدة وأخيه عَبْد الله بن بريدة وعكرمة ومجاهد. وعنه الْحُسَيْن بن واقد وعبد الله بن سعد الدشتكي وأبو حمزة السكري ونوح الجامع. قال ابن أَبِي دَاوُد: هُوَ من نحو بطن من الأزد. وقال ابن معين وأبو زرعة: ثقة. وقال ابن حبان: كان متقنا من العباد تقيًا من الرفعاء تاليًا لكتاب الله عالمًا بما فِيهِ عاملا. قتله أَبُو مُسْلِم سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 333"، وتهذيب التهذيب "11/ 328". 2 التاريخ الكبير "8/ 339"، وتهذيب التهذيب "11/ 332".

324- يزيد بن عبد الله بن خصيفة1 -ع- بن يزيد وهو ابن ابن أخي السائب ابن يزيد الكندي المدني. عن السائب وعروة بن الزبير وبشر بن سعيد ويزيد بن قسيط. وعن السفيانان ومالك وسليمان بن بلال وإسماعيل بن جَعْفَر والدراوردي وآخرون. وثقه ابن معين. وقال ابن سعد: كان عابدًا ناسكًا كثير الحديث ثبتًا. 325- يزيد بن عَبْد الله بن أسامة بن الهاد2 -ع- أبو عبد الليثي المدني الأعرج ابن أخي عبد الله ابن شداد. روى عن مُحَمَّد بن كعب وشرحبيل بن سعد وأبي بَكْر بن حزم ومحمد بن إِبْرَاهِيم التيمي والزهري وعدة. وعنه مالك والليث بن سعد وبكر بن مضر وسفيان بن عُيَيْنة وعبد العزيز بن أَبِي حازم والدراوردي وأبو ضمرة أنس بن عياض وآخرون. وثقه ابن معين وغيره وكان من أئمة العلم. توفي سنة تسع وثلاثين ومائة. 326- يزيد بن عَبْد الله3 بن أَبِي يزيد أَبُو عَبْد الله النجراني الدمشقي. عن القاسم أبي عبد الرحمن والحسن بن ذكوان وغيرهما. وعنه يحيى بن حمزة وسويد بن عبد العزيز وصدقة بن عبد الله وعدة. وهو بالكنية أشهر. قال أَبُو حاتم: صالح الحديث. 327- يَزِيدَ بْنِ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ أَبِي مَالِكٍ الهمداني4 قد ذكر.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 345"، وتهذيب التهذيب "11/ 340". 2 التاريخ الكبير "8/ 344"، وتهذيب التهذيب "11/ 339". 3 راجع كتاب الجرح والتعديل "9/ 401". 4 التاريخ الكبير "8/ 347"، وتهذيب التهذيب "11/ 345".

وحكى الوليد بن مُسْلِم أنه عاش إلى سنة ثمان وثلاثين ومائة. 328- يزيد بن عُمَر بن هبيرة1، الأمير أَبُو خالد الفزاري. متولي العراق والعجم لمروان الحمار، كان سخيًا جوادًا وبطلا شجاعًا. وخطيبًا بليغًا وكان من الأكَلَة وله فِي كثرة الأكل أخبار، حاصرته المسودة بواسط مدة طويلة بعد أن عمل معهم المصاف فخذل, وكان أَبُو جَعْفَر قد أمنه ثم قتله صبرًا وغدر به فدخلوا عليه داره وقتلوا قبله ابنه دَاوُد ومواليه وحاجبه, ثم نزلوا عليه بأسيافهم وقد سجد لله تعالى، وكان قد ولي إمرة قنَّسرين للوليد بن يزيد وكان مع مروان إذ غلب على الأمر، ولد فِي سنة سبع وثمانين. قال المدائني: كان جسيمًا كثير الأكل طويلا ضخمًا خطيبًا شجاعًا، وكان رزقه فِي العام ستمائة ألف فكان يقسمها فِي خواصه وفي العلماء والوجوه. وعن مُحَمَّد بن كثير قال: ألح السفاح على أخيه أَبِي جَعْفَر يأمره بقتل ابن هبيرة وهو يراجعه حتى كتب إليه والله لتقتلنه، قال فولي قتله الهيثم بن شُعْبَة دخل عليه داره فِي طائفة. وقد ولي أَبُوهُ أيضًا إمرة العراقين ليزيد بن عَبْد الملك. قتل يزيد فِي ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين ومائة. 329- يزيد بن عمرو المعافري المصري2 -د ت ق-. عن قدوم الحميري وأبي سلمة بن عَبْد الرَّحْمَن وأبي عَبْد الرَّحْمَن الحبلي وجماعة وقيل: أخذ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. روى عنه عمرو بن الحارث والليث بن سعد وابن لهيعة. وهو ثقة مُقِل. 330- يزيد بن محمد بن قيس3 -د ن خ قرنه- بن مخرمة بن المطلب القرشي المطلبي

_ 1 وفيات الأعيان "6/ 313"، والمعرفة والتاريخ "2/ 62". 2 تهذيب التهذيب "11/ 351"، والتقريب "2/ 378". 3 التاريخ الكبير "8/ 357"، وتهذيب التهذيب "11/ 358".

عن سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وعَلي بن رباح ومحمد بن عمرو ابن حلحلة وأبي الهيثم العتواري. وعنه يزيد بن أَبِي حبيب -وهو أكبر منه- ويزيد بن عَبْد العزيز الرعيني والليث بن سعد وآخرون. قرنه الْبُخَارِيّ بآخر. 331- يزيد بن أَبِي مُسْلِم النحوي1 ثم الأَزْدِيّ نسيب شيبان النحوي. روى عن مجاهد وعكرمة وسليمان وعبد الله ابني بريدة. وهو من علماء مرو وهو يزيد بن أَبِي سَعِيد المذكور آنفا. اخُتِلف فِي اسم أَبِيهِ. 332- يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي2 -م د ت ق- الدمشقي أخو عَبْد الرَّحْمَن عن يزيد بن الأصم ومكحول ورزيق بن حيان ووهب بن منبه لقيه فِي الموسم. وعنه الأوزاعي وشعيب بن أَبِي حمزة والسفيانان وأبو المليح الرقي وحسين الجعفي وآخرون. وكان أحد الأئمة الأعلام. قال أَبُو دَاوُد: ثقة أجازه الوليد بن يزيد بخمسين ألف دينار وقد ذكر للقضاء مرة فإذا هُوَ أكبر من القضاء. وجاء عن سُفْيَان بن عيينة قال: لا أعلم مكحولا خلف مثل يزيد بن يزيد بالشام إلا ما ذكره ابن جريج من سُلَيْمَان. وقال حسين الجعفي: قدم علينا يزيد بن يزيد فذكر من بكائه. وقال الفسوي: سَأَلت هشام بن عمار عَنْهُ فقال: ذاك أفسد نفسه خرج فأعان على قتل الوليد بن يزيد وأخذ مائة ألف دينار.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 339"، وتهذيب التهذيب "11/ 332". 2 التاريخ الكبير "8/ 369"، وتهذيب التهذيب "11/ 370".

قال دحيم: لما مات مكحول أحدقوا بيزيد1 بن يزيد وكان رجلًا سكيتًا فتحولوا إلى سُلَيْمَان بن مُوسَى فأوسعهم، وفي رواية كان زميتًا لا يحدث إلا أن يُسأل. وقد وثقه ابن معين والنسائي. قال ابن عيينة: كان حسن الهيئة حسن النحو يقولون: لم يكن فِي أصحاب مكحول مثله. وقال عَبْد اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ يَزِيدَ لم يكن لعمي يزيد كتاب. قال ابن سعد وخليفة: مات سنة أربع وثلاثين ومائة. وقال آخرون: مات سنة ثلاث وثلاثين. 333- يزيد الشني الأعرج2. بصري صدوق. عن مجاهد ومورق العجلي. وعنه مهدي بن ميمون وحمّاد بن زيد وجعفر بن سليمان الضُّبَعيّ وجماعة. 334- يعيش بن الوليد بن هشام الأموي3 -د ت ن- الدمشقي نزيل قرقيسياء. روى عن أَبِيهِ وعن معاوية بن أَبِي سُفْيَان ومعدان بن أَبِي طلحة. وعنه الأوزاعي وعكرمة بن عمار. ولما قدم دمشق نزل على مكحول فاكرمه وعمل له دعوة حفلة. قتلته المسودة. 335- يوسف بن عَبْد الرَّحْمَن4 بن أَبِي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري. أمير الأندلس عند قتل الوليد بن يزيد، فإنه لما قتل اضطرب أمر المغرب

_ 1 أحدقوا بيزيد: أحاطوا به. 2 المعرفة والتاريخ "2/ 252". 3 التاريخ الكبير "8/ 424"، وتهذيب التهذيب "11/ 406"، وتهذيب الكمال "32/ 404"، والثقات "7/ 654". 4 معجم بني أمية "94".

والأندلس وهاجت القبائل, ثم اتفقوا على تقديم هذا بالأندلس عليهم إلى أن تجتمع الأمة على خليفة، فمهد الجزيرة كلها وامتدت أيامه إلى أن دخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الأموي الأندلس فحارب يوسف وهزمه فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. 336- يونس بن خَباب الكوفي1، مولي بني أسيد. روى عن أَبِيهِ ومجاهد وطاوس والمنهال بن عمرو وجماعة. وعنه شُعْبَة وسفيان وحماد بن زيد ومعتمر بن سليمان وطائفة سواهم. وكان رافضيا جَلدا. قال عباد بن عباد: سمعته يقول: عثمان بن عفان قتل بنتي النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-. قلت: قتل واحدة فَلِمَ زوجه بالأخرى؟! وقَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ليس بشيء رَجُل سوء. وضعفه النسائي وغير واحد. وذكر الدارقطني أن عباد بن العوام سمع هذا المدبر يقول فِي حديث سؤال منكر ونكير ويسأل عن علي -رضى الله عنه- قال فقلت له: لم نسمع بهذا! فقال: أنت من هؤلاء الذين يحبون عثمان الَّذِي قتل بنتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-2. وقيل: كنيته أَبُو حمزة. 337- يونس بن عُبَيْد بن دينار3 -ع- أبو عبد الله البصري. أحد أعلام الهدى. ويقال كنيته أَبُو عُبَيْد. مولى لعبد القيس. رَأَى أنس بن مالك وروى عن إِبْرَاهِيم التيمي والحسن وابن سيرين وحميد بن هلال وزياد بن جُبَيْر وعمرو بن سَعِيد الثقفي وجماعة. وعنه شُعْبَة والسفيانان والحمادان وهشيم وعبد الوارث بن علية وخلق كثير. وكان ثقة ثبتًا حافظًا ورعًا رأسًا فِي العلم والعمل.

_ 1 تاريخ الدوري "2/ 687"، وميزان الاعتدال "4/ 479"، ثقات ابن شاهين "1623". 2 راجع: ميزان الاعتدال "4/ 479". 3 التاريخ الكبير "8/ 402"، وتهذيب التهذيب "11/ 442".

وقال يونس: ما كتبت شيئا قط. وقال أَبُو حاتم: هُوَ أكبر من سُلَيْمَان التيمي لا يبلغ سُلَيْمَان منزلة يونس. وقال سَعِيد بن عامر الضبعي: ما رَأَيْت رجلا قط أفضل من يونس بن عُبَيْد، ثم قال: وأهل البصرة على ذا. قال معاذ: صليت على يونس بن عُبَيْد سنة تسع وثلاثين. قال سُفْيَان الثوري: ما رَأَيْت مثل أربعة رأيتهم بالبصرة: أَيُّوبُ وَيُونُسُ وَابْنُ عَوْنٍ وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. قَالَ علي بن المديني: له نحو مائتي حديث. وقال غيره: كان يونس خزازًا بالبصرة. قال سَعِيد بن عامر: هان على يونس أن يأخذ ناقصا، قال: وغلبني أن أعطي راجحًا1. وقال حماد بن زيد: شكا رَجُل إلى يونس وجعًا فقال: يا هذا إن هذه الدنيا دار لا توافقك فالتمس دارًا توافقك2. وقال هشام بن حسان: ما رَأَيْت أحدًا يطلب بالعلم وجه الله إلا يونس بن عُبَيْد. وقال ابن شوذب: سمعت يونس يقول: خصلتان إذا صلحتا من العالِم صلح ما سواهما: صلاته ولسانه. وقال حماد بن زيد: كان يونس يحدث ثم يقول: أستغفر الله أستغفر الله. وقال محمد بن عبد الأَنْصَارِيّ: رَأَيْت سُلَيْمَان وعبد الله ابني علي بن عَبْد الله بن عَبَّاس وولدي سُلَيْمَان جعفرا ومحمدًا يحملون سرير يونس بن عُبَيْد على أعناقهم يوم جنازته فقال عَبْد الله بن علي: هذا والله الشرف. قلت: كان عَبْد الله هذا قد استجار بأخيه سُلَيْمَان ونزل عنده بالبصرة فأجاره من المنصور.

_ 1 تهذيب الكمال "2/ 547"، وسير أعلام النبلاء "6/ 463". 2 انظر السابق.

وقال مؤمل بن إِسْمَاعِيل: جاء رَجُل1 إلى سوق الخز يطلب مطرف خز بأربعمائة فقال يونس بن عُبَيْد: عندنا مطرف بمائتين، فنادى المنادي بالصلاة فقام ليصلي ثم جاء وقد باع ابن أخيه المطرف بأربعمائة, فقال للرجل: يا هذا المطرف الَّذِي اشتريته بأربعمائة هُوَ الَّذِي قلت لك بمائتين فإن شئت خذه وخذ مائتين أوْدَعه. وقال أمية بن بسطام: جاءت يونس امْرَأَة بجبة خز فقال لها: بكم هي؟ قالت: بخمسمائة قال: هي خير من ذلك، قالت: بستمائة، قال: هِيَ خير من ذلك فلم يزل يدرجها حتى بلغت ألفًا2. وقال سَعِيد بن عامر الضبعي: قال يونس بن عُبَيْد: إني لأعدّ مائة خصلة من البِرّ ما فِي منها خصلة. وقال هشيم: كان أيوب إذا رَأَى يونس بن عُبَيْد قال: هذا سيدنا. قال عَبْد الملك بن مُوسَى: ما رَأَيْت رجلا قط أكثر استغفارًا من يونس. وقال حماد بن زيد: سمعت يونس يقول: عهدنا إلى ما يصلح الناس كتبناه وعهدنا إلى ما يصلحنا فتركناه، كأنه يريد العمل. وروى أسماء بن عُبَيْد عن يونس قال: يرجى للرهق3 بالبر الجنة ويخاف على المتأله النار بعقوقه. وعن يونس قال: لو همتهم نفوسهم ما اختصموا فِي القدر. روى ابن شوذب عن يونس: خصلتان إذا صلحتا من العبد صلح: صلاته ولسانه4. وروى سلام بن أَبِي مطيع قال: إني لأحتسب ابن سيرين سكت حسبة وأن الحسن تكلم حسبة5.

_ 1وفي السير للمصنف "6/ 461" "جاء رجل شامي إلى سوق الخزازين.." قلت: والخزاز: صانع الخز وبائعه. والخز من الثياب: ما ينسج من صوف وحرير خالص. 2 سير أعلام النبلاء "6/ 461، 462". 3 الرهق محركة: السفه وركوب الشر والظلم، وغشيان المحارم "القاموس المحيط "ص/ 1147، 1148". 4 ذكره الذهبي في السير "6/ 464". 5 انظر السابق.

وعن يونس أنه قال لابنه: لأن تلقي الله بالزنا والسرقة أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو بن عُبَيْد. وقال أسماء بن عُبَيْد: سمعت يونس بن عُبَيْد يقول: ليس شيء أعزً من دِرُهم طيب ورجل يعمل على سُنَّةٍ. وبلغنا أن رجلا شكا الحاجة إلى يونس فقال له: يا هذا يَسُرُّك ببصرك هذا مائة ألف؟ قال: لا، قال: فبلسانك الَّذِي تنطق به؟ قال: لا، قال: فبعقلك مائة ألف؟ وهو يقول: لا، فذكَّره نِعَمَ الله عليه وقال: أرى لك مئين ألوفًا وأنت تشكو الحاجة. قال حماد بن زيد: مرض يونس مرة فقال أيوب: ما فِي العيش بعدك من خير. قلت: مناقب يونس كثيرة وقد توفي سنة تسع وثلاثين ومائة. 338- يونس بن ميسرة1 -د ت ق- بن حَلُبس الجبلاني الأعمى أَبُو حلبس ويقال: أبو عبيد، وهو أخو يزيد وأيوب. كان من كبار علماء دمشق. روى عن معاوية وعبد الله بن عُمَر وواثلة بن الأسقع وابن عُمَر والصنابحي وأبي مُسْلِم الخولاني وأم الدرداء وغيرهم. روى عَنْهُ خَالِد بن يزيد المري وسليمان بن عتبة والأوزاعي وسعيد بن عَبْد العزيز ومروان بن جناح وعمرو بن واقد وآخرون. قال المفضل الغلابي وأبو عُبَيْد وأبو حسان الزيادي: إنه بلغ مائة وعشرين سنة. وكان يقريء القرآن فِي الجامع، وله كلام نافع فِي الزهد والمعرفة فمن ذلك، قال: الزهد أن يكون حالك فِي المصيبة وحالك إذا لم تصب سواء. وقال: إذا تكلفت ما لا يعنيك لقيت ما يعنيك. وقال هشام بن عمار: ثنا عمرو بن واقد ثنا يونس بن حلبس: سمعت معاوية على منبر دمشق يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إن رجلا فِي بني إسرائيل قتل تسعًا وتسعين نفسًا "وذكر الحديث2. قال العجلي والدارقطني وغيرهما: ثقة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 402"، وتهذيب التهذيب "11/ 448". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3470"، ومسلم "2766"، وغيرهما.

وروى مدرك بن أَبِي سعد الفزاري عن يونس بن حلبس أنه كان يدعو: اللهم إني أسألك حزمًا فِي لين وقوة فِي دين وإيمانًا فِي يقين ونشاطًا فِي هدى وبرًا فِي استقامة وكسبًا من حلال. وقال الهيثم بن عمران: كنت جالسًا عند يونس بن حلبس وكان عند المغيب يدعو بدعوات فيها: اللهم ارزقنا الشهادة فِي سبيلك. فأقول: من أَيْنَ يرزق هذه الشهادة وهو أعمى فلما دخلت المسودة دمشق قُتِل، فبلغني أن الخراسانيين اللَّذيْن قتلاه بكيا عليه لما أخبرا بصلاحه، وكان من آنس الناس مجلسًا. رواها هشام بن عمار عن الهيثم، فهذا يدلك على أن المسودة فعلوا عند افتتاخهم دمشق أقبح مما فعلت التتار، وذلك فِي عام اثنتين وثلاثين ومائة1. "الكنى": 339- أَبُو بَكْر بن نافع2 -م د ت- مولي ابن عُمَر. روى عَنْ أَبِيهِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْد اللَّهِ. وَعَنْهُ مالك والدراوردي. قال أَحْمَد بن حنبل: هُوَ أوثق إخوته وهم: هُوَ وعبد الله وعمرو. 340- أبو الجحاف التميمي3 -ت ن ق- الكوفي داود بن أبي عوف. روى عن الشَّعْبِيّ وعكرمة وأبي حازم الأشجعي وشهر بن حوشب. وعنه سُفْيَان وشريك وعبد السلام بن حرب وتليد بن سُلَيْمَان وغيرهم. قال أَحْمَد بن حنبل: صالح الحديث. وضعفه ابن عدي ومشاه غيره. 341- أَبُو الجودي الأسدي4 -د- شامي نزل واسط يقال اسمه الحارث بن عمير. عن سَعِيد بن المهاجر وعمر بن عبد العزيز ونافع.

_ 1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 60". 2 التاريخ الكبير "9/ 14"، وتهذيب التهذيب "12/ 42"، والميزان "4/ 505". 3 تهذيب التهذيب "12/ 53"، والتقريب "2/ 410"، وميزان الاعتدال "4/ 510". 4 التهذيب "12/ 62"، وتاريخ الدوري "2/ 94".

وعنه شُعْبَة وعبثر وهشيم وأبو معاوية. وثقه ابن معين. 342- أبو حمزة القصاب1 -ت ق- الكوفي الأعور، اسمه ميمون. روى عن أَبِي وائل وسعيد بن المسيب وإبراهيم. وعنه الثوري والحمادان وعبد الوارث وابن علية. ضعفه أَحْمَد والدارقطني وغيرهما. أما أَبُو حمزة القصاب عمران، فقد مر. أَبُو رجاء الأَزْدِيّ الحداني الْبَصْرِيّ، هُوَ مُحَمَّد بن سيف. 343- أَبُو ريحانة السعدي2 -م د ت ق- مولاهم الْبَصْرِيّ عَبْد الله بن مطر، ويقال: زياد بن مطر. روى عن سفينة ابن عَبَّاس وابن عُمَر. وعنه وهيب وبشر بن المفضل وابن علية وعلي بن عاصم. قال ابن معين: صالح. أَبُو الزَّعْراء الجشمي عمرو، قد مر. أَبُو الزناد الْمَدَنِيّ، هُوَ عَبْد الله بن ذكوان قد ذكر. أَبُو سهيل بن مالك الأصبحي، هُوَ نافع قد ذكر. أَبُو طوالة، هُوَ عَبْد الله بن عَبْد الرَّحْمَن قد ذكر. 344- أَبُو ظلال القسملي الْبَصْرِيّ3 -خ ن- الأعمى، اسمه هلال. روى عن أنس.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 412"، وتهذيب التهذيب "12/ 79". 2 التاريخ الكبير "5/ 198"، وتهذيب التهذيب "6/ 34". 3 تهذيب التهذيب "11/ 84"، والتقريب "2/ 434".

وعنه حماد بن سلمة وعبد العزيز بن مُسْلِم ويزيد بن هارون. ضعفه ابن معين وجماعة. أَبُو العلاء القصاب، اسمه أيوب، قد ذكر. 345-أبو غالب الباهلي1 -د ت ق- الخياط. بصري اسمه نافع وقيل: رافع. روى عن أنس وغيره. وعنه سلام بن أَبِي الصهباء وهمام وعبد الوارث وغيرهم. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخ. قلت: الظاهر أنه هُوَ الَّذِي روى عن أَبِي سَعِيد، وعنه ثابت بن مُحَمَّد العبدي فالله أعلم. أَبُو فروة الجهني، اسمه مسلم. مر. أَبُو فروة الهمداني، عروة بن الحارث. مر. 346- أَبُو مُسْلِم الخراساني2، صاحب الدعوة عَبْد الرَّحْمَن بن مُسْلِم وقيل: عَبْد الرَّحْمَن بن عثمان بن يسار. ذكر ابن خلكان أنه كان قصيرًا أسمر جميلا حلوًا نقي البشرة أعور العين عريض الجبهة حسن اللحية طويل الشعر والظهر خافض الصوت فصيحًا بالعربي والفارسي حلو المنطق رواية للشعر عالمًا بالأمور لم يُرَ ضاحكًا ولا مازحًا إلا فِي وقته، ولا يكاد يقطب فِي شيء من أحواله، تأتيه الفتوحات العظام فلا يظهر عليه أثر السرور, وتنزل به الفادحة فلا يُرى مكتئبًا, وإذا غضب لم يستفزه الغضب ولا يأتي النساءَ إلا مرة فِي السنة. ولد سنة مائة من الهجرة وأول ظهوره بمرو كان فِي سنة تسع وعشرين فظهر في

_ 1 تهذيب التهذيب "12/ 198"، والجرح والتعديل "8/ 455". 2 ترجم له الذهبي في السير "6/ 287"، وميزان الاعتدال "2/ 590".

خمسين رجلا وآل أمره إلى أن هرب منه نصر بن سيار أمير خراسان وصفت ممالكها لأبي مُسْلِم فِي سنتين وأربعة أشهر. قال مُحَمَّد بن أَحْمَد بن القوّاس فِي تاريخه: قدم أَبُو مُسْلِم وحفص بن سُلَيْمَان الخلال على إِبْرَاهِيم الإِمَام وهو بالحُمَيَّمة فأمرهما بالمصير إلى خراسان. وقد روى أَبُو مُسْلِم عن عكرمة مُرْسَلا وعن ثابت البناني وأبي الزبير وإسماعيل السدي ومحمد بن علي العباسي وجماعة. روى عنه إِبْرَاهِيم الصائغ وابن شبرمة وابن المبارك وغيرهم. روى مصعب بن بشر عن أبيه قَالَ: قام رجل إلى أَبِي مُسْلِم وهو يخطب فقال: ما هذا السواد؟ قال: حدثني أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سوداء1، وهذه ثياب الهيبة وثياب الدولة، يا غلام اضرب عنقه. ويروى أن سُلَيْمَان بن كثير ومالك بن الهيثم ولاهز وقحطبة توجَّهوا من خراسان إلى الحج سنة أربع وعشرين, فدخلوا الكوفة فأتوا عاصم بن يونس وهو فِي الحبس فدعاهم إلى ولد الْعَبَّاس ومعه عيسى وإدريس ابنا معقل حبسهم يوسف ابن عُمَر فيمن حبس من عمال خَالِد القسري, ومع هذين الأخوين أَبُو مُسْلِم يخدمهما فرأوا فِيهِ العلامات فقالوا: من ذا؟ قَالُوا: غلام من السرّاجين يخدمنا، وقد كان أَبُو مُسْلِم سمع الأخوين يتكلمان فِي هذا الرأي, فإذا سمعهما بكى فدعواه إلى القيام بالأمر فأجاب2. قال ابن خلكان: كانا قد حُبسا على مال الخراج وعيسى هُوَ جد الأمير أَبِي دُلَف فكان أَبُو مُسْلِم يختلف إلى الحبس يتعدهما, فقدم الكوفة جماعة من نقباء الإِمَام مُحَمَّد بن علي فدخلوا يسلَّمون على الأخوين فرأوا أَبَا مُسْلِم فأعجبهم عقله وكلامه ومال هُوَ إليهم ثم عرف أمرهم ودعوتهم وهرب الأخوان من الحبس فصحب هُوَ النقباء إلى مكة ثم أحضروا عشرة آلاف دينار ومائتي ألف درهم إلى إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد وقد مات أَبُوهُ وأهدوا له أَبَا مُسْلِم فأعجب به, وقال لهم: هذا عضلة من العُضَل، فأقام يخدم إِبْرَاهِيم الإِمَام وعاد النقباء إلى خراسان فقال إبراهيم: إني قد

_ 1 حديث صحيح: أخرجه الإمام مسلم "1358"، وأبو داود "4076". 2 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 290".

جربت هذا وعرفت ظاهر كلامه وباطنه فوجدته حجر الأرض، ثم قلده الأمر ونفذه إلى خراسان. قال المأمون: أصل الملوك ثلاثة1 قاموا بنقل الدول: الإسكندر وأزدشير وأبو مُسْلِم من ولد بزرجمهر، ولد بأصبهان ونشأ بالكوفة، أوصى به أَبُوهُ إلى عيسى السراج فحمله إلى الكوفة وهو ابن سبع سنين, فقال إِبْرَاهِيم لما عزم على توجُهه إلى خراسان: غير اسمك وكان اسمه إِبْرَاهِيم بن عثمان، فقال: قد سميت نفسي أَبَا مُسْلِم عَبْد الرَّحْمَن بن مُسْلِم، ثم مضى وله ذؤابة وهو على حمار وله تسع عشرة سنة. وعن بعضهم قال: كنت أطلب العلم فلا آتي موضعًا إلا وجدت أَبَا مُسْلِم قد سبقني إليه فألفته فدعاني إلى منزله ثم لاعبني بالشطرنج وكان يلهج بهذين البيتين: ذروني ذورني ما قررت فإنني ... مَتَى ما أهج حربًا تضيق بكم أرضي وأبعث فِي سود الحديد إليكم ... كتائب سودًا طالما انتظرت نهضي قال علي بن عثام: قال إِبْرَاهِيم الصائغ: لما رَأَيْت العرب وضيعتها خفت أن لا تكون لله فيهم حاجة فلما سلط الله عليهم أَبَا مُسْلِم رجوت أن تكون لله فيهم حاجة. وقال حسن بن رشيد: سمعت يزيد النحوي يقول: أتاني إِبْرَاهِيم الصائغ فقال: أما ترى ما يعمل هذا الطاغية إن الناس معه فِي سعة غيرنا أهل العلم قلت: لو علمت أنه يصنع بي إحدى الخصلتين لفعلت إن أمرت ونهيت يقبل منا أو يقتلنا ولكني أخاف أن يبسط علي العذاب وأنا شيخ كبير لا صبر لي على السياط2، فقال الصائغ: لكني لا أنتهي عَنْهُ فدخل عليه فأمره ونهاه فقتله. وقيل: كان أَبُو مُسْلِم يجتمع بإبراهيم الصائغ وهو عالم أهل مرو ويعده بإقامة الحق، فلما ظهر بسط يده يعني فِي القتل فدخل عليه فوعظه. وقد ذكرنا جملة من أخبار أَبِي مُسْلِم فِي الحوادث وكيف قتله المنصور، وكان ذلك في سنة سبع وثلاثين بالمدائن.

_ 1 وفي وفيات الأعيان "3/ 147"، "أجل ملوك الأرض ... ". 2 والسوط: ما يضرب به من جلد، سواء أكان مضفورا أم لم يكن "ج" أسواط، وسياط.

347- أبو نصيرة الواسطي1 -د ت- مسلم بن عبيد. عن أنس وأبي عسيب وأبي رجاء العطاردي. وعنه حشرج بن نباته وسويد بن عَبْد العزيز وهشيم ويزيد بن هارون. وثقة أَحْمَد بن حنبل. وقال ابن معين: صالح، ولينه الأَزْدِيّ. لَهُ فِي الْجَامِعِ وَالسُّنَنِ هَذَا الْحَدِيثُ فَقَطْ: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ أَبِي نُصَيْرَةَ عَنْ مَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَمْ يَضُرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ولو عاد فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً"2. وقال الترمذي: ليس إسناده بالقوي. أَبُو هارون العَبْدي، عمارة بن جوين. قد مر. آخر الطبقة الرابعة عشرة. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 267"، والتهذيب "2/ 156". 2 حديث ضعيف: أخرجه أبو داود "1514"، والترمذي "3559"، والبيهقي في السنن الكبرى "10/ 188"، وأخرجه عبد بن حميد، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب عن أبي بكر الصديق قال فذكره ... كما في الدر المنثور للسيوطي "2/ 87".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الطبقة الثالثة عشرة: رقم الصفحة الموضوع 3 سنة إحدى وعشرين ومائة وحوادثها. 3 سنة اثنتين وعشرين ومائة. 4 سنة ثلاث وعشرين ومائة. 5 سنة أربع وعشرين ومائة. 5 سنة خمس وعشرين ومائة. 7 سنة ست وعشرين ومائة. 7 سنة سبع وعشرين ومائة. 10 سنة ثمان وعشرين ومائة. 11 سنة تسع وعشرين ومائة. 12 سنة ثلاثين ومائة.

تَرَاجِمُ رِجَالِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ: "حَرْفُ الأَلِفِ" 14 1- آدَمُ بن علي الكوفي. 14 2- إبراهيم بن جرير. 15 3- ابراهيم بن أبي حرة الحراني. 15 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ. 15 5- إبراهيم بن طريف المدني. 15 6- ابراهيم بن عامر بن مسعود. 15 7- إبراهيم بن عبد الأعلى الكوفي. 16 8- إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز. 16 9- إبراهيم بن مهاجر. 16 10- إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك. 17 11- أزهر بن راشد. 17 12- أزهر بن سعد. 17 13- إسماعيل بن أبي حكيم المدني. 18 14- اسماعيل بن عبد الله بن جعفر. 18 15- إسماعيل بن عبد الرحمن. 19 16- إسماعيل بن كثير أبو هاشم المكي. 19 17- أشعث بن أبي الشعثاء. 19 18- الأغر بن الصباح المنقري الكوفي. 20 19- أمية بن صفوان. 20 20- أمية بن عبد الله بن عمرو. 20 21- أوس بن بشر المعافري. 21 22- أوفى بن دلهم البصري. 21 23- إياس بن معاوية. 23 24- أَيُّوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْمَدَنِيُّ.

الصفحة الموضوع 23 25- أيوب بن ميسرة بن حليس. "حرف الْبَاءِ" 24 26- بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ. 24 27- بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي. 24 28- بشر بن حرب. 25 29- بِشْرُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الله الثقفي. 25 30- بكر بن سوادة. 25 31- بكير بن عبد الله بن الأشج. 26 32- بكير بن عبد الله الطويل. 26 33- بلال بن أبي بردة. "حرف التاء" 28 34- تميم بن حويص. "حرف الثاء" 28 35- ثابت بن أسلم البناني. 30 36- ثابت بن ثوبان الدمشقي. 30 - ثابت أبو المقدام. 30 37- ثعلبة بن مسلم الخثعمي الشامي. 31 38- ثعلبة أبو بحر الكوفي. 31 39- ثور بن زيد الديلي المديني. "حرف الْجِيمِ" 31 40- جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعَفِيُّ الْكُوفِيُّ. 32 41- جامع بن أبي راشد الكاهلي. 33 42- جبلة بن سحيم التيمي. 33 43- الجعد أبو عثمان اليشكري الصيرفي. 33 44- جعفر بن أبي وحشية. 34 45- جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي.

الصفحة الموضوع 34 46- جميل بن مرة الشيباني. 35 47- جميل الحذاء الأسلمي. 35 48- جميل بن عبد الله المدني المؤذن. 35 49- الجلد بن أيوب البصري. 35 50- جواب بن عبيد الله التيمي. 36 51- جوثة بن عبد الله الديلي المدني. 36 52- الجهم بن صفوان. "حرف الْحَاءِ" 38 53- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ المدني. 38 54- الحارث بن فضيل الأنصاري الخطمي. 39 55- الحارث بن يزيد الحضرمي المصري. 39 56- الحارث بن يزيد العكلي. 39 57- الحارث بن يعقوب الأنصاري. 40 59- حبان بن أبي جبلة القرشي. 40 58- حبيب بن الزبير بن مشكان الهلالي. 41 60- حبيب بن زيد بن خلاد. 41 61- حَبِيبُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْفِهْرِيُّ الْمِصْرِيُّ الأَمِيرُ. 41 62- حبيب بن أبي مرزوق. 41 63- حبيب الأعور المدني. 41 64- حَرْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ معاوية. 42 65- حسان بن أبي سنان البصري. 42 66- حسان بن عطية الدمشقي. 43 67- الحسين بن الحارث أبو القاسم الجدلى. 43 68- الحسين بن شفي بن ماتع. 44 69- حصين بن عبد الرحمن بن عمرو. 44 70- حطان بن خفاف.

الصفحة الموضوع 44 71- حفص بن سليمان المنقري. 44 72- حفص بن الوليد بن سيف. 45 73- الْحَكَمُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المطلب. 45 74- حكيم بن جبير الأسدي الكوفي. 45 75- حكيم بن الديلم. 46 76- حنظلة بن صفوان. 46 77- حنين بن أبي حكيم المصري. 46 * - حيي بن هانئ. "حرف الخاء" 46 78- خالد بن ذكوان المدني. 46 79- خالد بن صفوان. 47 80- خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحْرِزٍ الْبَصْرِيُّ. 47 81- خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أسد. 49 82- خالد بن عرفطة. 49 83- خالد بن علقمة أبو حية الوادعي. 49 84- خالد بن أبي عمران التجيبي. 50 85- خالد بن محمد الثقفي الدمشقي. 50 86- خبيب بن عبد الرحمن. 51 87- خلف بن حوشب الكوفي. 51 88- خَلادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَةَ الصَّنْعَانِيُّ. "حرف الدال" 51 89- داود بن شابور. 51 90- داود بن فراهيج المدني. 52 91- دراج بن سمعان. 53 92- دويد بن نافع أبو عيسى الحمصي.

الصفحة الموضوع 53 93- دينار أبو عمر البزار الكوفي. "حرف الراء" 53 - ربيعة بن سيف المعافري. 53 94- ربيعة بن يزيد القصير. 54 95- ربيع بن لوط. 54 96- ربيع بن عبد الرحمن بن أبي سعيد. 54 97- رزيق بن حكيم الأيلي. 55 98- رزيق بن حيان. 55 99- رزيق أبو عبد الله الألهاني الحمصي. 55 100- رياح بن عبيدة الباهلي. "حرف الزاي" 55 101- زبيد بن الحارث اليامي. 57 102- الزبير بن الخريب. 57 103- الزبير بن عربي أبو سلمة النمري. 58 104- الزبير بن موسى بن مينا. 58 105- زجلة مولاة عاتكة. 58 106- زهير بن أبي ثابت العنسي. 59 107- زياد بن عبد الله النميري. 59 108- زياد بن علاقة بن مالك الثعلبي. 59 109- زياد بن فياض أبو الحسن الخزاعي. 60 110- زياد بن أبي زياد المخزومي المديني. 61 111- زياد بن مخراق. 61 112- زيد بن جبير الطائي. 62 113- زيد بن سلام. 62 114- زيد بن طلحة أبو يعقوب التيمي. 62 115- زيد بن علي بن الحسين.

الصفحة الموضوع 65 116- زيد بن أبي أنيسة. "حرف السِّينِ" 65 117- سَالِمُ أَبُو النَّضْرِ بْنُ أَبِي أمية. 66 118- سالم بن وابصة. 66 119- سعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن. 68 120- سعد أبو مجاهد الطائي. 68 121- سعيد بن الحارث بن أبي سعيد. 68 122- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ ثابت. 68 123- سعيد بن عبد الله بن جريج. 69 124- سعيد بن عبد الملك بن مروان. 69 125- سعيد بن عمرو بن الأسود الحرشي. 69 126- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. 70 127- سعيد بن أبي كيسان. 70 128- سعيد بن مسروق الثوري. 71 129- سعيد بن هانيء الخولاني. 71 130- سلم بن عبد الرحمن. 71 131- سلم بن عطية الفقيمي. 71 132- سليم بن قيس العلوي. 72 133- سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي. 72 134- سلمة بن كهيل. 73 135- سلمة بن وهرام. 73 136- سليمان بن حبيب المحاربي. 74 137- سليمان بن حميد المزني. 74 138- سليمان بن عبد الرحمن. 74 139- سليمان بن أبي مسلم المكي. 75 140- سليمان بن أبي المغيرة.

الصفحة الموضوع 75 141- سليم بن جبير. 75 * - سليم بن عامر الخبايري. 76 142- سماك بن حرب. 76 143- سماك بن الفضل الصنعاني. 77 144- سنان بن سعد الكندي. 77 145- سيار بن عبد الرحمن الصدفي. 77 146- سيار أبو الحكم الواسطي. "حرف الشين" 78 147- شبيب بن غرقدة الكوفي. 78 148- شراحيل بن يزيد المعافري. 78 149- شرحبيل بن سعد المدني. 78 150- شرحبيل بن عمرو بن شريك. 79 151- شرحبيل بن مسلم 79 152- شعيب بن الحبحاب. 79 153- شعيب بن أبي سعيد. 79 154- شيبة بن نصاح بن سرجس. "حرف الصَّادِ" 80 155- صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرحمن. 80 156- صالح بن ابراهيم بن نوح. 81 157- صالح مولى التوءمة. 81 158- الصلت بن راشد. "حرف الضاد" 81 159- ضمرة بن سعيد. "حرف الطاء" 82 160- طلحة بن خراش. 82 161- طلحة بن عبيد الله بن كريز.

الصفحة الموضوع "حرف الْعَيْنِ" 83 162- عَاتِكَةُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. 83 163- عاصم بن أبي النجود بهدلة. 84 164- عاصم بن أبي الصباح الجحدري. 85 165- عاصم بن عمر بن عبد العزيز. 85 166- عاصم بن عمرو البجلي. 85 167- عامر بن شقيق. 86 168- عامر بن عبد الله بن الزبير. 87 169- عامر بن عبد الواحد البصري. 87 170- عباس بن عبد الله بن معبد. 87 171- عباس بن فروخ الْجُرَيْرِيُّ. 88 172- الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. 88 173- عبد الله بن بدر بن عميرة. 88 174- عبد الله بن خارجة بن يزيد. 88 175- عبد الله بن دينار. 89 176- عبد الله بن أبي جعفر. 89 177- عبد الله بن السائب أبو محمد. 89 178- عبد الله بن السائب الشيباني. 90 179- عبد الله بن أبي السفر الثوري. 90 180- عبد الله بن سليمان الطويل. 90 181- عبد الله بن شريك العامري. 91 182- عبد الله بن أبي صالح السمان. 91 183- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حسين النوفلي. 91 184- عبد الله بن عبيدة الربذي. 92 185- عَبْد الله بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز. 92 186- عبد الله بن عصم.

الصفحة الموضوع 92 187- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عيِسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. 93 188- عبد الله بن الفضل بن العباس. 93 * - عبد الله بن محمد بن عقيل. 93 * - عبد الله بن كثير المقرئ. 93 189- عبد الله بن المختار البصري. 94 190- عبد الله بن مسلم. 94 191- عبد الله بن المسور. 94 192- عبد الله بن معاوية. 95 193- عبد الله بن نعيم بن همام. 95 194- عبد الله بن هبيرة. 96 195- عبد الله بن يزيد بن هرمز. 98 196- عبد الله بن يزيد مولى المنبعث. 98 197- عبد الله بن يزيد مولى الأسود. 98 198- عبد الله بن يزيد الصهباني. 99 199- عبد الأعلى بن عامر الثعلبي. 99 200- عبد الحميد بن جبير بن شيبة. 99 201- عبد الحميد بن رافع. 99 202- عبد الرحمن بن خالد بن مسافر. 100 203- عبد الرحمن بن عبد الله البصري. 100 204- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ الْجُهَنِيُّ. 100 205- عبد الرحمن بن القاسم بن محمد. 101 206- عبد الرحمن بن معاوية. 101 207- عبد العزيز بن الحجاج. 102 208- عبد العزيز بن رفيع. 102 209- عبد العزيز بن صهيب البناني. 102 210- عبد الكريم بن فيروز.

الصفحة الموضوع 103 211- عبد الكريم بن أبي المخارق. 103 212- عبد الكريم بن مالك الجزري. 103 213- عبد الملك بن أعين. 104 214- عبد الملك بن حبيب. 104 215- عبد الملك بن قطن الفهري. 104 216- عبد الملك بن محمد بن عطية. 104 217- عبد الواحد بن قيس السلمي. 105 218- عبد الوهاب بن يحيى بن عباد. 105 219- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. 105 220- عبيد الله بن أبي يزيد المكي. 106 221- عبيد بن الحسن المزني. 106 222- عبدة بن أبي لبابة الأسدي. 107 223- عثمان بن أبي سليمان بن جبير. 108 224- عثمان بن عاصم. 109 225- عثمان بن عبد الله بن موهب. 109 226- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ. 109 227- عثمان بن عمير أبو اليقظان البجلي. 110 228- عثمان بن محمد بن المغيرة. 110 229- عثمان بن المغيرة الثقفي. 110 230- عروة بن أذينة. 111 231- عطاء بن دينار الهذلي. 111 232- عطاء بن صهيب. 111 233- عطية بن قيس. 112 234- عقيل بن طلحة السلمي. 112 235- العلاء بن عتبة الحمصي. 113 236- عَلُيُّ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْخَشْخَاشِ.

الصفحة الموضوع 113 * - علي بن زيد بن جدعان. 113 237- علي بن نفيل بن زراع. 113 238- علي بن يحيى بن خلاد. 114 239- علي بنم يزيد بن أبي هلال. 114 240- عمار بن أبي عمار. 114 241- عمارة بن عبد الله بن صياد. 114 242- عمارة بن عبد الله بن طعمة. 115 243- عمران بن عبد الله بن طلحة. 115 344- عمران بن مسلم الجعفي. 115 245- عمران بن مسلم بن رياح. 115 246- عمر بن حسين المكي. 115 * - عمر بن عبد الرحمن بن محيصن. 116 247- عمر بن قيس الماصر. 116 248- عمر بن المنكدر التيمي. 116 249- عمرو بن جابر أبو زرعة. 117 250- عمرو بن أبي حكيم. 117 251- عمرو بن دينار. 119 252- عمرو بن سعد الفدكي. 119 253- عمرو بن عامر الأنصاري. 120 254- عمرو بن عامر البجلي. 120 255- عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. 123 256- عمرو بن مالك النكرى. 123 257- عمرو بن مسلم بن عمارة. 124 258- عمرو بن مسلم الجندي. 124 259- عمير بن هانيء العنسي. 125 260- عون بن أبي شداد.

الصفحة الموضوع 126 261- عيسى بن أبي الكوفي. "حرف الغين" 126 262- غيلان بن أنس الكلبي. 126 263- عيلان بن جرير المعولي. "حرف الْفَاءِ" 127 264- فُرَاتُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ التميمي. 127 265- فراس بن يحيى الهمداني. 127 266- فرقد بن يعقوب السبخي. 128 267- فضيل بن طلحة الأنصاري. "حرف الْقَافِ" 128 268- الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ الأَصْبَهَانِيُّ. 129 269- القاسم بن أبي بزة. 129 270- القاسم بن عباس. 129 271- القاسم بن عبد الله المعافري. 129 272- قاسم بن يزيد الرحال. 130 273- قطن بن وهب الليثي. 130 274- قيس بن الحجاج بن خلي. 130 275- قيس بن سالم أبو جزرة. 130 276- قيس بن طلق. 131 277- قيس بن وهب الهمداني. "حرف الكاف" 131 278- كثير بن الحارث الحميري. 131 279- كثير بن خنيس الليثي. 131 280- كثير بن زياد الأزدي. 131 281- كثير بن فرقد. 132 282- كثير بن كثير بن المطلب.

الصفحة الموضوع 132 283- كثير بن معدان. 132 284- كعب بن علقمة. 133 285- كلثوم بن جبر البصري. 133 286- كلثوم بن عياض القشيري. 133 287- كنانة مولى صفية. 133 288- الكميت بن زيد. "حرف الميم" 136 289- مالك بن دينار. 139 290- مجزأة بن زاهر. 139 291- مجمع التيمي. 140 292- محمد بن زياد القرشي. 140 293- محمد بن زيد الكندي. 140 294- محمد بن شبيب. 141 295- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ. 141 296- محمد بن عبد الرحمن الأنصاري. 142 297- محمد بن عبد الرحمن بن محيصن. 142 298- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن زرارة. 143 299- محمد بن عبد الرحمن البياضي. 143 300- محمد بن عبد الرحمن المؤذن. 145 301- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عباس. 145 302- محمد بن عمار بن سعد. 145 303- محمد بن قيس الهمداني. 146 304- محمد بن قيس المدني القاص. 164 305- "الزهري" محمد بن مسلم. 167 306- محمد بن مسلم بن تدرس. 172 307- محمد بن المنكدر.

الصفحة الموضوع 176 308- مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعِ بْنِ جَابِرِ بْنِ الأَخْنَسِ. 176 309- محمد بن يحيى بن حبان. 177 310- محمد بن يزيد الرحبي. 177 311- محمد بن أبي بكر بن عوف. 177 312- مخرمة بن سليمان الوالبي. 177 313- مرثد بن سمي الأوزاعي. 177 314- مرزوق التيمي الكوفي. 178 315- مزاحم بن زفر الكوفي. 178 316- مسلم بن سمعان. 178 317- مسلم بن أبي مريم السلمي. 178 318- مسلم بن أبي مريم يسار الأنصاري. 178 319- مسلمة بن عبد الملك. 179 320- مشاش أبو ساسان. 179 321- مصعب بن محمد شرحبيل. 179 322- مطر الوراق. 180 323- معاوية بن إسحاق بن طلحة. 180 324- معاوية بن الريان. 180 325- معبد المغني. 181 326- معمر بن أبي حبيبة. 181 327- مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. 181 328- المغيرة بن عتيبة بن النهاس. 182 329- المقدام بن شريح بن هانيء. 182 330- المنذر بن عبيد المدني. 182 331- مهاجر أبو الحسن الكوفي الصائغ. 183 332- موسى بن السائب. 183 333- موسى بن أبي كثير الصباح.

الصفحة الموضوع 183 334- ميسرة بن حبيب النهدي. 183 335- ميسرة الأشجعي الكوفي. 183 336- ميمون الكردي. "حرف النون" 184 337- نبيه بن وهب. 184 338- نزار بن حيان الأسدي. 184 339- نسير بن ذعلوق. 184 340- نصر بن عمران. 185 341- النضر بن شيبان الحداني. 186 342- النعمان بن عمرو اللخمي. 186 343- نفيع بن الحارث الهمداني. 186 344- نمير بن أوس الأشعري. "حرف الهاء" 187 345- هارون بن رياب. 188 346- هارون بن سعد الكوفي. 188 347- هشام بن حجيب المكي. 188 348- هشام بن زيد بن أنس. 188 349- هشام بن عبد الملك. 190 350- هلال بن علي. 190 351- هلال الوزان الكوفي. 190 352- الهيثم بن حبيب. "حرف الواو" 191 353- واصل مولى أبي عيينة. 191 354- الوليد بن عبد الرحمن الهمداني. 191 355- الوليد بن هشام بن معاوية. 192 356- الوليد بن أبي الوليد القرشي.

الصفحة الموضوع 192 357- الوليد بن يزيد بن عبد الملك. 198 358- وهب بن كيسان. "حرف الياء" 198 359- يحيى بن جابر الطائي. 199 360- يحيى بن خالد بن رافع. 199 361- يحيى بن راشد الليثي. 199 362- يحيى بن أبي كثير الإمام. 201 363- يَحْيَى بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. 201 364- يحيى بن مسلم البكاء. 203 365- يحيى بن قيس الكندي. 203 366- يحيى بن النضر. 203 367- يحيى بن هانيء. 203 368- يزيد بن أبان الرقاشي. 204 369- يزيد بن أبي حبيب. 206 370- يزيد بن حميد. 207 371- يزيد بن رومان المدني. 207 372- يزيد بن أبي سمية. 207 373- يزيد بن الطثرية. 208 374- يزيد بن عبد الله بن قسيط. 208 375- يزيد بن عبد الرحمن الهمداني. 209 376- يزيد بن القعقاع. 210 377- يزيد بن الوليد بن عبد الملك. 211 378- يزيد الرشك الضبعي. 212 379- يعقوب بن عبد الله بن الأشج. 212 380- يعقوب بن عتبة بن المغيرة.

الصفحة الموضوع 213 381- يعلى بن حكيم. 213 382- يوسف بن عمر الثقفي. 215 383- يونس بن يوسف بن حماس. "الكنى" 215 384- أبو العيس الخولاني. 216 385- أبو بشر الدمشقي المؤذن. 216 386- أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. 216 387- أبو بلج الفزاري. 216 388- أبو جعفر الفراء. 217 * - أبو جمرة نصر بن عمران. 217 * - أبو جمرة القصاب. 217 * - أبو حصين. 217 * - أبو الرجال. 217 389- أبو الزاهرية. 217 390- أبو الزناد. 218 391- أبو العاج السلمي. 218 392- أبو عصام. 218 * - أبو عمران الجوني. 218 * - أبو عمر البزار. 218 393- أبو العنبس العدوي. 218 394- أبو العنبس الكوفي. 218 395- أبو غالب البصري. 219 396- أبو فزارة العبسي الكوفي. 219 397- أبو قبيل المعافري. 220 398- أبو كثير السحيمي اليمامي. 220 399- أبو المحجل.

الصفحة الموضوع 220 400- أبو المقدام الكوفي. 221 * - أبو المكشوح. 221 401- أبو نعامة السعدي. 221 402- أبو هاشم الرماني. 221 403- أبو الهيثم المرادي. 221 404- أبو الوازع الكوفي. 221 405- أبو الوازع الراسبي. 222 406- أبو وجزة السعدي. 222 407- أبو يحيى القتات. 222 408- أبو يعفور العبدي. 222 * - أبو يعفور الكوفي. 222 409- أبو يونس مولى أبي هريرة.

الطبقة الرابعة عشرة

الطبقة الرابعة عشرة: 223 أحداث سنة إحدى وثلاثين ومائة. 225 أحداث سنة اثنتين وثلاثين ومائة. 226 بيعة السفاح. 232 أحداث سنة ثلاث وثلاثين ومائة. 234 أحداث سنة أربع وثلاثين ومائة. 236 أحداث سنة خمس وثلاثين ومائة. 236 أحداث سنة ست وثلاثين ومائة. 237 أحداث سنة سبع وثلاثين ومائة. 243 أحداث سنة ثمان وثلاثين ومائة. 244 أحداث سنة تسع وثلاثين ومائة. 244 أحداث سنة أربعين ومائة.

"الوفيات": صفحة الموضوع "حرف الأَلِفِ" 245 1- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْن جعفر. 245 2- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه أخو السفاح والمنصور. 246 3- إبراهيم بن مرة الدمشقي. 246 4- إبراهيم بن ميسرة الطائفي. 247 5- إبراهيم بن ميمون. 247 6- إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك. 248 7- آدم بن سليمان مولى قريش. 248 8- إسحاق بن سويد بن هبيرة. 249 9- إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. 249 10- أسد بن وداعة. 249 11- إسماعيل بن أمية. 250 12- إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان. 250 13- إسماعيل بن سالم الأسدي. 250 14- إسماعيل بن سميع. 250 15- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ. 252 16- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. 252 17- إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص. 253 18- أسلم المنقري. 253 19- الأسود بن قيس الكوفي. 253 20- أسيد بن أبي أسيد البراد. 253 21- أشعث بن سوار الكندي. 254 22- أمية بن يزيد. 254 23- أيوب السختياني. 257 24- أيوب بن موسى بن عمرو الأشدق.

الصفحة الموضوع 258 25- أيوب بن أبي مسكين القصاب. "حرف الباء" 258 26- باب بن عمير الحنفي. 258 27- بديل بن ميسرة. 258 28- برد بن أبي زياد. 259 29- برد بن سنان. 259 30- بشر بن حميد المزني. 259 31- بكر بن زرعة الخولاني. 260 32- بكر بن عمرو المعافري. 260 33- بكر بن وائل بن داود. 260 34- بيان بن بشر الأحمسي. "حرف التاء" 260 35- توبة العنبري مولاهم. "حرف الثَّاءِ" 261 36- ثَابِتُ بْنُ عَجْلانَ بْنِ حَفْصٍ. 261 37- ثوير بن أبي فاختة. "حرف الْجِيمِ" 262 38- جَرِيرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَرِيرِ البجلي. 262 39- جعفر بن ربيعة بن شرحبيل. "حرف الحاء" 263 40- حبيب العجمي. 264 41- حبيب بن أبي حبيب الدمشقي. 264 42- حجاج بن حجاج الباهلي. 265 43- حجاج بن فرافضة. 265 44- الحر بن مسكين. 265 45- حسان بن عتاهية.

الصفحة الموضوع 266 46- الحسن بن الحر النخعي. 267 47- الحسن بن عبيد بن عروة النخعي. 267 48- الحسن بن عمران العسقلاني. 267 49- حُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ أَبُو عَلِيٍّ الرَّحْبِيُّ الْوَاسِطِيُّ. 268 50- الحسين بن ميمون الخندفي. 268 51- حصين بن عبد الرحمن السلمي. 268 52- حفص بن سليمان. 269 53- الحكم بن عبد الله النصري. 269 54- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الأَيْلِيُّ. 269 * - الحكم بن عبد الله العاملي 269 55- حمران بن أعين الكوفي. 270 56- حميد بن قيس المكي. 270 57- الحوثرة بن سهيل. "حرف الْخَاءِ" 270 58- خَالِدُ بْنُ أَبِي خَلْدَةَ الْحَنَفِيُّ. 271 59- خالد بن سلمة بن العاص. 272 60- خالد بن كثير الهمذاني. 272 61- خالد بن يزيد الإسكندراني. 272 62- خالد بن زيد الشامي. 272 63- خصيف بن عبد الرحمن الجزري. 273 64- خَلادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَةَ الصَّنْعَانِيُّ. 273 65- خير بن نعيم الحضرمي. "حرف الدال" 274 66- داود بن الحصين. 275 67- داود بن سليك. 275 68- داود بن صالح بن دينار.

الصفحة الموضوع 275 69- دَاوُدُ بْنُ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص. 275 70- دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس. 277 71- داود بن عمرو الأودي الشامي. 277 72- داود بن أبي هند. "حرف الرَّاءِ" 279 73- رَبَاحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي سفيان. 279 74- الربيع بن أنس البكري. 280 75- الربيع بن أبي راشد. 280 76- ربيعة الرائي. 285 77- رقبة بن مصقلة. 285 78- ركين بن الربيع بن عميلة. "حرف الزيِن" 286 79- زَبَّانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مروان. 286 80- الزبير بن عدي الهمداني اليامي. 286 81- زرعة بن إبراهيم الدمشقي. 287 82- زنكل بن علي العقيلي. 287 83- زهرة بن معبد بن عبد الله. 288 84- زياد بن بيان الرقي. 288 85- زياد بن مخراق المزني. 288 86- زيد بن أسلم. 290 87- زيد بن الحواري. 291 88- زيد بن رفيع الجزري. 291 89- زيد بن أبي عتاب. 291 90- زيد بن واقد القرشي. "حرف السين" 292 91- سالم بن أبي حفصة الكوفي.

الصفحة الموضوع 293 92- سالم بن عبد الله المحاربي الداراني. 293 93- سالم بن عجلان. 293 94- سدير بن حكيم. 294 95- السري الكوفي. 294 96- سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. 294 97- سعيد بن جمهان. 294 98- سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. 295 99- سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ. 295 100- سعيد بن عمرو بن سليم الزرقي. 295 101- سعيد بن أبي هلال الليثي. 296 102- سعيد بن يزيد بن مسلمة. 296 103- سعيد بن يزيد الأحمسي. 296 104- سعيد بن يزيد القتباني الحميري. 296 105- سلمة بن دينار. 298 106- سلمة بن تمام. 298 107- سلمة بن علقمة. 298 108- سلم بن أبي الذيال البصري. 299 109- سليمان بن حيان. 299 110- سليمان بن داود الخولاني. 300 111- سليمان بن أبي زينب. 300 112- سليمان بن كثير الخزاعي. 300 * - سليمان بن موسى الأشدق. 300 113- سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مروان. 301 114- سليمان بن يزيد بن عبد الملك. 301 115- سليم أبو عبد الله المكي. 301 116- سماك بن عطية البصري.

الصفحة الموضوع 301 117- سمي مولى أبي بكر. 302 118- سنان بن حبيب السلمي. 302 119- سنان بن ربيعة الباهلي. 302 120- سهيل بن أبي صالح السمان. "حرف الصاد" 303 121- صدقة بن يسار الجزري. 303 122- الصقعب بن زهير الأزدي. 303 123- صفوان بن سليمان. "حرف الضاد" 305 124- ضرار بن مرة. "حرف الطاء" 305 125- طلق بن معاوية. "حرف العين" 305 126- عاصم بن عبيد الله. 306 127- عاصم بن كليب بن شهاب الجرمي. 306 128- عباد بن الربان اللخمي. 306 129- عباس بن عبد الله بن معبد. 306 130- عبد الأعلى التيمي. 307 131- عبد الله بن بسر الحبراني. 307 132- عبد الله بن بشر الخثعمي. 307 133- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَحَمَّدِ بْنِ عمرو. 308 134- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو حَرِيزٍ الأَزْدِيُّ. 308 135- عبد الله بن دينار البهراني. 308 136- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذَكْوَانَ. 309 137- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سبرة الكوفي. 310 138- عبد الله بن سليمان الطويل.

الصفحة الموضوع 310 139- عبد الله بن سوادة القسيري. 310 140- عبد الله بن طاوس. 311 141- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طلحة. 311 142- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرِ بن حزم. 311 143- عبد الله بن عبد الرحمن بن يحنس. 311 144- عبد الله بن عبد الرحمن الضبي. 311 145- عبد الله بن عبد الرحمن البصري. 312 146- عبد الله بن عطاء الطائفي. 312 147- عبد الله بن أبي لبيد. 312 148- عبد الله السفاح. 314 149- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغِيثِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ. 314 * - عبد الله بن معاوية الهاشمي. 314 150- عبد الله بن الوليد بن قيس. 314 151- عبد الله بن أبي نجيح يسار. 315 152- عبد الله بن يسار المكي. 315 153- عبد الحميد الكاتب. 316 154- عبد الحميد صاحب الزيادي. 316 155- عبد الرحمن بن حبيب بن أردك. 317 156- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَوْف. 317 157- عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي صعصة. 317 158- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد القاري. 317 159- عبد العزيز بن حكيم الحضرمي الكوفي. 318 160- عبد الكريم بن الحارث بن يزيد. 318 161- عبد المجيد بن سهيل. 318 162- عبد الملك بن أبي بشير. 319 163- عبد الملك بن راشد الحمصي.

الصفحة الموضوع 319 164- عبد الملك بن عمير بن سويد. 320 165- عبد الملك بن مروان. 320 166- عبد المؤمن بن أبي شراعة. 320 167- عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك. 320 168- عبيد الله بن أبي جعفر الليثي. 321 169- عبيد الله بن الحبحاب السلولي. 321 170- عبيد الله بن زحر الضمري. 322 171- عبيد الله بن طلحة. 322 172- عبيد الله بن عبيد الكلابي. 322 173- عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب. 323 174- عبيد الله بن سلمان الأغر. 323 175- عبيد بن سلمان الأعرج. 323 176- عبيد ابن سوية الأنصاري. 323 177- عبيد بن مهران الكوفي. 323 178- عبد ربه بن سعيد. 324 179- عبدة بن رباح الغساني. 324 180- عتبة بن حميد الضبي. 325 181- عتبة بن مسلم التيمي. 325 182- عثمان بن حكيم بن عباد. 325 183- عثمان بن داود الخولاني الشامي. 325 184- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيُّ. 326 185- عثمان بن عروة بن الزبير. 326 186- عثمان البتي الفقيه. 327 187- عروة بن الحارث أبو فروة. 327 188- عروة بن رويم. 328 189- عروة بن عبد الله بن قشير.

الصفحة الموضوع 328 190- عطاء بن السائب. 330 191- عطاء بن عجلان الحنفي. 330 192- عطاء بن قرة السلولي. 330 193- عطاء بن أبي مسلم الخراساني. 331 194- عطاء بن أبي ميمونة البصري. 332 195- عطاء السليمي الزاهد. 333 196- عقيل بن مدرك. 333 197- العلاء بن الحارث. 334 198- العلاء بن خالد الأسدي. 334 199- العلاء بن أبي العباس. 334 200- العلاء بن عبد الجبار اليحصبي. 335 201- العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب. 336 202- علقمة بن أبي علقمة. 336 203- علي بن بذيمة. 336 204- علي بن الحكم البناني. 336 205- علي بن زيد بن جدعان. 338 206- علي بن يحيى بن خلاد. 338 207- عمار الدهني. 338 208- عمارة بن جوين. 339 209- عمارة بن أبي حفصة. 339 210- عمارة بن غزية. 339 211- عمارة بن القعقاع. 340 212- عمر بن جعثم الشامي الحمصي. 340 213- أما عمر بن خثعم اليمامي. 340 214- عمر بن السائب. 340 215- عمر بن أبي سلمة.

الصفحة الموضوع 341 216- عمر بن سليمان الدمشقي. 341 217- عمر بن عامر القاضي. 341 218- عمر بن عبد الله بن يعلى. 342 219- عمرو بن دينار البصري. 342 220- عمرو بن عامر. 342 221- عمرو بن عبيد الله. 342 222- عمرو بن عمران أبو السوداء. 343 223- عمرو بن أبي مولى المطلب. 343 224- عمرو بن قيس. 345 * - عمرو بن قيس الملائي الكوفي. 345 225- عمرو بن مهاجر. 346 226- عمرو بن يحيى بن عمارة الأنصاري. 346 227- عمران بن أبي عطاء. 347 228- عنبسة بن سعيد الواسطي. 347 229- عنبسة بن سعيد الكلاعي. 347 230- عياش بن عباس القتباني. 348 231- عيسى بن سليم العنسي. 348 232- عيسى بن موسى بن حميد. "حرف الغين" 348 233- غالب بن مهران العبدي. 348 234- غضيف بن أبي سفيان. 348 235- غيلان بن جامع المحاربي. "حرف الفاء" 349 236- فرقد بن يعقوب السبخي. "حرف الْقَافِ" 349 237- الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو نَهِيكَ الأسدي.

الصفحة الموضوع 350 238- القاسم بن مهران. 350 239- قحطبة بن شبيب الطائي. 350 240- قُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الجمحي. 350 241- القعقاع بن يزيد الضبي الكوفي الأعمى. "حرف الْكَافِ" 351 242- كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ أَبُو قُرَّةَ البصري. 351 243- كثير النواء. 351 244- كرز بن وبرة. 353 245- كليب بن وائل. "حرف اللام" 353 246- ليث بن أبي سليم. "حرف الميم" 353 247- المحب بن حذلم الرعيني. 353 248- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عمرو بن حزم. 354 249- محمد بن جحادة الكوفي. 354 250- محمد بن أبي حرملة القرشي. 354 251- محمد بن خالد الضبي الكوفي. 355 252- محمد بن زياد الإلهاني الحمصي. 355 253- محمد بن زيد بن المهاجر. 355 254- محمد بن سالم الهمداني. 356 255- محمد بن السائب بن بركة. 356 256- محمد بن سعد الأنصاري. 356 257- محمد بن سيف البصري. 356 258- محمد بن شيبة بن نعامة. 357 259- محمد بن طارق المكي العابد. 357 260- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي صعصعة.

الصفحة الموضوع 357 261- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَبِيدٍ الأَسَدِيُّ. 357 262- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ. 357 263- محمد بن عبد الرحمن بن نوفل. 358 264- محمد بن عبد الملك بن مروان. 358 265- مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. 359 266- محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي. 359 267- محمد بن كريب مولى ابن عباس. 359 268- محمد بن المنكدر. 359 269- مخارق بن خليف. 359 270- مختار بن فلفل الكوفي. 360 271- مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. 363 272- مسحاج بن موسى الضبي. 363 273- مسلم بن زياد الحمصي. 363 274- مسلم بن سالم أبو فروة الجهني. 364 * - مسلم بن عبيد. 364 275- مسلم بن كيسان الضبي. 364 276- المسور بن رفاعة. 364 277- مطرح بن يزيد. 365 278- مطير بن أبي خالد. 365 279- معاوية بن سعيد التجيبي. 365 280- معبد بن هلال العنزي. 365 281- مغيرة بن حبيب. 365 282- مُغِيرَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْفَزَارِيُّ. 366 283- مغيرة بن مقسم الضبي. 367 * - مقاتل بن حيان البلخي. 367 284- منصور بن جمهور الكلبي.

الصفحة الموضوع 367 285- منصور بن زاذان. 369 286- منصور بن عبد الرحمن بن طلحة. 369 287- منصور بن عبد الرحمن الغداني. 369 288- منصور بن المعتمر السلمي. 371 289- منصور بن أبي الهياج حيان. 371 290- مهاجر بن مخلد. 371 291- موسى بن أيوب. 372 292- موسى بن أبي تميم. 372 293- موسى بن جبير المدني. 372 294- موسى بن سالم أبو جهضم. 372 295- مُوسَى بن عَبْد الله بن يزيد الخطمي. 373 296- موسى بن أبي عائشة الهمداني. "حرف النون" 373 297- نافع بن مالك الأصبحي. 373 298- نصر بن سيار الأمير. 374 299- نصر بن علقمة الحضرمي. 374 300- النعمان بن راشد. 374 301- النعمان بن المنذر. 375 302- نوح بن ذكوان البصري. "حرف الهاء" 375 303- هاشم بن بلال. 375 304- هاشم بن يزيد. 375 * - هلال بن خباب. 375 305- همام بن منبه. 376 306- هود بن عطاء اليمامي.

الصفحة الموضوع "حرف الواو" 377 307- واصل بن عطاء. 378 308- واقد بن محمد بن زيد. 378 309- واهب بن عبد الله المعافري. 378 310- الوليد بن قيس. 378 311- الوليد بن أبي هشام البصري. "حرف الياء" 379 312- يحيى بن أبي إسحق الحضرمي. 379 313- يحيى بن حيان. 379 314- يحيى بن عبد الله الكوفي. 379 315- يحيى بن عتيق البصري. 380 * - يحيى بن أبي كثير. 380 316- يحيى بن ميمون الضبي العطار. 380 317- يحيى بن يحيى بن قيس. 380 318- يحيى بن يزيد الهنائي. 381 319- يحيى البكاء. 381 320- يزيد بن أيهم. 381 321- يزيد بن أبي زياد الكوفي. 382 322- يزيد بن زياد. 382 * - يزيد بن زياد الدمشقي. 382 323- يزيد بن أبي سعيد القرشي. 383 324- يزيد بن عبد الله بن خصيفة. 383 325- يزيد بن عَبْد الله بن أسامة بن الهاد. 383 326- يزيد بن عبد الله النجراني الدمشقي. 383 327- يزيد بن عبد الرحمن الهمداني. 384 328- يزيد بن عمر بن هبيرة.

الصفحة الموضوع 384 329- يزيد بن عمرو المعافري المصري. 384 330- يزيد بن محمد بن قيس. 385 331- يزيد بن أبي مسلم النحوي. 385 332- يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي. 386 333- يزيد الشني الأعرج. 386 334- يعيش بن الوليد بن هشام الأموي. 386 335- يوسف بن عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي عبيدة بن عقبة بن نافع. 387 336- يونس بن خباب الكوفي. 387 337- يونس بن عبيد بن دينار. 390 338- يونس بن ميسرة بن حلبس. "الكنى" 391 339- أبو بكر بن نافع. 391 340- أبو الجحاف التميمي. 391 341- أبو الجودي الأسدي. 392 342- أبو حمزة القصاب الكوفي الأعور. 392 * - أبو حمزة القصاب عمران. 392 * - أبو رجاء الأزدي الحداني. 392 343- أبو ريحانة السعدي. 392 * - أبو الزعراء الجمشي. 392 * - أبو الزناد المدني. 392 * - أبو سهيل بن مالك الأصبحي. 392 * - أبو طوالة. 392 344- أبو ظلال القسملي. 393 * - أبو العلاء القصاب. 393 345- أبو غالب الباهلي. 393 * - أبو فروة الجهني.

الصفحة الموضوع 393 * - أبو فروة الهمداني. 393 346- أبو مسلم الخراساني. 396 347- أبو نصيرة الواسطي. 396 * - أبو هارون العبدي. 397 فهرس الموضوعات.

المجلد التاسع

المجلد التاسع أحداث الطبقة الخامسة عشرة: الحوادث من سنة 241 إلى 250 أحداث سنة إحدى وأربعين ومائة ... بسم الله الرحمن الرحيم أحداث الطبقة الخامسة عشرة الحوادث من سنة 241 إلى 250 أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ أَسْمَاءُ بن عبيد وَالِدُ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، وَأَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ الْكُوفِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ فَيْرُوزَ، وَسُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ قَاضِي الْمَدَائِنِ بِخُلْفٍ فِيهِ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ فِي قَوْلِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِي قَوْلٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الوليد الهمداني الْكُوفِيُّ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ صَاحِبُ الْمَغَازِي، وَمُوسَى بْنُ كَعْبٍ أَمِيرُ دِيَارِ مِصْرَ. وَفِيهَا كَانَ ظُهُورُ الرَّاوَنْدِيَّةِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ: هُمْ قوم مِنْ خُرَاسَانَ عَلَى رَأْيِ أَبِي مُسْلِمٍ الخراساني صاحب الدعوة، ويقولون فِيمَا زَعَمَ بِتَنَاسُخِ الأَرْوَاحِ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّ رَوْحَ آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلامُ- حَلَّتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ نَهِيكٍ، وَأَنَّ الْمنُصَوِّرَ هُوَ رَبُّهُمُ الَّذِي يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ وَأَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ مُعَاوِيَةَ هُوَ جِبْرِيلُ. قَالَ: فَأَتَوْا قَصْرَ الْمَنْصُورِ فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ وَيَقُولُونَ: هَذَا، فَقَبَضَ الْمَنْصُورُ مِنْهُمْ عَلَى نَحْوِ الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْكِبَارِ، فَغَضِبَ الْبَاقُونَ وَقَالُوا: عَلامَ حُبِسُوا؟ ثُمَّ عَهِدُوا إِلَى نَعْشٍ2 فَخَفُّوا بِهِ، يُوهَمُونَ أَنَّهَا جِنَازَةٌ قَدِ اجْتَمَعُوا لَهَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ مَرُّوا بِهَا عَلَى بَابِ السِّجْنِ فَعِنْدَهُ شَدُّوا عَلَى النَّاسِ بِالسِّلاحِ وَاقْتَحَمُوا السِّجْنَ فَأَخْرَجُوا أَصْحَابَهُمُ الَّذِينَ قَبَضَ عَلَيْهِمُ الْمَنْصُورُ، وَقَصَدُوا نَحْوَ الْمَنْصُورِ، وَهُمْ نَحْوٌ مِنْ سِتِّمِائَةٍ، فتَنَادَى النَّاس، وأغلقت المدينة، وخرج المنصور من قصره ماشيا لم يجد فرسا، فَأُتِيَ بِدَابَّةٍ وَهُوَ يُرِيدُهُمْ، فَجَاءَهُ معِنْ بْنِ زَائِدَةَ فَتَرَجَّلَ لَهُ وَعَزَمَ عليه وأخذ

_ 1 وانظر: تاريخ الطبري "7/ 505"، وتاريخ خليفة "ص/ 275"، وتاريخ ابن الأثير "5/ 508"، والبداية "10/ 75"، والنجوم الزاهرة "1/ 436"، وصحيح التوثيق "6/ 41". 2 وهو ما يحمل عليه الميت.

بِلِجَامِ الدَّابَّةِ، وَقَالَ: إِنَّكَ تُكْفَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَجَاءَ مَالِكُ بْنُ الْهَيْثَمِ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْقَصْرِ، ثُمَّ قَاتَلُوهُمْ حَتَّى أَثْخَنُوهُمْ. وَجَاءَ خازم بْنُ خُزَيْمَةَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أقْتُلُهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى الْحَائِطِ، فَكَرُّوا عَلَى خَازِمٍ فَهَزَمُوهُ، ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِمْ هُوَ وَالْهَيْثَمُ بْنُ شُعْبَةَ بِجُنْدِهِمَا، وَأَحَاطُوا بِهِمْ، وَوَضَعُوا فِيهِمُ السَّيْفَ فَأَبَادُوهُمْ، فَلا رَحِمَهُمُ الله. وقد جاء يَوْمَئِذٍ عُثْمَانُ بْنُ نَهِيكٍ فَكَلَّمَهُمْ، فَرَمَوْهُ بِنَشَّابَةٍ1، فَمَرِضَ مِنْهَا وَمَاتَ، فَاسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورَ مَكَانَهُ عَلَى الْحَرَسِ أَخَاهُ عِيسَى بْنُ نَهِيكٍ. وَكَانَ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَدِينَةِ الْمُلَقَّبَةِ بِالْهَاشِمِيَّةِ وَهِيَ بِقُرْبِ الْكُوفَةِ. ثُمَّ إِنَّ الْمَنْصُورَ قَدِمَ سَمَاطًا بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَالَغَ فِي إِكْرَامِ مَعْنٍ. وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذْلِيِّ قَالَ: إِنِّي لَوَاقِفٌ بباب القصر إذا أُطْلِعَ رَجُلٌ إِلَى الْمَنْصُورِ فَقَالَ: هَذَا رَبُّ الْعِزَّةِ الَّذِي يَرْزُقُنَا وَيُطْعِمُنَا. قَالَ: فحدَّثْتُ الْمَنْصُورَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا هُذَلِيُّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ النَّارَ فِي طَاعَتِنَا وَنَقْتُلُهُمْ، أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أن يدخلهم الْجَنَّةَ فِي مَعْصِيَتِنَا. وَعَنِ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ الْمَنْصُورَ يَقُولُ: أَخْطَأْتُ ثَلاثَ خَطْآتٍ وَقَى اللَّهُ شَرَّهَا: قَتَلْتُ أَبَا مُسْلِمٍ وَأَنَا فِي خِرَقٍ2، وَمَنْ حَوْلِي يُقَدِّمُ طَاعَتَهُ وَيُؤْثِرُهَا وَلَوْ هُتِكَتِ الْخِرَقُ لَذَهَبْتُ ضَيَاعًا. وَخَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ وَلَوِ اخْتَلَفَ سَيْفَانِ بِالْعِرَاقِ ذَهَبَتِ الْخِلافَةُ ضَيَاعًا. وَقِيلَ: كَانَ معْنِ بْنِ زَائِدَةَ مِمَّنْ قَاتَلَ الْمُسَوِّدَةَ مَعَ ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَلَمَّا قَامَتْ دَوْلَةُ الْمُسَوِّدَةُ اخْتَفَى مَعْنٌ إِلَى أن ظهر يوم الراوندية، فأبى يَوْمَئِذٍ وَبَرَّزَ حَتَّى كَانَ النَّصْرُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ اخْتَفَى كَمَا هُوَ، فَتَطَلَّبَهُ الْمَنْصُورُ وَنُودِيَ بِأَمَانِهِ فَأُتِيَ بِهِ فَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ جَلِيلٍ وَوَلاهُ الْيَمَنَ. وَفِيهَا أَمَّرَ الْمَنْصُورُ ابْنَهُ الْمَهْدِيَّ وَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ3 وَبَعَثَهُ عَلَى خُرَاسَانَ

_ 1 النشاب: هو النبل. واحدته: نشابة، والنشاب: صانع النشاب "ج" نشابة. 2 الخرق: الثقب في الحائط وغيره "ج" خروق. 3 راجع: تاريخ خليفة "ص/ 275"، وتاريخ الطبري "7/ 505-507"، وتاريخ الأثير "5/ 506-509"، والبداية "1/ 75-77"، والنجوم الزاهرة "1/ 436-437".

وَأَنْ يَنْزِلَ الرَّيَّ، فَفَعَلَ، وَبَلَغَ الْمَنْصُورَ أَنَّ أَمِيرَ خُرَاسَانَ عَبْدَ الْجَبَّارِ الأَزْدِيَّ يَقْتُلُ رُؤَسَاءَ الْخُرَاسَانِيِّينَ، فَقَالَ لِأَبِي أَيُّوبَ الْخُوزِيِّ: إِنَّ هَذَا قد أفنى شيعتنا ولم نفعل هَذَا إِلا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْلَعَ الطَّاعَةَ. فَقَالَ: اكْتُبْ إِلَيْهِ أَنَّكَ تُرِيدُ غَزْوَ الرُّومِ فَلْيُوَجِّهْ إِلَيْكَ الْجُنْدَ وَالْفُرْسَانَ، فَإِذَا خَرَجُوا بَعَثْتَ إِلَيْهِ مَنْ شِئْتَ، فَلَيْسَ بِهِ امْتِنَاعٌ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فَكَانَ جَوَابُهُ أَنَّ التُّرْكَ قَدْ جَاشَتْ، وَإِنْ فُرِّقَتِ الْجُنُودُ ذَهَبَتْ خُرَاسَانُ، فَكَتَبَ الْمَنْصُورُ إِلَيْهِ بِمَشُورَةِ أَبِي أَيُّوبَ: إِنَّ خُرَاسَانَ أَهَمُّ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنِّي مُوَجِّهٌ إِلَيْكَ جَيْشًا مَدَدًا مِنْ عِنْدِي، يُرِيدُ الْمَنْصُورُ بِهَذَا أَنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ إِنْ هَمَّ بِالْخُرُوجِ وَثَبُوا عَلَيْهِ، فَكَانَ جَوَابُهُ: إِنَّ خُرَاسَانَ مُجْدِبَةٌ وَأَخَافُ مِنَ الْغَلاءِ عَلَى الْجُنْدِ. فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ الْمَنْصُورُ: هَذَا رَجُلٌ قَدْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ وَقَدْ خَلَعَ فَلا تُنَاظِرْهُ، فَوَجِّهْ إِلَيْهِ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ. قال: فجهر الْمَهْدِيُّ مِنَ الرَّيِّ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ لِحَرْبِهِ مَقْدِمَةً، ثُمَّ سَارَ الْمَهْدِيُّ إِلَى أَنْ قَدِمَ نَيْسَابُورَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ مَرْوَ الرُّوذِ سَارُوا إِلَى عَبْدِ الْجَبَّارِ فَقَاتَلُوهُ فَهَزَمُوهُ، فَالْتَجَأَ إِلَى مَكَانٍ، فَعَبَرَ إِلَيْهِ الْمُجَشِّرُ بْنُ مُزَاحِمٍ بجند مرو الروذ فأسره، ثم أتى به خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ فَأَلْبَسَهُ عَبَاءَةً وَأَرْكَبَهُ بَعِيرًا مَقْلُوبًا وَسَيَّرَهُ إِلَى الْمَنْصُورِ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَوْلادِهِ، فَبَسَطَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ، وَاسْتَخْرَجَ مِنْهُمُ الأَمْوَالَ، ثُمَّ قَتَلَ عَبْدَ الْجَبَّارِ وَسَيَّرَ أَوْلادَهُ إِلَى جَزِيرَةِ دَهْلَكٍ بِبَحْرِ الْيَمَنِ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهَا حَتَّى أَغَارَتِ الْهِنْدُ عَلَيْهِمْ فَأَسَرُوهُمْ وَنَجَا مِنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَدُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، فَجَاءَ فَكَتَبَ فِي الدِّيوَانِ وَبَقِيَ بِمِصْرَ حَيًّا إِلَى سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَفِيهَا انْتَهَى بِنَاءُ مَدِينَةِ الْمِصِّيصَةِ بِتَوَلِّي جِبْرِيلَ بْنِ يَحْيَى الْخُرَاسَانِيِّ. وَفِيهَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ طَبَرِسْتَانَ وَغَنِمُوا غَنَائِمَ عَظِيمَةً بَعْدَ حُرُوبٍ جَرَتْ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. ثُمَّ وَلِيَ الْمَدِينَةَ محمد بن خالد بن عبيد اللَّهِ الْقَسْرِيُّ، وَوَلِيَ مَكَّةَ الْهَيْثَمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعَتَكِيُّ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَمِيرُ الشَّامِ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيُّ. وَفِيهَا اسْتَنَابَ الْمَهْدِيُّ عَنْهُ عَلَى خراسان الأمير أسد بن عبد الله.

أحداث سنة اثنتين وأربعين ومائة

أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ أَسْلَمُ الْمِنْقَرِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْقَصَّابُ، وَالْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيُّ، وَأَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ الْخَوْلانِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ فِي قَوْلٍ. وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَسَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلٍ، وَالأَمِيرُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ بِخُلْفٍ، وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ الْمُعْتَزِلِيُّ فِيهَا أَوْ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْكُوفِيُّ، وَهَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ. وَفِيهَا نَزَعَ الطَّاعَةَ مُتَوَلِّي السِّنْدِ عُيَيْنَةُ بْنُ مُوسَى بْنِ كَعْبٍ فَخَرَجَ الْمَنْصُورُ بِالْجَيْشِ فَنَزَلَ الْبَصْرَةَ وَجَهَّزَ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الْعَتَكِيُّ مُحَارِبًا وَمُتَوَلِّيًا عَلَى السِّنْدِ وَالْهِنْدِ فَسَارَ حَتَّى غَلَبَ عَلَى السِّنْدِ وَاسْتَوْثَقَ لَهُ الأَمْرُ. وَفِيهَا نَقَضَ إِصْبَهَبْذُ طَبَرِسْتَانَ وَقَتَلَ مَنْ بِبِلادِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَانْتُدِبَ لَهُ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَرَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ وَأَبُو الْخَصِيبِ مَرْزُوقٌ مَوْلَى الْمَنْصُورِ, فَحَاصَرُوهُ فِي قَلْعَتِهِ وَطَالَ الْحِصَارُ وَلَمْ يزالوا إلى أَنِ احْتَالَ مَرْزُوقٌ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: اضْرِبُونِي وَاحْلِقُوا رَأْسِي وَلِحْيَتِي فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَلَحِقَ بِالإِصْبَهَبْذِ فَفَتَحَ فَدَخَلَ إِلَيْهِ: فَقَالَ: إِنَّمَا فَعَلُوا بِي مَا رَأَيْتَ تُهْمَةً مِنْهُمْ لِي بِأَنَّ هَوَايَ مَعَكَ, وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّهُ عَلَى عَوْرَةِ الْعَسْكَرِ، فَوَثِقَ بِهِ وَقَرَّبَهُ. وَكَانَ بَابُ قَلْعَتِهِ حَجَرًا، فَلَمْ يَزَلْ يُظْهِرْ لَهُ النَّصِيحَةَ وَالإِصْبَهَبْذُ يغتر إِلَى أَنْ صَيَّرَهُ أَحَدَ مَنْ يَتَوَلَّى الْبَابَ فَرَأَى مِنْهُ مَا يُحِبُّ: ثُمَّ نَفَّذَ مَرْزُوقٌ إِلَى الْعَسْكَرِ فِي نَشَّابَةٍ وَوَعَدَهُمْ لَيْلَةً مُعَيَّنَةً فِي فَتْحِ بَابِ الْحِصْنِ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ، وَدَخَلُوا وَقَتَلُوا الْمُقَاتِلَةَ وَسَبُوا2 الْحَرِيمَ، فَمَصَّ الإِصْبَهَبْذُ سُمًّا فِي خَاتَمِهِ فَهَلَكَ مِنْ جُمْلَةِ السَّبْيِ شَكْلَةُ وَالِدَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ مِنْ بَنَاتِ الأُمَرَاءِ وَوَالِدَةُ مَنْصُورِ بْنِ الْمَهْدِيِّ الْمَعْرُوفَةِ بِالْخَيِّرَةِ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنِ إمرأة مِصْرَ نَوْفَلُ بْنُ الْفُرَاتِ بِمُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، ثُمَّ عُزِلَ مُحَمَّدٌ وَأُعِيدَ نَوْفَلٌ ثُمَّ عُزِلَ ثانيًا فوليها حميد بن قحطبة.

_ 1 وراجع: تاريخ خليفة "ص/ 275"، وتاريخ الطبري "7/ 512-515"، وتاريخ ابن الأثير "5/ 510-512"، والبداية والنهاية "10/ 79-80"، وصحيح التوثيق "6/ 43-44". 2 وسبوا الحريم: يعني أسروهم.

وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ. وَقِيلَ: فِيهَا اسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ أَخَاهُ عَبَّاسًا عَلَى بِلادِ الْجَزِيرَةِ وَالثَّغْرِ. وَفِيهَا كَانَ تَوَثُّبُ الْعَبِيدِ بِالْبَصْرَةِ فَانْتُدِبَ لَهُمْ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ فَقَتَلَهُمْ. وَفِيهَا وَلِيَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةِ الْبَحْرَ فَنَزَلَ مَدِينَةَ قَيْسٍ، وَهِيَ جَزِيرَةٌ فِي الْبَحْرِ، فَجَاءَتْهُ مَرَاكِبُ الْهُنُودِ فَلَمْ يخرج إليهم، فخرج ابنه فقتل وَقُتِلَ مَعَهُ طَائِفَةٌ، ثُمَّ هَرَبَ مُحَمَّدٌ مِنْهَا فدخلها العدو فخربوها. قال خليفة بن خياط1: فَهِيَ خَرَابٌ إِلَى الْيَوْمِ. قُلْتُ: هِيَ الْيَوْمُ عَامِرَةٌ يُسَافِرُ إِلَيْهَا التُّجَّارُ وَهِيَ جَزِيرَةُ كَيْشٍ كذا ينطقون بها.

_ 1 تاريخ خليفة بن خياط "ص/ 419"، "حوادث سنة 141هـ".

أحداث سنة ثلاث وأربعين ومائة

أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَحُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَافِرِيُّ، وَخَطَّابُ بْنُ صَالِحٍ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْمُونَ الْمَدَنِيُّ بِمِصْرَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ. وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ فِي قَوْلٍ، وَمُطَرِّفُ بْنِ طَرِيفٍ فِي قَوْلٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ. وَفِيهَا سَارَ أَبُو الأَحْوَصِ الْعَبْدِيُّ فِي سِتَّةِ آلافِ فَارِسٍ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَفْرِيقِيَّةِ فَنَزَلَ بَرْقَةَ ثُمَّ الْتَقَى هُوَ وَأَبُو الْخَطَّابِ الإِبَاضِيُّ فَانْهَزَمَ أَبُو الأَحْوَصِ، فَسَارَ أَمِيرُ مِصْرَ بِنَفْسِهِ وَجُيُوشُهُ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ فَالْتَقَى هُوَ وَالإِبَاضِيَّةُ فَقُتِلَ فِي الْمَصَافِّ أَبُو الْخَطَّابِ، وَانْهَزَمُوا2. وَفِيهَا بَلَغَ الْمَنْصُورُ أَنَّ الدَّيْلَمَ قَدْ أَوْقَعُوا بِالْمُسْلِمِينَ وقتلوا مِنْهُمْ خَلائِقَ فَنَدَبَ3 النَّاسَ لِلْجِهَادِ4.

_ 1 وانظر: تاريخ الطبري "7/ 515"، وابن الأثير "5/ 510-512"، وتاريخ خليفة "ص/ 275"، والبداية "10/ 79-80". 2 تاريخ خليفة "420". 3 فندب الناس ... يعني دعى الناس. 4 تاريخ الطبري "7/ 515".

وَفِيهَا عُزِلَ الْهَيْثَمُ عَنْ مَكَّةَ بِالسَّرِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْعَبَّاسِيِّ فَأُتِيَ بِكِتَابٍ عَهِدَهُ وَهُوَ فِي الْيَمَامَةِ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنْ مِصْرَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ وَأُعِيدَ نَوْفَلٌ ثَالِثًا، ثُمَّ عُزِلَ نَوْفَلٌ وَوَلِيَهَا يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ الأَزْدِيُّ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ أَمِيرُ الْكُوفَةِ. وَفِي هَذَا الْعَصْرِ شَرَعَ عُلَمَاءُ الإِسْلامِ فِي تَدْوِينِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ، فَصَنَّفَ ابْنُ جُرَيْجٍ التَّصَانِيفَ بِمَكَّةَ، وَصَنَّفَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَغَيْرُهُمَا بِالْبَصْرَةِ، وَصَنَّفَ الأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ، وَصَنَّفَ مَالِكٌ الْمُوَطَّأَ بِالْمَدِينَةِ، وَصَنَّفَ ابْنُ إِسْحَاقَ الْمُغَازِيُّ، وَصَنَّفَ مَعْمَرٌ بِالْيَمَنِ، وَصَنَّفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ الْفِقْهَ وَالرَّأْيَ بِالْكُوفَةِ، وَصَنَّفَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ كِتَابَ "الْجَامِعِ"، ثُمَّ بَعْدَ يَسِيرٍ صَنَّفَ هُشَيْمٌ كُتُبَهُ، وَصَنَّفَ اللَّيْثُ بِمِصْرَ وَابْنُ لَهِيعَةَ ثُمَّ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو يُوسُفَ وابْنُ وَهْبٍ. وَكَثُرَ تَدْوِينُ الْعِلْمِ وَتَبْوِيبُهُ، وَدُوِّنَتْ كُتُبُ الْعَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ وَالتَّارِيخِ وَأَيَّامُ النَّاسِ. وَقَبْلَ هَذَا الْعَصْرِ كَانَ سَائِرُ الأَئِمَّةِ يَتَكَلَّمُونَ عَنْ حِفْظِهِمْ أَوْ يَرْوُونَ الْعِلْمَ مِنْ صُحُفٍ صَحِيحَةٍ غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ. فَسَهُلَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ تَنَاوُلُ الْعِلْمِ، وَأَخَذَ الحفظ يتناقص، فلله الأمر كله.

أحداث سنة أربع وأربعين ومائة

أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ فِي قَوْلٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِلَسْطِينِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ، وَسَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ. وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِي قَوْلٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ فِي قَوْلٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ الْمَدَنِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ الْفَقِيهُ. وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ الأَيْلِيُّ. وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ السَّمْحِ الْفَقِيهُ بِمِصْرَ. وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فِي قَوْلٍ. ومجالد بن سَعِيد. وَهِلالُ بْنُ حُبَابٍ. وَوَاصِلُ بْنُ السَّائِبِ الرَّقَاشِيُّ. وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الدِّمَشْقِيُّ. وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّفَّاحِ الدَّيْلَمَ بِجَيْشِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وواسط والجزيرة.

_ 1 وراجع: تاريخ الطبري "7/ 517-552"، وتاريخ خليفة ص/ 276"، والنجوم الزاهرة "1/ 446"، والبداية "10/ 80"، وصحيح التوثيق "6/ 45".

وَفِيهَا قَدِمَ الْمَهْدِيُّ مِنْ خُرَاسَانَ فَدَخَلَ بِابْنَةِ عَمِّهِ رَيْطَةَ بِنْتِ السَّفَّاحِ. وَفِيهَا حَجَّ الْمَنْصُورُ وَخَلَفَ عَلَى الْعَسَاكِرِ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ فَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ الْمُرِّيَّ وَعَزَلَ مُحَمَّدًا الْقَسْرِيَّ. وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ أَهَمَّهُ شَأْنُ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِتَخَلُّفِهِمَا عَنِ الْحُضُورِ عِنْدَهُ مَعَ الأَشْرَافِ، فَقِيلَ: إِنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ أَنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا حَجَّ فِي حَيَاةِ أَخِيهِ السَّفَّاحِ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ لَهُ لَيْلَةَ اشْتَوَرَ بَنُو هَاشِمٍ بِمَكَّةَ فِيمَنْ يَعْقِدُونَ لَهُ الْخِلافَةَ حِينَ اضْطَرَبَ أَمْرُ بَنِي أُمَيَّةَ فَسَأَلَ الْمَنْصُورُ زِيَادًا مُتَوَلِّي الْمَدِينَةَ عَنِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. فَقَالَ: مَا يَهِمُّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَمْرِهِمَا أَنَا آتِيكَ بِهِمَا، فَضَمَّنَهُ إِيَّاهُمَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ. قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ الْمَنْصُورُ لَمْ يَكُنْ هَمُّهُ إِلا طَلَبَ محمد والمسألة عنه بكل طريق، فدعا بني هَاشِمٍ وَاحِدًا وَاحِدًا كُلُّهُمْ يُخْلِيهِ وَيَسْأَلُهُ عَنْهُ فَيَقُولُونَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمَ أَنَّكَ قَدْ عَرَفْتَهُ بِطَلَبِ هَذَا الشَّأْنِ قَبْلَ الْيَوْمِ فَهُوَ يَخَافُكَ وَهُوَ الآنَ لا يُرِيدُ لَكَ خِلافًا وَلا مَعْصِيَةً. وَأَمَّا حَسَنُ بْنُ زَيْدٍ فَأَخْبَرَهُ بِأَمْرِهِ وَقَالَ: لا آمَنُ أَنْ يَخْرُجَ. فَذَكَرَ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ أَنَّ الْمَنْصُورَ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْ رَقِيقِ الأَعْرَابِ فَكَانَ يُعْطِي الرَّجُلَ مِنْهُمُ الْبَعِيرَ وَالْبَعِيرَيْنِ وَفَرَّقَهُمْ فِي طَلَبِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بأطرف الْمَدِينَةِ يَتَجَسَّسُونَ أَمْرَهُ وَهُوَ مُخْتَفٍ. وَذَكَرَ السِّنْدِيُّ مَوْلَى الْمَنْصُورِ قَالَ: رَفَعَ عُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الأَزْدِيُّ عِنْدَ الْمَنْصُورِ وَاقِعَةً وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ حَفْصٍ أَوْفَدَ مِنَ السِّنْدِ وَفْدًا فِيهِمْ عُقْبَةُ فَأَعْجَبَ الْمَنْصُورَ هَيْئَتُهُ فَاسْتَخْلَى بِهِ وَقَالَ: إِنِّي لأَرَى لَكَ هَيْئَةً وَمَوْضِعًا وَإِنِّي لَأُرِيدُكَ لِأَمْرٍ وَأَنَا بِهِ مُعَنًّى لَمْ أَزَلْ أَرْتَادُ لَهُ رَجُلا عَسَى أَنْ تَكُونَ، فَإِنْ كَفَيْتَنِيهِ رَفَعْتُكَ. فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ أُصَدِّقَ ظَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيَّ. قَالَ: فَاخْفِ شَخْصَكَ وَاسْتُرْ أَمْرَكَ وأتني يَوْمَ كَذَا، فَأَتَاهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ. فَقَالَ له: إن بني عمنا هؤلاء قد أبو إِلا كَيْدًا لِمُلْكِنَا وَاغْتِيَالا لَهُ وَلَهُمْ شِيَعَةٌ بِخُرَاسَانَ بِقَرْيَةِ كَذَا يُكَاتِبُونَهُمْ وَيُرْسِلُونَ إِلَيْهِمْ بِصَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ فَاخْرُجْ إِلَيْهِمْ بِكِسْوَةٍ وَأَلْطَافٍ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ بكتاب مبتكر تكتبه عن أهل هذه الْقَرْيَةِ، ثُمَّ تَسِيرُ إِلَى بِلادِهِمْ فَإِنْ كَانُوا قَدْ نَزَعُوا عَنْ رَأْيِهِمْ فَأَحبِبْ وَاللَّهِ بِهِمْ وَأَقْرِبْ وَإِنْ كَانُوا عَلَى رَأْيِهِمْ عَلِمْتُ ذَلِكَ وكنت حذر على فَاشْخَصْ حَتَّى تلقَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ مُتَقَشِّفًا مُتَخَشِّعًا فَإِنْ جَبَهَكَ

-وَهُوَ فَاعِلٌ- فَاصْبِرْ حَتَّى يَأْنَسَ بِكَ وَيُلِينُ لَكَ نَاحِيَتَهُ. فَإِذَا ظَهَرَ لَكَ مَا فِي قَلْبِهِ فَاعْجَلْ عَلَيَّ. قَالَ: فَشَخَصَ عُقْبَةُ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَلَقِيَهُ بِالْكِتَابِ فَأَنْكَرَهُ وَانْتَهَرَهُ وَقَالَ: مَا أَعْرِفُ هَؤُلاءِ، فَلَمْ يَزَلْ يَنْصَرِفْ وَيَعُودُ إِلَيْهِ حَتَّى قَبِلَ الْكِتَابَ وَأَلْطَافَهُ وَأَنِسَ بِهِ فَسَأَلَهُ عُقْبَةُ الْجَوَابَ. فَقَالَ: أَمَّا الْكِتَابُ فَإِنِّي لا أَكْتُبُ إِلَى أَحَدٍ، وَلَكِنْ أَنْتَ كِتَابِي إِلَيْهِمْ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ ابْنَيَّ خَارِجَانِ لِوَقْتِ كَذَا وَكَذَا. فَأَسْرَعَ عُقْبَةُ بِهَذَا إِلَى الْمَنْصُورِ. وَقِيلَ: كَانَ مُحَمَّدٌ وَإِبْرَاهِيمُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ مَنْهُومَيْنِ بِالصَّيْدِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: قَدِمَ مُحَمَّدٌ الْبَصْرَةِ مُخْتَفِيًا فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا فَأَتَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَهْلَكْتَنِي وَشَهَّرْتَنِي فَانْزِلْ عِنْدِي وَفَرِّقْ أَصْحَابَكَ، فَأَبَى عَلَيْهِ فَقَالَ: أَنْزِلْ فِي بَنِي رَاسِفٍ، فَفَعَلَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَقَامَ مُحَمَّدٌ يَدْعُو النَّاسَ سِرًّا. وَقِيلَ: نَزَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ الْمُرِّيِّ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَسَارَ الْمَنْصُورُ حَتَّى نَزَلَ الْجِسْرَ. وَكَانَ الْمَنْصُورُ لَمَّا حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ أَكْرَمَ عَبْدَ اللَّهِ بن الحسن, ثم قال لعقبة: تراآى لَهُ, ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ عَلِمْتُ مَا أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعُهُودِ أَنْ لا تَبْغِيَ سُوءًا. قَالَ. فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ، فَاسْتَدَارَ لَهُ عُقْبَةُ حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَأَتَاهُ مِنْ وَرَائِهِ فَغَمَزَهُ بِأَصْبُعَيْهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ بَغْتَةً فَمَلأَ عَيْنَهُ مِنْهُ فَوَثَبَ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَنْصُورِ، فَقَالَ: أَقِلْنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَقَالَكَ اللَّهُ. قَالَ: لا أَقَالَنِي اللَّهُ إِنْ أَقَلْتُكَ ثُمَّ سَجَنَهُ. وَجَاءَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ الْمَنْصُورَ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: أَرَى ابْنَيْكَ قَدِ اسْتَوْحَشَا مِنِّي وَإِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَأْنَسَا بِي وَأَنْ يَأْتِيَانِي فَأُخْلِطُهُمَا بِنَفْسِي، فَقَالَ: وَحَقِّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ما لي بهما وَلا بِمَوْضِعِهِمَا وَلَقَدْ خَرَجَا عَنْ يَدِي فَبَقِيَ فِي سِجْنِ الْمَنْصُورِ ثَلاثَةَ أَعْوَامٍ. وَقِيلَ: إِنَّ مُحَمَّدًا وَإِبْرَاهِيمَ هَمَّا بِاغْتِيَالِ الْمَنْصُورِ بِمَكَّةَ وَوَاطَأَهُمَا قَائِدٌ كَبِيرٌ مِنْ قُوَّادِهِ فَنُمِيَ الْخَبَرُ إِلَى الْمَنْصُورِ، فَاحْتَرَزَ وَطَلَبَ الْقَائِدَ فَهَرَبَ، وَأَقْبَلَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ يُلِحُّ فِي طَلَبِ مُحَمَّدٍ حَتَّى أَعْيَاهُ وَجَعَلَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُدَافِعُ عَنْ مُحَمَّدٍ، فَقَبَضَ

الْمَنْصُورُ عَلَى زِيَادٍ وَاسْتَأْصَلَ أَمْوَالَهُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدٍ الْقَسْرِيَّ وَأَمَرَهُ بِبَذْلِ الأَمْوَالِ فِي طَلَبِ مُحَمَّدٍ وَأَخِيهِ، فَبَذَلَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا وَلا قَدِرَ عَلَيْهِمَا فَاتَّهَمَهُ الْمَنْصُورُ، فَعَزَلَهُ، وَوَلَّى رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ الْمُرِّيَّ، فَدَعَا الْقَسْرِيَّ فَسَأَلَهُ عَنِ الأَمْوَالِ، فَقَالَ: هَذَا كَاتِبِي وهو أعلم بها فقال: أسألك وتحليني عَلَى كَاتِبِكَ: فَأَمَرَ بِهِ رِيَاحٌ فُوجِئَتْ عُنُقُهُ وَضُرِبَ أَسْوَاطًا ثُمَّ بُسِطَ الْعَذَابُ عَلَى كَاتِبِهِ وَعَلَى مَوْلاهُ فَأَسْرَفَ وَجَدَّ فِي طَلَبِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِي شِعَبٍ مِنْ شِعَابِ رَضْوَى وَهُوَ جَبَلُ جُهَيْنَةَ مِنْ أَعْمَالِ يَنْبُعَ. قَالَ: فَاسْتَعْمَلَ عَلَى يَنْبُعَ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ الْجُهَنِيَّ وَأَمَرَهُ بِتَطَلُّبِ مُحَمَّدٍ، فَخَرَجَ عَمْرٌو إِلَيْهِ لَيْلَةً بِالرِّجَالِ فَفَزِعَ مُحَمَّدٌ وَفَرَّ مِنْهُمْ، فَانْفَلَتَ، وَلَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ، وُلِدَ لَهُ هُنَاكَ مِنْ جَارِيَةٍ فَوَقَعَ الطِّفْلُ مِنَ الْجَبَلِ مِنْ يَدِ أُمِّهِ فَتَقَطَّعَ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مُنْخَرِقُ السِّرْبَالِ يَشْكُو الْوَجَى ... تَنْكُبُهُ أَطْرَافُ مَرْوٍ حِدَادْ شَرَّدَهُ الْخَوْفُ وَأَزْرَى بِهِ ... كَذَاكَ مَنْ يَكْرَهُ حَرَّ الْجِلادْ قَدْ كَانَ فِي الْمَوْتِ لَهُ رَاحَةٌ ... وَالْمَوْتُ حَتْمٌ فِي رِقَابِ الْعِبَادْ فَلَمَّا طَالَ أمْرُ الأَخَوَيْنِ عَلَى الْمَنْصُورِ أَمَرَ رِيَاحًا بِأَخْذِ بَنِي حَسَنٍ وَحَبْسِهِمْ، فَأَخَذَ حَسَنًا وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ حَسَنٍ بْنِ حَسَنٍ, وَحَسَنَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، وَسُلَيْمَانَ وَعَبْدَ اللَّهِ ابْنَيْ دَاوُدَ بْنَ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، وَأَخَاهُ عَلِيًّا الْعَابِدَ، ثُمَّ قَيَّدَهُمْ وَجَهَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسَبِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَخِيهِ فَسَبَّحَ النَّاسُ وَعَظَّمُوا مَا قَالَ، فَقَالَ رِيَاحٌ: أَلْصَقَ اللَّهُ بِوُجُوهِكُمُ الْهَوَانَ لأَكْتُبَنَّ إِلَى خَلِيفَتِكُمْ غِشَّكُمْ وَقِلَّةَ نُصْحِكُمْ، فَقَالُوا: لا سمع منك يا بن الْمَحْدُودَةِ1 وَبَادَرُوهُ يَرْمُونَهُ بِالْحَصَى، فَنَزَلَ وَاقْتَحَمَ دَارَ مَرْوَانَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ، فَحَفَّ بِهَا النَّاسُ فَرَمَوْهُ وَشَتَمُوهُ، ثُمَّ أَنَّهُمْ كَفُّوا، ثُمَّ إِنَّ آلَ حَسَنٍ حُمِلُوا فِي أَقْيَادِهِمْ إِلَى الْعِرَاقِ، وَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ وَهَمَّ يَخْرُجُ بِهِمْ مِنْ دَارِ مَرْوَانَ جَرَتْ دُمُوعُهُ عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لا تُحْفَظُ لِلَّهِ حُرْمَةٌ بَعْدَ هَؤُلاءِ، وَأُخِذَ مَعَهُمْ أَخُوهُمْ مِنْ أُمِّهِمْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتُ الْحُسَيْنِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَنَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ وَأَهْلَ بَيْتِهِ يَخْرُجُونَ مِنْ دَارِ مروان

_ 1 وفي تاريخ الطبري "7/ 537"، "لا نسمع منك يابن المحدود".

وَهُمْ فِي الْحَدِيدِ فَيُجْعَلُونَ فِي الْمَحَامِلِ عُرَاةً لَيْسَ تَحْتَهُمْ وِطَاءٌ1 وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ رَاهَقْتُ الاحْتِلامَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي -وَأُخِذَ مَعَهُمْ يَوْمَئِذٍ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ نَفْسٍ مِنْ جُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ، فَأَرَاهُمْ بِالرَّبَذَةِ مُلْتَفِّينَ فِي الشَّمْسِ- وَسُجِنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَوَافَى الْمَنْصُورَ الرَّبَذَةَ مُنْصَرِفًا مِنَ الْحَجِّ, فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ مِنَ الْمَنْصُورِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ فَامْتَنَعَ، ثُمَّ دَعَانِي الْمَنْصُورُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ عَمُّهُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ الْمَنْصُورُ: لا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ، أَيْنَ الْفَاسِقَانِ ابْنَا الْفَاسِقِ، فَقُلْتُ: هَلْ يَنْفَعُنِي الصِّدْقُ يا أمير المؤمنين؟ قال: وما ذاك؟ قلت: امرأتي طالق وعلي وإن كُنْتُ أَعْرِفُ مَكَانَهُمَا، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنِّي، وَأَقَمْتُ بَيْنَ الْعِقَابَيْنِ، فَضَرَبَنِي أَرَبَعَمِائَةِ سَوْطٍ، فَغَابَ عَقْلِي وَرُدِدْتُ إِلَى أَصْحَابِي، ثُمَّ أُحْضِرَ الدِّيبَاجُ وَهُوَ محمد بن بن عَبْدِ اللَّهِ الْعُثْمَانِيُّ فَسَأَلَهُ عَنْهُمَا فَحَلَفَ لَهُ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ، وَجَعَلَ فِي عُنُقِهِ غِلا فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْنَا وَقَدْ لَصَقَ قَمِيصَهُ عَلَى جِسْمِهِ مِنَ الدِّمَاءِ، ثُمَّ سُيِّر بِنَا إِلَى الْعِرَاقِ. فَأَوَّلُ مَنْ مَاتَ بِالْحَبْسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ أخوه حسن، ثُمَّ مَاتَ حسن بعده فصلى عَلَيْهِ الديباج، ثم مات الديباج فَقُطِعَ رَأْسُهُ وَأُرْسِلَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الشِّيعَةِ لِيَطُوفُوا بِهِ بِخُرَاسَانَ وَيْحِلُفوا أَنَّ هَذَا رَأْسُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوهِمُونَ النَّاسَ أَنَّهُ رَأْسُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن حسن الذي يَجِدُونَ فِي الْكُتُبِ خُرُوجَهُ فِيمَا زَعَمُوا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ. وَقِيلَ: لَمَّا أُتِيَ بِهِمُ الْمَنْصُورُ نَظَرَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَسَنٍ فَقَالَ: أَنْتَ الدِّيبَاجُ الأَصْفَرُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ قَتْلَةً مَا قُتلها أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ، ثُمَّ أَمَرَ بِاسْطُوَانَةٍ فَنُقِرَتْ، ثُمَّ أُدْخِلَ فِيهَا ثُمَّ شُدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ، وَكَانَ مُحَمَّدُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُورَةً. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ قَتَلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الدِّيبَاجَ وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَرَوَى عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ فِي الْحَبْسِ أَوْقَاتِ الصَّلاةِ إِلا بِأَجْزَاءٍ كان يقرؤها علي بن الحسن.

_ 1 الوطاء: المهاد الوطئ، والفراش اللين.

وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ أَمَرَ بِقَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ سِرًّا. وَقَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: سَمِعْتُ مَوْلًى لِبَنِي دَارِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِبَشِيرٍ الرَّحَّالِ: مَا تَسَرُّعُكَ إِلَى الْخُرُوجِ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: إِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيَّ بَعْدَ أَخْذِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ، فَأَتَيْتُهُ، فَأَمَرَنِي بِدُخُولِ بَيْتٍ فَدَخَلْتُهُ فَإِذَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ مَقْتُولا، فسقطت مغشيًا علي، فلما أَعْطَيْتُ اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لا يَخْتَلِفَ فِي أَمْرِهِ سَيْفَانِ إِلا وَكُنْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ لِلرَّسُولِ الَّذِي مَعِي مِنْ قِبَلِهِ: لا تُخْبِرُهُ بِمَا أَصَابَنِي فَيَقْتُلَنِي. وَيُقَالُ: إِنَّ الْمَنْصُورَ سَقَى السم غير واحد منهم.

أحداث سنة خمس وأربعين ومائة

أحداث سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَأَخُوهُ إِبْرَاهِيمُ قَتْلا، وَالأَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَأُنَيْسُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ ثَوْبَانَ، وَالْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ فِي سِجْنِ الْمَنْصُورِ، وَرُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ التَّمِيمِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْكُوفِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى عَفْرَةَ، وَعَمْرُو بْنُ ميمون بن مهران الجريري، محمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّيبَاجُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فِي قَوْلٍ، وَيَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ حَاجِبٍ الخراساني، ويحيى بن سعيد أبو حيان التميمي. وَفِيهَا بَالَغَ رِيَاحٌ وَالِي الْمَدِينَةِ فِي طَلَبِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ. فَعَزَمَ عَلَى الظُّهُورِ، فَدَخَلَ مَرَّةً الْمَدِينَةَ خُفْيَةً. فَعَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَابْنَ أَبِي ذِئْبٍ وَعَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ جَعْفَرٍ قَدْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: مَا تَنْتَظِرُ بِالْخُرُوجِ، وَاللَّهِ مَا نَجِدُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةَ أَشْأَمَ عَلَيْهَا مِنْكَ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ، أخْرُجْ وَحْدَكَ، فَكَانَ مِنْ قِصَّتِهِ أَنَّ رِيَاحًا طَلَبَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَبَنِي عَمِّهِ وَجَمَاعَةً مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ لَيْلَةً، قَالَ رَاوِي الْقِصَّةِ: إِنَّا لَعِنْدَهُ، إِذْ سَمِعْتُ التَّكْبِيرَ فَقَامَ رِيَاحٌ فَاخْتَفَى وَخَرَجْنَا نَحْنُ فَكَانَ ظُهُورُ مُحَمَّدٍ بِالْمَدِينَةِ فِي مِائَتَيْ رَجُلٍ وَخَمْسِينَ رَجُلا، فَمَرَّ بِالسُّوقِ ثُمَّ مَرَّ بِالسِّجْنِ، فَأَخْرَجَ مَنْ فِيهِ، وَدَخَلَ دَارَهُ وَأَتَى عَلَى حِمَارِهِ وَذَلِكَ في أول رجب، ثم أمر بِرِيَاحٍ وَابْنَيْ مُسْلِمٍ فَحُبِسُوا بَعْدَ أَنْ مَانَعَ أَصْحَابُ رِيَاحٍ بَعْضَ الشَّيْءِ. وَلَمَّا خَطَبَ مُحَمَّدٌ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى،

ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ كَانَ مَنْ أَمْرِ هَذَا الطَّاغِيَةِ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَعْفَرٍ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكُمْ مِنْ بِنَائِهِ الْقُبَّةَ الْخَضْرَاءَ الَّتِي بَنَاهَا مُعَانَدَةً لِلَّهِ فِي مُلْكِهِ وَتَصْغِيرًا لِكَعْبَةِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ حِينَ قَالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: 24] إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْقِيَامِ فِي هَذَا الدِّينِ أَبْنَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ قَدْ فَعَلُوا وَفَعَلُوا فَاحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا وَلا تُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا1. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: كَانَ الْمَنْصُورُ يَكْتُبُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن أحسن قُوَّادُهُ يَدْعُونَهُ إِلَى الظُّهُورِ وَيُخْبِرُونَهُ أَنَّهُمْ مَعَهُ فَكَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ: لَوِ الْتَقَيْنَا لَمَالَ إِلَيَّ القواد كلهم, وقد خرج معه مثل ابن عجلان وعبد الحميد بن جعفر. قال مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: خَرَجَ ابْنُ عَجْلانَ مَعَهُ فَلَمَّا قُتِلَ وَوَلِيَ الْمَدِينَةَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَتَوْهُ بِابْنِ عَجْلانَ فَكَلَّمَهُ جَعْفَرٌ كَلامًا شَدِيدًا وَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ الْكَذَّابِ وَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهِ. فلم ينطق إلا أنه حرك شفتيه، فقال مَنْ حَضَرَ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَقَالُوا: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، إِنَّ ابْنَ عَجْلانَ فَقِيهُ الْمَدِينَةِ وَعَابِدُهَا، وَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَيْهِ وَظَنَّ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي جَاءَتْ فِيهِ الرِّوَايَةُ، وَلَمْ يَزَالُوا يَرْغَبُونَ إِلَيْهِ حَتَّى تَرَكَهُ، وَلَزِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ضَيْعَةً لَهُ وَاعْتَزَلَ فِيهَا، وَخَرَجَ أَخَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يُقْتَلا، عَفَا عَنْهُمَا الْمَنْصُورُ. وَاخْتَفَى جَعْفَرٌ الصَّادِقُ وَذَهَبَ إِلَى مَالٍ لَهُ بِالْفَرْعِ مُعْتَزِلا لِلْفِتْنَةِ2 رَحِمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدًا اسْتَعْمَلَ عُمَّالَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنَ الْوُجُوهِ إِلا نَفَرٌ، مِنْهُمُ الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنْذِرٍ الْخُرَّمِيَّانِ، وَخُبَيْبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ مَالِكًا اسْتُفْتِيَ فِي الْخُرُوجِ مَعَ مُحَمَّدٍ, وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ فِي أعناقنا بيعة للمنصور، فقال: إنما بايعتم مكروهين وَلَيْسَ عَلَى مُكْرَهٍ يَمِينٌ، فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَى مُحَمَّدٍ وَلَزِمَ مَالِكٌ بَيْتَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ السجستاني: كان سفيان الثوري يَتَكَلَّمُ فِي عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ لِخُرُوجِهِ مَعَ مُحَمَّدٍ وَيَقُولُ: إِنْ مَرَّ بِكَ الْمَهْدِيُّ وَأَنْتَ فِي الْبَيْتِ فَلا تَخْرُجْ إِلَيْهِ حَتَّى يجتمع عليه الناس.

_ 1 راجع تاريخ الطبري "7/ 558". 2 يعني بالفتنة هنا: هذا البلاء أو الابتلاء، وفي القرآن الكريم يقول الله جل وعلا: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} .

وَذَكَرَ سُفْيَانُ صِفِّينَ فَقَالَ: مَا أَدْرِي أَخْطُأوا أَمْ أَصَابُوا. وَقِيلَ: أَرْسَلَ مُحَمَّدٌ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وقد شاخ ليبايعه فقال: يا ابن أَخِي، أَنْتَ وَاللَّهِ مَقْتُولٌ، كَيْفَ أُبَايِعُكَ؟ فَارْتَدَعَ النَّاسُ عَنْهُ قَلِيلا، فَأَتَتْهُ حَمَّادَةُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَتْ: يَا عَمِّ، إِنَّ إِخْوَتِي قَدْ أَسْرَعُوا إِلَى ابْنِ خَالِهِمْ فَلا تُثَبِّطْ عَنْهُ النَّاسَ فَيُقْتَلَ ابْنُ خَالِي وَإِخْوَتِي، فَأَبَى إِلا أَنْ يَنْهَى عَنْهُ، فَيُقَالُ: إِنَّهَا قَتَلَتْهُ، فَأَرَادَ مُحَمَّدٌ الصَّلاةَ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ: يُقْتَلُ أَبِي وَتُصَلِّي عَلَيْهِ، فَنَحَّاهُ الْحَرَسُ وَصَلَّى مُحَمَّدٌ. ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَعْمَلَ عَلَى مَكَّةَ الْحَسَنَ بْنَ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلَى الْيَمَنِ الْقَاسِمَ بْنَ إِسْحَاقَ، فَقُتِلَ الْقَاسِمُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الشَّامِ مُوسَى بْنَ عَبْدَةَ لِيَذْهَبَ إِلَيْهَا وَيَدْعُو إِلَى مُحَمَّدٍ, فَقُتِلَ مُحَمَّدٌ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ مُوسَى. وَكَانَ مُحَمَّدٌ شَدِيدَ الأَدَمَةِ1 جَسِيمًا فِيهِ تَمْتَمَةٌ2. وَرَوَى عَبَّاسُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُ قَالُوا: لَمَّا ظَهَرَ مُحَمَّدٌ قَالَ الْمَنْصُورُ لِإِخْوَتِهِ: إِنَّ هَذَا الأَحْمَقُ -يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ، وَكَانَ فِي سِجْنِهِ- لا يزال يطلع له الرأي الجيد فَادْخُلُوا عَلَيْهِ فَشَاوِرُوهُ وَلا تُعْلِمُوهُ أَنِّي أَمَرْتُكُمْ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ جَمِيعًا، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: لِأَمْرٍ مَا جِئْتُمْ وَمَا جَاءَ بِكُمْ جَمِيعًا وَقَدْ هَجَرْتُمُونِي مِنْ دَهْرٍ؟ قَالُوا: اسْتَأْذَنَّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَذِنَ لَنَا. قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ فَمَا الْخَبَرُ؟ قَالُوا: خرج مُحَمَّد. قال: فما ترون ابن سلامة صانعا، يعني المنصور، قَالُوا: لا نَدْرِي. قَالَ: إِنَّ الْبُخْلَ قَدْ قَتَلَهُ فَمُرُوهُ أَنْ يُخْرِجَ الأَمْوَالَ وَيُعْطِي الأَجْنَادَ فَإِنْ غَلَبَ فَمَا أَوْشَكَ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ مَالُهُ. قَالَ: وَجَهَّزَ الْمَنْصُورُ عِيسَى بْنَ مُوسَى لِحَرْبِ مُحَمَّدٍ وَكَتَبَ إِلَيْهِ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} إِلَى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 33-34] الآيَةَ. وَلَكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَذِمَّتُهُ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ إِنْ تُبْتَ وَرَجَعْتَ أُؤَمِّنُكَ وَجَمِيعَ أَهْلِ بَيْتِكَ وَأَفْعَلُ لَكَ وَأُعْطِيكَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَا سَأَلْتَ مِنَ الْحَوَائِجِ3، فَكَتَبَ جَوَابَهُ إِلَى الْمَنْصُورِ: مِنَ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ {طسم، تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ، نَتْلُوا عَلَيْكَ} إِلَى قَوْلِهِ {مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص: 1-5] وَأَنَا أَعْرِضُ عَلَيْكَ مِنَ الأَمَانِ مِثْلَ مَا عَرَضْتَ علي، فإن

_ 1 شديد الأدمة: يعني شديد السمرة فهو آدم. 2 يعني يتردد في الكلام ولا يكاد يفهم. 3 ولمزيد من البيان راجع: تاريخ الطبري "7/ 566".

الْحَقَّ حَقُّنَا، وَإِنَّمَا ادَّعَيْتُمْ هَذَا الأَمْرَ بِنَا، ثُمَّ ذَكَرَ شَرَفَهُ وَأُبُوَّتَهُ حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: فَأَنَا ابْنُ أَرْفَعِ النَّاسِ دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ، وَابْنُ أَهْوَنِهِمْ عَذَابًا فِي النَّارِ، وَأَنَا ابْنُ خَيْرِ الأَخْيَارِ، وَابْنُ خَيْرِ الأَشْرَارِ، وَابْنُ خَيْرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَابْنُ خَيْرِ أَهْلِ النَّارِ، وَأَنَا أَوْفَى بِالْعَهْدِ مِنْكَ لِأَنَّكَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَهْدِ وَالأَمَانِ مَا أَعْطَيْتَهُ رِجَالا قَبْلِي، فَأَيَّ الأَمَانَاتِ تُعْطِينِي! أَمَانُ ابْنِ هُبَيْرَةَ، أَمْ أَمَانُ عَمِّكَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، أَمْ أَمَانُ أَبِي مُسْلِمٍ. فَأَجَابَهُ الْمَنْصُورُ1: جَلَّ فَخَرَكَ بِقَرَابَةِ النِّسَاءِ، لِتَضِلَّ بِهِ الْغَوْغَاءُ، لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ النِّسَاءَ كَالْعُمُومَةِ بَلْ جَعَلَ الْعَمَّ أَبًا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ كَذَا فَأَمْرُهُ كَذَا, وَلَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ أَعْمَامٌ أَرْبَعَةٌ فَأَجَابَ اثْنَانِ، أَحَدُهُمَا أَبِي, وَأَبَى اثنان، أحدهم أَبُوكَ، فَقَطَعَ اللَّهُ وِلايَتَهُمَا مِنْهُ، وَلا يَنْبَغِي لَكَ وَلا لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَفْخَرَ بِأَهْلِ النَّارِ. وَفَخْرُكَ بِأَنَّكَ لَمْ تَلِدْكَ أَمَةٌ فَتَعَدَّيْتَ طَوْرَكَ وفخرت على من هو خير منك إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَمَا خِيَارُ بَنِي أَبِيكَ إِلا بَنُو إِمَاءٍ، مَا وُلِدَ فِيكُمْ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَهُوَ لأُمِّ وَلَدٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ جَدِّكَ، وَمَا كَانَ فِيكُمْ بَعْدَهُ مِثْلُ ابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَدَّتُهُ أَمُّ وَلَدٍ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِيكَ، وَلا مِثْلُ ابْنِهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنَّكُمْ بَنُو رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] وَلَكِنَّكُمْ بَنُو ابْنَتِهِ، وَأَمَّا مَا فَخَرْتَ بِهِ مِنْ عَلِيٍّ، وَسَابِقَتِهِ، فَقَدْ حَضَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ الْوَفَاةُ فَأَمَّرَ غَيْرَهُ بِالصَّلاةِ، ثُمَّ أَخَذَ الناس رجل بعد رجل فلم يأخذوه، كان فِي سِتَّةِ أَهْلِ الشُّورَى فَتَرَكُوهُ، ثُمَّ قُتِلَ عُثْمَانُ وَهُوَ بِهِ مُتَّهمٌ، وَقَاتَلَهُ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، وَأَبَى سَعْدٌ بَيْعَتَهُ وَأَغْلَقَ دُونَهُ بَابَهُ، ثُمَّ طَلَبَهَا بِكُلِّ وَجْهٍ، وَقَاتَلَ عَلَيْهَا، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ عَسْكَرُهُ، وَشَكَّ فِيهِ شِيعَتُهُ قَبْلَ الْحُكُومَةِ، ثُمَّ حَكَّمَ حَكَمَيْنِ رَضِيَ بِهِمَا وَأَعْطَاهُمَا عَهْدَهُ وَمِيثَاقَهُ، فَاجْتَمَعَا عَلَى خَلْعِهِ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ حَسَنٌ فَبَاعَهَا مِنْ مُعَاوِيَةَ بِدَرَاهِمَ وَثِيَابٍ وَلَحِقَ بِالْحِجَازِ، وَأَسْلَمَ شِيعَتَهُ بِيَدِ مُعَاوِيَةَ وَدَفَعَ الأَمْرَ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، وَأَخَذَ مَالا مِنْ غَيْرِ وَلائِهِ2، فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فِيهَا شَيْءٌ فَقَدْ بِعْتُمُوهُ. ثم خرج الحسين بن عَلِيٍّ عَلَى ابْنِ مَرْجَانَةَ فَكَانَ النَّاسُ مَعَهُ عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلُوهُ, ثُمَّ خَرَجْتُمْ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَقَتَلُوكُمْ وَصَلَّبُوكُمْ حَتَّى قُتِلَ يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَلِيٍّ بِخُرَاسَانَ، وَقَتَلُوا رِجَالَكُمْ وَأَسَرُوا الصِّبْيَةَ وَالنِّسَاءَ، وَحَمَلُوكُمْ بِلا وِطَاءٍ فِي الْمَحَامِلِ إلى الشام حتى

_ 1 وانظر تاريخ ابن الأثير "5/ 538". 2 يعني عبيد الله بن زياد، وأمه مرجانة.

خَرَجْنَا عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ فَطَلَبْنَا بِثَأْرِكُمْ وَأَدْرَكْنَا بِدِمَائِكُمْ وَفَضَّلْنَا سَلَفَكُمْ فَاتَّخَذْتُمْ ذَلِكَ عَلَيْنَا حُجَّةً. وَظَنَنْتُ إِنَّمَا ذَكَرْنَا أَبَاكَ وَفَضَّلْنَاهُ لِلتَّقْدِمَةِ مِنَّا لَهُ عَلَى حَمْزَةَ وَالْعَبَّاسِ وَجَعْفَرٍ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَنْتُ، وَلَقَدْ خَرَجَ هَؤُلاءِ مِنَ الدُّنْيَا سَالِمِينَ، مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِمْ بِالْفَضْلِ، وَابْتُلِيَ أَبُوكُمْ بِالْقِتَالِ وَالْحَرْبِ، فَكَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ تَلْعَنُهُ كَمَا تَلْعَنُ الْكَفَرَةَ فِي الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَاحْتَجَجْنَا لَهُ وَذَكَرْنَا فَضْلَهُ –رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَكَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ أَخْرَجَ مِنَ السِّجْنِ بِالْمَدِينَةِ مُحَمَّدَ بْنَ خَالِدٍ الْقَسْرِيَّ, فَرَأَى الْقَسْرِيُّ أَنَّ الأَمْرَ ضَعِيفٌ، فَكَتَبَ إِلَى الْمَنْصُورِ فِي أَمْرِهِ، فَبَلَغَ مُحَمَّدًا فَحَبَسَهُ. قَالَ ابن عسار: ذَبَحَ ابْنُ حُضَيْرٍ أَحَدُ أَعْوَانِ مُحَمَّدٍ رِيَاحَ بْنَ عُثْمَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَأَمَّا ابْنُ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا مَضَى إِلَى مَكَّةَ كَانَ فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا وَسَبْعَةِ أَفْرَاسٍ فَقَاتَلَ السَّرِيَّ أَمِيرَ مَكَّةَ فَقُتِلَ سَبْعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ السَّرِيِّ، فَانْهَزَمَ السَّرِيُّ وَدَخَلَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ مَكَّةَ فَخَطَبَ وَنَعَى إليهم المنصور، ودعا لمحمد، ثم بعد أيام أتاه كتاب محمد يأمره باللحاق به، فجمع جموعًا تقدم بها على محمد، فَلَمَّا كَانَ بقَدِيدَ بَلَغَهُ مَصْرَعُ مُحَمَّدٍ فَانْهَزَمَ إلى البصرة فلحق بإبراهيم بن عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى قَتَلَ إِبْرَاهِيمَ. وَنَدَبَ الْمَنْصُورُ لقتال محمد ابن عَمِّهِ عِيسَى بْنِ مُوسَى وَقَالَ فِي نَفْسِهِ: لا أُبَالِي أَيُّهُمَا قَتَلَ صَاحِبَهُ، فَجَهَّزَ مَعَ عِيسَى أَرْبَعَةَ آلافِ فَارِسٍ، وَفِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ السَّفَّاحِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى "فَنْدَ" كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي خِرَقِ الْحَرِيرِ يَتَأَلَّفُهُمْ، فَتَفَرَّقَ عَنْ مُحَمَّدٍ خَلْقٌ، وَسَارَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِتَلَقِّي عيسى والتحيز إليه، فاستشار محمد بْنِ جَعْفَرٍ فَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِضَعْفِ جَمْعِكَ وَقِلَّتِهِمْ، وَبِقُوَّةِ خَصْمِكَ وَكَثْرَةِ جُنْدِهِ، وَالرَّأْيُ أَنْ تَلْحَقَ بِمِصْرَ، فَوَاللَّهِ لا يَرُدُّكَ عَنْهَا رَادٌّ فَيُقَاتِلُ الرَّجُلُ بِمِثْلِ رِجَالِهِ وَسِلاحِهِ، فَصَاحَ جُبَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "رَأَيْتُنِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ" 1. ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدًا اسْتَشَارَ: هل يخندق على نفسه،

_ 1 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في مسنده "1/ 271" من طريق سريج عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن الأعمى عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن عُتْبَة بن مسعود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يوم أحد فقال: "رأيت في سيفي ذي الفقار فلا، فأولته فلا يكون فيكم، ورأيت أني مردف كبشًا، فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة، فأولتها المدينة، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَبَقَرٌ والله خير، فكان الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 411".

فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ رَأْيُ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا تيَقَّنْ قُرْبَ عِيسَى بْنِ مُوسَى مِنْهُ، حَفَرَ خَنْدَقَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَحَفَرَ فِيهِ بِيَدِهِ تَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ عُثْمَانَ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: اجْتَمَعَ مَعَ مُحَمَّدٍ جَمْعٌ لَمْ أَرَ أَكْثَرَ مِنْهُ، إِنِّي لأَحْسَبُنَا قَدْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ، فَلَمَّا دنا منا عِيسَى خَطَبَنَا مُحَمَّدٌ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ قَرُبَ مِنْكُمْ فِي عَدَدٍ وَعُدَدٍ، وَقَدْ حَلَلْتُكُمْ مِنْ بَيْعَتِي، فَمَنْ أَحَبَّ فَلْيَنْصَرِفْ، قَالَ: فَتَسَلَّلُوا حَتَّى بَقِيَ فِي شِرْذِمَةٍ1. وَخَرَجَ النَّاسُ من المدينة بأولادهم إلى الأَعْوَصِ وَالْجِبَالِ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ عِيسَى، بَلْ جَهَّزَ خَمْسَمِائَةٍ إِلَى ذِي الْحَلِيفَةِ يُمْسِكُونَ طَرِيقَ مَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ، ثُمَّ رَاسَلَهُ يَدْعُوهُ إِلَى الطَّاعَةِ وَأَنَّ الْمَنْصُورَ قَدْ أَمَّنَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: إِيَّاكَ أَنْ يَقْتُلَكَ مَنْ يَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ فَتَكُونَ شَرَّ قَتِيلٍ، أَوْ تَقْتُلُهُ فَيَكُونَ أَعْظَمَ لِوِزْرِكَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عِيسَى: لَيْسَ بَيْنَنَا إِلا الْقِتَالُ، فَإِنْ أَبَيْتَ إِلا الْقِتَالَ نُقَاتِلُكَ عَلَى ما قاتل عليه خير آبائك، علي طلحة وَالزُّبَيْرُ عَلَى نَكْثِ بَيْعَتِهِمْ لَهُ2. وَعَنْ "مَاهَانَ" مولى قحطبة قال: لما سرنا إِلَى الْمَدِينَةِ أَتَانَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُصْعَبٍ طَلِيعَةً فَطَافَ بِعَسْكَرِنَا حَتَّى حَزَّرَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ عَنَّا فَرُعْبِنَا مِنْهُ، حَتَّى جَعَلَ عِيسَى وَحُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ يَقُولانِ: فَارِسٌ وَاحِدٌ يَكُونُ طَلِيعَةً لِأَصْحَابِهِ! فَلَمَّا كَانَ عَنَّا مَدَّ الْبَصَرَ نَظَرْنَا إِلَيْهِ مُقِيمًا لا يَزُولُ، فَقَالَ حُمَيْدٌ: وَيْحَكُمُ انْظُرُوا، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ فَارِسَيْنِ، فَوَجَدَا دَابَّتَهُ عَثُرَتْ بِهِ فَتَقَوَّسَ الْجَوْشَنُ فِي عُنُقِهِ فَقَتَلَهُ، فأخذ اسلبه وَرَجَعَا بِتَنُّورٍ مُذَهَّبٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ. قِيلَ كَانَ لِمُصْعَبٍ جَدَّهُ أَمِيرُ الْعِرَاقِ. ثُمَّ إِنَّ عِيسَى أَحَاطَ بِالْمَدِينَةِ فِي أَثْنَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ دَعَا مُحَمَّدٌ إِلَى الطَّاعَةِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ سَاقَ بِنَفْسِهِ فِي خَمْسِمِائَةٍ فَوَقَفَ بِقُرْبِ السُّورِ فَنَادَى: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ دِمَاءَ بَعْضِنَا عَلَى بَعْضٍ، فَهَلُمُّوا إِلَى الأَمَانِ، فَمَنْ جَاءَ إِلَيْنَا فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَهُ أَوِ الْمَسْجِدَ أَوْ أَلْقَى سِلاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَاحِبِنَا فَإِمَّا لَنَا وَإِمَّا لَهُ، قَالَ فَشَتَمُوهُ، فَانْصَرَفَ يَوْمَئِذٍ فَفَعَلَ مِنَ الْغَدِ كَذَلِكَ، ثُمَّ عَبَّأَ جَيْشَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَزَحَفَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ ظَهَرَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَلَمَّا الْتَحَمَ الْحَرْبُ نَادَى: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَنِي أَنْ لا أُقَاتِلَ حَتَّى أَعْرِضَ عَلَيْكَ الأَمَانَ، فَلَكَ الأَمَانُ عَلَى نَفْسِكَ وَمَنِ اتَّبَعَكَ، وَتُعْطَى مِنَ الْمَالِ كَذَا وَكَذَا، فَصَاحَ: أَلْهُ عَنْ هَذَا، فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لا يُثْنِينِي عَنْكُمْ فزع،

_ 1 انظر المصدر السابق في السير للمصنف. 2 راجع تاريخ الطبري "7/ 585"، وسير أعلام النبلاء "6/ 412".

ولايقربني مِنْكُمْ طَمَعٌ، ثُمَّ تَرَجَّلَ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ: فَإِنِّي لأَحْسَبُهُ قَتَلَ يَوْمَئِذٍ بِيَدِهِ سَبْعِينَ رَجُلا1. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: دَعَا عِيسَى عَشَرَةً مِنْ آلِ أَبِي طَالِبٍ مِنْهُمُ الْقَاسِمِ بْنُ حَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: فَجِئْنَا سُوقَ الْحَطَّابِينَ، فَدَعَوْنَاهُمْ فَسَبُونَا وَرَشَقُونَا بِالنَّبْلِ، وَقَالُوا: هَذَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَنَا وَنَحْنُ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُمُ الْقَاسِمُ: وَأَنَا ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ، وَأَكْثَرُ مَنْ ترَوْنَ مَعِي بَنُو رَسُولِ اللَّهِ، وَنَحْنُ نَدْعُوكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَحَقْنِ دِمَائِكُمْ، وَرَجَعْنَا، فَأَرْسَلَ عِيسَى حُمَيْدَ بْنَ قَحْطَبَةَ فِي مِائَةٍ2. وَجَعَلَ مُحَمَّدٌ سُتُورَ الْمَسْجِدَ دَرَائِعَ لِأَصْحَابِهِ، وَكَانَ مَعَ الأَفْطَسِ عَلَمٌ أَصْفَرُ فِيهِ صُورَةٌ حَيَّةٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ: كُنَّا يَوْمَئِذٍ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عِدَّةَ أَصْحَابِ بَدْرٍ، ثُمَّ لَقِينَا عِيسَى فَتَبَارَزَ جَمَاعَةٌ. وَعَنْ مَسْعُودٍ الرَّحَّالِ قَالَ: شَهِدْتُ مَقْتَلَ مُحَمَّدٍ بِالْمَدِينَةِ، فَإِنِّي لأَنْظُرُ إِلَيْهِمْ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ3، وَأَنَا مُشْرِفٌ مِنْ سَلْعٍ، إِذْ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ عِيسَى قَدْ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ فَدَعَا إِلَى الْبِرَازِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَاجِلٌ عَلَيْهِ قَبَاءُ أَبْيَضُ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ الْفَارِسُ، فَقَتَلَهُ الرَّاجِلُ وَرَجَعَ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِ عِيسَى، فَبَرَزَ لَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ بَرَزَ ثَالِثٌ فَقَتَلَهُ، فَاعْتَوَرَهُ أَصْحَابُ عِيسَى يَرْمُونَهُ، فَأَثْبَتُوهُ، فَأَسْرَعَ فَمَا وَصَلَ إِلَى أَصْحَابِهِ حَتَّى خَرَّ صَرِيعًا، وَدَامَ الْقِتَالُ مِنْ بَكْرَةٍ إِلَى الْعَصْرِ، وَطَمَّ أَصْحَابُ عِيسَى الْخَنْدَقَ، وَجَاءَتِ الْخَيْلُ، وَذَهَبَ مُحَمَّدٌ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، فَاغْتَسَلَ وَتَحَنَّطَ، ثُمَّ جَاءَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَقُلْتُ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَالَكَ بِمَا تَرَى طَاقَةٌ، فَاخْرُجْ تَلْحَقْ بِالْحَسَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِمَكَّةَ، فَإِنَّ مَعَهُ جُلَّ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ: لَوْ رُحْتُ لَقُتِلَ هَؤُلاءِ، فَوَاللَّهِ لا أَرْجِعُ حَتَّى أَقْتُلُ أَوْ أُقْتَلُ، وَأَنْتُ مِنِّي في سعة فاذهب حيث شئت4.

_ 1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 412". 2 تاريخ الطبري "7/ 587". 3 وقال ياقوت في معجم البلدان: أحجار الزيت: موضع بالمدينة قريب من الزوراء، وهو موضع صلاة الاستسقاء. وقال العمراني: أحجار الزيت: موضع بالمدينة داخلها. 4 تاريخ الطبري "7/ 589-591".

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: رَأَيْتُ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُمَشَّقَةٌ وَهُوَ عَلَى بِرْذَوْنٍ، وَابْنُ خُضَيْرٍ يُنَاشِدُهُ اللَّهَ إِلا مَضَى إِلَى الْبَصْرَةِ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: وَاللَّهِ لا تُبْلَوُنَّ بِي مَرَّتَيْنِ، وَلَكِنِ اذْهَبْ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ1. فَقَالَ: وَأَيْنَ الْمَذْهَبُ عَنْكَ؟ ثُمَّ مَضَى فَأَحْرَقَ الدِّيوَانَ وَقَتَلَ رِيَاحًا فِي الْحَبْسِ، ثُمَّ لَحِقَ مُحَمَّدًا بِالثَّنِيَّةِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَقِيلَ: قَتَلَ مَعَ رِيَاحٍ أَخَاهُ عَبَّاسَ بْنَ عُثْمَانَ، وَكَانَ مُسْتَقِيمَ الطَّرِيقَةِ، فَعَابَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى الْعَصْرَ وَعَرْقَبَ فَرَسَهُ، وَعَرْقَبَ بَنُو شُجَاعٍ دَوَابَّهُمْ، وَكَسَرُوا أَجْفَانَ سُيُوفِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ بَايَعْتُمُونِي وَلَسْتُ بِمُبَايِعٍ حَتَّى أُقتَلَ، ثُمَّ أَنَّهُ حَمَلَ وَهَزَمَ أَصْحَابَ عِيسَى مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ أَصْحَابُ عِيسَى مِنْ نَاحِيَةِ بَنِي غِفَارٍ، وَجَاءُوا مِنْ خَلْفِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَنَادَى مُحَمَّدٌ حُمَيْدَ بْنَ قَحْطَبَةَ: إِنْ كُنْتَ فَارِسًا فَابْرُزْ، فَلَمْ يبرزَ له، وجعل حميد يدعو بن خُضَيْرٍ إِلَى الأَمَانِ، وَيَشُحُّ بِهِ عَنِ الْمَوْتِ، وَهُوَ يَشُدُّ عَلَى النَّاسِ بِسَيْفِهِ مُتَرَجِّلا، وَخَالَطَ النَّاسَ، فَجَاءَتْهُ ضَرْبَةٌ عَلَى أَلْيَتِهِ، وَأُخْرَى عَلَى عَيْنِهِ فَخَرَّ، وَقَاتَلَ مُحَمَّدٌ عَلَى جُثَّتِهِ حَتَّى قُتِلَ، وَعَهِدَ الَّذِينَ دَخَلُوا الْمَدِينَةَ مِنْ نَاحِيَةِ بَنِي غِفَارٍ فَنَصَبُوا عَلَمًا أَسْوَدَ عَلَى الْمَنَارَةِ، وَدَخَلَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ فِي زُقَاقٍ أَشْجَعَ، فَهَجَمَ عَلَى مُحَمَّدٍ فَقَتَلَهُ وَهُوَ غَافِلٌ، وَأَخَذَ رَأْسَهُ، وَقَتَلَ مَعَهُ جَمَاعَةً. وَقِيلَ: جَاءَتْ مُحَمَّدًا ضَرْبَةٌ عَلَى أُذُنِهِ، فَبَرَكَ وَجَعَلَ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ بِسَيْفِهِ وَيَقُولُ: وَيْحَكُمْ إِنَّ نَبِيَّكُمْ مَظْلُومٌ، فنزل حميد فحز رأسه. وقيل: كان مُحَمَّدٍ سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذُو الْفَقَارِ2، فَقَدَّ النَّاسُ بِهِ، وَجَعَلَ لا يُقَارِبُهُ أَحَدٌ إِلا قَتَلَهُ، فَجَاءَهُ سَهْمٌ فَوَجَدَ الْمَوْتَ، فَكُسِرَ السَّيْفُ. وَرَوَى عَمْرٌو مَوْلَى الْمُتَوَكِّلِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَخْدِمُ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ، قَالَ: كَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ يَوْمَئِذٍ ذُو الْفَقَارِ، فلما أحسن الْمَوْتَ أَعْطَى السَّيْفَ رَجُلا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَالَ: خُذْ هَذَا السَّيْفَ فَإِنَّكَ لا تَلْقَى أَحَدًا مِنْ آلِ أَبِي طَالِبٍ إِلا أَخَذَهُ مِنْكَ وَأَعْطَاكَ حَقَّكَ، فَبَقِيَ السَّيْفُ عِنْدَهُ حَتَّى وَلِيَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدِينَةَ فأخبر عنه،

_ 1 وراجع تاريخ ابن الأثير "5/ 547". 2 سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذو الفقار: بفتح الفاء: سمي بذلك لأنه كانت فيه حفر صغار حسان، والسيف المفقر: الذي فيه حزوز مطمئنة عن متنه.

فَدَعَاهُ وَأَعْطَاهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَأَخَذَ السَّيْفَ، ثُمَّ صَارَ إِلَى مُوسَى فَجَرَّبَهُ عَلَى كَلْبٍ، فَانْقَطَعَ السَّيْفُ1. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَيْتُ الرَّشِيدَ بِطُوسَ مُتَّقلِدًا سَيْفًا فَقَالَ: أَلا أُرِيكَ ذَا الْفَقَارِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَسْلُلُ سَيْفِي هَذَا قَالَ: فَرَأَيْتُ فِيهِ ثَمَانِيَ عَشْرَة فَقَارَةَ. وَكَانَ مَصْرَعُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ فِي رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ هَذِهِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ ثَلاثًا وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: أَذِنَ عِيسَى فِي دَفْنِهِ، وَأَمَرَ بِأَصْحَابِهِ فَصُلِبُوا مَا بَيْنَ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى دَارِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقِيلَ: لَمَّا خَرَجَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَعَ مُحَمَّدٍ، كَانَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ يَنْهَاهُ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ مَعَ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ جَعْفَرٌ يَقُولُ لَهُ: هُوَ وَاللَّهِ مَقْتُولٌ. وَبَعَثَ عِيسَى بْنُ مُوسَى بِالرَّأْسِ إِلَى الْعِرَاقِ، ثُمَّ طِيفَ بِهِ فِي الْبُلْدَانِ، وَقَبَضَ عِيسَى عَلَى أَمْوَالِ بَنِي الْحَسَنِ. وَحَدَّثَ أَيُّوبُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: لَقِيَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رُدَّ عَلَيَّ قَطِيعَتِي عَيْنِ أَبِي زِيَادٍ آكُلُ مِنْهَا، قَالَ: إِيَّايَ تُكَلِّمُ هَذَا الْكَلامَ! وَاللَّهِ لَأُزْهِقَنَّ نَفْسَكَ. قَالَ: فَلا تَعْجَلْ عَلَيَّ، فَقَدْ بَلَغْتُ ثَلاثًا وَسِتيِّنَ سَنَةً، وَفِيهَا مَاتَ أَبِي وَجِدِّي وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِرْقَ لَهُ، فَلَمَّا مَاتَ الْمَنْصُورُ رَدَّ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَوْلادِ أَبِي جَعْفَرٍ عَيْنِ أَبِي زِيَادٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الزُّبَيْرِيُّ: لَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدٌ، مَضَى أَخُوهُ مُوسَى وَأَبِي وَأَنَا وَرَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَأَتَيْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ سِرْنَا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَدَخَلْنَاهَا لَيْلا، فَمُسِكْنَا وَأُرْسِلْنَا إِلَى الْمَنْصُورِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى أَبِي قَالَ: هِيهِ أَخَرَجْتَ مَعَ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِهِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِمُوسَى فَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ، ثُمَّ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِي، فَكَلَّمَهُ فِيَّ عَمُّهُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ وَقَالَ: ما

_ 1 راجع: تاريخ الطبري "7/ 596".

أَحْسَبُهُ بَلَغَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كُنْتُ غُلامًا تَبَعًا لِأَبِي، فَضُرِبْتُ خَمْسِينَ سَوْطًا، ثُمَّ حُبِسْتُ حَتَّى أَخْرَجَنِي الْمَهْدِيُّ. وَقِيلَ: بَلْ قَتَلَ عُثْمَانُ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ أَيْنَ الْمَالُ؟ قَالَ: دَفَعْتُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَسَبَّهُ، فَجَاوَبَهُ عُثْمَانُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ1. وَقِيلَ: قَالَ لَهُ: أَنْتَ الْخَارِجُ عَلَيَّ؟ قَالَ: بَايَعْتُ أَنَا وَأَنْتَ رَجُلا بِمَكَّةَ، فَوَفَّيْتُ أَنَا، وَغَدَرْتَ أَنْتَ. وَاسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الرَّبِيعِ الْحَارِثِيَّ، فَثَارَتْ عَلَيْهِ السُّودَانُ بِالْمَدِينَةِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ جُنْدِهِ انْتَهَبَ شَيْئًا مِنَ السُّوقِ، فَاجْتَمَعَ الرُّؤَسَاءُ إِلَى ابْنِ الرَّبِيعِ فَكَلَّمُوهُ، فَلَمْ يُنكِرْ وَلا غَيَّرَ، ثُمَّ اشْتَرَى جُنْدِيٌّ مِنْ لَحَّامٍ وَأَبَى أَنْ يُوَفِّيهِ الثَّمَنَ وَشَهَرَ سَيْفَهُ عَلَى اللَّحَّامِ، فَطَعَنَهُ اللَّحَّامُ بِشَفْرَتِهِ فِي خَاصِرَتِهِ فَسَقَطَ، فَتَنَادَى الْجَزَّارُونَ وَالسُّودَانُ عَلَى الْجُنْدِ وَهُمْ يَذْهَبُونَ إِلَى الْجُمْعَةِ، فَقَتَلُوهُمْ بِالْعُمُدِ، فَهَرَبَ ابْنُ الرَّبِيعِ بِاللَّيْلِ، وَهَذَا تَمَّ فِي آخِرِ الْعَامِ2. وكان رؤوس السُّودَانِ ثَلاثَةٌ: وَثِيقٌ وَيَعْقِلُ وَرَمَقَةَ، فَخَرَجَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ مِنَ السِّجْنِ، فَخَطَبَ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى الطَّاعَةِ، فَسَكَنَ النَّاسُ، وَرَجَعَ ابْنُ الرَّبِيعِ وَقَطَعَ يَدَ وَثِيقٍ وَأَيْدِي ثَلاثَةٍ مَعَهُ. بِنَاءُ بَغْدَادَ: فِي هَذِهِ السَّنَةِ أُسِّسَتْ مَدِينَةُ السَّلامِ "بَغْدَادُ" وَهِيَ الَّتِي تُدْعَى مَدِينَةُ الْمَنْصُورِ. سَارَ الْمَنْصُورُ يَطْلُبُ مَوْضِعًا يَتَّخِذُهُ بَلَدًا، فَبَاتَ لَيْلَةً، وَكَانَ فِي مَوْضِعِ الْقَصْرِ بَيْعَةُ قِسٍّ، فَطَابَ لَهُ الْمَبِيتُ، وَأَقَامَ يَوْمًا فَلَمْ يَرَ إِلا ما يجب، فقال: ها هنا ابْنُوا فَإِنَّهُ طَيِّبٌ، وَتَأْتِيهِ مَادَّةُ الْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ وَالأَنْهَارِ، فَخَطَّ بَغْدَادَ، وَوَضَعَ أَوَّلَ لَبِنَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَبِاللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، ابْنُوا على بركة الله، وذلك بعد أن بعث رِجَالا لَهُمْ فَضْلٌ يَتَطَلَّبَانِ مَوْضِعًا، ثُمَّ وَقَعَ الاخْتِيَارُ عَلَى هَذِهِ الْبُقْعَةِ، وَسَأَلَ رَاهِبًا هُنَاكَ عن أمر

_ 1 تاريخ الطبري "7/ 607". 2 وراجع: تاريخ خليفة "ص/ 276"، وتاريخ الطبري "7/ 517-552"، والنجوم الزاهرة "1/ 446"، والبداية والنهاية "10/ 80".

الأَرْضِ وَصِحَّتِهَا وَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ فِي كُتُبِكُمْ أنه يبنى ها هنا مَدِينَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ يَبْنِيهَا مِقْلاصٌ، قَالَ: فَأَنَا كنت أدعى بذلك لما بنى مدينة "الرَّافِقَةُ" قَالَ لَهُ رَاهِبٌ: إِنَّ إِنْسَانًا يَبْنِي هُنَا مَدِينَةً يُقَالُ لَهُ مِقْلاصٌ، قَالَ: أَنَا هُوَ، فَبَنَاهَا عَلَى نَحْوٍ مِنْ بَغْدَادَ، لَكِنَّهَا أَصْغَرُ. وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُجَالِدٍ قَالَ: أَحْضَرَ الْمَنْصُورُ الصُّنَّاعَ وَالْفَعَلَةَ مِنَ الْبِلادِ، وَأَحْضَرَ الْمُهَنْدِسِينَ وَالْحُكَمَاءَ وَالْعُلَمَاءَ، وَكَانَ مِمَّنْ أَحْضَرَ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَرُسِمَتْ لَهُ بِالرَّمَادِ، بِسُورِهَا، وَأَبْوَابِهَا، وَأَسْوَاقِهَا، ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُعْمَلَ عَلَى ذَلِكَ الرَّسْمِ. وَرَوَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ المنصور قال لذلك الراهب: أيرد أَنْ أَبْنِي هُنَا مَدِينَةً، فَقَالَ: إِنَّمَا يَبْنِيهَا مَلِكٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الدَّوَانِيقِ، فَضَحِكَ وَقَالَ: أَنَا هُوَ، وَاخْتَطَّهَا وَوَكَّلَ بِهَا أَرْبَعَةَ قُوَّادٍ، وَوَلَّى أَبَا حَنِيفَةَ الْقِيَامَ بِعَمَلِ الآجُرِّ. وَقِيلَ: كَمُلَ سُورُهَا فِي أَرْبَعِ سِنِينَ. وَكَانَتِ الْبُقْعَةُ مَزْرَعَةً تُدْعَى الْمُبَارَكَةُ، لِسِتِّينَ نَفْسًا، فَعَوَّضَهُمُ الْمَنْصُورُ وَأَعْطَاهُمْ فَأَرْضَاهُمْ، وَجَدُّوا فِي الْبِنَاءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ فِتْنَةِ ابْنِ حَسَنٍ. وَقِيلَ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مَدِينَةٌ مُدَوَّرَةٌ سِوَاهَا، عَمَلَ فِي وَسَطِهَا دَارَ الْمَمْلَكَةِ بِحَيْثُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي قَصْرِهِ كَانَ جَمِيعُ أَطْرَافِ الْبَلَدِ إِلَيْهِ سَوَاءً، وَقَدْ تَمَّ بِنَاؤُهَا الْمُهِمُّ فِي عَامٍ، وَسَكَنَهَا وَنَقَلَ إِلَيْهَا خَزَائِنَهُ وَبُيُوتَ الْمَالِ. وَقِيلَ: سِعَتُهَا مِائَةٌ وثلاثون جريبًا، وأنفق عَلَيْهَا ثَمَانِيَةَ عَشْرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ بَدْرٌ الْمُعْتَضِدِيُّ: قَالَ لَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: انْظُرُوا كَمْ سِعَةُ مَدِينَةِ الْمَنْصُورِ، فَحَسَبْنَا فَإِذَا هِيَ ميلين مكسرين في ميلين. وقيل مسافة مَا بَيْنَ كُلِّ بَابٍ وَبَابٍ أَلْفٌ وَمِائَتَا ذِرَاعٍ، وَكَانَ فِي هَذَا الْوَقْتِ رَخَاءُ الأَسْعَارِ بِالْعِرَاقِ حَتَّى بِيعَ الْكَبْشُ بِدِرْهَمٍ وَالْحَمَلُ بِأَرْبَعَةِ دَوَانِيقَ1، وَالتَّمْرُ سِتُّونَ رَطْلا بِدِرْهَمٍ، وَالزَّيْتُ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلا بِدِرْهَمٍ، وَالسَّمْنُ ثَمَانِيَةٌ بِدِرْهَمٍ. قَالَ أبو نعيم: أنا رأيت ينادى في جباية كِنْدَةَ: لَحْمُ الْغَنَمِ سِتُّونَ رَطْلا بِدِرْهَمٍ، وَالْعَسَلُ عشرة بدرهم.

_ 1 الدانق: سدس الدرهم "ج" دوانق: وداونيق.

وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ بَغْدَادَ مَبْنِيَّةٌ بِالآجُرِّ، اللَّبِنَةُ ذِرَاعٌ فِي ذِرَاعٍ، زِنَتُهَا مِائَةُ رَطْلٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ رَطْلا، وَلَهَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ، بَيْنَ الْبَابِ وَالْبَابِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا، وَعَلَيْهَا سُورَانِ، ثُمَّ بُنِيَ الْجَامِعُ وَالْقَصْرُ، وَكَانَ فِي صَدْرِ الْقَصْرِ إيوان طوله عشرون ذراعًا، وعليه الْقُبَّةُ الْخَضْرَاءُ ارْتِفَاعُهَا ثَمَانُونَ ذِرَاعًا. سَقَطَ رَأْسُهَا لَيْلَةَ مَطَرٍ وَرَعْدٍ عَظِيمٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وعشرين وثلاثمائة. وكان يَدْخُلُ هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ رَاكِبًا سِوَى الْمَنْصُورِ وَابْنِهِ. قَالَ الصُّولِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ: ذَرْعُ بَغْدَادَ يَعْنِي الْجَدِيدَةَ قَالَ: ذَرْعُ الْجَانِبَيْنِ ثَلاثَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفَ جَرِيبٍ. وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الصُّولِيِّ: إِنَّهَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ ثَلاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ جُرَيْبٍ وَسَبْعُمِائَةٍ. ثُمَّ قال الصولي: وذكر ابن طَاهِرٍ أَنَّ عَدَدَ حَمَّامَاتِهَا كَانَتْ ذَلِكَ الْوَقْتِ سِتِّينَ أَلْفًا. وَقَالَ أَقَلُّ مَا يُدَبَّرُ كُلَّ حَمَّامٍ خَمْسَةُ أَنْفُسٍ، وَذَكَرَ أَنَّ بِإِزَاءِ كُلِّ حمام خمسة مساجد. فلت: كَذَا نَقَلَ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ1، وَمَا أَعْتَقِدُ أَنَا هَذَا قَطُّ وَلا عُشْرَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ الْخَطِيبُ: حَدَّثَنِي هِلالُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ بِحَضْرَةِ جَدِّي إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِلالٍ الصَّابِي، فَقَالَ تَاجِرٌ فَذَكَرَ أَنَّ بِبَغْدَادَ الْيَوْمَ ثَلاثَةُ آلافِ حَمَّامٍ، فَقَالَ جَدِّي: سُبْحَانَ اللَّهِ! هَذَا سُدُسُ مَا كُنَّا عَدَدْنَاهُ وَحَصَرْنَاهُ زَمَنَ الْوَزِيرِ الْمُهَلَّبِيِّ، ثُمَّ كَانَتْ فِي دَوْلَةِ عَضُدِ اللَّهِ خَمْسَةَ آلافٍ وَكَسْرًا. وَنَقَلَ ابْنُ خِلِّكَانَ2 أَنَّ اسْتِكْمَالَ بَغْدَادَ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَهِيَ بَغْدَادُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ عَلَى دِجْلَةِ، وَبَغْدَادُ الْيَوْمَ هِيَ الْجَدِيدَةُ الَّتِي فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَفِيهَا دَارُ الْخِلافَةِ، وَقَدْ كَانَ السَّفَّاحُ بَنَى عِنْدَ الأَنْبَارِ مَدِينَةَ الْهَاشِمِيَّةَ وَسَكَنَهَا، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الأَنْبَارِ وَبِهَا تُوُفِّيَ. * خُرُوجُ إِبْرَاهِيمَ. وَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن حسن، أَخُو مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ بِالْبَصْرَةِ. قَالَ مُطَهِّرُ بْنُ الْحَارِثِ: أَقْبَلْنَا مَعَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ البصرة، ونحن عشرة

_ 1 تاريخ الأعيان "1/ 117". 2 يعني في وفيات الأعيان "2/ 154-290".

أَنْفُسٍ، فَدَخَلْنَاهَا، ثُمَّ نَزَلْنَا عَلَى يَحْيَى بْنِ زِيَادِ بْنِ حَسَّانٍ النَّبَطِيِّ1. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: اضْطَرَّنِي الطَّلَبُ بِالْمَوْصِلِ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى مَوَائِدَ أَبِي جَعْفَرٍ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَهَا يَطْلُبُنِي، فَتَحَيَّرْتُ، وَلَفَظَتْنِي الأَرْضُ، فَجَعَلْتُ لا أَجِدُ مَسَاغًا، وَوَضَعَ عَلَيَّ الطَّلَبَ وَالأَرْصَادَ، وَدَعَا يَوْمًا النَّاسَ إِلَى غَدَائِهِ، فَدَخَلْتُ فِي النَّاسِ، وَأَكَلْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَقَدْ كَفَّ الطَّلَبُ2. وَقَدْ جَرَتْ لِإِبْرَاهِيمَ أُمُورٌ فِي اخْتِفَائِهِ، وَرُبَّمَا وَقَعَ بِهِ بَعْضُ الأَعْوَانِ فَيَصْطَنِعَهُ وَيُطْلِقَهُ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَبَرُوتِ أَبِي جَعْفَرٍ، ثُمَّ اخْتَفَى بِالْبَصْرَةِ، فَجَعَلَ يَدْعُو النَّاسَ فَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ لِشَدَّةِ بُغْضِهِمْ لِلْمَنْصُورِ لِبُخْلِهِ وَعَسْفِهِ. قَالَ ابْن سَعْدٍ3: لَمَّا ظَهَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَغَلَبَ عَلَى الْحَرَمَيْنِ وَجَّهَ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَدَخَلَهَا فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ فَغَلَبَ عَلَيْهَا، وَبَيَّضَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَنَزَعُوا السَّوَادَ، وَخَرَجَ مَعَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ جماعة كثيرة. ثُمَّ تَأَهَّبَ لِحَرْبِ الْمَنْصُورِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ: بَايَعَهُ نُمَيْلَةُ بْنُ مُرَّةَ، وَعَفُوُّ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، وَعُمَرُ بْنُ سَلَمَةَ الْهُجَيْمِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الرَّقَاشِيُّ، وَنَدَبُوا لَهُ النَّاسَ، فَأَجَابَ طَائِفَةٌ حَتَّى قَارَبُوا أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَشُهِرَ أَمْرُهُ، وَقَالُوا لَهُ: لَوْ نَهَضْتَ إِلَى وَسَطِ الْبَصْرَةِ أَتَاكَ مَنْ أَتَاكَ، فَنَزَلَ فِي دَارِ أَبِي مَرْوَانَ النَّيْسَابُورِيِّ. قَالَ عَفُوُّ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ: أَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ يَوْمًا وَهُوَ مَرْعُوبٌ، فَأَخْبَرْتُهُ بِكِتَابِ أَخِيهِ أَنَّهُ ظَهَرَ بِالْمَدِينَةِ، وَأَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِالْخُرُوجِ، فَوَجَمَ لَهَا وَاغْتَمَّ، فَأَخَذْتُ أُسَهِّلُ عَلَيْهِ وَأَقُولُ: قَدِ اجْتَمَعَ لَكَ أَمْرُكَ، مَعَكَ مَضَّاءُ التَّغْلِبِيُّ وَالطُّهَوِيُّ وَالْمُغِيرَةُ، وَأَنَا وَجَمَاعَةٌ، فَنَخْرُجُ إِلَى السِّجْنِ فِي اللَّيْلِ فَنَفْتَحُهُ، وَيُصْبِحُ مَعَكَ خَلْقٌ مِنَ النَّاسِ، فَطَابَتْ نَفْسُهُ، وَبَلَغَ ذَلِكَ الْمَنْصُورَ فَجَهَّزَ جَيْشًا إِلَى الْبَصْرَةِ، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ الْكُوفَةَ لِيَكْتَفِي شَرَّ الشِّيعَةِ وَفَتْقَهُمْ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْحَذَّاءُ: أَلْزَمَ الْمَنْصُورُ النَّاسَ بِالسَّوَادِ، فَكُنْتُ أَرَاهُمْ يَصْبُغُونَ ثِيَابَهُمْ بِالْمِدَادِ، يَعْنِي السُّوقَةَ، ثُمَّ جَعَلَ يَحْبِسُ أَوْ يَقْتُلُ كُلَّ مَنْ يَتَّهِمُهُ بِالْكَوْفَةِ. وَكَانَ ابْنُ ماعز

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 413". 2 انظر المصدر السابق "6/ 413". 3 في الطبقات الكبرى "5/ 441".

الأَسَدِيُّ يُبَايِعُ لِإِبْرَاهِيمَ بِالْكَوْفَةِ سِرًّا. وَقَتَلَ الْمَنْصُورُ جَمَاعَةً كَثِيرَةً عَسْفًا وَظُلْمًا. وَكَانَ بِالْمَوْصِلِ أَلْفَا فَارِسٍ لِمَكَانِ الْخَوَارِجِ، فَطَلَبَهُمُ الْمَنْصُورُ، فَلَمَّا كَانُوا بَبَاخَمْرًا اعْتَرَضَ أَهْلُهَا الْعَسْكَرَ، وَقَالُوا: لا نَدَعُكُمْ تُجَاوِزُونَا لِتَنْصُرُوا أَبَا جَعْفَرٍ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، فَقَاتِلُوهُمْ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَمْسُمِائَةٍ1. وَأَمَّا أَمِيرُ الْبَصْرَةِ سُفْيَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَتَهَاوَنَ فِي أَمْرِ إِبْرَاهِيمَ حَتَّى عَجَزَ، وَاتَّسَعَ الْخَرْقُ، فَبَقِيَ كُلَّمَا قِيلَ لَهُ: إِبْرَاهِيمُ خَارِجٌ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَى قَوْلِ أَحَدٍ, فَلَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ جَعَلَ أَصْحَابُهُ يُنَادُونَ سُفْيَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ: اذْكُرْ بَيْعَتَكَ فِي دَارِ الْمَخْزُومِيِّينَ، فَيُقَالُ: كَانَ مُدَاهِنًا لِإِبْرَاهِيمَ مِمَّا فِي قَلْبِهِ عَلَى الْمَنْصُورِ. وَكَانَ ظُهُورُ إِبْرَاهِيمَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ فِي اللَّيْلِ، فَصَارَ إِلَى مَقْبَرَةِ بَنِي يَشْكُرَ فِي بِضْعَةَ عَشَرَ فَارِسًا، وَقَدِمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَبُو حَمَّادٍ الأَثْرَمُ فِي أَلْفَيْنِ، فَنَزَلَ الرَّحْبَةَ، فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَوَّلَ شَيْءٍ أَصَابَ دَوَابَّ أُولَئِكَ الْعَسْكَرِ وَأَسْلِحَتَهُمْ، فَتَقَوَّى بِهَا، ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ فِي الْجَامِعِ، فَتَحَصَّنَ مِنْهُ سُفْيَانُ فِي دَارِ الإِمَارَةِ، وَأَقْبَلَ الْخَلْقُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَيْنِ نَاصِرٍ وَنَاظِرٍ: ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ بِالأَمَانِ، وَدَخَلَ إِبْرَاهِيمُ الدَّارَ، وَعَفَا عَنِ الْجُنْدِ، وَقَيَّدَ سُفْيَانَ بِقَيْدٍ خَفِيفٍ، فَأَقْبَلَ لِحَرْبِهِ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، فِي سِتِّمِائَةٍ، فَنَدَبَ إِبْرَاهِيمُ مَضَّاءَ بْنَ جَعْفَرٍ فِي خَمْسِينَ مِنْ بَيْنِ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ، فَهَزَمَهُمْ مَضَّاءٌ، وَجُرِحَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَوَجَدَ إِبْرَاهِيمُ فِي بَيْتِ الْمَالِ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَفَرَّقَهَا عَلَى أَصْحَابِهِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ، وَجَهَّزَ الْمُغِيرَةَ فِي خَمْسِينَ مُقَاتِلا إِلَى الأَهْوَازِ، فَقَدَّمَهَا وَقَدْ صَارَ مَعَهُ نَحْوُ الْمِائَتَيْنِ. وَكَانَ عَلَى الأَهْوَازِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، فَالْتَقَى الْمُغِيرَةَ فَانْكَسَرَ ابْنُ الْحُصَيْنِ، وَغَلَبَ الْمُغِيرَةُ عَلَى الأَهْوَازِ. ثُمَّ أَرَادَ إِبْرَاهِيمُ الْمَسِيرَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَبَعَثَ إِلَى فَارِسٍ عَمْرَو بْنَ شَدَّادٍ، فَسَارَ إِلَيْهِ مِنْ رَامَهُرْمُزَ يَعْقُوبُ بْنُ الْفَضْلِ، فَاتَّفَقَا وَغَلَبَا عَلَى إِقْلِيمِ فَارِسٍ، فَلَوْ تَوَجَّهَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى إِقْلِيمِ فَارِسٍ لَتَمَّ لَهُ الأَمْرُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى وَاسِطٍ هَارُونَ بْنَ سَعْدٍ الْعِجْلِيَّ عِنْدَمَا قَدِمَ إِلَيْهِ مِنَ الْكُوفَةِ فَسَارَ إِلَى وَاسِطٍ، فَجَهَّزَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ عامر بن إسماعيل المسلمي فِي خَمْسَةِ آلافٍ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا حَرْبٌ وَوَقْعَاتٌ2. وَقَدْ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ وَاسِطَ وَالْبَصْرَةِ فِي هَذِهِ الْكَائِنَةِ عَدَدٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ تَوَادَعَ الْفَرِيقَانِ وَكَلُّوا، فَلَمَّا قُتِلَ إِبْرَاهِيمُ كَمَا سَيَأْتِي، سَارَ هارون بن

_ 1 ذكره في سير أعلام النبلاء "6/ 414". 2 راجع تاريخ الطبري "7/ 637"، وتاريخ ابن الأثير "5/ 564".

سَعْدٍ الْعِجْلِيُّ رَاجِعًا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَتُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا، نَعَمْ، وَبَقِيَ إِبْرَاهِيمُ سَائِرَ شَهْرِ رَمَضَانَ يُنْفِذُ عُمَّالَهُ إِلَى الْبِلادِ، حَتَّى أَتَاهُ نَعْيُ1 أَخِيهِ مُحَمَّدٍ بِالْمَدِينَةِ، قَبْلَ الْعِيدِ بِثَلاثٍ، فَفُتَّ فِي عَضُدِهِ وبُهِتَ لِذَلِكَ، وَخَرَجَ يَوْمَ العيد إلى الْمُصَلَّى فَصَلَّى بِالنَّاسِ، يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ وَالانْكِسَارُ. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا بَلَغَهُ خُرُوجُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ، مَا فِي عَسْكَرِي إِلا أَلْفَا رَجُلٍ! فَرَّقْتُ عَسَاكِرِي، مَعَ ابْنِي بِالرَّيِّ ثَلاثُونَ أَلْفًا، وَمَعَ مُحَمَّدِ بْنِ أَشْعَثَ بِأَفْرِيقِيَّةَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا، وَمَعَ عِيسَى بْنِ مُوسَى بِالْحِجَازِ سِتَّةُ آلافٍ، وَلَئِنْ سَلِمْتُ مِنْ هَذِهِ لا يُفَارِقُنِي ثَلاثُونَ أَلْفَ فَارِسٍ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ عِيسَى مِنَ الْحِجَازِ مَنْصُورًا، فَوَجَّهَهُ عَلَى النَّاسِ لِحَرْبِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَتَبَ إِلَى سَلْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ فَقَدِمَ إِلَيْهِ مِنَ الرَّيِّ. قَالَ سَلْمٌ: فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى الْمَنْصُورِ قَالَ لِي: خَرَجَ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ، فَاعْمِدْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَلا يُرْعِبُكَ جَمْعُهُ فَوَاللَّهِ إِنَّهُمَا جَمَلا بَنِي هَاشِمٍ الْمَقْتُولانِ فَابْسُطْ يَدَكَ وَثِقْ2. وَكَتَبَ سَلْمٌ إِلَى الْبَصْرَةِ يُلاطِفُهُمْ فَلَحِقَتْ بِهِ بَاهِلَةُ، فَاسْتَحَثَّ الْمَنْصُورُ ابْنَهُ لِيُجَهِّزَ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ إِلَى الأَهْوَازِ، فَسَارَ بِأَرْبَعَةِ آلافِ فَارِسٍ، فَفَرَّ مِنْهُ الْمُغِيرَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَدَخَلَ خَازِمٌ الأَهْوَازَ فَأَبَاحَهَا ثَلاثًا، لِكَوْنِهِمْ نَزَعُوا الطَّاعَةَ، وكث الْمَنْصُورُ لا يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ نَيِّفًا وَخَمْسِينَ ليلة. قال حجاج بن قتيبة بن مسلم: دَخَلْتُ عَلَى الْمَنْصُورِ تِلْكَ الأَيَّامِ وَقَدْ جَاءَهُ فَتْقُ الْبَصْرَةِ وَفَارِسَ وَوَاسِطَ وَالْمَدَائِنِ وَهُوَ مُطْرِقٌ يَتَمَثَّلُ: وَنَصَّبْتُ نَفْسِي لِلرَّمَاحِ دَرِيَّةً إِنَّ الرَّئِيسَ لِمِثْلِ ذَاكَ فَعُولُ وَمَا أَظُنُّهُ يَقْدِرُ عَلَى السِّلاحِ، لِلْفُتُوقِ الْمُحِيطَةِ بِهِ، وَلِمِائَةِ أَلْفِ سَيْفٍ كَامِنَةٍ يَنْتَظِرُونَ صَيْحَةً فَيَثِبُونَ، فَوَجَدْتُهُ صَقْرًا أَحْوَذِيًّا3 مُشَمِّرًا، قَدْ قَامَ إِلَى مَا نَزَلَ بِهِ من النوائب يمرسها ويعركها.

_ 1 نعي أخيه: يعني موته. 2 انظر تاريخ الطبري "7/ 639". 3 الأحوذي: يعني المشمر في الأمور القاهر لها لا يند عليها منها شيء والسريع في كل ما أخذ فيه، والعالم بالأمر.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ إِبْرَاهِيمَ إِلَى بِاخَمْرَا1 فَعَسْكَرْنَا بِهَا، فَأَتَانَا لَيْلَةً، فَقَالَ: انْطَلِقْ بِنَا نَطُوفُ فِي عَسْكَرِنَا، قَالَ: فَسَمِعَ أَصْوَاتِ طَنَابِيرَ وَغِنَاءً، فَرَجَعَ، ثُمَّ أَتَانِي لَيْلَةً أُخْرَى، فَانْطَلَقْنَا فَسَمِعْنَا مِثْلَ ذَلِكَ فَرَجَعَ وَقَالَ: مَا أَطْمَعُ فِي نَصْرِ عَسْكَرٍ فِيهِ مِثْلُ هَذَا. وَعَنْ دَاوُدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَحْصَى دِيوَانَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِائَةُ أَلْفِ مُقَاتِلٍ. وَقَالَ آخَرُ: بَلْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةُ آلافٍ، وَهَذَا أَشْبَهُ. وَكَانَ مَعَ عِيسَى بْنِ مُوسَى خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَعَلَى طَلائِعِهِ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ فِي ثَلاثَةِ آلافٍ. وَأَمَّا إِبْرَاهِيمَ فَأَشَارُوا عَلَيْهِ أَنْ يَسْلُكَ غَيْرَ الدَّرْبِ، فَيَبْغَتَ الْكُوفَةَ، فَقَالَ: بل أبيت عِيسَى. وَعَنْ هُرَيْمٍ قَالَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ: إِنَّكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ عَلَى الْمَنْصُورِ حَتَّى تَأْتِي الْكُوفَةَ، فَإِنْ صَارَتْ لَكَ بَعْدَ تَحَصُّنِهِ بِهَا، لَمْ تَقُمْ لَهُ بَعْدَهَا قَائِمَةٌ، وَإِلا فَدَعْنِي أَسِيرُ إِلَيْهَا فَأَدْعُو إِلَيْكَ سِرًّا، ثُمَّ أَجْهَرُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ سَمِعُوا دَاعِيًا أَجَابُوهُ، وَإِنْ سَمِعَ الْمَنْصُورُ هَيْعَةً بِأَرْجَاءِ الْكُوفَةِ طَارَ إِلَى حُلْوَانَ، فَقَالَ: لا نأمن أن تجيبك مِنْهُمْ طَائِفَةٌ فَتَطَأُ خَيْلُ الْمَنْصُورِ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ، فَتَكُونُ قَدْ تَعَرَّضَتْ لِمَأْثَمٍ2، فَقُلْتُ: خَرَجْتَ لِقِتَالِ الْمَنْصُورِ، وَأَنْتَ تَتَوَقَّى قَتْلَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ؟ أَلَيْسَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوَجِّهُ السَّرِيَّةَ فَتُقَاتِلُ، فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ نَحْوُ مَا كَرِهْتَ فَقَالَ: أُولَئِكَ مُشْرِكُونَ، وَهَؤُلاءِ أَهْلُ قِبْلَتِنَا. وَلَمَّا نَزَلَ "بَاخَمْرَا" كَتَبَ إِلَيْهِ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّكَ قَدْ أَصْحَرْتَ وَمِثْلُكَ أَنْفَسُ بِهِ عَلَى الْمَوْتِ، فَخنْدِقْ عَلَى نَفْسِكَ، فَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَفْعَلْ، فَقَدْ أَعْرَى الْمَنْصُورُ عسكره، فخف في طائفة حتى تأتيه فتأخذه بِقَفَاهُ، فَعَرَضَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى قُوَّادِهِ فَقَالُوا: نُخَنْدِقُ عَلَى نُفُوسِنَا وَنَحْنُ ظَاهِرُونَ عَلَيْهِمْ وَاللَّهِ لا نَفْعَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَنَأْتِيهِ وَهُوَ فِي أيْدِينَا مَتَى أَرَدْنَا؟ وَقَالَ آخَرُ: لَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ: إِنَّ الصَّفَّ إِذَا انْهَزَمَتْ تَعْبِئَتُهُ تَدَاعَى، فَاجْعَلْنَا كَرَادِيسَ، فَإِنِ انْهَزَمَ كُرْدُوسٌ ثَبَتَ كُرْدُوسٌ، فَتَنَادَى أَصْحَابُهُ: لا لا، إِلا تَعْبِئَةَ أَهْلِ الشَّامِ وَقِتَالِهِمْ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ

_ 1 إلى باخمرا: قال ياقوت في معجم البلدان: باخمرا موضع بين الكوفة وواسط وهو إلى الكوفة أقرب. قالوا: بين باخمرا والكوفة سبعة عشرى فرسخًا، بها كانت الوقعة بين أصحاب أبي جعفر المنصور وإبراهيم بن عبد الله بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فقتل إبراهيم هناك. 2 سير أعلام النبلاء "6/ 416"، وتاريخ الطبري "7/ 644".

الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4] . وَقَالَ آخَرُ: أَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ مُصْبِحُوكَ بِمَا يَسُدُّ عَلَيْكَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ فِي السِّلاحِ وَالْكُرَاعِ، وَإِنَّمَا مَعَكَ رِجَالٌ عُرَاةٌ، فَدَعْنَا نُبَيِّتُهُمْ، فَقَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ الْقَتْلَ. فَقُلْتُ: تُرِيدُ الْمُلْكَ وَتَكْرَهُ القتل، والتقوا بـ"باخمرا"، وَهِيَ عَلَى يَوْمَيْنِ مِنَ الْكُوفَةِ، فَاشْتَدَّ الْحَرْبُ، وَالْتَحَمَ الْقِتَالُ، فَانْهَزَمَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ، وَكَانَ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ، فَانْهَزَمَ الْجَيْشُ، فَنَاشَدَهُمْ عِيسَى بْنُ مُوسَى اللَّهَ تَعَالَى، وَمَرَّ النَّاسُ، فَثُبِتَ عِيسَى فِي مِائَةِ فَارِسٍ مِنْ خَوَاصِّهِ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ تَنَحَّيْتَ فَقَالَ: لا أَزُولُ حَتَّى أُقْتَلَ أَوْ أَفْتَحَ، وَلا يُقَالُ انْهَزَمَ. وَعَنْ عِيسَى قَالَ: لَمَّا رَأَى الْمَنْصُورُ تَوْجِيهِي إِلَى إِبْرَاهِيمَ قال: إن المنجمين يزعمون إنك لاقيه ثُمَّ يَفِيءُ إِلَيْكَ أَصْحَابُكَ فَكَانَ كَمَا قَالَ؛ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا مَعِي ثَلاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ, فَقَالَ غُلامِي: عَلامَ تَقْفُ؟ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا يَنْظُرُ إِلَيَّ أَهْلُ بَيْتِي مُنْهَزِمًا، ثُمَّ كَانَ أَكْثَرُ مَا عِنْدِي أَنْ أَقُولَ لِمَنْ مَرَّ بِي مِنَ الْمُنْهَزِمِينَ: أَقْرِئُوا أَهْلَ بَيْتِي السَّلامَ، وَقُولُوا: إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِدَاءً أَفْدِيكُمْ بِهِ أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وَقَدْ بَذَلْتُهَا، لَكُمْ فأنا لكذلك، إِذْ عَمَدَ ابْنَا سُلَيْمَانَ لِإِبْرَاهِيمَ فَخَرَجَا مِنْ وَرَائِهِ فَنَظَرَ أَصْحَابُ إِبْرَاهِيمَ فَإِذَا الْقِتَالُ مِنْ وَرَائِهِمْ، فَكَرُّوا، فَرَكِبْنَا أَعْقَابَهُمْ فَلَوْلا ابْنَا سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ لافْتَضَحْنَا، وَكَانَ مِنْ صُنْعِ اللَّهِ أَنَّ أَصْحَابَنَا لَمَّا انْهَزَمُوا اعْتَرَضَ لَهُمْ نَهْرٌ دُونَ ثِنْيَتَيْنِ عَالِيَتَيْنِ، فَحَالَتَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفُرَاتِ، وَلَمْ يَجِدُوا مَخَاضَةً، فَكَرُّوا رَاجِعِينَ بِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْهَزَمَ أَصْحَابُ إِبْرَاهِيمَ، فَثَبَتَ هُوَ فِي نَحْوٍ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ. وَقِيلَ: بَلْ ثَبَتَ فِي سَبْعِينَ رَجُلا، ثُمَّ حَمَلَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ فِي طَائِفَةٍ مَعَهُ، وَقَاتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، حَتَّى إِنَّ الْفَرِيقَيْنِ قَتَلُوا بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَجَعَلَ حُمَيْدٌ يَبْعَثُ بالرؤوس إِلَى بَيْنِ يَدَيْ عِيسَى، وَثَبَتُوا عَامَّةَ يَوْمِهِمْ يَقْتَتِلُونَ، إِلَى أَنْ جَاءَ سَهْمُ غَرْبٍ لا يُدْرَى مَنْ رَمَى بِهِ، فَوَقَعَ فِي حَلْقِ إِبْرَاهِيمَ، فَتَنَحَّى عَنْ مَوْقِفِهِ، فَأَنْزَلُوهُ، وَهُوَ يَقُولُ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] . أَرَدْنَا أمرًا وأراد الله غيره، فاجتمع عليه أصحاب يَحْمُونَهُ، فَأَنْكَرَ حُمَيْدٌ اجْتِمَاعَهُمْ، وَأَمَرَ فَحَمَلُوا عَلَيْهِ، فقاتلوا أشد قتلا يَكُونُ، حَتَّى انْفَرَجُوا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فَنَزَلَ أَصْحَابُ حُمَيْدٍ، فَاحْتَزُّوا رَأْسَ إِبْرَاهِيمَ، وَأُتِيَ بِهِ عِيسَى، فَنَزَلَ وَسَجَدَ لِلَّهِ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْمَنْصُورِ، وَذَلِكَ لِخَمْسِ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرُهُ ثمان وأربعون سنة1.

_ 1 تاريخ الطبري "7/ 646-647".

وَقِيلَ: كَانَ عَلَيْهِ قَبَاءٌ زَرَدٌ، فَآذَاهُ الْحَرُّ، فَحَلَّ إِزَارَهُ، وَحَسَرَ عَنْ صَدْرِهِ، فَأَصَابَتْ صَدْرَهُ نَشَّابَةٌ، فَاعْتَنَقَ فَرَسَهُ، وَكَرَّ رَاجِعًا، وَوَصَلَ أَوَائِلُ الْمُنْهَزِمِينَ مِنْ عَسْكَرِ الْمَنْصُورِ إِلَى الْكُوفَةِ، فَتَهَيَّأَ الْمَنْصُورُ لِلْهَرَبِ، وَأَعَدَّ النَّجَائِبَ لِيَذْهَبَ إِلَى الرَّيِّ، فَيُقَالَ: إِنَّ نُوبِخْتَ الْمُنَجِّمَ دَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: الظَّفَرُ لَكَ، وَسَيُقْتَلُ إِبْرَاهِيمُ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، فَقَالَ: احبِسْنِي عِنْدَكَ، فَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ إِبْرَاهِيمُ وَإِلا فَاقْتُلْنِي، فَبَاتَ طَائِرَ اللُّبِّ، فَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ أُتِيَ بِرَأْسِ إِبْرَاهِيمَ، فَتَمَثَّلَ بَيْتَ مُعَقِّرٍ الْبَارِقِيِّ: فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَا النَّوَى كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالإِيَّابِ الْمُسَافِرُ1 قَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: صَلَّى إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِيدَ بِالنَّاسِ أَرْبَعًا، وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَهُشَيْمٌ ويزيد ابنا هَارُونَ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ شُعْبَةُ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُجَاهِرُ فِي أَمْرِهِ وَيَأْمُرُ بِالْخُرُوجِ2. وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: مَا كَانَ بِالْبَصْرَةِ أَحَدٌ إِلا وَقَدْ تَغَيَّرَ أَيَّامَ إِبْرَاهِيمَ إِلا ابْنَ عَوْنٍ. وَحَدَّثَنِي مَيْسُورُ بْنُ بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الْوَارِثِ يَقُولُ: فَأَتَيْنَا شُعْبَةَ فَقُلْنَا: كَيْفَ ترى؟ قال: أرى أَنْ تَخْرُجُوا وَتُعِينُوهُ، فَأَتَيْنَا هِشَامَ بْنَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَلَمْ يُجِبْنَا بِشَيْءٍ، فَأَتَيْنَا سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ فَقَالَ: مَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَدْخُلَ رَجُلٌ مَنْزِلَهُ، فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ قَاتَلَهُ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ: ثنا خلاد بن يزيد الْبَاهِلِيُّ سَمِعَ شُعْبَةَ بْنَ الْحَجَّاجِ يَقُولُ: بَاخَمْرَا بَدْرٌ الصُّغْرَى3. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: هِيَ وَقْعَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَهِيَ بِإِزَاءِ هَزَابَانَ دَاخِلَ الصَّحْرَاءِ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَلَمَّا قُتِلَ إِبْرَاهِيمُ، هَرَبَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ بَحْرًا وَبَرًّا، وَاسْتَخْفَى النَّاسُ، وَقُتِلَ مَعَهُ بَشِيرٌ الرَّحَّالُ الأَمِيرُ، وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: خَرَجَ مع إبراهيم خلق، وجميع أهل واسط،

_ 1 البيت من البحر الطويل وهو منسوب لمعقر بن أوس بن حمار البارقي ابن دريد كما في الاشتقاق "ص/ 481"، والآمدي في المؤتلف والمختلف "128". 2 راجع تاريخ خليفة "422". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 417".

وَابْنَا هُشَيْمٍ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَغَيْرُهُمْ. وَفِيهَا خَرَجَتِ التُّرْكُ الْخَزَرِيَّةُ1، وَهُمْ أَهْلُ صَحْرَاءِ الْقُفْجَاقِ مِنْ بَابِ الأَبْوَابِ، وَقَتَلُوا بِأَرْمِينِيَّةَ خَلْقًا كَثِيرًا وَسَبُوا الْحَرِيمَ.

_ 1 وهم من الأجناس التركية.

أحداث سنة ست وأربعين ومائة

أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ الْمَدَنِيِّ. وَحَبِيبُ بْنُ الشهيد بخلف. وسنان الرهاوي. وعبيد اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ الْمَدَنِيُّ. وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ. وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ الرُّهَاوِيُّ. وَفِي صَفَرٍ مِنْهَا، تَحَوَّلَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ، فَنَزَلَ بِبَغْدَادَ قَبْلَ اسْتِتْمَامِ بِنَائِهَا. وَكَانَ خَالِدُ بْنُ بَرْمَكٍ مِمَّنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِإِنْشَائِهَا، وَنَقَلَ إِلَيْهَا خَمْسَةَ أَبْوَابٍ كَانَتْ عَلَى وَاسِطٍ، عَظِيمَةً، فَعَمِلَ لِبَغْدَادَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ، كُلُّ بَابٍ دَاخِلُهُ بَابٌ آخَرُ. وَبُنِيَتْ مُسْتَدِيرَةً، وَأُنْشِئَتْ دَارُ الإِمَارَةِ فِي وَسَطِهَا، وَعَمِلُوا لَهَا سُورَيْنِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ هُوَ الَّذِي اخْتَطَّ جَامِعَهَا، فَقِيلَ: إِنَّ قِبْلَتَهَا مُنْحَرِفَةً، وَكَانَ لا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْمَدِينَةَ رَاكِبًا، فَشَكَا إِلَى الْمَنْصُورِ عَمَّهُ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ أَنَّ الْمَشْيَ يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أَمَرَ الْمَنْصُورُ بِإِخْرَاجِ الأَسْوَاقِ مِنَ الْمَدِينَةِ خَوْفًا مِنْ مَبِيتِ صَاحِبٍ خَبَرٍ بِهَا، فَبُنِيَتِ الْكَرْخُ وَبَابُ الْمُحَوَّلِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَظَهَرَ شُحُّ الْمَنْصُورِ فِي بِنَاءِ بَغْدَادَ، وَبَالَغَ فِي الْمُحَاسَبَةِ، حَتَّى قَالَ خَالِدُ بْنُ الصَّلْتِ -وَكَانَ عَلَى بِنَاءِ رَبْعٍ مِنْ بَغْدَادَ: رَفَعْتُ إليه الحساب فبقيت علي خمسة عشر درهمًا فحبسني حَتَّى أَدَّيْتُهَا. فَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ أَنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ قَصْرِهِ بِالْمَدِينَةِ، طَافَ بِهِ، فَأَعْجَبَهُ، لَكِنَّهُ اسْتَكْثَرَ النَّفَقَةَ، فَقَالَ لِي: أَحْضِرْ بَنَّاءً فَارِهًا، فَأَحْضَرْتُ بناءً

_ 1 وراجع: تاريخ خليفة "ص/ 278"، وتاريخ الطبري "7/ 650"، والكامل "5/ 572"، والبداية "10/ 97-102"، وصحيح التوثيق "6/ 45-47".

فقال: كيف لَنَا فِي هَذَا الْقَصْرِ؟ وَكَمْ أَخَذْتَ لِكُلِّ أَلْفِ آجُرَّةِ؟ فَبَقِيَ الْبَنَّاءُ لا يَقْدِرُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَخَافَةَ الْمُسَيِّبِ الَّذِي كَانَ عَلَى العمل، فقال: ما لك سَاكِتٌ؟ قَالَ: لا عِلْمَ لِي، قَالَ: وَيْحَكَ قُلْ وَأَنْتَ آمِنٌ، قَالَ: وَاللَّهِ لا أَقِفُ عَلَيْهِ وَلا أَدْرِيهِ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: تَعَالَ لا علمك اللَّهُ خَيْرًا، وَأَدْخَلَهُ الْحُجْرَةَ الَّتِي اسْتَحْسَنَهَا، وَقَالَ: ابْنِ لِي طَاقًا يَكُونُ شَبِيهًا بِالْبَيْتِ لا تَدْخُلُ فِيهِ خَشَبًا، قَالَ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ عَلَى الْبَنَّاءِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يُحْصِي جَمِيعَ مَا يَدْخُلُ فِي الطَّاقِ مِنَ الآجُرِّ وَالْحَصَى، فَفَرَغَ فِي يَوْمَيْنِ، وَدَعَا الْمُسَيِّبَ فَقَالَ: ادْفَعْ إِلَيْهِ أَجْرَهُ عَلَى حِسَابِ مَا عَمِلَ مَعَكَ، فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، فَاسْتَكْثَرَ ذَلِكَ الْمَنْصُورُ، فَقَالَ: لا أَرْضَى بِذَلِكَ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى نَقَصَهُ دِرْهَمًا، ثُمَّ إِنَّهُ أَخَذَ الْوُكَلاءَ وَالْمُسَيِّبُ بِحِسَابِ مَا أَنْفَقُوا عَلَى نِسْبَةِ ذَلِكَ، حَتَّى فَضَّلَ عَلَى الْمُسَيِّبِ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَهَا مِنْهُ، فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الْبُخْلِ وَالْحِرْصِ مِنْ مَلِكِ الدُّنْيَا فِي زَمَانِهِ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنِ الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الرَّبِيعِ وَوَلِيَهَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فِيهَا غَزَوْتُ قُبْرُسَ مَعَ العباس بن سفيان الخثعمي، والله أعلم1.

_ 1 وانظر المراجع السابقة.

أحداث سنة سبع وأربعين ومائة

أحداث سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ الْحِمْصِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ قَاضِي حِمْصٍ، وَالصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامٍ الْكُوفِيُّ، وَطَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى التَّيْمِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ فِي قَوْلٍ، وَعَمُّ الْمَنْصُورِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مَيْمُونَ بْنِ مَهْرَانَ، وَعَبْدُ العزيز بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ بِخُلْفٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الأَزْدِيُّ، وَقُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوِيلٍ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ بِالْبَصْرَةِ، وَأَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ فِي قول، ويزيد ين حَازِمٍ أَخُو جَرِيرٍ. وَفِيهَا بَدَّعَتِ التُّرْكُ بِنَاحِيَةِ أَرْمِينِيَّةِ، وَقَتَلُوا أُمَمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَدَخَلُوا تَفْلِيس1، وَكَانَ حَرْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّاوُنْدِيُّ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْحَرْبِيَّةُ مِنْ بَغْدَادَ، مُقِيمًا بِالْمَوْصِلِ

_ 1 وهي قصبة ناحية جُرْزان قرب باب الأبواب بأرمينية الأولى "ياقوت 2/ 35".

فِي أَلْفَيْنِ، لِمَكَانِ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ بِالْجَزِيرَةِ، وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ وَجَّهَ إِلَى الْمَوْصِلِ جِبْرِيلَ بْنَ يَحْيَى فِي عَسْكَرٍ، فَانْضَمُّوا كُلُّهُمْ وَقَصَدُوا التُّرْكَ فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ جِبْرِيلُ، وَقُتِلَ حَرْبٌ1. وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الْمَنْصُورَ حَجَّ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ2. وَعَزَلَ عَنِ الْكُوفَةِ عِيسَى بْنَ مُوسَى، وَطَلَبَهُ إِلَى بَغْدَادَ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ سِرًّا، ثُمَّ قَالَ: يَا عِيسَى، إِنَّ هَذَا أَرَادَ أَنْ يُزِيلَ النِّعْمَةَ عَنِّي وَعَنْكَ، وَأَنْتَ وَلِيُّ عَهْدِي بَعْدَ الْمَهْدِيِّ، وَالْخِلافَةُ صَائِرَةٌ إِلَيْكَ، فَخُذْهُ وَاقْتُلْهُ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَخُورَ أَوْ تَضْعُفَ، وَسَلِّمْهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنْ طُرُقِ الْحَجِّ يَسْأَلُهُ: مَا فَعَلْتَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: قَدْ أَنْفَذْتَ مَا أَمَرْتَ بِهِ، فَلَمْ يَشُكَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَكَانَ عِيسَى قَدْ سَتَرَهُ عِنْدَهُ، وَدَعَا كَاتِبَهُ يُونُسَ بْنَ فَرْوَةَ فَقَالَ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَمَرَكَ بِقَتْلِهِ سِرًّا، وَيَدَّعِيهِ عَلَيْكَ عَلانِيَةً، ثُمَّ يُقَيِّدُكَ بِهِ. قَالَ: فَمَا الرَّأْيُ؟ قَالَ: أُستُرْهُ وَاخْفِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَنْصُورَ دَسَّ إِلَى عُمُومَتِهِ مَنْ يُحَرِّكُهُمْ عَلَى مَسْأَلَةِ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، فَكَلَّمُوا الْمَنُصوَر، فَقَالَ: عَلَيَّ بعيسى، فأتاه، فقال: عَلِمْتَ أَنِّي دَفَعْتُ إِلَيْكَ عَمِّي لِيَكُونَ فِي مَنْزِلِكَ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: قَدْ كَلَّمَنِي فِيهِ أَعْمَامِي، فَرَأَيْتُ الصَّفْحَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَوَ لَمْ تَأْمُرْنِي بِقَتْلِهِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: قَدْ أَمَرْتَنِي بِقَتْلِهِ!. قَالَ: كَذَبْتَ، فَقَالَ لِعُمُومَتِهِ: إِنَّ هذا قد أمر لَكُمْ بِقَتْلِ أَخِيكُمْ, قَالُوا: فَادْفَعْهُ إِلَيْنَا نَقْتُلُهُ بِهِ, قَالَ: فَشَأْنُكُمْ بِهِ، فَأَخْرَجُوهُ إِلَى الرَّحْبَةِ، واجتمع الناس، وشهر الأمر، فقام أحدكم وَشَهَرَ سَيْفَهُ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أَفَاعِلٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: لا تَعْجَلُوا، ثُمَّ أَحْضَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ وَقَالَ لِلْمَنْصُورِ: شَأْنُكَ بِعَمِّكَ، قَالَ: فَأَدْخِلُوهُ حَتَّى أَرَى فِيهِ رَأْيِي، فَجَعَلَهُ فِي بَيْتٍ، ثُمَّ كَانَ أَمْرُهُ مَا كَانَ. وَفِيهَا خَلَعَ الْمَنْصُورُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ بَعْدَهُ عِيسَى بْنَ مُوسَى، الَّذِي حَارَبَ لَهُ الأَخَوَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدًا، وَظَفَرَ بِهِمَا، وَتَوَطَّدَ مُلْكُ الْمَنْصُورِ بِهِمَّةِ عِيسَى، فَكَافَأَهُ وَخَلَعَهُ مُكْرَهًا مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ، وَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَلَدَهُ الْمَهْدِيَّ، فَقِيلَ إِنَّهُ أَرْضَى عِيسَى بِأَنْ جَعَلَهُ وَلِيَّ الْعَهْدِ بَعْدَ ابْنِهِ الْمَهْدِيِّ. وَكَانَ السَّفَّاحُ لَمَّا احْتَضَرَ جَعَلَ الْخِلافَةَ لِلْمَنْصُورِ، ثُمَّ بَعْدَهُ لِعِيسَى، وَقَدْ لاطَفَهُ الْمَنْصُورُ، وَكَلَّمَهُ بِأَلْيَنِ الْكَلامِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ بالأيمان والعهود

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 7"، وابن الأثير "5/ 577". 2 راجع تاريخ خليفة "424".

وَالْمَوَاثِيقِ الَّتِي عَلَيَّ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا رَأَى الْمَنْصُورُ امْتِنَاعَهُ تَغَيَّرَ لَهُ، وَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَجَعَلَ يُقَدِّمُ الْمَهْدِيَّ عَلَيْهِ فِي الْمَجَالِسِ، ثُمَّ شَرَعَ الْمَنْصُورُ يَدُسُّ مَنْ يَحْفُرُ عَلَيْهِ بَيْتَهُ لِيَسْقُطَ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ يَتَحَفَّظُ وَيَتَمَارَضُ. وَقِيلَ: بَلْ سَقَاهُ الْمَنْصُورُ فَاسْتَأْذَنَ فِي الذَّهَابِ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَتَدَاوَى، وَكَانَ الَّذِي جَرَّأَهُ عَلَى ذَلِكَ طَبِيبُهُ بَخْتَيَشُوعُ، وَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَجْسُرُ عَلَى مُعَالَجَتِكَ، وَمَا آمَنُ عَلَى نَفْسِي، فَأَذِنَ لَهُ الْمَنْصُورُ، وَبَلَغَتِ الْعِلَّةُ مِنْ عِيسَى كُلَّ مَبْلَغٍ، حَتَّى تَمَعَّطَ شَعْرُهُ، ثُمَّ إِنَّهُ نَصَلَ مِنْ عِلَّتِهِ، ثُمَّ سَعَى مُوسَى وَلَدُ عِيسَى بْنُ مُوسَى فِي أَنْ يُطِيعَ أَبُوهُ الْمَنْصُورَ، خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْهُ وَعَلَى نَفْسِهِ، وَدَبَّرَ حِيلَةً أَوْحَاهَا إِلَى الْمَنْصُورِ، فَقَالَ: مُرْ بِخَنْقِي قُدَّامَ أَبِي إِنْ لَمْ يَخْلَعْ نَفْسَهُ، قَالَ: فَبَعَثَ الْمَنْصُورُ، مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَصَاحَ أَبُوهُ وَأَذْعَنَ بِخَلْعِ نَفْسِهِ، وَقَالَ: هَذِهِ يَدِي بِالْبَيْعَةِ لِلْمَهْدِيِّ، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ نُسْوَانِي طَوَالِقُ، وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، وَمَا أَمْلِكُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا أراد البيعة لِلْمَهْدِيِّ بِالْعَهْدِ، تَكَلَّمَ الْجُنْدُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ عِيسَى إِذَا رَكِبَ يُسْمِعُونَهُ مَا يَكْرَهُ، فَشَكَاهُمْ إِلَى الْمَنْصُورِ، فَلَمْ يَمْنَعْ فِي الْبَاطِنِ، وَمَنَعَ فِي الظَّاهِرِ، فَأَسْرَفُوا، حَتَّى خَلَعَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ. وَقِيلَ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ بَرْمَكٍ مَضَى إِلَيْهِ فِي ثَلاثِينَ نَفْسًا بِرِسَالَةِ الْمَنْصُورِ، فَامْتَنَعَ، فَجَاءَ خَالِدٌ وَقَالَ: قَدْ خَلَعَ نَفْسَهُ، وَاسْتَشْهَدَ أُولَئِكَ الثَّلاثِينَ، فَشَهِدُوا عَلَيْهِ. وَقِيلَ: بَلْ بَذَلَ لَهُ الْمَنْصُورُ عَلَى خَلْعِ نَفْسِهِ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ حَتَّى فَعَلَ. وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ مُحَمَّدَ بْنَ السَّفَّاحِ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَاسْتَعْفَى مِنْهَا، فَأَعْفَاهُ، وَانْصَرَفَ إلى بغداد فمات بها.

أحداث سنة ثمان وأربعين ومائة

أحداث سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَشِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ مُقْرِئُ مَكَّةَ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ فِي قَوْلٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ بِمِصْرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، وَعَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ الْيَحْصُبِيُّ، وَعَمَّارُ بْنُ سَعْدٍ الْمِصْرِيُّ، وَالْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْقَاضِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ الْمَدِينِيُّ الْفَقِيهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ الفقيه، ونعيم بن حَكِيمٍ الْمَدَائِنِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ يَحْيَى السَّيْبَانِيُّ. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ جَعْفَرُ بْنُ الْمَنْصُورِ، وَتَوَجَّهَ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ إِلَى ثَغْرِ أَرْمِينِيَّةَ، فَلَمْ يَلْقَ بَأْسًا، وَتَوَطَّدَتِ الْمَمَالِكُ لِلْمَنْصُورِ، وَعَظُمَتْ هَيْبَتُهُ فِي النُّفُوسِ، وَدَانَتْ لَهُ الأَمْصَارُ، وَلَمْ يَبْقَ خَارِجًا عَنْهُ سِوَى جَزِيرَةِ الأَنْدَلُسِ فَقَطْ، فَإِنَّهَا غَلَبَ عَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدَّاخِلُ الْمَرْوَانِيُّ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتَلَّقَبَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بِالأَمِيرِ فقط، وكذلك بنوه.

_ 1 تاريخ خليفة "ص/ 379"، وتاريخ الطبري "8/ 28"، والكامل "5/ 589-591"، والنجوم الزاهرة "2/ 12-17"، والبداية والنهاية "10/ 105-106".

أحداث سنة تسع وأربعين ومائة

أحداث سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ بِخُلْفٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ فِي قَوْلٍ، وَسَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ الْبَاهِلِيُّ الأَمِيرُ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ يَزِيدَ الْجُذَامِيُّ، وكهمس بن الحسن التميمي، وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ الْخُزَاعِيُّ الْقَائِدُ، وَالْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ، وَأَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ بِخَلَفٍ، وَمَعْرُوفُ بْنُ سُوَيْدٍ الْجُذَامِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا غَزَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَرْضَ الرُّومِ، وَمَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ قحطبة، ومحمد بن الأشعث، فمات محمد في الطَّرِيقِ. وَفِيهَا تَكَمَّلَ بِنَاءُ مَدِينَةِ بَغْدَادَ وَخَنْدَقِهَا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الإِمَامِ إِبْرَاهِيمَ، وَوَلِيَ مَكَّةَ، وَصَرَفَ عَنْهَا عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيٍّ.

أحداث سنة خمسين ومائة

أحداث سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ 1: فِيهَا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ الْمَكِّيُّ فِي قَوْلٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ الْمَنْصُورِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَفَقِيهُ مَكَّةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَدَّاحُ وَعُثْمَانُ بْنُ الأَسْوَدِ بِخُلْفٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ بِخُلْفٍ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعُمَرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ الإِمَامُ، وَأَبُو حَزْرَةَ يَعْقُوبُ بْنُ مجاهد بخلف.

_ 1 وانظر: تاريخ خليفة "ص/ 279"، وتاريخ الطبري "8/ 29-32"، والبداية والنهاية "10/ 106-107"، والكامل "5/ 591-594"، والنجوم الزاهرة "2/ 17"، وصحيح التوثيق "6/ 49".

وَفِيهَا كَانَ خُرُوجُ أُسْتَاذِسِيسَ فِي جُمُوعِ أَهْلِ هَرَاةَ وَسِجِسْتَانَ وَبَاذَغِيسَ، وَتَجَمَّعَ مَعَهُ جَيْشٌ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِه قَطُّ، حَتَّى قِيلَ: كَانَ فِي نَحْوٍ مِنْ ثَلاثِمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَغَلَبَ عَلَى عَامَّةِ خُرَاسَانَ، وَاسْتَفْحَلَ الْبَلاءُ، فَخَرَجَ لِقِتَالِهِمُ الأَجْثَمُ المروروذي بأهل مرو الروذ، فاقتتلوا أشد قتال، فَقُتِلَ الأَجْثَمُ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي جَيْشِهِ، فَبَعَثَ الْمَنْصُورُ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ إِلَى ابْنِهِ الْمَهْدِيِّ مُحَارَبَتِهِمْ، فَسَارَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَيْمَنَتِهِ الْهَيْثَمَ بْنَ شُعْبَةَ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ نَهَارَ بْنَ حُصَيْنٍ، وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ بَكَّارَ بْنَ سَلْمٍ الْعُقَيْلِيَّ، ثُمَّ خَنْدَقَ عَلَى عَسْكَرِهِ وَالْتَقَى الْجَمْعَانِ، وَثَبَتَ الْفَرِيقَانِ، وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ إِلَى أَنْ نَزَلَ النَّصْرُ، فَهَزَمَهُمُ الْمُسْلِمُونَ بِخَدِيعَةٍ عَمِلُوهَا، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي جَيْشِ أُسَتَاذِسِيسَ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَأُسِرَ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَهَرَبَ أُسْتَاذِسِيسُ إِلَى جَبَلٍ فِي طَائِفَةٍ، ثُمَّ ضُرِبَتْ أَعْنَاقُ الأَسْرَى كُلِّهِمْ، وَحَاصَرُوا أُسْتَاذِسِيسَ وَأَصْحَابَهُ، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ أَبِي عَوْنٍ أَحَدِ الْقُوَّادِ، فَحَكَمَ بِتَقْيِيدِ أُسْتَاذِسِيسَ وَأَوْلادِهِ، وَأَنْ يُطْلِقَ الْبَاقُونَ، وَهُمْ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ أَلْفًا، فَكَسَاهُمْ وَمَنْ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: كانت الوقعة فِي عَامِ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ. وَفِيهَا عَزَلَ الْمَنْصُورُ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ عَنِ الْمَدِينَةِ وَوَلَّى الْحَسَنَ بْنَ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيَّ. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

تراجم أهل هذه الطبقة على الحروف

تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الألف": 1- أبان بن تغلب1، -م4- أَبُو سَعْدٍ, وَقِيلَ: أَبُو أُمَيَّةَ الرِّبْعِيُّ الْكُوفِيّ المقريء الشيعي. رَوَى عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَفُضَيْلٍ الْفُقَيْمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ إِدْرِيسُ بْنُ يزيد الأودي وابنه عبد الله إِدْرِيسَ وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَآخَرُونَ. وَقَدْ أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرَضًا عَنْ عَاصِمٍ وَطَلْحَةَ بْنِ مصرف وتلقى من الأعمش. وحديثه نحو مِائَةِ حَدِيثٍ، وَهُوَ صَدُوقٌ فِي نَفْسِهِ مُوَثَّق لكنه يتشيع.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 453"، وتهذيب التهذيب "1/ 93"، والبداية والنهاية "10/ 77".

مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 2- أَبَانُ بْنُ أبي عياش البصري1، -د- الزاهد أبو إسماعيل بن فيروز. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وخليد العصري. وعنه روى عِمْرَانُ الْقَطَّانُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ وَآخَرُونَ. وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَدْ سُقْتُ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي كِتَابِ الْمِيزَانِ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: قَالَ شُعْبَةُ: رِدَائِي وَحِمَارِي فِي الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ يَكْذِبُ فِي الْحَدِيثِ. قُلْتُ لَهُ: فَلِمَ سَمِعْت مِنْهُ؟ قَالَ: وَمَنْ يَصْبِرْ عَنْ ذَا الْحَدِيثِ! يَعْنِي حَدِيثَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ فِي الْقُنُوتِ، وَقَدْ رَوَاهُ خَلادُ بْنُ يَحْيَى عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَنَتَ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ2. وَعَنْ شُعْبَةَ قَالَ: لأَنْ أَشْرَبَ مِنْ بَوْلِ حِمَارِي حَتَّى أُرْوَى أَحَبُّ إلي من أن أقول: حدثني أبان ابن أَبِي عَيَّاشٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: لأَنْ أَزْنِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرْوِي عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ. قَالَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ: ذَكَرْتُ هَذَا لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَقَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ هَذَا فِي أَبَانٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: إِنَّمَا تَرَكْتُ أَبَانَ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْ أَنَسٍ حَدِيثًا، فَقُلْتُ لَهُ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ: وَهَلْ يَرْوِي أَنَسٌ إِلا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ: أَتَيْتُ شُعْبَةَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَسْطَامٍ تُمْسِكُ عَنْ أَبَانٍ! فَقَالَ: مَا أَرَى السُّكُوتَ يَسَعُنِي. وَقَالَ عَفَّانُ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: مَا بَلَغَنِي حَدِيثٌ لِلْحَسَنِ إِلا أَتَيْتُ بِهِ أَبَانَ بن أبي عياش، فقرأه علي.

_ 1 الميزان "1/ 15"، والمجروحين "1/ 96"، المعرفة والتاريخ "1/ 346". 2 وانظر ميزان الاعتدال "1/ 15".

قَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ لا يحدثان عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَدَّانِ الْعُذْرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1. عَنْ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ. وعنه الوليد بْن مسلم ومحمد بْن شعيب. قَالَ الْوَلِيدُ: كَانَ أَعْبَدَ أَهْلِ الشَّامِ فِي زَمَانِهِ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَا أُصِيبَ أَهْلُ دِمَشْقَ بِأَعْظَمِ مِنْ مُصِيبَتِهِمْ بِهِ وَبِأَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَان الأَفْطَسُ الدِّمَشْقِيُّ2 -ت ق- ثِقَةٌ صَدُوقٌ. عَنْ مَكْحُولٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الحمن الْجُرَشِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُمَيْعٍ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ. 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ شُعَيْبٍ الْمَدَنِيُّ3. عَنْ عبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَالْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ ابن معين ليس بشيء. وذكره الْبُخَارِيُّ فَقَالَ: ابْنُ شُعَيْبٍ بِمُوَحَّدَةٍ وَالصَّوَابُ بِمُثَلَّثَةٍ. 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدَنِيُّ4 -م د ن ق- أَخُو مُوسَى وَمُحَمَّدٌ، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ. رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَكُرَيْبٍ. وعنه السفيانان وابن المبارك. وثقه النسائي. قال علي بن المديني: له عشرة أحاديث. 7- إبراهيم بن العلاء أبو هارون الغنوي5.

_ 1 تاريخ أبي زرعة الدمشقي "1/ 72"، وفيه "ابن جدار". 2 التاريخ الكبير "1/ 289"، وتهذيب ابن عساكر "2/ 216"، الجرح "2/ 102". 3 الجرح والتعديل "2/ 105"، وميزان الاعتدال "1/ 37". 4 تهذيب التهذيب "1/ 145"، وخلاصة التهذيب "20". 5 طبقات ابن سعد "7/ 261"، وميزان الاعتدال "1/ 49"، والمعرفة والتاريخ "3/ 231".

عن حطان الرقاشي وأبي مجلز وعكرمة. وعنه شعبة وحماد بن سلمة ويزيد بن زريع وابن المبارك. وثقه أبو زرعة. وقال أبو حاتم: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إِلَى الصِّدْقِ أَقْرَبُ. 8- ابْنُ هَرْمَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَامِرٍ1 الْفِهْرِيُّ المدني الشاعر البليغ المعروف بابن هرامة أَبُو إِسْحَاقَ. كَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الدَّوْلَتَيْنِ، مدح الوليد بن يزيد، ثم أبا جعفر المنصور، وكان شيخ شعراء زمانه، وكان منقطعًا إلى الطالبيين. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ مُقَدَّمٌ فِي شُعَرَاءِ الْمُحْدَثِينَ، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَشَّارُ بْنِ بُرْدٍ وَعَلَى أَبِي نُوَاسٍ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ لِي رَجُلٌ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَقَصَدْتُ مَنْزِلَ ابْنِ هَرْمَةَ فَإِذَا بُنَيَّةٌ لَهُ صَغِيرَةٌ تَلْعَبُ بِالطِّينِ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا فَعَلَ أَبُوكِ؟ قَالَتْ: وَفَدَ إِلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ، فَمَا لَنَا بِهِ عِلْمٌ مُنْذُ مُدَّةٍ، فَقُلْتُ: انْحَرِي لِي نَاقَةً فَأَنَا ضَيْفُكِ. قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا، قُلْتُ: فَشَاةً، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا، قُلْتُ: فَدَجَاجَةً، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا، قُلْتُ: فَهَاتِي بَيْضَةً، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا، قُلْتُ: فَبَطُلَ مَا قَالَ أَبُوكِ: كَمْ نَاقَةٍ قَدْ وَجَأْتُ مِنْحَرَهَا ... بِمُسْتَهَلِّ الشُّؤْبُوبِ أَوْ حَمَلِ قَالَتْ: فَذَاكَ الْفِعْلُ مِنْ أَبِي هُوَ الَّذِي أَصَارَنَا إِلَى أَنْ لَيْسَ عِنْدَنَا شَيْءٌ، وَتَمَّامُ الشِّعْرِ: لا أُمْتِعُ الْعُوذَ2 بِالْفِصَالِ وَلا ... أَبْتَاعُ إِلا قَصِيرَةَ الأَجَلِ إِنِّي إِذَا مَا الْبَخِيلُ أَمَّنَهَا ... بَاتَتْ ضَمُورًا مِنِّي عَلَى وَجَلِ قَالَ الْغِلابِيُّ: أَنَا ابْنُ عَائِشَةَ قَالَ: قَدِمَ ابْنُ هَرْمَةَ عَلَى الْمَنْصُورِ فَمَدَحَهُ، فَأَعْطَاهُ عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَقَالَ: يَا بْنَ هَرْمَةَ إِنَّ الزَّمَانَ ضَيَّقَ بِأَهْلِهِ، فَاشْتَرِ بِهَذِهِ إِبِلا عَوَامِلَ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَقُولَ: كُلَّمَا مَدَحْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطَانِي مِثْلَهَا، هَيْهَاتَ وَالْعَوْدُ إِلَى مِثْلِهَا. وَمِنْ شعره:

_ 1 البداية والنهاية "10/ 169"، والنجوم الزاهرة "2/ 84"، وتاريخ بغداد "6/ 127". 2 العوذ: الحديثات النتاج من الظباء والإبل والخيل، واحداتها: عائذ.

وللنفس تارات ويحل بِهَا الْعُرَى ... وَتَسْخُو عَنِ الْمَالِ النُّفُوسُ الشَّحَائِحُ إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَنْفَعْكَ حَيًّا فَنَفْعُهُ ... أَقَلُّ إِذَا انْضَمَّتْ عَلَيْهِ الصَّفَائِحُ لِأَيَّةِ حَالٍ يَمْنَعُ الْمَرْءُ مَالَهُ ... غداُ فَغَدًا وَالْمَوْتُ غَادٍ وَرَائِحُ وَلَهُ: كَأَنَّ عَيْنَيَّ إِذَا وَلَّتْ حُمُولُهُمْ ... عَنَّا جَنَاحَا حَمَامٍ صَادَفَتْ مَطَرَا أَوْ لُؤْلُؤٌ سِلْسٌ فِي عِقْدِ جَارِيَةٍ ... خَرْقَاءَ نَازَعَهَا الْوِلْدَانُ فَانْتَثَرَا 9- إبراهيم بن محمد بن المنتشر1 -خ م. ابن الأجدع، ابْنِ ابْنِ أَخِي مَسْرُوقٍ الْكُوفِيُّ. ثِقَةٌ زَاهِدٌ جَلِيلٌ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ جَعْفَرُ الأَحْمَرُ: كَانَ مِنْ أَفْضَلِ مَنْ رَأَيْنَاهُ بِالْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ. 10- إبراهيم بن مسلم الهجري الكوفي –ق- أبو إسحاق2. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَعَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالْمُحَارِبِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ. ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. 11- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونَ أَبُو إِسْحَاقَ النَّحَّاسُ الْخَيَّاطُ3. عَنْ أَبِيهِ وَعُرْوَةُ بْنُ فَائِدٍ وَسَعْدُ بْنُ سَمُرَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 12- إِبْرَاهِيمُ بن يزيد القرقسي -ت ق-4.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 320"، وتهذيب التهذيب "1/ 157"، والمشاهير "164". 2 التاريخ لابن معين "2/ 13-14 "1322"، وميزان الاعتدال "1/ 65 "216". 3 التاريخ الكبير "1/ 325"، وتهذيب التهذيب "1/ 173". 4 ميزان الاعتدال "1/ 75"، والوافي "6/ 169"، والخلاصة "23"، وطبقات ابن سعد "5/ 363".

مولى عمر بن عبد العزيز ويعرف بِالْخُوزِيِّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ سَكَنَ شِعْبَ الْخُوزِ بِمَكَّةَ، فَنُسِبَ إِلَيْهِ. رَوَى عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ. وعنه وكيع وزيد بن الحباب وعبد الرزاق. وهو ضعيف. توفي سنة خمسين ومائة. وقال ابن سعد: توفي سنة إحدى وخمسين. قال سفيان بن عبد الملك المروزي: سألت ابن المبارك عَنْ حَدِيثٍ لِإِبْرَاهِيمَ الْخُوزِيِّ فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَنِي. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لا يُحَدِّثَانِ عَنْهُ. وَقَالَ عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَكَتُوا عَنْهُ. 13- أَبْيَنُ بْنُ سُفْيَانَ1. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي حَازِمٍ وَضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الشَّامِيُّ وَكَثِيرُ بْنُ مَرْوَانَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ كُلُّهُ. قُلْتُ: 14- "أَبَانُ بْنُ سُفْيَانَ" إِنْسَانٌ آخَرُ أَصْغَرُ مِنْ هَذَا. يَرْوِي عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، ضَعِيفٌ أَيْضًا. 15- أَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُجَيَّةَ الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ 2 -4- يُقَالُ اسْمُهُ يَحْيَى. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ وَيَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ وَشُعْبَةُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهٍر وَابْنُ إِدْرِيسَ وَعِدَّةٌ. قال ابن معين وغيره: لا بأس به.

_ 1 لسان الميزان "1/ 129". 2 البداية والنهاية "10/ 96"، وتهذيب التهذيب "1/ 189"، وشذرات الذهب "1/ 216".

وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي صَدُوقٌ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ إِلا أَنَّهُ يُعَدُّ فِي الشِّيعَةِ، يُكْنَى أَبَا حُجَيَّةَ. وَقَالَ الْجُوزْجَانِيُّ: الأَجْلَحُ مُفْتَرٍ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 16- أَحْمَدُ بْنُ خَازِمٍ الْمُعَافِرِيُّ الْمِصْرِيُّ1. تُوُفِّيَ بِالأَنْدَلُسِ، وَهُوَ أَقْدَمُ مَنْ فِي كِتَابِنَا مِمَّنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ. سَمِعَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَغَيْرُهُمَا. وَعَنْهُ ابْنُ لَهِيعَةَ وَالْوَاقِدِيُّ. أَحَادِيثُهُ مُسْتَقِيمَةٌ، وَلَهُ نُسْخَةٌ مَعْرُوفَةٌ سَمِعْنَاهَا، وَأَبُوهُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ. 17- أَخْضَرُ بْنُ عَجْلانَ الشَّيْبَانِيُّ 2 -4- بَصْرِيٌّ، وَهُوَ أَخُو شُمَيْطٍ الزَّاهِدِ. رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ أَنَسٍ، رَوَى عَنْهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَالأَنْصَارِيُّ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 18- إِدْرِيسُ بْنُ سِنَانٍ3 أَبُو إِلْيَاسَ الصَّنْعَانِيُّ. أَحَدُ الضُّعَفَاءِ. رَوَى عَنْ جَدِّهِ لأُمِّهِ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَعَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ وَالْمُحَارِبِيُّ وَأَبُو حُذَيْفَةَ الْبُخَارِيُّ. 19- أَدْهَمُ بْنُ طَرِيفٍ السَّدُوسِيُّ4. أَبُو بِشْرٍ. بَصْرِيٌّ. عَنْ مُطَرِّفِ بن الشخير وعبد الله بن بريدة وسلمان أَبِي عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَثَّقَهُ أَحَمْدُ. 20- إِسْحَاقُ بْنُ أُسَيْدٍ5 الأَنْصَارِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ -د ق- نَزِيلُ مِصْرَ. عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَنَافِعٌ مَوْلَى ابن عمرو وأبي حفص الدمشقي.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 95"، وجذوة المقتبس "120"، تاريخ علماء الأندلس "23". 2 تاريخ الدوري "2/ 20"، والجرح والتعديل "2/ 340"، وتقريب التهذيب "1/ 63". 3 تهذيب التهذيب "1/ 194"، والخلاصة "24". 4 التاريخ لابن معين "2/ 21 "4139". 5 التاريخ الكبير "1/ 38"، وتقريب التهذيب "1/ 68".

وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ وَلا يُشْتَغَلُ بِهِ. قُلْتُ بَلْ هُوَ صالح الأمر. 21- إسحاق بن عبيد اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ الْمَدَنِيّ1 -د ت ق- مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. وَلَهُ إِخْوَةٌ مِنْهُمْ: صَالِحٌ وَيَحْيَى وَإِبْرَاهِيمُ وَيُونُسَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ الْحَكِيمِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَعُمَرُ وَدَاوُدَ وَعِيسَى وَعَمَّارُ، فَعِدَّتُهُمْ ثَلاثَةَ عَشَرَ أَخًا. رَوَى إِسْحَاقُ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ وَالأَعْرَجِ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَنَافِعٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمَ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لهيعة وأحمد بن شعيب ويحيى بْنُ شُعَيْبٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَخَلْقٌ؛ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ. قَدْ سُقْتُ أَخْبَارَهُ فِي كِتَابِي الْمُلَقَّبِ بِالْمِيزَانِ. قَالَ أَحْمَدُ بن حنبل: لا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثَ. وَقَال النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ؛ وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ إسحاق بن عبد اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "لا يُعْجِبُكُمْ إِسْلامَ امْرِئٍ حَتَّى تَعْلَمُوا مَا عَقَدَهُ عَقْلُهُ". 22- إِسْرَائِيلُ بْنُ مُوسَى2 –خ د ت ن- بَصْرِيٌّ نَزَلَ الْهِنْدَ مُدَّةً. لَهُ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَحُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وغيره. وهو مقل. 23- أسلم المنقري3 –د- أبو سعيد. كوفي.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 396"، وتهذيب التهذيب "1/ 240"، وتهذيب ابن عساكر "2/ 446"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 310". 2 التهذيب "1/ 266"، وميزان الاعتدال "1/ 208"، وتقريب التهذيب "1/ 75"، والثقات "6/ 79". 3 التاريخ الكبير "2/ 24"، والجرح والتعديل "2/ 307"، والخلاصة "31".

عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَن بن أبزى وعطاه بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْثَرَ بْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ فُضَيْلٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. 24- أَسْمَاءُ بْنُ عبيد1 –م- أبو المفضل الضبعي البصري. والد جويرية ابن أَسْمَاءَ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَسَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُهُ جُوَيْرِيَةُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 25- إِسْمَاعِيلُ بْنُ أمية بن الأشدق2 –ع- عمرو بن سعيد بن العاص الأموي المكي ابْنُ عَمِّ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى. رَوَى عَنْ مَكْحُولٍ وَنَافِعٍ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وأبي طوالة وطائفة. وعنه ابه عيينة وبشر بن المفضل وأبو إسحاق والغز ويحيى بن سليم وآخرون، وكان ثقة سريا كبير القدر، اختلف في وفاته، الأصح في سنة أربع وأربعين ومائة، وقيل: بل توفي سنة تسع وثلاثين ومائة. مات في سن الكهولة. * إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان -د ت- قَدْ تَقَدَّمَ. 26- إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ الْبَجَلِيُّ –ع- مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ3، أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. سَمِعَ أَبَا جُحَيْفَةَ وَابْنَ أَبِي أَوْفَى وَقَيْسَ بْن أَبِي حَازِمٍ وَطَارِقَ بْن شِهَابٍ وَالشَّعْبِيَّ وَزِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ وعمرو بن حريث وقيس بن عائذ، ولها أَيْضًا صُحْبَةُ. رَوَى عَنْهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ -مَعَ تقدمه- وَشُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وأبو أسامة ومحمد ابن بِشْرٍ وَوَكِيعٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ.

_ 1 المشاهير "94، 153"، والوافي "9/ 62". 2 التاريخ لابن معين "631"، ومشاهير علماء الأمصار "145". 3 البداية والنهاية "10/ 96"، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي "1/ 121"، طبقات خليفة "167".

وكان ثقة حجة، وكان طَحَّانًا، وَلَهُ إِخْوَةٌ لَمْ يَشْتَهِرُوا وَهُمْ: أَشْعَثُ وَخَالِدٌ وَسَعِيدٌ وَالنُّعْمَانُ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ شَرِبَ الْعِلْمَ شُرْبًا. وَرَوَى مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إِسْمَاعِيلُ يَزْدَرِدُ الْعِلْمَ ازْدِرَادًا. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ: حُفَّاظُ النَّاسِ ثَلاثَةٌ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الله العجلي: إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَكَانَ طَحَّانًا ثِقَةً ثَبْتًا رُبَّمَا أَرْسَلَ الشَّيْءَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَإِذَا وَقَفَ أَخْبَرَ. وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ، وَهُوَ رَاوِيَةُ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَحَدِيثُهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِمِائَةِ حَدِيثٍ. قُلْتُ: حَدِيثُهُ يَقَعُ عَالِيًا فِي الْغَيْلانِيَّاتِ، مَاتَ قَبْلَ الأَعْمَشِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ أَوْ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 27- إِسْمَاعِيلُ بْنُ رافع المدني1 -ت ق- أبو رافع القاص نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَسَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْهُ بَقِيَّةُ وَالْمُحَارِبِيُّ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو عَاصِمٍ وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 28- إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَرْبِيٍّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ أَبِيهِ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي بُرْدَةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ. ذكره أبو حاتم ولم يلينه. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ. 29- إِسْمَاعِيلُ بن سلمان3 بن أبي المغيرة –ق- التميمي الكوفي الأزرق. عَنْ أَنَسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَدِينَارِ بْنِ عُمَرَ الأَسَدِيِّ الْبَزَّارِ. وَعَنْهُ إِسْرَائِيلُ وَوَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ موسى وعدة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 354"، وميزان الاعتدال "1/ 227"، وتهذيب ابن عساكر "3/ 21" 2 الجرح والتعديل "2/ 170". 3 الضعفاء والمتروكين "17"، والجرح والتعديل "2/ 176"، والتقريب "1/ 82".

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 30- إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ الْحَنَفِيُّ الْكُوفِيُّ1، أَبُو مُحَمَّدٍ بَيَّاعٌ السَّابِرِيُّ. عَنْ أَبِي رُزَيْنٍ ومالك بن عمير وغيرهما. وعن الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ. 31- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ2، الْعَبَّاسِيُّ. عَمُّ الْمَنْصُورِ، وَلِيَ إِمْرَةَ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ عِنْدَ الْمَنْصُورِ. مَاتَ كَهْلا سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 32- إِسْمَاعِيلُ بْنُ نَشِيطٍ الْعَامِرِيُّ3. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَجَمِيلِ بْنِ عُمَارَةَ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ. وَعَنْهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 33- أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي4 –د- الفلسطيني الرملي. عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَفَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. وَثَّقَهُ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 34- أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ الْحَدَّانِيُّ5 -4- وحدان: بطن من الأزد، الْبَصْرِيُّ الأَعْمَى. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَالْحَسَنِ. وعنه معمر وشعبة ويحيى القطان والأنصاري وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 356"، والجرح والتعديل "2/ 171". 2 تهذيب ابن عساكر "3/ 39"، والمعرفة والتاريخ "1/ 118"، والوافي بالوفيات "9/ 156". 3 لسان الميزان "1/ 440"، والمتروكين "18"، والجرح والتعديل "2/ 201". 4 التهذيب "1/ 346"، وتهذيب ابن عساكر "3/ 61". 5 التقريب "1/ 90"، والجرح والتعديل "2/ 273"، والزرقاني "47".

وثقه النسائي وهو جد نصر بن علي الجهضمي لأمه، وهو أشعث البصري وأشعث الأعمى وأشعث الأزدي وأشعث الجملي. وهو صالح الحديث. وحديثه عَنْ أَنَسٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ. 35- أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ1 -4- أَبُو هَانِئٍ الْبَصْرِيُّ. مَوْلَى حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. رَوَى عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ وَطَائِفَةٍ. وَهُوَ مِنْ كبار أصحاب الحسن ومن أفقههم. روى عن خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَأَبُو عَاصِمٍ وَرَوْحُ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَحَمَّادُ بْنُ مُسْعَدَةَ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: هُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بَعْدَ ابْنِ عَوْنٍ أَثْبَتَ مِنْهُ. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ أَيْضًا الأَنْصَارِيُّ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ ثَلاثَةٌ أَحَدُهُمُ الْحُمْرَانِيُّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَأَشْعَثُ الْحُدَّانِيُّ يُعْتَبَرُ بِهِ، وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ كُوفِيٌّ يُعْتَبَرُ بِهِ، وَهُوَ أَضْعَفُهُمْ. قُلْتُ: ذَكَرَ ابْنُ سَوَّارٍ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَشْعَثُ الْحُمْرَانِيُّ كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ، وَكَانَ عَالِمًا بِمَسَائِلِ الْحَسَنِ الدقاق، وهو مِنْ بَابَةِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ الْحُمْرَانِيُّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 36- أُمَيُّ الصَّيْرَفِيُّ2: هُوَ أُمَيُّ بْنُ رَبِيعَةَ الْمُرَادِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ مِنَ الثِّقَاتِ الَّذِينَ لَمْ يقع حديثهم في الكتب الستة. روى عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَطَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ وَآخَرِينَ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَوَكِيعٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. وثقه يحيى بن معين وغيره.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 431"، والنجوم الزاهرة "2/ 6"، والخلاصة "39". 2 تهذيب التهذيب "1/ 369"، وتاريخ الدوري "2/ 452"، والثقات "6/ 84".

37- أَنَسُ بْنُ أُنَيْسٍ الْعُذْرِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ المقرئ1. روى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْخَشْخَاشِ، وَعَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ. صَالِحُ الأَمْرِ. 38- أُنَيْسُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأسلمي المدني2 -د ت. وعن أَبِيهِ وَإِسْحَاقُ بْنُ سَالِمٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى وَحَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وقال الْحَاكِمُ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. 39- أَيُّوبُ بْنُ عَائِذٍ الْكُوفِيُّ3 -خ م ت ن. عَنِ الشَّعْبِيِّ وبكير الأَخْنَسِ وَقَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمَدَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ. لَهُ نَحْوُ عشرة أحاديث. وثقه النسائي وغيره. وقال الْبُخَارِيُّ: كَانَ يَرَى الإِرْجَاءَ. "حرف الْبَاءِ": 40- بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو خَالِدٍ الْخَبَايِرِيُّ4 -4- السَّحُولِيُّ الْحِمْصِيُّ. أَحَدُ الأَثْبَاتِ. رَوَى عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَمَكْحُولٍ. وعنه معاوية بن صالح وإسماعيل بن عياش ومحمد بن حرب وبقية ومحمد بن حمير. وثقه دحيم والنسائي. قال بقية: استهداني شعبة أحاديث بحير بن سعد فبعثت بها إليه فمات قبل أن تصل إليه.

_ 1 تهذيب ابن عساكر "3/ 137"، والمعرفة والتاريخ "2/ 202". 2 التاريخ الكبير "2/ 42"، وتهذيب التهذيب "1/ 380"، والنجوم الزاهرة "2/ 4". 3 الضعفاء الصغير للبخاري "18"، والجرح والتعديل "2/ 252"، والخلاصة "43". 4 التاريخ لابن معين "2/ 53 "4519"، والجرح "2/ 412".

وسئل أحمد: أيما أَصَحُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ثَوْرٌ أَوْ بَحِيرٌ؟ قَالَ: بَحِيرٌ. 41- الْبَخْتَرِيُّ بْنُ أَبِي الْبَخْتَرِيّ1 -م ن، مختار بن رويح العبدي الكوفي مِنْ أَجْدَادِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُعَدَّلِ فَقِيهُ الْمَالِكِيَّةِ. رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى وأبي بكر بن عمارة وعبد الرحمن بن مسعود اليشكري. وعنه سفيان وشعبة ووكيع وحفيده المعدل بن غيلان وابن ابن أخيه محمد بن بشر العبدي. قال البخاري: يخالف في حديثه، ووثقه غيره. وقال ابن عدي: لا أَعْلَمُ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. وَقَالَ شُعْبَةُ: كَانَ لَخَيْرَ الرِّجَالِ. وَقَالَ الْفَلاسُ: مَاتَ سَنَةَ ثمان وأربعين. 42- بدر بن الخليل2 أبو الخليل الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَسَلْمُ بْنُ عَطِيَّةَ وَجَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَوَكِيعٌ وَأَبُو أُمَامَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. قال أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 43- بَدْرُ بْنُ عُثْمَانَ الْكُوفِيُّ3 -م د ت- مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَالْخُرَيْبِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 44- بُرَيْدُ بْن عَبْد الله بْن أبي بُرْدَة4 -ع- بْنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ أَبُو بُرْدَةَ الْكُوفِيُّ.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 103"، والخلاصة "46". 2 الجرح والتعديل "2/ 412". 3 خلاصة التذهيب "46"، والجرح والتعديل "2/ 413". 4 تقريب التهذيب "1/ 104"، وابن الجنيد "84"، والعلل "1/ 210"، وتاريخ الثقات "78".

عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ، وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَخَلْقٌ. وَهُوَ صَدُوقٌ مُوَثَّقٌ، إِلا أَنَّ أَبَا حَاتِمٍ قَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 45- بِشْرُ بْنُ الْعَلاءِ بْنُ زَبْرٍ الدِّمَشْقِيُّ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ1. رَوَى عَنْ نَافِعٍ وَحِزَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ سَعْدٍ صَاحِبِ أَبِي ذَرٍّ، قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَابْنُ شُعَيْبٍ. 46- بِشْرُ بْنُ نُمَيْرٍ الْقُشَيْرِيّ –ق- بَصْرِيٌّ وَاهٍ2. يَرْوِي عَنْ مَكْحُولٍ وَالْقَاسِمِ أَبِي عَبْد الرحمن. وعنه أبو عوانة ويزيد بن زريع وحماد بن زيد ويزيد بن هارون وابن وهب وطائفة. قال أحمد: ترك الناس حديثه، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 47- بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ الْغَنَوِيُّ الْكُوفِيُّ3 –م4. عَنْ عِكْرِمَةَ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو أَحَمْدَ الزُّبَيْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. 48- بَكْرُ بْنُ عَمْرٍو الْمُعَافِرِيُّ4 -سِوَى ق- إِمَامِ جَامِعِ مِصْرَ. عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ وَمُشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ. وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَحْيَوَةَ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَكَانَ لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ فِي خِلافَةِ الْمَنْصُورِ. 49- بُكَيْرُ بْنُ عامر البجلي5 –د- أبو إسماعيل الكوفي. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالْنَّخَعِيِّ وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَأَبِي زُرْعَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ووكيع والخريبي وأبو نعيم.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 79". 2 تهذيب التهذيب "1/ 460"، وميزان الاعتدال "1/ 325". 3 المعرفة والتاريخ "3/ 123"، والخلاصة "50"، والجرح "2/ 378". 4 ميزان الاعتدال "1/ 347"، وتهذيب ابن عساكر "3/ 289". 5 تهذيب الأسماء "1/ 135"، والخلاصة "52".

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. 50- بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ1 -4- بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ. لَهُ نُسْخَةٌ حَسَنَةٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وله عن زرارة بن أوفى، وعن الْحَمَّادَانِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو أُسَامَةَ وَرَوْحٌ وَأَبُو عاصم والأنصاري ومكي بن إيراهيم وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيٍن وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالنَّسَائِيُّ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَحَادِيثُهُ صِحَاحٌ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: هُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ فَقِيلَ لِأَبِي دَاوُدَ: فَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ حُجَّةٌ؟ قَالَ: لا وَلا نِصْفُ حُجَّةٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يَخْتَلِفُونَ فِي بَهْزٍ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: إِنَّمَا تُرِكَ مِنَ الصحيح لأنه نُسْخَةٌ شَاذَّةٌ يَنْفَرِدُ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يُخْطِئُ كَثِيرًا، فَأَمَّا أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فَيَحْتَجَّانِ به، وتركه جماعة من أئمتنا، ولولا حديث "إِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ إِبِلِهِ عَزْمَةً من عَزَمَاتِ رَبِّنَا "لأَدْخَلْنَاهُ فِي الثِّقَاتِ وَهُوَ مِمَّنْ أَسْتَخِيرُ الله فيه. قلت: علي بن حاتم البستي في قوله هذا مأخوذات: إِحْدَاهَا- قَوْلُهُ: "كَانَ يُخْطِئُ كَثِيرًا" وَإِنَّمَا يُعْرَفُ خَطَأُ الرَّجُلِ بِمُخَالَفَةِ رِفَاقِهِ لَهُ، وَهَذَا فَانْفَرَدَ بِالنُّسْخَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا شَارَكَهُ فِيهَا، وَلا لَهُ فِي عَامَّتِهَا رَفِيقٌ، فَمِنْ أَيْنَ لَكَ أَنَّهُ أَخْطَأَ. الثَّانِي- قَوْلُكَ: تَرَكَهُ جَمَاعَةٌ، فَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا تَرَكَهُ أَبَدًا، بَلْ قَدْ يَتْرُكُونَ الاحْتِجَاجَ بِخَبَرِهِ، فَهَلا أَفْصَحْتَ بِالْحَقِّ. الثَّالِثُ- وَلَوْلا حَدِيثُ: إِنَّا آخِذُوهَا، فَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ بَهْزٌ أَصْلا وَرَأْسًا، وَقَالَ بِهِ بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَيَقَعُ بَهْزٌ غَالِبًا فِي جُزْءِ الأَنْصَارِيِّ، وَمَوْتُهُ مُقَارِبٌ لِمَوْتِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَحَدِيثُهُ قَرِيبٌ مِنَ الصحة.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 142"، تهذيب التهذيب "1/ 498"، والتقريب "1/ 117"، تاريخ الدوري "2/ 64".

"حرف التَّاءِ": 51- تَمَّامُ بْنُ نُجَيْحٍ الأَسَدِيُّ -د ت- شَامِيٌّ1. عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَابْنُ سِيرِينَ وَبَقِيَّةٌ وَمُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ معين. قَالَ البخاري: فِيهِ نظر. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه. وقال ابن حيان: يَرْوِي أَشْيَاءَ مَوْضُوعَةً عَنِ الثِّقَاتِ كَأَنَّهُ الْمُتَعَمِّدُ لَهَا، مَوْلِدُهُ بِمَلَطْيَةَ، وَسَكَنَ حَلَبَ. 52- تَمِيمُ بْنُ عَطِيَّة الْعَنْسِيُّ الدَّارَانِيّ2 -ت. عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ وَمَكْحُولٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، وَلَهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفٍ شَدِيدٍ. "حرف الثَّاءِ": 53- ثَابِتُ بْنُ سَرْجٍ الدِّمَشْقِيُّ3. عَنْ أَبِي وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ وَرَوَى عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْهُ الوليد بن مسلم ومحمد بن شُعَيْب بْنِ شَابُورٍ. 54- ثَابِتُ بْنُ أَبِي صَفِيَّةَ أَبُو حمزة الثمالي4 –ت- الأزدي الكوفي. عن أنس وعكرمة والشعبي وأبي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إِلَى الضعف أقرب.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 157"، وتهذيب ابن عساكر "3/ 346"، والمعرفة والتاريخ "3/ 365". 2 ميزان الاعتدال "1/ 360"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 73". 3 تهذيب ابن عساكر "3/ 368". 4 تقريب التهذيب "1/ 121-122"، وأحوال الرجال "15"، والمجروحين "1/ 206".

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ مِنْ مَوَالِي الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، كَثِيرُ الْوَهْمِ، حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَدِّ الاحْتِجَاجِ بِهِ مَعَ غُلُوٍّ فِي تَشَيُّعِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ ضَعِيفًا. وَقَالَ الْعُقَيْلِيّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: أَبُو حَمْزَةَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. 55- ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ الْحَنَفِيُّ1 -د ت ن- بَصْرِيٌّ يُكْنَى أَبَا مَالِكٍ. رَوَى عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ وَزُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى وَأَبِي الْحَوْرَاءِ رَبِيعَةَ السعدي وأبي تميمة الهجيمي. وعنه ابن المبارك وخالد بن الحارث وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ ويحيى بن كثير العنبري، وخلق سواهم. قال النسائي: لا بَأْسَ بِهِ. 56- ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو السُّرِّيِّ الأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ وَأَبِي بُرْدَةَ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ، ضَعَّفَهُ ابن معين. قال أَبُو حَاتِمٍ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: أَمَّا: * ثَابِتُ بن يزد الأَحْوَلُ فَثِقَةٌ مِنْ طَبَقَةِ زَائِدَةَ. "حرف الْجِيمِ": 57- جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ أَبُو بِشْرٍ الرَّاسِيُّ الْبَصْرِيّ3 -د ت ن. عَنْ خِلاسِ بْنِ عَمْرٍو وَالْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 166"، وتاريخ الدوري "2/ 69". 2 ميزان الاعتدال "1/ 368"، والخلاصة "57"، والجرح والتعديل "2/ 459". 3 التاريخ الكبير "2/ 207"، والجرح "2/ 500"، والخلاصة "59".

58- جَارِيَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْمَدَنِيُّ الزَّاهِدُ1. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ لَهُ قَدْرٌ وَعِبَادَةٌ وَرِوَايَةٌ لِلْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ، مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: لَوْ قِيلَ لِجَارِيَةَ: إِنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ غَدًا مَا كَانَ فِيهِ مَزِيدُ عَمَلٍ. 59- جِبْرِيلُ بْنُ أَحْمَرَ الْبَصْرِيُّ، أَبُو بَكْرٍ2. عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَالْمُحَارِبِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَيْخٌ. 60- الجراح بن الضحاك بن قيس الكندي3 -ت. الكوفي ثم الرازي أَخُو عِيسَى بْنُ الضَّحَّاكِ. رَوَى عَنْ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ وَسَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ الأَبْرَشُ وجماعة. قال أبو حاتم: صالح لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ. 61- الْجَعْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المدني4 -سوى ق- ويقال له الجعيد. عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَيَزِيدَ بْنِ حُصَيْفَةَ وَعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى الْمَرْوَزِيُّ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 62- جَعْفَرُ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَارَةَ الْمَخْزُومِيُّ -د ت ق- 5عن أبيه.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 521"، ولسان الميزان "2/ 91". 2 التاريخ الكبير "2/ 253"، وتهذيب التهذيب "2/ 60"، والجرح والتعديل "2/ 549". 3 تهذيب التهذيب "2/ 65"، والخلاصة "61". 4 تاريخ أبي زرعة "1/ 223"، والمعرفة والتاريخ "1/ 213"، والخلاصة "62". 5 تقريب التهذيب "1/ 134"، والكاشف "1/ 796"، والعلل "1/ 130".

وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو عَاصِمٍ النبيل، ثقة حجازي. 63- جعفر الصادق -م4- 1وَهُوَ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب الإِمَامُ الْعَلَمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَهُوَ سِبْطُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ، فَإِنَّ أُمَّهُ هِيَ أُمُّ فَرْوَةَ ابْنَةُ الْقَاسِمِ، وَأُمُّهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَلِهَذَا كَانَ جَعْفَرٌ يَقُولُ: وَلَدَنِي الصِّدِّيقُ مَرَّتَيْنِ. يُقَالُ: مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رَأَى سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ وَغَيْرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ2. يَرْوِي عَنْ جَدِّهِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: وَلَمْ أَرَ لَهُ عَنْ جَدِّهِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ شَيْئًا، وَقَدْ أَدْرَكَهُ وَهُوَ مُرَاهِقٌ. وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءٍ وَنَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَلَهُ أَيْضًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، فَيُمْكِنُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ. حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَشُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَمَالِكٌ وَوُهَيْبٌ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ، آخِرُهُمْ وَفَاةً أبو عاصم النبيل3. ومن جلة ما رَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ مُوسَى الْكَاظِمُ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنَ التَّابِعِينَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ الْهَادِ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ لا يسأل عن مثله. روى عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: مُجَالِدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. قُلْتُ: لَمْ يُتَابِعِ الْقَطَّانُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ، فَإِنَّ جَعْفَرًا صَدُوقٌ، احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، وَمُجَالِدُ ليس بعمدة.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 135"، مشاهير علماء الأمصار "127"، تاريخ اليعقوبي "2/ 115"، شذرات الذهب "1/ 220". 2 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 438". 3 انظر السابق.

رَوَى عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ هَيَّاجُ بْنُ بَسْطَامٍ: كَانَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُطْعِمُ حَتَّى لا يَبْقَى لِعِيَالِهِ شَيْءٌ. وَقَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاق الرَّاشِدِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَالِمٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ أَنَّهُ سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَإِنَّهُ لا يُحَدِّثُكُمْ بَعْدِي بِمِثْلِ حَدِيثِي. وَقَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو نُجَيْحٍ إبراهيم بن مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ الْفَقِيهَ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ وَسُئِلَ: مَنْ أَفْقَهُ مَنْ رَأَيْتَ؟ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهُ مِنْ جَعْفَرٍ، لَمَّا أَقْدَمَهُ الْمَنْصُورُ الْحِيرَةَ بَعَثَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ إِنَّ النَّاسِ قَدْ فُتِنُوا بجعفر بن محمد، فهييء لَنَا مِنْ مَسَائِلِكَ الصِّعَابَ، فَهَيَّأْتُ لَهُ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ الْمَنْصُورُ فَأَتَيْتُهُ، فَدَخَلْتُ، وَجَعْفَرٌ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا بَصُرْتُ بِهِمَا دَخَلَنِي لِجَعْفَرٍ مِنَ الْهَيْبَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْنِي لِلْمَنْصُورِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيُّ جَعْفَرٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَتَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ, هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا: قَدْ أَتَانَا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ هَاتِ مِنْ مَسَائِلِكَ فَاسْأَلْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَابْتَدَأْتُ أَسْأَلُهُ، فَكَانَ يَقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ: أَنْتُمْ تَقُولُونَ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا، وَنَحْنُ -يُرِيدُ أَهْلَ الْبَيْتِ- نَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَرُبَّمَا تَابَعْنَا، وَرُبَّمَا تَابَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَرُبَّمَا خَالَفْنَا مَعًا، حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى أربعين مَسْأَلَةٍ، مَا أَخْرِمُ فِيهَا مَسْأَلَةً، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ: أَلَيْسَ قَدْ رَوِينَا أَنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بالاختلاف1. ابن أبي خثيمة ثنا مُصْعَبٌ: سَمِعْتُ الدَّرَاوَرْدِيُّ يَقُولُ: لَمْ يَرْوِ مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرٍ حَتَّى ظَهَرَ أَمْرُ بَنِي العباس، ثم قال مصعب: كان لا يَرْوِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَتَّى يَضُمُّهُ إِلَى آخِرٍ مِنْ أُولَئِكَ الرُّقَعَاءِ، ثُمَّ يجعله بعده. ابْنُ عُقْدَةَ ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاق الرَّاشِدِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَالِمٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أبي الأَسْوَدِ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَإِنَّهُ لا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي مِثْلَ حَدِيثِي. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عن زهير بن محمد قال: قال لجعفر بن محمد: إن لي

_ 1 ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 440".

جَارًا يَزْعُمُ أَنَّكَ تَبْرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ فَقَالَ جَعْفَرٌ: بَرِيءَ اللَّهُ مِنْ جَارِكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَنْفَعَنِيَ اللَّهُ بِقَرَابَتِي مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَقَدِ اشْتَكَيْتُ شِكَايَةً فَأَوْصَيْتُ إِلَى خَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ1. أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ أَنَا ابْنُ مُلاعِبٍ أَنَا الأَرْمَوِيُّ أَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ ابْنُ الْمَأْمُونِ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَزَّارُ ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ثنا محمد بن فضل عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَابْنَهُ جَعْفَرًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالا: يَا سَالِمُ: تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هُدًى، وَقَالَ لِي جَعْفَرٌ: يَا سَالِمُ أَيَسُبُّ الرَّجُلُ جَدَّهُ! أَبُو بَكْرٍ جَدِّي فَلا نَالَتْنِي شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَتَوَلاهُمَا وَأَبْرَأُ مِنْ عَدُوِّهِمَا. هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَسَالِمٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ شِيعِيَّانِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَبِيبِيُّ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: مَا أَرْجُو مِنْ شَفَاعَةِ عَلِيٍّ شَيْئًا إِلا وَأَنَا أَرْجُو مِنْ شَفَاعَةِ أَبِي بَكْرٍ مِثْلَهُ. وَقَالَ الحبيبي: ثنا مجلد بن أبي قريش عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَمْدَانِيُّ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَتَاهُمْ وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَرْتَحِلُوا مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: إِنَّكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ صَالِحِي أَهْلِ مِصْرَ، فَأَبْلِغُوهُمْ عَنِّي مَنْ زَعَمَ أَنِّي إِمَامٌ مُفْتَرِضُ الطَّاعَةِ فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنِّي أَبْرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ. وَرَوَى حِبَّانُ بْنُ سُدَيْرٍ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، وَسُئِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ رَجُلَيْنِ قَدْ أَكَلا مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ. قُلْتُ: يَعْنِي إِنْ صَحَّ هَذَا عَنْهُ أَنَّهُمَا مِمَّنْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تُعَلَّقُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ. قَالَ مَعْبَدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ معوية بْنِ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلا مَخْلُوقٍ وَلَكِنَّهُ كَلامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: وَاللَّهِ لا نَعْلَمُ كُلَّ مَا تسألونا عنه ولغيرنا أعلم منا.

_ 1 المصدر السابق.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُسْلِمَةَ بْنِ جَعْفَرٍ الأَحْمَسِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: إِنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ ثَلاثًا بِجَهَالَةٍ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ يجعلونها واحدة، ويروونها عَنْكُمْ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ مَا هَذَا مِنْ قَوْلِنَا، مَنْ طَلَّقَ، ثَلاثًا فَهُوَ كَمَا قَالَ. قُلْتُ: مُسْلِمَةُ ضَعِيفٌ. وَعَنْ عِيسَى صَاحِبِ الدِّيوَانِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ جَعْفَرٍ قَالَ: سُئِلَ جَعْفَرٌ: لِمَ حَرَّمَ اللَّهُ الرِّبَا؟ قَالَ: لِئَلا يَتَمَانَعَ النَّاسُ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَالَ هَارُونُ بْنُ أَبِي الْهِنْدَامِ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ يَقُولُ: قَدِمْتُ مَكَّةَ فَإِذَا أَنَا بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قد أناخ بالأبطح، فقلت: يا ابن رَسُولِ اللَّهِ، لِمَ جُعِلَ الْمَوْقِفُ مِنْ وَرَاءِ الْحَرَمِ وَلَمْ يُصَيَّرْ فِي الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ؟ فَقَالَ: الْكَعْبَةُ بَيْتُ اللَّهِ، وَالْحَرَمُ حِجَابُهُ، وَالْمَوْقِفُ بَابُهُ، فَلَمَّا قَصَدُوهُ أَوْقَفَهُمْ بِالْبَابِ يَتَضَرَّعُونَ، فَلَمَّا أَذِنَ لَهُمْ بِالدُّخُولِ، أَدْنَاهُمْ مِنَ الْبَابِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُزْدَلِفَةُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى كَثْرَةِ تَضَرُّعِهِمْ وَطُولِ اجْتِهَادِهِمْ رَحِمَهُمْ، فَلَمَّا رَحِمَهُمْ أَمَرَهُمْ بِتَقْرِيبِ قُرْبَانِهِمْ، فَلَمَّا قَرَّبُوا قُرْبَانَهُمْ، وَقَضَوْا تَفَثَهُمْ، وَتَطَهَّرُوا مِنَ الذُّنُوبِ أَمَرَهُمْ بِالزِّيَارَةِ لِبَيْتِهِ. قَالَ لَهُ: فَلِمَ كُرِهَ الصَّوْمُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ فِي ضِيَافَةِ اللَّهِ وَلا يُحِبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يَصُومُ. قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَا بَالُ النَّاسِ يَتَعَلَّقُونَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَهِيَ خِرَقٌ لا تَنْفَعُ شَيْئًا؟ فَقَالَ: ذَلِكَ مِثْلُ رَجُلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ جُرْمٌ، فَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيَطُوفُ حَوْلَهُ رَجَاءَ أَنْ يَهَبَ لَهُ جُرْمَهُ. وَذَكَرَ هِشَامُ بْنُ عَبَّادٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: الْفُقَهَاءُ أُمَنَاءُ الرُّسُلِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْفُقَهَاءَ قَدْ رَكَنُوا إِلَى السَّلاطِينِ فَاتَّهِمُوهُمْ. وَعَنْ عَنْبَسَةَ الْخَثْعَمِيِّ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَالْخُصُومَةَ فِي الدِّينِ فَإِنَّهَا تُشْغِلُ الْقَلْبَ وَتُورِثُ النِّفَاقَ. وَعَنْ عَائِذِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: لا زَادٌ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْوَى، وَلا شَيْءٌ أَحْسَنُ مِنَ الصَّمْتِ، وَلا عَدُوٌّ أَضَلُّ مِنَ الْجَهْلِ وَلا دَاءٌ أَدْوَى مِنَ الْكَذِبِ. قُلْتُ: مَنَاقِبُ جَعْفَرٍ كَثِيرَةٌ، وَكَانَ يَصْلُحُ لِلْخِلافَةِ لِسُؤْدُدِهِ وَفَضْلِهِ وَعِلْمِهِ وَشَرَفِهِ -رَضِيَ اللَّهُ عنهم، وَقَدْ كَذَبَتْ عَلَيْهِ الرَّافِضَةُ وَنَسَبَتْ إِلَيْهِ أَشْيَاءَ لَمْ يَسْمَعْ بِهَا، كَمِثْلِ كِتَابِ الْجَفْرِ،

وَكِتَابِ اخْتِلاجِ الأَعْضَاءِ، وَنُسَخٍ مَوْضُوعَةٍ وَكَانَ يَنْهَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ عَنِ الْخُرُوجِ وَيَحُضُّهُ عَلَى الطَّاعَةِ وَمَحَاسِنُهُ جَمَّةٌ. تُوُفِّيَ إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ ثَمَانٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. 64- جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيُّ، الْمَكِّيُّ1. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ مَعْمَرٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بن سمول. وثقه أبو دَاوُدَ. 65- جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونَ التَّمِيمِيُّ الأَنْمَاطِيُّ2 -4-. رَوَى عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَأَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَغُنْدَرٌ وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ ضَعِيفَ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونَ لَيْسَ بِثِقَةٍ. قُلْتُ: مِنْ مَنَاكِيرِهِ حَدِيثُ وُهَيْبٍ ثنا جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِي: لا صَلاةَ إِلا بِقِرَاءَة فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا زَادَ. 66- جَوَيْبِرُ بْنُ سعيد أبو القاسم الأزدي3 –ق- البلخي. نَزِيلُ بَغْدَادَ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالضَّحَّاكِ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وغيره: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ أَصْلَحُ حَالا مِنَ الْكَلْبِيِّ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ لا يُحَدِّثَانِ عَنْ جُوَيْبِرٍ وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ ليحيى: كيف حديثه؟ قال: ضعيف.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 199"، والجرح والتعديل "2/ 487". 2 ميزان الاعتدال "1/ 418"، وتهذيب التهذيب "2/ 108"، والجرح والتعديل "2/ 489". 3 التاريخ الكبير "2/ 257"، والضعفاء الصغير "27"، والتقريب "1/ 139".

"حرف الحاء": 67- حاتم بن أبي صغيرة1 –ع- أبو يونس القشيري مَوْلاهُمْ. بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ نَبِيلٌ وَلَيْسَ بِالْمُكْثِرِ. لَهُ عطاء وابن أبي ملكية وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَخَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَرَوْحٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. تُوُفِّيَ فِي حُدُودِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 68- الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ2، أَبُو النُّعْمَانِ الأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَعِكْرِمَةَ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: خَشَبِيٌّ ثِقَةٌ، يَنْسِبُونَ إِلَى خَشَبَةَ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ الَّتِي صُلِبَ عَلَيْهَا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَهُ خَبَرُ حَدِيثٍ مُنْكَرٍ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الأَدَبِ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: رَأَيْتُ شَيْخًا طَوِيلَ السُّكُوتِ مُنْطَوِيًا عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ. 69- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ذباب -م ت ن ق-3 الدوسي المدني المؤذن. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ وَالأَعْرَجُ وَجَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَصَفْوَانُ بن عيسى ومحمد بن فليج وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: ضَعِيفٌ، ذَكَرَهُ فِي الْمُحَلَّى. 70- الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ4، أَبُو الْجُودِيِّ الأَسَدِيُّ شَامِيٌّ نزل واسطًا.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 141"، وتاريخ الدوري "2/ 91"، والعلل "1/ 163". 2 تهذيب التهذيب "2/ 140"، وميزان الاعتدال "1/ 432". 3 المشاهير "129"، والجرح والتعديل "3/ 79"، والخلاصة "68". 4 المجروحين "1/ 223"، والجرح والتعديل "3/ 83".

رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَنَافِعٍ وَسَعِيدِ بْنِ مُهَاجِرٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَعَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 71- الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ الليثي1. روى عَنْ خَالِهِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَطَاوُسٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ عُمَارَةَ الْكُلاعِيُّ وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ الْحَدَّانِيُّ وَجُنَادَةُ بْنُ مَرْوَانَ وَثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. قُلْتُ: وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ سَمِيِّهِ الْحَارِثِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ الْبَزَّارِ بِبَغْدَادَ، وَسَوْفَ يَذْكُرُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ. 72- حَارِثَةُ بْنُ أبي الرجال -ت ق-2، محمد بن عبد الرحمن الأنصاري المدني أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَالِكٍ. رَوَى عَنْ جَدَّتِهِ عَمْرَةَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَعَبْدَةُ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُونِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. 73- حَبِيبُ بْنُ أَبِي الأَشْرَسِ3 –حَسَّانُ- مِنْ مَشْيَخَةِ الْكُوفَةِ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَأَبِي الضُّحَى وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى وَالْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ الْعُرَنِيُّ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: هُوَ جَدُّ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ جَزَرَةُ. 74- حَبِيبُ بْنُ جَرْيٍ الْعَبْسِيُّ الكوفي العبد الصالح4.

_ 1 الضعفاء والمتروكين "30"، والضعفاء الصغير "28"، وميزان الاعتدال "1/ 444". 2 التاريخ الكبير "3/ 94"، والجرح والتعديل "3/ 255"، والمجروحين "1/ 268". 3 التاريخ الكبير "2/ 313"، والضعفاء الصغير "30"، والجرح والتعديل "3/ 98". 4 التاريخ الكبير "2/ 314"، ورجال الطوسي "172"، والجرح والتعديل "3/ 97".

رَوَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَعَنْهُ وَكِيعٍ وَالْخُرَيْبِيِّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: رَجُلٍ صَالِحٍ. 75- حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ الْبَصْرِيُّ1 –ع- مَوْلَى قَرِيبَةَ. كُنْيَتُهُ أَبُو شَهِيدٍ, وَقِيلَ: أَبُو مُحَمَّدٍ. أَرْسَلَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَلَهُ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وميمون بن مهران وعمرو بن شعيب وطائفة. وعنه ابنه إبراهيم وابن علية ويحيى القطان وأبو أسامة وروح بن عبادة والأنصاري وخلق كثير. وكان من سادة الأئمة، له نحو من مائة حديث. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ سِتٌّ وَسِتُّونَ سَنَةً. 76- حَبِيبُ بْنُ صَالِحٍ الطَّائِيُّ الْحِمْصِيُّ2 -د ت ق- وهو حبيب من أبي موسى. رَوَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيِّ وَيَحْيَى بْنِ جَابِرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَبَقِيَّةُ وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ الشَّامِيِّينَ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 77- حَبِيبُ بْنُ أَبِي الْعَالِيَةِ3. عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ الأَحْمَرُ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ: مَا أَدْرِي أَحَادِيثَهُ، كَأَنَّهُ ضعفه.

_ 1 المشاهير "152"، والجرح والتعديل "3/ 102" وتقريب التهذيب "152-153". 2 تقريب التهذيب "1/ 153"، والثقات "6/ 182". 3 لسان الميزان "2/ 171"، وميزان الاعتدال "1/ 455".

وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 78- حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْقَصَّابُ الْكُوفِيُّ1 -سِوَى د- مَوْلَى بَنِي حِمَّانَ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالطَّبَقَةِ. وَعَنْهُ جَرِيرٌ الضَّبِّيُّ وَأَبُو بكر بن بْنُ عَيَّاشٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الله. توفي سنة اثنتين وأربعين ومائة. 79- حبيب المعلم2 –ع- أبو محمد. مَوْلَى مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، مِنْ ثِقَاتِ الْبَصْرِيِّينَ، وَاسْمُ أَبِيهِ أَبُو قَرِيبَةَ دِينَارٌ. رَوَى عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وعنه حماد بن سلمة ويزيد بن زريع وعبد الوهاب الثقفي وغيرهم. وبلغنا أَنَّ يَحْيَى الْقَطَّانَ كَانَ لا يروي عنه. 80- حجاج بن أرطأة3، -ع م- مقرونًا، ابن ثَوْرٍ بْنِ هُبَيْرَةَ أَبُو أَرْطَأَةَ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ عَلَى لِينٍ فِي حَدِيثِهِ. لَهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ وَعَنِ الْحَكَمِ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَزَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ الطَّائِيِّ وَرَبَاحِ بْنِ عُبَيْدَةَ وَعِكْرِمَةَ وَمَكْحُولٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَالْحَمَّادَانِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وحفص بن غياث وغندر وعبد الرزاق وآخرون وقد حَدَّثَ عَنْهُ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ. وَلِيَ حَجَّاجٌ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ وَلَهُ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً، وَكَانَ فِيهِ بَأْوٌ وَتِيهٌ وَمَحَبَّةٌ لِلسُّؤْدُدِ وَالتَّجَمُّلِ، فَكَانَ يَقُولُ: أَهْلَكَنِي حُبُّ الشَّرَفِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: هُوَ وَابْنُ إِسْحَاقَ عِنْدِي سَوَاءٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ يُدَلِّسُ عن الضعفاء.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 322"، وتهذيب التهذيب "2/ 188"، والمشاهير "164". 2 تهذيب التهذيب "2/ 194"، وميزان الاعتدال "1/ 456"، والجرح والتعديل "3/ 101". 3 وترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء "7/ 56"، وميزان الاعتدال "1/ 458"، والكاشف "1/ 147، وتذكرة الحفاظ "1/ 186".

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ أَسْرَدَ لِلْحَدِيثِ مِنَ الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: حَجَّاجٌ صَدُوقٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ يُدَلِّسُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ يَعْنِي فَيُسْقِطُ مُحَمَّدًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَيْضًا: إِذَا قَالَ حَدَّثَنَا فَهُوَ صَالِحٌ لا يُرْتَابُ فِي صِدْقِهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ مُدَلِّسٌ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: رَأَيْتُ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ يُخَضِّبُ بِالسَّوَادِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْرَفُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ مِنْ حَجَّاجٍ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: مَا يَأْتُونَ أَحَدًا أَحْفَظَ مِنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ. وَقَالَ آخَرُ: لَهُ سِتُّمِائَةِ حَدِيثٍ أَوْ نَحْوُهَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ يَكَادُ لِحَجَّاجٍ حَدِيثٌ إِلا وَفِيهِ زِيَادَةٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فَأَتَيْنَاهُ وَتَذَاكَرْنَا فَقَالَ: ثنا قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ ثُمَّ لَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا حَجَّاجٌ وَلَهُ إِحْدَى وَثَلاثُونَ سَنَةً، فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ مِنَ الزِّحَامِ مَا لَمْ أَرَهُ عَلَى حَمَّادِ بْنِ أبي سليمان، رأيت عنه مَطَرًا الْوَرَّاقَ وَدَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدَ وَيُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ جُثَاةً عَلَى أَرْجُلِهِمْ يَقُولُونَ: يَا أَبَا أَرْطَأَةَ مَا تَقُولُ فِي كَذَا، يَا أَبَا أَرْطَأَةَ مَا تَقُولُ فِي كَذَا1. قَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقُولُ: مَا خَصَمْتُ قَطُّ وَلا جَلَسْتُ إِلَى قَوْمٍ يَخْتَصِمُونَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَمِعَ حَجَّاجٌ مِنْ مَكْحُولٍ، وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: سَمِعْتُ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ يَقُولُ: لا تَتِمُّ مُرُوءَةَ الرَّجُلِ حَتَّى يَدَعَ الصَّلاةَ فِي جَمَاعَةٍ. قُلْتُ: هَذِهِ كَلِمَةٌ مَقِيتَةٌ بَلْ لا تَتِمُّ مُرُوءَةُ الرَّجُلِ وَدِينُهُ حَتَّى يَلْزَمَ الصَّلاةَ فِي جَمَاعَةٍ. وَهَذَا قَالَهُ حَجَّاجٌ لِمَا فِي طِبَاعِهِ مِنَ الْبَذَخِ وَالرِّيَاسَةِ فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّ صَلاتَهُ فِي جَمَاعَةٍ وَمُزَاحَمَتِهِ لِلسُّوقَةِ فِي الصُّفُوفِ يُنَافِي مَا فِيهِ مِنَ التِّيهِ وَالتَّرَفِ فَاللَّهُ يُسَامِحُهُ. وَهُوَ مِنْ طَبَقَةِ أَبِي حَنِيفَةَ الإِمَامِ فِي الْعِلْمِ، لَكِنْ رَفَعَ اللَّهُ أبا حنيفة بالورع

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 85".

وَالْعِبَادَةِ وَلَمْ يَنَلْ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ تِلْكَ الرِّفْعَةُ فَرَحِمَهُمَا اللَّهُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَذْكُرُ أَنَّ حَجَّاجًا لم ير الزهري، وكان سيء الرَّأْيِ فِيهِ جدا ما رَأَيْتُهُ أَسْوَأَ رَأْيًا فِي أَحَدٍ مِنْهُ فِي حَجَّاجٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ وليث همام، لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُرَاجِعُهُ فِيهِمْ1. وَقَالَ هُشَيْمٌ: قَالَ لِي حَجَّاجٌ لَمْ أَرَ الزُّهْرِيَّ لَكِنْ لَقِيتُ رَجُلا جَيِّدَ الأَخْذِ عَنْهُ فَأَخَذْتُ عَنْهُ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَيُحْتَجُّ بِحَجَّاجٍ؟ قَالَ: لا، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: رَأَيْتُ حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَسْوَدُ وَرِدَاءٌ أَسْوَدُ قَدْ خُضِّبَ بِالسَّوَادِ مُتَّكِئًا عَلَى مَرَافِقٍ حُمْرٍ، قَالَ يَزِيدُ: فَكَانَ يَقُولُ: أَبَعْدَ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ وَشُرَطِ الْكُوفَةِ، وَكَانَ يَقْضِي بِالْبَصْرَةِ ثُمَّ يَقُولُ: هَذَا قَضَاءُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ وَوَلِيَ قَضَاءَهَا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، قَالَ: وَجَلَسَ يُفْتِي بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَلَهُ عِشْرُونَ سَنَةً، وَكَانَ الْحَكَمُ يَجْلِسُ إِلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي أَجْلَسَهُ لِلْفُتْيَا. وَقَالَ الأَشَجُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَسْوَدِ الْحَارِثِيُّ قَالَ: كان الحجاج بن أرطأة يقيم على رؤوسنا غلامًا أسود وقال: مَنْ رَأَيْتُهُ يَكْتُبُ، يَعْنِي فِي مَجْلِسِهِ، فَجَرَّ بِرِجْلِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا أَرْطَأَةَ سَوْأَةٌ لَكَ يَأْتِيكَ نُظَرَاؤُكَ وَأَبْنَاءُ نُظَرَائِكَ مِنْ أَبْنَاءِ الْقَبَائِلِ ثُمَّ تَأْمُرُ هَذَا الأَسْوَدَ بِمَا تَأْمُرُهُ؟ قَالَ: فَلَمْ يَأْمُرْهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: كُنَّا لا نَكْتُبُ عِنْدَ حَجَّاجٍ، كَانَ لَهُ غِلْمَانُ يَطُوفُونَ فِي الْحَلَقَةِ، فَمَنْ رَأَوْهُ يَكْتُبُ أَقَامُوهُ. وَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ عُصَيْمٍ: جَاءَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ إِلَى الأَعْمَشِ فَقَالَ لَهُ حَجَّاجٌ: يَا هَذَا لَمْ تَنْتَهِ حَتَّى مَشَتْ إِلَيْكَ الأَشْرَافُ! قَالَ: إِذًا يَرْجِعُونَ بِغَيْرِ حَوَائِجِهِمْ، ثُمَّ دَخَلَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ فِي وُجُوهِهِمْ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ثنا أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ: قُلْتُ لِلْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ مَا رَأَيْتُ أحدًا أحسن أصابع مِنْكَ، قَالَ: إِنَّهَا مَدَارِجُ الْكَرَمِ. وهَب بْنُ بَقِيَّةَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: دَخَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ الْمَسْجِدَ فَقِيلَ لَهُ: ها هما يَا بْنَ أَرْطَأَةَ فَقَالَ: أَنَا صَدْرُ حَيْثُمَا جلست.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 59".

وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: قَالَ حَجَّاجٌ لِسَوَّارٍ الْقَاضِي: أَهْلَكَنِي حُبُّ الشَّرَفِ، فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ تَشْرُفْ. مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ ثنا أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ قَالَ: دَخَلَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَقَدْ حَجَّ عِيسَى بْنُ مُوسَى يَعْنِي وَلِيُّ الْعَهْدِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ الْحَجَّاجُ لِيُسَلِّمَ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: ارْتَفِعْ يَا أَبَا أَرْطَأَةَ إِلَى صَدْرِ الْحَلَقَةِ، فَقَالَ: حَيْثُ جَلَسْتُ أَنَا صَدْرُهَا. فَقَالَ عِيسَى: جُرُّوا بِرِجْلِهِ وَأَخْرِجُوهُ وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: كُنَّا نَأْتِي الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ فَنَجْلِسُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلا يَخْرُجْ إِلَى صَلاةِ جَمَاعَةٍ فَتَرَكْتُهُ. وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ الْحَجَّاجُ: أَلا تُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ؟ فَقَالَ: أُصَلِّي مَعَ هَؤُلاءِ! يَزْحُمُونِي، وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ قَالَ: خَرَجَ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ وَمَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَمَرَّ بِمَسَاكِينَ فِي الطُّرُقِ فَسَلَّمَ صَاحِبُهُ عَلَى الْمَسَاكِينَ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: إِنَّهُ لا يُسَلِّمُ عَلَى أَمْثَالِ هَؤُلاءِ، وَقَدْ خَرَّجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ لِلْحَجَّاجِ فَقَرَنَهُ بِآخَرَ. تُوُفِّيَ بِالرَّيِّ مَعَ الْمَهْدِيِّ سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ. 81- حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ الْبَاهِلِيُّ1. قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ. وذكر الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُوَ "حَجَّاجٌ الأَسْوَدُ" فَوَهِمَ بَلْ حَجَّاجٌ الأَسْوَدُ هُوَ الْقَسْمَلِيُّ رَجُلٌ صَالِحٌ عَابِدٌ يُقَالُ لَهُ: زِقُّ الْعَسَلِ. حَدَّثَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَأَبِي نَضْرَةَ. رَوَى عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 82- حَجَّاجُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْزَةَ الرُّعَيْنِيُّ. وَلِيَ إِمْرَةَ بِلادِ زُوَيْلَةَ مِنْ أَعْمَالِ مصر. وله وَاحِدٌ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ. رَوَى عَنْهُ الليث وابن وهب.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 461"، والجرح والتعديل "3/ 157".

83- حَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافُ الْبَصْرِيُّ1 –ع- عَنِ الْحَسَنِ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو عَاصِمٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ وَوَصَفَهُ التِّرْمِذِيُّ بِالْحِفْظِ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 84- حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ2. عَنْ وَلَدِي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُمَا مُحَمَّدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَنِ الأَعْرَجِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَعَنْهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَمُسْلِمٌ الزنجي وحاتم بن إسماعيل. قال الشافعي الروية عَنْ حَرَامِ حَرَامٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: قُلْتُ لِحَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو عَتِيقٍ هُمْ وَاحِدٌ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتُ جَعَلْتَهُمْ عَشَرَةً. قَالَ الزُّبَيْريّ: كَانَ حرام يتشيع. 85- حَرْمَلَةُ بْنُ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ3. عَنْ أَبِي بُرْدَةَ وَأَبِي زُرْعَةَ الْبَجَلِيِّ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ يحيى بن معين: ثبت.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 375"، وتاريخ خليفة "2/ 645"، والعبر "1/ 194"، وشذرات الذهب "1/ 211". 2 ميزان الاعتدال "1/ 468"، والجرح والتعديل "3/ 282"، والمجروحين "1/ 269"، والتاريخ لابن معين "2/ 104". 3 التاريخ الكبير "3/ 68".

86- حُرَيْثُ بْنُ أَبِي مَطَرٍ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ -ت ق-1. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَمُدْرِكِ بْنِ عُمَارَةَ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَوَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ. ضَعَّفَهُ الْفَلاسُ وَغَيْرُهُ. 87- الحسن بن ثوبان بن عامر الهمداني2 –ق- ثم الهوزني المصري. عَنْ أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى ثَغْرِ رَشِيدٍ لِمَرْوَانَ الْحَمَّارِ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَكَانَ ذَا صَلاحٍ وَتَعَبُّدٍ. 88- الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ3 –ق- أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمَ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. لَهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ. رَوَى عَنْهُ عُبَيْدُ بْنُ وَسِيمٍ الْجَمَّالُ وَعُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ الْمُسْلِمِيُّ وَعَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ. مَاتَ فِي سِجْنِ الْمَنْصُورِ يُقَالُ: فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 89- الْحَسَنُ بْنُ الحكم النخعي الكوفي -4د ت ق-. عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 90- الْحَسَنُ بْنُ ذكوان5 -خ د ت ق- أبو سلمة. بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ وَطَاوُسٍ وابن سيرين. وعنه المبارك وصفوان بن

_ 1 تهذيب التهذيب "2/ 234"، والضعفاء الصغير "36"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 461". 2 الجرح والتعديل "3/ 3"، والخلاصة "76". 3 تقريب التهذيب "1/ 166"، وطبقات ابن سعد "9/ 199", والمشاهير "62"، مقاتل الطالبين "185". 4 التاريخ الكبير "2/ 291"، والمجروحين "1/ 223". 5 الخلاصة "78"، والضعفاء والمتروكين "34"، وميزان الاعتدال "1/ 489".

عِيسَى وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْخَفَّافُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ صَاحِبَ أَوَابِدَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَحَادِيثُهُ أَبَاطِيلُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ. وَرَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. 91- الْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ –د-1 أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَعَمْرُو وَمُحَمَّدٌ. رَوَى عَنْ جَدِّهِ وَأَبِيهِ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ حُسَيْنُ الْقَاضِي وَمُحَمَّدُ وَأَخَوَاهُ -عَبْدُ اللَّهِ وَعُمَرُ- وَابْنُ إِسْحَاقَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. 92- الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو التَّمِيمِيُّ2، الْكُوفِيُّ -خ د ن ق-. عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَكَمِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ به. وقال خليفة: مات في سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَالْحَسَنُ أَخُو فُضَيْلٍ. * الحسن بن عمرو التميمي الفقيه الْكُوفِيُّ3 -خ د ن ق- عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ. 93- الحسن بن عقبة، أبو كيران المرادي الكوفي. عن عبد خير والشعبي والضحاك وغيرهم. وعنه وكيع وأبو نعيم وعبيد الله بن موسى. روى عباس عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: أَبُو كبران ثقة.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 301"، وميزان الاعتدال "1/ 503"، والمجروحين "1/ 234". 2 تهذيب التهذيب "2/ 310"، وطبقات ابن سعد "6/ 341". 3 تاريخ أبي زرعة "1/ 484"، والمعرفة والتاريخ "3/ 83".

94- الحسن بن يزيد-ق1- أبو يونس القوي المكي العبد الصالح، سكن الكوفة. وحدث عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَوَكِيعٌ وَحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعُوا عَلَى ثِقَتِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: سُمِّيَ الْقَوِيُّ لِقُوَّتِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ. قَالَ وَكِيعٌ مَرَّةً: أَبُو يُونُسَ ومن أبو يونس بكى عُمِيَ وَصَلَّى حَتَّى حَدِبَ وَطَافَ حَتَّى أُقْعِدَ. وَقَالَ حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ: وَكَانَ أَبُو يُونُسَ الْقَوِيُّ يَطُوفُ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ أُسْبُوعًا فَقَدَّرْنَا ذَلِكَ فَإِذَا هُوَ ثَمَانِيَةُ فَرَاسِخَ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَقَعَ لِي مُوَافَقَةٍ عَالِيَةٍ. 95- الْحُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ –ع-2 الْمُعَلِّمُ الْعَوْذِيُّ الْبَصْرِيُّ الْمُكْتِبِ. عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ وَعَطَاءٍ وَبُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ وَقَتَادَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَغُنْدَرٌ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالنَّاسُ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ بِلا مُسْتَنَدٍ فَقَالَ فِيهِ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى الْقَطَّانَ وَذَكَرَ أَحَادِيثَ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ فَقَالَ: فِيهِ اضْطِرَابٌ. 96- الحسين بن عبد الله3 -ت ق- بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ الْمَدَنِيُّ.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 527"، والتاريخ لابن معين "2/ 117، "1314". 2 التاريخ الكبير "2/ 387"، والجرح والتعديل "3/ 52"، وتاريخ خليفة "424"، وتذكرة الحفاظ "1/ 174". 3 تقريب التهذيب "1/ 176-177"، والجرح والتعديل "3/ 57"، طبقات ابن سعد "9/ 149".

عَنْ كُرَيْبٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أبو زرعة وغيره: ليس بقوي. وقال النسائي: متروك. وقال ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ أَوْ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ قَالَ: وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَلَمْ أَرَهُمْ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِهِ. 97- الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ1 -ت ن- أَخُو أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَأَخِيهِ وَوَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ. وعنه ابناه عبيد الله ومحمد, وموسى بن عقبة وابن المبارك. قال النسائي: ثقة. ويقال: كان أشبه أولاد أخيه بأبيه في التعبد والتأله. 98- الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي –ن-2 الكوفي. عَنْ أَبِيهِ وَشُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَعَنْهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَالْخُرَيْبِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَبَعْضُهُمْ يُلَيِّنُهُ قَلِيلا. 99- حُكَيْمُ بْنُ رُزَيْقٍ الْفَزَارِيُّ3، مَوْلاهُمُ الأَيْكِيُّ. عَنْ أَبِيهِ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 100- حَلامُ بْنُ صَالِحٍ الْعَبْسِيُّ الْكُوفِيُّ4. عَنْ مَسْعُودِ بْنِ خِرَاشٍ أَخِي رِبْعِيٍّ وَسَالِمِ بْنِ رَبِيعَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ شِهَابٍ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَسَعِيدُ بن محمد الوراق وآخرون. صدوق.

_ 1 رجال الطوسي "86"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 627"، والوافي بالوفيات "12/ 429 "384". 2 التاريخ الكبير "2/ 338"، والجرح والتعديل "3/ 123". 3 التاريخ الكبير "3/ 95"، وتهذيب ابن عساكر "4/ 427". 4 الجرح والتعديل "3/ 308".

101- حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ1 –ق-. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَمَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ. وَعَنْهُ الضَّحَّاكُ بْنُ حَمْزَةَ الْوَاسِطِيُّ وَمَرْزُوقٌ الشَّامِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ غَيْرَ حَدِيثَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 102- حَمَّادُ بْنُ أَبِي الدَّرْدَاءِ الأَنْصَارِيُّ2. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ. 103- حَمَّادُ الرَّاوِيَةُ3، هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، كُوفِيٌّ إِخْبَارِيٌّ شَهِيرٌ وَاسِعُ الرِّوَايَةِ، حَمَلَ عَنِ الْفَرَزْدَقِ وَطَبَقَتِهِ. وَعَنْهُ الهيثم بن عدي وعبد الله الأَجْلَحِ وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي سَعَةِ مَا يُحْفَظُ، ثُمَّ ظَفِرْتُ بِوَفَاتِهِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فَيُؤَخَّرُ. 104- حَمْزَةُ بْنُ أبي حمزة –ت-4 ميمون الجعفي النصيبي الجزري. عن ابن مُلَيْكَةَ وَمَكْحُولٍ وَنَافِعٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّادٍ وَعَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ وَغَسَّانُ بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ وَاهٍ بِاتِّفَاقٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَا يَرْوِيهِ مَوْضُوعٌ وَالْبَلاءُ مِنْهُ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ فِي "ت "مِنْ رِوَايَةِ شَبَابَةَ عَنْهُ، مَتْنُهُ تَرِّبُوا الْكِتَابَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: اسْمُ أَبِيهِ عَمْرٌو فَوَهِمَ بَلْ هُوَ مَيْمُونُ. 105- حُمَيْدُ بْنُ تِيرَوَيْهِ الطويل، -ع-5 أبو عبيدة بن أبي حميد البصري.

_ 1 تهذيب التهذيب "3/ 5"، والجرح والتعديل "3/ 134". 2 التاريخ الكبير "3/ 19"، والجرح والتعديل "3/ 137"، والمعرفة والتاريخ "3/ 176". 3 مرآة الجنان "1/ 329"، وفيات الأعيان "2/ 206-210". 4 تهذيب التهذيب "3/ 28"، وميزان الاعتدال "1/ 606"، والخلاصة "93". 5 طبقات الفقهاء "90"، وطبقات ابن سعد "7/ 17"، وطبقات خليفة "219"، ومشاهير علماء الأمصار "93".

سَمِعَ أَنَسًا وَالْحَسَنَ وَبَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَالْحَمَّادَانِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالأَنْصَارِيُّ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ أَحَدُ الثِّقَاتِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ وَقَتَادَةُ أَكْبَرُ أَصْحَابِ الْحَسَنِ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: فِي حَدِيثِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ثِقَةٌ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أَخَذَ حُمَيْدٌ كُتُبَ الْحَسَنِ فَنَسَخَهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ. وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ حُمَيْدًا وَكَانَ طَوِيلَ الْيَدَيْنِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ شُعْبَةَ: لَمْ يَسْمَعْ حُمَيْدٌ مِنْ أَنَسٍ إِلا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ حَدِيثًا وَالْبَاقِي سَمِعَهَا مِنْ ثَابِتٍ أَوْ ثَبَّتَهُ فِيهَا ثَابِتٌ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ: سَمِعَ شُعْبَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ الشَّهِيدِ يَقُولُ لِحُمَيْدٍ وَهُوَ يُحَدِّثُنِي: انظر ما يُحَدِّثُ بِهِ شُعْبَةُ فَإِنَّهُ يَرْوِيهِ عَنْكَ، ثُمَّ يقول هو: إِنَّ حُمَيْدًا رَجُلٌ نَسِيٌّ فَانْظُرْ مَا يُحَدِّثُكَ بِهِ، وَرَوَى عَفَّانُ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: جَاءَ شُعْبَةُ إِلَى حُمَيْدٍ فَحَدَّثَهُ فَقَالَ: أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ أَنَسٍ؟ قَالَ: احْسِبْ، فَقَالَ شُعْبَةُ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ حُمَيْدٌ: سَمِعْتُهُ مِنْ أَنَسٍ كَذَا كَذَا مَرَّةٍ وَلَكِنِّي لَمَّا شَدَّدَ عَلَيَّ أَحْبَبْتُ أَنْ أُشَدِّدَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: كَانَ حُمَيْدٌ إِذَا ذَهَبْتُ تَقْفُهُ عَلَى بَعْضِ حَدِيثِهِ عَنْ أَنَسٍ يُشَكُّ فِيهِ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا شَابٌّ بَصْرِيٌّ يُقَالُ لَهُ: دَرَسْتُ، فَقَالَ لِي إِنَّ حُمَيْدًا قَدِ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ مَا سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ وَمِنْ ثَابِتٍ وَمِنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ إِلا شَيْئًا يَسِيرًا فَكُنْتُ أَقُولُ لَهُ: أَخْبِرْنِي بِمَا شِئْتَ عَنْ غَيْرِ أَنَسٍ، فَأَسْأَلُ حُمَيْدًا عَنْهَا فَيَقُولُ: سَمِعْتُ أَنَسًا وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِيُّ: طَرَحَ زَائِدَةُ حَدِيثَ حُمَيْدٍ الطَّوِيلَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَكْبَرُ مَا يُقَالُ فِيهِ إِنَّ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَنَسٍ كَانَ يُدَلِّسُهُ عَنْهُ, وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْ ثَابِتٍ. وَقِيلَ: كَانَ حُمَيْدٌ مُصْلِحَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِذَا تَنَازَعَ الرَّجُلانِ فِي مَالٍ.

وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لِرَجُلٍ: إِذَا أَرَدْتَ الصُّلْحَ فَعَلَيْكَ بِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَتَدْرِي مَا يَقُولُ لَكَ؟ خُذِ الْبَعْضَ وَدَعِ الْبَعْضَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ: مَاتَ أَبِي سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَيْتُهُ وَلَمْ يَكُنْ بِطَوِيلٍ، وَلَكِنْ كَانَ طَوِيلَ الْيَدَيْنِ1. وَقِيلَ: بَلْ كَانَ فِي جِيرَانِهِ رَجُلٌ قَصِيرٌ سَمِيُّهُ فَقَالَ الْجِيرَانُ: حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ تَمْيِيزًا لَهُ مِنْ سَمِيِّهِ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: لَمْ يَدَعْ حُمَيْدٌ لِثَابِتٍ عِلْمًا إِلا وَعَاهُ عنه وسمعه منه. وقيل: عامة ما يرويه حميد عَنْ أَنَسٍ سَمِعَهُ مِنْ ثَابِتٍ. قُلْتُ: لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ جُمْلَةُ أَحَادِيثَ عَنْ أَنَسٍ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا يُصَلِّي فَسَقَطَ مَيِّتًا وَذَلِكَ فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ زَائِدَةُ لِكَوْنِهِ لَبِسَ سَوَادَ الْعَبَّاسِيِّينَ وَهَذَا غُلُوٌّ، حُمَيْدٌ عَدْلٌ صَدُوقٌ. وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَرَرْتُ بِحُمَيْدٍ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ سُودٌ، وَقَالَ لِي أَخِي: مَا تَسْمَعُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: اسْمَعْ مِنْ شُرَطِيٍّ. وَقَالَ عَفَّانُ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: ذَكَرَ رَجُلٌ حُمَيْدًا فَعَابَهُ فَقَالَ: يَأْتِي سُلَيْمَانَ بْنَ عَلِيٍّ الأَمِيرَ وَيَفْعَلُ وَيَفْعَلُ، فَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: كَثَّرَ اللَّهُ فِينَا مِثْلَ حُمَيْدٍ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: كَانَ حُمَيْدٌ يُصَلِّي قَائِمًا فَمَاتَ، فَذَكَرُوهُ لابْنِ عَوْنٍ، وَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ مِنْ فضله فقال: اختاج حُمَيْدٌ إِلَى مَا قَدَّمَ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ قَالَ: ذَهَبْتُ بحميد وأبان ابن أَبِي عَيَّاشٍ إِلَى أَنَسٍ فَلَزَمَاهُ وَتَرَكْتُهُ. 106- حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو صَخْرٍ2 -م د ت ق- وَهُوَ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلَ إِلَى هُنَا. وَيُقَالُ: حُمَيْدُ بْنُ صَخْرٍ، وَهُوَ حُمَيْدُ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ الْمَدِينِيُّ صَاحِبُ العباء.

_ 1 وراجع سير أعلام النبلاء "6/ 376". 2 التاريخ الكبير "2/ 350"، وميزان الاعتدال "1/ 612"، وتهذيب التهذيب "3/ 41"، والتقريب "1/ 202".

سَكَنَ مِصْرَ وَحَدَّثَ عَنْ كُرَيْبٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنِ نَافِعٍ وَرَأَى سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ وَهْبٍ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: هُوَ ضَعِيفٌ. وَأَظُنُّ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ صَخْرٍ الْمَدَنِيُّ آخَرُ، رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ضَعِيفٌ. 107- حُمَيْدُ بْنُ هَانِئ أَبُو هَانِئ الْخَوْلانِيُّ1 –م4- مِصْرِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ عَلِيِّ بن رباح وأبي عبد الرحمن الحبلي وشفي بْنِ مَانِعٍ وَعَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وعنه حيوة بن شريخ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَابْنُ وَهْبٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ في سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: إِنَّ إِسْحَاقَ بْنَ الْفُرَاتِ حَدَّثَ عَنْهُ وَمَا أَرَاهُ أَدْرَكَهُ. 108- حُمَيْدٌ الأَعْرَجُ الْكُوفِيُّ القاص2 –ت-. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُكْتِبِ صَاحِبٍ لابْنِ مَسْعُودٍ. وَعَنْهُ خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ، وَحَدِيثُهُ فِي جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ بِعُلُوٍّ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ نَعْلاهُ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ. 109- حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ3. شَيْخٌ رَوَى عَنِ الْهِرْمَاسِ بن زياد -رضي الله عنه.

_ 1 تهذيب التهذيب "3/ 50"، والجرح والتعديل "3/ 231"، وطبقات خليفة "295". 2 التاريخ الكبير "2/ 354"، والضعفاء والمتروكين "33"، وميزان الاعتدال "1/ 617". 3 تهذيب التهذيب "3/ 62"، ولسان الميزان "2/ 368".

110- حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوَانَ أَبُو حَفْصٍ الْكَلْبِيُّ1. أَحَدُ الأشراف، ولي إمرة لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ وَإِمْرَةَ الْمَغْرِبِ وَشَهِدَ حِصَارَ دِمَشْقَ مَعَ الْمُسَوَّدَةِ. رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ شَابُورٍ. وَكَانَ دَيِّنًا مَحْمُودُ السِّيرَةِ. 111- حنظلة السدومي2 -ت ق-، أبو عبد الرحيم شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. حَدَّثَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَعِكْرِمَةَ. وعنه شعبة والحمادان وابن المبارك وابن علية وعلي بن عاصم. قال أبو حاتم: ليس بقوي. 112- حيي بن عبد الله المعافري3 -4- أبو عبد الله مصري صالح الحديث. روى عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَابْنُ وَهْبٍ. قَالَ النسائي: ليس بقوي مات سنة ثلاث وأربعين ومائة. "حرف الْخَاءِ": 113- خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ الشَّيْبَانِيُّ النِّيلِيُّ4 –ق- مِنْ مَدِينَةِ النِّيلِ قَرِيبَةٍ مِنْ وَاسِطٍ، يُكْنَى أَبَا الْوَلِيدِ. رَوَى عَنْ سَالِمٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ. قَالَ أَحْمَدُ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 114- خَالِدُ بْنُ رَبَاحٍ5، أَبُو الْفَضْلِ الْهُذْلِيُّ. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. فَأَمَّا أَبُو خَلْدَةَ خَالِدُ بن دينار فسيأتي.

_ 1 تهذيب ابن عساكر "5/ 15"، أنساب الأشراف "5/ 142". 2 تقريب التهذيب "1/ 204"، وتاريخ الدوري "2/ 139"، والثقات "3/ 91". 3 ميزان الاعتدال "1/ 623"، والضعفاء والمتروكين "35"، والمشاهير "188". 4 التاريخ الكبير "3/ 147"، وطبقات ابن سعد "7/ 275". 5 تهذيب الأسماء "1/ 172"، والمجروحين "1/ 281"، ولسان الميزان "2/ 375".

عَنِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ ابن معين. 115- خالد بن عبيد –ق1- أَبُو عصام الْعَتَكِيُّ الْبَصْرِيُّ نَزِيلُ مَرْوٍ. لَهُ عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ بُرَيْدَةَ والحسن. وعنه ابن المبارك والعلاء بن عمران والفضل السيناني وأبو نميلة يحيى بن واضح وآخرون. قال أحمد بن سيار: كان شيخا نبيلا أحمر الرأس واللحية -يعني يخضب- وكان العلماء في ذلك الزمان يعظمونه ويكرمونه قَالَ: وَكَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ رُبَّمَا سَوَّى عَلَيْهِ ثِيَابَهُ إِذَا رَكِبَ. وَقَالَ البخاري: في حديثه نظر. وقال ابْنُ حِبَّانَ: حَدَّثَ بِأَحَادِيثَ مَوْضُوعَةٍ عَنْ أَنَسٍ. 116- خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ التُّجِيبِيّ2 -م د ت ن- قَاضِي أَفْرِيقِيَّةَ. قَدْ مَرَّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَأَنَّهُ يَرْوِي عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَطَبَقَتِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَرْجَمَتِهِ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَهَذَا خَطَأٌ، بَلْ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ التَّابِعِيُّ الْمَعْرُوفُ. 117- خَالِدُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ الأَصْبَهَانِيُّ -ن ق-3. الإسكاف نَزِيلُ الْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَوَكِيعٌ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أحمد. 118- خالد بن مهران4، -ع- أبو المنازل البصري الحذاء أَحَدُ الأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ. رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَخَوَيْهِ حَفْصٍ وَأَنسٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 161"، وتهذيب التهذيب "3/ 105"، وميزان الاعتدال "1/ 634". 2 تقريب التهذيب "1/ 214"، والجرح والتعديل "3/ 345"، والخلاصة "102". 3 التاريخ الكبير "3/ 168"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 305"، والجرح والتعديل "3/ 349". 4 تهذيب التهذيب "3/ 120"، والجرح والتعديل "3/ 352"، تاريخ أبي زرعة "1/ 475"، وطبقات خليفة "420".

وَعَنْهُ شَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ وَشُعْبَةُ وَمُعْتَمِرٌ وَخَلْقٌ، آخِرُهُمْ مَوْتًا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْخَفَّافُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَيُقَالُ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَثَّقَهُ أَحَمْدُ وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ بِهِ1. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ: أَرَادَ شُعْبَةُ أَنْ يَضَعَ فِي خَالِدٍ الْحَذَّاءِ فَأَتَيْتُهُ أَنَا وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فقلنا له: مالك أجننت أنت أعلم وتهددناه فأمسك. وقال يحيى بن آدم: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ: مَا لِخَالِدٍ الْحَذَّاءِ فِي حَدِيثِهِ؟ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا قَدْمَةً مِنَ الشَّامِ فَكَأَنَّا أَنْكَرْنَا حِفْظَهُ2. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قِيلَ لابْنِ عُلَيَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: كَانَ خَالِدٌ يَرْوِيهِ فَلَمْ نَكُنْ نَلْتَفِتْ إِلَيْهِ. ضَعَّفَ ابْنُ عُلَيَّةَ أَمْرَهُ يَعْنِي خَالِدًا الْحَذَّاءَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: ثنا عَبْدُ اللَّهُ بْنُ نَافِعٍ الْقُرَشِيُّ أَبُو شِهَابٍ قَالَ: قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَلَيْكَ بِحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُمَا حَافِظَانِ وَاكْتُمْ عَلَيَّ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ فِي خَالِدٍ وَهِشَامٍ. قُلْتُ: وَلَمْ يَكُنْ حَذَّاءً بَلْ كان فِي سُوقِ الْحَذَّائِينَ أَحْيَانًا فَاشْتَهَرَ بِالْحَذَّاءِ، قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ فَهْدُ بْنُ حَيَّانَ: لَمْ يَحْذِ خَالِدٌ قَطُّ وَإِنَّمَا كَانَ يَقُولُ: أُحْذُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ فَلُقِّبَ الْحَذَّاءُ وَكَانَ حَافِظًا مَهِيبًا لَيْسَ لَهُ كِتَابٌ. وَقَالَ شُعْبَةُ: قَالَ خالد: ما كتب شَيْئًا قَطُّ إِلا حَدِيثًا طَوِيلا فَلَمَّا حَفِظْتُهُ مَحَوْتُهُ. خَالِدٌ الطَّحَّانُ: سَمِعْتُ خَالِدَ الْحَذّاءَ يَقُولُ مَا حَذَوْتُ نَعْلا وَلا بِعْتُهَا وَلَكِنْ تَزَوَّجْتُ امرأة من بني مجاشع فنزلت عليها والحذاؤون ثم نسبت إِلَيْهِمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ خَالِدٌ عَلَى العشور.

_ 1 راجع: سير أعلام النبلاء "6/ 393". 2 انظر السابق.

119- خالد بن أبي يزيد -د ن-1 أبو عبيد الرحيم الحراني مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. رَوَى عَنْ مَكْحُولٍ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بَخْتٍ وَأَكْثَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ أُخْتِهِ مُحَمَّدُ بن سلمة ووكيع وشبابة وحجاج الأعور. وقال أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. مَاتَ في سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 120- خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكِ بن مالك الغفاري -خ ن-2 المدني. عن أبيه وسلميان بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ وَحَمَّادُ بْنُ زيد وحاتم بن إسماعيل والفضل بْنُ مُوسَى وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَلَيَّنَهُ بَعْضُهُمْ. 121- الْخَصِيبُ بْنُ جَحْدَرٍ الْبَصْرِيُّ3. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كُوفِيٌّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ. وَعَنْهُ الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ وَجَمَاعَةٌ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَكَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ لَكِنَّهُ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ كَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 122- خَلَفُ بْنُ حَوْشَبٍ4، أَبُو بُرَيْدٍ الْكُوفِيُّ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَطَلْحَةِ بْنِ مُصَرِّفٍ وَإِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ صَالِحُ الأَمْرِ. "حرف الدَّالِ": 123- دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيُّ5 -4- الزَّعَافِرِيُّ أَبُو الْعَلاءِ الكوفي.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 218"، والجرح والتعديل "3/ 361". 2 طبقات ابن سعد "5/ 253"، والميزان "1/ 650"، والجرح والتعديل "3/ 388". 3 الضعفاء والمتروكين "37"، والمجروحين "1/ 287"، والجرح والتعديل "3/ 396". 4 التاريخ الكبير "3/ 193"، وتهذيب التهذيب "3/ 149"، والخلاصة "105". 5 ميزان الاعتدال "2/ 10"، والخلاصة "110"، والتهذيب "3/ 191".

عَنِ الشَّعْبِيِّ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ وَأَبِي وَبَرَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ وَوَكِيعٌ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وغيره، وضعفه ابن معين مرة وقواه أُخْرَى وَلا بَأْسَ بِهِ. 124- دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ أَبُو الْجَحَّافِ الْكُوفِيُّ -ت ن ق-1. من رؤوس الشِّيعَةِ وَمُحَدِّثِيهِمْ. لَهُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ -صاحب لأبي ذر- وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَامِرُ بْنُ السِّمْطِ وَتَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ فِي فَضَائِلِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَهُوَ عِنْدِي لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: كَانَ مُرْضِيًا. وَوَثَّقَهُ جماعة وفيه شَيْءٌ. 125- دَاوُدُ بْنُ عِيسَى النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ2. حدث بدمشق عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ مرسلا وعن سعيد بن جبير وعمرو بن دينار وسماك وطائفة. وعنه إسماعيل بن عيّاش وسُوَيْد بن عبد العزيز ويحيى بن حمزة القاضي ولم أر لهم فيه كلاما بتوثيق ولا تليين فهو صالح. 126- داود بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي3 -ت ق- الكوفي الأعرج. عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي وَائِلٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُبَيْلٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيُّ وَوَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وآخرون. ضعفه أحمد. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثَقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لا أروي عنه وكان أبوه ثبتًا. وقال ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: شُعْبَةُ يَرْوِي عَنْ دَاوُدَ بن يزيد الأودي! قال: تعجبًا منه.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 230"، وطبقات ابن سعد "6/ 327"، والمعرفة والتاريخ "2/ 670، 3/ 97". 2 التاريخ الكبير "3/ 242"، وتهذيب ابن عساكر "5/ 215". 3 تهذيب التهذيب "3/ 205"، والمجروحين "1/ 289"، والجرح والتعديل "3/ 427".

127- دَاوُدُ أَبُو الْيَمَانِ. رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي أَوْفَى. وَعَنْهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. صالح الحال. 128- دينار أبو عمر1. سمع الحسن الْبَصْرِيُّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَآخَرُونَ. لا بَأْسَ بِهِ. "حرف الرَّاءِ": 129- رَاشِدُ بْنُ دَاوُدَ الصَّنْعَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْبَرْسَمِيُّ -ن-2. عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ وَأَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ وَأَبِي صَالِحٍ الأَشْعَرِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَالْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو مُطِيعٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى وَآخَرُونَ. رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. وقال الدارقطني: ضعيف. 130- راشد بن كيسان3 –ق- أبو فزارة العبسي الكوفي. عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَيَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ وَالثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَعَلِيُّ بْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدِيثُهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 131- رَاشِدٌ أَبُو سَلَمَةَ الْفَزَارِيُّ4. عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَزَيْدٍ الأَحْمُوسِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. صويلح.

_ 1 تهذيب التهذيب "3/ 216"، وميزان الاعتدال "2/ 30"، والجرح والتعديل "3/ 434". 2 التاريخ الكبير "3/ 279"، وتهذيب التهذيب "3/ 225"، والمشاهير "187". 3 المعرفة والتاريخ "3/ 72، 230"، وميزان الاعتدال "2/ 35". 4 التاريخ الكبير "3/ 298"، والجرح والتعديل "3/ 485".

132- راشد بن نجيج –ق-1 أبو محمد الحماني البصري. شيخ مقل من الرواية، ما علمت به بأسًا بل قال بعضهم: صدوق. وروى عَنْ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ: وَكَانَ أَحَدَ الَّذِينَ نَظَرُوا فِي الْمَصَاحِفِ زَمَنَ الْحَجَّاجِ. رَوَى عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَشِهَابُ بْنُ شَرْنَفَةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. وَأَمَّا أَحْمَدُ بن أبي خثيمة فَسَمَّاهُ رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي عُطَارِدٍ فَلَعَلَّهُمَا اثْنَانِ. 133- الرَّبِيعُ بْنُ حَيْظَانِ2 ويُقَالُ ابْنُ حظيان، شيخ بصري. روى عَنْ عَكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَمَكْحُولٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ الصَّنْعَانِيُّ الدَّمَاشِقَةُ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 134- الرَّبِيعُ بْنُ سَعْدٍ الْجُعْفِيُّ3. عَنْ عبد الرحمن بن باسط. وَعَنْهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَوَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وحسين الجعفي وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 135- رِزَامُ بْنُ سَعِيدٍ الضَّبِّيُّ4. عَنْ خَوَّاتٍ التَّيْمِيِّ وَأَبِي الْمَعَارِكِ وَوَحْشِيَّةَ بِنْتِ عَمَّارٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَالْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. وَثَّقَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ. 136- رِشْدِينُ بْنُ كُرَيْبٍ –ق-5، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَبُو كُرَيْبٍ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبِيهِ وَعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَرَأَى ابْنَ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَالْمُحَارِبِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَعِدَادُهُ في الضعفاء.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 240"، والخلاصة "113". 2 لسان الميزان "2/ 444"، وميزان الاعتدال "2/ 39". 3 التاريخ الكبير "3/ 275"، والتاريخ لابن معين "2/ 161". 4 تهذيب التهذيب "2/ 272"، والجرح والتعديل "3/ 523". 5 الخلاصة "117"، والتقريب "1/ 246"، علل ابن المديني "113"، والكامل "3/ 149".

137- رزين بن حبيب الْكُوفِيُّ الأَنْمَاطِيّ –ت-1. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَسَلْمَى الْبَكْرِيَّةِ. وَعَنْهُ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 138- رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ التَّمِيمِيُّ الرَّاجِزُ2، مِنْ أَعْرَابِ الْبَصْرَةِ. سَمِعَ أَبَاهُ وَالنَّسَّابَةَ الْبَكْرِيَّ، وَعَنْهُ النَّضْرُ بْنُ جَمِيلٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى وَأَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ لُغَوِيًّا علامة. له وفادة على وِفَادَةٌ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ شَابٌّ ثُمَّ طَالَ عُمْرُهُ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: حَدَّثَنِي رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجَزِ: طَافَ الْخَيَالانِ فَهَاجَا سَقَمَا ... خَيَالٌ تُكْنَى وَخَيَالٌ تُكْتَمَا قَامَتْ تُرِيكَ خِيفَةً أَنْ تُصْرَمَا ... سَاقًا بَخَنْدَاةً وَكَعْبًا أَدْرَمَا فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَانَ يَحْدِي بِنَحْوِ هَذَا ومثل هَذَا رَسُول اللَّه -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ- ولا يَعِيبُهُ. وَقَالَ خَلَفٌ الأَحْمَرُ: سَمِعْتُ رُؤْبَةَ يَقُولُ: مَا فِي الْقُرْآنِ أَغْرَبُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94] . وقال النسائي: ليس رؤبة بالقوي. وقال غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ3. 139- رَوْحُ بْنُ جَنَاحٍ الدِّمَشْقِيُّ4 -ت ق- أَخُو مَرْوَانَ بْنِ جَنَاحٍ مَوْلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ.

_ 1 ميزان الاعتدال "2/ 51"، والجرح والتعديل "3/ 522". 2 عيون الأخبار "2/ 118، 166" خزانة الأدب "1/ 43"، والمؤتلف والمختلف "175"، ونزهة الألباء "48، 144". 3 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 399". 4 تهذيب ابن عساكر "5/ 338"، والضعفاء والمتروكين "40"، والجرح والتعديل "3/ 494".

رَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ. الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ رَوْحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَا وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي كلما بلت تبعه الماء الدافق، قلنا يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: عَلَيْكَ الْغُسْلُ، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَهُوَ يُرَجِّعُ. وَعَجَّلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي صَلاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَفْتَيْتُمُوهُ بِهِ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قُلْنَا: لا، قَالَ: فَعَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ؟ قُلْنَا: لا، قَالَ: فَعَمَّنْ؟ قُلْنَا: عَنْ رَأْيِنَا. فَقَالَ: لِذَلِكَ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ"1. ثُمَّ قَالَ لَهُ: إِذَا كَانَ هَذَا مِنْكَ تَجِدُ شَهْوَةً فِي قَلْبِكَ؟ قَالَ: لا، قال: فَهَلْ تَجِدُ خَدَرًا فِي جَسَدِكَ؟ قَالَ: لا، قال: إنما هذه ابرده يُجْزِئُكَ مِنْهُ الْوُضُوءُ. 140- رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو غياث2 -خ م د ن ق-. التميمي العنبري البصري. عَنْ قَتَادَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَمَنْصُورٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ يزيد بن زريع فأكثر وَابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَوَّاءٍ وعبد الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَآخَرُونَ. مَاتَ فِي الْكُهُولَةِ وَكَانَ أَحَدَ الْحُفَّاظِ الْمُجَوِّدِينَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. ظَهَرَ لَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ حَدِيثًا، وَإِنَّمَا طَلَبَ الْعِلْمَ وَهُوَ كَبِيرٌ. قَالَ نَصْرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: قَالَ سُفْيَانُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا طَلَبَ الْحَدِيثَ وَهُوَ مُسِنٌّ أَحْفَظُ مِنْ رَوْحِ بْنِ القاسم.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه الترمذي "2681"، وابن ماجه "222"، والطبراني في الكبير "11/ 78"، والديلمي في مسنده "4398"، وراجع تحقيقنا لهذا الحديث في جامع بيان العلم وفضله "89" لابن عبد البر رحمه الله تعالى. 2 التاريخ الكبير "3/ 309"، وتهذيب التهذيب "3/ 289"، والمشاهير "156"، وسير أعلام النبلاء "6/ 538".

"حرف الزَّايِ": 141- الزِّبْرِقَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1، أَبُو بَكْرٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ السَّرَّاجُ. رَوَى عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ. وَعَنْهُ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو أُسَامَةَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. 142- الزِّبْرِقَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ2، أَبُو وَرْقَاءَ الْعَبْدِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنِ الضَّحَّاكِ وَكَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَإِسْرَائِيلُ وشريك وغيرهم. صالح الأمر، وهو أقدم من السراج. 143- زجلة الدمشقية3. عن أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا. وَعَنْهَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ والوليد بْنُ يَزِيدَ الْمُرِّيُّ. لَمْ يُضَعِّفْهَا أَحَدٌ. 144- زُرْعَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ4. عَنْ عَطَاءٍ وَخَالِدِ بْنِ اللَّجْلاجِ وَوَضَّاحٍ أَبِي مَرْوَانَ مَوْلَى الْوَلِيدِ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 145- زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زائدة الهمذاني5 –ع- أبو يحيى قَاضِي الْكُوفَةِ. أَخَذَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَخَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَمُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُه يَحْيَى وَشُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بن موسى وأبو نعيم.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 610". 2 التاريخ الكبير "3/ 435"، وميزان الاعتدال "2/ 66". 3 الجرح والتعديل "2/ 624". 4 لسان الميزان "2/ 475". 5 طبقات ابن سعد "6/ 400"، والمشاهير "170"، وشذرات الذهب "1/ 224".

قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ حُلْوُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صُوَيْلِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ يُدَلِّسُ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 146- زَكَرِيَّا بْنُ سَلامٍ1 أَبُو يَحْيَى الْعُتْبِيُّ الأَصَمُّ نَزِيلُ الرَّيِّ. عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَالسُّدِّيِّ وَالْعَلاءِ بْنِ بَدْرٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ الرَّازِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ. هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَهُوَ أَخْبَرُ بِهِ لِأَنَّهُ يُكَذِّبُهُ. وَأَمَّا أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ فَقَالَ: رَوَى عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيِّ وَالْعَلاءِ بْنِ بَدْرٍ. وَعَنْهُ هَارُونُ بْنُ الْمُثَنَّى وَحَكَّامٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ. قُلْتُ: فَمَا أَحْسَبُهُ لَقِيَ أَبَا وَائِلٍ وَكَذَا فِي نَفْسِي مَنْ لَقِيَ إِسْحَاقَ بْنَ سُلَيْمَانَ لَهُ، صَدُوقٌ. 147- زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْحِمْيَرِيُّ2، الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ زَكَرِيَّا أَبُو يَحْيَى الْكُوفِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ: مَنْ زَكَرِيَّا هَذَا! لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَدْ ذَكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَقَالَ: زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْبَدِّيُّ وأنه روى عن عكرمة. روى عنه يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ. وَقَالَ عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْبَدِّيُّ لَيْسَ بِثِقَةٍ، قال: أحسب أن الحميري والبدي، فالله أعلم.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 423-424"، والجرح والتعديل "3/ 598". 2 الجرح والتعديل "3/ 600".

148- زنفل العرفي المكي1. روى عن أبي ملكية وَنَجِيحِ بْنِ إِسْحَاقَ الْعَرَفِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو دَاوُدَ الدباغ ومحمد بن عمير الْمُعَيْطِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْوَزِيرِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ غير واحد وقال ابن عدي: لا يتايع عَلَى حَدِيثِهِ. 149- زِيَادُ بْنُ أَبِي حَسَّانٍ النَّبَطِيُّ بَصْرِيٌّ2. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ عُلَيَّةَ وَعَوْنُ بْنُ عُمَارَةَ وَقُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ وَآخَرُونَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ شُعْبَةُ يَتَكَلَّمُ فِيهِ. وَقِيلَ: هُوَ وَاسِطِيٌّ. 150- زِيَادُ بْنُ أَبِي زياد الْجَصَّاصِ3 أَبُو مُحَمَّدٍ، بَصْرِيٌّ، وَقِيلَ وَاسِطِيٌّ. عَنْ أَنَسٍ وَالْحَسَنِ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ هُشَيْمٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ. 151- زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ الْكُوفِيُّ –م4-. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَسَعْدٍ أَبِي مُجَاهِدٍ الطَّائِيِّ وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ. وَعَنْهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَهُشَيْمٌ وَوَكِيعٌ وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُونِيُّ. وَثَّقَهُ أبو داود وغيره. 152- زياد بن سعد-ع-5 أبو عبد الرحمن الخراساني. نَزِيلُ مَكَّةَ وَشَرِيكُ بْنُ جُرَيْجٍ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إلى قرية عك باليمن.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 451"، والضعفاء والمتروكين "43"، والتقريب "1/ 258"، والكامل "2/ 95". 2 التاريخ الكبير "3/ 350"، وتهذيب ابن عساكر "5/ 402"، والجرح والتعديل "3/ 530". 3 تهذيب التهذيب "3/ 368"، وميزان الاعتدال "2/ 89"، والخلاصة "124". 4 التاريخ الكبير "3/ 351"، وتهذيب التهذيب "3/ 364". 5 المعرفة والتاريخ "1/ 643"، ومشاهير علماء الأمصار "146"، والوافي بالوفيات "15، 16 "16".

رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ الْجُنْدِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ ابن عيينة: كان عالمًا بحديث الزهري. وقال النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. قُلْتُ: مَاتَ فِي الْكُهُولَةِ. 153- زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1، بْنِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبٍ الأُمَوِيُّ. سَجَنَهُ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ لِقِيَامِهِ مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ مَرْوَانَ أَطْلَقَهُ ثُمَّ حَبَسَهُ ثُمَّ أَطْلَقَهُ. وَقَدْ خَرَجَ بِقُنَّسْرَيْنِ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَتَبِعَهُ أُلُوفٌ مِنَ النَّاسِ وَقَالُوا: هُوَ السُّفْيَانِيُّ. ثُمَّ إِنَّهُ عَسْكَرَ وَحَارَبَ بَنِي الْعَبَّاسِ فِي أَوَّلِ دَوْلَتِهِمْ فَالْتَقَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَهَزَمَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَتَسَحَّبَ وَاخْتَفَى بالمدينة مدة ثم قتل دَوْلَةِ الْمَنْصُورِ. 154- زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيُّ2. الأَمِيرُ مِنْ أَخْوَالِ السَّفَّاحِ. وَلِيَ إِمْرَةَ الْمَوْسِمِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ ثُمَّ وَلِيَ إِمْرَةَ الْحَرَمَيْنِ لِلْمَنْصُورِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: طَلَبَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ لِيَسْتَعْمِلَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ فَحَلَفَ زِيَادٌ لَيُسْتَعْمَلَنَّ فَحَلَفَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ لا يُعْمَلُ. فَأَمَرَ زِيَادٌ بِسَجْنِهِ وَقَالَ: يَا بْنَ الْفَاعِلَةِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: وَاللَّهِ مَا مِنْ هَيْبَتِكَ تَرَكْتُ الرَّدَّ عَلَيْكَ وَلَكِنْ لله تعالى، ثم كلموه زِيَادًا فِيهِ فَاسْتَحْيَا وَنَدِمَ، وَأَرَادَ تَطْيِيبَ قَلْبِهِ، وَأَخَذَ يَتَحَيَّلُ فِي رِضَاهُ حَتَّى تَوَصَّلَ وَأَهْدَى لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ جَارِيَةً عَلَى يَدِ أَخِيهِ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُ مُحَمَّدٌ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. 155- زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ3. أَبُو الْجَارُودِ الثَّقَفِيُّ أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ. يَرْوِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَأَكْبَرُ مَشْيَخَتِهِ أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ. رَوَى عَنْهُ عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ.

_ 1 معجم بني أمية "42". 2 تهذيب ابن عساكر "5/ 404"، والوافي بالوفيات "15/ 14". 3 التاريخ الكبير "3/ 371"، والضعفاء والمتروكين "45"، والجرح والتعديل "3/ 545".

قَالَ أَحَمْدُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَافِضِيٌّ يَضَعُ الْحَدِيثَ فِي الْمَثَالِبِ وَفِي مَنَاقِبِ أَهْلِ الْبَيْتِ. وَقَالَ الدارقطني وغيره: مَتْرُوكٌ. 156- زَيْدُ بْنُ جَبِيرَةَ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -ت ق-. عَنْ أَبِيهِ جَبِيرَةَ بْنِ مَحْمُودٍ وَدَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَأَبِي طُوَالَةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَاللَّيْثُ. وَسُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُحَمَّدُ بن حمير. تركه أبو حاتم والبخاري. وقال النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 157- زَيْدُ بْنُ رَبَاحٍ الْمَدَنِيُّ2 -خ ت ق-. عَنْ أَبِي عَبْدِ الله الأغر. وعنه مالك وحده. سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. 158- زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3، بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ. عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَآخَرُونَ. زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ الدمشقي4. قد مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 159- زَيْدٌ أَبُو أُسَامَةَ الْحَجَّامُ –ن-5 مَوْلَى بَنِي ثَوْرٍ، كُوفِيٌّ صَدُوقٌ. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ. وعنه أبو أسامة وأبو نعيم. وثقه أبو حاتم. "حرف السين": 160- سابق البربري6 له أشعار مليحة في الزهد.

_ 1 ميزان الاعتدال "2/ 99"، والتقريب "1/ 273". 2 تهذيب التهذيب "3/ 412"، وميزان الاعتدال "2/ 103". 3 التاريخ الكبير "3/ 401"، والضعفاء الصغير "47"، والجرح والتعديل "3/ 567". 4 وراجع مشاهير علماء الأمصار "179 "1420"، والوافي بالوفيات "15/ 46 "56"، وتهذيب ابن عساكر "9/ 38". 5 تهذيب التهذيب "3/ 429"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 457". 6 الوافي بالوفيات "15/ 69 "91"، والأغاني "6/ 57".

روى عن مكحول وعمر بن عبد العزيز. وعنه موسى بن أعين والمعافى بن عمران وشجاع بن الوليد وغيرهم. وهو من مولي بني أمية، سكن الرقة ويقال: إن سابقا الرقي تأخر. 161- سالم بن عبد الله الخياط1 -ت ق- بصري نزل مكة. وروى عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وعطاء، وعنه زهير بن محمد وعبيد الله بن موسى وأبو عاصم النبيل. قال أحمد: ما أرى به بأسا وكذلك قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ. 162- سالم بن عبد الله –ق- هو سالم بن أبي المهاجر الرقي2. عَنْ مَكْحُولٍ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ. وَعَنْهُ مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَخَالِدُ بْنُ حَيَّانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بُومَةُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: إِنَّمَا قَدَّمْتُهُ عَنْ طَبَقَتِهِ يَسِيرًا لأُمَيِّزَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَيَّاطِ الَّذِي قَبْلَهُ. 163- سَالِمٌ أَبُو غِيَاثٍ الْعَتَكِيُّ3. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وعنه النضر بن شميل وعبيد بْنُ مُوسَى. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا شَيْءَ. 164- سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ أَبُو الْعَلاءِ الْمُرَادِيُّ4 –ت- الكوفي الضرير. عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ وَعَمْرِو بْنِ هَرَمٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَكْتُبُ حَدِيثَهُ. 165- سَالِمُ بْنُ غَيْلانَ التجيبي المصري5 -د ت ن-.

_ 1 الضعفاء والمتروكين "47"، والخلاصة "131". 2 التاريخ الكبير "4/ 117"، والمعرفة والتاريخ "1/ 149". 3 ميزان الاعتدال "2/ 113"، والجرح والتعديل "4/ 190". 4 تقريب التهذيب "1/ 274"، وتاريخ الثقات "174". 5 ميزان الاعتدال "2/ 113"، والجرح والتعديل "4/ 187".

عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ التُّجِيبِيِّ وَدَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ. 166- السَّرِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ1 –ق-. عَنِ ابْنِ عَمِّهِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ. وَعَنْهُ جَرِيرٌ الضَّبِيُّ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وآخرون. تركه ابن المبارك. وقال أَبُو دَاوُدَ: ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلِيَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ. 167- سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ2 -4-. عَنْ أَبِيهِ وعن عمه عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ وَعَمَّتِهِ زَيْنَبِ بِنْتِ كَعْبٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو ضُمْرَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 168- سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -د ت ن- زَوْجُ ابْنَةِ أَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ. رَوَى عَنْ مُصَدِّعٍ وَزِيَادِ بْنِ كُسَيْبٍ وَأَنَسِ بْنِ سِيرِينَ. وَعَنْهُ حُمَيْدُ بْنُ مِهْرَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الطَّاحِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْحَدَّادُ وَآخَرُونَ. 169- سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ أبو الْحَسَنِ الْعَبْسِيُّ4، -4- الْكُوفِيُّ الْكَاتِبُ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَبِلالِ بْنِ يَحْيَى الْعَبْسِيِّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صالح الحديث وضعفه الأزدي.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 176"، والجرح والتعديل "4/ 282"، وميزان "2/ 117"، والمعرفة والتاريخ "3/ 39". 2 تهذيب التهذيب "3/ 466"، والمشاهير "136". 3 الخلاصة "34"، والتاريخ لابن معين "2/ 190 "1366". 4 تهذيب التهذيب "3/ 467"، والجرح والتعديل "4/ 80".

170- سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ1 –م4- أَخُو يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدِينِيُّ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَعْدِ بْنِ مُرْجَانَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ وَوَثَّقَهُ غَيْرُهُ. 171- سَعْدُ بْنُ طَارِقِ بْنِ أَشْيَمَ –م4- أبو مالك الأشجعي الكوفي2. لأبيه صحبة. روى عن أبيه وعن ابن أَبِي أَوْفَى وأنس بن مالك وموسى بن طلحة وأبي حازم الأشجعي وربعي بن خراش. وعنه الثوري وأبو عوانة وحفص بن غياث وأبو معاوية وخلف بن خليفة ويزيد بن هارون وعبيدة بن حميد وآخرون. قال النسائي: ليس به بأس، وقد استشهد به البخاري. 172- سعد بن طريف الحنظلي الكوفي الحذاء3 -ت ق-. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَالأَصْبَغِ بْنِ نَبَاتَةَ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنِ عُلَيَّةَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ شِيعِيٌّ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ: لا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْوِي عَنْهُ: وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عندهم. 173- سعيد بن إياس4 –ع- أبو مسعود الجريري البصري أحد علماء الحديث. لَهُ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَأَبِي نَضْرَةَ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَعَدَدٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَمَاتًا مُحَمَّدُ بن عبد الله الأنصاري.

_ 1 المعرفة والتاريخ "3/ 411"، والوافي بالوفيات "15/ 181". 2 ميزان الاعتدال "2/ 122"، والمعرفة والتاريخ "3/ 38". 3 تقريب التهذيب "1/ 280". 4 سير أعلام النبلاء "5/ 184"، وتقريب التهذيب "1/ 279"، والمشاهير "153".

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ مُحَدِّثُ الْبَصْرَةِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: هُوَ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: تَغَيَّرَ حِفْظُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ: لا نَكْذِبُ اللَّهَ سَمِعْنَا مِنَ الْجُرَيْرِيِّ وَهُوَ مُخْتَلِطٌ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: سَمِعْتُ مِنَ الْجُرَيْرِيِّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَهِيَ أَوَّلُ دُخُولِي الْبَصْرَةَ وَلَمْ نُنْكِرْ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ قِيلَ لَنَا: إِنَّهُ اخْتَلَطَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ بَعْدَنَا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ لِعِيسَى بْنِ يُونُسَ: سَمِعْتُ مِنَ الْجُرَيْرِيِّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، لا تَرْوِ عَنْهُ، وَقَالَ أَحَمْدُ: سَأَلْتُ ابْنَ عُلَيَّةَ: أَكَانَ الْجُرَيْرِيُّ اخْتَلَطَ؟ فَقَالَ: لا، كَبُرَ الشَّيْخُ فَرَقَّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أتيت الجريري فسمعته يَقُولُ: ثنا ابْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَالَ: بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلاةٌ فَلَمَّا خَرَجْتُ قَالَ لِي رَجُلٌ: إِنَّمَا هُوَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ. وَرَوَى ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ كَهْمَسٍ قَالَ: أَنْكَرْنَا الْجُرَيْرِيَّ قَبْلَ الطَّاعُونِ. 174- سَعِيدُ بْنُ حَسَّانٍ الْمَخْزُومِيُّ1 -م د ن ق- قَاضِي مَكَّةَ. عَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 175- سَعِيدُ بْنُ صَالِحٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ الأَشَجُّ2. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي مَعْشَرٍ زِيَادِ بْنِ كُلَيْبٍ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 176- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ3 بْنِ رُقَيْشٍ الأَسَدِيُّ –د- أَسَدُ خُزَيْمَةَ الْمَدَنِيُّ حليف بني عبد شمس.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 464"، والوافي بالوفيات "15/ 208"، والجرح والتعديل "4/ 12". 2 الجرح والتعديل "4/ 34"، والمعرفة والتاريخ "3/ 175". 3 تهذيب التهذيب "4/ 58"، والخلاصة "140".

رَوَى عَنْ خَالِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي الأَسْوَدِ الدَّيْلِيِّ وَشُيُوخٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَفُلَيْحٌ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَيْخٌ ثِقَةٌ. 177- سَعِيدُ بْنُ عبيد الطائي الكوفي1 -سوى ق- أبو الهذيل. عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَبَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو نَعِيمٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. 178- سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُبَيْدٍ2. أَبُو الْعَنْبَسِ التَّيْمِيُّ مولى أبي بكر الصديق الْقُرَشِيُّ الْكُوفِيُّ الْمُلائِيُّ. عَنْ أَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَوَالِدِهِ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ ثِقَةٌ. قُلْتُ: لم يخرجوا له في الْكُتُبَ. 179- سُفْيَانُ بْنُ دِينَارٍ الْكُوفِيُّ التَّمَّارُ3 -خ ن-. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ. وَقِيلَ: إِنَّ لَهُ سَمَاعًا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَمَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زرعة وغيره. 180- سفيان بن زياد الكوفي4 –خ4- أبو الورقاء العصفري. عَنْ أَبِيهِ وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ أَبُو أسامة ومروان بن معاوية وأبو بكر

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 46"، والمعرفة والتاريخ "2/ 774". 2 التاريخ الكبير "3/ 509"، والخلاصة "142". 3 تهذيب التهذيب "4/ 109"، والخلاصة "145"، والجرح والتعديل "4/ 220". 4 ميزان الاعتدال "2/ 169"، وتقريب التهذيب "1/ 302".

ابن عَيَّاشٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ وَاحِدٌ، فوهم. فأما: 181- سفيان بن زياد فآخر يروي عن أنس. وعنه الأَوْزَاعِيِّ. لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ. 182- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ الْمَرْوَزِيُّ1 صاحب الْمُبَارَكِ صَدُوقٌ قَدِيمُ الْوَفَاةِ. 183- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. سَمِعَ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وطبقته. وكان حافظًا، ويعرف بِالرَّأْسِ مَاتَ قَبْلَ الْمِائَتَيْنِ. كَتَبَ عَنْهُ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ. 184- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ الرُّؤَاسِيُّ2. عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. أَخَذَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا. 185- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ الْمَخْرَمِيُّ ثُمَّ الرَّصَافِيُّ3. عَنْ عيسى بن يونس. وعنه تمام وَعَبَّاسٌ الدُّورِيُّ. ثِقَةٌ. 186- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ4. عَنْ فَيَّاضِ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيِّ. وَعَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ خُرَّزَاذَ فَلَعَلَّهُ الرَّصَافِيُّ. 187- وَسُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ5 شَيْخٌ لابْنِ مَاجَهْ يُقَالُ لَهُ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ. سَمِعَ أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيلَ. وتأخرت وفاته إلى حدود السبعين ومائتين. رَوَى عَنْهُ إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ. 188- السَّكَنُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ6، بْنِ زَيْدٍ أَبُو عُثْمَانَ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ. عَنْ أُمِّهِ وَحَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَحْيَوَةُ بن شريح وابن لهيعة وغيرهم.

_ 1 انظر السابق. 2 ميزان الاعتدال "2/ 168". 3 المصدر السابق في ترجمته. 4 تهذيب التهذيب "4/ 111". 5 ميزان الاعتدال "2/ 169". 6 لم أقف له على ترجمة.

مَاتَ عَامَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. فَأَمَّا: 189- السَّكَنُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ الْوَاسِطِيُّ1 فشَيْخٌ. يَرْوِي عَنْ محمد بن عبادة. وعنه وطيع وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُزَنِيُّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبِ: وَهِمَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ فَجَعَلاهُمَا وَاحِدًا. 190- سلم ابن الأَمِيرِ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْبَاهِلِيُّ2 الأَمِيرُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيُّ. خَدَمَ فِي الدَّوْلَتَيْنِ الأُمَوِيَّةِ وَالْعَبَّاسِيَّةِ، وَوَلِيَ الْبَصْرَةَ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ نَفَقَ عَلَى الْمَنْصُورِ وَوَلِيَ لَهُ الْبَصْرَةَ وَكَانَ حَازِمًا عَاقِلا جَوَّادًا مُمَدَّحًا. وَمِنْ كَلامِهِ قال: لا تتم مرؤة الرَّجُلِ حَتَّى يَصْبِرَ عَلَى مُنَاجَاةِ الشُّيُوخِ. وَقَدْ روى عن أبيه وعمه وعبد الرحمن ومحمد بن سيرين. وروى عنه شعبة وأبو عاصم النبيل وغيرهما. مات بالري سنة تسع وأربعين ومائة وصلى عليه المهدي. 191- سلمة بن نبيط بن شريك –د ن ق- الأشجعي، أبو فراس. روى عن أبيه عَنْ أَبِيهِ فِيمَا قِيلَ وَعَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدَ وَالضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْخُرَيْبِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَوَكِيعٌ. وَكَانَ وَكِيعٌ يَفْتَخِرُ بِلَقِيِّهِ وَيُوَثِّقُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُقَالُ إِنَّهُ اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ. 192- سليمان بن سحيم3 -م د ن ق- أبو أيوب المدني. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِعبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ عيينة والدراوردي. وثقه النسائي.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 180"، والجرح والتعديل "4/ 288". 2 التاريخ لابن معين "2/ 223 "3507"، وتقريب التهذيب "1/ 305". 3 الجرح والتعديل "4/ 119"، والمشاهير "143"، والمعرفة والتاريخ "2/ 701".

193- سليمان بن زيد1، -بخ- أبو آدم الكوفي. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى. وَعَنْهُ مُعَاوِيَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَوَكِيعٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَآخَرُونَ. رَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لَيْسَ بِثِقَةٍ كَذَّابٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. 194- سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ أَبُو سَلَمَةَ الْكَلْبِيُّ2 -4- مَوْلاهُمُ الْحِمْصِيُّ قَاضِي حِمْصٍ. عن عبد الرحمن بن جبير وعمرو بن شعيب وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَبَقِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَيُقَالُ: لَمْ يَكُنْ بِحِمْصٍ أَعْبَدَ مِنْهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَكَذَا وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وأبو داود. 195- سليمان بن طرخان التيمي -ع-3 أبو المعتمر القيسي البصري أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ وَلَمْ يَكُنْ تَيْمِيًّا بَلْ نَزَلَ فِيهِمْ. سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَعُثْمَانَ النَّهْدِيَّ وَطَاوُسًا وَالْحَسَنَ وَيَزِيدَ بْنَ الشِّخِّيرِ وَأَبَا نَضْرَةَ وَبَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَطَائِفَةً سِوَاهُمْ. زعنه شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونُ وَالأَنْصَارِيُّ وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ وَخَلْقٌ. قَالَ شُعْبَةُ: مَا رَأَيْتُ أَصْدَقَ مِنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، كَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَغَيَّرَ لَوْنُهُ. وقال المعتمر بْنُ سُلَيْمَانَ: مَكَثَ أَبِي أَرْبَعِينَ سَنَةً يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَيُصَلِّي صَلاةَ الْفَجْرِ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ وَعَاشَ أَبِي سَبْعًا وَتِسْعِينَ سَنَةً. قُلْتُ: كَانَ عَابِدَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَأَحَدَ الْعُلَمَاءِ بِهَا وَحَدِيثُهُ نَحْوُ الْمِائَتَيْنِ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ أَخْوَفَ لِلَّهِ مِنْهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبْعِيُّ: كَانَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ يُسَبِّحُ فِي كل سجدة أو ركعة سبعين تسبيحة.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 14"، والجرح والتعديل "4/ 117". 2 تهذيب تاريخ ابن عساكر "6/ 279", وتاريخ أبي زرعة "1/ 628"، والمشاهير "111". 3 تقريب التهذيب "1/ 315"، وتاريخ الدوري "2/ 232".

وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: مَا أَتَيْنَا سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ فِي سَاعَةٍ يُطَاعُ اللَّهُ فِيهَا إِلا وَجَدْنَاهُ مُطِيعًا فَكُنَّا نَرَى أَنَّهُ لا يحسن يعصي الله تَعَالَى. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ: زَعَمَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَنَّ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ لَمْ تَمُرَّ سَاعَةٌ قَطُّ إِلا تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ قَالَ: كَانَ عَامَّةُ دَهْرِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَكَانَ يُسَبِّحُ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَيَصُومُ الدَّهْرَ. روى عباس ين الْوَلِيدِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ: خَرَجَ سُلَيْمَانُ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِوُضُوءِ عِشَاءِ الآخِرَةِ. وَقَالَ الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَوْ غَيْرِهِ إِنَّ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ أَقَامَ أَرْبَعِينَ سَنَةً إِمَامَ جَامِعِ الْبَصْرَةِ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمْ يَضَعْ جَنْبَهُ بِالأَرْضِ عِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْقَطَّانُ: كَانَ الثَّوْرِيُّ لا يُقَدِّمُ عَلَى سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَحَدًا مِنَ الْبَصْرِيِّينَ. وَرَوَى مِرْدَوَيْهِ الصَّائِغُ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ: قِيلَ لِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: أَنْتَ أَنْتَ وَمَنْ مِثْلُكَ؟ فَقَالَ: لا أَدْرِي مَا يَبْدُو لِي مِنْ رَبِّي إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47] . قَالَ ضُمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ: مَا رُؤِيَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ مُنْصَرِفًا مِنْ صَلاةٍ قَطُّ. قَالَ ضُمْرَةُ عَنْ صَدَقَةٍ: سَمِعْتُ التَّيْمِيَّ يَقُولُ: لَوْ سُئِلْتُ أَيْنَ عَرْشُ اللَّهِ لَقُلْتُ فِي السَّمَاءِ، فَلَوْ قِيلَ: فَأَيْنَ كَانَ عَرْشُهُ قَبْلَ السَّمَاءِ؟ قُلْتُ: عَلَى الْمَاءِ، فَإِنْ قِيلَ لِي: أَيْنَ كَانَ عَرْشُهُ قَبْلَ الْمَاءِ؟ قُلْتُ: لا أَدْرِي. وَقَالَ غَسَّانُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْغِلابِيُّ: حَدَّثَنِي ثِقَةٌ قَالَ: كَانَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَبَيْنَ رَجُلٍ خِصَامٌ فَتَنَاوَلَ الرَّجُلُ سُلَيْمَانَ فَغَمَزَ بَطْنَهُ فَجَفَّتْ يَدُ الرَّجُلِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ مَائِلا إِلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ وَجَرِيرُ عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مُصْقَلَةَ قَالَ: رَأَيْتُ رَبَّ الْعِزَّةِ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لَأُكْرِمَنَّ مَثْوَى سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ. وَرَوَى سَعِيد الْكُرَيْزِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: مَرِضَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فَبَكَى

فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى قَدَرِي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَخَافُ الْحِسَابَ عَلَيْهِ. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: رَأَيْتُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ شَيْخًا كَبِيرًا فِي كُمِّهِ صُحُفٌ يَطْلُبُ الْعِلْمَ فَأَخْبَرُونِي أَنَّهُ كَانَ مِنَ المصلين وكانت له درجة ثمانين مرقاة فكان يَصْعَدُهَا فَإِذَا انْتَهَى يَقِفُ يُصَلِّي قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ. وَعَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَنْعَمَ عَلَى النَّاسِ عَلَى قَدْرِهِ وَطَلَبَ مِنْهُمُ الشُّكْرَ عَلَى قَدْرِهِمْ. عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثنا مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: فَضْلُ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَبْعِينَ مَنْقَبَةٍ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا أَحَدٌ. مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السَّكَنِ: ثنا مُثَنَّى بْنُ مُعَاذٍ ثنا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ يَقُولُ: أَتَيْتُ الْكُوفَةَ فَأَتَيْتُ مَجْلِسَ الأَعْمَشِ فَقَالُوا لَهُ: هَذَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: أَنْتَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: مَا أَعْجَبَكَ، سَمِعْتَ مِنْ خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ تَجِيءُ تَجْلِسُ إِلَيَّ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَجْلِسَ فِي أَقْصَى الْكُوفَةِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيكَ، هَاتِ حَدِّثْنِي عَنْ أَنَسٍ، فَقَلْتُ فِي نَفْسِي: لَأُحَدِّثَنَّكَ بِمَا تَكْرَهُ فَقُلْتُ: ثنا أَنَسٌ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عَلَى عُمُومَتِي أَسْقِيهِمْ، فَقَالَ: لا أُرِيدُ هَذَا فأعدته ثَانِيًا ثُمَّ حَدَّثْتُهُ، رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. الأَصْمَعِيُّ: ثنا مُعْتَمِرٌ قَالَ: كَانَ عَلَى أَبِي دَيْنٌ وَكَانَ يَدْعُو بِالْمَغْفِرَةِ فَقُلْتُ: لَوْ أَنَّكَ دَعَوْتَ اللَّهَ أَنْ يَقْضِيَ عَنْكَ دَيْنَكَ، قَالَ: إِذَا غُفِرَ لِي قَضَى دَيْنِي. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ أَنَا يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ ثنا اللَّبَّانُ أَنَا الْحَدَّادُ أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثنا أَبُو الشَّيْخِ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا سَعِيدُ بْنُ عِيسَى سَمِعْتُ مَهْدِيَّ بْنَ هِلالٍ يَقُولُ: أَتَيْتُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ وَيَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ وَبِشْرَ بْنَ الْمُفَضَّلِ وَأَصْحَابَنَا الْبَصْرِيِّينَ فَكَانَ لا يُحَدِّثُ أَحَدًا حَتَّى يَمْتَحِنَهُ فَيَقُولُ لَهُ: الزِّنَا بِقَدَرٍ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ اسْتَحْلَفَهُ أن هذا دينك فإن حلف حدثه أَحَادِيثَ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 196- سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدٍ السُّلَمِيُّ1. بصري مقبول.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 25" والجرح والتعديل "4/ 129".

رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ وَعَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 197- سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس1 –ق- بن عبد المطلب العباسي. أَحَدُ أَعْمَامِ الْمَنْصُورِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ. وعنه ابنه جعفر بن سليمان وعافية القاضي وسلام بن أبي عمرة ومحمد بن راشد المكحولي الأصمعي وآخرون، منهم ابنته زينب. وكان شريفا كبيرا جوادا ممدحا، وقيل: إنه كان يعتق في عشية عرفة مائة مملوك، وبلغت صلاته مرة في الموسم خمسة آلاف ألف درهم. ولي البصرة للمنصور، ويقال: إنه سَمِعَ مِنْ سَطْحِ دَارِهِ نِسْوَةً يَغْزِلْنَ يَقُلْنَ: لَيْتَ الأَمِيرَ اطَّلَعَ عَلَيْنَا فَأَغْنَانَا، فَرَمَى إِلَيْهِنَّ جَوْهَرًا له قيمة ودهبًا. مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 198- سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو عُكَاشَةَ الرِّبْعِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -م ن ق-. عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسٍ الرَّبَعِيِّ وَأَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 199- سُلَيْمَانُ بْنُ فيروز –ع-3. وَيُقَالُ ابْنُ خَاقَانَ، وَهُوَ سُلَيْمَان بْنُ أَبِي سليمان أبو إسحاق الشيباني مولاهم الكوفي أحد العلماء الثِّقَاتِ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي بُرْدَةَ وَعِدَّةٍ. وعنه شعبة وسفيان وَالسُّفْيَانَانِ وَجَرِيرٌ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَهُشَيْمٌ وَأَبُو عَوَانَةَ وجعفر بن عون وخلق.

_ 1 تهذيب التهذيب "4/ 211"، وتهذيب ابن عساكر "6/ 283"، فوات الوفيات "2/ 70 "177"، المعارف "164". 2 الجرح والتعديل "4/ 131"، والخلاصة "154". 3 المعرفة والتاريخ "3/ 75"، وطبقات خليفة "165"، وتذكرة الحفاظ "1/ 153".

اتَّفَقُوا عَلَى ثِقَتِهِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ وَالتِّرْمِذِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُمْ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ طَبَقَةِ الأَعْمَشِ. 200- سُلَيْمَانُ بْنُ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيُّ1 كُوفِيٌّ صَدُوقٌ. رَوَى عَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ وَعَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَوَكِيعٌ وَالْخُرَيْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معين. 201- سليمان بن مهران، -ع-2. الأعمش الإمام أبو محمد الأسدي مَوْلاهُمُ الْكَاهِلِيُّ الْكُوفِيُّ الْحَافِظُ الْمُقْرِئُ أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ. يُقَالُ وُلِدَ بِقَرْيَةٍ مِنْ عَمَلِ طَبَرِسْتَانَ يُقَالُ لَهَا أَمَهٌ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَقَدْ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَرَآهُ يُصَلِّي وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ مَعَ أَنَّ أَنَسًا لَمَّا تُوُفِّيَ كَانَ لِلأَعْمَشِ نَيِّفٌ وَثَلاثُونَ سَنَةً، وَكَانَ يُمْكِنُهُ السَّمَاعُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَقَدْ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَأَبِي وَائِلٍ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ وَخَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَسَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَهِلالِ بْنِ يَسَافٍ وَيَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ وَأَبِي الضُّحَى وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ. حَدَّثَ عَنْهُ أُمَمٌ لا يُحْصَوْنَ مِنْهُمُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ -وهما من شيوخه- وشعبة والسفيانان وجرير وشعبة وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَزَائِدَةُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَالْخُرَيْبِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 137". 2 التاريخ الكبير "4/ 37"، وتهذيب التهذيب "4/ 222"، والحلية "5/ 46"، والوافي بالوفيات "15/ 429".

وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَيَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو نعيم. قال ابن المديني: له نحو من ألف وثلاثمائة حديث1. وقال ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ الأَعْمَشُ أَقْرَأَهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَحْفَظَهُمْ لِلْحَدِيثِ وَأَعْلَمَهُمْ بِالْفَرَائِضِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: كَانَ يُسَمَّى الْمُصَحِّفُ مِنْ صِدْقِهِ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: هُوَ عَلامَةُ الإِسْلامِ. وَقَالَ وَكِيعٌ: بَقِيَ الأَعْمَشُ قَرِيبًا مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً لَمْ تَفُتْهُ التَّكْبِيرَةُ الأُولَى. وَقَالَ الْخُرَيْبِيُّ: مَا خَلَفَ الأَعْمَشُ أَعْبَدَ مِنْهُ، وَكَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- صَاحِبَ سُنَّةٍ. وَقَدْ قَرَأَ الأَعْمَشُ الْقُرْآنَ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ. وَكَانَ مَعَ جَلالَتِهِ فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ صَاحِبَ مُلَحٍ وَمُزَاحٍ، قِيلَ: إِنَّهُ جَاءَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَوْمًا فَخَرَجَ فَقَالَ: لَوْلا أَنَّ فِي مَنْزِلِي مَنْ هُوَ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْكُمْ مَا خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ. رَوَاهَا وَكِيعٌ عَنْهُ. وَقَدْ سَأَلَهُ دَاوُدُ الْحَائِكُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي الصَّلاةِ خَلْفَ الْحَائِكِ؟ فَقَالَ: لا بَأْسَ بها على غير وضوء، قيل: فم شَهَادَةِ الْحَائِكِ؟ قَالَ: تُقْبَلُ مَعَ عَدْلَيْنِ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَبَقَ الأَعْمَشُ أَصْحَابَهُ بِخِصَالٍ: كَانَ أَقْرَأَهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَحْفَظَهُمْ لِلْحَدِيثِ وَأَعْلَمَهُمْ بِالْفَرَائِضِ. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان ثِقَةً ثَبْتًا كَانَ مُحَدِّثَ الْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ، ويقال: ظهر له أربعة آلاف حديث، لم يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ وَكَانَ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ رَأْسًا فِيهِ وَكَانَ فَصِيحًا وَكَانَ أَبُوهُ مِهْرَانُ مِنْ سبي الديلم. قال: وكان الأعمش عسرًا سيئ الْخُلُقِ وَكَانَ لا يَلْحَنُ حَرْفًا وَكَانَ عَالِمًا بِالْفَرَائِضِ. قَالَ: وَكَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ. كَذَا قَالَ، وليس هذا بصحيح عنه بلى، كان صاحب سنة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 420".

قَالَ: وَلَمْ يَخْتِمْ عَلَيْهِ إِلا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ -وَكَانَ أَسَنَّ مِنْهُ وَأَفْضَلَ- وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مَعْنٍ. قُلْتُ: وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَا الزَّيَّاتُ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: لَمْ نَرَ نَحْنُ مِثْلَ الأَعْمَشِ، وَمَا رَأَيْتُ الأَغْنِيَاءَ أَحْقَرَ مِنْهُمْ عِنْدَهُ مع فقره وحاجته. وروى علي بن عثمان عن أبيه قال: قيل للأعمش أَلا تَمُوتُ فَنُحَدِّثُ عَنْكَ، فَقَالَ: كَمْ مِنْ حُبِّ أَصْبَهَانِيٍّ قَدِ انْكَسَرَ عَلَى رَأْسِهِ كِيزَانٌ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ جَاءَ أَنَّ الأَعْمَشَ قَرَأَ عَلَى زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَزِرٍّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَنَّهُ عَرَضَ أَيْضًا عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ وَجَمَاعَةٍ. وَأَخْبَرَنَا بِيبَرْسُ التُّرْكِيُّ بِحَلَبٍ وَأَيُّوبُ الأَسَدِيُّ بِدِمَشْقَ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ بِبَغْدَادَ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُقَرِّبِ أَنَا طَرَّارٌ أَنَا عَلِيٌّ الْعِيسَوِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ ثنا الْعُطَارِدِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ بَالَ فَغَسَلَ ذَكَرَهُ غُسْلا شَدِيدًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَصَلَّى بِنَا وَحَدَّثَنَا فَجَاءَ بَيْتَهُ. هَذَا حَدِيثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ1. وَرَوَى أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ: أَعْطَيْتُ امْرَأَةَ الأَعْمَشِ، خِمَارًا فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَخْرَجْتُهُ إِلَيَّ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: إِنْ لَمْ تَقْضِهَا فَلا تَغْضَبْ عَلَيَّ، قَالَ: لَيْسَ قَلْبِي فِي يَدِي، قُلْتُ: أَمْلِ عَلَيَّ، قَالَ: لا أَفْعَلُ. وَقَالَ عَلَيُّ بْنُ سَعِيدٍ النَّسَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: مَنْصُورٌ أَثْبَتُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَفِي حديث الأعمش اضطرب كَثِيرٌ2. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاغَنْدِيِّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النّوم فقلت: يا رسول اللَّه أيّما أَثْبَتُ فِي الْحَدِيثِ مَنْصُورٌ أَوِ الأَعْمَشُ؟ فَقَالَ: مَنْصُورٌ مَنْصُورٌ. وَقَالَ وَكِيعٌ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: لَوْلا الشُّهْرَةَ لَصَلَّيْتُ الْفَجْرَ ثُمَّ تَسَحَّرْتُ. قُلْتُ: هَذَا كَانَ مَذْهَبُ الأَعْمَشِ وَهُوَ عَلَى الَّذِي روى النسائي في حَدِيثِ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ هُوَ النَّهَارُ إِلا أَنَّ الشَّمْسَ لم تطلع.

_ 1 أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه "9/ 4"، وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 4". 2 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 426".

وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: أَرْسَلَ عِيسَى بْنُ موسى الْهَاشِمِيُّ أَمِيرُ الْكُوفَةِ إِلَى الأَعْمَشِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَصَحِيفَةٍ لِيَكْتُبَ لَهُ فِيهَا حَدِيثًا فَكَتَبَ فِيهَا: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللَّهُ الصَّمَدُ" إِلَى آخرها ثم وجه بها فَبَعَثَ إِلَيْهِ: يَا بْنَ الْفَاعِلَةِ أَظَنَنْتَ أَنِّي لا أُحْسِنُ كِتَابَ اللَّهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ: وَظَنَنْتَ أَنِّي أَبِيعُ الْحَدِيثَ! 1. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: أَتَى الأَعْمَشَ أَضْيَافٌ فَأَخْرَجَ إِلَيْهِمْ رَغِيفَيْنِ فَأَكَلُوهُمَا فَدَخَلَ فَأَخْرَجَ لَهُمْ نِصْفَ حَبْلٍ مِنْ قَتٍّ عَلَى الْخُوَانِ وَقَالَ: أَكَلْتُمْ قُوتُنَا فَهَذَا قُوتُ شَاتِي فَكُلُوهُ. قَالَ عِيسَى: وَخَرَجْنَا فِي جِنَازَةٍ وَرَجُلٌ يَقُود الأَعْمَشُ فَلَمَّا رَجَعْنَا عَدَلَ بِهِ فَلَمَّا أَصْحَرَ بِهِ قَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ في جبانة كذا وكذا ولا أراك حَتَّى تَمْلأَ أَلْوَاحِي حَدِيثًا، قَالَ: اكْتُبْ، فَلَمَّا مَلأَ الأَلْوَاحَ رَدَّهُ، فَلَمَّا دَخَلَ الْكُوفَةَ دَفَعَ أَلْوَاحَهُ لِإِنْسَانٍ، فَلَمَّا انْتَهَى الأَعْمَشُ إِلَى بَابِهِ تَعَلَّقَ بِهِ وَقَالَ: خُذُوا الأَلْوَاحَ مِنَ الْفَاسِقِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَدْ فَاتَ، فَلَمَّا أَيِسَ مِنْهُ قَالَ: كُلُّ مَا حَدَّثْتُكَ بِهِ كَذِبٌ، قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ تَكْذِبَ2. وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: قُلْتُ لِلأَعْمَشِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا يَمْنَعُكَ مِنْ أَخْذِ شَعْرِكَ؟ قَالَ: كَثْرَةُ فُضُولِ الْحَجَّامِينَ قُلْتُ: فَإِنِّي أَجِيئُكَ بِحَجَّامٍ لا يُكَلِّمُكَ حَتَّى يَفْرُغَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ جُنَيْدًا الْحَجَّامَ وَكَانَ مُحَدِّثًا فَأَوْصَيْتُهُ فَقَالَ: نَعَمْ فَلَمَّا أَخَذَ نِصْفَ شَعْرِهِ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَيْفَ حَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ؟ قَالَ: فَصَاحَ الأَعْمَشُ صَيْحَةً وَقَامَ يَعْدُو وَبَقِيَ نِصْفُ شَعْرِهِ أَيَّامًا غَيْرَ مَجْزُوزٍ، رَوَاهَا عَلِيُّ بْنُ خُشْرُمٍ عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: خَرَجَ الأَعْمَشُ فَإِذَا بِجُنْدِيٍّ فَسَخَّرَهُ لِيَعْبُرَ بِهِ نَهْرًا فَلَمَّا رَكِبَ الأَعْمَشُ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13] فَلَمَّا تَوَسَّطَ بِهِ الأَعْمَشُ فِي الْمَاءِ قَالَ: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون: 29] ثُمَّ رَمَى بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: رَأَيْتُ الأَعَمَشَ لَبِسَ فَرْوًا مَقْلُوبًا وَبَتًّا تَسِيلُ خُيُوطُهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فَقَالَ: لَوْلا أَنِّي تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ مَا كَانَ يَأْتِينِي أَحَدٌ وَلَوْ كُنْتُ بَقَّالا كان يقذرني الناس أن يشتروا مني.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 سير أعلام النبلاء "6/ 427".

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ: جَاءَ رَجُلٌ نَبِيلٌ كَبِيرُ اللِّحْيَةِ إِلَى الأَعْمَشِ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ خَفِيفَةٍ مِنَ الصَّلاةِ فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا الأَعْمَشُ فقال: انظروا إليه لحيته تحتمل حفظ أربعة آلاف حديث ومسألته صِبْيَانِ الْكُتَّابِ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ الأَعْمَشُ مِنَ النُّسَّاكِ وَكَانَ مُحَافِظًا عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَمُرُّ بِي طَرَفي النَّهَارِ فَأَقُولُ: لا أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْحَجَّاجِ حَتَّى وَلاكَ، قَالَ: ثُمَّ نَدِمْتُ فَصِرْتُ أَرْوِي عَنْ رَجُلٍ عنه، رَوَاهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ1. وَقَدْ ذَكَرْنَا بِالإِسْنَادِ أَنَّهُ صَلَّى خَلَفَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَدَخَلَ إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ: سَمِعَ الأعمش من عبد الله بن أبي أَوْفَى وَأَنَسٍ. وَقَالَ مُسَدَّدٌ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ثنا الأَعْمَشُ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسًا يُصَلِّي في المسجد الحرام إذا رفع مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ صُلْبَهُ حَتَّى يَسْتَوِي بَطْنُهُ. دَاوُدُ بْنُ مِخْرَاقٍ وَمُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ قَالا: ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى أَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَمَرَّ عَلَى شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ فَضَرَبَهَا بِعَصًا فَتَنَاثَرَ الْوَرَقُ فَقَالَ: إِنَّ "سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ" يُسَاقِطْنَ الذُّنُوبَ كَمَا تُسَاقِطُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا2. وَلِلأَعْمَشِ عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيثَ سَاقَهَا صَاحِبُ الْحِلْيَةِ، لَكِنَّ الأَعْمَشَ مُدَلِّسٌ فَقَالَ فِيهَا عَنْ فَلا تُحْمَلُ عَلَى الاتِّصَالِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الأَعْمَشَ وُلِدَ بِطَبَرِسْتَانَ وَقَدِمَتْ بِهِ أُمُّهُ طِفْلا وَيُقَالُ حَمْلا إِلَى الْكُوفَةِ، وَمَاتَ بِهَا فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ سَبْعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ بِإِجَازَةٍ. 202- سُلَيْمَانُ بْنُ يسير أبو الصباح الكوفي3 –ق-.

_ 1 راجع حلية الأولياء "5/ 46 وما بعدها". 2 "صحيح": أخرجه الترمذي "3544"، وأبو نعيم في الحلية "6339"، ورواه أحمد ورجاله رجال الصحيح كما قال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" "2239". 3 تهذيب التهذيب "4/ 230"، وميزان الاعتدال "2/ 228".

عَنْ مَوْلاهُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَهَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ وَقَيْسِ بْنِ رُومِيٍّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَتْرُوكِ. وَضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 203- سُلَيْمَانُ النَّاجِيُّ الْبَصْرِيُّ الأَسْوَدُ1 -د ت-. عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَوُهَيْبٌ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَالأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابن معين. 204- سهيل بن حسان أبو السمحاء الْكِلابِيُّ الْمِصْرِيُّ2، الزَّاهِدُ. عَنْ أَبِي قَبِيلٍ الْمُعَافِرِيِّ وَكَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَابْنُ وَهْبٍ وَخَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَآخَرُونَ. وعظ مرة أمير الاسكندرية. وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ مُتَأَلِّهًا. قَالَ النَّضْرُ بْنُ عبد الجبار: ثنا ضمام عن أب السمحاء قَالَ: نَزَلْتُ بِشِعْبٍ مِنْ مَنَاهِلِ الْحِجَازِ فَإِذَا صاحب المنهل قد أتى بهدية إلى فُسْطَاطٍ فِيهِ الأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ صَاحِبُ خَاتَمِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَتَيْتُهُمَا فَقُلْتُ لَهُمَا: أَلَيْسَ تَعْرِفَانِ لِمَنْ كَانَ هَذَا الْمَالُ، وَإِلَى مَنْ صَارَ؟ قَالا: بَلَى، قُلْتُ: فِلَمَ فبلتما وَالنَّاسُ قَدْ نَظَرُوا إِلَيْكُمَا! فَقَالا: لَوْ رَدَدْنَاهَا كَانَ أَعْظَمَ مِمَّا تُرِيدُ، قَالَ ضَمَّامٌ: قَبِلاهَا خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَهُمَا يَكْرَهَانِ ذَلِكَ. وَقَالَ ابن يونس: يقال: مات أبو السمحاء سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ رَحِمَهُ اللَّهُ. 205- سُهَيْلُ بْنُ ذَكْوَانَ3، أَبُو السِّنْدِيِّ الْمَكِّيُّ. عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ هُشَيْمٌ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ الْعَوَّامِ يَرْمِيهِ بِبَلاءٍ، قَالَ الْهَرَوِيُّ كَانَ بِوَاسِطَ وكان كذابًا.

_ 1 لم أقف له ترجمة فيما تحت يدي من مصادر. 2 التاريخ لابن معين "2/ 241"، والجرح والتعديل "4/ 248". 3 الجرح والتعديل "4/ 246"، والتاريخ لابن معين "2/ 242 "2486".

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: كَذَّابٌ، وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ تَرَكَاهُ. وَمِمَّا نُقِمَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: رَأَيْتُ عَائِشَةَ وكانت سوداء مشربة حمرة. 206- بْنُ نَجِيحٍ أَبُو قَطْبَةَ1. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَكَانَ جَارًا لِلأَعْمَشِ. 207- سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ2، -سِوَى ت- مَوْلاهُمُ الْمَكِّيُّ. سَمِعَ مُجَاهِدًا وَقَيْسَ بْنَ سَعْدٍ وَعَمْرَو بْنَ دِينَارٍ وَجَمَاعَةً. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو عَاصِمٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ. وَكَانَ ثِقَةً فِي نَفْسِهِ إِلا أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ رَمَاهُ بِالْقَدَرِ. قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى سَنَةِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَفِيهَا أَرَّخَ ابْنُ سَعْدٍ مَوْتَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ. 208- سَيْفُ بْنُ وَهْبٍ، أَبُو وَهْبٍ3. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ وَأَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَرِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. "حرف الشِّينِ": 209- شِبْلُ بْنُ عباد المكي4 -خ د ن- القارئ صَاحِبُ ابْنِ كَثِيرٍ. حَدَّثَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وعمرو بن دينار وعدة، وتلا على ابن كثير.

_ 1 المعرفة والتاريخ "3/ 176"، والجرح والتعديل "4/ 236". 2 التاريخ الكبير "4/ 171"، والصغير "2/ 113"، وطبقات خليفة "283"، ومشاهير علماء الأمصار "147". 3 الجرح والتعديل "4/ 275". 4 تقريب التهذيب "1/ 333"، والعلل "1/ 68"، والثقات "8/ 312".

وتصدر للإقراء فقرأ عليه إسماعيل القسط وعكرمة بن سليمان وابنه داود بن شبل وأبو الإخريط وهب وغيرهم. وحدث عنه ابن عيينة وأبو أسامة وروح بن عبادة ويحيى بن أبي كثير وأبو حذيفة النهدي وعدد كثير. بلغني أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَمَا أَحْسَبُهُ صَحِيحًا فَإِنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ إِنَّمَا سَمِعَ الْحَدِيثَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَشِبْلٌ قَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: كَانَتْ رِيَاسَةُ الإِقْرَاءِ بَعْدَ وَفَاةِ ابْنِ كَثِيرٍ لِشِبْلِ بْنِ عَبَّادٍ وَقَدْ عَرَضَ الْقُرْآنَ أَيْضًا عَلَى ابْنِ مُحَيْصِنٍ. 210- شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ الْبَجَلِيُّ1 -ت ق- بَصْرِيٌّ. لَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعِكْرِمَةَ. وعنه أحمد بن بشير وإسرائيل وعنبسة بن عبد الرحمن وأبو عاصم. وقال أبو عاصم: لين الحديث. وقال ابن مهدي: ثقة. 211- شبيل بن عزرة2 –د- أبو عمرو البصري الضبعي. أَحَدُ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَشُعْبَةُ. وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبْعِيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابن معين ويقال: كَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ. 212- شَدَّادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلانِيُّ3، الدِّمَشْقِيُّ الضَّرِيرُ أَبُو مُحَمَّدُ. وَيُقَالُ أَبُو هِنْدَ وَيُعْرَفُ بِابْنِ الأَحْنَفِ. أَرْسَلَ عَنْ أَبِي الدرداء، وروى عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَولاني وأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ بن شابور وآخرون. وكان صدوقا. 213- شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ المدني4 -خ م د ن ق-.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 231"، وتهذيب التهذيب "4/ 306". 2 الجرح والتعديل "4/ 381"، والخلاصة "163". 3 تهذيب ابن عساكر "6/ 294". 4 تهذيب التهذيب "4/ 337"، وميزان الاعتدال "2/ 269"، والمشاهير "81"، تاريخ خليفة "419".

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَكُرَيْبٍ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَر وَغَيْرُهُمْ. وَجَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْهُ. وَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْكِبَارِ عَنِ الصِّغَارِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُمَا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فَوَهَّاهُ وَاتَّهَمَهُ بِالْوَضْعِ. وَهَذَا جَهْلٌ مِنِ ابْنِ حَزْمٍ، فَإِنَّ هَذَا الشَّيْخَ مِمَّنِ اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ، نَعَمْ غَيْرُهُ أَوْثَقُ مِنْهُ وَأَثْبَتُ، وَهُوَ رَاوِي حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ وَانْفَرَدَ فِيهِ بِأَلْفَاظٍ غَرِيبَةٍ مِنْهَا "وَدَنَا الْجَبَّارُ فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى". 214- شَقِيقُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ شَيْخٌ كُوفِيٌّ1. لَهُ حَدِيثٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَرْفَطَهَ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ. 215- شُمَيْطُ بْنُ عَجْلانَ الْبَصْرِيُّ الْعَابِدُ2. أَحَدُ زُهَّادِ الْبَصْرَةِ وَهُوَ أَخُو خِضْرِ بْنِ عجلان الشيباني. أسند شيئًا يسيرًا عن التابعين وله مواعظ نافعة وقصص، وفروى سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُمَيْطٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: عَجَبًا لابْنِ آدَمَ بَيْنَمَا قَلْبُهُ فِي الآخِرَةِ إِذْ حَلَّهُ بَرْغُوثٌ أَوْ قَمْلَةٌ فَنَسِيَ الآخِرَةَ. وَعَنْ شُمَيْطٍ قَالَ: الْمُنَافِقُ يَبْكِي مِنْ رَأْسِهِ فَأَمَّا مِنْ قَلْبِهِ فَلا. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ شُمَيْطًا يَقُولُ: رَأْسُ مَالِ الْمُؤْمِنِ دِينُهُ، لا يُفَارِقُهُ وَلا يَخْلُفُهُ فِي الرِّحَالِ وَلا يَأْتَمِنُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ. وَعَنْ شُمَيْطٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَسَمَ الدُّنْيَا بِالْوَحْشَةِ لِيَكُونَ أُنْسُ الْمُنْقَطِعِينَ بِهِ.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 372". 2 المشاهير "153".

وَعَنْهُ قَالَ: حَمَلْتُ عَلَى قَلْبِكَ هَمَّ السِّنِينَ وَالْغَلاءَ وَالرُّخْصَ وَالشِّتَاءَ وَالْحَرَّ قَبْلَ مَجِيئِهِ فَمَاذَا أبقيت من قبلك الضعيف لِآخِرَتِكَ؟. سُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ شُمَيْطِ بْنِ عَجْلانَ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 216- شَيْبَةُ بْنُ نَعَامَةَ1. أَبُو نَعَامَةَ الضَّبِيُّ الْكُوفِيُّ. عن سعيد جبير بن موسى بْنِ طَلْحَةَ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وشريك وهشيم وجرير وإبراهيم ابن الْمُخْتَارِ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. "حرف الصَّادِ": 217- صَاعِدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو الْعَلاءِ الْيَشْكُرِيُّ2، كُوفِيٌّ وَاهٍ. عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءَ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مِنْ مَوَالِي الشَّعْبِيِّ قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. 218- صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ الْقُرَشِيُّ الْكُوفِيُّ3. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ وَعُرْوَةَ وَمَسْعُودِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَأَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي وَأَبُو أُسَامَةَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. قُلْتُ: مَالَهُ فِي الْكُتُبِ شَيْءٌ وَلَهُ حَدِيثٌ فِي قَتْلِ مَنْ سَبَّ نَبِيًّا. 219- صَالِحُ بْنُ دِرْهَمٍ أَبُو الأَزْهَرِ الْبَاهِلِيُّ4، شيخ بصري.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 242"، وميزان الاعتدال "2/ 286"، والتاريخ لابن معين "2/ 268". 2 التاريخ الكبير "4/ 334"، وميزان الاعتدال "2/ 287". 3 الجرح والتعديل "4/ 398"، والمعرفة والتاريخ "3/ 218". 4 الخلاصة "170"، والتقريب "1/ 344".

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَوَلَدُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحٍ وَمُسْلِمَةُ بْنُ صَالِحٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَهُوَ آخِرُ شَيْخٍ لَقِيَهُ الْقَطَّانُ. هَكَذَا ذَكَرَ تَرْجَمَتَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 220- صَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ الثوري –ع-1 الهمذاني الكوفي. أَحَدُ الثِّقَاتِ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَعَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ وغيرهم. وعنه ولداه الحسن وعلي وشعبة السفيانان وَهُشَيْمٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَثِيرًا مَا يَقُولُونَ: صَالِحُ بْنُ حُيَيٍّ، يَنْسُبُونَهُ إِلَى جَدِّهِ حُيَيٍّ وَاسْمُهُ حَيَّانُ. وَقِيلَ: هُوَ صَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ حَيَّانَ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا صَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حيي، كان خَيْرًا مِنِ ابْنَيْهِ. وَرَوَى حَرْبُ الْكِرْمَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. 221- صَالِحُ بن كيسان المدني2 –ع- المؤدب، أَدَّبَ أَوْلادَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ زَمَانَ إِمْرَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ. رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَسَمِعَ عُرْوَةَ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَنَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ وَسَالِمًا وَنَافِعًا مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ والأعرج والزهري وطائفة. وعنه ابن جُرَيْجٍ وَمَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَمَالِكٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَخَلْقٌ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ عَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ وَإِنَّمَا طَلَبَ الْعِلْمَ كَهْلا. سُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ. وَكَنَّاهُ بَعْضُهُمْ أَبَا مُحَمَّدٍ وَبَعْضُهُمْ أَبَا الْحَارِثِ، وَوَلاؤُهُ لِدَوْسٍ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ صَالِحٌ جَامِعًا بَيْنَ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالْمُرُوءَةِ. وَقَالَ يَحْيَى بن معين: كان أسن من الزهري.

_ 1 تاريخ أبي زرعة "1/ 660"، والتهذيب "4/ 393". 2 تقريب التهذيب "1/ 346"، وتاريخ الثقات "226".

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ مُؤَدِّبُ ابْنَ شِهَابٍ فَرُبَّمَا ذَكَرَ صَالِحٌ الشَّيْءَ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ ابْنُ شِهَابٍ وَيَحْتَجُّ بِالأَحَادِيثِ فَيَقُولُ لَهُ صَالِحٌ: تُكَلِّمُنِي وَأَنَا أَقَمْتُ أَوَدَ لِسَانِكَ!. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَ صَالِحٌ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لِأَبِي: كَيْفَ رِوَايَةُ صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ؟ قَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنَ الزُّهْرِيِّ قَدْ رَأَى ابْنَ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ قَدْ سَمِعَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: صَالِحٌ ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عُقَيْلٍ لِأَنَّهُ حِجَازِيٌّ وَهُوَ أَسَنُّ يُعَدُّ فِي التَّابِعِينَ1. قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَاتَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَنَيِّفٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. قُلْتُ: هَذَا غَلَطٌ لا رَيْبَ فِيهِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَانَ يُذْكَرُ مَعَ الصَّحَابَةِ. قَالَ: وَتَلَقَّنَ الْعِلْمَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِينَ سَنَةً. وَكَذَا وَهِمَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي قَوْلِهِ: مَاتَ فِي زَمَنِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ. قُلْتُ: قَدْ رُمِيَ صَالِحٌ بِالْقَدَرِ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ. 222- صَالِحُ بن محمد بن زائدة2 -د ت ق- أبو واقد الليثي المدني. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ أَرْوَى الدَّوْسِيُّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَالِمٍ وَابْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ تَرَكَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. قِيلَ: مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 223- صَبَّاحُ بن ثابت البجلي3.

_ 1 وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 235". 2 تهذيب التهذيب "4/ 401"، والضعفاء الصغير "58"، والجرح والتعديل "4/ 411". 3 التاريخ الكبير "4/ 313".

عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ يحيى ابن مَعِينٍ. 224- صُبَيْحُ بْنُ قَاسِمٍ أَبُو الْجَهْمِ الْكُوفِيُّ1. عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 225- صَدَقَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَنَفِيُّ وَالِدُ الْمُفَضَّلِ2. يَرْوِي عَنْ جَمِيعِ بْنِ عُمَيْرٍ وَمُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ. وعنه زَائِدَةُ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَأَبُو بكر بن عياش وأيوب بن جابر. قال أبو حاتم: شيخ. 226- صدقة بن عبد الله بن كثير3، الداري المكي. قَرَأَ عَلَى وَالِدِهِ. أَخَذَ عَنْهُ الْحُرُوفُ مُطَرِّفُ بْنُ مَعْقِلٍ وَالْحَارِثُ بْنُ قُدَامَةَ، وَحَدَّثَ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عيينة. قال ابن أبي حاتم: هو صَاحِبُ حُرُوفِ مُجَاهِدٍ يُكْنَى أَبَا الْهُذَيْلِ. قُلْتُ: وذكر الداني أنه سمع من الزهري. 227- صداقة بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْكُوفِيُّ4 -م ق- قَاضِي الأَهْوَازِ. عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ وَعَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبُرَيْدِ وَأَبُو أُسَامَةَ وَسَعِيدُ بْنُ يَحْيَى اللَّخْمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْبُرْسَانِيِّ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ صَالِحٌ. 228- صَدَقَةُ بن المثنى5 -د ن ق- بن رباح بن الحارث النخعي الكوفي. عن جده رباح عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فِي ذِكْرِ الْعَشَرَةِ. وَعَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو داود.

_ 1 المعرفة والتاريخ "2/ 642". 2 ميزان الاعتدال "2/ 310". 3 الجرح والتعديل "4/ 433". 4 تقريب التهذيب "1/ 349"، والخلاصة "173". 5 ميزان الاعتدال "2/ 312"، والتهذيب "4/ 417".

229- الصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامٍ1، أَبُو هَاشِمٍ الْكُوفِيُّ. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَأَبُو أُسَامَةَ وَالْخُرَيْبِيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ أَصْدَقَ أَهْلِ الْكُوفَةِ. 230- الصلت بن دينار2، أبو شعيب المجنون الأزدي الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي نَضْرَةَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَمُعْتَمِرٌ وَوَكِيعٌ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَطَائِفَةٌ آخِرُهُمْ مَوْتًا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. ضَعَّفُوهُ. "حرف الضَّادِ": 231- ضُبَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مالك3 -د ن ق- بْنُ أَبِي السَّلِيكِ الْحَضْرَمِيُّ وَيُقَالُ: الأَلْهَانِيُّ الْحِمْصِيُّ نَزِيلُ اللاذِقِيَّةِ. عَنْ أَبِيهِ وَدُوَيْدِ بْنِ نَافِعٍ وَأَبِي الصَّلْتِ السَّامِيِّ. ومنهم من نسبه إلى جَدّه الأعلى، ومنهم من جعلهم ثلاثة. رَوَى عَنْهُ بَقِيَّةُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَوَلَدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ ضُبَارَةَ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ وَسَاقَ لَهُ أَحَادِيثَ تُنْكَرُ. وَقَالَ الْجُوزْجَانِيُّ: رَوَى حَدِيثًا مُعْضِلا. وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُعْتَبَرُ حَدِيثُهُ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ عَنْهُ. 232- الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ الرحمن بن أبي حوشب4 –ن- أو ابن حوشب أبو زرعة الأنصاري الدمشقي. وقيل: يكنى أبا بشر. رَأَى وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ، وَرَوَى عَنْ مَكْحُولٍ وَمُسْلِمِ بْنِ مُشْكَمٍ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وغيرهم. وعنه الوليد بن مسلم والوليد بن مزيد وابن شابور وعيسى بن يونس.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 438"، تهذيب ابن عساكر "4/ 446". 2 التهذيب "4/ 434"، وطبقات ابن سعد "7/ 279". 3 ميزان الاعتدال "2/ 322". 4 ميزان الاعتدال "2/ 324"، والوافي بالوفيات "16/ 354"، وتهذيب التهذثيب "4/ 446".

قال أبو حاتم: هو من أجل أهل الشام. وقال دحيم: ثقة ثبت. قلت: روى له النسائي حديثا عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عمر قال لصهيب: ما لي أَرَى عَلَيْكَ خَاتَمَ الذَّهَبِ! قَالَ: قَدْ رَآهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. 233- ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ الْكُوفِيُّ1 -م د ت ن-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي صَالِحٍ وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَمُحَارِبِ بْنِ دَثَّارٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَهُشَيْمٌ وَوَكِيعٌ وَعِدَّةٌ, وَكَانَ مِنَ الْعَبَّادِ الْبَكَّائِينَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كُوفِيٌّ ثَبْتٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ حَدِيثًا، وَكَانَ ضِرَارٌ صَدِيقًا لِمُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ. "حرف الطَّاءِ": 234- طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ2 –ع-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَالشَّعْبِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَقِيلَ: أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى. وَعَنْهُ الأَعْمَشُ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَقْرَانِهِ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَغَيْرُهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِذَاكَ. وَقَالَ الْقَطَّانُ: هُوَ عِنْدِي كإبراهيم بن مهاجر. 235- طريف بن شهاب3 -ت ق- وَقِيلَ: ابْنُ سَعْدٍ، وَقِيلَ: ابْنُ سُفْيَانَ أَبُو سفيان السعدي ابن الأشل. عَنِ الْحَسَنِ وَأَبِي نَضْرَةَ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 339"، وتهذيب التهذيب "4/ 457". 2 الجرح والتعديل "4/ 485"، والمعرفة والتاريخ "3/ 90". 3 تقريب التهذيب "1/ 359"، والعلل "1/ 181".

قال أحمد: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمَا: ضَعِيفٌ. 236- طَلْحَةُ بْنُ الأَعْلَمِ أَبُو الْهَيْثَمِ الْحَنَفِيُّ الْكُوفِيُّ1. عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَجَرِيرُ الضَّبِيُّ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ نَزَلَ الرَّيَّ. 237- طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأيلي2 –خ4- عن القاسم بن محمد وزريق بْنِ حَكِيمٍ الأَيْلِيِّ. وَعَنْهُ وَلَدُ أَخِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ الأَيْلِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ -وهو من أقرانه- وَمَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. 238- طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طلحة3 –م4- بن عبيد الله القرشي التيمي الكوفي. عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ وَعَائِشَةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الله وعروة بْنِ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو أُسَامَةَ وَالْخُرَيْبِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَسَنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جِنَازَةِ غُلامٍ مِنَ الأَنْصَارِ لِيُصَلِّي عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لَهُ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ فَقَالَ: يَا عَائِشَةَ أَوْ غَيْرُ هَذَا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ والنَّسائي مِنْ وُجُوهٍ عَنْ طَلْحَةَ تَفَرَّدَ بِهِ. تُوُفِّيَ طَلْحَةُ فِي سنة سبع، وقيل: سنة ثمان وأربعين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 349"، والجرح والتعديل "3/ 482". 2 التاريخ لابن معين "2/ 278"، وتارخ أبي زرعة "1/ 503". 3 تهذيب التهذيب "5/ 27"، وطبقات ابن سعد "6/ 251".

"حرف الْعَيْنِ": 239- عَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ الْكِنْدِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ1 -د ت ق-. عَنْ أَبِيهِ وَمَكْحُولٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَدَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْخُرَيْبِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 240- عاصم بن سليمان الأحول2 –ع- الحافظ أبو عبد الرحمن البصري قَاضِي الْمَدَائِنِ. رَوى عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَرْجِس وَأَنَسٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَسُعَادَةَ الْعَدَوِيَّةِ وعكرمة وجماعة. وعنه شعبة وابن المبارك وابن عيينة وأبو معاوية وابن علية ويزيد بن هارون وخلق سواهم. ولي حسبة الكوفة مدة وولي قضاء المدائن وكان من أئمة العلم. روى علي بن مسهر عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ: حُفَّاظُ النَّاسِ أَرْبَعَةٌ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ3 وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، قُلْتُ: الثَّوْرِيُّ وَالأَعْمَشُ؟ فَأَبَى أَنْ يَحْفَظَهُ مَعَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لا يُحَدِّثُ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ يَسْتَضْعِفُهُ. وَقَالَ عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ نَهَى أَنْ يُجْعَلَ فِي الْخَاتَمِ فَصٌّ مِنْ غَيْرِهِ، قَالَ عَاصِمٌ: فَلَمَّا أَخْبَرَنِي كَانَ فِي يَدِي فَصٌّ فَقَلَعْتُهُ، قَالَ حَمَّادٌ: فَقُلْتُ لِحُمَيْدٍ: حَدَّثَنِي عَاصِمٌ عَنْكَ بِكَذَا وَكَذَا فَلَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ يَقُولُ: رَأَيْتُ عَاصِمًا الأَحْوَلَ وَالِي السُّوقِ وَهُوَ يَقُولُ: اضْرِبُوا رَأْسَ هَذَا النَّبَطِيِّ لا أَرْوِي عَنْهُ شَيْئًا. وَرَوَى ابْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ بِالْحَافِظِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ وَاحْتَجُّوا به في صحاحهم.

_ 1 التهذيب "5/ 41"، وميزان الاعتدال "2/ 350"، والمشاهير "183". 2 تهذيب التهذيب "5/ 42"، والجرح والتعديل "6/ 474"، وتذكرة الحفاظ "1/ 149"، خلاصة تذهيب الكمال "182". 3 وانظر: سير أعلام النبلاء "6/ 263".

* عَامِرٌ الأَحْوَلُ1. قَدِيمُ الْمَوْتِ. قَدْ ذُكِرَ. 241- عَامِرُ بن عبيد الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ2 –خَتٌّ- قَاضِي الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي الْمُلَيْحِ الْهُذَلِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَيَزِيدُ بْنُ مُغَلِّسٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَعَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ. 242- عَبَّادُ بْنُ الرَّيَّان3 أَبُو طُرْفَةَ اللَّخْمِيُّ الْحِمْصِيُّ. سَمِعَ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَمَكْحُولا وَعُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّخْمِيُّ مَا عَلِمْتُ فِيهِ جُرْحًا فَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. 243- عَبْدُ الأعلى بن الحجاج السفلي4. عَنْ أَخِيهِ قَيْسٍ. وَعَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَسَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَافِرِيُّ وَمُوسَى بْنُ سَلَمَةَ. تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 244- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ السَّمْحِ أَبُو الْخَطَّابِ الْمُعَافِرِيُّ5. مَوْلاهُمُ الْفَقِيهُ رَأْسُ الإِبَاضِيَّةِ. وَهُمْ صِنْفٌ مِنَ الْخَوَارِجِ خَرَجُوا بِالْمَغْرِبِ، وَدُعِيَ لَهُ بِالْخِلافَةِ فِي هَذَا الْعَصْرِ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ وَكَانَ لَهُ شَأْنٌ، فَنَدَبَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ الْخُزَاعِيُّ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ. وَفِي آخِرِ الأَمْرِ قُتِلَ عَبْدُ الأَعْلَى، وَكَانَتْ أَيَّامُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ. 245- عَبْد الأَعْلَى بْنُ مَيْمُونَ بْنِ مِهْران6. عَن أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ برقان وعمرو بن الحارث

_ 1 وراجع: تهذيب التهذيب "5/ 77"، وميزان الاعتدال "2/ 362". 2 التاريخ الكبير "6/ 455"، وتهذيب التهذيب "5/ 79". 3 تهذيب ابن عساكر "7/ 219". 4 التاريخ الكبير "6/ 73"، والجرح والتعديل "6/ 28". 5 النجوم الزاهرة "1/ 386". 6 الجرح والتعديل "6/ 27"، وتارخ أبي زرعة "1/ 623".

وَغَيْرُهُمَا. وَكَثِيرًا مَا يُرْسِلُ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وأربعين ومائة. 246- عبد الله بن حسن1 -4- ابن السيد الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ. أَبُو مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ اللَّذَيْنِ خَرَجَا عَلَى الْمَنْصُورِ، وَأُمُّهُ هِيَ فَاطِمَةُ ابْنَةُ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ. يَرْوِي عَنْ أَبَوَيْهِ. وعن عبد الله بن جعفر -وله صحبة- وعن إبراهيم بْنِ طَلْحَةَ وَهُوَ عَمُّهُ لِلأُمِّ وَعَنِ الأَعْرَجِ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ وَمَالِكٌ وَآخَرُونَ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ وَكَانَ لَهُ شَرَفٌ وَعَارِضَةٌ وَهَيْبَةٌ وَلِسَانٌ شَدِيدٌ، وَفَدَ عَلَى السَّفَّاحِ بِالأَنْبَارِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: كَانَ ذَا مَنْزِلَةٍ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلافَتِهِ ثُمَّ أَكْرَمَهُ السَّفَّاحُ وَوَهَبَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَقَالَ الْحَاكِمُ: سُمَّ بِبَابِ الْقَادِسِيَّةِ وَهُوَ بِهَا مَدْفُونٌ وَلَهُ بِهَا آيَاتٌ تُذْكَرُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَنَّ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ قَدِمَ عَلَى السَّفَّاحِ فَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِ وَدَعَا بِسِفْطِ جَوْهَرٍ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا وَصَلَ إِلَيَّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَأَعْطَاهُ نِصْفَهُ. وَقَدْ مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ أَنَّ الْمَنْصُورَ آذَاهُ وَسَجَنَهُ مِنْ أَجْلِ وَلَدَيْهِ. وَمَاتَ فِي أَوَاخِرِ سنة أربع وأربعين ومائة. 247- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ2 –ع- الفزاري مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ أَبُو بَكْرٍ. عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَالأَعْرَجِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَغُنْدَرٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ. وَضَعَّفَهُ أبو حاتم والعمل على الاحتجاج به.

_ 1 المشاهير "127"، وتهذيب التهذيب "5/ 186". 2 التهذيب "5/ 239"، والجرح والتعديل "5/ 70".

مَاتَ نَحْوًا مِنْ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ. 248- عَبْدُ اللَّهِ بن سعيد بن أبي سعيد كيسان1 -ت ق- المقبري المديني أبو عباد. عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ. وَعَنْهُ أَخُوهُ سَعْدٌ وَهُشَيْمٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. وَأَبُو ضُمْرَةَ وصفوان ابن عيسى وآخرون. متفق على ضعفه. وقال الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا يُكْتَبُ حديثه. 249- عبد الله بن شبرمة2 -م د ن ق- ابن الطُّفَيْلِ بْنُ حَسَّانٍ أَبُو شُبْرُمَةَ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ. الفقيه عالم أهل الكوفة مَعَ الإِمَامُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَهُوَ عَمُّ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ وَعُمَارَةُ أسن منه وأوثق. روى ابن شبرمة عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَعَبْدِ الله وبن شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَأَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةِ وَأَبِي زُرْعَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَخَلْقٍ. وعنه شعبة والسفيانان وشريك وهشيم حماد بْنُ زَيْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ وَشُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حنبل وغيره. قال أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ عَفِيفًا صَارِمًا عَاقِلا يُشْبِهُ النُّسَّاكَ، وَكَانَ شَاعِرًا جَوَّادًا كَرِيمًا وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ لَهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ حَدِيثًا3. قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ: سَمِعْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ يَقُولُ: كُنْتُ إذا اجتمعت أنا والحارث العلكي على مسألة لم نبال من خالفنا. قال عبد الوارث: ما رأيت أحدا أسرع جوابا من ابن شبرمة. قال معمر: رأيت ابن شبرمة إذا قَالَ لَهُ الرَّجُلُ جُعِلْتُ فِدَاكَ، يَغْضَبُ وَيَقُولُ: قُلْ غَفَرَ الله لك. وقال محمد بن السماك على ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: مَنْ بَالَغَ فِي الْخُصُومَةِ أثم ومن

_ 1 الضعفاء والمتروكين "65"، وميزان الاعتدال "2/ 429". 2 تقريب التهذيب "1/ 399"، والعلل "1/ 59". 3 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 500".

قَصَّرَ فِيهَا خَصِمَ، وَلا يَطِيقُ الحق مَنْ بالى على من دار الأمر1. قال ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: عَجِبْتُ لِلنَّاسِ يَحْتَمُونَ مِنَ الطَّعَامِ مَخَافَةَ الدَّاءِ وَلا يَحْتَمُونَ مِنَ الذُّنُوبِ مَخَافَةَ النَّارِ2. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ عِيسَى بْنُ مُوسَى لا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَ ابْنِ شُبْرُمَةَ فَبَعَثَ أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى عِيسَى بِعَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ لِيَحْبِسَهُ ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: اقْتُلْهُ فَاسْتَشَارَ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَقَالَ لَهُ: لَمْ يُرِدِ الْمَنْصُورُ غَيْرَكَ. وكان عيسى ولي عهد الْمَنْصُورِ، فَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ احْبِسْهُ وَاكْتُبْ إِلَيْهِ أَنَّكَ قَتَلْتَهُ، فَفَعَلَ فَجَاءَ إِخْوَتُهُ إِلَى عِيسَى فَقَالَ لَهُمْ: كَتَبَ إِلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أَقْتُلَهُ وَقَدْ قَتَلْتُهُ، فَرَجَعُوا إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ، فقال: كذب أقيدنه بِهِ، فَارْتَفَعُوا إِلَى الْقَاضِي، فَلَمَّا حَقَّقُوا عَلَيْهِ طَرَحَهُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَتَلَنِي اللَّهُ إن لم أقتل الأعرابي فإن عيسى لا يعرف هذا، فمازال ابْنُ شُبْرُمَةَ مُخْتَفِيًا حَتَّى مَاتَ بِخُرَاسَانَ، سَيَّرَهُ إِلَيْهَا عِيسَى بْنُ مُوسَى3. وَرَوَى ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَمُغِيرَةُ والحارث العتكي يَسْهَرُونَ فِي الْفِقْهِ فَرُبَّمَا لَمْ يَقُومُوا حَتَّى يُنَادَى بِالْفَجْرِ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْمَدَائِنِيُّ: مَاتَ ابْنُ شُبْرُمَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 250- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ. عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ4. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعَبَدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 251- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ الْبَصْرِيُّ. أَخُو خَالِدِ بن أبي عثمان. حدث ع ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بن عبد الله الأنصاري وغيرهم.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 انظر السابق. 3 انظر السابق. 4 تهذيب التهذيب "5/ 280"، والجرح والتعديل "5/ 91".

قال أبو حاتم: صدوق لَا بأس به. 252- عَبْدُ اللَّهُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو أَيُّوبَ الأَفْرِيقِيُّ1 –ت- ثم الكوفي الأزرق. عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَالزُّهْرِيِّ وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُمْ. لَيَّنَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 253- عَبْدُ اللَّهِ بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس2، بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ عَمُّ الْمَنْصُورِ وَالسَّفَّاحِ. أَحَدُ دُهَاةِ الرِّجَالِ وَمِنَ الشُّجْعَانِ الأَبْطَالِ. وَهُوَ الَّذِي انْتُدِبَ لِمُلْتَقَى مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ فَهَزَمَ مروان ولج في طلبه وطوى الممالك حَتَّى نَازَلَ دِمَشْقَ وَحَاصَرَهَا وَتَمَلَّكَهَا وَافْتَتَحَهَا بِالسَّيْفِ، وَعَمِلَ كَمَا تَعْمَلُ التَّتَارُ، وَأَسْرَفَ فِي قَتْلِ بَنِي أُمَيَّةَ وَلَمْ يَرْقُبْ فِيهِمْ إِلا وَلا ذِمَّةً، وَلا رَعَى فِيهِمْ رَحْمَةً وَلا قَرَابَةً. ثم جهز أخاه داود إِلَى دِيَارِ مِصْرَ فِي طَلَبِ مَرْوَانَ فَأَدْرَكَهُ بِبُوصِيرَ فَبَيَّتَهُ وَقَتَلَهُ وَلَمَّا مَاتَ السَّفَّاحُ وَهَذَا بِالشَّامِ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَزَعَمَ أَنَّ عَلَى مِثْلِ هَذَا بَايَعَ ابْنُ أَخِيهِ، فَبَايَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ بِالْخِلافَةِ وَبَايَعَ النَّاسُ الْمَنْصُورَ بِعَهْدٍ مِنْ أَخِيهِ، فَجَهَّزَ الْمَنْصُورُ لِحَرْبِ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ صَاحِبِ الدَّعْوَةً أَبَا مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيَّ، فَسَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقْصِدُ الآخَرَ، فَكَانَ الْمَصَافُّ بَيْنَهُمَا بِنَصِيبِينَ، فَعَظُمَ الْقِتَالُ وَاشْتَدَّ الْبَلاءُ، ثُمَّ انْهَزَمَ جَيْشُ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ الظَّفَرُ لِأَبِي مُسْلِمٍ، فَسَاقَ عَبْدَ اللَّهِ فِي طَائِفَةٍ مِنْ مَوَالِيهِ وقصد البصرة، وبها أخوه، فأخفاه عنده مدة، ثم لم نزل المنصور بِهِ حَتَّى بعثه إِلَيْهِ فَسَجَنَهُ، ثُمَّ عَمِلَ عَلَى قَتْلِهِ سِرًّا. فَقِيلَ: إِنَّهُ حَفَرَ أَسَاسَ الْحَبْسِ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَوَقَعَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة. وقد مَرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ3. 254- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ4 -د ت ق- ابْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو مُحَمَّدَ الهاشمي الطالبي المدني. أمه هِيَ زَيْنَبُ الصُّغْرَى بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب.

_ 1 تهذيب التهذيب "5/ 325". 2 تاريخ بغداد "10/ 8"، والمحبر "485"، مروج الذهب "4/ 138"، وتاريخ الطبري "3/ 92". 3 وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 373 وما بعدها". 4 ترجم له الذهبي "6/ 403" كما في السير، وفي ميزان الاعتدال "2/ 484"، والكاشف "2/ 113"، والمغني في الضعفاء "1/ 354".

رَوَى عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَالطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَخَالِهِ محمد بن الحنيفة وَالرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ وَسَعِيدِ بْنِ المسيب. وعنه زائدة وفليح بْنُ سَلَمَةَ وَالسُّفْيَانَانِ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهُ بْنُ عَمْرٍو وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَآخَرُونَ. احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا أَحْتَجُّ بِهِ لِسُوءِ حِفْظِهِ. وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: كَانَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْحُمَيْدِيُّ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ مُقَارِبُ الحديث. وقال بعقوب التَّيْمِيُّ: ثنا ابْنُ عُقَيْلٍ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي جابر بن عبد الله فنسأله عن سُنَن رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَكْتُبُهَا. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَخَلِيفَةُ: مَاتَ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ ومائة. 255- عبد الله بن المستور1 أَبُو ضُمْرَةَ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى الأَنْصَارِ. رَأَى أَنَسًا وروى عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لبينة. وعنه مجمع بن يعقوب وأبو أسامة ومحمد بن عبيد الطنافسي وغيرهم. قال ابن معين: صالح. 256- عبد الله بن مسلم بن هرمز المكي2 –ق- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو عَاصِمٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حاتم: ليس بالقوي يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَكَنَّاهُ شَبَّابٌ الْعُصْفُرِيُّ: أَبَا الْعَجْفَاءِ. 257- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُقَفَّعِ3: أَحَدُ الْمَشْهُورِينَ بِالْكِتَابَةِ والبلاغة والترسل

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 170". 2 التاريخ الكبير "5/ 190"، والجرح والتعديل "5/ 164"، والمجروحين "2/ 32". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 406"، والفهرست "118"، والوزراء والكتاب "109"، وأخبار الحكماء "148"، والبداية والنهاية "10/ 96".

والبراعة. وكان فارسيًا فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ عَمِّ السَّفَّاحِ وَهُوَ كَهْلٌ، ثُمَّ كَتَبَ لَهُ وَاخْتَصَّ به. ومن كلام ابن المثفع قَالَ: شَرِبْتُ مِنَ الْخُطَبِ رَيًّا وَلَمْ أَضْبُطْ لَهَا رَوِيًّا فَغَاضَتْ ثُمَّ فَاضَتْ، فَلا هِيَ هِيَ نِظَامًا، وَلا هِيَ غَيْرُهَا كَلامًا. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: صَنَّفَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ "الدُّرَّةَ الْيَتِيمَةَ" الَّتِي لَمْ يُصَنَّفْ مِثْلُهَا فِي فَنِّهَا، وَقَدْ سُئِلَ: مَنْ أَدَّبَكَ؟ قَالَ: نَفْسِي، كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ مِنْ غَيْرِي حُسْنًا أَتَيْتُهُ، وَإِذَا رَأَيْتُ قَبِيحًا أَبَيْتُهُ. وَيُقَالُ: كَانَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ عِلْمُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَقْلِهِ. وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ كِتَابَ "كَلِيلَةَ وَدِمْنَةَ" فِيمَا قِيلَ، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَرَّبَهُ مِنَ الْفَارِسِيَّةِ. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: جَاءَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ إِلَى عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ فقال: أريد أن أسلم على يديك، فَقَالَ: لِيَكُنْ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ غَدًا، ثُمَّ جَلَسَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ وَهُوَ يَأْكُلُ وَيُزَمْزِمُ عَلَى دِينِ الْمَجُوسِيَّةِ فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أَتُزَمْزِمُ وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُسْلِمَ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَبِيتَ عَلَى غَيْرِ دِينٍ. وَكَانَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ يُتَّهَمُ بِالزَّنْدَقَةِ1. وَعَنِ الْمَهْدِيِّ قَالَ: مَا وَجَدْتُ كِتَابَ زَنْدَقَةٍ إِلا وَأَصْلُهُ ابْنُ الْمُقَفَّعِ. وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَ الْمُقَفَّعِ كَانَ يَنَالُ مِنْ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةِ سُفْيَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَيُسَمِّيهِ ابْنَ الْمُغْتَلِمَةِ، فَحَنَقَ عَلَيْهِ وَقَتَلَهُ بِإِذْنِ الْمَنْصُورِ، وَلِكَوْنِهِ كَتَبَ فِي تَوَثُّقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ مِنَ الْمَنْصُورِ يَقُولُ: وَمَتَى غَدَرَ بِعَمِّهِ فَنِسَاؤُهُ طَوَالِقُ، وَعَبِيدُهُ أَحْرَارٌ، وَدَوَابُّهُ حُبُسٌ، وَالْمُسْلِمُونَ فِي حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِهِ. فَلَمَّا وَقَفَ الْمَنْصُورُ عَلَى ذَلِكَ عَظُمَ عَلَيْهِ وَكَتَبَ إِلَى سُفْيَانَ يَأْمُرُهُ بِقَتْلِهِ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: دَخَلَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ عَلَى سُفْيَانَ وَقَالَ: أَتَذْكُرُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي أُمِّي؟ قَالَ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ أَيُّهَا الأَمِيرُ فِي نَفْسِي، فَأَمَرَ لَهُ بتنور فَسُجِّرَ ثُمَّ قَطَّعَ أَرْبَعَتَهُ ثُمَّ سَائِرَ أَعْضَائِهِ وَأَلْقَاهَا فِي التَّنُّورِ، وَهُوَ يَنْظُرُ، وَقَالَ: لَيْسَ عَلَيَّ فِي الْمُثْلَةِ بِكَ حَرَجٌ لِأَنَّكَ زِنْدِيقٌ قَدْ أَفْسَدْتَ النَّاسَ، فَسَأَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ وَعِيسَى عَنْهُ فَقِيلَ: إِنَّهُ دَخَلَ دَارَ سُفْيَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ سَلِيمًا وَلَمْ يَخْرُجْ، فَخَاصَمَاهُ إِلَى الْمَنْصُورِ وَأَحْضَرَاهُ مُقَيَّدًا فَشَهِدَ شُهُودٌ بِالْحَالِ فَقَالَ الْمَنْصُورُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ سُفْيَانَ، فَخَرَجَ ابْنُ المقفع من هذا المجلس

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "6/ 406".

أَأَقْتُلُكُمْ بِسُفْيَانَ؟ فَنَكَلُوا عَنِ الشَّهَادَةِ كُلُّهُمْ وَعَلِمُوا أنه بِرِضَا الْمَنْصُورِ. وَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ الْمُقَفَّعِ عَاشَ سِتًّا وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَحَكَى الْبَلاذْرِيُّ أَنَّ سُفْيَانَ ألقاه في بئر. قيل: أَدْخَلَهُ حَمَّامًا وَأَغْلَقَهُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّ قَتْلَهُ كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: فِي نَحْوِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ. وَكَانَ اسْمُ أَبِيهِ دَاذَوَيْهِ، وَكَانَ كَاتِبًا، وَلِيَ لِلْحَجَّاجِ خَرَاجَ فَارِسٍ فَخَانَ وَأَخَذَ مِنَ الأَمْوَالِ فَعَذَّبَهُ الْحَجَّاجُ فَتَقَفَّعَتْ يَدُهُ فَلُقِّبَ الْمُقَفَّعَ. وَقِيلَ: بَلِ الَّذِي عَذَّبَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ الأَمِيرُ. وَالْمُقَفَّعُ: بِفَتْحِ الْفَاءِ، الصَّحِيحُ. وَقَالَ ابْنُ مَكِّيٍّ فِي كِتَابِ تَثْقِيفِ اللِّسَانِ: يَقُولُونَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ، وَالصَّوَابُ بِكَسْرِ الْفَاءِ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ الْقِفَاعَ وَيَبِيعُهَا وَهِيَ قِفَافُ الْخُوصِ. 258- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ1 –ق- أَبُو عَبْدِ الْجَلِيلِ. وَيُقَالُ: أَبُو إِسْحَاقَ. وَيُقَالُ: أبو ليلى. وقال أبو أحمد الحاكم: روى عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حُرَّةَ. وَعَنْهُ هُشَيْمٌ وَحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ الْوَاسِطِيُّ وَوَكِيعٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 259- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بن فنطس الهذلي2. مدني مقل. له عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ. وعنه ابن أبي ذئب والثوري وحاتم بن إسماعيل وعلي ابن ثابت. قال ابن معين: صالح. 260- عبد الله بن يزيد بن آدم الدمشقي3. عَنْ أَبِي أُمَامة وواثلة بْن الأسقع وأنس بن مالك وَحَدَّثَ بِالْجَزِيرَةِ. رَوَى عَنْهُ فَيَّاضُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ وَكَثِيرُ بْنُ مَرْوَانَ وَطَلْحَةُ بْنُ يَزِيدَ الرَّقِّيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَحَادِيثُهُ مَوْضُوعَةٌ. قدم بغداد أيام المنصور.

_ 1 تهذيب التهذيب "6/ 48"، والجرح والتعديل "5/ 178"، والمجروحين "2/ 32"، والمتروكين "66". 2 لسان الميزان "6/ 485"، والجرح "5/ 197". 3 ميزان الاعتدال "2/ 526".

261- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ الثَّقَفِيُّ1. عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَسَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيَّانِ. 262- عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ أَبُو مَالِكٍ الْيَحْصُبِيُّ2 –ن- المصري. عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ عَجْلانَ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ- وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَابْنُ وَهْبٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسَ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 263- عَبْدُ الْجَلِيلِ بن عطية أبو صالح القيسي البصري3 -د ن- عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَابْنِ بُرَيْدَةَ وَجَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونَ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَجَمَاعَةٌ. وَسَيَأْتِي فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 264- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ وَاصِلٍ أَبُو وَاصِلٍ الْبَاهِلِيُّ4. أَرْسَلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وله عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَشُعْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ وَعَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ. قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 265- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله بن الحارث القرشي5 –م4- العامري المدني. نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. يُقَالُ لَهُ: عَبَّادٌ. وَقِيلَ: بَلْ هُمَا أَخَوَانِ. رَوَى عَنِ الْحَسَنِ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وعبد الله بن يزيد مولى المنبعث وأبي عبيدة بن محمد بن عمار. وعنه يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وابن علية وعبد الله بن رجاء المكي لا الْغُدَانِيُّ.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 232". 2 تقريب التهذيب "1/ 435"، والثقات "8/ 421". 3 ميزان الاعتدال "2/ 535"، والجرح والتعديل "6/ 33" والتاريخ لابن معين "2/ 341". 4 التاريخ الكبير "6/ 45"، والجرح والتعديل "6/ 45". 5 تهذيب التهذيب "6/ 137"، والتاريخ لابن معين "2/ 344".

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقال أبو داود: هو عباد. وقال ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ آخَرُ: كَانَ كَثِيرَ الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ شَاعِرًا فَصِيحًا مُفَوَّهًا. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ قَدَرِيًّا فَنَفَاهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ. 266- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الله بن عياش1 -4- بن أبي ربيعة المخزومي وَأَبُو الْحَارِثِ الْمَدَنِيُّ. وَهُوَ وَالِدُ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ. عَنْ طَاوُسٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَزَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُهُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ وَجَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخ. 267- عبد الرحمن بن حرملة2 –م4- بن عمرو وَأَبُو حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيُّ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَحَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ وَخَلْقٌ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: لا يحتج به. وضعفه يَحْيَى الْقَطَّانُ وَلَيَّنَهُ الْبُخَارِيُّ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 268- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيُّ3، أَبُو سَلَمَةَ. وَلِيَ قَضَاءَ مِصْرَ وَالْقِصَصَ ثُمَّ عُزِلَ وَوَلِيَ دِيوَانَ الْجُنْدِ. وَجَدُّهُ مِنْ فُضُلاءِ الْمِصْرِيِّينَ اسْمُهُ سُفْيَانُ بْنُ هَانِئٍ الْمُعَافِرِيُّ حَلِيفُ بَنِي جَيْشَانَ. مَاتَ عَبْدُ الرحمن في سنة ثلاث وأربعين ومائة.

_ 1 التهذيب "6/ 155"، وميزان الاعتدال "2/ 554". 2 الضعفاء الصغير "70"، والمشاهير "137". 3 انظر: كتاب "الولاة والقضاة" "ص/ 353".

* عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ الثَّعْلَبِيُّ الْعَامِرِيُّ1، أَبُو يَعْفُورٍ، يَأْتِي فِي الْكُنَى. 269- عَبْدُ الرحمن بن عطية المدني2 –د- صَاحِبُ الشَّارِعَةِ أَرْضٌ بِالْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَهُوَ مُقِلٌّ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 270- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسٍ الْعَتَكِيُّ3، أَبُو رَوْحٍ. بَصْرِيٌّ. عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ. وَعَنْهُ صَالِحٌ أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَهْدِيٍّ. 271- عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَبُو أُمَيَّةَ السِّنْدِيُّ4. مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الملك وكاتب عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَسَكَنَ فِلَسْطِينَ بِنَابُلْسَ. رَوَى عَنْهُ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَسَوَّارُ بْنُ عُمَارَةَ الرَّمْلِيَّانُ وَعِرَاكُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 272- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْزُوقٍ الدِّمَشْقِيُّ5. عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَنَافِعٍ وَغَيْرِهِمْ. وعنه سعيد بن أبي أيوب والهيثم بن حُمَيْدٍ. لا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. 273- عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مَيْمُونٍ6 -د ت ق- مِنْ مَوَالِي أهل المدينة. سكن مصر. ويقال: اسمه يحيى.

_ 1 التهذيب "6/ 225". 2 الجرح والتعديل "5/ 272". 3 التاريخ الكبير "5/ 339"، والجرح والتعديل "5/ 378". 4 الجرح والتعديل "5/ 305". 5 تهذيب التهذيب "6/ 268". 6 ميزان الاعتدال "2/ 607".

رَوَى عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ وَعَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ زَاهِدًا عَابِدًا مُجَابَ الدَّعْوَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 274- عَبْدُ السَّلامِ بْنُ أَبِي الْجَنُوبِ الْمَدَنِيّ1 –ق-. عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَابْنِ شِهَابٍ. وَعَنْهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ. 275- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْن عَبْد اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ2، الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ. وَالِدُ الزَّاهِدِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ. رَوَى عَنْ عَمِّهِ سالم وأبي بكر بن حزم. وعن ابْنُهُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ. وَكَانَ أَحَدَ مَنْ قَامَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَلَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدٌ أَتَوْا بِهَذَا مُقَيَّدًا إِلَى الْمَنْصُورِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صِلْ رَحِمِي وَاعْفُ عَنِّي وَاحْفَظْ فِيَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَعَفَا عَنْهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: كَانَ نَبِيهًا وَجِيهًا مِنْ أَحْسَنِ الرِّجَالِ وَأَبْرَعَهُمْ جَمَالا. 276- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بن عبد العزيز3 –ع- بن مروان الأموي أبو محمد. حَدَّثَ بِالْكُوفَةِ عَنْ أَبِيهِ وَمُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَخَلْقٌ. وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ الْعُلَمَاءِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ عَلَى الصَّحِيحِ. 277- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ قَرِيرٍ4 الْعَبْدِيُّ البصري –بخ- أخو عبد الملك له عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وعطاء. وعنه الثوري ورواد بن الجراح وضمرة.

_ 1 تهذيب التهذيب "6/ 351"، والتاريخ لابن معين "2/ 364". 2 الجرح والتعديل "5/ 386"، وتهذيب التهذيب "6/ 344". 3 التاريخ الكبير "6/ 21"، وتاريخ أبي زرعة "6/ 569". 4 التاريخ الكبير "6/ 18"، والجرح والتعديل "5/ 392"، والخلاصة "241".

قال ربيعة وآخرون: وثقه النسائي. وكان بعسقلان. ووثقه أيضا ابن معين. وقال أبو حاتم: كانوا يظنون قديما أَنَّ رِوَايَةَ مَالِكِ بْنِ عبد الملك بن قرير وَهْمٌ وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَرِيرٍ الْبَصْرِيِّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: رَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَرِيرٍ وَإِنَّمَا هو ابن قريب. قال الأصمعي: سمع من مالك، ولما سمع هذا يَحْيَى بْنَ بُكَيْرٍ قَالَ: غَلَطَ ابْنُ مَعِينٍ. 278- عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ وَهْبٍ1 -4- وَهُوَ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي بُرَيْدٍ الْعُقَيْلِيُّ الْعَامِلِيُّ أَبُو عَمْرٍو. عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ الصَّحَابِيِّ. وَعَنْهُ عَبَّادُ بن ليث الراسي وَوَكِيعٌ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 279- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَشِيرٍ الْبَصْرِيُّ2 -د ت ن- نَزَلَ الْمَدَائِنَ. رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَاوِرٍ وَحْفَصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ. وعنه الثوري وزهير بن معاوية وعبد الرحمن المحاربي وجماعة وثقوه. 280- عبد الملك بن سعيد بن حيان3 -م د ن- بن أبجر الهمذاني الكوفي. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ بْنِ وَاثِلَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ وجماعة. كان ثِقَةً صَالِحًا خِيَارًا لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا، بَلَغَنَا أَنَّ رَجُلا قَالَ لَهُ: أَشْتَهِي أن أمرض، فقال: كل سمكًا مالحًا وَاشْرَبْ نَبِيذًا مَرِيًّا وَاقْعُدْ فِي الشَّمْسِ وَاسْتَمْرِضِ اللَّهَ تَعَالَى. إِسْنَادُهَا صَحِيحٌ. وَهُوَ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ زهير بن معاوية قَالَ لي ابن أبجر: إِذَا أكلت الجزر نيئا أكلك ولم تأكله، وَإِذَا أكلته مطبوخا لم تأكله ولم يأكلك، وَإِذَا أكلته مشويا أكلته ولم يأكلك.

_ 1 تهذيب التهذيب "6/ 383"، والجرح والتعديل "6/ 63". 2 المعرفة والتاريخ "2/ 638"، والجرح والتعديل "5/ 344". 3 التاريخ الكبير "5/ 416"، والتهذيب "6/ 394".

281- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ1 –م4- وَاسْمُ أَبِيهِ مَيْسَرَةُ الْعَرْزَمِيُّ الْكُوفِيُّ، أَحَدُ الْحُفَّاظِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ شُعْبَةُ يُعْجَبُ مِنْ حِفْظِ عَبْدِ الْمَلِكِ بن أبي سليمان. وقال أحمد والنسائي: ثقة. واستشهد به البخاري. وقد أنكر عليه شُعْبَةُ حَدِيثَهُ فِي الشُّفْعَةِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ2. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ إِلا أَنَّهُ رَفَعَ أَحَادِيثَ عَنْ عَطَاءٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَدِيثُهُ فِي الشُّفْعَةِ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ النَّاسُ ولكنه ثِقَةٌ لا يُرَدُّ عَلَى مِثْلِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ: قُلْتُ لِشُعْبَةَ: مَالَكَ لا تُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ حَدِيثَهُ، قُلْتُ: تُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ وَتَدَعُهُ وَقَدْ كَانَ حَسَنَ الْحَدِيثِ! قَالَ: مِنْ حُسْنِهَا فَرَرْتُ. وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: كَانَ ثِقَةً. 282- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ -ع- أبو الوليد وأبو خالد الرومي، مولى بني أمية وعالم أَهْلِ مَكَّةَ. وَكَانَ أَحَدَ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ التَّصَانِيفَ فِي الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وطاوس وعمرو بن شعيب ونافع

_ 1 تهذيب التهذيب "6/ 396"، وميزان الاعتدال "2/ 256"، وتاريخ خليفة "423"، والمجروحين "1/ 290". 2 قلت: وهو حديث "الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبًا، إذا كان طريقهما واحدًا". وهو حديث صحيح: أخرجه أبو داود "8/ 35"، والترمذي "1369"، وابن ماجه "2494".

وَالزُّهْرِيِّ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَالْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ وَابْنِ طَاوُسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَافِعٍ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَنَافِعٍ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ وَعَبَدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ وَابْنِ أَبِي مكية وَخَلْقٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ بَعْدَ سنة سبعين. وعنه السُّفْيَانَانِ وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَوَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ وَهْبٍ وَحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو عَاصِمٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَخَلْقٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ جُرَيْجٌ أَحَدَ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. قَالَ أَبُو غَسَّانَ رُبَيْحٌ: سَمِعْتُ جَرِيرًا يَقُولُ: كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ يَرَى الْمُتْعَةَ، تَزَوَّجَ بِسِتِّينَ امْرَأَةً. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هَمَّامٍ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كُنْتُ أَتَتَبَّعُ الأَشْعَارَ الْعَرَبِيَّةَ وَالأَنْسَابَ، فَقِيلَ لِي: لَوْ لَزِمْتَ عَطَاءً، قَالَ: فَلَزِمْتُهُ ثمانية عشر عامًا. قال يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ يَكُنِ ابْنُ جُرَيْجٍ عِنْدِي بِدُونِ مَالِكٍ فِي نَافِعٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَكُنْ فِي الأَرْضِ أَعْلَمَ بِعَطَاءٍ مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَبَلَغَنَا أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ مَا سَمِعَ مِنَ الزُّهْرِيِّ شَيْئًا إِنَّمَا أَخَذَ عَنْهُ مُنَاوَلَةً وَإِجَازَةً. قُلْتُ: وَسَمِعَ مِنْ مُجَاهِدٍ حَرْفَيْنِ مِنَ الْقِرَاءَاتِ وَسَمِعَ مِنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ لا مِنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَلَى أَنَّ أَبَا عِيسَى التِّرْمِذِيَّ رَوَى حَدِيثًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَلاةً مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيّ: ثنا بَكْرُ بْنُ كُلْثُومٍ السُّلَمِيُّ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ جُرَيْجٍ الْبَصْرَةَ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَحَدَّثَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ بِحَدِيثٍ فَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ: مَا تُنْكِرُونَ عَلَيَّ فِيهِ لَزِمْتُ عَطَاءً عِشْرِينَ سَنَةً فَرُبَّمَا حَدَّثَنِي عَنْهُ الرَّجُلُ بِالشَّيْءِ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ. قَالَ الْعَيْشِيُّ: سُمِّيَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ غَنْدَرًا فَإِنَّهُ بَقِيَ يُكْثِرُ الشَّغَبَ عَلَيْهِ فَقَالَ: اسْكُتْ يَا غُنْدَرُ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ يسمون المشغب غندرًا. قال ابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَلْقَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ وَلا سَمِعَ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ زَكَاةَ مَالِ الْيَتِيمِ. قُلْتُ: مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى ثِقَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ كَانَ رُبَّمَا دَلَّسَ. وَكَانَ صَاحِبَ تَعَبُّدٍ وَخَيْرٍ، وَمَا زَالَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ حَتَّى شَاخَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ جَاوَزَ الْمِائَةَ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ بَلْ وَلا جَاوَزَ الثمانين.

قَالَ خَالِدُ بْنُ نَزَارٍ الأَيْلِيُّ: خَرَجْتُ بِكُتُبِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ فَوَجَدْتُهُ قَدْ مَاتَ. قُلْتُ: فِيهَا أَرَّخَ مَوْتَهُ الْوَاقِدِيُّ وَزَادَ فَقَالَ: فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا. وَكَذَا أَرَّخَهُ فِيهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: أَبُو نُعَيْمٍ وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَابْنُ سَعْدٍ وَخَلِيفَةُ. وَأَمَّا ابْنُ الْمَدِينِيِّ فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَهَذَا وَهْمٌ. 283- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ1 -د ت ن- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَبُو نَوْفَلٍ القرشي العامري المدني. عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَأَبِي عِصَامٍ الْمُزَنِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو مِخْنَفٍ لُوطُ بْنُ يَحْيَى وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيُّ صَاحِبُ الْفُتُوحِ وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 284- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ المكي2 -خ م ن- مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَأَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ. وَعَنْهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَوَكِيعٌ وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى. وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 285- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ الْقُرَشِيُّ3 -م ت ن-. عَنْ عَمِّهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَهُوَ أكبر منه وَعَبْدُ الْعَزِيزِ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا. صَدُوقٌ مُقِلٌّ. 286- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ الْمَدَنِيُّ4 –ق4-. عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وسعد بن إبراهيم. وعنه عبد العزيز

_ 1 تهذيب التهذيب "6/ 428"، والجرح والتعديل "5/ 372". 2 تهذيب التهذيب "6/ 433"، والمعرفة والتاريخ "1/ 543-544". 3 تهذيب التهذيب "6/ 434"، والجرح والتعديل "6/ 20". 4 تقريب التهذيب "1/ 487"، وتاريخ بغداد "11/ 5".

ابن الماجشون والراوردي وَغَيْرُهُمَا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. لَهُ أَحَادِيثُ قَلِيلَةٌ. 287- عُبَيْدُ الله بن الأخنس1 –ع- أبو مالك النخعي الكوفي الجزار. عن ابن بريدة وابن ملكية وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَنَافِعٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وروح بن عبادة بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 288- عُبَيْدُ الله بن عمر بن حَفْصُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ2. الإِمَامُ الثَّبْتُ أَبُو عُثْمَانَ الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ أَحَدُ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ. وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَعَاصِمٍ وَأَبِي بَكْرٍ. روى عن أم خالد بنت سَعِيدٍ الصَّحَابِيَّةِ، وَعَنِ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَعَطَاءٍ وَالْمَقْبُرِيِّ ونافع والزهري ووهب بن كيسان وطائفة. عنه شُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَالسُّفْيَانَانِ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَأَبُو أُسَامَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ سَيِّدًا شَرِيفًا، صَالِحًا، متعبدًا، ثِقَةً، حُجَّةً بِالإِجْمَاعِ، وَاسِعَ الْعِلْمِ. اعْتَزَلَ فِتْنَةَ ابن حَسَنٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ الذَّهَبُ الْمُشَبَّكُ بِالدُّرِّ. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 289- عُبَيْدُ اللَّهِ بن أبي زياد المكي3 -د ت ق- القداح أبو الحصين. عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَشَهْرٍ وَالْقَاسِمِ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو عَاصِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَرْسَانِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ أحمد: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صالح. ولينه بعضهم.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 373"، والمعرفة والتاريخ "3/ 36". 2 تاريخ أبي زرعة "1/ 182"، ومشاهير علماء الأمصار "132"، وتذكرة الحفاظ "1/ 160". 3 ميزان الاعتدال "3/ 8"، وتقريب التهذيب "1/ 533".

وقال ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ بِهِ شَيْئًا مُنْكَرًا. قَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلاسُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 290- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَيْزَارِ الْمَازِنِيُّ1. بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. لَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ومعاذ الْعَدَوِيَّةِ والقاسم بن محمد. وعنه يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ويحيى القطان. وثقه غير واحد. 291- عبيد الله بن الوليد الوصافي2 -ت ق- إسماعيل الكوفي. أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ. رَوَى عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَطِيَّةَ. وَعَنْهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَالْمُحَارِبِيُّ وَوَكِيعٌ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ مَتْرُوكٌ. 292- عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، الْهَاشِمِيُّ3. أَخُو عُمَرَ وعبد الله وجعفر وَأُمُّ كُلْثُومٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَخَالَيْهِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو يُوسُفَ وَآخَرُونَ. وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلادٍ. وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ جُرْحَةً. وَلا رِوَايَةً لَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. 293- عُبَيْدُ بْنُ أبي أمية الطنافسي4 –ت- الكوفي اللحام أبو الفضل. وَالِدُ الْمُحَدِّثِينَ عُمَرَ وَمُحَمَّدٍ وَيَعْلَى وَإِبْرَاهِيمَ وَإِدْرِيسَ. يروي عن الشعبي وأبي بردة وأبي بكر ابني أبي موسى وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ عُمَرُ وَيَعْلَى وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءَ. قال أبو زرعة: ليس به بأس.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 394"، والجرح والتعديل "5/ 330". 2 التهذيب "7/ 55"، والجرح والتعديل "5/ 336". 3 تقريب التهذيب "1/ 500"، والثقات "7/ 151". 4 التاريخ الكبير "5/ 441"، والتهذيب "7/ 59".

294- عبيدة بن معتب الضبي الكوفي1 -د ت ق-. عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَوَكِيعٌ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ. وَلَمْ يُتْرَكْ. 295- عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ2 الْهَمْدَانِيُّ -4- أَبُو الْعَبَّاسِ الأُرْدُنِيُّ الطَّبَرَانِيُّ. سَمِعَ مَكْحُولا وَعُبَادَةُ بْنُ نَسِيٍّ وَقَتَادَةُ، سَمِعَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى فَلَعَلَّهُمَا اثْنَانِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَبَقِيَّةُ وَابْنُ شَابُورٍ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ مِنْ أَهْلِ الأُرْدُنِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ وَآخَرُ عَنِ ابْنِ معين: ثقة. وروى ابن أبي خثيمة عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: لا أَعْلَمُهُ إِلا مُسْتَقِيمَ الْحَدِيثِ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَيَّنَهُ. 296- عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب3، بْنِ الْحَارِثِ الْقُرَشِيُّ الْجُمَحِيُّ. مَدَنِيٌّ نَزَلَ الْكُوفَةَ. رَأَى ابْنَ عُمَرَ يحفي شاربه وَأَجْلَسَهُ ابْنُ عُمَرَ فِي حِجْرِهِ. رَوَى عَنْ جَدِّهِ وَعَنْ أُمِّهِ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ. وَعَنْهُ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، قَدْ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَحَادِيثُ مُنْكَرَةٌ. 297- عُثْمَانُ بن الأسود الجمحي4 –ع- مَوْلاهُمُ الْمَكِّيُّ. عَنْ مُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ المبارك

_ 1 التقريب "1/ 510"، وتاريخ الدوري "2/ 388"، وأبو زرعة الرازي "680"، والكامل "5/ 353". 2 التقريب "2/ 6"، أحوال الرجال "309"، والثقات "7/ 271"، وتاريخ الدوري "2/ 389". 3 التاريخ الكبير "6/ 212"، ميزان الاعتدال "3/ 30". 4 ميزان الاعتدال "3/ 59"، خلاصة تذهيب الكمال "262"، شذارت الذهب "1/ 230".

وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو عَاصِمٍ وَالْخُرَيْبِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ الْقَطَّانُ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوَ عِشْرِينَ حَدِيثًا. قَالَ خَلِيفَةُ: مات سنة وَأَرْبَعِينَ. وَقِيلَ: سنة خمسين ومائة. 298- عُثْمَانُ بْنُ عمر بن موسى1 -د ق- بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ وسالم مولى ابن مطيع والقاسم بن مُحَمَّد. وَعَنْهُ ابنه عُمَر وَعَبْد الواحد بن زياد وَمُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيِّ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ. وَوَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ مَرْوَانَ، ثُمَّ وَلاهُ الْمَنْصُورُ قَضَاءَهُ فَكَانَ مَعَهُ حَتَّى مَاتَ بِالْحِيرَةِ قَبْلَ أَنْ تُبْنَى بَغْدَادُ، وَكَانَ صَدُوقًا. 299- عُثْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ2 -د ت ق- أبو اليقظان الكوفي الأعمى. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ. وعن الأَعْمَشُ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ وَشَرِيكٌ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَدِيءُ الْمَذْهَبِ غَالٍ فِي التَّشَيُّعِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدِ الأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَأَنَا أَسْتَبْعِدُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ لَحَمَلَ عَنْهُ مِثْلُ وَكِيعٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ. 300- عَدِيُّ بْنُ حَنْظَلَةَ3، أَبُو طَلْقٍ الزُّهْرِيُّ الأَعْمَى. عَنْ جَدَّتِهِ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ والخريبي وآخرون.

_ 1 التقريب "2/ 16"، والجرح والتعديل "6/ 159". 2 المجروحين "2/ 95"، والميزان "3/ 50"، والجرح والتعديل "6/ 161". 3 التاريخ الكبير "7/ 45"، والجرح "7/ 3".

301- عَرِيفُ بْنُ دِرْهَمٍ أَبُو هُرَيْرَةَ1، الْكُوفِيُّ النَّبَّالُ. عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَجَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ لَيْسَ بِالْمَتِينِ عِنْدَهُمْ. 302- عُزْرَةُ بْنُ قَيْسٍ2، شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. رَوَى عَنْ أُمِّ الْفَيْضِ أَنَّهَا سَأَلْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ. رَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا شَيْءَ. 303- عسل بن سفيان3 -د ت- أبو قرة اليربوعي البصري. عَنْ عَطَاءٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. قَالَ النِّسَائِيُّ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. 304- عِصَامُ بْنُ بَشِيرٍ الْكَعْبِيُّ الْحَارِثِيُّ4، أَبُو الْغَلْبَاءِ الْجَزَرِيُّ. عَنْ أَنَسٍ وَعَنْ وَالِدِهِ. وَعَنْهُ سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ الرَّهَاوِيُّ وَعُمَيْرَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الرَّهَاوِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: بَلَغَ عَشْرًا وَمِائَةَ سنة، وذكره ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَقِيلَ: بَلَغَ مِائَةً وَسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. لَهُ حَدِيثٌ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. 305- عَطِيَّةُ بْنُ الْحَارِثِ أَبُو رَوْقٍ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ5 -د ن ق. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالضَّحَّاكِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَسَيْفٌ التَّمِيمِيُّ وَأَبُو أُسَامَةَ وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ به بأس.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 44". 2 ميزان الاعتدال "3/ 65". 3 تهذيب التهذيب "7/ 193". 4 التاريخ الكبير "7/ 70"، وتقريب التهذيب "2/ 24"، والجرح "7/ 25". 5 تهذيب التهذيب "7/ 224".

306- عُقْبَةُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْكُوفِيُّ1. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَعَنْهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 307- عُقَيْلُ بن خالد بن عقيل الإيلي2 –ع- أبو خالد مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ زِيَادٍ وَعِرَاكِ بْنِ خَالِدٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعِكْرِمَةَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. سَأَلَهُمْ مَسَائِلَ. وَرَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ فَأَجَادَ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ وَابْنُ أَخِيهِ سَلامَةُ بْنُ رَوْحٍ وَاللَّيْثُ وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ الْمِصْرِيُّونَ. كَانَ إِمَامًا حَافِظًا ثَبْتًا ثِقَةً لازَمَ الزُّهْرِيَّ حَضَرًا وَسَفَرًا زَمِيلا لَهُ فِي الْمَحْمَلِ. قَالَ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ عُقَيْلٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عُقَيْلٌ أَقَلُّ خَطَأً مِنْ يُونُسَ. وقال ابْنُ مَعِينٍ: عُقَيْلٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: قَالَ لِي الْمَاجِشُونُ: عُقَيْلٌ كَانَ جِلْوَاذًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ذُكِرَ عِنْدَ يَحْيَى الْقَطَّانِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَعُقَيْلٌ فَجَعَلَ كَأَنَّهُ يَضَعُهُمَا. قال أحمد: أيش ينفع هذا هَؤُلاءِ ثِقَاتٌ لَمْ يُخْبِرُهُمَا يَحْيَى. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: عُقَيْلٌ لَمْ يَكُنْ بِالْحَافِظِ كَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 308- عَقِيلٌ –بالفتح- بن معقل بن منبه اليماني3 -د. عَنْ عَمَّيْهِ وَهْبٍ وَهَمَّامٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ وَابْنُ أَخِيهِ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ وَهِشَامُ بْنُ يُوسُفَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ. وَكَانَ قَدْ قَرَأَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ وهو قليل الحديث.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 312". 2 المشاهير "183"، وطبقات خليفة "295"، وشذرات الذهب "1/ 216". 3 التاريخ الكبير "7/ 53"، وتهذيب التهذيب "7/ 255"، والمشاهير "192".

309- الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ1، أَبُو عَوْنٍ الْيَامِيُّ الْكُوفِيُّ الزَّاهِدُ. عَنْ مُرَّةَ الطَّيِّبِ وَمُجَاهِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَهُوَ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ، وَكَانَ مِنَ الْخَائِفِينَ. قِيلَ لَهُ مَرَّةً: مَا هُوَ إِلا عَفْوُ اللَّهِ أَوِ النَّارِ، فَصَاحَ وَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. يُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 310- الْعَلاءُ بْنُ كَثِيرٍ الْقُرَشِيُّ2، مَوْلاهُمُ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ الْمِصْرِيُّ الزَّاهِدُ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَضَمَّامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ. عَمِلَ اللَّيْثُ لِلْمَنْصُورِ فَهَجَرَهُ حَتَّى تَابَ. وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْدِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُطَّلِبٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعَلاءَ بْنَ كَثِيرٍ كَانَ لا يَلْقَى أَحَدًا إِذَا قَدِمَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ غَيْرَ اللَّيْثِ، فَبَلَغَ الْعَلاءَ أَنَّهُ وَلِيَ وَإِنَّمَا وَلِيَ مَصْلَحَةً للمسلمين، فلما قدم يَتَلَقَّهُ وَمَنَعَ أَصْحَابَهُ. قَالَ فَدَخَلَ اللَّيْثُ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يَقُمْ لَهُ أَحَدٌ، فَجَلَسَ إِلَى الْعَلاءِ فَقَالَ: يَا لَيْثُ وُلِّيتَ! فَقَالَ خِفْتُ عَلَى دَمِي، فَقَالَ: لَسَحَرَةُ فِرْعَوْنَ كَانُوا أَقْرَبَ عَهْدًا بِالْكُفْرِ مِنْكَ، وَلَهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْكَ حِينَ قَالُوا: اقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ، قَالَ: فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ الْعَلاءُ لِإِخْوَانِهِ: خُذُوا بِيَدِ أَخِيكُمْ. قُلْتُ: وَقَدْ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَلا شَيْءَ لَهُ فِي الْكُتُبِ. وَأَصْلُهُ فَارِسِيٌّ وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي سَهْمٍ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: قَالَ الْعَلاءُ بْنُ كَثِيرٍ: لو أن الدُّنْيَا وضعتني درجة لأحببت أن أبادرها إلى درجة أخرى. قال علي بن مطلب: كَانَ العلاء بن كثير حَسَنُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ اسْتَيْقَظَ لَهُ الْجِيرَانُ لِحُسْنِ صَوْتِهِ، فَخَافَ الْفِتْنَةَ، فَدَعَا اللَّهَ، فَذَهَبَ صَوْتُهُ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ الْعَلاءُ بْنُ كثير بالإسكندرية سنة أربع وأربعين ومائة.

_ 1 التاريخ لابن معين "2/ 415"، والمعرفة والتاريخ "3/ 93". 2 تهذيب التهذيب "8/ 190".

311- الْعَلاءُ بْنُ كَثِيرٍ الدِّمَشْقِيُّ1. مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. نزل الكوفة وحدث عن مكحول. وعنه يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَمُصْعَبُ بْنُ سَلامٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هَانِئٍ النَّخَعِيُّ وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 312- الْعَلاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ع. عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ. وَعُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. 313- عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ3 بْنِ عَلِيِّ بْن أبي طالب، الْعَلَوِيُّ. الْمُلَقَّبُ بِالسَّجَّادِ لِفَضْلِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَتَعَبُّدِهِ. وَهُوَ وَالِدُ حُسَيْنٍ الْمَقْتُولُ بِفَخٍّ وَإِخْوَتُهُ، وَكَانَ يُقَالُ: لَيْسَ بِالْمَدِينَةِ زَوْجَانِ أَعْبَدَ مِنْهُ وَمِنْ زَوْجَتِهِ، وَهِيَ بِنْتُ عَمِّهِ زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. تُوُفِّيَ عَلِيٌّ فِي سَجْنِ الْمَنْصُورِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 314- عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ سَالِمُ بْنُ مُخَارِقٍ4 -م د ن ق- مَوْلَى الْعَبَّاسِ، أَبُو الْحَسَنِ الْهَاشِمِيُّ الْجَزَرِيُّ نَزِيلُ حِمْصٍ. رَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَأَبِي الْوَدَاكِ جَبْرِ بْنِ نَوْفٍ وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ. وعنه الثوري ومعاوية بن صالح وفرج بن فضالة وطائفة. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو داود: كان له رأي سوء كان يرى السيف.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 520"، الضعفاء الصغير "91"، وتهذيب التهذيب "8/ 191". 2 ميزان الاعتدال "3/ 105"، وطبقات ابن سعد "6/ 243". 3 التاريخ الكبير "6/ 269"، والجرح والتعديل "6/ 179". 4 تاريخ بغداد "11/ 429"، والمشاهير "182"، وميزان الاعتدال "3/ 134".

قلت: فقد روى مُعَاوِيَة بْن صالح عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَفْسِهِ فَذَكَرَ تَفْسِيرًا فِي جُزْءٍ كَبِيرٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: رَوَى التَّفْسِيرَ عَنِ ابْنِ عباس ولم يره. قال أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: كُنْيَتُهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَقِيلَ: أَبُو طَلْحَةَ، لَيْسَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَفْسِيرِهِ الذي يروى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْهُ. 315- عَلِيُّ بْنُ عبد الأعلى بن عامر الثعلبي1 –ع- الكوفي الأحول أبو الحسن. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَكَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ. وعنه إبراهيم بن طهمان وهشيم وحكام بن سلم وشجاع بن الوليد. قال أحمد: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بقوي. 316- علي بن عروة القرشي2 –ق- الدمشقي. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْمَقْبُرِيِّ وَعَاصِمِ بْنِ قَتَادَةَ. وَعَنْهُ خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ وَمُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ وَغَيْرُهُمْ. تَرَكُوهُ حَتَّى إِنَّ صَالِحَ بْنَ مُحَمَّدٍ جَزَرَةً قَالَ: حَدِيثُهُ كَذِبٌ كُلُّهُ. 317- عَمَّارُ بن سعد المرادي3 –د- وقيل: التجيبي المصري. عن أبي صالح الغفاري عن علي. وله حَدِيثٌ أَرْسَلَهُ عَنْ عُمَرَ. وَعَنْهُ حَيْوَةُ بْنُ شريح ويحيى وأيوب وابن لهيعة وجماعة. وكان الْعُلَمَاءِ بِمِصْرَ فِي زَمَانِهِ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 318- عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ4 -م د ت ق- بن الخطاب العمري المدني. عَنْ عَمِّهِ سَالِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ بْنُ

_ 1 التاريخ الكبر "6/ 286". 2 ميزان الاعتدال "3/ 154"، والجرح والتعديل "6/ 198". 3 التاريخ الكبير "7/ 27"، وتهذيب التهذيب "7/ 401". 4 المشاهير "136"، والميزان "3/ 192".

مُعَاوِيَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ. وَهُوَ صالح الحديث وقد احتج به مسلم. قال النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. 319- عُمَرُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ غَيْلانَ الثقفي1 –د- وقيل: العجلي. عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ وَسَلامَةَ بْنِ سَهْمٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ مُوَثَّقٌ. 320- عُمَرُ بْنُ سُوَيْدٍ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ. وَعَنْهُ مُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ ووكيع وأبو نعيم. فرق بينهما بعض الحفاظ وهو إن شاء الله الذي قبله. 321- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ3 -د ت- مولى غفرة. أدرك ابن عباس وقد حدث عَنْهُ فَمَا أَدْرِي سَمَاعًا أَمْ لا. وَلَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي الأَسْوَدِ الدَّيْلِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ لَهِيعَةَ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَعَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ بْنِ شَابُورٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل: ليس به بأس لكن أكثر حديثه مراسيل. قال ابن سعد: كثير الحديث ثقة لا يَكَادُ يُسْنَدُ، كَانَ يُرْسِلُ حَدِيثَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَلَهُ حَدِيثٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَذَاكَ مُرْسَلٌ. وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ رَبِيعَةَ الرائي. 322- عمر بن محمد بن زيد4 -خ م د ن ق- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ العدوي العمري المدني نَزِيلُ عَسْقَلانَ. عَنْ جَدِّهِ وَحَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ونافع وجماعة. وعنه شعبة والسفيانان وابن

_ 1 تهذيب التهذيب "7/ 458". 2 التاريخ الكبير "6/ 162"، وتهذيب التهذيب "7/ 458"، والجرح والتعديل "6/ 113". 3 الضعفاء والمتروكين "81"، والمعرفة والتاريخ "3/ 379". 4 ميزان الاعتدال "3/ 220"، التاريخ لابن معين "2/ 434"، والجرح والتعديل "6/ 131".

وَهْبٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّمَشْقِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. وَلَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً وَلَمْ يُعَقِّبْ. وَقَالَ عَبْدُ الله بن داود الْخُرَيْبِيِّ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا قَطُّ أَطْوَلَ مِنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ دِرْعَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَكَانَ يَسْحَبُهَا. قُلْتُ: كَانَ الْعَبَّاسُ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مِنْ بَابَةِ عُمَرَ فِي الطُّولِ الْمُفْرِطِ. قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ قَدْرًا وَجَلالَةً، قَدِمَ بَغْدَادَ وَالْكُوفَةَ وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ عَدِيٍّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ بَعْدَ أَخِيهِ أَبِي بَكْرٍ بِقَلِيلٍ. قُلْتُ: إِخْوَتُهُ أَبُو بَكْرٍ وَعَاصِمٌ وَزَيْدٌ وَوَاقِدٌ. وَالْخَمْسَةُ قَدْ رَوَوُا الْحَدِيثَ. 323- عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ1 -سِوَى ت. سَمِعَ أَبَاهُ وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثَبْتٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، وَلا يَحْتَجُّونَ بِهِ. 324- عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ الثَّقَفِيُّ2. عَنْ أَنَسٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو خَبَّابٍ الْوَلِيدُ بْنُ بُكَيْرٍ وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. 325- عُمَرُ بْنُ نُبَيْهٍ الْكَعْبِيُّ3 -م ن. عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَاظِ وَجَمْهَانَ الأَسْلَمِيِّ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو ضُمْرَةَ. قَالَ الْقَطَّانُ: لَمْ يكن به بأس.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 199"، والمشاهير "138"، والمعرفة والتاريخ "1/ 647". 2 تهذيب التهذيب "7/ 500". 3 تقريب التهذيب "2/ 70"، وعلل ابن المديني "268".

326- عُمَرُ بْنُ نَبْهَانٍ الْغُبَرِيُّ1. عَنِ الْحَسَنِ وَسَلامِ وأبي عِيسَى وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو قُتَيْبَةَ وَأَبُو سُفْيَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ. وَغَيْرُهُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. 327- عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ الشَّنِّيُّ، أَبُو سَلَمَةَ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ2. عَنْ عِكْرِمَةَ وَشِهَابِ بْنِ عَبَّادٍ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ. قال الفلاس لم يحدثنا عَنْهُ يحيى القطان. وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ. وَكَذَا قَالَ أَبُو حاتم وغيره. قلت: عامة حديثه عَنْ عِكْرِمَةَ مَقَاطِيعُ. 328- عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ النَّصْرِيُّ3. دِمَشْقِيٌّ رَوَى عَنْ أَبِي سَلامٍ الأَسْوَدِ وَالزُّهْرِيِّ وَعَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ وَنُمَيْرِ بْنِ أَوْسٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ وَالْهَيْثَمُ بْنُ عِمْرَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ. قال الْعُقَيْلِيُّ: يُخَالِفُ فِي حَدِيثِهِ. 329- عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ4 -م د ت ن- أبو عبيدة السدوسي البصري. لَهُ عشرة أحاديث. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: كَانَ أَصْدَقَ النَّاسِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عمران بخ بخ ثقة. وروى شعبة عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: مَا دَخَلْتُ الْحَمَّامَ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةٍ وَلا ادَّهَنْتُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ أَبُو قَطَنٍ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَقِيقٍ وَأَبَا عثمان النهدي وأبا مجلز وجماعة.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 227"، والتهذيب "7/ 500". 2 التاريخ الكبير "6/ 203"، والجرح والتعديل "6/ 139". 3 المجروحين "2/ 88"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 72". 4 التاريخ الكبير "6/ 425"، تهذيب التهذيب "8/ 125".

وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَوَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ. ثِقَةٌ. 330- عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ1. عَنْ مُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَجَعْفَرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حُرَيْثٍ. وَعَنْهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. * فَأَمَّا: عِمْرَانُ بْنُ مسلم القصير2، فسيأتي في الطبقة الآتية. أما هَذَا فَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: رَافِضِيٌّ كَأَنَّهُ جَرْوُ كَلْبٍ. 331- عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ3، الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ أخُو أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى. رَوَى عَنْ مَكْحُولٍ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. وعنه ابن جريج وابن علية وزيد بن يحيى بن عبيد الدمشقي. وثقه الحاكم. 332- عمرو بن الحارث بن يعقوب4 -ع. مَوْلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْخَزْرَجِيُّ الأَنْصَارِيُّ أَبُو أُمَيَّةَ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وابن مُلَيْكَةَ وَأَبِي عَشَانَةَ الْمُعَافِرِيِّ وَقَتَادَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وبكر بن مضر وابن وهب وخلق. وَوَثَّقَهُ النَّاسُ. قَالَ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ: كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يُوَثِّقُهُ جِدًّا. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كَانَ قَدْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحْفَظَ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاثَةَ أَحَادِيثَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: لَيْسَ فِيهِمْ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنَ اللَّيْثِ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ يُقَارِبُهُ. وَقَالَ الأْثَرْمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: قَدْ كَانَ عِنْدِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ثُمَّ رَأَيْتُ لَهُ أَشْيَاءَ مناكير.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 242"، وتقريب التهذيب "2/ 85". 2 التاريخ لابن معين "2/ 439"، والمعرفة والتاريخ "3/ 76". 3 الجرح والتعديل "6/ 305"، وميزان "3/ 243". 4 تهذيب التهذيب "8/ 14"، وتذكرة الحفاظ "1/ 133"، خلاصة تذهيب الكمال "287"، وحسن المحاضرة "1/ 300".

قال فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ أَحَمْدَ: عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ حَمَلَ عَلَيْهِ حَمْلا شَدِيدًا وَقَالَ: يَرْوِي عَنْ قَتَادَةَ أَحَادِيثَ يَضْطَرِبُ فِيهَا وَيُخْطِئُ1. قُلْتُ: قَدْ وَثَّقَهُ مُطْلَقًا ابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ أَحْفَظُ مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ خَالِهِ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ فَيَجِدُ النَّاسَ صُفُوفًا يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالشِّعْرِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَالْحِسَابِ، وَكَانَ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ قَدْ جَعَلَ عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ يُؤَدِّبُ ابْنَهُ الْفَضْلَ فَنَالَ حِشْمَةً بِذَلِكَ2. قُلْتُ: عُلُومُهُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ عُلُومُ الإِسْلامِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مَا كَانَ الْقَوْمُ يَخُوضُونَ فِي سِوَى ذَلِكَ وَلا يَعْرِفُونَهُ، فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ عَمِلُوا أَصُولَ الدِّينِ وَالْكَلامً وَالْمَنْطِقِ وَخَاضُوا كَمَا خَاضَتِ الْحُكَمَاءُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَحْفَظَ النَّاسِ فِي زَمَانِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْحِفْظِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ3. قُلْتُ: يَقُولُ ابْنُ وَهْبٍ: مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ وَقَدْ رَأَى مَالِكًا وَاللَّيْثَ وابن جريج. روى حَرْمَلَةُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: اهْتَدَيْنَا بِاثْنَيْنِ بِمِصْرَ: عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَاللَّيْثِ وَبِاثْنَيْنِ بِالْمَدِينَةِ مَالِكٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجُشُونَ لَوْلا هَؤُلاءِ لَكُنَّا ضَالِّينَ. وَقَالَ: وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ وَزِيرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: لَوْ بَقِيَ لَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ مَا احْتَجْنَا إِلَى مَالِكٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَخْطَبَ النَّاسِ وَأَبْلَغَهُمْ وَأَرْوَاهُمْ لِلشِّعْرِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: كُنْتُ أَرَى عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ عَلَيْهِ أَثْوَابٌ بِدِينَارٍ فَلَمْ تَمْضِ اللَّيَالِي حتى رزيته يَجُرُّ الْوَشْيَ وَالْخَزَّ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: لَمْ يَكُنْ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بِمِصْرَ مِثْلُ اللَّيْثِ بن سعد.

_ 1 راجع سير أعلام النبلاء "6/ 502". 2 المرجع السابق. 3 انظر السابق.

ورورى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ: لا يَزَالُ بِالْمَغْرِبِ فِقْهٌ مَا دَامَ فِيهِمْ ذَاكَ الْقَصِيرُ، يَعْنِي عَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَاتَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَزَادَ غَيْرُهُ: فِي شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: وُلِدَ عَمْرُو سَنَةَ تِسْعِينَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَاشَ ثَمَانِيًا وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: لَمْ يَكُنْ بِمِصْرَ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ مِثْلُ اللَّيْثِ. 333- عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ1 -د ت ن- أَخُو حَنْظَلَةَ. مَكِّيٌّ. عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَجَمَاعَةٌ. ثِقَةٌ. 334- عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ أَبُو بَكْرٍ الأَوْزَاعِيُّ2. عن أبي سلام ممطور ومغيث بن سمي وَنَوْفٍ الْبِكَالِيِّ. وَعَنْهُ وَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَغَيْرُهُمَا. 335- عَمْرُو بْنُ شُرَاحِيلَ3، أَبُو المغيرة. ويقال: أَبُو الْجَهْمِ الْعَنْسِيِّ الدَّارَانِيُّ. عَنْ بِلالِ بْنِ سَعْدٍ وَعُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ وَحَيَّانَ بْنِ وَبَرَةَ وجماعة. وعنه يزيد بن مصعب وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ. لَهُ فِي نُسْخَةِ أَبِي مُسْهِرٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَكَانَ قَدَرِيًّا. 336- عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وهب4 -ن ق- أبو معاوية النخعي والكوفي. والد سليمان بن عمرو.

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 41"، والجرح والتعديل "6/ 234". 2 الجرح والتعديل "6/ 236". 3 التاريخ الكبير "6/ 342"، والجرح والتعديل "6/ 240". 4 تهذيب التهذيب "8/ 17"، والتقريب "2/ 74"، والجرح "6/ 243".

لَهُ عَنْ أَبِي عَمْرِو الشَّيْبَانِيِّ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا ابْنُهُ فَكَذَّابٌ. ومن آخر من روى عن عمرو وزيد بْنِ الْحُبَابِ. تُوُفِّيَ فِي حُدُودِ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 337- عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ الْمُعْتَزِلِيُّ1، بْنُ بَابٍ أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ الزَّاهِدُ الْعَابِدُ رَأْسُ الْمُعْتَزِلَةِ. رَوَى عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَأَبِي قِلابَةَ وَالْحَسَنِ. وعنه الحمادان وابن عيينة وعبد الوارث ويحيى بن سعيد القطان وعلي بن عاصم وعبد الوهاب الثقفي وقريش بن أنس وغيرهم. قال الفلاس: كان يحيى يحدثنا عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ ثُمَّ تَرَكَهُ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ: أَبُو حُنَيْفَةَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ مِثْلَ عَمْرٍو. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: عَمْرٌو لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: مَا لَقِيتُ أَحَدًا أَزْهَدَ مِنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَانْتَحَلَ مَا انْتَحَلَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ يَدْعُو إِلَى الْقَدَرِ فَتَرَكُوهُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ عُمَرًا يَقُولُ: إِنْ كَانَ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] في اللوح المحفوظ فمالله عَلَى ابْنِ آدَمَ حُجَّةٌ. قَالَ: وَسَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ وَذُكِرَ حَدِيثُ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ فَقَالَ: لَوْ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ هَذَا لَكَذَّبْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُهُ مِنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ لَمَا صَدَّقْتُهُ، أَوْ قَالَ: لَمَا أَحْبَبْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُهُ مَا قَبِلْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ هذا لردتته2، وَلَوْ سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ لَقُلْتُ لَهُ: لَيْسَ على هذا أخذت ميثاقنا.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 352"، ميزان الاعتدال "3/ 273"، وتاريخ بغداد "12/ 166-188"، وأمالي المرتضي "1/ 164، 171"، وتهذيب التهذيب "8/ 30". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 330"، والميزان "3/ 276"، ولفظه "فما لله على العباد حجه....".

قال ابن عبد الحكيم: سمعت الشافعي ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ سَمِعَ الْحَسَنَ وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِنْ كَانَ سَمِعَ الْحَسَنَ. سُئِلَ عَمْرٌو عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَابَ فِيهَا وقال: هذا مِنْ رَأْيِ الْحَسَنِ، فَقِيلَ: إِنَّهُمْ يَرْوُونَ عَنِ الحسن خلاف هذا، قال: إِنَّمَا قُلْتُ هَذَا مِنْ رَأْيِ الْحَسَنِ يُرِيدُ نَفْسَهُ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عبيد الله فِي النَّوْمِ وَفِي حِجْرِهِ مُصْحَفٌ وَهُوَ يَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: مَا تَصْنَعُ! قَالَ: أُبَدِّلُ مَكَانَهَا خَيْرًا مِنْهَا. رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الزَّمِنُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ ثَابِتٍ وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بن محمد الحارثي عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْهُ. وَقَالَ حَزْمٌ الْقَطِيعِيّ: ثنا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى قَتَادَةَ فَذَكَرَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ فَوَقَعَ فِيهِ، فَقُلْتُ: أَلا أَرَى الْعُلَمَاءَ يَقَعُ بَعْضُهُمْ فِي بعض؟ فقال: يا أحول، أو ما تَدْرِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُذَكِّرَهُ حَتَّى يَحْذَرَ، فَجِئْتُ مِنْ عِنْدَ قَتَادَةَ وَأَنَا مُغْتَمٌّ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ نُسُكِ عَمْرٍو وَهَدْيِهِ، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُهُ وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ وَهُوَ يَحُكُّ آيَةً، فَقُلْتُ لَهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ! قَالَ: إني سوف أعيدها. فتركه حَتَّى حَكَّهَا، فَقُلْتُ: أَعِدْهَا، قَالَ: لا أَسْتَطِيعُ. ورواها ثِقَتَانِ عَنْ حَزْمٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجّ: ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقِيهُ الْجَامِعِ نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَيُّوبَ وَيُونُسَ وَابْنِ عَوْنٍ فَمَرَّ بِهِمْ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَوَقَفَ وَقْفَةً فَلَمْ يَرُدُّوا -عَلَيْهِ السَّلامَ. وَقَالَ سُلَيْمَان بْن حَرْب: ثنا حَمَّادُ بْن زَيْدٍ قَالَ: قِيلَ لِأَيُّوبَ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يَرْوِي عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي. فَاقْتُلُوهُ"1. قال: كذاب. وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: لا جُمْعَةَ بَعْدَ عُثْمَانَ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْخَفَّافُ: مَرَرْتُ بِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ وَحْدَهُ فقلت: مالك تركوك! فقال: نهى ابن عون الناس عنا فانتهوا.

_ 1 "ضعيف": أخرجه بهذا اللفظ الذهبي في الميزان "3/ 277"، وابن حجر في لسان الميزان "2/ 1037"، وابن عدي في الكامل في الضعفاء "6/ 2416"، وذكره الذهب في السير "6/ 331".

وعن عمرو بْنِ النَّضْرِ قَالَ: سُئِلَ عَمْرُو عَنْ مَسْأَلَةٍ وَأَنَا عِنْدَهُ فَأَجَابَ فَقُلْتُ: لَيْسَ هَكَذَا يَقُولُ أَصْحَابُنَا، قَالَ: وَمَنْ أَصْحَابُكَ لا أَبَا لَكَ! فقلت: أَيُّوبُ وَيُونُسُ وَابْنُ عَوْنٍ وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، قَالَ: وأولئك أَرْجَاسٌ1 أَنْجَاسٌ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ. رَوَاهَا يَحْيَى بْنُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ النَّضْرِ. وَقَالَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثنا الأَصْمَعِيُّ أن عمرو بن عبيد الله أَتَى أَبَا عَمْرَو بْنَ الْعَلاءِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو اللَّهُ يُخْلِفُ وَعْدَهُ؟ فَقَالَ: لا، فَقَالَ عَمْرٌو: فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 90] فَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: مِنَ الْعُجْمَةِ أَتَيْتُ الْوَعْدَ غَيْرَ الإِيعَادِ ثُمَّ أَنْشَدَ: وَإِنِّي إِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ ... لَمُخْلِفٌ مِيعَادِي وَمُنْجِزٌ مَوْعِدِي وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ وَنَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ: ثَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي جَعْفَرٍ فِي الْمَنَامِ بَعْدَمَا مَاتَ فَقَالَ لِي: أَيُّوبُ وَيُونُسُ وَابْنُ عَوْنٍ فِي الْجَنَّةِ، فَقُلْتُ: فَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ؟ قَالَ: فِي النَّارِ. ثُمَّ رَأَيْتُهُ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ: كَمْ أَقُولُ لَكَ. وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: أَوَّلُ مَنَ تَكَلَّمَ فِي الاعْتِزَالِ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ الْغَزَّالُ، فَدَخَلَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، فَأُعْجِبَ بِهِ وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ، وَقَالَ لَهَا: زَوَّجْتُكِ بِرَجُلٍ مَا يَصْلُحُ إِلا أَنْ يَكُونَ خَلِيفَةً. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: قِيلَ لابْنِ الْمُبَارَكِ: لِمَ رَوَيْتَ عَنْ سَعِيدٍ وَهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ وَتَرَكْتَ حَدِيثَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ وَرَأْيُهُمْ وَاحِدٌ؟ قَالَ: كَانَ عَمْرٌو يَدْعُو إِلَى رَأْيِهِ وَكَانَا سَاكِتَيْنِ. وَقَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: رَأَيْتُ هَمَّامَ بْنَ يَحْيَى فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا صَنَعَ اللَّهُ لَكَ؟ قَالَ غَفَرَ لِي وَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ، وَأَمَرَ بِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ إِلَى النَّارِ، وَقِيلَ لَهُ: تَقُولُ عَلَى اللَّهِ كَذَا وَكَذَا وَتُكَذِّبُ بِمَشِيئَتِهِ وَتُمَنِّ بِرَكْعَتَيْنِ تُصَلِّيهِمَا. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ الْقَاضِي أَنَّهُ رأى عمرو بْنَ عُبَيْدٍ فِي الْمَنَامِ قَدْ مُسِخَ قِرْدًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ عَمْرٌو بِالْبَصْرَةِ يُجَالِسُ الحسن مدة، ثم أزاله واصل

_ 1 أرجاس: يعني أقذار.

عَنْ مَذْهَبِ السُّنَّةِ فَقَالَ بِالْقَدَرِ، وَدَعَا إِلَيْهِ وَاعْتَزَلَ أَصْحَابَ الْحَسَنِ، وَكَانَ لَهُ سَمْتٌ وَإِظْهَارُ زُهْدٍ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ1: كَانَ عَمْرٌو نَسَّاجًا ثُمَّ تَحَوَّلَ شُرْطِيًّا لِلْحَجَّاجِ، يَعْنِي فِي صِبَاهُ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: نِعْمَ الْفَتَى عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ إِنْ لَمْ يُحَدِّثْ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ: أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ الْعَسَّالُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ مُسَبِّحَ بْنَ حَاتِمٍ الْبَصْرِيَّ، سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُعَاذٍ، سَمِعْتُ أَبِي سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ، وَذَكَرَ حَدِيثَ الصَّادِقِ، فَقَالَ: لَوْ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُهُ لَكَذَّبْتُهُ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ إِذَا ذَكَرَ عَمَرًا قَالَ: مَا فَعَلَ الْمَقِيتُ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: مَا جَالَسْتُ عُمَرًا إِلا مَرَّةً فَتَكَلَّمَ وَطَوَّلَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ نَزَلَ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ مَا زَادَكُمْ عَلَى هَذَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَجَّ أَيُّوبُ وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فطاف أيوب حتى أصبح وخاصم عمر وحتى أَصْبَحَ. وَعَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: مَا عَدَدْتُ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ عَاقِلا قَطُّ. وَقَالَ الْخَطِيبُ2: مَاتَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ. قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ يُعَظِّمُ عَمْرَو بْنَ عبيد ويثني عليه ويقول. كلكم يمشي رويدكلكم يطلب صيد غير عمرو بن عبيد3. قال مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: أَخْبَرَنِي الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ: أَيُّ رَجُلٍ كَانَ فِيكُمْ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ لَوْلا مَا خَالَفَ فِيهِ الْجَمَاعَةَ، كَانَ رَجُلُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. قُلْتُ: إِيْ وَاللَّهِ وَرَجُلُ أَهْلِ الدنيا.

_ 1 في المعرفة والتاريخ "1/ 180". 2 في تاريخ بغداد "12/ 186". 3 الخبر مع الرجز في سير أعلام النبلاء "6/ 331"، وميزان الاعتدال "3/ 279" بنحوه.

قال ابن خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: كان عمرو بن عييد من الدهرية، قلت: وما الدَّهْرِيَّةُ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَقُولُونَ النَّاسُ مِثْلُ الزَّرْعِ، وَكَانَ يَرَى السَّيْفَ. وَقَالَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ: لأَنَا لِلْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ أَرْجَى مِنِّي لعمرو بن عبيد. وقال الْمَدَائِنِيُّ وَابْنُ نُعَيْمٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ. وَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ1 أَنَّ الْمَنْصُورَ رَثَى عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ وَلَمْ يُسْمَعْ بِخَلِيفَةٍ رثى من دونه سواه، فَقَالَ: صَلَّى الإِلَهُ عَلَيْكَ مِنْ مُتَوَسِّدٍ ... قَبْرًا مَرَرْتُ بِهِ عَلَى مَرَّانِ قَبْرًا تَضَمَّنَ مُؤْمِنًا مُتَحَنِّفًا ... صَدَقَ الإِلَهُ وَدَانَ بِالْقُرْآنِ فَلَوْ أَنَّ الدَّهْرَ أَبْقَى صَالِحًا ... أَبْقَى لَنَا حَقًّا أَبَا عثمان 338- عمرو بن قيس الكوفي2 –م- الملائي البزاز. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ وَالْمُحَارِبِيُّ وَعُمَرُ بْنُ شَبِيبٍ، وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ وَرِعًا عابدًا حَافِظًا لِحَدِيثِهِ. قَالَ الثَّوْرِيُّ وَذَكَرَهُ فَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَكَانَ يَتَبَرَّكُ بِهِ لِزُهْدِهِ وَفَضْلِهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَاتَ بِسِجِسْتَانِ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. 339- عَمْرُو بْنُ مَرْوَانَ أَبُو الْعَنْبَسِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيَّ3. عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ وَلَهُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ. وَعَنْهُ حفص بن غياث ووكيع وغيرهما. شيخ.

_ 1 في المعارف "483". 2 تهذيب التهذيب "8/ 92"، وميزان الاعتدال "3/ 284". 3 التاريخ الكبير "6/ 375"، والجرح والتعديل "6/ 261".

340- عمرو بن ميمون بن مهران1 –ع- أبو عبد الله الجزري. أحد الأئمة الفقهاء. روى عَنْ أَبِيهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَكْحُولٍ. وعنه الثوري وعباد بن العوام وابن المبارك وأبو معاوية وبشر بن المفضل ويزيد بن هارون ومحمد بن بشر العبدي وغيرهم. وكان يَقُولُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيَّ حرف مِنَ السُّنَّةِ بِالْيَمَنِ لأَتَيْتُهَا. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَيْمُونِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: لَمَّا رَأَيْتُ قَدْرَ عَمِّي عَمْرَوِ بْنِ مَيْمُونَ عِنْدَ الْمَنْصُورِ قُلْتُ لَهُ: لَوْ سَأَلْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُقْطِعَكَ قَطِيعَةً، فَسَكَتَ، فَأَلَحَحْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي أَنْ أَسْأَلَهُ شَيْئًا قَدِ ابْتَدَأَنِي هُوَ بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ أَفْعَلْ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي يَصِفُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونَ بِالْقُرْآنِ وَالنَّحْوِ، وَقَالَ: لَمْ أَرَهُ يَغْتَابُ أَحَدًا. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمس وأربعين، وقيل: سنة تسع وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ: مَاتَ بِالرِّقَّةِ وَكَانَ يُؤَدِّبُ بِحِصْنٍ مُسْلِمَةَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَخَلِيفَةُ وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ. 341- عَنْبَسَةُ بْنُ عَمَّارٍ2. نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَحْدَث أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَى صِبْيَانِ الْمُكْتِبِ. وَروى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَخِيهِ حُمَيْدٍ. وَعَنْهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَمَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَدْ رَوَى له البخاري في كتاب المسمى بـ "الأدب". 342- عَنْبَسَةُ بْنُ مِهْرَانَ الْحَدَّادُ3. عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ أَبُو حاتم: منكر الحديث.

_ 1 التقريب "2/ 80"، وتاريخ خليفة "423"، وتذكرة الحفاظ "1/ 60". 2 التقريب "2/ 89"، والجرح والتعديل "6/ 402". 3 ميزان الاعتدال "3/ 302"، والمجروحين "2/ 177".

343- العوام بن حمزة المازني1. بصري. عن عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَأَبِي نَضْرَةَ وَبَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ. وَعَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَغُنْدَرٌ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ رَاهَوَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. 344- الْعَوَّامُ بن حوشب2 –ع- بْنُ يَزِيدَ الشَّيْبَانِيُّ الرِّبْعِيُّ الْوَاسِطِيُّ أَبُو عِيسَى. لَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ مِنْهُمْ خِرَاشٌ وَالِدُ شِهَابِ بْنِ خِرَاشٍ أَسْلَمَ جَدُّهُمْ يَزِيدُ عَلَى يَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ فَجَعَلَهُ عَلَى شُرْطَتِهِ. رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وسلمة بن كهيل وطائفة. وعنه ابنه سَلَمَةَ وَابْنُ أَخِيهِ شِهَابٍ وَشُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَهْلُ بَلَدِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: كَانَ صَاحِبَ أَمْرٍ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٍ عَنِ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 345- عوف الأعرابي3 –ع- ابن أبي جميلة، أبو سهل البصري الأعرابي، وَلَمْ يَكُنْ بِأَعْرَابِيٍّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: كَانَ عَوْفٌ فِي بَنِي حِمَّانَ بْنِ كَعْبٍ وَلَمْ يَكُنْ أَعْرَابِيًّا كَانَ فَارِسِيًّا. وَقَالَ أحمد بن أبي خثيمة: ثنا هَوْذَةُ ثنا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ مِنْ بَنِي سَعْدٍ، ثُمّ قَالَ أَحْمَدُ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يقول: هوذة عن عوف ضعيف وفي اسم أبيه أقوال أحدها بندويه.

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 163"، والجرح والتعديل "7/ 22"، خلاصة تذهيب الكمال "295". 2 التاريخ الكبير "7/ 67"، وتهذيب التهذيب "8/ 163"، وشذرات الذهب "1/ 244". 3 التاريخ لابن معين "2/ 460"، وتاريخ خليفة "266"، تذكرة الحفاظ "1/ 137".

رَوَى عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ وَزُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى وَخِلاسٍ الْهَجَرِيِّ وَأَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَغُنْدَرٌ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ وَعُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنُ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ أَحَدُ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: عَوْفٌ الصَّدُوقُ، وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاحْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُ الصِّحَاحِ، وَقِيلَ: كَانَ يَتَشَيَّعُ. وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: قَالَ لِي عَوْفٌ: سَمِعْتُ مِنَ الْحَسَنِ قَبْلَ وَقْعَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ1. قُلْتُ: وَكَانَ قَدَرِيًّا فَرَوَى بُنْدَارٌ وَغَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ: سَمِعْتُ عَوْفًا الأَعْرَابِيَّ وَحَدَّثَ بِحَدِيثِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، فَقَالَ: كَذَبَ عَبْدُ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا رَضِيَ عَوْفٌ بِبِدْعَةٍ حَتَّى كَانَ فِيهِ بِدْعَتَانِ: قَدَرِيٌّ شِيعِيٌّ. وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: رَأَيْتُ دَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدَ يَضْرِبُ عَوْفًا وَيَقُولُ: وَيْلَكَ يَا قَدَرِيُّ. وَقَالَ بُنْدَارٌ: يَقُولُونَ عَوْفٌ فَوَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ عَوْفٌ قَدَرِيًّا رَافِضِيًّا. مَاتَ عَوْفٌ سَنَةَ سِتٍّ، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ. 346- عِيسَى بن سنان2 -ت ق- أبو سنان القسملي الحنفي الفلسطيني نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ الْمَقْدِسِيِّ وَيَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَأَبُو أُسَامَةَ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَيُوسُفَ بْنُ يَعْقُوبَ السَّدُوسِيُّ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَتْرُكْ. هُوَ جَائِزُ الْحَدِيثِ. 347- عِيسَى بْنُ أَبِي عَطَاءٍ الْكَاتِبُ الشَّامِيُّ3. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ سليمان بن أبي السائب

_ 1 وانظر: سير أعلام النبلاء "6/ 525". 2 التاريخ الكبير "6/ 396"، وتهذيب التهذيب "8/ 211". 3 انظر: كتاب الولاة والقضاة "ص83، 86، 354".

والوليد بن مسلم ومحمد بن شعيب وجماعة. وقد ولي خراج ديار مصر لمروان بن محمد، وما علمت به بأسا. 348- عيسى بن عمرو البصري1. صاحب النحو. ذكر ابن خلكان أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي الطَّبَقَةِ الْمُقْبِلَةِ. "حَرْفُ الْغَيْنِ": 349- غَالِبٌ الْقَطَّانُ2 -ع-. من علماء البصريين، يُكْنَى أَبَا سَلَمَةَ بْنَ أَبِي غَيْلانَ خَطَّافٍ. واختلف في ضم خطاف وفتحه. وهو على الأشهر مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ الْقُرَشِيُّ الأَمِيرُ. سَمِعَ غَالِبٌ مِنَ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَبَكْرٍ الْمُزَنِيِّ. وَعَنْهُ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَحَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَأَمَّا ابْنُ مَعِينٍ فَقَالَ: لا أَعْرِفُهُ. "حرف الفاء": 350- فايد بن كيسان3 -د ق- أبو العوام الباهلي الجزار القصاب. عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَابْنِ بُرَيْدَةَ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. 351- الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ الْقَصَّابُ4 -د ت ق- وَاسِطِيٌّ. عَنِ الْحَسَنِ وابن سيرين وقتادة. وعنه ابن الْمُبَارَكُ وَوَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ وَيَزِيدُ بن هارون.

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 223"، ونور القيس "46"، وفيات الأعيان "3/ 486". 2 التاريخ الكبير "7/ 99"، المشاهير "156"، وخلاصة تذهيب الكمال "306". 3 التقريب "2/ 107"، والمعرفة والتاريخ "3/ 67". 4 تهذيب التهذيب "8/ 276"، والجرح والتعديل "7/ 61".

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: كَانَ الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ عِنْدَنَا قَصَّابًا شَاعِرًا مُعْتَزِلِيًّا وَكُنْتُ أُصَلِّي مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ ولا أسمع ذاك منه. وقال أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلا الْحَافِظِ. 352- الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى بْنِ أبان الرقاشي1 –ق- أبو عيسى البصري الْوَاعِظُ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: رجل سوء قدري. 353- الفضل بن مبشر2 –ق- أبو بكر الأنصاري المدني. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَلَعَلَّهُ آخِرُ من روى عَنْ جَابِرٍ، وَرَوَى عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ بِكُنْيَتِهِ أَشْهَرُ، يَقَعُ حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ. ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 354- الْفَضْلُ بْنُ يَزِيدَ الثُّمَالِيُّ الْكُوفِيُّ3 -ت-. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 355- فُضَيْلُ بْنُ غزوان4 –ع- بن جرير. مَوْلَى بَنِي ضَبَّةَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ. عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَأَبِي زُرْعَةَ وَعِكْرِمَةَ وَسَالِمٍ وجماعة. وعن ابنه محمد

_ 1 المجروحين "2/ 210"، والمتروكين "87"، والميزان "3/ 356". 2 التاريخ لابن معين "2/ 475"، والجرح والتعديل "7/ 66". 3 التاريخ الكبير "7/ 116"، والتهذيب "8/ 288". 4 خلاصة تذهيب الكمال "310"، وتهذيب التهذيب "8/ 297".

وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 356- الْفُضَيْلُ بن ميسرة الأزدي1 -ن ق- العقيلي أبو معاذ البصري. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَطَاوُسٍ وَأَبِي حُرَيْزٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ قَاضِي سِجِسْتَانَ. وَعَنْهُ مُعْتَمِرٌ وَشُعْبَةُ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُمْ. 357- فَيَّاضُ بْنُ غَزْوَانَ الضَّبِيُّ الْكُوفِيُّ2. أَحْسَبُهُ أَخَا فُضَيْلِ بن غزوان. قرأ القرآن على طلحة بن مصرف وَحَدَّثَ عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ وَمَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ نُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَحَكَّامُ بْنُ مُسْلِمٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. "حرف الفاء": 358- قابوس بن أبي ظبيان3 -د ت ق- حصين ابن جندب الجنبي الكوفي. عَنْ أَبِيهِ لَيْسَ إِلا. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وُزَهْيُر بْنُ مُعَاوِيَةَ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُونِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ هُوَ بِذَاكَ. وَقَالَ جَرِيرٌ: لَمْ يَكُنْ مِنَ النَّقْدِ الْجَيِّدِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 359- القاسم بن عبد الواحد بن أيمن المكي4 -ت ن ق- قدم مر أبوه آنفًا.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 75"، والتاريخ لابن معين "2/ 476". 2 ميزان الاعتدال "3/ 366". 3 طبقات ابن سعد "6/ 237"، وطبقات الفقهاء "79"، والتقريب "2/ 115". 4 تهذيب التهذيب "8/ 324"، والمشاهير "148".

وَهَذَا رَوَى شَيْئًا يَسِيرًا عَنْ أَبِي حَازِمٍ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ. وعنه همام بن يحيى وعبد الوارث بن سعيد وداود بن عبد الرحمن العطار. قال أبو حاتم: يكتب حديثه. قلت: موته قريب من موت أبيه. 360- القاسم بن الوليد الوليد الهمداني الكوفي1 –ق- الخبذعي. وَخِبْذَعٌ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ. رَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ وَوَلَدُهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَصَاحِبُ "فُتُوحِ الشَّامِ" أَبُو إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْفَضْلِ الْعَنْزِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ. 361- قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, أَبُو روح العامري -ن ق- الذهلي. يقال: هو فليت العامري. روى عن جسرة بنت دجاجة. وعن ابن المبارك, ووكيع، ويحيى القطان، ويعلى بن عبيد، وآخرون. له حديثان. 362- قدامة بن حماطة الضبي الكوفي. روى عن عمر بن عبد العزيز، وأبي بردة بن أبي موسى. وعنه سفيان الثوري وجرير بن عبد الحميد، وسوار الشقري. 363- قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو رَوْحٍ الْعَامِرِيُّ2 –ن ق- الذهلي. يقال: هو فليت العامري. رَوَى عَنْ جَسَرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ. صدوق.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 167"، والتهذيب "8/ 340". 2 تهذيب التهذيب "8/ 364"، والجرح والتعديل "7/ 128".

364- قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل1 –م4- مقرونًا- ابن ناشرة المعافري المصري. عن أبيه قَبِيلٍ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ الزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ- وَهُوَ من أقرانه- وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ليس بالقوي. قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: سَمِعْتُ شُيُوخَ مِصْرَ يَقُولُونَ: لَمَّا عَمِلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ صَاعَهُ وَمُدَّهُ أَرْسَلَ بِهِمَا إِلَى مِصْرَ فَأَدْخَلَ الصَّاعَ الْمَسْجِدَ فداروا بِهِ عَلَى حَلَقِ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا انتهوا به إلى حيوئيل ضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ فرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى هِشَامٍ فَقَالَ: اسْكُتُوا، فَلَمَّا كَانَ دَوْلَةُ بَنِي عَبَّاسٍ خَرَجَ وَفْدُ مِصْرَ وَفِيهِمْ قُرَّةٌ، فَقِيلَ: هَذَا قُرَّةُ كَاسِرُ الصَّاعِ، فَقَالَ الْمَنْصُورُ: هَلْ لَكَ أَنْ تَكْسِرَ لَنَا مُدًا؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ بُعِثَ مَوْتَانَا كَسَرْتُ الْمَخْتُومَ وَالصَّاعَ2. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 365- قَطَنُ بْنُ كَعْبٍ الْقُطَعِيُّ الْبَصْرِيُّ3 -خ ن. عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَرْسَانِيُّ. وَهُوَ ثِقَةٌ يُكْنَى أَبَا الْهَيْثَمِ. 366- قَنَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّهْمِيُّ الْكُوفِيُّ4. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ. وَعَنْهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ ثم قال: و"قنان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" آخِرُ مِصْرِيٍّ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ لَهِيعَةَ. قُلْتُ: رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كتاب "الأدب".

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 125"، والمشاهير "190"، والجرح والتعديل "7/ 131". 2 وانظر: المعرفة والتاريخ للفسوي "1/ 410، 640". 3 تهذيب التهذيب "8/ 381"، والجرح والتعديل "7/ 138". 4 التاريخ الكبير "7/ 201"، والمتروكين "89"، وميزان الاعتدال "3/ 392".

"حرف الكاف": 367- كثير بن يسار الطفاري1. أَبُو الْفَضْلِ الْبَصْرِيُّ. عَنْ يُوسُفَ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَأَبُو عَاصِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ وَجَمَاعَةٌ لَمْ يُضَعِّفْ. 368- كهمس بن الحسن2 –ع- أبو الحسن التيمي الحنفي البصري الْعَابِدُ أَحَدُ الثِّقَاتِ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَأَبِي السُّلَيْلِ ضُرَيْبِ بْنِ نُفَيْرٍ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْد اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَابْنِ بُرَيْدة والحسن. وعنه ابن المبارك ويحيى القطان ومعتمر وَوَكيع ومُعاذ بْن مُعاذ وعبد الرحمن بْن حماد وأبو عبد الرحمن المقرئ وخلق3. قال أحمد بن حنبل: ثقة وزيادة. وقال أحمد بن إبراهيم الدروقي: حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ. قَالَ: كهمس يصلي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ، فَإِذَا مَلَّ قَالَ: قُومِي يَا مَأْوَى كُلِّ سُوءٍ فَوَاللَّهِ مَا رضيتك لله ساعة. قيل: إِنَّ كَهْمَسَ سَقَطَ مِنْهُ دِينَارٌ فَفَتَّشَ عَلَيْهِ فَلَقِيَهُ فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَقَالَ: لَعَلَّهُ غَيْرُهُ. وَكَانَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بَارًّا بِأُمِّهِ، فَلَمَّا مَاتَتْ حَجَّ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى مَاتَ. وَكَانَ يَعْمَلُ فِي الْجِصِّ وَكَانَ يُؤَذِّنُ. قَالَ يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْبَصْرِيُّ: اشْتَرَى كَهْمَسٌ دَقِيقًا بِدِرْهَمٍ فَأَكَلَ مِنْهُ فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ كَالَهُ فَإِذَا هُوَ كَمَا وضعه. توفي كهمس سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. "حرف اللامِ": 9- لَبَطَةُ بْنُ الْفَرَزْدَقِ4. وَاسْمُ الْفَرَزْدَقِ هَمَّامُ بن غالب البصري أبو غالب.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 213"، والتهذيب "8/ 430". 2 تقريب التهذيب "2/ 137"، وتذكرة الحفاظ "1/ 174"، خلاصة تذهيب الكمال "322". 3 سير أعلام النبلاء "6/ 480". 4 التاريخ لابن معين "2/ 499"، والجرح والتعديل "7/ 183".

رَوَى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْمُثَنَّى وَوَلَدُهُ أَعْيَنُ. خَرَجَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَقُتِلَ مَعَهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 370- لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ الْكُوفِيّ1 –4م- مقرونا مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ. عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي بُرْدَةَ وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بن عياش وشعبة وسفيان وَمُعْتَمِرٌ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُوَنِيُّ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِالْمَنَاسِكِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ إِنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ الْجَمْعَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ بَيْنَ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ حَسْبُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيُرُهُ: لَيِّنٌ لا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: كَانَ لَيْثٌ من أوعية العلم. وقال أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: كَانَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ صَلاةً وَصِيَامًا فَإِذَا وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَرُدُّهُ. وَرَوَى ابْنُ شَوْذَبٍ عَنْ لَيْثٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ الشِّيعَةَ الأُوَلَ بِالْكُوفَةِ وَمَا يُفَضِّلُونَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحَدًا، يَعْنِي إِنَّمَا كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي عُثْمَانَ وَفِي مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا. قُلْتُ: أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ؟ وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْمِيمِ": 371- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ الْكُوفِيّ2 -م د ن. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلالٍ الْعَبْسِيِّ وَأَبِي الضُّحَى. وَعَنْهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وآخرون.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 420"، والمتروكين "90"، والمجروحين "2/ 231"، خلاصة تذهيب الكمال "323". 2 تهذيب التهذيب "9/ 64"، وطبقات ابن سعد "6/ 146".

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَلَهُ أَخَوَانِ عُمَرُ وَإِسْمَاعِيلُ وَاسْمُ أَبِيهِمْ رَاشِدٌ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ آدَمَ عن شريك قال: أرأيت أَوْلادَ أَبِي إِسْمَاعِيلَ أَرْبَعَةً وُلِدُوا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَعَاشُوا. قُلْتُ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدٌ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 372- مُحَمَّدُ بْنُ الأَشْعَثِ بْنِ يَحْيَى الْخُزَاعِيُّ1. الْخُرَاسَانِيُّ. الأَمِيرُ أَحَدُ قُوَّادُ بَنِي عَبَّاسٍ. وَلِيَ دِمَشْقَ لِلْمَنْصُورِ بَعْدَ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ العباسي ثم ولاه إمرة الديار المص2رية وَدَخَلَ الْقَيْرَوَانِ لِحَرْبِ الإِبَاضِيَّةِ. وَكَانَ شُجَاعًا حازما مَهِيبًا، هَزَمَ أَبَا الْخَطَّابِ عَبْدَ الأَعْلَى رَأْسَ الْخَوَارِجِ ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ وَقَتَلَهُ. وَمَاتَ ابْنُ الأشعث هذا سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 373- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ2. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ شِرَاءَ تُرَابِ الصَّاغَةِ بِالْوَرَقِ. وَيُقَالُ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْجَعْدِ الْبَصْرِيُّ. لَهُ عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ، وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: مُحَمَّدُ بْنُ الْجَعْدِ مَتْرُوكٌ. 374- قُلْتُ: وَمُحَمَّدُ بْنُ الْجَعْدِ3. حَدَّثَ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، كَأَنَّهُ آخَرُ. 375- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ4 -خ م ن- أبو سلمة البصري. عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَأَبِي حَمْزَةَ الضَّبْعِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَجَمَاعَةٌ. ثِقَةٌ مَشْهُورٌ، غَيْرُهُ أَثْبَتُ مِنْهُ.

_ 1 الوافي "2/ 228". 2 الميزان "3/ 502"، والجرح والتعديل "7/ 223". 3 تهذيب التهذيب "9/ 93"، والتقريب "2/ 159"، والجرح والتعديل "7/ 223". 4 تهذيب التهذيب "9/ 123"، والجرح والتعديل "7/ 241".

قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: حَمَلْتُ عَنْ أَبِي حَفْصَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ حَدِيثَهُ كُلَّهُ ثُمَّ رَمَيْتُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ نَحْوُ صَالِحِ بن أبي الأخضر. وقال ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ مَرَّةً لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي "الضُّعَفَاءِ": مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ وَهُوَ ابْنُ مَيْسَرَةَ، ضَعِيفٌ. 376- مُحَمَّدُ بْنُ خالد الضبي الكوفي1 -ت-. الملقب سؤر الأسد أبو يحيى. ويقال: أبو حي، وَكَانَ قد افترسه الأسد ثُمَّ نجا وعاش بعد. سمع سعيد بن حبير وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وما علمت أحدًا ضعفه بل قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقد رَوَى أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ أَيْضًا جَرِيٌر وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَسَعِيدُ بْنُ خُثَيْمٍ. وَظَفِرْتُ بِقَوْلِ أَبِي الْفَتْحِ الأزدي بِأُخْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: مُنْكَرُ الحديث. 377- محمد بن ذكوان الطاحي2 –ق- الأزدي مولاهم البصري حمو حماد ابن زَيْدٍ. رَوَى عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَابْنِ سِيرِينَ ويعلى بن حكيم وابن أبي مليكة ورجاء بن حيوة. وعنه شعبة وابن جرير وإبراهيم بن طهمان وعبد الله بن بكر السهمي وحجاج بن نضير وعبد الصمد بن عبد الوارث وآخرون. قال شعبة: كان كخير الرجال. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: على قلة روايته يروي المعضلات عَنِ الثِّقَاتِ. وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ". وَسُلَيْمَانُ لا يُدْرَى من هو3.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 241"، وميزان الاعتدال "3/ 536"، والمعرفة والتاريخ "3/ 114". 2 تقريب التهذيب "2/ 160"، والمعرفة والتاريخ "2/ 514". 3 "ضعيف جدًا": أخرجه الطبراني في الكبير "10/ 94"، وذكر صاحب كشف الخفا "2832"، والدرر "397"، والموضوعات "2/ 203"، والفوائد للشوكاني "98"، وتنزيه الشريعة "2/ 157"، وتمييز الطيب من الخبيث "ص275"، وضعيف الجامع الصغير وزيادته "5873".

ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُبَيٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي آدَمَ أَنَّهُ اشْتَهَى ثِمَارًا من ثمار الْجَنَّةَ وَلَمَّا مَاتَ غَسَّلَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ وكبرت عليه أربعًا. ورواه يعلى عن ابن إِسْحَاقَ فَقَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونَ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أبي قوله1. 378- محمد بن الزبير التميمي2 –ن- الحنظلي البصري. عَنْ أَبِيهِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَالْحَسَنِ وَمَكْحُولٍ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زُبَيْرٍ وَمُعْتَمِرٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَعِدَّةٌ. وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَ لَهُ حَدِيثًا وَلَمْ يُقَوِّهِ. وَقَالَ البخاري: منكر الحديث. قلت: هو راوي حديث عن الحسن عن عمران مرفوعًا "لا نذر في غضب وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ"3. 379- مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ أَبُو سَهْلٍ الْكُوفِيُّ4. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَأَبِي إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَجَرِيرٌ الضَّبِّيُّ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَى ضعفه. قال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: شِبْهُ مَتْرُوكٍ. وَقَالَ ابْنُ عدي: الضعف بين على روايته.

_ 1 "خبر ضعيف": أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند "5/ 136"، وفي السند عنعنة الحسن وهو معروف بالتدليس، وابن ضمرة أيضًا هو في عداد المجهولين كما في الجرح "7/ 41"، وأخرجه الطبري في تاريخه "1/ 160" من طريق ابن إسحاق عن الحسن بن ذكوان عن الحسن البصري عن أبي به مرفوعًا. وهو ضعيف. لأجل ابن ذكوان وهو يخطئ ويدلس، وقد عنعنه وفيه ابن إسحاق يدلس والحسن البصري، وقد رواه كلاهما بالعنعنة. 2 ميزان الاعتدال "3/ 547"، والمجروحين "2/ 259". 3 "حديث صعيف": أخرجه النسائي "3851، 3852، 3853"، وأحمد في مسنده "4/ 433"، والبيهقي في السنن "10/ 70"، وذكره ابن عدي في الكامل "6/ 2210"، وانظر ضعيف الجامع الصغير وزيادته. 4 تهذيب التهذيب "9/ 176"، وطبقات ابن سعد "6/ 360"، وميزان الاعتدال "3/ 556".

وقال الْبُخَارِيُّ: هُوَ صَاحِبُ الْفَرَائِضِ كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ ينهى عنه. 380- محمد بن السائب الكلبي1 –ت- بن بشير بن عمرو وأبو النضر الكلبي الكوفي الأَخْبَارِيُّ الْعَلامَةُ صَاحِبُ التَّفْسِيرِ. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي صَالِحِ بَاذَامٍ وَأَصْبَغَ بْنِ نَبَاتَةَ وَطَائِفَةٍ. وعنه ابنه هشام بن الكلبي صاحب النسب وَشُعْبَةُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ. وَقَدِ اتُّهِمَ بِالأَخَوَيْنِ: الْكَذِبُ وَالرَّفْضُ، وَهُوَ آيَةٌ فِي التَّفْسِيرِ وَاسِعُ الْعِلْمِ عَلَى ضَعْفِهِ. قال زيد بن الحريس: سمعت أبا معاوية الْكَلْبِيَّ يَقُولُ: حَفِظْتُ مَا لَمْ يَحْفَظْ أَحَدٌ وَنَسِيتُ مَا لَمْ يَنْسَ أَحَدٌ. حَفِظْتُ الْقُرْآنَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةٍ وَقَبَضْتُ عَلَى لِحْيَتِي لِآخُذَ مِنْهَا مَا دُونَ الْقَبْضَةِ فَأَخَذْتُ فَوْقَ الْقَبْضَةِ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: قَالَ لِي الْكَلْبِيُّ: مَا حَفِظْتُ شَيْئًا فَنَسِيتُهُ، وَحَضَرَ الْحَجَّامُ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ خُذْ مِنْ هَاهُنَا فَقُلْتُ: خَذْ مِنْ هَاهُنَا، فَأَخَذَ من فوق القبضة. قال ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ لِأَحَدٍ تَفْسِيرٌ أَطْوَلُ مِنْ تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ. قُلْتُ: يَعْنِي مِنَ الَّذِينَ فَسَّرُوا القرآن في المائة الثانية، ومن الذين لَيْسَ فِي تَفْسِيرِهِمْ سِوَى قَوْلِهِمْ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لِشُهْرَتِهِ بَيْنَ الضُّعَفَاءِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ حَدِيثِهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: جُوَبْيِرٌ أَمْثَلُ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: سَمِعْتُ الْكَلْبِيَّ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ كَفَرَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 101"، وتهذيب التهذيب "9/ 178"، ووفيات الأعيان "4/ 309"، والعبر "1/ 207"، وطبقات المفسرين "2/ 144" وغيره.

زُرَيْعٍ: رَأَيْتُ الْكَلْبِيَّ يَضْرِبُ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَيَقُولُ أَنَا سَبَائِيٌّ أَنَا سَبَائِيٌّ1. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا جُزْءٍ يَقُولُ: قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ جِبْرِيلُ يُوحِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ لِحَاجَةٍ وَجَلَسَ عَلَيَّ فَأَوْحَى جِبْرِيلُ إِلَى عَلِيٍّ. وَقَدْ رَوَى نَحْوَ هَذَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْكَلْبِيِّ. وَقَالَ حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ: سَمِعْتُ الْكَلْبِيَّ يَقُولُ: حَفِظْتُ الْقُرْآنَ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ. رَوَاهَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بن سلام عن الحجاج. وقال الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: كَانَ الْكَلْبِيُّ كَذَّابًا. قُلْتُ: أَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ شُعْبَةَ وَتَحَرِّيهِ كَيْفَ يَرْوِي عَنْ مِثْلِ هَذَا التَّالِفِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى: سَمِعْتُ زَائِدَةَ يَقُولُ: اطْرَحُوا حَدِيثَ أَرْبَعَةٍ: حجاج وجابر وحميد صاحب مجاهد الكلبي، فَأَمَّا الْكَلْبِيُّ فَصَمْتًا إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: نَسِيتُ عِلْمِي فَأَتَيْتُ آلَ مُحَمَّدٍ فَسَقَوْنِي عَسَلا فَامْتَلَأْتُ عِلْمًا". أَفَتَأْمُرُونِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ رَجُلٍ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وروى عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ: الْكَلْبِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: مَوْتُ الْكَلْبِيِّ عَلَى رَأْسِ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 381- مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حسان المصلوب2 -ت ق. وهو محمد بن أبي قيس وهو محمد بن الطبري وهو القرشي وهو الأزدي وهو الدمشقي وهو ابن الطبري. وَقَدْ دَلَّسُوهُ أَلْوَانًا كَثِيرَةً لِئَلا يُعْرَفَ لِسُقُوطِهِ. رَوَى عَنْ مَكْحُولٍ وَعُبَادَةَ وَرَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَبَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَالْمُحَارِبِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ: قَتَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ فِي الزَّنْدَقَةِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: صُلِبَ فِي الزَّنْدَقَةِ وَكَنَّاهُ أبا عبد الرحمن. وقال ابن حاتم: يقال فيه: محمد بن

_ 1 والسبئية: أتباع عبد الله بن سبأ. 2 التقريب "2/ 164"، والمجروحين "2/ 247"، والميزان "3/ 561"، والمعرفة والتاريخ "1/ 700".

حسان ومحمد بن أبي حسان. وقال سعيد بن أبي أيوب عن ابن عجلان عن محمد بن سعيد بن حسان بن قيس فذكر حديثًا. قال الْعُقَيْلِيُّ: يَقُولُونَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْنَبَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ. وَيَقُولُونَ: مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا فِيهِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى التَّعْبِيدِ لِلَّهِ، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ اسْمَهُ قُلِبَ عَلَى نَحْوِ مِائَةِ لَوْنٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ غَيْرُ ثِقَةٍ وَلا مأمون. وقال مَرَّةً: كَذَّابٌ. وَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أبي شميلة. وقال أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: لا بَأْسَ إِذَا كَانَ كَلامًا حَسَنًا أَنْ يَضَعَ لَهُ إِسْنَادًا. الصَّوَابُ مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ. وَرَوَاهَا دُحَيْمٌ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: دَخَلَ الثَّوْرِيُّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ الأُرْدُنِيِّ فَاحْتَبَسَ عِنْدَهُ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: هُوَ كَذَّابٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ كَذَّابًا. وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ عَنِ النَّسَائِيِّ قَالَ: الْكَذَّابُونَ الْمَعْرُوفُونَ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَةٌ: ابْنُ أَبِي يَحْيَى بِالْمَدِينَةِ، وَالْوَاقِدِيُّ بِبَغْدَادَ، وَمُقَاتِلٌ بِخُرَاسَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ بِالشَّامِ، يُعْرَفُ بِالْمَصْلُوبِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: وَبِإِخْرِاجِ التِّرْمِذِيِّ لِحَدِيثِ الْمَصْلُوبِ وَالْكَلْبِيِّ وأمثالهما انْحَطَّتْ رُتْبَةٌ جَامِعَةٌ عَنْ رُتْبَةِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ. وَكَانَ صُلْبُ هَذَا الرَّجُلِ فِي حدود سنة خمسين ومائة. 382- محمد بن سواقة1 –ع- أبو بكر الغنوي الكوفي العابد الصَّالِحُ. رَوَى عَنْ أَنَسٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وسعيد بن جبير وأبي صالح السمان ومنذر الثوري وجماعة.

_ 1 تهذيب التهذيب "9/ 209"، وطبقات ابن سعد "6/ 237"، وحلية الأولياء "5/ 3-14"، صفة الصفوة "3/ 65".

وعنه السفيانان والمحاربي وأبو معاوية وعلي بن عاصم ويعلى بن عبيد وجماعة. وكان أحد الثقات، يقال: إنه أنفق في أبواب الخير مائة ألف درهم. قال ابن عيينة: كان محمد بن سوقة لا يُحْسِنُ أَنْ يعصي الله تعالى. وقال النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَرْضِيٌّ. 383- مُحَمَّدُ بْنُ شَيْبَةَ بْنِ نَعَامَةَ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ1 -م-. عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُمْ. 384- مُحَمَّدُ بْنُ طَحْلاءِ2 -د ن-. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالأَعْرَجِ وَمِحْصَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْفَهِيمِيِّ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ يَعْقُوبُ وَيْحَيى، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَغَيُرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 385- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب3 -د ت ن-. الهاشمي الحسني المدني. عَنْ نَافِعٍ وَأَبِي الزِّنَادِ. وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ. وقد وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانٍ. وَمَرَّ فِي الْحَوَادِثِ خُرُوجُهُ وَخُرُوجُ أَخَيه إِبْرَاهِيمَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَنَّهُمَا قتلًا. فائدة: قال أبو أحمد بْنُ حَزْمٍ: ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَارُودِيَّةِ وَهُمْ غلاة الرافضة إِلَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ الْقَائِمِ بِالْمَدِينَةِ حَيٌّ لَمْ يُقْتَلُ، وَأَنَّهُ لا يَمُوتُ حَتَّى تُمْلَأُ الأَرْضُ عَدْلا، يَعْنِي كَمَا مُلِئَتْ جُورًا. وَقَدْ خَلَفَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الأَوْلادِ عَبْدَ اللَّهِ الَّذِي قتله هشام بن عمرو في

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 112"، وميزان الاعتدال "3/ 581". 2 تقريب التهذيب "2/ 172" 3 التهذيب "9/ 252"، والجرح والتعديل "7/ 295"، والوافي بالوفيات "3/ 279" وغيره.

مَصَافٍّ كَانَ بَيْنَهُمَا بِنَاحِيَةِ بِلادِ الْقَشْمِيرِ، وَخَلَّفَ عَلِيًّا وَمَاتَ فِي السَّجْنِ، وَحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي خَرَجَ وَقُتِلَ فِي وَقْعَةِ فَخٍّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ زَوْجَةُ ابْنِ عَمِّهَا الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَزَيْنَبُ الَّتِي دَخَلَ بها محمد بن أبي العباس السفاح لَيْلَةَ قُتِلَ أَبُوهَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: إِبْرَاهِيمُ وَمُحَمَّدُ خَارِجِيَّانِ. ثُمّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: بِئْسَ مَا قَالَ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قَالَ هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْعِجْلِيُّ الشِّيعِيُّ يَعِيبُ خُرُوجَهُ. يا أيها ذا الذي له كان ذو ال ... نية مِنَّا فِي الدِّينِ مُتَّبِعَا أَبَيْنَمَا أَنْتَ مُنْتَهَى أمل ال ... أمة إذ قيل صارمبتدعا يَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى تَفَرُّقِ مَا ... قَدْ كَانَ مِنْهَا عَلَيْكَ مُجْتَمِعَا 386- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ1 –ق- أبو عبد الله الأموي العثماني الملقب بالديباج لِحُسْنِهِ. كَانَ سَمْحًا جَوَّادًا سَرِيًّا ذَا مُرُوءَةٍ وَسُؤْدُدٍ. رَوَى عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ الْحُسَيْنِ بن علي ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إِلَى الْمُجَذَّمِينَ" 2. وَرَوَى عَنْ نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَأَبِي الزِّنَادِ. وَعَنْهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ. لَيَّنَهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا الدَّرَاوَرْدِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ الْغِفَارِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ. وَقَدِمَ الشَّامَ مَرَّاتٍ. وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ وَالِدُ الأَخَوَيْنِ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ لأُمِّهِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ أَبُوهُ يُدْعَى الْمُطَرِّفُ لِجَمَالِهِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ محمد

_ 1 تهذيب التهذيب "9/ 268"، والجرح والتعديل "7/ 301"، وميزان الاعتدال "3/ 593". 2 "حديث صحيح": وأخرجه الطبراني في الكبير "11193"، وقال الهيثمي في المجمع "5/ 101"، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات. ورواه الطبراني في موضع آخر "2897"، وقال الهيثمي في المجمع "5/ 101"، رواه أبو يعلى والطبراني وفي إسناد أبي يعلى الفرج بن فضالة وثقه أحمد وغيره وضعفه النسائي وغيره وبقية رجاله ثقات، وفي إسناد الطبراني يحيى الحماني وهو ضعيف وبقية رجاله ثقات. ورواه ابن عساكر في تراجم النساء "ص272، 273". ورواه ابن ماجه "3543"، وقال في الزوائد: رجال إسناده ثقات، وقال الألباني في الصحيحة "1064"، وبالجملة: فالحديث بمجموع طرقه وشواهده صحيح.

الديباج أَصْغَرَ وَلَدِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، وَكَانَ إِخْوَتُهُ مِنْ أُمِّهِ يَرِقُّونَ عَلَيْهِ وَيُحِبُّونَهُ، وَكَانَ لا يُفَارِقُهُمْ، فَكَانَ مِمَّنْ أَخَذَ مَعَ إِخْوَتِهِ بَنِي الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ فَضَرَبَهُ الْمَنْصُورُ مِنْ بَيْنَ إخوته مائة سوط وسجنه بِالْهَاشِمِيَّةِ فَمَاتَ فِي حَبْسِهِ. قَالَ: وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ عَالِمًا. وَقَالَ مُسْلِمٌ: كَانَ مُنْكَرَ الْحَدِيثِ. وَكَنَّاهُ النَّسَائِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدِيثُهُ قَلِيلٌ وَمِقْدَارُ مَالَهُ يُكْتَبُ. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ أَتَى أَخَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ وَلَمْ يُوقِظْهُ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ قَالَ: احْتَجْتُ إِلَى لَقْحَةٍ فَكَتَبْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ الدِّيبَاجِ أَسْأَلُهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيَّ بِلَقْحَةٍ، فَإِنِّي لَعَلَى بَابِي إِذَا أَنَا بِزَاجِرٍ يَزْجُرُ إِبِلا وَإِذَا هُوَ عَبْدٌ يَزْجُرُهَا، فقلت: يا هذا ليس ها هنا الطَّرِيقُ. قَالَ: أَرَدْتُ دَارَ أَبِي السَّائِبِ، فَقُلْتُ: أَنَا هُوَ، فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَإِذَا فِيهِ: أَتَانِي كِتَابُكَ تَطْلُبُ لَقْحَةً وَقَدْ جَمَعْتُ مَا كَانَ بِحَضْرَتِنَا مِنْهَا وَهِيَ تِسْعَ عَشْرَةَ لَقْحَةً وَبَعَثْتُ مَعَهَا بِعَبْدٍ يَرْعَاهَا. قَالَ فَبَعَت مِنْهَا بِثَلاثِمِائَةِ دِينَارٍ سِوَى مَا حُبِسَتْ. وَرَوَى الزُّبَيْرُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْعَبَّاسِ السَّعْدِيِّ يَمْدَحُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: وَجَدْنَا الْمَحْضَ الأَبْيَضَ مِنْ قُرَيْشٍ ... فَتًى بَيْنَ الْخَلِيفَةِ وَالرَّسُولِ أَتَاكَ الْمَجْدُ مِنْ هَذَا وَهَذَا ... وَكُنْتَ لَهُ بِمُعْتَلِجِ السُّيُولِ فَمَا للمجد رونك مِنْ مَبِيتٍ ... وَمَا لِلْمَجْدِ دُونَكَ مِنْ مُقِيلِ قَالَ الزُّبَيْرُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ الدِّيبَاجُ أَوْ مَاتَ فِي حَبْسِ الْمَنْصُورِ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أُخِذَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَزَعَمُوا أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ قَتَلَهُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي: أُحْضِرَت فسلمت عَلَى الْمَنْصُورِ، فَقَالَ: لا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ ابْنَ الْفَاسِقِينَ يَعْنِي مُحَمَّدًا وَإِبْرَاهِيمَ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، امْرَأَتِي طَالِقٌ وَعَلَيَّ وَعَليَّ إِنْ كُنْتُ مَكَانَهُمَا، فَقَالَ: السِّيَاطُ، فَضُرِبْتُ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ، فَمَا عَقِلْتُ بِهَا حَتَّى رَفَعَ عَنِّي، وَذَكَرَ الْقِصَّةَ إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ مَاتَ

مُحَمَّدٌ الدِّيبَاجُ فَقُطِعَ رَأْسُهُ فَبُعِثَ بِهِ إِلَى خُرَاسَانَ وَطَافُوا بِهِ، وَجَعَلُوا يَحْلِفُونَ أَنَّهُ رَأْسُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- يوهمون أَنَّهُ رَأْسُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ الَّذِي كَانُوا يَجِدُونَ فِي الرِّوَايَةِ خُرُوجَهُ عَلَى الْمَنْصُورِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: زَعَمُوا أَنَّ الْمَنْصُورَ قتل محمد الدِّيبَاجَ لَيْلَةَ جَاءَهُ خُرُوجُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بِالْمَدِينَةِ. 387- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْخُزَاعِيُّ مَوْلاهُمْ1. رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيْحَيَى الْقَطَّانُ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 388- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى2 -4- أَبُو عَبْدِ الرحمن الأنصاري الكوفي وفقيهها وَمُقْرِئُهَا فِي زَمَانِهِ. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَكَمِ وَنَافِعٍ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَعَمْرِو بْنِ مَرَّةَ وَغَيْرِهِمْ وَلَمْ يُدْرِكِ السَّمَاعَ من أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ الشعبي وَالسُّفْيَانَانِ وَزَائِدَةُ وَوَكِيعٌ وَالْخُرَيْبِيُّ وَابْنُهُ عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ وَغَيْرُهُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: كان أفقه أهل الدنيا. وقال أحمد العجيلي: كَانَ فَقِيهًا صَدُوقًا صَاحِبَ سُنَّةٍ جَائِزَ الْحَدِيثِ قارئًا عالمًا بالقرآن. وقال أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ هُوَ بِأَقْوَمِ مَا يَكُونُ. وقال أَحْمَدُ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: مِنْ جَلالَتِهِ أَنَّهُ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَشَرَةِ شُيُوخٍ. قُلْتُ: قَرَأَ عَلَى الشَّعْبِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَقَرَأَ عَلَى أَخِيهِ عِيسَى عَنْ وَالِدِهِمَا، وَقَرَأَ عَلَى الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَكَانَ حَمْزَةُ يَقُولُ: يُعْلِنُهَا جَوْدَةُ الْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ. وَكَانَ مِنْ أَحْسَبِ النَّاسِ، وأحسنهم خطًا ونقطًا للمصحف، وأجملهم وأنبلهم.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 139"، والجرح والتعديل "7/ 306". 2 التاريخ الكبير "1/ 162"، والمجروحين "2/ 243"، وميزان الاعتدال "3/ 613"، وتاريخ أبي زرعة الرازي "1/ 297"، وطبقات الفقهاء "84"، وخلاصة تذهيب الكمال "348" وغيره.

وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ فَجَعَلَ يَسْأَلُنِي، فَكَانَ أَصْحَابُهُ أَنْكَرُوا ذَلِكَ وَقَالَ: تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: وَمَا تُنْكِرُونَ هُوَ أَعْلَمُ مِنِّي. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِي يَقُولُ: مَا وَلِيَ الْقَضَاءَ أَحَدٌ أَفْقَهُ فِي دِينِ اللَّهِ وَلا أَقْرَأُ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَلا أَقْوَلُ حَقًّا بِاللَّهِ وَلا أَعَفُّ مِنِ ابْنِ أَبِي ليلى. وقال ابن معن: كان يحيى بن سعيد لا يحدث عن ابْنِ أَبِي لَيْلَى مَا رَوَى عَنْ عَطَاءٍ. وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ سَيِّئُ الحفظ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضعيف وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي. وقال الدراقطني: رديء الحفظ كثير الوهم. وقال أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مَقْلُوبَةٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِيُّ: طَرَحَ زَائِدَةُ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: سألت زائدة عن ابن أَبِي لَيْلَى فَقَالَ: ذَاكَ أَفْقَهُ النَّاسِ. وَقَالَ عائذ بْنُ حَبِيبٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: مَا أَقْرَعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو أحق، وما لم يقرع فَهُوَ قِمَارٌ1. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الأَزْهَرِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ: سَأَلْتُ جَرِيرًا قُلْتُ: مَنْ رَأَيْتَ مِنَ الْمَشَايِخِ يُسْتَثْنَى فِي إِيمَانِهِ؟ قَالَ: كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى مَنْ أَشَدِّهِمْ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَافِرِينَ: سَأَلْتُ مَنْصُورًا مَنْ أَفْقَهُ أَهْلِ الْكُوفَةِ؟ قَالَ: قَاضِيهَا، يَعْنِي ابْنَ أَبِي لَيْلَى. وَقَالَ الْخُرَيْبِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: فُقَهَاؤُنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ. وَقَالَ ابن عيينة: كان رزق ابن أَبِي لَيْلَى قَاضِي الْكُوفَةِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ وَحْيٌ قُلْتُ: نَذِيرُ قَوْمٍ قَدْ هَلَكُوا أَوْ صَبَّحَهُمُ الْعَذَابُ فَإِذَا سُرِّيَ عَنْهُ فَأَطْيَبُ النَّاسِ نَفْسًا وَأَطْلَقَهُمْ وَجْهًا وَأَكْثَرُهُمْ ضَحِكًا أَوْ قَالَ: تَبَسُّمًا2.

_ 1 وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 479". 2 "هذا حديث منكر" قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء "6/ 479"، ورواه ابن عدي في الكامل في الضعفاء "6/ 187".

أَبُو شِهَابٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْفِطْرَةِ مَنْ قَرَأَ خَلْفَ الإِمَامِ. تُوُفِّيَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 389- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ1 –م4- مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. كُوفِيٌّ ثِقَةٌ. رَوَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَكُرَيْبٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ. وعنه مسعر وشعبة والسفيانان وشريك وإسرائيل وسعد بن الصلت. وقال ابن عيينة: كان أعلم من عندنا بالعربية. وقال ابن معين: ثقة. 390- محمد بن عبد العزيز الراسبي البصري2 -م ت-. عَنْ أَبِي الْوَازِعِ جَابِرِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. صَالِحُ الْحَدِيثِ مُقِلٌّ استشهد به مسلم. وقال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: أَرَاهُ يَضْطَرِبُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كُوفِيٌّ يُعْرَفُ بِالْجَرْمِيِّ، وَقِيلَ: بَلِ الْكُوفِيُّ آخَرُ. 391- مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ3 –ق- مَوْلَى آلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخُو عَوْنٍ وَعَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَدَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ مَعْمَرٌ وَمُغِيرَةُ، وَعَبْدُ الله ابن لَهِيعَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَعَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ فِي عِدَادِ شِيعَةِ الْكُوفَةِ يَرْوِي أَشْيَاءَ مِنَ الْفَضَائِلِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا. وقَالَ البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء ولا ابنه معمر.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 184"، وميزان الاعتدال "3/ 620". 2 الجرح والتعديل "8/ 7"، وميزان الاعتدال "3/ 629". 3 المجروحين "2/ 249"، والتقريب "2/ 187".

حيان بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: إِذَا طَنَّتْ أُذْنُ أَحَدِكُمْ فَلْيَذْكُرْنِي وَلْيُصَلِّ عَلَيَّ وَلْيَقُلْ ذَكَرَ اللَّهُ مَنْ ذَكَرَنِي بِخَيْرٍ1، وَبِهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتَلَ عَقْرَبًا وَهُوَ يُصَلِّي2. وَبِهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ يَكْتَحِلُ وَهُوَ صَائِمٌ3. عَبَّادٌ الرَّوَاجِنِيُّ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أُوصِي مَنْ آمَنَ بِي بِوَلائِهِ لِعَلِيٍّ، فَمَنْ تَوَلاهُ وَتَوَلانِي تَوَلَّى اللَّهَ4. 392- مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ5 -د-. عَنْ جَدِّهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَصَفْوَانُ بْنُ عِيسَى. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 393- مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ6 –م- متابعة. مَوْلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ الْقُرَشِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بن مالك شيئًا وعن أبيه وَنَافِعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وسعيد المقبري وعمرو بن شعيب وغيرهم. وعنه السفيانان وبكر بن مضر وبشر بن المفضل وعبد الله بن إدريس ويحيى القطان وأبو عاصم والواقدي وخلق سواهم.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن السني "166"، وابن قيم الجوزية في جلاء الأفهام "ص/ 61، 278"، وذكره الحكيم الترمذي في نوادر الأصول "2/ 611" وغيره. 2 وذكره الهندي في الكنز "40265". 3 وأورده الزبيدي في إتحاف السادة المتقين "4/ 208"، وابن حجر في المطالب العلية "987". 4 "ضعيف": "أورده الهندي في الكنز "32953" وعزاه الطبراني وابن عساكر -عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ ياسر عن أبيه عن جده" وذكره ابن عدي في الكامل في الضعفاء "6/ 2126". 5 التهذيب "9/ 338"، والجرح والتعديل "8/ 33". 6 تهذيب التهذيب "9/ 341"، وميزان الاعتدال "3/ 644"، وطبقات خليفة "270"، وخلاصة تذهيب الكمال "351"، وغيره.

وثقه ابن عيينة وغيره، وكان أحد من جمع بين العلم والعمل، وكان له حلقة فِي مسجد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ خَرَجَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَهَمَّ وَالِي الْمَدِينَةِ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيُّ أَنْ يَجْلِدَهُ، فَقَالُوا لَهُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، لَوْ رَأَيْتَ الحْسَنَ الْبَصْرِيُّ فَعَلَ مِثْلَ هَذَا كُنْتَ تَضْرِبُهُ؟ قَالَ: لا، قِيلَ: فَابْنُ عَجْلانَ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِثْلُ الْحَسَنِ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَعَفَا عَنْهُ1. وَرَوَى عَبَّاسُ بْنُ نضر الْبَغْدَادِيُّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عِيسَى قَالَ: مَكَثَ ابْنُ عَجْلانَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ثَلاثَ سِنِينَ فَشُقَّ بَطْنُهَا فَأُخْرِجَ وَقَدْ نَبَتَتْ أَسْنَانُهُ. سَمِعَهَا عبد العزيز بن أحمد الغافقي مِنْ عَبَّاسٍ2. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِ عَلِيٍّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: إِنِّي حَدَّثْتُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لا تَحْمِلُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ سَنَتَيْنِ قَدْرَ ظَلِّ مَغْزَلٍ، فَقَالَ: مَنْ يَقُولُ هَذَا؟ هَذِهِ امْرَأَةُ ابْنِ عَجْلانَ جَارُتَنَا امْرَأَةُ صِدْقٍ وَلَدَتْ ثَلاثَةَ أَوْلادٍ في اثنتي عَشَرَةَ سَنَةٍ تَحْمِلُ أَرْبَعَ سِنِينَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ3. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ يَقُولُ: حُمِلَ بِأَبِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِ سِنِينَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: قَدْ يَكُونُ الْحَمْلُ سَنَتَيْنِ وَأَكْثَرَ أَعْرِفُ مَنْ حُمِلَ بِهِ كَذَلِكَ، يَعْنِي نَفْسَهُ. وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ عَنْ شَيْخٍ لَهُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَشَبْهَ بِأَهْلِ الْعِلْمِ مِنِ ابْنِ عَجْلانَ كُنْتُ أُشَبِّهُهُ بِالْيَاقُوتَهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ4. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ذَكَرَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلانَ فَقَالَ: كَانَ لَهُ قَدْرٌ وَفَضْلٌ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَ مُحَمَّدٍ فَأَرَادَ جَعَفْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَطْعَ يَدِهِ فَسَمِعَ ضَجَّةً، وَكَانَ عِنْدَهُ الأَكَابِرُ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذِهِ ضَجَّةُ أَهْلِ المدينة يدعون لابن

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 481-482". 2 السابق. 3 وانظر السابق. 4 وفي سير أعلام النبلاء "6/ 482"، بدل "عن شيخ له" "عن رجل..".

عَجْلانَ فَلَوْ عَفَوْتَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا غَرَّ وَأَخْطَأَ فِي الرِّوَايَةِ ظَنَّ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ، فَعَفَا عَنْهُ وَأَطْلَقَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ عَجْلانَ مُضْطَرِبَ الْحَدِيثِ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ1. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَأَلْتُ يَحْيَى عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلا قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَنِي فَقُلْتُ لَهُ: خَالَفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ: أَحَدَّثَ بِهِ! أَحَدَّثَ بِهِ! كَانَ يَعْجَبُ2. وَقَالَ أَبُو زَيْدِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: قِيلَ لِمَالِكٍ إِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُحَدِّثُونَ، فَقَالَ: مَنْ هُمْ؟ قِيلَ: ابْنُ عَجْلانَ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ ابْنُ عَجْلانَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا. قُلْتُ: هَذَا قَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عَجْلانَ رَوَى حَدِيثَ "خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ" 3، وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ ابْنِ عَجْلانَ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ ابْنُ عَجْلانَ، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَحَدَّثَ عَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ، وَغَيْرُ ابْنِ عَجْلانَ أَقْوَى مِنْهُ. قَالَ الْحَاكِمُ: أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِهِ ثَلاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا كُلُّهَا فِي الشَّوَاهِدِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا فِي سُوءِ حِفْظِهِ. قُلْتُ: وَقَلَّمَا رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ. وَحَدِيثُهُ مِنْ قَبِيلِ الْحَسَنِ. مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 394- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ أَبُو عَتَّابٍ السُّلَمِيُّ4. رَوَى عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ هُشَيْمٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وجماعة. وكان شيعيًا عراقيًا، وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم:

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 انظر السابق. 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6227"، ومسلم "284" وغيرهما. 4 الجرح والتعديل "8/ 26"، والتاريخ لابن معين "3010".

لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: لَمْ يُخْرِجُوا لَهُ. 395- محمد بن عمرو بن علقمة1 -م خ- مقرونًا ابن وقاص أبو الحسن الليثي المدني أَحَدُ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ. أَكْثَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَعَمْرٍو وَالِدِهِ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَيَزِيدُ بن هارون ومحمد بن أبي عدي وخلق كَثِيرٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ وَسُئِلَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ وَعَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ: لَيْسَ حَدِيثُهُمْ بِحُجَّةٍ. قِيلَ لَهُ: فَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو؟ قَالَ: مُحَمَّدُ فَوْقَهُمْ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: ابْنُ عَجْلانَ أوثق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَعَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ يحيى بن سعيد بن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ: تُرِيدُ الْعَفْوَ أَوْ نُشَدِّدُ؟ قُلْتُ: بَلْ شَدِّدْ، قَالَ: لَيْسَ هُوَ مِمَّنْ تُرِيدُ، قُلْتُ: صَدَقَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ليس هو مثل يحيى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ وَحَدِيثُهُ صَالِحٌ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 396- مُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ الْخُرَاسَانِيُّ –ق-. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا وَسَيْفُ بْنُ عُمَرَ وَيَعْلَى بن عبيد وغيره. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وأَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَوَضَعَ

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 673"، ومشاهير علماء الأمصار "133".

شَفَتَهُ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: "يَا عُمَرُ هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ"1. سمعته مِنْهُ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ. 397- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي القاسم الطَّوِيلُ2 -خت د ت. لَهُ عَنْ أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَأَبُو سَلَمَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وغيره. 398- محمد بن قيس الأسدي3 -خ م د ن- الْوَالِبِيُّ. أَبُو نَصْرٍ وَيُقَال أَبُو قُدَامَةَ وأَبُو الحكم. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْوَالِبِيِّ وَبِشْرِ بْنِ يَسَارٍ وَالْحَكَمِ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَحَفِيدُهُ وَهْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ. قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ لا يُشَكُّ فِيهِ، وَكِيعٌ أَرْوَى النَّاسِ عَنْهُ. وقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَيَحْيَى وَجَمَاعَةٌ: ثِقَةٌ. * مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ4. الْعَابِدُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ. يَأْتِي فِي طَبَقَةِ شَرِيكٍ الْقَاضِي. 399- مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ5 ع سوى ت- الحمصي القاضي أبو الهذيل أَحَدُ الأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ. رَوَى عَنْ أَزْهَرَ بْنِ سعيد الحراني وراشد بن سعد المقري وَمَكْحُولٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ والزهري وعمرو بن شعيب وخلق سواهم.

_ 1 "حديث ضعيف جدًا": أخرجه ابن ماجه في سننه "2945"، والحاكم في مستدركه "1/ 454"، وانظر ضعيف الجامع "6090"، وضعيف ابن ماجه "639". 2 تهذيب التهذيب "9/ 408"، وميزان الاعتدال "4/ 14". 3 تقريب التهذيب "2/ 202"، وميزان الاعتدال "4/ 16"، والجرح والتعديل "8/ 61". 4 التاريخ الكبير "2/ 252"، والجرح والتعديل "8/ 110". 5 تهذيب التهذيب "9/ 502" وطبقات ابن سعد "7/ 465"، ومشاهير علماء الأمصار "182"، وتذكرة الحفاظ "1/ 162".

وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَمُنَبِّهُ بْنُ عُثْمَانَ ومحمد بن عيسى بن سميع وخلق، وآخرهم وَفَاةً يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ الشَّامِ بِالْفَتْوَى وَالْحَدِيثِ. قَالَ الزُّبَيْدِيُّ: أَقَمْتُ مَعَ الزُّهْرِيِّ بِالرَّصَافَةِ عَشْرَ سِنِينَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: مَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ أَثْبَتُ مِنَ الزُّبَيْدِيِّ. وَقَدْ قَالَ الزُّهْرِيُّ مَرَّةً: قَدِ احْتَوَى هَذَا الزُّبَيْدِيُّ عَلَى مَا بَيْنَ جَنْبِي من العلم. وقال أبو داود: ليس في حديثه خطأ. وقال النَّسَائِيُّ: حِمْصِيٌّ ثِقَةٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ: كَانَ الزُّبَيْدِيُّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَكَانَ الزُّهْرِيُّ بِهِ مُعْجَبًا يُقَدِّمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ حِمْصٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: الزُّبَيْدِيُّ أَثْبَتُ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي الزُّهْرِيِّ. تُوُفِّيَ الزُّبَيْدِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: فِي الْمَحْرَمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَعَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً. 400- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ أَبِيهِ وَعِكْرِمَةَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ ابْنَاهُ إِبْرَاهِيمُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ وَهْبٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وأبو ضمرة. وثقه أبو داواد وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 401- مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الثَّقَفِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ2 -د ت ق-. يُقَالُ: أَصْلُهُ كُوفِيٌّ، سَكَنَ مصر مدة، ومن مَوَالِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ الصُّوَرِ. لَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ونافع وكعب بن علقمة وعبادة بن نسي وَأَيُّوبَ بْنِ قَطَنٍ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ وَمَعْقِلُ الْجَزَرِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ صَحَّحَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَتَوَقَّفَ فِيهِ غَيْرُهُ.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 218". 2 تهذيب التهذيب "9/ 524"، وميزان الاعتدال "4/ 67".

402- مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ1. الْمَدَنِيُّ الأَعْرَجُ. عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ. 403- الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ الْيَمَانِيُّ2 -د ت ق- مِنْ أَبْنَاءِ الْفُرْسِ، نَزَلَ مَكَّةَ. رَوَى عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْمُحَرِّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَابْنِ أَبِي مليكة. وعنه ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمَعْقِلُ بْنُ زِيَادٍ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وعبد الرزاق، وآخر مَنْ رَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ وَأَحْسَبُهُ لَقِيَهُ فِي الْحَجِّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لين الحديث. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ دَاوُدُ الْعَطَّارُ: لَمْ أُدْرِكْ فِي الْحَرَمِ أَعْبَدَ منه. وقال: مَاتَ آخِرَ سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 404- مُجَالِدُ بن سعيد3 –م4- مقرونًا. ابن عمير بن بسطام الهمذاني الكوفي. رَوَى عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي الْوَدَّاكِ وَأَمْثَالِهِمْ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَطَائِفَةٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: وَغَيْرُهُ لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُرْفَعُ كَثِيرًا مِمَّا لا يَرْفَعُ النَّاسُ، لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بالقوي. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ: ذَكَرَ رَجُلٌ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عِنْدَ مُجَالِدٍ فَقَالَ لِغُلامِهِ: جُرَّهُ وَاطْرَحْهُ فِي الْبِئْرِ. قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُرْسَلَةٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ: عَاشَ أَبِي سِتًّا وَتِسْعِينَ سَنَةً. قُلْتُ: أَدْرَكَ جَمَاعَةً مِنَ الصحابة لكن ليس له عنهم شيء.

_ 1 التقريب "2/ 221"، والمعرفة والتاريخ "1/ 309". 2 التاريخ الكبير "7/ 419"، والمجروحين "3/ 20"، والتهذيب "10/ 35". 3 تقريب التهذيب "2/ 229"، والجرح والتعديل "8/ 361".

تُوُفِّيَ مُجَالِدٌ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 405- مُجْمَعُ بن يحيى1 -م ن- بن يزيد بن جارية الأنصاري الكوفي. عن أبي أمامة بن سهل بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَهُوَ ثِقَةٌ. 406- مُحْرِزُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو رَجَاءٍ2. شَامِيٌّ وَيُقَالُ جَزَرِيٌّ. عَنْ مَكْحُولٍ وَبُرْدُ بْنُ سِنَانٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَجَمَاعَةٌ. 407- مُخَوَّلُ بْنُ رَاشِدٍ الْكُوفِيُّ3 -ع-. عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَمَاتَ فِي دَوْلَةِ الْمَنْصُورِ. 408- مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ الأُمَوِيُّ4 -د ق- مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ أَخُو رَوْحِ بْنِ جَنَاحٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَبُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُجَاهِدٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَابْنُ شَابُورٍ. قَالَ الدارقطني: لا بَأْسَ بِهِ. 409- مُسَافِرٌ التَّمِيمِيُّ الْجَصَّاصُ5. عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَفُضَيْلٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُمَا. 410- مُسَافِرٌ الْوَرَّاقُ الْكُوفِيُّ6 –م4-. عَنْ جعفر بن عمرو بن حريث وابن حُصَيْنٍ الأَسَدِيِّ وَشُعَيْبِ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَوَكِيعٌ وَطَائِفَةٌ. وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَلَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ في

_ 1 تهذيب التهذيب "10/ 47"، والجرح والتعديل "8/ 295". 2 تقريب التهذيب "2/ 131". 3 تهذيب التهذيب "10/ 79". 4 ميزان الاعتدال "4/ 90"، تقريب التهذيب "2/ 238". 5 الجرح والتعديل "8/ 411". 6 لم أجد له ترجمة فيما تحت يدي من مصادر.

الْكُتُبِ، وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. 411- مُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ1 -4- الْوَاسِطِيُّ الْعَابِدُ. رَوَى عَنْ خَالِهِ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ وَرُمَيْحٍ الْجُذَامِيِّ وَحَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ حِبَّانُ وَمِنْدَلٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَحَكَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ بَقِيَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لا يَضَعُ جَنْبَهُ إِلَى الأَرْضِ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَمْ أشرب الماء منذ خمسة وأربعين ويومًا. 412- مِسْحَاجُ بْنُ مُوسَى الضَّبِيُّ الْكُوفِيُّ2 -د-. عَنْ أنس. وعنه مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءَ وَمَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. لَهُ حَدِيثٌ في السنن. 413- مسعر بن حبيب3 -د-. أبو الحارث الجرمي. بَصْرِيٌّ. عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 414- مُسْلِمُ بْنُ صَاعِدٍ النَّحَّاتُ4. أَرْسَلَ عَنْ عَلِيٍّ وَرَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْدَانَ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 415- مُشْمَعِلُّ بْنُ إِيَاسٍ5 –ق- وقيل: ابن عمر، بَصْرِيٌّ. عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَعَبْدُ الصَّمَدِ التَّنُّورِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 184". 2 التهذيب "10/ 107"، وميزان الاعتدال "4/ 96". 3 التقريب "2/ 249"، والثقات "5/ 451". 4 الجرح والتعديل "8/ 186"، وميزان الاعتدال "4/ 104". 5 تقريب التهذيب "2/ 257"، وابن الجنيد "229".

416- مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ1. أَكْبَرُ شَيْخٍ لابْنِ الْمُبَارَكِ. حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. فِيهِ جَهَالَةٌ. 417- مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ2 -م د ن- وَكَانَ عَرِيفَ بَنِي زُهْرَةَ بِالْكُوفَةِ. رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَأَبُو نعيم. وثقه النسائي. 418- مطرف بن طريف3 –ع- الحارثي الكوفي الْعَابِدُ أَحَدُ الأَثْبَاتِ الْمُجَوِّدِينَ. رَوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَكَمِ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَعَبْثَرَ بْنِ الْقَاسِمِ وَخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَعَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. وثقه سفيان بن عيينة وكان معجبًا به. وقال دَاوُدُ بْنُ عُلَيَّةَ: مَا أَعْرِفُ عَرَبِيًّا وَلا أَعْجَمِيًّا أَفْضَلَ مِنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 419- الْمُطْعِمُ بْنُ المقدام بن غنيم4 –د- الصنعاني الشامي. عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَابْنِ سِيرِينَ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَالْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 420- مُطِيعٌ أَبُو الْحَسَنِ الْغَزَّالِ الْكُوفِيُّ5 -ن-. عَنْ أَبِيهِ وَأَبِي عُمَرَ الْبَهْرَانِيِّ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين.

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 118"، والجرح والتعديل "8/ 304". 2 تقريب التهذيب "2/ 258"، وثقات ابن شاهين "1371". 3 تقريب التهذيب "2/ 260"، والعلل "1/ 135" لابن حاتم الرازي. 4 تهذيب التهذيب "10/ 176"، والجرح والتعديل "8/ 411". 5 التاريخ الكبير "8/ 47"، والتهذيب "10/ 182".

421- مُظَاهِرُ بْنُ أَسْلَمَ الْمَخْزُومِيُّ1 -د ت ق- مَدَنِيٌّ ضَعِيفٌ لَهُ فِي الطَّلاقِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ. ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. 422- مُعَاوِيَةُ بْنُ مُسْلِمَةَ النَّصْرِيّ2 –ق- كُوفِيٌّ نَزَلَ دِمَشْقَ. سَمِعَ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَكَمَ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيَّ. وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَسَلَمَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَشَنِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُمَيْعٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ ثِقَةٌ. 423- مُعَاوِيَةُ بْنُ عُمَرَو بْنِ غَلابٍ الْبَصْرِيّ3 -م د ن- جَدُّ الْمُفَضَّلِ الْغَلابِيِّ. رَوَى عَنِ الْحَسَنِ وَالْحَكَمِ بْنِ الأَعْرَجِ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معين. 424- معاوية بن أبي مزرد المدني4 -خ م ن-. عَنْ عَمِّهِ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ وَوَالِدِهِ أَبِي مُزْرَدٍ وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَوَكِيعٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَالْوَاقِدِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 425- مُعَلَّى بْنُ جَابِرِ بْنِ مُسْلِمٍ5. عَنْ عُدَيْسَةَ بِنْتِ أَهْبَانَ وَالأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ وَمُوسَى بْنِ أَنَسٍ. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ مُعَلَّى- وَيَزِيدُ بن زريع ووكيع ومعتمر بن سليمان. قال أَبُو حَاتِمٍ. 426- مُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ الْقُرْدُوسِيُّ الْبَصْرِيُّ6 –م4- والقراديس بطن من الأزد.

_ 1 التهذيب "10/ 183"، والميزان "4/ 130". 2 التقريب "2/ 262"، والتاريخ لابن معين "2/ 573". 3 الجرح والتعديل "8/ 385"، والمعرفة والتاريخ "2/ 188". 4 التاريخ الكبير "7/ 335"، وتهذيب التهذيب "10/ 217". 5 الجرح والتعديل "8/ 330". 6 ميزان الاعتدال "4/ 148"، والمعرفة والتاريخ "2/ 85".

عَنِ الْحَسَنِ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَحَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ. وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبْعِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 427- مَعْمَرُ بن يحيى بن سام1 –أخ- وَيُقَال: مُعَمَّرٌ بِالتَّثْقِيلِ، الضَّبِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 428- مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ2 –م4- أَبُو بَسْطَامٍ النَّبَطِيُّ الْبَلْخِيُّ الْخَرَّازُ وَهُوَ ابْنُ داول دوز وَهُوَ بِالْفَارِسِيِّ الْخَرَّازِ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالضَّحَّاكِ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَعِكْرِمَةَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ومجاهد وابن بُرَيْدَةَ وَمُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ وَبَكْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَعُمَرُ بْنُ الرَّمَّاحِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ المحاربي ومسلمة بن علي الخشني وعيسى غنجار وَخَلْقٌ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ عَلْقَمَةُ بْنُ مرثد وذلك فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. وَكَانَ خَيِّرًا نَاسِكًا كَبِيرَ الْقَدْرِ صَاحِبَ سُنَّةٍ. هَرَبَ مِنْ خُرَاسَانَ أَيَّامَ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ إِلَى بِلادِ كَابُلٍ فَدَعَا هُنَاكَ خَلْقًا إِلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمُوا عَلَى يَدِهِ. وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرٍ: لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ: مُقَاتِلٌ وَحَسَنٌ وَمُصْعَبٌ وَيَزِيدُ أَخُوهُ خُطَّتُهُمْ بِمَرْوَ وَتُعْرَفُ بِسِكَّةِ حَيَّانَ، وَكَانَ حَيَّانُ مِنْ مَوَالِي بَنِي شَيْبَانَ، وَكَانَ ذَا مَنْزِلَةٍ عِنْدَ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، هَرَبَ ابْنُهُ مُقَاتِلٌ إِلَى كَابُلٍ فَأَسْلَمَ بِهِ خلق.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 271"، والثقات "7/ 485". 2 التاريخ الكبير "8/ 13"، والصغير "2/ 11"، ومشاهير علماء الأمصار "195"، وتذكرة الحفاظ "1/ 174".

قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ: وَالْخَرَّازُ بِرَاءٍ ثُمَّ زَايٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا أَحْتَجُّ بِهِ. وَرَوَى الْكَوْسَجُ عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ. وَكَذَا وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. قُلْتُ: مَاتَ فِي حُدُودِ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ بِمُدَّةٍ. * مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُفَسِّرُ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 429- مَنْصُورُ بْنُ دِينَارٍ التَّمِيمِيُّ1. عَنْ نَافِعٍ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو فَضْلٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحٌ. 430- مَنْصُورُ بْنُ النُّعْمَانِ2، أَبُو حَفْصٍ الْيَشْكُرِيُّ. بَصْرِيٌّ، نَزَلَ مَرْوَ وَرَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ وَأَبِي مِجْلَزٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رُزْمَةَ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانٍ وَعَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الأَنْبِيَاءِ. 431- مُوسَى بْنُ دِينَارٍ، أَبُو الْحَسَنِ الْمَكِّيُّ3. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ والحسن بن حبيب التميمي، وَسَمِعَ مِنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَلَمْ يُحَدِّثَا عَنْهُ لِضَعْفِهِ. كَذَّبَهُ حَفْصٌ. 432- مُوسَى بن عبد الله بن إسحاق4 –ع- طلحة التيمي الطلحي. عَنْ عَمِّ أَبِيهِ مُوسَى وَأُخْتِهِ عَائِشَةَ ابْنَيْ طَلْحَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانٍ. لَهُ فِي الأَدَبِ. 433- مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ الكُوفِيّ5 -م ت ن ق-.

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 184"، والجرح والتعديل "8/ 171". 2 تقريب التهذيب "2/ 282"، والثقات "7/ 477". 3 المجروحين "2/ 237"، والجرح والتعديل "8/ 142". 4 تقريب التهذيب "2/ 289"، والجرح والتعديل "8/ 150". 5 التقريب "2/ 289"، والمعجم المشتمل "1069".

عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَمُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ وَيَعْلَى ابْنَا عبيد. يكنى عَبْدِ اللَّهِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ، وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ لِينًا فَلِمَاذَا لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الْبُخَارِيُّ؟ وَكَانَ صَالِحًا مُتَأَلِّهًا. قَالَ مِسْعَرٌ: مَا رَأَيْتُهُ إِلا وَهُوَ فِي الْيَوْمِ الْجَائِي خَيْرٌ مِنْهُ فِي الْيَوْمِ الْمَاضِي. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: دَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ فَرَأَيْنَا مُصَلاهُ مِثْلَ مَبْرَكِ الْبَعِيرِ كَانَ صَالِحًا خَيِّرًا. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ وَكَانَ مِنَ الْعُبَّادِ إِنَّمَا كان له خص من قصب، وكان إن مَرِضَ إِنْسَانٌ عَادَهُ وَإِنْ مَاتَ شَهِدَهُ وَإِلا قَامَ يُصَلِّي رَحِمَهُ اللَّهُ. 434- مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ1 –ع- بن أبي عياش المدني مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ بْنُ الْعَوَّامِ. أَدْرَكَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ وَحَدَّثَ عَنْ أُمِّ خَالِدِ بِنْتِ خالد وعن عروة وَكُرَيْبٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالأَعْرَجِ وَحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالزُّهْرِيِّ وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ -لقيه في سنة موته- وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو ضُمْرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو بَدْرٍ السَّكُونِيُّ وَعَدَدٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ فَقِيهًا مفتيًا. وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عَلَيْكُمْ بِمَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ. قُلْتُ: سَمِعْنَا مَغَازِيهِ وَهُوَ مُجَلَّدٌ صَغِيرٌ. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ لَهُ هَيْئَةٌ وَعِلْمٌ. وَقَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى: كَانَ مَالِكٌ إِذَا سُئِلَ عَنِ الْمَغَازِي قَالَ: عَلَيْكَ بِمَغَازِي الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُوسَى. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: غَزَوْتُ الرُّومَ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 290"، وتاريخ الدوري "2/ 594"، تاريخ الثقات "444".

قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ أَحَمْدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا سُفْيَانُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ سَمِعَ أُمَّ خَالِدٍ قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَيْرَهَا، قَالَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ"1. وَقَدْ وَثَّقَهُ ابن معين وأحمد وأبو حاتم. وروى عنه ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ أَجِيءُ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ أَجْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَلَمَّا مَاتَ تَرَكْتُ الْمَدِينَةَ. قَالَ سُفْيَانُ: وَكَانَ مُؤَاخِيًا لَهُ. قُلْتُ: وَإِنَّمَا طَلَبَ مُوسَى الْعِلْمَ وَهُوَ كَهْلٌ. رَوَى أَحْمَدُ بن صالح: ثنا يحي بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِي عَنْ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ إِلَى الزُّهْرِيِّ يَطْلُبَانِ الْعِلْمَ فَقَالَ: حُبِسْتُمَا حَتَّى إِذَا صِرْتُمَا كَالشَّنَّانِ لا تُمْسِكَانِ مَاءً جِئْتُمَا تَطْلُبَانِ الْعِلْمَ. 435- مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ التَّمِيمِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ن-. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: 436- وَمُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ الْقُرَشِيُّ الْجَعْدِيُّ3. عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ. عِدَادُهُ فِي الضُّعَفَاءِ. 437- مُوسَى بن أبي عيسى الحناط4 -م د ق- أبو هارون المدني الطحان. أَخُو عِيسَى وَاسْمُ أَبِيهِمَا مَيْسَرَةُ. رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَاظِ دِينَارٍ وَمُوسَى بْنِ أَنَسٍ وَعَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُمْ. صَدُوقٌ. قَالَ النَّسَائِيُّ. ثقة.

_ 1 "حديث صحيح" أخرجه البخاري "6364"، "1376" وغيره. 2 التاريخ الكبير "7/ 288"، وتقريب التهذيب "2/ 291"، وتاريخ بغداد "13/ 21"، والكنى "2/ 171". 3 التقريب "2/ 291"، وتاريخ الدوري "2/ 595". 4 التقريب "2/ 291"، والجرح والتعديل "8/ 156".

438- مُوسَى بْنُ كَعْبٍ التَّمِيمِيُّ الْمَرْوَزِيُّ1. الأَمِيرُ، أَحَدُ النُّقَبَاءِ الاثْنَيْ عَشَرَ الْقَائِمِينَ بِظُهُورِ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ. وَلاهُ الْمَنْصُورُ إِمْرَةَ مِصْرَ فَوَلِيَهَا سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَمَاتَ. وَكَانَ الْمَنْصُورُ يُعَظِّمُهُ وَيُجِلُّهُ لِمَا يَرَى مِنْ طَاعَتِهِ وَنُصْحِهِ لَهُ. رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ عُيَيْنَةَ. رَوَى عَنْهُ سَعْدُ بْنُ سَلْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الْبَاهِلِيُّ. وَوَفَاتُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 439- مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ الطَّحَّانُ2 -د ق- كُوفِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِمُوسَى الصَّغِيرِ. قَالَ مُسَدَّدٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى الْقَطَّانَ يَقُولُ: كَانَ مُوسَى الصَّغِيرُ يُصَلِّي فِي الْحِجْرِ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَقَبَضَ رَوْحَهُ وَهُوَ ساجد. ويكنى أَبَا عِيسَى. 440- مُوسَى بْنُ الْمُسَيِّبِ الْكُوفِيُّ الْبَزَّازُ3 -ن ق-. عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ وَعَبَدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 441- مُهَنَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَتَكِيُّ4. بَصْرِيٌّ. لَهُ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ. وعنه شعبة والخليل بن أحمد صَاحِبُ الْعَرُوضِ وَمَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 442- مَيْمُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ5، أَبُو مَنْصُورٍ الْجُهَنِيُّ. عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وعنه سعد بن عمرو الرازي ومالك بن

_ 1 راجع كتاب "الولاة والقضاة" "ص/ 106-108". 2 ميزان الاعتدال "4/ 222"، والتهذيب "10/ 372". 3 التهذيب "10/ 372"، وميزان الاعتدال "4/ 223"، وتقريب التهذيب "2/ 293". 4 التاريخ الكبير "8/ 64". 5 التهذيب "10/ 390"، والميزان "4/ 233".

مغول وسفيان وعبدة وابن فضيل ومروان بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف النُّونِ": 443- نصر بن أوس الطائي أبو المنهال1. شيخ كوفي، روى عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو نُعَيْمٍ. قَالَ أَبُو حاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. قُلْتُ: هذا القول من أبو حَاتِمٍ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مَعَ أَنِّي لَمْ أُودِعْ فِي كِتَابَيَّ اللَّذَيْنِ فِي الضُّعَفَاءِ شَيْئًا مِنْ هَذَا النَّمَطِ، تَبَعْتُ فِي التُّرْكِ أبا الْفَرَجِ بْنَ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرَهُ. 444- نَصْرُ بن حاجب الخراساني2. عن صفوان بن سيلم وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ عَنْبَسَةُ قَاضِي الرَّيِّ وَيَزِيدُ بْنُ هارون. قال أبو داود: ليس بشيء. وقال أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: مَاتَ بِالْمَدَائِنِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 445- النَّضْرُ بن عبد الرحمن3 –ت- أبو عمر الخزاز. عَنْ عِكْرِمَةَ وَعُثْمَانَ بْنِ وَاقِدٍ. وَعَنْهُ إِسْرَائِيلُ وَوَكِيعٌ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَالْمُحَارِبِيُّ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَحَادِيثُهُ بَوَاطِيلُ. ورَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ أن يروي عنه. 446- النعمان بن ثابت4 –تم. ن- بن زوطى الإِمَامُ الْعَلَمُ أَبُو حَنِيفَةَ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ مَوْلَى بني تيم الله بن ثعلبة.

_ 1 المعرفة والتاريخ "3/ 237". 2 الجرح والتعديل "8/ 466"، والميزان "4/ 250". 3 التاريخ الكبير "8/ 91"، والتهذيب "10/ 441". 4 تذكرة الحفاظ "1/ 158"، وطبقات الفقهاء "86"، ومعجم البلدان "1/ 417"، والبداية والنهاية "10/ 107"، وخلاصة تذهيب الكمال "402".

وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِينَ، وَرَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ غَيْرَ مَرَّةٍ بِالْكُوفَةِ إِذْ قَدِمَهَا أَنَسٌ. قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: ثنا سَيْفُ بْنُ جَابِرٍ أنه سمع أبا حنيفة يقوله. رورى أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْهُ. وَعَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَنَافِعٍ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَقَتَادَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزٍ الأَعْرَجِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَنْصُورٍ وأبي الزبير وحماد بن أبي سُلَيْمَانَ وَعَدَدٍ كَثِيرٍ. وَتَفَقَّهَ بِحَمَّادٍ وَغَيْرِهِ فَبَرَعَ فِي الرَّأْيِ، وَسَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ فِي التَّفَقُّهِ وَتَفْرِيعِ الْمَسَائِلِ، وَتَصَدَّرَ لِلإِشْغَالِ وَتَخَرَّجَ بِهِ الأَصْحَابُ. فَمِنْ تَلامِذَتِهِ: زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ الْعَنْبَرِيُّ، والقاضي أَبُو يوسف يعقوب بْن إِبْرَاهِيم الأنصاري قاضي القضاة، ونوح بْن أَبِي مريم الْمَرْوَزِيُّ، وَأَبُو مُطِيعٍ الْحَكِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيُّ، وَأَسَدُ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ وَخَلْقٌ. وروى عنه معيرة بْنُ مِقْسَمٍ وَمِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ وَزَائِدَةُ وَشَرِيكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَأَبُو عَاصِمٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالأَنْصَارِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ1. وَكَانَ خَزَّازًا يُنْفِقُ مِنْ كَسْبِهِ وَلا يَقْبَلُ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ تَوَرُّعًا، ولهار وَصُنَّاعٌ وَمَعَاشٌ مُتَّسِعٌ، وَكَانَ مَعْدُودًا فِي الأَجْوَادِ الأَسْخِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ الأَذْكِيَاءِ، مَعَ الدِّينِ وَالْعِبَادَةِ وَالتَّهَجُّدِ وَكَثْرَةِ التِّلاوَةِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ ضِرَارُ بْنُ صُرْدٍ: سُئِلَ يَزِيدُ بْنُ هارون: أيما أفقه: أبو حنيفة أو الثَّوْرِيُّ؟ فَقَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ أَفْقَهُ وَسُفْيَانُ أَحْفَظُ لِلْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَبُو حَنِيفَةَ أَفْقَهُ النَّاسِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّاسُ فِي الْفِقْهِ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَوْرَعَ وَلا أَعْقَلَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ وَغَيْرُهُ: سَمِعْنَا ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: أَبُو حَنِيفَةَ ثقة. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحْرِزٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لا بأس به، لم يهم بِالْكَذِبِ، لَقَدْ ضَرَبَهُ يَزِيدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ عَلَى الْقَضَاءِ فَأَبَى أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا.

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "6/ 530".

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا، كَانَ إِمَامًا، رَحِمَ اللَّهُ الشَّافِعِيَّ، كَانَ إِمَامًا، رَحِمَ اللَّهُ أَبَا حَنِيفَةَ، كَانَ إِمَامًا، سَمِعَ هَذَا ابن داسة منه. قال أبو يوسف: قال أبو جنيفة: عِلْمُنَا هَذَا رَأْيٌ وَهُوَ أَحْسَنُ مَا قَدِرْنَا عَلَيْهِ فَمَنْ جَاءَنَا بِأَحْسَنِ مِنْهُ قَبِلْنَاهُ. وَعَنْ أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِوُضُوءِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ إِذْ سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ لِآخَرَ: هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ لا يَنَامُ اللَّيْلَ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَاللَّهِ لا يَتَحَدَّثُ عَنِّي بِمَا لَمْ أَفْعَلْ فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً وَدُعَاءً وَتَضَرُّعًا، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَنَّهُ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ1. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ شَيْخًا يُفْتِي النَّاسَ بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ عليه قلنسوة سوداء طويلة، وعن النَّضْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ جَمِيلَ الْوَجْهِ سَرِيُّ الثَّوْبِ عَطِرًا، أَتَيْتُهُ فِي حَاجَةٍ وَعَلَيَّ كِسَاءٌ قَوْمِسِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِسْرَاجِ بَغْلَتِهِ وَقَالَ: أَعْطِنِي كِسَاءَكَ وَخُذْ كِسَائِي، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لِي: يَا نَضْرُ، أَخْجَلْتَنِي بِكِسَائِكَ، قُلْتُ: وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْهُ؟ قَالَ: هُوَ غَلِيظٌ. قَالَ النَّضْرُ: وَكُنْتُ اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَأَنَا بِهِ مُعْجَبٌ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ مَرَّةً وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ قَوَّمْتُهُ بِثَلاثِينَ دِينَارًا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَبْعَةً، مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُورَةً وَأَبْلَغَهُمْ نُطْقًا، وَأَعْذَبَهُمْ نَغَمَةً، وَأَبْيَنَهُمْ عَمَّا في نفسه، وعنت حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: كَانَ أَبِي جَمِيلا تَعْلُوهُ سُمْرَةً، حَسَنَ الْهَيْئَةِ، كَثِيرَ الْعِطْرِ، هَيُوبًا، لا يَتَكَلَّمُ إِلا جَوَابًا، وَلا يَخُوضُ فِيمَا لا يَعْنِيهِ. وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَوْقَرَ فِي مَجْلِسِهِ وَلا أَحْسَنَ سَمْتًا وَحِلْمًا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ رَجَاءٍ قَالَ: جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ حَلَفَ بِاللَّهِ صَادِقًا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ وَكَانَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ نَفَقَةً تَصَدَّقَ بمثلها.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 534"

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: لَقِيَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ النَّاسِ عَنَتًا لِقَلَّةِ مُخَالَطَتِهِ، فَكَانُوا يَرَوْنَهُ مِنْ زَهْوٍ فِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ غَرِيزَةً. وَقَالَ جَبَّارَةُ بْنُ مُغَلِّسٍ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ الرَّبِيعِ يَقُولُ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَرِعًا تَقِيًّا على إخوته. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ: ثنا الْخُرَيْبِيُّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ رَجُلٌ لَهُ: إِنِّي وَضَعْتُ كِتَابًا عَلَى خَطِّكَ إِلَى فُلانٍ فَوَهَبَ لِي أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كُنْتُمْ تَنْتَفِعُونَ بِهَذَا فَافْعَلُوهُ. وَعَنْ شَرِيكٍ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ طَوِيلَ الصَّمْتِ كَثِيرَ الْعَقْلِ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي بَكْرٌ، أَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُسَمَّى الْوَتَدُ لِكَثْرَةِ صَلاتِهِ. وَرَوَاهَا يُوسُفُ الْقَطَّانُ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَكْعَةٍ1. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ صَحِبَ أَبَا حَنِيفَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَمَا رَآهُ صَلَّى الْغَدَاةَ إِلا بِوُضُوءِ عِشَاءِ الآخِرَةِ وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كل ليلة عند السَّحَرِ2. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ كُمَيْتٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ لِأَبِي حَنِيفَةَ: اتَّقِ اللَّهَ، فَانْتَفَضَ وَاصْفَرَّ وَأَطْرَقَ وَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مَا أَحْوَجُ النَّاسِ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى مَنْ يَقُولُ لَهُمْ مِثْلَ هَذَا3. وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ سَبْعَةَ آلافِ مَرَّةٍ. قَالَ مِسْعَرٌ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ4. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَمَّاعَةٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ القاسم بن معن أن أبا حنيفة

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 535" 2 انظر المصدر السابق 3 انظر السابق. 4 انظر السابق.

قَامَ لَيْلَةً يُرَدِّدُ قَوْلَهُ تَعَالَى {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} 1 وَيَبْكِي وَيَتَضَرَّعُ إِلَى الْفَجْرِ. وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ ضُرِبَ غَيْرَ مَرَّةٍ عَلَى أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ فَلَمْ يَفْعَلْ2. وَقِيلَ: إِنَّ إِنْسَانًا اسْتَطَالَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَقَالَ لَهُ: يَا زِنْدِيقُ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ هُوَ يَعْلَمُ مِنِّي خِلافَ مَا تَقُولُ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ3. وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا ارْتَشَى القاضي فَهُوَ مَعْزُولٌ وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ4. وَرَوَى نُوحٌ الْجَامِعُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: مَا جَاءَ عَنِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَمَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ اخْتَرْنَا وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُمْ رِجَالٌ وَنَحْنُ رِجَالٌ5. وَقَال وَكِيعٌ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: الْبَوْلُ فِي الْمَسْجِدِ أَحْسَنُ مِنْ بَعْضِ الْقِيَاسِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بن حزم: جميع الحنيفة مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ضَعِيفَ الْحَدِيثِ أَوْلَى عِنْدَهُ مِنَ الْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ يَجْهَرُ فِي أَمْرِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ جَهْرًا شَدِيدًا فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِمُنْتَهٍ حَتَّى تُوضَعَ فِي أَعْنَاقِنَا الْحِبَالُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُحَدِّثُ إِلا بِمَا يَحْفَظُهُ مِنْ وَقْتِ مَا سَمِعَهُ. وَرَوَاهَا أَبُو يوسف عنه. وعنه أَبِي مُعَاوِيَةَ قَالَ: حُبُّ أَبِي حَنِيفَةَ مِنَ السُّنَّةِ وَهُوَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ امتُحِنُوا فِي اللَّهِ. جَاءَ مَنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّهُ ضُرِبَ أيامًا ليلي القضاء فأبى.

_ 1 "القمر: 46"، وانظر المصدر السابق. 2 انظر السابق. 3 السابق. 4 انظر المصدر السابق. 5 وانظر المصدر السابق.

قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيِّ قَالَ: طَلَبَ الْمَنْصُورُ أَبَا حنيفة فأراده على القضاء وحلف ليليه فَأَبَى، وَحَلَفَ أَنْ لا يَفْعَلَ، فَقَالَ الرَّبِيعُ حَاجِبُ الْمَنْصُورِ: تَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَحْلِفُ وَأَنْتَ تحلف! قال: أمير المؤمنين كَفَّارَةِ يَمِينِهِ أَقْدَرُ مِنِّي. فَأُمِرَ بِهِ إِلَى السجن فمات فيه ببغداد1. وقيل: دفع صَاحِبِ الشُّرْطَةِ حُمَيْدٌ الطُّوسِيُّ فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْفَعُ إِلَيَّ الرَّجُلَ فَيَقُولُ لِي: اقْتُلْهُ أَوْ قَطِّعْهُ أَوِ اضْرِبْهُ، وَلا عِلْمَ لِي بِقِصَّتِهِ، فَمَا أَفْعَلُ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هَلْ يَأْمُرُكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَمْرٍ قَدْ وَجَبَ أَوْ بِأَمْرٍ لَمْ يَجِبُ؟ قَالَ: بَلْ بِمَا قَدْ وَجَبَ، قَالَ: فَبَادِرْ إِلَى الْوَاجِبِ2. وَعَنْ مُغِيثِ بْنِ بُدَيْلٍ قَالَ: دَعَا الْمَنْصُورُ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى الْقَضَاءِ فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أَتَرْغَبُ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ! فَقَالَ: لا أَصْلُحُ، قَالَ: كَذَبْتَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: فَقَدْ حَكَمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيَّ أَنِّي لا أَصْلُحُ، فَإِنْ كُنْتُ كَاذِبًا فَلا أَصْلُحُ، وَإِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَقَدْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنِّي لا أَصْلُحُ، فَحَبَسَهُ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ يُونُسَ الْحَاجِبَ يَقُولُ: رَأَيْتُ الْمَنْصُورَ تَنَاوَلَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي أَمْرِ الْقَضَاءِ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بِمَأْمُونِ الرِّضَا، فَكَيْفَ أَكُونُ مَأْمُونَ الْغَضَبِ، فَلا أَصْلُحُ لِذَلِكَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ بَلْ تَصْلُحُ، فَقَالَ: كَيْفَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تُوَلِّي مَنْ يكذب3؟ وقال أبو بكر الخطيب: وقيل: إِنَّهُ وَلِيَ الْقَضَاءَ، وَقَضَى قَضِيَّةً وَاحِدَةً وَبَقِيَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ اشْتَكَى سِتَّةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّيَمْرِيُّ: لَمْ يَقْبَلِ الْعَهْدَ بِالْقَضَاءِ فَضُرِبَ وَحُبِسَ وَمَاتَ فِي السَّجْنِ4. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الصَّبَّاحِ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قِيلَ لِمَالِكٍ: هَلْ رَأَيْتَ أَبَا حَنِيفَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ رَأَيْتُ رَجُلا لَوْ كَلَّمَكَ فِي هَذِهِ السارية أن يجعلها ذهبًا لقام بحجته. وَقَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَمَالِكٌ أَفْقَهُ أَمْ أَبُو حَنِيفَةَ؟ قَالَ: أَبُو حنيفة.

_ 1 وانظر سير أعلام النبلاء "6/ 536"، والانتقاء لابن عبد البر "ص/ 126". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر السابق.

وَقَالَ الْخُرَيْبِيُّ: مَا يَقَعُ فِي أَبِي حَنِيفَةَ إِلا حَاسِدٌ أَوْ جَاهِلٌ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لا نَكْذِبُ اللَّهَ مَا سَمِعْنَا أَحْسَنَ مِنْ رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ أَخَذْنَا بِأَكْثَرِ أَقْوَالِهِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: لَوْ وُزِنَ عِلْمُ أَبِي حَنِيفَةَ بِعِلْمِ أَهْلِ زَمَانِهِ لَرَجَحَ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: كَلامُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ أَدَقُّ مِنَ الشِّعْرِ لا يَعِيبُهُ إِلا جَاهِلٌ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: شَيْئَانِ مَا ظَنَنْتُهُمَا يُجَاوِزَانِ قَنْطَرَةَ الْكُوفَةِ: قِرَاءَةُ حَمْزَةَ، وَفِقْهُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ بَلَغَا الآفَاقَ. وَعَنِ الأَعْمَشِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فقال: إنما يحسن هَذَا النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَزَّازُ، وَأَظُنُّهُ بُورِكَ له في علمه1. وَقَالَ جَرِيرٌ: قَالَ لِي مِغَيِرَةُ: جَالِسْ أَبَا حَنِيفَةَ تَفْقَهُ فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ لَوْ كَانَ حَيًّا لَجَالَسَهُ2. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ يَقُولُ: لَوْ وُزِنَ عَقْلُ أَبِي حَنِيفَةَ بِعَقْلِ نِصْفِ النَّاسِ لَرَجَحَ بِهِمْ. قُلْتُ: وَأَخْبَارُ أَبِي حَنِيفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَمَنَاقِبُهُ لا يَحْتَمِلُهَا هَذَا التَّارِيخُ فَإِنِّي قَدْ أفردت أخباره في جزأين. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ سَقَاهُ السُّمَّ لقيامه مَعَ إِبْرَاهِيمَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَدْ حَصَّلَ الشَّهَادَةَ وَفَازَ بِالسَّعَادَةِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي: كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسِينَ، وَيُقَالُ: مَاتَ فِي شَعْبَانَ. وَحَدِيثُهُ يَقَعُ عَالِيًا لابْنِ طَبَرْزَدَ. 447- النعمان ابن المنذر الدمشقي3 -د ن- أبو الوزير.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 537". 2 انظر المصدر السابق. 3 ميزان الاعتدال "4/ 266"، والتهذيب "10/ 457".

عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ يَزِيدُ بْنُ السِّمْطِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَالْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ وَآخَرُونَ. أَظُنُّهُ مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الماضية. وثقه دحيم وقال: رمي بالقدر. وقال أَبُو دَاوُدَ: كَانَ دَاعِيَةً إِلَى الْقَدَرِ صَنَّفَ فِيهِ. 448- نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ الْمَدَائِنِيُّ1 -د-. عَنْ أبي مريم الثقفي. وعنه أبو عوانة وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَشَبَابَةُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 449- نَفَاعَةُ بْنُ مُسْلِمٍ2، أَبُو الْخَصِيبِ الْجُعْفِيُّ كُوفِيٌّ. عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَأَبُو نُعَيْمٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. 450- نَوْفَلُ بْنُ الْفُرَاتِ3. أَبُو الْجَرَّاحِ الْعُقَيْلِيُّ مَوْلاهُمُ الرَّقِّيُّ. عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمِ بن محمد. وعنه الليث بن سعد وَمُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَقُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ وَآخَرُونَ. سَكَنَ حَلَبَ ثُمَّ وَلِيَ الْخَرَاجَ بِمِصْرَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ لِلْمَنْصُورِ. وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 451- نَوْفَلُ بْنُ مَسْعُودٍ السَّهْمِيُّ الْمَدَنِيُّ4. رَأَى ابْنَ عُمَرَ وَسَمِعَ أَنَسًا وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَنَسُ بْنُ عياض ويحيى القطان وغيرهم. وثقه النسائي.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 309"، وطبقات ابن سعد "7/ 320"، والتاريخ لابن معين "2/ 609". 2 التاريخ الكبير "8/ 136"، والجرح والتعديل "8/ 511". 3 المعرفة والتاريخ "1/ 604"، والجرح والتعديل "8/ 488". 4 الجرح والتعديل "8/ 488".

"حرف الْهَاءِ": 452- هَارُونُ بْنُ سَعْدٍ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ1 -م-. عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَأَبِي الضُّحَا وَثُمَامَةَ بْنِ عُقْبَةَ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَالْمَسْعُودِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَشَرِيكٌ وَقَيْسُ بن الربيع. قال أحمد صَالِحٍ: قَدْ رَوَى عَنْهُ النَّاسُ. وَقَالَ ابْنُ معين: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: لا بأس به. خرج مع إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا هُزِمَ إِبْرَاهِيمُ وَقُتِلَ هَرَبَ هَارُونُ إِلَى وَاسِطٍ فَكَتَبَ عَنْهُ الواسطيون. وقد شذ حِبَّانَ كَعَوَائِدِهِ فَقَالَ: لا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ، كَانَ غَالِيًا فِي الرَّفْضِ، وَهُوَ رَأْسُ الزَّيْدِيَّةِ مِمَّنْ كَانَ يَعْتَكِفُ عِنْدَ خَشَبَةِ زَيْدٍ الَّتِي هُوَ مَصْلُوبٌ عَلَيْهَا وَكَانَ دَاعِيَةً إِلَى مَذْهَبِهِ. قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ غَالِيًا فِي رَفْضِهِ فَإِنَّ الرَّافِضَةَ رَفَضَتْ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ وَفَارَقَتْهُ، وَهَذَا قَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ. 453- هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ الشَّيْبَانِيُّ الْكُوفِيّ2 -د ن-. عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَأَحْمَدُ بْنُ بِشْرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هَارُونَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو زُرْعَةَ. وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ. 454- هَاشِمُ بْنُ الْبُرَيْدِ3 -د ن ق-. عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ وَحُسَيْنِ بْنِ مَيْمُونَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَالْخُرَيْبِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين وغيره. وهو شيعي جلد.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 316"، وتاريخ الدارمي "854"، والمجروحين "3/ 94". 2 تقريب التهذيب "2/ 312"، والجرح والتعديل "9/ 29". 3 تهذيب التهذيب "11/ 16".

455- هاشم بن هاشم بن هاشم1 –ع- بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ المدني. سمع سعيد بن المسيب وعامر بن سعد وعبد الله بن وهب بن زمعة. وعنه مالك ومروان بن معاوية وابن نمير وأبو أسامة ومكي بن إبراهيم وجماعة. وثقه ابن معين. مات قبل الخمسين فإنه حَدَّثَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 456- هَانِئُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْكُلاعِيُّ الْمِصْرِيُّ2. عَنْ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ الْحَضْرَمِيِّ. وَعَنْهُ ابن لهيعة وعمرو السبائي. وكان أخباريًا علامة بِالأَنْسَابِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة. 457- هشام بن حسان3 –ع- أبو عبد الله الأزدي القردوسي مولاهم البصري. وقيل: هُوَ صَرِيحُ النَّسَبِ. لَهُ عَنْ عِكْرِمَةَ وَابْنِ سيرين والحسن وحميد بن هلال وجماعة وأبي مجلز لقيه بخراسان قاله يحيى بن سعيد القطان. وعنه السفيانان والحمادان وروح بن عبادة وأبو عاصم ومكي بن إبراهيم والأنصاري وعبد الرزاق وخلق كثير. قال سفيان بن عيينة: كان أعلم الناس بحديث الحسن، وكان حماد بن سلمة لا يَخْتَارُ عَلَيْهِ أَحَدًا فِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ. وَقِيلَ: كَانَ عِنْدَهُ أَلْفُ حَدِيثٍ. قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: كَانَ مِنَ الْبَكَّائِينَ. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: رَأَيْتُ هِشَامَ بْنَ حَسَّانٍ وَذَكَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَبَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهُ. وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ قَالَ: لَيْتَ مَا حَفِظَ عَنِّي مِنَ الْعِلْمِ فِي أَخْبَثِ تَنُّورٍ بِالْبَصْرَةِ وَكَانَ حظي منه لا على ولا لي.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 103"، وطبقات خليفة "126"، مشاهير علماء الأمصار "138"، وخلاصة تذهيب الكمال "408". 2 لم أقف على ترجمة فيما تحت يدي من مصادر. 3 تهذيب التهذيب "11/ 34"، والمشاهير "151"، والجرح والتعديل "9/ 54"، وتذكرة الحفاظ "1/ 163".

وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: مَا كَتَبْتُ لِلْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ حَدِيثًا إِلا حَدِيثَ الأَعْمَاقِ لِأَنَّهُ طَالَ عَلَيَّ ثُمَّ مَحَوْتُهُ وَلهِشَامٍ أَوْهَامٌ لا تُخْرِجُهُ عَنِ الاحْتِجَاجِ بِهِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا حَدَّثَنِي الْفَلاسُ يُحَدِّثَانِ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ. وَرَوَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ هِشَامٌ بِالْحَافِظِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: ثنا أَبُو شِهَابٍ قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَلَيْكَ بِحَجَّاجٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُمَا حَافِظَانِ، وَاكْتُمْ عَلَيَّ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ في خالد يعني الحذاء وهشام. قُلْتُ: بَلْ هَذَيْنِ أَوْثَقُ بِكَثِيرٍ مِنْ حَجَّاجٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ وَلَمْ يُتَابِعْ شُعْبَةُ عَلَى هَذِهِ الْقَوْلَةِ أَحَدٌ. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ: مَا رَأَيْتُ هِشَامَ بْنَ حَسَّانٍ عِنْدَ الْحَسَنِ قَطُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُضَعِّفُ حَدِيثَ هِشَامٍ عَنْ عَطَاءٍ، وَكَانَ أَصْحَابُنَا يُثَبِّتُونَ هِشَامًا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: زَعَمَ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: كَانَ شُعْبَةُ يَتَّقِي حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ عَنْ عَطَاءٍ وَمُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ. وَقَالَ وُهَيْبٌ: سَأَلَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَنْ أَفِيدَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ فَقُلْتُ: أَسْتَحِلُّهُ. قُلْتُ: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ مِنَ الثِّقَاتِ، احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الصِّحَاحِ. قَالَ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: مَاتَ فِي أَوَّلِ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وقال يحيى القطان: سنة سبع وأربعين. قلت: سنة ثمان أصح. 458- هشام بن عائذ1 –ن- بن نصيب أبو كليب الكوفي. عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ. 459- هشام بن عروة2 –ع- بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ أَبُو المنذر القرشي الأسدي المدني أحد الأئمة الأعلام.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 64"، والتقريب "2/ 319". 2 التهذيب "11/ 48"، والجرح والتعديل "9/ 63"، تهذيب الأسماء "2/ 138"، وطبقات خليفة "267".

رَوَى عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِيهِ وَأَخَوَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ وَزَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَقَدْ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ابْنُ عُمَرَ وَدَعَا لَهُ حِفْظَ ذَلِكَ. رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَالسُّفْيَانَانِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وأبو ضمرة وَجَرِيرٌ الضَّبِّيُّ وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَالْحَمَّادَانِ وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَزَائِدَةُ وَابْنُ إِدْرِيسَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وعيس بْنُ يُونُسَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَابْنُ فُضَيْلٍ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَوَكِيعٌ وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْخُرَيْبِيُّ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ وُهَيْبٌ: قَدِمَ عَلَيْنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَكَانَ مِثْلَ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ حجة. وقال أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ إِمَامٌ فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ حَدِيثٍ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: وَضَعَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ وَالِدُ الْمَنْصُورِ وَصِيَّتَهُ عِنْدِي. وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ الْمَنْصُورُ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ تَذْكُرُ يَوْمَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ أَنَا وَإِخْوَتِي مَعَ أَبِي وَأَنْتَ تَشْرَبُ سُوَيْقًا بِقَصَبَةِ يَرَاعٍ فَلَمَّا خَرَجْنَا قَالَ أَبُونَا: اعْرَفُوا لِهَذَا الشَّيْخِ حَقَّهُ فَإِنَّهُ لا يَزَالُ فِي قَوْمِكُمْ بَقِيَّةٌ مَا بَقِيَ. قَالَ: لا أَذْكُرُ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلامُوهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: لَمْ يُعَوِّدْنِي اللَّهُ فِي الصِّدْقِ إِلا خَيْرًا. يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عن هشام قال: رأيت ابن عم عُمَرَ لَهُ جُمَّةٌ أَظُنُّهَا تَضْرِبُ أَطْرَافَ مَنْكِبَيْهِ. وَقَالَ وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرًا وابن عمر ولكل منها جُمَّةٌ. عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ صَفَّنَا خَلْفَهُ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُهُ يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ وَفِي يَدِهِ عَصًا فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَجْلِسُ وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُونَ فَإِذَا فَرَغُوا قَامَ فَتَوَكَّأَ عَلَى الْعَصَا فخطب.

وَرَوَى عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدِّمِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ دَخَل عَلَى الْمَنْصُورِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ عَنِّي دَيْنِي، قَالَ: وَكَمْ دَيْنُكَ؟ قَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ، قَالَ: وَأَنْتَ فِي فِقْهِكَ وَفَضْلِكَ تَأْخُذُ دَيْنًا مِائَةَ أَلْفٍ لَيْسَ عِنْدَكَ قَضَاؤُهَا! قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، شب فتيان فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُبَوِّئَهُمْ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْتَشِرَ عَلَيَّ من أمرهم ما أكره فبوأتهم، واتخذت لهم مَنَازِلَ وَأَوْلَمْتُ عَنْهُمْ ثِقَةً بِاللَّهِ، ثُمَّ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَرَدَّدَ عَلَيْهِ مِائَةُ أَلْفٍ!! اسْتِعْظَامًا لَهَا، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِعَشَرَةِ آلافٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَاعْطِنِي مَا أَعْطَيْتَ وَأَنْتَ طَيِّبَ النَّفْسِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً وَهُوَ بِهَا طَيِّبُ النَّفْسِ بُورِكَ لِلْمُعْطِي وَالْمُعْطَى "قَالَ: فَإِنِّي بِهَا طَيِّبَ النَّفْسِ. وَهَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ1. وروي أن هشامًا أهوى إِلَى يَدِ الْمَنْصُورِ يُقَبِّلُهَا فَمَنَعَهُ وَقَالَ: يَا ابن عُرْوَةَ إِنَّا نُكْرِمُكَ عَنْهَا وَنُكْرِمُهَا عَنْ غَيْرِكَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِرَاشٍ: بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا نَقَمَ عَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ حَدِيثَهُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: هِشَامٌ ثَبْتٌ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ إِلا بَعْدَ مَا صَارَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَإِنَّهُ انْبَسَطَ فِي الرِّوَايَةِ وَأَرْسَلَ عَنْ أَبِيهِ بِمَا كَانَ سَمِعَهُ مِنْ غير أبيه عن أبيه. وقد قال ابْنُ مَعِينٍ وجَمَاعَةٌ: ثِقَةٌ. قَالَ جَمَاعَةٌ: مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ الْمَنْصُورُ. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَنَةَ سَبْعٍ. وَقِيلَ: سنة خمس. وَيُقَالُ: عَاشَ سَبْعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. 460- هِلالِ بْنُ خَبَّابٍ2 -4- أَبُو الْعَلاءِ الْبَصْرِيُّ. مَوْلَى زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، سَكَنَ الْمَدَائِنَ. وَرَوَى عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ وَيَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ الأَحْوَلُ وَهُشَيْمٌ وَعَبَّادُ بْنُ العوام.

_ 1 "مرسل": أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد "4/ 39"، وذكره الهندي في كنز العمال "16960"، والذهبي في السير "6/ 686". 2 تقريب التهذيب "2/ 323"، والمجروحين "3/ 87".

وثقه ابْنُ مَعِينٍ وَقَدْ مَرَّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ بِالْمَدَائِنِ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة. 461- هلال بن ميمون الرملي1 –د ن-. "حرف الْوَاوِ": 462- الْوَازِعُ بْنُ نَافِعٍ الْعُقَيْلِيُّ الْجَزَرِيُّ2. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَمِسْكِينُ بْنُ بُكَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَمُغِيرَةُ بْنُ سِقْلابٍ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ حَدِيثُهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "تَفَكَّرُوا فِي آلاءِ اللَّهِ وَلا تَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ"3. 463- وَاصِلُ بْنُ السَّائِبِ أَبُو يَحْيَى الرَّقَاشِيُّ –ت ق- بَصْرِيٌّ. عَنْ عطاء بن أبي رباح وأبي سورة ابن أخي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ وَوَكِيعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مَالِكٍ الْمُزَنِيِّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَلَهُ حَدِيثٌ عَنْ أَبِي سَوْرَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة.

_ 1 التهذيب "11/ 84"، والجرح "9/ 76". 2 التاريخ الكبير "8/ 183"، والمجروحين "3/ 83"، والمتروكين "103". 3 "إسناده ضعيف جدًا، والحديث حسن": أخرجه الطبراني في الأوسط "6456"، والبيهقي في الشعب "1/ 358"، والعظمة لأبي الشيخ "ص/ 29".

464- وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ التَّيْمِيُّ1 -4-. عَنِ ابْنِهِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي بُرْدَةَ وَالْحَسَنِ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ شَرِيكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ سَمِعَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ. 465- وَبَرُ بْنُ أَبِي دَلِيلَةَ الطَّائِفِيُّ2 -د ن ق-. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونَ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو عَاصِمٍ. ثِقَةٌ. قَالَهُ ابن معين. 466- الوضين بن عطاء3 -د ق- أبو كنانة لاخزاعي الدمشقي الكفرسوسي. عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَمَكْحُولٍ وَمَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ الْحَمَّادَانِ وَبَقِيَّةُ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ وَمُنَبِّهُ بْنُ عُثْمَانَ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. قال أبو داود: قدري. وقال ابن سعد: كان ضعيفًا. وقال أَبُو حَاتِمٍ: يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ. وَقَالَ آخَرُ: كَانَ خطيبًا بليغًا فَصِيحًا مُفَوَّهًا. مَاتَ الْوَضِينُ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة. 467- وقاء بن إياس4 –ن- أبو يزيد الوالبي الكوفي. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ وَمُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَمَالِكٌ وَيَحْيَى، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لَيْسَ بِالْمَتِينِ عِنْدَهُمْ. 468- الْوَلِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ5 -د ق- بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ.

_ 1 تهذيب التهذيب "11/ 109"، والميزان "4/ 331". 2 التقريب "2/ 330"، والجرح والتعديل "9/ 44". 3 المشاهير "184"، تاريخ أبي زرعة "2/ 701"، وطبقات ابن سعد "7/ 466". 4 التاريخ الكبير "8/ 188"، والميزان "4/ 335". 5 الجرح والتعديل "9/ 2"، والتقريب "2/ 332".

عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ وَالضَّحَّاكِ. وَعَنْهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَوَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 469- الْوَلِيدُ بْنُ عَمْرِو1، بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسَافِعٍ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيْرِ وَيَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ. وَعَنْهُ مُوسَى بْنُ هَاشِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَآخَرُونَ. "حرف الْيَاءِ": 470- يَحْيَى بْنُ أبي أنيسة2 –ت- أبو زيد الجزري الرهاوي. طَلَبَ الْعِلْمَ مَعَ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ وَسَمِعَ نَافِعًا وَعَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ وَابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ وجماعة، وكأنه أسن من أخيه. حدث عنه أبو إسحاق الفزاري وأبو معاوية ومحمد بن سلمة الحراني وعبد الوارث، وعبد الله بن بكر السهمي. قال الفلاس: صدوق يهم، وَقَالَ أَيْضًا: قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ حديثه. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ: سَمِعْتُ أَوْ قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ: لا تَكْتُبُوا عَنْ أَخِي فَإِنَّهُ يَكْذِبُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ يَحْيَى مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، قِيلَ: لِمَ يَا أَبَا عبد الله؟ قال: حديثه يدلك عليه. وقال الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 471- يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ3 -4- أَبُو عمران الْغَسَّانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ إِمَامُ جَامِعِهَا وَشَيْخُ الْقُرَّاءِ بِهَا، وَذِمَارٌ مِنْ قُرَى الْيَمَنِ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ابن عامر، وقرأ أيضًا فيما بلغنا على واثلة بن الأسقع، وحدث

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 149"، والجرح والتعديل "9/ 10". 2 التقريب "2/ 343"، والمجروحين "3/ 110"، والتاريخ لابن معين "2/ 640". 3 التهذيب "11/ 193"، وطبقات ابن سعد "7/ 168".

عنه وعن سعيد بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ. قَرَأَ عَلَيْهِ عِرَاكُ بْنُ خَالِدٍ وَأَيُّوبُ بْنُ تَمِيمٍ وَمُدْرِكُ بْنُ أَبِي سَعْدٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَحَدَّثُوا أَيْضًا عَنْهُ هُمْ وَالأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ وَسُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَصَدَقَةُ السَّمِينُ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ وَخَلْقٌ سواهم. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ عَالِمٌ بِالْقِرَاءَةِ فِي دَهْرِهِ، مات سنة خمس وأربعين ومائة. قال: وكان قليل الحديث. وقال ابْن معين وغيره: ليس بِهِ بأس. وَرَوَى ابْنُ ذَكْوَانَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ: كَبُرَ يَحْيَى الذِّمَارِيُّ وَكَانَتْ قِرَاءَتُهُ قِرَاءَةَ الْجُنْدِ، وَكَانَ يَقِفُ خَلْفَ الأَئِمَّةِ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ لا يستطيع أن يؤم من الكبر. وقال بن أَبِي حَاتِمٍ: عَاشَ تِسْعِينَ سَنَةً. وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: سَأَلْتُ يَحْيَى الذِّمَارِيَّ عَنْ عَدَدِ آيِ الْقُرْآنِ فَقَالَ بِيَدِهِ: سَبْعَةُ آلافِ وَمِائَتَانِ وَسِتَّةٌ وَعِشْرُونَ. 472- يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ الْبَكْرِيُّ1 –ن- الفلسطيني الرملي. عَنْ أَبِي قَرْصَافَةٍ جُنْدَرَةٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَأَبِي رَيْحَانَةٍ وَلَهُمْ صُحْبَةٌ. وَعَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَبِلالُ بْنُ كَعْبٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا حَسَنَ الْفَهْمِ. قُلْتُ: هَذَا أَكْبَرُ شَيْخٍ لابْنِ المبارك. 473- يحيى بن سعيد بن حيان2 –ع- أبو حيان التيمي تَيْمٌ الرَّبَابُ أَحَدُ ثِقَاتِ الْكُوفِيِّينَ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ يَزِيدَ الشعبي وأبي زرعة البجلي. وعنه شعبة وابن علية والقطان ومحمد بن بشر وخلق كثير.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 269"، وتهذيب التهذيب "11/ 198". 2 الجرح والتعديل "9/ 149"، والمعرفة والتاريخ "3/ 19-20".

قال الخريبي: كان الثوري يعظمه، ويوثقه. وقال أبو حاتم: صالح. وقال العجلي: ثقة مبرز صَاحِبُ سُنَّةٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خمس وأربعين ومائة. 474- يحيى بن سعيد1 –ع- بن قيس بن عمرو. وقيل: ابن مهر بدل عَمْرو الإِمَامُ أَبُو سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ الْقَاضِي أَحَدُ الأَعْلامِ. سَمِعَ أَنَسًا وَالسَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ وَأُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ وَأَبَا سَلَمَةَ وَطَبَقَتَهُمْ. وَعَنْهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَالأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَالْحَمَّادَانِ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَهُشَيْمٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو أُسَامَةَ وَيَزِيدُ بن هارون وخلق كثير. قال أيوب السختنياني: ما رأيت بالمدينة أَفْقَهَ مِنْهُ. وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ قَدِمَ دِمَشْقَ فِي صُحْبَةِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ قال المفضل الغلابي: كذا حدثنا يزيد، وإنما هو يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل. وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: آلُ قَهْدٍ أَصْهَارُ حمزةَ عَمّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ: فِي نَسَبِهِ كَمَا قَالَ يَزِيدُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمُ ابْنُ قَهْدٍ وَلَمْ يَصِحَّ، وَزَادَ ابْنُ سَعْدٍ: قَدِمَ يَحْيَى الْكُوفَةَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَهُوَ بِالْهَاشِمِيَّةِ فَاسْتَقْضَاهُ عَلَى قَضَائِهِ وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ حُجَّةً ثَبْتًا. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ ابن عيينة: هُوَ وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ جُرَيْجٍ مُحَدِّثُو الْحِجَازِ يَجِيئُونَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ. قُلْتُ: وَهِمَ مَنْ زَعَمَ أن يحيى ولي فضاء بَغْدَادَ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِر الْخُزَامِيُّ ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بن بلال قال: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَدْ سَاءَتْ حَالُهُ وَأَصَابَهُ ضِيقٌ شَدِيدٌ وَرَكِبَهُ الدَّيْنُ فَجَاءَ كِتَابُ السَّفَّاحِ يَسْتَقْضِيهِ فَوَكَّلَنِي يَحْيَى بِأَهْلِهِ وَقَالَ لِي: وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ وَأَنَا أَجْهَلُ شَيْئًا، فَلَمَّا قَدِمَ الْعِرَاقَ كَتَبَ إِلَيَّ إِنِّي كُنْتُ قُلْتُ لَكَ ما قلت وأنه والله لأذل خصمين

_ 1 التهذيب "11/ 221"، والمشاهير "80".

جَلَسَا بَيْنَ يَدَيَّ فَاقْتَضَيَا شَيْئًا، وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُهُ قَطُّ فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي فَسَلْ رَبِيعَةَ واكتب إِلَيَّ بِمَا يَقُولُ وَلا تَعْلَمُهُ. ابْنُ وَهْبٍ ثنا مَالِكٌ قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: اكْتُبْ لِي أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثَ ابْنِ شِهَابٍ فِي الْقَضَاءِ، فَكَتَبْتُ لَهُ ذَلِكَ فِي صَحِيفَةٍ صَفْرَاءَ، قِيلَ لِمَالِكٍ: أَعَرَضَ عَلَيْكَ؟ قَالَ: هُوَ أَفْقَهُ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: مَا رَأَيْتُ شَيْخًا أَنْبَلَ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: كَانَ يَحْيَى أَجَلَّ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الزُّهْرِيِّ، ثُمَّ جَعَلَ الْقَطَّانُ يَصِفُ يَحْيَى وَيُعَظِّمُهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُحَدِّثُنِي بِالْحَدِيثِ كَأَنَّهُ يَنْثُرُ عَلَيَّ اللُّؤْلُؤَ. وَقَالَ وُهَيْبٌ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا إِلا وَأَنْتَ تَعْرِفُ وَتُنْكِرُ غَيْرَ مَالِكٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الطَّالِقَانِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ أَثْبَتُ النَّاسِ1. وَقَالَ الواقدي: أنا سليمان بن بلال أن يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ ذَهَبَ إِلَى أَفْرِيقِيَّةَ فِي طَلَبِ مِيرَاثٍ لَهُ فَقَدِمَ بِهِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فَلَمَّا أَتَاهُ رَبِيعَةُ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ قَسَّم الْمَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ نِصْفَيْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عبيد بن حساب: ثنا حماد بن زيد عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَتْ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ إِحْدَى عَمَّاتِي، وَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو. قُلْتُ: حَبِيبَةُ هِيَ الَّتِي قَالَتْ: لا أَنَا وَلا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ. وَقَيْسُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ صَحَابِيٌّ حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ. وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ جَدَّهُ قَيْسُ بْنُ عَمْرٍو: يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حنبل وطائفة. قال أحمد بن أبي خثيمة: غَلَطَ مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ حَيْثُ يَقُولُ: يَحْيَى بْنُ سعيد بن قَيْسُ بْنُ قَهْدٍ جَدُّ أَبِي مَرْيَمَ عَبْدِ الغفّار بْن القاسم الأنصاري الكوفي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "6/ 247".

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ سعيد: كم تحفظ؟ قال: ستمائة أو سَبْعَمِائَةِ حَدِيثٍ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عن اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُحَدِّثُنَا فَإِذَا طَلَعَ رَبِيعَةُ سَكَتَ إِجْلالا لِرَبِيعَةَ فَتْلا يَحْيَى يَوْمًا {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} [الحجر: 21] . فَقَالَ عِرَاقِيٌّ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ السِّحْرَ، أَمِنْ خَزَائِنِ اللَّهِ الَّتِي تَنْزِلُ؟ قَالَ يَحْيَى: مَهٍ مَا هَذَا مِنْ مَسَائِلِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَفْحَمَ الْقَوْمَ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَبِيبَةَ: إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَيْسَ مِنْ أَصْحَابِ الْخُصُومَةِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ إِنَّ السِّحْرَ لا يَضُرُّ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ، فَتَقُولُ أَنْتَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَسَكَتَ الرَّجُلُ، فَكَأَنَّمَا كَانَ عَلَيْنَا جَبَلٌ فَوُضِعَ عَنَّا. قُلْتُ: لَهُ أَخَوَانِ: عَبْدُ رَبِّهِ وَسَعْدٌ مَاتَا قَبْلَهُ وَمَاتَ هُوَ سَنَةَ ثلاث وأربعين ومائة. قاله القطان وشباب وجماعة. وقال يزيد والفلاس: سَنَةَ أَرْبَعٍ. 475- يَحْيَى بْنُ صُبَيْحٍ النَّيْسَابُورِيُّ1 -د- كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ عَلَى النَّاسِ الْقِرَاءَاتِ بِنَيْسَابُورَ. رَوَى عَنْ قَتَادَةَ وَعَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، وعنه جريج وابن عيينة ويحيى القطان. وثقه أبو داود. 476- يحيى بن عبيد الله2 -ت ق- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ. أَكْثَرَ عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ ثُمَّ تركه القطان. وقال أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: وَأَبُوه لا يعرف. وَقَالَ شُعْبَة: رأيته يسيء صلاته. 477- يَحْيَى بن أبي عمرو وأبو زُرْعَةَ الشَّيْبَانِيُّ الشَّامِيّ3 -د ن ق- حِمْصِيٌّ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ وَأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ والوليد بن سفيان.

_ 1 التقريب "2/ 375"، تهذيب الكمال "31/ 382"، والجرح والتعديل "9/ 158". 2 التقريب "2/ 361"، وتاريخ الدوري "2/ 650". 3 التهذيب "11/ 260"، والجرح والتعديل "9/ 177".

وَعَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ وَابْنُ شَابُورٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْعِجْلِيُّ وَمَاتَ سَنَةَ ثمان وأربعين ومائة. أرخه ضمرة وقال: عاش خمسًا وثمانين سنة. 478- يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو الضَّحَّاكِ الْهَمْدَانِيُّ1. عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَالْحَرْبِيُّ وسيف بن أسلم. ضعفه ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 479- يَحْيَى بْنُ مَيْسَرَةَ2. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَنْهُ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو أُسَامَةَ. 480- يَحْيَى بْنُ أَبِي الْهَيْثَمِ الْعَطَّارُ3. كُوفِيٌّ. لَهُ عَنْ يُوسُفَ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ. صَدُوقٌ. 481- يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ التُّجِيبِيُّ4. قَاضِي الأَنْدَلُسِ. كَانَ قَدْ بَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ على قضاء الأندلس. وطالت أيامه إلى أَنْ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 482- يَحْيَى بْنُ يَعْقُوبَ أَبُو طَالِبٍ الأَنْصَارِيُّ الْقَاصُّ5. خَالُ أَبِي يُوسُفَ. عَنْ عِكْرِمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ أَبُو تَمِيلَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو حاتم.

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 409", والتهذيب "11/ 279". 2 التاريخ الكبير "8/ 305"، والمعرفة والتاريخ "2/ 270". 3 الجرح والتعديل "9/ 195". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 177". 5 ميزان الاعتدال "4/ 415".

483- يَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ بَصْرِيٌّ1. عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ أَخُوهُ جَرِيرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 484- يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ2 -ن ق- كُوفِيٌّ ثِقَةٌ. لَهُ عَنْ عَمِّهِ عُبَيْدٍ أَخِي سَالِمٍ وَزُبَيْدٍ الْيَامِيِّ وَالْحَكَمِ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَلَهُ كلام ومعرفة بالمغازي والأخبار. 485- يَزِيدُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ3. أَبُو حَبِيبٍ الدَّبَّاغُ. رَوَى عَنْ أنس. وعنه عيسى بن يونس ووكيع وأبو عَاصِمٍ وَآخَرُونَ. وَقَدْ وُثِّقَ. عِدَادُهُ فِي الْبَصْرِيِّينَ. وَلَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ. 486- يَزِيدُ بن طهمان4 -ن ق- أبو المعتمر الرقاشي. بَصْرِيٌّ نَزَلَ الْحِيرَةَ. رَوَى عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ. وعنه الحسن بن حي وشريك والفضل السيناني ووكيع. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. 487- يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدَةَ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ السَّكُونِيُّ5 -ق-. دِمَشْقِيٌّ صَدُوقٌ. لَهُ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ مُسْلِمِ بْنِ مُشْكَمٍ وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ. وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَابْنُ شَابُورٍ. وثقه دحيم. 488- يزيد بن أبي عبيد المدني6 -ع-. عَنْ مَوْلاهُ سَلْمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ وَعُمَيْرِ مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ. وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ وَمَكِّيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَحَدِيثُهُ مِنْ أَعْلَى شَيْءٍ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. مَاتَ سَنَةَ سبع وأربعين ومائة.

_ 1 التقريب "2/ 371"، وابن طهمان "348". 2 تاريخ أبي زرعة "1/ 293"، والتهذيب "11/ 328". 3 التاريخ الكبير "8/ 342"، والجرح والتعديل "9/ 272". 4 التهذيب "1/ 350"، والتقريب "2/ 375". 5 الجرح والتعديل "9/ 279"، والمعرفة والتاريخ "3/ 27". 6 المعرفة والتاريخ "1/ 437"، والمشاهير "78".

489- يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ الْيَشْكُرِيُّ الْكُوفِيُّ1 –م4-. عَنْ أَبِي حَازِمٍ سَلْمَانَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِغْرَاءَ وَمُحَمَّدُ وَيَعْلَى ابْنَا عُبَيْدٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وقال أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. 490- يَزِيدُ بْنُ مردانبة2 –ن- الكوفي التَّاجِرُ. عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي بُرْدَةَ وَزِيَادِ بْنِ عَلاقَةَ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَالْخُرَيْبِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 491- يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الدِّمَشْقِيُّ3 –خ4- أبو عبد الله مولى مِنْ مَوَالِي الأَنْصَارِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ وَأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ وَمَكْحُولٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ. ورأى وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ. رَوَى عَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ وَيَحْيَى بن حمزة الوليد بْنُ مُسْلِمٍ وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ وَابْنُ شَابُورٍ. وثّقه ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِذَاكَ. قَالَ دُحَيْمٌ وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: سَأَلْتُ حَمَّادَ بْنَ يزيد عن موت أَبِيهِ فَقَالَ: بَعْدَ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. 492- يَعْقُوبُ بْنُ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ4 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ التَّيْمِيُّ أَبُو عَرَفَةَ الْمَدَنِيُّ. عَنِ الْمَقْبُرِيِّ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمَا. وَكَانَ قَاضِيًا بالمدينة. كأنه مات شابًا.

_ 1 التهذيب "11/ 356"، والجرح والتعديل "9/ 285". 2 التقريب "2/ 380"، وتاريخ الثقات "480". 3 ميزان الاعتدال "4/ 439"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 235". 4 التهذيب "11/ 385".

493- يَعْقُوبُ بْنُ الْقَعْقَاعِ1. أَبُو الْحَسَنِ الْخُرَاسَانِيُّ قَاضِي مَرْوَ. عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وُثِّقَ. 494- يَعْقُوبُ بْنُ قَيْسٍ الْكُوفِيُّ2. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 495- يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ3 -م د-. أبو حررة المدني القاص مولى بني مخزوم. عن القاسم مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ. وَعَنْهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 496- يُوسُفُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو شَيْبَةَ الْجَوْهَرِيُّ4 -ت ق-. بَصْرِيٌّ وَاهٍ. لَهُ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَهُ عَجَائِبُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ. 497- يُوسُفُ بْنُ الْمُهَاجِرِ الْحَدَّادُ5. عَنِ الْقَاسِمِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 498- يُوسُفُ بْنُ مَيْمُونَ6. أَبُو خُزَيْمَةَ الصَّبَّاغُ بصري.

_ 1 التقريب "2/ 386"، والجرح والتعديل "9/ 213". 2 الجرح والتعديل "9/ 213". 3 ميزان الاعتدال "4/ 453"، والجرح "9/ 215". 4 التاريخ الكبير "8/ 377"، والتهذيب "11/ 407". 5 الجرح والتعديل "9/ 231". 6 التهذيب "11/ 426"، والميزان "4/ 474".

عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَنَسِ بْنِ سِيرِينَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَوَكِيعٌ وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 449- يُونُسُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ الإِسْكَافُ1 -خ ت ن ق- بَصْرِيٌّ. عَنِ الْحَسَنِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَرْسَانِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وغيره. وأما ابن حبان فقال: لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ لِغَلَبَةِ الْمَنَاكِيرِ فِي حَدِيثِهِ. "الْكُنَى": * أبُو الأَشْهَبِ النَّخَعِيُّ. اسْمُهُ جَعْفَرٌ. تقدم. 500- أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ2 -خ م ن-. رَوَى عَنْ عَمِّهِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو ضُمْرَةَ. وَكَانَ ثِقَةً. * أَبُو بَكْرٍ الْمَدَنِيّ عَنْ جَابِرٍ. وَاسْمُهُ الْفَضْلُ، مَرَّ. 501- أَبُو الْبِلادِ هُوَ يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْغَطْفَانِيُّ الْكُوفِيُّ3. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. * أَبُو الْجَحَّافِ هُوَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ. ذُكِرَ. 502- أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطَمِيُّ الْمَدَنِيُّ4 -4- نَزِيلُ الْبَصْرَةِ، اسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ يزيد.

_ 1 التقريب "2/ 3859"، والمجروحين "3/ 139". 2 تهذيب التهذيب "12/ 33"، والجرح والتعديل "9/ 343". 3 الجرح والتعديل "9/ 160". 4 التاريخ لابن معين "2/ 457"، والجرح والتعديل "6/ 379".

رَوَى عَنْ خَالِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ الْفَاكِهِ وَعُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُمَارَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَيُوسُفُ السَّمْتِيُّ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 503- أَبُو جناب الكلبي1 -د ت ق- يحيى بن أبي حية. كُوفِيٌّ. عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَجَمَاعَةٌ. وقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ مُدَلِّسٌ. ورَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ به بأس. وقال أَحْمَدُ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ. وقَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ يُضَعِّفُهُ. 504- أَبُو خَالِدٍ الدَّالانِيُّ2 -4- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَعَبْدُ السَّلامِ الْمُلائِيُّ وَالْمُحَارِبِيُّ وَشُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. 505- أبو الرحال الأنصاري البصري3 –ت- يُقَالُ اسْمُهُ: خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بن خالد. عن أنس بن مالك وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي رَجَاءٍ الْعَطَارِدِيِّ. وَعَنْهُ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ وَسَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَيَزِيدُ بْنُ بَيَّانٍ الْعُقَيْلِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَهُ عَجَائِبُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي حديثه بعض النكرة. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ. 506- أَبُو الرَّحَّالِ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ4 –خت- اسْمُهُ عقبة بن عبيد وهو أخو سعيد الطائي.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 138". 2 الجرح والتعديل "9/ 277". 3 التاريخ الكبير "9/ 30". 4 الجرح والتعديل "6/ 315".

لَهُ عَنْ أَنَسٍ وَبَشِيرِ بْنِ يَسَّارٍ. وعنه حفص بن غياث ويحيى القطان وعيسى بن يونس وغيرهم. ليس بحجة. 507- أبو سعد البقال الكوفي الأعور1 -ت ق- اسمه سعيد بن المرزبان مَوْلَى حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. رَوَى عَنْ أنس وأبي وائل وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة. وعنه شعبة والسفيانان ويعلى بن عبيد ويزيد بن هارون وعبيد الله بن موسى. تركه الفلاس وهو ضعيف عندهم. 508- أبو سعيد بن عوذ البراد2. مكي. اسمه رجاء بن الحارث. سمع ابن الزبير وقيل: سَمِعَ مِنْ رَجُلٍ عَنْهُ. حَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ وَآخَرُونَ، وَرَوَى أَيْضًا عن مُجَاهِدٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بأس. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مِقْدَارُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ. * أَبُو سِنَانٍ الْحَنَفِيُّ الْفِلَسْطِينِيُّ عِيسَى بْنُ سِنَانٍ. * أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ. * أَبُو سِنَانٍ الشَّيْبَانِيُّ نَزِيلُ الرَّيِّ، سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ. 509- أَبُو السِّنْدِيِّ سُهَيْلُ بْنُ ذَكْوَانَ، مَكِّيٌّ3. عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ هُشَيْمٌ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. كَذَّبَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَتَرَكَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ سَوْدَاءَ فَكَذَبَ بِمِثْلِ هَذَا. * أبو شعيب المجنون الصلت.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 62"، والمعرفة والتاريخ "3/ 59". 2 الجرح والتعديل "3/ 501". 3 الجرح والتعديل "4/ 246"، والتاريخ لابن معين "2486".

510- أبو شهاب الحناط1 -خ م ن- الأكبر. هو موسى بن نافع، كُوفِيٌّ ثِقَةٌ قَدِيمٌ. رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ. وعنه الثوري ويحيى القطان وأبو أسامة وأبو نعيم وأبو داود الطيالسي. وثقه ابن معين، وهو أكبر شيخ لأبي داود. * أبو الصباح النخعي. -ق-. سليمان بن بشير، مَرَّ. 511- أَبُو عَاتِكَةَ2 –ت-. عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ وَسَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَغَسَّانُ بْنُ عُبَيْدٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. * أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ هُوَ خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ. قدْ ذُكِرَ. * أَبُو عُمَرَ الْخَزَّازُ، النَّضْرُ قَدْ ذُكِرَ. 512- أَبُو الْعُمَيْسِ3 -ع-. هُوَ أَخُو الْمَسْعُودِيِّ وهو عتبة بم عبد الله بن عتبة بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ الْكُوفِيُّ. رَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وابن ملكية وقيس بن مسلم وعون بن أبي جحيفة. وعنه وكيع وأبو أسامة وجعفر بن عون وأبو نعيم وآخرون. وثقه أحمد وليس هو بالمكثر. قال عباس الدوري: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ثنا أَبُو الْعُمَيْسِ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: مَرَّ الْفُرَاتُ فَجَاءَ بِرُمَّانَةٍ مِثْلَ الْبَعِيرِ، فَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّهَا مِنَ الْجَنَّةِ. * أَبُو الْعَنْبَسِ4. عَنْ أَبِي عُمَرَ زَاذَانَ. وَعَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ. اسمه سعيد بن كثير.

_ 1 التقريب "2/ 430"، والجرح والتعديل "8/ 165". 2 التهذيب "12/ 141-142"، والجرح والتعديل "4/ 494". 3 الجرح والتعديل "6/ 372". 4 الجرح والتعديل "4/ 56".

513- أَبُو الْعَنْبَسِ1. عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَنْ مولى مَوْلَى لأُمِّ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَشُعْبَةُ وَغَيْرُهُمَا. قَدِيمُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا أَخَّرْتُهُ لِرَفِيقَيْهِ. أَبُو الْعَنْبَسِ2. عن أبي وائل. وعنه حفص بن غياث وَوَكِيعٌ اسْمُهُ عَمْرٌو، مَرَّ. * أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، سَعْدٌ قَدْ ذُكِرَ. 514- أَبُو مِسْكِينَ3، الأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ، اسمه الحر فيما قيل. رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَهُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ. وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو عَوَانَةَ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. 515- أَبُو مُصْلِحٍ الْخُرَاسَانِيُّ4. صَاحِبُ الضَّحَّاكِ، اسْمُهُ نَصْرُ بْنُ مُشَارِسٍ. حَدَّثَ عَنْهُ بَشَّارُ بْنُ قِيرَاطٍ وَوَكِيعٌ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَعُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. * أَبُو الورقاء، فايد5. 516- أبو يعفور الكوفي6 –ع- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ الثَّعْلَبِيُّ العامري. عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَبِي الضُّحَا مُسْلِمٌ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ ثِقَةٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. * أَبُو الْيَقْظَانِ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عمير، مر.

_ 1 التهذيب "12/ 189". 2 التهذيب "12/ 189". 3 التهذيب "12/ 238". 4 التهذيب "12/ 238". 5 التقريب "2/ 466". 6 الجرح والتعديل "5/ 259".

* أَبُو يُونُسَ الْقَوِيُّ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ. مَرَّ. 517- ابْنُ مَيَّادَةَ1. مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ أَدْرَكُوا الدَّوْلَتَيْنِ الأُمَوِيَّةَ وَالْهَاشِمِيَّةَ، وَاسْمُهُ رَمَّاحُ بْنُ أَبْرَدَ أَبُو شَرَاحِيلَ، ويُقَالُ: أَبُو شُرَحْبِيلَ الْمُرِّيُّ، وأمه بربرية اسمها ميادة. ومن قول السَّائِرِ: وَإِنِّي لِمَا اسْتَوْدَعْتِ يَا أُمَّ مَالِكٍ ... عَلَى قِدَمٍ مِنْ عَهْدِنَا لَكَتُومُ أَأُخبِرُ سِرِّي ثُمَّ أَسْتَكْتِمُ الَّذِي ... أُخَبِّرُهُ إِنِّي إِذَنْ لَلَئِيمُ آخِرُ الطَّبَقَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين.

_ 1 وانظر ترجمته في معجم الأدباء "11/ 143".

الطبقة السادسة عشرة: أحداث سنة إحدى وخمسين ومائة

الطبقة السادسة عشرة: أحداث سنة إحدى وخمسين ومائة أحداث سنة اثنين وخمسين ومائة ... الطبقة السادسة عشرة: أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ تُوُفِّيَ فِيهَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْمَكِّيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ الأَوْدِيُّ، وَسَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ فِي رَجَبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الأَسْلَمِيُّ، يُقَالُ فِيهَا، وَعَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ الْمَكِّيُّ، وَعِيسَى بْنُ عِيسَى الْحَنَّاطُ، وَمُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَّارٍ فِيهَا عَلَى الأَصَحِّ، وَمَعْنُ بن زائدة الأمير، وَالْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمَدَنِيُّ بِالْكُوفَةِ، وَصَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ الأَمِيرُ، بِخُلْفٍ. وَفِيهَا عُزِلَ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الْمُهَلَّبِيُّ عَنِ السَّنَدِ بِهِشَامِ بْنِ عَمْرٍو التَّغْلِبِيِّ، ثُمَّ وَلِيَ الْمُهَلَّبِيُّ إِفْرِيقِيَّةَ. وَسَبَبُ عَزْلِهِ عَنِ السَّنَدِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ لَمَّا خَرَجَ بِالْمَدِينَةِ، وَجَّهَ وَلَدَهُ الأَشْتَرَ فِي طَائِفَةٍ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْتَرُوا بِهَا خَيْلا وَيَمْضُوا بِهَا إِلَى السَّنَدِ يُقَدِّمُونَهَا إِلَى عُمَرَ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ، فَقَدِمُوا بِهَا، فَسُرَّ بِهِمْ، وَدَعَا خَوَاصَّهُ إِلَى بَيْعَةِ مُحَمَّدٍ، فَأَجَابُوهُ، وَفَصَلَ الأَقْبِيَةَ وَالأَعْلامَ الْبِيضَ، وَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ، فَجَاءَهُ مَصْرَعُ ابْنِ حَسَنٍ، فَوَجَّهَ عَبْدَ اللَّهِ الأَشْتَرَ خُفْيَةً إِلَى مَلِكٍ مُشْرِكٍ يَثِقُ بِهِ، فَأَكْرَمَ الْمَلِكُ مَوْرِدَ الأَشْتَرِ. وَكَانَ مَعَهُ نَحْوُ أَرْبَعُمِائَةٍ فَكَانَ يَرْكَبُ وَيَتَصَيَّدُ فِي هَيْئَةِ مَلِكٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْمَنْصُورُ فَعَزَلَ عُمَرَ بْنَ حَفْصٍ، ثُمَّ إِنَّ الأَشْتَرَ خَرَجَ يَتَنَزَّهُ، وَظَفَرَ بِهِ أَجْنَادُ هِشَامٍ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ الأَشْتَرُ وَأَصْحَابُهُ. وَفِيهَا قَدِمَ الْمَهْدِيُّ مِنَ الرَّيِّ إِلَى بَغْدَادَ، وَشَرَعَ الْمَنْصُورُ فَبَنَى الرَّصَافَةَ وَشَيَّدَهَا، وَعَمِلَ لَهَا سُورًا مَنِيعًا وَخَنْدَقًا وَمَيْدَانًا، وَجَرَّ إِلَيْهَا الْمَاءَ، وَجَعَلَهَا لِلْمَهْدِيِّ، وَجَدَّدَ لَهُ بَيْعَةَ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِ الْمَهْدِيِّ لِعِيسَى بْنِ مُوسَى، وَفِيهَا وَلِيَ مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ، إِقْلِيمَ سِجِسْتَانَ1. أحداث سَنَةَ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَأَبُو خَلَدَةَ خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو عَامِرٍ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ الْخَزَّازُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، وَعُمَرُ بن سعيد بن أبي حسين

_ 1 وانظر: تاريخ خليفة "ص279"، وتاريخ الطبري "8/ 33-40"، والبداية "10/ 106-107"، والنجوم الزاهرة "2/ 17".

المكي، وطلحة بن عمرو المكي، وعباد بْنُ مَنْصُورٍ النَّاجِي، أَبُو حُرَّةَ وَاصِلُ بْنُ عبد الرحمن، ويونس بن يزيد الأيلي فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا وَثَبَتَ الْخَوَارِجُ بِبُسْتٍ عَلَى مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ فَقَتَلُوهُ لِجَوْرِهِ وَعَسَفِهِ. وَفِيهَا غَزَا حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ كَابُلَ، وَوَلاهُ الْمَنْصُورُ إِقْلِيمَ خُرَاسَانَ. وَفِيهَا وَلِيَ الْبَصْرَةَ يَزِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَوَلِيَ مِصْرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُزِلَ عَنْهَا يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْمَنْصُورُ1.

_ 1 وانظر: تاريخ خليفة "ص/ 280"، وتاريخ الطبري "8/ 41"، والبداية والنهاية "10/ 109"، وصحيح التوثيق "6/ 50".

أحداث سنة ثلاث وخمسين ومائة

أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ فِيهَا أَبَانُ بْنُ صَمْعَةَ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَالِمٍ بَرَدَانُ1 وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ الْكُلاعِيُّ، وَبُكَيْرُ بنُ مِسْمَارٍ، فِي قَوْلٍ. وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ قَاضِي بَغْدَادَ، وَحُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الْبَصْرِيُّ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ الْحِزَامِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيُّ، وَفِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكُوفِيُّ، وَقُدَامَةُ بْنُ مُوسَى الْجُمَحِيُّ، محل بْنُ مُحْرِزٍ الضَّبِّيُّ، وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ بِالْيَمَنِ فِي رَمَضَانَ، وَمُوسَى بْنُ أَيُّوبَ الْغَافِقِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ، وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ الْغَازِ الدِّمَشْقِيُّ، وَوُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِيهَا قُتِلَ مُتَوَلِّي إِفْرِيقِيَّةَ عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ، خَرَجَتْ عَلَيْهِ أُمَمٌ مِنَ الْبَرْبَرِ، وَعَلَيْهِمْ أَبُو حَاتِمٍ الإِبَاضِيُّ وَأَبُو عَادٍ، فَيُقَالُ: كَانُوا فِي خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَأَزْيَدَ مِنْ مِائَتَيْ أَلْفِ رَاجِلٍ، وَكَانُوا قَدْ بَايَعُوا بِالْخِلافَةِ أبا قرة الصفري2. وفيها أَلْزَمَ الْمَنْصُورُ رَعِيَّتَهُ بِلَبْسِ الْقَلانِسِ الطِّوَالِ الْمَعْرُوفَةِ بالدنية3 فكانوا يعلمونها

_ 1 تاريخ خليفة "427". 2 تاريخ الطبري "8/ 42". 3 الدنية: مشبهة بالدن في طول شبرين تعمل من ورق على قصب وتغشى بالسواد، قريبة الشبه من الشربوش. "انظر: دول الإسلام 1/ 105".

بِالْقَصَبِ وَالْوَرَقِ وَيُلْبِسُونَهَا السَّوَادَ. وَفِيهَا يَقُولُ أَبُو دُلامَةَ: وَكُنَّا نُرَجِّي مِنْ إِمَامٍ زِيَادَةً ... فَزَادَ الإِمَامُ الْمُصْطَفَى فِي الْقَلانِسِ تَرَاهَا عَلَى هَامِ الرِّجَالِ كَأَنَّهَا ... دِنَّانُ يَهُودَ جُلِّلَتْ بِالْبَرَانِسِ وَفِيهَا عزل الصَّائِفَةَ مَسْعُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَحْدَرِيُّ فَفَتَحَ حِصْنًا بِالرُّومِ بِالسَّيْفِ. وَفِيهَا وَلِيَ بَكَّارُ بْنُ مُسْلِمٍ أَرْمِينِيَّةَ. وَفِيهَا دَخَلَ الْمِيذُ دِجْلَةَ فَوَصَلُوا إِلَى الْبَصْرَةِ فَقَتَلُوا وَسَبُوا، ثُمَّ سَارَ لِحَرْبِهِمُ الْعَسْكَرُ، فَقَهَرُوهُمْ وَاسْتَنْقَذُوا مِنْهُمْ كَثِيرًا مِمَّا أَخَذُوا1.

_ 1 وانظر: تاريخ خليفة "ص/ 280"، تاريخ الطبري "8/ 42-43"، والكامل "5/ 610"، والبداية والنهاية "10/ 109-110"، وصحيح التوثيق "6/ 50".

أحداث سنة أربع وخمسين ومائة

أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ فِيهَا أَشْعَبُ الطَّمَعُ، وَجَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ، وَالْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ الْعَدَنِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ التَّيْمِيَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ الدِّمَشْقِيُّ، وعُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن مَوْهب، وَعَلِيُّ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ الْكُوفِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَّارٍ الْمَدَنِيُّ، وقُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُهَاجِرٍ الشُّعَيْثِيُّ، وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ الْمَازِنِيُّ، وَمَعْمَرٌ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا قَدِمَ الْمَنْصُورُ الشَّامَ، وَزَارَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ جَهَّزَ يَزِيدَ بْنَ حَاتِمٍ فِي خمسين ألفاُ لحرب الخوارج بإفريقة، وَأَنْفَقَ عَلَى ذَلِكَ الْجَيْشِ -مَعَ شُحِّهِ بِالْمَالِ- سِتِّينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَزِيَادَةً. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ صَاعِقَةَ نَزَلَتْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَأَهْلَكَتْ خَمْسَةَ نَفَرٍ. وَفِيهَا هَلَكَ الْوَزِيرُ أَبُو أَيُّوبَ الْمُورِيَانِيُّ، كَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ غَضِبَ عَلَيْهِ فِي عَامِ أَوَّلٍ، فَسَجَنَهُ وَأَخَاهُ خَالِدًا، وَبَنِي أَخِيهِ وَصَادَرَهُمْ. وَسَبَبُ غَضَبِهِ عَلَيْهِمْ أَنَّ كَاتِبَ سِرِّ الْوَزِيرِ سَعَى بِهِ إِلَى الْمَنْصُورِ، فَهَلَكَ أَبُو أَيُّوبَ وَضَرَبَ أَعْنَاقَ بَنِي أَخِيهِ. وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ: قَدِمَ الْمَنْصُورُ دِمَشْقَ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَى قَضَائِهَا يَحْيَى بْنَ حَمْزَةَ، فَاعْتَلَّ بِأَنَّهُ شَابٌّ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَى أَهْلَ بلَدِكَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَيْكَ، فَإِيَّاكَ وَالْهَدِيَّةَ، فَبَقِيَ عَلَى الْقَضَاءِ ثَلاثِينَ سنة1.

_ 1 وانظر: تاريخ خليفة "ص/ 281"، وتاريخ الطبري "8/ 46"، والكامل "6/ 6"، والبداية والنهاية "10/ 113".

أحداث سنة خمس وخمسين ومائة

أحداث سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ زَبَّانِ بن فائد المصري، وصفوان بْنِ عَمْرٍو الْحِمْصِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ التُّجِيبِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ الدِّمَشْقِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ بِالشَّامِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ظَنًّا، وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمُفَضَّلُ بن لاحق، وأبو فروة يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرُّهَاوِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا اسْتَنْقَذَ يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمَغْرِبَ مِنَ الْخَوَارِجِ بَعْدَ حُرُوبٍ عَظِيمَةٍ، وَقَتَلَ أَبَا عَادٍ وَأَبَا حَاتِمٍ مَلِكَيِ الْخَوَارِجِ، وَمَهَّدَ الإِقْلِيمَ وَبَقِيَ عَلَى إِمْرَتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا. وَفِيهَا سَارَ الْمَهْدِيُّ إِلَى الرَّافِقَةِ، فَنَزَلَ هُنَاكَ، وَأَنْشَأَ الْمَدِينَةَ. وَفِيهَا أَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِعَمَلِ سُورٍ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَسُورٍ عَلَى الْكُوفَةِ، فعُمِلا مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْبَلَدَيْنِ، وَوَلِيَ البصرة الْهَيْثَمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعَتَكِيُّ. وَفِيهَا عَزَلَ الْمَنْصُورُ أَخَاهُ الْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنِ الْجَزِيرَةِ، وَحَبَسَهُ مُدَّةً وَأَغْرَمَهُ أَمْوَالا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا مُوسَى بْنَ كَعْبٍ. وَفِيهَا عَزَلَ عَنِ الْمَدِينَةِ الْحُسَيْنَ بْنَ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَلَوِيَّ بِعَبْدِ الصَّمَدِ عَمِّ الْمَنْصُورِ وَجَعَلَ مَعَهُ فُلَيْحَ بْنَ سُلَيْمَانَ مُعِينًا له. وفيها كانت غزوة ذاذقشة بِنَاحِيَةِ بَحْرِ الْخَزَرِ، وَمُقَدَّمُ الإِسْلامِ مُتَوَلِّي أَرْمِينِيَّةَ يَزِيدُ بْنُ أُسَيْدٍ السُّلَمِيُّ، وَكَانَ أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَوْصُوفِينَ فَجُرِحَ، وَقَدْ كَانَ مِنْ بَقَايَا أُمَرَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى أَرْمِينِيَّةِ، وَلَهُ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ يَوْمَ الْمَصَافِّ، رَوَاهَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَلِرَبِيعَةَ الشاعر فيه، وفي يزيد بْنِ قَبِيصَةَ الْمُهَلَّبِيِّ مُتَوَلِّي إِفْرِيقِيَّةَ: لَشَتَّانَ مَا بين اليزيدين في الندى ... يزيد سليم والأغر ابن حاتم فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله ... وهم الفتى القيسي جمع الدراهم ولا يحسب التمتام أني هجوته ... ولكنني فضلت أهل المكارم1

_ 1 وانظر تاريخ خليفة "ص/ 281"، وتاريخ الطبري "8/ 50-52"، والبداية "10/ 114-115"، والكامل "6/ 11"، ووفيات الأعيان "6/ 322"، والأغاني "16/ 189"، وطبقات ابن المعتز "157".

أحداث سنة ست وخمسين ومائة

أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا أَفْلَحُ بن سعيد القبائي، وأفلح بن حميد الْمَدَنِيِّ فِي قَوْلٍ، وَحَمَّادُ الرَّاوِيَةُ بِالْعِرَاقِ، وَحَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ الزَّيَّاتُ. وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ الْقَاضِي، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ الْبَلْخِيُّ بِالشَّامِ، وَعبد الحكيم بن أَبِي فَرْوَةَ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الإِفْرِيقِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْلَةَ الشَّامِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ ذَرٍّ الهمداني، وعيسى بن عمر الهمذاني المقرئ، وقباث بْنُ رَزِينٍ اللَّخْمِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ غَازٍ فِي قَوْلٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ, وَالْهَيْثَمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعَتَكِيُّ الأَمِيرُ. وَفِيهَا كَانَ الْهَيْثَمُ الْمَذْكُورُ أَمِيرَ الْبَصْرَةِ قَدْ ظَفَرَ بِعَمْرِو بْنِ رَاشِدٍ الَّذِي كَانَ وَلاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، إِذْ خَرَجَ عَلَى إِقْلِيمِ فَارِسٍ فَصُلِبَ بِالْبَصْرَةِ بَعْدَ قَطْعِ أَرْبَعَتِهِ، ثُمَّ عُزِلَ الْهَيْثَمُ وَاسْتُعْمِلَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الصَّلاةِ مُضَافًا إِلَى الْقَضَاءِ، فَمَاتَ الْهَيْثَمُ فَجْأَةً بِبَغْدَادَ عَلَى صَدْرِ سَرِيَّتِهِ. وَوَلِيَ شرطة البصرة سعيد بن دعلج.

أحداث سنة سبع وخمسين ومائة

أحداث سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا قَاضِي مَرْوَ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فِي قَوْلٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ سَعِيدٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَارِثِيُّ الأَمِيرُ، وَفَقِيهُ الشَّامِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ صهبان، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي الزُّهْرِيُّ، وَمُصْعَبُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي قَوْلٍ، وَيُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو مِخْنَفٍ لُوطٌ فِي قَوْلٍ. وَفِيهَا أَنْشَأَ الْمَنْصُورُ قَصْرَهُ الَّذِي سَمَّاهُ الْخُلْدَ. وَفِيهَا عَرَضَ جُيُوشَهُ فِي السِّلاحِ وَالْخَيْلِ، وَخَرَجَ هُوَ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ وَقَلَنْسُوَةٌ سَوْدَاءُ مُضَرَّبَةٌ، وَفَوْقَهَا الْخَوْذَةُ1، وَنَقَلَ الأَسْوَاقَ مِنْ بَغْدَادَ، وَعُمِلَتْ بِظَاهِرِهَا بِبَابِ الْكَرْخِ، وَأَمَرَ بِعَمَلِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، وَوَسَّعَ شَوَارِعَ بَغْدَادَ، وَهَدَمَ دُورًا لِذَلِكَ. وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ عَلَى الْبَصْرَةِ بَعْدَ مَوْتِ سَوَّارٍ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيَّ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى السِّنْدِ مَعْبدَ بْنَ خليل، وصرف هشام بن عمرو.

_ 1 الخوذة: غطاء معدني يحمي رأس الجندي "ج" خوذ.

وَفِيهَا غَزَا الرُّومَ يَزِيدُ بْنُ أُسَيْدٍ السُّلَمِيُّ فَوَجَّهَ عَلَى بَعْضِ جَيْشِهِ سِنَانًا مَوْلَى الْبَطَّالِ، فسبى وغنم1.

_ 1 وراجع: تاريخ خليفة "ص/ 281"، والطبري "8/ 50-52"، والبداية "10/ 114-115"، صحيح التوثيق "6/ 52".

أحداث سنة ثمان وخمسين ومائة

أحداث سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَحَيَّوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْمِصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَنْصُورُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ الأَخْبَارِيُّ الْمَشْهُورُ بِالْمَنْتُوفِ، وجبير القصاب، وحاجب ابن عُمَرَ، وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ الْفَقِيهُ وَعَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَارِيٌّ عَلامَةٌ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ الأَيْلِيُّ، وَمَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ الْكُوفِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَاضِي الأَنْدَلُسِ. وَفِيهَا وَجَّهَ الْمَنْصُورُ وَلَدَهُ إِلَى الرِّقَّةِ، فَعَزَلَ مُوسَى بْنَ كَعْبٍ عَنِ الْجَزِيرَةِ، وَوَلِيَهَا يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكٍ، فَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: كَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ أَلْزَمَ خَالِدَ بْنَ بَرْمَكٍ بِثَلاثَةِ آلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ نَذْرَ دَمِهِ، وَأَجَّلَهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَالَ خَالِدٌ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ قَدْ تَرَى مَا حَلَّ بِنَا فَانْصَرِفْ إِلَى أَهْلِكِ، فَمَا كُنْتَ فَاعِلا بِهِمْ بَعْدَ مَوْتِي فَافْعَلْ، وَالْقَ إِخْوَانَنَا، وَمُرْ بِعُمَارَةَ بْنِ حَمْزَةَ، وَصَالِحٍ صَاحِبِ الْمُصَلَّى، وَمُبَارَكٍ التُّرْكِيِّ، فأعلمهم حالنا. قال ابن عطية: فَحَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ: أَتَيْتُهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ تَجَهَّمَنِي وَأَرْسَلَ الْمَالَ سِرًّا، وَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَارَةَ، فَدَخَلْتُ وَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ رَدًّا ضَعِيفًا, وَقَالَ: كَيْفَ أَبُوكَ؟ قُلْتُ: بِخَيْرٍ، يَسْتَسِلْفُكَ لِمَا نَزَلَ بِهِ، فَسَكَتَ، فَضَاقَ بِي مَوْضِعِي وَلَعَنْتُهُ عَلَى تِيهِهِ وَكِبْرِهِ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ بَعَثَ عُمَارَةُ مَعَ رَسُولِهِ مِائَةَ أَلْفٍ، وَجَمَعْنَا فِي يَوْمَيْنِ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَسَبْعَمِائَةِ أَلْفٍ. فَوَاللَّهِ إِنِّي لَعَلَى الْجِسْرِ مَارًّا وَأَنَا مَهْمُومٌ، إِذْ وَثَبَ إِلَيَّ زَاجِرٌ فَقَالَ: فَرْخُ الطَّائِرِ أَخْبَرَكَ، فَلَمْ أَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَتَعَلَّقَ بِاللِّجَامِ، فَقَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ مَهْمُومٌ، وَلَيُفَرِّجَنَّ اللَّهُ هَمَّكَ وَلَتَمُرَّنَ غَدًا هُنَا وَاللِّوَاءُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَأَقْبَلْتُ أَعْجَبُ مِنْهُ، فَقَالَ: فَإِنْ تَمَّ ذَلِكَ فَلِي خَمْسَةُ آلافِ دِرْهَمٍ، قُلْتُ: نعم، ومضيت، فورد على المنصور انتقاص الموصل، وانتشار الأكراد بها، فقال: من لها؟ فقال له: المسيب بن زهير كان صديقنا: عندي يا

أمير المؤمنين رأي، إنك لا تَنْتَصِحُهُ وَسَتَلْقَانِي بِرَدِّهِ، قَالَ: قُلْ فَلَسْتُ أَسْتَغِشُّكَ، قَالَ: مَا رَمَيْتَهَا بِمِثْلِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكٍ، قَالَ: وَيْحَكَ! وَيَصْلُحُ لَنَا بَعْدَمَا أَتَيْنَا إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ، وَصَفَحَ عَنِ الثَّلاثِمِائَةِ أَلْفٍ الْبَاقِيَةِ، وَعَقَدَ لَهُ، وَأَعْطَيْتُ الزَّاجِرَ خَمْسَةَ آلافٍ، وَأَمَرَنِي أَبِي بِحَمْلِ الْمَالِ وَهِيَ مِائَةُ أَلْفٍ إِلَى عُمَارَةَ، فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى هَيْئَةٍ مِنَ الْبَأْوِ وَالْكِبْرِ، فَسَلَّمْتُ، فَمَا رَدَّ، بَلْ قَالَ: كَيْفَ أَبُوكَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، وَذَكَرْتُ لَهُ رَدَّ الْمَالِ، فَاسْتَوَى جَالِسًا، ثُمَّ قَالَ: أَكُنْتُ صَيْرَفِيًّا لِأَبِيكَ يَأْخُذُ مِنِّي إِذَا شَاءَ وَيَرُدُّ إِذَا شَاءَ، قُمْ عَنِّي لا قُمْتَ! فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَأَعْلَمْتُهُ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ إِنَّهُ عُمَارَةُ، وَمَنْ لا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ. وَعَنْ بَعْضِ الْمَوَاصِلَةِ قَالَ: مَا هِبْنَا أَمِيرًا قَطُّ مَا هبنا ابن برمك. واستعمل المهدي على أذربيجان يَحْيَى بن خَالِد بن برمك، واتصلت وِلايَتُهُ بِوِلايَةِ أَبِيهِ، وَكَانَ الْمَنْصُورُ يَقُولُ: وُلِدَ النَّاسُ أبناء وولد خالد أبًا. وفيه نَزَلَ الْمَنْصُورُ قَصْرَهُ الْخُلْدَ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبِ شُرْطَتِهِ الْمُسَيَّبِ بْنِ زُهَيْرٍ وَقَيَّدَهُ وَسَجَنَهُ لِكَوْنِهِ قَتَلَ أَبَانَ بْنَ بِشْرٍ الْكَاتِبَ تَحْتَ السِّيَاطِ، ثُمَّ شَفَعَ الْمَهْدِيُّ فِيهِ فَرُدَّ إِلَى مَنْصِبِهِ. وَفِيهَا سَقَطَ الْمَنْصُورُ عَنْ فَرَسِهِ، فَشُجَّ بَيْنَ حَاجِبَيْهِ. وَفِيهَا أَمَرَ الْمَنْصُورُ نَائِبَ مَكَّةَ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيَّ بِحَبْسِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَعَبَّادَ بن كثير، فحبسهما، وكان يسامرهما خُفْيَةً، ثُمَّ أهَمَّهُ أَمْرُهُمَا، وَخَافَ أَنْ يَحُجَّ المنصور فيقتلهما، فنذر رَاحِلَةً وَذَهَبًا فِي السِّرِّ إِلَى عَبَّادِ وَسُفْيَانَ، وَإِلَى شَخْصٍ عَلَوِيٍّ لِيَهْرَبُوا أَوْ يَخْتَفُوا. وَقَدِمَ الْمَنْصُورُ بِآخِرِ رَمَقٍ، فَمَاتَ وَوَقَى اللَّهُ شَرَّهُ، تمرض في أثناء الدرب وحمي مزاجه، وتم الرَّبِيعُ الْحَاجِبُ مَوْتَهُ، وَمَنَعَ النِّسَاءَ مِنَ الْبُكَاءِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَمَعَ الأُمَرَاءَ وَأَخَذَ الْبَيْعَةَ لِلْمَهْدِيِّ. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ العباسي ابن أَخِي الْمَنْصُورِ، وَهُوَ شَابٌّ أَمْرَدُ. وَفِيهَا مَاتَ طاغية الروم لعنه الله1.

_ 1 وراجع: تاريخ خليفة "ص/ 282"، وتاريخ الطبري "8/ 364"، والكامل "6/ 22"، والنجوم الزاهرة "2/ 39"، والبداية "10/ 120-121".

أحداث سنة تسع وخمسين ومائة

أحداث سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ فِيهَا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ الْوَاسِطِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ الأَمِيرُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ بِمَكَّةَ، وَعِكْرِمَةُ بن عمار اليمامي، وعمار بن زريق الضبي، ومالك ابن مِغْوَلٍ قِيلَ فِي أَوَّلِهَا، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْهُذْلِيُّ وَاسْمُهُ سَلْمَى. وَفِيهَا غَزَا الصَّائِفَةَ الْعَبَّاسُ أَخُو الْمَنْصُورِ، فَوَصَلَ إِلَى أَنْقَرَةَ بِأَرْضِ الرُّومِ. وَافْتَتَحَ مَدِينَةَ. وَهَلَكَ نَائِبُ خُرَاسَانَ ابْنُ قَحْطَبَةَ، فَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عبد الله، وقيل: مليها أَبُو عَوْنٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَزِيدَ. وَوَلِيَ حمزة بن مالك سجستان. وَوَلِيَ جِبْرِيلُ بْنُ يَحْيَى سَمَرْقَنْدَ وَتِلْكَ النَّاحِيَةِ. وَتَوَجَّهَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شِهَابٍ الْمِسْمَعِيُّ فِي الْبَحْرِ لِغَزْوِ الْهِنْدِ، وَفَرَضَ مَعَهُ الأَلْفَيْنِ، وَخَرَجَ مَعَهُ خَلْقٌ مِنَ الْمُطَّوِعَةِ، فَمَضَوْا حَتَّى وَافَوْا مَدِينَةَ بَارْبَدَّ مِنَ الْهِنْدِ، فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَاسْتَعْمَلَ الْمَهْدِيُّ عَلَى السِّنْدِ رَوْحَ بْنَ حَاتِمٍ، بِإِشَارَةِ وَزِيرِهِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ. وَفِيهَا أَطْلَقَ مِنَ السِّجْنِ يَعْقُوبَ بْنَ دَاوُدَ، وَالْحَسَنَ وَلَدَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَسُلِّمَ الْحَسَنُ إِلَى أَمِيرٍ يَتَحَفَّظُ بِهِ، فَهَرَبَ الْحَسَنُ، فَتَلَطَّفَ الْمَهْدِيُّ حَتَّى وَقَعَ بِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ. وَفِيهَا عُزِلَ عَنِ الْكُوفَةِ إِسْمَاعِيلُ الثَّقَفِيُّ بِعُثْمَانَ بْنِ لُقْمَانَ الْجُمَحِيِّ، وَقِيلَ بِغَيْرِهِ. وَعُزِلَ عَنْ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، وَعَنْ شُرْطَتِهَا سَعِيدُ بْنُ دَعْلَجٍ، وَوَلِيَ حَرْبَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَيُّوبَ النُّمَيْرِيُّ ثُمَّ عُزِلَ، وَوَلِيَ عُمَارَةُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ وَاقِدٍ الْفِهْرِيُّ عَلَى الصَّلاةِ. وَفِيهَا عُزِلَ يَزِيدُ بْنُ الْمَنْصُورِ خَالُ الْمَهْدِيّ عَنِ الْيَمَنِ، وَوَلِيَهَا رَجَاءَ بْنُ رَوْحٍ، وَعُزِلَ عَنْ مِصْرَ مَطَرٌ مَوْلَى الْمَنْصُورِ بِأَبِي ضمرة محمد سليمان. وفيها تحرك الأمراء والخراسان فِي خَلْعِ وَلِيِّ الْعَهْدِ عِيسَى بْنِ مُوسَى، وجعلها

أَعْنِي وِلايَةَ الْعَهْدِ لِمُوسَى وَلَدِ الْمَهْدِيِّ، فَكَتَبَ الْمَهْدِيُّ لَمَّا تَبَيَّنَ ذَلِكَ إِلَى الْكُوفَةِ إِلَى عِيسَى لِيَقَدَمَ عَلَيْهِ، فَأَحَسَّ فَلَمْ يَأْتِ، فَاسْتَعْمَلَ الْمَهْدِيُّ عَلَى الْكُوفَةِ رَوْحَ بْنَ حَاتِمِ بْنِ قَبِيصَةَ الْمُهَلَّبِيَّ، فَجَعَلَ عِيسَى يَتَرَدَّدُ إِلَى قَرْيَةٍ لَهُ، وَلا يُقِيمُ بِالْكُوفَةِ إِلا شَهْرَيْنِ فِي الْعَامِ، وَأَخَذَ الْمَهْدِيُّ يُلِحُّ عَلَى عِيسَى فِي النُّزُولِ عَنِ الْعَهْدِ وَيُرَغِّبُهُ وَيُرَهِّبُهُ، فَأَجَابَهُ مُكْرَهًا، وَبَايَعَ لِمُوسَى الْهَادِي، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ. فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ لِعِيسَى بُعَشَرَةِ آلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَقْطَعَهُ عِدَّةَ قُرَى. وَقَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ يزيد بن منصور فحج بالناس1.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 116"، والبداية "10/ 129"، وصحيح التوثيق "6/ 70 وما بعدها".

أحداث سنة ستين ومائة

أحداث سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وَبَحْرُ بْنُ كُنَيْزٍ السَّقَّاءُ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْجَفْرِيُّ فِي قَوْلٍ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ، وَخَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ الْكَبِيرُ جَدُّ شَبَّابٍ، وَالْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ الْبَصْرِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحَ، وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ الْوَاسِطِيُّ، وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْعَتَكِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، وَعَبَّاسُ بْنُ عُقْبَةَ الْحَضْرَمِيُّ، وَمُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ، وَعِيسَى بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ الأَمِيرُ. وَفِيهَا كَانَ خُرُوجُ يُوسُفَ الْبَرْمِ بِخُرَاسَانَ، مُنْكِرًا عَلَى الْمَهْدِيِّ الْحَالَةَ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنَ الانْهِمَاكِ عَلَى اللَّهْوِ وَاللَّذَّاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ خَلْقٌ، فَتَوَجَّهَ لِحَرْبِهِ يَزِيدُ بْنُ مَزْيَدَ الشَّيْبَانِيُّ فَأَسَرَهُ، وَأَسَرَ جماعة من جَمَاعَةً مِنْ جُنْدِهِ، وَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى الْحَضَرَةِ، فَقُطِّعَتْ أَطْرَافُ يُوسُفَ، ثُمَّ قُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وصلبوا. زفيها قَدِمَ بَغْدَادَ عِيسَى بْنُ مُوسَى فَتُلُقِّيَ بِالإِكْرَامِ، ثُمَّ إِنَّهُ حَضَرَ يَوْمًا قَبْلَ جُلُوسِ الْمَهْدِيِّ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْوَقْتِ، فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِ بَابَ الْمَجْلِسِ، أَوْ هُوَ أَغْلَقَ عَلَى نَفْسِهِ خَوْفًا مِنْهُمْ، فَكَادُوا أَنْ يَكْسِرُوا الْبَابَ بِالدَّبَابِيسِ، وَشَتَمُوهُ وحَصَرُوهُ، فَجَاءَ الْمَهْدِيُّ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَنْتَهُوا، إِلَى أَنْ كَاشَفَهُ ذَوُو الأَسْنَانِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ بِحَضْرَةِ الْمَهْدِيِّ، وَأَغْلَظُوا لَهُ وَعَنَّفُوهُ لِيَخْلَعَ نَفْسَهُ، وَكَانَ أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، فَاعْتَذَرَ بِأَنَّ عَلَيْهِ أَيْمَانًا مُشَدَّدَةً فِي أَمْوَالِهِ وَنِسَائِهِ، فَأَحْضَرُوا لَهُ الْقُضَاةَ وَالْعُلَمَاءَ فَأَفْتَوْهُ بِمَا رَأَوْا مِنَ الْمَصْلَحَةِ، وَكَفَّرَ عَنْهُ الْمَهْدِيُّ، وَأَعْطَاهُ أَمْوَالا كَمَا قَدَّمْنَا.

وَكَانَ خَلْعُهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ صَعَدَ الْمَهْدِيُّ الْمِنْبَرَ وَخَطَبَ، وَصَعَدَ عِيسَى فَبَايَعَ أَوَّلَ النَّاسِ بِالْعَهْدِ لِمُوسَى الْهَادِي. وَكَتَبَ بِخَلْعِهِ مَا صُورَتُهُ: هَذَا كِتَابٌ لِعَبْدِ اللَّهِ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ وَجُنْدِهِ وَعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، كَتَبَهُ عِيسَى بْنُ مُوسَى فِيمَا كَانَ جَعَلَهُ لَهُ مِنَ الْعَهْدِ إِذْ كَانَ أَبَى حَتَّى اجْتَمَعَتْ كَلِمَةُ الْمُسْلِمِينَ وَاتَّسَقَ أَمْرُهُمْ عَلَى الرِّضَا بِوِلايَةِ مُوسَى، وَخَلَعْتُ نَفْسِي مِمَّا كَانَ فِي رقابهم مِنَ الْبَيْعَةِ لِي، وَجَعَلْتُكُمْ فِي حِلٍّ وَسَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ لِي دَعْوَى وَلا طِلْبَةٌ وَلا حُجَّةٌ وَلا مَقَالَةٌ وَلا طَاعَةٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلا بَيْعَةٌ فِي حَيَاتِهِمَا، وَلا مَا دُمْتُ حَيًّا، وَالتَّمَامُ عَلَيْهِ عَهْدُ الله وميثاقه وذمته وَذِمَّةُ رَسُولِهِ وَذِمَّةُ آبَائِي، وَأَعْظَمُ مَا أَخَذَ اللَّهُ وَاعْتَهَدَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ عَهْدٍ أَوْ مِيثَاقٍ، أَوْ تَغْلِيظٍ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَالنَّصِيحَةِ لَهُمَا، وَالْمُوَالاةُ لَهُمَا، وَلِمَنْ وَالاهُمَا، وَالْمعاداة لِمَنْ عَادَاهُمَا فِي هَذَا الأَمْرِ الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ، فَإِنْ أَنَا نَكَثْتُ أَوْ غَيَّرْتُ أَوْ أَدْغَلْتُ، فَكُلُّ زَوْجَةٍ لِي أَوْ أَتَزَوَّجُهَا إِلَى ثَلاثِينَ سَنَةً طَالِقٌ ثَلاثًا الْبَتَّةَ، وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ أَمْلِكُهُ إِلَى ثَلاثِينَ سَنَةً أَحْرَارٌ، وَكُلُّ مُلْكٍ لِي مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ أَسْتَفِيدُهُ إِلَى ثَلاثِينَ سَنَةً صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَعَلَيَّ الْمَشْيُ مِنَ الْعِرَاقِ حَافِيًا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ نَذْرًا وَاجِبًا ثَلاثِينَ سَنَةً لا كَفَّارَةَ لِي وَلا مَخْرَجَ إِلا الْوَفَاءَ بِهِ، وَاللَّهِ عَلَيَّ بِالْوَفَاءِ بِذَلِكَ رَاعٍ كَفِيلٌ شَهِيدٌ. وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَلاثُونَ رَجُلا. وَفِيهَا نَازَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمِسْمَعِيَّ بَارْبَدَّ مِنَ الْهِنْدِ، وَنَصَبَ الْمَجَانِيقَ عَلَيْهَا وَافْتَتَحَهَا عَنْوَةً، حَتَّى أَلْجَأَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمَدِينَةِ إِلَى بُدِّهِمْ، فَأَشْعَلُوا فِيهَا النِّيرَانَ وَالنِّفْطَ، فَاحْتَرَقَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِضْعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلا، وَلَبِثَ الْمُسْلِمُونَ مُدَّةً لِهَيَجَانِ الْبَحْرِ، فَأَصَابَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ دَاءٌ يُقَالُ لَهُ حُمَامُ قِرٍّ، فَمَاتَ مِنْهُمْ نَحْوَ أَلْفٍ، مِنْهُمُ الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ الْمُحَدِّثُ، ثُمَّ رَكِبُوا الْبَحْرَ، فَلَمَّا قَارَبُوا بِلادَ فَارِسَ عَصَفَتْ عَلَيْهِمْ رِيحٌ عَظِيمَةٌ كَسَرَتْ أَكْثَرَ الْمَرَاكِبِ، فَلِلَّهِ الأَمْرُ1. وَفِيهَا جُعِلَ أَبَانُ بْنُ صَدَقَةَ وَزِيرًا لِهَارُونَ وَلَدِ الْمَهْدِيِّ. وَفِيهَا عُزِلَ أَبُو عَوْنٍ عَنْ خراسان ووليها معاذ بن مسلم.

_ 1 وانظر نص العهد في تاريخ الطبري "8/ 126-128".

وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْمَهْدِيُّ، فَأُحْضِرَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَعَفَا عَنْهُ وَأَحْسَنَ صِلَتَهُ، وَأَقْطَعَهُ بِالْحِجَازِ، وَنَزَعَ الْمَهْدِيُّ كِسْوَةَ الْبَيْتِ وَكَسَاهُ كِسْوَةً جَدِيدَةً، فَقِيلَ: إِنَّ حَجَبَةَ الْكَعْبَةِ أَنْهَوْا إِلَيْهِ أَنَّهُمْ يَخَافُونَ عَلَى الكعبة أَنْ تَتَهَدَّمَ لِكَثْرَةِ مَا عَلَيْهَا مِنَ الأَسْتَارِ، فَأَمَرَ بِهَا فَجُرِّدَتْ، وَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى كِسْوَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَجَدُوهَا دِيبَاجًا غَلِيظًا إِلَى الْغَايَةِ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْمَهْدِيَّ قَسَّمَ فِي حُجَّتِهِ هَذِهِ فِي أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ ثَلاثِينَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ وَصَلَ إِلَيْهِ مِنَ الْيَمَنِ أربعمائة ألف دينار فقسمهما أَيْضًا، وَفَرَّقَ مِنَ الثِّيَابِ الْخَامِ مِائَةَ أَلْفِ ثَوْبٍ وَخَمْسِينَ أَلْفِ ثَوْبٍ، وَوَسَّعَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَرَّرَ فِي حَرَسِهِ خَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَرَفَعَ أَقْدَارَهُمْ وَأَرْزَاقَهُمْ. وَفِي هَذَا الْعَامِ حُمِلَ الثَّلْجُ لِلْمَهْدِيِّ حَتَّى وَصَلُوا بِهِ إِلَى مَكَّةَ، وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يُتَهَيَّأْ لِمَلِكٍ قَطُّ، نَهَضَ بِحَمْلِهِ وَمُدَارَاتِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَمِيرُ.

تراجم أهل هذه الطبقة على الحروف

تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الألف": 1- أبان بن صمعة الأنصاري البصري –م ن ق-. من كبار المحدثين، قيل: هو والد عتبة الغلام المشهور بالزهد. حدث عن والدته عن عائشة، وعن عكرمة، وأبي الوازع جابر بن عمرو، وجماعة. حدث عن يحيى القطان، وأبو عاصم النبيل، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وسهل بن يوسف، وآخرون. وثقه يحيى بن معين، وغيره. وقد تغيره بآخرة. وقال أحمد: صالح الحديث. وقال يحيى القطان: تغير. وقال ابن مهدي: لقيته وقد اختلظ البتة. وقال ابن عدي: إنما عيب عليه اختلاطه لما كبر، ولم ينسب إلى الضعف؛ لأن

مقدار ما يرويه مستقيم. ثم ساق له ابن عدي حديثًا واحدًا من طريق سهل بن يوسف: حدثنا أبان بن صمعة، عن أبي الوازع، عن أبي برزة أَنَّ النَّبِيَّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ له: "اعزل الأذى عن طريق المسلمين". تفرد به سهل، وهو حسب غريب. وقد روى مسلم لأبان متابعة. مات في سنة ثلاث وخمسين. 2- أبان بن عبد الله بن أبي حازم البجلي الأحمسي -4. عن عمه عثمان، وعطاء بن أبي رباح، وإبراهيم بن جرير بن عبد الله، وعمرو بن شعيب، وجماعة. وعنه الثوري، وابن المبارك، وشعيب بن حرب، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبو نعيم، وجماعة. قال أحمد: صدوق صالح. وقال ابن معين: ثقة. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا، وأرجو أنه لا بأس به. قلت: قال ابن حبان: كان ممن فحش خطؤه وانفرد بالمناكير. 3- إبراهيم بن سالم القرشي التيمي، بردان –د-. عن أبيه سالم أبي النضر، وسعيد بن المسيب. وعنه سليمان بن بلال، وصفوان بن عيسى، والواقدي. وثقه ابن سعد، وقال: مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. 4- إبراهيم بن أبي عبلة، الإمام القدوة، شيخ فلسطين، أبو إسحاق العقيلي الشامي المقدسي –خ م د س-. من بقايا التابعين. ولد بعد الستين، وروى عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وأبي أمامة الباهلي، وبلال بن أبي الدرداء، وخالد بن معدان، وخلق سواهم. وقيل: إنه أدرك ابن عمر، والإ فروايته عنه مرسلة. وقيل: يكنى أبا العباس: وقيل: أبا سعيد وأبا إسماعيل، وإبراهيم بن شمر بن يقظان بن مرتحل الرملي.

له فضل وجلاله؛ حدث عنه ابن إسحاق وتوفي قبله، وابن شوذب، وعمرو بن الحارث ومات أيضًا قبله، ومالك، والليث، وابن المبارك، وبقية بن الوليد، ومحمد بن حمير، وأيوب بن سويد، ومحمد بن زياد المقدسي، وآخرون كثيرون. وثقه يحيى بن معين، والنسائي. وكان الوليد بن عبد الملك يبعثه بعطاء أهل القدس فيفرقه فيهم. قال الحاكم: قلت للدارقطني: إبراهيم بن أبي عبلة؟ قال: الطرق إليه ليست تصفو، وهو في نفسه ثقة. عبد الله بن هانئ: حدثنا أبي عن إبراهيم بن أبي عبلة، قال: بعث إلي هشام، فقال: إنا قد عرفناك، وأختبرناك ورضينا بسيرتك وبحالك. وقد رأيت أن أخلطك بنفسي وخاصتي، وأشركك في عملي، وقد وليتك خراج مصر. قلت: أما الذي عليه رزيك يا أمير المؤمنين، فالله يثيبك ويجزيك، وكفى به جازيًا ومثيبًا، وأما أنا، فمالي بالخراج بصر، ومالي عليه قوة. فغضب حتى اختلج وجهه، وكان في عينه حول، فنظر إلي نظرًا منكرًا، ثم قال: لتلين طائعًا أو كارهًا، فأمسكت. ثم قلت: أتكلم؟ قال: نعم. قلت: إن الله سبحانه قال في كتابه: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} [الأحزاب: 72] فوالله ما غضب عليهن إذ أبين ولا أكرههن، فضحك حتى بدت نواجذه وأعفاني. دهثم بن الفضيل: سمعت ضمرة يقول: ما رأيت لذة العيش إلا في أكل الموز بالعسل في ظل الصخرة، وحديث ابن أبي عبلة ما رأيت أحدًا أفصح منه. وروى ضمرة عن إبراهيم بن أبي عبلة، قال: قلت للعلاء بن زياد: إني أجد وسوسة في قلبي، فقال: أنا أحب لو أنك مت عام أول، أنت العام خير منك عام أول. محمد بن حمير: حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة، قال: من حمل شاذ العلم حمل شرًا كثيرًا. محمد بن زيادن المقدسي: سمعت ابن أبي عبلة وهو يقول لمن جاء من الغزو: قد جئتم من الجهاد الأصغر، فما فعلتم في الجهاد الأكبر، جهاد القلب. قال ضمرة: توفي إبراهيم بن أبي عبلة سنة اثنتين وخمسين ومائة.

وذكر بعضهم: أن ابن أبي عبلة روى نحو المائة حديث. وقد جمع الطبراني كتاب حديث شيوخ الشاميين، فجاء مسند ابن أبي عبلة في سبع ورقات، وشطرها مناكير من جهة الإسناد إلى إبراهيم. 5- متابعة: أسامة بن زيد -4م- الإمام العالم الصدوق أبو زيد الليثي، مولاهم، المدني. حدث عن سعيد بن المسيب، ومحمد بن كعب القرظي، ونافع العمري، وعمرو بن شعيب، وسعيد المقبري، وجماعة. روى عنه حاتم بن إسماعيل، وابن وهب، وأبو ضمرة أنس بن عياض، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَآخَرُونَ. قال يحيى بن معين: ليس بن بأس. وقال النسائي: ليس بالقوي. واختلف قول يحيى بن سعيد القطان؛ قَالَ ابْن معين: كَانَ يحيى بْن سعيد يكره لأسامة بن زيد أنه حدث عن عطاء، عن جابر، أن رجلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حلفت قبل أن أنحر"، إنما هو مر سل، وقال أحمد بن حنبل: ترك يحيى بن سعيد حديثه بآخرة. ثم قال أحمد: له عن نافع مناكير. وقال أيضًا: إذا تدبرت حديثه تعرف فيه النكرة. وجاء عن يحيى بن معين أنه ثقة. وجاء عنه، قال: ترك حديثه بآخرة. وهذا وهم. بل هذا القول الأخير هو قول يحيى بن سعيد فيه. وقد روى عباس عن يحيى: ثقة. وروى أحمد بن أبي مريم، عن يحيى: ثقة، حجة. فابن معين حسن الرأي في أسامة. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ به. قلت: توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. وقد يرتقي حديثه إلى رتبة الحسن. استشهد به البخاري وأخرج له مسلم في المتابعات. أما أسامة بن زيد بن أسلم العمري المدني، فضعفه أزيد، ولا شيء له في الكتب، سوى حديث واحد عند ابن ماجه.

6- إسحاق بن راشد الجزري الحراني –خ4- أبو سليمان، وقيل: هو رقي. عن سالم، وميمون بن مهران، والزهري، وجماعة. وعنه عتاب بن بشير، وموسى بن أعين، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: شيخ، ولم يصح عندي أنه أخو النعمان بن راشد. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ خزيمة: لا يحتج بحديثه. وقال الدارقطني: تكلموا في سماعه من الزهري. وقال أبو المليح الرقي، وغيره: قال إسحاق بن راشد: بعث محمد بن علي زيد بن علي إلى الزهري، قال: يقول لك أبو جعفر: استوص بإسحاق خيرًا فإنه منا أهل البيت. وقال عبيد الله بن عمرو: كان إسحاق –يعني ابن رشد- صاحب مال، فأنفق عليهم أكثر من ثلاثين ألف درهم، يعني: على آل علي. 7- الأسود بن شيبان السدوسي –م د ن ق- مولاهم، البصري: وقيل: مولى أنس بن مالك. عن ثمامة بن حزن، والحسن، وعطاء بن أبي رباح، وخال بن سمير، ويزيد بن عبد الله بن الشخير، وأبي نوفل بن أبي عقرب، وعدة. وعنه عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وعفان، ومسلم بن إبراهيم، وخلق. وثقه ابن معين. 8- أشعب الطمع1، هو أشعب بن جبير، ويعرف بِابْنِ أُمِّ حُمَيْدَةَ الْمَدَنِيِّ، الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ. رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ وَأَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وعنه معدي بن سليمان، وأبو عاصم النبيل وغيرهما.

_ 1 تهذيب ابن عساكر "3/ 78"، وتاريخ بغداد "7/ 37"، وميزان الاعتدال "1/ 258".

وله نوادر وتطفيل ولكنه كذب عليه وألصق به أشياء، ومن أصح ذلك ما روى الأصمعي قَالَ: عَبَثَ الصِّبْيَانُ بِأَشْعَبَ فَقَالَ: وَيْحَكُمُ اذْهَبُوا سَالِمٌ يُقَسِّمُ تَمْرًا، فَعَدُّوا فَعَدَا مَعَهُمْ وقال: وما يدريني لعله حق. وأم حميدة كانت مولاة لأسماء بنت الصديق. وقيل: إن أشعب من موالي عثمان. وَقِيلَ: وَلاؤُهُ لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيِّ. وَقِيلَ: مَوْلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ. وَقِيلَ: مَوْلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَفَدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ. قَالَ سُلَيْمَانُ ابن بِنْتِ شُرَحْبِيلَ: نَا عُثْمَانُ بْنُ فَائِدٍ نَا أَشْعَبُ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ1. عُثْمَانُ ذُو مَنَاكِيرَ. وَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسِيُّ: ثنا ابْنُ عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَشْعَبَ الطَّامِعِ أَدْرَكْتَ فَمَا كَتَبْتَ شَيْئًا؟ فَقَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لِلَّهِ عَلَى عِبَادِهِ نِعْمَتَانِ، ثُمَّ سَكَتَ، فَقُلْتُ: أَذْكُرُهُمَا، فَقَالَ: الْوَاحِدَةُ نَسِيَهَا عِكْرِمَةُ وَالأُخْرَى نَسِيتُهَا أَنَا. وَيُقَالُ: إِنَّ أَشْعَبَ كان خال الأصمعي. وقال مصعب الزبيري بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ أَشْعَبُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ يَنْفَعُنِي وَكُنْتُ أَلْهِيهِ فَمَرِضَ وَلَهَوْتُ عَنْهُ فِي بَعْضِ خَرِبَاتِي أَيَّامًا ثُمَّ جِئْتُ مَنْزِلِي فَقَالَتْ لِي زَوْجَتِي: وَيْحَكَ أَيْنَ كُنْتَ؟! عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَطْلُبُكَ وَهُوَ يَقْلَقُ لِتَلَهِّيهِ، قُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، ثُمَّ فكرت فقلت: هاتوا قارورة دهن خَلُوقِيَّةً وَمِئْزَرَ الْحَمَّامِ فَخَرَجْتُ فَمَرَرْتُ بِسَالِمِ بْنِ عبد الله فقال: يَا أَشْعَبُ هَلْ لَكَ فِي هَرِيسَةٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَأَكَلْتُ حَتَّى عَجَزْتُ فَقَالَ لِي: وَيْحَكَ لا تَقْتُلْ نَفْسَكَ فَمَا فَضَلَ بَعَثْنَاهُ إِلَى بَيْتِكَ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَدَخَلْتُ الْحَمَّامَ وَصَبَبْتُ عَلَيَّ الدُّهْنَ، فَصَارَ لَوْنِي كَالزَّعْفَرَانِ، فَلَبِسْتُ أَطْمَارِي وَعَصَبْتُ رَأْسِي وَأَخَذْتُ عَصًا أَمْشِي عَلَيْهَا حتى جئت باب ابن عمرو فلما

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "1744"، والنسائي "5219"، وابن ماجه "3647"، وأحمد في مسنده "1/ 204".

رَآنِي حَاجِبُهُ قَالَ: وَيْحَكَ يَا أَشْعَبُ ظَلَمْنَاكَ وَأَنْتَ هَكَذَا! فَقُلْتُ! أَدْخِلْنِي عَلَى سَيِّدِي، فَأَدخَلَنِي، فَإِذَا عِنْدَهُ سَالِمٌ، فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ ظَلَمْنَاكَ وَغَضِبْنَا عَلَيْكَ وَقَدْ بَلَغْتَ مَا أَرَى مِنَ الْعِلَّةِ، فَتَضَاعَفْتُ وَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي كُنْتُ عِنْدَ بَعْضِ مَنْ أَغْشَاهُ فَأَصَابَنِي الْبَطْنُ وَالْقَيْءُ فَمَا حُمِلْتُ إِلَى بَيْتِيَ إِلا جِنَازَةً فَبَلَغَتْنِي عِلَّتُكَ فَخَرَجْتُ أَدُبُّ. قَالَ: فَنَظَر إِلَيَّ سَالِمٌ وَقَالَ: أَشْعَبُ؟ قُلْتُ: أَشْعَبُ، قَالَ: أَلَمْ تَكُنْ عِنْدِي آنِفًا؟! قُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ أَكُونُ عِنْدَكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَأَنَا أَمُوتُ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ: أَلَمْ تَأْكُلِ الْهَرِيسَ آنِفًا! قَالَ فَأَقُولُ: وَهَلْ بِي أَكْلٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ! فَقَالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى الشَّيْطَانَ يَتَمَثَّلُ عَلَى صُورَتِكَ مَا أَرَى مُجَالَسَتَكَ تَحِلُّ، وَوَثَبَ فَفَطِنَ بِي عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: مَالَكَ أَشْعَبَ تَخْدَعُ! قَالَ: أَصْدِقْنِي، قُلْتُ: بِالأَمَانِ، قَالَ: نَعَمْ، فَحَدَّثْتُهُ، فَضَحِكَ ضَحِكًا شَدِيدًا. وَرَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ السِّنْجِيُّ عَنِ الأَصْمَعِيِّ عَنْ أَشْعَبَ1. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: قِيلَ لِأَشْعَبَ فِي امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَقَالَ: ابْغُونِي امْرَأَةً أَتَجَشَّأُ فِي وَجْهِهَا فَتَشْبَعُ، وَتَأْكُلُ فَخْذَ جَرَادَةٍ فَتُتْخَمُ2. وَرَوَى أَنَّ أُمَّهُ أَسْلَمَتْهُ فِي الْبَزَّازِينَ فَقَالَتْ لَهُ: مَا تَعَلَّمْتَ؟ قَالَ: نِصْفَ الشُّغْلِ، قَالَتْ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: النَّشْرُ وَبَقِيَ الطَّيُّ3. وَقَالَ الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنِي عُمَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ وَالْمُؤَمَّلِيُّ قَالُوا: كَانَ زِيَادٌ نَهِمًا عَلَى الطَّعَامِ وَكَانَ لَهُ جَدْيٌ فِي رَمَضَانَ يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلا يَمَسُّهُ أَحَدٌ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عِشْرِينَ دِينَارًا لِأَشْعَبَ عَلَى أَنْ يَأْكُلَ مَعَ زِيَادٍ مِنَ الْجَدْيِ، فَلَمَّا جَلَسُوا مَدَّ يَدَهُ إِلَى الْجَدْيِ فَقَالَ زَيَّادٌ لِصَاحِبِ الشُّرْطَةِ: بَلَغَنِي أَنَّ الْمَحْبُوسِينَ لا قَارِئَ لَهُمْ، وهم قوم مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاحْبِسْ أَشْعَبَ فِي هَذَا الشَّهْرِ عِنْدَهُمْ يَؤُمُّهُمْ، وَكَانَ أَشْعَبُ قَارِئًا فَقَالَ: أوَ غَيْرُ ذَلِكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: أَحْلِفُ أَنْ لا آكُلَ جَدْيًا. وَعَنْ أَشْعَبَ: أَنَّ رَجُلا شَوَى دَجَاجَةً ثُمَّ رَدَّهَا فَسَخِنَتْ، ثُمَّ رَدَّهَا أَيْضًا فَقَالَ أَشْعَبُ: هَذِهِ كَآلِ فِرْعَوْنَ، {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} 4.

_ 1 وبنحو هذه الحكاية عند ابن عساكر "3/ 80-81"، كما في التهذيب، والأغاني "19/ 162". 2 ميزان الاعتدال "1/ 260"، والوافي "9/ 269". 3 سير أعلام النبلاء "7/ 55". 4 "غافر: 40"، وانظر السابق.

وَفِي الْمُجَالَسَةِ الدِّينَوَرِيَّةِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحُلْوَانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الأَصْمَعِيَّ يَقُولُ: أَصَابَ أَشْعَبُ دِينَارًا بِمَّكَةَ فَاشْتَرَى بِهِ قَطِيفَةً وَأَتَى مِنًى فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا مَنْ ذَهَبَتْ مِنْهُ قَطِيفَةٌ. وَقِيلَ: إِنَّ رَجُلا دَعَاهُ فَقَالَ: مَا أجيبك أن أَخْبَرُ بِكَثْرَةِ جُمُوعِكَ، فَقَالَ: عَلَى أَنْ لا أَدْعُوَ سِوَاكَ، فَأَجَابَهُ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ طَلُعَ صَبِيٌّ فَصَاحَ أَشْعَبُ: مَنْ هَذَا؟ أَلَمْ أَشْرُطْ عَلَيْكَ؟! قَالَ: يَا أَبَا الْعَلاءِ هُوَ ابني زفيه عَشْرُ خِصَالٍ مَا هِيَ فِي صَبِيٍّ قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: لَمْ يَأْكُلْ مَعَ ضَيْفٍ، قَالَ: حَسْبِي، التِّسْعُ لَكَ1. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الحسين بْنِ سَمَّاعَةَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ حدثه: قال أشعب: جاءني جَارِيَتِي بِدِينَارٍ فَجَعَلْتُهُ تَحْتَ الْمُصَلَّى، ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ تَطْلُبُهُ، فَقُلْتُ: ارْفَعِي الْمُصَلَّى، فَإِنْ كَانَ قَدْ وَلَدَ فَخُذِي وَلَدَه وَدَعِيهِ، وَكُنْتُ قَدْ جَعَلْتُ مَعَهُ دِرْهَمًا. فَتَرَكْتُهُ، وَعَادَتِ الْجُمُعَةَ الأُخْرَى، وَقَدْ أَخَذْتُهُ، فَبَكَتْ، فَقُلْتُ: مَاتَ دِينَارُكِ فِي النِّفَاسِ، فَصَاحَتْ، فَقُلْتُ: صَدَّقْتِ بِالْوِلادَةِ وَلا تُصَدِّقِينَ بِالْمَوْتِ فِي النِّفَاسِ! 2. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَعَ الصِّبْيَانُ بِأَشْعَبَ، فَقَالَ: وَيْحَكُمْ، سَالِمٌ يُقَسِّمُ جَوْزًا، فَعَدَوْا مُسْرِعِينَ، فعَدَا مَعَهُمْ. وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ، لَكِنَّهُ قَالَ تَمْرًا. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: أَخَذَ بِيَدِي ابْنُ جُرَيْجٍ فَأَوْقَفَنِي عَلَى أَشْعَبَ، فَقَالَ لَهُ: حَدِّثْهُ بِمَا بَلَغَ مِنْ طَمَعِكَ، فَقَالَ: مَا زُفَّتِ امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ إِلا كَنَسْتُ بَيْتِيَ رَجَاءَ أَنْ تُهْدَى إِلَيَّ. وَرُوِيَ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ وَعَنْ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ: مَرَّ أَشْعَبُ بِرَجُلٍ يَعْمَلُ طَبَقًا فَقَالَ: وَسِّعْهُ لَعَلَّهُمْ يُهْدَوْنَ لَنَا فِيهِ. وَعَنْ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ: مررت يومًا، فإذا أشعب ورائي، فقلت: ما لك؟ قَالَ: رَأَيْتُ قَلَنْسُوَتَكَ قَدْ مَالَتْ، فَقُلْتُ: لَعَلَّهَا تَقَعُ فَآخُذَهَا، فَأَخَذْتُهَا عَنْ رَأْسِي فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ3. وَرَوَى ابْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَشْعَبُ: مَا خَرَجْتُ فِي جِنَازَةٍ فَرَأَيْتُ اثْنَيْنِ يَتَسَارَّانِ إِلا ظَنَنْتُ أَنَّ الْمَيِّتَ أوصى لي بشيء4.

_ 1 انظر وفيات الأعيان "2/ 474"، والسير للذهبي "7/ 55". 2 سير أعلام النبلاء "7/ 56". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر السابق.

وَقِيلَ: كَانَ يُجِيدُ الْغِنَاءَ. قِيلَ: إِنَّهُ مَاتَ سنة أربع وخمسين ومائة1. 9- أصبغ بن زيد بن علي الجهني –ت ن ق- مولاهم، الواسطي الوراق، كاتب المصاحف. عن القاسم بن أبي أيوةب، وثور بن يزيد، وأبي العلاء الشامي، وغيرهم. وعنه هشيم مع تقدمه، ويزيد بن هارون، وإسحاق الأزرق، ومحمد بن يزيد؛ الواسطيون، وتمام عشرة أنفس. وثقه ابن معين. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابن سعد: ضعيف. وساق له ابن عدي ثلاثة أحاديث، وقال: هذه لأصبغ غير محفوظة، ولا أعلم روى عنه غير يزيد بن هارون، وهو صاحب حديث الفتون بطوله. قال ابن سعد: مات سنة تسع وخمسين ومئة. 10- أفلح بن حميد بن نافع –خ م د ن ق- أبو عبد الرحمن الأنصاري المدني. عن القاسم، وأبي بكر، وغيرهما. وعنه المعافي بن عمران، وعمر بن أيوب، وابن وهب، وأبو نعيم، والقعنبي، وطائفة. وثقه ابن معين وأبو حاتم. وقال ابن صاعد: كان أحمد ينكر على أفلح قوله: "ولأهل العراق ذات عرق". قال ابن عدي: وهو عندي صالح. وقال الواقدي: مات سنة ثمان وخمسين ومائة. 11- أفلح بن سعيد الأنصاري –م ن- مولاهم، القبائي، أبو محمد.

_ 1 وانظر السابق.

عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، ومحمد بن كعب، وجماعة. وعنه ابن المبارك، وزيد بن الحباب، وأبو عامر العقدي، والواقدي، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحديث. قال ابن سعد: مات سنة ست وخمسين ومائة. 12- أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ. عن أبي المصبح المرائي، وَمَكْحُولٍ، وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، وبقية ابن الوليد، وغيرهم. 13- أيوب بن عتبة –ق- أبو يحيى اليمامي، قاضي اليمامة. قال ابن حبان: مات سنة ستين ومائة. وقيل: بقي إلى سنة سبعين، وسيأتي. 14- بحر بن كنيز –ق- أبو الفضل السقاء الباهلي، مولاهم البصري. كان يسقي الحجاج في المفاوز، له عن الحسن والزهري. ومن الراوين عنه علي بن الجعد. قال يزيد بن زريع: لا شيء. قال يحيى: ليس بشيء، لا يكتب حديثه، كل الناس أحب إلى منه. وقال النسائي والدارقطني: متروك. وقال البخاري: ليس بقوي عندهم. وهو جد أبي حفص عمرو بن علي الفلاس. روى ابن أبي خيثمة، عن ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال أبو حاتم: ضعيف. وكان يحيى القطان لا يرضاه. قال ابن عيينة: سمعت أيوب السختياني يقول لبحر: يا بحر أنت كاسمك.

بقية، عن أبي الفضل، عن مكحول، عن ابن عباس: من سعادة المرء خفة لحيته. أبو الفضل هو بحر. وقال يزيد بن زريع: ما كتبت عن بحر إلا حديثًا واحدًا، فجاءت السنور فأحدثت عليه. وذكره ابن عدي وساق له نحوًا من ثلاثين حديثًا، ثم قال: ولبحر نسخ منها نسخة رواها عمر بن سهل عنه، ونسخة لمحمد بن مصعب القرقساني عنه، ونسخة للحارث بن مسلم عنه. وروي عنه بقية، ويزيد بن هارون، وهو يروي عن الزهري، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، وهو إلى الضعف أقرب. 15- بكير بن مسمار المدني –م ت ن- أبو محمد، مولى سعد بن أبي وقاص. عن ابن عمر، وعن عامر بن سعد، وغيرهما. وعنه حاتم بن إسماعيل، وأبو بكر الحنفي عبد الكبير، وعمرو بن محمد العنقزي، والواقدي، وجماعة. قال البخاري: فيه نظر. وقال العجلي: ثقة. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. 16- ثور بن يزيد –خ4- المحدث الفقيه عالم حمص أبو خالد الكلاعي الحمصي. حدث عَن خالد بْن معدان، وراشد بْن سعد، وعطاء بن أبي رباح، وحبيب بن عبيد، ونافع، والزهري، وعمرو بن شعيب، في خلق كثير. كان من أوعية العلم لولا بدعته؛ حدث عنه ابن إسحاق رفيقه، وسفيان الثوري، والمعافي بن عمران، وابن المبارك، والوليد بن مسلم، ويحيى بن سعيد القطان، وبقية بن الوليد، وخال بن الحارث، وأبو عاسم النبيل، وعدة. يقع حديثه عاليًا في البخاري.

وهو حافظ متقن، حتى إن يحيى القطان قال: ما رأيت شاميًا أوثق من ثور كنت أكتب عنه بمكة في ألواح. وعن وكيع: كان ثور أعبد من رأيت. وقال عيسى بن يونس: كان ثور من أثبتهم. وقال يحيى بن معين، وغيره: ثقة. قال ابن عدي: وثقوه، ولا أرى بحديثه بأسًا. وله من المسند نحو مائتي حديث، لم أر له أنكر مما ذكرت. وقال أبو حاتم: صدوق، حافظ. قال أبو توبة الحلبي: حدثنا أصحابنا أن ثورًا لقي الأوزاعي، فمد يده إليه، فأبى الأوزاعي أن يمد يده إليه وقال: يا ثور، لو كنت الدنيا لكانت المقاربة، ولكنه الدين. وقال أحمد: كان ثور يرى القدر، وليس به بأس. قال عبيد الله بن موسى: قال سفيان: اتقوا ثورًا، لا ينطحنكم بقرنه. قلت: كان ثور عابدًا، ورعًا، والظاهر أنه رجع، فقد روى أبو زرعة عن منبه بن عثمان، أن رجلًا قال لثور: يا قدري. قال: لئن كنت كما قلت إني لرجل سوء، وإن كنت على خلاف ما قلت إنك لفي حل. قال إسماعيل بن عياش: نفى أسد بن وداعة ثورًا. وقال عبد الله بن سالم: أخرجوه وأحرقوا داره لكلامه في القدر. قال ابن سعد، وخليفة: توفي ثور سنة ثلاث وخمسين ومائة. وقال يحيى بن بكير: سنة خمس وخمسين. وقال ابن سعد: توفي ببيت المقدس. "حرف الْجِيمِ": 17- جُحَا، أَبُو الْغُصْنِ1، واسْمُهُ دُجَيْنُ بن ثابت اليربوعي البصري.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 257"، وميزان الاعتدال "2/ 23"، والجرح والتعديل "3/ 444"، والضعفاء والمتروكين "38".

وَمَا أَظُنُّهُ صَاحِبَ الْمُجُونِ فَإِنَّ ذَاكَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ هَذَا، وَلَحِقَهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. رَأَى أَبُو الْغُصْنِ دُجَيْنٌ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ وَهِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو جَابِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَبِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ وَالأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ دُجَيْنِ بْنِ ثَابِتٍ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ عَنْ أَسْلَمَ، فَقَالَ: قَالَ لَنَا أَوَّلَ مَرَّةٍ: حَدَّثَنِي مَوْلَى لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّ هَذَا لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَرَكَهُ، فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى قَالَ: أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَلا يُعْتَدُّ بِهِ كَانَ يَتَوَهَّمُهُ وَلا يَدْرِي مَنْ هُوَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَدْ سَاقَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ ثُمَّ قَالَ: وَلِدُجَيْنٍ غَيْرُ مَا ذَكَرْتَ شَيْءٌ يَسِيرٌ، وَمِقْدَارُ مَا يَرْوِيهِ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، ثُمَّ سَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ: الدُّجَيْنُ بْنُ ثابت هو حجا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَخْطَأَ مَنْ حَكَى هَذَا عَنِ ابْنِ مَعِينٍ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالرِّجَالِ مِنْ أَنْ يَقُولَ هَذَا، وَالدُّجَيْنُ إِذَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ وَغَيْرُهُمْ، هَؤُلاءِ أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ يَرْوُوا عَنْ جُحَا وَالدُّجَيْنُ رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ1. قُلْتُ: وَكَذَا ذَكَرَ الشِّيرَازِيُّ فِي الأَلْقَابِ أَنَّهُ جُحَا، ثُمَّ رَوَى أَنَّ مَكِّيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: رَأَيْتُ جُحَا فَالَّذِي يُقَالُ فِيهِ مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ، وَكَانَ فَتًى ظَرِيفًا، وَكَانَ لَهُ جِيرَانٌ مُخَنَّثُونَ يُمَازِحُونَهُ وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ2. وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ حَبِيبٍ3: حَدَّثَنِي أَبُو الْغُصْنِ جُحَا وَمَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ مِنْهُ. مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: نَا أَبُو الْغُصْنِ الدُّجَيْنُ بْنُ ثَابِتٍ ثنا أَسْلَمُ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: حَدِّثْنَا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولُ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَزِيدَ أَوْ أَنْقُصَ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النار" 4.

_ 1 وانظر سير أعلام النبلاء "7/ 462". 2 انظر المصدر السابق. 3 وفي السير للمصنف: "وقال عباد بن حبيب وذكره ... ". 4 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 38"، ومسلم في المقدمة "3-4" وغيرهما.

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: الدُّجَيْنُ بْنُ ثَابِتٍ يَتَوَهَّمُ أَحْدَاثَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ جُحَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، ثَنَا أبو خليفة نا مسلم فذكر الحديث. 18- جعفر بن برقان –م4- أبو عبد الله الكلابي، مولاهم، الرقي. عن ميمون بن مهران، ويزيد بن الأصم، وعطاء، وعكرمة، وابن شهاب، ويزيد بن أبي نشبة، وطائفة، وعنه معمر، وزهير بن معاوية، وابن المبارك، وأبو معاوية، وكثير بن هشام، ووكيع، وأبو نعيم، وخلق. قال أحمد: يخطئ في حديث الزهري، وهو ثقة ضابط لحديث ميمون ويزيد بن الأصم. وقال ابن معين عنه: أمي ليس في الزهري بذاك. وكذلك قال غير واحد. قال يعقوب الفسوي: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا جعفر بن برقان، وهو جزري ثقة، بلغني أنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، وكان من الخيار. وقال ابن سعد: ثقة له رواية وفقه وفتوى. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أبو نعيم: قدم الكوفة جعفر بن برقان وعبد العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز سنة سبع وأربعين ومائة. وعن سفيان الثوري، قال: ما رأيت أفضل من جعفر بن برقان. قال أحمد بن حنبل، وجماعة: توفي سنة أربع وخمسين ومائة. 19- حجاج بن حسان القيسي. بصري لا بأس به. عن أنس، وأبي مجلز، وعكرمة، وينزل إلى مقاتل بن حيان. وعنه يحيى القطان، ويزيد، ومسلم بن إبراهيم، وعدة. بقي إلى نحو الستين ومائة. له في مراسيل أبي داود، عن مقاتل، قال –عليه السلام: "إن جاء رجل فلم يجد أحدًا، فليختلج رجلًا من الصف، فليقم معه، فما أعظم أجر المختلج".

قلت: ماذا بمرسل، بل معضل. 20- حرملة بن عمران بن قراد التجيبي –م د ن ق- أبو حفص المصري، جد حرملة بن يحيى. عن أبي يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة، وعبد الرحمن بن شماسة المهري، وأبي عشانة المعافري، وأبي قبيل، ويزيد بن أبي حبيب، وطائفة. وعنه جرير بن حازم، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المقرئ، وأبو صالح عبد الله بن صالح، وجماعة. وثقه ابن معين. قال ابن يونس: انفرد عنه المبارك بثلاثة أحاديث، لم يحدث بها عنه غيره. وكان قد ولي حجابة حفص بن الوليد أمير مصر، وولي أيضًا السوق في خلافة مروان الجعدي. * الحسن بن أبي جعفر الجفري. ذكر أنه توفي سنة ستين ومائة، وسيأتي. "حرف الحاء": 21- الحسن بن عمارة1 -ت ق- بن مضرب البجلي مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ أَحَدُ الأَعْلامِ وَلِيَ الْقَضَاءَ لِلْمَنْصُورِ بِبَغْدَادَ. وَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَشُبَيْبِ بْنِ غَرْقَدَةَ وَالْحَكَمِ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَالزُّهْرِيِّ وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ وَآخَرُونَ. وَكَانَ شُعْبَةُ يَتَكَلَّمُ فِيهِ، قَالَ: رَوَى عَنِ الحكم أشياء لم نجد لها أصلًا. وقال مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كان له فضل، غيره أحفظ منه، ورماه شعبة بالكذب.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 170"، وأحوال الرجال "6"، والمجروحين "1/ 229"، والضعفاء "149"، والجرح والتعديل "1/ 229".

وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ: النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي حِلٍّ مَا خَلا شُعْبَةُ. وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ فَقَالَ: أَمْرُهُ أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِ شُعْبَةَ. وَقَالَ الْفَلاسُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، صَدُوقٌ مَعْنِيٌّ فِي نَفْسِهِ. وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَارَةَ يَصِلُ الأَعْمَشَ وَمِسْعَرًا وَلَهُ ثَرْوَةٌ وحشمة. وقال النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ثنا شُعْبَةُ قَالَ: أَفَادَنِي الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ سَبْعِينَ حَدِيثًا فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَصْلٌ، فَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ بَلِيَّةَ ابْنِ عُمَارَةَ أَنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ على الثقات ما وضع عليهم الضعفاء. كان يَسْمَعُ مِنْ مُوسَى بْنِ مَطَرٍ وَأَبِي الْعَطُوفِ وَأَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ وَأَضْرَابِهِمْ ثُمَّ يُسْقِطُ أَسْمَاءَهُمْ وَيَرْوِيهَا عَنْ مَشَايِخِهِمُ الثِّقَاتِ. فَلَمَّا رَأَى شُعْبَةُ تِلْكَ الْمَوْضُوعَاتِ أَنْكَرَهَا وَأَطْلَقَ لِسَانَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ بَلِيَّتَهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَهُوَ جَنِيٌّ عَلَى نَفْسِهِ. وَرَوَى عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: رَوَى الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، سَبْعَةُ أَحَادِيثَ فَلَقِيتُ الْحَكَمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ: مَا حَدَّثْتَهُ بِحَدِيثٍ مِنْهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عُمَارَةَ يَرْوِي عَنِ الزُّهْرِيِّ جَعَلْتُ إصبعي في أذني. وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. مَاتَ سنة ثلاث وخمسين ومائة. 22- حسين بن واقد –م4- الإمام الكبير قاضي مرو وشيخها، أبوعبد الله القرشي، مولى الأمير عَبْد اللَّه بْن عامر بْن كُرَيْز. حدث عن عكرمة، وابن بريعدة، ويزيد النحوي، ومحمد بن زياد، وعبد الملك بن عمير، وجماعة. وعنه ابنه علي بن الحسين، والفضل السيناني، ويزد بن الحباب، وعلي بن الحسن بن شقيق، وآخرون. قال النسائيّ: ليس به بأس. وقال أحمد: في بعض حديثه نكرة.

وقال ابن معين: ثقة. وقيل: كان يحمل الحاجة من السوق، وله جلالة وفضل بمرو، ورد عنه أنه قال: قرأت على الأعمش، فقال لي: ما قرأ علي أحد أقرأ منك. قلت: من مناكيره حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وددت أن عندنا خبزة بيضا من حنظة سمراء ملبقة بسمن ولبن". فهذا على شرط مسلم. وله عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا: "أتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق، عليه فطيفة من سندس". مات سنة سبع وخمسين ومائة، وقيل: سنة تسع وخمسين. 23- الحكم بن أبان العدني -4- أبو عيسى. عن طاوس، وعكرمة، ووهب، وسالم بن عبد الله، وجماعة. وعنه إبراهيم، ومعمر، ومعتمر بن سليمان، وابن عيينة، وابن علية، ويزيد بن أبي حكيم، وموسى بن عبد العزيز القنباري، وطائفة. وثقه ابن معين والنسائي. وقال أحمد العجلي: ثقة صاحب سنة، كان إذا هدأت العيون وقف في البحر إلى ركبتيه يذكر الله حتى يصبح، قال: نذكر الله مع حيتان البحر ودوابه. وسئل يوسف بن يعقوب، أحد قضاة اليمن، عن الحكم بن أبان، فقال: ذاك سيد أهل اليمن. وقال ابن المديني، عن ابن عيينة، قال: أتيت عدن فلم أر مثل الحكم بن أبان. وقال سُفْيان بْن عَبْد المُلْك، عَنِ ابن المبارك، الحكم بن أبان وحسام بن مصك وأيوب بن سويد أرم بهؤلاء. قال أحمد: مات سنة أربع وخمسين ومائة، وهو ابن أربع وثمانين سنة. 24- حَمَّادُ الرَّاوِيَةُ1: هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ أَبِي لَيْلَى. ولاؤه لبكر بن وائل. وَقِيلَ: اسْمُ أبيه سابور بن مبارك الديلمي الكوفي.

_ 1 راجع ترجمته في البداية والنهاية "114"، ووفيات الأعيان "2/ 206-210".

كَانَ أَخْبَارِيًّا عَلامَةً خَبِيرًا بِأَيَّامِ الْعَرَبِ وَأَنْسَابِهَا وَوَقَائِعَهَا وَلُغَاتِهَا وَشِعْرِهَا. وَكَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ تُقَدِّمُهُ وَتُؤْثِرُهُ وَتُحِبُّ مُجَالَسَتَهُ. قِيلَ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ يَزِيدَ قَالَ لَهُ: كَمْ مِقْدَارُ مَا تَحْفَظُ مِنَ الشِّعْرِ؟ فَقَالَ: كَثِيرٌ، وَلَكِنِّي أُنْشِدُكَ عَلَى كُلِّ حرف مِائَةَ قَصِيدَةٍ طَوِيلَةٍ سِوَى الْمُقَطَّعَاتِ مِنْ شِعْرِ الْجَاهِلِيَّةِ دُونَ شِعْرِ الإِسْلامِ. قَالَ: سَأَمْتَحِنُكَ، فَأَنْشَدَهُ حَتَّى ضَجَرَ الْوَلِيدُ فَوَكَّلَ بِهِ مَنْ يَسْتَوْفِي عَلَيْهِ فَأَنْشَدَهُ أَلْفَيْنِ وَتِسْعَمِائَةِ قَصِيدَةً، فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَكَانَ حَمَّادٌ قَدِ انْقَطَعَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خِلافَتِهِ، وَكَانَ هِشَامٌ يَجْفُوهُ لِذَلِكَ، وَقَدْ وَصَلَهُ مرة واستشهده. رَوَى عَنِ الْفَرَزْدَقِ وَأَمْثَالِهِ. رَوَى عَنْهُ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَجْلَحِ وَجَمَاعَةٌ. قلت: وفي لزومه ليزيد نظر إلا أَنْ يَكُونَ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَإِنَّ مَوْلِدَ حَمَّادٍ قَبْلَ سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. وَقِيلَ: إِنَّ حَمَّادًا قَرَأَ الْقُرْآنَ مِنَ الْمُصْحَفِ فَصَحَّفَ فِي نَيِّفٍ وَثَلاثِينَ مَوْضِعًا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ أَشْعَارَ الْعَرَبِ، وَكَانَ غَيْرَ مَوْثُوقٍ بِهِ، كَانَ يَنْحِلُ شِعْرًا لِرَجُلٍ غَيْرَهُ وَيَزِيدُ فِي الأَشْعَارِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ حمار الراوية خمس وخمسين ومائة. وقيل: سنة ست. 25- حَمَّادٌ عَجْرَدُ1. مِنْ كِبَارِ الأَخْبَارِيِّينَ. كَانَ بَيْنَهُ وَبْيَنَ بَشَّارِ بْنِ بُرْدٍ أَهَاجٍ وَمُعَارَضَاتٍ، وَكَانَ بِالْكُوفَةِ الْحَمَّادُونَ الثَّلاثَةُ: هَذَا وَحَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ الْمَذْكُورُ وَحَمَّادُ بْنُ الزَّبْرِقَانِ، فَكَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيُتَّهَمُونَ بِالزَّنْدَقَةِ. وَهَذَا فَاسْمُهُ حَمَّادُ بْنُ يُونُسَ بْنِ كليب أبو يَحْيَى الْكُوفِيُّ. وَقِيلَ: هُوَ وَاسِطِيٌّ. قَالَ خَلَفُ بْنُ الْمُثَنَّى: كَانَ يَجْتَمِعُ بِالْبَصْرَةِ عَشَرَةٌ فِي مَجْلِسٍ لا يُعْرَفُ مِثْلُهُمْ فِي تَضَادِّ أَدْيَانِهِمْ وَنِحَلِهِمْ: الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ سُنِّيٌّ، وَالسَّيِّدُ بْنُ محمد الحميري رافضي،

_ 1 تهذيب ابن عساكر "4/ 426"، والشعر والشعراء "663"، أنساب الأشراف "ق3/ 182"، طبعة بيروت "1978"، تحقيق د. عبد العزيز الدوري.

وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ ثَنَوِيٌّ، وَسُفْيَانُ بْنُ مُجَاشِعٍ صُفْرِيٌّ، وَبَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ خَلِيعٌ مَاجِنٌ، وَحَمَّادٌ عَجْرَدٍ زِنْدِيقٌ، وَابْنُ رَأْسِ الْجَالُوتِ يَهُودِيٌّ، وابن نطيرا متكلم النصارى، وعمرو ابن أُخْتِ الْمُؤَيِّدِ الْمَجُوسِيِّ، وَرَوْحُ بْنُ سِنَانٍ الْحَرَّانِيُّ صَابِئِيٌّ، فَيَتَنَاشَدَ الْجَمَاعَةُ أَشْعَارًا، فَكَانَ بَشَّارٌ يَقُولُ: أَبْيَاتُكَ هَذِهِ يَا فُلانُ، أَحْسَنُ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا، وَبِهَذَا الْمِزَاحِ وَنَحْوِهِ كَفَّرُوا بَشَّارًا. وَلِحَمَّادِ عَجْرَدٍ نَظْمٌ فَائِقٌ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ قُتِلَ. 26- حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ1 –م4-. حَمْزَةُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، الإِمَامُ الْعَلَمُ أَبُو عُمَارَةَ التَّيْمِيُّ الْكُوفِيُّ الزَّيَّاتُ، أحد السبعة القراء، مَوْلَى آلِ عِكْرِمَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ. كَانَ عَدِيمَ النَّظِيرِ فِي وَقْتِهِ عِلْمًا وَعَمَلا، قَيِّمًا بِكِتَابِ اللَّهِ، رَأْسًا فِي الْوَرَعِ. قَرَأَ عَلَى حِمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ وَالأَعْمَشِ وَجَمَاعَةٍ. وَحَدَّثَ عَنِ الْحَكَمِ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَعِدَّةً. وَكَانَ يَجْلِبُ الزَّيْتَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى حُلْوَانَ، وَيَجْلِبُ إِلَى الْكُوفَةِ الْجُبْنَ وَالْجَوْزَ. وَأَصْلُهُ مِنْ سَبْيِ فَارِسَ. وَقِيلَ: وَلاؤُهُ لِبَنِي عِجْلٍ2. وَقَالَ سُلَيْمُ بْنُ عِيسَى: وَلاؤُهُ لِتَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابَةَ، وَتَيْمُ اللَّهِ مِنْ رَبِيعَةَ بْنِ نَزَارٍ. قَرَأَ عَلَى حَمْزَةَ: سُلَيْمُ بْنُ عِيسَى الْحَنَفِيُّ وَهُوَ أَنْبَلُ أَصْحَابِهِ وَأَبُو الْحَسَنِ الْكِسَائِيُّ أَحَدُ السَّبْعَةِ وَعَائِذُ بْنُ أَبِي عَائِذٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَشُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وعدد كثير.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 197-198"، وتهذيب الكمال "7/ 317"، وتاريخ الدوري "2/ 134"، وطبقات ابن سعد "6/ 385". 2 سير أعلام النبلاء "7/ 72".

وَحَدَّثَ عَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَشَرِيكٌ وَجَرِيرٌ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَابْنُ فُضَيْلٍ وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ وَقَبِيصَةُ وَبَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَحُسَيْنُ الْجُعْفِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مَا قَرَأَ حَمْزَةُ حَرْفًا إِلا بأثر1. وقال عبد الله العجيلي: قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى حَمْزَةَ فَجَعَلَ يَمُدُّ، فَقَالَ: لا تَفْعَلْ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ مَا كَانَ فوق البياض فهو برص، وما فَوْقَ الْجُعُودَةِ فَهُوَ قَطَطٌ، وَمَا كَانَ فَوْقَ الْقِرَاءَةِ فَلَيْسَ بِقِرَاءَةٍ. قَالَ أَسْوَدُ بْنُ سَالِمٍ: سَأَلْتُ الْكِسَائِيُّ عَنِ الْهَمْزِ وَالإِدْغَامِ: أَلَكُمْ فِيهِ إِمَامٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، حَمْزَةُ، كَانَ يَهْمِزُ وَيَكْسَرُ وَهُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَسَيِّدُ الْقُرَّاءِ وَالزُّهَّادِ لَوْ رَأَيْتَهُ لَقَرَّتْ عَيْنُكَ بِهِ مِنْ نُسُكِهِ2. وَقَالَ حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ: رُبَّمَا عَطِشَ حَمْزَةُ فلا يستسقي كراهية أن يصادف مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ3. وَذَكَرَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَنَّ حَمْزَةَ مَرَّ بِهِ فَطَلَبَ مَاءً قال: فأتيته يَشْرَبْ مِنِّي لِكَوْنِي أَحْضُرَ الْقِرَاءَةَ عِنْدَهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: سَمِعْتُ ابْنَ فُضَيْلٍ يَقُولُ: مَا أَحْسَبُ أَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ الْبَلاءَ عَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلا بِحَمْزَةَ. وَكَانَ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ يَقُولُ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ: أَلا تَسْأَلُونِي عَنِ الدُّرِّ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ، وَبَلَغَنَا أَنَّ رَجُلا قَالَ لِحْمَزَةَ: يَا أَبَا عُمَارَةَ رَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِكَ هَمَزَ حَتَّى انْقَطَعَ زِرُّهُ، فَقَالَ: لَمْ آمُرَهُمْ بِهَذَا كُلِّهِ4. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ: أَدْرَكْتُ الْكُوفَةَ وَمَسْجِدُهَا الْغَالِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ الزَّيَّاتُ. وَرَوَى عَنْ حَمْزَةَ قَالَ: إِنَّ لِهَذَا التَّحْقِيقِ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَكُونُ قَبِيحًا.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 سير أعلام النبلاء "7/ 72". 3 انظرالمصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق.

وَعَنْهُ قَالَ: إِنَّمَا الْهَمْزُ رِيَاضَةٌ فَإِذَا حَسَّنَهَا الرَّجُلُ سَهَّلَهَا. وَقِيلَ: إِنَّ حَمْزَةَ أَمَّ النَّاسَ سنة مائة. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: حَمْزَةُ ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَدْ كَرِهَ قُرَاءَةَ حَمْزَةَ: ابْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ لِفَرْطِ الْمَدِّ وَالإِمَالَةِ وَالسَّكْتِ عَلَى السَّاكِنِ قَبْلَ الْهَمْزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ رَأَى إِعَادَةَ الصَّلاةِ إِذَا كَانَتْ بِقِرَاءَةِ حَمْزَةَ، وَهَذَا غُلُوٌّ. وَالَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الاتِّفَاقُ وَانْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى ثُبُوتِ قِرَاءَتِهِ وَصِحَّتِهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا أَفْصَحُ مِنْهَا إِذِ الْقِرَاءَاتُ الثَّابِتَةُ فِيهَا الْفَصِيحُ وَالأَفْصَحُ1. وَبِالْجُمْلَةِ إِذَا رَأَيْتَ الإِمَامَ فِي الْمِحْرَابِ لَهِجًا بِالْقِرَاءَاتِ وَتَتَبَّعَ غَرِيبَهَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ فَارِغٌ مِنَ الْخُشُوعِ مُحِبٌّ لِلشُّهْرَةِ وَالظُّهُورِ، نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلامَةَ فِي الدِّينِ. قِيلَ: -إِنَّ حَمْزَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- مَاتَ بِحُلْوَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وكان أيضًا رأسًا في الفرائض. وقيل: إِنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدِ اسْتَوْفَيْتُ تَرْجَمَتَهُ فِي طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ2. ومات وقد قارب الثمانين. 27- حميد بن قحطبة بن شبيب الطائي، أمير خراسان. ولي أيضًا الجزيرة ومصر. توفي سنة تسع وخمسين ومائة، وولي بعده ابن عَبْدُ اللَّهِ، وَقِيلَ: وَلِيَهَا أَبُو عَوْنٍ عَبْدُ الملك بن يزيد. 28- حنظلة بن أبي سفيان –ع- بن عبد الرحمن بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ المكي الحافظ. حدث عن طاوس، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وسعيد بن مينا، وعطاء، ونافع، وجماعة.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 راجع: طبقات القراء الكبار "93-99".

وكان من أئمة الحديث بمكة؛ حدث عنه سفيان الثوري، وابن المبارك، ويحيى القطان، والوليد بن مسلم، ووكيع، وابن وهب، وعبيد الله بن نوسى، وإسحاق بن سليمان، وأبوعاصم، ومكي بن إبراهيم، وعدة. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ يحيى بن سعيد: ثقة، مات سنة إحدى وخمسين ومائة. وقد تناكد ابن عدي في ذكره له في "الكامل" فما أبدى شيئًا يتعلق به عليه متعنت أصلًا. قال يعقوب بن شيبة: سمعت علي بن المديني، وقيل له: كيف رواية حنظلة عن سالم؟ فقال: واد. ورواية موسى بن عقبة، عن سالم: واد آخر. وأحاديث الزهري عن سالم كأنها أحاديث نافع. قيل لعلي: فهذا يدل على أن سالمًا كثير الحديث؟ قال: أجل. قال يحيى بن معين: حنظلة ثقة. ابن عدي: حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور، وما كتبته إلا عنه، قال: حدثنا الفضل بن الصباح، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، عن حنظلة، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "اغسلوا قتلاكم". غريب جدًا. ورواته ثقات. وهذا محمول على من قتل في غير مصاف. ولعل الغلط فيه من شيخ ابن عدي أو شيخ شيخه، والثقة قد يهم. مات حنظلة في سنة إحدى وخمسين ومائة. 29- حيوة بن شريح1 –ع- بن صفوان التجيبي أبو زرعة المصري الفقيه، من رؤوس الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِدِيَارِ مِصْرَ. رَوَى عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ الْقَصِيرِ وَعُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَأَبِي يُونُسَ سُلَيْمِ بْنِ جبير وطائفة2.

_ 1 التهذيب "3/ 69"، طبقات خليفة "296"، وتذكرة الحفاظ "1/ 185"، وخلاصة تذهيب الكمال "96". 2 سير أعلام النبلاء "6/ 538".

وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو وَهْبٍ وَأَبُو عَاصِمٍ. وَالْمُقْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الْبُرُلُّسِيُّ، وَجَمَاعَةٌ آخِرُهُمْ مَوْتًا هَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَا رَأَيْتُ أحدًا أشد استخفاءً بعلمه مِنْ حَيْوَةَ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِالإِجَابَةِ يَعْنِي فِي الدُّعَاءِ1. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: وُصِفَ لِي حَيْوَةُ فَكَانَتْ رُؤْيَتُهُ أَكْبَرُ مِنْ صِفَتِهِ2. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كَانَ حَيْوَةُ يَأْخُذُ عَطَاءً فِي السَّنَةِ سِتِّينَ دِينَارًا فَلَمْ يَطَّلِعْ إِلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى يَتَصَدَّقَ بِهَا ثُمَّ يَجِيءَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَجِدُهَا تَحْتَ فِرَاشِهِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَمٍّ لَهُ فَأَخَذَ عَطَاءَهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ وَجَاءَ إِلَى تَحْتِ فِرَاشِهِ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، قَالَ فَشَكَا إِلَى حَيْوَةَ فَقَالَ: أَنَا أَعْطَيْتُ رَبِّي بِيَقِينٍ وَأَنْتَ أَعْطَيْتَهُ تَجْرِبَةً. وَكُنَّا نَجْلِسُ إِلَى حَيْوَةَ لِلْفِقْهِ فَيَقُولُ: أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِكُمْ عَمُودًا أَقُومُ وَرَاءَهُ أُصَلِّي ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ3. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الأَزْدِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْفَزْرِ قال: كان حيوة ابن شُرَيْحٍ مِنَ الْبَكَّائِينَ، وَكَانَ ضَيِّقَ الْحَالِ جِدًّا فَجَلَسْتُ وَهُوَ مُتَخَلٍّ يَدْعُو، فَقُلْتُ: لَوْ دَعَوْتَ أَنْ يُوَسَّعَ عَلَيْكَ فَالْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالا فَلَمْ يَرَ أَحَدًا فَأَخَذَ حَصَاةً فَرَمَى بِهَا إِلَيَّ فَإِذَا هِيَ وَاللَّهِ تِبْرَةً فِي كَفِّي مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهَا، وَقَالَ: مَا خَيْرٌ فِي الدُّنْيَا إِلا لِلآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ: هُوَ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُ عِبَادَهُ. فَقُلْتُ: مَا أَصْنَعُ بِهَذِهِ؟ قَالَ: اسْتَنْفِقْهَا، فَهِبْتُهُ وَاللَّهِ أَنْ أَرُدَّهَا4. وَقَالَ حيوة مرو لِبَعْضِ الْوُلاةِ: لا تُخْلِيَنَّ بِلادَنَا مِنَ السِّلاحِ، فنحن بين قبطي لا ندري متى ينقص، وَبَيْنَ حَبَشِيٍّ لا نَدْرِي مَتَى يَغْشَانَا، وَرُومِيٍّ لا نَدْرِي مَتَى يَحِلُّ بِسَاحَتِنَا، وَبَرْبَرِيٍّ لا ندري متى يثور5.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 سير أعلام النبلاء "6/ 539". 5 انظر المصدر السابق.

تُوُفِّيَ حَيْوَةُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ ومِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ. وَهَذَا بَلْ وَسَائِرُ الْمِصْرِيِّينَ لَمْ يَذْكُرُهُمْ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "حلية الأولياء". 30- خالد بن دينار –خ د ت ن- أبو خلدة التميمي البصري الخياط. عن أنس، وأبي العالية، والحسن، وابن سيرين، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مهدي، وحرمي بن عمارة، وعبد الصمد بن عبد الوارث، ومسلم بن إبراهيم، وخلق. وثقه يزيد بن زريع، وابن معين، والنسائي. 31- خالد بن أبي عثمان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ بن أبي العيص بْن أُمَيّة بْن عَبْد شمس القُرَشيّ الأمويّ، أبو أمية البصري. من جلة العلماء. روى عن عروة بن الزبير، وسعيد بن جبير، وثمامة بن عبد الله، وطاذفة. حدث عن شعبة مع تقدمه، وابن مهدي، وأبو داود، وأبو الوليد الطيالسي، وأبو سلمة التبوذكي، وعفان، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وآخرون. قال عنه عبد الصمد التنوري، قال: ولدت أنا وعمر بن عبد العزيز في شهر واحد. وقال ابن معين، وغيره: ثقة. وقال أبوحاتم: لا بأس بحديثه. قلت: أظنه عاش مائة عام. 32- خليفة بن خياط، أبو هبيرة، جد شباب. عن عمرو بن شعيب، وحميد الطويل، وغيرهما، وعنه أبو الوليد الطيالسي. ذكره ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ستين ومائة. 33- خليل بن مرة الضبعي البصري –ت- نزيل الرقة. عن ابن أبي صالح السمان، وعكرمة، وعطاء، ومعاوية بن قرة، وابن أبي مليكة، وخلق، وعنه الليث مع تقدمه، وبقية، وابن وهب، ووكيع، وأحمد, ويعقوب بن إسحاق الحضرمي، وطائفة.

وكان أحد الصلحاء. قال البخاري: هو منكر الحديث. وقال أبوزرعة: شيخ صالح. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: ليس بمتروك يكتب حديثه. قلت: توفي سنة ستين ومائة. 34- داود بن بكر بن أبي الفرات الأشجعي – د ت ق- مولاهم، المدني. عن ابن المنكدر، وصفوان بن سليم، وجماعة. وعنه إسماعيل بن جعفر، وأنس ابن عياض، وأبو داود الطيالسي، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ليس بالمتين، ولا بأس به. وله عن ابن المنكدر عن جابر حديث: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" حسنه الترمذي، وليس له في الكتب سواه. داود بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي – ت ق- الكوفي الأعرج. قال ابن معين: توفي سنة إحدى وخمسين ومائة. وقد مر في الطبقة الماضية. 35- الربيع بين صبيح البصري العابد الإمام –ت ق- مولى بني سعد، من أعيان مشايخ البصرة. حدث عَنِ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءِ بْنِ أبي رباح، وثابت البناني، وجماعة. وعنه وكيع، وابن مهدي، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد، وأبو الوليد، وآخرون. روى عباس: عن ابن معين: ثقة. وقال أحمد: لا بأس به. وذكره شعبة فقال: هو عندي من سادات المسلمين.

قلت: كان كبير الشأن، إلا أن النسائي ضعفه. وقال حجاج: سألت شعبة عن مبارك والربيع بن صبيح، فقال: مبارك أحب إلي. وقال علي: جهدت بيحيى بن سعيد أن يحدثني بحديث عن الربيع بين صبيح، فأبى علي. وقال أبو الوليد: كان يدلس. قال ابن حبان: كنيته أبو جعفر. حدث عنه الثوري، وابن المبارك، ووكيع، وكان من عباد أهل البصرة وزهادهم، كان يشبه بيته بالليل بالنحل، إلا أن الحديث لم يكن من صناعته، فكان يهم كثيرًا. توفي بالسند سنة ستين ومائة. محمود بن غيلان: حدثنا أبو داود: قال شعبة: لقد بلغ الربيع بن صبيح في مصرنا هذا، ما لا يبلغه الأحنف بن قيس. قال أبو داود: يعني في الارتفاع. قال أبو محمد الرامهرمزي. أول من صنف وبوب، فيما أعلم، الربيع بين صبيح بالبصرة، ثم ابن أبي عروبة. قلت: توفي غازيًا بأرض الهند، وله في "الجعديات". قال علي: حدثنا الربيع، عن الحسن، قال: ليس الفرار من الزحف من الكبائر, إنما كان ذاك يوم بدر. قال عباس: سألت ابن معين عن الربيع والمبارك، فقال: ما أقربهما! لا بأس بهما. قال محمد بن سلام الجمحي: قال الوثيق بن يوسف الثقفي: ما رأيت الحسن، سألت الحسن. قال يحيى بن سعيد: كتبت عنه حديثًا عن أبي نضرة في الصرف، هو أحسنها كلها، وحديث عطاء عن جابر في الحج بطوله. عن عكرمة، قلت له: ما حدث عنه بشيئ؟ قال: لا. قال غسان بن المفضل الغلابي: سمعت من يذكر أن الربيع بين صبيح كان بالأهواز ومعه صاحب له، فتعرضت لهما امرأة، فبكى الشيخ، قال له صاحبه: ما

يبكيك؟ قال: إنما لم تطمع في شيخين إلا وقد رأت شيوخًا قبلنا يتابعونها، فلذا أبكي. قال يحيى بن معين: كانت وقعة باربد سنة ستين ومائة، وفيها مات الربيع بن صبيح، رحمه الله. 36- ربيعة بن عثمان بن ربيعة – م ق- بن عبد الله بن الهدير، أبو عثمان التيمي المدني. عن محمد بن يحيى بن حبان، ونافع، وزيد بن أسلم، وجماعة. وعنه ابن عجلان مع تقدمه، وابن المبارك، وعبد الله بن إدريس، وابن أبي فديك، والواقدي، وجعفر بن عون، وطائفة. وثقة ابن معين. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ. وَقَالَ أبو حاتم: منكر الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قالو الواقدي: مات سنة أربع وخمسين ومائة، وهو ابن سبع وسبعين سنة. له في الكتب، وهو حديث: "المؤمن القوي، خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف". "حرف الزاي": 37- زبان بن فائد – د ت ق- أبو جوين المصري. عن سهل بن معاذ، عن أبيه، فذكر أحاديث. وعنه يحيى بن أيوب، والليث وابن لهيعة، ورشدين بن سعد، وجماعة. ضعفه ابن معين. وقال أحمد: أحاديثه مناكير. وقال أبو حاتم: صالح.

وقال ابن يونس: كان على مظالم مصر، وكان من أعدل ولاتهم. مات سنة خمس وخمسين ومائة، وكان فاضلًا. 38- الزبير بن سعيد بن سليمان – د ت ق- بن سعيد بن نوفل بن الحارث بن عبدا لمطلب الهاشمي، نزيل المدائن. عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، والقاسم بن محمد، ومحمد بن المنكدر، وعبد الحميد بن سالم، وجماعة. وعنه ابن المبارك، وجرير بن حازم، وإسماعيل بن عياش، وسعيد بن زكريا المدائني، وأبو عاصم النبيل، ومطرف بن عبد الله المدني، وطائفة. قال عباس، عن ابن معين: ثقة. وقال مرة في موضع آخر: ليس بشيء. وقال النسائي، وغيره: ضعيف. وقال غيره: توفي سنة بضع وخمسين ومائة. 39- زربي بن عبد الله1 -ت ق- المؤذن أبو يحيى. بَصْرِيٌّ ضَعِيفٌ. لَهُ عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ مُسْلِمُ بن إبراهيم وموسى التَّبُوذَكِيُّ وَبِشْرُ بْنُ الْوَضَّاحِ وَعُبَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَهُ مَنَاكِيرُ عَنْ أَنَسٍ. 40- زُفَرُ بْنُ عَاصِمٍ2، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهِلالِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ. وَعَنْهُ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ حُمَّةَ. وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ الْجِهَادِ، وَلِيَ غَزْوَ الصَّائِفَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَقَبْلَ ذَلِكَ. 41- زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ الْعَنْبَرِيُّ3، الْفَقِيهُ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ عَشْرٍ ومائة.

_ 1 تهذيب التهذيب "3/ 325"، والميزان "2/ 69". 2 الجرح والتعديل "3/ 608". 3 طبقات ابن سعد "6/ 270"، وميزان الاعتدال "2/ 71".

رَوَى عَنِ الأَعْمَشِ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٍ. ومات في الكهولة. رَوَى عَنْهُ حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِرْمَانِيُّ وَأَبُو يَحْيَى أَكْثَمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيَّادٍ وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْمُلائِيُّ: كَانَ ثِقَةً مأمونًا. وقع إلى البصرة في الميراث مِنْ أَخِيهِ فَتَشَبَّثَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فَلَمْ يتركوه يخرج من عندهم. وقال يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ: كَانَ وَالِدُهُ هُذَيْلُ بْنُ قَيْسِ بْنِ سُلَيْمٍ بِأَصْبَهَانَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ بْنِ الوليد وكان ثَلاثَةُ أَوْلادٍ: زُفَرُ أَبُو الْهُذَيْلِ وَهِرْثِمَةُ وَكَوْثَرٌ. قَالَ وَرَجَعَ زُفَرُ عَنِ الرَّأْيِ وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ. ثُمَّ سَاقَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِهِ الْحِلْيَةِ لَهُ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ، وَمِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ: النُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ وَالْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ ومالك بن فديك. روى عَنْ مُدْرِكٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَيَّادٍ قَالَ: كان زفر وداود الطائي متواخيين فَأَمَّا دَاوُدُ فَتَرَكَ الْفِقْهَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَأَمَّا زُفَرُ فَجَمَعَهُمَا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مهدي: نبأ عبد الواحد بم زَيَّادٍ قَالَ: لَقِيتُ زُفَرَ فَقُلْتُ لَهُ صِرْتُمْ حَدِيثًا فِي النَّاسِ وَضَحِكَةً. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قلت: تقولون في الابتداء إدرأوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ وَجِئْتُمْ إِلَى أَعْظَمِ الْحُدُودِ فَقُلْتُمْ: تُقَامُ بِالشُّبُهَاتِ. قَالَ وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ" 1 فَقُلْتُمْ يُقْتَلُ بِهِ. قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ السَّاعَةَ أَنِّي قَدْ رَجَعْتُ عَنْهُ. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُنَاظِرُ زُفَرَ إِلا رَحِمْتُهُ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الملائي: كنت أمر على زفر فيقول: تعال حَتَّى أُغَرْبِلَ لَكَ مَا سَمِعْتَ. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: قَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ: مَنْ قعد قبل وقته ذل.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4/ 84، 9/ 14"، والترمذي "143"، وأبو داود "2034، 4530"، وابن ماجه "2659"، وأحمد في مسنده "1/ 79"، وابن سعد في الطبقات "1/ 2/ 172".

وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كُنْتُ أَعْرِضُ الْحَدِيثَ عَلَى زفر فيقول: هذا ناسخ هذا مَنْسُوخٌ، هَذَا يُؤْخَذُ بِهِ، هَذَا يُرْفَضُ. قَدْ ذكرنا ان غير واحد وثق زفر. وقال ابْنُ سَعْدٍ: لَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 42- زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّيُّ1 –ع-. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ وَأَبِي الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَوَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَرَوْحٌ وَأَبُو عَاصِمٍ وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ وَآخَرُونَ. وَقَدِ اتُّهِمَ فِي نفسه بالقدر وهو ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس به. وقال ابن مَعِينٍ: قَدَرِيٌّ. قُلْتُ: مَاتَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 43- زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ الْيَمَانِيُّ الْجُنْدِيُّ2 -ت ن ق-. نزيل مكة. قال أبو عمر الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرَضًا عَنْ مُجَاهِدٍ وَدِرْبَاسٍ. كَذَا قَالَ أَبُو عَمْرٍو. رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزْجَانِيُّ: مُتَمَاسِكٌ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً. 44- زُهَيْرُ بْنُ مَيْمُونَ الْكُوفِيُّ3، النحوي.

_ 1 التهذيب "3/ 328"، وميزان الاعتدال "2/ 71"، وخلاصة تذهيب الكمال "122"، والمعرفة والتاريخ "2/ 207". 2 التهذيب "3/ 338"، والجرح والتعديل "3/ 624"، والميزان "2/ 81". 3 الفهرست "133"، والوافي بالوفيات "14/ 228".

وَيُعْرَفُ بِالْفُرْقُبِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَّجِرُ فِي الْفُرْقُبِ. وكان من كبار العلماء. أخذ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي الأَسْوَدِ. وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 45- زِيَادُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الْحَنَفِيُّ1، الأَصْغَرُ الْمِهْرَوَانِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ وَإِسْرَائِيلُ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ وَبَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ مَرَّةً: لا بَأْسَ بِهِ. 46- زَيَّادُ بْنُ مَيْمُونَ2، أَبُو عَمَّارٍ الْبَصْرِيُّ. صَاحِبُ الْفَاكِهَةِ. عَنْ أَنَسٍ. وَعَنْهُ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَتَرَكَاهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَقِينَاهُ، فَقَالَ: عُدُّوا إِنَّ النَّاسَ لا يَعْلَمُونَ أَنِّي لَمْ أَلْقَ أَنَسًا أَمَا تَعْلَمَانِ أَنِّي مَا لَقِيتُهُ؟ قَالَ: ثُمَّ بَلَغْنَا أَنَّهُ يَرْوِي عَنْهُ، فَلَقِينَاهُ، فَقَالَ: عُدُّوا إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا، أَفَلا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيَّ؟ قُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: تُبْتُ، مَا سَمِعْتُ مِنْ أَنَسٍ شيئًا. وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَبْلُغُنَا أَنَّهُ يَرْوِي عَنْهُ فَتَرَكْنَاهُ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ: قَالَ زَيَّادُ بْنُ مَيْمُونَ: عُدُّوا أَنِّي كُنْتُ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمْتُ، أَمَا كُنْتُمْ تَقْبَلُونَ تَوْبَتِي؟ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَنَسٍ شَيْئًا. وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ يرميه بالكذب. وقال ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 47- زِيَادُ بْنُ حِبَّانَ الرَّقِّيُّ3 -ن ق- كُوفِيُّ الأَصْلِ. رَوَى عَنِ الزهري وابن المنكدر وأيوب وأبو إسحاق وابن جريج وجماعة. وعنه أبو نعيم وأبو أحمد الزبيري ومعمر بن سليمان وآخرون. قال أحمد بن حنبل: كان يشرب المسكر. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 365". 2 التاريخ الكبير "3/ 370"، والجرح والتعديل "3/ 544". 3 التهذيب "3/ 404"، وميزان الاعتدال "2/ 101"، والخلاصة "127".

عدي: لا أَرَى بِهِ بَأْسًا. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وخمسين ومائة. 48- زيد بن أبي ليلى مُرَّةَ1، أَبُو الْمَعَالِي. رَأَى أَنَسًا وَسَمِعَ الْحَسَنَ. وَعَنْهُ مُعْتَمِرٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مَعْقِلٍ فِي ذَمِّ الاحْتِكَارِ. "حرف السِّينِ": 49- سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى2. وَقِيلَ: ابْنُ غَيْلانَ، وَقِيلَ: ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. أَبُو الْفَيْضِ. عَنْ عَطَاءٍ وَنَافِعٍ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيُّ وَعُمَرُ بْنُ صُبَيْحٍ وَمُحَمَّدُ بن يعلى زنبور والوليد بن القاسم وجماعة. قال البخاري: تركوه. وقال ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: نَقَمُوا عَلَيْهِ عن نافع ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا كَانَ إِذَا خَافَ أَنْ يَنْسَى رَبَطُوا فِي أُصْبُعِهِ خَيْطًا. 50- السَّائِبُ بْنُ عمر3 -د ن- بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَكِّيُّ. عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَأَبُو عَاصِمٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. 51- سَحَّامَةُ بْنُ عبد الله البصري الأصم4.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 305"، وفيه زيادة حيث قال: "زيد بن مرة ابن أبي ليلى أبو المعلى"، وانظر في الحاشية التعليق على الاختلاف في اسمه. 2 الجرح والتعديل "4/ 186"، والميزان "2/ 112". 3 التقريب "1/ 276"، وتهذيب الكمال "10/ 191". 4 التاريخ الكبير "4/ 211"، والتهذيب "3/ 454".

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سحامة عَبْد الرَّحْمَنِ قَالَ: والأصم هُوَ والده. سَمِعَ أَنَسًا. قَالَ ابْنُ الذَّهَبِيِّ: مَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا. أَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ عَسَاكِرٍ عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ بْنِ مُحَمَّدٍ أنا زاهر أن أَبُو سَعْدٍ الْكَنْجَرُوذِيُّ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ أَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنا سَحَّامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَنَسٌ وَاسِطَ فَحَدَّثَنَا أن رجلًا جاء النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ مِنْ أَمْرِهِ حَاجَةً وَفَقْرًا، فَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَنَهَضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَدْخُلَ فِيهَا، فَتَعَلَّقَ بِهِ الرَّجُلُ، فَقَامَ مَعَهُ حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلاةِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الأَدَبِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ عَنِ الْعَقَدِيِّ عَنْ سَحَّامَةَ. 52- سَدُوسُ بْنُ حَبِيبٍ1، الْقَيْسِيُّ الْبَصْرِيُّ. بَيَّاعٌ السَّابِرِيُّ. عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ. وَعَنْهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى التَّبُوذَكِيُّ. قَالَ: مَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا. 53- سُعَادُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ق-. عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَأَبِي إِسْحَاقَ وَجَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ. وَعَنْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ وَجَبَّارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ مِنْ عِتْقِ الشِّيعَةِ وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ فِي الْحَدِيثِ. وَقِيلَ: سَعَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. 54- سَعْدَانُ الجهني الكوفي3 -خ ت ق- قِيلَ: اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ, وَقِيلَ: ابْنُ بشير.

_ 1 لسان الميزان "3/ 9"، والجرح والتعديل "4/ 311". 2 تهذيب التهذيب "3/ 462"، والتقريب "1/ 278". 3 التاريخ الكبير "4/ 196"، والتهذيب "3/ 487"، والجرح "4/ 289".

رَوَى عَنْ سَعْدٍ أَبِي مُجَاهِدٍ الطَّائِيِّ وَكِنَانَةَ مَوْلَى صَفِيَّةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحَّادَةَ. وَعَنْهُ وَكِيعٌ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو عَاصِمٍ وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي الْكُتُبِ. 55- سَعِيدُ بْنُ أَبَانِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيُّ1. نَزِيلُ الْكُوفَةِ. عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ وَعُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ يحيى بن سعيد الأموي وعمر بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. وَقَالَ: كَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ. 56- سَعِيدُ بْنُ حَسَّانٍ المخزومي2 –م4- المكي القاص. عَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعُرْوَةَ بْنِ عِيَاضٍ. وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ وَوَكِيعٌ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَوَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ مَرَّةً وَتَوَقَّفَ مَرَّةً. 57- سَعِيدُ بْنُ زَيَّادٍ الشيباني3 -د ن- المكي. عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَزِيَادِ بْنِ صُبَيْحٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ جُنْدُبٍ وَوَكِيعٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. 58- سَعِيدُ بْنُ سَابِقٍ الرَّازِيُّ4 الْفَقِيهُ وَالِدُ مُحَمَّدٍ. عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زَيَّادٍ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَحَكَّامُ بْنُ سَالِمٍ وَهَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. صويلح. 59- سعيد بن سنان5 -د ت ق- أبو سنان البرجمي الشيباني الكوفي نَزِيلُ الرَّيِّ. عَنِ الضَّحَّاكِ وَطَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَعَمْرِو بن مرة وجماعة. وعنه إسحاق بن

_ 1 التاريخ الكبير "1517"، وتهذيب التهذيب "4/ 2". 2 الجرح والتعديل "4/ 12"، والوافي بالوفيات "290". 3 الخلاصة "1/ 296"، والتقريب "1/ 288". 4 التاريخ الكبير "3/ 481"، والجرح والتعديل "4/ 30". 5 ميزان الاعتدال "2/ 143".

سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ وَبَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ مِنْ رُفَعَاءِ النَّاسِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ عَابِدًا فَاضِلا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَالِحٌ لَمْ يَكُنْ يُقِيمُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لا يُتَابَعُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ حَدِيثِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: مَنْ أَبُو سِنَانٍ، يَعْنِي سَعِيدَ بْنَ سِنَانٍ، لَوْ كَانَ لِي عَلَيْهِ سُلْطَانٌ لَحَبَسْتُهُ وَأَدَّبْتُهُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَكَنَ الرَّيَّ وَكَانَ سيئ الْخُلُقِ وَكَانَ يَحُجَّ كُلَّ سَنَةٍ. وَقَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ: سَكَنَ قَزْوِينَ أَيْضًا. وَأَمَّا: * سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْحِمْصِيُّ1، أَبُو مَهْدِيٍّ فَآخَرُ. 60- سَعِيدُ بْنُ زَوْنٍ الثَّعْلَبِيُّ الْبَصْرِيُّ2. عَنْ أَنَسٍ وَعَنْهُ هِلالُ بْنُ فَيَّاضٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ جِدًّا, وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. 61- سَعِيدُ بْنُ زَيَّادٍ3. مَوْلَى جُهَيْنَةَ الْمَدِينِيُّ الْمُكْتِبُ. عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَعَنْهُ زَيَّادُ بْنُ يُونُسَ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 62- سَعِيدُ السائب بن يسار4 -د ن ق- وهو سعيد بن أبي حفص الثقفي أَحَدُ الْعُبَّادِ الْبَكَّائِينَ. عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَيَّةَ الْعَامِرِيِّ وَنُوحِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ. وَعَنْهُ حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مهدي وأبو حذيفة النهدي وجماعة.

_ 1 التهذيب "4/ 46"، والميزان "2/ 143"، والجرح والتعديل "4/ 28". 2 المجروحين "1/ 317"، والضعفاء والمتروكين "54". 3 الجرح والتعديل "4/ 22". 4 التاريخ الكبير "3/ 480"، والجرح والتعديل "4/ 30".

قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ: كُنَّا نَرَاهُ مِنَ الأَبْدَالِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ لا يَكَادُ يَجِفُّ لَهُ دَمْعٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ دَمْعَةً مِنْهُ إِنَّمَا كَانَ يَعُوزُهُ أَنْ تُحَرِّكَهُ فَتَرَى دُمُوعَهُ كَالْقَطْرِ رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ الْحُمَيْدِيّ عَنْ سَفْيَانَ: حَدَّثُونِي أَنَّ رَجُلا عَاتَبَهُ فِي الْبُكَاءِ فَبَكَى وَقَالَ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْذِلَنِي عَلَى التَّقْصِيرِ وَالتَّفْرِيطِ فَإِنَّهُمَا قَدِ اسْتَوْلَيَا عَلَيَّ. 63- سَعِيدُ بن عبد الرحمن البصري1. هو أَخُو أَبِي حَرَّةَ. سَمِعَ ابْنَ سِيرِينَ وَيَحْيَى بْنَ أَبِي إِسْحَاقَ وَمَكْحُولا. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. 64- سَعِيدُ بْنُ عبد الرحمن أبو شيبة2 –ن- الزبيدي الكوفي قَاضِي الرَّيِّ. عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيَّادٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ. وَثَّقَهُ أبو داود. وقال ابْنُ حِبَّانَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. كَانَ يَرْوِي الْمَقَاطِيعَ. 65- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن جبير بن حية3 -خ ن ق- الثقفي البصري. عَنْ عَمِّهِ زَيَّادِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. 66- سَعِيدُ بْنُ عبيد الهنائي البصري4 -ت ن-.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 40". 2 المعرفة والتاريخ "3/ 195". 3 التهذيب "4/ 61"، والجرح والتعديل "4/ 38". 4 تهذيب التهذيب "4/ 62"، والجرح والتعديل "4/ 47".

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ وَالْحُسَيْنِ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ وَكَثِيرُ بْنُ فَائِدٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 67- سَعِيدُ بن أبي عروبة1 –ع- مهران، مَوْلَى بَنِي عَدِيٍّ عَالِمُ الْبَصْرَةِ أَبُو النَّضْرِ الْعَدَوِيُّ الْحَافِظُ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ أَنَسِ بْنِ مالك. وروى عن الحسن وابن سيرين قليلًا وعن قتادة فأكثر وَالنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ وَأَبِي رَجَاءٍ الْعَطَارِدِيِّ، وَهُوَ أكبر شيخ لقيه، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ وَأَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَغُنْدَرٌ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضَّبْعِيُّ وَالأَنْصَارِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ أَبُو عَوَانَةَ: مَا كَانَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَحَدٌ أَحْفَظُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ لِسَعِيدٍ كِتَابٌ إِنَّمَا كَانَ يَحْفَظُ ذَلِكَ كُلَّهُ. وَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ: لَمْ أَكْتُبْ إِلا تَفْسِيرَ قَتَادَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا مَعْشَرٍ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أَكْتُبَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَثْبَتُهُمْ فِي قَتَادَةَ سَعِيدٌ وَالدَّسْتُوَائِيُّ وَشُعْبَةُ. وَقَالَ حَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيْسَابُورِيُّ: قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ: إِذَا رَوَيْتَ عَنِّي فَقُلْ: ثنا سعيد الأعرج عنن قَتَادَةَ الأَعْمَى عَنِ الْحَسَنِ الأَحْدَبِ. وَقَالَ بُنْدَارٌ: ثنا عَبْدُ الأَعْلَى وَكَانَ قَدَرِيًّا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَكَانَ قَدَرِيًّا عَنْ قَتَادَةَ وَكَانَ قَدَرِيًّا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ قتادة وسعيد يقولان بالقدر ويكتمانه. وروى الْكَوْسَجُ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: سَعِيدٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ ثِقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيثِ قَتَادَةَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ صَنَّفَ الْعِلْمَ بِالْبَصْرَةِ. قَالَ أَحْمَدُ: وَمَنْ سَمِعَ من سعيد قبل الهزيمة فسماعه جيد.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 504"، والجرح والتعديل "4/ 65"، والتهذيب "4/ 63".

قُلْتُ: يَعْنِي هَزِيمَةَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حسين، وَكَانَتْ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: لَقِيتُ ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ قَبْلَ الأَرْبَعِينَ بِدَهْرٍ وَرَأَيْتُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَأَنْكَرْتُهُ، وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القطان يوثقه. وقال أَبُو نُعَيْمٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ عِنْدَمَا اخْتَلَطَ حَدِيثَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ مُثَنَّى: ثنا الأَنْصَارِيُّ: دَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الأَفْطَسُ عَلَى سَعِيدٍ بَعْدَمَا تَغَيَّرَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ فِي وُجُوهِنَا وَلا يَعْرِفُنَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: كَانَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ يَمْزَحُ وَكَانَ يُحَدِّثُ فَإِذَا أَعْجَبَهُ حَفِظَهُ قَالَ "دَقَّكَ بِالْمُنْحَازِ حَبُّ الْفُلْفُلِ". وَقَالَ رَجُلٌ: أَتَيْتُ ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ فَتَمَارَى عِنْدَهُ رَجُلانِ فَبَقِيَ يُغْرِي بَيْنَهُمَا قَلِيلا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، فِي تَدْلِيسِ سَعِيدٍ: لَمْ يَسْمَعْ سَعِيدٌ مِنَ الْحَكَمِ وَلا مِنَ الأَعْمَشِ وَلا مِنْ حَمَّادٍ وَلا مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَلا مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَلا من إسماعيل بن خالد ولا من عبيد الله بْنِ عُمَرَ وَلا مِنْ أَبِي بِشْرٍ وَلا مِنِ ابْنِ عُقَيْلٍ وَلا مِنْ زَيْدِ بْنِ أسلم ولا من ابن أبي سلمة ولا من أبي الزناد، وقد حَدَّثَ عَنْ هَؤُلاءِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ شَيْئًا. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ: لَمْ يَسْمَعْ سَعِيدٌ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ وَلا مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُمَرَ وَلا مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَسْمَعِ الْخِلافَ فَلا تَعُدُّهُ عَالِمًا. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، قَيَّدَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. 68- سَعِيدُ بْنُ عَطِيَّةَ اللَّيْثِيُّ1 -ت-. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ عُبَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ وَأَبُو داود الطيالسي وأبو عبد الرحمن المقري. ذكره ابن حبان في الثقات.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 294"، والثقات "6/ 36"، والخلاصة "141".

69- سعيد بن يزيد1 -م د ت ق- أبو شجاع القتباني الحميري الإسكندراني. عَنِ الأَعْرَجِ وَالْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ وَخَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ وَدَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ وَاللَّيْثُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو زُرَارَةَ لَيْثُ بْنُ عَاصِمٍ وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ ثِقَةً عابداُ كَبِيرَ الْقَدْرِ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ لَهُ شَأْنٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ بْن عَاصِمٍ: رَأَيْتُهُ إِذَا أَصْبَحَ عَصَبَ سَاقَهُ بِالْمُشَاقَّةِ وَبِزْرِ الْكَتَّانِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الْمُجْتَهِدِينَ، تُوُفِّيَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 70- سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنِ2 -4- بْنِ حَسَنٍ الْوَاسِطِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ. عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَالزُّهْرِيِّ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَهُشَيْمٌ وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعُمَرُ بن عبد الله بن رَزِينٍ وَأَخُوهُ عُمَيْرٌ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ إِلا فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ خَاصَّةً فَإِنَّ فِيهَا مَنَاكِيرُ. وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سُفْيَان بن حسين السلمي المعلم، رَوَى عن الحَسَن وجماعة. قَالَ عَبَّاسٌ عن ابن مَعِين: ليس به بأس مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ كَانَ يُؤَدِّبُ الْمَهْدِيَّ. وَحَدِيثُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَطْ لَيْسَ بِذَاكَ إِنَّمَا سَمِعَ مِنْهُ بِالْمَوْسِمِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صالح الحديث ولا يحتج به نحو محمد بن إسحاق.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 521"، والتهذيب "4/ 101"، وحسن المحاضرة "1/ 274". 2 ميزان الاعتدال "2/ 165"، والجرح والتعديل "4/ 227"، والتهذيب "4/ 107".

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: الإِنْصَافُ فِي أَمْرِهِ: يَبْحَثُ بِمَا رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَالاحْتِجَاجِ بِمَا رَوَى عَنْ غَيْرِهِ. مَاتَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 71- سُفْيَانُ بن دينار1 -خ ن- أبو سعيد الكوفي التمار. عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُصْعَبِ بْنِ سَعِيدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَالْمُحَارِبِيُّ وَعَفَّانُ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: رَأَيْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبِي بَكْرٍ وعمر مسنمة2. 72- السكن بن المغيرة3 –ت- البصري البزاز أبو محمد مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. عَنْ سَارِيَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنِ الْوَلِيدِ بن أبي هشام. وعنه أبو داود وأبو نعيم وحبان بن هلال وأبو الوليد وجماعة. قال النسائي: ليس به بأس. 73- سلام بن أبي عمرة4 –ت- أبو علي الخراساني. عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ الأَوْدِيِّ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ. وعن وَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَعُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 74- سَلَمَةُ بْنُ بَخْتٍ5. عَنْ عِكْرِمَةَ. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ وَالْقَعْنَبِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. 75- سَلَمَةُ بْنُ سَابُورٍ الْكُوفِيُّ6. عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَعَبْدِ الْوَارِثِ مَوْلَى أَنَسٍ. وَعَنْهُ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ وَسَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ. ضَعَّفَهُ ابن معين. 76- سلمة بن وردان7 -ت ق- أبو يعلى الليثي الخندعي مولاهم المدني.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 220"، والوافي بالوفيات "397". 2 والمسنم: وهو الشيء المعظم، ويقال مجد مسنم: عظم و: الشيء على هيئة السنام في بناء ونحوه. 3 التهذيب "4/ 126"، والجرح والتعديل "4/ 287". 4 التاريخ الكبير "4/ 133"، والمجروحين "1/ 341"، وميزان الاعتدال "2/ 180". 5 الجرح والتعديل "4/ 156". 6 ميزان الاعتدال "2/ 190". 7 تهذيب التهذيب "4/ 160"، والجرح والتعديل "4/ 174".

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى وَمَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ وَهْبٍ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْقَعْنَبِيُّ وَالْوَاقِدِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَعِدَّةٌ. ضَعَّفَهُ أبو داود. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي: عَامَّةُ مَا عِنْدَهُ عَنْ أَنَسٍ مُنْكَرٌ. قِيلَ: توفي في آخر خلافة المنصور. وقال الدارقطني: ضعيف. 77- سلم بن زرير1 -خ م ن- أبو يونس العطاردي البصري. عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ وَأَبِي غَالِبٍ حَزَوَّرٍ. وَعَنْهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ وَأَبُو الْوَلِيدِ وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ معين. وقال أبو حاتم أيضًا: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْهُ فَقَالَ: صَدُوقٌ، وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ مَا بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ يُحتَجُّ بِبَعْضِهَا. 78- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ2. عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ. وَعَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بُومَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَرَادَةَ وَخَالِدُ بْنُ حَيَّانَ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَهُوَ مِنْ مَوَالِي أَمِيرِ الْجَزِيرَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيِّ. 79- سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ3، رَوَى حَدِيثَ الصَّدَقَاتِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي قِلابَةَ. وَعَنْهُ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ الله ويحيى بن حمزة. قال أحمد بن حنبل في حديثه الطويل: أرجو أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ شَيْخٌ ضَعِيفٌ. قُلْتُ: وَحَدِيثُهُ الطَّوِيلُ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَغَيْرُهُ عَنْ صَدَقَةَ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا قِلابَةَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صفة صلاته.

_ 1 التهذيب "4/ 160"، والجرح والتعديل "4/ 264"، والميزان "2/ 193". 2 لسان الميزان "3/ 100"، والجرح والتعديل "4/ 115". 3 التهذيب "4/ 189"، والمشاهير "184".

وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ الْخَوْلانِيُّ فِي "تَارِيخِ دَارَيَّا": كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ حاجباُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَوَلَدُهُ بِدَارِيَّا إِلَى الْيَوْمِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ: الصَّوَابُ فِي حَدِيثِ الصَّدَقَاتِ: يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ: رَأَيْتُ فِي كِتَابِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ بِخَطِّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: نَظَرْتُ فِي أَصْلِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ حَدِيثِ الصَّدَقَاتِ فَإِذَا هُوَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ. قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى طَائِفَةٌ مِنَ الْحَدِيثِ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْخَوْلانِيُّ ثقة، ثم ساق له في "الأنواع والتقاسيم" بِطُولِهِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 80- سُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ الْمَدَنِيُّ1، أَبُو سُفْيَانَ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَبِلالِ بْنِ يَحْيَى. وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ -وَهُوَ أكبر منه- وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ. قَالَ الدُّولابِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ. * سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ2، أَبُو أَيُّوبَ المورياني الجوزي وزير المنصور. ذكرته فِي الْكُنَى. 81- سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ جَمَّازٍ3، الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ الْمُقْرِئُ. أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ، وَعَرَضَ أَيْضًا عَلَى نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ بن جعفر وقتيبة بن مهران.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 119"، والتهذيب "4/ 194". 2 الجرح والتعديل "4/ 122". 3 ميزان الاعتدال "2/ 223".

82- سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ الْكَعْبِيُّ الْخُزَاعِيُّ1، أَبُو الْمُثَنَّى. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ التَّنِّيسِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ. 83- سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ الْهَمَذَانِيُّ2. مِنْ أَهْلِ هَمَذَانَ. رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَزَيْدُ بْنُ الحباب. وكان يُعْرَفُ بِالأَحْمَرِ. وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ مَنْ فِي "تَارِيخِ هَمَذَانَ". 84- سُلَيْمٌ مَوْلَى الشَّعْبِيِّ3. عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. ضَعَّفَهُ الْفَلاسُ. 85- سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ الْهُذْلِيُّ4 -خ م- مِنْ ثِقَاتِ الْبَصْرِيِّينَ. عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَا وَقَتَادَةَ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَرْوَانَ الأَصْغَرِ. وَعَنْهُ بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَعَفَّانُ وَمُحَمَّدٌ الْعَوْفِيُّ وَآخَرُونَ. 86- سَهْلُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ5. وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَرَوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وَبُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ وَقَنَّانٍ النَّهْمِيِّ. وَعَنْهُ زُرَيْقُ الْبَجَلِيُّ الْمُقْرِئُ وَأَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَعَوْنُ بْنُ سلام. وما علمت به بأسًا.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 319". 2 الجرح والتعديل "4/ 152". 3 التاريخ الكبير "4/ 132"، والجرح والتعديل "4/ 313". 4 الجرح والتعديل "4/ 314". 5 الجرح والتعديل "4/ 199".

87- سَهْلُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ1، الْبَصْرِيُّ السَّرَّاجُ. عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَيُّوبَ. وَعَنْهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو دَاوُدَ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ. وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: قَدْ رَوَى شَيْئًا مُنْكَرًا وَهُوَ أَنَّهُ رَأَى الْحَسَنَ يُصَلِّي بَيْنَ سُطُورِ الْقُبُورِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: وَقَدْ رَوَى شَيْئًا أَنْكَرَ مِنْ هَذَا، سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ يَقُولُ: ثنا سَهْلٌ السَّرَّاجُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُجِزْ طَلاقَ الْمَرِيضِ. قُلْتُ: رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْقَدَرِ. * سَوَّارُ بْنُ دَاوُدَ2. هُوَ أَبُو حَمْزَةَ. يَأْتِي بِكُنْيَتِهِ. 88- سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُدَامَةَ3 بْنِ عَنْزَةَ التَّمِيمِيُّ الْعَنْبَرِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: هَذَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّه مَا تَعَنَّى فِي طَلَبِ حَدِيثٍ قَطُّ قَدْ سَادَ النَّاسَ. قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ وَأَبِي الْمِنْهَالِ وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَلَكِنَّهُ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْه عَرْعَرَةَ بْنِ الْبِرِنْدِ وَعَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ وَغَيْرِهِمَا. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: وَلِيَ الْقَضَاءَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ مِنْ نُبَلاءِ الْقُضَاةِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا ابْنُ عُلَيَّةَ وَمُعَاذٌ وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ. وذكره أَبُو حَاتِمٍ وَلَمْ يُجَرِّحْهُ. وَقَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّيرِينِيُّ: رَأَيْتُ سَوَّارًا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَتَغْرَغَرَتْ عَيْنَاهُ ثُمَّ حَكَمَ. وَبَلَغَنَا أَنَّ الْمَنْصُورَ اسْتَقْدَمَهُ لِيَعْزِلَهُ لأنه شكي منه

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 101"، وميزان الاعتدال "2/ 239". 2 ميزان الاعتدال "2/ 245"، والتهذيب "4/ 267". 3 التاريخ الكبير "4/ 168"، والمشاهير "158".

فعطس المنصور بحضوره فلم يشتمه فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ مِنَ التَّشْمِيتِ1؟ قَالَ: لِأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ، قَالَ: فَقَدْ حمدت في نفسي، قال: وقد شتمك فِي نَفْسِي، قَالَ: ارْجِعْ فَلَوْ حَابَيْتَ أَحَدًا لَحَابَيْتَنِي. مَاتَ سَوَّارٌ فِي آخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الشِّينِ": 98- شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ2 –ع- بن الورد أبو بسطام الأزدي العتكي مَوْلاهُمُ الْوَاسِطِيُّ، الْحَافِظُ الْكَبِيرُ عَالِمُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي زَمَانِهِ، بَلْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ. وقد سكن البصرة من صغره وَرَأَى الحَسَن، وسمع منه. مسائل. وروى عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ وَجَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَجَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ وَالْحَكَمِ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَزُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَقَتَادَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وَأَبِي جَمْرَةَ الضَّبْعِيِّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وخلائق قد أفردهم مسلم في جزء، ومنهم محمد بن الكمكدر ومحمد بن زياد القرشي وابن ملكية وعبيد بْنِ أَبِي يَزِيدَ. وَعَنْهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وهو من شيوخه، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَالْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ وَغُنْدَرٌ وَعَفَّانُ وأسد بن موسى والطيالسيان وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَلْفَيْ حَدِيثٍ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يُعَظِّمُهُ وَيَقُولُ: هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الحديث. وقال الشافعي: لولا شعبة لما عرفت الْحَدِيثُ بِالْعِرَاقِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: شُعْبَةُ إِمَامُ الأَئِمَّةِ بِالْبَصْرَةِ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَعَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ الْجَرْمِيَّ وَسَمِعَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَحَدَّثَ عَنْهُ شُيُوخُهُ: أَيُّوبُ وَمَنْصُورٌ وَالأَعْمَشُ وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الْهَرَوِيُّ: وُلِدَ شُعْبَةُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَقَالَ غيره: ولد سنة ثمانين.

_ 1 يعني ما منعك أن تدعو لي بالخير كأن تقول لي: يرحمك الله" وهذا معنى التشميت. 2 تاريخ بغداد "9/ 255"، والتهذيب "4/ 338"، والجرح والتعديل "4/ 369".

ابن أبي خثيمة نَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ نَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ يَقُولُ: كُلَّمَا نَعَقَ بِهِمْ نَاعِقٌ اتَّبَعُوهُ. وَثَنَا أَحْمَدُ ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ ثنا شُعْبَةُ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ قَالَ إِلَى الصَّلاةِ وَقَالَ: لا بُدَّ لِهَؤُلاءِ النَّاسِ مِنْ وَزْعَةٍ. وَثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبراهيم شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِي صَفْوَانَ أَنَّهُ بَاعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- رجلًا سَرَاوِيلَ فَلَمَّا أَنْ وَزَنَ لَهُ أَرْجَحَ لَهُ. رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سِمَاكٍ فَقَالَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ فَكَأَنَّهُ اسْمُ أَبِي صَفْوَانَ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: إِذَا خَالَفَنِي شُعْبَةُ فِي حَدِيثٍ صِرْتُ إِلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ من شعبة سبعة آلاف حديث وسمع غندر مِنْ شُعْبَةَ سَبْعَةَ آلافِ حَدِيثٍ، يَعْنِي بِالْمَقَاطِيعِ. وَقَالَ أَبُو قَطَنٍ: كَتَبَ لِي شُعْبَةُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: كَيْفَ أَبُو بِسْطَامٍ؟ قُلْتُ: بِخَيْرٍ، قَالَ: نِعْمَ حَشْوُ الْمِصْرَ هُوَ. وَقَالَ أَبُو بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْبَدَ لِلَّهِ مِنْ شُعْبَةَ، لَقَدْ عَبَدَ اللَّهَ حَتَّى جَفَّ جِلْدُهُ عَلَى عَظْمِهِ وَاسْوَدَّ. وَقَالَ حمزة بن زياد الطُّوسِيِّ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ وَكَانَ أَلْثَغَ قَدْ يَبِسَ جِلْدُهُ مِنَ الْعِبَادَةِ يَقُولُ: لَوْ حَدَّثْتُكُمْ عَنْ ثِقَةٍ مَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ ثَلاثَةٍ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ: كَانَ شُعْبَةُ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ. قُلْتُ: وَقَدِ اسْتَوْعَبَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الْكَمَالِ سَائِرَ شُيُوخِ شُعْبَةَ فَسَمَّى لَهُ ثَلاثَمِائَةِ شَيْخٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: شُعْبَةُ أَثْبَتَ مِنَ الأَعْمَشِ فِي الْحُكْمِ وَشُعْبَةُ أَحْسَنُ حَدِيثًا مِنَ الثَّوْرِيِّ. وَقَدْ رَوَى عَنْ ثَلاثِينَ شَيْخًا كُوفِيًّا لَمْ يَلْقَهُمْ سُفْيَانُ، قَالَ: وَكَانَ شُعْبَةُ أُمَّةً وَحْدَهُ فِي هَذَا الشَّأْنِ. قَالَ عَبْدُ السَّلامِ بْنُ مُطَهِّرٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَمْعَنَ فِي الْعِبَادَةِ مِنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: لأَنْ أَزْنِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: كُلُّ مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ حَدِيثًا فَأَنَا لَهُ عَبْدٌ.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ يَوْمًا بِحَدِيثِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ وَأَحَادِيثَ نَحْوِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ: يَا أَبَا بِسْطَامٍ أَلا تُحَدِّثُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِشَيْءٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ" 1 الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو قَطَنٍ: مَا رَأَيْتُ شُعْبَةَ رَكَعَ إِلا حَسِبْتُ أَنَّهُ قَدْ نَسِيَ وَلا قَعَدَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إِلا قُلْتُ قَدْ نَسِيَ. وَقَالَ الْقَطَّانُ: كَانَ شُعْبَةُ مِنْ أَرَقِّ النَّاسِ يُعْطِي السَّائِلَ مَا أَمْكَنَهُ2. قَالَ أبو قطن: كانت ثِيَابُ شُعْبَةَ كَالتُّرَابِ وَكَانَ كَثِيرَ الصَّلاةِ سَخِيًّا3. وَقَالَ عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَوَّمْنَا حِمَارَ شُعْبَةَ وَسَرْجَهُ وَلِجَامَهُ بِبِضْعَةَ عَشْرَ دِرْهَمًا. وَعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ قال: كان شعبة إذا جسمه انتثر منه التراب4. وعن أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: كُنَّا عِنْدَ شُعْبَةَ فَجَاءَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ يَبْكِي وَقَالَ: مَاتَ حِمَارِي، وَذَهَبَتْ مِنِّي الْجُمُعَةُ، وَذَهَبَتْ حَوَائِجِي، قَالَ: بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟ قَالَ بِثَلاثَةِ دَنَانِيرَ. قَالَ شُعْبَةُ: فَعِنْدِي ثَلاثَةُ دَنَانِيرَ وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيْهِ5. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: مَا رَأَيْتُ أَرْحَمَ بِمِسْكِينٍ مِنْ شُعْبَةَ6. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بن أبي شيخ: نا صَالِحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: كَانَ شُعْبَةُ مَوْلِدُهُ ومنشأه واسط وعلمه كُوفِيٌّ، وَكَانَ لَهُ أَخَوَانِ: بَشَّارٌ وَحَمَّادٌ يُعَالِجَانِ الصَّرْفَ. وَكَانَ شُعْبَةُ يَقُولُ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ: وَيْلَكُمُ الْزَمُوا السُّوقَ فَإِنَّمَا أَنَا عَيَّالٌ عَلَى أَخَوَيَّ7. قال وما

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1385"، ومسلم "في القدر/ 22" وغيرهما. 2 سير أعلام النبلاء "7/ 160". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق. 5 انظر المصدر السابق. 6 وراجع سير أعلام النبلاء "7/ 160". 7 وفي تهذيب التهذيب "4/ 338" "على إخوتي".

كل شُعْبَةٌ مِنْ كَسْبِهِ دِرْهَمًا قَطُّ. وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: إِذَا كَانَ عِنْدِي دَقِيقٌ وَقَصَبٌ فَمَا أُبَالِي مَا فَاتَنِي مِنَ الدُّنْيَا. أَنَا ابْنُ الطَّاطَرِيِّ أَنَا ابْنُ اللُّتِّيِّ أنا أبو الوقت أن عَلامٌ أَنَا ابْنُ أَبِي سُرَيْجٍ نَا الْبَغَوِيُّ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْجَعْدِ يَقُولُ: قَدِمَ شُعْبَةُ بَغْدَادَ مَرَّتَيْنِ أَيَّامَ الْمَنْصُورِ وَأَيَّامَ الْمَهْدِيِّ، كَتَبْتُ عَنْهُ فِيهِمَا جَمِيعًا. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ: وَهَبَ الْمَهْدِيُّ لِشُعْبَةَ ثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَسَّمَهَا وَأَقْطَعَهُ أَلْفَ جَرِيبٍ بِالْبَصْرَةِ فَقَدِمَ الْبَصْرَةَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَطِيبُ لَهُ فَتَرَكَهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: قَدِمَ شُعْبَةُ بَغْدَادَ فِي شَأْنِ أَخِيهِ كَانَ حَبَسَهُ أَبُو جَعْفَرٍ كَانَ اشْتَرَى طَعَامًا فَخَسِرَ سِتَّةَ آلافِ دِينَارٍ هُوَ وَشُرَكَاؤُهُ، يَعْنِي فَكَلَّمَ فِيهِ أَبَا جَعْفَرٍ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمْ نَرَ قَطُّ أَعْلَمَ مِنْ شُعْبَةَ بِالشِّعْرِ، قَالَ لِي: كُنْتُ أَلْزَمُ الطِّرِمَّاحَ فَمَرَرْتُ يَوْمًا بِالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَهُوَ يُحَدِّثُ فَأَعْجَبَنِي الْحَدِيثُ وَقُلْتُ: هَذَا أَحْسَنُ مِنَ الشِّعْرِ فَمِنْ يَوْمَئِذٍ طَلَبْتُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: لَوْلا الشِّعْرَ لَجِئْتُكُمْ بِالشَّعْبِيِّ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ: قَالَ شُعْبَةُ: إِنَّ قَتَادَةَ يَسْأَلُ عَنِ الشِّعْرِ فَقُلْتُ لَهُ: أُنْشِدُكَ بَيْتًا وَتُحَدِّثُنِي حَدِيثًا. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ تَقَشُّفًا مِنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: شُعْبَةُ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: هَلِ الْعُلَمَاءُ إِلا شعبة من شعبة. وقال سَلَمَةُ بْنُ قُتَيْبَةَ: أَتَيْتُ سُفْيَانَ فَقَالَ: مَا فَعَلَ أُسْتَاذُنَا شُعْبَةُ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لا يَعْدِلُ شُعْبَةَ عِنْدِي أَحَدٌ. وَقَالَ عَفَّانُ: كَانَ شُعْبَةُ مِنَ الْعُبَّادِ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: إن هَذَا العلم يصدّكم عَن ذكر الله وعن الصلاة وعن صِلة الرَّحِم فهل أنتم منتهون1.

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 161".

وقال ابن قطن: سَمِعْت شعبة يَقُولُ: مَا من شيء أخوف عندي من أن يُدخلني النارَ من الحديث. وعنه قَالَ: وددت أنني وقاد حمّامٍ وأني لم أعرف الحديث1. وقال سعد بْن شعبة: أوصى أَبِي إذا مات أن أغسل كتبه فغسلتها2. وقال أَبُو عبيدة الحداد عَن شعبة قَالَ: لم يسمع حميد من أنس سوى أربعة وعشرين حديثًا والباقي سمعها وثبّته فيها ثابت البناني. وقال ابْن المديني: شعبة أحفظ للمشايخ وسفيان أحفظ للأبواب. وقال أَبُو داود: قال لي شعبة: في صدري أربعمائة حديث لأبي الزبير والله لا حدّثت عَنْهُ. وقال القطَّان: كَانَ شعبة أمرّ فِي الأحاديث الطوال من سفيان الثوري3. قَالَ ابْن المديني: قِيلَ ليحيى بْن سعيد: إن عَبْد الله بن إدريس وأبا خالد بن عمار يزعمان أن شعبة أملى عليهما فسمعته أنكر ذَلِكَ وقال: قَالَ لِي شعبة: مَا أمليت عَلَى أحد من الناس ببغداد إلا عَلَى ابْن زريع، أُكْرهه عَلَيْهِ. وقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن أكتبها ثُمَّ قَالَ لَهُ يحيى: لو أردته عَلَى الأملاء لأملى عليّ وما أملى وأنا حاضر قط، ولقد جاءه جاره ابْن مصعب وهو شيخ وليس عنده غيري رَقيعةً فنفر شعبة فَقَالَ لَهُ: إنما هِيَ أطراف، فسكن4. ابن أبي خثيمة نا عَبْد الوهاب بْن نجده قَالَ لنا بقية: كَانَ شعبة يملي عليّ وذاك أَنَّهُ قَالَ لِي: أكتب لِي حديث بحير بْن سعيد، فكتبتها لَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: كيف يحلّ لك أن تكتب ولا يحلّ لنا أن نكتب عنك؟ فَقَالَ لِي: أكتب، فكنت أكتب عَنْهُ. وقال ابْن خيثمة: نا عُبَيْد الله بن عمر يزيد بْن زريع قَالَ: أملي علينا شعبة هذه المسائل من كتابه يعني مسائل الحكم وحماد. القواريري: سَمِعْت يزيد بْن زريع يَقُولُ: كَانَ شعبة يومًا قاعدًا لشيخ بعد صلاة

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 سير أعلام النبلاء "7/ 162". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق.

الغداة، فرأى قومًا قد بكروا فأخذوا أمكنة لقوم يجيئون بعدهم ورأى قومًا يجيئون فقام من مكانه فجلس فِي آخرهم1. قَالَ القطّان فيما أملى عَلَى المديني: هَؤُلاءِ شيوخ شعبة من الكوفة الَّذِينَ لم يلقهم سفيان: إسماعيل بْن رجاء، عُبَيْد بْن الحسن، الحَكَم، عَبْد الملك بْن ميسرة، عديّ بْن ثابت، طلحة بْن مصرف، المنهال بْن عمرو، يحيى أَبُو عمر البهرائي، علي بْن مدرك، سماك بْن الوليد، سعيد بْن أَبِي بردة، عَبْد الله بْن جبر، أَبُو زياد الطحان، محمد بْن خليفة، أَبُو السفر سعيد الهمداني، ناجية بْن كعب. قَالَ وكيع: قَالَ شعبة: رأيت ناجية الَّذِي يروي عَنْهُ أَبُو إسحاق فرأيته يلعب بالشطرنج فتركته فلم أكتب عَنْهُ. ومنهم العلاء بن بدر، وحبان البارقي، عبد الله بْن أَبِي المجالد. وسمّى جماعة ثُمَّ زاد احمد بن خثيمة أناسًا، الوليد بن العيزار، يحيى بْن الحصين، نعيم بْن أَبِي هند، حبيب بن الزبير، سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. أحمد: نا أَبُو داود نا شعبة: سَمِعْت الحسن يَقُولُ فِي فتنة يزيد بْن المهلّب: كلما نعق بهم ناعق اتّبعوه هَذَا عدوّ الله ابْن المهلّب. أحمد: نا عَبْد الصمد نا شعبة قَالَ: رأيت الحسن قَالَ إِلَى الصلاة فتكأكؤا عَلَيْهِ فَقَالَ: لا بدّ لهذا الناس من وزعة، وكان يقعد عند المنارة العتيقة فِي آخر المسجد. قَالَ صالح بْن سُلَيْمَان: كَانَ شعبة بصريًا مولى للأزد مولده ومنشأه بواسط وعلمه كوفي وكان فِيهِ تمتمة. قَالَ ابْن معين: كَانَ يحيى بْن سعيد إذا سَمِعَ الحديث من شعبة لم يبال أن لا يسمعه من غيره. ابن أبي خثيمة: أَنَا سُلَيْمَان بْن أَبِي شيخ أَنَا صالح بْن سُلَيْمَان قَالَ: أخبرني أَبُو بشر العنبري قَالَ: قدِم شعبة من الكوفة فَقَالَ: قد رويت ألف قصيدة شعر، فقلنا لَهُ: هات أنشدنا، فجعل يتمتم، فقلنا لَهُ: ولسنا نفهم، فلم يجر فِي الشعر، فرجع إِلَى الكوفة فجاء فَقَالَ: قد رويت الحديث فجاء هَؤُلاءِ المجانين فقالوا: هات إيش تقول مَا فِي الدنيا هم، وما أكل من كبسه درهمًا قط.

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 163".

مؤمل بْن إهاب: نا المقري سَمِعْت شعبة يَقُولُ: من كَذِبِ الإنسان مرتين يَقُولُ: ليس بشيء إلا سوى ليس بشيء. فصل هَؤُلاءِ الرواة عَن شعبة: نقله الذهبي من خط أَبِي عَبْد الله بْن منده الحافظ1. محمد بْن أَبِي عديّ، محمد بْن أَبِي شيبة والد أَبِي بكر، محمد بْن إسحاق، محمد بْن بشر، محمد بْن بكير البرساني، محمد بْن جعفر غندر، محمد بْن جعفر المدائني، محمد بْن الحارث العتكي، محمد بْن حميد العمري، محمد بن حازم أَبُو معاوية، محمد بْن دينار الطاحي، محمد بْن سواء، محمد بْن شعيب، محمد بْن عَبْد الله الأنصاري، محمد بْن عَبْد الملك أَبُو جابر، محمد بْن عبّاد الهُنائي، محمد بْن عمر الرومي، محمد بْن عرعرة، محمد بْن فضيل، محمد بْن القاسم الأسدي، محمد بْن كثير العبدي، محمد بْن عيسى بن الطباع، محمد بن مسوق الكوفي، محمد بْن مصعب، محمد بْن ميمون السكري، محمد بن زيد الواسطي، أيوب السختياني، إِبْرَاهِيم بْن طهمان، إِبْرَاهِيم بْن سعد، إِبْرَاهِيم بْن محمد الفزاري، أَبُو إسحاق إِبْرَاهِيم بْن عيينة، إِبْرَاهِيم بْن حميد الطويل، إِبْرَاهِيم بْن البراء الأنصاري، إِبْرَاهِيم بْن حيّان الأنصاري، إِبْرَاهِيم بْن المختار الرازي، إِبْرَاهِيم بْن معبد بصري، إِبْرَاهِيم بْن زكريا العداسي، إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الحميد، آدم بْن أَبِي إياس، إسماعيل بن علية، إسماعيل بن مسلمة بْن قعنب، إسماعيل بْن يحيى التيمي، إسماعيل بْن أبان، إسحاق بْن رزين المنقري، أسعد بْن زرعة العجلي، أبان بْن تغلب، أحمد بْن بشير الكوفي، أحمد بْن موسى اللؤلؤي المقبري، أحمد بْن أوفى العجلي، أسود بْن عامر، أسد بْن موسى، أمية بْن خالد، أشهل بْن حاتم، بشر بْن المفضل، بشر بن السري، بشر بن منصور، بشر بن عمر، بشر بن محمد السكري، بكر بْن الوضّاح، بكر بن عيسى الأسواري، بكر بْن بكار، بهز بْن أسد، بدل بْن المحبّر، بقية بْن الوليد، بهلول الأنباري، جرير بْن حازم، جعفر بْن سُلَيْمَان، جعفر بْن جبير، الجارود بْن يزيد النيسابوري، حمّاد بْن سلمة، حمّاد بْن زيد، الحسن بْن صالح، الحسن الأشيب، الحسن بْن قتيبة المدائني، حسين بْن محمد المروزي، الحسين بْن الوليد النيسابوري، أبو

_ 1 وانظر سير أعلام النبلاء "7/ 155-157".

أسامة حمّاد بْن أسامة، حمّاد بْن مسعدة، حماد بن خالد الخياط، حماد بن شعيب، حمّاد بْن دليل قاضي المدائن، حفص بن عُمَر الحوضي، حفص بن عُمَر الأيلي، أَبُو إسماعيل حفص بن جابان، حفص بْن راشد، حجّاج بْن الحجّاج، حجّاج بْن محمد الأعور، حجّاج بْن منهال، حجّاج بْن نصر، الحكم بْن عَبْد الله أَبُو النعمان، الحكم بْن أسلم أَبُو مروان، الحَكَم بْن عَبْد الله أَبُو مطيع البلْخيّ، الحارث بْن النعمان، الحارث بْن عطية، حرمي بْن عمارة، حجوة بْن مدرك، الحر بْن حمام العنبري، حرب بْن ميمون، حبّان بْن هلال، حسّان بْن حسّان البصري، حمزة بْن زياد الطوسي، حميد بْن بكر القيسي، خالد بْن الحارث، خالد بْن عَبْد الله الطحان، خالد بْن يزيد اللؤلؤي، خالد بْن يزيد المقري، أَبُو الهيثم خالد بْن عمرو القرشي، خالد بْن عَبْد الرحمن الخرساني، خالد بْن محمد الكلابي، خالد بْن يزيد العمري، خلف بْن الوليد، خلف بْن أيوب البلخي، خارجة بْن مصعب، داود بْن الزبرقان، داود بْن إِبْرَاهِيم، داود بْن المحبر، روح بْن عطاء بْن أَبِي ميمونة، روح بْن عبادة، الربيع بْن يحيى الأشناني، رواد بْن الجراح، زهير بْن معاوية، زائدة بْن قدامة، زافر بْن سُلَيْمَان، زيد بْن الحباب، زيد بْن أَبِي الزرقاء، زياد بْن سهل، زكريا بْن علية البصري، سُلَيْمَان الأعمش شيخه، سُلَيْمَان أَبُو داود الطيالسي، سُلَيْمَان بْن حرب، سُلَيْمَان أَبُو خالد الأحمر، سفيان الثوري، سفيان الهلالي، سفيان بْن حبيب البصري، سعد بْن إِبْرَاهِيم، الزهري شيخه، سعد ابنه، سعد بْن الصلت، سلم بْن قتيبة، سلم بْن إِبْرَاهِيم الورّاق، سلم بْن سالم أَبُو المسيّب، سلام بْن سُلَيْمَان المدائني، سهل بْن يوسف، سهل أَبُو عتّاب الدلال، سهل بْن بكار، سهل بْن حسام بْن مصك، سعيد الحريري شيخه، سعيد بْن عامر، سعيد بْن يحيى أَبُو سفيان الحميري، سعيد بْن سفيان الجحدري، سعيد بْن الربيع أَبُو زيد الهروي، سعيد بْن أوس أَبُو زيد اللغوي، سعيد بْن واصل الحرشي، سعيد بْن سلم الباهلي، سعيد بْن زياد الواسطي، السكن بْن نافع، السكن بْن سُلَيْمَان الضبعي، سلمة بْن رجاء، سلمة بْن عيار. قال سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ نا سلمة بْن عيار، قَالَ: قَالَ لِي شعبة: ائت السريَّ بْن يحيى فإنه أصدق الناس، سلام الطويل، سويد بْن عَبْد العزيز، سيف بْن مسكين، شريك بْن عَبْد الله، شعيب بْن حرب، شعيب بْن بيان الصفار، شبيب بْن سعيد الحبطي، شعيب بْن محرز، شبابة بْن سوار، شيبان بْن فروخ، شاذ بْن فياض، شداد بْن حكيم، صالح بْن عمر الواسطي، صالح بْن بنان، صلة بن

سُلَيْمَان، صيفي بْن ربعي الأنصاري، صدقة بْن المنتصر، صغدي بْن سنان، الضحّاك بْن مخلد، طلحة بْن عمرو، عَبْد الله بْن الْمُبَارَك، عَبْد الله بْن إدريس، عَبْد الله بْن العلاء بْن خالد الحنفي، عَبْد الله بْن داود الخريبي، عَبْد الله بْن حمران البصري، عَبْد الله بْن خيران، عَبْد الله بْن يزيد المقبري. عَبْد الله بْن مسلمة القعنبي، عَبْد الله بْن أَبِي بكر العتكي. عَبْد الله بْن عثمان بْن جبلة العتكي، عبدان، عَبْد الله بْن سوار العنبري، عَبْد الله بْن رجاء الغداني، عَبْد الله بْن زرير العبدي، عَبْد اللَّه بْن واقد أَبُو قتادة الحرّانيّ، عَبْد الله بْن غالب العباداني، عَبْد الله بْن عزرية العجلي، عَبْد الله بْن واصل، عَبْد الله بْن خالد العتابي، عُبَيْد الله بْن موسى، عُبَيْد الله الأشجعي، عُبَيْد الله أَبُو علي الحنفي، عُبَيْد الله بْن شميط بْن عجلان، عَبْد الرحمن بْن مهدي، عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله أَبُو سَعِيد مولى بني هاشم وهو النوفلي، عَبْد الرحمن بْن غزوان قراد، عَبْد الرحمن بْن زياد الرهاصي، عَبْد الرحمن بن قيس الزعفراني، عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عَبْد الرحيم بْن هارون، عَبْد الواحد أَبُو عبيدة الحداد، عَبْد الوارث التنوري، عَبْد الصمد بْن عَبْد الوارث ابنه، عَبْد الصمد بْن النعمان، عَبْد الملك أَبُو عامر العَقَدي، عَبْد الملك بْن الصباح المسمعي، عَبْد الملك بْن إِبْرَاهِيم الْجُدِّي1، عَبْد الملك بْن قريب الأصمعي، عبد الملك بن مختار الثقفي، عَبْد الملك بْن يحيى بْن سعيد السنجاري، عبد العزيز بن أبان، عَبْد العزيز بْن النعمان، عَبْد العزيز بْن عَبْد الله أَبُو وهب، عَبْد العزيز بْن محمد الرملي، عَبْد القاهر بْن شعيب بن الحبحاب، عبد العزيز بن أَبِي رزمة، عَبْد الكبير بْن عَبْد المجيد أَبُو بَكْر الحنفي، عَبْد السلام بْن حرب الملائي. عَبْد السلام بْن مطهر، عَبْد الغفار بْن القاسم أَبُو مريم، عَبْد الغفار بْن عُبَيْد الله الكزبري، عَبْد الكريم بْن روح بصري، عَبْد الغفور بْن عَبْد الله المسمعي، عَبْد الأعلى بْن عَبْد الأعلى الشامي، عَبْد الأعلى بْن محمد -بصري، عبدة بْن سُلَيْمَان، عُبَيْد بْن عقيل الهلالي. عباد بْن عباد، عباد بْن آدم الكرابيسي، عباد بْن العوام، عباد بْن صهيب، عمر بْن سهل المازني، عمر بْن حفص، عمر بْن حبيب، عمر بْن هارون، عمر بْن إِبْرَاهِيم الكردي، سَمِعَ مِنْهُ إسحاق الختلي، عمر بْن يزيد السياري، عمر بْن عَبْد الواحد، عثمان بْن عمر بْن فارس، عثمان بْن محمد اليشرطي، عثمان بْن جبلة بْن أَبِي داود، عثمان بْن عبد الرحمن، عثمان بن حميد

_ 1 وهو بضم الجيم وكسر الياء، نسبة إلى جدة بالحجاز "اللباب 1/ 264-265".

الدبوسي، عثمان بْن قائد، عمار بْن نوح، عمران بْن إسحاق، علي بْن حمزة الكسائي، علي بْن عاصم، علي بْن قادم، علي بْن نصر الجهضمي، علي بْن حفص المدائني، علي بْن حميد الذهلي، علي بْن الجعد. علي بْن محمد المَنْجُوري. عمرو بْن الهيثم أَبُو قطن، عمرو بْن محمد بْن أَبِي رزين. عمرو بْن عاصم الكلابي. عمرو بْن حكام، عمرو بْن محمد العَنْقَزي. عمرو بْن مرزوق. عمرو بْن الوليد الأغضف، عمرو بْن جميع. عمرو بْن منصور القيسي. عمرو بْن عَبْد الغفار. عيسى بْن ماهان أَبُو جعفر الرازي. عيسى بْن يونس. عيسى بْن زيد العلوي. عيسى بْن يزيد الواسطي، عيسى بْن خالد اليمامي. عيسى بْن واقد. عباس بْن الوليد بْن نصر، عباس بْن الفضل البجلي، عباس بْن الفضل الأنصاري نزيل الموصل، عاصم بْن حكيم بصري، عاصم بْن علي بْن عاصم، عصام بْن طليق، عصام بْن يوسف البلخي، عصام بْن يزيد جبّر، عصمة بْن المتوكل، عصمة بْن عَبْد الله الأسدي، عصمة بْن سُلَيْمَان، عون بْن عمارة القيسي. عون بْن كهمس، عتاب بْن محمد بْن شوذب، عقبة بْن خالد، عفيف بْن سالم، عفان، عمار بْن عَبْد الجبار، عمير بْن عَبْد المجيد الحنفي، غسان بْن عُبَيْد الموصلي، أَبُو نعيم الفضل. الفضل بْن عنبسة، فضيل بْن سُلَيْمَان، فهد بْن حيان، قريش بْن أنس، فردوس الأشعري، قُرّة بْن حبيب، القاسم بْن يزيد، قتيبة بْن مهران أَبُو عَبْد الرحمن، كريز بْن رواحة، كرمان بْن عمرو، كثير بْن هشام، الليث بْن داود، الليث بْن سعد، معتمر بْن سُلَيْمَان، منصور بْن المعتمر شيخه، مطر الورّاق شيخه، مسعر، معاذ بْن معاذ، معاذ بْن هشام، معمر بْن المثنى أَبُو عبيدة، معاوية بْن هشام، معاوية بْن عطاء، موسى بْن الفضل، موسى بْن داود الضبي، موسى بْن إسماعيل أَبُو سلمة المنقري، موسى بن معوذ أبو حذيفة. مصعب ابن المقدام. مصعب بْن سلام التيمي. معلى بْن خالد. معلى بْن عَبْد الرحمن. معلى بْن الفضل. مغيرة بْن بكار. مغيرة بْن موسى، نزل خوارزم، مغيرة بْن عَبْد الله بْن محمد، مجاعة بْن الزبير، مقاتل بْن سُلَيْمَان. منصور بْن زاذان شيخه. مسكين بْن بكير. المعافى بْن عمران. مسعود بْن يزيد. محاضر بْن المودع. مسلم بْن إِبْرَاهِيم. المنهال بْن بحر. مؤرخ بْن عمرو السدوسي. مالك بْن سليمان

الهروي. مؤمل بن إسماعيل. مخلد بْن يزيد الحراني، مخلد بْن قريش شيخ لمحمد بْن مصفّى. مظفر بْن مدرك أَبُو كامل. النضر بْن شميل. النضر بْن محمد. أَبُو معشر نجيح. نصر بْن أَبِي الأشعث. نوح بْن أَبِي إِبْرَاهِيم. نصر بْن حماد الوراق. نصر بْن مزاحم. نصر بْن طريف أَبُو جزء. نصر بْن باب. النعمان بْن عَبْد السلام. نوفل بْن داود. ورقاء بْن عمر. وكيع، الوليد بْن خالد، الوليد بْن نافع، الوليد بْن محمد السلمي، وهب بْن جرير، وضّاح بْن حسّان الأنباري، هشيم بْن يحيى، هارون الرشيد، هارون بْن موسى، هشام أَبُو الوليد الطيالسي، أَبُو النضر هاشم بْن القاسم، هلال بْن فياض عرف بشاذ تقدّم، الهيثم بْن عديّ، هياج بْن بسطام، يحيى بْن سعيد القطَّان، يحيى بْن آدم، يحيى بْن أَبِي زائدة، يحيى بْن أَبِي الحجّاج المنقري، يحيى بْن أَبِي بكر. يحيى بْن كثير أَبُو غسان. يحيى بْن خليفة. يحيى بْن سليم، يحيى بْن عبّاد. يحيى بن السكن البصري. يحيى بْن نصر بْن حاجب. يحيى بْن سلام الأفريقي روى عَنْهُ مقدام بْن داود. يَحْيَى بن حَمَّاد الشَّيْبَانِيّ. يَحْيَى بن مطر، يَحْيَى بن عَبْدويه، يحيى بْن حمزة الدَّمشقيّ، يحيى بْن هاشم السمسار، يحيى بْن راشد. يزيد بْن هارون. يزيد بْن زريع. يزيد بْن نمرة الذراع. يزيد بْن أَبِي يوسف بْن خالد السمي. يونس بْن بكير. يعقوب الحضرمي. يعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزهري. يعقوب بْن خالد أَبُو عمرو بصري. يعقوب بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يوسف القاضي. يعلى بْن عياد الكلابي. ياسين بْن حماد أَبُو الجويرية العبدي. أَبُو عمرو الشيباني. آخر مَا نقل من خط ابْن منده الكبير. وحذفت جماعة مجاهيل. قَالَ ابْن مهدي: قَالَ شعبة: كنت أتفقد فم قتادة فإذا "سمعت" أو "حدثنا" حفظه وإلا تركته. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ غلط شعبة في الأسماء1.

_ 1 وفي تهذيب التهذيب "4/ 345"، قال: " ... وشعبة يخطئ فيما لا يضئره ولا يعاب عليه -يقصد بذلك في الأسماء".

وقال الشافعي: كان شعبة يجيء إلى رجل فيقول: لا تحدّث وإلا استعديتَ عليك السلطان1. وقال أَبُو زيد الهروي: سَمِعْت شعبة يَقُولُ: لأن أقع من السماء أحبّ إليّ من أن أدلّس. وقال صالح جزرة: حدثني سُلَيْمَان بْن داود القزّاز سَمِعْت أبا داود يَقُولُ: سَمِعْت من شعبة سبعة آلاف حديث، وسمع غندر سبعة آلاف، أعربت عَلَيْهِ ألف حديث، وأعرب عليّ ألف حديث2. وقال مسلم بْن إِبْرَاهِيم: كَانَ شعبة إذا قام سائل فِي مجلسه لا يحدّث حَتَّى يعطى أو يضمن لَهُ3. وقال أَبُو عاصم: كنا عند شعبة وقد أقبل عَلَى رَجُل خراساني، فقيل لَهُ: تُقْبل عَلَى هَذَا وتَدَعُنا! قَالَ: وما يؤمِّنُني أن معه خنجرًا يشق بطني4. وقال ابْن أَبِي الدنيا: حدّثنا خالد بْن خداش حدثني جريش ابن أخت جرير ابن حازم قَالَ: رأيت شعبة فِي النوم فَقُلْتُ: أيَّ الأعمال وجدت أشدّ عليك؟ قَالَ: التجوّز5 فِي الرجال6. وقال عُبَيْد بْن يعيش: ثنا يونس ين بُكَيْر سَمِعْتُ شُعْبَة يَقُولُ: مُحَمَّد بن إِسْحَاق أمير المؤمنين في الحديث واكتم علي7. وقال شُعْبَة: قُلْتُ ليونس بن عُبَيْد: سَمِعَ الحَسَن من أَبِي هريرة؟ قَالَ: لا ولا حرفًا.

_ 1 يقصد ذلك في الرجل الذي ليس هو أهلًا للحديث، وراجع "تهذيب الأسماء واللغات" "1/ 245" للنووي". 2 سير أعلام النبلاء "7/ 164". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق. 5 التجوز: يعني الترخص. 6 سير أعلام النبلاء "7/ 164". 7 انظر المصدر السابق.

وقال غندر: لما حضرت شعبة الوفاة لم يأذن لأحد إلا ليحيى بْن سعيد وإنما غمض عينيه يحيى بْن سعيد. قُلْتُ: اتفقوا عَلَى وفاة شعبة سنة ستين ومائة بالبصرة. ويقال: إنه مات فِي أول السنة. وقيل: عاش ثمانيًا وسبعين سنة. وقد حرّر المدائني وفاته فقال: مات يوم أيوب. 90- شيبان بْن زهير1، بن شقيق بن ثور السدوسي، أبو العوام البصري. روى عَن ابْن عمه قتادة وعن عطاء. وعنه محمد بْن مروان العقيلي وعلي بْن بكار والحارث بْن مرة. قَالَ أَبُو حاتم: ثقة قديم من أصحاب قتادة. 91- شعيب بْن صالح الطيالسي2. عَن طاوس والحسن ومعاوية بْن قرة وجماعة. وعنه محمد بْن معاذ العنبري وموسى بن إسماعيل. قال أبو حاتم: صالح الحديث. "حرف الصاد": 92- صالح بْن أَبِي الأخضر اليمامي3 –د- نزيل البصرة. عَن نافع وابن المنكدر والزهري. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وروح وأبو داود ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وآخرون. ضعّفه ابْن معين. وقَالَ البخاري: لين. وقال هارون بْن المغيرة: زعم ابْن الْمُبَارَك أَنَّهُ كَانَ يخدم الزهري يعني صالح بْن أَبِي الأخضر. وقال أَبُو زرعة: ضعيف الحديث، كَانَ عنده عَن الزهري كتابان أحدهما عَرْض والآخر مناوَلَة، فاختلطا جميعًا فلا يعرف هذا من هذا.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 254"، والجرح والتعديل "4/ 355". 2 التاريخ الكبير "4/ 223". 3 تهذيب ابن عساكر "6/ 366"، والتهذيب "4/ 380"، والخلاصة "169".

93- صالح بن حسان1 -ت ق- أبو الحارث النضري المدني نزيل العراق. عَن سعيد بْن المسيب وعروة ومحمد بْن كعب وغيرهم. وعنه أَبُو ضمرة وأبو عاصم والهيثم بْن عديّ وأبو داود الحفري. وكان شريفًا نبيلًا لكنه صاحب قيان فذلك الَّذِي غضّ مِنْهُ. قِيلَ: إنه بقي إِلَى خلافة المهدي. قَالَ ابْن معين: ليس حديثه بشيء. وقال أَبُو حاتم: ضعيف الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث. 94- صالح بْن خوات2. بْن صالح بْن خوات بْن جبير الأنصاري المديني. عَن أبيه وشعبة مولى ابْن عباس وأبي طوالة ويزيد بْن رومان. وعنه ابْن الْمُبَارَك وفضيل بْن سُلَيْمَان والواقدي. ما علمت به بأسا. روى لَهُ البخاري فِي كتاب "الأدب". 95- صالح بْن راشد العبدي البصري3. عَن الحسن ومالك بْن دينار وطاوس وأبي نضرة. وعنه حرمي بْن عمارة ومسلم بْن إِبْرَاهِيم والحوضي وأبو سلمة التبوذكي. 96- صالح بن رستم4 –م4- أبو عامر الخزاز البصري مولى مزينة. مشهور بكنيته. عَن الحسن وعكرمة وابن أَبِي مليكة ويحيى بْن أَبِي كثير وجماعة. وعنه أَبُو داود وسعيد بْن عامر الضبعي وعثمان بْن عمر بْن فارس وأبو نعيم وعدة. قَالَ أَبُو حاتم: يكتب حديثه. وقال أَبُو داود السجزي: ثقة. وقال ابْن عديّ: عندي لا بأس بِهِ، وقد روى عَنْهُ يحيى بْن سعيد القطان. وأما ابْن معين فقال: ضعيف. وقال الأثرم: سَمِعْت أحمد يَقُولُ: هُوَ صالح الحديث.

_ 1 المجروحين "1/ 367"، والميزان "2/ 291". 2 التهذيب "4/ 387"، وطبقات ابن سعد "5/ 191". 3 التاريخ الكبير "4/ 279"، والجرح والتعديل "4/ 407". 4 الخلاصة "170"، وتاريخ خليفة "426".

97- صالح بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس1، الهاشمي. الأمير عم المنصور. افتتح مصر، وقهر بني أمية، وجهزّ عسكرًا فِي طلب مروان الحمار فبيّتوه فحوصر، فقاتل حَتَّى قُتل، ثم ولي صالح إمرة دمشق. وروى عَن أبيه. وعنه ابناه إسماعيل وعبد الملك وغيرهما. والتقى جيوشَ الروم بدابق وعليهم اللعين قسطنطين بن اليون فهزمهم وكانوا مائة ألف. وأسر وسبى، وأمر بإنشاء مدينة أذنة. وعاش نحوًا من ستين سنة. مات سنة إحدى أو اثنتين وخمسين ومائة وولي بعده الشامَ ولدُه الفضل. 98- صالح بْن مسلم العجلي، البكري2. عَن الشعبي. وعنه شريك وأبو عوانة ويحيى القطان وابن علية. وثّقه ابْن معين، ولم يدركه ابنه عَبْد الله بْن صالح. 99- صالح بْن مسمار3 بصري. عَن الحسن ومحمد. وعنه جعفر بْن برقان ومعمر بْن سُلَيْمَان. سكن الرقّة. 100- صباح بْن يحيى المزني4. عَن الحارث بْن حصيرة وخالد بْن أَبِي أمية. وعنه علي بْن هاشم وعفير بْن خالد ومالك بْن إسماعيل. قَالَ أَبُو حاتم: شيخ. 101- صدقة بْن رستم الكوفي الإسكاف5. عَن المسيب بْن رافع. وعنه ابْن فضيل السيناني وسعيد بْن عامر وعبيد بْن إسحاق طائفة. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق مَا بِهِ بأس. وقال خ: لم يصح حديثه. 102- صدقة بن عبادة بن نشيط الأسدي6.

_ 1 الولاة والقضاة "97-102"، وجمهرة أنساب العرب "20". 2 تاريخ بغداد "9/ 479"، والتاريخ "2/ 266" لابن معين. 3 التهذيب "4/ 403". 4 التاريخ الكبير "4/ 314". 5 ميزان الاعتدال "2/ 310"، والجرح والتعديل "4/ 433". 6 التاريخ الكبير "4/ 297"، والجرح والتعديل "4/ 433".

عَن أبيه وعن أَبِي فاطمة عَن ابْن عمر. وعنه أَبُو داود ومسلم بْن إِبْرَاهِيم والتبوذكي وحرمي بْن حفص وآخرون. شيخ. 103- صدقة بْن موسى الدقيقي البصري1 -د ت-. عَن ثابت البناني وأبي عمران الجوني وفرقد السبخي. وعنه أَبُو داود ويزيد بْن هارون ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وعلي بْن الجعد. قَالَ مسلم بْن إِبْرَاهِيم: صدوق. وقال النسائي وغيره: ضعيف. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حبّان: يُكنى أبا المغيرة وقيل: أَبُو محمد شيخ صالح لا يُحتجّ بِهِ. 104- صدقة بْن يزيد الدمشقي2. أصله خراساني نزل بيت بن حمير وأبو المغيرة المقدس. وَرَوَى عَنْ قَتَادَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وبنت واثلة بْن الأسقع ويحيى بْن أَبِي كثير وعدة. وعنه محمد بْن شعيب والوليد بْن مسلم وضمرة بْن ربيعة ورواد بْن الجراح وغيرهم. قَالَ ابْن معين: صالح الحديث. وقال الفسوي: حسن الحديث. وضعّفه أحمد والنسائي. 105- الصلت بن دينار3 -ت ق- أبو شعيب المجنون الأزدي الهنائي. عَن عَبْد الله بْن شقيق العقيلي وشهر بْن حوشب وأبي عثمان النهدي وأبي نضرة والحسن وعمر بْن عَبْد العزيز وعدة. وعنه الثوري ووكيع ومكي بْن إِبْرَاهِيم وأبو داود وصالح بْن موسى ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وآخرون. قَالَ أحمد بْن حنبل: متروك. وقال أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بثقة.

_ 1 التهذيب "4/ 418"، ومشاهير علماء الأمصار "8/ 12". 2 تهذيب ابن عساكر "6/ 415"، والميزان "2/ 313". 3 ميزان الاعتدال "2/ 318"، والتهذيب "4/ 434".

وقال ابْن معين: ليس بشيء. وقال يحيى القطان: ذهبت أعوده فنال من علي -رَضِيَ اللهُ عَنْه، فَقُلْتُ: لا شفاك الله. مات قريبا من سنة ستين ومائة. 106- صفوان بْن عمرو بن هرم1 –م- أبو عمرو السكسكي الحمصي. عَن جبير بْن نفير وعبد الله بْن بسر الصحابي وخالد بْن معدان وعكرمة ومكحول وعبد الرحمن بْن جبير وراشد بْن سعد وشريح بن عبيد. وعنه ابن الْمُبَارَك وبقية والوليد بْن مسلم وعصام بْن خالد ومنبه بْن عثمان ويحيى البابلتي وأبو المغيرة الخولاني وأبو اليمان وخلق. وقيل: إنه لقي أبا أمامة الباهلي. وثّقه غير واحد وكَانَ محدّث حمص وعالمها مَعَ حريز بْن عثمان. لَهُ حديث واحد فِي صحيح مسلم. توفي سنة خمس وخمسين ومائة، ويقال: سنة ثمان وخمسين. "حرف الضاد": 107- الضحاك بن حمزة الأملوكي2 –ت- واسطي نزل الشام. عَن عمرو بن شعيب وقتادة ومنصور بن زاذان. وأرسل عن أنس. وعنه بقية ومحمد بْن حرب ومحمد بْن حميد وأبو المغيرة، وأبو سفيان سعيد بْن يحيى الحميري وغيرهم. روى عباس عَن ابْن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وغيره: ليس بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث. وأمّا ابْن حِبّان فذكره فِي الثقات فأخطأ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: نَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ نَا نُعَيْمٌ بَقِيَّةُ نَا الضَّحَّاكُ بْنُ حُمْرَةَ عَنْ أَبِي نُصَيْرَةَ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعَطَارِدِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ، وَالْمَشْيُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْجُمُعَةِ أُجِيزَ بِعَمَلِ مِائَتَيْ سَنَةٍ" رَوَاهُ "خ" فِي الضُّعَفَاءِ عَنْ رَجُلٍ عن ابن راهوية عن بقية.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 308"، والتهذيب "4/ 428"، وطبقات ابن سعد "2/ 171". 2 تقريب التهذيب "1/ 354"، والكنى "2/ 100"، والكامل "4/ 97".

108- الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي حوشب1 –ن- البصري الدمشقي. أدرك واثلة بْن الأسقع. وروى عَن مكحول والقاسم بْن مخيمرة وبلال بْن سعد. وعنه الوليد بْن مسلم والوليد بْن مزيد. وثّقه دُحَيْمُ. وقال أَبُو حاتم: من جُلَّة الشاميين. 109- الضحاك بن عثمان الأسدي2 –م4- الحزامي المديني. عَن سعيد المقبري وصدقة بْن يسار وبكير بْن الأشج وزيد بْن أسلم ونافع وشرحبيل بْن سعد وسالم أَبِي النضر. وعنه الثوري ووكيع وابن وهب وابن أَبِي فديك والواقدي وابنه محمد بْن الضحاك وزيد بْن الحباب ومحمد بْن فليح ويحيى القطان، وخلق. وثّقه أَبُو داود وغيره. وكان من علماء المدينة وأشرافها. وقال يعقوب بْن شيبة: صدوق، فِي حديثه ضعف، لينه يحيى القطان. مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. 110- الضحاك بْن يسار3، أَبُو العلاء البصري. عَن أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشخير. وعنه أَبُو نعيم ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو الوليد الطيالسي وغيرهم. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال ابن معين: ضعيف. 111- ضرار بْن عمرو4. عَن أَبِي رافع وعطاء الخراساني وأبي عَبْد الله الشامي. وعنه الحكم أَبُو عمرو والمعافى بْن عمران وعبد العزيز بْن مسلم وغيرهم. وَهُوَ من أهل ملطية. قال الدراقطني: ذاهب الحديث. وقال ابْن عديّ: منكر الحديث.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 463"، والتهذيب "4/ 446". 2 التهذيب "4/ 462"، والميزان "2/ 325". 3 التاريخ لابن معين "4119"، والميزان "2/ 327". 4 المجروحين "1/ 380"، والميزان "2/ 328".

"حرف الطاء": 112- طلحة بن أبي سعيد1 -خ ن- أبو عبد الملك الإسكندرني. عَن سعيد المقبري وبكير بْن الأشجّ. وعنه ضمام بْن إسماعيل وابن الْمُبَارَك وابن وهب وجماعة. وثّقه أَبُو زرعة وهو مقلّ من الحديث. مات سنة سبع وخمسين ومائة. 113- طلحة بن عمرو الحضرمي2 –ق- المكي. عَن سعيد بْن جبير وعطاء ونافع وعدة. وعنه ابْن وهب وأبو عاصم وعبيد الله بْن موسى والمعافى بْن عمران وأبو داود الطيالسي وخلق. قَالَ أَبُو حاتم: ليس بقوي. وقال أحمد: متروك الحديث. وقال أَبُو داود: ضعيف، وكذا ضعفه الدارقطني وغيره. قَالَ ابْن سعد: مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. وقيل: كان حافظًا. وقال البخاري: ليس بشيء. 114- طلحة بْن عمرو الكوفي القناد3. عَن الشعبي وسعيد بْن جبير وعكرمة. وعنه وكيع وأبو أسامة. وهو جدّ عمرو بْن حمّاد بْن طلحة القنّاد. ذكره ابْن أَبِي حاتم ولم يجرّحه. "حرف العين": 115- عاصم بن محمد بن زيد العمري4 –ع- بن عبد الله بن عمر العدوي أخو أَبِي بكر وعمر وزيد وواقد. عَن أبيه وإخوته واقد وعمر ومحمد بْن كعب القرظي. وعنه أبو نعيم وأبو الوليد وإسماعيل بْن أَبِي أويس وأحمد بْن يونس وعلي بن الجعدة وعدة. وثقه أبو حاتم

_ 1 التهذيب "1/ 378"، والخلاصة "179". 2 التاريخ الكبير "4/ 350"، والجرح والتعديل "478". 3 التهذيب "5/ 24"، والجرح "4/ 476". 4 الجمع بين رجال الصحيحين "1/ 383"، والتهذيب "5/ 75".

وغيره وما علمت فِيهِ تليينًا بوجه، فأين قول القائل: كل من اسمه عاصم ففيه ضعف!. 116- عامر بْن إسماعيل بْن عامر الحارثي الجرجاني1. من كبار قوّاد الدولة. وهو الَّذِي أدرك مروان ببوصير وبيّته وأهلكه. وكان كبير القدر عند المنصور. مات سنة سبع وخمسين ومائة. 117- عائذ بْن شريح الحضرمي2. عَن أنس بْن مالك. وعنه الفضل بْن موسى الشيباني ويوسف بْن أسباط ومخلد بْن يزيد وبكر بْن بكار وغيرهم. قَالَ أَبُو حاتم: فِي حديثه ضعف. قُلْتُ: مَا هُوَ بحجّة ولا وجدته فِي كتب الضعفاء. 118- عباد بْن راشد البصري3 -د ن ق-. عَن الحسن وسعيد بْن أَبِي حرة وقتادة. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وبدل وأبو داود وأبو نعيم ومسلم وعفان وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. وقد روى لَهُ البخاري فِي صحيحه مقرونا بآخر. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بالقويّ. وقال أَبُو داود: ضعيف. وقال أحمد: ثقة صالح. وكذا أنكر أَبُو حاتم عَلَى الْبُخَارِيّ إدخاله فِي كتاب الضعفاء وقال: يحوّل من هناك. وروى عياش عن ابن معين: حديثه ليس بالقوي. وروى الكوسج عَنْهُ فَقَالَ: صالح. 119- عباد بْن كثير الثقفي البصري4 -د ق- العابد نزيل مكة. عَن أَبِي عمران الجوني ومحمد بْن واسع ويحيى بْن أَبِي كثير وابن الزبير وثابت وعبد الله بْن محمد بْن عقيل والعلاء بْن عَبْد الرحمن وطائفة. وعنه إِبْرَاهِيم بْن أدهم وعبد الله بْن واقد الهروي وأبو نعيم والفريابي وآخرون.

_ 1 تاريخ الطبري "7/ 440"، وجمهرة أنساب العرب "414". 2 ميزان الاعتدال "2/ 363". 3 تهذيب التهذيب "5/ 92"، والجرح والتعديل "6/ 79". 4 الضعفاء الصغير "75"، والمتروكين "75، والتهذيب "5/ 100".

وكان جرير بْن عَبْد الحميد يحدّث عَن عبّاد بْن كثير فيقولون: اعفنا مِنْهُ فَيَقُولُ: ويحكم كان شيخًا صالحًا. وقال ابْن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وقال الْبُخَارِيّ: بصري سكن مكة تركوه. وقال ابْن الْمُبَارَك: انتهيت إِلَى سفيان الثوري وهو يَقُولُ: عبّاد بْن كثير فاحذروا حديثه. وقال ابْن أَبِي رزمة: مَا أدري، مَا رأيت رجلا أفضل من عبّاد بْن كثير فِي ضروب من الخير فإذا جاء الحديث فليس منها فِي شيء. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ إِذَا أَكَلَهُ بِالْمِلْحِ وَكَانَ يَأْكُلُ التَّمْرَ بِالْجَوْزِ. وَرَوَى عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "عفُّوا يُعف عَنْ نِسَائِكُمْ"1. وَرَوَى عَنِ ابْنِ عُقَيْلٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا "مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ"2. وَرَوَى عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ مَرْفُوعًا "الْغَيْبَةُ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَى"3 قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِأَنَّ صَاحِبَ الزِّنَى إِذَا تَابَ تِيبَ عَلَيْهِ وَصَاحِبُ الْغَيْبَةِ لا يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَغْفِرَ لَهُ صَاحِبُهُ". وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالانِيِّ يَزِيدَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا $"قِيلُوا فَإِنَّ الشياطين لا تقيل"4. وساق ابْن حِبّان عدة مناكير لكن بعضها من الرواة عنه.

_ 1 "موضوع": ذكره ابن الجوزي في الموضوعات "3/ 85" وصاحب تنزيه الشريعة "227"، وابن عدي في الكامل "1/ 324" وغيره. 2 ذكره السيوطي في الحاوي للفتاوي "2/ 205"، والقيسراني في تذكرة الموضوعات "847"، والهندي في كنز العمال "13130"، وانظر إرواء الغليل "8/ 18". 3 "خبر منكر": أخرجه الذهبي في ميزان الاعتدال "2/ 372"، وفي السير "7/ 85"، والسيوطي في الحاوي للفتاوي "1/ 172"، وفي الدر المنثور "6/ 97"، وانظر تذكرة الموضوعات "1090". 4 حديث حسن": أخرجه الطبراني في الأوسط "2725" بنحوه، وأبو نعيم في "الطب" "12/ 1"، وانظر الصحيحة للشيخ الألباني "1647".

120- فأما: عباد بْن كثير الفلسطيني الرملي1، فهو آخر، فَصَلَهُ ابْن حبّان وغيره من الَّذِي قبله. يروي عَن عروة بْن رويم وحوشب وغيرهما. وعنه يزيد بْن أَبِي الزرقاء وَهُوَ متروك. تأخر حَتَّى لحقه يَحْيَى بن يَحْيَى النَّيْسَابُوري وَيَحْيَى بن معين. قَالَ البخاري: فِيهِ نظر. وقال النسائي: متروك الحديث. ووثّقه ابْن معين وابن المديني. 121- عباد بْن منصور الناجي2 -4- أَبُو سلمة البصري. ولي القضاء لإبراهيم بْن عَبْد الله بْن حسن. وروى عَن عكرمة والقاسم وعطاء بْن أَبِي رباح وأبي الضحا وجماعة. وعنه يحيى بْن سعيد القطان ويزيد بْن هارون وروح بْن عبادة وأبو عاصم والنضر بْن شميل وآخرون. قَالَ أَبُو داود السجزي: كَانَ يأخذ دقيق الأرزّ فِي إزاره كل عشيّة، وولي قضاء البصرة خمس مرات. وقال أَبُو حاتم: ضعيف يكتب حديثه. وقال ابْن معين: عبّاد بْن كثير وعبّاد بْن منصور وعبّاد بْن راشد ليس حديثهم بالقويّ ولكنه يُكتب. وقال ابْن حبّان: كَانَ عبّاد بْن منصور قَدَريًّا داعية وكان عَلَى قضاء البصرة، وكل مَا روى عَن عكرمة سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين قد كتبها عَن عكرمة. رَوَى أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ: عَمَّنْ سَمِعْتَ "مَا مَرَرْتُ بِمَلإٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِلا أَمَرُونِي بِالْحِجَامَةِ"3 وَأَنَّهُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- كَانَ يَكْتَحِلُ بِاللَّيْلِ ثَلاثًا؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ دَاوُدَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

_ 1 تهذيب التهذيب "5/ 102"، والميزان "2/ 370"، والجرح والتعديل "6/ 85". 2 الجرح والتعديل "6/ 86"، والتهذيب "5/ 103"، والميزان "2/ 376". 3 "إسناده ضعيف": أخرجه الترمذي "2052"، وابن ماجه "3479"، وضعف إسناده العراقي في المغني "4/ 394".

وقال ابن جزيمة: سمعت عمر بْن حفص الشيباني يَقُولُ: ثنا معاذ بن خالد الأغضف قَالَ: قُلْتُ: لعبّاد بْن منصور: من حدّثك أن ابْن مسعود رجع عَن قوله: الشقي من شقي فِي بطن أمه قَالَ: رَجُل لا أعرفه، قُلْتُ: لكني أعرفه، قَالَ: من؟ قُلْتُ: الشيطان. قَالَ أحمد بن زُهير عن ابن مَعِين: عباد بن منصور لَيْسَ بشيء. وَقَالَ العُقَيْلِيّ نا مُحَمَّد بن زكريا نا مُحَمَّد بن مثنى ثَنَا معاذ بن معاذ نا عَمْرو بن الوليد الأغضف، قُلْتُ لعباد بن منصور: من حدثك أن أَبِي بن كعب حدثه أن ابن مَسْعُود رجع عن حديثه في القدر؟ فَقَالَ: رجل لا أعرفه، قُلْتُ: أَنَا أعرفه، ذاك الشيطان. وقال يحيى القطّان: كَانَ عبّاد حين رأيناه لا يحفظ. وكان يحيى لا يرضاه. قلت: مات عبّاد عَلَى ظهر امرأته1 فجأة سنة اثنتين وخمسين ومائة. 122- عباد بْن ميسرة المنقري2 –ن- البصري المعلم. عَن الحسن ومحمد بْن المنكدر وعلي بْن زيد. وعنه هشيم ووكيع وأبو داود الطيالسي وموسى بْن إسماعيل وآخرون. وكان زاهدًا عابدًا قانتًا مجتهدًا. قَالَ أَبُو داود: ليس بالقويّ. وقال ابْن معين وغيره: ليس بِهِ بأس. 123- عباد بْن مسلم3 -4- أَبُو يحيى الفزاري البصري. عَن جبير بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ والحسن ويونس بْن خباب وإياس. وعنه وكيع وأبو نعيم وروح وأبو داود وأبو عاصم وجماعة. وثّقه ابْن معين والنسائي وابن حبّان، عند ابْن حِبّان وذكره فِي كتاب "الضعفاء" فَقَالَ: منكر الحديث ساقط الاحتجاج بما يرويه.

_ 1 وقال في السير "7/ 84" "مات عباد على بطن أهله ... ". 2 التهذيب "5/ 107"، والميزان "2/ 378"، والجرح والتعديل "6/ 86". 3 التهذيب "5/ 219"، والميزان "2/ 423"، والمعرفة والتاريخ "3/ 54"، والجرح والتعديل "6/ 96".

124- عبد الله بن بديل1 -د ن- بن ورقاء المكي. عن الزهري وعمرو بن دينار. وعنه عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود وزيد بن الحباب وعمرو العنقري. قال ابن معين: مكي صالح. استشهد به البخاري. * وأما سميه: عبد الله بن بديل بن ورقاء2، فقتل مع علي -رضي الله عنه- بصفين. 125- عبد الله بن بشر الكوفي3 -ن ق- قاضي الرقة. روى عَن أَبِي إسحاق وعاصم القارئ والزهري. وعنه جعفر بن برقان مع تقدمه وعبد السلام بن حرب ومعمر بن سليمان. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بأس به. وقال بعضهم: فِيهِ لين. 126- عَبْد الله بْن جابر البصري4 -د ت-. عَن مجاهد أَبِي الشعثاء والحسن وعمر بْن عَبْد العزيز وجماعة. وعنه سفيان الثوري وهارون بْن موسى النحوي وإسحاق بْن سُلَيْمَان الرازي وحكام بْن سلم. ذكره ابْن حبان فِي الثقات. وكناه ابْن أَبِي حاتم أبا حازم. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حجاج بن أرطأة. 127- عبد الله بن حبيب 5 –م- بن أبي ثابت الكوفي. عَن سعيد بْن جبير والشعبي ومحمد بْن كعب القرظي. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو نعيم وقبيصة والفريابي. وثّقه ابْن معين. 128- عَبْد الله بْن أَبِي داود6. أَبُو بكر البصري صاحب الجوالق. عَن نافع وبكر بْن عَبْد الله المزني.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 383"، والثقات "5/ 12"، والمشاهير "83"، والجرح والتعديل "5/ 14". 2 التهذيب "5/ 155". 3 المجروحين "2/ 32"، والتهذيب "5/ 160". 4 تهذيب التهذيب "5/ 167"، والجرح والتعديل "5/ 26". 5 ميزان الاعتدال "2/ 406"، والتاريخ لابن معين "2138". 6 الجرح والتعديل "5/ 48".

وعنه أَبُو الوليد وموسى التبوذكي. وثّقه يحيى بْن معين. 129- عَبْد الله بْن راشد الدمشقي. مولى الخزاعيين. عَن مكحول وعروة بْن رويم وعمرو بْن مهاجر. وعنه الوليد بْن مسلم ويحيى بْن ريان ومعن القزاز. وثّقه أَبُو مسهر فقال: ثقة عابد. 130- عَبْد الله بْن زياد بْن سمعان1 –ق-. المدني مولى أم سلمة. روى عَن الأعرج ومجاهد ومحمد بن كعب ونافع والزهري وسليمان بن حبيب المحاربي وغيرهم. وعنه مفضل بن فضالة وروح بن القاسم وابن وهب وعبد العزيز الدراوردي وبقية وعلي بن الجعد وآخرون. سئل عنه مالك فقال: كذاب. وقال أحمد بن حنبل: متروك الحديث. وقال البخاري: سكتوا عنه. وقال ابن معين: يكذب. وقال أبو داود: ولي قضاء المدينة. وقال أبو بكر بن أبي أويس: كنت جالسا عند ابن سمعان فحدّث فانتهى إِلَى حديث شهر بْن حوشب فقال: حدثني شهريز خوست، فقلت: من هذ؟ فَقَالَ: هَذَا بعض العجم قدِم علينا، فَقُلْتُ: لعلك تريد شهر بن حوشب، فسكت.

_ 1 تهذيب التهذيب "5/ 205"، والجرح والتعديل "5/ 52".

وقال أَبُو عبيدة الحدّاد: إن ابْن سمعان قَالَ: حدّثني مجاهد، فَقَالَ ابْن إسحاق: كذب والله، أَنَا أكبر مِنْهُ وما رأيت مجاهدًا. وقال أَبُو مسهر: سَمِعْت سعيد بْن عَبْد العزيز يقول: قدم عليهم ابن سمعان فأخرجه إليهم كتبه فزادوا فيها فلما حدّثهم بها قَالُوا: هَذَا كذّاب. وقال أَبُو حاتم: ابْن سمعان ضعيف الحديث سبيله التَّرْك. وقال الحكم بْن موسى: نا الوليد بْن مسلم قَالَ: كتبت كتابًا عن ابن سمعان فإنه لفي يدي إذ غلبتني عيناي فنمت فرأيت النَّبِيَّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: يَا رسول الله هَذَا ابْن سمعان حدثني عنك فَقَالَ: قل لابن سمعان يتّقي الله ولا يكذب عليّ. 131- عَبْد الله بْن شوذب البلخي1 -4- ثم البصري ثم المقدسي. أبو عبد عَبْد الرحمن. عَن الحسن ومحمد بْن سيرين ومطر الوراق ومكحول وأبو التياح وطائفة. وعنه ابْن الْمُبَارَك وضمرة بْن ربيعة والوليد بْن مزيد ومحمد بْن كثير وأيوب بْن سويد وعدة. وثّقه أحمد وغيره. وقال أَبُو عمير بْن النحاس: ثنا كثير بْن الوليد: كنت إذا رأيت ابن شوذب ذكرت الملائكة. وقال ضمرة عَن ابْن شوذب: سَمِعْت مكحولا يَقُولُ: لقد ذلّ من لا سفيه لَهُ. وذكر ابْن ضمرة أن ابْن شوذب كَانَ معاشه من كسب غلمان لَهُ فِي السوق. وقال: مولدي سنة ست وثمانين. وقال ضمرة: مات ابْن شوذب سنة ست وخمسين ومائة فِي آخرها. 132- عبد الله بن عامر الأسلمي2 –ق-. المدني أبو عامر القارئ.

_ 1 حلية الأولياء "6/ 129"، والوافي بالوفيات "17/ 211"، وشذرات الذهب "1/ 240". 2 التاريخ الكبير "5/ 156".

كَانَ يصلّي بالناس فِي مسجد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رمضان. روى عَن عمرو بْن شعيب ونافع وسعيد المقبري وابن شهاب. وعنه سليمان بن بلال وابن وهب وحبيب كاتب مالك وأبو نعيم والواقدي وغيرهم. ضعفه أحمد، وقال البخاري: يتكلمون فِي حِفْظه. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 133- عَبْدُ اللَّهِ بن عبد الرحمن بن يعلى الثقفي1 -م د ن ق- أبو يعلى الطائفي. عَن عمرو بْن الشريد وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وعنه ابْن الْمُبَارَك وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو نعيم وعبد الرزاق وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: ليس بقوي. وقال عثمان الدرامي عن ابن معين: صويلح. وذكره ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 134- عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ2. من جعفة، الكِنْدي التجيبي المصري الأمين. ولي الإسكندرية للخليفة هشام وولي مصر للمنصور سنة اثنتين وخمسين. وتوفي سنة خمس وخمسين وَمِائَةٍ. 135- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَبُو شعيب البناني3 البصري. عَن الحسن وإياس بْن معاوية. وعنه ابْن المبارك وأبو داود الطيالسي.

_ 1 تقريب التهذيب "1/ 405"، والثقات "7/ 40". 2 كتاب الولاة والقضاة "117". 3 الجرح والتعديل "5/ 93".

136- عَبْد الله بْن عُبَيْد الحميري البصري1 -ت ن ق-. عَن عديسة بنت أهبان وأبي بكر بْن النضر يونس. وعنه ابْن علية وصفوان بْن عيسى وأبو عبيدة الحداد وعثمان بْن الهيثم المؤذن. قَالَ أَبُو حاتم: مَا بِهِ بأس. 137- عَبْد الله بْن عَمْرو بْن علقمة2 –ت- الكناني المكي. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ وعمر بْن سعيد بْن أَبِي حسين. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وأبو نعيم وعبد الرزاق وابن الْمُبَارَك. موثَّق. 138- عَبْد الله بْن عون بن أرطبان3 –ع-. أبو عون المزني مولاهم البصري الحافظ أحد الأئمة الأعلام. عَن سعيد بْن جبير وأبي وائل وإبراهيم والشعبي والقاسم بن محمد ومجاهد والحسن وبن سيرين ومكحول وخلق سواهم. وعنه حماد بْن زيد وابن الْمُبَارَك وابن علية وإسحاق الأزرق وأزهر السمان وحريش بْن أنس وعثمان بْن عمر بْن فارس ومسلم بْن إِبْرَاهِيم ويزيد بن هارون ومحمد بن أبي عدي وخلق كثير. قَالَ عَبْد الرحمن بْن مهدي: مَا كَانَ بالعراق أعلم بالسُنَّة من ابْن عون. وقال قُرَّةُ بْن خالد: كنا نعجب من ورع ابن سيرين فأنساه ان عون. وقال شعبة: مَا رأيت مثل أيوب وابن عون ويونس بْن عُبَيْد. وقال ابْن الْمُبَارَك: مَا رأيت مثل أيوب وابن عون ويونس بن عبيدة.

_ 1 التهذيب "5/ 309". 2 التاريخ الكبير "5/ 155"، والجرح والتعديل "5/ 118". 3 التهذيب "5/ 346"، والجرح والتعديل "5/ 130"، وطبقات ابن سعد "7/ 261"، وتذكرة الحفاظ "1/ 156"، وشذرات الذهب "1/ 230"، وخلاصة تذهيب الكمال "209".

وقال ابْن الْمُبَارَك: مَا رأيت أحدًا أفضل من ابْن عون. قُلْتُ: قد رأى ابْن عون أنس بْن مالك فهو معدود فِي صغار التابعين. قَالَ شعبة: شَكَّ ابْن عون أحبُّ إليّ من يقين غيره. وقال الأوزاعي: إذا مات ابْن عون والثوري استوى الناس. وقال رَوْح بْن عبادة: مَا رأيت أحدًا أعبد من ابْن عون. وروى مسعر بْن كدام عَن ابْن عون قَالَ: ذكر الله دواء وذكر الناس داء. وقال ابْن معين: ابْن عون ثقة فِي كل شيء. وقال بكار بْن محمد السيريني: كَانَ ابْن عون يصوم يومًا ويفطر يومًا، صَحِبْتُه دهرًا وكان طيب الريح ليّن الكسوة لَهُ ختمة فِي الأسبوع وكان يغزو عَلَى ناقة لَهُ إِلَى الشام فإذا وصل إِلَى الشام ركب الخيل، وبارز مرة علجًا فقتله، وكان إذا جاءه وإخونه كأن على رؤوسهم الطير لَهُم خشوع وخضوع. قَالَ بكار: وكان إذا حدث بالحديث تخشَّع1 عنده -حَتَّى نرحمه- مخافة أن يزيد أو يُنِقص2. وقال أَبُو قطن: سَمِعْت ابْن عون يَقُولُ: وددت أني خرجت مِنْهُ كفافًا. قَالَ بكار: كَانَ ابْن عون لا يدع أحدًا من أصحاب الحديث ولا غيرهم يتبعه وما رأيته يمازح أحدًا ولا ينشد شعرًا، وكان مشغولا بنفسه وما رأيت أملك للسانه مِنْهُ، وما سمعته حالفًا عَلَى يمين قط، ولا رأيته دخل حمامًا قط، وكان لَهُ وكيل نصراني يجبي غَلَّته من دارٍ لَهُ3. وكان لا يزيد فِي رمضان عَلَى حضور المكتوبة ثم يخلو في بيته، وقد سعت بِهِ المعتزلة إِلَى إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بن حسن الَّذِي خرج فقالوا: ها هنا رَجُل يوثب عليك الناس، فأرسل إِلَيْهِ أنْ مالي ولك، فخرج عن البصرة حتى نزل القريظية وأغلق بابه.

_ 1 تَخَشَّعَ: تَذلَّلَ، وتَضَرَّع. 2 طبقات ابن سعد "7/ 262". 3 انظر المصدر السابق.

وقال الأنصاري: سَمِعْت أن ابْن عون دخل عَلَى سلم بْن قتيبة وهو أمير فَقَالَ: السلام عليكم، فضحك وقال: نحتملها لابن عون. وقال معاذ بْن معاذ: رأيت عَلَى ابْن عون بُرْنُسًا من صوف رقيقًا حسنًا قَالَ: هَذَا اشتريته من تَرِكَة أنس بْن سيرين كَانَ لابن عمر فكساه إيّاه. وقال المفضّل بْن لاحق: كنا بأرض الروم فدعا رومي إِلَى المبارزة فخرج فارس فقتله، ثُمَّ دخل فِي الناس فلُذْتُ بِهِ لأعرفه، فوضع عَنْهُ المِغْفَر يمسح وجهه، فإذا هُوَ عَبْد الله بْن عون. وروى حمّاد بْن زيد عَن محمد بْن فضاء قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المنام فَقَالَ: زوروا ابْن عون فإنه يحب الله ورسوله وإن الله يحبّه ورسوله. وقال خارجة بْن مصعب: جالست ابن عون اثنتي عشرة سنة فما أظن أن مَلَكَيْه كتبا عَلَيْهِ سوءًا. وقال بكار السيريني: كَانَ بلال بْن أَبِي بردة قد ضرب ابْن عون بالسياط لكونه تزوج امرأة عربية. وقال مكي بن إبراهيم: كنا عندابن عون فذكروا بلالا فلعنوه وقالوا: إنما نذكره لما ارتكبه منك فَقَالَ: إنما هما كلمتان تخرجان فِي صحيفتي يوم القيامة: لا إله إلا الله أو لعن الله فلانًا. وقال بكار بْن محمد: حضرت وفاة ابْن عون فكان حين قُبض موجَّها يذكر الله حَتَّى غرغر، فقالت عمتي: اقرأ عنده "يس "فقرأتها، ومات فِي السَّحَر، وما قدرنا أن نصلّي عَلَيْهِ حَتَّى وضعناه فِي محراب المُصَلّى غَلَبنا الناس عَلَيْهِ. ومات وعليه من الدَّيْن بضعة عشر ألفًا، وأوصى بعد وفاء دَيْنه بخُمْس ماله إِلَى أَبِي يفرّقه فِي أقاربه المحتاجين، ولم أره يشكو فِي علّته. قَالَ بكار: وكانت ثياب ابْن عون تمسّ ظهر قدميه. وقال أَبُو قطن: رأيت بعض أسنان ابْن عون مشدودة بالذهب.

وقال بكار بْن محمد: كَانَ ابْن عون زوج عمتي أم محمد بنت عَبْد الله بن مُحَمَّد بن سيرين، وَلَمَّا مات كفنوه في برد ثمنه مائتا درهمً، ولم يخلف درهما إنما خلف دارين، قَالَ: ومات في رجب سنة إحدى وخمسين ومائة، وفيها أرّخه يحيى القطَّان وأبو نعيم وجماعة، وما عدا ذَلِكَ وَهْم. قِيلَ: سنة خمسين ومائة ومولده سنة ستٍّ وستين، وكان يمكنه السماع من طائفة من الصحافة. قَالَ ابْن سعد: كَانَ أكبر من سُلَيْمَان التيمي، قَالَ: وكان ثقة كثير الحديث ورعًا عثمانيًا. وقال محمود بْن غيلان: ثنا النضر بْن شميل قَالَ: كَانَ رَجُل يلازم ابْن عون فقيل لَهُ: بلغ حديث ابْن عون ألفا؟ قال: أضعف، قيل: وألفين، قَالَ: أضعف، قِيلَ: فأربعة آلاف، قَالَ: أضْعِف، قِيلَ: ستة، فسكت الرجل، قَالَ عمر بْن حبيب: سمعت عثمان البتي يقول: ما رأيت عيناي مثل ابْن عون. وروى عَن ابْن عون أن أمه نادته فَعَلا صوتُه صوتها فخاف فأعتق رقبتين. وقال ابْن الْمُبَارَك: مَا رأيت عيني أحدًا ممن ذُكر لِي إلا رأيته دون مَا ذكر لِي إلا ابْن عون وحَيْوَة بْن شريح. وقال يحيى بْن يوسف الزمي: نا أَبُو الأحوص قَالَ: كَانَ يقال لابن عون: سيد القراء فِي زمانه. قَالَ ابْن المديني: جمع لابن عون مَا لم يُجمع لأحد من أصحابه، ولم يحدّث إلا بعد موت أيوب، كَانَ يمتنع من الحديث فلما مات يونس بْن عُبَيْد ألحّ عَلَى ابْن عون أصحاب الحديث فسلس وحدّث. وقال ابْن سعد: أخبرنا بكار بْن محمد حدّثني بعض أصحابنا أن ابْن عون كَانَ لَهُ ناقة يغزو عليها ويحجّ عليها وكان بها معجبًا فأمر غلامًا لَهُ يستقي عليها فجاء بها وقد ضربها عَلَى وجهها فسالت عينها عَلَى خدّها فقلنا: إن كَانَ ابْن عون يسيء فاليوم، فلم يلبث أن نزل فلما نظر إِلَى الناقة قَالَ: سبحان الله أفلا غير الوجه بارك الله فيك أخرج عني اشهدوا أَنَّهُ حر. وقال معاذ بْن معاذ: حدّثني غير واحد من أصحاب يونس بْن عُبَيْد أَنَّهُ قَالَ: إني

لأَعرف رجلاُ منذ عشرين سنة يتمنّى أن يسلم لَهُ يوم من أيام ابْن عون فما يقدر عَلَيْهِ. قَالَ ابْن الْمُبَارَك: مَا رأيت مصلّيًا مثل ابْن عون. قرأت عَلَى إسحاق بْن أَبِي بكر أخبركم ابْنُ خَلِيلٍ أَنَا أَبُو الْمَكَارِمِ اللَّبَّانُ أَنَا أَبُو عليّ الحدّاد أَنَا أَبُو نُعَيم أَنَا أَبُو محمد بْن حبان نا عَبْد الرَّحمن بْن محمد بْن حمّاد نا حفص الرياني أَنَا معاذ بْن معاذ: سَمِعْت هشام بْن حسان يَقُولُ: حدّثني من لم تر عيناي مثله، فَقُلْتُ فِي نفسي: اليوم نستبين فضل الحسن وابن سيرين، قَالَ فأشار بيده إِلَى ابْن عون وهو جالس. وبه قال أبو نعيم: ثنا ابْن خلاد ثنا الكديمي ثنا الخريبي قَالَ: دخلت البصرة لألقى ابْن عون فلما صرت إلى قناطير بني دارم تلقّاني نعْيه فدخلني مَا اللهُ بِهِ عليم. قُلْتُ: ترجمته فِي "تاريخ دمشق" عشرون ورقة. ومات سنة إحدى وخمسين ومائة عَلَى الصحيح. وقال ابْن معين: سنة اثنتين. وقال المنقري: مات سنة خمسين. 139- عَبْد الله بْن عياش الهمداني، المنتوف أَبُو الجراح. وكان أخباريًا علامة. حمل عَن الشعبي وغيره، وكان من أصحاب أبي جعفر المنصور. أخذ عن الهيثم بْن عديّ وجماعة. قَالَ الخطيب: توفي سنة ثمان وخمسين ومائة. وفيها توفي: عوانة بْن الحكم الأخباري. * فأما: عَبْد الله بْن عياش القتباني المصري1، ففي الطبقة الآتية. 140- أَبُو جعفر المنصور2: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْد الله بْن عباس القرشي الهاشمي العباسي، أمير المؤمنين، وأمه سلامة البربرية. ولد فِي سنة خمس وتسعين أو فِي حدودها. وروى عَن أبيه ورأى جده. وعنه ولده المهدي.

_ 1 التهذيب "5/ 351"، والجرح والتعديل "5/ 126". 2 وانظره في وفيات الأعيان "2/ 294-297".

وكان قبل أن يلي الإمامة يقال لَهُ عَبْد الله الطويل. ضرب فِي الآفاق إِلَى الجزيرة والعراق وأصبهان وفارس قَالَ أَبُو بكر الجعابي: كَانَ المنصور يلعب فِي صغره بمدرك التراب. أتته البيعة بالخلافة بعد موت أخيه السفاح وهو بمكة بعهد السفاح لما احتضر إِلَيْهِ، فوليها اثنتين وعشرين سنة. وكان أسمر طويل طويلا نحيفًا مهيبًا خفيف العارضين معرق الوجه رحب الجبهة يخضّب بالسواد كأنّ عينيه لسانان ناطقان، تخالطه أُبَّهة المُلْك بزيّ النُّسّاك تقبله القلوب وتتبعه العيون، وكان أقنى الأنف بين القنا. وقد مر من أخباره فِي الحوادث مَا يدلّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فحل بني العباس هيبة وشجاعة وحزمًا ورأيًا وجبروتًا، وكان جمّاعًا للمال، تاركًا للَّهو، واللعب، كامل العقل، جيّد المشاركة فِي العلم والأدب، فقيه النفس، قتل خلقًا كثيرًا حَتَّى استقام ملكه. وكان فِي الجملة يرجع إِلَى عدل وديانة وله حظ من صلاة وتديّن، وكان فصيحًا بليغًا مُفَوَّهًا، خليقًا للإمارة. وقد ولي بعض كور فارس فِي شبيبته لعاملها سُلَيْمَان بْن حبيب بْن المهلّب الأزدي ثُمَّ عزله وضربه ضربًا مبّرحًا لكونه احتجز المال لنفسه ثُمَّ أغرمه المال، فلما ولي المنصور الخلافة ضرب عنقه. وكان المنصور يُلقَّب أبا الدوانيق1 لتدقيقه ومحاسبته العمال والصُنّاع عَلَى الدوانيق والحبّات. وكان مَعَ هَذَا ربما يعطي العطاء العظيم. قَالَ أَبُو إسحاق الثعالبي: وعلى شهرة المنصور بالبخل ذكر محمد بْن سلام أَنَّهُ لم يعط خليفة قبل المنصور عشرة آلاف دارت بها الصُّكّاك وثبتت فِي الدواوين فإنه أعطى فِي يوم واحد كل واحد من عمومته عشرة آلاف ألف درهم. قُلْتُ: وقد حدّث عَن عطاء بْن أَبِي رباح يسيرًا. وقد خلف يوم مات فِي بيوت الأموال تسعمائة ألف ألف درهم وخمسين ألف ألف درهم. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ غَيْلانَ ثِقَةٌ نا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "منا السفاح ومنا المنصور"2.

_ 1 الدَّوانِيق أو الدَّواتيقيّ: يعرف على من يدقَّقُ في الحساب والمعاملة، وبه سمي أبو جعفر المنصور. 2 ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد "1/ 63"، والهندي في كنز العمال "37317"، "38687"، وابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 290".

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَأَبُو النَّضْرِ: نا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، نا مَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "مِنَّا السَّفَّاحُ وَمِنَّا الْمَنْصُورُ وَمِنَّا الْمَهْدِيُّ"1. فَهَذَا إِسْنَادُهُ صَالِحٌ والذي قبله منكر وهو منقطع ويروي نحو بِإِسْنَادِهِ أَخْرَجَهُ عَنِ الْمِنْهَالِ. قَالَ أَبُو سهل بْن علي بْن نوبخت: كَانَ جدّنا نوبخت المجوسيّ نهاية فِي التنجيم فسجن بالأهواز فَقَالَ: رأيت أبا جعفر وقد أدخل السجن فرأيت من هيبته وجلالته وحسن وجهه مَا لم أره لأحد فَقُلْتُ لَهُ: وحق الشمس والقمر إنك لَمِنْ وَلَد صاحب المدينة، قَالَ: لا ولكني من عرب المدينة، قَالَ: فلم أزل أتقرب إِلَيْهِ وأَخدمه حَتَّى سألته عَن كنيته فَقَالَ: أَبُو جعفر، فَقُلْتُ: وحق المجوسية لتملكنّ، قَالَ: وما يدريك؟ قُلْتُ: هُوَ كَمَا أقول فاذْكُرْ هَذِهِ البشري، قَالَ: إن قُضي شيء فسيكون، قُلْتُ: قد قضاه الله من السماء فقدمت دواة فكتب لِي: يَا نوبخت إذا فتح الله وردّ الحق إِلَى أهله لم نغفل عنك وكتب أَبُو جعفر، فلما استخلف صرت أليه فأخرجت الكتاب فَقَالَ: أَنَا لَهُ ذاكر ولك متوقّع فالحمد لله. فأسلم نوبخت فكان منجّمًا لأبي جعفر ومولى. قَالَ إِبْرَاهِيم بْن عبد الصّمد بْن موسى بْن محمد الهاشميّ: حدّثني أَبِي نا أَبِي عَن أبيه قَالَ: قَالَ لنا المنصور: رأيت كأني في الحرم وكأن رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الكعبة وبابها مفتوح فنادى مناد: "أين عَبْد الله" فقام أخي أَبُو العباس حَتَّى صار عَلَى الدرجة فأدخل فما لبث أن خرج ومعه عباءة عليها لواء أسود قدر أربعة أذرع، ثُمَّ نودي "أين عَبْد الله" فقمت إِلَى الدرجة فأصعدت وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر وبلال فعقد لِي وأوصاني بأُمَّتِه وعمَّمني بعمامة وكان كورها ثلاثة وعشرين وقال: "خذها إليك أبا الخلفاء إِلَى يوم القيامة". وقال الربيع بْن يونس الحاجب: سَمِعْت المنصور يَقُولُ: الخلفاء أربعة: أَبُو بكر وعمر وعثمان وعليّ، والملوك: معاوية وعبد الملك وهشام وأنا. قَالَ شباب: أقام الحج للناس أَبُو جعفر سنة ست وثلاثين، وسنة أربعين، وسنة

_ 1 انظر السابق.

أربع وأربعين، وسنة اثنتين وخمسين زاد الفسوي: أَنَّهُ حج أيضًا سنة سبع وأربعين ومائة. قَالَ أَبُو العيناء: نا الأصمعي أن المنصور صعد المنبر فشرع فِي الخطبة فقام إِلَيْهِ رَجُل فَقَالَ: يَا أمير المؤمنين أذكر من أنت فِي ذكره. فَقَالَ لَهُ: مرحبًا لقد ذكرت جليلا وخوَّفت عظيمًا وأعوذ بالله أن أكون ممن إذا قيل يه اتق الله أخذته العزّة بالإِثم، والموعظة منا بدت وعنّا خرجت وأنت يَا قائلها فأحلف بالله مَا الله أردت أنما أردت أن يقال قام فَقَالَ فعوقب فصبر فأهون بها من قائلها وأهتبلها من الله ويلك إِنِّي قد غفرتها، وإياكم معشر الناس وأمثالها. ثُمَّ عاد إِلَى خطبته وكأنما يقرأ من كتاب1. وقال الزبير: حدثني مبارك الطبري سمعت أبا عبيد الوزير سَمِعَ المنصور يَقُولُ: الخليفة لا يصلحه إلا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعيّة لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم عَلَى العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظَلَمَ مَن هُوَ دونه. قَالَ الفريابي محمد بْن يوسف: قَالَ عبّاد بْن كثير لسفيان: قُلْتُ: لأبي جعفر: أتؤمن بالله، قَالَ: نعم، قلت: فحدثني عن الأموال التي اصطفيتوها من بني أمية، فَوَالله لئن كَانَت صارت إليهم ظلمًا وغضبًا لما رددتموها إِلَى أهلها الَّذِينَ ظُلموا، ولئن كَانَت لَهُم لقد أخذتم مَا لا يحلّ لكم، إذا دُعَيت يوم القيامة بنو أمية بالعدل جاءوا بعمر بْن عَبْد العزيز، فإذا دُعيتم أنتم لم تجيئوا بأحد، فكنْ أنتَ ذَلِكَ الأحد، فقد مضت من خلافتك ست عشرة سنة وما رأينا خليفة بلغ اثنتين وعشرين سنة، فهبْك تبلغها فما ست سنين، قَالَ: يَا أبا عَبْد الله مَا أجد أعوانًا، قُلْتُ: علي عونك بغير مرزئة، أنت تعلم أن أبا أيوب المورياني يريد منك كل عام بيت مال، وأنا أجيئك بمن يعمل بغير رزق، آتيك بالأوزاعي تقلّده كَذَا وبالثوري تقلّده كَذَا، وأنا بينك وبين الناس أبلّغك عنهم وأبلّغهم عنك، فَقَالَ: حَتَّى أستكمل بناء بغداد، فأخْرُجُ إِلَى البصرة وأوجّه إليك. فَقَالَ لَهُ سفيان الثوري: ولِمَ ذكرتني لَهُ؟ قَالَ: واللهِ مَا أردت إلا النُّصح للأمة، ثُمَّ قَالَ لسفيان: ويل لمن دخل عليهم إذا لم يكن كبير العقل كثير الفهم كيف تكون فتنته عليهم وعلى الأمة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 68-69".

ويقال أن عمرو بْن عُبَيْد رأس المعتزلة دخل عَلَى المنصور ووعظه، فبكى المنصور وقال: يَا أبا عثمان هل من حاجة، وكان يدني عمرًا ويكرمه ويجلّه، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وما هي؟ قال: لا تبعث حَتَّى آتيك. قَالَ: إذن لا نلتقي، قَالَ: عَن حاجتي سألتني، ثُمَّ نهض فلما ولّى أمدّه بصره وهو يَقُولُ: كلكم يمشي رويد ... كلكم يطلب صيد غير عمرو بن عبيد قَالَ عَبْد السلام بْن حرب: أمر لَهُ بمال فردَّه، فَقَالَ المنصور: والله لتقبلّنه، قَالَ: والله لا أقبله، فَقَالَ لَهُ المهدي: أمير المؤمنين يحلف فحلف! قَالَ: أمير المؤمنين أقوى على الكفارة من عمك. أَبُو خليفة: نا محمد بْن سلام قَالَ: قِيلَ للمنصور هل بقي من لذّات الدنيا شيء لم تنله؟ قَالَ: بقيت خصلة: أن أقعد فِي المصطبة وحولي أصحاب الحديث فَيَقُولُ المستملي: من ذكرت رحمك الله. قَالَ فغدا عَلَيْهِ الندماء وأبناء الوزراء بالمحابر والدفاتر، فَقَالَ: لستم بهم إنما هم الدَّنِسَةُ ثيابهم، المشقّقة أرجلهم، الطويلة شعورهم برد الآفاق وَنَقَلَةُ الحديث. الصولي: ثنا أحمد بْن يحيى عَن محمد بْن إسماعيل عَن أبيه قَالَ: قَالَ عَبْد الصمد بْن علي للمنصور: يَا أمير المؤمنين لقد هممت بالعقوبة حَتَّى كأنك لم تسمع بالعفو، قَالَ: لأن بني أمية لم تُبْلَ رمَمُهُم، وآل أَبِي طالب لم تُغْمَد سيوفهم، ونحن بين قوم قد رأونا أمس سوُقة، واليوم خلفاء، فليس تتمهد هيبتنا في صدورهم إلا بنسيان العفو. وَرُوِيَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عروة دَخَل عَلَى الْمَنْصُورِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ عَنِّي دَيْنِي، قَالَ: فَكَمْ دَيْنُكَ؟ قَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ. قَالَ: وَأَنْتَ فِي فِقْهِكَ وَفَضْلِكَ تَأْخُذُ مِائَةَ أَلْفٍ لَيْسَ عِنْدَكَ قَضَاؤُهَا! قَالَ: شَبَّ فَتَيَانِ لِي فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُبَوِّئَهُمْ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْتَشِرَ عَلَيَّ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا أَكْرَهُ فبوأتهم واتخذت لهم منازل وأولمت عنهم ثقة الله وَبِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ فَرَدَّدَ عَلَيْهِ: مِائَةَ أَلْفٍ! اسْتِنْكَارًا لَهَا، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِعَشَرَةِ آلافٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعْطِنِي مَا تُعْطِي وَأَنْتَ طَيِّبُ النَّفْسِ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً وَهُوَ بِهَا طَيِّبُ النَّفْسِ بُورِكَ لِلْمُعْطِي

وَالْمُعْطَى"1 قَالَ: فَإِنِّي طَيِّبُ النَّفْسِ بِهَا، فَأَهْوَى هشام إلى يد المنصور يقبلها فمنعه وقال: إِنّا نُكَرِّمُكَ عَنْهَا وَنُكَرِّمُهَا عَنْ غَيْرِكَ. وروي عَن الربيع قَالَ: لما مات المنصور دُرْنا فِي الخزائن أَنَا والمهديّ، فرأينا فِي بيت أربعمائة جبّ2 مسدودة الرءوس فإذا فيها أكباد ممّلحة أعدّها للحصار3. وذكر الرياشي عَن محمد بْن سلام أن جارية رأت قميصًا للمنصور مرقوعًا فأنكرت ذَلِكَ فَقَالَ: ويحك أما سَمِعْت قول ابن هرمة: قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه ... خَلِقٌ وجَيْب قميصه مرقوع وروى عمر بْن شبة وروى عَن المدائني وغيره أن المنصور لما احتضر قال: اللهم قد ارتكبت الأمور العظام جرأة مني عليك وقد أطعتك فِي أحب الأشياء إليك شهادة أن لا إله إلا الله مَنًّا منك لا منا عليك ومات. وقد كَانَ المنصور رأى منامًا يدل عَلَى قرب الأجل فتهيّأ وسار للحج. قَالَ هشام بْن عمار: نا الهيثم بن عمران أن المنصور مات بالبطن بمكة. وقال خليفة والهيثم وغيرهما: عاش أربعًا وستين سنة. وقال الصولي: دُفن مَا بين الحَجُون4 وبئر ميمون5 فِي ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة6. 141- عبد الله بن محمد بن عمر7 -د ن- بْن علي بْن أَبِي طالب أَبُو محمد العلوي المدني. روى عَن أبيه وخاله أَبِي جعفر الباقر. وعنه ابنه عيسى وابن الْمُبَارَك وابن أَبِي فديك والواقدي وغيرهم.

_ 1 ذكره الهندي في الكنز "16960"، والذهبي في ميزان الاعتدال "2/ 237"، وفي السير "7/ 69". 2 الحب: وعاء كالدلو. 3 سير أعلام النبلاء "7/ 69". 4 دفن ما بين الحجون: ن هو جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها. 5 وبئر ميمون: هي بئر منسوبة إلى ميمون بن خالد بن عامر الحضرمي. 6 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 70". 7 تهذيب التهذيب "6/ 18"، والميزان "2/ 484".

وقال عليّ بْن المديني: هُوَ وسط، وقد روى أيضًا عن عاصم بن عبد الله العمري وعن أمه خديجة بنت زين العابدين، وكان لقبه دافن. قَالَ بعض الحفّاظ: صالح الحديث، مات بدمشق فِي آخر خلافة المنصور. وابنه عيسى واه. 142- عَبْد الله بْن المحرر الحراني1 –ق- قاضي الجزيرة. عَن الحسن البصري ونافع وقتادة. وعنه بقية وأبو نعيم ومحمد بْن حمير ويحيى البابلتي وغيرهم. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. وَمِنْ مَفَارِدِهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ2. 143- عَبْد الله بْن نافع العدوي3 –ق- مولى ابْن عمر. مدني واهٍ، لَهُ إخوة. ضعّفه ابْن معين وغيره. روى عَن أبيه وعبد الله بْن دينار. وعنه عَبْد الله بن نافع الصائغ وابن أبي فديك وأبو داود الطيالسي وآخرون. توفي سنة أربع وخمسين ومائة. 144- عَبْد الله بْن النعمان الجهضمي4، الحداني. عَن عكرمة. وعنه حفيده علي بْن نضر ونوح بْن قيس وأبو قتيبة سلم. 145- عَبْد الله بن الوليد5 -ن ت- بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ الكوفي.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 176"، والضعفاء الصغير "67"، والمتروكين "63". 2 "حديث ضعيف منكر": أخرجه عبد الرزاق "4/ 329"، والحافظ في الفتح "9/ 595"، والطحاوي في المشكل "1/ 461"، وابن القيم في تحفة المودود "ص53". 3 التاريخ الكبير "5/ 214"، والتهذيب "6/ 53"، والمتروكين "65". 4 تهذيب التهذيب "6/ 56". 5 الجرح والتعديل "5/ 187"، والتهذيب "6/ 69".

وقد يقال له العجلي لنزوله فيهم. روى عَن أَبِي جعفر الباقر وأبي صخرة جامع بْن شداد وعاصم بْن كليب وبكير بن شهاب. وعنه ابن مبارك وابن عيينة وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو أَحَمْدَ الزُّبَيْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النسائي. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. 146- عبد الأعلى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1 بْنِ أَبِي فَرْوَةَ الْمَدَنِيّ أخو إسحاق. عن ابن المنكدر والزهري والمطلب بن حنطب وزيد بن أسلم. وعنه حاتم بن إسماعيل وابن وهب والوليد بن مسلم ويحيى بن العلاء الرازي وجماعة. روى عباس عَن ابن معين قال: عبد الحكيم وصالح وعبد الأعلى ثقات إلا أخاهم إسحاق. 147- عبد الجبار بن العباس الشبامي2 –ت- الهمداني الكوفي. عَن سلمة بْن كهيل وعدي بْن ثابت وعون بْن أَبِي جحيفة وأبي إسحاق وعدة. وعنه إسماعيل بْن محمد بْن جحادة وابن الْمُبَارَك وعبيد الله بْن موسى وسلم بْن قتيبة وأبو أحمد الزبيري وجماعة. وثَّقه أَبُو حاتم. وقَالَ أَبُو دَاوُد: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال العقيلي وغيره: لا يُتابَع عَلَى حديثه يُفرْط فِي التشيُّع. وأما أَبُو نعيم الملائي فَقَالَ: لم يكن بالكوفة أكذب مِنْهُ. 148- عَبْد الجليل بن عطية3 -د ن- أبو صالح القيسي البصري. عَن عَبْد الله بْن بريدة وشهر بْن حوشب. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وزيد بْن الحباب والعقدي وأبو نعيم. قَالَ البخاري: ربما يهم. وقال غيره: صالح الحديث.

_ 1 المعرفة والتاريخ "3/ 52"، والجرح والتعديل "6/ 27". 2 تقريب التهذيب "1/ 435"، وتاريخ الدوري "2/ 240". 3 الجرح والتعديل "6/ 33"، والتاريخ لابن معين "3729".

149- عبد الحكيم بْن ذكوان السدوسي1 –ق- بصري مقل. عَن أَبِي رجاء العطاردي وشهر بْن حوشب. وعنه مروان بْن معاوية وأبو داود وأبو عمر الحوضي. ذكره ابْن حبان فِي الثقات. 150- عَبْد الحكم القسملي2، البصري. عَن أنس وأبي الصديق الناجي. وعنه قرة بْن حبيب وعفان وجماعة. قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن عدي: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ مِمَّا لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. 151- عَبْد الحكم بْن أَبِي فروة3. هُوَ أخو إسحاق. وثّقه ابْن معين وهو مُقِلّ. قَالَ خليفة: مات سنة ست وخمسين ومائة. 152- عَبْد الحميد بن جعفر4 –م4- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ رَافِعِ الأنصاري المدني. عن أبي ونافع ومحمد بْن عمر وعطاء وسعيد المقبري ويزيد بْن حبيب وعم أبيه عمر بْن الحكم وجماعة. وعنه أَبُو أسامة ويحيى القطان وابن وهب وأبو عاصم وبكر بْن بكار والواقدي وآخرون. قَالَ النسائي: ليس بِهِ بأس. وكان الثوري ينقم عَلَيْهِ خروجَه مَعَ محمد بن عَبْد الله. وكان من فقهاء المدينة. وقال ابْن المديني: سَمِعْت يحيى يَقُولُ: كَانَ سفيان يحمل على عبد الحميد بن جعفر فكلّمته فِيهِ فَقُلْتُ: مَا شأنه، ثُمَّ قَالَ يحيى: مَا أدري مَا كَانَ شأنه ومكانه. وقال عباس: سَمِعْت ابْن معين يَقُولُ: كَانَ يحيى بْن سعيد يضعّف عَبْد الحميد بْن جعفر، فَقُلْتُ لابن معين: فقد روى عَنْهُ! قَالَ: روى عَنْهُ وكان يضعّفه. وكان يحيى يروي عَن قوم مَا كانوا يساوون عنده شيئًا. ثُمَّ قَالَ ابْن معين: عَبْد الحميد بْن جعفر ثقة كَانَ يُرمى بالقَدَر.

_ 1 التهذيب "6/ 107"، وميزان الاعتدال "2/ 536". 2 التاريخ الكبير "6/ 129"، والمجروحين "2/ 143". 3 ميزان الاعتدال "2/ 537"، والمعرفة والتاريخ "3/ 55". 4 تهذيب التهذيب "6/ 111"، والتاريخ لابن معين "8/ 7".

وقال أَحْمَدُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاث وخمسين ومائة. 153- عَبْد الرحمن بْن بوذويه الصنعاني1 -د ن-. عَن طاوس ووهب بْن منبه ومعمر، وهو أصغر مِنْهُ. وعنه مطرف بْن مازن وسعد بْن الصلت وإبراهيم بْن خالد وعبد الرزاق وآخرون. أثنى عَلَيْهِ أحمد بْن حنبل. وروى عَبْد الرزاق عَنْهُ عَن عمر. 154- عَبْد الرحمن بْن حسان أَبُو سعد الكناني2، الحمصي أو الدمشقي. عَن رجاء بْن حيوة والزهري وعطاء الخراساني. وعنه ابْن شعيب والوليد بْن مسلم وصدقة بْن خالد. قَالَ الدارقطني: لا بأس بِهِ. 155- عَبْد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي3 -د ن ق- أبو أيوب الشعباني قاضي إفريقية وعالمها. روى عَن أبيه وأبي عبد الرحمن الحلبي وبكر بن سوادة وعبد الرحمن بن رافع التنوخي صاحب عَبْد الله بن عَمْرو وأبي عثمان صاحب أَبِي هريرة ومسلم بْن سيار وزياد بْن نعيم وعدة. وعنه إسماعيل بْن عياش وأبو أسامة وابن وهب وجعفر بْن عون ويعلى بْن عُبَيْد وأبو عَبْد الرحمن المقري وخلق. وقد وفد عَلَى المنصور الكوفةَ فوعظه وصدغه بالحق، وكان أول مولود وُلد فِي الإسلام بإفريقية فيما قيل. قال الهيثم بن خارجة: ثنا إسماعيل بْن عياش قَالَ: ظهر بإفريقية جور فلما قام السفاح قدم عَبْد الرحمن بْن زياد بْن أنعمُ عَلَى أَبِي جعفر فشكا إِلَيْهِ العمال ببلده فأقام ببابه شهرًا ثُمَّ دخل عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا أقدمك؟ قَالَ: ظهر الجور ببلدنا فجئت لأعلمك فإذا الجور يخرج من دارك، فغضب أَبُو جعفر وهَمّ بِهِ، ثُمَّ أمر بإخراجه. وعن ابْن إدريس عَن عَبْد الرحمن بْن زياد قَالَ: أرسل إليّ أَبُو جعفر فقدمت عَلَيْهِ فدخلت والربيع قائم على رأسه فاستدعاني فَقَالَ لِي: يَا عَبْد الرحمن كيف مَا

_ 1 التهذيب "6/ 149"، والجرح والتعديل "5/ 217". 2 الجرح والتعديل "5/ 222"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 356". 3 التاريخ الكبير "5/ 283"، والتهذيب "6/ 173"، والميزان "2/ 561".

مررت بِهِ من العمال؟ قُلْتُ: يَا أمير المؤمنين رأيت أعمالا سيئة وظلمًا فاشيًا فظننته لبُعْد البلاد منك، فجعلت كلما دنوت منك كَانَ الأمر أعظم، قَالَ: فنكّس رأسه طويلا, ثُمَّ قَالَ: كيف لِي بالرجال؟ قُلْتُ: أَفَلَيس عمر بْن عَبْد العزيز كَانَ يَقُولُ: إن الوالي بمنزلة السوق يجلب إليها مَا ينفق فيها فإن كَانَ بَرًّا أتوه ببَرِّهم وإن كَانَ فاجرًا أتوه بفجورهم. قَالَ: فأطرق طويلا فقال الربيع وأومأ إليَّ أن اخرج، فخرجت وما عدت إِلَيْهِ. وقال محمد بْن سعد الجلاب: ثنا جارود بْن يزيد أَنَا عَبْد الرحمن الإفريقي قَالَ: كنت أطلب العلم مَعَ أَبِي جعفر المنصور قبل الخلافة فأدخلني منزله فقدم إليَّ طعامًا ومريقة من حبوب ليس فيها لحم ثُمَّ قدم أليّ زبيبًا ثُمَّ قَالَ: يَا جارية عندك حلوى؟ قالت: لا، قَالَ: ولا التمر؟ قالت: لا، فاستلقى وقرأ {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129] ؟ فلما ولي الخلافة دخلتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: بلغني أنك كنتَ تعدّ لبني أمية فكيف رأيت سلطاني من سلطانهم؟ قلت: مَا رأيت فِي سلطانهم من الجور شيئًا إلا رأيته فِي سلطانك، فَقَالَ: إنا لا نجد الأعوان، قُلْتُ: إن السلطان سوق، قَالَ: فسكت. وقال ابْن معين عَن عَبْد الله بْن إدريس: قدم بعبد الرحمن بْن زياد المنصور وولي قضاء إفريقية لمروان بْن محمد. وقال ابْن معين: هُوَ ضعيف ولا يسقط حديثه. وقال أحمد: لا أكتب حديثه، هُوَ منكر الحديث ليس بشيء. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وقال أَبُو زرعة: ليس بقوي. وقال أحمد بْن صالح: هُوَ ممن يُحتج بِهِ. وقال صالح جزرة: كَانَ رجلا صالحًا وهو منكر الحديث. وقال الترمذي: رأيت البخاري يقوّي أمره ويقول: هُوَ مقارب الحديث. قُلْتُ: وأيضًا فلم يذكره فِي كتاب الضعفاء لَهُ. وقال ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: حدثت هشام بن عروة بحديث الإفريقي عَن ابْن عمر فِي الوضوء فَقَالَ: هذا حديث مشرقي وضعّف يحيى الإفريقي وقال: قد كنت كتبت عَنْهُ بالكوفة. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ الْقَطَّانُ وَابْنُ مَهْدِيٍّ لا يُحَدِّثَانِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ. يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ: نا الإِفْرِيقِيُّ عَنْ أَبِي عُطَيْفٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ: صَلَّى ابْنُ عُمَرَ الظُّهْرَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَجْلِسٍ لَهُ وأنا ومعه فَلَمَّا نُودِيَ بِالْعَصْرِ تَوَضَّأَ لِكُلِّ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ قال: إن

كَانَ وُضُوئِي لِصَلاةِ الصُّبْحِ لَكَافٍ مَا لَمْ أحدث، لكني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كُتِبَ لَهُ عشر حسنات"1 فرغبت في ذلك يا بن أَخِي. وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الإِفْرِيقِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ، هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي مريم. وقال ابْنُ خِرَاشٍ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. قَالَ المقري: مات بإفريقية سنة ست وخمسين ومائة وقد جاوز المائة. 156- عَبْد الرحمن بْن خضير الهنائي2. بصري. عَن أَبِي نجيح المكي وعمرو بْن دينار. وعنه يحيى القطان ووكيع وعلي بْن عاصم وخالد بْن الحارث. صدوق لينه الفلاس. وقيل: إنه روى عَن طاوس. وأبوه خضير بمعجمتين، وخَطَّأ الأمير من قَالَ: هُوَ ابْن الحصين أو حصين. 157- المسعودي3، عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله بن عتبة بْن عَبْد الله بْن مسعود الهُذْليّ المسعوديّ الكوفي أحد الأعلام، وهو أخو أَبِي العميس. روى عَن علقمة بْن مرثد وسعيد بْن أَبِي بردة وعلي بْن الأقمر وزياد بْن علاقة وعبد الجبار بْن وائل وعمرو بْن مرة وعون بْن عَبْد الله ويزيد الفقير وأبي بَكْرِ بْن مُحَمَّدِ بْن عَمْرِو بْن حَزْمٍ وطائفة. وعنه ابْن الْمُبَارَك وابن عيينة وطلق بْن غنام وعبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون وأبو المغيرة الحمصي وجعفر بْن عون وأبو داود وأبو عَبْد الرحمن المقري وأبو نعيم وعلي بْن الجعد وخلق. وكان رئيسًا نبيلا يداخل الخلفاء. قَالَ أَبُو نعيم: رأيته فِي عباء أسود وشاشية وفي وسطه خنجر وبين كتفيه بياض {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137] فتوقف أُناس فِي الأخذ عَنْهُ لِذَلِكَ. وقال الهيثم بْن حميد: رأيته وفي وسطه خنجر وقلنسوة أطول من ذراع مكتوب عليها "محمد يَا منصور". وقال أحمد بْن حنبل: ثقة وسماع أَبِي النضر وعاصم بْن عليّ وهؤلاء من المسعودي بعدما اختلط إلا أنهم احتملوا السماع منه.

_ 1 "إسناده ضعيف": أخرجه أبو داود "62"، والترمذي "59"، وابن ماجه "512". 2 التاريخ الكبير "5/ 279"، والميزان "2/ 557". 3 التهذيب "6/ 210"، والمشاهير "6/ 210".

وروى عنه عثمان بْن سعد عَن ابْن معين: ثقة. وقال ابْن المديني: ثقة. وقد كَانَ يغلط فيما روى عَن عاصم بْن بهدلة وسلمة. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: ثقة اختلط بأخرة. وقال النسائي: ليس به بأس. وعن مسعر قَالَ: مَا أعلم أحدًا أعلم بعلم ابْن مسعود من المسعودي. وقال أَبُو حاتم: تغّير قبل موته بسنة أو سنتين. وكان أعلم أهل زمانه بحديث ابْن مسعود. وروى أَبُو داود عَن شعبة قَالَ: هُوَ صدوق. وقال القطان: رأيته سنة رآه عبد الرحمن فلم أكلمه. وقال معاذ بْن معاذ: رأيت المسعودي سنة أربع وخمسين يطالع الكتاب يعني أَنَّهُ قد تغّير حفظه. وقال أَبُو قتيبة: رأيت المسعودي سنة أربع وخمسين وكتبت عنه وهو صحيح. ورأيته سنة سبع والذر يدخل فِي أذنه وأبو داود يكتب عَنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أتطمع أن تحدّث عَنْهُ وأنا حيّ. قَالَ أَبُو عُبَيْد وجماعة: توفي المسعودي سنة ستين ومائة. 158- عَبْد الرحمن بْن عجلان البرجمي1، أَبُو موسى الكوفي الطحان. عَن إِبْرَاهِيم النخعي. وعنه سفيان الثوري ويعلى بْن عُبَيْد وأبو نعيم وقبيصة. قَالَ أَبُو حاتم: مَا بِهِ بأس. * عبد الرحمن بن عمر بن بوذويه مر منسوبا إِلَى الجد. 159- عَبْد الرحمن بْن قيس2، أَبُو روح العتكي البصري. عَن يحيى بْن يعمر وطلحة بْن عُبَيْد الله بْن كريز. وعنه وهب بْن جرير وعبد الرحمن بن مهدي وغيرها. شيخ لا بأس به. 160- الأوزاعي3 –ع- عبد الرحمن بن عمر بن يحمد أبو عمرو الأوزاعي. إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم. كَانَ يسكن بظاهر باب الفراديس بمحلة الأوزاع ثُمَّ تحول إِلَى بيروت فرابط إِلَى أن مات بها.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 332"، والتهذيب "6/ 228"، والجرح والتعديل "5/ 271". 2 الجرح والتعديل "5/ 278". 3 التاريخ الكبير "5/ 326"، وتهذيب التهذيب "6/ 239"، والبداية "10/ 120"، حلية الأولياء "6/ 135" وغيره.

قَالَ ابْن سعد: والأوزاع بطن من همدان وهو من أنفسهم. قَالَ: وولد سنة ثمان وثمانين، وكان ثقة مأمونًا فاضلا خيرًّا كثير العلم والحديث والفقه، حُجَّة. روى الأوزاعي عَن عطاء بْن أَبِي رباح والقاسم بْن مخيمرة ومحمد بْن سيرين حكاية، والزهري ومحمد بْن علي الباقر وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ وقتادة وعمرو بْن شعيب وربيعة بْن يزيد وشداد بْن عمار وعبدة بْن أَبِي لبابة وبلال بْن سعد ومحمد بْن إِبْرَاهِيم التيمي ويحيى بْن أَبِي كثير وعبد الله بن عامر اليحصبي وخلق. وعنه الزهري ويحيى بْن أبي كثير شيخاه، ويونس ين يزيد وسفيان وشعبة ومالك وسعيد بْن عَبْد العزيز وابن المبارك والوليد ين مسلم بْن مزيد وبقية وابن شابور ويحيى القطان والمعافى الموصلي والفريابي وأبو المغيرة وأبو عاصم وخلائق. وأصله من سبي السند. وقال البخاري: لم يكن من الأوزاع بل نزل فيهم. وقال الهيثم بْن خارجة: سَمِعْت أصحابنا يقولون: أليس هو من الأوزاع، هو ابن عم يحيى بن أَبِي عمرو السيباني لَحًّا إنما كَانَ ينزل قرية الأوزاع إذا خرجت من باب الفراديس. وقال ضمرة بْن ربيعة: الأوزاع اسم وقع عَلَى موضع مشهور بربض دمشق سكنه بقايا من قبائل شتى، والأوزاع الفرق، تقول وزّعته إذا فرّقته. وقال أَبُو زُرْعة الدمشقي: كَانَ اسم الأوزاعي عَبْد العزيز فغّيره، وأصله سندي نزل فِي الأوزاع. وكانت صَنْعَتُه الكتابة والترسّل ورسائله تؤثر. وقال ضُمرة: سَمِعْت الأوزاعي يَقُولُ: كنت كالمحتلم فِي خلافة عمر بْن عَبْد العزيز. قُلْتُ: هَذَا يردّ عَلَى قول من زعم أن مولده سنة ثلاث وسبعين. وقال الوليد بْن مَزْيَد: وُلد ببعلبك ونشأ بالبقاع، ثم نقلته انه إلى بيروت. كان يتيمًا فقيرًا حِجْر أمه، عجزت الملوك أن تؤدّب أنفسها وأولادها أدبه فِي نفسه، مَا سَمِعْت مِنْهُ كلمة فاضلة إلا احتاج مستمعها إِلَى إثباتها عَنْهُ ولا رأيته ضاحكًا حَتَّى يقهقه، ولقد كَانَ إذا أخذ فِي ذكر المعاد أقول أترى فِي المجلس قلْب لم يبك.

قَالَ محمد بْن عَبْد الرحمن السلمي: رأيت الأوزاعي وكان فوق الرَّبعة خفيف اللحم بِهِ سُمرة يخضب بالحِنّاء. وقال العباس بْن الوليد البيروتي عَن شيوخه: إن الأوزاعي قَالَ: مات أَبِي وأنا صغير فمرّ فلان من العرب فَقَالَ: مَن أنت؟ قُلْتُ: فلان، فَقَالَ: ابْن أخي يرحم الله أباك. فذهب بِي إِلَى بيته فكنت معه حَتَّى بلغت، فألحقني فِي الديوان. وضُرب علينا بعْث إِلَى اليمامة، فلما دخلنا مسجدنا قَالَ لِي رَجُل: رأيت يحيى بْن أَبِي كثير معجَبًا بك يَقُولُ: مَا رأيت فِي هَذَا البعث أهدى من هَذَا الشاب، قَالَ: فجالستُه فكتبت عَنْهُ أربعة عشر كتابًا فاحترقت. رواها محمد بْن أيوب بْن سويد عَن أبيه وزاد: فقال لِي يحيى: ينبغي لك أن تبادر إِلَى البصرة لعلك تدرك الحسن وابن سيرين، فانطلقت إليها فوجدت الحسن قد مات، فأخبرنا الأوزاعي أَنَّهُ دخل عَلَى ابْن سيرين فعاده، ثُمَّ مات بعد أيام فما سَمِعَ مِنْهُ. قَالَ الهقل بْن زياد: أجاب الأوزاعي فِي سبعين ألف مسألة أو نحوها. وكان إسماعيل بْن عياش يَقُولُ: سَمِعْت الناس يقولون فِي سنة أربعين ومائة: الأوزاعي هُوَ اليوم عالم الأمة. وقال أمية بْن يزيد: هُوَ أرفع عندنا من مكحول، إنه قد جمع العبادة والعلم والقول بالحق. وذكر مسلمة بْن ثابت عَن مالك قَالَ: الأوزاعي إمام يُقتدى بِهِ. وقال عليّ بْن بكار: سَمِعْت أبا إسحاق الفزاري يَقُولُ: مَا رأيت مثل الأوزاعي والثوري، فأما الأوزاعي فكان رَجُل عامة، وأما الثوري فكان رَجُل خاصة نفسه، ولو خُيِّرْتُ لهذه الأمة لاخترت لها الأوزاعي. وكذا قَالَ ابْن الْمُبَارَك وغيره. قَالَ الخريبي: كَانَ الأوزاعي أفضل أهل زمانه. وقال الوليد: ما رأيت أكثر اجتهادًا فِي العبادة مِنْهُ. وقال بشر بْن المنذر: رأيت الأوزاعي كأنه أعمى من الخشوع. وقال أَبُو مسهر: كَانَ الأوزاعي يُحيى الليل صلاة وقرآن وبكاء. وقال ابْن مهدي: إنما الناس فِي زمانهم أربعة: حماد بْن زيد بالبصرة، والثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام. وقال أحمد: الأوزاعي إمام. وقال إسحاق: إذا اجتمع الثوري والأوزاعي ومالك عَلَى أمر فهو سُنَّةٌ. وروى عمر بْن عَبْد الواحد عَن الأوزاعي قَالَ دفع إليّ الزُّهْري صحيفة فَقَالَ:

اروها عني ودفع إلي يحيى بن أبي كثير صحيفة فَقَالَ: اروها عنّي1. قَالَ الوليد: قَالَ الأوزاعي: نعمل بها ولا نحدّث بها. وقال هشام بْن عمار: سَمِعْت الوليد يَقُولُ: احترقت كتب الأوزاعي زمن الرجفة ثلاثة عشر فنداقًا فأتاه رَجُل بنُسَخِها فَقَالَ: يَا أبا عمرو هَذِهِ نسخة كتابك وإصلاحك بيدك، فما عرض لشيء منها حَتَّى فارق الدُّنْيَا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لا نأمن بإصلاح اللحن. وَقَالَ الْوَليِدُ بْن مَزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: إذا أراد الله بقوم شرًّا فتح عليهم الجدل ومنعهم العمل. قَالَ العباس بْن الوليد: أدركت أهل زمان محمد ولد الأوزاعي وما كانوا يشكّون أَنَّهُ من الأبدال. قُلْتُ: عاش محمد بعد أبيه عشرين سنة وكان عابدًا قانتًا لله، أخذ عَنْهُ أَبُو مسهر. وقال عمرو بْن أَبِي سلمة: سمعنا الأوزاعي يَقُولُ: رأيت كأن مَلَكَيْن نزلا فأخذا بضبعي فعرّجاني إِلَى الله تعالى وأوقفاني بين يديه فَقَالَ: أنت عبدي عَبْد الرحمن الَّذِي تأمر بالمعروف وتنهى عَن المنكر، قَالَ: قلت: بعزّتِك رب أنت أعلم، قَالَ: فرَدَّاني إِلَى الأرض2. وقال محمد بْن كثير: سمعت الأوزاعي يَقُولُ: كنا والتابعون متوافرون يقولون إن الله تعالى فوق عرشه ونؤمن بما وردت بِهِ السنة من صفاته. وقال أَبُو أسامة: رأيت سفيان الثوري والأوزاعي، ولو خُيِّرْتُ لاخترت الأوزاعي لأنه كَانَ أعلم الرجلين. وقال صدقة السمين: مَا رأيت أحدًا أحلم3 ولا أكمل ولا أجمل من الأوزاعي. وقال موسى بْن أعين: قَالَ الأوزاعي: كنا نضحك ونمزح فلما صرنا يُقتدى بنا خشينا أن لا يسعنا التبسّم. وقال منصور بْن أبي مزاحم عَن أَبِي عُبَيْد الله كاتب المنصور قَالَ: كَانَت ترد علينا إِلَى المنصور كُتُبٌ من الأوزاعي نتعجّب منها ونعجز كتابةً عنها، فكانت تنسخ

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 90 وما بعدها". 2 انظر المصدر السابق. 3 الحلْمُ: هو ضبط النفس والطبع عند هيجان الغضب.

فِي دفاتر وتوضع بين يدي المنصور، فيكثر النظرَ فيها استحسانًا لألفاظها، فَقَالَ لسليمان بْن مجالد وكان من أحظى كُتَّابه عنده: ينبغي أن تجيب الأوزاعي، قَالَ: مَا أُحسِنُ ذاك وإن لَهُ نظْمًا فِي الكتب لا أظن أحدًا من جميع الناس يقدر عَلَى إجابته عَنْهُ، وأنا أستعين بألفاظه عَلَى مَن لا يعرفها ممن نكاتبه. وقال الحكم بْن موسى: ثنا الوليد قال: مَا كنت أحرص عَلَى السماع من الأوزاعي حَتَّى رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام والأوزاعي إِلَى جنبه، فَقُلْتُ: يَا رسول الله عمن أحمل العلم؟ قَالَ: عَن هَذَا، وأشار؟ إِلَى الأوزاعي. عَبْد الحميد بْن بكار عَن محمد بْن شعيب قَالَ: جلست إِلَى شيخ فِي المسجد فَقَالَ: أَنَا ميت يوم كَذَا وكذا، فلما كَانَ ذَلِكَ اليوم أتيته فإذا هُوَ يتفلّى فِي الصحن فَقَالَ: مَا أخذتم النعش خذوه قبل أن تُسبقوا إِلَيْهِ قُلْتُ: مَا تقول رحمك الله؟ قَالَ: هو ما قال لك، إِنِّي رأيت طائرًا يقع عَلَى ركن هَذِهِ القبة فسمعته يَقُولُ: فلان قَدَري وفلان كذا، وعثمان ابن أَبِي العاتكة نِعْم الرجل، والأوزاعي خير من يمشي عَلَى الأرض، وأنت ميت يوم كَذَا، قَالَ: فَما جاءت الظُّهْر حَتَّى مات الرجل. قَالَ الوليد بْن مَزْيَد: كَانَ الأوزاعي من العبادة على شيء لم يُسمع بأحد قوى عَلَيْهِ، مَا أتى عَلَيْهِ زوال قط إلا وهو قائم يصلّي. وقال مروان بْن محمد: قَالَ الأوزاعي: مَن أطال قيام الليل هوّن الله عَلَيْهِ وقوف يوم القيامة. ويُذكر عَن الأوزاعي أَنَّهُ حجّ فما اضطجع فِي المحمل أبدًا. وقال إسحاق بْن خالد: نا أَبُو مسهر قَالَ: مَا رؤي الأوزاعي باكيًا قط، ولا ضاحكًا حَتَّى تبدو نواجذه، وكان يحيى الليل بكاءً وصلاةً. وأخبرني بعض إخوتي من أهل بيروت أن أم الأوزاعي كَانَت تدخل منزل الأوزاعي وتتفقد موضع مصلاه فنجده رطبًا من دموعه. وقال محمد بْن الأوزاعي: قَالَ لِي أَبِي: يَا بني لو كنا نقبل من الناس كل مَا يعرضون علينا لأوشك بنا أن نهون عليهم. وَقَالَ الْوَليِدُ بْن مَزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: عليك بآثار من سلف وإنْ رَفَضَك الناسُ، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت عَلَى طريق مستقيم.

وقال بقية: قال لي الأوزاعي: العلم ما جاء عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما لم يجيء عَن الصحابة فليس بعلم1. وقال الوليد وبقية عَن الأوزاعي: لا يجتمع حُبّ عليّ وعثمان إلا فِي قلب مؤمن2. وقال الأوزاعي: كتب إليّ قتادة: إنْ كَانَت الدار فرّقت بيننا وبينك فإن أُلْفَة الإسلام جامعة بين أهلها. وَقَالَ الْوَليِدُ بْن مَزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: أتيت بيروت أرابط فلقيت سوداء عند المقابر فَقُلْتُ: أين العمارة؟ قالت: أنت فِي العمارة، وإنْ أردتَ الخرابَ فبين يديك. قَالَ أحمد بْن عَبْد الواحد: نا محمد بْن كثير عَن الأوزاعي قَالَ: وقع عندنا ببيروت رِجْلِ 3 جراد، فذكر من عِظَمه وعِظَم الجرادة، قَالَ: وعليه خُفّان أحمران وهو يَقُولُ: "الدنيا باطل وباطل مَا فيها" ويومئ بيده، حيثما أومأ انساب الجراد، رواها عليّ بْن زيد الفرائضي عَن ابْن كثير سَمِعَ الأوزاعي أَنَّهُ هُوَ الَّذِي رأى ذَلِكَ4. وقال أَبُو زرعة: أريدَ الأوزاعيُّ عَلَى القضاء من يزيد بْن الوليد فجلس بهم مجلسًا واحدًا وترك. عن الأوزاعي قال: من أكثر الموت كفاه اليسير ومن عرف أن منطقه من عمله قلّ كلامه. ومن موعظة للأوزاعي يَقُولُ: كانوا بلهو الأمل آمنين فقد علمتم ما نزل بساحتهم بيتًا من عقوبة الله، فأصبح كثير منهم فِي ديارهم جاثمين، وأصبح الباقون ينظرون فِي آثار نِقَمِه وزوال نِعَمِه، ومساكن خاوية فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم، وأصبحتم بعدهم فِي أجل منقوص، ودنيا منقوصة، فِي زمان قد ولّى عفوُهُ وذهب رخاؤه، فلم يبق مِنْهُ إلا حمّة شرّ، وصبابة كدر، وأهاويل غير، وعقوبات عبر، وإرسال فتن، وتتابع زلازل، ورذالة خلف بهم ظهر الفساد، فلا تكونوا أشباهًا لمن خدعه الأمل وغرّه طول الأجل، جعلنا الله وإياكم ممن وعى وانتهى، وعقل مثواه فمهّد لنفسه. وقال عامر بْن يسّاف: سَمِعْت الأوزاعي يَقُولُ: إذا بلغك عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديث فإياك أن تقول بغيره. وقال أَبُو إسحاق الفزاري عَن الأوزاعي: كَانَ يقال: خَمْسٌ كَانَ عليها الصحابة والتابعون لهم بإحسان: لزوم الجماعة، واتباع السنة،

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 95". 2 انظر المصدر السابق. 3 الرجل: هي الطائفة العظيمة من الجراد. 4 انظر سير أعلام النبلاء "7/ 96".

وعمارة المسجد، والتلاوة، والجهاد. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام. وعن الأوزاعي قَالَ: كنا نتحدث أَنَّهُ مَا ابتدع أحد بدعة إلى سُلِب ورعُه. وعن عنبسة بْن سعيد أَنَّهُ قَالَ: مَا ابتدع رَجُل إلا غلّ صدره عَلَى المسلمين. وقال أَبُو توبة الحلبي: سَمِعْت سلمة بْن كلثوم يَقُولُ: كتب أَبُو حنيفة إِلَى الأوزاعي تسعين مسألة فما أجاب منها إلا بمسألتين. وقال أَبُو إسحاق الفزاري: قَالَ الأوزاعي: إنا لا ننقم عَلَى أَبِي حنيفة أَنَّهُ رأى، كلنا نرى ولكننا ننقم عَلَيْهِ أَنَّهُ رأى الشيء عَن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخالفه1. وقال الأوزاعي: فيما سمعه مِنْهُ الوليد بْن مزيد: إن المؤمن يَقُولُ قليلا ويعمل كثيرًا، وإن المنافق يَقُولُ كثيرًا ويعمل قليلا. وقال الأوزاعي: سَمِعْت يحيى بْن أبي كثير يقول: العالم من خشي الله، وخشيةُ الله الورع. قَالَ سَالِمُ بْنُ جُنَادَةَ: ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ التَّغْلِبِيُّ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَمُحَمَّدٌ عَلَى الْمَنْصُورِ أَرَادَ أَهْلُ الثُّغُورِ أَنْ يُعِينُوهُ عَلَيْهِمَا فَأَبَوْا ذَلِكَ فَوَقَعَ فِي يَدِ مَلِكِ الرُّومِ أُلُوفٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَسْرَى، وَكَانَ مَلِكُ الرُّومِ يُحِبُّ أَنْ يُفَادِي بِهِمْ وَيَأْبَى أَبُو جَعْفَرٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الأَوْزَاعِيُّ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ اسْتَرْعَاكَ هَذِهِ الأُمَّةَ لِتَكُونَ فِيهَا بِاللِّينِ قَائِمًا وَبِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَفْضِ الْجَنَاحِ وَالرَّأْفَةِ مُتَشَبِّهًا. وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُسَكِّنَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ دَهْمَاءَ هَذِهِ الأُمَّةِ وَيَرْزُقُهُ رَحْمَتَهَا فَإِنَّ سَائِخَةَ الْمُشْرِكِينَ وَمَوْطِأَهُمْ حَرِيمُ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِنْزَالَهُمُ الْعَوَاتِقَ مِنَ الْمَعَاقِلِ لا يَلْقَوْنَ لَهُنَّ نَاصِرًا وَلا عنهن مدافعًا، كاشفات عن رؤوسهن وأقدامهن، وكان ذلك من الله بمرأى

_ 1 فائدة هامة: قال العلامة الكوثري "19-40-76" كما في "تأنيب الخطيب". أبو إسحاق الفزاري كان يطلق لسانه في أبي حنيفة ويعاديه بسبب أنه أفتى أخاه بمؤآزرة إبراهيم القائم في عهد المنصور، فقتل في الحرب. فأطلق لسانه بجهل عظيم على شيخه الإمام الإعظم، على ما في مقدمة "الجرح والتعديل لابن أبي حاتم" ورواية العدو المتعصب مردودة عند أهل النقد، مع كثرة أغلاطه في الرواية جمود قريحته في الذراية، على ما في "طبقات ابن سعد"، "المعارف لابن قتيبة" اهـ.

وَمَسْمَعٍ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلْيَسْعَ بِالْمُفَادَاةِ فِيهِمْ مِنَ اللَّهِ سَبِيلا، وَلْيَخْرُجْ مِنْ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75] . وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَهُمْ يَوْمَئِذٍ فَيْءٌ مَوْقُوفٌ وَلا ذِمَّةٌ تُؤَدِّي خَرَاجًا إِلا خَاصَّةُ أَمْوَالِهِمْ، وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "إِنِّي لأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فِي الصَّلاةِ فَأَتَجَوَّزُ فِيهَا مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ" 1 وَكَيْفَ بِتَخْلِيَتِهِمْ فِي أَيْدِي عَدُوِّهِمْ يَمْتَهِنُونَهُمْ وَيَطَئُونَهُمْ، وَأَنْتَ رَاعٍ وَاللَّهُ فَوْقَكَ وَمُسْتَوْفٍ مِنْكَ يَوْمَ تُوضَعُ الْمَوَازِينُ الْقِسْطُ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَلَمَّا وَصَلَ كِتَابُهُ أَمَرَ بِالْفِدَاءِ. الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدَ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: وَيْلٌ لِلْمُتَفَقِّهِينَ لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ وَالْمُسْتَحِلِّينَ الْحُرُمَاتِ بِالشُّبُهَاتِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ: نَا أَبُو نَشِيطٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ نَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: اجْتَمَعَ الثَّوْرِيُّ وَالأَوْزَاعِيُّ وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ بمكة فقال سفيان الثوري: يا أبا عمر حَدِّثْنَا حَدِيثَكَ مَعَ عَبْد اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: نَعَمْ، لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ وَقَتَلَ بَنِي أُمَيَّةَ فَجَلَسَ يَوْمًا عَلَى سَرِيرِهِ وَدَعَا أَصْحَابَهُ أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ: مَعَهُمُ السُّيُوفُ مِسَلَّلَةً صِنْفٌ وَمَعَهُمُ الأَعْمِدَةُ صِنْفٌ، وَمَعَهُمُ الْكَافِرُ كُوبُ صِنْفٍ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ فَلَمَّا صِرْتُ بِالْبَابِ أَنْزَلُونِي عَنْ دَابَّتِي، وَأَخَذَ اثْنَانِ بِعَضُدِي، ثُمَّ أَدْخَلُونِي بَيْنَ الصُّفُوفِ حَتَّى أَقَامُونِي مُقَامًا يُسْمِعُ كَلامِي، فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ لِي: أَنْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ أَصْلَحَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَا تَقُولُ فِي دِمَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ؟ فَسَأَلَنِي مَسْأَلَةَ رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلا، فَقُلْتُ: قَدْ كَانَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ عُهُودٌ، فَقَالَ: وَيْحَكَ اجْعَلْنِي وَإِيَّاهُمْ لا عَهْدَ بَيْنَنَا، مَا تَقُولُ فِي دِمَائِهِمْ؟ فَأَجْهَشَتْ نَفْسِي وَكَرِهْتُ الْقَتْلَ، فَذَكَرْتُ مُقَامِي بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَلَفَظْتُهَا فَقُلْتُ: دِمَاؤُهُمْ عَلَيْكَ حَرَامٌ، فَغَضِبَ وَانْتَفَخَتْ عَيْنَاهُ وَأَوْدَاجُهُ وَقَالَ: وَيْحَكَ وَلِمَ ذَاكَ؟ قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: ثَيِّبٍ زَانٍ، وَنَفْسٍ بِنَفْسٍ، وَتَارِكٍ لِدِينِهِ" 2 قَالَ: وَيْحَكَ أَوَلَيْسَ الأَمْرُ لَنَا دِيَانَةً؟ قُلْتُ: كيف ذاك؟ قال: أليس كان

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه ابن ماجه "990"، والطبراني في معجمه الكبير "9/ 48"، وأبو نعيم في حلية الأولياء "6/ 136" وغيره. 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6878"، ومسلم "1676"، والجماعة.

رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ؟ قلت: لَوْ أَوْصَى إِلَيْهِ لَمَا حَكَّمَ الْحَكَمَيْنِ، فَسَكَتَ وَقَدِ اجْتَمَعَ غَضَبًا، فَجَعَلْتُ أَتَوَقَّعُ رَأْسِي يَقَعُ بَيْنَ يَدَيَّ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا: أَوْمَأَ أَنْ أَخْرِجُوهُ، فَخَرَجْتُ فَرَكِبْتُ وَسِرْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ فَإِذَا فَارِسٌ فَنَزَلْتُ وَقُلْتُ: قَدْ بَعَثَ لِيَأْخُذَ رَأْسِي، أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَكَبَّرْتُ فَجَاءَ وَأَنَا قَائِمٌ أُصَلِّي فَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنَّ الأَمِيرَ قَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ، قَالَ: فَفَرَّقْتُهَا قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَنْزِلِي1. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ بْنُ الْفَارِسِ نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نَا الْفِرْيَابِيُّ نَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ قَتْلِ بَنِي أُمَيَّةَ بَعَثَ إِلَيَّ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ قَتَلَ نَيِّفًا وَسَبْعِينَ بِالْكَافِرِ كُوبَاتِ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي دِمَائِهِمْ؟ فَحِرْتُ، قَالَ: أَجِبْ، وَمَا لَقِيتُ مِثْلَهُ مُفَوَّهًا قَطُّ، فَقُلْتُ: كَانَ لَهُمْ عَلَيْكَ عَهْدٌ قَالَ: فَاجْعَلْنِي وَإِيَّاهُمْ وَلا عَهْدَ بَيْنَنَا، مَا تَقُولُ فِي دِمَائِهِمْ؟ قُلْتُ: حَرَامٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: "لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ الْحَدِيثَ" 2 قَالَ: وَلِمَ وَيْلَكَ! أَلَيْسَتِ الْخِلافَةُ وَصِيَّةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاتَلَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ بِصِفِّينَ، قُلْتُ: لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً مَا رَضِيَ بِالْحَكَمَيْنِ، قَالَ: فَنَكَّسَ ثُمَّ نَكَّسْتُ ثُمَّ قُلْتُ: الْبَوْلُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنِ اذْهَبْ، فَجَعَلْتُ لا أَخْطُو خُطْوَةً إِلا ظَنَنْتُ أَنَّ رَأْسِيَ تَقَعُ عِنْدَهَا. هَاشِمُ بْنُ مَرْثَدٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْعُمُرِ يَقُولُ: لَمَّا جَاءَتِ الْمِحْنَةُ الَّتِي نزلت بالأوزاعي إذا نَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ حُمَاةَ طَلَبَهُ قَالَ فَنَزَلَ عَلِيَّ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ بِحِمْصَ فلم يزل يَتَكَلَّمُ فِي الْقَدَرِ مِنْ بَعْدِ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ وَأَنَا سَاكِتٌ ثُمَّ صَلَّيْتُ وَأَتَيْتُ حُمَاةَ فَأُدْخِلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا أَوْزَاعِيُّ أَتَعُدُّ مَقَامَنَا هَذَا وَمَسِيرَنَا رِبَاطًا؟ فَقُلْتُ: جَاءَتِ الآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ الْحَدِيثَ" 3. وَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ حَمَّادٍ الْقَارِيُّ: نَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ فَاشْتَدَّ عَلَيَّ فَأُدْخِلْتُ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي مَخْرَجِنَا هَذَا وَمَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ قَدْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ مَوَدَّةٌ، قَالَ: لتخبرني، ففكرت ثم استسلمت

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "7/ 98". 2 انظر المصدر السابق "7/ 97". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1"، ومسلم "1907"، وغيرهما، وانظر سير أعلام النبلاء "7/ 97".

للموت فقلت: حدثني يحيى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَسَاقَ حَدِيثَ الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ قَالَ: وَبِيَدِهِ قَضِيبٌ يَنْكُتُ بِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَا تَقُولُ فِي قَتْلِ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ؟ فَوَرَدَ عَلَيَّ أَمْرٌ عَظِيمٌ فَقُلْتُ: قَدْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ دَاوُدَ مَوَدَّةٌ، فَقَالَ: هِيهْ لِتُحَدِّثَنِي، فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يَحِلُّ قَتْلَ مُسْلِمٍ إِلا فِي ثَلاثٍ" 1 فَأَطْرَقَ هَوِيًّا ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنِ الخلافة وصية لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: لَوْ كَانَ وَصِيَّةً مَا تَرَكَ عَلَيَّ أَحَدًا يَتَقَدَّمُهُ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي أَمْوَالِ بَنِي أُمَيَّةَ؟ فَقُلْتُ: إِنْ كَانَتْ لَهُمْ حَلالٌ فَهِيَ عَلَيْكَ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِمْ حَرَامٌ فَهِيَ عَلَيْكَ أَحْرَمُ، أَيْ فَرُدَّهَا إِلَى أَهْلِهَا، ثُمَّ أَمَرَنِي فَأُخْرِجْتُ2. قَالَ عَبْد الوهاب بْن نجدة: نا أَبُو الأسوار محمد بْن عمر التنوخي قَالَ: كتب أَبُو جعفر إِلَى الأوزاعي: أما بعد فقد جعل أمير المؤمنين فِي عنقك مَا جعله الله لرعيته فِي عنقه فاكتب إليه بما رأيت في المصلحة. فكتب إِلَيْهِ: عليك يَا أمير المؤمنين بتقوى الله وتواضع يرفعك الله يوم يضع المتكبّرين، واعلم أن قرابتك من رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لن تزيد حق الله عليك إلا عظما ولا طاعته إلا وجوبًا. وقال يحيى بْن أيوب المقابري: ثنا أحمد بْن أَبِي الحواري قَالَ: دخل الأوزاعي على المنصور فلما أراد أن يصرف استعفى من لبس السواد فأجابه، فسئل الأوزاعي فَقَالَ: لم يُحْرِم فِيهِ مُحْرِم ولا كُفِّن فِيهِ مَيِّتٌ ولم تُزَيَّنْ فِيهِ عروس3. قَالَ عَبْد الحميد بْن بكار: سَمِعْت ابْن أَبِي العشرين يَقُولُ: سَمِعْت أمير الساحل يَقُولُ وقد دفنا الأوزاعي: رحمك الله أبا عمرو ولقد كنت أخافك أكثر ممن ولاني4. وقال محمد بْن عُبَيْد الطنافسي: كنت جالسًا عند الثوري فجاءه رَجُل فَقَالَ: رأيت كأنّ رَيْحانة من المغرب قُلِعت. قَالَ: إن صَدَقَتْ رؤياك فقد مات الأوزاعي، فكتبوا ذَلِكَ فوجد موته فِي ذلك اليوم.

_ 1 "صحيح": أخرجه النسائي "4757"، وانظر سير أعلام النبلاء "7/ 98". 2 انظر المصدر السابق في السير. 3 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 99-100". 4 انظر المصدر السابق.

قَالَ أحمد بْن عيسى المصري: حدثني خيران بْن العلاء وكان من خيار أصحاب الأوزاعي قَالَ: دخل الأوزاعي الحمام وكان لصاحب الحمام حاجة فأغلق عَلَيْهِ وذهب ثُمَّ جاء فوجده ميتًا مستقبل القبلة. وقال أَبُو مسهر: بلغنا موت الأوزاعي وأن زوجته أغلقت عَلَيْهِ باب الحمام غير متعمّدة فمات، فأمرها سعيد بْن عَبْد العزيز بعتق رقبة، ولم يخلف إلا ستة دنانير فضلت من عطائه، وكان قد اكتتب فِي ديوان الساحل. أَبُو فروة يزيد بْن محمد الرهاوي: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: قلت لعيسى بْن يونس: أيمّا أفضل الأوزاعي أو الثوري؟ فَقَالَ لِي: وأين أنت من سفيان، قُلْتُ: ذهبت بِهِ العراقية، الأوزاعي وفقهه وفضله وعلمه، فغضب وقال: أتراني أؤثر عَلَى الحق شيئًا! سَمِعْت الأوزاعي يَقُولُ: مَا أخذنا العطاء حَتَّى شهدنا عَلَى عليّ بالنفاق وتبّرأنا مِنْهُ، وأخذ علينا بذاك العتاق والطلاق وأَيْمان البيعة، قَالَ: فلما عقلت أمري سَأَلْتُ مكحولا ويحيى بْن أَبِي كثير وعطاء بن أبي رباح وعبد الله بن عُبَيْد بْن عمير، فقالوا: ليس عليك شيء إنما أنت مُكْرَه، قَالَ: فلم تطب نفسي حَتَّى فارقت نسائي وأعتقت رقيقي وخرجت من مالي وكفرت أَيْماني، فأَخْبِرْني: أَسُفْيان كَانَ يفعل ذَلِكَ1؟ سمعها الحاكم من أَبِي علي الحافظ أنا مكحول ببيروت ثنا أَبُو فروة. العباس بن الوليد بن مزيد. نا أبو عبد الله بْن فلان قَالَ: سَمِعْت الأوزاعي يَقُولُ: نترك من قول أهل العراق خمسًا ومن قول أهل الحجاز خمسًا، فمن قول أهل العراق: شرب المُسْكِر، والأكل عند الفجر فِي رمضان، ولا جمعة إلا فِي سبعة أمصار، وتأخير العصر حَتَّى يصير ظل كل شيء أربعة أمثاله، والفرار يوم الزحف. ومن قول أهل الحجاز: استماع الملاهي، والجمع بين الصلاتين من غير عذر، والمتعة بالنساء، والدرهم بالدرهمين والدينار بدينارين مداينة، وإتيان النساء فِي أدبارهن2. قَالَ العباس بْن الوليد: سَمِعْت عقبة بْن علقمة قَالَ: كان سبب موت الأوزاعي

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 103"، وزاد المعاد لابن القيم "4/ 257".

أَنَّهُ خضّب ودخل حمّاما لَهُ فِي منزله، وأدخلت معه امرأته كانونًا فِيهِ فحم ليدفأ وأغلقت عَلَيْهِ، فهاج الفحم وصفرت نفسه، وعالج الباب ليفتحه فامتنع عَلَيْهِ، فألقى نفسه فوجدناه متوسدًا ذراعه إلى القبلة. قال العباس بن الوليد: نا سالم بْن المنذر قَالَ: لما سَمِعْت الصيحة برفاة الأوزاعي خرجت فأول من رأيت نصرانيًا قد ذرّ عَلَى رأسه الرماد، قَالَ: فلم يزل المسلمون يعرفون ذَلِكَ لَهُ، وخرج فِي جنازته اليهود ناحية والنصارى ناحية والقبط. اتفقوا عَلَى وفاة الأوزاعي سنة سبع وخمسين ومائة، زاد بعضهم فِي صفر، -رضي الله عَنْهُ. ولقد كَانَ مذهب الأوزاعي ظاهرًا بالأندلس إِلَى حدود العشرين ومائتين، ثم تناقض واشتهر مذهب مالك بيحيى بن يحيى الليثي. وكان مذهب الأوزاعي أيضًا مشهورًا بدمشق إِلَى حدود الأربعين وثلاثمائة. وكان القاضي أبو الحسن ابن حذلم لَهُ حلقة بجامع دمشق ينتصر فيها لمذهب الأوزاعي. 161- عَبْد الرحمن بْن يزيد بْن تميم السلمي1 -ن ق- الدمشقي. عَن مكحول وإسماعيل بْن عُبَيْد الله وبلال بْن سعد والزهري ومطعم بْن المقدام وجماعة. وعنه ابناه الحسن وخالد، والوليد بْن مسلم وأبو أسامة وأبو المغيرة عَبْد القدوس وآخرون. ضعّفه أَبُو زرعة. وقال أَبُو داود والنسائي: متروك الحديث. وقال البخاري: عنده مناكير. وقال أحمد: قلت: أخذ أحاديث شهر حوشب فجعلها حديث الزهري. وقال ابْن عديّ: يكتب حديثه. وقال دُحَيم: لَهُ حديث معضِل وقال أيضًا: منكر الحديث عَن الزهري. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: أَبُو أسامة يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ فنرى أنه ليس به. قال الفسوي: صدوق هو عبد الرحمن بن بلال بن تيم.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 365"، وتهذيب التهذيب "6/ 295".

وقال ابْن أَبِي حاتم: سَأَلْتُ محمد بْن عبد الرحمن الجعفي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ فَقَالَ: قدم الكوفة عَبْد الرحمن بْن يزيد بْن تميم ويزيد بْن يزيد بْن جابر، ثُمَّ قدم عَبْد الرحمن بْن يزيد بْن جابر بعد مدة، فالذي عَنْهُ أَبُو أسامة ليس هُوَ ابْن جابر هُوَ ابْن تميم. وقال الذهلي: الوليد الموقري وعبد الرحمن بْن يزيد بْن تميم يجيء عنهما مناكير عَن الزهري. وقال أَبُو بكر بْن أَبِي داود: قدم هَذَا فَقَالَ: أَنَا عَبْد الرحمن بْن يزيد الدمشقي وحدث عَن مكحول وظن أَبُو أسامة أَنَّهُ ابْن جابر وابن جابر فثقة مأمون والآخر ضعيف. قَالَ: وقدم ثور بْن يزيد وابن تميم هَذَا وبرد بْن سنان ومحمد بْن راشد وأبو ثوبان العراق، فروا من القتل، كانوا قَدَرِيّة. وقال البخاري: قَالَ أحمد بْن حنبل: أخبرت عَن مروان عَن الوليد أَنَّهُ قَالَ: لا ترو عَنْهُ فإنه كذاب، يعني ابْن تميم. وقال الهيثم بْن خارجة: حدّث الوليد عَن ابْن تميم عَن مكحول حديث الفاجرة فَقَالَ وكيع: شيخ سوء يحدّث بمثل هَذَا! قُلْتُ: روى لَهُ النسائي متابعة. 162- عَبْد الرحمن بْن يزيد بْن جابر1 –ع- أبو عتبة الأزدي الداراني الدمشقي الحافظ. عَن أَبِي الأشعث الصنعاني وأبي كبشة السلولي ومكحول وابن سلام ممطور وابن عامر اليحصبي والزهري وعطية بْن قيس، وعدد كثير. وعنه ابنه عَبْد الله وابن الْمُبَارَك والوليد بْن مسلم وعمر بْن عَبْد الواحد وأيوب بْن سويد وحسين الجعفي ومحمد بْن شعيب، وخلق. وقد طلبه المنصور فوفد عَلَيْهِ. وثّقه ابْن معين وأبو حاتم. وقال أَبُو مسهر: رأيته. وقال الوليد بْن مسلم عَن ابْن جابر قَالَ: كنت أرتدِف خلف أَبِي أيام الوليد فقدم علينا سُلَيْمَان بْن يسَّار فَدَعَاهُ أَبِي إِلَى الْحَمَّامِ وَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا وكنت آتي المغانم أيام هشام.

_ 1 التهذيب "6/ 297"، والجرح والتعديل "5/ 299".

وروى صدقة بْن خالد عَن ابْن جابر قَالَ: قَالَ خالد بْن اللجلاج لمكحول: سل هَذَا عما كَانَ وما لم يكن، يعني ابْن جابر. قَالَ أحمد بْن جابر يَقُولُ: لا تكتبوا العلم إلا ممن يُعرف بطلب الحديث. قَالَ أَبُو مسهر وجماعة: مات سنة أربع وخمسين ومائة. وقال أبو عبيدة وخليفة: سنة ثلاث وقيل سنة ست. 163- عَبْد السلام بن أبي حازم شداد1 –د- أبو طالوت العبدي القيسي البصري. عَن أنس وغزوان بْن جرير وأبي عثمان النهدي. وفي سنن "د" روايته عَن أَبِي برزة الأسلمي وذلك ممكن لأنه يَقُولُ: رأيت هودج عائشة يوم الجمل كأنه قنفذ من السهام. روى عَنْهُ وكيع وأبو بدر السكوني والأنصاري ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وجماعة. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا أعلمه إلا ثقة. وقال ابْن حبان: ولد أبوه شداد يوم قبض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: حديثه أعلى شيء وقع فِي السنن، وهو فِي ذكر الحوض. 164- عَبْد السلام بن حفص2 -د ت ن-. ويقال: ابن مصعب المدني أبو مصعب. وعن الزهري وعبد الله بْن دينار وزيد بْن أسلم. وعنه ابْن وهب وخالد بْن مخلد وأبو عامر العقدي. وثّقه يحيى بْن معين. 165- عبد الصمد بن حبيب العوذي3 –د- البصري نزيل بغداد. روى عَن أبيه وسعيد بْن طهمان. وعنه هاشم بْن القاسم ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وجماعة. قَالَ أَبُو حاتم: لين الحديث.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 64"، والتهذيب "6/ 316"، والجرح والتعديل "6/ 45". 2 التهذيب "6/ 317"، وميزان الاعتدال "2/ 615". 3 الجرح والتعديل "6/ 51"، وميزان الاعتدال "2/ 619".

166- عَبْد العزيز بْن أَبِي رَوَّاد1 -4- واسم أبيه ميمون -ويقال أيمن- بْن بدر مولى المهلب بْن أَبِي صفرة الأزدي المكي أحد العلماء، وله جماعة إخوة. روى عَن عكرمة وسالم والضحاك بْن مزاحم ونافع وجماعة. وعنه ابنه عَبْد المجيد وحسين الجعفي ويحيى القطان وعبد الرزاق وأبو عاصم ومكي بْن إِبْرَاهِيم وعدة. قَالَ ابْن الْمُبَارَك: كَانَ من أعبد الناس. وقال يوسف بْن أسباط: مكث أربعين سنة لم يرفع طرفه إِلَى السماء، فبينما هُوَ يطوف حول الكعبة إذ طعنه المنصور بأصبعه فالتفت فَقَالَ: قد علمت أنها طعنة جبّار. وقال شقيق البلخي: ذهب بصر عَبْد العزيز بْن أَبِي رَوَّاد عشرين سنة ولم يعلم بِهِ أهله ولا ولده. وعن سفيان بن عيينة قَالَ: كَانَ ابْن أَبِي رواد من أحلم الناس فلما لزمه أصحاب الحديث قَالَ: تركني هَؤُلاءِ كأني كلب هرّار. وقال أَبُو عَبْد الرحمن المقري: ما رأيت أحدًا قط أصبر عَلَى طول القيام من عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد. وقال خلاد بْن يحيى: ثنا عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد قَالَ: كَانَ يقال: من رأس التواضع الرضا بالدون من شرف المجالس. وقال عَبْد الصمد بْن يزيد مردويه: نا ابْن عيينة أن عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد قَالَ لأخ لَهُ: أَقْرِضْنا خمسة آلاف درهم إِلَى الموسم، فسُرَّ التاجر وحملها إِلَيْهِ، فلما جنّه الليل قَالَ: مَا صنعت بابن أَبِي رواد شيخ كبير وأنا كبير مَا أدري مَا يحدث لنا فلا يعرف لَهُ ولديّ مَا أعرف لَهُ لئن أصبحت لآتينّه فأشاوره وأجعله منها فِي حِلٍّ، فلما أصبح أتاه فأخبره فَقَالَ: اللهمّ أعطه أفضل مَا نوى، ودعا له، وقال: إن كنت إنما تشاورني فإنما استقرضناه عَلَى الله، وكلما اغتممنا بِهِ كفّر الله بِهِ عنا، فإذا جعلتنا مِنْهُ فِي حِلّ كأنه يسقط، وكره التاجر أن يخالفه. قَالَ: فما أتى الموسم حَتَّى مات التاجر فأتى ولده فقالوا: مال أبينا يا أبا عَبْد الرحمن، فَقَالَ لَهُم: لم يتهيّأ ولكن الميعاد بيننا

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 22"، والتهذيب "6/ 338".

الموسم الآتي، فقاموا من عنده، فلما كَانَ الموسم الآتي لم يتهيّأ المال فقالوا لَهُ: اقض أهون عليك من الخنوع وتذهب بأموال الناس، فرفع رأسه فَقَالَ: رحم الله أباكم قد كَانَ يخاف هَذَا وشبهه، ولكن الأجل بيننا وبينكم الموسم الآتي وإلا فأنتم فِي حل مما قلتم. فبينما هُوَ ذات يوم خلف المقام إذ ورد عَلَيْهِ غلام قد كَانَ هرب إِلَى الهند بعشرة آلاف درهم فأخبره أَنَّهُ اتجّر وأن معه فِي التجارات مَا لا يحصى. قَالَ سفيان: فسمعته يَقُولُ: لك الحمد سألناك خمسة آلاف فبعثت إلينا عشرة آلاف، يَا عَبْد المجيد احمل العشرة آلاف، خمسة لَهُم وخمسة للإخاء الَّذِي بيننا وبين أبيهم، فَقَالَ ابنه وقد جاء: قد دفعتها إليهم، فَقَالَ العبد: من يقبض مَا معي؟ فَقَالَ: يَا بني إنما سألناه خمسة آلاف فبعث بعشرة آلاف، أنت حر لوجه الله، وما معك فلك1. قَالَ عَبْد العزيز: سَأَلْتُ عطاءً عَن قوم يشهدون عَلَى الناس بالشرك، فأنكر ذَلِكَ2. وقال عَبْد العزيز: اللهمّ مَا لم تبلغه قلوبنا من خشيتك فاغفره لنا يوم نقمتك من أعدائك. وعن عَبْد العزيز: وسئل مَا أفضل العبادة؟ قَالَ: طول الحزن3. قَالَ مؤمل بْن إسماعيل: مات عَبْد العزيز فجيء بجنازته فوُضعت عند باب الصفا وجاء سفيان الثوري فَقَالَ الناس: جاء الثوري جاء الثوري، فجاء حَتَّى خرق الصفوف والناس ينظرون إِلَيْهِ، فجاوز الجنازة ولم يصلِّ عليها، وذلك أَنَّهُ كَانَ يرى الإرجاء. فقيل لسفيان، فَقَالَ: والله إِنِّي لأرى الصلاة عَلَى من هُوَ دونه عندي ولكن أردت أن أرِي الناس أَنَّهُ مات عَلَى بدعة4. وقال يحيى بن سليم: سَمِعْت عَبْد العزيز بْن أبي رواد يسأل هشام بن حسان في الطواف: مَا كَانَ الحسن يَقُولُ فِي الإيمان؟ قَالَ: كان يقول: قول وعمل قَالَ: فما كَانَ ابْن سيرين يَقُولُ؟ فَقَالَ: كَانَ يَقُولُ: {آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ} [البقرة: 285] الآية. فقال

_ 1 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 142"، وما بعدها. 2 انظر السابق. 3 انظر السابق. 4 انظر السابق.

ابْن أَبِي رواد: كَانَ ابْن سيرين وكان ابْن سيرين. فَقَالَ هشام: بيّن أَبُو عَبْد الرحمن الإرجاء. وقال ابْن عيينة: غبت عَن مكة فجئت فتلقّاني الثوري فَقَالَ لِي: يَا بْن عيينة: عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد يفتي المسلمين، قُلْتُ: وفعل؟ قَالَ: نَعَمْ1. وقال عبد الرزاق: كنت جالسًا مَعَ الثوري فمر عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد فَقَالَ سفيان: أما إنه كَانَ شابًا أفقه مِنْهُ شيخًا2. وقال أَبُو عاصم: جاء عكرمة بْن عمارٍ إِلَى ابْن أَبِي رواد فدقّ بابه وقال: أين الضالّ. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ مرجئًا وكان رجلًا صالحًا وليس هو الثبت مثل غيره. وقال أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابْن حِبّان: روى عن نافع بن عمر نسخة موضوعة كان الحديث بها توهّمًا لا تعمّدًا. قُلْتُ: الشأن فِي صحة تِلْكَ الأحاديث عَن عَبْد العزيز. مات سنة تسع وخمسين. 167- عَبْد العزيز بْن سياه الحماني الكوفي3 -سوى د-. عَن الشعبي وحبيب بْن أَبِي ثابت والحكم وجماعة. وعنه عَبْد الله بْن نمير ويحيى بْن آدم وعبيد الله بْن موسى وابنه يحيى بْن عَبْد العزيز. قَالَ أَبُو زرعة: كَانَ من كبار الشيعة لا بأس بِهِ. 168- عَبْد العزيز بْن رُبَيع4، أَبُو العوام الباهلي. عَن عطاء وابن الزبير. وعنه الثوري ووكيع وروح بْن عبادة ويحيى بن كثير العنبري.

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "7/ 143". 2 انظر السابق. 3 التاريخ الكبير "6/ 21"، والتهذيب "6/ 340". 4 الجرح والتعديل "5/ 381"، والمعرفة والتاريخ "3/ 67".

وثّقه ابْن معين. 169- عَبْد القاهر بْن تليد1. أبو رفاعة العامير الكوفي، ويقال البصري. سَمِعَ الشعبي وغيره. وعنه عبد الرحمن بن مهدي وأبو نعيم وأبو الوليد. وثّقه يحيى بْن معين. 170- عَبْد المجيد بْن أَبِي عبس2 بْن جبر الأنصاري الأوسي. عَن أبيه عَن جده. وعنه محمد بْن طلحة التيمي وعثمان بْن إسحاق وزيد بْن الحباب. قَالَ أَبُو حاتم: لين. 171- عَبْد المجيد بْن أَبِي يزيد العقيلي3 -4- أَبُو وهب البصري. عَن العداء بْن خالد. عَن هارون بْن موسى النحوي وعثمان بْن عمر بْن فارس وعباد بْن ليث الكرابيسي. وأظنّه تقدم. 172- عَبْد الملك بْن حميد بْن أَبِي غُنَيَّة الكوفي4 -ع-. عَن أبيه والحكم وعاصم بْن بهدلة. وعنه السفيانان وأبو نعيم وأبو المغيرة الحمصي وجماعة. وثقه ابن معين. 173- عبد الملك بن شداد الأزدي الحديدي5. عَن الحسن وثابت وعبد الله بْن سُلَيْمَان. وعنه وكيع وسعيد بْن عامر ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. 174- عَبْد الملك بْن مسلم6 -ت ن- أبو سلام الحنفي الكوفي.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 130"، والتاريخ لابن معين "3040". 2 الجرح والتعديل "6/ 64". 3 التهذيب "6/ 383". 4 التاريخ الكبير "5/ 411"، والتهذيب "6/ 392"، والجرح والتعديل "5/ 347". 5 التاريخ الكبير "5/ 419"، والجرح والتعديل "5/ 353". 6 التهذيب "6/ 424"، وميزان الاعتدال "2/ 664".

عَن أبيه، وصوابه عَن رَجُل عَن أبيه. وعنه وكيع وأبو نعيم وأحمد بْن خالد الذهبي. صدوق موثق لكنه شيعي. 175- عَبْد الملك بن معن المسعودي1 -م د ن ق- أبو عبيدة أخو القاسم بن معن. روى عَن الأعمش وأبي إسحاق الشيباني. ومات شابا. وعنه ابنه محمد وابن الْمُبَارَك والمحاربي. وثّقه يحيى بْن معين. 176- عَبْد الملك بن أبي جمعة2 –يو- سعيد البصري القطان. عَن الحسن وبكر المزني وعطاء وجماعة. وعنه حماد بْن زيد وعبيد بْن موسى ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. ضعّفه ابْن مَعِين. وقَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. 177- عَبْد الواحد بْن سليم المالكي البصري3. عَن عطاء بْن أَبِي رباح ويزيد الفقير. وعنه علي بْن الجعد وجماعة. 178- عَبْد الواحد بْن زيد4 أَبُو عبيدة البصري العابد القدوة شيخ الصوفية بالبصرة. روى عَن الحسن وعطاء بْن أَبِي رباح وعبادة بْن نسيّ وعبد الله بْن راشد وجماعة سواهم. وعنه وكيع ومحمد بْن السماك وزيد بْن الحباب وأبو سُلَيْمَان الداراني ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وجماعة. وهو ضعيف الحديث. قَالَ البخاري: عَبْد الواحد بْن زيد تركوه. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابْن حِبّان: كَانَ ممن غلب عليه العبادة حتى غفل عَن الإتقان فكثر المناكير فِي حديثه. قَالَ أحمد بن أبي الحواري: قال لي سليمان: أصاب عبد الواحد الفالج فسأل

_ 1 التقريب "1/ 523"، والجرح والتعديل "5/ 368". 2 ميزان الاعتدال "2/ 652"، والمتروكين "71". 3 التهذيب "6/ 435"، والمعرفة والتاريخ "3/ 378". 4 ميزان الاعتدال "2/ 672"، والجرح والتعديل "6/ 20".

الله أن يطلقه فِي وقت الوضوء، فإذا أراد أن يتوضأ انطلق وإذا رجع إِلَى سريره فلج1. وقال ابْن أَبِي الحواري: حدّثنا سباع الموصلي ثنا عَبْد الواحد بْن زيد قَالَ: معشر إخواني عليكم بالخبز والملح فإنه يذيب شحم الكلي ويزيد فِي اليقين. وقال معاذ بْن زياد: سَمِعْت عَبْد الواحد بْن زيد غير مرة يَقُولُ: مَا يسرني أن لِي جميع مَا حوت البصرة بفلسين2. قَالَ عَبْد الرحمن بْن أَبِي حاتم: نا محمد بْن يحيى الواسطي نا عمّار بْن عمّار الحلبي حدّثني حصين بْن القاسم الوزان قَالَ: كنا عند عَبْد الواحد بْن زيد وهو يعظ فنادى رَجُل: كف فقد كشفت قناع قلبي. فلم يلتفت عَبْد الواحد ومر فِي الموعظة، ثُمَّ لم يزل الرجل يَقُولُ: كفَّ عنا يَا أبا عبيدة، حَتَّى والله حشرج الرجل حشرجة الموت ثُمَّ خرجت روحه وشهدت جنازته. وقال ابْن أَبِي حاتم ونا محمد نا يحيى بْن بسطام حدّثني مسمع بْن عاصم شهدت عَبْد الواحد بْن زيد يعظ فمات فِي المجلس أربعة. وعن حصين الوزّان قَالَ: لو قسم بَثُّ عَبْد الواحد عَلَى أهل البصرة لوسعهم. وكان يقوم إِلَى محرابه كأنه رَجُل مخاطب3. وعن محمد بْن عَبْد الله الخزاعي قَالَ: صلّى عَبْد الواحد بْن زيد الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة4. وقال ابن الأعرابي في طبقات فِي "طبقات النّسّاك": كَانَ الغالب عَلَى عَبْد الواحد العبادة والكلام فِي معاني الزهد، فارق عمرو بْن عُبَيْد لاعتزاله وصحّح الاكتساب، وقد نسب إِلَى القدر ولكن مَا كَانَ الغالب عَلَيْهِ الكلام فِيهِ. وتبعه خلق من النُّسّاك فنصب نفسه للكلام فِي مذاهبهم ونأى عَن المعتزلة وعن أصحاب الحديث. قَالَ: وقد كَانَ مالك بْن دينار وثابت يقصّان أيضًا إلا أنهما كانا من أهل السُّنَّةِ. صحب عبدَ الواحد خلقٌ كحيان الجريري ورباح القيسي، وأما مقسم وعطاء

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 137". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق.

السلمي فغلب عليهما الخوف حَتَّى خيف عَلَى عقليهما واعتزلا الناس فكان عَبْد الواحد أشد افتتانا وأدخل فِي معاني الخصوص والمحبة. وكان قد بقي عَلَيْهِ من رؤية الاكتساب شيء كَمَا بقي عَلَيْهِ من أصول القدر، وذلك أن أهل القدر عندهم أَنَّهُ لا ينجو إلا بالعمل ومذهب السنة هُوَ الاجتهاد فِي العمل وأنه ليس هُوَ الَّذِي بِهِ ينجون دون رحمة الله، قَالَ عَلَيْهِ السلام: "لن يُنجي أحدَكُم عملُه -الحديث" 1. قَالَ: وكان عَبْد الواحد قد ساح وسافر إِلَى الشام ورأى ثابتًا فتناقص عَنْهُ بعض القدر وزعم أَنَّهُ لا يَقُولُ إن الله يضلّ العباد تنزيهًا لَهُ، وخفى عَلَيْهِ من قول القَدَرِية أنهم يدبّرون أنفسهم ويزكّونها بأعمالهم لما كَانَ يشاهد فِي معاملته لله ضرورة من موازين الأعمال وزيادة النفس والمواهب فِي القلوب، فعلم أن ذَلِكَ من فضل الله لا بما يستحق العبد فَقَالَ باللطف وهو قول بين القولين، وأهل البصرة يسمّونهم السمية يعني النصفية، يقولون: ذهب عنهم نصف القدر لأنهم يقولون: لا نقول إن العبد يزكي نفسه بعمله وإنما ذَلِكَ تلطيف من الله. فباينوا القدرية فِي هَذِهِ. وكان من قول أهل السُّنّة الخصوص أن الله يختص برحمته من يشاء وأن أولياء الله لم يزالوا عند الله في علمه كذلك قبل أن يخلقهم، وكذلك أعداؤه. إِلَى أن قَالَ ابْن الأعرابي: ومن قول أهل السنة أَنَّهُ تعالى يخص ويعم ويهدي ويضلّ ويلطف ويخذل وأن الناس يعملون فيما قد فرغ مِنْهُ، فأهل الطاعة لا يقدرون عليها إلا بتوفيقه وأهل المعصية لا يجاوزون علمه ولا قدرته إلا بِهِ، وإن خالفت أعمالهم جميعًا ولكنهم قد أُمروا بالعمل. قَالَ ابْن الأعرابي: وقال عبد الواحد بالمحبة علة مذاهب أهل الخصوص ولو صدق نفسه لاضطره قوله بالمحبة إِلَى القول بالسُنّة والكتاب، ولكنه سامح نفسه وتكلم فِي الشوق والفرق والأنس وجميع فروع المحبة الَّتِي قَالَ بها أهل الإثبات، وأن الله يحب من أطاعه، وأن الطاعة والاتباع أوجب المحبّة من الله تعالى. ومن قول السُّنّة: إن الله أحب قومًا فوفّقهم لطاعته فكانت محبته لَهُم واختياره لما سبق من علمه لا لكسبهم فكانت محبّته لَهُم قبل عملهم وقبل خَلْقهم. ولعبد الواحد كلام كثير حسن. وممن صحبه أحمد بْن أَبِي عطاء اللخمي وموسى الأشج ونصر ورباح بن عمرو.

_ 1 "صحيح بنحوه": أخرجه البخاري "7/ 157"، ومسلم "2816"، وغيرهما.

قال ابن الأعرابي: وقد ذكر قوم من البصريين أن عَبْد الواحد رجع عَن القدر. قُلْتُ: ومن وعْظ عَبْد الواحد: ألا تستحيون من طول مَا لا تستحيون. قِيلَ: إن عَبْد الواحد بْن زيد مات سنة سبع وسبعين، وهذا بعيد جدًا مَا بقي الرجل إِلَى هَذَا الوقت وإنما هُوَ بعد الخمسين ومائة. وإنما بقي إِلَى بعد السبعين عَبْد الواحد بْن زياد وكذا أخذوا "كتبه ابْن زيد" فجعلوها فِي قول لابن زياد. 179- عَبْد الواحد بْن أَبِي موسى1. أَبُو معن الإسكندراني التاجر. عن زهرة ابن معبد. وعنه ضمام بْن إسماعيل وابن الْمُبَارَك وجماعة. مات فِي عام خمسين ومائة. 180- عَبْد الواحد بْن موسى2. أَبُو معاوية الأنصاري. عَن سعيد بْن المسيب وابن محرر وعطاء بْن يزيد. وعنه ضمرة بْن ربيعة وزيد بْن الحباب وجماعة. 181- عَبْد الواحد بْن ميمون3، أَبُو حمزة المديني. عَن مولاه عروة بْن الزبير وعبد الله بْن سعد الأسلمي. وعنه عيسى بْن يونس والواقدي وأبو عامر العقدي وآخرون. لَهُ حَدِيثٌ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: "مَنْ آذَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ حَارَبَنِي". قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وقال الدارقطني: ضعيف. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ليس به بأس. وقال البخاري: منكر الحديث. وَقَالَ الْعَقَدِيُّ: نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ شَهِدَ الْجُمُعَةَ" 4. 182- عَبْد الواحد بْن نافع5 ويقال: ابْن نفيع، أَبُو الرماح الكلابي اليمامي.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 58"، والجرح والتعديل "6/ 24". 2 التاريخ الكبير "6/ 58"، والجرح والتعديل "6/ 23". 3 التاريخ الكبير "6/ 58"، والميزان "69". 4 ذكره أبو حنيفة في مسنده بنحوه "57". 5 التاريخ الكبير "6/ 61".

عَن عَبْد الله بْن رافع بْن خديج. وعنه حرميّ بْن عمارة وأبو عاصم ويعقوب الحضرمي وموسى المنقري. شيخ. 183- عَبْد الوهاب بْن الإمام إِبْرَاهِيمُ1 بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي ابْن أخي المنصور. ولي إمرة دمشق فلم تُحمد سيرته وولي الغزو. مات بالشام سنة ثمان وخمسين ومائة. 184- عَبْد الوهاب بْن مجاهد بن جبر2 –ق- المخزومي مولاهم المكي. عَن أبيه وعطاء بْن أَبِي رباح. وعنه عَبْد الوهاب الثقفي وعبد الوهاب الخفاف وبكار بْن محمد السيريني وعثمان بْن الهيثم المؤذن. قَالَ أَبُو حاتم: ضعيف الحديث. وقال عَبْد الرزاق: كَانَ الثوري إذا أراد أن يسمع من ابْن مجاهد جاء متقنّعًا ثُمَّ قام خلفه وأمر مَن يسأله. وقال ابْن مثّنى: مَا سَمِعْت يحيى ولا عَبْد الرحمن حدّثنا عَن عَبْد الوهاب بْن مجاهد بساقط. وقال أحمد: ليس بشيء. 185- عُبَيْد الله بْن أَبِي حميد3 أَبُو الخطاب الهذلي. عَن أَبِي المليح الهذلي وعطاء. وعنه علي بْن يونس ومحمد بْن عَبْد الله الأنصاري ومؤمل بْن إسماعيل. ضعّفه أَبُو حاتم وغيره. وقال أحمد: تركوا حديثه. وقال البخاري: منكر الحديث. 186- عُبَيْد الله بْن رستم4. أَبُو حفص البصري. إمام مسجد شعبة. روى عَن أَبِي الشعثاء جابر بْن زيد وعطاء بْن أَبِي رباح وأنس بن سيرين ومالك بن دينار.

_ 1 المعرفة والتاريخ "1/ 130". 2 ميزان الاعتدال "2/ 682"، والمجروحين "2/ 146". 3 التاريخ الكبير "5/ 377"، والتهذيب "7/ 9". 4 التاريخ الكبير "5/ 381"، والجرح والتعديل "5/ 314".

وعنه شعبة وسلم بْن قتيبة وعبيد بْن عقيل ومسلم. 187- عُبَيْد الله بْن أَبِي زياد الشامي1. الرصافي مولى بني أمية، جد حجاج بن أبي منيع الرصافي. أكثر عَن الزهري لما قدم عليهم الرصافة. حمل عَنْهُ الكتب ولده أَبُو منيع يوسف وحفيده حجاج بْن أَبِي منيع. قَالَ حجّاج: أَنَا كنت أحمل إِلَيْهِ الكتب من البيت فيقرأها عَلَى الناس. قَالَ: ومات سنة ثمان أو سنة تسع وخمسين ومائة وله نيّف وثمانون سنة. وثّقه الدارقطني وابن حبان. علّق لَهُ البخاري فِي الطلاق فِي صحيحه. 188- عُبَيْد الله بن عبد الرحمن2 -د ن ق- بْن عَبْد الله بْن موهب التيمي المديني. روى عَن عمه عُبَيْد الله وعلي بْن الحسين والقاسم بْن محمد وشهر بْن حوشب. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو علي الحنفي وابن أَبِي فديك والقعنبي وآخرون. وقال أَبُو حاتم: صالح الحديث. ولابن معين فِيهِ قولان فضعّفه من رواية عباس عَنْهُ. وقَالَ ابْن سعد: عاش ثمانين سنة ومات سنة أربع وخمسين ومائة. 189- عُبَيْد الله بْن محمد بْن صَفْوَان الجمحي3. أحد الفضلاء والأدباء. ولاه المنصور قضاء العراق ثُمَّ لما استخلف المهديّ صرفه وولاه قضاءالمدينة. 190- عبيد الله بن النضر القيسي4 –د- يكنى أبا النضر. عَن أنس بْن مالك. وعنه أَبُو عاصم وعبد الرحمن بْن مهدي وموسى بْن إسماعيل.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 8"، والجرح والتعديل "5/ 316". 2 التهذيب "7/ 28"، والميزان "3/ 12". 3 المعرفة والتاريخ "1/ 147". 4 التاريخ الكبير "5/ 401"، والجرح والتعديل "5/ 335".

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَغَيْرُهُ لا بَأْسَ بِهِ. 191- عُبَيْد بْن الطفيل1. أَبُو سيدان الغطفاني العبسي الكوفي. عَن ربعي بْن خراش وشداد بْن عمارة. وعنه وكيع وعبد الله وقبيصة. قَالَ أَبُو حاتم: مَا علمت بِهِ بأسا. 192- عُبَيْد بْن عَبْد الرحمن أَبُو عبيدة2. عَن الحسن ومحمد. وعنه سفيان الثوري وأبو عاصم. ذكره البخاري. 193- عثمان بن زائدة3 -م-. أبو محمد الكوفي أحد الزهاد والعباد. سكن الريّ مدّة وحدث بها عَن نافع وعن الزبير بن عدي وعطاء بن السائب. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ وعيسى بن جعفر الرازيون وأبو الوليد الطيالسي وعدة. قال هشام بن عبيد الرازي: كنا لا نقدّم عَلَيْهِ أحدًا فِي الورع. وقال أَبُو حاتم: كَانَ من أفاضل المسلمين. وقال أَبُو الوليد: مَا رأت عيني مثله. وقال آخر: هُوَ صدوق. وقال العقيلي: حديثه عَن نافع محفوظ رواه عَنْهُ عَبْد الملك بْن مهران ثم قال: وعبد الملك متروك. قلت: فبرئ عثمان من عهدته. وهو: بقية عَن عَبْد الملك بْن مهران. 194- عثمان بْن سعد أَبُو بكر البصري4 -د ت- الكاتب. عَن أنس بْن مالك ومجاهد وعكرمة ومحمد بْن سيرين. وعنه رَوْح بْن عبادة ومحمد بْن بكر البرساني ويونس بْن محمد المؤدّب وأبو عاصم النبيل، وآخرون.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 451"، والميزان "3/ 20". 2 التهذيب "7/ 69"، والجرح والتعديل "5/ 410". 3 ميزان الاعتدال "3/ 33"، والجرح والتعديل "6/ 150". 4 تقريب التهذيب "2/ 9"، والجرح والتعديل "6/ 153".

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ليس بذلك. وقال أبو زرعة: لين. وقال النسائي: ليس بقوي. وقال أحمد بْن حنبل: قد حكوا عَن يحيى بْن القطان فِيهِ شيئًا شديدًا. وقال ابْن المديني: سَمِعْت يحيى وذكر لَهُ عثمان بْن سعد الكاتب فجعل يعجب من الرواية عنه. 195- عثمان بن أبي العاتكة1 -د ت-. أبو حفص الأزدي الدمشقي الواعظ. عَن عمير بْن هانئ وسليمان بْن حبيب المحاربي وخالد بْن اللجلاج وغيرهم وعنه الوليد بْن مسلم والوليد بْن يزيد ومحمد بْن شعيب وصدقة بْن خالد وآخرون. قَالَ دُحيم: لا بأس بِهِ كَانَ معلّم أهل دمشق وقاصّ الجند. وقَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ يليّنه من كثرة روايته عَن علي بْن يزيد الإلهامي. وقال النسائي: لَيْسَ بالقويّ. وقَالَ ابْن مَعِين: لَيْسَ بشيء. هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: نا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ نا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَجْلِسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْقَنْطَرَةِ الْوُسْطَى بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ", فَسَاقَ حَدِيثًا طَوِيلا مُنْكَرًا2. مات عثمان سنة خمس وخمسين ومائة. 196- عثمان بْن عبد الله -م د ن ت- وقيل ابن ميمون البصري الشحام. عَن أَبِي رجاء العطاردي وعكرمة ومسلم بْن أَبِي بكرة وغيرهم. وعنه وكيع ويحيى القطان وحماد بْن مسعدة وأبو عاصم ومحمد بْن أَبِي عدي والأصمعي وجماعة. وثّقه أحمد وغيره. وقال القطان: يعرف وينكر. وقال أحمد: ليس بِهِ بأس. وقال النسائي: ليس بالقويّ. قُلْتُ: خرّج لَهُ مسلم شاهدًا فِي الغيبة لا أصلًا. كنيته أبو مسلم.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 40"، والمعرفة والتاريخ "1/ 131". 2 "خبر منكر": ذكره ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 127"، والشوكاني في الفوائد "448".

197- عثمان بْن عَبْد الله بْن مَوْهب1. من طبقة الزهري. وقد قَالَ ابْن سعد: مات فِي خلافة المهدي سنة ستين. وكأنه وهم. 198- عثمان بن عبيد2 –ت- أبو دوس اليحصبي الحمصي. عَن خالد بْن معدان وعبد الرحمن بْن عائذ الثمالي. وعنه إسماعيل بْن عياش وأبو نعيم وأبو المغيرة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. 199- عثمان بن عطاء3 –ق- بْن أَبِي مسلم الخراساني البلخي ثُمَّ المقدسي مولى المهلب بْن أَبِي صفرة الأزدي. وقيل: مولى هذيل، يكنى أبا مسعود. روى عَن أبيه وزياد بْن أَبِي سودة وإسحاق بْن قبيصة بْن ذؤيب. وعنه ابْن الْمُبَارَك وضمرة ابن ربيعة وابن وهب وحجاج بْن محمد وكثير بْن هشام وجماعة. ضعّفه ابْن معين وغيره. وقال دحيم: لا بأس بِهِ، وأيّ شيء روى من الحديث. يعني: أن الغالب عَلَى روايته التفسير والمقاطيع. وقال البخاري: ليس بذاك. وقال الدارقطني: ضعيف. قُلْتُ: ولد سنة ثمان وثمانين ومات سنة خمس وخمسين ومائة. قاله ضمرة. 200- عثمان بْن غياث البصري4 -م خ د ن-. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق وأبي عثمان النهدي وابن بريدة وأبي نضرة وجماعة. وعنه شعبة وأبو أسامة وغندر ومحمد بْن أَبِي عديّ والنضر بْن شميل والأنصاري. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق، وغمزه القطان فَقَالَ عليّ بْن المديني: لَهُ أقل من عشرة أحاديث. سَمِعْت يحيى بْن سعيد يَقُولُ: كَانَ عند عثمان بْن غياث كتاب عَن عكرمة فلم يصحّحها. وقال أَبُو داود: كَانَ من جند البصرة. وقال أحمد: ثقة يرى الإرجاء.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 231"، وتهذيب التهذيب "7/ 132". 2 تهذيب التهذيب "7/ 136"، والجرح والتعديل "6/ 158". 3 التقريب "2/ 12"، والجرح والتعديل "6/ 158". 4 ميزان الاعتدال "3/ 51"، والتاريخ لابن معين "3869".

وقال النسائي: ثقة. 201- عثمان بْن مرة البصري1 -م ن-. عَن عكرمة والقاسم وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بكر. وعنه يحيى القطان وأبو عاصم والنضر بْن شميل وعثمان بْن عمر بْن فارس. وقال أَبُو زرعة: لا بأس بِهِ. 202- عثمان بْن مسلم الدمشقي2. عَن مكحول وبلال بْن سعد. وعنه سعيد بن أبي أيوب والهيثم بن حميد ومحمد بْن شعيب. ذكره البخاري. 203- عثمان بْن واقد3 -د ت- بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر العمري. عن نافع بن جبير بْن أَبِي سعيد مولى المهدي ونافع مولى ابْن عمر عَن أبيه وعمه أبي بكر. وعنه وكيع وأبو معاوية وشعيب بن حرب وزيد بن الحباب. وثقه ابن معين وضعفه أبو داود لأنه زاد في حديث: "مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ "مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. 204- عثمان بن أبي رواد4 –خ- العتكي. مولاهم، البصري أخو عَبْد العزيز وجبلة. روى عَن الزهري وداود بْن أَبِي هند. وعنه شعبة وهو أكبر منه ومحمد بن بكر البرساني وأبو عبيدة الحداد. وثقه ابن معين.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 251"، والتهذيب "7/ 153". 2 الجرح والتعديل "6/ 167"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 607". 3 ميزان الاعتدال "3/ 59"، والتقريب "2/ 15". 4 الجرح والتعديل "6/ 150"، والتهذيب "7/ 115 ".

205- عثيم بن نسطاس، الكندي1. مولاهم المدني أخو عبيد. عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وسعيد المقبري. وعنه الثوري والقعنبي. اسمه عثمان. 206- عدي بن عبد الرحمن بن زيد الطائي2. والد الهيثم بن عدي. شامي نزل العراق. أخذ في الكهولة عَن داود بْن أَبِي هند ومحمد بْن عمرو وطبقتهما. وعنه محمد بْن الوليد الزبيدي -وَهُوَ أكبر منه- وعبد الوارث وعيسى بن يونس ووكيع. وحديثه عزيز الوقوع وما علمت بِهِ بأسًا. 207- عزرة بْن ثابت بْن أَبِي يزيد الأنصاري3 -خ م- البصري. أخو محمد وعلي. عن علباء بْن أحمر وعمرو بْن دينار وقتادة وثمامة بْن عَبْد الله وأبي الزبير وعدة. وعنه عَبْد الوارث ووكيع وأبو عاصم وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو نعيم وخلق. وثّقه ابْن معين وأبو داود. 208- عصام بْن طَليق الطفاوي بصري4. عن ثابت وعطية العوقي. وعنه الأسرد بْن عامر وبكر بْن بكار ويحيى بْن أَبِي بكير وطالوت بْن عباد. روى عباس عَن ابْن معين: ليس بشيء. سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ: نَا عِصَامُ بْنُ طَلِيقٍ عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْثَرُ النَّاسِ ذنوبًا أكثرهم كلامًا فيما لا يعنيه"5.

_ 1 تهذيب التهذيب "7/ 161"، والجرح والتعديل "6/ 171". 2 الجرح والتعديل "7/ 3". 3 التاريخ الكبير "7/ 66"، والتاريخ لابن معين "21/ 402". 4 التهذيب "7/ 195"، والجرح والتعديل "7/ 25"، والميزان "3/ 66". 5 "ضعيف": ذكره المنذري في الترغيب "3/ 540"، وعزاه لأبي الشيخ في الثواب، والعقيلي في الضعفاء "3/ 424"، وابن الجوزي في العلل المتناهية "2/ 216"، والألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته "1094".

209- عصام بن قدامة البجلي1 -د ت ن- الكوفي. عَن مالك بْن نمير الخزاعي وعكرمة. وعنه وكيع والمعافى بْن عمران وأبو نعيم ومحمد بْن يوسف الفريابي. قَالَ أَبُو داود: ليس بِهِ بأس. 210- عطية بْن بهرام2. عَن شيبان اليشكري ومورق العجلي وقتادة. وعنه وكيع وأبو نعيم ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو الوليد. قَالَ أَبُو حاتم: ليس بِهِ بأس. 211- عكرمة بْن عمار العجلي اليمامي3، أَبُو عمار، أحد الأعلام. روى عَن أَبِي زميل سماك الحنفي والهرماس بْن زياد -وَلَهُ رؤية- والقاسم وسالم وطاوس وضمضم بْن جوش وعطاء بْن أَبِي رباح ويحيى بْن أَبِي كثير. وعنه ابْن الْمُبَارَك ووكيع وابن مهدي ويحيى القطان وزيد بْن الحباب وأبو الوليد وعبد الله بْن رجاء الغداني وعبد الله بْن بكار -شيخ لقيه أَبُو يعلى- ويزيد بْن عَبْد الله اليمامي- شيخ لابن ماجه- وآخرون كثيرون. قَالَ أَبُو حاتم: سَمِعْت يحيى بْن معين يَقُولُ كَانَ عكرمة بْن عمار أمّيًّا وكان حافظًا. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق إنما يهم. وقال يعقوب السدوسي: نا غير واحد سمعوا ابْن معين يَقُولُ: ثقة ثبت. وقال أحمد بْن حنبل: أحاديثه عَن يحيى بْن أَبِي كثير مضطربة ضعاف ليست بصحاح ولكنه أتقن حديث إياس بْن سلمة. وقال البخاري: يضطرب فِي يحيى بْن أَبِي كثير ولم يكن عنده كتاب. وقال عاصم بْن علي: كَانَ مستجاب الدعوة، مات فِي رجب سنة تسع وخمسين ومائة ببغداد. وقال صالح جزرة: صدوق فِي حديثه شيء. وقال الدارقطني: ثقة.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 67"، والجرح والتعديل "7/ 25". 2 التاريخ الكبير "7/ 13"، والجرح والتعديل "6/ 381". 3 التقريب "2/ 30"، والميزان "3/ 90"، وتاريخ بغداد "12/ 157"، وطبقات المدلسين "14"، يوشذرات الذهب "1/ 246".

212- العلاء بْن زهير الأزدي1. أَبُو زهير الكوفي. عَن وبرة المُسْلِمي، وأبي عَبْد الرحمن الأسود بْن يزيد. وعنه مخنف ومحمد بْن يوسف الفريابي وغيرهم. روى الكوسج عَن ابْن معين: يُوثّق. 213- العلاء بْن صالح التيمي الكوفي2. عَن يزيد بْن أَبِي مريم والحكم وسلمة بْن كهيل وعديّ بْن ثابت. وعنه عُبَيْد الله وأبو نعيم وأبو أحمد الزبيري ويحيى بْن أبي بكير وآخرون. ويقه أبو داود. 214- علي بن الحزور الكوفي3 –ق- وهو علي بن أبي فاطمة. عَن الأصبغ بْن نباتة ونفيع أَبِي داود الأعمى. وعنه سعيد بْن محمد الورق ويونس بْن بكير وعبد الصمد بْن نعمان وإسماعيل بْن أبان الغنوي وغيرهم. تركوه. وقَالَ البخاري: فِيهِ نظر. وقال الجوزجاني: ذاهب الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث. 215- علي بْن أَبِي حَمَلَة4. أَبُو نصر القرشي مولاهم الشامي. قرأ القرآن عَلَى عطية بْن قيس ورأى واثلة بْن الأسقع، وقيل: إنه أدرك أيام معاوية. وحدّث عَن أبيه وأبي إدريس الخولاني وعبد الله بن محيريز ومكحوك وطائفة من التابعين. وكان من علماء دمشق. روى عَنْهُ ابْن الْمُبَارَك وبقية وضمرة وغيرهم. وكان ناظرًا عَلَى دار الضرب بدمشق فِي أيام عمر بْن عَبْد العزيز، جعله عَلَى تصفية الذهب والفضة. روى ضمرة بْن ربيعة عَن علي بْن أَبِي حملة قَالَ: قدم مكحول فلسطين فنزل عليَّ وأنا والٍ. قَالَ ضمرة: توفي سنة ست وخمسين ومائة. قُلْتُ: لعلّه قارب مائة سنة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 515"، والجرح والتعديل "6/ 355". 2 تهذيب التهذيب "8/ 184"، وميزان الاعتدال "3/ 101". 3 ميزان الاعتدال "3/ 118"، والجرح والتعديل "6/ 182". 4 الجرح والتعديل "6/ 183"، وميزان الاعتدال "3/ 125".

216- علي بْن سويد بْن مَنْجُوف السدوسي1 –خ- بصري صدوق. عَن عَبْد الله بْن بريدة وأبي ساسان حصين بْن المنذر. وعنه شعبة ويحيى القطان والنضر بْن شميل وروح بْن عبادة. وثّقه أَبُو داود. 217- علي بْن صالح المكي العابد2 –ت- أبو الحسن. عَن عمرو بْن دينار وعبد الله بْن عثمان بْن خثيم. وعنه سعيد بْن سالم القداح ومعتمر بْن سُلَيْمَان ومعمر بْن سُلَيْمَان الرقِّي والنعمان بْن عَبْد السلام الأصبهاني. لَهُ أحاديث يسيرة. توفي سنة إحدى وخمسين ومائة. 218- علي بن صالح3 –م4- بْن صالح بْن حيّ الهمداني الكوفي. أَبُو الحسن. وكان هُوَ والحسن توأمان. روى عَن سلمة بْن كهيل وعليّ بْن الأقمر وسماك وجماعة من طبقتهم. وعنه أخوه الحسن ووكيع وعبيد الله بْن موسى والخريبي وأبو نعيم وإسماعيل بن عمر البلخي وخالد بْن مخلد وآخرون. وثّقه أحمد بْن حنبل. وكان من علماء الكوفة. قَالَ ابْن المديني: لَهُ نحو ثمانين حديثًا. وقال وكيع: كَانَ هُوَ وأخوه وأمُّهما قد جزَّأوا الليل ثلاثة أجزاء للتهجّد، فماتت أمّهما فكانا يقتسمان الليل، فمات علي فكان الحسن يقول الليل كله. رواها عَبْد الله بْن هاشم. وقال عبيد الله: سمعت الحسن بن صالح يقول: سَمِعْت الحسن بْن صالح يَقُولُ: لما احتضر أخي رفع بصره ثم قَالَ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] ، ثُمَّ خرجت نفسه، فنظَرنا فإذا ثقب فِي جنبه قد وصل إِلَى جوفه وما علم بِهِ أحد. وقد قرأ علم القرآن على عاصم وحمزة الزيات، وتصدر للإقراء.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 277"، والتقريب "2/ 38". 2 التهذيب "7/ 333". 3 التقريب "2/ 38"، والميزان "3/ 123"، ومشاهير علماء الأمصار "169".

تلا عَلَيْهِ عُبَيْد الله بْن موسى. وله فِي صحيح مسلم حديث فِي حسن الخلق. مات سنة أربع وخمسين ومائة. 219- علي بْن عمرو بن زين العابدين علي1 –د- بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ العلوي. عَن أبيه وابن عمه جعفر بْن محمد. وعنه ابن عمه حسين بن يزيد بن عبد الله الهاد -مَعَ تقدمه- ومحمد بْن إسماعيل بْن أَبِي فديك. وهو قليل الرواية. 220- علي بْن الْمُبَارَك الهُنّائي البصري2 -ع-. عَن يحيى بْن أَبِي كثير ومحمد بْن واسع وعبد العزيز بْن صهيب وأيوب. وعنه ابْن علية ويحيى القطان ووكيع ومسلم وعثمان بْن عمر بْن فارس وعدّة. وثّقه أَبُو داود وغيره. 221- علي بن مسعدة الباهلي3 -ت ق- أبو حبيب البصري. عَن قتادة وعاصم الجحدري وعبد الله الرومي. وعنه ابن المبارك ويحيى القطان وابن مهدي ومحمد بن سنان العوقي. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. وروى آدم بْن موسى وأبو بشر الدولابي عَن البخاري قَالَ: فِيهِ نظر وقال أَبُو داود بتضعيفه. وقال ابْن حبّان: كَانَ ممن يخطئ عَلَى قلّة روايته، وينفرد بما لا يتابع عَلَيْهِ فاستحق ترك الاحتجاج بِهِ. زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "الإِسْلامُ عَلانِيَةٌ وَالإِيمَانُ فِي القلب التقوى هاهنا"4. وَبِهِ مَرْفُوعًا: "كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخطائين التوابون" 5.

_ 1 تهذيب التهذيب "7/ 367"، والجرح والتعديل "6/ 196". 2 التهذيب "7/ 375"، والميزان "3/ 152". 3 المجروحين "2/ 111"، وميزان الاعتدال "3/ 156". 4 "ضعيف": ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال "5941"، والعقيلي في الضعفاء "3/ 250"، وانظر ضعيف الجامع الصغير وزيادته "2280". 5 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "2469"، وابن ماجه "4251" وغيرهما.

222- عمار بْن زُريق الضبي الكوفي1 -م د ن ق-. عَن أَبِي إسحاق ومنصور والأعمش. وعنه أحوص بْن جَوّاب وزيد بْن الحباب ويحيى بْن آدم وأبو أحمد الزبيري. وكان عالمًا كبير القدر. قَالَ أَبُو أحمد الزبيري لإنسان: لو كنت اختلفت إِلَى عمار بْن زريق لكفاك أهل الدنيا. توفي سنة تسع وخمسين ومائة. 223- عمار بْن عُمارة أَبُو هاشم الزعفراني2 -د-. بصري معروف بالكنية. روى عَن الحسن ومحمد وصالح بْن عُبَيْد وكثير بْن اليمان. وعنه روح بْن عبادة ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو الوليد. قَالَ أَبُو حاتم: صالح. وقال ابن معين: ثقة. أما آدم بن موسى فروى عَن البخاري قَالَ: فِيهِ نظر. 224- عمارة بْن مهران الْمِعْوَلِيُّ3. أَبُو سعيد البصري أحد العُبّاد. روى عَن الحسن وابن سيرين وأبي نضرة. وعنه عبد الرحمن بن مهدي وعمرو بن عاصم الكلاعي وعمرو بن مرزوق وسليمان بن حرب. وثقه ابن معين. ابن علية: نا عمارة أَبُو سعيد العابد. وقال أحمد بْن حنبل: بلغني أن عمارة عَبَد الله تعالى حتى صار على عظم. 225- عمرو بن إبراهيم العبدي4 -ت ن ق- أبو جعفر البصري. عن قتادة ومطر الوراق. وعنه ابنه الخليل بْن عمر وعباد بْن العوّام وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث وشاذ بْن فياض. وثّقه أحمد. وقال أبو حاتم: لا يحتج به.

_ 1 التهذيب "7/ 400"، والميزان "3/ 164". 2 التاريخ الكبير "7/ 29"، والمعرفة والتاريخ "2/ 669". 3 الجرح والتعديل "6/ 369"، والتهذيب "7/ 424". 4 المجروحين "2/ 89"، والتقريب "2/ 51".

وقال ابن عدي: يروي عَن قتادة مَا لا يوافق عَلَيْهِ. وقال عَبْد الصمد: نا عمر بْن إبراهيم وهو ثقة وفوق الثقة. وكذا وثقه ابن معين. وقال ابن حبان: لا يعجبني الاحتجاج بِهِ. * أما عمرو بْن إِبْرَاهِيم الأدمي. متروك. 226- عمر بْن إسحاق بْن يسار المخزومي المدني1. أخو صاحب السيرة وأسنّ مِنْهُ. يروي عَن عطاء بْن يسار والقاسم بْن محمد وسالم ونافع بْن جبير وعمر بْن الحكم. وعنه محمد فليح وأبو بكر الحنفي والواقدي، وقال: كَانَ عنده أحاديث وعلم. قُلْتُ: مَا علمت بِهِ بأسًا. مات سنة أربع وخمسين ومائة. 227- عمر بْن بشير أَبُو هانئ الهمداني الكوفي2. عَن الشعبي. وعنه وكيع وأبو نُعيم وعبد الله بْن رجاء وغيرهم. ضعّفه ابْن معين. وقَالَ أحمد: صالح الحديث. وقال أَبُو حاتم: جابر الجعفي أحبّ إليَّ مِنْهُ، يُكتب حديثه. 228- عمر بْن حبيب المكي3. عَن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ دينار وعبد الله بْن كثير. وعنه ابْن عيينة -ووصفه بالحفظ- ومسلم الزنجي وسعد بْن الصلت وعبد الرزاق. وثّقه أحمد. خرّج لَهُ البخاري فِي كتاب الأدب. 229- عمر بْن حسين مولى حاطب4، أَبُو قدامة المدني.

_ 1 التقريب "2/ 51"، والمشاهير "133". التاريخ الكبير "6/ 144"، وميزان الاعتدال "3/ 183". 3 التهذيب "7/ 431"، والمشاهير "192". 4 التاريخ الكبير "6/ 148".

عَن نافع وعائشة بنت قدامة. وعنه عَبْد العزيز بْن المطلب ومالك بْن أَبِي فديك وغيرهم. 230- عمر بْن حفص المدني1. عَن عطاء وعامر بْن عَبْد الله. وعنه ابْن جريج وابن أَبِي فديك ويعقوب الحضرمي وغيرهم. صالح الحديث. 231- عمر بْن خباب البصري2. عَن طاوس والحسن وسالم بْن عَبْد الله. وعنه أَبُو نعيم وأبو داود الطيالسي ومحمد بْن روين البصري. قَالَ أَبُو حاتم: محله الصدق. 232- عمر بن ذر بْن عَبْد الله بن زرارة3 -خ د ت ن- ابن معاوية أبو ذر الهمداني المرهبي الكوفي. عَن أبيه وسعيد بْن جبير وأبي وائل ومجاهد وعكرمة. وعنه أبان بْن تغلب وَهُوَ من أقرانه وابن المبارك الأعور وأبو نعيم والفريابي وخلاد بْن يحيى، وعدد كبير. وكان إمامًا مفوَّهًا زاهدًا. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ثقة بليغًا يرى الإرجاء، وكان ليّن القول فِيهِ، ومن مواعظه قَالَ: كل حزن يبلى إلا حزن التائب عَلَى ذنوبه. وقال محمد بْن السمّاك: سَأَلْتُ عمر بْن ذر أيهما أعجب إليك للخائفين: طول الكمد أو إسبال الدمعة؟ فَقَالَ: أما علمت أَنَّهُ إذا رق فذرف شفى وسَلا وإذا كمد غصّ فشجى، فالكمد أعجب إليّ لَهُم. وقال سفيان بْن عيينة: لما مات ذر ولد عمر بْن ذرّ جلس أبوه عَلَى شفير قبره وقال: يَا بنيّ شغلني الحزن لك عَن الحزن عليك فليت شعري مَا قُلْتُ وما قِيلَ لك، اللهم إنك أمرته بطاعتك وأمرته ببرّي فقد وهبت لَهُ تقصيره فِي حقي فهب لَهُ تقصيره في حقك.

_ 1 المجروحين "2/ 84"، والتقريب "2/ 53". 2 التاريخ الكبير "6/ 152". 3 التهذيب "7/ 444"، حلية الأولياء "5/ 108-122".

وقيل: إنه قَالَ: اللهمّ قد تصدّقت عَلَيْهِ بأجر مصيبتي فِيهِ، فأبكى من حضر. وقيل: لما حج عمر بْن ذر كانوا يقطعون التلبية يستمعون حسن تلبية عمر بن ذر وطِيب صوته. توفي سنة ست وخمسين ومائة عَلَى الصحيح. 223- عمر بْن راشد بْن شجرة اليمامي1 -ت ق- أبو حفص. عَن يحيى بْن أَبِي كثير وأبي كثير السحيمي -صاحب أَبِي هريرة- ونافع وإياس بْن سلمة. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو نعيم والفريابي وعليّ بْن الجعد وآخرون. ضعّفه يحيى بْن معين وغيره. وقال النسائي: ليس بثقة. 234- عمر بْن رشيد الثقفي2. عَن الشعبي وأنس بْن سيرين. وعنه عَبْد الصمد بن عبد الوارث ومسلم بن إبراهيم. قَالَ أَبُو حاتم: هُوَ مجهول. 235- عمر بْن رؤبة التغلبي الحمصي3 -4-. عَن عَبْد الواحد بْن عَبْد الله البصري وغيره. وعنه إسماعيل بْن عياش ومحمد بْن حرب الأبرش. قَالَ البخاري: فِيهِ نظر. 236- عمر بْن أَبِي زائدة الهمداني الكوفي4. كَانَ أسنّ من أخيه زكريا بْن أَبِي زائدة، واسم أبيهما خالد بْن ميمون. روى عمر عَن قيس بْن أَبِي حازم والشعبي وعكرمة وأبي بردة وعون بْن أَبِي جحيفة وعبد الله بن أبي السفر.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 155"، والتهذيب "7/ 445". 2 الجرح والتعديل "6/ 108". 3 التاريخ الكبير "6/ 155"، والتهذيب "7/ 447". 4 التقريب "2/ 55"، والميزان "3/ 197".

وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وإسحاق السلولي ومسلم والأصمعي وعبد الله بْن رجاء والحوضي وآخرون. وثّقه ابْن معين، وهو ممن قارب مائة سنة. قَالَ أحمد: كَانَ يرى القدر. 237- عمر بْن زياد الباهلي1. عَن الأسود بْن قيس والسدّي. وعنه أَبُو نعيم وأبو غسان مالك بْن إسماعيل. قَالَ أَبُو زرعة: ليس بِهِ بأس. 238- عمر بْن سليم الباهلي2 -د ق- بصري. عَن الحسن وقتادة وأبي الوليد -صاحب لابن عمر- وعنه زيد بْن الحباب وعبد الصمد بن عبد الوارث ومسلم بن إِبْرَاهِيم والهيثم بْن جميل. قَالَ أَبُو حاتم: شيخ. وقال أَبُو زرعة: صدوق. وقال العقيلي: لَهُ حديث منكر. 239- عمر بْن سعيد بْن أَبِي حسين النوفلي المكي3 -خ م ت ق- ابن عم عَبْد الله بْن عَبْد الرحمن. عن طاوس والقاسم وابن أبي ملكية وعمر بْن شعيب. وعنه عيسى بْن يونس وابن الْمُبَارَك وأبو عاصم والقطان وروح وأبو أحمد الزبيري وسعيد بْن سلام العطار وآخرون. وثّقه أحمد وغيره. وقال أَبُو حاتم: صدوق. 240- عمر بْن سعيد بْن مسروق4 -م د ن- أخو سفيان الثوري. وعن أبيه وأشعث بْن أَبِي الشعثاء وعمار الدهني. وعنه أخوه مبارك وولده حفص بْن عمر وإبراهيم بْن طهمان وسفيان بْن عيينة وآخرون. وثّقه النسائي. وقال عَبْد الله بْن أحمد: ثقة أسنّ من سفيان، قَالَ: وكان بعض الكوفيين يفضّله عَلَى سفيان، قَالَ: ومبارك دونهما فِي الفضل.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 109". 2 ميزان الاعتدال "3/ 202"، والجرح والتعديل "6/ 112". 3 التاريخ الكبير "6/ 159"، والتهذيب "7/ 453". 4 تهذيب التهذيب "7/ 454"، والجرح والتعديل "6/ 110".

241- عمر بن الصبح1 –ق- أَبُو نعيم الخراساني السمرقندي. عَن يزيد الرقاشي ويونس بْن عُبَيْد وطبقتهما. وعنه محمد بْن حمير وعيسى غنجار ومحمد بْن يعلى السلمي وغيرهم. فتّشت عَلَيْهِ تواليف فِي الضعفاء فلم أره. وقال ابْن حبّان: يروي عَن قتادة ومقاتل بن حَيَّان. روى عنه العراقيون، كان ممن يضع الحديث على الثقات لا تحلّ كتابة حديثه إلا عَلَى جهة التعجّب لأهل الصناعة فقط. قَالَ إِسْحَاق بن راهَوَيْه: أخرجت خراسان ثلاثة لا نظير لهم: جهم بن صَفْوَان وَعُمَر بن الصبح ومقاتل. وقال البخاري فِي تاريخه: نا يحيى السكري عَن عليّ بْن جرير قَالَ: سَمِعْت عمر بْن صبح يَقُولُ: أَنَا وضعت خطبة النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الأزدي كذاب. وقال الدارقطني: متروك. خرّج لَهُ ابْن ماجه فِي الجهاد حديثًا من روايته عَن الأوزاعي. 242- عمر بْن عَبْد الله بْن أَبِي خثعم2 -ت ق-. روى عَن يحيى بْن أَبِي كثير طامّات، منها: "مَن صلى بعد المغرب ست ركعات"، وحديث: "من قرأ الدخان في لية" وحديث: "إذا بعثتم إليّ بريدًا فابعثوه حسن الاسم والوجه". روى عَنْهُ زيد بْن الحباب وعمر بْن يونس اليمامي وموسى بْن إسماعيل الحبلي. قَالَ البخاري: منكر الحديث ذاهب. وقال أَبُو زرعة: واهٍ. 243- عمر بْن عامر أَبُو حفص البصري3 -م ن- القاضي. عن أم كلثوم عن عائشة وعن قَتَادَةُ وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. وعنه يزيد بن زريع وعباد بن العوام وسالم بن نوح ومحمد بن عبد الواحد بن أبي حزم القطعي. قال أبو زرعة: ثقة، مات وهو ساجد. وقال أحمد: كان شعبة لا يستمرئه، وقد

_ 1 التقريب "2/ 58"، والجرح والتعديل "6/ 116". 2 التهذيب "7/ 468"، والميزان "3/ 211". 3 التاريخ الكبير "6/ 181"، وتهذيب التهذيب "7/ 466"، والجرح والتعديل "6/ 126".

حدّثنا عَنْهُ معتمر وعبّاد بْن العوام. وروى عَنْهُ ابْن أَبِي عروبة. وقَالَ النسائي: ليس بالقويّ. 244- عمر بْن عمران البصري الضرير1. عَن أَبِي رجاء العطاردي وأبي نضرة العبدي. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وأبو الوليد الطيالسي. قَالَ ابْن معين: صالح. 245- عمر بْن فَرّوخ العبدي، البصري2. عَن عكرمة وحبيب بْن الزبير. وعنه ابْن الْمُبَارَك ووكيع ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وآخرون. وثّقه أَبُو حاتم. لم يخرّجوا لَهُ شيئًا. 246- عمر بْن الفضل البصري –ع-3. عَن نعيم بْن يزيد وأبي العلاء بْن الشخير ورقبة بْن مصقلة. وعنه القطان وأبو نعيم وحرميّ بْن عمارة وأبو عمرو الحوضي وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخ. 247- عمر بْن محمد بْن المنكدر التيمي4 -م د ن-. عَن أبيه وسمي مولى أَبِي بكر. وعنه وهيب بْن الورد ويحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ وعبد الله بْن رجاء المكي وسعد بْن الصلت وآخرون. ولا بأس بِهِ. 248- عمر بن قيس سندل المكي5 –ق- القاضي، أخو حميد بْن قيس الأعرج. عَن عطاء بْن أَبِي رباح ونافع وسعيد بْن مينا وغيرهم. وعنه ابْن وهب وإسحاق بْن سُلَيْمَان الرازي وأحمد بْن يونس ومعاذ بْن فضالة وغيرهم. قَالَ أَبُو داود السِّنْجي: نا الأصمعي قَالَ: قَالَ عمر بْن قيس: مَا ينصفنا أهل

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 180"، والجرح والتعديل "6/ 126". 2 التاريخ لابن معين "4289"، والتهذيب "7/ 488". 3 التقريب "2/ 61"، والجرح والتعديل "6/ 128". 4 المعرفة والتاريخ "1/ 659". 5 التقريب "2/ 62"، وميزان الاعتدال "3/ 218".

العراق نأتيهم بسعيد بْن المسيّب والقاسم وسالم ويأتونا بنظرائهم أَبِي التياح وأبي الجوزاء وأبي حمزة، ولو أدركنا الشعبي لشب لنا القدور، ولو أدركنا النخعي لَنَخَّعَ لنا الشاة، ولو أدركنا الجوزاء لأكلنا بالتمر. قلت: آخر مَن روى عَنْهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن سلام الجمحي. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عَلَيْهِ، وكان يتكلّم فِي مالك ويقول: إن كَانَ مالك من ذي أصبح فأنا من ذي أمسى. وكان بذيء اللسان. قَالَ ابْن سعد: كَانَ فِيهِ بذاء وتسرُّع فأمسكوا عَن حديثه، وهو الَّذِي عبث بمالك فقال: مرة يخطئ ومرة لا يصيب، قَالَ ذَلِكَ عند والي مكة فَقَالَ مالك: هَكَذَا الناس، ثُمَّ أفاق عَلَى نفسه فقال: لا أكلمه أبدًا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَن عمر بْن قيس فَقَالَ: لا يسوى حديثه شيئًا، أحاديثه بواطيل. وقال ابْن معين: ليس بثقة. 249- عمر بْن مالك الشَّرْعَبي1 -م د ن- مصري. عَن يزيد بْن الهاد وعبد الله بْن أَبِي جعفر وصفوان بْن سليم. وعنه ابْن لهيعة ومغيرة بْن الحسن وابن وهب وغيرهم. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ ليس بالمعروف. وقال أَبُو زرعة: صالح. 250- عمر بْن موسى2 بْن وجيه الوجيهي الأنصاري أَبُو حفص، الشامي الدمشقي. عَن خالد بْن معدان ومكحول وعمرو بْن شعيب والحكم بْن عتيبة وجماعة. وعنه محمد بْن إسحاق وبقية وأبو نعيم ويحيى بْن يعلى الأسلمي وإسماعيل بن عمر البجلي وآخرون. وسكن بالكوفة مدة. قَالَ البخاري: منكر الحديث. وقال ابْن معين وغيره: ليس بثقة. وقال ابْن عدي: هو في عداد من يضع متنًا وإسنادًا. وقال غيره: هُوَ عمر بْن موسى بْن حفص الشامي. وقال ابْن حبّان: هُوَ عمر بْن موسى الميثمي، حمصي روى عنه بقية.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 194"، والتهذيب "7/ 494". 2 ميزان الاعتدال "3/ 224"، والجرح والتعديل "6/ 133".

وقال عفير بْن معدان: قدم علينا عمر بن موسى الوجيهي الميثمي فاجتمعنا إليه فجعل يَقُولُ: ثنا شيخكم الصالح، قلنا: ومن هُوَ؟ قَالَ خالد بْن معدان: كتبت عَنْهُ سنة ثمان ومائة بأرمينية فقلنا: اتّق الله يَا شيخ ولا تكذب، مات سنة أربع ومائة، ثُمَّ قمنا، وقال لَهُ عفير: أزيدك أَنَّهُ مَا غزا أرمينية قط، مَا كَانَ يغزو إلا الروم. بَقِيَّةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ موسى الوجيهي عن القاسم أَبِي أُمَامَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الأَكْلُ فِي السُّوقِ دَنَاءَةٌ". 251- عمر بْن معروف الكوفي1. نزل الريّ وحدّث عَن عكرمة وزبيد اليامي وطلحة بْن مصرف. وعنه جرير وحكام بْن سلم وإسحاق بْن سُلَيْمَان وآخرون. 252- عمر بْن أَبِي وهب الخزاعي البصري2. عَن موسى بْن ثروان. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو عمر الحوضي وجماعة. وُثِّق. 253- عمران بْن أنس مكي3. عَن عطاء وابن أَبِي مليكة. وعنه مصعب بْن المقدام ومعاوية بْن هشام وأبو نميلة. قَالَ البخاري: منكر الحديث. 254- عمران بن حدير4 -م د ت ن- أبو عبيدة السدوسي البصري. عَن عَبْد الله بْن شقيق وأبي عثمان النهدي وأبي قلابة وعكرمة. وصلّى خلف أنس بْن مالك. وعنه شعبة وحماد بْن زيد ووكيع وعثمان بْن عمر بْن فارس وعثمان بْن الهيثم وغيرهم. لَهُ نحو من عشرة أحاديث. قَالَ يزيد بْن هارون: كَانَ من أوثق الناس. وقال ابن المديني: ثقة شيخ بالبصرة. وقيل: مات سنة تسع وأربعين ومائة. فينبغي أن ينقل إِلَى الطبقة السالفة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 196"، والجرح والتعديل "6/ 136". 2 الجرح والتعديل "6/ 140". 3 التهذيب "8/ 128"، والميزان "3/ 334". 4 التقريب "2/ 82"، والمعرفة والتاريخ "3/ 139".

255- عمران بن دلور1 القطان العميّ -4- أَبُو العوام البصري. عَن الحسن ومحمد بْن سيرين وأبي جمرة الضبعي وبكر المزني وقتادة. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وأبو عاصم وأبو داود وعبد الله بْن رجاء وعمرو بْن عاصم وآخرون. قَالَ أحمد: أرجو أن يكون صالح الحديث. وقال النسائي: ضعيف. وكذا ضعّفه أَبُو داود. وقال يزيد بْن زريع: كَانَ حروريًا يرى السيف عَلَى أهل القبلة. وقال أَبُو داود: أفتى فِي أيام إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بفتوى شديدة فيها سفك دماء. وقال الفلاس: كَانَ عَبْد الرحمن يحدّث عَنْهُ، وكان يحيى لا يحدّث عَنْهُ، وقد ذكره يحيى يومًا فأحسن الثناء عليه وذكر أنه كان بينه وبينه شركة. وقال ابْن معين: كَانَ يرى رأي الخوارج ولم يكن داعية. 256- عمران بن زائدة2 -د ن ق- بن نشيط. عَن أبيه. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو نعيم وأبو أحمد الزبيري. وثقه ابن معين. 257- عمران بن مسلم القصير3 -سوى ق- أبو بكر البصري، أحد العُبّاد. عَن إِبْرَاهِيم التيمي وأبي رجاء العطاردي وعطاء بْن أَبِي رباح ومحمد بْن سيرين. وعنه بشر بْن المفضّل ويحيى القطان وعبد الله بْن رجاء الغدّاني. وثّقه أحمد وغيره. وَكَانَ يرى القدر. 258- عمران بْن وهب الطائي4. عَن أنس بْن مالك وأبي رجاء العطاردي وسعد بْن عَبْد الله بْن جريج. وعنه محمد بْن عُبَيْد الطنافسي وأحمد بْن أبي ظبية وإسحاق بن سليمان الرازي.

_ 1 التهذيب "8/ 130"، والميزان "3/ 236" وسير أعلام النبلاء "7/ 280". 2 التاريخ الكبير "6/ 428"، والتهذيب "8/ 132"، والتقريب "2/ 83". 3 التهذيب "8/ 137"، والمشاهير "154"، وخلاصة تذهيب الكمال "296". 4 التاريخ الكبير "6/ 415"، والميزان "3/ 244".

ضعّفه أَبُو حاتم: وقال: حدّث محمد بْن خالد صاحب الفرائض عَنْهُ عَن أنس بمعضلات، قَالَ: ولا أحسبه سَمِعَ من أنس شيئًا. قُلْتُ: لَهُ عَن أنس حديث الطير. 259- عمران أَبُو بشر الحلبي1. عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْه وكيع وأبو أسامة وعبيد بْن موسى. 260- عمرو بْن خَالِد الكوفي2 –ق- مولى بني هاشم، يكنى أبا خالد، سكن واسطًا. وحدث عَن زيد بْن عليّ عَن أبان بنسخة منكرة كأنها موضوعة. ورى عَن حبيب بْن أَبِي ثابت وجماعة. وعنه إسرائيل وجعفر الأحمر ومحمد بْن سُلَيْمَان بْن أبي داود ويحيى بن هاشم. وقال ابْن راهويه ووكيع: كَانَ يضع الحديث. 261- عمرو بْن سعيد الأوزاعي3، أَبُو بكر الدمشقي. عَن أبي سلام ممطور ومغيث بن سمي ونوف الْبِكَالِيِّ. وعنه الوليد بْن مسلم ومحمد بْن شعيب. صُوَيْلح إن شاء الله تعالى. 262- عمرو بن أبي الحجاج ميسرة4 –د- المنقري. قديم لم يلحقه ولده الحافظ أَبُو معمر المُقْعَد. يروي عَن الجارود بْن أَبِي سبرة ونافع العمري. وعنه ربعي بْن عَبْد الله وابن علية ويحيى القطان ومحمد بْن سواء. وثّقه أَبُو داود. وقال أَبُو حاتم: صالح الحديث. 263- عمرو بْن شَمِر5، الْجُعْفي أَبُو عَبْد الله، الكوفي، العابد، الرافضي. عَن جابر الجعفي وعمرو بْن قيس وليث بْن أَبِي سليم والأعمش وجعفر بن محمد وطائفة.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 294". 2 التهذيب "8/ 27"، والجرح والتعديل "6/ 230". 3 الجرح والتعديل "6/ 236". 4 التهذيب "8/ 17". 5 الجرح والتعديل "6/ 239"، والميزان "3/ 268".

وعنه عَبْد العزيز بْن أبان وأحمد بْن يونس اليربوعي وغيرهما. قَالَ خلاد بْن يزيد: قَالَ لِي سُفْيَان الثوري: عمرو بْن شمِر هَكَذَا مكثر عَن جَابِر وما رَأَيْته قط عنده. وقَالَ ابْن معين: لا يُكتب حديثه. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رافضي يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عَن الثقات، ثُمّ قَالَ: مات سنة سبع وخمسين ومائة. وقال أسيد بْن زَيْدُ: سَمِعْت حسينًا الجعفي يَقُولُ: كَانَ عمرو بْن شمر يؤمّهم فمكثت ثلاثين سنة أجهد أن أسبقه إِلَى المسجد أو أخرج بعده فلم أقدر. ووقال الجوزاني: عمرو بن شمر زائع كذاب. وقال ابْن عديّ: عامّة مَا عنده غير محفوظ. وقال النسائي وغيره: متروك الحديث. 264- عمرو بْن عثمان بْن هانئ المدني1 -د ق- مولى عثمان بن عفان. عن القاسم بن محمد وعمرو بْن عَبْد العزيز. وعنه هشام بْن سعد وابن أَبِي فديك والواقدي. وحديثه فِي مسند أحمد أيضا، كأنه صدوق. 265- عمرو بْن عثمان بن عبد الله2 -خ م ن- بن موهب القرشي. أبو سعد التيمي مولاهم الكوفي. روى عَن أبيه وموسى بْن طلحة وأبي بردة بْن أَبِي موسى وعمر بْن عَبْد العزيز. وعنه شعبة لكنه سماه مُحَمَّدا وسفيان الثوري وإسحاق الأزرق وأبو نعيم ومحمد بْن عمر الواقدي وغيرهم. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال أحمد ويحيى: ثقة. 266- عمرو بْن كثير بْن أفلح المكي3 ويقال: عمر. عَن عَبْد الرحمن بْن كيسان عَن أبيه. وعنه محمد بْن بشر العبدي ويونس المؤدب

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 79". 2 التاريخ الكبير "6/ 354"، وتهذيب التهذيب "8/ 78". 3 التقريب "2/ 77"، وميزان الاعتدال "3/ 285".

وأبو سلمة المنقري وأبو حذيفة النهدي. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. 267- عمرو بْن عثمان بن عبد الرحمن1 –د- بن سعيد بن يربوع المخزومي. وقيل: بل اسمه عمر. روى عَن جده عَبْد الرحمن وغيره، مُقِلّ. روى عَنْهُ زيد بْن الحباب والواقدي. صويلح. 268- عميرة بن أبي ناجية2 –ن- أبو يحيى الرعيني مولاهم المصري. عَن بعض التابعين. كَانَ زاهدًا عابدًا. وكان أَبُوهُ من سبي الروم. قَالَ ابْن وهب: رَأَيْت عميرة يصلّي بين الخلْق فما يكترث لكلامهم ولا يبالي. ربما رَأَيْته يبكي والناس ينظرون إِلَيْهِ وهو مقبل عَلَى صلاته كأن أحدًا لا يراه من شُغْله بصلاته. روى عميرة عَن أبيه ويزيد بْن أَبِي حبيب وبكر بن سوادة وجماعة قليلة. وعنه الليث وابن لهيعة ويحيى بن أيوب وابن وهب وبكر بن مضر وسعيد بن زكريا الآدم وآخرون. وقال النسائي: ثقة. وقال ابن يونس: كان أبوه روميا. قال سعيد الآدم: قيل لعميرة: لو استَتَرْتَ من هَذَا البكاء فَقَالَ: مَنْ عَمِلَ لله فعلى اللَّهِ جزاؤه. ومر عميرة عَلَى قوم يتناظرون وقد عَلَتْ أصواتهم فَقَالَ: هَؤُلاءِ قوم قد ملّوا العبادة وأقبلوا عَلَى الكلام، اللَّهُمَّ أمِتْني، فمات فِي الحج. فرأى ها هنا اثنان فِي النوم كأنه يُقَالُ: مات هَذِهِ الليلة نصف الناس، فحفظ تِلْكَ الليلة فجاء فيها موت عميرة. قَالَ سليمان بن داود المقري عَن ابْن وهب: سَمِعَ عميرة بْن أَبِي ناجية يَقُولُ: ركب معنا سَعِيد بْن أَبِي معين فِي مركب للغزو فسجد فنام فِي سجوده فاحتلم وهو ساجد، يَا بْن أخي لو نام لكان أفضل، فَإِن لكل عمل جهازًا، فالمرء يؤجر عَلَى جهازه للغزو وعلى جهازه للحج، وجهاز الصلاة النوم لها، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي.

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 78". 2 تهذيب التهذيب "8/ 152"، والجرح والتعديل "7/ 24".

قَالَ المقري: سَمِعْت سعيدًا الآدم يَقُولُ: دعا عميرة يتيمًا فأطعمه وسقاه ودهن رأسه وقال: اللَّهُمَّ أَشْرِكْ والدي معي فِي هَذَا. فنام فرآهما ومعهما اليتيم يقولان: يَا بني مَا أعظم بركة هَذَا اليتيم علينا. وعن ابْن وهب قَالَ: كَانَ عميرة كأنه نائحة من كثرة البكاء. قِيلَ: مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. 269- عنبسة بْن الأزهر1. أَبُو يحيى قاضي جرجان. عَن أَبِي إسحاق وسماك بْن حرب. وعنه أحمد بْن أَبِي ظبية قَالَ الدغولي: هُوَ أحد أوعية العلم. حُمل إِلَى المنصور فضربه به خمسين سوطًا فمات بين يديه. وقيل: حدّث عَنْهُ سُفْيَان بْن وكيع، فَإِن صحّ ذَلِكَ فالحكاية باطلة. 270- العوام بْن حمزة المازني2 -ت-. عَن أَبِي عثمان النهدي وأبي نضرة وسليمان بْن قتة. وعنه عيسى بْن يونس ويحيى بْن سعيد القطان والنضر بْن شميل وغندر. وسئل عَنْهُ أَبُو زرعة فَقَالَ: شيخ. وقال أحمد: لَهُ أحاديث مناكير. 271- عوانة بْن الحكم3. أخباري مشهور عراقي. يروي عَن طائفة من التابعين. وهو كوفي عِداده فِي بني كلب، عالم بالشعر وأيام الناس، وَقَلَّ أَنْ رَوَى حديثًا مسنَدًا ولهذا لم يُذكر بجرح ولا تعديل والظاهر أَنَّهُ صدوق. روى عَنْهُ زياد البكائي وهشام بْن الكلبي وغيرهما. وأكثر عَنْهُ علي بْن محمد المدائني، وأكبر شيخ لقيه الشعبي. مات سنة ثمان وخمسين ومائة. 272- عياش بْن عقبة4 -د ن- بن كليب الحضرمي أبو عقبة المصري قرابة ابن لهيعة.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 87"، والجرح والتعديل "6/ 401"، وميزان الاعتدال "3/ 298". 2 ميزان الاعتدال "3/ 303"، والتهذيب "8/ 163"، والجرح والتعديل "7/ 22". 3 معجم الأدباء "6/ 134"، وسير أعلام النبلاء "7/ 201". 4 التاريخ الكبير "7/ 47"، والتهذيب "8/ 198".

عن جبر بن نعيم ويحيى بْن ميمون وعبد الله بْن رافع وموسى بْن وردان. وعنه بكر بْن مضر وابن وهب وزيد بْن الحباب وأبو عَبْد الرحمن المقري. وولي إمرة الإسكندرية وغزو البحر فِي أيام مروان. قَالَ النسائي: ليس بِهِ بأس. وقال المقري: كان شيخ صدق. وقال أحمد بْن يحيى، وزبر: مات سنة ستين ومائة. 273- عياض بْن عَبْد الله القُرَشِيّ الفهري1 -م د ن ق-. عَن الزهري وأبي الزبير وإبراهيم بْن عُبَيْد بْن رفاعة. وَعَنْهُ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَابْنُ وَهْبٍ. قَالَ أَبُو حاتم: ليس بالقويّ. وذكره ابْن حبان فِي الثقات. 274- عيسى بن حفص2 -خ م د ن ق- بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيُّ العمري المدني أبو زياد ولقبه رباح. عَن أبيه وسعيد بْن المسيب ونافع وعبيد الله بْن عَبْد الله بْن عمر. وعنه يحيى القطان ووكيع والقعنبي والواقدي وآخرون. وثّقه أحمد وابن معين. مات سنة سبع، وقيل سنة تسع وخمسين ومائة وهو ابْن ثمانين سنة. قاله الواقدي. 275- عيسى بْن دينار الكوفي المؤذِّن3 -د ت-. عَن أبيه وأبي جعفر وأبي جعفر الباقر. وعنه يحيى بْن زكريا بْن أَبِي زائدة وعثمان بْن عُمَر بْن فارس وَمحمد بْن سابق. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. 276- عيسى بْن أَبِي رَزين الثُّمالي الحمصي4. عَن غضيف بْن الحارث ولقمان بْن عامر وعبد الله بْن أَبِي قيس. وعنه ابْن الْمُبَارَك وبقية ومحمد بْن سُلَيْمَان بومة ويحيى بْن سعيد العطار الحمصي. قَالَ أَبُو زرعة: مجهول.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 409". 2 التهذيب "8/ 208"، والجرح والتعديل "6/ 273". 3 التاريخ الكبير "6/ 297" والجرح والتعديل "6/ 275". 4 ميزان الاعتدال "3/ 311"، والتهذيب "8/ 210".

خرّج لَهُ النسائي فِي اليوم والليلة. 277- عيسى بن طهمان بن رامة الجشمي1 -خ ق- أبو بكر البصري نزيل الكوفة. عَن أنس بْن مالك. وعنه ابن المبارك ويحيى بن آدم وأبو نعيم وخلاد بْن يحيى ومحمد بْن سابق. وثّقه أَبُو داود وغيره. حديثه فِي ثلاثيات البخاري. 278- عيسى بن عبد الله الحكم. بْن النعمان بْن بشير الأنصاري الشامي. عَن عطاء بْن أَبِي رباح ونافع. وعنه بقية والوليد بْن مسلم ومحمد بْن الْمُبَارَك الصوري. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عَلَيْهِ. 279- عيسى بْن عَبْد الرحمن أَبُو سلمة السلمي2، الكوفي. عَن الشعبي وسلمة بن كهل وسيار أَبِي الحكم وجماعة. وعنه ابْن مهدي وعفان وأحمد بْن يونس وأبو غسان النهدي وعون بْن سلام. وثّقه ابْن معين وأبو حاتم. لم يخرجوا لَهُ شيئًا. 280- عيسى بْن عَبْد الرحمن3، أَبُو عبادة الأنصاري الزُّرقي المديني. عَن الزُّهْرِيّ وزيد بْن أسلم. وعنه ابْن لهيعة وأبو داود الطيالسي ومحمد بْن شعيب ومعن القزاز. تركه النسائي. وَقَالَ البخاري: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. تَفَرَّدَ بِحَدِيثِ "يَسِيرُ الرِّبَا شِرْكٌ"4. 281- عيسى بن عبيد الكندي.5 -د ت ن- المروزي. عَن عكرمة وعبد الله بْن بريدة والربيع بْن أنس وغيلان بْن عَبْد الله العامري. وعنه الفضل بْن موسى السيناني وعيسى غنجار وأبو نميلة يحيى بن واضح

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 215"، والمجروحين "2/ 117". 2 المعرفة والتاريخ "1/ 229"، والتهذيب "8/ 219". 3 التاريخ الكبير "6/ 391"، وميزان الاعتدال "3/ 317". 4 أخرجه الطبراني في معجمه الصغير "2/ 45". 5 ميزان الاعتدال "3/ 318"، والجرح والتعديل "6/ 282".

وعبد الله بْن عثمان ونعيم بْن حماد. قَالَ أَبُو زرعة: لا بأس بِهِ، وهو أكبر شيخ عند نعيم. 282- عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ الأَمِيرُ1، عَمُّ الْمَنْصُورِ وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ نَهْرُ عِيسَى بِبَغْدَادَ. حَدَّثَ سُفْيَانُ النَّحْوِيُّ عَنْ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا "يُمْنُ الخليل فِي شَعْرِهَا" وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ2. وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا احْتَجَّ بِعِيسَى، بَلْ قَالَ حَاتِمُ بْنُ اللَّيْثِ: سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ كَانَ لَهُ مَذْهَبٌ جَمِيلٌ مُعْتَزِلا لِلسُّلْطَانِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. 283- عيسى بْن عمر الأسدي3، مولاهم الكوفي، أَبُو عمر المعروف بالهمداني المُقْرِئ العبد الصالح صاحب الحروف. أَخَذَ القراءة عرضًا عَن طَلْحَةَ بْن مصرف وعاصم والأعمش. قال الداني. وقرأ عَلَيْهِ الكسائي وعبيد اللَّه بْن مُوسَى وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حمّاد ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن والحسن بْن زياد اللؤلؤي وخارجة بن مصعب وجماعة. قاله الداني. وروى عَن عطاء بْن أَبِي رباح وطلحة وعمرو بْن مرة وحماد بْن أَبِي سُلَيْمَان. حدّث عَنْهُ جعفر الأحمر وابن الْمُبَارَك وأبو نعيم وخلاد بْن يحيى الفريابي ووكيع وعدة. وثّقه يحيى بْن معين والعجلي وكان مقرئ أَهْل الكوفة فِي زمانه مَعَ حَمْزَةَ فعن سُفْيَان الثوري قال: أدركت الكوفة وما بها أقرأ من عِيسَى الهمداني. قَالَ مطين: مات سنة ست وخمسين ومائة.

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 221"، وميزان الاعتدال "3/ 319". 2 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "2545"، والترمذي "1695"، بنحوه ولفظه "يمن الخيل في شقرها". وكذلك رواه أحمد في المسند بهذا اللفظ "1/ 272"، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "7/ 311"، وانظر صحيح الجامع الصغير وزيادته "8162"، للألباني. 3 التاريخ الكبير "6/ 397"، والتهذيب "8/ 222".

284- عيسى بْن عمر الثقفي1، البصري النحوي العلامة أبو عمر. روى عَن الحسن وعون بْن عَبْد الله بْن عتبة وعبد الله بْن أَبِي إسحاق الحضرمي وعاصم الجحدري وغيرهم. وعنه الأصمعي وعلي بن نضر الجهضمي وشجاع بن أبي نصير البلخي وهارون بن موسى الأعور والعباس بن بكار الضبي وأحمد بن موسى اللؤلؤي والخليل بن أحمد العروضي وعبيد بن عقيل وغيرهم. وولاؤه لبني مخزوم. وهو أخو أبي خشينة حاجب ابن عمر، نزلوا في ثقيف فنسبوا إليهم. وكان عيسى بن عمر رأسا في العربية صاحب تقعير فِي كلامه واستعمال لغريب اللغة، وكان صديقًا لأبي عمرو بْن العلاء. أَخَذَ القراءة عَن عَبْد اللَّه بْن أَبِي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ ورواية عَن عَبْد اللَّه بْن كثير. أَخَذَ عَنْهُ النحو الخليل وغيره. وصنف فِي العربية كتاب "الجامع" وكتاب "الإكمال" وأشياء سواهما. قَالَ الأصمعي: قَالَ عِيسَى بْن عُمَر لأبي عمرو: أَنَا أفصح من معد بْن عدنان، فَقَالَ لَهُ تعديت، كيف تنشد هَذَا البيت: قد كُنَّ يُخَبِّئنَ الوجوهَ تَسَترًا فاليومَ حين بدأن للنظار. أو "بدين للنظار"؟ فقال: "بدأن" فَقَالَ: أخطأت، يُقَالُ: بدا يبدو إذا ظهر، وبدأ يبدأ إذا شرع وإنما قصد أَبُو عمرو تغليطه لأنه تقعّر عَلَيْهِ. والصواب "بدون" بالواو. ويقال إن عِيسَى بْن عُمَر سقط من حِمارِه فأُغمي عَلَيْهِ فاجتمعوا حوله وقالوا هُوَ مصروع، فَقَالَ لما استفاق: مَا لكم تكأْكَأْتُم عليّ تكَأْكُؤكُمْ عَلَى ذي جِنَّةٍ إفرنقعوا عني، أي انكشفوا عني، وتكأ كأ: تجمّع. فَقَالَ واحد: هَذِهِ جنّيتّه تتكلم. وقيل: إن ابْن هبيرة ضربه بالسياط وهو يَقُولُ: واللهِ إنْ كَانَتْ إلا ثيابًا فِي أسيفاط أخذها عشّاروك. وقيل: بل الَّذِي ضربه يوسف بن عمر الثقفي من أجل وديعة كانت عنده لخالد بْن عَبْد اللَّه القَسْري. وقال القاضي ابْن خلكان2: إن هَذَا روى عَنْهُ القراءة أحمد بن موسى اللؤلؤي

_ 1 التهذيب "8/ 223"، وفيات الأعيان "3/ 486"، ونور القبس "46". 2 راجع وفيات الأعيان "3/ 486".

وهارون النحوي والخليل بْن أَحْمَد والأصمعي وسهل بن يوسف وعبيد بن عقيل. وأخذ عَنْهُ النحو سيبويه. ويقال: إنه صنّف نيّفًا وسبعين تأليفًا ذهبت كلها سوى الجامع والإكمال وفيه يَقُولُ الخليل بْن أَحْمَد إذ يَقُولُ: ذَهَبَ النحوُ جميعًا كلُّهُ ... غيرُ مَا أحْدَثَ عِيسَى بْن عمرُ ذَاكَ إِكمالٌ وهذا جامِعٌ ... فهما للناس شمسٌ وقمرُ قَالَ ابْن معين: عِيسَى بْن عُمَر بصري ثقة، وقيل: لحقه ضيق نفس فكان يداوي نفسه بإجاص يابس وسكر. وقد أرخ القِفْطِيّ وابن خلكان وفاته في تسع وأربعين ومائة، وأحسبه وهمًا، ولعلّه إِلَى قريب الستين بقي. 285- عيسى بْن أَبِي عيسى الحناط1 –ق- أبو محمد الغفاري المدني. نزل الكوفة. يروي عَن أنس والشعبي وعمرو بْن شعيب ونافع وغيرهم. وعنه ابْن أَبِي فديك ووكيع وصفوان بْن عيسى وعمر بْن شبيب المسلي وعبيد الله بْن موسى وجماعة. ضعّفه أحمد. وقال الفلاس والدارقطني: متروك الحديث. وقال ابن سعد: كان يَقُولُ أَنَا خياط وحنّاط كُلا قد عالجت، قَالَ: وقدم الكوفة للتجارة فلقي بها الشَّعْبِيّ. مات سنة إحدى وخمسين ومائة. 286- عيسى بْن موسى الدمشقي2 -د ق- أخو سُلَيْمَان بْن موسى. عَن ربيعة بْن يزيد وإسماعيل بْن عُبَيْد الله وعروة بْن رويم. وعنه الوليد بْن مسلم وعمرو بْن أَبِي سلمة التنيسي ومحمد بْن سُلَيْمَان الحراني بومة وغيرهم. لم أعلم به بأسًا.

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 224"، والتقريب "2/ 107"، وتاريخ الدوري "2/ 465"، وتاريخ الثقات "380". 2 تهذيب التهذيب "8/ 334"، التاريخ لابن معين "1009".

287- عيسى بْن المسيب البَجَلي1 قاضي الكوفة. عَن أَبِي زرعة البجلي والشعبي وعدي بْن ثابت. وعنه وكيع وأبو النضر وأبو نعيم وغيرهم. ضعّفه النسائي وقال: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 288- عيسى بْن ميمون بْن داية المكي2. كَانَ ينزل في بني جرش فنسب إليهم. روى عَن قيس بْن سعد وابن أَبِي نجيح. وعنه سفيان الثوري وابن عيينة وأبو عاصم. وقد قرأ القرآن عَلَى ابْن كثير. وثّقه أَبُو حاتم. وقال ابْن معين: ليس بِهِ بأس. وقال أَبُو داود: ثقة يرى القدر. 289- عيسى بْن يزيد المروزي3 -ن ق- أبو معاذ الأزرق. عَن أَبِي إسحاق ومطر الوراق وجماعة. وعنه أَبُو مسلمة وابن الْمُبَارَك وعيسى غنجار وحكام بْن سلم. وكان قاضي سرخس، لَهُ فِي "ن ق" حديث واحد عَن جرير بْن يزيد البجلي. 290- عُيَينة بْن عَبْد الرحمن بْن جوشن4 -4- أَبُو مالك الغطفاني البصري. عَن أبيه ونافع وأبي الزبير ومروان الأصغر. وعنه شعبة ويحيى القطان ويزيد بْن هارون وأبو عَبْد الرحمن المقبري وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابن معين والنسائي: ثقة. وقال أحمد: لا بأس بِهِ. أَنْبَأَنَا عَنِ الصَّيْدَلانِيِّ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَتْهُمْ أَنَا ابْنُ زَيْدٍ أَنَا الطَّبَرَانِيُّ نَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى نَا الْمَقْبُرِيُّ عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 323"، والجرح والتعديل "6/ 288". 2 التهذيب "8/ 235"، وميزان الاعتدال "3/ 327". 3 تقريب التهذيب "2/ 109". 4 ميزان الاعتدال "3/ 329"، والتاريخ لابن معين "8/ 35".

رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ حَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" 1. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُيَيْنَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ. "حرف الغين": 291- غالب بْن سُلَيْمَان أَبُو صالح العَتَكي2. عَن الضحاك وكثير بْن زياد. وعنه حرميّ بْن عمارة وسليمان بْن حرب ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. وهو ثقة عند أَبِي حاتم. 292- غالب بْن عُبَيْد الله العقيلي الجزري3. من أهل قرقيسيا. عَن مجاهد وعطاء بْن أَبِي رباح والحسن ونافع. وعنه عمر بْن أيوب الموصلي ويعلى بْن عُبَيْد وغانم بْن مالك ورشدين وغيرهم. وسمع مِنْهُ وكيع وتركه. وقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ دَجَاجَةً رَبَطَهَا أَيَّامًا وَكَانَ يُصَلِّي وَلا يُعِيدُ وُضُوءًا". وعن عطاء عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطى مُعَاوِيَة سهمًا وقال: حَتَّى توافيني بِهِ فِي الجنة. 293- غالب بْن نجيح4، أَبُو بشر الكوفي. عَن حماد بْن أَبِي سُلَيْمَان وعمرو بْن هبيرة وقيس بْن مسلم وجماعة. وعنه عَبْد الله بْن موسى وأبو أحمد الزبيري. "حرف الفاء": 294- فائدة بْن عَبْد الرحمن أَبُو الورقاء الكوفي5 -ت ق- العطار.

_ 1 "صحيح": أخرجه أبو داود "2760"، والنسائي "4761". 2 التاريخ الكبير "7/ 99"، وميزان الاعتدال "38/ 338"، والمشاهير "156". 3 الميزان "3/ 331"، وطبقات ابن سعد "7/ 483". 4 تهذيب التهذيب "8/ 244"، والتقريب "2/ 104". 5 ميزان الاعتدال "3/ 339"، والتقريب "2/ 107".

عَن عَبْد الله بْن أَبِي أوفى وبلال بْن أَبِي الدرداء. وعنه حماد بْن سلمة وعيسى بْن يونس وعبد الله بْن بكر ومسلم بْن إِبْرَاهِيم ومكي بْن إِبْرَاهِيم ويزيد والفريابي وآخرون. قَالَ أحمد: متروك الحديث. وقال أَبُو زرعة: لا تشتغل بِهِ. وقال ابْن معين: ليس بثقة. واتّهمه أَبُو حاتم. وقال أبو داود: ليس به بأس. 295- فائد مولى عبادل المدني1 -د ن ق-. عَن مولاه عُبَيْد الله بْن علي بْن أَبِي رافع وسكينة بنت الحسين. وعنه زيد بْن الحباب ومعن بْن عيسى والقعنبي والواقدي وعدّة. وثّقه ابْن معين. 296- فرقد بْن الحجاج القرشي البصري2. سَمِعَ عقبة بْن أَبِي الحسناء اليمامي صاحب أَبِي هريرة. وعنه أَبُو علي الحنفي وعبد الصمد التنوري ومسلم بن إبراهيم- ما أعلم به بأسا. 297- الفضل بن ميمون3، أبو سلمة صاحب الطعام. عَن معاوية بْن قرة ومنصور بْن زاذان. وعنه أَبُو عامر العقدي ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وعارم وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: منكر الحديث. 298- فطر بن خليفة4 –4خ- أبو بكر الكوفي الحناط، مولى عمرو بْن حريث المخزومي. عَن أبيه وعامر بْن واثلة الكناني وأبي وائل وطاوس ومجاهد وأبي الضحى وغيرهم. وعنه السفيانان وأبو أسامة وعبد الله بْن موسى ويحيى بن آدم وبكر بن بكار وقبيصة والفريابي وآخرون. وثّقه أحمد. وقال أَبُو حاتم: صالح الحديث. وقال أحمد العجلي: ثقة حسن الحديث فِيهِ تشيُّع قليل. وقال الدارقطني: لا يُتَابع به.

_ 1 تهذيب التهذيب "8/ 256"، والجرح والتعديل "7/ 84"، والمعرفة والتاريخ "2/ 224". 2 التاريخ الكبير "7/ 131"، والجرح والتعديل "7/ 82". 3 التاريخ الكبير "7/ 117"، وميزان الاعتدال "3/ 360". 4 ميزان الاعتدال "3/ 363"، وتهذيب التهذيب "8/ 300".

وقال ابْن سعد: ثقة إن شاء اللَّه، منهم مَن يستضعفه، وكان لا يترك أحدًا يكتب عنده لَهُ سنّ ولقاء. وعن أَبِي بَكْر بْن عياش قَالَ: مَا تركت الرواية عَن فطر إلا لسوء مذهبه. وقال عَبْد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كان فطر عند يحيى ثقة ولكنه خشبي مفرط، وسألت أَبِي مرة عَنْهُ فَقَالَ: ثقة صالح الحديث حديثه حديث رَجُل كيّس إلا أَنَّهُ يتشيّع. وقال أَحْمَد بْن يُونُس: تركته عمدًا، وكان يتشيّع. وقال العقيلي: نا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل أَنَا الْحَسَن بْن علي قَالَ: حدّثت عن جرير قال: كان الأَعْمَشُ ومنصور ومغيرة يشربون فإذا أخذوا فِي رؤوسهم سخروا بفِطر بْن خليفة. يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ نَا فِطْرٌ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَذْكُرْ مُصِيبَتَهُ بِي فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْمَصَائِبِ"1. قَالَ: مَاتَ فِطْرٌ سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ. "حرف القاف": 299- القاسم بْن حبيب الكوفي2، التمّار. عَن عكرمة ومحمد بْن كعب القرظي وبندار بْن حبان وسلمة بْن كهيل. وعنه محمد بْن فضيل ووكيع والمعافى بْن عمران ويحيى بْن يعلى. قَالَ ابْن معين: ليس بشيء. ووثّقه ابْن حبان. 300- القاسم بْن عَبْد الرحمن الأنصاري المسعودي3. سَمِعَ أبا جعفر الباقر. وعنه عيسى بْن يونس والقاسم بْن مالك والأنصاري. ضعّفه أَبُو حاتم.

_ 1 "حديث مرسل": أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة، وأبي نعيم عن بريدة كما في كنز العمال للهندي "6655"، وذكره العقيلي في الضعفاء "3/ 465"، وابن عدي في الكامل "7/ 2625". 2 التاريخ الكبير "2/ 116"، وميزان الاعتدال "3/ 369". 3 المعرفة والتاريخ "3/ 375" والجرح والتعديل "7/ 112".

301- القاسم بن عبد الواحد بن أيمن المكي1، مولى بني مخزوم. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ وأبي حازم الأعرج وعمر بْن عَبْد الله بْن عروة. ومات شابًا. روى عَنْهُ همام بْن يحيى -وَهُوَ أكبر منه- ومحمد بْن محمد بْن نافع وعبد الوارث بن سعيد وداود بن عبد الرحمن العطار. ذكره ابن حبان في الثقات. وقد روى الحروف عَن عَبْد الله بْن كثير. سَمِعَ مِنْهُ الحروف أَبُو يعقوب الأفطس شيخ أحمد بْن جبير الأنطاكي. 302- القاسم بْن مبرور الأيلي الفقيه2. عَن عمه طلحة بْن عَبْد الله وهشام بْن عروة ويونس بْن يزيد. وعنه عمر بْن مروان وخالد بْن نزار الأيليّان. قَالَ خَالِد: قَالَ لِي مالك: مَا فعل القاسم؟ قُلْتُ: توفي، قَالَ: كنت أحسب أن يكون خلفًا من الأوزاعي. قَالَ أَبُو سعيد بْن يونس: مات بمَكَّة سنة ثمان أو تسع وخمسين مائة، صلّى عليه الثوري. 303- القاسم بْن هزّان الخولاني، الداراني. عَن الزهري وإسحاق بن أبي فروة وعمر بْن مهاجر. وعنه الوليد بْن مسلم وغندر والحسن بْن يحيى الخشني وحصين الفزاري. قَالَ أَبُو حاتم: محله الصدق. 304- قباث بْن رزين3 –ن- بن حميد أبو هاشم المصري. عَن عكرمة وعليّ بْن رباح. وعنه ابْن الْمُبَارَك وابن وهب وأبو عَبْد الرحمن المقري وعبد الله بْن صالح. قَالَ أَبُو حاتم: لَا بأس بِهِ، موته فِي سنة ست وخمسين ومائة، وكان إمام جامع مصر.

_ 1 تقريب التقريب "2/ 118"، والمشاهير "148". 2 الجرح والتعديل "7/ 121"، والتهذيب "8/ 333". 3 التاريخ الكبير "7/ 193"، والتهذيب "8/ 343".

وَفِي الصحابة قباث بْن أشيم. 305- قدامة بْن موسى بن عمر1 -م د ت ق- بْن قدامة بْن مظعون القُرَشِيّ الجمحي المكّي. عن أنس بن مالك وأبي صالح السمان وسالم بْن عَبْد الله. وعنه ابنه إِبْرَاهِيم وعبد العزيز الماجشون ووكيع والواقدي وأبو عاصم وجماعة. وثّقه ابْن معين -مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. ورد أَنَّهُ يروي عَن ابْن عمر. 306- قُرّة بْن خالد السدوسي البصري2. عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ وأبي رجاء العطاردي والحسن وابن سيرين ومعاوية بْن قُرّة وجماعة. وعنه حرمي بْن عمارة وزيد بْن الحباب وأبو عامر العقدي وبكر بْن بكار ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وعدد كبير. وكان من جِلّة العلماء. قَالَ يَحْيَى بْن القطَّان: كَانَ من أثبت شيوخنا. مات قُرّة سنة أربع وخمسين ومائة. وقال أَبُو حاتم: قُرّة عندي ثبْت. 307- قَعْنَب أَبُو السماك العدوي3، البصري المقرئ. لَهُ قراءة شاذة فِي الكامل لأبي القاسم الهذلي وَفِي غيره. رواها عَنْهُ أَبُو زَيْدُ سَعِيد بن أوس الأنصاري. وهو قعنب بْن هلال بْن أَبِي مغيث بْن هلال بْن أَبِي قعنب. قَالَ الهذلي: إمام فِي العربية. وقال: قَالَ أَبُو زَيْدُ: طفت العربَ كلها فلم أر فيها أعلم من أَبِي السماك. وقال أَبُو حاتم السجستاني: كَانَ أَبُو السمّاك يقطع ليلة قِيَامًا حَتَّى أخذت عَنْهُ هَذِهِ القراءة ولم يُقرئ الناس بل أخذت عنه الصلاة. وكان صوامًا قوامًا، وقال مُحَمَّد بْن يحيى القطعي: كَانَ أَبُو السمّاك فِي زمانه يقدَّم عَلَى الخليل بْن أَحْمَد. وقال أَبُو زَيْدُ: أعطى مروان بْن مُحَمَّد أَبَا السمّاك ألف دينار فَوَاللَّهِ مَا ترك منها حبة إلا تصدق بها.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 124"، والجرح والتعديل "7/ 128". 2 سير أعلام النبلاء "7/ 95"، والتهذيب "8/ 37"، وتذكرة الحفاظ "1/ 198". 3 التهذيب "8/ 384"، والجرح والتعديل "7/ 148".

308- قيس بن سليم التميمي العنبري1 -م ن- الكوفي العابد. عَن علقمة بْن وائل والضحاك بْن مزاحم ويزيد الفقير. وعنه أَبُو نعيم وأبو أحمد الزبيري وقبيصة. وثّقه أَبُو زرعة وأبو حاتم. لَهُ فِي الكتب ثلاثة أحاديث. "حرف الكاف": 309- كامل بن العلاء2 -د ت ق- أبو العلاء السعدي الكوفي. عَن أَبِي صالح السمان والحكم بْن عتيبة والحسن بْن عمر والفقيمي. وحبيب بْن أَبِي ثابت. وعنه زيد بْن الحباب وإسحاق السلولي وأحمد بْن يونس ومحمد بْن يوسف الفريابي وأبو غسان مالك بْن إسماعيل. وثقه ابْن معين. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أرجو أَنَّهُ لا بأس بِهِ، وَفِي حديثه مَا يُنْكر. 310- كثير بْن زيد الأسلمي الْمَدَنِيّ3 -د ت ق- أبو محمد. عَن سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وسعيد المقبري ونافع وعبد الرحمن بن كعب بْن مالك. وعنه مالك وعبد العزيز الدراوردي وابن أَبِي فديك وزيد بْن الحباب وأبو أحمد الزبيري والواقدي وآخرون. قَالَ أحمد: مَا أرى بِهِ بأسا. وقال أَبُو زرعة: ليس بالقويّ. وقال النسائي: ضعيف. 311- كثير بْن عَبْد الرحمن المؤذن4. عَن عطاء. وعنه عُبَيْد الله بْن موسى والخريبي وأبو نعيم. 312- كثير بن فرقد5.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 129"، والجرح والتعديل "7/ 99". 2 التاريخ الكبير "7/ 244"، وطبقات ابن سعد "6/ 379". 3 تقريب التهذيب "2/ 131"، وميزان الاعتدال "3/ 404"، والمتروكين "89". 4 التاريخ الكبير "7/ 215"، والجرح والتعديل "7/ 154". 5 التهذيب "8/ 424"، والجرح والتعديل "7/ 155".

عَن أَبِي بكر بْن حزم ونافع وعبيد بْن السباق. وعنه عمرو بْن الحارث ومالك والليث. وثّقه ابْن معين وغيره. ينبغي أن يُحوَّل فإنه قديم. 313- كثير بْن أَبِي كثير، أَبُو النضر1. عَن ربعي بْن خراش وأبي بردة وعبد الله بْن فروخ. وعنه عيسى بْن يونس وأبو عاصم وإسحاق بْن سُلَيْمَان وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: مستقيم الحديث. وقال ابْن معين: ضعيف. 314- كعب بْن فروخ2، أَبُو عَبْد الله بصري. عَن عكرمة والحسن البصري وقتادة وجماعة. وعنه عُبَيْد الله الحنفي ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. صدوق. "حرف اللام": 315- لوط بْن يحيى3، أَبُو مخنف الكوفي الرافضي الإخباري صاحب هاتيك التصانيف. يروي عَن الصقعب بْن زهير ومجالد بْن سعيد وجابر بْن يزيد الجعفي وطوائف من المجهولين. وعنه علي بن محمد المدائني وعبد الرحمن بن مغراء وغير واحد. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو حاتم: متروك الحديث. وقال الدارقطني: أخباري ضعيف. فلت: توفي سنة سبع وخمسين ومائة. "حرف الميم": 316- مالك بن الخير الزبادي4. مصري.

_ 1 التهذيب "8/ 427". 2 الجرح والتعديل "7/ 162". 3 معجم الأدباء "7/ 41"، وفوات الأعيان "3/ 225"، والميزان "3/ 419"، وسير أعلام النبلاء "7/ 301". 4 التاريخ الكبير "7/ 312"، والميزان "3/ 426".

يروي عَن أَبِي قبيل والحارث بْن يزيد ومالك بْن سعد. وعنه رشدين بن سعد وابن وهب وزيد بن الحباب. 317- مالك بن مغول1 –ع- بْن عاصم بْن مالك بْن عزية أَبُو عبد الله البجلي الكوفي. سَمِعَ الشعبي وابن بريدة ونافعا وطلحة بْن مصرف وعون بْن أَبِي جحيفة والوليد بْن العيزار وعدة. وعنه: أبو نعيم والغريابي وخلاد بْن يحيى وخلق، كعبد الله بْن مهدي ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وعبد الله بْن نمير ومحمد بْن سابق ويحيى بْن آدم وأبو أحمد الزبيري. وحدّث عَنْهُ من شيوخه أَبُو إسحاق. قَالَ أحمد: ثقة ثبت. وقال العجلي: صالح مُبَرِّز فِي الفصل. وقال ابْن عُيَيْنَة: قَالَ رَجُل لمالك بْن مِغْوَلٍ: اتقِ اللَّه، فوضع خدَّه بالأرض. وقال ابْن إدريس: مَا رَأَيْت مالك بْن مِغْوَلٍ يسبّ دابَّة قط إلا أَنَّهُ ذُكِرْت عنده الرافضة فَبزَقَ فِي الأرض. وقال القوم: أحسنوا فِي الأرض البلاء وأحسن اللَّه عليهم الثناء. قَالَ ابْن عيينة: قَالَ مالك بْن مغول: لئن شئتم لأحلفنّ لكم أن مكانهما فِي الآخرة مثل مكانهما في الدنيا، يعني أبا بَكْر وعمر. وعن شَرِيك قَالَ: رَأَيْت سُفْيَان يشرب النبيذ فِي بيت خير أَهْل الكوفة مالك بْن مغول. قَالَ مُحَمَّد بْن سعد: مات فِي آخر سنة ثمان وخمسين وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة: مات فِي أول سنة تسع. 318- مبارك بْن حسان السلمي البَصْرِيّ2، ثُمَّ الكوفي. عَن الحسن وعطاء بْن أَبِي رباح ونافع. وعنه وكيع وعبد الله بْن موسى وموسى بْن إسماعيل وجماعة. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثقة. وقال أبو داود: منكر الحديث.

_ 1 تهذيب التهذيب "10/ 22", وسير أعلام النبلاء "7/ 174" 2 ميزان الاعتدال "3/ 430"، والتهذيب "10/ 26".

319- مبارك بْن مجاهد1، أَبُو الأزهر المروزي. عَن العلاء بْن عَبْد الرحمن وأيوب بْن أَبِي العوجاء. وعنه عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله الدَّشْتَكيّ وعبد العزيز بْن أَبِي رزمة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. وقال قتيبة: قدري ضعيف جدا. قِيلَ: مات سنة ستين ومائة. 320- المثنّى بْن دينار2، أَبُو محمد القطان. رأى أنس بْن مالك وأبا مجلز وروى عَن جماعة. وعنه يحيى القطان وروح بْن عُبادة وعثمان بْن عُمَر بْن فارس. وهو مقل حسن الحال. 321- المثنى بن سعد3 -د ت ن- ويقال ابن سعيد الطائي، أبو غفار الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وأبي عثمان النهدي وأبي قلابة. وعنه عيسى بْن يونس ويحيى القطان وأبو أسامة والفريابي. قَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. 322- المثنّى بْن سعيد الضبعي4 –ع- أبو سعيد البصري القسام الذراع. عَن أَبِي مجلز لاحق وأبي المتوكل الناجي وقتادة وأبي حمزة. ورأى أنسا. وعنه ابْن علية وعبد الرحمن بْن مهدي وعبد الصمد ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وعدة. وثّقه أحمد. وقال أَبُو حاتم: هُوَ أوثق من أَبِي غفار، يعني الَّذِي قبله. 323- مُجَاعة بْن الزُّبَيْر البصري5. عَن الحسن وأبي الزبير وابن سيرين وقتادة وجماعة. وعنه شعبة والنضر بْن شُمَيْل وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث وعبد الله بن رشيد.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 340"، والمجروحين "3/ 23" 2 تقريب التهذيب "2/ 228"، والميزان "3/ 434". 3 التهذيب "10/ 34". 4 التاريخ الكبير "7/ 418". 5 ميزان الاعتدال "3/ 437"، وسير أعلام النبلاء "7/ 196".

قَالَ أحمد: لم يكن بِهِ بأس فِي نفسه. وقال حاتم بْن مطهر السدوسي: ثنا أبو عبيدة مجاعة بْن الزبير الأَزْدِيّ. وذكره شُعْبَة مرّة فَقَالَ: الصوام القوام. وقال ابْن عديّ: هُوَ مِمَّنْ يُحتَمَل ويُكْتَب حديثه. وقال الدارقطني: ضعيف. 324- مجاهد بْن فرقد1، أَبُو الأسود شامي. عَن أَبِي منيب الجرشي وواثلة بْن الخطاب. وعنه إسماعيل بْن عياش ومحمد بْن إسحاق الرملي والفريابي وغيرهم. فِي عداد الشيوخ. وله حديث منكر. 325- مجمع بن يعقوب2 -د ن- بْن مجمع بْن يزيد بْن جارية الأنصاري المدني القباني. عَن أبيه وربيعة الرائي وغيرهما. قَالَ ابْن سعد: توفي سنة ستين ومائة. وهذا وهمٌ. قَالَ قتيبة: لقيه وروى عَنْهُ. 326- محرز بْن عبد الله أبو رجاءالجزري3 -ق-. مولى هشام بْن عَبْد الملك. عَن مكحول وعروة بن رويم وبرد بن عبيد سنان وعنه أَبُو معاوية ومحمد بْن بشر ويعلى بْن عُبَيْد والفريابي. نزل الكوفة. قَالَ أَبُو داود: ليس بِهِ بأس. 327- مُحِلّ بْن محرز الضبّي4، الكوفي. عَن أَبِي وائل وإبراهيم النخعي والشعبي. وعنه يحيى القطان وعبيد الله بْن موسى وأبو نعيم وخلاد بْن يحيى وجماعة. وثّقه أحمد وغيره. وقال أَبُو حاتم: كَانَ آخر من بقي من أصحاب إِبْرَاهِيم. ما بحديثه بأس ولا يحتج بِهِ. وقال النَّسائيّ لَيْسَ بِهِ بأس. وقال القطّان: وَسَط ولم يكن بذاك. قُلْتُ: لم يخرجوا له شيئًا. وتوفي سنة ثلاث وخمسين ومائة.

_ 1 التهذيب "10/ 44"، وميزان الاعتدال "3/ 440". 2 تهذيب التهذيب "10/ 48". 3 تقريب التهذيب "2/ 231"، والميزان "3/ 445". 4 التاريخ الكبير "8/ 20"، والمجروحين "3/ 19".

328- محمد بن إسحاق1 –م- تبعًا -ابن يسار المطلبي المخرمي مولاهم الْمَدَنِيّ أَبُو بكر. ويقال: أَبُو عَبْد الله الأحول أحد الأعلام وصاحب المغازي. كَانَ يسّار من سبي عين التمر، مَوْلَى لقيس بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ. وقال الهيثم بْن عدي والمدائني: مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن يسّار بْن خيار وكان خيار مَوْلَى لقيس بْن مخرمة. قُلْتُ: رأى أنس بْن مالك وسعيد بْن المسيب. ومولده سنة نيف وثمانين. وحدث عن أبيه وعن موسى بْن يسار وعطاء والأعرج وسعيد بْن أَبِي هند والقاسم بْن محمد وفاطمة بنت المنذر والمقبري وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْن قتادة وابن شهاب وعبيد الله بْن عَبْد الله بْن عمر ومكحول ويزيد بْن أَبِي حبيب وسليمان بْن سحيم وعمرو بْن شعيب ونافع وأبي جعفر الباقر وخلق سواهم. وعنه جرير بْن حازم والحمادان وإبراهيم بْن سعد وزياد بْن عَبْد الله وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى وعبدة بْن سُلَيْمَان وسلمة بْن الفضل ومحمد بْن سلمة الحراني ويونس بْن بكير ويعلى بْن عُبَيْد وأحمد بْن خالد الذهبي ويزيد بْن هارون، وعدد كثير. وكان بحرًا فِي العلم حِبْرًا فِي معرفة أيام النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى عَنْ سلمة بْن الفضل عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ: رَأَيْت أَنَسًا عَلَيْهِ عمامة سوداء والصبيان يشيرون ويقولون: هَذَا رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يموت حَتَّى يلقى الدجّال2. وقال عَبَّاس الدوري: قد سَمِعَ ابْن إِسْحَاق مْن أَبَان بْن عُثْمَان ومن أَبِي سلمة بْن عَبْد الرَّحْمَن. قاله لنا ابن معين. وقال يحيى بن كثير وغيره عَن شُعْبَة قَالَ: ابْن إِسْحَاق أمير المؤمنين فِي الحديث. وقال الخطيب: حدّث عَنْهُ يحيى بْن سَعِيد الأنصاري وابن جُرَيْج والثوري وشعبة.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 214"، وميزان الاعتدال "3/ 461"، والتهذيب "9/ 38"، وطبقات ابن سعد "7/ 321"، وغيره. 2 سير أعلام النبلاء "7/ 31".

وقال الزُّهْرِيّ: لا يزال بالمدينة عِلْم جَمٌّ مَا كَانَ فيهم مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وكذا قَالَ عاصم بْن عُمَر بْن قَتَادَةَ، وهما شيخاه. وقال الْبُخَارِيّ: نا عليّ بْن عَبْد اللَّه سَمِعَ سُفْيَان يَقُولُ: مَا رَأَيْت أحدًا يتّهم ابْن إِسْحَاق. قَالَ الْبُخَارِيّ: ينبغي أن يكون لَهُ ألف حديث ينفرد بها. قَالَ يُونُس بْن بُكَيْر: سَمِعْت شُعْبَة يَقُولُ: ابْن إِسْحَاق أمير المؤمنين فِي الحديث، فَقِيلَ لَهُ: ولِم؟ فَقَالَ: لحفظه. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَة1: سألت علي بن المديني عن إِسْحَاقَ فَقَالَ: حَدِيثُهُ عِنْدِي صَحِيحٌ. قُلْتُ: فَكَلامُ مَالِكٍ، قَالَ: مَالِكٌ لَمْ يُجَالِسْهُ وَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَأَيَّ شَيْءٍ حَدَّثَ بِالْمَدِينَةِ. قُلْتُ: فَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ، قَالَ: الَّذِي قَالَ هِشَامٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لَعَلَّهُ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهُوَ غُلامٌ وَأَنَّ حَدِيثَهُ لَيْسَ فِيهِ الصِّدْقُ، يَرْوِي مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، وَمَرَّةً ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ. وَيَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِي سَلَفٍ وَبَيْعٍ وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَلَمْ أَرَ لَهُ إِلا حَدِيثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ أَحَدَهُمَا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ" 2، وَالآخَرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْدِ بن خالد "من مس فرجه فليتوضأ" 3. وقال أحمد العجلي: ابْن إسحاق ثقة. وقال عباس عَن ابْن معين: ثقة لكن ليس بحجة. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ليس بِهِ بأس. ومرة قَالَ: ليس بذاك ضعيف. وقال يعقوب بْن شيبة عَن ابْن معين: هُوَ صدوق. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي: وقال هارون بْن معروف: سَمِعْت أَبَا مُعَاوِيَة يقولُ: كَانَ ابْن إِسْحَاق من أحفظ الناس، فكان الرجل إذا كان عنده خمسة أحاديث

_ 1 انظر المصدر السابق "7/ 37". 2 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "1119"، والترمذي "526". 3 "حديث صحيح": أخرجه النسائي "1/ 216"، وابن ماجه "481-482"، وأحمد في مسنده "6/ 406" وغيره.

أو أكثر جاء فاستودعها ابنَ إِسْحَاق وقال احفظها عليّ، فَإِن نسيتها كنت قد حفظتها عليّ. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي: تكلّم أربعة فِي ابْن إِسْحَاق، فأما سُفْيَان وشعبة فكانا يقولان: أمير المؤمنين في الحديث. وقال أحمد بْن حنبل: حسن الحديث. وقال الْحَسَن بن علي الحلواني: سمعت يزيد بْن هارون يَقُولُ: لو كَانَ لِي سلطان لأمَّرت ابْن إسحاق عَلَى المحدّثين. وقال أَبُو أمية الطرسوسي: ثنا علي بْن الْحَسَن النسائي ثنا فياض بن محمد الرقي سَمِعْت ابْن أَبِي ذئب يَقُولُ: كُنَّا عند الزُّهْرِيّ فنظر إِلَى ابْن إِسْحَاق يُقْبِلُ فَقَالَ: لا يزال بالحجاز علم كثير مَا دام هَذَا الأحول بين أظهرهم. وقال ابْن عَلية: سَمِعْت شُعْبَة يَقُولُ: هُوَ صدوق. وقال ابْن المديني: قُلْتُ لسفيان: أكان ابْن إسحاق جالس فاطمة بِنْت المنذر؟ فَقَالَ: أخبرني أنها حدّثته فإنه دخل عليها. قُلْتُ: الَّذِي استقر عَلَيْهِ الأمر أن ابْن إسحاق صالح الحديث وأنه فِي المغازي أقوى مِنْهُ فِي الأحكام. وقد قَالَ يحيى بْن سَعِيد: سَمِعْت هشام بْن عروة يكذّبه. وقال أَبُو الْوَلِيد: نا وُهَيْب بْن خَالِد سَأَلت مالكًا عَن ابْن إِسْحَاق فَقَالَ واتّهمه. وقال أَحْمَد بْن زهير: سَمِعْت ابْن مهدي يَقُولُ: كَانَ يحيى بْن سَعِيد الأَنْصَارِيّ ومالك يجُرِّحان مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. وقال العقيلي: حدّثني الفضيل بْن جَعْفَر نا عَبْد الملك بن محمد نا سليمان بن دَاوُد قَالَ لِي يحيى بْن سَعِيد القطَّان: أشهد أن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق كذّاب. قُلْتُ: وما يدريك؟ قَالَ: قَالَ لِي وُهَيْب. فَقُلْتُ لوهيب: مَا يدريك؟ قَالَ: قَالَ لِي مالك، فَقُلْتُ لمالك: وما يدريك؟ قَالَ: قَالَ لِي هشام بن عروة، قلت له: وما يدريك؟ قَالَ: حدّث عَن امرأتي وأُدْخِلَتْ عليّ وهي بِنْت تسع سنين وما رآها رَجُل حَتَّى لَقِيتِ اللَّه1. قُلْتُ: هَذِهِ حكاية باطلة، وَسُلَيْمَان الشاذكوني ليس بثقة، وما أُدْخِلت فاطمة عَلَى هشام إلا وهي بِنْت نيّفٍ وعشرين سنة فإنها أكبر مِنْهُ بنحوٍ من تسع سنين، وقد

_ 1 وراجع سير أعلام النبلاء "7/ 41-42".

سَمِعْت من أسماء بنت الصديق، وهشام لم يسمع من أسماء مَعَ أنها حدثتها. وأيضا فَلَمَّا سَمِعَ ابْن إِسْحَاق منها كَانَتْ قد عجزت وكبرت وهو غلام أو هُوَ رَجُل من خلف الستر. فإنكار هشام بارد. قَالَ ابْن المديني: سَمِعْت يحيى يَقُولُ: قُلْتُ لهشام: ابْن إِسْحَاق يحدّث عَن فاطمة بِنْت المنذر، فَقَالَ: أهو كَانَ يَصِلْ إليها. وقال يحيى بْن آدم: نا ابْن إدريس قَالَ: كنت عند مالك فَقَالَ لَهُ رَجُل: إن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق يقول: اعْرِضُوا عليّ عِلْم مالك فإِني بيطاره، فَقَالَ مالك: انظروا إِلَى دجّال من الدجاجلة يَقُولُ: اعرضوا عليّ علم مالك. قَالَ ابْن إدريس: مَا رَأَيْت أحدًا جمع الدجّال قبله1. وقال عَبْد الْعَزِيز الدراوَرَدي وابن أَبِي حازم: كُنَّا فِي مجلس ابْن إِسْحَاق فنعس ثُمَّ رفع رأسه فَقَالَ: رَأَيْت كأن حمارًا أخرِج من دار مروان فِي عنقه حبل، فما لبثا أن دخل أعوان السلطان فوضعوا فِي عنق ابْن إِسْحَاق حبلا وذهبوا بِهِ فَجُلِد. زاد سعيد الزبير راويها عَن الدراوردي قَالَ: من أجل القدر. فَقَالَ هارون بْن معروف كَانَ ابْن إِسْحَاق قَدَرِيًّا. وقال الجوزجاني: ابْن إِسْحَاق يُشَبِهّون حديثَه وهو يُرْمَى بغير نوع من البِدَع. وأما محمد بن عبد الله بن نمير فقال: رُمي بالقدر وكان أبعد الناس مِنْهُ. وقال مكي بْن إِبْرَاهِيم: جلست إِلَى ابْن إِسْحَاق وكان يُخَضّب بالسواد فذكر أحاديث فِي الصِّفَة فَنَفَرْتُ منها فلم أعد إِلَيْهِ. وقال ابْن معين: كَانَ يحيى القطَّان لا يَرْضَى ابْن إِسْحَاق ولا يروي عَنْهُ. وقال عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد: لم يكن أَبِي يحتج بابن إِسْحَاق فِي السُّنَن. وقال النسائي ليس بالقويّ. وقال الدارقطني: لا يُحتَج بِهِ. وقال مُحَمَّد بْن يحيى بْن سَعِيد القطَّان: قَالَ أَبِي: سَمِعْت مالكًا يَقُولُ: يَا أَهْل العراق لا يغت عليكم بعد مُحَمَّد بْن إِسْحَاق أحد. وَفِي لفظ: من يغت عليكم بعد مُحَمَّد بْن إِسْحَاق. وقال مُحَمَّد بْن أَبِي عديّ: كَانَ ابْن إِسْحَاق يلعب بالديوك وقال القطَّان تركت ابْن إِسْحَاق عمدا فلم أكتب عَنْهُ. وقال أَبُو حاتم: ليس بالقويّ عندهم. وقال محمد بن سلام الجمحي: وممن

_ 1 انظر المصدر السابق.

هجَّنَ الشعرَ وأفسده وحمل كل عناء وقبل الناس مِنْهُ أشعارًا لا أصل لها ابْن إِسْحَاق، وكان يعتذر من ذَلِكَ ويقول: لا علم لِي بالشعر إنما أوتي بِهِ جملة. ولم يكن ذَلِكَ عذرًا لَهُ. قُلْتُ: لا ريب أن فِي السيرة شعرًا كثيرًا من هَذَا الضَّرْب. قَالَ أَبُو حَفْص الصيرفي: سَمِعْت يحيى بْن سَعِيد يَقُولُ لعبيد اللَّه القواريري: أَيْنَ تذهب؟ قَالَ: إِلَى وهب بْن جرير، أكتب السيرة، قَالَ: تكتب كذبًا كثيرًا. قُلْتُ: وكذا فِي السيرة عجائب ذكرها ابْن إِسْحَاق بلا إسناد تلقَّفَها وفيها خير كثير لمن لَهُ نقْد ومعرفة. وقال ابْن أَبِي فديك: رَأَيْت ابْن إِسْحَاق كثير التدليس فإذا قَالَ: حدّثني وأخبرني، فهو ثقة. مات ابْن إِسْحَاق سنة إحدى وخمسين ومائة. قاله عدة. وقال المدائني وغيره: مات سنة اثنتين وخمسين. 329- محمد بن أيوب1 –م- أَبُو عاصم الثقفي الكوفي. وَقِيلَ: محمد بْن أيوب. عَن الشعبي وقيس بْن مسلم ويزيد الفقير. وعنه وكيع وأبو نعيم وخلاد بْن يحيى. وثّقه أحمد وغيره. وورد أَنَّهُ عرض القرآن عَلَى أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السلمي. 330- محمد بْن مالك بْن أسلم البناني2 -ت-. عَن أبيه ومحمد بْن المنكدر وجعفر بْن محمد. وعنه جعفر بْن سُلَيْمَان الضبعي وأبو داود الطيالسي وبكر بْن بكار وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث وجماعة. قَالَ البخاري: فِيهِ نظر. وقال النسائي، وغيره: ضعيف. 331- محمد بْن جعفر بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ3 بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الهاشمي العباسي.

_ 1 تهذيب التهذيب "9/ 69"، والجرح والتعديل "7/ 198"، والمعرفة والتاريخ "3/ 137". 2 لم أقف على ترجمته فيما تحت يدي من مصادر. 3 تاريخ بغداد "2/ 111".

كَانَ من ندماء المنصور، كَانَ أديبًا لبيبًا يُعدّ من عَقَلَةِ الرجال. وكان المنصور يمازحه ويلتذّ بمحادثته. وكان يكلم المنصور فِي حوائج الناس. وكانت وفاته قريبة من وفاة المنصور. وله تقدّم فِي النسب. 332- محمد بْن أَبِي حفصة ميسرة1 -م خ ن- أبو سلمة بن ميسرة المدني نزيل البصرة. عَن الزهري وأبي جمرة الضبعي وقتادة وعلي بْن زيد. وعنه سفيان الثوري وحماد بْن زيد وابن الْمُبَارَك وأبو معاوية وروح بْن عبادة وغيرهم. وثّقه ابْن معين. ومرة قَالَ: ليس بالقويّ. وضعّفه يحيى القطان والنسائي. وقال ابْن عديّ: هُوَ من الضعفاء الَّذِينَ يُكتب حديثهم. وقال ابْن المديني: قُلْتُ ليحيى: حملت عَن مُحَمَّد بْن أَبِي حفصة؟ قَالَ: نَعَمْ كتبت حديثه كله ثُمَّ رميت بِهِ بعد ذَلِكَ، ثُمّ قَالَ: هُوَ نحو صالح بْن أَبِي الأخضر. 333- محمد بْن أَبِي حميد الأنصاري2 -ن ق- الزرقي الْمَدَنِيّ. وهو الذي يقال لَهُ حماد بْن أَبِي حميد. عَن محمد بْن كعب القُرَظي وعمرو بْن شعيب وعون بْن عَبْد الله بْن عتبة ونافع وجماعة. وعنه ابْن وهب وابن أَبِي فديك وأبو داود وبكر بْن بكار والقعنبي. ضعّفه أَبُو زرعة. وقال أحمد: أحاديثه مناكير. وقال مرة: ليس بالقوي. وروى عباس عَن ابْن معين أَنَّهُ ليس بشيء. وقال البخاري: مُنْكَر الحديث. 334- محمد بْن ذكوان3 –ق- الطاحي. مولاهم البَصْرِيّ، خال أولاد حماد بْن زيد.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 163"، وتاريخ الدوري "2/ 511". 2 التاريخ لابن معين "240"، والتهذيب "9/ 132". 3 التاريخ الكبير "1/ 79"، والتهذيب "9/ 156"، والتقريب "2/ 160".

روى عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ الله وابن سيرين وعطاء بْن أَبِي رباح وجماعة. وعنه شعبة وعبد الوارث وابن طهمان إِبْرَاهِيم وعبد الله بْن بَكْر السَّهميّ وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث وحجاج بْن نصير. وثّقه ابْن معين. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سقط الاحتجاج بِهِ. 335- محمد بْن أَبِي الزُّعَيْزِعَة1، الأذرعي مولى بني أمية. عن عطاء ونافع، وعنه محمد بن عيسى بن سميع قال أبو حاتم: منكر الحديث جدًا، وكذا قاله البخاري وقال أبو حاتم: لا يشتغل به. 336- محمد بن شريك أبو عثمان المكي. عن عطاء وابن مليكة وعمرو بْن دينار. وعنه وكيع وأبو أسامة وأبو أحمد الزبيري وأبو نعيم. وثّقه أَبُو زرعة وجماعة. وهو مقل. 337- محمد بْن عبد الله بن مسلم2 –ع- بْن عُبَيْد الله بْن شهاب، أَبُو عَبْد الله الزهري المدني، ابْن أخي ابْن شهاب. عَن عمه وأبيه. وعنه يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سعد ومعن بْن عيسى والواقدي والقعنبي وغيرهم. وثّقه أَبُو داود. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، قِيلَ: إِنَّهُ قَتَلَهُ غِلْمَانُهُ وَابْنُهُ لأَجْلِ الْمِيرَاثِ ثُمَّ قُتِلَتِ الْغِلْمَانُ بَعْدُ، وَكَانَ مَقْتَلُهُ فَجْأَةً سَنَةَ سبع وخمسين ومائة. وقد تفرد الزُّهْرِيِّ بِثَلاثَةِ أَحَادِيثَ. أَحَدُهَا: عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "كل أمتي معافى إلا المهاجرون" 3 الْحَدِيثَ. وَثَانِيهَا: عَن سالم عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي خطبته: "كل مَا هُوَ آتٍ قريب لا بُعد لما هُوَ آتٍ لا يجعل اللَّه لعجلة أحد ولا خُلْف لأمر اللَّه مَا شاء اللَّه كَانَ، ولو كره الناس لا مُبْعِد لما قَرْب ولا مُقَرَّب لما بَعُد ولا يكون شيء إلا بإذن اللَّه عزّ وجلّ"4. رواهما إِبْرَاهِيم بْن سعد عَنْهُ. وروى الواقدي الخبر الثاني عنه

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 88"، وميزان الاعتدال "3/ 548". 2 تهذيب التهذيب "9/ 278"، والمجروحين "2/ 249". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6069"، ومسلم "2990"، وغيرهما. 4 "مرسل": أخرجه أبو داود "ص/ 145" في مراسيله، والبيهقي في الأسماء والصفات كما في الدر المنثور "6/ 245-246"، للسيوطي، وذكره القرطبي "18/ 112" كما في التفسير وغيره.

ولكن الواقدي تالف. والثالث: رواه حَمْزَةُ بْن رشيد الباهلي نا إِبْرَاهِيم بْن سعد ابن أخي ابن شهاب عم امرأته أمّ الحجّاج بِنْت مُحَمَّد بْن مُسْلِم قال: كَانَ أَبِي يأكل بكفّه فَقُلْتُ: لو أكلت بثلاث أصابع، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يأكل بكفه كلها1. فهذا منقطع. 338- محمد بْن عَبْد الله بْن المهاجر2 -4- الشعيثي النضري. بالنون الدمشقي. عَن خالد بْن معدان ومكحول والقاسم بْن مخيمرة وجماعة. وعنه ابنه عمرو والوليد بْن مسلم ووكيع وحجاج بْن محمد وأبو عَبْد الرحمن المقري وطائفة. وثّقه دحيم وغيره. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. مات سنة أربع وخمسين ومائة، وقيل: سنة خمس. وقد روى حديثًا عَن الْحَارِث بْن بدل إنسان مُخْتَلَفٌ فِي صحبته. 339- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ الأسلمي3 –ق- مدني. لَهُ عَن عمه حكيم بْن أَبِي حرة والمقري وعطاء بْن أَبِي مروان. وعنه سُلَيْمَان بْن بلال والدراوردي وحماد بْن خالد والواقدي وغيرهم. وثّقه ابْن معين. لَهُ عند ابْن ماجه حديث. 340- محمد بْن عَبْد الله4، أَبُو مخلد العمي البصري. عَن ثابت البناني وعليّ بْن جدعان ويزيد الرقاشي. وعنه أَبُو النضر هاشم بْن القاسم. قَالَ العقيلي: لا يقيم الحديث. 341- محمد بن عبد الرحمن5 -د ق- بن عرق أبو الوليد الحمصي.

_ 1 وانظر الموضوعات لابن الجوزي "3/ 36"، وتنزيه الشريعة "2/ 258"، والشوكاني في الفوائد "157". 2 التاريخ الكبير "1/ 132"، والتهذيب "9/ 280". 3 التاريخ الكبير "1/ 142"، والتهذيب "9/ 251". 4 لم أقف له على ترجمة فيما تحت يدي من مصادر. 5 التاريخ الكبير "1/ 151"، وتهذيب التهذيب "9/ 300".

عَن أبيه وعبد الله بْن بسر الصحابي. وعنه بقية وعثمان بْن سعيد بْن كثير ويحيى بْن سعيد القطان ومحمد بْن سُلَيْمَان بومة. لم يضعف. 342- ابن أبي ذئب1 –ع- مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بْن المغيرة بْن الحارث بن أبي ذئب. واسم أَبِي ذئب هشام بْن شعبة القرشي العامري الإمام أَبُو الحارث الْمَدَنِيّ أحد الأعلام. روى عَن عكرمة وسعيد مولى ابْن عباس وشرحبيل بن سعد ونافع وأسيد بن أَبِي أسيد البراد وسعيد المقبري وصالح مولى التوأمة والزهري وخاله الحارث بْن عَبْد الرحمن القرشي ومسلم ابن جندب والقاسم بْن عباس ومحمد بْن قيس وخلق. وعنه يحيى القطان وحجاج الأعور وشبابة وأبو علي الحنفي وابن الْمُبَارَك وابن أَبِي فديك وأبو نعيم وآدم بْن أَبِي إياس وأحمد بْن يونس وعاصم بْن عليّ والقعنبي وأسد بْن موسى وعليّ بْن الجعد وعدد كثير. قال أحمد بن حنبل: كان شبيه سَعِيد بْن المسيّب، فَقِيلَ لأحمد: خلف مثله؟ فقال: لا، وقال كان أفضل من مالك إلا أن مالكًا -رحمه اللَّه- أشدّ تنقية للرجال مِنْهُ. وقال الواقدي: مولده سنة ثمانين. وكان من أروع الناس وأفضلهم. ورُمي بالقَدَر وما كَانَ قَدَرِيًّا لقد كَانَ يتّقي قولَهم وُيعَيّبه ولكنه كَانَ رجلا كريمًا يجلس إِلَيْهِ كل أحد ويغشاه فلا يطرده ولا يَقُولُ لَهُ شيئًا وإن مرض عاده وكانوا يتّهمونه بالقَدَر لهذا وشبهه، قَالَ: وكان يصلّي الليل أجمع ويجتهد فِي العبادة. ولو قِيلَ لَهُ: إِنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ غَدًا مَا كَانَ فِيهِ مزيد من الاجتهاد. وأخبرني أخوه قَالَ: كَانَ أخي يصوم يومًا ويُفطر يومًا ثُمَّ سرد الصوم وكان شديد الحال يتعشّى الخبز والزيت، وله قميص وطيلسان يشتو فِيهِ ويصيّف. وكان من رجال الناس صرامة وقولا بالحق. وكان يحفظ حديثه لم يكن لَهُ كتاب. روى هَذَا الفضل بْن سعد عَن الواقدي. وفيه أيضًا قَالَ: وكان يروح إِلَى الجمعة باكرًا فيصلّي حَتَّى يخرج الإِمَام ورأيته يأتي دارَ أَجداده عند الصفا فيأخذ كراءها. وكان لا يغير شيبه.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 296"، والتقريب "2/ 184"، وسير أعلام النبلاء "7/ 109"، وطبقات خليفة "273".

قَالَ: وَلَمَّا خرج مُحَمَّد بن عَبْد الله بن حسن لزم بيته إِلَى أن قُتِل مُحَمَّد. وكان الْحَسَن بْن زَيْدُ الأمير يُجْرِي عَلَى ابْن أَبِي ذئب كل شهر خمسة دنانير. وقد دخل مرةً عَلَى والي المدينة عَبْد الصمد وكلّمه فِي شيء. فَقَالَ عَبْد الصمد بْن علي: إِنِّي لأراك مُرائِيًا فأخذ عودًا وقال: مراء فَوَاللَّهِ للناس عندي أهون من هَذَا. ولما ولي ولاية المدينة جَعْفَر بْن سُلَيْمَان بعث إِلَى ابْن أَبِي ذئب بمائة دينار فاشترى منها ساجًا كرديًا بعشرة دنانير فلبسه عُمْرَه وقد قدم بِهِ عليهم بغداد فلم يزالوا بِهِ حَتَّى قبل منهم فأعطوه ألف دينار. يعني الدولة. فَلَمَّا رَدّ مات بالكوفة. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: بَلَغَ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَأْخُذْ بِحَدِيثِ "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ" 1 فَقَالَ: يُسْتَتَابُ مَالِكٌ فَإِنْ تَابَ وَإِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هو أروع وَأَقْوَلُ بِالْحَقِّ مِنْ مَالِكٍ. أنبأني المسلم بْن مُحَمَّد والمؤمل بْن إلياس قَالا: أَنَا الكندي أنا القزاز أن أبو بكر الخطيب أن الصيرفي أَنَا الأصم أَنَا عَبَّاس الدوري سَمِعْت يحيى يَقُولُ: ابْن أَبِي ذئب سَمِعَ عكرمة. وبه قَالَ الخطيب: أَنَا الجوهري أَنَا ابْن المرزبان ثنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى الْمَكِّيّ ثنا أَبُو العيناء قَالَ: لما حج المهدي دخل مسجد الرَّسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يبق أحد إلا قام إلا ابْن أَبِي ذئب: فَقَالَ لَهُ المسيّب بْن زهير: قم هَذَا أمير المؤمنين. فَقَالَ ابْن أَبِي ذئب: إنما يَقُومُ الناس لرب العالمين، فَقَالَ المهدي: دعه فلقد قامت كل شعرة فِي رأسي2. وبه قَالَ أَبُو العيناء. وقال ابْن أَبِي ذئب للمنصور: قد هلك الناس فلو أَعَنْتهم من الفَيْء. قَالَ: ويلك لولا مَا سددت من الثغور لكنت تُؤتَى فِي منزلك فتذبح. فقال: قد سدد الثغور وأعطى الناس مَنْ هُوَ خيرٌ منك عُمَر. فنكَس المنصور رأسه والسيف بيد المسيّب ثُمَّ قَالَ: هَذِا خير أَهْل الحجاز. وقال أحمد بن حنبل وغيره: كان ثقة.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "2079"، ومسلم "1532"، وأبو داود "3459"، والترمذي "1246"، وغيرهم. 2 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 112".

قَالَ أَحْمَد: وقد دخل عَلَى أَبِي جَعْفَر المنصور فلم يذهله أنْ قَالَ لَهُ الحقّ وقال الظلم ببابك فاشٍ. وأبو جَعْفَر أَبُو جَعْفَر1. قَالَ مصعب الزُّبَيْري: كَانَ ابْن أَبِي ذئب فقيه المدينة2. وقال الْبَغَوِيُّ: ثنا هارون بْن سُفْيَان قَالَ: قَالَ أَبُو نعيم: حججت سنة حج أَبُو جَعْفَر ومعه ابْن أَبِي ذئب ومالك بْن أَنَس، فدعا ابْن أَبِي ذئب فأقعده معه عَلَى دار الندوة فَقَالَ لَهُ: مَا تقول فِي الْحَسَن بْن زَيْدُ بْن حسن. يعني أمير المدينة؟ فَقَالَ: إنه ليَتَحَرّى العدل. فَقَالَ لَهُ: مَا تقول فِيّ –مرتين- فَقَالَ: وربّ هَذِهِ البنية إنك لجائر. قَالَ: فأخذ الرَّبِيع الحاجب بلحيته. فَقَالَ لَهُ أَبُو جعفر: كُفَّ يَا بْنَ اللخناء3، وأمر لابن أبي ذئب بثلاثمائة دينار4. وقال مُحَمَّد بْن المسيّب الأرغِياني: سَمِعْت يونس بن عبد الأعلى يَقُولُ: سَمِعْت الشافعي يَقُولُ: مَا فاتني أحد فأسفت عَلَيْهِ مَا أسفت عَلَى الليث وابن أَبِي ذئب. فَقُلْتُ: أما الليث5 فنعم وأما ابْن أَبِي ذئب فكيف كَانَ يمكنه الرحلة إِلَيْهِ وإنما أدرك من حياته تسع سنين. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل: أَيُّما أعجب إليك ابْن عجلان أو ابن أبي ذئب؟ فقال: ما فيها إلا ثقة. وقال ابْن المديني: سَمِعْت يحيى بْن سَعِيد يَقُولُ: كَانَ ابْن أَبِي ذئب عَسِرًا أعْسَر أَهْل الدنيا، إنْ كَانَ معك الكتاب قَالَ: اقرأْهُ وإنْ لم يكن معك كتاب فَإِنَّمَا هُوَ حِفْظ. فَقُلْتُ: كيف كنت تصنع فِيهِ؟ قَالَ: كنت أتحفّظها وأكتبها6. وقال الجوزجاني لأحمد: فابن أَبِي ذئب سماعه من الزُّهْرِيّ أو عَرْضٌ هُوَ؟ قَالَ: لا تبالي كيف كَانَ. وقال أَحْمَد بْن علي الأَبّار: سَأَلت مُصْعبًا عَن ابْن أَبِي ذئب فَقَالَ: مُعَاذِ اللَّه أن يكون قَدَرِيًّا إنما كَانَ زمن المهدي قد أخذوا أَهْل القدَرَ وضربوهم

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 112". 2 انظر المصدر السابق. 3 اللخناء: يعني المنتنة. ويقال: اللخناء التي لم تخن. 4 انظر المصدر السابق. 5 وفي السير "7/ 113"، قال: "أما فوات الليث ... ". 6 انظر السابق.

ونفوهم فنجا مِنْهُ قوم فجلسوا إِلَيْهِ واعتصموا بِهِ من الضرب فَقِيلَ هُوَ قَدَرِيّ لِذَلِكَ، لقد حدّثني من أثق بِهِ أَنَّهُ مَا تكلم فِيهِ قط. وسئل أَحْمَد بْن حنبل عَنْهُ فوثّقه ولم يرضه فِي الزُّهْرِيّ. وقال ابن معين: ثقة، سمع من عكرمة. كان ابْن أَبِي ذئب سنة تسع وخمسين ومائة بعدما انصرف من بغداد، مات بالكوفة وقد أسنى المهديّ جائزته. 343- محمد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ1، التُّجَيْبيّ المصري الأمير. ولي الديار المصرية لأبي جعفر. وحدث عَن أبيه -مات سنة خمس وخمسين ومائة. 344- مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ2 –ق- مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخُو عَبْدِ اللَّهِ وَعَوْنٍ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَإِخْوَتِهِ. وَعَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَيَحْيَى بْنُ يَعْلَى الأَسْلَمِيُّ وَمَعْمَرٌ وَمُغِيرَةُ ابْنَاهُ. قَالَ الْبُخَارِيّ: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ الرَّمْلِيُّ ثنا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: "إِذَا طَنَّتْ أُذُنُ أَحَدِكُمْ فلْيُصَلِّ عَلَيَّ وَلْيَقُلْ ذَكَرَ اللَّهُ مَنْ ذَكَرَنِي بِخَيْرٍ"3. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هَذَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ. 345- محمد بْن عُبَيْد الله العَرْزَمي الكوفي4 -د ق-. عَن مكحول وعطاء وعمرو بْن شعيب ومحمد بْن زياد الْجُمحي وعدة. وعنه شعبة والثوري وسيف بْن عمر وعلي بْن مسهر ومحمد بْن سلمة الحراني. وآخر من

_ 1 كتاب الولاة والقضاة "ص/ 101، 116، 118، 119". 2 تقدمت ترجمته في الطبقة السابقة. 3 "ضعيف": أخرجه ابن السني "166"، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول "2/ 611"، وابن القيم في جلاء الأفهام "ص/ 61"، وقد تقدم الكلام عليه قريبًا. 4 التاريخ الكبير "1/ 171"، والجرح والتعديل "8/ 1".

حدث عنه قبيصة بن عقبة. وكان من عباد الله الصالحين لكنه واهٍ. قَالَ أحمد: ترك الناس حديثه. وقال الفلاس: متروك الحديث. وقال ابْن معين: لا يُكتب حديثه. وقال وكيع: كان محمد بن عبيد الله العزرمي رجلا صالحًا قد ذهبت كُتُبُه فكان يحدِّث حِفْظًا فَمَنْ ذَلِكَ أتى. وقال القطّان: سَأَلت العزرمي فجعل لا يحفظ فأتيته بكتاب فجعل لا يحسن يقرأ. وقال البخاري: تركه ابْن الْمُبَارَك وغيره. قُلْتُ: فهو من شيوخ شُعْبَة وما أَظنّ شُعْبَة روى عَن أضعف مِنْهُ. وكناه قبيصة أَبَا عَبْد الرَّحْمَن. وقال خ: قَالَ لِي عبّاد بْن أَحْمَد: هُوَ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي سُلَيْمَان الفزاري، وهو ابْن أخي عَبْد الملك بْن أَبِي سُلَيْمَان. ويقال: مات سنة خمس وخمسين ومائة. 346- محمد بْن عمارة بْن عمرو بْن حزم1 -4- الأنصاري المدني. عَن عمه أَبِي بكر بْن محمد ومحمد بْن إِبْرَاهِيم التيمي. وعنه مالك وصفوان بْن عيسى وأبو عاصم وغيرهم. وثّقه ابْن معين. 347- محمد بْن عمران بْن إِبْرَاهِيم بْن طلحة2 بْن عُبَيْد الله القرشي التيمي المدني أَبُو سُلَيْمَان. أحد الأشراف. ولي قضاء المدينة لبني أميّة ثُمَّ وليها للمنصور. قَالَ ابْن سعد: كَانَ مهيبًا جليلا صليبًا من الرجال. وكان قليل الرواية. مات سنة أربع وخمسين ومائة، فَلَمَّا بلغ موتُه المنصورَ قَالَ: اليوم استوت قريش. وذكره ابْن أَبِي حاتم مختصرًا. 348- محمد بْن فضاء بْن خالد الجهضمي3 -د ت ق- أبو بحر البصري العابد.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 193"، والميزان "3/ 662". 2 الجرح والتعديل "8/ 41". 3 ميزان الاعتدال "4/ 5"، والمعرفة والتاريخ "2/ 123".

عَن أبيه. وعنه بكر بْن بكار والأنصاري ومسلم والأصمعي وإسماعيل بْن عمرو البجلي. ضعّفه أَبُو زرعة. قَالَ ابْن معين: ليس بشيء. وقال مرة: ضعيف. حديثه فِي كسر السكة إلا من بأس. 349- محمد بْن مسلم بْن مهران1 -د ت ن- بْن المثنى. وقد يقال: محمد بْن مهران ينسب إلى جده، ومسلم ليس بأبيه فَإِنَّهُ على الأصح محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن مسلم مؤذن مسجد العريان. روى عَن جده أَبِي المينا مسلم وسلمة بْن كهيل وحماد الفقيه. وعنه شعبة -وكناه أبا جعفر- وسلم بْن قتيبة وأبو داود وأبو الوليد الطيالسيان. قَالَ الدارَقُطْنيّ: هُوَ وجده لا بأس بهما. 350- مختار بن نافع التيمي2 –ت- الكوفي التمار. عن أبي مطر البصري صاحب علي ويحيى بْن سعيد بْن أَبِي حبان التيمي. وعنه عثمان بْن عمر بْن فارس ومحمد بْن عُبَيْد الطنافسي ومكي بْن إِبْرَاهِيم وأبو عتاب سهل بْن حماد. قَالَ البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. 351- المختار بْن يزيد3. ويقال: ابْن عمرو الأزدي. بصري. عَن أَبِي الشعثاء وسعيد بْن جبير. وعنه وكيع وأبو نعيم وغيرهما. شيخ. 352- مخرمة بْن بكير بن عبد الله4 -م د ن- بن الأشج المدني. عَن أبيه وعامر بْن عَبْد الله بْن الزبير. وعنه ابْن الْمُبَارَك وابن وهب ومعن بن عيسى والواقدي وجماعة. يكنى أَبَا المسور. قَالَ النسائي: ليس بِهِ بأس. وقال سَعِيد بْن مريم: سَمِعْت خالي مُوسَى بْن سلمة يَقُولُ: أتيت مخرمة بْن بكير بكتاب أبيه أعرضه فقال: مَا سَمِعْت من أَبِي شيئًا إنما هَذِهِ كتب وجدناها عندنا

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 201"، والجرح والتعديل "8/ 78". 2 التاريخ الكبير "7/ 386". 3 التاريخ الكبير "7/ 386". 4 التهذيب "10/ 70"، والجرح والتعديل "8/ 363"، والميزان "4/ 80".

عَنْهُ وما أدركت أَبِي إلا وأنا غلام. وأما عليّ بْن المديني فَقَالَ: سَمِعْت معن بْن عِيسَى يَقُولُ: مخرمة سَمِعَ من أَبِيهِ وعرض عَلَيْهِ. وقال أَحْمَد بْن حنبل: لم يسمع من أَبِيهِ شيئًا إنما يروي من كتاب أبيه. وقال أبو حاتم: قَالَ ابْن أَبِي أويس: وجدت فِي ظهر كتاب مالك بْن أَنَس: سَأَلت مخرمة عما يحدّث بِهِ عَن أَبِيهِ سمعها من أَبِيهِ؟ فحلف لِي فَقَالَ: وربِّ هَذِهِ البُنَيّة سمعته من أَبِي. وقال أَبُو حاتم: كل حديثه فهو عَن أَبِيهِ سوى حديث واحد حدّث بِهِ عَن عامر بْن عَبْد اللَّه. قُلْتُ: توفي سنة ستين، ومائة كهلا. 353- مرزوق بْن عَبْد الرحمن أَبُو حسان البصري1، المؤذِّن. عَن محمد بْن سيرين ومطر الوراق. وعنه أَبُو أسامة وأبو سلمة التبوذكي وغيرهما. لا أعلم بِهِ بأسا. 354- مرزوق أَبُو بكر البصري2 –ت- مولى طلحة بْن عَبْد الرحمن الباهلي. عَن قتادة ومحمد بْن المنكدر. وعنه معتمر بْن سُلَيْمَان وأبو داود وأبو نعيم وعثمان بْن عمر. وثّقه أَبُو زرعة. 355- مرزوق بْن أَبِي الهذيل الثَّقفيّ الدمشقي3 -ق-. عَن ابْن شهاب. وعنه الوليد بْن مسلم، فَقَالَ دحيم مَا حدّث عَنْهُ غير الْوَلِيد. وقَالَ ابْن خزيمة: ثقة. وقال أَبُو حاتم: حديثه صالح، ولينه ابْن حبان. 356- مرزوق مولى سعيد بْن المسيب المخزومي4.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 384"، والجرح والتعديل "8/ 264". 2 الجرح والتعديل (8/ 264) . 3 تهذيب التهذيب (10/ 86) ، والميزان (4/ 88) . 4 التقريب (2/ 245) ، والجرح والتعديل (8/ 263) .

عن مولاه. روى عنه وكيع وأبو نعيم. 357- مرزوق أَبُو عَبْد الله الحمصي1 –ت- نزيل البصرة. عَن أَبِي أسماء الرحبي وشهر بْن حوشب ومكحول وجماعة. وعنه معتمر بْن سُلَيْمَان وأبو عبيدة الحداد وروح بْن عبادة وغيرهم. 358- مرزوق أَبُو بكر التيمي2، المُؤَذِّن. كوفي. عَن مجاهد وسعيد بْن جبير. وعنه سفيان وإسرائيل وشريك وَهَؤُلاءِ الثلاثة وفاتهم قديمة وأحببت جمع الأسماء هنا. 359- مستقيم بْن عَبْد الملك3. مؤذن البيت الحرام. اسمه عثمان. يروي عَن ابْن المسيب وشهر بْن حوشب وسالم بْن عَبْد الله. وعنه أبو عاصم والخريبي ومحمد بن ربيعة الكلابي وإسماعيل بن عمرو البجلي. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. وضعفه ابن المديني. 360- مسلم بن سعيد الواسطي العابد4 -4- قد مضى وينبغي نقله إلى هنا. قال: ليس بِهِ بأس. 361- المستمر بْن الريان الإيادي4 -م د ت ن- البصري. عَن أَبِي نضرة وأبي الجوزاء الربعي. ورأى أنس بْن مالك. وعنه شعبة وزيد بْن الحباب ومسلم وعثمان بْن عمر. وثّقه يحيى القطان. 362- مستور بن عباد أبو همام6 –ن- الهنائي البصري.

_ 1 التهذيب "10/ 87"، والجرح والتعديل "8/ 265". 2 ميزان الاعتدال "4/ 88"، والتهذيب "10/ 87". 3 تهذيب التهذيب "7/ 136". 4 تهذيب التهذيب "7/ 136". 5 الجرح والتعديل "8/ 430"، والتهذيب "10/ 104". 6 تقريب التهذيب "2/ 248"، والثقات "7/ 524".

عَن الحسن وعطاء بْن أَبِي رباح ومحمد بْن عباد بْن جعفر المخزومي. وعنه خالد بْن الحارث وأبو عاصم ومسلم والتبوذكي. وثّقه ابْن معين. 363- مَسَرَّة بْن مَعْبَد اللخمي الفلسطيني1. عَن نافع والزهري وأبي عُبَيْد الحاجب وسليمان بْن موسى. وعنه وكيع وضمرة بْن ربيعة وأبو أحمد الزبيري وسوار بْن عمارة الرملي. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْن حبان: لا يحتج بِهِ وحده. 364- مِسْعَر بن كدام2 –ع- بْن ظهير بْن عبيدة بْن الحارث أَبُو سلمة الهلالي الكوفي الأحول الحافظ أحد الأعلام. عن عمر بْن مرة والحكم بْن عتيبة وقتادة وعدي بْن ثابت وإبراهيم بْن محمد بْن المنتشر وثابت بْن عُبَيْد وزياد بْن علاقة وسعد بْن إِبْرَاهِيم وسعيد بْن أَبِي بردة وعبد الله بْن عَبْد الله بْن جبير وقيس بْن مسلم وأبي بكر بْن عمارة بْن روبية ووبرة بْن عَبْد الرحمن، وطائفة سواهم. وعنه ابن عيينة ويحيى القطان بْن بشر وابن الْمُبَارَك وأبو نعيم ويحيى بْن آدم وخلاد بْن يحيى وعبد الله بْن محمد بْن المغيرة وثابت بْن محمد العابد، وخلق كثير. قَالَ مُحَمَّد بْن بشر العبدي: كَانَ عند مسعر نحو ألف حديث فكتبتها إلا عشرة. وقال يحيى بْن سَعِيد: مَا رَأَيْت أثبت من مسعر. وقال أَحْمَد بْن حنبل: الثقة كشعبة ومسعر. وقال وكيع: شَكُّ مسعر كيقين غيره. وقال هشام بْن عروة: مَا قدم علينا من العراق أفضل من ذاك السختياني أيوب وذاك الرواسي مسعر. وعن الْحَسَن بْن عمارة قَالَ: إن لم يدخل الجنة إلا مثل مسعر إن أَهْل الجنة إلا لقليل. وقال سُفْيَان بْن عيينة: قَالُوا للأعمش: إن مسعرًا يشكّ فِي حديثه فَقَالَ: شكُّه كيقين غيره. وعن خَالِد بْن عمرو قَالَ: رَأَيْت مسعرًا كأن جبهته رُكْبَةٌ عيرٍ من السجود، وكان إذا نظر إليك حَسِبْتَ أَنَّهُ ينظر إِلَى الحائط من شدّة حولَته. وروى ابن عيينة عَن مِسْعَر قَالَ: دخلت عَلَى أَبِي جَعْفَر أمير المؤمنين فَقُلْتُ: نَحْنُ لك والد وأنت لنا ولد، وكانت أمه أم الفضل هلالية أي أم ابن عباس، فقال

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 64"، والمشاهير "181". 2 تهذيب الأسماء "2/ 89"، والتهذيب "10/ 113"، والميزان "4/ 99".

لِي: تقربت إليّ بأحب أمهاتي إليّ ولو كَانَ الناس كلهم مثلك لمشيت معهم فِي الطريق1. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ ثنا مسعر قَالَ: دعاني أَبُو جعفر ليولّيني فَقُلْتُ إن أهلي يقولون لِي لا نرضى بشرائك لنا فِي شيء بدرهمين، وأنت تولّيني! أصلحك اللَّه إن لنا قرابة وحقًا، قَالَ فأعفاه2. وقال سعد بْن عبّاد: ثنا مُحَمَّد بْن مسعر قَالَ: كَانَ أَبِي لا ينام حَتَّى يقرأ نصف القرآن3. وقال ابْن عيينة: سمعت مسعرًا يَقُولُ: من أبغضني جعله اللَّه محدّثًا. وقال مسعر: من صبر عَلَى الخل والبقل لم يُستعبد. وقال مرة لرجل عَلَيْهِ ثياب جيدة: أنت من أصحاب الحديث؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: ليس هَذَا من آلة طلب الحديث. وقال سُفْيَان بْن عيينة: قَالَ معن: مَا رَأَيْت مسعرًا فِي يوم إلا وهو أفضل من الَّذِي كَانَ بالأمس. وقال ابْن سعد: كَانَ لمسعر أم عابدة وكان يخدمها، وكان مرجئًا فمات ولم يشهده سُفْيَان الثوري والحسن بْن صالح. وقال ابْن معين: لم يرحل مسعر فِي حديث قط. قلت: نَعَمْ عامة روايته عَن أَهْل الكوفة إلا قَتَادَةَ. وقال شُعْبَة: كُنَّا نسمّى مسعرًا المصحف، يعني من إتقانه. وقيل لمسعر من أفضل من رَأَيْت؟ قَالَ: عمرو بْن مرة. وقال أَبُو معمر القطيعي: قِيلَ لسفيان بْن عيينة من أفضل من رَأَيْت؟ قَالَ: مسعر. وقال شُعْبَة: مسعر للكوفيين كابن عون عند البصريين. وقال ابْن عيينة: سَمِعْت مسعرًا يَقُولُ: وددت أن الحديث كَانَ قوارير عَلَى رأسي فسقطت فكُسِرت. وعن يَعْلَى بْن عُبَيْد قَالَ: كَانَ مسعر قد جمع العلم والورع. وعن عَبْد الله بْن دَاوُد الخريبي قَالَ: مَا من أحد إلا وقد أَخَذَ عَلَيْهِ إلا مسعرًا. ومما يؤثر لمسعر من الشعر لَهُ أو هُوَ لغيره: نهَارك يَا مغرورُ سَهْوٌ وغَفْلَةٌ ... وَلَيْلُكَ نَوْمٌ والرَّجَا لك لازِم وتتعبُ فيما سوفَ تكره غَبَّه ... كذلك في الدنيا تعيش البهائم4

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 128". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر السابق. 4 راجع الخبر مع البيتين في سير أعلام النبلاء "7/ 129"، وحلية الأولياء "7/ 220".

وقال يحيى بْن القطَّان: مَا رَأَيْت مثل مسعر كان من أثبت الناس. وقال سُفْيَان بْن سَعِيد: كُنَّا إذا اختلفنا فِي شيء أتينا مسعرًا. وقال أبو أسامة: سمعت مسعرًا يَقُولُ: إن هَذَا الحديث يصدّكم عَن ذكر اللَّه وعن الصلاة فهل أنتم منتهون. وسمعته يَقُولُ: من أبغضني جعله اللَّه محدّثًا. وقال ابن السماك: رأيت مسعرًا فِي النوم فَقُلْتُ: أيّ العمل وجدت أنفع؟ قَالَ: ذكر اللَّه. وقال قبيصة: كَانَ مسعر لأَنْ يَنْزَعَ ضِرْسَه أحبّ إِلَيْهِ من أن يسأل عن حديث. روى عَن زَيْدُ بْن الْحُبَابِ وغيره قَالَ مسعر: الإِيمَان قول وعمل. وروى معتمر بْن سُلَيْمَان عَن أَبِي مخزوم ذكره عَن مسعر قَالَ: التكذيب بالقدر أَبُو جاد الزندقة. أَنَا أَبُو إسحاق بن طارق أنا يوسف بن خليل أنبأنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد التيمي أَنَا أَبُو علي أَنَا أَبُو نعيم الحافظ قَالَ: روى مسعر عَن جماعة أساميهم مُحَمَّد: منهم مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ ومحمد بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي ليلى ومحمد بْن مُسْلِم الزُّهْرِيّ ومحمد بْن سوقة ومحمد بْن جحادة ومحمد بْن زَيْدُ بْن عَبْد اللَّه بْن عمرو ومحمد بْن المنكدر ومحمد بْن عُبَيْد اللَّه الثَّقفيّ ومحمد بْن قَيْس بن مخرمة ومحمد بْن خَالِد الضبّي ومحمد بْن جَابِر اليمامي ومحمد بْن عُبَد اللَّه الزبيري وَمُحَمَّد بْن الأزهر. وبالإسناد إلى أبي نعيم نا القاضي أَبُو أَحْمَد ثنا مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن شبيب ثنا إِسْمَاعِيل بْن عمرو البجلي نا مسعر عَن عاصم بْن أَبِي النجود عَن زِرّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: "مكتوب فِي التوراة سورة المُلْك من قرأها فِي كل ليلة فقد أكثر وأطاب وهي المانعة تمنع من عذاب القبر إذا أتي من قبل رأسه قَالَ لَهُ رأسه: ويلك عني فقد كَانَ يقرأ بِي ولي سورة المُلْك، وَإِذَا أتى من قبل بطنه قَالَ لَهُ بطنه: ويلك عني فقد كَانَ وعى بِي سورة المُلْك، وَإِذَا أتى من قبل رِجليه قَالَتْ: لَهُ رجلاه: ويلك عني فقد كَانَ يقوم بِي بسورة المُلْك، وهي كذلك مكتوب فِي التوراة مانعة"1. عليّ بْن مسهر عَن مسعر قَالَ جعفر بْن عون: سَمِعْت مسعرًا ينشد:

_ 1 راجع سير أعلام النبلاء "7/ 131".

وَمُشَيِّدٍ دارًا ليسكنَ دارَه ... سَكَنَ القبورَ ودارَه لم يَسْكُنِ1 قَالَ جعفر بْن عون: قَالَ مسعر يوصي ولده كدامًا: إنيّ منحتُك يَا كدامُ نصيحتي ... فاسَمعْ مقال أبٍ عليك شفيقِ أما المُزَاحَةُ والمِرَاءُ فدعْهُما ... خُلُقَانِ لا أرضاهما لصديقِ إنيّ بلَوْتهُما فلم أَحْمَدْهُما ... لمجاورِ جارٍ ولا لرفيق والجهل يزري فِي قومه ... وعروقه فِي الناس أيّ عروقِ2 ولبعضهم: مَنْ كَانَ ملتمِسًا جليسًا صالحًا ... فلْيأتِ حلقةَ، مِسْعَر بْن كِدامِ فيها السكينة والوَقار وأهلُها ... أهلُ العفافِ وعِلْيَة الأقوامِ3 قَالَ أَبُو نعيم وثابت العابد: توفي مسعر سنة خمس وخمسين ومائة. 365- مسعود بْن سعد الجعفي الكوفي4 -ن-. عَن مطرف بْن طريف ويزيد بْن أَبِي زياد وجماعة. وعنه أَبُو نعيم وأبو غسان مالك بْن إسماعيل وثابت بْن محمد الزاهد وإسماعيل بْن أبان الوراق. قَالَ يحيى بن معين: كان من خيار عباد الله. * المسعودي5 -4- هُوَ عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله. 366- مصعب بن ثابت6 -د ن ق- بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ الأسدي المدني. عَن أبيه وعطاء بْن أَبِي رباح ونافع وابن المنكدر. وعنه ابنه عَبْد الله وحاتم بن

_ 1 انظر هذا الشاهد في حلية الأولياء "7/ 221". 2 انظر المصدر السابق. 3 تذكرة الحفاظ "1/ 189"، وغيره. 4 تهذيب التهذيب "10/ 117"، والجرح والتعديل "8/ 283". 5 تقدمت ترجمته في الطبقة السابقة. 6 التاريخ الكبير "7/ 353"، والجرح والتعديل "8/ 304".

إسماعيل والدراوردي والواقدي وعبد الرزاق وآخرون. وقد استوعب أخباره بإفاضة الزبير بْن بكار وقال: أمّه كلبيّة اشتراها أَبُوهُ بمائة ناقة من سكينة بِنْت الْحُسَيْن. وحدّثني عمي مُصْعَب أن جَدّه كَانَ من أعبد أَهْل زمانه، صام هُوَ وأخوه نافع من عمرهما خمسين سنة. وحدّثني يحيى بْن مسكين قَالَ: مَا رَأَيْت أحدًا قط أكثر صلاة من مصعب بْن ثابت. كَانَ يصلّي فِي كل يوم وليلة ألف ركعة، ويصوم الدهر. وقال بنته أسماء بِنْت مصعب: كَانَ أَبِي يصلي فِي اليوم والليلة ألف ركعة. وقال مصعب بْن عُثْمَان وخالد بْن وضاح: كَانَ مصعب بْن ثابت يصوم الدهر ويصلّي فِي اليوم والليلة ألف ركعة ويبس من العبادة وكان من أبلغ أَهْل زمانه. قَالَ ابْن بكار وعاش إحدى وسبعين سنة. وقَالَ النسائي وغيره: ليس بالقويّ. وضعّفه أحمد. وقال أَبُو حاتم: لا يحتج بِهِ. وقال مُعَاوِيَة بْن صالح عَن يحيى بْن مَعِين: ليس بشيء. مات مصعب سنة سبع وخمسين ومائة. 367- مُطرف بْن معقل أَبُو بكر النهدي1. ويقال الشقري، ويقال الباهلي الْبَصْرِيّ العابد المقرئ. روى عَن الشعبي والحسن وابن سيرين وقتادة. وروى الحروف عَن عَبْد الله بْن كثير وبعضها عَن معروف بْن مشكان. روى عَنْهُ ابْن عيينة وعبد الرحمن بْن مهدي وعبد الصمد وسلم بْن إِبْرَاهِيم وعلي بْن نصر الجهضمي والعباس بْن الفضل الأنصاري المقبري. وثّقه أحمد بْن حنبل وغيره. وهو من المقلّين. وجاء من طريقه خبر موضوع عَن ثابت البناني، والآفة من غيره. 368- مُعاذ بْن العلاء الْمَازِنِيِّ الْبَصْرِيّ2 –ت- أخو أَبِي عمرو بْن العلاء. عَن سعيد بْن جبير ونافع. وعنه يحيى بْن سعيد القطان وعثمان بن عمر بن

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 126". 2 تهذيب التهذيب "10/ 192".

فارس والأصمعي وبدل بْن المحبر. كنيته أَبُو غسان وقد استشهد بِهِ الْبُخَارِيّ فِي الصحيح ولم يضعّفْه. 369- معاذ بْن محمد بْن معاذ بن أبي بن كعب1 –ق- الأنصاري المديني. عَن أبيه وأبي الزبير المكي وعطاء الخراساني ومحمد بْن يحيى بْن حبان. وعنه ابْن لهيعة ومحمد بْن عيسى الطباع ويونس المؤدب والواقدي. وهو في عداد الشيوخ. 370- معاذ بن رفاعة السلامي الدمشقي2. وقيل: هُوَ حمصي. عَن أَبِي الزبير وعبد الوهاب بْن بخت وعطاء الخراساني وعلي بْن يزيد الألهاني وجماعة. وعنه بقية والوليد بْن مسلم وأبو المغيرة وعصام بْن خالد. وثّقه علي بْن المديني وغيره. وضعّفه ابْن معين وغيره. وقال الجوزجاني: ليس بحجّة. 371- معاوية بْن صالح3، ابن حُدَير الحضرمي الحمصي. الفقيه، أَبُو عمرو قاضي الأندلس. سار إِلَى الأندلس فِي سنة خمس وعشرين ومائة. فلما دخل عبد الرحمن بن مُعَاوِيَة إِلَى الأندلس عند زوال دولة بني أمية واستولى عَلَى ممالك الأندلس اتصل بِهِ مُعَاوِيَة بْن صالح فأرسله إِلَى الشام سرًا فِي أمرٍ لَهُ فَلَمَّا رجع ولاه قضاء الجماعة. ثُمَّ إنه حج فِي آخر عُمَره. وحدث عن سريج بْن عُبَيْد وأزهر بْن سعيد الحَرَازي ومكحول وربيعة بن يزيد وزياد بن أبي سودة وعبد الرحمن بن جبير بن نصر وعبد الوهاب بن بخت وشداد أبي عمار وأبي الزاهرية، وخلق من الشاميين. وعنه سفيان والليث وفرج بن فضالة وابن وهب ومعن بن عيسى وعبد الرحمن بن مهدي وزيد بن الحباب وأسد بن موسى السنة وأبو صالح، وطائفة لقوه بالموسم. قَالَ أَحْمَد نا ابْن مهدي قَالَ: بينما نَحْنُ بمكة نتذاكر الحديث إذا إنسان قد دخل بيننا فَقُلْتُ: من أنت؟ فَقَالَ: أَنَا مُعَاوِيَة بْن صالح، فاحتوشناه. وقال عَبْد اللَّه بْن

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 364"، والتقريب "2/ 257". 2 التاريخ الكبير "8/ 70"، والميزان "4/ 134"، والجرح والتعديل "8/ 421". 3 التقريب "2/ 259"، والميزان "4/ 135"، وطبقات ابن سعد "7/ 521".

صالح: سَمِعْت هَذَا الكتاب من مُعَاوِيَة بن صالح مرتين. حرملة نا بن وَهْبٍ نَا مُعَاوِيَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا وعى ابن آدم وعاءًا شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ آكِلا لا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ" 1. قَالَ ابْن سعد كَانَ مُعَاوِيَة قاضيًا لَهُم بالأندلس وكان ثقة كثير الحديث، حجّ مرة فلقيه من لقيه من أَهْل العراق وغيرهم2. وثقه ابْن مهدي وأحمد بْن حنبل. وقال أَبُو الْوَلِيد بْن الفرضي: يُكْنَى أَبَا عَبْد الرَّحْمَن وأبا عمرو. وقال أَبُو زرعة الدَّمشقيّ: سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن صالح يَقُولُ: قدِم علينا معاويةُ بْن صالح مصرَ فجالسَ الليث فَقَالَ لِي الليث: يَا عَبْد اللَّه ائتِ الشيخ فاكتبْ مَا يُملي عليك، فأتيته، فكان يمليها عليّ ثُمَّ يصير إِلَى الليث يقرأها عَلَيْهِ فسمعتها مرتين. قَالَ ابْن أَبِي حاتم: قَالَ أَبُو زرعة: ثقة محدّث. وقال لِي أَبِي: حسن الحديث غير حُجّة. وقال الأثرم: ذكرت مُعَاوِيَة بْن صالح فحسَّن أمره. وقال ابْن معين: كَانَ يحيى بْن سَعِيد لا يرضى بمعاوية بْن صالح. وقال أَبُو صالح محبوب الفرّاء: ثنا أَبُو إِسْحَاق يومًا بحديث عَن مُعَاوِيَة ثُمَّ قَالَ: مَا كَانَ بأهلٍ أن يُروَى عَنْهُ. وعن مُوسَى بْن سلمة، قَالَ: أتيت مُعَاوِيَة بْن صالح لأكتب عَنْهُ فرأيت الملاهي فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: شيء نهُديه، يعني إِلَى صاحب الأندلس، قَالَ: فلم أكتب عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا، هُوَ عندي صدوق إلا أَنَّهُ يقع فِي حديثه إفرادات. وقال مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل السلمي: ثنا أبو صالح قال: قدم علينا معاوية ابن صالح سنة سبع وخمسين ومائة وتوفي سنة ثمان. 372- معاوية بن يحيى الصدفي الدمشقي3 -ت ق- أبو روح-. عَن مكحول والزهري ويونس بْن ميسرة والقاسم أَبِي عَبْد الرحمن. وعنه الوليد بْن مسلم والهقل بْن زياد ومحمد بْن شعيب وإسحاق بْن سُلَيْمَان الرازي ومسلمة بْن علي وعدة.

_ 1 وأخرجه الحاكم في مستدركه "4/ 121". 2 طبقات ابن سعد "7/ 521". 3 ميزان الاعتدال "4/ 1638"، والمتروكين "97".

قَالَ الْبُخَارِيّ: روى عَن الزُّهْرِيّ أحاديث مستقيمة كأنها من كتاب، وروى عَنْهُ عِيسَى بْن يُونُس وإسحاق الرازي أحاديث مناكير كأنها من حفظه. وقال ابْن أَبِي حاتم: كَانَ عَلَى بيت المال بالريّ. وقَالَ النسائيّ: ليس بثقة. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو داود: ضعيف. وقال أَبُو زرعة: أحاديثه كلها مقلوبة. وقَالَ الدارقطني: ضعيف، ويُكتب مَا روى الْهِقْلُ عَنْهُ. فأما: * مُعَاوِيَة بْن يحيى الطرابلسي1 فسيأتي بعد السبعين ومائة. 373- معرف بْن واصل السعدي الكوفي2 -م د-. عَن أَبِي وائل وإبراهيم والشعبي وابن بريدة وإبراهيم التيمي ومحارب بْن دثار. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وَعَمْرو بْن مرزوق وعبد الله بْن صالح العجلي وأحمد بْن يونس وعلي بْن الجعد وجماعة. وكان أسند مَن بقي بالكوفة. وثّقه غير واحد. وقال أحمد: ثقة ثقة. وتبالد ابْن عديّ بذكره فِي الكامل ولم يقل فِيهِ شيئًا بل ساق لَهُ حديثين استغربهما. 374- معروف بْن خَرَّبُوذ3 -خ م د ق- المكي، مولى عثمان بْن عفان. عَن أَبِي الطفيل عامر بْن واثلة وغيره. وعنه سعد بْن الصلت وأبو داود والخريبي وأبو عاصم وعبيد الله بْن موسى. ضعّفه ابْن معين. وقال أحمد: ما أدري كيف حديثه. وقال أَبُو حاتم: يُكتب حديثه. وقال آخر: صدوق. وقال العقيلي: لا يُتابَع عَلَى حديثه. ثَنَا القاسم بن محمد التميمي نَا أَبُو بِلالٍ الأَشْعَرِيُّ قَالَ أَبُو عَامِرٍ الأَسَدِيُّ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا رَجُلٌ يُخْبِرُنِي عَنْ مُضَرَ "فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أُخْبِرُكَ: أَمَّا وَجْهُهَا الَّذِي فِيهِ سَمْعُهَا وَبَصَرُهَا فَهُوَ الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ، وَأَمَّا لِسَانُهَا الَّذِي يُعْرِبُ عَنْهَا فَهَذَا الْحَيُّ الَّذِي مِنْ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَأَمَّا كَاهِلُهَا الَّذِي تَحْمِلُ عَلَيْهِ ثِقَلَهَا فَهَذَا الْحَيُّ من بني تميم بن مر وأن فُرْسَانُهَا وَنُجُومُهَا فَهَذَا الْحَيُّ مِنْ قَيْسٍ عَيْلانَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كالمصدق له4.

_ 1 لسان الميزان "6/ 379"، ومعجم البلدان "1/ 216"، والكاشف "3/ 159". 2 تهذيب التهذيب "10/ 229"، وميزان الاعتدال "4/ 143". 3 تهذيب التهذيب "10/ 330"، وميزان الاعتدال "4/ 144"، والتقريب "2/ 264". 4 راجع مجمع الزوائد للهيثمي "10/ 45".

أَبُو عَامِرٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ كُوفِيٌّ جَابِرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: كَانَ مَعْرُوفٌ شيعيًا. 375- معروف بن سويد1 -د ن- أبو سلمة الحذامي مصري. عَن علي بْن رباح وأبي قبيل المعافري، وعنه ابْن لهيعة ورشدين بْن سعد وابن وهب وآخرون. وثّقه ابْن حبان. 376- مَعْمَر بن راشد2 –ع- أبو عروة الأزدي. مولاهم الْبَصْرِيّ الإمام أحد الأعلام، سكن اليمن أكثر من عشرين سنة وقال: شهدت جنازة الْحَسَن. روى عَن قتادة والزهري وزياد بْن علاقة ومحمد بْن زياد الجمحي وهمام بْن منبه ويحيى بْن أَبِي كثير وثابت البناني وأبي إسحاق السبيعي وإبراهيم بْن ميسرة وإسماعيل بْن أمية والجعد أَبِي عثمان وزيد بْن أسلم وسماك بْن الفضل وابن طاوس وأخي الزهري عَبْد الله وعبد الكريم الجزري وابن المنكدر ومطر الوراق وعمر بْن دينار ومنصور بْن المعتمر وعاصم بْن بهدلة وأيوب السختياني وزيد بْن أسلم. روى عَنْهُ من شيوخه أَبُو إسحاق وأيوب ويحيى بْن أَبِي كثير وغيرهم وسعيد بْن أَبِي عروبة وابن الْمُبَارَك وابن علية وسفيان بْن عيينة ومروان بْن معاوية وهشام بْن يوسف ورباح بْن زيد ومحمد بْن ثور وعبد الرزاق وغندر ويزيد بْن زريع وخلق سواهم. قَالَ مؤمّل بْن إهاب: قَالَ عَبْد الرزاق: كتبت عَن معمر عشرة آلاف. قُلْتُ: آخر من حدّث عَن معمر مُحَمَّد بْن كثير وبقي إِلَى آخر سنة ست عشرة ومائتين. قَالَ يعقوب بْن شَيْبَة: حدّثني جعفر بْن مُحَمَّد قَالَتْ عَائِشَةُ: حدّثني عَبْد الواحد بْن زياد قُلْتُ لمعمر: كيف سَمِعْت من ابْن شهاب؟ قال: كنت مملوكًا لقوم من طاحية فأرسلوني بِبَزّ أبيعه فقدمت المدينةَ فنزلت دارًا فرأيت شيخًا والناس يعرضون عليه العلم فعرضت عليه معهم.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 322". 2 ميزان الاعتدال "4/ 154"، وطبقات خليفة "288"، وتذكرة الحفاظ "82"، وشذرات الذهب "1/ 235".

قَالَ الْبُخَارِيّ: معمر بْن راشد أَبُو عروة بْن أَبِي عمرو، نا عَبْد الرزاق عَن معمر قَالَ: خرجت أَنَا وغلام إِلَى جنازة الْحَسَن وتلك الأيام طلبت العلم. مُحَمَّد بْن كثير عَن معمر قَالَ: سَمِعْت من قَتَادَةَ وأنا ابن أبع عشرة سنة فَمَا شيء سَمِعْت فِي تِلْكَ السنين إلا وكان مكتوبًا فِي صدري. قَالَ أَبُو أَحْمَد الحاكم: حدّث عَنْهُ الثوري وشعبة. وقال أَحْمَد: نا عَبْد الرزاق قَالَ معمر: جئت الزُّهريَّ بالرصافة فجعل يُلقي عليّ. وقال هشام بْن يوسف: عرض معمر عَلَى همام بْن منبّه هَذِهِ الأحاديث وسمع منها سماعًا نحو ثلاثين حديثًا. وقال ابن أبي خثيمة عَن ابْن معين: معمر أثَبتُ فِي الزُّهْرِيّ من ابْن عُيَيْنَة. وروى الغلابي عَن ابْن معين قَالَ: معمر عَن ثابت ضعيف. وقال أَحْمَد بْن حنبل: مَا أضم أحدًا إِلَى معمر إلا وجدت معمرًا أطلب للحديث مِنْهُ، هُوَ أول من رحل إِلَى اليمن. وقال عليّ بْن المديني: نظرت فِي أصول الحديث فإذا هِيَ عند ستة مِمَّنْ مضى: من أَهْل المدينة الزُّهْرِيّ، ومن أَهْل مكة عمرو بْن دينار، ومن أَهْل البصرة قَتَادَةَ ويحيى بْن أَبِي كثير، ومن أَهْل الكوفة أَبُو إِسْحَاق والأعمش، ثُمَّ نظرت فإذا حديث هَؤُلاءِ الستة يصير إِلَى أحد عشر رجلا، فذكر منهم معمرًا. قَالَ الفلاس: معمر من أصدق الناس، سَمِعْت يزيد بْن زريع يَقُولُ: سَمِعْت أيوب يَقُولُ: حدّثني معمر. وقال ابْن عيينة: قَالَ لِي ابْن أَبِي عروبة: روينا عَن معمركم فشرّفناه. عَبْد الله بْن جعفر الرقّي: نا عبيد الله بن عمر وقال: كنت بالبصرة مَعَ أيوب ومعنا معمر فِي مسجد فأتى رجل فسأله أيوب عَن رَجُل افترى عَلَى رَجُل فحلف بصدقة مَا لَهُ لا يدعه يأخذ مِنْهُ الحدّ قَالَ: فطلب إِلَيْهِ فِيهِ وطلبت إِلَيْهِ أمه فِيهِ فجعل أيوب يومئ إِلَى معمر ويقول: هذا يفتيك عن اليمن قَالَ: فلما أكثر عَلَيْهِ قَالَ معمر: سَمِعْت ابْن طاوس عَن أبيه أَنَّهُ كَانَ يرخّص لَهُ فِي تركه، قَالَ: قَالَ أيوب: وأنا سَمِعْت عطاء يرخّص فِي تركه. رواه أَبُو علي فِي تاريخ الرَّقَّةِ.

ابْن سعد: قَالَ عَبْد الله بْن جعفر: نا عبيد الله بن عمرو قال: كنت بالبصرة أنتظر قدوم أيوب من مكة، فقدم علينا وزميله معمر، قدم معمر، قدم معمر يزور أمه قَالَ عَبْد الرزاق: قِيلَ للثوري: مَا منعك عَن الزهري؟ قَالَ: قلّة الدراهم، وقد كفانا معمر. قَالَ أحمد فِي المسند: نا عَبْد الرزاق قَالَ: قَالَ ابْن جريج: إن معمرًا شرب من العلم بأنقع. الأنقع: جمع نقع وهو مَا يستنقع. قَالَ أحمد العجلي: معمر ثقة رَجُل صالح يروج بضعفاء، رَحل إِلَيْهِ سفيان الثوري. وقال هشام بْن يوسف: مَا رأينا لمعمر كتابًا. عَبْد الرزاق: سَمِعْت ابْن الْمُبَارَك يَقُولُ: إِنِّي لأكتب الحديث من معمر قد سمعته من غيره، قِيلَ: وما يحملك عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أما سَمِعْت قول الراجز: قد عرفنا خيركم من شركم. قَالَ عَبْد الرزاق: قَالَ لِي مالك: نعم الرجل كَانَ معمر لولا روايته التفسير عَن قتادة. قَالَ ابْن المديني: سَمِعْت عَبْد الرحمن بْن مهدي يَقُولُ: اثنان إذا كتب حديثهما هَكَذَا رأيت فِيهِ وإذا انتقيت كَانَت حِسانًا: معمر وحمّاد بْن سلمة. وقال معمر: دخلت عَلَى يحيى بْن أَبِي كثير بأحاديث فَقَالَ لِي: أكتب كَذَا وكذا، فَقُلْتُ: أما يكره أن يكتب العلم يَا أبا نصر؟ فَقَالَ: أكتب لِي فإنْ لم تكن كتبت فقد ضيّعت أو قَالَ عجزت. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَمَّا أَتَى الثَّوْرِيُّ إِلَى الْيَمَنِ أَتَاهُ مَعْمَرٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَحَدَّثَ يَوْمًا بِحَدِيثٍ عَنِ ابْنِ عُقَيْلٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ الْحَدِيثَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ: نَا مُحَمَّد بْن رجاء، نا عَبْد الرزاق سَمِعْت ابْن جريج يقول: عليكم بهذا الذي لو يبق فِي زمانه أعلم مِنْهُ، يعني معمرًا. قَالَ أَحْمَد العجلي: لما دخل معمر اليمن كرهوا أن يخرج من بين أظهرهم فَقَالَ لَهُم رَجُل: قيّدوه قَالَ: فزوّجوه، قَالَ عُثْمَان بْن سَعِيد الدارمي: قُلْتُ ليحيى بْن معين: فَابْنُ عُيَيْنَةَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَعْمَرٌ؟ قَالَ: معمر، قُلْتُ: فمعمر أم صالح بْن كيسان؟ قال: معمر، قلت: فمعمر أم يُونُس؟ قَالَ: معمر، قُلْتُ: فمعمر أحبّ إليك أم الزُّهْرِيّ أم مالك؟ قَالَ: مالك.

قُلْتُ: إن بعض الناس يَقُولُ: أثبت الناس فِي الزُّهْرِيّ سُفْيَان، قَالَ: إنما يَقُولُ ذَلِكَ من سَمِعَ مِنْهُ وأي شيء كَانَ سُفْيَان إنما كَانَ غُلَيْمًا. وقال المفضل الغلابي: سَمِعْت ابْن معين يقدّم مالكًا فِي الزُّهْرِيّ ثُمَّ معمرًا ثُمَّ يُونُس. وكان يحيى القطَّان يقدّم ابْن عيينة عَلَى معمر. قَالَ عُثْمَان بْن أبي شيبة: سألت يحيى القطَّان: مَن أثبت الناس فِي الزُّهْرِيّ؟ فَقَالَ: مالك ثُمَّ ابْن عُيينة ثُمَّ معمر. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يقول: إذا حدّثك معمر عَن العراقيين فخالفه إلا عن الزهري وابن طاوس فإن حديثه عنهما مستقيم فأما أَهْل الكوفة والبصرة فلا وما عمل فِي حديث الأَعْمَشُ شيئًا. وحديثه عَن ثابت وعاصم وهشام بْن عروة مضطرب كثير الأوهام. زَيْدُ بْن الْمُبَارَك عَن مُحَمَّد بْن نور عَن معمر قَالَ: سقط مني صحيفة الأعمى فَإِنَّمَا أتذكّره. وقال يعقوب بْن شَيْبَة: حدَّثني أَحْمَد بْن الْعَبَّاس سَمِعْت يحيى بْن معين يقول: سَمِعْت أَنَّهُ كَانَ زوج أخت امْرَأَة معمر مَعَ معن بْن زائدة فأرسلت إليها أختها مُدًّا بخوخ فعلم بِذَلِك معمر بعدما أكل فقام فتقيّأ. وقال عَبْد الرزاق: أكل معمر عند أهله فاكهة ثُمَّ سَأَلَ فَقِيلَ: أهدته لنا فلانة النوّاحة، فقام فتقيّأ. قَالَ: وبعث إِلَيْهِ معن بْن زائدة والي اليمن بذَهَب فردّه وقال لأهله: لئن علم بهذا غيرنا لا يجتمع رأسي ورأسك أبدًا. وعن بَكْر بْن الشرود وزيد بْن الْمُبَارَك أن معمرًا مات فِي رمضان سنة اثنتين وخمسين. وقال إِبْرَاهِيم بْن خَالِد: مات معمر فِي رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائة فصلّيت عَلَيْهِ. وقال أحمد بن حنبل: عاش ثمانيًا بوخمسين سنة. وقال خليفة وأبو عُبَيْد والفلاس: سنة ثلاث. وقال ابْن أَبِي خيثمة: سَمِعْت أَحْمَد وابن معين يقولان: مات سنة أربع. وكذا قَالَ الهيثم بْن عديّ وعلي بْن المديني. وقد حدّث بالعراق من حفظه فرواية أَهْل اليمن عَنْهُ أمتن. 377- معمر بْن قيس1، أَبُو سَعِيد السلمي. عَن الحسن وعطاء بْن أَبِي رباح. وعنه ابْن الْمُبَارَك وبشر بْن السري وموسى بن

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 378"، والجرح والتعديل "8/ 257".

إسماعيل وإبراهيم بْن الحجاج وغيرهم. وهو أكبر من معمر بْن راشد لكنه تأخّر موته عَنه سنوات. قَالَ ابْن معين: ليس بِهِ بأس. 378- معن بْن زائدة1. الشيباني الأمير، وهو معن بْن زائدة بْن عَبْد الله بْن زائدة بْن مطر بْن شريك أَبُو الوليد، أحد الأجواد الممدحين والشجعان المذكورين. كان من أصحاب أمير العراقيين يزيد بْن عمرو بْن هَبِيرة، فَلَمَّا ملك بنو الْعَبَّاس اختفى معن مدّة، والطلب عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ ثورة الخراسانية والريوندية عَلَى المنصور وحمي القتال ظهر معن بْن زائدة وقاتل بين يدي المنصور، وأفرج عَنْهُ، وكان النضر عنده وهو مقنّع، فَقَالَ لَهُ المنصور: من أنت ويحك؟ فكشف القناع وقال: أَنَا طِلْبَتُك معن بْن زائدة، فأكْرَمَه وحباه، وصيّره من خواصّه، ثُمَّ ولاه اليمن وغيرها. قَالَ عتّاب بْن إِبْرَاهِيم: دخل معن عَلَى المنصور فقارب فِي خَطْوِه، فَقَالَ: كَبُرت سنّك يَا معن. فَقَالَ: فِي طاعتك يَا أمير المؤمنين، قَالَ: إنك لتتجلّد، قَالَ: لأعدائك، قَالَ: وإنّ فيك لبقية، قَالَ: هِيَ لك. قَالَ سَعِيد بْن سالم: لما ولي معن أذربيجان للمنصور قصده قوم من أَهْل الكوفة فنظر إليهم فِي هيئة رثّة فوثب عَلَى أريكته وأنشأ يَقُولُ: إذا نوبة نابتْ صدِيقَك فاغْتَنِمْ ... مرمَّتَها فالدهْرُ بالناس قُلَّبُ فأحسنُ ثَوْبَيْكَ الَّذِي هُوَ لابِسٌ ... وأَفْرَهُ مُهْرَيْكَ الَّذِي هُوَ يُرْكَبُ يَا غلام أعطِ لكل واحدٍ أربعة آلاف، فَقَالَ الغلام: دنانير يَا سيدي أَو دراهم؟ فَقَالَ معن: واللهِ لا تكون همتّك أرفع من همتي، صفِّرْها لَهُم. وقال أَبُو عبيدة: وقف شاعر بباب معن سنة لا يصل إِلَيْهِ، وكان معن شديد الحجاب، فَلَمَّا طال مقامه سَأَلَ الحاجب أن يوصل إِلَيْهِ رقعة، وكان الحاجب حدبًا

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 235"، معجم المرزباني "324"، والبداية "1/ 119"، والأغاني "10/ 91"، وتاريخ الطبري "8/ 40" وغيره.

عَلَيْهِ فأوصل الرقعة فإذا فيها هَذَا: إذا كَانَ الجوادُ شَديدَ الْحِجَابِ ... فَمَا فَضْلُ الجوادِ عَلَى البخيلِ فكتب فيها: إِذَا كَانَ الْجَوَادُ قَلِيلَ مَالٍ ... ولم يُعْذَرْ تعلَّلَ بالحجابِ فَقَالَ الشاعر: إنا لله أيويسني من معروفه، ثم ارتحل، فأجبر بانصرافه فأَتْبَعُه بعشرة آلاف درهم وقال: هِيَ لك عنده فِي كل زورة. قَالَ القتبي: قَدِمَ من بغداد فأتاه ابْن أَبِي حفصة فأنشده: وما أحجَمَ الأعداءُ عنك تُقْيَةً ... عليك ولكن لم يَرَوْا فيك مطْمَعا لَهُ راحَتَانِ الحتْفُ والجودُ فيهما ... أبَى اللهُ إلا أنْ يَضُرَّ ويَنْفَعَا فَقَالَ معن: احتَكِمْ يَا أَبَا السمط، فَقَالَ: عشرة آلاف، فَقَالَ معن: ربحت والله عليك تسعين ألفًا. وعن أبي عثمان قَالَ: استعمل المنصور قثم، رجلا من بني الْعَبَّاس فأتاه أعرابيّ فَقَالَ: يَا قثم الخيرِ جُزيِتَ الجّنة ... أكْس بُنَيَّاتي وأُمَّهُنَّه أُقْسِمُ باللهِ لَتَفْعَلَنَّهْ فَقَالَ: والله لا أفعل، فَقَالَ الأَعرابي: لكن لو أقسمتُ عَلَى معن بْن زائدة لأبرَّ قَسَمي، فبلغ ذَلِكَ مَعْنًا فبعث إِلَيْهِ بألف دينار. وقال الكديمي: نا الأصمعي قَالَ: أتى أعرابيٌّ مَعْنًا ومعه مولود فَقَالَ: سَمَّيْتُ مَعْنًا بمَعْنٍ ثُمَّ قلتُ لَهُ ... هَذَا سَمِيّ فتًى فِي الناسِ محمود أمسَتْ يمينُك من جود مصورة ... لا بل يمينك منها صورة الجود فأعطاه ثلاثمائة دينار. ويروى أنّ المهدي خرج يوما يتصيّد فلقيه الحسين بن مطير فأنشده: أضحت يمينك من جود مصورة ... لا بل يمينك منها صورة الجود من حسن وجهك تضحي الأرض مشرقة ... ومن بنانك يجري الماء في العود

قَالَ المهدي: كذَبْتَ يَا فاسق وهل تركت فِي شعرك موضعًا لأحد مَعَ قولك فِي معن بن زائدة: ألما بمعن ثم قولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا فيا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البر والبحر مترعا ولكن حويت الجود والجود ميت ... ولو كان حيا ضقت حتى تُصْدَعا ولما مضى مَعْنُ مضى الجودُ وَالنَّدَى ... وأصبح عرنين المكارم أجْدَعا فأطرق الْحُسَيْن ثُمَّ قال: يا أمير المؤمنين وهل معن إلا حسنة من حسناتك، فرضي عَنْهُ. وقيل: إن معْنًا دخل يومًا عَلَى المنصور فَقَالَ: هيه يَا معن تعطي مروان ابْن أَبِي حفصة مائة ألف عَلَى قوله: مَعْنُ بنُ زائدةٍ الَّذِي زِيدَتْ بِهِ ... شَرَفًا عَلَى شَرَفٍ بنو شَيْبانِ قَالَ: كلا يَا أمير المؤمنين إنما أعطيته على قوله: مازالت يوم الهاشمية معلنًا ... بالسيف دون خليفةِ الرحمنِ فمنعْتَ حوزَتَه وكنت وِقَاءَهُ ... من وقعِ كلِّ مهنَّدٍ وَسِنَانِ فَقَالَ: أحسنت يَا معن. ولمعن أشعار جيدة فِي الشجاعة. وَفِي أواخر أيامه ولي إمرة سجستان ووفد عَلَيْهِ الشعراء فَلَمَّا كَانَ فِي سنة إحدى أو اثنتين وقيل: فِي سنة ثمان وخمسين كَانَ فِي داره صُنّاع فاندسّ بينهم قوم من الخوارج فوثبوا عَلَيْهِ فقتلوه وهو يحتجم ثُمَّ تتبّعهم ابْن أَخِيهِ الأمير يزيد بْن مزيد فقتلهم1. ورثته الشعراء، ولقد أبلغ وأبدع مروان بْن أَبِي حفصة فِي كلمته: مضَى لسبيله مَعْنُ وأبقى ... مكارِمً لن تَبيدَ ولن تُنَالا كأنَّ الشمسَ يومَ أُصِيبَ مَعْن ... من الإِظلامِ مُلْبِسَةٌ جَلالا وعطلت الثغور لِفَقْد مَعْنٍ ... وقد يروى بها الأسل النُّهَالا

_ 1 راجع وفيات الأعيان "5/ 249".

وأظْلَمَتِ العراقُ وأوْرَثَتْها ... مصيبَتُه المُجَلَّلَةُ اختِلالا وظلَّ الشامُ يَرْجُفُ جانِبَاهُ ... لِرُكْنِ العزِّ حين وَهَى فَمَالا وكادت من تُهامةَ كلُّ أرض ... ومن نجدٍ تزولُ غَداةَ زَالا وكان الناس كلهم لمعْنٍ ... إِلَى أنْ زار حُفْرَتُه عيالا فَلَيْتَ الشامتينَ بِهِ فدَوْهُ ... وليت الْعُمْرَ مُدَّ لَهُ فَطَالا ولم يَكُ كَنْزُهُ ذهَبًا ولكنْ ... سيوفَ الهندِ والحَلَق الذِّبالا ومارنة من الْخَُطَى سُمْرًا ... ترى فيهنَّ لِينًا واعتِدالا وذُخْرًا من محامدٍ باقياتٍ ... وفضلَ تُقًى بِهِ التفضيلُ نالا وأيامُ الْمَنُونِ لها صُرُوفٌ ... تُقَلِّبُ بالفتَى حالا فَحَالا وذكر ابْن المعتز فِي كتاب طبقات الشعراء أن مروان دخل عَلَى جَعْفَر البرمكي فاستنشده إياها فَلَمَّا أنشده أرسل دموعه ثُمّ قَالَ: هَلْ أثابك أحد من أهله شيئًا عليها؟ قال: لا، فأمر له عليها بألف وستمائة دينار، فزاد مروان فيها هَذَا: نفخت مكافئًا عَن قبْر معن ... لنا مما تجُود بِهِ سجالا فكافأ عَن صَدَى معن جوادٌ ... بأجودِ راحة بَذَلَ النَّوَّالا كأن البرمكيّ بكلّ مالٍ ... تجُود بِهِ يداه يفيدُ مالا قَالَ الخطيب بلغني أَنَّهُ أساء السيرة فِي أَهْل سجستان فقتلوه ببُسْت، وذلك سنة اثنتين وخمسين ومائة. 379- المغيرة بْن زياد، أَبُو هاشم الموصلي1. عَن عكرمة وعطاء بْن أَبِي رباح ونافع وعبادة بن نسي، وقيل أَنَّهُ رأى أنس بْن مالك. وعنه سفيان والمعافى بْن عمران والخريبي وأبو عاصم ووكيع وعمر بن أيو ب الموصلي وطائفة.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 326"، والتهذيب "10/ 258"، والجرح والتعديل "8/ 222".

وقال ابن معين: ليس به بأس. وقال أَبُو داود: صالح الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي. ووثّقه جماعة. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي. وقال أَحْمَد: ضعيف، كل حديث رفع فهو مُنكَر ومغيرة مضطرب الحديث. وكيع: نا المغيرة بْن زياد وعطاء عَن ابْن عَبَّاس: ليس عَلَى النائم جالسًا وضوء حَتَّى يضع جَنْبه. أنكره القطَّان وقال إنما ذا قول عطاء حدّثَنَاه ابنُ جريج عَنْهُ. وقال أَحْمَد بْن حنبل: روى عَن عطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي الرجل تمرُّ بِهِ الجنازة، قَالَ: يتيمم ويصلي. وهذا رواه ابْن جريج وعبد الملك عَن عطاء. قوله: وروى عَن عطاء عَن عَائِشَةَ: مَن صلّى في يوم اثنتي عشرة ركعة. والناس يروونه عَن عطاء عَن عنبسة عَن أم حبيبة1. وَرَوَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُقْصِرُ الصَّلاةَ فِي السَّفَرِ وَيُتِمُّ. وَهَذَا رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ عَطَاءٍ كَانَتْ عَائِشَةُ تُوفِي الصَّلاةَ فِي السَّفَرِ وَتَصُومُ. وقال الْبُخَارِيّ: قَالَ وكيع: كَانَ المغيرة بْن زياد ثقة. وقال غيره: فِي حديثه اضطراب. فأما أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم فزلق لسانه وقال: لم يختلفوا فِي تركه. قُلْتُ: بل لم يتركه أحد. مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. قَالَ أَبُو أَحْمَد الحاكم: ليس بالقويّ عندهم. وروى ابن أبي خثيمة وعباس وأحمد بْن أَبِي مريم عَن يحيى بْن معين: ثقة. 380- المغيرة بْن مسلم السراج القسلمي2 -ت ن ق- وهو أخو عَبْد العزيز. روى عَن عكرمة وأبي الزبير وفرقد السبخي. وعنه إسحاق بن سليمان الرازي وأبو داود الطيالسي وشبابة. وثقه ابن معين. 381- المفضل بن لاحق أبو بشر المصري3.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "728"، وأبو داود "1250"، والترمذي "413"، والنسائي "3/ 262"، وابن ماجه "1141". 2 تقريب التهذيب (2/ 275) . 3 التهذيب "10/ 268"، والجرح والتعديل "8/ 229".

عن ابن سيرين ومكحول. وعنه ابنه بشر ومعاذ بن معاذ ومسلم بن إبراهيم وبدل بن المحبر. وثقه ابن معين، ولم يخرجوا له. 382- مقاتل بن سليمان1، أبو الحسن البلخي صاحب التفسير. عَن مجاهد والضحاك وابن بريدة ومحمد بْن سيرين وعطاء والمقبري والزهري وشرحبيل بْن سعد وعدة. وعنه بقية وسعد بْن الصلت والوليد بْن مزيد وحرميّ بْن عمارة وعبد الرزاق والمحاربي وشبابة بْن سوار وعلي بْن الجعد وغيرهم. قَالَ ابْن الْمُبَارَك: مَا أحسن تفسيره لو كَانَ ثقة. وعن الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد: إن مقاتلا جلس فِي مسجد بيروت فَقَالَ: لا تسألوني عَن شيء مما دون العرش إلا نبّأتكم بِهِ. وَرُوِيَ أنّ المنصور ألحّ عليه ذُبابٌ فطلب مقاتل بْن سُلَيْمَان فسأله: لِمَ خلق اللَّه الذباب؟ فَقَالَ: ليُذِلّ بِهِ الجبارين. وقال ابْن عيينة: قُلْتُ لمقاتل: تحدث عن الضحاك وزعموا أنك لم تسمع منه، قَالَ: كَانَ يغلق عليّ وعليه باب، فَقُلْتُ فِي نفسي: أجل باب المدينة. أَبُو خَالِد بن الأحمر عَن جويبر قَالَ: لقد واللهِ مات الضحّاك وإنّ مقاتل بْن سُلَيْمَان لَهُ قرطان وهو فِي الكتاب. وقال الفلاس: نا عَبْد الصمد بْن عَبْد الوارث قَالَ: قدم علينا مقاتل فجعل يحدّثنا عَن عطاء ثُمَّ حدّثنا بتلك الأحاديث كلها عَن الضّحّاك ثُمّ حدّثني عَن عمرو بْن شعيب، فقلنا لَهُ: مِمَّنْ سمعتها؟. وقال الْوَلِيد بْن مَزْيَد: سَأَلت مقاتل بْن سُلَيْمَان عَن أشياء كَانَ يحدثني بأحاديث كل واحد ينقص الآخر؟ فَقُلْتُ: بأَيهِّم آخُذْ؟ فَقَالَ: بأيهِّم شِئْتَ. قَالَ أَبُو إِسْحَاق الجوزجاني: كَانَ مقاتل بْن سليمان، دجالا جسورا، سمعت أَبَا اليمان يَقُولُ: قدم ها هنا فَلَمَّا أن صلّى أسند ظهره إِلَى القبلة وقال: سلوني عَن مَا دون العرش، وَحُدِّثْتُ أَنَّهُ قَالَ مثلها بمكة، فَقَالَ رَجُل: أخْبرْني عَن النملة أَيْنَ أمعاؤها؟ فسكت. وقال عفّان بْن مُسْلِم: لما قَالَ مقاتل: سَلوني سألوه: آدم أول مَا حجّ مَن حَلَقَ رأسَه؟ قَالَ: لا أدري.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 14"، والصغير "2/ 227"، والميزان "4/ 173"، والتهذيب "10/ 279"، سير أعلام النبلاء "7/ 154"، ووفيات الأعيان "5/ 255-257".

قَالَ الْبُخَارِيّ: قَالَ ابْن عُيَيْنة: سَمِعْت مقاتلًا يَقُولُ: إن لم يخرج الدّجّال الأكبر سنة خمسين ومائة فاعلموا أني كذّاب. وقال يزيد بْن زريع: سَمِعْت الكلبي يَقُولُ: مقاتل بْن سُلَيْمَان يكذب عليّ. وقال وكيع: كَانَ مقاتل بْن سُلَيْمَان كذّابًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو داود وأبو حاتم: متروك الحديث. وقال النسائي: الكذابون فِي الضعفاء المعروفون بوضع الحديث أربعة: ابن أبي يحيى بالمدينة والواقدي ببغداد ومقاتل بْن سُلَيْمَان بخراسان ومحمد بْن سَعِيد المصلوب بالشام، وقال أَحْمَد: مقاتل صاحب التفسير مَا يعجبني أن أروي عَنْهُ شيئًا. وقال ابْن عديّ: ثنا مُحَمَّد بْن عِيسَى إجازة نا أَبِي نا الْعَبَّاس بْن مصعب قَالَ: قدم مقاتل مَرْو فتزوج بأم أَبِي عصمة نوح بْن أَبِي مريم وكان يقصّ فِي الجامع، فقدِم عَلَيْهِ جَهْم فجلس إِلَيْهِ فوقعت العصبية بينهما فوضع كل واحد منهما عَلَى الآخر كتابًا ينقُضُ عَلَى صاحبه. وقال مُحَمَّد بْن أشكاب: نا أَبِي سَمِعْت أبَا يوسف يَقُولُ: بخراسان صنفان مَا عَلَى الأرض أبغض إلي منهما: المقاتلية والجهمية. وقال علي بْن كاس النخعي: ثنا جعفر بْن أَحْمَد نا عليّ بْن الْحَسَن الرازي عَن مُحَمَّد بْن سماعة عَن أَبِي يوسف أَنَ أَبَا حنيفة ذُكر عنده جهم ومقاتل فَقَالَ: كلاهما مُفْرِط، أفْرط جهم فِي نفي التشبيه حَتَّى قَالَ إنه ليس بشيء، وأفرط مقاتل حَتَّى جعل اللَّهَ مثلَ خلقه. روى نحوها إِسْمَاعِيل بْن أسد نا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَالَ أَبُو حنيفة، وهذا منقطع. قَالَ أَحْمَد بْن سيّار فِي تاريخه: مقاتل متروك مهجور القول، وكان يتكلّم فِي الصفات بما لا تحلّ الرواية عَنْهُ. وقال ابْن أَبِي حاتم: كتب إليّ مُحَمَّد بْن آدم المروزي قَالَ محمود حضرت وكيعًا وسئل عَن تفسير مقاتل بْن سُلَيْمَان فَقَالَ: لا تنظر فِيهِ، قَالَ: مَا أصنع بِهِ؟ قَالَ: ادفنه. وقال إِبْرَاهِيم الحربي: لم يسمع مقاتل بْن سُلَيْمَان من مجاهد شيئًا، وتفسيره وتفسير الكلبي سواء. ويُروى عَن مقاتل بْن حيّان قال: ما وجدت علم مقاتل بن سليمان إلا كالبحر. وقال الشافعي: الناس فِي التفسير عيال عَلَى مقاتل. وقال عُمَر بْن مدرك:

سَمِعْت مكي بْن إِبْرَاهِيم يَقُولُ: كَانَ مقاتل بْن سُلَيْمَان يَقُولُ للناس: اللَّه تعالى عَلَى عرشه. وعن الهذيل بْن حبيب أَنَّ مقاتلا مات سنة خمسين ومائة. قُلْتُ: بقي بعد ذَلِكَ حَتَّى لقيه عليّ بْن الجعد. وقال ابْن حبّان: ولاؤه للأزد وأصله من بلخ وانتقل إِلَى البصرة ومات بها. كنيته أَبُو الْحَسَن، كَانَ يأخذ عَن اليهودي والنصراني من علم القرآن مَا يوافق كتبهم وكان مشِّبهًا يشبِّه الربِ بالمخلوق ويكذب فِي الحديث. وقال الفضل بْن خَالِد المروزي: سَمِعْت خارجة بْن مصعب يَقُولُ: لم أستحلّ دم نصراني، ولو وجدت مقاتل بْن سُلَيْمَان فِي موضع لا يراني أحد لشققت بطنه. وسئل ابْن الْمُبَارَك عَن مقاتل بْن سُلَيْمَان فَقَالَ: رحمه اللَّه لقد ذُكر لنا عَنْهُ عبادة. وعن إِسْحَاق بْن راهويه قَالَ: أخرجت خراسان ثلاثة لم يكن لَهُم نظير فِي البدعة: جهم بْن صفوان وعمر بْن صبيح ومقاتل بْن سُلَيْمَان. وعن أَبِي حنيفة قَالَ: أتانا من المشرق رأيان خبيثان: جهم معطَّل ومقاتل مشبِّه. 383- منذر بْن ثعلبة العبدي البصري1. عَن عَبْد الله بن بريدة وعلباء بْن أحمر ويزيد بْن عَبْد الله بْن الشخير. وعنه وكيع وأبو الوليد الطيالسي وأبو عمرو الحوضي. وثّقه أحمد. 384- منذر بْن النعمان اليمني الأفطس2. عَن وهب بْن منبه وغيره. وهو مقل. روى عَنْهُ معتمر بْن سُلَيْمَان وهشام بْن يوسف ومطرف بْن مازن وعبد الرزاق. وثّقه ابْن معين. 385- منصور بْن سعد البصري اللؤلؤي3. عَن ميمون بْن سياه والفرزدق الشاعر وحماد بْن أَبِي سُلَيْمَان. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وموسى بْن إسماعيل وجماعة. 386- المنهال بْن خليفة4، أَبُو قدامة العجلي الكوفي.

_ 1 تهذيب التهذيب "10/ 300"، والجرح والتعديل "8/ 243". 2 التاريخ الكبير "7/ 358"، والجرح "8/ 242". 3 التهذيب "10/ 307". 4 التاريخ الكبير "8/ 12"، والميزان "4/ 191".

عَن عطاء بْن أَبِي رباح وسماك بْن حرب وجماعة. وعنه وكيع وأبو أحمد الزبيري وعبد الله بن رجاء. ضعفوه. وقال أبو داود: جائز الحديث. وقال ابْن معين: ضعيف. 387- موسى بْن أيوب بْن عامر الغافقي المصري1 الفقيه. عَن عمه إياس بْن عامر وعكرمة وسهل بْن رافع بْن خديج. وأرسل عَن عقبة بْن عامر. وعنه الليث وابن الْمُبَارَك وابن وهب والمقبري. وثّقه ابْن معين وهو مقل. قَالَ يحيى بْن بكير: هُوَ أول من أحدث القياس بمصر. قِيلَ: مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. ومر مُوسَى بْن أيوب أبو الفيض، فِي طبقة أيوب. 388- موسى بن ثروان2 –م د ن- وَقِيلَ: ابْن سروان، العجلي البصري المعلم. عَن بديل بن ميسرة ومؤرق وأبي المتوكل الناجي. وعنه شعبة ووكيع والنضر بْن شُمَيْل وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث وشاذ بْن فياض. وثّقه أَبُو داود. 389- موسى بْن داود3، أَبُو حاتم البصري اللؤلؤي. عَن طاوس والحسن. وعنه ابن المبارك ومسلم وحيان بْن هلال وأبو سلمة التبوذكي. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا أعرفه. 390- موسى بْن دهقان المدني4، ثُمَّ البصري. عَن أَبِي سعيد الخدري. ورأى ابْن عمر وسمع مِنْهُ أيضا وعن أبان بْن عثمان. وعنه وكيع وأبو غياث الدلال وعثمان بْن عمر بْن فارس.

_ 1 المعرفة والتاريخ "2/ 192"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 69". 2 تهذيب التهذيب "10/ 338". 3 ميزان الاعتدال "4/ 204"، والجرح والتعديل "8/ 141". 4 التقريب "2/ 287"، وتاريخ الدوري "2/ 592".

قَالَ أَبُو حاتم: ليس بالقوي. 391- موسى بْن يسار الأزدي1 –ت- ثُمَّ الدمشقي. عَن عطاء بْن أَبِي رباح ومكحول ونافع وربيعة القصير. وعنه صدقة السمين ويحيى بْن حمزة وابن الْمُبَارَك وعقبة بْن علقمة البيروتي. قَالَ أَبُو حاتم: مستقيم الحديث. 392- موسى بْن يسار2، أَبُو الطيب المكي. عَن عائشة بنت طلحة وعكرمة والقاسم. وعنه يحيى بْن سعيد القطان وشبابة. قَالَ أَبُو أَحْمَد الحاكم فِي الْكُنَى: ليس بالقوى عندهم، وَهّاه حَفْص بْن غياث. وَقَالَ الْفَلاسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: كنت عند شيخ بمكة أَنَا وحفص بْن غياث فإذا شيخ جارية بن هرم يكتب عنه، فجعل حفص يضع له الحديث فيقول: أحدثك فلان بكذا؟ فيقول: نعم، فلما فرغ ضرب حفص بيده إلى ألواح جارية فمحاها وقال: هَكَذَا يكذب، فسأل يحيى عَن الشَّيْخ من هُوَ، فامتنع ثُمَّ قَالَ: هُوَ مُوسَى بْن يسّار. قُلْتُ: قد مر أبو الطيب موسى بن يسار وكذا سماه ابْن أَبِي حاتم، وأظنّ هَذَا تصحف فَقَالَ الخطيب: مُوسَى بْن يسّار أَبُو الطيب، مروزي نزل المدائن. عَن عكرمة وعنه أَبُو مُعَاوِيَة وشبابة ونعيم بْن ميسرة. قَالَ ابْن معين: مُوسَى بْن يسّار، شيخ لشبابة ثقة. 393- موسى بْن يعقوب القُرَشِيّ3 -4- الزَّمْعي المدني. عَن عمر بْن سعيد النوفلي وأبي حازم الأعرج وعبد الرحمن بْن إسحاق. وعنه معن بْن عيسى وابن أَبِي فديك وسعيد بْن أَبِي مريم. وثّقه ابْن معين. وقال أَبُو داود: صالح. وقال النسائي: ليس بالقويّ. قَالَ ابن سعد: مات في خلافة المنصور.

_ 1 التهذيب "10/ 377"، والجرح والتعديل "8/ 168". 2 التاريخ الكبير "7/ 298"، وميزان الاعتدال "4/ 226". 3 تهذيب التهذيب "10/ 378"، وتقريب التهذيب "2/ 294".

394- ميمون بْن موسى المرئي البصري1 -ت ق-. عن الحسن وغيره. وعنه جماد بْن مسعدة ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو الوليد وآخرون. قَالَ النسائي: ليس بالقوي. وقال أحمد: كَانَ يدلس. وقال الفلاس: صدوق لكنه ضعيف الحديث. "حرف النون": 395- ناصح المحلمي الكوفي2 -ت ق- الحائك. عَن سماك بْن حرب وأبي إسحاق ويحيى بْن أَبِي كثير. وعنه يحيى بْن يعلى الأسلمي وعبد الله بْن صالح العجلي وإسماعيل بْن عمرو البجلي. قَالَ البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ضعيف. 396- نافع بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الأسدي3. أخو مصعب المذكور، ووالده عَبْد الله بْن نافع الزبيري. عَن أبيه وسالم أَبِي النضر. وعنه ابنه وابن أَبِي الموالي وفضل بْن سُلَيْمَان. وهو صالح الحديث مقل. مات سنة خمس وخمسين ومائة. عَن اثنتين وسبعين سنة. 397- نصر بْن طريف الباهلي4، أَبُو جزي القصاب. بصري متروك. عَن قتادة وحماد بْن أَبِي سُلَيْمَان. وعنه مؤمل بْن إسماعيل وعبد الغفار الحراني وغيرهما. 398- نصر بْن علي بْن صهبان الجهضمي5 -4- بصري صدوق. عَن جده لأمه أشعث بْن عَبْد الله الحداني والنضر بْن شيبان. وعنه أَبُو داود وأبو نعيم وعبيد الله بن موسى. هو مُقِلّ. وهو جد نصر بْن علي الجهضمي شيخ السنة.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 297"، والثقات "9/ 173". 2 ميزان الاعتدال "4/ 240"، والمجروحين "3/ 54". 3 طبقات ابن سعد "5/ 299"، والجرح والتعديل "8/ 457". 4 التاريخ الكير "8/ 105"، , والميزان "4/ 251". 5 التاريخ الكبير "8/ 103"، والتهذيب "10/ 429"، والجرح والتعديل "8/ 466".

399- نصير بن أبي الأشعث –خ- الكوفي الكناسي1. عَن حبيب بْن أَبِي ثابت وسماك وعثمان بْن عَبْد الله بْن موهب وجماعة. وعنه أَبُو بكر بْن عياش ويحيى بْن عيسى الرملي ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو سلمة المنقري. وثّقه أَبُو حاتم. لم يخرِّجوا لَهُ، واستشهد بِهِ الْبُخَارِيّ. 400-النضر بْن حميد2، أَبُو الجارود. عَن ثابت البناني وأبي إسحاق السبيعي وسعد الإسكاف. وعنه مهران بْن أَبِي عمر وإسحاق بْن سُلَيْمَان الرازيان. قَالَ أَبُو حاتم: متروك الحديث. وقال العقيلي: روى النضر بْن حميد عَن أَبِي الجارود وثابت. ثم قَالَ: فروى لَهُ حديثين منكرين أحدهما باطل. وقال البخاري: منكر الحديث. إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ: نَا النَّضْرُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ شَيْءٍ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ رِيحَهُ لَتُوجَدُ بِالآفَاقِ، وَرِيحُهُ عَمَلُهُ وَحُسْنُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَنْتَنُ مِنْ رِيحِ الْكَافِرِ، وَإِنَّ رِيحَهُ لَتُوجَدُ بالآفاق، وريحه عمله وسوئ الثناء عليه"3. 401- النهاس بن قهم4 -د ت ق- أبو الخطاب القيسي البصري. عَن أنس بْن مالك وعطاء بْن أَبِي رباح جماعة. وعنه وكيع وأبو عاصم ومعاذ بْن معاذ وعثمان بْن عمر وآخرون. ضعّفه ابْن معين وقال: كَانَ قاضيا. ووهّاه يحيى القطان. وقال النسائي: ضعيف. 402- نوح بْن أَبِي بلال المدني5 –ن- مولى معاوية. عَن أَبِي سلمة وسعيد بن المسيب وعطاء بن يسار.

_ 1 تهذيب التهذيب "10/ 433". 2 ميزان الاعتدال "4/ 256"، والجرح والتعديل "8/ 476". 3 ذكره العقيلي في الضعفاء "4/ 289". 4 تهذيب التهذيب "10/ 478"، والميزان "4/ 274"، والمجروحين "3/ 56". 5 التهذيب "10/ 481"، والجرح "8/ 481".

وعنه الثوري وزيد بْن الحباب وأبو بكر الحنفي عبد الكبير وعلي بن ثابت الجزري. قَالَ أَبُو حاتم، وأحمد: ثقة. وقال أَبُو زرعة: لا بأس بِهِ. 403- نُوحُ بْنُ رَبِيعَةَ أَبُو مَكِينٍ الْبَصْرِيُّ1 -د ن ق-. عَنْ عكرمة وأبي مجلز لا حق وَنَافِعٍ. وَعَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَوَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو دَاوُدَ وَأَبُو عَتَّابٍ الدَّلالُ. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: أَبُو مَكِينٍ قَالَ: هُوَ فَوْقَهُ، يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْوَلِيدِ الشَّنِّيَّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي الشَّنِّيِّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. صَفْوَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي مَكِينٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا اشْتَهَى مَرِيضُ أَحَدِكُمْ شَيْئًا فَلْيُطْعِمْهُ إِيَّاهُ"2. "حرف الهاء": 404- هارون بْن إِبْرَاهِيم الأهوازي البصري3 -ن. عَن جرير والفرزدق وابن سيرين وعطاء. وعنه ابْن الْمُبَارَك وعاصم النبيل وزيد بْن الحباب وأبو داود والواقدي. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. 405- هارون بْن أَبِي إِبْرَاهِيم4. ميمون بْن أيمن البربري -وهذا لقب لَهُ- ولم يكن بربريًا، وولاؤه للغفار بْن المغيرة بْن شُعْبَة. يروي عَن عطاء وميمون بْن مهران. وعنه عبد الله بن إدريس ووكيع وأبو نعيم وقبيصة وخلاد بن يحيى. وثقه أبو حاتم وغيره، لم يقع له شيء في الكتب. 406- هارون بن هارون بن عبد الله الهدير التيمي5 –ق- أبو عبد الله المدني.

_ 1 تهذيب التهذيب "10/ 484"، والميزان "4/ 277". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "1439، 3440"، وذكره العقيلي في الضعفاء "2/ 212، 306"، والألباني في ضعيف الجامع الصغير "373". 3 الجرح والتعديل "9/ 87". 4 التاريخ الكبير "8/ 224"، والجرح "9/ 96". 5 التاريخ الكبير "8/ 226"، والميزان "4/ 287".

عَن مجاهد والأعرج. وعنه ابْن أَبِي فديك ومحمد بْن شعيب بْن شابور وعبد الصمد بْن النعمان وعبد الله بْن إِبْرَاهِيم الغفاري. وهو أخو محرز بْن هارون. ضعّفه النسائي. وقال البخاري: ليس بذاك. 407- هانئ بْن أيوب الحنفي1 -ن-. عَن طاوس ومحارب بْن دثار. وعنه ابنه أيوب وحسين الجعفي وعبد الرحمن بْن مهدي وعبيد الله بْن موسى. صدوق. وقال ابْن سعد: فِيهِ ضعف. 408- هشام بْن سعد2 –م4- أبو عباد المدني الحساب. مولى قريش، ويقال لَهُ: يتيم زيد بْن أسلم. روى عَن عمرو بْن شعيب وسعيد المقبري ونافع ونعيم المجمر والزهري وأكثر عَن زيد. روى عَنْهُ ابْن وهب ووكيع وابن أبي فديك والقعنسي وأبو عامر العقدي وخلْق. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: لم يكن بالحافظ. وقَالَ ابْن معين: ليس بمتروك. وقَالَ النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوي. وقال أَبُو حاتم: هُوَ وابن إسحاق عندي واحد. وقال أحمد: كَانَ يحيى بْن سعيد لا يروي عَنْهُ. وأما أَبُو دَاوُد فَقَالَ: هُوَ ثقة وهو أثبت الناس فِي زَيْدُ بْن أسلم. وقال ابْن عديّ هُوَ مَعَ ضعفه يُكتب حديثه. قُلْتُ: استشهد بِهِ الْبُخَارِيّ واحتجّ بِهِ مُسْلِم. مات قريبا من سنة ستين ومائة. 409- هشام الدستوائي3 –ع- هشام بْن أَبِي عَبْد الله سنبر أَبُو بكر الربعي مولاهم البصري صاحب البز الدستوائي. ودستواء قرية من عمل الأهواز. ولد فِي حياة الصحابة الصغار. وحمل عَن قتادة ويحيى بْن أَبِي كثير ومطر الوراق بن أبي سليمان وخلق سواهم. عنه عبد الرحمن بن مهدي وابن

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 290"، والتهذيب "11/ 21". 2 التهذيب "11/ 39"، وسير أعلام النبلاء "7/ 262". 3 التاريخ الكبير "8/ 98"، والتهذيب "11/ 43".

الْمُبَارَك وابن أَبِي عديّ وأزهر السمان وأبو داود ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو عمر الحوضي وعدد كثير. وكان من كبار الحُفّاظ. قَالَ شعبة: مَا من الناس أحد أقٌول إنه طلب الحديث يريد بِهِ الله غير هشام الدستوائي، وهو أعلم بقتادة منّي وبحديثه. وقال أَبُو داود الطيالسي: كَانَ هشام الدستوائي أمير المؤمنين في الحديث. وقال عون بن عمارة: سَمِعْت هشامًا الدستوائي يَقُولُ: واللهِ مَا أستطيع أن أقول إِنِّي ذهبت يومًا قط أطلب الحديث أريد بِهِ وجه الله عزّ وجلّ. قُلْتُ: هَذَا يقوله مَعَ شهادة شعبة وما أدراك مَا شعبة لَهُ بإخلاص النيّة. قَالَ أحمد بْن حنبل: مَا نروي عَن أثبت من هشام الدستوائي أما مثله فعسى. وقال شاذ بْن فياض: بكى هشام الدستوائي حَتَّى فسدت عينه1. وعن هشام قَالَ: إذا فقدت السراج ذكرت ظُلمة القبر وعنه قَالَ: عَجِبْتُ للعالِمِ كيف يضحك2. قَالَ هدبة بْن خالد: حدّثنا أميّة، يعني أخاه، سَمِعْت شعبة يَقُولُ: مَا أقول إنّ أحدًا يطلب الحديث يريد بِهِ وجه الله تعالى إلا هشام الدستوائي، وإن كَانَ ليقول: ليتنا ننجو من الحديث كفافًا، لا لنا ولا علينا. قَالَ يزيد بْن زريع: كَانَ أيوب يحثّ عَلَى الأخذ عَن هشام الدستوائي. وقال شعبة: هشام بْن أَبِي عَبْد الله أحفظ منّي عَن قتادة وأكثر مجالسةً لَهُ منّي. وسئل ابْن عليّة عَن حفّاظ البصرة فَقَالَ: هشام الدستوائي. وقال وكيع: كَانَ ثبتًا. وكذا قَالَ ابْن المديني وزاد: هُوَ أثبت أصحاب يحيى بْن أَبِي كثير. قَالَ أَبُو قطن عمرو بْن الهيثم: ما رأيت أحدا أكثر ذكرا للموت من هشام الدستوائي. وقال عَبْد الرحمن بْن مهدي: سمعت هشامًا مرة يقول إذا حدث: من رَجُل حدّث هَذَا الحديث قد أكل التراب لسانه. قال الكديمي: سمعت أبن نعيم يَقُولُ: قدمت البصرة فلم أر بها أفضل من هشام

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 119". 2 انظر المصدر السابق.

الدستوائي وحمّاد بْن سلمة. قُلْتُ: مناقبه جمّة، لكنه رُمي بالقدر. قَالَ محمد بْن سعد: كَانَ ثقة حجّة، إلا أَنَّهُ يرى القَدَر. وقال محمد بْن عَبْد الله بْن البرقي: قُلْتُ لابن معين: أرأيتَ من يُرمَى بالقَدَر يُكْتَب حديثه؟ قَالَ: نَعَمْ قد كَانَ قتادة وهشام الدستوائي وابن أَبِي عروبة وعبد الوارث بْن سعيد وذكر جماعة يقولون بالقدر وهم ثقات. لم يدْعوا إِلَى شيء. توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة، وقيل سنة أربع. وقال أَحْمَد بْن حنبل: نا عَبْد الصمد قَالَ: مات هشام سنة اثنتين وخمسين ومائة، قَالَ وكان بينه وبين قَتَادَةَ فِي السنّ سبع سنين. 410- هشام بْن الغاز1 بْن ربيعة الجرشي أَبُو العباس -4- وَقِيلَ: أَبُو عَبْد الله وقيل: أَبُو ربيعة الدمشقي. عَن أنس بن مالك إن كان لقيه وعن مكحول وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ والزهري وعيادة بن نسي. وقرأ القرآن عَلَى يحيى بْن الحارث الذماري. وعنه ابْن الْمُبَارَك وصدقة بْن خالد وعيسى بْن يونس والوليد بْن مسلم ووكيع وشبابة وأبو المغيرة ويحيى بْن يمان وخلق. قَالَ أحمد: صالح الحديث. وقال دحيم وغيره: ثقة. وقال ابْن خراش: كان من خيار الناس2. وروى عباس عن ابن مَعِين: ليس به بأس. وعنه أَبِي مسهر قَالَ: كَانَ هشام بْن الغاز عَلَى بيت المال للمنصور. مات سنة ست وخمسين ومائة. وقال ابْن معين وغيره: مات سنة ثلاث وخمسين. 411- همام بن نافع –ت- الحميري الصنعاني. والد عبد الرازق. عَن عكرمة ووهب بْن منبه وميناء بْن أَبِي ميناء، وخاله قيس بْن يزيد. وعنه ابنه، وقال: حجّ أَبِي همام أكثر من ستين حجة. وقال ابْن معين: ثقة. وقال العقيلي: حديثه غير محفوظ.

_ 1 تهذيب التهذيب "11/ 55"، والجرح والتعديل "9/ 674"، وطبقات ابن سعد "7/ 468"، طبقات الحفاظ "84". 2 سير أعلام النبلاء "7/ 50".

قُلْتُ: وهو قديم الوفاة. كَانَ مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن الطبّاع يَقُولُ: سَمِعْت عَبْد الرزاق يَقُولُ: قدم علينا معمر وقد مات أَبِي، فَقَالَ: لو أدركت أباك مَا أردت أن يُسْنِد لِي حديثًا. رواها الحلواني عَنْهُ. وَفِي النفس مَعَ صحة سندها منها شيء فَإِن عبد الرزاق حدث أَبِيهِ ولقيه فِي حدود الخمسين ومائة قبلها أو بعدها، ومعمر فدخل اليمن قديمًا فِي أيام همام بْن منبّه. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى: نَا بَقِيَّةُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ هَمَّامِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ رَوَاحَةَ كَانَ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ أَنَاخَ"1. 412- الهيثم بْن رافع2 –ق- بصري. عَن أَبِي يحيى المكي وعطاء بْن أَبِي رباح. وعنه زيد بْن الحباب وأبو بكر الحنفي وموسى بْن إسماعيل وآخرون. محله الصدق. وقال ابْن معين وأبو داود: ثقة. وله حديث فِي الحكرة فِيه نكارة. "حرف الواو": 413- واسط بْن الحارث3. عَن نافع العمري وعاصم وقتادة. وعنه يوسف بْن حوشب وعبد الله بْن خراش. لَهُ مناكير. 414- واضح مولى حرملة المروزي4. عَن عكرمة والضحاك وأبي عثمان الأنصاري وغيرهم. وعنه ابنه المحدث أَبُو نميلة يحيى بْن واضح والفضل الشيباني وعلي بْن الحسين بْن واقد. ما علمت فيه ضعفا بعد.

_ 1 أورده ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق "7/ 390"، وعزاه الهندي في الكنز "33453" لابن عساكر كما في المصدر السابق، وذكره العقيلي في الضعفاء "4/ 371". 2 ميزان الاعتدال "4/ 308"، والتهذيب "11/ 67". 3 الميزان "40/ 328" للذهبي. 4 لم أقف على ترجمة فغيما تحت يدي من مصادر.

415- الوليد بْن جميل الفلسطيني1. عَنْ مَكْحُولٍ وَالْقَاسِمِ أَبِي عَبْد الرحمن. وعنه سلمة بْن رجاء ويزيد بْن هارون وأبو النضر هاشم. قَالَ أَبُو داود: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال أبو زُرْعة: لين الحديث. وقال أَبُو حاتم: روى أحاديث منكرة عَن القاسم. 416- الوليد بْن دينار2، أَبُو الفضل السعدي التياس، بصري. عَن الحسن. وعنه حماد بْن زيد ووكيع وعمرو بْن المسكين وموسى بْن إسماعيل وآخرون. قَالَ ابْن معين: ضعيف. 417- الوليد بْن سُلَيْمَان بْن أَبِي السائب الدمشقي3 -ن ق- أبو العباس. مولى قريش. عَن عمر بْن عَبْد العزيز ونافع ورجاء بن حيوة وبشر بن عببد الله وعبد الله بن عامر المقرئ والوليد بْن مسلم وعمر بْن عَبْد الواحد ومحمد بْن حمير وأبو المغيرة وجماعة. وثّقه دحيم وغيره. وقال الْوَلِيد بْن مُسْلِم: رَأَيْته وأتاه الأوزاعي فسلّم عَلَيْهِ فنهض، فعزم عَلَيْهِ الأوزاعي أن لا يفعل إجلالا لَهُ. 418- الوليد بْن عَبْد الله بْن جميع الكوفي4 -م د ت-. عَن أَبِي الطفيل وسعيد بْن جبير وأبي سلمة بْن عَبْد الرحمن. وعنه ابنه ثابت ويحيى القطان وأبو نعيم وزيد بن الحباب وأبو أحمد الزبيري وجماعة. وثّقه أَبُو نعيم. وقال أَبُو حاتم: صالح الحديث. وقال العقيلي: فِي حديثه اضطراب. وقال ابن حبان: فحش تفرده.

_ 1 تقريب التهذيب "2/ 328"، وأبو زرعة "534". 2 ميزان الاعتدال "4/ 338"، والجرح والتعديل "9/ 4". 3 تهذيب التهذيب "11/ 134"، والجرح والتعديل "9/ 6". 4 التاريخ الكبير "6/ 646"، وميزان الاعتدال "4/ 341".

419- الوليد بْن عيسى1، أَبُو وهب العامري. عَن الشعبي وسعيد بْن جبير وأبي بردة وعكرمة. وعنه يحيى بْن أَبِي زائدة، ووكيع وزيد بْن الحباب وغيرهم. قَالَ البخاري: فِيهِ نظر. 420- الوليد بْن كثير المخزومي2 –ع- مولاهم المدني. عَن بشير بْن يسار وسعيد بْن أَبِي هند وإبراهيم بْن عَبْد الله بْن حنين ومحمد بْن كعب القرظي وجماعة. وعنه إِبْرَاهِيم بْن سعد وابن عيينة وأبو أسامة والواقدي وآخرون. وكان إخباريًا عارفًا ثبتًا بالمعازي والسيرة. قَالَ أَبُو دَاوُد: ثقة إلا أَنَّهُ إِباضِيّ. وقَالَ ابْن عيينة: كَانَ صَدُوقا. وروى عباس عَن ابْن معين: ثقة. قُلْتُ: ويروى أيضًا عَن المقبري والأعرج وعبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر وعمرو بْن شعيب ومحمد بْن جَعْفَر بْن الزبير بْن الْعَوَّام ومحمد بْن عبّاد بْن جَعْفَر ومحمد بْن عمرو بْن حلحلة ومحمد بْن عمرو بْن عطاء ومعبد ومحمد ابني كعب بْن مالك. مات سنة إحدى وخمسين ومائة. 421- وهيب بْن الورد3 -م د ن ت- أبو أمية. ويقال: أبو عثمان المكي العابد القدوة مولى بني مخزوم واسمه عَبْد الوهاب. وَهُوَ أخو عَبْد الجبار بْن الورد. يروي عَن رَجُل عَن عائشة وعن حميد بْن قيس الأعرج وعمر بْن محمد بْن المنكدر. وعنه بشر بْن منصور السليمي وابن المبارك وعبد الرازق ومحمد بْن يزيد بْن خنيس وإدريس بْن محمد الأودي. وقال إدريس: مَا رَأَيْت أعبد مِنْهُ. وقال ابْن الْمُبَارَك: قِيلَ لوهيب أَيَجِدُ طَعْمَ العبادة من يعصي اللَّه؟ قَالَ: لا ولا من يهمّ بالمعصية. وقال مُحَمَّد بْن يزيد الحنفي: سَمِعْت سُفْيَان الثوري إذا حدّث فِي المسجد الحرام وفرغ قَالَ: قوموا إِلَى الطبيب، يعني وهيبًا.

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 343". 2 التهذيب "11/ 148"، والعبر "1/ 217"، وخلاصة تذهيب الكمال "417". 3 تهذيب الأسماء "2/ 149"، والمعرفة والتاريخ "1/ 434"، وحلية الأولياء "8/ 140"، والعقد الثمين "7/ 417".

وقال وُهَيْب: إذا استطعْتَ أن لا يسبقك إِلَى اللَّه أحدٌ فافعَلْ. قُلْتُ: هَذَا عَلَى سبيل المبالغة فِي الاجتهاد وإلا فقد سَبَقَ واللهِ السابقون الأوّلون، فضلا عَن الأنبياء المستحيل سبْقُهم. وقال مُحَمَّد بْن يزيد: حلف وُهَيْب أن لا يراه اللَّه ولا أحدٌ من خلقه ضاحكًا حَتَّى يأتيه الملائكة عند الموت فيخبرونه بمنزلته. وكانوا يرون لَهُ الرؤيا أَنَّهُ من أَهْل الجنة فإذا أُخبر بها اشتدّ بكاؤه وقال: قد خشيت أن يكون هَذَا الشيطان. وقال: عجبًا للعالم كَيف تجيبه دواعي قلبه إِلَى الضحاك وقد علم أن لَهُ في القيامة روعات ووقفات وفزعات، ثُمَّ غُشي عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو حاتم الرازي: كانت لوهيب أحاديث ومواعظ وزهد. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال وُهَيْب: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السلام: حدّ الفردوس وخوف جهنم يُورثان الصبرَ عَلَى المشقّة، ويبعدان العبد من راحة الدنيا. قَالَ ابن خنيس: توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة. "حرف الياء": 422- يحيى بْن أيوب بْن أَبِي زرعة1 -د ت- بْن عمر بْن جرير بْن عَبْد الله البجلي الكوفي. أخو جرير بْن أيوب. روى عَن جده والشعبي. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو أسامة وأبو أحمد الزبيري والفريابي وعبد الله بْن رجاء الغداني. قَالَ ابْن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس، وقال مرة: ضعيف. 423- يحيى بْن دينار2، أَبُو شيبة البصري. عَن عكرمة والحسن. وعنه موسى بْن إسماعيل. 424- يحيى بْن زرارة بْن كريم بن الحارث بن عمرو السهمي3.

_ 1 تهذيب التهذيب "11/ 186"، والتاريخ لابن معين "2/ 640". 2 الجرح والتعديل "9/ 142". 3 تقريب التهذيب "2/ 354"، والثقات "7/ 602".

عَن أبيه عَن جده الحارث، وله صحبة. وعنه ابْن الْمُبَارَك وأبو الوليد موسى بْن إسماعيل وعفان. 425- يحيى بْن أَبِي سُلَيْمَان1 -ت د ن-. عَن عطاء بْن أَبِي رباح وسعيد المقبري. وعنه سعيد بْن أَبِي أيوب وسعيد بْن الحجاج ونافع بْن يزيد وأبو سعيد مولى بني هاشم وأبو الوليد. قَالَ أَبُو حاتم: ليس بالقوي. 426- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن سالم بْن عَبْد الله بْن عُمَر2 -م د ن- بن الخطاب العدوي العمري. عَن يزيد بْن الهاد وهشام بْن عروة. وعنه وهب بْن مكي ومكي بْن إِبْرَاهِيم والمقبري. مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. 427- يحيى بْن عَبْد الرحمن أَبُو شيبة3. شامي مُقِلّ. عن عمر بن عبد العزيز وحبان بن أَبِي جبلة. وعنه هشيم والوليد بْن مسلم. 428- يحيى بْن عَبْد الرحمن أَبُو بسطام4، التميمي. عَن الضحاك والزبير بْن عدي. وعنه مروان بْن معاوية وابن نمير وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ليس بقوي. 429- يحيى بْن عَبْد العزيز الأردني5 –د- لا الأَزْدِيّ. الشامي, وقيل: دمشقي. عن عبادة بن نسي ويحيى بْن أَبِي كثير وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ.

_ 1 التهذيب "11/ 228"، والميزان "4/ 383". 2 التاريخ الكبير "8/ 286"، والتقريب "2/ 359". 3 الجرح والتعديل "9/ 166". 4 ميزان الاعتدال "4/ 394". 5 التهذيب "11/ 251".

روى عَنْهُ عمر بْن يونس اليمامي وَقَالَ كَانَ خيرا فاضلا ويحيى بْن حمزة والوليد بْن مسلم. وهُوَ والد تلميذ الشافعي أَبِي عَبْد الرحمن الأعمى المتكلم. وقيل: جده. قَالَ ابْن معين: مَا أعرفه. وقَالَ أَبُو حاتم: مَا بحديثه بأس. 430- يحيى بْن عمير المديني1 –ت- البزاز. عَن سعيد المقبري ونافع. وعنه معن بْن عيسى القعنسي وخالد بْن مخلد وإسماعيل بْن أبي أويس. قال أبو حاتم: صالح الحديث. 431- يحيى بْن أَبِي العلاء موسى الباهلي البصري2. عَن نافع. وعنه يحيى القطان وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو الوليد. وُثِّق. 432- يزيد بْن أسيد السلمي3. متولّي أرمينية فِي دولة مروان بْن مُحَمَّد ثُمَّ فِي دولة المنصور. وكان أمير غزوة دادقشة من ناحية بحر الخزر. دَوَّخ فِي بلاد العدو، وكان شجاعًا مجاهدًا دَيِّنًا خَيِّرًا رحمه اللَّه. 433- يزيد بن سنان4 -ت ق- أبو فروة التميمي. مولاهم الجزري الرهاوي. ولد سنة تسع وسبعين. روى عَن ميمون بْن مهران والزهري وزيد بْن أَبِي أنيسة وسليم بن عامر. وعنه ابنه محمد وأبو خالد الأحمر ووكيع وأبو أسامة. ضعفه ابن معين. وَقَالَ البخاري: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ قَال: سَمِعْتُ بُكَيْرَ بْنَ فَيْرُوزَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ خَافَ أدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ دَخَلَ الْمَنْزِلَ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الجنة" 5.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 296"، والتقريب "2/ 362". 2 التاريخ الكبير "8/ 307"، والجرح والتعديل "9/ 187". 3 وفيات الأعيان "2/ 306، 6/ 322، 324". 4 التهذيب "11/ 335"، والميزان "4/ 427". 5 "صحيح": أخرجه الترمذي "2450"، والحاكم في مستدركه "4/ 308"، وأبو نعيم في حلية الأولياء "8/ 277".

حَدَّثَ أَبُو فَرْوَةَ بِالْكُوفَةِ. وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 434- يزيد بْن أَبِي صالح1، أَبُو حبيب. عَن أنس. وعنه عيسى بْن يونس ووكيع وأبو داود الطيالسي وثّقه الطيالسي وقال: كان شعبة يأتيه. 435- يزيد ين عَبْد الله الشيباني2 -ت ق- مولى الصهباء. كوفي. عَن شهر بْن حوشب وطاوس والحسن البصري. وعنه وكيع وأبو نعيم وقبيصة وأحمد بْن يونس. وثّقه ابْن معين. 436- يزيد بْن عياض بْن جعدية الليثي3 -ت ق- مدني نزل البصرة. عَن الأعرج ونافع وسعيد المقبري. وعنه شبابة وعبد الصمد بْن النعمان وعلي بْن الجعد. قَالَ البخاري: منكر الحديث. وقال أَبُو داود: متروك. 437- يعقوب بْن عطاء بْن أَبِي رباح4 المكي -ن-. عَن أبيه وخاله عَبْد الله بْن كيسان وصفية بنت شيبة وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وعبد الرزاق وأبو عاصم وأبو سعد محمد بْن ميسر الصغاني وجماعة. ضعفه أَبُو زُرْعة وغيره. وقال أَبُو حاتم: ليس بالمتين. قَالَ ابنه يحيى: مات أبي سنة خمس وخمسين ومائة. 438- يوسف بن أبي إسحاق5 –ع- عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي. عَن أبيه وجده والشعبي ومحمد بْن المنكدر. وعنه ابنه إِبْرَاهِيم وابنا عمه إسرائيل بْن يونس وأخوه عيسى وسفيان بن عيينة. قَالَ ابْن عيينة: لم يكن فِي ولد أَبِي إِسْحَاق أحفظ مِنْهُ، ومنهم من ينسبه إلى جده

_ 1 تقدمت ترجمته في الطبقة الماضية. 2 التهذيب "11/ 343"، والجرح والتعديل "9/ 275". 3 التهذيب "11/ 352"، والجرح "9/ 282". 4 ميزان الاعتدال "4/ 453"، والتهذيب "11/ 392". 5 التهذيب "11/ 408"، والجرح والتعديل "9/ 217".

فَيَقُولُ: يوسف بْن أَبِي إِسْحَاق. مات سنة سبع وخمسين ومائة. 439- يوسف بْن صهيب الكندي الكوفي1 -د ت ن-. عَن الشعبي وعبد الله بْن بريدة وحبيب بْن يسار. وعنه يحيى القطان وعبيدة بْن حميد وعبيد الله بْن موسى وأبو نعيم ومحمد الفريابي وآخرون. وثّقه ابْن معين. 440- يوسف بْن عَبْد الله أَبُو شبيب بصري مقل2. سَمِعَ الحسن. وعنه أَبُو داود الطَّيالِسيّ وعبد الصّمد بْن عَبْد الوارث. قَالَ ابْن معين: لا شيء. 441- يوسف بْن ميمون المخزومي3 –ق- مولاهم الكوفي. عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رباح وأبي الزبير. وعنه شعبة ووكيع وأبو نعيم وخلاد بْن يحيى والنعمان بْن عَبْد السلام الأصبهاني. قَالَ البخاري وغيره: منكر الحديث جدا. 442- يوسف بْن يعقوب أَبُو عَبْد الله اليمني4، الأنباري. قاضي صنعاء ومفتيها عَن طاوس وعمر بن عبد العزيز. وعنه الثوري وهشام بْن يوسف وعبد الرزاق ومحمد بْن الحسن بْن آتش. قَالَ أَبُو حاتم: لا أعرفه. قُلْتُ: محله الصدق. 443- يونس بْن أَبِي إسحاق5 –م4- السبيعي الهمداني الكوفي. والد إسرائيل وعيسى. روى عَن أنس بْن مالك وناجية بن كعب ومجاعد والشعبي وأبي بردة وأبي بكر ابني أبي موسى الأشعري وأبيه عمرو بْن عَبْد الله وهلال بْن حبان وجماعة. وعنه ابنه عيسى وابن الْمُبَارَك ويحيى القطان وابن مهدي ووكيع ويحيى بْن آدم وقبيصة والفريابي وعلي بْن محمد المدائني، وخلق كثير.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 224"، والتاريخ لابن معين "1603". 2 المغني في الضعفاء "7241". 3 تقريب التهذيب "2/ 393". 4 الجرح والتعديل "9/ 233". 5 التهذيب "11/ 433"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 142".

كان من علماء الكوفة وهو بيت علم وحديث. قَالَ ابْن مهدي: لم يكن بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال بندار: قال سالم بن قتيبة: قدمت من الكوفة فَقَالَ لِي شُعْبَة: مَن لقيت؟ قُلْتُ: لقيت فلانًا وفلانًا، ولقيت يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق، قَالَ: مَا حدّثك؟ فأخبرته، فسكت ساعة، وقلت لَهُ: قَالَ: نا بَكْر بْن ماعز، قَالَ: فلم يقل لك: ثنا ابْن مَسْعُود؟ وقال يحيى القطَّان: كَانَتْ فِيهِ غفلة. وقال أَحْمَد: حديثه مضطرب. قَالُوا: توفي سنة تسع وخمسين. 444- يونس بْن الحارث الثقفي الطائفي1. نزل الكوفة وحدّث عَن أَبِي بردة والشعبي وإبراهيم بْن أَبِي ميمونة. وعنه أَبُو نعيم وأبو عاصم وبكر بْن بكار والفريابي وجماعة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وغيره. 445- يونس بْن عَبْد اللَّه الجرمي2. عَن دينار الحجار وعمارة بْن ربيعة ويونس بْن خباب. وعنه شعبة والثوري ومندل بْن علي وابن عيينة ويعلى بْن عُبَيْد وغيرهم. وثّقه أحمد وابن معين. ولم يخرِّج لَهُ أصحاب الكتب شيئًا. 446- يونس بْن نافع أَبُو غانم المروزي3، القاضي. قال ابن المبارك: أول من اختلف إليه أبو غانم. قلت: روى عن عمر بْن دينار وأبي الزبير وكثير بْن زيد. وعنه أبو تميلة يحيى بن واضح وابن المبارك ومعاذ بن أسد وعتبة بن عبد الله المروزيون. قال ابن حبان: توفي سنة تسع وخمسين ومائة. 447- يونس بن يزيد بن أبي النجاد الإيلي4 –ع- أبو يزيد. مولى معاوية بن أبي سفيان الأموي.

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 479". 2 الجرح والتعديل "9/ 241". 3 تهذيب التهذيب "11/ 449"، والجرح والتعديل "9/ 247". 4 التاريخ الكبير "8/ 406"، والتهذيب "11/ 450".

عَن عكرمة والقاسم وسالم ونافع والزهري وطائفة. وعنه جرير بْن حازم والليث وابن وهب وأبو صفوان عَبْد الله بْن سعيد الأموي وعثمان بْن عمر بْن فارس وابن أخيه عنبسة بْن خالد الإيلي وجماعة. قَالَ أَحْمَد بْن صالح: نَحْنُ لا نقدّم فِي الزُّهْرِيّ عَلَى يُونُس أحدًا، وكان الزُّهْرِيّ إذا نزل إيلة نزل عَلَى يُونُس بْن يزيد ثُمَّ يزامله إِلَى المدينة. وثّقه أحمد بْن حنبل وغيره. قَالَ أَبُو سَعِيد بْن يُونُس: مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. وقَالَ البخاري: مات سنة تسع وخمسين. "الكنى": 448- أَبُو أيوب المورياني1. وزير المنصور. اسمه سُلَيْمَان بْن أَبِي سُلَيْمَان الخوزي. تمكن من المنصور وغلب عَلَيْهِ وكان قَبْلُ يكتب لسليمان بْن حبيب بْن المهلب بْن أَبِي صُفرة. وكان المنصور ينوب عَن سُلَيْمَان هَذَا فِي بعض كور فارس. حكاه ابْن خلّكان، قَالَ: فصادره وضربه فلما استخلف المنصور قتل سليمان، وكان سليمان عند ضرب المنصور قد عزم على هتكه فخلصه منه أبو أيوب المورياني، فاعتدها له المنصور واستوزره، ثم إنه فسدت نيته فيه ونسب إلى أخذ الأموال، وهم به، فطال الأمر وتمادى. وكان كلما دخل عليه ظن أَنَّهُ سيوقع بِهِ، فَقِيلَ: إنه كَانَ معه شيء من الدُّهن قد عمل فِيهِ سحر فكان يدهن بِهِ حاجبيه كلما دخل، فسار فِي أفواه العامة: دهن أَبِي أيوب. ثُمَّ أَنَّهُ أوقع بِهِ وعذّبه وأخذ أمواله وكانت عظيمة. مات فِي سنة أربع وخمسين ومائة. 449- أَبُو بكر بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مريم الغساني2 -د ت ق- الحمصي المحدث العابد شيخ أهل حمص. روى عَن خالد بْن معدان وراشد بْن سعد وبلال بن أبي الدرداء ومكحول وأبي

_ 1 وفيات الأعيان "2/ 410-414"، والفخري "157"، والجهشياري "97". 2 لسان الميزان "3/ 357"، والتهذيب "12/ 28".

راشد الحبراني وجماعة. وعنه ابن المبارك وإسماعيل بن عياش وبقية وأبو اليمان وأبو المغيرة وآخرون. ضعفه أحمد وغيره لكثرة غلطه. واسمه كنيته. قال ابن حبان: هو رديء الحفظ وهو عندي ساقط الاحتجاج به إذا انفرد. وقال بقية: قَالَ لنا رَجُل فِي قرية أَبِي بَكْر، وهي قرية كثيرة الزيتون: مَا في هذه القرية من شجرة إلا وقد قام أَبُو بَكْر إليها ليلته جميعًا. وقيل: كَانَ فِي خدَّيْ أَبِي بكر أثر من الدموع. وقال أَبُو إِسْحَاق الجوزجاني: هُوَ متماسك. وقال ابْن عدي: أحاديثه صالحة ولا يُحتجّ بِهِ. وقال يزيد بْن هارون: كَانَ من العُبّاد المجتهدين. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبَّهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ست وخمسين ومائة. 450- أبو بكر الهذلي1 –ق- اسمه سلمى بْن عَبْد الله بْن سلمى الْبَصْرِيُّ. كَانَ فِي صَحَابَةِ الْمَنْصُورِ وَكَانَ إِخْبَارِيًّا علامة. روى عن الحسن ومحمد ومعاذة العدوية وعكرمة والشعبي وغيرهم. وعنه ابن المبارك وشبابة بن سوار ومسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل لقيه بمكة وجماعة. لم يرضه يحيى القطان. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أحمد: ضعيف. وقال البخاري: ليس بالحافظ عندهم. وأما غندر فقال: كذاب. يقال: مات سنة ست وستين، فيؤخر. 451- أبو البشر هشيم الحمصي المقرئ. قيل: اسمه عمران بن عثمان الزبيدي وقيل: الحضرمي. روى حروف القراءة عَن يزيد بْن قطيب السكوني وسمع من خالد بْن معدان. روى عَنْهُ شريح بْن يزيد الحمصي. قراءته شاذّة وإسناده مظلم. 452- أَبُو جَعْفَر الرازي2، من كبار العلماء بالرّيّ. اسمه عيسى بْن ماهان، يُقَالُ: ولد بالبصرة وَكَانَ متجره إِلَى الري.

_ 1 تهذيب التهذيب "12/ 45"، والجرح والتعديل "4/ 313". 2 التاريخ الكبير "6/ 403"، وتاريخ بغداد "11/ 143"، والعبر "1/ 237".

روى عَن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْن دينار وقتادة والربيع بْن أنس وجماعة. وعنه ابنه عَبْد الله والخريبي وأبو نعيم وعبيد الله بْن موسى وأبو أحمد الزبيري ويحيى بْن أَبِي بكير وخلف بْن الوليد وعليّ بْن الجعد وآخرون. قَالَ يحيى بْن مَعِين: ثقة. وقال أَبُو حاتم: ثقة صدوق. وقال أَحْمَد بْن حنبل والنسائي: ليس بالقويّ. وَقَالَ الْجُوزْجَانِيُّ: كَانَ يَنْفَرِدُ بِالْمَنَاكِيرِ عَنِ الْمَشَاهِيرِ، ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ الأَبْرَشِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ حَسَنٍ عَنِ الأَحْنَفِ عَنِ الْعَبَّاسِ مَرْفُوعًا: لَوْ دُلِّيتُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الأَرْضِ السَّابِعَةِ -الْحَدِيثَ. قَالَ ابْن المديني: أَبُو جَعْفَر عِيسَى بْن أَبِي عِيسَى الرازي ثقة، وكان يخلط، وقال مرة يُكتب حديثه إلا أَنَّهُ يخطئ. وقال أَبُو زرعة: يهمّ كثيرًا. وروى حنبل عَن أَحْمَد: صالح الحديث. وروى عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن المديني عَن أَبِيهِ قَالَ: هُوَ نحو مُوسَى بْن عبيدة. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَن علي قَالَ: كَانَ عندنا ثقة. وقال ابْن عمار: ثقة. وقال عمرو بن علي: فيه ضعف سيئ الحفظ. وقال الساجي: صدوق ليس بمتْقِن. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه الدشتكي: سمعته يَقُولُ: لم أكتب عَن الزُّهْرِيّ لأنه كَانَ يخضب بالسواد، قَالَ عَبْد الرَّحْمَن: فابتُلِي أَبُو جَعْفَر حَتَّى لبس السواد وزامل المهدي. قُلْتُ: وبلغنا أَنَّهُ كَانَ مُزامِلا للمهدي إِلَى مكة. * أَبُو جناب الحطاب سيأتي. وقيل: إنه مات سنة ستين ومائة. 453- أبو حرة البصري1 -م ن- واصل بن عبد الرحمن. عَن الحسن وابن سيرين وبكر المزني. وعنه بشر بن منصور وبكر وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو داود وأبو عمر الحوضي وغيرهم. قَالَ أَبُو قطن: سَأَلت شُعْبَة عَنْه فقال: هُوَ أصدق الناس. وقال أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ: كَانَ أَبُو حرة يختم كل ليلتين. وقال النسائي: ليس به بأس، وروي أن رجلا سَأَلَ شُعْبَة عَن حديث فَقَالَ: تسألني

_ 1 الجرح والتعدل "9/ 31"، والمعرفة والتاريخ "2/ 53".

عَن الحديث وقد مات سيد الناس أَبُو حرة. قَالَ الفلاس: مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. 454- أَبُو حمزة الصيرفي1 -د ق- صاحب الحِلِّيّ. هُوَ سوار بْن دَاوُد المزني البصري. عن عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرِو بْنِ شعيب وجماعة. وعنه إسماعيل بْن علية ومحمد بْن بكر البرساني ووكيع وقرة بْن حبيب ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. وثّقه يحيى بْن معين. وسمّاه وكيع: دَاوُد بْن سوار. وليّنه العقيلي وغيره. ولم يُترك. 445- أَبُو خزيمة العبدي2 –ق- بصري مُخْتَلَفٌ فِي اسمه. عَن طاوس والحسن وأنس بْن سيرين. وعنه عَبْد الرحمن بْن مهدي وحبان بْن هلال ومسلم بْن إِبْرَاهِيم والحوضي. وقال أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. 456- أَبُو خلدة السعدي، خالد بْن دينار البصري الخياط. عَن أنس بْن مالك وأبي العالية الرياحي وابن سيرين. وعنه ابْن الْمُبَارَك وحرمي بْن عمارة وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو نعيم ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وغيرهم. وثّقه النسائي. 457- أبو الرحال الأنصاري البصري3 –ت- اسمه محمد بْن خالد, وقيل: خالد بْن محمد. عَن أنس وأبي رجاء العطاردي والحسن. وعنه يحيى القطان وأبو نعيم ومكي بْن إِبْرَاهِيم ويزيد بْن رومان والنضر بْن شميل. قَالَ أَبُو حاتم وأبو زرعة: منكر الحديث. 458- أَبُو الرحال الطائي الكُوفِيّ4، عقبة بْن عُبَيْد. عَن أنس بن مالك فيما قيل وعن بشير بْن يسار. وعنه يحيى القطان وعيسى بْن يونس وعقبة بْن خالد السكوني وحفص بْن غياث. يُقَالُ: لا بأس بِهِ، وقد ضعف.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 272". 2 تقريب التهذيب "2/ 419"، والجرح والتعديل "4/ 414". 3 تقدمت ترجمته في الطبقة الماضية. 4 تقدمت ترجمته في الطبقة الماضية.

459- أَبُو سفيان بْن العلاء الْمَازِنِيِّ1. أخو أَبِي عمرو بْن العلاء. روى عَن الحسن وابن أَبِي عتيق التيمي. وعنه شعبة وابن علية. قديم الموت. * أبو السماك العدوي المقرئ. صاحب النحو. هُوَ قعنب. مرّ ذكره. 460- أَبُو سنان الكوفي. نزيل الريّ. سَعِيد بْن سنان. 461- أَبُو طيبة2. هُوَ عيسى بْن سُلَيْمَان بْن دينار الدرامي، والد أحمد بْن أَبِي ظبية الجرجاني. كَانَ من زُهّاد العلماء مَعَ الأموال والثروة. روى عَن الأعمش وكرز بْن وبرة وجعفر بْن معبد. وعنه ابناه أحمد وعبد الواسع وسعد بن سعيد وغيرهم- مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. قال البخاري. وقال الحاكم: سَمِعَ من عطاء بْن أَبِي رباح وغيره، وحدّث عَنْهُ أيضًا ولده يوسف، ورد علينا بنيسابور فِي حبس يزيد بْن المهلّب. ضعّفه يحيى بْن معين. 462- أَبُو طلق3. هُوَ عديّ، ويقال: علي بْن حنظلة العابدي الْقُرَشِيّ. عَن إِبْرَاهِيم التيمي وشراحيل بْن القعقاع. وعنه الثوري وشرقي بْن قطامي وعيسى بن يونس وغيرهم. 463- أبو عقيل الدورقي4 -خ م- بشير بن عقبة. بصري ثقة. عَن مجاهد وأبي نضرة والحسن وأبي المتوكل الناجي. وعنه يحيى القطان وعبد الرحمن بْن مهدي وأبو الوليد ومسلم بْن إِبْرَاهِيم. وثّقه أحمد وابن معين. 464- أَبُو العلانية5. عَن عَبْد اللَّه بْن أَبِي أوفى، اسمه محمد بن أعين المرئي.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 381-382". 2 التاريخ الكبير "6/ 402"، والجرح والتعديل "6/ 278". 3 الجرح والتعديل "6/ 181". 4 التهذيب "1/ 465-466". 5 الجرح والتعديل "7/ 206".

بصري حسن الحال. حدّث عَنْهُ يحيى القطان وابن مهدي وطالوت بْن عباد وآخرون. 465- أَبُو عمرو بْن العلاء1 بْن عمار بْن العريان التميمي الْمَازِنِيِّ الْمُقْرِئ النحوي صاحب القراءة. وأمه من بني حنيفة، اسمه زبان, وقيل: العريان، وقيل: غير ذَلِكَ. قرأ القرآن عَلَى سَعِيد بن جبير ومجاهد، وقيل: إنه قرأ عَلَى أَبِي العالية الرياحي. وقرأ عَلَى جماعة سواهم. مولده سنة سبعين. وحدّث عَن أَنَس بْن مالك وأبي صالح السمّان وعطاء بْن أَبِي رباح ومجاهد وأبي رجاء العطاردي ونافع والزهري وطائفة سواهم. قرأ عَلَيْهِ يحيى بْن الْمُبَارَك اليزيدي والعباس بْن الفضل الأنصاري قاضي الموصل وحسين الجعفي ومعاذ بْن معاذ والأصمعي ويونس بْن حبيب النحوي وسلام الطويل ومحبوب بْن الحسن وعلي بْن نصر بْن علي وهارون بْن موسى وسهل بْن يوسف وعبد الوارث بن سعيد بْن أوس الأنصاري وشجاع البلخي وآخرون. وحدث عَنْهُ شعبة وشبابة ويعلى بْن عُبَيْد وأبو عبيدة والأصمعي وحماد بْن زيد وأبو أسامة وجماعة. وكان رأسًا فِي العلم فِي أيام البصري. قال أبو عبيدة: كان أبو عمر أعلم الناس بالقراءات والعربية والشعر وأيام العرب، وكانت دفاتره ملئ بيت إِلَى السقف، ثُمَّ تنسّك فأحرقها، وكان من أشرف العرب ووجوهها، مدحه الفرزدق وغيره. وقال ابْن معين: ثقة. وقال أَبُو حاتم الرازي: ليس بِهِ بأس. وقال أَبُو عُمَر الشيباني: مَا رأينا مثل أبي عمر بْن العلاء. وروى أَبُو العيناء عَن الأصمعي قال: قال لي أبو عمر: لو تهيّأ أن أُفْرِغ مَا فِي صدري من العلم في صدرك لفعلت، لقد حفظت فِي علم القراءات أشياء لو كُتِبَتْ ما قدر الأعمش على حفظها، لولا أَنَّهُ ليس لِي أن أقرأ إلا بما قُرِئ لقرأت بحرف كَذَا وكذا، وذكر حروفًا. وروى نصر بْن علي عَن أَبِيهِ عَن شُعْبَة قَالَ: أنظر مَا يقرأ بِهِ أَبُو عمرو مما يختاره فأكْتُبْه فإنه سيصير للناس إسنادًا. وقال إِبْرَاهِيم الحربي وغيره: كَانَ أَبُو عمر من أَهْل السُّنَّةِ. وقال أَبُو مُحَمَّد اليزيدي ومحمد بْن حَفْص: تكلم عمرو بْن عُبَيْد في

_ 1 الفهرست "48"، مراتب النحويين "13"، والعبر "1/ 223".

الوعيد سنة فَقَالَ أَبُو عمرو: إنك لألْكن الفهم إذا صَيَّرْتَ الوعيدَ الَّذِي فِي أعظم شيء مثله فِي أصغر شيء فأعلم أن النَّهْيَ عَن الصغير والكبير ليسا سواء، وإنما نهى اللَّه عَنْهُمَا لِيُتِمَّ حُجَّتَه عَلَى خلقه ولِئلا يعدل عَن أمره ووراء وعيده عفوه وكرمه، ثُمَّ أنشد: لا يُرْهِبُ ابنُ العمِ مَا عشتُ صولَتي ... ولا أخْتَتي من صَوْلَة المتهدّد وإنيّ وإِنْ أَوْعَدْتُه أو وعدتُه ... لَمُخْلِفٌ إِيعادِي ومُنْجز مَوْعِدِي فَقَالَ لَهُ عمرو بْن عُبَيْد: صدقت إن العرب تمتدح بالوعد دون الوعيد وقد تمتدح بهما، ألم تسمع إِلَى قول الشاعر: لا تخلف الوعد ولا ... تَبيتُ من ثارِهِ، عَلَى فَوْت فقد وافق هَذَا قوله تعالى {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: 44] قَالَ أَبُو عمرو: قد وافق الأولُ أخبارَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَدِيثُ يفسّر القرآن. قَالَ الأصمعي: قَالَ لِي أَبُو عمرو: كن عَلَى حذر من الكريم إذا أهنته ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أحرجته ومن الأحمق إذا مازحته، ومن العاجز إذا عاشرته، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسأل، أو تسأل من لا يجيبك، أو تحدّث من لا ينصت لك. قَالَ الأصمعي: سَأَلت أبا عمر مَا اسمك؟ قَالَ: زبان. وعن الأصمعي بإسناد آخر قال: أبو عمر لا اسم لَهُ. وأَمَّا اليزيدي فعنه روايتان إحداهما: اسم أَبِي عمرو العريان والأخرى أن اسمه يحيى. وقال الأصمعي: سَمِعْت أَبَا عمرو يَقُولُ: كنت رأسًا والحسن حيّ. قَالَ أَبُو عمرو الداني: نا مُحَمَّد بْن أَحْمَد نا ابْن دريد نا أَبُو حاتم عَن أَبِي عبيدة قَالَ: قَالَ أَبُو عمرو بْن العلاء: أنا زدت هذا البيت في قصيدة الأعمش وأستغفرُ اللَّه مِنْهُ: وأَنْكَرَتْني وما كَانَ الَّذِي نَكَرَتْ ... من الحوادث إلا الشَّيْبَ والصَّلَعَا قَالَ الأصمعي: كنت إذا سمعت أبا عمرو ويتكلم ظننته لا يعرف شيئًا، كَانَ يتكلّم كلامًا سهلًا.

وقال اليزيدي: سمعت أبا عمر يَقُولُ: سَمِعَ سَعِيد بْن جُبَيْر قراءتي، فَقَالَ: الزم قراءتك هَذِهِ. وقال الأصمعي: كَانَ لأبي عمرو كل يوم يشتري بفلسين كوز ورَيْحان، فإذا أمسى تصدّق بالكوز، وقال للجارية: جفّفيه ودُقّيه فِي الأشنان. قَالَ أَبُو عُبَيْد: حدّثني عدة أن أَبَا عمرو قرأ عَلَى مجاهد، وزاد بعضهم وعلى سَعِيد بْن جُبَيْر. قَالَ خليفة بْن خياط: مات أَبُو عمرو وأبو سُفْيَان ابنا العلاء سنة سبع وخمسين ومائة. قَالَ الأصمعي: عاش أَبُو عمرو ستًا وثمانين سنة. وقال غير واحد: مات أبو عمر سنة أربع وخمسين ومائة. قلت: وكان أَبُو عمرو قليل الرواية للحديث، وهو حُجّة فِي القراءة صدوق، وَفِي العربية، وقد استوفيت أخباره فِي طبقات القراء. * أَبُو العميس فِي الطبقة الماضية. * أَبُو الغصن هُوَ دجين بْن ثابت -مَرّ-. * أَبُو الغصن الغفاري هُوَ ثابت بْن قَيْس. سيأتي. 446- أَبُو كعب صاحب الحرير1 –ت- ثقة بصري اسمه عَبْد ربه بْن عُبَيْد. عَن شهر بْن حوشب والحسن ومحمد بْن سيرين. وعنه يحيى القطان وأبو داود الطيالسي ومسلم بْن إِبْرَاهِيم وأبو عاصم. وثّقه جماعة. 467- أبو مالك النخعي2 –ق- قيل: اسمه عَبْد الملك وقيل: عبادة بْن حسين. عن سلمة بن كهيل وعلي بن الأقمر وعاصم بْن كليب وجماعة. وعنه يزيد بْن هارون ويحيى بْن أَبِي بكير وآدم بْن أَبِي إياس وعلي بْن الجعد وأبو النضر ووكيع. ضعّفه أَبُو زرعة وأبو داود. قَالَ البخاري: ليس بالقوي عندهم.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 41"، والتاريخ لابن معين "4385". 2 تقريب التهذيب "2/ 453"، وتاريخ الدوري "2/ 721".

468- أبو المنيب العتكي المروزي السنحي1 -د ن ق- عبيد الله بن عبد الله. رأى أنس بْن مالك وسمع سعيد بْن جبير وعكرمة وطائفة. وعنه الفضل بْن موسى الشيباني وزيد بْن الحباب وعبدان بْن عثمان وعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شقيق. وثّقه ابْن معين. 469- أبو المليح الفارسي الخراط2 -ن ق- مدني صدوق. يقال: اسمه صبيح ويقال: حميد. لَهُ عَن أَبِي صالح الخوزي. وعنه حاتم بن إسماعيل ووكيع وأبو عاصم وعبد الله بن نافع الصائغ وجماعة. وثقه ابن معين. له عن الخوزي عَن أَبِي هُرَيْرَةَ "مَن لا يسأل اللَّهَ يغضب عليه" 3. 470- أبو نعامة العدوي 4 -م ق- عمرو بن عيسى بن سويد. بصري صدوق. عَن حفصة بنت سيرين وخالد بْن عمير وجماعة. وعنه روح بْن عبادة وأبو عاصم والنضر بْن شميل وصفوان بْن عيسى. وثّقه ابْن معين وغيره. وقال أَحْمَد: ثقة، إلا أَنَّهُ اختلط قبل موته. 471- أَبُو اليسع الكوفي5. عَن علقمة بْن مرثد وقيس بْن مسلم وعمرو بْن مرة. روى عَنْهُ عثمان بْن مقسم البري ويحيى بْن عيسى الرملي وأبو أسامة وغيرهم. وكان ضريرًا. لا يعرف اسمه. آخر الطبقة السادسة عشرة ولله الحمد.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 322". 2 تهذيب التهذيب "12/ 246"، والمعرفة والتاريخ "2/ 271". 3 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "3373"، وابن ماجه "3827". 4 الجرح والتعديل "6/ 251"، والمعرفة والتاريخ "1/ 321". 5 التاريخ الكبير "9/ 82"، والجرح والتعديل "9/ 458".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع 3 سنة إحدى وأربعين ومائة. 6 سنة اثنتين وأربعين ومائة. 7 سنة ثلاث وأربعين ومائة. 8 سنة أربع وأربعين ومائة. 13 سنة خمس وأربعين ومائة. 22 بناء بغداد. 24 خروج إبراهيم بن عبد الله بن حسن. 31 سنة ست وأربعين ومائة. 32 سنة سبع وأربعين ومائة. 34 سنة ثمان وأربعين ومائة. 35 سنة تسع وأربعين ومائة. 35 سنة خمسين ومائة.

"تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ" "حَرْفُ الألف" 36 1- أبان بن تغلب. 37 2- أبان بن أبي عياش البصري. 38 3- إبراهيم بن حدان العذري الدمشقي. 38 4- إبراهيم بن سليمان الأفطس الدمشقي. 38 5- إبراهيم بن شعيب المدني. 38 6- إبراهيم بن عقبة المدني. 38 7- إبراهيم بن العلاء الغنوي أبو هارون. 39 8- ابْنُ هَرْمَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَلَمَةَ. 40 9- إبراهيم بن محمد بن المنتشر. 40 10- إبراهيم بن مسلم الهجري. 40 11- إبراهيم بن ميمون. 40 12- إبراهيم بن يزيد القرقسي. 41 13- أبين بن سفيان. 41 14- أبان بن سفيان. 41 15- أجلح بن عبد الله بن حجية. 41 16- أحمد بن خازم المعافري. 42 17- أخضر بن عجلان الشيباني. 42 18- إدريس بن سنان الصنعاني. 42 19- أدهم بن طريف السدوسي. 42 20- إسحاق بن أسيد الأنصاري. 42 21- إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ. 43 22- إسرائيل بن موسى. 43 23- أسلم المنقري. 43 24- أسماء بن عبيد. 44 25- إسماعيل بن أمية. 44 +- إسماعيل بن حماد. 44 26- إسماعيل بن أبي خالد. 45 27- إسماعيل بن رافع. 45 28- إسماعيل بن زربي. 45 29- إسماعيل بن سليمان بن أبي المغيرة.

46 30- إسماعيل بن سميع. 46 31- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس. 46 32- إسماعيل بن نشيط. 46 33- أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي. 46 34- أشعث بن عبد الله بن جابر. 47 35- أشعث بن عبد الملك. 47 36- أمي الصيرفي. 48 37- أنس بن أنيس العذري. 48 38- أنيس بن أبي يحيى الأسلمي. 48 39- أيوب بن عائذ الكوفي. "حرف الباء" 48 40- بحير بن سعد الخبايري. 49 41- البختري بن أبي البختري. 49 42- بدر بن الخليل. 49 43- بدر بن عثمان الكوفي. 49 44- بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ. 50 45- بشر بن العلاء. 50 46- بشر بن نمير القشيري. 50 47- بشير بن المهاجر الغنوي. 50 48- بكر بن عمرو المعافري. 50 49- بكير بن عامر البجلي. 51 50- بهز بن حكيم. "حرف التاء" 52 51- تمام بن نجيح الأسدي. 52 52- تميم بن عطية العنسي. "حرف الثاء" 52 53- ثابت بن سرج الدمشقي. 52 54- ثابت بن أبي صفية. 53 55- ثابت بن عمارة الحنفي. 53 56- ثابت بن يزيد.

"حرف الجيم" 53 57- جابر بن صبح. 54 58- جارية بن أبي عمران. 54 59- جبريل بن أحمر البصري. 54 60- الجراح بن الضحاك. 54 61- الجعد بن عبد الرحمن. 54 62- جعفر بن خالد بن سارة. 55 63- جعفر الصادق. 59 64- جعفر بن محمد بن عباد. 59 65- جعفر بن ميمون التميمي. 59 66- جويبر بن سعيد. "حرف الحاء" 60 67- حاتم بن أبي صغيرة. 60 68- الحارث بن حصيرة. 60 69- الحارث بن عبد الرحمن. 60 70- الحارث بن عمير. 60 71- الحارث بن النعمان. 61 72- حارثة بن أبي الرجال. 61 73- حبيب بن أبي الأشرس. 61 74- حبيب بن جري. 62 75- حبيب بن الشهيد. 62 76- حبيب بن صالح الطائي. 62 77- حبيب بن أبي العالية. 63 78- حبيب بن أبي عمرة القصاب. 63 79- حبيب المعلم. 63 80- حجاج بن أرطأة. 66 81- حجاج بن حجاج الباهلي. 66 82- حجاج بن عبد الله بن حمزة. 67 83- حجاج بن أبي عثمان الطواف. 67 84- حرام بن عثمان بن عمرو. 67 85- حرملة بن قيس. 68 86- حريث بن أبي مطر.

68 87- الحسن بن ثوبان. 68 88- الحسن بن الحسن بن الحسن. 68 89- الحسن بن الحكم النخعي. 68 90- الحسن بن ذكوان. 69 91- الحسن بن عطية بن سعد. 69 92- الحسن بن عمرو التميمي الكوفي. 69 +- الحسن بن عمرو التميمي الكوفي. 69 93- الحسن بن عقبة. 70 94- الحسن بن يزيد. 70 95- الحسين بن ذكوان. 70 96- الحسين بن عبد الله العباسي. 71 97- الحسين بن علي بن الحسين. 71 98- الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم. 71 99- حكيم بن رزيق الفزاري. 71 100- حلام بن صالح العبسي. 72 101- حماد بن جعفر بن زيد. 72 102- حماد بن أبي الدرداء الأنصاري. 72 103- حماد الراوية. 72 104- حمزة بن أبي حمزة. 72 105- حميد بن تيرويه. 74 106- حميد بن زياد. 75 107- حميد بن هانئ. 75 108- حميد الأعرج. 75 109- حنبل بن عبد الله. 76 110- حنظلة بن صفوان. 76 111- حنظلة السدوسي. 76 112- حيي بن عبد الله المعافري. "حرف الخاء" 76 113- خالد بن دينار. 76 114- خالد بن رباح. 77 115- خالد بن عبيد. 77 116- خالد بن أبي عمران.

77 117- خالد بن أبي كريمة. 77 118- خالد بن مهران. 79 119- خالد بن أبي يزيد. 79 120- خثيم بن عراك. 79 121- الخصيب بن جحدر. 79 122- خلف بن حوشب. "حرف الدَّالِ" 79 123- دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيُّ. 80 124- داود بن أبي عوف. 80 125- داود بن عيسى النخعي. 80 126- داود بن يزيد الأودي. 81 127- داود أبو اليمان. 81 128- دينار أبو عمر. "حرف الراء" 81 129- راشد بن داود الصنعاني. 81 130- راشد بن كيسان. 81 131- راشد أبو سلمة الفزاري. 82 132- راشد بن نجيج. 82 133- الربيع بن حيظان "أو حظيان" 82 134- الربيع بن سعد الجعفي. 82 135- رزام بن سعيد الضبي. 82 136- رشدين بن كريب. 83 137- رزين بن حبيب الجهني. 83 138- رؤبة بن الحجاج. 83 139- روح بن جناح الدمشقي. 84 140- رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ. "حرف الزَّايِ" 85 141- الزِّبْرِقَانُ بْنُ عبد الله أبو بكر الأسدي. 85 142- الزبرقان بن عبد الله أبو ورقاء. 85 143- زجلة الدمشقية. 85 144- زرعة بن إبراهيم. 85 145- زكريا بن أبي زائدة.

86 146- زكريا بن سلام. 86 147- زكريا بن يحيى الحميري. 87 148- زنفل العرفي المكي. 87 149- زياد بن أبي حسان النبطي. 87 150- زياد بن أبي زياد الجصاص. 87 151- زياد بن خيثمة. 87 152- زياد بن سعد. 88 153- زياد بن عبد الله بن يزيد. 88 154- زياد بن عبيد الله الحارثي. 88 155- زياد بن المنذر. 89 156- زيد بن جبيرة. 89 157- زيد بن رباح. 89 158- زيد بن عبد الرحمن بن زيد. 89 159- زيد أبو أسامة الحجام. "حرف السين" 89 160- سابق البربري. 90 161- سالم بن عبد الله الخياط. 90 162- سالم بن عبد الله أبي المهاجر الرقي. 90 163- سالم أبو غياث العتكي. 90 164- سالم بن عبد الواحد المرادي. 90 165- سالم بن غيلان التجيبي المصري. 91 166- السري بن إسماعيل الهمداني الكوفي. 91 167- سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. 91 168- سعد بن أوس العبدي البصري. 91 169- سعد بن أوس أبو الحسن العبسي. 92 170- سعد بن سعيد. 92 171- سعد بن طارق بن أشيم. 92 172- سعد بن طريف الحنظلي الكوفي الحذاء. 92 173- سعيد بن إياس. 93 174- سعيد بن حسان المخزومي. 93 175- سعيد بن صالح الأسدي الكوفي الأشج.

93 176- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رقيش. 94 177- سعيد بن عبيد الطائي الكوفي. 94 178- سعيد بن كثير بن عبيد. 94 179- سفيان بن دينار الكوفي التمار. 94 180- سفيان بن زياد الكوفي. 95 181- سفيان بن زياد. 95 182- سفيان بن زياد المروزي. 95 83- سفيان بن زياد البصري. 95 184- سفيان بن زياد الرؤاسي. 95 185- سفيان بن زياد المخرمي. 95 186- سفيان بن زياد. 95 187- سفيان بن زياد. 95 188- السكن بن أبي كريمة بن زيد. 96 189- السكن بن أبي كريمة الواسطي. 96 190- سلم ابن الأمير قتيبة بن مسلم الباهلي. 96 191- سلمة بن نبيط بن شريك. 96 192- سليمان بن سحيم. 97 193- سليمان بن زيد. 97 194- سليمان بن سليم أبو سلمة الطلبي. 97 195- سليمان بن طرخان التيمي. 99 196- سليمان بن عبيد السلمي. 100 197- سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس. 100 198- سليمان بن علي أبو عكاشة الربعي. 100 199- سليمان بن فيروز. 101 200- سليمان بن القاسم الثقفي. 101 201- سليمان بن مهران. 105 202- سليمان بن يسير. 106 203- سليمان الناجي البصري. 106 204- سهيل بن حسان أبو السمحاء. 106 205- سهيل بن ذكوان. 107 206- سويد بن نجيح أبو قطبة. 107 207- سيف بن سليمان المخزومي.

107 208- سيف بن وهب. "حرف الشين" 107 209- شبل بن عباد المكي. 108 210- شبيب بن بشر البجلي. 108 211- شبيل بن عزرة. 108 212- شداد بن عبيد الله الخولاني. 108 213- شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ المدني. 109 214- شقيق بن أبي عبد الله. 109 215- شميط بن عجلان البصري العابد. 110 216- شيبة بن نعامة. "حرف الصَّادِ" 110 217- صَاعِدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو الْعَلاءِ اليشكري. 110 218- صالح بن حيان القرشي الكوفي. 110 219- صالح بن درهم أبو الأزهر الباهلي. 111 220- صالح بن صالح بن حي. 111 221- صالح بن كيسان المدني. 112 222- صالح بن محمد بن زائدة. 112 223- صباح بن ثابت البجلي. 113 224- صبيح بن قاسم أبو الجهم. 113 225- صدقة بن سعيد الحنفي. 113 226- صدقة بن عبد الله بن كثير. 113 227- صداقة بن أبي عمران الكوفي. 113 228- صدقة بن المثنى. 114 229- الصلت بن بهرام. 114 230- الصلت بن دينار. "حرف الضَّادِ" 114 231- ضُبَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مالك. 114 232- الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي حوشب. 115 233- ضرار بن مرة أبو سنان الشيباني. "حرف الطَّاءِ" 115 234- طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَجَلِيُّ. 115 235- طريف بن شهاب.

116 236- طلحة بن الأعلم. 116 237- طلحة بن عبد الملك الأيلي. 116 238- طلحة بن يحيى بن طلحة. "حرف الْعَيْنِ" 117 239- عَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ. 117 240- عاصم بن سليمان الأحول. 118 +- عامر الأحول. 118 241- عامر بن عبيد الباهلي. 118 242- عباد بن الريان. 118 243- عبد الأعلى بن الحجاج السفلي. 118 244- عبد الأعلى بن السمح أبو الخطاب. 118 245- عبد الأعلى بن ميمون بن مهران. 119 246- عبد الله بن حسن ابن السيد الحسن. 119 247- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ. 120 248- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ كيسان. 120 249- عبد الله بن شبرمة. 121 250- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ. 121 251- عبد الله بن أبي عثمان القرشي. 122 252- عبد الله بن علي الإفريقي. 122 253- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَبَّاس. 122 254- عبد الله بن محمد بن عقيل. 123 255- عبد الله بن المستورد. 123 256- عبد الله بن مسلم بن هرمز. 123 257- عبد الله بن المقفع. 125 258- عبد الله بن ميسرة. 125 259- عبد الله بن يزيد بن فنطس. 125 260- عبد الله بن يزيد بن آدم. 126 261- عبد الله بن يونس. 126 262- عبد الجليل بن حميد. 126 263- عبد الجليل بن عطية. 126 264- عبد الحميد بن واصل. 126 265- عبد الرحمن بن إسحاق القرشي.

127 266- عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله. 127 267- عبد الرحمن بن حرملة. 127 268- عبد الرحمن بن سالم الجيشاني. 128 +- عبد الرمن بن عبيد بن نسطاس. 128 269- عبد الرحمن بن عطية المدني. 128 270- عبد الرحمن بن قيس العتكي. 128 271- عبد الرحمن أبو أمية السندي. 128 272- عبد الرحمن بن مرزوق الدمشقي. 128 273- عبد الرحيم بن ميمون. 129 274- عبد السلام بن أبي الجنوب. 129 275- عَبْد العزيز بْن عَبْد الله بْن عبد الله. 129 276- عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز. 129 277- عبد العزيز بن قرير العبدي. 130 278- عبد المجيد بن وهب. 130 279- عبد الملك بن أبي بشير البصري. 130 280- عبد الملك بن سعيد بن حيان. 131 281- عبد الملك بن أبي سليمان. 131 282- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ. 133 283- عبد الملك بن نوفل بن مساحق. 133 284- عبد الواحد بن أيمن المكي. 133 285- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. 133 286- عبد الواحد بن أبي عون. 134 287- عبيد الله بن الأخنس. 134 288- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عاصم. 134 289- عبيد الله بن أبي زياد المكي. 135 290- عبيد الله بن العيزار المازني. 135 291- عبيد الله بن الوليد الوصافي. 135 292- عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ. 135 293- عبيد بن أبي أمية الطنافسي. 136 294- عبيدة بن معتب الضبي. 136 295- عتبة بن أبي حكيم الهمداني. 136 296- عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب.

136 297- عثمان بن الأسود الجمحي. 137 298- عثمان بن عمر بن موسى. 137 299- عثمان بن عمير. 137 300- عدي بن حنظلة. 138 301- عريف بن درهم أبو هريرة. 138 302- عزرة بن قيس. 138 303- عسل بن سفيان. 138 304- عصام بن بشير الكعبي. 138 305- عطية بن الحارث أبو روق. 139 306- عقبة بن أبي صالح الكوفي. 139 307- عقيل بن خالد بن عقيل الإيلي. 139 308- عقيل بن معقل بن منبه. 140 309- العلاء بن عبد الكريم. 140 310- العلاء بن كثير القرشي. 141 311- العلاء بن كثير الدمشقي. 141 312- العلاء بن المسيب بن رافع. 141 313- عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ. 141 314- عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ سَالِمُ بْنُ مُخَارِقٍ. 142 315- علي بن عبد الأعلى بن عامر. 142 316- علي بن عروة القرشي. 142 317- عمار بن سعد المرادي. 142 318- عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. 143 319- عمر بن سويد بن غيلان. 143 320- عمر بن سويد العجلي الكوفي. 143 321- عمر بن عبد الله المدني. 143 322- عمر بن محمد بن زيد. 144 323- عمر بن نافع مولى ابن عمر. 144 324- عمر بن نافع الثقفي. 144 325- عمر بن نبيه الكعبي. 145 326- عمر بن نبهان الغبري. 145 327- عمر بن الوليد الشتي. 145 328- عمر بن يزيد النصري.

145 329- عمران بن حدير. 146 330- عمران بن مسلم الفزاري. 146 +- عمران بن مسلم القصير. 146 331- عمران بن موسى بن عمرو. 146 332- عمرو بن الحارث بن يعقوب. 148 333- عمرو بن أبي سفيان الجمحي. 148 334- عمرو بن سعيد أبو بكر الأوزاعي. 148 335- عمرو بن شراحيل. 148 336- عمرو بن عبد الله بن وهب. 149 337- عمرو بن عبيد المعتزلي. 153 338- عمرو بن قيس الكوفي الملائي. 153 339- عمرو بن مروان أبو العنبس. 154 340- عمرو بن ميمون بن مهران. 154 341- عنبسة بن عمار. 154 342- عنبسة بن مهران الحداد. 155 343- العوام بن حمزة المازني. 155 344- العوام بن حوشب. 155 345- عوف الأعرابي. 156 346- عيسى بن سنان. 156 347- عيسى بن أبي عطاء الكاتب. 157 348- عيسى بن عمرو البصري. "حرف الغين" 157 349- غالب القطان. "حرف الفاء" 157 350- فايد بن كيسان. 157 351- الفضل بن دلهم القصاب. 158 352- الفضل بن عيسى بن أبان. 158 353- الفضل بن مبشر. 158 354- الفضل بن يزيد الثمالي الكوفي. 158 355- فضيل بن غزوان. 159 356- الفضيل بن ميسرة الأزدي. 159 357- فياض بن غزوان الضبي الكوفي.

"حرف القاف" 159 358- قابوس بن أبي ظبيان. 159 359- القاسم بن عبد الواحد بن أيمن. 160 360- القاسم بن الوليد الهمداني الخبذعي. 160 361- قدامة بن عبد الله. 160 362- قدامة بن حماطة. 160 363- قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو رَوْحٍ الْعَامِرِيُّ. 161 364- قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل. 161 365- قطن بن كعب القطعي البصري. 161 366- قنان بن عبد الله النهمي. "حرف الكاف" 162 367- كثير بن يسار الطفاري. 162 368- كهمس بن الحسن. "حرف اللام" 162 369- لبطة بن الفرزدق. 163 370- ليث بن أبي سليم الكوفي. "حرف الْمِيمِ" 163 371- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ. 164 372- محمد بن الأشعث بن يحيى الخزاعي. 164 373- محمد بن أبي الجعد. 164 374- محمد بن الجعد. 164 375- محمد بن أبي حفصة. 165 376- محمد بن خالد الضبي الكوفي. 165 377- محمد بن ذكوان الطاحي. 166 378- محمد بن الزبير التميمي. 166 379- محمد بن سالم أبو سهل الكوفي. 167 380- محمد بن السائب الكلبي. 168 381- محمد بن سعيد بن حسان المصلوب. 169 382- محمد بن سوقة. 170 383- محمد بن شيبة بن نعامة. 170 384- محمد بن طحلاء. 170 385- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بْنِ الحَسَن.

171 386- محمد بن عبد الله بن عمرو. 173 387- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ. 173 388- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. 175 389- محمد بن عبد الرحمن التيمي. 175 390- محمد بن عبد العزيز الراسبي البصري. 175 391- مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ. 176 392- محمد بن عثمان بن عبد الرحمن. 176 393- محمد بن عجلان. 178 394- محمد بن علي بن ربيعة. 179 395- محمد بن عمرو بن علقمة. 179 396- محمد بن عون الخراساني. 180 397- محمد بن أبي القاسم الكوفي الطويل. 180 398- محمد بن قيس الأسدي. 180 +- محمد بن النضر الحارثي. 180 399- محمد بن الوليد الزبيدي. 181 400- محمد بن أبي يحيى الأسلمي. 181 401- مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الثَّقَفِيُّ. 182 402- مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيُّ. 182 403- المثنى بن الصباح اليماني. 182 404- مجالد بن سعيد. 183 405- مجمع بن يحيى. 183 406- محرز بن عبد الله. 183 407- مخول بن راشد. 183 408- مروان بن جناح الأموي. 183 409- مسافر التميمي الجصاص. 183 410- مسافر الوراق. 184 411- مسلم بن سعيد الثقفي. 184 412- مسحاج بن موسى الضبي. 184 413- مسعر بن حبيب. 184 414- مسلم بن صاعد النحات. 184 415- مشمعل بن إياس. 185 416- مصعب بن ثابت.

185 417- مصعب بن سليم. 185 418- مطرف بن طريف. 185 419- المطعم بن المقدام بن غنيم. 185 420- مطيع أبو الحسن الغزال. 186 421- مظاهر بن أسلم المخزومي. 186 422- معاوية بن مسلمة النصري. 186 423- معاوية بن عمرو بن غلاب. 186 424- معاوية بن أبي مزرد. 186 425- معلى بن جابر بن مسلم. 186 426- معلى بن زياد القردوسي. 187 427- معمر بن يحيى بن بسام. 187 428- مقاتل بن حيان. 188 +- مقاتل بن سليمان المفسر. 188 429- منصور بن دينار التميمي. 188 430- منصور بن النعمان. 188 431- موسى بن دينار. 188 432- موسى بن عبد الله بن إسحاق. 188 433- موسى بن عبد الله الجهني. 189 434- موسى بن عقبة. 190 435- موسى بن عمير التميمي. 190 436- وموسى بن عمير القرشي الجعدي. 190 437- موسى بن أبي عيسى الحناط. 191 438- موسى بن كعب التميمي المروزي. 191 439- موسى بن مسلم الطحان. 191 440- موسى بن المسيب الكوفي. 191 441- مهند بن علي العتكي. 191 442- ميمون بن عبد الله. "حرف النون" 192 443- نصر بن أوس الطائي. 192 444- نصر بن جامع الخراساني. 192 445- النضر بن عبد الرحمن. 192 446- النعمان بن ثابت.

198 447- النعمان ابن المنذر الدمشقي. 199 448- نعيم بن حكيم المدائني. 199 449- نفاعة بن مسلم. 199 450- نوفل بن الفرات. 199 451- نوفل بن مسعود السهمي. "حرف الهاء" 200 452- هارون بن سعد العجلي. 200 453- هارون بن عنترة الشيباني. 200 454- هاشم بن البريد. 201 455- هاشم بن هاشم بن هاشم. 201 456- هانئ بن المنذر الكلاعي. 201 457- هشام بن حسان. 202 458- هشام بن عائذ. 202 459- هشام بن عروة. 204 460- هلال بن خباب. 205 461- هلال بن ميمون الرملي. "حرف الواو" 205 462- الوازع بن نافع العقيلي. 205 463- واصل بن السائب. 206 464- وائل بن داود التميمي. 206 465- وبر بن أبي دليلة. 206 466- الوضين بن عطاء. 206 467- وقاء بن إياس. 206 468- الوليد بن ثعلبة. 207 469- الوليد بن عمرو. "حرف الياء" 207 470- يحيى بن أبي أنيسة. 207 471- يحيى بن الحارث الذماري. 208 472- يحيى بن حسان البكري. 208 473- يحيى بن سعيد بن حيان. 209 474- يحيى بن سعيد بن قيس. 210 475- يحيى بن صبيح النيسابوري.

211 476- يحيى بن عبيد الله. 211 477- يحيى بن أبي عمرو. 212 478- يحيى بن مسلم. 212 479- يحيى بن ميسرة. 212 480- يحيى بن أبي الهيثم. 212 481- يحيى بن يزيد. 212 482- يحيى بن يعقوب. 213 483- يزيد بن حازم. 213 484- يزيد بن زياد بن أبي الجعد. 213 485- يزيد بن أبي صالح. 213 486- يزيد بن طهمان. 213 487- يزيد بن عبيدة. 213 488- يزيد بن أبي عبيد المدني. 214 489- يزيد بن كيسان اليشكري. 214 490- يزيد بن مردانبة. 214 491- يزيد بن أبي مريم الدمشقي. 214 492- يعقوب بن زيد بن طلحة. 215 493- يعقوب بن القعقاع. 215 494- يعقوب بن قيس. 215 495- يعقوب بن مجاهد. 215 496- يوسف بن إبراهيم. 215 497- يوسف بن المهاجر. 215 498- يوسف بن ميمون. 216 449- يونس بن أبي الفرات الإسكاف. 216 +- أبو الأشهب النخعي "جعفر" 216 500- أبو بكر بن عثمان بن سهل. 216 +- أبو بكر المدني. 216 501- أبو البلاد. 216 +- أبو الجحاف "داود" 216 502- أبو جعفر الخطمي المدني. 217 503- أبو جناب الكلبي. 217 504- أبو خالد الدالاني.

217 505- أبو الرحال الأنصاري. 217 506- أبو الرحال الطائي. 218 507- أبو سعد البقال. 218 508- أبو سعيد بن عوذ البراد. 218 +- أبو سنان الحنفي. 218 +- أبو سنان الشيباني. 218 +- أبو سنان الشيباني نزيل الري. 218 509- أبو السندي. 219 +- أبو شعيب المجنون. 219 510- أبو شهاب الحناط. 219 +- أبو الصباح النخعي. 219 511- أبو عاتكة. 219 +- أبو عبد الرحيم. 219 +- أبو عمر الخزاز. 219 512- أبو العميس. 219 +- أبو العنبس. 220 513- أبو العنبس. 220 +- أبو العنبس. 220 +- أبو مالك الأشجعي. 220 514- أبو مسكين. 220 515- أبو مصلح الخراساني. 220 +- أبو الورقاء. 220 516- أبو يعفور الكوفي. 220 +- أبو اليقظان. 221 +- أبو يونس القوي. 221 517- ابن ميادة.

"الطَّبَقَةُ السَّادِسَةُ عَشْرَةَ" 223 سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ. 223 سنة اثنتين وخمسين ومائة. 224 سنة ثلاث وخمسين ومائة. 225 سنة أربع وخمسين ومائة. 226 سنة خمس وخمسين ومائة. 227 سنة ست وخمسين ومائة. 227 سنة سبع وخمسين ومائة. 228 سنة ثمان وخمسين ومائة. 230 سنة تسع وخمسين ومائة. 231 سنة ستين ومائة.

"تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ" "حَرْفُ الألف" 232 1- أبان بن صمعة الأنصاري البصري. 234 2- أبان بن عبد الله بن أبي حازم البجلي. 234 3- إبراهيم بن سالم القرشي التيمي. 234 4- إبراهيم بن أبي عبلة. 236 5- متابعة: أسامة بن زيد. 237 6- إسحاق بن راشد. 237 7- الأسود بن شيبان. 237 8- أشعب الطمع. 241 9- أصبغ بن زيد الجهني. 241 10- أفلح بن حميد. 241 11- أفلح بن سعيد الأنصاري. 242 12- أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ. 242 13- أيوب بن عتبة. "حرف الباء" 242 14- بحر بن كثير. 243 15- بكير بن مسمار المدني. "حرف الثاء" 243 16- ثور بن يزيد. "حرف الجيم" 244 17- جحا، أبو الغصن. 246 18- جعفر بن برقان. "حرف الحاء" 246 19- حجاج بن حسان القيسي. 247 20- حرملة بن عمران بن قراد التجيبي. 247 +- الحسن بن أبي جعفر الجعفري. 247 21- الحسن بن عمارة. 248 22- حسين بن واقد. 249 23- الحكم بن أبان العدني. 249 24- حماد الراوية. 250 25- حماد عجرد.

251 26- حمزة الزيات. 253 27- حميد بن قحطبة. 253 28- حنظلة بن أبي سفيان. 254 29- حيوة بن شريح. "حرف الخاء" 256 30- خالد بن دينار. 256 31- خالد بن أبي عثمان. 256 32- خليفة بن خياط. 257 33- خليل بن مرة الضبعي البصري. "حرف الدَّالِ" 257 34- دَاوُدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ أَبِي الفرات. "حرف الراء" 257 35- الربيع بين صبيح البصري. 259 36- ربيعة بن عثمان بن ربيعة. "حرف الزاي" 259 37- زبان بن فائد. 260 38- الزبير بن سعيد. 260 39- زربي بن عبد الله. 260 40- زفر بن عاصم. 260 41- زفر بن الهذيل. 262 42- زكريا بن إسحاق المكي. 262 43- زمعة بن صالح. 262 44- زهير بن ميمون. 263 45- زياد بن أبي عثمان. 263 46- زياد بن ميمون. 263 47- زياد بن حبان الرقي. 264 48- زيد بن أبي ليلى مرة. 264 "حرف السين" 264 49- سالم بن عبد الأعلى. 264 50- السائب بن عمر. 265 51- سحامة بن عبد الله البصري. 265 52- سدوس بن حبيب.

265 53- سعاد بن سليمان. 265 54- سعدان الجهني. 266 55- سعيد بن أبان. 266 56- سعيد بن حسان. 266 57- سعيد بن زياد. 266 58- سعيد بن سابق. 266 59- سعيد بن سنان. 267 +- سعيد بن سنان الحمصي. 267 60- سعيد بن زون الثعلبي. 267 61- سعيد بن زياد مولى جهينة. 267 62- سعيد السائب. 268 63- سعيد بن عبد الرحمن البصري. 268 64- سعيد بن عبد الرحمن أبو شيبة. 268 65- سعيد بن عبد الله بن جبير. 268 66- سعيد بن عبيد الهنائي. 269 67- سعيد بن أبي عروبة. 270 68- سعيد بن عطية الليثي. 271 69- سعيد بن يزيد. 271 70- سفيان بن حسين. 271 71- سفيان بن دينار. 272 72- السكن بن المغيرة. 272 73- سلام بن أبي عمرة. 272 74- سلمة بن بخت. 272 75- سلمة بن سابور الكوفي. 272 76- سلمة بن وردان. 273 77- سلم بن زرير. 273 78- سليمان بن أبي داود الحراني. 273 79- سليمان بن داود الخولاني. 274 80- سليمان بن سفيان المدني. 274 +- سليمان بن أبي سليمان. 274 81- سليمان بن مسلم بن جماز. 275 82- سليمان بن يزيد الكعبي.

275 83- سليمان أبو الربيع الهمذاني. 275 84- سليم مولى الشعبي. 275 85- سليم بن حيان الهذلي. 275 86- سهل بن شعيب النخعي. 276 87- سهل بن أبي الصلت. 276 +- سوار بن داود. 276 88- سوار بن عبد الله بن قدامة. "حرف الشين" 277 98- شعبة بن الحجاج. 283 +- فصل في الرواة عن شعبة. 289 90- شيبان بن زهير. 289 91- شعيب بن صالح الطيالسي. "حرف الصاد" 289 92- صالح بْن أَبِي الأخضر اليمامي. 290 93- صالح بن حسان. 290 94- صالح بن خوات. 290 95- صالح بن راشد العبدي. 290 96- صالح بن رستم. 291 97- صالح بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس. 291 98- صالح بن مسلم العجلي. 291 99- صالح بن مسمار. 291 100- صباح بن يحيى المزني. 291 101- صدقة بن رستم الإسكاف. 291 102- صدقة بن عبادة بن نشيط. 292 103- صدقة بن موسى الدقيقي. 292 104- صدقة بن يزيد الدمشقي. 292 105- الصلت بن دينار. 293 106- صفوان بن عمرو بن هرم. "حرف الضاد" 293 107- الضحاك بن حمزة. 294 108- الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي حوشب. 294 109- الضحاك بن عثمان الأسدي.

294 110- الضحاك بن يسار. 294 111- ضرار بن عمرو. "حرف الطاء" 295 112- طلحة بن أبي سعيد. 295 113- طلحة بن عمرو الحضرمي. 295 114- طلحة بن عمرو الكوفي. "حرف العين" 295 115- عاصم بْن محمد بْن زيد العمري. 296 116- عامر بن إسماعيل الجرجاني. 296 117- عائذ بن شريح الحضرمي. 296 118- عباد بن راشد. 296 119- عباد بن كثير الثقفي. 298 120- عباد بن كثير الفلسطيني. 298 121- عباد بن منصور الناجي. 299 122- عباد بن ميسرة المنقري. 299 123- عباد بن مسلم. 300 +- عبد الله بن بُديل. 300 124- عبد الله بن بديل بن ورقاء. 300 125- عبد الله بن بشر الكوفي. 300 126- عبد الله بن جابر البصري. 300 127- عبد الله بن حبيب. 300 128- عبد الله بن أبي داود. 301 129- عبد الله بن راشد الدمشقي. 301 130- عبد الله بن زياد بن سمعان. 302 131- عبد الله بن شوذب البلخي. 303 132- عبد الله بن عامر الأسلمي. 303 133- عَبْد الله بْن عَبْد الرحمن بْن يعلى. 304 134- عَبْد الله بْن عَبْد الرحمن بْن معاوية. 304 135- عَبْد الله بْن أَبِي عَبْد الله أَبُو شعيب. 304 136- عبد الله بن عبيد الحميري. 304 137- عبد الله بن عمرو بن علقمة. 304 138- عبد الله بن عون بن أرطبان.

308 139- عبد الله بن عياش الهمداني. 308 +- عوانة بن الحكم الأخباري. 308 +- عبد الله بن عياش القتباني. 308 140- أَبُو جعفر المنصور. 313 141- عَبْد الله بْن محمد بن عمر. 314 142- عبد الله بن المحرر. 314 143- عبد الله بن نافع العدوي. 314 144- عبد الله بن النعمان الجهضمي. 314 145- عبد الله بن الوليد. 315 146- عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة. 315 147- عبد الجبار بن العباس الشبامي. 315 148- عبد الجليل بن عطية. 316 149- عبد الحكيم بن ذكوان السدوسي. 316 150- عبد الحكم القسملي. 316 151- عبد الحكم بن أبي فروة. 316 152- عبد الحميد بن جعفر. 317 153- عبد الرحمن بن بوذوية. 317 154- عبد الرحمن بن حسان. 317 155- عبد الرحمن بن زياد بن أنعم. 319 156- عبد الرحمن بن خضير الهنائي. 319 157- المسعودي عبد الرحمن بن عبد الله. 320 158- عبد الرحمن بن عجلان. 320 +- عبد الرحمن بن عمر بن بوذويه. 320 159- عبد الرحمن بن قيس. 320 160- الأوزاعي عبد الرحمن بن عمر. 331 161- عبد الرحمن بن يزيد بن تميم. 332 162- عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. 333 163- عبد السلام بن أبي حازم. 333 164- عبد السلام بن حفص. 333 165- عبد الصمد بن حبيب العوذي. 334 166- عبد العزيز بن أبي رواد. 336 167- عبد العزيز بن سياه.

336 168- عبد العزيز بن ربيع. 337 169- عبد القاهر بن تليد. 337 170- عبد المجيد بن أبي عبس. 337 171- عبد المجيد بن أبي يزيد. 337 172- عبد الملك بن حميد. 337 173- عبد الملك بن شداد. 337 174- عبد الملك بن مسلم. 338 175- عبد الملك بن معن المسعودي. 338 176- عبد الملك بن أبي جمعة. 338 177- عبد الواحد بن سليم المالكي. 338 178- عبد الواحد بن زيد. 341 179- عبد الواحد بن أبي موسى. 341 180- عبد الواحد بن موسى. 341 181- عبد الواحد بن ميمون. 341 182- عبد الواحد بن نافع. 342 183- عبد الوهاب بن الإمام إبراهيم. 342 184- عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر. 342 185- عبيد الله بن أبي حميد. 342 186- عبيد الله بن رستم. 343 187- عبيد الله بن أبي زياد. 343 188- عبيد الله بن عبد الرحمن. 343 189- عبيد الله بن محمد بن صفوان. 343 190- عبيد الله بن النضر. 344 191- عبيد بن الطفيل. 344 192- عبيد بن عبد الرحمن. 344 193- عثمان بن زائدة. 344 194- عثمان بن سعد. 345 195- عثمان بن أبي العاتكة. 345 196- عثمان بن عبد الله. 346 197- عثمان بن عبد الله بن موهب. 346 198- عثمان بن عبيد. 346 199- عثمان بن عطاء. 346 200- عثمان بن غياث.

347 201- عثمان بن مرة. 347 202- عثمان بن مسلم. 347 203- عثمان بن واقد. 347 204- عثمان بن أبي رواد. 348 205- عثيم بن نسطاس. 348 206- عدي بن عبد الرحمن. 348 207- عزرة بن ثابت. 348 208- عصام بن طليق. 349 209- عصام بن قُدامة. 349 210- عطية بن بهرام. 349 211- عكرمة بن عمار العجلي. 350 212- العلاء بن زهير. 350 213- العلاء بن صالح. 350 214- علي بن الحزور. 350 215- علي بن أبي حملة. 351 216- علي بن سويد. 351 217- علي بن صالح المكي. 351 218- علي بن صالح بن صالح. 352 219- علي بن عمرو بن رزين. 352 220- علي بن المبارك. 352 221- علي بن مسعدة. 353 222- عمار بن زريق. 353 223- عمار بن عميرة. 353 224- عمارة بن مهران. 353 225- عمرو بن إبراهيم العبدي. 354 +- عمرو بن إبراهيم الأدمي. 354 226- عمر بن إسحاق بن يسار. 354 227- عمر بن بشير. 354 228- عمر بن حبيب. 354 229- عمر بن حسين. 355 230- عمر بن حفص. 355 231- عمر بن خباب. 355 232- عمر بن ذر.

356 223- عمر بن راشد. 356 234- عمر بن رشيد. 356 235- عمر بن رؤبة. 356 236- عمر بن أبي زائدة. 357 237- عمر بن زياد. 357 238- عمر بن سليم. 357 239- عمر بن سعيد النوفلي. 357 240- عمر بن سعيد بن مسروق. 358 241- عمر بن الصبح. 358 242- عمر بْن عَبْد الله بْن أَبِي خثعم. 358 243- عمر بن عامر. 359 244- عمر بن عمران. 359 245- عمر بن فروخ. 359 246- عمر بن الفضل. 359 247- عمر بن محمد بن المنكدر. 359 248- عمر بن قيس سندل. 360 249- عمر بن مالك. 360 250- عمر بن موسى. 361 251- عمر بن معروف. 361 252- عمر بن أبي وهب. 361 253- عمران بن أنس. 361 254- عمران بن حدير. 362 255- عمران بن داود. 362 256- عمران بن زائدة. 362 257- عمران بن مسلم. 362 258- عمران بن وهب. 363 259- عمران أبو بشر الحلبي. 363 260- عمرو بن خالد. 363 261- عمرو بن سعيد الأوزاعي. 363 262- عمرو بن أبي الحجاج. 363 263- عمرو بن شمر. 364 264- عمرو بن عثمان بن هانئ. 364 265- عمرو بن عثمان بن عبد الله.

364 266- عمرو بن كثير. 365 267- عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن. 365 268- عميرة بن أبي ناجية. 366 269- عنبسة بن الأزهر. 366 270- العوام بن حمزة. 366 271- عوانة بن الحكم. 366 272- عياش بن عقبة. 367 273- عياض بن عبد الله القرشي. 367 274- عيسى بن حفص. 367 275- عيسى بن دينار. 367 276- عيسى بن أبي رزين. 368 277- عيسى بن طهمان. 368 278- عيسى بن عبد الله. 368 279- عيسى بن عبد الرحمن أبو سلمة. 368 280- عيسى بن عبد الرحمن أبو عبادة. 368 281- عيسى بن عبيد. 369 282- عيسى بن علي الهاشمي. 369 283- عيسى بن عمر الأسدي. 370 284- عيسى بن عمر الثقفي. 371 285- عيسى بن أبي عيسى. 371 286- عيسى بن موسى الدمشقي. 372 287- عيسى بن المسيب. 372 288- عيسى بن ميمون. 372 289- عيسى بن يزيد. 372 290- عيينة بن عبد الرحمن. "حرف الغين" 373 291- غالب بن سليمان. 373 292- غالب بن عبيد الله العقيلي. 373 293- غالب بن نجيح. "حرف الفاء" 373 294- فائدة بن عبد الرحمن. 374 295- فائد مولى عبادل. 374 296- فرقد بن الحجاج.

374 297- الفضل بن ميمون. 374 298- فطر بن خليفة. "حرف القاف" 375 299- القاسم بن حبيب. 375 300- القاسم بن عبد الرحمن. 376 301- القاسم بن عبد الواحد بن أيمن. 376 302- القاسم بن مبرور. 376 303- القاسم بن هزان. 376 304- قباث بن رزين. 377 305- قدامة بن موسى بن عمر. 377 306- قرة بن خالد. 377 307- قعنب أبو السماك. 378 308- قيس بن سليم. "حرف الكاف" 378 309- كامل بن العلاء. 378 310- كثير بن زيد. 378 311- كثير بن عبد الرحمن. 378 312- كثير بن فرقد. 379 313- كثير بن أبي كثير. 379 314- كعب بن فروخ. "حرف اللام" 379 315- لوط بن يحيى. "حرف الميم" 379 316- مالك بن الخير. 380 317- مالك بن مغول. 380 318- مبارك بن حسان. 381 319- مبارك بن مجاهد. 381 320- المثنى بن دينار. 381 321- المثنى بن سعد. 381 322- المثنى بن سعيد. 381 323- مجاعة بن الزبير. 382 324- مجاهد بن فرقد. 382 325- مجمع بن يعقوب.

382 326- محرز بن عبد الله. 382 327- محل بن محرز. 383 328- محمد بن إسحاق بن يسار. 387 329- محمد بن أيوب. 387 330- محمد بن مالك. 387 331- محمد بن جعفر. 388 332- محمد بن أبي حفصة. 388 333- محمد بن أبي حميد. 388 334- محمد بن ذكوان. 389 335- محمد بن أبي الزعيزعة. 389 336- محمد بن شريك المكي. 390 337- محمد بن عبد الله بن مسلم. 390 338- محمد بن عبد الله بن المهاجر. 390 339- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُرَّةَ. 390 340- محمد بن عبد الله العمي. 390 341- محمد بن عبد الرحمن بن عرق. 391 342- ابْن أَبِي ذئب مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن. 394 343- محمد بن عبد الرحمن بن معاوية. 394 344- مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ. 394 345- محمد بن عبيد الله العرزمي. 395 346- محمد بن عمارة بن عمرو. 395 347- محمد بن عمران بن إبراهيم. 395 348- محمد بن فضاء بن خالد. 396 349- محمد بن مسلم بن مهران. 396 350- مختار بن نافع التيمي. 396 351- المختار بن يزيد. 396 352- مخرمة بن بكير. 397 353- مرزوق بن عبد الرحمن. 397 354- مرزوق أبو بكر البصري. 397 355- مرزوق بن أبي الهذيل. 397 356- مرزوق مولى سعيد بن المسيب. 398 357- مرزوق أبو عبد الله الحمصي. 398 358- مرزوق أبو بكر التيمي.

398 359- مستقيم بن عبد الملك. 398 360- مسلم بن سعيد الواسطي. 398 361- المستمر بن الريان. 398 362- مستور بن عباد. 399 363- مسرة بن معبد. 399 364- مسعر بن كدام. 402 365- مسعود بن سعد الجعفي. 402 +- المسعودي. 402 366- مصعب بن ثابت. 403 367- مطرف بن معقل. 403 368- معاذ بن العلاء. 404 369- معاذ بن محمد بن معاذ. 404 370- معاذ بن رفاعة. 404 371- معاوية بن صالح. 405 372- معاوية بن يحيى الصدفي. 406 +- معاوية بن يحيى الطرابلسي. 406 373- معرف بن واصل. 406 374- معروف بن خربوذ. 407 375- معروف بن سويد. 407 376- معمر بن راشد. 410 377- معمر بن قيس. 411 378- معن بن زائدة. 414 379- المغيرة بن زياد. 415 380- المغيرة بن مسلم. 415 381- المفضل بن لاحق. 416 382- مقاتل بن سليمان. 418 383- منذر بن ثعلبة. 418 384- منذر بن النعمان. 418 385- منصور بن سعد. 418 386- المنهال بن خليفة. 419 387- موسى بن أيوب بن عامر. 419 +- موسى بن أيوب أبو الفيض. 419 388- موسى بن ثروان.

419 389- موسى بن داود. 419 390- موسى بن دهقان المدني. 420 391- موسى بن يسار الأزدي. 420 392- موسى بن يسار المكي. 420 393- موسى بن يعقوب القرشي. 421 394- ميمون بن موسى المرئي. "حرف النون" 421 395- ناصح المحلمي. 421 396- نافع بن ثابت. 421 397- نصر بن طريف. 421 398- نصر بن علي. 422 399- نصير بن أبي الأشعث. 422 400- النضر بن حميد. 422 401- النهاس بن قهم. 422 402- نوح بن أبي بلال. 423 403- نوح بن ربيعة. "حرف الهاء" 423 404- هارون بن إبراهيم الأهوازي. 423 405- هارون بن أبي إبراهيم. 423 406- هارون بن هارون بن عبد الله. 424 407- هانئ بن أيوب. 424 408- هشام بن سعد. 424 409- هشام الدستوائي. 426 410- هشام بن الغاز. 426 411- همام بن نافع. 427 412- الهيثم بن رافع. "حرف الواو" 427 413- واسط بن الحارث. 427 414- واضح مولى حرملة. 428 415- الوليد بن جميل. 428 416- الوليد بن دينار. 428 417- الوليد بن سليمان. 428 418- الوليد بن عبد الله بن جُميع.

429 419- الوليد بن عيسى. 429 420- الوليد بن كثير المخزومي. 429 421- وهيب بن الورد. "حرف الياء" 430 422- يحيى بن أيوب. 430 423- يحيى بن دينار. 430 424- يحيى بن زرارة. 431 425- يحيى بن أبي سليمان. 431 426- يحيى بن عبد الله بن سالم. 431 427- يحيى بن عبد الرحمن أبو شيبة. 431 428- يحيى بن عبد الرحمن أبو بسطام. 431 429- يحيى بن عبد العزيز الأردني. 432 430- يحيى بن عمير المدني. 432 431- يحيى بن أبي العلاء. 432 432- يزيد بن أسيد السلمي. 432 433- يزيد بن سنان. 433 434- يزيد بن أبي صالح. 433 435- يزيد ين عبد الله الشيباني. 433 436- يزيد بن عياض. 433 437- يعقوب بن عطاء. 433 438- يوسف بن أبي إسحاق. 434 439- يوسف بن صهيب. 434 440- يوسف بن عبد الله. 434 441- يوسف بن ميمون. 434 442- يوسف بن يعقوب. 434 443- يونس بن أبي إسحاق. 435 444- يونس بن الحارث. 435 445- يونس بن عبد الله. 435 446- يونس بن نافع. 435 447- يونس بن يزيد. "الكنى" 436 448- أبو أيوب المورياني. 436 449- أَبُو بكر بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مريم. 437 450- أبو بكر الهذلي.

437 451- أبو البشر هشيم الحمصي. 437 452- أبو جعفر الرازي. 438 +- أبو جناب الحطاب. 438 453- أبو حرة البصري. 439 454- أبو حمزة الصيرفي. 439 455- أبو خزيمة العبدي. 439 456- أبو خلدة السعدي. 439 457- أبو الرحال الأنصاري. 439 458- أبو الرحال الطائي. 440 459- أبو سفيان بن العلاء. 440 +- أبو السماك العدوي. 440 460- أبو سنان الكوفي. 440 461- أبو طيبة هو عيسى بن سليمان. 440 462- أبو طلق. 440 463- أبو عقيل الدورقي. 440 464- أبو العلانية. 441 465- أبو عمرو بن العلاء. 443 +- أبو العميس. 443 +- أبو الغصن دجين. 443 +- أبو الغصن الغفاري ثابت بن قيس. 443 446- أبو كعب صاحب الحرير. 443 467- أبو مالك النخعي. 444 468- أبو المنيب العتكي. 444 469- أبو المليح الفارسي. 444 470- أبو نعامة العدوي. 444 471- أبو اليسع الكوفي. 445 فهرس الموضوعات.

المجلد العاشر

المجلد العاشر الطبقة السابعة عشرة حوادث سنة إحدى وستين ومائة ... الطبقة السابعة عشرة: حوادث سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ وَمَا جَرَى فِيهَا مِنْ كِبَارِ الْحَوَادِثِ: وَفِيهَا تُوُفِّيَ: أَرْطَأَةُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، وَإِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، وَحَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ أَبُو الْخَطَّابِ، وَرَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بالرَّملة، وَزَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، فِي أَوَّلِهَا، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْمُهَاجِرِ الرَّقيّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ الْمِصْرِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ شُعْبةَ الثَّوريّ، وَعَبْدُ الْحَكَمِ بْنُ أَعْيَنَ الْمِصْرِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ مَالِكٍ الْخُزَاعِيُّ الأَمِيرُ، وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّستريّ. ظُهُورُ عَطَاءٍ المقنَّع: وفيها ظهور عطاء المقنَّع -لَعَنَهُ اللَّهُ- بِأَعْمَالِ مَرْوَ، وَكَانَ يَقُولُ بِتَنَاسُخِ الأَرْوَاحِ، حَتَّى عَادَ الأَمْرُ إِلَيْهِ، وَاسْتَغْوَى خَلْقًا عَظِيمَةً، وتوثّب على بعض ما وراء النهر، فَانْتُدِبَ لِحَرْبِهِ أَمِيرُ خُرَاسَانَ مُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَالأَمْيِرُ جِبْرِيلُ بْنُ يَحْيَى، وَلَيْثُ مَوْلَى الْمَهْدِيِّ، وَسَعِيدُ الْحَرَشِيُّ، فَجَمَعَ الْمُقَنَّعُ الأَقْوَاتَ، وَتَحَصَّنَ لِلْحِصَارِ بِقَلْعَةٍ مِنْ أَعْمَالِ كَشَّ1. ظَفَرُ نَصْرِ بْنِ الأَشْعَثِ بِابْنِ مَرْوَانَ الْحِمَارِ: وَفِيهَا ظَفِرَ نَصْرُ بْنُ الأَشْعَثِ الْخُزَاعِيُّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَلِيفَةِ مَرْوَانَ الْحِمَارِ المكنَّى بِأَبِي الْحَكَمِ، وَهُوَ أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ، وَكَانَ وَلِيَّ عَهْدِ مَرْوَانَ، فَلَمَّا قُتِلَ بِدِيَارِ مِصْرَ هَرَبًا إِلَى الْحَبَشَةِ، فَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَنَجَا هَذَا، فَلَمْ يَزَلْ مُخْتَفِيًا إِلَى السَّاعَةِ، فَأَتَى بِهِ الْمَهْدِيَّ، فَجَلَسَ لَهُ مَجْلِسًا عَامًّا، فَقَالَ: مَنْ يَعْرِفُ هَذَا؟ فَقَامَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْعُقَيْلِيُّ إِلَى جَنْبِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَبُو الْحَكَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ كُنْتَ بَعْدِي؟ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ، فَسَجَنَهُ الْمَهْدِيُّ. ثُمَّ احْتِيلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَادَّعَى عَمْرُو بْنُ سَهْلٍ الأَشْعَرِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَتَلَ أَبَاهُ، وَقَدَّمَهُ إِلَى مَجْلِسِ عَافِيَةَ القاضي،

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 135"، والكامل في التاريخ "6/ 51"، والبداية والنهاية "10/ 133"، وكش: قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان على جبل.

فَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ، وَأَنْ يُقَادَ بِهِ وَقَامَتِ البيَّنة، فَجَاءَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْعُقَيْلِيُّ فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى صَارَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَزْعُمُ هَذَا أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ، كَذَبَ وَاللَّهِ، مَا قَتَلَ أَبَاهُ غَيْرِي، أَنَا قَتَلْتُهُ بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ مَرْوَانَ. فَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمَهْدِيُّ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ لِكَوْنِهِ قَتَلَ الْمَذْكُورَ بِأَمْرِ مَرْوَانَ1. تَجْيِيشُ الرُّومِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ: وَفِيهَا جَاشَتِ الرُّومُ -لَعَنَهُمُ اللَّهُ- فبيَّتوا عَسْكَرَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَتَلُوا خَلْقًا2. عِمَارَةُ الْمَهْدِيِّ طَرِيقَ مَكَّةَ: وَفِيهَا أَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِعِمَارَةِ طَرِيقِ مَكَّةَ وَبَنَى بِهَا قُصُورًا، وَأَوْسَعَ مِنَ الْقُصُورِ الَّتِي أَنْشَأَهَا عمُّه السَّفاح، وعمل البرك، وجدّد للأميال، وَدَامَ الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَمَّ عَشْرَ سِنِينَ، وَأَمَرَ بِتَرْكِ الْمَقَاصِيرِ الَّتِي فِي جَوَامِعِ الإِسْلامِ، وَقَصَّرَ الْمَنَابِرَ وَصَيَّرَهَا عَلَى مِقْدَارِ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. نَكْبَةُ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: وَفِيهَا انْحَطَّتْ رُتْبَةُ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى غَلَبَةَ الْمَوَالِي عَلَى الْمَهْدِيِّ نَظَرَ إِلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَصَيَّرَهُمْ مِنْ جُلَسَاءِ الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرَ كَلَّمَ الْمَهْدِيَّ فِي أَمْرٍ، فَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ هَؤُلاءِ الأَرْبَعَةِ فِي ذَلِكَ الأَمْرِ، فَسَكَتَ الْوَزِيرُ، ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِإِبْعَادِهِ عَنِ الْمَهْدِيِّ4. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ ذَا تيهٍ وكبرٍ بِحَيْثُ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الرَّبِيعُ الْحَاجِبُ مِنَ الْحَجِّ جَاءَهُ مُسَلِّمًا، فَلَمْ يَنْهَضْ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ لَهُ، فَتَأَلَّمَ وَلَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ، إِلا أَنَّ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ حَاذِقًا بالتصرُّف، كافيًا، ناصحًا لمخدومه، عفيفًا، ويرمى بالقدر5.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 135-136"، والكامل في التاريخ "6/ 55". 2 تاريخ خليفة "436"، والكامل في التاريخ "6/ 55"، والبداية والنهاية "10/ 133". 3 تاريخ الطبري "8/ 136"، والكامل في التاريخ "6/ 55"، والبداية والنهاية "10/ 133". 4 تاريخ الطبري "8/ 136-137". 5 تاريخ ابن خلدون "3/ 209-210".

ثُمَّ إِنَّ الرَّبِيعَ سَعَى فِي ابْنٍ لِلْوَزِيرِ، واتَّهمه بِبَعْضِ خَطَايَا الْمَهْدِيِّ إِلَى أَنِ اسْتَحْكَمَتِ التُّهمة عِنْدَ الْمَهْدِيِّ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، اقْرَأْ، فَذَهَبَ لِيَقْرَأَ، فَاسْتَعْجَمَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، فَقَالَ لِأَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا مُعَاوِيَةُ أَلَمْ تَزْعُمْ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّهُ نَسِيَ. قَالَ: فَقُمْ فَاقْتُلْهُ، فَذَهَبَ الْوَزِيرُ لِيَقُومَ فَسَقَطَ مِنْ قَامَتِهِ، فَقَالَ عَبَّاسٌ عَمُّ الْمَهْدِيِّ: إِنْ رَأَيْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تُعْفِيَهُ، فَفَعَلَ، وَأَمَرَ فَضُرِبَتْ عُنُقُ الْوَلَدِ1. قَالَ: وَاتَّهَمَهُ الْمَهْدِيُّ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ الرَّبِيعُ: قَتَلْتَ ابْنَهُ فَلا يَنْبَغِي أَنْ تَثِقَ بِهِ، فَاسْتَوْحَشَ الْمَهْدِيُّ مِنْهُ2. اسْتِعْمَالُ الْقُضَاةِ: وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الْمَهْدِيُّ عَلَى الْقَضَاءِ عَافِيَةَ بْنَ يَزِيدَ فَكَانَ هُوَ وَابْنُ عُلاثَةَ يَحْكُمَانِ بِالرَّصَافَةِ، وَكَانَ الْقَاضِي بِالشَّرْقِيَّةِ عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْعَدَوِيُّ3. اسْتِعْمَالُ الْعُمَّالِ: وَعَزَلَ عَنِ الْجَزِيرَةِ الْفَضْلَ بْنَ صَالِحٍ الْعَبَّاسِيَّ بِعَمِّ الْمَنْصُورِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ4. وَاسْتُعْمِلَ عَلَى مِصْرَ عِيسَى بْنُ لُقْمَانَ، وَعَلَى أذْرَبَيْجَانَ بِسْطَامُ بْنُ عَمْرٍو التَّغلبيّ5. وزَارَةُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ: وَفِيهَا جَعَلَ مَعَ الأَمِيرِ هَارُونَ بْنِ الْمَهْدِيِّ وَزِيرًا لَهُ، وَهُوَ يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ6. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ موسى بن المهدى7.

_ 1 تاريخ ابن خلدون "3/ 209-210". 2 تاريخ الطبري "8/ 139"، والكامل في التاريخ "6/ 53". 3 تاريخ الطبري "8/ 140"، والكامل في التاريخ "6/ 56"، والبداية والنهاية "10/ 133". 4 تاريخ الطبري "8/ 140". 5 تاريخ الطبري "8/ 140". 6 تاريخ الطبري "8/ 140"، والكامل في التاريخ "6/ 56". 7 تاريخ خليفة "437"، المعرفة والتاريخ "1/ 149"، تاريخ الطبري "8/ 141".

أحداث سنة اثنتين وستين ومائة

أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ الزَّاهِدُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ الْمِصْرِيُّ، فِي قَوْلٍ، وَخَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ نَصْرٍ الطَّائِيُّ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، وَإِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ بِخِلافٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الْمَدَنِيُّ سَحْبَلٌ، وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّستريّ، بِخِلافٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلاءَ الْمَدَنِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سَبْرَةَ الْقَاضِي، وَأَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ، وَاسْمُهُ جَعْفَرٌ. مَقْتَلُ عَبْدِ السَّلامِ الْيَشْكُرِيِّ: وَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ هَاشِمٍ الْيَشْكُرِيِّ الَّذِي خَرَجَ بِحَلَبَ وَبِالْجَزِيرَةِ، وَكَثُرَتْ جُمُوعُهُ، وَهَزَمَ الْجُيُوشَ إِلَى أَنِ انْتُدِبَ لِحَرْبِهِ شَبِيبُ بْنُ وَاجٍ، فَسَارَ فِي أَلْفِ فَارِسٍ مِنَ الأَبْطَالِ وَأُعْطُوا أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَفَرَّ مِنْهُمُ الْيَشْكُرِيُّ إِلَى حَلَبَ، فَلَحِقَهُ بِهَا شَبِيبٌ فَقَتَلَهُ1. إِجْرَاءُ الأَمْوَالِ عَلَى الْمَجْذُومِينَ: وَفِيهَا أَجْرَى الْمَهْدِيُّ عَلَى الْمَجْذُومِينَ وَأَهْلِ السُّجون بِمَمَالِكِهِ مَا يَكْفِيهِمْ2. وُصُولُ الرُّومِ إِلَى الْحَدَثِ: وَفِيهَا وَصَلَتِ الرُّومُ إِلَى الْحَدَثِ فَهَدَمُوا سُورَهَا. غَزْوَةُ الْحَسَنِ بْنِ قَحْطَبَةَ فِي الرُّومِ: فَغَزَا النَّاسَ غَزْوَةً لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا، سَارَ الْحَسَنُ بْنُ قَحْطَبَةَ فِي ثَمَانِينَ ألف مقاتل

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 142"، والبداية والنهاية "10/ 135". 2 تاريخ الطبري "8/ 142"، والبداية والنهاية "10/ 135".

سِوَى المطَّوَّعة، فَأَغَارَ عَلَى مَمَالِكِ الرُّومِ وَخَرَّبَ وَأَحْرَقَ، وَلَمْ يَلْقَ بَأْسًا1. غَزْوَةُ قَالِيقَلا: وَغَزَا يَزِيدُ السُّلميّ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ قَالِيقَلا، وَافْتَتَحَ ثَلاثَةَ حُصُونٍ، وَقَدِمَ بالسَّبي2. وِلايَةُ الْيَمَنِ: وَفِيهَا وُلِّيَ الْيَمَنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ3. وِلايَةُ مِصْرَ: وَوُلِّيَ إِقْلِيمَ مِصْرَ وَاضِحٌ مَوْلَى الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ عَزَلَهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ بِيَحْيَى الْحَرَشِيِّ4. ظُهُورُ المحمِّرة: وَفِيهَا ظَهَرَتِ المحمِّرة بِجُرْجَانَ وَرَأْسُهُمْ عَبْدُ الْقَهَّارِ، فَغَلَبُوا عَلَى جُرْجَانَ، وَقَتَلُوا وَأَفْسَدُوا، فَسَارَ لِحَرْبِهِ مِنْ طَبَرِسْتَانَ عُمَرُ بْنُ الْعَلاءِ، فَقَتَلَ عبد القهّار ورؤوس أصحابه5.

_ 1 تاريخ خليفة "437"، تاريخ الطبري "8/ 143"، والبداية والنهاية "10/ 135". 2 تاريخ الطبري "8/ 143". 3 تاريخ الطبري "8/ 143". 4 تاريخ الطبري "8/ 143". 5 تاريخ الطبري "8/ 143"، والبداية والنهاية "10/ 135".

أحداث سنة ثلاث وستين ومائة

أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ الْخُرَاسَانِيُّ، وَأَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِمْصِيُّ، وَبُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ الْمُفَسِّرُ قَاضِي نَيْسَابُورَ، وَحَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ مُحَدِّثُ حِمْصَ، وَحُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ الأَزْدِيُّ، وَسَلَمَةُ بْنُ العيَّار الدِّمَشْقِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، وَشُعَيْثُ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ الْحِمْصِيُّ، بِخِلافٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْجُذَامِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ خَالِدٍ الْفَقِيهُ، وَالأَمِيرُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ عَمُّ الْمَنْصُورِ، وَكَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ الْمَدَنِيُّ،

وَمُوسَى بْنُ سَلَمَةَ الْمِصْرِيُّ، وَمُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيُّ، وهمَّام بْنُ يَحْيَى الْعَوْذِيُّ فِي رَمَضَانَ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْغَافِقِيُّ الْمِصْرِيُّ. مَقْتَلُ الْمُقَنَّعِ: وَفِيهَا أَلَحَّ سَعِيدٌ الْحَرَشِيُّ فِي حِصَارِ اللَّعِينِ عَطَاءِ المقنَّع، فَلَمَّا أحسَّ بِالْهَلاكِ مصَّ سُمًّا وَسَقَى نِسَاءَهُ فَتَلِفُوا، وَسَتَأْتِي تَرْجَمَتُهُ، وَدَخَلَ الْعَسْكَرُ حِصْنَهُ فَقَطَعُوا رَأْسَهُ1. ثُمَّ بَعَثُوا بِهِ إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَوَافَاهُ وَهُوَ بِحَلَبَ يُجَهِّزُ الْبُعُوثَ لِغَزْوِ الرُّومِ، وَكَانَتْ غَزْوَةٌ عُظْمَى أَمَّرَ عليها ولده هارون، وضمّ إليه الربيع الْحَاجِبِ، وَمُوسَى بْنَ عِيسَى بْنِ مُوسَى، وَالْحَسَنَ بْنَ قَحْطَبَةَ، وَفَتَحَ الْمُسْلِمُونَ فَتْحًا كَبِيرًا2. وِلايَةُ الْجَزِيرَةِ: وَفِيهَا عُزِلَ عَبْدُ الصَّمَدِ عَنِ الْجَزِيرَةِ بزُفَرَ بْنِ عَاصِمٍ الْهِلالِيِّ3. قَتْلُ الزَّنَادِقَةِ: وَفِيهَا قَتَلَ الْمَهْدِيُّ بِحَلَبَ جَمَاعَةً مِنَ الزَّنادقة وَصَلَبَهُمْ، وَأَحْضَرَ كُتُبَهُمْ فَقُطِعَتْ، وَسَارَ الْمَهْدِيُّ مشيِّعًا لِجُيُوشِهِ حَتَّى بَلَغَ الدَّرب، ثُمَّ زَارَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ4. وِلايَةُ هَارُونَ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَغْرِبِ كُلِّهِ وَعَلَى أزربيجان وَأَرْمِينِيَّةَ ابْنَهُ هَارُونَ5. وِلايَةُ خُرَاسَانَ: وَعَزَلَ مُعَاذَ بْنَ مُسْلِمٍ عَنْ خُرَاسَانَ بِالْمُسَيَّبِ بْنِ زُهَيْرٍ6. وَاسْتَعْمَلَ عَلَى طَبَرِسْتَانَ والرُّويان عُمَرَ بْنَ الْعَلاءِ7. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ عَلِيُّ بْنُ المهديّ.

_ 1 تاريخ خليفة "437"، تاريخ الطبري "8/ 144"، والبداية والنهاية "10/ 146". 2 تاريخ خليفة "437"، تاريخ الطبري "8/ 145"، والبداية والنهاية "10/ 146". 3 تاريخ الطبري "8/ 147"، والبداية والنهاية "10/ 146". 4 تاريخ الطبري "8/ 148"، المعرفة والتاريخ "1/ 150". 5 تاريخ الطبري "8/ 148". 6 تاريخ خليفة "437"، تاريخ الطبري "8/ 149"، المعرفة والتاريخ "1/ 151". 7 تاريخ الطبري "8/ 149".

أحداث سنة أربع وستين ومائة

أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِسْحَاقُ بن يحيى بن طلحة التَّميميّ، وَخَزْرَجُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ حَبِيبٍ الْحَضْرَمِيُّ بِمِصْرَ، وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ، فِي قَوْلٍ، وَسَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعَدَوِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبٍ بِنِ الْحَبْحَابِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عِيسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَاجِشُونِ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي عَبْسٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ، وَعُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ بْنِ يَرْبُوعٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ الْمَسْعُودِيُّ، فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ، وَكَامِلُ أَبُو الْعَلاءِ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ الْبَصْرِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ الأَمِيرُ بِالسِّنْدِ، وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، فِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ المثنَّى. غَزْوَةُ عَبْدِ الْكَبِيرِ إِلَى الْحَدَثِ: وَفِيهَا كَانَتْ غَزْوَةُ عَبْدِ الْكَبِيرِ بْنِ عَبْد الْحَمِيدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيِّ مِنْ دَرْبِ الْحَدَثِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ مِيخَائِيلُ الْبَطْرِيقُ فِي تِسْعِينَ أَلْفًا، فَعَجَزَ عَبْدُ الْكَبِيرِ وتقهقر الجيش، فَهَمَّ الْمَهْدِيُّ بِقَتْلِهِ، ثُمَّ سَجَنَهُ2. عَطَشُ الْحَجِيجِ: وَفِيهَا اشْتَدَّ عَطَشُ الْحَجِيجِ حَتَّى عَايَنُوا التَّلف3. وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ صَالِحُ بْنُ الْمَنْصُورِ4. وِلايَةُ الْبَصْرَةِ وَفَارِسَ: وَفِيهَا عَزَلَ الْمَهْدِيُّ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ الْبَصْرَةِ وَفَارِسَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا صالح بن داود بن عليّ5.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 149". 2 تاريخ خليفة "438"، تاريخ الطبري "8/ 150"، والبداية والنهاية "10/ 146". 3 تاريخ الطبري "8/ 150"، والبداية والنهاية "10/ 147". 4 تاريخ خليفة "438"، تاريخ الطبري "8/ 151". 5 تاريخ الطبري "8/ 150".

أحداث سنة خمس وستين ومائة

أحداث سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، وَخَالِدُ بْنُ بَرْمَكٍ وَالِدُ الْبَرَامِكَةِ، وَخَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَدَنِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْبَصْرِيُّ، وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ الزَّاهِدُ، بخلاف، وعبد الله بن العلاء بن زيد، بِخِلافٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَوْبَانَ، وَمَعْرُوفُ بْنُ مُشْكَانَ قَارِئُ مَكَّةَ، وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، بِالْبَصْرَةِ، وَأَبُو الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيُّ، بِخِلافٍ. غَزْوَةُ هَارُونَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ: وَفِيهَا غَزَا هَارُونُ ابْنُ الْخَلِيفَةِ الصَّائِفَةَ، فَوَغَلَ فِي بِلادِ الرُّومِ، فَافْتَتَحَ مَاجِدَةَ، فَالْتَقَتْهُ الرُّومُ، عَلَيْهِمْ نَقِيطَا، فَانْهَزَمُوا، فَقُتِلَ نَقِيطَا، وَسَارَ إِلَى الدُّمستق بِنَقْمُودِيَّةَ، ثُمَّ سَارَ بِالْجُيُوشِ حَتَّى بَلَغَ خَلِيجَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ1. ثُمَّ صَالَحَ مَلِكَ الرُّومِ فِي الْعَامِ عَلَى سَبْعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ مُدَّةَ ثَلاثِ سِنِينَ بَعْدَ أَنْ غَنِمَ وَسَبَا، وَاسْتَنْقَذَ، خَلْقًا مِنَ الأَسْرِ، وَغَنِمَ مَا لا يُوصَفُ مِنَ الْمَوَاشِي، حَتَّى ابْتِيعَ الْبِرْذَوْنُ بِدِرْهَمٍ، والزَّردية بِدِرْهَمٍ، وَعِشْرُونَ سَيْفًا بِدِرْهَمٍ، وَقُتِلَ مِنَ الْعَدُوِّ نحو خمسين ألفًا فللَّه الحمد2.

_ 1 تاريخ خليفة "438"، تاريخ الطبري "8/ 152"، والمعرفة والتاريخ "1/ 154". 2 تاريخ الطبري "8/ 152-153"، البداية والنهاية "10/ 147".

أحداث سنة ست وستين ومائة

أحداث سَنَةَ ستٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُرِّيُّ، وَخُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ السَّدوسيّ، وَصَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينُ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرِّفَاعِيُّ الأَصَمُّ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهباء الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيَّانِ، وَعُقْبَةُ بْنُ مَعْدَانَ الْحِمْصِيُّ، وَعُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ الْمَعَافِريُّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، فِي قَوْلٍ، والصَّواب سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَعَاصِمُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْفِهْرِيُّ، شَيْخٌ لابْنِ وَهْبٍ، وَمَعْقِلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّهشليّ، فِي يَوْمِ الْفِطْرِ، وَفِي أَوَّلِهَا دَفَنُوا أَبَا الأَشْهَبِ الْعُطَارِدِيَّ. عَوْدَةُ هَارُونَ بِالْغَنَائِمِ: وَفِيهَا رَجَعَ هَارُونُ بِالْغَنَائِمِ وبالذَّهب مِنَ الرُّومِ1. قَضَاءُ الْبَصْرَةِ: وَفِيهَا عُزِلَ عَنْ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَوَلِيَهَا خَالِدُ بْنُ طَلِيقِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، فَلَمْ يُحْمَدْ2. غَضَبُ الْمَهْدِيِّ عَلَى الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: وَفِيهَا غَضِبَ الْمَهْدِيُّ عَلَى الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ بْنِ طَهْمَانَ، وَكَانَ وَالِدُهُ دَاوُدُ كَاتِبًا لِنَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ، فَلَمَّا كَانَتْ أَيَّامُ خُرُوجِ يَحْيَى بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَانَ دَاوُدُ يُنَاصِحُهُ سِرًّا، فَلَمَّا ظَهَرَ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ وطلب بدم يحيى بن زيد وَتَتَبَّعَ قَتَلَتَهُ، كَانَ دَاوُدُ هَذَا مُطْمَئِنًّا، فَصَادَرَهُ أَبُو مُسْلِمٍ ثمَّ أَمَّنَهُ، فَخَرَجَ أَوْلادُهُ أُدَبَاءَ فُضَلاءَ، وَلَمْ يَرَوْا لَهُمْ مَنْزِلَةً عِنْدَ بَنِي الْعَبَّاسِ وَهَلَكَ أَبُوهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَظْهَرُوا مَقَالَةَ الزَّيديّة، وانضمُّوا إِلَى آلِ حَسَنٍ، وَتَرَجَّوْا أَنْ يَقُومَ لَهُمْ دَوْلَةٌ3. وَكَانَ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ يَجُولُ فِي الْبِلادِ، وَكَتَبَ أَخُوهُ عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ وَقْتَ ظُهُورِهِ، فَلَمَّا قُتِلَ إِبْرَاهِيمُ اخْتَفَوْا مُدَّةً، ثُمَّ ظَفِرَ الْمَنْصُورُ بِهَذَيْنِ الأَخَوَيْنِ، فَحَبَسَهُمَا حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ مَنَّ عَلَيْهِمَا الْمَهْدِيُّ، وَكَانَ مَعَهُمَا فِي المطبَّق إِسْحَاقُ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، وَكَانَا يَلْزَمَانِهِ، وَبَقِيَ الْمَهْدِيُّ مُدَّةً يَتَطَلَّبُ عِيسَى بْنَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَدُلَّ عَلَى أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ دَاوُدَ تَحَصَّلَ لَهُ حَسَنًا، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ عَبَاءَةٌ وَعِمَامَةُ قُطْنٍ، فَفَاتَحَهُ فَوَجَدَهُ رَجُلا كَامِلا بَارِعًا، فَسَأَلَهُ عَنْ عِيسَى، فَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ وَعَدَهُ بِأَنْ يَدْخُلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَعَظَّمَهُ الْمَهْدِيُّ وَاخْتَصَّ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ يَرْتَفِعُ لَدَيْهِ حَتَّى اسْتَوْزَرَهُ، وَفَوَّضَ إِلَيْهِ الأُمُورَ وَتَمَكَّنَ، فَوَلَّى الزَّيدية

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 154"، البداية والنهاية "10/ 147". 2 تاريخ الطبري "8/ 154". 3 تاريخ الطبري "8/ 154-155".

الْمَنَاصِبَ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ: بَنِي أُمَيَّةَ هبُّوا طَالَ نَوْمُكُمُ ... إِنَّ الْخَلِيفَةَ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ ضَاعَتْ خِلافَتُكُمْ يَا قَوْمِ فاطَّلبوا ... خليفة الله بين الدّنّ وَالْعُودِ ثُمَّ إِنَّ مَوَالِيَ الْمَهْدِيِّ حَسَدُوا يَعْقُوبَ وَسَعَوْا بِهِ1. وَمِمَّا حَظِيَ بِهِ يَعْقُوبُ عِنْدَ الْمَهْدِيِّ أَنَّهُ أَحْضَرَ لَهُ الْحَسَنَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِمَكَّةَ، وَدَخَلَ فِي الطَّاعَةِ، فَاسْتَوْحَشَ أَقَارِبُ حَسَنٍ مِنْ صنيع يعقوب، فعلم أنّه إن كانت لَهُمْ دَوْلَةٌ لَمْ يُبْقُوهُ، وَعَلِمَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ لا يُنظِرُهُ لِكَثْرَةِ السُّعاة فِي شَأْنِهِ، فَمَالَ إِلَى إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ، وَأَقْبَلَ يُرَبِّصُ لَهُ الأُمُورَ، وَسَعَوْا إِلَى الْمَهْدِيِّ حَتَّى قَالُوا: الْبِلادُ فِي قَبْضَةِ يَعْقُوبَ وَأَصْحَابِهِ، إِنَّمَا يَكْفِيهِ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِمْ فَيَثُورُوا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عَلَى مِيعَادٍ، فَيَمْلُكُوا الدُّنْيَا، وَيُسْتَخْلَفُ إِسْحَاقُ بْنُ الْفَضْلِ، فَمَلأَ هَذَا الْقَوْلُ مَسَامِعَ الْمَهْدِيِّ2. قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوفليّ: فَذَكَرَ لِي بَعْضُ خَدَمِ الْمَهْدِيِّ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا عَلَى رَأْسِ المهديّ، إذا دَخَلَ يَعْقُوبُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَرَفْتَ اضْطِرَابِ مِصْرَ، وَأَمَرْتَنِي أَنْ أَلْتَمِسَ لَهَا رَجُلا، وَقَدْ أَصَبْتُهُ، قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: عَمُّكَ إِسْحَاقُ بْنُ الْفَضْلِ، فَتَغَيَّرَ الْمَهْدِيُّ، وَرَأَى يَعْقُوبُ تغيُّره، فَقَامَ وَخَرَجَ، وَأَتْبَعَهُ المهديُّ بَصَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ، ثم رفع رأسه وقال لِي: اكْتُمْ وَيْلَكَ هَذَا3. وَقِيلَ: كَانَ يَعْقُوبُ قَدْ عَرَفَ مِنَ الْمَهْدِيِّ خُلُقَهُ وَنُهْمَتَهُ فِي النِّسَاءِ وَالْجِمَاعِ، وَكَانَ يُبَاسِطُهُ فِي ذَلِكَ، فَذَكَرَ عليّ ابن يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ الْمَهْدِيُّ فَدَخَلْتُ، فَإِذَا هُوَ فِي مَجْلِسٍ مَفْرُوشٍ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، وَبُسْتَانٍ فِيهِ أَنْوَاعُ الأَزْهَارِ، وَإِذَا عِنْدَهُ جَارِيَةٌ مَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى؟ قُلْتُ: مَتَّعَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَمْ أرَ كَالْيَوْمِ، فَقَالَ: هُوَ لَكَ، خذ الْمَجْلِسَ بِمَا فِيهِ وَالْجَارِيَةَ. فَدَعَوْتُ لَهُ ثُمَّ قَالَ: وَلِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ. قُلْتُ: الأَمْرُ لَكَ، فحلَّفني بِاللَّهِ، فَحَلَفْتُ لَهُ، فَقَالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِي وَاحْلِفْ. فَفَعَلْتُ، فَقَالَ: هَذَا فُلانٌ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تُرِيحَنِي منه

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 156"، والبداية والنهاية "10/ 147-148". 2 تاريخ الطبري "8/ 156". 3 تاريخ الطبري "8/ 156".

وَتُسْرِعُ، قُلْتُ: أَفْعَلُ. قَالَ: فَحَوَّلْتُهُ إِلَيْهِ وَحَوَّلْتُ الْجَارِيَةَ وَالْمَفَارِشَ، وَأَمَرَ لِي بِمِائَةِ أَلْفٍ. فَمَضَيْتُ بِالْجَمِيعِ، فَلِشِدَّةِ سُرُورِي بِالْجَارِيَةِ تَرَكْتُهَا عِنْدِي فِي الْمَجْلِسِ، وَأَدْخَلْتُ عَلِيَّ العلويَّ، فَأَخْبَرَنِي بجملٍ مِنْ حَالِهِ، فَإِذَا أَلَبُّ النَّاسِ وَأَحْسَنُهُمْ إِبَانَةً، وَقَالَ لِي: وَيْحُكَ، تَلْقَى اللَّهَ غَدًا بِدَمِي، وَأَنَا ابْنُ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: فَهَلْ فِيكَ خَيْرٌ؟ قَالَ: إِنْ فَعَلْتَ بِي خَيْرًا شَكَرْتُ، ذَلِكَ عِنْدِي دُعَاءٌ واستغفارًا، قُلْتُ: فَأَيُّ الطَّرِيقِ تُحِبُّ؟ ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ مَالا، وَهَيَّأْتُ مَعَهُ مَنْ يُوصِلُهُ فِي اللَّيْلِ، فَإِذَا الْجَارِيَةُ قَدْ حَفِظَتْ عليَّ قَوْلِي، فَبَعَثَتْ بِهِ إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَشَحَنَ تِلْكَ الطَّرِيقَ برجالٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءُوهُ بِالْعَلَوِيِّ. قَالَ: فَلَمَّا طَلَعَ النَّهَارُ طَلَبَنِي الْمَهْدِيُّ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَأَحْضَرَ الْعَلَوِيَّ وَالْمَالَ، بَعْدَ أَنْ كَانَ حلَّفني أَنَّنِي قَتَلْتُهُ، فَحَلَفْتُ، قَالَ: فأُسْقِطَ فِي يَدِي، فَقَالَ لِي: قَدْ حَلَّ دَمُكَ، ثُمَّ حَبَسَنِي فِي المطبَّق دَهْرًا، وَأُصِبْتُ بِبَصَرِي، وَطَالَ شَعْرِي حَتَّى اسْتَرْسَلَ، قال: فإنّي لكذلك، إذا دُعِيَ لِي، فَمَضَوْا بِي إِلَى مَوْضِعٍ، فَقِيلَ: سلَّم عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ -وَقَدْ عَمِيتُ- فسلَّمت، فَقَالَ لِي: أيُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا؟ قُلْتُ: الْمَهْدِيُّ، قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ الْمَهْدِيَّ. قُلْتُ: فَالْهَادِي، قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ الْهَادِي. قُلْتُ: فَالرَّشِيدُ، قَالَ: نَعَمْ، سَلْ حَاجَتَكَ، قُلْتُ: الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَّةَ، قَالَ: نَفْعَلُ، فَهَلْ غَيْرُ هَذَا؟ قُلْتُ: مَا بَقِيَ فِيَّ مُسْتَمْتَعٌ لشيءٍ وَلا بَلاغَ، قَالَ: فَرَاشِدًا. فَخَرَجْتُ إِلَى مَكَّةَ، قَالَ ابْنُهُ: فَلَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ بِهَا حَتَّى مَاتَ1. قُلْتُ: مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَعَنْ يَعْقُوبَ الْوَزِيرِ قَالَ: كَانَ الْمَهْدِيُّ لا يُحِبُّ النَّبِيذَ، لَكِنْ يَتَفَرَّجُ عَلَى غِلْمَانِهِ وَهُمْ يَشْرَبُونَ، فَأَعِظُهُ فِي سقيهم النّبيذ وفي الطّرب أقول، مَا عَلَى ذَا اسْتَوْزَرْتَنِي، أَبَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْجَامِعِ يُشْرَبُ النَّبِيذُ عِنْدَكَ وَتَسْمَعُ السَّمَاعَ؟! فكان يقول: قد سمعت عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَأَقُولُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ2. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ: كَانَ أَبِي قَدْ أَلَحَّ عَلَى الْمَهْدِيِّ فِي حَسْمِهِ عَنِ السَّمَاعِ حَتَّى ضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَبِي قَدْ ضَجِرَ مِنَ الْوَزَارَةِ وَتَابَ وَنَوَى التَّرك، قال: فكنت

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 157-160"، والبداية والنهاية "10/ 148". 2 تاريخ الطبري "8/ 160".

أَقُولُ لِلْمَهْدِيِّ: وَاللَّهِ لَخَمرٌ أَشْرَبُهُ وَأَتُوبُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْوَزَارَةِ، وَإِنِّي لأَرْكَبُ إِلَيْكَ، فَأَتَمَنَّى يَدًا خَاطِئَةً تُصِيبُنِي، فَاعْفِنِي وولِّ مَنْ شِئْتَ، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُسَلِّمَ عَلَيْكَ أَنَا وَوَلَدِي، فما أتفرّغ، ولَّيتني أُمُورَ النَّاسِ وَإِعْطَاءَ الْجُنْدِ، وَلَيْسَ دُنْيَايَ عِوَضًا عَنْ آخِرَتِي. وَقَالَ: فَكَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ غُفْرًا، الَّلهمّ أَصْلِحْ قَلْبَهُ. وَقَالَ قَائِلٌ: فَدَعْ عَنْكَ يَعْقُوبَ بْنَ دَاوُدَ جَانِبًا ... وَأَقْبِلْ عَلَى صَهْبَاءَ طَيِّبَةِ النَّشر وَلَمَّا حَبَسَهُ الْمَهْدِيُّ عَزَلَ أَصْحَابَهُ، وَسَجَنَ أَهْلَ بَيْتِهِ1. قَضَاءُ الْعَسْكَرِ: وَفِيهَا سَارَ مُوسَى الْهَادِي إِلَى جُرْجَانَ، وَجَعَلَ عَلَى قَضَاءِ عَسْكَرِهِ الْقَاضِي أَبَا يُوسُفَ2. ضَرْبُ الْمَهْدِيِّ الدَّنَانِيرَ وَإِقَامةُ الْبَرِيدِ: وَفِيهَا تَحَوَّلَ الْمَهْدِيُّ إِلَى قَصْرِ السَّلامِ، وَضَرَبَ بِهَا الدَّنَانِيرَ، وَأَمَرَ، فَأُقِيمَ لَهُ الْبَرِيدُ مِنَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَمِنَ الْيَمَنِ وَمَكَّةَ إِلَى الْحَضْرَةِ، بِغَالا وَإِبِلا؟، وَهُوَ أَوَّلُ ما عَمِلَ الْبَرِيدَ إِلَى الْحِجَازِ مِنَ الْعِرَاقِ3. وَفِيهَا اضْطَرَبَتْ خُرَاسَانُ عَلَى الْمُسَيَّبِ بْنِ زُهَيْرٍ، فَصَرَفَهُ الْمَهْدِيُّ بِالْفَضْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ الطُّوسيّ، وَأَضَافَ إِلَيْهِ سِجِسْتَانَ4. قَتْلُ ابْنِ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: وَفِيهَا قَدِمَ وَضَّاحُ الشَّرويّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ الأَشْعَرِيِّ، وَكَانَ رُمِيَ بالزَّندقة، فَقَتَلَهُ بِحَضْرَةِ أَبِيهِ، وَأَبَادَ الْمَهْدِيُّ الزَّنادقة5.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 161". 2 تاريخ الطبري "8/ 162". 3 تاريخ الطبري "8/ 162"، البداية والنهاية "10/ 149". 4 تاريخ الطبري "8/ 162-163". 5 تاريخ الطبري "8/ 163"، الكامل لابن الأثير "6/ 73".

أحداث سنة سبع وستين ومائة

أحداث سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: أَبُو يزيد أَنَسُ بْنُ عِمْرَانَ الرُّعينيّ الْمِصْرِيُّ، وَكَاتِبُ السِّرِّ لِلْهَادِي أَبَانُ بْنُ صَدَقَةَ، مَاتَ بِجُرْجَانَ، وبشَّار ابن بُرْدٍ الشَّاعِرُ، قِيلَ: وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْحَفْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنُ حَيٍّ الْفَقِيهُ، وَجَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ، فِي قَوْلٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ شَيْخُ الْبَصْرَةِ، وَدَاوُدُ بْنُ الْفُرَاتِ الْبَصْرِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْجُمَحِيُّ الْبَصْرِيُّ، وَالسَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ الْبَصْرِيُّ أَخُو حَمَّادٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنوخيّ شَيْخُ دِمَشْقَ. وَسُوَيْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَصْرِيُّ، وَسَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو أُوَيْسٍ عَبْدُ اللَّهِ بن عبد الله المدنيّ، وعبد الرحمن ابن شُرَيْحٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهباء، فِي قَوْلٍ، وَالأَمِيرُ عيسى ابن مُوسَى الْعَبَّاسِيُّ بِالْكُوفَةِ، في ذِي الْحِجَّةِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الحرَّانيّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مصرِّف الْكُوفِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ سَلْمَى، وَأَبُو بَكْر بْن عليّ بْن عطاء بْن مُقَدَّم الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ السُّكّريّ الْمَرْوَزِيُّ، وَمُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو عُقَيْلٍ يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ الرَّاسِبِيُّ الْبَصْرِيُّ، وَمَخْلَدٌ الشَّيبانيّ وَالِدُ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، وَأَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ أَشْعَثُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ الْكُوفِيُّ، فِي قَوْلٍ، وَأَبُو إِسْرَائِيلَ الْمُلائِيُّ، وَاسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ. تتبُّع الزَّنَادِقَةِ: وَجَدَّ المهديُّ فِي تتبُّع الزَّنادقة وَالْبَحْثِ عَنْهُمْ فِي الآفَاقِ، وَقَتَلَ عَلَى التُّهمة1. عَزْلُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرِ: وَفِيهَا عَزَلَ الْمَهْدِيُّ عَنْ دِيوَانِ الرَّسَائِلِ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ الأَشْعَرِيَّ الَّذِي كَانَ وَزِيرَهُ، وولاَّه الرَّبِيعَ الحاجب، فاستناب سعيد بن واقد2.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 165"، الكامل في التاريخ "6/ 75". 2 تاريخ الطبري "8/ 165"، الكامل في التاريخ "6/ 75".

الطَّاعُونُ بِالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ: وَفِيهَا كَانَ الطَّاعُونُ بِالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ1. الزِّيَادَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: وَفِيهَا أَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِالزِّيَادَةِ الْكُبْرَى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَدَخَلَتْ فِي ذَلِكَ دُورٌ كَثِيرَةٌ، وَوَلِيَ الْبِنَاءَ يَقْطِينُ الأَمِيرُ2. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ الإمام إبراهيم بن يحيى3.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 165"، البداية والنهاية "10/ 149". 2 تاريخ الطبري "8/ 164"، البداية والنهاية "10/ 149". 3 تاريخ خليفة "438"، المعرفة والتاريخ "1/ 154".

أحداث سنة ثمان وستين ومائة

أحداث سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: أَبُو أُمَيَّةَ أَيُّوبُ بْنُ خَوْطٍ الْبَصْرِيُّ، وَجَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، بِخِلافٍ، وَأَبُو الْغُصْنِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ، وَالأَمِيرُ حَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ السَّيِّدِ الْحَسَنِ سِبْطِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ السَّرْخَسِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ بِدِمَشْقَ، وَقِيلَ: سَنَةَ تِسْعٍ، وَأَبُو مَهْدِيٍّ سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْحِمْصِيُّ، وَطُعْمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجَعْفَرِيُّ الْكُوفِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ، وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ، وَغَوْثُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِمِصْرَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، فِي قَوْلٍ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ الْكُوفِيُّ فِي قَوْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عُلاثة الْعُقَيْليُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ السُّكّريّ، فِي قَوْلٍ، وَمِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَنْزِيُّ، فِي قَوْلٍ، ومفضَّل بْنُ مُهَلْهَلٍ، فِي قَوْلٍ، وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ الْكَلاعِيُّ بِمِصْرَ، والنَّضر بْنُ عَرِبيٍّ الْحَرَّانِيُّ، وَيَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمِصْرِيُّ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ. نَقْضُ الرُّومِ لِلصُّلْحِ: وَفِيهَا نَقَضَتِ الرُّومُ الصُّلح بَعْدَ فَرَاغِ الْهُدْنَةِ بِثَلاثَةِ أشهر، فتوجَّه إليهم زيد بن بدر

ابن أَبِي مُحَمَّدٍ الْبَطَّالُ فِي سَرِيَّةٍ، فَغَنِمُوا وَظَفِرُوا1. تَجْهِيزُ الْحَرَشِيِّ إِلَى طَبَرِسْتَانَ: وَفِيهَا جهَّز الْمَهْدِيُّ سَعِيدًا الْحَرَشِيَّ إِلَى طَبَرِسْتَانَ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا2. مَوْتُ عَرِّيفِ الزَّنَادِقَةِ: وَفِيهَا مَاتَ عُمَرُ الْكَلْوَذَانِيُّ عَرِّيفُ الزَّنادقة، فَوُلِّيَ بَعْدَهُ حَمْدُوَيْهِ الْمَيْسَانِيُّ3. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَأَقَامَ مَوْسِمَ الْحَجِّ عَلِيُّ بْنُ المهديّ4.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 167". 2 تاريخ الطبري "8/ 167". 3 تاريخ الطبري "8/ 167"، الكامل لابن الأثير "6/ 80". 4 تاريخ خليفة "439"، تاريخ الطبري "8/ 167".

أحداث سنة تسع وستين ومائة

أحداث سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: الْقَاضِي أَبُو شَيْبَةَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْسِيُّ، وَثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ الأَحْوَلُ الْبَصْرِيُّ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ إِيَاسٍ، وخالد ابن يَزِيدَ الْمَهْرِيُّ، بِالثَّغْرِ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ وَالِدُ عِرَاكٍ الْمُقْرِئِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فِي قول، ودحية بن المغضب بن أصبغ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ، قُتِلَ بِمِصْرَ. وَالسَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، فِي آخِرِهَا، وَسَعِيدُ بن أبي أَيُّوبَ، بِخِلافٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ كَيْسَانَ، وَطُعْمَةُ بْنُ عمرو الكوفيّ في قول، وعبيد الله بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ الْكُوفِيُّ، وَعُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ الْبَصْرِيُّ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُطِيعُ بْنُ إِيَاسٍ اللَّيثي الشَّاعِرُ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، فِي قَوْلٍ، وَمُوسَى بْنُ محمد الأنصاريّ، ونافع بن عمر الْجُمَحِيُّ، وَنَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ قَارِئُ الْمَدِينَةِ. وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَأَبُو إِسْرَائِيلَ الملائيّ، بخلاف، وأبو سعيد الْمُؤَدِّبُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ.

مَوْتُ الْمَهْدِيِّ وَخِلافَةُ الْهَادِي: وَفِيهَا: خِلافَةُ الْهَادِي. فِي المحرَّم سَارَ الْمَهْدِيُّ إِلَى مَاسَبَذَانَ عَازِمًا عَلَى تَقْدِيمِ ابْنِهِ هَارُونَ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ، وَأَنْ يُؤَخِّرَ مُوسَى الْهَادِي، فَنَفَّذَ إِلَى مُوسَى فِي ذَلِكَ فَامْتَنَعَ، فَطَلَبَهُ فَلَمْ يَأْتِ، فهمَّ المهديُّ بِالْمَسِيرِ إِلَى جُرْجَانَ لِذَلِكَ، فَسَاقَ يَوْمًا خَلْفَ صَيْدٍ فَاقْتَحَمَ الصَّيد خَرِبةً، وَدَخَلَتِ الْكِلابُ خَلْفَهُ، وَتَبِعَهُمُ الْمَهْدِيُّ، فَدُقَّ ظَهْرُهُ فِي بَابِ الْخَرِبَةِ مَعَ شِدَّةِ سَوْقِ الْفَرَسِ، فَهَلَكَ لِسَاعَتِهِ1. وَقِيلَ: بَلْ أَطْعَمُوهُ السُّم، سَقَتْهُ جَارِيَةٌ لَهُ سُمًّا اتَّخَذَتْهُ لضرَّتها، فَمَدَّ يَدَهُ، وَفَزِعَتْ أَنْ تَقُولَ: هُوَ مَسْمُومٌ، وَكَانَ لُبًّا فِيمَا قِيلَ، وَقِيلَ: كَانَ إِنْجَاصًا، فَأَكَلَ وَصَاحَ: جَوْفِي، وَتَلِفَ مِنَ الْغَدِ، وعلِّقت الْمُسُوحُ عَلَى قِبَابِ حُرَمِهِ2. وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ: رُحْنَ فِي الوشي وأصبحـ ... ـن عليهنّ المسوح كلُّ نطَّاحٍ من الدّهـ ... ـر له يوم نطوح لست بالباقي ولو عمـ ... ـرت مَا عمِّر نُوحُ نُحْ عَلَى نَفْسِكَ يَا مسـ ... ـكين إِنْ كُنْتَ تَنُوحُ مَاتَ لثمانٍ بَقَيْنَ مِنَ المحرَّم وَلَهُ ثَلاثٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ الرَّشِيدُ وَدُفِنَ تَحْتَ جَوْزَةٍ، وَبَعَثُوا بِالْخَاتَمِ وَالْقَضِيبِ إِلَى مُوسَى الْهَادِي، فَرَكِبَ مِنْ وَقْتِهِ وَقَصَدَ الْعِرَاقَ، فَوَصَلَهَا فِي بضعةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ: فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَنَزَلَ بِقَصْرِ الْخُلْدِ3، وَكُتِبَ بِخِلافَتِهِ إِلَى الآفَاقِ. التَّشْدِيدُ فِي طَلَبِ الزنادقة: فيها اشْتَدَّ تطلُّب الْهَادِي للزَّنادقة، فَقَتَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً كَابْنِ بَاذَانَ، وَعَلِيِّ بْنِ يَقْطِينَ، وَقَتَلَ يَعْقُوبَ بن الفضل ابن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 168-169". 2 تاريخ الطبري "8/ 169-170". 3 تاريخ الطبري "8/ 189".

عبد المطّلب الهاشمّي، وكان أَقَرَّ بالزَّندقة لِلْمَهْدِيِّ وَقَالَ: لا سَبِيلَ إِلَى أَنْ أُظْهِرَ مَقَالَتِي وَلَوْ قَرَضْتَنِي بِالْمَقَارِيضِ، فَقَالَ لَهُ: وَيْلُكَ، لَوْ كُشِفَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَمْرُ كَمَا تَقُولُ، لَكُنْتَ جَدِيرًا أَنْ تُؤْمِنَ لابْنِ عَمِّكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فلولاه مَنْ كُنْتَ؟ وَلَوْلا أَنِّي عَاهَدْتُ اللَّهَ أَنْ لا أَقْتُلَ هَاشِمِيًّا لَمَا نَاظَرْتُكَ1. ثُمَّ أَحْضَرَ الْمَهْدِيُّ وَلَدَ عَمِّهِ دَاوُدَ بْنَ عَلِيٍّ، فَاعْتَرَفَ بالزَّندقة -سأل الله الثَّبات- قال الْمَهْدِيُّ لِوَلَدِهِ الْهَادِي: إِنْ وُلِّيتَ مِنْ بَعْدِي فَلا تُمْهِلْ هَذَيْنِ، فَمَاتَ ابْنُ دَاوُدَ فِي السِّجْنِ، وَخَنَقَ الْهَادِي يَعْقُوبَ هَذَا، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَخِيهِ إِسْحَاقَ بْنِ الْفَضْلِ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ مَاتَ فِي السِّجْنِ، وَظَهَرَتْ بِنْتُهُ فَاطِمَةُ أَنَّهَا حبلى منه، أكرهها. وقعة فخ: فيها فِي أَوَاخِرِ السَّنَةِ وَقْعَةُ فَخٍّ، وَمِنْ خَبَرِهَا أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ خَرَجَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ آلُ بَيْتِهِ قَدْ كَفَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَسَكِرَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فحدَّه وَالِي الْمَدِينَةِ فَغَضِبَ وَفَقَدُوهُ، وَكَانَ الْحُسَيْنُ كَفِيلَهُ2. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ كَفَّلَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا فَكَانَ الْحُسَيْنُ هَذَا، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ قَدْ كَفَلا الْحَسَنَ الَّذِي حدَّ، فَتَغَيَّبَ الْحَسَنُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَطَلَبَهُمَا الأَمِيرُ، فَقَالَ: أَيْنَ الْحَسَنُ؟ قَالا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي، إِنَّمَا غَابَ مِنْ يَوْمَيْنِ، فَأَغْلَظَ لَهُمَا، فَحَلَفَ يَحْيَى أَنَّهُ لا يَنَامُ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِهِ، أَوْ يَرُدَّ الْخَبَرَ، فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا دَعَاكَ إِلَى الْيَمِينِ؟ وَمِنْ أَيْنَ نَجِدُ الْحَسَنَ؟ قَالَ: فَنَخْرُجُ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: فَيُكْسَرُ بِخُرُوجِنَا اللَّيْلَةَ، مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَصْحَابِنَا مِنَ الْمِيعَادِ، قَالَ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ وَقَدْ كَانُوا تَوَاعَدُوا عَلَى الْخُرُوجِ بِمِنًى فِي الْمَوْسِمِ3. وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ مِنْ شِيعَتِهِمْ، وَمِمَّنْ بَايَعَ لَهُمْ مُخْتَفِينَ فِي دارٍ، فَمَضَوْا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ خَرَجُوا، وَأَقْبَلَ يَحْيَى حَتَّى ضَرَبَ دَارَ الأَمِيرِ بِالسَّيْفِ، فَلَمْ يَخْرُجْ وَكَأَنَّهُ عَلِمَ بِأَمْرِهِمْ، فَاخْتَفَى، فَجَاءُوا وَاقْتَحَمُوا الْمَسْجِدَ وَقْتَ الصُّبح، فَجَلَسَ

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 190". 2 تاريخ الطبري "8/ 192-193". 3 تاريخ الطبري "8/ 193".

الْحُسَيْنُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَأْتُونَ لِلصَّلاةِ، فَإِذَا رَأَوْهُمْ رَجَعُوا، فلمَّا صَلَّى الْغَدَاةَ جَعَلَ النَّاسُ يَأْتُونَهُ وَيُبَايِعُونَهُ، فَأَقْبَلَ خَالِدٌ الْبَرْبَرِيُّ وَهُوَ نَازِلٌ بِالْمَدِينَةِ يَحْفَظُهَا مِنْ خُرُوجِ خَارِجٍ، وَمَعَهُ مائتا فارس، فأقبل بهم السِّلاحِ، وَمَعَهُ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ أَخُو الزَّاهِدِ الْعُمَرِيِّ، وَمَعَهُمُ الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَسَنِيِّ عَلَى حمارٍ فَاقْتَحَمَ خَالِدٌ الْبَرْبَرِيُّ الرَّحبة، وَقَدْ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ، وَجَذَبَ السَّيْفَ وَهُوَ يَصِيحُ: يَا حُسَيْنُ يَا كَشْكَاشُ، قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ. وَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى خَالَطَهُمْ، فَقَامَ إِلَيْهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَخُوهُ إِدْرِيسُ، فَضَرَبَهُ يَحْيَى فَقَطَعَ أَنْفَهُ، فَدَخَلَ الدَّمُ فِي عَيْنَيْهِ، فَجَعَلَ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ بالسَّيف وَهُوَ لا يُبْصِرُ، فَاسْتَدَارَ لَهُ إِدْرِيسُ فَضَرَبَهُ فَصَرَعَهُ، ثُمَّ جرِّد وَسُحِبَ إِلَى الْبَلاطِ، وَانْهَزَمَ عَسْكَرُهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: هَذَا كُلُّهُ بِعَيْنِي1. وَجُرِحَ يَحْيَى، وَشُدُّوا عَلَى المسوِّدة، وَبَيْنَهُمُ الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ، فَصَاحَ الْحُسَيْنُ: ارْفِقُوا -وَيْلَكُمْ- بِالشَّيْخِ، ثُمَّ انْتَهَبُوا بَيْتَ الْمَالِ2. وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ أَضْعَفَ أَمْرَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْغَايَةِ، وَأَخْلاهَا مِنَ السِّلاحِ وَالْمَالِ، قَالَ: فَوَجَدُوا فِي بَيْتِ الْمَالِ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ لَيْسَ إِلا. وَقِيلَ: وَجَدُوا سَبْعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَأَغْلَقَ الرَّعِيَّةُ أَبْوَابَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ تَهَيَّأَ الْجَمْعَانِ لِلْحَرْبِ، فَالْتَقَوْا، وَكَثُرَ الْجِرَاحُ، وَدَامَ الْقِتَالُ إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ تَحَاجَزَا، فَجَاءَ الْخَبَرُ بِالْعَشِيِّ أَنَّ مُبَارَكًا التُّرْكِيَّ نَزَلَ بِئْرَ المطَّلب، فَانْضَمَّ إِلَيْهِ الْعَسْكَرُ، فَأَقْبَلَ مِنَ الْغَدِ إِلَى الثَّنية، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مَوَالِي الْعَبَّاسِيِّينَ، فَالْتَحَمَ الْقِتَالُ يَوْمَئِذٍ إِلَى الظُّهر، وَغَفَلَ النَّاسُ عَنْ مُبَارَكٍ، فَانْهَزَمَ عَلَى الْهُجُنِ3. ثُمَّ تَجَهَّزَ الْحُسَيْنُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَسَارَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَالرَّعِيَّةُ يَدْعُونَ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ، فَإِنَّهُ آذَى النَّاسَ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ فَسَقَةً يتغوَّطون فِي جَوَانِبِ الْمَسْجِدِ، وَمَضَى إِلَى مَكَّةَ، وَتَجَمَّعَ مَعَهُ خَلْقٌ مِنْ عَبِيدِ مَكَّةَ، فَبَلَغَ خَبَرُهُ الْهَادِي، وَكَانَ قَدْ حَجَّ تلك

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 193-194". 2 تاريخ الطبري "8/ 194". 3 تاريخ الطبري "8/ 194-195".

اللَّيَالِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَخُو الْمَنْصُورِ عَبَّاسٌ وَمُوسَى بْنُ عِيسَى وَمَعَهُمُ الْعُدَدُ وَالْخَيْلُ، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ، فَكَانَتِ الْوَقْعَةُ بفَخٍّ، بِقُرْبِ مَكَّةَ، فَقُتِلَ فِي الْمَصَافِّ الْحُسَيْنُ، وَأَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُ1. وَنُودِيَ بِالأَمَانِ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ أَبُو الزِّفت مُغْمِضًا عَيْنَهُ، قَدْ أَصَابَهَا شَيْءٌ مِنَ الْحَرْبِ، فَوَقَفَ خَلْفَ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ يَسْتَجِيرُ بِهِ فَأَمَرَ بِهِ مُوسَى بْنُ عِيسَى فَقُتِلَ فِي الحال، فغضب محمد ابن سليمان من ذلك، واحتزّت رؤوس الْقَتْلَى، فَكَانُوا مِائَةً. وَغَضِبَ الْهَادِي عَلَى مُوسَى بْنِ عِيسَى لِقَتْلِهِ أَبَا الزِّفت، فَأَخَذَ أَمْوَالَهُ. وَغَضِبَ أَيْضًا عَلَى مُبَارَكٍ التُّركيّ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُ، وصيَّره فِي سَاسَةِ الدَّوابّ2. بَدْءُ الأُسْرَةِ الإِدْرِيسِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ: وَانْفَلَتَ إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَصَارَ إِلَى مِصْرَ، وَتَوَصَّلَ إِلَى الْمَغْرِبِ، إِلَى أَنِ اسْتَقَرَّ بِطَنْجَةَ، وَهِيَ عَلَى الْبَحْرِ الْمُحِيطِ، فَاسْتَجَابَ لَهُ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْبَرْبَرِ، وَأَعَانَهُ عَلَى الْهُرُوبِ نَائِبُ مِصْرَ وَاضِحٌ الْعَبَّاسِيُّ، وَكَانَ يترفَّض، فَسَيَّرَهُ عَلَى الْبَرِيدِ، فَطَلَبَ الْهَادِي وَاضِحًا وَصَلَبَهُ3. وَقِيلَ: بَلْ صَلَبَهُ الرَّشِيدُ، ثُمَّ بَعَثَ الْخَلِيفَةُ شمَّاخًا الْيَمَامِيَّ دَسِيسَةً، وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى أَمِيرِ إِفْرِيقِيَّةِ، فَتَوَصَّلَ إِلَى إِدْرِيسَ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ شِيعِيٌّ مُتَحَرِّقٌ، وَأَنَّهُ يُلِمُّ بِالطِّبِّ، فَأَنِسَ بِهِ إِدْرِيسُ، ثُمَّ شَكَى إِلَيْهِ وَجَعًا بِأَسْنَانِهِ، فَأَعْطَاهُ سُنُونًا مَسْمُومًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَنَّ بِهِ سَحَرًا، وَهَرَبَ الشَّمَّاخُ فِي اللَّيْلِ، وَاسْتَنَّ إِدْرِيسُ فتلف، فقام بعده ولده إدريس بْنُ إِدْرِيسَ. فَتَمَلَّكَ هُوَ وَأَوْلادُهُ بِالْمَغْرِبِ زَمَانًا بِنَاحِيَةِ تَاهِرْتَ، وَانْقَطَعَتْ عَنْهُمُ الْبُعُوثُ. وَجَرَتْ لِلإِدْرِيسِيَّةِ أُمُورٌ يَطُولُ شَرْحُهَا، وَبَنَوُا الْقُصُورَ وَالْمَدَائِنَ. بَعْضُ سيرة الحسين بن علي: حكى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوفلي قَالَ: حدثني يوسف مولى آل حسن

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 195-197"، المعرفة والتاريخ "1/ 159". 2 تاريخ الطبري "8/ 198". 3 تاريخ الطبري "8/ 198".

قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَقْتُولِ لما قدم عَلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَجَازَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَفَرَّقَهَا فِي النَّاسِ بِبَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ، فَوَاللَّهِ مَا خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلا وَعَلَيْهِ فَرْوٌ وَمَا تَحْتَهُ قَمِيصٌ، وَكَانَ يَسْتَقْرِضُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ مَوَالِيهِمْ مَا يُمَوِّنُهُمْ1. قَالَ النَّوفلي: وَحَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ قَالَ: صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ فِي يَوْمِ خُرُوجِ الْحُسَيْنِ صَاحِبِ فَخٍّ بِالْمَدِينَةِ، فَصَلَّى بِنَا، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ أَبْيَضُ، وَعِمَامَةٌ بَيْضَاءُ، قَدْ سَدَلَهَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ قُدَّامَهُ، إِذْ أَقْبَلَ خَالِدٌ الْبَرْبَرِيُّ وَأَصْحَابُهُ، فَبَدَرَهُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَشَدَّ عَلَيْهِ خَالِدٌ، فَضَرَبَهُ يَحْيَى فَقَتَلَهُ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ رَجَعَ يَحْيَى فَقَامَ بَيْنَ يَدَيِ الْحُسَيْنِ، وَسَيْفُهُ يَقْطُرُ دَمًا، فَقَالَ الْحُسَيْنُ فِي خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا ابْنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلِيٌّ منبر رسول الله، يدعوكم إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ أَفِ بِذَلِكَ فَلا بَيْعَةَ لِي فِي أَعْنَاقِكُمْ2. وَيُقَالُ: إِنَّ يَقْطِينَ بْنَ مُوسَى لَمَّا قَدِمَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيِ الْهَادِي قال: كأنكم والله جئتم برأي طاغوت، إن أقل ما أجزيكم أَنْ أَحْرِمَكُمْ جَوَائِزَكُمْ، فَلَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا3. ثَوْرَةُ ابن مغصّب بصعيد مصر: فيها ثَارَ بِالصَّعِيدِ دِحْيَةُ بْنُ مُغَصَّبٍ الأُمَوِيُّ، وَقَوِيَتْ شكوته، ثُمَّ قُتِلَ بِمِصْرَ لِسَنَتِهِ، قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. الْعُمَّالُ عَلَى الأَمْصَارِ: وَفِيهَا كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ، وَعَلَى مَكَّةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُثَمَ، وَعَلى الْيَمَنِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَلْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ، وَعَلَى الْيَمَامَةِ وَالْبَحْرَيْنِ سُوَيْدٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَعَلَى الْكُوفَةِ مُوسَى بْنُ عِيسَى، وَعَلَى الْبَصْرَةِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَلَى جُرْجَانَ حَجَّاجٌ مَمْلُوكُ الْهَادِي، وَعَلَى قُومِسَ حَسَّانٌ وَعَلَى طَبَرِسْتَانَ صَالِحُ بْنُ شَيْخِ بْنِ عُمَيْرَةَ الأَسَدِيُّ، وَعَلَى إِصْبَهَانَ طَيْفُورٌ مَمْلُوكُ الْهَادِي، وَعَلَى بَاقِي الْمَدَائِنِ نُوَّابٌ ذُكِرَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَقْتَ وِلايَتِهِمْ4.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 199-200". 2 تاريخ الطبري "8/ 200-201". 3 تاريخ الطبري "8/ 203". 4 تاريخ الطبري "8/ 204".

أحداث سنة سبعين ومائة

أحداث سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ فِيهَا: إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الأُمَوِيُّ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ الْبَصْرِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ يُونُسَ الْحَاجِبُ، وَسَعِيدُ بْنُ حُسَيْنٍ الأَزْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَبُو السِّوار الْمَدَنِيُّ. بِمِصْرَ، رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَكِّيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْخَلِيفَةِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ، فِي السِّجْنِ، وَعَمْرُو بْنُ ثَابِتِ الْكُوفِيُّ، وَغِطْرِيفِ بْنِ عَطَاءٍ مُتَوَلِّي الْيَمَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ الْجُعْفِيُّ، ومحمد بن الزبير المعيطيّ إمام مجسد حَرَّانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبُ، بِخِلافٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ الأَنْصَارِيُّ الْحِمْصِيُّ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، فِي قَوْلٍ، وَمُوسَى الْهَادِي بْنُ المهديّ الخليفة، وأبو معشر نجيج السَّنديّ الْمَدَنِيُّ، وَأَبُو جَزْءٍ الْقَصَّابُ نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ، وَيَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ الأَزْدِيُّ مُتَوَلِّي إِفْرِيقِيَّةِ. مَوَالِيدُ هَذِهِ السَّنَةِ: وَفِيهَا: وُلِدَ الْمَأْمُونُ، وَالأَمِينُ، وَيَعْقُوبُ الدَّورقيّ، وَدُحَيْمٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. وَفَاةُ الْخَلِيفَةِ الْهَادِي: وَفِيهَا هَلَكَ الْخَلِيفَةُ مُوسَى الْهَادِي مِنْ قُرْحَةٍ أَصَابَتْهُ فِي جَوْفِهِ1. وَقِيلَ: سَمَّتْهُ أُمُّهُ الْخَيْزُرَانُ لَمَّا أَجْمَعَ قَتْلَ أَخِيهِ الرَّشِيدِ، وَكَانَتْ أَيْضًا حَاكِمَةً مُسْتَبِدَّةً بِالأُمُورِ الْكِبَارِ فَمَنَعَهَا، وَقَدْ كَانَتِ الْمَوَاكِبُ تَغْدُو إِلَى بَابِهَا، فَرَدَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَكَلَّمَهَا بِكَلامٍ فَجٍّ، وَقَالَ: إِنْ وَقَفَ بِدَارِكِ أَمِيرٌ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ، أَمَا لَكِ مِغْزَلٌ تَشْغَلُكِ، أَوْ مُصْحَفٌ يُذَكِّرُكِ، أَوْ سِبْحَةٌ؟ فَقَامَتْ مَا تعقل من الغضب، فقيل: إنه بعث

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 205".

إِلَيْهَا بِطَعَامٍ مَسْمُومٍ، فَأَطْعَمَتْ مِنْهُ كَلْبًا فَانْتَثَرَ، فَعَمِلَتْ عَلَى قَتْلِهِ لَمَّا وَعِكَ، بِأَنْ غَمُّوا وَجْهَهُ بِبِسَاطٍ جَلَسُوا عَلَى جَوَانِبِهِ1. وَكَانَ يُرِيدُ إِهْلاكَ الرَّشِيدِ لِيُوَلِّيَ الْعَهْدَ وَلَدَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مَاتَ تَعِيسًا بِأَزَمَاتٍ فِي نِصْفِ رَبِيعٍ الآخِرِ2. وَكَانَتْ خِلافَتُهُ سنة وربع، وَعَاشَ سِتًّا وَعِشْرِينَ سَنَةً3، وَخَلَّفَ سَبْعَةَ بَنِينَ. وَأَفْضَتِ الْخِلافَةُ إِلَى وَلِيِّ الْعَهْدِ بَعْدَهُ أَخِيهِ أمير المؤمنين هارون بن المهدي.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 205-206". 2 تاريخ الطبري "8/ 213". 3 تاريخ الطبري "8/ 213".

رجال هذه الطبقة مرتبون على الحروف

رِجَالُ هَذِهِ الطَّبَقَةِ مرتَّبون عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- أَبَانُ بْنُ صَدَقَةَ1. كَاتِبُ الرَّسَائِلِ فِي دَوْلَةِ الْمَنْصُورِ، وَكَاتِبُ السِّرِّ لِلرَّشِيدِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ عُزِلَ وَوُلِّيَ كِتَابَةَ الْهَادِي. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: قَالَ أَبَانٌ: كُنْتُ أَخْلُفُ الرَّبِيعَ الْحَاجِبَ عَلَى كِتَابَةِ الْمَنْصُورِ. مَاتَ بِجُرْجَانَ سَنَةَ 167. 2- أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ أَبُو يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ2. الْحَافِظُ أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَيَحْيَى اليماميّ، وبديل بن ميسرة.

_ 1 تاريخ خليفة "436"، تاريخ الطبري "6/ 183، 7/ 623، 654"، والكامل في التاريخ "5/ 609، 6/ 46، 75". 2 الطبقات الكبرى "7/ 284"، التاريخ الكبير "1/ 454"، والجرح والتعديل "2/ 299"، والثقات لابن حبان "6/ 68"، تهذيب الكمال "2/ 24-26"، سير أعلام النبلاء "7/ 431-433"، وتهذيب التهذيب "1/ 101-102".

وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، وَهُدْبَةُ، وَشَيْبَانُ، وَعَفَّانُ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكيّ، وَخَلْقٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ثَبْتًا فِي كُلِّ مَشَايِخِهِ. وقال ابن معين، والنسائي: ثقة. وقال أحمد الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، تَرَكَ الْقَدَرَ وَلا يَتَكَلَّمُ فِيهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: سُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْ أَبَانٍ وَهَمَّامٍ فقال: كان يحيى القطان يروي عَنْ أَبَانٍ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ هَمَّامٍ، وَأَنَا فَهَمَّامٌ أَحَبُّ إِلَيَّ. قُلْتُ: فَهَذَا يَرُدُّ عَلَى مَا نَقَلَ الْوَاهِي مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكَدِيمِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ الْقَطَّانِ تَلْيِينَهُ أَبَانًا، وَقَوْلِهِ: لا أُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ أَيْضًا عَبَّاسٌ الدُّوري: حَدَّثَنَا ابْنُ مَعِينٍ قَالَ: مَاتَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ يَرْوِي عَنْ أَبَانِ بْنِ يَزِيدَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَذَكَرَ أَبَانَ بْنَ يَزِيدَ فِي كَامِلِهِ فَأَسَاءَ بِذِكْرِهِ وَهُوَ مُتَمَاسِكٌ، وَكَتَبَ حَدِيثَهُ. لَمْ أَظْفَرْ بِوَفَاتِهِ، وَكَأَنَّهَا قَبْلَ السَّبْعِينَ ومائة. 3- إبراهيم بن أدهم1. ابن مَنْصُورِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، أَبُو إِسْحَاقَ الْعِجْلِيُّ، وَقِيلَ: التَّمِيمِيُّ الْبَلْخِيُّ الزَّاهِدُ، أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَمَنْصُورٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الجمحجّي، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَالأَعْمَشِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَشَقِيقٌ الْبَلْخِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، وبقية، وضمرة بن ربيعة، ومحمد ابن حِمْيَرٍ، وَخَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 273"، الجرح والتعديل "2/ 87"، والثقات لابن حبان "6/ 24"، تهذيب التهذيب "1/ 102-103".

الْفِرْيَابِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الْخُرَاسَانِيُّ تِلْمِيذُهُ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ لِي قُتَيْبَةُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ تَمِيمِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ عِجْلِيٌّ. وَقَالَ المفضَّل بْنُ غَسَّانَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيُّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ خَرَجَ مَعَ جَهْضَمٍ مِنْ خُرَاسَانَ هَارِبًا مِنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ، فَنَزَلَ الثُّغُورَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عِجْلٍ. وَسَاقَ ابْنُ مَنْدَهْ نَسَبَهُ إِلَى بَنِي عِجْلٍ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسٍ: سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ: حَجَّ أَدْهَمُ بِأُمِّ إِبْرَاهِيمَ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ بِمَكَّةَ، فَجَعَلَتْ تَطُوفُ بِهِ عَلَى الْخَلْقِ فِي الْمَسْجِدِ وتقول: ادعو لابْنِي أَنْ يَجْعَلَهُ اللَّهُ عَبْدًا صَالِحًا1. قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ البلخيّ، سمعت عبد الله بن محمد الْعَابِدَ، سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْبَلْخِيَّ يَقُولُ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ مِنَ الأَشْرَافِ، وَكَانَ أَبُوهُ شَرِيفًا كَثِيرَ الْمَالِ وَالْخَدَمِ وَالْجَنَائِبِ وَالْبُزَاةِ، بَيْنَمَا إِبْرَاهِيمُ يَأْخُذُ كِلابَهُ وَبُزَاتَهِ لِلصَّيْدِ وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ يَرْكُضُهُ، إِذَا هُوَ بِصَوْتٍ مِنْ فَوْقِهِ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مَا هَذَا الْعَبَثُ: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: 115] اتَّقِ اللَّهَ، وَعَلَيْكَ بِالزَّادِ لِيَوْمِ الْفَاقَةِ، قَالَ: فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَرَفَضَ الدُّنْيَا2. أخبرنا أحمد بن هبة الله، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ الشَّغْرِيِّ، أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ شَاهٍ أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ قَالَ: وَمِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ، كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، فَخَرَجَ يَتَصَيَّدُ، وَأَثَارَ ثَعْلَبًا أَوْ أَرْنَبًا وَهُوَ فِي طَلَبِهِ، فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ: أَلِهَذَا خلقت أم لهذا أُمِرْتَ؟ فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَصَادَقَ رَاعِيًا لِأَبِيهِ، وَأَخَذَ جُبَّتَهُ الصُّوفَ فَلَبِسَهَا، وَأَعْطَاهُ فَرَسَهُ وَمَا مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ دَخَلَ الْبَادِيَةَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَاتَ بِالشَّامِ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، مِثْلُ الْحَصَادِ، وَحِفْظِ الْبَسَاتِينِ وَرَأَى فِي الْبَادِيَةِ رَجُلا عَلَّمَهُ اسْمَ اللَّهِ الأَعْظَمَ، فَدَعَا بِهِ بَعْدَهُ فَرَأَى الْخَضِرَ وَقَالَ: إِنَّمَا عَلَّمَكَ أخي داود الاسم الأعظم.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 371". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 368-369"، وابن عساكر في تاريخ دمشق "5/ 59".

قُلْتُ: أَسْنَدَهَا أَبُو الْقَاسِمِ فِي رِسَالَتِهِ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَشَّابُ، نَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخَزَّازُ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: صَحِبْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ بُدُوِّ أَمْرِهِ، فَذَكَرَ هَذَا. قلت: رواها هلال الحفار، عن المصري الواعظ. وَرَوَى قَرِيبًا مِنْهَا: أَبُو الْفَتْحِ الْقَوَّاسُ، عَنْ أَبِي طَالِبِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَشَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهَا، وَزَادَ: فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايِخِ عَنِ الْحَلالِ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَصِرْتُ إِلَى الْمِصِّيصَةِ، فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا، ثُمَّ قِيلَ لِي: عَلَيْكَ بِطَرَسُوسَ فَإِنَّ بِهَا الْمُبَاحَاتِ، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا قَاعِدٌ عَلَى بَابِ الْبَحْرِ جَاءَنِي رَجُلٌ فَاكْتَرَانِي لِنِظَارَةِ بُسْتَانٍ1. الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ: سَمِعْتُ أَبَا عُتْبَةَ الْخَوَّاصَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ: مَنْ أَرَادَ التَّوْبَةَ فَلْيَخْرُجْ مِنَ الْمَظَالِمِ، وَلْيَدَعْ مُخَالَطَةَ النَّاسِ، وَإِلا لَمْ يَنَلْ مَا يُرِيدُ2. النَّسَائِيُّ: نَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، سَمِعْتُ خلف بن تميم، سمعت إبراهيم بن أدهم يَقُولُ: رَآنِي ابْنُ عَجْلانَ فَسَجَدَ ثُمَّ قَالَ: تَدْرِي لِمَ سَجَدْتُ؟ سَجَدْتُ شُكْرًا لِلَّهِ حِينَ رَأَيْتُكَ3. سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: قُلْتُ لابْنِ الْمُبَارَكِ: مِمَّنْ سَمِعَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ؟ قَالَ: قَدْ سَمِعَ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ لَهُ فَضْلٌ فِي نَفْسِهِ، صَاحِبُ سَرَائِرَ، مَا رَأَيْتُهُ يُظْهِرُ تَسْبِيحًا وَلا شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ، وَلا أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ إِلا كَانَ آخِرَ مَنْ يَرْفَعُ يَدَهُ4. مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْمَوْصِلِيُّ: نَا أَبُو حَاتِمٍ، سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ كَانَ شِبْهَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَلَوْ كان في الصحابة لكان فاضلًا5.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 368". 2 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 175". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 22"، وابن عساكر كما في تاريخ دمشق "2/ 175". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 175". 5 أخرجه ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 175".

قَالَ بِشْرٌ الْحَافِي: مَا أَعْرِفُ عَالِمًا إِلا قَدْ أَكَلَ بِدِينِهِ، سِوَى وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، وَسَلَمٍ الْخَوَّاصِ، وَيُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ1. أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: نَا عَبْدُ الصَّمَدِ بن يزيد الصايغ، سمعت شقيق الْبَلْخِيَّ يَقُولُ: لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ فِي الشَّامِ، فَقُلْتُ: تَرَكْتَ خُرَاسَانَ قَالَ: مَا تهنَّيت بِالْعَيْشِ إِلا هُنَا، أَفِرُّ بِدِينِي مِنْ شَاهِقٍ، فَمَنْ رَآنِي يَقُولُ: مُوَسْوَسٌ، وَمَنْ رَآنِي يَقُولُ: حَمَّالٌ: يَا شَقِيقُ: لَمْ يَنَبُلْ عِنْدَنَا مَنْ نَبُلَ بِالْجِهَادِ وَلا بِالْحَجِّ بَلْ مَنْ كَانَ يَعْقِلُ مَا يَدْخُلُ بَطْنَهُ، يَا شَقِيقُ: مَاذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ؟ لا يَسْأَلُهُمْ عَنْ زكاة، ولا عن جهاد، ولا صِلَةٍ، إِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ هَذَا هَؤُلاءِ الْمَسَاكِينُ2. قُلْتُ: هَذَا الْقَوْلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- لَيْسَ عَلَى إِطْلاقِهِ، بَلْ قَدْ نَبُلَ بِالْجِهَادِ وَالْقُرْبِ عَدَدٌ مِنَ الصَّفْوَةِ. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الزُّهْدُ مِنْهُ فَرْضُهُ، وَهُوَ تَرْكُ الْحَرَامِ، وَزُهْدٌ بِسَلامٍ وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الشُّبُهَاتِ، وَزُهْدُ فَضْلٍ، وَهُوَ الزُّهْدُ فِي الْحَلالِ3. قَالَ بَقِيَّةُ: دَعَانِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ إِلَى طَعَامٍ لَهُ وَجَلَسَ، فَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ إِلْيَتِهِ، وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ جَلْسَةُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْلِسُ جَلْسَةَ الْعَبِيدِ4. فَلَمَّا أَكَلْنَا قُلْتُ لِرَفِيقِهِ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَشَدِّ شَيْءٍ مَرَّ بِكَ مُنْذُ صَحِبْتَهُ. قَالَ: نَعَمْ، كُنَّا يَوْمًا صِيَامًا، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ لَمْ يَكُنْ لَنَا مَا نُفْطِرُ عليه، فلمّا أصبحنا قلت: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، هَلْ لَكَ فِي أَنْ نَأْتِيَ الرَّستن فَنَكْرِي أَنْفُسَنَا مَعَ الْحَصَّادِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَتَيْنَا بَابَ الرَّستن، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاكْتَرَانِي بِدِرْهَمٍ فَقُلْتُ: وَصَاحِبِي، قَالَ: لا حَاجَةَ لِي فيه، أراه ضَعِيفًا، فَمَا زِلْتُ بِهِ حَتَّى اكْتَرَاهُ بِثُلُثَيْنِ، فَحَصَدْنَا يَوْمَنَا، وَأَخَذْتُ كِرَائِي، فَأَتَيْتُ بِهِ، فَاشْتَرَيْتُ حَاجَتِي، وَتَصَدَّقْتُ بِالْبَاقِي، فَهَيَّأْتُهُ، وَقَدَّمْتُهُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ بَكَى، قُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أمّا نحن فقد

_ 1 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 175". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 26"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 177". 3 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 177". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 177".

اسْتَوْفَيْنَا أُجُورَنَا، فَلَيْتَ شِعْرِي أَوْفَيْنَا صَاحِبَنَا أَمْ لا؟ قَالَ: فَغَضِبْتُ، قَالَ: مَا يُغْضِبُكَ؟ أَتَضْمَنُ لِي أنَّا وَفَيْنَاهُ؟ فَأَخَذْتُ الطَّعَامَ فَتَصَدَّقْتُ بِهِ1. ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ قَالَ: أَخَافُ أَنْ لا يَكُونَ لِي أَجْرٌ فِي تَرْكِي أَطَايِبَ الطَّعَامِ؛ لِأَنِّي لا أَشْتَهِيهِ، وَكَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَى طَعَامٍ طَيِّبٍ رَمَى إِلَى أَصْحَابِهِ، وَقَنَعَ بِالْخُبْزِ وَالزَّيْتُونِ2. مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ: ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ: لَوْ تزوَّجت، فَقَالَ: لَوْ أَمْكَنَنِي أَنْ أطلِّق نَفْسِي لَفَعَلْتُ3. أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ: ثَنَا هَارُونُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ قَالَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ الْجَبَلَ بِفَأْسٍ، فَاحْتَطَبَ ثُمَّ بَاعَهُ، وَاشْتَرَى بِهِ نَاطِفًا، وَقَدَّمَهُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: كُلُوا كأنَّكم تَأْكُلُونَ فِي رَهْنٍ. عِصَامُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ الْجَرَّاحِ: ثَنَا أَبِي قَالَ: كُنْتُ لَيْلَةً مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ بِالثَّغْرِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِبَاكُورَةٍ، فَنَظَرَ حَوْلَهُ هَلْ يَرَى مَا يُكَافِيهِ، فَنَظَرَ إِلَى سَرْجِي فَقَالَ: خُذْ لَكَ ذَاكَ السَّرج، فَأَخَذَهُ، فَمَا دَاخَلَنِي سُرُورٌ قَطُّ مِثْلُهُ حِينَ عَلِمْتُ أَنَّهُ صَيَّرَ مَالِي وَمَالَهُ وَاحِدًا4. عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: كَانَ الْحَصَادُ أحبَّ إِلَى ابن أَدْهَمَ مِنَ اللِّقَاطِ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ لا يَرَى بِاللِّقَاطِ بَأْسًا، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَفْقَهَ، وَكَانَ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي عِجْلٍ، كَرِيمَ الْحَسَبِ، وَكَانَ إِذَا عَمِلَ ارْتَجَزَ وَقَالَ: اتَّخِذِ اللهَ صَاحِبًا ... وَدَعِ النَّاسَ جَانِبًا وَكَانَ يَلْبَسُ فِي الشِّتَاءِ فَرْوًا بِلا قَمِيصٍ، وَفِي الصَّيْفِ شِقَّتَيْنِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، يَتَّزِرُ بِوَاحِدَةٍ وَيَرْتَدِي بِأُخْرَى، وَيَصُومُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَلا يَنَامُ اللَّيْلَ، وَكَانَ يتفكّر،

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 379-380"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 177-178". 2 أخرجه ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 178". 3 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 179". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 182".

فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْحَصَادِ أَرْسَلَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ يحاسب صاحب الزرع، ويجيء بِالدَّرَاهِمِ فَلا يَمَسُّهَا بِيَدِهِ1. قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: اذْهَبُوا فَكُلُوا بِهَا -يَعْنِي أُجْرَتَهُ- شَهَوَاتِكُمْ، وَإِذَا لَمْ يَحْصُدْ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِي حِفْظِ الْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ. وَكَانَ يَطْحَنُ بيد واحدة مديا مِنْ قَمْحٍ2. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْغَسُولِيُّ: دَعَا الأَوْزَاعِيُّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، فقصَّر فِي الأَكْلِ، فَقَالَ: لِمَ قصَّرت؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ قَصَّرْتَ فِي الطَّعَامِ3. بِشْرٌ الْحَافِي: ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا قَعَدَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، تَحَرَّزَ مِنَ الْكَلامِ4. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ طَالُوتَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ قَالَ: مَا صَدَقَ اللَّهَ عَبْدٌ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ5. مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلٍ الْبَلْخِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ الْفَضْلِ: سَمِعْتُ مَكِّيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: قِيلَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ: مَا يَبْلُغُ مِنْ كَرَامَةِ الْمُؤْمِنِ عَلَى اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَقُولَ لِلْجَبَلِ: تَحَرَّكْ فَيَتَحَرَّكَ، قَالَ: فَتَحَرَّكَ الْجَبَلُ، فَقَالَ: مَا إِيَّاكَ عَنَيْتُ6. عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ: سمعت عِيسَى بْنَ حَازِمٍ الَّنيسابوريّ يَقُولُ: كُنَّا مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ بِمَكَّةَ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ مُؤْمِنًا مُسْتَكْمِلَ الإِيمَانِ هَزَّ الْجَبَلَ لَزَالَ، فَتَحَرَّكَ أَبُو قُبَيْسٍ، فَقَالَ إبراهيم: اسْكُنْ، لَيْسَ إِيَّاكَ أَرَدْتُ7. يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ: ثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ: كُنَّا مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ فِي الْبَحْرِ، وَهَبَّتْ رِيحٌ وَهَاجَتِ الأَمْوَاجُ، وَاضْطَرَبَتِ السَّفِينَةُ، وَبَكَى النَّاسُ فَقُلْنَا: يَا أبا إسحاق

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 373"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 182". 2 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 182-183"، وأبو نعيم في الحلية "7/ 373". 3 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 183". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "28/ 185". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 19، 20، 31". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 4". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 4".

مَا تَرَى النَّاسَ فِيهِ؟ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، وَقَدْ أَشْرَفْنَا عَلَى الْهَلاكِ، فَقَالَ: يَا حَيُّ حِينَ لا حَيَّ، وَيَا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، وَيَا حَيُّ بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، يَا حَيُّ يَا قيُّوم، يَا مُحْسِنُ، يَا مُجْمِلُ، قَدْ أَرَيْتَنَا قُدْرَتَكَ فَأَرِنَا عَفْوَكَ، قَالَ: فَهَدَأَتِ السَّفِينَةُ مِنْ سَاعَتِهِ1. ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ يَجْتَنِي الرُّطب مِنْ شَجَرِ البلُّوط2. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كُلُّ مَلِكٍ لا يَكُونُ عَادِلا فَهُوَ وَاللِّصُّ سَوَاءٌ، وَكُلُّ عَالِمٍ لا يَكُونُ وَرِعًا فَهُوَ والذِّئب سَوَاءٌ، وَكُلُّ مَنْ يَخْدُمُ سِوَى اللَّهِ فَهُوَ وَالْكَلْبُ بمنزلةٍ وَاحِدَةٍ3. وَقِيلَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ غَزَا فِي الْبَحْرِ مَعَ أَصْحَابِهِ، فَاخْتَلَفَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا إِلَى الْخَلاءِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً، كُلُّ مَرَّةٍ يُجَدِّدُ الْوُضُوءَ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِالْمَوْتِ قَالَ: أوْتِرُوا لِي قَوْسِي، وَقَبَضَ عَلَى قَوْسِهِ، فَتُوُفِّيَ وَهُوَ فِي يَدِهِ، فَدُفِنَ فِي جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ فِي بِلادِ الرُّومِ4. أَخْبَرُونَا عَنِ ابْنِ اللَّتِّيِّ، أَنَا جَعْفَرُ الْمُتَوَكِّلِيُّ، أَنَا ابْنُ الْعَلافِ، ثَنَا الْجَهَامِيُّ، أَنَا جَعْفَرُ الْخَلَدِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الصُّوفِيُّ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ: وَأَيُّ دِينٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ لِلَّهِ كَانَ الْخُمُولُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ التَّطَاوِلِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا الْحَيَاةُ بثقةٍ يُرْجَى نَوْمُهَا، وَلا الْمَنِيَّةُ بِعُذْرٍ فَيُؤْمَنُ غَدْرُهَا، فَفِيمَ التَّفْرِيطُ وَالتَّقْصِيرُ وَالاتِّكَالُ وَالإِبْطَاءُ، قَدْ رَضِينَا مِنْ أَعْمَالِنَا بِالْمَعَانِي، وَمِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ بِالتَّوَانِي، وَمِنَ الْعَيْشِ الْبَاقِي بِالْعَيْشِ الْفَانِي. وَأَمْسَيْنَا لَيْلَةً مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَلَيْسَ لَنَا شَيْءٌ نُفْطِرُ عَلَيْهِ، فَرَآنِي حَزِينًا فَقَالَ: يَا ابْنَ بَشَّارٍ، مَاذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنَ النَّعِيمِ وَالرَّاحَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟ لا يَسْأَلُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ زَكَاةٍ، وَلا حَجٍّ، وَلا صَدَقَةٍ، وَلا صِلَةِ رَحِمٍ، لا تَغْتَمَّ، فَرِزْقُ اللَّهِ مَضْمُونٌ، سَيَأْتِيكَ. نَحْنُ وَاللَّهِ الْمُلُوكُ الأَغْنِيَاءُ، نَحْنُ وَاللَّهِ الذين تعجلنا الراحة، لا نُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ أَصْبَحْنَا وَأَمْسَيْنَا إِذَا أَطَعْنَا اللَّهَ. ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلاتِهِ، وَقُمْتُ إلى

_ 1 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 189". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 3"، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 189". 3 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 196". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 199".

صَلاتِي، فَمَا لَبِثْنَا إِلا سَاعَةً، فَإِذَا بِرَجُلٍ قَدْ جَاءَ بِثَمَانِيَةِ أَرْغِفَةٍ وَتَمْرٍ كَثِيرٍ، فَوَضَعَهُ، فَقَالَ: كُلْ يَا مَغْمُومُ، فَدَخَلَ سَائِلٌ فَقَالَ: أطْعِمُونَا فَدَفَعَ إِلَيْهِ ثَلاثَةَ أَرْغِفَةٍ مَعَ تَمْرٍ، وَأَعْطَانِي ثَلاثَةً وَأَكَلَ رَغِيفَيْنِ1. وَكُنْتُ مَارًّا مَعَ إِبْرَاهِيمَ، فَأَتَيْنَا عَلَى قَبْرٍ مسنَّم، فَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: هَذَا قَبْرُ حُمَيْدِ بْنِ جَابِرٍ أَمِيرِ هَذِهِ الْمُدُنِ كُلِّهَا، كَانَ غَرِقَ فِي بِحَارِ الدُّنْيَا ثُمَّ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْهَا2. بَلَغَنِي أَنَّهُ سُرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِشَيْءٍ وَنَامَ، فَرَأَى رَجُلا بِيَدِهِ كِتَابٌ، فَنَاوَلَهُ فَفَتَحَهُ، فَإِذَا فِيهِ كِتَابٌ بِالذَّهَبِ مَكْتُوبٌ: لا تُؤْثِرَنَّ، فَإِنَّنَا عَلَى بَاقٍ، وَلا تغترَّنّ بِمُلْكِكَ، فَإِنَّ مَا أَنْتَ فِيهِ جَسِيمٌ، لَوْلا أَنَّهُ عَدِيمٌ، وَهُوَ مُلْكٌ، لَوْلا أَنَّ بَعْدَهُ هَلَكٌ، وَفَرَحٌ وَسُرُورٌ، لَوْلا أَنَّهُ لَهْوٌ وَغُرُورٌ -وَهُوَ يَوْمٌ لَوْ كَانَ يُوثَقُ لَهُ بغدٍ، فَسَارِعْ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ الله قال: {سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133] فَانْتَبَهَ فَزِعًا وَقَالَ: هَذَا تَنْبِيهٌ مِنَ اللَّهِ وَمَوْعِظَةٌ، فَخَرَجَ مِنْ مُلْكِهِ وَقَصَدَ هَذَا الْجَبَلَ، فَعَبَدَ اللَّهَ فِيهِ حَتَّى مَاتَ3. إِسْحَاقُ بْنُ الضَّيْفِ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُعَلِّمُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ حَصَدَ لَيْلَةً مَا يَحْصُدُ غَيْرُهُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَأَخَذَ أُجْرَتَهُ دِينَارًا. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصفَّار: أَنَا يُوسُفُ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحدّاد، أنا أبو نُعَيم، نا إبراهيم ابن عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّراج، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ بَشَّارٍ، قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ: كَيْفَ كَانَ بُدُوُّ أَمْرِكَ؟ قَالَ: غَيْرُ ذَا أَوْلَى بِكَ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ يَوْمًا، فَقَالَ: كَانَ أَبِي مِنْ أَهْلِ بَلْخَ، وَكَانَ مِنْ مُلُوكِ خُرَاسَانَ الْمَيَاسِيرِ، وحبَّب إِلَيْنَا الصَّيْدَ، فَخَرَجْتُ رَاكِبًا فَرَسِي وَمَعِي كَلْبِي، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ ثَارَ أَرْنَبُ أَوْ ثَعْلَبٌ، فَحَرَّكْتُ فَرَسِي، فَسَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ وَرَائِي: لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ، وَلا بِذَا أُمِرْتَ، فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا -فَقُلْتُ، لَعَنَ اللَّهُ إِبْلِيسَ، ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي، فَأَسْمَعُ نِدَاءً أَجْهَرَ مِنْ ذَلِكَ: يَا إِبْرَاهِيمُ لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ، وَلا بِذَا أُمِرْتَ، فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ، فَلا أَرَى أَحَدًا، فَقُلْتُ: لَعَنَ اللَّهُ إِبْلِيسَ، ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي، فَأَسْمَعُ نِدَاءً مِنْ قربوس سرجس يا إبراهيم ما لذا خلقت،

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 370"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 182". 2 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 196". 3 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 196".

وَلا بِذَا أُمِرْتَ، فَوَقَفْتُ وَقُلْتُ: انْتَهَيْتُ انْتَهَيْتُ، جَاءَنِي نَذِيرٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَاللَّهِ لا عَصَيْتُ اللَّهَ بَعْدَ يَوْمِي إِذَا مَا عَصَمَنِي رَبِّي. فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي، فخلَّيت عَنْ فَرَسِي، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رُعَاةٍ لِأَبِي، فَأَخَذْتُ مِنْهُ جبَّة وَكِسَاءً، وَأَلْقَيْتُ ثِيَابِي إِلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى الْعِرَاقِ فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا، فَلَمْ يَصْفُ لِي مِنْهَا الْحَلالُ، فَقِيلَ لِي: عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَصِرْتُ إِلَى المصِّيصة، فَعَمِلْتُ بِهَا، فَلَمْ يَصْفُ لِي الْحَلالُ، فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايِخِ فَقَالَ: إِنْ أَرَدْتَ الْحَلالَ الصَّافِيَ فَعَلَيْكَ بِطَرَسُوسَ، فَإِنَّ فِيهَا الْمُبَاحَاتِ وَالْعَمَلَ الْكَثِيرَ، فَأَتَيْتُهَا، فَعَمِلْتُ بِهَا أَنْظُرُ فِي الْبَسَاتِينِ وَأَحْصُدُ، فَبَيْنَمَا أَنَا عَلَى بَابِ الْبَحْرِ جَاءَنِي رَجُلٌ أَنْظُرُ لَهُ، فَكَتَبْتُ فِي الْبُسْتَانِ مُدَّةً، فَإِذَا بِخَادِمٍ قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِهِ فَصَاحَ: يَا نَاظُورُ، اذْهَبْ فَآتِنَا بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَطْيَبِهِ، فَذَهَبْتُ فَأَتَيْتُهُ بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ، فَكَسَرَ رُمَّانَةً فَوَجَدَهَا حَامِضَةً فَقَالَ: أَنْتَ عِنْدَنَا كَذَا وَكَذَا تَأْكُلُ فَاكِهَتَنَا وَرُمَّانَنَا، لا تَعْرِفُ الْحُلْوَ مِنَ الْحَامِضِ، قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا ذُقْتُهَا. فَأَشَارَ إِلَى أَصْحَابِهِ تَسْمَعُونَ كَلامَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ لِي: أَتَرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ زَادَ عَلَى هَذَا فَانْصَرِفْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ذَكَرَ صِفَتِي فِي الْمَسْجِدِ، فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ، فَجَاءَ الْخَادِمُ وَمَعَهُ عُتَقٌ مِنَ النَّاسِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ أَقْبَلَ اخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجَرِ وَالنَّاسُ دَاخِلُونَ، فَاخْتَلَطْتُ مَعَهُمْ وَهُمْ دَاخِلُونَ وَأَنَا هَارِبٌ1. رَوَى يُونُسُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَلْخِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ نَحْوَهَا. إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ الْمَنْصُورِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ قَالا: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ، وَأَبُو يُوسُفَ الْغَسُولِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ السِّنْجَارِيُّ، وَنَحْنُ مُتَوَجِّهُونَ نُرِيدُ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَصِرْنَا إِلَى نَهْرِ الأُرْدُنِ، فَقَعَدْنَا نَسْتَرِيحُ، فقرَّب أَبُو يُوسُفَ كُسَيْرَاتٍ يَابِسَاتٍ. فَأَكَلْنَا وَحَمِدْنَا اللَّهَ، وَقَامَ بَعْضُنَا لِيَسْقِيَ إِبْرَاهِيمَ، فَسَارَعَهُ فَدَخَلَ فِي الْمَاءِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَشَرِبَ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ خَرَجَ فَمَدَّ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا يُوسُفَ: لَوْ عَلِمَ الْمُلُوكُ وَأَبْنَاءُ الْمُلُوكِ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ السُّرُورِ وَالنِّعَمِ، إِذًا لجالدونا عليه بأسيافهم2.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 368-369"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 172". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 370-371"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 179".

ابْنُ بَشَّارٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ: مَا قَاسَيْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، مَا قَاسَيْتُ مِنْ نَفْسِي، مَرَّةً لِي، وَمَرَّةً عَلَيَّ. قَالَ عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ: ضَاعَتْ نَفَقَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ بِمَكَّةَ، فَمَكَثَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يستفُّ الرَّمْلَ1. وَقَالَ بِشْرٌ الْحَافِي، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الأَسْوَدِ قَالَ: مَكَثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ يَأْكُلُ الطِّينَ عِشْرِينَ يَوْمًا2. وَقَالَ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، عن أبي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ أَنَّهُ أَصَابَتْهُ مَجَاعَةٌ بِمَكَّةَ، فَمَكَثَ أَيَّامًا يَأْكُلُ الرَّمْلَ بِالْمَاءِ3. وَعَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: قَدِمَ ابْنُ أَدْهَمَ مَكَّةَ، فَإِذَا فِي جِرَابِهِ طِينٌ فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ طَعَامِي مُنْذُ شَهْرٍ4. عَنْ سَهْلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: صَحِبْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ فِي سَفَرٍ، فَأَنْفَقَ عَلَيَّ نَفَقَتَهُ، ثُمَّ مَرِضْتُ، فَاشْتَهَيْتُ شَهْوَةً، فَبَاعَ حِمَارَهُ وَاشْتَرَى شَهْوَتِي، فَقُلْتُ: فَعَلَى أَيِّ شيءٍ نَرْكَبُ؟ قَالَ: عَلَى عُنُقِي، قَالَ: فَحَمَلَهُ ثَلاثَةَ مَنَازِلٍ5. عصام بن روّاد: سمعت عيسى بن خَارِجَةَ قَالَ: بَيْنَمَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ يَحْصُدُ وَقَفَ عَلَيْهِ رَجُلانِ مَعَهُمَا ثِقْلٌ، فَسَلَّمَا عَلَيْهِ وَقَالا: أَنْتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالا: فَإِنَّا مَمْلُوكَانِ لِأَبِيكَ وَمَعَنَا مَالٌ وَوِطَاءٌ، فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا تَقُولانِ، فَإِنْ كُنْتُمَا صَادِقَيْنِ فَأَنْتُمَا حُرَّانِ وَالْمَالُ لَكُمَا، لا تَشْغَلانِي عَنْ عَمَلِي6. وَعَنْ مَرْوَانَ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ سَخِيًّا جِدًّا7. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ يَقُولُ: رُبَّمَا جَلَسَ إِبْرَاهِيمُ بن

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 381"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 179-189". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 381". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 381"، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 179". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 381". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 382". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 383". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 384".

أَدْهَمَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ يُكَسِّرُ الصُّنُوبَرَ فَيُطْعِمُنَا1. وَغَزَوْتُ مَعَهُ وَلِي فَرَسَانِ وَهُوَ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَأَرَدْتُهُ أَنْ يَرْكَبَ فَأَبَى، فَحَلَفْتُ، فَرَكِبَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى السَّرج، فَقَالَ: قَدْ أَبْرَرْتُ يَمِينَكَ، ثُمَّ نَزَلَ2. أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّورقي: نَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ: يَجِيئُنِي الرَّجُلُ بِالدَّنَانِيرِ فَأَقُولُ: ما لي فيها حاجة، ويجيئني بالفرس فأقول: ما لي فيه حَاجَةٌ، وَيَجِيئُنِي ذَا، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ أَنِّي لا أُنَافِسُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ أَقْبَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَيَّ كَأَنِّي دَابَّةٌ مِنَ الأَرْضِ، أَوْ كَأَنِّي آيَةٌ، وَلَوْ قَبِلْتُ مِنْهُمْ لأَبْغَضُونِي، وَلَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا مَا كَانُوا يُحْمَدُونَ عَلَى تَرْكِ هَذِهِ الْفُضُولِ. أحمد الدَّروقي: حَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ، حدَّثني عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: غَزَا مَعَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ غَزَاتَيْنِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَشَدُّ مِنَ الأُخْرَى، فَلَمْ يَأْخُذْ سَهْمًا وَلا نَفْلا، وَكَانَ لا يأكل من متاع الروم، نجيء بِالطَّرَائِفِ وَالْعَسَلِ وَالدَّجَاجِ فَلا يَأْكُلُ مِنْهُ وَيَقُولُ: هُوَ حَلالٌ، لَكِنِّي أَزْهَدُ فِيهِ، وَكَانَ يَصُومُ، وَغَزَا عَلَى بِرْذَوْنٍ ثَمَنُهُ دِينَارٌ، وَغَزَا فِي البحر غزاتين3. الدَّورقيّ: نا خلف تميم، حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ فِي سَفِينَةٍ فِي غَزَاةٍ، فَعَصَفَتْ عَلَيْهِمُ الرِّيحُ وَأَشْرَفُوا عَلَى الْغَرَقِ، فَسَمِعُوا هَاتِفًا بِصَوْتٍ عالٍ: تَخَافُونَ وَفِيكُمْ إِبْرَاهِيمُ4. وَقَدْ سَاقَ لَهُ أَبُو نُعَيْمٍ عِدَّةَ كَرَامَاتٍ. قَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَاضِي المصَّيصة: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ كَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رَوْحٌ، لَوْ نَفَحَتْهُ الرِّيحُ لَوَقَعَ، قَدِ اسْوَدَّ، مُتَدَرِّعٌ بِعَبَاءَةٍ، فَإِذَا خَلا بِأَصْحَابِهِ فَمِنْ أَبْسَطِ النَّاسِ5. مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: نَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أدهم على المنصور

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 385". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 387". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 388". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 6"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 57". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 9".

فَقَالَ: كَيْفَ شَأْنُكُمْ يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، نرقِّع دُنْيَانَا بِتَمْزِيقِ دِينِنَا ... فَلا دِينُنَا يَبْقَى وَلا مَا نرقِّع1 قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَتَمَثَّلُ: لَلُقْمَةٌ بِجَرِيشِ الْمِلْحِ آكُلُهَا ... ألذُّ مِنْ تمرةٍ تُحْشَى بِزَنْبُورِ2 قَالَ خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ يَقُولُ: مَنْ تَعَوَّدَ أَفْخَاذَ النِّسَاءِ لَمْ يُفْلِحْ3. يَحْيَى بْنُ آدَمَ: سَمِعْتُ شَرِيكًا يَقُولُ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ عَمَّا كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَبَكَى، فَنَدِمْتُ عَلَى سُؤَالِي إِيَّاهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ اشْتَغَلَ بِنَفْسِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَمَنْ عَرَفَ رَبَّهُ اشْتَغَلَ بِرَبِّهِ عَنْ غَيْرِهِ4. وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حبُّ لِقَاءِ النَّاسِ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا، وَتَرْكُهُمْ تَرْكُ الدُّنْيَا5. وَقَالَ لِرَجُلٍ: رَوْعَةٌ تَرُوعُكُمْ مِنْ عِيَالِكُمْ أَفْضَلُ مِمَّا أنا فيه6. وعن أبي سليمان الدارانيّ قَالَ: صَلَّى إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلاةً7. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ قَالَ: مَنْ حَمَلَ شَاذَّ الْعَمَلِ حَمَلَ شَرًّا كَبِيرًا8. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ: أَوْصَانَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: اهْرَبُوا مِنَ النَّاسِ كَهَرَبِكُمْ مِنَ السَّبْعِ الضَّارِي، وَلا تخلَّفوا عن الجمعة والجماعة9.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 10"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 193". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 10". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 11". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 15". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 19". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 21". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 22"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق2/ 179". 8 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 27". 9 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 33"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 185".

عَنِ الْمُعَانِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ: شَكَا الثَّوريّ إلى إبراهيم بن أدهم فقال: نشكو إِلَيْكَ مَا يُفْعَلُ بِنَا، وَكَانَ سُفْيَانُ مُخْتَفِيًا فَقَالَ: أَنْتَ شَهَرْتَ نَفْسَكَ بِحَدِّثْنَا وَحَدَّثَنَا1. عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: عَلَى الْقَلْبِ ثَلاثَةُ أَغْطِيَةٍ: الْفَرَحُ، وَالْحُزْنُ، وَالسُّرُورُ فَإِذَا فَرِحْتَ بِالْمَوْجُودِ فَأَنْتَ حَرِيصٌ، وَالْحَرِيصُ مَحْرُومٌ، وَإِذَا حَزِنْتَ عَلَى الْمَفْقُودِ فَأَنْتَ سَاخِطٌ، وَالسَّاخِطُ مُعَذَّبٌ، وَإِذَا سُرِرْتَ بِالْمَدْحِ فَأَنْتَ مُعْجَبٌ، وَالْعَجَبُ يُحْبِطُ الْعَمَلَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23] 2. وَعَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ قَائِلا يَقُولُ لِي: أَيَحْسُنُ بِالْحُرِّ الْمُرِيدِ أَنْ يَتَذَلَّلَ لِلْعَبِيدِ وَهُوَ يَجِدُ عِنْدَ مَوْلاهُ كلّ ما يريد؟ 3. وقال النَّسائي: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ أَحَدُ الزُّهاد، ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيُّ: ثِقَةٌ. وَعَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَابْنُ يُونُسَ الْمِصْرِيُّ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. قُلْتُ: سِيرَتُهُ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ، ثَلاثٌ وَثَلاثُونَ وَرَقَةً، وَهِيَ طَوِيلَةٌ فِي حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ الأَنْصَارِيُّ الأَشْهَلِيُّ4. مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ. يَرْوِي عَنْ: دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ. وَكَانَ صَوَّامًا قَوَّامًا مِنَ الْعَابِدِينَ، لَكِنَّهُ وَاهِي الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 34". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 34". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 36". 4 الطبقات الكبرى "5/ 412"، التاريخ الكبير "1/ 271-272"، الجرح والتعديل "2/ 83"، تهذيب الكمال "2/ 42-44"، تهذيب التهذيب "104-105".

رَوَى عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: يَا يَهُودِيُّ فَاجْلِدُوهُ عِشْرِينَ". قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مُصَلِّيًا عَابِدًا، صَامَ سِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ، قَالَ: وَمَاتَ سَنَةَ خمسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِيمَا قِيلَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ بْنِ شُعْبَةَ1. الإِمَامُ، أَبُو سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيُّ: شَيْخُ خُرَاسَانَ. وُلِدَ بِهَرَاةَ، وَاسْتَوْطَنَ نَيْسَابُورَ، وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ مُدَّةً. وَرَوَى عَنْ: سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبعيّ، وَآدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَحَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ، وَخَلْقٍ حَتَّى كَتَبَ عَنْ أَقْرَانِهِ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَحَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيسابوريّ، وَخَالِدُ بْنُ نِزَارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوَقِيُّ، وَأَبُو همَّام مُحَمَّدُ بْنُ مُحَبَّبٍ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهدي، وَأُمَمٌ سِوَاهُمْ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ: صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ: سَعْدُ بْنُ يَزِيدَ الْفَرَّاءُ -وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ. وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ الأَئِمَّةِ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "تَارِيخِ الثِّقَاتِ": مُشْتَبِهٌ، لَهُ مَدْخَلٌ فِي الثِّقَاتِ، فَإِنَّهُ رَوَى

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 294"، والجرح والتعديل "2/ 107-108"، وتهذيب التهذيب "1/ 129-131".

أَحَادِيثَ مُسْتَقِيمَةً تُشْبِهُ أَحَادِيثَ الأَثْبَاتِ، وَقَدْ تَفَرَّدَ عَنِ الثِّقَاتِ بِأَشْيَاءَ مُعْضِلَةٍ -سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْفَصْلِ بَيْنَ النَّقلة إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْخٍ تَوَقَّفْنَا فِي أَمْرِهِ مِمَّنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الثِّقات وَالضُّعَفَاءِ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ: مَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ صَحِيحُ الْحَدِيثِ، مَا كَانَ بِخُرَاسَانَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شيخان من خراسان ثقتان مرجئانه، أَبُو حَمْزَةَ السكَّريّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ مُرْجِئًا شَدِيدًا عَلَى الْجَهْمِيَّةِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَذُكِرَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا مِنْ عِلَّةٍ، فَجَلَسَ وَقَالَ: لا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ الصَّالِحُونَ فيتَّكأ. قُلْتُ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الإِرْجَاءَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِدْعَةٌ خَفِيفَةٌ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ لَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ رِزْقٌ، وَكَانَ يَسْخُو بِهِ، قَالَ: فَسُئِلَ يَوْمًا عَنْ مَسَأَلَةٍ فِي مَجْلِسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لا أَدْرِي، فَقَالُوا لَهُ: يَأْخُذُ فِي الشَّهْرِ كَذَا وَكَذَا وَلا يُحْسِنُ هَذِهِ! قَالَ: إِنَّمَا آخُذُ عَلَى مَا أُحْسِنُ، وَلَوْ أَخَذْتُ عَلَى مَا لا أُحْسِنُ لَفَنِيَ بَيْتُ الْمَالِ، فَأَعْجَبَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ذَلِكَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ، كَذَا قَالَ، وَإِبْرَاهِيمُ حُجَّةٌ. قَالَ الْحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْكَرَابِيسِيَّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُقَيْلٍ، سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ طَهْمَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، لَقَدْ رَأَى مُحَمَّدٌ ربَّه. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ قِيرَاطٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ طَهْمَانَ يَقُولُ: الْجَهْمِيَّةُ كفَّار، وَالْقَدَرِيَّةُ كُفَّارٌ. قَالَ مَالِكُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْهَرَوِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ.

6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ الْمَدَنِيُّ1. يَرْوِي عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. وَعَنْهُ: أَبُو النَّضر هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْمَدَائِنِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. 7- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ2. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النشتكي، وَأَبُو عَتَّابٍ سَهْلٌ الدَّلالُ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. 8- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْفَضْلِ الْمَخْزُومِيُّ3، أَبُو إِسْحَاقَ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: إِسْرَائِيلَ، وَوَكِيعٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَآخَرُونَ. ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 9- إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ4، أَبُو إِسْحَاقَ الْمَخْزُومِيُّ الْمَكِّيُّ. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَمُسْلِمِ بْنِ ينَّاق، وَابْنِ طَاوُسٍ. وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، وزيد بن الْحُبَابِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَهُوَ أكبر شيخ لأبي حذيفة النَّهديّ.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 298-299"، تهذيب الكمال "2/ 122-123"، وتهذيب التهذيب "1/ 133". 2 التاريخ الكبير "1/ 309"، الجرح والتعديل "2/ 118"، وتهذيب التهذيب "1/ 145". 3 التاريخ الكبير "1/ 311"، الجرح والتعديل "2/ 376"، تهذيب التهذيب "1/ 150-151". 4 الطبقات الكبرى "5/ 495"، التاريخ الكبير "1/ 332-333"، الجرح والتعديل "2/ 140"، تهذيب الكمال "2/ 227-228"، تهذيب التهذيب "1/ 174".

قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ أَوْثَقَ شَيْخٍ بِمَكَّةَ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ حَافِظًا. 10- إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ الْوَعْلانِيُّ1. وَقِيلَ: الْخَوْلانِيُّ الْمِصْرِيُّ، الْفَقِيهُ الْعَابِدُ، أَبُو بَكْرٍ. دَخَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ. وَسَمِعَ مِنْ: نَافِعٍ، والزُّهريّ، وَكَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ. وَعَنْهُ: اللَّيْثُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: غَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ مَعَ مُسْلِمَةَ. ابْنُ وَهْبٍ: عَنِ اللَّيْثِ، عَنْهُ قَالَ: لَقَدْ جَاءَنَا الْقَفْلُ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ تُوُفِّيَ سُلَيْمَانُ، وإني لِأَطْلُبَ الْفَرْقَ مِنَ الطَّعَامِ بِسَبْعِينَ دِينَارًا. قُلْتُ: الْفَرْقُ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ بِالدِّمَشْقِيِّ، وَلَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِ هَذَا الْغَلاءِ أَبَدًا، رَوَاهُ سَعِيدٌ الآدَمِيُّ، وَهُوَ ثقة، وعن ابن وهب. وقد روى ابن المبارك، إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَشِيطٍ، عَنْ رجلٍ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ابْنِ جَزْءٍ، وَهَذَا أَشْبَهُ. مَاتَ إِبْرَاهِيمُ سَنَةَ إِحْدَى، أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْكِنْدِيُّ، أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 11- أُبَيُّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعديّ الْمَدَنِيُّ2. أَخُو عَبْدِ الْمُهَيْمِنِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَزَيْدُ بْنُ الحباب، والواقديّ.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 331-332"، الجرح والتعديل "2/ 141"، تهذيب التهذيب "1/ 175". 2 الطبقات الكبرى "5/ 421"، التاريخ الكبير "2/ 40"، الثقات لابن حبان "4/ 51"، الجرح والتعديل "2/ 290"، تهذيب التهذيب "1/ 186-187".

مَاتَ بَعْدَ السِّتِّينَ وَمِائَةٍ. وُثِّقَ. وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدُّولابيّ: ليس القويّ. وَذَكَرَهُ النَّسائيّ فِي كِبَارِ الضُّعفاء. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَوْرَدَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي كِبَارِ الضُّعفاء، فَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ الأَلْهَانِيِّ السَّكونيّ الْحِمْصِيِّ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا أُبَيٌّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ الاسْتِنْجَاءَ فَقَالَ: "أَلا يَكْفِي أَحَدَكُمْ ثَلاثَةُ أَحْجَارٍ حَجَرَانِ لِلصَّفْحَتَيْنِ، وَحَجَرٌ لِلْمَسْرَبَةِ"1. لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِهَذَا اللَّفْظِ سِوَى أُبَيِّ بْنِ عَبَّاسٍ. 12- أَرْطَأَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ، أَبُو عَدِيٍّ الأَلْهَانِيُّ السَّكوني الْحِمْصِيُّ2. مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، أَدْرَكَ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ. وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ المسيِّب، وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَكَثِيرِ بْنِ مرَّة، وَأَبِي عَامِرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَابِرٍ الألْهَانِيِّ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو الْيَمَانِ. قَالَ ابْنُ حبَّان: ثِقَةٌ، ضَابِطٌ، فَقِيهٌ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: شبَّهت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ بِأَرْطَأَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَقَدْ نَيَّفَ على التسعين فيما أحسب.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه الدارقطني في سننه "150"، والبيهقي في السنن الكبرى "1/ 114"، والعقيلي في الضعفاء "1/ 16-17"، وفيه أبي العباس وهو كما قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتابع عَلَى شيء مِن أحاديثه، وقد ضعفه ابن معين وأحمد وغيرهما كما تقدم ذكره. 2 التاريخ الكبير "2/ 57"، الجرح والتعديل "2/ 326-327"، تهذيب التهذيب "1/ 198".

13- أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ. صَاحِبُ السُّدي1. رَوَى عَنْ: سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ: والسُّدِّيّ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ السَّلوليّ، وَعَمْرٌو الْعَنْقَزِيُّ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهدي وَعَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ الْكُوفِيُّونَ. رَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وليَّنه أَبُو نُعَيْمٍ الْكُوفِيُّ. 14- إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَبُو يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ الْكُوفِيُّ. نَزِيلُ الْبَصْرَةِ2. رَوَى عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القاسم، وابن أبي نجيح، وخالد ابن أَبِي مَالِكٍ، وَيُوسُفَ بْنِ عُبَيْدٍ. رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، وَطَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ مَا لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، وَأَحَادِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ. قُلْتُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا لَيَّنَهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ، وَكَانَ جَارًا لِلْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ بِالْبَصْرَةِ. 15- إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمَدَنِيُّ الأَعْوَرُ3. عَنْ أَبِيهِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَالْقَعْنَبيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. 16- إِسْحَاقُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، أَبُو صَفْوَانَ الْحِمْيَرِيُّ الْحِمْصِيُّ4.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 376"، التاريخ الكبير "2/ 53"، الجرح والتعديل "2/ 332"، تهذيب التهذيب "1/ 211-212". 2 التاريخ الكبير "2/ 378"، الجرح والتعديل "2/ 207"، تهذيب التهذيب "1/ 221-222". 3 التاريخ الكبير "2/ 383"، الجرح والتعديل "2/ 215"، تهذيب التهذيب "1/ 228". 4 الجرح والتعديل "2/ 215".

قِيلَ: وُلّي خَرَاجَ دِمَشْقَ فِي أَوَّلِ دَوْلَةِ الرشيد. روى عن: مكحول، عبد اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيِّ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرائفيّ، وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْحَرَّانِيَّانِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ مَجْهُولٌ. وَضَعَّفَهُ أبو أحمد الحاكم. 17- إسحاق بن حازم -ح- مهملة، ويقال: ابن أبي حازم المدنيّ1. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَمَعْنٌ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ المعين. 18- إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَشْدَقِ2 عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيُّ. الْمَدَنِيُّ، ثُمَّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ وَأَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَسْعُودِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 19- إِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مليكة3. يروي عن: قريبه ابن أبي مُلَيْكَةَ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ مُوسَى، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهريّ. خَرَّجَ لَهُ ابن ماجه حديثًا في دعاء الصائم4.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 385"، الجرح والتعديل "2/ 216"، تهذيب التهذيب "1/ 75". 2 الطبقات الكبرى "6/ 362"، التاريخ الكبير "1/ 391"، الجرح والتعديل "2/ 220"، تهذيب التهذيب "1/ 233-234". 3 التاريخ الكبير "1/ 398"، الجرح والتعديل "2/ 228-229"، تهذيب التهذيب "1/ 243". 4 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "1753"، والحاكم في المستدرك "1/ 422"، وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "921".

20- إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ التَّيميّ الْمَدَنِيُّ1. رَأَى السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، وَسَمِعَ مِنْ: عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ، وَابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَوَكِيعٌ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ. يكنَّى: أَبَا مُحَمَّدٍ. ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَقَالَ النَّسائي: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عَلِيٌّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْهُ فَقَالَ: ذَاكَ شِبْهٌ لا شَيْءَ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ يَتَكَلَّمُونَ فِي حِفْظِهِ، وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ: مَاتَ سَنَةَ أربعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 21- إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ2 بْن أَبِي إسحاق عَمْرو بْن عَبْد الله الْهَمْدَانِيُّ. السَّبيعيّ الْكُوفِيُّ الْحَافِظُ، أَبُو يُوسُفَ. وُلِدَ سَنَةَ مِائَةٍ، وَسَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَإِسْحَاقَ بْنِ حَرْبٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَطَبَقَتِهِمْ، وَأَكْثَرَ عَنْ جَدِّهِ، وَهُوَ ثَبْتٌ فِيهِ. رَوَى عَنْهُ: وَكِيعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. رَوَى حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: إِسْرَائِيلُ ثِقَةٌ، وَجَعَلَ يَعْجَبُ مِنْ حِفْظِهِ. وَسُئِلَ أَبُو نُعَيْمٍ: أَيُّهُمَا أَثْبَتُ: إِسْرَائِيلُ، أَوْ أَبُو عَوَانَةَ؟ قال: إسرائيل.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 406"، الجرح والتعديل "2/ 236"، تهذيب التهذيب "2/ 254-255". 2 الطبقات الكبرى "6/ 374"، التاريخ الكبير "2/ 56"، الجرح والتعديل "2/ 330-331"، تهذيب التهذيب "1/ 261-265".

وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ، وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْ شَيْبَانَ فِي أَبِي إِسْحَاقَ، وَكَذَا وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَضْعِفُهُ، وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لا يُحَدِّثُ عَنْ إِسْرَائِيلَ وَكَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: إِسْرَائِيلُ فَوْقَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: إِسْرَائِيلُ صَالِحُ الْحَدِيثِ. قَالَ غُنْجَارُ فِي تَارِيخِهِ: ثَنَا أبو حفص أحمد بن أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ، ثَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ، ثَنَا السَّريّ بْنُ عَبَّادٍ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ شَقِيقٍ الْبَلْخِيُّ، الزَّاهِدُ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لقيت العلماء وَأَخَذْتُ مِنْ آدَابِهِمْ، لَقِيتُ سُفْيَانَ الثَّوريَّ فَأَخَذْتُ لِبَاسَ الدُّون مِنْهُ، رَأَيْتُ عَلَيْهِ إزارًا قدر أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وَأَخَذْتُ الْخُشُوعَ مِنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، كُنَّا جُلُوسًا حَوْلَهُ لا يَعْرِفُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَلا مَنْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ تفكُّر الآخِرَةِ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ لَيْسَ بينه بين الدُّنْيَا عَمَلٌ، وَأَخَذْتُ قَصْدَ الْمَعِيشَةِ مِنْ وَرْقَاءَ بْنِ عُمَرَ، طَلَبْنَا مِنْهُ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: بِشَرْطِ أَنْ نَتَغَدَّى وَنَتَعَشَّى عِنْدَهُ، فَكَانَ يُقَدِّمُ إلينا خبر الشَّعِيرِ وَإِدَامَ الْخَلِّ وَالزَّيْتِ فَقَالَ: هَذَا لِمَنْ يَطْلُبُ الْفِرْدَوْسَ وَيَهْرُبُ مِنَ النَّارِ، وَأَخَذْتُ الزُّهد مِنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ، طَلَبْتُ مِنْهُ كِتَابَ الزُّهْدِ فَقَالَ: اللَّهم اجْعَلْهُ مِنَ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا، فَرَجَوْتُ بَرَكَةَ دُعَائِهِ، وَدَخَلْتُ مَنْزِلَهُ فَإِذَا قدورًا تَغْلِي بَيْنَ حَامِضٍ وَحُلْوٍ، فَأَنْكَرْتُ فَقَالَ لِي خَادِمُهُ: لا عَلَيْكَ يَا خُرَاسَانِيُّ، إِنَّهُ لَمْ يأكل منه سَبْعِ سِنِينَ لَحْمًا، وَإِنَّهُ لَيَتَّخِذُ كلَّ يومٍ تِسْعَ قُدُورٍ يُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ وَالْمَرْضَى وَمَنْ لا حِيلَةَ لَهُ، وَأَخَذْتُ التَّعَاوُنَ والتَّوكل مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، كُنَّا عِنْدَهُ فِي رَمَضَانَ، فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ سَلَّةُ تِينٍ، فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى مَسَاكِينَ، فَقُلْنَا: لَوْ تَدَعُ لَنَا شَيْئًا، قَالَ: أَلَسْتُمْ صوَّام؟، قُلْنا: بَلَى، قَالَ: لَيْسَ لَكُمْ عِيَالٌ، لَيْسَ لَكُمْ رَوْعَةٌ، أَمَا تَخَافُونَ اللَّهَ لِطُولِ أَمَلِكُمْ إِلَى الْعَشَاءِ وَسُوءِ ظَنِّكُمْ بِاللَّهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ، ثُمَّ قَالَ: ثِقُوا بِاللَّهِ، أَحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللَّهِ. وَأَخَذْتُ الْحَلالَ وَتَرْكَ الشُّبه مِنْ وُهَيْبٍ الْمَكِّيِّ، قَالَ: مُذْ خَرَجَ السُّودان فَإِنِّي لَمْ آكُلْ مِنْ فَوَاكِهِ مَكَّةَ، فَقِيلَ لَهُ: فَإِنَّكَ تَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ مِصْرَ وَهُوَ خَبِيثٌ! قَالَ: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَنْ لا آكُلَ طَعَامًا حَتَّى تَحِلَّ لِي الْمَيْتَةُ، فَكَانَ يجوِّع نَفْسَهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَخْشَى ضعف

الْعِبَادَةِ وَإِلا مَا أَكَلْتُهُ، اللَّهُمَّ مَا كَانَ فيه من خبيث فلا تؤاخذني بِهِ، ثُمَّ يَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَيَأْكُلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ. قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ أَرْبَابُ الْكُتُبِ الصِّحاح، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا صَالِحًا خَاشِعًا مِنْ أَوْعِيَةِ الْحَدِيثِ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى. قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوريّ: ثَنَا حُجَيْنُ بن المثنَّنى قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا إِسْرَائِيلُ بَغْدَادَ فَقَعَدَ فَوْقَ بَيْتٍ، وَقَامَ رَجُلٌ وَالنَّاسُ قَدِ اجْتَمَعُوا، فَأَخَذَ دَفْتَرًا، فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ مِنَ الدَّفْتَرِ حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَامَّتِهِ، وَالنَّاسُ قُعُودٌ لا يَنْظُرُونَ فِيهِ، فَقَامَ الشَّيْخُ وَقَعَدَ النَّاسُ فَكَتَبُوهُ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: إِسْرَائِيلُ كَانَ يَحْيَى بْنُ سعيد لا يرضاه، وكان ابْنُ مَهْدِيٍّ يَرْضَاهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ يَحْيَى لا يُحَدِّثُ عَنْ إِسْرَائِيلَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: كُنَّا نَكْتُبُ عِنْدَهُ مِنْ حِفْظِهِ. فقال ابن المدينيّ: سمعت ابن مهديّ قَالَ: قَالَ لِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ أخي إسرائيل: أحفظ حديث أبي إسحاق كما احْفَظِ السُّورة مِنَ الْقُرْآنِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ السَّدوسيّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الحرَّانيّ، سمعت عيس بْنَ يُونُسَ يَقُولُ: كَانَ أَصْحَابُنَا سُفْيَانُ، وَشَرِيكٌ، وغيرهم، وما إِذَا اخْتَلَفُوا فِي حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ يَأْتُونَ أَبِي فَيَقُولُ: اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي إِسْرَائِيلَ، فَهُوَ أَرْوَى عَنْهُ مِنِّي وَأَتْقَنُ لَهَا، وَكَانَ قَائِدَ جَدِّهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِسْرَائِيلُ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنْ شَرِيكٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: إِسْرَائِيلُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثِقَةٌ صَدُوقٌ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلا السَّاقِطِ، فَقَالَ: مُرَّةُ، فِي حَدِيثِهِ لِينٌ. 22- إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ: عَائِشَةَ بنت سعيد بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَنَافِعٍ، والزُّهريّ، وَعَمِّهِ مُوسَى بن عقبة.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 418-419"، التاريخ الكبير "1/ 341"، والجرح والتعديل "2/ 152"، ميزان الاعتدال "1/ 215"، تهذيب التهذيب "1/ 272-273".

وَعَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 23- إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ أَخُو مُوسَى. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، والثَّوريّ، وَحَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ. شَيْخٌ صَدُوقٌ. توفّي سنة 169. 24- إسماعيل بن خليفة2، أبو هاني الْكُوفِيُّ. مِنْ مَوَالِي سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْخَزْرَجِيِّ. وَلاهُ الْمَنْصُورُ قَضَاءَ إِصْبَهَانَ. يَرْوِي عَنْ: إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَمُجَالِدٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَعَنْهُ: عَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بن أيوب، وولده سعيد بن أبي هاني. وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الأَصْبَهَانِيِّ. مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. فَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيفَةَ، أَبُو إِسْرَائِيلَ الْمُلائِيُّ، فَيَأْتِي بِكُنْيَتِهِ. 25- إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكَحَّالُ3 بَصْرِيٌّ حَسَنُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ الْخُزَاعِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صالح.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 339"، الجرح والتعديل "2/ 151"، تهذيب التهذيب "1/ 272". 2 الجرح والتعديل "2/ 167"، والثقات لابن حبان "8/ 96". 3 التاريخ الكبير "1/ 358"، والجرح والتعديل "2/ 177"، تهذيب التهذيب "1/ 304".

26- أَشْرَسُ أَبُو شَيْبَانَ1. بَصْرِيٌّ عَنِ: الْحَسَنِ، وَثَابِتٍ البنانيّ. وعنه: يزيد بْن هارون، وعُبَيْد الله بْنُ مُوسَى، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي تَارِيخِ الثِّقَاتِ. 27- أَشْعَثُ بْنُ بَرَازٍ السَّعْدِيُّ الْهُجيْمِيُّ2. بصريٌّ واهٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو عَوْنٍ الزِّيَادِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي سُوَيْدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَاضِي المصِّيصة، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ الْفلاسُ: ضَعِيفٌ جِدًّا، وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. مُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ الزِّيَادِيُّ: ثَنَا أَشْعَثُ بْنُ بَرَازٍ، عَنْ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا حَدَّثْتُمْ عَنِّي حَدِيثًا فَوَافَقَ الحقَّ، فَخُذُوا بِهِ"3، هَذَا مُنْكَرٌ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي هَذَا شَيْءٌ. وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ بَرَازٍ الْهُجَيْمِيِّ: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ. وَقَدْ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 28- أَشْعَثُ بْنُ سَعِيدٍ4، أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَعَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ الله، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 42"، الجرح والتعديل "2/ 322"، الثقات لابن حبان "6/ 81". 2 التاريخ الكبير "1/ 428"، الجرح والتعديل "2/ 269-270"، وميزان الاعتدال "1/ 262-263"، المجروحين لابن حبان "1/ 173". 3 حديث منكر: أخرجه العقيلي في الضعفاء "1/ 33"، والبزار كما في المجمع "1/ 150"، وقال الهيثمي: وفيه أشعث بن براز ولم أر من ذكره. 4 التاريخ الكبير "1/ 430"، الجرح والتعديل "2/ 272"، تهذيب التهذيب "1/ 351-352".

وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَكَامِلُ الْجَحْدَرِيُّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ مُسْلِمٌ: كَانَ يَكْذِبُ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْحَافِظِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ الدَّارقطنيّ: مَتْرُوكٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ: مُضْطَرِبٌ، لَيْسَ حَدِيثُهُ بِذَاكَ. وَمِنْ مَنَاكِيرِ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: نَبَاتُ الشَّعْرِ فِي الأَنْفِ أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ1. 29- أَعْيَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ2، أَبُو حَفْصٍ الْعُقَيْلِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنِ الْحَسَنِ، وَأَبِي أَبْلَحَ الْهُذَلِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وأميَّة بْنُ خَالِدٍ. قَالَ الْفلاسُ: هُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي عُقَيْلٍ. 30- أُنَيْسُ بْنُ خَالِدٍ التَّميمّي السَّعديّ3. عَنْ: عَطَاءٍ، وَمُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، وَالْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، وَجَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَأَحْمَدُ بْنُ يونس. قال البخاريّ ليس بذاك، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فِي حَدِيثِهِ شَيْءٌ. 31- أَيُّوبُ بْنُ خَوْطٍ4، أَبُو أُمَيَّةَ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: يَزِيدَ الرَّقاشيّ، وَقَتَادَةَ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ. وَعَنْهُ: حَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيسابوريّ، وَغُنْجَارُ الْبُخَارِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَجَمَاعَةٌ.

_ 1 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 168-169"، وذكره الشيخ الألباني في ضعيف الجامع "5954"، وقال: موضوع. 2 التاريخ الكبير "2/ 54"، الجرح والتعديل "2/ 325"، الثقات لابن حبان "6/ 82". 3 التاريخ الكبير "2/ 43"، الجرح والتعديل "2/ 335"، ميزان الاعتدال "1/ 277". 4 التاريخ الكبير "1/ 414"، الجرح والتعديل "2/ 241"، ميزان الاعتدال "1/ 286".

قَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ، وَقَالَ حَسَنُ بْنُ عِيسَى: تَرَكَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَيُّوبَ بْنَ خَوْطٍ، وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 32- أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ. قَدْ ذُكِرَ، وَسَيُذْكَرُ، قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 33- أَيُّوبُ بْنُ محمد1 العلجيّ، أَبُو الْجَمَلِ الْيَمَامِيُّ. عَنْ: يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَقَيْسِ بْنِ طَلْقٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، وَسَهْلُ بْنُ بكارُ، وَصَيْفِيُّ بْنُ رِبْعِيٍّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا شَيْءَ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 34- أَيُّوبُ بْنُ نَهِيكٍ الْحَلَبِيُّ2. عَنِ: الشَّعبي، وَمُجَاهِدٍ، وَعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وأُبو قَتَادَةَ الْحَرَّانِيُّ، وَيَحْيَى الْبَابْلُتِّيُّ. وَامْتَنَعَ أُبو زُرْعَةَ مِنْ رِوَايَةِ حَدِيثِهِ تورُّعًا، وَقَالَ أُبو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ. "حرف الْبَاءِ": 35- بَزِيعٌ، أُبو الْهَيْثَمِ الْمَرْوَزِيُّ3. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي تَارِيخِ الثَّقات. فَقَالَ: يَرْوِي عَنْ: أَبِي مِجْلَزٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، وَعِيسَى غُنْجَارُ. 36- بشار بن برد4. البصري، أبو معاذ الأعمى، الشاعر البليغ المقدَّم على شعراء المحدثين، فإنه قَالَ. ثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ بَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ الْجَيِّدِ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ وَأَقَامَ بِهَا ومدح الكبار، وهو من

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 423"، الجرح والتعديل "2/ 257"، ميزان الاعتدال "1/ 292". 2 التاريخ الكبير "1/ 425"، الجرح والتعديل "2/ 259"، ميزان الاعتدال "1/ 294". 3 التاريخ الكبير "2/ 130-131"، الجرح والتعديل "2/ 420"، الثقات لابن حبان "6/ 113". 4 سير أعلام النبلاء "7/ 24-25"، الأغاني "3/ 135، 250".

مَوَالِي بَنِي عُقَيْلٍ، وَيُلَقَّبُ بالمرعَّث؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ فِي أُذُنِهِ وَهُوَ صَغِيرٌ رَعَاثًا، والرَّعاث: الْحَلَقُ، وَاحِدُهَا رَعْثَةٌ، وَقِيلَ فِي مَعْنَى لَقَبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَدْ وُلِدَ أَعْمَى، وَقَالَ الشِّعْرَ وَلَمْ يَبْلُغْ عَشْرَ سِنِينَ. وَعَنْ أَبِي تمُام الطَّائِيِّ قَالَ: أَشْعَرُ النَّاسِ بَعْدَ الطَّبَقَةِ الأُولَى: بَشَّارٌ، والسُيد الْحِمْيَرِيُّ، وَأَبُو نُوَاسٍ، وَبَعْدَهُمْ: مُسْلِمُ بْنُ الْوَلِيدِ. وَلِبَشَّارٍ: يَا طَلَلَ الحيِّ بِذَاتِ الصَّمد ... بِاللَّهِ خبِّر كَيْفَ كُنْتَ بَعْدِي بَدَتْ بخدٍّ وَجَلَتْ عَنْ خدِّ ... ثمَّ انْثَنَتْ بِالنَّفَسِ المرتدِّ وَصَاحِبٍ كالدُّمَّل الممدِّ ... حَمَلْتُهُ فِي رُقْعَةٍ مِنْ جِلْدِي حَتَّى اغْتَدَى غَيْرَ فَقِيدِ الْفَقْدِ ... وَمَا دَرَى مَا رَغْبَتِي مِنْ زُهْدِي الحرُّ يُلْحَى وَالْعَصَا لِلْعَبْدِ ... وَلَيْسَ لِلْمُلْحِفِ مِثْلُ الرَّدّ اسْلَمْ وحيِّيت أَبَا الملدِّ ... مِفْتَاحَ بَابِ الْحَدَثِ المنسدِّ لِلَّهِ أَيَّامُكَ فِي مَعَدِّ ... وَفِي بَنِي قَحْطَانَ غَيْرَ عدِّ وَهِيَ طَوِيلَةٌ. وَمِنْ شِعْرِهِ: إِذَا كُنْتَ فِي كُلِّ الأُمُورِ مُعَاتِبًا ... خَلِيلَكَ لم تلق الّذي لا تُعَاتِبُهْ فَعِشْ وَاحِدًا أَوْ صِلْ أَخَاكَ فإنِّه ... مُقَارِفُ ذَنْبٍ مرَّةً وَمُجَانِبُهْ إِذَا أنْتَ لَمْ تَشْرَبْ مِرَارًا عَلَى الْقَذَى ... ظَمِئْتَ، وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ؟ وَقَدْ سَأَلَ أَبُو حَاتِمٍ السَّجستانيّ أَبَا عُبَيْدَةَ: أَمَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ أشْعَرُ، أَمْ بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ؟ فَقَالَ: حَكَمَ بَشَّارٌ لِنَفْسِهِ بِالاسْتِظْهَارِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ ثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفَ بيت جيّد، ولا يكون لشاعر هذا العد لا في الجاهلية ولا الإسلام، ومروان أمدح للمولك. ولبشَّار: خليليّ ما بال الدُّجى لا يُزحْزَحُ ... وَمَا بَالُ ضَوْءِ الصُّبح لا يتوضَّح أَضَلَّ الصَّبَاحُ الْمُسْتَنِيرُ طَرِيقَهُ ... أَمِ الدَّهر لَيْلٌ كُلُّهُ لَيْسَ يَبْرَحُ

وَقَدْ سَاقَ صَاحِبُ الأَغَانِي لِبَشَّارٍ ستَّةً وَعِشْرِينَ جَدًّا كُلُّهُمْ أَعَاجِمُ، وَأَسْمَاؤُهُمْ فَارِسِيَّةٌ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ من طخارستان من سبي الملَّهب بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، فَوُلِدَ بشَّار عَلَى الرِّقّ فَأَعْتَقَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ. وَكَانَ جَاحِظَ الْحَدَقَتَيْنِ، قَدْ يَغْشَاهُمَا لَحْمٌ أَحْمَرُ، وَكَانَ عَظِيمَ الْخِلْقَةِ. وَيُقَالُ: أَنَّهُ مَدَحَ المهديَّ فَاتَّهَمَهُ بالزَّندقة، وَمَا هُوَ مِنْهَا بِبَعِيدٍ، فَأَمَرَ بِهِ، فَضُرِبَ سبعين سوطًا، فمات منها. ويقال عنه: إنّه كان يُفَضِّلُ النَّارَ، ويصوِّب رَأْيَ إِبْلِيسَ فِي امْتَنَاعِهِ مِنَ السُّجُودِ، وَيَقُولُ شِعْرًا: الأَرْضُ مُظْلِمَةٌ وَالنَّارُ مُشْرِقَةٌ ... وَالنَّارُ مَعْبُودَةٌ مُذْ كَانَتِ النَّارُ وَهُوَ الْقَائِلُ: هَلْ تَعْلَمِينَ وَرَاءَ الْحُبِّ مَنْزِلَةً ... تُدْنِي إِلَيْكِ فَإِنَّ الحبَّ أَقْصَانِي وَلَهُ: أَنَا وَاللَّهِ أَشْتَهِي سِحْرَ عَيْنَيْكِ ... وَأَخْشَى مَصَارِعَ الْعُشَّاقِ وَلَهُ: يَا قَوْمُ أُذُنِي لِبَعْضِ الحيِّ عَاشِقَةٌ ... وَالأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْلَ الْعَيْنِ أَحْيَانًا وَلِأَبِي هِشَامٍ الْبَاهِلِيِّ، وَكَتَبَهَا عَلَى قَبْرِ حَمَّادٍ عَجْرَدٍ، وَبَشَّارٍ: قَدْ تبع الأعمى قفا عجردٍ ... فأصبحا جارين في دار صارا جَمِيعًا فِي يَدَيْ مَالِكٍ ... فِي النَّارِ، وَالْكَافِرُ في النار قيل: إنّ بشّار قُتِلَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَأَخْبَارُهُ تَامَّةٌ فِي كِتَابِ الأَغَانِي. 37- بَكْرُ بْنُ الأَسْوَدِ أَبُو عُبَيْدَةَ النَّاجِيُّ الْبَصْرِيُّ1. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَنْهُ: وكيع، وهلال بن فيّاض، وغيرهما.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 87"، والجرح والتعديل "2/ 382"، ميزان الاعتدال "1/ 342-343".

رَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ آخَرُ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: غَلَبَ عَلَيْهِ التقشُّف وَالْعِبَادَةُ فَغَفَلَ عَنِ الْحَدِيثِ حَتَّى غَلَبَ عَلَى حَدِيثِهِ الْمُعْضِلاتُ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا آدَمُ بْنُ مُوسَى، سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ كَذَّابٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ. قَالَ: أَبُو عُبَيْدَةَ النَّاجِيُّ: الَّذِي يَرْوِي الْمَوَاعِظَ بَكْرُ بْنُ الأَسْوَدِ، كَذَّابٌ. 38- بَكْرُ بْنُ الْحَكَمِ، أَبُو بِشْرٍ الْمُزَلِّقُ الْيَرْبُوعِيُّ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ. وَعَنْهُ: أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، وَحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 39- بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ الْكُوفِيُّ الْعَابِدُ2. روى عن: أبيه، وثابت النبانّي، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَإِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو النَّضر هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، وَمَعْرُوفٌ الْكَرْخِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَوَلَدَاهُ حَبِيبٌ، وَعَبْدُ القدُّوس ابْنَا بَكْرٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ عُبَيْدُ بْنُ هِشَامٍ الْحَلَبِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ غَرًّا صَالِحًا، وَقَالَ الدارقطنيُّ، وَغَيْرُهُ: متروك الحديث. وروى عباس، عن ابن معين: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الْفلاسُ: ثَنَا يَحْيَى، عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. رَوَى مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "من أَتَى شَيْئًا مِنَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ فَقَدْ كفر" 3. رواه

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 788، 789"، الجرح والتعديل "2/ 383"، تهذيب التهذيب "1/ 480". 2 التاريخ الكبير "2/ 89"، الجرح والتعديل "2/ 384"، تهذيب التهذيب "1/ 481-482". 3 "حديث صحيح لغيره": أخرجه الطبراني في الأوسط "9/ 78"، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد "4/ 299"، أخرجه الطبراني ورجاله ثقات: وصححه الشيخ الباني فلي صحيح الترغيب والترهيب "3580".

الثَّوريّ، وَمَعْمَرٌ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ لَيْثٍ، فَلَمْ يَرْفَعْهُ. قَالَ الْخَطِيبُ: نَزَلَ بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ بغْدَادَ، قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَوْصُوفٌ بِالْعِبَادَةِ. 40- بُكَيْرُ بْنُ شِهَابٍ الدَّامَغَانِيُّ، أَبُو الْحَسَنِ الْحَنْظَلِيُّ1. يَرْوِي عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو طَيْبَةَ الْجُرْجَانِيُّ، وَرَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ الْعَسْقَلانِيُّ، وَأَبُو شَيْبَةَ شَيْخُ أَسْلَمَ بْنِ سَالِمٍ الْبَلْخِيِّ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، لَمْ أَجِدْ لَهُمْ فِيهِ كَلامًا، قُلْتُ: أَمَّا. 41- بُكَيْرُ بْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ2، فَقَدِيمٍ، عِرَاقِيٌّ صَدُوقٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الدَّامَغَانِيُّ. 42- بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ الدَّامَغَانِيُّ3، أَبُو مُعَاذٍ المفسِّر الْقَاضِي، قَاضِي نَيْسَابُورَ، سَكَنَ دِمَشْقَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي الزُّبير الْمَكِّيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حيان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبي حنيفة، وعبد الكريم بن أبي المخارق. وعنه: الوليد بن مسلم، ومروان بن محمد، وهشام بن عبيد الله الرزايّ، وعبد الله بن عثمان عبدان، وحفص ابن عبد الله السُّلميّ، ونوح بن ميمون، وحماد بن قيراط، ورآه هشام بن عمار. قال جعفر الفريابيّ: سمعت هشامًا يقول: قدم علينا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ وَلَمْ أَكْتُبْ ذَلِكَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَكَنَاهُ النَّسائّي أَبَا مُعَاذٍ وَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وقال أحمد ابن أَبِي الْحَوَارِيِّ: ثَنَا مَرْوَانُ، ثَنَا بُكَيْرُ بْنُ معروف، وكان ثقة.

_ 1 الجرح والتعدبل "2/ 404"، وتهذيب الكمال "4/ 239"، وميزان الاعتدال "1/ 349-350"، وتهذيب التهذيب "1/ 490". 2 التاريخ الكبير "2/ 114-115"، الجرح والتعديل "2/ 404". 3 التاريخ الكبير "2/ 117"، والجرح والتعديل "2/ 406-407"، والثقات لابن حبان "8/ 151"، وتهذيب الكمال "4/ 252-254"، وميزان الاعتدال "1/ 351"، وتهذيب التهذيب "1/ 495-496".

وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس بِهِ، مَا حَدِيثُهُ بِالْمُنْكَرِ جِدًّا، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَيُرْوَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: خرَّج لَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ مَا رَوَاهُ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] قَالَ: هُوَ عَلَى الْعَرْشِ وَعِلْمُهُ مَعَهُمْ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: بَلَغَنِي مَوْتُهُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الثاء": 43- ثابت بن قيس1 -د. س- أبو الغصن الغفاريّ، مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ. مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، لَهُ عَنْ: أَنَسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ المسيِّب، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ يَحْيَى بن معين، والنّسانيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَأَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ مَرَّةً: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِذَاكَ، هُوَ صَالِحٌ، هَذِهِ رِوَايَةُ عَبَّاسٍ الدُّوريّ، عَنْهُ. قُلْتُ: أَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أنّ أبا الغصن هذا أَبُو الْغُصْنِ جُحَا. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَاشَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مِائَةً وَخَمْسَ سِنِينَ، وَمَاتَ سنة ثمانٍ وستّين ومائة. 44- ثابت بن زيد الأَحْوَلُ2. الْحَافِظُ، أَبُو زَيْدٍ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَاصِمٍ الأحول، وهلال بن خبّاب، وطبقتهما.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 167"، الجرح والتعديل "2/ 456"، والثقات لابن حبان "4/ 90"، تهذيب الكمال "4/ 373-374"، وتهذيب التهذيب "2/ 13-14". 2 التاريخ الكبير "2/ 172"، والجرح والتعديل "2/ 460"، والثقات لابن حبان "6/ 132"، وتهذيب التهذيب "2/ 18".

وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَفَّانُ، وَغَارِمٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكيّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٌ: ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْجِيمِ": 45- جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رِفَاعَةَ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ1. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَزْدِيٌّ، سَكَنَ الْمَوْصِلَ. وَحَدَّثَ عَنْ: مُجَاهِدٍ، وَعَامِرٍ الشَّعبيّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَحَمَّادٍ الْفَقِيهِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، والطَّيالسيّ، وَعَفَّانُ، وَالْمُعَافَى بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْحَافِظُ: رَأَيْتُهُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رِفَاعَةَ، مَوْصِلِيٌّ يَرْوِي عَنْ مُجَاهِدٍ. قُلْتُ لَهُ: فِي كِتَابِ النَّسائيّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ صَدُوقٌ، بَقِيَ إِلَى حُدُودِ السَّبْعِينَ وَمِائَةٍ. 46- جَرِيرُ بْنُ حَازِمِ بْنِ يَزِيدَ الأَزْدِيُّ الْعَتَكِيُّ2. مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ الْحَافِظُ، أَبُو النَّضْرِ، أَخُو يَزِيدَ، وَمَخْلَدٍ. رَأَى بِمَكَّةَ لَمَّا حَجَّ أَبَا الطُّفيل، وَلَمْ يسمع منه، وشهد جنازته.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 210"، والجرح والتعديل "2/ 498"، والثقات لابن حبان "6/ 142"، تهذيب التهذيب "2/ 51". 2 الطبقات الكبرى "7/ 278"، التاريخ الكبير "2/ 213-214"، الجرح والتعديل "2/ 404-505"، الثقات لابن حبان "6/ 144"، تهذيب الكمال "4/ 524-531"، وسير أعلام النبلاء "7/ 98-103"، التهذيب "2/ 69-72".

وَرَوَى عَنْ: عَمِّهِ جَرِيرِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَطَاوُسٍ، وَعَطَاءٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَنَافِعٍ، وَجَمِيلِ بْنِ هِلالٍ، وَقَتَادَةَ، وَأَيُّوبَ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَشَيْخُهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، والسُّفيانان، وَابْنُ وَهْبٍ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهرانيّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَرَحَلَ فِي الشَّيْخُوخَةِ إِلَى مِصْرَ فَسَمِعَ بِهَا وَأَسْمَعَ. قَالَ وَهْبٌ: قرأ أبي عَلَى أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ أَفْصَحُ مِنْ مَعَدٍّ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: هُوَ أَوْثَقُ عِنْدِي مِنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ. قُلْتُ: قَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ وَلَكِنَّهُ تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَحَجَبَهُ ابْنُهُ وَهْبٌ، فَمَا سَمِعَ مِنْهُ أَحَدٌ فِي اخْتِلاطِهِ، وَلَهُ أَحَادِيثُ يَنْفَرِدُ بِهَا فِيهَا نَكَارَةٌ وَغَرَابَةٌ، وَلِهَذَا يَقُولُ البخاريّ: ربمّا يهمّ. وقال ابن المعين: هو قَتَادَةَ ضَعِيفٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ: أَخْطَأَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: "كَانَتْ قَبَّعَةُ سَيْفِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَمٌ مِنْ فِضَّةٍ"1 إِنَّمَا صَوَابُهُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ مُرْسَلا. قَالَ الْمَيْمُونِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: كَانَ حَدِيثُ جَرِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ غَيْرَ حَدِيثِ النَّاسِ، يُوقِفُ أَشْيَاءَ وَيُسْنِدُ أَشْيَاءَ، ثُمَّ أَثْنَى أَحْمَدُ عَلَيْهِ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ: صَاحِبُ سنَّة وَفَضْلٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيالسيّ: كَانَ جَرِيرٌ إِذَا قَدِمَ قَالَ شُعْبَةُ: قَدْ جَاءَكُمْ هَذَا الْحَشَوِيُّ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الذَّارِعُ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَعَبْدُ الوهاب الثقفيّ تغيّرا، فحجب الناس عنهما.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "2583، 2584، 2585"، والترمذي "1691"، والنسائي "5389"، والدارمي "2457"، والبيهقي في السنن الكبرى "4/ 143"، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء "3/ 306".

وَقَالَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ ذَهَبَ إِلَى جَرِيرٍ يَعُودُهُ فِي اخْتِلاطِهِ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ، قَالَ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. فَقَالَ: ابْنُ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سألت يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَهُوَ عَنْ قَتَادَةَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ يَقُولُ فِي حَدِيثِ الضَّبع، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ، ثُمَّ جَعَلَهُ بَعْدُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: اخْتَلَطَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ بَنُوهُ حَجَبُوهُ، فَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي اخْتِلاطِهِ. وَعَنْ جَرِيرٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ لِي خَمْسُ سِنِينَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: مَا رَأَيْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ يُعَظِّمُ أَحَدًا مَا يُعَظِّمُ جَرِيرَ بْنَ حَازِمٍ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ: كَانَ شُعْبَةُ يَأْتِي أَبِي يَسْأَلُهُ. وَرَوَى وَهْبٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى الْحَسَنِ سَبْعَ سِنِينَ، لَمْ أَخْرِمْ مِنْهَا يَوْمًا وَاحِدًا. قُلْتُ: قَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ، وَمَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 47- جَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ الأَحْمَرُ الْكُوفِيُّ1. عَنْ: مَنْصُورٍ، وَمُغِيرَةَ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَبَيَانِ بْنِ بشر، وعدّة. وعنه: ابن مهديّ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ، وَيَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْحَرِيرِيُّ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: صَدُوقٌ، وَقِيلَ: كَانَ مِنْ صَالِحِي الشِّيعَةِ، وَقَدْ سجنه المنصور مدّة.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 383"، التاريخ الكبير "2/ 192"، الجرح والتعديل "2/ 480"، تهذيب التهذيب "2/ 92-93".

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي النَّفْسِ مِنْهُ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: مَائِلٌ عَنِ الطَّرِيقِ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 48- جَعْفَرُ بْنُ كَيْسَانَ الْعَدَوِيُّ البصريّ، أبو مَعُروفٍ الْمُؤَذِّنُ1. عَنْ: مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُسْلِمٌ، وَحَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 49- جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبير بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ2. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 50- جُمَيْعُ من ثُوَّبٍ السُّلميّ الرَّحبي الْحِمْصِيُّ3. أَحَدُ الضُّعَفَاءِ. عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَحَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَيَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْخَبَائِرِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقِيلَ فِيهِ: جُمَيْعٌ، بالضّمّ.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 198"، الجرح والتعديل "2/ 486"، الثقات لابن حبان "6/ 138". 2 التاريخ الكبير "2/ 189-190"، الجرح والتعديل "2/ 487"، ميزان الاعتدال "1/ 416". 3 التاريخ الكبير "2/ 243"، الجرح والتعديل "2/ 550-551"، ميزان الاعتدال "1/ 422".

51- جُوَيْرِيَةُ بْنُ بَشِيرٍ الْهُجَيْمِيُّ1. سَمِعَ الْحَسَنَ، وَغَيْرَهُ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَمُسْلِمٌ، والتَّبوذكيّ، وَعَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللاحِقِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 52- جَمِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الطَّائِيُّ2، أَبُو النَّضر الْبَصْرِيُّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. وَلَيْسَ هَذَا بِجَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ. "حرف الْحَاءِ": 53- الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ3، أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجود، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى التَّبوذكيّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعُشِّيُّ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 54- حبَّان بْنُ يَسَارٍ4، أَبُو رَوْحٍ الْكِلابِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلابِيُّ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهدي، وأبو سلمة التَّبوذكي، وآخرون.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 531"، الثقات لابن حبان "6/ 153". 2 التاريخ الكبير "2/ 216"، الجرح والتعديل "2/ 519"، الثقات لابن حبان "6/ 147". 3 التاريخ الكبير "2/ 84"، الجرح والتعديل "3/ 91-92"، تهذيب التهذيب "2/ 158-159". 4 التاريخ الكبير "3/ 85-88"، الجرح والتعديل "3/ 270"، الثقات لابن حبان "6/ 239"، تهذيب التهذيب "2/ 175-176".

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَأَوْرَدَهُ ابْنُ حبَّان فِي الثِّقَاتِ. 55- حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ يَزِيدُ الْجَرْمِيُّ1 الْبَصْرِيُّ الأَنْمَاطِيُّ. سَمِعَ: الْحَسَنَ، وَعَمْرَو بْنَ هَرِمٍ، وَقَتَادَةَ، وَخَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقُثْيَرِيَّ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَدَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، وَوَلَدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ. فِيهِ لِينٌ مَا، قَدْ غَمَزَهُ أَحْمَدُ، وَقَدَحَ فِيهِ يَحْيَى الْقَطَّانُ. وَنَهَى يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ كِتَابَةِ حَدِيثِهِ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُ. 56- حُبَيِّبُ بْنُ حُجْرٍ الْقَيْسِيُّ الْبَصْرِيُّ2، مُصَغَّرُ الاسْمِ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَبِي المهزَّم. وَعَنْهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٌ، وَمُسْلِمٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ. مَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا بَعْدُ. 57- الْحَارِثُ بْنُ غُصَيْنٍ، أَبُو وَهْبٍ الثَّقفيّ3. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَمَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٍ. وَعَنْهُ: شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، وَحُسَيْنُ الْجُعْفيُّ، وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيُّ. 58- حَجَّاجُ بْنُ تَمِيمٍ الْجَزَرِيُّ4. سَمِعَ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ. حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَحِبَّانُ بْنُ المغلَّس.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 315"، الجرح والتعديل "3/ 99"، الثقات لابن حبان "6/ 178"، التهذيب "2/ 180". 2 التاريخ الكبير "2/ 316-317"، الجرح والتعديل "3/ 308-309"، الثقات لابن حبان "6/ 179". 3 التاريخ الكبير "2/ 278"، الثقات لابن حبان "8/ 181". 4 الثقات لابن حبان "6/ 204"، تهذيب الكمال "5/ 428-429"، ميزان الاعتدال "1/ 461".

ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثَانِ فِي -ق. 59- حَجَّاجُ بْنُ صَفْوَانَ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ: أُسَيْدِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَأَبِيهِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ. وَعَنْهُ: أَبُو ضَمْرَةَ، وَالْقَعْنَبِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: صَدُوقٌ. وَضَعَّفَهُ الأَزْدِيُّ. 60- الْحَارِثُ بْنُ النُّعمان بْنِ سَالِمٍ اللَّيثيّ2. عَنْ: خَالِهِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وطاوس. وعنه: الحارث بن سالم البزاز سميُّه، وَسَعِيدُ بْنُ عُمَارَةَ، وَثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 61- حَرْبُ بْنُ سُرَيْجٍ الْمِنْقَرِيُّ الْبَصْرِيُّ الْبَزَّازُ3. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَنَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ. قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ ابْنُ حبَّان: لا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: يكنَّى أَبَا سُفْيَانَ، وَيُقَالُ هُوَ أَيْضًا: حَرْبُ بْنُ أبي العالية.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 379"، الجرح والتعديل "3/ 162-163"، ميزان الاعتدال "1/ 463". 2 التاريخ الكبير "2/ 284"، الجرح والتعديل "3/ 91"، ميزان الاعتدال "1/ 444"، تهذيب التهذيب "2/ 159-160". 3 التاريخ الكبير "3/ 63"، الجرح والتعديل "3/ 250"، ميزان الاعتدال "1/ 469-470"، تهذيب التهذيب "2/ 224".

62- حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ1، أَبُو الْخَطَّابِ الْيَشْكُرِيُّ الْبَصْرِيُّ الْحَافِظُ. عَنْ: شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ التَّنُّورِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لا يُحَدِّثُ عَنْهُ. قُلْتُ: قَدْ عُلِمَ تعنُّت يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي الرِّجَالِ، وَبَعْدَ هَذَا فَيَرْوِي عَنْ مُجَالِدٍ وَيُقَوِّيهِ. مَاتَ حَرْبُ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. * حَرْبُ بْنُ أَبِي الْعَالِيَةِ. فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. 63- حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ2، أَبُو الْخَطَّابِ الأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ الأَكْبَرُ، مَوْلَى النَّضر بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. رَوَى عَنْ: مَوْلاهُ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ التَّنُّورِيُّ، وَبَدَلُ بْنُ المحبَّر، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَالْحُسَيْنُ بن حفص، ويونس المؤدب، وعبد الله ابن رَجَاءٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَلَيَّنَهُ غَيْرُهُ. قَالَ البخاريّ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: كَانَ أَكْذَبَ الْخَلْقِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ليِّن. 64- حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ. صَاحِبُ الأَغْمِيَةِ. هَذَا أَصْغَرُهُمْ، سَيَأْتِي فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 62"، الجرح والتعديل "3/ 250-251"، ميزان الاعتدال "1/ 470"، تهذيب التهذيب "2/ 224". 2 التاريخ الكبير "3/ 65"، تهذيب الكمال "5/ 531-532"، ميزان الاعتدال "1/ 470"، تهذيب التهذيب "2/ 225".

65- حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ قُرَادٍ1، أَبُو حَفْصٍ التُّجيبيّ الْمِصْرِيُّ. هُوَ جَدُّ حَرْمَلَةَ صَاحِبِ الشَّافِعِيِّ. رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ. قَدْ ذُكِرَ. 66- حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبْرٍ2، أَبُو عُثْمَانَ الرَّحبيّ الْمَشْرِقِيُّ الْحِمْصِيُّ الْحَافِظُ، ويكنَّي أَيْضًا أَبَا عَوْنٍ، مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ. سَمِعَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ الْمَازِنِيَّ، وَخَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ، وَرَاشِدَ بْنَ سَعْدٍ، وَحَبِيبَ بْنَ عُبَيْدٍ، وَعَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ النَّضْرِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحَمْنِ بْنَ مَيْسَرَةَ، وَعِدَّةً. وعنه: بقّية، ويحيى القطان، يحيى بن سعيد الْعَطَّارِ الْحِمْصِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَحَدِيثُهُ نَحْوُ الْمِائَتَيْنِ، وَكَانَ فِيهِ نَصْبٌ. وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يَصِحُّ عِنْدِي مَا يُقَالُ عَنْهُ فِي رَأْيِهِ، وَلا أَعْلَمُ بِالشَّامِ أَثْبَتَ مِنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: كَانَ يَتَنَاوَلُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَشَدُّ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ يَقُولُ: لَنَا أَمِيرٌ وَلَكُمْ أَمِيرٌ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لا أُحِبُّ مَنْ قَتَلَ لِي جَدَّيْنِ". وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: بَلَغَنِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ لِرَجُلٍ: وَيْحَكَ، تَزْعُمُ أَنِّي أَشْتُمُ عَلِيًّا، وَاللَّهِ مَا شَتَمْتُهُ قَطُّ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: لا أَحْسَبُنِي رَأَيْتُ شَامِيًّا أَفْضَلَ مِنْهُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 68-69"، الجرح والتعديل "3/ 273-274"، تهذيب التهذيب "2/ 229". 2 التاريخ الكبير "3/ 103-104"، الجرح والتعديل "3/ 289"، ميزان الاعتدال "1/ 475"، تهذيب التهذيب "2/ 217-241".

قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِهِ: أَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حمُّويه الْهَمْدَانِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيرَازِيُّ، أَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُؤْنِسٍ بِبِغْدَادَ، حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْمَالِكِيُّ، ثنا عبد الوهاب ابن الضَّحَّاكِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ قَالَ: هَذَا الَّذِي يَرْوِيهِ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ موسى" 1 حقّ، ولكن أخطأ السامع، إنّماء هُوَ: "أَنْتَ مِنِّي مَكَانَ قَارُونَ مِنْ مُوسَى"2، قُلْتُ: عَنْ مَنْ تَرْوِيهِ؟ قَالَ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ يَقُولُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ. قَالَ الْخَطِيبُ: عَبْدُ الْوَهَّابِ كَذَّابٌ. ابْنُ جَوْصَاءَ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلاعِيُّ، ثَنَا حَرِيزٌ، قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ: هَلْ كَانَ فِي رأس رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرَاتٌ بِيضٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِذَا ادَّهَنَ تَغَيَّرَ3. قُلْتُ: هَذَا أَعْلَى شَيْءٍ عِنْدَ ابْنِ جَوْصَاءَ، فَهُوَ ثُلاثِيٌّ لَهُ، كَمَا هُوَ ثُلاثِيٌّ لِلْبُخَارِيِّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى فِي تَارِيخِ حِمْصَ: لَمْ يَكُنْ لِحَرِيزٍ كتاب، إنّماء كَانَ يَحْفَظُ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثَنَا حَرِيزٌ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ بُسْرٍ وَأَنَا غُلامٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّحَبِيُّ، سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ: لا تُعَادِ أَحَدًا حَتَّى تَعْلَمَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، فَإِنْ يَكُنْ مُحْسِنًا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُسْلِمُهُ لِعَدَاوَتِكَ، وَإِنْ يَكُنْ مُسِيئًا فَأَوْشَكَ بِعَمَلِهِ أَنْ يَكْفِيَكَهُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ: جَمَعْنَا حَدِيثَ حَرِيزٍ فِي دِفْتَرٍ وَأَثْبَتْنَاهُ بِهِ نَحْوَ مِائَتَيْ حَدِيثٍ، فَتَعَجَّبَ وَقَالَ: هَذَا كُلُّهُ عَنِّي؟!

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3706"، ومسلم "2404"، والترمذي "3724"، وابن ماجه "115-121"، وأحمد في المسند "1/ 173، 177، 179، 185"، وعبد الرزاق في المصنف "20390"، والحميدي في مسنده "71"، وابن حبان في صحيحه "6926"، وغيرهم. 2 "حديث موضوع": وهو مرسل من كلام الوليد بن عبد الملك وفيه عبد الوهاب كذاب كما قال الخطيب. 3 "حديث صحيح": أخرجه أحمد في المسند "4/ 187، 188، 190".

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِالشَّامِ أَثْبَتُ مِنْ حَرِيزٍ إِلا أَنْ يَكُونَ بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ: قَالَ جَرِيرٌ: إِنَّ حَرِيزًا كَانَ شَتَمَ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَلَى الْمِنْبَرِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. قَالَ: عَادَلْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ مِنْ مِصْرَ إِلَى مَكَّةَ، فَجَعَلَ يَسُبُّ عَلِيًّا وَيَلْعَنُهُ1. وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ الْحِمْصِيُّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَبَائِرِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: زَامَلْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ، فَسَمِعْتُهُ يَقَعُ فِي عَلِيٍّ، فَقُلْتُ: مَهْلا يَا أَبَا عُثْمَانَ، ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكَ، وَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُ، فَقَالَ: اسْكُتْ يَا رَأْسَ الْحِمَارِ لا أُلْقِيكَ مِنَ الْجَمَلِ2. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَلْعَنُ عَلِيًّا، فَعَاتَبُوهُ، فَقَالَ: هُوَ الْقَاطِعُ رَأْسَ أجدادي بالفؤوس3. وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ يَحْكِي أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الآمِلِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ صَالِحٍ، أَنَّ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ لَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ، صَلَّيْتُ مَعَهُ الْفَجْرَ سَبْعَ سِنِينَ، فَكَانَ لا يَخْرُجُ مِنَ المجسد حتى يلعن علّيًا سبعين مَرَّةً كُلَّ يَوْمٍ4. قُلْتُ: صَحَّحَ عَنْهُ أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ، وَجَاءَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ رُئِيَ فِي النُّوم فَقَالَ: غَفَرَ لِي رَبِّي وَعَاتَبَنِي فِي رِوَايَتِي عَنْ حَرِيزٍ5. عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَيَّاشٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ الرَّحَبِيَّ يَقُولُ لِرَجُلٍ: وَيْحَكَ، أَمَا تَتَّقِي الله تزعم أنّي شتمت عليًّا، ولا وَاللَّهِ مَا شَتَمْتُ عَلِيًّا قَطُّ6. وَقَالَ الْحُلْوَانِيُّ: ثَنَا شَبَابَةُ، سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ، قَالَ له رجل: بلغني أنّك لا

_ 1 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "4/ 117". 2 أخرجه ابن حبان في المجروحين "1/ 269". 3 أخرجه ابن حبان في المجروحين "1/ 268". 4 أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "4/ 118". 5 أخرجه الخطيب في تاريخه "8/ 267"، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "4/ 118". 6 أخرجه ابن معين في تاريخه "2/ 106".

تَتَرَحَّمُ عَلَى عَلِيٍّ؟ فَقَالَ: اسْكُتْ، مَا أَنْتَ وَهَذَا، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ1. قَالَ الْوُحَاظِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ حَرِيزٌ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ الْخَبَائِرِيُّ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. قَالَ الْخَطِيبُ: هَذَا خَطَأٌ. 67- حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ الْخُزَاعِيُّ الْقُدَيْدِيُّ2. مِنْ بَادِيَةِ الْحِجَازِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيسابوريّ، وَغَيْرُهُمْ. وَأَبُوهُ هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، يُقَالُ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ. 68- حُسَامُ بْنُ مِصَكٍّ3. أَبُو سَهْلٍ الْبَصْرِيُّ الأَزْدِيُّ. عَنِ: الْحَسَنِ: وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَحَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَجَمَاعَةٌ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَهُوَ أَقْدَمُ مَوْتًا مِنْهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ النَّسائيّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الدَّارقطني: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ. 69- حَسَّانُ بْنُ نُوحٍ النَّضْرِيُّ الْحِمْصِيُّ4. عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرْدٍ.

_ 1 أخرجه الخطيب في تاريخه "8/ 269". 2 التاريخ الكبير "3/ 116"، الجرح والتعديل "3/ 298"، الثقات لابن حبان "6/ 247". 3 الطبقات الكبرى "7/ 284"، التاريخ الكبير "3/ 135"، الجرح والتعديل "3/ 317". 4 التاريخ الكبير "3/ 33"، الجرح والتعديل "3/ 234"، تهذيب التهذيب "2/ 252، 253".

وَعَنْهُ: مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، وَآخَرُونَ. لَهُ حَدِيثٌ فِي النَّهي عَنْ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ، أَخْرَجَهُ النَّسائيّ، وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ. 70- الْحَسَنُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ1 الْجُفْرِيُّ الْبَصْرِيُّ. أَبُو سَعِيدٍ. عَنْ: نَافِعٍ، وَأَبِي الزُّبير، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْجُمَحِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ، وأبو داود، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وأبو عمر الْحَوْضِيُّ، وَمُوسَى التُّبوذكيّ. قَالَ الْفَلاسُ: صَدُوقٌ، مُنْكَرُ الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء. قلت: تُوُفِّيَ سَنَةَ 167. 71- الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ الْبَصْرِيُّ2. وَيُقَالُ: هُوَ الْحَسَنُ بْنُ وَاصِلٍ التَّمِيمِيُّ، أَبُو سَعِيدٍ. مُحَدِّثٌ مُكْثِرٌ. رَوَى عَنِ: ابْنِ سِيرِينَ، وَكُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: الثَّوري، وَشَيْبَانُ النَّحويّ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَسَعْدُ بْنُ يَزِيدَ الْفَرَّاءُ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَدَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَآخَرُونَ. قَالَ عَبْدَانُ الأَهْوَازِيُّ: كَانَ عِنْدَ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ، عَنْهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا شيء.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 284"، التاريخ الكبير "2/ 288"، الجرح والتعديل "3/ 29"، تهذيب التهذيب "2/ 260-261". 2 الطبقات الكبرى "7/ 279"، التاريخ الكبير "3/ 292"، الجرح والتعديل "3/ 11-12"، ميزان الاعتدال "1/ 487-489"، تهذيب التهذيب "2/ 275-276".

وَكَذَّبَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكَهُ يَحْيَى، وابن مَهْدِيٍّ. وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ، عَلَى أَنِّي لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا قَدْ جَاوَزَ الْحَدَّ. سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: أَمَّا الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ يَرَى الْقَدَرَ، وَكَانَ يَحْمِلُ كُتُبَهُ إِلَى بُيُوتِ النَّاسِ وَيُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ كَيْ يُحَدِّثَ مِنْهَا، وَكَانَ لا يَحْفَظُ. قُلْتُ: كَانَ الصَّدْرُ الأَوَّلُ لا يُخْرِجُونَ أُصُولَهُمْ مِنْ أَيْدِيهِمْ مَخَافَةَ أَنْ يُدَسَّ فِيهَا شَيْءٌ مَا سَمِعُوهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: الْحَسَنُ بْنُ دِينَارِ بْنِ وَاصِلٍ التَّمِيمِيُّ، تَرَكَهُ وَكِيعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ. 72- الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ1 بْنِ السَّيِّدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. الأَمِيرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ الْفَاطِمِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَالِدُ السَّيِّدَةِ الْعَابِدَةِ نفسية الْمَدْفُونَةِ بِظَاهِرِ مِصْرَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَوَكِيعٌ، وَمَالِكٌ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَغَيْرُهُمْ. كَانَ مِنْ سَرَوَاتِ بَنِي هَاشِمٍ وَأَجْوَادِهِمْ. وُلِّيَ الْمَدِينَةَ لِلْمَنْصُورِ خَمْسَ سِنِينَ، ثُمَّ عَزَلَهُ وَحَبَسَهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الْمَنْصُورُ أَخْرَجَهُ الْمَهْدِيُّ وَأَكْرَمَهُ وَأَعْطَاهُ أَمْوَالَهَا، وَلَمْ يَزَلْ فِي صَحَابَتِهِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَضَى عَنْ وَالِدِهِ زَيْدٍ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ. وَكَانَ ذَا قُعْدُدٍ فِي النَّسب فَإِنَّهُ مُوَازٍ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ. وَقَدْ مَدَحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي الشِّعْرِ. وَخَرَّجَ لَهُ النَّسائيّ حَدِيثًا وَاحِدًا. مَاتَ بِالْحَاجِرِ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُونَ سنة.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 294"، الجرح والتعديل "3/ 14-15"، تهذيب التهذيب "2/ 279".

رَوَى ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ. 73- الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ1. الْفَقِيهُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ الْعَابِدُ، أَحَدُ الأَعْلامِ، أَخُو عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، وَهُمَا ابْنَا صَالِحِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ شُفَيِّ بْنِ هُنَيٍّ الثَّوريّ. وَقِيلَ: هُوَ صَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمِ بن حّيان، قاله البخاريّ. وقيل: صَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ. ولد الحسن سنة مائة، روى عَنْ: سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّديّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْعُمَرِيِّ، وَبَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، وَوَالِدِهِ صَالِحٍ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَقَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَيَحْيَى بْنُ فُضَيْلٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَقَبِيصَةُ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَتَبْتُ عَنْ ثَمَانِمِائَةِ مُحَدِّثٍ، فَمَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: يُكْتَبُ رَأْيُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَرَأْيُ الأَوْزَاعِيِّ، هَؤُلاءِ ثِقَاتٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: اجْتَمَعَ فِي الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ إِتْقَانٌ وَفِقْهٌ وَزُهْدٌ. وَكَانَ وَكِيعٌ يُعَظِّمُهُ وَيُشَبِّهُهُ بِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: نَا الحسن بن صالح: وما دُونَ الثَّوْرِيِّ فِي الْوَرَعِ وَالْفِقْهِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ: قُلْنَا لِلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ: صِفْ لَنَا غُسْلَ الْمَيِّتِ، فَمَا قَدَرَ عَلَيْهِ من البكاء.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 295"، الجرح والتعديل "3/ 18"، حلية الأولياء "7/ 327-392"، تهذيب التهذيب "2/ 285-289".

وَقَالَ عَبْدُهُ بْنُ سُلَيْمَانَ: إِنِّي أَرَى اللَّهَ يستحيي أَنْ يُعَذِّبَ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ. وَقَالَ أَبُو غَسَّانَ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ شَرِيكٍ، مِنْ هُنَا إِلَى خُرَاسَانَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا إِلا وَقَدْ غَلَطَ فِي شَيْءٍ، غَيْرَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا مُجَاوِزًا الْمِقْدَارَ، هُوَ عِنْدِي مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ. وَقَالَ وَكِيعٌ: هُوَ عِنْدِي إِمَامٌ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ لا يَتَرَحَّمُ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ وَكِيعٌ: أَتَتَرَحَّمُ أَنْتَ عَلَى الْحَجَّاجِ؟ قُلْتُ: هَذِهِ سَقْطَةٌ مِنْ وَكِيعٍ، شَتَّانَ مَا بَيْنَ الْحَجَّاجِ وَبَيْنَ عُثْمَانَ، عُثْمَانُ خَيْرُ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَحَجَّاجٌ شَرُّ أَهْلِ زَمَانِهِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ثِقَةٌ، حَافِظٌ، مُتْقِنٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ وَكِيعٌ: كَانَ الْحَسَنُ وَعَلِيٌّ وأمُّهما قَدْ جزَّأوا اللَّيْلَ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ لِلْعِبَادَةِ، فَمَاتَتْ أمُّهما، فقسَّما بَيْنَهُمَا اللَّيْلَ، ثُمَّ مَاتَ عَلِيٌّ، فَقَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ الْحَسَنُ1. وَعَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارانيّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْوَفَ أَظْهَرَ عَلَى وَجْهِهِ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، قَامَ لَيْلَةً بِـ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] فغشي عليه، فلم يختمها إلى الفجر2. أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: نَا إِسْحَاقُ بْنُ جَبَلَةَ قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ السُّوقَ يَوْمًا وَأَنَا مَعَهُ، فَرَأَى هَذَا يَخِيطُ وَهَذَا يَصْبَغُ، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَتَعَلَّلُونَ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ الْمَوْتُ. وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: فتَّشنا الْوَرَعَ فَلَمْ نَجِدْهُ فِي شيءٍ أقلَّ مِنْهُ فِي اللِّسَانِ3. وَعَنِ ابْنِ حَيٍّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا نَظَرَ إلى المقبرة يصرخ ويغشى عليه.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 327-328"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 152". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 328". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 329".

وَقَالَ حُمَيْدٌ الرُّؤَاسِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ صَالِحٍ وَرَجُلٌ يَقْرَأُ: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأنبياء: 103] ، فَالْتَفَتَ عَلِيٌّ إِلَى أَخِيهِ الْحَسَنِ وَقَدِ اخضرَّ واصفرَّ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ: إِنَّهَا أَفْزَاعٌ فَوْقَ أفزاع، ورأيت الحسن أراد أن يَصِيحُ، ثُمَّ جَمَعَ ثَوْبَهُ فَعَضَّ عَلَيْهِ حَتَّى سَكَنَ عَنْهُ1. وَعَنِ ابْنِ حَيٍّ قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَفْتَحُ لِلْعَبْدِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ بَابًا مِنَ الْخَيْرِ، يُرِيدُ بِهِ بَابًا مِنَ السُّوء2. أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ لِي أَخِي وَكُنْتُ أُصَلِّي: يَا أَخِي اسْقِنِي، قَالَ: فَلَمَّا قَضَيْتُ صَلاتِي أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَقَالَ: قَدْ شَرِبْتُ السَّاعَةَ، قُلْتُ: وَمَنْ سَقَاكَ وَلَيْسَ فِي الْغُرْفَةِ غَيْرِي وَغَيْرُكَ؟ قَالَ: أَتَانِي السَّاعَةَ جِبْرِيلُ بماءٍ فَسَقَانِي، وَقَالَ: أَنْتَ وَأَخُوكَ وَأُمُّكَ {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: 69] ، الآيَةَ، وَخَرَجَتْ نَفْسُهُ3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ: تَرَكَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ الْجُمُعَةَ، فَجَاءَ فُلانٌ فَجَعَلَ يُنَاظِرُهُ لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ، فَذَهَبَ الْحَسَنُ إِلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ مَعَهُمْ وَإِلَى الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا يَقُولُ أَبُو أُسَامَةَ: سَمِعْتُ زَائِدَةَ يَقُولُ: إِنَّ ابْنَ حَيٍّ هَذَا قَدِ اسْتُصْلِبَ مُنْذُ زَمَانٍ، وَمَا يَجِدُ أَحَدًا يَصْلِبُهُ. يَعْنِي لَوْ عَلِمَ بِهِ أَهْلُ الدَّوْلَةِ أَنَّهُ يرى السيف لقتلوه. قال أبو أُسَامَةُ: أَتَيْتُ الْحَسنَ بْنَ صَالِحٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَقُولُونَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَقُلْتُ: مَا لِي كَفَرْتُ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ يَنْقِمُونَ عَلَيْكَ مَحَبَّةَ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، وَزَائِدَةَ، فَقُلْتُ: لا جَلَسْتُ إِلَيْكَ أَبَدًا. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ذُكِرَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عِنْدَ الثَّوري فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ يَرَى السَّيْفَ عَلَى الأُمَّةِ. وَعَنِ الثَّوري أَنَّهُ كَانَ يَنْقِمُ عَلَى ابْنِ حَيٍّ تَرْكَ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَرَى السيف.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 330". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 330". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 329"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 153".

وقال يحيى القطّان: كان سفيان يسيء الرَّأْيَ فِي الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ: كَانَ زَائِدَةُ يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ يُحَذِّرُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ حَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ السَّيف. أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيسَ يَقُولُ: مَا أَنَا وَابْنُ حَيٍّ، لا نَتْرُكُ جُمْعَةً وَلا جِهَادًا. قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ: كُنَّا عِنْدَ وَكِيعٍ، فَكَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَمْسَكْنَا فَلَمْ نكتب، فقال: ما لكم؟ فقال له أَخِي بِيَدِهِ هَكَذَا: يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَرَى السَّيْفَ، فَيَسْكُتُ وَكِيعٌ. وَقَالَ خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ: كَانَ زَائِدَةُ يَسْتَتِيبُ مَنْ أَتَى حَسَنَ بْنَ صَالِحٍ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْفُقَهَاءِ. لَهُ أَقْوَالٌ تُحْكَى فِي الْخِلافِيَّاتِ. 74- الْحُسَيْنُ بْنُ مُطَيْرٍ1. مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، مَدَحَ الدَّوْلَتَيْنِ، وَلَهُ مَدَائِحُ فِي الْمَهْدِيِّ، وَشِعْرُهُ فِي الذِّروة، وَكَانَ أعرابيَّ الْهَيْئَةِ وَاللِّبَاسِ، وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي أَسَدٍ. وَهُوَ الْقَائِلُ: فَوَاعَجَبًا لِلنَّاسِ يَسْتَشْرِفُونَنِي ... كَأَنْ لَمْ يَرَوْا بَعْدِي مُحِبًّا وَلا قَبْلِي يَقُولُونَ لِي: اصْرِمْ يَرْجِعِ الْعَقْلُ كلُّه ... وَصَرْمُ حَبِيبِ النَّفْسِ أَذْهبُ لِلْعَقْلِ فَيَا عَجَبًا مِنْ حبِّ مَنْ هُوَ قَاتِلِي ... كَأَنِّي أُجَازِيهِ المودَّة عَنْ قَتْلِي وَمِنْ بيِّنات الْحُبِّ أَنْ صَارَ أَهْلُهَا ... أحبَّ إِلَى قَلْبِي وَعَيْنِي مِنْ أَهْلِي قَالَ أَبُو عِكْرِمَةَ الضَّبِّيّ: نَا سُلَيْمَانُ قَالَ: خَرَجَ الْمَهْدِيُّ يَوْمًا يَتَصَيَّدُ، فلقيه الحسين بن مطير فأنشده: أضحت يمينك من جودٍ مصوَّرةً ... لا، بل يمينك منها صورة الجود

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 81-82"، الأغاني "16/ 17-27"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 365-367".

من حسن وجهك تضحي الأرض مشرقة ... ومن بَنَانِكَ يَجْرِي الْمَاءُ فِي الْعُودِ فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: كَذَبْتَ يَا فَاسِقُ، وَهَلْ تَرَكْتَ مَوْضِعًا لأحدٍ مع قولك في معن بن زائدة: ألما بمعنٍ ثم قولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثُمَّ مَرْبَعًا فَيَا قَبْرَ معنٍ كُنْتَ أَوَّلَ حفرةٍ ... من لأرض خَطَّتْ لِلْمَكَارِمِ مَضْجَعًا وَيَا قَبْرَ معنٍ كَيْفَ واريت جوده ... وقد كان منه البرُّ والبحر مترعا ولكن حويت الجود والجود ميِّت ... ولو كَانَ حَيًّا ضِقْتَ حَتَّى تصدَّعا وَمَا كَانَ إلاَّ الجود صورة وجهه ... فعاش ريبعًا، ثُمَّ وَلَّى فودَّعا فَلَمَّا مَضَى مَعْنٌ مَضَى الْجُودُ والنَّدا ... وَأَصْبَحَ عِرْنِينُ الْمَكَارِمِ أَجْدَعَا فَأَطْرَقَ ابْنُ مُطَيْرٍ ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: وهل معن إلا حسنة من حسناتك، فرضي عَنْهُ وَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ. رَوَى حَمَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَوْصِليُّ، عَنْ أَبِيهِ، لِلْحُسَيْنِ بْنِ مُطَيْرٍ: أَيَا كَبِدًا مِنْ لَوْعَةِ الحبِّ كُلَّمَا ... ذُكِرَتْ وَمِنْ رَفْضِ الْهَوَى حَيْثُ يَرْفُضُ وَمِنْ زفرةٍ تَعْتَادُنِي بَعْدَ زفرةٍ ... تقصَّف أَحْشَائِي لَهَا حِينَ يَنْهَضُ فَمِنْ حُبِّهَا أَبْغَضْتُ مَنْ كُنْتُ وَامِقًا ... وَمِنْ حُبِّهَا أَحْبَبْتُ مَنْ كُنْتُ أَبْغَضُ إِذَا مَا صَرَفْتُ الدَّهْرَ عَنْهَا بِغَيْرِهَا ... أَتَى حُبُّهَا مِنْ دُونِهِ يتعرَّض وَمِنْهَا مِمَّا لَمْ يَرْوِهِ الْمَوْصِلِيُّ فِيهَا: قَضَى الحبُّ يَا أَسْمَاءُ أَنْ لَسْتُ زَائِلا ... أحُّبك حَتَّى يُغمِضَ الْعَيْنَ مُغْمِضُ فحُّبك بَلْوَى غَيْرَ أَنْ لا يسرُّني ... وَإِنْ كَانَ بَلْوَى أَنَّنِي لَكِ مُبْغِضُ فَيَا لَيْتَنِي أَقْرَضْتُ جَلْدًا صَبَابَتِي ... وَأَقْرَضَنِي صَبْرًا عَلَى النَّاسِ مُقْرِضُ وَلَهُ: أحبُّك يَا سَلْمَى عَلَى غَيْرِ ريبةٍ ... وَلا بَأْسَ فِي حبٍّ تعفُّ سَرَائِرُهْ أحبُّك حُبًّا لا أُعَنَّفُ بَعْدَهُ ... مُحِبًّا وَلَكِنِّي إِذًا لِيمَ عَاذِرُهْ

وَقَدْ مَاتَ قَبْلِي أوَّل الْحُبِّ مَرَّةً ... وَلَوْ متُّ أَضْحَى الحبُّ قَدْ مَاتَ آخِرُهْ وأيُّ طبيبٍ يُبْرِئُ الحبَّ بَعْدَمَا ... تشرَّبه بَطْنُ الْفُؤَادِ وَظَاهِرُهْ 75- الْحَسَنُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ1. عَنِ: الشَّعبيّ، وَأَبِي الْفَضْلِ بَيَّاعِ الْخُمُرِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَوَكِيعٌ، وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. مَا رَأَيْتُ أَحَدًا تَكَلَّمَ فِيهِ. 76- الْحُسَيْنُ بْنُ عُقَيْلٍ. الْعُقَيْلِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ: عَائِشَةَ بِنْتِ بَجْدَانَ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَوَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 77- حَشْرَجُ بْنُ نُبَاتَةَ3، أَبُو مُكْرَمٍ الأَشْجَعِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعمان، وَعاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسائيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: رُوِيَ عَنِ ابْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ: "هَؤُلاءِ الْخُلَفَاءُ بَعْدِي"4، وَلَمْ يُتَابِعْ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا قَالا: لَمْ يستخلف النبي -صلى الله عليه وسلم.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 309"، الجرح والتعديل "3/ 45"، الثقات لابن حبان "8/ 172". 2 التاريخ الكبير "2/ 389"، الجرح والتعديل "3/ 61"، الثقات لابن حبان "8/ 184". 3 الطبقات الكبرى "6/ 384"، التاريخ الكبير "3/ 117"، الجرح والتعديل "3/ 296"، وتهذيب الكمال "6/ 506-509"، وميزان الاعتدال "1/ 551"، تهذيب التهذيب "2/ 377-378". 4 "حديث ضعيف": أخرجه ابن أبي عاصم في السنة "1157"، والعقيلي في الضعفاء "1/ 297" وضعفه الشيخ الألباني في السنة لابن أبي عاصم "1157".

قُلْتُ: رَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ، عَنِ الصَّائِغِ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي يَعْلَى، كِلاهُمَا قَالا: ثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، نَا حَشْرَجٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: لَمَّا بَنَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَسْجِدُ وَضَعَ فِي الْبِنَاءِ حَجَرًا، وَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: "ضَعْ حَجَرَكَ إِلَى جَنْبِ حَجَرِي" ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ: "ضَعْ حَجَرَكَ إِلَى جَنْبِ حَجَرِ أَبِي بَكْرٍ"، ثُمَّ قَالَ لِعُثْمَانَ: "ضَعْ حَجَرَكَ إِلَى جَنْبِ حَجَرِ عُمَرَ"، ثُمَّ قَالَ: "هَؤُلاءِ الْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِي". وَقَدْ قَالَ فِيهِ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 78- الْحَكَمُ بْنُ الصَّلت1 الْمَدَنِيُّ الْمُؤَذِّنُ. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، كَذَا قِيلَ، وَهُوَ خَطَأٌ، بَلِ الأَصْوَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو حَاتِمٍ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الصَّلت، لَمْ يخرِّجوا لَهُ شَيْئًا. 79- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقُرَشِيُّ الْبَصْرِيُّ2: نَزِيلُ الْكُوفَةِ. عَنْ: قَتَادَةَ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ الْبَجَلِيُّ، وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعمان، وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهديّ، وَبُشَيْرُ بْنُ الْوَلِيدِ. قَالَ النَّسائيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ أبو داود: منكر الحديث. وقال ابن المعين: لَيْسَ بِشَيْءٍ. الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ: ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ كَتَمَ عِلْمًا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهِ لِجَامٌ مِنْ نَارٍ" 3. وهذا حديث عليّ

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 339"، الجرح والتعديل "3/ 117-118"، والثقات لابن حبان "6/ 185"، وتهذيب التكمال "7/ 98-99"، تهذيب التهذيب "2/ 427". 2 التاريخ الكبير "2/ 340"، الجرح والتعديل "3/ 122-123"، تهذيب الكمال "7/ 110-112"، ميزان الاعتدال "1/ 576-577"، وتهذيب التهذيب "2/ 431-432". 3 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "3658"، والترمذي "2649"، وابن ماجه "261"، وأحمد في المسند "2/ 263، 305"، والحاكم في المستدرك "1/ 101"، وابن حبان في صحيحه "95"، وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "6517".

ابن الْحَكَمِ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ أَيْضًا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، وَأَقْوَى مِنْ ذَلِكَ رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا. 80- الْحَكَمُ بْنُ الْوَلِيدِ الْوُحَاظِيُّ الْحِمْصِيُّ1. مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، فَإِنَّهُ سَمِعَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُرْدٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْخَبَائِرِيُّ، وقد تفرّد عنه الخبائريّ بحديثه عن أبي بُسْرٍ قَالَ: بَعَثَتْنِي أُمِّي بِقِطْفِ عِنَبٍ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ بَعْدُ إِذَا رَآنِي قَالَ: غُدَرْ، غُدَرْ2. وَقَدْ رَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي قَتِيَلَةَ الْكَلاعِيِّ، وَسُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ. وَرَأَى أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 81- حِمَّانُ بْنُ الجعد3. شيخ بصريّ. عن: قتادة، ثابت، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي أَسْلَمَ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَسَنُ الْحَدِيثِ مَعَ ضَعْفِهِ. وَقَالَ أبو حاتم: ما بحديثه بأس.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 339"، والجرح والتعديل "30/ 129-130"، والثقات لابن حبان "4/ 1046"، وميزان الاعتدال "1/ 582". 2 "حديث ضعيف": أخرجه البخاري في تاريخه "2/ 339"، وابن عدي في الكامل "2/ 631"، وذكره الهيثمي في المجمع "4/ 147"، وقال: رواه الطبراني في الكبير وفيه الحكم بن الوليد ذكره ابن عدي في الكامل، وذكر له هذا الحديث وقال: لا أعرف هذا عن عبد الله بن بسر. 3 التاريخ الكبير "3/ 29"، الجرح والتعديل "3/ 134"، تهذيب الكمال "7/ 226-229"، ميزان الاعتدال "1/ 589"، تهذيب التهذيب "3/ 4-5".

82- حمّاد بن سلمة بن دينار1. مولى رَبِيعَةَ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فِي وَلائِهِ. الْعَلَمُ، أبو سلمة البزّاز الْخِرَقِيُّ الْبَطَائِنِيُّ، شَيْخُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، سَمِعَ: خَالَهُ حميدًا الطويل، وثابتًا البنانيّ، وابن أبي مُلَيْكَةَ بِمَكَّةَ، وَقَتَادَةَ، وَأَنَسَ بْنَ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدَ بْنَ زِيَادٍ الْقُرَشِيَّ، وَأَبَا حَمْزَةَ الضُّبعيّ، وَسِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ، وَسَعِيدَ بْنَ جُمْهَانَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيَّ، وَسُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَثِيرٍ الدَّارِيَّ الْمُقْرِئُ، وَأَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ، وَعَمَّارَ بن أبي عمّار، وأبا غالب حزوّرا، وخلق سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَهُدْبَةُ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، وَشَيْبَانُ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَرَوَى الْحُرُوفَ عَنِ: ابْنِ كَثِيرٍ، وَعَنْ عَاصِمٍ، قَالَهُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ. وَحَمَلَ عَنْهُ الْقِرَاءَةَ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ. قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ يُفِيدُنِي عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ. وَقَالَ وُهَيْبُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: سَيِّدُنَا وَأَعْلَمُنَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَثْبَتُ النَّاسِ فِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ أَعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِ بِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ ضُرَيْسٍ، مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَشَرَةُ آلافِ حَدِيثٍ. وَقَالَ الْكَوْسَجُ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ عِنْدِي حُجَّةٌ فِي رِجَالٍ، وَهُوَ أَعْلَمُهُمْ بِثَابِتٍ، وَبِعَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 282"، التاريخ الكبير "3/ 22-23"، الثقات لابن حبان "6/ 216"، حلية الأولياء "6/ 249-257"، ميزان الاعتدال "1/ 590-595"، تهذيب التهذيب "3/ 11".

قُلْتُ: وَلِهَذَا احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي الأُصُولِ بما رواه عن ثابت، وفي الشَّوَاهِدِ بِمَا رَوَاهُ عَنْ غَيْرِ ثَابِتٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ: نَا الحمَّادان، حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ، وَحَمَّادُ بْنُ زيد بن درهم، وفضل حمّاد ابن سَلَمَةَ عَلَى الآخَرِ كَفَضْلِ الدِّينَارِ عَلَى الدِّرْهَمِ. قلت: يشير إلى اسْمَيْ جدَّيهما. وَقَالَ شِهَابُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَلْخِيُّ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ يُعَدُّ مِنَ الأَبْدَالِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ إِمَامًا رَاسِيًا فِي الْعَرَبِيَّةِ، فَقِيهًا، فَصِيحًا، بَلِيغًا، كَبِيرَ الْقَدْرِ، شَدِيدًا عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ، صَاحِبَ أَثَرٍ وسنَّة، لَهُ تَصَانِيفُ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مَا كُنَّا نَرَى أَحَدًا بنيَّة غَيْرَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَمَا نَرَى الْيَوْمَ مَنْ يُعْلَمُ بنيَّة غَيْرَهُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: مَنْ تَكَلَّمَ فِي حَمَّادِ بْنِ سلمة فاتَّهموه. وقال مسلم بن إبراهيم: أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ حَمَّادَ بن أبي سليمان عن أحايث مُسْنَدَةٍ، وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ عَنْ رَأْيِهِ، وَكُنْتُ إِذَا جِئْتُهُ قَالَ: لا جَاءَ اللَّهُ بِكَ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكي: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَثْقُلُ حَتَّى يَخِفَّ. وَقَالَ عَفَّانُ: نَا حَمَّادٌ قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ وَعَطَاءٌ بَاقٍ، فَقُلْتُ: إِذَا أَفْطَرْتُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَمَاتَ فِي رَمَضَانَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَمَّادٌ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَغْمِزُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فاتَّهمة عَلَى الإِسْلامِ، فَإِنَّهُ كَانَ شَدِيدًا عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ. وَقَدْ رَثَاهُ اليزيديُّ حَيْثُ يَقُولُ: يَا طَالِبَ النحَّو أَلا فَابْكِهِ ... بَعْدَ أَبِي عَمْرٍو وَحَمَّادِ.

قَالَ يُونُسُ النَّحويّ: مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ تَعَلَّمْتُ الْعَرَبِيَّةَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لَوْ قِيلَ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: إِنَّكَ تَمُوتُ غَدًا مَا قَدَرَ أَنْ يَزِيدَ فِي الْعَمَلِ شَيْئًا1. وَقَالَ عَفَّانُ: مَا قَدْ رَأَيْتُ مَنْ هُوَ أَعْبَدُ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَلَكِنْ مَا رَأَيْتُ أشدَّ مُوَاظَبَةً عَلَى الْخَيْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْعَمَلِ لِلَّهِ مِنْهُ2. وَقَالَ التَّبوذكي: لَوْ قلت لكم: إني ما رَأَيْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ ضَاحِكًا لَصَدَقْتُ، كَانَ مَشْغُولا، إِمَّا يُحَدِّثُ، أَوْ يَقْرَأُ، أَوْ يَنْسَخُ، أَوْ يُصَلِّي، قَدْ قسَّم النَّهَارَ عَلَى ذَلِكَ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3. وَقَالَ يُونُسُ الْمُؤَدِّبُ: مَاتَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ4. وَقَالَ سِوَارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ: ثَنَا أَبِي قَالَ: كُنْتُ آتِي حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فِي سُوقِهِ، فَإِذَا رَبِحَ فِي ثَوْبٍ حَبَّةً أَوْ حبَّتين شَدَّ جَوْنَتَهُ5 وَلَمْ يَبِعْ شَيْئًا، فَكُنْتُ أَظُنُّ ذَلِكَ يَقُوتُهُ6. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: سَمِعْتُ حَمَّادًا يَقُولُ: إِذَا دَعَاكَ الأَمِيرُ أَنْ تقرأ عليه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فَلا تَأْتِهِ7. وَرُوِيَ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ قِيلَ لَهُ: أَلا تَأْتِي السُّلْطَانَ، فَقَالَ: أَحْمِلُ لِحْيَةً حَمْرَاءَ إِلَيْهِمْ8. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ الطَّبَّاعِ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ: مَنْ طَلَبَ الحديث لغير الله مكر به9.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 250"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 361". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 250". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 250"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 362". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 250"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 363". 5 جونته: هي سليلة مستديرة مغشاة بالجلد يحفظ العطار فيها الطيب. 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 250"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 362". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 251". 8 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 251". 9 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 251".

وَقَالَ حَمَّادٌ: مَا كَانَ مِنْ نِيَّتِي أَنْ أُحَدِّثَ حَتَّى قَالَ لِي أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ فِي النَّوْمِ: حَدِّثْ1. قَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ: كَتَبْتُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا. وقال حجّاج بن منهال: أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ. وَرُوِيَ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ تَزَوَّجَ سَبْعِينَ امْرَأَةً وَلَمْ يُولَدْ لَهُ، كَانَ عَقِيمًا. قَالَ الْبُخَارِيّ: ثَنَا آدَمُ قَالَ: شَهِدْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ وَدَعَاهُ الدَّوْلَةُ. فَقَالَ: أَحْمِلُ لِحْيَةً حَمْرَاءَ إِلَى هَؤُلاءِ، لا وَاللَّهِ لا فَعَلْتُ. وَقِيلَ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ مُجَابَ الدَّعوة. قَالَ أبو دواد: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ إِلا كِتَابَ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ الْمَكِّيِّ، يَعْنِي كَانَ حَافِظًا يَرْوِي مِنْ حِفْظِهِ. وَأَعْلَى مَا عِنْدِي مِنْ عَالِي حَدِيثِهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا. أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ قَالا: أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبُنْدَارُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخْلِصُ، ثَنَا عَبْدُ الله، أبو نصر التّمّار، ثناه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] قَالَ: "يَقُومُونَ حَتَّى يَبْلُغَ الرَّشْحُ أَطْرَافَ آذَانِهِمْ" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا اللَّبَّانُ، أَنَا الْحَدَّادُ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ التَّاجِرِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ: عَادَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ سُفْيَانَ الثَّوريّ فَقَالَ: يَا أَبَا سَلَمَةَ: أَتَرَى اللَّهَ يَغْفِرُ لِمِثْلِي؟ فَقَالَ حَمَّادٌ: وَاللَّهِ لَوْ خيِّرت بين محاسبة الله تعالى

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 251". 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2862"، وأحمد في المسند "2/ 70"، من الطريق الذي أتى به المصنف، وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر أخرجه البخاري "4938"، ومسلم "2862"، والترمذي "2422".

لِي وَبَيْنَ مُحَاسَبَةِ أبويَّ، لاخْتَرْتُ مُحَاسَبَةَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ أَرْحَمُ بِي مِنْ أَبَوَيَّ1. وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: نَا أَبُو أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ، نَا عَبَّاسٌ الشَّكليّ، نَا إِسْحَاقُ بْنُ الْجَرَّاحِ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الحجَّاج قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَسْمَعُ مَعَنَا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، فَرَكِبَ إِلَى الصِّينِ، فَلَمَّا رَجَعَ أَهْدَى إِلَى حَمَّادٍ، فَقَالَ: إِنْ قَبِلْتُهَا لَمْ أُحَدِّثْكَ بِحَدِيثٍ. وَإِنْ لَمْ أَقْبَلْهَا حَدَّثْتُكَ، قَالَ: لا تَقْبَلْهَا وَحَدِّثْنِي2. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنِ الْقَطَّانِ: حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ زِيَادٍ الأَعْلَمِ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ: لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَدْ بتَّ كَذَا الدُّولابيّ فَقَالَ في كتاب الضُّعفاء: أنا محمد بن شجاع بن الثّلجي، أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن مَهْدِيٍّ قَالَ: كَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ لا يَعْرِفُ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ، يَعْنِي أَحَادِيثَ فِي الصِّفَةِ، قَالَ: فَخَرَجَ إِلَى عبَّادان، فَجَاءَ وَهُوَ يَرْوِيهَا، فَلا أَحْسَبُ إِلا شَيْطَانًا خَرَجَ إِلَيْهِ مِنَ البحر فألقاها إليه، ثم قال ابن البخليّ: وَسَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ صُهَيْبٍ يَقُولُ: إِنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ لا يَحْفَظُ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّهَا دسَّت فِي كُتُبِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ابْنَ أَبِي الْعَوْجَاءِ كَانَ رَبِيبَهُ، فَكَانَ يَدُسُّ فِي كُتُبِهِ هَذِهِ الأَحَادِيثَ. قُلْتُ: مَا ابْنُ شُجَاعٍ بمصدَّق عَلَى حَمَّادٍ، فَقَدْ رُمِيَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَكَانَ يَتَجَهَّمُ وَأَمَّا حَمَّادٌ -رَضِيَ اللَّهُ عنه، فما كان لَهُ كُتُبٌ، بَلْ كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى حِفْظِهِ، فربَّما وَهِمَ كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ، قَدْ قِيلَ فِي سُوءِ حِفْظِهِ وَجَمْعِهِ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فِي إِسْنَادٍ وَاحِدٍ بِلَفْظٍ. وَلَمْ يُخْرِجْ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الأُصُولِ إِلا عَنْ ثَابِتٍ. قُلْتُ: مَنِ اتَّهَمَ حَمَّادًا فَهُوَ متَّهم عَلَى الإِسْلامِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: تُوُفِّيَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حِينَ بَقِيَ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا. 83- حَمَّادُ بْنُ أَبِي لَيْلَى3.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 251". 2 أخرجه أبوم نعيم في الحلية "6/ 251". 3 سير أعلام النبلاء "7/ 157-158"، ولسان الميزان "2/ 352"، وشذرات الذهب "1/ 239".

وَاسْمُ أَبِي لَيْلَى مَيْسَرَةُ، وَقِيلَ: سَابُورُ، أَبُو الْقَاسِمِ، الأَدِيبُ الإِخْبَارِيُّ، مَوْلًى لِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَهُوَ حَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ. مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَإِنَّمَا أَعَدْتُهُ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّهُ مَاتَ لِتِسْعٍ بقين من المحرم سنة تسع وستين ومائة. 84- حَمَّادُ عَجْرَدٍ1. مَرَّ أَيْضًا فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 85- حمّاد بن يزيد المقرئ2. أبو يزيد. عَنْ أَبِيهِ، وُمَحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قرَّة، وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَيُونُسُ الْمُؤَدِّبُ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ. وَهُوَ شَيْخٌ لَمْ يضعَّف. 86- حَمْزَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ نَشِيطٍ3 الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ. الْعَابِدُ. رَوَى عَنْ: سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، وَعَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَجَمَاعَةٍ. وعنه: ابن أخيه عبد الله بن محمد بْنِ الْمُغِيرَةِ، ذَلِكَ الَّذِي نَزَلَ مِصْرَ، وَهَاشِمُ بن القاسم، وأبو أسامة، وسليمان ابن أَبِي شَيْخٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: هَذَا مَاتَ كَهْلا وَلَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. 87- حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ4. أَبُو زُهَيْرٍ البصريّ.

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 156-157"، ولسان الميزان "2/ 349". 2 التاريخ الكبير "3/ 21"، والجرح والتعديل "3/ 151"، والثقات لابن حبان "6/ 219". 3 التاريخ الكبير "3/ 47"، الجرح والتعديل "3/ 214"، وتهذيب التهذيب "3/ 33". 4 التاريخ الكبير "3/ 58"، والجرح والتعديل "3/ 246"، والثقات لابن حبان "6/ 130"، وميزان الاعتدال "1/ 623".

عن: أبي مِجْلَزٍ لاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَأَبِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حَيَّانَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى الْمِنْقَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَلَهُ مَنَاكِيرُ وَغَرَائِبُ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا وَهَّاهُ. "حرف الْخَاءِ": 88- خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ الله بن سليمان بن زيد1 ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ -ت-ن. عَنْ: نَافِعٍ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبير. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَالْوَاقِدِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ، هَكَذَا وَجَدْتُ فِي كِتَابِ الْمُغْنِي، وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ كَلامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ. وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الرَّجُلِ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 89- خَارِجَةُ بْنُ مصعب2 بن خارجة -ت- ق. أبو الحجّاج الضّبعيّ السّرخسيّ. عَالِمُ أَهْلِ خُرَاسَانَ عَلَى لِينٍ فِيهِ. رَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَهُوَ كَبِيرٌ فَسَمِعَ الْكَثِيرَ. وَرَوَى عَنْ: بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وعبد الملك بن عمير، وأيوب، ويونس، وعمرو بن دينار القهرمان، وشريك بن أبي نمر، وعمرو بن يحيى المازنيّ، وعدّة.

_ 1 الطبقات الكبرى "9/ 465"، التاريخ الكبير "3/ 204-205"، الجرح والتعديل "3/ 374"، الثقات لابن حبان "6/ 273"، تهذيب التهذيب "3/ 76"، وميزان الاعتدال "1/ 625". 2 الطبقات الكبرى "7/ 371"، التاريخ الكبير "3/ 205"، الجرح والتعديل "3/ 922-927"، تهذيب الكمال "8/ 16-23"، ميزان الاعتدال "625-626"، تهذيب التهذيب "3/ 76".

وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، وعيسى غنجار، ووكيع، وحفص بن عبد الله السلمي، ويحيى بن يحيى التَّميميّ، ونعيم بن حماد، ويزيد بن صالح، وآخرون. روى مسلم، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى قَالَ: هُوَ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ عِنْدَنَا، وَلَمْ يُنْكَرْ مِنْ أَحَادِيثِهِ إِلا مَا كَانَ يُدَلِّسُ عَنْ غِيَاثٍ -فَإِنَّا كُنَّا نَعْرِفُ تِلْكَ الأَحَادِيثَ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ، يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ بمتَّهم. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٌ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَغْلَطُ وَلا يَتَعَمَّدُ. وَعَنْ خَارِجَةَ قَالَ: قدمت على الزُّهريّ وهو صاحب الشرطة للمروانيَّة، لم أَسْمَعْ مِنْهُ ثُمَّ قَدِمْتُ، فَسَمِعْتُ مِنْ يُونُسَ، عَنْهُ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ خَارِجَةُ يُطْعِمُ أَصْحَابَ الحديث ويزري على من لا يَأْكُلُ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ليس بثقة. وقال عبد الله بن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: نَهَانِي أَبِي أَنْ أَكْتُبَ أَحَادِيثَ خَارِجَةَ بْنِ مُصْعَبٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ واتَّقوه. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: يُرْمَى بِالإِرْجَاءِ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ خَارِجَةَ: تُوُفِّيَ أَبِي سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَلَهُ ثَمَانٍ وَسَبْعُونَ سَنَةً. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ التَّميميّ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ الْكِنْدِيَّةُ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي الْقَاسِمِ الْقَارِئَ أَخْبَرَهَا سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ سَنَةَ ثمانٍ وَأَرْبَعِينَ وأربعمائة، أنا بشر بن أحمد الإسفرايينيّ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، نَا دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا خَارِجَةُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي أَغْزُو الْمَغْرِبَ فَنَجِدُ لَهُمْ أَسْقِيَةً يَشْرَبُونَ فِيهَا مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ، فَقَالَ: مَا أَدْرِي ما تقول،

أَلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "كُلُّ إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَرْبَابُ السَّنن، مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. 90- خَالِدُ بْنُ بَرْمَكَ2، أَبُو الْعَبَّاسِ، جدُّ الْبَرَامِكَةِ، صَدْرٌ معظَّم، وَزَرَ فِي أَوَّلِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ لِلسَّفَّاحِ. وَذَكَرَ الصُّولِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الإِمَامِ وَالِدِ السَّفَّاحِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ إِنَّهُ وَزَرَ لِلْمَنْصُورِ نَحْوًا مِنْ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ عَزَلَهُ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا أَيُّوبَ الْمُورْيَانِيَّ، وَعَقَدَ لِخَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ عَلَى إِمْرَةِ فَارِسَ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ تِسْعِينَ، وَكَانَ بَرْمَكُ مَجُوسِيًّا مِنَ الْفُرْسِ، وَقَدِ اتُّهِمَ خَالِدٌ بِالْبَقَاءِ عَلَى الْمَجُوسِيَّةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. مَاتَ سَنَةَ خمسٍ وستِّين وَمِائَةٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّارِ فَقَالَ: ذَكَرَ الصُّوليّ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ السَّفَّاحُ بَايَعَهُ خَالِدٌ وَتَكَلَّمَ، فَأَعْجَبَهُ وَظَنَّهُ مِنَ الْعَرَبِ، فَقَالَ: مِمَّنِ الرَّجُلُ؟ قَالَ: مَوْلاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْعَجَمِ، أَنَا خَالِدُ بْنُ بَرْمَكَ وَأَبِي وَأَهْلِي فِي مُوَالاتِكُمْ وَالْجِهَادِ عَنْكُمْ. فَأُعْجِبَ بِهِ وَقَدَّرَهُ فِي دِيوَانِ الْجُنْدِ، إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ وَزَرَ لِلسَّفَّاحِ، فَلَمَّا وَلِيَ الْمَنْصُورُ أَمَّرَهُ مُدَيْدَةً، ثُمَّ أَمَّرَهُ عَلَى فَارِسَ. وَمَدَحَتْهُ الشُّعَرَاءُ، ثُمَّ وَلِيَ الرَّيَّ، فَكَانَ بِهَا مَعَ الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ وَلِيَ الْمَوْصِلَ وَفَارِسَ مَعًا زَمَنَ الْمَهْدِيِّ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الْغَمْرَاوِيُّ: مَا بَلَغَ مَبْلَغَ خالدٍ أَحَدٌ مِنْ أَوْلادِهِ، وَمَا تَفَرَّقَ فِيهِمُ اجْتَمَعَ فِيهِ، كَانَ فَوْقَ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ فِي الرَّأْيِ وَالْحُكْمِ، وَفَوْقَ الْفَضْلِ فِي السَّخَاءِ، وَفَوْقَ جَعْفَرٍ فِي الْكِتَابَةِ وَالْفَصَاحَةِ، وَفَوْقَ مُحَمَّدٍ فِي أنيَّته وَحُسْنِ آلَتِهِ، وَفَوْقَ مُوسَى فِي شَجَاعَتِهِ. وَكَانَ يَحْيَى يَقُولُ: مَا أَنَا إِلا شَرَارَةٌ مِنْ نَارِ أَبِي العبّاس.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "366"، وأبو داود "4123"، والترمذي "1718"، والنسائي "4252"، وابن ماجه "3609"، ومالك في الموطأ "1073"، وأحمد في المسند "1/ 219، 227، 237، 270، 279، 280، 314، 328، 343، 365، 372"، وابن حبان في صحيحه "1287". 2 الأغاني "3/ 173، 184، 185"، سير أعلام النبلاء "7/ 228، 229"، النجوم الزاهرة "2/ 50".

فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَبَّاسِ الصُّوليّ: مَا فِي وُزَرَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ مِثْلُ خَالِدٍ فِي فَضَائِلِهِ وَكَرَمِهِ. وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ قَالَ: لَوْ كَانَتْ دَوْلَتُنَا صُورَةً لَكَانَ قَحْطَبَةُ قَلْبَهَا، وَأَبُو جَهْمٍ بَدَنَهَا، وَعُثْمَانُ بْنُ نَهِيكٍ يَدَهَا، وَخَالِدُ بن برمك غذاؤها وَقُوتَهَا. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ همَّ بِهَدْمِ إِيوَانِ كِسْرَى، فَقَالَ: لا تَفْعَلْ فَإِنَّهُ آيَةٌ لِلإِسْلامِ، وَإِذَا رَآهُ النَّاسُ عَلِمُوا أَنَّ مَنْ هَذَا بِنَاؤُهُ لا يُزِيلُ أَمْرَهُ إِلا الأَنْبِيَاءُ وَمَوْرَثَتُهُ أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِ، قَالَ: أَبَيْتَ إِلا مَيْلا إِلَى الأَعْجَمِيَّةِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَدْمِهِ، فَهُدِمَتْ مِنْهُ ثُلْمَةٌ غَرِمُوا عَلَيْهِ جُمْلَةً فَأَضْرَبَ عَنْ هَدْمِهِ وَقَالَ: يَا خَالِدُ قَدْ صِرْنَا إِلَى إِرَادَتِكَ. قَالَ: أَنَا غَيَّرْتُ، أَرَى هَدْمَهُ لَيْلا لِئَلا يُقَالَ: عَجَزْتُ عَنْهُ. 91- خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ1 بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ. -ت. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وعمَّي أَبِيهِ سَالِمٍ، وَحْمَزَةَ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفيليّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَعَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: لَهُ مَنَاكِيرُ. 92- خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ، الْمَهْرِيُّ الْمِصْرِيُّ2. عَنْ: بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ، وَحُمَيْرِ بْنِ هَانِي الخولانيّ، وخالد بن يزيد الجمحيّ، وعمر مَوْلَى غُفْرَةَ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَإِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْخَوْلانِيُّ، وَرَوْحُ بْنُ صَلاحٍ، وَآخَرُونَ.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 323"، تهذيب الكمال "8/ 33-34"، الثقات لابن حبان "6/ 254"، ميزان الاعتدال "1/ 628"، تهذيب التهذيب "3/ 81-82". 2 التاريخ الكبير "3/ 144"، الجرح والتعديل "3/ 325-326"، تهذيب الكمال "8/ 39-41"، تهذيب التهذيب "3/ 83".

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ وَاعِظًا عَالِمًا كَبِيرَ الْقَدْرِ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الأَدَبِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 93- خَالِدُ بْنُ زِيَادٍ، الأَزْدِيُّ1، التِّرْمِذِيُّ -ت. ن. عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى عَمْرٍو، وَأَبِي الصِّدِّيق النَّاجِيِّ، وَمُقاتِلِ بْنِ حيَّان، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: اللَّيث بْنُ خَالِدٍ الْبَلْخِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَرْوَزِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ. قُلْتُ: صَدُوقٌ إن شاء الله. 94- خالد بن ميسرة2 -د. ن- أبو حاتم، بَصْرِيٌّ صُوَيْلِحٌ. رَوَى عَنْ: مُعَاوِيَةَ بْنِ قرَّة، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ. وعنه: العقدي، وعبد الصمد بن حسان، وغيرهما. وكان عطارا. 95- خالد بن إلياس3 -ت. ق- أبو الهيثم العدويّ المدنيّ. عَنْ: يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، وَصَالِحٍ مَوْلَى التَّوءمة، وَالْمَقْبُرِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ الزُّبيديّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، ضعيف. وقال النَّسائيّ: متروك.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 151"، الجرح والتعديل "3/ 332"، تهذيب الكمال "8/ 65-66"، تهذيب التهذيب "3/ 90". 2 التاريخ الكبير "3/ 175-176"، والجرح والتعديل "3/ 352"، تهذيب التهذيب "3/ 122-123". 3 الطبقات الكبرى "9/ 421"، التاريخ الكبير "3/ 140"، الجرح والتعديل "3/ 321"، تهذيب التهذيب "3/ 80-81".

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ يَؤُمُّ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوًا مِنْ ثَلاثِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: اسْمُهُ خَالِدُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ صَخْرٍ الْعَدَوِيُّ. لَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَائِفَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، يُكتَبُ حَدِيثُهُ زَحْفًا. وَقَالَ أَبُو زرعة: سمعت أبا نعيم يقول: لا يساوي حَدِيثُهُ فَلْسَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ كلُّها أَفْرَادٌ، وَمَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 96- خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ1، أَبُو هَاشِمٍ المرِّيّ الدِّمشقي -ن. ق. قَاضِي الْبَلْقَاءِ، وَوَالِدُ عِرَاكٍ الْقَارِئِ. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ صَالِحِ بْنِ صُبَيْحٍ الْمُرِّيِّ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بن مسلم، ومروان الطّاطريّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَمَا أَظُنُّ نُعَيْمًا لَقِيَهُ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ، وَعَاشَ تِسْعِينَ سَنَةً. قَرَأَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 97- خَطَّابُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ2، الْخُزَاعِيُّ الْقُمِّيُّ -ن. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّدِّيَّ، وَعَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ. وَعَنْهُ: عَامِرُ بْنُ إبراهيم، والحسين بن حفص الأصبهانيان. وثّقة ابن حبّان.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 181-182"، الجرح والتعديل "3/ 358-359"، تهذيب التهذيب "3/ 125-126". 2 الجرح والتعديل "3/ 386"، الثقات لابن حبان "8/ 232"، تهذيب التهذيب "3/ 145".

98- خَلادُ بْنُ سُلَيْمَانَ1، الْحَضْرَمِيُّ الْمِصْرِيُّ. عَنْ: نَافِعٍ، وَدَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، وَخَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ. وعنه: ابن وهب، وَسَعِيد بن أبي مريم، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَقَدْ أَدْرَكَ أَيَّامَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِيمَا قِيلَ. كُنْيَتُهُ: أَبُو سُلَيْمَانَ، مَاتَ بَعْدَ السِّتِّينَ. وَثَّقَهُ الْحَافِظُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ الرَّازِيُّ. 99- خَلَفُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْبَصْرِيُّ2، أَبُو الْمُنْذِرِ. عَنْ: بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. 100- خَلَفُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ3، الْخُزَاعِيُّ. عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَى عَنْهُ: طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَأَبُو كَامِلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ. 101- خُلَيْدُ بْنُ دَعْلَجٍ4، السَّدُوسِيُّ، الْبَصْرِيُّ، ثُمَّ الْمَوْصِلِيُّ. نَزِيلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ، وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَأَبُو الجماهر محمد بن عثمان، وأبو جعفر النّقيليّ، وَمُنَبَّهُ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَآخَرُونَ. قال أحمد: ضعيف الحديث.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 188-189"، الجرح والتعديل "3/ 365-366"، تهذيب التهذيب "3/ 172-173". 2 التاريخ الكبير "3/ 194"، الجرح والتعديل "3/ 370"، الثقات لابن حبان "6/ 271". 3 التاريخ الكبير "3/ 196-197"، الجرح والتعديل "3/ 373"، الثقات لابن حبان "6/ 271". 4 التاريخ الكبير "3/ 199"، الجرح والتعديل "3/ 384"، تهذيب الكمال "8/ 307-309"، ميزان الاعتدال "1/ 663"، تهذيب التهذيب "3/ 158-159".

وقال حَاتِمٍ: صَالِحٌ، لَيْسَ بِالْمَتِينِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَكَتَبَهُ: خُلَيْدٌ أَبُو حَلْبَسٍ. وَيُقَالُ: أَبُو عُبَيْدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو، وَيُقَالُ: أَبُو عُمَرَ. قَالَ النُّفَيْلِيُّ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 102- خُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ1. هُوَ ابْنُ حَسَّانٍ، يُكَنَّى: أَبَا حَسَّانٍ، وَهُوَ بَصْرِيٌّ نَزَلَ بُخَارَى، وَحَدَّثَ عَنِ: الْحَسَنِ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دينار. وعنه: حازم بْنُ خُزَيْمَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ مُخَارِقٍ، وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَفِي كِبَارِ التَّابِعِينَ: خُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ: شَيْخُ قَتَادَةَ. 103- خَلِيفَةُ بْنُ غَالِبٍ اللَّيْثِيُّ2، أَبُو غَالِبٍ، بَصْرِيٌّ. صَدُوقٌ. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ الْعُمَرِيِّ، وَأَبِي غَالِبٍ الشَّامِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَعَفَّانُ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ شَيْئًا. 104- الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ3، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الأَزْدِيُّ، الْفَرَاهِيدِيُّ، الْبَصْرِيُّ، صَاحِبُ الْعَرَبِيَّةِ وَالْعَرُوضِ، أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ: أَيُّوبَ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَالْعَوَّامِ بْنِ حرشب، وَغَالِبٍ الْقَطَّانِ، وَطَائِفَةٍ. أَخَذَ عَنْهُ: سِيبَوَيْهِ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَهَارُونُ بْنُ مُوسَى النَّحْوِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 198"، الجرح والتعديل "3/ 384"، الثقات لابن حبان "6/ 271". 2 التاريخ الكبير "3/ 191"، الجرح والتعديل "3/ 377"، تهذيب التهذيب "3/ 161-162". 3 التاريخ الكبير "3/ 199-200"، الجرح والتعديل "3/ 380"، سير أعلام النبلاء "7/ 429-431".

وَكَانَ رَاسِيًا فِي عِلْمِ اللِّسَانِ، خَيِّرًا مُتَوَاضِعًا، ذَا زُهْدٍ وَعَفَافٍ. يُقَالُ: إِنَّهُ دَعَا بِمَكَّةَ أَنْ يَرْزُقَهُ اللَّهُ عِلْمًا لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ، فَرَجَعَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَقَدْ فُتِحَ لَهُ بِعِلْمِ الْعَرُوضِ، فَصَنَّفَ فِيهِ، وَصَنَّفَ أَيْضًا كِتَابَ الْعَيْنِ فِي اللُّغَةِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ فَقَالَ: يَرْوِي الْمَقَاطِيعَ. وَكَانَ مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللَّهِ الْمُتَقَشِّفِينَ فِي الْعِبَادَةِ، وَهُوَ الْقَائِلُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ لَحْمٌ ... كَفَاكَ خَلٌّ وَزَيْتُ إِنْ لا يَكُنْ ذَا وَلا ... ذَا فَكِسْرَةٌ وَبَيْتُ تَظَلُّ فِيهِ وَتَأْوِي ... حَتَّى يَجِيئَكَ مَوْتُ هَذَا لَعَمْرِي كَفَافٌ ... لَكِنْ تَضُرُّكَ لَيْتُ وَقِيلَ: كَانَ لِلْخَلِيلِ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَالِي فَارِسَ رَاتِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ لِيَفِدَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْخَلِيلُ: أَبْلِغْ سُلَيْمَانَ أَنِّي عَنْهُ فِي شُغُلٍ ... وَفِي غِنًى غَيْرَ أَنِّي لست ذا مال سخي بنفسي، أنّي لا أَرَى أَحَدًا ... يَمُوتُ هَزْلا وَلا يَبْقَى عَلَى حَالِ الرِّزْقُ عَنْ قَدَرٍ لا الضَّعْفُ يَنْقُصُهُ ... وَلا يَزِيدُ فِيهِ حَوْلُ مُحْتَالِ وَالْفَقْرُ فِي النَّفْسِ لا فِي الْمَالِ تَعْرِفُهُ ... وَمِثْلُ ذَاكَ الْغِنَى فِي النَّفْسِ لا الْمَالِ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: أَقَامَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ فِي خُصٍّ بِالْبَصْرَةِ لا يُقَدَّرُ عَلَى فَلْسَيْنِ، وَتَلامِذَتُهُ يَكْتَسِبُونَ بِعِلْمِهِ الأَمْوَالَ. وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِبَيْتِ الأَخْطَلِ: وَإِذَا افْتَقَرْتَ إِلَى الذَّخَائِرِ لَمْ تَجِدْ ... ذُخْرًا يَكُونُ كَصَالِحِ الأَعْمَالِ. وَقَدْ كَانَ الْخَلِيلُ آيَةً فِي قُوَّةِ الذَّكَاءِ. قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: مَا رَأَيْتُ فِي الْمَشَايِخِ أَشَدَّ تَوَاضُعًا مِنْكَ يَا خَلِيلُ بْنَ أَحْمَدَ، لا ابْنَ عَوْنٍ، وَلا غَيْرَهُ. وَيُقَالُ: بَرَزَ مِنْ أَصْحَابِ الْخَلِيلِ أَرْبَعَةٌ: النَّضْرُ، وَسِيبَوَيْهِ، وَعَلِيُّ بن نصر،

وَمُؤَرِّجُ بْنُ عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ، وَكَانَ أَبْرَعُهُمْ فِي النَّحْوِ: سِيبَوَيْهِ، وَغَلَبَ عَلَى النَّضْرِ اللُّغَةُ، وَعَلَى مُؤَرِّجٍ الشِّعْرُ وَاللُّغَةُ، وَعَلَى عَلِيٍّ الْحَدِيثُ. وَلِلْخَلِيلِ كِتَابُ الْعَيْنِ وَهُوَ نَفِيسٌ مَشْهُورٌ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَارِثِ الْكِنْدِيُّ، فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ الطَّحَاوِيُّ، عَنْ أَبِي شِمْرٍ، قَالَ: لَقِيَنِي الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ فَقَالَ: قَدْ وَضَعْتُ كِتَابًا أَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ، فَقُلْتُ: إِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَمَا شَيْءٌ بَعْدَ الْقُرْآنِ أَنْفَعَ مِنْهُ، قَالَ: فَعَرَضَهُ عليّ فإذا هو أبعد شيء مِمَّا سَمَّى، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ آتَاكَ عِلْمًا لَهُ لَهَجُهُ، فَلا تَخْلِطْ مَا لا تَعْلَمُ مِمَّا تَعْلَمُ، فَيُذْهِبَ مَا لا تَعْلَمُ بَهْجَةَ مَا تَعْلَمُ. وَيُقَالُ: كَانَ سَبَبُ مَوْتِ الْخَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَعْمَلَ نَوْعًا مِنَ الْحِسَابِ تَمْضِي بِهِ الْجَارِيَةُ إِلَى الْفَامِيِّ1 فَلا يُمْكِنُهُ أَنْ يَظْلِمَهَا، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ يُعْمِلُ فِكْرَهُ، فَصَدَمَتْهُ سَارِيَةٌ وَهُوَ غَافِلٌ فَانْصَرَعَ، فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ. وَقِيلَ: بَلْ صَدَمَتْهُ السَّارِيَةُ وَهُوَ يُقَطِّعُ بَحْرًا مِنَ الْعَرُوضِ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ مِائَةٍ، وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتِّينَ، وَسَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. "حرف الدَّالِ": 105- دَاوُدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ. -د. ت. ق. - قَدْ مَرَّ. 106- دَاوُدُ بْنُ سِنَانٍ2، الْقُرَظِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَمَيْسُورِ بْنِ رِفَاعَةَ. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ بِهِ.

_ 1 الفامي: البقال. 2 التاريخ الكبير "3/ 237"، الجرح والتعديل "3/ 414، 415"، الثقات لابن حبان "6/ 283"، الميزان "2/ 9".

107- دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ1، الْكِنْدِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، ثُمَّ الْبَصْرِيُّ -خ. ت. س. ق. عَنْ: عَبْدِ الله بن بريدة، وإبراهيم الصَّائِغِ، وَأَبِي غَالِبٍ صَاحِبِ أَبِي أُمَامَةَ، وَعَلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ. وَعَنْهُ: حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَعَفَّانُ، وَشَيْبَانُ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَتِينِ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 108- دَاوُدُ الطَّائِيُّ2. هُوَ أَبُو سُلَيْمَانَ، دَاوُدُ بْنُ نُصَيْرٍ، الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ، الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ، أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَحُمَيْدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ عليَّة، وَزَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ السَّلول، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، لَكِنَّهُ آثَرَ الْخُمُولَ وَالإِخْلاصَ، وفرَّ بِدِينِهِ. سَأَلَهُ رَجُلٌ مرَّة عَنْ حَدِيثٍ فَقَالَ: دَعْنِي، فَإِنِّي أُبَادِرُ خُرُوجَ نَفْسِي3. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: أَبْصَرَ دَاوُدُ أَمْرَهُ4. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: هَلِ الأَمْرُ إِلا مَا كَانَ عَلَيْهِ دَاوُدُ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ يُجَالِسُ أَبَا حنيفة، ثم إنّه عمد إلى كتبه

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 236"، الجرح والتعديل "3/ 419"، ميزان الاعتدال "2/ 19"، تهذيب التهذيب "3/ 197". 2 الطبقات الكبرى "6/ 367"، الجرح والتعديل "3/ 426"، حلية الأولياء "7/ 335-367"، تهذيب الكمال "8/ 455-461"، ميزان الاعتدال "2/ 21"، تهذيب التهذيب "3/ 203". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 335-336". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 336".

فَغَرَّقَهَا فِي الْفُرَاتِ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَتَخَلَّى1. وَكَانَ زَائِدَةُ صَدِيقًا لَهُ، فَأَتَاهُ يَوْمًا فَقَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 1-2] ، قَالَ: وَكَانَ يُجِيبُ فِي هَذِهِ الآيَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الصَّلت، انْقَطَعَ الْجَوَابُ، وَقَامَ وَدَخَلَ بَيْتَهُ2. رَوَاهَا ابْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَزَادَ فِيهَا: كَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ عَلِمَ وَفَقِهَ وَنَفَذَ فِي الْكَلامِ قَالَ: وَأَخَذَ حَصَاةً فَحَذَفَ بِهَا إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، طَالَ لِسَانُكَ وَطَالَتْ يَدُكَ، فَاخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةً لا يُسْأَلُ وَلا يُجِيبُ3. وقيل: كان داود يعالج نفسه بالصَّمت، فأراد أَنْ يُجَرِّبَ نَفْسَهُ هَلْ يَقْوَى عَلَى الْعُزْلَةِ، فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِ أَبِي حَنِيفَةَ سَنَةً لَمْ يَنْطِقْ، ثُمَّ اعْتَزَلَ النَّاسَ4. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: جِئْتُ أَنَا وَابْنُ عُيَيْنَةَ إِلَى دَاوُدَ الطَّائِيِّ، فَقَالَ: جِئْتُمَانِي مرَّةً فَلا تَعُودَا إليَّ5. وَعَنِ الرَّبِيعِ الأَعْرَجِ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ لا يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، فَإِذَا سَلَّمَ الإِمَامُ أَخَذَ نَعْلَهُ وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَوْصِنِي، قَالَ: اتَّق اللَّهَ، وَبِرَّ وَالِدَيْكَ، ثُمّ قَالَ: وَيْحَكَ، صُمِ الدُّنْيَا، وَاجْعَلِ الْفِطْرَ الْمَوْتَ، وَاجْتَنِبِ النَّاسَ غَيْرَ تاركٍ لِجَمَاعَتِهِمْ6. وَعَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ: قُلْتُ لِدَاوُدَ: أَوْصِنِي، قَالَ: أَقْلِلْ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ، قُلْتُ: زِدْنِي، قَالَ: ارْضَ بِالْيَسِيرِ مَعَ سَلامَةِ الدِّينِ، كَمَا رَضِيَ أَهْلُ الدُّنْيَا بِالدُّنْيَا مَعَ فَسَادِ الدِّينِ7. وَعَنْهُ قَالَ: كَفَى بِالْيَقِينِ زُهْدًا، وَكَفَى بالعلم عبادة، وكفى بالعبادة شغلًا8.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 336"، والخطيب في تاريخه "8/ 348". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 336"، والخطيب في تاريخه "8/ 348". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 336"، والخطيب في تاريخه "8/ 347-348". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 342"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 131". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 342"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 131". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 342-343"، والبيهقي في الزهد "142". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 343". 8 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 343".

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّورقيّ: نَا أَبُو نعيم قال: رأيت داود -وكان من أَفْصَحَ النَّاسِ وَأَعْلَمَهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ، يَلْبَسُ قَلَنْسُوةً سَوْدَاءَ طَوِيلَةً مِمَّا يَلْبَسُ التُّجّار1. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ: قَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ لِسُفْيَانَ: إِذَا كُنْتَ تَشْرَبُ الْمَاءَ الْمُبَرَّدَ، وَتَأْكُلُ اللَّذيذ الطَّيِّب، وَتَمْشِي فِي الظِّلّ الظَّليل، فَمَتَى تُحِبُّ الْمَوْتَ2؟.. وَقِيلَ: إنّ محمد بن قحطبة الأمير قدم إلى الْكُوفَةَ فَقَالَ: أَحْتَاجُ إِلَى مُؤَدِّبٍ يُؤَدِّبُ أَوْلادِي، حافظٍ لِكِتَابِ اللَّهِ، عالمٍ بسنَّة رَسُولِ اللَّهِ، وَبِالأَثَرِ، وَالْفِقْهِ، والنَّحو، وَالشِّعْرِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا يَجْمَعُ هَذِهِ الأَشْيَاءَ كُلَّهَا إِلا دَاوُدُ الطَّائِيُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ: نَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ قَدْ وَرِثَ مِنْ أُمِّهِ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَمَكَثَ يتقوَّت بِهَا ثَلاثِينَ عَامًا، فَلَمَّا نَفِدَتْ، جَعَلَ يَنْقُضُ سُقُوفَ الدُّويرة فَيَبِيعُهَا، حَتَّى بَاعَ الْبَوَارِيَ واللَّبن، حَتَّى بَقِيَ فِي نِصْفِ سَقْفٍ3. قَالَ عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَلَبِيُّ: عَاشَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ عِشْرِينَ سَنَةً بِثَلاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ4. وَقِيلَ: مَرِضَ دَاوُدُ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ خَرَجْتَ إِلَى الرَّوْحِ تفرح قلبك، قال: إنّي لأستحيي مِنْ نَفْسِي أَنْ أَنْقِلَ قَدَمِي إِلَى مَا فِيهِ رَاحَةٌ لِبَدَنِي5. وَيُقَالُ: عُوتِبَ فِي التَّزْوِيجِ فَقَالَ: كَيْفَ بقلبٍ ضعيفٍ لا يَقْوَى بِهَمِّهِ، عَلَيْهِ هَمَّانِ6. قَالَ إِسْحَاقُ السَّلوليّ: حدَّثتني أُمُّ سَعِيدٍ قَالَتْ: كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ جِدَارٌ قَصِيرٌ، وَكُنْتُ أَسْمَعُ حَنِينَهُ عَامَّةَ اللَّيْلِ لا يَهْدَأُ، فَمِمَّا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَمُّكَ عطّل عليّ الهموم، وحالف بَيْنِي وَبَيْنَ السُّهاد، وشوَّقني إِلَى النَّظَرِ إِلَيْكَ، وَمَنَعَ مِنِّي الشَّهَوَاتِ، فَأَنَا فِي سِجْنِكَ أَيُّهَا الكريم مطلوب7.

_ 1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 367". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 346"، والبيهقي في الزهد "213". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 346"، والخطيب في تاريخه "8/ 348"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 139". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 347". 5 أخرجه البيهقي في الزهد "155"، وأبو نعيم في الحلية "7/ 355". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 356". 7 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 356"، والخطيب في تاريخه "8/ 351".

قالت: وربّما ترنّم بالسَّحر بالقرآن، فأرى أنّ جَمِيعَ نَعِيمِ الدُّنْيَا خَرَجَ فِي ترنُّمه تِلْكَ السَّاعَةَ1. وَكَانَ يَقُولُ: فِي الظُّلمة لا يُسْرَجُ. وَعَنْ سَنْدَوَيْهِ قَالَ: قِيلَ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ: أَرَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ عَلَى الأُمَرَاءِ فَأَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ، قَالَ: أَخَافُ عَلَيْهِ السَّوط، قَالَ: إِنَّهُ يَقْوَى، قَالَ: أخاف عليه السيف، قال: إنه يقوى، أَخَافُ عَلَيْهِ الدَّاءَ الدَّفِينَ، الْعُجْبَ2. رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: أَصْبَحَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ جَالِسًا عَلَى بَابِ دَارِهِ، فَأَتَاهُ جِيرَانُهُ فَقَالُوا: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، مَا بَدَا لَكَ الْيَوْمَ فِي الْجُلُوسِ هُنَا؟ قَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ، فَجَلَسْتُ لأُصْلَحَ مِنْ أَمْرِهَا فَأَعَانُوهُ عَلَى دَفْنِهَا. وَتَرَكَتْ لَهُ جَارِيَةً بَاعَهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا3. وَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ قَحْطَبَةَ الأَمِيرَ أَحَبَّ أَنْ يَصِلَ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، فَكَلَّمَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: لا يَقْبَلُهَا، قَالَ: تلطَّف، فَجَاءَ دَاوُدَ فكلَّمه وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْحَسَنِ بْنِ قحطبة من القرابة، وقد أَحَبَّ أَنْ يَصِلَكَ، فَغَضِبَ وَقَالَ: لَوْ غَيْرُكَ فَعَلَ هَذَا مَا كَلَّمْتُهُ أَبَدًا، قُلْ لَهُ يَرُدُّهَا عَلَى أَهْلِهَا، فَهُمْ أحقُّ بِهَا. وَرَوَى شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ وَغَيْرُهُ: أَنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ قِيلَ لَهُ: أَلا تسرِّح لِحْيَتَكَ، وَكَانَتْ مُفَتَّلَةً، قَالَ: أَنَا عَنْهَا لَمَشْغُولٌ4. مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلجيّ: نَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: أَتَيْتُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، وَبَلَغَهُ عَنْهُ فَاقَةٌ، فَأَخْرَجَ لَهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَلَطَّفَ بِهِ، فَقَالَ: مَا لِي إِلَيْهَا حَاجَةٌ، وَلَوْ قَبِلْتُ شَيْئًا لَقَبِلْتُهَا. أَبُو دَاوُدَ الْحَفْرِيُّ، قَالَ لِي دَاوُدُ الطَّائِيُّ: أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْتِينَا إِذْ كنّا ثمَّ؟ ما أحب أن تأتيني.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 356-357"، والخطيب في تاريخه "8/ 352"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 141". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 358"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 142". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 347". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 339"، والخطيب في تاريخ بغداد "8/ 350".

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ: جَاءَ دَاوُدُ فِي قُبَاءَ أَصْفَرَ، فَكُنَّا نَضْحَكُ مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا مَاتَ حَتَّى سَادَنَا. أَخْبَرَنَا نَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّالِحِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا أَبُو مُوسَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ، أَنَا خَلِيلُ بْنُ بَدْرٍ الدَّارَانِيُّ، أَنا أَبُو عَلِيٍّ الْمُقْرِيُّ، أَنا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبرانيّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسائيّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، نَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، عن داود الطّائيّ، عن الأعمش، شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلا شَاةً وَلا بَعِيرًا وَلا أَوْصَى"1. قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجُوهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَدَاوُدُ صَدُوقٌ فِي الْحَدِيثِ. وَقَدْ كَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُورَةً. قَالَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ: اشْتَكَى دَاوُدُ الطَّائِيُّ، وَكَانَ سَبَبُ عِلَّتِهِ أَنَّهُ مَرَّ بآيةٍ فِيهَا ذِكْرُ النَّارِ فكرّرها فأصبح مريضًا، فوجدوه قد مات ورأسه على لبنة، ففتحوا الدَّارِ، وَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ إِخْوَانِهِ وَجِيرَانِهِ، وَمَعَهُمُ ابْنُ السَّمَّاكِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى رَأْسِهِ قَالَ: يَا دَاوُدُ: فَضَحْتَ الْقُرَّاءَ، فَلَمَّا حَمَلُوهُ إِلَى قَبْرِهِ شَيَّعَهُ خَلْقٌ حَتَّى خَرَجَ ذَوَاتُ الْخُدُورِ، فَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: يَا دَاوُدُ سَجَنْتَ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُسْجَنَ، وَحَاسَبْتَهَا قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبَ، الْيَوْمَ تَرَى ثَوَابَ مَا كُنْتَ تَرْجُو، وَلَهُ كُنْتَ تَنْصَبُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: اللَّهُمَّ لا تَكِلْهُ إِلَى عَمَلِهِ، فَأَعْجَبَ النَّاسَ ما قال أبو بكر2. وقال بعبد الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: بَلَغَنِي أَنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ لَمَّا دُفِنَ، أَخَذَ النَّاسُ يُثْنُونَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ: اللَّهُمَّ لا تَكِلْهُ إِلَى عَمَلِهِ، قَالَ أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الوابشّي قال: رأيت الناس ههنا بَاتُوا ثَلاثَ لَيَالٍ مَخَافَةَ أَنْ تَفُوتَهُمْ جِنَازَةُ داود.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "1635"، وأبو داود "2863"، والنسائي "3623"، وابن ماجه "2695"، وأحمد في المسند "6/ 44"، وابن حبان في صحيحه "6606"، والبيهقي في الدلائل "7/ 274". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 340"، والخطيب في تاريخه "8/ 355"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 146".

وَرَأَيْتُ النَّاسَ كُلَّهُمْ يَبْكُونَ، مَا شَبَّهْتُهُ إِلا بِيَوْمِ الْخُرُوجِ1. قَالَ الدَّوْرَقِيُّ: وَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ دَاوُدَ الطَّائِيِّ، وَحَضَرْتُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَمَا رَأَيْتُ أَشَدَّ نَزْعًا مِنْهُ، أتيناه من العشيّ ونحن نَسْمَعُ نَزْعَهُ قَبْلَ أَنْ نَدْخُلَ، ثُمَّ غَدَوْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ بَعْدُ فِي النَّزْعِ، فَلَمْ نَبْرَحْ حَتَّى مَاتَ2. قَالَ: وَثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حُمِلَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ عَلَى سَرِيرَيْنِ أَوْ ثَلاثَةٍ، تَكَسَّرَ مِنْ زِحَامِ النَّاسِ عَلَيْهِ، فَيُغَيَّرُ السَّرِيرُ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ كَذَا كَذَا مَرَّةٍ، وَحَضَرْتُ جِنَازَتَهُ3. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكَاغَدِيِّ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نعيم، نا محمد بن الفتح الحنبليّ، أنا ابْنُ صَاعِدٍ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، نَا ابْنُ عُلَيَّةَ، نَا دَاوُدُ الطَّائِيُّ، عَنْ عَبْدِ الملك ابن عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: وَقَعَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي سَعْدٍ عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّيَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي صَلاةُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلا أَخْرِمُ عنها أركد في الأوليين وأحذف في الآخرين، قَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ أَبَا إِسْحَاقَ، رَوَاهُ شُعْبَةُ وَالنَّاسُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ. مَاتَ دَاوُدُ -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ- سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَمَا يُذْكَرُ مِنْ قِصَّةِ لِبْسِ الْخِرْقَةِ، وَأَنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ صَحِبَ حَبِيبًا الْعَجَمِيَّ فَخَطَأٌ، لَمْ يَصْحَبْهُ، وَلا عَرَفْنَا لِدَاوُدَ رَوَاحًا إِلَى الْبَصْرَةِ، وَلا لِحَبِيبٍ قُدُومًا إِلَى الْكُوفَةِ. ثُمَّ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إِنَّ مَعْرُوفًا الْكَرْخِيَّ أَخَذَهَا مِنْ دَاوُدَ، فَمَا عَلِمْنَا أَنَّ دَاوُدَ وَمَعْرُوفًا اجْتَمَعَا وَلا الْتَقَيَا، والله أعلم. "حرف الراء": 109- رافع بن سلمة بن زياد4 بن أبي الجعد، الأشجعي، البصري -د. ن. عَنْ: جَدِّهِ زِيَادٍ، وَحَشْرَجِ بْنِ زِيَادٍ، وثابت البنانيّ.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 341". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 341". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 341". 4 التاريخ الكبير "3/ 305-306"، الجرح والتعديل "3/ 481"، تهذيب التهذيب "3/ 230".

وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَشَاذُ بْنُ فَيَّاضٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 110- رَبَاحُ بْنُ يَزِيدَ اللَّخْمِيُّ، الإِفْرِيقِيُّ الْمَغْرِبِيُّ. الزَّاهِدُ الْعَابِدُ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: لَهُ أَخْبَارٌ تَطُولُ فِي ذِكْرِ عِبَادَتِهِ. وَهُوَ بِالْمَغْرِبِ يَضْرِبُونَ بِعِبَادَتِهِ الْمَثَلَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. مَاتَ فِي إِمْرَةِ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ عَلَى الْمَغْرِبِ. 111- الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ1، أَبُو بَكْرٍ الْجُمَحِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ -م. د. ت. عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْجُمَحِيِّ. وَعَنْهُ: حَفِيدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَكْرٍ شَيْخُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ. وَمِنَ الْقُدَمَاءِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 112- الرَّبِيعُ بْنُ يُونُسَ2 بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسَانَ الْعَبَّاسِيُّ، مَوْلاهُمُ. الأَمِيرُ الْحَاجِبُ، أَبُو الْفَضْلِ، مِنْ كِبَارِ الْمُلُوكِ، وَلِيَ حِجَابَةَ الْمَنْصُورِ، ثُمَّ وَلِيَ وِزَارَتَهُ، وَحَجَبَ لِلْمَهْدِيِّ، وَوَلِيَ ابْنُهُ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ حِجَابَةَ الرَّشِيدِ، وَوَلِيَ حَفِيدُهُ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ حِجَابَةَ الأَمِينِ. حَدَّثَ الرَّبِيعُ عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ، وَمُوسَى بْنُ سُهَيْلٍ. وَكَانَ مِنْ رِجَالِ الدَّهْرِ حَزْمًا وَرَأْيًا وَدَهَاءً. مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، مِنْ عَسَلٍ مَسْمُومٍ سَقَاهُ الْخَلِيفَةُ الْهَادِي، وَقَدْ كَانَ الْمَنْصُورُ كَثِيرَ الْوُثُوقِ بِالرَّبِيعِ، مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ إِلَى الغاية.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 275"، الجرح والتعديل "3/ 469"، تهذيب التهذيب "3/ 251". 2 تاريخ خليفة "436"، سير أعلام النبلاء "7/ 335".

ويقال: إنّ الربيع لم يكن يُعْرَفْ لَهُ أَبٌ، فَدَخَلَ هَاشِمِيٌّ عَلَى الْمَنْصُورِ وَأَخَذَ يُذَكِّرُهُ وَالِدَ الرَّبِيعِ وَيَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الرَّبِيعُ: كَمْ ذَا تَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ الْهَاشِمِيُّ: يَا رَبِيعُ أَنْتَ مَعْذُورٌ لا تَعْرِفُ مِقْدَارَ الآبَاءِ، فَخَجِلَ مِنْهُ. وَقَطِيعَةُ الرَّبِيعِ مَحِلَّةٌ كَبِيرَةٌ بِبَغْدَادَ تُنْسَبُ إِلَيْهِ. 113- رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ1 - م. ن. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ التَّنُّورِيُّ، وَعَفَّانُ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَمُسْلِمٌ الْقَصَّابُ، وَمُسْلِمٌ التَّبُوذَكِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 114- رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، أَبُو الْمِقْدَامِ2 -ن. ق. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، نَزَلَ الرَّمْلَةَ فَقِيلَ لَهُ: الْفِلَسْطِينِيُّ، اسْمُ أَبِيهِ مِهْرَانُ. رَوَى عَنْ: رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: الْحَمَّادَانِ، وَضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: نَا رَجَاءُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لا نَفْلَ بَعْدَ رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَرُدُّ قويَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ. قُلْتُ: عَاشَ سَبْعِينَ سَنَةً، تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وستّين ومائة.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 276"، التاريخ الكبير "3/ 291"، ميزان الاعتدال "2/ 45"، تهذيب التهذيب "2/ 263". 2 التاريخ الكبير "3/ 313"، الجرح والتعديل "3/ 502"، حلية الأولياء "6/ 92-93"، تهذيب التهذيب "3/ 267".

115- رَجَاءُ بْنُ صُبَيْحٍ1، الْبَصْرِيُّ، أَبُو يَحْيَى -ت. صَاحِبُ السَّقْطِ، مِنْ مَوَالِي وَرْشٍ. أَخَذَ عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَمُسَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ. وعنه: يزيد بن زريع، وعارم، وموسى بن إِسْمَاعِيلَ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. 116- رُسْتُمُ، أَبُو يَزِيدَ الطَّحَّانُ2. كُوفِيٌّ، مُقِلٌّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمَكْحُولٍ، وَرَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَحَّالُ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ صَالِحٍ، وَغَيْرُهُمْ. سُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ عَنْهُ فَقَالَ: شَيْخٌ. 117- رَيْطَةُ ابْنَةُ السَّفَّاحِ3 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيَّةُ. زَوْجَةُ الْمَهْدِيِّ، مَاتَتْ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الزَّايِ": 118- زَائِدَةُ. هُوَ أَبُو الصَّلْتِ، زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ4، الثَّقَفِيُّ، الْكُوفِيُّ الْحَافِظُ. أَحَدُ الأعلام.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 314"، الجرح والتعديل "3/ 502" تهذيب الكمال "9/ 165-166"، تهذيب التهذيب "3/ 268". 2 التاريخ الكبير "3/ 336"، الجرح والتعديل "3/ 516"، الثقات لابن حبان "4/ 243". 3 تاريخ خليفة "401-409"، الكامل في التاريخ "5/ 513". 4 الطبقات الكبرى "6/ 378"، التاريخ الكبير "3/ 432"، الجرح والتعديل "3/ 613"، تهذيب التهذيب "3/ 306-307".

عَنْ: زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَمُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَالسُّدِّيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَأَبِي طُوَالَةَ، وَطَبَقَتِهِمْ. وما أحسبه رحل، وكان إمامًا حجّة، صاحب سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَحُسَيْنٌ الجعفيّ، ومعاوية بن عمرو، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سابق، وأبو الوليد، وعبد الله بن رجاء، وطلق بن غنّام، وأحمد بن يونس، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: كَانَ زائدة لا يحدّث صاحب بِدْعَةً. مَاتَ مُرَابِطًا بِأَرْضِ الرُّومِ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ، وَكَانَ عَرَضَ حَدِيثَهُ عَلَى الثَّوْرِيِّ وَقَالَ: شَيْخٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: كَانَ مِنْ أَصْدَقِ النَّاسِ وَأَبَرِّهِمْ. قُلْتُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 119- زُرَيْكُ بْنُ أَبِي زُرَيْكٍ الْعُطَارِدِيُّ1، أَبُو نَضْرَةَ، الْبَصْرِيُّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. كَنَّاهُ الْبُخَارِيُّ. 120- زَكَرِيَّا بْنُ حَكِيمٍ2، الْحَبَطِيُّ، الْكُوفِيُّ. عَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَابْنِ رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ سِوَارٍ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بن الريّان.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 451"، الجرح والتعديل "3/ 624"، الثقات لابن حبان "6/ 348". 2 التاريخ الكبير "3/ 421-422"، الجرح والتعديل "3/ 596"، ميزان الاعتدال "2/ 72".

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. وقال ابن حيان: لا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ: ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لا تَقُولُوا: قَوْسُ قُزَحَ، فَإِنَّ قُزَحَ هُوَ الشَّيْطَانُ، وَلَكِنْ قُولُوا: قَوْسُ اللَّهِ، أَمَانٌ لِأَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 121- زَكَرِيَّا بْنُ زَيْدٍ الأَشْهَلِيُّ1. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. رَوَى عَنْهُ الْوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُهُ. مَجْهُولٌ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 122- زَكَرِيَّا بْنُ سِيَاهٍ، أَبُو يَحْيَى الثَّقَفِيُّ الْكُوفِيُّ2. رَوَى الْحُرُوفَ عَنْ: عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، وَحَدَّثَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ. وَعَنْهُ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. 123- زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي الْعَتِيكِ3، الكوفيّ. واسم أبيه حكيم، فأظنُّه الحبطيّ.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 595". 2 التاريخ الكبير "3/ 423"، الجرح والتعديل "3/ 595"، الثقات لابن حبان "6/ 336". 3 التاريخ الكبير "3/ 419-420"، الجرح والتعديل "3/ 595"، الثقات لابن حبان "6/ 335".

روى عن أبي معشر زياد بْنِ كُلَيْبٍ، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ: هُشَيْمٌ، وَمَعْمَرٌ أَوْ مُعْتَمِرٌ، وَحَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ. 124- زهير بن محمد، التميمي1، أبو المنذر الخرقي، بالفتح -ع. وَخَرَقُ مِنْ قُرَى مَرْوَ، وَقِيلَ: إِنَّ أَصْلَهُ هَرَوِيٌّ، نَزَلَ الشَّامَ ثُمَّ الْحِجَازَ. وَرَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَزَيْدِ بْن أَسْلَمَ، وَسُهَيْلِ بْن أَبِي صَالِحٍ. وَقِيلَ: إنّه أخذ عن ابن أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. روى عنه: عبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود الطيالسي، وروح بن عبادة، والعقدي، وعمرو بن أبي سلمة، والوليد بن مسلم، وآخرون. وقيل: إن الذي يروي عنه عمرو، والوليد، آخر صَاحِبُ مَنَاكِيرَ وَبَوَاطِيلَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا وَاحِدٌ. بَلْ قَوْلُ أَحْمَدَ: كَأَنَّهُ آخَرُ غَيْرُهُ، يَعْنِي مَا يَأْتِي بِهِ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: زُهَيْرُ بْنُ محمد، أبو المنذر الخراسانيّ، سكن مكّة، ثم الشام، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَصَالِحٍ مَوْلَى التَّوءمة، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبيعيّ، وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَطَبَقَتِهِمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: زُهَيْرُ بْنُ محمد الخراساني، أبو المنذر، كناه آدم، روى عَنْهُ: أَهْلُ الشَّامِ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، وَقَالَ: قَالَ أَحْمَدُ: كَأَنَّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَهْلُ الشَّامِ زُهَيْرٌ آخَرُ، فَقَلَبَ اسْمَهُ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُتَقَارِبُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ خُرَاسَانِيٌّ، ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: ثقة له أغاليط.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 427-428"، الجرح والتعديل "3/ 589-590"، تهذيب الكمال "9/ 414-418"، ميزان الاعتدال "2/ 84-85"، تهذيب التهذيب "3/ 348".

وَرَوَى عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ. وَكَذَا رَوَى أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْهُ، قَالَ: وَسُئِلَ عَنْهُ مَرَّةً أُخْرَى. فَقَالَ: صَالِحٌ. وَرَوَى الْجَوْزَجَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى حَنْبَلٌ، عَنْ أَحْمَدَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحِلُّهُ الصِّدق، وَفِي حِفْظِهِ سُوءٌ، وَمَا حَدَّثَ مِنْ كُتُبِهِ فَهُوَ صَالِحٌ ومحلُّه الصِّدق، وَحَدِيثُهُ بِالشَّامِ أَنْكَرُ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: جَائِزُ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ فِي أَسَامِي الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ النَّسائيّ أَيْضًا: ضَعِيفٌ، وَقَالَ مَرَّةً ثَالِثَةً: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. عِنْدَ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْهُ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَعَلَّ أَهْلَ الشَّامِ أَخْطَأُوا عَلَيْهِ، ثُمّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: لَهُ مَنَاكِيرُ فَلْيُحْذَرْ مِنْهَا. 125- زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلاثَةَ الحرَّاني1- ق. نَابَ فِي الْقَضَاءِ عَنْ أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وروى عن: أبيه، وموسى بن محمد التَّميميّ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ، وَأَبُو كَامِلٌ مظفرَّ بْنُ مُدْرِكٍ، وَأَبُو النَّضر هَاشِمٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَهُوَ مُقِلٌّ، مَا عَلِمْتُ فِيهِ مَطْعَنًا. 126- زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّبِيعِ2، الزِّياديّ، الْبَصْرِيُّ. وَالِدُ مُحَمَّدٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، وحميد الطّويل.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 324"، الجرح والتعديل "3/ 537"، تهذيب الكمال "9/ 490-492"، تهذيب التهذيب "3/ 377-378". 2 الثقات لابن حبان "6/ 329"، تهذيب الكمال "9/ 496-497"، تهذيب التهذيب "3/ 379".

وَعَنْهُ: حَكِيمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ المحبَّر. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 127- زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ1، أَبُو الْجَارُودِ، الْكُوفِيُّ، الأَعْمَى –ت. أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ. رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، وَأَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ، وَأَبِي الْجَحَّافِ دَاوُدَ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ. وَعَنْهُ: عمّار ابن أُخْتِ الثَّوري، وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ الْوَرَّاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوَقِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كذَّاب. وَقَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ رَافِضِيًّا يَضَعُ الْحَدِيثَ فِي الْمَثَالِبِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ موسى التوبختيّ فِي مَقَالاتِ الرَّافِضَةِ: وَالْجَارُودِيَّةُ هُمْ أَصْحَابُ أَبِي الْجَارُودِ، زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ، يَقُولُونَ: عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَبْرَأُونَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ: إِنَّهُ ثَقَفِيٌّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ كَذَّابٌ خَبِيثٌ. ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ، نَا عليّ بن قادم، عن زياد بن منذر، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "لا تَزُولُ قَدَمَا عبدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَعَنْ حبنا أهل البيت"2.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 371"، الجرح والتعديل "3/ 545-546"، ميزان الاعتدال "2/ 93"، تهذيب التهذيب "3/ 386-387". 2 حديث باطل بهذا اللفط: أخرجه الطبراني في الكبير "11177" من طريق ابن عباس وفيه الحسين الأشقر، وقد ضعفه الجمهور ورماه بعضهم بالكذب وهو شيعي غال كمال في الضعيفة "1922". قلت: وقد صح بدون ذكر لفظة: "وعن حبنا أهل البيت": أخرجه الترمذي "2417"، والدارمي "537"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "946".

وَذَكَرَ الدُّولابيّ: إِنَّ مَرْوَانَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، رَوَى عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَثْلِمَ الْحِيطَانَ1. 128- زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ2، أَبُو السَّائِبِ، الْمَدَنِيُّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ. وَعَنْهُ: مَعْنٌ الْقَزَّازُ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفيليّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. "حرف السِّينِ": 129- سالم بن دينار3 -د. ويقال: ابن راشد، أبو جميع التّميميّ مولاهم، البصريّ، القزّاز. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدٌ الطَّبَّاعُ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ومسدِّد. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 130- سَالِمُ بْنُ أَبِي الْمُهَاجِرِ4، عَبْدُ اللَّهِ الرَّقّيّ -ق. عَنْ مَكْحُولٍ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ، وَمَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيَّانِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بُومَهْ. وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ.

_ 1 "حديث موضوع": وفيه أبو الجارود وهو كذاب كما تقدم، وهو أيضًا مرسل. 2 التاريخ الكبير "3/ 396"، الجرح والتعديل "3/ 564"، الثقات لابن حبان "6/ 317". 3 التاريخ الكبير "4/ 112"، الجرح والتعديل "4/ 180، 181"، ميزان الاعتدال "2/ 114"، تهذيب التهذيب "3/ 434-435". 4 التاريخ الكبير "4/ 117"، الجرح والتعديل "4/ 185"، ميزان الاعتدال "2/ 577"، تهذيب التهذيب "3/ 440".

قبل: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 131- سَالِمٌ، أَبُو حَمَّادٍ1، الْكُوفِيُّ، الصَّيرفيّ. سَمِعَ: عَطِيَّةَ الْعَوْفِيَّ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّديّ. وَعَنْهُ: كَرْمَانِيُّ بْنُ عَمْرٍو، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ صُبَيْحٍ الْيَشْكُرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. 132- سَالِمٌ، أَبُو غَيَّاثٍ الْعَتَكِيُّ2. بَصْرِيٌّ، سَمِعَ أَنَسًا فِيمَا قِيلَ، وَالْحَسَنَ، وَحُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَسَلامٌ. 133- سرَّار بْنُ مجشَّر3، أَبُو عُبَيْدَةَ، الْبَصْرِيُّ -ن. عَنْ: ثَابِتٍ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَعَطَاءٍ السَّليميّ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ. وَعَنْهُ: سَيْفُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَرْمِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وأميَّة بْنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ الْبُنَانِيُّ. 134- السَّريّ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِيَاسِ بْنِ حَرْمَلَةَ4، أَبُو الْهَيْثَمِ، الشَّيبانيّ الْبَصْرِيُّ -ن. عَنِ: الْحَسَنِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وآخرون.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 114-115"، الجرح والتعديل "4/ 192"، ميزان الاعتدال "2/ 113". 2 التاريخ الكبير "4/ 118"، الجرح والتعديل "4/ 190-191"، الثقات لابن حبان "4/ 309"، ميزان الاعتدال "2/ 113". 3 التاريخ الكبير "4/ 215"، تهذيب الكمال "10/ 213-214"، تهذيب التهذيب "3/ 455-456". 4 الطبقات الكبرى "7/ 277"، التاريخ الكبير "4/ 175-176"، الجرح والتعديل "4/ 283-284"، التهذيب "3/ 460-461".

قال أحمد: ثقة ثِقَةٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. 135- السَّري بْنُ يَنْعُمَ1، الْجُبْلانِيُّ، الْحِمْصِيُّ-ن. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَامِرِ بْنِ جَشِيبٍ، وَحُمَيْدِ بْنِ رَبِيعَةَ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَّةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ القدُّوس. وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 136- سَعْدُ بْنُ طَالِبٍ2، أَبُو غَيْلانَ، الشَّيبانيّ. عَنْ: حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَكَثِيرِ النَّوا، وَعَفَّانَ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ: أَبُو الأَحْوَصِ سَلامٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. لَيَّنَهُ أَبُو حَاتِمٍ قليلًا. 137- سعيد بن أبي أيّوب3، المصريّ الفقيه -ع. وَاسْمُ أَبِيهِ مِقْلاصٌ، مِنْ مَوَالِي خُزَاعَةَ، أَبُو يَحْيَى الْمُحَدِّثُ. وُلِدَ سَنَةَ مِائَةٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي عَقِيلٍ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، وَعُقَيْلٍ الأَيْلِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مَيْمُونٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَكَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، مَعَ تقدُّمه، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَرَوْحُ بْنُ صَلاحٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. مات سنة إحدى وستّين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 174-175"، الجرح والتعديل "4/ 284"، تهذيب التهذيب "3/ 461-462". 2 الجرح والتعديل "4/ 87-88"، الثقات لابن حبان "6/ 378"، ميزان الاعتدال "2/ 122". 3 التاريخ الكبير "3/ 458"، الجرح والتعديل "4/ 66"، الثقات لابن حبان "6/ 362-363".

138- سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ1، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الأَزْدِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ -ع. وَقِيلَ: الدِّمشقيّ، وَإِنَّمَا رَحَلَ بِهِ أَبُوهُ إِلَى الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْ: قَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي الزُّبير. وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَرْكُونَ، وَأَبُو الْجَمَاهِرِ الْكَفَرْسُوسِيُّ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ بِلالٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِنَا أَحَدٌ أَحْفَظَ مِنْهُ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحِلُّهُ الصِّدق. قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ: كَيْفَ هَذِهِ الْكَثْرَةُ له عن قتادة؟ قالت: كَانَ أَبُوهُ شَرِيكَ أَبِي عَرُوبَةَ، فَأَقْدَمَ ابْنَهُ سَعِيدًا الْبَصْرَةَ، فَبَقِيَ بِهَا يَطْلُبُ الْحَدِيثَ مَعَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ قَدَرِيًّا. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ بَقِيَّةُ: سَأَلْتُ ابْنَ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ فَقَالَ: ذَاكَ صَدُوقُ اللِّسَانِ، قَالَ بَقِيَّةُ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: بثَّ هَذَا -رَحِمَكَ اللَّهُ- فِي جُنْدِنَا، كَانَ النَّاسُ قَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ. قَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَقُولُ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ وَكَانَ حَافِظًا. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ النَّضريّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: مَا تَقُولُ فِي سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ؟ قَالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِهِ، قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ أَصْحَابُنَا وَكِيعٌ، وَالأَشْهَبُ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: يُوثَقُ بِهِ، كَانَ حَافِظًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ ابن مهدي يحدث عنه ثم تركه.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 468"، التاريخ الكبير "3/ 460"، الجرح والتعديل "4/ 6، 7"، تهذيب الكمال "10/ 348-356"، ميزان الاعتدال "2/ 128-130"، تهذيب التهذيب "4/ 8-10".

وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَحِلُّهُ الصِّدْقُ، وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ فِي الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِي حِفْظِهِ. وَرَوَى جَمَاعَةٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَكَذَا تبِعَهُ النَّسائيّ. أَبُو زُرْعَةَ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُولُ: أَتَيْتُ أَنَا، وَابْنُ شَابُورَ، سَعِيدَ بن بشير فقال: والله لا أَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُقَدِّرُ عَلَى الشَّرِّ وَيُعَذِّبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَرَدْتُ الْخَيْرَ فَوَقَعْتُ فِي الشَّرِّ. أَنْبَأَنِي قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83] قَالَ: تُزْعِجُهُمْ إِلَى الْمَعَاصِي إِزْعَاجًا. ثُمَّ قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قَدِ اعْتَذَرَ مِنْ كَلِمَتِهِ وَاسْتَغْفَرَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَقُلْتُ لِأَبِي الْجَمَاهِرِ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ قَدَريًّا، قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَكَذَا ورَّخه مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وهشام بن عمّار: ستة تسعٍ وستّين ومائة. 139- سعيد بن حسين، الأَزْدِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 140- سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ1 الْخُزَاعِيُّ، الْمَدَنِيُّ- د. عَنِ: ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ. وَعَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِرْمَانِيُّ، ويعقوب الحضرميّ، وعبد الملك الحدّيّ، وجماعة. 141- سَعِيدُ بْنُ رَاشِدٍ2، أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَازِنِيُّ، الْبَصْرِيُّ، السمّاك.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 469"، الجرح والتعديل "4/ 16"، المجروحين لابن حبان "1/ 324"، التهذيب "4/ 21-22". 2 التاريخ الكبير "3/ 471"، الضعفاء للعقيلي "2/ 105"، الجرح والتعديل "4/ 19-20"، المجروحين لابن حبان "1/ 324"، ميزان الاعتدال "2/ 135".

عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنِ، والزُّهريّ. وَعَنْهُ: الأَنْصَارِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَخَلَفُ الْبَزَّارُ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكٌ. وَهُوَ أَسَنُّ شيخٍ لِخَلَفِ بْنِ هِشَامٍ. 142- سَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ الْخُزَاعِيُّ1 –ت. بَصْرِيٌّ، عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ. ويكنَّى أَبَا مُعَاوِيَةَ العبَّادانيّ، كَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، فَوَهِمَا، بَلْ كُنْيَتُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: أَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْعَبَّادَانِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ الْبَصْرِيُّ. قال النَّسائيّ: ليس بثقة. وقال أبو حاتم: عنده عجائب من المناكير. وقال الدارقطني: ضعيف. 143- سعيد بن زيد2 درهم -م. ع. أَخُو حَمَّادِ بْنِ زِيَادٍ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ، أَبُو الْحَسَنِ. عَنِ: الزُّبَيْرِ بْنِ الخرِّيت، وَالْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَابْنِ جُدْعَانَ. وَعَنْهُ: أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَارِمٌ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابن معين.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 473"، الجرح والتعديل "4/ 23-24"، ميزان الاعتدال "2/ 136"، التهذيب "4/ 28-29". 2 الطبقات الكبرى "7/ 287"، التاريخ الكبير "3/ 472"، ميزان الاعتدال "2/ 138-139"، الجرح والتعديل "4/ 21".

وقال أحمد: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وليَّنه الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيّ: سَمِعْتُ يَحْيَى ضَعَّفَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، وقال: ما يساوي هَذِهِ. وَعَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَيْضًا تَضْعِيفُهُ. مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 144- سَعِيدُ بْنُ سَابِقٍ الرَّازِيُّ1. وَالِدُ مُحَمَّدٍ. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَمِسْعَرٍ. وَعَنْهُ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، وَهَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ حَسَنَ الْفَهْمِ بِالْفِقْهِ. قُلْتُ: هُوَ صَالِحُ الرِّوَايَةِ. 145- سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمٍ الضَّبِّيّ2. عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَغَيْرُهُمَا. وَيُقَالُ: الضُّبَعِيُّ. قَالَ الأَزْدِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَكَذَا ضعَّفه ابْنُ عَدِيٍّ. 146- سَعِيدُ بْنُ سنان3، أبو مهديّ الحمصيّ.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 481"، الجرح والتعديل "4/ 30-31"، الثقات لابن حبان "6/ 361". 2 التاريخ الكبير "3/ 480"، الجرح والتعديل "4/ 30"، الثقات لابن حبان "4/ 281"، ميزان الاعتدال "2/ 142-143". 3 التاريخ الكبير "3/ 477-478"، الجرح والتعديل "4/ 28-29"، ميزان الاعتدال "2/ 143-144"، التهذيب "4/ 46-47".

عَنْ: أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرِ بْنِ كُرَيْبٍ، وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ: وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو الْيَمَانِ: كُنَّا نَسْتَمْطِرُ بِهِ، وَذَكَرَ مِنْ فَضْلِهِ وَعِبَادَتِهِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي مَهْدِيٍّ، عَنْ أَبِي الزَّاهريّة، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مرَّة، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرَأَيْتَ الأَرْضَ عَلَى مَا هِيَ؟ قَالَ: "عَلَى الْمَاءِ" قَالَ: أَرَأَيْتَ الْمَاءَ عَلَى مَا هُوَ؟ قَالَ: "عَلَى صَخْرَةٍ خَضْرَاءَ، وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ حُوتٍ تَلْتَقِي طَرَفَاهُ بِالْعَرْشِ" قَالَ: أَرَأَيْتَ الْحُوتَ عَلَى مَا هُوَ؟ قَالَ: "عَلَى كَاهِلِ مَلَكٍ قَدَمَاهُ فِي الهواء"1. 147- سعيد بن عبد العزيز2 - م. ع. أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنوخيّ، الدمشقيّ، الإِمَامُ، عَالِمُ أَهْلِ دِمَشْقَ فِي عَصْرِهِ، وَمُفْتِيهِمْ بَعْدَ الأَوْزَاعِيِّ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى: ابْنِ عَامِرٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ. وَحَدَّثَ عَنْ: نَافِعٍ، وَمَكْحُولٍ، وَرَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ أسلم،

_ 1 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 1197-1198"، وابن حبان في المجروحين "1/ 322"، وفيه صاحب الترجمة وقال عنه البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك. 2 الطبقات الكبرى "7/ 468"، التاريخ الكبير "3/ 497-498"، الجرح والتعديل "4/ 42-43"، الثقات لابن حبان "6/ 369"، حلية الأولياء "8/ 274-276"، تهذيب التهذيب "4/ 59-61".

وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعُمَيْرِ بْنِ هَانِي، وَقَتَادَةَ، وَبِلالِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا الْخُزَاعِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَخَلْقٍ، وَسَأَلَ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَبَقِيَّةُ، وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَيَحْيَى بْنُ بَشِيرٍ الْحَرِيرِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ تِسْعِينَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَسْمَعْ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ عَطَاءٍ غَيْرَ هَذَا، قَالَ: قَدِمْنَا مَكَّةَ فَدَهِشْنَا عَنِ الْهَرْوَلَةِ، فَسَأَلْتُ عَطَاءً: مَا سَمِعَ مِنْ عَطَاءٍ غَيْرَ ذَلِكَ؟ يَعْنِي، فَقَالَ: لا شَيْءَ عَلَيْكُمْ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْعَلاءُ بْنُ زبْرٍ، عَنْ أَبِيهِ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى مَكْحُولٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَنَا، فَكَانَ فِي الْمَجْلِسِ يَسْقِينَا الْمَاءَ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: نَا سَعِيدٌ قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسُ بِالْغَدَاةِ ابْنَ أَبِي مَالِكٍ، وَبَعْدَ الظُّهْرِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ مَكْحُولا. مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا قَطُّ. وَكَذَا رَوَى عَنْهُ أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ مِنْ صَحَفِيٍّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ أَبُو مُسْهِرٍ يُقَدِّمُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الأَوْزَاعِيِّ. قَالَ أَبُو زرعة الدّمشقيّ: قلت لا بن مَعِينٍ، وَذَكَرْتُ لَهُ مَنِ الْحُجَّةُ، فَقُلْتُ: ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْهُمْ، فَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، إِنَّمَا الْحُجَّةُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْمُسْنَدِ: لَيْسَ بِالشَّامِ رَجُلٌ أَصَحَّ حَدِيثًا مِنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: سَعِيدٌ لِأَهْلِ الشَّامِ كَمَالِكٍ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي التَّقَدُّمِ وَالْعِفَّةِ وَالأَمَانَةِ. قَالَ أَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: كُنْتُ أَسْمَعُ وَقْعَ دُمُوعِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الْحَصِيرِ فِي الصَّلاةِ. وقال أحمد بن أبي الحواريّ: أنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَسَدِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بن

عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَا هَذَا الْبُكَاءُ الَّذِي يَعْرِضُ لَكَ فِي الصَّلاةِ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، وَمَا سُؤَالُكَ عَنْ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ، فَقَالَ: مَا قُمْتُ إِلَى صَلاةٍ، إِلا مَثُلَتْ لِي جَهَنَّمُ1. أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: هُوَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مَشَايِخِنَا، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُحْيِي اللَّيْلَ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ جَدَّدَ وُضُوءَهُ، وَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ. وَعَنْ أَبِي مُسْهِرٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ سَعِيدًا ضَحِكَ وَلا تَبَسَّمَ وَلا شَكَا شَيْئًا قَطُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى عِلْمِ أَهْلِ بَلَدِهِ وَعَلَى عِلْمِ عَالِمِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَقْتَصِرُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَمَا أفْتَقِرُ مَعَهُ إِلَى أَحَدٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ حَدِيثٍ، فَامْتَنَعَ عَلَيَّ، وَكَانَ عَسِرًا. ابْنُ مَعِينٍ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَدِ اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَكَانَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَكَانَ يَقُولُ: لا أُجِيزُهَا. أَبُو زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ قَالَ: رَأَيْتُهُمْ يَعْرِضُونَ عَلَيْهِ حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَلَيْسَ حَدَّثْتَنَا عَنْ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا يَقْرَأُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. أَبُو مُسْهِرٍ: سَمِعْتُ سَعِيدًا يَقُولُ: لا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ إِلا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ، صَوْتُ وَاعٍ، وَنَاطِقٌ عَارِفٌ. عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ: نَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: مَنْ أَحْسَنَ فَلْيَرْجُ الثَّوَابَ، وَمَنْ أَسَاءَ فَلا يَسْتَنْكِرِ الْجَزَاءَ، وَمَنْ أَخَذَ عِزًّا بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْرَثَهُ اللَّهُ ذُلا بِحَقٍّ، وَمَنْ جَمَعَ مَالا بِظُلْمٍ أَوْرَثَهُ اللَّهُ فَقْرًا بِعَدْلٍ. الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ قَالَ: سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْكَفَافِ قَالَ: هُوَ شِبَعُ يَوْمٍ وجوع يوم2.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 274". 2 أخرجه البيهقي في الزهد "175"، وابن عساكر في تاريخه "15/ 581".

أَبُو مُسْهِرٍ: سَمِعْتُ سَعِيدًا يَقُولُ: لا أَدْرِي لِمَا لا أَدْرِي نِصْفُ الْعِلْمِ. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا كُنْتُ قَدَرِيًّا قَطُّ. سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ لَهُ: أَطَالَ اللَّهُ عُمْرَكَ، فَقَالَ: بَلْ عَجَّلَ اللَّهُ بِي إِلَى رَحْمَتِهِ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ: كَانَ الأَوْزَاعِيُّ إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَاضِرٌ، قَالَ: سَلُوا أَبَا مُحَمَّدٍ، يَفْعَلُهُ تَعْظِيمًا لَهُ. أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ سَعِيدٌ لا يُجِيبُ حَتَّى يَقُولُ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، هَذَا رَأْيٌ، وَالرَّأْيُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِذَا فاتته صَلاةٌ فِي جَمَاعَةٍ بَكَى. قَالَ الْوَلِيدُ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ستة سبع وستّين ومائة. قال ابن عساكر: ووهم من قَالَ: سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَسَنَةَ أَرْبَعٍ، وَسَنَةَ تِسْعٍ. 148- سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ بَانَكَ1، الْمَدَنِيُّ، أَبُو مُصْعَبٍ -ن. ق. عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَسَالِمٍ، وَعَمْرَةَ، وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أبو عامر العقديّ، وخالد بن مخلد، القعنبيّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ. 149- سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ2، الْقُرَشِيُّ، الْبَصْرِيُّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْجُمَحِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سلَّام. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سليمان. لوين، محلّه الصّدق.

_ 1 الطبقات الكبرى "9/ 451"، التاريخ الكبير "3/ 514"، الجرح والتعديل "4/ 64"، التهذيب "4/ 82-83". 2 التاريخ الكبير "3/ 514"، الجرح والتعديل "4/ 64"، الثقات لابن حبان "6/ 371".

150- سَعِيدُ بْنُ مَيْسَرَةَ، الْبَكْرِيُّ، الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: أَنَسِ بن مالك. وعنه: يونس بن بكير، والهثيم بْنُ خَارِجَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَحَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ بِحَدِيثٍ عَلَى سَبِيلِ التَّعَجُّبِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ حِينَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ رَفَعَ يَدَيْهِ فَوْقَ رَأْسِهِ"2. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ بَابَةُ عَايِذِ بْنِ شُرَيْحٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُظْلِمُ الأَمْرِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: رَوَى عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً. كَذَّبَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ. 151- سيفان الثّوريّ3 –ع. سيفان بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ رَافِعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ نَضْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَلْكَانَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ أَدِّ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارٍ، شَيْخُ الإِسْلامِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الثَّوْرِيُّ، الْكُوفِيُّ، الفقيه سَيِّدُ أَهْلِ زَمَانِهِ عِلْمًا وَعَمَلا. فَهُوَ مِنْ ثَوْرِ مُضَرَ، لا مِنْ ثَوْرِ هَمْدَانَ عَلَى الصحيح، كذا نسبه ابن سعد، والهثيم بن عديّ، وغيرهما.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 516"، الجرح والتعديل "4/ 63"، ميزان الاعتدال "2/ 160-161". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 1224"، وابن حبان في المجروحين "1/ 316"، وفي إسناده صاحب الترجمة وقد تكلم فيه كما سيذكر. 3 الطبقات الكبرى "6/ 371-374"، التاريخ الكبير "4/ 92-93"، حلية الأولياء "6/ 356"، الجرح والتعديل "4/ 222-225"، صفة الصفوة "3/ 147-152"، تهذيب التهذيب "4/ 111-115".

وَسَاقَ نَسَبَهُ كَمَا ذَكَرْنَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ التَّمِيمِيِّ، لَكِنْ زَادَ بَيْنَ مَسْرُوقٍ وَبَيْنَ حَبِيبٍ حَمْزَةَ، وَأَسْقَطَ مُنْقِذًا وَالْحَارِثَ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ. وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ ثِقَاتِ الْمُحَدِّثِينَ. وَطَلَبَ سُفْيَانُ الْعِلْمَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، وَكَانَ يَتَوَقَّدُ ذَكَاءً. صَارَ إِمَامًا مَنْظُورًا إِلَيْهِ وَهُوَ شَابٌّ، فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيَّ قَالَ: ثَنَا أَبُو الْمُثَنَّى قَالَ: سَمِعْتُهُمْ بِمَرْوَ يَقُولُونَ: قَدْ جَاءَ الثَّوْرِيُّ، قَدْ جَاءَ الثَّوْرِيُّ، فَخَرَجْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ غُلامٌ قَدْ بَقَلَ وَجْهُهُ1. سَمِعَ الثَّوْرِيُّ مِنْ: عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَمَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٍ، وَأَبِيهِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، وَالأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، وَجَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، وَزُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَيُّوبَ، وَصَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ، وَخَلْقٍ لا يُحْصَوْنَ، فَيُقَالُ: إِنَّهُ أَخَذَ عَنْ سِتِّمِائَةِ شَيْخٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ عَجْلانَ، وَأَبُو حنيفة، وابن جريح، وأبي إِسْحَاقَ، وَمِسْعَرٌ، وَهُمْ مِنْ شُيُوخِهِ، وَشُعْبَةُ، وَالْحَمَّادَانِ، وَمَالِكٌ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَوَكِيعٌ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَأُمَمٌ لا يُحْصَوْنَ. حَتَّى أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ بَالَغَ وَذَكَرَ فِي مَنَاقِبِهِ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَهَذَا مَدْفُوعٌ، بَلْ لَعَلَّهُ رَوَى عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ أَلْفِ نَفْسٍ. فَعَنْ وَكِيعٍ أَنَّ وَالِدَةَ سُفْيَانَ قَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ اطْلُبِ الْعِلْمَ وَأَنَا أَعُولُكَ بِمِغْزَلِي، وَإِذَا كَتَبْتَ عَشَرَةَ أَحْرُفٍ فَانْظُرْ هَلْ تَرَى فِي نَفْسِكَ زِيَادَةً فِي الْخَيْرِ، فَإِنْ لَمْ تَرَ ذَلِكَ فَلا تتعن.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 360".

قَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: طَلَبْتُ الْعِلْمَ، فَلَمْ تَكُنْ لِي نِيَّةٌ، ثُمَّ رَزَقَنِي اللَّهُ النِّيَّةَ1. دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ الثَّوْرِيُّ: لَمَّا هَمَمْتُ بِطَلَبِ الْحَدِيثِ، وَرَأَيْتُ الْعِلْمَ يُدْرَسُ، قُلْتُ: أَيْ رَبِّ إِنَّهُ لا بُدَّ لِي مِنْ مَعِيشَةٍ، فَاكْفِنِي أَمَرَ الرِّزْقِ وَفَرِّغْنِي لِطَلَبِهِ، فَتَشَاغَلْتُ بِالطَّلَبِ، فَلَمْ أَرَ إِلا خَيْرًا إِلَى يَوْمِي هَذَا. عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَغَيْرُهُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبِي شَيْئًا قَطُّ فَخَانَنِي2. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: مَا رَأَيْتُ صَاحِبَ حَدِيثٍ أَحْفَظَ مِنْ سُفْيَانَ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ الْعِلْمُ يَمْثُلُ بَيْنَ يَدَيْ سُفْيَانَ، يَأْخُذُ مَا يُرِيدُ، وَيَدَعُ مَا لا يُرِيدُ. وَقَالَ الأَشْجَعِيُّ: دَخَلْتُ مَعَ الثَّوْرِيِّ عَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ وَهِشَامُ يُحَدِّثُهُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: أُعِيدُهَا عَلَيْكَ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ وَقَامَ، ثُمَّ دَخَلَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ فَطَلَبُوا الإِمْلاءَ، فَقَالَ هِشَامٌ: احْفَظُوا كَمَا حَفِظَ صَاحِبُكُمْ، قَالُوا: لا نَقْدِرُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ: نَا ضَمْرَةُ قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ إِنَّمَا حَدَّثَ بِعَسْقَلانَ فَيَقُولُ: انْفَجَرَتِ الْعَيْنُ، انْفَجَرَتِ الْعَيْنُ، يَتَعَجَّبُ مِنْ نَفْسِهِ3. وَقَالَ شُعْبَةُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَجَمَاعَةٌ: سُفْيَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَتَبْتُ عَنْ أَلْفٍ وَمِائَةِ شَيْخٍ مَا فِيهِمْ أَفْضَلُ مِنْ سُفْيَانَ. وَقَالَ وَرْقَاءُ: لَمْ يَرَ الثَّوْرِيُّ مِثْلَ نَفْسِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَتَقَدَّمْهُ فِي قَلْبِي أَحَدٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنَ الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَيْضًا: لا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْهُ. وَقَالَ وكيع: كان بحرًا.

_ 1 أخرجه أحمد في العلل "3/ 235"، وأبو نعيم في الحلية "6/ 367". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 368"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "2/ 387". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 370".

وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: سَأَلْتُ يَحْيَى عَنْ رَأْيِ مَالِكٍ فَقَالَ: سُفْيَانُ فَوْقَ مَالِكٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: وَدِدْتُ أَنِّي فِي مِسْلاخِ سُفْيَانَ. وَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ: مَنْ أَخْبَرَكَ أنّه رأى بعينيه مِثْلَ سُفْيَانَ فَلا تُصَدِّقْهُ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: مَا مِنْ عَمَلٍ أَخْوَفَ عِنْدِي مِنَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِيمَا سَمِعَهُ مِنَ الْفِرْيَابِيِّ: وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ كَفَافًا، لا لِي وَلا عَلَيَّ1. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ: كَتَبْتُ عَنْ سُفْيَانَ عِشْرِينَ أَلْفًا. وَأَخْبَرَنِي الأَشْجَعِيُّ أَنَّهُ كَتَبَ عَنْهُ ثَلاثِينَ أَلْفًا. وَسَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: مَا أُحَدِّثُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ بِوَاحِدٍ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ لِي ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَقْعُدُ إِلَى سُفْيَانَ فَيُحَدِّثُ فأقول: ما بقي من عمله شَيْءٌ إِلا وَقَدْ سَمِعْتُهُ ثُمَّ أَقْعُدُ مَجْلِسًا آخر فأقول: ما سعغت مِنْ عِلْمِهِ شَيْئًا. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لَوْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي أُحَدِّثُكُمْ كَمَا سَمِعْتُ، يَعْنِي بِاللَّفْظِ، فَلا تُصَدِّقُونِي. وعن عبد الرّزّاق، عن سفيان قال [37 ب] : مَا أُحَدِّثُ إِلا بِالْمَعَانِي. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: خِلافُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُرْجِئَةِ ثَلاثٌ، يَقُولُونَ: الإِيمَانُ قَوْلٌ بِلا عَمَلٍ، وَيَقُولُونَ: الإِيمَانُ لا يَزِيدُ وَلا يَنْقُصُ، وَيَقُولُونَ بِالاتِّفَاقِ. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: مَنْ كَرِهَ أَنْ يَقُولَ: أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَهُوَ عِنْدَنَا مُرْجِئٌ2 وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: لا يَجْتَمِعُ حُبُّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلا فِي قلوب نبلاء الرجال3.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 363، 369، 7/ 37، 57، 63"، والفسوي في المعرفة "1/ 727". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 32-33". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 32".

وعنه قال: أمتعتنا مِنَ الشِّيعَةِ أَنْ نَذْكُرَ فَضَائِلَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَعَنْهُ قَالَ: الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ. وَعَنْهُ قال: من سمع من متبدع لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِمَا سَمِعَ. شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: لا تَنْتَفِعُ بِمَا كَتَبْتَ حَتَّى، يَكُونَ إِخْفَاءُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلاةِ أَفْضَلَ عِنْدَكَ مِنَ الْجَهْرِ. قَالَ وَكِيعٌ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لا يَعْدِلُ طَلَبَ الْعِلْمِ شَيْءٌ لِمَنْ أَرَادَ بِهِ اللَّهَ. وَقَالَ قَبِيصَةُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: الْمَلائِكَةُ حُرَّاسُ السَّمَاءِ، وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ حُرَّاسُ الأَرْضِ. وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَخَافُ مِنْ تَصْحِيحِ نِيَّتِهِ فِي الْحَدِيثِ لِفَرْطِ غَرَامِهِ بِهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ قَالَ: ما أَخَافُ عَلَى نَفْسِي أَنْ يُدْخِلَنِي النَّارَ إِلا الْحَدِيثُ1. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي أَفْلِتُ مِنْهُ كَفَافًا. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنَّ يَدِي قُطِعَتْ، وَأَنِّي لَمْ أَطْلُبْ حَدِيثًا قَطُّ. وَقَالَ الْقَطَّانُ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا أُنْكِرُ نَفْسِي إِلا إِذَا طَلَبْتُ الْحَدِيثَ. وَعَنِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُسْأَلَ غَدًا عَنْ كُلِّ مَجْلِسٍ جَلَسْتُهُ، وَعَنْ كُلِّ حَدِيثٍ حَدَّثْتُ بِهِ، مَاذَا أَرَدْتُ بِهِ؟ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: خَافَ الثَّوْرِيُّ عَلَى نَفْسِهِ مَتْنَ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: فِتْنَةُ الْحَدِيثِ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ الذَّهَبِ2. وَمِنْ آدَابِهِ وَشَمَائِلِهِ وَتَوَاضُعِهِ وَوَرَعِهِ: قال مهران الرازيّ: رأيت الثّوريّ إذا خَلَعَ ثِيَابَهُ طَوَاهَا، وَيَقُولُ: كَانَ يُقَالُ: إِذَا طويت رجعت إليها أنفسها3.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 366". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 363". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 63".

وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ يَخْضِبُ يَسِيرًا. وَقَالَ قَبِيصَةُ: كَانَ سُفْيَانُ مَزَّاحًا، كُنْتُ أَتَأَخَّرُ مَخَافَةَ أَنْ يُحَيِّرَنِي بِمُزَاحِهِ، وَلا رَأَيْتُ الأَغْنَيَاءَ أَذَلَّ وَلا الْفُقَرَاءَ أَعَزَّ مِنْهُمْ فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ1. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: رُبَّمَا رَأَيْتُ سُفْيَانَ ضَحِكَ حَتَّى اسْتَلْقَى. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ: كَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ لِلْمُحَدِّثِينَ: تَقَدَّمُوا يَا مَعْشَرَ الضُّعَفَاءِ2. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: رَأَيْتُ سُفْيَانَ فَقَوَّمْتُ مَا عَلَيْهِ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةَ دَوَانِيقَ3. يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ: ثَنَا مُبَارَكُ أَخُو سُفْيَانَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سُفْيَانَ بِبَدْرَةٍ -وَكَانَ أَبُوهُ صَدِيقًا لِسُفْيَانَ جِدًّا- فَقَالَ: أُحِبُّ تَقَبُّلَ هَذَا الْمَالِ، فَقَبِلَهُ مِنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لِي: الْحَقْهُ فَرُدَّهُ، فَفَعَلْتُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ هَذَا الْمَالَ، قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي نَفْسِكَ مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَ: لا، فَأَخَذَهُ وَذَهَبَ، فَقُلْتُ: يَا أَخِي، وَيْحَكَ، أَيُّ شَيْءٍ قَلْبُكَ حِجَارَةٌ؟ عُدَّ أَنَّ لَيْسَ لَكَ عِيَالٌ، أَمَا تَرْحَمُنِي، أَمَا تَرْحَمُ إِخْوَانَكَ وصبياننا، قال: يا مبارك، تأكلها وأنت وَأُسْأَلُ عَنْهَا، لا يَكُونُ أَبَدًا4. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ قَالَ: احْتَاجَ سُفْيَانُ بِمَكَّةَ حَتَّى اسْتَفَّ الرَّمْلَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ5. سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ: جَلَسْتُ إِلَى سفيان وهو في دبر الكعبة مستلقي، فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ، فَقُلْتُ: إِنَّ أُخْتَكَ قَدْ بَعَثَتْ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ، فَجَلَسَ وَقَالَ: لَمْ آكُلْ شَيْئًا مُنْذُ ثَلاثٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالَ أَبُو شِهَابٍ: بَعَثَتْ أُخْتُ سُفْيَانَ مَعِي بِجِرَابٍ فِيهِ كعك وخشكنانج، فَأَتَيْتُهُ فَقَصَّرَ فِي سَلامِي، فَعَاتَبْتُهُ فَقَالَ: يَا أَبَا شِهَابٍ: لا تَلُمْنِي، وَإِنَّ لِي ثَلاثَةَ أيام لم أذق فيها ذواقًا.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 365". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 365". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 365"، والخطيب في تاريخه "9/ 162"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 147". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 3-4"، والخطيب في تاريخه "9/ 161". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 63".

قَالَ بِشْرٌ الْحَافِي: كَانَ الثَّوْرِيُّ رُبَّمَا أَخَذَ عِبَاءَ الْجِمَالِ فَيُغَطِّي بِهَا رَأْسَهُ. وَقَالَ خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ: رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ فِي مَكَّةَ وَقَدْ كثروا عليه، فقال: إنّ لِلَّهِ، أَخَافُ أَنْ تَكُونَ قَدْ ضُيِّعَتِ الأُمَّةُ حَيْثُ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى مِثْلِي1. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ بِمِكَّةَ جَالِسًا فِي السُّوقِ يَأْكُلُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ، قَالَ: أَنَا أَعْرَفُ بِنَفْسِي مِنْ أَصْحَابِ الْمَنَامَاتِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ: لَوْ لَقِيتَ سُفْيَانَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ وَمَعَكَ فَلْسَانِ تُرِيدُ أَنْ تَصَّدَّقَ بِهِمَا وَأَنْتَ لا تَعْرِفُ سُفْيَانَ، لَظَنَنْتَ أَنَّكَ تَضَعُهُمَا فِي يَدِهِ2. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَجَّرَ سُفْيَانُ نَفْسَهُ مِنْ جَمَّالٍ إِلَى مَكَّةَ، فَأَمَرُوهُ أَنْ يَعْمَلَ لَهُمْ خُبْزَةً فَلَمْ تَجِئْ جَيِّدَةً، فَضَرَبَهُ الْجَمَّالُ، فَلَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ دَخَلَ الْجَمَّالُ، فَرَأَى النَّاسَ حَوْلَ سُفْيَانَ، فَسَأَلَ فَقَالُوا: هَذَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَلَمَّا انْفَضَّ النَّاسُ، تَقَدَّمَ الْجَمَّالُ إِلَى سُفْيَانَ وَاعْتَذَرَ، فَقَالَ: مَنْ يُفْسِدُ طَعَامَ النَّاسِ يُصِبْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: دَخَلْنَا عَلَى سُفْيَانَ الثَّوريّ بِمَكَّةَ، قَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ فوالله لأنا إذ لم أركم خير مِنِّي إِذْ رَأَيْتُكُمْ، قَالَ: ثُمَّ لَمْ نَبْرَحْ حَتَّى تَبَسَّمَ. قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: كَثْرَةُ الإِخْوَانِ مِنْ سَخَافَةِ الدِّينِ. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَخْوَفَ لِلَّهِ مِنْ سُفْيَانَ، كَانَ مَنْ رَآهُ كَأَنَّهُ فِي سَفِينَةٍ يَخَافُ الْغَرَقَ كَثِيرًا، مَا نَسْمَعُهُ يَقُولُ: يَا رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ3. وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ مَنْصُورٍ: كَلِمَتَانِ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُمَا سُفْيَانُ فِي مَجْلِسٍ: سَلِّمْ سَلِّمْ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ. وَقَالَ سُفْيَانُ: وَدِدْتُ أَنِّي انْفَلَتُّ لا عَلَيَّ وَلا لِي، وَهَذَا مُتَوَاتِرٌ عنه.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 365، 7/ 64". 2 أخرجه ابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 147". 3 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 371"، والبيهقي في الزهد "187"، وأبو نعيم في الحلية "6/ 392".

قَالَ قَبِيصَةُ: كَانَ سُفْيَانُ كَأَنَّهُ رَاهِبٌ، فَإِذَا فِي الْحَدِيثِ أَنْكَرْتُهُ، يَعْنِي مِمَّا يَنْشَرِحُ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ يَكُونُ كَأَنَّمَا يَقِفُ لِلْحِسَابِ، فَيَعْرِضُ بِذِكْرِ الْحَدِيثِ، فَيَذْهَبُ ذَلِكَ الْخُشُوعُ، فَإِنَّمَا هُوَ حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا1 عَلِيُّ بْنُ غَنَّامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: لَقَدْ خِفْتُ اللَّهَ خَوْفًا، عَجَبًا لِي كَيْفَ لا أَمُوتُ، وَلَكِنْ لِي أَجَلٌ أَنَا بَالِغُهُ، وَلَقَدْ أَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ عَقْلِي مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ. ابْنُ مَهْدِيٍّ: مَا عَاشَرْتُ رَجُلا أَرَقَّ مِنْ سُفْيَانَ، كُنْتُ أَرْقُبُهُ فِي اللَّيْلِ يَنْهَضُ مَرْعُوبًا يُنَادِي: النَّارَ، النَّارَ، شَغَلَنِي ذِكْرُ النَّارِ عَنِ النَّوْمِ وَالشَّهَوَاتِ. قَالَ قَبِيصَةُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ ذِكْرًا لِلْمَوْتِ مِنْ سُفْيَانَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ سُفْيَانُ يَذْكُرُ الْمَوْتَ فَلا يُنْتَفَعُ بِهِ أَيَّامًا. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: كَانَ سُفْيَانُ طَوِيلَ الْحُزْنِ، كَانَ يَبُولُ الدَّمَ مِنْ حُزْنِهِ وَتَكَدُّرِهِ2. وَقَالَ عِصَامُ بْنُ يَزِيدَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ جَبْرٍ: رُبَّمَا كَانَ يَأْخُذُ سُفْيَانُ فِي التَّفَكُّرِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ النَّاظِرُ فَيَقُولُ: مَجْنُونٌ3. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخَفَّافُ: مَا لَقِيتُ سُفْيَانَ إِلا بَاكِيًا، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ أَكُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ شَقِيًّا4. قَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: الْعَالِمُ طَبِيبُ الدِّينِ، وَالدِّرْهَمُ دَاءُ الدِّينِ، فَإِذَا جَرَّ الطَّبِيبُ الدَّاءَ إِلَى نَفْسِهِ فَمَتَى يُدَاوِي غَيْرَهُ5؟. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لَيْسَ طَلَبُ الْحَدِيثِ مِنْ عدّة الموت لكّنه علّة يتشاغل به6.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 73". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 23"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 149". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 392". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 51". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 361". 6 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 364".

قُلْتُ: طَلَبُ الْحَدِيثِ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ، وَهُوَ لَقَبٌ لأُمُورٍ عُرْفِيَّةٍ قَلِيلَةِ الْمَدْخَلِ فِي الْعِلْمِ، فَإِذَا كَانَ فُنُونٌ عَدِيدَةٌ مِنْ علم الآثار النبويّة بهذه المثابة، فما ظنّك بِطَلَبِ عِلْمِ الْجَدَلِ والعقليَّات وَالْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ؟ آهٍ، وَاحَسْرَتَاهْ عَلَى قِلَّةِ مَنْ يَعْرِفُ دِينَ الإِسْلامِ كَمَا يَنْبَغِي، وَمَا أَحَلَّ فِي الْقَلِيلِ الْمُتَعَيَّنِ، إِذَا كَانَ مِثْلُ سُفْيَانَ يَوَدُّ أَنْ يَنْجُوَ مِنْ عِلْمِهِ كَفَافًا، فَمَا نَقُولُ: نَحْنُ؟ وَاغَوْثَاهُ بِاللَّهِ. قَالَ الْخُرَيْبِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لِلنَّاسِ مِنَ الْحَدِيثِ. وَسَمِعَهُ الْفِرْيَابِيُّ يَقُولُ: مَا مِنْ عَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْحَدِيثِ إِذَا صَحَّتْ فِيهِ النِّيَّةُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَكُنْ مِثْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَالشَّعْبِيِّ فِي زَمَانِهِ، وَالثَّوْرِيِّ فِي زَمَانِهِ1. وَقَالَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: شَبِعَ سُفْيَانُ لَيْلَةً فَقَالَ: إِنَّ الْحِمَارَ إِذَا زِيدَ فِي عَلَفِهِ، زِيدَ فِي عَمَلِهِ، فَقَامَ حَتَّى أَصْبَحَ. وَقَالَ أبو أسامة: مرض سفيان فذهب بِبَوْلِهِ إِلَى الطَّبِيبِ، فَقَالَ: هَذَا بَوْلُ رَاهِبٍ، قَالَ: بَوْلُ مَنْ أَحْرَقَ الْحُزْنُ كَبِدَهُ، مَا لِذَا دَوَاءٌ. قَالَ ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّمَا كَانَتِ الْعِرَاقُ تَجِيشُ عَلَيْنَا بِالْمَالِ وَالثِّيَابِ، ثُمَّ صَارَتْ تَجِيشُ عَلَيْنَا بِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. قَالَ ضَمْرَةُ: وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ: مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ حِفْظٌ. قَالَ عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ لِي سُفْيَانُ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَرَى غَدًا مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ مِمَّا هُوَ فِيهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا سُفْيَانُ، طَبَخْتُ لَهُ سكباحًا فأكل، ثم أتنيه بِزَبِيبِ الطَّائِفِ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّزَّاقِ، اعْلِفِ الْحِمَارَ وَكَدِّهِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى الصَّبَاحِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ: رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ سَاجِدًا عِنْدَ الْبَيْتِ، فَطُفْتُ سبعة أسابيع قبل أن يرفع رأسه2.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 356"، والخطيب في تاريخه "9/ 154". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 57".

وَقَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: قَدِمَ سُفْيَانُ مَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّي الْغَدَاةَ، وَيَجْلِسُ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى ترفع الشَّمْسُ، ثُمَّ يَطُوفُ سَبْعَةَ أَسَابِيعَ، يُصَلِّي بَعْدَ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ يُطَوِّلُهُمَا، ثُمَّ يُصَلِّي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى الْبَيْتِ، فَيَأْخُذُ الْمُصْحَفَ فَيَقْرَأُ، فَرُبَّمَا نَامَ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَخْرُجُ لِنِدَاءِ الظُّهْرِ، ثُمَّ يَتَطَوَّعُ إِلَى الْعَصْرِ، فَإِذَا صَلَّى الْعَصْرَ أَتَاهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، فَاشْتَغَلَ مَعَهُمْ إِلَى المغرب فيصلّي، ثم يتنقل إِلَى الْعِشَاءِ، فَإِذَا صَلَّى فَرُبَّمَا يَقْرَأُ ثُمَّ نام. أَقَامَ بِمَكَّةَ نَحْوًا مِنْ سَنَةٍ عَلَى هَذَا. قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، دَفَعَ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ الْخَلِيلِ كِتَابًا فِيهِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُؤَمَّلٌ بِهَذَا. فِي مَعِيشَتِهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: خَلَّفَ سُفْيَانُ مِائَتَيْ دِينَارٍ كَانَتْ مَعَ رَجُلٍ يَتَبَضَّعُ بِهَا. وَقِيلَ: جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، تُمْسِكُ الدَّنَانِيرَ؟! وَكَانَ فِي يَدِ سُفْيَانَ خَمْسُونَ دِينَارًا، فَقَالَ: لَوْلاهَا لَتَمَنْدَلَ بِنَا هَؤُلاءِ الْمُلُوكُ1. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَالَ الثَّوْرِيُّ: لَوْلا بُضَيْعَتُنَا تَلاعَبَ بِنَا هَؤُلاءِ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ بِضَاعَةُ سُفْيَانَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ. وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ: كَانَتْ لَهُ مَعِي بِضَاعَةٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ يَأْتِي الْيَمَنَ يَتَّجِرُ وَيُفَرِّقُ مَا عِنْدَهُ عَلَى قَوْمٍ يَتَّجِرُونَ لَهُ، وَيَلْقَاهُمْ فِي الْمَوْسِمِ يُحَاسِبُهُمْ وَيَأْخُذُ الرِّبْحَ2. قَالَ الْمَرْوَزِيُّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: لِمَاذَا ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ إِلَى الْيَمَنِ؟ قَالَ: لِلتِّجَارَةِ وَلِلُقِيِّ مَعْمَرٍ، قُلْتُ: أَكَانَ لَهُ مِائَةُ دِينَارٍ؟ قَالَ: أَمَّا سَبْعُونَ فَصَحِيحَةٌ. وَرُوِيَ أَنَّ سُفْيَانَ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ مُضَارَبةً فَاشْتَرَى بِهَا مَتَاعًا مِمَّا يُبَاعُ بِالْيَمَنِ، فَأَخَذَهُ مَعَهُ، فربح فيه نفقته.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 381". 2 أخرجه ابن سعد في طبقاته "6/ 372"، بسند ضعيف جدًا وفيه الواقدي وهو متروك.

وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: عَلَيْكَ بِعَمَلِ الأَبْطَالِ: الْكَسْبُ مِنَ الْحَلالِ، وَالإِنْفَاقُ عَلَى الْعِيَالِ. زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: الْحَلالُ تِجَارَةُ بَرَّةٌ، أَوْ عَطَاءٌ مِنْ إِمَامٍ عَادِلٍ، أَوْ صِلَةٌ مِنْ أَخٍ مُؤْمِنٍ، أَوْ مِيرَاثٌ لَمْ يُخَالِطْهُ شَيْءٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ يقول: يا عبّاد ارفعوا رؤوسكم، فقد وَضَحَ الطَّرِيقُ، وَلا تَكُونُوا عَالَةً عَلَى النَّاسِ1. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: أَكَلْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ خُشْكُنَانِجَ أُهْدِيَ لَهُ. وَقَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: دَخَلْتُ عَلَى سُفْيَانَ وَهُوَ يَأْكُلُ طَبَاهِجَ بِبَيْضٍ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: اكْتَسِبُوا حَلالا وَكُلُوا طَيِّبًا. وَمِنْ مَوَاعِظِهِ: قَالَ: الدُّنْيَا كَرَغِيفٍ عَلَيْهِ عَسَلٌ، وَقَعَ عَلَيْهِ الذُّبَابُ، فَانْقَطَعَ جَنَاحُهُ فَمَاتَ، وَلَوْ سُرَّ بِرَغِيفٍ يَابِسٍ مَا هَلَكَ2. قَالَ وَكِيعٌ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ الْيَقِينَ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يَنْبَغِي لَطَارَ شَوْقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَخَوْفًا مِنَ النَّارِ، وَقَالَ: إِنَّمَا الزُّهد فِي الدُّنْيَا قِصَرُ الأَمَلِ3. وَعَنْهُ قَالَ: الْيَقِينُ أَنْ لا تَتَّهِمَ مَوْلاكَ فِي كُلِّ مَا أصابك، وإيّاك والتَّشبُّه بالجبابرة، وقال بالزُّهد يبصِّرك اللَّهُ عَوْرَاتِ الدُّنْيَا، وَعَلَيْكَ بِالْوَرَعِ يَخِفُّ حِسَابُكَ، وَادْفَعِ الشَّكَّ بِالْيَقِينِ يَسْلَمُ دِينُكَ، وَدَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لا يُرِيبُكَ. وَقَالَ: مَا أُعْطِيَ رَجُلٌ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إلاّ قيل له: خذه ومثله جرمًا. وعنه، وقيل لَهُ: السَّلامَةُ أَنْ لا تَعْرِفَ، فَقَالَ: مَا إِلَى هَذَا سَبِيلٌ، لَكِنِ السَّلامَةُ فِي أَنْ لا تُحِبَّ أَنْ تَعْرِفَ. وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: إِذَا أَثْنَى عَلَى الرَّجُلِ جِيرَانُهُ أَجْمَعُونَ، فَهُوَ رجل سوء، قال:

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 382". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 55". 3 أخرجه البيهقي في الزهد "79"، وأبو نعيم في الحلية "6/ 386".

وَكَيْفَ هَذَا؟ قَالَ: يَرَاهُمْ عَلَى الْمُنْكَرِ وَلا يُغَيِّرُ عَلَيْهِمْ، وَيَلْقَاهُمْ بوجهٍ طلقٍ1. وَقَالَ الْفَضْلُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ محبَّبًا إِلَى جِيرَانِهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُدَاهِنٌ. قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَصْفَقَ وَجْهًا فِي ذَاتِ اللَّهِ مِنْ سُفْيَانَ. وَقَالَ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ سُفْيَانَ، فَلا يَكَادُ لِسَانُهُ يَفْتُرُ مِنَ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهي عَنِ الْمُنْكَرِ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْهُ قَالَ: إِنِّي لأَرَى الشَّيء يَجِبُ عليَّ أَنْ آمُرَ فِيهِ، فَلا أَفْعَلَ فَأَبُولُ دَمًا2. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ حَسَّانٍ قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ نِعْمَ الْمُدَاوِي إِذَا دَخَلَ الْبَصْرَةَ، حَدَّثَ بِفَضَائِلِ عَلِيٍّ، وَإِذَا دَخَلَ الْكُوفَةَ حَدَّثَ بِفَضَائِلِ عُثْمَانَ3. وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: هَؤُلاءِ الْمُلُوكُ قَدْ تَرَكُوا لَكُمُ الآخِرَةَ، فَاتْرُكُوا لَهُمُ الدُّنْيَا. وَلَقِيَ كَاتِبًا فَقَالَ: حَتَّى مَتَى كُلَّمَا دَعَى ظَالِمٌ قُمْتَ مَعَهُ، غَدًا فَإِذَا حُوسِبَ حُوسِبْتَ، أَمَا آنَ لَكَ أَنْ تَتُوبَ؟. فَصْلٌ من صدق: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ: ثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، سَمِعْتُ مُهَلْهَلا يَقُولُ: خَرَجْتُ مَعَ سُفْيَانَ إِلَى مَكَّةَ، وَحَجَّ الأَوْزَاعِيُّ، وَرَافَقَنَا فِي بَيْتٍ ثَلاثًا، فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ، دَخَلَ خصيٌّ فَقَالَ: قَدْ جَاءَ الأَمِيرُ، وَعَلَى النَّاسِ عَبْدُ الصَّمد عَمُّ الْمَنْصُورِ، فَأَمَّا أَنَا وَالأَوْزَاعِيُّ فَثَبَتْنَا، وَأَمَّا سُفْيَانُ فَدَخَلَ قَبْرًا، فَدَخَلَ الأَمِيرُ عَبْدُ الصَّمَدِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الأَوْزَاعِيُّ، فَقَالَ: أَيْنَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْنَا: دَخَلَ لِحَاجَتِهِ، وَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: إِنَّهُ لَيْسَ ببارحٍ حَتَّى تَخْرُجَ، فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّكَ رَجُلُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَعالِمُهُمْ، بَلَغَنِي قُدُومُكَ فَأَحْبَبْتُ الاقْتِدَاءَ بَكَ، فَأَطْرَقَ سُفْيَانُ ثُمَّ قَالَ: أَلا أدلُّك على

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 30". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 24". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 26-27".

خيرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: اعْتَزِلْ مَا أَنْتَ فِيهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ، تَسْتَقْبِلُ الأَمِيرَ بِهَذَا! قَالَ: فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا يَرْضَى مِنِّي بِهَذَا، وَقَامَ فَخَرَجَ مُغْضَبًا1. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ النُّعمان بْنِ عَبْدِ السَّلام قَالَ: مَرِضَ سُفْيَانُ بِمَكَّةَ وَمَعَهُ الأَوْزَاعِيُّ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الصَّمَدِ، فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْحَائِطِ، فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: إِنَّهُ سَهِرَ الْبَارِحَةَ فَلَعَلَّهُ نَائِمٌ، فَقَالَ سُفْيَانُ: لَسْتُ بِنَائِمٍ، لَسْتُ بِنَائِمٍ، فَقَامَ عَبْدُ الصَّمَدِ، فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ لِسُفْيَانَ: أَنْتَ مُسْتَقْتِلٌ لا يَحِلُّ لأحدٍ أن يصحبك2. وقال إبراهيم بن أعين: كيف أصبُّ الْمَاءَ عَلَى سُفْيَانَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَجَاءَ عَبْدُ الصَّمَدِ أَمِيرُ مَكَّةَ فَسَلَّمَ عَلَى سُفْيَانَ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟. قَالَ: أَنَا عَبْدُ الصَّمد، قال: كيف أنت؟ اتّق الله، وإذا كَبَّرْتَ فَأَسْمِعْ3. يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَمَا كَانَ خَلْفَهُ مَنْ يكبِّر. زَيْدُ بْنُ أَبِي خُدَاشٍ، أَنَّ الثَّوْرِيَّ لَقِيَ شَرِيكًا فَقَالَ: بَعْدَ الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ تَلِي الْقَضَاءَ! قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَهَلْ لا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ قاضٍ، فَقَالَ سُفْيَانُ: وَلا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ شُرَطِيٍّ4. وَقَالَ قَبِيصَةُ: قِيلَ لِشَرِيكٍ: إِنَّ سُفْيَانَ قَالَ: أَيُّ رَجُلٍ أَفْسَدُوا؟ قَالَ: لَوْ كَانَ لِسُفْيَانَ بَنَاتٌ أَفْسَدُوهُ أَكْثَرَ مِمَّا أَفْسَدُونِي. وَلَقِيَ سُفْيَانُ يُونُسَ بْنَ مِسْمَارٍ فَقَالَ: يَا يُوسُفُ: أَسْمَنْتَ الْبِرْذَوْنَ وَأَهْزَلْتَ الدِّينَ، فَقَالَ: أَنَا أَنْفَعُ لِلنَّاسِ مِنْكَ، أَتَكَلَّمُ فِي الْمَحْبُوسِ فَيُطْلَقُ، ويجيء الْمَلْهُوفُ فَأُعِينُهُ، وَأَتَكَلَّمُ فِي الْحَمَّالَةِ، وَأَسْعَى فِي الأمور، قال: وكان سفيان إذ لَقِيَهُ بَعْدُ سَلَّمَ عَلَيْهِ. وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الْقَارِئَ، يَعْنِي الْمُتَزَهِّدَ، يَلُوذُ بِالسُّلْطَانِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لِصٌّ، وَإِذَا رَأَيْتَهُ يَلُوذُ بِالأَغْنِيَاءِ فاعلم أنه مرائي، فَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ بِقَوْلِ: أَرُدُّ مَظْلَمَةً، وَأَدْفَعُ عَنْ مَظْلُومٍ، فَإِنَّ هَذِهِ خُدْعَةٌ مِنْ إِبْلِيسَ اتَّخذها فجّار القراء سلَّمًا5.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 39"، والخطيب في تاريخه "9/ 158-159". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 38-39". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 14". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "7/ 47". 5 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 387، 357" مختصرًا.

فَصْلٌ: قَالَ مُبَارَكٌ أَخُو سُفْيَانَ: رَأَيْتُ عَاصِمَ بْنَ أَبِي النَّجود: جَاءَ إِلَى سُفْيَانَ يَسْتَفْتِيهِ فَقَالَ: أَتَيْتَنَا يَا سُفْيَانُ صَغِيرًا، وَأَتَيْنَاكَ كَبِيرًا1. وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ، سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْكُوفَةِ أَفْضَلُ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوريّ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: أَبْصَرَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبيعيّ سُفْيَانَ مُقْبِلا فَقَالَ: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] . وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: مَا رَأَيْتُ كُوفِيًّا أَفْضَلَ مِنْ سُفْيَانَ. سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ: ثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، سَمِعَ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَوْ كَانَ سُفْيَانُ فِي التَّابِعِينَ لَكَانَ فِيهِمْ لَهُ شَأْنٌ. وَعَنْهُ قَالَ: لَوْ حَضَرَ عَلْقَمَةُ وَالأَسْوَدُ لاحْتَاجَا إِلَى مِثْلِ سُفْيَانَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَشْبَهَ بِالتَّابِعِينَ مِنْ سُفْيَانَ. وَقَالَ شُعْبَةُ: سُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنِّي، إِنَّهُ سَادَ بِالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: سُفْيَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَعْلَمَ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مِنْ سُفْيَانَ الثَّوريّ، ولا أرى هُوَ مِثْلَ نَفْسِهِ2. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا نُعِتَ لِي رَجُلٌ إِلا وَجَدْتُهُ دُونَ نَعْتِهِ، إِلا الثَّوْرِيَّ. قُلْتُ: هَذَا الرَّجُلُ وَأَمْثَالُهُ، مَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ هَذِهِ الْجَلالَةَ فِي الْقُلُوبِ سُدًى، فَحُبُّ سُفْيَانَ مِنَ الإِيمَانِ. وَمِنْ شُيُوخِهِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَآدَمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وإسماعيل بن أميَّة، وابن

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 357"، والخطيب في تاريخه "9/ 163". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 358، 7/ 58"، والخطيب في تاريخه "9/ 155-156".

أَبِي خَالِدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّديّ، وَأَشْعَثُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَالأَغَرُّ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَأَيَادُ بْنُ لَقِيطٍ. وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، وَبُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَبُكَيْرُ بْنُ عَطَاءٍ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ وَأَبُو الْمِقْدَامِ ثَابِتُ بْنُ هُرْمُزَ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَثُوَيْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ، وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَجَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، وَجَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْفَقِيمِيُّ، وَحَمَّادٌ الْفَقِيهُ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيِ، والزُّبير بْنُ عَدِيٍّ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَسُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَسُهَيْلٌ، وَصَالِحُ بْنُ حَيٍّ، وَعَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وَأَبُو الزِّناد، وَابْنُ طَاوُسٍ، وَابْنُ عُقَيْلٍ، وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَابْنُ أَبِي لَبِيدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رَفِيعٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بُشَيْرٍ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو حُصَيْنٍ عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ الْبَتِّيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الأَحْمَرِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ بَذِيمَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ جُدْعَانَ، وعمارة بن القعقعاع، وَعَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَفِرَاسٌ الْهَمْدَانِيُّ، وَقَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَأَبُو الزُّبير مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، ومطرِّف بْنُ طَرِيفٍ، وَمَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ، وَمُغِيرَةُ بْنُ النُّعمان، وَالْمِقْدَامُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَمُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، وَمَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، وَمَيْسَرَةُ الأَشْجَعِيُّ، وَأَبُو حَمْزَةَ مَيْمُونٌ الأَعْوَرُ، وَهِشَامُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَوَاصِلٌ الأَحْدَبُ، وَيَحْيَى بْنُ أبِي إِسْحَاقَ، وَيَحْيَى بن هانئ بن عروة، ويزيد بم أَبِي زِيَادٍ، وَيَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيبانيّ، وَأَبُو بَكْرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ، وَأَبُو الْجُوَيْرِيَةِ الْجَرْمِيُّ، وَأَبُو خَالِدٍ الدَّالانِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ الرَّماديّ، وَأَبُو يَعْفُورٍ الْعَبْدِيُّ. وَمِنْ تَلامِذَتِهِ: أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، شَيْخُ الثُّغُورِ، وَأَحْوَصُ بْنُ جَوَّابٍ، وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، وَابْنُ عليَّة، وَبِشْرُ بن السَّريّ، وبشر بن منصور السّليميّن وثابت بن محمد بن الْعَابِدُ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَرَوْحٌ، وَزَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُقْبَةَ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَضَمْرَةُ، وَالْخُرَيْبِيُّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَعَلِيُّ بْنُ قَانِعٍ، وَعَمْرٌو الْعَنقَزِيُّ، وَالْقَاسِمُ الْجَرْمِيُّ، وَأَبُو الهمام الدلال،

وَمُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهديّ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، والنُّعمان بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ الْعَدَنِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبيريّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الْحَضْرَمِيُّ، وَأَبُو سُفْيَانَ الْمَعْمَرِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ الْعَقَدِيُّ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ لا يُحْصَوْنَ، وَآخِرُ ثِقَةٍ رَوَى عَنْهُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ. 152- سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ1، أَبُو رَوْحٍ الأَزْدِيُّ، النَّمريّ، الْبَصْرِيُّ. -خ. م. د. س. عَنِ: الْحَسَنِ، وَثَابِتٍ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي ظِلالٍ هِلالٍ، وَأَبِي غَالِبٍ حَزَوَّرٍ وَيَزِيدَ بْنِ الشِّخِّير إِنْ كَانَ لَقِيَهُ، وَعَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ الْحَدِيثِ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُوبٍ: أَنَّهُ مَاتَ فِي آخِرِ سِنَةِ سبعٍ وَسِتِّينَ. وَقَدْ وَهِمَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَدْ رُمِيَ بِالْقَدَرِ، إِلا أَنَّهُ مِنَ الْعَابِدِينَ. قَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: كَانَ مِنْ أَعْبَدِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي زَمَانِهِ. 153- سَلَمَةُ بْنُ العيَّار2، الدِّمشقيّ، أَبُو مُسْلِمٍ. -ن- مَوْلَى بَنِي فَزَارَةَ، وَاسْمُ أَبِيهِ أَحْمَدُ بْنُ حُصَيْنٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي الزُّبير، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، وَجَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَمَرْوَانُ الطَّاطريّ، وعبد الله بن يوسف.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/- 283"، التاريخ الكبير "4/ 134"، الجرح والتعديل "4/ 258"، تهذيب التهذيب "4/ 286-287". 2 التاريخ الكبير "4/ 84"، الجرح والتعديل "4/ 167"، الثقات لابن حبان "8/ 284"، التهذيب "4/ 152-153".

قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: هُوَ أَثْبَتُ أَصْحَابِ الأَوْزَاعِيِّ، مَعَ يَزِيدَ بْنِ السَّمط. وَكَانَا وَرِعَيْنِ فَاضِلَيْنِ، صَحِيحَيِ الْحِفْظِ، عَلَى حَالِ تَقَلُّلٍ مِنَ الدُّنْيَا مَا تلبَّسا بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَهُ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، مَاتَ شَابًّا. 154- سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ1، أَبُو مُعَاذٍ -ت. س- بصريٌّ مَشْهُورٌ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، والزُّهريّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: الزُّهري شَيْخُهُ، وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، فِيمَا قِيلَ، وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي وَثَّقَهُ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ، وَقِيلَ: ابْنُ قَرْمٍ. نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ. وَقَالَ أبو زرعة الرّازيّ: سليمان بن أرقم لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْمَتِينِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ رَافِضِيٌّ غالٍ يَقْلِبُ الأَخْبَارَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابن معين: ليس بشيء، وقال مرة: ليس يَسْوَى فَلْسًا. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ أرقم لا يسوى شيئًا، ولا يُرْوَى عَنْهُ. وَقَالَ السَّعديّ: سَاقِطٌ. وَقَالَ الدَّارقطنيّ: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: مِنْ بَلايَاهُ حَدِيثُهُ عَنِ الزُّهري، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "اطلبوا

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 2-3"، الجرح والتعديل "4/ 100-101"، ميزان الاعتدال "2/ 196"، التهذيب "4/ 168".

الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ، وتسمَّوا بِخِيَارِكُمْ، وَإِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قومٍ فَأَكْرِمُوهُ". 155- سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدٍ1، أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِيُّ. عَنْ: عِمْرَانَ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ، وَعَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ قُدَامَةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الغدَّانيّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. 156- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، الْحَمْرَاوِيُّ الْمِصْرِيُّ، الأَفْطَسُ، الْفَقِيهُ، الْعَابِدُ، كَانَ متألِّهًا قَوَّالا بِالْحَقِّ، فَقِيهًا. حَمَلَ عَنْهُ: ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 157- سُلَيْمَانُ بْنُ الْقَاسِمِ2، أَبُو الرَّبِيعِ الْجُمَحِيُّ، الْمِصْرِيُّ، الزَّاهِدُ. أَحَدُ السَّادَةِ الأَوْلِيَاءِ. وُلِدَ سَنَةَ عشرٍ وَمِائَةٍ، وَأَخَذَ عَنِ التَّابِعِينَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ الْفَقِيهُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ سُلَيْمَانَ بْنَ الْقَاسِمِ قَطُّ، هُمَا اثْنَانِ أَقْتَدِي بِهِمَا فِي دِينِي: سُلَيْمَانُ فِي الْوَرَعِ، وَمَالِكٌ فِي الْعِلْمِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كَأَنَّ اللَّهَ قَدْ لَيَّنَ لِسُلَيْمَانَ ظَهْرَهُ، وَكَانَ مَسْجِدُهُ فِرَاشَهُ، قَالَ سَعِيدٌ الآدَمِيُّ: خَرَجَ سُلَيْمَانُ بْنُ قَاسِمِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إِلَى مَكَّةَ فَمَا نَامَ فِي مَحْمَلٍ، وَلا اضْطَجَعَ لنومٍ حَتَّى رَجَعَ. ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ سُلَيْمَانَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7] [الملك: 2] قَالَ: لَمْ يَقُلْ أَكْثَرَ. مَاتَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 158- سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمِ بْنِ مُعَاذٍ3، أَبُو دَاوُدَ الضَّبيّ. -م. د. ت. س- وَيُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ، فَيُقَالُ فِيهِ: سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ. كُوفِيٌّ صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ الَّذِي وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، لا ابْنُ أَرْقَمَ، وَلَكِنْ وَهِمَ بعض

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 25"، الجرح والتعديل "4/ 130"، الثقات لابن حبان "6/ 393". 2 الجرح والتعديل "4/ 137". 3 التاريخ الكبير "4/ 33"، الجرح والتعديل "4/ 136-137"، ميزان الاعتدال "2/ 219"، التهذيب "4/ 213-214".

الْحُفَّاظِ، وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ تَرْجَمَةٌ فِي تَرْجَمَةٍ. رَوَى ابْنُ قَرْمٍ عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ، وَأَبُو الجوَّاب، وَآخَرُونَ. وَهُوَ شيعيٌّ مُفْرِطٌ، ضعَّفه ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ خَيْرٌ مَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ. قَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، ثَنَا عَنْهُ الطَّيَالِسِيُّ. وَرَوَى عَبَّاسٌ أَيْضًا، عَنْ يَحْيَى قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ يُحَدِّثُ عَنِ الأَعْمَشِ، كَانَ ضَعِيفًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا أَرَى بِهِ بَأْسًا، لَكِنَّهُ يُفْرِطُ فِي التَّشيُّع. 159- سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ1، الْبَصْرِيُّ -ع. عَنِ: الزُّهريّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ وعفَّان، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكيّ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْهِ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ ثِقَةً. قَالَ النَّسائيّ: لا بَأْسَ بِهِ، يكنَّى: أبا دَاوُدُ، وَعَنِ الزُّهريّ: فَفِيهِ شَيْءٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهليّ: سَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَمَا رَوَى عَنِ الزُّهريّ، فَإِنَّهُ قَدِ اضْطَرَبَ فِي أَشْيَاءَ، وَهُوَ في غير الزُّهري أثبت.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 33-34"، الجرح والتعديل "4/ 138"، ميزان الاعتدال "2/ 220"، التهذيب "4/ 215-216".

وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ الْوَاسِطِيُّ مُضْطَرِبُ الحديث، وروى عن: حُصَيْنٌ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ أَحَادِيثَ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا. قُلْتُ: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ صَدُوقٌ يُحْتَجُّ بِهِ. مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ. 160- سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ1. عَنْ: مَكْحُولٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَخَالِدِ بْنِ مَيْمُونٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بن مخلد الرُّعينيّ، وعمرو بن هشام البيروتيّ، وغيرهما. قال ابن عديّ: عامّة أحاديث مَنَاكِيرُ، وَلَمْ أَرَ لِلْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ كَلامًا. قُلْتُ: ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَمَا وَثَّقَهُ أَحَدٌ. 161- سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْقَيْسِيُّ2، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ، أَبُو سَعِيدٍ، أَحَدُ الأَعْلامِ –ع. عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكيّ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَخَلْقٌ. قَالَ أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ سَيِّدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ: مَا رَأَيْتُ بَصْرِيًّا أَفْضَلَ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الرِّجَالِ. وَسُئِلَ ابْنُ عليَّة عَنْ حُفَّاظِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَأَظُنُّهُ سمَّى غَيْرَهُ. وَقَالَ يَحْيَى بن معين: حديثه ثقة.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 138"، ميزان الاعتدال "2/ 221-222". 2 الطبقات الكبرى "7/ 280"، التاريخ الكبير "4/ 38"، الجرح والتعديل "4/ 144-145"، تهذيب الكمال "12/ 69-73"، سير أعلام النبلاء "7/ 415-419"، تهذيب التهذيب "4/ 220-221".

قَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: نَا وُهَيْبٌ قَالَ: كَانَ أَيُّوبُ يَقُولُ لَنَا: خُذُوا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكُنَّا نَأْتِيهِ وَهُوَ فِي نَاحِيَةٍ، وأبوه في ناحية. قلت: مَاتَ سُلَيْمَانُ سَنَةَ خمسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 162- سُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ1. زَاهِدُ أَهْلِ الشَّامِ فِي زَمَانِهِ، أَبُو أيّوب، كان أكثر مقامه بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَدَخَلَ بَيْرُوتَ. حَكَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَقِيهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسَفَ الْفِرْيَابِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، وَحُذَيْفَةُ الْمَرْعَشِيُّ. قَالَ السَّري السَّقطيّ: أَرْبَعَةٌ كَانُوا قَدْ أَعْمَلُوا أَنْفُسَهُمْ فِي طَلَبِ الْحَلالِ، وَلَمْ يُدْخِلُوا أَجْوَافَهُمْ إِلا الحلال: وهيب ابن الْوَرْدِ، وَشُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، وَيُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، وَسُلَيْمَانُ الخوَّاص، فَنَظَرُوا إِلَى الْوَرَعِ، فَلَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأُمُورُ، فَزِعُوا إِلَى التَّعلُّل أَوْ قَالَ التَّذلُّل. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الخوَّاص: قَالَ لِي بِشْرٌ الْحَافِي: أَتَمَنَّى أَرْبَعَةً: يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ، والثَّوريّ، وَسُلَيْمَانَ الْخَوَّاصَ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ. وقال الفريابيّ: كنت في مجلس في الأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ، فَذَكَرَ الأَوْزَاعِيُّ الزُّهاد فَقَالَ: أَمَا نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِثْلَهُمْ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: مَا رَأَيْتُ أَزْهَدَ مِنْ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصَ، وَلَمْ يَشْعُرْ سَعِيدٌ بِأَنَّهُ فِي الْمَجْلِسِ، فقنَّع سُلَيْمَانُ رَأْسَهُ وَقَامَ، فَأَقْبَلَ الأَوْزَاعِيُّ عَلَى سَعِيدٍ فَقَالَ: لا تَعْقِلْ مَا تَقُولُ؟ تُؤْذِي جَلِيسَنَا، تُزَكِّيهِ فِي وَجْهِهِ2. رَوَى أَبُو سَهْلٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ، فَرَأَيْتُهُ جَالِسًا فِي الظُّلْمَةِ وَحْدَهُ، فَكَلَّمْتُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: ظُلْمَةُ الْقَبْرِ أَشَدُّ، فَقُلْتُ: أَلا تَطْلُبُ لَكَ رَفِيقًا؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ لا أَقُومَ بِحَقِّهِ، قُلْتُ: هَذَا مَالٌ صَحِيحٌ أَصَبْتُهُ وَأَنَا لَكَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةَ، خُذْهُ فَأَنْفِقْهُ، قَالَ: يا سعيد إنّ نفسي لن تجبني إلى ما

_ 1 حلية الأولياء "8/ 276-277"، صفة الصفوة "3/ 273-274"، سير أعلام النبلاء "8/ 159". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 276".

رَأَيْتَ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لا تَقُولَ، فَإِنْ أَخَذْتَ مَالَكَ ثُمَّ فَرِغَ فَمَنْ لِي بِمِثْلِهِ صَحِيحٌ1؟. فَتَرَكْتُهُ ثُمَّ عُدْتُ مِنَ الْغَدِ فَقُلْتُ: بَلَغَنِي فِي الْحَدِيثِ أَنَّ؟ الرَّجُلَ لا تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُ فِي الْعَامَّةِ حَتَّى يَكُونَ نَقِيَّ الْمَطْعَمِ، نقيَّ الْمَلْبَسِ، فَادْعُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ دَعْوَةً، فَابْتَدَرَ الْبَابَ مُغْضَبًا ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ بِالأَمْسِ تُفَتِّنِّي، وَأَنْتَ الْيَوْمَ تُشْهِرُنِي؟! فَأَتَيْتُ الأوزاعيَّ، فَقَالَ لِي: يَا سَعِيدُ، دَعْ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصَ وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ أدهم فإنهما لو كانا أَدْرَكَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَكَانَا مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ2. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خيبق، قَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: ذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أدهم بالذكر، وذهب الْخَوَّاصُ بِالْعَمَلِ. يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الأَنْطَاكِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ. وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ شَكَوْكَ أَنَّكَ تَمُرُّ فَلا تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ: فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ لفضلٍ أَرَاهُ عِنْدِي، ولكني شبه الحنش إن ثورته ثار، وإن قَعَدْتُ مَعَ النَّاسِ جَاءَنِي مَا أُرِيدُ وَمَا لا أُرِيدُ3. وَقَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ: رَأَى رَجُلٌ كَأَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ، وَنُودِيَ: لِيَقُمِ السَّابِقُونَ الأَوَّلُونُ، فَقَامَ سُفْيَانُ الثَّوريّ، ثُمَّ قَامَ سُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ. ثُمَّ نُودِيَ: لِيَقُمِ السَّابِقُونَ، فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ. وَعَنْ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ قَالَ: كيف آكل الخبز وأنا لا أرى إجارة الطَّوَاحِينِ4. قُلْتُ: لَمْ يَرْوِ الْخَوَّاصُ شَيْئًا. مَا ظَفِرْتُ لَهُ بِوَفَاةٍ، وَلَكِنَّ وَفَاتَهُ قَرِيبَةٌ مِنْ وَفَاةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ. 163- سُهَيْلُ بْنُ أَبِي5 حَزْمٍ الْقُطَعِيُّ، أَبُو بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ -ع. م- وَهُوَ أَخُو حَزْمٍ الْقُطَعِيِّ. رَوَى عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وثابت البناني.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 277"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 273-274". 2 أخرجه ابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 273-274". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 277". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 277". 5 التاريخ الكبير "4/ 106"، الجرح والتعديل "4/ 247-248"، تهذيب التهذيب "4/ 261".

وعنه: ابن المبارك، وزيد بن الحباب، وشعيب بن محرز، وهدبة بن خالد، وبشر بن الوليد الكندي، وحبان بن هلال. وسمى حبان والده عبد الله، وقيل: بل اسم أبيه مهران. وروى إسحاق الكوسج، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ. 164- سَوَادَةُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الْقَطَّانُ1، وَاسْمُ أَبِيهِ مُسْلِمٌ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُوسَى التَّبوذكيّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 165- سُوَيْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ2، أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيُّ الْحَنَّاطُ، بِالنُّونِ، الْعَطَّارُ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَقَتَادَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ. وعَبْدُ اللَّهِ الْقَطَّانُ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَعِدَّةٌ. رَوَى الْكَوْسَجُ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: صَالِحُ الحديث. وروى عثمان الدّاراميّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، أَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ فِيهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدِيثُهُ حَدِيثُ أَهْلِ الصِّدق. وَقَالَ النَّسائيّ فِي الْكُنَى: لَيْسَ ثِقَةً. وَقَالَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَلَى الأَثْبَاتِ. قِيلَ: مات سنة سبعٍ وستين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 186"، الجرح والتعديل 4/ 293"، تهذيب التهذيب "4/ 265-266". 2 التاريخ الكبير "4/ 148"، الجرح والتعديل "4/ 237"، ميزان الاعتدال "2/ 247"، التهذيب "4/ 270-271".

"حرف الشِّينِ": 166- شَبِيبُ بْنُ شَبِيبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الأَهْتَمِ1، أَبُو مَعْمَرٍ التَّمِيمِيُّ الْمِنْقَرِيُّ الْبَصْرِيُّ -ت. أَحَدُ الْخُطَبَاءِ الْبُلَغَاءِ والإخباريّين الأَلِبَّاءِ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ: وَابْنِ سِيرِينَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قرَّة، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ المغلِّس، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةٌ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدّارقطنيُّ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُتَشَاغَلُ بِمَا انْفَرَدَ بِهِ. قُلْتُ: كَانَ إِخْبَارِيًّا عَلامَةً مفوَّهًا وَأَمِيرًا جَلِيلا. وُلِّيَ إِمْرةَ الرَّيِّ لِلْمَهْدِيِّ. قَالَ الْمَنْصُورُ لَهُ: عِظْنِي وَأَوْجِزْ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ مِنْ نَفْسِهِ لَكَ أَنْ جَعَلَ فَوْقَكَ أَحَدًا، فَلا تَرْضَ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ بِأَنْ يَكُونَ عَبْدٌ هُوَ أَشْكَرُ مِنْكَ. قِيلَ لابْنِ الْمُبَارَكِ: تَأْخُذُ عَنْ شَبِيبٍ وَهُوَ يَدْخُلُ عَلَى الأُمَرَاءِ؟ فَقَالَ: خُذُوا عَنْهُ، فإنّه أشرف من أَنْ يَكْذِبَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ: كُنْتُ فِي مَوْكِبِ الْمَنْصُورِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رُوَيْدًا، إِنِّي أَمِيرٌ عَلَيْكَ. فَقَالَ: وَيْلُكَ أَأَمِيرٌ عليَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قرَّة: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقْطَفُ الْقَوْمِ دابَّة أميرهم"2.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 232"، الجرح والتعديل "4/ 358"، ميزان الاعتدال "2/ 262-263"، التهذيب "4/ 307". 2 "حديث ضعيف": وفيه صاحب الترجمة وهو ضعيف.

قَالَ: أَعْطُوهُ دَابَّةً، فَهُوَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يَتَأَمَّرَ عَلَيْنَا. وَقَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: خَرَجَ شَبِيبٌ مِنْ دَارِ الْمَهْدِيِّ، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَرَكْتَ النَّاسَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ الدَّاخِلَ رَاجِيًا، وَالْخَارِجَ رَاضِيًا. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ نيِّفٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 167- شَبِيبُ بْنُ مِهْرَانَ الْقَسْمَلِيُّ1، أَبُو زِيَادٍ. عَنْ: قَتَادَةَ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ومعلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَغَيْرُهُمْ. 168- شَجَرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَيُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطرّي، وَأَبُو مُسْهِرٍ. وثَّق. 169- شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ الْحِمْصِيُّ الأُمَوِيُّ2 -ع- مَوْلاهُمُ الْكَاتِبُ، صَاحِبُ الْخَطِّ الْمَنْسُوبِ، وَأَحَدُ الأَئِمَّةِ الثِّقات. أَبُو بِشْرِ بْنُ دِينَارٍ. رَوَى عَنْ: نَافِعٍ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، والزُّهريّ، وَعَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي الزِّناد، وَأَبِي طُوَالَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ بِشْرٌ، وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَآخَرُونَ. وَكَتَبَ عَنِ الزُّهري كِتَابًا مِنْ عِلْمِهِ لِأَجْلِ الْخَلِيفَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ أَنِيقَ الورَّاقة وَاضِحَهُمْ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حمير، عن شعيب قال: وافقت الزُّهريّ إِلَى مَكَّةَ، فَكُنْتُ أَدْرُسُ أَنَا وَهُوَ القرآن جميعًا.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 233"، الجرح والتعديل "4/ 360"، الثقات لابن حبان "6/ 443"، الميزان "2/ 264". 2 الطبقات الكبرى "7/ 468"، التاريخ الكبير "4/ 222"، الجرح والتعديل "4/ 344-345"، تهذيب التهذيب "4/ 351".

وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ مِثْلُ عُقَيْلٍ، وَيُونُسَ فِي الزُّهريّ، كَتَبَ عَنِ الزُّهريّ إِمْلاءً لِلسُّلْطَانِ، كَانَ كَاتِبًا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بن حنبل: سألت أبي: كيف سَمَاعَ شُعَيْبٍ مِنَ الزُّهري؟ قَالَ: يُشْبِهُ حَدِيثُهُ الإِمْلاءَ لَكِنَّ الشَّأْنَ فِيمَنْ سَمِعَ مِنْ شُعَيْبٍ. كَانَ رَجُلا ضَنِينًا فِي التَّحْدِيثِ. قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ سَمَاعُ أَبِي الْيَمَانِ عَنْهُ؟ فَقَالَ: كَانَ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قُلْتُ: فَسَمَاعُ ابْنِهِ بِشْرٍ؟ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبِي. قُلْتُ: فَسَمَاعُ بَقِيَّةَ؟ قَالَ: شَيْءٌ يَسِيرٌ. ثُمَّ قَالَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَمَعَ جَمَاعَةً بَقِيَّةَ، وَابْنَهُ، فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبِي ارْوُوهَا عَنِّي. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: رَأَيْتُ كُتُبَ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، فَرَأَيْتُ كُتُبًا مَضْبُوطَةً مقيَّدة، وَرَفَعَ مِنْ ذِكْرِهِ. قُلْتُ: فَأَيْنَ هُوَ مِنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ؟. قَالَ: فَوْقَهُ. قُلْتُ: فَأَيْنَ هُوَ مِنْ عُقَيْلٍ؟ قَالَ: فَوْقَهُ. قُلْتُ: فَأَيْنَ هُوَ مِنَ الزُّبيدي؟ قَالَ: مِثْلُهُ. وَقَالَ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: كَانَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَلِيلَ السَّقط. وَقَالَ الأَثْرَمُ: قَالَ أَحْمَدُ: لَقَدْ نَظَرْتُ فِي كُتُبِ شُعَيْبٍ، كَانَ ابْنُهُ قدَّمها إِلَيَّ، فَإِذَا بِهَا مِنَ الْحُسْنِ والصِّحة مَا لا يُقَدَّرُ -فِيمَا أَرَى- بَعْضُ الشَّبَابِ أَنْ يَكْتُبَ مِثْلَهَا صحَّة وَشَكْلا وَنَحْوَ ذَا. وَقَالَ المفضَّل الْغَلابِيُّ: كَانَ عِنْدَ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهريّ نَحْوُ ألفٍ وَسَبْعُمِائَةِ حَدِيثٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الزُّهري مَالِكٌ، وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَسَمَّى جَمَاعَةً.

وَقَالَ دُحَيْمٌ: شُعَيْبٌ ثِقَةٌ ثَبْتٌ، يُشْبِهُ حَدِيثُهُ حديث عقيل، ثم قَالَ: والزُّبيديّ فَوْقَهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمشقيّ: نَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: كَانَ شُعَيْبُ عِنْدَنَا مِنْ كِبَارِ النَّاسِ، وَكُنْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ مِنْ أَلْزَمِ النَّاسِ لَهُ، وَكَانَ ضَنِينًا بِالْحَدِيثِ، كَانَ يَعِدُنَا الْمَجْلِسَ، فَنُقِيمُ نَقْتَضِيهِ إِيَّاهُ، فَإِذَا فَعَلَ فَإِنَّمَا كِتَابُهُ بِيَدِهِ، مَا يَأْخُذُهُ أَحَدٌ، وَكَانَ مِنْ صِنْفٍ آخَرَ فِي الْعِبَادَةِ. وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى نَفَقَاتِهِ، وَكَانَ الزُّهريّ مَعَهُمْ بالرُّصافة. وَسَمِعْتُ شُعَيْبًا يَقُولُ لَهُ: يَا أَبَا يَحْمَدَ، قَدْ كَلَّتْ يَدِي مِنَ الْعَمَلِ، فَقُلْتُ لِعَلِيٍّ: مَا كَانَ يَعْمَلُ؟ قَالَ: كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ يُعَالِجُهَا بِيَدِهِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ كُتُبِي، فَعُرِضَ عَلَيْهِ كِتَابُ نَافِعٍ، وَكِتَابُ أَبِي الزِّناد. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: نَا سُلَيْمَانُ الْكُوفِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْيَمَانِ: مَا لِي أَسْمَعُكَ إِذَا ذَكَرْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَمْرٍو تَقُولُ: ثَنَا صَفْوَانُ، وَإِذَا ذَكَرْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ تَقُولُ: ثَنَا، وَإِذَا ذَكَرْتُ شُعَيْبًا تَقُولُ: أَخْبَرَنَا، فَغَضِبَ، فَلَمَّا سَكَنَ قَالَ لِي: مَرِضَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، فَأَتَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَّةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ فِي رجالٍ أَنَا أَصْغَرُهُمْ، فَقَالُوا: كُنَّا نُحِبُّ أَنْ نَكْتُبَ عَنْكَ، وَكُنْتَ مُمْتَنِعًا فَدَعَا بقفةٍ لَهُ، فَقَالَ: مَا فِي هَذِهِ إِلا مَا سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهري وَكَتَبْتُهُ وصحَّحته، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِي، فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ فَاكْتُبُوهَا، قَالُوا: فَنَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: تَقُولُونَ: أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ، أخبرنا شعيب، وإن أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَكْتُبُوهَا عَنِ ابْنِي فَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمشقيّ: نَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى شُعَيْبٍ حِينَ احْتُضِرَ، فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبِي، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا فَلْيَأْخُذْهَا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِضَ فَلْيَعْرِضْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَهَا مِنِ ابْنِي فَلْيَسْمَعْهَا، فَإِنَّهُ قَدْ سَمِعَهَا مِنِّي. قَالَ يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَغَيْرُهُ مَاتَ شُعَيْبٌ سَنَةَ ثلاثٍ وستِّين وَمِائَةٍ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وستِّين. 170- شعيب بن رزيق1 الفلسطينيّ، أبو شيبة.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 217"، الجرح والتعديل "4/ 346"، الثقات لابن حبان "8/ 308".

سَكَنَ ثَغْرَ طَرَسُوسَ. وَرَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَجَمَاعَةٍ. سَيَأْتِي. 171- شُعَيْبُ بْنُ كَيْسَانَ1، الْكُوفِيُّ. عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أبي سليمان، وثابت بن جابان، وغيرهم. عنه: عُثْمَانُ بْنُ فَايِدٍ، وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيّ: لا يُعْرَفُ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ أَنَسٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَلَيَّنَهُ الْعُقَيْلِيُّ. 172- شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونٍ الْبُزُورِيُّ2. عَنْ: حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي حُبَابٍ، وَأَبِي هَاشِمٍ الرُّمّاني، وَالْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: مَنْصُورُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَهُ مَنَاكِيرُ، لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. 173- شَيْبَانُ النَّحويّ3 -ع. هو شيبان بن عبد الرحمن، مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ، أَبُو مُعَاوِيَةَ الْبَصْرِيُّ، نَزِيلُ الكوفة، وأحد الأئمة المتعيّنين.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 219"، الجرح والتعديل "4/ 351"، الثقات لابن حبان "4/ 356". 2 التاريخ الكبير "4/ 222"، الجرح والتعديل "4/ 352"، تهذيب التهذيب "4/ 357". 3 الطبقات الكبرى "6/ 377"، التاريخ الكبير "4/ 354"، الجرح والتعديل "4/ 355-356"، وسير أعلام النبلاء "7/ 406-408"، تهذيب التهذيب "4/ 373-374".

نَزَلَ الْكُوفَةَ فأدَّب بِهَا أَوْلادَ الأَمِيرِ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيِّ. وَرَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالْحَكَمِ، وَهِلالٍ الْوَزَّانِ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَطَالُوتَ، وقلَّ ما رَوَى عَنِ الْحَسَنِ. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الأَشْيَبُ، وَحُسَيْنٌ المرُّوذيّ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ المؤدِّب، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ فِي نَسَبِهِ النَّحويّ: إِنَّمَا هُوَ إِلَى نَحْوِ بْنِ شَمْسٍ، بَطْنٍ مِنَ الأَزْدِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ: بَلْ كَانَ أَدِيبًا نَحْوِيًّا. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: شَيْبَانُ، ثَبْتٌ فِي كُلِّ المشايخ. وقال يعقوب ين شَيْبَةَ: كَانَ صَاحِبَ حُرُوفٍ وَقِرَاءَاتٍ مَشْهُورَةٍ بِذَلِكَ. قلت: أخذ القراءة عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ. سَمِعَ مِنْهُ الْحُرُوفَ جَمَاعَةٌ، وَقَدْ سَكَنَ بَغْدَادَ. وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضًا مِنَ الْكِبَارِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. وَكَانَ يُؤَدِّبُ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ الْهَاشِمِيَّ. وَقَدْ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، كَيْفَ حَالُهُ فِي الأَعْمَشِ؟ فَقَالَ: ثِقَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَعْمَرٍ فِي قَتَادَةَ. قُلْتُ: قَدْ وَثَّقَهُ النَّاسُ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَهْلُ الصِّحاح. وَسُئِلَ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَيْبَانُ ثِقَةٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: وَوَقَعَ لِي مِنْ طَرِيقِهِ حَدِيثٌ عَالٍ فِي الْمُخَلِّصَاتِ، عَنِ الْبَغَوِيِّ، عَنِ ابْنِ الْجَعْدِ، كَتَبْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. 174- شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَانَ، المطوَّعي الْمَرْوَزِيُّ الْغَازِي.

يَرْوِي عَنْ: دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ صَاحِبِ أَنَسٍ. وَعَنْهُ: مُصْعَبُ بْنُ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ. كَانَ مِنْ رؤوس الْمُجَاهِدِينَ بِخُرَاسَانَ. 175- شَيْبَانُ الرَّاعِي1. عَابِدٌ صَالِحٌ زَاهِدٌ قَانِتٌ لِلَّهِ، لا أَعْلَمُ مَتَى تُوُفِّيَ، وَلا مَنْ حَمَلَ عَنْهُ، وَلا ذَكَرَ لَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ سِوَى حِكَايَةٍ وَاحِدَةٍ2، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الرَّبَضِيِّ. قَالَ: كَانَ شَيْبَانُ الرَّاعِي إِذَا أَجْنَبَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَاءٌ، دَعَا، فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَأَظَلَّتْهُ، فَاغْتَسَلَ مِنْهَا، وَكَانَ يَذْهَبُ إلى الجمعة، فيخطّ على غنمه، فيجيء فَيَجِدُهَا عَلَى حَالَتِهَا. "حرف الصَّادِ": 176- صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ3، الأَزْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ، الشَّاعِرُ، الْمُتَكَلِّمُ، الْمُتَفَلْسِفُ. لَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ، وَحِكَمٌ، وَوَصَايَا مَا عَلَيْهَا رَوْنقُ الإِسْلامِ. وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا الْهُذَيْلِ الْعَلافَ لَحِقَهُ وَنَاظَرَهُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يَعِظُ بِالْبَصْرَةِ وَيَقُصُّ. قَتَلَهُ الْمَهْدِيُّ عَلَى الزَّنْدَقَةِ، فيُرْوَى عَنْ قُرَيْشٍ الْخُتَّلِيِّ: أَنَّ الْمَهْدِيَّ دَعَانِي يَوْمًا فَذَكَرَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى الشَّامِ، وَكَتَبَ لَهُ عَهْدًا أَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ بَلَدٍ يَدْخُلُهُ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ، وَأَمَرَهُ إِذَا دَخَلَ دِمَشْقَ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى حَانُوتِ عطّار أو حانوت قَطَّانٍ، فَيَلْقَى رَجُلا يُكْثِرُ الْجُلُوسَ هُنَاكَ، وَهُوَ شَيْخٌ فَاضِلٌ نَاصِلُ الْخِضَابِ. يُقَالُ لَهُ: صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، فَسَارَ وَفَعَلَ وَدَخَلَ الْحَانُوتَ، فَإِذَا بِصَالِحٍ فِيهِ، فَأَخَذَهُ وَقَيَّدَهُ، فَحَمَلَهُ عَلَى البريد إلى العراق.

_ 1 حلية الأولياء "8/ 317"، وتهذيب تاريخ دمشق "6/ 60"، وصفة الصفوة "4/ 348-350". 2 حلية الأولياء "8/ 317"، تاريخ دمشق "15/ 79". 3 الجرح والتعديل "4/ 408"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 373-378"، ميزان الاعتدال "2/ 297-298".

فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: أَنْتَ فُلانٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنَا صَالِحٌ. قَالَ: فَزِنْدِيقٌ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ شَاعِرٌ أفسق في شعري، قال: اقرأه، فالتقوى سكنية، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ كِتَابَ الزَّنْدَقَةِ فَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ فَاسْتَبْقِنِي، وَأَنْشَدَهُ لِنَفْسِهِ: مَا يَبْلُغُ الأَعْدَاءُ مِنْ جَاهِلٍ ... مَا يَبْلُغُ الْجَاهِلُ مِنْ نَفْسِهِ وَالشَّيْخُ لا يَتْرُكُ أَخْلاقَهُ ... حَتَّى يُوَارَى فِي ثَرَى رَمْسِهِ فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: يَا قُرَيْشُ، امْضِ بِهِ إِلَى الْمُطْبَقِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنَ الْخُرُوجِ أَمَرَنِي فَرَدَدْتُهُ، فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ الْقَائِلَ: وَالشَّيْخُ لا يَتْرُكُ أَخْلاقَهُ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: لا تَدَعُ أَخَلاقَكَ حَتَّى تَمُوتَ، خُذُوهُ، فَضَرَبُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ، ثُمَّ وَثَبَ الْمَهْدِيُّ فَضَرَبَهُ نِصْفَيْنِ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ بَصْرِيُّ. وَمِنْ شِعْرِهِ: الْمَرْءُ يَجْمَعُ بِخُطُوبٍ تُفَرِّقُ ... وَيَظَلُّ يَرْقَعُ وَالزَّمَانُ يُمَزِّقُ وَلِأَنْ يُعَادِي عَاقِلا خَيْرٌ لَهُ ... مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ صَدِيقٌ أَحْمَقُ فَارْغَبْ بِنَفْسِكَ لا تُصَادِقْ أَحْمَقًا ... إِنَّ الصَّدِيقَ عَلَى الصَّدِيقِ مُصَدِّقُ وَزِنِ الْكَلامَ إِذَا نَطَقْتَ فَإِنَّمَا ... يُبْدِي عُيُوبَ ذَوِي الْعُقُولِ الْمَنْطِقُ لا أَلْفَيَنَّكَ ثَاوِيًا فِي غُرْبَةٍ ... إِنَّ الْغَرِيبَ بِكُلِّ سَهْمٍ يُرْشَقُ مَا النَّاسُ إِلا عَامِلانِ، فَعَامِلٌ ... قَدْ مَاتَ مِنْ عَطَشٍ، وَآخَرُ يَغْرَقُ وَإِنِ امْرُؤٌ لَسَعَتْهُ أَفْعَى مَرَّةً ... تَرَكَتْهُ حِينَ يَجُرُّ حَبْلَ يُفَرِّقُ إِنَّ التَّرَفُّقَ لِلْمُقِيمِ مُوَافِقٌ ... فَإِذَا يُسَافِرُ فَالتَّرَفُّقُ أَوْفَقُ بَقِيَ الَّذِينَ إِذَا يَقُولُوا يَكْذِبُوا ... وَمَضَى الَّذِينَ إِذَا يَقُولُوا يَصْدُقُوا وَمِنْ شِعْرِهِ: لَيْسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تُخْشَى غَوَائِلُهُ ... وَلا الْعَدُوُّ عَلَى حَالٍ بمأمون

وَمِنْ شَعْرِهِ: لا أَبْتَغِي وَصْلَ مَنْ لا يَبْتَغِي صِلَتِي ... وَلا أُوَالِي حَبِيبًا لا يُبَالِينِي هَذَا وَلَوْ كَرِهَتْ كَفِّي مُبَايَنَتِي ... لَقُلْتُ إِذْ كَرِهَتْ كَفِّي لَهَا: بِينِي وَمِنْ شِعْرِهِ: وَإِنَّ عَنَاءً أَنْ تُفَهِّمَ جَاهِلا ... فَتَحْسَبُ جَهْلا أَنَّهُ مِنْكَ أَفْهَمُ مَتَّى يَبْلُغُ الْبُنْيَانُ يَوْمًا تَمَامَهُ ... إذا كُنْتَ تَبْنِيهِ وَآخَرُ يَهْدِمُ وَهَلْ يُفَضَّلُ الْمُثْرِي إذا ظنّ أنّه ... إذا جاد بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ سَيُعْدَمُ وَلَهُ: وَإِذَا طَلَبْتَ الْعِلْمَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ ... حِمْلٌ فَأَبْصِرْ أَيَّ شَيْءٍ تَحْمِلُ وَإِذَا عَلِمْتَ بِأَنَّهُ مُتَفَاضِلٌ ... فَاشْغَلْ فُؤَادَكَ بِالَّذِي هُوَ أَفْضَلُ وَمِنْ قَصِيدَتِهِ الأُولَى: وَإِنَّ مَنْ أَدَّبْتَهُ فِي الصِّبَى ... كَالْعُودِ يُسْقَى الْمَاءَ فِي غَرْسِهِ حَتَّى تَرَاهُ مُورِقًا نَاضِرًا ... بَعْدَ الَّذِي مَا أَبْصَرْتَ مِنْ يُبْسِهِ وَالْقَ أَخَا الظَّعْنِ بِإِينَاسِهِ ... لِتُدْرِكَ الْفُرْصَةَ فِي أُسِّهِ كَاللَّيْثِ لا يَفْرِسُ أَقْرَانَهُ ... حَتَّى يَرَى الإِمْكَانَ فِي فَرْسِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُعَبَّرِ قَالَ: رَأَيْتُ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الْقُدُّوسِ فِي الْمَنَامِ ضَاحِكًا، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ، وَكَيْفَ نَجَوْتَ مِمَّا كُنْتَ تُرْمَى بِهِ؟ قَالَ: إِنِّي وَرَدْتُ عَلَى رَبٍّ لَيْسَ تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَإِنَّهُ اسْتَقْبَلَنِي بِرَحْمَتِهِ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ بَرَاءَتَكَ مِمَّا كُنْتَ تُعْرَفُ بِهِ. 177- صَالِحُ بْنُ مِرْدَاسٍ1، أَبُو خُزَيْمَةَ الْعَبْدِيُّ، بَصْرِيٌّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَطَاوُسٍ، وابن سيرين، وغيرهم.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 289"، الجرح والتعديل "4/ 414"، الثقات لابن حبان "6/ 462-465"، والميزان "2/ 304".

وَعَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسْلِمٌ، وَسَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ. قَالَ ابْنُ مَعيِنٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقِيلَ: اسْمُهُ نَصْرٌ. 178- صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، أَبُو نَافِعٍ الْبَصْرِيُّ1. -خ. م. د. ن. ت. مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ، وَيُقَالُ: مَوْلَى بَنِي هِلالٍ. عَنْ: أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَفَّانُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: إِنَّمَا يُتَكَلَّمُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّهُ سَقَطَ. قُلْتُ: لَمْ أَظْفَرْ بِمَوْتِهِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَوْتِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. 179- صَخْرُ بْنُ جَنْدَلَةَ2، الْقَاضِي، أَبُو الْمُعَلَّى الْبَيْرُوتِيُّ. سَمِعَ يُونُسَ بْنَ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ. وُثِّقَ. 180- صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ3، الدِّمَشْقِيُّ، السَّمِينُ، أَبُو معاوية. -م. ن. ق.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 275-276"، والتاريخ الكبير "4/ 312"، والجرح والتعديل "4/ 427"، الثقات لابن حبان "2/ 142، 6/ 473"، تهذيب الكمال "13/ 116-119"، سير أعلام النبلاء "7/ 410-411"، تهذيب التهذيب "4/ 410-411". 2 التاريخ الكبير "4/ 311"، الجرح والتعديل "4/ 427". 3 التاريخ الكبير "4/ 296"، الجرح والتعديل "4/ 429-430"، تهذيب الكمال "13/ 133-138"، ميزان الاعتدال "2/ 310-311"، سير أعلام النبلاء "7/ 314-317"، تهذيب التهذيب "4/ 415-416".

رَوَى عَنِ: الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ، وَالْعَلاءِ بْنِ الْحَارِثِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَوَكِيعٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَيَحْيَى الْبَابْلُتِّيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَآخَرُونَ. وَفِيهِ لِينٌ، كَنَّاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ: ثَنَا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَأَتَيْتُ الأَعْمَشَ، فَإِذَا رَجُلٌ غَلِيظٌ مُمْتَنِعٌ، فَجَعَلْتُ أَتَعَجْرَفُ عَلَيْهِ تَعَجْرُفَ أَهْلِ الشَّامِ، فَأَنْكَرَ لُغَتِي فَقَالَ: أَيْنَ يَكُونُ أَهْلُكَ؟ قُلْتُ: بِالشَّامِ، قَالَ: أَيُّ الشَّامِ؟ قُلْتُ: دِمَشْقُ، قَالَ: وَمَا أَقْدَمَكَ؟ قُلْتُ: جِئْتُ لِأَسْمَعَ مِنْكَ وَمِنْ مِثْلِكَ الْخَيْرَ، فَقَالَ لِي: وَبِالْكُوفَةِ جِئْتَ تَسْمَعُ الْحَدِيثَ؟ أَمَا إِنَّكَ لا تَلْقَى فِيهَا إِلا كَذَّابًا حَتَّى تَخْرُجَ مِنْهَا. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: جَاءَنِي الأَوْزَاعِيُّ فَقَالَ لِي: مَنْ حَدَّثَكَ بِأَكْثَرِ الْحَدِيثِ؟ قُلْتُ: الثِّقَةُ عِنْدَكَ وَعِنْدِي، صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: نَظَرْتُ فِي مُصَنَّفَاتِ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّمِينِ، وَسَأَلْتُ دُحَيْمًا عَنْهُ فَقَالَ: مَحِلُّهُ الصِّدْقُ، غير أَنَّهُ كَانَ يَشُوبُهُ الْقَدَرُ، وَقَدْ ثَنَا بِكُتُبٍ عن ابن جريح، وَابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَكَتَبَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ حَدِيثٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. قَالَ الْوَليِدُ بْنُ مُسْلِمٍ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 181- صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى1، الْبَصْرِيُّ، الدَّقِيقِيُّ، أَبُو الْمُغِيرَةِ -د. ت. عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ. 182- صَدَقَةُ بْنُ هُرْمُزَ2، أبو محمد الزّماني، البصريّ.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 397"، الجرح والتعديل "4/ 432"، ميزان الاعتدال "2/ 313"، التهذيب "4/ 418". 2 التاريخ الكبير "4/ 296-297"، الجرح والتعديل "4/ 431"، ميزان الاعتدال "2/ 313".

عَنْ: مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَعَمْرِو بْنِ بَهْدَلَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى الْمِنْقَرِيُّ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 183- الصَّعِقُ بْنُ حَزْنٍ1، الْبَكْرِيُّ، الْعَيْشِيُّ وَيُقَالُ: الْعَايِشِيُّ -س- شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، صَدُوقٌ. لَهُ عَنِ: الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَأَبِي حَمْزَةَ الضُّبَعِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَمُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَالأَصْمَعِيِّ، وَيُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَارِمٍ، وَشَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ. قَالَ عَارِمٌ: كَانُوا يَرَوْنَهُ مِنَ الأَبْدَالِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: مَا بِهِ بَأْسٌ. "حرف الضَّادِ": 184- الضَّحَّاكُ بْنُ نِبْرَاسٍ2، أَبُو الْحَسَنِ الْجَهْضَمِيُّ، الْبَصْرِيُّ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: حِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. وَخَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الأَدَبِ لَهُ.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 330"، الجرح والتعديل "4/ 455-456"، ميزان الاعتدال "2/ 315"، التهذيب "4/ 424". 2 التاريخ الكبير "4/ 335"، الجرح والتعدل "4/ 460"، ميزان الاعتدال "2/ 326"، تهذيب التهذيب "4/ 455".

"حرف الطَّاءِ": 185- طُعْمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْعَامِرِيُّ الْكُوفِيُّ1 -د. ت. عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَعُمَرَ بْنِ بَيَانٍ التَّغْلِبِيِّ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأُسَيْدٌ الْجَمَّالُ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ. 186- طَلْحَةُ بْنُ قَيْسٍ، الْجَرِيرِيُّ2. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ أَشْوَعَ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 187- طَلْحَةُ بْنُ النَّضْرِ3، الْحُدَّانِيُّ، البصريّ. عن: محمد بن سيرين. عن: ابْنُ أُخْتِهِ أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ الْقيْسِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. "حرف الْعَيْنِ": 188- عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ4 بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، الْعَدَوِيُّ، الْعُمَرِيُّ، الْمَدَنِيُّ. -ت. ق.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 361"، الجرح والتعديل "4/ 496-497"، تهذيب التهذيب "5/ 13". 2 التاريخ الكبير "4/ 349"، الجرح والتعديل "4/ 479"، الثقات لابن حبان "6/ 488". 3 التاريخ الكبير "4/ 351"، الجرح والتعديل "4/ 479"، الثقات لابن حبان "6/ 489". 4 الطبقات الكبرى "9/ 638"، التاريخ الكبير "6/ 478-479"، الجرح والتعديل "6/ 346-347"، ميزان الاعتدال "2/ 355-356"، تهذيب التهذيب "5/ 51-52".

عن: عبد الله بن دينار، وسهيل بن أَبِي صَالِحٍ، وَعَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وجماعة. قال معوية بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ. قُلْتُ: هُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. 189- عَافِيَةُ الْقَاضِي1. هُوَ عَافِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ، الأَوْدِيُّ، الْكُوفِيُّ: أحد الأعلام، تفقه على أَبِي حَنِيفَةَ، وَبَرَعَ فِي الْفِقْهِ، وَحَدَّثَ عَنِ: الأَعْمَشِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ وَقَالَ: كَانَ عَالِمًا زَاهِدًا، وَلِيَ قَضَاءَ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ بِبَغْدَادَ، فَحَكَمَ مَرَّةً عَلَى سَدَادٍ وَصَوْنٍ، ثُمَّ اسْتَعْفَى فَأُعْفِيَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: يكتب حديث. وَاخْتَلَفَ اجْتِهَادُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِيهِ، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبَّاسٍ: ثِقَةٌ، وَأَحْمَدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ: كَانَ ضَعِيفًا فِي الْحَدِيثِ. وَسَبَبُ فِرَارِهِ مِنَ الْقَضَاءِ أَنَّهُ تَثَبَّتَ فِي حُكُومَةٍ، فَذَهَبَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ فَأَهْدَى لَهُ رُطَبًا، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ وَزَجَرَهُ، قَالَ: فَلَمَّا تَحَاكَمَ هُوَ وَخَصْمُهُ إِلَيْهِ مِنَ الْغَدِ قَالَ: لَمْ يَسْتَوِيَا فِي قَلْبِي، وَوَجَدْتُ قَلْبِي يَمِيلُ إِلَى نضرة الَّذِي أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ لِي، ثُمَّ حَكَاهَا لِلْخَلِيفَةِ وَقَالَ: هَذَا حَالِي وَمَا قَبِلْتُ، فَكَيْفَ لَوْ قَبِلْتُ هَدِيَّتَهُ؟ وَقَدْ سُئِلَ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ، فَقَالَ أَعَافِيةُ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَجَعَلَ يَضْحَكُ ويتعجَّب.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 331"، تهذيب الكمال "14/ 5-10"، سير أعلام النبلاء "7/ 398-399"، ميزان الاعتدال "2/ 358"، تهذيب التهذيب "5/ 60-61".

وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: خَاصَمَ أَبُو دُلامَةَ رَجُلا إِلَى عَافِيَةَ فَقَالَ: لَقَدْ خَاصَمَتْنِي غُوَاةُ الرِّجال ... وَخَاصَمْتُهُمْ سَنَةً وَافِيَهْ فَمَا أَدْحَضَ اللَّهُ لِي حجَّة ... وَمَا خَيَّبَ اللَّهُ لِي قَافِيَةْ فَمَنْ كُنْتُ مِنْ جَوْرِهِ خَائِفًا ... فَلَسْتُ أَخَافُكَ يَا عَافِيَةْ فَقَالَ لَهُ عَافِيَةُ: لأشكونَّك إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ هَجَوْتَنِي، قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ شَكَوْتَنِي إِلَيْهِ لَيَعْزِلَنَّكَ؟ قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ لا تَعْرِفُ الْهِجَاءَ مِنَ الْمَدِيحِ. قُلْتُ: قَلَّمَا رَوَى عَافِيَةُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ كَهْلا. 190- عَامِرُ بْنُ شِبْلٍ1، الْجَرْمِيُّ. عَنْ: أَبِي قِلابَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَجُوَيْدِ بْنِ الْخَطَفَى الشَّاعِرِ. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسيّ، وَغَيْرُهُمَا. وثَّقه أَبُو زُرْعَةَ الدِّمشقيّ. 191- عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، الرَّمليّ، الْفِلَسْطِينِيُّ2 -ق. عَنْ: فُسَيْلَةَ بِنْتِ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، وَعُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، وَابْنِ طَاوُسٍ، والزُّبير بْنِ عَدِيٍّ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ الْيَحْمَدِيُّ، وَمَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الحرَّانيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفيليّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيسابوري، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَحْدَهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ.

_ 1 تاريخ أبو زرعة "1/ 73". 2 التاريخ الكبير "6/ 43"، الجرح والتعديل "6/ 85"، ميزان الاعتدال "2/ 370"، تهذيب التهذيب "5/ 102-103".

وقال الدُّلابيّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الرَّمليّ، فِيهِ نَظَرٌ، وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الثَّقفي الْبَصْرِيُّ، سَكَنَ الْبَصْرَةَ، تَرَكُوهُ. وَكَذَا فَرَّقَ بَيْنَ التَّرْجَمَتَيْنِ، الْعُقَيْلِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، حَتَّى قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الرَّمليّ لَيْسَ بِالَّذِي كَانَ بِمَكَّةَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى رَوَى عَنْهُ، وَالَّذِي كَانَ بِمَكَّةَ مَاتَ قَبْلَ الثَّوريّ، وَلَمْ يَشْهَدْهُ الثَّوريّ. قُلْتُ: هَذِهِ حجَّة قَاطِعَةٌ. 192- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُجَيْرٍ1، أَبُو حُمْرَانَ، شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. عَنِ الْحَسَنِ، وَيَزِيدَ بْنِ الشِّخِّير، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قرَّة. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَطَالُوتُ بْنُ عبَّاد، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ. لَهُ رِوَايَةٌ فِي الْمَرَاسِيلِ لِأَبِي دَاوُدَ. 193- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحِيرٍ، الصَّنعائيّ، الْقَاصُّ2 -د. ت. ق- وَهِمَ مَنْ قَالَ: هُوَ ابْنُ بَحِيرِ بْنِ رَيْسَانَ. وَقَالَ ابْنُ مَاكُولا: أَحْسَبُهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسَى بْنِ بَحِيرٍ. فِيهِ ضَعْفٌ. أَخَذَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدْ جَاءَ حَدِيثٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرِ بْنِ رَيْسَانَ الْحِمْيَرِيِّ، وَلَهُ غَرَايِبٌ. وَقَالَ ابْنُ مَاكُولا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحِيرٍ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي تَهْذِيبِهِ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحِيرِ بْنِ رَيْسَانَ الْمُرَادِيُّ، أَبُو وَائِلٍ الصَّنعانيّ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ القاصّ، وهانئ مولى عثمان.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 52"، الجرح والتعديل "5/ 15-16"، الثقات لابن حبان "7/ 27"، التهذيب "5/ 153". 2 التاريخ الكبير "5/ 49-50"، الجرح والتعديل "5/ 15"، ميزان الاعتدال "2/ 395"، تهذيب التهذيب "5/ 153-154".

وعنه: إبراهيم بن خالد، وعبد الرّزاق، وهشام بْنُ يُوسُفَ، وَأَهْلُ صَنْعَاءَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 194- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، الْمُزَنِيُّ1، الْبَصْرِيّ. -د. ت. ق. عَنْ أَبِيهِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ. وَعَنْهُ: بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، وَعَفَّانُ بْنُ حِبَّانَ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: لَهُ فِي الْكُتُبِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. 195- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ2 بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ نوفل، الزُّهريّ، المخرميّ، المدنيّ، الفقيه الإمام. -م. ع. حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَعَمَّتِهِ والدة أم بكر بنة الْمِسْوَرِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّميميّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ مُفْتِيًا، عَارِفًا بِالْمَغَازِي. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَدُوقٌ، وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ، فَإِنَّهُ أَسْرَفَ فِي تَوْهِينِهِ، وَقَالَ: يَرْوِي عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، رَوَى عَنْهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ. كَانَ كَثِيرَ الْوَهْمِ فِي الأَخْبَارِ، حَتَّى رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ مَا لا يُشْبِهُ حَدِيثَ الأَثْبَاتِ، فَإِذَا سَمِعَهَا مَنِ الْحَدِيثُ صِنَاعَتُهُ شَهِدَ أَنَّهَا مَقْلُوبَةٌ، فَاسْتَحَقَّ التَّرك. قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ قَامَ مَعَ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَاعْتَقَدَ أن محمد بن عبد الله بن

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 52"، الجرح والتعديل "5/ 16"، الثقات لابن حبان "7/ 26"، تهذيب التهذيب "5/ 163". 2 الطبقات الكبرى "9/ 454"، التاريخ الكبير "5/ 62"، الجرح والتعديل "5/ 22"، تهذيب التهذيب "5/ 171-173".

حسن هو المهديّ الذي ورد في الحديث ثم ندم، وَقَالَ: لا غَرَّنِي أَحَدٌ بَعْدَهُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْحَوَادِثِ بَعْضَ ذَلِكَ. وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بن حنبل يرجحه على ابن أبي ذئب لفضله مروءته وَإِتْقَانِهِ. وَقَدْ وُضِعَ حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي الْغِيلانِيَّاتِ. وَقِيلَ: كَانَ قَصِيرًا جِدًّا. تُوُفِّيَ سنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 196- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ1، أَبُو الْجُنَيْدِ، الْعَنْبَرِيُّ، البصري، الملَّقب: عِتْرِيسٌ. د. ت. يَرْوِي عن جدَّيته: صَفِيَّةَ وَدُحَيْبَةَ، وَعَنْ حِبَّانَ بْنِ عَاصِمٍ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَأَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرير، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ، وَالْمُقْرِئُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سوَّار بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ. لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا. 197- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ2، الْقُرْدُوسِيُّ، أَخُو هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ. عَنْ: يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ. وَعَنْهُ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، والتَّبوذكي. 198- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ3، الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ. -ق. عَنْ: صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَشَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ. وَعَنْهُ: حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 73"، الجرح والتعديل "5/ 40"، تهذيب التهذيب "5/ 185-186". 2 التاريخ الكبير "5/ 73"، الجرح والتعديل "5/ 40"، الثقات لابن حبان "8/ 337". 3 التاريخ الكبير "5/ 72"، الجرح والتعديل "5/ 35"، المجروحين لابن حبان "2/ 16"، تهذيب التهذيب "5/ 187".

199- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دُكَيْنٍ1، أَبُو عُمَرَ، الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ بَغْدَادَ. عَنْ: كَثِيرِ بْنِ عُبَيْدٍ صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَبِشْرُ بْنُ الوليد، وسعدويه. خرج له صَاحِبُ الأَدَبِ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: ثِقَةٌ. 200- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ2. -ت. ن. مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَحَدُ الإِخْوَةِ. سَمِعَ أَبَاهُ وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرحمن بن مهديّ، والقعنبي، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَصْلَحُ حَالا مِنْ أَخَوَيْهِ. 201- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَسْلَمِيُّ3، الْمَدَنِيُّ، الْقُبَائِيّ. -ن. ق. عَنْ: سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَسَارِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 202- عَبْد اللَّه بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ4. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالِدِ السَّفَّاحِ، وعن الزّهريّ، وثابت بن ثوبان.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 82"، الجرح والتعديل "5/ 48-49"، ميزان الاعتدال "2/ 417"، تهذيب التهذيب "5/ 201". 2 الطبقات الكبرى "5/ 413"، التاريخ الكبير "5/ 94"، الجرح والتعديل "5/ 59"، تهذيب التهذيب "5/ 222-223". 3 التاريخ الكبير "5/ 108"، الجرح والتعديل "5/ 74"، الثقات لابن حبان "7/ 18". 4 التاريخ الكبير "5/ 108"، الجرح والتعديل "5/ 75"، تهذيب الكمال "15/ 63-65"، تهذيب التهذيب "5/ 246".

وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ وَحْدَهُ. فَفِيهِ جَهَالَةٌ، وَوَلِيَ قَضَاءَ صَنْعَاءَ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ القاضي، أنا أحمد ابن مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى عليه وسلم: "أحبّو اللَّهَ لِمَا يَغْمُرُكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي لحبّ الله، وأحبّو أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي"1. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيِّ. وَأَخْرَجَهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ الْحَافِظُ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ الطُّوسِيِّ، كِلاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، فَوَقَعَ بَدَلا لَهُمَا. * عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو أُوَيْسٍ، الْمَدِينِيُّ. يَأْتِي فِي الْكُنَى. 203- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ2، الْمَدَنِيُّ. -ت. عَنِ: الزُّهْرِيِّ وَحْدَهُ وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ. سُئِلَ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فَقَالَ: لا أَعْرِفُهُ. 204- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ خَالِدٍ3. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، نَزَلَ الرَّيَّ. قَالَ ابن حَاتِمٍ: حَدَّثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَأَشْعَثَ بن عبد الملك، وهشام بن حسّان.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "3789"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن الترمذي "3789". 2 التاريخ الكبير "5/ 134"، الجرح والتعديل "5/ 98"، الثقات لابن حبان "7/ 42"، ميزان الاعتدال "2/ 454". 3 الجرح والتعديل "5/ 128".

وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ، وَزَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامَغَانِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: صَالِحٌ. 205- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ1، الرِّبْعِيُّ، أَبُو زَبْرٍ الدِّمَشْقِيُّ. -خ. ع. عَنْ: بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَكْحُولٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: وَلَدُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَشَبَابَةُ، وأبو مسهر، ومروان الطَّاطَرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: كَانَ ثِقَةً، مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ دِمَشْقَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وُلِدَ أَبِي سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَدْ كَنَّاهُ جَمَاعَةٌ: أَبَا زَبْرٍ، وَكَنَّاهُ الْبُخَارِيُّ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَدْ وَثَّقَهُ عِدَّةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ. أَنْبَأَنِي ابْنُ أَبِي عُمَرَ، أَنَا ابْنُ طَبَرْزَدَ، أَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَنَا ابْنُ غَيْلانَ، ثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ، نَا شَبَابَةُ، نَا أَبُو زبر، أنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "أهللت مع رسول الله -صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعُمْرَةٍ فِي حَجَّتِهِ" 2. 206- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ3، الْجَمَلِيُّ، الْكُوفِيُّ. -ق. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَأَبِي هَارُونَ عنترة.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 468"، التاريخ الكبير "5/ 162"، الجرح والتعديل "5/ 128-129"، التهذيب "5/ 350-351". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1561"، ومسلم "1211"، وأبو داود "1783"، والنسائي "5/ 146"، وأحمد في المسند "6/ 245"، وابن حبان "3912، 3917، 3927". 3 التاريخ الكبير "5/ 154، 155"، الجرح والتعديل "5/ 119"، تهذيب التهذيب "5/ 340".

وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَإِسْحَاقُ السَّلُولِيُّ، وَغَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَجَمَاعَةٌ. صَدُوقٌ. 207- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ1 بْنِ عَبَّاسٍ، الْقِتْبَانِيُّ، أَبُو حَفْصٍ، الْمِصْرِيُّ. -م. ن. عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، وَأَبِي عُشَّانَةَ الْمَعَافِرِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو عبد الرحمن المقري، وَآخَرُونَ. وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ، لَيْسَ بِالْمَتِينِ، وَقَالَ أَيْضًا: هُوَ قَرِيبٌ مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ. وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: هُوَ أَقْوَى مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ. 208- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَيْسَانَ2، الْمَرْوَزِيُّ. عَنْ: سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُحَمَّدِ بن زياد الجمحّي، وثابت النبانيّ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِسْحَاقُ، وَعِيسَى غُنْجَارُ، وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. كُنْيَتُهُ: أَبُو مُجَاهِدٍ. 209- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ3، أَبُو طِيبَةَ، السُّلَمِيُّ، الْعَامِرِيُّ، الْمَرْوَزِيُّ، قاضي مرو.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 151"، الجرح والتعديل "5/ 126"، ميزان الاعتدال "2/ 469"، التهذيب "5/ 351". 2 التاريخ الكبير "5/ 178"، الجرح والتعديل "5/ 143"، تهذيب التهذيب "5/ 371". 3 التاريخ الكبير "5/ 191"، الجرح والتعديل "5/ 165"، تهذيب التهذيب "6/ 30".

عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، وَسَعْدٍ مَوْلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: عِيسَى غُنْجَارُ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو تُمَيِّلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، وَعَبْدَانُ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: يُخْطِئُ. 210- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ1 بْنِ وَهْبِ اللَّهِ، الْمَخْزُومِيُّ، الْعَابِدِيُّ، الْمَكِّيُّ -ق. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ. وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، وَآخَرُونَ. وَوَلِيَ قَضَاءَ مَكَّةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ. وَرَوَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوْفِيُّ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَدِمْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فَقَالَ: تَمَتَّعُوا فَكَانَ أَحَدُنَا يَتَمَتَّعُ بِالْمَرْأَةِ مِنَ الرَّوَاحِ إِلَى الْغُدُوِّ، وَمِنَ الْغُدُوِّ إِلَى الرَّوَاحِ2. مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 209"، الجرح والتعديل "5/ 175"، تهذيب التهذيب "6/ 46". 2 "حديث ضعيف": وفيه صاحب الترجمة وهو ضعيف وفيه أيضًا تدليس أبو الزبير.

211- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ1، أَبُو رَجَاءٍ، الْهَرَوِيُّ. -ق. مِنْ عُلَمَاءِ خُرَاسَانَ. عَنْ: أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ مَوْلَى الْبَرَاءِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ جُشَمَ، وَابْنِ عَوْنٍ. وَعَنْهُ: أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْمُحَارِبِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرحمن المقري، وَإِسْحَاقُ السَّلُولِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا خُرَاسَانِيٌّ أَفْضَلُ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُظْلِمُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، لَيْسَ بِشَيْءٍ. 212- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ مقسم2، الثّقفيّ، الطّائفيّ. -د. نزل البصرة وروى عَنْ أَبِيهِ يَزِيدَ بْنِ ضَبَّةَ الشَّاعِرِ، وَضبَّةَ أُمِّهِ، وَعَنْ عَمَّتِهِ سَارَةَ وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وَآخَرُونَ. لَهُ فِي السُّنَنِ حَدِيثٌ. 213- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ أَعْيَنَ الشَّيْبَانِيُّ3، مَوْلاهُمْ. -ق. عَنْ: نَافِعٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْحِمْصِيُّ الْعَطَّارُ. وَهُوَ أَخُو حُمْرَانَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَبِلالٌ الكوفيين. قال الدّارقطنيّ: ليس بثقة.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 218-219"، الجرح والتعديل "5/ 191"، تهذيب التهذيب "6/ 64-65". 2 التاريخ الكبير "5/ 227-228"، الجرح والتعديل "5/ 200"، تهذيب التهذيب "6/ 80". 3 الجرح والتعديل "6/ 38"، ميزان الاعتدال "2/ 529"، تهذيب التهذيب "6/ 93".

214- عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمُسَاوِرِ، الْكُوفِيُّ1، الْفَاخُورِيُّ، الْجَرَّارُ. -ق- نَزِيلُ الْمَدَائِنِ. عَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: شَبَابَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وصالح بن سلك الْخَوَارِزْمِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ الْكُلُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. 215- عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ الأَيْلِيُّ2، مَوْلَى عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، -ت. ق- عَنْ: نَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَخَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَقَالَ: كَانَ يَكُونُ بِإِفْرِيقِيَّةَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَجَمَاعَةٌ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. سَعِيدُ بن أبي مريم: أنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الرسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ فَارَةٍ وَقَعَتْ فِي وَدَكٍ لَهُمْ، فَقَالَ: اطْرَحُوهَا وَمَا حَوْلَهَا إِنْ كَانَ جَامِدًا، قَالُوا: يَا رسول الله، إن كان مائعًا؟

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 74"، الجرح والتعديل "6/ 26-27"، تهذيب التهذيب "6/ 98". 2 الطبقات الكبرى "6/ 312"، التاريخ الكبير "6/ 108"، الجرح والتعديل "6/ 31-32"، تهذيب التهذيب "6/ 103-104".

قال: فانتفعوا به ولا تأكلوا"1. وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هَكَذَا. وَتَفَرَّدَ بِهِ شَيْخٌ، عَنْ مَعْمَرٍ. كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ شَطْرَهُ الأَوَّلَ. وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَيْمُونَةَ. وَرَوَاهُ عُقَيْلٌ، عَنِ الزّهريّ، عن عبيد الله مرسلًا. وراه سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سعيد: بلغنا أنّ رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ فَارَةٍ. وَقَدْ صَحَّحَ الذُّهْلِيُّ خَبَرَ مَعْمَرٍ. 216- عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ2، الشِّبَامِيُّ، الْهَمْدَانِيُّ، الْكُوفِيُّ. -ت. عَنْ: عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَوَكِيعٌ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ، كَانَ يَتَشَيَّعُ. وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالْكُوفَةِ أَكْذَبُ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كان غالبًا في التّشيّع، تفرد عن الثّقات بالمقلوبات.

_ 1 "حديث شاذ": أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "9/ 354"، والطبراني في الأوسط كما في المجمع "1/ 287"، كلاهما عن طريق عبد الجبار وقال البيهقي: لا يحتج به، وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه أبو داود "3842"، والترمذي، تعليقًا بعد الحديث "1798"، والنسائي "7/ 178"، وأحمد في المسند "2/ 265"، وأشار الترمذي: أنها شاذة. والصحيح قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث ميمونة: "ألقوا ما حولها وكلوا": أخرجه البخاري "5538"، وأبو داود "3841"، والترمذي "1798"، والنسائي "4269". 2 الطبقات الكبرى "6/ 336"، التاريخ الكبير "6/ 108"، الجرح والتعديل "6/ 31"، التهذيب "6/ 602".

وَأَمَّا رِوَايَةُ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سألت عَنْهُ فَقَالَ: ثِقَةٌ، قُلْتُ: لا بَأْسَ بِهِ؟ قَالَ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: وَهُوَ قَدِيمُ الْوَفَاةِ، مَاتَ بَعْدَ السِّتِّينَ وَمِائَةٍ، أَوْ قَبْلَهَا. 217- عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ1، الْمَكِّيُّ، أَخُو وُهَيْبٍ. -د. ن. حدّث عن الكبار: عطاء، وابن مُلَيْكَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَدَاوُدُ بْنُ عُمَرَ، وَالضَّبِّيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُخَالِفُ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ. 218- عَبْدُ الْحَكَمِ بْنُ أَعْيَنَ بْنِ لَيْثٍ2، أَبُو عُثْمَانَ، الْقُرَشِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْمِصْرِيُّ، الْفَقِيهُ. نَزِيلُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَهُوَ وَالِدُ الْفَقِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 219- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامٍ3، الْفَزَارِيُّ، الْمَدَائِنِيُّ. ت. ق. عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَعَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَأَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ مُزَاحِمٍ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدِيثُهُ عَنْ شَهْرٍ مُقَارِبٌ، وَهِيَ سَبْعُونَ حَدِيثًا، كَانَ يَحْفَظُهَا كَأَنَّهَا سُورَةٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: أحاديثه عن شهر صحاح.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 489"، التاريخ الكبير "6/ 107"، الجرح والتعديل "6/ 31"، التهذيب "6/ 105-106". 2 الجرح والتعديل "6/ 36". 3 التاريخ الكبير "6/ 54"، الجرح والتعديل "6/ 98"، الثقات لابن حبان "7/ 120"، التهذيب "6/ 109-110".

وَوَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. قلت: سَمَاعُهُ مِنْ شَهْرٍ، كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ، وَمَوْتُهُ قَرِيبٌ مِنْ مَوْتِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَامَ بِضْعَةٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْمَدَائِنِيّ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: نِعْمَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامٍ، وَلَكِنْ لا تَكْتُبُوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ يَرْوِي عَنْ شَهْرٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: مَا سَمِعْتُ يَحْيَى وَلا ابْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثَانِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامٍ شَيْئًا قَطُّ. 220- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الله بن كثير1، الدّاريّ، والمكّيّ. عن: سعيد بن منياء، وأبو القاسم بْنِ أَبِي بَزَّةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. مَحِلُّهُ الصِّدْقُ. 221- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَوْلانِيُّ. عَنِ: ابْنِ شِهَابٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَابْنُ وَهْبٍ. وَكَانَ مِنْ كَتَبَةِ الدِّيوَانِ بِمِصْرَ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. مَا عَرَفْتُ فِيهِ جَرْحًا. 222- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ2، الْقَاصُّ.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 51"، الجرح والتعديل "6/ 14-15". 2 التاريخ الكبير "5/ 257"، الجرح والتعديل "5/ 211"، المجروحين لابن حبان "2/ 60"، الميزان "2/ 545".

سَمِعَ الْعَلاءَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَلَهُ عَنْهُ نُسْخَةٌ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَفَّانُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، والنّسائيّ: ليس بالقويّ. وكان قاصّ أهل المدنية، ومذكر هم. 223- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ1، الْعُقَيْلِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -ن. ق. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَوْسَجَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ الأَصْمَعِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ فِي الْكُتُبِ، وَبَعْضُهُمْ لَيَّنَهُ شَيْئًا. 224- عَبْدُ الرحمن بن أبي بكر2 عبيد الله بن أبي مليكة، القرشيّ، التّميميّ، الْمَدَنِيُّ. -ت. ق. عَنْ: عَمِّهِ، وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَزُرَارَةَ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النّسائيّ: ليس بثقة.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 264"، الجرح والتعديل "5/ 216-217"، ميزان الاعتدال "2/ 549"، التهذيب "6/ 143". 2 الطبقات الكبرى "5/ 495"، التاريخ الكبير "5/ 260"، الجرح والتعديل "5/ 217-218"، التهذيب "6/ 146".

225- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ1، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْسِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ. -د. ت. ق- الْمُحَدِّثُ الزَّاهِدُ، أَحَدُ الصَّالِحِينَ، مَوْلِدُهُ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَشَهْرِ بْنِ حَوَشْبٍ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَافِعٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَزِيَادِ بْنِ أَبِي سَوْرَةَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَبَقِيَّةُ، وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ، وَوَثَّقَهُ أَيْضًا دُحَيْمٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدَرِيٌّ صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ عَلَى ضَعْفِهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ فِيهِ سَلامَةٌ، كَانَ مُجَابَ الدَّعوة. أَحْمَدُ بن كثير البغدادي: عن إبراهيم الْجَوْهَرِيِّ قَالَ: أَغْلَظَ ابْنُ ثَوْبَانَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَهْدِيِّ فِي كَلامٍ، فَاسْتَشَاطَ ثُمَّ سَكَنَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ الْمَنْصُورُ حَيًّا مَا أَفَاتَكَ، قَالَ: لا تَقُلْ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللَّهِ لَوْ كُشِفَ لَكَ عَنِ الْمَنْصُورِ حَتَّى يخبرك بما لقي ربما عَايَنَ، مَا جَلَسْتَ مَجْلِسَكَ غَدًا. الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِ ثَوْبَانَ: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ كُنْتَ بِحَالِ أَبِيكَ لِي وَخَاصَّةِ مَنْزِلَتِي مِنْهُ عَالِمًا، فَرَأَيْتُ أَنَّ صِلَتِي إِيَّاهُ وَتَعَاهُدِي إِيَّاكَ بِالنَّصِيحَةِ فِي أَوَّلِ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ عَنِ الْجُمُعَةِ وَالصَّلَوَاتِ، فجدَّدت وَلَهَجْتُ، ثُمَّ بَرَرْتُ بِكَ فَوَعَظْتُكَ، فَأَجَبْتَنِي بِمَا لَيْسَ لَكَ فِيهِ حُجَّةٌ وَلا عُذْرٌ، وَقَدْ أحببت أن أقرن

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 265"، الجرح والتعدل "5/ 219"، ميزان الاعتدال "2/ 551"، التهذيب "6/ 150-152".

نَصِيحَتِي إِيَّاكَ عَهْدًا، عَسَى اللَّهُ أَنْ يُحْدِثَ به خيرًا، وقد بلغنا أَنَّ خَمْسًا كَانَ عَلَيْهَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّابِعُونَ: اتِّبَاعُ السُّنَّة، وَتِلاوَةُ الْقُرْآنِ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ، وَعِمَارَةُ الْمَسْجِدِ، وَالْجِهَادُ. وَسَاقَ مَوْعِظَةً طَوِيلَةً يَحُثُّهُ فِيهَا عَلَى حُضُورِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، كَأَنَّهُ كَانَ يَتَأَثَّمُ مِنَ الصَّلاةِ خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ، وَلا رَيْبَ أَنَّهُ رَأْيُ الْخَوَارِجَ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ: لَمَّا كَانَتِ السَّنَةُ الَّتِي تَنَاثَرَتْ فِيهَا الْكَوَاكِبُ، خَرَجْنَا لَيْلا إِلَى الصَّحْرَاءِ مَعَ الأَوْزَاعِيِّ، وَمَعَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ قَالَ: فَسَلَّ سَيْفَهُ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَدَّ فجدُّوا، قَالَ: فَجَعَلُوا يسبُّونه وَيُؤْذُونَهُ، فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: إِنِّي أَقُولُ أَحْسَنَ مِنْ قَوْلِكُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ، يَعْنِي جُنَّ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ بْنِ زَيْدٍ: مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتٍ سَنَةَ خمسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُونَ سَنَةً. 226- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ1 بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ. عَنْ جَدِّهِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ الزُّهريّ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 227- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ2، الْكُوفِيُّ -م. د. ن. عَنْ: أَبِي الزُّبير، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبيعيّ، وَمَنْصُورٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ حُمَيْدٌ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهديّ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 272"، الجرح والتعديل "5/ 224"، الثقات لابن حبان "7/ 73". 2 التاريخ الكبير "5/ 274"، الجرح والتعديل "5/ 225"، الثقات لابن حبان "7/ 74"، التهذيب "6/ 165".

228- عبد الرحمن بن شريح1، أبو شريح المعافري، الإسكندراني، العابد. –ع. عَنْ: أَبِي هَانِئِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ، وَأَبِي قُبَيْلٍ الْمَعَافِرِيِّ، وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَأَبِي الزُّبير الْمَكِّيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، وَهَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ذَا فَضْلٍ وَعِبَادَةٍ وَتَأَلُّهٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. قَالَ هَانِئُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عبادة المعافريّ قال: كّنا عند أبي شريح، فكثرت المسائل فقال: قد درنت قلوبكم، فَقُومُوا إِلَى خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ الْمَهْدِيِّ، اشْغَلُوا قلوبكم وتعلّموا هذه الذّخائر الرّقائق، فَإِنَّهَا تُجَدِّدُ الْعِبَادَةَ، وَتُورِثُ الزَّهَادَةَ، وَتَجُرُّ الصَّدَاقَةَ، وأقلّو الْمَسَائِلَ، فَإِنَّهَا فِي غَيْرِ مَا نَزَلَ، تُقَسِّي الْقَلْبَ، وَتُورِثُ الْعَدَاوَةَ. تُوُفِّيَ أَبُو شُرَيْحٍ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 229- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَامِرٍ الْيَحْصُبِيُّ2، الدِّمَشْقِيُّ. حَكَى عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْمُقْرِئِ، وَعَنْ: إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَبِيعَةَ بْنِ مَزْيَدٍ، وَزُرْعَةَ بْنِ ثُوَّبٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَابْنُ شَابُورَ، وَأَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى. وَكَانَ قَارِئًا لِكِتَابِ اللَّهِ، عُمِّرَ دَهْرًا. 230- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ3، العمريّ، الندنيّ. -خ. د. ت. ن.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 516"، التاريخ الكبير "5/ 296"، الجرح والتعديل "5/ 243-244"، التهذيب "6/ 193-194". 2 تاريخ أبي زرعة "1/ 65، 343-344". 3 الطبقات الكبرى "5/ 423"، التاريخ الكبير "5/ 316"، الجرح والتعديل "6/ 254"، التهذيب "6/ 206".

سَمِعَ أَبَاهُ، وَزَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، وَأَبَا حَازِمٍ الأَعْرَجَ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ الأَشْيَبُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ التَّنُّورِيُّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فِيهِ لِينٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَدَّثَ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وفي حَدِيثِهِ عِنْدِي ضَعْفٌ. وَذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ، بَعْدَ أَنْ سَاقَ لَهُ أَحَادِيثَ تُسْتَنْكَرُ، وَقَالَ: بَعْضُ مَا يَرْوِيهِ مُنْكَرٌ. وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ. 231- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَنِيفٍ1، أَبُو أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ، الْمَدِينِيُّ، الضَّرِيرُ. -م- عَنِ: الزُّهري. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَثِيرُ الْحَدِيثِ، عَالِمٌ بالسِّير. مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 232- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نُعَيْمٍ2، النَّخَعِيُّ، الْكُوفِيُّ، أَبُو نُعَيْمٍ الْكَبِيرُ. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتْبَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهديّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دكين، وعبد الحمن بْنُ هَانِئٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 233- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ الْيَحْصُبِيُّ3، الدِّمشقيّ. -خ. م. ن. عَنِ: الزُّهريّ. مَا أَعْلَمُ أَحَدًا روى عنه سوى الوليد بن مسلم.

_ 1 الطبقات الكبرى "9/ 467"، والتاريخ الكبير "5/ 320-321"، الجرح والتعديل "5/ 260"، التهذيب "6/ 220". 2 الجرح والتعدل "5/ 293". 3 التارخ الكبير "5/ 357"، الجرح والتعديل "5/ 295"، تهذيب التهذيب "6/ 287-288".

قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ نُسْخَةٌ، وَأَحَادِيثُ مُسْتَقِيمَةٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وغيره: ليس بقوي. 234- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ مِسْوَرٍ، أَبُو شيبة، الصَّدقيّ، مَوْلاهُمُ، الْمِصْرِيُّ. الْكَاتِبُ فِي دِيوَانِ الْمَنْصُورِ، وَغَيْرِهِ. وُلِدَ بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَحَدَّثَ عَنْ: مُوسَى بْنِ الأَشْعَثِ، وَحِبَّانَ بْنِ أَبِي جَبَلَةَ. وَعَنْهُ: جُشَمُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ بِمِصْرَ سَنَةَ بضعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: ليَّنه أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. 235- عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ خَالِدٍ الْجُمَحِيُّ1، مَوْلاهُمُ، الْمِصْرِيُّ، الْفَقِيهُ، أَبُو يَحْيَى. مَنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَكَانَ مَالِكٌ مُعْجَبًا به ويفهمه. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ أَدْخَلَ مِصْرَ فِقْهَ مَالِكٍ، وَبِهِ تَفَقَّهَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَبْلَ رِحْلَتِهِ إِلَى مَالِكٍ، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ. رَوَى عَنِ: اللَّيث بْنِ سَعْدٍ، وَرِشْدِينَ، وَابْنِ وَهْبٍ. وَمَاتَ شَابًّا، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 236- عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ كَرْدَمٍ2، الْبَصْرِيُّ، ابْنُ عَمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ. رَوَى عَنِ: الزُّهريّ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وعنه: أبو أسامة، والعقدي، ومعلَّى بن أسد، وإبراهيم بن الحجَّاج السامي، قاله أبو حاتم، ثم قال: هو مجهول. يَعْنِي أَنَّهُ مَجْهُولُ الْعَدَالَةِ عِنْدَهُ، مَا تَبَيَّنَ له أنه حجَّة.

_ 1 طبقات الفقهاء للشيرازي "149-150". 2 التاريخ الكبير "5/ 101"، الجرح والتعديل "5/ 339"، ميزان الاعتدال "2/ 606".

237- عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَفْصٍ1، أَبُو مُصْعَبٍ. م. ت. ن. شَيْخٌ مَدِينِيٌّ. لَهُ عَنِ: الزُّهريّ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِي، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وعبيد الله بن موسى، خالد بْنُ مَخْلَدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقِيلَ: عُدَّ لَهُ مَنَاكِيرُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 238- عَبْدُ السَّلام بْنُ عَجْلانَ2، أَبُو الْخَلِيلِ الْعَدَوِيُّ. وَيُقَالُ: اسْمُ أَبِيهِ غَالِبٌ، وَيُعْرَفُ بِصَاحِبِ الطَّعَامِ. سَمِعَ عُبَيْدَةَ بْنَ أَبِي تَمِيمٍ. وَعَنْهُ: بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَيُقَالُ كُنْيَتُهُ: أَبُو الْجَلِيلِ، بِالْجِيمِ. 239- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ الدَّمشقيّ3. لَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، وليث بن أبي رقيَّة، والوليد بن عبد الرحمن الجرشي. وعنه: ابنه بكر، والوليد بن مسلم، ومروان الطَّاطريّ، وأبو مسهر وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقال أحمد فِي الْمُسْنَدِ: نَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الإسلام

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 63-64"، الجرح والتعديل "6/ 45-46"، تهذيب التهذيب "6/ 317-318". 2 التاريخ الكبير "6/ 65-66"، الجرح والتعديل "6/ 46"، ميزان الاعتدال "2/ 618". 3 التاريخ الكبير "6/ 21"، الجرح والتعديل "5/ 377"، الثقات لابن حبان "7/ 110".

عُرْوَةً عُرْوَةً، كُلَّمَا انْتُقِضَتْ عُرْوةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، فأولهنَّ نَقْضًا: الْحُكْمُ، وَآخِرُهُنَّ نَقْضًا: الصَّلاةُ" 1. 240- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ2، الْمَدَنِيُّ، أَبُو مَوْدُودٍ، الْقَاصُّ. د. ت. ن رَأَى أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وأنسًا بْنَ مَالِكٍ. وَحَدَّثَ عَنِ: السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، ومحمد بن كعب القرظي، وعبد الرحمن بن أَبِي حَدْرَدٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ مِنْ أَهْلِ النُّسُكِ وَالْفَضْلِ، يَعِظُ وَيُذَكِّرُ، تأخَّر مَوْتُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. 241- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ3، الْمَاجِشُونُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ - ع. الفقيه، مولى آل الهدير، التَّميميّ، وَوَالِدُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَقِيهِ، وَابْنُ عَمِّ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، والزُّهريّ، وَوَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَطَبَقَتِهِمْ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وحجَّاج بْنُ مِنْهَالٍ، وَعَبْدُ العزيز الأويسيّ، وعليّ ابن الْجَعْدِ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَخَلْقٌ. وَكَانَ إِمَامًا مُفْتِيًا حجَّة، صَاحِبَ سنَّة. نَظَرَ مرَّة فِي شَيْءٍ مِنْ كَلامِ جَهْمٍ فَقَالَ: هَذَا هَدْمٌ بِلا بِنَاءٍ، وَصِفَةٌ بلا معنى.

_ 1 "حديث حسن": أخرجه أحمد في المسند "5/ 251"، والطبراني في الكبير كمافي المجمع "7/ 281"، وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح. 2 الطبقات الكبرى "9/ 449"، التاريخ الكبير "6/ 15"، الجرح والتعديل "5/ 384"، تهذيب التهذيب "6/ 340". 3 الطبقات الكبرى "7/ 323"، التاريخ الكبير "6/ 13"، الجرح والتعديل "5/ 386"، التهذيب "6/ 343-344".

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَجَجْتُ سَنَةَ ثمانٍ وَأَرْبَعِينَ ومائة، وصائح يصيح: لا يفني النَّاسَ إِلا مَالِكٌ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: كَانَ الْمَاجِشُونُ أَبُوهُمْ إِصْبَهَانِيًّا سَكَنَ الْمَدِينَةَ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ سِكَّةُ الْمَاجِشُونِ، وَكَانَ يَلْقَى النَّاسَ فَيَقُولُ: جُونِي جُونِي، يَعْنِي يُحَيِّيهِمْ، فلُقِّبَ بِالْمَاجِشُونِ. رَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ الْمَهْدِيَّ أَجَازَ أَبَاهُ مَرَّةً بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيالسيّ: كَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ يَصْلُحُ لِلْوَزَارَةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ: لِعَبْدِ الْعَزِيزِ كُتُبٌ مصنَّفة، رَوَاهَا عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقِيلَ: إِنَّهُ يكنَّى: أَبَا الأَصْبَغِ. مَاتَ سَنَةَ أربعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَدْ أَخْبَرَنَا عمُّنا عَبْدُ الْمُنْعِمِ، أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ كتابة، أنا عليّ بن هبة الله، أبنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَقِيهُ قَالَ: وَمِنْهُمْ، يَعْنِي فُقَهَاءَ الْمَدِينَةِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ. مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ قُرَيْشٍ. وَأَخْبَرَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أنا زيد بن الحسن، أنا أبو منصورالسَّيبانيّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ: اسْمُ أَبِي سَلَمَةَ، مَيْمُونٌ، رَوَى عَنْهُ اللَّيث بْنُ سَعْدٍ، وَوَكِيعٌ، وسمَّى طَائِفَةً، وَأَوْرَدَ بَعْضَ مَا قُلْنَا، وَبَيْنَ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ الْحَجَّارِ وَبَيْنَهُ سِتَّةُ أَنْفُسٍ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْعُلُوِّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْيُونِينِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْعِمَادِ، وَأَحْمَدُ بْنُ تاج الأمناء، وَنَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمُجَاهِدِ، وَعَلِيُّ بْنُ بَقَاءٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُؤْمِنٍ، وَعَبْدُ الدَّايِمِ الْوَزَّانُ، وَآخَرُونَ، قَالُوا: أَنْبَأَ الْحُسَيْنُ بْنُ الزُّبيديّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ اللَّتيّ، وَأَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ الْمَقْدِسِيُّ، أَنَا ابْنُ الزُّبيديّ، وَمُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ عَسْكَرٍ، وَنَفِيسُ بْنُ كَرْمٍ، قَالُوا ستَّتهم: أَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ السِّجْزِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَا عَبْدُ

الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا الْعَلاءُ بْنُ مُوسَى إِمْلاءً، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، بإسنادٍ لَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةَ لا يَتَمَسَّكُ بِأَدَاءِ حَقِّكِ بَعْدِي إِلا الصَّابِرُونَ"1، فَهَذَا حَدِيثٌ مُعْضِلُ الإِسْنَادِ. 242- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، الْقَسْمَلِيُّ2 مَوْلاهُمُ، الْخُرَاسَانِيُّ ثُمَّ الْبَصْرِيُّ. -خ. م. د. ت. س. يُكَنَّى أَبَا زَيْدٍ، وَهُوَ أَخُو الْمُغِيرَةِ بْنِ مُسْلِمٍ السَّرَّاجِ. عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دِينَارٍ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَأَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيُّ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ الضَّرِيرُ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ: كَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ. وَكَانَ مِنَ الأَبْدَالِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْعَيْشِيُّ: مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 243- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ المطَّلب بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ3، الْمَخْزُومِيُّ، الْمَدَنِيُّ. -ت. ن. م. مُتَابَعَةً - قَاضِي الْمَدِينَةِ، وَيُقَالُ: كَانَ قَاضِيَ مَكَّةَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وإسماعيل الأويسيّ، وجماعة.

_ 1 "حديث ضعيف": لأنه معضل كما ذكر المصنف. 2 الطبقات الكبرى "7/ 283"، التاريخ الكبير "6/ 28"، الجرح والتعديل "5/ 394، 395"، التهذيب "6/ 356". 3 الطبقات الكبرى "9/ 460"، التاريخ الكبير "5/ 21"، الجرح والتعديل "5/ 393"، التهذيب "6/ 357-358".

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الْمُتَابَعَاتِ لا فِي الأُصُولِ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: رَوَى عَنِ الأَعْرَجِ، وَلا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. ثَنَاهُ الأَسْفَاطِيُّ، أَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، أَنَا أَبِي، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ المطلَّب، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ ظُلْمًا، فَقَاتَلَ دُونَهُ، فقُتِلَ، فَهُوَ شَهِيدٌ" 1. 244- عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ2 بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ الْوَلِيدِ الْحَرَشِيِّ، وَسُلَيْمَانَ الْمُحَارِبِيِّ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. 245- عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ3، أَبُو مَرْيَمَ، الأَنْصَارِيُّ، الْكُوفِيُّ. ابْنُ عَمِّ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَافِعٍ العُّمريّ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ، وَكَانَ حَسَنَ الرَّأْيِ فِيهِ، وَلا أَعْلَمُ فِي شُيُوخِ شُعْبَةَ أَوْهَى مِنْهُ. وَرَوَى عَنْهُ طَائِفَةٌ، آخِرُهُمْ عَوْنُ بْنُ سَلامٍ الْكُوفِيُّ. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال مرة: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الشِّيعَةِ، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل: حدّث ببلايا في عثمان.

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه ابن ماجه "2582"، وفي الباب عن ابن عمر: أخرجه أبو داود "4771"، والترمذي "1419-1420"، وأحمد في المسند "2/ 193-194"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "1528". 2 التاريخ الكبير "6/ 121"، الجرح والتعديل "6/ 54". 3 التاريخ الكبير "6/ 122"، الجرح والتعديل "6/ 53-54"، ميزان الاعتدال "2/ 640".

وقال ابن المدينيّ: كان من يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أَبُو مَرْيَمَ، عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عُبَيْدَةُ إِذَا حَدَّثَنَا عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ، يَصِيحُ النَّاسُ: لا نُرِيدُ، ثُمَّ تَرَكَهُ عُبَيْدَةُ. وَقَالَ السَّعديّ: أَبُو مَرْيَمَ زَائِغٌ، سَاقِطٌ. وَقَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، سَمِعْتُ أَبَا مَرْيَمَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85] قَالَ: يَرُدُّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الدُّنْيَا، حَتَّى يَرَى عَمَلَ أمَّته، قَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ، فَقُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ مَا حَدَّثَكَ بِهَذَا الْحَكَمُ، قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، تكذَّبني؟! ثُمّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَشْهَدُ أَنَّ أَبَا مَرْيَمَ كذّاب، وقد سمعت مِنْهُ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْغَفَّارِ. 246- عَبْدُ القدُّوس بْنُ حبيب1، أبو سعيد الكلاعيّ، الواحاظيّ، الْحِمْصِيُّ. عَنِ: الشَّعبيّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمَكْحُولٍ، وَعَطَاءٍ، وَنَافِعٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: الْوَليِدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو الْجَهْمِ الْبَاهِلِيُّ، وأبي إِسْحَاقَ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: لأَنْ أَقْطَعَ الطَّرِيقَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرْوِيَ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: شَامِيٌّ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أَحَادِيثُهُ مَقْلُوبَةٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيّ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْبَلْخِيُّ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالِقَانِيُّ، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: اشْتَرَيْتُ بَعِيرَيْنِ، فَقَدِمْتُ الشَّامَ على عبد القدُّوس الشّاميّ فقال: ثنا

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 119-120"، الجرح والتعديل "6/ 55-56"، ميزان الاعتدال "2/ 643".

مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَصْحَابَنَا يَرْوُونَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا رَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ شَيْئًا، وَكَانَ مُجَاهِدٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، قلَّما يَرْوِي إِلا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى نَفَقَتِي وَبَعِيرِي. قَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ الْبَرْبَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَوَّامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هاشم العبّاسيّ، وشريح بن محمد، وطائفة، وقالوا: أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا أَبُو الْجَهْمِ الْبَاهِلِيُّ، ثَنَا عَبْدُ القدُّوس: أَرَاهُ، يَعْنِي ابْنَ حَبِيبٍ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنِ اطَّلَعَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَكَأَنَّهُ يطَّلع فِي جَهَنَّمَ. 247- عَبْدُ القدُّوس بْنُ مُسْلِمٍ1، البصريّ. عن: عمرو بْنِ دِينَارٍ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرُهُمَا. لا بَأْسَ بِهِ. 248- عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي زُرَيْقٍ2 الْبَصْرِيُّ. سَمِعَ: الْحَسَنَ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللاحِقِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيالسيّ. 249- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحُسَيْنِ3، أَبُو مَالِكٍ، النَّخعيّ، الْوَاسِطِيُّ. وَيُعْرَفُ بِابْنِ ذَرٍّ، وَقِيلَ: بَلِ اسْمُهُ عُمَارَةُ. رَوَى عَنْ: عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، وَالأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، وَيَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ أبي بكر، ويزيد بن هارون.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 56". 2 التاريخ الكبير "6/ 111" الجرح والتعديل "6/ 64"، الثقات لابن حبان "7/ 137". 3 التاريخ الكبير "5/ 411"، الجرح والتعديل "5/ 347"، ميزان الاعتدال "2/ 653"، التهذيب "12/ 219".

قَالَ الْفَلاسُ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفَ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 250- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَسَنِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ1، أَبُو مَرْوَانَ، الأُمَوِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْمَدَنِيُّ، الأَحْوَلُ. -ت- عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَسَهْمِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَالْعَقَدِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 251- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَبْرٍ2، أَبُو مروان، المدني، البزّاز. عَنْ: رَبَاحِ بْنِ صَالِحٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. 252- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ3، الْجُمَحِيُّ، الْمَدَنِيُّ. -د. س. عَنْ: عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: تُعْرَفُ وَتُنْكَرُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بالقويّ.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 411"، الجرح والتعديل "5/ 348"، الثقات لابن حبان "7/ 99"، التهذيب "6/ 391-392". 2 التاريخ الكبير "5/ 406"، الجرح والتعديل "5/ 342"، ميزان الاعتدال "2/ 651". 3 التاريخ الكبير "5/ 428"، الجرح والتعديل "5/ 362-363"، التهذيب "6/ 414-415".

253- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَعْدَانَ1، الضُّبَعِيُّ، الْبَصْرِيُّ. –ن. عَنْ: بَدَلِ بْنِ الْمُحَبَّرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَاقِدٍ، وَأَسَدِ بْنِ مُوسَى، وَأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، وَطَائِفَةٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 254- عبد المؤمن بن خالد الحنيفيّ المروزي2، قاضي مرو -د. ت. ن. عَن: عَبْد الله بْن بُرَيْدَةَ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَسَنِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 255- عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عبيد الله3، أبو عبيدة السّوسيّ، الْبَصْرِيُّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَزِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَلُوَيْنٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الشاميّ. وثّقه ابن معين، وخرج لَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ، لَهُ. 256- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمٍ الْمَالِكِيُّ4، الْبَصْرِيُّ. –ت. عن: عطاء بن أبي رباح، ويزيد الفقير.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 426"، الجرح والتعديل "5/ 373-374"، وتهذيب التهذيب "6/ 428-429". 2 التاريخ الكبير "6/ 117"، الجرح والتعدل "6/ 66"، والثقات لابن حبان "7/ 137"، تهذيب التهذيب "6/ 432". 3 التاريخ الكبير "6/ 116"، الجرح والتعدل "6/ 65-66"، تهذيب الكمال "2/ 865"، وتهذيب التهذيب "6/ 433". 4 التاريخ الكبير "6/ 57"، الجرح والتعديل "6/ 21"، الثقات لابن حبان "7/ 123"، تهذيب التهذيب "6/ 435-436".

وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 257- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ1، الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. عَنْ: أَبِيهِ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَفَّانُ، وَهُدْبَةُ، وَمُوسَى التَّبُوذَكِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ، وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 258- عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ الْيَشْكُرِيُّ2. شَيْخٌ بَصْرِيُّ، مُعَمَّرٌ، رَأَى أَبَا بَرْزَةَ الأَسْلَمِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. وَحَدَّثَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَسَهْلُ بْنُ هَاشِمٍ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. 259- عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ عَطَاءِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ3. عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو حذيفة النّهديّ.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 58"، الجرح والتعديل "6/ 22"، والثقات لابن حبان "7/ 124"، تهذيب التهذيب "6/ 436". 2 التاريخ الكبير "6/ 75"، الجرح والتعديل "6/ 40-41"، والثقات لابن حبان "5/ 132". 3 التاريخ الكبير "6/ 78"، الجرح والتعديل "6/ 43"، تهذيب الكمال "2/ 771"، تهذيب التهذيب "6/ 128".

260- عَبْدَةُ بْنُ بَرْزَةَ السَّجِسْتَانِيُّ1. عَنْ: مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، وَالصَّلْتِ بْنِ حُكَيْمٍ، وَعَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ. وَعَنْهُ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَيَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 261- عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ2، التَّمِيمِيُّ، أَبُو مَعْمَرٍ. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ سَكَنَ مِصْرَ وَإِفْرِيقِيَّةَ. وَرَوَى عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْمُنْكَرَاتِ. وروى عَنْهُ: مُؤَمَّلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيُّ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ الْجَحْدَرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْحُفْرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعَ أَنَسًا، وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، والحسن البصري، قَالَ أَبِي: ضَعِيفٌ جِدًّا. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ، فَمِنْهَا: ثَنَا جَبْرُونُ بْنُ عِيسَى بِمِصْرَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، مَوْلَى قُرَيْشٍ، نَا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَنَسٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، نَادَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، رِضْوَانَ خَازِنَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: زَيِّنِ الْجِنَانَ لِلصَّائِمِينَ"3، وَسَاقَ حَدِيثًا طَوِيلا شِبْهَ مَوْضُوعٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: عَبَّادٌ يَرْوِي عَنْ أَنَسٍ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، وَمَا أَرَاهُ لَقِيَهُ، حدّثنا ابن قتيبة بعسقلان، أنا غَالِبُ بْنُ وَزِيرٍ الْغَزِّيُّ، ثَنَا الْمُؤَمَّلُ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَنَسٍ: نُسْخَةٌ أَكْثَرُهَا مَوْضُوعَةٌ، مِنْهَا: "أُمَّتِي خَمْسُ طَبَقَاتٍ، كُلُّ طَبَقَةٍ أَرْبَعُونَ عَامًا، فَطَبَقَتِي وَطَبَقَةُ أَصْحَابِي، أَهْلُ الْعِلْمِ وَالإِيمَانِ"، إِلَى أَنْ قَالَ: "ثُمَّ الَّذِينَ

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 115"، الجرح والتعديل "6/ 90"، والثقات لابن حبان "8/ 436". 2 التاريخ الكبير "6/ 41"، الجرح والتعديل "6/ 82"، وميزان الاعتدال "2/ 369". 3 "حديث موضوع": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 138-139"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 187-188".

يَلُونَهُمْ، إِلَى الْمِائَتَيْنِ، أَهْلُ الْهَرْجِ، وَتَرْبِيَةُ جَرْوٍ وَكَلْبٍ خَيْرٌ مِنْ تَرْبِيَةِ وَلَدٍ"1. وَمِنْهَا: عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَغَاثَ مَلْهُوفًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ثَلاثًا وَسَبْعِينَ مَغْفِرَةً"2. قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ الْكِنْدِيِّ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَدِيبُ، أَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَنْجَبَ التُّسْتَرِيُّ، أَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْحَافِظُ، قَالا: أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ النَّقُّورِ، أَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ يُبَاهِي بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَيُمَارِي بِهِ الشُّغَبَاءَ، أَوْ يَصْرِفُ أَعْيُنَ النَّاسِ إليه، تبوّأ مقعده مِنَ النَّارِ"3، مَوْقُوفًا. 262- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ4، السَّدُوسِيُّ، الْكُوفِيُّ، أَبُو السَّلِيلِ. -م. د. ت. ن. عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَجَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ. وَكَانَ عَرِّيفُ قَوْمِهِ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. قال ابن قانع: بعض روايته صحيفة.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن ماجه "4058" وابن الجوزي في الموضوعات "3/ 196-197"، وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة "2940"، وفيه عباد بن عبد الصمد. قال البخاري: منكر الحديث. 2 "حديث موضوع": أخرجه البخاري في التاريخ الكبير "2/ 1/ 320"، وابن عدي في الكامل "2/ 143"، والخرائطي في مكارم الأخلاق "ص15"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 171"، وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة "621، 749"، وقال: موضوع. 3 "حديث صحيح لغيره": أخرجه الترمذي "2654"، من حديث كعب بن مالك، وابن ماجه "253، 260"، من حديث ابن عمر، وأبي هريرة وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، وفي صحيح الجامع "6382-6383". 4 التاريخ الكبير "5/ 373"، والجرح والتعديل "5/ 307" سير أعلام النبلاء "7/ 317"، التهذيب "7/ 4".

قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ. وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. 263- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُصَيْنِ1، التَّمِيمِيُّ، الْعَنْبَرِيُّ. -م- قَاضِي الْبَصْرَةِ وَخَطِيبُهَا، وُلِدَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَرَوَى عَنْ: سَعِيدٍ الْجَرِيرِيِّ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ. وَعَنْهُ: مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ ثِقَةً، كَبِيرَ الْقَدْرِ، مَحْمُودًا فِي الْقَضَاءِ، مِنْ عُقَلاءِ الرِّجَالِ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: لَمَّا طُلِبَ لِلْقَضَاءِ، هَرَبَ، فَقَالَ أَبُوهُ: يَا بُنَيَّ، إِنْ كُنْتَ هَرَبْتَ لِسَلامَةِ دِينِكَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ، وَإِنْ كُنْتَ هَرَبْتَ لِيَكُونَ أَحْرَصَ لَهُمْ عَلَيْكَ، فَقَدْ أَصَبْتَ أَيْضًا، قَالَ: ثُمَّ وَلِيَ الْقَضَاءَ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي الصَّحِيحِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلِيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ بَعْدَ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 264- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ الْعَبْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ2. سَمِعَ: الْحَسَنَ. وَعَنْهُ: بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ. مَحِلُّهُ الصِّدْقُ. 265- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، الأموي3.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 376"، الطبقات لابن سعد "7/ 285"، الجرح والتعديل "5/ 312"، تهذيب التهذيب "7/ 7-8". 2 التاريخ الكبير "5/ 378"، الجرح والتعديل "5/ 312"، والثقات لابن حبان "7/ 145". 3 تاريخ الطبري "7/ 314، 438، 563"، والكامل في التاريخ "5/ 330".

وَيُقَالُ: عَبْدُ اللَّهِ، وَلِيَ عَهْدَ أَبِيهِ مَرْوَانَ فَلَمَّا قُتِلَ مَرْوَانُ، هَرَبَ هَذَا وَأَخُوهُ إِلَى بِلادِ النُّوبَةِ، فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا، وَعَاشَ هَذَا مُسْتَخْفِيًا دَهْرًا طَوِيلا، وَظَفِرَ بِهِ الْمَهْدِيُّ فِي دَوْلَتِهِ فَسَجَنَهُ، فَمَاتَ فِي الْمُطْبَقِ، سَنَةَ سَبْعِينَ، وقَدْ شَاخَ. 266- عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمٍ الْعَلَوِيُّ الْكُوفِيُّ، الْجَمَّالُ. وروى عَنْ: حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ، وَسَلْمَانَ أَبِي شَدَّادٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ. مَا بِهِ بَأْسٌ. 267- عُبَيْدَةُ بْنُ أَبِي رَائِطَةَ1، التَّمِيمِيُّ، الْمُجَاشِعِيُّ. كُوفِيٌّ جَلِيلٌ، نَزَلَ الْبَصْرَةَ. رَوَى عَنِ: ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، وعبد الملك بن عمير. وعنه: عفان، وحبان بن هلال، وموسى بن إسماعيل، وأبو عمر الحوضي. وثقه ابن معين. له في الجامع حديث واحد. وكان حذاء، وليس هو عبيدة بن حميد الحذاء. 268- عتاب بن عبد العزيز الحماني2. كوفي له عَنِ التَّابِعِينَ. حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو بكر البكروايّ. 269- عتبة الغلام بن أبان3، البصريّ، العابد.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 84-85"، والجرح والتعديل "6/ 91-92"، والثقات لابن حبان "7/ 162"، وتهذيب التهذيب "7/ 82-83". 2 التاريخ الكبير "7/ 55"، الجرح والتعديل "7/ 12"، والثقات لابن حبان "7/ 295"، وتهذيب التهذيب "7/ 92". 3 حلية الأولياء "6/ 266-238"، صفة الصفوة "3/ 370-375"، سير أعلام النبلاء "7/ 62-63".

عُرِفَ الْغُلامُ بَيْنَ الْعُبَّادِ؛ لِأَنَّهُ تَنَسَّكَ وَهُوَ صَبِيٌّ، وَكَانَ خَاشِعًا قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا. وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعْدَانِ الشَّعْرَانِيُّ قَالَ: قَالَ السَّكَنُ: هُوَ عُتْبَةُ بْنُ أَبَانِ بْنِ صَمْعَةَ. قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، قَالَ عُتْبَةُ الْغُلامُ: كَابَدْتُ الصَّلاةَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَتَنَعَّمْتُ بِهَا عِشْرِينَ سَنَةً. قَالَ: وَصَفَّقَ بِيَدَيْهِ حَتَّى تَفَطَّرَتْ أَصَابِعُهُ، وَلَمْ يَدْرِ بِنَفْسِهِ، وَكَانَ يَقُولُ فِي تَهَجُّدِهِ: إِنْ عَذَّبْتَنِي فَإِنِّي لَكَ مُحِبٌّ، وَإِنْ تَرْحَمْنِي، فَإِنِّي لَكَ مُحِبٌّ1. وَكَانَ يَأْوِي إِلَى الْمَقَابِرِ وَالسَّوَاحِلِ، وَيَدْخُلُ الْبَصْرَةَ يوم الجمعة. قال حسين الجفعيّ: قَالَ لِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ: بِمَنْ يُشَبَّهُ حُزْنُ هَذَا الْغُلامِ؟ يَعْنِي عُتْبَةَ، قُلْتُ: بِحُزْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: مَا أَبْعَدْتَ2. وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: صَحِبْتُ عُتْبَةَ الْغُلامَ، وَكَانَ يُقَالُ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْعَرْشِ فعُتْبَةُ الغلام، قال لنا: اشتروا لي فَرَسًا يَغِيظُ الْعَدُوَّ3. وَكَانَ يَخْرُجُ، فَيُقَالُ لَهُ: أَسْتَقْبَلَكَ أَحَدٌ؟ فَيَقُولُ: لا، اشْتِغَالا بِمَا هُوَ فِيهِ. قَالَ: وَأَصَابَ النَّاسُ ظُلْمَةً، فَخَرَجَ عُتْبَةُ وَيَدَاهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَهُوَ يَقُولُ لِنَفْسِهِ: وَأَنْتَ تَشْتَرِي التَّمْرَ! وَيُقَالُ: كَانَ عُتْبَةُ يَصُومُ الدَّهْرَ، وكان رأس ماله فلسًا يَأْخُذُ بِهِ خُوصًا، فَيَعْمَلُهُ وَيَبِيعُهُ، فَيَأْكُلُ بِفَلْسٍ، وَيَتَصَدَّقُ بِفَلْسٍ، وَيَشْتَرِي خُوصًا، بِفَلْسٍ. قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ: إِنَّهُ رَأَى طَائِرًا، فَقَالَ لَهُ: تَعَالَ، فَجَاءَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ له: طر فطار4. وقيل: إنّه كان لا يكاد ينقطع بكاؤه. وَوَرَدَ أَنَّهُ كَانَ يَأْوِي إِلَى مَنْزِلِهِ فَيُصِيبُ فِيهِ قُوتَهُ، لا يَدْرِي مِنْ أَيْنَ هُوَ. وكان ربّما غشي عليه من الموعظة.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 235"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 371". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 226". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 227". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 227"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "3/ 373".

وَقَالَ رَبَاحٌ الْقَيْسِيُّ: بَاتَ عِنْدِي عُتْبَةُ الْغُلامُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ احْشُرْ عُتْبَةَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ، وَبُطُونِ السِّبَاعِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَزَّازُ، نَا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: جَاءَنَا عُتْبَةُ الْغُلامُ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: الْغَزْوُ، قُلْتُ: مِثْلُكَ يَغْزُو! قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي آتِي الْمِصِّيصَةَ فَأَغْزُو فَأَسْتَشْهِدُ، قَالَ: فَنُودِيَ يَوْمًا فِي الْخَيَّالَةِ، فَنَفَرَ النَّاسُ، وَجَاءَ عُتْبَةُ، فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي فَرَسِي وَسِلاحِي فَإِنِّي قَدِ اعْتَلَلْتُ، قَالَ: نَعَمْ، فَأَعْطَاهُ، فَسَارَ مَعَ النَّاسِ فَالْتَقَوُا الرُّومَ، فَكَانَ أَوَّلَ رَجُلٍ اسْتُشْهِدَ1. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْبَصْرِيُّ، سَأَلْتُ عليَّ بْنَ بَكَّارٍ، أَشَهِدْتَ قَتْلَ عُتْبَةَ الْغُلامِ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ شَهِدَهُ مَخْلَدٌ، قُتِلَ فِي قَرْيَةِ الْحُبَابِ2. وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَطَاءٍ الْيَرْبُوعِيِّ، قَالَ: نَازَعَتْ عُتْبَةَ الْغُلامَ نَفْسُهُ لَحْمًا، فَقَالَ لَهَا: انْدَفِعِي عَنِّي إِلَى قَابِلٍ، فَمَا زَالَ يُدَافِعُهَا سَبْعَ سِنِينَ. وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لا يُعْجِبُنِي رَجُلٌ لا يَحْتَرِفُ. وَذَكَرَ مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عُتْبَةَ وَصَاحِبَهُ يَحْيَى الْوَاسِطِيَّ، فَقَالَ: كَأَنَّمَا ربتَّهم الأَنْبِيَاءُ. وَعَنْ عُتْبَةَ قَالَ: مَنْ عَرَفَ اللَّهَ أحبَّه، وَمَنْ أحبَّه أَطَاعَهُ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: رَأَيْتُ عُتْبَةَ الْغُلامَ، وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّ الطَّير تَجِيئُهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْخَالِقِ الْعَبْدِيُّ: كَانَ لِعُتْبَةَ بَيْتٌ يتعبَّد فِيهِ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الشَّامِ قَفَلَهُ وَقَالَ: لا تَفْتَحُوهُ حَتَّى يَبْلُغَكُمْ مَوْتِي، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ مَوْتُهُ فَتَحُوهُ، فَوَجَدُوا فِيهِ قَبْرًا مَحْفُورًا، وغلَّ حَدِيدٍ. وعن عبد الواحد بن يزيد قَالَ: كَلَّمْتُ عُتْبَةَ الْغُلامَ لَيَرْفَقَ بِنَفْسِهِ، فَبَكَى وَقَالَ: إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى تَقْصِيرِي. 270- عُتْبَةُ بْنُ المنذر العبَّادي3 الحمصيّ.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 228". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "6/ 228". 3 التاريخ الكبير "6/ 527"، الجرح والتعديل "6/ 374"، الثقات لابن حبان "5/ 251".

مِنْ بَقَايَا التَّابِعِينَ. سَمِعَ: أَبَا أُمَامَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ العطّار، ويحيى بن صالح الوحاظيّ. قال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَلَمْ يُلَيِّنْهُ. 271- عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ1، الْجُذَامِيُّ، الْمِصْرِيُّ. -د. ن. عَنْ: يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، ويونس الأيليّ، وابن جريح. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، واللَّيث بْنُ عَاصِمٍ الْقِتْبَانِيُّ. وَكَانَ فَقِيهًا، زَاهِدًا، كَبِيرَ الْقَدْرِ، عُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الدِّيار الْمِصْرِيَّةِ فَأَبَى، وَهَجَرَ اللَّيث بْنَ سَعْدٍ لِكَوْنِهِ تَعَدَّى عَلَيْهِ. مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ كَهْلا. 272- عُثْمانُ بنُ طَلْحَةَ بْنِ عمر2 بن عبيد الله بن معمر التَّميميّ. وَلاهُ الْمَهْدِيُّ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ، فَلَمْ يَأْخُذْ عَلَى الْقَضَاءِ رِزْقًا، وَحُمِدَتْ سِيرَتُهُ، ثُمَّ اسْتَعْفَى، وَكَانَ من أشراف قريش. روى عن: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ. وَغَيْرُهُ. قِيلَ: إِنَّ مُسْهِرَ بْنَ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيَّ أَدْرَكَهُ، فَإِنْ كَانَ هَذَا، فَهُوَ مِنْ طَبَقَةِ هُشَيْمٍ فِي الْمَوْتِ. 273- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عُمَر3 بْن سَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاصٍ، الزَّهري، الْوَقَّاصِيُّ، الْمَدَنِيُّ، أَبُو عمرو.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 218"، الجرح والتعديل "6/ 148"، الثقات لابن حبان "8/ 452"، تهذيب التهذيب "7/ 110-111". 2 التاريخ الكبير "6/ 229"، الجرح والتعديل "6/ 155"، الثقات لابن حبان "8/ 448". 3 التاريخ الكبير "6/ 238-239"، الجرح والتعديل "6/ 157"، ميزان الاعتدال "3/ 43-45"، تهذيب التهذيب "7/ 133-134".

أحد الضعفاء. روى عن: عمّة أبي عائشة بنت سعد، وابن أبي ملكية، وَسَعْدٍ الْمَقْبُرِيِّ، والزُّهريّ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ نَصْرٍ، وَالْهُذَيْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ السَّعديّ: سَاقِطٌ. وَقَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ التِّرمذيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. والتِّرمذيّ يَتَسَاهَلُ فِي الرِّجَالِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمُعِزِّ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا تَمِيمُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَا الْكَنْجَرُوذِيُّ، أَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنَا أَبُو يَعْلَى، أَنَا هُذَيْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَّانِيُّ، نَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهريّ، الْوَقَّاصِيُّ، عَنِ الزَّهريّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا قَالَ عَبْدٌ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فِي ساعةٍ مِنْ ليلٍ وَنَهَارٍ، إِلا طَمَسَتْ مَا فِي صَحِيفَتِهِ مِنَ السيِّئات حَتَّى تَسْكُنَ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ"1، وَالْهُذَيْلُ مُقِلٌّ. كَانَتْ لَهُ جمَّة، فلقِّب بِالْجُمَّانِيِّ. 274- عُثْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَاجٍ2، الْقُرَشِيُّ، الْجَزَرِيُّ، مَوْلَى بَنِي أميَّة. -س. عن: سهل بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَخَصِيفٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أميَّة، وعمر بن ثابت، وابن جريج، وخلق.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه أبو يعلى في مسنده "6/ 294"، وذكره الهيثمي في المجمع "10/ 82" وقال: أخرجه أبو يعلى وفيه عثمان بن عبد الرحمن الزهري وهو متروك. 2 الجرح والتعديل "6/ 162"، والثقات لابن حبان "8/ 449"، وميزان الاعتدال "3/ 49"، وتهذيب التهذيب "7/ 144".

وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَكَانَ قَاصًّا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يحتجُّ بِهِ. وَقَوَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ. 275- عُثْمَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ بُقْطُرٍ1، الْبَصْرِيُّ، أَبُو الْخَطَّابِ. سَمِعَ: الْحَسَنَ، وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَافِعًا. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. 276- عُثْمَانُ بْن مُحَمَّد بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ2. الْعَدَوِيُّ، أَبُو قُدَامَةَ. عَنْ: عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الدَّارِمِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ. 277- عُثْمَانُ بْنُ مِقْسَمٍ، البرِّيّ3، أَبُو سَلَمَةَ الْكِنْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ، عَلَى ضعفٍ فِيهِ. يَرْوِي عَنْ: يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَقَتَادَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَنَافِعٍ، وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ. رَوَى عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوري مَعَ تقدُّمه، وَسَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَلامٍ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الْمِيزَانَ فَيَقُولُ: وَإِنَّمَا هُوَ الْعَدْلُ. تَرَكَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 251"، الجرح والتعديل "6/ 170"، الثقات لابن حبان "7/ 202". 2 التاريخ الكبير "6/ 250"، الجرح والتعديل "6/ 165"، الثقات لابن حبان "7/ 198". 3 الطبقات الكبرى "7/ 285"، التاريخ الكبير "6/ 252-253"، الجرح والتعديل "6/ 167-168"، ميزان الاعتدال "3/ 56-58"، سير أعلام النبلاء "7/ 325-326".

وَقَالَ النَّسائيّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثَنَا الْقَطَّانُ، سَمِعْتُ البريَّ، يُحَدِّثُ عَنْ نَافِعٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، ثُمَّ حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْنَا لِنَافِعٍ: أَسَمِعْتَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: عَرَفَةُ كلُّها مَوْقِفٌ؟ قَالَ: لا. وَقَالَ السَّعدي: عُثْمَانُ الْبُرِّيُّ كَذَّبَهُ الثَّوري. مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نَا شُعْبَةُ قَالَ: أَفَادَنِي عُثْمَانُ الْبُرِّيُّ، عَنْ قَتَادَةَ حَدِيثًا، فَسَأَلْتُ قَتَادَةَ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ، قَالَ: فَجَعَلَ عُثْمَانُ يَقُولُ: بَلْ أَنْتَ حَدَّثْتَنِي، فَيَقُولُ: لا، فَيَقُولُ: بَلْ أَنْتَ حدَّثتني، فَقَالَ قَتَادَةُ: هَذَا يُخْبِرُنِي عَنْ أَنَّ لي عَلَيْهِ ثَلاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ. مؤمِّل بْنُ إِسْمَاعِيلَ، سَمِعْتُ عُثْمَانَ البرِّيّ يَقُولُ: كَذَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ. عَفَّانُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ البرِّيّ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ الْمِيزَانُ، فَقَالَ: لَهُ كفَّتان! يُنْكِرُ ذَلِكَ. وَسَمِعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ يَقُولُ: لَيْسَ بِمِيزَانٍ، إِنَّمَا هُوَ الْعَدْلُ، قَالَ مُحَمَّدٌ: فَوَضَعَهُ اللَّهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، يَعْنِي الْبُرِّيَّ. وَقَالَ عَفَّانُ: كَانَ عُثْمَانُ الْبُرِّيُّ يَرَى الْقَدَرَ، وَكَانَ يَغْلَطُ فِي الْحَدِيثِ، وَفِي كِتَابِهِ الصَّوَابُ، فَلا يَرْجِعْ إِلَيْهِ، وَكَانَ يُحَدِّثُ عِشْرِينَ حَدِيثًا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُمَرَ، ثم يقول: هذا كلّه باطل، ثم يجيء بِرَأْيِ حَمَّادٍ فَيَقُولُ: هَذَا هُوَ الْحَقُّ. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَضَايَا شُرَيْحٍ كُلُّهُ بَاطِلٌ. وَحَدَّثَنِي ثِقَةٌ عَنْهُ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] فِي أُمِّ الْكِتَابِ، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ فِي الْكِتَابِ: ت ب ت، فَأَمَّا يَدَا أَبِي لهبٍ فَلَمْ تَكُنْ. قُلْتُ: لا جَهْلَ فَوْقَ هَذَا، فَمَا لِلتَّفْرِقَةِ وَجْهٌ. 278- عديُّ بْنُ الْفَضْلِ1، أَبُو حَاتِمٍ. –ق. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، واهٍ، مِنْ مَوَالِي آلِ تَيْمِ بْنِ مرَّة.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 46"، الجرح والتعديل "7/ 4"، ميزان الاعتدال "3/ 62"، تهذيب التهذيب "7/ 170-171".

عَنْ: سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرير، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. وَلَعَلَّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدِ السَّبعين وَمِائَةٍ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لا يُكتَبُ حَدِيثُهُ وَلا كَرَامَةَ لَهُ. وَقَالَ السَّعديّ: لَمْ يَقْبَلِ النَّاسُ حَدِيثَهُ. وَقَالَ النَّسائيّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ 171. 279- عِصَامُ بْنُ بَشِيرٍ1، الْكَعْبِيُّ، الْحَارِثِيُّ، الْجَزَرِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ الرُّهاويّ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ، وَغَيْرُهُمَا. يُقَالُ: عَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةٍ، قَالَهُ الْبُخَارِيُّ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. وَخَرَّجَ لَهُ النَّسائي فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. 280- عِصَامُ بْنُ طَلِيقٍ2، الطُّفاوي. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. عَنْ: عطية العوفيّ، وأبي جمرة الضُّبعيّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وَبَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمَانِيُّ، وَآخَرُونَ.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 70"، الجرح والتعديل "7/ 25"، تهذيب التهذيب "7/ 194". 2 الجرح والتعديل "7/ 25-26"، ميزان الاعتدال "2/ 66-67"، تهذيب التهذيب "7/ 195-196".

قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مَجْهُولٌ، مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا عصام طَلِيقٍ، نَا شُعَيْبٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قُتِلَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهِيدًا، فَبَكَتْهُ بَاكِيَةٌ، فَقَالَ لَهَا: "مَا يُدْرِيكِ أَنَّهُ شَهِيدٌ، فَلَعَلَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ فِيمَا لا يَعْنِيهِ، أَوْ يَبْخَلُ بِفَضْلِ مَا لا ينفعه" 1. 281- عطاء المقنَّع2. شيخ لعين، كَانَ يَعْرِفُ السَّحر والسِّيمياء، فَرَبَطَ النَّاسَ بِالْخَوَارِقِ وَالْمُغَنِّيَاتِ، وادَّعى الرُّبوبية مِنْ طَرِيقِ الْمُنَاسَخَةِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَةِ آدَمَ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ الْمَلائِكَةَ بالسُّجود لَهُ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَةِ نُوحٍ، ثُمَّ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيْرِهِمْ من الأنبياء والحكماء الفلاسفة، إِلَى أَنْ حَصَلَ فِي صُورَةِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيِّ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ، ثُمَّ بَعَدَهُ انْتَقَلَ إِلَيَّ، فَعَبَدَهُ خَلائِفٌ مِنَ الْجَهَلَةِ وَقَاتَلُوا دُونَهُ مَعَ مَا شَاهَدُوا مِنْ قُبْحِ صُورَتِهِ، وَسَمَاجَةِ جَهْلِهِ. كَانَ مشوَّهًا، أَعْوَرَ، قَصِيرًا، أَلْكَنَ، وَكَانَ لا يَكْشِفُ وَجْهَهُ، بَلِ اتَّخَذَ لَهُ وَجْهًا مِنْ ذَهَبٍ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ: المقنَّع. وَمِمَّا أضلَّهم بِهِ مِنَ الْمَخَارِيقِ قَمَرٌ يَرَوْنَهُ فِي السَّمَاءِ مَعَ قَمَرِ السَّمَاءِ، فَقِيلَ: كَانَ يَرَاهُ النَّاسُ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرَيْنِ، فَفِي ذَلِكَ يَتَغَزَّلُ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ سَنَاءِ الْمُلْكِ مِنْ قَصِيدَةٍ: إِلَيْكَ فَمَا بَدْرُ المقنَّع طَالِعًا ... بِأَسْحَرَ مِنْ أَلْحَاظِ بَدْرِي المعمَّم وَلِأَبِي الْعَلاءِ الْمَعَرِّيِّ: أَفِقْ إِنَّمَا الْبَدْرُ المعمَّم رَأْسُهُ ... ضَلالٌ وغيٌّ مِثْلُ بَدْرِ المقنَّع وَلَمَّا اسْتَفْحَلَ الشَّرُّ بِعَطَاءٍ، لَعَنَهُ اللَّهُ، تَجَهَّزَ الْعَسْكَرُ لِحَرْبِهِ، وَقَدْ صَدُّوهُ وَحَصَرُوهُ فِي قَلْعَتِهِ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ، جَمَعَ نِسَاءَهُ وسقاهن السُّمَّ فهلكن، ثم تناول سمًّا

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أبو يعلى "11/ 523"، والبيهقي في شعب الإيمان "4/ 261"، وذكره الهيثمي في المجمع "10/ 303"، وقال: أخرجه أبو يعلى وفيه عصام بن طليق وهو ضعيف. 2 المعرفة والتاريخ "1/ 149"، شذرات الذهب "1/ 248".

فَمَاتَ، فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، كَمَا ثَبَتَ الْحَدِيثُ فِي ذلك، ثم أخذت القلعة، وقتل رؤوس أبتاعه، وَكَانَ بِمَا وَرَاءَ النَّهر. هَلَكَ فِي سنةٍ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 282- عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ1، أَبُو عَائِذٍ الْحِمْصِيُّ، الْمُؤَذِّنُ. -ت. ن. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ رَبَاحٍ، وَقَتَادَةَ، وَسُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وعنه: بقية، والوليد بن مسلم، وأبو المغيرة، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفيليّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: شَيْخٌ صَالِحٌ، ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْثِرُ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، بِمَا لا أَصْلَ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ معين: ليس بثقة. وكذا قال النّسائيّ. يحيى الوحاظيّ، أنا عُبَيْدٌ، عَنْ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيُؤْتَى مَالا وَوَلَدًا وَصِحَّةً، فَتَشْكُوهُ الْمَلائِكَةُ، فَيَقُولُ اللَّهُ: مُدُّوا لَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، فَإِنِّي لا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَهُ"2. توفّي قريبا من سنة ستّ وَمِائَةٍ. 283- عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ3، أَبُو خُرَيْمٍ الْبَاهِلِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ. سَمِعَ: الْحَسَنَ، وَابْنَ سِيرِينَ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَنَافِعًا، وَغَيْرَهُمْ. وَعَنْهُ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَسَعْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَالتَّبُوذَكِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الحوضيّ، وآخرون.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 81-82"، الجرح والتعديل "7/ 36"، ميزان الاعتدال "3/ 83". 2 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 430"، وقال: عفير بن معدان عن سليم بن عامر لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به. 3 الطبقات الكبرى "7/ 279"، التاريخ الكبير "6/ 442"، الجرح والتعديل "6/ 312"، ميزان الاعتدال "3/ 86".

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: لَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ شَيْئًا، وَفِي التَّابِعِينَ. 284- عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الْحَسْنَاءِ. يَرْوِي عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَادِيثَ فِيهِ جَهَالَةٌ. 285- عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1، الرِّفَاعِيُّ، الأَصَمُّ. وَيُقَالُ: ابْنُ الأَصَمِّ الْبَصْرِيِّ، فَهَذَا ضَعِيفٌ. يَرْوِي عَنْ: شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَعَطَاءٍ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَقَدْ خَلَطَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ تَرْجَمَةَ ذَا بِذَاكَ الْبَاهِلِيِّ، فَوَهِمُوا. رَوَى عَنْهُ: حَاتِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَحَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ضَعِيفٌ. وَلَيَّنَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو سلمة التّبوذكيّ، أخبرني الْحُسَيْنُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: نَظَرْنَا فِي كِتَابِ عُقْبَةَ الأَصَمِّ، فَإِذَا بِأَحَادِيثَ يُحَدِّثُ بِهَا عَنْ عَطَاءٍ، إِنَّمَا هِيَ فِي كِتَابِهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَدْ فَرَّقَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بَيْنَ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرِّفَاعِيِّ، وَبَيْنَ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَصَمّ وَقَالَ: قَالَ أَبِي: عُقْبَةُ بْنُ الأَصَمِّ لَيِّنُ الْحَدِيثِ. قلت: هما واحد، وهو ضعيف.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 441"، الجرح والتعديل "6/ 314-315"، تهذيب التهذيب "7/ 244-245".

286- عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ1، الْمَعَافِرِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. شيخ الإسكندريّة وفقيهها. أحذ عَنْ: رَبِيعَةَ الرَّأْيِ، وَخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَغَيْرُهُ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 287- عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ2، الأَزْدِيُّ، الْقَاضِي، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الْكُوِفيُّ. نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَإِدْرِيسَ الأَزْدِيِّ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ. ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ الرَّيِّ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: فِيهِ الْمَوْصِلِيُّ، يُخَالَفُ فِي حَدِيثِهِ، وَفِي حِفْظِهِ اضْطِرَابٌ. 288- الْعَلاءُ بْنُ زَيْدَلٍ3، الثَّقَفِيُّ، الْبَصْرِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ. -ق. وَبَعْضُهُمْ سَمَّاهُ: الْعَلاءَ بْنَ زَيْدٍ، وَبَعْضُهُمْ سَمَّاهُ: الْعَلاءَ بْنَ يَزِيدَ. يَرْوِي عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَنَاكِيرَ، وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حوشب. وعنه: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ، وعثمان بن مطبع السّلميّ، ويحيى بن سعيد العطّار، الحمصيّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَجَمَاعَةٌ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 434"، الجرح والتعديل "6/ 317"، الثقات لابن حبان "8/ 499". 2 التاريخ الكبير "7/ 50"، الجرح والتعديل "7/ 11"، ميزان الاعتدال "3/ 89-90". 3 التاريخ الكبير "6/ 520"، الجرح والتعديل "6/ 355-356"، ميزان الاعتدال "3/ 99-100". تهذيب التهذيب "8/ 182-183".

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنْ أَنَسٍ نُسْخَةً مَوْضُوعَةً، لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ إِلا تَعَجُّبًا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: الْعَلاءُ بْنُ زَيْدٍ، مَتْرُوكٌ، مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ الأَيْلِيُّ، نَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى الْقُرَشِيُّ، نَا الْعَلاءُ بْنُ زَيْدَلٍ، نَا أَنَسٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْفُقَرَاءُ مَنَادِيلُ الأَغْنِيَاءِ، يَمْسَحُونَ بِهِمْ من ذنوبهم"1. قلت: الظاهر أنّ مِنْ بَلايَا إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْدِيٍّ. قَالَ: أَنَا الْفَتْحُ الأَزْدِيُّ قَالَ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَدْ ذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ أَيْضًا، الْعَلاءُ بْنُ يَزِيدَ، أَبُو مُحَمَّدٍ، الثَّقَفِيُّ، الْوَاسِطِيُّ، وَكَذَا سَمَّاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، بَصْرِيٌّ. يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: نَا الْعَلاءُ أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَتِ الشَّمْسُ بِنُورٍ وَضِيَاءٍ، فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- عن ذاك، فقال: "لأن معاوية بن مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيَّ مَاتَ الْيَوْمَ بِالْمَدِينَةِ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ". قِيلَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] الْحَدِيثُ بِطُولِهِ2. 289- الْعَلاءُ بْنُ هَارُونَ، الْوَاسِطِيُّ3. أَخُو الإِمَامِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، قَدِيمُ الْمَوْتِ، وَلِيَ قَضَاءَ الأَنْبَارِ، وَسَكَنَ الرَّمْلَةَ مُدَّةً. وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عَوْنٍ، وَحُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، وَحُمَيْدِ بْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَسَوَّارُ بْنُ عِمَارَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ الْجَوْهَرِيُّ. كُنْيَتُهُ: أَبُو يَعْلَى. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَشَارَ إِلَى تَوْثِيقِهِ.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 154". 2 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 342". 3 التاريخ الكبير "6/ 519"، الجرح والتعديل "6/ 362"، والثقات لابن حبان "7/ 267، 8/ 504"، والميزان "3/ 105".

وَمِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ. 290- عَلِيُّ بْنُ حَوْشَبٍ، الْفَزَارِيُّ1، الدِّمَشْقِيُّ، أَبُو سُلَيْمَانَ. -د. عَنْ: أَبِيهِ، وَمَكْحُولٍ، وَأَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ، وَأَبِي عُقَيْلٍ الْمَعَافِرِيِّ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ. وَكَانَ حَدَّادًا، يُجَالِسُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ دُحَيْمٌ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْفَسَوِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّمْلِيُّ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ رَايَةً هَاشِمِيَّةً فَلا تَعْرِضْ لَهَا، فَإِنَّ دَوْلَتَهَا طَوِيلَةٌ. 291- عَلِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نِجَادِ بْنِ رِفَاعَةَ2، الرِّفَاعِيُّ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيُّ. –خ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَأَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَلِيٍّ النَّاجِيِّ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَعَفَّانُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، وَعَفَّانُ: كَانَ هَذَا يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ: زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ سِتَّمِائَةِ رَكْعَةٍ، كَانَ عَابِدًا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَعَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ كَانَ يُسَمِّي عَلِيَّ بْنَ عَلِيٍّ الرّفاعيّ: راهب العرب.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 272"، الجرح والتعديل "6/ 182"، الثقات لابن حبان "7/ 208". 2 الطبقات الكبرى "7/ 275"، التاريخ الكبير "6/ 288" الجرح والتعديل "6/ 196"، تهذيب التهذيب "7/ 366".

وَكَانَ شُعْبَةُ يَقُولُ: اذْهَبُوا بِنَا إِلَى سَيِّدِنَا وَابْنِ سَيِّدِنَا عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ يَقُولُ بِالْقَدَرِ. قُلْتُ: وَذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مُخْتَصرًا. 292- عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ، الْقُرَشِيُّ، الْكُوفِيُّ1. عَنْ: إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: شَرِيكٌ الْقَاضِي. 293- عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ، الْحِمْيَرِيُّ2، قَاضِي الرَّيِّ. عَنْ: عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلائِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الدَّشْتَكِيِّ. وَعَنْهُ: السِّنْدِيُّ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ. مَحِلُّهُ الصِّدْقُ. 294- عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ الضَّبِّيُّ، الْكُوفِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَصِيُّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. يَرْوِي عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَالأَعْمَشِ، وَأَبِي مَعَانٍ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ المحاربيّ، وإسحاق السّلوليّ، وَأَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ، فَقَالَ: كَانَ مُتَعَبِّدًا صَاحِبَ سُنَّةٍ، قَالَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِالْكُوفَةِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْهُ، يَعْنِي: فِي الدِّينِ. وقال أبو زرعة: ضعيف. وقال ابن حيّان: كَانَ يَرْوِي الْمَنَاكِيرَ عَنِ الْمَشَاهِيرِ، حَتَّى رُبَّمَا سَبَقَ إِلَى الْقَلْبِ أَنَّهُ الْمُتَعَمِّدُ لَهَا، فَبَطُلَ الاحْتِجَاجُ بِهِ لِمَا أَتَى عَنِ الثِّقَاتِ مِنَ الْمُعْضِلاتِ. وَرَوَى عَنْ أَسْعَدَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن أَبِي أَوْفَى، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، بواطيل.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 287"، الجرح والتعديل "6/ 197"، الثقات لابن حبان "7/ 210". 2 التاريخ الكبير "6/ 288"، الجرح والتعديل "6/ 197"، والثقات لابن حبان "8/ 460".

سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَاصِلٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ جَرِيرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا قُطْرَبُّلَ أَسْرَعَ السَّيْرَ، فقلت: رأيناك أسرعت في السَّيْرَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "تُبْنَى مَدِينَةٌ بَيْنَ دِجْلَةَ وَدُجَيْلٍ وَقُطْرُبُّلَ وَالْفُرَاتِ، تَجْتَمِعُ إِلَيْهَا جَبَابِرَةُ الأَرْضِ وَكُنُوزُهَا، هِيَ أَسْرَعُ فِي الأَرْضِ، مِنَ الْوَتَدِ فِي الأَرْضِ الْخَوَّارَةِ"1. قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: إِنَّمَا أَصَابَهُ عَمَّارٌ عَلَى ظَهْرِ كِتَابٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ. هُوَ حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: ثَنَا أَبِي، قَالَ: قَدِمَ الْمُسَيَّبُ بْنُ زُهَيْرٍ الضَّبِّيُّ الأَمِيرُ الْكُوفَةَ، فَبَعَثَ إِلَى عَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ بِأَلْفَيْنِ فَرَدَّهَا، قَالَ: فَطَلَبَتْهَا زَوْجَتُهُ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهَا الْمُسَيَّبُ بِالأَلْفَيْنِ، فَبَاتَتْ عِنْدَهَا، فَأَصْبَحَ عَمَّارٌ يَقُولُ: قَدْ أَحْدَثْتِ فِي هَذِهِ الْخِزَانَةِ حَدَثًا، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّهَا تَضْطَرِمُ عَلَيْنَا نَارًا، فَقَالَتِ: الأَلْفَيْنِ. أَخَذْتُهَا فَهِيَ فِي الْخِزَانَةِ، قَالَ: كِدْتِ أَنْ تَحْرِقِينَا، رُدِّيهَا، فَرَدَّتْهَا. 295- عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ2، الْبَصْرِيُّ، الصَّيْدَلانِيُّ. -د. ت. ق. عن: الحسن، ومكحول البصريّ، وثابت، ويزيد الرَّقَاشِيِّ. وَعَنْهُ: الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وَعَمْرُو بْنُ عون، وعارم أبو النّعمان، وشيبان، والواحد بْنُ غِيَاثٍ، وَخَالِدُ بْنُ خِرَاشٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَديِثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: كُنْيَتُهُ أَبُو سَلَمَةَ، رُبَّمَا يَضْطَرِبُ فِي حَدِيثِهِ. قَالَ الْحَكَمُ بْنُ يَزِيدَ: حَجَّ عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ سَبْعًا وَخَمْسِينَ حَجَّةً. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي لا بأس به، ممّن يكتب حديثه.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1726"، وابن عساكر في تاريخه "1/ 133"، والخطيب في تاريخه "1/ 35". 2 الطبقات الكبرى "7/ 283"، التاريخ الكبير "6/ 505"، الجرح والتعديل "6/ 365-366"، تهذيب التهذيب "7/ 416-417".

وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَلَمْ يُتْرَكْ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وستين تقربيًا. 296- عُمَرُ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ عَمَّارٍ1، أَبُو حَفْصٍ، الْمَازِنِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -خ- أَخُو أَبِي عَمْرٍو، وَمُعَاذٍ، وَسُفْيَانَ. لَهُ عَنْ نَافِعٍ حَدِيثٌ أَوْ حَدِيثَانِ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْفُرَاتِيُّ. خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ فِي أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ2، وَرَوَاهُ النَّاسُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلاءِ. وَقِيلَ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ كَثِيرٍ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ مُعَاذٍ، وَرَجَّحَ ذَلِكَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَكَتَبَ مُعَاذُ بْنُ العلاء، أبو غسّان، وهو مشهور، أَبُو حَفْصٍ فَلا يَكَادُ يُعْرَفُ. 297- عُمَرُ بْنُ عَمْرٍو3، الأُحْمُوسِيُّ، أَبُو حَفْصٍ. شَامِيٌّ مُقِلٌّ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَشِيرٍ الأَسْلَمِيَّ، وَابْنَ أَبِي الْبَكَرَاتِ. رَوَى عَنْهُ: جَرَّاحُ بْنُ يَحْيَى الْحِمْصِيُّ، وَكَعْبُ بْنُ حَامِدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّامِيُّ، وَبَقِيَّةُ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَهُوَ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ. 298- عِمْرَانُ بْنُ زَيْدٍ التَّغْلِبِيُّ4، الْبَصْرِيُّ، الْمُلائِيُّ، الطَّوِيلُ. -ت. ق. عَنْ: سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَزَيْدٍ الْعَمِّيِّ، وَأَبِي حازم الأعرج.

_ 1 التاريخ لابن معين "2/ 433". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3583"، والترمذي "505"، والدارمي في سننه "31"، وابن حبان في صحيحه "6506"، والبيهقي في السنن الكبرى "3/ 196". 3 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 151"، والجرح والتعديل "6/ 127-128". 4 التاريخ الكبير "6/ 424"، الجرح والتعديل "6/ 298"، ميزان الاعتدال "3/ 237-238"، تهذيب التهذيب "8/ 132-133".

وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيُّ. كَنَّاهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ: أَبَا يَحْيَى. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 299- عِمْرَانُ بْنُ قُدَامَةَ1 الْعَمِّيُّ، الْبَصْرِيُّ. مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ. رَوَى عَنْ: أَنَسٍ، وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ: زَيْدٌ الْعَمِّيُّ، وَحَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ. قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، لَكِنَّهُ لم يكن من أهل الحديث، كتبت عَنْهُ، وَرَمَيْتُ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. 300- عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ2، الْمَخْزُومِيُّ. عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بحديثين، أحمدهما مرسلًا في مراسيل أبي داود، والثاني منكرًا. رَوَى عَنْهُ: مَعْنٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ حيّان فِي الثِّقَاتِ، وَخَطَبَ كَعَوَائِدِهِ فَقَالَ: يُعْتَبَرُ بِحَدِيثِهِ إِذَا رَوَى عَنْهُ الثِّقَاتُ؛ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الضّعفاء عنه مناكير كثيرة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 428"، الجرح والتعديل "6/ 303"، المجروحين "2/ 123"، ميزان الاعتدال "3/ 241". 2 التاريخ الكبير "6/ 426"، الجرح والتعديل "6/ 305"، الثقات لابن حبان "8/ 497"، تهذيب التهذيب "8/ 137".

قُلْتُ: قَدْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: يَرْوِي لَهُ حَدِيثًا مُسْنَدًا سِوَى هَذَا، وَذَكَرْتُ حَدِيثًا فِي كِتَابِي الْمِيزَانِ. 301- عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ1، عِرَاقِيٌّ كُوفِيٌّ. رَوَى عَنْ: بَرْذَعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِمْرَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْخَطَّابِ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى تَلْيِينِهِ بِوَجْهٍ. 302- عَمْرُو بْنُ الْعَلاءِ الْيَشْكُرِيُّ2، الْبَصْرِيُّ، أَبُو الْعَلاءِ. سَمِعَ: أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ، وَصَالِحَ بْنَ سَرْجٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ. 303- عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ3، الْكُوفِيُّ، ثُمَّ الرَّازِيُّ، الأَزْرَقُ. عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَمُحَّمَدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، وَسَلَمَةُ الأَبْرَشُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّشْتَكِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ الرَّازِيُّونَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لا بَأْسَ بِهِ، لَهُ أَوْهَامٌ. قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْحَدِيثِ. 304- عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ4، أَبُو بُرْدَةَ التَّمِيمِيُّ، الْكُوفِيُّ. -ق. عَنْ: عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، ومحارب بن دثار، وحمّاد الفقيه.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 322"، الجرح والتعديل "6/ 226"، الثقات لابن حبان "8/ 479". 2 التاريخ الكبير "6/ 360"، الجرح والتعديل "6/ 251"، الثقات لابن حبان "8/ 478". 3 التاريخ الكبير "6/ 364"، الجرح والتعديل "6/ 255"، تهذيب التهذيب "8/ 93-94". 4 التاريخ الكبير "6/ 383"، الجرح والتعديل "6/ 269-270"، تهذيب التهذيب "8/ 119-120".

وَعَنْهُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، وَطَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ. ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ معين: ليس حديث بِشَيْءٍ. 305- عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو بَكْرٍ الأَسَدِيُّ1، الْكُوفِيُّ. -ت. ن. قَاضِي الرَّيِّ، وَلِذَلِكَ اشْتُهِرَ بِعَنْبَسَةَ الرَّازِيِّ. عَنْ: زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَعَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. أبي إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، وَيَعْقُوبُ الْقَمِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَقَدْ أَوْرَدْتُ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، يَرْوِي عَنْ حَنْظَلَةَ. * وَعَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْكَلاعِيُّ2. عَنْ أَنَسٍ. 306- وَعَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَخُو أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانِ3. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الرَّاوِي عَنْ حَنْظَلَةَ. 307- عِيسَى بْنُ أَيُّوبَ4، أَبُو هَاشِمٍ، الْقَيْنِيُّ، الأَزْدِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ. -د. ع.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 35"، الجرح والتعديل "6/ 399"، الثقات لابن حبان "7/ 289"، تهذيب التهذيب "8/ 155". 2 الجرح والتعديل "6/ 400"، الثقات لابن حبان "7/ 289"، ميزان الاعتدال "3/ 300". 3 الجرح والتعديل "6/ 399"، المجروحين "2/ 178"، ميزان الاعتدال "3/ 399-400"، تهذيب التهذيب "8/ 157-158". 4 الجرح والتعديل "6/ 272"، تهذيب الكمال "1077".

عَنْ: مَكْحُولٍ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ بْنِ لُوطٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَبَقِيَّةُ، وَأَبُو مُسْهِرٍ. وَكَانَ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى وَالزُّهْدِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَحَكَى أَبُو مُسْهِرٍ حِكَايَةً فِي مُبَالَغَتِهِ فِي الْوَرَعِ. 308- عِيسَى بْنُ صَدَقَةَ بْنِ عَبَّادٍ1، أَبُو مُحْرِزٍ، الْيَشْكُرِيُّ. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَعَ أَبِيهِ. وَرَوَى عَنْ: عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو دَاوُدَ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانُ. وَقَالَ فِيهِ عِيسَى بْنُ عَبَّادٍ: يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ، ضَعَّفُوهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: ضَعِيفٌ ضَعِيفٌ. 309- عِيسَى بْنُ الضَّحَّاكِ2، الْكِنْدِيُّ، بِالرَّيِّ. عَنْ: إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الإِسْفَذْنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ. صَدُوقٌ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 310- عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ3. -د. ت. هو الأمير، أبو العبّاس، ويقال: أَبُو مُوسَى، عِيسَى بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، الْهَاشِمِيُّ، الْعَبَّاسِيّ، عَمُّ الْمَنْصُورِ، وَالسَّفَّاحِ، وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ نَهْرُ عِيسَى بِبَغْدَادَ، وَقَصْرُ عِيسَى. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وأخيه محمد.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 407"، الجرح والتعديل "6/ 278-279"، ميزان الاعتدال "3/ 314". 2 الجرح والتعديل "6/ 279"، الثقات لابن حبان "7/ 237". 3 الطبقات الكبرى "9/ 245"، الجرح والتعديل "6/ 282"، ميزان الاعتدال "3/ 319".

وَعَنْهُ: ابْنَاهُ إِسْحَاقُ، وَدَاوُدُ، وَشَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، وَهَارُونُ الرَّشِيدُ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ يَرْجِعُ إِلَى عِلْمٍ وَدِينٍ وَصَلاحٍ، خَدَمَ أَبَاهُ وَانْتَفَعَ بِهِ وَلَمْ يَتَوَلَّ إِمْرَةً عَلَى بَلَدٍ تَوَرُّعًا. وَكَانَ فِيهِ بَعْضُ الانْقِطَاعِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ لَهُ مَذْهَبٌ جَمِيلٌ، مُعْتَزِلٌ لِلسُّلْطَانِ، قَالَ: وَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. فِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَجَامِعِ أَبِي عِيسَى، وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: يُمْنُ الْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا1. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ: مَاتَ عِيسَى سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. 311- عِيسَى بْنُ مُسْلِمٍ2، أَبُو دَاوُدَ الطُّهَوِيُّ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِنْدٍ الْجَمَلِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَعُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كُوفِيٌّ لَيِّنٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 312- عِيسَى بْنُ مُوسَى3. هُوَ وَلِيُّ عَهْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، الأَمِيرُ، أَبُو مُوسَى، عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ. مَوْلِدُهُ وَمَرْبَاهُ بِالْحُمَيِّمَةِ مِنْ نَوَاحِي الْبَلْقَاءِ بِالشَّامِ، فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَمِائَةٍ. كَانَ أَحَدَ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ، وَلَمَّا احْتُضِرَ السَّفَّاحُ، كَتَبَ لَهُ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ بَعْدَ الْمَنْصُورِ، فَكَانَ ذَا عَظَمَةٍ وَجَلالَةٍ، وَهُوَ الَّذِي انْتُدِبَ لِقِتَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن

_ 1 "حديث حسن": أخرجه أبو داود "2545"، والترمذي "1695"، وأحمد في المسند "1/ 272"، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود "2545". 2 الجرح والتعديل "6/ 288"، ميزان الاعتدال "3/ 323"، تهذيب التهذيب "8/ 230". 3 جمهرة أنساب العرب "19، 32، 33، 139، 169"، سير أعلام النبلاء "7/ 434-435".

حَسَنٍ، وَلِقِتَالِ أَخِيهِ حَتَّى ظَفِرَ بِهِمَا، وَتَوَطَّدَ مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاسِ، بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى الزَّوَالِ. ثُمَّ إِنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا تَمَكَّنَ، أَقْبَلَ عَلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى أَلْزَمَهُ بِتَقْدِيمِ ابْنِهِ الْمَهْدِيِّ عَلَى نَفْسِهِ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ. وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ الْكُوفَةِ مُدَّةً وَكَانَ مُوسَى وَالِدُ هَذَا قَدْ تُوُفِّيَ شَابًّا فِي الْغَزْوِ بِأَرْضِ الرُّومِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ، فَنَشَأَ عِيسَى فِي كِفَالَةِ جَدِّهِ مُحَمَّدٍ الإِمَامِ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْمَنْصُورَ لَمَّا أَخَّرَ عِيسَى بْنَ مُوسَى فِي الْعَهْدِ، مَرَّ فِي مَوْكِبِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ مَاجِنٌ فَقَالَ: هَذَا الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَكُونَ غَدًا فَصَارَ بَعْدَ غَدٍ. وَحَكَى نِفْطَوَيْهِ فِي تَارِيخِهِ: إِنَّ الْمَنْصُورَ لما قدّم ابنه المهديّ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ قَالَ مُخَنَّثٌ هَذَا اللَّفْظَ. وَقَدْ بَذَلَ الْمَنْصُورُ لِعِيسَى أَمْوَالا حَتَّى نَزَلَ عَنْ مَنْصِبِهِ. ثُمَّ إِنَّ الْمَهْدِيَّ لَمَّا اسْتُخْلِفَ لَمْ يَزَلْ يَقْتُلُ فِي الذِّرْوَةِ وَالْغَارِبِ حَتَّى خَلَعَهُ عَنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ بَعْدَهُ لِوَلَدِهِ مُوسَى بْنِ الْمَهْدِيِّ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْحَوَادِثِ. تُوُفِّيَ عِيسَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 313- عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ1، الْمَدَنِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالْوَاسِطِيِّ. رَوَى عَنْ: مَوْلاهُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: اسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الْمُنْكَرَاتُ الَّتِي تَرْوِيهَا عَنِ الْقَاسِمِ؟ فَقَالَ: لا أعود. وقال البخاريّ، وغيره: منكر الحديث.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 401-402"، الجرح والتعديل "6/ 287"، ميزان الاعتدال "3/ 325-326"، التهذيب "8/ 236".

وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. فَأَمَّا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، الْمَدَنِيُّ. الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَبُو عَاصِمٍ التَّفْسِيرَ، فَقَدْ مَرَّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 314- عِيسَى بْنُ يَزِيدَ الأَزْرَقُ1، أَبُو مُعَاذٍ، النَّحْوِيُّ، قَاضِي سَرْخَسَ. -ق- حَدَّثَ عَنْ: جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعِيسَى غُنْجَارُ، وَحَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، وَيَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ. "حرف الْغَيْنِ": 315- غَوْثُ بْنُ سُلَيْمَانَ2، أَبُو يَحْيَى، الْحَضْرَمِيُّ. الْفَقِيهُ، قَاضِي دِيَارِ مِصْرَ. روى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ. وَكَانَ إِمَامًا عَارِفًا بِالْقَضَاءِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وقال ابن يونس: ... توفّي ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 316- غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ3، أَبُو عبد الرحمن الكوفيّ.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 402"، الجرح والتعديل "6/ 291"، تهذيب التهذيب "8/ 236". 2 الطبقات الكبرى "7/ 517"، التاريخ الكبير "7/ 111-112"، الجرح والتعديل "7/ 57"، الثقات لابن حبان "7/ 313". 3 التاريخ الكبير "7/ 109"، الجرح والتعديل "7/ 57"، ميزان الاعتدال "3/ 337".

أَخَذَ عَنْ: مُوسَى الْجُهَنِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي علبة، وَمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَسَلامُ بْنُ سَلْمَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ، تَرَكُوهُ. وَرَوَى عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: كَذَّابٌ، ليس بثقة، ولا مأمون. قال ابْنُ حِبَّانَ: وَغَيْرُهُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، كُنْيَتُهُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَدِمَ عَلَى الْمَهْدِيِّ بِعَشَرَةِ مُحَدِّثِينَ، مِنْهُمْ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، وَغِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ الْمَهْدِيُّ يُحِبُّ الْحَمَامَ، فَلَمَّا أُدْخِلَ قِيلَ لَهُ: حَدِّثْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَحَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "لا سَبْقَ إِلا فِي حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ" 1. وَزَادَ فِيهِ: "أَوْ جَنَاحٍ"، فَأَمَرَ لَهُ الْمَهْدِيُّ بَعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا قَامَ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ قَفَاكَ قَفَا كَذَّابٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّمَا اسْتَجْلَبْتَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْحَمَامِ فَذُبِحَتْ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ، وَغَيْرُهُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ العقيليّ: نا محمد بن، نَا سَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا غِيَاثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "أَمَرَ رسول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَغْنِيَاءَ بِاتِّخَاذِ الْغَنَمِ، وَأَمَرَ الْمَسَاكِينَ بِاتِّخَاذِ الدَّجَاجِ"2. "حَرْفُ الْفَاءِ": 317- فَتْحُ الْمَوْصِلِيُّ3. هُوَ فتح بن محمد بن وشاح، الموصليّ.

_ 1 "حديث صحيح دون قوله: "أو جناج": أخرجه أبو داود "2574"، والترمذي "1700"، والنسائي "3587"، وابن ماجه "2878"، وأحمد في المسند "20/ 256، 358، 385، 425، 474"، وابن حبان في صحيحه "4690"، والبيهقي في السنن الكبرى "10/ 16"، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء "5/ 333"، وهذه الزيادة موضوعة: أخرجها ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 42"، وأشار إليها الشيخ الألباني في الضعيفة "1/ 389"، وقال: إنها موضوعة. 2 "حديث موضوع": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 441". 3 الثقات لابن حبان "7/ 322"، سير أعلام النبلاء "7/ 349".

الزَّاهِدُ، أَحَدُ الْعَارِفِينَ. ذَكَرَ الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، شَيْخُ الْمَوْصِلِ، أَنَّهُ لَقِيَ ثَمَانِمِائَةِ شَيْخٍ، مَا فِيهِمْ أَعْقَلُ مِنْ فَتْحٍ. وَكَانَ مَشْهُورًا بِالْعِبَادَةِ وَالْفَضْلِ، وَهُوَ فَتْحٌ الْمَوْصِلِيُّ الْكَبِيرُ، لا فَتْحٌ الصَّغِيرُ، وَلَقَدْ بَالَغَ الأَزْدِيُّ فِي "تَارِيخِ الْمُوَاصَلَةِ" فِي تَرْجَمَةِ هَذَا وَجَمْعِ مَنَاقِبِهِ. وَقَدْ رَوَى عن عطاء بن رَبَاحٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُوقِدُ فِي الأَتُّونِ بِالأُجْرَةِ بَعْدَمَا كَانَ يَصِيدُ السَّمَكَ، فَتَرَكَ صَيْدَهَا لِكَوْنِهِ اشْتَغَلَ عَنْ صَلاةِ الْجَمَاعَةِ بِمُعَالَجَةِ سَمَكَةٍ كَبِيرَةٍ حَتَّى أَخْرَجَهَا. أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُعَافَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَرَدَّهَا وَأَخَذَ مِنْهَا دِرْهَمًا وَاحِدًا، مَعَ شِدَّةِ فَاقَةِ أَهْلِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ لا يَنَامُ إِلا قَاعِدًا، حَكَى عَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، وَعَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ، وَقَاسِمٌ الْحِمْصِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ كَثِيرَ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، مُلازِمًا لِقِيَامِ اللَّيْلِ. يُرْوَى أَنَّ أَمِيرَ الْمَوْصِلِ، أَحْمَدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيَّ عَادَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ، وَخَرَجَ ابْنُهُ فَقَالَ: هُوَ نَائِمٌ، فَقَالَ فَتْحٌ مِنْ دَاخِلٍ: مَا أَنَا بِنَائِمٍ مَا لِي وَلَكَ؟ قَالَ: هَذِهِ عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ ضَعْهَا حَيْثُ شِئْتَ، قَالَ: بَلْ ضَعْهَا أَنْتَ فِي مَوَاضِعِهَا، وَمَا خَرَجَ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ نَظَرَ إِلَى الدَّخَاخِينِ يَوْمَ الْعِيدِ فَغُشِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ذَكَرْتُ دُخَانَ جَهَنَّمَ. وَحَكَى أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةَ الْمَوْصِلِيِّ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ: فَمَا بَقِيَ مِلِّيٌّ وَلا ذِمِّيٌّ إِلا حَضَرَهَا. وَعَنْ غَيْرِ واحد، أن فتحًا قال: إلهي، كم تردّني في طرق الدّينا، أَمَا آنَ لِلْحَبِيبِ أَنْ يَلْقَى حَبِيبَهُ؟ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى فَتْحٍ الْمَوْصِلِيِّ وَهُوَ يُوقِدُ بِالأُجْرَةِ، وَكَانَ شَرِيفًا من العرب1.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 294".

وَعَنْ بِشْرٍ الْحَافِي قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ بِنْتًا لِفَتْحٍ عَرِيَتْ، فَقِيلَ: أَلا تَطْلُبُ مَنْ يَكْسُوهَا؟ قَالَ: أَدَعُهَا لِيَرَى اللَّهُ عُرْيَهَا، وَصَبْرِي عَلَيْهَا1. وَيُقَالُ: تُوُفِّيَ فَتْحٌ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 318- فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ سُلَيْمَانَ2. وَقِيلَ: أَبُو الْمَعَالِي الْجَزَرِيُّ. رَوَى عَنْ: مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ كَثِيرًا، وَعَنْ غَيْرِهِ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ الْبَرَاءُ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ سيّار، والهثيم بْنُ جَمِيلٍ، وَشَبَّابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ مَرْوَانَ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيّ: منكر الحديث. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وقال الدّارقطنيّ، وغيره: متروك. وقال ابن حيّان: كَانَ مِمَّنْ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ، لا يجوز الرِّوَايَةُ عَنْهُ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: كُوفِيٌّ تَرَكُوهُ. 319- فَضَّالُ بْنُ جُبَيْرٍ3، أَبُو الْمُهَنَّدِ، الْغُدَانِيُّ، الْبَصْرِيُّ. ذُكِرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى أَحَادِيثَ غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَتَّانِيُّ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ قَالَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ. وَقَالَ فِي تَارِيخِهِ: فَضَّالٌ لا شَيْءَ، رَوَى عَنْ بِشْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 292"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 183". 2 التاريخ الكبير "7/ 130"، الجرح والتعديل "7/ 80"، ميزان الاعتدال "3/ 341-342". 3 المجروحين لابن حبان "2/ 204"، ميزان الاعتدال "3/ 347-348".

أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "سَاعَاتُ الأَمْرَاضِ، سَاعَاتُ الْخَطَايَا" 1. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، بِقِرَاءَتِي عَنْ عبد العزيز بن محمد البزّاز: أَنَّ يُوسُفَ بْنَ أَيُّوبَ الزَّاهِدَ أَخْبَرَهُمْ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّور، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا طَالُوتُ، ثَنَا فَضَّالٌ، نَا أَبُو أُمَامَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ أَوَّلَ الآيَاتِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا" 2، هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفُ الإِسْنَادِ، إِلا أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ رَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. 320- الْفَضْلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ3. شَيْخٌ زَاهِدٌ، كُوفِيٌّ، وَهُوَ أَخُو مفضَّل بْنِ مُهَلْهَلٍ. رَوَى عَنْ: مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْبَوَارِيُّ، وَغَيْرُهُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يُكْتَبْ حَدِيثُهُ. 321- فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ4، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الْكُوفِيُّ، الْعَنْزِيُّ، مَوْلاهُمُ الأَغَرُّ. عَنْ: عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَطِيَّةَ العوفيّ، وشقيق بن عقبة. أبي سلمة الجهني، وجماعة. وَقِيلَ: أَنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ. وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو أُسَامَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ووكيع، ويحيى بن آدم، وأبو نعيم، عليّ بْنُ الْجَعْدِ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وابن معين.

_ 1 "حديث حسن لغيره": أخرجه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات ص "43-44". 2 "حديث صحيح لغيره": أخرجه مسلم "2941"، وأبو داود "4310"، وابن ماجه "4069"، وأحمد في المسند "2/ 164، 201". 3 التاريخ الكبير "7/ 115"، الجرح والتعديل "7/ 67"، ميزان الاعتدال "3/ 360". 4 التاريخ الكبير "7/ 122"، الجرح والتعديل "7/ 75"، ميزان الاعتدال "3/ 362-363"، التهذيب "8/ 298-300".

وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس بِهِ. وَقَالَ النَّسائيّ: ضَعِيفٌ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ مرَّة. وَقَالَ الْحَاكِمُ: عِبْتُ عَلَى مُسْلِمٍ إِخْرَاجَهُ فِي صَحِيحِهِ. قُلْتُ: إِنَّمَا رَوَى لَهُ فِي الْمُتَابَعَاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، وَلا النَّسائيّ، وَلا الْعُقَيْلِيُّ، وَلا أَبُو بِشْرٍ الدُّولابي، وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: منكر الحديث جدًّا، وكان مِمَّنْ يَرْوِي عَنْ عَطِيَّةَ الْمَوْضُوعَاتِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ كُلَّمَا رَوَى عَنْ عَطِيَّةَ مِنَ الْمَنَاكِيرِ، يُلْزِقُ بِعَطِيَّةَ وَيَبْرَأُ فُضَيْلٌ مِنْهَا. إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ مِمَّنِ اسْتَخَرْتُ اللَّهَ فِيهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: ضَعِيفٌ. قُلْتُ: وَهُوَ شِيعِيٌّ غَيْرُ رَافِضِيٍّ. قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ: جَاءَ فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى زُهْدًا وَفَضْلا، إِلَى الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ طَعَامٌ، فَأَخْرَجَ لَهُ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: مَا مَعِي غَيْرُهَا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ: لَيْسَ عِنْدَكَ غَيْرُهَا وَأَنَا آخُذُهَا، فأبى الحسن إلا أَنْ يَأْخُذَهَا، فَأَخَذَ ثَلاثَةً وَتَرَكَ ثَلاثَةً. وَتُوُفِّيَ قَبْلَ سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 322- فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ1. وهو أبو يحيى، فليح ين سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، الْعَدَوِيِّ. وَيُقَالُ: اسْمُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ فُلَيْحٌ. كَانَ مِنْ كِبَارِ علماء العصر.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 415"، التاريخ الكبير "7/ 133"، الجرح والتعديل "7/ 84-85"، تهذيب التهذيب "8/ 303-305".

رَوَى عَنْ: نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، والزَّهريّ، وَعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعديّ، وَعَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيالسيّ، وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعمان، ويحيى بن صالح، وسعيد بن منصور، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهرانيّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. وَغَيْرُهُ أَوْثَقُ مِنْهُ، مَعَ احْتِجَاجِ الشَّيْخَيْنِ بِهِ. قَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ ذَكَرَ فُلَيْحَ بْنَ سُلَيْمَانَ، فَلَمْ يقوِّ أَمْرَهُ. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: هُوَ وابن أبي الزِّناد، والدَّراورديّ، وأبو أويس، أثبتهم عبد العزيز الدَّراورديّ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: فُلَيْحٌ ضَعِيفٌ. وَكَذَا رَوَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، والنَّسائيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: كَانَ يُقَالُ: ثَلاثَةٌ يتَّقى حَدِيثُهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مصرِّف، وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وفليح ين سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ هَذَا مِنْ أَبِي كَامِلٍ مظفِّر بْنِ مُدْرِكٍ، وَكُنْتُ آخُذُ عَنْهُ هَذَا الشَّأْنَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ المثنىَّ: مَا سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من تعلّم ممّا يبتغى به وجه الله لا يَتَعَلَّمُهُ إِلا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنيا، لم يجد عرف الجنّة" 1.

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أبو داود "3664"، وابن ماجه "252"، وأحمد في المسند "2/ 338"، والدارمي في سننه "257"، بنحوه، والحاكم في المستدرك "1/ 85"، وابن حبان في صحيحه "78"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "6159".

ثُمَّ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: الرِّوَايَةُ فِي هَذَا الْبَابِ ليِّنة. قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى نَكَارَتِهِ عَلَى شروط الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. مَاتَ فُلَيْحٌ: سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْقَافِ": 323- الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ1، أَبُو الْمُغِيرَةِ الأَزْدِيُّ، الْحُدَّانِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -م. ع. كان ينزل من بَنِي حُدَّانَ، فَعُرِفَ بِهِمْ. رَوَى عَنِ: ابْنِ سِيرِينَ، وَثُمَامَةَ بْنِ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيِّ، وَأَبِي نَضْرَةَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: هُوَ مِنْ مَشَايِخِنَا الثِّقات. قُلْتُ: أَوْرَدَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، فَمَا تَعَلَّقَ عَلَيْهِ رِبَاطٌ، بَلِ اسْتُغْرِبَ لَهُ، فَقَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، هُوَ الصَّائِغُ، نَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نَا الْقَاسِمُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَاعٍ يَرْعَى غَنَمًا، إِذْ جَاءَ ذِئْبٌ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَخَلَّصَهَا الرَّاعِي، فَقَالَ الذِّئب: يَا رَاعِيَ الْغَنَمِ، أَلا تَتَّقِي اللَّهَ2؟، الْحَدِيثَ. قُلْتُ: صَحَّحَهُ التِّرمذيّ وَرَفَعَهُ. مَاتَ الْحُدَّانِيُّ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. ويقال: سنة ثمانٍ.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 283"، التاريخ الكبير "7/ 169"، الجرح والتعديل "7/ 116-117"، التهذيب "8/ 329-330". 2 "حديث صحيح لغيره": أخرجه البخاري "2324، 3471"، ومسلم "2388"، والترمذي "3677"، وأحمد في المسند "2/ 245، 246، 382"، وابن حبان في صحيحه "6486، 6485".

324- قريش بن حيَّان1، العجليّ، وأبو بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ. -خ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَأَبِي غَالِبٍ. الْبَاهِلِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. وَعَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وهو أقدم وأجلّ منه، ووكيع، وَابْنُ وَهْبٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْعَيْشِيُّ، وَخَلْقٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، والنَّسائي. 325- قُطْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ الأَسَدِيُّ الْحِمَّانِيُّ2، الْكُوفِيُّ. -م. ع. عَنِ: الأَعْمَشِ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَعَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَحْمَدُ. 326- قطريُّ الْخَشَّابُ3. عَنْ: سَرِيعٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، وَعَبْدِ الْوَارِثِ مَوْلَى أَنَسٍ، وَمُدْرِكٍ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَعُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ صَالِحٍ، وَآخَرُونَ. مَحِلُّهُ الصِّدْقُ. 327- قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ4. يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ الأسَدِيَّ، الْكُوفِيَّ، أحد الأعلام، على لينٍ في روايته.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 194"، الجرح والتعديل "7/ 142"، تهذيب التهذيب "8/ 375". 2 التاريخ الكبير "7/ 191"، الجرح والتعديل "1/ 141"، الثقات لابن حبان "7/ 348"، التهذيب "8/ 378-379". 3 التاريخ الكبير "7/ 203"، الجرح والتعديل "7/ 148-149"، الثقات لابن حبان "7/ 346". 4 الطبقات الكبرى "6/ 377"، التاريخ الكبير "7/ 156"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 101"، الجرح والتعديل "7/ 96-98"، ميزان الاعتدال "3/ 393-396"، تهذيب التهذيب "8/ 391-395".

رَوَى عَنْ: عَمْرِو بْنِ مرَّة، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَمُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، وَزُبَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبيعيّ. وَعَنْهُ: شعبة، الثَّوريّ، وَهُمَا مِنْ أَقْرَانِهِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَوَكِيعٌ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيّان، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. كَانَ شُعْبَةُ مَعَ نَقْدِهِ لِلرِّجَالِ يُثْنِي عَلَى قَيْسٍ. وَقَالَ عَفَّانُ: كَانَ ثِقَةً. وَلَيَّنَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ مُرَّةُ: كَانَ يضعَّف. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ رِوَايَاتِهِ مُسْتَقِيمَةٌ، ثُمّ قَالَ: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ فِيهِ شُعْبَةُ، وَأَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: هُوَ عند جميع أصحابنا صدوق، وكتابه صالح، ثم قال: هو رَدِيءُ الْحِفْظِ جِدًّا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ المثنَّى: مَا سَمِعْتُ يَحْيَى وَلا عَبْدَ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثَانِ عَنْ قَيْسٍ شَيْئًا قَطُّ. وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ يقول: كان قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ لا يُفَرِّقُ بَيْنَ أناسٍ ذَكَرَهُمْ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَ عَنْ قَيْسٍ أَوَّلا، ثُمَّ تَرَكَهُ. وَقَالَ مُحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ اسْتَعْمَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَى الْمَدَائِنِ، فَكَانَ يُعَلِّقُ النِّسَاءَ بِثَدْيِهِنَّ، وَيُرْسِلُ عَلَيْهِنَّ الزَّنَابِيرَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ المثَّنى: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ قَيْسٌ عندنا بدون سفيان، ولكّنه اسْتُعْمِلَ، فَأَقَامَ عَلَى رجلٍ الحدَّ فَمَاتَ، فَطَفَى أمره. وقال النَّسائي: متروك. وقا أَبُو الْوَليِدِ: كَانَ شَرِيكٌ فِي جِنَازَةِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ: مَا تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وقال أَبُو الْوَلِيدِ: كَتَبْتُ عَنْ قَيْسٍ ستَّة آلافِ حديث.

وَقَالَ سَالِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ لِي شُعْبَةُ: أَدْرِكْ قَيْسَ بْنَ الرَّبِيعِ لا يَفُوتُكَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: أَلا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا الأَحْوَلِ، يَقَعُ فِي قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، يَعْنِي: يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. مَاتَ قَيْسٌ سَنَةَ ثمانٍ أَوْ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الكاف": 328- كثير بن سليم الضَّبّيّ1، المدائنيّ، وأبو سَلَمَةَ. –ق. عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَالضَّحَّاكِ. وَعَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ، كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَسَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، والنَّسائيّ. وَقَالَ الْبُسْتِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ. ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارقطنيّ، وَغَيْرُهُ: هُوَ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُبُلِّيُّ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. 329- كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّامِيُّ2، النَّاجِيُّ، أَبُو هَاشِمٍ، الأُبُلِّيُّ، الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمَانِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعِدَّةٌ. قال أبو حاتم: شبه المتروك.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 152"، ميزان الاعتدال "3/ 405"، تهذيب التهذيب "8/ 416-417". 2 الجرح والتعديل "7/ 154"، ميزان الاعتدال "3/ 406".

وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النَّسائيّ: متروك. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُمَا وَاحِدٌ، فَوَهِمَ. قُلْتُ: وَهَذَا لَعَلَّهُ تَأَخَّرَ إِلَى بَعْدِ السَّبْعِينَ، فَإِنَّ قُتَيْبَةَ لَقِيَهُ. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ زَيْنَبَ، وَعَبْدِ الْمُعِزِّ كِتَابَهُ قَالَتْ: أَنَا وَهْبَةُ بْنُ طَاهِرٍ، أَنَّ أَبَا حَامِدٍ الأَزْهَرِيَّ أَخْبَرَهُ، وَقَالَ الآخَرُ: أَنَا زَاهِرٌ، أنّ سعيد العيّار أَخْبَرَهُ. قَالا: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا أَبُو هَاشِمٍ كَثِيرٌ الأُبُلِّيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، أنا ابن ثماني سِنِينَ، وَكَانَ أَبِي تُوُفِّيَ، وَتَزَوَّجَتْ أُمِّي بِأَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ، إِذْ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَرُبَّمَا بِتْنَا اللَّيْلَةَ وَاللَّيْلَتَيْنِ بِغَيْرِ عَشَاءٍ، فَوَجَدْنَا كَفًّا مِنْ شَعِيرٍ وَخَبَزْتُ مِنْهُ قُرْصَيْنِ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ1. 330- كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ2 بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ، الْيَشْكُرِيُّ، الْمُزَنِيُّ، الْمَدَنِيُّ. -د. ت. ق. عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ بِنُسْخَةٍ، وَعَنْ: نَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقَرَظِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُ وهب، وعبد الله بن نافع، القعنبيّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَخَلْقٌ. اتَّفقوا عَلَى ضَعْفِهِ. وَضَرَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْكَذِبِ. وَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَرَوَى الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ معين: ليس بشيء.

_ 1 "حديث ضعيف جدًّا": وفيه صاحب الترجمة وهو متروك كما تقم ذكره. 2 الطبقات الكبرى "5/ 412"، التاريخ الكبير "7/ 217"، الجرح والتعديل "7/ 154"، تهذيب التهذيب "8/ 421-423".

وقال النَّسائيّ: متروك. وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَأَمَّا التِّرمذيّ فَأَخَذَ يُمْلِي فَقَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ، فِي حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ، قَالَ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، إِلا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَحْمِلُ عَلَى كَثِيرٍ، يضعِّفه. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي كَثِيرٌ، عَنْ أبيه، عن جدّه نُسْخَةً مَوْضُوعَةً، لا يَحِلُّ ذِكْرُهَا إِلا عَلَى جِهَةِ التَّعجُّب. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 331- كُلْثُومُ بْنُ زِيَادٍ، الْمُحَارِبِيُّ1، مَوْلاهُمُ الشَّامِيُّ، قَاضِي دِمَشْقَ. رَوَى عَنْ مَوْلاهُ قَاضِي دِمَشْقَ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، وَعَنْ: أبَيِ كَثِيرٍ السُّحيميّ صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَشَدَّادِ بْنِ عَمَّارٍ وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ النَّسائيّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ لَهُ مِنَ الْحَدِيثِ إِلا الْيَسِيرُ. وَأَشَارَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ. 332- كَوْثَرُ بْنُ الْحَكِيمِ2، الهمدانيّ، الكوفيّ، نزيل حلب. روى عَنْ: عَطَاءٍ، وَنَافِعٍ، وَمَكْحُولٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: مبشَّر بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَوْثَرٍ الرَّهَاوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، أَحَادِيثُهُ بَوَاطِيلُ، كَانَ هُشَيْمٌ ذَهَبَ إِلَى حَلَبَ فَسَمِعَ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، والدَّارقطنيّ، وَغَيْرُهُمَا: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 228"، الجرح والتعديل "7/ 164"، ميزان الاعتدال "3/ 413". 2 التاريخ الكبير "7/ 245"، الجرح والتعديل "7/ 176"، ميزان الاعتدال "3/ 416-417".

وقال ابن معين: ليس بشيء. قال ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا أَحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ السَّعديُّ: لا أَسْتَحِلُّ كِتَابَةَ حَدِيثِهِ؛ لِأَنَّهُ مطَّرح. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ضَعِيفٌ. 333- كيسان1، أبو عمر، الفزازي، الْكُوفِيُّ، الْقَصَّارُ. عَنِ: الْقَصَّابِ مَوْلاهُ يَزِيدَ بْنِ بِلالٍ الْفَزَارِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَلَوِيِّ. وَعَنْهُ: الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْلَى الأَسْلَمِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعمان، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. "حرف الْمِيمِ": 334- مَالِكُ بْنُ الْهَيْثَمِ2، أَبُو نَصْرٍ، الْخُزَاعِيُّ، الْمَرْوَزِيُّ. أَحَدُ الثَّائِرِينَ الاثْنَيْ عَشَرَ النَّاهِضِينَ بِأَعْبَاءِ مَنْشَأِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ، قَامُوا بِخُرَاسَانَ مَعَ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ فَاسْتَوْلَوْا عَلَى مَرْوَ، ثُمَّ عَلَى مَمْلَكَةِ خُرَاسَانَ كُلِّهَا، وتمّ الأمر، وقلعت الدولة الأموية بشرورها، فقد كان المنصور يعظّم أبا نَصْرٍ هَذَا وَيُجِلُّهُ. وَحَكَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ ... وَقَدْ رُمِيَ بِالإِبَاحِيَّةِ وَالزَّنْدَقَةِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِسَرِيرَتِهِ. يُقَالُ: كَانَ عَلَى رَأْيِ الخرَّمية فِي إِبَاحَةِ الْمَحَارِمِ. وَهُوَ جَدُّ الْفَقِيهِ الشَّهِيدِ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الْخُزَاعِيِّ، الَّذِي قَتَلَهُ الْوَاثِقُ، وَكَانَ مَالِكٌ هَذَا قَدْ قَدِمَ الشَّامَ وَاجْتَمَعَ بإبراهيم بن محمد الإمام.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 235"، الجرح والتعديل "7/ 166"، تهذيب التهذيب "8/ 454". 2 تاريخ خليفة "406، 413"، البيان والتبين "2/ 96".

335- مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ1 بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، أَبُو فَضَالَةَ، الْقُرَشِيُّ، الْعَدَوِيُّ، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الكبار، رأى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي. وَرَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَبَكْرٍ الْمُزَنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وعفّان، ومسلم، وسليمان بن حرب، وموس التَّبوذكيّ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ يُحْسِنُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: شَدِيدُ التَّدْلِيسِ، فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا، فَهُوَ ثَبْتٌ. وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَكَانَ عَفَّانُ يَرْفَعُهُ وَيُوَثِّقُهُ، وَقَالَ: كَانَ مِنَ النَّساك، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: هُوَ مِثْلُ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ فِي الضَّعف. وَقَالَ حَجَّاجٌ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ وَالرَّبِيعِ، فقال: مبارك أحب إلي منه. وقال عبد الرحمن بن مهدي: لن نكتب لمبارك إلا ما قال عنه: سَمِعْتُ. وَقَالَ النَّسائيّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْمَرُّوذِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: مَا رَوَى مُبَارَكٌ عَنِ الْحَسَنِ، يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ مُبَارَكٌ: جَالَسْتُ الحسن ثلاث عشرة سنة.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 277"، التاريخ الكبير "7/ 1867"، الجرح والتعديل "8/ 338-339"، الثقات لابن حبان "7/ 501"، ميزان الاعتدال "3/ 431-432"، تهذيب التهذيب "10/ 28-31".

وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: قَدَرِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مُسْتَقِيمَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَأَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنَ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ وَذَكَرَ الْخَطِيبُ أَنَّ مُبَارَكًا قَدِمَ عَلَى الْمَنْصُورِ بِبَغْدَادَ. وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ نَصْرِ بْنِ رَاشِدٍ فِي سَنَةِ مِائَةٍ. وَكَانَ جَدُّهُ أَبُو أُمَيَّةَ مَوْلًى لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَكَانَ يَجْعَلُهُ عَلَى كِتَابَتِهِ، وَأَطْلَقَ لَهُ عُمَرُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ الْمُؤَيَّدِ أَنَا ... عَبْدُ السَّلامِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّرائفيّ قَالُوا: أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُعَدَّلِ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهريّ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، ثَنَا الْحَسَنُ، فِي هَذِهِ الآيَةِ: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43] ، قَالَ: هُوَ الْمُنَافِقُ لا يَهْوَى شَيْئًا إِلا رَكِبَهُ. قَالَ خَلِيفَةُ، وَحَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ مُبَارَكٌ سَنَةَ أربعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: سَنَةَ خَمْسٍ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: سَنَةَ سِتٍّ. 336- مُبَشِّرُ بْنُ مَكْسِرٍ الْقَيْسِيُّ1. عَنْ: أَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَابْنِ خُثَيْمٍ، وَابْنِ حَجْلانَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانُ، وَعَلِيٌّ اللاحِقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ الزِّيَادِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: لَمْ يُخَرِّجُوا لِذَا شَيْئًا. 337- مبشِّر بْنُ عُبَيْدٍ2، الْكُوفِيُّ، ثُمَّ الْحِمْصِيُّ. –ف.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 343". 2 التاريخ الكبير "8/ 11"، الجرح والتعديل "8/ 343"، تهذيب التهذيب "10/ 32-33".

عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، والزُّهريّ، وَقَتَادَةَ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَأَبُو حَيْوَةَ شُرَيْحٌ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ القدُّوس. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَدَعَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ: وَسَرَدَ لَهُ نَحْوَ عَشَرَةَ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ. وقال أبو المغيرة: كان عارفًا بالنَّحو وَالْعَرَبِيَّةِ. بَقِيَّةُ: نَا مبشِّر بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَرُّ الْحَمِيرِ، الأَسْوَدُ الْقَصِيرُ"1. 338- مُحَمَّدُ بْنُ إِبَّانَ بْنِ صَالِحٍ2 الْقُرَشِيُّ، الْكُوفِيُّ. جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ مَشْكِدَانَةَ. رَوَى عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيالسيّان، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، يَتَكَلَّمُونَ في حفظه. يحيى بن حسّان التِّنِّسيّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: $"مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى صداقٍ يَنْوِي أَنْ لا يُؤَدِّيَهُ فَهُوَ زانٍ، وَمَنِ ادَّانَ دَيْنًا ينوي أن لا يؤديه فهو سارق"3.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 236"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 221"، وذكره الشيخ الألباني في الضعيفة "739" وقال: موضوع. 2 التاريخ الكبير "1/ 34"، الجرح والتعديل "7/ 199"، تهذيب التهذيب "9/ 5". 3 "حديث صحيح لغيره": أخرجه البزار كما في كشف الأستار "1430"، وذكره الهيثمي في المجمع "4/ 131"، وقال: رواه البزار من طريقين إحداهما: هذه وفيها محمد بن أبان الكوفي وهو ضعيف، والأخرى: فيها "منع الصداق خاليًا عن الدين" وفيها محمد بن الحصين الجزري شيخ البزار ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله ثقات. وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب للمنذري "2692".

وَهَذَا يُرْوَى مِنْ قَوْلِ صُهَيْبٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ مِنْ دُعَاةِ الْمُرْجِئَةِ. كَذَا أورد العقيليّ هذا الكلام فِي تَرْجَمَةِ هَذَا. وَإِنَّمَا الَّذِي قَالَ فِيهِ أَحْمَدُ ذَلِكَ. * مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ الْجُعْفِيُّ، الْكُوفِيُّ. يَرْوِي عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ، وَحَمَّادٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ. أَكْثَرَ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ. نَعَمْ هُمَا وَاحِدٌ، تَبَيَّنَ لِي ذَلِكَ، وَهُوَ صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْعَرَبِ، أَصَابَهُ سَبَاءٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَوَلاؤُهُ لِقُرَيْشٍ. وَقِيلَ: بَلْ تَزَوَّجَ فِي الْجُعْفِيِّينَ فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ. وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَلَمْ يُتْرَكْ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. وَقَدْ فَرَّقَهُمَا وَعَمَلَهُمَا اثْنَيْنِ، ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَهُمَا وَاحِدٌ. 339- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ مِهْرَانَ1، أَبُو إِبْرَاهِيمَ. رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ: صُوَيْلِحُ الْحَدِيثِ. 340- مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ الزُّبيديّ2. رَوَى عَنْ: مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، وَمُغِيرَةَ بن مقسم، وأبي إسحاق الشيبانيّ، وعدّة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 23-24"، الجرح والتعديل "7/ 184"، تهذيب التهذيب "9/ 16-17". 2 التاريخ الكبير "1/ 36"، الجرح والتعديل "7/ 188"، ميزان الاعتدال "3/ 480"، تهذيب التهذيب "9/ 57".

وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. شِيعِيٌّ مَحِلُّهُ الصِّدق. 341- مُحَمَّدُ بْنُ أَعْيَنَ1، أَبُو الْعَلانِيَةِ. سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى. وَعَنْهُ: عبد الرحمن بن مهدي، وحبان بن هلال، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَغَيْرُهُمْ. مَا بِهِ بَأْسٌ، وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ مَرَّاتٍ، أَنَا الْكِنْدِيُّ إِجَازَةً، أَنَا ابْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ، أَنَا ابْنُ النَّقُّور، نَا ابْنُ حُبَابَةَ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نَا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَعْيَنَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يُلَبِّي بِالْكُوفَةِ بِأَعْلَى صَوْتِهِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَسَأَلْتُ بَعْضَهُمْ فَقَالَ: إِنَّهُ يُلَبِّي مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ. 342- مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ بَشِيرٍ الأَسْلَمِيّ2. –ن. عَنْ: أَبِيهِ، وَزِيَادِ بْنِ طَلْحَةَ، وَإِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَطَلْقُ بْنُ غنّام، وأبو أَحْمَدُ الزَّبيريّ. 343- مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، الأَنْصَارِيُّ3، مَوْلاهُمُ، الْمَدَنِيُّ -ع. أَخُو إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، وَكَثِيرٍ، وَيَحْيَى، وَيَعْقُوبَ. رَوَى عَنْ: أَبِي طُوَالَةَ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَشَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَطَالُوتُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 41"، الجرح والتعديل "7/ 206-207". 2 التاريخ الكبير "1/ 44-45"، الجرح والتعديل "7/ 210"، تهذيب التهذيب "9/ 73". 3 التاريخ الكبير "1/ 56-57"، الجرح والتعديل "7/ 220-221"، تهذيب التهذيب "9/ 94-95".

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. 334- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ1، الثَّقَفِيُّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 345- مُحَمَّدُ بْنُ حِطَّانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حيَّة، الْجُبَيْرِيُّ. عَنْ: بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبوذكيّ. لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ. 346- مُحَمَّدُ بْنُ خُوطٍ2، الْمَدَنِيُّ. عَنْ: نَافِعٍ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَعِيسَى بْنِ النُّعْمَانِ الزُّرَقِيِّ. وَعَنْهُ: عَبَّاسُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ القطونيّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَهُ أَحَادِيثُ مُتَقَارِبَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا أَعْرِفُهُ. 347- مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الْمَكْحُولِيُّ3، الدِّمَشْقِيُّ، نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. - عم. عَنْ: عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، وَأَبِي وَهْبٍ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلاعِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي رقيّة، وطائفة. وعنه: سيفان، وَشُعْبَةُ، مَعَ تَقَدُّمِهِمَا، وَبَقِيَّةُ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدُ الرزّاق،

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 65"، الجرح والتعديل "7/ 230"، ميزان الاعتدال "3/ 505". 2 الطبقات الكبرى "9/ 448"، التاريخ الكبير "1/ 75"، الجرح والتعديل "7/ 246"، الثقات لابن حبان "7/ 411". 3 التاريخ الكبير "1/ 81"، الجرح والتعديل "7/ 253"، تهذيب التهذيب "9/ 158-160".

وَغَيْرُهُمْ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَحَفْصٌ الْحَوْضِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَشَيْبَانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الجمحي، وعليّ ابن الْجَعْدِ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ، إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ فَحَدِيثُهُ مُسْتَقِيمٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ: يُكَنَّى أَبَا يَحْيَى. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا في أَوْرَعَ مِنْهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، قَالَ أَبُو النَّضْرِ: كُنْتُ أُوَضِّئُ شُعْبَةَ بِالرَّصَافَةِ، فَدَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، فَقَالَ شُعْبَةُ: أَمَا كَتَبْتَ عَنْهُ؟ أَمَا إِنَّهُ صَدُوقٌ، وَلَكِنَّهُ شِيعِيٌّ قَدَرِيٌّ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ قَدَرِيًّا. مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ لِي: لا تَكْتُبْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، فَإِنَّهُ مُعْتَزِلِيٌّ رَافِضِيٌّ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَكُنْ ثِقَةً، كَانَ يُصَحِّفُ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: مُشْتَمِلٌ عَلَى غَيْرِ بِدْعَةٍ، وَكَانَ مُتَحَرِّيًا لِلصِّدْقِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ لَمْ تَكْتُبْ عَنِ ابْنِ رَاشِدٍ؟ قَالَ: كَانَ يَرَى الْخُرُوجَ عَلَى الإِمَامِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 348- مَحْمُودُ بْنُ رَاشِدٍ1، الْبَصْرِيُّ، أَبُو نَضْلَةَ، القرشيّ. عن: عطاء بن أبي رباح.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 81"، الجرح والتعديل "7/ 253"، الثقات لابن حبان "7/ 409".

وَعَنْهُ: يُونُسُ الْمُؤَدِّبُ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. 349- مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ1، الْقُرَشِيُّ، مَوْلاهُمْ. إِمَامُ جَامِعِ حَرَّانَ. رَوَى عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وعمرو بن خالد الحرّانيّ، وغيرهم. وكان يودّب أولا هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فِي حَدِيثِهِ شَيْءٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بالمتين. وقال ابن عديّ: منكر الحديث. وقال البخاريّ: لا يُتَابَعُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ حَجَّاجٍ الرَّقِّيِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُكَنَّى أَبَا بِشْرٍ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 350- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَارَّةَ2. هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَارَّةَ. ورى عَنْ: سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَرْسَلَ عَنِ السَّيِّدِ الْحَسَنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَلا شَيْءَ لَهُ فِي الْكُتُبِ السّتّة. 351- محمد بن سليم3، أبو هلال.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 86"، الجرح والتعديل "7/ 359"، ميزان الاعتدال "3/ 547". 2 التاريخ الكبير "1/ 110"، الجرح والتعديل "7/ 283"، ميزان الاعتدال "3/ 555". 3 التاريخ الكبير "1/ 105-106"، الجرح والتعديل "7/ 274"، الثقات لابن حبان "7/ 379"، تهذيب التهذيب "9/ 196-197".

وَذُكِرَ بِكُنْيَتِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، أَبُو هِلالٍ، الْمَكِّيُّ. رَوَى عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ. لا يَكَادُ يُعْرَفُ. 352- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ1. عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. رَوَى عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ. 353- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ. شَيْخٌ، رَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَهُوَ الطَّائِفِيُّ. حَدَّثَ عَنْهُ: الْعَبَّاسُ بْنُ سُلَيْمٍ الْمَوْصِلِيُّ. 354- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ الْخُرَاسَانِيُّ2، الْبَلْخِيُّ. رَوَى عَنِ: الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وَعَنْهُ: مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَلَمْ يَلْقَهُ بِبَلْخَ، بَلْ قَالَ: لَقِيتُهُ بِمَكَّةَ. وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُكْرِمُهُ. 355- مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ3، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الْمَدَنِيُّ، التَّمَّارُ. –عم. رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ. وَرَوَى عَنِ: الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَاصِمِ بْنِ قَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: الْوَاقِدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، والقعنبي، وخالد بن مخلد، وآخرون.

_ 1 لم أقف على ترجمة وهو غير الراسبي الذي يروي عن الحسن أيضًا. 2 التاريخ الكبير "1/ 106"، الجرح والتعديل "7/ 274"، الثقات لابن حبان "9/ 48". 3 الطبقات الكبرى "9/ 446"، التاريخ الكبير "1/ 117"، الجرح والتعديل "7/ 287"، التهذيب "9/ 225-226".

وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 356- مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ1، الْمَدَنِيُّ، الأَزْرَقُ. -د. ن. ق. تَأَخَّرَ عَنِ التَّمَّارِ قَلِيلا. حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَشْهَلِيِّ الأَسَدِيِّ، وَمُسْلِمَةَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ، وَأَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وثّقه ابن حيّان. 357- مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ2، الْيَامِيُّ، الْكُوفِيّ. -خ. م. د. ت. ق. أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالْحَكَمِ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَزُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَحَسَّانُ بْنُ حَسَّانٍ الْبَصْرِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ: مَتْرُوكُونَ ثَلاثَةٌ: مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وَفُلَيْحٌ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 117"، الجرح والتعديل "7/ 287-288"، ميزان الاعتدال "3/ 581"، التهذيب "9/ 228". 2 الطبقات الكبرى "6/ 376"، التاريخ الكبير "1/ 122"، الجرح والتعديل "7/ 291-292"، التهذيب "9/ 238-239".

قَالَ أَحْمَدُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، ثِقَةٌ، لا يَكَادُ يَقُولُ: حَدَّثَنَا. 358- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد بْن عُمَيْر بْن قَتَادَةَ1، اللَّيْثِيُّ. وَيُعْرَفُ بِمُحَمَّدٍ الْمُحْرِمِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَطَاءٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَالنُّفَيْلِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: مَكِّيٌّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ. 359- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلاثَةَ، الْقَاضِي2. -د. س. ق. وَعُلاثَةَ هُوَ ابْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ مَالِكٍ الْعُقَيْلِيُّ الْجَزَرِيُّ، أَبُو الْيَسِيرِ. مِنْ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ. سَمِعَ: عَبْدَ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيَّ، وَخُصَيْفًا، وَعَلِيَّ بْنَ بَذِيمَةَ، وَعَبْدَةَ بْنَ أَبِي لُبَابَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيَّ، وَطَائِفَةً. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٌ، وَحَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ، وَآخَرُونَ. قَالَ خَلِيفَةُ: وَلِيَ الْقَضَاءَ لِلْمَهْدِيِّ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ، قَدِمَ بَغْدَادَ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِعَسْكَرِ الْمَهْدِيِّ، ثُمَّ وَلِيَ مَعَهُ عَافِيَةُ الْقَاضِي، فَأَخْبَرَنِي عليّ بن الجعد قال:

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 142"، الجرح والتعديل "7/ 300"، المجروحين لابن حبان "2/ 257-258"، ميزان الاعتدال "3/ 590". 2 الطبقات الكبرى "7/ 323"، التاريخ الكبير "1/ 132-133"، الجرح والتعديل "7/ 302"، ميزان الاعتدال "3/ 594-595"، تهذيب التهذيب "9/ 269-271".

رأيتهما يقضيان فِي جَامِعِ الرَّصَافَةِ جَمِيعًا، وَكَانَ عَافِيَةُ أَكْثَرَهُمَا دُخُولا عَلَى الْمَهْدِيِّ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُكَنَّى أَبَا الْيَسِيرِ، فِي حِفْظِهِ نَظَرٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَأَخُوهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ عُلاثَةَ ثقة، يروي عنه مَعْمَرٍ. وَأَخُوهُمَا: أَبُو سَهْلِ بْنُ عُلاثَةَ ثِقَةٌ، يَرْوِي عَنْهُ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. وَرَوَى الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: مُحَمَّدُ بْنُ عُلاثَةَ: ثِقَةٌ. وقال أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عدي: أرجو أنه لا بأس به. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: قال البخاريّ: في قوله نظره، وَلَيْسَ يُقْنِعُ بِهَذَا مِنَ الْبُخَارِيِّ، مُحَمَّدُ بْنُ عُلاثَةَ حَدِيثُهُ يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ، هُوَ عِنْدِي وَاهٍ. قَالَ الْخَطِيبُ عُقَيْبَهَا: أَحْسَبُ الأَزْدِيَّ وَقَعَتْ إِلَيْهِ رِوَايَاتُ عَمْرِو بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ ابْنِ عُلاثَةَ، فَلِأَجْلِهَا نَسَبَهُ إِلَى الْكَذِبِ، وَالآفَةُ مِنِ ابْنِ الْحُصَيْنِ، فَإِنَّهُ كَذَّابٌ. عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ الْحُدَّانِيِّ قَالَ: اخْتَصَمَتِ الْجِنُّ وَالإِنْسُ إِلَى ابْنِ عُلاثَةَ فِي بِئْرٍ، وَلَمْ يَرَ الْجِنَّ، لَكِنْ سَمِعَ كَلامَهُمْ، فَحَكَمَ أَنَّ الإِنْسَ يَسْتَقُونَ مِنَ الْفَجْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَحَكَمَ لِلْجِنِّ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْفَجْرِ، فَكَانَ مَنِ اسْتَقَى بَعْدَ الْمَغْرِبِ رُجِمَ بِالْحِجَارَةِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ سِرَاجٍ الْمِصْرِيُّ: كَانَ ابْنُ عُلاثَةَ يُقَالُ لَهُ: قَاضِي الْجِنِّ، ثُمَّ ذَكَرَ الْبِئْرَ وَأَنَّهَا بِئْرٌ بَيْنَ حَرَّانَ وَحِصْنِ مُسْلِمَةَ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: أَظُنُّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلِيَ قَضَاءَ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ لِلْمَهْدِيِّ.

360- الْمَهْدِيُّ1: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، مُحَمَّدُ بْنُ الْخَلِيفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، الْعَبَّاسِيُّ، الْخَلِيفَةُ الثَّالِثُ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ. مَوْلِدُهُ بِإِيذَجَ فِي سنة سبع وعشرين ومائة. وقال الْحَطَبِيُّ: وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ. وَأُمُّهُ، أُمُّ مُوسَى بْنِ مَنْصُورٍ، الْحِمْيَرِيَّةُ. وَكَانَ جَوَّادًا، مُمَدَّحًا، مَلِيحَ الشَّكْلِ، مُحَبَّبًا إِلَى الرَّعِيَّةِ، قَصَّابًا لِلزَّنَادِقَةِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ. حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بن عبد الله الرّقاشيّ، وأبو سفيان سعيد ابن يَحْيَى الْحِمْيَرِيُّ. وَمَا عَلِمْتُ قِيلَ فِيهِ جَرْحًا، وَلا تَوْثِيقًا. وَقَدْ رَوَى مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ قَالَ: صَلَّى بِنَا الْمَهْدِيُّ، بسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذَا؟ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَهَرَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ2، فَقُلْتُ لِلْمَهْدِيِّ: نَأْثُرُهُ عَنْكَ؟ قَالَ: نعم. هذا إسناد متّصل، لكن ما عملت أَحَدًا احْتَجَّ بِالْمَهْدِيِّ وَلا بِأَبِيهِ فِي الأَحْكَامِ. تَفَرَّدَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ -قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَصِلَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا: "الْمَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ عَمِّي"3. وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابن

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 400-403"، البداية والنهاية "10/ 129-131". 2 "حديث ضعيف": لعدم الاحتجاج بحديث المهدي ولا أبيه. 3 "حديث موضوع": أخرج الدارقطني في الإفراد "2/ 26"، وابن الجوزي في الواهيات "1431"، وذكره الشيخ الألباني في الضعيفة "80"، وقال: موضوع.

مسعود، مرفوعًا: "يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي" 1. صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَمِنَ الْمَنَاكِيرِ الْوَاهِيَاتِ خَبَرُ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: "مِنَّا الْمَنْصُورُ، وَمِنَّا السَّفَّاحُ وَالْمَهْدِيُّ". إِسْنَادُهُ صَالِحٌ. وَلَمَّا شَبَّ الْمَهْدِيُّ، أَمَّرَهُ أَبُوهُ عَلَى طَبَرِسْتَانَ وَمَا يَلِيهَا، وَعَلَى الرَّيِّ، وَتَأَدَّبَ وَجَالَسَ الْعُلَمَاءَ، وَتَمَيَّزَ. ثُمَّ إِنَّ أَبَاهُ غَرِمَ أَمْوَالا عَظِيمَةً، وَتَحَيَّلَ حَتَّى اسْتَنْزَلَ وَلِيَّ الْعَهْدِ وَلَدَ أَخِيهِ عِيسَى بْنَ مُوسَى عَنِ الْمَنْصِبِ، وَوَلاهُ الْمَهْدِيَّ، فَلَمَّا مَاتَ الْمَنْصُورُ بِظَاهِرِ مَكَّةَ قَبْلَ الْحَجِّ قام بأخذ البيعة الرَّبِيعُ بْنُ يُونُسَ الْحَاجِبُ، وَأَسْرَعَ بِالْخَبَرِ إِلَى الْمَهْدِيِّ مَوْلاهُ مَنَارَةُ الْبَرْبَرِيُّ وَهُوَ بِبَغْدَادَ، فَكَتَمَ الأَمْرَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، وَنَعَى إِلَيْهِمُ الْمَنْصُورَ. قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: كَانَ أَسْمَرَ، مضطرب الخلق، على نُكْتَةُ بَيَاضٍ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ أَسْمَرَ طَوِيلا جَعْدًا، فَأَوَّلُ مَنْ هَنَّأَ الْمَهْدِيَّ بِالْخِلافَةِ وَعَزَّاهُ، أَبُو دُلامَةَ وَأَجَادَ: عَيْنَايَ وَاحِدَةٌ تُرَى مَسْرُورَةً ... بِأَمِيرِهَا جَذْلَى، وَأُخْرَى تَذْرِفُ تَبْكِي وَتَضْحَكُ تَارَةً، يسوءها ... ما أنكرت ويسرها ما تعرف فيسؤها موت الخليفة محرمًا ... وَيَسُرُّهَا أَنْ قَامَ هَذَا الأَرْأَفُ مَا إِنْ رَأَيْتُ كَمَا رَأَيْتُ وَلا أَرَى ... شَعْرًا أُسَرِّحُهُ وَآخَرَ يُنْتَفُ هَلَكَ الْخَلِيفَةُ، يَا لَدِينِ مُحَمَّدٍ ... وَأَتَاكُمْ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ يَخْلُفُ أَهْدَى لِهَذَا اللَّهُ فَضْلَ خِلافَةٍ ... وَلِذَاكَ جَنَّاتِ النَّعِيمِ تُزَخْرَفُ وَمِنْ خُطْبَةِ الْمَهْدِيِّ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدٌ دُعِيَ فَأَجَابَ، وَأُمِرَ فَأَطَاعَ، وَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ: وَقَدْ بَكَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ فِرَاقِ الأَحِبَّةِ، وَلَقَدْ فَارَقْتُ عَظِيمًا، وقلّدت

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "4282"، والترمذي "2230-2231"، وأحمد في المسند "1/ 376، 377، 430، 448"، والطبراني في الكبير "6/ 102"، وابن حبان في صحيحه "5954"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود "4282".

جَسِيمًا، فَعِنْدَ اللَّهِ أَحْتَسِبُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَبِهِ أَسْتَعِينُ عَلَى خِلافَةِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ الْمَهْدِيِّ: "اللَّهُ ثِقَةُ مُحَمَّدٍ، وَبِهِ يُؤْمِنُ". وَرَوَى أَبُو الْعَيْنَاءِ، عَنْ مُسْلِمَةَ بْنِ عَدِيٍّ، أَنَّ الْمَهْدِيَّ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ: أَسِرُّوا مِثْلَ مَا تُعْلِنُونَ مِنْ طَاعَتِنَا نَهَبْكُمُ الْعَافِيَةَ وَتُحَمَّدُوا الْعَاقِبَةَ، وَاخْفِضُوا جَنَاحَ الطَّاعَةِ لِمَنْ نَشَرَ مَعْدِلَتَهُ فِيكُمْ وَطَوَى الإِصْرَ عَنْكُمْ، وَأَهَالَ عَلَيْكُمُ السَّلامَةَ مِنْ حَيْثُ رَآهُ اللَّهُ مُقَدِّمًا ذَلِكَ، وَاللَّهِ لَأُفْنِيَنَّ عُمْرِي بَيْنَ عُقُوبَتِكُمْ وَالإِحْسَانِ إِلَيْكُمْ. قَالَ مَنَارَةُ: فَرَأَيْتُ وُجُوهَ النَّاسِ تُشْرِقُ فَرَحًا. قَالَ نِفْطَوَيْهِ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَنْصُورِيُّ قَالَ: لَمَّا حَصَلَتِ الْخَزَائِنُ فِي يَدِ الْمَهْدِيِّ، أَخَذَ فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ، فَأَخْرَجَ أَكْثَرَ الذَّخَائِرِ فَفَرَّقَهَا، وَبَرَّ أَهْلَهُ وَمَوَالِيَهُ. قُلْتُ: كَانَ أَبُوهُ جَمَعَ مِنَ الأَمْوَالِ مَا لا يُعَبَّرُ عَنْهُ، وَكَانَ مِسِّيكًا. فَذُكِرَ عَنِ الرَّبِيعِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ قَالَ: مَاتَ الْمَنْصُورُ وَفِي بَيْتِ الْمَالِ مائة ألف أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَسِتُّونَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَسَّمَ ذَلِكَ الْمَهْدِيُّ وَأَنْفَقَهُ، وَكَانَتْ نَفَقَةُ الْمَنْصُورِ مَا يَجِيئُهُ مِنْ مَالِ الشَّرَاةِ نَحْوَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فِي السَّنَةِ. قُلْتُ: وَزْنُ ذَلِكَ الْمَالِ بِالْقِنْطَارِ الدِّمَشْقِيِّ أَلْفُ قِنْطَارٍ وَسِتُّمِائَةِ قِنْطَارٍ وَسَبْعُونَ، وَإِذَا صُرِفَ بِهَا ذَهَبٌ مِصْرِيٌّ، جَاءَ أَزْيَدَ مِنْ مِائَةِ قِنْطَارٍ وَسَبْعِينَ قِنْطَارًا. وَعَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمَهْدِيِّ بِالرَّصَافَةِ فَقُلْتُ: أَجْهِلْ قَوْلِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ أَحْمَلُهُمْ لِغِلْظَةِ النَّصِيحَةِ فِيهِ، وَجَدِيرٌ مَنْ لَهُ قَرَابَةُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يَرِثَ أَخْلاقَهُ وَيَأْتَمَّ بِهَدْيِهِ، وَقَدْ وَرَّثَكَ اللَّهُ مِنْ فَهْمِ الْعِلْمِ وَإِنَارَةِ الْحُجَّةِ مِيرَاثًا قَطَعَ بِهِ عُذْرَكَ، فَمَهْمَا ادَّعَيْتَ مِنْ حُجَّةٍ، أَوْ رَكِبْتَ مِنْ شُبْهَةٍ، لَمْ يَصِحَّ لَكَ بُرْهَانٌ مِنَ اللَّهِ، فِيهَا حَلَّ بِكَ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ بِقَدْرِ مَا تَجَاهَلْتَهُ مِنَ الْعِلْمِ، وَأَقْدَمْتَ عَلَيْهِ مِنْ شُبَهِ الْبَاطِلِ، وَاعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَصْمُ مَنْ خَالَفَهُ، وَأَثْبَتُ النَّاسِ قَدَمًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آخِذُهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَمِثْلُكَ لا يُكَابِرُ بِتَجْرِيدِ الْمَعْصِيَةِ، لَكِنْ بِمِثْلِ الإِسَاءَةِ إِحْسَانًا، وَيَشْهَدُ له عليها خونة العلماء، فهذه الخيالة تَصَيَّدَتِ الدُّنْيَا نُظَرَاءَكَ، فَأَحْسِنِ الْجَهْلَ، فَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ وَعَظَكَ الأَدَاءَ. قِيلَ: قَبَّلَ رَجُلٌ يَدَ الْمَهْدِيِّ وَقَالَ: يَدُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَحَقُّ بِالتَّقْبِيلِ لِعُلُوِّهَا بِالْمَكَارِمِ، وَطَهَارَتِهَا مِنَ الْمَآثِمِ، وَإِنَّكَ ليوسفي الْعَفْوِ، إِسْمَاعِيلِيُّ الصِّدْقِ، شُعَيْبِيُّ

الرِّفْقِ، فَمَنْ أَرَادَكَ بِسُوءٍ جَعَلَهُ اللَّهُ طَرِيدَ خَوْفِكَ، حَصِيدَ سَيْفِكَ. وَأُثْنِيَ عَلَيْهِ بِالشَّجَاعَةِ فَقَالَ: وما لي لا أَكُونُ شُجَاعًا وَمَا خِفْتُ أَحَدًا إِلا اللَّهَ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَنَّ الْمَهْدِيَّ كَتَبَ إِلَى الأَمْصَارِ يَزْجُرُ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأُمَرَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا. وَعَنْ يُوسُفَ قَالَ: لَمَّا وَلِيَ الْمَهْدِيُّ رَفَعَ أَهْلُ البدع رؤوسهم، وَأَخَذُوا فِي الْجَدَلِ، فَأَمَرَ أَنْ يُمْنَعَ النَّاسُ مِنَ الْكَلامِ، وَأَنْ لا يُخَاضَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، فَانْقَمَعُوا. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ: سَمِعْتُ سَلْمًا الْحَاجِبَ يَقُولُ: هَاجَتْ رِيحٌ سَوْدَاءُ، فَخِفْنَا أَنْ تَكُونَ السَّاعَةَ، وَطَلَبْتُ الْمَهْدِيَّ فِي الإِيوَانِ فَلَمْ أَجِدْهُ، ثُمَّ سَمِعْتُ حَرَكَةً فِي بَيْتٍ، فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ عَلَى التُّرَابِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تُشَمِّتْ بِنَا أَعْدَاءَنَا مِنَ الأُمَمِ، وَلا تَفْجَعْ بِنَا نَبِيَّنَا، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ أَخَذْتَ الْعَامَّةَ بِذَنْبِي فَهِذِهِ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، فَمَا أَتَمَّ كَلامَهُ حَتَّى انْجَلَتْ. عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ: أَنَّ الْمَهْدِيَّ قَدِمَ الْبَصْرَةَ، فَكَانَ يُصَلِّي بِنَا، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مُرِ الْمُؤَذِّنَ لا يُقِيمُ حَتَّى أَتَوَضَّأَ، فَأَمَرَ بِهِ، فَتَعَجَّبُوا مِنْ أَخْلاقِ الْمَهْدِيِّ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ الْمَهْدِيَّ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ، وَثَنَّى بِمَلائِكَتِهِ فَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] . قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى الْمَهْدِيِّ فَقَالَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ شَتَمَنِي وَقَذَفَ أُمِّي، فَإِمَّا أَمَرْتَنِي أَنْ أَجْلِدَهُ، وَإِمّا عَوَّضْتَنِي فَاسْتَغْفَرْتَ لَهُ. قَالَ: وَلِمَ شَتَمَكَ؟ قَالَ: شَتَمْتُ عَدُوَّهُ بِحَضْرَتِهِ فَغَضِبَ. قَالَ: وَمَنْ عَدُوُّهُ؟ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ أَمَسُّ بِهِ رَحِمًا، وَأَوْجَبُ عَلَيْهِ حَقًّا، فَإِنْ كَانَ شَتَمَكَ كَمَا زَعَمْتَ فَعَنْ رَحِمِهِ ذَبَّ، وَعَنْ عِرْضِهِ دَفَعَ، وَمَا أَسَاءَ مَنِ انْتَصَرَ لابْنِ عَمِّهِ، قَالَ: إِنَّهُ كَانَ عَدُوًّا لَهُ، قَالَ: لَمْ يَنْتَصِرْ لِلْعَدَاوَةِ بَلْ لِلرَّحِمِ، فَأَسْكَتَ الرَّجُلَ، فَلَمَّا ذَهَبَ لِيُوَلِّي قَالَ: لَعَلَّكَ أَرَدْتَ أَمْرًا فَجَعَلْتَ هَذَا ذَرِيعَةً، قَالَ: نَعَمْ، فَتَبَسَّمَ وَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسَةِ آلافٍ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ رَجُلٌ شَرِيفٌ، فَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَنْتَهِي إِلَى غاية شكرك إلا وجدت ولاءها غَايَةً مِنْ مَعْرُوفِكَ، فَمَاتَ عَجْزُ

النَّاسِ عَنْ بُلُوغِهِ، فَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِ، فِي كَلامٍ ذَكَرَهُ. عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنِ الرَّبِيعِ، أَنَّ الْمَنْصُورَ يَوْمًا فَتَحَ خِزَانَةً مِمَّا قَبَضَ مِنْ خَزَائِنِ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَأَحْصَى فِيهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ عِدْلٍ خَزٍّ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا ثَوْبًا فَقَالَ لِي: اقْطَعْ لِي جُبَّةً، وَلِمُحَمَّدٍ جُبَّةً، فقلت: لا يجيء مِنْهُ هَذَا قَالَ: اقْطَعْ لِي جُبَّةً وَقَلَنْسُوَةً، وَبَخِلَ أَنْ يُخْرِجَ ثَوْبًا آخَرَ لِلْمَهْدِيِّ، فَلَمَّا أَفْضَتِ الْخِلافَةُ إِلَى الْمَهْدِيِّ، أَمَرَ بِتِلْكَ الْخِزَانَةِ بِعَيْنِهَا، فَفُرِّقَتْ عَلَى الْمَوَالِي وَالْخَدَمِ. الزُّبير بْنُ بَكَّارٍ فِي النَّسَبِ. حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ: لَمَّا جَلَسَ الْمَهْدِيُّ لِأَشْرَافِ قُرَيْشٍ وَأَجَازَهُمْ، كَانَ فِيمَنْ صَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، فَأَجَازَهُ وَكَسَاهُ فَقَالَ: وَصَلَكَ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلَنِي فِدَاكَ، فَقَدْ وَصَلْتَ الرَّحم، وَرَدَدْتَ الظَّلامة، وَعِنْدِي بِنْتُ عَمٍّ لِي أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، غَدَوْتُ الْيَوْمَ وَأَنَا لَهَا مُغَاضِبٌ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَجْعَلَ للصُّلح بَيْنَنَا مَوْضِعًا فَافْعَلْ، فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِينَارٍ وَخَمْسِينَ ثَوْبًا فَقَالَ: تَرَى هذا يصلح بَيْنَكُمَا؟. قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ قُلْتَ: لا، مَا زِلْتُ أَزِيدُكَ إِلَى اللَّيْلِ. أَبُو زُرْعَةَ الدِّمشقيّ، نَا أَبِي، نَا أَبُو خُلَيْدٍ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: قَالَ لِي الْمَهْدِيُّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَكَ دَارٌ؟ قُلْتُ: لا وَاللَّهِ. فَأَمَرَ لِي بِثَلاثَةِ آلافِ دِينَارٍ. الزُّبير بْنُ بَكَّارٍ: نَا عَمِّي قَالَ: كَانَ الْمَهْدِيُّ أَعْطَى بَكَّارًا الأَخْيَنِيَّ بِدَارِهِ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ الَّتِي عِنْدَ الْجَمْرَةِ، فَأَبَى وَقَالَ: مَا كُنْتُ لأبيع جوار أمير المؤمنين، فأمر له بأربعة آلافٍ وَقَالَ: دَعُوهُ وَدَارَهُ. وَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْمَاجِشُونِ لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ أَنْشَدَهُ: وَلِلنَّاسِ بَدْرٌ فِي السَّمَاءِ يَرَوْنَهُ ... وَأَنْتَ لَنَا بَدْرٌ عَلَى الأَرْضِ مُقْمِرُ فَبِاللَّهِ يَا بدر السَّماء ضوءه ... تَرَاكَ تُكَافِئُ عُشْرَ مَالَكَ أُضْمِرُ وَمَا الْبَدْرُ إِلا دُونَ وَجْهِكَ فِي الدُّجى ... يَغِيبُ فَتَبْدُو حِينَ غَابَ فَتُقْمِرُ وَمَا نَظَرَتْ عَيْنِي إِلَى الْبَدْرِ طَالِعًا ... وَأَنْتَ تَمْشِي فِي الثِّيَابِ فَتُسْحِرُ وَأَنْشَدَهُ مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ: رَمَى الْبَيْنُ مِنْ قَلْبِي السَّواد فَأَوْجَعَا ... وَصَاحَ، فَصِيحَ بالرَّحيل فاسمعا

وَغَرَّدَ حَادِي الرَّكب وانشقَّت الْعَصَا ... وَأَصْبَحْتُ مَسْلُوبَ الْفُؤَادِ مُفْجَعًا كَفَى حُزْنًا مِنْ حَادِثِ الدَّهر إنّني ... أرى البين لا أَسْتَطِيعُ لِلْبَيْنِ مَدْفَعًا وَقَدْ كُنْتُ قَبْلَ الْبَيْنِ بِالْبَيْنِ جَاهِلا ... فَيَا لَكَ بَيْنٌ، مَا أمرَّ وَأَفْظَعَا وَأَنْشَدَهُ أَبُو السَّائب، وَغَيْرُهُ، فَقَالَ المهديّ، لأغنينَّكم، فَأَجَازَهُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ، هَذِهِ رَوَاهَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَارُونَ الْعَدَوِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ. وَقَالَ نِفْطَوَيْهِ: انْقَطَعَ الْمَهْدِيُّ عَنْ خَاصَّتِهِ فِي الصَّيد، فَنَزَلَ يَبُولُ، وَدَفَعَ إِلَى أَعْرَابِيٍّ فَرَسَهُ، فَاقْتَلَعَ مِنْ خَيْلِهِ السَّرج، ثُمَّ تَلاحَقَتِ الْخَيْلُ فَأَحَاطَتْ بِهِ، فَهَرَبَ الأَعْرَابِيُّ، فَأَمَرَهُمْ بِرَدِّهِ، وَخَافَ الأَعْرَابِيُّ فَقَالَ: خُذُوا مَا أَخَذْنَا وَدَعُونَا نَذْهَبُ إِلَى خِزْيِ اللَّهِ وَنَارِهِ، فصاح الْمَهْدِيُّ: تَعَالَ لا بَأْسَ عَلَيْكَ، فَقَالَ: مَا تُرِيدُ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَ فَرَسِكَ، فَضَحِكُوا وَقَالُوا: وَيْلُكَ، قُلْ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ يَا أَمِيرَ المؤمنين، فقال: أو هذا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ أَرْضَاهُ هَذَا مِنِّي مَا يُرْضِينِي ذَلِكَ فِيهِ، وَلَكِنْ جَعَلَ اللَّهُ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ فِدَاءَهُ، وَجَعَلَنِي فِدَاءَهُمَا، فَضَحِكَ الْمَهْدِيُّ، وَطَابَ لَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِعَشَرَةِ آلافٍ. وَحَكَى ابْنُ الإِخْبَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ بِإِسْنَادٍ أَنَّ الْمَهْدِيَّ أَعْطَى رَجُلا مرَّة مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَانَ قَدْ شَكَا أَنَّ عَلَيْهِ خَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. أَبُو صَوَافِيَةَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَنٌ الْوَصِيفُ حَاجِبُ الْمَهْدِيِّ قَالَ: كُنَّا بِزُبَالَةَ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، أَنَا عَاشِقٌ، فَدَعَا بِهِ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: أَبُو مَيَّاسٍ، قَالَ: مَنْ عَشِيقَتُكَ؟ قَالَ: بِنْتُ عَمِّي، وَقَدْ أَبَى أَنْ يُزَوِّجَهَا، قَالَ: لَعَلَّهُ أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا. قَالَ: لا أَنَا أَكْثَرُ مِنْهُ مَالا، قَالَ: فَمَا الْقِصَّةُ؟ قَالَ: أَدْنِ مِنِّي رَأْسَكَ، قَالَ: فَضَحِكَ الْمَهْدِيُّ وَأَصْغَى إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي هَجِينٌ، قَالَ: لَيْسَ يَضُرُّكَ ذَاكَ، إِخْوَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَكْثَرُهُمْ هُجُنٌ، يَعْنِي أَوْلادَ إِمَاءٍ، يَا غُلامُ: عَلَيَّ بِعَمِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ، فَإِذَا أَشْبَهُ خلقٍ بِأَبِي مَيَّاسٍ كَأَنَّهُمَا بَاقِلاةٌ فُلِقَتْ، فَقَالَ: لِمَ لا تُزَوِّجُ أَبَا مَيَّاسٍ وَلَهُ أَدَبٌ وَأَنْتَ عمُّه؟ قَالَ: إِنَّهُ هَجِينٌ، قَالَ: فَإِخْوَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَلَدُهُ أَكْثَرُهُمْ هُجُنٌ، فَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُنْقِصُهُ، زوِّجه، فَقَدْ أَصْدَقْتُهَا عَنْهُ عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، فَأَمَرَ لَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفًا فَأَنْشَدَ:

ابْتَعْتُ ظَبْيةً بِالْغَلاءِ، وَإِنَّمَا ... يُعْطَى الْغَلاءُ بِمِثْلِهَا أَمْثَالِي وَتَرَكْتُ أَسْوَاقَ الْقِبَاحِ لِأَهْلِهَا ... إِنَّ الْقِبَاحَ وَإِنْ رَخُصْنَ غَوَالِي قَالَ الزُّبَيْرُ: أَخْبَرَنِي يُوسُفُ الْخَيَّاطُ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ الْخَيَّاطِ الْمَكِّيُّ الشَّاعِرُ عَلَى الْمَهْدِيِّ وَقَدْ مَدَحَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا قَبَضَهَا فَرَّقَهَا عَلَى النَّاسِ وَقَالَ: أَخَذْتُ بِكَفِّي كَفَّهُ أَبْتَغِي الْغِنَى ... وَلَمْ أَدْرِ الْجُودَ مِنْ كَفِّهِ يُعْدِي فَلا أَنَا مِنْهُ ما أفاد ذوو الغنى ... أفدت، وأعداني، فبدّت مَا عِنْدِي فَنُمِيَ الْخَبَرُ إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَعْطَاهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ دِينَارًا. وَقِيلَ: إِنَّ مَرْوَانَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ لَمَّا أَنْشَدَ الْمَهْدِيَّ قَصِيدَتَهُ السَّائِرَةَ الَّتِي أَوَّلُهَا: صَحَا بَعْدَ جَهْلٍ وَاسْتَرَاحَتْ عَوَاذِلُهُ. قَالَ: وَيْلُكَ، كَمْ بَيْتٍ هِيَ؟ قَالَ: سَبْعُونَ بَيْتًا، قَالَ: لَكَ بِهَا سَبْعُونَ أَلْفًا. وَفِيهَا: كَفَاكُمْ بِعَبَّاسٍ أَبِي الْفَضْلِ وَالِدًا ... فَمَا مِنْ أَبٍ إِلا أَبُو الْفَضْلِ فَاضِلُهُ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُحَمَّدًا ... أَبُو جَعْفَرٍ فِي كُلِّ أَمْرٍ يُحَاوِلُهُ إِلَيْكَ قَصَرْنَا النِّصْفَ مِنْ صَلَوَاتِنَا ... مَسِيرَةَ شَهْرٍ بَعْدَ شَهْرٍ نُوَاصِلُهُ فَلا نَحْنُ نَخْشَى أَنْ يَخِيبَ مَسِيرُنَا ... إِلَيْكَ، وَلَكِنْ أَهْنَأُ الْبِرِّ عَاجِلُهُ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: عجِّلوها لَهُ. الزُّبير بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ الْمَهْدِيَّ كَانَ مُسْتَهْتِرًا بالخيزران، لا يكاد يفارها فِي مَجْلِسٍ يَلْهُو بِهِ. عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ: كَانَتْ لِلْمَهْدِيِّ جَارِيَةٌ يُحِبُّهَا حُبًّا شَدِيدًا، وَكَانَتْ شَدِيدَةَ الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَتَغْتَاظُ، وَتُؤْذِيهِ، فَقَالَ فيها: أَرَى مَاءً وَبِي عَطَشٌ شَدِيدٌ ... وَلَكِنْ لا سَبِيلَ إِلَى الْوُرُودِ أَرَاحَ اللَّهُ مِنْ بَدَنِي فُؤَادِي ... وَعَجَّلَ بِي إِلَى دَارِ الْخُلُودِ أَمَا يَكْفِيكِ أَنَّكِ تَمْلِكِينِي ... وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَبِيدِي؟

وَأَنَّكِ لَوْ قَطَعْتِ يَدِي وَرِجْلِي ... لَقُلْتُ مِنَ الرِّضَا: أَحْسَنْتِ زِيدِي وَالْمَهْدِيُّ كَغَيْرِهِ مِنْ عُمُومِ الْخَلائِفِ وَالْمُلُوكِ، لَهُ مَا لَهُمْ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ، كَانَ مُنْهَمِكًا فِي اللَّذَّاتِ وَاللَّهْوِ وَالْعَبِيدِ، ولكن مُسْلِمٌ خَائِفٌ مِنَ اللَّهِ، قَدْ تَتَّبَعَ الزَّنَادِقَةَ وَأَبَادَ خَلْقًا مِنْهُمْ. فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَدَّمٍ الواسطيّ، عن أبيه: أنّ المهديّ قال لابنه الْهَادِي يَوْمًا - وَقَدْ قُدِّمَ إِلَيْهِ زِنْدِيقٌ فَاسْتَتَابَهُ فَلَمْ يَتُبْ فَضَرَبَ عُنُقَهُ: يَا بُنَيَّ إِنْ وُلِّيتَ فَتَجَرَّدْ لِهَذِهِ الْعِصَابَةِ، يَعْنِي أَصْحَابَ مَانِي، فَإِنَّهُمْ يَدْعُونَ إِلَى ظَاهِرٍ حَسَنٍ كَاجْتِنَابِ الْفَوَاحِشِ وَالزُّهْدِ وَالْعَمَلِ لِلآخِرَةِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُخْرِجُونَ الناس إلى تحريم اللّحموم، وَمَسِّ الْمَاءِ لِلتَّطَهُّرِ، وَتَرْكِ قَتْلِ الْهَوَامِّ تَحَرُّجًا وَتَأَثُّمًا، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْ هَذَا إِلَى عِبَادَةِ اثْنَيْنِ، أَحَدُهُمَا النُّورُ، وَالآخَرُ الظُّلْمَةُ، ثُمَّ يُبِيحُونَ نِكَاحَ الأُخْتِ وَالْبِنْتِ، وَالْغُسْلَ بِالْبَوْلِ، فَجَرِّدْ فِيهِمُ السَّيْفَ، فَإِنِّي رَأَيْتُ جَدَّكَ الْعَبَّاسَ فِي الْمَنَامِ، فَقَلَّدَنِي سَيْفَيْنِ، وَأَمَرَنِي بِقَتْلِ أَصْحَابِ الاثْنَيْنِ. قَالَ الزُّبَيْرُ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَسَّمَ الْمَهْدِيُّ قَسْمًا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، فَأَصَابَ مَشْيَخَةَ بَنِي هَاشِمٍ، أَكْثَرُهُمْ خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا، وَأَقَلُّ مَنْ أَصَابَهُ مِنَ الْقِسْمَةِ مِنَ الْعَرَبِ أَوْ مِنْ مَوَالِيهِمْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَكَانَ عِدَّةُ الَّذِينَ أَخَذُوا ثَمَانِينَ أَلْفَ إِنْسَانٍ. عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينَ الأَمِيرِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ الْمَهْدِيِّ، فَرَأَى فِي مَنَامِهِ رُؤْيَا اسْتَيْقَظَ بَاكِيًا، رَأَى كَأَنَّ شَيْخًا يَقُولُ لَهُ: كَأَنَّنِي بِهَذَا الْقَصْرِ قَدْ بَادَ أَهْلُهُ ... وَأَوْحَشَ مِنْهُ رُكْنُهُ وَمَنَازِلُهُ وَصَارَ عَمِيدُ الْقَوْمِ مِنْ بَعْدِ بَهْجَةٍ ... وَمُلْكٍ إِلَى قَبْرٍ عَلَيْهِ جَنَادِلُهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلا ذِكْرُهُ وَحَدِيثُهُ ... يُنَادِي بِلَيْلٍ مُعَوِّلاتٌ حَلائِلُهُ تَزَوَّدْ من الدّنيا فإنّك ميت ... وإنّك مسؤول فَمَا أَنْتَ قَائِلُهُ قَالَ الْفَلاسُ: مَلَكَ الْمَهْدِيُّ عِشْرِينَ سَنَةً وَشَهْرًا وَنِصْفًا، وَمَاتَ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. قَالُوا: ومات بماسبذان، وعاش ثَلاثًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَعَقَدَ بِالأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ لابْنَيْهِ مُوسَى الْهَادِي، ثُمَّ هَارُونَ الرَّشِيدِ.

361- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ1، الْكُوفِيُّ النَّحْوِيُّ. -د. ق. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَخَالِ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الحارثيّ، وأبو ذر محمد بْنُ عُثَيْمٍ، وَمُوسَى التَّبُوذَكِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، نُسْخَةٌ أَكْثَرُهَا مَنَاكِيرُ، فَأَنْكَرُهَا: إِنَّ أَحَادِيثِي يَنْسَخُ بَعْضُهَا بَعْضًا كَنَسْخِ الْقُرْآنِ. 362- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2 بْنِ مُجَبِّرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ، الْمَدَنِيُّ. عَنْ: نَافِعٍ، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَالْعُمَرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرَوَى الْعُقَيْلِيُّ، عَنْ آدَمَ، عَنِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: سَكَتُوا عَنْهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. حجّاج بن منهال، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُجَبَّرِ، عَنْ نافع، عن ابن عُمَرَ مَرْفُوعًا: "اطْلُبُوا الْخَيْرَ عَنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ"3. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: الرِّوَايَةُ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهَا لين.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 163"، الجرح والتعديل "7/ 311"، تهذيب التهذيب "9/ 293-294". 2 الجرح والتعديل "7/ 320"، المجروحين لابن حبان "2/ 263"، ميزان الاعتدال "3/ 621". 3 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 102"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 162"، وضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة "2797"، من طريق آخر عن عائشة.

363- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن1 بْنِ طَلْحَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ طَلْحَةَ، الْعبْدِيُّ، الْحَجَبِيُّ، الْمَكِّيُّ. عَنْ: جَدَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، وَغَيْرِهَا. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ، وَوَكِيعٌ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَهُوَ أَقْدَمُ شَيْخٍ لِلنُّفَيْلِيِّ. وَلَمْ أَرَ لَهُمْ فِيهِ مَقَالا يُوَهِّيهِ. 364- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ2، أَبُو خَالِدٍ، الْمَكِّيُّ، الْقَاضِي، الْمَعْرُوفُ بِالأَوْقَصِ. عَنْ: خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وَغَيْرُهُمَا. وَكَانَ لا رَقَبَةَ لَهُ، بَلْ رَأْسُهُ عَلَى بَدَنِهِ. مَرَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، فَقَالَتْ: وَأَيْنَ الرَّقَبَةُ. وَقَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ مَكَّةَ عَشْرِينَ سَنَةً، وَقَدِمَ الشَّامَ غَازِيًا. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 365- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ3 بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، الْعَوْفِيُّ، الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزِّنَادِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانٍ، وَغَيْرُهُمَا. مَتْرُوكُ الحديث. وقال البخاريّ: منكر الحديث.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 155"، الثقات لابن حبان "7/ 422-423"، تهذيب التهذيب "9/ 298-299". 2 التاريخ الكبير "1/ 156"، الجرح والتعديل "7/ 323"، ميزان الاعتدال "3/ 625". 3 التاريخ الكبير "1/ 167"، الجرح والتعديل "8/ 7"، ميزان الاعتدال "3/ 628".

إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّهْرِيّ، قَالَ: أَوْصَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ لِمَنْ شَهِدَ بَدْرًا فَوَجَدَهُمْ مِائَةَ رَجُلٍ، لِكُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ، وَكَانَ عُثْمَانُ فِيهِمْ، فَأَخَذَهَا. 366- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّيْمِيُّ، الْكُوفِيُّ، الزَّاهِدُ1. عَنْ: مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَأَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ: سُلَيْمُ بْنُ عِيسَى الْمُقْرِئُ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. ذَكَرَ عَنْهُ خَيْرًا وَفَضْلا وَصَلاحًا. وَقَدْ نَزَحَ مِنَ الْكُوفَةِ مَرَّةً فَقَالَ: لا أُقِيمُ بِبَلْدَةٍ يُشْتَمُ فيها الصحابة -رضي الله عنهم. 367حمد بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَنْصَارِيُّ2 الْمَدَنِيُّ، الضَّرِيرُ. عَنْ: عطاء بن أبي رباح، ونافع، وابن المنكدر. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ، وَعِدَّةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَذَّابٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عن شَيْخٍ رَوَى عَنْهُ الْوُحَاظِيُّ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ، ثَنَا عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُخَلَّلَ بِالْقَصَبِ وَالآسِ، وقال: إنهما يسقيان عِرَاقَ الْجُذَامِ"3. فَقَالَ أَبِي: رَأَيْتُهُ وَكَانَ أَعْمَى، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. 368- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ4، أَبُو سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ، الْوَاقِفِيُّ،

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 166"، الجرح والتعديل "8/ 6-8"، الثقات لابن حبان "9/ 61". 2 التاريخ الكبير "1/ 164"، الجرح والتعديل "8/ 4"، ميزان الاعتدال "3/ 631". 3 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2166"، والعقيلي في الضعفاء "4/ 103". 4 التاريخ الكبير "1/ 194"، الجرح والتعديل "8/ 32"، تهذيب التهذيب "9/ 378-379".

الْمَدَنِيُّ، ثُمَّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَالْقَاسِمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَمَعْنُ بْنُ الْقَزَّازِ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ عَلِيٌّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ، فَضَعَّفَ الشَّيْخَ جِدًّا، قُلْتُ: مَا لَهُ؟ قَالَ: رَوَى عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ فِي الْكَبْشِ الأَقْرَنِ، وَعَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ فِي الصَّلاةِ الْوُسْطَى، وَرَوَى عَنِ الْحَسَنِ أَوَابِدَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَكُونُ بِالْبَصْرَةِ، وَعَبَّادَانِ. وَكَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْهُ. الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، نَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَهْلِ مَكَّةَ التَّنْعِيمَ"1. العقيلي: نا علي عبد العزيز أبو نعيم نا حسان نَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَهْلِ مَكَّةَ الْجِعِرَّانَةَ"2. كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، نَا ابْنُ سِيرِينَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ سَلَّ سَخِينَتَهُ عَلَى طَرِيقٍ عَامِرَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" 3. وَكَامِلٌ لَيْسَ بِعُمْدَةٍ. 369- محمد بن عمران الحجبيّ4، المدنيّ.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 111". 2 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 111"، وفيه صاحب الترجمة وهو ضعيف. 3 "حديث حسن لغيره": أخرجه الحاكم في المستدرك "1/ 186"، وحسنه الشيخ الألباني في الإرواء "1/ 101" بشواهده. 4 تقدمت ترجمته برقم "362".

آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ جَدَّتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ. رَوَى عَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَالنُّفَيْلِيُّ. لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ مَقَالا، فَقَدْ مَرَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي هَيْئَتِهِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 370- مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى1، أَبُو يَحْيَى الْهِلالِيُّ، وَقِيلَ: الْعَبْدِيُّ، بَصْرِيٌّ. رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ الْمُسْمِعِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو عَتَّابٍ الدَّلالُ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفُوهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 371- مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ2، الطَّائِيُّ، الْحِمْصِيُّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَاسِجٍ الْحَضْرَمِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ عتبة بن عيبد السُّلَمِيِّ، وَعُتْبَةَ بْنِ شُعَيْبٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَسَلامَةِ بْنِ جَوَّاسٍ، وَيَحْيَى بْنِ صَالِحٍ الْوُحَاظِيِّ. مَا وَهَّاهُ أَحَدٌ. 372- مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفِ بْنِ دَاوُدَ3، أَبُو غَسَّانَ، الْمَدَنِيُّ. -ع. أَحَدُ الْعُلَمَاءِ الأَثْبَاتِ. رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَحَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَأَبِي حَازِمٍ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ. وَعَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أبي مريم، وعليّ بن الجعد، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 203"، الجرح والتعديل "8/ 38"، ميزان الاعتدال "3/ 677". 2 التاريخ الكبير "1/ 214"، الجرح والتعديل "8/ 64-65". 3 التاريخ الكبير "1/ 236"، الجرح والتعديل "8/ 100"، تهذيب التهذيب "9/ 461-462".

وَقَدْ وَفَدَ عَلَى الْمَهْدِيِّ، وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطِيبُ: قِيلَ: إِنَّهُ مِنْ مَوَالِي عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ سَكَنَ عَسْقَلانَ. قُلْتُ: لَمْ يُؤَرِّخْهُ أَحَدٌ. 373- مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ1، دِينَارٌ الأَنْصَارِيُّ، الْحِمْصِيُّ، أَخُو عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ. -م. ع. عَنْ: أَبِيهِ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَرَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبَّاسٍ، وَمَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، وَأَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 374- مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ2، الْقُرَشِيُّ، الْكُوفِيُّ. عن: نافع، وأبي حعفر مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. وَعَنْهُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ، يَعْنِي عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِيمَانًا بِكَ وَتصْدِيقًا بِكِتَابِكَ وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 375- مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ عَامِرٍ الأَسَدِيُّ3. عَنِ: الْحَكَمِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. وَعَنْهُ: أَبُو بِلالٍ الأَشْعَرِيُّ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ بشر الكاهليّ. أظنه الذي قلبه.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 229"، الجرح والتعديل "8/ 91"، تهذيب التهذيب "9/ 477-478". 2 التاريخ الكبير "1/ 230"، الجرح والتعديل "8/ 90-91"، تهذيب التهذيب "9/ 478". 3 التاريخ الكبير "1/ 229"، الثقات لابن حبان "7/ 413".

376- مُحَمَّدُ بْنُ مِهْزَمٍ1، الْعَبْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ، الشَّعَّابُ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَمَعْرُوفٍ الْمَكِّيِّ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وأبو عمر الْحَوْضِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين. 377- محمد بن هلال2، المدنيّ، مولى بني جمح. -د. ن. ق. عَن: أبيه، وسعيد بْن الْمُسَيِّبِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَطَائِفَةٌ. وَعَاشَ نَحْوًا مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 378- مُحَمَّدُ بْنُ يزَيْدٍ الْبَصْرِيُّ3، الْمَدَنِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ. عَنِ: الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. 379- مُخَارِقُ بْنُ عَفَّانَ، الْعَابِدُ. مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 380- مخلد بن الضّحّاك4، الشّيبانيّ، البصريّ.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 230"، الجرح والتعديل "8/ 102"، الثقات لابن حبان "9/ 33". 2 الطبقات الكبرى "9/ 447"، التاريخ الكبير "1/ 257"، الجرح والتعديل "8/ 115-116"، التهذيب "9/ 498". 3 الجرح والتعديل "8/ 127". 4 التاريخ الكبير "1/ 437"، الجرح والتعديل "8/ 348"، تهذيب التهذيب "10/ 75".

عن: الزّبير بن عبيد، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، وَيُونُسُ الْمُؤَدِّبُ. تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ وَفَاةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. 381- مُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ الْيَشْكُرِيُّ1، وَيُقَالُ: العدويّ، البصريّ. عن: أيوب السّختيانيّ، وحنظلة السَّدُوسِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، وَشَبَّابَةُ، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وَطَائِفَةٌ. وَهُوَ صَاحِبُ التَّعْبِيرِ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. وَعَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا، فَلَيَّنَهُ بَعْضُهُمْ. قَالَ عَبَّاسُ بن محمد، عن ابن معين: مرجا بن رجاء ضعيف، ومرجّا بْنُ وَدَاعٍ: ضَعِيفٌ، إِلا أَنَّ ابْنَ رَجَاءٍ أَصْلَحُ. 382- مِسْكِينُ بْنُ دِينَارٍ2، أَبُو هُرَيْرَةَ التَّيْمِيُّ، الشَّقَرِيُّ، الْكُوفِيُّ. عَنْ: مُجَاهِدٍ، وَأَبِي عَمْرٍو نَشِيطٍ الْمُنَبِّهِيِّ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَعُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ. صَدُوقٌ. * مُسْلِمُ بْنُ قَعْنَبٍ. وَالِدُ الْقَعْنَبِيِّ. سَيَأْتِي. 383- مِسْوَرُ بْنُ الصَّلْتِ3. حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: أَبِي جَعْفَرٍ محمد بن عليّ، ومحمد بن المنكدر.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 62"، الجرح والتعديل "8/ 412"، تهذيب التهذيب "10/ 83-84". 2 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 151"، الجرح والتعديل "8/ 328-329". 3 التاريخ الكبير "7/ 411"، الجرح والتعديل "8/ 298"، ميزان الاعتدال "4/ 114".

وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ. ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ مَعِينٍ. 384- مِسْوَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ1 بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ، الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَنَبِيهِ بْنِ وَهْبٍ، وَيَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَشْهَبُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. 385- مُصَادُ بْنُ عُقْبَةَ2. عَنْ: أَبِي الزُّبَيْرِ، وَزِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، وَعُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَوْصِلِيُّ. 386- مَطَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3، الْبَصْرِيُّ، الأَعْنَقُ. عَنْ: أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ: الطَّيَالِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحِلُّهُ الصِّدْقُ. 387- مُطِيعُ بْنُ إِيَاسٍ، اللَّيْثِيُّ4. شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، بَدِيعُ الْقَوْلِ، وَفَدَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، ثُمَّ صَحِبَ الْمَنْصُورَ وَابْنَهُ الْمَهْدِيَّ. وَكَانَ مَازِحًا مَاجِنًا بحيث إنّه اتّهم بالزّندقة. وهو القائل: وما زال بِي حُبَّيْكَ حَتَّى كَأَنَّنِي ... بِرَجْعِ جَوَابِ السَّائِلِي عَنْكَ أَعْجَمُ لا سَلِمَ مِنْ قَوْلِ الْوُشَاةِ وَسَلْمَى ... سَلِمْتِ، وَهَلْ حَيٌّ مِنَ النَّاسِ يَسْلَمُ

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 411"، الجرح والتعديل "8/ 298"، تهذيب التهذيب "10/ 151". 2 الجرح والتعديل "8/ 440-441"، الثقات لابن حبان "7/ 497". 3 التاريخ الكبير "7/ 401"، الجرح والتعديل "8/ 288"، تهذيب التهذيب "10/ 169". 4 الأغاني 13/ 275-335"، تاريخ بغداد "13/ 225-226".

رَوَى صَاحِبُ الأَغَانِي، عَنْ حَمَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُطِيعُ بْنُ إِيَاسٍ مُنْقَطِعًا إِلَى جَعْفَرِ بْنِ الْمَنْصُورِ، فَطَالَتْ صُحْبَتُهُ له بِقِلَّةِ فَائِدَةٍ، فَاجْتَمَعَ مُطِيعٌ يَوْمًا وَحَمَّادُ عَجْرَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ زِيَادٍ، فَتَذَاكَرُوا أَيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَثْرَةَ مَا أَفَادُوا مِنْهَا، وَحُسْنَ مَمْلَكَتِهِمْ وَطِيبَ دَارِهِمْ بِالشَّامِ، وَمَا هُمْ فِيهِ بِبَغْدَادَ مِنَ الْقَحْطِ فِي دَوْلَةِ الْمَنْصُورِ، وَشِدَّةِ الْحَرِّ، وَخُشُونَةِ الْعَيْشِ، وَشَكُوا الْفَقْرَ فَأَكْثَرُوا، فَقَالَ مُطِيعُ بْنُ إِيَاسٍ فِي ذَلِكَ: حَبَّذَا عَيْشُنَا الَّذِي زَالَ عَنَّا ... حَبَّذَا ذَاكَ حِينَ لا حَبَّذَا ذَا أين هذا من ذاك؟ سقيًا لهذا ... ك ولسنا نقول: سقيًا لهذا زاد هذا الزَّمَانُ شَرَّا وَعُسْرًا ... عِنْدَنَا إِذْ أَحَلَّنَا بَغْذَاذَا بلدة تمطر التراب على النا ... س كَمَا تُمْطِرُ السَّمَاءَ الرَّذَاذَا خَرِبَتْ عَاجِلا وَأَجْدَبَ ذو العر ... ش بِأَعْمَالِ أَهْلِهَا كَلْوَاذَا يُقَالُ: مَاتَ مُطِيعُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 388- مُطِيعُ بْنُ مَيْمُونٍ1، الْعَنْبَرِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -د. ن. عَنْ: صَفِيَّةَ بِنْتِ عِصْمَةَ فِي الْخِضَابِ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ حَدِيثَانِ غَيْرُ مَحْفُوظَيْنِ. 389- مُعَارِكُ بْنُ عَبَّادٍ2، الْعَبْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -ت. عَنْ: عَبْدِ الله بن الفضل العاشميّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بن إبراهيم، وحجّاج بن نضير، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وَقُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ.

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 130"، تهذيب التهذيب "10/ 182-183". 2 التاريخ الكبير "8/ 28"، الجرح والتعديل "8/ 371-372"، ميزان الاعتدال "4/ 133"، التهذيب "10/ 198".

390- مَعَاوِيَةُ بْنُ سَلامِ بْنِ أَبِي سَلامٍ مَمْطُورٍ الْحَبَشِيِّ1، ثُمَّ الشَّامِيُّ. -ع. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ سَلامٍ. وَيُقَالُ: لَحِقَ جَدَّهُ، وَرَوَى أَيْضًا عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْحَرِيرِيُّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَآخَرُونَ. كَانَ يَكُونُ بِحِمْصَ، ثُمَّ سَكَنَ دِمَشْقَ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: أَعُدُّهُ مُحَدِّثَ أَهْلِ الشَّامِ فِي زَمَانِهِ. وَفِي نُسْخَةِ أَبِي مُسْهِرٍ: نَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ، سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا سَلامٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا مُرْسَلا. أَبُو زُرْعَةَ: نَا أَبُو مُسْهِرٍ: قُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ سَلامٍ: لِمَنِ الْوَلاءُ عَلَيْكَ؟ فَغَضِبَ -أَيْ أَنَّهُ عَرَبِيٌّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، ابن مَعِينٍ قَالَ: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ عَلَى يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ، فَأَعْطَاهُ كِتَابًا فِيهِ أَحَادِيثُ زَيْدِ بْنِ سَلامٍ، وَلَمْ يَقْرَأْهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ. قُلْتُ: الْمُعْطِي هُوَ مُعَاوِيَةُ لِيَحْيَى، يَعْنِي فَحَمَلَهُ يَحْيَى مُنَاوَلَةً. بَقِيَ يَحْيَى إِلَى حُدُودِ سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى أَدْرَكَهُ. 391- مَعْرُوفُ بْنُ مُشْكَانَ2، أَبُو الْوَلِيدِ، الْمَكِّيُّ، الْمُقْرِئُ. –ق. وُلِدَ سَنَةَ مِائَةٍ، وَقِيلَ: قَبْلَهَا. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ كَثِيرٍ، وَرَوَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد الله القسط.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 335"، الجرح والتعديل "8/ 383"، تهذيب التهذيب "10/ 208-209". 2 التاريخ الكبير "7/ 414"، الجرح والتعديل "8/ 322"، تهذيب التهذيب "10/ 232-233".

وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْمَخْزُومِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ ثَبْتٌ في القراءة، أمّا في الحديث فقلّ ما رَوَى. أَخْرَجَ لَهُ ابْنُ مَاجَهْ حَدِيثًا وَاحِدًا. وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو الإِخْرِيطِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاضِحٍ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 392- مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيُّ1، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، مَوْلَى بَنِي عَبْسٍ. -م. د. ت. عَنْ: عَطَاءٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَنَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، وَزَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ، وَسَعِيدِ بْنِ حَفْصٍ النُّفَيْلِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَلابْنِ مَعِينٍ فِيهِ قَوْلانِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. * مُعَلَّى بْنُ راشد النّبّال. سيأتي. 393- المغيرة بن حبيب بْنُ ثَابِتِ2 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْعَوَّامُ، الأَسَدِيُّ، الْمَدَنِيُّ. أَحَدُ الأَشْرَافِ، وَفَدَ عَلَى الْمَهْدِيِّ وَمَعَهُ أَخُوهُ فَأَكْرَمَهُمَا، فَاخْتَصَّ الْمُغِيرَةُ بِالْمَهْدِيِّ وأحبّه.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 393، 394"، الجرح والتعديل "8/ 286"، تهذيب التهذيب "10/ 234". 2 تاريخ بغداد "194-195".

قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَعْطَاهُ الْمَهْدِيُّ أَمْوَالا عَظِيمَةً، بِحَيْثُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ مَرَّةً ثَلاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَسَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ، فَأَصْدَقَهَا عَنْهُ الْمَهْدِيُّ مَكُّوكَ لُؤْلُؤٍ. 394- الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ1، الْبَصْرِيُّ، أَبُو مَالِكٍ، أَخُو مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ. -د. ت. ق. رَوَى عَنْ: بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وَحَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَدِّبِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ هُوَ بِذَاكَ. 395- الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ2، الضَّبِّيُّ، الْكُوفِيُّ، الْمُقْرِئُ. قرأ على عاصم. قرأ عليه: أو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ، وَجَبَلَةُ بْنُ مَالِكٍ الْبَصْرِيُّ. وَحَدَّث عَنْ: سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ. وَقِيلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ. حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو كَامِلٍ الْفُضَيْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَحْدَرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ إِخْبَارِيًّا عَلامَةً، مُوَثَّقًا. قُلْتُ: وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي عَصْرِهِ فِي الْقِرَاءَةِ، أَخَذَ عَنْهُ الْكِسَائِيُّ. وَأَمَّا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فَقَالَ: مَتْرُوكُ الْقِرَاءَةِ وَالْحَدِيثِ.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 405"، الجرح والتعديل "8/ 317"، تهذيب التهذيب "10/ 273". 2 الجرح والتعديل "8/ 318"، الأغاني "18/ 37".

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ فِي الأَشْعَارِ، غَيْرُ ثِقَةٍ فِي الْحُرُوفِ. قُلْتُ: بَلْ قراءته حسنة قَوِيَّةٌ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَفِيهِ لِينٌ. وَقَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَفِيهِ يَقُولُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عِنْدَمَا بَلَغَهُ مَوْتُهُ أَوِ الَّذِي يَلِيهِ: نَعَى لِي رِجَالٌ، وَالْمُفَضَّلُ منهم ... وكيف تقر العين بعد المفضل؟ 396- مفضل بن مهلهل السعدي1، أبو عبد الرحمن الكوفي، أحد الأعلام. - م. ت. ق. عن: بيان بن بشر، منصور، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْبَجَلِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتًا، صَاحِبَ سُنَّةٍ وَفَضْلٍ، وَفِقْهٍ. وَلَمَّا مَاتَ الثَّوْرِيُّ مَضَى أَصْحَابُهُ إِلَى الْمُفَضَّلِ فَقَالُوا: تَجْلِسُ لَنَا مَكَانَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: رأيت صاحبكم يحمد مجلسه، وأبى أَنْ يَجْلِسَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ ثِقَةٌ، مِنْ أَقْرَانِ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: ذَاكَ الرَّاهِبُ. يَعْنِي ابْنَ الْمُهَلْهَلِ. قَدِمَ الْيَمَنَ مَعَ سُفْيَانَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: خَرَجَ مَعَ سُفْيَانَ مضاربًا. ووثّقه جماعة. وقال ابن حيّان: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الْخُشْنِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- مِمَّنْ يُفَضَّلُ عَلَى الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَنْجَوَيْهِ: مَاتَ سنة سبع وستين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 406"، الجرح والتعديل "8/ 316"، تهذيب التهذيب "10/ 275-276".

* الْمُفَضَّلُ بْنُ لاحِقٍ: هُوَ أَقْدَمُ مِنْ هَؤُلاءِ، مَرَّ. * الْمُفَضَّلُ بْنُ يُونُسَ الْكُوفِيُّ: سَيَأْتِي. 397- مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ1، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الْعَنَزِيُّ، الْكُوفِيُّ، أَخُو حِبَّانَ بْنِ عَلِيٍّ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ مُغَلِّسٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنٌ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: جَائِزُ الْحَدِيثِ، يَتَشَيَّعُ. وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: مِنْدَلٌ وَحِبَّانُ مَا بِهِمَا بَأْسٌ. وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْكُوفَةَ فَلَمْ أَرَ أَوْرَعَ مِنْ مَنْدَلِ بْنِ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَعَنْ وَضَّاحِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: احْتُضِرَ مِنْدَلٌ فَقَالَ لِأَخِيهِ حِبَّانَ: تَتَحَمَّلُ عَنِّي دُيُونِي؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، وَذُنُوبَكَ. وَكَانَ حِبَّانُ فَصِيحًا مُفَوَّهًا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ: كَانَ يُقَالُ: اسْمُ مَنْدَلٍ عَمْرٌو فَمَاتَ فَرَثَاهُ أَخُوهُ فَقَالَ: عَجَبًا يَا عَمْرُو مِنْ غَفْلَتِنَا ... وَالْمَنَايَا مقبلات عنقا قاصدات نحونا مسرعة ... يتحلّلن إلينا الطُّرُقَا فَإِذَا أَذْكُرُ فِقْدَانَ أَخِي ... أَتَقَلَّبُ فِي فِرَاشِي أَرَقَا وَأَخِي وَأَيُّ أَخٍ مِثْلُ أَخِي ... قد جرى في كلّ خير سبقا

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 381"، التاريخ الكبير "8/ 73"، الجرح والتعديل "8/ 434-435"، التهذيب "10/ 298-299".

مَاتَ مِنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ فِي رَمَضَانَ. 398- مُوسَى بْنُ خَلَفٍ الْعَمِّيُّ1، الْبَصْرِيُّ. –د. ن. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَعَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ خَلَفٌ، وَعَفَّانُ، وَعَبْدُ السَّلامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عَفَّانُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ أَحَدًا قَطُّ، كَانَ يُعَدُّ مِنَ الْبُدَلاءِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَكْثَرَ مِنَ الْمَنَاكِيرِ. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. قُلْتُ: قَدْ أَخَرَجَ لَهُ النَّسَائِيُّ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَهُوَ مِمَّنْ يُجْمَعُ حَدِيثُهُ. مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 399- مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ2 بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْمِصْرِيُّ. لَهُ عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ. وَكَانَ مِنْ أَطْلَبِ النَّاسِ لِلْعِلْمِ فِي زَمَانِهِ، وَلَكِنْ مَاتَ كَهْلا عَنْ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 400- مُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحِ بْنِ نُصَيْرٍ3، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، اللَّخْمِيُّ. -م. ع. عَنْ: أَبِيهِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبي حَبِيبٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ اللَّيْثُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وعبد الرحمن بن مهديّ،

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 282"، الجرح والتعديل "8/ 140"، تهذيب التهذيب "10/ 341-342". 2 التاريخ الكبير "7/ 284"، ميزان الاعتدال "4/ 206"، تهذيب التهذيب "10/ 346". 3 الطبقات الكبرى "7/ 515"، التاريخ الكبير "7/ 289"، الجرح والتعديل "8/ 123"، التهذيب "10/ 363-364".

وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَوْتًا الْقَاسِمُ بْنُ هَانِئٍ الْمِصْرِيُّ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. وَكَانَ أَحَدَ الْعُبَّادِ الْعُلَمَاءِ، وَلَهُ رِئَاسَةٌ وَسُؤْدُدٌ، وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ دِيَارِ مِصْرَ لِلْمَنْصُورِ ستّ سنين وشهرين. وكان ابن بنت مالك الْبَرْبَرِ، اعْتُبِرَ مَوْلِدُهُ بِإِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ تِسْعِينَ. قَالَ اللَّيْثُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لا أَجْعَلُ فِي حِلٍّ من يقول: موسى بن عليّ، مُصَغَّرٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ يُتْقِنُ حَدِيثَهُ، لا يَزِيدُ فِيهِ وَلا يَنْقُصُ. قَالَ: وَكَانَ وَالِيًا عَلَى مِصْرَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ السَّوَادَ، فَقُلْتُ: لِمَ وَلِيتَ مِصْرَ؟ قَالَ: أَكْرَهَنِي الْمَنْصُورُ، وَمَا فَرَقْتُ أَحَدًا كَفَرَقِي إِيَّاهُ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِهِ: كَانَ مُوسَى يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَفَدَ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَكَانَ أول قدومه مِصْرَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ. وَعَنْ طَلْقِ بْنِ السَّمْحِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَنَا مُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: مَوْلِدُ مُوسَى سَنَةَ تسعٍ وَثَمَانِينَ. قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا حَدِيثُهُ عَالِيًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ التَّمِيمِيُّ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أَنَا المؤيَّد بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْفَقِيهُ، أَنَا عمر ابن مَسْرُورٍ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ، نَا مُحَمَّدُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، نَا رَوْحُ بْنُ صَلاحٍ، نَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن عبد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَسَدُ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ أَتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَقَامَ بِهِ، وَأَحَلَّ حَلالَهُ، وحرَّم حَرَامَهُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا، فَوَصَلَ مِنْهُ أَقْرِبَاءَهُ وَرَحِمَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ، تَمَنَّى أَنْ تَكُونَ مِثْلَهُ، وَمَنْ يَكُنْ فِيهِ أربع فلا تنكره، ما رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الدُّنْيَا: حُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعَفَافٍ، وَصِدْقُ حديث، وحفظ أمانة" 1.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "7529"، ومسلم "815"، والترمذي "1936"، وابن ماجه "4029"، وأحمد في المسند "2/ 36، 88، 133"، والحميدي "617"، وابن حبان في صحيحه "125، 126"، من طرق ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- به مختصرًا.

قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّ مُوسَى مَاتَ سَنَةَ ثلاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 401- مُوسَى الْهَادِي، الْخَلِيفَةُ1. أَبُو مُحَمَّدٍ، مُوسَى بْنُ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ عبد الله بن محمد عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، الْعَبَّاسِيُّ. جَعَلَهُ أَبُوهُ وليَّ الْعَهْدِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهُ انْعَقَدَ الاتِّفَاقُ عَلَى خِلافَتِهِ، وَكَانَ بِجُرْجَانَ، فَأَخَذَ لَهُ الْبَيْعَةَ أَخُوهُ هَارُونُ. مَوْلِدُهُ بِالرَّيِّ سَنَةَ سبعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَكَانَتْ خِلافَتُهُ سَنَةً وَشَهْرًا. وَكَانَ طَوِيلا جَسِيمًا أَبْيَضَ، بِشِفَّتِهِ الْعُلْيَا تقلُّص، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ وَكَّلَ بِهِ فِي الصِّبا خَادِمًا، كُلَّمَا رَآهُ مَفْتُوحَ الْفَمِ قَالَ: مُوسَى أَطْبِقْ، فَيَفِيقُ عَلَى نَفْسِهِ ويضمّ شفته. فَعَنْ مُصْعَبٍ الزُّبيريّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلَ مَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ شَاعِرُ وَقْتِهِ عَلَى الْهَادِي، فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَةً يَقُولُ فِيهَا: تَشَابَهَ يَوْمًا بَأْسُهُ وَنَوَالُهُ ... فَمَا أَحَدٌ يَدْرِي لِأَيِّهِمَا الْفَضْلُ فقال له: أيّما أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ ثَلاثُونَ أَلْفًا مُعَجَّلَةً، أَوْ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ تَدُورُ فِي الدَّوَاوِينِ؟ قَالَ: تعجِّل الثَّلاثُونَ أَلْفًا، وَتَدُورُ الْمِائَةُ أَلْفٍ، قَالَ: بَلْ تعجَّلان لَكَ جَمِيعًا. قَالَ نِفْطَوَيْهِ: قِيلَ: إِنَّ مُوسَى الْهَادِي قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيِّ: إِنْ أَطْرَبْتَنِي فَاحْتَكِمْ مَا شِئْتَ، فغنَّاه: سُلَيْمَى أَزْمَعَتْ بَيْنَا ... فَأَيْنَ لِقَاؤُهَا أَيْنَا؟ الأَبْيَاتَ. فَأَعْطَاهُ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ درهم.

_ 1 نسب قريش "54، 89، 242، 270، 315، 331"، سير أعلام النبلاء 7/ 441-444"، البداية والنهاية "10/ 131-133".

قُلْتُ: كَانَ يَتَنَاوَلُ الْمُسْكِرَ وَيَلْعَبُ، وَيَرْكَبُ حِمَارًا فَارِهًا، وَلا يُقِيمُ أبَّهة الْخِلافَةِ، وَكَانَ فَصِيحًا قَادِرًا عَلَى الْكَلامِ، أَدِيبًا، تَعْلُوهُ هَيْبَةٌ، وَلَهُ سَطْوَةٌ وَشَهَامَةٌ. قَالَ الثَّعَالِبِيُّ فِي كِتَابِ لِطَائِفِ الْمَعَارِفِ: مُوسَى أَطْبِقْ، هُوَ الْهَادِي. قُلْتُ: مَاتَ فِي رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وسنُّه ثَلاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَقَدْ مَرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ، وَقَامَ بَعْدَهُ الرَّشِيدُ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ دَفَعَ نَدِيمًا مِنْ جُرْفٍ عَلَى أُصُولِ قَصَبٍ قَدْ قُطِعَ، فَعَلِقَ النَّدِيمُ بِهِ فَوَقَعَ، فَدَخَلَتْ قَصَبَةٌ فِي مَخْرَجِهِ، فَكَانَتْ سَبَبَ مَوْتِهِ، فَمَاتَا جَمِيعًا. 402- مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ1، الْكُوفِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، وَغَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَذَّابٌ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: ضَعِيفٌ. قَالَ أَبُو حِبَّانَ: صَاحِبُ مَنَاكِيرَ، لا يَشُكُّ الْمُسْتَمِعُ لَهَا أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ إِذَا كَانَ الشَّأْنُ صِنَاعَتَهُ. مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "يَأْتِي زَمَانٌ يَجِدُ الرَّجُلُ نَعْلَ الْقُرَشِيِّ فيقبِّلها وَيَبْكِي"2. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، نَا مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "عاقلي هَذِهِ الأُمَّةِ رَجُلانِ مِنْ مَدِينَةٍ يَنْزِلانِ جَبَلا مِنْ جِبَالِ الْعَرَبِ يُقَالُ لَهُ: وَرْقَانُ، يَجِدَانِ فيه عيشًا ومرعى فيمكثان عشرين سنة،

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 162"، ميزان الاعتدال "4/ 223". 2 "حديث موضوع": وفيه صاحب الترجمة وقد تقدم الكلام عليه وقد أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 242".

وَيُحْشَرُ النَّاسُ إِلَى الشَّامِ وَهُمَا لا يَعْلَمَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا عَهْدُكَ بِالنَّاسِ؟ فَيَقُولُ: كَعَهْدِكَ، فَيُنْزِلانِ مَعَهُمَا غَنَمَهُمَا، فَإِذَا انْتَهَيَا إِلَى أَوَّلِ مَاءٍ يَجِدَانِ الإِبِلَ وَالْغَنَمَ معطَّلة، لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَفِيهَا السِّباع، فَيَقُولانِ: لَقَدْ حَدَثَ أَمْرٌ فَاذْهَبْ بِنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيَتَوَجَّهَانِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ، لا يَمُرَّانِ بِمَاءٍ إِلا وَجَدَاهُ كَذَلِكَ، فَيَأْتِيَانِ مَسْجِدِي، فَيَجِدَانِ الثَّعَالِبَ تَخْتَرِقُ فِيهِ، فَيَقُولانِ: الناس ببقيع المصلَّى، فإذا انتهينا إليه لا يجد أحدًا، فكأني أنظر إليهما وَهُمَا يَحْثُوَانِ التُّرَابَ فِي وُجُوهَ الْغَنَمِ لِيَصْرِفَانِهَا عَنْهُمَا، فَلا تَنْصَرِفُ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِمَا، مَلَكَانِ فَيَسْحَبَانِهِمَا إِلَى الشَّامِ سَحْبًا.... الْحَدِيثَ"1. "حَرْفُ النُّونِ": 403- نَافِعُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَمِيلٍ الْقُرَشِيُّ2، الْجُمَحِيُّ، الْمَكِّيُّ. -ع. سَمِعَ: سَعِيدَ بن أبي هند، وابن أبي مليكة، وعمرو بْنَ دِينَارٍ، وَغَيْرَهُمْ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَسَعِيدُ بن أبي مريم، وداود بن عمرو الضَّبّيّ، وَمُحَيْرِزُ بْنُ سَلَمَةَ الْعَدَنِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَبْتٌ ثَبْتٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 404- نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ3. أَحَدُ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ الأَعْلامِ، أَبُو رُوَيْمٍ، وَيُقَالُ: أَبُو الْحَسَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: أَبُو نُعَيْمٍ، مَوْلَى جَعْوَنَةَ بْنِ شَعُوبٍ اللَّيثي، حَلِيفِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وقيل: جعونة حليف العبّاس.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 163-164"، وفيه صاحب الترجمة وهو كذاب. 2 الطبقات الكبرى "5/ 494"، التاريخ الكبير "8/ 86"، الجرح والتعديل "8/ 456"، التهذيب "10/ 409". 3 التاريخ الكبير "8/ 87"، الجرح والتعديل "8/ 456-457"، الثقات لابن حبان "7/ 532"، التهذيب "10/ 407-408".

وَأَصْلُ نَافِعٍ مِنْ أَصْبَهَانَ، وَدَارُهُ الْمَدِينَةُ النَّبَوِيَّةُ. قَالَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَرَأْتُ عَلَى سَبْعِينَ مِنَ التَّابِعِينَ. وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: جَالَسْتُ نَافِعَ بْنَ أَبِي نُعَيْمٍ، وَكَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ الْفُقَهَاءِ الْعُبَّادِ. قُلْتُ: قَرَأَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ، وَمُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ الْهُذَلِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ رُومَانَ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ وَأَخَذَ هَؤُلاءِ عَنْ أَصْحَابِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَزَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كِتَابِ طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ. وَالَّذِي وَضَحَ لِي أَنَّ هَؤُلاءِ الْخَمْسَةَ قَرَأُوا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ مُقْرِئِ الْمَدِينَةِ، وَتِلْمِيذِ أُبَيٍّ. وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَرَأُوا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: إِنَّ مُسْلِمَ بْنَ جُنْدُبٍ قَرَأَ عَلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَعَلِيِّ بْنِ عُمَرَ. قَالَ الْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ: كَانَ نَافِعٌ معمَّرًا، أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَلَى النَّاسِ فِي سَنَةِ خمسٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ مَالِكٌ: نَافِعٌ إِمَامُ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: قِرَاءَةُ نَافِعٍ سنَّة. وَرَوَى المسيِّبيّ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ أَدْرَكَ عدَّةً مِنَ التَّابِعِينَ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى مَا اجتمع عليه اثنان منهم فَأَخَذْتُهُ، وَمَا شذَّ فِيهِ وَاحِدٌ تَرَكْتُهُ، حَتَّى أَلَّفْتُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ. وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ كَانَ يُوجَدُ مَنْ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَفَلَ فِي فيَّ. قَالَ اللَّيث بْنُ سَعْدٍ: حَجَجْتُ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَإِمَامُ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالْمَدِينَةِ نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ. قُلْتُ: رَأَسَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ شُيُوخِهِ الْخَمْسَةِ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَنِ الأَعْرَجِ، وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَالِ فِي الْحَدِيثِ. قَرَأَ عَلَيْهِ خَلْقٌ، مِنْهُمْ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَوَرْشٌ، وَقَالُونُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ المسيّبيّ.

وَحَدَّثَ عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وليَّنه أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقِيلَ: إِنَّ نَافِعًا كَانَ أَسْوَدَ بَصَّاصًا، وَكَانَ طَيِّبَ الأَخْلاقِ، فِيهِ مِزَاحٌ. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ فَقَالَ: لَهُ عَنِ الأَعْرَجِ نُسْخَةٌ نَحْوُ مِائَةِ حَدِيثٍ، وَلَهُ نُسْخَةٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي الزِّناد، عَنِ الأَعْرَجِ، وَلَهُ مِنَ التَّفَارِيقِ قَدْرَ خَمْسِينَ حَدِيثًا، وَلَمْ أَرَ لَهُ شَيْئًا مُنْكَرًا. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 405- نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ الْكَلاعِيُّ الْمِصْرِيُّ1، أَبُو يَزِيدَ. -م. د. ن. ق. عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَعُقَيْلِ بْنِ يُونُسَ، وَعُقَيْلٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْحَافِظُ: كَانَ مِنْ ثِقَاتِ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 406- نَافِعٌ، أَبُو هُرْمُزَ الْبَصْرِيُّ2، الْجَمَّالُ، مَوْلَى بَنِي سُلَيْمٍ. يُقَالُ: اسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ. رَوَى عَنْ: أنس، وعن عطاء بن أبي رباح.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 86"، الجرح والتعديل "8/ 458"، تهذيب التهذيب "10/ 412". 2 الجرح والتعديل "8/ 455-456"، المجروحين "3/ 57-59"، ميزان الاعتدال "4/ 243-244".

وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وحَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَوَى عَنْ عَطَاءٍ نُسْخَةً مَوْضُوعَةً. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ، نَا نافع أبو هرمز، عن أنس مرفوعًا: "آلُ مُحَمَّدٍ كُلٌّ تَقِيٌّ"1، وَبِهِ مَرْفُوعًا: "اعْمَلْ لوجهٍ وَاحِدٍ يَكْفِيكَ الْوُجُوهَ كُلَّهَا"2. * نَجِيحٌ، أَبُو مَعْشَرٍ. يَأْتِي بِالْكُنْيَةِ. 407- نَصْرُ بْنُ حَرْبٍ المهلَّبيّ، الأَمِيرُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 408- نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ3، أَبُو جَزْءٍ، الْبَاهِلِيُّ، الْبَصْرِيُّ. عَنْ: قَتَادَةَ، وَمَنْصُورٍ، وَأَيُّوبَ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: عِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَطَائِفَةٌ. مُجْمَعٌ عَلَى تَرْكِهِ، وَقَدِ اتُّهِمَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: سَكَتُوا عَنْهُ، يعني أهملوه. مات سنة سبعين ومائة.

_ 1 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه تمام في الفوائد "2/ 239"، والعقيلي في الضعفاء "435"، وضعفه جدًّا الشيخ الألباني في الضعيفة "1304". 2 حديث ضعيف جدًّا: أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2513"، وضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة "823". 3 الطبقات الكبرى "7/ 285"، التاريخ الكبير "8/ 105"، الجرح والتعديل "8/ 466-468"، ميزان الاعتدال "4/ 251-252".

409- النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ1، الْبَاهِلِيُّ، مَوْلاهُمُ الْجَزَرِيُّ، الْحَرَّانِيُّ، أَبُو رَوْحٍ. -د. ت- وَقِيلَ: أَبُو عَمْرٍو. رأى أبا الطُّفيل. وروى عن: مجاهد، وعمر بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وعكرمة، ومكحول، ونافع، وغيرهم. وعنه: الثَّوريّ، وأبو أسامة، ووكيع، وأبو صالح عبد الغفار بن داود، ويحيى الوحاظيّ، وأبو جعفر النُّفيليّ، وجماعة. وثّقه ابن معين. وقال أحمد: ما أرى به بأسا. وقال عمرو بن خالد الحراني: نَا النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ بِمَكَّةَ عَلَى أَبِي الطُّفيل، فَمَسَسْتُ جِلْدَهُ، فَكَانَ أَلْيَنَ شَيْءٍ. وَقَالَ النُّفيليّ: مَاتَ النَّضر سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 410- نَهْشَلُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيّ2 –ق. عَنِ: الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَرَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ حَبِيبٍ الْفَرَّاءُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ. قَالَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ: كَذَّابٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: متروك.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 89"، الجرح والتعديل "8/ 475"، تهذيب التهذيب "10/ 442-443". 2 الطبقات الكبرى "2/ 372"، التاريخ الكبير "8/ 115"، الجرح والتعديل "8/ 496"، تهذيب التهذيب "10/ 479".

"حرف الْهَاءِ": 411- هَارُونُ بْنُ كَثِيرٍ1. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِفَضَائِلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً2. رَوَاهُ عَنْ سَلامٍ الطَّوِيلِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ الْحَكَمِ الْغُزِّيِّ، وَهُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ، وَلا يُعْرَفُ هَارُونُ، وَلَعَلَّهُ الآفَةُ. 412- هَارُونُ بْنُ مُوسَى النَّحْوِيُّ3، أَبُو عبد الله، الأزديّ، مولاهم، البصريّ، الأعور. -خ. م- صاحب القراءة وَالْعَرَبِيَّةِ. كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ، وَاشْتَغَلَ وَبَرَعَ وَسَادَ. روى عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَثَابِتٍ، وَبُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ، وَطَائِفَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ. وَعَنْهُ: جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، وَبَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وحيّان بْنُ هِلالٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَالتَّبُوذَكِيُّ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ الأَصْمَعِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَكَانَ رَأْسًا فِي النَّحْوِ، وَالْقِرَاءَةِ. رَوَى أَنَّ رَجُلا نَاظَرَهُ يَوْمًا فَقَطَعَهُ هَارُونُ، فَتَحَيَّرَ الرَّجُلُ مَاذَا يَقُولُ، فَقَالَ: أَنْتَ كُنْتَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمْتَ، فَقَالَ: فَبِئْسَ مَا صَنَعْتَ، فَقَطَعَهُ أَيْضًا. وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عبد الله بن أبي إِسْحَاقَ. رَوَى قِرَاءَةَ ابْنِ كَثِيرٍ عَنْهُ، وَتَصدَّرَ لِلإِقْرَاءِ. 413- هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ4، الْبَجَلِيُّ، الْكُوفِيُّ. -ع- أحد الأثبات.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 226"، الجرح والتعديل "9/ 94"، ميزان الاعتدال "4/ 286". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 239-240". 3 التاريخ الكبير "8/ 222-223"، الجرح والتعديل "9/ 94-95"، تهذيب التهذيب "2/ 313". 4 التاريخ الكبير "8/ 244"، الجرح والتعديل "9/ 117"، تهذيب التهذيب "11/ 30".

عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمَنْصُورٍ الأَعْمَشِ، وَبَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَإِسْحَاقُ السَّلُولِيُّ، وَأُسَيْدٌ الْجَمَّالُ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 414- هُذَيْلُ بْنُ بِلالٍ الْفَزَارِيُّ1، الْمَدَائِنِيُّ. رَأَى زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ. وَرَوَى عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيَّانِ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَآخَرُونَ. قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. 415- الْهُذَيْلُ بْنُ الْحَكَمِ2، أَبُو الْمُنْذِرِ، الأَزْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ. وَعَنْهُ: مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 416- هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ3، الْبَصْرِيُّ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. -ت. ق. رَوَى عَنْ: أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ، وَالْحَسَنِ، ومحمد بن كعب القرظي، وعمر بن عبد العزيز، وجماعة. وعنه: وكيع، وزيد بن الحباب، وعثمان بن الهيثم، وعبيد الله القواريري، وشيبان بن فروخ، وعدّة. ضعّفه أحمد، والناس.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 245"، الجرح والتعديل "9/ 113"، ميزان الاعتدال "4/ 294". 2 الجرح والتعديل "9/ 113"، ميزان الاعتدال "4/ 294-295"، تهذيب التهذيب "11/ 26". 3 التاريخ الكبير "8/ 199-200"، الجرح والتعديل "9/ 58"، تهذيب التهذيب "11/ 38-39".

وقال النسائي، وغيره: متروك. وقال ابن حبان: كان يروي الموضوعات عَنِ الثِّقَاتِ. * هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَارَّةِ. 417- هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى بْنِ دِينَارٍ1، الْحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، الْعَوْذِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ، وَقِيلَ: أَبُو بَكْرٍ. عن: الحسن، وعطاء بن أبي رباح، ونافع مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَقَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ، وَجَمَاعَةٍ وَعَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَالْحَوْضِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الْمُقْرِئُ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، وَعَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَوْقِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَفَّانُ، وَحَجَّاجٌ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَانَ أَحَدَ أَرْكَانِ الْحَدِيثِ بِالْبَصْرَةِ. قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ: هُوَ ثَبْتٌ فِي كُلِّ مَشَايِخِهِ. وَأَمَّا يَحْيَى الْقَطَّانُ، فَكَانَ لا يَرْضَى حِفْظَهُ. قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سعيد يتسخف بِهَمَّامٍ، مَا رَأَيْتُ يَحْيَى أَسْوَأَ رَأْيًا فِي أَحَدٍ مِنْهُ فِي حَجَّاجٍ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَهَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُرَاجِعَهُ فِيهِ. قُلْتُ: أَمَّا هَمَّامٌ فَاحْتَجَّ بِهِ أَرْبَابُ الصِّحَاحِ بِلا نِزَاعٍ بَيْنَهُمْ، وَأَمَّا الآخَرَانِ فَبِخِلافِهِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَمَّامٌ ثِقَةٌ، فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ الرَّأْسَ يَقُولُ: سُئِلَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، مَا تَقُولُ فِي هَمَّامٍ؟ فَقَالَ: كِتَابُهُ صَالِحٌ، وحفظه لا يسوى

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 282"، التاريخ الكبير "8/ 237"، الجرح والتعديل "9/ 107-109"، الثقات لابن حبان "7/ 586"، المجروحين لابن حبان "1/ 135-140"، ميزان الاعتدال "4/ 309"، تهذيب التهذيب "11/ 67-70".

شَيْئًا. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: إِذَا حَدَّثَ هَمَّامٌ مِنْ كِتَابِهِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَكَانَ يَحْيَى لا يَرْضَى كِتَابَهُ وَلا حِفْظَهُ، وَلا يُحَدِّثُ عَنْهُ، وَقَدْ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَرْعَرَةَ يَقُولُ لِيَحْيَى: ثَنَا عَفَّانُ، عَنْ هَمَّامٍ. قَالَ: اسْكُتْ، وَيْلَكَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ يَحْيَى يُنْكِرُ عَلَى هَمَّامٍ أَنَّهُ يَزِيدُ فِي الإِسْنَادِ، فَلَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ وَافَقَهُ عَلَى بَعْضِ تِلْكَ الأَحَادِيثِ. عَفَّانُ: كَانَ هَمَّامٌ لا يَكَادُ يَرْجِعُ إِلَى كِتَابِهِ، وَلا يَنْظُرُ فِيهِ، وَكَانَ يُخَالَفُ فِيهِ فَلا يَرْجِعُ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ فَنَظَرَ فِي كُتُبِهِ فَقَالَ: يَا عَفَّانُ، كُنَّا نُخْطِئُ كَثِيرًا فَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى. وَقَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، سَمِعْتُ هَمَّامًا يَقُولُ: مَا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ إِلا وَأَنَا كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُرِيدَ بِهِ اللَّهَ، إِلا هَذَا الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: هَمَّامٌ فِي قَتَادَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: وَسُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ يَزِيدَ، وَهَمَّامٍ، أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: كَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ يَرْوِي عَنْ أَبَانٍ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ، وَأَنَا هَمَّامٌ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَأَبَانٌ ثِقَةٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ هَمَّامٌ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 418- الْهَيْثَمُ بْنُ جَمَّازٍ1، الْبَصْرِيُّ، الْبَكَّاءُ، الْحَنَفِيُّ، وَيُقَالُ: هُوَ كُوفِيٌّ. رَوَى عَنْ: يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعِمْرَانَ الْقَصِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَشُجَاعُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَأَدْهَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وطائفة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 216"، الجرح والتعديل "9/ 81"، ميزان الاعتدال "4/ 319-320".

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْهُ فَقَالَ: تُرِكَ حديثه. وكان أبو حاتم بن حيّان الْبُسْتِيُّ يَقُولُ: كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الْبَكَّائِينَ، يَرْوِي الْمُعْضِلاتِ عَنِ الثِّقَاتِ. وَرَوَى هُشَيْمٌ، عَنِ الْهَيْثَمِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَالَ مَلَكَاهُ: يَا رَبِّ إِلَى أَيْنَ نذهب؟ فيقول: اذهبا إلى قبر عبدي سّحاني وَكَبِّرَانِي، وَاكْتُبَا ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"1. "حَرْفُ الْوَاوِ": 419- وَرْقَاءُ2. –ع. هُوَ الإِمَامُ الثَّبْتُ، أَبُو بِشْرٍ، وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كُلَيْبٍ، الْيَشْكُرِيُّ، الْخُرَاسَانِيُّ الأَصْلِ، الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ الْمَدَائِنِ. عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْمَكِّيِّ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ الأزرق، وشبابة، وأبو الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَقَبِيصَةُ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ. قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سُنَّةٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ، قَالَ لِي شُعْبَةُ: عَلَيْكَ بِوَرْقَاءَ، فَإِنَّكَ لَنْ تَلْقَى مِثْلَهُ حَتَّى تَرْجِعَ. وَقَالَ أَبُو الْمُنْذِرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ: دَخَلْنَا عَلَى وَرْقَاءَ، وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ، وَيَذْكُرُ اللَّهَ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قَالَ لابْنِهِ: اكْفِنِي رَدَّ السَّلامِ، لا تَشْغَلُونِي عَنْ رَبِّي عَزَّ وجلّ.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2561". 2 التاريخ الكبير "8/ 188"، الجرح والتعديل "9/ 50-51"، ميزان الاعتدال "4/ 332"، التهذيب "11/ 113-115".

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ السجستانيّ، عن ورقاء في أبي نجيج فَقَالَ: وَرْقَاءُ صَاحِبُ سُنَّةٍ، إِلا أَنَّهُ فِيهِ إِرْجَاءٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: تَكَلَّمُوا فِي حَدِيثِهِ عَنْ مَنْصُورٍ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ حَدِيثَ مَنْصُورٍ مِنْ وَرْقَاءَ؟ قَالَ: لا يُسَاوِي شَيْئًا. 420- الْوَلِيدُ بْنُ كَامِلٍ1، أَبُو عُبَيْدَةَ الْبَجَلِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْحِمْصِيُّ. -د. تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ، لَهُ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ الْمَازِنِيِّ، وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَنَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَهُ عَجَائِبُ. وَكَنَّاهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ: أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: شَيْخٌ. 421- وُهَيْبٌ2. هُوَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ، وُهَيْبُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَجْلانَ، الْبَاهِلِيُّ، مَوْلاهُمُ، الْبَصْرِيُّ، الْكَنَانِيُّ. أَحَدُ الأَعْلامِ. عَنْ: مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، وَأَبِي حَازِمٍ، وَحُمَيْدٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعُقْبَةَ بْنِ مُوسَى، وَمَنْصُورِ بْنِ صفية، وأيّوب السخيتانيّ، وخيثم بْنِ عِرَاكٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ عُلَيَّةَ، وَعَفَّانُ، وَأَبُو حَازِمٍ، وَمُسْلِمٌ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَخَلْقٌ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ مِنْ أَبْصَرِ أَصْحَابِهِ بِالْحَدِيثِ والرجال.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 152"، الجرح والتعديل "9/ 14"، ميزان الاعتدال "4/ 344"، التهذيب "11/ 147". 2 التاريخ الكبير "8/ 177"، الجرح والتعديل "9/ 34-35"، تهذيب التهذيب "11/ 169-170".

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ شُعْبَةَ أَعْلَمَ بِالرِّجَالِ مِنْهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: سُجِنَ وُهَيْبٌ فَذَهَبَ بَصَرُهُ، وَكَانَ ثِقَةً حُجَّةً، يُمْلِي حِفْظَهُ، وَكَانَ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي تَارِيخِهِ: نَا مُوسَى قَالَ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: إِنَّ وُهَيْبَ بْنَ خَالِدٍ يَزْعُمُ أنّ عليّ بن زيد كَانَ لا يَحْفَظُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: وُهَيْبٌ كَانَ يَقْدِرُ أَنْ يُجَالِسَ عَلِيًّا! إِنَّمَا كَانَ يُجَالِسُ عَلِيًّا وُجُوهُ النَّاسِ. قُلْتُ: صَدَقَ وُهَيْبٌ، وَمَا أَجَابَ حَمَّادٌ بِطَائِلٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: ابْنُ عُلَيَّةَ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَثْبَتُ مِنْ وُهَيْبٍ. قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يَخْتَارُ وُهَيْبًا عَلَى إِسْمَاعِيلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عَاشَ وُهَيْبٌ ثَمَانِيًا وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ الْهَرَوِيِّ: أَنَّ وُهَيْبًا تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْيَاءِ": 422- يَاسِينُ بْنُ مُعَاذٍ الزَّيَّاتُ1، الْكُوفِيُّ، أَبُو خَلَفٍ. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ عِرَابٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ الْجَمَاعَةُ، وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ الْفُقَهَاءِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: كَانَ يُفْتِي برأي أبي حنيفة. وروى الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ الحديث. 423- يحيى بن أزهر2، البصريّ. -د.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 429"، الجرح والتعديل "9/ 312-313"، وميزان الاعتدال "4/ 358". 2 التاريخ الكبير "8/ 262"، الثقات لابن حبان "9/ 251"، تهذيب التهذيب "11/ 176".

عَنْ: عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ، وَحَجَّاجِ بْنِ شَدَّادٍ، وَأَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَإِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْخَوْلانِيُّ. كَانَ عَبْدًا صَالِحًا، لَهُ فَضْلٌ. مَاتَ كَهْلا أَوْ شَابًّا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 424- يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الأَسَدِيُّ1. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَشَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ. 425- يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ الدِّمَشْقِيُّ2. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: الْوَليِدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَعَلِيٌّ الْمَدَائِنِيُّ. صَدُوقٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 426- يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ3. هُوَ عَالِمُ أَهْلِ مِصْرَ، أَبُو الْعَبَّاسِ الْغَافِقِيُّ، الْمِصْرِيُّ، الْمُفْتِي. -ع- رَوَى عَنْ: بُكَيْرِ بْنِ عبد الله بن الأشج، وجعفر بن ربيعة، وأبي قبيل حُيَيِّ بْنِ هَانِئٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وزيد بن الحباب، وأبو عبد

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 259"، الجرح والتعديل "8/ 126"، الثقات لابن حبان "9/ 256". 2 التاريخ الكبير "8/ 261"، الجرح والتعديل "9/ 126"، الثقات لابن حبان "9/ 251". 3 الطبقات الكبرى "7/ 516"، التاريخ الكبير "8/ 260"، الجرح والتعديل "9/ 127-128"، الثقات لابن حبان "7/ 600"، سير أعلام النبلاء "8/ 5-9"، ميزان الاعتدال "4/ 362-364"، تهذيب التهذيب "11/ 186".

الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّه بْن صالح، وسعيد بن عفير، وَغَيْرُهُمْ كَثِيرٌ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ: ابْنُ جريح بِحَدِيثٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَمِمَّنْ حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ، وَأَشْهَبُ، وَيَحْيَى السَّيْلَحِينِيُّ. وَكَانَ أَحَدَ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سَيِّئُ الْحِفْظِ. وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ اضْطِرَابٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي صَدُوقٌ. قُلْتُ: يَنْفَرِدُ بِغَرَائِبَ كَغَيْرِهِ مِنَ الأَئِمَّةِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ أَحَدَ الطَّلابِينَ لِلْعِلْمِ. حَدَّثَ عَنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالْعِرَاقِ. وَحَدَّثَ عَنْهُ الْغُرَبَاءُ بِأَحَادِيثَ لَيْسَتْ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثْتُ مَالِكًا بِحَدِيثٍ حَدَّثَنَا بِهِ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ عنه فقال: كذب، وحدّثت بآخر عنه فقال: كذب. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ دُونَ حَيْوَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ فِي الْحِفْظِ وَالْحَدِيثِ، كَانَ سَيِّئَ الْحِفْظِ. وَذُكِرَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثٌ فِي الْوَتْرِ مِمَّا يَنْفَرِدُ بِهِ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ فَقَالَ: هَأْ مَنْ يَحْتَمِلُ هَذَا؟. قُلْتُ: الْحَدِيثُ عِنْدَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عن عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى من الوتر: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] ، وفي الثانية بـ {يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}

[الْكَافِرُونَ: 1] وَفِي الثَّالِثَةِ بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [النَّاسِ: 1] 1. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ذِكْرُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ لا يَصِحُّ. قُلْتُ: فَهَذَا عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَمَا أَخْرَجَهُ أَرْبَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمِصْرِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ. قُلْتُ: وَضَعَّفَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ. يُقَالُ: كَانَ قَاضِيًا بِمِصْرَ. وَمِنْ غَرَائِبِهِ أَيْضًا: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي ابْنُ جريح، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَلا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلا لِتُخَيِّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارَ النَّارَ" 2. فَهَذَا مَعْرُوفٌ بِيَحْيَى. قُلْتُ: هُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُخْرِجْهُ لِنَكَارَتِهِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 427- يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ3، الْحَضْرَمِيُّ، الْكُوفِيُّ. -ت. عَنْ: أَبِيهِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. فِيهِ ضَعْفٌ، وَسَأُعِيدُ تَرْجَمَتَهُ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ لاختلافهم في وفاته.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "463"، والحاكم في المستدرك "1/ 305، 2/ 520"، والبيهقي في السنن الكبرى "3/ 37-38"، وابن حبان في صحيحه "2432-2448"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي "463". 2 "حديث صحيح لغيره": أخرجه ابن ماجه "254"، الحاكم في المستدرك "1/ 161"، وابن حبان في صحيحه "77"، والبيهقي في شعب الإيمان "2/ 282"، وفي الباب عن ابن عمر، وحذيفة، وجابر، وأبي هريرة، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن ابن ماجه "254". 3 الطبقات الكبرى "6/ 390"، التاريخ الكبير "8/ 277-278"، الجرح والتعديل "9/ 154"، وميزان الاعتدال "4/ 381"، تهذيب التهذيب "11/ 224-225".

ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ وَفَاتَهُ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَهَذَا وَهْمٌ. وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمان وستين. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فِي خِلافَةِ الْهَادِي. وَقَالَ مُطَيَّنٌ الْكُوفِيُّ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 428- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ1، الأَنْصَارِيُّ، الْمَدَنِيُّ، أَبُو قَتَادَةَ. رَوَى عَنْ: يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، وَعَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ الْعُمَرِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالْمُقْرِئُ، وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 429- يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ، الْبَجَلِيُّ2، الرَّازِيُّ، أبو عمرو. -د. ق. أَحَدُ الأَعْلامِ الْجِلَّةِ عَلَى ضَعْفِهِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَبِشْرِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَابْنِ طَاوُسٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، وَمُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَوَكِيعٌ، وَجُبَارَةُ بْنُ المفلّس، ومحمد ابن رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ، وَعِدَّةٌ. وَكَانَ فَصِيحًا مُفَوَّهًا مِنْ نُبَلاءِ الرِّجَالِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَجَمَاعَةٌ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالدُّولابِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابن معين: ليس بثقة.

_ 1 الطبقات الكبرى "9/ 409"، التاريخ الكبير "8/ 285-286"، الجرح والتعديل "9/ 160-161". 2 التاريخ الكبير "8/ 297"، الجرح والتعديل "9/ 179-180"، تهذيب التهذيب "11/ 261-262".

وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّهُ رَوَى عِشْرِينَ حَرْفًا فِي خَلْعِ النَّعْلِ عَلَى الطَّعَامِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِمَّنْ يَنْفَرِدُ عَنِ الثِّقَاتِ بِالأَشْيَاءِ الْمَقْلُوبَاتِ الَّتِي إِذَا سَمِعَهَا مَنِ الْحَدِيثُ صِنَاعَتُهُ، سَبَقَ إِلَى قَلْبِهِ أَنَّهُ كَانَ الْمُتَعَمِّدَ لَهَا، لِذَلِكَ لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ. وَكَانَ وَكِيعٌ شَدِيدَ الْحَمْلِ عَلَيْهِ. حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، نَا عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ، عن صفوان بن سليم، عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَسَّنَ خَلْقي وخُلُقي، وَأَزَانَ مِنِّي مَا أَشَانَ مِنْ غَيْرِي". وَإِذَا اكْتَحَلَ فَعَلَ فِي كُلِّ عَيْنٍ ثِنْتَيْنِ، وَوَاحِدًا بَيْنَهُمَا"1. قُلْتُ: لَعَلَّ آفته، عمرو بن الحصين. قال: وأنا أَبُو يَعْلَى، نَا جُبَارَةُ، نَا يَحْيَى بْنُ الْعَلاءِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: إِذَا طَاقَ الْغُلامُ صَوْمَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ رَمَضَانَ"2. قُلْتُ: وَيَحْيَى وَجُبَارَةُ وَاهِيَانِ. 430- يَحْيَى بْنُ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ3، النُّكْرِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -ت. عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ مَالِكٌ، وَمُسْلِمُ بن إبراهيم، وبشر بْنُ الْوَلِيدِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ. ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عبّاس مرفوعًا: "لو لم تذنبوا

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه الطبراني في الكبير "10766"، وذكر الهيثمي في المجمع "10/ 139" وقال: فيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك. 2 "حديث ضعيف جدًّا": رواه ابن حبان في المجروحين "3/ 116". 3 التاريخ الكبير "8/ 292"، الجرح والتعديل "9/ 176-177"، ميزان الاعتدال "4/ 399"، وتهذيب التهذيب "11/ 259".

"لَجَاءَ اللَّهُ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَغْفِرَ لَهُمْ، وَكَفَّارَةُ الذَّنْبِ النَّدَمُ" 1. وَبِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "كَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَاتِبٌ يُسَمَّى السِّجِلَّ"2. أَمَّا هَذَا فَتَابَعَهُ فِيهِ يَزِيدُ بْنُ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ. وَهُوَ خَبَرٌ مُنْكَرٌ. 431- يَحْيَى بْنُ عُمَيْرٍ3، الْبَزَّازُ، الْمَدَنِيُّ. -ن. سَمِعَ: نافعًا، وسعيد الْمَقْبُرِيَّ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أوَيْسٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 432- يَحْيَى بْنُ الْمُتَوَكِّلِ4، أَبُو عَقِيلٍ، الْمَدَنِيُّ، الضَّرِيرُ، الْحَذَّاءُ. يَرْوِي عَنْ: بُهَيَّةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَابْنِ سُوقَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَلُوَيْنٌ، وَأُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَقِيلَ: بَلْ هُوَ كُوفِيٌّ. ضَعَّفَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ ابْنُ معين: أبو عَقِيلٍ صَاحِبُ بُهَيَّةَ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي خُطْبَةِ صَحِيحِهِ. قَالَ ابْنُ قانع: مات سنة سبع وستين ومائة.

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أحمد في المسند "1/ 289"، وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه مسلم "2749"، أحمد في المسند "2/ 308"، وفي الباب عن أبي أيوب أخرجه أبو مسلم "2748"، والترمذي "3539". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2662"، والعقيلي في الضعفاء "4/ 420". 3 التاريخ الكبير "8/ 296"، الجرح والتعديل "9/ 178"، تهذيب التهذيب "11/ 261". 4 التاريخ الكبير "8/ 306"، الجرح والتعديل "9/ 189-190"، تهذيب التهذيب "11/ 270-271".

قُلْتُ: قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، نَا أَبُو عُقَيْلٍ عَنْ بُهَيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ وِلْدَانِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: إِنْ شِئْتِ أَسْمَعْتُكِ تَضَاغِيهِمْ فِي النَّارِ"1. هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، يَدْفَعُهُ مَا فِي الصِّحَاحِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ" 2. 433- يَحْيَى بْنُ المهلَّب3، أَبُو كُدَيْنَةَ الْبَجَلِيُّ، الْكُوفِيُّ. -خ. ت. ن. عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وسهيل بن أبي صالح، ومغيرة بن مقسم. وَعَنْهُ: أَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَفَّانُ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلت الأَسَدِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. 434- يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْقُتَبِيُّ، الْبَصْرِيُّ4. مُقِلٌّ: رَوَى عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 435- يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّستريّ5، الْحَافِظُ أَبُو سَعِيدٍ، الْبَصْرِيّ -ع. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي الزُّبير. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانُ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَشَيْبَانُ بن فرُّوخ، وهدبة القيسيّ، وخلق.

_ 1 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2624". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1383"، ومسلم "2658"، وأبو داود "4711"، وأحمد في المسند "2/ 224، 259، 268، 315". 3 التاريخ الكبير "8/ 305"، الجرح والتعديل "9/ 188"، تهذيب التهذيب "11/ 289". 4 التاريخ الكبير "8/ 307"، الجرح والتعديل "9/ 187-188"، الثقات لابن حبان "7/ 613". 5 الطبقات الكبرى "7/ 278"، التاريخ الكبير "8/ 318"، الجرح والتعديل "7/ 631"، الميزان "4/ 418"، والتهذيب "11/ 311".

وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ ثَبْتٌ فِي الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ. وَكَانَ عَفَّانُ يَرْفَعُ أَمْرَهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ فِي قَتَادَةَ لَيْسَ بِذَاكَ. رَوَى ابْنُ أبي خَيْثَمَةَ أَنَّهُ مَاتَ فِي المحرَّم سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَيُقَالُ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ. 436- يَزِيدُ بْنُ بَزِيعٍ1، الرَّمْلِيُّ. عَنْ: عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ. وَعَنْهُ: أَدْهَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ الْبَغَوِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ. 437- يَزِيدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ قُبَيْصَةَ بْنِ المهلَّب2 بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، الأَزْدِيُّ، المهلَّبيّ، الأَمِيرُ. وَلِيَ نِيَابَةَ إِفْرِيقِيَّةَ مِنْ قِبَلِ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ خمسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ أَخُوهُ رَوْحٌ مُتَوَلِّيًا عَلَى السَّند، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ، نَصَّبَ الرَّشِيدُ رَوْحًا وَالِيًا عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ ثِقَةٌ. قُلْتُ: وَكَذَا ذكره ابن أبي حاتم مختصرًا، فما ذكره لَهُ شَيْخًا وَلا رَاوِيًا. مَاتَ بِإِفْرِيقِيَّةَ فِي ثاني عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 438- يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ3، الْبَلْخِيُّ، أَخُو مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ. -ت-ق. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، وأبي مجلز لاحق بن حميد.

_ 1 الضعفاء "4/ 375-376"، ميزان الاعتدال "4/ 420". 2 الجرح والتعديل "9/ 257". 3 التاريخ الكبير "8/ 325"، الجرح والتعديل "9/ 256"، تهذيب التهذيب "11/ 322".

وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيلحينيّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ دَاوُدَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَهُ غَلَطٌ كَثِيرٌ. وَقَالَ ابْنُ الْجُنَيْدِ: عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: نَزَلَ الْمَدَائِنَ، يَرْوِي عَنْهُ شَبَابَةُ. 439- يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ1، أَبُو كَامِلٍ الرَّحبيّ، الصَّنعانيّ، الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحبيّ، وَأَبِي الأَشْعَثِ الصَّنعانيّ، وَبِلالِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ. 440- يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ2، الدِّمشقيّ، مَوْلَى قُرَيْشٍ. -ت. ق. عن: الزُّهريّ، وسليمان بن حبيب الْمُحَارِبِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكٌ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الدِّمشقيّ. 441- يَزِيدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ ذي عصوان3، الدّمشقيّ، الدّارانيّ.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 332"، الجرح والتعديل "9/ 261"، ميزان الاعتدال "4/ 422". 2 التاريخ الكبير "8/ 334"، الجرح والتعديل "9/ 262"، تهذيب التهذيب "11/ 328-329". 3 التاريخ الكبير "8/ 338"، الجرح والتعديل "9/ 267"، الثقات لابن حبان "7/ 624".

عَنْ: مَكْحُولٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَثَّقَهُ ابْنُ شَاهِينَ. 442- يَزِيدُ بْنُ السِّمط1، الدِّمَشْقِيُّ، الْفَقِيهُ. -ق. عَنْ: قرَّة بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ مَعَ تقدُّمه، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ، حَيَاتُهُ وَرَعٌ وَفِقْهٌ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ. وَضَعَّفَهُ الْحَاكِمُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَّاءَ رَوَى عَنْهُ. وَإِنَّمَا يَرْوِي عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْهُ. أَبُو مُسْهِرٍ، نَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ عَالِمُ الْجُنْدِ بَعْدَ الأَوْزَاعِيِّ، يَزِيدَ بْنَ السَّمط عَلَى تقلُّل وتعفُّف، مَا تلبَّس مِنَ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ، قَالَ: وَمَاتَ فِي حَيَاةِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 443- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ الْحِمَّانِيُّ2، الْكُوفِيُّ، أخو قطبة. -خ. م. د. ن. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ وَالأَعْمَشِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَإِسْحَاقُ السَّلوليّ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أحمد.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 339"، الجرح والتعديل "9/ 268"، تهذيب التهذيب "11/ 333-334". 2 التاريخ الكبير "8/ 348"، الجرح والتعديل "9/ 278"، تهذيب التهذيب "11/ 346-347".

444- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ1، النَّوفليّ، الْمَدَنِيُّ. -ق. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَعَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ. وَعَنْهُ: مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَابْنُهُ يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَهُوَ مِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، فَهُوَ هَاشِمِيٌّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ. قَالَ أَحْمَدُ: عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ. 445- يَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ2، أَبُو الْحَكَمِ، اللَّيثيّ، الْحِجَازِيُّ، نزيل البصرة. -ت. ق. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَابْنِ شِهَابٍ وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: شَبَابَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، ثُمَّ سَاقَ لَهُ عِدَّةَ مَنَاكِيرَ، فَأَوْرَدَ مِنْهَا حَدِيثَ عَمْرِو بن دينار، عن يزيد ابن جُعْدُبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، فِي الرِّيحِ الأَذْيَبِ. حَكَمَ ابْنُ عديّ أنّ هذا هو صاحب الترجمة، وما هو بذلك، آخر قديم. وليزيد بن عياض عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ قَالَ: "السَّلامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا التَّحِيَّاتُ الطَّيبات المباركات لله، السلاّم عليكم"3.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 348"، الجرح والتعديل "9/ 278-279"، تهذيب التهذيب "11/ 347-348". 2 الطبقات الكبرى "5/ 412"، , التاريخ الكبير "8/ 351-352"، الجرح والتعديل "9/ 282-283"، وتهذيب التهذيب "11/ 352-354". 3 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2720".

446- يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ1. -م. نَقَلَ وَفَاتَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، فَوَهِمَ، إِنَّمَا تِلْكَ وَفَاةُ ابْنِ أَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، مُفْتِي الْمَدِينَةِ. 447- يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلاءَ2، أَبُو يُوسُفَ، اللَّيثيّ، ومولاهم المدنيّ. -م. عَنْ: بِلالِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَدَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبيّ، والأصمعيّ، وعدّة. وثقة أحمد وغيره وقل ما رَوَى. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 448- يَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ3 الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ. -خ. م. د. ن. عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ وَغَيْلانَ بْنِ جَامِعٍ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيِّ، وَأَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى وَوَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو الْوَلِيدِ وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ. مَاتَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 449- يَمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ4، أَبُو حُذَيْفَةَ، الْبَصْرِيُّ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ومحمد بن كعب وابن جودان.

_ 1 الطبقات الكبرى "9/ 153"، التاريخ الكبير "8/ 392"، الجرح والتعديل "9/ 207"، تهذيب التهذيب "11/ 388-389". 2 الطبقات الكبرى "9/ 430"، التاريخ الكبير "8/ 397-398"، الجرح والتعديل "9/ 214"، تهذيب التهذيب "11/ 395-396". 3 الطبقات الكبرى "6/ 376"، التاريخ الكبير "8/ 418"، الجرح والتعديل "9/ 304"، تهذيب التهذيب "11/ 400-401". 4 التاريخ الكبير "8/ 425"، الجرح والتعديل "9/ 311"، تهذيب الكمال "3/ 1558"، ميزان الاعتدال "4/ 460"، التهذيب "11/ 406-407".

وعنه: يزيد بن هارون، مسلم بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَجَّاجٌ الْفَسَاطِيطِيُّ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. 450- يُوسُفُ بْنُ عبدة1، مولى يزيد بن المهلَّب، وأبو عَبْدَةَ الأَزْدِيُّ، الْبَصْرِيُّ، الْقَصَّابُ. سَمِعَ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ وَثَابِتًا. وَعَنْهُ: يُونُسُ الْمُؤَدِّبُ، وَبُدَيْلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ مَرَّةً. "الْكُنَى": 451- أَبُو إِسْحَاقَ الْحُمَيْسِيُّ2. اسْمُهُ خَازِمُ بْنُ حُسَيْنٍ، لا يَكَادُ يُعْرَفُ بِاسْمِهِ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ السّائب. وعنه: أحمدبن يُونُسَ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَجَمَاعَةٌ. قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٌ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ضعيف. 452- أبو إسرائيل الملائي3، الكوفيّ. -س.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 388"، الجرح والتعديل "9/ 226"، الثقات لابن حبان "7/ 639"، تهذيب التهذيب "11/ 417". 2 التاريخ الكبير "3/ 212"، الجرح والتعديل "3/ 393"، ميزان الاعتدال "1/ 626"، تهذيب التهذيب "3/ 79". 3 الطبقات الكبرى "6/ 380"، التاريخ الكبير "1/ 346"، الجرح والتعديل "2/ 166"، تهذيب التهذيب "1/ 293-294".

اسمه إسماعيل، وقيل: عبد العزيز. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَفُضَيْلٍ الْفُقَيْمِيِّ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَسِيدٌ الْجَمَّالُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، وَكَانَ يُدَاهِنُ وَيَنَالُ مِنْ عُثْمَانَ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِسُوءِ حِفْظِ أَبِي إِسْرَائِيلَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسائيّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. قُلْتُ: وَأَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 453- أَبُو الأشهب العطارديّ1. -ع. اسمه جعفر بن حيّان البصريّ، الخرّاز، الضّرير. عَنْ: أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَأَبِي الْجَوْزَاءِ الرَّبعيّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَبَكْرٍ الْمُزَنِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ سَبْعِينَ، فَقَدْ أَدْرَكَ مِنْ حَيَاةِ أَنَسٍ بِضْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَالْعَجَبُ كَيْفَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَهُوَ مَعَهُ فِي الْبَصْرَةِ؟ وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِيمَا نقل أبو عمر الدَّانِيُّ، عَلَى أَبِي رَجَاءٍ. مَاتَ فِي آخِرِ يوم من شعبان سنة خمسينٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَوَهِمَ خَلِيفَةُ إِذْ جَعَلَ وَفَاتَهُ سنة اثنتين وستّين.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 74"، التاريخ الكبير "2/ 189"، الجرح والتعديل "2/ 476-477"، تهذيب التهذيب "2/ 88".

قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: لَمْ يَلْحَقْ أَبَا الْجَوْزَاءِ. 454- أَبُو الأَشْهَبِ النَّخعيّ1. اسْمُهُ جَعْفَرُ بْنُ الْحَارِثِ، الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ وَاسِطَ. عَنْ: عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ وَمُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَوَكِيعٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَغَيْرُهُمْ. مَاتَ كَهْلا. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَتَوَقَّفَ ابْنُ حِبَّانَ فِي تَضْعِيفِهِ. لَمْ يخرجوا له شيئًا. 455- أبو أويس الأصبحي2 -ع. م. اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْس بن مالك بن عامر المدنيّ. مِنْ بَنِي عَمِّ الإِمَامِ مَالِكٍ، وَزُوِّجَ أُخْتَهُ. رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، والزُّهريّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَابْنُهُ الآخَرُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَحُسَيْنٌ المرُّوذيّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ليس به بأس.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 189"، الجرح والتعديل "2/ 476"، ميزان الاعتدال "1/ 404-405". 2 الطبقات الكبرى "9/ 445"، التاريخ الكبير "5/ 127"، الجرح والتعديل "5/ 92"، تهذيب التهذيب "5/ 280-282".

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ، والنَّسائيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: صَدُوقٌ وَلَيْسَ بحجَّة. وَلابْنِ مَعِينٍ فِيهِ قَوْلانِ: لَيْسَ بحجَّة، وَضَعِيفٌ. مَاتَ سَنَةَ سبعٍ وستّين ومائة. * أبو بردة. -ق. هو عمر بن يزيد التَّميميّ. مَرَّ. 456- أَبُو بَكْرِ، بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ1، الْقُرَشِيُّ، السَّبْرِيُّ، الْمَدَنِيُّ، الْفَقِيهُ، قَاضِي الْعِرَاقِ. سَمِعَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ، وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، وَشَرِيكَ بْنَ أَبِي نَمِرٍ، وَطَائِفَةً. وَعَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ مَعَ تقدُّمه، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ. روى عبد الله، وصالح بنا أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِمَا قَالَ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قال: ليس حديثه بشيء، قدم هَهُنَا فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ: عِنْدِي سَبْعُونَ أَلْفَ حَدِيثٍ، إِنْ أَخَذْتُمْ عَنِّي كَمَا آخُذُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَإِلا فَلا. وَرَوَى مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ: يَا مَالِكُ، مَنْ بَقِيَ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الْمَشْيَخَةِ؟ قلت: ابن أبي ذئب، وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ الماجشون، وابن أبي سبرة. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. وأبو سبرة جدُّه، هو ابن أبي رهم العامري، أحد البصريين.

_ 1 الطبقات الكبرى "9/ 408"، التاريخ الكبير "9/ 9"، الجرح والتعديل "7/ 29"، تهذيب التهذيب "12/ 27-28".

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي سَبْرَةَ يَقُولُ: قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ: اكْتُبْ لِي أَحَادِيثَ من أحاديثك جياد، فَكَتَبْتُ لَهُ أَلْفَ حَدِيثٍ ثُمَّ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، مَا قَرَأَهَا عَلَيَّ، وَلا قَرَأْتُهَا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: قَالَ لِي حَجَّاجٌ، قَالَ لِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ: عِنْدِي سَبْعُونَ أَلَفَ حَدِيثٍ فِي الْحَلالِ وَالْحَرَامِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ عِنْدِي مِثْلُ ابْنِ أَبِي يَحْيَى. قُلْتُ: وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِي بَكْرٍ، فَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ، وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبيريّ: كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ قُرَيْشٍ، وَلاهُ الْمَنْصُورُ الْقَضَاءَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ بِبَغْدَادَ، قَالَ: وَكَانَ قَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ مُوسَى الْهَادِي، وَهُوَ وليّ عهد، ووليّ قضاء مكّة لزياد بن عبيد الله، وعاش سِتِّينَ سَنَةً، فَلَمَّا مَاتَ اسْتُقْضِيَ بَعْدَهُ أَبُو يُوسُفَ. وَقَالَ مُصْعَبٌ: خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ، وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَلَى صَدَقَاتِ أسد وطيّئ فَقَدِمَ عَلَى مُحَمَّدٍ مِنْهَا بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَلَمَّا قُتِلَ أُسِرَ أَبُو بَكْرٍ وَسُجِنَ، فَاسْتَعْمَلَ الْمَنْصُورُ، جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ وقال: إنّ بيننا وبن ابن أبي سبرة رحمًا، وقد أَسَاءَ وَقَدْ أَحْسَنَ الآنَ، فَإِذَا وَصَلْتَ فَأَطْلِقْهُ وَأَحْسِنْ جِوَارَهُ، وَكَانَ الإِحْسَانُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَنَّ عبد الله بن الريبع الْحَارِثِيَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَمَا شَخَصَ عِيسَى بْنُ مُوسَى وَمَعَهُ الْعَسْكَرُ، فَعَاثُوا بِالْمَدِينَةِ وَأَفْسَدُوا، فَوَثَبَ عَلَيْهِ سُودَانُ الْمَدِينَةِ وَالرِّعَاعُ فَقَتَلُوا جُنْدَهُ وَطَرَدُوهُمْ، وَنَهَبُوا مَتَاعَ ابْنِ الرَّبِيعِ، فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ بِئْرَ المطَّلب يُرِيدُ الْعِرَاقَ عَلَى خَمْسَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَسَرَ السُّودان السِّجْنَ وَأَخْرَجُوا أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي سَبْرَةَ، فَحَمَلُوهُ حَتَّى أَجْلَسُوهُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَأَرَادُوا كَسْرَ قُيُودَهُ، فَقَالَ لَهُمْ: لَيْسَ عَلَى هَذَا فَوْتٌ، دَعُونِي حَتَّى أَتَكَلَّمَ، فَتَكَلَّمَ فِي أَسْفَلِ الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَحَذَّرَهُمُ الْفِتْنَةَ، وَذَكَّرَهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ، وَوَصَفَ عَفْوَ الْمَنْصُورِ عَنْهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالطَّاعَةِ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى كَلامِهِ، وَتَجَمَّعَ الْقُرَشِيُّونَ، فَخَرَجُوا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَضَمِنُوا لَهُ مَا ذَهَبَ لَهُ وَلِجُنْدِهِ. وَكَانَ قَدْ تَأَمَّرَ عَلَى السُّودَانِ وَثِيقٌ الزِّنْجِيُّ، فَمَضَى إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الكبار، لم يَزَلْ يَخْدَعُهُ حَتَّى دَنَى مِنْهُ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ، وأمر معه فأوثقوه في الحديد، ورجي أبو بكر

إِلَى الْحَبْسِ حَتَّى قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَأَطْلَقَهُ وَأَكْرَمَهُ، ثُمَّ صَارَ إِلَى الْمَنْصُورِ فَاسْتَقْضَاهُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَهُوَ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 457- أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَطَاءِ بْنِ مقدَّم1، الْبَصْرِيُّ، مَوْلَى ثَقِيفٍ. وهو والد محمد بن أبي بكر، لم يدركه ابنه، وهو أخو عمر، ومحمد. وحديث قَلِيلٌ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ كَهْلا. رَوَى عَنْ: حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ. أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ ومائة. 458- أبو بكر الهذلي2. اسمه سلمى بن عبد الله بن سلمى الْبَصْرِيُّ. كَانَ فِي صَحَابَةِ الْمَنْصُورِ وَكَانَ إِخْبَارِيًّا علامة. روى عن: الحسن، ومحمد، ومعاذة العدوية، وعكرمة، والشعبي، وغيرهم. وعنه: ابن المبارك، وشبابة بن سوَّار، ومسلم بن إبراهيم، وموسى بن إسماعيل، لقيه بمكة، وجماعة. لم يرضه يحيى القطان. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أحمد: ضعيف. وقال البخاري: ليس بالحافظ عندهم.

_ 1 التاريخ الكبير "9/ 14"، الجرح والتعديل "9/ 345"، تهذيب التهذيب "12/ 33". 2 التاريخ الكبير "4/ 198"، الجرح والتعديل "4/ 313-314"، وميزان الاعتدال "4/ 497"، وتهذيب التهذيب "12/ 45-46".

وأما غندر فقال: كذاب. يقال: مات سنة سبعٍ وَسِتِّينَ. 459- أَبُو بَكْرٍ النَّهشليّ1، الْكُوفِيُّ. -م. ت. ن. ق. فِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ، وَلا يَرِدُ إِلا بِالْكُنْيَةِ. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَبَهْزُ بْنُ أَسَدٍ وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ المغلَّس، وَطَائِفَةٌ. وثّفه أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ وَكِيعٌ: أَبُو بَكْرِ بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي القطّاف. مات يَوْمِ الْفِطْرِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَاسْمُهُ على الأصح: عبد الله. وقد تكلّم في ابن حبّان فقال: كان شيخًا فَاضِلا، غَلَبَ عَلَيْهِ التقشُّف حَتَّى صَارَ يهمُّ وَلا يَعْلَمُ، وَيُخْطِئُ الْحِفْظَ وَالْفَهْمَ، فَبَطَلَ الاحْتِجَاجُ بِهِ. قُلْتُ: دَعْ عَنْكَ الْخَطَابَةَ، فَالرَّجُلُ حجَّة قد وثّقه إمام الْفَنِّ، واحتجَّ بِهِ مُسْلِمٌ. قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ يَقُولُ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ النهَّشليّ رَجُلا صَالِحًا، كَانَ فِي مَرَضِهِ يَثِبُ إِلَى الصَّلاةِ وَلا يَقْدِرُ، فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّكَ فِي عُذْرٍ، فَيَقُولُ: أُبَادِرُ طَيَّ الصَّحِيفَةِ. * أَبُو الْجَمَلِ الْيَمَامِيُّ. اسْمُهُ أَيُّوبُ: مَرَّ. 460- أَبُو جنَّاب البصريّ2، القصّاب.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 358"، التاريخ الكبير "9/ 9"، الجرح والتعديل "9/ 344"، وميزان الاعتدال "4/ 496"، والتهذيب "12/ 44-45". 2 التاريخ الكبير "7/ 17"، الجرح والتعديل "6/ 387-388"، والثقات لابن حبان "8/ 515"، وميزان الاعتدال "3/ 305".

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ. فَالْقَصَّابُ. اسْمُهُ عَوْنُ بْنُ ذَكْوَانَ الْحَرَشِيُّ. رَأَى زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى، وَسَمِعَ مِنْ مَطَرِ بْنِ طَهْمَانَ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيُونُسُ المؤدِّب، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غِيَاثٍ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَ إِلَى حُدُودِ سنة سبعين ومائة، وعاش فيما قال ابن معين مائة وست وستّين سنة وَقَدْ وَهِمَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عَاشَ مِائَةً وَسِتِّينَ سَنَةٍ. وَلَوُ كَانَ كَذَلِكَ لعدَّ فِي الصَّحابة، مَعَ مَنْ وُلِدَ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 461- أَبُو حَفْصٍ1. هُوَ عُمَرُ بْنُ الْعَلاءِ الْمَازِنِيُّ، الْبَصْرِيُّ. -خ- أَخُو الإِمَامِ أَبِي عَمْرٍو. يُقَالُ: اسْمُهُ عُمَرُ. يَرْوِي عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. خرَّج لَهُ الْبُخَارِيّ: عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي حَنِينِ الْجِذْعِ. وَلَهُ ثَلاثَةُ إِخْوَةٍ: أَبُو عَمْرٍو، وَمُعَاذٌ، وَأَبُو سُفْيَانَ. وَقَدْ رَوَى عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ حَنِينُ الْجِذْعِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْعَلاءِ، عَنْ نَافِعٍ. فَلَعَلَّهُ هُوَ هُوَ، وَإِلا فَالْحَدِيثُ عِنْدَ معاذ، وأبي حفص. 462- أبو حمزة السُّكري2. –ع. هو محمد بن ميمون المروزيّ الحافظ. عَنْ: زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَجَابِرٍ الجعفيّ، وسليمان الأعمش، والكوفييّن.

_ 1 تهذيب الكمال "2/ 1020-1021"، تهذيب التهذيب "7/ 487-488". 2 التاريخ الكبير "1/ 234"، والجرح والتعديل "8/ 81"، سير أعلام النبلاء "7/ 385-387"، تهذيب التهذيب "9/ 486-487".

مَا أَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ غَيْرِهِمْ. حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَعِدَّةٌ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: كَانَ أَبُو حَمْزَةَ من ثقات النّاس، ولم يَكُنْ يَبِيعُ السُّكر، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحَلاوَةِ كَلامِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: أَرَادَ جَارٌ لِأَبِي حَمْزَةَ السُّكريّ أَنْ يَبِيعَ دَارَهُ، فَقِيلَ لَهُ: بِكَمْ؟ فَقَالَ: أَلْفَيْنِ، وَثَمَنُ الدَّارِ أَلْفَيْنِ جِوَارُ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا حَمْزَةَ، فَوَجَّهَ إِلَى جَارِهِ بِأَرْبَعَةِ آلافٍ فَقَالَ: لا تَبِعْ دَارَكَ. وَعَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: مَا شَبِعْتُ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً إِلا أَنْ يَكُونَ لِي ضَيْفٌ. وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُصْعَبٍ: كَانَ أَبُو حَمْزَةَ مُجَابَ الدَّعوة. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ أَبُو حَمْزَةَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ جِيرَانِهِ يَحْسِبُ مَا أَنْفَقَ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ أبو حمزة بِمِثْلِ ذَلِكَ وَيَقُولُ: وَنَحْنُ أَصِحَّاءُ. مَاتَ أَبُو حَمْزَةَ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ، أَوْ سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 463- أَبُو حَمْزَةَ الأُبُلِّيُّ، الْعَطَّارُ1. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، اسْمُهُ إِسْحَاقُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهُوَ جَدُّ بَكْرِ بْنِ بَكَّارٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْعَلاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ. وَعَنْهُ: الأَصْمَعِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ حَسَنَ الْحَدِيثِ. وَضَعَّفَهُ الْفَلاسُ وَقَالَ: كَانَ شَدِيدَ الْقَوْلِ فِي القدر. 464- أبو الربيع البصريّ، السمّان2. -ت. ق. أشعث بن سعيد.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 386"، الجرح والتعديل "2/ 220" الثقات لابن حبان "8/ 107"، التهذيب "1/ 232". 2 التاريخ الكبير "1/ 430"، ميزان الاعتدال "1/ 263"، تهذيب التهذيب "1/ 353-352".

عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَبِي الزِّناد، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْحَافِظِ عندهم. وروى عباس، عن ابن معين: ليس بشيء. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: لَيْسَ بِذَاكَ، مُضْطَرِبٌ. وَقَالَ السَّعديّ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسائيّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 465- أَبُو سَعِيدٍ، المؤدِّب1. مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ، نَزَلَ بَغْدَادَ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ. عَنْ: حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، وَخَصِيفٍ، وَعَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. وَكَانَ مؤدِّب الْخَلِيفَةِ الْهَادِي. مَاتَ قَبْلَ السَّبْعِينَ وَمِائَةٍ. 466- أَبُو شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ2: قَاضِي وَاسِطَ، جَدُّ الْحَافِظَيْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعُثْمَانَ. اسْمُهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُوَاسْتِيِّ، مَوْلَى بَنِي عبس.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 326"، التاريخ الكبير "2231"، الجرح والتعديل "8/ 76-77"، تهذيب التهذيب "9/ 453-454". 2 الطبقات الكبرى "6/ 384"، التاريخ الكبير "1/ 310"، الجرح والتعديل "2/ 115"، وتهذيب التهذيب "1/ 144-145".

رَوَى عَنْ: خَالِهِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: شُعْبَةُ بْنُ الحجَّاج، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَشَبَابَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْهِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَجُبَارَةُ بْنُ المغلَّس. ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ: وَيَحْيَى، وَالنَّاسُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَكَتُوا عَنْهُ. وَقَالَ النَّسائيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: نَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، قُلْتُ لِشُعْبَةَ: إِنَّ أَبَا شَيْبَةَ نَا عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: شَهِدَ صِفِّينَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ سَبْعُونَ رَجُلا، فَقَالَ: كَذَبَ وَاللَّهِ، لَقَدْ ذَاكَرْتُ الْحَكَمَ فِي بَيْتِهِ فَمَا وَجَدْنَا شَهِدَ صِفِّينَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ غَيْرُ خُزَيْمَةَ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، سُئِلَ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ الْوَاسِطِيِّ فَقَالَ: ارْمِ بِهِ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ تسعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 467- أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ، وَزِيرُ الْمَهْدِيِّ وَكَاتِبُهُ1. اسْمُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ الأَشْعَرِيُّ، مَوْلاهُمْ. رَوَى عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبيعيّ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ. وَعَنْهُ: مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَغَيْرُهُ. أَصْلُهُ مِنْ طَبَرِيَّةَ، وَكَانَ ذَا دِينٍ وتعبُّد، مِنْ خِيَارِ الْوُزَرَاءِ. وَكَانَ المهديّ يعظّمه ولا يخالفه في رأي. قلا حَفِيدُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: أَبْلَى أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ سَجَّادَتَيْنِ، وأسرع في الثالث مَوْضِعُ الرُّكْبَتَيْنِ، وَالْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ، مِنْ كَثْرَةِ صَلاتِهِ.

_ 1 سير أعلام النبلاء "7/ 398"، شذرات الذهب "1/ 279".

وَكَانَ لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ كرُّ دَقِيقٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْغَلاءُ أَتَاهُ مَوْلاهُ فَقَالَ: قَدْ غَلا السِّعْرُ فَلَوْ نَقَصْنَا مِنَ الْكُرِّ، فَقَالَ: أَنْتَ شَيْطَانٌ، صيِّره كرَّين. قَالَ: وَأُخْبِرْتُ أَنَّ الْجُسُورَ يَوْمَ مَاتَ امْتَلأَتْ، فَلَمْ يَعْبُرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ إِلا مَنْ تَبِعَ جِنَازَتَهُ مِنْ مَوَالِيهِ وَالْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ وَالْمَسَاكِينِ. وَرَوَى مَنْصُورُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمَنْصُورِ فَاسْتَحْلَفَنِي أَنْ أَصْدُقَهُ، فَحَلَفْتُ لَهُ: فَقَالَ: مَا قَوْلُكَ فِي خُلَفَاءِ بَنِي أميَّة؟ قُلْتُ: كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُطِيعًا لِلَّهِ، عَامِلا بِكِتَابِ اللَّهِ، متَّبعًا لسنَّة رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ إِمَامٌ تَجِبُ طَاعَتُهُ، قَالَ: جِئْتَ بِهَا عِرَاقِيَّةً، أَهَكَذَا أَدْرَكْتَ أَشْيَاخَكَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَقُولُونَ؟ قُلْتُ: لا، بَلْ أَدْرَكْتُهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ إِذَا اسْتُخْلِفَ غُفِرَ اللَّهُ لَهُ مَا مَضَى، فَقَالَ: أَيْ وَاللَّهِ، وَمَا تَأَخَّرَ مِنْ ذُنُوبِهِ، أَتَدْرِي مَا الْخَلِيفَةُ؟ بِهِ تُقَامُ الصَّلاة وَالْحَجُّ لِلْبَيْتِ، وَيُجَاهِدُ الْعَدُوَّ، وَعَدَّدَ مِنْ مَنَاقِبِ الْخِلافَةِ مَا لَمْ نَسْمَعْ أَحَدًا ذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: نَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ أَبِي المساور قال: دخلت على أبي عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرِ، فَمَا هَشَّ لِي، فَجَلَسْتُ إِلَى رَجُلٍ كَاتِبٍ، فَقُلْتُ: ثَنَا الشَّعبيّ، فَسَمِعَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ: وَرَأَيْتَ الشَّعبيّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ارْتَفِعْ، ارْتَفِعْ، كَتَمْتَنَا نَفْسَكَ حَتَّى كِدْتَ أَنْ تُلْحِقَنَا دَمًا لا تُرَخِّصُهُ الْمَعَاذِيرُ ثُمَّ اشْتَغَلَ بِي حَتَّى قَضَيْتُ حَاجَتِي. يُقَالُ: إِنَّ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّبِيعِ الْوَزِيرِ، فَرَمَى ابْنَهُ بِجُرْمِ الْهَادِي، فَمَا زَالَ الْمَهْدِيُّ حَتَّى قَتَلَ الابْنَ، ثُمَّ سَجَنَ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ مُدَّةً. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ طَبَرِيَّةَ، سمع أيضًا من الزُّهري، وَعَاصِمَ بْنَ رَجَاءٍ الْكِنْدِيَّ. حَكَى عَنْهُ: ابْنُهُ هَارُونُ، وَمُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. وَمُرَبَّعَةُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ. وَيُقَالُ: وَصَفَ رَجُلٌ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرَ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَوْفَرَ مِنْ حِلْمِهِ، وَلا أَغْزَرَ مِنْ قَلَمِهِ. وَقَالَ الزُّبير: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ ثَابِتٍ بَعَثَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرُ إِلَى وَالِدِ مُصْعَبٍ الزُّبيريّ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ، فَرَدَّهَا وَقَالَ: لا أَقْبَلُ صِلَةً إِلا مِنْ خَلِيفَةٍ، أَوْ مِنْ وليّ عهد.

عُمَرُ بْنُ شبَّة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ يَحْيَى الْبَرْمَكِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَاهُ حَجَّ مَعَ الْمَنْصُورِ فِي الْعَامِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْمَنْصُورُ، فَلَمَّا قَدِمَ ذَهَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ، فَلَمْ يَقُمْ لَهُ، وَلا رَفَعَ لَهُ رَأْسًا، فَغَضِبَ الرَّبِيعُ وَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ لأَجْهَدَنَّ فِي أَذَاهُ، وَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَمَضَتْ فِي الْحَوَادِثِ سَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. مَاتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي الْحَبْسِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 468- أَبُو عزَّة الدَّبَّاغُ1. اسْمُهُ الْحَكَمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَهُوَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَصْرِيُّ. عَنْ أَبِي الرَّبَابِ. وَعَنْهُ: مُسْلِمٌ، والتَّبوذكيّ. 469- أَبُو الْعَطُوفِ الْجَزَرِيُّ2، الْحَرَّانِيُّ. رَوَى عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، والزُّهريّ، وَأَبِي الزُّبير، وَغَيْرِهِمْ. وعنه: يزيد بْنُ هَارُونَ، وَشَبَابَةُ، وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه. وقال النَّسائيّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَبُو الْعَطُوفِ الْجَزَرِيُّ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، أَنَا الْعَطُوفِ، عَنْ أَبِي الزُّبير، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضوان فِي عُثْمَانَ خَاصَّةً، لَمَّا احْتُبِسَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ قَتَلُوهُ لَأُنَابِذَنَّهُمْ"3. فَبَايَعْنَاهُ عَلَى أن لا نفرّ، ونحن ألف وثلاثمائة.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 339"، الجرح والتعديل "3/ 118"، الثقات لابن حبان "8/ 193". 2 الطبقات الكبرى "7/ 485"، التاريخ الكبير "2/ 228"، الجرح والتعديل "2/ 523"، ميزان الاعتدال "1/ 390". 3 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "1/ 200-201"، وفيه صاحب الترجمة، تدليس أبو الزبير.

هَذَا مُنْكَرٌ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. 470- أَبُو المثنَّى الخزاعيّ، الكعبي1، المدنيّ. -ت. ق. اسمه سليمان بن يزيد. وَيُقَالُ: رَوَى عَنْ أَنَسٍ، رَوَى عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ الله بن نافع الصائغ، وابن أبي فديك، ويحيى بن حسّان، والتَّنَّيسيّ، وآخرون. قال أبو حاتم: ليس بقويّ، مُنْكَر الحديث. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي تَارِيخِ الثِّقَاتِ. 471- أَبُو معشر2. –ع. هو نجيج بن عبد الرحمن السِّنديّ، المدنيّ. كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ وَالأَيَّامِ وَالْمَغَازِي، وَقَدْ كَاتَبَ مَوْلاةً لَهُ مَخْزُومِيَّةً فَأَدَّى، فَاشْتَرَتْ أمُّ مُوسَى بِنْتُ مَنْصُورٍ وَلاءَهُ فِيمَا قِيلَ. رَأَى أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ. وَحَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ، وَنَافِعٍ العمريّ، وسعيد المقبريّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَطَائِفَةٍ سِوَاهُمْ. وَفِي جَامِعِ التِّرمذيّ لَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيَّب، وَذَلِكَ مُنْقَطِعٌ، أَوْ هُوَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، فَتَصَرَّفَ فِيهِ الرُّواة فَوَهِمُوا. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَعْشَرٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، ومنصور بن أبي مزاحم، وطائفة.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 42"، الجرح والتعديل "4/ 149"، الثقات لابن حبان "6/ 395"، الميزان "2/ 228". 2 الطبقات الكبرى "5/ 318"، التاريخ الكبير "8/ 114"، الجرح والتعديل "8/ 493-495"، التهذيب "10/ 419-422".

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ بَصِيرًا بِالْمَغَازِي صَدُوقًا، وَلَكِنَّهُ لا يُقِيمُ الإِسْنَادَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ أَيْضًا: كَانَ أُمِّيًّا يَنْتَقِي مِنْ حَدِيثِهِ الْمُسْنَدَ. وَقِيلَ: كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ أَبْيَضَ أَزْرَقَ سَمِينًا، أَشْخَصَهُ مَعَهُ الْمَهْدِيُّ إِلَى الْعِرَاقِ، وَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَقَالَ: تَكُونُ بِحَضْرَتِنَا فتفقِّه مَنْ حَوْلَنَا. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالْمَغَازِي، أَصْلُهُ يَمَانِيٌّ سُبِيَ فِي وَقْعَةِ يَزِيدَ بْنِ المهلَّب بِالْيَمَامَةِ وَالْبَحْرَيْنِ. قَالَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ: كَانَ أَبِي أَبْيَضَ. وَأَمَّا أَبُو مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ فَقَالَ: كَانَ أَسْوَدَ. وَذَكَرَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ هِلالٍ، فَسُرِقَ فَبِيعَ بِالْمَدِينَةِ، فَاشْتَرَاهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَسَمَّوْهُ نَجِيحًا، فَاشْتُرِيَ لأُمِّ مُوسَى الْهَادِي فَأَعْتَقَتْهُ، فَصَارَ مِيرَاثُهُ لِبَنِي هَاشِمٍ. قَالَ: وَكَانَ يَنْتَسِبُ إِلَى حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ أَبُو مَعْشَرٍ كيِّسًا حَافِظًا. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ الْقَطَّانُ لا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ بَكَّارٍ يَقُولُ: تَغَيَّرَ أَبُو مَعْشَرٍ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ حَتَّى كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ الرِّيحُ وَلا يَشْعُرُ. قُلْتُ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعِينَ. وَقَالَ أَبُو أميَّة الطَّرسوسيّ: نَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَنَّ أَبَا مَعْشَرٍ كَانَ رَجُلا أَلْكَنَ، وَكَانَ سِنْدِيًّا يَقُولُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَعْبٍ يَعْنِي ابْنَ كَعْبٍ. قُلْتُ: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: رِوَايَتُهُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُعْبَدَ اللاَّت والعزَّى" 1، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى نِسَاءِ دَوْسٍ يَصْطَفِفْنَ بِأَلْيَاتِهِنَّ عَلَى صنمٍ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْخُلَصَةِ2. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَبُو مَعْشَرٍ صَدُوقٌ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 472- أبو هلال3. –ع. هو محمد بن سليم، الرّاسبيّ، البصريّ. نَزَلَ فِي بَنِي رَاسِبٍ، فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ، وَوَلاهُ أُسَامَةُ بْنُ لُؤَيٍّ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ. وَعَنْهُ: أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَالْحَوْضِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فرُّوخ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدق. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: عَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ. وتوِّفي سَنَةَ سبعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. 473- أَبُو يَحْيَى، صَاحِبُ السَّقط4. –ق.

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه مسلم "2907"، والحاكم في المستدرك "4/ 446"، والبيهقي في السنن "8/ 181"، من حديث عائشة. 2 صح مرفوعًا عن أبي هريرة: أخرجه البخاري "7116"، ومسلم "2906"، وأحمد في المسند "2/ 271". 3 الطبقات الكبرى "7/ 278"، التاريخ الكبير "1/ 105"، الجرح والتعديل "7/ 273"، تهذيب التهذيب "9/ 195-196". 4 التاريخ الكبير "3/ 314"، الجرح والتعديل "3/ 502"، الثقات لابن حبان "6/ 306"، تهذيب الكمال "9/ 165-166".

بصريٌّ مَعْرُوفٌ، اسْمُهُ رَجَاءُ بْنُ صَبِيحٍ. رَوَى عَنْ: مُسافِع بن شَيْبة، والحسن، ومحمد بن سيرين. وعنه: يزيد بن زُرَيْع، وعارم، وموسى بن إسماعيل، وهُدْبَة بن خالد. قال أبو حاتم: ليس بقويّ. وضعّفه ابن معين.

الفهرس العام للكتاب: الموضوع رقم الصفحة -الطَّبَقَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ- "سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ" وما جرى فيها من كبار الحوادث 3 وفيات هذه السنة 161هـ. 3 ظهور عطاء المقنع. 3 ظَفَرُ نَصْرِ بْنِ الأَشْعَثِ بِابْنِ مَرْوَانَ الْحِمَارِ. 4 تحبيش الروم على المسلمين. 4 عمارة المهدي طريق مكة. 4 نكبة الوزير أبي عبيد الله. 5 استعمال القُضاة. 5 استعمال العُمال. 5 وزارة يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ. 6 الْحَجُّ هَذَا الموسم. "سنة اثنتين وستين ومائة" 6 وفيات سنة 162هـ. 6 مقتل عبد السلام اليشكري. 6 إجراء الأموال على المجذومين والمساجين. 6 وصول الروم إلى الحدث. 6 غزوة الحسن بن قحطبة في الروم. 6 غزوة قاليقلا. 7 ولاية اليمن. 7 ولاية مصر. 7 ظهور المحمرة.

"سنة ثلاث وستين ومائة". 7 وفيات سنة 163هـ. 8 مقتل المقنع. 8 ولاية الجزيرة. 8 قتل الزنادقة. 8 ولاية هارون. 8 ولاية خراسان. 9 الحج هذا الموسم. "سنة أربع وستين ومائة" 9 وفيات سنة 164هـ. 9 غزوة عبد الكبير إلى الحدث. 9 عطش الحجيج. 10 ولاية البصرة وفارس. "سنة خمس وستين ومائة" 10 وفيات سنة 165هـ. 10 غزوة هارون إلى القسطنطينية. "سنة ست وستين ومائة" 10 وفيات سنة 166هـ. 11 عودة هارون بالغنائم. 11 قضاء البصرة. 11 غضب المهدي على الوزير أبي عبيد الله الأشعري. 14 قضاء العسكر. 14 ضرب المهدي الدنانير وإقامة البريد. 14 قتل المهدي لابن الوزير أبي عبيد الله. "سنة سبع وستين ومائة" 15 وفيات سنة 167هـ. 15 تتبع الزنادقة. 15 عزل أبي عبيد الله الوزير.

16 الطَّاعُونُ بِالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ. 16 الزِّيَادَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. 16 الحج هذا الموسم. "سنة ثمان وستين ومائة" 16 وفيات سنة 168هـ. 16 نقض الروم للصلح. 17 تجهيز الجيش إلى طبرستان. 17 موت عريف الزنادقة. 17 الحج هذا الموسم. "سنة تسع وستين ومائة" 17 وفيات سنة 169هـ. موت المهدي وخلافة الهادي 18 التشدد في طلب الزنادقة. 19 وقعة فخ. 21 بدء الأسرة الإدريسية بالمغرب. 21 بعض سيرة الحسين بن علي. 22 ثورة ابن معصب بصعيد مصر. 22 العمال على الأمصار. "سنة سبعين ومائة" 23 وفيات سنة 170هـ. 23 مواليد هذه السنة. 23 وفاة الخليفة الهادي.

رِجَالُ هَذِهِ الطَّبَقَةِ مُرَتَّبُونَ عَلَى الْحُرُوفِ "حَرْفُ الألف" 24 1- أبان بن صدقة. 24 2- أبان بن يزيد العطار. 25 3- إبراهيم بن أدهم. 37 4- إبراهيم بن إسماعيل بن حبيبة الأنصاري الاشهلي. 38 5- إبراهيم بن طهمان بن شُعبة. 40 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حاطب. 40 7- إبراهيم بن عطاء بن أبي ميمونة. 40 8- إبراهيم بن الفضل المخزومي. 40 9- إبراهيم بن نافع. 41 10- إبراهيم بن نشيط الوعلاني. 41 11- أبي بن عباس بن سهل الساعدي. 42 12- أرطأة بن المنذر. 43 13- أسباط بن نصر الهمداني. 43 14- إسحاق بن إبراهيم الثقفي. 43 15- إسحاق بن أبي بكر المدني. 43 16- إسحاق بن ثعلبة. 44 17- إسحاق بن حازم. 44 18- إسحاق بن سعيد بن الأشدق. 44 19- إِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. 45 20- إسحاق بن يحيى بن طلحة. 45 21- إسرائيل بن يونس. 47 22- إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة. 48 23- إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن المخزومي. 48 24- إسماعيل بن خليفة الكوفي. 48 25- إسماعيل بن سليمان الكحال. 49 26- أشرس أبو شيبان.

49 27- أشعث بن برار السعدي. 49 28- أشعث بن سعيد. 50 29- أعين بن عبد الله العقيلي. 50 30- أنيس بن خالد التميمي. 50 31- أيوب بن خوط. 51 32- أيوب بن عتبة. 51 33- أيوب بن محمد العجلي. 51 34- أيوب بن نهيك الحلبي. "حرف الباء". 51 35- بزيع، أبو الهيثم المروزي. 51 36- بشار بن برد. 53 37- بكر بن الأسود. 54 38- بكر بن الحكم. 54 39- بكر بن خنيس. 55 40- بكير بن شهاب الدامغاني. 55 41- بكير بن شهاب العراقي. 55 42- بكير بن معروف الدامغاني. "حرف الثاء". 56 43- ثابت بن قيس الغفاري. 56 44- ثابت بن يزيد الأحول. "حرف الْجِيمِ". 57 45- جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رِفَاعَةَ العجلي. 57 46- جرير بن حازم بن يزيد الأزدي. 59 47- جعفر بن زياد الأحمر. 60 48- جعفر بن كيسان العدوي. 60 49- جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ. 60 50- جميع بن ثوب السلمي. 61 51- جويرية بن بشير الهجيمي.

61 52- جميل بن عبيد الله الطائي. "حرف الحاء". 61 53- الحارث بن نبهان. 61 54- حبان بن يسار الكلابي. 62 55- حبيب بن أبي حبيب الجرمي. 62 56- حبيب بن حجر القيسي. 62 57- الحارث بن غصين. 62 58- حجاج بن تميم الجزري. 63 59- حجاج بن صفوان المدني. 63 60- الحارث بن النعمان بن سالم الليثي. 63 61- حرب بن سريج المنقري. 64 62- حرب بن شداد اليشكري. 64 - حرب بن أبي العالية. 64 63- حرب بن ميمون أبو الخطاب الأنصاري. 64 64- حرب بن ميمون صاحب الأغمية. 65 65- حرملة بن عمران بن قراد. 65 66- حريز بن عثمان بن جبر الرحبي. 68 67- حزام بن هشام الخزاعي القديدي. 68 68- حسام بن مصك. 68 69- حسان بن نوح النضري. 69 70- الحسن بن أبي جعفر الجفري. 69 71- الحسن بن دينار البصري. 70 72- الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ السَّيِّدِ الْحَسَنِ بْنِ علي. 71 73- الحسن بن صالح بن حي. 74 74- الحسين بن مطير، الشاعر. 76 75- الحسن بن أبي يزيد الهمداني. 76 76- الحسين بن عُقيل العقيلي. 76 77- حشرج بن نُباتة.

77 78- الحكم بن الصلت المدني المؤذن. 77 79- الحكم بن عبد الملك القرشي. 78 80- الحكم بن الوليد الوحاظي الحمصي. 78 81- حماد بن الجعد. 79 82- حماد بن سلمة بن دينار. 83 83- حماد بن أبي ليلى. 84 84- حماد عجرد. 84 85- حماد بن يزيد المقرئ. 84 86- حمزة بن المغيرة بن نشيط. 84 87- حيان بن عبيد الله البصري. "حرف الْخَاءِ". 85 88- خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سليمان الأنصاري. 85 89- خارجة بن مصعب بن خارجة الضبعي. 87 90- خالد بن برمك. 88 91- خَالِدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العدوي العمري. 88 92- خالد بن حميد المهري. 89 93- خالد بن زياد الأزدي الترمذي. 89 94- خالد بن ميسرة. 89 95- خالد بن إلياس العدوي. 90 96- خالد بن يزيد المري الدمشقي. 90 97- خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة. 91 98- خلاد بن سليمان الحضرمي. 91 99- خلف بن المنذر البصري. 91 100- خلف بن إسماعيل الخزاعي. 91 101- خليد بن دعلج السدوسي. 92 102- خليد العصري. 92 103- خليفة بن غالب الليثي. 92 104- الخليل بن أحمد الأزدي الفراهيدي.

"حرف الدَّالِ". 94 105- دَاوُدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ أَبِي الفرات. 94 106- داود بن سنان القرظي. 95 107- داود بن أبي الفرات الكندي. 95 108- داود الطائي. "حرف الراء". 100 109- رافع بن سلمة بن زياد بن أبي الجعد. 101 110- رباح بن يزيد اللخمي الإفريقي. 101 111- الربيع بن مسلم الجمحي. 101 112- الرَّبِيعُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسَانَ. 102 113- ربيعة بن كلثوم بن جبر. 102 114- رجاء بن أبي سلمة أبو المقدام. 103 115- رجاء بن صبيح البصري. 103 116- رستم أبو يزيد الطحان. 103 117- ربطة ابنه السفاح العباسية. "حرف الزاي". 103 118- زائدة بن قدامة الثقفي أبو الصلت. 104 119- زريك بن أبي زريك العطاردي. 104 120- زكريا بن حكيم الحبطي. 105 121- زكريا بن زيد الأشهلي. 105 122- زكريا بن سياه الثقفي. 105 123- زكريا بن أبي العتيك. 106 124- زهير بن محمد التميمي الخرقي. 107 125- زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلاثَةَ الْحَرَّانِيُّ. 107 126- زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّبِيعِ الزِّيَادِيُّ. 108 127- زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَبُو الْجَارُودِ الْكُوفِيُّ الأَعْمَى. 109 128- زيد بن السائب المدني.

"حرف السين". 109 129- سالم بن دينار التميمي. 109 130- سالم بن أبي المهاجر الرقي. 110 131- سالم أبو حماد الكوفي الصيرفي. 110 132- سالم أبو غياث العتكي. 110 133- سرار بن مجشر البصري. 110 134- السري بن يحيى بن إياس الشيباني. 111 135- السري بن ينعم الجبلاني. 111 136- سعد بن طالب الشيباني. 111 137- سعد بن أبي أيوب المصري. 112 138- سعيد بن بشير الأزدي. 112 139- سعيد بن حسين الأزدي. 112 140- سعيد بن خالد الخزاعي. 112 141- سعيد بن راشد المازني السماك. 114 142- سعيد بن زربي الخزاعي. 114 143- سعيد بن زيد بن درهم. 115 144- سعيد بن سابق الرازي. 115 145- سعيد بن سليم الضبي. 115 146- سعيد بن سنان الحمصي. 116 147- سعيد بن عبد العزيز التنوخي. 119 148- سعيد بن مسلم بن يانك. 119 149- سعيد بن مسلم القرشي. 120 150- سعيد بن ميسرة البكري. 120 151- سفيان الثوري. 124 ومن آداب وشمائله وتواضعه وورعه. 129 في معيشته رضي الله عنه. 130 ومن مواعظه. 131 فصل من صدقه.

133 فصل. 133 ومن شيوخه. 134 ومن تلامذته. 135 152- سلام بن مسكين الأزدي النمري. 135 153- سلمة بن العيار الدمشقي. 139 154- سليمان بن أرقم. 137 155- سليمان بن عبيد المازني. 137 156- سليمان بن أبي داود الحمراوي. 137 157- سليمان بن القاسم الجمحي. 137 158- سليمان بن قرم بن معاذ. 138 159- سليمان بن كثير العبدي. 139 160- سليمان بن أبي كريمة. 139 161- سليمان بن المغيرة القيسي. 140 162- سليمان الخواص. 141 163- سهيل بن أبي حزم القطعي. 142 164- سوادة بن أبي الأسود القطان. 142 165- سويد بن إبراهيم البستي الحناط. "حرف الشين". 143 166- شبيب بن شيبة التميمي المنقري. 144 167- شبيب بن مهران القسملي. 144 168- شجرة بن مسلم الدمشقي. 144 169- شعيب بن أبي حمزة الحمصي الأموي. 146 170- شعيب بن زريق الفلسطيني. 147 171- شعيب بن كيسان الكوفي. 147 172- شعيب بن ميمون البزوي. 147 173- شيبان النحوي. 148 174- شيبان بن أبي شيبان المط. 149 175- شيبان الراعي.

"حرف الصَّادِ". 149 176- صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ الأَزْدِيُّ الشاعر. 151 177- صالح بن مرداس العبدي. 152 178- صخر بن جويرية البصري. 152 179- صخر بن جندلة القاضي البيروتي. 152 180- صدقة بن عبد الله الدمشقي السمين. 153 181- صدقة بن موسى البصري الدقيقي. 153 182- صدقة بن هرمز. 154 183- الصعق بن حزن البكري العيشي. "حرف الضاد". 154 184- الضحاك بن نبراس الجهضمي. "حرف الطَّاءِ". 155 185- طُعْمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْعَامِرِيُّ الْكُوفِيُّ. 155 186- طلحة بن قيس الجريري. 155 187- طلحة بن النضر الحداني. "حرف الْعَيْنِ". 155 188- عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بن عمر بن الخطاب. 156 189- عافية القاضي بن يزيد بن قيس الأودي. 157 190- عامر بن شبل الجرمي. 157 191- عباد بن كثير الرملي الفلسطيني. 158 192- عبد الله بن بجير أبو حمران. 158 193- عبد الله بن بحير الصنعاني القاص. 159 194- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المزني. 159 195- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن المسور. 160 196- عبد الله بن حسان العنبري. 160 197- عبد الله بن حسان الفردوسي. 160 198- عبد الله بن الحسين بن عطاء المدني. 160 199- عبد الله بن دكين الكوفي.

173 227- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرؤاسي. 174 228- عبد الرحمن بن شريح المعافري. 174 229- عبد الرحمن بن عامر اليحصبي. 174 230- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ العمري. 175 231- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الله الضرير. 175 232- عبد الرحمن بن نعيم النخعي. 175 233- عبد الرحمن بن نمر اليحصبي. 176 234- عبد الرحمن بن يحيى بن مسور الصدفي. 176 235- عبد الرحيم بن خالد الجمحي المصري. 176 236- عبد الرحمن بن كردم البصري. 177 237- عبد السلام بن حفص أبو مصعب. 177 238- عبد السلام بن عجلان العدوي. 177 239- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي المهاجر. 178 240- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْمَدَنِيُّ أَبُو مودود القاص. 178 241- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سلمة الماجشون. 180 242- عبد العزيز بن مسلم القسملي. 180 243- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حنطب. 181 244- عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي المهاجر. 181 245- عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو مَرْيَمَ الأَنْصَارِيُّ. 182 246- عبد القدوس بن حبيب الكلاعي الحمصي. 183 247- عبد القدوس بن مسلم البصري. 183 248- عبد المجيد بن أبي زريق البصري. 183 249- عبد الملك بن الحسين النخعي الواسطي. 184 250- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَسَنِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ الأموي الأحول. 184 251- عبد الملك بن إبراهيم بن جبر المدني. 184 252- عبد الملك بن قدامة بن إبراهيم الجمحي. 185 253- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَعْدَانَ الضُّبَعِيُّ. 185 254- عبد المؤمن بن خالد الحنيفي.

185 255- عبد المؤمن بن عبيد الله السدوسي. 185 256- عبد الواحد بن سليم المالكي. 186 257- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ المدني. 186 258- عبد ربه بن أبي راشد اليشكري. 187 259- عبد ربه بن عطاء الله القرشي. 187 260- عبده بن أبي برزة السجستاني. 188 261- عباد بن عبد الصمد التميمي. 189 262- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ السَّدُوسِيُّ. 189 263- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ. 189 264- عبيد الله بن حمران العبدي. 190 265- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مروان الأموي. 190 266- عبيد بن سليم العلوي الكوفي. 190 267- عبيدة بن أبي رائطة المجاشعي. 190 268- عتاب بن عبد العزيز الحماني. 192 269- عتبة الغلام بن أبان البصري. 193 270- عتبة بن المنذر العبادي الحمصي. 193 271- عثمان بن الحكم الجذامي المصري. 193 272- عُثْمانُ بنُ طَلْحَةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ الله التيمي. 194 273- عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عُمَر بْن سعد بْن أَبِي وقّاص. 195 274- عثمان بن عمرو بن ساج القرشي. 195 275- عثمان بن موسى بن يقطر البصري. 195 276- عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْد اللَّه العدوي. 195 277- عثمان بن مقسم البري الكندي. 196 278- عدي بن الفضل. 197 279- عصام بن بشير الكعبي. 197 280- عصام بن طليق الطفاوي. 198 281- عطاء المقنع. 199 282- عفير بن معدان.

199 283- عقبة بن أبي الصهباء الباهلي. 200 284- عقبة بن أبي الحسناء. 200 285- عقبة بن عبد الله الرفاعي. 201 286- عقبة بن نافع المعافري. 201 287- عكرمة بن إبراهيم الأزدي القاضي. 201 288- العلاء بن زيدل الثقفي. 202 289- العلاء بن هارون الواسطي. 202 290- علي بن حوشب الفزاري الدمشقي. 203 291- علي بن علي بن نجاد الرفاعي. 203 292- علي بن علي القرشي الكوفي. 204 293- علي بن علي الحميري قاضي الري. 204 294- عمار بن سيف الضبي. 204 295- عمارة بن زاذان البصري الصيدلاني. 205 296- عمر بن العلاء بن عمار المازني. 206 297- عمر بن عمرو الأحموسي. 206 298- عمران بن زيد التغلبي الملائي. 206 299- عمران بن قدامة العمي البصري. 207 300- عِمْرَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ المخزومي. 207 301- عمرو بن حريث العراقي الكوفي. 208 302- عمرو بن العلاء اليشكري البصري. 208 303- عمرو بن أبي قيس الكوفي الأزرق. 208 304- عمرو بن يزيد أبو بردة التميمي. 208 305- عنبسة بن سعيد الأسدي الكوفي. 209 - عنبسة بن سعيد البصري. 209 - عنبسة بن سعيد الكلاعي. 209 306- عنبسة بن سعيد أخو أبي الربيع السمان. 209 307- عيسى بن أيوب القيني. 210 308- عيسى بن صدقة بن عباد اليشكري.

210 309- عيسى بن الضحاك الكندي. 210 310- عيسى بن علي الأمير الهاشمي العباسي. 211 311- عيسى بن مسلم الطهوي. 211 312- عيسى بن موسى الهاشمي العباسي ولي العهد. 212 313- عيسى بن ميمون المدني الواسطي. 213 - عيسى بن ميمون المدني. 213 314- عيسى بن يزيد الأزرق. "حرف الغين". 213 315- غوث بن سليمان الحضرمي. 213 316- غياث بن إبراهيم الطوفي. "حرف الفاء". 214 317- فتح الموصلي. 216 318- فرات بن السائب بن سليمان الجزري. 216 319- فضال بن جبير الغداني. 217 320- الفضل بن مهلهل الزاهد الكوفي. 217 321- فضيل بن مرزوق الكوفي العنزي. 217 322- فليح بن سليمان بن أبي المغيرة. "حرف القاف". 220 323- القاسم بن الفضل الأزدي الحداني. 221 324- قريش بن حيان العجلي. 221 325- قُطْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ الأَسَدِيُّ. 221 326- قطري الخشاب. 221 327- قيس بن الربيع. "حرف الْكَافِ". 223 328- كَثِيرُ بْنُ سُلَيْمٍ الضَّبِّيُّ الْمَدَائِنِيُّ. 223 329- كثير بن عبد الله السامي الناجي. 224 330- كثير بن عبد الله بن عمرو اليشكري. 225 331- كلثوم بن زياد المحاربي.

225 332- كوثر بن الحكيم الهمداني. 226 333- كيسان الفزاري القصار. "حرف الميم". 226 334- مالك بن الهيثم الخزاعي المروزي. 227 335- مبارك بن فضالة بن أبي أمية. 228 336- مبشر بن مكسر القيسي. 228 337- مبشر بن عبيد الكوفي الحمصي. 229 338- محمد بن أبان بن صالح القرشي. 230 - محمد بن أبان الجعفي. 230 339- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ مِهْرَانَ. 230 340- محمد بن إسماعيل بن رجاء الزبيدي. 231 341- محمد بن أعين أبو العلانية. 231 342- محمد بن بشر بن بشير الأسلمي. 232 343- محمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري. 232 344- محمد بن الحارث الثقفي. 232 345- مُحَمَّدُ بْنُ حِطَّانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ. 232 346- محمد بن خوط المدني.. 232 347- محمد بن راشد المكحولي الدمشقي. 233 348- محمد بن راشد البصري القرشي. 234 349- محمد بن الزبير القرشي. 234 350- محمد بن أبي سارة. 234 351- محمد بن سليم أبو هلال. 235 352- محمد بن سليم الطائفي. 235 353- محمد بن سليم. 235 354- محمد بن سليم الخراساني البلخي. 235 355- محمد بن صالح بن دينار المدني التمار. 236 356- محمد بن صالح المدني الأزرق. 236 357- محمد بن طلحة بن مصرف اليامي.

237 358- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عمير الليثي. 237 359- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلاثَةَ الْقَاضِي. 239 360- المهدي الخليفة العباسي. 247 361- محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني النحوي. 247 362- محمد بن عبد الرحمن بن مجبر العدوي العمري. 248 363- محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الحجبي المكي. 248 364- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ الأوقص. 248 365- محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري العوفي. 249 366- محمد بن عبد العزيز التيمي الكوفي. 249 367- محمد بن عبد الملك الأنصاري الضرير. 249 368- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ الواقفي. 250 369- محمد بن عمران الحجبي. 251 370- محمد بن عيسى الهلالي. 251 371- محمد بن القاسم الطائي الحمصي. 251 372- محمد بن مطرف بن داود. 252 373- محمد بن مهاجر بن أبي مسلم الأنصاري الحمصي. 252 374- محمد بن مهاجر القرشي الكوفي. 252 375- محمد بن مهاجر بن عامر الأسدي. 253 376- محمد بن مهزم العبدي الشعاب. 253 377- محمد بن هلال المدني الجمحي. 253 378- محمد بن يزيد البصري المدني. 253 379- مخارق بن عفان العابد. 253 380- مخلد بن الضحاك الشيباني. 254 381- مرجى بن رجاء اليشكري. 254 382- مسكين بن دينار الشقري. 254 - مسلم بن قعنب. 254 383- مسور بن الصلت. 255 384- مِسْوَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يربوع.

255 385- مصاد بن عقبة. 255 386- مطر بن عبد الرحمن البصري الأعنق. 255 387- مطيع بن إياس الليثي الشاعر. 256 388- مطيع بن ميمون العنبري. 256 389- معارك بن عباد العبدي. 257 390- معاوية بن سلام بن ممطور الحبشي. 257 391- معروف بن مشكان المكي المقرئ. 258 392- معقل بن عبيد الله الجزري. 258 393- معلى بن راشد النبال. 258 - المغيرة بن خبيب بن ثابت الأسدي. 259 394- الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الْبَصْرِيُّ. 259 395- المفضل بن محمد الضبي الكوفي المقرئ. 260 396- مفضل بن مهلهل السعدي. 261 - المفضل بن لاحق. 261 - المفضل بن يونس الكوفي. 261 397- مندل بن علي العنزي الكوفي. 262 398- موسى بن خلف العمي البصري. 262 399- مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْمِصْرِيُّ. 262 400- مُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحِ بْنِ نُصَيْرٍ اللخمي. 264 401- موسى الهادي الخليفة العباسي. 265 402- موسى بن مطير الكوفي. "حَرْفُ النُّونِ". 266 403- نَافِعُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الله القرشي الجمحي. 266 404- نافع بن أبي نعيم أبو رويم المقرئ. 268 405- نافع بن يزيد الكلاعي المصري. 268 406- نافع أبو هرمز البصري الجمال. 269 - نجيح أبو معشر. 269 407- نصر بن حرب المهلبي الأمير.

269 408- نصر بن طريف أبو جزء الباهلي. 270 409- النضر بن عربي الباهلي الجزري. 270 410- نهشل بن سعيد الخراساني. "حرف الهاء". 271 411- هارون بن كثير. 271 412- هارون بن موسى النحوي الأعور. 271 413- هريم بن سفيان البجلي الكوفي. 272 414- هذيل بن بلال الفزاري المدائني. 272 415- الهذيل بن الحكم الأزدي البصري. 272 416- هِشَامُ بْنُ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ. 273 - هشام بن سعد. 274 417- همام بن يحيى بن دينار العوذي. 274 418- الهيثم بن جمار البصري البكاء. "حرف الواو". 275 419- ورقاء بن عمر بن كليب اليشكري. 276 420- الوليد بن كامل أبو عبيدة البجلي الحمصي. 276 421- وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي. "حرف الْيَاءِ". 277 422- يَاسِينُ بْنُ مُعَاذٍ الزَّيَّاتُ الْكُوفِيُّ. 277 423- يحيى بن أزهر البصري. 278 424- يحيى بن إسماعيل بن سالم الأسدي. 278 425- يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي المهاجر. 278 426- يحيى بن أيوب الغافقي المصري. 280 427- يحيى بن سلمة بن كهيل الحضرمي. 281 428- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الأنصاري. 281 429- يحيى بن العلاء البجلي الرازي. 282 430- يحيى بن عمرو بن مالك النكري. 283 431- يحيى بن عمير البزاز.

283 432- يحيى بن المتوكل المدني الضرير الحذاء. 284 433- يحيى بن المهلب أبو كدينة البجلي. 284 434- يحيى بن موسى القتبي البصري. 284 435- يزيد بن إبراهيم التستري. 285 436- يزيد بن بزيع الرملي. 285 437- يزيد بن حاتم بن قبيصة الأمير المهلبي. 285 438- يزيد بن حيان البلخي. 286 439- يزيد بن ربيعة الرحبي الصنعاني. 286 440- يزيد بن زِيَادٍ الدِّمَشْقِيُّ. 286 441- يَزِيدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ ذِي عصوان الداراني. 287 442- يزيد بن السمط الدمشقي. 287 443- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ الْحِمَّانِيُّ. 288 444- يزيد بن عبد الملك النوفلي. 288 445- يزيد بن عياض بن جعدبة الليثي. 289 446- يعقوب بن أبي سلمة الماجشون. 289 447- يعقوب بن محمد بن طحلاء. 289 448- يعلى بن الحارث المحاربي. 289 449- يمان بن المغيرة البصري. 290 450- يوسف بن عبدة الأزدي القصاب. "الكنى". 290 451- أبو إسحاق الحميسي. 290 452- أبو إسرائيل الملائي الكوفي. 291 453- أبو الأشهب العطاردي. 292 454- أبو الأشهب النخعي. 292 455- أبو أويس الأصبحي، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْسِ. 293 - أبو بردة، عمرو بن يزيد التميمي. 293 456- أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْن أبي سبرة القرشي. 295 457- أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَطَاءِ بْنِ مُقَدَّم البصري.

295 458- أبو بكر الهذلي سلمى بن عبد الله بن سلمى. 296 459- أبو بكر النهشلي. 296 - أبو الجمل اليمامي. 296 460- أبو جناب البصري القصاب عون بن ذكوان الحرشي. 297 461- أبو حفص عمر بن العلاء المازني. 297 462- أبو حمزة السكري محمد بن ميمون المروزي. 298 463- أبو حمزة الأبلي العطار. 298 464- أَبُو الرَّبِيعِ الْبَصْرِيُّ السَّمَّانُ أَشْعَثُ بْنُ سَعِيدٍ. 299 465- أبو سعيد المؤدب محمد بن مسلم بن أبي الوضاح. 299 466- أبو شيبة العبسي قاضي واسط إبراهيم. 300 467- أبو عبيد الله وزير المهدي معاوية بن عبيد الله. 302 468- أبو عزة الدباغ الحكم بن طهمان. 302 469- أبو العطوف الجزري الكعبي. 303 470- أبو المثنى الخزاعي الكعبي. 303 471- أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي. 305 472- أبو هلال محمد بن سليم الراسبي. 305 473- أبو يحيى صاحب السقط رجاء بن صبيح. 307 فهرس الموضوعات.

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب ... 161 200- عبد الله بن زيد بن أسلم. 161 201- عبد الله بن سليمان الأسلمي القبائي. 161 202- عبد الله بن سليمان النوفلي. 162 - عبد الله بن عبد الله أبو أوبس المديني. 162 203- عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي. 162 204- عبد الله بن العلاء بن خالد. 163 205- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ الرِّبْعِيُّ الدمشقي. 163 206- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيُّ. 164 207- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ. 164 208- عبد الله بن كيسان المروزي. 164 209- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو طِيبَةَ السُّلَمِيُّ العامري. 165 210- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ وَهْبِ اللَّهِ المخزومي. 166 211- عبد الله بن واقد الهروي. 166 212- عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفي. 166 213- عبد الأعلى بن أعين الشيباني. 167 214- عبد الأعلى بن أبي المساور. 167 215- عبد الجبار بن عمر الأيلي. 168 216- عبد الجبار بن العباس الشبامي الهمداني. 169 217- عبد الجبار بن الورد المكي. 169 218- عبد الحكم بن أعين بن ليث. 169 219- عبد الحميد بن بهرام الفزاري. 170 220- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ. 170 221- عبد الحميد بن عطاء الخولاني. 170 222- عبد الرحمن بن إبراهيم القاص. 171 223- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ الْعُقَيْلِيُّ. 171 224- عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة. 172 225- عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي. 173 226- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ.

المجلد الحادي عشر

المجلد الحادي عشر الطبقة الثامنة عشرة أحداث سنة إحدى وسبعين ومائة ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة الثامنة عشرة: أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ الْمَدِينِيُّ، وَحِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ، بِخُلْفٍ، وَخَدِيجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا، وَأَبُو الْمُنْذِرِ سَلامٌ الْقَارِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، وَعَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْبَصْرِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّمَّاحُ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الْبَصْرِيُّ، بِخُلْفٍ، وَيَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيُّ، فِي قَوْلٍ، وَأَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ عَبْدُ رَبِّهِ، فِيهَا أَوْ فِي الآتِيَةِ. عَزْلُ الْفَضْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَوَفَاتُهُ: وَفِيهَا قَدِمَ الأَمِيرُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ الطُّوسِيُّ مَعْزُولا عَنْ نِيَابَةِ خُرَاسَانَ، فَصَيَّرَهُ الرَّشِيدُ عَلَى خَتْمِ الْخِلافَةِ، وَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ، فَدَفَعَ الْخَاتَمَ إِلَى يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكٍ مَعَ الْوِزَارَةِ1. ضَرْبُ عُنقِ أَمِيرِ الْجَزِيرَةِ: وَفِيهَا أَمَرَ الرَّشِيدُ أَبَا حَنِيفَةَ بْنَ قَيْسٍ فَضَرَبَ عُنقَ أَمِيرِ الْجَزِيرَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُحَمَّدِ بْنِ فَرُّوخٍ2. إِخْرَاجُ الرَّشِيدِ الْعَلَوِيِّينَ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ: وَفِيهَا أَخْرَجَ هَارُونُ الرَّشِيدُ مَنْ كَانَ بِبَغْدَادَ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، سِوَى الْعَبَّاسِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العباس ابن الإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَكَانَ أَبُوهُ حَسَنٌ فِي مَنْ أُخْرِجَ3. سَفَرُ الْخَيْزُرَانِ لِلْحَجِّ: وفي رمضان سارت السَّيِّدَةُ الْخَيْزُرَانُ لِلْحَجِّ، وَكَانَ أَمِيرُ الْمَوْسِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ. وَأَقَامَتِ الْخَيْزُرَانُ بِمَكَّةَ نَحْوَ الشهر.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 235"، والكامل في التاريخ "6/ 114". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 235". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 235".

أحداث سنة اثنتين وسبعين ومائة، أحداث سنة ثلاث وسبعين ومائة

أحداث سنة اثنتين وسبعين ومائة، أحداث سنة ثلاث وسبعين ومائة: أحداث سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فَمَاتَ فِيهَا: الْحَسَنُ بْنُ عَيَّاشٍ أَخُو أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ بِالْكُوفَةِ، وَرَوْحُ بْنُ مُسَافِرٍ الْبَصْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ، بِخُلْفٍ، وَصَاحِبُ الأَنْدَلُسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّاخِلِ الأُمَوِيُّ، وَابْنُ عَمِّ الْمَنْصُورِ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَابْنُ عَمِّهِ الآخَرُ الْفَضْلُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، بِخُلْفٍ. وَالْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُغِيرَةَ الْمِصْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنُ كهيل، بخلف. إمارة عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَهْدِيِّ عَلَى أَرْمِينِيَّةَ: وَفِيهَا عَزَلَ الرَّشِيدُ عَنْ أَرْمِينِيَّةَ يَزِيدَ بْنَ مَزْيَدٍ الشَّيْبانِيَّ، وَأَمَّرَ عَلَيْهَا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْمَهْدِيِّ1. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ يَعْقُوبُ بْنُ المنصور. أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: مَاتَ فِيهَا: إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا الْخُلْقَانِيُّ، وَجُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ، وَأُمُّ الرَّشِيدِ الْخَيْزُرَانُ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، وَسَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، وَالسَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ الشَّاعِرُ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَطُلَيْبُ بْنُ كَامِلٍ اللَّخْمِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَالأَمِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَقَاضِي مَرْوٍ نُوحٌ الْجَامِعُ. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ هَارُونُ الرَّشِيدُ2. إِمَارَةُ الْعَبَّاسِ بْنُ جَعْفَرٍ عَلَى خُرَاسَانَ: وَعُزِلَ عَنْ إِمْرَةِ خُرَاسَانَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَشْعَثَ، وَأُمِّرَ وَلَدُ الْمَعْزُولِ الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ3.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 236". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 238". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 239".

أحداث سنة أربع وسبعين ومائة، أحداث سنة خمس وسبعين ومائة

أحداث سنة أربع وسبعين ومائة، أحداث سنة خمس وسبعين ومائة: أحداث سنة أربع وسبعين ومائة: فممات: بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ الْمِصْرِيُّ، وَالأَمِيرُ رَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيُّ، وَقَاضِي مِصْرَ وَعَالِمُهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَنُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَيَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، بِخُلْفٍ. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ أَيْضًا أَمِيرُ المؤمنين. أحداث سَنَةُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فَمَاتَ فِيهَا: حَرَمُ بْنُ أَبِي حَرَمٍ الْقُطَعِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ فُضَيْلٍ الْوَاسِطِيُّ، وَالْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، فِيمَا قِيلَ، وَقَدْ مَرَّ، وَخَشَّافٌ الْكُوفِيُّ فَقِيهُ مِصْرَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ الْمَسْعُودِيُّ الْكُوفِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَقِيهُ مِصْرَ، والهِقْل بْنُ زِيَادٍ، فِي قَوْلٍ. عَقْدُ الْبَيْعَةِ لِمُحَمَّدٍ الأَمِينِ: وَفِيهَا كَانَ عَقْدُ الْبَيْعَةِ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ لابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ مُحَمَّدٍ، وَلُقِّبَ بِالأَمِينِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ خَمْسُ سِنِينَ, فَكَانَ هَذَا أَوَّلُ وَهْنٍ1 جَرَى فِي دَوْلَةِ الإِسْلامِ مِنْ حَيْثُ الإِمَامَةِ, حَرَصَتْ أُمُّهُ زُبَيْدَةُ بِنْتُ جَعْفَرِ بْنِ الْمَنْصُورِ حَتَّى تَمَّ ذَلِكَ, وَأَرْضَوُا

_ 1 وهن أي ضعف.

الْعَسْكَرَ بِأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، فَسَكَتُوا1. ظُهُورُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ بِالدَّيْلَمِ: وَفِيهَا صَارَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ الْعَلَوِيُّ إِلَى بِلادِ الدَّيْلَمِ، ثُمَّ تَحَرَّكَ هُنَاكَ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ وَطَلَبَ الْخِلافَةَ, وَأَسْرَعَ إِلَيْهِ الشِّيعَةُ مِنَ الأَمْصَارِ، فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ الرَّشِيدُ وَأُبْلِسَ، وَاشْتُغِلَ عَنِ الشُّرْبِ وَاللَّهْوِ، وَنَدَبَ لِحَرْبِهِ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ فِي خَمْسِينَ أَلْفًا مِنَ الْخُرَاسَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِمُ الذَّهَبَ الْعَظِيمَ، فَانْحَلَّتْ عَزَائِمُ يَحْيَى الْمَذْكُورِ، وَطَلَبَ الصُّلْحَ وَالأَمَانَ، فَسُرَّ بذَلِكَ الرَّشِيدُ وَكَتَبَ لَهُ أَمَانًا، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْكِبَارَ، وَنَفَّذَهُ مَعَ تُحَفٍ وَهَدَايَا وَمَالٍ جَلِيلٍ، فَفَرِحَ يَحْيَى وَاطْمَأَنَّ، وَوَفَدَ عَلَى الرَّشِيدِ، فَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِ وَعَطَايَاهُ2. ثُمَّ إِنَّهُ بَعْدُ سَجَنَهُ، فَاعْتَلَّ، فَقِيلَ سُقِيَ السُّمَّ، وَلَمْ يَصِحُّ. وَيُقَالُ: حَبَسَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيُطْلِقُهُ. وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي وَصَلَ إِلَى يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الرَّشِيدِ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ. خَبَرُ الْيَمِينِ الَّذِي أَقْسَمَهُ الزُّبَيْرِيُّ وَالْعَلَوِيُّ: وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ افْتَرَى3 عَلَيْهِ لِبُغْضِهِ لِلطَّالِبِيَّةِ، وَزَعَمَ أنَّهُ طَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ، فَبَاهَلَهُ يَحْيَى بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ وَقَامَ، فَمَاتَ الزُّبَيْرِيُّ لِيَوْمِهِ, وَكَانَ يَحْيَى قَدْ طَلَبَ مُبَاهَلَتَهُ وَشَبَّكَ يَدَهُ فِي يَدِهِ وَقَالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ لَمْ يَدْعُنِي إِلَى الْخِلافِ وَالْخُرُوجِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا، فَكِلْنِي إِلَى حَوْلِي وَقُوَّتِي وَاسْخَتْنِي بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِكَ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: فَتَلَجْلَجَ4 الزُّبَيْرِيُّ وَقَالَهَا, وَلَمَّا قَالَ يَحْيَى مِثْلَهُ ما تلجلج5.

_ 1 انظر، تاريخ الطبري "8/ 240". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 241، 242-244". 3 افترى أي كذب. 4 أي تردد في كلامه ولم يبين. 5 انظر تاريخ الطبري "8/ 246".

هَيَاجُ الْعَصَبِيَّةِ بِالشَّامِ: وَفِيهَا هَاجَتِ الْعَصَبِيَّةُ بِالشَّامِ بين القيسية واليمانية, كان كَبِيرُ النَّزَارِيَّةِ يَوْمَئِذٍ الأَمِيرُ أَبُو الْهَيْذَامِ الْمُرِّيُّ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ عَلَى إِمْرَةِ الشَّامِ مُوسَى ابْنُ وَلِيِّ الْعَهْدِ عِيسَى بْنِ مُوسَى، فَاسْتَعْمَلَ الرَّشِيدُ عَلَى الشَّامِ مُوسَى بْنَ يَحْيَى الْبَرْمَكِيَّ، فَقَدِمَ وَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ1. إِمَارَةُ الْغِطْرِيفِ بْنِ عَطَاءٍ عَلَى خُرَاسَانَ: وَفِيهَا عَزَلَ الرَّشِيدُ عَنْ خُرَاسَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَمَّرَ عَلَيْهَا خَالَهُ الْغِطْرِيفَ بْنَ عَطَاءٍ. إِمَارَةُ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ عَلَى مِصْرَ: وَأَمَّرَ عَلَى دِيَارِ مِصْرَ جَعْفَرَ بن يحيى البرمكي2.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 251". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 252".

أحداث سنة ست وسبعين ومائة

أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: أَبُو وَكِيعٍ الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ الرُّؤَاسِيُّ، وَالْقَاضِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، وَصَالِحٌ الْمُرِّيُّ، بِخُلْفٍ، وَصَالِحُ بْنُ الْخَلِيفَةِ الْمَنْصُورِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ الْوَضَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. الْحَرْبُ بَيْنَ الْيَمَانِيَّةِ وَالْقَيْسِيَّةِ فِي الشَّامِ: وَفِيهَا هَاجَ الْحَرْبُ بِالشَّامِ بَيْنَ الْيَمَانِيَّةِ وَالْقَيْسِيَّةِ، وَاشْتَدَّ الْخَطْبُ1، وَنَشَأَتْ بَيْنَهُمْ أَحْقَادٌ وَإِحَنٌ إِلَى وَقْتِنَا، وَبَقِيَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ دِمَاءٌ يَهِيجُونَ لَهَا كُلَّ حِينٍ. فَتْحُ مَدِينَةِ دِبْسَةَ: وَفِيهَا فُتِحَتْ مَدِينَةُ دِبْسَةُ، وَلَهَا قِصَّةٌ يَطُولُ شَرْحُهَا, افتتحها الأمير عبد الرحمن ابن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيُّ، وَمَعَهُ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هبيرة الفزاري.

_ 1 أي: الحال.

أحداث سنة سبع وسبعين ومائة، أحداث سنة ثمان وسبعين ومائة

أحداث سنة سبع وسبعين ومائة، أحداث سنة ثمان وسبعين ومائة: أحداث سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ الْمَدِينِيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ الزَّاهِدُ، فِيمَا قِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ الْحَرَّانِيُّ، وَهَيَّاجُ بْنُ بِسْطَامٍ الْهَرَوِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ الْيَشْكُرِيُّ مُعْتِقُ أَبِي عَوَانَةَ. وِلايَةُ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَلَى مِصْرَ: وَفِيهَا عَزَلَ الرَّشِيدُ جَعْفَرَ الْبَرْمَكِيَّ عَنْ مِصْرَ بِإِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ1. وِلايَةُ الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى عَلَى خُرَاسَانَ: وَعَزَلَ حَمْزَةَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ خُرَاسَانَ، وَوَلاهَا الْفَضْلَ بْنَ يَحْيَى الْبَرْمَكِيَّ، مَعَ سِجِسْتَانَ وَالرِّيِّ2. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمَ: وَفِيهَا حَجَّ الرَّشِيدُ بِالنَّاسِ3. أحداث سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ الْكُوفِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، وَخَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ وَالصَّحِيحُ قَبْلَ هَذَا بِعَشْرِ سِنِينَ، وَعُلَيْلَةُ بْنُ بَدْرٍ الْبَصْرِيُّ، وَعَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَبُو عَلِيٍّ الْمَدِينِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بِالْمِصِّيصَةِ، ومفضل بن يونس، يقال فيها.

_ 1 أي: الحقد. 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 225". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 225".

فِتْنَةُ الْحَوْفِيَّةِ بِمِصْرَ: وَفِيهَا هَاجَتِ الْحَوْفِيَّةُ بِدِيَارِ مِصْرَ مِنْ قَيْسٍ وَقُضَاعَةَ، فَوَثَبُوا بِنَائِبِ الرَّشِيدِ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ فَقَاتَلُوهُ، فَوَجَّهَ الرَّشِيدُ جَيْشًا مَعَ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ فَخَمَدَتِ الْفِتْنَةُ1. وِلايَةِ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ عَلَى مِصْرَ: ثُمَّ وَلَّى مِصْرَ هَرْثَمَةَ بْنَ أَعْيَنَ، ثُمَّ عُزِلَ بَعْدَ شَهْرٍ بِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ الْهَاشِمِيِّ2. فِتْنَةُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ: وَفِيهَا وَثَبَتْ أَهْلُ الْمَغْرِبِ فَقَتَلُوا مُتَولِّيَ إِفْرِيقِيَا الْفَضْلَ بْنَ رَوْحِ بْنِ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبيَّ، وَطَرَدُوا مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ آلِ الْمُهَلَّبِ، فَبَادَرَ إِلَيْهَا هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ، وَكَانَ شُجَاعًا مَهِيبًا، فَذَلُّوا وَأَذْعَنُوا بِالطَّاعَةِ3. تَفْوِيضُ أُمُورِ الْمَمَالِكِ لِيَحْيَى بْنِ خَالِدٍ: وَفِيهَا فَوَّضَ الرَّشِيدُ جَمِيعَ أُمُورِ مَمَالِكِهِ إِلَى يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيِّ. خُرُوجُ الْوَلِيدِ بْنِ طَرِيفٍ الشَّارِي: وَفِيهَا خَرَجَ بِالْجَزِيرَةِ الْوَلِيدُ بْنُ طَرِيفٍ الشَّارِي4 مُحَكِّمًا، يَعْنِي قَالَ: لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ, وَفَتَكَ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ خَازِمِ بْنِ خُزَيْمةَ بِنَصِيبِينَ، وَسَارَ إِلَى أَرْمِينِيَّةَ، إِلَى أَنْ جَاءَ الْخَبَرُ بِمَوْتِهِ5. مَسِيرُ الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى إِلَى خُرَاسَانَ: وَفِيهَا سَارَ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ إِلَى خُرَاسَانَ فَعَدَلَ في الناس، وأحسن السيرة، وتهيأ للجهاد فغزوا مَا وَرَاءَ النَّهْرِ, وَاسْتَخْدَمَ جَيْشًا عَظِيمًا. وَفِيهِ يَقُولُ مَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْجُودَ مِنْ لَدُنِ آدَمَ ... تَحَدَّرَ6 حَتَّى صَارَ فِي رَاحَةِ الْفَضْلِ إِذَا مَا بَنُو الْعَبَّاسِ تَرَامَتْ سَمَاؤُهُمْ ... فَيَا لَكَ مِنْ هَطْلٍ وَيَا لَكَ مِنْ وَبْلِ وَلِمَرْوَانَ فِيهِ عِدَّةُ قَصَائِدَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ, فَنَالَ مِنَ الْفَضْلِ سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقِيلَ إِنَّ الأَمِيرَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ جِبْرِيلَ سَارَ مَعَ الْفَضْلِ إِلَى خُرَاسَانَ، فَعَقَدَ لَهُ عَلَى سِجِسْتَانَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى كَابُلَ فَغَزَا وَفَتَحَ وَغَنِمَ، فَوَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ سَبْعَةُ آلافِ أَلْفٍ, فَلَمَّا رَجَعَ الْفَضْلُ مِنْ خُرَاسَانَ بَعْدَ أَنْ مَهَّدَهَا تَلَقَّاهُ الرَّشِيدُ وَالدَّوْلَةُ، فَكَانَ رُبَّمَا وَصَلَ الرَّجُلَ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَبِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ كَانَ سَخِيًّا.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 225"، والكامل "6/ 140". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 265"، والكامل "6/ 141". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 256"، والكامل "6/ 141". 4 انظر تاريخ الطبري "8/ 256". 5 أي: واحد من الخوارج. 6 تحدر أي تتابع.

أحداث تسع وسبعين ومائة

أحداث تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ الْحِمْصِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ الإِمَامُ، وَفَقِيهُ دِمَشْقَ هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ طَرِيفٍ الْخَارِجِيُّ، وَأَبُو الأَحْوَصُ سَلامُ بْنُ سُلَيْمٍ. إِمَارَةُ مَنْصُورِ الْحِمْيَرِيِّ عَلَى خُرَاسَانَ: وفيها ولي إمرة خُرَاسَانَ مَنْصُورُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَنْصُورِ الْحِمْيَرِيُّ1. خُرُوجُ الْوَلِيدِ بْنِ طَرِيفٍ مِنْ جَدِيدٍ: وَفِيهَا رَجَعَ الْوَلِيدُ بْنُ طَرِيفٍ الشَّارِي بِجُمُوعِهِ مِنْ نَاحِيَةِ أَرْمِينِيَّةَ إِلَى الْجَزِيرَةِ، وَقَدِ اشْتَدَّتْ بَلِيَّتُهُ وَكَثُرَ جَيْشُهُ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ يَزِيدُ بْنُ مَزْيَدَ الشَّيْبَانِيُّ، فَرَاوَغَهُ2 يَزِيدُ ثُمَّ الْتَقَاهُ عَلَى غِرَّةٍ بقرب هيت فقتله ومزق جمعه3.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 261"، والكامل "6/ 149". 2 المراوغة أي: المخادعة. 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 261"، والكامل "6/ 141".

وَفِي ذَلِكَ تَقُولُ الْفَارِعَةُ أُخْتُ الْوَلِيدِ: أَيَا شجر الخابور ما لك مُورِقًا ... كَأَنَّكَ لَمْ تَجْزَعْ عَلَى ابْنِ طَرِيفِ فَتًى لا يُحِبُّ الزَّادَ إِلا مِنَ التُّقَى ... وَلا الْمَالَ إِلا مِنْ قِنًى وَسُيُوفِ حَلِيفُ الندى ما عاش يرض به الندى ... فإن مات لم يرضى النَّدَى بِحَلِيَفِ أَلا يَا لِقَوْمِي لِلْحِمَامِ وَلِلْبِلَى ... وَلِلأَرْضِ هَمَّتْ بَعْدَهُ بِرُجُوفِ أَلا يَا لِقَوْمِي لِلنَّوَائِبِ1 وَالرَّدَى ... وَدَهْرٍ مُلِحٍّ بِالْكَلامِ عَنِيفِ فَإِنْ يَكُ أَرْدَاهُ يَزِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ ... فَرُبَّ زُحُوفٍ لفها بزحوف عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ وَقْفًا فَإِنَّنِي ... أَرَى الْمَوْتَ وَقَّاعًا بِكُلِّ شَرِيفِ عُمْرَةُ الرَّشِيدِ وَحَجُّهُ: وَفِيهَا اعْتَمَرَ الرَّشِيدُ فِي رَمَضَانَ، وَدَامَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى أَنْ حَجَّ، وَمَشَى مِنْ بُيُوتِهِ إِلَى عَرَفَاتٍ2. إِمْرَةُ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ عَلَى الْمَغْرِبِ: وَفِي رَبِيعِ الأَوَّلِ قَدِمَ هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ أَمِيرًا عَلَى الْقَيْرَوانِ وَالْمَغْرِبِ فَأَمَّنَ النَّاسَ وَسَكَنُوا وَأَحْسَنَ سِيَاسَتَهُمْ, وَكَانَتْ لَهُ هَيْبَةٌ عَظِيمَةٌ, فَبَنَى الْقَصْرَ الْكَبِيرَ الْمُلَقَّبَ بِالْمَنِسْتِيرِ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَبَنَى سُورَ طَرَابُلْسَ الْمَغْرِبِ, ثُمَّ إِنَّهُ رَأَى كَثْرَةَ الأَهْوَاءِ وَالاخْتِلافِ بِالْمَغْرِبِ فَطَلَبَ مِنَ الرشيد أن يعفيه, وألح في ذلك.

_ 1 أي المصائب. 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 261".

أحداث سنة ثمانين ومائة

أحداث سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ السُّلَمِيُّ الْوَاعِظُ، وَحَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُقْرِئُ، وَرَابِعَةُ الْعَدَوِيَّةُ، وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، بِخُلْفٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ الْمَكِّيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الضَّالُّ، وَصَاحِبُ الأَنْدَلُسِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُمَوِيُّ، وَأَبُو الْمُحَيَّاهِ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّمِيمِيُّ، وَيُقَالُ: فِيهَا مَاتَ سِيبَوَيْهِ شَيْخُ النَّحْوِ. هَيَاجُ الْعَصَبِيَّةِ بِالشَّامِ: وَفِيهَا هَاجَتِ الْعَصَبِيَّةُ بَيْنَ قَيْسٍ وَيَمَنَ بِالشَّامِ، وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ، وَعَظُمَ الْخَطْبُ1. استيطان الرشيد بالرقة: وَفِيهَا سَارَ الرَّشِيدُ إِلَى الْمَوْصِلِ، ثُمَّ إِلَى الرَّقَّةِ مُدَّةً، وَعَمَّرَ بِهَا دَارَ الْمُلْكِ. الزَّلْزَلَةُ بِمِصْرَ: وَفِيهَا كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ الْعُظْمَى سَقَطَ فِيهَا رَأْسُ مَنَارَةِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ2. خُرُوجُ خُرَاشَةَ الشَّيْبَانِيِّ: وَفِيهَا خَرَجَ خُرَاشَةُ الشَّيْبَانِيُّ مُحَكِّمًا بِالْجَزِيرَةِ، فَقَتَلَهُ مُسْلِمُ بْنُ بَكَّارٍ الْعُقَيْلِيُّ. خُرُوجُ الْمُحَمِّرَةُ بِجُرْجَانَ: وَفِيهَا خَرَجَتِ الْمُحَمِّرَةُ بِجُرْجَانَ، هَيَّجَهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ زِنْدِيقٌ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَمْرَكِيُّ، فَقُتِلَ بِأَمْرِ الرَّشِيدِ بِمَرْوٍ. اسْتِخْلافُ الرَّشِيدِ لِلأَمِينِ عَلَى بَغْدَادَ: وَفِيهَا اسْتَخْلَفَ الرَّشِيدُ عَلَى بَغْدَادَ وَلَدَهُ الأَمِينَ. الْحَجُّ هَذَا الْمَوْسِمِ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ مُوسَى بن عيسى العباسي. والله أعلم.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 262"، والكامل "6/ 151". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 266"، والكامل "7/ 152".

تراجم هذه الطبقة مرتبة على حروف المعجم

تراجم هذه الطبقة مرتبة على حروف الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدِ الرُّؤَاسِيُّ الْكُوفِيُّ1 -خ. م. ت. ن- شَيْخٌ ثِقَةٌ. يروي عن: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وهشام بن عُرْوَةَ، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ. وعنه: شهاب بن عباد، وإسحاق بن منصور السلولي، وزكريا بن عدي، وغيرهم. مات سنة ثمان وسبعين ومائة. 2- إبراهيم بن سعيد المديني2. روى عَنْ: نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي الإِحْرَامِ. وَعَنْهُ: زَكَرِيَّا زَحْمَوَيْهِ، وَقُتَيْبَةُ. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ الْمَدَنِيُّ3. خ. د. عَنْ: أُنَيْسِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَعَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ وعنه: ابن وهب، وسعيد بن أبي مريم. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْعَبَّاسِيُّ الْهَاشِمِيُّ4. وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ لِلْمَهْدِيِّ، ثُمَّ وَلِيَ مِصْرَ لِلرَّشِيدِ، وَتَزَوَّجَ بِأُخْتِ الرَّشِيدِ عَبَّاسَةَ. حَكَى عنه: ابن وهب.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 383"، والجرح والتعديل "2/ 93"، والتاريخ الكبير "1/ 280"، وتهذيب الكمال "2/ 78، 79". 2 انظر الكامل في الضعفاء "1/ 257"، وتهذيب الكمال "2/ 98، 99"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 35"، والمغني في الضعفاء "1/ 15، 88". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 104"، والتاريخ الكبير "1/ 291"، والثقات لابن حبان "6/ 12"، وتهذيب الكمال "2/ 102، 103". 4 انظر تاريخ الطبري "8/ 148"، والكامل في التاريخ "6/ 61، 74"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "8، 243، 244".

يُرْوَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ قَالَ: تَأَخَّرَ جِبْرِيلُ بْنُ بِخْتَيْشُوعَ عَنِ الرَّشِيدِ فَشَتَمَهُ، فَقَالَ: تَشَاغَلْتُ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ لِأَنَّهُ يَمُوتُ, فَبَكَى وَجَزَعَ وَلَمْ يَأْكُلْ. فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ الْبَرْمَكِيُّ: جِبْرِيلُ أَعْلَمُ بِطِبِّ الرُّومِ، وَابْنُ بَهْلَةَ أَعْلَمُ بِطِبِّ الْهِنْدِ. قَالَ: فَبَعَثَ الرَّشِيدُ بِابْنِ بَهْلَةَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَرَجِعَ وَحَلَفَ لَهُ إِنَّهُ لا يَمُوتُ فِي عِلَّتِهِ, فَأَكَلَ الرَّشِيدُ وَسَكَنَ، فَلَمَّا أَمْسَوْا جَاءَهُ الْمَوْتُ فبَكَى، يَعْنِي الرَّشِيدَ، وَقَالَ: ابْنُ عَمِّي فِي الْمَوْتِ وَأَنَا آكُلُ وَأَتَمَتَّعُ، ثُمَّ تَقَيَّأَ1 مَا أَكَلَ, وَبَكَّرَ لِحُضُورِ الْجِنَازَةِ إِلَى دَارِ إِبْرَاهِيمَ, فَأَتَاهُ ابْنُ بَهْلَةَ فَقَالَ: اللَّهَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تُطَلَّقَ نِسَائِي وَتُعْتَقَ أَرِقَّائِي، ابْنُ عَمِّكَ لَمْ يَمُتْ فَقَامَ الرَّشِيدُ مَعَهُ، فَنَخَسَهُ ابْنُ بَهْلَةَ بِمَسَلَّةٍ تَحْتَ ظُفْرِهِ، فَحَرَّكَ يَدَهُ, ثُمَّ أَمَرَ بِنَزْعِ الْكَفَنِ عَنْهُ، ثُمَّ دَعَا بِمِنْفَخَةٍ وَكُنْدُسٍ، فَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ، فَعَطَسَ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، فَرَأَى الرَّشِيدَ فَأَخَذَ يَدَهُ فَقَبَّلَهَا. فَقَالَ: كَيْفَ حَالُكَ؟. فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ فِي أَلَذِّ نَوْمَةٍ، فَعَضَّ شَيْءٌ إِصْبَعِي فَآلَمَنِي. قَالَ: ثُمَّ عُوفِيَ مِنْ عِلَّتِهِ وَزَوَّجَهُ بِعَبَّاسَةَ أُخْتِهِ، وَوَلاهُ إِمْرَةَ مِصْرَ وَبِهَا مَاتَ, فَكَانُوا يَقُولُونَ: رَجُلٌ تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ وَدُفِنَ بِمِصْرَ، مَنْ هُوَ؟. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: حَدَّثَنِي أَخِي مُحَمَّدٌ قَالَ: دَخَلَ عَبَّادٌ الْخَوَّاصُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ وَهُوَ أَمِيرُ فِلَسْطِينَ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: عِظْنِي. قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الأَعْمَالَ مِنَ الأَحْيَاءِ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِهِمْ مِنَ الْمَوْتَى، فَانْظُرْ مَاذَا يُعْرَضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ عَمَلِكَ, فَبَكَى إِبْرَاهِيمُ. قِيلَ: مَاتَ بِمِصْرَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. أَرَّخَهُ ابْنُ يُونُسَ. 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي شَيْبَانَ الْعَنْسِيُّ2، بنون، الدمشقي. عن: زيادة بْنِ أَبِي سَوْدَةَ، وَعَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، وَيُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَالْهَيْثَمُ بن خارجة، وهشام بن عمار، وجماعة.

_ 1 تقيأ: أي تكلف القيء, والقيء ما قذفته المعدة من الفم. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 105، 106"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 292".

قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال أَبُو مُسْهِرٍ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: يُكَنَّى أَبَا إِسْمَاعِيلَ. وَقِيلَ: أَبُو أُمَيَّةَ. 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ1. أَبُو رِزَامٍ الرَّاسِبِيُّ, بَصْرِيٌّ مُقِلٌّ. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَكَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبٍ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، وَغَيْرُهُمَا. مَا ضَعَّفَهُ أَحَدٌ. 7- آدَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ الأُمَوِيُّ2. شَاعِرٌ مَاجِنٌ ثُمَّ إِنَّهُ نَسَكَ وَقَدْ تَوَهَّمَ فِيهِ الْمَهْدِيُّ الزَّنْدَقَةَ لِمُجُونِهِ وَقَوْلِهِ فِي الْخَمْرِ: اسْقِنِي وَاسْقِ خَلِيلَيَّ ... فِي مَدَى اللَّيْلِ الطَّوِيلِ قَهْوَةً صَهْبَاءَ صِرْفًا ... سُبِيَتْ مِنْ نَهْرِ بِيلِ قُلْ لِمَنْ يُلْحَاكَ فِيهَا ... مِنْ فَقِيهٍ أَوْ نَبِيلِ أَنْتَ دَعْهَا وَارْجُ أُخْرَى ... مِنْ رَحِيقِ السَّلْسَبِيلِ فَضُرِبَ ثَلاثَمِائَةِ سَوْطٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أُقِرُّ عَلَى نَفْسِي بِبَاطِلٍ، وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ بِاللَّهِ طَرْفةَ عَيْنٍ، وَلَكِنِّيَ كُنْتُ فَتًى أَشْرَبُ النَّبِيذَ. ثُمَّ إِنَّهُ صَلُحَ حَالُهُ. سامحه الله تعالى. 8- إسحاق بن إبراهيم3 -د. ت. ق- أبو يعقوب الثقفي الكوفي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 118"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 306"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 49". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 25-27". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 207"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 378"، والثقات لابن حبان "8/ 106"، وتهذيب الكمال "2/ 395".

عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَعَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ عُمَيْرٍ. أَحَادِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ يَرْوِي عَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَعَمَّارٌ أَبُو يَاسِرٍ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى عَنِ الثقات ما لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. 9- إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نِسْطَاسٍ1. أَبُو يَعْقُوبَ الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ الْكِنْدِيُّ. رَأَى سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، وَرَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُصْعَبٍ، وَسَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. يعقوب بن محمد الزهري: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نِسْطَاسٍ، نَا نُوحُ بْنُ أَبِي بِلالٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ قِبَاءٍ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ"2. 10- إِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ3. يَرْوِي عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وغيره.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 206"، والتاريخ الكبير "1/ 380"، والضعفاء للنسائي "285"، والكامل لابن عدي "1/ 38". 2 حديث إسناده ضعيف والمتن صحيح. أما من جهة الإسناد فصاحب الترجمة ضعيف والمتن صح بوجه آخر أخرجه النسائي "699"، وابن ماجه "1412"، وأحمد "3/ 487". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 228"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 398"، والثقات لابن حبان "6/ 48"، وتهذيب الكمال "2/ 456".

وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 11- إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَدِينِيُّ1. هُوَ غَيْرُ ابْنِ عُقْبَةَ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ فِي الْمَاضِينَ. رَوَى عَنْ: شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: أَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ صَاحِبُ الرَّقِيقِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَأَيْتُهُ مُسْتَقِيمَ الْحَدِيثِ. 12- إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ2. هُوَ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ, الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ، أَبُو إِسْحَاقَ، مَوْلَى الأَنْصَارِ, مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَطَبَقَتِهِمْ, وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى شَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ، ثُمَّ عَرَضَ عَلَى نَافِعٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ جَمَّازٍ، وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ وَالْحَدِيثِ. وَقِيلَ: بَلْ كُنْيَتُهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلامِ الْبِيكَنْدِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ السكوني، ومحمد بن زنبور، وداوود بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الدُّورِيُّ. وَكَانَ أَقْرَأُ مَنْ بَقِيَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ نَافِعٍ, وَهُوَ آخِرُ أَصْحَابِ شَيْبَةَ وَفَاةً, وَسَكَنَ بَغْدَادَ يُؤَدِّبُ عليًّا ولد المهدي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 155"، والتاريخ الكبير "1/ 341"، والثقات لابن حبان "6/ 34". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 327"، والجرح والتعديل "2/ 162، 163"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 349، 350"، والثقات لابن حبان "6/ 44".

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، هُوَ أَثْبَتُ مِنَ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَمِنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ. قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيِّ: أَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطِيعِيُّ؛ وَقَرَأْتُ عَلَى عِيسَى بْنِ يَحْيَى، أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُقَيَّرِ قَالا: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبَّاسِيُّ: قَالَ ابْنُ الْمُقَيَّرِ إِجَازَةً: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَقِيهُ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيُّ، نَا أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الأَزْهَرِ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من اقْتَنَى كَلْبًا إِلا كَلْبَ ضَارِيَةٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلا عَالِيًا. وَقَدْ أَخَذَ الْقُرْآنَ عَنْهُ: الْكِسَائِيُّ، وَالدُّورِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ داود الْهَاشِمِيُّ، وَأَسْنَدَ لَهُمْ قِرَاءَتَهُ عَنْ نَافِعٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثِقَةٌ. 13- إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا الخلقاني2 -ع. أبو زياد الكوفي. عن: عاصم الأحوال، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، وَحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَلُوَيْنُ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ صَدُوقٌ يَتَشَيَّعُ. اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ، فَمَرَّةً قَالَ: ضعيف, ومرة وثقه.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "1575"، وهو في البخاري "2322". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 326"، والتاريخ الكبير "1/ 355"، والجرح والتعديل "2/ 170"، والثقات لابن حبان "6/ 44"، والضعفاء لابن عدي "1/ 311".

وَمَرَّةً يَقُولُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مُقَارَبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: أَمَّا الأَحَادِيثُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي يَرْوِيهَا فَهُوَ فِيهَا مُقَارَبُ الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ يَنْشَرِحُ الصَّدْرُ لَهُ هُوَ شَيْخٌ لَيْسَ يُعْرَفُ، يَعْنِي بِالطَّلَبِ. قَالَ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ مُرَّةَ، أَبُو زِيَادٍ الْخُلْقَانِيُّ مَوْلَى بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، كُوفِيٌّ يُلَقَّبُ شَقُوصًا: نَزَلَ بَغْدَادَ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانٍ، حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ، حَدَّثَنِي خَالِي إِبْرَاهِيمُ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ الْخُلْقَانِيَّ "شَقُوصًا"1 يَقُولُ: الَّذِي نَادَى مِنْ جَانِبِ الطُّورِ عَبْدَهُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قُلْتُ: إِسْنَادُهَا مُظْلِمٌ, وَلَعَلَّ إِسْمَاعِيلُ شَقُوصًا هَذَا آخَرُ زِنْدِيقٌ لَعِينٌ غَيْرُ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ، فَإِنَّ هَذَا الْكَلامَ لا يَصْدُرُ مِنْ رَافِضِيٍّ، فَضْلا عَنْ مُسْلِمٍ مُبْتَدِعٍ، أَوْ أَنَّهُ قَالَ ثُمَّ تَابَ وَجَدَّدَ إِسْلامَهُ، أَوْ أَنَّ الرَّاوِي كَذَّبَهَا. تُوُفِّيَ الْخُلْقَانِيُّ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. 14- إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ السَّكُونِيُّ2 -ق. قَاضِي الْمَوْصِلِ. رَوَى عَنْ: ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَغَالِبٍ الْقَطَّانِ. وَعَنْهُ: نَائِلُ بْنُ نَجِيحٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الشعيري، وعيسى غنجار، وآخرون.

_ 1 ساقطة في نسخة الضعفاء للعقيلي، وكذلك الضعفاء للمؤلف. 2 انظر المجروحين لابن حبان "1/ 129"، والضعفاء لابن عدي "1/ 308"، وتهذيب الكمال "3/ 69، 97".

وَهُوَ هَالِكٌ لَيْسَ بِثِقَةٍ, وَيُقَالُ لَهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، كُوفِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ يَضَعُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ دَجَّالٌ، لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكُتُبِ إِلا عَلَى سَبِيلِ الْقَدْحِ فِيهِ. رَوَى عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَبْغَضُ الْكَلامِ إِلَى اللَّهِ الْفَارِسِيَّةُ؛ وَكَلامُ الشَّيَاطِينِ الْخُوزِيَّةُ، وَكَلامُ أَهْلِ النَّارِ الْبُخَارِيَّةُ، وَكَلامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْعَرَبِيَّةُ"1. 15- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسْطَنْطِينَ2. شَيْخُ الإِقْرَاءِ بمكة، أبو إسحاق المكي، مولى بني مَخْزُومٍ. وَيُقَالُ لَهُ: إِسْمَاعِيلُ الْقِسْطُ. هُوَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، فَإِنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ، وَقَرَأَ عَلَى صَاحِبَيْهِ شِبْلٍ، وَمَعْرُوفٍ. وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ. وَأَقْرَأَ النَّاسَ مُدَّةً. قَرَأَ عَلَيْهِ: أَبُو الإِخْرِيطِ وَهْبُ بْنُ وَاضِحٍ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَبْعُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَزِيعٍ. وَسَمِعَ مِنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى اللُّؤْلُؤِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ الْقَلْزُمِيُّ، وَأَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاقِلُونَ لِمَوْتِهِ، فَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ: تِسْعِينَ وَمِائَةٍ، تَصَحَّفَتِ الْوَاحِدَةُ بِالأُخْرَى, وأنا إلى السبعين أميل.

_ 1 "حديث موضوع": قال ابن حبان: هذا موضوع لا أصل له من كَلامَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أبو هريرة حدث به ولا المقبري رواه وغالب القطان ذكره بهذا الإسناد. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 180"، والثقات لابن حبان "6/ 39".

ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"1 مُخْتَصَرًا. 16- إِسْمَاعِيلُ بْنُ قَيْسٍ2. أَبُو سَعْدٍ الْقَيْسِيُّ. عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَنَافِعٍ، وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَهُوَ غَيْرُ: 17- إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ3. الْمُكَنَّى بِأَبِي مُصْعَبٍ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. كَانَ قَدْ أَتَى عَلَيْهِ إِحْدَى وَتِسْعُونَ سَنَةً. يَرْوِي عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنُ بْنُ شَيْبَةَ الْحِزَامِيُّ. ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الذَّهَبِيِّ لِلتَّمَيِيزِ. رَوَى عَنْ: يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي حَازِمٍ الْمَدِينِيِّ. 18- إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُخْتَارٍ الْكُوفِيُّ4. عَنْ: عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ. وَرَأَى مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيُّ، وَبَشِيرُ بْنُ يزيد. قال أبو حاتم: شيخ.

_ 1 "6/ 39". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 193، 194"، والثقات لابن حبان "6/ 35"، وميزان الاعتدال "1/ 246". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 193"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 370"، والمجروحين "1/ 127"، والضعفاء لابن عدي "1/ 296". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 200، 201"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 374"، والثقات لابن حبان "6/ 32".

إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ. فِي الآتِيَةِ. 19- إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْيَسَعَ1. أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ. أَخَذَ عَنْ: أَبِي حَنِيفَةَ. وَرَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ. حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَجَمَاعَةٌ. وولي قضاء مصر بَعْدَ ابْنِ لَهِيعَةَ. قَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: كَانَ مِنْ خَيْرِ قُضَاتِنَا, وَكَانَ مَذْهَبُهُ إِبْطَالُ الأَحْبَاسِ، فَتَبَرَّمَ بِهِ أَهْلُ مِصْرَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: كَانَ فَقِيهًا مَأْمُونًا. قُلْتُ: تَوَلَّى الْقَضَاءَ ثَلاثَةَ أَعْوَامٍ، وَعُزِلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. سَعَى فِي عَزْلِهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، كَذَا قِيلَ، وَهَذَا لا يَسْتَقِيمُ، لِأَنَّ اللَّيْثَ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ. وَبَلَغَنَا أَنَّهُمْ إِنَّمَا سَعَوْا فِيهِ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ أَحْكَامًا مَا أَلِفُوهَا. 20- أُمَيَّةُ بْنُ شِبْلٍ الصَّنْعَانِيُّ2. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَّارِيُّ. قَالَ: ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَهٌ. 21- أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ. عن: أبي المصبح المقرائي، ومكحول.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 204"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 236". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 302"، والتاريخ الكبير "2/ 11"، والثقات لابن حبان "8/ 123"، وميزان الاعتدال "1/ 276".

وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَبَقِيَّةُ من الْوَلِيدِ، وَغَيْرُهُمْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلَ إِلَى طَبَقَةِ الأَوْزَاعِيِّ. 22- أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ السُّحَيْمِيُّ الْيَمَامِيُّ ثُمَّ المدني1. أبو سليمان, وهو أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ. رَوَى عَنِ: الْكُوفِيِّينَ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَآدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبُ الطَّالَقَانِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سعيد، ولوين، وآخرون. وقال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدِيثُهُ يُشْبِهُ حَدِيثَ أَهْلِ الصِّدْقِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: صَالِحٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. محمد بن جعفر الوحاطي: نَا أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْرَبُوا فِيمَا بَدَا لَكُمْ وَلا تَسْكَرُوا"2. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يَصِحُّ فِي هَذَا الْمَتْنِ شَيْءٌ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: أَيُّوبُ بْنُ جَابِرِ بْنِ سَيَّارِ بْنِ طَلْقٍ الْحَنَفِيُّ السُّحَيْمِيُّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ، وَبِلالِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيُّ. يخطيء حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَدِّ الاحْتِجَاجِ بِهِ لِكَثْرَةِ وهمه.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 242، 243"، والتاريخ الكبير "1/ 410"، والمجروحين "1/ 167"، وتهذيب الكمال "3/ 463-467". 2 "إسناده ضعيف": أخرجه الطبراني في الكبير "8/ 403"، والعقيلي في الضعفاء "1/ 114"، وصاحب الترجمة أيوب بن جابر ضعفه العلماء.

23- أيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ الزُّهْرِيُّ1. أَبُو سَيَّارٍ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَشَبَّابَةُ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفُوهُ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَدَنِيٌّ، يَقْلِبُ الأَسَانِيدَ، وَيَرْفَعُ الْمَرَاسِيلَ. وَرَوَى عباس، عن ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الحديث. 24- أيوب بن عتبة2 -ق. أبو يحيى اليمامي، قَاضِي الْيَمَامَةِ. عَنْ: قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَإِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الأَسْوَدُ بن عامر شَاذَانَ، وَحَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَسَعْدَوَيْهِ الْوَاسِطِيُّ، وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إياس، ومحمود بن محمد الظَّفَرِيِّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: أَكْثَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَكِتَابُهُ صَحِيحٌ عَنْهُ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بالقوي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 248"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 417"، والمجروحين لابن حبان "1/ 171". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 556"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 420"، والمجروحين لابن حبان "1/ 169، 170".

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ1: فِيهِ لِينٌ, حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ فَغَلَطَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يُخْطِئُ كَثِيرًا حَتَّى فَحُشَ الْخَطَأُ مِنْهُ, وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: فُضِّلْتُمْ عَلَيْنَا بِالأَلْوَانِ وَالصُّوَرِ وَالنُّبُوَّةِ، أَفَرَأَيْتَ إِنْ آمَنْتُ بِكَ وَعَمِلْتُ بِمِثْلِ مَا عَمِلْتَ إِنِّي لَكَائِنٌ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "نَعَمْ". ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ ليُرى بَيَاضُ الأَسْوَدِ فِي الْجَنَّةِ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ سَنَةٍ". الْحَدِيثَ بِطُولِهِ رَوَاهُ عَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْهُ، وَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدْ مَرَّ أَيُّوبُ فِي طَبَقَةِ السِّتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَنَبَّهْتُ عَلَيْهِ فِي الطَّبَقَةِ الْمَارَّةِ. "حرف الْبَاءِ": 25- الْبَخْتَرِيُّ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ سَلْمَانَ الكلبي2 -ق. شامي من أهل ناحية الْقَلَمُونِ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وعن سعد بْنِ مُسْهِرٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ، وَمُحَمَّدُ بن أبي السَّرِيّ العسقلاني. ضعفه أبو حاتم. وقال ابن عدي: له عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْرَ عِشْرِينَ حَدِيثًا عَامَّتُهَا مَنَاكِيرُ, مِنْهَا: "أَشْرِبُوا أَعْيُنَكُمُ الْمَاءَ"3. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ: رَوَى عَنْ أَبِيهِ موضوعات.

_ 1 انظر المجروحين "1/ 169، 170". والحديث ضعيف جدًّا وقد أخرجه ابن حبان في المجروحين كما تقدم, وأيوب بن عتبة ضعفه العلماء كما تقدم. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 447"، والمجروحين لابن حبان "1/ 202، 203"، والضعفاء لابن عدي "2/ 490، 491". 3 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "2/ 490"، والذهبي في الميزان ومن قبله ابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 349"، وعلته صاحب الترجمة.

قال هشام بن عمار: ذهبنا إليه إِلَى الْقَلَمُونِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الأَفَاعِي. 26- بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ الْكُوفِيُّ الْمُؤَدِّبُ1. عَنْ: أَبِي روق عطية بن الحارث الهمذاني، وَأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الأَسَدِيُّ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَجُبَارَةَ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. قُلْتُ: مَا خَرَّجُوا لَهُ. 27- بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ2 -م. د. ن. الإِمَامُ أَبُو أَحْمَدَ الأَزْدِيُّ السَّلِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ، الزَّاهِدُ الْعَابِدُ. عَنْ: أَيُّوبَ، وَشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ، وَبِشْرٌ الْحَافِيُّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَالْقَوَارِيرِيُّ. وَمِنَ الْقُدَمَاءِ: الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أُقَدِّمُهُ عَلَيْهِ فِي الْوَرَعِ وَالرِّقَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَخْوَفَ للَّهِ مِنْهُ, كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَمِائَةِ رَكْعَةٍ. وَقَالَ الْقَوَارِيرِيُّ: هُوَ أَفْضَلُ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ الْمَشَايِخِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ ثِقَةٌ وَزِيَادَةٌ. وَقَالَ غَسَّانُ الْغِلابِيُّ: كَانَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ إِذَا رأيت وجهه ذكرت الآخرة, رجل

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 362"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 80"، والمجروحين لابن حبان "1/ 188، 189". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 365"، والتاريخ الكبير "2/ 84"، والثقات لابن حبان "8/ 140"، وتهذيب الكمال "4/ 151-154".

مُنْبَسِطٌ لَيْسَ بِمُتَمَاوِتٍ، ذَكِيٌّ، فَقِيهٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ النَّرْسِيُّ: رُبَّمَا قَبَضَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ عَلَى لِحْيَتِهِ وَيَقُولُ: أَطْلُبُ الرِّئَاسَةَ بَعْدَ سَبْعِينَ سَنَةً. وَعَنْ غَسَّانَ بْنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: قِيلَ لِبِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ: يَسُرُّكَ أَنَّ لَكَ مِائَةَ أَلْفٍ؟ فَقَالَ: لِأَنْ تُنْدَرَ عَيْنَايَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ شَيْخُنَا فِي التَّهْذِيبِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَخْوَفَ لِلَّهِ مِنْ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ. كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَمِائَةِ رَكْعَةٍ, وَكَانَ قَدْ حَفَرَ قَبْرَهُ وَخَتَمَ فِيهِ الْقُرْآنَ, وَكَانَ وِرْدُهُ ثُلُثَ القرآن. وكان ضيغم صديقًا لَهُ فَمَاتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ غَسَّانُ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي بِشْرٌ قَالَ: مَا رَأَيْتُ عَمِّي فَاتَتْهُ التَّكْبِيرَةُ الأُولَى, وَأَوْصَانِي فِي كُتُبِهِ أَنْ أَغْسِلَهَا أَوْ أَدْفِنَهَا. قَالَ غَسَّانُ: وَكُنْتُ أَرَاهُ إِذَا زَارَهُ الرَّجُلُ مِنْ إِخْوَانِهِ قَامَ مَعَهُ حَتَّى يَأْخُذَ بِرِكَابِهِ, فَعَلَ بِي ذَلِكَ كَثِيرًا. رَوَاهَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، عَنْ غَسَّانَ, ثُمّ قَالَ الدَّوْرَقِيُّ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمَهْدِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْخَالِقِ أَبُو هَمَّامٍ قَالَ: قَالَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ فَإِنَّكَ لا تَدْرِي مَا يَكُونُ, فَإِنْ كَانَ يَعْنِي فَضِيحَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَانَ مَنْ يَعْرِفُكَ قَلِيلا. وَثَنَا سَهْلُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: كَانَ بِشْرٌ يُصَلِّي فَطَوَّلَ، وَرَجُلٌ وَرَاءَهُ يَنْظُرُ، فَفَطِنَ لَهُ, فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: لا يُعْجِبُكَ مَا رَأَيْتَ مِنِّي، فَإِنَّ إِبْلِيسَ قَدْ عَبْدَ اللَّهَ كَذَا وَكَذَا مَعَ الْمَلائِكَةِ. وَعَنْ بِشْرٍ قَالَ: مَا جَلَسْتُ إِلَى أَحَدٍ فَتَفَرَّقْنَا إِلا عَلِمْتُ بِأَنِّي لَوْ لَمْ أَقْعُدْ مَعَهُ كَانَ خَيْرًا لِي. قَالَ سَيَّارٌ: نَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ: رَأَيْتُ بِشْرَ بْنَ مَنْصُورٍ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: مَا صَنَعَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: وَجَدْتُ الأَمْرَ أَهْوَنَ مِمَّا كُنْتُ أَحْمِلُ عَلَى نَفْسِي.

قُلْتُ: مَاتَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 28- بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ الْحَنَّاطُ1 -ق. شَيْخٌ مَجْهُولٌ. حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، نَعَمْ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ. تَقَوَّى. 29- بَشِيرُ بْنُ طَلْحَةَ الْخُشَنِيُّ2. شَامِيٌّ. رَوَى عَنْ: خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 30- بَشِيرُ بْنُ مَيْمُونٍ الْوَاسِطِيُّ3. أَبُو ضَيْفِيٍّ. عَنْ: مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَطَائِفَةٌ. تَرَكُوهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. فَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا بَشِيرٌ، نَا مُجَاهِدٌ، عَنْ أبي هريرة مرفوعًا:

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 365"، وتهذيب الكمال "4/ 154"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "1/ 325". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 375"، والتاريخ الكبير "2/ 99"، والثقات لابن حبان "8/ 151"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 329". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 379"، والتاريخ الكبير "2/ 105"، والمجروحين لابن حبان "1/ 192".

"مَا مِنْ صَدَقَةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةٍ عَلَى مَمْلُوكٍ عِنْدَ مَلِيكِ سُوءٍ"1. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: قَدِمَ فَكَتَبْنَا عَنْهُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُخْطِئُ كَثِيرًا، رَوَى عَنْهُ: قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ. قُلْتُ: كَأَنَّهُ بَقِيَ إِلَى بِضْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 31- بَكْرُ بْنُ حُمْرَانَ الرِّفَاعِيُّ2. عَنْ: عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَداود بْنِ أَبِي هِنْدٍ. وَعَنْهُ: الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، وَعَفَّانُ، وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، وَعَدَّةٌ. مَا عَلِمْتُ بِهِ جَرْحًا. 32- بَكْرُ بْنُ مُضَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ3 -ع. سوى ق. الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْمِصْرِيُّ, مَوْلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ. رَوَى عَنْ: أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِريِّ، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، وَجَعْفَرِ بْنِ رَبَيْعَةَ، وَابْنِ عَجْلانَ، وعمرو بن الحارث، وطائفة. وعنه: ابنه إسحاق، وابن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، وقتيبة بن سعيد، وآخرون. وكان من الثقات العباد. ولد سنة مائة. قال الحارث بن مسكين: كان ابن القاسم لا يُقَدِّمُ عَلَى بَكْرِ بْنِ مُضَرٍ مِنْ أَهْلِ الْفُسْطَاطِ أَحَدًا, وَقَدْ رَأَيْتُهُ وَأَنَا حَدَثٌ، فَحَدَّثَنِي ابْنُهُ إِسْحَاقُ قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَبِي يَجْلِسُ فِي الْبَيْتِ عَلَى طِنْفِسَةٍ, مَا كَانَ يَجْلِسُ إِلا على حصير, وكان طويل الحزن.

_ 1 "حديث منكر": أخرجه العقيلي في الضعفاء "1/ 145" وفي إسناده صاحب الترجمة وقد أورده الذهبي كما تقدم من مناكيره. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 382-384"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 88"، والثقات لابن حبان "8/ 164". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 517"، والجرح والتعديل "2/ 392، 393"، والتاريخ الكبير "2/ 95".

وَأَحْيَانًا تَطِيبُ نَفْسُهُ فَيَفْرَحُ، فَرُبَّمَا جَاءَ الرَّجُلُ يَسْأَلُهُ الْمَسْأَلَةَ فَيُعَلِّمَهُ وَيَرْجِعُ إِلَى حَالِهِ وَيَتَغَيَّرُ، ويقول: ما لي وَلِهَذَا؟ فَنَقُولُ لَهُ: أَفَتَصْرِفُهُ؟ فَيَقُولُ: أَوَ يَحِلُّ لِي, أَوَ يَحِلُّ لِي؟ وَرُبَّمَا جَاءَهُ الأَحْدَاثُ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الْحَدِيثَ، فَيَقُولُ لَهُمْ: تَعَلَّمُوا الْوَرَعَ. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا مُحَلَّمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] ، كَانَ مَنْ أَرَادَ مِنَّا أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا1، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو داود، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، خَمْسَتُهُمْ عَنْ قُتَيْبَةَ، فَوَافَقْنَاهُمْ بِعُلُوِّ دَرَجَةٍ. مَاتَ بَكْرٌ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف التَّاءِ": 33- تَمَّامُ بْنُ بَزِيعٍ2. أَبُو سَهْلٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَالْعَاصِي الطُّفَاوِيِّ. وَعَنْهُ: مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، ومحمد بن بَكْرٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ, قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ أَبُو سَهْلٍ السَّعْدِيُّ مَوْلاهُمْ, سَمِعَ: مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ، وَالْحَسَنَ، وَالْعَاصَ بن عمر.

_ 1 "خبر صحيح": أخرجه البخاري "8/ 136"، ومسلم "1145"، وأبو داود "2315"، والنسائي "4/ 190". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 445"، والتاريخ الكبير "2/ 157"، والمجروحين لابن حبان "1/ 203".

نَا عَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: تَمَّامُ بْنُ بَزِيعٍ الشَّقَرِيُّ. مِنْ حَدِيثِهِ: مَا ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، ثَنَا تَمَّامُ بْنُ بَزِيعٍ الشَّقَرِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِكُلِّ مَجْلِسٍ شَرَفًا, وَإِنَّ أَشْرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ, وَإِنَّمَا تُجَالِسُونَ بِالأَمَانَةِ وَاقْتُلُوا الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ فِي الصَّلاةِ"1. الْحَدِيثُ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: رَوَاهُ هِشَامٌ أَبُو الْمِقْدَامِ، وعيسى بْنُ مَيْمُونٍ، وَمُصَارِفُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، ولم يحدث بع عَنْهُ ثِقَةٌ. "حرف الثَّاءِ": 34- ثُمَامَةُ بْنُ عُبَيْدَةَ2. أَبُو خَلِيفَةَ الْعَبْدِيُّ, بَصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: ثَابِتٍ، وأبي الزبير. وعنه: زيد بْنُ الْحُبَابِ، وَالْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَآخَرُونَ. نَسبَهُ الْمَدِينِيُّ إِلَى الْكَذِبِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: وَلَحِقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَدَنِيُّ. "حرف الْجِيمِ": 35- جَابِرُ بْنُ غانم السلفي الخشني3.

_ 1 "إسناده ضعيف جدا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "1/ 170"، وفي إسناده تمام بن بزيع قال الدارقطني: متروك. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 467"، والتاريخ الكبير "2/ 178"، والمجروحين "1/ 207"، وميزان الاعتدال "1/ 372". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 501"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 209"، والثقات لابن حبان "6/ 142، 143".

عَنْ: سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، وَأَسَدِ بْنِ وَدَاعَةٍ، وَشَبِيبِ بْنِ نُعَيْمٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَعِصَامُ بْنُ خَالِدٍ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. قُلْتُ: لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ. 36- جَارِيَةُ بْنُ هَرِمٍ1. أَبُو شَيْخٍ الْفُقَيْمِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْحُبْرَانِيِّ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَأَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَوِ ابْنِ سَوَّارٍ. رَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الرَّاسِبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بِسْطَامٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدَةَ الضَّبِّيُّ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ. قَالَ ابْنُ المديني: كتبنا عنه أسامي كان ضَعِيفًا، تَرَكْنَاهُ. وَكَانَ رَأْسًا فِي الْقَدَرِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ كُلُّهَا لا يُتَابِعُهُ عَلَيْهَا الثِّقَاتُ. 37- الْجَرَّاحُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ2 ثُمَّ الرَّازِيُّ. عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَغَيْرِهِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ، صَالِحُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الإسفذني، ومحمد بن المعلى.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 520"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 238"، والثقات لابن حبان "8/ 165". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 524"، والتاريخ الكبير "2/ 228"، والثقات لابن حبان "6/ 149"، وتهذيب الكمال "4/ 514، 515".

38- الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ الرُّؤَاسِيُّ1 الْكُوفِيُّ. وَالِدُ وَكِيعٍ، وَنَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ بِبَغْدَادَ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ. رَوَى عن جابر: جابر الجعفي، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ وَكِيعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسَدَّدٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو داود. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ ضَعِيفًا فِي الْحَدِيثِ. وَأَمَّا الْخَطِيبُ فَرَوَى عَنِ الْبَرْقَانِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ الدَّارَقُطْنِيَّ، عَنِ الْجَرَّاحِ بْنِ مَلِيحٍ الرُّؤَاسِيِّ، فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. فَقُلْتُ: يُعْتَبَرُ بِهِ؟ قَالَ: لا. وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. 39- الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ الْبَهْرَانِيُّ الْحِمْصِيُّ2. أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْبَهْرَانِيِّ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، وَبَكْرِ بْنِ زُرْعَةَ صَاحِبِ أَبِي عُتْبَةَ الْخَوْلانِيِّ، وَأَرْطَأَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ حُمَيْدٍ الْحَرَّازِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خارجة، وهشام بْن عمّار، وسُليمان ابن بِنْت شُرَحْبِيل، وموسى بن أيوب النصيبي.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 380"، والجرح والتعديل "2/ 523"، والضعفاء لابن عدي "2/ 584، 585". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 523، 524"، والتاريخ الكبير "2/ 228"، والجرح والتعديل "2/ 523".

قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: صالح الحديث. وقال ابن مَعِين: لا أَعْرِفُهُ. 40- جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ1. الأَمِيرُ الْهَاشِمِيُّ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنَاهُ؛ الْقَاسِمُ وَيَعْقُوبُ، وَالأَصْمَعِيُّ. وَكَانَ جَوَادًا مُمَدَّحًا، عَالِمًا فَاضِلا، أَحَدَ الْمَوْصُوفِينَ بِالشَجَاعَةِ وَالْفُرُوسِيَّةِ. مَوْلِدُهُ بِالشَّرَاةِ مِنَ الْبَلْقَاءِ, وَقَدْ وَلِيَ إِمْرَةَ الْحِجَازِ وَإِمْرَةَ الْبَصْرَةِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْرَمَ أَخْلاقًا وَلا أَشْرَفَ أَفْعَالا مِنْهُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: وَلِيَ الْبَصْرَةَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ وَعُزِلَ. وَقَدْ مُدِحَ بِأَشْعَارٍ كَثِيرَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ مَآثِرُ كَثِيرَةٌ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْمُنْقَطِعِينَ وَأَعْقَابِهِمْ، وَأَوَّلُ مَنْ نَقَلَهُمْ عَنْ أَوْطَانِهِمْ وَأَمْصَارِهِمْ. وَكَانَ قَدْ عَلِمَ عِلْمًا حَسَنًا. قَالَ خليفة: عزل عبد الله بن الربيع الحارثي عَنِ الْمَدِينَةَ، فَوَلِيَهَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَلاثَ سِنِينَ، وَعُزِلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ بِالْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ الْعَلَوِيِّ. وَرُوِيَ أَنَّهُ أَجَازَ قُدَامَةَ بْنَ مُوسَى عَلَى ثَمَانِيَةِ أَبْيَاتٍ ثَمَانِمِائَةَ دِينَارٍ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: غَسَّلْتُ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَزَرَرْتُ عَلَيْهِ قَمِيصَهُ حين أَلْبَسْتُهُ الْكَفَنَ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 41- جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ2 -م. ع.

_ 1 انظر تاريخ خليفة "6/ 422، 423"، والكامل في التاريخ "5/ 549"، وسير أعلام النبلاء "8/ 212-214". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 288"، والجرح والتعديل "2/ 481"، والثقات لابن حبان "6/ 140"، وتاريخ الطبري "1/ 344-444".

الإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ الْبَصْرِيُّ, كَانَ يَنْزِلُ فِي بَنِي ضُبَيْعَةَ فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ. رَوَى عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَيَزِيدَ الرِّشْكُ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَالْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، وَطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ. وَعَنْهُ: سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَقُتَيْبَةُ، وَبَشِيرُ بْنُ هِلالٍ الصَّوَّافُ، وَمُسَدَّدٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَلُوَيْنُ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مِنْ عُبَّادِ الشِّيعَةِ وَصَالِحِيهِمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَلَيَّنَهُ غَيْرُهُ. وَقَدْ حَجَّ وَذَهَبَ إِلَى صَنْعَاءِ الْيَمَنِ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَحَمَلَ عَنْهُ رَأْيَهُ وَتَشَيَّعَ بِهِ. وَقَدْ قِيلَ لِجَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ: تَشْتُمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ بُغْضًا يَا لَكَ. وَفِي صِحَّةِ هَذِهِ عَنْهُ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَافِضِيًّا، حَاشَاهُ. وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: قَوْلُهُ بُغْضًا يَا لَكَ إِنَّمَا عَنِيَ بِهِ جَارَيْنِ لَهُ، كَانَ قَدْ تَأَذَّى بِهِمَا اسْمُهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. قَالَ عَلِيُّ بن المديني: أكثر جعفر بن سليمان عَنْ ثَابِتٍ، وَكَتَبَ عَنْهُ مَرَاسِيلَ فِيهَا مَنَاكِيرُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً فِيهِ ضَعْفٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعْدٍ لا يُحدِّثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَلا يَكْتُبُ حَدِيثَهُ, وَكَانَ عِنْدَنَا ثِقَةً. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ. فَقَالَ: مَنْ أَتَى جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَعَبْدَ الْوَارِثِ فَلا يَقْرَبْنِي, وَكَانَ التَّنُّورِيُّ يُنْسَبُ إِلَى الاعْتِزَالِ، وَكَانَ جَعْفَرُ يُنْسَبُ إِلَى الرفض. وروى عباس، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَسْتَضْعِفُهُ. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ: سَمِعْتُ عَمِّي عُمَرَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: رَأَيْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ فِي مَسْجِدِنَا يَقُولُ لِجَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ: رَأَيْتَ أَيُّوبَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَرَأَيْتَ ابْنَ عَوْنٍ؟ قال: نعم.

قَالَ: فَرَأَيْتَ يُونُسَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: كَيْفَ لَمْ تُجَالِسْهُمْ وَجَالَسْتَ عَوْفًا. وَاللَّهِ مَا رَضِيَ عَوْفٌ بِبِدْعَةٍ حَتَّى كَانَتْ فِيهِ بِدْعَتَانِ. كَانَ قَدَرِيًّا وَشِيعِيًّا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ لَهُ: جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَرَشِيُّ، كَانَ يَنْزِلُ بِبَنِي ضُبَيْعَةَ، يُخَالِفُ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ. وَقَالَ السَّعْدِيُّ: رَوَى مَنَاكِيرَ، وَهُوَ مُتَمَاسِكٌ لا يَكْذِبُ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ: صَحِبَ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، وَمَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، وَأَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ، وَفَرْقَدًا السَّبَخِيَّ، وَشُمَيْطَ بْنَ عَجْلانَ. رَوَى عَنْهُ، سَيَّارٌ قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَشْرَ سِنِينَ، وَإِلَى ثَابِتٍ عَشْرَ سِنِينَ. وَرَوَى سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ: ثَنَا جَعْفَرٌ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: إِنَّ الْقَلْبَ إِذَا لَمْ يَحْزَنْ خَرِبَ، كَمَا أَنَّ الْبَيْتَ إِذَا لَمْ يُسْكَنْ خَرِبَ, لَوْ أَنَّ قَلْبِي يَصْلُحُ عَلَى كُنَاسَةٍ لَذَهَبْتُ حَتَّى أجلس عليها. إن العلم إِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ زَلَّتْ مَوْعِظَتُهُ عَنِ الْقُلُوبِ. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا اللَّبَّانُ، أَنَا الْحَدَّادُ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، نَا مُسَدَّدٌ، نَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيَّةً وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيَّا، فَأَصَابَ عليٌّ جَارِيَةً فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ. قَالَ: فَتَعَاقَدَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالُوا: إِذَا لَقِيَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرْنَاهُ. وَكَانَ المسلمون إذا قدموا من سفر بدءوا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قَدِمْتُ السَّرِيَّةُ سَلَّمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ أَحَدُ الأَرْبَعَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ عَلِيَّا صَنَعَ كَذَا وَكَذَا؟ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْرَفُ الْغَضَبُ مِنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: "مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ"؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: "إِنَّ عَلِيَّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي" 1. رَوَاهُ قُتَيْبَةُ، وَبِشْرُ بن هلال، وطائفة، عن جعفر، ولم يتابعه عليه أحد.

_ 1 أخرجه النسائي في الكبرى "8090، 8399، 8420"، والترمذي "3712"، والحاكم "3/ 110، 111"، وابن حبان "2203".

أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَعَفَّانُ عَنْهُ. وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجْهُ فِي صَحِيحِهِ لِنَكَارَتِهِ. مَاتَ جَعْفَرٌ الضُّبَعِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 42- جَمِيلُ بْنُ عُبَيْدٍ1. بَصْرِيٌّ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَهُوَ طَائِيٌّ. 43- جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ عُبَيْدٍ2 -خ. م. د. ن. أَبُو مُخَارِقٍ، وَقِيلَ أَبُو مِخْرَاقٍ، وَهُوَ أَصَحُّ، الضُّبَعِيُّ الْبَصْرِيُّ. أَحَدُ الثِّقَاتِ, رَوَى عَنْ: نَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَفِيقِهِ. وعنه: ابن أخيه عبد الله بن محمد بْنِ أَسْمَاءَ، وَابْنُ أُخْتِهِ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَمُسَدَّدٌ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ، فَمَا زَادَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ يَحْيَى هَذَا. تُوُفِّيَ جُوَيْرِيَةُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 519"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 216"، والثقات لابن حبان "6/ 147". 2 نظر الطبقات الكبرى "7/ 281"، والجرح والتعديل "2/ 531"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 241"، والثقات لابن حبان "6/ 153".

"حرف الحاء": 44- حاتم بن شفي الهمذاني1. أَبُو فَرْوَةَ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: مَكْحُولٍ، وَحَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 45- الْحَارِثُ بْنُ الصَّلْتِ الْمَدَنِيُّ الأَعْوَرُ. الْمُؤَذِّنُ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ الْمُغِيرَةِ. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَغَيْرُهُمْ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 46- الْحَارِثُ بْنُ عبيد2 -م. د. ت. أبو قدامة الإيادي البصري. عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. لَيْسَ بِالْمُكْثِرِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وسعيد بن منصور، ويحيى بن يحيى، ومسدد، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: لَيْسَ بالقوي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 81"، والمجروحين لابن حبان "1/ 224"، والضعفاء لابن عدي "2/ 607-609"، وتهذيب الكمال "5/ 258-260". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 81"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 275"، والمجروحين لابن حبان "1/ 224".

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَسَأَلْتُ أَبِي فَقَالَ: هُوَ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْفَلاسُ، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ مِنْ شُيُوخِنَا، وَمَا رَأَيْتُ إلا خيرًا. 47- الحارث بن عمير البصري1 -ع- أبو عمير، نَزِيلُ مَكَّةَ. عَنْ: أَيُّوبَ وَأَبِي طُوَالَةَ، وَحُمَيْدٍ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ حَمْزَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ، وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ ضَعَّفَهُ قَبْلَ أَبِي حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ، وَأَجَادَ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: رَوَى عَنْ حُمَيْدٍ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أحاديث موضوعة. وقال ابن حبان: كان ممن يروي عَنِ الأَثْبَاتِ الأَشْيَاءَ الْمَوْضُوعَةَ، ثُمَّ سَاقَ لَهُ حَدِيثَ: "إِنَّ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَشَهِدَ اللَّهُ، وَالْفَاتِحَةَ، مُعَلَّقَاتٌ بِالْعَرْشِ" الْحَدِيثَ بِطُولِهِ2. وَحَكَمَ ابْنُ حِبَّانَ بِوَضْعِهِ, ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ حَدِيثًا فِي فَضْلِ الرِّبَاطِ، لا يُحْتَمَلُ. 48- الْحُبَابُ بْنُ مُوسَى السَّعِيدِيُّ الْكُوفِيُّ3. مِنْ آلِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأُمَوِيِّ. لَهُ عَنْ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ بْنُ عُمَرَ الْمُحَارِبِيُّ، وَأَبُو النَّضْرِ هَاشِمٌ، وَعَبْدُ الحميد بن صالح.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 83، 84"، والتاريخ الكبير للبخاري "2، 276"، والمجروحين لابن حبان "1/ 223، 224"، وتهذيب الكمال "5/ 269، 270". 2 انظر في المجروحين له. 3 انظر أنساب الأشراف للبلاذري "3/ 24"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 141".

49- حبان بن علي العنزي1 -ق. أبو علي الكوفي, أَخُو مَنْدَلِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بن عمير، وليث بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زَيَّادٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَلُوَيْنُ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ الْعُلَمَاءِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ مَنْدَلِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: فَأَخُوهُ؟ قَالَ: صَدُوقٌ. قُلْتُ: أَيُّهُمَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: كِلاهُمَا، وتمرَّى2، كَأَنَّهُ يُضَعِّفُهُمَا. وَقَالَ حُجْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ: مَا رَأَيْتُ بِالْكُوفَةِ فَقِيهًا أَفْضَلَ مِنْ حِبَّانَ بْنَ عَلِيٍّ. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ قَدْ أَشْخَصَهُ الْمَهْدِيُّ وَأَخَاهُ مِنَ الْكُوفَةِ, فلما دخلا عليه قال: أيكما مندل؟ قال مِنْدَلٌ: هَذَا حِبَّانُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: فِيهِمَا ضَعْفٌ، وَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ. مَاتَ حِبَّانُ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. 50- حُبَيِّبُ بْنُ حُبَيِّبٍ الْكُوفِيُّ3. مُثْقَلٌ, هُوَ أَخُو حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ. رَوَى عَنْ: أَبِي إسحاق السبيعي.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 381"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 88، 89"، وتاريخ الطبري "2/ 388". 2 أي كأنه شك. 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 309"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 126"، والضعفاء لابن عدي "2/ 821".

وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. 51- حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجِ بْنِ الرُّحَيْلِ الْجُعْفِيُّ1 الْكُوفِيُّ. أَخُو زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ. عَنْ: أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَلُوَيْنُ. وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ, يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي كِتَابِ "الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" لِلنَّسَائِيِّ. مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ تقريبًا. 52- حرب بن أبي العالية2 -د. ن. أبو معاذ البصري. عَنِ: الْحَسَنِ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَبَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَقُتَيْبَةُ، وَلُوَيْنُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، فِي رِوَايَةِ عَبَّاسٍ الدُّورِيِّ. رَوَى أَحْمَدُ بْنُ زهير عنه: ضعيف.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى "6/ 337"، والجرح والتعديل "3/ 310، 311"، والتاريخ الكبير "3/ 115"، والمجروحين لابن حبان "1/ 271". 2 الجرح والتعديل "3/ 251"، والتاريخ الكبير "3/ 64، 65"، والثقات لابن حبان "6/ 232"، وتهذيب الكمال "5/ 256".

وَلَهُ فِي الْكِتَابَيْنِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَرْبِ بْنِ أَبِي الْعَالِيَةِ، فَقَالَ: رَوَى عَنْ هُشَيْمٍ، مَا أَدْرِي لَهُ أَحَادِيثَ. فَإِنَّهُ ضَعَّفَهُ. قَالَ الْفَلاسُ: هُوَ حَرْبُ بْنُ مِهْرَانَ. 53- حَزْمُ بْنُ أَبِي حزم مِهْرَانَ الْقُطَعِيُّ1 -خ. هُوَ أَخُو سُهَيْلٍ، بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَمَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، وَمُسدَّدٌ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، وَهُدْبَةُ، وَلُوَيْنُ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ. يَقَعُ حَدِيثُهُ عَالِيًا فِي "جُزْءِ الْمَغَارِ". وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 54- الْحَسَنُ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ سَالِمٍ2 -م. ت. ن. أَخُو أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ الْكُوفِيُّ. كَانَ وَصِيَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رَوَى عَنِ: الأَعْمَشِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ، والطبقة. وعنه: ابن المبارك، ويحيى بن آدم، وابن مهدي، وقبيصة، وأحمد بن يونس، وغيرهم. وثقه ابن معين، والنسائي.

_ 1 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 284"، والجرح والتعديل "3/ 294"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 111". 2 نظر الجرح والتعديل "3/ 29، 30"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 302"، وتهذيب الكمال "6/ 291-294".

ومات كهلا1 في سنة اثنتين وسبعين ومائة. له في "صحيح مسلم" حديث واحد. 55- حسين بن عبد الله بن ضميرة الحميري2 المدني. نزيل ينبع. روى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو مصعب الزهري. قال ابن خزيمة: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَمِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ: أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ. سَاقَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَتِهِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ. قَالَ أَبُو مُصْعَبٌ: تَقَدَّمَ مَالِكٌ حِينَ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ يَصِلُ الصَّفَّ فَوَجَدَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ فَقَالَ لَهُ: حَدِّثْنِي بِحَدِيثِ أَبِيكَ، عَنْ جَدِّكَ، عَنْ عَلِيٍّ، مِنَ الْوِتْرِ. فَذَكَرَهُ لَهُ. وَمَتْنُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يُوتِرُ بِثَلاثٍ: فِي الأُولَى بِالْحَمْدِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدْ. وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْحَمْدِ وَقُلْ يَا أيها الكافرون. وفي الثالثة بالحمد وقل هو والمعوذتين. فَقَالَ مَالِكٌ: اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي وَافَقَ وِتْرِي وِتْرَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُسَيْنًا ثِقَةُ مَالِكٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ داود السِّمْنَانِيُّ: نَا مَهْدِيُّ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا

_ 1 أي: كبير السن. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "9/ 452"، والجرح والتعديل "3/ 57، 58"، والتاريخ الكبير "2/ 388". 3 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "2/ 768"، وفي إسناده الحسين بن عبد الله ضعفه العلماء.

مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّ هُنَا قَوْمًا يُحَدِّثُونَ يَكْذِبُونَ: حُسَيْنُ بْنُ ضُمَيْرَةَ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضُمَيْرَةَ. 56- حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ الْوَاسِطِيُّ1 -خ. د. ت. ن. عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحُسَيْنِ بْنِ قَيْسٍ الرَّحَبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. وَعَنْهُ: مُسدَّدٌ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 57- حَفْصُ بْنُ جُمَيْعٍ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ق. عَنْ: سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحْتَجُّ به. 58- حفص المقرئ3 -ت. ق. هُوَ حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَسَدِيُّ الْغَاضِرِيُّ الْكُوفِيُّ, أَبُو عُمَرَ شَيْخُ الْقُرَّاءِ، وَيُقَالُ لَهُ: حَفْصُ بْنُ أَبِي داود، وَكَانَ حُجَّةً فِي الْقِرَاءَةِ، وَاهِيًا فِي الْحَدِيثِ. قَرَأَ عَلَى: زَوْجِ أُمِّهِ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ. وَرَوَى عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وابن إسحاق، وكثير بن زاذان، ومحارب بن دثار، وإسماعيل السدي، وليث بن أبي سليم، وطائفة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 197"، والتاريخ الكبير "3/ 10"، والثقات لابن حبان "8/ 208"، وتهذيب الكمال "6/ 546". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 170، 171"، وتهذيب الكمال "7/ 6، 7"، والمجروحين لابن حبان "1/ 256". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 73"، والتاريخ الكبير "2/ 363"، والمجروحين "1/ 255"، وتهذيب التهذيب "2/ 400".

قرأ عليه: عمرو بن الصباح، وعبيد بن الصباح، وأبو شعيب القواس، وحمزة بن القاسم، وحسين بن محمد المروذي، وخلف الحداد, وسمى أبو عمرو الداني خلقا ممن أخذ القراءة عَنْ حَفْصٍ. وَحَدَّثَ عَنْهُ: بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَأَدْهَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ. وَعَمْرُو بْنُ النَّاقِدِ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ. تَرَكُوهُ. وَقَالَ خَلَفٌ الْبَزَّارُ: مَوْلِدُ حَفْصٍ سَنَةَ تِسْعِينَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ جَلَسَ إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَأَلَهُ. قَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَاصِمٍ مَرَّاتٍ، وَجَوَّدَهُ. وَكَانَ الْقُدَمَاءُ يَعُدُّونَ حَفْصًا فِي الإِتْقَانِ لِلْحُرُوفِ فَوْقَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَيَصِفُونَهُ بِالضَّبْطِ. وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: حَدَّثَ حَفْصٌ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ وَجَمَاعَةٍ أَحَادِيثَ بَوَاطِيلَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ. وَقَالَ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: كَانَ حَفْصٌ أَعْلَمَهُمْ بِقِرَاءَةِ عَاصِمٍ. قُلْتُ: إِنَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ الداخل في الحديث لتهاونه به. قال أحمد بن حنبل: نَا يَحْيَى الْقَطَّانُ قَالَ: ذَكَرَ شُعْبَةُ حَفْصَ بْنَ سُلَيْمَانَ فَقَالَ: كَانَ يَأْخُذُ كُتُبَ النَّاسِ وَيَنْسَخُهَا, أَخَذَ مِنِّي كِتَابًا فَلَمْ يَرُدَّهُ, وَكَانَ يَسْتَعِيرُ الْكُتُبَ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَفْصٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: نَا مُحَمَّدٌ، نَا الْحَسَنُ، نَا شَبَّابَةُ قَالَ: قُلْتُ لأبي بكر بن عياش: أبو عمر رَأَيْتَهُ عِنْدَ عَاصِمٍ؟

فَقَالَ: لا. مَاتَ حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 59- حَفْصُ بْنُ صُبَيْحٍ الأَزْرَقُ1. عَنْ: بشير بن زيد، و"عطاء بْنِ السَّائِبِ". وَعَنْهُ: رَبَاحُ بْنُ خَالِدٍ، وَقُبَيْصَةُ بن عقبة، وأبو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. 60- الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ2. أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ، وَهُوَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، وَعَاصِمِ بْنَ أَبِي النُّجُودِ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ الْخُرَاسَانِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ، وَأَبُو مَعْمَرٍ الْقَطِيعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الزَّمِّيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ. وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ؛ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، تَرَكُوهُ. وَقَالَ ابْنُ عَديٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ. قُلْتُ: مَاتَ فِي حُدُودِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ يَحْيَى: كَانَ مَرْوَانُ يَقُولُ: أَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَهُوَ ابْنُ ظُهَيْرٍ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ بُسْتَانُ الْيَهُودِيُّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! أَخْبِرْنِي عَنِ النجوم التي رآها يوسف أنها

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 175"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 370"، والثقات لابن حبان "6/ 199". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 118"، والمجروحين لابن حبان "1/ 250، 251"، وتهذيب الكمال "7/ 99-103".

سَاجِدَةٌ لَهُ, فَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِيِّ فَقَالَ: "إِنْ أَخْبَرْتُكَ بِأَسْمَائِهَا تُسْلِمْ"؟ قَالَ: أَخْبِرْنِي. قَالَ: "حِرْقَانُ، وَطَارِقٌ، وَالذَّيَّالُ، وَذُو الْكَنَفَاتِ، وَذُو الْفُرُعِ، وَوَثَّابٌ، وَعَمُودَانُ، وَقَابِسٌ، وَالصَّرُوحُ، وَالْمُصَبِّحُ، وَالْفُلَيْقُ، وَالضِّيَاءُ، وَالنُّورُ". يَعْنِي أَبَاهُ وَأُمَّهُ رَآهَا فِي أُفُقِ السَّمَاءِ أَنَّهَا سَاجِدَةٌ لَهُ. فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: هَذِهِ وَاللَّهِ أَسْمَاؤُهَا1. 61- الحكم بن عبد الله بن خطاف2 -ق. أبو سلمة العاملي الأزدي، وقيل: الدمشقي. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ. وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَذَّابٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 62- الْحَكَمُ بْنُ عَبْدَةَ3 -ق. بَصْرِيٌّ نَزَلَ مِصْرَ. رَوَى عَنْ: أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَإِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْخَوْلانِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بكير. فيه لين. 63- الحكم بن عمرو4.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 146"، وقال: حديث موضوع عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان واضعه قصد شين الإسلام بمثل هذا، وفيه جماعة ليسوا بشيء. 2 انظره في الكنى. 3 انظر تهذيب الكمال "7/ 112، 113"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 577"، وتهذيب التهذيب "2/ 432". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 123"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 335"، والضعفاء لابن عدي "2/ 625"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 578".

وَيُقَالُ: ابْنُ عُمَرَ الرُّعَيْنِيُّ الْحِمْصِيُّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ، فَهُوَ بِهَذَا الاعْتِبَارِ تَابِعِيٌّ. وَعَنْ: عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ، وَيَحْيَى بْنُ "صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ"، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. "أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ المنعم"، بن أَبِي الْيُمْنِ الْكِنْدِيِّ أَنَّ أَبَا الْفَتْحِ الْبَيْضَاوِيَّ أَخْبَرَهُمْ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ, أَبُو الْحُسَيْنِ أحمد بن محمد البزاز، أَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، نَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نَا خَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ إِمْلاءً سَنَةَ ثلاثين ومائتين: نا الحكم بن عمرو وقال: صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَكَانَ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ يَقْرَؤُهَا. 64- الْحَكَمُ بْنُ فُضَيْلٍ1. أَبُو مُحَمَّدٍ الواسطي. عن: خالد الحذاء، وسيار أَبِي الْحَكَمِ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَيَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ. وَعَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ: كَانَ مِنْ أَعْبَدِ أَهْلِ زَمَانِهِ. وَقَالَ أَبُو داود: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُخَالِفُ الثِّقَاتِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَمِثْلُهُ يَحْيَى بْنُ فُضَيْلٍ، وَالْبَاقُونَ فُضَيْلٌ، بِضَمٍّ مُعْجَمَةٍ. 65- الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ الثَّقَفِيُّ الْعُقَيْلِيُّ2 -ن. ت.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 126، 127"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 339"، والثقات لابن حبان "8/ 193". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 130"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 341"، وتهذيب الكمال "7/ 155-159"، وميزان الاعتدال "1/ 582".

كُوفِيٌّ نَزَلَ دِمَشْقَ. وَرَوَى عَنْ: قَتَادَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو مسهر، والهيثم بن خارجة، وهشام بن عمار، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَادِيسِيُّ. وَكَانَ شَرِيفَ النَّفْسِ متعففًا. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كَانَ الْحَكَمُ فَقِيرًا فَيُدْعَى إِلَى الطَّعَامِ وَهُوَ جَائِعٌ، فَيَلْبَسُ مِطْرَفَ خَزٍّ عَتِيقًا، ثُمَّ يَدْخُلُ الْعُرْسَ فَيُبَارِكُ وَلا يَأْكُلُ. وَكَانَ عَسِرًا فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ إِنَّهُ انْبَسَطَ. وَكَانَ مُؤَاخِيًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ: أَقْبَلَ الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ يُرِيدُ مِنْدَلا، فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لَهُ أَصْحَابُ مَنْدَلٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ؟ قَالَ: كَانَ وَاللَّهِ خِيَارُ الْخِيَرَةِ، أَمِيرُ الْبَرَرَةِ، قتيل الفجرة، منصور النضرة، مَخْذُولُ الْخَذَلَةِ, أَمَّا خَاذِلُهُ فَقَدْ خُذِلَ، وَأَمَّا قَاتِلُهُ فَقَدْ قُتِلَ، وَأَمَّا نَاصِرُهُ فَقَدْ نُصِرَ. قَالُوا لَهُ: فَعَلِيٌّ خَيْرٌ أَمْ مُعَاوِيَةُ؟ قَالَ: بَلْ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالُوا: فَأَيُّهُمَا كَانَ أَحَقُّ بِالْخِلافَةِ؟ قَالَ: كَانَ أَحَقُّ بِالْخِلافَةِ مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ خَلِيفَةً. أَبُو مُسْهِرُ: نَا الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ: مَنْ أَغْرَقَ فِي الْحَدِيثِ فَلْيُعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَابًا، فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ أَحَدُكُمْ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ، وَلْيَحْتَرَفْ حَذَرَ الْفَاقَةِ. الأَصْمَعِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: يُقَالُ خَمْسَةٌ قَبِيحَةٌ: الْفُتُوَّةُ فِي الشُّيُوخِ، وَالْحِرصُ فِي الزُّهَّادِ، وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ فِي ذَوِي الْحَسَبِ، وَالْبُخْلُ فِي ذَوِي الْمَالِ، وَالْحِدَّةُ فِي السُّلْطَانِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ الثَّقَفِيُّ لا يحتج به.

66- حَكِيمُ بْنُ نَافِعٍ1. أَبُو جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ عَنْ: عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَالنُّفَيْلِيُّ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ وَمُعَافَى بْنُ سُلَيْمَانَ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ. لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لا بَأْسَ بِهِ. وَجَاءَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ؛ أَحَدُهَا: ثِقَةٌ. 67- حَمَّادُ بْنُ زَيْدِ بْنِ دِرْهَمِ بْنِ الإِمَامِ إِسْمَاعِيلَ الأَزْدِيُّ2 -ع. مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ الأَزْرَقُ الضَّرِيرُ الْحَافِظُ، أَحَدُ الأَعْلامِ، مَوْلَى آلِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ. كَانَ جَدُّهُ دِرْهَمُ مِنْ سَبْيِ سِجِسْتَانَ. رَوَى حَمَّادُ عَنْ: أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقُرَشِيَّيْنِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وعبد الرحمن بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسدَّدٌ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَعَارِمٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَأُمَمٌ سِوَاهُمْ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: أَئِمَّةُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِمْ أَرْبَعَةٌ: الثَّوْرِيُّ بِالْكُوفَةِ، وَمَالِكٌ بِالْحِجَازِ، وَالأَوْزَاعِيُّ بِالشَّامِ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ بِالْبَصْرَةِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ أَحَدٌ فِي أَيُّوبَ أثبت من حماد بن زيد.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 207"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 18"، والثقات لابن شاهين "109". 2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 286، 287"، والجرح والتعديل "3/ 137-139"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 25"، والثقات لابن حبان "6/ 217"، وتهذيب الكمال "7/ 239-252".

وقال يحيى بن يحيى: ما رأيت شخصًا أَحْفَظَ مِنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ، هُوَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: لَمْ أَرَ أَحَدًا قَطُّ أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ وَلا بِالْحَدِيثِ الَّذِي يَدْخُلُ فِي السُّنَّةِ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. وَقَالَ أَيْضًا: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْهُ، وَمِنْ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ. وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالْبَصْرَةِ أَفْقَهَ مِنْهُ. وَعِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: جَالَسْتُ أَيُّوبَ عِشْرِينَ سَنَةً. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: مَاتَ حَمَّادُ بْنُ أَيُّوبٍ يَوْمَ مَاتَ وَلا أَعْلَمُ لَهُ فِي الإِسْلامِ نَظِيرًا فِي هَيْئَتِهِ وَدَلِّهِ، وَأَظنُّهُ قَالَ: وَسَمْتِهِ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، يَوْمَ مَاتَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مَاتَ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ صَرِيرًا يَحْفَظُ كُلَّ حَدِيثِهِ. وَقَالَ ابْنُ مُصفَّى: نَا بَقِيَّةُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالْعِرَاقِ مِثْلَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. قلت: ومن خَاصِيَّةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ لا يُدَلِّسُ أَبَدًا. قَالَ: خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: الْمُدَلِّسُ مُتَشَبِّعٌ بِمَا لَمْ يُعْطَ. قُلْتُ: وَالْمُدَلِّسُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: 188] . وَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا" 1؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ السَّامِعِينَ أَنَّ حَدِيثَهُ مُتَّصِلٌ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، هَذَا إِذَا دَلَّسَ عَنْ ثِقَةٍ، أَمَّا إِذَا دَلَّسَ خَبَرَهُ عَنْ ضَعِيفٍ يُوهِمُ أَنَّهُ صَحِيحٌ، فَهَذَا قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ: التَّدْلِيسُ ذُلُّ. وَقَالَ سَلامُ بْنُ أَيُّوبَ صَاحِبُ الْبَصْرِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَلا سفيان ولا مالكًا.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "101"، وأحمد "3/ 498"، والحاكم "2/ 9"، والبيهقي "5/ 255".

وقال فيه الثوري: رجل بالبصرة بَعْدَ شُعْبَةَ ذَلِكَ الأَزْرَقُ. وَقَالَ وَكِيعٌ: مَا كُنَّا نُشَبِّهُهُ إِلا بِمِسْعَرٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: لَمْ يَكُنْ لِحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ كِتَابٌ إِلا كِتَابَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الطَّبَّاعِ: مَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ثِقَةٌ، كَانَ حَدِيثُهُ أَرْبَعَةَ آلافٍ، كَانَ يَحْفَظُهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ. وَقَالَ فِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِدَاشٍ، لَمْ يُخْطِئْ فِي حَدِيثٍ قَطُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَةَ كِتَابَةً، عَنْ أَبِي الْمَكَارِمِ اللَّبَّانِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، نَا الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ -وَذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ- فَقَالَ: إِنَّمَا يُحَاوِلُونَ أَنْ يَقُولُوا: لَيْسَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، أَنَا الْبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ الدَّبَّاسِ، أَنَا أَبُو غَالِبٍ الْبَاقِلانِيُّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْوَاعِظُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، نَا عَارِمٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: قُلْ لِمَنْ يَطْلُبُ عِلْمًا ... ائْتِ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ نَلْتَمِسْ حِكَمًا وَعِلْمًا ... ثُمَّ قَيِّدْهُ بِقَيْدٍ أَخْبَرَنَا أبو المعالي الأبرقوهي، أنا الفتح عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالُوا: أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمُعَدَّلِ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ، ثنا جفعر الْفِرْيَابِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ، ثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عَتِيقٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَخْوَفَ عَلَى مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 8] . قُلْتُ: وَقَعَ لِي أَحَادِيثُ عَالِيَةٌ عَنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ قَدْ أَفْرَدْتُهَا. وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ، وَعَاشَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ سَنَةً, قَالَ الْفَلاسُ, مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَاسِعَ شهر رمضان.

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ، كَذَا قَالَ. وَقَالَ عَارِمٌ: مَاتَ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ، فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ. قَالَ أَبُو داود: مَاتَ مَالِكٌ قَبْلَهُ بِأَشْهُرٍ. 68- حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ التَّمِيمِيُّ الْحِمَّانِيُّ1، الْكُوفِيُّ. أَبُو شُعَيْبٍ. وَهُوَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ, قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةٍ، ثُمَّ عَرَضَهُ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ: يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُلَيْمِيُّ. وَحَدَّثَ عَنْ: حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهيلٍ، وَأَبي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، وَسِوَاهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُدْخَلَ الْمَاءُ إِلا بِمِئْزَرٍ"2 قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتَابِعُهُ عَلَيْهِ إِلا مَنْ هُوَ دُونَهُ أَوْ مثله.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 142"، والتاريخ الكبير "3/ 25"، والمجروحين لابن حبان "1/ 251"، والضعفاء لابن عدي "2/ 659-661". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن خزيمة "1/ 38، 2"، والحاكم "1/ 162"، وفي إسناده الحسن بن بشر الهمداني صدوق يخطئ، انظر الضعيفة "1504".

69- حَمَّادُ بْنُ الإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ1 زُوطِيٍّ. الْفَقِيهُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ. تَفَقَّهَ بِوَالِدِهِ, وَقِيلَ كَانَ مِنَ الْعُبَّادِ الأَخْيَارِ. حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ وَعَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَقُتَيْبَةُ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ. لَيَّنُوهُ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ". قِيلَ: مَاتَ فِي ذِي العقدة سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 70- حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأبح2 -ت. أبو بكر الأنصاري رَوَى عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَمَكْحُولٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتْبَةَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ, وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ: ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ مِنْ شُيُوخِنَا، نَسَبَهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَوْ قَالَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: رُبَّمَا يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا: رُبَّمَا يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَرَى فِيهِ بَأْسًا. 71- حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الواحد المكي3.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 149"، والضعفاء لابن عدي "2/ 669"، ولسان الميزان "2/ 346". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 151، 152"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 24"، والثقات لابن حبان "6/ 221". 3 الجرح والتعديل "3/ 213"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 52، 53"، والثقات لابن حبان "6/ 228".

عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. 72- حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 الْقَاصُّ. الْمُعَلِّمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. رَوَى عَنِ: الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَآخَرُونَ. وَلَعَلَّهُ مَاتَ بَعْدَ السِّتِّينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْخَاءِ": 73- خَارِجَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رَافِعِ بْنِ مُكَيْثٍ الْجُهَنِيُّ2 الْمَدَنِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْد اللَّهِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أبي أويس. قال أبو حاتم: صالح الحديث. 74- خَاقَانُ بْنُ الأَهْتَمِ الْمِنْقَرِيُّ3. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَابْنُ جُدْعَانَ. وَعَنْهُ: مُسدَّدٌ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بن عبد الوراث. قال أبو داود: ضعيف.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 242"، والثقات لابن حبان "8/ 209". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 375"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 2065"، والثقات لابن حبان "6/ 273"، وتهذيب الكمال "8/ 5، 6". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 405، 406"، والمغني في الضعفاء "1/ 200".

75- خَالِدُ بْنُ زِيَادٍ الأَزْدِيُّ التِّرْمِذِيُّ1. عَنْ: أَبِي زُرْعَةَ الْبَجَلِيِّ، وَنَافِعٍ الْعُمَرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ خَالِدٍ الْبَلْخِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلْقَمَةَ الأَزْدِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَمُسدَّدٌ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، مَا ضَعَّفَهُ أَحَدٌ. 76- خَالِدُ بْنُ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ2 الأُمَوِيُّ. أَخُو إِسْحَاقَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَبُدَيْحٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 77- خَالِدُ بْنُ شَوْذَبٍ الْجُشَمِيُّ الْبَصْرِيُّ3. عَنِ: الْحَسَنِ. وَعَنْهُ: أَبُو غَسَّانَ النَّهدِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 78- خَالِدُ بْنُ مَيْسَرَةَ الْبَصْرِيُّ الْعَطَّارُ4. عن: عطاء الخراساني، ومعاوية بن قرة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 332"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 151"، والثقات لابن حبان "6/ 263"، وتهذيب الكمال "8/ 65، 66". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 335"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 152"، والثقات لابن حبان، وتهذيب الكمال "8/ 81". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 336"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 155"، والثقات لابن حبان "6/ 261"، والضعفاء لابن عدي "3/ 897". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 352"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 175"، والثقات لابن حبان "6/ 265"، وتهذيب الكمال "8/ 182-184".

وَعَنْهُ: أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانٍ، وَيُونُسُ الْمُؤَدِّبُ، وَأَبُو أَحْمَدَ الْفُرَاتُ الرَّازِيُّ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ عِنْدِي صَدُوقٌ. 79- خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الزَّيَّاتُ الْكُوفِيُّ1. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. عَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وزهير بن عباد، وعبد الله مُشْكَدَانَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا به بأس. 80- خلاد بن سليمان2 -س. أبو سليمان الحضرمي المصري. عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَخَالِدِ بْنِ أبي عمران، ودراج أَبِي السَّمْحِ. وَعَنْهُ: حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ. وَكَانَ ثِقَةً صَالِحًا قَانِتًا للَّهِ, وَكَانَ أُمِّيًّا لا يَكْتُبُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 81- خَلَفٌ الأَحْمَرُ3. اللُّغَوِيُّ الشَّاعِرُ، صَاحِبُ الْبَرَاعَةِ فِي الأَدَبِ. يُكَنَّى أَبَا مُحْرِزٍ، مَوْلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ, تَعَبَّدَ فِي أَوَاخِرِ عُمْرِهِ. حَمَلَ عَنْهُ دِيوَانَهُ أبو نواس، ورثاه بقصيدة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 356"، والثقات لابن شاهين "117". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 365، 366"، والتاريخ للبخاري "3/ 188، 189"، والثقات لابن حبان "8/ 224". 3 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 317"، وتاريخ الطبري "8/ 115".

وَلِخَلفٍ الْقَصِيدَةُ السَّائِرَةُ الَّتِي نَحَلَهَا تَأَبَّطَ شَرًّا: إِنَّ بِالشِّعْبِ الَّذِي دُونَ سَلْعٍ لَقَتِيلٌ دَمُهُ مَا يُطَلُّ خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ. يَأْتِي. 82- الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ1. صَاحِبُ الْعَرُوضِ. قَدْ تَقَدَّمَ. وَيُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَفِيهَا مَاتَ. 83- خَشَافٌ الْكُوفِيُّ2 صَاحِبُ اللُّغَةِ. 84- الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ3. رَوَى عَنْ: مُسْتَنِيرِ بْنِ أَخْضَرَ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَمِينَةَ. شَيْخٌ مَسْتُورٌ. 85- الْخَيْزُرَانُ الْجُرَشِيَّةُ4. مَوْلاةُ الْمَهْدِيِّ وحبيبته وزوجته، وأم ولديه الهادي والرشيد. رزقت من سعادة الدنيا ما لا يُوصَفُ. قَالَ الْمَسْعُودِيُّ: كَانَ مُغَلُّهَا فِي السنة مائتي ألف وستين ألفًا.

_ 1 تقدم ترجمته. 2 انظر النجوم الزاهرة "2/ 82"، وبغية الوعاة "1/ 551". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 380"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 200"، والثقات لابن حبان "8/ 230"، وتهذيب الكمال "8/ 333، 334". 4 انظر تاريخ الطبري "2/ 156، 8/ 72"، والكامل في التاريخ "1/ 458"، والأعلام للزركلي "2/ 328".

وَقَدْ رَوَى الْخَطِيبُ فِي تَرْجَمَتِهَا حَدِيثًا تَرْوِيهِ عَنِ الْمَهْدِيِّ، عَنْ آبَائِهِ، وَلا يَثْبُتُ. قِيلَ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الدَّالِ": 86- داود بْنُ الزِّبْرِقَانِ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَداود بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ صَبِيحٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَحَسَّنَ حاله ابن حبان وَقَالَ: كَانَ يَهِمُّ فِي الْمُذَاكَرَةِ وَيُعْتَبَرُ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا أَتَّهِمُهُ فِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُهُ مُقَارِبٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 87- داود بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العطار2 -ع. أبو سليمان المكي. عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، وَعَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ عِمَارَةَ، وَمَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خيثم، وهاشم بن عروة، وغيرهم. وعنه: يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، وَداود بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، وَآخَرُونَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الشافعي: ما رأيت أحدًا أورع منه.

_ 1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "3/ 243"، والجرح والتعديل "3/ 412"، والمجروحين لابن حبان "1/ 292". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 417"، والطبقات الكبرى "5/ 498"، والتاريخ الكبير "3/ 246"، وتهذيب الكمال "8/ 413-416".

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ وَالِدُ داود نَصْرَانِيًّا شَامِيًّا يَتَطَبَّبُ، فَقَدِمَ مَكَّةَ فَنَزَلَهَا، وَوُلِدَ لَهُ سَنَةَ مِائَةٍ داود, وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَجْلِسُ فِي أَصْلِ مَنَارَةِ الْحَرَمِ من قبل الصفاء، وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ يُقالُ: أَكْفَرُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ لِقُرْبِهِ مِنَ الأَذَانِ وَالْمَسْجِدِ، وَلِحَالِ وَلَدِهِ وَإِسْلامِهِمْ, وَكَانَ يُسْلِمُهُمْ فِي الأَعْمَالِ السِّرِّيَّةِ، وَيَحُثُّهُمْ عَلَى الأَدَبِ وَلُزُومِ الْخَيْرِ وَأَهْلِهِ. قَالَ: وَمَاتَ داود بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: أَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ تَمْكِينِ هَذَا النَّصْرَانِيُّ مِنَ الإِقَامَةِ بِحَرَمِ اللَّهِ، فَلَعَلَّهُمُ اضْطَرُّوا إِلَى طِبِّهِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحِكَايَةُ صَحِيحَةٌ. وَقِيلَ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخِ الشَّافِعِيِّ. 88- داود بْنُ يَزِيدَ الثَّقَفِيُّ1 الْبَصْرِيُّ. عَنْ: بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ النَّدَبِيِّ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةٍ، وَحَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ. وَعَنْهُ: قتيبة، وهشام بن عبيد الله الرَّازِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَقَالَ: شَيْخٌ مَجْهُولٌ. قُلْتُ: هَذَا الْقَوْلُ يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ مَجْهُولا عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ، وَلَوْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ ثِقَاتٌ، يَعْنِي أَنَّهُ مَجْهُولُ الْحَالِ عِنْدَهُ، فَلَمْ يَحْكُمْ بِضَعْفِهِ وَلا بتوثيقه. 89- ديلم بن غزوان2 -ق. أبو غالب العبدي البصري البراء. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمَيْمُونٍ الْكُرْدِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: عفان، وعارم، ومسدد، والقواريري.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 428"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 240"، والثقات لابن حبان "6/ 287". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 434"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 249"، والثقات لابن حبان "6/ 291".

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "كَامِلِهِ", وَقَوَّى أَمْرَهُ. "حرف الذَّالِ": 90- ذَوَّادُ بْنُ عُلْبَةَ1. أَبُو الْمُنْذِرِ الْحَارِثِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: مُطَرِّف بْن طَرِيفٍ، وَلَيْثِ بْن أَبِي سُلَيْم، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ. وَعَنْهُ: أَبُو مطيع البلخي، وابنه مزاحم بن داود، وَجُبَارَةُ بْنُ مُغَلِّسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَكَانَ عَابِدًا. "حرف الرَّاءِ": 91- رَابِعَةُ الْعَدَوِيَّةُ2. الْعَابِدَةُ الْبَصْرِيَّةُ الْمَشْهُورَةُ بِالتَّأَلُّهِ وَالزُّهْدِ. هِيَ رابعة بنت إسماعيل، كنيتها أم عمرو، وولاؤها لِلْعَتَكِيِّينَ. وَقَدْ أَفْرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَخْبَارَهَا فِي جزء في الشَّامِيَّاتِ رَابِعَةُ الْعَابِدَةُ مُعَاصِرَةٌ لَهَا فَرُبَّمَا تَدَاخَلَتْ أَخْبَارُهَا. قَالَ خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: سَمِعَتْ رَابِعَةُ صَالِحًا الْمُرِّيَّ يَذْكُرُ الدُّنْيَا فِي قَصَصِهِ، فَنَادَتْهُ: هَيْهِ يَا صَالِحُ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبُرْجُلانِيُّ: نَا بِشْرُ بْنُ صَالِحٍ الْعَتَكِيُّ قَالَ: اسْتَأْذَنَ ناس

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 452، 453"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 264"، والمجروحين لابن حبان "1/ 296". 2 انظر سير أعلام النبلاء للمصنف "8/ 215-217"، وصفة الصفوة لابن الجوزي "4/ 27-31"، والبداية والنهاية "10/ 186".

عَلَى رَابِعَةَ وَمَعَهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَتَذَاكَرُوا عِنْدَهَا سَاعَةً، وَذَكَرُوا شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا قَامُوا قَالَتْ لامْرَأَةٍ تَخْدُمُهَا: إِذَا جَاءَ هَذَا الشَّيْخُ وَأَصْحَابُهُ فَلا تَأْذَنِي لَهُمْ، فَإِنِّي رَأَيْتُهُمْ يُحِبُّونَ الدُّنْيَا. وَعَنْ أَبِي يَسَارٍ مِسْمَعٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَابِعَةَ، فَقَالَتْ: جِئْتَنِي وَأَنَا أَطْبُخُ أَرُزًّا، فَآثَرْتُ حَدِيثَكَ عَلَى طَبِيخِ الأَرُزِّ, فَرَجَعْتُ إِلَى الْقِدْرِ وَقَدْ طُبِخَتْ. ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: حَدَّثَنِي عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَطَّارُ: حَدَّثَتْنِي عَبْدَةُ بِنْتُ أَبِي شَوَّالٍ -وَكَانَتْ تَخْدُمُ رَابِعَةَ الْعَدَوِيَّةِ- قَالَتْ: كَانَتْ رَابِعَةُ تُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ، هَجَعَتْ هَجْعَةً حَتَّى يُسْفِرَ الْفَجْرُ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهَا تَقُولُ: يَا نَفْسُ كَمْ تَنَامِينَ؟ وَإِلَى كَمْ تَقُومِينَ؟ يُوشِكُ أَنْ تَنَامِي نَوْمَةً لا تَقُومِي فِيهَا إِلا لِيَوْمِ النُّشُورِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، نَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: قَالَتْ رَابِعَةُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ قِلَّةِ صِدْقِي فِي قَوْلِي: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: دَخَلْتُ مَعَ الثَّوْرِيِّ عَلَى رَابِعَةَ، فَقَالَ سُفْيَانُ: وَاحُزْنَاهُ، فَقَالَتْ: لا تَكْذِبْ, قُلْ: وَاقِلَّةَ حُزْنَاهُ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَابِعَةَ أَنَا وَسَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، فَأَخَذَ سَلامٌ فِي ذِكْرِ الدُّنْيَا، فَقَالَتْ: إِنَّمَا يُذْكَرُ شَيْءٌ هُوَ شَيْءٌ، فَأَمَّا شَيْءٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَلا. وَقَالَ شَيْبَانُ: ثَنَا رِيَاحٌ الْقَيْسِيُّ قَالَ: كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى شُمَيْطِ بْنِ عَجْلانَ أَنَا وَرَابِعَةُ، فَقَالَتْ مَرَّةً: تَعَالَ يَا غُلامُ. وَأَخَذَتْ بِيَدِي وَدَعَتِ اللَّهَ تَعَالَى، فَإِذَا جَرَّةٌ خَضْرَاءُ مَمْلُوءَةٌ عَسَلا أَبْيَضَ. فَقَالَتْ كُلْ، فَهَذَا وَاللَّهِ لَمْ تَحْوِهِ بُطُونُ النَّحْلِ. قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ، فقمنا وتركناه. قال أبو سعيد بن الأَعْرَابِيُّ: أَمَّا رَابِعَةُ فَقَدْ حَمَلَ النَّاسُ عَنْهَا حِكْمَةً كَثِيرَةً، وَحَكَى عَنْهَا سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَغَيْرُهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلانِ مَا قِيلَ عَنْهَا, وَقَدْ تَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْتِ: وَلَقَدْ جَعَلْتُكَ فِي الْفُؤَادِ مُحَدِّثِي ... وَأَبَحْتُ جِسْمِي مَنْ أَرَادَ جُلُوسِي فَنَسَبَهَا بَعْضُهُمْ إِلَى الْحُلُولِ بِنِصْفِ الْبَيْتِ، وَإِلَى الإِبَاحَةِ بِتَمَامِ الْبَيْتِ وَهَذَا غُلُوٌّ وَجَهْلٌ، وَلا أَحْسَبُ يَنْسِبُهَا إِلا حُلُولِيٌّ مُبَاهِي، لِيُنْفِقَ بِهَا زَنْدَقَتَهُ، كَمَا احْتَجُّوا، بِالْخَبَرِ

النَّبَوِيِّ: "فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ" 1. الْحَدِيثَ. قِيلَ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، عَنْ نَحْوِ ثَمَانِينَ سَنَةٍ. 92- الرَّبِيعُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الرُّكَيْنِ الْفَزَارِيُّ2. عَنْ: سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّائِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُخَالِفُ فِي حَدِيثِهِ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى: نَا الرَّبِيعُ بْنُ سَهْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَيْعَةَ، سَمِعْتُ عَلِيًّا عَلَى مِنْبَرِكُمْ هَذَا يَقُولُ: "عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِّي مُقَاتِلٌ بَعْدَهُ الْقَاسِطِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَالْمَارِقِينَ". قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: أَسَانِيدُ هَذَا الْمَتْنِ لَيِّنَةُ الطُّرُقِ3. 93- رِفَاعَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الأَنْصَارِيُّ الزَّرْقِيُّ الْمَدَنِيُّ4 -ع. إِمَامُ مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ. رَوَى عَنْ: عَمِّ أَبِيهِ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ. رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 131"، والبغوي في شرح السنة "5/ 19"، والبيهقي "3/ 346". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 463"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 278"، والضعفاء لابن عدي "3/ 996"، وميزان الاعتدال "2/ 41". 3 انظر الضعفاء "2/ 51". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 493"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 323"، والثقات لابن حبان "6/ 309".

لَهُ فِي السُّنَنِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، أَنَّ رِفاعَةَ قَالَ: "عَطَسْتُ فِي الصَّلاةِ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ" حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ1. 94- رِفْدَةُ بْنُ قُضَاعَةَ الْغَسَّانِيُّ2 -ق. مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: ثَابِتِ بْنِ عَجْلانَ، وَجَعْفرِ بْنِ بُرْقَانَ، وَالأَوْزَاعِيِّ. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَكُنْ رِفْدَةُ شيء, كَانَ مَوْلَى الْحَيِّ، يَعْنِي حَيَّ أَبِي مُسْهِرٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ بَعْضُ الْمَنَاكِيرِ. 95- رَوْحُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ قُبَيْصَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ الْمُهَلَّبِيُّ الأَمِيرُ3, مِنْ كِبَارِ الْقُوَّادِ، وَلِيَ إِفْرِيقِيَّةَ مُدَّةً لِلرَّشِيدِ، ثُمَّ وَلِيَ الكوفة بالبصرة, وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا كَبِيرَ "الْقَدْرِ، وَوَلِيَ" أَيْضًا السِّنْدَ, وَاتَّفَقَ مَوْتُهُ بِالْمَغْرِبِ عِنْدَ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ أَمِيرِ إِفْرِيقِيَّةَ "فِي شَهْرِ" رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَلَهُ أَخْبَارٌ وَمَآثِرُ فِي الْجُودِ. 96- رَوْحُ بْنُ مُسَافِرٍ4. أَبُو بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَأَبَانِ بْنِ أبي عياش، والأعمش، وعدة.

_ 1 جزء من حديث صحيح: أخرجه أبو داود "773"، والترمذي "404". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 523"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 343"، والمجروحين لابن حبان "204"، وتهذيب الكمال "9/ 212-214". 3 انظر تاريخ الطبري "7/ 452، 453"، والكامل في التاريخ "9/ 439"، وسير أعلام النبلاء "7/ 441". 4 انظر التاريخ الكبير "3/ 310"، والمجروحين لابن حبان "1/ 299"، والضعفاء للعقيلي "2/ 57"، وميزان الاعتدال "2/ 61".

وَعَنْهُ: مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ. ضَعَّفُوهُ. وَقَالَ أَبُو داود: مَتْرُوكٌ. 97- رَوْحُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ1. عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بِشْرٍ، وَغَيْلانَ مَوْلَى عُثْمَانَ، وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ. وَعَنْهُ: النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَأَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الشَّامِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عِنْدِي لا بَأْسَ بِهِ. نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: نَا رَوْحُ بْنُ عَطَاءٍ: نَا أَبِي، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسَلِّمُ فِي الصَّلاةِ تَسْلِيمَةً قِبَالَةَ وَجْهِهِ, فَإِذَا سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ". قَالَ الْعُقَيْلِيُّ2: الأَحَادِيثُ فِي تَسْلِيمِهِ أَسَانِيدُهَا لَيِّنَةٌ. 98- رِيَاحُ بْنُ عَمْرٍو الْقَيْسِيُّ الْبَصْرِيُّ الزَّاهِدُ3. أَبُو الْمَهَاصِرِ, كَانَ خَاشِعًا خَائِفًا بَكَّاءً. رَوَى عَنْ: مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَوَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ. وَقِيلَ إِنَّهُ لَقِيَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ. رَوَى عَنْهُ: سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، وَمُوسَى بْنُ داود، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَرَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، وطائفة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 497"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 109"، والمجروحين لابن حبان "1/ 300". 2 انظره في الضعفاء "2/ 58". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 511"، والثقات لابن حبان "6/ 310"، وميزان الاعتدال "2/ 61، 62"، وسير أعلام النبلاء "8/ 155".

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَذَكَرَهُ أَبُو داود السِّجِسْتَانِيُّ فَوَهَّاهُ وَقَالَ: رَجُلُ سَوْءٍ. قَالَ عَلِيُّ بن الحسن بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: قَالَ رِيَاحٌ الْقَيْسِيُّ: لِي نَيِّفٌ وَأَرْبَعُونَ ذَنْبًا، قَدِ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لِكُلِّ ذَنْبٍ مِائَةَ أَلْفِ مَرَّةٍ. وَقَالَ سَيَّارٌ: ثَنَا رِيَاحٌ قَالَ لِي عُتْبَةُ الْغُلامُ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا فَهُوَ عَلَيْنَا. وكَانَ رِيَاحُ بْنُ عَمْرٍو يُسْمَعُ مِنْهُ الْمَوْعِظَةُ وَيُغْشَى عَلَيْهِ. "حرف الزَّايِ": 99- زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجِ بْنِ الرحيل1 -ع. أبو خيثمة الجعفي الكوفي الْحَافِظُ. أَحَدُ الثِّقَاتِ. وَهُوَ أَخُو حُدَيْجٍ وَالرُّحَيْلِ. رَوَى عَنِ: الأَسْوَدَ بْنِ عُمَيْسٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَزُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، وَأَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النفيلي، وأبو الوليد، وخلق. قال سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ لِرَجُلٍ: عَلَيْكَ بِزُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَمَا بِالْكُوفَةِ مِثْلُهُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ: لا وَاللَّهِ لَيْسَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عِندِي بِأَثْبَتَ مِنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، وَذَكَرَ حَدِيثًا لِزُهَيْرٍ وَشُعْبَةَ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: زُهَيْرٌ أَحْفَظُ عِنْدِي مِنْ عِشْرِينَ مِثْلِ شُعْبَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: زُهَيْرٌ بن معادن العلم.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 376"، والجرح والتعديل "3/ 588"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 426".

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: زهير أحب إِلَيْنَا مِنْ إِسْرَائِيلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلا فِي حَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ. قِيلَ لِأَبِي حَاتِمٍ: فَزُهَيْرٌ وَزَائِدَةُ؟ قَالَ: زُهَيْرٌ أَتْقَنُ، وَهُوَ صَاحِبُ سَنَّةٍ, غَيْرَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: سَمِعَ زُهَيْرٌ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ بَعْدَ الاخْتِلاطِ، وَهُوَ ثِقَةٌ. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ: كَانَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ إِذَا سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنَ الشَّيْخِ مَرَّتَيْنِ كَتَبَ عَلَيْهِ: فَرَغْتُ. قُلْتُ: وَسَكَنَ زُهَيْرٌ فِي أَوَاخِرِ عُمْرِهِ الْجَزِيرَةَ، أَظُنُّ بِحَرَّانَ. قَالَ النُّفَيْلِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، زَادَ النُّفَيْلِيُّ فِي رَجَبٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. قُلْتُ: وَأَصَابَهُ الْفَالِجُ1 قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. 100- زُهَيْرُ بْنُ هُنَيْدَةَ2. أَبُو الذَّيَّالِ الْعَدَوِيُّ، بَصْرِيُّ مُقِلٌّ. عَنْ: أَبِي نَعَامَةَ عَمْرُو بْنُ عِيسَى الْعَدَوِيِّ, وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيِّ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ السَّدُوسِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. 101- زِيَادٌ أَبُو السَّكَنِ الْبَاهِلِيُّ3. مَوْلاهُمْ, نَزَلَ بغداد، وزعم أنه رأى الشعبي.

_ 1 الفالج شلل يصيب أحد شقي الجسم طولا. 2 انظر الجرح التعديل "3/ 590، 591"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 429"، والثقات لابن حبان "6/ 338". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 537"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 358"، والضعفاء لابن عدي "3/ 1046".

رَوَى عَنْ: طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ. وَعَنْهُ: داود بْنُ رُشَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وقل النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. "حرف السِّينِ": 102- سَالِمٌ أَبُو جميع القزاز البصري1 -د. هو ابن دينار، وقيل ابن راشد، مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الطَّبَّاعِ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ وَمُسدَّدٌ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ آخَرُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 103- سَعْدُ بْنُ زِيَادٍ2. أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّاسِيُّ مَوْلَى الأَمِيرِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ. عَنْ: سَالِمِ بن عبد الله، وكيسان مولى ابن الزُّبَيْرِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وليس بالمتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 180، 181"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 112"، والثقات لابن حبان "6/ 410". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 83"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 66"، والثقات لابن حبان "6/ 378"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 120".

104- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ. أَبُو عُمَرَ الْمَعَافِرِيُّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ الْفَقِيهُ. عَنْ: مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وَأَبِي مَعْشَرٍ السِّنْدِيِّ. وَمَاتَ شَابًّا. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَخَالِدُ بْنُ نِزَارٍ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَتْ لَهُ عِبَادَةٌ وَفَضْلٌ وَفِقْهٌ، وَهُوَ الَّذِي أَعَانَ ابْنَ وَهْبٍ عَلَى تَصْنِيفِ كُتُبِهِ. وَقَالَ فَتْحُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَهْدِيُّ: قَدِمْتُ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَلَقِيتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ، فَقُلْتُ لَهُ: مَاتَ سَعْدٌ. فَاسْتَرْجَعَ وَقَالَ: لَوْ كَانَ النَّاسُ فِي عَدْوَةٍ وَكُنْتُ أَنَا وَسَعْدٌ فِي عَدْوةٍ لَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ بِهِ مَلِيًّا. ثُمَّ قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنِ يُونُسَ: نَا يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ الأَيْلِيُّ، نَا ابن بكير، نا سعد الْمَعَافِرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، فَذَكَرَ حَدِيثًا فِي التَّوَاضُعِ، ثُمّ قَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 105- سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ الْجُهَنِيُّ الْكُوفِيُّ1. عَنْ: سَعْدَانَ الطَّائِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَبَيْعَةَ، وَخَلادُ بْنُ يَحْيَى، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. 106- سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الْحُسَامِ الْعَدَوِيِّ2 -م. ن. مولاهم المدني.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 289"، والتاريخ الكبير "4/ 196"، والثقات لابن حبان "8/ 305"، وتهذيب الكمال "10/ 321". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 29"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 479"، والثقات لابن حبان "6/ 358"، وتهذيب الكمال "10/ 477-480".

عَنْ: أَبِيهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، وَعَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، وَالتَّبُوذَكِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ الْمُقَدَّمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ: مَا رأيت أصح من كتابه. قلت: واعتمده ومسلم فِي صَحِيحِهِ, وَمَا ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ بل قال في سنته: هُوَ ضَعِيفٌ. 107- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ1 الْكُوفِيُّ. عَنْ: نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ، وَسَعِيدٍ وَالِدِ الثَّوْرِيِّ. وَعَنْهُ: سُنَيْدُ بْنُ داود، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. مَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 108- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الْجُمَحِيُّ2 الْمَدَنِيُّ -م. د. س. ق. قَاضِي بَغْدَادَ لِلرَّشِيدِ. كَانَ مِنْ جِلَّةِ الْعُلَمَاءِ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَطَائِفَةٍ. وَأَحْسَبُهُ تَفَقَّهَ عَلَى رَبِيعَةَ الرَّأْيِ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ، وَعِدَّةٌ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الليث بن سعد، وهو أكبر منه.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 38"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 489"، والثقات لابن حبان "8/ 263". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 324"، والجرح والتعديل "4/ 41"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 494".

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَلَيَّنَهُ الْفَسَوِيُّ فَقَالَ: "لَيِّنُ الْحَدِيثِ". وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَخَطَبَ فِي شَأْنِهِ فَقَالَ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ "حُمَيْدٍ" الْجُمَحِيِّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَلِيَ الْقَضَاءَ بِبَغْدَادَ يَرْوِي عَنْ: عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرِهِ أَشْيَاءَ مَوْضَوعَةً يَتَخَايَلُ إِلَى مَنْ يَسْمَعُهَا أَنَّهُ الْمُتَعَمِّدُ لَهَا. ثَنَا ابْنُ مُجَاشِعٍ، نَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، نَا سَعِيدٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمرو مَرْفُوعًا: مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلا مَعَ الإِمَامِ فَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ ثُمَّ يَقْضِي مَا فَاتَهُ1. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً. وَرَثَاهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ بِقَوْلِهِ: ثُلْمَةٌ فِي الإِسْلامِ مَوْتُ سَعِيدِ ... شَمِلَتْ كُلَّ مُخْلِصِ التَّوْحِيدِ ذَاكَ أَنِّي رَأَيْتُهُ لا يُبَالِي ... فِي تُقَى اللَّهِ لَوْمَ أَهْلِ الْوَعِيدِ 109- سُعَيْرُ بْنُ الْخِمْسِ التَّمِيمِيُّ الْكُوفِيُّ2 -م. ت. ن. عَنْ: مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ. وَزَعَمَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ رَأَى عبد الله بن أبي أَوْفَى. وَعَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ الْيَرْبُوعِيُّ، وَحُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَاتَّفَقَ لَهُ حِكَايَةٌ عَجِيبَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عِنْدَمَا قُدِّمَ إِلَى قَبْرِهِ لِيَدْفِنُوهُ تَحَرَّكَ فَرُدَّ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَامَ، وَوُلِدَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَدُهُ مَالِكُ بْنُ سعيد.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه البيهقي "2/ 219، 221"، وابن حبان في المجروحين "1/ 323"، وابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 443"، وإسناده ضعيف فيه صاحب الترجمة انظر أقوال العلماء فيه. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 386"، والجرح والتعديل "4/ 323"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 213".

رَوَاهَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، عَنِ الْخُرَيْبِيُّ، أَنَّهُ شَاهَدَ ذَلِكَ. وَهُوَ مُقِلٌّ، لَهُ نَحْوَ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ، وَهُوَ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. 110- سُكَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَيْسٍ1. وَهُوَ سُكَيْنُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ الْعَطَّارُ. عَنْ: أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَأَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحُدَّانِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، وَوَالِدِهِ، وَمُثَنَّى بْنِ دِينَارٍ الأَحْمَرَ، وَهِلالِ بْنِ خَبَّابٍ. وَعَنْهُ: حِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَعَفَّانُ، وَعَارِمٌ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو داود: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَاهٍ عِنْدَ: ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَالدَّارِمِيِّ. خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "أَدَبِهِ". وَلِشَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ، عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "عُمْرُ الذُّبَابِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً"2. الْحَدِيثَ. 111- سَكَنُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ الْبَصْرِيُّ3. صَاحِبُ الْغَنَمِ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَأَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ. وَعَنْهُ: سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُمْ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 207"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 199"، والثقات لابن حبان "6/ 432"، والضعفاء لابن عدي "3/ 1301". 2 أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 1301"، وفي إسناده صاحب الترجمة "990". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 287"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 179"، والثقات لابن حبان "6/ 427".

سلام بن سليم -ع- هو أبو الأحوص الكوفي الحافظ. مذكور في الكنى. 112- سلام بن سليمان1 -ت. ن. أبو المنذر المزني، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ، ثُمَّ الْكُوفِيُّ الْقَارِئُ النَّحْوِيُّ, وَيُقَالُ: ابْنُ سُلَيْمٍ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى: عَاصِمٍ، وَأَبِي عَمْرٍو، وَغَيْرِهِمَا. وَصَارَ شَيْخَ الْقُرَّاءِ فِي عَصْرِهِ. قَرَأَ عَلَيْهِ: يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلافُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ؛ وَحَدَّثَ عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَمَطَرٍ الْوَرَّاقِ، وَحُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، وَابْنِ جُدْعَانَ، وَجَمَاعَةٍ. رَوَى عَنْهُ: عَفَّانُ، ومحمد بن سلام الجمحي، وعبيد الله بن عائشة، وعبد الواحد بْنُ غِيَاثٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: لَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِهِ أَعْلَمَ مِنْهُ. كَانَ فَصِيحًا نَحْوِيًّا, وَقِيلَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِثْلُهُ فِي الإِنْكَارِ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ. وَقَالَ أَبُو داود: كَانَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ يُنْكِرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْحُرُوفِ. وَعَنْ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِمُصْحَفٍ فَقَالَ: أَلَيْسَ هَذَا وَرَقٌ وَزَاجٌ؟ فَقَالَ: سَلامٌ: قُمْ يَا زِنْدِيقُ. مَاتَ سَلامٌ الْقَارِئُ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 113- سَلامُ بْنُ سلم2 -ق.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 259"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 134"، والثقات لابن حبان "6/ 416"، وتهذيب الكمال "12/ 288-291". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 260"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 133"، وتاريخ الطبري "7/ 454، 455"، والمجروحين لابن حبان "1/ 339".

أبو سليمان التميمي السعدي المدائني الطويل. خُرَاسَانِيُّ الأَصْلِ. رَوَى عَنْ: مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، وَزَيْدٍ الْعَمِّيِّ، وحميد الطويل، وثور بن يزيد. وعنه: أسد بن موسى، وخلف بن هشام، وعلي بن الجعد، ومحمد بن عبد الوهاب الحارثي، وجماعة كبار. قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم، وغيره: تركوه. قال العقيلي: سلام بن سلم المدائني الطويل: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، وَسُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَلامُ بْنُ سَلْمٍ السعدي الطويل، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، تَرَكُوهُ. وَقَالَ الأَعْيَنُ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ ضَعَّفَ سَلامَ بْنَ سَلْمٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: نَا سَلامٌ، ثَنَا زَيْدٌ العمي، عن أبي بكر الصديق، عن أبي سعيد الخدري، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْحَمُ هَذِهِ الأُمَّةِ بِهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَقْوَاهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ، وَأَقْضَاهُمْ عَلِيٌّ، وَأَصْدَقُهُمْ حَسَّانٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيُّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ وِعَاءٌ مِنَ الْعِلْمِ، وَسَلْمَانُ عِلْمٌ لا يُدْرَكُ، وَمُعَاذٌ أَعْلَمُهُمْ بالحلال والحرام، وما أظلت الْخَضْرَاءُ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ"1. أَمَّا. سَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ الصَّغِيرُ. فَآخَرُ سَيَأْتِي قَبْلَ الْعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَأَمَّا صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ: سَلامُ بْنُ سَلْمٍ، فَقِيلَ فِي أَبِيهِ: سُلَيْمَانُ، وَقِيلَ: سَالِمٌ، وهو وهم، ويعرف بالطويل.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي "170، 171"، وفي إسناده سلام صاحب الترجمة انظر كلام العلماء عليه, والحديث في ضعيف الجامع "776".

قيل: توفي سنة سبع وسبعين وَمِائَةٍ ظَنًّا لا يَقِينًا. 114- سَلامُ بْنُ أَبِي صهباء1. أَبُو الْمُنْذِرِ: بَصْرِيٌّ فَزَارِيٌّ. رَوَى عَنْ قَتَادَةَ، وَثَابِتٍ. وَعَنْهُ: أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ: وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: سَلامُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْعَدَوِيُّ، مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: سَلامُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ، أَبُو بِشْرٍ الْعَدَوِيُّ، بَصْرِيٌّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، نا سلام بن أبي صهباء، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا، "لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَخَشِيتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، الْعُجْبُ"2. 115- سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ الْبَصْرِيُّ3 -خ. م. ت. ن. أبو سعيد الخزاعي، مَوْلاهُمْ. عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي حُصَيْنٍ عُثْمَانَ بْنِ عَاصِمٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسدَّدٌ، وَهُدْبَةُ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، وَآخَرُونَ. قال أحمد: ثقة، صاحب سنة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 257"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 135"، والمجروحين لابن حبان "1/ 340"، والضعفاء لابن عدي "3/ 1151". 2 "حسن لغيره": أخرجه البزار كما في كشف الأستار "3633"، وقال الهيثمي في المجمع "10/ 269"، أخرجه البزار. وإسناده جيد. قلت: وأيده المنذري في الترغيب والترهيب. 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 258"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 134"، والمجروحين لابن حبان "1/ 341".

وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يُعَدُّ مِنْ خُطَبَاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَعُقَلائِهِمْ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَثِيرُ الْوَهْمِ لا يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا انْفَرَدَ. قُلْتُ: قَدِ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ. قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَيُقَالُ سَنَةَ أَرْبَعٍ. قَالَ زُهَيْرٌ الْبَابِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ لا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ. وَقَالَ أَبُو داود: قَالَ سَلامٌ: لِأَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِصَحِيفَةِ الْحَجَّاجِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَاهُ بِصَحِيفَةِ عَمْرِو بْنِ عبيد. سلام بن أبي خبرة الْبَصْرِيُّ. شَيْخٌ ضَعِيفٌ، يُذْكَرُ فِي طَبَقَةِ وَكِيعٍ. 116- سَلَمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْعُقَيْلِيُّ1. قَاضِي دِمَشْقَ، كَانَ قَبْلَ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ الْقَاضِي، ثُمَّ عُزِلَ. رَوَى عَنْ: رَبَيْعَةَ بْنِ يَزِيدَ الْقَصِيرِ، وَشَدَّادِ أَبِي عَمَّارٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الأَمِيرِ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ الصَّنْعَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الْبَصْرِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْوَلِيدِ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ يَقُولُ: قَالَ سَلَمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْقَاضِي: لا رَحِمَ اللَّهُ فُلانًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ. 117- سَلَمَةُ بْنُ كُلْثُومٍ الْكِنْدِيُّ الدِّمَشْقِيُّ2 -ق. نَزِيلُ حِمْصَ. عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ.

_ 1 انظر العلل ومعرفة الرجال برواية ابنه "2031"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 204". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 171"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 311، 312"، وتهذيب التهذيب للحافظ "4/ 155".

وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ. قَالَ أَبُو الْيَمَانِ: ثِقَةٌ. كَانَ يُقَاسُ بِالأَوْزَاعِيِّ. وَقَالَ أَبُو تَوْبَةَ: ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُلْثُومٍ وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ، لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ الأَوْزَاعِيِّ أَهْنَأَ مِنْهُ. 118- سَلْمٌ الْخَاسِرُ1. هُوَ سَلْمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَمَّادَ الْبَصْرِيُّ، أَحَدُ الشُّعَرَاءِ الْمُحْسِنِينَ، وَهُوَ غُلامُ بَشَّارِ بْنِ بُرْدٍ، مَدَحَ الْمَهْدِيَّ, وَأَكْثَرَ فِي "مَدْحِ الْبَرَامِكَةِ". وَكَانَ عَاكِفًا عَلَى الْمَعَاصِي، ثُمَّ تَزَهَّدَ وَنَسَكَ مُدَيْدَةً، ثُمَّ مَرَقَ2 وَعَادَ إِلَى اللَّهْوِ، وَبَاعَ مُصْحَفَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ دِيوَانَ شِعْرٍ، فَلُقِّبَ لِذَلِكَ بِالْخَاسِرِ. وَلَمَّا صَيَّرَ الرَّشِيدُ وَلَدَهُ الأَمِينَ وَلِيَّ عَهْدِهِ, قَالَ سَلْمٌ قَصِيدَتَهُ السَّائِرَةَ: قُلْ لِلْمَنَازِلِ بِالْكَثِيبِ الأَعْفَرِ سُقِيتِ غَايَةَ السَّحَابِ الْمُمْطِرِ قَدْ بَايَعَ الثَّقَلانِ مَهْدِيَّ الْهُدَى لِمُحَمَّدِ بْنِ زُبَيْدَةَ ابْنَةِ جَعْفَرِ فَحَشَتْ زُبَيْدَةُ فَاهُ جَوْهَرًا، قِيلَ بَاعَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَمِنْ شِعْرِهِ: بَانَ شَبَابِي فِيمَا يَحُورُ ... وَطَالَ مِنْ لَيْلِي الْقَصِيرُ أَهْدَى لِيَ الشَّوْقَ وَهُوَ خُلْوٌ ... أَغَنُّ فِي طَرْفِهِ فُتُورُ وَقَائِلٍ حِينَ شَبَّ وَجْدِي ... وَاشْتَعَلَ الْمُضْمَرُ السَّتِيرُ لَوْ شِئْتَ أَسْلاكَ عَنْ هَوَاهُ ... قَلْبٌ لِأَشْجَانِهِ ذَكُورُ فَقُلْتُ لا تَعْجَلَنْ بِلَومِي ... فَإِنَّمَا يُنْبِئُ الْخَبِيرُ عَذَّبَنِي وَالْهَوَى صَغِيرُ ... فَكَيْفَ بِي وَالْهَوَى كَبِيرُ مَنْ رَاقَبَ الناس مات غما ... وفاز باللذة الجسور

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 101، 224"، والكامل في التاريخ "5/ 586"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "8/ 172، 173". 2 مرق السهم من الرمية، مروقا: اخترقها وخرج من الجانب الآخر في سرعة.

قَالَ أَبُو مُعَاذٍ النُّمَيْرِيُّ: قَالَ بَشَّارُ بَيْتًا، وَكَانَ يَلْهَجُ بِهِ كَثِيرًا وَهُوَ: مَنْ رَاقَبَ النّاسَ لَمْ يَظْفَرْ بِحَاجَتِهِ وَفَازَ بِالطَّيِّبَاتِ الْفَاتِكُ اللَّهِجُ فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قَالَ "سَلْمٌ الْخَاسِرُ" بَيْتًا فِي هَذَا، وَأَنْشَدْتُهُ: مَنْ رَاقَبَ النَّاسَ مَاتَ هَمًّا ... وَفَازَ بِاللَّذَّةِ الْجَسُورُ فَقَالَ: ذَهَبَ وَاللَّهِ بَيْتِي، وَاللَّهِ لا أَكَلْتُ الْيَوْمَ شَيْئًا وَلا صُمْتُ. وَمِنْ شِعْرِهِ: لَمَّا أَتَتْنِي عَلَى الْمَهْدِيِّ مَالِكَةٌ ... تَظَلُّ مِنْ خَوْفِهَا الأَحْشَاءُ تَضْطَرِبُ كَيْفَ الْقَرَارُ مِنْ رِضَى مَلِكٍ ... تَبْدُو الْمَنَايَا بِكَفَّيْهِ وَتَحْتَجِبُ إِنِّي أَعُوذُ بِالْمُلُوكِ كُلِّهِمُ ... وَأَنْتَ ذَاكَ بِمَا تَأْتِي وَتَجْتَنِبُ وَأَنْتَ كَالدَّهْرِ مَبْثُوثًا حَبَائِلُهُ ... وَالدَّهْرُ لا مَلْجَأَ مِنْهُ وَلا هَرَبُ وَلَهُ: مَلِكٌ كَأَنَّ الشَّمْسَ فَوْقَ جَبِينِهِ ... تَمَلَّكَ بِالإِمْسَاءِ وَالإِصْبَاحِ وَإِذَا حَلَلْتَ بِبَابِهِ وَرِوَاقِهِ ... فَانْزِلْ بِسَعْدٍ وَارْتَحِلْ بِنَجَاحِ فَأَجَازَهُ الرَّشِيدُ بِمِائَةِ أَلْفٍ. 119- سليمان بن بلال1 -ع. أبو أيوب، ويقال: أبو محمد، المدني الْحَافِظُ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ مِنْ مَوَالِي آلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رَوَى عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وعبد الله بن دينار، وأب طُوَالَةَ، وَخَيْثَمِ بْنِ عِرَاكٍ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ وَرَبَيْعَةَ الرَّأْيِ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعِمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وسعيد بن عفير، ولوين، ويحيى الوخاظي، ويحيى بن يحيى، وعدد كثير.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 420"، والجرح والتعديل "4/ 103"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 4".

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ بَرْبَرِيًّا حَسَنَ الْهَيْئَةِ، ثِقَةً، عَاقِلا، يُفْتِي بِالْبَلَدِ، وَوَلِيَ خَرَاجَ الْمَدِينَةِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ صَالِحٌ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا هبة الله الحاسب، أنا أبو الحسن بْنُ النَّقُّورِ، ثَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا لُوَيْنُ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ أَبِي وَجْزَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بُنَيَّ ادْنُ وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ" 1. أَخْرَجَهُ د. عَنْ لُوَيْنَ. مَاتَ سُلَيْمَانُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَيُقَالُ: كَانَ مُحْتَسِبَ الْمَدِينَةِ، أَرَّخَهُ ابْنُ سَعْدٍ. رَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ المديني، مات في سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 120- سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ الْقُرَشِيُّ الْبَصْرِيُّ الْقَطَّانُ2. أَبُو داود. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. سَمِعَ: عَلِيَّ بْنَ جُدْعَانَ، وَلُبَابَةَ مَوْلاةَ بَنِي خَلَفٍ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أبي إسرائيل. 121- سليمان بن عطاء القرشي3 -ق. أبو عمر الحراني. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْبَهْرَانِيِّ، وَمُسْلِمَةَ بن عبد الله الجهني.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "5379"، ومسلم "2022"، وابن ماجه "3267"، وأحمد "4/ 26"، وأوله: $"يا غلام سم الله" ... الحديث. 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 120"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 18"، والثقات لابن حبان "6/ 389"، وميزان الاعتدال "2/ 208". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 133"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 28، 29"، والمجروحين لابن حبان "1/ 329-332"، وتهذيب الكمال "12/ 43، 44".

وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسَرَّحٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ مَنَاكِيرُ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. 122- سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الزُّهْرِيُّ الكوفي1 -د. أبو داود. عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ، وَمُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ. وَعَنْهُ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ التِّنِّيسِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَقَالَ مُرَّةُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَلَيَّنَهُ الْعُقَيْلِيُّ. 123- سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ الْبَصْرِيُّ2 -م. د. ت. ن. عن: سليمان التميمي، وعبد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانَ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ. وَقِيلَ: كَانَ ثَبْتًا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ مُجَوِّدًا لَهُ. 124- سِنَانُ بْنُ هارون البرجمي3 -ت.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 143"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 39"، وتهذيب الكمال "12/ 98، 99"، وميزان الاعتدال "2/ 226". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 291"، والجرح والتعديل "4/ 214، 215"، والثقات لابن حبان "6/ 415". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 387"، والجرح والتعديل "4/ 253"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 166".

أبو بشر الكوفي, أَخُو سَيْفٍ. عَنْ: كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، وَبَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: الأَسْوَدُ شَاذَانُ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَلُوَيْنُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصباح الدولابي، وجماعة. ضعفه النسائي. وقال الداراقطني: يُعْتَبَرُ بِهِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: سِنَانٌ وَسَيْفٌ ضَعِيفَانِ، وَسِنَانٌ أَعْجَبُهُمَا إِلَيَّ. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "يَا أُمَّ حَبِيبَةَ ذَهَبَ حَسَنُ الْخُلُقِ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ"1. 125- سَهْلٌ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ2. أَبُو حَرِيزٍ الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ داود الْحَرَّانِيُّ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ طَالِبٍ، وَحَسَّانُ بْنُ غَالِبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَمُؤَمَّلُ بن عبد الرحمن الثقفي، وآخرون. فيه ضعيف. ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ حِبَّانَ، فَرَوَيَا مِنْ وَجْهَيْنِ، عَنْهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "أنه إِذَا اهْتَمَّ أَخَذَ لِحْيَتَهُ فَنَظَرَ فِيهَا". وَرَوَى مُؤَمَّلٌ، عَنْهُ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ رُسْتُمَ الأَيْلِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "يَا عَائِشَةُ رُدِّي عَلِيَّ الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ لِفُلانٍ الْيَهُودِيِّ"، فَقَالَتْ: ارفع ضعفيك لا يَحْزُنْكَ ضَعْفُهُ ... يَوْمًا فَتُدْرِكُهُ الْعَوَاقِبُ قَدْ نما

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "2/ 671"، وقال: ولا يحفظ إلا من حديث سنان وحديثه غير محفوظ. 2 انظر المجروحين لابن حبان "1/ 348"، والضعفاء لابن عدي "3/ 128"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 241، 242".

يُجْزِيكَ أَوْ يُثْنِي عَلَيْكَ وَإِنَّ مَنْ ... أَثْنَى عليك بما فعلت فقد جزا1 الحديث، وهو منكر. 126- سوار بن مصعب الهمذاني الموفي الضَّرِيرُ2. أَحَدُ الضُّعَفَاءِ. عَنْ: عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَمُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، وَكُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ، وَشَبَّابَةُ، وَأَبُو الجهم الجاهلي، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو داود: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ، كَانَ يَجِيئُنَا إِلَى مَنْزِلِنَا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ فِي نُسْخَةِ أَبِي الْجَهْمِ أَحَادِيثُ مِنْهَا، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "مَنْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ أَوْ خَاصَمَهُمْ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا جِئْتُ بِهِ"3. 127- سيبويه4. إمام أهل النحو أبو بشير عمرو بن عثمان بن قنبر البصري.

_ 1 "حديث منكر": أخرجه ابن حبان في المجروحين "1/ 344، 345"، وقال: يروي عن الزهري العجائب. 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 270"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 169"، والمجروحين لابن حبان "1/ 356". 3 "ضعيف جدا": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "3/ 1293"، وفي إسناده سوار صاحب الترجمة والحديث في ضعيف الجامع "7/ 58". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 195-199"، والكامل في التاريخ "6/ 50"، وسير أعلام النبلاء "8/ 311".

أَصْلُهُ فَارِسِيٌّ، طَلَبَ الْفِقْهَ وَالْحَدِيثَ، ثُمَّ طَلَبَ الْعَرَبِيَّةَ فَبَرَعَ فِيهَا وَسَادَ أَهْلَ زَمَانِهِ، وَصَنَّفَ فِيهَا كِتَابَهُ الْكَبِيرَ الَّذِي لَمْ يُصَنِّفْ أَحَدٌ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَاسْتَمْلَى عَلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَأَخَذَ كِتَابَ الْجَامِعِ فِي النَّحْوِ عَنْ مُؤَلِّفِهِ عِيسَى بْنِ عُمَرَ. وَأَخَذَ عَنْ: يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ، وَأَبِي الْخَطَّابِ الأَخْفَشِ الْكَبِيرِ، وَصَحِبَ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ مُدَّةً. وَوَفَدَ إِلَى بَغْدَادَ عَلَى يَحْيَى الْبَرْمَكِيِّ، فَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِسَائِيِّ لِلْمُنَاظَرَةِ بِحُضُورِ سَعِيدِ بْنِ مَسْعَدَةَ الأَخْفَشِ، وَالْفَرَّاءِ، وَالأَحْمَرِ. وَجَرَى ذَاكَ الْبَحْثُ الْمَشْهُورُ فِي مَسْأَلَةِ الزُّنْبُورِ1، وَتَعَصَّبُوا لِلْكِسَائِيِّ دُونَهُ، ثُمَّ وَصَلَهُ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ. فَخَرَجَ إِلَى بِلادِ فَارِسٍ فَتُوُفِّيَ بِشِيرَازَ، وَقِيلَ بِسَاوَةَ. وَكَانَ قَدْ سَأَلَ عَمَّنْ يَرْغَبُ فِي النَّحْوِ فَقِيلَ لَهُ طَلْحَةُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْخُزَاعِيُّ الأَمِيرُ فَقَصَدَهُ. وَيُقَالُ كَانَ فِي لِسَانِ سِيبَوَيْهِ حُبْسَةٌ, وَفِي قَلَمِهِ انْطِلاقٌ وَبَرَاعَةٌ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: سُمِّيَ سِيبَوَيْهِ لِأَنَّ وَجْنَتَيْهِ كَانَتَا كَالتُّفَّاحَتَيْنِ، وَكَانَ بَدِيعَ الْجَمَالِ, وَقِيلَ هُوَ لَقَبٌ بِالْفَارِسِيَّةِ مَعْنَاهُ رَائِحَةُ التُّفَّاحِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: كَانَ سِيبَوَيْهِ يَأْتِي مَجْلِسِي وَلَهُ ذُؤَابَتَانِ فَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِعَرَبِيَّتِهِ، فَإِنَّمَا يَعْنِينِي. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَائِشَةَ يَقُولُ: كُنَّا نَجْلِسُ مَعَ سِيبَوَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ شَابًّا جَمِيلا نَظِيفًا قَدْ تَعَلَّقَ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ بِسَبَبٍ، وَضَرَبَ بِسَهْمٍ فِي كُلِّ أَدَبٍ، مَعَ حَدَاثَةِ سِنِّهِ، فَهَبَّتِ الرِّيحُ مَرَّةً، فَقَالَ لِبَعْضِ الْجَمَاعَةِ: انْظُرْ أَيَّ رِيحٍ هَذِهِ. وَكَانَ عَلَى المنارة تمثال فرس ونحاس، فَنَظَرَ ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: مَا تَثْبُتُ الْفَرَسُ عَلَى شَيْءٍ. فَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الْعَرَبُ تَقُولُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الرِّيحِ: قَدْ تَذَاءَبَتِ الرِّيحُ، أَيْ فَعَلَتْ فِعْلَ الذِّئْبِ يَجِيءُ مِنْ هَهُنَا وَهَهُنَا ليختل فيظن الناظر أنه عدة ذئاب.

_ 1 انظر في تاريخ بغداد "12/ 104، 105".

وَيُقَالُ إِنَّ سِيبَوَيْهِ لَمَّا احْتَضَرَ وَضَعَ رَأْسَهُ فِي حُجْرِ أَخِيهِ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَدَمَعَتْ عَيْنُ أَخِيهِ، فَأَفَاقَ فَرَآهُ يَبْكِي فَقَالَ: أُخَيَّيْنِ كُنَّا فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا ... إِلَى الْغَايَةِ الْقُصْوَى فَمَنْ يأمر الدَّهْرَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى قَبْرِ سِيبَوَيْهِ بِشِيرَازَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ وَهِيَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ يَزِيدَ الْعَدَوِيِّ: ذَهَبَ الأَحِبَّةُ بَعْدَ طُولِ تَزَاوُرٍ ... وَنَأَى الْمَزَارُ فَأَسْلَمُوكَ وَأَقْشَعُوا تَرَكُوكَ أَوْحَشَ مَا تَكُونُ بِقَفْرَةٍ ... لَمْ يُؤْنِسُوكَ وَكُرْبَةً لَمْ يَدْفَعُوا قُضِيَ الْقَضَاءُ وَصِرْتَ صَاحِبَ حُفْرةٍ ... عَنْكَ الأَحِبَّةُ أَعْرَضُوا وَتَصَدَّعُوا وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَبْرُهُ بِشِيرَازَ. قِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَهُوَ أَصَحُّ الأَقْوَالِ وَأَشْهَرُهَا. وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ, وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقِيلَ إِنَّ مُدَّةَ عُمْرِهِ كَانَتِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: عَاشَ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكِتَابُهُ مَرْوِيٌّ بِالسَّمَاعِ, رَوَاهُ الإِمَامُ أَبُو حَيَّانَ عَنْ شَيْخِنَا بَهَاءِ الدِّينِ بْنِ النَّحَّاسِ النَّحْوِيِّ، عَنْ عَلَمِ الدِّينِ الْقَاسِمِ الأَنْدَلُسِيِّ، عَنِ الْكِنْدِيِّ. 128- السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ1. هُوَ أَبُو هَاشِمٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رَبَيْعَةَ، وَجَدُّهُ هَذَا هُوَ يَزِيدُ بْنُ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيُّ الشَّاعِرُ. كَانَ السَّيِّدُ هَذَا شَاعِرًا مُحْسِنًا، بَدِيعَ الْقَوْلِ، إِلا أَنَّهُ رَافِضِيٌّ جَلْدٌ2، زَائِغٌ عَنِ الْحَقِّ، لَهُ مَدَائِحُ جَمَّةٌ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وكان مقيمًا بالبصرة، ثم قدم بغداد.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "7/ 190"، والكامل في التاريخ "5/ 246"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "8/ 40-42". 2 أي شديد التعصب.

قَالَ الصُّولِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ جَدَّهُ لَيْسَ هُوَ بِابْنِ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَبَلَةَ الْكُوفِيِّ قَالَ رَأَيْتُ السَّيِّدَ الشَّاعِرَ طَوِيلا شَدِيدَ الأَدَمَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ قَالَ: جَمَعْتُ لِلسَّيِّدِ الْحِمْيَرِيِّ أَلْفَيْ قَصِيدَةٍ. قَالَ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ: عَهْدِي بِالسَّيِّدِ حِينَ وَلِيَ الرَّشِيدُ الأَمْرَ، وَقَدْ رُفِعَ إِلَيْهِ أَنَّهُ رَافِضِيٌّ، فَقَامَ ثُمَّ تَنَصَّلَ وَأَنْشَدَهُ قَصِيدَتَهُ هَذِهِ: شَجَاكَ الْحَيُّ إِذَ بَانُوا ... فَدَمْعُ الْعَيْنِ هَتَّانُ كَأَنِّي يَوْمَ ردوا العيـ ... ـس للرحلة نشوان وفوق العيس إذ ولوا ... مهىً حور وغزلان إذا ما قمن فالإعجا ... ز فِي التَّشْبِيهِ كُثْبَانُ وَمَا جَازَ إِلَى الأَعْلَى ... فَأَقْمَارٌ وَأَغْصَانُ مِنْهَا: فَحُبِّي لَكِ إِيمَانٌ ... وَمَيْلِي عَنْكِ كُفْرَانُ فَعَدَّ النَّاسُ ذَا رَفْضَا ... فَلا عدوا ولا كانوا وقد قال له بَشَّارُ بْنُ بُردٍ: لَوْلا أَنَّ اللَّهَ شَغَلَكَ بِمَدْحِ أَهْلِ الْبَيْتِ لافْتَقَرْنَا. وَقِيلَ لِلسَّيِّدِ الْحِمْيَرِيِّ: لِمَ لا تُدْخِلُ شِعْرَكَ الْغَرِيبَ؟ قَالَ ذَاكَ عِيٌّ وَتَكَلُّفٌ، وَقَدْ رَزَقَنِي اللَّهُ طَبْعًا وَاتِّسَاقًا فِي الْكَلامِ، فَأَنَا أَنْظِمُ مَا يَفْهَمُهُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ. وَقِيلَ: كَانَ أَبَوَاهُ يُبْغِضَانِ عَلِيَّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَسَمِعَهُمَا يَسُبَّانَهُ بَعْدَ صَلاةِ الْفَجْرِ بُكْرَةً بِالْبَصْرَةِ، فَانْزَعَجَ وَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ وَالِدَيَّ جَمِيعًا ... ثُمَّ أَصْلاهُمَا عَذَابَ الْجَحِيمِ حَكَّمَا غُدْوَةً كَمَا صَلَّيَا الْفَجْرَ ... بِلَعْنِ الْوَصِيِّ بَابِ الْعُلُومِ لَعَنَا خَيْرَ مَنْ مَشَى فَوْقَ ... ظَهْرِ الأَرْضِ أَوْ طَافَ مُحْرِمًا بِالْحَطِيمِ

كَفَرَا عِنْدَ شَتْمِ آلِ رَسُولِ اللَّهِ ... نَسْلِ الْمُطَهَّرِ الْمَعْصُومِ وَالْوَصِيَّ الَّذِي بِهِ تَثْبُتُ الأَرْضُ ... ولولاه دكدكت كالرميم وكذا آله أولو الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ ... هُدَاةً إِلَى الصِّرَاطِ الْقَوِيمِ وَعَنْهُ قَالَ: كُنْتُ صَبِيًّا فَإِذَا سَمِعْتُ أَبَوَيَّ يَسُبَّانِ عَلِيًّا خَرَجْتُ عَنْهُمَا فَأَبْقَى جَائِعًا، فَإِذَا أَجْهَدَنِي الْجُوعُ جِئْتُ فَأَكَلْتُ, فَلَمَّا كَبُرْتُ قَلَيْلا قُلْتُ الشِّعْرَ، وَخَرَجْتُ عَنْهُمَا فَتَوَعَّدَانِي بِالْقَتْلِ، فَأَتَيْتُ الأَمِيرَ فَكَانَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِي. وَقِيلَ إِنَّ الْمَنْصُورَ اسْتَحَضَرَهُ فَقَالَ: أَنْشِدْنِي قَوْلَكَ فِينَا فِي الْقَصِيدَةِ الْمِيمِيَّةِ الَّتِي أَوَّلُهَا: أَتَعْرِفُ دَارًا عَفَى رسمها، فقال: فدع ذا فِي بَنِي هَاشِمٍ ... فَإِنَّكَ بِاللَّهِ تَسْتَعْصِمُ بَنِي هَاشِمٍ حُبُّكُمْ قُرْبَةٌ ... وَحُبُّكُمُ خَيْرُ مَا نَعْلَمُ بِكُمْ فَتَحَ اللَّهُ بَابَ الْهُدَى ... كَذَاكَ غَدًا بِكُمُ يُخْتَمُ أُلامُ وَأَلْقَى الأَذَى فِيكُمُ ... أَلا لا يني فيكم اللوم وما لي ذَنْبٌ يَعُدُّونَهُ ... سِوَى أَنَّنِي بِكُمْ مُغْرَمُ وَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُمْ مَآثِمِي ... مَا أَثِمَ فِرْعَوْنُ بَلْ أَعْظَمُ فَلا زِلْتُ عِنْدَكُمُ مُرْتَضًى ... كَمَا أَنَا عِنْدَهُمْ مُجْرِمُ جَعَلْتُ ثَنَائِي وَمَدْحِي لَكُمْ ... عَلَى رَغْمِ أَنْفِ الَّذِي يُرْغِمُ فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ: مَا أَظُنُّ إِلا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَيَّدَكَ فِي مَدْحِ بَنِي هَاشِمٍ كَمَا أَيَّدَ حَسَّانَ فِي مَدْحِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ يَرَى رَأْيَ الْكَيْسَانِيَّةِ فِي رَجْعَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الدُّنْيَا، وَهُوَ الْقَائِلُ فِيهِ: بَانَ الشَّبَابُ وَرَقَّ عَظْمِي وَانْحَنَى ... صدر القناة وَشَابَ مِنِّي الْمَفْرِقُ يَا شِعْبَ رَضْوَى مَا لمن لا يُرَى ... وَنَبَا إِلَيْهِ مِنَ الصَّبَابَةِ أَوْلَقُ حَتَّى مَتَى وَإِلَى متى وكم المدى ... يابن الرِّضَى وَأَنْتَ حَيٌّ تُرْزَقُ إِنِّي لَآمُلُ أَنْ أَرَاكَ فَإِنَّنِي ... مِنْ أَنْ أَرَاكَ وَلا أَرَاكَ لأفرق

وَيُقَالُ: إِنَّهُ اجْتَمَعَ بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ، فَعَرَّفَهُ خَطَأَهُ، وَأَنَّهُ عَلَى ضَلالَةٍ، فَرَجَعَ وَأَنَابَ. وَمِمَّا رُوِيَ وَلَمْ يَصِحَّ، عَنْ جَعْفَرٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إِنَّ السَّيِّدَ الْحِمْيَرِيَّ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ، فَقَالَ: إِنْ زَلَّتْ بِهِ قَدَمٌ فَقَدْ ثَبُتَتْ له أخرى. وقيل إنه عِنْدَهُ، فَدَعَا لَهُ، فَقَالُوا: تَدْعُو لَهُ وَهُوَ يَشْرَبُ النَّبِيذَ وَيَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَيُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ. فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مُحِبِّي آلِ مُحَمَّدٍ لا يَمُوتُونَ إِلا تَائِبِينَ. وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ أَنَّ السَّيِّدَ الْحِمْيَرِيَّ كَانَ يَقُولُ بِتَنَاسُخِ الأَرْوَاحِ. وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ مَوْلِدَهُ كَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ، وَمَاتَ، عَلَى الصَّحِيحِ، فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَالْقَوْلُ بِالتَّنَاسُخِ زَنْدَقَةٌ. 129- سَيْفُ بْنُ عمر التميمي الأسيدي1 -ت. ويقال: الضبي الكوفي, صَاحِبُ كِتَابِ الْفُتُوحِ وَكِتَابُ "الرِّدَّةِ" وَغَيْرُ ذَلِكَ. رَوَى عَنْ: جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمر، وطائفة كثيرة من المجاهيل والإخباريين. رَوَى عَنْهُ: النَّضْرُ بْنُ حَمَّادٍ الْعَتَكِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلُ الْقُطَعِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وآخرون. قال يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حاتم: متروك. وقال أبو داود: ليس بشيء.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 278"، والمجروحين لابن حبان "1/ 345"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 324".

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: اتُّهِمَ بِالزَّنْدَقَةِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ: سَيْفُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ يُحَدِّثُ عَنْهُ الْمُحَارِبِيُّ، ضَعِيفٌ. وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: سَيْفُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ اتُّهِمَ بِالزَّنْدَقَةِ، وَهُوَ سَاقِطٌ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ. وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ بِإِسْنَادٍ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. 130- سَيْفُ بْنُ هَارُونَ الْبُرْجُمِيُّ الْكُوفِيُّ1 -ت. ق. الْعَابِدُ، أَخُو سِنَانَ بْنِ هَارُونَ. عَنْ: إِبْرَاهِيمَ الهجري، وإسماعيل بن أبي خالد، وسليمان التميمي، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، وَداود بْنُ رَشِيدٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ مِنْهُ وَكَانَ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابن معين: ضعيف. وقال ابن حبان: يروي عَنِ الأَثْبَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ. وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ مَرْفُوعًا: "مَا سَكَتَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عفا عنه" 2. أخرجه الترمذين وَابْنُ مَاجَهْ, وَهَذَا يَرْوُونَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ مَوْقُوفًا.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 387"، والجرح والتعديل "4/ 276"، والمجروحين لابن حبان "1/ 346". 2 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "1726"، وابن ماجه "3367"، وهو في صحيح الجامع "3195".

"حرف الشين": 131- شريك القاضي1 -خ. ت. 4. م. تبعًا- هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ الله النخعي الكوفي. الْفَقِيهُ أَحَدُ الأَعْلامِ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. رَوَى عَنْ: أَبِي صَخْرَةَ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، وَجَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ، وَخُصَيْفٍ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَعَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَلَمْ يَرْحَلْ، بَلِ اكْتَفَى بِعِلْمِ أَهْلِ بَلَدِهِ. وَعَنْهُ: أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ. وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَقُتَيْبَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَلُوَيْنُ، وَهَنَّادٌ، وَابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الرَّوَاجِنِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ الْخَطِيبُ: شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ النَّخَعِيُّ الْقَاضِي، أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قُلْتُ: يَعْنِي بِالسِّنِّ، وَلَمْ يَرَهُ. قَالَ: وَسَمِعَ مِنْهُ إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ تِسْعَةَ آلافِ حَدِيثٍ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: شَرِيكٌ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ بَلَدِهِ مِنَ الثَّوْرِيِّ. وَقَدْ قِيلَ مِثْلُ هَذَا لابْنِ مَعِينٍ فَقَالَ: لَيْسَ يُقَاسُ بِسُفْيَانَ أَحَدٌ، لَكِنَّ شَرِيكَ أَرْوَى مِنْهُ فِي بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ ثقة.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 78"، والجرح والتعديل "4/ 365-367"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 237"، وتاريخ الطبري "10/ 283".

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: شَرِيكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي الأَحْوَصِ. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: شَرِيكٌ أَحَبُّ إِلَيْكَ فِي أَبِي إِسْحَاقَ أَوْ إِسْرَائِيلَ؟ فَقَالَ: شَرِيكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ. ذِكْرُ نَسَبِهِ: هُوَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شَرِيكٍ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ, وَقِيلَ: ابْنُ أَبِي شَرِيكٍ سِنَانُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الأَذْهَلِ بْنِ وَهْبِيلِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّخَعِ, وَالنَّخَعُ مِنْ مَذْحِجٍ. شَهِدَ جَدُّهُ أَبُو شَرِيكٍ الْقَادِسِيَّةَ. وَوُلِدَ شَرِيكٌ فِيمَا قِيلَ بِبُخَارَى، وَنَشَأَ بِالْكُوفَةِ. وَسَمَّى الْبُخَارِيُّ جَدَّهُ سِنَانًا، وَسَمَّاهُ أَبُو نُعَيْمٍ حَارِثًا. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: قَالَ أَحْمَدُ بن حنبل: شريك في الـ"حديث" أَقْوَى مِنْ إِسْرَائِيلَ. قَالَ: وَكَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ لا يَرْوِي عَنْ شَرِيكٍ إِلا عَلَى سَبِيلِ الْعِبْرَةِ، كَانَ لا يَرْضَاهُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: شَرِيكٌ أَعْلَمُ مِنْ إِسْرَائِيلَ، وَإِسْرَائِيلُ أَقَلُّ خَطَأً مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو داود: شَرِيكٌ ثِقَةٌ، يُخْطِئُ عَلَى الأَعْمَشِ. وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: قَلَّ مَا يُحْتَاجُ إِلَى شَرِيكٍ فِي الأَحَادِيثِ الَّتِي يُحْتَجُّ بِهَا. وَلَمَّا وَلِيَ الْقَضَاءَ اضْطَرَبَ حِفْظُهُ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حنبل عن شريك، فقال: كان عاقلا محدثًا عندي، وكان شَدِيدًا عَلَى أَهْلِ الرِّيَبِ وَالْبِدَعِ، قَدِيمَ السَّمَاعِ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَبْلَ زُهَيْرٍ، وَقَبْلَ إِسْرَائِيلَ. فَقُلْتُ لَهُ: إِسْرَائِيلُ أَثْبَتُ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: يُحْتَجُّ بِهِ؟ قَالَ: لا تَسْأَلْنِي عَنْ رَأْيِي فِي هَذَا. قُلْتُ: فَإِسْرَائِيلُ تَحْتَجُّ بِهِ؟ قَالَ: أَيْ لَعَمْرِي.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَوْزَجَانِيُّ: شَرِيكٌ سَيِّئُ الْحِفْظِ مُضْطَرِبٌ مَائِلٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَخَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً، وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْجَوْهَرِيُّ: أَخْطَأَ شَرِيكٌ فِي أَرْبَعِمِائَةِ حَدِيثٍ. قُلْتُ: لَكِنَّهُ كَانَ مِنْ بُحُورِ الْعِلْمِ، فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: كَانَ عِنْدَ أَبِي عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَشَرَةُ آلافِ حَدِيثِ مَسْأَلَةٍ وَعِنْدَهُ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَشَرَةُ آلافٍ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ شَرِيكًا يَقُولُ: قُدِّمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَوْمَ قُدِّمَ وَهُوَ أَفْضَلُ الْقَوْمِ, وَعَنْ شَرِيكٍ قَالَ: لَوْ أَدْرَكْتُ عَلِيًّا لَقَاتَلْتُ مَعَهُ. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ: سَمِعْتُ شَرِيكًا فِي مَجْلِسِ الْوَزِيرِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، وَفِيهِ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْن مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالأَشْرَافُ، فَتَذَاكَرُوا النَّبِيذَ، فَرَخَّصَ مُرَخِّصٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ فِيهِ، وَشَدَّدَ الْبَاقُونَ، فَقَالَ شَرِيكٌ: ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، عَنْ عُمَرو بْن مَيْمُونٍ قَالَ: قال عمر: إنا لنأكل هذه الإِبِلِ وَلَيْسَ نُقَطِّعُهَا فِي بُطُونِنَا إِلا بِهَذَا النَّبِيذِ الشَّدِيدِ. فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ، إِنْ هَذَا إلا اختلاف. فقال: أجل، وشغلك الْجُلُوسُ عَلَى الطَّنَافِسِ فِي صُدُورِ الْمَجَالِسِ عَنِ اسْتِمَاعِ هَذَا وَأَمْثَالِهِ. فَلَمْ يُجِبْهُ الْحَسَنُ، وَأَسْكَتَ القوم، فتحدثوا بعد النَّبِيذِ، وَشَرِيكٌ سَاكِتٌ، فَقَالَ لَهُ الْوَزِيرُ: حَدِّثْنَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِمَا عِنْدَكَ. فَقَالَ: كَلا. الْحَدِيثُ أَعَزُّ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ أَنْ يُعَرَّضَ لِلتَّكْذِيبِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: شَرِبَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. فَقَالَ قَائِلٌ: بَلَغَنَا أَنَّ سُفْيَانَ تَرَكَهُ. فَقَالَ شَرِيكٌ: أَنَا رَأَيْتُهُ يَشْرَبُ فِي بَيْتِ خَيْرِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ، مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ. قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أروع فِي عِلْمِهِ مِنْ شَرِيكٍ.

وَجَرَى بِحَضْرَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ فِي الْمُذَاكَرَةِ: مَنْ رَجُلُ الأُمَّةِ؟ فَقَالَ: رَجُلُ الأُمَّةِ شَرِيكٌ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: دَعَا الْمَنْصُورُ شَرِيكًا فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَلِّيَكَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ. فَقَالَ: اعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: لَسْتُ أُعْفِيكَ. قَالَ: فَأَنْصَرِفُ يَوْمِي هَذَا وَأَعُودُ، فَيَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ رَأْيَهُ. قَالَ: تُرِيدُ أَنْ تَتَغَيَّبَ، وَلَئِنْ فَعَلْتَ لَأُقْدِمَنَّ عَلَى خَمْسِينَ مِنْ قَوْمِكَ بِمَا تَكْرَهُ. فَوَلاهُ الْقَضَاءَ، فَبَقِيَ إِلَى أَيَّامِ الْمَهْدِيِّ، فَأَقَرَّهُ الْمَهْدِيُّ، ثُمَّ عَزَلَهُ. قَالَ: وَكَانَ شَرِيكٌ مَأْمُونًا، ثِقَةً، كَثِيرَ الْحَدِيثِ، أُنْكِرَ عَلَيْهِ الْغَلَطُ وَالْخَطَأُ. قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: وَمَنْ يُفْلِتُ مِنَ الْخَطَأِ وَالتَّصْحِيفِ. رُبَّمَا رَأَيْتُ شَرِيكًا يخطئ ويصحف حتى أستحيي. وقال يحيى القطان: أَمْلَى عَلِيَّ شَرِيكٌ فَإِذَا هُوَ لا يَدْرِي. يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: أَمَا تَرَى كَثْرَةَ قَوْلِ النَّاسِ فِي شَرِيكٍ؟ يَعْنِي فِي حَمْدِهِ مَعَ كَثْرَةِ خَطَأِهِ وَخَطَلِهِ. قَالَ: اسْكُتْ وَيْلَكَ، أَهْلُ الْكُوفَةِ كُلُّهُمْ مَعَهُ, يَتَعَصَّبُ لِلْعَرَبِ فَهُمْ مَعَهُ، وَيَتَشَيَّعُ لِهَؤُلاءِ الْمَوَالِي الْحَمْقَى، فَهُمْ مَعَهُ. قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: مَا رَأَيْتُ فِي أَصْحَابِنَا أَشَدَّ تَقَشُّفًا مِنْ شَرِيكٍ, وَرُبَّمَا رَأَيْتُهُ يَأْخُذُ شَاتَهُ يَذْهَبُ بِهَا إِلَى التَّيَّاسِ، وربما حزرت ثوبيه قبل أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ, وَرُبَّمَا دَخَلْتُ بَيْتَهُ، فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ إِلا شَاةٌ يَحْلِبُهَا وَمُطَهِّرَةٌ، وَبَارِيَةٌ، وَجَرَّةٌ، فَرُبَّمَا بَلَّ الْخُبْزَ فِي الْمُطَهِّرَةِ فَيُلْقِي إِلَيَّ كُتُبَهُ فَيَقُولُ: اكْتُبْ حَدِيثَ جَدَلٍ وَقِفْ إِذَا أَرَدْتَ. قَالَ يَعْقُوبُ: وَحَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَ شَرِيكٌ يَوْمًا بِهَذَا الْحَدِيثِ: "وُضِعْتُ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتِ الأُمَّةُ في كفة".

فَقَالَ رَجُلٌ لِشَرِيكٍ: فَأَيْنَ كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ؟ قَالَ: كَانَ مَعَ النَّاسِ فِي الْكِفَّةِ الأُخْرَى. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْكُوفِيِّينَ يَقُولُ: قَالَ شَرِيكٌ: قَدِمَ علينا سالم الأفطس، فأتيته ومعي قرطاس في مِائَةُ حَدِيثٍ، فَسَأَلْتُهُ، فَحَدَّثَنِي بِهَا، وَسُفْيَانُ يَسْمَعُ, فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ لِي سُفْيَانُ: أَرِنِي قِرْطَاسَكَ, فَأَعْطَيْتُهُ، فَخَرَّقَهُ, فَرَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَاسْتَلْقَيْتُ عَلَى قَفَايَ فَحَفِظْتُ مِنْهَا سَبْعَةً وَتِسْعِينَ، وَحَفِظَهَا سُفْيَانُ كُلُّهَا. ابْنُ عَدِيٍّ: نَا أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، نَا نَصْرُ بْنُ الْمُجَدَّرِ قَالَ: كُنْتُ شَاهِدًا حَيْثُ أُدْخِلَ شَرِيكٌ وَمَعَهُ أَبُو أُمَيَّةَ, وَكَانَ أَبُو أُمَيَّةَ رَفَعَ إِلَى الْمَهْدِيِّ أَنَّ شَرِيكًا حَدَّثَهُ عَنِ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ، فَإِذَا زَاغُوا عَنِ الْحَقِّ فَضَعُوا سُيُوفَكُمْ عَلَى عَوَاتِقِكُمْ، ثُمَّ أَبِيدُوا خَضْرَاءَهُمْ"1. فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: أَنْتَ حَدَّثْتَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: لا. فَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَكُلُّ مَالِيَ صَدَقَةٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَدَّثَنِي. فَقَالَ شَرِيكٌ: عَلَيَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُ حَدَّثْتُهُ. فَكَأَنَّ الْمَهْدِيَّ رَضِيَ، فَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ أَدْهَى الْعَرَبِ، إِنَّمَا يَعْنِي مِثْلَ الَّذِي عَلَيَّ مِنَ الثِّيَابِ, قُلْ لَهُ يَحْلِفُ كَمَا حَلَفْتُ. فَقَالَ: احْلِفْ. قَالَ شَرِيكٌ: قَدْ حَدَّثْتُهُ. فَقَالَ: وَيْلِي عَلَيَّ شَارِبَ الْخَمْرِ، يَعْنِي الأَعْمَشَ، وَذَاكَ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ الْمُنَصَّفَ، وَلَوْ عَلِمْتُ مَوْضِعَ قَبْرِهِ أَحْرَقْتُهُ. قَالَ شَرِيكٌ: لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا، كَانَ رجلا صالحًا.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه أحمد "5/ 277"، وأبو نعيم في أخبار أصفهان "1/ 124"، والطبراني في الصغير "39"، قال الشيخ الألباني -رحمه الله: لا يصح من قبل إسناده وابن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان فهو منقطع وانظر الضعيفة "1643".

قَالَ: بَلْ زِنْدِيقٌ. قَالَ: لِلزِّنْدِيقِ عَلامَاتٌ بِتَرْكِهِ الْجَمَاعَاتِ، وَجُلُوسِهِ مَعَ الْقِيَانِ1، وَشُرْبِهِ الْخَمْرِ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ. قَالَ: ابْتَلاكَ اللَّهُ بِمُهْجَتِي. قَالَ: أَخْرِجُوهُ. فَأُخْرِجَ، فَجَعَلَ الْحَرَسُ يُشَقِّقُونَ ثِيَابَهُ وَخَرَّقُوا قَلَنْسُوَتَهُ. قَالَ نَصْرٌ: فَقُلْتُ لَهُمْ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ الْمَهْدِيُّ: دَعْهُمْ. أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَلِيمٍ الأَوْدِيُّ: أَنَا أَبِي قَالَ: كَانَ شَرِيكٌ الْقَاضِي لا يَجْلِسُ لِلْحُكْمِ حَتَّى يَتَغَدَّى وَيَشْرَبَ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ نَبِيذًا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُخْرِجُ رُقْعَةً، فَيَنْظُرَ فِيهَا ثُمَّ يَدْعُو بِالْخُصُومِ. وَقِيلَ لابْنِهِ عَنِ الرُّقْعَةِ، فَأَخْرَجَهَا إِلَيْنَا فَإِذَا فِيهَا: يَا شَرِيكٌ! اذْكُرِ الصِّرَاطَ وَحِدَّتَهُ، يَا شَرِيكٌ! اذْكُرِ الْمَوْقِفَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى. قِيلَ: إِنَّ شَرِيكًا دَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ فقال: لا بد مِنْ ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ تَلِيَ الْقَضَاءَ، أَوْ أَنْ تُؤَدِّبَ وَلَدَيَّ وَتُحَدِّثَهُمْ، أَوْ أَنْ تَأْكُلَ عِنْدِي أَكْلَةً. فَفَكَّرَ سَاعَةً فَقَالَ: الأَكْلَةُ أَخَفُّ عَلِيَّ. فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِعَمَلِ أَلْوَانٍ مِنَ الْمُخِّ الْمَعْقُودِ بِالسُّكَّرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ, فَأَكَلَ. فَقَالَ الطَّبَّاخُ: لَيْسَ يُفْلِحُ بَعْدَهَا. قَالَ: فَحَدَّثَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَلَّمَهُمُ الْعِلْمَ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ. وَلَقَدْ كُتِبَ لَهُ بِرِزْقِهِ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ فَضَايَقَهُ فِي النَّقْدِ فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تَبِعْ بِهِ بَزًّا. فَقَالَ شَرِيكٌ: بَلْ وَاللَّهِ، بِعْتُ بِهِ دِينِي. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْجُنَيْدِ: سَمِعْتُ أَبَا تَوْبَةَ يَقُولُ: كُنَّا بِالرَّمْلَةِ فَقَالُوا: مَنْ رَجُلُ الأُمَّةِ.

_ 1 أي المغنيات.

فَقَالَ قَوْمٌ: ابْنُ لَهِيعَةَ. وَقَالَ قَوْمٌ: مَالِكٌ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ: شَرِيكٌ. قَالَ مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ: قَالَ رَجُلٌ لِشَرِيكٍ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَجِدُنِي شَاكِيًا غَيْرَ شَاكِي اللَّهَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ: قَالَ شَرِيكٌ لِبَعْضِ إِخْوَانِهِ: أُكْرِهْتُ عَلَى الْقَضَاءِ. قَالَ: أَفَأُكْرِهْتُ عَلَى أَخْذِ الرِّزْقِ؟ قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْخٍ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كَانَ شَرِيكٌ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ، فَخَرَجَ يَتَلَقَّى الْخَيْزُرَانَ، فَبَلَغَ شَاهِيَ، وَأَبْطَأَتْ فَانْتَظَرَهَا ثَلاثًا، وَيَبُسَ خُبْزُهُ، فَجَعَلَ يَبُلُّهُ بِالْمَاءِ وَيَأْكُلُهُ, فَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ الْمِنْهَالِ: فَإِنْ كَانَ الَّذِي قَدْ قُلْتَ حَقًّا ... بِأَنْ قَدْ أَكْرَهُوكَ عَلَى الْقَضَاءِ فَمَا لَكَ مُوضِعٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ ... تَلَقَّى مَنْ يَحُجُّ مِنَ النِّسَاءِ مُقِيمٌ فِي قُرَى شَاهِي ثَلاثًا ... بِلا زَادٍ سِوَى كِسَرٍ وَمَاءِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ: كَانَتْ أُمُّ شَرِيكٍ خُرَاسَانِيَّةً، فَرَآهَا أَعْرَابِيٌّ وَهِيَ عَلَى حِمَارٍ، وَشَرِيكٌ صَبِيٌّ بَيْنَ يَدَيْهَا فَقَالَ: إِنَّكِ لَتَحْمِلِينَ جَنْدَلَةً مِنَ الْجَنَادِلِ. قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْخٍ: قَالَ مُوسَى بْنُ عِيسَى الأَمِيرُ لِشَرِيكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَزَلُوكَ عَنِ الْقَضَاءِ؟ مَا رَأَيْنَا قَاضِيًا عُزِلَ. قَالَ: هُمُ الْمُلُوكُ يَعْزِلُونَ وَيَخْلَعُونَ وُلاةُ الْعُهُودِ. يُعَرَّضُ أَنَّ أَبَاهُ عُزِلَ. وَلَقِيَ مَرَّةً عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيَّ فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَنَالُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. فَقَالَ شَرِيكٌ: وَاللَّهِ مَا أَتَنَقَّصُ الزُّبَيْرَ، فَكَيْفَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْخٍ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: لَمَّا وُجِّهَ شَرِيكٌ إِلَى قَضَاءِ الأَهْوَازِ جَلَسَ فَجَعَلَ لا يَتَكَلَّمُ حَتَّى قَامَ وَهَرَبَ وَاخْتَفَى. يُقَالُ: اخْتَفَى عِنْدَ الْوَالِي, فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بن

سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ قَالَ: وَكُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ حِينَ بَلَغَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: الْخَبِيثُ اسْتَصْغَرَ قَضَاءَ الأَهْوَازِ. الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بن يزيد: حدثني حمدان ابن الأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ شَرِيكٍ، فَأَتَاهُ ابْنُ الْمَهْدِيِّ، فَاسْتَنَدَ وَسَأَلَ عَنْ حَدِيثٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ شَرِيكٌ، فَأَعَادَ، فَعَادَ، فَقَالَ: كَأَنَّكَ تَسْتَخِفُّ بِأَوْلادِ الْخُلَفَاءِ. قَالَ: لا، وَلَكِنَّ الْعِلْمَ أَزْيَنُ عِنْدَ أَهْلِهِ مِنْ أَنْ يُضَيِّعُوهُ. قَالَ: فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ شَرِيكٌ: هَكَذَا يُطْلَبُ الْعِلْمُ. عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ قَالَ: أَثَرٌ فِيهِ بَعْضُ الضَّعْفِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ " ... " عَفَّانَ. قَالَ: وَكَانَ شَرِيكٌ يَخْضِبُ بِالْحُمْرَةِ. وَلِشَرِيكٍ مَنَاقِبُ جَمَّةٌ، وَلَسْنَا نَرَى فِيهِ الْعِصْمَةَ, وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ: مَا وُلِّيتُ الْقَضَاءَ حَتَّى حَلَّتْ لِيَ الْمَيْتَةُ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَنْسِيُّ: نَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الأَوْدِيُّ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ قَالَ: جَاءَ عَتَّابٌ وَآخَرُ إِلَى شَرِيكٍ، فَقَالَ عَتَّابٌ: النَّاسُ يَقُولُونَ إِنَّكَ شَاكٌّ؟ فَقَالَ: يَا أَحْمَقُ! كَيْفَ أَكُونُ شَاكًّا، لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ فَخَضَّبْتُ يَدَيَّ بِسَيْفِي مِنْ دِمَائِهِمْ. قُلْتُ: كَانَ فِي شَرِيكٍ يَسِيرُ تَشَيُّعٍ مَعَ ثَنَائِهِ عَلَى عُثْمَانَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَنْسِيُّ: وَثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن سالم، أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: ذَكَرَ قَوْمٌ مُعَاوِيَةَ عِنْدَ شَرِيكٍ فَنَعَتُوهُ بِالْحِلْمِ فَقَالَ: لَيْسَ بِحَلِيمٍ مَنْ سَفَّهَ الْحَقَّ وَقَاتَلَ عَلِيًّا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ: وَنَا الْحَسَنُ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُولُ: شَهِدَ ابْنُ إِدْرِيسَ بِشَهَادَةٍ عِنْدَ شَرِيكٍ، أَوْ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَ بِهِ، فَأُقِيمَ وَدَفَعَ فِي قَفَاهُ، وَقَالَ شَرِيكٌ: مِنْ أَهْلِ بَيْتِ حُمْقٍ مَا عَلِمْتُ. قُلْتُ: هَذَا لَمَّا كَانَ ابْنُ إِدْرِيسَ شَابًّا، ثُمَّ إِنَّهُ طَالَ عُمْرُهُ وَسَادَ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَكَانَتْ فِي شَرِيكٍ قُوَّةُ نَفْسٍ، فَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ شَرِيكٍ، فَظَهَرَ مِنْهُ جَفَاءٌ لِلْمُحَدِّثِينَ انْتَهَرَ بَعْضَهُمْ، فَقَالَ لَهُ شَيْخٌ إِلَى جَنْبِهِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَوْ رَفَقْتَ بهم.

قَالَ شَرِيكٌ: النُّبْلُ عَوْنٌ عَلَى الدِّينِ. عَبْدُ الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كان شَرِيكٌ لا يُبَالِي كَيْفَ حَدَّثَ، حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ أَثْبتُ مِنْهُ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ شَرِيكٌ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. قُلْتُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ ذِي الْقِعْدَةِ, وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ، رَحِمَهُ الله. 132- شعيب بن رزيق المقدسي1 -ت. أبو شيبة. عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ دُحَيْمٌ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ وَقَدْ فَرَّقَ الْبُخَارِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ: 133- شُعَيْبُ بْنُ رُزَيْقٍ2 الطَّائِفِيُّ الثَّقَفِيُّ. فَالطَّائِفِيُّ يَرْوِي عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ حَزْنٍ الْكُلَفِيِّ الصَّحَابِيِّ. رَوَى عَنْهُ: شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ. قُلْتُ: هُوَ أَقْدَمُ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ. مَا هو هو. 134- شعيب بن صفوان الثقفي3 -م. ن. أبو يحيى. عن: أبي هريرة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 346"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 217"، والثقات لابن حبان "8/ 308"، وتهذيب الكمال "12/ 524، 525". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 345، 346"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 217"، والثقات لابن حبان "4/ 355". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 348"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 223، 224"، والثقات لابن حبان "6/ 440".

وَعَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنُ صُبَيْحٍ الْوَاسِطِيُّ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، وَأَبُو حَسَّانَ الزِّيَادِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ فِي صَحَابَةِ الْمَنْصُورِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَأَمَّا ابْنُ عَدِيٍّ فَقَالَ: عَامَّةُ حَدِيثِهِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. 135- شهاب بن خراش الواسطي1 -د. هو أبو الصلت ابْنُ أَخِي الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ. سَكَنَ الرَّمْلَةَ، وَرَوَى عَنْ: قَتَادَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْجُمَحِيِّ، ومنصور، وَعَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وعدة. وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، وسعيد بن منصور، وسويد بن سعيد، وهشام بن عمار، ويزيد بن موهب الرملي، وقتيبة بن سعيد، وعبد الجبار بن عاصم، وأبو توبة الحلبي، وعلي بن حجر، وعدة. عَبْدُ الله بن أحمد، وأبو يعلى قالا: أنا الحكم بن موسى، أنا شِهَابِ بْنِ خِرَاشٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ رُزَيْقٍ الطَّائِفِيُّ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنِي شُعَيْبٌ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ حَزْنٍ فَقَالَ: قَدِمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَابِعَ سَبْعَةٍ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْنَاكَ لِتَدْعُوَ لَنَا بِخَيْرٍ. فدعا لنا قال: وشهدنا الجمعة، فقام -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَكِّئًا عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا2 الْحَدِيثَ. شِهَابٌ وَثَّقَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وجماعة. وقال عبد الرحمن بن مهدي: لَمْ أَرَ أَحَدًا أَحَسَنَ وَصْفًا لِلسُّنَّةِ مِنْهُ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 362"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 236"، والمجروحين لابن حبان "1/ 362"، وتاريخ الطبري "4/ 190". 2 أخرجه أحمد "4/ 212".

وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ، صَاحِبُ سَنَّةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ حيان: يُخْطِئُ كَثِيرًا وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ كَثِيرَةٌ وَفِي بَعْضِهَا مَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَلا أَعْرِفُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ كَلامًا، يَعْنِي بِالنَّاسِ، وَإِلا فَقَدْ وَثَّقَهُ عِدَّةٌ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: ثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ: لَقِيتُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، فَقَالَ لِي: إِنْ لَمْ تَكُنْ قَدَرِيًّا وَلا مُرْجِئًا حَدَّثْتُكَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ لَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُرَيْمِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ شِهَابَ بْنَ خِرَاشٍ يَقُولُ: أَرَادَ الْقَدَرِيَّةُ أَنْ يَصِفُوا اللَّهَ بِعَدْلِهِ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ فَضْلِهِ. 136- شِهَابُ بْنُ شُرْنُفَةَ الْمُجَاشِعِيُّ الْبَصْرِيُّ1. أَحَدُ الْقُرَّاءِ الْكِبَارِ. قَرَأَ عَلَى: هَارُونَ بْنِ مُوسَى الأَعْوَرِ، وَالْمُعَلَّى بْنِ عِيسَى. وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى: أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَهَذَا بَعِيدٌ وَلَكِنَّهُ مُمْكِنٌ وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانُ، وَمُسْلِمٌ، وَعَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللاحِقِيُّ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ: سَلامٌ الطَّوِيلُ، وَمُسْلِمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَارِبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الأَخْفَشُ، وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ. عَرَضَ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ خَتْمَةً فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ. وَكَانَ مِنْ سَادَةِ الْقُرَّاءِ الْعُبَّادِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَوَى عَنِ الْحَسَنِ، وَكَانَ شَيْخَ صِدْقٍ. 137- شَيْطَانُ الطَّاقِ2.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 362"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 236"، وتاريخ الطبري "6/ 569"، وميزان الاعتدال "4/ 362". 2 انظر الفهرست لابن النديم "264"، والعقد الفريد "2/ 465".

هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي طَرِيفَةَ الْبَجَلِيُّ. أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ الْمُتَكَلِّمُ الْمُعْتَزِلِيُّ الشِّيعِيُّ الْمُبْتَدِعُ وَالرَّافِضَةُ تَنْتَحِلُهُ تُسَمِّيهِ مُؤْمِنُ الطَّاقِ. كَانَ صَيْرفِيًّا بِالْكُوفَةِ بِطَاقِ الْمَحَامِلِ اخْتَلَفَ هُوَ وَصَيْرَفِيٌّ فِي نَقْدِ دِرْهَمٍ، فَغَلَبَهُ هَذَا وَقَالَ: أَنَا شَيْطَانُ الطَّاقِ، فَلَزِمَتْهُ. وَقِيلَ: إِنَّ هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ الرَّافِضِيَّ الْمُجَسِّمَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُؤْمِنِ الطَّاقِ وَقَدْ دَخَلَ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ، وَقَعَدَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُرْجِئَةِ وَمَعَهُمْ سُفْيَانُ، وَأَبُو حنيفة، وقد أشعر الناس حروري بحجابه، فَلَمَّا رَأَى أَبُو حَنِيفَةَ مُؤْمِنَ الطَّاقَ ضَحِكَ وَقَالَ: هَذَا رَأْسُ الشِّيعَةِ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَقُومَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَامَا، وَقَامَ مَعَهُمَا سُفْيَانُ، فَنَاظَرَهُمْ مُؤْمِنُ الطَّاقِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ أَنْتَ لا يَقُومُ لَكَ مُنَاظِرٌ وَقَالا: هَذَا شَيْطَانُ الطَّاقِ. وَقِيلَ: إِنَّ لَهُ شِعْرًا كَثِيرًا وَتَصَانِيفَ. قِيلَ لِبَشَّارٍ: مَا أَشْعَرَكَ قَالَ: أَشْعَرَ مِنِّي مُؤْمِنُ الطَّاقِ فِي قَوْلِهِ، وَذَكَرَ لَهْ أَبْيَاتًا حَسَنَةً فَقُلْتُ هَذَا مِنْ تَارِيخِ ابْنِ أَبِي طَيٍّ الرَّافِضِيِّ. وَقَالَ الْجَاحِظُ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ النَّظَّامِ وَبِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أنهما قَالا لِشَيْطَانِ الطَّاقِ: وَيْحَكَ، اتَّقَيْتَ اللَّهَ أَنْ تَقُولَ فِي كِتَابِ الإِمَامَةِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ قَطُّ فِي الْقُرْآنِ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] فَضَحِكَ طَوِيلا حَتَّى كَأَنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ أَذْنَبْنَا. قُلْتُ: إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ عَنْهُ دَلَّتْ عَلَى زَنْدَقَتِهِ، قَاتَلَهُ اللَّهُ. "حرف الصَّادِ": 138- صَالِحٌ الْمُرِّيُّ1 -ت. هُوَ وَاعِظُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، أَبُو بِشْرٍ صَالِحُ بْنُ بَشِيرٍ الْبَصْرِيُّ، القاص، الزاهد، الخاشع.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 281"، والجرح والتعديل "4/ 395"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 273".

رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ، وَأَبي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَثَابِتٍ، وَعَطَاءٍ السَّلِيمِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، وَطَائِفَةٍ. وعنه: عفان، ومسلم بن إبراهيم بْنُ الْحَجَّاجِ النِّيلِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو داود: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَلابْنِ مَعِينٍ فِيهِ قَوْلانِ، فَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ عَفَّانُ: ذُكِرَ عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ صَالِحٌ الْمُرِّيٌّ، فِي حَدِيثٍ، عَنْ ثَابِتٍ، فَقَالَ كَذِبٌ قَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي صَالِحٍ الْمُرِّيِّ كَبِيرُ رَأْيٍ قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: رَوَى خَمْسَةٌ عَنْ يَحْيَى تَلْيِينَ صالح المري، وما ضَعْفِهِ نِزَاعٌ إِنَّمَا الْخِلافُ، هَلْ يُتْرَكُ حَدِيثُهُ، أَوْ لا؟ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: صَالِحٌ قَاصٌّ، حَسَنُ الصَّوْتِ، وَعَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مُنْكَرَاتٌ يُنْكِرُهَا الأَئِمَّةُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِصَاحِبِ حَدِيثٍ، وَإِنَّمَا أُتِيَ مِنْ قِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِالأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ وَعِنْدِي أَنَّهُ لا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ، بَلْ يَغْلَطُ شَيْئًا. وَقِيلَ: كَانَ صَالِحٌ مَوْلًى لامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي مُرَّةَ. قَالَ الْبُرْجُلانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ: سَمِعْتُ صالحًَا يَقُولُ: لِلْبُكَاءِ دَوَاعٍ: الْفِكْرَةُ فِي الذُّنُوبِ، فَإِنْ أَجَابَتْ عَلَى ذَلِكَ الْقُلُوبُ وَإِلا نَقَلْتَهَا إِلَى الْمَوْقِفِ وَتِلْكَ الشَّدَائِدِ وَالأَهْوَالِ، فَإِنْ أَجَابَتْ وَإِلا فَاعْرِضْ عَلَيْهَا التَّقَلُّبَ بَيْنَ أَطْبَاقِ النِّيرَانِ ثُمَّ إِنَّهُ صَاحَ وَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَضَجَّ النَّاسُ. قَالَ عُثْمَانُ: كَانَ شَدِيدَ الْخَوْفِ لِلَّهِ، كَأَنَّهُ ثَكْلَى إِذَا قَصَّ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ كَثْرَةَ الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ بالتخزين يقال: إنه أول من قرأ بالبصرة بالتخزين. قَالَ: وَقَالَ إِنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِمَّنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ صَالِحٍ مَاتَ مِنْهَا.

وَيُقَالُ: إِنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ لَمَّا دَخَلَ الْبَصْرَةَ وَاخْتَفَى عِنْدَ مَرْحُومٍ الْعَطَّارِ، فَقَالَ لَهُ مَرْحُومٌ: هَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ قَاصًّا عِنْدَنَا؟ فَأَتَاهُ عَلَى نَكْرَةٍ عَلَى أَنَّهُ كَأَحَدِ الْقُصَّاصِ، فَلَمَّا سمع كلامه وتلاوته وسمعته يَقُولُ: حَدَّثَنِي فُلانٌ، وَحَدَّثَنِي فُلانٌ، قَالَ لِمَرْحُومٍ: تَقُولُ هَذَا قَاصٌّ؛ إِنَّمَا هَذَا نَذِيرٌ، وَأُعْجِبَ بِهِ. وَقَالَ عَفَّانُ: كُنَّا نَحْضُرُ مَجْلِسَ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، وَكَانَ إِذَا قَصَّ كَأَنَّهُ رَجُلٌ مَذْكُورٌ يُفْزِعُكَ أَمْرُهُ مِنْ حُزْنِهِ وَكَثْرَةِ بُكَائِهِ. وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: شَهِدْتُ صَالِحًا الْمُرِّيَّ عَزَّى رَجُلا فِي ابْنِهِ فَقَالَ: لَئِنْ كَانَتْ مُصِيبَتُكَ بِابْنِكَ لَمْ تُحْدِثْ لَكَ مَوْعِظَةً فِي نَفْسِكَ، فَمُصِيبَتُكَ بِابْنِكَ جَلَلٌ فِي مُصِيبَتُكَ بِنَفْسِكَ، فَإِيَّاهَا فَابْكِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ، عَنِ اللَّبَّانِ إِجَازَةً، أنا أبو علي، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرٍ، نَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، ثَنَا صَالِحُ بْنُ بَشِيرٍ أَبُو بِشْرٍ الْمُرِّيُّ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَرْبَعُ خِصَالٍ: واحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وَبَيْنَ عِبَادِي، وَوَاحِدَةٌ لِي، وَوَاحِدَةٌ لَكَ فَأَمَّا الَّتِي لِي فَتَعْبُدْنِي لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا، وَأَمَّا الَّتِي لَكَ فَمَا عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ جَزَيْتُكَ بِهِ، وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَمِنْكَ الدُّعَاءُ وَعَلِيَّ الإِجَابَةُ، وَأَمَّا الَّتِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ عِبَادِي تَرْضَى لَهُمْ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ1. تَفَرَّدَ بِهِ صَالِحٌ, وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا. تُوُفِّيَ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ ست، والأول أصح. 139- صدقة بن خالد2 -خ. د. ن. ق. أبو العباس القرشي الدمشقي، مولى بني أمية.

_ 1 "حديث إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "4/ 1380"، وفي إسناده صالح المري صاحب الترجمة. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 469"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 295، 296"، والجرح والتعديل "4/ 430، 431".

قرأ القرآن على يحيى الذماري. وروى عن: عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاتِكَةِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَزَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ مُوسَى. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ. وَحَدِيثُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي مَنَاقِبِ الصِّدِّيقِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: هُوَ أَوْثَقُ مِنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَصَدَقَةَ بْنِ يَزِيدَ. وَقَالَ هِشَامُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَسِتُّونَ سَنَةٍ. وَقَالَ دُحَيْمٌ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 140- صَدَقَةُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ1. أَبُو شُعْبَةَ الشَّعْبَانِيُّ. حَدَّثَ بِالرَّمْلَةِ عَنْ: عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ. وَعَنْهُ: ضَمْرَةُ بْنُ رَبَيْعَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، ويحيى بن سليمان الجعفي. قال أبو زرعة: لا بَأْسَ بِهِ. 141- صَعْصَعَةُ بْنُ سَلامٍ الْفَقِيهُ2. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيُّ، نَزِيلُ الأَنْدَلُسِ وَمُفْتِيهَا. يَرْوِي عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ, قَالَ ابْنُ الْفَرَضِيِّ فِي "تَارِيخِهِ": كَانَتِ الْفُتْيَا دَائِرَةً عَلَيْهِ بِالأَنْدَلُسِ فِي دولة عبد الرحمن بن

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 434"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 295"، والثقات لابن حبان "8/ 319". 2 انظر العبر "1/ 309"، والوافي بالوفيات "16/ 308، 309".

مُعَاوِيَةَ، وَصَدْرٍ مِنْ أَيَّامِ ابْنِهِ هِشَامٍ. وَوُلِّيَ الصَّلاةَ بِقُرْطُبَةَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ. قُلْتُ: اخْتُلِفَ فِي تَارِيخِ وَفَاتِهِ، وَقِيلَ: اسْمُهُ صَعْصَعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَدْخَلَ الْحَدِيثَ الأَنْدَلُسِيَّ قُلْتُ: بَلْ كَانَ قَبْلَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ فِي طَبَقَةِ شُيُوخِهِ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ ومائة، فالله أعلم. والثاني أَوْلَى. 142- الصَّلْتُ بْنُ الْحَجَّاجِ1. أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ. وعنه: يحيى الْقَطَّانِ، وَنُوحُ بْنُ يَزِيدَ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَآخَرُونَ, لَهُ مَنَاكِيرُ أَوْرَدَهَا ابْنُ عَدِيٍّ. "حرف الطَّاءِ": 143- طُعْمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجَعْفَرِيُّ الْعَامِرِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ: مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وعمر بْنِ بَيَانِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَشِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَهَذَا أَكْبَرُ شَيْخٍ لِسَعِيدٍ. وَلَعَلَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ السَّبْعِينَ ومائة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 440"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 303، 304"، والثقات لابن حبان "6/ 471". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 496"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 361"، والثقات لابن حبان "6/ 492"، وتهذيب الكمال "13/ 383-385".

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ. 144- طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ الشَّامِيُّ ثُمَّ الرَّقِّيُّ1 -ق. عَنْ: يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرُّهَاوِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، وَعُقَيْلٍ الأَيْلِيِّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَبُرْدِ بْنِ سِنَانٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَّةُ، وَهُمَا مِنْ أَسْنَانِهِ، وَعِيسَى غُنْجَارٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبَّوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: كان يضع الحديث. وقاتل البخاري، منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ فِي تَارِيخِهِ: آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرُّهَاوِيُّ. قُلْتُ: لَهُ فِي سُنَنِ الْقَزْوِينِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. وَمِنْ بَلايَاهُ: نَا أَبُو يَعْلَى، نَا شَيْبَانُ، نَا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عَبَيْدَةَ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْكَبْخَارَانِيِّ، عَنْ جَابِرٍ: قَال النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِيَنْهَضْ كُلُّ رَجُلٍ إِلَى كُفْؤِهِ". وَنَهَضَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى عُثْمَانَ فَاعْتَنَقَهُ، وَقَالَ: "أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ"2. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: نَا أَسْلَمُ بْنُ سَهْلٍ، نَا أَحْمَدُ بن محمد بن ماهان، نا أَبُو حَنِيفَةَ، نَا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُبْرِمَنَّ أَحَدُكُمْ أَمْرًا مِنْ أَمْرِ دين ولا دنيا حتى يشاور"3.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 479"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 351"، والضعفاء لابن عدي "4/ 1427"، وتهذيب الكمال "13/ 395". 2 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "4/ 1428"، وابن حبان في المجروحين "1/ 384"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 3 "إسناده ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "2/ 226"، وقال: ليس له أصل من حديث الزهري ولا غيره.

145- طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عياش الزرقي المدني1 -خ. د. ن. ق. شَيْخٌ صَدُوقٌ مُعَمَّرٌ. حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الأَيْلِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، وَعَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الضَّحَّاكِ النَّيْسَابُورِيُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مُقَارِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. 146- طُلَيْبُ بْنُ كَامِلٍ2. أَبُو خَالِدٍ اللَّخْمِيُّ الْفَقِيهُ الْمِصْرِيُّ، مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَلَقَبُهُ طُلَيْبٌ. تَفَقَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مُدَّةً، وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَلَمْ يَطُلْ عُمْرُهُ. "حرف الْعَيْنِ": 147- عَاصِمُ بْنُ الْعَلاءِ بْنُ مُغِيثٍ3. أَبُو اللَّيْثِ الْخَوْلانِيُّ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ, قَاضِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. رَوَى شيئًا يسيرًا.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 328"، والجرح والتعديل "4/ 482"، والثقات لابن حبان "8/ 325"، وتهذيب الكمال "13/ 444". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 208"، والوافي بالوفيات "16/ 494"، وحسن المحاضرة "1/ 135". 3 انظر الولاة، والقضاة "317".

حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَإِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْخَوْلانِيُّ. مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ. 148- عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَافٍ الْيَمَامِيُّ1. أَبُو مُحَمَّدٍ. وَيُقَالُ: عَامِرُ بْنُ يَسَافٍ، يُنْسَبُ إِلَى الْجَدِّ. رَوَى عَنْ: يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالنَّضْرِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَعَنْهُ: الْعَقَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ التَّلِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَبُسْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو داود: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 149- عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ2. أَبُو مَعْمَرٍ الْبَصْرِيُّ التَّمِيمِيُّ. قَدْ مَرَّ. عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسُلَمِيٍّ رَاعِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَعَنْهُ: كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَفَرِيُّ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ لا أَعْرِفُ لَهُ حَدِيثًا صَحِيحًا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. ثُمَّ قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، نَا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَابَطَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً سَلِمَ وَغَنِمَ، فَإِذَا مَاتَ جَعَلَ اللَّهُ رُوحَهُ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ أَخْضَرَ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ". الحديث.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 329"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 458"، وميزان الاعتدال "2/ 361". 2 تقدمت ترجمته.

وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: ثَنَا جَبْرُونُ بْنُ عِيسَى بِمِصْرَ، نَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ نَادَى اللَّهُ رِضْوَانَ أَنْ زَيِّنِ الْجِنَانَ لِلصَّائِمِينَ وَالْقَائِمِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ". الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَفِيهِ: "إِنَّ للَّهِ مَلَكًا رَأْسُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَرِجْلاهُ فِي التُّخُومِ، أَحَدُ جَنَاحَيْهِ مِنْ يَاقُوتٍ، وَالآخَرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ، يُنَادِي كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ: هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ"؟ 1 وَسَرَدَ حَدِيثًا طَوِيلا مُنْكَرًا. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: وَلَهُ عَنْ أَنَسٍ مَنَاكِيرَ كَثِيرَةٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَهُ عَنْ أَنَسٍ نُسْخَةٌ أَكْثَرُهَا مَوْضُوعَةٌ ثَنَا بِهَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، نَا غَالِبُ بْنُ وَزِيرٍ الْقَزِّيُّ، ثَنَا الْمُؤَمِّلُ الثَّقَفِيُّ، عَنْهُ. مِنْهَا: "أُمَّتِي خَمسُ طَبَقَاتٍ، كُلُّ طَبَقَةٍ أربعين عامًا"2 ... الحديث. 150- عبثر بن القاسم3 -ع. أبو زبيد الكوفي الزبيدي. عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَمُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، وَالْعَلاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ إبراهيم الموصلي؟ وخلف البزاز، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ. وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ مَوْتًا أَبُو حُصَيْنٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ. ذَكَرَهُ أَبُو داود وَقَالَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ: أَنَا عَبْدُ الْمُعِزِّ بْنُ محمد، إجازةً، أنا أحمد بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَضْلِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أنا محلم بن إسماعيل، أنبا الخليل

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 138"، وانظر كلام العلماء على صاحب الترجمة. 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 170، 171"، والحديث في ضعيف الجامع "1279/ 389". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 382"، والجرح والتعديل "7/ 43، 44"، والثقات لابن حبان "7/ 307".

ابن أَحْمَدَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين"1. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَأَخْرَجَهُ الْقَزْوِينِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلا بِعُلُوِّ دَرَجَتَيْنِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ. وَمُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي يَعْلَى، وَيُقَالُ: هُوَ ابْنُ سِيرِينَ. وَأَشْعَثُ هُوَ ابْنُ سَوَّارٍ. تُوُفِّيَ عَبْثَرُ سَنَةَ ثمان وسبعين وَمِائَةٍ. 151- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ السَّعْدِيُّ2 -ت. ق. مَوْلاهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ، ثُمَّ الْبَصْرِيُّ, وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَدَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَداود بْنُ رُشَيْدٍ، وَبُسْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ. قَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ: ضَعِيفٌ. سَمِعْتُ أَبَا داود يَقُولُ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَأَتَيْتُهُ أَنَا وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ فَقُلْنَا: سَمِعْتَ مِنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ شَيْئًا؟ فَقَالَ: لا. فَقُلْنَا: سَمِعْتَ مِنَ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَحَدَّثَنَا عَنْهُ بِأَحَادِيثَ قَلِيلَةٍ, ثم خرج

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "8/ 7"، وابن ماجه "1757"، والحديث في ضعيف الترمذي وابن ماجه. 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 22، 23"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 62"، والمجروحين لابن حبان "2/ 14"، والضعفاء لابن عدي "4/ 1493".

فَعَادَ إِلَيْنَا فَقَالَ: ثَنَا ضَمْرَةُ. وَحَدَّثَ عَنِ الْعَلاءِ بِأَكْثَرِ مِنْ مِائَةِ حَدِيثٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كان وكيع إذا أتى عَلَى حَدِيثٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَجِزْ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ مَرَّةً، عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي حَدِيثِ الشَّيْخِ مَا فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَأْتِي بِالأَخْبَارِ مَقْلُوبَةً حتى كأنها معمولة. قال: وقد سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ: سَلُوا غَيْرِي. فَقَالُوا: سَأَلْنَاكَ. فَأَطْرَقَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: هَذَا هُوَ الدِّينُ، أَبِي ضَعِيفٌ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "الدِّيكُ الأَبْيَضُ صَدِيقِي وَصَدِيقُ صَدِيقِي وَعَدُوُّ عَدُوِّي". ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ أَحَادِيثَ سَاقِطَةً. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ بِالْبَصْرَةِ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَةٍ. عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "إِذَا دَعَوْتُمْ لِأَحَدٍ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَقُولُوا: أَكْثَرَ اللَّهُ مَالَكَ وَوَلَدَكَ"1. 152- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِيمٍ2. أَبُو بَكْرٍ الدَّاهِرِيُّ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَثَوْرِ بن يزيد، وطبقتهم.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "4/ 1495". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 41"، والتاريخ الكبير "5/ 74"، والمجروحين "2/ 21، 22"، والضعفاء لابن عدي "4/ 1456".

وَعَنْهُ: أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَمُوسَى بْنُ داود، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ سَعْدَوَيْهِ. وَوَهَّاهُ النَّاسُ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يَصِحُّ حَدِيثُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: رَوَى عَنِ الأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيلَ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً. 153- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعُمَرِيُّ1 -ت. ن. مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ فَقَطْ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ الْمَهْدِيِّ، والقعنبي، وَأَبُو الْجَمَاهِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ. وَثَّقَهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 154- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ الوحاظي الحمصي2 -خ. د. ن. أبو يوسف. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الأَلْهَانِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أبي عبلة، ومحمد بن الزبيدي، وجماعة.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 265"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 94"، والمجروحين لابن حبان "2/ 10"، وتهذيب الكمال "14/ 535-538". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 76"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 112"، وتهذيب الكمال "14/ 549"، وميزان الاعتدال "2/ 426".

وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْبَلَ فِي عَقْلِهِ وَمُرُوءَتِهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ. وَذَمَّهُ أَبُو داود وَقَالَ: كَانَ يَقُولُ: عَلِيٌّ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: يَعْنِي في نقله، أما في رأيه ففيه بَأْسٌ شَدِيدٌ. وَقَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ التِّنِّيسِيُّ: مَا رَأَيْتُ بِالشَّامِ مِثْلَهُ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ. 155- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ1 -ق. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، والزهري، وأبي طُوَالَةَ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَذُؤَيْبُ بْنُ عِمَامَةَ، وَطَائِفَةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وغيره. وقال أبو زرعة: ليس. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: اخْتَلَطَ بِآخِرِهِ، فَكَانَ يَقْلِبُ الأَسَانِيدَ وَهُوَ لا يَعْلَمُ، فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ. وَرُبَّمَا أَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّهْرِيِّ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. 156- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ2 -ت. ن. ق. صَدِيقُ شُعْبَةَ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن قاسم، إسماعيل بن أبي خالد.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 103"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 140"، والمجروحين لابن حبان "2/ 8"، وتهذيب الكمال "15/ 238". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 112"، وتهذيب الكمال "15/ 288"، وتهذيب التهذيب "5/ 317، 318".

وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَيَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ. صَدُوقٌ. 157- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عرادة السدوسي1 -ق. أبو شيبان البصري. عَنْ: زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَداود بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيِّ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ أَخُو الْقَعْنَبِيِّ، وَسُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَدَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عامة ما يرويه لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. 158- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُقَيْلٍ الثَّقَفِيُّ2 -ع. أبو عقيل، مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ, نَزِيلُ بَغْدَادَ. حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُوسَى بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيِّ، ويزيد بن سنان الجزري، وعدة. وعنه: أبو النضر هاشم، وعاصم بن علي، وشريح بن النعمان، وآخرون. وثقه أحمد، وابن معين. 159- عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب3 -ع. م. مُتَابَعَةً - أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 13"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 166"، والمجروحين لابن حبان "2/ 8"، وتهذيب الكمال "15/ 294-296". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 125"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 158"، والثقات لابن حبان "8/ 344". 3 انظر الطبقات لابن سعد "9/ 367"، والجرح والتعديل "5/ 109، 110"، والضعفاء لابن عدي "4/ 1459".

أَحَدُ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ، وَهُوَ أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَاصِمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ. رَوَى عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَنَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَوُهَيْبِ بْنِ كَيْسَانَ، وَأَخِيهِ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا عَالِمًا خَيِّرًا صَالِحَ الْحَدِيثِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صُوَيْلِحٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَانَ يَحْيَى لا يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَقَالَ أَيْضًا: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيّ يُحَدِّثُ عَنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَجُلا صَالِحًا, كَانَ يُسْأَلُ فِي حَيَاةِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَدِيثِ فَيَقُولُ: أَمَّا وَأَبُو عُثْمَانَ حَيٌّ فَلا، يُرِيدُ عُبَيْدَ اللَّهِ. قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَزِيدُ فِي الأَسَانِيدِ وَيُخَالِفُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً" 1. وَبِهِ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا تَوَضَّأَ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ". قُلْتُ: وَرَوَى ق. عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءَ كَانُوا يَجْمَعُونَ. وَبِهِ. ق. مَرْفُوعًا قَالَ: "لا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلالَ2. أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْبَرِّ الهمذاني، أَنَا أَبُو الْخَيْرِ الْبَاغِبَانُ، أَنَا أَبُو عَمْرِو

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2230"، والبغوي في شرح السنة "12/ 128". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "1/ 226"، والدارقطني "142"، والبيهقي "7/ 168"، وفي إسناده عبد الله بن عمر وهو العمري المكبر وهو ضعيف. انظر الضعيفة "385".

ابن مَنْدَهْ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَيْوَةَ، أَنَا أَحْمَدُ بن محمد اللبناني، نَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، نَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، نَا مُوسَى بْنُ هِلالٍ: ثَنَا عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من زار قبري فقد وجبت له شفاعتي"1. تفرد بن مُوسَى. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يَصِحُّ حَدِيثُهُ وَلا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. ثَنَا مُطَيَّنٌ، نَا جعفر بن الْبُزُورِيُّ، نَا مُوسَى بْنُ هِلالٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا ابْنُ رُوزْبَةَ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الأَنْصَارِيُّ، أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْعَالِي، نَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ نَا ابْنُ نَاجِيَةَ، نَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ، نَا مُوسَى بْنُ هِلالٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي"2. وَرَوَاهُ الْقَاضِي الْمَحَامِلِيُّ، عَنْ عُبَيْدٍ مِثْلَهُ, وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ, وَفِي الْبَابِ الأَخْبَارِ اللَّيِّنَةِ مِمَّا يُقَوِّي بَعْضُهُ بَعْضًا، لِأَنَّ مَا فِي رُوَاتِهَا مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ أَجْوَدِهَا إِسْنَادًا مَا صَحَّ عَنْ وَكِيعٍ، نَا ابْنُ عَوْنٍ، وَغَيْرُهُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَأَسْوَدَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ أَبِي وَزْعَةَ، عَنْ حَاطِبٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي"3. وَقَالَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنِي سَوَّارُ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَبْدِيُّ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ آلِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ زَارَ قَبْرِي -أَوْ قَالَ: مَنْ زَارَنِي كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا"4. الْحَدِيثَ.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الضعفاء "6/ 2350"، وفي إسناده صاحب الترجمة وله طريق آخر عند البزار كما عزاه الهيثمي في المجمع "4/ 2"، وقال: وفيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري وهو ضعيف. 2 "حديث منكر": قال الشوكاني في فوائده "326"، رواه الدارقطني والبيهقي وابن النجار والعقيلي وابن عدي وحكم عليه ابن تيمية بالوضع. 3 "حديث ضعيف": أخرجه البيهقي في شعب الإيمان "3/ 488". 4 "إسناده ضعيف": فيه راو مجهول لم يسم, وقد تقدم الكلام في رقم "1" ونقلنا كلام الشوكاني على الحديث.

وقد أفردت أحاديث الزيادة فِي جُزْءٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لا يَبْلُغُ حَدِيثُهُ دَرَجَةَ الصِّحَّةِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لا بَأْسَ بِهِ فِي رِوَايَاتِهِ وَلا يَلْحَقُ أَخَاهُ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 160- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْكُوفِيُّ1. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَوَكِيعٌ، وَإِسْحَاقُ السَّلُولِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بأس بِهِ. 161- عَبْد اللَّه بن فروخ2 -د. أبو محمد الفارسي ثم المغربي, فَقِيهُ الْقَيْرَوَانِ وَزَاهِدُهَا. وُلِدَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ بِالأَنْدَلُسِ، ثُمَّ رَحَلَ وَأَخَذَ عَنِ: الأَعْمَشِ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَزَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ, وَتَفَقَّهَ مُدَّةً بِمَالِكٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَاسْتَوْطَنَ الْقَيْرَوَانَ، وَتَعَلَّمَ بِهِ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِهَا, وَكَانَ صَالِحًا وَرِعًا قَوَّالا بِالْحَقِّ، لا يَهَابُ الْمُلُوكَ فِي نَهْيِهِمْ عَنِ الظُّلْمِ, وَكَانَ كَثِيرَ التَّهَجُّدِ وَالتَّأَلُّهِ. قِيلَ: إِنَّ رَوْحَ بْنَ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيَّ قَالَ لابْنِ فَرُّوخٍ: إِنَّكَ تَرَى الْخُرُوجَ عَلَيْنَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَغَضِبَ مِنْهُ، فَقَالَ ابْنُ فَرُّوخٍ: وَذَلِكَ مَعَ ثَلاثِمِائَةٍ وَسَبَعَةِ عَشَرَ عِدَّةُ أَصْحَابِ بَدْرٍ، كُلُّهُمْ أَفْضَلُ مِنِّي. فَقَالَ رَوْحٌ: أَمَّنَّاكَ مِنْ أَنْ تخرج أبدًا.

_ 1 انظره في الجرح والتعديل "5/ 119". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 137"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 169، 170"، والثقات لابن حبان "8/ 335"، والضعفاء لابن عدي "4/ 515".

ثُمَّ أَلْزَمَهُ بِالْقَضَاءِ وَأَقْعَدَهُ فِي الْجَامِعِ، وَأَمَرَ الْخُصُومَ أَنْ يَأْتُوهُ، فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ: ارْحَمُونِي رَحِمَكُمُ اللَّهُ. ثُمَّ أَعْفَاهُ بَعْدُ، وَاسْتَقْضَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ غَانِمٍ، فَكَانَ يُشَاوِرُ ابْنَ فَرُّوخٍ في أموره فقال: يابن أخي لم أَقْبَلُهَا وَزِيرًا؟ فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ خَرَجَ ابْنُ فَرُّوخٍ إِلَى مِصْرَ، فَمَاتَ بِهَا. وَكَانَ يَرَى الْخُرُوجَ وَالسَّيْفَ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى مِصْرَ رَجَعَ عَنْ هَذَا الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: قَدِمَ مِصْرَ فَسَمِعَ مِنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بن طارق. قلت: وهشام بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، وَخَلادُ بْنُ هِلالٍ التَّمِيمِيُّ. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ فِي الْغَيْلانِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِ التِّرْمِذِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْهُ. قَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ يَقُولُ: هُوَ أَرْضَى أَهْلِ الأَرْضِ عِنْدِي. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تُعْرَفُ مِنْهُ وَتُنْكَرُ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ، مَاتَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْحَجِّ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 162- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كُرْزٍ الْفِهْرِيُّ1. أَبُو كُرْزٍ. عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُّعْمَانِ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ. وَقَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ الْمَوْصِلِ. ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 145"، والمجروحين لابن حبان "2/ 17، 18"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 457".

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لا يُعْرَفُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ كُرْزٍ، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 163- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ قَرْعَانَ1 -د. ت. ق. م. تَبَعًا. عَالِمُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَقَاضِيهَا وَمُفْتِيهَا وَمُحَدِّثُهَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيُّ الْمِصْرِيُّ. رَوَى عَنْ: عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعطاء بن أَبِي رَبَاحٍ، وَمِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ، وَأَبِي يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَأَبِي الأَسْوَدَ يَتِيمُ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَمِنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَمِنَ الْكِبَارِ: الأَوْزَاعِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَشُعْبَةُ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. قَالَ أَبُو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: مَا كَانَ مُحَدِّثُ مِصْرَ إِلا ابْنَ لَهِيعَةَ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: احْتَرَقَ مَنْزِلُ ابْنِ لَهِيعَةَ وَكُتُبُهُ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَيْضًا: مَنْ كَانَ بِمِصْرَ مِثْلَ ابْنِ لَهِيعَةَ فِي كَثْرَةِ حَدِيثِهِ وَضَبْطِهِ وَإِتْقَانِهِ؟ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى أَنَهُ لَقِيَهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَأَنَّ كُتُبَهُ احْتَرَقَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَأَمَّا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ فَقَالَ: لَمْ يَحْتَرِقْ لَهُ كِتَابٌ، وَكَانَ سَيِّئَ الرَّأْيِ فِيهِ، فَكَأَنَّهُ احْتَرَقَتْ بَعْضُ كُتُبِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: كَانَ ابْنُ لَهِيعَةَ صَحِيحَ الْكِتَابِ طَلابًا للعلم.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 516"، والجرح والتعديل "2/ 145-148"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 182، 183"، وتهذيب الكمال "15/ 487-503".

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: كَانَ عِنْدَ ابْنِ لَهِيعَةَ الأُصُولُ، وَعِنْدَنَا الْفُرُوعُ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ: احْتَرَقَتْ لَهُ كُتُبٌ مَعَ دَارِهِ وَسَلِمَتْ أُصُولُهُ، أَنَا كَتَبْتُ كِتَابَ عَمَّارِ بْنِ غَزِيَّةَ مِنْ أَصْلِهِ. قُلْتُ: ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَغَيْرُهُ، وَسَائِرُ النُّقَّادِ عَلَى أَنَّهُ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ لَهِيعَةَ كِتَابًا، فَإِذَا فِيهِ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبِ. فَقَرَأْتُهُ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَأَخْرَجَ إِلَيَّ كِتَابَهُ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، فَإِذَا فِيهِ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيُّ. وَرَوَى الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينِ: ضَعِيفَ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعِ الْقُدَمَاءِ مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ فَقَالَ: أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ سَوَاءٌ، إِلا أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ وابن وهب كانا يتبعان أُصُولَهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ يَقُولُ: حَضَرْتُ ابْنَ لَهِيعَةَ فِي آخر عمره، وقوم من البربر يقرءون عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِكَ. قَالَ: بَلَى، هَذِهِ أَحَادِيثُ قَدْ مَرَّتْ عَلَى مَسْمَعِي. فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ ابْنُ لَهِيعَةَ لا يَضْبُطُ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: ذَكَرَ النَّسَائِيُّ يَوْمًا ابْنَ لَهِيعَةَ فَضَعَّفَهُ، وَقَالَ: مَا أَخْرَجْتُ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا، وَهُوَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الحارث، عن

ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ: "فِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ" 1. أَنَا بِهِ هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ، نَا مُعَافَى بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْهُ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: ابْنُ لَهِيعَةَ لا يُوقَفُ عَلَى حَدِيثِهِ، وَلا يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ، وَلا يُعْتَدَّ بِهِ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ: إِنَّهُ كَانَ لا يَرَى ابْنَ لَهِيعَةَ شَيْئًا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ، عَنْ عُقْبَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَوْ تَمَّتِ الْبَقَرَةُ ثَلاثَمِائَةِ آيَةٍ لَتَكَلَّمَتْ"2. قَالَ الْمَيْمُونِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَ ابْنَ لَهِيعَةَ فَقَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ احْتَرَقَتْ كُتُبُهُ، فَكَانَ يُؤْتَى بِكُتُبِ النَّاسِ فَيَقْرَأُهَا. أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: نَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: قَالَ لِي ابْنُ وَهْبٍ، وَرَآنِي لا أَكْتُبُ حَدِيثَ ابْنِ لَهِيعَةٍ: إِنِّي لَسْتُ كَغَيْرِي فِي ابْنِ لَهِيعَةَ، فَاكْتُبْهَا. وَعَنْ أَبِي الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: يُكْتَبُ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ مَا كَانَ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ ابْنُ لَهِيعَةَ شَيْخًا صَالِحًا، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ عَنِ الضُّعَفَاءِ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ، ثُمَّ احْتَرَقَتْ كُتُبُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ. وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ: سَمَاعُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْلَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ مِثْلَ الْعَبَادِلَةِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، فَسَمَاعُهُمْ صَحِيحٌ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ، فَسَمَاعُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ لَهِيعَةَ مِنَ الْكَتَّابِينَ لِلْحَدِيثِ، وَالْجَمَّاعِينَ لِلْعِلْمِ، والرحالين فيه.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "1402"، والترمذي "578"، وابن ماجه "3786"، والحاكم في المستدرك "1/ 222، 2/ 390"، والبيهقي "2/ 317"، والبغوي في شرح السنة "3/ 304"، وصححه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على سنن الترمذي. 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات وقال: حديث موضوع لا عفا الله عمن وضعه لأنه قصد عيب الإسلام بهذا، قال أحمد: كان يعقوب من الكذابين على الثقات.

وَلَقَدْ حَدَّثَنِي شَكَرٌ، نَا يُوسُفُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ: كَانَ ابْنُ لهيعة يكنى أبا خريطة وذاك أنه كان لَهُ خَرِيطَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِي عُنُقِهِ، فَكَانَ يَدُورُ بِمِصْرَ، فَكُلَّمَا قَدِمَ قَوْمٌ كَانَ يَدُورُ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ إِذَا رَأَى شَيْخًا سَأَلَهُ: مَنْ لَقِيتَ؟ وَعَمَّنْ كَتَبْتَ؟ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ قَاضِي مِصْرَ قَالَ: أَنَا حَمَلْتُ رِسَالَةَ اللَّيْثِ إِلَى مَالِكٍ, فَجَعَلَ مَالِكٌ يَسْأَلُنِي عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَأُخْبِرُهُ بِحَالِهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَلَيْسَ يَذْكُرُ الْحَجَّ؟ فَسَبَقَ إِلَى قَلْبِي أَنَّهُ يُرِيدُ مُشَافَهَتَهُ وَالسَّمَاعَ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَدْ سَمِعْتُ أَخْبَارَ ابْنَ لَهِيعَةَ مِنْ رواية المتقدمين والمتأخرين فرأيت التخطيط عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَوْجُودًا، وَمَا لا أَصْلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَثِيرًا. فَرَجَعْتُ إِلَى الاعْتِبَارِ، فَرَأَيْتُهُ يُدَلِّسُ عَنْ قَوْمٍ ضُعَفَاءَ عَلَى قَوْمٍ رَآهُمُ ابْنُ لَهِيعَةَ ثِقَاتٌ، فَأَلْزَقَ تِلْكَ الْمَوْضُوعَاتِ بِهِمْ. قَالَ قُتَيْبَةُ: لَمَّا احْتَرَقَتْ كُتُبُ ابْنِ لَهِيعَةَ بَعَثَ إِلَيْهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ. وَقَالَ: حَضَرْتُ مَوْتَ ابْنَ لَهِيعَةَ، فَسَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ: مَا خَلَّفَ مِثْلَهُ. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ يَقُولُ: جَاءَ قَوْمٌ وَمَعَهُمْ جُزْءٌ فَقَالُوا: سَمِعْنَاهُ مِنَ ابْنِ لَهِيعَةَ، فَنَظَرْتُ فِيهِ فَإِذَا لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ مِنْ حَدِيثِهِ، فَقُمْتُ إِلَى ابْنِ لَهِيعَةَ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: فَمَا أَصْنَعُ بِهِمْ؟ يَجِيئُونَ بِكِتَابٍ فَيَقُولُونَ: هَذَا مِنْ حَدِيثِكَ، فَأُحَدِّثُهُمْ بِهِ. قُلْتُ: وَلِيَ ابْنُ لَهِيعَةَ قَضَاءَ مِصْرَ لِلْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، فَبَقِيَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَرُزِقَ فِي الشَّهْرِ ثَلاثِينَ دِينَارًا. وَقَدْ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ مَرَّةً: حَدَّثَنِي وَاللَّهِ الصَّادِقُ الْبَارُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ. قُلْتُ: وَمَنَاكِيرُهُ جَمَّةٌ، وَمِنْ أَرْدَئِهَا: كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، أَنَّ حُيَيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن الحلبي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ فِي مَرَضِهِ: "ادْعُوا لِي أَخِي". فَدَعُوا أَبَا بَكْرٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ, ثُمَّ قَالَ: "ادْعُوا لِي أَخِي". فَدَعَوْا لَهُ عُمَرَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ عُثْمَانَ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: "ادْعُوا لِي أَخِي". فَدَعَوْا لَهُ عَلِيًّا، فَسَتَرَهُ بِثَوْبِهِ وَانْكَبَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا خَرَجَ قِيلَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ! مَاذَا قَالَ لك؟

قَالَ: عَلَّمَنِي أَلْفَ بَابٍ، يَفْتَحُ كُلُّ بَابٍ أَلْفَ بَابٍ1. رَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّ الْبَلاءَ فِيهِ مِنَ ابْنِ لَهِيعَةَ، فَإِنَّهُ مُفْرِطٌ فِي التَّشَيُّعِ. كَذَا قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ. وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَبْلَهُ رَمَاهُ بِالتَّشَيُّعِ. وَكَامِلُ الْجَحْدَرِيُّ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ؛ وقال ابن حَنْبَلٍ: مَا عَلِمْتُ أَحَدًا يَدْفَعُهُ بِحُجَّةٍ، فَقَدْ قَالَ فِيهِ أَبُو داود: رَمَيْتُ بِكُتُبِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ, فَلَعَلَّ الْبَلاءَ مِنْ كَامِلٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ وَقَعَ لِي غَيْرُ حديث من عوالي ابن لهيعة. وقال يُونُسَ: مَاتَ فِي نِصْفِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَوُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 164- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بن النضر الأنصاري2 البصري. -خ. ت. ق- أبو المثنى. عَنْ: عَمِّهِ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. وَقِيلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُسدَّدٌ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو داود: لا أُخَرِّجُ أحاديثه.

_ 1 "حديث منكر": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 14". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 177"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 208"، والمجروحين لابن حبان "1/ 259".

وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى أَكْثَرِ حَدِيثِهِ. وَقَالَ التَّبُوذَكِيُّ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَرْيَتَيْنِ بِعَظِيمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 165- عبد الله بن محمد1 -د. أبو يحيى الأسلمي سحبل، أَخُو الْفَقِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَوْثَقَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ. رَوَى عَنْ: سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَأَبِيهِ، وَعَمِّهِ أُنَيْسٍ، وَبُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَأَخُوهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْقَعْنَبِيُّ، وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، فِيمَا قِيلَ، وَطَالَ عُمْرُهُ وَتَأَخَّرَ عَنْ أَخِيهِ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو داود. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَرْوِي عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ. وَقَدْ وَهِمَ ابْنُ حِبَّانَ فِي سننه فَقَالَ: عَاشَ سَبْعًا وَخَمْسِينَ سَنَةً. قَالَ: وَمَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 166- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسْلِمٍ الرَّقَاشِيُّ2. عَنْ: جَدِّهِ. وَعَنْهُ: جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو عَاصِمٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَمُسدَّدٌ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ. قَالَ البخاري، وأبو حاتم: في حديثه نظر.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 420"، والجرح والتعديل "5/ 156"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 188". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 157"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 189"، والضعفاء لابن عدي "4/ 1548"، وتهذيب الكمال "2/ 736".

167- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدَبٍ الْهُذَلِيُّ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَأَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 168- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ2. أَبُو لَيْلَى، وَيُقَالُ: أَبُو إِسْحَاقَ. وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ الْجَلِيلِ الْحَارِثِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَعِلْبَاءِ بْنِ أَحْمَرَ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَرَّةَ، وَمَزْيَدَةَ بْنِ جَابِرٍ، وَأَبِي جَرِيرٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بن أبي بْنِ أَنَسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ. رَوَى عَنْهُ: هُشَيْمٌ وَكَانَ لا يُفْصِحُ بِاسْمِهِ، وَوَكِيعٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَمُسْلِمٌ، وأحمد بن يونس، وسعدويه، وأبو إسحاق بْنُ الطَّبَّاعِ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالنَّاسُ. 169- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْيَمَامِيُّ3 -خ. م. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُسدَّدٌ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ: كَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ وَأَهْلِ الْوَرَعِ وَالدِّينِ, مَا رَأَيْتُ بِالْيَمَامَةِ خَيْرًا مِنْهُ. رَوَى لَنَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ "أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن أكل أذني القلب"4.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 165"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 191"، والثقات لابن حبان "7/ 51"، وتهذيب الكمال "2/ 741". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 177، 178"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 207"، والثقات لابن حبان "8/ 333"، وتهذيب الكمال "2/ 747". 3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 556"، والجرح والتعديل "5/ 203"، والثقات لابن حبان "8/ 334"، وتهذيب الكمال "2/ 754". 4 أخرجه ابن عدي في الضعفاء "4/ 1531".

قُلْتُ: قَلَّ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ. 170- عَبْدُ الله بن يحيى بن سليمان الثقفي1 -ق. أبو يعقوب البصري المعروف بالتوءم. وَعَنْهُ: عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَخَلَفٌ الْبَزَّارُ، وَقُتَيْبَةُ، وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِيهِ لِينٌ. 171- عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي هُنَيْدَةَ الصَّيْرَفِيُّ الْمِصْرِيُّ. يُكَنَّى أَبَا رَجَاءٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ، وَابْنِ هُبَيْرةَ السَّبَأَيِّ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ بَعْدَ السَّبْعِينَ وَمِائَةٍ. 172- عَبْدُ الْحَكَمِ بْنُ أَعْيَنَ2. مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ, قَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَغَيْرُهُمَا. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 173- عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلالِيُّ الكوفي3 -ت- أبو عمر. نَزِيلُ الرِّيِّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي التَّيَّاحِ يَزِيدَ الضُّبَعِيِّ، وَأَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بن أبي وحشية.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 204"، والثقات لابن حبان "7/ 57"، وتهذيب الكمال "2/ 754"، وميزان الاعتدال "2/ 525". 2 تقدم ترجمته. 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 11"، والمجروحين لابن حبان "2/ 142"، والضعفاء لابن عدي"5/ 1958"، وتهذيب الكمال "2/ 766".

وعنه: هشام عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَدَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْجُرَشِيُّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ. وَضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. 174- عَبْدُ الْحَمِيدِ بن سليمان1 -ت. ق. أبو عمر المدني، أَخُو فُلَيْحٍ. عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَلُوَيْنُ، وَآخَرُونَ. ضَعَّفَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ. وَكَانَ ضَرِيرًا سَكَنَ بَغْدَادَ. قَالَ عباس، عن ابن معين: ليس بشيء. 175- عبد الرَّحْمَنِ بْنُ جَرِيرٍ2. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي الْحُوَيْرِثِ. وَعَنْهُ: نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ, وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ الدَّعَّاءُ، وَغَيْرُهُمَا. لا أَعْرِفُهُ بَعْدُ. 176- عَبْدُ الرحمن بن أبي الزناد3 -ع. أبو محمد المدني, أحد أوعية العلم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 14"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 52"، وتهذيب الكمال "2/ 766"، وميزان الاعتدال "2/ 541". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 221". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 415، 416"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 300"، والجرح والتعديل "5/ 252"، وتاريخ الطبري "10/ 319".

سَمِعَ: أَبَاهُ، وَسُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ، وَمُوسَى بْنَ عُقْبَةَ، وَعَمْرَو بْنَ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، وَهِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ، وَطَبَقَتَهُمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَابْنُ معين. وقال ابن سعيد: كَانَ فَقِيهًا مُفْتِيًا. وَقَالَ الْخَطِيبُ: رَوَى عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمانِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ داود الْهَاشِمِيُّ، وَداود بْنُ عمرو الضبي. انتقل من مدينة فَنَزَلَ بَغْدَادَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: مَا حَدَّثَ بِالْمَدِينَةِ فَصَحِيحٌ، وَمَا حَدَّثَ بِبَغْدَادَ أَفْسَدَهُ الْبَغْدَادِيُّونَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْفَلاسُ: فِيهِ ضَعْفٌ، كَانَ يَحْيَى، وَابْنُ مَهْدِيٍّ لا يَرْوِيَانِ عَنْهُ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قال: هو كذا وكذا، يَعْنِي يُلَيِّنُهُ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَغْدَادِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: إِنِّي لأَعْجَبُ مِمَّنْ يَعُدُّ فِي الْمُحَدِّثِينَ فُلَيْحَ، وَابْنَ أَبِي الزِّنَادِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينِ: ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَفُلَيْحٌ، وَابْنُ عُقَيْلٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِمْ. قُلْتُ: أَمَّا فُلَيْحٌ فَاحْتَجَّ بِهِ صَاحِبُ الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِمَّنْ يَنْفَرِدُ بِالْمَقْلُوبَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ, وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ حِفْظِهِ وكثرة خطئه, فَلا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ إِلا فِيمَا وَافَقَ الثِّقَاتِ، فَهُوَ صَادِقٌ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ أَبِي جعفر القارئ.

ثُمَّ رَوَى الْحُرُوفَ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ. وَرَوَى عَنْهُ الْحُرُوفَ: حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ. وَسَمِعَ مِنْهُ: عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْكِسَائِيُّ، وَابْنُ وَهْبٍ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لَيْسَ بِالْحَافِظِ عِنْدَهُمْ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 177- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ الْكُوفِيُّ1. عَنْ: عكرمة، والشعبي. وعنه: محمد بن سعيد الإصبهاني، ومحمد بن سليمان بن الأَصْبَهَانِيُّ أَقَارِبُهُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو داود: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرَوى إِسْحَاقُ الْكَوْسَجُ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، ثِقَةٌ. 178- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ2 -خ. م. ن. ت. أبو سليمان الأنصاري الأوسي، وَقِيلَ لِجَدِّهِمُ: الْغَسِيلُ لِأَنَّهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ جُنُبٌ، فَغَسَّلَتْهُ الْمَلائِكَةُ. رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن سعد السَّاعِدِيَّ. وَرَوَى عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَأُسَيْدِ بْنِ عَلِيِّ، وَالْمُنْذِرِ وَالزُّبَيْرِ ابْنَيْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بن قتادة، وغيرهم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 239"، وتهذيب الكمال "2/ 801"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 568". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 239"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 289"، والثقات لابن حبان "5/ 85"، والمجروحين وكلاهما لابن حبان "2/ 57".

وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمَسْعُودِيُّ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: صُوَيْلِحٌ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ، وَيُوسُفَ بْنُ عَالِيَةَ قَالَ: أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ الْبَنَّا، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَلِيُّ بْنُ السَّرِيِّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الذَّهَبِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ الْبَغَوِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَارِثِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ وَالِدَيَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمَا شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، الصَّلاةُ عَلَيْهِمَا وَالاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لا رَحِمَ لَكَ إِلا مِنْ قِبَلِهِمَا، فَهَذَا بَقِيَ عَلَيْكَ" 1. وَهَذَا حَدِيثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ، رَوَاهُ د. ق. مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْغَسِيلِ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "كِتَابِ الأَدَبِ" لَهُ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْهُ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا، وَللَّهِ الْحَمْدُ. مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، عَنْ نَحْوٍ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ. 189- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ العريان الحارثي البصري2. أبو الحسن. عن: أبي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَالأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَعُبَيْدُ الله القواريري.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري في الأدب "35"، وأبو داود "5142"، وابن ماجه "3664"، وأحمد "3/ 497"، والحاكم في المستدرك "4/ 155". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 271"، والثقات لابن شاهين "215".

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 180- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْن هِشَامِ بْن عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي1. الأَمِيرُ الأُمَوِيُّ الْمَرْوَانِيُّ الدَّاخِلُ إِلَى الأَنْدَلُسِ. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَمَلَّكَ الأَنْدَلُسَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ هَرَبَ وَانْفَلَتَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ عِنْدَ اسْتِيلائِهِمْ، وَأَبْعَدَ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَرَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْدَلُسِيُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُعَاوِيَةَ الدَّاخِلَ لَمَّا سَارَ هَارِبًا مِنْ مِصْرَ صَارَ إِلَى أَرْضِ بَرْقَةَ، فَأَقَامَ بِهَا خَمْسَ سِنِينَ، ثُمَّ رَحَلَ مِنْهَا يُرِيدُ الأَنْدَلُسَ، فَدَخَلَ بَدْرٌ مَوْلاهُ يَتَجَسَّسُ عَنِ الأَخْبَارِ، فَقَالَ لِلْمُضَرِيَّةِ: لَوْ وَجَدْتُمْ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الخلافة أكنتم تبايعونه؟ قالوا: وكيف لنا بذلك؟ فَقَالَ بَدْرٌ: هَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ فائتوه فَبَايَعُوهُ، فَوُلِّيَ عَلَيْهِمْ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ وُلِّيَ ابْنُهُ مِنْ بَعْدِهِ. قَالَ: وَدُخُولُهُ الأَنْدَلُسِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَكَانَ يُوسُفُ الْفِهْرِيُّ أَوَّلَ مَنْ قَطَعَ الدَّعْوَةَ عَنْهُمْ، وَكَانَ مَنْ قَبْلَهُ يَدْعُونَ لِوَلَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْخِلافَةِ، فَأَبْطَلَ يُوسُفُ ذَلِكَ وَدَعَا لِنَفْسِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّاخِلُ إِلَى الأَنْدَلُسِ قَاتَلَ يُوسُفَ وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلادِ. قُلْتُ: وَبَقِيَ مُلْكُ الأَنْدَلُسِ بِأَيْدِي أَوْلادِهِ إِلَى رَأْسِ الأَرْبَعِمِائَةِ، وَبَلَغَنَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُعَاوِيَةَ لَمَّا توجه إلى يوسف الفهري عدا إِلَى الْجَزِيرَةِ فَنَزَلَهَا، فَاتَّبَعَهُ أَهْلُهَا، فَمَضَى فِي عَسْكَرٍ إِلَى إِشْبِيلِيَّةَ، فَأَطَاعَهُ أَهْلُهَا، ثُمَّ مَضَى إِلَى قُرْطُبَةَ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، فَكَانَ كُلَّمَا قَصَدَ مَدِينَةً بَايَعُوهُ. فَلَمَّا رَأَى يُوسُفُ الْعَسَاكِرَ قَدْ أَظَلَّتْهُ هَرَبَ إِلَى دَارِ الشِّرْكِ، فَتَحَصَّنَ هُنَاكَ، فَغَزَاهُ فِيمَا بَعْدُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّاخِلُ، فَوَقَعَتْ نَفْرَةٌ فِي عَسْكَرِهِ فَانْهَزَمَ، وَرَجَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مُظَفَّرًا مَنْصُورًا، وَجَعَلَ لِمَنْ يَأْتِيهِ بِرَأْسِ يُوسُفَ مَالا، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ خَاصَّةِ يُوسُفَ بِرَأْسِهِ.

_ 1 انظر العقد الفريد "4/ 488، 489"، وسير أعلام النبلاء "8/ 217-225"، ومرآة الجنان "1/ 368".

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيُّ: وُلِدَ الأَمِيرُ أَبُو الْمُطَرِّفِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِالشَّامِ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَدَخَلَ الأَنْدَلُسَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، فَقَامَتْ مَعَهُ الْيَمَانِيَّةُ، وحارب يوسف عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيَّ مُتَوَلِّي الأَنْدَلُسِ، فَهَزَمَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَى قُرْطُبَةَ يَوْمَ النَّحْرِ مِنَ الْعَامِ، وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، قَالَهُ لَنَا مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى سِيرَةٍ جَمِيلَةٍ مِنَ العدل، ومن قضائه مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيُّ الْحِمْصِيُّ. قَالَ أَبُو المظفر الأَبِيوَرْدِيُّ: كَانُوا يَقُولُونَ مَلَكَ الدُّنْيَا ابْنَا بَرْبَرِيَّتَيْنِ، يَعْنُونَ الْمَنْصُورَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُعَاوِيَةَ. وَكَانَ الْمَنْصُورُ إِذَا ذُكِرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ذَاكَ صَقْرُ قُرَيْشٍ، دَخَلَ الْمَغْرِبَ وَقَدْ قُتِلَ قَوْمُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَضْرِبُ الْعَدْنَانِيَّةَ بِالْقَحْطَانِيَّةِ حَتَّى تَمَلَّكَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ: أَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي بِلادِهِ "يَدْعُو" بِالْخِلافَةِ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ أَعْوَامًا، ثُمَّ تَرَكَ الْخُطْبَةَ. وَقِيلَ لَمَّا تَوَطَّدَ مُلْكُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَارَتْ إِلَيْهِ بَنُو أُمَيَّةَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَأَكْرَمَ مَوْرِدَهُمْ وَادَّبَّرَ أَرْزَاقَهُمْ، وَلَمْ يَهْجُهُ بَنُو الْعَبَّاسِ، وَلا هُوَ تَعَرَّضَ لَهُمْ، بَلْ قَنَعَ بِإِقْلِيمِ الأَنْدَلُسِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ اللُّغَوِيُّ الَّذِي تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ: كَانَ بِقُرْطُبَةَ جَنَّةٌ اتَّخَذَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ فِيهَا نَخْلَةٌ أَدْرَكْتُهَا، وَمِنْهَا تَوَلَّدَتْ كُلُّ نَخْلَةٍ بِالأَنْدَلُسِ. قَالَ: وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ: يَا نَخْلُ أَنْتِ غَرِيبَةٌ مِثْلِي ... فِي الْغَرْبِ نَائِيَةٌ عَنِ الأَصْلِ فَابْكِي وَهَلْ تَبْكِي مُكَيَّسَةٌ ... عَجْمَاءُ لَمْ تُطْبَعْ عَلَى خَيْلِ لَوْ أَنَّهَا تَبْكِي إِذًا لَبَكَتْ ... مَاءَ الْفُرَاتِ وَمَنْبِتَ النَّخْلِ لَكِنَّهَا ذَهَلَتْ وَأَذْهَلَنِي ... بُغْضِي بَنِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَهْلِي وَمِنْ شِعْرِهِ أَيْضًا: أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُيَمِّمُ أَرْضِي ... أَقْرِ مِنْ بَعْضِي السَّلامَ لِبَعْضِي

إِنَّ جِسْمِي كَمَا عَلِمْتَ بِأَرْضٍ ... وَفُؤَادِي وَمَالِكِيهِ بأرض قدر البين بيننا فافترقنا ... وطوى الببين عَنْ جُفُونِيَ غَمْضِي وَقَضَى اللَّهُ بِالْفِرَاقِ عَلَيْنَا ... فَعَسَى بِاجْتِمَاعِنَا اللَّهُ يَقْضِي تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُهُ هِشَامٌ. 181- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ الْمَدَنِيُّ1 -خ. ع. مَوْلَى آلِ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ لا اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وقتيبة بن سعيد، وآخرون. قال ابن خداش: صدوق. وقد قدمنا أَنَّ الْمَنْصُورَ آذَاهُ وَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا لِيَدُلَّهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَسَجَنَهُ مُدَّةً، وَكَانَ مِنْ شِيعَتِهِمْ. قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أحمد بن حنبل، عن ابن أَبِي الْمَوَالِ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ. وَكَانَ مَحْبُوسًا فِي الْمُطَبَّقِ حِينَ هَرَبَ. وَيَرْوِي حَدِيثَ الاسْتِخَارَةِ، لَيْسَ يَرْوِيهِ غَيْرُهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَهُ "ابْنُ عَدِيٍّ". قَالَ: وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: إِذَا كَانَ حَدِيثَ غَلَطِ: ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ. وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ يَقُولُونَ: ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ، يُحِيلُونَ عَلَيْهِمَا. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ الاسْتِخَارَةِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصحابة، كما رواه ابن أبي الموال.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 415"، والجرح والتعديل "5/ 292"، وتاريخ الطبري "7/ 538"، وميزان الاعتدال "2/ 592-594".

قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 182- عَبْدُ السَّلامِ بْنُ مَكْلَبَةَ الْبَيْرُوتِيُّ1. عَنْ: ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُمْ. مَاتَ كَهْلا وَلَمْ يُلَيَّنْ. 183- عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُنَبِّهٍ الْيَمَانِيُّ2. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ وَهْبِ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَطَاوُسٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَخُوهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هَمَّامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ قَدْ عَمَّرَ وَأَظُنُّهُ مَاتَ أَيَّامَ هُشَيْمٍ. قُلْتُ: مَعَ ثِقَتِهِ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ أَحَدٌ. 184- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عِمْرَانُ3. المني الأعرج. اتصل بيحيى البرمكي. وروى عن: يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، وَأَبُو حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ. وَمَوْتُهُ قَرِيبٌ مِنْ موت مالك.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 47، 48"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 67-77". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 50"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 104"، والثقات لابن حبان "7/ 134"، وميزان الاعتدال "2/ 621". 3 انظر الطبقات لابن سعد "5/ 436"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 29"، والمجروحين لابن حبان "2/ 139، 140".

قَالَ الْبُخَارِيّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَرَوَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينِ: لَيْسَ بِثِقَةٍ إِنَّمَا كَانَ صَاحِبَ شِعْرٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ نَكْتُبْ عَنْهُ. قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلَ إِلَى الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ وَكَأَنَّهُ خَطَأٌ، فَإِنَّ الْحِزَامِيَّ مَا كَتَبَ إِلا بَعْدَ هَذَا الْوَقْتِ بِمُدَّةٍ. وَكَذَا أَحْمَدُ يَقُولُ: لَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ، وَأَحْمَدُ فَإِنَّمَا يَقُولُ هَذَا بَعْدَ الثَّمَانِينَ وَمِائَةٍ. 185- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ التَّرْجُمَانَ1. أَبُو سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ يَمَانٍ الرَّازِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ مُسْلِمٌ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَسَاقَ الأَسْمَاءَ الْحُسْنَى. 186- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الرُّبَيِّعِ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيُّ2 -م. د.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 380"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 30"، والضعفاء لابن عدي "5/ 1924". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 382"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 20"، والثقات لابن حبان "7/ 110".

عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: وَلَدَاهُ سَبْرَةُ، وَحَرْمَلَةُ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ. 187- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سَلْمَانَ الرَّاسِبِيُّ الْبَصْرِيُّ1. الزَّاهِدُ الْمُذَكِّرُ، وَكَانَتْ رَابِعَةُ الْعَدَوِيَّةُ تُسَمِّيهِ سَيِّدَ الْعَابِدِينَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّاسِبِيِّ: مَا بَقِيَ مِمَّا يُلْتَذُّ بِهِ؟ قال: سرادب أَخْلُو بِهِ. وَفِيهِ حَكَى أَبُو طَاهِرٍ التَّبَّانُ قال: كان عبد العزيز بن سلمان إِذَا ذُكِرَ الْمَوْتُ وَالْقِيَامَةُ صَرَخَ كَمَا تَصْرُخُ الثَّكْلَى، وَيَصْرُخُ الْخَائِفُونَ مِنْ جَوَانِبِ الْمَسْجِدِ. 188- عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ الأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ2 الدَّبَّاغُ -ع. مَوْلَى حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ. رَوَى عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ. وَعَنْهُ: مُسَدَّدٌ، وَيَعْلَى بْنُ أَسَدٍ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 189- عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُرْجَانِيُّ3 -ت. قَاضِي جُرْجَانَ، هَرَبَ مِنَ الْقَضَاءِ وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ. رَوَى عَنْ: ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وسبعين ومائة.

_ 1 انظر حلية الأولياء لأبي نعيم "6/ 243-245"، وصفة الصفوة لابن الجوزي "3/ 377-379". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 393، 394"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 24"، والثقات لابن حبان "7/ 115". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 61"، والثقات لابن حبان "8/ 423"، وتهذيب الكمال "2/ 848"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 646".

190- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطّلب الْعَبَّاسِيُّ1 الأَمِيرُ. وَلِيَ عِنْدَ الرُّومِ، وَكَانَ أَمِيرَ غَزْوَةِ أَقْرِيطِيَّةَ فِي جَيْشٍ لَجْبٍ، فَدَخَلَ مِنْ دَرْبِ الصَّفْصَافِ وَرَجَعَ مَنْصُورًا عَلَى دَرْبِ الْحَدَثِ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ وَحَصَّلُوا مِنَ السَّبْيِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفِ نَسَمَةٍ. 191- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الأَنْصَارِيُّ الأَعْرَجُ2. أَبُو الطَّاهِرِ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ؛ وَلِيَ قَضَاءَ دِيَارِ مِصْرَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ الْعُلَمَاءِ، بَصِيرًا بِالأَحْكَامِ، مُتَضَلِّعًا بِمَعْرِفَةِ أَقْوَالِ أَئِمَّةِ الْمَدِينَةِ كَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَرَبَيْعَةَ الرَّأْيِ. حدث عن: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ قَاضِيًا بِهَا لِلرَّشِيدِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وُلِّيَ قَضَاءَ الْجَنْبِ الشَّرْقِيِّ، وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَمِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ. وَثَّقَهُ الْخَطِيبُ. 192- عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعدٍ السَّاعِدِيُّ الْمَدَنِيُّ3 -ت. ق.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 145"، وتاريخ خليفة "441، 449". 2 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 323"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 431"، والجرح والتعديل "5/ 369". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 421"، والتاريخ الكبير "6/ 137"، والجرح والتعديل "6/ 67، 68"، والمجروحين لابن حبان "2/ 148".

هُوَ أَخُو أُبَيٍّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَزَوْجَةِ جده هند، وأبي حازم المديني. وعنه: ابنه عَبَّاسٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ الزُّهْرِيِّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ كَاسِبٍ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَآخَرُونَ. لَهُ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحتج بِهِ. 193- عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ الْعَبْدِيُّ1 -ع. مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ أَبُو بِشْرٍ، وَقِيلَ أَبُو عُبَيْدَةَ. مِنْ مَشَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ. رَوَى عَنْ: حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، وَكُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَعُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، وَالأَعْمَشِ، وَالْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ، وَعَفَّانُ، وَمُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَيَّنَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَقَالَ: قَلَّ مَا رَأَيْتُهُ يَطْلُبُ الْعِلْمَ. وَقَالَ أَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ: عَمَدَ عَبْدُ الْوَاحِدِ إِلَى أَحَادِيثَ كَانَ الأَعْمَشُ يُرْسِلُهَا فَوَصَلَهَا كُلَّهَا. وَقَالَ ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما رأيت عبد الواحد يطلب

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 289"، والجرح والتعديل "6/ 20، 21"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 59".

حَدِيثًا قَطُّ بِالْبَصْرَةِ وَلا الْكُوفَةِ، وَكُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلاةِ أُذَاكِرُهُ حَدِيثَ الأَعْمَشِ، لا يَعْرِفُ مِنْهُ حَرْفًا. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَالْفَلاسُ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ: سَنَةَ سَبْعٍ. 149- عَبْدُ الْوَارِثِ1 -ع. هُوَ الإِمَامُ أَبُو عُبَيْدَةَ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ الْعَنْبَرِيُّ، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ التَّنُّورِيُّ، أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى عَنْ: أَيُّوبَ، وَيَزِيدَ الرِّشْكِ، وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، وَالْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، وَشَعْبَانَ بْنِ الْحَبْحَابِ، وَابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الصَّمَدِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ، وَبِشْرُ بْنُ هِلالٍ الصَّوَّافُ، وَأَبُو مَعْمَرٍ الْمُقْعَدِ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ، وَغَيْرِهِ. وَتَلا عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ أَبُو عُمَرَ الْجَرْمِيُّ: مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا قَطُّ أَفْصَحَ مِنْ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَفْصَحَ مِنْهُ. قُلْتُ: قَدْ كَانَ عَبْدُ الْوَارِثِ إِمَامًا حُجَّةً مُتَعَبِّدًا، لَكِنَّهُ قَدَرِيٌّ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ. وكان من خواص تلاميذه عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ. قَالَ مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ: قيل لأبي داود الطيالسي: لم لا تُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ؟ قَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَجُلٍ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ يَوْمًا مِنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ أَكْثَرُ مِنْ عُمْرِ أَيُّوبَ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَيُونُسَ؟ قَالَ الْفَسَوِيُّ: نَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ عَبْدِ الْوَارِثِ فَإِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ ذَهَبْنَا فَلَمْ نُصَلِّ خَلْفَهُ. قَالَ: وَقِيلَ لابْنِ الْمُبَارَكِ: كَيْفَ رَوَيْتَ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ وَتَرَكْتَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ؟ قَالَ: إن عمرًا كان داعيًا.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 289"، والجرح والتعديل "6/ 75"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 118".

وَقَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ يَحْيَى الْقَطَّانَ وَذُكِرَ لَهُ أَنَّ عَبْدَ الْوَارِثِ قَالَ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ، عَنِ الْخُرُوجِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَمَرَنِي بِهِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ يَحْيَى وَقَالَ: كَانَ شُعْبَةُ لا يَرَى يَوْمَ صِفِّينَ وَلا يَرَى الْخُرُوجَ مَعَ عَلِيٍّ، يَرَى الْخُرُوجَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ؟ وَأَنَا سمعت شعبة يقول: ما أدري أخطئوا أَمْ أَصَابُوا؟. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: لَمْ يَكْتُبْ أَبِي عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ حَرْفًا حَتَّى مَاتَ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ: مَا رَأَيْتُ يَحْيَى الْقَطَّانَ رَوَى عَنْ أَحَدٍ مِنْ مَشَايِخِنَا قَبْلَ مَوْتِهِ، إِلا عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ. قُلْتُ: وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ يَنْهَى عَنِ الأَخْذِ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ لِمَكَانِ الْقَدَرِ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ، وَمَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، بَعْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ بِأَشْهُرٍ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ. هُوَ أَبُو بَكْرٍ، يَأْتِي بِالْكُنْيَةِ. 195- عُبَيْدُ الله بن عمرو1 -ع. أبو وهب الرقي، عالم أهل الجزيرة ومحدثها. روى عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَاصِمٍ النَّسَائِيُّ، وَلُوَيْنُ، وَالْعَلاءُ بْنُ هِلالٍ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةٌ وَرُبَّمَا أَخْطَأَ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُنَازِعُهُ فِي الْفَتْوَى فِي دَهْرِهِ. قُلْتُ: مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 196- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانِ بْنِ طُغَانَ التركي الخراساني السجزي.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 484"، والجرح والتعديل "5/ 328"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 392"، وتهذيب الكما ل"2/ 887".

الْفَقِيهُ أَبُو الْهَيْثَمَ، شَيْخُ آلِ التُّرْكِ وَجَدُّهُمْ، كَانَ بِنَيْسَابُورَ. كَانَ جَدُّهُ مُتَوَلِّي إِمْرَةَ خُرَاسَانَ وَقَدْ أُدْخِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَهُوَ صَغِيرٌ عَلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَسَمِعَ مِنْ: أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَابْنِ إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ زَائِدَةَ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعِيسَى غُنْجَارٌ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْفُقَهَاءِ، وَمَا رَأَيْتُ لِأَحَدٍ فِيهِ تَضْعِيفًا. 197- عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ التميمي1 -ق. أبو عبيدة الخزاز، بَصْرِيٌّ وَاهٍ. عَنْ: بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَدَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ السَّرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: كَثِيرُ الْخَطَأِ، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَغَيْرُهُ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ. قُلْتُ: لَهُ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: عُبَيْسُ بْنُ ميمون التميمي أَصْلُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ، سَكَنَ الْبَصْرَةَ كَانَ مُغَفَّلا يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الأَشْيَاءَ الْمَوْضُوعَاتِ تَوَهُّمًا لا تعمدًا.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 34"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 79"، والمجروحين لابن حبان "2/ 18"، وتهذيب الكمال "2/ 899".

أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ: نَا عُبَيْسٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "أَيَّمَا نَائِحَةٍ مَاتَتْ وَلَمْ تَتُبْ أُلْبِسَتْ سِرْبَالا مِنْ نَارٍ، وَأَقَامَهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"1. الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، ثَنَا عُبَيْسٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ مَرْفُوعًا: "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ أَنَا يَهُودِيٌّ، فَهُوَ يَهُودِيٌّ، أَوْ قَالَ: أَنَا مَجُوسِيٌّ، فَهُوَ مَجُوسِيٌّ"2. الْحَدِيثَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ ضَعِيفٌ يَذْهَبُ إِلَى الْقَدَرِ. وَلِعُبَيْسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَقُولُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلا سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ كُلَّهُ"3. 198- عُثْمَانُ بْنُ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ الْعَتَكِيُّ4 -خ. م. ن. مَوْلاهُمُ الْمَرْوَزِيُّ، وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ، وَشَاذَانَ. رَوَى عَنْ: شُعْبَةَ، وَكَانَ شَرِيكًا لَهُ وَمُضَارِبَهُ فيما قيل، تفردعنه بِأَشْيَاءَ حَسَنَةٍ. وَرَوَى عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ الْهُنَائِيِّ. وعنه: والده، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَمُصْعَبُ بْنُ بَشِيرٍ الْمَرْوَزِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ، وَأَحَدُ أَرْبَابِ الصَّحِيحِ. قَالَ النُّفَيْلِيُّ كُنَّا مَعَهُ بِالْكُوفَةِ فِي دَرْبٍ، فَدَخَلَ لِيَبُولَ فَأَبْطَأَ، فَنَظَرْنَا فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ، رحمه الله.

_ 1 "حديث منكر": أخرجه أبو يعلى في مسنده "4/ 1430"، والعقيلي في الضعفاء "344"، وابن عدي "1/ 320"، وابن حبان في المجروحين "2/ 186"، وفي إسناده عبيس بن ميمون. قال أحمد: أحاديث عبيس أحاديث مناكير وساق له عبد الله أحاديث هذا منها، وللمزيد انظر الضعيفة "2266". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 186"، وفي إسناده عبيس بن ميمون صاحب الترجمة. 3 "حديث منكر": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "1/ 250" وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر، وأحاديث عبيس أحاديث مناكير. وقال الهيثمي في المجمع "6/ 157": رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبيس بن ميمون وهو متروك. 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 146"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 221، 222"، والثقات لابن حبان "7/ 204".

199- عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ الشَّيْبَانِيُّ الْبَصْرِيُّ الْمُقْرِي1 الرُّهَاوِيُّ -ق. نَزِيلُ بَغْدَادَ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَحَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ، وَزَكَرِيَّا بْنِ مَيْسَرَةَ. وَعَنْهُ: بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَشُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو داود، وَابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 200- عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ2 -ق. أَحَدُ الْمَتْرُوكِينَ، وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَإِنَّمَا تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، فَلْيُحَوَّلْ. 201- الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَابِصَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عُمَرَ بْن مخزوم3 -ت. ن. أَبُو صَفْوَانَ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ. وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ. رَوَى عَنْ: نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو الْيَمَامَةِ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثِقَةٌ، له نحو من مائة حديث.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 169"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 253"، وتاريخ الطبري "1/ 189"، والمجروحين لابن حبان "2/ 799". 2 تقدمت ترجمته. 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "9/ 461"، والجرح والتعديل "7/ 32، 33"، والمجروحين لابن حبان "2/ 193".

قُلْتُ: وَلَهُ أَخَوَانِ: الْمِسْوَرُ، وَعَبْدُ اللَّهِ. 202- عَطْوَانُ بْنُ مُشْكَانَ1. أَبُو أَسْمَاءَ الْخَيَّاطُ. يَرْوِي عَنْ: مَوْلاتِهِ جَمْرَةَ الْيَرْبُوعِيَّةِ وَلَهَا صُحْبَةٌ؛ خَرَّجَ حَدِيثَهَا بقي بن مخلد. وعنه: بكر بْنُ الأَسْوَدِ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، وَأَبُو مَعْمَرَ الْقَطِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَلَهُ فِي "سُدَاسِيَّاتِ الرَّازِيِّ". 203- الْعَلاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرِّيَاحِيُّ2. مَوْلَى قُرَيْشٍ. رَأَى الْحَسَنَ. وَسَمِعَ: أَخَاهُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: مُسَدَّدٌ، وَهُدْبَةُ الْقَيْسِيُّ. ضَعَّفَهُ مُوسَى التَّبُوذَكِيُّ، وَمَشَّاهُ غَيْرُهُ. 204- الْعَلاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ وَرْدَانَ الْبَصْرِيُّ3. أَبُو شَيْبَةَ الْحَنَفِيُّ. عن: عطاء بن أبي رَبَاحٍ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو عَاصِمٍ النبيل، والحسن الأَشْيَبِ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ حبان، وما ضعفه غيره.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 41". 2 انظر التاريخ الكبير للبخاري "6/ 516، 517"، والثقات لابن حبان "7/ 267"، وتهذيب الكمال "2/ 1070". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 354"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 516"، والثقات لابن حبان "7/ 268".

205- علي بن أبي سارة الشيباني1 -ن. ويقال الأزدي. شَيْخٌ بَصْرِيٌّ، لَهُ عَنْ: مَكْحُولٍ، وَثَابِتٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَمُوسَى التَّبُوذَكِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَعِدَّةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ أَبُو داود: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: غَلَبَ على روايته المناكير فاستحق الترك. قُلْتُ: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ أَخَذَ بِأَحَدِ قَوَائِمِ السَّرِيرِ، يَعْنِي النَّعْشَ، حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً"2. خَرَّجَ لَهُ النَّسَائِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا. 206- عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ كَيْسَانَ3. أَبُو نَوْفَلٍ الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ. عن: قتادة، وعبد الملك بن عمير، وأبي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ هِشَامٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الحديث. قلت لم يخرجوا له.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 189"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 278"، والمجروحين لابن حبان "2/ 104"، وتهذيب الكمال "2/ 968". 2 "حديث منكر": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 104"، انظر كلام ابن حبان على صاحب الترجمة. 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 188، 189"، والثقات لابن حبان "7/ 213"، ولسان الميزان "4/ 233".

207- عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ الْعَبَّاسِيُّ الأَمِيرُ1. وَلِيَ نِيَابَةَ الْجَزِيرَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ أَخُو الأَمِيرَيْنِ جَعْفَرٍ، وَمُحَمَّدٍ. 208- عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ الْمُلائِيُّ2 -ت. عَنْ: إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَعُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَمُسْلِمٍ الْمُلائِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الفزازي، وَعَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الرَّوَاجِنِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُشْكِدَانَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالْجَوْزَجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا. 209- عَلِيُّ بْنُ أبي عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ اللَّهَبِيُّ الْمَدَنِيُّ3. عَنْ: عُمَرَ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَابْنِ عَجْلانَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أبي لهب. وعنه: بقية، وابن أَبِي فُدَيْكٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ. قَالَ الْحُمَيْدِيُّ، وَيَحْيَى الْحَارِثِيّ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عن جابر، مَرْفُوعًا: إِنَّ للَّهِ دِيكًا بَرَاثِنُهُ فِي الأَرْضِ السَّابِعَةِ، وَعُنُقُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَإِذَا كَانَ هُوِيٌّ

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 129، 143"، وتاريخ خليفة "439"، والكامل في التاريخ "6/ 58، 61". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 197"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 289"، والمجروحين لابن حبان "2/ 104، 105". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 197"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 288"، والمجروحين لابن حبان "2/ 107".

مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، فَعِنْدَهَا تَصِيحُ الدِّيَكَةُ"1. 210- عَلِيُّ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ التَّمِيمِيُّ الْمَكِّيُّ2 -ن. الزَّاهِدُ ابْنُ الزَّاهِدِ. رَوَى عَنْ: عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ. حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُوهُ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَهُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ. وَكَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يُفَضِّلُهُ عَلَى أَبِيهِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْخَوْفِ. وَكَانَ إِذَا سَمِعَ آيَاتِ الْوَعِيدِ يُغْشَى عَلَيْهِ. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ مِنَ الْوَرَعِ بِمَحَلٍّ عَظِيمٍ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ: قَالَ لِيَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا أَحْسَنَ حَالِ مَنِ انْقَطَعَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَسَمِعَ ذَلِكَ ابْنِي فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. وَقَالَ: أَشْرَفْتُ لَيْلَةً عَلَى ابْنِي وَهُوَ يَقُولُ: النَّارَ، وَحَتَّى الْخَلاصَ مِنَ النَّارِ. وَرَوَى عُمَرُ بْنُ بُسْرٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ قَالَ: أَهْدَى لَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ شَاةً، فَكَانَ ابْنِي لا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا، فسألته فَقَالَ: لِأَنَّهَا رَعَتْ بِالْعِرَاقِ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ: بَكَى ابْنِي عَلِيٌّ فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا بُنَيَّ؟ فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ لا تَجْمَعُنَا الْقِيَامَةُ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَخْوَفَ للَّهِ مِنَ الْفُضَيْلِ، وَابْنَهُ عَلِيٌّ. قُلْتُ: بَلَغَنَا أَنَّ عَلِيًّا سَمِعَ قَارِئًا يَتْلُو بِصَوْتٍ شَجِيٍّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ} [الأنعام: 70] فَشَهِقَ وَسَقَطَ ميتًا، رحمه الله.

_ 1 "حديث ضعيف جدا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 241"، وقال: ليس في هذا المتن حديث يثبت. 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 464"، وتهذيب الكمال "2/ 988"، وسير أعلام النبلاء "8/ 390"، وتهذيب التهذيب "7/ 373".

وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي الْغَشْيِ عِنْدَ التِّلاوَةِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ: نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُثَنَّى الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَوْمًا: خَيْرُ النَّاسِ الْفُضَيْلُ، وَخَيْرٌ مِنْهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ. وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ: يَا أَبَهْ سَلِ الَّذِي وَهَبَنِي لَكَ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَهَبَنِي لَكَ فِي الآخِرَةِ. ثُمَّ بَكَى الْفُضَيْلُ وَقَالَ: كَانَ يُسَاعِدُنِي عَلَى الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ يَا ثَمَرَةَ قَلْبِي، شَكَرَ اللَّهُ لَكَ مَا قَدْ عَلِمَهُ فِيكَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ فُضَيْلٍ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْرَأَ الْقَارِعَةَ وَلا تُقْرأَ عَلَيْهِ. قُلْتُ: لَهُ فِي النَّسَائِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي التَّسْبِيحِ. 211- عُلَيْلَةُ بْنُ بدر البصري1 -ت. ق. أبو العلاء. قيل: اسمه الربيع، وَعُلَيْلَةُ لَقَبُهُ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَيُّوبَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ. وعنه: علي بن حجر، وداود بن رشيد، وهشام بن عمار، ولوين؛ وإسحاق بن أبي إسرائيل. وحدث عنه من الكبار: عبد الله بن عون. ضعفه قتيبة، وغيره. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه. وروى عباس، عن ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الْمَقْلُوبَاتِ، وعن الضعفاء الموضوعات.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 455"، والتاريخ الكبير "3/ 279"، والمجروحين لابن حبان "1/ 297"، والضعفاء لابن عدي "3/ 988-992".

قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 212- عُمَارَةُ بن حمزة الكاتب1. مولى بني هَاشِمٍ: أَحَدُ الْبُلَغَاءِ وَالْفُصَحَاءِ وَالصُّدُورِ الْكُبَرَاءِ, وَلِيَ وِلايَاتٍ جَلِيلَةً، وَكَانَ جَوَادًا مُمَدَّحًا. تَيَّاهًا2 يُضْرَبُ بِكِبْرِهِ الْمَثَلُ، وَنَاهِيكَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيَّ نُكِبَ مَرَّةً، فَبَعَثَ وَلَدَهُ إِلَى عُمَارَةَ لِكَيْ يُقْرِضَهُ ثَلاثَةَ آلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَعْطَاهُ؛ فَلَمَّا تَرَاجَعَ أَمْرُهُ وَعَادَ إِلَى رُتْبَتِهِ رَدَّ الْمَالَ إِلَى عُمَارَةَ مَعَ ابْنِهِ، فَقَطَّبَ وَقَالَ: أَكُنْتُ صَيْرَفِيًّا لَهُ؟ ثُمَّ قَالَ لِلْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى: اذْهَبْ فَخُذِ الْمَالَ لَكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْحِكَايَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ: وَصَلَ عُمَارَةُ أَبِي بِثَلاثِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ أَبُو الْعَيْنَاءِ: حَكَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ داود أَنَّ قَوْمًا أَتَوْا عُمَارَةَ لِيَشْفَعُوا فِي بِرِّ قَوْمٍ فَاسْتَأْذَنُوا. فَأَخْبَرَهُ بِهِمْ حَاجِبُهُ، فَأَمَرَ لَهُمْ بِمِائَةِ أَلْفٍ. أَخْبَرَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ إِجَازَةً: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا الْقَزَّازُ، أَنَا الْخَطِيبُ، نَا الأَزْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ، نَا الصُّولِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: قَالَ الْفَضْلُ: حَلَّ عَلَى أَبِي خَرَاجُ الأَهْوَازِ لِلرَّشِيدِ ثَلاثَةَ آلافِ أَلْفٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: إِنْ حَمَلْتَ مَا وَجَبَ عَلَيْكَ إِلَى الْعَصْرِ وَإِلا قتلت. فقال لي أبي: يا بني قد ترى ما نحن فيه، والله ما عندي عشرها، فامض إلى عمارة بن حمزة. فمضيت إليه، فسمع كلامي فأعرض ولم يجبني, فانصرفت، فلم أجد إلا وقد سبقني المال, فلما كان بعد ذلك وتحصل المال قَالَ لِي أَبِي: امْضِ إِلَى هَذَا الْكَرِيمِ واحمل المال.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "6/ 183"، وتاريخ بغداد "12/ 280-282"، والكامل في التاريخ "6/ 12، 15". 2 من الكبر.

فَمَضَيْتُ بِهِ وَشَكَرْتُهُ وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَقْبِضَ الْمَالَ, فَقَالَ كَالْمُغْضَبِ: أَتَظُنُّ أَنِّي كُنْتُ قُسْطَارًا لِأَبِيكَ، اذْهَبْ فَهُوَ لَكَ. قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى أبي وعرفته ما جرى فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ، وَاللَّهِ مَا تَسْمَحُ نَفْسِي لَكَ بِالْكُلِّ, وَلَكِنِ خُذْ أَلْفَ أَلْفٍ وَاتْرُكْ أَلْفَيْ أَلْفٍ. 213- عُمَرُ بْنُ رُدَيْحٍ2. عَنْ: عطاء بن مَيْمُونٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُعَلَّى بْنُ الْفَضْلِ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَقَوَّاهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 214- عُمَرُ بْنُ رِيَاحٍ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ الضَّرِيرُ3 -ق. عَنْ: عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. قَالَ الفَلاسِيُّ: هُوَ دَجَّالٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: يُقَالُ لَهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَبْدِيُّ، وَهُوَ مِنْ مَوَالِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طاوُسٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، نَا عُمَرُ بْنُ رِيَاحٍ السَّعْدِيُّ نَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَعَفَ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صلاته"4.

_ 1 من الغضب. 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 108"، والثقات لابن حبان "7/ 158"، والكامل في الضعفاء لابن عدي "5/ 1683". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 108"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 156"، والمجروحين لابن حبان "2/ 86". 4 "إسناده ضعيف جدا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 160"، وفي إسناده عمر بن رياح العبدي متروك.

سَعِيدُ بْنُ أَشْعَثَ: نَا عُمَرُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَبْدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: "اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جِبْرِيلَ فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَأَبَى وَقَالَ: إِنَّكَ أَخَذْتَ بِيَدِ يَهُودِيٍّ, فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَناوَلَهُ يَدَهُ فَأَخَذَ بِهَا"1. 215- عُمَرُ بْنُ شَاكِرٍ الْبَصْرِيُّ2 -ت. عَنْ: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ لَهُ نُسْخَةٌ نَحْوَ عشرين حديثًا منكرًا. وَعَنْهُ: نَضْرُ بْنُ اللَّيْثِ الْبَغْدَادِيُّ، وَعُثْمَانُ الطَّرَائِفِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُ بِنْتِ السُّدِّيِّ وَقَالَ: لَقِيتُهُ بِالْمِصِّيصَةِ. وقد أَدْخَلَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ، فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى نُسْخَةً عِشْرِينَ حَدِيثًا غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ ثُلاثِيٌّ فِي "جَامِعِ أَبِي عِيسَى". 216- عُمَرُ بْنُ صُهْبَانَ الأَسْلَمِيُّ3. شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي طُوَالَةَ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بكر، وأبو قتادة الحراني، وعبد اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ، وَمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ. قَالَ أَحْمَدُ: أَدْرَكْتُهُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: متروك الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث.

_ 1 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 160"، وفي إسناده عمر صاحب الترجمة. 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 115"، والثقات لابن حبان "5/ 151"، والضعفاء لابن عدي "5/ 711"، وتهذيب الكمال "2/ 1012". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "9/ 428"، والجرح والتعديل "6/ 116"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 165".

217- عُمَرُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ1. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ. وَعَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَعَنْ: أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمَصْرِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. قُلْتُ: لَهُ فِي "الأَدَبِ" لِلْبُخَارِيِّ. 218- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّومِيُّ2. بَصْرِيٌّ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ فَقَطْ. وَعَنْهُ: مُوسَى التَّبُوذَكِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَهُوَ صَدُوقٌ. غَلَطَ ابْنُ حِبَّانَ فَلَيَّنَهُ، وَإِنَّمَا اللَّيِّنُ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. 219- عُمَرُ بْنُ مُسَاوِرٍ الْبَصْرِيُّ3. عَنْ: أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَعَنْهُ: مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، وَالْمُحَارِبِيُّ، وَعَفَّانُ، وَالصَّلْتُ الْجَحْدَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَامِعٍ الْعُقَيْلِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: يَرْوِي عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بُورِكَ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا، وَهَذَا مُنْكَرٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: ضعيف.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 117"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 165"، والثقات لابن حبان "8/ 440". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 119"، والتاريخ الكبير "6/ 169، 170"، والمجروحين لابن حبان "2/ 94". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 134"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 198"، وميزان الاعتدال "3/ 223".

220- عُمَرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ1. أَبُو حَفْصٍ الْبَصْرِيُّ، نَزِيلُ الْمِصَّيصَةَ. عَنْ: أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَأَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وعمرو بن دينار قهرمان ابن الزُّبَيْرِ. وَعَنْهُ: بَقيَّةُ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ بِالثَّغْرِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ بِمُفْتِي الْمَسَاكِينِ. لَمْ يُورِدُهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لا أَعْرِفُهُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ فَقِيهًا عالمًا يقدمه أبو إسحاق الفزازي وَغَيْرُهُ لِعِلْمِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. قُلْتُ: هُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. 221- عُمَرُ بْنُ مَيْمُونِ بْنِ بَحْرِ بْنِ الرَّمَّاحِ2 -ت. أبو علي الْفَقِيهِ، قَاضِي بَلْخٍ. رَوَى عَنْ: سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَكَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ الْعَتَكِيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ قاضي نيسابور، وكاتبه ابن سالم البلخي، وسريج بْنُ النُّعْمَانِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَلِيَ قَضَاءَ بَلْخٍ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةٍ، وَكَانَ مَحْمُودًا فِي وِلايَتِهِ، مَذْكُورًا بِالْحِلْمِ وَالْعِلْمِ وَالصَّلاحِ وَالْفَهْمِ، وَقَدْ أَضَرَّ فِي آخِرِ عُمْرِهِ. وَقَالَ أَبُو داود: ثِقَةٌ. مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِينَ ومائة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 136"، والضعفاء للعقيلي "3/ 189". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 137"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 182، 183"، وتهذيب الكمال "2/ 1023".

222- عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ1. أَبُو حَفْصٍ الأَزْدِيُّ قَاضِي الْمَدَائِنِ. عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ، وَعَطَاءٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَبُهْلُولُ بْنُ حَسَّانٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، وَغَيْرُهُمْ، لَمْ يُضَعَّفْ. 223- عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ ثَابِتِ بْنِ هُرْمُزَ الْكُوفِيُّ2. عَنْ: أَبِيهِ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَسِمَاكٍ، وأبي إسحاق السبعي. وعنه: عمرو بن محمد العنقزي، وَأَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وَسَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ. وَكَانَ شِيعِيًّا مُتَغَالِيًا3، تَرَكَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ هَنَّادٌ: لَمَّا مَاتَ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: "لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَفَرَ النَّاسُ إِلا خَمْسَةٌ". وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكُتُبِ إِلا عَلَى سَبِيلِ الاعْتِبَارِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لا تُحَدِّثُوا عَنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يَسُبُّ السَّلَفَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَرَوَى عَبَّاسُ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلا مَأْمُونٍ. وَقَالَ أَبُو زرعة، وأبو حاتم: ضعيف.

_ 1 انظر ميزان الاعتدال "3/ 231". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 223"، والتاريخ الكبير "6/ 319"، وتاريخ الطبري "4/ 334"، وتهذيب الكمال "2/ 1027". 3 شديد التعصب.

- عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ. هُوَ سِيبَوَيْهِ, مَرَّ. 224- عَمْرُو بن واقد1 -ت. ق. أبو حفص القرشي، مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وَيُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَعُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مُحَدِّثًا شَاعِرًا أَدِيبًا. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. هِشَامٌ: نَا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ، نَا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ كِتَابُ الله"2. 225- عمرو بن يحيى بن سعيد الأَشْدَقِ وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ3 -خ. ق. أبو أمية الأموي السعيدي المكي. عَنْ: جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَذَلِكَ فِي "الصَّحِيحِ". رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ، وموسى التبوذكي، وسويد بن سعيد،

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 267"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 379"، والمجروحين لابن حبان "2/ 77"، وتهذيب الكمال "2/ 1054". 2 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 293"، وفي إسناده صاحب الترجمة، انظر كلام العلماء عليه. 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 269"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 382"، وتهذيب الكمال "2/ 1055".

وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَدَنِيُّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. 226- عِمْرَانُ بْنُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيُّ1. بَصْرِيٌّ جَلِيلٌ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَثَابِتٍ. وعنه: معلى بن هلال، وبشر بن معاذ العقدي، وعمر بن يزيد السياري، وغيرهم. ضعفه أبو حاتم، وغيره. قال ابن حبان: روى العجائب، لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ. قُلْتُ: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ سَلْمَانَ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ فَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ دَخَلَ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً إِكْرَامًا لَهُ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى تُغْفَرَ ذُنُوبُهُمَا"2. 227- عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ3. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانُ، وَغَيْرُهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: مَا سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ عَنْبَسَةَ الْقَطَّانِ. قُلْتُ: وَيَرْوِي عَنْبَسَةُ هَذَا أَيْضًا عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ، وَعِدَادُهُ فِي الْبَصْرِيِّينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخٌ لِأَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانِ أَشْعَثُ بْنُ سَعِيدٍ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ ابن أخيه سعيد بن أشعث.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 297"، والمجروحين لابن حبان "2/ 124، 125"، وميزان الاعتدال "3/ 239". 2 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 124، 125"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 399"، والمجروحين لابن حبان "2/ 178"، وتهذيب الكمال "3/ 1063"، وميزان الاعتدال "3/ 299".

قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ ذَاكَ الْمَجْنُونُ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ صُبَيْحٍ: ثَنَا عَنْبَسَةُ أَخُو أَبِي الرَّبِيعِ، السَّمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَاهُ يَهُودِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْرِضْ عَلَيَّ الإِسْلامَ. فَعَرَضَ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ أُصِيبَ فِي عَيْنِهِ وَأُصِيبَ فِي بَعْضِ وَلَدِهِ، فَرَجَعَ إِلَى رسول الله، فَقَالَ: أَقِلْنِي. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الإِسْلامَ لا يُقَالُ، إِنْ رَجَعْتَ ضَرَبْتُ عُنُقَكَ"1 ... الْحَدِيثَ. عَنْبَسَةُ أَخُو أَبِي الرَّبِيعِ، ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا، هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "قَتْلُ الصَّبْرِ لا يَمُرُّ بِذَنْبٍ إِلا مَحَاهُ"2. قَالَ: وَرَوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "الزَّنْجِيُّ إِذَا جَاعَ سَرَقَ، وَإِذَا شَبِعَ زَنَى، أَمَا إِنَّ فِيهِمْ سَمَاحَةً وَنَجْدَةً"3. وَنَهَى عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْ جِذَاذِ النَّخْلِ بِاللَّيْلِ4. 228- عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ الأُمَوِيُّ5 -ت. ق. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ المنكر، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَأَبَانِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَداود بْنُ الْمُحَبَّرِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنِ غِيَاثٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ.

_ 1 "إسناده ضعيف": أخرجه العقيلي "3/ 368"، وفي إسناده صاحب الترجمة، وله طريق آخر عن جابر عند البخاري "1883"، ومسلم "1383"، بنحوه. 2 "حديث ضعيف جدًّا": أخرجه ابن حبان في المجروحين "3/ 178"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 3 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 178"، وابن عدي في الضعفاء "5/ 1904"، وانظر ما تقدم. 4 انظر المجروحين لابن حبان "2/ 178". 5 انظر الجرح والتعديل "6/ 402، 403"، والتاريخ الكبير "7/ 39"، والمجروحين لابن حبان "2/ 178-180".

وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَالنَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَوَى عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، صَاحِبُ أَشْيَاءَ مَوْضُوعَةٍ، لا يَحِلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ. رَوَى ابْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّ سَعْدٍ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيَّاكُمْ وَتَشْبِيكَ الأَصَابِعِ فِي الصَّلاةِ، فَإِنَّهُ يُورِثُ النِّسْيَانَ"1. الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا وَقَعَتْ كَبِيرَةٌ، أَوْ هَاجَتْ رِيحٌ مُظْلِمَةٌ فَعَلَيْكُمْ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنَّهُ يَجْلُو الْعَجَاجَ الأَسْوَدَ"2. الْوَلِيدُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ أَنَسِ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مُرُوا نِسَائَكُمْ بِالْغَزْلِ فَإِنَّهُ أَزْيَنَ لهن وخير"3. 299- عَنْبَسَةُ بْنُ نَجَّادٍ الْعَابِدُ. عَنْ: جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. فِيهِ تَشَيُّعٌ. 230- عَوْنُ بْنُ مُوسَى اللَّيْثِيُّ الْبَصْرِيُّ4. أَبُو رَوْحٍ. عَنِ: الْحَسَنِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَغَيْرُهُمْ. مَسْتُورٌ.

_ 1 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 179"، وفي إسناده صاحب الترجمة بل جعله ابن حبان من مناكيره. 2 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 179"، وانظر ما تقدم. 3 "إسناده ضعيف جدًّا": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 179"، وانظر ما تقدم. 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 386"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 17"، والثقات لابن حبان "7/ 280".

231- عِيسَى بْنُ دَابٍ1. هُوَ أَبُو الْوَلِيدِ عِيسَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ بَكْرِ بْنِ دَابٍ الْمَدِينِيُّ، سَكَنَ بَغْدَادَ وَحَظِيَ عِنْدَ الْهَادِي إِلَى الْغَايَةِ، حَتَّى إِنَّهُ أَمَرَ لَهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بثلاثين ألف دينار. وحدث عن: شَبَّابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَحَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ، وَمُحَمَّدُ سلام الجمحي، وغيرهم. وكان إخباريًّا، علامة، راوية عَنِ الْعَرَبِ، نَسَّابَةً، نَدِيمًا، وَلَكِنَّ أَحَادِيثَهُ سَاقِطَةٌ. قَالَ خَلِيفَةُ الأَحْمَرُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ قَبْلَ مَالِكٍ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَنْشَدَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ لابْنِ مَنَاذِرَ: وَمَنْ يَبْغِ الْوَصَاةَ فَإِنَّ عِنْدِي وَصَاةً لِلْكُهُولِ وَلِلشَّبَابِ خُذُوا عَنْ مَالِكٍ وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَلا تَرْوُوا أَحَادِيثَ ابْنِ دَابٍ 232- عِيسَى بْنُ وَرْدَانَ الْمَدَنِيُّ الْحَذَّاءُ الْمُقْرِئُ الْمُجَوِّدُ2. أَبُو الْحَارِثِ. قَرَأَ عَلَى: "أَبِي جَعْفَرٍ" يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، وَشَيْبَةَ بْنِ نَصَاحٍ. ثُمَّ عَرَضَ عَلَى نَافِعٍ، وَهُوَ مِنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ. قرأ عليه: إسماعيل بن جعفر، والواقدي، وقالوا: أَنَّ غَيْرَهُمْ. "حرف الْغَيْنِ": 223- غَسَّانُ بْنُ بُرْزَيْنِ الطهوي المصري3 -ق. أبو المقدام.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 291"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 402"، والثقات لابن حبان "7/ 236". 2 انظر غاية النهاية لابن الجزري "1/ 616". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 50"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 107"، والثقات لابن حبان "7/ 312"، وتهذيب الكمال "2/ 1089".

عَنْ: أَبِي الْمِنْهَالِ سَيَّارِ بْنِ سَلامَةَ الرِّيَاحِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَمُسَدَّدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَرَوَى لَهُ ابْنُ مَاجَهْ حَدِيثًا وَاحِدًا. "حرف الْفَاءِ": 234- فُرَاتُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ الْقُرَشِيُّ1. بَصْرِيٌّ، لَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الضَّعْفُ عَلَى رِوَايَاتِهِ بَيِّنٌ. 235- فَرَجُ بن فضالة التنوخي الحمصي2 -د. ت. ق. وقيل: الدمشقي. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْيَحْصُبِيِّ، وَالْعَلاءِ بْنِ الْحَارِثِ، وَلُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، وَرَبَيْعَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: آدَمُ، وَقُتَيْبَةُ، وَلُوَيْنُ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَخَلْقٌ. وَوَلِيَ بَيْتَ الْمَالِ بِبَغْدَادَ مُدَّةً. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ لا يُحْتَجُّ بِهِ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 80"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 129، 130"، والثقات لابن حبان "7/ 321". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 327"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 134"، والجرح والتعديل "7/ 85، 86"، والمجروحين لابن حبان "2/ 206، 207".

وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وابن عجي، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْمَدِينِيُّ: مَرَّ الْمَنْصُورُ بِفَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ فَلَمْ يَقُمْ لَهُ، فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: خِفْتُ أَنْ يَسْأَلَنِي اللَّهُ لِمَ قُمْتَ وَيَسْأَلَهُ لِمَ رَضِيتَ؟ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ شَامِيًّا أَثْبَتَ مِنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، وَأَنَا اسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا حَدَّثَ فَرَجٌ عَنِ الشَّامِيِّينَ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَكِنْ حَدَّثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِمَنَاكِيرَ. قُلْتُ: مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثمان وثمانين في عصر بقايا الصحابة. ومات سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ أَعْجَبُ إليَّ مِنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، فَرَجٌ ضَعِيفٌ وَأَيْشِ عِنْدَهُ؟ 236- فَرَجُ بْنُ يَزِيدَ1. أَبُو شَيْبَةَ الْكَلاعِيُّ الشَّامِيُّ. عَنْ: يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، وَمُدْرِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلاعِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَيَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَعُتْبَةُ بْنُ السَّكَنِ. مَسْتُورٌ. 237- فَضَالَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الشَّحَّامُ2. شَيْخٌ مُعَمِّرٌ. رَوَى عَنْ: طَاوُسٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءِ بْنِ أبي رباح.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 86"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 134"، والثقات لابن حبان "7/ 325". 2 انظر الجرح التعديل "7/ 78"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 126"، والمجروحين لابن حبان "2/ 205".

وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا الْفَرَّاءُ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلاسُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَلَيَّنَهُ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ. 238- الْفَضْلُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُطَّلِبِ1. أَبُو الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ، الأَمِيرُ نَائِبُ دِمَشْقَ، وَلِيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ، ثُمَّ وَلِيَ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ لِلْمَهْدِيِّ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَرَّخَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: حَجَّ بِالنَّاسِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ قَالَ: أَدْرَكْتُ الْفَضْلَ بْنَ صَالِحٍ الْعَبَّاسِيَّ وَهُوَ مُتَوَلِّي دِمَشْقَ، وَهُوَ الَّذِي عَمِلَ أَبْوَابَ الْجَامِعِ وَالْقُبَّةَ الَّتِي فِي الصَّحْنِ، وَتُعْرَفُ بِقُبَّةِ الْمَالِ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ قَدْ جَاوَزَ الْمِائَةَ. أَبُو مُسْهِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ صَالِحٍ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ فِي دَمِ قَتِيلٍ، فَأَبَى وَقَالَ: سَلَمَةُ بْنُ عَمْرٍو يَأْخُذُ الرِّزْقَ، وَأَنَا أَنْظُرُ فِي الدِّمَاءِ؟ فَقَالَ الْفَضْلُ: صَدَقَ. قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: مَاتَ الْفَضْلُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 239- الْفَضْلُ بْنُ الْمُخْتَارِ2. أَبُو سَهْلٍ الْمِصْرِيُّ، وَاهٍ. عَنْ: عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبٍ، وَأَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَالصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. وَعَنْهُ: خَالِدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الْمَهْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، وَإِدْرِيسُ بن يحيى، وسعيد بن عفير، وآخرون.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "7/ 191"، والكامل في التاريخ "5/ 249". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 69"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2040-2042"، وميزان الاعتدال "3/ 358، 359".

أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ أَحَادِيثَ وَقَالَ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ مِمَّا لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُحَدِّثُ بِالأَبَاطِيلِ. "حرف الْقَافِ": 240- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حفص بن عاصم العدوي العمري1 -ق- المدني، أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. رَوَى عَنْ: عَمِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي طُوَالَةَ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَجَمَاعَةٌ. كَذَّبَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: سَكَتُوا عَنْهُ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ، نَا الْقَاسِمُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ أَرْبَعِينَ قُلَةً لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ"2. وَهَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَوْلَهُ، وَرَوَاهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، قوله. 241- القاسم بن معن3 -د. ن. قاضي الكوفة وَعَالِمُ زَمَانِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ الْمَسْعُودِيُّ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ. أَخُو أبي عبيدة بن معن.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 423"، والجرح والتعديل "7/ 111، 112"، والمجروحين لابن حبان "2/ 212"، وتهذيب الكمال "2/ 1111". 2 "إسناده ضعيف بل موضوع": أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 473"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 384"، والجرح والتعديل "7/ 120، 121"، والثقات لابن حبان "7/ 339".

روى عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، وَأَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَالْمُعَافَى الرَّسْتَنِيُّ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ ثِقَةٌ، صَاحِبُ عَرَبِيَّةٍ وَشِعْرٍ، وَكَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ، وَلا يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ رزقاً؛ قال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، كَانَ أَرْوَى النَّاسِ لِلْحَدِيثِ وَالشِّعْرِ، وَأَعْلَمَهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفِقْهِ. وَقَالَ بَعْضُ الأَئِمَّةِ: كَانَ يُقَالُ لَهُ شَعْبِيُّ زَمَانِهِ لِسَعَةِ عِلْمِهِ. أَخَذَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَعْرَابِيُّ، وَوَلِيَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ لِلْمَهْدِيِّ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ تَلامِذَةِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الفقه. وكان عَفِيفًا صَارِمًا مَهِيبًا. تُوُفِّيَ الْقَاسِمُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقَدْ شَاخَ. 242- قَحْذَمُ الأَزْدِيُّ الْجَرْمِيُّ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَمَكْحُولٍ، وَسَالِمِ بن عبد الله. وعنه: وَلَدُهُ أَبُو داود الْمُحَبِّرُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَقَدْ وَفَدَ رَسُولا مِنْ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ أَمِيرِ الْعِرَاقِ عَلَى الْخَلِيفَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَهُوَ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْسًا. 243- قَزْعَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ حُجَيْرٍ الْبَاهِلِيُّ2 -ت. ق. شَيْخٌ بصري.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 149"، وتاريخ الطبري "3/ 250"، والثقات لابن حبان "7/ 345". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 139، 140"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 192"، والمجروحين لابن حبان "2/ 35، 216".

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، ومحمد بن المنكدر، وحميد بن قيس الأعرج، وجماعة. وعنه: عاصم بن علي، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وقتيبة، ومسدد، ولوين، وآخرون. ضعفه أبو داود، وقال البخاري: ليس بذاك القوي. وعن ابن معين فيه قولان، ومشاه ابن عدي، وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجُّ بِهِ. "حرف الْكَافِ": 244- كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1. أَبُو هَاشِمٍ الأُبُلِّيُّ الْبَصْرِيُّ. يَرْوِي عَنْ أَنَسٍ؛ وَعَنْهُ: أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَبِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَمَخْلَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ شَيْخٌ لابْنِ خُزَيْمَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ شِبْهُ الْمَتْرُوكِ. وَقَدْ وَهَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَرَمَاهُ بِالْكَذِبِ، وَقَالَ: هُوَ ابْنُ سُلَيْمٍ. أَعَدْتُهُ لِأَجْلِ تَأَخُّرِ مَوْتِهِ. 245- كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ2. هُوَ كَثِيرُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَقِيلَ هُوَ كَثِيرُ بْنُ حَبِيبٍ اللَّيْثِيُّ الْيَشْكُرِيُّ. رَوَى عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيِّ، وَالصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ المديني.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 154"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 218"، والمجروحين لابن حبان "2/ 223، 224". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 154"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 217"، والثقات لابن حبان "7/ 354".

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ لِأَجْلِ حَدِيثٍ اسْتَنْكَرَهُ لَهُ. "حرف اللامِ": 246- اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ1. شَيْخُ إِقْلِيمِ مِصْرَ وَعَالِمِهِ أَبُو الْحَارِثِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَهْمِيُّ، مَوْلاهُمُ الإِصْبَهَانِيُّ الأَصْلُ الْمِصْرِيُّ، أَحَدُ الأَعْلامِ. سَمِعَهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ يَقُولُ: وُلِدْتُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ فِي شَعْبانَ. قُلْتُ: حَجَّ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فَلَقِيَ: عطاءً، ونافعًا، وابن أبي مليكة، وسعيد الْمَقْبُرِيَّ، وَأَبَا الزُّبَيْرِ، وَابْنَ شِهَابٍ فَأَكْثَرَ عَنْهُمْ؛ وَعَنْ: مِشْرَحَ بْنَ هَاعَانَ، وَأَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَبُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَجَعْفَرِ بْنِ رَبَيْعَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَدَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، وَالْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، وَبَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، وَالْجُلاحِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ، وَخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، وَخَيْرِ بْنِ نُعَيْمٍ، وَصَفْوَانَ "بْنِ سُلَيْمٍ"، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَتَادَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَيَحْيَى بْنِ سعيد، ويزيد بن الهاد، وآخرين. حَتَّى أَنَّهُ رَوَى عَنْ كَاتِبِهِ أَبِي صَالِحٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَجْلانَ، وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ، وابن لهيعة، وابن المبارك، وابن وهب، وشبانة، وَحُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وآدم بْن أبي إياس، وأحمد بن يونس، وَوَلَدُهُ شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ويحيى بن يحيى الليثي المغربي، ويحيى ين يَحْيَى التَّمِيمِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ، وَأَبُو الْجَهْمِ الْعَلاءُ الْبَاهِلِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، وَيَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، وَعِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. وَكَانَ كَبِيرَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَرَئِيسَهَا وَمُحْتَشِمَهَا وَعَالِمَهَا، وَأَمِيرَ مَنْ بِهَا في عصره، بحيث إن القاضي والنائب من تحت أمره ومشورته.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 517"، والجرح والتعديل "7/ 179"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 246، 247"، والثقات لابن حبان "7/ 360".

وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَتَأَسَّفُ عَلَى فَوَاتِ لُقِيِّهِ. رَوَى جَمَاعَةٌ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا" 1 ... الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ اللَّيْثِ: قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا اللَّيْثُ فَكَانَ يُجَالِسُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُنَا فَعَرَضُوا عَلَيْهِ، فَلَمْ أَرَ أَخْذَهَا عَرْضًا حَتَّى قَدِمْتُ إِلَى مَالِكٍ. قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: وَحَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ عَنْهُ قَالَ: كَانَ يَقُولُ لَنَا بَعْضُ أَهْلِي وُلِدْتُ فِي شَعْبَانَ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ، وَالَّذِي أَوْقِنُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مِنَ ابْنِ شِهَابٍ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةٍ. وَقَالَ ابن زغبة، عَنِ اللَّيْثِ قَالَ: أَصْلُنَا مِنْ إِصْبَهَانَ، فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا، قَالَ: حَجَجْتُ أَنَا وَابْنُ لَهِيعَةَ، فَلَمَّا صِرْتُ بِمَكَّةَ رَأَيْتُ نَافِعًا فَأَقْعَدْتُهُ فِي دُكَّانِ عَلافٍ، فَمَرَّ بِيَ ابْنُ لَهِيعَةَ فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ قُلْتُ: مَوْلًى لَنَا. فَلَمَّا أَتَيْتُ مِصْرَ قُلْتُ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، فَوَثَبَ إِلَيَّ ابْنُ لَهِيعَةَ وَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! فَقُلْتُ: أَلَمْ تَرَ رَجُلا مَعِيَ فِي دُكَّانِ الْعَلافِ؟ ذَاكَ نَافِعٌ. قَالَ: فَحَجَّ ابْنُ لَهِيعَةَ مِنْ قَابِلٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ مَاتَ. وَقَدِمَ الأَعْرَجُ يُرِيدُ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَرَآهُ ابْنُ لَهِيعَةَ فَأَخَذَهُ، فَمَا زَالَ عِنْدَهُ يحدثه حتى هيأ له سفينة وأحضره إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، وَقَعَدَ يَرْوِي عَنْهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. فَقُلْتُ: مَتَى رَأَيْتَ الأَعْرَجَ؟ فَقَالَ: إِنْ أَرَدْتَهُ فَهُوَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ اللَّيْثُ فَوَجَدَهُ قَدْ مَاتَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ صلَّى عَلَيْهِ. قُلْتُ: هَذِهِ بِهَذِهِ جَزَاءً وِفَاقًا. قَالَ الْفَسَوِيُّ: قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ اللَّيْثَ يَقُولُ: كَتَبْتُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عِلْمًا كَثِيرًا، وَطَلَبْتُ رُكُوبَ الْبَرِيدِ إِلَيْهِ إِلَى الرَّصَافَةِ، فَخِفْتُ أَنْ لا يكون ذلك لله فتركته.

_ 1 "حديث صحيح متواتر": أخرجه البخاري "1/ 179، 180"، ومسلم "3"، والترمذي "2661"، وابن ماجه "32"، والدارمي "1/ 76"، وأحمد "3/ 98".

قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى نَافِعٍ فَسَأَلَنِي، فَقُلْتُ: أَنَا مِصْرِيٌّ. فَقَالَ: مِمَّنْ؟ قُلْتُ: مِنْ قَيْسٍ! فَقَالَ: ابْنُ كَمْ؟ قُلْتُ: ابْنُ عِشْرِينَ. قَالَ: أَمَّا لِحْيَتُكَ فَلِحْيَةُ ابْنُ أَرْبَعِينَ. عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: كُلُّ مَا فِي كُتُبِ مَالِكٍ: "أَخْبَرَنِي مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ"، فَهُوَ: اللَّيْثُ. قَالَ الْفَلاسُ: سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: لَمْ أَرَ مِثْلَ اللَّيْثِ وَلا أَكْحَلَ مِنْهُ، كَانَ فَقِيهَ الْبَدَنِ، عَرَبِيَّ اللِّسَانِ، يُحْسِنُ الْقُرْآنَ وَالنَّحْوَ، وَيَحْفَظُ الشِّعْرَ وَالْحَدِيثَ، حَسَنُ الْمُذَاكَرَةِ. قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ يَعْقُوبَ وَزِيرِ الْمَهْدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا قَدِمَ اللَّيْثُ الْعِرَاقَ: الْزَمْ هَذَا الشَّيْخَ، أَوْ قَالَ: أَكْرِمْ، فَقَدْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحدٌ أَعْلَمَ بِمَا حَمَلَ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: كُنْتُ مَعَ اللَّيْثِ لَمَّا خَرَجَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مِنْ فَوْقِ عَلِيَّةٍ وَالْكِتَابُ بِيَدِي، فَإِذَا فرغ منه رميت به إليهم فينسخونه. وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لِلَّيْثِ: أَمْتَعَ اللَّهُ بِكَ، إِنَّا نَسْمَعُ مِنْكَ الْحَدِيثَ لَيْسَ فِي كُتُبِكَ! فَقَالَ: أَكُلُّ مَا فِي صَدْرِي فِي كُتُبِي؟ لَوْ كَتَبْتُ مَا فِي صَدْرِي مَا وَسِعَهُ هَذَا الْمَرْكَبُ. رَوَاهَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَهَا. ابْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: قَالَ اللَّيْثُ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ مَعَ الْحُجَّاجِ، وَهِيَ كَثِيرَةُ السَّرْقِينَ، فَكُنْتُ أَلْبَسُ خُفَّيْنِ، فإذا بلغت باب المسجد نزعت أحدهما وَدَخَلْتُ، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ: لا تَفْعَلْ هَذَا فَإِنَّكَ إِمَامٌ مَنْظُورٌ إِلَيْكَ. قَوْلُهُ: أَلْبَسُ خُفَّيْنِ، يُرِيدُ خُفًّا فَوْقَ خُفٍّ. قَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: نَا يَحْيَى قَالَ: هَذِهِ رِسَالَةُ مَالِكٍ إِلَى اللَّيْثِ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ فَذَكَرَهَا؛ فِيهَا: وَأَنْتَ فِي إِمَامَتِكَ وَفَضْلِكَ وَمَنْزِلَتِكَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِكَ، وَحَاجَةِ مَنْ

قِبَلِكَ إِلَيْكَ، وَاعْتِمَادِهِمْ عَلَى مَا جَاءَهُمْ مِنْكَ. أَحْمَدُ بْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: اللَّيْثُ أَفْقَهُ مِنْ مَالِكٍ، إِلا أَنَّ أَصْحَابَهُ لَمْ يَقُومُوا بِهِ. أَبُو زُرْعَةَ، سَمِعَ ابْنَ بُكَيْرٍ يَقُولُ: اللَّيْثُ أَفْقَهُ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنْ كَانَتِ الْحَظْوَةُ لِمَالِكٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: سَمِعْنَا ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: لَوْلا مَالِكٌ وَاللَّيْثُ لَضَلَلْنَا. وَقَالَ حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: اللَّيْثُ أَتْبَعُ لِلأَثَرِ مِنْ مَالِكٍ قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: كَيْفَ حَدِيثُهُ عَنْ نَافِعٍ؟ قَالَ: صَالِحٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى: اللَّيْثُ أَرْفَعُ عِنْدِي مِنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: مَا فِي الْمِصْرِيِّينَ أَثْبَتَ مِنَ اللَّيْثِ، لا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَلا أَحَدٌ. رَأَيْتُ لِعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ مَنَاكِيرَ. وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يَقُولُ: أَصَحُّ النَّاسِ حَدِيثًا عَنِ الْمَقْبُرِيِّ لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، يَفْصِلُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، هُوَ ثَبْتٌ فِي حَدِيثِهِ جِدًّا. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: اللَّيْثُ ثَبْتٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ "د": حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: اللَّيْثُ ثِقَةٌ، وَلَكِنْ فِي أَخْذِهِ سُهُولَةٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا وَدَّعْتُ الْمَنْصُورَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ: أَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ شِدَّةِ عَقْلِكَ، فَالْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي رَعِيَّتِي مِثْلَكَ. فَكَانَ أَبِي يَقُولُ: لا تُخْبِرُوا بِهَذَا مَا عِشْتُ.

قَالَ قُتَيْبَةُ: كَانَ اللَّيْثُ أَكْبَرَ مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَلَكِنْ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِمَا قُلْتَ: ذَا ابْنُ ذَا. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ: كَانَ أَهْلُ مِصْرَ يَنْتَقِصُونَ عُثْمَانَ حَتَّى نَشَأَ فِيهِمُ الليث فَحَدَّثَهُمْ بِفَضَائِلِهِ، فَكَفُّوا عَنْ ذَلِكَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: قَالَ لِي اللَّيْثُ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ: تَلِي لِيَ مِصْرَ؟ قُلْتُ: لا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِنِّي أَضْعَفُ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنِّي رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي. فَقَالَ: مَا بِكَ مِنْ ضَعْفٍ مَعِي، وَلَكِنْ ضَعُفَتْ نِيَّتُكَ، أَتُرِيدُ قُوَّةً أَقْوَى مِنِّي؟ فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتَ فَدُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ أُقَلِّدُهُ مِصْرَ. قُلْتُ: عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْجُذَامِيُّ، رَجُلٌ لَهُ صَلاحٌ وَلَهُ عَشِيرَةٌ. قَالَ: فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَعَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لا يكلم الليث "بعدها". قَالَ صَالِحٌ لِعَمْرٍو: لا أَدَعُ اللَّيْثَ حَتَّى يَتَوَلَّى لِي. فَقَالَ عَمْرٌو: لا يَفْعَلُ. فَقَالَ: لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ. فَجَاءَهُ عَمْرٌو فَحَذَّرَهُ، فَوَلاهُ الْعَطَاءَ، وَوَلِيَ الْجَزِيرَةَ أَيَّامَ أَبِي جَعْفَرٍ، وَوَلِيَ الدِّيوَانَ أَيَّامَ الْمَهْدِيِّ. قُتَيْبَةُ قَالَ: قَفَلْنَا مَعَ اللَّيْثِ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَمَعَهُ ثَلاثُ سُفُنٍ: سَفِينَةٌ فِيهَا مَطْبَخُهُ، وَسَفِينَةٌ فِيهَا عِيَالُهُ، وَسَفِينَةٌ فِيهَا أَضْيَافُهُ، وَصَلَّى بِنَا فَجَهَرَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَسَلَّمَ وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَكَانَ ابْنُهُ شُعَيْبٌ إِمَامَهُ، فَحُمَّ لَيْلَةً فَصَلَّى بِنَا اللَّيْثُ. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ أَبُو عِلاثَةَ الْمُفَرِّضُ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْغَافِقِيُّ: سَمِعْتُ أَشْهَبَ يَقُولُ: كَانَ اللَّيْثُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَةُ مَجَالِسٍ، أَحَدُهَا لِنَائِبَةِ السُّلْطَانِ وَحَوَائِجِهِ، وَكَانَ اللَّيْثُ تَغْشَاهُ الدَّوْلَةُ، فَإِذَا أَنْكَرَ مِنَ الْقَاضِي أَمْرًا، أَوْ مِنَ السُّلْطَانِ، كَتَبَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَجْلِسٌ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَمَجْلِسٌ لِلْمَسَائِلِ يَغْشَاهُ النَّاسُ

فَيَسْأَلُونَهُ، وَمَجْلِسٌ لِحَوَائِجِ النَّاسِ لا يَسْأَلُهُ أَحَدٌ فَيَرُدُّهُ، كَبُرَتْ حَاجَتُهُ أَوْ صَغُرَتْ، وَكَانَ يُطْعِمُ النَّاسَ فِي الشِّتَاءِ الْهَرَايِسَ بِعَسَلِ النَّحْلِ وَالسَّمْنِ، وَفِي الصَّيْفِ سَوِيقَ اللَّوْزِ بِالسُّكَّرِ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِيرِيُّ: نَا أَبِي: سمعت محمد بن معاوية يقول، وَمَا عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ إِلَى عشرين ألف، وَقَالَ سُلَيْمَانُ: خَرَجَ عَلَيْنَا شُعْبَةُ يَوْمًا، فَقَوَّمُوا حِمَارَهُ وَسَرْجَهُ1 وَلِجَامَهُ2 ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا إِلَى عِشْرِينَ. قَالَ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ: كُنَّا عِنْدَ اللَّيْثِ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مَعَهَا قَدَحٌ فَقَالَتْ، يَا أَبَا الْحَارِثِ إِنَّ زَوْجِي يَشْتَكِي، وَقَدْ وُصِفَ لَهُ الْعَسَلَ، فَأَمَرَ لَهَا بِزِقِّ3 عَسَلٍ كَبِيرٍ، رَوَاهَا أَبُو صَالِحٍ، وَزَادَ فَقَالَ: سَأَلَتْ عَلَى قَدْرِهَا، وَأَعْطَيْنَا عَلَى قَدْرِنَا. أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّسَائِيُّ، نَا قُتَيْبَةُ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ اللَّيْثِ يقول: خرجت مع أبي حاجًّا، فقدم إلى الْمَدِينَةَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ مَالِكٌ بِطَبَقِ رُطَبٍ، فَجَعَلَ أَبِي عَلَى الطَّبَقِ أَلْفَ دِينَارٍ وَرَدَّهُ إِلَيْهِ. وَسَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ نَوْبَةً سُكُرُّجَةَ عَسَلٍ، فَأَمَرَ لَهَا بِزِقٍّ. وَكَانَ أَبِي لَيَشْتَغِلُ فِي السَّنَةِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ، فَمَا يَحُولُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ إِلا عَلَيْهِ خَمْسَةُ آلافِ دِينَارِ دَيْنٌ. أَبُو داود قَالَ: قَالَ قُتَيْبَةُ: كَانَ اللَّيْثُ يَشْتَغِلُ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي الْعَامِ، مَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ قَطُّ. وَأَعْطَى ابْنَ لَهِيعَةَ وَمَالِكًا وَمَنْصُورَ بْنَ عَمَّارٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ أَلْفَ دِينَارٍ. وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: كُنَّا عَلَى بَابِ مَالِكٍ، فَامْتَنَعَ عَنِ الْحَدِيثِ، فَقُلْتُ: مَا يُشْبِهُ هَذَا صَاحِبُنَا. فَسَمِعَهَا "مَالِكٌ" فَقَالَ: مَنْ صَاحِبُكُمْ؟ قلنا: الليث.

_ 1 أي: رحل الدابة. 2 أداة من حديد توضع في فم الركوبة. 3 الزق وعاء من جلد يجز شعره يتخذ للماء والشراب وغيره.

فَقَالَ: تُشَبِّهُونَا بِرَجُلٍ كَتَبْنَا إِلَيْهِ فِي قَلِيلِ عصفر ثياب يَصْبِغُ ثِيَابَ صِبْيَانِنَا، فَأَنْفَذَ مِنْهُ مَا بِعْنَا فَضْلَتَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ. عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ: سَمِعْتُ أَسَدَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ يَطْلُبُ بَنِي أُمَيَّةَ يَقْتُلُهُمْ، فَدَخَلْتُ مِصْرَ فِي هَيْئَةٍ رَثَّةٍ، فَدَخَلْتُ عَلَى اللَّيْثِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ مَجْلِسِهِ تَبِعَنِي خَادِمٌ لَهُ فَدَفَعَ إِلَيَّ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، وَكَانَ فِي حَوْزَتِي هَمْيَانٌ فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ، فَأَخْرَجْتُ الْهَمْيَانَ وَقُلْتُ: أَنَا عَنْهَا غَنِيٌّ، اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى الشَّيْخِ. فَاسْتَأْذَنَ فَدَخَلْتُ، وَأَخْبَرْتُهُ نَسَبِي، وَاعْتَذَرْتُ مِنْ رَدِّهَا، فَقَالَ: هِيَ صِلَةٌ. فَقُلْتُ: أَكْرَهُ أَنْ أُعَوِّدَ نَفْسِيَ. فَقَالَ: ادْفَعْهَا إِلَى مَنْ تَرَى مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. قَالَ قُتَيْبَةُ: كَانَ اللَّيْثُ يَرْكَبُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ إِلَى الْجَامِعِ، وَيَتَصَدَّقُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى ثَلاثِمِائَةِ مِسْكِينٍ. وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ: نَا إِسْحَاقُ الرَّمْلِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ: كَانَ دَخْلُ اللَّيْثِ فِي السَّنَةِ ثَمَانِينَ أَلْفِ دِينَارٍ، مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ زَكَاةَ دِرْهَمٍ قَطُّ. قَالَ سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ: نَا أَبِي قَالَ: دَخَلَتْ عَلَى اللَّيْثِ خَلْوَةً، فَاسْتَخْرَجَ مِنْ تَحْتِهِ كِيسًا فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ وَقَالَ: يَا أَبَا السَّرِيِّ لا تُعْلِمْ بِهَا ابْنِي فَتَهُونُ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: صَحِبْتُ اللَّيْثَ عِشْرِينَ سَنَةً، لا يَتَغَدَّى وَلا يتعشى إلا مع الناس، وكان لا يأكل إلا لحم، إلا أن يمرض، وسمعته يقول: قال الرَّشِيدُ لَمَّا قَدِمتُ عَلَيْهِ: مَا صَلاحُ بَلَدِكُمْ؟ قُلْتُ: بِإِجْرَاءِ النِّيلِ، وَبِصَلاحِ أَمِيرِهَا، وَمِنْ رَأْسِ الْعَيْنِ يَأْتِي الْكَدَرُ، فَإِنْ صَفَتِ الْعَيْنُ صَفَتِ السَّوَاقِي. قَالَ: صَدَقْتَ يَا أَبَا الْحَارِثِ. وَعَنِ ابْنِ وَزِيرٍ قَالَ: قَدْ وَلِيَ اللَّيْثُ الْجَزِيرَةَ، وَكَانَ أُمَرَاءُ مِصْرَ لا يَقْطَعُونَ أَمْرًا إِلا بِمَشُورَتِهِ، فَقَالَ أَبُو الْمَسْعَدِ وَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْمَنْصُورِ. لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدِي ... نَصَائِحُ حُكْتُهَا فِي السِّرِّ وَحْدِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَلافَ مِصْرًا ... فَإِنَّ أَمِيرَهَا لَيْثُ بْنُ سَعْدِ وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا كِتَابُ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ إِلَى حَوْثَرَةَ، وَالِي مِصْرَ:

إِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ أَعْرَابِيًّا بَدَوِيًّا فَصِيحًا، مِنْ حَالِهِ، وَمِنْ حَالِهِ، فَاجْمَعُوا لَهُ رَجُلا يُسَدِّدُهُ فِي الْقَضَاءِ، وَيُصَوِّبُهُ فِي الْمَنْطِقِ. فَأَجْمَعَ رَأْيُ النَّاسِ عَلَى اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَفِيهِمْ مُعَلِّمَاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: أَعْضَلَتِ الرَّشِيدَ مَسْأَلَةٌ فَجَمَعَ لَهَا فُقَهَاءَ الأَرْضِ حَتَّى أَشْخَصَ اللَّيْثُ فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا. سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: نَا اللَّيْثُ قَالَ: قَدِمْتُ مُكَّةَ، فَجِئْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ، فَدَفَعَ إِلَيَّ كِتَابَيْنِ فَانْقَلَبْتُ بِهِمَا، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ عَاوَدْتُهُ فَسَأَلْتُهُ: أَسَمِعَ هَذَا كُلَّهُ مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: مِنْهُ مَا سَمِعْتُهُ، وَمِنْهُ مَا حُدِّثْتُ عَنْهُ. فَقُلْتُ: عَلِّمْ لِي عَلَى مَا سَمِعْتَ. فَعَلَّمَ لِي عَلَى هَذَا الَّذِي عِنْدِي. قُلْتُ: قَدْ رَوَى اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ نُسْخَةً، ثُمَّ رَوَى عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ. وَقَالَ ثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ نَافِعٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا. وَقَدْ رَوَى أَحَادِيثَ، أَعْنِي اللَّيْثُ، عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ داود بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ. وَهَذَا مِنْ عَجِيبِ الاتِّفَاقِ، لِأَنَّ الليث -رحمه الله- لا يتوقف في ذَلِكَ، وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ هَذَا النَّمَطِ أَشْيَاءُ. وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ طَلابَةً لِلْعِلْمِ، وَلا يَرَى التَّدْلِيسَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنِ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِهِ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} 1. الْحَدِيثَ. الرَّمَادِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا" 2. الْحَدِيثَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي الزبير جملةً.

_ 1 أخرجه الطبراني "8459". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3/ 378"، ومسلم "2392"، وابن أبي عاصم في السنة "2/ 625".

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: نَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رأى ابن عُمَرَ إِذَا سَجَدَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الأُولَى قَعَدَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ. قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: وَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ إِلا اللَّيْثُ. وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ، وَيُونُسَ الْمُؤَدِّبِ: نَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنِ الْكَوْثَرِ فَقَالَ: "نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ رَبِّي أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَفِيهِ طَيْرٌ كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ". فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ تِلْكَ الطَّيْرَ نَاعِمَةٌ؟ قَالَ: "آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا يَا عُمَرُ" 1. وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنْهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ أَخُو الزُّهْريِّ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ اللَّيْثِ، وَمَعَنَا مُسْلِمَةُ بْنُ علي فذكر العدس، فقال مسلمة: بارك فِيهِ سَبْعُونَ نَبِيًّا. قَالَ: فَقَضَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ صَلاتَهُ وَقَالَ: وَلا نَبِيُّ وَاحِدٌ، إِنَّهُ بارد مؤذ. قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ: أَعْرِفُ رَجُلا لَمْ يَأْتِ مُحَرَّمًا قَطُّ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ نَفْسَهُ لِأَنَّ أَحَدًا لا يَعْلَمُ هَذَا مِنْ أَحَدٍ. وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ، وَإِنَّ رَبِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ لَيَتَزَحْزَحُوا لَهُ زَحْزَحَةً2. وَقَالَ سَعِيدٌ الآدَمُ: قَالَ الْعَلاءُ بْنُ كثير: الليث بن سَيِّدُنَا وَإِمَامُنَا وَعَالِمُنَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ اللَّيْثُ قَدِ اسْتَقَلَّ بِالْفَتْوَى فِي زَمَانِهِ. قُلْتُ: وَمَنَاقِبُ اللَّيْثِ كَثِيرَةٌ، وَعِلْمُهُ وَاسِعٌ، وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ، لَكِنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فِي عَامِ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّيْثِ سِتَّةُ أَنْفُسٍ، وهذا علو لا نظير له أصلا.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "2542"، وأحمد "3/ 220، 221، 236"، والطبري "30/ 324". 2 تزحزح: أي تنحى وتباعد.

وَلَقَدْ كَتَبْتُ نُسْخَةَ أَبِي الْجَهْمِ مِنْ بِضْعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً فَرَحًا بُعلُوِّهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَسَمِعْتُهَا مِنْ سِتِّينَ شَيْخًا، وَهِيَ الآنَ مَرْوِيَّةٌ بِالسَّمَاعِ. وَلَوْ رَحَلَ الْيَوْمَ الطَّالِبُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ فَرْسَخٍ لِإِدْرَاكِهَا وَغَرِمَ مِائَةَ دِينَارٍ، لَكَانَ لَهُ الْحَظُّ الأَوْفَرِ، نَعَمْ. قَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الصَّدَفِيُّ: شَهِدْتُ جِنَازَةَ اللَّيْثِ مَعَ وَالِدِي، فَمَا رَأَيْتُ جِنَازَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا، وَرَأَيْتُ النَّاسَ كُلُّهُمْ عَلَيْهِمُ الْحُزْنُ وَهُمْ يُعَزِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَبْكُونَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ صَاحِبُ هَذِهِ الْجِنَازَةِ. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ لا تَرَى مِثْلَهُ أَبَدًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ اللَّيْثُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، زَادَ بَعْضُهُمْ فِي شَعْبانَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مُنْتَصَفَ شَعْبَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. "حرف الْمِيمِ": 247- مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ1 -ع. هُوَ الإِمَامُ الْعَالِمُ، شَيْخُ الإِسْلامِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ غَيْمَانَ بْنِ خُثَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ. وَالْحَارِثُ هُوَ ذُو أَصْبَحَ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبَيْعَةَ بْنِ نَبْتِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلانَ بْنِ سَبَأِ بْنِ يَعْرِبَ بْنِ قَحْطَانَ، وَإِلَى قَحْطَانَ جِمَاعُ الْيَمَنِ. وَقِيلَ: ذُو أَصْبَحَ مِنْ حِمْيَرٍ؛ الْمَدَنِيُّ الأصبحي حليف عثمان بن عبيد الله التميمي أَخِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. مَوْلِدُ مَالِكٍ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ، سَمِعَهُ مِنْهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ خَادِمُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ أَبُو داود: وُلِدَ سَنَةَ اثنتين وتسعين. قلت: الأول هو الصحيح.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 192"، والجرح والتعديل "8/ 204-206"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 310، 311"، والثقات لابن حبان "7/ 459"، وتهذيب الكمال "3/ 1296، 1298".

وَقِيلَ: وُلِدَ فِي خِلافَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَأَوَّلُ طَلَبِهِ لِلْعِلْمِ فِي حُدُودِ سَنَةِ عَشْرٍ وَمِائَةٍ، وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، فَأَخَذَ عَنْ: نَافِعٍ وَلازَمَهُ، وَعَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَنُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ، وَوَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ، فقلَّ مَا رَوَى عَنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ. رَوَى عَنْهُ: مِنْ شُيُوخِهِ: الزُّهْرِيُّ، وَرَبَيْعَةُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَمِنْ أَقْرَانِهِ: الأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَخَلْقٌ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَالشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، وَالقَعْنَبِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ منصور، ويحيى بن يحيى، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْقُرْطُبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَالنُّفَيْلِيُّ، وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ، وَأَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، وَخَلائِقُ آخِرُهُمْ وَفَاةً أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السَّهْمِيُّ. قَالَ مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي الزُّبَيْرِ يَقُولُ: ثَنَا مَالِكٌ قَالَ: رَأَيْتُ عطاء بن أبي رَبَاحٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَأَخَذَ بِرُمَّانَةِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَدْعُو. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لِمَالِكٍ نَحْوَ أَلْفِ حَدِيثٍ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لا يُقَدِّمُ عَلَى مَالِكٍ أَحَدًا. قَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَالْوَاقِدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ: حَمَلَتْ بِمَالِكٍ أُمُّهُ ثَلاثَ سِنِينَ. وَعَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ الْمَدَنِيِّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ بياضًا قط ولا حمرة أحسن من مَالِكٍ، وَلا أَشَدَّ بَيَاضَ ثَوْبٍ مِنْ مَالِكٍ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: كَانَ مَالِكٌ رَجُلا طَوِيلا جَسِيمًا، عَظِيمَ الْهَامَةِ، أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ أَشْقَرَ، أَصْلَعَ، عَظِيمَ اللِّحْيَةِ، عَرِيضَهَا. وَكَانَ لا يُحْفِي شَارِبَهُ وَيَرَاهُ مُثْلَةً. وَقِيلَ: كَانَ أَزْرَقَ الْعَيْنَيْنِ.

وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ طَوِيلا عَظِيمَ الْهَامَةِ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، شَدِيدَ الْبَيَاضِ بِشُقْرَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ: كَانَ مَالِكٌ نَقِيَّ الثَّوْبِ رَقِيقَهُ، يَكْرَهُ اخْتِلافَ اللَّبُوسِ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: كَانَ مَالِكٌ يَلْبَسُ الْبَيَاضَ، وَرَأَيْتُهُ وَالأَوْزَاعِيَّ يَلْبَسَانِ السِّيجَانَ، وَلا يَرَيَانِ بِلِبْسِهَا بَأْسًا. قَالَ أَشْهَبُ: كَانَ مَالِكٌ إِذَا اعْتَمَّ جَعَلَ مِنْهَا تَحْتَ ذَقْنِهِ، وَيُسْدِلُ طَرْفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: رَأَيْتُ على مالك طيلسانًا وثيابًا كروية جِيَادًا. قَالَ أَشْهَبُ: كَانَ مَالِكٌ إِذَا اكْتَحَلَ لِلضَّرُورَةِ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ. وَقَالَ مُصْعَبٌ: كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْعَدَنِيَّةَ الْجِيَادَ وَيَتَطَيَّبُ. قُلْتُ: قَدْ كَانَ هَذَا الإِمَامُ عَظِيمَ الْجَلالَةِ كَثِيرَ الْوَقَارِ. قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: مَن أثبت أصحاب الزهري؟ قلت: مَالِكٌ أَثْبَتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا ذُكِرَ الْعُلَمَاءُ فَمَالِكٌ النَّجْمُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ: كَانَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ ثِقَةٌ، ثَبْتًا حُجَّةً، فَقِيهًا، عَالِمًا، وَرِعًا. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: مَالِكٌ أَفْقَهُ مِنَ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْلا مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ لَذَهَبَ علم الحجاز، وما في الأرض كتبًا فِي الْعِلْمِ أَكْثَرَ صَوَابًا مِنَ الْمُوَطَّأِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْخَطِيبُ، وَأَنَا عَلِيُّ بْنُ تَيْمِيَةَ بِمِصْرَ، أَنَا عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ يُوسُفَ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، نَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ غَالِبٍ الْعَطَّارُ، نَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَتَضْرِبَنَّ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ فِي طَلَبِ

الْعِلْمِ، فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ"1. وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: نَا لَيْثُ بْنُ الْفَرَجِ بِالْعَسْكَرِ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا. وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَعْقُوبُ الْعَطَّارُ، ثَنَا أَبُو مُوسَى الأَنْصَارِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ: أَكَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ يَقُولُ: نَرَى أَنَّهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ؟ فَقَالَ: إنما العالم من يخشى من اللَّهَ، وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ أَخْشَى للَّهِ مِنَ الْعُمَرِيِّ، يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطَّهْرَانِيُّ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَقِيبَهُ: كُنَّا نَرَى أَنَّهُ مَالِكٌ. قُلْتُ: وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إِنَّهُ مَالِكٌ. وَقِيلَ: هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. قَالَ خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ: بَعَثَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ إِلَى مَالِكٍ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا بِالْعِرَاقِ، فَضَعْ لِلنَّاسِ كِتَابًا نَجْمَعُهُمْ عَلَيْهِ. فَوَضَعَ الْمُوَطَّأَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: دَخَلَتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مِرَارًا، وَكَانَ لا يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْهَاشِمِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ إِلا قَبَّلَ يَدَهُ، فَلَمْ أُقَبِّلْ يَدَهُ قَطُّ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كَانَ مَالِكٌ إِمَامًا فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَعْمَرٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ مَالِكٌ إِذَا شَكَّ فِي حَدِيثٍ طَرَحَهُ كُلَّهُ. قَالَ شُعْبَةُ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ نَافِعٍ بِسَنَةٍ، وَإِذَا لِمَالِكٍ حَلْقَةٌ. قُلْتُ: تَصَدَّرَ لِلْعِلْمِ وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الْعِشْرِينَ. قَالَ عَبْدُ السَّلامِ بْنُ عَاصِمٍ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: رَجُلٌ يُحِبُّ أَنْ يَحْفَظَ حَدِيثَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ. قَالَ: يَحْفَظُ حَدِيثَ مَالِكٍ. قلت: فرأي. قال: رأي مالك.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "2682"، وأحمد "2/ 299"، والحاكم "1/ 91"، والبيهقي في السنن "1/ 286"، وانظر ضعيف الجامع "6448".

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قِيلَ لأُخْتِ مَالِكٍ: مَا كَانَ شُغْلُ مَالِكٍ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتِ: الْمُصْحَفُ وَالتِّلاوَةُ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: كَانُوا يَزْدَحِمُونَ عَلَى بَابِ مَالِكٍ حَتَّى يَقْتَتِلُوا مِنَ الزِّحَامِ، وَكُنَّا نَكُونُ عِنْدَهُ فَلا يُكَلِّمُ ذَا ذَا، وَلا يَلْتَفِتُ ذَا إِلَى ذَا، وَالنَّاسُ قَابِلُونَ بِرُءُوسِهِمْ هَكَذَا، وَكَانَتِ السَّلاطِينُ تَهَابُهُ وَهُمْ قَابِلُونَ مِنْهُ وَمُسْتَمِعُونَ، وَكَانَ يَقُولُ: لا وَنَعَمْ، وَلا يُقَالُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا؟ قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَغَيْرُهُ: كَانَ خَاتَمُ مَالِكٍ فَصُّهُ أَسْوَدُ حَجَرٌ، وَنَقْشُهُ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَكَانَ يَلْبَسُهُ فِي يَسَارِهِ، وَرُبَّمَا لَبِسَهُ فِي يَمِينِهِ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَهْيَبَ مِنْ مَالِكٍ، وَلا أَتَمَّ عَقْلا، وَلا أَشَدَّ تَقْوًى. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: الَّذِي نَقَلْنَا مِنْ أَدَبِ مَالِكٍ أَكْثَرَ مِمَّا تَعَلَّمْنَاهُ مِنْ عِلْمِهِ. وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: مَا جَالَسْتُ سَفِيهًا قَطُّ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: أَفْتَى مَالِكٌ مَعَ نَافِعٍ وَرَبَيْعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ الزُّهْرِيُّ وَحَدَّثَنَا فَقَالَ لَهُ رَبَيْعَةُ: هَهُنَا مَنْ يَسْرِدُ عَلَيْكَ مَا حَدَّثْتَ بِهِ أَمْسَ. قَالَ: وَمَنْ؟ قَالَ: ابْنُ أَبِي عَامِرٍ. قَالَ: هَاتِ. فَحَدَّثَهُ بِأَرْبَعِينَ حَدِيثًا مِنْ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ. فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا كُنْتُ أَرَى مَنْ يَحْفَظُ هَذَا الْحِفْظَ غَيْرِي. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَسَدُوا مَالِكًا وَسَعَوْا بِهِ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَهُوَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ: إِنَّهُ لا يَرَى بَيْعَتَكُمْ هَذِهِ شَيْئًا، وَيَأْخُذُ بِحَدِيثِ طَلاقِ الْمُكْرَهِ أَنَّهُ لا يَجُوزُ. فَغَضِبَ وَدَعَا بِهِ، وَجُرِّدَ وَمُدَّتْ يَدُهُ حَتَّى انْخَلَعَ كَتِفُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ يَدَاهُ، حَتَّى انْخَلَعَتْ كَتِفَاهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّرْبُ فِي عُلُوٍّ وَرِفْعَةٍ. وَرَوَى الْحَافِظُ أبو الوليد الْبَاجِيُّ قَالَ: حَجَّ الْمَنْصُورُ فَأَقَادَ مَالِكًا مِنْ جعفر بن

سليمان، فامتنع وَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ. قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: نَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا ارْتَفَعَ مِثْلَ مَا ارْتَفَعَ مَالِكٌ، مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَثِيرُ صَلاةٍ، إِلا أَنْ تَكُونَ لَهُ سَرِيرَةٌ. وَقَالَ أَشْهَبُ: رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ بَيْنَ يَدَيْ مَالِكٍ كَالصَّبِيِّ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيهِ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: سَأَلَنِي أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَشْيَاءَ ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ أَعْقَلُ النَّاسِ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ النَّاسِ. قُلْتُ: لا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّكَ تَكْتُمُ. وَاللَّهِ لَوْ بَقِيتُ لأَكْتُبَنَّ قَوْلَكَ كَمَا تُكْتَبُ الْمَصَاحِفُ، وَلأَبْعَثَنَّ بِهِ إِلَى الآفَاقِ، فَأَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ. حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ طَهْمَانَ يَقُولُ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَكَتَبْتُ بِهَا ثُمَّ قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَأَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: عَمَّنْ كَتَبْتَ؟ أَكَتَبْتَ عَنْ مَالِكٍ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ جِئْنِي بِمَا كَتَبْتَ عَنْهُ. فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَدَعَا بِقِرْطَاسٍ وَدَوَاةٍ، فَجَعَلْتُ أُمِلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَكْتُبُ. وَقَالَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا حُسَيْنُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: قَدِمَ الْمَهْدِيُّ فَبَعَثَ إِلَى مَالِكٍ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ، أَوْ قَالَ: بِثَلاثَةِ آلافِ دِينَارٍ. قَالَ قُتَيْبَةُ: كُنَّا إِذَا دَخَلْنَا عَلَى مَالِكٍ خَرَجَ إِلَيْنَا مُكَحَّلا مُزَيَّنًا مُطَيَّبًا قَدْ لَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ تَصَدَّرَ فَدَعَا بِالْمَرَاوِحِ، فَأَعْطَى لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنَّا مَرْوَحَةً. ابْنُ سَعْدٍ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ وَالْجُمُعَةَ وَالْجَنَائِزَ، وَيَعُودُ الْمَرْضَى وَيَقْضِيَ الْحُقُوقَ، وَيَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ تَرَكَ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ يُصَلِّي وَيَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَتَرَكَ شُهُودَ الْجَنَائِزِ فَكَانَ يَأْتِي أَصْحَابَهَا فَيُعَزِّيهِمْ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ حَتَّى تَرَكَ الْجُمُعَةَ. وَاحْتَمَلَ النَّاسُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَكَانُوا أَرْغَبَ مَا كَانُوا فِيهِ وَأَشَدَّهُ لَهُ تَعْظِيمًا، حَتَّى مَاتَ عَلَى ذَلِكَ. وَكَانَ رُبَّمَا كُلِّمَ فِي ذَلِكَ فيقول: ليس كل واحد يقدر أَنْ يَتَكَلَّمَ بِعُذْرِهِ.

وَكَانَ يَجْلِسُ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى ضِجَاعٍ وَنَمَارِقَ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فِي سَائِرِ الْبَيْتِ لِمَنْ يَأْتِيهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ وَالنَّاسِ، وَكَانَ مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ وَقَارٍ وَحِلْمٍ وَعِلْمٍ. وَكَانَ مَهِيبًا نَبِيلا مَا فِي مَجْلِسِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمِرَاءِ وَاللَّغَطِ، وَلا رَفْعِ صَوْتٍ، وَكَانَ الْغُرَبَاءُ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْحَدِيثِ فَلا يُجِيبُ إِلا فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ الْحَدِيثِ، وَرُبَّمَا أَذِنَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ، وَكَانَ لَهُ كَاتِبٌ قَدْ نَسَخَ كُتُبَهُ يُقَالُ لَهُ حبيب، يقرأ للجماعة، فليس أحد من يَحْضُرُهُ يَدْنُو، وَلا يَنْظُرُ فِي كِتَابِهِ، وَلا يَسْتَفْهِمُ هَيْبَةً لَهُ وَإِجْلالا. وَكَانَ حَبِيبٌ إِذَا قَرَأَ فَأَخْطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَكَانَ ذَلِكَ قَلِيلا. قَالَ هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ، وَأَبُو حَاتِمٍ: أَنَا أَبُو سَيْفٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا عُتْبَةُ بْنُ حَمَّادٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ لِيَ الْمَنْصُورُ: مَا عَلَى ظَهْرِهَا أَعْلَمَ مِنْكَ. قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَسَمِّهِمْ لِي. قُلْتُ: لا أَحْفَظُ أَسْمَاءَهُمْ. قَالَ: قَدْ طَلَبْتُ هَذَا الشَّأْنَ فِي زَمَانِ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَدْ عَرَفْتُهُ، فأما أهل العراق فأهل إفك وباطل، أما أَهْلُ الشَّامِ فَأَهْلُ جِهَادٍ، وَلَيْسَ فِيهِمْ كَبِيرُ عِلْمٍ، وَأَمَّا أَهْلُ الْحِجَازِ، فَفِيهِمْ بَقِيَّةُ الْعِلْمِ فَأَنْتَ عَالِمُ الْحِجَازِ. زَادَ أَبُو حَاتِمٍ: فَلا تَرُدَّنَّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَوْلَهُ. ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ هَذَا الْعِلْمَ لِمُحَمَّدٍ. حَمَّادُ بْنُ غَسَّانَ وَاهٍ. نَا ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: لَقَدْ حَدَّثْتُ بِأَحَادِيثَ وَدِدْتُ أَنِّي ضُرِبْتُ بِكُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا سَوْطَيْنِ وَلَمْ أُحَدِّثْ بِهَا. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: سَأَلَ الرَّشِيدُ مَالِكًا وَهُوَ فِي مَنْزِلِ مَالِكٍ، وَمَعَهُ بَنُوهُ، أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمْ فقال: ما قرأت على أحد منذ زمان، وَإِنَّمَا يُقْرَأُ عليَّ. فَقَالَ: أَخْرِجِ النَّاسَ حَتَّى أَقْرَأُ أَنَا. فَقَالَ: إِذَا مُنِعَ الْعَامُّ لِبَعْضِ الْخَاصِّ لَمْ يَنْتَفِعِ الْخَاصُّ. وَأَمَرَ مَعْنًا، فَقَرَأَ عليه.

قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: كَانَ مَالِكٌ لا يُفْتِي حَتَّى يَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: لَمْ يَشْهَدْ مَالِكٌ الْجَمَاعَةَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. فَقِيلَ لَهُ: مَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: مَخَافَةَ أَنْ أَرَى مُنْكَرًا فَأَحْتَاجُ أَنْ أُغَيِّرَهُ، رَوَاهَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عنه. وقال الحسين بن الحسن بن مهاجر الْحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ يَقُولُ: كَانَ مَالِكٌ بَعْدَ تَخَلُّفِهِ عَنِ الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِي مَنْزِلِهِ في جماعة يصلون بصلاته. وكان يُصَلِّي صَلاةَ الْجُمُعَةِ فِي مَنْزِلِهِ وَحْدَهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ قَالَ: سَأَلَ سِنْدِيٌّ مَالِكًا عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَابَهُ، فَقَالَ: أَنْتَ مِنَ النَّاسِ أَحْيَانًا تُخْطِئُ وَأَحْيَانًا لا تُصِيبُ، قَالَ: صَدَقْتَ، هَكَذَا النَّاسُ فَفَطَّنُوا مالكًا فقال: عهدت العلماء لا يتكلمون بِمِثْلِ هَذَا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: قُلْتُ لمالك: إني سمعت الليث يقول رَأَيْتَ صَاحِبَ كَلامٍ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ فَلا تَثِقَنَّ بِهِ. فَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ رَأَيْتَهُ يَمْشِي عَلَى الْهَوَاءِ فَلا تَأْمَنَنَّ نَاحِيَتَهُ، وَلا تَثِقَنَّ بِهِ. النَّجَّادُ: نَا هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ: حَدَّثَنِي أَبُو يُوسُفَ الصَّيْدَلانِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيَّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: انظروا أهل المشرق فنزلوهم بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، إِذَا حَدَّثُوكُمْ فَلا تُصَدِّقُوهُمْ ولا تكذبوهم. ثم رآني، فكأنه استحيا فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ غِيبَةً، كَذَا أَدْرَكْتُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ. فَهَذِهِ الْحِكَايَةُ عَنْ مَالِكٍ يُرِيدُ بِهَا مَنْ لَمْ تثبت عدالته منهم، فإنه بلاريب مَجْهُولُ الْحَالِ فَلا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. وَمَنْ عُلِمَ كَذِبُهُ رُدَّ خَبَرُهُ، أَمَّا مَنْ ثَبُتَ صِدْقُهُ وَإِتْقَانُهُ فَهُمْ كَعُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ، فَلِمَالِكٍ نُظَرَاءٌ فِي أَهْلِ الْمَشْرِقِ مِثْلُ: شُعْبَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَيَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ، وَلِشُيُوخِ مَالِكٍ نُظَرَاءٌ: كَمَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، وَقَتَادَةَ، وَلِلْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَعُرْوَةَ نُظَرَاءٌ فِي الْجَلالَةِ كَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. نَعَمْ، الكذابون يندرون بالحجاز، ويكثرون بالعراق.

قال البوسنجي: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الرَّمَّاحَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا فِي الصَّلاةِ مِنْ فَرِيضَةٍ وَمَا فِيهَا مِنْ سُنَّةٍ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: هَذَا كَلامُ الزَّنَادِقَةِ، أَخْرِجُوهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ فَسُئِلَ عَنِ الْبَتَّةِ، فَقَالَ: هِيَ ثَلاثٌ. فَأَخَذْتُ أَلْوَاحِي لِأَكْتُبَ فَقَالَ: لا تَكْتُبْ فَعَسَى فِي الْعَشِيِّ أَنْ أَقُولَ إِنَّهَا وَاحِدَةٌ. وَقَالَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُخْطِئُ وَأُصِيبُ، فَانْظُرُوا فِي رَأْيِي، فَكُلُّ مَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَخُذُوا بِهِ، وَمَا خَالَفَ فَاتْرُكُوهُ. إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْعِرَاقِ قَالَ لِي: اكْتُبْ لِي مِائَةَ حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ، فَكَتَبْتُهَا لَهُ، فَأَخَذَهَا. قُلْتُ لِمَالِكٍ: فَمَا قَرَأَهَا عَلَيْكَ وَلا قَرَأْتُهَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: لا، هو أَفْقَهَ مِنْ ذَلِكَ. مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَقَمْتُ عَلَى بَابِكَ سَبْعِينَ يَوْمًا وَقَدْ كَتَبْتُ سِتِّينَ حَدِيثًا. فَقَالَ: سِتُّونَ حَدِيثًا! وَكَأَنَّهُ يَسْتَكْثِرُهَا. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنَّا رُبَّمَا كَتَبْنَا بِالْكُوفَةِ فِي الْمَجْلِسِ سِتِّينَ حَدِيثًا. قَالَ: وَكَيْفَ بِالْعِرَاقِ دَارُ الضَّرْبِ، يُضْرَبُ بِاللَّيْلِ وَيُنْفَقُ بِالنَّهَارِ. أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: نَا إِسْحَاقُ بْنُ الطَّبَّاعِ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَمَّا يَتَرَخَّصُ فِيهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنَ الْغِنَاءِ، فَقَالَ: إِنَّمَا يَفْعَلُهُ عِنْدَنَا الْفُسَّاقُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ مِنَ الزُّهْرِيِّ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً لا أُحَدِّثُ بِهَا أَبَدًا. وَقَالَ مَعْنٌ: كَانَ مَالِكٌ يَتَحَفَّظُ مِنَ الْبَاءِ وَالتَّاءِ. وَسَمِعَ ابْنُ وَهْبٍ مَالِكًا يَقُولُ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ذَهَبَ يَمْدَحُ نَفْسَهُ ذَهَبَ بَهَاؤُهُ. وَقَالَ أَبُو الرَّبِيعِ بْنُ أَبِي رِشْدِينَ: نَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 51] كَيْفَ اسْتِوَاؤُهُ؟ فَأَطْرَقَ مَالِكٌ وَأَخَذَتْهُ الرُّحَضَاءُ1 ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى كَمَا وَصَفَ

_ 1 الرحضاء: العرق الكثير، ورحض الرجل رحضا: عرق حتى كأنه غسل جسده. اللسان "رحض".

نَفْسَهُ، وَلا يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ، وَكَيْفَ عَنْهُ مَرْفُوعٌ، وَأَنْتَ رَجُلُ سَوْءٍ صَاحِبُ بِدْعَةٍ، أَخْرِجُوهُ، فَأُخْرِجَ الرَّجُلُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ النَّضْرِ النَّيْسَابُورِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، كَيْفَ اسْتَوَى؟ وَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَفْظَهُ؟ فَقَالَ الاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ: قَالَ مَالِكٌ: اللَّهُ فِي السَّمَاءِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ سُرَيْجِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنِ ابْنِ نَافِعٍ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: التَّوْقِيتُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِدْعَةٌ. قُلْتُ: قَدْ صَحَّ التَّوْقِيتُ، وَلَكِنْ لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا ذَلِكَ. قَالَ الْبُخَارِيّ: أَصَحُّ الأَسَانِيدِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي تَمْهِيدِهِ: هَذَا كَتَبْتُهُ مِنْ حِفْظِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيَّ كَتَبَ إِلَى مَالِكٍ يَحُضُّهُ عَلَى الانْفِرَادِ وَالْعَمَلِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ إِنَّ اللَّهَ قَسَّمَ الأَعْمَالَ كَمَا قَسَّمَ الأَرْزَاقَ، فَرُبَّ رَجُلٍ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّلاةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الْجِهَادِ. وَنَشْرِ الْعِلْمِ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ، وَقَدْ رَضِيتُ مَا فُتِحَ لِي فِيهِ، وَمَا أَظُنُّ مَا أَنَا فِيهِ بِدُونِ مَا أَنْتَ فِيهِ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ كِلانَا عَلَى خَيْرٍ وَبِرٍّ. قُلْتُ: مَا أَحْسَنَ مَا جَاوَبَ الْعُمَرِيَّ عَلَيْهِ بِسَابِقِ مَشِيئَةِ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ، وَلَمْ يُفَضِّلْ طَرِيقَتَهُ فِي الْعِلْمِ عَلَى طَرِيقَةِ الْعُمَرِيِّ فِي التَّأَلُّهِ وَالزُّهْدِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ثَنَا عَبْدُ الْمُتَعَالِ بْنُ صَالِحٍ صَاحِبُ مَالِكٍ قَالَ:: قِيلَ لِمَالِكٍ: إِنَّكَ تَدْخُلُ عَلَى السُّلْطَانِ وَهُمْ يَظْلِمُونَ وَيَجُورُونَ. قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَأَيْنَ التَّكَلُّمُ بِالْحَقِّ؟ قَالَ مُوسَى بْنُ داود: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو جَعْفَرٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: يَا مَالِكُ كَثُرَ شَيْبُكَ. قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ السُّنُونَ كَثُرَ شَيْبُهُ.

قال لي: ما لي أَرَاكَ تَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ؟ قَلْتُ: كَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ عِنْدَنَا مِنَ الصَّحَابَةِ، فَاحْتَاجَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَسَأَلُوهُ، فَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ فِي مَرَاتِبِ أَصْحَابِ نَافِعٍ: أَيُّوبُ وَفَضْلُهُ، وَمَالِكٌ وَإِتْقَانُهُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَحِفْظُهُ. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَيُّمَا أَعْلَمُ، صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ قُلْتُ: عَلَى الإِنْصَافِ. قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ مَنْ أَعْلَمَ بِالْقُرْآنِ. قَالَ: صَاحِبُكُمْ. قُلْتُ: فَمَنْ أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ صَاحِبُكُمْ. قُلْتُ: فَمَنْ أَعْلَمَ بِأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ وَالْمُتَقَدِّمِينَ؟ قَالَ: صَاحِبُكُمْ، يَعْنِي مَالِكًا. قُلْتُ: لَمْ يَبْقَ إِلا الْقِيَاسُ، وَالْقِيَاسُ لا يَكُونُ إِلا عَلَى هَذِهِ الأَشْيَاءِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الأُصُولَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَقِيسُ. أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: جِئْتُكَ مِنْ مَسِيرَةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، حَمَّلَنِي أَهْلُ بِلادِي مَسْأَلَةً. قَالَ: سَلْ. فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: لا أُحْسِنُ. قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ أَقُولُ لِأَهْلِ بِلادِي؟ قَالَ: تَقُولُ: قَالَ مَالِكٌ: لا أُحْسِنُ. قَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سَأَلْتُ أحمد: من الذي ضرب مالك؟ قَالَ: ضَرَبَهُ بَعْضُ الْوُلاةِ فِي طَلاقِ الْمُكْرَهِ، كَانَ لا يُجِيزُهُ، فَضَرَبَهُ لِذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو داود: ضَرَبَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَبَّاسِيُّ مَالِكًا فِي طَلاقِ الْمُكْرَهِ، فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا ضُرِبَ وَحُلِقَ وَحُمِلَ عَلَى بَعِيرٍ، وَقِيلَ لَهُ: نَادِ عَلَى نَفْسِكَ، فَنَادَى: أَلا مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، أَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، أَقُولُ: طَلاقُ الْمُكْرَهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ جَعْفَرُ: أَدْرِكُوهُ أَنْزِلُوهُ.

وَعَنْ إِسْحَاقَ الْفَرَوِيِّ، وَغَيْرِهِ قَالَ: ضُرِبَ مَالِكٌ وَنِيلَ مِنْهُ، وَحُمِلَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. فَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: ضُرِبْتُ فِيمَا ضُرِبَ فِيهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَرَبَيْعَةُ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يُؤْذَى فِي هَذَا الأَمْرِ. وَعَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَرْفَعَهُ اللَّهُ بِكُلِّ سَوْطٍ دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ. قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ الأَصْمَعِيُّ: ضَرَبَهُ جَعْفَرُ، ثُمَّ بَعْدُ مَشِيتُ بَيْنَهُمَا، حَتَّى جَعَلَهُ فِي حِلٍّ. سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ: نَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ سَنْدَلٌ لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! أَنْتَ مَرَّةً تُخْطِئُ وَمَرَّةً لا تُصِيبُ. قَالَ: كَذَاكَ النَّاسُ. ثُمَّ فَطِنَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: أَخُو حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لحميدًا أَخًا مِثْلَ هَذَا مَا رَوَيْتُ عَنْ حُمَيْدٍ. عَنِ ابْنِ وَهْبٍ: أَنَّ مُنَادِيًا نَادَى بِالْمَدِينَةِ: أَلا لا يُفْتِي النَّاسَ إِلا مَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. حَرْمَلَةُ: نَا ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ؟ قَالَ طَلَبُ الْعِلْمِ حَسَنٌ لِمَنْ رُزِقَ خَيْرُهُ، وَهُوَ قَسَمٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ: لا يَكُونُ إِمَامًا مَنْ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ. وَقَالَ: إِنَّ حَقًّا عَلَى مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَخَشْيَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّبِعًا لِأَثَرِ مَنْ مَضَى قَبْلَهُ. قَالَ الرَّمَادِيُّ: ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، وَسُئِلَ: كَمْ أَتَى عَلَى مَالِكٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: تِسْعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. قَالَ: وَمَاتَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سَنَةَ تِسْعِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ. قال إسماعيل بن أبي أويس: اشتكى مالك: فسألت بعض أهلنا عما قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ. قَالَ: تَشَهَّدَ، ثُمّ قَالَ: للَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ.

وَتُوُفِّيَ صَبِيحَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ فَصَلَّى عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن إبراهيم الملقب بالإمام ابن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاسٍ الْعَبَّاسِيِّ. وَأُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ الْعَبَّاسِيَّةُ وَكَانَ الأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ يُعْرَفُ بِأُمِّهِ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ زَيْنَبَ. رَوَاهَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ: ثُمّ قَالَ: وَسَأَلْتُ مُصْعَبًا الزُّبَيْرِيَّ فَقَالَ: بَلْ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ. وَأَخْبَرَنِي مَعْنُ بْنُ عِيسَى بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبِ الزُّهْرِيُّ: مَاتَ لِعَشْرٍ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ سُحْنُونٍ: مَاتَ فِي حَادِي عَشَرَ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَاتَ لِثَلاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى سَنَةِ تِسْعٍ. وَمَنَاقِبُ مَالِكٍ وَسِيرَتُهُ يَطُولُ شَرْحُهَا، وَقَدْ أَفْرَدْتُ لَهُ تَرْجَمَةً فِي جُزْءٍ ضَخْمٍ، وكذا أفردت مَا وَقَعَ لِي عَالِيًا مِنْ حَدِيثِهِ فِي جُزْءٍ. وَقَدْ سَمِعْنَا مُوَطَّأَ ابْنِ مُصْعَبٍ عَنْهُ بِالإِجَازَةِ الْعَالِيَةِ، أَوْ مُوَطَّأَ الْقَعْنَبِيِّ، وَمُوَطَّأَ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَمُوَطَّأَ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ الثَّلاثَةِ بِالاتِّصَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 248- مُبَارَكُ بْنُ سُحَيْمٍ الْبَصْرِيُّ1 -ق. لَهُ نُسْخَةٌ عَنْ مَوْلاهُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ. رَوَى عَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ أَبِي سَمِينَةَ، وَحَفْصُ بْنُ عَمْرٍو الرَّبَالِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ هَالِكٌ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَا أَعْرِفُ لَهُ حَدِيثًا صَحِيحًا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: عَرَضْتُ عَلَى أَبِي أَحَادِيثَ مبارك بن سحيم التي أخبرنا بِهَا سُوَيْدٌ، فَأَنْكَرَهَا وَلَمْ يَحْمَدْهُ، وَأَظُنُّهُ قَالَ: ليس بثقة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 341"، والتاريخ الكبير "7/ 427"، والمجروحين لابن حبان "3/ 23"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2322، 2324".

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. الْعُقَيْلِيُّ: نَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، نَا عَلِيُّ بْنُ الدِّرْهَمِيِّ، نَا مُبَارَكٌ أَبُو سُحَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ما من قبيلتين مسلمتين التقيتا بِأَسْيَافِهِمَا إِلا كَانَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ"1. 249- مبارك بن سعيد بن مسروق الثوري2 -د. ت. أبو عبد الرحمن الكوفي الضرير، أَخُو سُفْيَانَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَخِيهِ، وَعَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، وَمُوسَى الْجُهَنِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلائِيِّ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَرَّازُ، وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ السَّكُونِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ: مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 250- الْمُبَارَكُ بْنُ مُجَاهِدٍ3. أَبُو الأَزْهَرِ الْمَرْوَزِيُّ، نَزِيلُ الرِّيِّ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَعَنْهُ: سَلَمَةُ الأَبْرَشُ، وَعِصَامُ بْنُ يُوسُفَ الْبَلْخِيُّ. قَالَ قتيبة: كان قدريًّا، وضعفه جدًّا.

_ 1 "إسناده ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 223"، وفي إسناده صاحب الترجمة انظر كلام العلماء عليه. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 385"، والجرح والتعديل "8/ 339"، والثقات لابن حبان "9/ 190"، وتهذيب الكمال "3/ 1301". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 340، 341"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 427"، والمجروحين لابن حبان "3/ 23".

251- مُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو1. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَهَارُونَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيُّ، وَيَزْدَادُ بْنُ أَسَدٍ الدَّيْنَوَرِيُّ. كَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. مَجْمَعُ بْنُ أَيُّوبَ -د. ت. مَرَّ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ. 252- مُحْرِزُ، وَيُقَالُ مُحَرَّرُ بِالإِهْمَالِ، بْنُ هَارُونَ الْقُرَشِيُّ التميمي2 الْمَدَنِيُّ -ت. عِنْدَهُ ثَلاثَةُ أَحَادِيثَ عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، ويعقوب بن محمد الزهري، وأبو مصعب الزهري. قال البخاري: منكر الحديث. وقد حسن له، الترمذي، ووهاه غيره، والجمهور على تضعيفه. 253- محمد بن أبان بن صالح3. أبو عمر الجعفي، مولاهم الكوفي، جد عبد الله بن عمر مشكدانة روى عن: عاصم بن بهدلة حروفة. روى عن: أبي إسحاق، وحماد بن أبي سليمان. وعنه: نعيم بن يحيى السعيدي، والطيالسيان، ويحيى الحماني، وعبد الحميد بن صالح، وغيرهم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 390"، والمجروحين لابن حبان "3/ 18، 19"، والضعفاء للعقيلي "4/ 264"، ولابن عدي "6/ 2449". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 345"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 22"، والمجروحين لابن حبان "3/ 19"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2434". 3 الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 385"، والجرح والتعديل "7/ 199"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 34".

ضعفه ابن معين، وأبو داود. ويقال أيضا القرشي، لأن ولاءه لعثمان بن عفان. مات سنة إحدى وسبعين ومائة. وأما أبوه فثقة يروي عن مجاهد. 254- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ1 -خ. كَانَ يُفْتِي فِي حَيَاةِ مَالِكٍ، وَمَاتَ بَعْدَهُ. يُؤَخَّرُ. 255- مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيُّ الْكُوفِيُّ2. عَنْ: مَنْصُورٍ، وَلَيْثٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَعَبَّادُ الرَّوَاجِنِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: شِيعِيٌّ. قُلْتُ: لَهُ فِي خَصَائِصِ عَلِيٍّ شَيْءٌ. 256- مُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ الْكُوفِيُّ3 -د. مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، سَكَنَ الدِّينَوَرَ، وَرَوَى عَنْ: حصين بن عبد الرحمن، وسهيل بن أبي صَالِحٍ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ، وإيراهيم بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ. صَدُوقٌ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَحَدَّثَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَدْ تَفَرَّدَ بأحاديث ولم يترك، وجرير الضبي عمه.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 184"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 25"، والثقات لابن حبان "9/ 39". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 188"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 36"، والثقات لابن حبان "9/ 41". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 207"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 41"، وتهذيب الكمال "3/ 1176".

257- مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسَ1. أَبُو بَكْرٍ الْجُبْلانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ، وَأَبُوهُ صَالِحُ الْحَدِيثِ. 258- مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْعَبْدِيُّ2. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بْنِ دينار، وَنَافِعٍ الْعُمَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: خلف الْبَزَّارِ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَمِمَّنْ حَدَّثَ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ، عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا. مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ -ت. قَدْ ذُكِرَ، وَهُوَ قديم الموت. 259- محمد بن جابر اليمامي3 -د. ق. الضرير الحنفي السحيمي، أخو أيوب بن جابر.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 197"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 30"، والثقات لابن حبان "7/ 385". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 370"، والجرح والتعديل "7/ 216"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 50، 51"، والمجروحين لابن حبان "2/ 251". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 556"، والجرح والتعديل "7/ 219، 220"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 53".

رَوَى عَنْ: قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ: وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ، وَابْنُ عَوْنٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَسُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ومسدد، ولوين، وإسحاق بن أبي إِسْرَائِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زُنْبُورٍ الْمَكِّيُّ، وَعِدَّةٌ. وَأَصْلُهُ كُوفِيٌّ فِيمَا قِيلَ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَاءَ حِفْظُهُ فِي الآخِرِ، وَذَهَبَتْ كُتُبُهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: قَدِمَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ وَهُوَ يُحَدِّثُ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ حَدِّثْ مِنْ كُتُبِكَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، فَأَرْسَلَ لَهُ كُتُبَهُ. قال إسحاق بن إِسْرَائِيلَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، نَا قَيْسُ بْنُ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِّ الذَّكَرِ قَالَ: "إِنَّمَا هُوَ مِنْكَ" 1. بُنْدَارٌ، نَا غُنْدَرٌ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ، بِهَذَا. وَرَوَاهُ قَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْهُ. وَقَالَ محمد بن عمرو، عن بْنِ أَبِي مَذْعُورٍ: نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَرَوَاهُ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ. 260- مُحَمَّدُ بْنُ دَابٍ الْمَدَنِيُّ2 -د. ت.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "4/ 22"، وأبو نعيم في الحلية "7/ 103"، والدارقطني في السنن "1/ 149". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 250"، وتهذيب الكمال "3/ 1195"، وميزان الاعتدال "7/ 250"، والمغني في الضعفاء "2/ 577".

عَنْ: صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سلام الجمحي. كذبه أبو زرعة، وابن حيان. وَعِيسَى بْنُ دَابٍ، مَرَّ. 261- مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الأزدي الطاحي البصري1 -د. ت. أبو بكر. عن: يونس بن عبيد، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمَعْمَرٍ. وَعَنْهُ: عَفَّانُ، وَالْقَعْنَبِيُّ وقتيبة، محمد بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَنْفَرِدُ بِأَشْيَاءَ، وَهُوَ صدوق. 262- محمد بن زياد اليشكري2 -ت. أَبُو مُصْعَبٍ الْكُوفِيُّ الطَّحَّانُ، وَيُعْرَفُ أَيْضًا بِالْمَيْمُونِيُّ رَوَى عَنْ: مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، وَأَبِي ظِلالٍ الْقَسْمَلِيِّ، وَأَبِي عَجْلانَ. وَعَنْهُ: شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، وَالرَّبِيعُ بْنُ ثَعْلَبٍ. قَالَ أَحْمَدُ: كَذَّابٌ أَعْوَرُ يَضَعُ الحديث. وقال الفلاس: سمعته يقول: أنا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "زَيِّنُوا مَجَالِسَ نِسَائِكُمْ بِالْمِغْزَلِ"3. ثُمَّ قَالَ الْفَلاسُ: هو كذاب.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 249"، والتاريخ الكبير "1/ 77"، والثقات لابن حبان "7/ 419"، وتهذيب الكمال "3/ 1196". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 258"، والتاريخ الكبير "1/ 83"، والمجروحين لابن حبان "2/ 250"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2140". 3 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2141"، وفي إسناده صاحب الترجمة كذبه العلماء.

وَقَالَ الْجُوزْجَانِيُّ: كَانَ كَذَّابًا خَبِيثًا. قُلْتُ: وَلَهُ بِهَذَا الإِسْنَادِ: "اتَّخِذُوا الْحَمَامَ الْمَقَاصِيصَ فَإِنَّهَا تُلْهِي الْجِنَّ عَنْ صِبْيَانِكُمْ"1. وَبِهِ قَالَ: "سَمْنُ الْبَقَرِ وألبانها وَلُحُومُهَا دَاءٌ"2. 263- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ3. هُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ، وَابْنُ عَمِّ الْمَنْصُورِ وَالَّذِي ثَبَّتَ دَوْلَتَهُمْ بِعَدْلِهِ وَبَلائِهِ يَوْمَ بَاخَمْرَا وَكَانَ قَتْلُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ عَلَى يَدِهِ. وَوَلِيَ أَيْضًا إِمْرَةَ فَارِسٍ وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا مُمَدَّحًا وَكَانَ الرَّشِيدُ يُجِلُّهُ وَيُبَالِغُ فِي إِكْرَامِهِ. وَقَدْ وَلِيَ أَيْضًا الْكُوفَةَ قِيلَ إِنَّ الرَّشِيدَ اسْتَوْلَى عَلَى تَرِكَتِهِ وَاصْطَفَاهَا، فَكَانَتْ بنحو خمسين ألف وألف درهم. وكان مَوْلِدُهُ، بِالْحُمَيْمَةِ مِنَ الشَّامِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ عَظِيمَ قَوْمِهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي مَسْحِ "رَأْسِ الصَّبِيِّ، مُنْقَطِعٌ" سَمِعَ مِنْهُ: صَالِحٌ النَّاجِيُّ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ "بْنِ عَلِيٍّ إِلَى الأَعْمَشِ" يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَيَسْتَعْرِضُ حَوَائِجَهُ فَسَكَتَ الأَعْمَشُ وَقَالَ: قَدْ عَلِمَ حَالَ النَّاسِ وَمَا نُحِبُّ أَنْ نُعْلِمَهُ بِشَيْءٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أربعمائة درهم.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2141"، وانظر ما سبق، وللمزيد انظر الضعيفة "18". 2 "إسناده موضوع وقد صح بلفظ آخر": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2141"، وانظر ما سبق، وقد صح بلفظ: "ألبان البقر شفاء وسمنها دواء ولحومها داء"، أخرجه الطبراني وانظر الصحيحة "1533". 3 انظر التاريخ الكبير للبخاري "1/ 97، 98"، والتاريخ للطبري "10/ 398"، ولسان الميزان "5/ 188".

حَكَى الْعُمَرِيُّ الْكَاتِبُ أَنَّ رَجُلا ادَّعَى النُّبُوَّةَ أَيَّامَ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، فَأُدْخِلَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ نَبِيٌّ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَيْلَكَ مَنْ غَرَّكَ؟ قَالَ: أَبِهَذَا تُخَاطِبُ الأَنْبِيَاءَ يَا جَاهِلُ؟ وَاللَّهِ لَوْلا أَنِّي مُقَيَّدٌ لأَمَرْتُ جِبْرِيلَ أَنْ يُدَمْدِمَهَا عَلَيْكَ. قَالَ لَهُ: فَالْمُوثَقُ لا يُجَابُ؟ قَالَ: أَجَلْ، الأَنْبِيَاءُ خَاصَّةً إِذَا قُيِّدَتْ لَمْ يَرْتَفِعْ دُعَاؤُهَا. فَضَحِكَ وَقَالَ: مَتَى قُيِّدْتَ؟ قَالَ: الْيَوْمُ. قَالَ: فَنَحْنُ نُطْلِقُكَ وَتَأْمُرَ جِبْرِيلَ فَإِنْ أَطَاعَكَ آمَنَّا بِكَ. قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ. فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ فَإِنْ شِئْتَ فَافْعَلْ. فَأُطْلِقَ، فَلَمَّا وَجَدَ رَائِحَةَ الْعَافِيَةِ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ، ابْعَثُوا مَنْ شِئْتُمْ، فَمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ عَمَلٌ، هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، وَدَخْلُهُ كُلُّ يَوْمٍ مِائَةُ أَلْفٍ، وَأَنَا وَحْدِي، مَا ذَهَبَ لَكُمْ فِي حَاجَةٍ إِلا كَشْحَانُ. أَبُو الْعَيْنَاءِ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ: دَخَلَ فَزَارَةُ صَاحِبُ الْمَظَالِمِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ: خُذْ مِنَ الْخِلَّنْجِينَ مِقْدَارَ فَارَةٍ، وَمِنْ دَوَاءِ الْكُرْكُمِ مِقْدَارَ خُنْفُسَاءَ، وَسَوِّطْهُ بِمِقْدَارِ مِحْجَمَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَإِذَا صَارَ كَالْمُخَاطِ فَتَحَسَّاهُ. فَقَالَ: أَفْعَلُ إِنْ غُلِبْتُ عَلَى عَقْلِي، وَإِلا فَلا. قَالَ: تَجَلَّدْ، أَعَزَّكَ اللَّهُ. قَالَ: الصَّبْرُ عَلَى مَا بِي أَهْوَنُ. قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَتَكِيُّ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ مَوْلَى آلِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ كَانَ رَأْسُهُ فِي حِجْرِ أَخِيهِ جَعْفَرٍ، فَقَالَ جعفر: وا انقطاع ظهري. فقال محمد: وا انقطاع ظَهْرِ مَنْ يَلْقَى الْحِسَابَ غَدًا. يَا لَيْتَ أُمَّكَ لَمْ تَلِدْنِي، وَلَيْتَنِي كُنْتُ حَمَّالا، وَأَنِّي لَمْ أَكُنْ فِيمَا كُنْتُ فِيهِ.

وَقِيلَ: إِنَّ نُسَّاكَ الْبَصْرَةِ هَمُّوا بِتَوْبِيخِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَوَعَظَهُ وَهُوَ على المنبر، فخنقت مُحَمَّدًا الْعَبْرَةُ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْطُبَ، فَقَامَ أَخُوهُ إِلَى جَنْبِهِ، فَتَكَلَّمَ عَنْهُ فَأَحَبَّهُ النُّسَّاكُ وقالوا: مؤمن مذنب. قال مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَاصْطَفَى الرَّشِيدُ عَامَّةَ مَا خَلَّفَ. 264- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي ضَمْرَةَ الْحِمْصِيُّ1. عَنْ: نَافِعٍ الْعُمَرِيِّ، وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَالْوُحَاظِيُّ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ بِلالٍ، وَابْنُهُ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: نَا عَنْهُ الْوُحَاظِيُّ بِأَحَادِيثَ مُسْتَقِيمَةٍ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 265- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي2 التميمي الْمُلَيْكِيُّ الْمَدَنِيُّ. وَهُوَ أَبُو غِرَارَةَ، زَوْجُ جَبْرَةَ الخزاعية. وروى عَنْ: عَمِّ أَبِيهِ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ، وَمُسَدَّدٌ، وَالْمُقَدَّمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو زرعة: لا بأس به.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 268"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 98"، والثقات لابن حبان "7/ 434". 2 انظر التاريخ الكبير للبخاري "1/ 157، 158"، والمجروحين لابن حبان "2/ 261"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2195".

266- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ الْمَدَنِيُّ1. عَاشَ بَعْدَ أَبِيهِ لَيَالِي، وَهُوَ أَصْغَرُ من أبيه بسبع عَشْرَةَ سَنَةً. سَمِعَ: هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ وَطَبَقَتَهُ. وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ إِلا الْوَاقِدِيُّ. وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَطْنَبَ فِي وَصْفِهِ. وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. 267- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُشَيْرِيُّ الْكُوفِيُّ2 -ق. نَزِيلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. عَنْ: سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَأَبُو ضَمْرَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ بِنْتَ شُرَحْبِيلَ. وَهُوَ كَمَجْهُولٌ، وَأَحَادِيثُهُ ساقطة. وقال ابن الجوزي: كذاب. قلت: وهو مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 268- مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ الْقَرَظِ بْنِ عَائِذٍ الأَنْصَارِيُّ السَّعْدِيُّ3 -ت. مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُلَقَّبُ بِكُشَاكِشَ. رَوَى عَنْ: سعيد المقبري، وصالح مولى التوءمة، وأسيد البراد، وشريك بن أبي نمر.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 417"، والجرح والتعديل "8/ 317"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 155". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 325"، والضعفاء للعقيلي "4/ 72"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 623". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 43"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 185، 186"، والثقات لابن حبان "7/ 436".

وَعَنْ جَدِّهِ لأُمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْمُؤَذِّنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ، فَمَا تَكَلَّمَ فِيهِ، بَلْ ذَكَرَ لَهُ حَدِيثًا لَمْ يُتْقِنْهُ. 269- مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ1 -م. ع. أبو عبد الله المكي. عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَابْنِ طَاوُسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ. وَعَنْهُ: أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعِدَّةٌ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: كُتُبُهُ صِحَاحٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ضَعِيفٌ، مَا أَضْعَفَ حَدِيثَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ غَرَائِبُ، وَلَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. قَالَ مَعْرُوفُ بْنُ وَاصِلٍ: رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ بَيْنَ يَدَيْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ يَكْتُبُ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فَسَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَإِذَا رَأَيْتَ الْعِرَاقِيَّ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ. قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 270- مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ بْنً أَبِي عمران الهلالي الكوفي2. أخو سفيان.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 522"، والجرح والتعديل "8/ 77"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 223، 224". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 42"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 204"، والثقات لابن حبان "7/ 416".

رَوَى عَنْ: أَبِي حَازِمٍ الْمَدِينِيِّ، وَعَنْ: شُعْبَةَ. وَمَاتَ قَبْلَ أَوَانِ الرِّوَايَةِ. حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَزَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 271- مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْفِطْرِيُّ المديني1 -م. ع. أبو عبد الله، مَوْلَى الْفِطْرِيِّينَ مَوَالِي بَنِي مَخْزُومٍ. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَيَعْقُوبَ بْنِ سَلَمَةَ اللَّيْثِيِّ، وَعَوْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَوِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. وَثَّقَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ يَتَشَيَّعُ. 272- مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ2. أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَارِثِيُّ الْكُوفِيُّ عَابِدُ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ. رَوَى عَنِ الأَوْزَاعِيِّ يَسِيرًا وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ إِذَا ذُكِرَ لَهُ الْمَوْتُ اضْطَرَبَتْ مَفَاصِلُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: شَهِدْتُ غُسْلَ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ، فَلَوْ سُلِخَ كُلُّ لَحْمٍ عَلَيْهِ مَا كَانَ رَطْلا. وَعَنْ أَبِي الأَحْوَصِ سَلامِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بن النضر جعل على نفسه

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 82"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 237"، والثقات لابن حبان "9/ 53". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 110"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 252"، والثقات لابن حبان "9/ 71".

أَنْ لا يَنَامَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاثِ سِنِينَ، إِلا مَا غَلَبَتْ عَيْنُهُ. قَالَ عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ: اخْتَفَى مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ عِنْدِي مِنَ الْوَزِيرِ يَعْقُوبَ بْنِ داود فِي هَذِهِ الْعُلِّيَّةِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَمَا رَأَيْتُهُ نَائِمًا لَيْلا وَلا نَهَارًا. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ قَالَ: أَوَّلُ الْعِلْمِ الإِنْصَاتُ، ثُمَّ الاسْتِمَاعُ لَهُ، ثُمَّ حِفْظُهُ، ثُمَّ الْعَمَلُ بِهِ، ثُمَّ بَثُّهُ. 273- مَرْثَدُ بْنُ عَامِرٍ الْهُنَائِيُّ1. عَنْ: كُلْثُومَ بْنِ خَيْرٍ، وَبِشْرِ بْنِ حَرْبٍ. وَعَنْهُ: مُسَدَّدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَحَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. سُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ: لا أَعْرِفُهُ. 274- مَرْزُوقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2. بَصْرِيٌّ. عَنِ: ابْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ. وَعَنْهُ: التَّبُوذَكِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَسَعْدَوَيْهِ، وَشَيْبَانُ. صَالِحُ الْحَدِيثِ. 275- مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ الْجُعْفِيُّ الْكُوفِيُّ3. أَبُو سَعْدٍ. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَالأَعْمَشِ، وَمُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ الْوَرَّاقُ، وَأَبُو غسان النهدي، وعبد العزيز بن الخطاب.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 300"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 416"، والثقات لابن حبان "7/ 500". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 264"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 384". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 283"، والطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 388"، وتهذيب الكمال "3/ 1322".

قال يحيى بن معين: كان من خيار عِبَادِ اللَّهِ وَكَانَ ابْنَ عَمِّ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 276- مِسْكِينُ بْنُ صَالِحٍ1. أَبُو حَفْصٍ الأَنْصَارِيُّ، مُؤَذِّنُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَعُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ. وَعَنْهُ: بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ النَّيْسَابُورِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. 277- مِسْكِينُ بْنُ مَيْمُونٍ2. مُؤَذِّنُ الرَّمْلَةِ. عَنْ: عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمَلِيُّ. 278- مسلم بن خالد المكي الفقيه3 -د. ق. أبو خالد الزنجي مولى بني مخزوم. روى عن: الزهري، وابن أبي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَأَبِي طُوَالَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ. وَرَوَى حَرْفَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْهُ، نَقَلَهُ سَمَاعًا مِنْهُ: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ. وَتَفَقَّهَ بِهِ: الشَّافِعِيُّ -وَهُوَ الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِي الْفُتْيَا- وَرَوَى عَنْهُ: هُوَ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَمُسَدَّدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَالْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، وهشام بن عمار، وعدة.

_ 1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "8/ 4"، والثقات لابن حبان "7/ 505". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 329"، وميزان الاعتدال "4/ 101". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 499"، والجرح والتعديل "8/ 183"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 260".

قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَسَنُ الْحَدِيثِ، أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قَالَ سُوَيْدُ: سُمِّيَ الزَّنْجِيُّ لِسَوَادِهِ، خَالَفَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ فَقَالُوا: كَانَ أَشْقَرَ، وَلُقِّبَ بِالزَّنْجِيِّ بِالضِّدِّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ: كَانَ فَقِيهًا عَابِدًا يَصُومُ الدَّهْرَ وَقَالَ أَبُو داود: ضَعِيفٌ. قُلْتُ: مولده سنة مائة، ومات سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: كَانَ مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ فَقِيهَ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا الزَّنْجِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ أَشْقَرَ مِثْلَ الْبَصَلَةِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ إِمَامٌ فِي الْفِقْهِ، كَانَ أَبْيَضَ مُشْرَبًا حُمْرَةً، وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِالزَّنْجِيِّ لِمَحَبَّتِهِ التَّمْرَ. قَالَتْ جَارِيَتُهُ: مَا أَنْتَ إِلا زَنْجِيٌّ لِأَكْلِ التَّمْرِ. 279- مُسْلِمَةُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَجَلِيُّ الأَحْمَسِيُّ الْكُوفِيُّ الأَعْوَرُ1. عَنِ: الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، وَأَرْطَأَةَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى. ضَعَّفَهُ أَبُو الْفَتْحِ الأزدي. روى في "ناكح يده".

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 267"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 388"، والثقات لابن حبان "9/ 180".

280- مُسْلِمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيُّ1. أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ إِمَامُ مَسْجِدِ داود بْنِ أَبِي هِنْدٍ. رَوَى عَنْ: يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وداود. وَعَنْهُ: سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ضَعِيفٌ، يُحَدِّثُ عَنْ داود بِمَنَاكِيرَ. لَمْ يَكُنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِالرَّاضِي عَنْهُ. 281- مُسْلِمَةُ بْنُ قَعْنَبٍ2 -د. عَنْ: أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ. وَعَنْهُ: ابْنَاهُ إِسْمَاعِيلُ، وَعَبْدُ اللَّهِ الْقَعْنَبِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّهْمِيُّ. وَهُوَ صَدُوقٌ. 282- مَطَرُ بْنُ عبد الرحمن العنزي3 -د. أبو عبد الرحمن الأعنق، شَيْخٌ بَصْرِيٌّ مُعَمِّرٌ. رَوَى عَنْ: أَبِي الْعَالِيَةَ الرِّيَاحِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، وَجَدَّتِهِ أُمِّ أَبَانٍ بِنْتِ الْوَازِعِ. وَعَنْهُ: أَبُو داود الطَّيَالِسِيُّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصدق.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 267، 268"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 388"، والثقات لابن حبان "9/ 180". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 269"، والثقات لابن حبان "7/ 490"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1334". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 288"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 401"، والثقات لابن حبان "9/ 189".

283- مُشْمَعِلُّ بْنُ مِلْحَانَ1. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنْ: حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: أَبُو الْعَوَّامِ الرِّيَاحِيُّ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ آدَمَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. 284- مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الضَّالُّ2. أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيُّ الْبَصْرِيُّ، ضَلَّ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَلُقِّبَ بِالضَّالِّ. رَوَى عَنْ: بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ بُرَيْدَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ بن وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الفراء، ولوين. وهو من موالي أبي بكر الثَّقَفِيِّ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ حَجَّ وَكَانَ فِي رِفْقَتِهِ آخَرُ اسْمُهُ بِاسْمِهِ فَكَانُوا رُبَّمَا نَادَوْا هَذَا، فَيُجِيبُ هَذَا، فَقَالُوا: الضَّالُّ، لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا. حَكَى مَعْنَى ذَلِكَ أَبُو حَاتِمٍ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَثْبَتَ حَدِيثَهُ، مَا أَصَحَّ حَدِيثَهُ. فَقِيلَ لِأَحْمَدَ: بَعْضُ مَا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ لَمْ يَسْمَعْهُ، فَأَنْكَرَ هذا.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 417"، والثقات لابن حبان "7/ 517"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 46". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 285"، والجرح التعديل "8/ 381"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 337".

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَأَنْكَرَ عَلَى الْبُخَارِيِّ إِخْرَاجَهُ فِي "الضُّعَفَاءِ". قُلْتُ: لَمْ أَرَهُ فِي الضُّعَفَاءِ لِلْبُخَارِيِّ، فَلَعَلَّهُ أَسْقَطَهُ بَعْدُ. وَقِيلَ: أَنَّ أَبَا حَاتِمٍ قَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْعُقَيْلِيُّ، وَلا الدُّولابِيُّ، وَلا أَحَدٌ فِي الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَكِنْ مَا خَرَّجَ لَهُ أَحَدٌ مِنَ السِّتَّةِ، بَلْ عَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ. 285- مُعَاوِيَةُ بْنُ مَيْسَرَةَ1. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ حَفِيدُ شُرَيْحٍ قَاضِي الْكُوفَةَ. بَقِيَ إِلَى حُدُودِ سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. - مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ. مَرَّ. 286- مُعَاوِيَةُ بْنُ يحيى2 -س. ق. أبو مطيع الأطرابلسي ثم الدمشقي. عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ, وَأَرْطَأَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَادِيسِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ. قَالَ دُحَيْمٌ، وَغَيْرُهُ: لا بَأْسَ به.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 386"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 336"، والثقات لابن حبان "7/ 469". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 384"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 336"، والمجروحين لابن حبان "2/ 168".

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. قُلْتُ: لَهُ غَرَائِبُ وَأَفْرَادٌ، وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ أَكْثَرُ مَنَاكِيرَ مِنَ الصَّدَفِيِّ. قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّدَفِيَّ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْغِلابِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: إِنَّ الطَّرَابُلُسِيَّ أَقْوَى مِنَ الصَّدَفِيِّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَبُو مُطِيعٍ هَذَا ثِقَةٌ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ. وَكَذَا وَثَّقَهُ صَالِحٌ جَزَرَةُ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: ضَعِيفٌ. رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: صَالِحٌ لَيْسَ بِذَاكَ. وَقَدْ خَبَطَ ابْنُ حِبَّانَ وَخَلَطَ تَرْجَمَةَ هَذَا بهذا في كتاب الضعفاء. وهو دِمَشْقِيٌّ نَزَلَ طَرَابُلُسَ. 287- مَعْرُوفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ1. أَبُو الْخَطَّابِ الْخَيَّاطُ، أَحَدُ الضُّعَفَاءِ. مَوْلَى عُبَيْدٍ الأُمَوِيِّ الأَعْوَرِ، وَقِيلَ بَلْ هُوَ مِنْ موالي واثلة بْنِ الأَسْقَعِ. رَوَى عَنْ: وَاثِلَةَ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَيَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْحَرِيرِيُّ، وَلُوَيْنُ، وَدُحَيْمٌ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ شَيْخُ ابْنُ جَوْصَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الْخَيَّاطُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: مَعْرُوفٌ أَبُو الْخَطَّابِ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ، رَأَى وَاثِلَةَ يَشْرَبُ الْفُقَّاعَ. وَسَاقَ ابْنُ عَدِيٍّ لَهُ عِدَّةَ أَحَادِيثَ وَقَالَ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ مُسْلِمٌ، وَأَصْحَابُ الْكُنَى أَنَّ مَعْرُوفًا رَأَى وَاثِلَةَ. وَسَأَلَ ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ أَبَاهُ عَنْهُ فقال: ليس بقوي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 322"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 413، 414"، والثقات لابن حبان "5/ 439".

288- مُعَلَّى بْنُ هِلالٍ الْكُوفِيُّ الطحان1 -ق. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: كَذَّابٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَعْرُوفٌ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ. وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ مُتَعَبِّدًا يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ مِائَةَ رَكْعَةٍ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُعَلَّى الطَّحَّانِ بِبَعْضِ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ فَقَالَ: مَا أَحْوَجَ صَاحِبَ هَذَا إِلَى أَنْ يُقْتَلَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ مَرَّةً: كَذَّابٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ، وَكَانَ غَالِيًا فِي التَّشَيُّعِ يَشْتُمُ الصَّحَابَةَ، لا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِحَالٍ. خَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ. نَا مُعَلَّى بْنُ هِلالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يَكُونَ الإِمَامُ مُؤَذِّنًا". قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُعَلَّى ذَاهِبُ الْحَدِيثِ، ثنا ابن أبي القاضي، ثنا محمد ين يَعْلَى الْهَرَوِيُّ، نَا الْمُعَلَّى بْنُ هِلالٍ، عَنْ سليمان التميمي، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "أَنَّ مَلَكًا مُوَكَّلا بِالْقُرْآنِ، فَمَنْ قَرَأَهُ فَلَمْ يُقِمْهُ قَوَّمَهُ الْمَلَكُ، ثُمَّ رفعه مقومًا"2.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 331"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 396"، والمجروحين لابن حبان "3/ 16". 2 "إسناده موضوع": أخرجه ابن حبان في المجروحين "3/ 17"، وفي إسناده معلى بن هلال كذبه العلماء.

289- الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ الحزامي1. المدني -ع- ويلقب بقصي. عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ وَهُوَ مُكْثِرٌ عَنْهُ، وَعَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، وَالْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، وَعَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ ثِقَةٌ، شَرِيفٌ، كَبِيرُ الْقَدْرِ. قِيلَ: كَانَ عَلامَةً بِالنَّسَبِ. قَالَ أَبُو داود: لا بَأْسَ بِهِ. وَعَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْتُ: حَدِيثُهُ مُتَّفقٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَهُ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَيُنْكَرُ عَلَيْهِ. فَمِنْ ذَلِكَ: عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ"2. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ: لَيْسَ فِي الْبَابِ أَصَحُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ. وَبِهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اتَّقُوا الْمَجْذُومَ كَمَا يُتَّقَى الأَسَدُ" 3. وَهَذَا بِمَا لَمْ يتابع عليه.

_ 1 انظر الطبقات" الكبرى لابن سعد "6/ 421"، والجرح والتعديل "8/ 225"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 321"، وتهذيب الكمال "3/ 1362". 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "5/ 128"، وأبو داود "3608"، وابن ماجه "2370"، وأحمد "1/ 248، 315". 3 "حديث حسن": أخرجه البخاري في تاريخه الكبير "1/ 155، 460"، والخطيب في تاريخه "2/ 307"، وانظر الصحيحة "2/ 424"، نعم له شاهد عند البخاري "10/ 132"، بلفظ: "فر من المجذوم كما تفر من الأسد".

أَمَّا: مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ. فَسَيُذْكَرُ في الطبقة الآتية. 290- مفضل بن صالح1 -ت. أَبُو جَمِيلَةَ النَّخَّاسُ، الْكُوفِيُّ وَيُكْنَى أَيْضًا أَبَا علي. رَوَى عَنْ: أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ الْوَرَّاقُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّهَّانُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَقْلُوبَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ حَتَّى يَسْبِقَ إِلَى الْقَلْبِ أنه المعتمد لذلك. 291- المفضل بن يونس الكوفي2 -د. أبو يونس الجعفي. عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، وَأَبِي جَنَابٍ الْوَلِيدِ بْنِ بُكَيْرٍ. وَعَنْهُ: أَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ، لَكِنَّهُ مَاتَ شَابًّا. وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَتَّادُ، وَخَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ ثُمَّ قَالَ: لَمَّا نُعِيَ الْمُفَضَّلُ لابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: وَكَيْفَ تَقَرُّ الْعَيْنُ بَعْدَ الْمُفَضَّلِ؟ قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ".

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 316"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 405"، والمجرحين لابن حبان "3/ 22". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 381"، والجرح والتعديل "8/ 317"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 406"، والثقات لابن حبان "9/ 184".

مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 292- الْمُنْذِرُ بْنُ زِيَادٍ1. أَبُو يَحْيَى الطَّائِيُّ الْبَصْرِيُّ. سَمِعَ: مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ، وَعَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، وَالْوَلِيدَ بْنَ سَرِيعٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ صبهان، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبَّادِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ، وَيَزِيدُ بْنُ النَّضْرِ، وَآخَرُونَ. لَهُ مَنَاكِيرُ قَلِيلَةٌ. قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: كَانَ كَذَّابًا. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 293- الْمُنْذِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المنذر بن الْمُغِيرَةِ الْقُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ الْحِزَامِيُّ الْمَدَنِيُّ2. وَالِدُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَداود بْنِ قَيْسٍ الْفَرَّاءِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَأَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَلَمْ يَلْحَقِ ابْنُهُ السَّمَاعَ مِنْهُ، وَكَانَ مِنْ سَرَوَاتِ قُرَيْشٍ وَفُضَلائِهَا لَهُ وَرَعٌ وَعِبَادَةٌ، دَعَاهُ الْمَهْدِيُّ إِلَى قَضَاءِ الْمَدِينَةِ فَامْتَنَعَ. وَرَوَى قُدَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، فَيُؤَخَّرُ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. 294- مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الْكُوفِيُّ3 -د. ت. ن.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 243"، والمجروحين لابن حبان "3/ 37"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2365". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 243"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 359"، والثقات لابن حبان "7/ 158". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 382"، والجرح والتعديل "8/ 170"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 348".

عَنْ: مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَالْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، وَحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمَعْنٌ الْقَزَّازُ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَداود بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، كَانَ مِنَ الشِّيعَةِ الْكِبَارِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 295- مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ1. أَبُو رِيَاحٍ، شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ، سَكَنَ مَرْوَ، مِنْ مَوَالِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَزَعَمَ أَنَّهُ لَقِيَ الصَّحَابَةَ. يَرْوِي عَنْ: أَبِي أُمَامَةَ، وَابْنِ عَمْرٍو أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَطَاوُسٍ، وَمَكْحُولٍ، وَغَيْرِهِمْ. هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَعَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ الْمَرْوَزِيَّانِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْخَانِيُّ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ نُسْخَةٌ مَوْضُوعَةٌ نَحْوَ ثَلاثِمِائَةِ حَدِيثٍ، لا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ. وَقَالَ قُتَيْبَةُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو رِيَاحٍ بَلْخَ كَانَ يَرْوِي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، فَخَرَجَ أَطْرُوشٌ بِالسَّحَرِ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ هَذَا الَّذِي لَقِيَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ. 296- مَنْصُورٌ. أَبُو أُمَيَّةَ. عَنْ: مَوْلاهُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَمَكْحُولٍ. وَعَنْهُ: داود بْنُ رُشَيْدٍ، وَعَبْدُ الجبار بن عاصم النسائي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 175، 176"، والمجروحين لابن حبان "3/ 39"، وميزان الاعتدال "4/ 185، 186".

297- مَنْصُورٌ النَّمِرِيُّ الشَّاعِرُ1. مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، يُعَدُّ مِنْ طَبَقَةِ سَلْمٍ الْخَاسِرِ، وَمَرْوَانَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ. وَمِنْ شِعْرِهِ فِي الرَّشِيدِ: مَا تَنْقَضِي حَسْرَةٌ مِنِّي وَلا جَزَعُ ... إِلا ذَكَرْتُ شَبَابًا لَيْسَ يَرْتَجِعُ مَا كُنْتُ أُوفِي شَبَابِي كُنْهَ غُرَّتِهِ ... حَتَّى انْقَضَى فَإِذَا الدُّنْيَا لَهُ تَبَعُ مِنْهَا: إِنَّ الْمَكَارِمَ وَالْمَعْرُوفَ أَوْدِيَةٌ ... أَحَلَّكَ اللَّهُ مِنْهَا حَيْثُ تَجْتَمِعُ وَيُقَالُ: إِنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ أجازه بمائة ألف. وهو القائل فيه: جَعَلَ الْقُرْآنَ إِمَامَهُ وَدَلِيلَهُ ... لَمَّا تَخَيَّرَهُ الْقُرْآنُ إماما 298- المنكدر بن محمد بن المنكدر التميمي الْمَدَنِيُّ2 -ت. عَنْ: أَبِيهِ، وَالزُّهْريِّ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ. ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ رَجُلا صَالِحًا كَثِيرَ الْخَطَأِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَطَعَتْهُ الْعِبَادَةُ عَنْ مُرَاعَاةِ الْحِفْظِ. مَاتَ سَنَةَ ثمانين ومائة. 299- مهدي بن ميمون3 -ع.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 240، 262"، وتاريخ بغداد "13/ 65-69". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "9/ 460"، والجرح والتعديل "8/ 406"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 35". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 280"، والجرح والتعديل "8/ 335"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 425".

أبو يحيى الأزدي المعولي، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَأَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، وَعَبْدَانَ بْنِ جَرِيرٍ، وَأَبِي الْوَازِعِ جَابِرِ بْنِ عَمْرٍو الرَّاسِبِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَوَاصِلٍ الأَحْدَبِ، وَوَاصِلٍ مَوْلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَعِدَّةٍ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، وَهُوَ مِنْ مَشْيَخَةِ يَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ، الَّذِي عَرَضَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ الْعَزِيزَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَمُسَدَّدٌ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَعَارِمٌ، وَمُوسَى التَّبُوذَكِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَغَيْرُهُ. وَثَّقَهُ شُعْبَةُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ كَانَ كُرْدِيًّا. مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 300- مَهْدِيُّ بْنُ هِلالٍ الْبَصْرِيُّ1. عَنْ: يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَيَعْقُوبَ بْنِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِيسَى بْنِ الْمُطَّلِبِ، وَنَحْوِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَحَمْدَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّرِيرُ، وَأَحْمَدُ بْنُ خَلادٍ الْقَطَّانُ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، كَذَّابٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ، صَاحِبُ بِدْعَةٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: غَيْرُ ثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى الْقَطَّانَ يَقُولُ: مَا أَشْهدُ عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ كَذَّابٌ إِلا عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، وَمَهْدِيِّ بْنِ هِلالٍ، فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُمَا كَذَّابَانِ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 336، 337"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 425"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 195، 196".

301- مُوسَى بْنُ أَعْيَنٍ1 -مِنْ عدا: ت. الإِمَامُ أَبُو سَعِيدٍ الْجَزَرِيُّ الْحَرَّانِيُّ مَوْلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. رَوَى عَنْ: عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَالأَعْمَشِ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، وَمَعْمَرٍ، وَمُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمَاعَةَ، وأحمد بن أبي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، وَعَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ داود، وَسَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيَّانِ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 302 - مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ الْقُرَشِيُّ2. مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ الضَّرِيرُ، أَبُو هَارُونَ. عَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَالْحَكَمِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَعَبَّادٌ الرُّوَاجِنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ النَّحَّاسُ، وَعِدَّةٌ. كَذَّبَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ليس بشيء. وقال الدارقطني: ضعيف. 303- ميسرة3.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 136"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 280"، والثقات لابن حبان "7/ 458". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 155"، والمجروحين لابن حبان "2/ 238"، وتهذيب الكمال "3/ 1390". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 254"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 377"، والمجروحين لابن حبان "3/ 11، 12".

هُوَ مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْفَارِسِيُّ الْبَصْرِيُّ التَّرَّاسُ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الأَكَّالُ الْمَشْهُورُ. رَوَى عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَمُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، وَغَالِبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعُمَرَ بْنِ سَلامٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ قُتَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ غَيْلانَ، وَمُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو، وَداود بْنُ الْمُحَبِّرِ، وَآخَرُونَ. قَالَ آدَمُ بْنُ مُوسَى: سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ يُرْمَى بِالْكَذِبِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، بَغْدَادِيٌّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَكِتَابُ الْعَقْلِ تَصْنِيفُهُ، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: سَاقِطٌ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْفَارِسِيُّ مِنْ أَهْلِ دَوْرَقٍ كَانَ مِمَّنْ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ، وَيَضَعُ فِي الْحَثِّ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُوحٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ: قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ: مَنْ قَرَأَ كَذَا وَكَذَا كَانَ لَهُ كَذَا؟ قَالَ: وَضَعْتُهُ أُرَغِّبُ النَّاسَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو داود: أَقَرَّ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ يَفْتَعِلُ الْحَدِيثَ، رَوَى فِي قَزْوِينَ وَالثُّغُورِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: وَضَعَ فِي فَضَائِلِ قَزْوِينَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا وَكَانَ يَقُولُ: إِنِّي أَحْتَسِبُ فِي ذَلِكَ. قُلْتُ: فَأَمَّا إِنْ كَانَ مَيْسَرَةُ التَّرَّاسُ الأَكَّالُ فَهُوَ مُمْكِنٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَالتَّرَّاسُ كَانَ مُعَاصِرًا لَهُ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ أَخْبَارٌ مَشْهُورَةٌ فِي كَثْرَةِ الأَكْلِ، وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ الْمُقْرِئُ: نَا غُلامُ خَلِيلٍ -قُلْتُ: وَغُلامُ خَلِيلٍ وَاهٍ: نَا زَيْدُ بْنُ أَخْرَمَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ التَّرَّاسِ: إِيشْ أَكَلْتَ الْيَوْمَ؟ قَالَ: أَكَلْتُ أَرْبَعَةَ آلاف

تِينَةٍ، وَمِائَةَ رَغِيفٍ، وَقَوْصَرَتَيْنِ بَصَلٍ، وَكَيْلَجَةَ سَمَكٍ ومسلوخ، وَشَرِبْتُ نِصْفَ جَرَّةٍ سَمْنٍ. قَالَ: وَدَخَلْتُ مَنْزِلِي، فما خلوا شيئاً حتى خبئوه مِنِّي. وَقَالَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ: نَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ: قَالَ لِيَ الرَّشِيدُ: كَمْ أَكْثَرَ شَيْءٍ أَكَلَ مَيْسَرَةُ؟ قُلْتُ: مِائَةَ رَغِيفٍ وَنِصْفَ مَكُّوكٍ مِلْحٍ. فَدَعَا الرَّشِيدُ بِفِيلٍ، فَطَرَحَ لَهُ مِائَةَ رَغِيفٍ فَأَكَلَهَا إِلا رَغِيفًا. فَهَذِهِ حِكَايَةٌ صَحِيحَةٌ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَتَكِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ قَوْمٍ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُتْرَفِينَ، إِذْ أَقْبَلَ مَيْسَرَةُ عَلَى حِمَارِهِ، فَقَالُوا: أَتَأْكُلُ كَبْشًا؟ قَالَ: مَا أَكْرَهُ ذَلِكَ. قَالَ: فَأَنْزَلُوهُ وَأَخَذُوا حِمَارَهُ إِلَى مَكَانٍ، ثُمَّ بَعْدَ وَقْتٍ جَاءَتِ الْغِلْمَانُ بِجَفْنَةٍ مَلأَى، فَأَقْبَلَ يَأْكُلُ وَيَقُولُ: وَيْحَكُمْ هَذَا لَحْمُ فِيلٍ، وَهَذَا لَحْمُ شَيْطَانَ، حَتَّى فَرَّغَهُ، ثُمَّ قَالَ: حِمَارِي؟ قَالُوا: حِمَارُكَ فِي بَطْنِكَ. قَالَ: إِيشْ تَقُولُونَ؟ فَأَطْعَمُوهُ حِمَارَهُ، وَغَرِمُوا لَهُ ثَمَنَهُ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا عَتِيقٌ السَّلْمَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بن الخشوعي قالا: أنا ابْنُ الْقَاسِمُ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ النَّسِيبُ، أَنَا رَشَأُ الْمُقْرِئُ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِيزِيلَ، ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ لِمَيْسَرَةَ الأَكُولِ: كَمْ تَأْكُلُ؟ قَالَ: مِنْ مَالِي، أَوْ مِنْ مَالِ غَيْرِي؟ قَالُوا: مِنْ مَالِكَ. قَالَ: رَغِيفَيْنِ. قَالُوا: مِنْ مَالِ غَيْرِكَ؟ قَالَ: اخْبِزْ وَاطْرَحْ. مَسْعُودُ بْنُ بِشْرٍ: سَمِعْتُ الأَصْمَعِيُّ يَقُولُ: نَذَرَتِ امْرَأَةٌ أَنْ تُشْبِعَ مَيْسَرَةَ التَّرَّاسَ، فَأَتَتْهُ وَقَالَتْ: اقْتَصِدْ عَلِيَّ فَإِنِّي امْرَأَةٌ مُتَجَمِّلَةٌ غَيْرُ مُتَمَوِّلَةٌ. قَالَ: فَإِنِّي أَقْتَصِدُ.

فَذَكَرَ لَهَا مِنْ أَصْنَافِ الطَّعَامِ، فَإِذَا هُوَ فَوْقَ سَبْعِينَ رَطْلا فَاتَّخَذَتْهُ، ثُمَّ أَحْضَرَتْ مَيْسَرَةَ، فَأَكَلَهُ عَنْ آخِرِهِ. وَكَانَ مَيْسَرَةُ يُزَوِّقُ السُّقُوفَ، فَدَعَاهُ رَجُلٌ يُزَوِّقُ لَهُ وَهُوَ لا يَعْرِفُهُ، وَكَانَ الرَّجُلُ قَدْ دَعَا ثَلاثِينَ إِنْسَانًا إِلَى الْمَوْضِعِ، وَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا كَثِيرًا، فَلَمَّا فَرِغَ الطَّبَّاخُ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، وَنَظَرَ مَيْسَرَةُ إِلَى الْمَوْضِعِ قَدْ خَلا، فَنَزَلَ فَأَكَلَ ذَلِكَ الطَّعَامَ كُلَّهُ، وَعَادَ إِلَى عَمَلِهِ، فَجَاءَ الطَّبَّاخُ وَلَيْسَ فِي الْمَطْبَخِ إِلا الْعِظَامَ، فَأَعْلَمَ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ، وَقَدْ حَضَرَ الْقَوْمُ، فَحَارَ الرَّجُلُ فِي أَمْرِهِ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيْنَ أُتِي، وَأَنْكَرَهُ الْقَوْمُ، فَسَأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ، فَصَدَقَهُمْ، فَنَهَضُوا جَمِيعًا حَتَى دَخَلُوا الْمَطْبَخَ وَعَايَنُوا الْحَالَ، فَكَثُرَ تَعَجُّبُهُمْ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا مِنْ فِعْلِ الْجِنِّ. فَلَمَحَ رَجُلٌ، مِنْهُمْ مَيْسَرَةَ، وَكَانَ يَعْرِفُهُ، فَصَاحَ: قَدْ عَرَفْتُ وَاللَّهِ الْخَبَرَ، هَذَا مَيْسَرَةُ عِنْدَكَ، وَهُوَ أَكَلَ طَعَامَكَ. قَالَ: فَاسْتَنْزَلُوهُ مِنَ الْمَوْضِعِ وَقَالَ: أَنَا أَكَلْتُهُ، وَلَوْ كَانَ لِي مِثْلُهُ لأَكَلْتُهُ فَجَرِّبُوا إِنْ شِئْتُمْ. فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ، وَطَلَعَ إِلَى عَمَلِهِ. رَوَاهَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ زَبْرٍ الْقَاضِي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيلٍ الْقَاضِي، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ بِشْرٍ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ. فَمَيْسَرَةُ هَذَا كَانَ يَأْكُلُ بِالْحَالِ. أَلا تَرَاهُ ذَكَرَ أَنَّ عَادَتَهُ أَكْلُ رَغِيفَيْنِ كَآحَادِ النَّاسِ، وَأَنَّهُ أَكَلَ مَا يَكْفِي سَبْعِينَ رَجُلا وَنَحْوَ ذَلِكَ عِنْدَمَا يَجْمَعُ هِمَّتَهُ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَا مَنْ يَأْكُلُ إِذَا أَرَادَ بِالْحَالِ. وَهَذَا الْحَالُ لَيْسَ مِنْ كَرَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ، فَإِنَّ الأَوْلِيَاءَ أَكْلُهُمْ قَلِيلٌ، وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعَاءٍ وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ. وَأَيْضًا فَالْوَلِيُّ يَأْكُلُ قُوتَ يَوْمٍ فِي أُسْبُوعٍ، يَتَقَوَّتُ بِهِ وَيُبَارَكُ لَهُ فِي طَعَامِهِ وَفِي قُوَاهُ، لا أَنَّهُ يَأْكُلُ نِصْفَ قِنْطَارٍ مِنَ الطَّعَامِ فِي جَلْسَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَعَلَّ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا لا يُسَمِّي اللهَ. وَقِيلَ: بِنَفْسِهِ مَادَّةٌ مُحْرِقَةٌ لِلأَكْلِ، وَقَدْ تُعِينُهُ الشَّيَاطِينُ فِي أَكْلِ ذَلِكَ فَيَفْرَغُ وَتَطِيرُ بَرَكَتُهُ، وَيَظُنُّ هو ومن حضره أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مِنْ كَرَامَاتِ الْمُتَّقِينَ وَإِنَّمَا كَرَامَاتِ السَّادَةِ أَنْ يُحْضِرَ أَحَدُهُمْ مَا يَكْفِي وَاحِدًا، فَيُقَوِّتُ بِهِ الْجَمْعَ الْكَبِيرَ، وَيَشْبَعُونَ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

"حرف النُّونِ": 304- نَاصِحُ بْنُ الْعَلاءِ1. مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، أَبُو الْعَلاءِ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ فِي: "تَرْكِ الْجُمُعَةِ لِلْمَطَرِ". وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَحَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَوَثَّقَهُ. وَقَدْ وَثَّقَهُ أَيْضًا أَبُو داود. مَا خَرَّجُوا لَهُ شَيْئًا. 305- نَجْمُ بْنُ فَرْقَدٍ2. أَبُو عَامِرٍ الْبَصْرِيُّ الْعَطَّارُ. عَنْ: عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَعَنْهُ: مُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ به. 306- نعيم بن ميسرة3 -ت. أبو عمرو الكوفي النحوي المقرئ، نَزِيلُ الرَّيِّ. عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَقَيْسِ بْنِ سَلْمٍ الْجَوْنِيِّ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، وَعَاصِمِ بن أبي النجود.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 503"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 121"، والمجروحين لابن حبان "3/ 55"، والضعفاء لابن عدي "7/ 2512". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 500"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 125"، والثقات لابن حبان "7/ 546". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 461، 462"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 99"، والثقات لابن حبان "7/ 536".

وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ ضُرَيْسٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَعَمْرُو بْنُ رَافِعٍ الْقَزْوِينِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لا بَأْسَ بِهِ. وَكَانَ قَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا. قُلْتُ: وَقَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَغَيْرِهِ. قَالَ قُتَيْبَةُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ س: ثِقَةٌ. 307- نُوحٌ الْجَامِعُ1. هُوَ أَبُو عِصْمَةَ نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمَرْوَزِيُّ الْفَقِيهُ، أَحَدُ الأَعْلامِ. وَيُلَقَّبُ بِنُوحٍ الْجَامِعِ لِمَعْنًى وَهُوَ أَنَّهُ أَخَذَ الْفِقْهَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَدِيثَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي أَرْطَأَةَ، وَالتَّفْسِيرَ عَنِ الْكَلْبِيِّ، وَمُقَاتِلٍ، وَالْمَغَازِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَرَوَى أَيْضًا عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: بُسْرُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ حَبِيبٍ الْفَرَّاءُ، وَحَمَّادُ بْنُ قِيرَاطٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَحِبَّانُ بْنُ مُوسَى، وَسُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاسَرْجِسٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَوُلِّيَ قَضَاءَ مَرْوٍ فِي حَيَاةِ شَيْخِهِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ -رَضِيَ الله عنه- بموعظة معروفة عند الْمَرَاوِزَةِ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَدْ جَمَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلا الصِّدْقَ. وَقِيلَ: كَانَ مُرْجِئًا. وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ أَنَّهُ وَضَعَ حَدِيثَ "فَضَائِلِ سُوَرِ الْقُرْآنِ". وَذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ، وَسَاقَ لَهُ عِدَّةَ مَنَاكِيرَ، ثُمَّ قَالَ: وله غير ما ذكرت،

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 371"، والجرح والتعديل "8/ 484"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 396".

وعامته لا يتابع عليه، وهو من ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ بِذَاكَ، يَعْنِي كَانَ لا يُجِيدُ حِفْظَ الْقُرْآنِ. قَالَ: وَكَانَ شَدِيدًا عَلَى الْجَهْمِيَّةَ، وَتَعَلَّمَ ذَلِكَ مِنْهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ. وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ نُوحٍ الْجَامِعِ فَقَالَ: هُوَ يَقُولُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ جِدًّا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: اسْمُ أبيه أبي مريم يَزِيدَ بْنِ جَعُونَةَ، لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِنُوحٍ بِحَالٍ، وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُقْطَعَ الْخُبْزُ بِالسِّكِّينِ"1. وَقَالَ: "أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ"2. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الْهَاءِ": 308- هَارُونُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ3. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَخَصِيفٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْكِلابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ، وسعيد بن حفص الحراني، وآخرون.

_ 1 "ضعيف جدًّا": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 291"، وقال: قال الدارقطني: تفرد به نوح وهو متروك، وكذلك قال مسلم بن الحجاج وأبو حاتم الرازي: هو متروك. 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 291"، وقال: حديث غير صحيح قال أبو حفص الفلاس: عبد الملك بن عبد الرحمن كذاب، وجمع طرقه العلامة الألباني رحمه الله في الضعيفة "2885". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 88"، والمجروحين لابن حبان "3/ 94"، والضعفاء للعقيلي "4/ 360"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 283".

قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقُدَمَاءِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِمَّنْ يَنْفَرِدُ عَنِ الثِّقَاتِ بِمَا لا يُشْبِهُ حَدِيثَ الأَثْبَاتِ، فَسَقَطَ الاحْتِجَاجُ بِهِ. 309- هَاشِمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الْقُرَشِيُّ1 الْبَكْرِيُّ. الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ قَاضِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بَعْدَ الْقَاضِي الْعُمَرِيِّ، وَكَانَ مِنْ سُكَّانِ الْكُوفَةِ مُدَّةً، وَتَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، وَكَانَ مِمَّنْ يَشْرَبُ النَّبِيذَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ كَذَا وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 310- هِشَامُ بْنُ سُلمَانَ2. أَبُو يَحْيَى الْمُجَاشِعِيُّ، بَصْرِيٌّ، جَائِزُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنْ: يَزِيدَ الرِّقَاشِيِّ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَطَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، وَرَوْحُ بْنُ عَبَّادَةَ. أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ، وَمَا ضَعَّفَهُ. وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: شَيْخٌ. 311- هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ معاوية بْن هشام بْن عَبْد الملك بْن مَرْوَانَ3 الأُمَوِيُّ الْمَرْوَانِيُّ. الأَمِيرُ أَبُو الْوَلِيدِ صَاحِبُ الأندلس.

_ 1 انظر أخبار القضاة الوكيل "3/ 239، 325"، والولاة للكندي "370، 403". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 62"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 199"، والمجروحين لابن حبان "3/ 89". 3 انظر الكامل في التاريخ "5/ 583"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "8/ 225"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 124".

بَايَعَهُ أَهْلُ الأَنْدَلُسِ بِالْمُلْكِ بَعْدَ مَوْتِ وَالِدِهِ في سنة اثنتين وسبعين، فكانت دولته ثماني سِنِينَ. وَمَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانِينَ، وَقَامَ بَعْدَهُ وَلَدُهُ الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ، وَكَانَ هِشَامٌ حَسَنَ السِّيرَةِ، يَعُودُ الْمَرْضَى، وَيُشَيِّعُ الْجَنَائِزَ، وَيُكْثِرُ الصَّدَقَاتِ، وَيَتَعَاهَدُ الْمَسَاكِينَ. عَاشَ سَبْعًا وَثَلاثِينَ سَنَةً، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ اسْمُهَا حَوْرَاءُ. 312- هِشَامُ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْغَسَّانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1. أَبُو الْوَلِيدِ، وَيُقَالُ: أَبُو عُثْمَانَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ: عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَعُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ ابْنُهُ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَطَائِفَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. الْهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ الدمشقي2 م. ع. نَزِيلُ بَيْرُوتَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. كَانَ كَاتِبَ الأَوْزَاعِيِّ وَتِلْمِيذَهُ، وَحَامِلَ عِلْمِهِ. رَوَى أَيْضًا عَنْ: هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَحَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، وَالْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ، وَطَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو الْمَكِّيِّ. وَعَنْهُ: اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: مَا كَانَ بِالشَّامِ أَوْثَقَ مِنْهُ. وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: كَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالأَوْزَاعِيِّ وَبِمَجْلِسِهِ وَفُتْيَاهُ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ: توفي الهقل سنة تسع وسبعين ومائة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 70"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 192"، والثقات لابن حبان "9/ 232". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 122، 123"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 248"، والثقات لابن حبان "9/ 245".

314- هياج بن بسطام1 -ت. أبو خالد التميمي الحنظلي الهروي. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَسُلَيْمَانَ التميمي، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ خَالِدٍ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، وَداود بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَعَنْ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَا عَلِمْنَا الْهَيَّاجَ إِلا صَادِقًا عَالِمًا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ هَنَّادٍ: مَا رَأَيْتُ أَفْصَحَ مِنَ الْهَيَّاجِ، وَلَقَدْ حَدَّثَ بِالطُّرُقِ فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِائَةُ أَلْفِ إِنْسَانٍ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ فَصَاحَتِهِ، يَكْتُبُونَ عَنْهُ. وَعَنْ مَالِكِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَرَوِيِّ قَالَ: كَانَ الْهَيَّاجُ بْنُ بِسْطَامٍ أَعْلَمَ النَّاسِ، وَأَحْلَمَ النَّاسِ، وَأَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَسْخَى النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَأَرْحَمَ النَّاسِ، يَعْنِي فِي زَمَانِهِ. قُلْتُ: وَهَذَا مِنْ مُبَالَغَةِ الْعَجَمِ فِي التَّعْظِيمِ. قَالَ أَبُو داود: تَرَكُوا حَدِيثَهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: يَرْوِي الْمُعْضَلاتِ عَنِ الثِّقَاتِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بن حنبل: متروك. "حرف الواو": 315- الوضاح2.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 112"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 242"، والمجروحين لابن حبان "3/ 96". 2 انظر تاريخ الطبري "8/ 256"، والكامل في التاريخ "6/ 141"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "8/ 206".

هُوَ أَبُو عَوَانَةَ الْوَلِيدُ بْنُ طَرِيفِ بْنِ الصَّلْتِ الشَّيْبَانِيُّ، وَقِيلَ: التَّغْلِبِيُّ الشَّارِيُّ الْخَارِجِيُّ، أَحَدُ أَشْرَافِ الْعَرَبِ الأَبْطَالِ خَرَجَ فِي ثَلاثِينَ نَفْسًا مِنْ قَوْمِهِ بِطَرَفِ الْفُرَاتِ، وَأَقْبَلَ إِلَى رَأْسِ الْعَيْنِ فَلَقِيَ تَاجِرًا نَصْرَانِيًّا فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ، ثُمَّ أَتَى دَارًا فَعَاثَ وَنَهَبَ، وَقَصَدَ مَيَّافَارِقِينَ وَقَدْ كَثُرَ جَيْشُهُ، فَفَدَوْهَا مِنْهُ بِعِشْرِينَ أَلْفًا. ثُمَّ دَخَلَ أَرْزَنَ وَقَتَلَ رَجُلا مِنْ وُجُوهِ أَهْلِهَا مِنْ بَنِي شَيْبَانَ، ثُمَّ قَصَدَ خِلاطَ وَحَاصَرَهَا عِشْرِينَ يَوْمًا فَصَالَحُوهُ عَلَى ثَلاثِينَ أَلْفًا، ثُمَّ سَارَ إِلَى نَاحِيَةِ أَذْرَبَيْجَانَ، وَسَارَ فِي جَيْشِهِ إِلَى حُلْوَانَ، فَالْتَقَاهُ الأَمِيرُ الْحَرَشِيُّ، فَهَزَمَ عَسْكَرَ الْحَرَشِيِّ، ثُمَّ قَصَدَ حَوْلايَا وَبَلْدَةً أُخْرَى، فَفَدَوْهَا مِنْهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ أَتَى نَصِيبِينَ، فاستباحها وقتل خَمْسَةَ آلافِ نَفْسٍ، وَاسْتَفْحَلَ شَرُّهُ إِلَى أَنْ سار إليه يَزِيدَ بْنِ مَزْيَدٍ فَالْتَقَاهُ، فَظَفَرَ بِهِ يَزِيدُ وَقَتَلَهُ، وَتَمَزَّقَ جَمْعُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَوْلُهُمُ الشَّارِيُّ، يَعْنِي مِنْ قَوْلِهِمْ: شَرَيْنَا أَنْفُسَنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ رَثَتْهُ أُخْتُهُ بِأَبْيَاتٍ فَائِقَةٍ. 316- الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ الْهَمْدَانِيُّ الْمُرْهِبِيُّ الْكُوفِيُّ1 -د. ت. ق. عَنْ: زِيَادِ بْنِ عَلاقَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمِغْرَاءِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِزَامِيُّ، وَعَبَّادُ الرَّوَاجِنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ صَالِحٌ جَزَرَةُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ عَبْد اللَّهِ بْنُ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ: سَأَلْتُ ابْنَ نُمَيْرٍ عَنْهُ، فَقَالَ: كَذَّابٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: منكر الحديث جدًّا. وقال النسائي: ضعيف.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 2، 3"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 142"، والمجروحين لابن حبان "3/ 79".

قلت: مات سنة اثنين وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 317- الْوَلِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَاجٍ الْحَرَّانِيُّ1. عَنْ: عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، وَعَنْ: أَبِيهِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ. وَعَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَسْرُوحٍ، وَعَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْقَرْدُوَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 318- الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ2. أَبُو الْعَبَّاسِ الأَشْجَعِيُّ، مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ. عَنْ: مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ، وَوَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ، وَالْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، ويزيد بْنُ الْحُبَابِ، وَمَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ. قَالَ الْخُزَاعِيُّ: لَمْ أَرَ بِمِصْرَ أَثْبَتَ مِنْهُ. قُلْتُ: لَهُ شَيْءٌ فِي الْمَرَاسِيلِ لِأَبِي داود. مَاتَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، أَرَّخَهُ ابْنُ يُونُسَ. "حرف الْيَاءِ": 319- يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ الْحَضْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ3. عَنْ: أَبِيهِ، وَعَاصِمِ بْنِ بهدلة، ويزيد بن أبي زياد.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 11"، والمجروحين لابن حبان "3/ 79"، والضعفاء لابن عدي "7/ 2536". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 217"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 154"، وتهذيب الكمال "3/ 1476". 3 تقدم ترجمته.

كُنْيَتُهُ أَبُو جَعْفَرٍ. رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ إِسْمَاعِيلُ، عبد اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، وَعَوْنُ بْنُ سَلامٍ، وَمَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَارِثِيُّ وَآخَرُونَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ مَنَاكِيرُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. قيل: توفي سنة اثنتين وسبعين. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: قَبْلَ ذَلِكَ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. وَتَرَكَهُ النَّسَائِيُّ. 320- يحيى بن عثمان1 -ق. أبو سهل القرشي التميمي، مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ الدَّسْتُوَائِيُّ. عَنِ: ابْنِ طَاوُسٍ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ. وَعَنْهُ: أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو شَيْخٍ: وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. يَحْيَى بْنُ يَعْلَى. هُوَ أَبُو الْمُحَيَّاةِ، يَأْتِي بكنيته.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 174"، والمجروحين لابن حبان "3/ 122"، وتهذيب الكمال "3/ 1512".

321- يَزِيدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ قُبَيْصَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ1 الْبَصْرِيُّ. الأَمِيرُ، وَلِيَ الْمَغْرِبَ وَإِفْرِيقْيَا زَمَانَ الْمَهْدِيِّ، وَالْهَادِي، وَالرَّشِيدِ، وَوَلِيَ قَبْلَ ذَلِكَ إِمْرَةَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِلْمَنْصُورِ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ، أَوَّلُهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَكَانَ أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَعْدُودِينَ، وَالأَبْطَالِ الْمَوْصُوفِينَ، وَفِيهِ يَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوْلَى الشَّاعِرِ: وَإِذَا تُبَاعُ كَرِيمَةٌ أَوْ تُشْتَرَى ... فَسِوَاكَ بَائِعُهَا وَأَنْتَ الْمُشْتَرِي وَإِذَا الْفَوَارِسُ عُدِّدَتْ أَبْطَالُهَا ... عَدُّوكَ فِي أَبْطَالِهَا بِالْخِنْصَرِ وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: كُنَّا مَعَ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ فَقَالَ: اسْتَنْقُوا لِي ثَلاثَةَ أَبْيَاتٍ، فَكَأَنَّمَا كَانَتْ فِي كُمِّي، فَقُلْتُ: لَمْ أَدْرِ مَا الْجُودُ إِلا مَا سَمِعْتُ بِهِ ... حَتَّى لَقِيتَ يَزِيدًا عِصْمَةَ النَّاسِ لَقِيتُ أَكْرَمَ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمٍ ... مُفَضَّلا بِرِدَاءِ الْجُودِ وَالْبَاسِ لَوْ نِيلَ بِالْمَجْدِ مُلْكٌ كُنْتَ صَاحِبَهُ ... وَكُنْتَ أَوْلَى بِهِ مِنْ آلِ عَبَّاسِ قَالَ: ثُمَّ كَفَفْتُ، فَقَالَ: لا يَسْمَعَنَّ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ. قَالَ الْجَاحِظُ: وَقَالَ ربَيْعَةُ بْنُ ثَابِتٍ يَمْدَحُ يَزِيدَ بْنَ حَاتِمٍ، وَيَهْجُو يَزِيدَ بْنَ أُسَيْدٍ السُّلَمِيَّ: لَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْيَزِيدَيْنِ فِي الندى ... يزيد سليم والأغر ابن حاتم فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله ... وهم الفتى القيسي جمع الدراهم ولا يحسب التمتام أَنِّي هَجَوْتُهُ ... وَلَكِنَّنِي فَضَّلْتُ أَهْلَ الْمَكَارِمِ قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: تُوُفِّيَ يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ سَنَةَ سَبْعِينَ أَوْ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنَهُ داود مَكَانَهُ عَلَى إِفْرِيقْيَا. قُلْتُ: وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ السَّالِفَةِ يَزِيدُ، وَأَنَّهُ مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ. 322- يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الله2.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "10/ 4656"، والكامل في التاريخ "13/ 398". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 300".

أَبُو خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ السَّرَّاجُ. عَنْ: مَكْحُولٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْقَاوِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ. مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 323- يَزِيدُ بْنُ عطاء اليشكري1 -د. ويقال الكندي، ويقال السلمي، مَوْلاهُمْ أَبُو خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ. التَّاجِرُ الْبَزَّازُ مَوْلَى أَبِي عَوَانَةَ وَضَّاحٌ الْحَافِظُ. رَوَى عَنْ: مَنْصُورٍ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ. وَعَنْهُ: أَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ الْخَوْلانِيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَسَعْدَوَيْهِ الواسطي، وخلق مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ. قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُهُ مُقَارِبٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ. 324- يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ الْحَضْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ2 -د. ن. ق. سَمِعَ أَبَاهُ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَغَيْرُهُمْ.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 312"، والجرح والتعديل "9/ 282"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 351"، والمجروحين لابن حبان "3/ 103". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 289"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 360"، والثقات لابن حبان "9/ 272"، وتهذيب الكمال "3/ 1543".

قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 325- يَزِيدُ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ الصَّنْعَانِيُّ1 -ت. شَامِيٌّ نَزَلَ بَغْدَادَ. لَهُ عَنْ: حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْرِيِّ، وعمارة بن غزية، ويزيد بن يزيد بن جابر. وكان من فقهاء دمشق. روى عن: سعيد بن سليمان الواسطي، وخالد بن مرداس، ومنصور بن أبي مزاحم. قال أحمد بن حنبل: قد رأيته. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال الدارقطني: لا يَسْتَحِقُّ التَّرْكَ. 326- يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ2. أَبُو شَيْبَةَ الْخُرَاسَانِيُّ الْكُوفِيُّ. عَنِ: ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. 327- يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ هَانِئِ بْنِ عامر بن أبي عامر3 الأشعري -ع.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 296"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 369"، والمجروحين لابن حبان "3/ 106". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 287"، والثقات لابن حبان "7/ 627"، وتهذيب الكمال "3/ 1543"، وميزان الاعتدال "4/ 440". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 209"، والطبقات لابن سعد "7/ 382"، والثقات لابن حبان "7/ 645"، وتهذيب الكمال "3/ 1552".

أبو الحسن القمي مِنْ عُلَمَاءِ الْعَجَمِ، يَرْوِي عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ أبي المغيرة القمي، وعن: زيد بْنِ أَسْلَمَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعِيسَى بْنِ جَارِيَةَ صَاحِبِ جَابِرٍ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الإِصْبَهَانِيُّ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، وأبو الربيع الزهراني، وعمرو بن رافع بن شَيْخُ قَزْوِينَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ إِذَا رَآهُ قَالَ: هَذَا مُؤْمِنُ آلِ فرعون، يعني لكثرة الرَّافِضَةِ بقُم. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قُلْتُ: قَدْ عَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ. سَيَأْتِي. 328- يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ1 -ق. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، وَعُبَيْدُ بْنُ جُنَادٍ، وَسُنَيْدُ بْنُ داود الْمِصِّيصِيُّ. ضَعَّفَهُ أَبُو داود، وَغَيْرُهُ، وَمَا هُوَ بِمَتْرُوكٍ. قَدْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: أَحَادِيثُهُ نَحْوَ الْعَشَرَةِ مِنْهَا: رَوَى عبيد بْنُ جُنَادٍ، عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ:

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 229"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 381"، والمجروحين لابن حبان "3/ 135، 136".

سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ الإِيمَانِ فَقَالَ: "الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ" 1. وَبِهَذَا السَّنَدِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَلَبِيِّ، عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا رَأَى مُغَيَّرَ الْخَلْقِ سَجَدَ، وَإِذَا رَأَى الْقِرْدَ سَجَدَ. 329- يُونُسُ بْنُ أَرْقَمَ الْبَصْرِيُّ2. عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، وَأَبِي حَرْبٍ الدُّؤَلِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادَةَ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ. وَلَمْ أَرَهُ فِي الثِّقَاتِ وَلا الضُّعَفَاءِ. نَعَمْ لينه ابن خراش. 330- يونس بن راشد3 -د. أبو إسحاق قَاضِي حَرَّانَ. عَنْ: عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، وَخُصَيْفٍ، وَعَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيَّانِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. 331- يُونُسُ بْنُ عُثْمَانَ4. أَبُو شُعْبَةَ الحمصي.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه الديلمي "1/ 1/ 128"، وتكلم عليه العلامة الألباني -رحمه الله- في الصحيحة "1495". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 236"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 410"، والثقات لابن حبان "9/ 287، 288". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 239"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 412"، والثقات لابن حبان "9/ 289". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 243"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 412"، والثقات لابن حبان "7/ 649، 650".

عَنْ: لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ، وَغَيْرُهُمَا. صُوَيْلِحٌ. 332- يُونُسُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَنَفِيُّ الْيَمَامِيُّ1 -خ. عَنْ: عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. وَعَنْهُ: ابنه عُمَرَ بْنُ يُونُسَ، وَيَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ، وَمُسَدَّدٌ. لَقِيَهُ مُسَدَّدٌ بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَهُوَ صَدُوقٌ. 333- يُونُسُ بْنُ نَافِعٍ2. أَبُو غَانِمٍ، نَزِيلُ خُرَاسَانَ. رَوَى عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَكَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَهْلُ مَرْوٍ؛ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، وَمُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّونَ. مَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. 334- يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ العبدي3 -م. ق. وَاسْمُ أَبِيهِ وَقْدَانُ الْكُوفِيُّ. روى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيفَةَ، والزهري، والأسود بن قيس، وعمار الدهني.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 245"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 410"، والثقات لابن حبان "7/ 651". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 247"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 413"، والثقات لابن حبان "7/ 650". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 247"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 410"، والثقات لابن حبان "7/ 651".

وعنه: محمد بن بكر الحضرمي، وسعيد بن منصور، وجعفر بن حميد، وسويد بن سعيد، وعثمان بن أبي شيبة، وعباد بن يعقوب. ضعفه ابن معين. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ضعيف. الكنى: 335- أبو الأحوص الكوفي1 -ع- مَوْلَى بَنِي حَنِيفَةَ. وَهُوَ سَلامُ بْنُ سُلَيْمٍ الْحَافِظُ. رَوَى عَنْ: زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَشَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، وَآدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، وَالأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَطَبَقَتِهِمْ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ. وَلَمْ يَرْحَلْ. وَعَنْهُ: مسدد، وقتيبة، وابنا أبي شيبة، وخلف البزاز، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَخَلْقٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ مُتْقِنٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ صَاحِبُ سُنَةٍ وَاتِّبَاعٍ، كان إذا ملئت داره من المحدثين قَالَ لابْنِهِ أَحْوَصَ: قُمْ، فَمَنْ رَأَيْتَهُ يَشْتُمُ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ فَأَخْرِجْهُ. وَكَانَ حَدِيثُهُ نحوُا مِنْ أَرْبَعَةِ آلافٍ. قلت: وكان مُتَعَبِّدًا مُتَأَلِّهًا كَبِيرَ الْقَدْرِ، قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ضَمْرَةَ الزَّيَّاتِ، وَهُوَ خَالُ سُلَيْمٍ الْقَارِئِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَرِيكٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، مَا أَقْرَبَهُ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عياش.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 379"، والجرح والتعديل "4/ 359"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 135".

336- أبو إسماعيل القناد1 -ت. ن. إبراهيم بن عبد الملك، بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. رَوَى عَنْ: قَتَادَةَ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ دُرُسْتَ، وَلُوَيْنُ، وإسحاق بن أبي إسرائيل. قال النسائي: لا بَأْسَ بِهِ. وَلَيَّنَهُ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: يَهِمُ فِي الْحَدِيثِ. 337- أَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ2 -م. ت. عَنْ: أَبِيهِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَأَبي الْوَازِعِ جَابِرِ بْنِ عَمْرٍو. وَعَنْهُ: مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ. وَثَّقَهُ أَبُو داود. وَاسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ. 338- أَبُو بَكْرٍ الدَّاهِرِيُّ3. اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِيمٍ. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَيُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ، وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى، وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وَطَائِفَةٌ. رَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابن معين: ليس بشيء.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 113"، والثقات لابن حبان "6/ 26"، وتهذيب الكمال "2/ 140"، وميزان الاعتدال "4/ 491". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 343"، والتاريخ الكبير للبخاري "9/ 14"، والثقات لابن حبان "7/ 656". 3 تقدمت ترجمته برقم "152".

وقال أيضًا: ليس بثقة. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يَصِحُّ حَدِيثُهُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ أَحَادِيثَ لا أَصْلَ لَهَا. 339- أَبُو حَرِيزٍ الزَّاهِرِيُّ1. اسْمُهُ سَهْلٌ مَوْلَى آلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عوف. يَرْوِي عَنِ: ابْنِ شِهَابٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ. 340- أَبُو الْخَطَّابِ الثَّقَفِيُّ2. هُوَ عَبْدُ الْمَلَكِ بْنُ خَطَّابِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ "الْبَصْرِيُّ" سَمِعَ: عُمَارَةَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّمْلِيُّ. لا أَعْلَمُ فِيهِ جَرْحًا. 341- أَبُو الْخَطَّابِ الأَخْفَشُ الْكَبِيرُ3. شَيْخُ الْعَرَبِيَّةِ، أَخَذَ عَنْهُ سِيبَوَيْهِ. قِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ. كَانَ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَلَوْلا سِيبَوَيْهِ لَمَا كَانَ يُعْرَفُ فَإِنَّ الأَخْفَشَ الأَوْسَطَ الَّذِي أخذ عن سِيبَوَيْهِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ سَنَةِ مِائَتَيْنِ. وَلِأَبِي الْخَطَّابِ هَذَا أَشْيَاءُ غَرِيبَةٌ يَتَفَرَّدُ بِهَا عَنِ الْعَرَبِ. وَقَدْ أَخَذَ عَنْهُ أَيْضًا: عِيسَى بْنُ عُمَرَ النَّحْوِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ المثنى.

_ 1 تقدمت ترجمته برقم "125". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 349"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 412"، والثقات لابن حبان "8/ 386". 3 انظر العقد الفريد "3/ 302"، والبداية والنهاية "10/ 176".

وَلَمْ أَظْفَرْ بِوَفَاتِهِ. 342- أَبُو دُلامَةَ1. الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، صَاحِبُ الْمُجُونِ، كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا لَهُ نَوَادِرُ عَجِيبَةٌ وَفَصَاحَةٌ وَمُلَحٌ وَشِعْرٌ سَائِرٌ. وَهُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي أَسَدٍ، وَاسْمُهُ زِنْدُ بْنُ الْجَوْنِ. وَيُقَالُ: بَلِ اسْمُهُ زَيْدٌ بِمُوَحَّدَةٍ، وَهُوَ عَبْدٌ مُوَلَّدٌ. رَوَى مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْمَنْصُورَ أَلْزَمَ أَبَا دُلامَةَ بِحُضُورِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي جَمَاعَةٍ، فَقَالَ: يُكَلِّفُنِي الأُولَى جميعًا وعصرها ... وما لي وللأولى وما لي وللعصر وَمَا ضَرَّهُ وَاللَّهُ يَغْفِرُ ذَنْبَهُ ... لَوْ أَنَّ ذُنُوبَ الْعَالَمِينَ عَلَى ظَهْرِي 343- أَبُو سَلَمَةَ الْعَامِلِيُّ الشَّامِيُّ2 -ق. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، وَأُنَيْسَةَ بِنْتِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ. وَعَنْهُ: الثَّوْرِيُّ، وَشَيْبانُ، وَهُمَا مِنْ جِيلِهِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْجَزَائِرِيُّ. وَقِيلَ: إِنَّ هِشَامَ بْنَ عَمَّارٍ لَحِقَهُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ. وَقَالَ الْجِعَابِيُّ: هُوَ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَّافٍ أَبُو سَلَمَةَ. قَالَ: وَأَبُو سَلَمَةَ الْعَامِلِيُّ دِمَشْقِيُّ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: بَلْ هما واحد.

_ 1 انظر العقد الفريد "1/ 143"، والكامل في التاريخ "5/ 610"، وأخبار الحمقى "101"، والأذكياء "154"، كلاهما لابن الجوزي. 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 383"، وتهذيب الكمال "3/ 1611"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 532".

344- أَبُو الشَّمَقْمَقِ الشَّاعِرُ1. اسْمُهُ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ لَهُ فِي الْجِدِّ وَالْهَزْلِ أَشْيَاءُ. وَكَانَ يَكُونُ بِبَغْدَادَ فِي عَصْرِ أَبِي دُلامَةَ. 345- أَبُو شِهَابٍ الحناط2 -خ. م. د. ت. ق. هُوَ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ الْكُوفِيُّ، ثُمَّ المدائني. رَوَى عَنِ: الْعَلاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، وَطَائِفَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ يَكُنْ بِالْحَافِظِ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ بِالْمَوْصِلِ وَكَانَ ذَا وَرَعٍ وَفَضْلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. أَبُو عُبَيْدَةَ الْخَزَّازُ3. هُوَ عُبَيْسُ بْنُ مَيْمُونٍ. مَرَّ. 346- أَبُو عَبْدِ رَبِّ الْعِزَّةِ الدِّمَشْقِيُّ4. يُقَالُ: اسْمُهُ عبد ربه. روى عن: معاوية.

_ 1 انظر البخلاء للخطيب "103، 104"، والعقد الفريد "3/ 35، 36". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 391"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 81"، والثقات لابن حبان "7/ 154"، وتهذيب الكمال "2/ 771". 3 تقدمت ترجمته برقم "197". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 465"، والجرح والتعديل "5/ 257"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 372"، وتهذيب الكمال "3/ 1621".

رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جَابِرٍ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى الوحاظي. وعمر دهرًا طويلا. 347- أبو عوانة1 -ع. هُوَ الْوَضَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ الْوَاسِطِيُّ الحافظ، مَوْلَى يَزِيدَ بْنِ عَطَاءٍ الْيَشْكُرِيِّ، يُقَالُ: مِنْ سبي جرجان. رأى الحسن، وابن سيرين. وروى عَنْ: قَتَادَةَ، وَالْحَكَمِ، وَزِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَأَبِي بِشْرٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، وَمَنْصُورٍ، وَالسُّدِّيِّ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَطَبَقَتِهِمْ فَأَكْثَرَ، وَعَنْهُ: حِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، وَعَفَّانُ، وَيَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ خَتَنُ أَبِي عَوَانَةَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، وَعَارِمٌ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمُسَدَّدٌ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَشَيْبَانُ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. قَالَ عَفَّانُ: هُوَ أَصَحُّ حَدِيثًا عِنْدَنَا مِنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ صَحِيحُ الْكِتَابِ، وَإِذَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ رُبَّمَا يَهِمُ. وَقَالَ عَفَّانُ: كَانَ صَحِيحَ الْكِتَابِ كَثِيرَ الْعُجْمِ وَالنُّقَطِ، ثَبْتًا. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ مَوْلاهُ يَزِيدُ قَدْ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْحُرِّيَّةِ وَبَيْنَ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ، فَاخْتَارَ كِتَابَةَ الْحَدِيثِ. وَفَوَّضَ إِلَيْهِ مَوْلاهُ التِّجَارَةَ، فَجَاءَهُ سَائِلٌ فَقَالَ: أَعْطِنِي دِرْهَمَيْنِ فَإِنِّي أَنْفَعُكَ، فَأَعْطَاهُ دِرْهَمَيْنِ، فَدَارَ السَّائِلُ عَلَى رُؤَسَاءِ الْبَصْرَةِ بِكَذِبَةٍ يَقُولُ: بَكِّرُوا عَلَى يَزِيدَ، فَإِنَّهُ قَدْ أَعْتَقَ أَبَا عَوَانَةَ. قَالَ: فَاجْتَمَعُوا إِلَى يَزِيدَ يُثْنُونَ عَلَيْهِ، فَأَنِفَ مِنْ أَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ، فَأَعْتَقَهُ حَقِيقَةً. وَرَوَى أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَوَانَةَ! ادْعُ اللَّهَ أَنْ لا يميتني حتى يبلغ ولدي الصغار.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 287"، والجرح والتعديل "9/ 4140"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 181"، والمجروحين لابن حبان "1/ 54".

فَقُلْتُ: إِنَّ الأَجَلَ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ. فَقَالَ لِي: أَنْتَ بَعْدُ فِي ضَلالِكَ. قُلْتُ: قَدْ صَحَّ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا لأنس وغيره بِطُولِ الْعُمْرِ"1. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: مَا أَشْبَهَ حَدِيثَ أَبِي عَوَانَةَ بِحَدِيثِ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ. قَالَ عَفَّانُ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ: إِنْ حَدَّثَكُمْ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَصَدِّقُوهُ، يَعْنِي عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ فِي أَنَّهُ صَدُوقٌ. مَاتَ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ. قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كِتَابُ أَبِي عَوَانَةَ أَثْبَتُ مِنْ حِفْظِ هُشَيْمٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، وَكُتُبُهُ صَحِيحَةٌ، فَإِذَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ غَلَطَ كَثِيرًا. وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. 438- أَبُو الْمُحَيَّاةِ2 -م. ت. ن. ف. يحيى بن يعلى بن حرملة التميمي الكوفي. عَنْ: سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَمَنْصُورٍ، وَعَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، وَهَنَّادٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. 349- أَبُو مُسْلِمٍ3. قَائِدُ الأَعْمَشِ شَيْخٌ كُوفِيٌّ اسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سعيد.

_ 1 تقدم تخريج خبر دعاؤه -صلى الله عليه وسلم- لأنس -رضي الله عنه. وللمزيد هو في البخاري "11/ 155"، ومسلم "660، 2480"، والترمذي "3827، 3828". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 384"، والجرح والتعديل "9/ 196"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 311"، والثقات لابن حبان "9/ 261". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 878"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 383"، والضعفاء للعقيلي "3/ 121"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 9".

لَهُ عَنِ: الأَعْمَشِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وعنه: حسين بن حفص الأصبهاني، ويحيى بن أبي بكير، وأبو مسلم عبد الرحمن بن واقد. قال البخاري: في حديثه نظر. 350- أبو معشر البراء1 خ. م. اسمه يوسف بن يزيد البصري العطار. وَكَانَ أَيْضًا يَبْرِي النَّبْلَ. رَوَى عَنْ: حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجَ، وَخَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ. وَعَنْهُ: سِنْدَانُ بْنُ مُضَارِبٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَلُوَيْنُ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَآخَرُونَ. ثِقَةٌ. وَرُوِيَ أَنَّ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ضَعَّفَهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. 351- أَبُو نَوْفَلٍ2. هُوَ الْكَلْبِيُّ، اسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ، الدِّمَشْقِيُّ الدَّارِ، الْكُوفِيُّ الأَصْلِ. رَوَى عَنْ: قتادة، وعبد الملك بن عمير، وأبي إسحاق. وعنه: أبو مسهر، ويحيى الوحاظي، وأبو توبة الحلبي، وهشام بن عمار. وثقه هشام. السيد الحميري3. مر في السين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 234، 235"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 385"، والثقات لابن حبان "7/ 637"، وتهذيب الكمال "3/ 1564". 2 انظر الكنى للدولابي "2/ 142". 3 تقدمت ترجمته برقم "128".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع: الطبقة الثامنة عشرة: "سنة إحدى وسبعن ومائة": 3 المتوفون في هذه السنة. 3 عزل الفضل بن سليمان ووفاته. 3 ضرب عنق أمير الجزيرة. 3 إِخْرَاجُ الرَّشِيدِ الْعَلَوِيِّينَ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ المنورة. 4 سفر الخيزران للحج. "سنة اثنتين وسبعين ومائة": 4 المتوفون في هذه السنة. 4 إمارة عبيد الله بن المهدي على أرمينية. 4 الحج هذا الموسم. "سنة ثلاث وسبعين ومائة": 4 المتوفون في هذه السنة. 5 الحج في الموسم. 5 إمارة العباس بن جعفر على خراسان. "سنة أربع وسبعين ومائة": 5 المتوفون في هذه السنة. 5 الحج هذا العام. "سنة خمس وسبعين ومائة": 5 المتوفون في هذه السنة. 5 عقد البيعة لمحمد الأمين. 6 ظُهُورُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ بِالدَّيْلَمِ. 6 خبر اليمين الذين أقسمه الزبيري والعلوي. 7 هياج العصبية بالشام. 7 إمارة الغطريف بن عطاء على خراسان. 7 إمارة جعفر البرمكي على مصر.

"سنة ست وسبعن ومائة": 7 المتوفون في هذه السنة. 7 الحرب بين اليمانية والقيسية في الشام. 7 فتح مدينة دبسة. "سنة سبع وسبعين ومائة": 8 المتوفون في هذه السنة. 8 ولاية إسحاق بن سليمان على مصر. 8 ولاية الفضل بن يحيى على خراسان. 8 الحج هذا الموسم. "سنة ثمان وسبعين ومائة": 8 المتوفون في هذه السنة. 9 فتنة الحوفية بمصر. 9 ولاية هرثمة بن أعين على مصر. 9 فتة أهل المغرب. 9 تفويض أمور الممالك ليحيى بن خالد. 9 خروج الوليد بن طريف الشاري. 9 مسير الفضل بن يحيى إلى خراسان. "سنة تسع وسبعين ومائة": 10 المتوفون في هذه السنة. 10 إمارة منصور الحميري على خراسان. 10 خروج الوليد من طريف من جديد. 11 عمرة الرشيد وحجه. 11 إمرة هرثمة بن أعين على المغرب. "سنة ثمانين ومائة": 11 المتوفون في هذه السنة. 12 هياج العصبية بالشام. 12 استيطان الرشيد بالرقة. 12 الزلزلة بمصر. 12 خروج خراشة الشيباني. 12 خروج المحمرة بجرجان. 12 استخلاف الرشيد للأمين على بغداد. 12 الحج هذا الموسم.

"تراجم هذه الطبقة على المعاجم": "حرف الألف". 13 1- إبراهيم بن حميد الرواسي الكوفي. 13 2- إبراهيم بن سعيد المديني. 13 3- إبراهيم بن سويد المدني. 13 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله العباسي. 14 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي شَيْبَانَ العنسي الدمشقي. 15 6- إبراهيم بن عقبة الراسبي. 15 7- آدَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْد العزيز الآموي. 15 8- إسحاق بن إبراهيم الثقفي الكوفي. 16 9- إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس المدني. 16 10- إسحاق بن عبيد بن أبي مليكة. 17 11- إسماعيل بن إبراهيم المديني. 17 12- إسماعيل بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ. 18 13- إسماعيل بن زكريا الخلقاني الكوفي. 19 14- إسماعيل بن زياد السكوني قاضي الموصل. 20 15- إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين المكي. 21 16- إسماعيل بن قيس القيسي. 21 17- إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ الأنصاري المدني. 21 18- إسماعيل بن مختار الكوفي. 22 - إسماعيل بن مجالد. 22 19- إسماعيل بن اليسع الكوفي. 22 20- أمية بن شبل الصنعاني. 22 21- أُمَيَّةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ. 23 22- أيوب بن جابر السحيمي اليمامي المدني. 24 23- أيوب بن سيار الزهري. 24 24- أيوب بن عتبة اليمامي قاضي اليمامة. "حرف الْبَاءِ". 25 25- الْبَخْتَرِيُّ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ سَلْمَانَ الكلبي.

26 26- بشر بن عمارة الكوفي المؤدب. 26 27- بشر بن منصور الأزدي السليمي الزاهد. 28 28- بشر بن منصور الحناط. 28 29- بشير بن طلحة الخشني الشامي. 28 30- بشير بن ميمون الواسطي. 29 31- بكر بن حمران الرفاعي. 29 32- بكر بن مضر بن محمد المصري. "حرف التاء". 30 33- تمام بن بزيع. "حرف الثاء". 31 34- ثمامة بن عبيدة العبدي. "حرف الْجِيمِ". 31 35- جَابِرُ بْنُ غَانَمٍ السَّلَفِيُّ الْخُشَنِيُّ. 32 36- جارية بن هرم الفقيمي البصري. 32 37- الجراح بن الضحاك الكندي الكوفي الرازي. 33 38- الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي ناظر بيت المال. 33 39- الجراح بن مليح البهراني الحمصي. 34 40- جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه العباسي الهاشمي الأمير. 34 41- جعفر بن سليمان الضبعي البصري. 37 42- جميل بن عبيد البصري. 37 43- جويرية بن أسماء بن عبيد الضبعي البصري. "حرف الحاء". 38 44- حاتم بن شفي الهمداني. 38 45- الحارث بن الصلت المدني الأعور المؤذن. 38 46- الحارث بن عبيد الإيادي البصري. 39 47- الحارث بن عمير البصري. 39 48- الحباب بن موسى السعيدي الكوفي. 40 49- حبان بن علي العنزي الكوفي. 40 50- حبيب بن حبيب الكوفي.

41 51- حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجِ بْنِ الرُّحَيْلِ الجعفي الكوفي. 41 52- حرب بن أبي العالية البصري. 42 53- حزم بن أبي حزم مهران القطعي. 42 54- الحسن بن عياش بن سالم الكوفي. 43 55- حسين بن عبد الله بن ضميرة الحميري المدني. 44 56- حصين بن نمير الواسطي. 44 57- حفص بن جميع العجلي الكوفي. 44 58- حفص بن سليمان الأسدي الغاضري الكوفي المقرئ. 46 59- حفص بن صبيح الأزرق. 46 60- الحكم بن ظهير الكوفي. 47 61- الحكم بن عبد الله بن خطاف العاملي الأزدي. 47 62- الحكم بن عبدة البصري. 47 63- الحكم بن عمرو الرعيني الحمصي. 48 64- الحكم بن فضيل الواسطي. 48 65- الحكم بن هشام الثقفي العقيلي. 50 66- حكيم بن نافع الرقي. 50 67- حماد بن زيد بن درهم بن إسماعيل الأزدي. 53 68- حماد بن شعيب التميمي الحماني الكوفي. 54 69- حماد بن أبي حنيفة النعمان بن ثابت. 54 70- حماد بن يحيى الأبج الأنصاري. 54 71- حمزة بن عبد الواحد المكي. 55 72- حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاصُّ. "حرف الْخَاءِ". 55 73- خَارِجَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رَافِعِ الجهني المدني. 55 74- خاقان بن الأهتم المنقري. 56 75- خالد بن زياد الأزدي الترمذي. 56 76- خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ الأُمويّ. 56 77- خالد بن شوذب الجشمي البصري. 56 78- خالد بن ميسرة البصري العطار.

57 79- خالد بن يزيد الزيات الكوفي. 57 80- خلاد بن سليمان الحضرمي المصري. 57 81- خلف الأحمر اللغوي الشاعر. 58 - خلف بن خليفة. 58 82- الخليل بن أحمد صاحب العروض. 58 83- خَشَافٌ الْكُوفِيُّ صَاحِبُ اللُّغَةِ. 58 84- الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ. 58 85- الخيرزان الجرشية. "حرف الدال". 59 86- داود بن الزبرقان البصري. 59 87- داود بن عبد الرحمن العطار المكي. 60 88- داود بن يزيد الثقفي البصري. 60 89- ديلم بن غزوان العبدي البصري البراء. "حرف الذال". 61 90- ذاود بن علبة. "حرف الراء". 61 91- رابعة العدوية. 63 92- الربيع بن سهل بن الركين الفزاري. 63 93- رفاعة بن يحيى بن عبد الله الأنصاري الزرقي. 64 94- رفدة بن قضاعة الغساني. 64 95- روح بن حاتم بن قبيصة الأزدي المهلبي. 64 96- روح بن مسافر البصري. 65 97- روح بن عطاء بن أبي ميمونة. 65 98- رياح بن عمرو القيسي البصري الزاهد. "حرف الزَّايِ". 66 99- زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجِ الجعفي الكوفي. 67 100- زهير بن هنيدة العدوي. 67 101- زياد أبو السكن الباهلي.

"حرف السين". 68 102- سالم بن جمضيع القزاز البصري. 68 103- سعد بن زياد العباسي. 69 104- سعد بن عبد الله بن سعد المعافري. 69 105- سعدان بن بشر الجهني الكوفي. 69 106- سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الْحُسَامِ الْعَدَوِيِّ. 70 107- سعيد بن عبد الله بن الربيع الكوفي. 70 108- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ القرشي. 71 109- سعير بن الخمس التميمي الكوفي. 72 110- سكين بن عبد العزيز بن قيس العطار. 72 111- سَكَنُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ الْبَصْرِيُّ صَاحِبُ الْغَنَمِ. 73 - سلام بن سليم أبو الأحوص. 73 112- سلام بن سليمان المزني القارئ النحوي. 73 113- سلام بن سلم التميمي السعدي. 74 - سلام بن سليمان المدائني الصغير. 75 114- سلام بن أبي الصهباء الفزاري. 75 115- سلام بن أبي مطيع البصري الخزاعي. 76 - سلام بن أبي خبزة البصري. 76 116- سلمة بن عمرو العقيلي قاضي دمشق. 76 117- سلمة بن كلثوم الكندي الدمشقي. 77 118- سلم الخاسر الشاعر. 78 119- سليمان بن بلال المدني الحافظ. 79 120- سليمان بن سالم القرشي البصري القطان. 79 121- سليمان بن عطاء القرشي الحراني. 80 122- سليمان بن موسى الزهري الكوفي. 80 123- سليم بن أخضر البصري. 80 124- سنان بن هارون البرجمي. 81 125- سهل مولى المغيرة المدني. 82 126- سوار بن مصعب الهمداني الكوفي الضرير.

82 127- سيبويه"عمرو بن عثمان بن قنبر" النحوي. 84 128- السيد الحميري"الإسماعيل بن محمد الشاعر". 87 129- سيف بن عمر التميمي الأسيدي الضبي. 88 130- سيف بن هارون البرجمي الكوفي العابد. "حرف الشين". 89 131- شريك القاضي بن عبد الله النخعي الكوفي. 90 ذكر نسبه. 97 132- شعيب بن رزيق المقدسي. 97 133- شعيب بن رزيق الطائفي الثقفي. 97 134- شعيب بن صفوان الثقفي. 98 135- شهاب بن خراش الواسطي. 99 136- شهاب بن شرنفة المجاشعي البصري. 99 137- شيطان الطاق"محمد بن علي بن النعمان البجلي". "حرف الصاد". 100 138- صالح المري بن بشير البصيري القاص. 102 139- صدقة بن خالد القرشي الدمشقي. 103 140- صدقة بن المنتصر الشعباني. 103 141- صعصعة بن سلام الفقيه. 104 142- الصلت بن الحجاج الكوفي. "حرف الطَّاءِ". 104 143- طُعْمَةُ بْنُ عَمْرٍو الْجَعْفَرِيُّ الْعَامِرِيُّ الكوفي. 105 144- طلحة بن زيد الشامي الرقي. 106 145- طلحة بن يحيى بن النعمان الزرقي المدني. 106 146- طليب بن كامل اللخمي الفقيه المصري. "حرف الْعَيْنِ". 106 147- عَاصِمُ بْنُ الْعَلاءِ بْنُ مُغِيثٍ الخولاني. 107 148- عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَافٍ الْيَمَامِيُّ. 107 149- عباد بن عبد الصمد البصري التميمي. 108 150- عبثر بن القاسم الكوفي الزبيدي.

109 151- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ السَّعْدِيُّ. 110 152- عبد الله بن حكيم الداهري البصري. 111 153- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعُمَرِيُّ. 111 154- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ الْوُحَاظِيُّ الْحِمْصِيُّ. 112 155- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّيْثِيُّ الْمَدَنِيُّ. 112 156- عبد الله بن عثمان البصري. 113 157- عبد الله بن عرادة السدوسي. 113 158- عبد الله بن عقيل الثقفي. 113 159- عبد الله بن عمر بن حفص العدوي العمري. 116 160- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْكُوفِيُّ. 116 161- عبد الله بن فرخوخ الفارسي المغربي. 117 162- عبد الله بن كرز الفهري. 118 163- عبد الله بن لهيعة بن عقبة المصري. 122 164- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأنصاري البصري. 123 165- عبد الله بن محمد الأسلمي. 123 166- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بن مسلم الرقاشي. 124 167- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدَبٍ الْهُذَلِيُّ المدني. 124 168- عبد الله بن ميسرة الحارثي الكوفي. 124 169- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ اليمامي. 125 170- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الثَّقَفِيُّ. 125 171- عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي هنيدة. 125 172- عبد الحكم بن أعين. 125 173- عبد الحميد بن الحسن الهلالي الكوفي. 126 174- عبد الحميد بن سليمان المدني. 126 175- عبد الرحمن بن جرير. 126 176- عبد الرحمن بن أبي الزناد المدني. 128 177- عبد الرحمن بن سليمان الإصبهاني. 128 178- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حنظلة. 129 179- عبد الرحمن بن العريان الحارثي البصري.

130 180- عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الأمير الداخل. 132 181- عبد الرحمن بن أبي الموال المدني. 133 182- عبد السلام بن مكلبة البيروتي. 133 183- عبد الصمد بن معقل بن منبه اليماني. 133 184- عبد العزيز بن أبي ثابت المدني الأعرج. 134 185- عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان. 134 186- عبد العزيز بن الربيع بن سبرة الجهني. 135 187- عبد العزيز بن سلمان الراسبي البصري. 135 188- عبد العزيز بن المختار الأنصاري الدباغ. 135 189- عبد الكريم بن محمد الجرجاني قاضي جرجان. 136 190- عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيُّ الأمير. 136 191- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ الأنصاري الأعرج. 136 192- عبد المهيمن بن عباس بن سهل الساعدي. 137 193- عبد الواحد بن زياد العبدي. 138 194- عبد الوارث بن سعيد العنبري التنوري. 139 - عبيد الله بن شعيب بن الحبحاب. 139 195- عبيد الله بن عمرو الرقي. 139 196- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التركي الخراساني. 140 197- عبيس بن ميمون التيمي الخزاز. 141 198- عُثْمَانُ بْنُ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ الْعَتَكِيُّ. 142 199- عثمان بن مطر الشيباني المقري الرهاوي. 142 200- عدي بن الفضل. 142 201- العطاف بن خالد بن عبد الله المخزومي. 143 202- عطوان بن مشكان الخياط. 143 203- الْعَلاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرِّيَاحِيُّ. 143 204- العلاء بن خالد بن وردان البصري. 144 205- علي بن أبي سارة الشيباني. 144 206- علي بن سليمان بن كيسان. 145 207- علي بن سليمان بن علي العباسي الأمير.

145 208- علي بن عابس الأسدي الكوفي الملائي. 145 209- عَلِيُّ بْنُ أبي عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ اللَّهَبِيُّ الْمَدَنِيُّ. 146 210- عَلِيُّ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ التَّمِيمِيُّ الْمَكِّيُّ. 147 211- عليلة بن بدر البصري. 148 212- عمارة بن حمزة الكاتب. 149 213- عمر بن رديح. 149 214- عمر بن رياح العبدي البصري الضرير. 150 215- عمر بن شاكر البصري. 150 216- عمر بن صهبان الأسلمي. 151 217- عمر بن طلحة بن علقمة الليثي المدني. 151 218- عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرومي. 151 219- عمر بن مساور البصري. 152 220- عمر بن المغيرة البصري. 152 221- عُمَرُ بْنُ مَيْمُونِ بْنِ بَحْرِ بْنِ الرَّمَّاحِ قاضي بلخ. 153 222- عمر بن يزيد الأزدي قاضي المدائن. 153 223- عَمْرُو بْنُ أَبِي الْمِقْدَامِ ثَابِتِ بْنِ هُرْمُزَ الكوفي. 154 - عمر بن عثمان = سيبويه. 154 224- عمرو بن واقد القرشي الدمشقي. 154 225- عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي السعيدي. 155 226- عمران بن خالد الخزاعي. 155 227- عنبسة بن سعيد القطان. 156 228- عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة الأموي. 157 229- عنبسة بن نجاد العابد. 157 230- عون بن موسى الليثي البصري. 158 231- عيسى بن داب الإخباري. 158 232- عيسى بن وردان المدني الحذاء المقرئ. "حرف الْغَيْنِ". 158 233- غَسَّانُ بْنُ بُرْزَيْنِ الطُّهَوِيُّ الْمِصْرِيُّ.

"حرف الْفَاءِ". 159 234- فُرَاتُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ الْقُرَشِيُّ. 159 235- فرج بن فضالة التنوخي الحمصي. 160 236- فرج بن يزيد الكلاعي الشامي. 160 237- فضالة بن عبد الملك الشحام. 161 238- الفضل بن صالح بن علي الهاشمي الأمير. 161 239- الفضل بن المختار المصري. "حرف الْقَافِ". 162 240- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر العدوي العمري. 162 241- القاسم بن معن قاضي الكوفي. 163 242- قحذم الأزدي الجرمي البصري. 163 243- قزعة بن سويد بن حجير الباهلي. "حرف الكاف". 164 244- كثير بن عبد الله الأبلي البصري. 164 245- كثير بن عبد الله اليشكري. "حرف اللام". 165 246- الليث بن سعد المصري. "حرف الميم". 174 247- مالك بن أنس الإمام. 186 248- مبارك بن سحيم البصري. 187 249- مبارك بن سعيد بن مسروق الثقفي. 187 250- المبارك بن مجاهد المروزي. 188 251- مجاشع بن عمرو. 188 - مجمع بن أيوب. 188 252- محرز بن هارون القرشي التيمي المدني. 188 253- محمد بن أبان بن صالح الجعفي. 189 254- مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ. 189 255- محمد بن إسماعيل بن رجاء الزبيدي. 189 256- محمد بن أنس الكوفي.

190 257- محمد بن أيوب بن ميسرة الجبلاني. 190 258- محمد بن ثابت العبدي البصري. 190 - محمد بن ثابت البناني. 190 259- محمد بن جابر اليمامي. 191 260- محمد بن داب المدني. 192 261- محمد بن دينار الأزدي. 192 262- محمد بن زياد اليشكري الطحان. 193 263- محمد بن سليمان بن علي أمير البصرة. 195 264- مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي ضَمْرَةَ الْحِمْصِيُّ. 195 265- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ التيمي المليكي. 196 266- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ المدني. 196 267- محمد بن عبد الرحمن القشيري الكوفي. 196 268- محمد بن عمار بن حفص الأنصاري السعدي المؤذن الملقب بكشاكش. 197 269- محمد بن مسلم الطائفي المكي. 197 270- مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ بْنً أَبِي عِمْرَانَ الْهِلالِيُّ الكوفي. 198 271- محمد بن موسى الفطري المديني. 198 272- ممد بن النضر الحارثي عابد الكوفة. 199 273- مرثد بن عامر الهنائي. 199 274- مرزوق بن عبد الرحمن البصري. 199 275- مسعود بن سعد الجعفي الكوفي. 200 276- مسكين بن صالح الأنصاري مؤذن بيت المقدس. 200 277- مسكين بن ميمون مؤذن الرملة. 200 278- مسمل بن خالد المكي الفقيه. 201 279- مسلمة بن جعفر البجلي الأحمسي الأعور. 202 280- مسلمة بن علقمة المازني إمام مسجد داود. 202 281- مسلمة بن قعنب. 202 282- مطر بن عبد الرحمن العنزي. 203 283- مشمعل بن ملحان الطائي.

203 284- معاوية بن عبد الكريم الضال. 204 285- معاوية بن ميسرة. 204 - معاوية بن يحيى الصدفي. 204 286- معاوية بن يحيى الأطرابلسي. 205 287- معروف بن عبد الله الدمشقي. 206 288- معلى بن هلال الكوفي الطحان. 207 289- المغيرة بن عبد الرحمن بن الله الحزامي المدني. 208 - مغيرة بن عبد الرحمن المخزومي. 208 290- مفضل بن صالح النخاس الكوفي. 208 291- المفصل بن يونس الكوفي الجعفي. 209 292- المنذر بن زياد. 209 293- المنذر بن عبد الله بن المنذر الحزامي المدني. 209 294- منصور بن أبي الأسود الكوفي. 210 295- منصور بن عبد الحميد. 210 296- منصور أبو أمية. 211 297- منصور النمري الشاعر. 211 298- المنكدر بن محمد بن المنكدر التيمي. 211 299- مهدي بن ميمون الأزدي المعولي. 212 300- مهدي بن هلال البصري. 213 301- موسى بن أعين القرشي الضرير. 213 302- موسى بن عمير القرشي الضرير. 213 303- ميسرة بن عبد ربه الفارسي التراس. "حرف النون". 217 304- ناصح بن العلاء البصري. 217 305- نحم بن فرقد البصري العطار. 217 306- نعيم بن ميسرة النحوي المقرئ. 218 307- نوح الجامع بن أبي مريم المروزي الفقيه. "حرف الهاء". 219 308- هارون بن حيان الرقي.

220 309- هَاشِمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ القرشي البكري. 220 310- هشام بن سلمان المجاشعي. 220 311- هشام بن عبد الرحمن بن معاوية الأموي. 221 312- هشام بن يحيى بن يحيى الغساني الدمشقي. 221 313- الهقل بن زياد الدمشقي البيروتي. 222 314- هياج بن بسطام التميمي الحنظلي الهروي. "حرف الواو". 222 315- الوضاح= الوليد بن طريف أبو عوانة. 223 316- الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ الهمداني المرهبي. 224 317- الوليد بن عمرو بن ساج الحراني. 224 318- الوليد بن المغيرة الأشجعي. "حرف الْيَاءِ". 224 319- يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ الحضرمي. 225 320- يحيى بن عثمان القرشي الدستوائي. 225 - يحيى بن يعلى أبو المحياة. 226 321- يزيد بن حاتم بن قبيصة المهلبي الأمير. 226 322- يزيد بن عبد الله الدمشقي السراج. 227 323- يزيد بن عطاء اليشكري. 227 324- يزيد بن المقدام بن شريح الحضرمي. 228 325- يزيد بن يوسف الدمشقي الصنعاني. 228 326- يزيد بن معاوية الخراساني. 228 327- يعقوب بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي. 229 - يعلى بن الأشدق. 229 328- يوسف بن محمد بن المنكدر. 230 329- يونس بن أرقم البصري. 230 330- يونس بن راشد قاضي حران. 230 331- يونس بن عثمان الحمصي. 231 332- يونس بن القاسم الحنفي اليمامي. 231 333- يونس بن نافع.

231 334- يونس بن أبي يعفور العبدي. "الكنى". 232 335- أبو الأحوص الكوفي= سلام. 233 336- أبو إسماعيل القناد. 233 337- أَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ الأَزْدِيُّ. 233 338- أبو بكر الداهري. 234 339- أبو حريز الزاهري. 234 340- أبو الخطاب الثقفي. 234 341- أبو الخطاب الأخفش الكبير شيخ العربية. 235 342- أبو دلامة الشاعر. 235 343- أبو سلمة العاملي الشامي. 236 344- أبو الشمقمق الشاعر= مروان بن محمد. 236 345- أبو شهاب الحناط= عبد ربه بن نافع. 236 - أبو عبيد الخزاز. 236 346- أبو عبد رب العزة الدمشقي. 237 347- أبو عوانة= الوضاح بن عبد الله. 238 348- أبو المحياة= يحيى بن يعلى. 238 349- أبو مسلم قائد الأعمش. 239 350- أبو معشر البراء العطار. 239 351- أبو نفل الكلبي= علي بن سليمان. 239 - السيد الحميري. 241 فهرس الموضوعات.

المجلد الثاني عشر

المجلد الثاني عشر الطبقة التاسعة عشر أحداث إحدى وثمانين ومائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة التاسعة عشر: أحداث إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: وَفِيهَا تُوُفِّيَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَطِيَّةَ الثَّقَفِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ، وَأَبُو الْمَلِيحِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ، وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ الصَّنْعَانِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ قَحْطَبَةَ الأَمِيرُ، وَحَمْزَةُ بْنُ مَالِكٍ، وَضَيْغَمُ بْنُ مَالِكٍ، وَسَهْلُ بْنُ أَسْلَمَ الْعَدَوِيُّ، وَخَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ الْوَاسِطِيُّ، بِهَا، وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْمَرْوَزِيُّ، وَرَوْحُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْكَلْبِيُّ، قِيلَ: ابْنُ مَيْسَرَةَ الْعِجْلِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، وَعُثْمَانُ بْنُ سَيَّارٍ قَاضِي جُرْجَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ الْكُوفِيُّ، وعيسى ابن الْخَلِيفَةِ الْمَنْصُورِ، وَقِرَانُ بْنُ تَمَّامٍ الأَسَدِيُّ تَخْمِينًا، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَجَّاجٍ الْوَاسِطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَصْبَهَانِيُّ الْكُوفِيُّ، وَمُصْعَبُ بْنُ مَاهَانَ الْمَرْوَزِيُّ، وَمُغَازِلُ بْنُ فَضَالَةَ قَاضِي مِصْرَ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ، وَأُمُّ عُرْوَةَ بِنْتُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ مُسْلِمٍ. فَتْحُ حِصْنِ الصَّفْصَافِ: وَفِيهَا غَزَا الرَّشِيدُ بِلادَ الرُّومِ، فَافْتَتَحَ حِصْنَ الصَّفْصَافِ عَنْوَةً. مَسِيرُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ إِلَى أَنْقَرَةَ: وَسَارَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ حَتَّى بَلَغَ أَنْقَرَةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، وَافْتَتَحَ حِصْنًا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ الرَّشِيدُ. اسْتِعْفَاءُ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ: وَاسْتَعْفَاهُ يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ مِنَ الأُمُورِ، فَعَزَلَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الْخَاتَمَ، وَأَذِنَ لَهُ فِي الْمُجَاوَرَةِ فَأَقَامَ بمكة.

تَوْلِيَةُ الْعَكِّيِّ عَلَى الْمَغْرِبِ: وَفِيهَا كَتَبَ الرَّشِيدُ إِلَى هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ يُعْفِيهِ مِنْ إِمْرَةِ الْمَغْرِبِ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الْقُدُومِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَغْرِبِ مُحَمَّدَ بْنَ مُقَاتِلٍ الْعَكِّيَّ رَضِيعَ الرَّشِيدِ، وَكَانَ أَبُوهُ مُقَاتِلٌ أَحَدَ مَنْ قَامَ بِالدَّعْوَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ وَبَذَلَ جُهْدَهُ، وَكَانَ لا يُفَارِقُ الْمَنْصُورَ. وَكَانَ جَعْفَرٌ الْبَرْمَكِيُّ عَظِيمَ الْعِنَايَةِ بِمُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، فَوَصَلَ مُحَمَّدٌ إِلَى الْقَيْرَوَانِ فِي رَمَضَانَ، والله أعلم1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 301"، تاريخ الطبري "8/ 268"، الكامل "6/ 154-159"، صحيح التوثيق "6/ 99".

أحداث اثنتين وثمانين ومائة

أحداث اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، وَأَبُو سُفْيَانَ الْحُمَيْدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَشْجَعِيُّ، وَعَبَّادُ بْنُ مُحَمَّدِ ابن أخت الثوري، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ وَالِدُ أَبِي بكر، وَأَبُو سُفْيَانَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْمَعْمَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ الْمَدَنِيُّ، وَمَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ الشَّاعِرُ، وَنُوحُ بْنُ دَرَّاجٍ الْقَاضِي، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُوَقَّرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ. وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَقَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو يُوسُفَ فِي رَبِيعٍ الآخِرِ، وَيَعْقُوبُ بْنُ الْمَنْصُورِ. الرَّشِيدُ يَأْخُذُ الْبَيْعَةَ لابْنِهِ الْمَأْمُونِ: وَفِيهَا أَخَذَ الرَّشِيدُ الْبَيْعَةَ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِ وَلَدِهِ الأَمِينِ لِوَلَدِهِ الآخَرِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَأْمُونِ، وَكَانَ ذَلِكَ بِالرَّقَّةِ، فَسَيَّرَهُ إِلَى بَغْدَادَ في خِدْمَتِهِ جَعْفَرٌ عَمُّ الرَّشِيدِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحٍ، وَعَلِيُّ بْنُ عِيسَى، وَوَلاهُ مَمَالِكَ خُرَاسَانَ بِأَسْرِهَا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُرَاهِقٌ. تَمَلَّكَ رِينِي عَلَى الرُّومِ: وَفِيهَا وَثَبَتِ الرُّومُ عَلَى مَلِكِهِمْ قُسْطَنْطِينَ فسلموه وَاعْتَقَلُوهُ، وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمْ أُمَّهُ، رِينِي، وَتُلَقَّبُ أُغَسْطَهْ. وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ موسى العباسي1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص302"، تاريخ الطبري "8/ 269"، الكامل "6/ 161"، صحيح التوثيق "6/ 100".

أحداث ثلاث وثمانين ومائة

أحداث ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ ظَنًّا، وَأَزْهَرُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَصْرِيُّ، وَأُنَيْسُ بْنُ سَوَّارٍ الْجَرْمِيُّ، وَحَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، فِي قَوْلٍ، وَحَيْوَةُ بْنُ مَعْنٍ التُّجِيبِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْهَدَادِيُّ، وَخُنَيْسُ بْنُ عَامِرٍ: يَرْوِي عَنْ أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ، وَدَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّبَعِيُّ الْحَرَّانِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْبَصْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ الرَّفَّاءُ الْعَابِدُ، وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَادٍ الْمُرَادِيُّ، وَعَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ الْمَوْصِلِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ، وَالْمَاضِي بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَافِقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّمَّاكِ الْوَاعِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مَعْنٍ، وَمُوسَى الْكَاظِمُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَمُوسَى بْنُ عيسى الكوفي القاري، والنضر بن محمد الْمَرْوَزِيُّ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَنُوحُ بْنُ قَيْسٍ الْبَصْرِيُّ، وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَاضِي دِمَشْقَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، فِي قَوْلٍ، وَيُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَيُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ صَاحِبُ الْعَرَبِيَّةِ. خُرُوجُ الْخَزْرِ وَإِيقَاعُهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ: وَفِيهَا كَانَ خُرُوجُ الْخَزْرِ بِسَبَبِ ابْنَةِ الْخَاقَانِ، وَقَدْ كَانَتْ فِي الْعَامِ الْمَاضِي حُمِلَتْ إِلَى الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى الْبَرْمَكِيِّ وَتَزَوَّجَ بِهَا؛ فَمَا وَصَلَتْ حَتَّى مَاتَتْ بِبَرْذَعَةَ، فَرَجَعَ مَنْ كَانَ فِي خِدْمَتِهَا مِنَ الْعَسَاكِرِ إِلَى أَبِيهَا فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهَا قُتِلَتْ غَيْلَةً، فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، وَخَرَجَ لِلْقِتَالِ بِجُيُوشِهِ مِنْ بَابِ الأَبْوَابِ، فَأَوْقَعُوا بِأَهْلِ الإِسْلامِ وَبِالذِّمَّةِ، وَسَفَكُوا وَسَبَوْا، فِيمَا قِيلَ أَزْيَدَ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ نَسَمَةٍ. وَفِي الْجُمْلَةِ جَرَى عَلَى الإِسْلامِ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَمْ يُسْمَعْ قَبْلَهُ بِمِثْلِهِ أَبَدًا. فَاسْتَعْمَلَ الرَّشِيدُ عَلَى أَرْمِينِيَّةَ يَزِيدَ بْنَ مَزْيَدَ مَعَ أَذْرَبَيْجَانَ وَأَمَدَّهُ بِالْجُيُوشِ، وَأَرْدَفَهُ بِخُزَيْمَةَ بْنِ قَانِعٍ، وَسَارُوا فَدَفَعُوا الْخَزْرَ عَنْ أَرْمِينِيَّةَ وَأَغْلَقُوا بَابَ الدَّرْبَنْدِ.

وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْخَلِيفَةَ الْهَادِي. تَمَرُّدَ الْعَكِّيِّ بِالْمَغْرِبِ: وَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَتَمَرَّدَ مُتَوَلِّيهَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْعَكِّيُّ؛ وَظَلَمَ وَعَسَفَ، وَاقْتَطَعَ مِنْ أَرْزَاقِ الأَجْنَادِ وَآذَى الْعَامَّةَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ تَمَّامُ بْنُ تَمِيمٍ التَّمِيمِيُّ وَلَقِيَهُ عَلَى تُونُسَ، فَزَحَفَ إِلَيْهِ، وَبَرَزَ لِمُلْتَقَاهُ الْعَكِّيُّ، وَوَقَعَ الْمَصَافُّ، فَانْهَزَمَ الْعَكِّيُّ وَتَحَصَّنَ بِالْقَيْرَوَانِ فِي الْقَصْرِ، وَغَلَبَ تَمَّامٌ عَلَى الْبَلَدِ، ثُمَّ نَزَلَ الْعَكِّيُّ بِأَمَانٍ وَانْسَحَبَ إِلَى طَرَابُلْسَ، فَنَهَضَ لِنُصْرَتِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَغْلَبِ، فَتَقَهْقَرَ تَمَّامٌ إِلَى تُونُسَ، وَدَخَلَ ابْنُ الأَغْلَبِ الْقَيْرَوَانَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَخَطَبَ وَحَضَّ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ. ثُمَّ الْتَقَى ابْنُ الأَغْلَبِ وَتَمَّامٌ، فَانْهَزَمَ تَمَّامٌ، وَاشْتَدَّتْ بِغْضَةُ النَّاسِ لِلْعَكِّيِّ، وَكَاتَبُوا الرَّشِيدَ فِيهِ؛ فَعَزَلَهُ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَغْلَبِ1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 302"، تاريخ الطبري "8/ 270"، البداية "10/ 183، 184"، الكامل "6/ 166"، صحيح التوثيق "6/ 101".

أحداث أربع وثمانين ومائة

أحداث أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، فِي قَوْلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْمَدَنِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، وَرَزِينُ بْنُ شُعَيْبٍ الْفَقِيهُ بِمِصْرَ، وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزَّاهِدُ الْعُمَرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ السَّلامِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، فِي قَوْلٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ الْقَاضِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ الزَّاهِدُ، وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيُّ، وَمَرْوَانُ بْنُ شجاع الجزري، ويوسف بن الماحشون. قَالَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو أُمَيَّةَ بُن يَعْلَى، قَالَهُ خَلِيفَةُ. خُرُوجُ الشَّارِيِّ بِشَهْرَزُورَ: وَفِيهَا خَرَجَ بِشَهْرَزُورَ أَبُو عَمْرٍو الشَّارِيُّ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ زُهَيْرٌ الأَمِيرُ فقتله.

وِلايَةُ الْبَرْبَرِيِّ وَالْمُهَلَّبِيِّ وَابْنِ الأَغْلَبِ وَالرَّازِيِّ: وَفِيهَا وُلِّيَ حَمَّادٌ الْبَرْبَرِيُّ مَكَّةَ وَالْيَمَنَ، وَوُلِّيَ دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ الْمُهَلَّبِيُّ السِّنْدَ، وَابْنُ الأغلب المغرب، ومهرويه الرازي طبرستان. أمان بن عِيسَى لِأَبِي الْخَصِيبِ: وَفِيهَا طَلَبَ أَبُو الْخَصِيبِ الْخَارِجُ بِخُرَاسَانَ الأَمَانَ، فَأَمَّنَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ وَأَكْرَمَهُ. غَارَةُ الشَّيْبَانِيِّ إِلَى الرُّومِ: وَفِيهَا سَارَ أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الشَّيْبَانِيُّ فَأَغَارَ عَلَى مَمَالِكِ الرُّومِ، فَغَنِمَ وَسَلِمَ. مَسِيرُ ابْنِ بَيْهَسَ لِلْفِدَاءِ: وَفِيهَا سَارَ ابْنُ بَيْهَسَ الْكِلابِيُّ إلى ملكة الروم في الفداء1.

_ 1 انظر السابق.

أحداث خمس وثمانين ومائة

أحداث خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، فِي قَوْلِ، إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ الْبَصْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ، وَضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ، بِسَلَمِيَةَ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ عَمُّ الْمَنْصُورِ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَابِدُ، وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، ومحمد بن الإمام إبراهيم بن محمد ابن عَمِّ الْمَنْصُورِ، وَقَاضِي مِصْرَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيُّ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، فِي قَوْلٍ قَوِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونَ، فِي الأَصَحِّ، وَيَقْطِينُ بْنُ مُوسَى الأَمِيرُ. وُثُوبُ أَهْلِ طَبَرِسْتَانَ عَلَى مُتَوَلِّيهِمْ: وَفِيهَا وَثَبَ أَهْلُ طَبَرِسْتَانَ عَلَى مُتَوَلِّيهِمْ مَهْرُوَيْهِ وَقَتَلُوهُ، فَوَلَّى الرَّشِيدُ بَدَلَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ الْحَرَشِيَّ.

وُثُوبُ ابْنِ عِيسَى عَلَى الشَّارِيِّ: وَفِيهَا عَاثَ حَمْزَةُ الشَّارِيُّ بِبَاذَغِيسَ فَوَثَبَ بِهِ عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى وَأَبَادَ عَشَرَةَ آلافٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. خُرُوجُ أَبِي الْخَصِيبِ وَاسْتِفْحَالُ أَمْرِهِ: وَفِيهَا خَرَجَ أَبُو الْخَصِيبِ ثَانِيَةً وَغَدَرَ وَغَلَبَ عَلَى نَيْسَابُورَ، وَطُوسٍ، وَأَبِيوَرْدَ، وَزَحَفَ بِجَيْشِهِ إِلَى مَرْوٍ فَالْتَقُوهُ، فَانْكَسَرَ وَتَأَخَّرَ إِلَى سَرْخَسَ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ. ظهور ابن عيسى وطول اختفائه: وَفِيهَا ظَهَرَ بِعَبَّادَانَ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُسَيْنِيُّ وَبِنَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ، وَبُويِعَ سِرًّا، ثُمَّ عَجَزَ وَهَرَبَ، فَلَمْ يَزَلْ مُسْتَخْفِيًا إِلَى أَنْ مَاتَ بَعْدَ دَهْرٍ طَوِيلٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْبَصْرَةِ، وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا فِي دَوْلَةِ الإِسْلامِ اسْتَقَرَّ فِي طُولِ هَذِهِ المدة أبدًا مستخفيًا1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 302"، تاريخ الطبري "8/ 273"، البداية "10/ 186"، الكامل "6/ 168"، صحيح التوثيق "6/ 102".

أحداث ست وثمانين ومائة

أحداث سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: جَعْفَرُ بْنُ الْمَنْصُورِ، وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، فِيهَا أَوْ فِي سَنَةِ سَبْعٍ، وَالْحَوْشَبُ بْنُ عُبَيْدَةَ، حِمْصِيٌّ، وَحَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْمَانِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ الْمِصْرِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ، وَطَيْفُورُ الأَمِيرُ مَوْلَى الْمَنْصُورِ، وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، فِي قَوْلٍ، وَعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْوَاقِفِيُّ الْمُقْرِي، وَالْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الأَمِيرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمَدَنِيُّ، وَعِيسَى الْبُخَارِيُّ، غُنْجَارٌ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ، بِخُلْفٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ. مَقْتَلُ أَبِي الْخَصِيبِ: وَفِيهَا سَارَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ مِنْ مَرْوٍ لِحَرْبِ أَبِي الْخَصِيبِ، فَالْتَقَاهُ بِنَسَا، فَقُتِلَ أَبُو الْخُصَيْبِ، وَتَمَزَّقَتْ جُيُوشُهُ، وَسُبِيَتْ حُرَمُهُ، وَاسْتَقَامَ أَمْرُ خُرَاسَانَ.

سِجْنُ ثُمَامَةَ بْنِ أَشْرَسَ: وَفِيهَا سَجَنَ الرَّشِيدُ ثُمَامَةَ بْنَ أَشْرَسَ الْمُتَكَلِّمُ، لِأَنَّهُ وَقَفَ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ إِعَانَةِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ زَيْدٍ. وَحَجَّ الرَّشِيدُ وَابْنَاهُ الأَمِينُ وَالْمَأْمُونُ، وَفَرَّقَ الأَمْوَالَ بِالْحَرَمَيْنِ. بَيْعَةُ الرَّشِيدِ لِوَلَدِهِ الْمُؤْتَمَنِ: وَفِيهَا بَايَعَ الرَّشِيدُ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ لِوَلَدِهِ قَاسِمٍ مِنْ بَعْدِ الأَخَوَيْنِ الأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ، وَلَقَّبَهُ الْمُؤْتَمَنَ، وَوَلاهُ الْجَزِيرَةَ وَالثُّغُورَ وَهُوَ صَبِيٌّ. فَلَمَّا قَسَّمَ الرَّشِيدُ الدُّنْيَا بَيْنَ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ، قَالَ بَعْضُ الْعُقَلاءِ: قَدْ أَلْقَى بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، وَغَائِلَةُ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالرَّعِيَّةِ. وَقَالَتِ الشُّعَرَاءُ فِي الْبَيْعَةِ الْمَدَايِحَ، ثُمَّ إِنَّهُ عَلَّقَ نُسْخَةَ الْبَيْعَةِ فِي الْبَيْتِ الْعَتِيقِ. وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ إِبْرَاهِيمُ الْمَوْصِلِيُّ: خَيْرُ الأُمُورِ مَغَبَّةً ... وَأَحَقُّ أَمْرٍ بِالتَّمَامِ أَمْرٌ قَضَى إحكامه الر ... رحمن في البيت الحرام1

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "8/ 286"، البداية والنهاية "10/ 187".

أحداث سبع وثمانين ومائة

أحداث سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا، أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا، تُوُفِّيَ: بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَجَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ، صُلِبَ، وَرَبَاحُ بْنُ زِيَادٍ الصَّنْعَانِيُّ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الذَّارِعُ، وَعَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، فِي قَوْلٍ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، فِي آخِرِهَا، وَعَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ الْمُلائِيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، فِي رَجَبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ، أَبُو نَصْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ السَّدُوسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، ومرحوم بن عبد العزيز البصري، معاذ بْنُ مُسْلِمٍ النَّحْوِيُّ الْمُعَمَّرُ، وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ الصَّفَّارُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، فِي قَوْلٍ.

وَفِيهَا مَقْتَلُ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ قتلِهِ عَلَى أَقْوَالٍ، فَقِيلَ: إِنَّ جِبْرِيلَ بْنَ بُخْتِيشُوعَ الطَّبِيبَ قَالَ: إِنِّي لَقَاعِدٌ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ، إذ أَتَى يَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، وَكَانَ يَدْخُلُ بِلا إِذْنٍ، فَلَمَّا قَرُبَ سَلَّمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الرَّشِيدُ رَدًّا ضَعِيفًا، فَعَلِمَ يَحْيَى أَنَّ أَمْرَهُمْ قَدْ تَغَيَّرَ، فَأَقْبَلَ عَلَى الرَّشِيدِ وَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ أَحَدٌ مَنْزِلَكَ بِلا إِذْنٍ؟ فَقُلْتُ: لا! قَالَ: فَمَا بَالُنَا يُدْخَلُ عَلَيْنَا بِلا إِذْنٍ؟ فَوَثَبَ يَحْيَى فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدَّمَنِي اللَّهُ قِبَلَكَ، وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا شَيْءٌ خَصَصْتَنِي بِهِ، وَالآنَ فَأَكُونُ فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَهْلِ الإِذْنِ إِنْ أَمَرْتَنِي، فَاسْتَحْيَا الرَّشِيدُ، وَكَانَ مِنْ أَرَقِّ الْخُلَفَاءِ، وَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَدْتُ مَا تَكْرَهُ، وَلَكِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ. قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ لَمْ يَسْنَحْ لَهُ جَوَابٌ يَرْتَضِيهِ، ثُمَّ خَرَجَ يَحْيَى. وَقِيلَ: إِنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أَشْرَسَ قَالَ: أَوَّلُ مَا أَنْكَرَ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ اللَّيْثِ رَفَعَ رِسَالَةً إِلَى الرَّشِيدِ يَعِظُهُ وَيَقُولُ: إِنَّ يَحْيَى لا يُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَقَدْ جَعَلْتَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِكَ إِذَا وَقَفْتَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، فَسَأَلَكَ عَمَّا عَمِلْتَ فِي عِبَادِهِ وَبِلادِهِ؟ فَدَعَا الرَّشِيدُ يَحْيَى، وَقَدْ بَلَغَتْهُ الرِّسَالَةُ، فَقَالَ: تَعْرِفُ محمد بن الليث؟ قال: نعم، هو منهم عَلَى الإِسْلامِ، فَأَمَرَ بِابْنِ اللَّيْثِ فَوُضِعَ فِي الْمُطْبَقِ دَهْرًا1، فَلَمَّا تَنَكَّرَ الرَّشِيدُ لِلْبَرَامِكَةِ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ، فَأَحْضَرَهُ وَقَالَ لَهُ: أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ. قَالَ: أَتَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَضَعْتَ فِي رِجْلَيَّ الأَكْبَالَ، وَحُلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ عِيَالِي بِلا ذَنْبٍ، سِوَى قَوْلِ حَاسِدٍ يَكِيدُ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ، وَيُحِبُّ الإِلْحَادَ وَأَهْلَهُ. فَأَطْلِقْهُ ثُمَّ قَالَ: أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ قَدْ ذَهَبَ مَا عِنْدِي. فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ قَالَ: أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ أَحْسَنْتَ إِلَيَّ. فَقَالَ: انْتَقَمَ اللَّهُ مِمَّنْ ظَلَمَكَ وَأَخَذَ لَكَ مِمَّنْ بَعَثَنِي عَلَيْكَ. قَالَ: فَقَالَ النَّاسُ فِي الْبَرَامِكَةِ فَأَكْثَرُوا، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا ظَهَرَ مِنْ تغير حالهم.

_ 1 المطبق: هو محبس كالبئر يحبس به تحت الأرض.

وَقِيلَ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ دَخَلَ بَعْدُ عَلَى الرَّشِيدِ، فَقَامَ الْغِلْمَانُ لَهُ، وَقَالَ الرَّشِيدُ لِمَسْرُورٍ: مُرْهُمْ لا يَقُومُونَ. قَالَ: فَدَخَلَ، فَمَا قَامَ أَحَدٌ، فَارْبَدَّ وَجْهُ يَحْيَى. وَقِيلَ: إِنَّ سَبَبَ قَتْلِ جَعْفَرٍ أَنَّ الرَّشِيدَ سَلَّمَ لَهُ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَرَقَّ لَهُ بَعْدَ قَلِيلٍ وَأَطْلَقَهُ، وَكَانَ ابْنُ حَسَنٍ مَرْبُوعًا، أَجْلَحَ، بَطِينًا، حَسَنَ الْعَيْنَيْنِ، فَأَتَى رَجُلٌ بِصِفَتِهِ وَهَيْئَتِهِ إِلَى الرَّشِيدِ وَأَنَّهُ رَآهُ بِحُلْوَانَ، فأعطى الرجل جائزة. وقيل: إن جعفر بَنَى دَارًا أَنْفَقَ عَلَيْهَا عِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَسْرَفَ. وَعَنْ مُوسَى بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ قَالَ: اعْتَمَرَ أَبِي فِي الْعَامِ الَّذِي نُكِبَ فِيهِ وَأَنَا مَعَهُ، فَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَجَعَلَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ ذُنُوبِي عَظِيمَةٌ لا يُحْصِيهَا غَيْرُكَ، إِنْ كُنْتَ مُعَاقِبِي فَاجْعَلْ عُقُوبَتِي فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِسَمْعِي وَبَصَرِي وَمَالِي وَوَلَدِي حَتَّى أَبْلُغَ رِضَاكَ، وَلا تَجْعَلْ عُقُوبَتِي فِي الآخِرَةِ. وَكَانَ مُوسَى هَذَا أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَوْصُوفِينَ. وَقِيلَ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ قَدَحَ فِيهِ عِنْدَ الرَّشِيدِ وَأَعْلَمَهُ طَاعَةَ أَهْلِ خُرَاسَانَ لَهُ وَمَحَبَّتَهُمْ إِيَّاهُ، وَأَنَّهُ يُكَاتِبُهُمْ ويعمل على الذهاب إليهم، فاستوحش الراشيد مِنْهُ. ثُمَّ رَكِبَ مُوسَى دَيْنٌ فَاسْتَتَرَ مِنَ الْغُرَمَاءِ، فَتَوَهَّمَ الرَّشِيدُ أَنَّهُ سَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، ثُمَّ ظَهَرَ فَحَبَسَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ نَكْبَتِهِمْ، فَأَتَتْ زَوْجَةُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ إِلَى الرَّشِيدِ وَلاطَفَتْهُ، فَقَالَ: يَضْمَنُهُ أَبُوهُ، فَضَمِنَهُ يَحْيَى. وَكَانَ الرَّشِيدُ قَدْ غَضِبَ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى لِتَرْكِهِ الشُّرْبَ مَعَهُ، وَكَانَ الْفَضْلُ يَقُولُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ شُرْبَ الْمَاءِ يُنْقِصُ مِنْ مُرُوءَتِي مَا شَرِبْتُهُ، وَكَانَ مَشْغُوفًا بِالسَّمَاعِ. وَأَمَّا جَعْفَرٌ فَكَانَ يُنَادِمُ الرَّشِيدَ، وَأَبُوهُ يَأْمُرُهُ بِالإِقْلالِ مِنْ ذلك فيخالفه، وقد كان يحيى قال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَا وَاللَّهِ أَكْرَهُ مُدَاخَلَةَ جَعْفَرٍ مَعَكَ، لَوِ اقْتَصَرْتَ بِهِ عَلَى الإِمْرَةِ دُونَ الْعِشْرَةِ. قَالَ: يَا أَبَهْ، لَيْسَ لِعَذَابِكَ، وَلَكِنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تُقَدِّمَ الْفَضْلَ عَلَيْهِ. قَالَ ابن جرير: حدثني أحمد بن زهير، أظنه عَنْ عَمِّهِ، زَاهِرِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّ سَبَبَ هَلاكِ الْبَرَامِكَةِ أَنَّ الرَّشِيدَ كَانَ لا يَصْبِرُ عَنْ جَعْفَرٍ، وَعَنْ أُخْتِهِ عَبَّاسَةَ بِنْتِ

الْمَهْدِيِّ. قَالَ: وَكَانَ يُحْضِرُهَا مَجْلِسَ الشَّرَابِ، فَقَالَ: أزوجكها على أن لا تلمسها، فكانا يثملان من الشرب وَهُمَا شَابَّانِ، وَيَقُومُ الرَّشِيدُ، فَوَثَبَ جَعْفَرٌ عَلَيْهَا، فَوَلَدَتْ مِنْهُ غُلامًا، فَخَافَتِ الرَّشِيدَ، فَوَجَّهَتْ بِالطِّفْلِ مَعَ حَوَاضِنَ إِلَى مَكَّةَ وَاخْتَفَى الأَمْرُ، ثُمَّ ضَرَبَتْ جَارِيَةً لَهَا فَوَشَتْ بِهَا إِلَى الرَّشِيدِ، فَلَمَّا حَجَّ أَرْسَلَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي بِهِ الْحَوَاضِنُ، وَهَمَّ بِقَتْلِ الصَّبِيِّ، ثُمَّ تَأَثَّمَ مِنْ ذَلِكَ. فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْحِيرَةِ وَنَاحِيَةِ الأَنْبَارِ أَرْسَلَ لَيْلَةَ السَّبْتِ لانْسِلاخِ1 الْمُحَرَّمِ إِلَى مَسْرُورٍ الْخَادِمِ وَمَعَهُ أَبُو عِصْمَةَ وَأَجْنَادٌ، فَأَحَاطُوا بِجَعْفَرٍ لَيْلا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَسْرُورٌ وَهُوَ فِي مَجْلِسِ لَهْوِهِ، فَأَخْرَجَهُ بِعُنْفٍ وَقَيَّدَهُ بِقَيْدِ حِمَارٍ وَأَتَى بِهِ، فَأَعْلَمَ الرَّشِيدَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَفَعَلَ. وَحَدَّثَ مَسْرُورٌ قَالَ: وَقَعَ عَلَى رِجْلَيَّ يُقَبِّلُهَا، وَقَالَ: دَعْنِي أَدْخُلُ فَأُوصِي، قُلْتُ: لا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ، فَأَوْصِ بِمَا شِئْتَ، فَأَوْصَى وَأَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ، ثُمَّ ذَبَحْتُهُ بَعْدَ أَنْ رَاجَعْتُ الرَّشِيدَ فِيهِ، وَأَتَيْتُهُ بِرَأْسِهِ. ثُمَّ وَجَّهَ الرَّشِيدُ جُنْدًا أَحَاطُوا بِأَبِيهِ وَبِجَمِيعِ أَوْلادِهِ وَمَوَالِيهِ، وَأُخِذَتْ أَمْوَالُهُمْ وَأَمْلاكُهُمْ، وَكَتَبَ إِلَى سَائِرِ الْعُمَّالِ بِقَبْضِ مَالِهِمْ. وَبُعِثَتْ جُثَّةُ جَعْفَرٍ إِلَى بَغْدَادَ، فَنُصِبَتْ عَلَى خَشَبَةٍ. وَنُودِيَ أَلا لا أَمَانَ لِمَنْ آوَى أَحَدًا مِنَ الْبَرَامِكَةِ. مَقْتَلُ أَنَسِ بْنِ أَبِي شَيْخٍ: ثُمَّ أَمَرَ الرَّشِيدُ يَوْمَ دَخَلَ الرَّقَّةَ بِقَتْلِ أَنَسِ بْنِ أَبِي شَيْخٍ، فَقُتِلَ وَصُلِبَ عَلَى الزَّنْدَقَةِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْبَرَامِكَةِ. حِكَايَةُ ابْنِ الصَّابِئِ عَنْ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ: وَذَكَر ابْنُ الصَّابِئِ فِي كِتَابِ الأَمَاثِلِ وَالأَعْيَانِ عَنْ إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ قَالَ: خَلا جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى يَوْمًا بِنُدَمَائِهِ2، وَأَنَا فِيهِمْ، فلبس الحرير

_ 1 انسلاخ: نهاية الشيء، والمراد آخر الشهر. 2 الندماء: الجلساء أو الأصدقاء.

وَتَضَمَّخَ بِالطِّيبِ، وَفَعَلَ بِنَا مِثْلَهُ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ، فَدَخَلَ فِي رُصَافِيَّتِهِ وَسَوَادِهِ، فَارْبَدَّ وَجْهُ جَعْفَرٍ، فَدَعَا غُلامَهُ فَنَاوَلَهُ سَوَادَهُ وَقَلَنْسُوَتَهُ، وَأَتَى مَجْلِسَنَا، وَقَالَ: أَشْرِكُونَا مَعَكُمْ. فَأَلْبَسُوهُ حَرِيرًا، وَأُحْضِرَ لَهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ، فَقَالَ لِجَعْفَرٍ: وَاللَّهِ مَا شَرِبْتُهُ قَبْلَ الْيَوْمِ، فَلْيُخَفِّفْ عَلَيَّ. ثُمَّ ضُمِّخَ1 بِالْخَلُوقِ2، فَنَادَمَنَا أَحْسَنَ مُنَادَمَةً، وَسُرِّيَ عَنْ جَعْفَرٍ. فَلَمَّا أَرَادَ الانْصِرَافَ قَالَ لَهُ: اذْكُرْ حَوَائِجَكَ، فَإِنَّنِي مَا أَسْتَطِيعُ مُقَابَلَةَ مَا كَانَ مِنْكَ. قَالَ: فِي قَلْبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيَّ مَوْجِدَةٌ فَتُخْرِجُهَا؟ قَالَ: قَدْ رَضِيَ عَنْكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: عَلَيَّ أربعة آلاف ألف دِرْهَمٍ دَيْنًا. قَالَ: قُضِيَ دَيْنُكَ. قَالَ: وَإِبْرَاهِيمُ ابْنِي أُحِبُّ أَنْ أُزَوِّجَهُ. قَالَ: قَدْ زَوَّجَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعَالِيَةِ ابْنَتِهِ. قَالَ: وَلَوْ تَرَاهُ يُوَلَّى بَلَدًا. قَالَ: قَدْ وَلاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إمرة مِصْرَ. فَخَرَجَ وَنَحْنُ مُتَعَجِّبُونَ مِنْ إِقْدَامِ جَعْفَرٍ عَلَى هَذِهِ الأُمُورِ الْعَظِيمَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ، وَرَكِبَ مِنَ الْغَدِ إِلَى الرَّشِيدِ فَدَخَلَ وَوَقَفْنَا، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ دُعِيَ بِالْقَاضِي أَبِي يُوسُفَ، وَبِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ. ثُمَّ خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَعَلْيِهِ الْخُلَعُ، وَاللِّوَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ زُوِّجَ بِالْعَالِيَةِ وَزُفَّتْ إِلَيْهِ، وَحُمِلَتِ الأَمْوَالُ إِلَى دَارِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَخَرَجَ جَعْفَرٌ فَقَالَ لَنَا: وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَعَرَّفْتُهُ بِأَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعِلْمِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: حَسَنٌ حَسَنٌ. ثُمَّ قَالَ: فَمَا صَنَعْتَ مَعَهُ؟ فَعَرَّفْتُهُ مَا كَانَ من قولي، فاستصوبه وأمضاه.

_ 1 ضمخ: خلط أو تعطر. 2 الخلوق: الطيب أو العطر.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ: فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَيُّهُمْ أَعْجَبُ عَمَلا. عَبْدُ الْمَلِكِ فِي شُرْبِهِ النَّبِيذَ، وَلِبَاسِهِ مَا لَيْسَ مِنْ لُبْسِهِ، وَكَانَ صَاحِبَ جِدٍّ وَوَقَارٍ. أَوْ إِقْدَامُ جَعْفَرٍ بِمَا أَقْدَمَ بِهِ. أَوْ إِمْضَاءُ الرَّشِيدِ لِمَا حَكَمَ جعفر به؟

ترجمة جعفر عند ابن خلكان

تَرْجَمَةُ جَعْفَرٍ عِنْدَ ابْنِ خَلِّكَانَ: قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ عَنِ الْبَرْمَكِيِّ: قَدْ بَلَغَ جَعْفَرٌ مِنْ عُلُوِّ الْمَرْتَبَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ، حَتَّى أَنَّ الرَّشِيدَ اتَّخَذَ ثَوْبًا لَهُ زِيقَانِ، فَكَانَ يَلْبَسُ هُوَ وَجَعْفَرٌ مَعًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَنْهُ صَبْرٌ. وَكَانَ الرَّشِيدُ شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لأُخْتِهِ عَبَّاسَةَ، وَهِيَ أَعَزُّ النِّسَاءِ عَلَيْهِ، فَكَانَ مَتَى غَابَ أَحَدٌ مِنْهُمَا لا يَتِمُّ سُرُورُ الرَّشِيدِ فَقَالَ: إِنِّي لا صَبْرَ لِي عَنْكُمَا، وَإِنِّي سَأُزَوِّجُكها لِأَجْلِ النَّظَرِ فَقَطْ، فَاحْذَرْ أَنْ تَخْلُوَ بِهَا، فَزَوَّجَهُ بِهَا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، ثُمَّ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ1. وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ هَذَا التَّغَيُّرِ، فَقِيلَ: إِنَّ عَبَّاسَةَ أَحَبَّتْ جَعْفَرًا وَرَاوَدَتْهُ2 فَخَافَ، وَأَعْيَتْهَا الْحِيلَةُ، فَبَعَثَتْ إِلَى أُمِّ جَعْفَرٍ: أَنِ ابْعَثِي بِي إِلَى ابْنِكِ كَأَنَّنِي جَارِيَةٌ لَكِ تُتْحِفِيهِ بِهَا، وَكَانَتْ أُمُّهُ تُتْحِفُهُ كُلَّ جُمْعَةٍ بِجَارِيَةٍ بِكْرٍ، فَيَشْرَبُ ثُمَّ يَفْتَضُّهَا، فَأَبَتْ عَلَيْهَا أُمُّ جَعْفَرٍ، فَقَالَتْ: لَئِنْ لَمْ تَفْعَلِي لأَقُولَنَّ أَنَّكِ خَاطَبْتِنِي بِهَذَا، وَلَئِنِ اشْتَمَلْتُ مِنَ ابْنِكِ عَلَى وَلَدٍ لَيَكُونَنَّ لَكُمُ الشَّرَفُ، فَأَجَابَتْهَا، وَجَاءَتْهَا عَبَّاسَةُ فَأَدْخَلَتْهَا مُتَنَكِّرَةً عَلَى جَعْفَرٍ، وَكَانَ لا يَثَّبَّتُ صُورَتَهَا وَلا يَجْسُرُ أَنْ يَرْفَعَ طَرْفَهُ إِلَيْهَا مِنَ الرَّشِيدِ قَالَ: فَافْتَضَّهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ لَهُ: كَيْفَ رَأَيْتَ خَدِيعَةَ بَنَاتِ الْخُلَفَاءِ؟ قَالَ: وَمَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا مَوْلاتُكَ. فَطَارَ السُّكْرُ مِنْ رَأْسِهِ، وَقَامَ إِلَى أُمِّهِ وَقَالَ: بِعْتِنِي وَاللَّهِ، رَخِيصًا، وَعَلِقَتْ مِنْهُ الْعَبَّاسَةُ، فَلَمَّا وَلَدَتْ وَكَّلَتْ بِالْوَلَدِ خَادِمًا وَمُرْضِعًا، ثُمَّ بعثت به إلى مكة.

_ 1 وفيات الأعيان "1/ 332" لابن خلكان. 2 أي دعته إلى فعل الفحشاء.

ثُمَّ وَشَتْ1 بِهَا زُبَيْدَةُ إِلَى الرَّشِيدِ، فَحَجَّ وَكَشَفَ عَنِ الأَمْرِ وَتَحَقَّقَهُ، فَأَضْمَرَ السُّوءَ لِلْبَرَامِكَةِ. وَلِأَبِي نُوَاسٍ يُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ: أَلا قُلْ لِأَمِينِ اللَّهِ ... وَابْنِ الْقَادَةِ السَّاسَهْ إِذَا مَا ناكث سر ... رك أَنْ تُعْدِمَهُ رَاسَهْ فَلا تَقْتُلْهُ بِالسَّيْفِ ... وَزَوِّجْهُ بِعَبَّاسَهْ2 وَقِيلَ: إِنَّ الرَّشِيدَ سَلَّمَ إِلَيْهِ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ كَمَا ذَكَرْنَا، فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فِيَّ، وَلا تَجْعَلْ خَصْمِكَ غَدًا جَدِّي، فَرَقَّ لَهُ وَأَطْلَقَهُ، وَخَفَرَهُ إِلَى مَأْمَنِهِ3. وَسُئِلَ سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ جِنَايَةِ الْبَرَامِكَةِ، فَقَالَ: مَا كَانَ مِنْهُمْ بَعْضُ مَا يُوجِبُ مَا عَمِلَ الرَّشِيدُ بِهِمْ، وَلَكِنْ طَالَتْ أَيَّامُهُمْ وَكُلُّ طَوِيلٍ مَمْلُولٌ. وَقِيلَ: رُفِعَتْ وَرَقَةٌ إِلَى الرَّشِيدِ فِيهَا: قُلْ لِأَمِينِ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ ... وَمَنْ إِلَيْهِ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ هَذَا ابْنُ يَحْيَى قَدْ غَدَا مَالِكًا ... مِثْلَكَ مَا بَيْنَكُمَا حَدُّ أَمْرُكَ مَرْدُودٌ إِلَى أَمْرِهِ ... وَأَمْرُهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ وَقَدْ بَنَى الدَّارَ الَّتِي ما بنى الـ ... ـفرس لَهَا مِثْلا وَلا الْهِنْدُ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ حَصْبَاؤُهَا ... وَتُرْبُهَا الْعَنْبَرُ وَالنَّدُّ وَنَحْنُ نَخْشَى أَنَّهُ وَارِثٌ ... مُلْكَكَ إِنْ غَيَّبَكَ اللَّحْدُ وَلَنْ يُضَاهِي4 الْعَبْدُ أَرْبَابَهُ ... إِلا إِذَا مَا بَطِرَ الْعَبْدُ5 فَلَمَّا قرأها أثرت فيه.

_ 1 الوشاية: النميمة. 2 انظر: وفيات الأعيان "1/ 332-334". 3 تاريخ الطبري "8/ 289"، وفيات الأعيان "1/ 334"، البداية "10/ 189". 4 يضاهي: يساوي أو يشبه أو يماثل. 5 وفيات الأعيان "1/ 335".

وَقِيلَ إِنَّ أُخْتَ الرَّشِيدِ قَالَتْ لَهُ: مَا رَأَيْتُ لَكَ سُرُورًا تَامًّا مُنْذُ قَتَلْتَ جَعْفَرًا، فَلِأَيِّ شَيْءٍ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ قَمِيصِي يَعْلَمُ السَّبَبَ لَمَزَّقْتُهُ. وَلَمْ يَزَلْ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ وَابْنُهُ الْفَضْلُ وَعِدَّةٌ مِنَ الْخَدَمِ مَحْبُوسِينَ وَحَالُهُمْ حَسَنٌ إِلَى أَنْ سَخِطَ الرَّشِيدُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ، فَعَمَّهُمْ بِسَخَطِهِ، وَجَدَّدَ لَهُمُ التُّهْمَةَ وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ، وَبَقِيَتْ جُثَّةُ جَعْفَرٍ مُعَلَّقَةً مُدَّةً، وَقُطِّعَتْ أَعْضَاؤُهُ وَعُلِّقَتْ بِأَمَاكِنَ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أُنْزِلَتْ وَأُحْرِقَتْ1. وَحُبِسَ يَحْيَى وَأَوْلادُهُ كُلَّهُمْ سِوَى مُحَمَّدٍ وَبَنِيهِ2. وَلِأَبِي الْعَتَاهِيَةِ: قُولا لِمَنْ يَرْتَجِي الْحَيَاةَ أَمَا ... فِي جَعْفَرٍ عبرة ويحياه كانا وزيري خليفة الله ها ... رون هُمَا مَا هُمَا وَزِيرَاهُ فَذَاكُمُ جَعْفَرٌ بِرُمَّتِهِ ... فِي حَالِقٍ رَأْسُهُ وَنِصْفَاهُ وَالشَّيْخُ يَحْيَى الْوَزِيرُ أَصْبَحَ قَدْ ... نَحَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَقْصَاهُ شُتِّتَ بعد التجمع شملهم ... فأصبحوا في البلاد قد تاهوا كذاك مَنْ يُسْخِطِ الإِلَهَ بِمَا ... يُرْضِي بِهِ الْعَبْدَ يُجْزِهِ اللَّهُ سُبْحَانَ مَنْ دَانَتِ الْمُلُوكُ لَهُ ... أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا هُو طُوبَى لِمَنْ تَابَ قَبْلَ غِرَّتِهِ ... فَمَاتَ قَبْلَ الْمَمَاتِ طُوبَاهُ هَيَاجُ الْقَيْسِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ بِالشَّامِ: وَفِيهَا هَاجَتِ الْعَصَبِيَّةُ بَيْنَ الْقَيْسِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ بِالشَّامِ، فَوَجَّهَ الرَّشِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ مَنْصُورِ بْنِ زِيَادٍ فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمُ. الْقَاسِمُ يَغْزُو الصَّائِفَةَ: وَفِيهَا أَغْزَى الرَّشِيدُ وَلَدَهُ الْقَاسِمَ الصَّائِفَةَ، وَوَهَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَوَلاهُ الْعَوَاصِمَ.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "8/ 296"، والبداية "10/ 190". 2 تاريخ الطبري "8/ 301، 302".

الرَّشِيدُ يَعْتَقِلُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ صَالِحٍ: وَكَانَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ وَلَدٌ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَسَعَى هُوَ وَوَزِيرُ أَبِيهِ بِابْنِهِ إِلَى الرَّشِيدِ وَقَالَ: إِنَّهُ عَامِلٌ عَلَى الْخِلافَةِ، فَاعْتَقَلَهُ الرَّشِيدُ فِي مَكَانٍ مَلِيحٍ وَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِ. فَمَا زَالَ مَحْبُوسًا حَتَّى تُوُفِّيَ الرَّشِيدُ فَأَطْلَقَهُ الأَمِينُ، وَوَلاهُ الشَّامَ. ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الأَمِينِ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ بَيْتِهِ وَفُصَحَائِهِمْ وَنُبَلائِهِمْ. مَرَّ الرَّشِيدُ بِمَنْبِجٍ فَقَالَ لَهُ، وَبِهَا إِذْ ذَاكَ مَقَرُّ عَبْدِ الْمَلِكِ: هَذَا مَنْزِلُكَ؟ قَالَ: هُوَ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وُلِّيَ بِكَ. قَالَ: كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: دُونَ بِنَاءِ أَهْلِي وَفَوْقَ مَنَازِلِ مَنْبِجٍ. قَالَ: كَيْفَ لَيْلُهَا؟ قَالَ: سَحَرٌ كُلُّهُ. نِقْفُورُ يَتَمَلَّكُ عَلَى الرُّومِ وَيَنْقُضُ صُلْحَ الْمُسْلِمِينَ: وَفِيهَا انْتَقَضَ الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الرُّومِ، وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمْ نِقْفُورَ، وَالرُّومُ تَذْكُرُ أَنَّ نِقْفُورَ هَذَا مِنْ وَلَدِ جَفْنَةَ الْغَسَّانِيِّ، وَأَنَّهُ قَبْلَ الْمُلْكِ كَانَ يَلِي دِيوَانَ خَرَاجِهِمْ، وَكَانَ عَقَدَ الْهُدْنَةَ مَعَ الْمَلِكَةِ رِينِي، فَخَلَعَهَا الرُّومُ وَسَلْطَنُوا نِقْفُورَ. كِتَابُ نِقْفُورَ إِلَى الرَّشِيدِ وَالرَّدُّ عَلَيْهِ: ثُمَّ مَاتَتْ رِينِي بَعْدَ أَشْهُرٍ، فَكَتَبَ: مِنْ نِقْفُورَ مَلِكِ الرُّومِ، إِلَى هَارُونَ مَلِكِ الْعَرَبِ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَلِكَةَ الَّتِي قَبْلِي كَانَتْ أَقَامَتْكَ مَقَامَ الرُّخِ1 وَأَقَامَتْ نَفْسَهَا مَقَامَ الْبَيْدَقِ، فَحَمَلَتْ إِلَيْكَ مِنْ أَمْوَالِهَا أَحْمَالا، وَذَلِكَ لِضَعْفِ النِّسَاءِ وَحُمْقِهِنَّ، فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي فَارْدُدْ مَا حَصَلَ قِبَلَكَ مِنْ أَمْوَالِهَا وَافْتَدِ نَفْسَكَ، وَإِلا فَالسَّيْفُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ. قَالَ: فَلَمَّا قَرَأَ الرَّشِيدُ الْكِتَابَ اسْتَشَاطَ غَضَبًا حَتَّى لَمْ يُمَكِّنْ أحد أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِهِ دُونَ أَنْ يُخَاطِبَهُ، وَتَفَرَّقَ جُلَسَاؤُهُ مِنَ الْخَوْفِ، وَاسْتَعْجَمَ الرَّأْيُ عَلَى الْوَزِيرِ، فَدَعَا الرَّشِيدُ بِدَوَاةٍ وَكَتَبَ عَلَى ظَهْرِ كِتَابِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى نِقْفُورَ كَلْبِ الرُّومِ، قَدْ قرأت كتابك يابن الْكَافِرَةِ، وَالْجَوَابُ مَا تَرَاهُ لا مَا تَسْمَعُهُ2.

_ 1 الرخ: قطعة من قطع الشطرنج. 2 انظر: تاريخ الطبري "8/ 308"، والبداية "10/ 194".

مَسِيرُ الرَّشِيدِ إِلَى هِرَقْلَةَ: ثُمَّ سَارَ لِيَوْمِهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى نَازَلَ مَدِينَةَ هِرَقْلَةَ، وَكَانَتْ غَزْوَةً مَشْهُورَةً وَفَتْحًا مُبِينًا، فَطَلَبَ النِّقْفُورُ الْمُوَادَعَةَ، وَالْتَزَمَ بِخَرَاجٍ يَحْمِلُهُ كُلَّ سَنَةٍ، فَأُجِيبَ، فَلَمَّا رَجَعَ الرَّشِيدُ إِلَى الرَّقَّةِ نَقَضَ الْكَلْبُ الْعَهْدَ لِإِيَاسِهِ مِنْ كَرِّ الرَّشِيدِ فِي الْبَرْدِ، فَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يُبَلِّغَ الرَّشِيدَ نَقْضَهُ، بَلْ قَالَ فِي ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التَّيْمِيُّ: نَقَضَ الَّذِي أَعْطَيْتَهُ نِقْفُورُ ... فَعَلَيْهِ دَائِرَةُ الْبَوَارِ تَدُورُ أَبْشِرْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ ... غُنْمٌ أَتَاكَ بِهِ الإِلَهُ كَبِيرُ وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ أبياتًا، وعرضت على الرشيد، فقال: أوقد فَعَلَهَا؟ فَكَرَّ رَاجِعًا فِي مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ حَتَّى أَنَاخَ بِفِنَائِهِ، فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى بَلَغَ مُرَادَهُ، وَحَازَ جِهَادَهُ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ: أَلا نَادَتْ هِرَقْلَةُ بِالْخَرَابِ ... مِنَ الْمَلِكِ الْمُوَفَّقِ لِلصَّوَابِ غَدَا هَارُونُ يُرْعِدُ بِالْمَنَايَا ... وَيُبْرِقُ بِالْمُذَكَّرَةِ الْقِضَابِ وَرَايَاتٍ يَحِلُّ النَّصْرُ فِيهَا ... تَمُرُّ كَأَنَّهَا قِطَعُ السَّحَابِ الرَّشِيدُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ ابْنِ نَهِيكٍ: وَفِيهَا أَمَرَ الرَّشِيدُ بِقَتْلِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ نَهِيكٍ، لِأَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْهُ أَنَّهُ إِذَا شَرِبَ طَلَبَ سَيْفَهُ وَأَخَذَهُ وَيَقُولُ: لأَقْتُلَنَّ الرَّشِيدَ أَوْ لأَقْتُلَنَّ قَاتِلَ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، ثُمَّ يَبْكِي حَزِنًا عَلَى جَعْفَرٍ. وَحَجَّ وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ عبيد الله بن العباس بن أَبِي الْمَنْصُورِ. وَقْعَةُ الْمُضَرِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ بِدِمَشْقَ: وَوَلِيَ دِمَشْقَ شُعَيْبُ بْنُ حَازِمِ بْنِ خُزَيْمَةَ، فَهَاجَتِ الأَهْوَاءُ بَيْنَ الْمُضَرِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ وَقْعَةٌ مَهُولَةٌ، ظَهَرَتْ فِيهَا الْيَمَانِيَّةُ، وَقُتِلَ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِمِائَةِ نَفْسٍ، ثُمَّ عُزِلَ شُعَيْبٌ بَعْدَ عَامٍ بمحمد بن منصور. والله أعلم1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص303"، وتاريخ الطبري "8/ 287-312"، والكامل "6/ 186، 187"، والنجوم الزاهرة "2/ 121"، والبداية "10/ 89-99"، وصحيح التوثيق "6/ 104".

أحداث ثمان وثمانين ومائة

أحداث ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: إِسْحَاقُ بْنُ مِسْوَرٍ الْمُرَادِيُّ الْمِصْرِيُّ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ الْمِصْرِيُّ، وَسُلَيْمٌ أَبُو عِيسَى الْمُقْرِئُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ الْصَّدَفِيُّ، وَعَبْدَهِ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكُوفِيُّ، وَعَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ الْحَرَّانِيُّ، بِخُلْفٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ السَّكُونِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَوْصِلِيُّ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسُ السَّبِيعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، أَوْ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَمَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارُ الْبَصْرِيُّ، وَمَعْرُوفُ بْنُ حَسَّانٍ الضَّبِّيُّ، وَمَهْرَانُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الرَّازِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةَ. غَزْوَةُ دَرْبِ الصَّفْصَافِ: وَفِيهَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ الصَّائِفَةَ وَدَخَلُوا مِنْ دَرْبِ الصَّفْصَافِ، فَبَرَزَ نِقْفُورُ بِجُمُوعِهِ، وَالْتَقَوْا فَجُرِحَ نِقْفُورُ ثَلاثَ جِرَاحَاتٍ وَانْهَزَمَ، وَقُتِلَ مِنَ الرُّومِ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، فَقِيلَ: بَلَغَتِ الْقَتْلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَقِيلَ: أَرْبَعَةَ آلافٍ وَسَبْعَمِائَةٍ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ الرشيد1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص303"، وتاريخ الطبري "8/ 287"، والكامل "6/ 186-188"، والنجوم الزاهرة "2/ 121"، البداية "10/ 89-99"، صحيح التوثيق "6/ 104".

أحداث تسع وثمانين ومائة

أحداث تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا تُوُفِّيَ: حَكَّامُ بْنُ سَلَمٍ الرَّازِيُّ، وَأَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيُّ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الشَّامِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهَرٍ الْكُوفِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي خَلِيفَةَ الْعَبْدِيُّ، وَمُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَزِينٍ النَّيْسَابُورِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَاضِي الْقُضَاةِ، وَعَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْكِسَائِيُّ، شَيْخُ الْقُرَّاءِ، وَهَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ الْعِجْلِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ. مَسِيرُ الرَّشِيدِ إِلَى الرَّيِّ: وَفِيهَا سَارَ الرَّشِيدُ إِلَى الرَّيِّ بِسَبَبِ أَنَّ أَهْلَ خُرَاسَانَ كَتَبُوا يَشْكُونَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ وَعَسْفَهُ وَظُلْمَهُ، وَيَطْلُبُونَ عَزْلَهُ، وَتُحَدِّثُ بِأَنَّ ابْنَ مَاهَانَ عَلَى نِيَّةِ الْخُرُوجِ،

فَأَقَامَ الرَّشِيدُ بِالرَّيِّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى وَافَاهُ ابْنُ مَاهَانَ بِالأَمْوَالِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْمِسْكِ وَالتُّحَفِ وَالْخَيْلِ، ثُمَّ أَهْدَى بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى كِبَارِ الْقُوَّادِ، وَرَأَى مِنْهُ الرَّشِيدُ مَا أَعْجَبَهُ وَأَرْضَاهُ، فَرَدَّهُ إِلَى إِمَارَةِ خُرَاسَانَ وَرَكِبَ مُشَيِّعًا لَهُ. فِدَاءُ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ: وَفِيهَا كَانَ الْفِدَاءُ حَتَّى لَمْ يبق بممالك الروم في الأسر مسلم1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص304"، تاريخ الطبري "8/ 314-318"، الكامل "6/ 193"، صحيح التوثيق "6/ 193".

أحداث تسعين ومائة

أحداث تِسْعِينَ وَمِائَةٍ: فِيهَا مَاتَ: أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ الْفَقِيهُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسْطَنْطِينَ مُقْرِئُ مَكَّةَ، فِي قَوْلٍ، وَالْحَكَمُ بْنُ سِنَانٍ الْبَاهِلِيُّ الْقُرَبِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ الْحِمَّانِيُّ، وَشُجَاعُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْبَلْخِيُّ الْمُقْرِئُ، وَعَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، بَيَّاعُ الْهَرَوِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ قَاضِي إِفْرِيقْيَةَ، وَأَبُو عَلْقَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ كَسْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْمَصْرِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ اللاحِقِيُّ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكُوفِيُّ الْحَذَّاءُ، وَعَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَلَبِيُّ الْخَفَّافُ، وَعُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ الْمَعَافِرِيُّ، بِحَلَبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، وَمَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، فِي رِوَايَةٍ، وَمَسْلَمَهُ بْنُ عُلَيٍّ الْجُهَنِيُّ، وَمَيْمُونُ بْنُ يَحْيَى، مِصْرِيٌّ، وَوَهْبُ بْنُ وَاضِحٍ أَبُو الأَخْرِيطَ مُقْرِئُ مَكَّةَ، وَيَحْيَى بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، مَحْبُوسًا، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا الْغَسَّانِيُّ، بِوَاسِطٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَيْمُونَ الْبَغْدَادِيُّ التَّمَّارُ، وَأَبُو بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ. رَافِعُ بْنُ اللَّيْثِ يَخْلَعُ الطَّاعَةَ: وَفِيهَا خلع الطاعة رَافِعُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ بِسَمَرْقَنْدَ، فَوَجَّهَ ابْنُ مَاهَانَ لِحَرْبِهِ ابْنَهُ عِيسَى، فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ عِيسَى. إِسْلامُ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ: وَفِيهَا أَسْلَمَ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْمَجُوسِيُّ عَلَى يَدِ الْمَأْمُونِ بْنِ هَارُونَ الرَّشِيدِ.

فَتْحُ الرَّشِيدِ هِرَقْلَةَ: وَفِيهَا افْتَتَحَ الرَّشِيدُ مَدِينَةَ هِرَقْلَةَ، وَبَثَّ جُيُوشَهُ بِأَرْضِ الرُّومِ، وَكَانَ فِي مائة ألف فارس وخمسة وثلاثين ألفًا سِوَى الْمُطَّوَّعَةِ. وَجَالَ فِي أَرْضِ الْكُفْرِ الأَمِيرُ دَاوُدُ بْنُ عِيسَى بْنِ مُوسَى فِي سَبْعِينَ أَلْفًا. فَتْحُ حِصْنِ الصَّقَالِبَةِ: وَافْتَتَحَ شَرَاحِيلُ بْنُ مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ حِصْنَ الصَّقَالِبَةِ. وَافْتَتَحَ يَزِيدُ بْنُ مَخْلَدٍ الصَّفْصَافَ وَمَلَقُونِيَّةَ. وَكَانَ فَتْحُ هِرَقْلَةَ فِي شَوَّالٍ، فَأَخْرَبَهَا وَسَبَى أَهْلَهَا، وَكَانَ الْحِصَارُ ثَلاثِينَ يَوْمًا. غَزْوَةُ حُمَيْدِ بْنِ مَعْيُوفٍ إِلَى قُبْرُسَ: وَوُلِّيَ إِمْرَةَ سَوَاحِلِ الشَّامِ إِلَى مِصْرَ حُمَيْدُ بْنُ مَعْيُوفٍ، فَسَارَ فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ1 فَهَدَمَ وَحَرَّقَ وَسَبَى مِنْ أَهْلِهَا سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَأُبِيعُوا فِي الرَّافِقَةِ، وَبَلَغَ ثَمَنُ أُسْقُفِ قُبْرُسَ أَلْفَيْ دِينَارٍ. اتِّخَاذُ الرَّشِيدِ قَلَنْسُوَةً: وَاتَّخَذَ الرَّشِيدُ قَلَنْسُوَةً كَانَ يَلْبَسُهَا، مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا بِالرُّقَمِ " غَازٍ حَاجٌّ " وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو الْمُعَلَّى الْكِلابِيُّ، وَكَانَ شُخُوصُ الرَّشِيدِ إِلَى الرُّومِ فِي رَجَبٍ: فَمَنْ يَطْلُبْ لِقَاءَكَ أَوْ يُرِدْهُ ... فَبِالْحَرَمَيْنِ أَوْ أَقْصَى الثُّغُورِ فَفِي أَرْضِ الْعَدُوِّ عَلَى طِمِرٍّ ... وَفِي الأَرْضِ التَّرَفُّهِ فَوْقَ كُورِ بَعْثُ نِقْفُورَ بِالْخَرَاجِ إِلَى الرَّشِيدِ: وَفِيهَا بَعَثَ نِقْفُورُ إِلَى الرَّشِيدِ بِالْخَرَاجِ وَبِالْجِزْيَةِ عَنْ رَأْسِهِ أربعة دنانير.

_ 1 هي البلاد المعروفة اليوم باسم "قبرص".

كِتَابُ نِقْفُورَ إِلَى الرَّشِيدِ: وَكَتَبَ: لِعَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِقْفُورَ مَلِكِ الرُّومِ، سَلامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً لا تَضُرُّكَ فِي دِينِكَ وَلا دُنياك، أَنْ تَهَبَ لابْنِي جَارِيَةً مِنْ بَنَاتِ مَدِينَةِ هِرَقْلَةَ قَدْ كُنْتُ خَطَبْتُهَا عَلَى ابْنِي، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُسْعِفَنِي بِهَا فَعَلْتَ، وَالسَّلامُ. وَاسْتَهْدَاهُ أَيْضًا سُرَادِقًا وَطِيبًا، فَأَمَرَ الرَّشِيدُ فَأُحْضِرَتِ الْجَارِيَةُ فَحُلِّيَتْ وَزُيِّنَتْ وَبُعِثَتْ مَعَ مَا سَأَلَ مِنَ الْعِطْرِ وَالطُّرَفِ والسُّرَادَقِ، فَوَهَبَ نِقْفُورُ لِلرَّسُولِ خَمْسِينَ أَلْفًا، وَثَلاثَمِائَةِ ثَوْبٍ، وَاثْنَيْ عَشَرَ بَازِيًا، وَأَرْبَعَةَ أَكْلُبٍ، وثلاثة بَرَاذِينَ. وَطَلَبَ مِنَ الرَّشِيدِ أَنْ لا يُخَرِّبَ حِصْنَ ذِي الْكَلاعِ وَلا صَمْلَهْ وَلا حِصْنَ سِنَانٍ، فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ الرَّشِيدُ أَنْ لا يُعَمِّرَ هِرَقْلَةَ، وَأَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِ ثَلاثَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ. انْتِقَاضُ أَهْلِ قُبْرُسَ: وَفِيهَا نَقَضَ أَهْلُ قُبْرُسَ، فَغَزَاهُمْ مَعْيُوفُ بْنُ يَحْيَى، فَقَتَلَ وَسَبَى، وَاللَّهُ أعلم1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 304"، وتاريخ الطبري "8/ 319"، الكامل "6/ 197"، النجوم الزاهرة "2/ 133"، البداية "10/ 203"، صحيح التوثيق "6/ 106".

تراجم أهل هذه الطبقة

تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيُّ السَّوَّاقُ1. عَنْ: مَنْصُورٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَعِمْرَانَ الْقَصِيرِ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَزِيرٍ الْوَاسِطِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. لَمْ يُضَعَّفْ. 2- إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَعْيَنَ الشَّيْبَانِيُّ2 -ق. حَدَّثَ بِمِصْرَ عَنْ: مَعْمَرٍ، وَشُعْبَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ بن يحيى الشيباني.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 87"، صحيح التوثيق "6/ 106". 2 الجرح والتعديل "2/ 87"، الميزان "1/ 21"، التهذيب "1/ 108".

وَعَنْهُ: إِسْرَائِيلُ وَهُوَ شَيْخُهُ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَغَيْرُهُمْ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 3- إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ1: عَنْ: عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُسْلَمَةَ الْمِصْرِيُّ. ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. 4- إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ الْمَدِينِيُّ2: عَنْ: أَبِيهِ وَعَمِّهِ سُلَيْمَانَ، وصالح بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَذُؤَيْبُ بْنُ عَمَامَةَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الأَوْسِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 5- إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي حَيَّةَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمَكِّيُّ3: وَاسْمُ أَبِيهِ: الْيَسَعُ بْنُ أَشْعَثَ. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وحميد الأعرج، وعدة، وقرأ القرآن على حميد الأعرج. روى عنه: الحميدي، وقتيبة، وأحمد بن عيسى، ونعيم بن حماد، وابن أبي مسرة والد أبي يحيى، وداود بن حماد. ضعفه ابن عدي، والنسائي. وقال الدارقطني: متروك.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 90"، والميزان "1/ 24". 2 الطبقات الكبرى "5/ 437"، الجرح والتعديل "2/ 91". 3 الجرح والتعديل "2/ 95"، والميزان "1/ 29".

ومن مناكيره: قُتَيْبَةُ، نا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَأْذَنَتْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كَنِيفٍ بِمِنًى، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا1. وَقُتَيْبَةُ: عَنْهُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "يَوْمُ الأَرْبِعَاءِ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ"2. 6- إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، الإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ الْمَدَنِيُّ3 ع سَمِعَ: أَبَاهُ، وَالزُّهْرِيَّ، وَصَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ، وَصَالِحَ بْنَ كَيْسَانَ، وَيَزِيدَ بْنَ الْهَادِ، وَابْنَ إِسْحَاقَ، وَالْوَلِيدَ بْنَ كَثِيرٍ، وَطَائِفَةً. عَنْهُ: ابْنَاهُ يَعْقُوبُ وَسَعْدٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولابِيُّ، وَلُوَيْنٌ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ سَيَّارٍ الْحَرَّانِيُّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ شُعْبَةُ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهُمْ أَكْبَرُ مِنْهُ. وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ، عَاشَ خَمْسًا وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَوَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ أَيْضًا قَاضِيهَا. وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أسود اللون. قال عبيد الله بن سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْعِرَاقَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، فَأَكْرَمَهُ الرَّشِيدُ وَأَظْهَرَ بِرَّهُ، وَسُئِلَ عَنِ الْغِنَاءِ فَأَفْتَى بِتَحْلِيلِهِ، وَأَتَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِيَسْمَعَ مِنْهُ، فَسَمِعَهُ يَتَغَنَّى فَقَالَ: لَقَدْ كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْمَعَ مِنْكَ، فَأَمَّا الآنَ فَلا أَسْمَعُ مِنْكَ. فَقَالَ: إِذًا لا أَفْقِدُ إلا شخصك، وعلي وَعَلَيَّ إنْ حَدَّثْتُ بِبَغْدَادَ حَدِيثًا حَتَّى أُغَنِّيَ قَبْلَهُ. وَشَاعَتْ هَذِهِ عَنْهُ بِبَغْدَادَ، وَبَلَغَتِ الرَّشِيدَ، فَدَعَا بِهِ وَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي قَطَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّرِقَةِ، فَدَعَا بِعُودٍ، فَقَالَ الرَّشِيدُ: أَعُودُ الْبُخُورِ؟ قَالَ: لا وَلَكِنْ عُودُ الطَّرَبِ. فَتَبَسَّمَ، وَفَهِمَهَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: لَعَلَّكَ بَلَغَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَدِيثُ السَّفِيهِ الَّذِي آذَانِي بِالأَمْسِ وَأَلْجَأَنِي إِلَى أَنْ حَلَفْتُ؟ قَالَ: نَعَمْ. ودعا له الرشيد بعود، فغناه:

_ 1 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي "1/ 238" في الكامل، وابن حبان "1/ 104" في المجروحين، وابن الجوزي "3/ 128" في الموضوعات. 2 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي "1/ 238" في الكامل. 3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 322"، والجرح والتعديل "2/ 101"، السير "8/ 270".

يَا أُمَّ طَلْحَةَ إِنَّ الْبَيْنَ قَدْ أَزِفَا ... قَلَّ الثِّوَاءُ لَئِنْ كَانَ الرَّحِيلُ غَدَا وَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ: مَنْ كَانَ مِنْ فُقَهَائِكُمْ يَكْرَهُ السَّمَاعَ؟ قَالَ: مَنْ رَبَطَهُ اللَّهُ. قَالَ: فَهَلْ بَلَغَكَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْءٌ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُمُ اجْتَمَعُوا فِي مَدْعَاةٍ كَانَتْ فِي بَنِي يَرْبُوعٍ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ جِلَّةٌ، وَمَعَهُمْ دُفُوفٌ وَمَغَانٍ وَعِيدَانٌ يُغَنُّونَ وَيَلْعَبُونَ، وَمَعَ مَالِكٍ دُفٌّ مُرَبَّعٌ وَهُوَ يُغَنِّيهِمْ: سُلَيْمَى أَجْمَعَتْ بَيْنَا ... فَأَيْنَ لِقَاؤُهَا أَيْنَا وَقَدْ قَالَتْ لِأَتْرَابٍ ... لَهَا زَهْرٌ تَلاقَيْنَا تَعَالَيْنَ فَقَدْ طَابَ ... لَنَا الْعَيْشُ تَعَالَيْنَا فَضَحِكَ الرَّشِيدُ وَوَصَلَهُ بِمَالٍ عَظِيمٍ1. رَوَاهَا غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّفَّارِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَلَفٍ بِمِصْرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَهَا. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ثِقَةً، يُقَالُ: كَانَ أَسْوَدَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابن إِسْحَاقَ، نَحْوٌ مِنْ سَبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ فِي الأَحْكَامِ، سِوَى الْمَغَازِي. قُلْتُ: وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْهُ مَغَازِيهِ، رَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ. وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ، وَهُوَ مِنْ صِغَارِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ، وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَهُ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ". ثُمّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ هِشَامٍ سِوَاهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: وَلِيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ بيت المال ببغداد.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "6/ 83، 84"، للخطيب البغدادي.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: مَوْلِدُ إِبْرَاهِيمَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: سَمَاعُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ بِذَاكَ لِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنَ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي ذِئْبٍ فِي الزُّهْرِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِرَاشٍ: صَدُوقٌ. 7- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَطِيَّةَ الثَّقَفِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، ثُمَّ الْوَاسِطِيُّ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ1: عَنْ: مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَيُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، وَعَنْهُ: الرَّبِيعُ بْنُ تَغْلِبَ، وَيُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ. وَقِيلَ: إِنَّ هُشَيْمًا رَوَى عَنْهُ. ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَدْ كَتَبَ عَنْهُ أَحْمَدُ ثُمَّ تَرَكَهُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَهُ مَنَاكِيرُ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 8- أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ -ع: هُوَ الإِمَامُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْكُوفِيُّ2. أَحَدُ الأَعْلامِ، سَكَنَ الْمَصِيصَةَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَوَى عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمر، والأعمش، وسليمان التيمي، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ. وَعَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَبَقِيَّةُ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمُوسَى بْنُ أَيُّوبَ الرَّحْبِيُّ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ وَضَّاحٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 120"، والميزان "1/ 48، 49"، تاريخ بغداد "6/ 114، 115". 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 448"، والجرح والتعديل "2/ 128، 129"، السير "8/ 473-477".

ابن سَهْمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَزَّازُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الْحَلَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْبَيْكَنْدِيُّ، وَطَائِفَةٌ. حَدَّثَ بِدِمَشْقَ وَبِالثُّغُورِ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً فَاضِلا صَاحِبَ سُنَّةٍ وَغَزْوٍ، كثير الخطأ في حديثه. وقال النسائي: ثقة مأمون، أحد الأئمة، روى عنه: ابن المبارك. وقال أبو حاتم: ثقة مأمون إمام. وقال علي بن الحسن بن شقيق: ذكر أبو إسحاق الفزاري عند سفيان بن عيينة فقال: ما ينبغي أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ أَبْصَرَ بِالسُّنَّةِ مِنْهُ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْخُرَيْبِيُّ: قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَفْضَلَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: الأَوْزَاعِيُّ وَالْفَزَارِيُّ إِمَامَانِ فِي السُّنَّةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، هُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَعْمَرٍ. حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ الأَوْزَاعِيِّ، وَذُكِرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَقَالَ: لَوْ خُيِّرْتُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مَنْ يَنْظُرُ لَهَا وَيَخْتَارُ لَهَا، مَا أَخْتَارُ لَهَا إِلا سُفْيَانَ أَوِ ابْنَ عَوْنٍ. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَأَنَا لَوْ خُيِّرْتُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مَنْ يَنْظُرُ لها ويختار لَهَا مَا اخْتَرْتُ لَهَا غَيْرَكَ، يَعْنِي الأَوْزَاعِيَّ. قال ابن بكار: فقلت أنا في نفسي: لو خيرت أنا ما اخترت لها غيرك، يعني أبا إسحاق الفزاري. عُبَيْدُ بْنُ جَنَّادٍ الْحَلَبِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَ الأَوْزَاعِيُّ بِحَدِيثٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَنْ حَدَّثَكَ يَا أَبَا عَمْرٍو؟ قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ. مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ: سألت ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ حَدِيثٍ كُنْتُ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مَنْ أُقَدِّمُهُ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ.

وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِكَاتِبِهِ: اكْتُبْ إِلَى أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، وَابْدَأْ بِهِ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنِّي. وَعَنْ مَحْبُوبِ بْنِ مُوسَى قَالَ: لَقِيتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، فَعَزَّانِي بِأَبِي إِسْحَاقَ وَقَالَ: كَانَ وَاللَّهِ كَرِيمًا، اشْتَقْتُ إِلَى الْمَصِيصَةِ، مَا بِي فَضْلُ الرِّبَاطِ إِلا لِأَرَى أَبَا إِسْحَاقَ. قَالَ مَحْبُوبٌ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ بَكَّارٍ يَقُولُ: لَقِيتُ الَّذِينَ لَقِيَهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ، ابْنُ عُونٍ وَغَيْرُهُ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِمْ أَفْقَهَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَمْرَ بْنِ أَبِي الْوَزِيرِ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ إِمَامًا. وَقَالَ نَصْرُ الْجَهْضَمِيُّ: قال الخريبي: كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه، وَكَانَ بَعْدَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ. قَالَ نَصْرٌ: وَأَنَا أَقُولُ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ. قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيِّ: أَبُو إِسْحَاقَ أَدَّبَ أَهْلَ الثَّغْرِ وَعَلَّمَهُمُ السُّنَّةَ، وَكَانَ يَأْمُرُ وَيَنْهَى، وَإِذَا دَخَلَ الثَّغْرَ مُبْتَدِعٌ أَخْرَجَهُ، وَكَانَ كَثِيرَ الْحَدِيثِ فَقِيهًا، وَكَانَ عَرَبِيًّا فَزَارِيًّا، أَمَرَ سُلْطَانًا يَوْمًا وَنَهَاهُ، فَضَرَبَهُ مِائَتَيْ سَوْطٍ، فَغَضِبَ لَهُ الأَوْزَاعِيُّ وَتَكَلَّمَ فِي أَمْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: إِذَا رَأَيْتَ الشَّامِيَّ يُحِبُّ الأَوْزَاعِيَّ وَأَبَا إِسْحَاقَ الْفَزَارِيَّ فَهُوَ صَاحِبُ سُنَّةٍ. وَقَالَ مَرَّةً: فَاطْمَئِنَّ إِلَيْهِ. سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ: أُدْخِلْتُ عَلَى هَارُونَ، فَلَمَّا رَآنِي رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، إِنَّكَ فِي مَوْضِعٍ وَفِي شَرَفٍ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ ذَلِكَ لا يُغْنِي عَنِّي فِي الآخِرَةِ شَيْئًا. ابْنُ الأَنْبَارِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمَرْزُبَانِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيِّ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ وَأَبُو يُوسُفَ جَالِسٌ، فَأُدْخِلَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ وَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: لا سَلَّمَ الله عليك ولا قرب دارك ولا حبى مزارك. قال: لم؟ قَالَ: أَنْتَ الَّذِي تُحَرِّمُ السَّوَادَ؟ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ لَعَلَّ ذَا أَخْبَرَكَ، وَأَشَارَ إِلَى أَبِي يُوسُفَ وَذَكَرَ كَلِمَةً، وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،

لَقَدْ خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى جَدِّكَ الْمَنْصُورِ، فَخَرَجَ أَخِي مَعَهُ، وَعَزَمْتُ عَلَى الْغَزْوِ، فَأَتَيْتُ أَبَا فُلانٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لِي: مَخْرَجُ أَخِيكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عَزَمْتَ عَلَيْهِ مِنَ الْغَزْوِ، وَاللَّهِ مَا حَرَّمْتُ السَّوَادَ. فَقَالَ الرَّشِيدُ: سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَقَرَّبَ دارك وحبا مزارك، وأجلس يَا أَبَا إِسْحَاقَ. يَا مَسْرُورُ، ثَلاثَةَ آلافِ دِينَارٍ لِأَبِي إِسْحَاقَ، فَأَتَى بِهَا فَوَضَعَهَا فِي يَدِهِ وَخَرَجَ، فَانْصَرَفَ وَلَقِيَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فَقَالَ: أَنَا عَنْ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ غَنِيٌّ. فَقَالَ: إِنْ كَانَ فِي نَفْسِكَ مِنْهَا شَيْءٌ فَتَصَدَّقْ بِهَا. فَمَا خَرَجَ مِنْ سُوقِ الرَّافِقَةِ حَتَّى تَصَدَّقَ بِهَا. إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ: سَمِعْتُ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام، وإلى جنبه فرجة، فذهبت لأجلس فَقَالَ: هَذَا مَجْلِسُ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ. وَقِيلَ: قَدِمَ ابْنُ الْمُبَارَكِ الْمَصِيصَةَ، فَزَارَ أَبَا إِسْحَاقَ الْفَزَارِيَّ، فَأَتَى ابْنَ الْمُبَارَكِ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ فَقَالَ: سَلْ أَبَا إِسْحَاقَ. عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ فَقَالَ: ثِقَةٌ، ثِقَةٌ. نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ النَّاسَ قَدْ جُمِعُوا فِي صَحَرَاءَ، فَغَشِيَتْهُمْ غَبَرَهٌ، فَمَاجَ النَّاسُ، فسمعتُ مُنَادِيًا يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ: اتَّبِعُوا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيَّ. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُهُ وَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ لا تُخْبِرْ بِهِ حَتَّى أَمُوتَ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: قَدِمَ الْفَزَارِيُّ دِمَشْقَ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ لِيَسْمَعُوا مِنْهُ، فَقَالَ لِمَوْلًى: اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ وَقُلْ لَهُمْ: مَنَ كَانَ يَرَى الْقَدَرَ فَلا يَحْضُرْ مَجْلِسَنَا. فَخَرَجْتُ وَأَخْبَرْتُ النَّاسَ. وَرُوِيَ أَنَّ الرَّشِيدَ أَخَذَ زِنْدِيقًا وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتَ مِنْ أَلْفِ حَدِيثٍ وَضَعْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَأَيْنَ أَنْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ يَتَخَلَّلانِهَا فَيُخْرِجَانِهَا حَرْفًا حَرْفًا؟ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: مَاتَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أفضل منه.

فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي غَزْوِ الْبَحْرِ1، حَدِيثٌ لِأَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ، سَمِعَ أَنَسًا، فَذَكَرَ حَدِيثَ أُمِّ حَرَامٍ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو إِسْحَاقَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي طُوَالَةَ، وَالصَّوَابُ مَا رَوَاهُ الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَجَمَاعَةٌ: مات أبو إسحاق الفزاري سنة خمس وثمانين ومائة. وقال ابن سعد، وخليفة، وسليمان بن عمر الرقي، ومحمد بن فضيل: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَالْبُخَارِيُّ، وَابْنُ أَبِي السَّرِيِّ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ ومائة. وقيل غَيْرُ ذَلِكَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. 9- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَاهَانَ بْنِ بَهْمَنَ، أَبُو إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِيُّ2: كَبِيرُ أَهْلِ الْغِنَاءِ، فَارِسِيٌّ مِنْ أَهْلِ أَرَّجَانَ3، وَلاؤُهُ لِلْحَنْظَلِيِّينَ. لقب بالموصلي لغيبته وقتًا بِالْمَوْصِلِ، ثُمَّ قَدِمَ مِنْهَا. صَحِبَ فِتْيَانًا بِالْكُوفَةِ فِي طَلَبِ الْغِنَاءِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ أَخْوَالُهُ، فَفَرَّ إِلَى الْمَوْصِلِ مُدَيْدَةً. وَكَانَ قَدِمَ مَاهَانَ بِزَوْجَتِهِ مِنْ أَرَّجَانَ وَهَذَا حَمَلٌ، فَوَلَدَتْهُ بِالْكُوفَةِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَبَرَعَ فِي الشِّعْرِ والأدب، وَتَتَبَّعَ عَرَبِيَّ الْغِنَاءِ وَعَجَمَتَهُ، وَسَافَرَ فِيهِ إِلَى الْبِلادِ، ثُمَّ اتَّصَلَ بِالْخُلَفَاءِ وَالْمُلُوكِ بِبَغْدَادَ. قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَنِي غُلامِي وَقَالَ: بِالْبَابِ حَائِكٌ يطلبك. قلت: ويلك، ما لي وَلَهُ؟ قَالَ: قَدْ حَلَفَ بِالطَّلاقِ لا يَنْصَرِفُ حَتَّى يُكَلِّمَكَ بِحَاجَتِهِ؛ قُلْتُ: ائْذَنْ لَهُ. فَدَخَلَ، قُلْتُ: مَا بِكَ؟ قَالَ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، أَنَا رَجُلٌ حَائِكٌ، وَكَانَ عِنْدِي جَمَاعَةٌ فَتَذَاكَرْنَا الغناء، وأجمع من حضر

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 19"، ومسلم "2/ 19"، ومالك "465"، في الموطأ، والترمذي "1645"، والنسائي "5/ 40، 41"، وابن ماجه "2776"، والبيهقي "9/ 165، 166"، في سننه الكبرى، وأبو نعيم "2/ 61" في الحلية. 2انظر: وفيات الأعيان "1/ 42"، والسير "8/ 40، 41". 3 أرجان: إحدى البلاد بين فارس والأهواز.

أَنَّكَ رَأْسُ الْقَوْمِ وَسَيِّدُهُمْ وَبُنْدَارُهُمْ، فَحَلَفْتُ بِطَلاقِ بِنْتِ عَمِّي ثِقَةً بِكَرَمِكَ أَنْ تَشْرَبَ عِنْدِي غَدًا وَتُغَنِّينِي، فَمُنَّ عَلَيَّ بِذَلِكَ. فَقَالَ: أَيْنَ مَنْزِلُكَ؟ وَصِفْ لِلْغُلامِ الْمَوْضِعَ وَانْصَرِفْ فَإِنِّي رَائِحٌ إِلَيْكَ. قَالَ: فَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ، وَأَمَرْتُ غُلامِي أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ قِنِّينَةً وَقَدَحًا وَخَرِيطَةَ الْعُودِ، وَأَتَيْتُهُ وَدَخَلْتُ. فَقَامَ إِلَيَّ الْحَاكَةُ، فَأَكَبُّوا وَقَبَّلُوا أَطْرَافِي، وَعَرَضُوا عَلَيَّ الطَّعَامَ، فَقُلْتُ: شَبْعَانُ، وَشَرِبْتُ مِنْ نَبِيذِي، ثُمَّ تَنَاوَلْتُ الْعُودَ وَقُلْتُ: اقْتَرِحْ. فَقَالَ: غَنِّنِي. يَقُولُونَ لِي لَوْ كَانَ بِالرَّمْلِ لَمْ تَمُتْ ... نُسَيْبَةُ وَالطَّرَّاقُ تَكْذِبُ قَبْلَهَا فَغَنَّيْتُ، فَقَالَ: أَحْسَنْتَ وَاللَّهِ. ثُمَّ قُلْتُ: اقْتَرِحْ. ثُمَّ غَنَّيْتُ له. ثم قلت: يابن اللَّخْنَاءِ أَنْتَ بِابْنِ سُرَيْجٍ أَشْبَهُ مِنْكَ بِالْحَاكَةِ. فَغَنَّيْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّكَ إِنْ عُدْتَ وَاللَّهِ ثَانِيَةً حَلَّتِ امْرَأَتُكَ لِغُلامِي قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ لَكَ. ثُمَّ انْصَرَفْتُ، وَجَاءَ رَسُولُ الرَّشِيدِ يَطْلُبُنِي، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ يَا إِبْرَاهِيمُ؟ قُلْتُ: وَلِيَ الأَمَانُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَخْبَرْتُهُ، فَضَحِكَ وَقَالَ: هَذَا أَنْبَلُ الْحُيَّاكِ، وَاللَّهِ لَقَدْ كَرُمْتَ فِي أَمْرِهِ وَأَحْسَنْتَ. وَبَعَثَ إِلَى الْحَائِكِ فَاسْتَنْطَقَهُ وَسَاءَلَهُ فَأَجَابَ، فَاسْتَطْرَفَهُ وَاسْتَطَابَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَرَوَى الصُّولِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ الرَّشِيدَ حَبَسَ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيَّ لِشَيْءٍ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ جَامِعٍ فِي مَجْلِسِهِ، فَتَابَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الْغِنَاءِ، فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ حَتَّى يُغَنِّيَ، فَكَتَبَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ إِلَى سَلْمٍ الْخَاسِرِ: سَلْمُ يَا سَلْمُ لَيْسَ دُونَكَ سِرُّ ... حُبِسَ الْمَوْصِلِيُّ فَالْعَيْشُ مر ما استطاب اللذات قد سكن المطـ ... ـبق رَأْسُ اللَّذَّاتِ فِي الأَرْضِ حُرُّ حُبِسَ اللَّهْوُ والسرور فما في ال ... أرض شَيْءٌ يُلْهَى بِهِ وَيُسَرُّ1 قَالَ عُمْرُ بْنُ شَبَّةَ: مَاتَ إِبْرَاهِيمُ الْمَوْصِلِيُّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ: قِيلَ مَاتَ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ. 10- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ شُرَحْبِيلَ الْقُرَشِيُّ الْعَبْدَرِيُّ الحجبي المكي2.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "6/ 177". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 125"، والميزان "1/ 56".

عَنْ: أَبِيهِ، وَشَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، وَعَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، وَعُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوْفِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَلَهُ مَنَاكِيرُ. 11- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْهَمْدَانِيُّ الْخَيْوَانِيُّ1: عَنْ: زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَالسُّدِّيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَهَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 12- إِبْرَاهِيمُ بْنُ المختار الرازي2 -ت. ق: أبو إسماعيل، ولقبه حبويه، بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ بِمُوَحَّدَةٍ. رَوَى عَنْ: ابْنِ جُرَيْحٍ، وَابْنِ إِسْحَاقَ وَشُعْبَةَ، وعنه: فروة بن أبي المغراء، ومحمد بن حميد، وغيرهما. قال أبو حاتم: صالح الحديث. ومن كلامه، قَالَ: عَلَيْكُمْ بِاللِّبَانِ فَإِنَّهُ يُشَجِّعُ الْقَلْبَ وَيُذْهِبُ النِّسْيَانَ. قِيلَ: تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 13- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ الْمَدَنِيُّ3: مِنْ مَوَالِي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. رَوَى عَنْ: عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ. وعنه: معن بن عيسى، وإبراهيم بن منذر الحزامي. قال ابن عدي: لم أجد له أنكر من حديث: "قرأ طه ويس"، وباقي أحاديثه صالحة.

_ 1 انظر: التاريخ الكبير "1/ 381"، الجرح والتعديل "2/ 129". 2 انظر: تاريخ بغداد "6/ 174، 175"، الميزان "1/ 56". 3 انظر: الميزان "1/ 67"، التهذيب "1/ 168، 169".

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنكَرُ الْحَدِيثِ. وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: صَالِحٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 14- إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْفَقِيهُ الْمَدَنِيُّ1 -ق. أَحَدُ الأَعْلامِ، وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ. رَوَى عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَصَالِحٍ مَوْلَى التوءمة وطبقتهم. وعنه: الشافعي، وإبراهيم بن موسى الفزاري، والحسن بن عرفة، وطائفة. "مطلب إذا قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبِرْنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ" وَهُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ الشَّافِعِيُّ فَيُدَلِّسُهُ وَيَقُولُ: أَخْبِرْنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ قَدَرِيًّا، وَنَهَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الْكِتَابَةِ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو يَحْيَى هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كُنَّا نُسَمِّي إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى وَنَحْنُ نَطْلُبُ الْحَدِيثَ: خُرَافَةً. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ: نَهَانِي مَالِكٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، فَقُلْتُ: مِنْ أَجْلِ الْقَدَرِ تَنْهَانِي؟ فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ فِي حَدِيثِهِ بِذَاكَ. أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى يَشْتُمُ بَعْضَ السَّلَفِ. سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: سَأَلْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ: لِمَ تَرَكْتَ حَدِيثَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى؟ قَالَ: كَانَ مُجَاهِرًا بِالْقَدَرِ، وَكَانَ اسْمُ الْقَدَرِ يَغْلِبُ عَلَيْهِ، وَكَانَ صاحب تَدْلِيسٍ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى: أَثِقَةٌ فِي الْحَدِيثِ؟ قَالَ: لا، وَلا فِي دِينِهِ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ، عَنِ الْمُعَيْطِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: كُنَّا نَتَّهِمُهُ بِالْكَذِبِ، يَعْنِي إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى. قَالَ أَبِي: قَدَرِيٌّ جَهْمِيٌّ كُلُّ بَلاءٍ فيه، يعني إبراهيم.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 125"، الميزان "1/ 57-61"، التهذيب "1/ 158".

وسمعت أبي يَقُولُ: أَنْكَرَ النَّاسُ حَدِيثَهُ، وَأَبُوهُ ثِقَةٌ. وَعَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: كَانَ قَدَرِيًّا رَافِضِيًّا. أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرْمُطِيِّ، عَنْ يَحْيَى الأَسَدِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، وَأَمْلَى عَلَى رَجُلٍ غَرِيبٍ ثَلاثِينَ حَدِيثًا فَجَاءَ بِهَا مِنَ الْحُسْنِ شَيْئًا عَجَبًا، وَقَالَ لِلْغَرِيبِ: لَوْ ذَهَبْتَ إِلَى ذَاكَ الْحِمَارِ فَحَدَّثَكَ بِثَلاثَةِ أَحَادِيثَ لَفَرِحْتَ بِهَا، يعني مالك. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يُكَذِّبُ خَالِدَ بْنَ مَخْدُوجٍ، وَزِيَادَ بْنَ مَيْمُونٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي يَحْيَى. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَدَرِيٌّ جَهْمِيٌّ، تَرَكَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالنَّاسُ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمْ يُتْرَكْ لِلْقَدَرِ بَلْ لِلْكَذِبِ. ابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ أَبِي يَحْيَى أَحْمَقَ، أَوْ قَالَ: أَبْلَهَ. كَانَ لا يُمْكِنُهُ جِمَاعَ النِّسَاءِ، فَأَخْبَرَنِي مَنْ رَآهُ مَعَهُ فَأْسٌ وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ مَنْ بَالَ فِي ثُقْبِ فَأْسٍ أَمْكَنَهُ الْجِمَاعُ، فَدَخَلَ خَرِبَةً فَبَالَ فِي الْفَأْسِ. وَقَالَ مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ الْقَطَّانِ يَقُولُ: أَشْهَدُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى أَنَّهُ يَكْذِبُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْبَرْقِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ لَهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى كَانَ يَرَى الْقَدَرَ وَالتَّشَيُّعَ وَالْكَذِبَ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَأَمَّا ابْنُ عَدِيٍّ فَصَلَّحَهُ وَقَالَ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا إِلا عَنْ شُيُوخٍ يَجْهَلُونَ. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْكِبَارُ، وَلَهُ كِتَابُ الْمُوَطَّأِ، هُوَ أَضْعَافُ مُوَطَّأِ مَالِكٍ، وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْجَوْزَجَانِيُّ: فِيهِ ضُرُوبٌ مِنَ الْبِدَعِ، وَلا يُشْتَغَلُ بِحَدِيثِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُقْنِعٍ.

قُلْتُ: اسْمُ جَدِّهِ أَبُو يَحْيَى: سَمْعَانُ. وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ مِنَ الضُّعَفَاءِ بِلا رَيْبٍ. وهل هو متروك أَمْ لا؟ فِيهِ قَوَلانُ. مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 15- إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ1. مِنَ الأَجْوَادِ النُّبَلاءِ، يُعْرَفُ بِابْنِ غُرَيْرٍ، كَانَ بِبَغْدَادَ. 16- أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو الْمُنْذِرِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ2. صاحب أَبِي حَنِيفَةَ، مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. سَمِعَ مِنْ: يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَرَبِيعَةَ الرَّأْيِ، وَمُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ. وَعَنْهُ أَحْمَدُ بن حنبل، وأحمد بن منيع، والحسن بن محمد الزَّعْفَرَانِيِّ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ قَدْ سَمِعَ مِنْ رَبِيعَةَ وَجَمَاعَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لِأَسَدٍ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، وَلَمْ أَرَ لَهُ شَيْئًا مُنْكَرًا، وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِ الرَّأْيِ بَعْدَ أَبِي يُوسُفَ أَكْثَرَ حَدِيثًا مِنْهُ. قُلْتُ: قَدْ وَلِيَ قَضَاءَ بَغْدَادَ، وَكَانَ فَقِيهًا عَلامَةً بَارِعًا كَبِيرَ الشَّأْنِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ وَقَالَ: ضَعَّفَهُ ابْنُ المديني، وعثمان بن أبي شيبة. قال الخطيب: وتولى أيضًا قضاء واسط.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 316-318". 2 الطبقات الكبرى "7/ 331"، والجرح والتعديل "2/ 337".

قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ. 17- إِسْمَاعِيلُ بْن صالح بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْنِ عَبَّاسٍ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ1. أَمِيرُ الدِّيَارِ الْمَصْرِيَّةِ، ثُمَّ أَمِيرُ قِنَّسْرِينَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ طَاهِرٌ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَغَيْرُهُمَا. وُلِدَ بِحَلَبٍ وَبِهَا تُوُفِّيَ، وَلَهُ بِهَا ذُرِّيَّةٌ. قَالَ سعيد بن عفير: مَا رَأَيْتُ أَخْطَبَ مِنْهُ عَلَى هَذِهِ الأَعْوَادِ. كَانَ جَامِعًا، أَهْلَ سُؤْدُدٍ، وَيَعْرِفُ الْفَلْسَفَةَ وَالنُّجُومَ وَضَرْبَ الْعُودِ. قُلْتُ: عَيْبُهُ عُلُومُهُ. وَقِيلَ: كَانَ الرَّشِيدُ يُجِلُّهُ وَيَحْتَرِمُهُ. وَقِيلَ: كَانَ شَاعِرًا، مُحْسِنًا، رَأْسًا فِي الْغِنَاءِ. اسْتَوْعَبَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْعَدِيمِ أَخْبَارَهُ فِي تَارِيخِ حَلَبَ. وَنَاوَلَهُ الرَّشِيدُ عودًا فيه عشر جواهر، ثَمَنُهَا ثَلاثُونَ دِينَارًا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَفِّرْ بِهَذِهِ يَمِينَكَ. فَغَنَّاهُ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا الرَّشِيدُ بِرُمْحٍ وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً عَلَى إِمْرَةِ مِصْرَ، وكان ذلك في سنة اثنتين وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، فَوَلِيَهَا سِتَّ سِنِينَ، فَعَدَلَ وَحَصَّلَ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى إِمْرَةِ حَلَبَ. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ مُخْتَصَرًا. 18- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمَاعَةَ الدِّمَشْقِيُّ الْفَقِيهُ2. د. ت. ن. مَوْلَى الْعُمَرَيْنِ: صَحِبَ الأَوْزَاعِيَّ وَلازَمَهُ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ. وَعَنْهُ: أَبُو مُسْهِرٍ، وَعِمْرَانُ بْنُ يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعَطَّارُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كان من أجل أصحاب الأوزاعي وأقدمهم.

_ 1 السير "8/ 318". 2 الجرح والتعديل "2/ 180"، التهذيب "1/ 309".

وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ مِنَ الْفَاضِلِينَ. وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ. 19- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسْطَنْطِينَ1. مُقْرِئُ مَكَّةَ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: قَبْلَهَا. وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ. 20- إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ سُلَيْمٍ، الإِمَامُ أَبُو عُتْبَةَ الْعَنْسِيُّ، بِالنُّونِ، الْحِمْصِيُّ الْحَافِظُ. أَحَدُ الأَعْلامِ، وُلِدَ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَرَوَى عَنْ: شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الأَلْهَانِيِّ، وَأَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَتَمِيمِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعْدٍ، وَعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِيِّ، وَعَدَدٍ كَثِيرٍ مِنَ الشَّامِيِّينَ وَالْحِجَازِيِّينَ، وَعَنِ: الأَعْمَشِ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَالْكُوفِيِّينَ. وَعَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو الْيَمَانِ، وَدَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. وَكَانَ صَدْرًا مُعَظَّمًا نَبِيلا، حَجَّ بِضْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً، وَبَعَثَهُ الْمَنْصُورُ إِلَى دِمَشْقَ فَعَدَّلَ أَرْضَهَا لِلْخَرَاجِ. قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: كَانَ أَحْوَلَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ: وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ. وَقَالَ بَقِيَّةُ: وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَةٍ. فَإِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: مَوْلِدِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ، وُوُلِدَ إسماعيل قبلي بست سنين.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 180"، والسير "8/ 277-291".

يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: شَهِدْتُ شُعْبَةَ سَمِعَ مِنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ. وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: كَانَ مَنْزِلُ إِسْمَاعِيلَ إِلَى جَانِبِ مَنْزِلِي، فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ، فَكَانَ رُبَّمَا قَرَأَ ثُمَّ قَطَعَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَقِيتُهُ يَوْمًا، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ! فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي أُصَلِّي فَأَقْرَأُ، فَأَذْكُرُ الْحَدِيثَ فِي الْبَابِ، فَأَقْطَعُ الصَّلاةَ وَأَكْتُبُ الْحَدِيثَ فِي الْبَابِ، ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى صَلاتِي، فَأَبْتَدِئُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي قَطَعْتُ مِنْهُ. قَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: كُنْتُ أَسْمَعُهُمْ يَقُولُونَ: عِلْمُ الشَّامِ عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، وَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ. وَسَمِعْتُ أَبَا الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ أَصْحَابُنَا لَهُمْ رَغْبَةٌ فِي الْعِلْمِ، وَطَلَبٌ شَدِيدٌ بِالشَّامِ وَالْحِجَازِ. وَكَانُوا يَقُولُونَ: نَجْهَدُ فِي الطَّلَبِ وَنَتْعَبُ، فَإِذَا جِئْنَا وَجَدْنَا كُلَّ مَا كَتَبْنَا عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ. قَالَ يَعْقُوبُ: فَتَكَلَّمَ قَوْمٌ فِي إِسْمَاعِيلَ وَإِسْمَاعِيلُ ثِقَةٌ عَدْلٌ، أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيثِ أَهْلِ الشَّامِ، أَكْثَرُ مَا يَتَكَلَّمُونَ فيه قالوا: يغرب عن ثقات الحجازيين. قال يحيى الْوُحَاظِيِّ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَكْبَرَ مَعِينًا مِنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، كُنَّا إِذَا أَتَيْنَاهُ إِلَى مَزْرَعَتِهِ لَمْ يَرْضَ لَنَا إِلا بِالْخَرُوفِ وَالْخَبِيصِ. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَرِثْتُ عَنْ أَبِي أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ، فَأَنْفَقْتُهَا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ. عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: كَانَ الْمِصْرِيُّونَ يَنْتَقِصُونَ عُثْمَانَ حَتَّى نَشَأَ فِيهِمُ اللَّيْثُ فَحَدَّثَهُمْ بِفَضَائِلِ عُثْمَانَ فَكَفُّوا. وكان أهل حمص ينتقصون عليا حتى نشأ فيهم إسماعيل فحدثهم بفضائل عَلِيٌّ، فَكَفُّوا عَنْ ذَلِكَ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَسْأَلُ دَاوُدَ بْنَ عَمْروٍ قَالَ: نَعَمْ مَا رَأَيْتُ مَعَهُ كِتَابًا قَطُّ. فَقَالَ: لَقَدْ كَانَ حَافِظًا، كَمْ كَانَ يَحْفَظُ؟ قَالَ: كَانَ يَحْفَظُ شَيْئًا كَثِيرًا. قَالَ: فَكَانَ يَحْفَظُ عَشْرَةَ آلافٍ؟ قَالَ: عَشَرَةُ آلافٍ، وَعَشْرَةُ آلافٍ، وَعَشْرَةُ آلافٍ. فَقَالَ أَبِي: هَذَا مِثْلُ وَكِيعٍ. رَوَى الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَحْمَدَ: لَيْسَ أَحَدًا أَرْوَى لِحَدِيثِ الشَّامِيِّينَ مِنَ ابْنِ عَيَّاشٍ وَالْوَلِيدِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: مَا رَأَيْنَا شَامِيًّا وَلا عِرَاقِيًّا أَحْفَظَ مِنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عياش.

وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ إِسْمَاعِيلَ، مَا أَدْرِي مَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ؟ وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا مُسْهِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَبَقِيَّة فَقَالَ: كُلٌّ كَانَ يَأْخُذُ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ، فَإِذَا أخذت حديثهم عن الثقات فهو ثِقَةٌ. عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ثِقَةٌ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ مِنْ بَقِيَّةَ. وَقَدْ مَضَيْتُ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ فَرَأَيْتُهُ عِنْدَ دَارِ الْجَوْهَرِيِّ عَلَى غُرْفَةٍ وَمَعَهُ رَجُلانِ يَنْظُرَانِ فِي كِتَابٍ، فَيُحَدِّثُهُمْ خَمْسَمِائَةً فِي الْيَوْمِ، أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُمْ أَسْفَلَ وَهُوَ فَوْقَ، فَيَأْخُذُونَ كِتَابَهُ فَيَنْسَخُونَ مِنْ غُدْوَةٍ إِلَى اللَّيْلِ, فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَكِنيِّ شَهِدْتُهُ يُمْلِي إِمْلاءً، فَكَتَبْتُ عَنْهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي الْكُنَى عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ثِقَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ: أَكَتَبْتَ عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَعَنْهُ قَالَ: عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الزَّعِيمُ غَارِمٌ"1. وَرَوَى الدَّارِمِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: أَرْجُو أَنْ لا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، وَالْغِلابِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ثِقَةٌ فِيمَا رَوَى عَنِ الشَّامِيِّينَ، وَأَمَّا عَنْ غَيْرِهِمْ فَفِيهِ شَيْءٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: صَدُوقٌ يَغْلَطُ فِي حَدِيثِ الْحِجَازِيِّينَ وَالْعِرَاقِيِّينَ. وقال أحمد بن الحسن التِّرْمِذِيِّ: قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَصْلَحُ مِنْ بَقِيَّةَ، لِبَقِيَّةَ مَنَاكِيرُ عَنِ الثِّقَاتِ. زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ: قَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ: لا تَكْتُبْ عن إسماعيل بن عياش

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه أبو داود "2565"، والترمذي "2120"، وأحمد "5/ 676"، وابن ماجه "2405"، وابن أبي شيبة "6/ 154"، وعبد الرزاق "16308"، وسعيد بن منصور "427" في سننه، والدارقطني "4/ 70" في سننه، والبيهقي "6/ 72" في سننه الكبرى.

شَيْئًا، وَاكْتُبْ عَنْ بَقِيَّةَ مَا رَوَى عَنِ الْمَعْرُوفِينَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مَا سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ شَيْئًا قَطُّ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ، وَالنَّسَائِيُّ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يَغْلَطُ فِي حَدِيثِ الْحِجَازِيِّينَ. إِمَّا حَدِيثًا بِرَأْسِهِ، أَوْ مرسلا بوصله، أَوْ مَوْقُوفًا بِرَفْعِهِ، وَيُحْتَجُّ بِهِ فِي الشَّامِيِّينَ. قُلْتُ: لَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ الدُّولابِيُّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ مَا رَوَى عَنِ الشَّامِيِّينَ فَهُوَ أَصَحُّ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: إِذَا حَدَّثَ عَنْ غَيْرِ أَهْلِ الشَّامِ اضْطَرَبَ وأخطأ. أحمد بن سعد بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ: رَجُلانِ صَاحِبَا حَدِيثِ بَلَدِهِمَا: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَابْنُ لَهِيعَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: بَقِيَّةُ أَحَبُّ إِلَيَّ. الْفَلاسُ: سَمِعْتُ أَبَا قُتَيْبَةَ يَقُولُ لِيَحْيَى يَوْمًا، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ، بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: آخِرُ طَعَامٍ أَكَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامٌ فِيهِ بَصَلٌ1، فَقَالَ بَحِيرٌ: مَا هَذِهِ الأَزِقَّةُ يَا أَبَا قُتَيْبَةَ؟ ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ جَابِرٍ: نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ2. قُلْتُ: خَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ الأَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّةَ، عَنْ بَحِيرٍ، فَأَدْخَلَ بَيْنَ خَالِدٍ وَبَيْنَهَا: خِيَارَ بْنَ سَلَمَةَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: عَرَضْتُ عَلَى أَبِي حَدِيثَ: "لا تَقْرَأِ الْحَائِضُ وَلا الجنب

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه أبو داود "3829"، وابن عدي "1/ 290" في الكامل. 2 "حديث ضعيف": انظر السابق.

شَيْئًا"1، فَقَالَ: هَذَا بَاطِلٌ، يَعْنِي أَنَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِمَ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، وَمَسْعُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كِتَابَةً، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، نا ابْنُ بَيَانٍ، أنا ابْنُ مَخْلَدٍ، أنا الصَّفَّارُ، ثنا ابْنُ عَرَفَةَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا تَقْرَأِ الْحَائِضُ وَلا الْجُنُبُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا"2. قَالَ مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ فَقَالَ: إِذَا حَدَّثَ عَنِ الشَّامِيِّينَ فَحَدِيثُهُ صَحِيحٌ، وَإِذَا حَدَّثَ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْمَدَنِيِّينَ خَلَطَهُ مَا شِئْتَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ إِسْمَاعِيلُ مِنَ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ فِي حَدَاثَتِهِ، فَلَمَّا كَبُرَ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ. قُلْتُ: رَوَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ مِنْ شُيُوخِهِ: الأَعْمَشُ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ فَوَلاهُ الْمَنْصُورُ خِزَانَةَ الْكِسْوَةِ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، وَابْنُ مُصَفًّى، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَزَادَ ابْنُ مُصَفًّى: لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. وَقَالَ خَلِيفَةُ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَالزِّيَادِيُّ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. 21- إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمَدَانِيُّ الْكُوفِيُّ، أَبُو عُمَرَ3 خ. ت. نَزِيلُ بَغْدَادَ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَبَيَانِ بْنِ بِشْرٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عُمَرُ، وَشُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ ابْنُ معين. وقال النسائي: ليس بالقوي.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "131"، وابن ماجه "595"، "596". 2 انظر السابق. 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 200"، الميزان "1/ 246"، التهذيب "1/ 327، 328".

وروى الْحَاكِمُ، عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ: لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ. 22- إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَعْلَى1. هُوَ أَبُو أُمَيَّةَ. يَأْتِي بِكُنْيَتِهِ. 23- أَغْلَبُ بْنُ تَمِيمٍ الْمَسْعُودِيُّ الْبَصْرِيُّ2. عَنْ: قَتَادَةَ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ. وَعَنْهُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَزِيرٍ الْوَاسِطِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 24- أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ الْيَمَامِيُّ الْحَنَفِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ3 د. ت. عَنْ: سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَآدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْكُوفِيِّينَ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، وَلُوَيْنٌ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَخَالِدُ بْنُ مِرْدَاسٍ. قَالَ الْفَلاسُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَائِرُ حَدِيثِهِ صَالِحٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ، فَقَالَ: كَتَبْتُ عَنْهُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى مِثْلَهُ. وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. 25- أَيُّوبُ بْنُ مُدْرِكِ بْنِ الْعَلاءِ، أبو محمد الحنفي الدمشقي4.

_ 1 يأتي في الكنى. 2 الجرح والتعديل "2/ 349"، الميزان "1/ 273". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 242"، السير "8/ 209، 210". 4 الجرح والتعديل "2/ 258، 259"، الميزان "1/ 293".

قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى يَحْيَى الرُّمَّانِيِّ. وَرَوَى عَنْ: مَكْحُولٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ. قَرَأَ عَلَيْهِ: الرَّبِيعُ بْنُ ثَعْلَبَ؛ وَرَوَى عَنْهُ: سِبْطُهُ الْعَلاءُ بْنُ عَمْرٍو، وَرَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: متروك. وقال أبو زرعة: ضعيف. وقال البخاري: حديثه عَنْ مَكْحُولٍ مُرْسَلٌ. 26- أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ بْنِ زياد الْحَنَفِيُّ1 خ. م. س. قَاضِي الْيَمَامَةِ أَبُو إِسْمَاعِيلَ2. رَوَى عَنْ: يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. وعنه: أحمد بن حنبل، وعمرو النَّاقِدُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ: كَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ مِنَ الأَبْدَالِ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ: ثِقَةٌ صَدُوقٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: صَالِحٌ، ثِقَةٌ، عَفِيفٌ. قُلْتُ: لَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ سِوَى حَدِيثٍ. "حرف الْبَاءِ": 27- بُخْتِيشُوعُ بْنُ جِرْجِسَ النَّصْرَانِيُّ الْخَبِيثُ3. رَأْسُ الأَطِبَّاءِ وَابْنُ شَيْخِهِمْ. قَدِمَ عَلَى الرشيد وتقدم في أيامه. وبختيشوع بالسريانية أبو عبد المسيح.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 260"، التهذيب "1/ 413". 2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 556"، والجرح والتعديل "2/ 260"، والتهذيب "1/ 413". 3 انظر: العقد الفريد "1/ 85، 86"، والوافي بالوفيات "10/ 89".

وقد ذكرنا أن أباه طبب المنصور ورجع مُكْرَمًا إِلَى جُنْدَيْسَابُورَ؛ وَلَمَّا مَرِضَ الْهَادِي سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ أَمَرَ بِإِقْدَامِ بُخْتِيشُوعَ، وَأُحْضِرَ، فَمَاتَ الْهَادِي قَبْلَ مَجِيئِهِ. وَامْتَحَنَهُ الرَّشِيدُ أَوَّلَ مَا قَدِمَ بِأَنْ قَدَّمَ لَهُ قَارُورَةً فِيهَا بَوْلُ حِمَارٍ، وَقَالَ: مَا يَصْلُحُ لِصَاحِبِ هَذِهِ الْقَارُورَةِ؟ قَالَ: شَعِيرٌ جَيِّدٌ. فَضَحِكُوا. وَلَهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ كِتَابُ التَّذْكِرَةِ أَلَّفَهُ لِوَلَدِهِ جِبْرِيلَ. قُلْتُ: يُؤَخَّرُ إِلَى الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ، فَإِنَّهُ شَهِدَ مَوْتَ الرَّشِيدِ. 28- بَزِيعُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو حَازِمٍ اللَّحَّامُ. مَوْلَى أَبِي بِسْطَامٍ مِنْ سَبْيِ بُخَارَى1. رَوَى عَنِ: الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وَعَنْهُ: أَبُو مُعَاوِيَةُ الضَّرِيرُ، وَيَحْيَى بْنُ سَلامٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْخَطْمِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ قَرِيبٌ مِنَ الأَجْلَحِ فِي اللِّينِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. 29- بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ الْخَثْعَمِيُّ الْمُؤَدِّبُ2. عَنْ: أَحْوَصَ بْنِ حَكِيمٍ، وَأَبِي رَوْقٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، وَيُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُعْرَفُ، وَتَنَكَّرَهُ مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ. عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَار} [الأنعام: 103] . قال: "لو أن الإنس والجن والشياطين

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 420"، والميزان "1/ 307". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 362"، والميزان "1/ 321"، والتهذيب "1/ 455".

مذ يوم خلقوا إلى يوم نفنى صفًّا واحدًا، مَا أَحَاطُوا بِاللَّهِ أَبَدًا"1. وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، لا يُعْرَفُ إِلا بِبِشْرٍ، وَفِيهِ عَطِيَّةُ ضَعِيفٌ أَيْضًا. 30- بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلَ بْنُ لاحِقٍ الْحَافِظُ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ الرَّقَاشِيُّ2، مَوْلاهُمْ ع. الْبَصْرِيُّ. عَنْ: سَعِيدِ الْجُرَيْرِيِّ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، وَطَائِفَةٍ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ رَاهَوَيْهِ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي التَّثَبُّتِ بِالْبَصْرَةِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعُمِائَةِ رَكْعَةٍ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا. وَذَكَرُوا عِنْدَهُ بَعْضَ الْجَهْمِيَّةِ فَقَالَ: لا تَذْكُرُوا ذَاكَ الْكَافِرَ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِشْرٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ- سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 31- بَشِيرُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَبُو صَيْفِيٍّ الْوَاسِطِيُّ3 ن: خُرَاسَانِيُّ الأَصْلِ. رَوَى عَنْ: سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَمُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، وَأَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَطَائِفَةٌ. وَكَتَبَ عَنْهُ أَحْمَدُ وَتَرَكَهُ. قال البخاري: يتهم بالوضع.

_ 1 حديث منكر: أخرجه ابن عدي "2/ 443" في الضعفاء، والعقيلي "1/ 140" في الضعفاء الكبير. 2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 290"، والجرح والتعديل "2/ 366"، والتهذيب "1/ 458، 459". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 379"، والتهذيب "1/ 469".

وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 32- بَكَّارُ بْنُ سُقَيْرٍ الْمَازِنِيُّ1: عَنْ: أَبِيهِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَبِي رَجَاءِ الْعُطَارِدِيِّ، وَعَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَآخَرُونَ. مَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا. 33- بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَارَسْتِ الْمَدَنِيُّ الْمُقْرِئُ النَّحْوِيُّ2: مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. رَوَى عَنْ: مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: بَكَّارُ بْنُ جَارَسْتَ، اسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ لَيَّنَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. 34- بَكْرُ بْنُ بِشْرٍ السُّلَمِيُّ التِّرْمِذِيُّ3: إِمَامُ مَسْجِدِ عَسْقَلانَ. سَمِعَ: عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ سَوَّارٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ. وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 35- الْبُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ الْمَغْرِبِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ الْفَقِيهُ4: قِيلَ كَانَ ثِقَةً، صَادِقًا، مُجْتَهِدًا، خَيِّرًا، مُجَابَ الدَّعْوَةِ، واسع العلم.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 408"، والثقات لابن حبان "6/ 107". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 407"، والميزان "1/ 340". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 382"، والميزان "1/ 343". 4 انظر: الجرح والتعديل "2/ 429"، والميزان "1/ 355".

سَمِعَ مِنْ: يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الأَيْلِيِّ، وَحَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ أَنْعَمَ الإِفْرِيقِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ، فَلَمَّا احْتِيجَ إِلَيْهِ سَمِعَ الْمُوَطَّأَ مِنْ أَقْرَانِهِ ابْنِ غَانِمٍ، وَعَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ؛ وَسَمِعَ "جَامِعَ الثَّوْرِيَّ" مِنْ أَبِي الْخَطَّابِ، وَأَبِي خَارِجَةَ. وَدَوَّنَ النَّاسُ عَنْهُ جَامِعًا، وَقَامَ بِفُتْيَاهُمْ. سَمِعَ مِنْهُ: سَحْنُونٌ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَعَوْنٌ، وَالْحَكَمُ، ويحيي بْنُ سَلامٍ. وَقِيلَ: إِنَّ مَالِكًا نَظَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ: هَذَا عَابِدُ أَهْلِ بَلَدِهِ. وَعَنْ بُهْلُولِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَتْقَى لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْبُهْلُولِ بْنِ رَاشِدٍ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْعَكِّيَّ أَمِيرَ إِفْرِيقْيَا بَلَغَهُ أَنَّ الْبُهْلُولَ يَقَعُ فِي سُلْطَانِهِ وَيَتَكَلَّمُ فِيهِ، فَهَمَّ بِهِ، فَتَحَاشَدَ النَّاسُ يَمْنَعُونَهُ مِنْهُ، فَزَادَهُ ذَلِكَ حَنَقًا1، وَبَعَثَ إِلَيْهِمُ الأَجْنَادَ، فأحضره وَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ، فَرَمَى جَمَاعَةٌ أَنْفُسَهُمْ عَلَيْهِ يَقونه، فَضُرِبُوا، وَكَانُوا نَحْوَ الْعِشْرِينَ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدُ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ الْفَقِيهِ بِشَهْرٍ وَأَيَّامٍ، وَذَلِكَ فِي مَا ذُكِرَ، سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. 36- بُهْلُولُ بْنُ عُبَيْدٍ الْكِنْدِيُّ2: يُكَنَّى: أَبَا عُبَيْدٍ. رَوَى عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد، وابن جريج، وغيرهم. وعنه: موسى بن مروان، والحسين بن أبي زيد، والربيع بن سليمان الجيزي، والحسن بن عرفة. قال ابن حبان: كان يسرق الحديث. وقال ابن عدي: له أحاديث لا يتابعه عليها الثقات.

_ 1 حنقًا: غيظًا وضيقًا. 2 الجرح والتعديل "2/ 429"، والميزان "1/ 355".

37- الْبُهْلُولُ الْمَجْنُونُ1: هُوَ الْبُهْلُولُ بْنُ عَمْرٍو، أَبُو وُهَيْبٍ الصَّيْرَفِيُّ الْكُوفِيُّ. وُسْوِسَ فِي عَقْلِهِ، وَمَا أَظُنُّهُ اخْتَلَطَ، أَوْ قَدْ كَانَ يَصْحُو فِي وَقْتٍ، فَهُوَ مَعْدُودٌ فِي عُقَلاءِ الْمَجَانِينِ. لَهُ كَلامٌ حَسَنٌ وَحِكَايَاتٌ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَأَيْمَنَ بْنِ نَابُلٍ، وَمَا تَعَرَّضُوا لَهُ بِجَرْحٍ وَلا تَعْدِيلٍ، وَلا كَتَبَ عَنْهُ الطَّلَبَةُ. كَانَ حَيًّا فِي دَوْلَةِ الرَّشِيدِ، طَوَّلَ تَرْجَمَتَهُ "ابْنُ النَّجَّارِ" وَذَكَرَ أَنَّهُ أَتَى بَغْدَادَ. وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مِنْ عِنْدَ الرَّشِيدِ مِنْ بَابِ الرُّصَافَةِ، فَإِذَا بُهْلُولُ يَأْكُلُ خَبِيصًا، فَقُلْتُ: أَطْعِمْنِي. قَالَ: لَيْسَ هُوَ لِي. قُلْتُ: لِمَنْ هُوَ؟ قَالَ: لِحَمْدُونَةَ بِنْتِ الرَّشِيدِ أَعْطَتْنِيهِ آكُلُهُ لَهَا. وَعَنِ الأَشْهَلِيِّ قَالَ: بَكَّرْتُ فِي حَاجَةٍ، فَلَقِيتُ الْبُهْلُولَ، فَقُلْتُ: ادْعُ لِي. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: يَا مَنْ لا تُخْتَزَلُ الْحَوَائِجُ دُونَهُ، اقْضِ لَهُ حَوَائِجَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَوَجَدْتُ لِدُعَائِهِ رَاحَةً، فَنَاوَلْتُهُ دِرْهَمَيْنِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، تَعْلَمُ أَنِّي آخُذُ الرَّغِيفَ وَنَحْوَهُ؟ لا وَاللَّهِ، لا آخُذُ عَلَى دُعَائِي أَجْرًا. قَالَ: فَقُضِيَتْ حَاجَتِي. وَيُرْوَى أَنَّ الْبُهْلُولَ مَرَّ بِهِ الرَّشِيدُ، فَقَامَ وَنَادَاهُ وَوَعَظَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأُسَوِّدَ وَجْهَ الْمَوْعِظَةِ. وَقِيلَ لَهُ: قَدْ غَلا السِّعْرُ، فَادْعُ اللَّهَ. قَالَ: مَا أُبَالِي وَلَوْ حَبَّةٌ بِدِينَارٍ، إِنَّ لِلَّهِ عَلَيْنَا أَنْ نَعْبُدَهُ كَمَا أَمَرَنَا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْزُقَنَا كَمَا وَعَدَنَا. وَعَنْ حَسَنِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: رَأَيْتُ الصِّبْيَانَ يَرْمُونَ الْبُهْلُولَ بِالْحَصَى، فَأَدْمَتْهُ حَصَاةٌ فَقَالَ: رُبَّ رَامٍ لِي بِأَحْجَارِ الأَذَى ... لَمْ أَجِدْ بُدًّا مِنَ الْعَطْفِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: تَعْطِفُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَرْمُونَكَ؟ قَالَ: اسْكُتْ! لَعَلَّ اللَّهَ يَرَى غَمِّي ووجعي وشدة فرحهم، فيهب بعضنا لبعض.

_ 1 انظر: العقد الفريد "6/ 150، 151"، صفة الصفوة "2/ 519".

وَمِمَّا نُقِلَ عَنْهُ قَالَ: مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ أَكْبَرَ هَمِّهِ أَتَتْهُ الدُّنْيَا رَاغِمَةً. ثُمَّ قَالَ: يَا خَاطِبَ الدُّنْيَا إِلَى نَفْسِهِ ... تَنَحَّ عَنْ خِطْبَتِهَا تَسْلَمِ إِنَّ الَّتِي تَخْطُبُ غَرَّارَةٌ ... قَرِيبَةُ الْعُرْسِ إِلَى الْمَأْتَمِ وَقَدْ سَاقَ أَبُو الْقَاسِمِ الْمُفَسِّرُ فِي كِتَابِ عُقَلاءِ الْمَجَانِينَ لَهُ حِكَايَاتٍ وأشعار، ولم أَجِدْ لَهُ وَفَاةً. 38- بُهْلُولُ بْنُ مُؤَرِّقٍ، أَبُو غَسَّانَ1: عَنْ: مُوسَى بْنِ عَبِيدَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو خَيْثَمَةَ، وَالْفَلاسُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. "حرف الثَّاءِ": 39- ثَابِتُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ2: أَبُو جَبَلَةَ الْكُوفِيُّ. عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. "حرف الْجِيمِ": 40- جَابِرُ بْنُ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ الْمَدَنِيُّ3: عَنْ: عُثْمَانَ بْنِ صَفْوَانَ، وَعَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 429"، والتهذيب "1/ 499". 2 الجرح والتعديل "2/ 458"، والميزان "1/ 369". 3 الجرح والتعديل "2/ 501"، والميزان "1/ 377".

وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَسُنَيْدُ بْنُ دَاوُدَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ. 41- جَابِرُ بْنُ نُوحٍ، أَبُو بَشِيرٍ، الْحِمَّانِيُّ الْكُوفِيُّ1 ت: عَنِ: الأَعْمَشِ، وَحُرَيْثِ بْنِ السَّائِبِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ بُدَيْلٍ، وَآخَرُونَ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: ضَعِيفٌ. 42- جَرِيرُ بن عبد الحميد الحافظ2 ع: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ، ثُمَّ الرَّازِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ بِالْكُوفَةِ. سَمِعَ: مَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ، وَحُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ، وَبَيَانَ بْنَ بِشْرٍ، وَسُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ، وَمُغِيرَةَ بْنَ مِقْسَمٍ، وَالأَعْمَشَ، وَأَئِمَّةً مِنْ طَبَقَتِهِمْ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَالطَّيَالِسِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَإِسْحَاقُ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، وَمُوسَى بْنُ نَصْرٍ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ. وَقَدِمَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا. وَيُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. قَالَ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ: كَانَ جَرِيرٌ صاحب لَيْلٍ، وَكَانَ لَهُ رَسَنٌ. يَقُولُونَ: إذا أعيى تعلق به.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 500"، والميزان "1/ 379". 2 الطبقات الكبرى "7/ 381"، السير "9/ 9-18".

قَالَ يَعْقُوبُ: وَذُكِرَ لِأَبِي خَيْثَمَةَ إِرْسَالُ جَرِيرٍ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يُدَلِّسُ، لِأَنَّا كُنَّا إِذَا أَتَيْنَاهُ وَهُوَ فِي حَدِيثِ الأَعْمَشِ أَوْ مَنْصُورٍ أو مغيرة ابتدأ فأخذ الكتاب فقال: عَنْ فُلانٍ، ثُمّ يُحَدِّثُ عَنْهُ مُبْهَمًا فِي حديث واحد، يقول: مَنْصُورٌ مَنْصُورٌ حَتَّى يَفْرُغَ الْمَجْلِسُ. قَالَ الْخَطِيبُ: هُوَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ قُرْطِ بْنِ هِلالٍ الضَّبِّيُّ. قُلْتُ: كَانَ النَّاسُ يَرْحَلُونَ إِلَيْهِ لِعِلْمِهِ وَإِتْقَانِهِ. قَالَ سُفْيَانُ بن عيينة: قال ابن سلمة: عَجَبًا لِهَذَا الرَّازِيِّ عَرَضْتُ عَلَيْهِ أَنْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي الشَّهْرِ صَدَقَةً فَقَالَ: أَيَأْخُذُ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ هَذَا؟ قُلْتُ: لا! قَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِيهِ، يَعْنِي جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ1. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَمِعْتُ جريرًا يقول: عرضت علي بالكوفة ألفا دِرْهَمٍ يُعْطُونِي مَعَ الْقُرَّاءِ فَأَبَيْتُ، ثُمَّ جِئْتُ الْيَوْمَ أَطْلُبُ مَا عِنْدَهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: طَلَبَ جَرِيرٌ الْحَدِيثَ خَمْسَ سِنِينَ فَقَطْ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ جَرِيرُ ثِقَةً، كَثِيرَ الْعِلْمِ، يُرْحَلُ إِلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ: سَمِعْتُ جَرِيرًا يَقُولُ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ وَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ. فَقَالَ رَجُلٌ: ضَيَّعْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: لا، أَمَّا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ فَكَانَ يَرَى الْقَدَرَ، وَأَمَّا جَابِرٌ فكان يؤمن بالرجعة2، وأما ابن جريح فَإِنَّهُ أَوْصَى بَنِيهِ بِسِتِّينَ امْرَأَةً قَالَ: لا تَتَزَوَّجُوا بِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ أُمَّهَاتُكُمْ، وَكَانَ يَرَى الْمُتْعَةَ. قَالَ زُنَيْجٌ: وُجِدَ لِجَرِيرٍ عَنِ الْكُوفِيِّينَ عَشَرَةُ آلافِ حَدِيثٍ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: كَانَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَأَبُو عَوَانَةَ يَتَشَابَهَانِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ، مَا كَانَا يَصْلُحَانِ إِلا أَنْ يَكُونَا رَاعِيَيْ غَنَمٍ، كَتَبْتُ عَنْهُ بِمَكَّةَ أَنَا وَابْنُ مَهْدِيٍّ. قَالَ ابْنُ شَيْبَةَ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ: سمعت أبا الوليد الطيالسي

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 253". 2 الرجعة: يعني رجعة علي بن أبي طالب مرة أخرى، وهي من الأفكار الضالة.

يَقُولُ: قَدِمْتُ الرَّيَّ وَمَعِي أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ بِعَقِبِ مَوْتِ شُعْبَةَ، فَكَانَ جَرِيرٌ يُجَالِسُنَا، فَسَمِعَنَا نَتَذَاكَرُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حِفْظٌ، فَسَمِعَنِي أَذْكُرُ حَدِيثًا فَقَالَ: أكتبه لِي، فَكَتَبْتُهُ وَحَدَّثْتُهُ بِهِ وَقُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنَا، فَقَالَ: لَسْتُ أَحْفَظُ وَكُتُبِي غَائِبَةٌ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ أُؤْتَى بِهَا، قَدْ كَتَبْتُ فِي ذَلِكَ. فَأَتَتْهُ، فَنَظَرْنَا فِيهَا. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ: مَا قَالَ لَنَا جَرِيرٌ قَطُّ بِبَغْدَادَ: حَدَّثَنَا. وَقُلْتُ: تَرَاهُ لا يَغْلَطُ مَرَّةً. وَكَانَ رُبَّمَا نَعَسَ فَنَامَ، ثُمَّ يَنْتَبِهُ، فَيَقْرَأُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ. وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ جَرِيرًا تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ قَلِيلا. قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ بِذَلِكَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ. وَتَأَكَّدَ الْعُقَيْلِيُّ بِذِكْرِ جَرِيرٍ الضَّبِّيِّ فِي الضُّعَفَاءِ، وَقَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْهَاشِمِيِّ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَامِرٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ لا يَفْصِلُ بَيْنَ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، كَانَ يَكْرَهُ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِخَلَفِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: أَحْمَدُ: اشْتَكَتْ عَيْنُهُ، فَحَلَفَتْ عَلَيْهِ أُمُّهُ أَنْ لا يَجِيءَ إِلَى جَرِيرٍ مِثْلَ جَرِيرٍ، يُقَالُ لَهُ هَذَا. حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن أحمد: سمعتُ أَبِي يقول: لَمْ يَكُنْ جَرِيرٌ الرَّازِيُّ بِالذَّكِيِّ فِي الْحَدِيثِ. قُلْتُ: أَرَوَى عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَشْعَثَ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ بَهْزَ، وَقَالَ لَهُ: هَذَا حَدِيثُ عَاصِمٍ، وَهَذَا حَدِيثُ أَشْعَثَ. قَالَ: فَعَرَفَهَا فَحَدَّثَ بِهَا النَّاسَ. قُلْتُ: كَانُوا لا يَكْتُبُونَ عَلَى النُّسْخَةِ طَبَقَةَ سَمَاعٍ، وَلا اسْمَ الشَّيْخِ، فَكَتَبَ جَرِيرٌ عَنْ هَذَا كِتَابًا، وَعَنْ هَذَا كِتَابًا. وَفَاتَهُ أَنْ يُرَقِّمَ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ اسْمَ مَنْ كَتَبَهُ عَنْهُ، وَطَالَ الْعَهْدُ فَاشْتُبِهَ عَلَيْهِ، وَبِكُلِّ حَالٍ هُوَ ثِقَةٌ، نَحْتَجُّ بِهِ فِي كُتُبِ الإِسْلامِ كُلِّهَا. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ بِالرَّيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: جَرِيرٌ أَعْلَمُ بِمَنْصُورٍ مِنْ شَرِيكٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: جَرِيرٌ ثِقَةٌ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ هَاشِمٍ قَالَ: قَدِمَ جَرِيرٌ بَغْدَادَ، فَنَزَلَ

عَلَى بَنِي الْمُسَيِّبِ الضَّبِّيِّ، فَلَمَّا عَبَرَ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ جَاءَ الْمَدُّ، فَقُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: تَعْبُرُ؟ قَالَ: أُمِّي لا تَدَعُنِي، فَعَبَرْتُ أَنَا، فَلَزِمْتُهُ، وَكَتَبْتُ عَنْهُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ حَدِيثٍ، وَكَتَبْتُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى مَكَّةَ. وقال يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ: مَاتَ جَرِيرٌ لِيَوْمٍ خَلا مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ1. 43- جَعْفَرٌ البرمكي2: الوزير جعفر بن يحيى بْنِ بَرْمَكَ، أَبُو الْفَضْلِ، أَصْلُهُ مِنَ الْفُرْسِ، كَانَ مَلِيحًا، جَمِيلا، لَسِنًا، بَلِيغًا، عَالِمًا، أَدِيبًا، يُضْرَبُ بِجُودِهِ الْمَثَلُ، وَكَانَ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ، غَارِقًا فِي بَحْرِ اللَّذَّاتِ وَالْمَعَاصِي. تَمَكَّنَ مِنَ الرشيد، وبلغ من الجاه والرفعة ما لا مَزِيدَ عَلَيْهِ، وَوَلِيَ هُوَ وَأَبُوهُ وَإِخْوَتُهُ الأَعْمَالَ الْجَلِيلَةَ، وَكَثُرَتْ عَلَيْهِمُ الأَمْوَالُ. وَقَدْ مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ مِنْ أَخْبَارِهِ، وَأَنَّهُ قُتِلَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ، وَقَدْ وُلِّيَ نِيَابَةَ الْمُلْكِ عَلَى دِمَشْقَ، فَقَدِمَهَا فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَمِنْ أَلْفَاظِهِ: قَالَ مَرَّةً لِلرَّشِيدِ: إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَيْكَ، فَأَعْطِ، فَإِنَّهَا لا تَفْنَى، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَأَعْطِ، فَإِنَّهَا لا تَبْقَى. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: هَاجَتِ الْعَصَبِيَّةُ بِالشَّامِ وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ، وَاغْتَمَّ الرَّشِيدُ، فَعَقَدَ وَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَخْرُجَ أَنْتَ أَوْ أَخْرُجَ أَنَا. فَسَارَ إِلَيْهِمْ جَعْفَرٌ، فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، وَقَتَلَ فِيهِمْ، وَلَمْ يَدَعْ لَهُمْ رُمْحًا وَلا قَوْسًا، فَهَمَدَ الأَمْرُ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى دِمَشْقَ عِيسَى بْنَ الْعَكِّيِّ، وَانْصَرَفَ. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ جَعْفَرٌ عِنْدَ الرَّشِيدِ بِحَالَةٍ لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا أَحَدٌ، وَجُودُهُ وَسَخَاؤُهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ، وَكَانَ مِنْ ذَوِي اللِّسَانِ وَالْبَلاغَةِ. يُقَالُ: إِنَّهُ وَقَّعَ بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ زِيَادَةً عَلَى أَلْفِ تَوْقِيعٍ، ونظر في جميعها، فلم يخرج شيئًا منها عن موجب الفقه.

_ 1 تاريخ بغداد: "2/ 506". 2 وفيات الأعيان "1/ 328-346"، والسير "8/ 27-35".

وَكَانَ أَبُوهُ يَحْيَى قَدْ ضَمَّهُ إِلَى أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي حَتَّى عَلَّمَهُ وَفَقَّهَهُ. وَعَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَشْرَسَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَبْلَغَ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، وَالْمَأْمُونِ. قِيلَ: اعْتَذَرَ رَجُلٌ إِلَى جَعْفَرٍ فَقَالَ: قَدْ أَغْنَاكَ اللَّهُ بِالْعُذْرِ منا من الاعْتِذَارِ إِلَيْنَا، وَأَغْنَانَا بِالْمَوَدَّةِ لَكَ عَنْ سُوءِ الظَّنِّ بِكَ1. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَهْمَانَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كَانَ أَبُو عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيُّ صاحب الْغَرِيبِ عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، فَقَالَ، وَقَدْ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ خُنْفِسَاءُ: أَلَيْسَ يُقَالُ إِنَّ الْخُنْفِسَاءَ إِذَا أَقْبَلَتْ إِلَى رَجُلٍ أَصَابَ خَيْرًا؟ قَالُوا: بَلَى. فَقَالَ: يَا غُلامُ أَعْطِهِ أَلْفَ دِينَارٍ، فَأَعْطَاهُ وَنَحَّوْهَا عَنْهُ2. قَالَ: فَعَادَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا غُلامُ أَعْطِهِ أَلْفًا أُخْرَى. قَالَ جَحْظَةُ: حَدَّثَنِي الرَّشِيدِيُّ: حَدَّثَنِي مُهَذَّبٌ حَاجِبُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّ الْعَبَّاسَ نَالَتْهُ إِضَاقَةٌ، وَكَثُرَ الْغُرَمَاءُ، فَأَخْرَجَ سِفْطًا فِيهِ جَوْهَرٌ شراه ألف أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَحَمَلَهُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، والتقاه جعفر فقال: أريد على هذا خَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ حَتَّى تَأْتِيَ الْغَلَّةُ. فَقَالَ: أَفْعَلُ، ورفع السفط. فما رَجَعَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَجَدَ السِّفْطَ3 قَدْ سَبَقَهُ، وَمَعَهُ أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ مِنَ الْغَدِ دَخَلَ جَعْفَرٌ إِلَى الرَّشِيدِ فَكَلَّمَهُ فِيهِ، فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ. قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ: نا أَبُو يَعْقُوبَ النَّخَعِيُّ، نا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ كَاتِبُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمَأْمُونِ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَجَّ الرَّشِيدُ وَمَعَهُ جَعْفَرٌ، وَأَنَا مَعَهُمْ، فَلَمَّا حَضَرْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ لِي جَعْفَرٌ: أُحِبّ أَنْ تَنْظُرَ لِي جَارِيَةً لا يَكُونُ مِثْلُهَا فِي الْغِنَاءِ وَالظُّرْفِ. فَأُرْشِدْتُ إِلَى جَارِيَةٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا، وَغَنَّتْ فَأَجَادَتْ، وَقَالَ لِي صَاحِبُهَا: لا أَبِيعُهَا بِأَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِينَ أَلْفِ دِينَارٍ. قلت: قَدْ أَخَذْتُهَا، وَأَشْتَرِطُ عَلَيْكَ نَظْرَةً. قَالَ: لَكَ ذَلِكَ. فَأَتَيْتُ جَعْفَرًا وَقُلْتُ: أَصَبْتُ صَاحِبَتَكَ عَلَى غاية الكمال، فاحمل المال، فحملنا

_ 1 السير: "8/ 29". 2 السابق. 3 السفط: الصندوق.

الْمَالَ عَلَى حَمَّالِينَ، وَجَاءَ جَعْفَرٌ مُسْتَخْفِيًا، فَدَخَلْنَا عَلَى الرَّجُلِ وَأَخْرَجَهَا، فَلَمَّا رَآهَا جَعْفَرٌ أُعْجِبَ بِهَا، فَغَنَّتْ، فَازْدَادَ بِهَا عَجَبًا وَقَالَ: افْصِلْ فِي أَمْرِهَا. فَقُلْتُ: لِمَوْلاهَا خُذِ الْمَالَ. فَقَالَتِ الجارية: يا مولاي أَيِّ شَيْءٍ أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ عَرَفْتِ مَا كُنَّا فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ، وَقَدْ نَقَصْتِ عَنْ ذَلِكَ، فَقَدَّرْتُ أَنْ تَصِيرِي إِلَى هَذَا الْمُلْكِ، فَتَنْبَسِطِي فِي شَهَوَاتِكِ. فَقَالَتْ: لَوْ مَلَكْتُ مِنْكَ مَا مَلَكْتَ مِنِّي مَا بِعْتُكَ بِالدُّنْيَا، فَاذْكُرِ الْعَهْدَ. وَقَدْ كَانَ حَلَفَ أَنْ لا يَأْكُلَ لَهَا ثَمَنًا، فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنُ الرَّجُلِ بِالدُّمُوعِ وَقَالَ: اشْهَدُوا أَنَّهَا حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ، وَأَنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُهَا وَأَمْهَرْتُهَا دَارِي. فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى: انْهَضْ بِنَا. فَدَعَوْتُ الْحَمَّالِينَ لِيَحْمِلُوا الذَّهَبَ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: وَاللَّهِ لا يَصْحَبُنَا مِنْهُ دِرْهَمٌ. وَقَالَ لِمَوْلاهَا: أَنْفِقْهُ عَلَيْكُمَا1. وَقِيلَ: لَمَّا نُكِبَ الْبَرَامِكَةُ وُجِدَ فِي خَزَائِنِ جَعْفَرٍ جَرَّةٌ فِيهَا أَلْفُ دِينَارٍ فِي الدِّينَارِ مِائَةُ دِينَارٍ سِكَّتَهُ. وَأَصْفرٌ من ضرب دار الملو ... ك يَلُوحُ عَلَى وَجْهِهِ جَعْفَرُ يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ وَاحِدًا ... مَتَى يُعْطَهُ مُعْسِرٌ يُوسِرُ مُثَنَّى بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُؤَدِّبُ الْبَرَامِكَةِ قَالَ: أَمَرَ جَعْفَرٌ أَنْ يُضْرَبَ لَهُ دَنَانِيرُ، زِنَةُ الدِّينَارِ ثَلاثُمِائَةِ مِثْقَالٍ، وَيُصَوَّرَ عَلَيْهِ صُورَتُهُ، وَهُوَ مُرَادُ أَبِي الْعَتَاهِيَةِ بِقَوْلِهِ: يَلُوحُ عَلَى وَجْهِهِ جَعْفَرُ قَالَ صاحب "الأَغَانِي": أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ الرَّبِيعِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: شَهِدْتُ أَبِي وَهُوَ يُحَدِّثُ جَدِّي يَحْيَى، وَأَنَا صَغِيرٌ، عَنْ بَعْضِ خَلَوَاتِهِ مَعَ الرَّشِيدِ فَقَالَ: يَا أَبَهْ، أَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِيَدِي، ثُمَّ أَقْبَلَ فِي الْحُجَرِ يَخْتَرِقُهَا، حَتَّى انْتَهَى إِلَى حُجْرَةٍ فَفُتِحَتْ لَهُ، وَرَجَعَ مَنْ كَانَ مَعَنَا، ثُمَّ صِرْنَا إِلَى حُجْرَةٍ، فَفَتَحَهَا بِيَدِهِ، ودخلنا معًا، وأغلقها من داخل، ثُمَّ صِرْنَا إِلَى رِوَاقٍ، وَفِي صَدْرِهِ مَجْلِسٌ مُغْلَقٌ، فَقَعَدَ عَلَى بَابِهِ وَنَقَرَهُ، فَسَمِعْنَا حِسًّا، ثُمَّ نَقَرَ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ عُودٍ، فَغَنَّتْ جَارِيَةٌ، مَا ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ مِثْلَهَا فِي حُسْنِ الْغِنَاءِ، فَقَالَ لَهَا: غَنِّي صَوْتِي، فَغَنَّتْ:

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 154، 155".

وَمُحَبَّبٌ شَهِدَ الرِّفَاقُ مَقْتَلَهُ ... غَنَّى الْجَوَارِي حَاسِرًا وَمُنَقَّبَا لَبِسَ الدَّلالَ وَقَامَ يَنْقُرُ دُفَّهُ ... نَقْرًا أَقَرَّ بِهِ الْعُيُونَ وَأَطْرَبَا إِنَّ النِّسَاءَ رَأَيْنَهُ فَعَشِقْنَهُ ... وَشَكَوْنَ شِدَّةَ مَا بِهِنَّ فَكَذَّبَا1 فَطَرِبْتُ وَاللَّهِ، ثُمَّ غَنَّتْ فَرَقَصْنَا مَعًا، ثُمَّ قَالَ لِي: انْهَضْ بِنَا. فَلَمَّا صِرْنَا فِي الدِّهْلِيزِ، قَالَ: أَتَعْرِفُ هَذِهِ؟ قُلْتُ: لا! قَالَ: هِيَ عُلَيَّةُ بِنْتُ الْمَهْدِيِّ، وَاللَّهِ لَئِنْ لَغَطْتَ بِهِ لأَقْتُلَنَّكَ. فَقَالَ لَهُ جَدِّي: وَقَدْ وَاللَّهِ لَغَطْتَ به، والله ليقتلنك. قيل: أنشدت جَعْفَرًا امْرَأَةٌ كِلابِيَّةٌ: إِنِّي مَرَرْتُ عَلَى الْعَقِيقِ وَأَهْلُهُ ... يَشْكُونَ مِنْ مَطَرِ الرَّبِيعِ نُزُورَا مَا ضَرَّهُمْ إِذْ مَرَّ فِيهِمْ جَعْفَرٌ ... أَنْ لا يَكُونَ رَبِيعُهُمْ مَمْطُورَا1 وَرَوَى الإِسْكَافِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِيِّ قَالَ: قَالَ لِي الرَّشِيدُ بَعْدَ قَتْلِ جَعْفَرٍ وَصَلْبِهِ: اخْرُجْ بِنَا نَنْظُرْ إِلَيْهِ. فَلَمَّا عَايَنَهُ أَنْشَأَ يَقُولُ: تَقَاضَاكَ دَهْرُكَ مَا أَسْلَفَا ... وَكَدَّرَ عَيْشَكَ بَعْدَ الصَّفَا وَلا تَعْجَبَنَّ فَإِنَّ الزَّمَانَ ... رَهِينٌ بِتَفْرِيقِ مَا أَلَّفَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثِقَةٌ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ ابْنَ عُيَيْنَةَ قَتْلُ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ حَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ قَدْ كَفَانِي مَئُونَةَ الدُّنْيَا، فَاكْفِهِ مَئُونَةَ الآخِرَةِ3. ابْنُ الْمَرْزُبَانِيِّ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَلَدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صُلِبَ جَعْفَرٌ وَقَفَ الرَّقَاشِيُّ الشَّاعِرُ وَأَنْشَأَ يَقُولُ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْلا خَوْفُ وَاشٍ ... وَعَيْنٌ لِلْخَلِيفَةِ لا تَنَامُ لَطُفْنَا حَوْلَ جِذْعِكَ وَاسْتَلَمْنَا ... كَمَا لِلنَّاسِ بالحجر استلام

_ 1 السير "8/ 30". 2 وفيات الأعيان "1/ 329". 3 تاريخ بغداد "7/ 160".

فما أبصرت قبلك يابن يَحْيَى ... حُسَامًا فَلَّهُ السَّيْفُ الْحُسَامُ عَلَى اللَّذَّاتِ وَالدُّنْيَا جَمِيعًا ... لِدَوْلَةِ آلِ بَرْمَكٍ السَّلامُ1 فَطَلَبَهُ الرَّشِيدُ، فَأُحْضِرَ، فَقَالَ: كَمْ كَانَ يُعْطِيكَ جَعْفَرٌ؟ قَالَ: فِي السَّنَةِ أَلْفُ دِينَارٍ. فَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ. وَقَالَ الْكَوْكَبِيّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ وَجْهُ الْهِرَّةِ: حَدَّثَنِي غَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَاشِمِيِّ صاحب صَلاةِ الْكُوفَةِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّي يَوْمَ النَّحْرِ، وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ بَرْزَةٌ جَلْدَةٌ فِي أَثْوَابٍ رَثَّةٍ، فَقَالَتْ لِي: أَتَعْرِفُ هَذِهِ؟ قُلْتُ: هَذِهِ عَبَّادَةُ أُمُّ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيِّ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا وَرَحَّبْتُ بِهَا، وَقُلْتُ: فُلانَةُ حَدِّثِينَا بِبَعْضِ أُمُورِكُمْ. قَالَتْ: أَذْكُرُ لَكَ جُمْلَةً فِيهَا عِبْرَةٌ، لَقَدْ هَجَمَ عليَّ مِثْلُ هَذَا الْعِيدِ، وَعَلَى رَأْسِي أَرْبَعُمِائَةِ جَارِيَةٍ، وَأَنَا أَزْعُمُ أَنَّ جَعْفَرًا عَاقٌّ لِي، وَقَدْ أَتَيْتُكُمْ يُقَنِّعُنِي جِلْدُ شَاتَيْنِ، أَجْعَلُ أَحَدَهُمَا شِعَارًا، وَالآخَرَ دِثَارًا2. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ: وُلِدْتُ يَوْمَ قُتِلَ جَعْفَرٌ الْبَرْمَكِيُّ، وَهُوَ أَوَّلُ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَعَاشَ سَبْعًا وَثَلاثِينَ سَنَةً. وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَخْبَارِهِ فِي حَوَادِثِ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَسَامَحَهُ. 44- جَرْوَلُ بْنُ حِنْفَلٍ، وَقِيلَ ابْنُ حِيفَلٍ النُّمَيْرِيُّ3: أَبُو تَوْبَةَ الْحَرَّانِيُّ الْمُعَلَّمُ. عَنْ: خُلَيْدِ بْنِ دَعْلَجٍ، وَعُمَرَ بْنِ قَيْسِ سَنْدَلَ، وَالنَّضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ، وَابْنِ لَهِيعَةَ. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا، وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِسْحَاقُ الْفَرَادِيسِيُّ، وعدة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 158". 2 السابق "7/ 156، 157". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 551"، والميزان "1/ 391".

قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال ابْنُ الْمَدِينِيِّ: رَوَى أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً. 45- جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ، أَبُو بَكْرٍ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ1: عَنْ: رَجُلٍ مِنْ آلِ أَبِي هَالَةَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2، وَعَنْ: دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَمُجَالِدٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَاسِقٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ خَبَرُهُ فِي الصِّفَةِ مَوْضُوعًا. قُلْتُ: رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الشَّمَائِلِ. 46- جُنَادَةُ بْنُ سَلْمِ بْنِ خَالِدِ بْنِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السُّوَائِيُّ أَبُو الْحَكَمِ الْكُوفِيُّ، وَالِدُ أَبِي السَّائِبِ سَلْمِ بْنِ جُنَادَةَ. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ. وَعَنْهُ: وَلَدُهُ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَنُوحُ بْنُ حَبِيبٍ. ضعفه أَبُو زُرْعَةَ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ". وَأَبُو زُرْعَةَ أَعْرَفُ. 47- جُنَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ الْحَجَّامُ. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أبي أسامة الحجام، ومختار بن صبيح.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 532"، والميزان "1/ 421". 2 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "329"، "344"، في الشمائل، والبغوي "3705" في شرح السنة، وفيه مجهولان، وسفيان بن وكيع متكلم فيه، وابن عمير من الضعفاء.

وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَسَعْدَوَيْهِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالأَشَجُّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ. "حرف الْحَاءِ": 48- حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ1 ع: الْحَافِظُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ، مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الْمَدَانِ، وَأَصْلُهُ كُوفِيٌّ. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَخَيْثَمِ بْنِ عِرَاكٍ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْجُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مَزْرَدٍ، وَعِمْرَانَ الْقَصِيرِ. وَعَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَقُتَيْبَةُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدَّرَاوَرْدِيِّ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: ثِقَةٌ. يُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ، وَالثَّانِي أَصَحُّ، فَإِنَّ ابْنَ حِبَّانَ قَالَ: مَاتَ فِي تَاسِعِ جُمَادَى الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 49- حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ، أَبُو صَالِحٍ السَّعْدِيُّ2 خ. م. ن. ت: شَيْخٌ بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. عَنْ: أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ صَالِحٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ. مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بأس به.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 258"، والسير "8/ 455". 2 الجرح والتعديل "3/ 260"، والتهذيب "2/ 131".

50- الْحَارِثُ بْنُ عَبِيدَةَ، أَبُو وَهْبٍ الْمِصْرِيُّ1: يُقَالُ: هُوَ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرَةَ الْكَلاعِيُّ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالْمِصْرِيِّينَ. وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 51- الْحَارِثُ بْنُ مُوسَى الطَّائِيُّ الْبَصْرِيُّ2: شَيْخٌ مُعَمَّرٌ، رَوَى عَنْ: حَبِيبٍ الْعَجَمِيِّ. وَعَنْهُ: مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ. 52- الْحَارِثُ بْنُ وَجِيهٍ الرَّاسِبِيّ3 د. ت. ق: لَهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ بِحَدِيثِ "تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ". وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ. ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. 53- حَبِيبُ بْنُ خَالِدٍ الأَسَدِيُّ الْكَاهِلِيُّ الْكُوفِيُّ4: عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، وَالأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُشْكَدَانَةُ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَغَيْرُهُ. أَنْكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَلَيْهِ حَدِيثًا، وَقَالَ: هُوَ صَالِحٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 81، 82"، والميزان "1/ 438". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 88". 3 الجرح والتعديل "3/ 92"، والتهذيب "2/ 162". 4 الجرح والتعديل "3/ 99، 100"، والميزان "1/ 454".

وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: حَبِيبٌ الْمَالِكِيُّ كُوفِيٌّ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ بْنِ بَشِيرٍ يَذْكُرُ عَنْ نَوْفَلٍ قَالَ: كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: حَبِيبٌ الْمَالِكِيُّ، كَانَ لَهُ صِحَّةٌ وَفَضْلٌ، وَذُكِرَ لابْنِ الْمُبَارَكِ فَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقُلْتُ عِنْدَهُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ حُذَيْفَةَ عَنِ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ. قَالَ: إِنَّهُ لَحَسَنٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُخْرَجَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالسَّيْفِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ وإنه، فأبى، فلما أكثرت عَلَيْهِ فِي شَأْنِهِ قَالَ: عَافَاهُ اللَّهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلا فِي هَذَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ كُنَّا نَسْتَحْسِنُهُ مِنْ حَدِيثِ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يَكُنْ صاحب حَدِيثٍ، وَلَيْسَ بالقوي. 54- حُبيب -مصغرًا- ابْنُ حَبِيبٍ الْكُوفِيُّ1: أَخُو حَمْزَةَ الزَّيَّاتُ، يَرْوِي عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ. وَرَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ التَّغْلِبِيُّ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَخُوهُ أَبُو بَكْرٍ. وهَّاه أَبُو زُرْعَةَ. 55- حُجْرُ بْنُ الْحَارِثِ الْغَسَّانِيُّ، أَبُو خَلَفٍ الرَّمْلِيُّ2: عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ الْقَارِئِ. وَعَنْهُ: أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَبُو تَوْبَةَ الْحَلَبِيُّ، وَآخَرُونَ. وَلَمْ يُضَعَّفْ. 56- حَجْوَةُ بْنُ مُدْرِكٍ الْغَسَّانِيُّ3: شَيْخٌ كُوفِيٌّ نَزَلَ دِمَشْقَ، كَانَ مِنَ الشُّعَرَاءِ الْمُحْسِنِينَ.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 309". 2 الجرح والتعديل "3/ 267"، والثقات لابن حبان "8/ 212". 3 الجرح والتعديل "3/ 319".

رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد. وعنه: عيسى غنجار، وأبو الجماهر محمد بن عثمان، وهشام بن عمار، والحكم بن موسى القنطري. قال أبو حاتم: محله الصدق. 57- حرب بن ميمون1: صاحب الأغمية. هو الصالح الزاهد أبو عبد الرحمن العبدي البصري. روى عن: عوف الأعرابي، وخالد الْحَذَّاءِ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَالْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ، وغيرهم. وعنه: حميد بْنُ مَسْعَدَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَالصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِهِ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعِدَّةٌ. قَالَ الْفَلاسُ وَغَيْرُهُ: حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ الأَصْغَرُ، ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَحَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ الأَكْبَرُ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: الأَكْبَرُ تَقَدَّمَ، رَوَى عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَدْ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالَّذِي لا شَكَّ فِيهِ وَلا مِرْيَةَ أَنَّهُمَا رَجُلانِ. قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ الأَزْدِيُّ: هَذَا مِمَّا وَهِمَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ، أَوَّلُ مَنْ نَبَّهَنِي عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَخَلَطَهُمَا ابْنُ عَدِيٍّ أَيْضًا، فَوَهِمَ. وَكَوْنُهُمَا اثْنَيْنِ أَوْضَحُ شَيْءٍ، لِأَنَّ الأَكْبَرَ مِنْ أَصْحَابِ عَطَاءٍ، وَالثَّانِي مِنْ أَصْحَابِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَذَوِيهِ، وَلِأَنَّ الأَكْبَرَ يُكْنَى أَبَا الْخَطَّابِ مَوْلَى النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ الأَنْصَارِيِّ، وَهَذَا يُخَالِفُهُ فِي كُنْيَتِهِ وَفِي نِسْبَتِهِ. 58- حِزَامُ بْنُ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الأَشْعَرِ الْخُزَاعِيُّ القُريري2: وَفَدَ مَعَ أَبِيهِ على عمر بن عبد العزيز.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 251"، والسير"7/ 193". 2 الجرح والتعديل "3/ 298"، والثقات لابن حبان "6/ 247".

وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ أَبِيهِ، وَأَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَدَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، وَآخَرُونَ. وَبَقِيَ إِلَى قَرِيبِ الثَّمَانِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: هُوَ رَاوِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ. 59- حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِرْمَانِيّ1 خ. م. د: الْفَقِيهُ، أَبُو هِشَامٍ، قَاضِي كِرْمَانَ. عَنْ: سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَيُونُسَ الأَيْلِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: الأَزْرَقُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ وَخَلْقٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، لا بَأْسَ بِهِ. وَاسْتَنْكَرَ لَهُ أَحْمَدُ غَيْرَ حَدِيثٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ. وَذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي "الضُّعَفَاءِ" فَقَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَ أَبِي بِحَدِيثٍ لِحَسَّانِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أُمِّهَا فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: "السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ" 2. وَقَالَ أَبِي: مَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، هَذَا مِنْ طَرِيقِ لَيْثٍ. وَذَكَرْتُ لِأَبِي، عَنْ حَسَّانٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الكوفي: سمعت العلاء، سمع مكحولا،

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 238"، والسير "9/ 40-42". 2 حديث حسن لغيره: وأخرجه الترمذي "313"، والعقيلي "1/ 255" في الضعفاء الكبير.

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَوَاثِلَةَ، كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ "إِذَا قَامَ فِي الصَّلاةِ لَمْ يَلْتَفِتْ، وَرَمَى بِبَصَرِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ"، فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ: اضْرِبْ عَلَيْهِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 60- حَسَّانُ بْنُ سِيَاهٍ الْبَصْرِيُّ الأَزْرَقُ1: عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَالْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: لُوَيْنُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ، وَقَاسِمُ بْنُ زَيْدٍ الْكِلابِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْجُرَشِيُّ، وَآخَرُونَ. لَهُ مَنَاكِيرُ سَاقَهَا ابْنُ عَدِيٍّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا. 61- الْحَسَنُ بْنُ ثَابِتٍ التَّغْلَبِيُّ، أَبُو الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ الأَحْوَلُ2: عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُزَنِيِّ، وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ وَهُوَ قَرِينُهُ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَهَارُونُ بْنُ فُلانٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. وَثَّقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. 62- الْحَسَنُ بْنُ قَحْطَبَةَ بْنِ شَبِيبٍ الطَّائِيُّ3. مِنْ أَكْبَرِ قُوَّادِ الرَّشِيدِ، وَأَبُوهُ هُوَ الَّذِي انْتُدِبَ لِأَخْذِ الْعِرَاقِ مِنْ جُيُوشِ بَنِي أُمَيَّةَ، فَغَرِقَ وَقَامَ بِالأَمْرِ بَعْدَهُ حُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ قَحْطَبَةَ كَبِيرَ الدَّوْلَةِ فِي وَقْتِهِ. مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. قَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ مِنْ رِجَالاتِ النَّاسِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ حَدِيثٌ، يرويه عن أبي جعفر المنصور.

_ 1 الميزان: 1/ 478". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 3، 4"، والميزان "1/ 481". 3 انظر: وفيات الأعيان "6/ 314"، شذرات الذهب "1/ 255، 256".

قُلْتُ: لَكِنَّهُ مَوْضُوعٌ؛ وَآخُذُهُ مِمَّنْ بَعْدَ ابْنِ قَحْطَبَةَ1. وَرَّخَهُ نِفْطَوَيْهِ. 63- الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الأَصَمُّ2: لَهُ حَدِيثٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ، رَوَاهُ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: خَبَرُهُ مُنْكَرٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. يُكَنَّى أَبَا عَلِيٍّ، وَهُوَ كُوفِيٌّ تَرَكَ بَغْدَادَ. 64- الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ طَهْمَانَ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ، أَبُو سَعِيدٍ3: وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَزَّةَ الدَّبَّاغُ، سَكَنَ الرَّيَّ. وَرَوَى عَنْ: هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، وَشُعْبَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، لَيْسَ بِذَاكَ، مُضْطَرِبٌ، وَبِالْبَصْرَةِ لا يَعْرِفُونَهُ لِأَنَّهُ مَاتَ قَدِيمًا. 65- الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، أَبُو عَلِيٍّ الْمَدِينِيُّ الْبَرَّادُ4: عَنِ: الزُّبَيْرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَأَبِي مَوْدُودٍ، وَوَالِدِه. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ حميد، وإسحاق بن موسى.

_ 1 حديث منكر: وأخرجه الخطيب "7/ 403، 404" في تاريخ بغداد. 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 43"، والميزان "1/ 526". 3 الجرح والتعديل "3/ 7، 8"، الميزان "1/ 486". 4 الجرح والتعديل "3/ 20".

66- الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَسَارِ بْنِ مَالِكٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ1 خ. م. ن. عَنِ: ابْنِ عَوْنٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَبُنْدَارٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ. وآخر من حدث عنه الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيِّ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 67- الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب2 ق. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ، ثُمَّ الْكُوفِيُّ الزَّيْدِيُّ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ أبي جعفر الباقر، وابن عمه جعفر الصادق، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر، وغيرهم. وعنه: نعيم بن حماد، وأبو مصعب الزهري، وعباد الرواجني، وإسحاق بن موسى الخطمي، وأبو عبيد الله سعيد المخزومي. قال ابن عدي: وَجَدْتُ فِي بَعْضِ حديثه بعض النُّكْرَةَ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ. قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى حُدُودِ التِّسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ بَقِيَّةَ أَهْلِ بَيْتِهِ. 68- الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ3: أَخُو سُلَيْمٍ الْقَارِئِ. عَنِ: الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، وَمَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ. وَعَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، لَهُ مَنَاكِيرُ.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 48"، التهذيب "2/ 335". 2 الجرح والتعديل "3/ 53"، والميزان "1/ 535"، والتهذيب "2/ 339". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 60"، التهذيب "2/ 364".

69- حُصَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَزَارِيُّ الدِّمَشْقِيُّ1: عَنْ: مَكْحُولٍ، وَعُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ، وَعَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ، وَهِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، وَغَيْرُهُمَا. مَا أَظُنُّ بِهِ بَأْسًا. 70- حُصَيْنُ بْنُ عُمَرَ الأَحْمَسِيُّ الْكُوفِيُّ، أَبُو عُمَرَ2 ت: عَنْ: أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، وَمُخَارِقٍ الأَحْمَسِيِّ، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خلف القطيعي، ومحمد بن مقاتل المروزي، ومجاب بْنُ الْحَارِثِ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوكُ الحديث. وقال ابن عَدِيٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ مَعَاضِيلُ. وَرَمَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْكَذِبِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، قَدِمَ بَغْدَادَ سَائِلا يَسْأَلُ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ: "مَنْ غَشَّ الْعَرَبَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَفَاعَتِي". 71- حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ الْوَاسِطِيُّ، أَبُو مُحْصَنٍ الضَّرِيرُ3 خ. د. ت. ن: كُوفِيُّ الأَصْلِ. عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَمُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، وَسُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ. وَعَنْهُ: حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ، وَمُسَدَّدٌ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعِدَّةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زرعة، وقال أبو حاتم: صالح.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 190". 2 الجرح والتعديل "3/ 194"، والتهذيب "2/ 385". 3 الجرح والتعديل "3/ 197، 198"، والتهذيب "2/ 391".

72- حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ1: قَاضِي عَمَّانَ. عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعَمَّارِ بْنِ يَحْيَى، وَالأَوْزَاعِيِّ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ أَحْمَدُ، وَحَفِيدُهُ السَّائِبُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ، وَالْهَيْثَمُ بن خارجة، وهشام بْن عمّار، وسُليمان ابن بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. صَالِحُ الْحَدِيثِ. 73- حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْعَطَّافِ الْمَدَنِيُّ2 ق: مَوْلَى بَنِي سَهْمٍ. عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ. وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبي أُوَيْسٍ، وَعَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ، وَأَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَاتَّهَمَهُ يَحْيَى بِالْكَذِبِ. 74- حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ التَّمِيمِيُّ الْمُجَاشِعِيُّ3، مَوْلاهُمُ: الْكُوفِيُّ الْمُؤَدِّبُ. عَنْ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْر، وأبو سعيد الأشج. قال أبو حاتم: صالح الحديث، ليس به بأس.

_ 1 الجرح والتعديل: "3/ 197، 198". 2 الجرح والتعديل "3/ 177"، والتهذيب "2/ 409". 3 الجرح والتعديل "3/ 179".

75- حَفْصُ بْنُ عُمَرَ1: قَاضِي حَلَبَ. عَنْ: الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ، وَعُبَيْدُ بْنُ جُنَادَةَ، وَدَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَآخَرُونَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ. 76- حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، أَبُو عُمَرَ الْعُقَيْلِيُّ الصَّنْعَانِيّ2 خ. م. ن. ق: نَزِيلُ عَسْقَلانَ. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَالْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. وَعَنْهُ: آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. وَرَوَى عَنْهُ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وكان من الصلحاء الأتقياء، له مَوَاعِظُ. مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 77- حَفْصُ بْنُ النَّضْرِ السُّلَمِيُّ3: شَيْخٌ بَصْرِيٌّ لَهُ عَنْ: أُمِّهِ رَمْلَةَ، وَعَامِرِ بْنِ خَارِجَةَ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشَةَ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 179، 180" والميزان "1/ 563". 2 الجرح والتعديل "3/ 187"، والسير "8/ 205". 3 الجرح والتعديل "3/ 188"، والميزان "1/ 569".

78- حكام بن سلم الكناني الرازي1 م. أبو عبد الرحمن. حَدَّثَ بِبَغْدَادَ، وَمَاتَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْوَقْفَةِ. سَمِعَ: إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ، وَحُمَيْدَ الطَّوِيلَ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعِدَّةً. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَالْحَسَنُ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَزَنِّيجُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَمُوسَى بْنُ نَصْرٍ الرَّازِيُّونَ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مِنْ نُبَلاءِ الرِّجَالِ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. 79- الْحَكَمُ بْنُ سِنَانٍ الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ الْقِرَبِيُّ2: عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيُّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، ضَعَّفُوهُ لِكَثْرَةِ وَهْمِهِ. رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَتَفَرَّدُ عَنِ الثِّقَاتِ بِالْمَوْضُوعَاتِ، لا يُشْتَغَلُ بِهِ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. يَرْوِي عَنْ: دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ. 80- الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ الثَّقَفِيُّ الْكُوفِيّ3 ن. ق. نَزِيلُ دِمَشْقَ. عَنْ: قَتَادَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وطبقتهم.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 318"، والسير"9/ 88". 2 الجرح والتعديل "3/ 117"، والتهذيب "2/ 426". 3 الجرح والتعديل "3/ 130"، التهذيب "2/ 443".

وَعَنْهُ: الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَطَائِفَةٌ. قَدْ ذُكِرَ. 81- الْحَكَمُ بْنُ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ المحاربي1. كوفي نزل دِمَشْقَ، وَرَوَى عَنْ: مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْمِصْرِيِّ. وَعَنْهُ: مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 82- حكيم بن خدام الأَزْدِيُّ الْبَصْرِيُّ2: عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَالأَعْمَشِ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ. وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُزَيْعٍ، وَلُوَيْنُ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ. كُنْيَتُهُ: أَبُو سَمِيرٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيثٌ، مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 83- حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ الْحِمَّانِيُّ الْكُوفِيُّ3: يُكَنَّى أَبَا شُعَيْبِ بْنَ أَبِي زِيَادٍ. قَدْ ذُكِرَ فِي الطَّبَقَةِ السَّالِفَةِ، ثُمَّ وَجَدْتُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى: عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ. قَرَأَ عَلَيْهِ: يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُلَيْمِيُّ. 84- حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَلْبِيُّ الظَّامِئُ4 ق:

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 130"، والميزان "1/ 583". 2 الجرح والتعديل "3/ 202"، والميزان "1/ 585". 3 الجرح والتعديل "3/ 142"، والميزان "1/ 596". 4 الجرح والتعديل "3/ 143"، والميزان "1/ 597".

عَنْ: إِدْرِيسَ الأَوْدِيِّ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ: رَوَى أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ. 85- حَمَّادُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْكُوفِيُّ النَّصِيبِيُّ1: عَنْ: زَيْدِ بْنِ رُفَيْعٍ، وَالأَعْمَشِ، وَالثَّوْرِيِّ. وَعَنْهُ: الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. ضَعَّفَهُ عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: يَكْذِبُ. وَقَالَ الْفَلاسُ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَسَيُعَادُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ. 86- حَمَّادُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيُّ2: كُوفِيٌّ، عَنْ: سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ. وعنه: الحسين بن علي الصدائي، والحسن بن عرفة. قال أبو حاتم: شيخ. 87- حميد بن الأسود الكرابيسي البصري3 ع. خ. ق. ن: عَنْ: حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَحُسَيْنِ الْمُعَلَّمِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: حَفِيدُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أبي الأسود، ومسدد، وعلي بن المديني،

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 144"، الميزان "1/ 598". 2 لم نقف عليه. 3 الجرح والتعديل "3/ 218"، التهذيب "3/ 36".

وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَالْجَهْضَمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَكَانَ عَفَّانُ يَحْمِلُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَنْكَرَ مَا يَجِيءُ بِهِ. قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ. 88- حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، أبو عَوْفٍ الرُّؤَاسِيُّ الْكُوفِيُّ1 ع: أَحَدُ الأَثْبَاتِ. عَنْ: أَبِيهِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الأَثْرَمُ: أَثْنَى عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَوَصَفَهُ بِخَيْرٍ. وَرَوَى الْكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَهُوَ ابْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: قَلَّ مَنْ رَأَيْتُ مِثْلَهُ. قِيلَ: تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 89- حَنْظَلَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيُّ الْمَدَنِيُّ2: عَنْ: أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيةَ، وَأَبِي حَزْرَةَ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْعَزِيزِ الأُوَيْسِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ كَاسِبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْحَمَّالُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. 90- حَيَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو جَبَلَةَ الدارمي، قيل المازني3.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 225"، التهذيب "3/ 44". 2 الجرح والتعديل "3/ 242"، التهذيب "3/ 63". 3 الجرح والتعديل "3/ 247"، الميزان "1/ 622".

شَيْخٌ بَصْرِيٌّ. عَنْ: قَتَادَةَ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاس، وَبُنْدَارٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ الْفَلاسُ: كَذَّابٌ. "حرف الْخَاءِ": 91- خالد بن الحارث بن عبيد الهجيمي التميمي الْبَصْرِيُّ1: الْحَافِظُ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ. رَوَى عَنْ: عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وابن أبي عَرُوبَةَ، وَابْنِ عَجْلانَ، وَطَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَالْفَلاسُ، وَالْقَوَارِيرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَخَلْقٌ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ شُعْبَةُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي التَّثَبُّتِ بِالْبَصْرَةِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إِمَامٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُثَنَّى يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ بِالْبَصْرَةِ مِثْلَ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، وَلا بِالْكُوفَةِ مثل عبد الله بن إدريس. وقال يحيى الْقَطَّانُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا خَيْرًا مِنْ سُفْيَانَ وَخَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ خَالِدٌ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ بِالاتِّفَاقِ، وَعَاشَ سِتًّا وَسِتِّينَ سَنَةً. 92- خَالِدُ بْنُ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الأموي2 أخو إسحاق بن سعيد.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 325"، السير "9/ 126-128". 2 الجرح والتعديل "3/ 234"، التهذيب "3/ 95".

عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُشْكَدَانَةُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَغَيْرُهُمْ. 93- خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ الْمُزَنِيُّ1 ع: وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، حَكَاهُ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، فَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، وَيَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ. وَهُوَ: خَالِدُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يزيد أَبُو الْهَيْثَمِ، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، مَوْلاهُمُ الْوَاسِطِيُّ الْحَافِظُ. يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ مَوَالِي صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ. رَوَى عَنْ: إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَأَبِي بِشْرٍ، وَحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَسُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَخَلْقٍ مِنْ طَبَقَتِهِمْ. وَعَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَعَفَّانُ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَمُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ، وَوَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، وَإِسْحَاقُ بن شاهين، وخلْق. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ أَبِي: كَانَ خَالِدٌ الطَّحَّانُ ثِقَةً صَالِحًا مِنْ أَفَاضِلِ الْمُسْلِمِينَ، اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَتَصَدَّقَ بِوَزْنِ نَفْسِهِ فِضَّةً أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. هَذِهِ رِوَايَةٌ. وَجَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا، عَنْ أَبِيهِ: اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنَ اللَّهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ هُشَيْمٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: ثِقَةٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثِقَةٌ، حَافِظٌ. قُلْتُ: يَقَعُ لي من عالي روايته.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 340"، السير "8/ 246، 247".

94- خَالِدُ بْنُ مِهْرَانَ، أَبُو الْهَيْثَمِ الْكُوفِيُّ1. وَيُعْرَفُ بِالْبَلْخِيِّ. عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوة، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ. وَرَآهُ ابْنُ مَعِينٍ وَوَثَّقَهُ. عِنْدَهُ عَنْ هِشَامٍ حَدِيثٌ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ2. 95- خَالِدُ بْنُ نَافِعٍ الأَشْعَرِيُّ الْكُوفِيُّ3: حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وحماد بن أبي سليمان، وسعيد بن أبي بردة. وعنه: مسدد، ويسار بن موسى، وعبد الله مشكدانه، وأحمد بن حنبل، وشريح بن يونس. وقال أبو داود: متروك. وقال النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. وَهُوَ مِنْ أَوْلادِ أَبِي مُوسَى. 96- خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، أَبُو هَاشِمٍ الْهَمْدَانِيُّ الشَّامِيُّ الفقيه4 ق: عَنْ: أَبِيهِ، وَخَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَأَبِي حَمْزَةَ ثَابِتِ بْنِ أَبِي صَفِيَّةَ الثُّمَالِيِّ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ، وَهِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، والدارقطني.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 297، 298". 2 سبق تخريجه. 3 الجرح والتعديل "3/ 355"، وتاريخ بغداد "8/ 298". 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 359"، والسير "9/ 413".

وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَتَرَدَّدَ ابْنُ حِبَّانَ فِي أَمْرِهِ. وَكَانَ مُفْتِيًا إِمَامًا. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 97- خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْهَدَّادِيُّ الْبَصْرِيُّ1 د. ت: عَنْ: قَتَادَةَ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَبِشْرِ بْنِ حَرْبٍ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ ... بْنُ عَادٍ، وَالْفَلاسُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَزِيرٍ الْوَاسِطِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَثْبَتُ مِنْ عَامِرِ بْنِ يساف. 98- خطاب بن القاسم2 د. ن: أبو عمر، قَاضِي حَرَّانَ. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَخُصَيْفٍ، وَعَبْدِ الْحَكِيمِ الْجَزَرِيِّ. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، وَالْمُعَافَى بْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. 99- خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ بْنِ صَاعِدٍ3 خ. م. مُتَابَعَةٌ: أَبُو أَحْمَدَ الأَشْجَعِيُّ، مَوْلاهُمُ الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ وَاسِطٍ ثُمَّ بَغْدَادَ، مِنْ بَقَايَا صِغَارِ التَّابِعِينَ، رَأَى عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَمُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، وَحَفْصِ ابن أخي أنس، وأبي بشر، وأبي هشام الرُّمَّانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: قُتَيْبَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَشُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَخَلْقٌ.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 358"، والثقات لابن حبان "6/ 266". 2 الجرح والتعديل "3/ 201"، التهذيب "3/ 146، 147". 3 الجرح والتعديل "3/ 369"، السير "8/ 302، 303".

وَرَآهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ الْقُدَمَاءِ هُشَيْمٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وَقَدْ كَذَّبَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي قَوْلِهِ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَاخْتَلَطَ. قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ فِي جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ. قَالَ أَحْمَدُ: رَأَيْتُهُ. وَضَعَهُ إِنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ فَصَاحَ، يَعْنِي مِنَ الْكِبَرِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا أَحْمَدَ حَدَّثَكُمْ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ وَقَصَّ الْحَدِيثَ، فَتَكَلَّمَ بِكَلامٍ خَفِيٍّ لَمْ أَفْهَمْهُ، فَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ: رَأَى خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنَّهُ عِنْدِي شُبِّهَ عَلَيْهِ. فَهَذَا شُعْبَةُ، وَحَجَّاجٌ لَمْ يَرَوْا عَمْرًا. خَلَفٌ رَأَيْتُهُ، وَكَانَ لا يُفْهَمُ وَهُوَ مَفْلُوجٌ1. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى زَحْمَوَيْهِ، عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ: فَرَضَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ. قُلْتُ: فَعَلَى قَوْلِهِ هَذَا يُقْتَضَى أَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ التِّسْعِينَ، وَلَمْ يُدْرِكْ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ عُيَيْنَةَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عِنْدَنَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ زَعَمَ أَنَّهُ رَأَى عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ، فَقَالَ: كَذَبَ، لَعَلَّهُ رَأَى جَعْفَرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: نا صَدَقَةُ بْنُ مَنْصُورٍ بِحَرَّانَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ. وَرَوَى قُتَيْبَةُ، عَنْ خَلَفٍ قَالَ: مَرَّ بِي فَارِسٌ عَلَى بَغْلَةٍ دَهْمَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ.

_ 1 مفلوج: الفلج هو الشلل النصفي.

قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ إِنَّهُ جَاوَزَ الْمِائَةَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُقَالُ مَاتَ وَلَهُ مِائَةُ سَنَةٍ وَسَنَةٌ. 100- الْخَلِيلُ بْنُ مُوسَى الْبَاهِلِيُّ1: الْبَصْرِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ. عَنْ: حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. 101- خُنَيْسُ بْنُ عَامِرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ جُشَيْبٍ الْمَعَافِرِيُّ الْمِصْرِيُّ2: عَنْ: أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ. وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الدَّالِ": 102- دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ الرَّقَاشِيُّ الْبَصْرِيُّ3 ت. ق. م: نَزِيلُ بَغْدَادَ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَأَيُّوبَ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَرُوبَةَ، وَشُعْبَةَ، وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، والحسن بن عرفة، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 380، 381"، والميزان "1/ 668". 2 الجرح والتعديل "3/ 394"، والثقات لابن حبان "6/ 275". 3 الجرح والتعديل "3/ 412، 413"، والتهذيب "3/ 185، 186".

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيُّ: كَذَّابٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَجَمَاعَةٌ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُهُ مُقَارِبٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ضَعِيفٌ، يُكتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 103- دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْكُوفِيُّ الْمُؤَذِّنُ1: أَبُو سُلَيْمَانَ. عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْمَجْنُونِ صَاحِبٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: يَكْذِبُ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُمْ: مَتْرُوكٌ. 104- دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ الْمُزَنِيُّ2، مَوْلاهُمُ ق: الْمَدَنِيُّ. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، وَزَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: الأَوْزَاعِيُّ وَهُوَ شَيْخُهُ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَدْرَمِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: رَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِأَيَّامٍ، وقال: لا تحدث عنه.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 418"، والميزان "2/ 10، 11". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 420"، والتهذيب "3/ 193، 194".

وقال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وَقَالَ آخَرُ: مَتْرُوكٌ. 105- دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ الْقَزَّازُ1 د. ق: عَنْ: يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، وَأَبَانِ بْنِ طَارِقٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ. وَعَنْهُ: دَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، وَمُسَدَّدٌ، وَحَفْصٌ الرَّبَالِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَخَلْقٌ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِالْقَائِمِ. وَقَوَّاهُ ابْنُ عَدِيٍّ. وَكُلٌّ قَالَ: مَا هُوَ بِحُجَّةٍ. "حرف الرَّاءِ": 106- رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ الصَّنْعَانِيُّ2 د. ن: مَوْلَى قُرَيْشٍ. عَنْ: مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ خُشْكٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الْخُزَاعِيُّ الشَّهِيدُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ خِيَارًا. قَالَ أَبِي: فِي زَمَانِهِ مَا كَانَ خَيْرًا مِنْهُ. انْقَطَعَ وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ. وَعَنْ أَحْمَدَ قَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّ رَبَاحًا، وَأُحِبُّ حَدِيثَهُ، وَأُحِبُّ ذِكْرَهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنِي رَبَاحٌ، وَرَبَاحٌ رَبَاحٌ. وقال أبو حاتم: جليل ثقة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 437"، والتهذيب "13/ 209". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 490"، والتهذيب "3/ 223".

قلت: مات سنة سبع وثمانين ومائة. 107- الربيع بن زياد الضبي1: أبو عمر الكوفي ثم الهمداني. كان يجلب الغنم إلى الكوفة. روى عَنْ: يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَخُصَيْفٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَسْلَمَ، وَخَلْقٍ. وَعَنْهُ: أَصْرَمُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الأَسَدِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. لَمْ أَرَ فِيهِ جَرْحًا لِأَحَدٍ. 108- الرَّبِيعُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عُمَيْلَةَ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ2: عَنْ: جَدِّهِ، وَسَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ عَمَّارٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ. 109- رِشْدِينُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مفلح بن هلال3 ن. ت. ق. أبو الحجاج المهري المصري. عن: زبان بن فائد، وَأَبِي هَانِي حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ، وَعُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، وَيُونُسَ، وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، وَخَلْقٍ. وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَمِائَةٍ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَقُتَيْبَةُ، وَعِيسَى بن حماد، وأبو كريب، وأبو الطاهر بْنُ السَّرْحِ، وَآخَرُونَ. وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ الأَخْيَارِ، لكن سيئ الْحِفْظِ، لا يُبَالِي عَمَّنْ رَوَى. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَرْجُو أَنَّهُ صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَضْعَفُ مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ. وقال أبو زرعة وغيره: ضعيف.

_ 1 الميزان: "2/ 40". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 463"، والميزان "2/ 41". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 513"، والتهذيب "3/ 277".

وَأَرَّخَ ابْنُ يُونُسَ مَوْلِدَهُ ثُمَّ قَالَ: كَانَ رَجُلا صَالِحًا، فَأَدْرَكَتْهُ غَفْلَهُ الصَّالِحِينَ. آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ عِيسَى بْنُ مَثْرُودٍ. مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، لَيْسَ مِنْ جَمَالِ الْمَحَامِلِ. 110- رِفَاعَةُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ نُذَيْرٍ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ1: عَنْ: أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَعَنِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، وَعُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ. وَعَنْهُ: حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الأَشْقَرُ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: شَيْخٌ. قِيلَ: عَاشَ تِسْعِينَ سَنَةً. 111- رِفْدَةُ بْنُ قُضَاعَةَ الْغَسَّانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ2: عَنْ: ثَابِتِ بْنِ الْعَجْلانِ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَصَالِحِ بْنِ رَاشِدٍ. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 112- رَوْحُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَبُو رَجَاءٍ الْكَلْبِيُّ3: عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَيَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مَالِكٍ النُّكْرِيِّ، وَعَبَّاسِ الْجُرَيْرِيِّ. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بن عبد الله بن صخر الغداني.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 493"، التهذيب "3/ 280". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 523"، والتهذيب "3/ 283، 284". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 496"، والميزان "2/ 61".

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صُوَيْلِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، هُوَ صَالِحٌ. وَوَهَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ. "حرف الزَّايِ": 113- زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الإِيَادِيُّ الْقُهُسْتَانِيُّ1 ت. ق: أبو اليمان الْفَقِيهُ، نَزِيلُ الرَّيِّ، ثُمَّ نَزِيلُ بَغْدَادَ. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَابْنِ جُرَيْحٍ، وَشُعْبَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ ثِقَةً، رَجُلا صَالِحًا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَهُ مَرَاسِيلُ وَوَهْمٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ، رَأَيْتُهُ. وَوَثَّقَهُ أَيْضًا ابْنُ مَعِينٍ. 114- الزُّبَيْرُ بْنُ خُبَيْبِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ2: الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيُّ. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَطَبَقَتِهِ. وَعَنْهُ: يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَعَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ. وَهُوَ ضَعِيفٌ مُقِلٌّ، كَانَ مُنْقَطِعًا بِقَرْيَتِهِ بِوَادِي الْقُرَى. لَهُ فَضْلٌ وَتَعَبُّدٌ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى الرَّشِيدِ فَاحْتَرَمَهُ وَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ. 115- زَكَرِيَّا بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن يزيد الصهباني النخعي3:

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 624" والتهذيب "3/ 304". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 584"، والميزان "2/ 67". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 598"، والميزان "2/ 73".

عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمِغْرَاءِ، وَيَحْيَي بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ، وَدَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، وغيرهم. 116- زكريا بن منظور بن ثعلبة1 ق: أبو يحيى القرظي الأنصاري. رَوَى: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَأَبِي حَازِمٍ. وَأَرْسَلَ عَنْ: أَبِي سَلَمَةَ، وَنَافِعٍ الْعُمَرِيِّ. وعنه: الحميدي، وهارون بن معروف، وإبراهيم بن المنذر، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله، وداود بن رشيد، وخلق. ضعفه أبو حاتم وغيره. وقال الدارقطني: متروك. وقيل: كان طفيليا. 117- زكريا بن يحيى بن عمارة2 د. ن. ق: أبو يحيى الأنصاري البصري الذَّارِعُ. عَنْ: ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالْفَلاسُ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 118- زِيَادُ بْنُ راشد، أبو سفيان المديني3: يعرف بالمكاتب.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 597"، والتهذيب "3/ 332". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 601"، والتهذيب "3/ 327". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 531"، والثقات لابن حبان "6/ 324".

عَنْ: دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ لَهُ حَدِيثَانِ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْمُثَنَّى، وَأَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغُدَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبَلَةَ الْبَاهِلِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 119- زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعَ الْيَحْمَدِيُّ، أَبُو خِدَاشٍ الْبَصْرِيُّ1 خ. ت. ق: عَنْ: أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، وَوَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ الْقَهْرَمَانِ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَالْفَلاسُ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 120- زِيَادُ بْنُ سَيَّارٍ الْكِنَانِيُّ2، مَوْلاهُمْ: عَنْ: أَبِي قِرْصَافَةَ، كَأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَعَنْ ضُمْرَةَ، عَنْ أَبِي قِرْصَافَةَ. وَعَنْهُ: أَيُّوبُ بْنُ عَلِيٍّ، والطيب بن زبان العسقلانيان. قاله أبو حاتم وما ضعفه. 121- زياد البكائي3 خ. م. ت. ق: هُوَ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الله بن الطفيل البكائي المعافري الكوفي، صاحب رِوَايَةِ "السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ" عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَهُوَ أَتْقَنُ مَنْ رَوَى عَنْهُ السِّيرَةَ. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، وَالأَعْمَشِ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ هِشَامٍ السدوسي، وزياد بن أيوب،

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 531"، والتهذيب "3/ 364، 365". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 534"، والثقات لابن حبان "4/ 255". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 537"، والسير "9/ 5-7".

وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: مَا أَحَدٌ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ أَثْبَتَ مِنْ زِيَادٍ الْبَكَّائِيِّ لِأَنَّهُ أَمْلَى عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَلا. وقال صالح جَزْرَةَ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ضَعِيفٌ، لَكِنَّهُ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي هَذَا الْكِتَابِ، يَعْنِي الْمَغَازِي، وَذَاكَ أَنَّهُ بَاعَ دَارَهُ وَخَرَجَ يَدُورُ مَعَ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ: لا أَدْرِي عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ شَيْئًا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ، عَنِ الْبَكَّائِيِّ، فَضَعَّفَهُ. وَرَوَى عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، قَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ الْمَغَازِي. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ أَبِي: كَانَ الْبَكَّائِيُّ يُحَدِّثُ بِحَدِيثِ مَنْصُورٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ1. وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ ثَابِتٍ الْحَدَّادِ، أَخْطَأَ فِيهِ. وَعَنْ وَكِيعٍ قَالَ: هُوَ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ. وَعَدَّهُ وَهِمَ فِيهَا التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: عَنِ الْبُخَارِيِّ، قَالَ وَكِيعٌ: زِيَادٌ عَلَى شَرَفِهِ يَكْذِبُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: كَثِيرُ الْمَنَاكِيرِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فَاحِشُ الْخَطَأِ، كَثِيرُ الْوَهْمِ، لا يجوز الاحتجاج بمفرده ويعتبر بِهِ. ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، نا زَكَرِيَّا زَحْمَوَيْهِ، نا زِيَادٌ، عَنْ إِدْرِيسَ الأَوْدِيِّ، عَنْ عون

_ 1 أخرجه العقيلي "2/ 80"، في الضعفاء الكبير.

ابن أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَذَّنَ بِلالٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنَى، وَأَقَامَ مِثْلَ ذَلِكَ1. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذَا بَاطِلٌ. وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَالنَّاسُ، عَنْ عَوْنٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا تَثْنِيَةَ الإِقَامَةِ. مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 122- زِيَادٌ، أَبُو السَّكَنِ الْبَاهِلِيُّ2، مَوْلاهُمْ: الصُّغْدِيُّ. سَمِعَ: الشَّعْبِيَّ، وَعَلْقَمَةَ بْنَ مَرْثَدٍ، وَطَلْحَةَ بْنَ مُصَرِّفٍ. وَعَنْهُ: بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ النَّيْسَابُورِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 123- زِيَادٌ، أَبُو سُفْيَانَ الزُّهْرِيُّ3، مَوْلاهُمُ: الْمَدَنِيُّ. عَنْ: دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ وَعَنْهُ: يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، وَأَحْمَدُ الْغُدَانِيُّ. وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ. 124- زِيَادُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ الْعِجْلِيُّ الْمَوْصِلِيُّ الْفَقِيهُ4: سَمِعَ: إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشَ، وَأَبَا حَنِيفَةَ، وَجَمَاعَةً. وَعَنْهُ: ابْنُهُ الْخَضِرُ. قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا الأَزْدِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ ومائة.

_ 1 حديث باطل: أخرجه ابن حبان "1/ 307" في المجروحين. 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 537"، والميزان "2/ 95". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 531"، والثقات لابن حبان "6/ 324". 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 531".

125- زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ ثَابِتٍ، أَبُو حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ1: عَنْ: إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَارِجَةَ. وَعَنْهُ: عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ. لَهُ حَدِيثٌ أَوْ حَدِيثَانِ. 126- زَيْنُ بْنُ شُعَيْبٍ الْمَعَافِرِيُّ الْمِصْرِيُّ2: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. عَنْ: أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ مَعَ جَلالَتِهِ، وَمُرَّةُ الْبُرُلُّسِيُّ، وَيَحْيَي بْنُ بُكَيْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، وَغَيْرُهُمْ. مَاتَ كَهْلا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ فَقِيهًا كَبِيرَ الْقَدْرِ، عَابِدًا، عَابِرًا لِلرُّؤْيَا. قَالَ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ: كَانَ مِنْ عِلْيَةِ أَصْحَابِ مَالِكٍ. "حرف السِّينِ": 127- سَابِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَوْصِلِيُّ3: الْحَجَّامُ الزَّاهِدُ، أَحَدُ الْبَكَّائِينَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: رَأَيْتُهُ وَكَانَتْ لا تَجِفُّ عَيْنُهُ مِنَ الْبُكَاءِ. وَقَالَ رَبَاحُ بْنُ الْجَرَّاحِ: كَانَ سَابِقٌ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ، وَمِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ بُكَاءً. وَقِيلَ: إِنَّ الْمُعَافَى بْنَ عِمْرَانَ رَوَى عَنْهُ شَيْئًا. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَإِنَّمَا ذَاكَ سَابِقٌ الرَّقِّيُّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الْمُعَافَى حَدِيثَهُ، عَنْ أَبِي خَلَفٍ، عَنْ أَنَسٍ: "إِذَا مُدِحَ الْفَاسِقُ اهْتَزَّ العرش"4.

_ 1 لم نقف عليه. 2 انظر: الثقات لابن حبان "8/ 257". 3 من زهاد الموصل، وعباده. 4 الكامل "3/ 1307، 1308"، لابن عدي.

تُوُفِّيَ سَابِقٌ الْمَوْصِلِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 128- سَالِمٌ الدَّوْرَقِيُّ1: مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الْمَوْصِلِ. قِيلَ: إِنَّ فَتْحًا الْمَوْصِلِيَّ كَانَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ. رَوَى سَهْلٌ ... الْقَطَّانُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي خَلَفٍ، عَنْ أَنَسٍ، تُوُفِّيَ سَالِمُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 129- سَحْبَلُ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى سَمْعَانُ الأَسْلَمِيُّ الْمَدَنِيُّ2، أَخُو إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى الْفَقِيهِ. وَلَكِنَّ سَحْبَلُ هُوَ الثِّقَةُ. رَوَى عَنْ: أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَبُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، وَأَبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِدَّةٍ. طَالَ عُمْرُهُ، كَانَ أَسَنَّ مِنْ أَخِيهِ. رَوَى عَنْهُ: الْقَعْنَبِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَهُوَ مُقِلٌّ. 130- سعدان بن يحيى بن صالح اللخمي3 خ. ن. ق: واسمه سعيد، أبو يحيى الكوفي، نزيل دمشق. روى عَنْ: إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَطَبَقَتِهِمْ مِنَ الْكُوفِيِّينَ. وَعَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وقال الدارقطني: ليس بذاك.

_ 1 لم أقف عليه. 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 156"، والتهذيب "6/ 20". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 289، 290"، والميزان "2/ 119".

131- سعيد بن خثيم، أَبُو مَعْمَرٍ الْهِلالِيُّ الْكُوفِيّ1 ت. ن: عَنْ: أَيْمَنَ بْنِ نَابِلٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ، وَحَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَمْرُو النَّاقِدُ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ رُشْدِ بْنِ خُثَيْمٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الأَزْدِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مِقْدَارُ مَا يَرْوِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ. 132- سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الزُّبَيْدِيُّ، أَبُو عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ2 ق: عَنْ: وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبِ بْنِ وَحْشِيٍّ، وَرَوْحِ بْنِ جَنَاحٍ، وَصَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَابْنُ شَابُورَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. قَالَ قُتَيْبَةُ: رَأَيْتُهُ بِالْبَصْرَةِ، وَكَانَ جَرِيرٌ يُكَذِّبُهُ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: ضَعِيفٌ. 133- سَعِيدُ بْنُ الْفَضْلِ، أَبُو عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ3. مَوْلاهُمُ الْبَصْرِيُّ. عَنْ: عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو النَّضرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَادِيسِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، وَطَالُوتُ بْنُ عُبَادَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، مُنْكَرُ الحديث. وقال الحسن بن سلمة: ثقة، سمعت منه.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 17"، والتهذيب "4/ 22، 23". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 43، 44"، والتهذيب "4/ 53". 3 الجرح والتعديل "4/ 55"، والميزان "2/ 154".

134- سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْبَصْرِيُّ الْبَزَّازُ1: عَنْ: عَاصِمٍ الأحول، وخالد الحذاء، وسليمان التيمي، وَحَجَّاجٍ الصَّوَّافِ. وَعَنْهُ: الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَالْفَلاسُ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ أَحَدَ الْحُفَّاظِ. قَالَ صَاعِقَةٌ: سَمِعْتُ عَلِيًّا قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ وَعُنِيَ بِهِ وَحَفِظَهُ وَأَقَامَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَزِلَّ فِيهَ إِلا ثَلاثَةٌ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، هَؤُلاءِ لَمْ يَدَعُوهُ وَلَمْ يَشْتَغِلُوا عَنْهُ إِلَى أَنْ حَدَّثُوا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ. 135- سُفْيَانُ بْنُ مُوسَى الْبَصْرِيُّ2: عَنْ: أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَعَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ. وَعَنْهُ: الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، وَالْفَلاسُ، وَالْجَهْضَمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وُثِّقَ. أَوْرَدَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "تَارِيخِ الثِّقَاتِ". وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. 136- سَلَمَةُ بْنُ بِشْرِ بْنِ صَيْفِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ3: وَهُوَ سَلَمَةُ بْنُ صَيْفِيٍّ. رَوَى عَنْ: ابْنِهِ وَاثِلَةَ، وَحُجْرِ بْنِ الْحَارِثِ الْغَسَّانِيِّ، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 228، 229"، والسير "8/ 10". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 229"، والسير "8/ 310". 3 الجرح والتعديل "4/ 157"، والتهذيب "4/ 142".

وعنه: محمد بن يوسف الفريابي، وسليمان ابن بنت شرحبيل، وداود بن رشيد، وعبد الرحمن بن نافع درخت. له في السنن حديث. 137- سلمة بن رجاء، أو عبد الرحمن التميمي الكوفي1 خ. ت. ق: عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُكْرِمٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْجُرَشِيُّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ. 138- سَلَمَةُ بْنُ صَالِحٍ الأَحْمَرُ2: حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ. وَعَنْهُ: بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُجَشِّرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ، وَغَيْرُهُمْ. وَلِيَ قَضَاءَ وَاسِطٍ، وَهُوَ جُعْفِيٌّ كوفي، يُكَنَّى: أَبَا إِسْحَاقَ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وقال أبو داود وغيره: متروك الحديث. ومن بلاياه عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمُوا فِي الْمُوَرَّدِ3. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَمَانٍ. 139- أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الأزدي الكوفي4:

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 160"، التهذيب "4/ 144، 145". 2 الجرح والتعديل "4/ 165"، الميزان "2/ 190، 191". 3 حديث باطل: وأخرجه العقيلي "2/ 148" في الضعفاء والخطيب "9/ 132"، في تاريخه. 4 انظر: الجرح والتعديل "4/ 106، 107"، والسير "9/ 19-21".

الأَحْمَرُ الْحَافِظُ. مَوْلِدُهُ بِجُرْجَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. وَرَوَى عَنْ: سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْحَضْرَمِيُّ سَجَّادَةٌ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الضَّبِّيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْمُرَادِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْبِيكَنْدِيُّ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَحُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ مِنَ التُّجَّارِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَوَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَابْنُ عَدِيٍّ: صَدُوقٌ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سُئِلَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ فَقَالَ: ابْنُ نُمَيْرٍ رَجُلٌ صَالِحٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: قَالَ لِي حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، وَكَانَ قَدْ نَزَلَ عِنْدَ أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ، قَالَ حَجَّاجٌ: كَانَ أَبُو خَالِدٍ يَأْخُذُ كِتَابِي، عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ عجلان يقرؤها عَلَى سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ثِقَةٌ، وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. قُلْتُ: أَبُو خَالِدٍ مُحْتَجٌّ بِهِ فِي الْكُتُبِ، وَلَكِنْ مَا هُوَ فِي الثَّبْتِ مِثْلَ يَحْيَى الْقَطَّانِ، وَلَهُ هَفْوَةٌ فِي شَيْبَتِهِ، خَرَجَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ ومائة. وكان مذكورًا بالخير والدين. 140- سليمان بن سالم، أبو داود القرشي1:

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 180"، والميزان "2/ 208".

مَوْلاهُمُ الْمَدَنِيُّ الْقَطَّانُ. شَيْخٌ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. رَوَى عَنِ: الزُّهْرِيِّ، وَعَلِيِّ بْنِ جُدْعَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَوْفِيِّ. وعنه: يعقوب بن كاسب، وأبو مصعب، وإسحاق بن راهويه، وإبراهيم بن المنذر. قال ابن عدي: ما أرى بمقدار ما روى بأسا. وقال أبو حاتم: شيخ. وقال البخاري: أتى بخبر لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. 141- سُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ ثَوْرٍ، أَبُو الرَّبِيعِ الدِّمَشْقِيُّ الدَّارَانِيُّ1: عَنْ: يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ. وَعَنْهُ: إِسْحَاقُ الْفَرَادِيسِيُّ، وهشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ دُحَيْمٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ. مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 142- سُلَيْمَانُ بن داود بن قيس الفراء الْمَدَنِيُّ2: عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ هَرِمٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ المسيبي، وإسماعيل بن أبي أويس وغيرهم. 143- سليمان بْنُ عَمْرٍو: هُوَ أَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ، يَأْتِي.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 134"، والميزان "2/ 214". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 111"، والميزان "3/ 89".

144- سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ أَبُو الْمُعَلَّى الْخُزَاعِيُّ1: وَيُقَالُ: الْعِجْلِيُّ، الْكُوفِيُّ، نَزِيلُ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنِ: الشَّعْبِيِّ، وَابْنِ أَشْوَعَ، وأبيه مسلم. وعنه: أبو سلمة التبوذكي، والقواريري، وأحمد بن عبدة، وأبو حفص الفلاس. قال أبو حاتم: ما كان به بأس. 145- سليم بن عامر الحنفي2: مولاهم الكوفي أبو عيسى المقرئ المجود، صاحب حَمْزَةَ وَبَقِيَّةَ الْحُذَّاقِ. فَإِنَّهُ جَوَّدَ عَلَى حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ عَشْرَ ختمات، وكان الكسائي يَهَابُهُ وَيَتَأَدَّبُ مَعَهُ. انْتَصَبَ لِلإِقْرَاءِ مُدَّةً، فَقَرَأَ عَلَيْهِ: أَبُو حَمْدُونَ الطَّيِّبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَخَلادُ بْنُ خَالِدٍ الصَّيْرَفِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الدُّورِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ زَرْبَى، وَأَحْمَدُ بْنُ جُبَيْرٍ الأَنْطَاكِيُّ، وَتُرْكٌ الْحَذَّاءُ، وَطَائِفَةٌ. وَحَدَّثَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَحَمْزَةَ. وَرَوَى عَنْهُ: ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ كاتب اللَّيْثِ، وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ. وَقَدْ سُقْتُ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي "تَارِيخِ طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ". قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 146- سِنَانُ بْنُ هَارُونَ الْبُرْجُمِيّ3 ت: أَخُو سَيْفٍ. عَنْ: حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ، وَطَبَقَتِهِمَا. وَعَنْهُ: وَكِيعٌ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ، وَآخَرُونَ.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 142، 143"، الثقات لابن حبان "6/ 393". 2 الجرح والتعديل "4/ 215"، والميزان "2/ 231". 3 الجرح والتعديل "4/ 253"، والتهذيب "4/ 243".

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَالَ مُرَّةُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. 147- سَهْلُ بْنُ أَسْلَمَ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيّ1 ت: عَنِ: الْحَسَنِ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، وَأَسْوَدُ بْنُ سَالِمٍ، وَالصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ. قَالَ أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال أبو داود: ثِقَةٌ. وَقَدْ سَمِعَ سَهْلُ بِإِفْرِيقِيَا مِنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ أَنَسٍ حَدِيثًا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ. 148- سِيبَوَيْهِ2: شَيْخُ الْعَرَبِيَّةِ. فِي وَفَاتِهِ أَقْوَالٌ، وَقَدْ مَرَّ. 149- سَيْفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ3 ت: أَخُو عَمَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ. عَنْ: مَنْصُورٍ، وَلَيْثٍ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَالأَعْمَشِ، وَخَالِهِ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدِ. وَسَكَنَ بَغْدَادَ. وَرَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحِ الْجَرْجَرَائِيُّ، وَمَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عرفة. قال ابن معين: كذاب.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 193، 194"، والتهذيب "4/ 246". 2 سبق الترجمة له. 3 الجرح والتعديل "4/ 277"، والتهذيب "4/ 296".

وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَرَوَى عَبَّاسُ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بثقة. الحسين بن الحسن المروزي، نا سيف بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَهُ بِالْبَوَارِيجِ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا نَظَرَ إِلَى قَنْطَرَةِ الصَّرَاةِ، فَرَكَضَ دَابَّتَهُ، فَرَكَضْتُ عَلَى أَثَرِهِ وَقُلْتُ: لِأَيِّ شَيْءٍ رَكَضْتَ؟ قَالَ: هَذَا الْمَكَانُ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تُبْنَى مَدِينَةٌ يَجْتَمِعُ فِيهَا جَبَابِرَةُ أَهْلِ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِهَا"1. الْحَدِيثَ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلٌ. 150- سَيْفُ بْنُ هَارُونَ الْبُرْجُمِيُّ. مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ هُوَ، لَكِنَّهُ قد ذكر. "حرف الشين": 151- شبيب بن سعد الحبطي خ. ن. أبو سعيد البصري2. عَنْ: أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَشُعْبَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ بِشْرٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ عِنْدَهُ كُتُبُ يُونُسَ، وَهُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَدِمَ مِصْرَ لِلتِّجَارَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ غَرَائِبُ. 152- شُجَاعُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْبَلْخِيُّ3: أَبُو نُعَيْمٍ الْمُقْرِئُ الْعَابِدُ، صاحب أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ، وله عنه رواية مشهورة

_ 1 حديث باطل: أخرجه ابن عدي "4/ 384"، "5/ 1726" في الكامل، والخطيب "1/ 32"، "6/ 194"، "9/ 311"، في تاريخه، وانظر: الفوائد المجموعة "434"، وتنزيه الشريعة "2/ 52". 2 الجرح والتعديل "4/ 359"، التهذيب "4/ 306، 307". 3 الجرح والتعديل "4/ 379"، والتهذيب "4/ 313".

رَوَاهَا عَنْهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ الأَعْمَشِ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَبُو عُمَرَ الدُّورِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، وَهَارُونُ الْحَمَّالُ. وَثَّقَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْهُ فَقَالَ: بخٍ بخٍ، وَأَيْنَ مِثْلَ شُجَاعٍ الْيَوْمَ؟ قُلْتُ: مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. 153- شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ الْقُرَشِيُّ1 مَوْلاهُمُ الدِّمَشْقِيُّ الْحَنَفِيُّ. خ. م. د. ن. ق. عَنْ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَكَانَ يَذْهَبُ فِي فُرُوعِ الْفِقْهِ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَرَوَى عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ جُرَيْجٍ. حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ رَاهَوَيْهِ، وَدَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، وَدُحَيْمٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْجَوْبَرِيُّ، وَآخَرُونَ. وَهُوَ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ، مَاتَ فِي رَجَبٍ سنة تسع وثمانين ومائة، وله اثنتان وَسَبْعُونَ. وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي كِبَارِ الْفُقَهَاءِ، وَلَمْ يَلْحَقْهُ وَلَدُهُ شُعَيْبُ بْنُ شُعَيْبٍ. 154- شُعَيْبُ بْنُ حَازِمٍ2: وُلِّيَ إِمْرَةَ دِمَشْقَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، فَهَاجَتِ الْعَصَبِيَّةُ بَيْنَ الْمُضَرِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ، وَقُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ نَحْوُ الْخَمْسِمِائَةِ. 155- شُقْرَانُ بْنُ عَلِيٍّ3: الإِفْرِيقِيُّ الْمَغْرِبِيُّ، الْفَقِيهُ، الْفَرَضِيُّ، الْعَبْدُ الصَّالِحُ.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 341"، السير "9/ 103". 2 أحد أمراء دمشق في الخلافة العباسية. 3 انظر: الكامل "6/ 174"، لابن الأثير.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُضْرَبُ بِعِبَادَتِهِ الْمَثَلُ بِالْمَغْرِبِ. مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الصَّادِ": 156- صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، أَبُو عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ1 م: نَزِيلُ حُلْوَانَ. عَنْ: أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَيَزِيدَ بن أبي زياد، وَسُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، وَنَحْوِهِمْ. وَعَنْهُ: دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، وَلُوَيْنٌ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: صَارَ إِلَى الرَّيِّ، لا بَأْسَ بِهِ. قِيلَ: تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 157- صَالِحُ بْنُ قُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْمَدَنِيُّ2: أَخُو عَبْدِ الْمَلِكِ. صَدُوقٌ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. وعنه: الحميدي، وإسحاق، ونعيم بن حماد، وأبوه مصعب. قال النسائي: ليس به بأس. 158- صالح بن موسى بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيميّ الطَّلْحيّ الكوفيّ3 ت. ق: عَنْ: عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَمَنْصُورٍ، وَعَبْدِ الملك بن عمير، وعدة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 408، 409"، والتهذيب "4/ 398". 2 الجرح والتعديل "4/ 410"، والميزان "2/ 299". 3 الجرح والتعديل "4/ 415"، والتهذيب "4/ 404، 405".

وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، وَدَاوُدُ بْنُ عَمرٍو الضَّبِّيُّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابعه عليه أحد. وقال الجوزجاني: ضَعِيفُ الْحَدِيثَ عَلَى حُسْنِهِ. 159- الصَّبَّاحُ بْنُ مُحَارِبٍ التيمي الْكُوفِيُّ1 ق: نَزِيلُ الرَّيِّ. عَنْ: زِيَادِ بْنِ عَلاقَةَ، وَحُمَيْدِ الأَعْرَجِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، وَعَنْهُ: عَبْدُ السَّلامِ بْنُ عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَسَهْلُ بْنُ زَنْجَلَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، وَمُوسَى بْنُ نَصْرٍ الرَّازِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَأَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: يُخَالِفُ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْقَوَّاسِ، أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيِّ حُضُورًا، أنا عَلِيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ، أَنَا ابْنُ طَلابٍ، أَنَا ابْنُ جُمَيْعٌ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الرَّازِيُّ بِبَغْدَادَ، نا مُوسَى بْنُ نَصْرٍ، نا الصَّبَاحُ بْنُ مُحَارِبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ علم، فضلوا وأضلوا" 2.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 442"، والميزان "2/ 305، 306". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 36"، ومسلم "2673"، والحميدي "581"، والترمذي "2652"، وابن ماجه "9"، وأحمد "2/ 162-190"، والدارمي "1/ 77"، وابن أبي شيبة "15/ 177"، والبيهقي "6/ 543"، في الدلائل، وأبو نعيم "2/ 187"، "10/ 25" في الحلية.

وَقَدْ رَوَى الصَّبَّاحُ عَنْ حَمْزَةَ حُرُوفَهُ. وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التَّيْمِيُّ. 160- صَدَقَةُ بْنُ بَشِيرٍ الْمَدَنِيُّ1: مَوْلَى الْعُمَرِيِّينَ. عَنْ: قُدَامَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُمَحِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْحَمْدِ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرْعَرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَغَيْرُهُمْ. 161- صَدَقَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَازِنِيُّ2: عَنِ: الْحَارِثِ بْنِ غَنْيَةَ، وَخَالِدِ الْحَذَّاءِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَوْنٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْمِصِّيصِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. 162- الصَّلْتُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّبَيْدِيُّ الْكُوفِيُّ3: نَزِيلُ دِمَشْقَ. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، وَسُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ. قَالَ الْعُقَيْلِيّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. "حرف الضَّادِ": 163- ضِرَارُ بْنُ عَمْرٍو الْغَطَفَانِيُّ الْمُعْتَزِلِيُّ4: كَانَ فِي هَذَا الْعَصْرِ مِنْ رُءُوسِ الْبِدَعِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ تَرْجَمَتَهُ فِيمَا بَعْدُ.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 435"، والتهذيب "4/ 414". 2 الجرح والتعديل "4/ 432"، والثقات لابن حبان "8/ 320". 3 انظر: الضعفاء الكبير "2/ 210"، للعقيلي. 4 تأتي ترجمته.

164- ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ1. هُوَ الإِمَامُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ المعافري البصري، تَزَوَّجَ بِابْنَةِ أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي قَبِيلٍ حُيَيِّ بْنِ هَانِئٍ، وَمُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَخَيْرِ بْنِ نُعَيْمٍ، وَيَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَقُتَيْبَةُ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَأَبُو شَرِيكٍ يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ الْمُرَادِيُّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ صَدُوقًا مُتَعَبِّدًا. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: وُلِدَ بِأَشْمُونَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ، وَمَاتَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. وَمِنْ مَنَاقِبِهِ أَنْ فَاتَتْهُ الصَّلاةُ فِي جَمَاعَةٍ، فَأَلْزَمَ نَفْسَهُ أَنْ لا يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى تَخْرُجَ جِنَازَتُهُ، إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمَسْجِدِ. لَهُ حَدِيثٌ فِي الأَدَبِ لِلْبُخَارِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضِمَامُ مِثْلُ أَبِي قَبِيلٍ، لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ: كَانَ ضِمَامٌ لا يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِي، وَإِذَا أَرَادَ هُدِّيَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَتَّى يَقُومَ، فَإِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا لَمْ يُبَالِ مَا قَامَ فِي طُولِ صَلاتِهِ. وَقَالَ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: نا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى التُّسْتَرِيُّ، ثنا ضِمَامٌ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مَا زِلْنَا نَسْمَعُ: "زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا" 2 حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ. قُلْتُ: ضِمَامٌ صَادِقٌ، حَسَنُ الْحَدِيثِ. 165- ضيغم بن مالك3.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 469"، والتهذيب "4/ 458، 459". 2 حديث حسن بطرقه: أخرجه الحاكم "3/ 347"، "4/ 330"، والطبراني في الكبير "4/ 26"، وفي الصغير "1/ 107"، وأبو نعيم "3/ 322" في الحلية، والخطابي "ص34" في العزلة، وغيرهم. 3 الجرح والتعديل "4/ 470"، والسير "8/ 372".

الزَّاهِدُ الْعَابِدُ، أَبُو بَكْرٍ الرَّاسِبِيُّ الْبَصْرِيُّ. أَخَذَ عَنِ التَّابِعِينَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ ضَيْغَمَ، وَسَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، وَأَبُو أَيُّوبَ مَوْلَى ضَيْغَمَ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ فِي الصَّلاحِ وَالْفَضْلِ. وقال ابن الأعرابي في طبقات النساك: كان مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْعِبَادَةِ، وَكَانَ وِرْدُهُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَرْبَعُمِائَةِ رَكْعَةٍ، وَصَلَّى حَتَّى بَقِيَ رَاكِعًا لا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ فَوَقَعَ، وَقَالَ: قُرَّةُ عَيْنِي، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا. حَكَاهَا عَنْهُ سيار بن حاتم1. وقال القواريري: رأيت ندى فِي مَوْضِعَيْنِ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: هَذَا وَاللَّهِ مِنْ عَيْنَيْ ضَيْغَمٌ الْبَارِحَةَ2. وَعَنْ عِيسَى بْنِ بِسْطَامٍ أَنَّهُ سَمِعَ ضَيْغَمًا يَقُولُ: رَأَيْتُ الْمُجْتَهِدِينَ إِنَّمَا قَوُوا عَلَى الاجْتِهَادِ بِمَا يَدْخُلُ قُلُوبَهُمْ مِنَ الْحَلاوَةِ فِي الطَّاعَةِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ ضَيْغَمٌ قَدْ دَفَنَ كُتُبَهُ، وَكَانَ يَنَامُ ثُلُثَ اللَّيْلِ وَيَتَعَبَّدُ ثُلُثَيْهِ. قِيلَ: مَاتَ ضَيْغَمٌ وَصَدِيقُهُ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَأَقُولُ إِلَى ثَمَّ، فَإِنَّ بِشْرًا مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. "حرف الطَّاءِ": 166- طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ3. 167- وَطَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى4؛ قد ذكرا فِي الطَّبَقَةِ الْمَاضِيَةِ، يَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلا. 168- طَلْحَةُ بْنُ سِنَانِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُصَرِّفٍ الْيَامِيُّ الكوفي5. عن: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَابْنِ أبجر.

_ 1، 2 صفة الصفوة "3/ 357، 358"، لابن الجوزي. 3، 4 سبق ذكرهما. 5 انظر: الجرح والتعديل "4/ 484"، والثقات لابن حبان "8/ 326".

وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُشْكَدَانَةُ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. "حرف الْعَيْنِ": 169- عَاصِمُ بْنُ سُوَيْدٍ الأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ1 ن: عَنْ: أَبِيهِ سُوَيْدِ بْنِ عَامِرٍ، وَابْنَيْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ، وَمُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ؛ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْجَرْجَرَائِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَكَانَ إِمَامَ مَسْجِدِ قُبَاءٍ. 170- عَاصِمُ بْنُ هِلالٍ، أَبُو النَّصْرِ الْبَارِقِيُّ، ويقال: العنبري البصري2: إمام مسجد أيوب السختيان. عَنْ: قَتَادَةَ، وَغَاضِرَةَ بْنِ عُرْوَةَ، وَالْفُقَيْمِيِّ. شَيْخٌ له. وعنه: أيوب شيخه، ومحمد بن جحارة؛ وَعَنْهُ: سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ومحمد بن القطيعي، وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، وَالْفَلاسُ، وَعِدَّةٌ. قَالَ أَبُو داود: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال أبو حاتم: محله الصدق. وقال النسائي، وغيره: ليس بالقوي. قال الفلاس: سَمِعْتُ مِنْهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ. 171- عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، أَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ3.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 344"، والتهذيب "5/ 44". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 351"، والتهذيب "5/ 58، 59". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 17"، والتهذيب "5/ 88".

بَيَّاعُ الْهَرَوِيِّ. عَنْ: أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. 172- عَائِشَةُ بِنْتُ الزُّبَيْرِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ1: الأَسَدِيَّةُ، الزُّبَيْرِيَّةُ، الْمَدَنِيَّةُ. رَوَتْ عَنْ جَدِّهَا. وَعَنْهَا: مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ: مَا حَالُ عَائِشَةَ؟ قَالَ: حَدَّثَ عَنْهَا الْمَدَنِيُّونَ. 173- عَبَّادُ بْنُ عَبَّادِ بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة2 ع: الأزدي، العتكي، والمهلبي، البصري، أبو معاوية. عَنْ: أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَمُسَدَّدٌ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَطَائِفَةٌ. وَكَانَ شَرِيفًا، جَلِيلا، ثِقَةً، نَبِيلا مِنْ عُقَلاءِ الأَشْرَافِ وَعُلَمَائِهِمْ. وَقَدْ تَعَنَّتَ أَبُو حَاتِمٍ كَعَادَتِهِ وَقَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَمْ يَكُنْ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ. قُلْتُ: حَدِيثُهُ فِي الْكُتُبِ كُلِّهَا. تُوُفِّيَ فِي ثَامِنَ عَشَرَ رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ ابْنُهُ مِنْ أُمَرَاءِ البصرة الأجواد.

_ 1 انظر: الثقات لابن حبان "7/ 307". 2 الجرح والتعديل "6/ 82، 83"، والسير "8/ 262، 263".

174- عباد بن عباد الرملي الأرسوفي1 د: أبو عتبة الخواص، والزاهد الْعَابِدُ الَّذِي كَتَبَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، بِتِلْكَ الرِّسَالَةِ الْمَرْوِيَّةِ فِي الأَدَبِ وَالْوَعْظِ. رُوِيَ عَنِ: ابْنِ عَوْنٍ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَيَحْيَى بْنِ أبي عمرو السيباني، وَحَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: ضُمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَأَبُو مسهر، وفديك بن سليمان، وآخرون. روى عُثْمَانَ الدَّارَمِيِّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةً. وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: ثِقَةً مِنَ الزُّهَّادِ الْعُبَّادِ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةً، رَجُلٌ صَالِحٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مِنَ الْعُبَّادِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَقَالَ: كَانَ يَأْتِي بِالْمَنَاكِيرِ فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ. قُلْتُ: بَلِ الْعِبْرَةُ بِمَنْ وَثَّقُوهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْغَزِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الصُّورِيَّ قَالَ: كَتَبَ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْخَوَّاصُ إِلَى أَصْحَابِهِ يَعِظُهُمْ: اعْقِلُوا. وَالْعَقْلُ نِعْمَةٌ، وَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يكون حسرة، فرب ذي عقل قد غل قَلْبُهُ بِالتَّعَمُّقِ فِيمَا هُوَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ حَتَّى صَارَ عَنِ الْحَقِّ سَاهِيًا، كَأَنَّهُ لا يَعْلَمُ: إِخْوَانُكُمْ إِنْ أَرْضُوكُمْ لَمْ تُنَاصِحُوهُمْ، وَإِنْ أَسْخَطُوكُمْ أغنيتموهم، فهم في زمن قد رق فيه الورع، وقل فيه الخشوع، وحمل العلم مفسدوه، وأحبوا أن يعرفوا بحمله، وَكَرِهُوا أَنْ يُعْرَفُوا بِإِضَاعَةِ الْعَمَلِ بِهِ، فَنَطَقُوا فيه بالهدى، فذنوبهم ذنوب لا يستغفر مِنْهَا، وَكَيْفَ يَهْتَدِي السَّائِلُ إِذَا كَانَ الدَّلِيلُ حَائِرًا2. 175- عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عبد الله بن المنذر الكلابي ع. أبو سهل الواسطي.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 83"، والميزان "2/ 368"، والتهذيب "5/ 97". 2 تهذيب الكمال "14/ 136".

عَنْ: أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَالْجُرَيْرِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَمْرُو النَّاقِدُ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ سَعْدَوَيْهِ: كَانَ مِنْ نُبَلاءِ الرِّجَالِ فِي كُلِّ أمره. وقال ابن سعد: كَانَ يَتَشَيَّعُ فَحَبَسَهُ الرَّشِيدُ زَمَانًا، ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ، فَأَقَامَ بِبَغْدَادَ. قُلْتُ: فِي وَفَاتِهِ أَقْوَالٌ: سَنَةَ ثَلاثٍ، وَسَنَةَ خَمْسٍ، وَسَنَةَ سِتٍّ، وَسَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 176- عَبَّادُ بْنُ قَيْسٍ الْقَيْسِيُّ الْبَصْرِيُّ الْكَرَابِيسِيُّ1 ت. د. ق: عَنْ: عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ وَهْبٍ، وَبَهْزِ بْنِ حُكَيْمٍ. وَعَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ طَالُوتَ بْنِ عَبَّادِ، وَقَيْسُ بْنُ حميد بن حفص الدارمي، وَبُنْدَارُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَحَسَّنَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا مِنْ طَرِيقِهِ. 177- الْعَبَّاسُ بن الفضل بن عمرو بن عبيد بن الفضل بن حنظلة2 ن: أَبُو الْفَضْلِ الأَنْصَارِيُّ، الْوَاقِفِيُّ، الْمَوْصِلِيُّ، الْمُقْرِئُ. قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى: أَبِي عَمْرٍو، وَجَوَّدَ الإِدْغَامَ الْكَبِيرَ. مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ. وَسَمِعَ مِنْ: يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، وَرَأَى نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عَمْرَ فِي صِغَرِهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْفَتْحُ عَامِرُ بْنُ عُمَرَ، وغيره.

_ 1 انظر: التهذيب "5/ 102"، والتقريب "1/ 393". 2 الجرح والتعديل "6/ 211-213"، والتهذيب "5/ 126، 127".

وَرَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَوْصِلِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ سَالِمٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى رَحْمَوَيْهِ، وَطَائَفَةٌ مِنَ الْمَوَاصِلَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ نَاظَرَ الْكِسَائِيَّ فِي الإِقَالَةِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ الْمَوْصِلِ. بَلَغَنَا عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ قَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِي إِلا عَبَّاسَ لَكَفَانِي. وَهُوَ وَاهِي الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بن حنبل: ما أنكرت عَلَيْهِ إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا، وَمَا بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ. قُلْتُ: أَتَى بِشَيْءٍ بَاطِلٍ. وَهُوَ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الشُّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "إِذَا جَاءَتْ سَنَةُ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، وَإِذَا كَانَتْ سَنَةُ مِائَتَيْنِ، تَمَّ كَذَا"1. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَصْرَمَ الْمُزَنِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: العباس بن الفضل روى حديثًا شبه الموضوع. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. 178- الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عباس الأمير2: أَبُو الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ الْعَبَّاسِيُّ، وَلِيَ إِمْرَةَ الشَّامِ لأَخِيهِ الْمَنْصُورِ، وَقَدِمَهَا مَعَ ابْنِ أَخِيهِ الْمَهْدِي. رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ صَالِحٌ، وَمُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ، وَخَالِدُ بن إسماعيل. ولي إمرة الجزيرة لابن ابن أَخِيهِ هَارُونَ الرَّشِيدِ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ مَرَّاتٍ، وَغَزَا الروم مرة فِي سِتِّينَ أَلْفًا. قَالَ خَلِيفَةُ: دَخَلَ الرُّومَ وَبَثَّ سَرَايَاهُ فَغَنِمَ وَسَلِمَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وخمسين ومائة.

_ 1 حديث باطل: أخرجه ابن عدي "5/ 1664"، في الكامل في الضعفاء. 2 انظر: السير "8/ 469"، ووفيات الأعيان "4/ 306".

وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ مِنْ رِجَالاتِ قُرَيْشٍ، ذَا رَأْيٍ وَسَخَاءٍ وَجُودٍ، وَكَانَ الرشيد يجله ويعظمه، وكان شيخ بني الْعَبَّاسِ فِي عَصْرِهِ. قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَوُلِدَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. 179- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيّ د: عَنْ: أَبِيهِ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، وَشُعْبَةُ، وَجَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، وَحَامِدُ بْنُ آدم. وثقه أبو حاتم، وأبو زرعة. وأما مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْحَافِظُ فَفَسَّقَهُ، وَقَالَ: رَمَيْتُ بِمَا سَمِعْتُ مِنْهُ. 180- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْجُمَحِيُّ الْحَاطِبِيُّ الْمَدَنِيُّ1: أَبُو الْحَارِثِ. عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْحَمَّالُ، وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَالْمَخْزُومِيُّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، يَعْنِي سَمِيَّهُ. 181- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِك الْمَخْزُومِيُّ2 م. ع. المكي: عَنِ: ابْنِ جُرَيْجٍ، وَسَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَيُونُسَ الأَيْلِيِّ، وَثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ. وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ، وَالْحُمَيْدِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَحْمَدُ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا كَانَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْدلانِيُّ: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ سنة ست وثمانين ومائة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 33"، والتهذيب "5/ 179، 180". 2 الجرح والتعديل "5/ 33"، والتهذيب "5/ 179".

قُلْتُ: الظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ إِلَى سَنَةِ بِضْعٍ وَتِسْعِينَ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، وَأَبُو قُدَامَةَ السَّرْخَسِيُّ. 182- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَفْصٍ الأَرْطَبَانِيُّ الْبَصْرِيُّ1 ت: عَنْ: ثَابِتِ الْبُنَانِيُّ، وَعَاصِمُ الْجَحْدَرِيُّ. وَعَنْهُ: حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الذَّرَّاعُ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِرْوَزِيُّ، وَحِبَّانُ بْنُ هِلالِ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ. فِيهِ ضَعْفٌ يَسِيرٌ. 183- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنُ مَعْبَدٍ الْبَاهِلِيُّ البصري2: عن: ثابت البنانين، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ. وَعَنْهُ: نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُرَيْشِ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. 184- عبد الله بن سعد3 د. ت. ن: أبو عبد الرحمن الدشتكي المروزي، نَزِيلُ الرَّيِّ. عَنْ: أَبِيهِ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَإِبْرَاهِيمَ الصَّايِغِ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرُو بْنُ رَافِعٍ الْقَزْوِينِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامَغَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ. صَدُوقٌ. 185- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ4 خ. م. د. ت. ن. أبو صفوان الأموي: مَا زَالَ فِي ذِهْنِي أَنَّهُ مَعْدُودٌ فِي هذه الطبقة، لكن وجدته ما يدل على بقائه إلى

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 36"، والتهذيب "5/ 189". 2 الجرح والتعديل "5/ 56"، التهذيب "5/ 216". 3 الجرح والتعديل "5/ 64"، والتهذيب "5/ 234". 4 الجرح والتعديل "5/ 72"، والتهذيب "5/ 238".

حُدُودِ الْمِائَتَيْنِ، فَكَرَّرْتُ ذِكْرَهُ. قُتِلَ أَبُوهُ عند زوال ملك بني أُمَيَّةَ، وَكَانَ هَذَا طِفْلا، فَفَرَّتْ بِهِ أُمُّهُ إِلَى مَكَّةَ. رَوَى عَنِ: ابْنِ جُرَيْجٍ، وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ. طَلَبُ الْعِلْمِ فِي حُدُودِ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ. روى عنه: الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَعِدَّةٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَدْ بَقِيَ وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو السُّكَيْنِ الطَّائِيُّ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ. 186- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانَ الْكُوفِيُّ1: عَنْ: أَبِيهِ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْهُ: دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ الطَّوِيلُ، وَجَمَاعَةٌ. ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ ابن معين: ليس بشيء. 187- عبد الله بن سُوَيْدِ بْنِ حَيَّانَ الْحَمْرَاوِيُّ الْمِصْرِيُّ2: عَنْ: عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ، وَحُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ. وَعَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ فِي جُمَادَى الأُولَى. 188- عَبْدُ اللَّهِ بْن صالح بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاسٍ الأَمِيرُ3: وَلِيَ الثُّغُورَ لِلرَّشِيدِ مُدَّةً. وَلَهُ كَلِمَةٌ نَفِيسَةٌ وَهِيَ: لا يَكْبُرَنَّ عَلَيْكَ ظُلْمُ من ظلمك، فإنه يسعى في مضرته ينفعك. مات بسلمية سنة ست وثمانين ومائة.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 68"، والميزان "2/ 436، 437". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 66"، والتهذيب "5/ 241-249". 3 تاريخ الطبري "8/ 121، 149".

189- عَبْد اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ يَزِيدَ بن جابر الأزدي الدمشقي1 م. ت. ن. ق. أبو إسماعيل: عَنْ: أَبِيهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وعطاء الخراساني. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وسليمان بن عبد الرحمن. قال ابن مَعِينٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 190- عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ الزَّاهِدُ2: هُوَ السَّيِّدُ الْقُدْوَةُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ العدوي الْمَدَنِيُّ الزَّاهِدُ أَحَدُ الأَعْلامِ. رَوَى الْقَلِيلَ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ: أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحمن. وعنه: ابن الْمُبَارَكُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ الْعَابِدِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَكَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ العاملين، قانتًا لله حنيفًا منعزلا عَنِ النّاسِ إِلا مِنْ خَيْرٍ. وَكَانَ يُنْكِرُ عَلَى مَالِكِ اجْتِمَاعَهُ بِالدَّوْلَةِ. وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ عَالِمُ الْمَدِينَةِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْحَدِيثُ؛ وَالنَّاسُ عَلَى خِلافِ سُفْيَانَ فِي هَذَا. قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ مَرَّةً يَقُولُ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ فَهُوَ الْعُمَرِيُّ. قَالَ ذَلِكَ لَمَّا ثنا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَضْرِبُ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ، فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ" 3. وَأَخْبَرَنَا بِهِ عَالِيًا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ، نا الْمُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيفِ، أنا ابْنُ الْبَطِّيِّ، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ، نا أَبُو عَمْرِ بْنُ مَهْدِيٍّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بِن غَالِبٍ، ثنا سفيان بن عيينة بهذا.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 98، 99"، والتهذيب "5/ 298". 2 الجرح والتعديل "5/ 103، 104"، والسير "8/ 331-336". 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 299"، والترمذي "2680"، والحميدي "1147"، وابن حبان "2308".

قُلْتُ: هَذَا الْخَبَرُ مِنْطَبِقٌ عَلَى مَنِ اتَّصَفَ بِأَنَّهُ عَالِمُ زَمَانِهِ، وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي وَقْتِهِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي وَقْتِهِ. وروى الطبري في تاريخه بإسناد بعض أولاد عبد الله بن عبد العزيز العُمريّ، أنّ الرشيد قال: والله ما أدري ما آمُرُ في هذا العُمريّ، أكرهُ أن أقدمَ عليه وله سَلَفٌ أكرمهم، وإنّي أحب أن أعرف رأيه؛ يعني فينا. فقال عَمْر بن بزيع، والفضل بن الربيع: نحن له. فخرجنا من العَرْج إلى موضعٍ يُقال له: خلص، حتى ورد عليه بالبادية في مسجدٍ له، فأناخا راحلتيهما بمن معهما، وأتياه على زِيّ الملوك في حشمة، فجلسا إليه وقالا: يا أبا عبد الرحمن نحن رسل من وراءنا من أهل المشرق يقولون لك: اتق الله، وإنْ شئت فانهض. فقال: وَيْحكما، فيمن ولمن؟ قالا: أنت! قال: والله ما أحبّ أنّي لقيت الله عزّ وجلّ بمحجمة دمِ مسلم، وأنّ لي ما طَلَعَتْ عليه الشمس. فلمّا آيسا منه قالا: إن معنا عشرين ألفًا تستعين بها. قال: لا حاجه لي بها. قالا: أعطِها مَن رأيت. قال: أعطياها أنتما. فلما آيسا منه ذَهَبَا ولحِقا بالرشيد، فقال: ما أبالي ما أصنعُ بعد هذا. قال: فحجّ العُمريّ في تلك السّنة، فبينما هو في المسعى اشترى شيئًا، فإذا بالرشيد يسعى على دابّته، فتعرّض له العُمريّ واتاه حتّى أخذ بلجام الدّابّة، فأهْوَوْا إليه، فكفّهم الرشيد، وكلّمه، يعني وعظه، فرأيت دموع الرشيد تسيل على مَعْرفة دابّته، ثمّ انصرف1. وروى عليّ بن حرب الطّائيّ، عن أبيه قال: مضى هارون الرشيد على حمار ومعه غلام إلى العُمريّ فوعظه، فبكى الرشيد وحُمِلَ مَغْشِيًّا عليه. قال إسماعيل بن أبي أُوَيْس: كتب عبد الله العُمريّ إلى مالك، وابن أبي ذئب، وغيرهما بكُتُب أغلَظَ لهم فيها، وقال: أنتم علماء تميلون إلى الدنيا وتلبسون،

_ 1 صفة الصفوة "2/ 183".

وتَدَّعُون التَّقَشُّف، فكتب له ابن أبي ذيب كتابًا أغلظ له، وجاوَبه مالك جواب فقيه. وقيل: إن العُمريّ وعظ الرشيد، فتلقّى قَوله بنعم يا عمّ. فلمّا ذهب اتْبعه الأمين والمأمون بكيسين فيهما ألف دينار، فلم يأخذها، وقال: هو أعلم بمن يفرقها عليه، ثم أخذ من الكيسين دينارّا، وقال: كرهتُ أن أجمع عليه سوء القول وسوء الفعل. وشخص إليه بعد ذلك إلى بغداد، فكره الرشيد مجيئَه، وجمع العمريّين وقال: ما لي ولابن عمْكم؛ احتَمَلْتُه بالحجاز فأتى إلى دار ملكي يُريد أن يُفسد عليّ أوليائي. رُدُّوه عنّي. قالوا: لا يقبل منّا. فكتب إلى الأمير موسى بن عيسى أن يرفَق به حتّى يردّه. أحمد بن زهير: ثنا مُصْعَب الزُّبَيْريّ قال: كان العمري جسيمًا أصفر، لم يكن يقبل من السلطان ولا من غيره، ومَن وُلّي من معارفه وأقاربه لا يكلّمه. وقد وُلّي أخوه عمر المدينة وكرْمان واليمامة، فهجره حتّى مات، ما أدركت بالمدينة رجلا أهْيَبَ عند السلطان والعامّة منه. وكان ابن المبارك يَصِلُه فيقبل منه. قال: وقدِم الكوفة يريد أن يخوّف الرشيد بالله، فرجفت لقدومه الدّولة، حتّى لو كان نزل بهم مائة ألف من العدوّ، ما زاد من هيبته، فرجع من الكوفة، ولم يصل إليه. قال يحيى بن أيّوب العابد: حدَّثني بعض أصحابنا قال: كتب مالك بن أنس إلى العُمريّ: إنّك بَدَوْت، فلو كنتَ عند مسجد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فكتب إليه: إنّي أكره مجاورة مثلك، إنّ الله لم يرك متغيّر الوجه فيه ساعة قطّ. وقيل: كانت أمّ العُمريّ أنصاريّة، لم يكن يقبل من أحد شيئًا، ومن وُلّي دمشقيًّا من معارفه وأقاربه لا يكلّمه، وقد وُلّي أخوه عَمْر بن عبد العزيز المدينة وكرْمان واليْمامة فهجره. ولم يكن أحد بالمدينة أهْيب عند السلطان والعامة منه. وكان زاهدًا، قوْالا بالحقّ، متألِّهًا، متعبدًا، منعزلا بناحيةٍ غربيّ المدينة. ويروى أن العُمريّ كان يلزم المقبرة كثيرًا، ومعه كتاب ينظر فيه، وقال: ليس

شيء أوعظ من قبر، ولا آنَسَ من كتاب. عمر بن شبة، ثنا أبو يحيى الزُّهْريّ قال: قال عبد الله بن عبد العزيز عند موته: بنعمة ربي أحدث، لو أن الدُّنيا تحت قدمي ما يمنعني من أخْذها إلا أن أزيل قدمي، ما أزلْتُها. إني لم أصبح أملك إلا سبعة دراهم ثمن لحا شجر فَتَلْتُهُ بيدي. قال المسيّب بن واضح: سمعتُ العمري الزاهد بمسجد منى يشير بيده ويقول: لله دَرُّ ذوي العقول ... والحرص في طلب الفضول سُلاب أكسية الأرامل ... واليتامى والكهول والجامعين المكثرين ... من الحيازة والغلول وَضَعوا عقولهم من الدنيا ... بمُدْرَجَةِ السيول وَلَهَوْا بأطراف الفروع ... وأغفَلُوا علم الأصول وتتبّعوا جمْعَ الحُطام ... وفارقوا أثر الرسول ولقد رأوا غِيلان رَيْبِ ... الدهر غُولا بعد غُولِ أخبرنا أحمد بن سلامة كتابةً، عن أبي الفضائل الكاغِديّ، أنا أبو عليّ الْحَدَّادِ، أنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ جعفر، نا أحمد بن الأبّار، نا عبد الرحمن بن بِشْر بن الحَكَم، نا سُفيان قال: دخلتُ على العُمريّ الصّالح فقال: ما أحد يدخل عليّ أحبّ إلي منك، وفيك عيب. قلت: ما هو؟ حُبُّ الحديث، أما إنّه ليس من زاد الموت أو من إبزار الموت1. وقال أبو المنذر إسماعيل بن عَمْر: سمعتُ أبا عبد الرحمن العُمريّ الزّاهد يقول: إنّ من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله بأن ترى ما يُسخطه، فتجاوزه، ولا تأمر ولا تنهي عن المنكر خوفًا ممّن لا يملك لك ضرًا ولا نَفْعًا، من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مخافة المخلوقين نُزعت منه الهيبة، فلو أمر بعض ولده لاستخفّ به. قال محمد بن حرب المكّيّ: قدِم العُمريّ فاجتمعنا إليه، فلما نظر إلى القصور

_ 1 خبر صحيح: السير "8/ 333"، الحلية "8/ 284".

المحروقة بالكعبة نادى بأعلى صوته: يا أصحاب القبور المشيَّدة اذكروا ظُلْمة القُبُور الموحشة، يا أهل التنعم والتلذذ اذكروا الذود والصَّديد، وبلاء الأجسام في التراب. ثمّ غلبه عيّه فنام1. أخبرنا إسحاق الأسَديّ، أنا ابن جميل، أنا الكاغديّ، أنا أبو عليّ، أنا أبو نُعَيم، نا سُليمان بن أحمد، نا إسحاق الخُزاعيّ، نا الزُّبَير بن بكّار، ثنا سُليمان بن محمد بن يحيى: سمعتُ عبد الله بن عبد العزيز العُمريّ يقول: قال لي موسى بن عيسى: ينهى إلى المؤمنين أنك تشتمه وتدعو عليه، فبأيّ شيء استجزتَ ذلك؟ قلت: أمّا شَتْمُهُ فهو واللهِ أكرم عليّ من نفسي، لقرابته من رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما الدُّعاء عليه فوالله ما قلت الَّلهُمّ إنّه قد أصبح عِبئًا ثقيلا على أكتافنا، ولا تطيقه أبداننا، وقذى في جُفُوننا، لا تطرف عليه جفوننا، وشجيً في أفواهنا لا تسيغه حُلُوقَنا، فاكفنا مئونته، وفرِّقْ بيننا وبينه. ولكن قلت: الَّلهُمّ إنْ كان تَسَمَّى بالرشيد ليُرشِد فأرشِدْهُ، أو لغير ذلك فراجِعْ به. الَّلهُمّ إنْ له في الإسلام بالقياس على كلّ مؤمن حقًّا، وله بنبيّك قرابة ورحِم، فقرّبْه من كلّ خير، وباعِدْه من كل سوء. وأسْعِدْنا به، وأصْلِحْه لنفسه ولنا. فقال موسى: رحِمك الله أبا عبد الرحمن كذلك لعمري الظن بك2. أَنْبَأَنَا ابْنُ سَلامَةَ، عَنْ أَبِي الْفَضَائِلِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ الشّرِينِيُّ، نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الزَّبَانِيَةُ أَسْرَعُ إِلَى فَسَقَةِ الْقُرْآنِ مِنْهُمْ إِلَى عَبَدَةِ الأَوْثَانِ، فَيَقُولُونَ: يُبْدَأُ بِنَا قَبْلَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ. فيقال: ليس من علم كمن لم يَعْلَمُ"3، تَفَرَّدَ بِهِ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ خَبَرٌ مُنْكَرٌ، وَشَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ لا أَعْرِفُهُ. قال مُصْعَب الزُّبَيري: مات العُمريّ سنة أربعٍ وثمانين ومائة، وله ست وستون سنة.

_ 1 الحلية "8/ 285". 2 الحلية "8/ 285، 286". 3 حديث منكر: أخرجه أبو نعيم "8/ 286" في الحلية، وانظر: المغني "4/ 171" للعراقي، وكشف الخفاء "1/ 533".

191- عبد الله بن عبد القُدّوس التّميميّ السَّعديّ الرّازيّ1 س. ت: عن: عبد الملك بن عُمَيْر، وجابر الْجُعْفيّ، وليث بن أبي سُلَيم، وسُليمان الأعمش. وعنه: عبّاد بن يعقوب الرواجِنيّ، وأحمد بن حاتم الطّويل، ومحمد بن حُمَيْد، وعبد الله بن طاهر الرازيان، وجماعة. قال ابن مَعِين: رافضيّ خبيث. وقال محمد بن مهران: لم يكن يعلم، وكان شبْه المجنون، تصيح به الصبيان. وقال النَّسائيّ، وغيره: ضعيف. وقال أحمد بن عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ فِي فَضَائِلِ أَهْلِ البيت. 192- عبد الله بن عمر بن غانم الرُّعَيْنيّ المغربيّ2. أبو عبد الرحمن قاضي إفريقيا. روى: عن عبد الرحمن بن زياد، وإسرائيل بن يونس، وداود بن قيس الفراء، ومالك بن أنس. وعنه: القعنبي. قال أبو داود: أحاديثه مستقيمة. قلت: مولده سنة ثمان وعشرين ومائة، ولم أظفر له بوفاة. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنْ مَالِكٍ مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ قَطُّ، لا يَحِلُّ ذِكْرُ حَدِيثِهِ إِلا عَلَى سَبِيلِ الاعْتِبَارِ. رَوَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "الشَّيْخُ فِي بَيْتِهِ كَالنَّبِيِّ فِي قَوْمِهِ"3.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 104"، والتهذيب "5/ 303، 304". 2 الجرح والتعديل "5/ 110"، والتهذيب "5/ 331، 332". 3 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي "1/ 183" في الموضوعات، وابن حبان "2/ 39"، في المجروحين، وانظر: المغني "1/ 82"، والفوائد المجموعة "488"، وكشف الخفاء "2/ 12".

وَبِهِ مَرْفُوعًا: "مَا مِنْ شَجَرَةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْحِنَّاءِ"1. حَدَّثَنَا بِهِمَا عَلِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الْقُومِسِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُشَيْشٍ الْقَيْرَوَانِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ. قُلْتُ: فَلَعَلَّ الْبَلِيَّةَ مِنْ عُثْمَانَ. 193- عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظليّ، مولاهم التركيّ2، ثمّ المَرْوَزِيّ ع. الحافظ، فريد الزمان وشيخ الإسلام. وكانت أمُّه خوارزميّة. مولده سنة ثمان عشرةَ ومائة، وطلب العلم وهو ابن بضع عشرة سنة، وأقدمُ شيخٍ له الربيع بن أنس الخراساني. ورحل سنة إحدى وأربعين ومائة فلقي التابعين، وأكثر الترحال والتطواف إلى الغاية في طلب العلم والجهاد والحجّ والتجارة. روى عن: سليمان التميمي، وعاصم الأحول، وحُمَيْد، وهشام بن عُرْوَة، والْجُريّريّ، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وبُريد بن عبد الله، وخالد الحذّاء، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، والأجلح الكِنْديّ، وحسين المعلّم، وحنظلة السَّدُوسيّ، وحَيْوَة بن شُرَيْح، وابن عَوْن، وابن جُرَيْج، وموسي بن عُقبة، وخلْق من طبقتهم. ثمّ عن: الأوزاعيّ، والثَّوْريّ، وشُعْبة، ومالك، والَّليث، وابن لَهِيعَة، والحمادين، وطبقتهم. ثم عن: هُشَيم، وابن عُيَيْنَة، وخلْق من أقرانه. وصنّف التصانيف النافعة. وعنه: مَعْمر، والثَّوْريّ، وأبو إسحاق الفَزَاريّ، وهم من شيوخه، وبقية، وعبد الرحمن بن مَهْديّ، وأبو داود، وعبد الرزّاق، ويحيى القطّان، وعفّان، وحبّان بن موسى، ويحيى بن مَعِين، وأبو بكر بن شَيْبَة، وأحمد بن منيع، وعليّ بن حُجْر، والحسن بن عيسى، والحسين بن الحَسَن المَرْوَزِيّ، والحسن بن عرفة.

_ 1حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي "2/ 202"، في العلل المتناهية، وأورده الذهبي في الطب النبوي "ص 48". 2 انظر: صفة الصفوة "4/ 134-147"، والسير "8/ 336-371"، والتهذيب "5/ 382-387".

وقع لنا حديثه عاليًا من جزئه، وأقرب ذلك وأعلاه اليوم من جزء ابن عَرَفَة. قال ابن مهديّ: الأئمة أربعة: مالك، والثَّوْريّ، وحمّاد بن زيد، وابن المبارك. وقال ابن مهديّ: ابن المبارك أفضل من الثَّوْريّ. وقال ابن مهدي: ثنا ابن المبارك، وكان نسيج وحده. وقال أحمد بن حنبل: لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه. وعن شُعيب بن حرب قال: ما لقي ابنُ المبارك مثل نفسه. وقال شعبة: ما قدِم علينا مثل ابن المبارك. وقال أبو إسحاق الفَزَاريّ: ابن المبارك إمام المسلمين. وقال يحيى بن مَعِين: كان ثقة متثبتًا، وَكُتُبُهُ نحوٌ من عشرين ألف حديث. وقال يحيى بن آدم: كنت إذا طلبت الدّقيقَ من المسائل فلم أجده في كتب ابن المبارك آيستُ منه. وعن إسماعيل بن عيّاش قال: ما على وجه الأرض مثل ابن المبارك. قال العباس بن مصعب المروزي: جمع ابن المبارك الحديث، والفقه، والعربية، وأيام الناس، والشجاعة، والسخاء، ومحبة الفرق له. وقال أبو أسامة: ما رأيت رجلا أطلب للعلم في الآفاق منه. وقال شعيب بن حرب: سمعتُ سُفيان الثَّوْريّ يقول: لو جهدت جهْديّ أن أكون في السّنة ثلاثة أيّام على ما عليه ابن المبارك لم أقدر. وقال ابن مَعِين: سمعتُ عبد الرحمن يقول: كان ابن المبارك أعلمَ من الثَّوْريّ. وقال أبو أسامة: ابن المبارك في المحدّثين مثل أمير المؤمنين في النّاس. قال أسود بن سالم: إذا رأيت من يغمز ابنَ المبارك فاتَّهمه على الإسلام. وقال الحَسَن بن عيسى بن ماسرجس: اجتمع جماعة مثل الفضل بن موسى، ومخلد بن الحسين، ومحمد بن النضر وقالوا: تعالوا حتّى نَعُدَّ خِصَالَ ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: العِلم، والفقه، والأدب، والنَّحو، واللغَة، والزُّهْد، والشِعر، والفَصاحة، وقيام الليل، والعبادة، والحجّ، والغزو، والشجاعة،

والفروسية، والقوة، وترك الكلام فيما لا يعنيه، والإنصاف، وقلّّة الخلاف على أصحابه. قال نعيم بن حماد: قال رجلٌ لابن المبارك: قرأتُ البارحة القرآن في ركعة. فقال ابن المبارك: لكنّي أعرف رجلا لم يزل البارحة يردد {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التَّكَاثُرُ: 1] إلى الصُّبْح ما قدِر أن يتجاوزها، يعني نفسه. قال نُعَيم: كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب "الرقاق" يصير كأنّه ثور يَخُور من البكاء. روى العبّاس بن مُصْعَب الحافظ، عن إبراهيم بن إسحاق البُنانيّ، عن ابن المبارك قال: حملتُ العلم عن أربعة آلاف شيخ، ورويت عن ألف. قال العبّاس: فتتبعتهم حتى بقي لي ثمانمائة شيخ له. وقال حبيب الجلاب: سألت ابنَ المبارك: ما خيرُ ما أُعطي الإنسان؟ قال: غريزة عقل. قلت: فإن لم يكن؟ قال: حُسْنُ أدب. قلت: فإن لم يكن؟ قال: أخُ شفيق يستشيره. قلت: فإن لم يكن؟ قال: صمتٌ طويل. قلت: فإن لم يكن؟ قال: موتٌ عاجل. وقال عَبَدان بن عثمان: قال عبد الله: إذا غلبت محاسن الرجال على مساوئه لم تُذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ على المَحاسن لم تُذكر المحاسن. قال نُعَيم: سمعتُ ابن المبارك يقول: عجِبت لمن يطلب العلمَ كيف تدعوه نفسه إلى مكرُمة. وقال عَبَدان بن عثمان: سمعته يقول: وُلدتُ سنة تسع عشرة ومائة. قال العبّاس بن مُصْعَب: كان عبد الله رجلا تاجرا من همدان من بني حنظلة، فكان إذا قدِم همدان يخضع لولده ويَعِظُهم. وقال: وعن ابن المبارك قال: لنا في صحيح الحديث شُغل عن سقيمه.

وقال عبد الله بن إدريس: كلّ حديث لا يعرفه ابن المبارك فنحن منه بُراء. نعيم بن حماد: سمعت ابن المبارك يقول: قال لي أبي: أين وجدتُ كُتُبك حَرَّقْتُها. قلت: وما عليّ من ذلك وهو في صدري. وقال علي بن الحسن بن شقيق: قُمتُ لأخرج مع ابن المبارك في ليلة باردة من المسجد، فذاكَرَني عند الباب بحديثٍ، أو ذاكَرْتُه، فما زال يذاكرني وأذاكره حتّى جاء المؤذن لصلاة الصُّبْح. وقال فَضالة الفَسَويّ: كنت أجالسهم في الكوفة، فإذا تشاجروا في حديثٍ قالوا مرّوا إلى هذا الطبيب حتّى نسأله، يعنون ابنَ المبارك. قال وهْب بن زَمْعة: حدَّث جرير بن عبد الحميد بحديثٍ عن ابن المبارك، فقالوا له: يا أبا عبد الحميد، تُحدّث عن عبد الله، وقد لقيت منصور بن المعتمر، فغضب وقال: أين مثل عبد الله، حَمَلَ عِلَم خُراسان، وأهل العراق، وأهل الحجاز، وأهل اليمن، وأهل الشام؟ أحمد بن عليّ الحَواريّ قال: جاء رجل من بني هاشم إلى ابن المبارك ليسمع منه، فأبى أن يُحدّثه، فقال الهاشميّ لغلامه: يا غلام قُم، أبو عبد الرحمن لا يرى أن يحدّثنا، فلمّا قام ليركب، جاء ابن المبارك ليمسك بركابه، فقال: يا أبا عبد الرحمن لا ترى أن تحدّثني وتُمسك بركابي؟ فقال: أذلُّ لك بدني ولا أذل لك الحديث. المسيّب بن واضح: سمعت ابن المبارك؛ وسأله رجلٌ: عمّن نأخذ؟ فقال: قد تَلْقَى الرجلَ ثقة يحدّث عن غير ثقة، وَتَلْقَى الرجلَ غير ثقة يحدث عن ثقة، ولكن ينبغي أن تكون ثقةً عن ثقة. قال عليّ بن إسحاق بن إبراهيم: قال سُفيان بن عُيَيْنَة: تذكرتُ أمر الصّحابة وأمر عبد الله بن المبارك، فما رأيت لهم عليه فضلا إلا بالصُّحْبة وبجهادهم. عن محمد بن أعْيَن: سمعتُ الفضيل بن عِياض يقول: وربّ هذا البيت ما رأت عيناي مثلَ عبد الله بن المبارك. عثمان الدارمي: سمعتُ نُعَيم بن حمّاد قال: ما رأيتُ ابن المبارك يقول قطّ: حَدَّثَنَا، كان يرى "أنا" أوسع، وكان لا يَرُدّ على أحدٍ حرفًا إذا قرأ.

وقال نُعَيم: ما رأيت أعْقَلَ من ابن المبارك، ولا أكثر اجتهادًا في العبادة منه. عبد الله بن سِنان قال: قدِم ابنُ المبارك مكّة وأنا بها، فلمّا أن خرج شيَّعهُ ابنُ عُيَيْنَة والفضيل وودّعاه، وقال أحدهما: هذا فقيه أهل المشرق، فقال الآخر: وفقيه أهل المغرب. الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ "اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ"1. يُفَسِّرُهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ "لا تَقْتُلُوهُمْ مَا صَلَّوْا"2. وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي الإِرْجَاءِ قَالَ: عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ وُزِنَ إِيمَانُ أَبِي بَكْرٍ بِإِيمَانِ أَهْلِ الأَرْضِ لَرَجَحَ، بَلَى إِنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ3. نُعَيم بن حمّاد: سمعتُ ابن المبارك يقول: السيف الذي كان بين الصحابة كان فتنة، ولا أقول لأحد منه مَفْتُون. قال عبد العزيز بن أبي رَزْمة: لم تكن خصلة من خِصال الخير إلا جمعت في ابن المبارك: حُسن خُلُق، وحسن صُحبة، والزُّهد، والورع، وكلّ شيء. وقيل: سُئل ابن المبارك: مَن السِّفْلة؟ قال الذي يدور على القُضاة يطلب الشهادات. وعنه قال: إنّ البُصَراء لا يأْمنون من أربع خِصال: ذنب قد مضى لا يُدرَى ما يصنع الربٌ فيه، وعُمرٍ قد بَقِيّ لا يُدرَى ما فيه من الهلكات، وفضل قد أُعطي لعلّه مَكْرٌ واستدراجٌ، وضلالةٌ قد زُيِّنَت له يراها هُدى، وزَيغ قلب ساعة، فقد يُسلب دينه ولا يشعر. وعنه قال: لا أفضل من السَّعي على الْعِيَالِ حتّى ولا الجهاد. أبو صالح: سمعتُ ابن المبارك يقول: لا يستحبّ على عالم إلا بذنب.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 277"، والطبراني "1/ 74"، في الصغير، وابن حبان "1/ 385"، في المجروحين، وابن عدي "2/ 517" في الكامل للضعفاء. 2 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1854"، وأبو داود "4760"، والترمذي "2266"، وأحمد "6/ 295، 302، 305، 321". 3 خبر حسن.

محبوب بن موسى الأنطاكيّ: سمعتُ ابن المبارك يقول: من يبخل بالعلم ابتُلي بثلاث: إمّا أن يموت فيذهب عِلمه، أو ينسى، أو يتبع السلطان. منصور بن نافع، صاحبٌ لابن المبارك، قال: كان عبد الله يتصدق لمقامه ببغداد كلّ يوم بدينار. وعن عبد الكريم السُّكريّ قال: كان عبد الله يعجبه إذا قرأ القرآن أن يكون دُعاؤه في السجود. إبراهيم بن نوح المَوْصليّ قال: لما قدِم الرشيد عين زَرْبَة أمر أبا سُلَيم أن يأتيه بابن المبارك، قال أبو سُليمان: فقلت: لا آمن أن يُجيب الرشيد بما يكره فيقتله، فقلت: يا أمير المؤمنين هو رجلٌ غليظ الطباع، جِلْف، فأمسك الرشيد. الفضل الشَّعْرانيّ: ثنا عَبْدَةُ بنُ سُليمان: سمعتُ رجلا يسأل ابن المبارك عن الرجل: يصوم يومًا ويُفْطر يومًا؟ قال: هذا رجلُ يُضيع نصف عمره وهو لا يدري، أي لم لا يصومُها. قلت: فلعلّ عبد الله لم يمرّ له حديث: "أفضل الصَّوم صوم داود" 1. وقال أبو وهْب: سألت ابنَ المبارك: ما الكِبر؟ قال: أنْ تزدري النّاس. وسألته عن العُجْب؟ قال: أن ترى أنّ عندك شيء ليس عند غيرك، لا أعلم في المصلين شيئًا شرًّا من العُجْب. وقال إبراهيم بن شمّاس: قال ابن المبارك: ما بَقِيّ على ظهر الأرض عندي أفضل من الفضيل بن عِياض. حاتم بن الجرّاح: سمعتُ عليّ بن الحسن بن شقيق: سمعت ابن المبارك، وسأله رجلٌ قال: قُرْحَةٌ خرجتْ في رُكْبتي مذ سبْع سنين وقد عالجتُها بأنواع العِلاج، وسألت الأطبّاء، فلم أنتفع به. قال: اذهب واحفر بئرًا في مكان حاجة إلى الماء، فإنّي أرجو أن يُنْبع هناك عينًا ويُمسك عنك الدم. قال: ففعل الرجل، وبرأ.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 13، 14"، ومسلم "1159".

وقال أحمد بن حنبل: كان ابن المبارك يحدّث من كتاب، فلم يكن له سَقطٌ كبير، وكان وكيع يحدّث من حفْظه، فكان يكون له سَقط، كم يكون حفظ الرجل. وروى غير واحد أنّ ابن المبارك سُئل: إلى متى تكبت العِلم؟ قال: لعلّ الكلمة التي أنتفع بها لم أكتُبْها بعد. أخبرنا اليُونينيّ، وابن الفرّاء قالا: أنا ابن صباح، وأنا يحيى بن الصّوّاف، أنا محمد بن عماد قالا: أنا ابن رفاعة، أنا الخلعي، أخبرنا ابن الحجاج، أنا أبو الفضل محمد بن عبد الرحمن الرَّمْليّ، نا العبّاس بن الفضل الأسفاطيّ، نا أحمد بن يونس. سمعتُ ابن المبارك قرأ شيئًا من القرآن ثمّ قال: من زعم أنّ هذا مخلوق فقد كفر بالله العظيم. قال عَمْرو الناقد: سمعتُ ابن عُيَيْنَة يقول: ما قدِم علينا أحدٌ يُشبه ابن المبارك، ويحيى بن زكريّا بن أبي زائدة. قال المسيب بن واضح: سمعتُ أبا إسحاق الفَزَاريّ يقول: ابن المبارك إمام المسلمين أجمعين. وقال موسى التبوذكيّ: سمعتُ سلام بن عطيّة يقول لابن المبارك: ما خلّف بالشرق مثله. وقال القواريريّ: لم يكن عبد الرحمن بن مهديّ يقدّم أحدًا في الحديث على مالك، وابن المبارك. وهْب بن زَمْعَة: نا مُعاذ بن خالد قال: تعرّضت إلى إسماعيل بن عيّاش بابن المبارك فقال: ما على وجه الأرض مثله، ولا أعلم أن الله خلق خصلة من خصال الخير إلا وقد جعلها في ابن المبارك، ولقد حدَّثني أصحابي أنّهم صحِبوه إلى مكّة من مصر، فكان يُطعمهم الخبيص وهو الدّهر صائم. وقال المسيّب: سمعتُ مُعتَمر بن سُليمان يقول: ما رأيت مثل ابن المبارك، تُصيب عنده الشيء الذي لا يُصاب عند أحد. وقال جعفر الطّيالسيّ: سألت ابن مَعِين عن ابن المبارك فقال: ذاك أمير المؤمنين. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَثْبَتُ أَصْحَابِ الأَوْزَاعِيِّ ابْنُ الْمُبَارَكِ.

سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: رَأَيْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ أَتَى زَمْزَمَ فَمَلأَ إِنَاءً، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ أَبِي الْمَوَّالِ، ثنا، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ" 1. وَهَذَا أَشْرَبُهُ لِعَطَشِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَذَا. والمحفوظ ما رواه الحَسَن بن عيسى وقال فيه: "الَّلهُمّ إنّ عبد الله بن المؤمل، عن أبي الوضيء، عن جابر، فذكره". محمد بن النضر بن مساور، نا أبي: قلت لابن المبارك: هل تحفظ الحديث؟ قال: ما تحفَّظت حديثًا قطّ، إمّا آخذ الكتاب فأنظر، فما اشتهيتُه علِق بقلبي. وقال عَبَدان: قال ابن المبارك في التدليس قولا شديدًا، ثم أنشد: دلس للناس أحاديثَه والله لا يقبل تدليسا وعن ابن المبارك: من استخفّ بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخفّ بالأمر ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته. عن أشعث بن شُعبة المَصِّيصيّ قال: قدِم الرشيد الرَّقَّةَ، فانجفل النّاس خَلَف ابن المبارك، وتقطّعت النِّعال، وارتفعت الغبرة، فأشرفت أمُّ ولد للخليفة فقالت: هذا واللهِ المُلْك لا مُلْك هارون الذي لا يجمع النّاس إلا بشُرَط وأعوان. أبو حاتم الرّازيّ: سمعتُ عَبَدة بن سُليمان المَرْوَزِيّ يقول: كنّا في سَريّةٍ مع ابن المبارك في بلاد الروم، فصادفنا العدوّ، ولمّا التقى الْجَمْعان خرج رجلُ للمبارزة، فبرز إليه رجل فقتله، ثُمَّ آخر فقتله، ثُمَّ آخر فقتله، ثم دعا إلى البراز، فخرج إليه رجلٌ فطارده ساعة، ثمّ طعنه فقتله، فازدحم النّاس، فزاحمتُ فإذا هو ملثَّم وجهه، فأخذت بطرف ثوبه فمدته، فإذا هو عبد الله بن المبارك، فقال: وأنت يا أبا عمرو ممن يُشَنّع علينا؟ 2. وقال محمد بن المثنَّى: ثنا عبد الله بن سنان قال: كنت مع ابن المبارك، والمعتمر بن سُليمان بطَرَسُوس، فصاح النّاس النفير، فخرج ابن المبارك والناس، فلمّا اصطفّ المسلمون والعدو خرج روميُّ وطلب البراز، فخرج إليه رجلُ، فشدّ العِلْج على المسلم

_ 1 حديث حسن لغيره: أخرج أحمد "3/ 357"، وابن ماجه "3062"، والدارقطني "2/ 289" في سننه، والحاكم "1/ 473"، والبيهقي "5/ 202، 248" في سنن الكبرى. 2 صفة الصفوة "4/ 144".

فقتله، حتّى قتل ستة من المسلمين، وجعل يتبختر بين الصَّفّين يطلب المبارزة، ولا يخرج إليه أحد، قال: فالتفت إلى ابن المبارك وقال: يا فلان، إن حدث بن الموت فافعل كذا وكذا. وحرّك دابتهُ وبرز للعِلْج، فعالج معه ساعةً فقتل العِلْج، وطلب المبارزة، فبرز إليه علْج آخر فقتله، حتّى قتل ستة عُلوج، وطلب البراز. قال: فكأنهم كاعوا عنه فضرب دابته، وطرد بين الصَّفَّين وغاب. فلم نشعر بشيء إذ أنا بابن المبارك في الموضع الذي كان، فقال لي: يا أبا عبد الله؛ لإن حدَّثْتَ بهذا أحدًا وأنا حيّ، وذكر كلمة1. قال الحاكم: أخبرني محمد بن أحمد بن عَمْر، نا محمد بن المنذر: حدَّثني عَمْر بن سعيد الطّائيّ، نا عَمْر بن حفص الصوفي بمنبج قال: سار ابن المبارك من بغداد يريد المصّيصة، فصحبه الصُّوفيّة فقال لهم: أنتم لكم أنفسٌ تحتشمون أن تنفق عليكم، يا غلام، هات الطّسْت. فألقى على الطّسْت منديلا ثمّ قال: يُلقي كلُّ رجلٍ منكم تحت المنديل ما معه. قال: فجعل الرجل يُلقي عشرة دراهم، والرجل يلقي عشرين درهمًا. قال: فأنفق عليهم إلى المصِّيصة، فلمّا بلغ المصّيصة قال: هذه بلاد نفيِر، وقَسَّم ما بَقِيَ، فجعل يعطي الرجل عشرين دينارًا، فيقول يا أبا عبد الرحمن: إنما أعطيت عشرين درهمًا، فيقول: وما تذكُر أنّ الله يُبارك للغازي في نفقته. أحمد بن الحَسَن المقرئ: ثنا عبد الله بن أحمد الدَّوْرَقيّ: سمعتُ محمد بن عليّ بن الحَسَن بن شقيق: سمعتُ أبي قال: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحجّ اجتمع إليه إخوته من أهلِ مَرْو، ويقولون: نَصْحَبُك، فيقول: هاتوا نفقاتكم، فيجعلها في صندوق، ثمّ يكتري لهم ويُطعمهم أطيب الطّعام والحَلْواء، فإذا وصلوا إلى الحَرَمَيْن يقول لكلّ منهم: ما أمَرك عيالك أن تشتري لهم؟ فيقول: كذا وكذا. ثمّ لا يزال يُنفق عليهم حتّى يصيروا إلى مَرْو. قال: فَيُجصّص دُورهم، ويصنع لهم وليمةً بعد ثلاث، ثمّ يكسوهم، فإذا أكلوا وشربوا دعا بالصندوق، ويدفع إلى كل رجلٍ منهم صُرّته عليها اسمه2. وأخبرني خادمه أنّه عمل آخر سَفرة سافرها دَعوة، فقدّم إلى النّاس خمسةً وعشرين خِوَانًا فالُوذَج.

_ 1 خبر صحيح. 2 خبر صحيح: تاريخ بغداد "10/ 158"، صفة الصفوة "4/ 140، 141".

قال عليّ بن خَشْرم: حدَّثني سَلَمة بن سُليمان قال: جاء رجل إلى ابن المبارك وسَأله أن يقضي عنه دَيْنًا، فكتب إلى وكيله؛ فلمّا وَرَدَ عليه الكتاب قال للرجل: كم دينك الذي سألت؟ قال: سبعمائة درهم!. قال: فكتب إلى ابن المبارك: إنّ هذا سألك وفاء سبعمائة درهم، وقد كتبتَ إلي بسبعة آلاف درهم، وقد فَنِيَتِ الغلات. فكتب إليه عبد الله: إنْ كانت الغلات فنِيَتْ فإنّ العمر أيضًا قد فني، فأَجْرِ له ما سبق به قلمي. وروى مثلَها أبو الشّيخ الحافظ: نا أحمد بن إبراهيم، نا عليّ بن محمد بن رَوْح: سمعتُ المسيّب بن وضّاح قال: كنتُ عند ابن المبارك، فكلّموه في رجلٍ عليه سبعمائة درهم، وذكر الحكاية. وفيها أنّ كاتبه لما راجَعه في ذلك أضعفَ السَّبعة آلاف. وفي حكاية أخرى أنّ ابن المبارك قضى عن شابٍّ عشرة آلاف درهم. قال الفتح بن شَخْرَف: نا عبّاس بن يزيد، نا حِبّان بن موسى قال: عُوتب ابن المبارك فيما يفّرق من الأموال في البلدان، ولا يفعل في مَرْو؛ إني أعرف مكان قومٍ لهم فضل وصِدْق، طلبوا الحديث فأحسنوا الطَّلَب؛ يحتاج النّاس إليهم، احتاجوا، فإنّ تركتُهُم ضاع عِلْمهم، وإنّ أعَنّاهم بثّوا العِلم، ولا أعلم بعد النُّبُوَّة أفضل من بث العِلم1. إبراهيم بن بشّار الخراساني: سمعتُ عليّ بن الفُضَيْلِ يقول: سمعتُ أبي يقول لابن المبارك: تأمرنا بالزُّهْد والتَّعَلُّل، ونراك تأتي بالبضائع إلى البلد الحرام، كيف هذا؟ قال: إنّما أفعل ذلك لأصون به وجهي، وأُكرم به عِرْضي، وأستعين به على الطّاعة لا أرى لله حقًا إلا سارعتُ إليه. فقال له أبي: ما أحسن ذا إنْ تمّ. وقال نُعَيم بن حمّاد: كان ابن المبارك يكثر الجلوس في بيته، فقيل له: ألا تستوحش؟ فقال: كيف استوحش وأنا مع النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه2. قَالَ عبيد الله بن جنّاد: قال لي عطاء بن مسلم: رأيتَ ابن المبارك؟ قلت: نعم! قال: ما رأيت ولا ترى مثله.

_ 1 صفة الصفوة "4/ 128". 2 السابق "4/ 125".

وقال عبيد بن جناد: سمعت العمري يقول: ما في دهرنا من يصلح لهذا الأمر إلا ابن المبارك. وقال شقيق البلْخيّ: قيل لابن المبارك: إذا صلَّيتَ معنا لم تقف. قال: أجلسُ مع الصحابة والتّابعين، فما أصنع معكم، أنتم تغتابون النّاس. وعن ابن المبارك: ليكن الذي تعتمدون عليه الأَثَر، وخُذوا من الرأي ما يفسّر لكم الحديث. وكان قد تفقه بأبي حنيفة، وغيره. وعنه قال: حُبُّ الدنيا في القلوب، والذنوبُ قد احتوشته، فمتى يصل إليه الخير؟ وعنه قال: لو أن رجلا اتقى مائة شيء، ولم يتق شيئًا واحدًا، لم يكن من المتقين، ولو تورع عن مائة شيء، سوى شيء، لم يكن من الورعين، ومن كانت فيه خلة من الجهل، كان من الجاهلين، أما سمعتُ الله يقول لنوح عليه السلام في شأن ابنه: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46] . وَسُئِلَ: من النّاس؟ قال: العلماء! قيل: فمن الملوك؟ قال: الزُّهّاد! قيل: فمن الغَوْغاء؟ قال: خُزَيْمَة وأصحابه! قيل: فمن السُّفَهاء؟ قال: الذين يعيشون برأيهم! وعنه قال: لِيَكُنْ مجلسك مع المساكين، وإيّاك أن تجلس مع صاحب بِدْعة. وعنه قال: إذا عرف الرجل نفسه صار أذلّ من كلب. قال أبو أُميّة الأسود: سمعتُ عبد الله يقول: أحبُّ الصالحين ولستُ منهم، وأبغض الطالحين وأنا شرُّ منهم. ثمّ أنشأ يقول: الصَّمْتُ أزْيَنُ بالفتى ... من منطقٍ في غير حِينِهِ والصِّدْق أجملُ بالفتى ... في القول عندي من يمينُه وَعِلْمُ الفتى بوَقارِهِ ... سمَةٌ تَلُوحُ على جبينِه فمن الذي يخفى عليك ... إذا نظرتَ إلى قرينِهْ رُبّ امرئٍ مُتَيَقِّنٍ ... غلب الشَّقَاءُ علي يقينِه فأزاله عن رأيهِ ... فابتاع دُنياه بدينِه1

_ 1 الحلية "8/ 170".

قال ابن المبارك: رُبّ عملٍ صغير تُكبّره النيّة، ورُبّ عمل كبير تصغّره النيّة. وقال الحَسَن بن الربيع: لمّا احتضر ابن المبارك في السَّفَر قال: أشتهي سَوِيقًا، فطلبناه له، فلم نجدْه إلا عند رجل كان يعمل للسلطان، فذكرناه لعبد الله فقال: دَعُوه. فمات ولم يشربْه. قال العلاء بن الأسود: ذُكر جَهْمٌ عند ابن المبارك فقال: عجِبتُ لشيطانٍ أتى النّاس داعيًا إلى النّار واشتُقَّ اسمُهُ من جَهنَّم قال عليّ بن الحَسَن بن شقيق: سمعتُ ابن المبارك يقول: إنا لنحكي كلامَ اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الْجَهْميّة. أخبرنا إسحاق بن طارق: أنا ابن خليل، نا عبد الرحيم بن محمد، نا أبو علي المقرئ، أنا أبو نعيم الحافظ، نا إبراهيم بن عبد الله، نا محمد بن إسحاق: سمعتُ أبا يحيى: سمعتُ عليّ بن الحَسَن بن شقيق يقول: قلت لابن المبارك: كيف تعرفُ ربَّنا عزّ وجلّ؟ قال: في السماء على العرش، ولا نقول كما قالت الجهمية: هو معنا ههنا. قال أبو صالح الفرّاء: سألت ابن المبارك عن كتابة العِلم، فقال: لولا الكتاب ما حفِظْنا. وسمعته يقول: الحِبْرُ في الثوب خُلُوقُ العُلماء. وقال: تواطُؤُ الْجِيران على شيءٍ أحَبُّ إلي من عَدْلَيْن. ويقال: مَرَّ ابن المبارك براهبٍ عند مقبرةٍ ومزْبلةٍ، فقال: يا راهبُ عندك كنز الرجال، وكنز الأموال، وفيهما مُعْتَبٌر. وقد كان ابن المبارك غنيًّا شاكرًا، رأسُ ماله نحو من أربعمائة ألف. قال حيّان بن موسى: رأيتُ سُفرة ابن المبارك حُملت على عَجَلَةٍ. وقال أبو إسحاق الطّالقانيّ: رأيتُ بعيرَين محمَّلين دجاجًا مشْوِيًا لسُفْرة ابن المبارك. وروى عبد الله بن عبد الوهّاب، عن ابن سهم الأنطاكيّ قال: كنت مع ابن المبارك، فكان يأكل كلّ يوم، فيُشوي له جَدْيٌ، ويُتَّخَذُ له فالوذَج، فقيل له في ذلك،

فقال: إنّي دفعتُ إلى وكيلي ألف دينار، وأمرته أن يوسّع علينا. قال الحَسَن بن حماد: دخل أو أسامة على ابن المبارك، فوجَدَ في وجهه أثر الضُّرّ، فلمّا خرج بعث إليه أربعة آلاف دِرهم وكتب إليه: وَفَتًى خلا من مالِه ... ومن المروءة غير خالي أعطاك قبل سؤالهِ ... فكفاك مكروه السؤالِ قال المسّيب بن وضّاح: أرسل ابن المبارك إلى أبي بكر بن عيّاش أربعة آلاف درهم وقال: سُدّ بها فتنة القوم عنك. وقال عليّ بن خَشْرَم: قلت لعيسى بن يونس: كيف فَضَلَكُم ابن المبارك ولم يكن بأسَنَّ منكم؟ قال: كان يَقْدَم ومعه الغلْمان الخُراسانيّة، والبِزة الْحَسَنَةُ، فيصل العلماء ويعطيهم، وكنا لا نقدر على ذلك. وقال نُعَيم بن حمّاد: قدِم ابن المبارك ليلةً على يونس بن يزيد، ومعه غلامُ مفرَّغ لضرب الفالوذَج، يتَّخذه للمحدّثين. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، أنا أَبُو نُعَيْمٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ" 1. فَقُلْتُ لِلْوَلِيدِ: أَيْنَ سَمِعْتَهُ مِنَ ابْنِ الْمُبَارَكِ؟ قَالَ: فِي الْغَزْوِ. وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: فِي أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حِمْدَانَ الْبَصْرِيِّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، أَنَّ أَبَا الْمُثَنَّى الْمُلَيْكِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْقَتْلَى ثَلاثَةٌ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ، فَذَلِكَ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ، لا يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ؛ وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ فَرَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قُتِلَ، فَتِلْكَ مَضْمَضَةٌ أَيْ مَطْهَرَةٌ مَحَتْ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ، إِنَّ السَّيْفَ محاء للخطايا،

_ 1 حديث صحيح: أخرجه الحاكم "1/ 62"، وابن حبان "1912"، وابن عبد البر "1/ 158"، في جامع بيان العلم، وأبو نعيم "8/ 171"، في الحلية، والخطيب "11/ 165" في تاريخ بغداد.

وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، وَلِجَهَنَّمَ سَبَعَةٌ؛ وَرَجُلٌ مُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ، فَذَلِكَ فِي النَّارِ، إِنَّ السَّيْفَ لا يَمْحُو النِّفَاقَ" 1. وَبِهِ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَناهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ في جماعة قالوا: أنا أبو شُعَيْبٌ الْحَرَّانِيُّ، ثنا يَحْيَى الْبَابلُتِّيُّ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرَ بِهَذَا. وقد كان عبد الله بن المبارك -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- من فُحُولِ الشعراء المحسنين. قال عبد الله بن محمد قاضي نصيبين: حدَّثني محمد بن إبراهيم بن أبي سُكينة: أملى عليّ ابن المبارك بطَرَسُوس، وودَّعْتُه، وأنفذها معي إلى الْفُضَيْلِ بن عِياض في سنة سبع وسبعين ومائة هذه الأبيات: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... لعلمت أنك في العبادة تلعب من كان يخضب جيده بدموعه ... فنحورنا بدمائنا تتخضب أو كان يتعب خيله في باطل ... فخيولنا يوم الصبيحة تتعب وريح العبير لكم ونحن عبيرنا ... رهج السنابك والغبار الأطيب ولقد أتانا من مقال نبينا ... قَوْل صادق لا يكذب لا يستوي وغبار خيل الله في ... أنف أمرئ ودخان نار تلهب هذا كتاب الله ينطق بيننا ... ليس الشهيد بميت لا يكذب2 فلقيت الْفُضَيْلَ بكتابه في الحَرَم، فلمّا قرأه ذرفت عيناه ثمّ قال: صدق أبو عبد الرحمن ونصح. وروى إسحاق بن سُنَين لعبد الله بن المبارك: إني امرؤ ليس في ديني لِغامِزه ... لِينٌ ولستُ على الإسلام طعانًا فلا أسب أبا بكر ولا عمرًا ... ولن أسب معاذ الله عثمانا ولا ابن عم رسول الله اشتم ... حتى ألبس تحت الترب أكفانا

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 185، 186"، والدارمي "2/ 206"، في سننه، والطبراني "17/ 125" في الكبير. 2 خبر صحيح: السير "8/ 364"، طبقات الشافعية "1/ 151" للسبكي.

ولا الزُّبَير حواري الرسول ولا ... أهدي لطلحة شتمًا عز أو هانا ولا أقول عليّ في السحاب إذا ... قد قلت والله ظلمًا ثمّ عدوانًا ولا أقول بقول الجهم إنّ له ... قولا يضارع أهل الشرك أحيانا ولا أقول تخلى من خليقته ... رب العباد وولى الأمر شيطانا ما قال فرعون هذا في تجبره ... فرعون موسى ولا هامان طغيانا1 وهي قصيدة طويلة. ومنها قوله: الله يدفعُ بالسلطان معضلة ... عن ديننا رحمة منه ورضوانًا لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل ... وكان أضعفنا نهبا لأقوانا2 قيل: إنّ الرشيد أعجبه هذا، فلمّا بلغه موت ابن المبارك بهت، ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يا فضل ائذن للناس يعزونا في ابن المبارك. أليس هو القائل: الله يدفع بالسلطان معضلة وذكر البيتين. من الذي يسمع هذا من ابن المبارك ولا يعرف حقنا؟ قال ابن سهم الأنطاكي: سمعتُ ابن المبارك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ينشد: وطارت الصحف في الأيدي مُنشَّرةً ... فيها السرائر والجبار مُطَّلِعُ فكيف تهون والأنباء واقعة ... عما قليل ولا تدري بما تقع إما الجنان وعيش لا انقضاء له ... أم الجحيم فلا تبقي ولا تدع تهوي بساكنها طورًا وترفعه ... إذا رجوا مخرجًا من غمها قمعوا لينفع العلم قبل الموت عالمه ... قد سال بها الرجعي فما رجعوا ومنها وهي طويلة:

_ 1، 2 الحلية "8/ 164".

فكيف قَرَّت لأهل العلم أعيُنُهُم ... أو استَلَذُّوا لذيذ النَّوْم أو هَجَعُوا والنّارُ ضاحيةٌ لا بُدّ مَوْرِدُها ... وليس يَدْرُون مَن يَنْجُو ومَن يقع قال سلم الخواص: أنشدنا ابن المبارك: رأيتُ الذنوب تميت القلوب ... ويتبعها الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب ... وخير لنفسك عصيانها وهل بدل الدين إلا الملوك ... وأحبار سوء ورهبانها وباعوا النفوس ولم يربحوا ... ببيعهم النفس أثمانها لقد رتع القوم في جيفة ... يبين لذي اللب إنتانُها قال أحمد بن جميل المَرْوَزِيّ: قيل لابن المبارك: إنّ ابن عُلَيَّة قد ولي الصدقة، فكتب إليه: يا جاعلَ العِلم له بَازِيًا ... يصطادُ أموالَ المساكينِ احْتَلْتَ لِلدُّنيا ولَذّاتِها ... بحِيلَةٍ تَذْهَبُ بالدِّين فَصِرَت مجنونًا بها بعدما ... كُنتَ دواءً للمجانينِ أين رِواياتُك في سَرْدِها ... عن ابنِ عونٍ وابنِ سِيرين أين رواياتك فيما مضى ... في تركِ أبوابِ السَّلاطينِ إنّ قلتَ أُكْرِهْتُ فماذا كذا ... زل جمار العلمِ في الطِّينِ ولابن المبارك: جَرَّبت نفسي فما وجدتُ لها ... من بعد تَقْوَى الإلهِ كالأدبِ في كُلِّ حالاتِها وإنْ كَرِهَتْ ... أفْضَلَ من صَمْتها عن الكذِب أو غيبةِ النّاسِ إنّ غِيبَتَهُم ... حَرَّمَها ذو الْجَلال في الكُتُب قلت لها طائِعًا وإكراهًا ... الْحِلْمُ وَالْعِلْمُ زينُ ذي الحَسَب إنْ كان مِن فضةٍ كلامُك يا ... نَفْسُ فإنّ السُّكُوت من ذَهَبِ

قال السَّرَاج الثَّقفيّ: أنشدني يعقوب بن محمد لابن المبارك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أبإذن نزلت بي يا شيب ... أي عيش وقد نزلت يطيب وكفى الشيب واعظًا غير أني ... آمل العيش والممات قريب كم أنادي الشباب إذ بان مني ... وندائي موليًا ما يجيب وله: يا عائب الفقر ألا تزدجر ... عيب الغنى أكثر لو تعتبر من شرف الفقر ومن فضله ... على الغنى إنّ صح منك النظر إنك تعصي لتنال الغنى ... وليس تعصي الله كي تفتقر وقال حِبّان بن موسى: سمعتُ عبد الله بن المبارك ينشد: كيف القرارُ وكيف يهدأُ مسلمٌ ... والمسلماتُ مع العدوّ الْمُعْتَدِي الضاربات خدودهن برنة ... الداعيات نبيهن محمد القائلات إذا خشين فضيحة ... جهد المقالة ليتنا لم نولد ما تستطيع وما لها من حيلة ... إلا التستر من أخيها باليد وله: كل عيش قد أراه نكرًا ... غير ركز الرمح في فيِّ الفرس وركوبي في ليال في الدجى ... أحرس القوم وقد نام الحرس أبو إسحاق الطّالقانيّ قال: كنّا عند عبد الله فانهد القهندز، فَأُتي بسِنَّيْن، فوُجد وزن أحدَيْهما مَنَوان، فقال عبد الله بن المبارك رحِمَه الله: أُتِيتُ بسنين قد رمتا ... من الحِصْن لمّا أثاروا الدَّفينا على وزْن مَنْوَيْنِ إحداهُما ... تُقِلُّ به الْكَفُّ شيئًا رَزينا ثلاثون سِنّا على قَدْرِها ... تباركْتَ يا أحسَنَ الخالقِينا فماذا يقومُ لأفواهها ... وما كان يملأ تلك البطونا إذا ما تذكرتُ أجسامهم ... تَصَاغَرَتِ النَّفسُ حتّى تَهُونا

وكلُّ على ذاك ذاقَ الرَّدَى ... فبادُوا جميعًا فهم هامدُونا1 ومن طُرق، عن ابن المبارك، ويقال بل هي لحميد النحوي: اغتنِمْ رَكْعَتَيْنِ زُلْفَى إلى الله ... إذا كُنت فارغًا مُسْتَريحًا وإذا ما هَمَمْتَ بالنُّطْق بالباطلِ ... فاجْعَلْ مكانه تسبيحا فاغْتِنامُ السُّكُوتِ أفضلُ من ... خَوْضٍ وإنْ كنتَ بالكلام فصيحا عَبَدان بن عُثمان، عن ابن المبارك أنّه كان يتمثَّل: وكيف تحبُّ أن تُدعى حليمًا ... وأنتَ لكلّ ما تَهْوَى ركوبُ وتضحكُ دائمًا ظهرًا لبطنٍ ... وتَذْكرُ ما عملت فلا تتوب العبدُ عبدُ النَّفْس في شَهَواتها ... والحُرّ يشبع مرة ويجوع وسُمع ابن المبارك وهو يُنشد فوق سور طَرَسُوس: ومِن البلاءِ وللبلاءِ علامةٌ ... أن لا يرى لك عن هواك نزوع قال أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي قال: لما احتضر ابن المبارك جَعَلَ رجُلٌ يلقِنُه: قل لا إله إلا الله، وأكْثَرَ عليه، فقال: لستَ تُحِسن وأخاف أن تؤذي مسلمًا بعدي إذا لقَّنْتني فقلت: لا إله إلا الله ثمّ لم أُحدِث كلامًا بعدها فَدَعْني، فإذا أحدثْتُ كلامًا بعْدَها فلقِّنِّي حتّى تكون آخر كَلامي2. وقيل إنّ الرشيد لما بَلَغَه موتُ ابن المبارك قال: مات اليوم سيّدُ العلماء. قال عَبَدان بن عثمان: خرج عبد الله إلى العراق أول شيء سنة إحدى وأربعين ومائة، ومات بِهِيت وعَانَات في رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة. وقال حسن بن الربيع: قال لي ابن المبارك قبل أن يموت: أنا ابن ثلاثٍ وستين. وقال أحمد بن حنبل: ذهبتُ لأسمع من ابن المبارك فلم أُدْرِكْه، وكان قد قدِم فخرج إلى الثِّغْر ولم أره. قال محمد بن فُضَيْلِ بن عياض: رأيت ابن المبارك في النوم فقلت: أي العمل أفضل؟ قال: الأمر الذي كنتُ فيه. قلت: الرباط والجهاد؟ قال: نعم.

_ 1 السير "8/ 368". 2 صفة الصفة "4/ 146".

قلت: فما صنع بك ربُّك؟ قال: غفر لي مغفرةً ما بعدها مَغْفِرة1. رواها اثنان عن محمد. وقال العبّاس بن محمد النَّسَفيّ: سمعتُ أبا حاتم البربري يقول: رأيت ابن المبارك واقفًا على باب الجنّة بيده مُفتاح، فقلت: ما يوقفك ههنا؟ قال: هذا مفتاح الجنّة دفعه إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- وقال: حتّى أزور الرَّبَّ تعالى، فكن أميني في السماء كما كنت أميني في الأرض. وقال إسماعيل بن إبراهيم المصّيصيّ: رأيت الحارث بن عطية في النوم فسألته، فقال: غُفر لي. قلت: فابنُ المبارك؟ قال: بخٍ بخٍ، ذاك في عِلِّيِّين ممّن يلج على الله كلّ يومٍ مرّتين. وقال أبو هشام الرفاعيّ: ثنا ليث بن هارون، عن نوفل قال: رأيت ابن المبارك في النَّوم، فقلت: ما فعل بك ربّك؟ قال: غفر لي برحلتي في الحديث، عليك بالقرآن، عليك بالقرآن. قلت: ما فعل سُفيان الثَّوْريّ؟ قال: ذاك عندهم في مكانٍ رفيع. وقال عليّ بن أحمد السّوّاق: ثنا زكريّا بن عَدِيّ قال: رأيت ابن المبارك فِي النَّوم، فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي برحلتي2. ولبعضهم، وهو الوزير ابن المغربيّ: مررتُ بقبر ابن المبارك بكرةً ... فأوسَعَني وعْظًا وليس بناطقِ وقد كنت بالعِلْم الّذي في جوانحي ... غنّيًا وبالشَّيْب الذي في مَفَارِقي ولكن أرى الذكر تنبه غافلا ... إذا هي جاءت من رجالِ الحقائقِ 194- عبد الله بن محمد، أبو علقمة الفروي3. في الكنى.

_ 1 صفة الصفوة "4/ 147". 2 تاريخ بغداد "10/ 169". 3 يأتي في "الكنى".

195- عبد الله بن مراد السَّلمانيّ المُراديّ الكوفيّ1: عن: أبي إسحاق الشَّيبانيّ، والنعمان بن قيس. وعنه: داود بن إسحاق العايديّ، وهارون بن حاتم. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 196- عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بن العوّام2. أبو بكر الزُّبَيريّ المدنيّ الأمير، والد مُصْعَب. روى عن: هشام بن عُرْوة، وأبي حازم المَدِينيّ، وموسى بن عقبة، وطبقتهم. وعنه: ابنه مُصْعَب، وهشام بن يوسف الصَّنْعانيّ، وإبراهيم بن خالد الصَّنْعانيّ. وُلّي إمرة المدينة، وإمرة اليمن، وحُمِدت سيرته، وكان وسيمًا جميلا فصيحًا مُفَوَّهًا من سَرَوات قريش، أول ما اتّصل بصُحبة المهديّ أحبّه، وصار من خواصّه. قال مُصْعَب: كان أبي يكره الولاية فألزمه الرشيد، وأقام ثلاث ليالٍ يُلْزمه وهو يمتنع، ثمّ غدا عليه فدعا الرشيد بقناة وعمامة، وعقد له اللواء بيده، ثم قال: عليك سمع وطاعة. قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فناوله اللّواء وجعل له في العام اثنى عشر ألف دينار، ووصله بعشرين ألف دينار، وولاه المدينة ومعها اليمن، وزاده معها ولاية عَكّ3. قال الزُّبَير بن بكّار بن عبد الله: كان جدّي مِدْرَه قريش، وخطيبها، وواحدها شَرَفًا وَقَدْرًا وصَونًا؛ وكان وسيمًا جميلا فصيحًا، قد عُرفت له مروءة وقُدرة بالبلد. وقال عبد الله بن نافع بن ثابت الزُّبَيريّ: بعث الوزير أبو عبيد الله إلى عبد الله بن مُصْعَب في أول ما صحِب المهديّ بألفَيْ دينار، فردّها وقال: لا أقبل صلة إلا من خليفة أو ولي عهد.

_ 1 لم نقف عليه. 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 178"، والسير "8/ 454". 3 عك: إحدى الولايات بجوار اليمن.

قال يعقوب الفَسَويّ: ولي بكّار بن عبد الله المدينة وقدم أبوه إلى بغداد. وسُئل ابن مَعِين عن عبد الله بن مُصْعَب فقال: ضعيف الحديث لم يكن له كتاب. وقال أبو حاتم: هو بابَهُ عبد الرحمن بن أبي الزِّناد. قيل: مات عبد الله بالرَّقَّة في سنة أربعٍ وثمانين ومائة، وله نحوٌ من سبعين سنة. وَقَدْ وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ كِتَابَةً أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ الرَّهَاوِيَّ الْحَافِظَ قَالَ: أنا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ ح، وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّحْوِيُّ قَالا: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْحَرَّانِيُّ، بِحَلَبٍ، أنا أَبُو الْوَقْتِ السِّجْزِيُّ قَالا: أَخْبَرَتْنَا بِيبِي الْهَرْثَمِيَّةُ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ألا أخبركم على من تحوم النَّارُ غَدًا، عَلَى كُلِّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ قَرِيبٍ سَهْلٍ" 1. 197- عبد الله بن معاوية الزُّبَيريّ2. أبو معاوية، من ولد الزُّبَير بن العوّام. روى عن: هشام بن عُرْوة، وغيره. وعنه: أبو عاصم النبيل، وأبو الوليد، ويحيى بن مَعِين، وأبو حفص الفلاس. قال أبو حاتم: مستقيم الحديث. وقال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وقال أيضًا في كتاب الضعفاء الكبير: عبد الله بن معاوية من ولد الزُّبَير بن العوام بصري بعض أحاديثه مناكير.

_ 1 حديث صحيح لغيره: أخرجه الخرائطي "11"، "23" في المكارم، وله شاهد من حديث ابن مسعود، أخرجه الترمذي "2488"، وأحمد "3938"، وابن حبان "1096". وله شاهد من حديث أبي هريرة، وأنس، كما في المجمع "4/ 75". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 178"، والميزان "2/ 507".

قلت: العبارتان معناهما واحد، لأنّ من كان بعض أحاديثه مُنْكَرَة فهو أيضًا مُنْكَر الحديث. إذ قولّنا في الرجل مُنْكَر الحديث لا نعني به أنّ كل ما رواه مُنْكَر، فإذا روى الرجل جملةً وبعض ذلك مناكير، فهو مُنْكَر الحديث. 198- عبد الله بن المُنيب الأنصاريّ الحارثيّ1 د. ن: عن: جدّه عبد الله بن أبي أُمامة، ووالده، وهشام بن عُرْوة. وعنه: مَعن بن عيسى، والواقديّ، وعبد الرحمن بن مهديّ، وسعيد بن أبي مريم، ومحمد بن خالد بن عثمان. قال النَّسائيّ: لا بأس به. 199- عبد الله بن موسى بن إبراهيم التيمي الطلحي2 ق: أبو محمد المدني. عَنْ: صَفْوان بْن سُلَيم، وأسامة بْن زيد، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأثنى عليه، ويعقوب بن كاسب، ويعقوب بن محمد، وطائفة. قال ابن مَعِين: صدُوق، كثير الخطأ. قال ابن جبان، وغيره: لا يُحْتَجّ به. وجدّه هو إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله. 200- عبد الأعلى بن عبد الأعلى السّاميّ3 ع: الإمام أبو محمد القُرَشيّ البصْريّ. عن: حُمَيْد الطويل، والجريري، وداوود بن أبي هند، ويونس بن عُبَيْد، وابن أبي عَرُوبة، وخلْق. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأبو بَكْر بْن أبي شيبة، وعمرو بن عليّ الفلاس، ونصر بن عليّ، وبُنْدار، وخلق.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 152"، والتهذيب "6/ 43". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 166، 167"، والتهذيب "6/ 44". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 28"، التهذيب "6/ 96".

قال يحيى بن مَعِين: ثقة. وقال عيّاش بن الوليد الرقام: ثنا عبد الأعلى أبو محمد وأبو هَمّام، يعني له كُنْيتان. قلت: احتجّوا به في الكُتُب، وهو صَدُوق، لكن رُمي بالقَدَر. وقال محمد بن سعد: لم يكن بالقويّ. تُوُفّي في شعبان سنة تسعٍ وثمانين ومائة. 201- عبد الجبّار بن سليمان اليَحْصُبيّ المصريّ1: يُكَنّى أبا سُليمان. روى عن: حَيَوة بن شُرَيْح، وغيره. وعنه: ابن وهْب مع تقدُّمه، ويحيى بن بكير، وأبو الطاهر بن السرح. ذكره ابن يونس وقال في ترجمته إنّه قال: أدركت مِصْرَ وليس فيها إلا سائل واحد، ثمّ طرق إلينا سائل آخر. قلت: لو كان هذا في قريةٍ لقضي منه العَجَب، فكيف في مثل عَظَمة مصر. مات عبد الجبّار سنة تسعين ومائة. 202- عبد الحميد بن عَدِيّ، أبو سِنان الْجُهَنّي الدّمشقيّ2. عن: الأوزاعيّ، وهشام بن الغاز، وجماعة. وعنه: الهيثم بن خارجة، وهشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن. قال أبو حاتم: صالح الحديث. 203- عبد الحميد بن أبي العِشرين الدّمشقيّ3. أبو سعيد، كاتب الأوزاعيّ.

_ 1 أورد السيوطي في "حسن المحاضرة". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 16". 3 الجرح والتعديل "6/ 11"، والتهذيب "6/ 112، 113".

روى عن الأوزاعي فقط. وعنه: أبو الجماهير، ومحمد بن عثمان، وهشام بن عمّار، وجنادة بن محمد المُرّيّ. وثقه أحمد، وأبو حاتم. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن معين: ليس به بأس. وقال الدارقطني: ثقة. وقال ابن عَدِيّ: يغرب عن الأوزاعيّ بأحاديث، وهو ممّن يُكْتَب حديثه. وقال أبو حاتم: لم يكن بصاحب حديث، كان كاتب ديوان. وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه: "في سوق الجنة"1 لا أصل له في حديث أبي هريرة، ولا ابن المسيب ولا حسّان بن عطيّة، وقد تَابَعَه عليه سُوَيْد بن عبد العزيز. 204- عبد الرحمن بن بشير، أبو أحمد الدّمشقيّ الشَّيْبانيّ2. عن: محمد بن إسحاق، وعمّار بن إسحاق. وعنه: زْهير بن عباد، ودحيم، وسليمان ابن بنت شُرَحْبيل. وثقه دُحَيْم. وقال أبو حاتم: مُنْكَر الحديث. 205- عبد الرحمن بن الحارث السَّلاميّ3: عن: الزُّهْريّ، وعُمْير بن هانئ، ومحمد بن المُنْكَدر، وربيعة الرأي وغيرهم. وعنه: هشام بن عمّار، والحَكَم بن موسى. قال أبو حاتم: حديثه مقارب.

_ 1 حديث ضعيف: وأخرجه الترمذي "2673"، وقال: حديث غريب. 2 الجرح والتعديل "5/ 215"، والميزان "2/ 550". 3 الجرح والتعديل "5/ 225"، والميزان "2/ 554".

206- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ1 ت. ق: مَوْلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَابْنِ حَازِمٍ. وَعَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَأَبُو مُصْعَبٍ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، وَخَلْقٌ. وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ: يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ. ضعفه أحمد، وغيره. وهو صاحب حَدِيثِ: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ" 2. يَرْوِيهِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ. وَعَنْهُ إِسْحَاقُ بْنُ الطَّبَّاعِ، بِهَذَا. قال الشّافعيّ: ذكر لمالك حديث منقطع فقال: اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه، عن نوح عليه السلام. وقال البخاريّ: عبد الرحمن بن زيد ضعّفه عليّ جدًا. قلت: أخواه أقوى منه وأحسن حالا، عبد الله، وأسامه. تُوُفّي عبد الرحمن سنة اثنتين وثمانين ومائة. 207- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3 ت: أبو القاسم العمري المدني، أخو قاسم. عن: أبيه، وعُبَيْد الله، وسُهيل بن أبي صالح، وهشام بن عروة. وعنه: شُرَيْح بن يونس، وأبو الربيع الزَّهْرانيّ، ومحمد بن الصّبّاح الْجَرْجَرائيّ، والحَسَن بن عَرَفَة، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 233، 234"، والسير "8/ 309". 2 حديث حسن: أخرجه أحمد "2/ 97"، وابن ماجه "3218"، والشافعي "1734"، والبيهقي "1/ 254"، "9/ 257"، في سننه الكبرى. 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 253"، والتهذيب "6/ 213، 214".

مُتَّفَقٌ على وَهْنه، مَزّق أحمد ما سمع منه. وقال أبو زُرْعة: متروك. وقال أبو داود: ليس بثقة. قيل: مات في صَفَر سنة ستٍّ وثمانين ومائة. 208- عبد الرحمن بن عبد الملك بن سعيد بن حِبّان بن أبجر الهَمَدانيّ الكوفيّ1 م. ن: عنه: أبيه، وسُفْيان الثَّوْريّ. وعنه: سعيد بن محمد الجرميّ، وشُرَيْح بن يونس، والوليد بن شُجاع السَّكُونيّ، وابن مهديّ، وجماعة. وكان عبدًا صالحًا، أمّ النّاس في الصلاة على الثَّوْريّ، ما أعلم فيه مَغْمزًا. مات سنة إحدى وثمانين ومائة. قال ابن مَعِين: صالح الحديث. وذكره ابن حِبّان في الثقات. وأخرج له مسلم حديثين عن أبيه. 209- عبد الرحمن بن عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب الحاطبيّ المدنيّ2. له عن: أبيه عن ابن عَمْر، وعن عمّه. وعنه: سَعْدُوَيْه الواسطيّ، وأبو مَعْمر القَطِيعيّ، وزكريّا بن يحيى بن صُبَيْح، وعثمان بن أبي شَيْبَة. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث يهولني كثرة ما يُسْند. 210- عبد الرحمن بن مالك بن مغول البجلي الكوفي3.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 258، 259"، التهذيب "6/ 221". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 264"، والثقات لابن حبان "8/ 372". 3 الجرح والتعديل "5/ 286"، والميزان "2/584".

عن: أبيه، وهشام بن عُرْوة، والأعمش، ونحوهم. وعنه: أبو إبراهيم التَّرْجُمانيّ، وعَمْرو الناقد، ومحمد بن معاوية بن مَالَج، بفتح اللام. قال الدَّارَقُطْنيّ،، وغيره: متروك. وقال أبو داود: كان يضع الحديث. وقال أحمد بن حنبل: خرقنا حديثه من بعد. وقال ابن مَعِين: رأيته، وليس بثقة. 211- عبد الرحمن بن القُطاميّ1: بصريّ، له عن: أبي المُهَزّم، ومحمد بن زياد الْجُمَحّي، وعلي بن جدعان. وعنه: عبد الجبار بن العلاء، وعمر بن شبة، وعبد الرحمن بن معبد، وآخرون. قال الفلاس: لقيته وكان كذابا. وذكره ابن حبان ووهاه، لكن غلط في قوله: روى عن أنس، إنّما يروي عن أصحاب أنس. وأورد ابن عَدِيّ له أحاديث وقال: لعلّ الضَّعْف فيها من قِبَل أبي المُهَزّم، وابن جُدْعان. 212- عبد الرحمن بن أبي الرجال2 ع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن حارثة بن النعمان بن نافع الأنصاريّ النجاري المدني. عن: أبيه، وعُمارة بن غَرِيّة، وعمر مولى عَفْرة، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، ويعقوب بن محمد بن طحلاء، وجماعة. وعنه: أبو نُعَيم، وقُتَيْبة، وهشام بن عمّار، ويحيى الوحاظيّ، وسُوَيْد بن سعيد، والحكم بن موسى.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 279"، والميزان "2/ 582". 2 الجرح والتعديل "5/ 281، 282"، والتهذيب "6/ 169".

وكان قد نزل بثغر الشام. وثَّقه ابن مَعِين، وغيره. وليَّنه أبو حاتم قليلا. 213- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه العَرْزميّ1. عن: أبيه، وجابر الْجُعْفيّ، وعبد الملك بن أبي سُليمان، وجُوَيْبر، وغيرهم. وعنه: ابنه محمد، وعليّ بن جعفر الأحمر، وعبد الرحمن بن صالح الأزْديّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. 214- عبد الرحمن بن مُسْهِر2. أبو الهيثم الكوفيّ، قاضي جَبُّل، وهو أخو عليّ بن مُسْهِر. روى عن: هشام بن عروة، وعمرو بن شمر، وأشعث بن سَوّار. وعنه: يحيى بن أيوب العابد، وعبد الله المخزومي، والحسين بن أبي زيد الدباغ، وغيرهم. قال النسائي: متروك. هو الذي ولاه أبو يوسف القاضي قضاء جبل، وأنّ الرشيد انحدر مرّة إلى البصرة، قال عبد الرحمن: فسألت أهل جَبُّلَ أن يُثْنوا عليّ، فوعدني ذلك. فلمّا قرُب إلينا الرشيد وأبو يوسف معه في الحرّاقة، فقلت: يا أمير المؤمنين نِعم القاضي قاضي جَبُّلَ، قد عَدَلَ، وَفَعَلَ وَفَعَلَ، وجعلتُ أُثني، فعرفني أبو يوسف فضحِك، ثمّ أخبر الرشيدَ، فضحك حتّى فحص برِجْلَية، ثمّ قال: هذا شيخ قليل العقل فاعزلْه، فعزلني. قلت: ومن نقص عقله كونه يحكي هذه الورطة عن نفسه.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 282"، الميزان "2/ 585". 2 الجرح والتعديل "5/ 291"، والميزان "2/ 590، 591".

قال ابن مَعِين: ليس بشيء. 215- عبد الرحمن بن ميسرة، أبو ميسرة الحضّرميّ المصريّ الفقيه1. من كبار علماء المصريين وقُرّائهم. وُلد سنة عشر ومائة، وكان أوّل من أقرأ بمصر بحرف نافع، وكان من شُهود القاضي العُمريّ. تُوُفّي سنة ثمان وثمانين ومائة. 216- عبد الرحيم بن زيد بن الحواري العمي البصري2 ق: أبو زيد. روى: عن أبيه، ومالك بن دينار. وعنه: سويد بن سعيد، ويحيى الحماني، والمسيب بن واضح، ومحمد بن يحيى العدني، وجماعة. قال البخاري: تركوه. وقال أبو حاتم: ترك حديثه، منكر الحديث، كان يفسد أباه، يحدّث عنه بالطّامّات. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو داود: ضعيف. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. مات سنة أربعٍ وثمانين ومائة. 217- عبد الرحيم بن سليمان الرازي3 ع. د. م: أبو علي، نزيل الكوفة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 285"، والثقات لابن حبان "5/ 109". 2 الجرح والتعديل "5/ 339، 340"، والسير "8/ 317". 3 الجرح والتعديل "5/ 339"، والسير "8/ 317".

عن: عاصم الأحول، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، وسُليمان الأعمش، وطائفة. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وأبو كُرَيِب، وهنّاد، وأبو سعيد الأشجّ، وعدّة. وهو رفيق حفص بن غِياث في طلب العلم، وله تصانيف. وثقه يحيى بن مَعِين، وغيره. تُوُفّي في آخر سنة سبعٍ وثمانين ومائة. ويقال: سنة أربعٍ وثمانين. قال أبو حاتم: صالح الحديث، صنف الكتب. 218- عبد الرزاق بن عَمْر، أبو بكر الدّمشقيّ1: عن: الزُّهْريّ، وإسماعيل بن أبي المهاجر. وعنه: حفيده إسحاق بن عَقِيل، وأبو مُسْهِر، وأبو الْجَمَاهر محمد بن عثمان، ويسيرة بن صَفْوان، والحَكَم بن موسى، وجماعة. قال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. وقال الحَسَن بن عليّ: سألت هُشَيْمًا، عن عبد الرّزّاق بن عَمْر فقال: ذَهَبَتْ كُتُبه. خرج إلى بيت المقدس فجعل كُتبَه في خُرجٍ جديد وثيابة في خرج خَلِق، فجاء اللصوص فأخذوا الخرج الجديد، فذهبت كُتُبه. فكان بعدُ إذا سمع حديثًا للزهري قال: هذا مما سمعت. وروى عباس، عن ابن معين: ليس بشيء. 219- عبد السلام بن حرب الملائي2 خ. ع: كوفيّ أصله من البصرة. وكان شريكًا لأبي نُعَيم في بيع الْمُلاءِ، وكان حافظًا معمِّرًا.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 39"، والتهذيب "6/ 309". 2 الجرح والتعديل "6/ 47"، والسير "8/ 297، 298".

روى عن: أيّوب السّخْتيانيّ، وإسحاق بن أبي فَروة، وعطاء بن السائب، وخالد الحذّاء، وطائفة. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وهناد، وأبو سعيد الأشجّ، والحسن بن عَرَفَة، وخلْق سواهم. ومن الكبار: ابن إسحاق، وقيس بن الربيع، وهما أكبر منه. قال يعقوب بن شَيْبَة: ثقة، وفي حديثه لِين. وقال التِّرْمِذيّ: ثقة حافظ. قال ابن شَيْبَة: وكان عَسِرًا في الحديث: سمعتُ ابن المَدِينيّ يقول: كان يجلس في كلّ عام مرّة مجلسًا للعامّة. فقلت لعليّ: أكْثَرْتَ عنه؟ قال: نعم، حضرت له مجلسَ العامّة، وقد كنتُ استنكرت بعضَ حديثه حتّى نظرت في حديث من يُكْثر عنه فإذا حديثه مُقارب عن مغيرة والناس. وذلك أنّه كان عسِرًا، فكانوا يجمعون عن أبيه في مواضع، وكنت أنظر إليها مجموعةً فاستنكرْتُها. قال ابن مَعِين: هو ثقة، والكوفيّون يُوَثّقونه. وقال القواريريّ: أتيت عبد السلام بن حرب، قلت: حدِّثني فإنّي رجلٌ غريب من البصْرة. فقال لي: كأنّك تقول جئت من السماء، ولم يحدّثْني. وقال غيره: وُلد سنة إحدى وتسعين، ومات سنة سبعٍ وثمانين ومائة. 220- عبد السلام بن مَكْلَبة1: الفقيه البيروتيّ صاحب الأوزاعي. روى عن: جريح، والأوزاعيّ، وأبي أُميّة الشّعبانيّ يُحمد. وعنه: الوليد بن مسلم، والوليد بن مزيد، وأبو مسهر، وآخرون. قال مروان بن محمد: أعلم النّاس بحديث الأوزاعي وفُتْياه عشرةٌ منهم: عبد السلام بن مكلبة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 47، 48".

221- عبد الصّمد بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْد المطّلب1. الأمير أبو محمد الهاشمي. روى عن: أبيه. عنه: المهديّ، ومات قبله بدهر. وقد ورد أنّه تُوُفّي بأسنانه التي وُلد بها، وكانت ملتصقة، وكان عظيم الخلْق، ضخمًا، ذا قُعْدُد في النَّسب، وقد خرج عند موت السّفاح مع أخيه عبد الله بن عليّ، وحارب أبا مسلم، ثمّ تقلَّبت به الأيّام، وبَقِيّ إلى هذا الوقت. وكان الرشيد يحترمه ويُجلُّه لأنّه عمّ جدّه المنصور. مَولدُه بالحمية من أرض البلْقاء، وقد وُلّي إمرة دمشق، ثمّ وُلّي إمرة البصْرة، فكان في هذا العصر عبد الصّمد ولد عليّ، والفضل بن جعفر بن العبّاس بن موسى بن عيسى بن محمد ولد عليّ. وهذا من غريب الاتفاق. قال ابن عساكر: وحدَّث عنه إسماعيل ابنه، وعبد الواحد، ويعقوب ابنا جعفر بن سُليمان. قَالَ عَلِيُّ بْنُ مَعْرُوفٍ الْقَاضِي، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بَهْتَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُجِيبٍ الرَّقَّاقُ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَنْتَابٍ، وَابْنُ الصَّلْتِ الْمُجَبَّرُ: ثناهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، نا أَبِي، نا عَمِّي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْرِمُوا الشُّهُودَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِمُ الْحُقُوقَ وَيَدْفَعُ بِهِمُ الظُّلْمَ"2. أَخْبَرَنَاهُ الْقَاضِي مُحْيِي الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ، وابن عمه أيوب، والتقي بْنُ مُؤْمِنٍ، وَابْنُ الْفَرَّاءِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَبِيبَرْسُ التُّرْكِيُّ قَالُوا: أَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ، أنا عَلِيُّ بْنُ تَاجِ الْقُرَّاءِ، وَابْنُ الْبَطِّيِّ ح، وَأنا سُنْقُرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ يُوسُفَ، وَعَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَنْجَبُ الْحَمَّامِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْفَخَّارِ، وَابْنُ السَّمَّاكِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ بُغَا قَالُوا: أنا ابْنُ الْبَطِّيِّ ح، وَأنا أَبُو الْمَعَالِي الزَّاهِدُ، أنا مُحَمَّدُ بن معالي،

_ 1 انظر: وفيات الأعيان "3/ 195، 196"، والسير "129-131". 2 حديث منكر: أخرجه العقيلي "1/ 65"، "3/ 84"، في الضعفاء الكبير، والخطيب "5/ 94"، "6/ 138"، "10/ 300"، في تاريخه، وابن الجوزي "2/ 275"، في العلل المتناهية.

وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْخَطِيبُ، وَعُمَرُ بْنُ بَرَكَةَ، وَالأَنْجَبُ الْحَمَّامِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ يَاسِينَ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالُوا: أنا ابْنُ الْبَطِّيِّ: قال هود ابن تَاجِ الْقُرَّاءِ: أنا مَالِكٌ الْبَانيَاسِيُّ، أنا ابْنُ الصَّلْتِ، وَذَكَرَهُ. قال العُقَيْليّ: الحديث غير محفوظ، انفرد به عبد الصّمد. قلت: ولا يروى عنه إلا بهذا الإسناد وعبد الصّمد بن موسى. قال الخطيب: قد ضعفوه. قال نِفْطَوَيْه: كان عبد الصّمد بن عليّ أقعد أهل دهره نَسَبًا، فبينه وبين عبد مَناف كما بين يزيد بن معاوية وبين عبد مَناف. قال: وكان أسنان عبد الصّمد وأضراسه قطعة واحدة. وقال أحمد بن كامل القاضي: كان في القعدد يناسب سعيد بن زيد أحد العشرة، وكان عمّ جدّه الخليفة الهادي. وعاش بعد الهادي دهرًا، وهو أعرق النّاس في الْعَمَى، فإنّه عمي بآخره. فهو أعمى ابن أعمى ابن أعمى. كان طُرح ببيتٍ فيه ريش، فطارت ريشه فسقطت في عينه. قال ثعلب: أخبرني عافية بن شبيب أن عبد الصمت مات بأسنانه التي وُلد بها. وأمّه هي كثيرة التي كان عبد الله بن قيس الرُّقَيّات يشبِّب بها في قوله: عَادَ لَهُ مِنْ كَثِيرَةَ الطَّرَبُ ... فَعَيْنُهُ بِالدُّمُوعِ تنسكبُ قال جعفر الفِرْيابيّ: ثنا محمد بن سعيد الفِرْيابيّ: سمعتُ سيف بن محمد ابن أخت الثَّوْريّ يقول: مرض خالي سُفيان، فَعَاده عبد الصّمد بن عليّ، وكان سيّدَ بني هاشم، فقال لنا سُفيان: لا تأذَنُوا له. قلنا: لا يمكن ذلك. فحوّل وجهه إلى الحائط. ودخل فسلّم، فلم يردّ عليه، وجلس مَلِيًّا وقال: يا سيف، كأن أبا عبد الله نائم؟ فقلت: أحسب ذاك، أصلحك الله. فقال سُفيان: لا تكذب، لستُ بنايم. وقال عبد الصّمد: يا أبا عبد الله، ألَكَ حاجة؟ قال: نعم، لا تعود إلي، ولا تشهد جنازتي، ولا تترحّم علي. فخجل عبد الصمد وخرج، وقال: هممتُ ألا أخرج إلا ورأسُهُ معي.

قلت: سيف تالف. مات عبد الصّمد بالبصّرة سنة خمسٍ وثمانين ومائة، عن ثمانين سنة. 222- عبد الصمد بن معقل بن منبه اليماني1: روى عن عمه وهب، وعن: طاوس، وعِكْرِمة. وعنه: ابناه يحيى، ويونس، وابن أخته إسماعيل بن عبد الكريم، وعبد الرزاق، ومحمد بن خالد الصّنْعانيّون. قال أحمد بن حنبل: كان قد عُمِّر وأظنُّه مات أيّام هُشَيم، وهو ثقة. وكذا وثَقه يحيى بن مَعِين. قال أحمد بن علي الأبَّار وغيره: مات عبد الصّمد بن معقل سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. قال الأبَّار: حدَّثني بعض ولده أنّه عاش خمسًا وتسعين سنة. 223- عبد العزيز بن أبي حازم2 ع: واسم أبيه سَلَمة بن دينار، الفقيه أبو تمّام المدنيّ. روى: عن أبيه، وزيد بن أسلم، والعلاء بن عبد الرحمن، وسهيل بن أبي صالح، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وهشام بن عُرْوَة، وموسى بن عُقبة، وعدّة. وعنه: الحُمَيْديّ، وأبو مصعب، وعلي بن حجر، وعمرو الناقد، ويعقوب الدورقي، ويحيى بن أكثم، وخلْق سواهم. وكان إمامًا كبير الشأن. قال يحيى بن مَعِين: صدوق. وقال أحمد بن أبي خَيْثَمَة: قيل لمصعب بن عبد الله: ابن أبي حازم ضعيف في حديث أبيه. فقال: أَوَقَد قالوها؟ أمّا ابن أبي حازم فسمع مع سُليمان بن بلال، فلمّا مات سُليمان أوصى إليه بكُتُبه، فكانت عنده، فقال: بال عليها الفأر فذهب بعضها.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 50"، والتهذيب "6/ 328". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 382، 383"، والسير"8/ 321-323".

فكان يقرأ ما استبان، يدع ما لا يعرف منها. أما حديث أبيه فكان يحفظ. قال أحمد بن حنبل: لم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه من عبد العزيز بن أبي حازم. وقال أبو حاتم: هو أفقه من الدّراورديّ. وقال أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِين يقول: ابن أبي حازم ليس بثقة في حديث أبيه. كذا قال. قلت: بل هو حجة في أبيه وغير أبيه. وقال أحمد بن حنبل: يرون أنه سمع من أبيه، وأمّا هذه الكُتُب التي عن غير أبيه فيقولون إنّ كُتُب سُليمان بن بلال صارت إليه. وقال أحمد بن حنبل مرّة: لم يكن يعرف بطلب الحديث، إلا كُتُب أبيه، فيقولون: سمعها. وقال ابن سعد: وُلد سنة سبعٍ ومائة، وتُوُفّي ساجدًا في سنة أربع وثمانين ومائة. 224- عبد العزيز بن خالد التِّرْمِذيّ1 ن: روى عن: أبيه خالد بن زياد، عن حَجّاج بن أرطأة، وطلحة بن عَمْرو المكّي، وابن جريج، وأبي قتيبة، وغيرهم. وعنه: أحمد بن يعقوب، وداود بن حماد، والفضل بن مقاتل، ومحمد بن عصمة، ويحيى بن موسى البلخيون، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة. قال أبو حاتم: شيخ. 225- عبد العزيز بن عبد الصمد العمي البصري2 ع: أبو عبد الصمد. أحد الثقات الحفاظ.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 380، 381"، التهذيب "6/ 334". 2 الجرح والتعديل "5/ 388، 389"، والسير "8/ 327، 328".

روى عن: أبي عِمران الْجُونيّ، ومنصور بن المعتمر، ومطر الورّاق، وحصين بن عبد الرحمن. وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق، والفلاس، وبندار، وزياد بن يحيى الحساني، والحسن بن عرفة، وخلق. وثقه أحمد بن حنبل، وغيره. وقال القواريري: نا عبد العزيز العمي، وكان حافظًا. وقال الفلاس: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول يوم مات عبد العزيز بن عبد الصمد: ما مات لكم شيخ منذ ثلاثين سنة مثله. قلت: توفي سنة سبع وثمانين ومائة. 226- عبد العزيز الدراوردي بن محمد بن عبيد1 م. خ. ق. ن: الإمام أبو محمد الْجُهَنّي مولاهم المَدنيّ، أصله من دَرَاوَرْد، قرية بخُراسان فيما قيل. وقال الطّبرانيّ: ثنا أحمد بن رِشْدِين: سمعتُ أحمد بن صالح يقول: كان الدَّرَاوَرْدِيّ من أهل إصبهان، ترك المدينة، وكان يقول للرجل إذا أراد أن يدخل: أنْدَرُون، فلقّبه أهل المدينة الدَّرَاوَرْدِيّ. روى عن: صَفْوان بن سليم، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وأبي طُوَالَةَ عبد الله بن عبد الرحمن، وثور بن زيد، وأبي حازم، وجعفر بن محمد، وشريك بن أبي نَمِر، والعلاء بن عبد الرحمن، وعَمْرو بن أبي عَمْرو، وسهيل بن أبي صالح، وعدّة. وعنه: سُفيان، وشُعبة، وهما أكبر منه، وإسحاق بن راهَوَيْه، وعليّ بن خَشْرَم، وأحمد بن عَبْدة، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وأبو حُذافة السّهْميّ، وخلْق سواهم. قال معن بن عيسى: يصلح أن يكون أميرَ المؤمنين. وقال يحيى بن مَعِين: هو أثبت من فُلَيح بن سُليمان. وقال أبو زرعة: هو سيئ الحفظ.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 395"، والتهذيب "6/ 353-355".

وقال الفلاس: كان عبد الرحمن بن مهديّ يحدّث عن الرجل بالحديث والشيء، لا يحدّث بحديثه كلّه: وأنّه حدَّث عن الدَّرَاوَرْدِيّ بحديث. وَقَالَ الأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّرَاوَرْدِيِّ: تَرْوِي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُرْخِي عِمَامَتَهُ مِنْ خَلْفِهِ1. فتبسّم وأنكره. وقال: إنّما هذا موقوف. وعن أحمد قال: إذا حدَّث من حفْظه يَهِمّ، ليس هو بشيء، وإذا حدَّث من كتابه فنَعَم. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. قلت: أخرج له الأئمة السّتّ، لكن قذفه البخاريّ بآخر. مات سنة سبعٍ وثمانين ومائة. 227- عبد العزيز بن يعقوب بن أبي سَلَمة ميمون2: ويعقوب هو الماجشُون، أخو يوسف التَّيْميّ مولى آل المُنْكَدر، أحد العلماء بالمدينة. وهو ابن عمّ عبد العزيز بن عبد الله الماجشُون، يُقال: لُقِّب يعقوب بالماجشُون لحُمرة خَدَّيْه. يروى عن: ابن عَمْر، وعن الأعرج. روى عبد العزيز عن أبيه، ومحمد بن المُنْكَدر. وعنه: أحمد، ومحمود بن خُداش، وشُرَيْح بن يونس، والزَّعْفرانيّ، وعليّ بن هاشم الرّازيّ. كنيته أبو الأصبغ، بقي إلى حدود سنة تسعين ومائة. ويوسف أخوه أكبر منه وأشهر، وهو صدُوق، مُقِلّ. قال أبو حاتم: لا بأس به.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه العقيلي "3/ 21" في الضعفاء الكبير. 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 399"، والثقات لابن حبان "7/ 115".

228- عبد القاهر بن السري1 د. ق: أبو رفاعة السلمي البصري. عن: أبيه، وحميد الطّويل، وعبد الله بن كِنانة بن عبّاس بن مِرداس، وغيرهم. وعنه: عيسى البرمكي، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، والفلاس، والجهضمي، وغيره. سُئل عنه يحيى بن مَعِين فقال: صالح. 229- عبد الغنيّ بن سَمُرة الرُّعَيْنيّ البصْريّ2: عن: أبيه، وابن عَوْن، وهشام بن حسّان. وعنه: زيد بن أخزم، ونصر بن عليّ، ويزيد بن سنان القزّاز. 230- عبد القُدُّوس بن بكر بن خنس3 ت. ق: أبو الجهم الكوفي، أخو خُنَيْس، وزيد. روى عن: أبيه، وحبيب بن سُلَيم، وحجاج بن أرطأة. وعنه: أحمد بن منيع، وصالح بن الهيثم الواسطي. وهو قليل الرواية. ما رأيت لأحد فيه كلاما. 231- عبد الكريم بن يعفور الجعفي4: أبو يعفور، شيخ كوفي من أجلاد الشيعة. له عن: جابر الْجُعْفيّ، ومُشَمْرِخ. وعنه: قُتَيْبة، وإسحاق بن موسى الأنصاريّ. قال أبو حاتم: كان من عتقي الشيعة، وكان قزازًا.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 57"، والتهذيب "6/ 368". 2 لم نقف عليه. 3 الجرح والتعديل "6/ 56"، والتهذيب "6/ 369". 4 انظر: الجرح والتعديل "6/ 61"، والميزان "2/ 647".

232- عبد المؤمن بن عبد الله بن خالد1. أبو الحسن العبْسيّ الكوفيّ. عن: داود بن أبي هند، والأعمش. وعنه: قُتَيْبة، وأحمد بن حنبل. قال أبو حاتم: مجهول. 233- عُبَيْد الله بن شُمَيْط2 ت: ابن عجلان البصري. عن: أبيه، وعمّه الأخضر بن عَجْلان، وأيّوب السَّخْتيانيّ. وعنه: سُليمان بن حرب، وعَبَدان بن عثمان، ومحمد بن أبي بكر المقدَّميّ، وحُمَيْد بن مَسْعَدة، وطائفة. وثقه ابن مَعِين، وغيره. يقال: تُوُفّي سنة إحدى وثمانين ومائة. 234- عُبَيْد الله بن عُبَيْد الرحمن الأشجعيّ الكوفيّ3 خ. م. ت. ن. ق: أحد الأئمة يُكَنَّى أبا عبد الرحمن. روى عن: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وهشام بن عُرْوة، والطبقة. وصحِب الثَّوْريّ، وقال: سمعتُ منه ثلاثين ألف حديث. قال يحيى بن مَعِين: ما بالكوفة أعلم بسفيان من عُبَيْد الله الأشجعيّ. روى عنه: يحيى بن آدم، وهاشم بن القاسم، ويحيى بن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، وأبو كُرَيِب، وعثمان بن أبي شَيْبَة، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وآخرون. قال قبيصة: لمّا مات سُفيان الثَّوْريّ قعد الأشجعيُّ موضِعَه. قلت: نزل بغداد، ومات سنة اثنتين وثمانين ومائة.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 66"، والميزان "2/ 670". 2 الجرح والتعديل "5/ 319"، والثقات لابن حبان "8/ 403". 3 الجرح والتعديل "5/ 390، 391"، والتهذيب "7/ 34، 35".

235- عُبَيْد الله بن عَمْرو1: شيخ الرَّقَّةِ، وقد مرّ. 236- عُبَيْد الله بن مالك الفِهْريّ2: أبو الأشعث، قاضي قُرْطُبة في أواخر دولة عبد الرحمن بن معاوية الداخل. وقد وُلّي أيضًا قضاء إشبيلية. مات في ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين. 237- عبدُ رَبِّهِ بنُ بارق الحنفيّ، ثمّ اليَماميّ الكوفيّ الكوْسَج3 ت: عن: جدّه لأمه أبي زُميل سِماك الحنفيّ. وعنه: عليّ بن المديني، وزياد بن يحيى الحساني، وبِشْر بن الحَكَم بن الحَكَم، والفلاس، ونصر بن عليّ، وجماعة. قال أحمد: ما به بأس. وقال ابن مَعِين: ضعيف. وقال النَّسائيّ: ليس بالقويّ. 238- عبدُ ربِّه بن صالح القُرَشيّ الدّمشقيّ4: عن: مكحول، وعُرْوَة بن رُوَيْم، ومحمد بن عبد الرحمن صاحب واثلة. وعنه: الوليد بن مسلم، ومروان بن محمد، وسُليمان بن عبد الرحمن، وغيرهم. 239- عبدُ ربِّه بنُ ميمون5: أبو عبد الملك الأشعريّ النّحّاس، قاضي دمشق.

_ 1 سبق الترجمة له. 2 من مشاهير القضاة بديار الأندلس. 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 43"، والتهذيب "6/ 125". 4 الجرح والتعديل "6/ 440"، والثقات لابن حبان "7/ 155". 5 انظر: الجرح والتعديل "6/ 44"، الثقات لابن حبان "8/ 422".

عن: يونس بن مَيْسَرة، والعلاء بن الحارث، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وزُرْعة بن إبراهيم، وعدّة. وعنه: أبو مُسْهِر، والهيثم بن خارجة، وهشام بْن عمّار، وسليمان ابن بِنْت شُرَحْبيل. وثقه أبو زُرْعة الدّمشقيّ. 240- عبدة بن سليمان1 ع: أبو محمد الكلابي الكوفي. عن: عاصم الأحول، هشام بن عُرْوة، وإسماعيل بن أبي خالد، وعدّة. وعنه: ابن راهَوَيْه، وأبو خَيْثَمَة، وأبو كُرَيِب، وأبو سعيد الأشجّ، وآخرون. قال أحمد بن حنبل: ثقة، ثقة وزيادة مع صلاح وشدّة. فقير، عليه فَرْوَةٌ خلِقه لا تساوي كبير شيء. قلت: تُوُفّي سنة ثمان وثمانين في ثالث رجب، وصلى عليه محمد بن ربيعة الكِلابيّ. وقال العِجْليّ: ثقة، صالح، صاحب قرآن، يُقرئ. 241- عُبَيْدة بن الأسود الهَمَدانيّ الكوفيّ2 ت. ق: عن: أبي إسحاق السبيعيّ، ومجالد بن سعيد، والقاسم بن الوليد الهَمَدانيّ. وعنه: عثمان بن أبي شَيْبَة، ويوسف بن عَدِيّ، وعبد الله بن عُمر مُشْكَدَانَة، وآخرون. قال أبو حاتم: ما بحديثه بأس. 242- عُبَيْدة بن حُمَيْد بن صهيب3 خ. ع: أبو عبد الرحمن الكوفي الحذاء النحوي.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 89"، السير "8/ 449". 2 الجرح والتعديل "6/ 94، 95"، والتهذيب "7/ 86". 3 الجرح والتعديل "6/ 92"، والتهذيب "7/ 81، 82".

روى عن: الأسود بن قيس، وسعد بن طارق الأشجعيّ، وعبد العزيز بن رفيع، وعبد الملك بن عُمَيْر، ومنصور، والأعمش، وطائفة سواهم. وعنه: سُفيان الثَّوْريّ مع تقدمه وجلالته، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن منيع، والحسن بن الصباح البزار، والحسن بن محمد الصّبّاح الزَّعْفرانيّ، وعمرو الناقد، ومحمد بن سعيد بن غالب العطّار، وآخرون. وثقه أحمد، ويحيى. وكان حُجّة، ثبتًا، عالمًا، صاحب حديث ونحوٍ وعربية وقرآن. أدب محمدا الأمين. قال أحمد: أتيته أنا وابن مَعِين فأملى علينا، ثمّ كثُر عليه النّاس حتّى غلبونا، وكثُر الزحام. ثمّ قال: وهو أحب إليّ من زياد البكّائيّ وأصلح حديثًا. وقال الأثرم: أحْسَنَ أبو عبد الله الثَّناء على عبيدة ورفع أمره. وقال: ما أدري ما للناس وله. وكان قليل السقط. وروى عثمان الدّارميّ، عن يحيى قال: ما به المسكين بأس، ليس له بَخْت، عابوه بأنّه يعقد عند أصحاب الكُتُب. وقال عبد الله بن علي بن المَدِينيّ، عن أبيه: أحاديثه صِحاح، وما رويت عنه شيئًا، وضعّفه. وقال في موضع آخر: ما رأيت أصحّ حديثًا منه. وقال يعقوب بن شَيْبَة: لم يكن من الحفاظ المتقنين. وقال زكريّا الساجيّ: ليس بالقويّ في الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ هارون بن حاتم: سألت عبيد بن حُمَيْد: متى وُلدتَ؟ قال: سنة سبعٍ ومائة. ومات سنة تسعين.

قلت: مات سنة تسعين ومائة، ومولده قبل العشْر ومائة. 243- عَتّاب بن أعْيَن: أبو القاسم الكوفي1، سكن الري. وروى عن: الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، ومسعر، وأبي العميس، وطائفة. وعنه: جرير بن عبد الحميد وهو أكبر منه، وهشام بن عبيد الله، وعبد الصمد بن عبد العزيز المقرئ، ومحمد بن حميد، وآخرون. وثقه أبو حاتم. ولا شيء له في الكتب. 244- عتاب بن بشير الأموي، مولاهم الحراني2 خ. د. ت. ن: عن: خُصَيْف بن عبد الرحمن، وثابت بن عَجْلان، وعُبَيْد الله بن أبي زِناد القداح، وغيرهم. وعنه: أبو جعفر النُّفَيليّ، وإسحاق، وعليّ بن حُجْر، ومحمد بن سلام البَيْكَنْديّ، وأبو نُعَيم الحلبيّ، وجماعة. قال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس، أتى عن خُصَيْف بمناكير أراها من قِبل خُصَيف. وقال يحيى بن مَعِين: ثقة. وقال مرّة: ضعيف. وقال عثمان الدّارميّ: سمعتُ عليّ بن المَدِينيّ يقول: ضربنا على حديث عَتَّاب بن بشير. قلت: قواه غير واحد، وفيه شيء. مات سنة ثمان وثمانين ومائة. وقيل سنة تسعين.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 12"، والميزان "3/ 27". 2 الجرح والتعديل "7/ 12، 13"، والميزان "3/ 27".

245- عتّاب بن محمد بن شَوْذَب البلخي1: عن: هشام بن عروة، وعاصم الأحول، وأبي حنيفة، وجماعة. وعنه: يحيى بن موسى خت، ويونس بن يوسف البلخيّان. ما اعرفه. 246- عثمان بن حصن بن علاق القُرَشيّ الدّمشقيّ2 ن: عن: عُرْوَة بن رُوَيْم، وموسى بن يسار، وثور بن زيد، وجماعة. وعنه: هشام بن عمّار، وعليّ بن حُجْر، والحكم بن موسى، وأبو نُعَيم الحلبيّ. قال أبو زُرْعة الرّازيّ: لا بأس به. وقال أبو مُسْهِر: ثقة، من طلبة العلم. وفي التهذيب قيل: هو عثمان بن حفص بن عبيدة بن علاق، وقيل: عثمان بن عبد الرحمن بن علاق، وقيل غير ذلك. 247- عثمان بن زائد المقرئ3: نزيل الرَّيّ، يُكَنَّى أبا محمد. عرضَ القرآن على حَمزة. وسمع: الزُّبَير بن عَدِيّ، وعطاء بن السائب، وعِمارة بن القَعْقَاع. روى عنه القراءة: عبد الصّمد بن عبد العزيز الرّازيّ. وحدَّث عنه غير واحد منهم: عيسى بن أبي فاطمة، وأبو الوليد الطّيالسيّ، وإسحاق بن سُليمان، وعيسى بن جعفر القاضي، وموسى بن داود قاضي طَرَسُوس، وغيرهم. قال أبو حاتم: عثمان بن زائدة من أفضل المسلمين. وقال بعض الحفاظ: ما رأينا أورع منه.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 13"، والثقات لابن حبان "7/ 295". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 157"، والتهذيب "7/ 110". 3 الجرح والتعديل "7/ 150، 151" والتهذيب "7/ 115".

وعن ابن عيينة قال: ما جاءنا أحد أفضل من عثمان بن زائدة. وقال أبو الوليد: ما رأيت رجلا أفضل منه. وقال العِجْليّ: هو ثقة، رجل صالح. 248- عثمان بن عبد الرحمن الْجُمحيّ البصْريّ1 ت. ق: عن: محمد بن زياد الْجُمحيّ صاحب أبي هريرة، وعن نُعَيم المُجْمِر، وأيّوب، وعدّة. وعنه: عليّ بن المَدِينيّ، وأحمد بن عَبْدة الضّبيّ، وِبشْر بن الحَكَم، ونصر بن علي، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ. 249- عثمان بن عثمان، أبو عَمْرو الغَطَفانيّ2 م. د. ن: قاضي البصرة. عن: زيد بن أسلم، وسُليمان بن خَرَّبوذ، وعليّ بن زيد بن جُدْعان، وعمر بن نافع العُمريّ، وهشام بن عُرْوة. وعنه: أبو بكر بن أبي شَيْبَة، وعلي بن المَدِينيّ، ومحمد بن المثنَّى ونصر بن عليّ الْجَهْضَميّ، وجماعة. وكان رجلا صلحًا، حَسَن الحديث، فيه شيء. قال البخاريّ: مُضْطَرب الحديث. وقال العُقَيْليّ: في حديثه نظر. 250- عثمان بن كنانة: الفقيه، أبو عمرو المدني3، مولى آل عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قال يحيى بن بُكَير: لم يكن في حلْقة مالك أضبط ولا أدرس من ابن كنانة،

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 158"، والتهذيب "7/ 135، 136". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 159، 160"، السير "9/ 428". 3 من فقهاء المالكية كما في ترتيب المدارك للقاضي عياض.

وكان ممّن يخصّه مالك بالإذن عند اجتماع النّاس عليه على بابه. وقال ابن عبد البر: كان من الفقهاء، وليس له في الحديث ذِكْر. قال ابن مفرّج القُرْطُبيّ: تُوُفّي سنة ثلاث وثمانين ومائة. وقال أبو إسحاق الشّيرازيّ: تُوُفّي بعد مالك بسنتين. وهو عثمان بن عيسى بن كِنانة. وقال يحيى بن بُكَيْر: تُوُفّي بمكة بعد مالك بعشر سِنين. 251- عدي بن أبي عمارة البصري الذارع القسّام1: عن: معاوية بن قُرَّةَ، وقَتَادة، وزياد النُّمَيْريّ، وعليّ بن جُدْعان. وعنه: ابن المَدِينيّ، وإبراهيم بن موسى، وابنه. قال أبو حاتم: ليس به بأس. 252- عُرابي بن معاوية الحضْرميّ2: يكنى أبا زمعه. روى عن: أبي قَبِيلٍ المَعَافِريّ، وعبد الله بن هبيرة. وعنه جماعة من أهل مصر. مات في ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين ومائة. 253- عطاء بن مسلم الخفاف3 ن. ق: محدِّث كوفي، سكن حلب. وروى عن: الأعمش، والمسيب بن رافع، وجعفر بن برقان، ومحمد بن سُوقه. وعنه: ابن المبارك، وأبو نُعَيم الحلبيّ، ومحمد بن مِهران الجمّال، وموسى بن أيّوب النَّصيبيّ، وأبو هَمَّام السكوني، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 4"، والميزان "3/ 62". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 45". 3 الجرح والتعديل "6/ 336"، والتهذيب "/ 211، 212".

قال أبو حاتم: كان شيخًا صالحًا يشبه يوسف بن أسباط، يعني في الخير. قال: وكان قد دفنَ كُتُبَه. وقال أبو زُرْعة: كان يَهِمّ. وقال أبو داود: ضعيف. قلت: مات سنة تسعين ومائة. 254- عطْوان بن مُشْكان التّميميّ الخيّاط1: عن مولاته جَمْرة اليَرْبُوعيّة، ولها صحبة. وحدث عنه: يحيى الحماني، وأبو معمر إسماعيل الهُذْليّ، وَمُعَلَّى بن منصور الرّازيّ، وبكر بن الأسود الكوفيّ. قال ابن أبي حاتم: شيخ وليس بمنكر الحديث. قلت: وقع لنا من حديثه عاليًا فيما قرب سنده لأبي قاسم بن السَّمَرْقَنديّ. 255- عفان بن سَيَّار الباهلي الجرجاني2 ن: أبو سعيد قاضي جُرْجان. روى عن: أبي إسحاق، وعَنْبَسة بن الأزهر، وأبي حنيفة، ومسعر بن كدام، وخارجة بن مُصْعَب. وعنه: أحمد بن أبي طيبة الْجُرْجانيّ، والحسين بن عيسى البسْطاميّ، وعبّاد بن يعقوب الرواجنيّ، وعبد الجبّار بن عاصم النَّسائيّ، وغيرهم. تُوُفّي سنة إحدى وثمانين ومائة. قال أبو زُرْعة الرّازيّ: وسئل عنه أبو حاتم فقال: شيخ. 256- عفيف بن سالم: أبو عمرو البجلي، مولاهم الموصلي الفقيه3:

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 41". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 30، 31"، والتهذيب "7/ 229، 230". 3 الجرح والتعديل "7/ 29، 30"، والتهذيب "7/ 235، 236".

رحل وطوف وروى عن: الأوزاعي، وعبد الله بن طاوس، وموسى بن عبيدة، ويونس بن أبي إسحاق، وقرة بن خالد، وفطر بن خليفة، وشعبة وطائفة. وعنه: إسحاق بن أبي إسرائيل، وحرب بن محمد الطائي، وداود بن رشيد، وعلي بن حجر، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وسعدان بن نصر. وثقه أبو حاتم، وغيره. وقال ابن عمار: كان أحفظ من المعافى بن عمران. قلت: كان أحد علماء الموصل، مات كهلا سنة ثلاث أو أربع وثمانين، هكذا وجدت تاريخَ وفاته، ولم يلْحَقْه عليّ بن حرب. وذكره الدَّارَقُطْنيّ فقال: ربّما أخطأ ولا يُترك. 257- عقبة بن إسحاق السّلوليّ الكوفيّ1: عن: إسماعيل بن أبي خالد، وليث بن أبي سُليم، وأبي شراعة. وعنه: إسحاق بن إدريس، وأبو نعيم، وإسحاق بن منصور السلولي. قاله أبو حاتم ولم يُضعَّف. 258- عقبة بن خال السكوني2 ع: أبو مسعود الكوفي. عن: هشام بن عُرْوة، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبي سعد البقّال سعيد، وعُبَيْد الله بن عَمْر، وجماعة. وعنه: أحمد، وإسحاق، وأبو بكر بن أبي شَيْبَة، وابن نُمير، وأبو سعيد الأشجّ. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال التِّرْمِذيّ: تُوُفّي سنة ثمان وثمانين ومائة. 259- عكرمة بن سليمان3:

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 308"، والثقات لابن حبان "7/ 247". 2 الجرح والتعديل "6/ 310"، والتهذيب "7/ 239، 240". 3 انظر: طبقات القراء الكبار "1/ 146، 147"، للذهبي.

شيخ القراء بمكة. هو عِكْرِمة بن سُليمان بن كثير بن عامر مولى آل شَيْبَة العَبْدريّ الحَجَبيّ المكّيّ المقرئ، أبو القاسم. قرأ القرآن وجوده على: شِبل بن عبّاد، ومعروف بْن مِشْكَان، وإِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه بن قُسْطَنْطِين. تلا عليه أبو الحسن أحمد بن موسى بن محمد البزّيّ، وغيره. 260- عليّ بن ثابت الجزري1 د. ت: أبو أحمد نزيل بغداد. عن: جعفر بن بَرْقان، وبُكَير بن مِسْمار، وابن عَوْن، وطائفة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو عُبَيْد، وابن عَرَفَة، وحُمَيْد بن الربيع، والحسين بن الحسن المَرْوَزِيّ. وقال أحمد: ثقة صدُوق، يحدّث ببعض الحديث ثمّ يقطعه ويجيء بآخر. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال الأزْديّ: ضعيف. 261- عليّ بن حمزة بن عبد الله بن بِهْمَن بن فيروز، مولى بني أسد، أبو الحَسَن الأسَديّ الكوفيّ2 الكِسائيّ: شيخ القراء والنُّحاة، نزل بغداد وأدّب الرشيد، ثمّ ولده الأمين. قرأ القرآن على حمزة الزّيّات أربع مرّات، وقرأ أيضًا على مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عرْضا. وروى عن: جعفر الصادق، والأعمش، وسليمان بن أرقم، وأبي بكر بن عيّاش. وتلا أيضًا على عيسى بن عمر الهمداني.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 177"، والتهذيب "7/ 288، 289". 2 الجرح والتعديل "6/ 182"، السير "9/ 131-134".

واختار لنفسه قراءة صارت إحدى القراءات السَّبْع، وتعلّم النَّحْوَ على كِبَر سنّه، وخرج إلى البصْرة، وجالّس الخليلَ فقال له: من أين أخذت؟ قال: ببَوَادي الحجاز، ونجْد، وتِهامَة. فخرج الكسائيّ إلى أرض الحجاز، وغاب مدةً، ثمّ قدم وقد أنفذَ خمسَ عشرةَ قَنّينة حِبْر في الكتابة عن العرب سوى ما حفظ في قلبه. ورجع والخليل قد مات، وجلس يونس بعده، فمرّت بين الكسائيّ وبين يونس مسائل أقرّ له فيها يونس. قال عبد الرحيم بن موسى: سألته لِم سُمِّيت الكِسائيّ؟ قال: لأنّي أحْرَمْتُ في كِساء. وقال الشّافعيّ: من أراد أن يتبحر في النَّحْو فهو عَيَّالٌ على الكِسائي. قال أبو بكر بن الأنباريّ: اجتمع في الكِسائيّ أمورٌ: كان أعلم النّاس بالنَّحْو، وواحَدَهم في الغريب. وكان أوحد النّاس في القرآن، وكانوا يكثرون عليه حتّى لا يضبط عليهم، فكان يجمعهم ويجلس على كرسيّ ويتلو القرآن من أوّله إلى آخره وهم يسمعون، ويضبطون عنه حتّى المقاطع والمبادئ. قال إسحاق بن إبراهيم: سمعتُ الكِسائيّ يقرأ القرآن على النّاس مرتين. وعن خَلَف بن هشام قال: كنت أحضر بين يدي الكِسائيّ وهو يقرأ على النّاس، وينقّطون مَصَاحفَهم على قراءته. قلت: وتلا على الكِسائيّ أبو عَمْر الدُّوريّ، وأبو الحارث اللَّيث بْن خالد، ونصير بن يوسف الرّازيّ، وقُتَيْبة بن مهران الأصبهانيّ، وأبو جعفر أحمد بن أبي سريج، وأحمد بن جبير الأنطاكيّ، وأبو حمدون الطّيّب بن إسماعيل، وأبو موسى عيسى بن سليمان الشيزري. وروى عَنْهُ: أبو عُبَيْد القاسم بْن سلّام، ويحيى الفرّاء، وخَلَف البزار، وعدة. قال خَلَف: أولَمْتُ وليمةً فدعوت الكِسائيّ واليَزِيديّ، فقال اليَزِيديّ: يا أبا الحَسَن، أمورٌ تبلُغُنا عنك ننكر بعضها. فقال الكسائي: أومثلي يخاطَبُ بهذا؟ وهل مع العالم إلا فَضْلُ بُصاقي في العربية. ثمّ بَصَق، فسكت اليَزِيديّ. وللكِسائيّ كُتُب مصنَّفة، منها: كتاب معاني القرآن، ومختصر في النَّحْو، وكتاب في القراءات، وكتاب النوادر الكبير، وتصانيف أُخر.

وقيل: إنّما عُرف بالكِسائيّ لأنّه أيّام قراءته على حمزة كان يلْتَفّ في كساء، فلقَّبه أصحاب حمزة بالكِسائيّ. أبو العبّاس بن مسروق: نا سَلَمة بن عاصم قال: قال الكِسائيّ: صلَّيْتُ بهارون الرشيد، فأعجبتني قراءتي فغلطت في آيةٍ ما أخطأ فيها صبيٌّ قط، أردت أن أقول: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ، فقلت: "يرجعين"، فوالله ما اجترأ الرشيد أن يقول: أخطأت، لكنّه لما سلّم قال: أيُّ لغةٍ هذه؟ قلت: يا أمير المؤمنين قد يعثُرُ الجواد. قال: أمّا هذه فنعم. وعن سَلَمة: سمعتُ الفرّاء: سمعتُ الكِسائيّ يقول: ربّما سبقني لساني باللَّحْن فلا يمكنني أن أرد لساني. وذكر ابن الدَّوْرَقيّ قال: اجتمع الكِسائيّ واليزيديّ عند الرشيد، فحضرت العشاء فقدّموا الكِسائيّ، فارتج عليه قراءة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فقال اليزيدي: قراءة هذه السورة ترتجّ على قارئ أهل الكوفة! قال: فحضرت صلاة فقدموا اليزيدي فارتج عليه في الحمد؛ فلمّا سلم، قال: احْفَظْ لسانك لا يقول فتُبْلَى إنّ البلاء مُوكل بالمنطِق1 وعن خَلَف قال: كان الكِسائيّ يقرأ لنا على المنبر، فقرأ يومًا: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا} [الكهف: 34] . فسألوه عن العِلَّة، فثُرْت في وُجوههم، فَمَحَوْه من كُتُبهم، ثمّ قال لي: يا خَلَف، يكون أحدٌ من بعدي يَسْلَم من اللَّحْن. قال الفرّاء: ناظرت الكِسائيّ يومًا وزدت، فكأنيّ كنت طائرًا يشرب من بحر. وعن الفرّاء قال: إنما تعلّم الكِسائيّ النَّحْو على كِبَر، لأنّه جاء إلى قوم وقد أعيا، فقال: قد عَيَّيْتُ. فقالوا له: تُجالِسُنا وأنت تَلْحن؟ قال: وكيف؟ قالوا: إنّ أردت من التعب فقل أعَيَّيْتُ، وإنّ انقطعت الحيلةُ في الأمر فقل عَيِيت. فأنِفَ من هذا وقام وسأل عمَّن يعلّم النَّحْو، فأُرشِد إلى مُعاذ الهرّاء، فلزِمَه حتّى أنفد ما عنده، ثمّ خرج إلى الخليل. قلت: وقد كان للكِسائيّ عند الرشيد منزلة رفيعة، وسار معه إلى الرَّيّ، فمرض ومات بقرية رَنْبَوَيْه، فلمّا اعتل تمثّل وقال.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 408".

قَدَرٌ أَحَلَّك ذا النخيل وقد رأى ... وأبي ومالك ذو النخيل بدارِ ألا كداركم بذي بقر الحمى ... هيهات ذو بقرٍ من المزوارِ1 ومات ومعه محمد بن الحسن الفقيه، فقال الرشيد لمّا رجع إلى العراق: دفنتُ الفقه والنَّحْو برَنْبَوَيْه. وقال نُصير بن يوسف: دخلت على الكِسائيّ في مرض موته فأنشأ يقول: قَدَرٌ أَحَلَّك. وذكر البيتين، فقلت: كلا، ويُمتع الله الجميع بك. فقال: أين قلتَ ذاك؟ لقد كنت أُقرئ في مسجد دمشق، فأغفيت في المحراب، فرأيتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم داخلا من باب المسجد، فقام إليه رجلٌ، فقال: بحرف من نقرأ؟ فأومأ إلي. قال الدوري: توفي الكسائي بقرية رنبويه، وكذا سماها أحمد بن جبير، وزاد فقال: في سنة تسعٍ وثمانين ومائة. وكذا أرخه جماعة. وقيل: إنه عاش سبعين سنة. وفي وفاته أقوال واهية، سنة إحدى وثمانين، وسنة اثنتين، وسنة ثلاثٍ وسنة خمسٍ وثمانين. وقيل: سنة ثلاثٍ وتسعين، والأول أصحّ. 262- عليّ بن زياد التُّونسيّ الفقيه2: أبو الحَسَن العبسيّ، شيخ المغرب. أصله من بلاد العجم، ومولده بأطرابلس، وكان إمامًا ثقة متعبدًا، بارعًا في العلم. رَحَلَ وسمع من: سُفيان الثَّوْريّ، ومالك، واللَّيْث، وطبقتهم. وسمع قبل أن يرحل من قاضي إفريقيا خالد بن أبي عِمران، فهو أكبر شيخ له.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 414". 2 انظر: ترتيب المدارك "1/ 326".

وصنّف في الفقه كتابًا سمّاه "خيرًا من زِنَته"، يشتمل على البيوع والأنكِحَة. قال أسد بن الفرات: كان عليّ بن زياد من أكابر أصحاب مالك. روى عنه: بُهْلُولُ بن راشد، وسَمُرة التونسيّ، وسَحْنُون، وأسد بن الفرات. وسنذكر في الطبقة الآتية، إنّ شاء الله، عليّ بن زياد الإسكندريّ. 263- عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الهاشِمِيّ العَلوَيّ المدنيّ1 الطبيب. قال أبو حاتم الرّازيّ: سمعتُ داود بن عبد الله الجعفريّ يقول: قال لي عليّ بن عُبَيْد الله بن محمد، وكان أبصرَ النّاس في الطب. وذكر حكاية. 264- علي بن غراب2 ن. ق: أبو الحَسَن، ويقال: أبو الوليد الفَزَاريّ الكوفيّ القاضي. روى عن: إسماعيل بن أبي خالد، وأحوص بن حكيم، وهشام بن عُرْوَة، وعمر مولى عَفْرَة. وعنه: أحمد بن حنبل، وزياد بن أيّوب، والحسين بن الحَسَن المَرْوَزِيّ، ومحمد بن عبد الله بن عمارة، وعدة. قال ابن مَعِين: صدوق. وضعّفه أبو داود. وقال ابن حِبّان: كان غاليًا في التشيُّع، كثير الخطأ. وقال الجوزجانيّ: ساقط. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ أَبُو الشَّعْثَاءِ، نا عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يُسَمَّى كَلْبٌ وَكُلَيْبٌ"3.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 194". 2 الجرح والتعديل "6/ 200"، التهذيب "7/ 371-373". 3 حديث منكر: أخرجه العقيلي "3/ 248"، والخطيب "12/ 46" في تاريخه.

قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: سَمِعْتُ منه مجلسًا. 265- علي ين مجاهد الكِنْديّ الكابُليّ الرّازيّ1 ت: عن: ابن إسحاق، وموسى بن عُبَيْدة، ومِسْعَر، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، وزياد بن أيّوب، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، وجماعة. ووُلّي قضاء الرَّيّ. رماه بالكذِب يحيى بن الضُّرَيس، ومحمد بن مِهران الجمّال. ووثقه ابن حِبّان فالله أعلم. 266- علي بن مسهر ع: أبو الحسن القرشي مولاهم الكوفيّ2 الحافظ، قاضي المَوْصل. وهو أخو عبد الرحمن قاضي جبل. روى عن: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هند، وعاصم الأحول، وزكريا بن أبي زائدة، وأبي مالك الأشجعيّ، وخلْق من هذه الطبقة. وعنه: بِشْر بن آدم، وسويد بن سعيد، وابنا أبي شَيْبَة، وعليّ بن حُجْر، وهناد بن السَّرِيّ، وآخرون. قال أحمد: هو أثبت من أبي معاوية في الحديث. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ: كان ممّن جمع الفقه، والحديث، ثقة. وروى عبّاس، عن ابن مَعِين: كان ثبتًا. وُلّي قضاء أرمينية، فلمّا قدِمَها اشتكى عينَه، فجعل يختلف إليه متطبّب، فقال قاضٍ كان بأرمينية للكحّال: أكحلْه بما يُذهب عينه حتّى أعطيك مالا. ففعل، فذهبت عينُه. فرجع عليّ بن مسهر إلى الكوفة أعمى.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 205"، التهذيب "7/ 377، 378". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 204"، السير "8/ 426-429".

وقال ابن نُمير: دفنَ عليّ بن مُسْهِر كُتُبَه. قلت: تُوُفّي سنة تسعٍ وثمانين ومائة. 267- علي بن نصر بن علي بن صُهْبان1 ع: أبو الحسن الجهضمي البصري والد الحافظ نصر بن عليّ. روى عن: حمزة الزّيّات، وقُرّة بن خالد، وهشام الدُّسْتَوائيّ، وشعبة، والخليل بن أحمد، وعدّة. وعنه: ولده، وأبو نُعَيم، وَمُعَلَّى بن أسد. خرج الستة عن ولده نصْر، عن أبيه. وقد روى القراءات عن: أبي عَمْرو بن العلاء، وأبان بن يزيد العطّار، وهارون بن موسى، وشبل بن عباد. حمل عنه ولده نصر بن علي، وكان من كبار أصحاب الخليل بن أحمد في العربية، وكان صديقا لسيبويه. مات سنة سبع وثمانين ومائة وهو في عشر السبعين. 268- علي بن هاشم بن البريد2 م. ع: أبو الحسن القرشي، مولاهم الخزّاز الكوفيّ. عن: هشام بن عُرْوة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وابن أبي ليلى، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن أَبِي شَيْبَة، وأخوه عثمان، وأحمد بن مَنِيع، والحسن بن حمّاد سَجَّادة، وعبد الله مُشْكَدَانَة، وجماعة. وثقه ابن معين، وغيره. وكان شيعيًا بغيضًا. قال أبو داود: ثَبْتٌ يتشيَّع.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 207"، والتهذيب "7/ 390، 391". 2 الجرح والتعديل "6/ 207، 208"، والميزان "3/ 160".

وقال أحمد بن حنبل: سمعتُ منه مجلسًا واحدًا. وقال ابن حبان: روى المناكير عن المشاهير. قلت: مات سنة إحدى وثمانين ومائة. 269- عمّار بن محمد، أبو اليقظان الثَّوْريّ1 م. ت. ق: أخو سيف، كوفي سكن بغداد. وروى عن: الصَّلْت بن مؤيد، ومنصور بن المُعْتمِر، وليث، والأعمش. وعنه: أحمد بن حنبل، وعمْرو النّاقد، وزياد بن أيّوب، والحسن بن عَرَفَة، ومحمد بن حاتم المؤدِّب. قال ابن عرفة: كان لا يضحك، وكنّا لا نشك أنّه من الأبدال. وقال أبو حاتم، وغيره: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال عليّ بن حُجْر: كان ثبتًا، حُجَّة. وروى عن سُفيان الثَّوْريّ قال: إنّ نجا أحد من أهل بيتي فَعمّار. وقال ابن حِبّان: كان ممّن فحش خلافة، وكثُر وضْعُه حتّى استحقّ التَّرْك. قلت: هو ابن أخت سُفيان. وقع لنا من عواليه في جزء ابن عَرَفَة. مات في المحرَّم سنة اثنتين وثمانين ومائة. 270- عَمْر بن أيّوب العبدي الموصلي2 م. د. ن. ق: أبو حفص. عن: جعفر بن بَرْقان، وابن أبي ليلى، وأفلح بن حُمَيْد، وإبراهيم بن نافع المكيّ. وعنه: أحمد بن حنبل، وداود بن رُشَيد، وأبو سعيد الأشجّ، وأيّوب الوزّان، وعليّ بن حرب، وجماعة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 393"، والتهذيب "7/ 405، 406". 2 الجرح والتعديل "6/ 98، 99"، والتهذيب "7/ 428، 429".

قال يحيى بن معين: ثقة مأمون. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: ما رأيته يذكر الدُّنيا، وكان من أشد الناس حَياء. وذكره أحمد بن حنبل فقال: كانت له هيئة، وجعل يُطْريه. قيل: مات سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. 271- عَمْر بن أبي خليفة حجاج بن عتاب العبدي البصري1 ن: أبو حفص. عن: أبيه، ومحمد بن زياد الْجُمَحّي، وأبي غالب حزوَّر، وعليّ بن زيد، وعدّة. وعنه: خليفة بن خَيّاط، وعمرو بن عليّ، وابن مثنى، وبندار، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وجماعة. قال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال العُقَيْليّ: مُنْكَر الحديث. رَوَى عَنْ: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آخِرُ كَلامٍ فِي الْقَدَرِ لِشِرَارِ أُمَّتِي"2. ويُرْوَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، لَيِّنٍ أَيْضًا. تُوُفّي سنة تسعٍ وثمانين. 272- عُمر بن الدِّرَفْس الغَسَّانيّ الدّمشقيّ3 ق: من رؤساء البلد. عن: عبد الرحمن بن أبي قُسَيْمة، وزُرْعة بن إبراهيم. وعنه: ابنه الوليد، والوليد بن مسلم، وأبو مُسْهِر، وهشام، وابن بنت شرحبيل، وغيرهم.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 106"، والتهذيب "7/ 443". 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن أبي عاصم "1/ 155" في السنن، والعقيلي "3/ 366" في الضعفاء، والحاكم "2/ 473"، وانظر لسان الميزان "4/ 842، 1155". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 107"، والتهذيب "7/ 443، 444".

قال أبو حاتم: صالح ما في حديثه إنكار. 273- عمر بن عبد الرحمن الأبّار1: يأتي بكنيته. 274- عَمْر بن عُبَيْد الطّنَافسيّ الكوفيّ2 الحافظ ع: أخو يَعْلَى، ومحمد، وإبراهيم، وهو أسنّ إخوته. روى عن: آدم بن عليّ، ومنصور، وسِمَاك، وعبد الملك بن عُمَيْر، وجماعة. وعنه: أخواه يَعْلَى، وإبراهيم، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وزياد بن أيّوب، والحسن بن عَرَفَة، وجماعة. وُثّق. وقال أبو حاتم: محلُّه الصَّدْق. قلت: تُوُفّي سنة خمسٍ وثمانين ومائة، وهو أكبر شيخ لقيه محمد بن عبد الله بن نُمير. 275- عمر بن عُبَيْد الخَزَّاز: أبو حفص البصري السابري بياع الخمر3. نزل مكة وجاوز. وحدث عن سُهيل بن أبي صالح. وعنه: أبو عبيد الرحمن المقرئ، والحميدي، وغيرهما. ضعفه أبو حاتم. وقال العُقَيْليّ: في حديثه اضطّراب. 276- عمر بن علي بن عطاء بن مقدَّم4 ع:

_ 1 يأتي ذكره في الكنى. 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 123"، والتهذيب "7/ 480، 481". 3 الجرح والتعديل "6/ 177"، والميزان "3/ 212"، الخمر جمع خمار، وهو ما تلبسه المرأة. 4 الجرح والتعديل "6/ 124"، والتهذيب "7/ 485، 486".

أبو حفص المقدمي، مولى بني ثقيف، بصْريّ حافظ. وهو والد محمد، وعاصم، وعمّ محمد بن أبي بكر الحافظ. روى عن: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وهشام بن عُرْوة، وأبي حازم الأعرج، وخالد الحذّاء، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن عَبَدة، وأحمد بن المقدام، وخليفة بن خيّاط، وحفص الرباليّ، وبندار، وعمرو الفلاس، وطائفة. قال ابن مَعِين: ما به بأس. وقال ابن سعد: ثقة. كان يدلّس تدليسًا شديدًا، يقول: سمعتُ، وثنا، ثمّ يسكت ساعةً، ثمّ يقول: هشام بن عُرْوة، والأعمش. قلت: قد أهمل تدليسَه النّاسُ واحتجوا به في الكتب الستة، مع أَنَّ أَبَا حَاتِمٍ قَالَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة تسعين ومائة. 277- عمرو بن جُمَيْع، أبو المنذر1: قاضي حُلوان. عن: ليث بن أبي سُلَيم، والأعمش، وجُوَيْبر، وابن جُرَيْج. وعنه: الحَكَم بن سُليمان، وشُرَيْح بن يونس، والربيع بن ثعلب، وأبو إبراهيم الترجمانيّ، وآخرون. مُتَّفَقٌ على تركه. قال يحيى بن مَعِين: كان كذابًا خبيثًا. وقال ابن عَدِيّ: يتهم بوضع الحديث. 278- عمرو بن صالح بن المختار الزُّهْريّ2 الفقيه: قاضي رامهرمز.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 224"، والميزان "3/ 251". 2 الجرح والتعديل "6/ 240"، الميزان "3/ 269".

سمع: أبا مالك الأشْجَعيّ، وعُبَيْد الله بن عَمْر. وعنه: محمد بن المثنَّى، وإسماعيل بن عبد الله بن زرارة. وثقه يحيى بن معين. عمرو بن قاسم بن حبيب. 279- أبو عليّ التّمّار الكوفيّ1: مُنْكَر الحديث. روى عن: منصور، ويزيد بن أبي زياد. وعنه: إسماعيل بن موسى الفزاري، ومحمد بن مروان، وعباد بن يعقوب الرواجني، وآخرون. ضعفه ابن عدي. 280- عمرو بن قيس بن بشير الكوفي2: عن أبيه. وعنه: أبو نعيم، وإبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن مهران الجمال، وأبو سعيد الأشج. وثقه أبو حاتم. وقال ابن معين: لا شيء. 281- عمرو بن النُّعمان بن جَبَلَة الباهليّ البصْريّ3 ق: عن: عليّ بن الحزور، وعُبَيْد الله بن أبي زياد، وسُليمان التَّيْميّ، وجماعة. وعنه: زيد بن الحُباب، وعيسى بن إبراهيم البركيّ، وحُمَيْد بن مَسْعَدة، وأحمد بن عَبْدة. قال أبو حاتم: صدوق لَا بأس به.

_ 1 الميزان "3/ 284". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 255"، الميزان "3/ 284". 3 الجرح والتعديل "6/"، التهذيب "8/ 110".

282- عِمران بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى1 ن. ق: عن والده. وعنه: ابنه محمد، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وسَهْل بن عثمان. ذكره ابن حِبّان في الثقات. 283- عنبسة بن عبد الواحد بن أُميّة بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن العاص، أبو خالد الأمويّ الكوفيّ2 الأعور. د: عن: عبد الملك بن عُمَيْر، وبيان بن بِشْر، وهشام بن عُرْوة، وطائفة. وعنه: شُرَيْح بن يونس، وعبد الله بْن عُمَر بْن أبان، وأبو عُبَيْد، القاسم، وإبراهيم بن موسى الرّازيّ، وأبو هَمَّام السَّكُونيّ. وثقه أبو حاتم وغيره. 284- عُوَيْدُ بن أبي عمران الجوني3: روى عن أبيه. وعنه: أحمد بن أيّوب بن راشد، ومحمد بن المثنَّى، ونصر الْجَهْضَميّ. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. 285- عيسى بن حنيفة، أبو عَمْرو الكِنْديّ4: عن: مالك بن دينار، ومحمد بن واسع، ويزيد الرَّقاشيّ، وفرقد السَّبْخيّ، وحُمَيْد الطّويل. وعنه: الحسين بن عمرو العنقزي، وأبو سعيد الأشج.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 305"، التهذيب "8/ 137". 2 الجرح والتعديل "6/ 401"، والتهذيب "8/ 161، 162". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 45"، الميزان "3/ 304". 4 الجرح والتعديل "6/ 274".

ذكره أبو حاتم وما تكلّم فيه، وكأن محلَّه الصَّدْق. 286- عيسى بن سَوَادة بن الجعْد النخعي الكوفيّ1: نزيل الرَّيّ. عن: الزُّهْريّ، ومحمد بن المُنْكَدر، وعمرو بن دينار، وليث بن أبي سُلَيم، وجماعة. وعنه: هشام بن عُبَيْد الله، وزُنَيج، وأبو سعيد الأشجّ، وعمرو بن رافع، ويوسف بن واقد، وآخرون. ضعفه أبو حاتم. 287- عيسى بن موسى2 ق: أبو أحمد البخاريّ الأزرق الحافظ، ولقّبوه غُنْجارًا لحُمرة وجهه. سمع: أبا حمزة السُّكَّريّ، وسفيان الثوري، وعيسى بن عبيد الكندي، وورقاء بن عَمْر، وخلقًا. وعنه: بُجَيْر بن النَّضْر، ومحمد بن أُميّة السّاويّ، ومحمد بن سلام البِيكَنْدِيّ، وإسحاق بن حمزة البخاريّ، وآخرون. قال الحاكم: هو إمام عصره. طلب العلم على كِبَر سنِّه، ورحل، وهو في نفسه صدُوق. تتبَّعْتُ رواياته عن الثقات فوجدتُها مستقيمة. قال: وروى عن أكثر من مائة شيخ من المجهولين. قُلْتُ: فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي أَوَّلِ بَدْءِ الْخَلْقِ عَقِيبَ حَدِيثِ: "كَانَ اللَّهُ وَلا شَيْءَ غَيْرُهُ" 3. وروى عيسى، عن رَقَبَة، عن قيس بن مسلم، عن طارق: سمعتُ عمرًا، كذا في الصحيح. وقد سقط بين عيسى وبين رَقَبَة رجلٌ وهو أبو حمزة السُّكَّريّ، وبهذا

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 277"، والميزان "3/ 312". 2 الجرح والتعديل "6/ 285، 286"، التهذيب "8/ 232-234". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4/ 73"، "4/ 129"، والطبراني "18/ 203" في الكبير، والطبري "1/ 38"، في تاريخه، وغيرهم.

الإسناد نسخة عند غُنْجار، ولم يَلْقَ رَقَبَة. مات غُنْجار في آخر سنة ستٍ وثمانين ومائة، وله نسخة عند ابن طَبَرْزَد ليست بالعالية. وقال الدَّارَقُطْنيّ: عيسى غُنْجار لا شيء. 288- عيسى بن يونس بْن أَبِي إسحاق عَمْرو بْن عَبْد الله السبيعي1 ع: أبو عمر الكوفي الحافظ، أحد الأئمة الأعلام، وشيخ الإسلام. نزل الثغر بالحديث مُرابطًا في سبيل الله، وهو أصغر من أخيه إسرائيل. رأى جدّه، وسمع: أباه، وهشام بن عُرْوة، وحُسينًا المعلم، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، والْجُرَيريّ، ومُجالدًا، وزكريا بن أبي زائدة، وعمرو بن سعيد بن أبي حسين، وعمرو مولى عَفْرَة، وخلْقًا سواهم. وعنه: حمّاد بن سَلَمة أحد شيوخه، وإسحاق بن راهَوَيْه، وأحمد، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وأبو بكر بْن أبي شَيْبَة، وسُفيان بن وكيع، وعليّ بن حُجْر، وعليّ بن خَشْرَم، ونصر بن عليّ، والحسن بن عَرَفَة، وأُمم. سُئِلَ عنه ابن المَدِينيّ فقال: بخٍ بخٍ، ثقة مأمون. وقال يعقوب السَّدُوسيّ: نا إبراهيم بن هاشم: سمعتُ بِشْر بن الحارث يقول: كان عيسى بن يونس يعجبُه خطّي، ويأخذ القِرْطاس فيقرأه. فكتبت من نسخة قوم شيئًا كان ليس من حديثه، فكأنّهم لمّا رأوا إكرامه أدخلوا عليه أحاديث، فجعل يقرأ عليّ ويضرب على تلك الأحاديث، فغمني ذلك. فقال: لا يغمك، لو كان وَاوًا ما قدروا أن يدخلوا هذا عليّ. وقال أحمد بن داود الحرّانيّ: سمعتُ عيسى بن يونس يقول: لم يكن في أسناني أحد أبصر بالنَّحْو منّي. فدخلني منه نخْوَة فتركته. قال أحمد بن حنبل: الذي كنّا نخبر أنّ عيسى بن يونس كان سنةً في الغزو وسنةً في الحجّ، وقد قدِم بغداد في شيءٍ من أمر الحصون، فأمر له بمال، فأبى أن يقبله.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 291، 292"، والسير "8/ 430-435".

وقال أحمد بن جَناب: غزا عيسى بن يونس خَمْسًا وأربعين غزوة، وحجّ خمسًا وأربعين حجّة. وقال جعفر البرمكيّ: ما رأيت في القُرّاء مثل عيسى بن يونس. وذُكر أنه عُرض عليه مائة ألف درهم فقال: والله لا يتحدّث أهل العلم أنّي أكلتُ للسُّنّة ثمنًا. قال الوليد بن مسلم: ما أبالي من خالفني في الأوزاعيّ، ما خلا عيسى بن يونس، فإنّي رأيت أخذه أخذًا مُحكمًا. وقال ابن مَعِين: رأيتُ عيسى بن يونس وعليه قِباءٌ محشُوّ وخُفّان أحْمَران، يعني أنّه كان بلباس الأجناد. قال الوليد بن مسلم: أفضل مَن بَقِيّ من علماء العرب أبو إسحاق الفَزَاريّ، وعيسى بن يونس، ومَخْلَد بن الحسين. وقال محمد بن عُبَيْد الطَّنَافِسِيّ: يا أصحاب الحديث، ألا تكونون مثل عيسى بن يونس، كان إذا جاء إلى الأعمش ينظرون إلى هَدْيه وسَمْتَه. قال وكيع: وذكر عيسى: ذاك رجلٌ قد قهر العِلْم. وقال أبو زُرْعة: حافظ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: حُجّة، هو أثبت من أخيه إسرائيل. وقال ابن سعد: ثِقة ثَبت. وسُئل أحمد بن حنبل عن عيسى بن يونس فقال: عيسى يُسأل عنه؟ قال محمد بن المنذر الكِنْديّ إنّ المأمون جاء إلى عيسى بن يونس فسمع منه، وأعطاه عشرة آلاف دِرهم، فردها وقال: ولا شُربة ماء عَلَى حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أحمد بن جَنَاب: مات عيسى سنة سبعٍ وثمانين ومائة، وكذا أرّخه سُليمان بن عَمْر الرَّقّيّ، وعليّ بن بحر، وعبد الله بن جعفر. وقال محمد بن مُصَفَّى: مات في نصف شعبان سنة ثمان وثمانين ومائة، وفيها أرّخه المدائنيّ، ومحمد بن المثنَّى، وأبو داود. وقال ابن سعد، وغيره: مات سنة إحدى وتسعين ومائة.

"حرف الغين": 289- غسان بن مُضَر الأزْديّ النَّمِريّ البصْريّ المكفوف1 س: عن: أبي سَلَمة سعيد بن يزيد ليس إلا. وعنه: أحمد، وشباب، والفلاس، ومحمد بن المثنَّى، ونصر بن عليّ، وعدّة. قال: أحمد: ثقة، ثقة. وقال: كان شيخًا عسِرًا. وقال أبو حاتم: لا بأس بِهِ، صالح الحديث. قيل: مات سنة أربعٍ وثمانين ومائة. خرّج له "س": "الصلاة في النعلين" 2. "حرف الفاء": 290- الفرج بن سعيد، وأبو رَوْح المأربيّ3: عن: عمّه ثابت، وعن خالد بن عَمْرو بن سعيد الأشدق. وعنه: محبوب بن موسى الفرا، والحُمَيْدِيّ، وغيرهما. 291- فَضَالَةُ بن حُصَين الضّبيّ4، أبو معاوية: شيخ بصْريّ. له عن: حُمَيْد الطويل، ويزيد بن نَعَامة، ويونس بن عُبَيْد. وعنه: نُعَيم بن حمّاد، ومحمد بن أبي بكر المُقَدميّ، وإبراهيم بن موسى. قال أبو حاتم: مضطرب الحديث؛ وكذا قال البخاري.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 51"، والتهذيب "8/ 247". 2 حديث صحيح: أخرجه النسائي "2/ 74". 3 الجرح والتعديل "7/ 86"، والتهذيب "8/ 260". 4 انظر: الجرح والتعديل "7/ 125"، والميزان "3/ 348".

292- الفضل بن عثمان، أبو محمد المُراديّ الكوفيّ الصَّيرفيّ1: عن: الزُّهْريّ، وأبي الزُّبَير. وعنه: أبو كُرَيِب، ومحمد بن عُبَيْد المحاربيّ. ما يكاد يعرف. 293- فضيل بن سليمان النميري2 ع: أبو سليمان البصري. روى عن: أبي حازم الأعرج، وعمرو بن أبي عَمْرو، وموسى بن عُقْبة، وخَيْثم بن عراك، وطبقتهم. وعنه: علي بن المديني، وخليفة بن خيّاط، وأحمد بن عَبْدة، وأحمد بن المقدام، ونصر الْجَهْضَميّ، والفلاس، ومحمد بن موسى الحَرَشيّ، وآخرون. قال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال ابن معين: ليس بثقة؛ رواه عبّاس الدُّوريّ، عنه. وقال أبو زُرْعة: لين. وقال النَّسائيّ: بصري، ليس بالقويّ. قلت: قد احتجّ به الجماعة. مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين، وقيل سنة ستٍّ وثمانين ومائة. 294- فُضَيْلُ بن عياض بن مسعود3 الأستاذ الإمام خ. م. د. ن: شيخ الإسلام، أو عليّ التّميميّ، ثمّ اليَرْبُوعيّ المَرْوَزِيّ، الزّاهد. عن: منصور، وبيان بن بِشْر، وأبان بن أبي عيّاش، وحُصَيّن بن عبد الرحمن، ويزيد بن أبي زياد، وعطاء بن السائب، وعُبَيْد الله بن عَمْر، وهشام بن حسّان، وصَفْوان بن سليم، وأبي هارون العبدي، والأعمش.

_ 1 يعمل بالصيرافة، وهي تجارة العملة، ولم نقف عليه. 2 الجرح والتعديل "7/ 72"، والتهذيب "8/ 291، 292". 3 الجرح والتعديل "7/ 73"، والسير "8/ 372-390".

وعنه: سفيان الثوري، وهو أكبر منه، وابن عُيَيْنَة، وابن المبارك، ويحيى القطّان، وحسين الْجُعْفيّ، وابن مهديّ، والشيزريّ، ومُسَدَّد، وقُتَيْبة، ويحيى بن يحيى، وبشر الحافي، والقعنبيّ، ويحيى بن أيّوب، وأحمد بن المقدام العِجْليّ، وخلْق سواهم. وكان إمامًا، ثقة، حُجّةً، زاهدًا، عابدًا، نبيهًا، صمدانيًا، كبير الشأن. قال ابن سعد: وُلد الْفُضَيْلُ بخراسان بكورة أبيورد، وقدِم الكوفةَ وهو كبير، فسمع من منصور، وغيره: ثمّ تعبَّد ونزل مكّة، وكان ثقة نبيلا، فاضلا، عابدًا، كثير الحديث. وقال إبراهيم بن الأشعث وغيره: سمعناه فُضَيْلا يقول: وُلدت بسمرقَنْد. وقال أبو عبد الرحمن السُّلميّ: أنا أبو بكر محمد بن جعفر: نا الحسين بن عبد العزيز العسكريّ، كذا قال وصوابه ابن عبد الله العسكريّ، قال: ثنا ابن أخي أبي زُرْعة، ثنا محمد بن إسحاق بن راهَوَيْه، نا أبو عمّار، عن الفضل بن موسى قال: كان الفُضَيّل بن عِياض شاطرًا يقطع الطريق بين أبِيوَرْد وسَرْخَس، وكان سبب توبته أنّه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الْجُدران إليها سمع رجلا يتلو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: 16] فقال: يا ربّ قد آن، فرجع. فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها رفقة، فقال بعضهم: ترتجل؟ وقال قوم: حتى نُصْبح، فإنّ فُضَيْلا على الطريق يقطع علينا. فتاب الْفُضَيْلُ وأمّنهم. وجاور بالحَرَم حتّى مات1. إبراهيم بن اللَّيْث النَّخْشبيّ: نا عليّ بن خَشْرم: أخبرني رجل من جيران الْفُضَيْلِ من أبِيوَرْد قال: كان الْفُضَيْلُ يقطع الطريق وحده، فبينا هو ذات لَيْلَةٍ وقد انتهت إليه القافلة، فقال بعضهم: اعدِلوا بنا إلى هذه القرية، فإن الفُضَيْل يقطع الطريق، فسمع ذلك وأرعد، فقال: يا قوم جُوزوا، والله لأجتهدن أن لا أعصي الله. وجاء نحوها من وجهٍ آخر فيه جَهْضَم، وهو ساقط. وبالجملة فالشِّرْك أعظم من كل إفْك، وقد أسلَم خلقٌ صاروا أفضل هذه الأمَّة، نسأل الله أن يأخذ بنواصينا إلى طاعته، فإنّ قلوب العباد بيده يصرفها كيف يشاء.

_ 1 وفيات الأعيان "4/ 47".

قال ابن عيينة، والعجلي، وغيرهما: فضيل ثقة. وقال أبو حاتم: صدُوق. وقال إبراهيم بن شمّاس: قال ابن المبارك: ما بَقِيّ على ظهر الأرض عندي أفضل من الْفُضَيْلِ بن عِياض. وقال أحمد بن عبّاد التّميميّ المَرْوَزِيّ: سمعتُ النَّضْر بن شُمَيْلٍ: سمعتُ هارون الرشيد يقول: ما رأيت في العلماء أهْيَبَ من مالك، ولا أورع من الْفُضَيْلِ. وقال إبراهيم بن سعيد: قال لي المأمون: قال لي الرشيد: ما رأت عيناي مثل فُضَيْلِ بن عِياض. دخلْت عليه فقال لي: يا أمير المؤمنين، فرّغ قلبَك للحزن والخوف حتّى يسكناه، فيقطعاك عن المعاصي، ويُباعداك من النّار1. عن ابن أبي عَمْر العنسي قال: ما رأيت بعد الْفُضَيْلِ أعْبَدَ من وكيع2. وعن شريك قال: إنّ فُضَيْلَ بن عِياض حُجّة لأهل زمانه. وقال الهيثم بن جميل نحوه. قال إبراهيم بن الأشعث: رأيت سُفيان بن عُيَيْنَة يُقبل يد الْفُضَيْلِ بن عِياض مرّتين. وقال مَرْدَوَيْه الصّائغ: قال لي ابن المبارك: إنّ الْفُضَيْلَ صَدَق الله فأجرى الحكمة على لسانه، وهو ممّن نفعه الله بعِلمه. وقال مَرْدَوَيْه: وقال لي رَباح بن خالد: إنّ ابن المبارك قال له: إذا نظرتُ إلى فُضَيْلِ بن عِياض جدّد لي الحزنَ ومَقَتُّ نفسي. ثم بكى3. وعن ابن المبارك قال: إذا مات الْفُضَيْلُ ارتفع الحُزْن. وقال أبو بكر الصُّوفيّ: سمعتُ وَكِيعًا يقول يوم مات الْفُضَيْلُ: ذهب الحُزْن اليوم من الأرض4. وقال يحيى بن أيّوب: دخلت مع زافر بن سُليمان على الْفُضَيْلِ بن عِياض بالكوفة، فإذا الْفُضَيْلُ وشيخ معه، فدخل زافر، وأقعدني على الباب.

_ 1، 2 السير "8/ 387". 3، 4 السابق.

قال زافر: فجعل الْفُضَيْلُ ينظر إلي، ثمّ قال: يا أبا سُليمان هؤلاء المُحَدِّثين يُعجبهم قُربُ الإسناد، ألا أخبرك بإسنادٍ لا شكّ فِيهِ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ جِبْرِيلَ، عَنِ الله تعالى: {نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} [التحريم: 6] فأنا وأنتَ يا أبا سُليمان من النّاس. قال: ثمّ غشي عليه وعلى الشّيخ، وجعل زافر ينظر إليهما، ثمّ تحرّج الْفُضَيْلُ فقمنا، والشيخ مغشي عليه1. إبراهيم بن الأشعث: كنّا إذا خرجنا مع الْفُضَيْلِ في جنازة لا يزال يعِظ ويُذكِّر ويبكي لَكَأَنّه مُوَدِّعٌ أصحابَه، ذاهبٌ إلى الآخرة، حتّى يبلغ المقابر، فيجلس فَكَأَنّه بين الموتى في الحُزْن والبكاء. قال سهل بن راهَوَيْه: قلت لسفيان بن عُيَيْنَة: ألا ترى إلى أبي عليّ، يعني فُضَيْلا، لا تكاد تجفّ له دمعه. قال سُفيان: إذا قَرح القلب نَدِيَت العَيْنان، ثمّ تّنهد سُفيان2. قال عبد الصّمد مَرْدَوَيْه الصائغ: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: إذا علم الله من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له وإنْ قَلّ عملُه. وقال: إنّ الله يَزْوي عن عبده الدنيا ويُمرّرها عليه، مرةً يجوع، ومرة يعرى، كما تصنع الوالدة بولدها، مرَّة صبرًا، ومرّة بُغضًا، ومرّة مراعاة له، وبذلك ما هو خيرٌ له. وفي المجالسة للدِّيَنَوَرِيّ: نا يحيى بن المختار: سمعتُ بِشْر بن الحارث يقول: كنتُ بمكة مع الْفُضَيْلِ بن عِياض، فجلس معنا إلى نصف الليل ثمّ قام يطوف إلى أن قلت: يا أبا عليّ، ألا تنام؟ قال: ويْحك، وهل أحدُ يسمع بذِكر النّار تطِيب نفسُه أن ينام. وقال الأصمعي: نظرت الفضيل بن عياش أن رجلا يشكوا إلى رجل فقال: تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك3.

_ 1 السير "8/ 387". 2 السير "8/ 387". 3 السير "8/ 387".

وقيل سُئل الْفُضَيْلُ: متى يبلغ المرء غاية حب الله؟ قال: إذا كان عطاؤك إيّاه ومنه سواء. وعنه قال: تَرْك العمل من أجل النّاس رِياء، والعمل من أجل النّاس شِرْك، والإخلاص أن تُعَافَى منهما1. وقال يونس بن محمد المكّيّ: قال فُضَيْلٌ لرجل: لَأعلمنَّك كلمةً خير لك من الدنيا وما فيها. والله لئن علِم الله منك إخراجكَ الأدميّين من قلبك حتّى لا يبقى في قلبك مكان لغيره، ثم تسأله شيئًا إلا أعطاك. وعن فضيل قال: ما أدري ما أنا، أكذّابٌ أم مُرائي. وروى عليّ بن عثام: قال الْفُضَيْلُ: ما دخلت على أحدٍ إلا خفتُ أن أتصنّع له، أو يتصنّع لي. قال أحمد بن أبي الحواريّ: ثنا محمد بن إسحاق قال: أتينا الفضيل بن عِياض نسمع منه، قال: لقد تعوّذتُ بالله من شرِّكم. قلنا: ولم يا أبا عليّ؟ قال: أكره أن تزيّنوا لي وأتزيّن لكم. قال ابن أبي الحواريّ، ونا أبو عبد الله الأنطاكيّ قال: اجتمع فُضَيْلٌ، والثَّوْريّ فتذاكروا، فرق سُفيان وبكى، ثمّ قال لِفُضَيْلٍ: أرجو أن يكون هذا المجمع علينا رحمة وبركة. فقال له الْفُضَيْلُ: لكنّي يا أبا عبد الله أخاف أن يكون أضرّ علينا من غيره. ألستَ تخلّصت إلى أحسن حديثك، وتخلَّصتُ أنا إلى أحسن حديثي، فتزيّنتُ لك، وتزيّنتُ لي. فبكى سُفيان وقال: أحْييتني أحياك الله2. وقال الفَيض بن إسحاق: قال لي الْفُضَيْلُ: لو قيل لك يا مُرائي غضبتَ وَشُقَّ عليك وعسى ما قيل لك حقّ، تزيّنت للدنيا، وتصنّعت لها، وقصَّرت ثيابك، وحسّنتَ سمتك، وكففت أذاك حتّى يقولوا: أبو زيد عابد، ما أحسن سَمْتَه، فيُكرمونك، وينظرونك، ويُهدون إليك مثل الدِّرْهم السُّتُّوق، لا يعرفه كل أحد، فإذا

_ 1 السير "8/ 377". 2 السير "8/ 387".

قشروا، قشروا عن نحاس، ويْحك، ما تدري في أي الأصناف تُدْعَى غدًا1. ابن مسروق: سمعتُ السَّريّ بن المُغَلّس: سمعتُ الْفُضَيْلَ بن عِياض يقول: من خاف الله لم يضره شيء، ومن خاف غير الله لم ينفعْه أحد. الفَيْض بن إسحاق الرَّقّي: سمعتُ الْفُضَيْلَ. وسُئل: ما الخلاص؟ قال: أخبرني، من أطاع الله هل تَهُمُّه مَعْصية أحد؟ قال: لا. قال: فمن يعصي الله تنفعه طاعة أحد؟ قال: لا. قال: هذا الخلاص2. قال إبراهيم بن الأشعث: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: بلغني أن العلماء فيما مضى كانوا إذا تعلّموا عمِلوا، وإذا عمِلوا شُغِلُوا، وإذا شُغِلُوا فُقِدوا، وإذا فُقِدوا طُلبوا فإذا طُلِبوا هربوا3. وقال مَرْدَوَيْه: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: رحم الله امرأً أخطأ وبكي على خطيئته قبل أن يرزق بعلمه. وقال الفَيض بن إسحاق: قال الْفُضَيْلَ: أخلاق الدنيا والآخرة أن تصلَ مَن قَطَعَك، وتُعطي من حَرَمك، وتعفُوَ عمَّن ظلمك. وعنه قال: ما أجدُ راحة ولا لذّة إذا خَلَوْتُ. وعنه قال: كفى بلله محبًا، وبالقرآن مؤانسًا، بالموت، واعظًا، اتّخذ الله صاحبًا، ودَع النّاسَ جانبًا. كفى بخشية الله عِلْمًا، وبالاعتذار جهلا. رهبةُ المؤمن الله على قدر علْمه بالله، وزهادتُه في الدنيا، على قَدْر شَوقه إلى الجنّة. قال إبراهيم بن الأشعث خادم الْفُضَيْلِ: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: لو أنّ الدنيا عرضت عليّ حلالا أحاسَب عليها لَكُنْتُ أتقذَّرُها كما يتقذر أحدكم الجيفة. وسمعته يقول: من ساء شان دِينه، وحَسَبُه، ومروءته. وقال: لن يهلك عبد حتى يؤثر بشهوته على دينه.

_ 1 السير "8/ 387، 388" مختصرًا. 2 الحلية "8/ 89". 3 الحلية "8/ 88".

خِصْلتان تقسّيان القلب: كثرة الكلام، وكثرة الأكل. أكذب الناس العائد في ذنبه، وأجهل الناس الْمُدِلُّ بحَسَناته، وأعلم النّاس بالله أخْوَفُهُم منه. وعنه قال: أمْس مَثَلٌ، واليوم عَمَلٌ، وغدًا أمَلٌ. قال فيض بن إسحاق الرَّقّيّ: قال الْفُضَيْلُ: ما يَسُرُّني أن أعرف الأمرَ حقّ معرفته إذا طاش عقلي. إبراهيم بن الأشعث: سمعتُ الْفُضَيْلَ، وقال له رجل: كيف أمسيت، وكيف حالُك؟ قال له: عن أيّ حال تسأل؟ حال الدنيا، أو حال الآخرة؟ أمّا الدنيا فإنّها مالت بنا، وذهبت كلَّ مَذْهب، والآخرة، فكيف ترى حال من كثرت ذنوبه، وضعُف عملُه، وفني عُمره، ولم يتزوّد لِمَعَاده1. الفيْض بن إسحاق. سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: إذا أراد الله أن يُتْحفَ العبدَ سلَّط عليه من يظلمه. الأصمعيّ: قال الْفُضَيْلُ: إذا قيل لك: أَتخاف الله؟ فاسكُتْ. فإنك إنّ قلت لا، أتيتَ بأمرٍ عظيم، وإنّ قلت: نعم، فالخائف لا يكون على ما أنت عليه. وعن الْفُضَيْلِ: يا مسكين، أنت مُسيء، وترى أنّك محسِن، وأنت جاهل، وترى أنك عالِم، وأنت بخيل، وترى أنّك كريم، وأنت أحمق، وترى أنّك عاقل، وأجلُك قصير، وأمَلُك طويل. قلت: صدق الله. وأنت ظالم، وترى أنّك مظلوم، وأنت فاسق، وترى أنك عادل، وأنت آكل للحرام، وترى أنّك متورِّع. محرز بن عَوْن: أتيت الْفُضَيْلَ وسلمت عليه، فقال: وأنت أيضًا من أصحاب الحديث؟ ما فعل القرآن؟ والله لو نزل حرف باليمن لكَان ينبغي أن تذهب حتّى تَسمعه؛ والله لأن تكون راعي الحُمُر وأنت طائع، خيرٌ لك من أن تطوف بالبيت وأنت عاص.

_ 1 الحلية "8/ 85، 86".

إسحاق بن إبراهيم الطّبريّ: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: لو طلبت منّي الدنانير كان أيْسَرَ من أن تطلب منّي الأحاديث. فقلت: لو حدّثتني بأحاديث كان أحبّ إلي من عِدّتها دنانير. قال: أنت مفتون: أما والله لو عملتَ بما سمعت لكان لك في ذلك مُنْشَغلٌ عمّا لم تسمع، سمعتُ سُليمان بن مهران يقول: إذا كان بين يديك طعام فتأخذ اللُّقْمة وترمي بها خلفَ ظهرك، فمتى تشبع؟ عبّاس الدُّوريّ: ثنا محمد بن عبد الله الأنباريّ: سمعتُ فُضَيْلا يقول: لما قدِم هارون الرشيد إلى مكّة، قعد في الحِجْر هو وولده وقومٌ من الهاشميّين، وأحضروا المشايخ. فبعثوا إليَّ، فأردت أن لا أذهب، واستشرت جاري فقال: اذهب، لعله يريد أن تحدّثه أو تَعِظه. فدخلت المسجدَ فلمّا صرت إلى الحِجْر قلت لأدناهم إلي: أيُّكم أميرُ المؤمنين؟ فأشار إليه، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فردّ علي وقال: أقعد. ثمّ قال: إنّما دعوناك لتحدثنا بشيءٍ وتعِظنا. قال: فأقبلت عليه وقلت: يا حَسَن الوجه، حِسَابُ الخلق كلّهم عليك. قال: فجعل يبكي ويشْهق، فرددت عليه وهو يبكي، حتّى جاء الخادم، فحملوني وأخرجوني، وقالوا: اذهب بسلام1. وقال محرز بن عَوْن: كنت عند الْفُضَيْلِ، وأتى هارون، ويحيى بن خالد، وولده جعفر، فقال له يحيى: هذا أمير المؤمنين يا أبا عليّ يُسلّم عليك. قال: أيُّكم هو؟ قالوا: هذا قال: يا حسَن الوجه، لقد طُوِّقْتَ أمرًا عظيمًا؛ وكررها. ثمّ قال: حدَّثني عُبَيْد المكتّب، عن مجاهد في قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 199] قال: الأوصال التي كانت في الدنيا، وأَوْمَأ بيده إليهم. قال مَرْدَوَيْه: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: لو كانت لي دعوة مُسْتَجابة ما صيّرتها إلا في الإمام، لو صيرتُها في نفسي لم تُنْجِدْني، ومتى صيّرتها في الإمام إصلاح العباد والبلاد. وعنه قال: لو كان دخولي على الخليفة كلّ يوم لكَلَّمُته في عُلماء السّوء، أقول:

_ 1 السير "8/ 388، 389".

يا أمير المؤمنين لا بدّ للناس من راع، ولا بدّ للراعي من عالِم يشاوره، ولا بدّ له من قاضٍ ينظر في أحكام المسلمين، وإذا كان لا بد من هذين فلا يأتِك عالِمٌ ولا قاضٍ إلا على حمال بأَكافٍ، فبالْحَرِيّ، أن يؤدّوا إلى الرّاعي النّصيحة. يا أمير المؤمنين متى تطمع العلماء والقضاة أن يؤدُّوا إليك النصيحة ومركب أحدِهم كذا وكذا. قال فُضَيْلُ بن عبد الوهّاب: سمعتُ الْفُضَيْلَ بمكة يقول لهم: لا تُؤذوني ما خرجت إليكم. حتّى بال نحوًا من ستّين مرة. قال محمد بن زنبور المكّي وغيره: أُحصِر بَوْلُ الْفُضَيْلِ، فرفع يديه وقال: الَّلهُمّ بحبي لك إلا ما أطلقته، فما رُحْنا حتّى بال1. قال عبد الله بن خُبَيْق: قال الْفُضَيْلُ: تباعدْ من القُرّاء، فإنّهم إنّ أحبّوك مدحوك بما ليس فيك، وإنّ غضِبوا شهِدوا عليك وَقُبِلَ منهم. قال قُطْبة بن العلاء: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: آفة القُرّاء الْعُجْبُ. قال إبراهيم بن الأشعث: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: أكذب النّاس العائد في ذنبه، وأجهل الناس المدل بحسناته، وأعلم النّاس أخْوَفُهم من الله. قال مَرْدَوَيْه: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: إذا علم الله من رجلٍ أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له وإنْ قلّ عملُه. من جلس مع مُبتدع لم يُعط الحكمة. قال المفضّل الْجَنَدِيّ: نا إسحاق بن إبراهيم الطّبريّ: ما رأيت أحدًا كان أخْوَف على نفسه ولا أرجى للناس من الفضيل. كانت قراءته حزينة، شبهة، بطيئة، مترسلة، كأنه يخاطب إنسانًا، إذا مرّ بآية فيها ذِكْر الجنّة، تردّد فيها وسأل، وكانت صلاته باللّيل، أكثر ذلك قاعدّا، يُلقى له حصير، فيصلّي من أول الليل ساعة، ثمّ تغلبه عينُه، فينام قليلا ثمّ يقوم، فإذا غلبه النومُ نام، ثم يقوم، هكذا حتّى يصبح2. وكان دأبُه إذا نعس أن ينام، وكان شديد الهيبة للحديث إذا حدّث، وكان يثقل عليه الحديث جدًا.

_ 1 الحلية "8/ 109". 2 الحلية "8/ 86".

وعن فضيل قال: لو خيرت بني أن أُبعث فأدخل الجنّة وبين أن لا أُبعث لاخترت أن لا أُبعث. قال أبو الشّيخ: نا أبو يحيى الداريّ، نا محمد بن عليّ بن شقيق، نا أبو إسحاق قال: قال الْفُضَيْلُ بن عِياض: لو خُيِّرتُ بين أن أكون كلبًا ولا أرى يوم القيامة، لاخترتُ ذلك1. إبراهيم بن الأشعث: سمعتُ الْفُضَيْلَ يقول: الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحيحًا، فإذا نزل به الموت، فالرجاء أفضل. وقال: من استوحش من الوحدة وأنِس بالناس لم يَسلم من الرّياء. وقال الفَيْض: سمعته يقول: لا حَجّ ولا جهاد أشدّ من حبْس اللسان، وليس أحد أشدّ غمًّا ممّن سجنه لسانه. قلت: لِلْفُضَيْلِ ترجمة في "تاريخ دمشق" وفي "الحلية". وكان يعيش من صلة ابن المبارك ونحوه من الإخوان، ويمتنع عن جوائز السلطان. وعن هشام بن عمّار قال: تُوُفّي الْفُضَيْلُ رحِمه الله يوم عاشوراء سنة سبْعٍ وثمانين ومائة. وفيها أرّخه يحيى بن المَدِينيّ، وجماعة. وعن رجلٍ قال: كنّا جُلُوسًا مع فُضَيْلِ بن عِياض، فقلنا له: كم سِنُّك؟ فقال: بلغت الثمانين أو جُزْتُها ... فماذا أُؤَمِّلُ أو أنتظر علَّتْني السِّنُون فأبلينني ... فدقّ العظْم وَكَلَّ البصَرْ2 295- فُضَيْلُ بن عِياض الصَّدفيّ المصريّ3: من طبقة الأعمش، وإنّما ذكرته هنا للتمييز. حَدّث عن: أبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن. روى عنه: حَيْوَة بن شُرَيْح، وعبد الله بن لهيعة، وغيرهما.

_ 1 الحلية "8/ 84". 2 صفة الصفوة "2/ 239". 3 انظر: الميزان "3/ 362"، والتهذيب "8/ 297".

"حرف القاف": 296- قدامة بن شهاب المازنيّ البصْريّ1 ن: عن: بُرْد بن سِنان، ويحيى البكّاء، وأمّ داود الوابشيّة التي رأت عليًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وعن جماعة. وعنه: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، ويوسف بن موسى، والحسن بن عَرَفَة، وآخرون. قَالَ أَبُو زُرْعة: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 297- قُرّان بن تمّام الأسَديّ الكوفيّ2 د. ت. ن: حدَّث عن: جميل بن أبي صالح، وهشام بن عُرْوة، وموسى بن عُبَيْدة وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن مَنيع، وعليّ بن حُجْر، وسعيد بن محمد الجرميّ، والحسن بن عَرَفَة. وثقه أحمد. وكان يبيع الدّوابّ. تُوُفّي سنة إحدى وثمانين ومائة. "حرف الكاف": 298- كثير بن مروان الفِهْريّ3: عن: إبراهيم بن أبي عَبْلَة، والحسن بن عُمارة. وعنه: النفيليّ، وأحمد بن حنبل، والحسن بن عَرَفَة، ويعقوب الدَّوْرَقيّ. كذّبه يحيى بْن مَعِين، وقال مرّة: لَيْسَ بشيء.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 128"، والتهذيب "8/ 363، 364". 2 الجرح والتعديل "7/ 144"، التهذيب "8/ 367". 3 انظر: المجروحين "2/ 225"، لابن حبان، والميزان "3/ 409، 410".

"حرف اللام": 299- الليث بن عاصم بن العلاء الخَوْلانيّ المصريّ1: عن: الحَسَن بن ثَوْبان. وعنه: ابن وهْب، وعبد الرحمن بن أبي السَّمْح. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. 300- اللّيث بن نصر بن سَيّار2: أبو هشام الكِنانيّ، أمير بُخارَى. سمع: عبد الله بن عَوْن، وابن إسحاق، وسعيد بن أبي عَروبة. وعنه: عَمْرو بن مُصْعَب، وغيره. وكان صدُوقًا. "حرف الميم": 301- الماضي بن محمد ق: أبو مسعود الغافقي المصري3. عن: ليث بن أبي سُلَيم، وهشام بن عروة، وجويبر بن سعيد. روى عنه ابن وهْب وحده. وكان ورّاقًا نَسَخ المصاحف. قال ابن عَدِيّ: هو مُنْكَر الحديث. وقال ابن يونس، مات سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 302- مبارك بن سُحَيْم4:

_ 1 الثقات لابن حبان "9/ 29"، والتهذيب "8/ 469". 2 أمير بلدة بخارى، وكان حريصًا على طلب العلم. 3 الجرح والتعديل "8/ 442"، والميزان "3/ 424". 4 سبق الترجمة له.

قد تقدّم، وكونه هنا، أوْلَى. 303- مُبَشَّر بن عبد الله بن1 رزين ن: أبو بكر الشمندري النيسابوري، أخو عمر، ومسعود، وكان مبشّر أكبرهم، ولم يرحل من نَيْسابور. روى عن: حَجّاج بن أرطأة، وابن إسحاق، وإبراهيم بن طَهْمان، وسُفيان بن حسين. وعنه: أخوه عمر، وعلي بن سلمة اللبقي، وعلي بن الحسن الذهلي، وقال: ثقة، وبِشْر بن الحَكَم. مات سنة تسعٍ وثمانين ومائة. 304- محبوب بن محرز التّميميّ الكوفيّ القواريريّ2: عن: داود بن يزيد الأوديّ، وأسامة بن زيد، وكامل أبي العلاء، وجماعة. وعنه: شُرَيْح بن يونس، ومحمد بن عبد الله بن نُمَيْر، وأبو سعيد الأشجّ، وأبن عَرَفَة، وغيرهم. قال أبو حاتم، يكتب حديثه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. 305- محمد بن إبراهيم بن دينار المدني3: مولى جهينة، أبو عبد الله الفقيه، صاحب مالك. روى عن: يزيد بن أبي عُبَيْد الأكْوَعيّ، وموسى بن عُقْبة، وابن أبي ذئب، وعدّة. وعنه: ابن وهْب، ويعقوب بن محمد الزُّهْريّ، وذُؤَيب بن عمارة، وأبو مُصْعَب، وآخرون.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 344"، التهذيب "10/ 32". 2 الجرح والتعديل "8/ 344"، والتهذيب "10/ 32". 3 الجرح والتعديل "7/ 184"، والتهذيب "9/ 7، 8".

قال أشهب: ما رأيت في أصحاب مالك أفْقَهَ من ابن دينار. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال القاضي عِياض: تُوُفّي سنة اثنتين وثمانين ومائة. وقال ابن عبد البر: كان مفتي أهل المدينة مع مالك. قلت: روى له البخاريّ حديثًا واحدًا. 306- محمد بن الإمام إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه بن عباس العبّاسيّ1 الأمير: وُلّي دمشق للمهديّ، وللرشيد، ووُلّي مكّة والموسم. وكان كبير القدْر، معظَّمًا. روى عن: جعفر بن محمد، وعن المنصور. وعنه: ابنه موسى، وحفيده عبد الصمد بن موسى الهاشمي، وغيرهما وهو صاحب حَدِيثِ: "أََكْرِمُوا الشُّهُودَ". مات ببغداد سنة خمسٍ وثمانين ومائة وله: ثلاثٌ وستّون سنة. 307- محمد بن القاضي أبي شَيْبَة إبراهيم بن عثمان العبّسيّ الكوفيّ2 ت: عن: أبيه، والأعمش، ومحمد بن عمرو بن علقمة. وعنه: ابناه الحافظان أبو بكر، وعثمان، ويزيد بن هارون. ووُلّي قضاء بعض مملكة فارس وتُوُفّي هناك، وقد جاوز سبعين سنة، في سنة اثنتين وثمانين ومائة. وثقه يحيى بن مَعِين. له حديث ينفرد بروايته في ذكر الموت.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "1/ 384-387"، السير "9/ 88/ 89". 2 الجرح والتعديل "7/ 185"، والتهذيب "9/ 12".

308- محمد بن إبراهيم بن المطّلب بن السّايب بن أبي وداعة السَّهْميّ المدنيّ1: أبو عبد الله. عن: زهرة بن عَمْرو، وعبد الله بن موسى التَّيْميّ، وابنه. وعنه: ابن أخته إبراهيم بن المنذر، وعبد الرحمن بن شَيْبَة الحرَاميّان. 309- محمد بن إسحاق: هو ابن محصَن2، يأتي. 310- محمد بن أنس الكوفيّ3 د: نزيل الدِّيَنَور. عن: حُصَين بن عبد الرحمن، وسُهيل بن أبي صالح، والأعمش. وعنه: علي بن يحيى، وإبراهيم بن موسى الفرّا. وثقه أبو زُرْعة. 311- محمد بن الحَجَّاج بن يوسف الدّمشقيّ4: عن: ربيعة بن يزيد، وإسماعيل بن عبيد الله، ويونس بن مَيْسَرة، والتابعين. وعنه: بقية، والهيثم بن خارجة، وسُليمان بن عبد الرحمن. قال أبو حاتم: شيخ. 312- محمد بن الحَسَن بن فرقد الشَّيْبانيّ5 مولاهم الكوفيّ: الفقيه العلامة، مفتي العراقين، أبو عبد الله، أحد الأعلام. قيل: أصله من حَرَسْتا من غُوطة دمشق، ومولده بواسط، ثم إنه نشأ بالكوفة.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 185، 186"، والتهذيب "9/ 17". 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 207"، التهذيب "9/ 68". 4 الجرح والتعديل "7/ 235". 5 انظر: الجرح والتعديل "7/ 227"، والسير "9/ 134-136".

سمع أبا حنيفة وأخذ عنه بعضَ كُتُب الفقْه، وسمع: مسْعرًا، ومالك بن مِغْوَلٍ، والأوزاعيّ، ومالك بن أنس، ولزِم القاضي أبا يوسف وتفقه به. أخذ عنه: الشافعي، وأبو عبيد، وهشام بن عبيد الله، وعلي بن مسلم الطوسي، وعمرو بن أبي عمرو الحراني، وأحمد بن حفص البخاري، وخلق سواهم. وقد أفردت له ترجمة حسنة في جزء. قال ابن سعد: أصله من الجزيرة، وسكن أبوه الشام، ثم قدم واسطا فولد له بها محمد في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وسمع الكثير ونظر في الرأي وغلب عليه، وسكن بغداد، واختلف النّاس إليه فسمعوا منه. وقال آخر: وُلّي محمد بن الحَسَن القضاء للرشيد بعد القاضي أبي يوسف، وكان إمامًا مجتهدًا من الأذكياء الفُصَحاء. قال أبو عُبَيْد: ما رأيت أعلم بكتاب الله منه. وقال الشافعي: لو أشاء أن أقول: نزل القرآن بلغة محمد بن الحَسَن لقلتُ لفصاحتِه. وقد حملتُ عنه وقْر بُخْتِيّ كُتُبًا. وعن الشّافعيّ قال: ما ناظرتُ سمينًا أذكى من محمد. وناظرتُه مرّةً فاشتدّت مناظرتي له، فجعلتْ أوداجُه تنتفخ وأزراره تتقطّع زِرًّا زِرًّا. قال الشّافعيّ: قال محمد بن الحَسَن: أقمتُ عند مالك ثلاث سنين وكسْرًا، وسمعت من لفظه سبعمائة حديث. وقال يحيى بن مَعِين: كتبت "الجامع الصغير" عن محمد بن الحَسَن. وقال: إبراهيم الحربيّ: قلت لأحمد بن حنبل: من أين لك هذه المسائل الدّقاق؟ قال: من كُتُب محمد بن الحَسَن. وقال عَمرو بن أبي عَمْرو الحرّانيّ: قال محمد بن الحَسَن: خلّف أبي ثلاثين ألف دِرهم، فأنفقت على النَّحْو والشّعر خمسة عشرَ ألفًا، وأنفقت على الحديث والفِقه خمسة عشر ألفًا. وقال ابن عَدِيّ في "كامله": سمع محمد الموطأ من مالك.

وقال إسماعيل بن حمّاد: قال محمد بن الحَسَن: بلغني أن داود الطّائيّ كان يسأل عنّي وعن حالي، ويقول: إنْ عاش فسيكون له شأن. وعن الشّافعيّ قال: ما ناظرتُ أحدًا إلا تغيّر وجهه، ما خلا محمد بن الحَسَن1. قال بن أبي سُرَيْج: سمعتُ الشّافعيّ يقول: أنفقتُ عَلَى كُتُب محمد بْن الحَسَن ستين دينارًا، ثمّ تدبرتُها فوضعت إلى جَنْب كلّ مسألة حديثًا. وقال محمد بن الحَسَن فيما سمعه منه محمد بن سَمَاعة: هذا الكتاب، يعني كتاب "الجيل"، ليس من كُتُبنا، إنما أُلقي فيها. قال أحمد بن أبي عِمران: إنّما وضعه إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة. الطّحاويّ: نا يونس قال: قال الشّافعيّ: كان محمد بن الحَسَن إذا قعد للمناظرة والفِقه أقعدَ حَكَمًا بينه وبين مَن يناظره، فيقول لهذا: زِدْتَ ولهذا: أنقصتَ. أبو حازم القاضي، عن بكر بن محمد العَمّيّ، عن محمد بن سَمَاعة قال: كان سبب مخالطة محمد بن الحَسَن السلطانَ أنّ يوسف القاضي شوور في رجل يُولّي قضاء الرَّقَّةِ، فقال: يصلحُ محمد بن الحَسَن. فأشخصوه، فلمّا قدِم جاء إلى أبي يوسف، فدخل به على يحيى بن خالد، فولّوه قضاء الرَّقَّةِ. قلت: قد احتجّ بمحمدٍ أبو عبد الله الشّافعيّ. وقال الدَّارَقُطْنيّ: لا يستحق محمد عندي التَّرْكَ. وقال النَّسائيّ: حديثه ضعيف، يعني من قبل حِفْظه. وقال حنبل: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: كان أبو يوسف منصفًا في الحديث، وأما محمد فكان مخالفًا للأثر، يعني يخالف الأحاديث ويأخذ بعموم القرآن. وكان رحمه الله تعالى آية في الذكاء، ذا عقلٍ تامّ، وسُؤدُد، وكَثْرة تلاوة للقرآن. وحكى أحمد بن أبي عمران قاضي مصر، عن بعض أصحاب محمد بن الحَسَن: أنّ محمدًا كان حزبه في كل يوم وليلة ثمن القرآن.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 177".

وقال أبو حازم القاضي: سمعتُ بكرًا العمّيّ يقول: إنما أخذ ابن سَمَاعة، وعيسى بن أبان حُسَن الصّلاة من محمد بن الحَسَن. وقال عليّ بن سعيد: حدَّثني الرجل الرّازيّ الذي مات محمد بن الحَسَن في بيته قال: حضرتُهُ وهو يموت، فبكى. فقلت له: أتبكي مع العلم؟ فقال لي: أرأيت إنّ أوقفني الله تعالى وقال: يا محمد ما أقدمك إلي؟ الجهاد في سبيلي، أم لابتغاء مرضاتي؟ ماذا أقول؟ وقال أحمد بن محمد بن أبي رجاء: سمعتُ أبي يقول: رأيت محمد بن الحَسَن في النوم، فقلت: إلى ما صرْتَ؟ قال: غُفِر لي. قلتُ: بم؟ قال: قيل لي لم نجعل هذا العلم فيك وإلا نحن نغفر لك1. قلت: تُوُفّي إلى رضوان الله في سنة تسعٍ وثمانين ومائة. 313- محمد بن الحَجَّاج اللَّخْميّ الواسطيّ2: حدَّث ببغداد عَنْ: عَبْد المُلْك بْن عُمير، ومُجالد. وعنه: يحيى بن أيّوب، وشُرَيْح بن يونس. قال الدَّارَقُطْنيّ: كذّاب. وقال ابن عَدِيّ: هو وضع حديث الهريسة3. وقال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. قلت: مات سنة إحدى وثمانين ومائة. 314- محمد بن حُمران: أبو عبد الله القيسي البصْريّ4. عن: داود بن أبي هند، وخالد الحذّاء، والْجُرَيْريّ. وعنه: حُمَيْد بن مَسْعَدة، وخليفة بن خيّاط، ونصر بن علي، والقواريري.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 182". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 234"، والميزان "3/ 509". 3 الجرح والتعديل "7/ 239"، التهذيب "9/ 126". 4 الجرح والتعديل "7/ 239"، التهذيب "9/ 126".

قال أبو حاتم: صالح. وقال أبو زُرْعة: محلُّه الصِّدْق. وقال النَّسائيّ: ليس بالقويّ. 315- محمد بن زائد: أبو هشام التّميميّ1. عن: ليث بن أبي سُليم، ورَقَبَة بن مَصْقَلَة، وداود بن يزيد. وعنه: أبو سعيد الأشجّ، وإسحاق بن موسى الخطْميّ. 316- محمد بن سُليمان بن الأصبهانيّ، أبو عليّ، الكوفيّ2. ت. ن. ق: عمّ محمد بن سعيد بن الأصبهاني. روى عن: أبيه، وسهيل بن أبي صالح، وعطاء بن السّائب، وأبي إسحاق الشَّيْبانيّ، وطائفة. وعنه: ابنا أبي شَيْبَة، وقُتَيْبة بن سعيد، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، ويحيى بن يحيى، ولوين، وآخرون. قال أبو حاتم: لا يحتج به. قال ابن عَدِيّ: هو قليل الحديث، أخطأ في غير شيء. قلت: مات سنة إحدى وثمانين. 317- محمد بن سعدان بن عبد الله بن حيّان القُرَشيّ العامريّ3: عن: أبيه، ويزيد بن أبي عُبَيْد، وابن عجلان. وعنه: معن بن عيسى، والحُمَيْدِيّ، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وآخرون. قال أبو حاتم: شيخ.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 260"، والتهذيب "9/ 166". 2 الجرح والتعديل "7/ 267، 268". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 282"، والثقات لابن حبان "7/ 410".

318- محمد بن سُليمان بن مَسْمول المخزومي المكّيّ1. عن: نافع، وحزام بن هشام، وجعفر بن محمد بن عبّاد. وعنه: محمد بن القاسم سُحَيم، وأبو جعفر النُّفَيْليّ، ومحمد بن عَبّاد المكّيّ، وآخرون. ضعَّفه أبو حاتم. وقال الحُمَيْدِيّ: يُتكلَّم فيه. 319- محمد بن سُليم القُرَشيّ البلْخيّ ثمّ المكّيّ2: عن: الضحّاك، وابن أبي مُلَيْكة، وقَتَادة. عُمِّر دهرًا. روى عنه: وكيع، وأبو عاصم، ومحمد بن عيسى بن الطّبّاع، ومنصور بن أبي مزاحم، وإبراهيم بن موسى الفرّا. وكان ابن عُيَيْنَة يُكْرِمُه. وروى الكَوْسَج، عن ابن مَعِين توثيقة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. 320- محمد بن سهل الأسَديّ الكوفيّ المُقعَد3: عن: عاصم بن بَهْدَلَة، وأبي حُصَين الأسَديّ. وعنه: عليّ بن حمزة الكِسائيّ، ومنْجاب بن الحارث، وغيرهما. 321- محمد بن سواء بن عنبر السدوسي4 خ. م. د. ن. ق: أبو الخطاب البصري المكفوف.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 267"، والميزان "5/ 185، 186". 2 الجرح والتعديل "7/ 274"، الثقات لابن حبان "9/ 48". 3 الجرح والتعديل "7/ 277"، والثقات لابن حبان "9/ 51". 4 الجرح والتعديل "7/ 282"، والتهذيب "9/ 208".

روى عن: حسين المعلّم، وسعيد بن أبي عَرُوبة، وابن عَوْن، وطبقتهم. وأكثر عن سعيد. روى عنه: ابن أخيه محمد بن ثَعْلبة، وإسحاق بن راهَوَيْه، وأحمد بن المقدام، وخليفة، وأبو حفص الفلاس، وجماعة. وكان ثقة، نبيلا، صاحب حديث. أرّخ موته الفلاس سنة سبْعٍ وثمانين ومائة. 322- ابن السمّاك: هو محمد بن صَبيح أبو العبّاس العِجْليّ1، مولاهم الكوفيّ الواعظ الزّاهد، أحد الأعيان. سمع هشام بن عُرْوة، وسُليمان الأعمش، ويزيد بن أبي زياد، ونحوهم. وعنه: يحيى بن يحيى، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن أيّوب المقابريّ، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وآخرون. وقال ابن نمير: كان صدوقًا. قال الخطيب: قدِم بغداد فمكث فيها مدّة ثمّ رجع. وعنه قال: كم من شيء إذا لم ينفع لم يضرّ، ولكنّ العِلْم إذا لم ينفع ضرّ. وعن مُغيرة بن شُعيب قال: حضرتُ يحيى بن خالد البرمكيّ يقول لابن السّماك، إذا دخلت على أمير المؤمنين فأوجِزْ ولا تُكثِر عليه. قال: فلمّا دخل عليه قال: يا أمير المؤمنين إنّ لك بين يدي الله مقامًا، وإنّ لك من مقامك منصرفًا. فأنظر إلى أين مُنْصرفك، إلى الجنّة أم إلى النّار؟ فبكى الرشيد حتى كاد أن يموت. وقال عبد الله بن صالح العِجْليّ: سمعتُ ابن السّمّاك يقول: كتب إلي رجل من إخواني من أهل بغداد: صِفْ لي الدَّنيا. فكتبت إليه: أمّا بعد، فإنّه حَفّها بالشَّهَوات، وملأها بالآفات، ومزج حلالها بالمئونات، وحرامها بالتبعات.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 290"، والسير "8/ 291-293".

حلالُها حساب، وحرامها عذاب، والسلام. وعنه قال: همّة العاقل في النجاة والهرب، وهمّة الأحمق في الّلهْو والطَّرب. عَجَبًا لعَيْن تلذّ بالرُّقاد ومَلَك الموت معه على الوسادة. حتّى متى يبلّغنا الواعظون أعلامَ الآخرة، حتّى كأن نفوسَنا عليها واقفة، وكأن العيون إليها ناظرة، ألا منتبه من نومته، أو مستيقظ من غَفْلَته، ومُفيق من سكرته، وخائف من صرعته كَدْحًا للدنيا كدحًا، أما تجعل للآخرة منك حَظًّا1. أُقسم بالله لو قد رأيت القيامة تخفق بزلزال أهوالها، والنّارُ قد عَلَتْ مُشْرفة على أهلها، وقد وضع الكتاب، ونُصب الميزان، وجيء بالنبيين والشُّهداء، لسَرَّك أن تكون لك في ذلك الجمع منزلة. أبَعْدَ الدنيا دار محتمل، أم إلى غير الآخرة مُنتقل؟ هيهات، كلا واللهِ. ولكن صُمَّت الآذان عن المواعظ، وذهلت القلوب عن المَنَافِع، فلا الواعظ ينتفع، ولا السامع ينتفع. وعنه قال: هَبِ الدُّنيا كلّها في يديك، ودنيا أخرى مثلها ضُمّت إليك، وهَب المشرقَ والمغربَ يجيء إليك، فإذا جاءك الموت فماذا بين يديك؟ ألا مَن امتطى الصَّبر، قوي على العبادة، ومن أجْمع اليأس استغفر عن النّاس، ومَن أهَمَّتْه نفسُه لم يولّ مرمّتها غيره، ومن أحبّ الخير وُفِّقَ له، ومَن كرِه الشرّ جُنِّبه. ألا متأهّبٌ فيما يوصف أمامه، ألا مستعدُّ ليوم فَقْره وفاقَته، ألا شيخٌ مبادر انقضاء مدّته، وفناء أجَله. ما ينتظر مَن ابيضَّتْ وفْرته بعد سَوَادها، وتكرّش وجهُه بعد انبساطه، وتقوَّس ظهره بعد انتصابه، وَكَلَّ بصرُه، وضعُف ركْنُه، وقَلّ نومه، وَبَلِيَ منه شيء بعد شيء في حياته، فرحم الله امرأً عَقَلَ الأمر، وأحْسَنَ النظر، واغتنم أيّامه. قال عبد الحميد بن صالح: نا ابن السماك، عن سُفيان الثَّوْريّ قال: احتاجت امرأة العزيز فلبست ثيابها، فقال لها أهلها: إلى أين؟ قالت: أريد أسأل يوسف. قالوا: نخافه عليك. قالت: كلا، إنّه يخاف الله ولست أخاف ممّن يخاف الله.

_ 1 الحلية "8/ 204، 205".

قال: فجلَست على طريقه، وقامت إليه لما أقبل، فقالت: الحمد لله الذي جعل العبيد بطاعته ملوكًا، وجعل الملوك بمعصيته عبيدًا، أصَابتنا حاجةٌ. قال: فأمر لها بما يُصلحها. قال ابن ثعلب: نا ابن الأعرابي قال: كان ابن السماك يتمثل بهذا الشعر: إذا خلا في القبور ذو خطرٍ ... فزُرْه يومًا وانظرْ إلى خَطَره أبرزه الدهرُ من مساكنه ... ومن مقاصيره ومن حجره1 وعن ابن السّمّاك قال: الدُّنيا كلّها قليل، والذي بَقِيّ منها في جنب ما مضى قليل، والذي لك من الباقي قليل، ولم يبق من قليلك إلا قليل، وقد أصبحت في دار الفناء والعزاء، وغدًا تصير إلى دار الجزاء، فاشترِ نفسك لعلك تنجو من عذاب ربك. تُوُفّي ابن السّمّاك رحِمه الله سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة وقد شاخ. 323- محمد بن عبد الرحمن بن رداد المدنيّ2: من ولد ابن أمّ مكتوم. روى عن: عبد الله بن دينار، وسُهيل بن أبي صالح، ويحيى بن سعيد. وعنه: بِشْر بن مُعاذ، ويعقوب بن كاسب. قال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. وقال المؤلّف في كتابه "المغني": ضعفوه. وقال أبو حاتم: ليس بقويّ. 324- محمد بن عبد الرحمن بن عَمْرو، أبو عبد الله بن الإمام أبي عمرو الأوزاعي3. كان رجلا صالحًا عابدًا.

_ 1 الحلية "8/ 210". 2 الجرح والتعديل "7/ 315"، والميزان "3/ 623". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 318"، والثقات لابن حبان "9/ 49".

روى عن أبيه. وعنه: أبو مُسْهِر، ومغيره بن تميم، وجماعة من أهل بيروت. وقال العباس بن الوليد البيروتي: وأدركت زمانَه. وكانوا لا يشكون أنه من الأبدال. 325- محمد بن عبد الرحمن السَّهميّ الباهليّ1: يُكَنَّى: أبا عبد الرحمن. روى عن: حُصَين بن عبد الرحمن، وغيره. وعنه: نصر بن عليّ، ومحمد بن المثنى الغفري. قال البخاري: لا يُتابع على حديثه. قلت: له حديث واحد في الدعاء، مضطّرب الإسناد. 326- محمد بن عبد الرحمن القُشَيريّ المَقْدسيّ2: عن: حُمَيْد الطويل، وجعفر بن محمد، وخالد الحذّاء، وطبقتهم. وعنه: بقيّة، وأبو بدر السكُونيّ، وسليمان ابن بنت شُرَحْبيل. قال أبو حاتم: كان يكذب ويفتعل الحديث. 327- محمد بن عبد الرحمن الطفاوي3 خ. د. ت. ق: أبو المنذر البصري. سمع: أيّوب السّخْتيانيّ، وهشام بن عُرْوة، والأعمش. وعنه: أحمد، وابن المَدِينيّ، وعمرو الناقد، وأحمد بن المقدام. قال ابن معين: ما به بأس. ووثقه غير واحد.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 326"، والميزان "3/ 618". 2 الجرح والتعديل "7/ 325"، والميزان "3/ 623، 624". 3 الجرح والتعديل "7/ 324"، والتهذيب "9/ 309، 310".

وقال أبو زُرْعة: مُنْكَر الحديث. وقاله أبو حاتم. مات سنة سبْعٍ وثمانين ومائة. 328- محمد بن عبد الملك الأنصاريّ1. أبو عبد الله. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَنَافِعٍ، وَابْنِ المُنْكَدر، وسالم بن عبد الله، والزُّهْريّ، وغيرهم. وعنه: عامر بن سيار، ويحيى بن صالح الوحاظيّ، ويحيى بن سعيد العطّار، وأبو المغيرة عبد القُدُّوس، وأخرون. وهو مدني سكن حمص، وما بَقِيّ إلى هذا الوقت، كأنه مات قبل السبعين ومائة، نعمْ، ثمّ وجدت أنّ الإمام أحمد قال: قد رأيته وكان أعمى، وكان يضع الحديث ويكذب. وقال النسائي: متروك. ومن بلاياه: يحيى الوحاظي، عنه، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يُتَخَلَّلَ بِالْقَصَبِ وَالآسِ، وَقَالَ "إِنَّهُمَا يَسْقِيَانِ عِرْقَ الْجُذَامِ"2. يَزِيدُ بْنُ مَرْوَانَ الْخَلالُ، عَنْهُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ قَادَ أَعْمَى أَرْبَعِينَ خُطْوَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ"3. 329- محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي المكي4 ق:

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 4"، والميزان "3/ 631". 2 حديث موضوع: أخرجه العقيلي "4/ 103"، في الضعفاء الكبير، وابن عدي "6/ 2166" في الكامل، والخطيب "2/ 341" في تاريخه، وابن الجوزي "3/ 38" في الموضوعات. 3 حديث موضوع: أخرجه الطبراني "12/ 353" في الكبير، وابن عدي "6/ 2167"، وابن الجوزي "2/ 173"، وأبو نعيم "3/ 158" في الحلية، وانظر: الفوائد المجموعة "76"، وتنزيه الشريعة "2/ 138". 4 انظر: الجرح والتعديل "8/ 24، 25"، والميزان "3/ 641"، والتهذيب "9/ 337".

عن: حُمَيْد بن قيس الأعرج، وهشام بن عُرْوة، والحَكَم بن أبان. وعنه: الحُمَيْدِيّ، وأحمد بن حنبل، وشُرَيْح بن يونس، وأحمد بن محمد بن عون النبال. قال أبو حاتم: مُنْكَر الحديث، ضعيف. 330- محمد بن عَمْر الطّائي المحرّي الحمصيّ1: أبو خالد. عن: ثابت بن سعد الطّائيّ، وعبد الله بن بسر الحبراني، وأبي الزناد، وابن عبد ربّه الزّاهد. وعنه: بقيّة، ويحيى الوحاظيّ، وخطّاب الفوريّ، وسُليمان ابن بنت شُرَحْبيل. قال أبو حاتم: ما به بأس. 331- محمد بن عمر بن صالح الكَلاعيّ الحمصيّ ثمّ الحَمَويّ2: وحماه قريش من أعمال حمص ذاك الوقت، واليوم هي في قدْر حمص مرَّتين. روى عن: الحَسَن، ومحمد بن سيرين، وقتادة، وإسحاق بن يزيد صاحب البراء. وعنه: سُوَيْد بن سعيد، والمسيب بن وضّاح. قال ابن عَدِيّ: مُنْكَر الحديث، ثمّ ساق له حديثًا باطلا عن قَتَادة، عن أنس. وقد وقع لي من عواليه. 332- محمد بن الفُرات3 ق: أبو علي الكوفي. عن: الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، ومحارب بن دِثار. وعنه: أبو توبة الحلبيّ، وقُتَيْبة، وسُوَيْد بن سعيد، وشُرَيْح بن يونس، ومحمد بن عبيد المحاربي.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 18"، والتهذيب "9/ 369". 2 انظر: الميزان "3/ 666، 667". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 59، 60"، والتهذيب "9/ 396، 397".

وهو واهٍ بالاتفاق، عُمِّرَ دهرًا، وجاوز المائة. كذّبه أحمد، وابن أبي شَيْبَة. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أنا مُحَلِّمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الضَّبِّيُّ، أنا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُرَاتِ، سَمِعْتُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ، سَمِعْتُ ابْنُ عُمَرُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "شَاهِدُ الزُّورِ لا تَزُولُ قدماه حتى يؤمر به إلى النار"1. أخرجه ابن ماجه، عن سويد عن محمد. 333- محمد بن الفضل بن عطية العبسي مولاهم الكوفي2 ت. ق: أبو عبد الله، نزيل بُخارَى. وقد حدَّث في آخر أيّامه بالعراق عن: أبيه، وزياد بن علاقة، وعَمْرو بن دينار، وعاصم بن بَهْدَلَة، ومنصور بن المُعْتَمِر، وجماعة. وعنه: بقية، وأسد بن موسى، وعبّاد بن يعقوب، ويحيى بن يحيى، ومحمد بن عيسى بن حبان المدائني، وآخرون. قال أحمد: حديثه حديث أهل الكذِب. وقال يحيى بن مَعِين: لا يُكْتَب حديثه. وقال غير واحد: متروك الحديث. وقيل: إنّه حجّ بضعًا وثلاثين حَجَّة. وقال محمد بن الفضل: كنت ابن خمس سنين حيث كان يذهب بي والدي إلى الفُقهاء. قلت: مات سنة إحدى وثمانين أو بعدها أو قبلها، وقع لنا من عواليه.

_ 1 حديث ضعيف جدًّا: إن لم يكن موضوعًا، أخرجه ابن ماجه "2373"، والحاكم "4/ 98"، والعقيلي "4/ 122"، وابن عدي "6/ 2149"، وابن عبد البر "5/ 73"، في التمهيد، والبيهقي "10/ 122"، في سننه الكبرى، وأبو نعيم "4/ 264" في الحلية. 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 56، 57"، والتهذيب "9/ 401، 402".

334- محمد بن كثير، أبو إسحاق القُرَشيّ الكوفيّ1: نزيل بغداد. عَنْ: ليث بْن أَبِي سُلَيْم، وعَمْرو بْن قيس المُلائي، والأعمش. وعنه: يحيى بن مَعِين، وقُتَيْبة، ومحمد بن الصّبّاح الجرجرائي، والحسن بن عَرَفَة. كان ابن مَعِين حسن الرأي فيه، وقال: لم يكن به بأس. وقال أبو حاتم: ضعيف. وقال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. 335- محمد بن كثير البصْريّ القصّاب2: له عن: عبد الله بن طاوس، ويونس بن عُبَيْد. وعنه: نُعَيم بن حمّاد، وعثمان بن أبي شَيْبَة. قال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ الفلاس: ذاهب الحديث. 336- محمد بن مُجيب الثقفيّ الكوفيّ الصّائغ3: عن: ليث بن أبي سليم، وجعفر بن محمد. وعنه: محمود بن خداش، وجمهور بن منصور، ومحمد بن إسحاق البلْخيّ، ومحمد بن عبد الله الأزريّ، ومحمد بْن حسّان الأزرق. قال أبو حاتم: ذاهب الْحَدِيثِ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: عدُّو الله كذاب.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 68، 69"، والميزان "4/ 17، 18". 2 الجرح والتعديل "8/ 70"، والميزان "4/ 17". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 96"، والميزان "4/ 24، 25".

337- محمد بن مِحْصَن العُكّاشيّ1: وهو محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن عكاشة بن محصن الأسدي. روى عن: إبراهيم بن أبي عَبْلَةَ، والأوزاعيّ، وجماعة. وعنه: محمد بن أبي خراش الموصلي، ومعلل بن نفيل، وجماعة. قال البخاريّ: يقال له الأندلسيّ، مُنْكَر الحديث. وقال ابن مَعِين: كذّاب. 338- محمد بن مروان السُّدّيّ الصغير2: هو محمد بن مروان بن عبد اللَّه بن إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدّيّ الكوفيّ. روى عن: الكَلْبيّ في تفسيره، وعن يحيى بن سعيد الأنصاريّ، والأعمش، وجُوَيْبر. وعنه: الأصمعيّ، ومحمد بن عُبَيْد المُحاربيّ، وأبو عَمْر الدّوريّ، والحسن بن عَرَفَة. تركوا حديثه، وقد اتُّهم. قال البخاريّ: سكتوا عنه. وقال ابن مَعِين: ليس بثقة. وقال عبد الله بن نُمير: كذّاب. وقال أحمد بن حنبل: أدركته قد كبُر فتركْتُه. 339- محمد بن مسروق بن مَعْدان الكِنْديّ الكوفيّ3: الفقيه، أبو عبد الرحمن، من أصحاب الرّازيّ. روى عن: محمد بن عمرو، ومسعر، وسفيان الثوري.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 194"، والتهذيب "9/ 430". 2 الجرح والتعديل "8/ 86"، والتهذيب "9/ 436، 437". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 104، 105"، والثقات لابن حبان "9/ 68، 77".

وعنه: ابن وهب، وسعيد بن أبي مريم، وهشام بن عمار، وآخرون. وولي قضاء مصر ثمانية أعوام في دولة الرشيد، وصرف سنة خمس وثمانين ومائة. وكان قد ولي بعد مفضل بن فضالة، وكان عجبا في التيه والصلف والتكبر. قال سعيد بن عفير: قدم علينا قاضيا وكان متجبرا، فاعتدى على العمال وأنصف منهم. أرسل إليه الأمير عبد الله بن المسيب يأمره يحضر مجلسه، فقال لرسوله: لو كنتُ تقدّمت إليه في هذا لفعلت به وفعلت، فانقطع ذلك عن القضاء بعده. قال سعيد: ولما قدِم مصرَ اتّخذ قومًا للشهادة، وأوقف سائر الشهود، فوثبوا به وشتموه وشتمهم، وكانت منه هَنات إلى أشرافهم. وقال يحيى بن بُكَيْر: ما كان بأحكامه بأس، لكنه كان من أعظم النّاس تكبُّرًا. 340- محمد بن الْمُعَلَّى اليامي الكوفي1ت: هو ابن أخي زَبيد بن الحارث. روى عن: زياد بن خَيْثَمَة، وزكريّا بن أبي زائدة، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وأشعث بن سوار. واستوطن الرَّيّ. روى عنه: محمد بن عمرو زنيج، ومحمد بن مِهران، ومحمد بن حُمَيْد، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدُوق. 341- محمد بْن يزيد الواسطي الزاهد2 د. ت. ن: أبو سعيد. ويقال: أبو إسحاق الخولاني مولاهم، أصله شامي.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 101"، والتهذيب "9/ 466". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 126"، والسير "9/ 202، 203".

روى عن: أيّوب أبي العلاء القصّاب، وإسماعيل بن أبي خالد، وعاصم بن رجاء بن حَيْوَة، والعوّام بن حَوْشَب، ومُجَالد بن سعيد، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وبشر بن مطر، وأبو عمارة الحَسَن بن حُرَيْث، ومحمد بن وزير، وشُرَيْح بن يونس، ويحيى بن معين، وآخرون. قال وكيع: إنْ كان أحدُ من الأبدال1 فهو محمد بن يزيد. وقال أحمد: كان ثَبْتًا في الحديث. وقال ابن مَعِين، وأبو داود، والنّسائيّ: ثقة. وقال محمد بن وزير: مات سنة تسعين ومائة. وقيل: مات سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. وقال مُطَيِّن: سنة إحدى وتسعين. 342- محمد بن يوسف بن مَعْدان2: أبو عبد الله الأصبهانيّ الزّاهد، ويُلقّب بعَرُوس الزُّهّاد. روى عن: الأعمش، ويونس بن عُبَيْد، وسفيان الثَّوْريّ، والحمَّادَين آثارًا ومقاطيع. حدَّث عنه: عبد الرحمن بن مهديّ، ويحيى القطّان، وابن المبارك، وسُليمان الشاذكوني، وزهير بن عباد، وعصام بن جبر، وصالح بن مِهران، وطائفة. قال أبو الشيخ: لما أره روى حديثًا مُسْندًا، إلا حديثًا واحدًا. قلت: وهو حديث مُنْكَر. قال الحَسَن بن عَمْرو مولى ابن المبارك: ما رأيت ابن المبارك أعجبه أحدٌ ممّن كان يأتيه إعجابَه لمحمد بن يوسف الأصبهاني؛ كان كالعاشق له. قلت: هو من أجداد الحافظ أبي نعيم لأمه، وقد استوفى ترجمته.

_ 1 هذا من المصطلحات التي لا أصل لها في القرآن الكريم، ولا السنة النبوية المطهرة. 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 121"، والسير "9/ 125، 126".

قال يحيى بن سعيد: ما رأيت رجلا خيرًا من محمد بن يوسف. فقال له: محمد بن حنبل: ولا الثَّوْريّ؟ فقال: كان الثَّوْريّ شيئًا ومحمد بن يوسف شيئًا. عُبَيْد بن جناد: نا عطاء بن سلم الحلبيّ قال: كان محمد بن يوسف الأصبهانيّ يختلف إلي عشرين سنة لم أعرفه. يجيء إلى الباب فيقول: رجلُ غريب يسأل. ثمّ يخرج، حتّى رأيته يومًا في المسجد، فقيل لي: هذا محمد بن يوسف، فقلت: هذا يختلف إليّ منذ عشرين سنة لم أعرفه. قلت: كان يرابط بالمصِّيصة مدّة. قال أحمد بن عصام الأصبهانيّ: بلغني أنّ ابن المبارك كان يسميّ محمد بن يوسف عروس الزُّهاد. وقال أحمد الدَّوْرَقيّ: حدّثني حكيم الخُراسانيّ قال: كان محمد بن يوسف الأصبهاني يأتيه من عند أهله في كل سنة سبعون دينارًا أو نحوها، فيأخذ على الساحل فيأتي مكّة، ثمّ يرجع إلى الثغر. وقال عبيد الله بن جناد: قال محمد بن يوسف: أرُوني قبرَ أبي إسحاق الفَزَاريّ، فأرَيتُه إيّاه. فقال: إنّ متّ فادفنوني إلى جَنْبه1. وقال عبد الرحمن بن مهديّ: بايَنْتُ محمد بن يوسف في الشتاء والصيف، فلم يكن يضع جنْبه، وأما ليالي الشتاء، فكان حين يطلع الفجر يتمدّد وهو جالس، ثمّ يقوم ويتمسح2. قلت: لعله بقي إلى المائتين. 343- مَخْلَد بن خِداش الكوفيّ3: عن: الأعمش، وأبان بن ثعلب. وعنه: أبو الصلت عبد السلام الهَرَويّ، وأبو سعيد الأشجّ. قال أبو حاتم: صالح الحديث.

_ 1، 2 الحلية "8/ 228، 229"، "8/ 234". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 348"، والتهذيب "10/ 74".

344- مُخَيّس بن تميم، أبو بكر الأشجعيّ1: عن: بهز بن حكيم، وحازم بن عطاء البَجَليّ، وجعفر بن عَمْر. وعنه: هشام بن عمّار، وأحمد بن الضّحّاك إمام جامع دمشق، وهو شاميُّ مُقِلّ. قال العُقَيْليّ: لا يتابع على حديثه. 345- مدرك بن أبي سعد الفَزَاريّ الدّمشقيّ2: أبو سعد. عن: يونس بن مَيْسرة بن حَلْبَس، وإسماعيل بن أبي المهاجر، وحيّان بن أبي النضر. وقرأ القرآن على يحيى بن الحارث. قرأ عليه هشام بن عمار. وروى عنه: هشام، وعليّ بن حُجْر، وسعيد بن منصور، وسُليمان بن عبد الرحمن، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 346- مرحوم بن عبد العزيز البصْريّ العطّار3 ع: عن: أبي عمران الْجَوْنيّ، وثابت البُنانيّ، ومالك بن دينار، وحبيب المعلّم، وأبي نَعَامة السَّعْديّ. وعنه: ابنه عيسى، وحفيده بِشْر بن عبيس بن مرحوم، وإسحاق بْن راهَوَيْه، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وبُنْدار، ومحمد بن المثنَّى، ومسدّد، وبكر بن خَلَف، والفلاس، ونصر بن عليّ. قال الخُريبي: ما رأيت بصريًا أفضل منه، ومن سليمان بن المغيرة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 442"، والميزان "4/ 85". 2 الجرح والتعديل "8/ 328"، والتهذيب "10/ 79، 80". 3 الجرح والتعديل "8/ 436"، السير "8/ 293، 294".

ووثقه أحمد وغيره. مات سنة سبعٍ وثمانين. وقيل: سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. وروى البخاريّ عن حفيده بِشْر أنّ مولده سنة ثلاثٍ ومائة. 347- مروان بن أبي حفصة سُليمان بْن يحيى بْن أبي حفصة يزيد بن عبد الله الأمويّ1. مولاهم الشاعر الشهير: يكنى أبا السِّمْط، ويقال: أبو الهِنْدام. وولاؤه لمروان بن الحَكَم، مدح الخلفاء والأمراء، وسائر شِعرِه سائرٌ لحُسْنِه وفُحُولته، واشتهر اسمه. حكى عنه خَلَف الأحمر، والأصمعيّ. وقيل: كان مُولدًا، قليل الخبرة باللُّغة. وقد أجازه المهدي على قصيدة واحدة مائة ألف، وكذا أجازه الرشيد مرّةً بستّين ألف دِرهم. وكان بخيلا مقتّرًا على نفسه، خرج مرّةً بجائزة المهديّ ثمانين ألف درهم، فسأله مسكين فأعطاه ثُلُثَيْ دِرهم، وقال: لو كان حصل له مائة ألف لكملت لك درهمًا. وقيل: إنّه كان لا يُسْرِج عليه، ولا حكايات في الْبُخْلِ. وما أحلى قوله يمدح بني مطر: هُمُ الْقَوْمُ إنْ قالوا أصابوا وإن دُعُوا ... أجابوا وإنْ أَعْطَوْا أطابوا وأَجْزَلُوا هُمُ يمنعون الجارَ حتّى كأنَّهم ... لِجارِهمُ بين السِّماكَيْنِ مَنْزلُ2 وعن الفضل بن بزيع قال: رأيت مروان بن أبي حفصه دخل على المهديّ بعد موت مَعْن بن زائدة، فأنشده. فقال: من أنت؟ قال: شاعرك مروان. قال: ألست القائل:

_ 1 انظر: الشعر والشعراء "2/ 649-651"، والسير "8/ 422، 423". 2 الشعر والشعراء "2/ 651"، السير "8/ 423"، العقد الفريد "1/ 356".

وقلنا أين نَرْحَلُ بعد مَعْن ... وقد ذهب النَّوَالُ فلا نَوَالا وقد جئتَ تطلب نَوَالا، خذوا برِجْلِه. فلمّا كان بعد عام، تلطّف حتّى دخل مع الشعراء، وإنّما كانت الشعراء تدخل على الخُلفاء في العام مرّةً، فأنشده: طرقَتْكَ زائرةٌ فحيِّ خيالَها ... بيضاءُ تخلِط بالحياء دلالها قادت فؤادك فاستقادو وقبْلها ... قاد القلوبَ إلى الصِّبا وأمالها منها: هل يطلبون من السماء نُجُومَها ... بأكُفِّهم أو يَسْتُرُون هلالَها أو تدفعُون مقالةً عن ربّكم ... جبريلُ بلغها النّبيّ فقالها شهِدَتْ من الأنفال آخرُ آيةٍ ... ببراءتهم فأردتم إبطالها1 يعني بني العبّاس وبني عليّ، فرأيت المهديّ وقد زحف من صدر مُصلاه حتّى صار على البساط إعجابًا، وقال: كم أبياتها؟ قال: مائة. فأمر له بمائة ألف درهم. وروى عليّ بن محمد النَّوْفَليّ، عن أبيه قال: كان مروان بن أبي حفصه لا يأكل اللَّحْمُ بُخْلا حتّى يُقَدَّم إليه، فإذا قُدِّم بعث غلامه فاشترى له رأسًا فأكله. فقيل له: لا نراك تأكل في الصيف والشتاء إلا الرءوس. قال: نعم لإني أعرف سِعْرَه فآمَنُ خيانة الغلام. وإنْ مس عينه أو خدّه وقفت على ذلك، وَآكُلُ منه ألوانًا، وأُكفي مئونة الطبْخ. وقال جَهْم بن خَلَف: أتينا اليمامة، فنزلنا على مروان بن أبي حفصة، فأطعمنا تمرًا، وأرسل غلامه بَفْلس وسُكُرُّجَة2 يشتري به زيتًا. فلمّا جاءه بالزيت قال: خُنْتَني. قال: من فَلْس كيف أخونك?. قال: أخذت الفَلْس واستوهبت زيتًا.

_ 1 الأغاني "10/ 81، 82". 2 سكرجة: الصحفة من آنية الطعام.

قال الفَسَويّ: مات مروان سنة اثنتين وثمانين ومائة. وقيل: مولده سنة خمسٍ ومائة. 348- مروان بن سالم الشّاميّ ثمّ الْجَزريّ1 ق: عن: صَفْوان بن سُلَيم، والأعمش، وعبد الملك بْن أَبِي سُليمان، وجماعة. وعنه: الوليد بن مسلم، ونُعَيم بن حمّاد، وأبو هَمّام السَّكُونيّ، وغيرهم. تركه غير واحدٍ لأنّ عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتَابِعُ عَلَيْهِ. قَالَ أحمد بْن حنبل: لَيْسَ بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النَّسائيّ: متروك. 349- مروان بن شُجاع الْجَزَريّ الحَرّانيّ2 خ. د. ت. ق: أبو عمرو مولى بني أُميّة. حدَّث ببغداد عن خُصَيف فأكثر، وعن: عبد الكريم بن مالك، وسالم الأفطس. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بن مَنِيع، وشُرَيْح بن يونس، وزياد بن أيّوب، ويحيى بن مَعِين، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، والحسن بن عَرَفَة. قال أحمد: لا بأس به. وقال غيره: صدُوق. وقال أبو حاتم: ليس بحُجَّه. وقال ابن حِبّان: يروي المقلوبات عَنِ الثَّقات. قلت: مات سنة أربعٍ وثمانين ومائة. 350- مَرْوان، أبو عبد الملك الرمادي3.

_ 1 الأغاني "1/ 78". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 273، 274"، والسير "9/ 34". 3 من القراء المشهورين بدمشق في الدولة العباسية.

دمشقيٌّ من أعيان قُرّاء البلد. قرأ على: يحيى الرَّماديّ، وزيد بن واقد، وحدَّث عنهما، ووُليّ قضاء دمشق. روى عنه: مروان بن محمد، وسُليمان ابن بنت شُرَحْبيل، ومحمد بن حسّان الأسديّ. ما علِمْتُ فيه جَرْحًا. 351- مَسْلَمَة بن علْقمة المازنيّ1: قد مرّ، فيحوّل إلى هنا، وإلا فقد نبَّهنا على طبقته. 352- مَسْلَمَة بن عليّ بن خَلَف الخشنيّ الدّمشقيّ الغُوطيّ البلاطي2 ق: والبلاط قرية على فرسخ من البلد، يُكَنّى: أبا سعيد. روى عن: يحيى الذِّماريّ، والأعمش، وابن عجلان، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وابن جريج، وطائفة. وعنه: بقية بن الوليد، وابن وهْب، وأبو توبة الحلبيّ، ومحمد بن رُمْح، وهشام بن عمّار، وآخرون. قال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وقال أبو حاتم: هو في حدّ التَّرْك. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك الحديث. وسُئل ابن مَعِين عنه وعن الحَسَن بن يحيى الخشنيّ فقال: ليسا بشيء، والحسن أحبّهما إليّ. قُلْتُ: وَمِنْ مَفَارِيدِهِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: حَضَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْعِلْمِ قَبْلَ ذَهَابِهِ. فَقِيلَ: كَيْفَ يَذْهَبُ وَقَدْ تعلمنا وَعَلَّمْنَاهُ أَبْنَاءَنَا؟ فَغَضِبَ وَقَالَ: "أَوَلَيْسَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ فِي يَدِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَا أَغْنَيَا عَنْهُمْ"3.

_ 1 سبق الترجمة له. 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 268"، والتهذيب "10/ 146، 147". 3 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "7398" في الكبير، وضعفه الهيثمي في المجمع "1/ 201".

وَلِمُسْلِمَةَ أَحَادِيثُ عِدَّةٌ مُنْكَرَةٌ. مَاتَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَةٍ. 353- المُسيب بن شَرِيك1: أبو سعيد التّميميّ الشَّقرِيّ الكوفيّ. عن: هشام بن عُرْوة، والأعمش. وعنه: يحيى بن مَعِين، وأحمد بن منيع، وأحمد بن حنبل وقال: هو أوّل من كتبتُ عنه الحديث. قال مسلم، والدَّارَقُطْنيّ: متروك الحديث. قال ابن سعد: وُلّي بيت المال للرشيد. مات سنة ستٍّ وثمانين ومائة. 354- مُصْعَب بن الزُّبَير العُذْريّ المصريّ2: مؤذّن جامع الفُسطاط. عن: يزيد بن أبي حبيب. وعنه: ابنه عُذْرة، ويوسف بن عَدِيّ. مات في صفر سنة أربعٍ وثمانين ومائة، قاله ابن يونس. 355- مُصْعَب بن سلام التّميميّ الكوفيّ3 ق: عن: زبرقان السّرّاج، ومحمد بن سوقة، وعبد الله بن شُبْرُمَة. وعنه: إسحاق بن موسى الأسديّ، وزياد بن أيّوب. قال ابن حِبّان: كثير الغَلَط، لا يُحْتَجّ به. وقال ابن عَدِيّ: أرجو أنه لا بأس به، له غلط.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 294"، والميزان "4/ 114، 115". 2 من مشاهير مؤذني جامع الفسطاط بالديار المصرية. 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 307، 308"، والتهذيب "10/ 161".

وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. وضعّفه عليّ بن المَدِينيّ. وروى عنه أيضًا أحمد، والأشجّ. 356- مُصْعَب بن ماهان المَرْوَزِيّ ثمّ العسْقلانيّ1: عن سُفيان الثَّوْريّ، وعباد بن كثير. وعنه: أبو توبة الربيع بن نافع، وزُهير بن عبّاد، وسعيد بن نضير، وإبراهيم بن شماس والسمرقندي، وآخرون. وكان عبدًا صالحًا، وكان أُمّيًّا لا يكتب. قَالَ أبو حاتم: شيخ. قِيلَ: مات سنة إحدى وثماني ومائة. 357 مطر بن العلاء الفَزَاريّ الدّمشقيّ2: شيخ قليل الحديث. روى عن: أبي سُليمان الحَرسْتانيّ، وعبد الملك بن يسار الثَّقَفيّ، وروح بن القاسم. وعنه: ختنة يحيى بن الغمر، وسليمان بن عبد الرحمن، وعلي بن حجر. قال أبو حاتم: شيخ. قَالَ سُلَيْمَانُ: نا مَطَرُ بْنُ الْعَلاءِ، نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَسَارٍ، نا أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ، وَكَانَ جَاهِلِيًّا: حَدَّثَنِي مُعَاذٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلاثُونَ سَنَةً نُبُوَّةٌ وَخِلافَةٌ، وَثَلاثُونَ سَنَةً نُبُوَّةٌ وَمُلْكٌ، وَثَلاثُونَ سَنَةً مُلْكٌ وَتَجَبُّرٌ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَلا خَيْرَ فِيهِ"3. رَوَاهُ يعقوب الفسوي، والطبراني. وفي السند مجهولان.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 308، 309"، والميزان "4/ 121". 2 الجرح والتعديل "8/ 298"، والثقات لابن حبان "9/ 189". 3 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني كما في المجمع "5/ 1901".

358- المطّلب بن زياد الكوفيّ1 ق: عن: زياد بن علاقة، وزيد بن عليّ بن الحسين، وعبد الملك بن عُمَيْر، وإسماعيل السُّدّيّ، وأبي إسحاق السَّبِيعيّ. وعنه: أحمد، وإسحاق، وسعيد بْن محمد الْجَرميّ، وشُرَيْح بن يونس، وابن نُمير، ويحيى بن مَعِين، وسُفيان بن وكيع، وعدّة. وثقه أحمد، ويحيى. وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ به. وقال أبو داود: هو عندي صالح. وقال ابن سعد: ضعيف. وقال أحمد: لم ألقَ بالكوفة أحدًا أسَنَّ منه. قلت: تُوُفّي سنة خمسٍ وثمانين ومائة. 359- مُعاذ بن مسلم النحوي الكوفيّ2: الهرّاء، لأنّه كان يتّجر في الثياب الهَرَويّة. روى عن: عطاء بن السّائب، وجعفر بن محمد، وغيرهما. وصنّف في النَّحْو في دولة بني أُميّة, وعُمِّر دهرًا طويلا. روى عنه: عبد الرحمن المحاربيّ، والحسن بن الحسين الكوفيّ. وقال عثمان بن أبي شَيْبَة: رأيته يشدّ أسنانه بالذَّهب. وأخذ عنه الكسائي جملة من النحو. وفيه يقول سهل بن أبي غالب تِيك الأبيات السائرة: إنّ مُعاذَ بنَ مسلم رجُلٌ ... ليس لِميقات عُمْره أَمَدُ قد شاب رأسُ الزَّمان واكتهل ... الدهر وأثواب عمره جدد

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 360"، والتهذيب "10/ 177"، السير "8/ 295، 296". 2 انظر: تاريخ الطبري "8/ 29، 197، 300"، والسير "8/ 424-426".

يا بِكْرَ حَوّاءَ كم تَعيشُ وكَمْ ... تَسْحَبُ ذَيْلَ الحياة يا لُبَدُ1 الأبيات. تُوُفّي سنة سبْعٍ وثمانين ومائة. وقيل: سنة تسعين، وعاش تسعين سنة. ذكره ابن البخار مختصرًا، وقال: هو مولى محمد بن كعب القُرظِيّ، ووُلد في دولة يزيد بن عبد الملك، وكان من أعيان النُّحاة، وكان له أولاد وأحفاد فماتوا وهو باقٍ، وله شِعرٌ جيّد. 360- الْمُعَافَى بن عِمران بن نُفَيْلِ بن جابر بن جبلة2 خ. د. ن: أبو مسعود الأزدي، الموصلي، الحافظ، القدوة، شيخ أهل الموصل وعالمهم وزاهدهم. مولده بعد العشرين ومائة. سمع: ثور بن يزيد، وهشام بن حسّان، وابن جُرَيْج، وجعفر بْن بُرْقان، وحنظلة بْن أبي سُفيان، وسيف بن سُليمان، وأفلح بن حُمَيْد، وموسى بن عُبَيْدة، ومِسْعَر، والأوزاعيّ، وعبد الحميد بن جعفر، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وسفيان الثَّوْريّ، وطبقتهم. وعنه: بقيّة، وابن المبارك ووَكِيع، وموسى بن أعْيَن، وهم من أقرانه، وبِشْر الحافي، والحسن بن بِشْر، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، ومحمد بن جعفر الوَرْكانيّ، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وعبد الله بن أبي خُداش، وآخرون. وله ترجمة في تاريخ يزيد بن محمد الأزْديّ في بضع وعشرين ورقة. وقال: ثنا موسى بن هارون الزّيّات: نا أحمد بن عثمان: سمعتُ محمد بن داود الحرّانيّ: نا عيسى بن يونس قال: خرج علينا الأوزاعيّ ونحن ببيروت أنا والمُعَافَى بن عِمران، وموسى بن أَعْيَن، ومعه كتاب السُّنَن لأبي حنيفة. فقال: لو كان هذا الخطأ في أمة لأوسعه خطأ.

_ 1 العقد الفريد "1/ 323". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 399، 400"، والسير "9/ 80-86".

قال الأزْديّ: صنّف الْمُعَافَى في الزُّهد، والسُّنَن، والفِتَن، والأدب وغير ذلك. وقال أحمد بن يونس: كان سُفيان الثَّوْريّ يقول: الْمُعَافَى بن عِمران ياقوتة العلماء. وقال بِشْر بن الحارث: إني لأذْكر الْمُعَافَى اليوم فأنتفع بذِكره، وأذكر رؤيته فأنتفع. وقال وكيع: نا المعافى وكان من الثقات. وعن بشر الحافي قال: كان ابن المبارك يقول: حدَّثني الرجل الصالح، يعني الْمُعَافَى. أحمد بن عبد الله بن يونس، عن الثَّوْريّ قال: امتحنوا أهل الموصل المعافى. وَرُوِيَ عن الأوزاعيّ قال: لا أقدّم على المَوْصليّ أحدًا. قال ابن سعد: كان الْمُعَافَى ثقة، خيرًا، فاضلا، صاحب سُنَّةٍ. بِشْر بن الحارث. سمعتُ الْمُعَافَى: سمعتُ الثَّوْريّ يقول: إذا لم يكن لله في العبد حاجة نبذة إلى السلطان. قال بِشْر: كان الْمُعَافَى يحفظ الحديث والمسائل، سألته عن الرجل يقول للرجل، أقعدْ هنا ولا تَبْرَح، قال: يجلس حتّى يأتي وقت الصلاة ثمّ يقوم. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: سمعتُ الْمُعَافَى ولم أرَ أفضل منه، يُسأل عن تجصيص القبور فكرهه. وقال عليّ بن مضاء: نا هشام بن بِهرام: سمعتُ الْمُعَافَى يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق. قال الهيثم بن خارجة: ما رأيت أأدب من الْمُعَافَى. وورد أن الْمُعَافَى كان أحد الأسخياء الموصوفين، أفنى ماله الجود والحقوق، كان إذا جاءه مغلة، أرسل إلى أصحابه ما يكفيهم سنة، وكانوا أربعة وثلاثين رجلا. قال بِشْر: كان الْمُعَافَى في الفرح والحُزن واحدًا، قتلت الخوارج له ولدين فما تبيّن

عليه شيء؛ وجمع أصحابه وأطعمهم، ثمّ قال لهم: آجركم الله في فلان وفلان1، رواها جماعة. عن بِشْر: قَالَ محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار: كنتُ عند عيسى بن يونس فقال: أسمعت من الْمُعَافَى؟ قلت: نعم. قال: ما أحسب أحدًا رأى الْمُعَافَى وسمع من غيره يريد بعِلمه الله. قال بِشْر: سمعتُ الْمُعَافَى يقول: أجمع العلماء على كراهة السُّكْنَى، يعني ببغداد. وقيل لبشر الحافي: نراك تعشق الْمُعَافَى بن عِمران. فقال: وما لي لا أعشقه وقد كان سُفيان يسمّيه الياقوتة؟ قال عليّ بن حرب: رأيت الْمُعَافَى أبيض الرأس واللّحية، عليه قميص غليظ، وكُمّه تَبِين منه أطراف أصابعه. وقال يحيى بن معين: ثقة. وقال بشر: كان المعافى صاحب دنيا واسعة وضياع كثيرة. قال رجلٌ: ما أشدُّ البرد اليوم، فالتفت إليه الْمُعَافَى وقال: استدفأت الآن؟ لو سكتَّ لكان خيرًا لك. قُلْتُ: وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِي الْمُعَافَى حَدِيثٌ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطِيعِيِّ، أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الزَّاغُونِيِّ ح، وَأنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، أنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّهْرَوَرْدِيُّ، أنا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْقَصَّارُ قَالا: أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، ثنا مُحَمَّدٌ، يَعْنِي ابْنَ أَبِي سَمِينَةَ، نا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُنْتُ أَسْكُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءَهُ عَنْ جَمِيعِ أَزْوَاجِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ"2. تَابَعَهُ وَكِيعٌ، عَنْ صَالِحٍ. أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، وَهُوَ غريب.

_ 1 صفة الصفة "4/ 180". 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن ماجه "589".

قال عليّ بن حسين الخوّاصّ، وغيره: مات الْمُعَافَى بن عِمران سنة أربع وثمانين ومائة. وقال ابن عمّار، وَسَلَمَةُ بن أبي نافع: مات سنة خمسٍ وثمانين. وقال الهيثم بن خارجة وغيره: سنة ست. وللمعافى تريجمة في "حلية الأولياء". 361- مُعْتَمِر بن سُليمان بن طَرْخان1 ع: الإمام أبو محمد التَّيميّ البصْريّ، وإنّما ولاؤه لبَني مُرَّة. وقيل له: التَّيميّ لنُزوله في بني تَيْم بالبصْرة. روى عن: أبيه، وعن: عبد الملك بن عُمَيْر، ومنصور بن المعتمر، وأيوب السختياني، وعمرو بن دينار القهرمان، والدُّكَيْن بن الربيع، وليث بن أبي سُليم، وحُمَيْد الطويل، وخلْق. وقد روى عمن هو أصغر منه. روى عن: عبد الرّزّاق، وعاشَرَ أصحاب عبد الرّزّاق بعد معُتْمَر مائة سنة. روى عنه: ابن المهديّ، وأحمد، وإسحاق، وابن مَعِين، والفلاس، وأبو كُرَيِب، وخليفة، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، والحَسَن بن عَرَفَة، وخلْق. وكان إمامًا حُجّةً، زاهدًا، عابدًا، كبير القدْر. قال قُرَّةُ بن خالد: ما مُعْتَمِر عندنا بدون والده وسُليمان التّيميّ. وقال محمد بن سعد: أنا أحمد بن إبراهيم العبْديّ، حدَّثني عبّاس البصْريّ، حدَّثني الأصمعيّ، حدَّثني مُعْتَمِر بن سُليمان قال: قال أبي عُدّ لنفسك من سنة ستٍّ ومائة. وقال سعيد بن عيسى الكُرَيزيّ: مات مُعْتَمِر يوم قتل زبّان الطّليقيّ، وكان النّاس يقولون: مات اليوم أعبدُ النّاس، وقيل: أشطر النّاس. قلت: تُوُفّي مُعْتَمِر في صَفَر سنة سبْعٍ وثمانين ومائة عن إحدى وثمانين سنة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 402، 403"، السير "8/ 420-422".

362- مَعَدَّى بن سُليمان البصْريّ1 ت. ق: صاحب الطعام. روى عن: عليّ بن زيد بن جدعان، وعمران القصير، ومحمد بن عجلان. وعنه: بدلُ بن المحبَّر، وبُنْدار، ومحمد بن المثنَّى، ونصر بن عليّ الْجَهْضَميّ، وغيرهم. قال سُليمان الشّاذكُونيّ: كان يُعدُّ من الأبدال، وكان من أفضل النّاس. وَرَوَى عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ، عَنْهُ قَالَ: مَرَرْتُ بِوَادِي الْقُرَى فَإِذَا بِهَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ شُعَيْبُ بْنُ مُطَيْرٍ، فَقُلْنَا لَهُ: أَدْخِلْنَا عَلَى أَبِيكَ. فَأَدْخَلَنَا وَقَالَ: يَا أَبَة حَدِّثْ هَؤُلاءِ بِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ. قَالَ: وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا فَأَبَى وَقَالَ: اذْكُرْهُ أَنْتَ يَا بُنَيَّ. فَقَالَ: حَدَّثْتَنَا يَا أَبَهْ أَنَّكَ مَرَرْتَ بِذِي خُشُبٍ، فَلَقِيتَ ذَا الْيَدَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَحَدَّثَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ2. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. مَعْدِيّ: ضعفه النَّسائيّ. وقال ابن حِبّان: لا يجوز الاحتجاج به. 363- مُعَلَّى بْنُ رَاشِدٍ، أَبُو الْيَمَانِ الْبَصْرِيُّ3 ق: الْقَوَّاسُ، النَّبَّالُ. عَنِ: الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، وَجَدَّتِهِ أُمِّ عَاصِمٍ، رَوَتْ لَهُ، عَنْ نُبَيْشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَثُرَ مَضْغُهُ اسْتَغْفَرْتُ لَهُ"4. رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَرَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، وَنَصْرٌ الْجَهْضَمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. لَمْ أَرَ فِيهِ مقالا بجرح ولا توثيق. وهو شيخ.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 438"، والتهذيب "10/ 229". 2 حديث حسن لغيره: أخرجه عبد الله بن أحمد "4/ 77" في زوائد المسند، والطبراني "4224" في الكبير، وله شاهد من حديث أبي هريرة، متفق عليه في الصحيحين. 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 333"، والتهذيب "10/ 237". 4 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "1864"، وابن ماجه "3271"، "2372"، وأحمد "5/ 76".

364- الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة1 خ. د. ت. ق: واسم أَبِي رَبِيعَةَ عَمْرُو بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن مخزوم، الإمام أبو هاشم المخزوميّ المدنيّ الفقيه. سمع: هشام بن عُرْوة، ويزيد بن عُبَيْد، وابن عَجْلان، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وغيرهم. وكان أحد الفقهاء الأعلام، وثّقه ابن مَعِين. قال الزُّبَير بن بكّار: عَرض عليه الرشيد قضاء المدينة فامتنع، فأعفاه ووصله بألفَيْ دينار. قال: وكان فقيه المدينة بعد مالك. وقال محمد بن سَلَمَةَ المخزوميّ: قال المغيرة بن عبد الرحمن: نحن أعلم النّاس بالقرآن وأجهلهم به، صيّرنا العِلم بعظيم قدرِه إلى الجهل بكثير من معانيه. وقال ابنه عيّاش: مات أبي في سابع صفر سنة ستِّ وثمانين ومائة. قلت: عاش اثنتين وستين سنة، وقد وثّقه جماعة، وضعفه أبو داود وحده. 365- المغيرة بن أبي المغيرة، أبو هارون الرَّبَعِيّ الرمليّ2: عن: أبي زُرْعة يحيى السّيبانيّ، وعُرْوة بن رويم، وجماعة. وعنه: أبو مسهر، ومحمد بن عائذ، وهشام بن عمّار وجماعة. قال أبو حاتم الرّازيّ: لا بأس به. 366- المغيرة بن موسى، أبو عثمان البصري3:

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 225"، والتهذيب "10/ 264". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 230". 3 الجرح والتعديل "8/ 230"، والميزان "4/ 166".

مولى عائذ بن عَمْرو المُزَنّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. سمع: هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وغيرهما. وحدّث ببلد خوارِزْم. روى عنه: يعقوب بن الجراح الخوارزميّ، وبكير بن جعفر الْجُرْجانيّ، وعمّار بن عيسى النَّسَويّ. قال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وقال ابن عَدِيّ: ثقة، لا أعلم له حديثًا مُنْكَرًا. 367- المفضَّل بن عبد الله الكوفيّ1 ق: عن: أبي إسحاق السَّبِيعيّ، وجابر الْجُعْفيّ. وعنه: سُوَيْد بن سعيد، ومحمد بن أبي السري العسقلاني. ضعفه أبو حاتم. وقواه ابن حِبّان. 368- المفضَّل بن فَضَالَةَ القتباني المصري2. ع: القاضي أبو معاوية، أحد الأعلام. روى عن: عيّاش بن عبّاس القِتْبانيّ، ويزيد بن أبي حبيب، وعبد الله بن سليمان الطويل؛ ويونس، وَعُقَيْلٍ الأَيْلِيّين، وطائفة. وعنه: حسّان بن عبد الله الواسطيّ ثمّ المصريّ، وأبو صالح الكاتب، وزكريّا بن يحيى كاتب العُمريّ، ومحمد بن رُمْح، ويزيد بن مَوهب الرَّمْليّ، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. وشذَّ ابن سعْد فقال: مُنْكَر الحديث. قال ابن يونس في تاريخه: كان من أهل الدين والورع والفضل.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 319". 2 الجرح والتعديل "8/ 317"، والسير "8/ 153، 154".

وقال أبو داود: كان مُجاب الدَّعوة. لم يحدّث عنه ابن وهْب لأنّه قضى عليه بقضية. وروى عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله بْن عبد الحَكَم، عن بعض مشائخه أنّ رجلا لقى الْمُفَضَّلَ بن فَضَالَةَ بعدما عُزل من القضاء فقال: قضيت عليّ بالباطل، وفعلتَ وفعلتَ. فقال له: ولكنّ الذي قضيت له يُطيبُ الثناء عليّ. وقال عيسى بن حمّاد: كان الْمُفَضَّلُ قاضيًا علينا، وكان مُجاب الدَّعوة، وكان مع ضعف بدنه طويل القيام رحمه الله. وقال يحيى بن مَعِين: كان مصريًا وَرَجُلَ صِدْق، كان إذا جاءه من انكسرت يده أو رِجْله جَبَرها. وكان يصنع الأرحية. وقال لَهِيعة بن عيسى: كان الْمُفَضَّلُ قد دعا الله تعالى أن يُذِهب عنه الأملَ، فأذهبه الله عنه، فكاد أن يختلس عقله ولم يهنّه شيء من الدنيا، فدعا الله أن يرد إليه الأمل فرده، فرجع إلى حاله1. قال ابن يونس: وُلد سنة سبْعٍ ومائة، وتُوُفّي سنة إحدى وثمانين ومائة. وقد مر المفضل بن فضالة البصري أخو مبارك. 369- مُلازم بن عَمْرو الحنفيّ اليَماميّ2 ع: عن: موسى بن نجدة، وعن جدّه عبد الله بن بدر اليماميّ، وعبد الله بن النُّعمان السُّحَيْميّ، وغيرهم. ولم أجد له شيئًا عن يحيى بن أبي كثير. روى عنه: عليّ بْن المَدِينيّ، ومُسَدَّد، ويحيى بْن مَعِين، وهنّاد، وأحمد بن المقدام، وجماعة. وثقه ابن مَعِين، وغيره.

_ 1 الحلية "8/ 321". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 435"، والميزان "4/ 180".

وما علمتُ فيه مقالا. له في مسّ الذَّكَر. 370- المِنْهال بن بحر، أبو سَلَمة القُشَيريّ العُقَيْليّ1: عن: ابن عَوْن، وهشام بن حسّان، وابن أبي عِرُوبة، وَقُرَّةَ بن خالد، وعدّة. وعنه: أبو الوليد، وعليّ بن المَدِينيّ، وأبو حفص الفلاس، وآخرون. وثقه أبو حاتم. ولا شيء له في الكُتُب. 371- مهران بن أبي عَمْر الرّازيّ العطار2 ق: عَنْ: أبي حيّان يحيى بْن سَعِيد التَّيْميّ، وإسماعيل بن أبي خالد، وسعيد بن سنان، وسعيد بن أبي عَرُوبة. وعنه: عبد الله بن الجرّاح القَهَسّتانيّ، ومحمد بن عَمْرو زنيج، ويحيى بن مَعِين، ويحيى بن أكثم، ويوسف بن موسى القطّان، وغيرهم. قال أبو حاتم: ثقة صالح الحديث. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن معين: كتبتُ عنه وعنده غلط كثير في حديث سُفيان الثَّوْريّ. وقال البخاريّ: في حديثه اضطراب. 372- موسى الكاظم3 ت. ق: هو الإمام أبو الحسن موسى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْعَلَوِيُّ الحُسَينيّ، والد عليّ بن موسى الرِّضا. وببغداد مشهد موسى، والجواد.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 357، 358". 2 الجرح والتعديل "8/ 301"، الميزان "4/ 196". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 139"، والميزان "4/ 201، 202".

روى عن: أبيه، وعن: عبد الملك بن قُدامة الْجُمَحيّ. روى عنه: بنوه: عليّ، وإبراهيم، وإسماعيل، وحسين. وأخوَاه: محمد، وعليّ ابنا جعفر. مولده كان في سنة ثمان وعشرين ومائة. قال أبو حاتم: ثقة إمام. وقال غيره: حجّ الرشيد فحمل معه موسى من المدينة إلى بغداد وحبسه إلى أن تُوُفّي غير مُضَيَّق عليه. وكان صالحًا، عالمًا، عابدًا، متألِّهًا. بلغنا أنّه بعث إلى الرشيد برسالة يقول: إنه لن ينقضي عنّي يَوْمٌ من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتّى نقضي جميعًا إلى يومٍ ليس له انقضاء يخسر فيه المُبْطِلُون1. قال عبد الرحمن بن صالح الأزْديّ: زار الرشيد قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله! يابن عم! يفتخر بذلك. فتقدم موسى بن جعفر فقال: السلام عليك يا أبَه. فتغير وجه الرشيد وقال: هذا الفخر حقًا يا أبا حسن. وقال النسّابة يحيى بن جعفر العلوي المدني، وكان موجودًا بعد الثلاثمائة: كان موسى يُدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، وكان سخيًّا، يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصُرّة فيها الألف دينار، وكان يُصَرِّر الصُّرَرَ مائتي دينار وأكثر ويرسل بها، فمن جاءته صُرّة استغنى. قلت: هذا يدلّ على كثرة إعطاء الخلفاء العباسيين له، ولعلّ الرشيد ما حبسه إلا لقولته تلك: السلام عليك يا أبَهْ. فإن الخلفاء لا يحتملون مثل هذا. روى الفضل بن الربيع، عن أبيه: أنّ المهديّ حبس موسى بن جعفر، فرأى في المنام عليًّا وهو يقول: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] .

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 32".

قال: فأرسل إلي ليلا، فراعني ذلك، وقال: عليّ بموسى. فجئته به، فَعَانَقَهُ وقصّ عليه الرؤيا، وقال: تُؤَمِّنَني أن تخرج عليّ أو على ولدي. فقال: والله لا فعلت ذاك، ولا هو من شأني. قال: صدقت، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار وجهّزه إلى المدينة. عبد الله بن أبي سَعْد الورّاق: حدَّثني محمد بن الحسين الكِنانيّ: حدَّثني عيسى بن مغيث القُرَظيّ قال: زرعتُ بِطّيخًا وقِثّاءً في موضع بالجوّانيّة على بئر، فلمّا استوى بيَّتَه الجرادُ فأتى عليه كلَّه، وكنتُ عرضت عليه مائة وعشرين دينارًا، فبينما أنا جالس إذ طلع موسى بن جعفر فسلّم ثمّ قال: أيْش حالُك؟ فقلت: أصبحت كالعديم، بيّتني الجراد. فقال: يا عَرَفَة، غُلامهُ، زِنْ له مائة وخمسين دينارًا. ثمّ دعا لي فيها، فبعت منها بعشرة آلاف درهم1. مات موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في شهر رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة. وقيل: سنة ستِّ، والأول أصحّ. وعاش بعضًا وخمسين سنة كأبيه، وجدّه، وجدّ أبيه، وجدّ جدّه، ما في الخمسة مَن بلغ الستّين. 373- موسى بن شَيْبَة بن عَمْرو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ السُّلميّ2: الأنصاريّ المدنيّ. عن: عمومة أبيه: خارجة، ونعمان، وعُمَيرة بني عبد الله. وعنه: الحُمَيْدِيّ، وأبو مُصْعَب، وإبراهيم بن حمزة الزُّبَيْديّ. قال أبو حاتم: صالح الحديث. 374- موسى بن ربيعة، أبو الحَكَم الْجُمَحيّ مولاهم المصريّ3: الزّاهد، العابد، أحد الأولياء.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 29". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 146، 147"، والميزان "4/ 207". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 142، 143".

قال أبو الطاهر بن السَّرْح: كان إذا قدِم الإسكندريَّة يُصلّي اللَّيْلَ أجمع، ويصوم النهار، ويُكثر الذِّكر. وكانت الأساقفة يسمّونه "راهب المسلمين". وقال غيره: كان وصي الإمام عَمرو بن الحارث. روى عن: يزيد بن الهاد، ويحيى بن سعيد، وجماعة. روى عنه: موسى بن أَعْيَن، ويحيى بن بُكَير، وسعيد بن عُفَيْر، وأحمد بن عَمْرو بن السَّرْح، وسعيد بن أبي مريم. قال أبو زُرْعة الرّازيّ: كان ثقة. وقال أحمد بن السَّرْح: مات في آخر سنة تسعٍ وثمانين ومائة. وقيل: مات سنة تسعين ومائة. وعاش ثمانين سنة رحمه الله. 375- موسى بن عيسى البستي الكوفي1 م: القارئ. روى عن: زائدة وغيره. وعنه: إسحاق بن راهَوَيْه، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمير، وسُفْيَان بن وكيع. وثّقه مُطَيِّن. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة كَهْلا. وَلَهُ فِي الصَّحِيحِ حَدِيثٌ واحد أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ، عَنْ زَيْنَبَ الشعرية، وَالْقَاسِمِ الصَّفَّارِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عُثْمَانَ قَالُوا: أنا وجيه الشامي، وأنا أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَنْطَرِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا مُوسَى الْقَارِئُ، ثنا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ماء

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 143".

وَسَتَرْتُهُ فَاغْتَسَلَ1. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ. 376- موسى بن منصور بن هشام بن أبي رقبة اللَّخْمي البصْريّ2: أبو العلاء. عن: أبيه. وعنه: ابنه العلاء، وابن وهْب، والقاسم بن هانئ، وغيرهم. قال ابن يونس: مُنْكَر الحديث. يقال: مات سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 377- مُؤَمَّل بن أَمْيَلَ المُحاربيّ الكوفيّ3: كان شاعرًا مُحسنًا، مدح المهديّ مرَّةً فأجازه بألف دينار. ذكره الخطيب. 378- المؤمّل بن أبي حفصة الشاعر4: هو ابن عمّ مروان بن أبي حفصة. كان من أعيان شعراء المهديّ. 379- ميمون بن يحيى بن مسلم بن الأشجّ5: أبو أُميّة المدنيّ. حدَّث بمصر عن مَخْرمَة بن بُكَير. وعنه: يحيى بن بُكَير، وأحمد بن سعيد الهمداني، وغيرهما.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "249"، "257"، ومسلم "317"، وأحمد "6/ 329، 330"، وأبو داود "242"، والترمذي "103"، والنسائي "1/ 137"، وابن ماجه "573"، والبيهقي "1/ 174" في سننه الكبرى. 2 لم نقف عليه. 3 انظر: تاريخ بغداد "13/ 177-180". 4 تاريخ بغداد "13/ 180". 5 الجرح والتعديل "8/ 239".

مات سنة تسعين ومائة. 380- ميمون بن زيد1: أبو إبراهيم البصْريّ السّقّاء2. عن: ليث بن أبي سُليم، والحسن بن ذكوان. وعنه: شُرَيْح بن النُّعمان وعمرو الفلاس، ونصر بن عليّ، وغيرهم. قال أبو حاتم: ليِّن الحديث. "حرف النون": 381- نُصَيْر بن زياد الطّائيّ الكوفيّ3: عن: أبي اليقظان عثمان بن عُمَيْر، وأبي هارون العبْديّ، وصلْت الدَّهّان. وعنه: حسين الأشقر، ومعاوية بن هشام، وإسماعيل بن أبان الورّاق، ويحيى الحِمانيّ، وأبو سعيد الأشجّ. ذكره بصادٍ مِهملة البخاريّ، ومُطَيِّن، وابن أبي حاتم. وأمّا الدَّارَقُطْنيّ فقال: هذا وهم، بل هو بمعجمة "نُضَيْر". قال الأزْديّ: مُنْكَر الحديث. 382- النَّضْر بن إسماعيل ت. ن: أبو المغيرة البجلي الكوفي القاص4، إمام جامع الكوفة. عن: الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، ومحمد بن سُوقة، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو عُبَيْد، وأحمد بن منيع، وزياد بن أيّوب، والحسن بن عَرَفَة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 239، 240". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 239، 240". 3 الجرح والتعديل "8/ 492"، الميزان "4/ 264". 4 الجرح والتعديل "8/ 474"، الميزان "4/ 255".

ضعّفه ابن مَعِين. وقال البخاريّ، وأحمد: لم يكن يحفظ الإسناد. وقال ابن عَدِيّ: أرجو أنه لا بأس به. 383- النَّضْر بن محمد المروزي1 ن: أبو عبد الله مولى بني عامر. روى عن: محمد بن المُنْكَدر، وعبد العزيز بن رفيع، ويزيد بن أبي زياد، والعلاء بن المسيب، وأبي حنيفة. وعنه: إسحاق بن راهويه، والحسن بن عيسى بن ماسرجس. وثقه النسائي. مات سنة ثلاث وثمانين ومائة. 384- النضر بن منصور الكوفي2 ت: عن: أبي الْجَنُوب، عن عليّ، وعن سهل الفَزَاريّ. وعنه: أبو هشام الرفاعيّ، وأبو كُرَيِب، وأبو سعيد الأشجّ، وآخرون ضعّفه النَّسائيّ، وغيره. 385- النُّعمان بن عبد السَّلام بن حبيب التَّيْميّ: تَيْمُ الله بنُ ثعلبة، أبو المنذر الأصبهانيّ الفقيه، شيخ أصبهان وعالمها. وأصله نيسابوريّ. قدِم أصبهانَ في فتنة ظهور أبي مسلم الخُراسانيّ وهو صغير مع أبيه، ثمّ رحل وطلب العلم، وكان من كبار الزُّهّاد الورِعين، وله تصانيف نافعة. روى عن: جُرَيْح، وأبي حنيفة، ومِسْعَر، وشُعْبة، والثَّوْريّ، وطبقتهم. وعنه: ابن مهديّ، وعفّان، وعامر بن إبراهيم، وصالح بن مهران، ومحمد بن

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 474"، التهذيب "10/ 434، 435". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 478"، التهذيب "10/ 444".

المغيرة الأصبهانيان، ومحمد بن مبارك، ومحمد بن المِنْهال، وسُليمان بن داود الشاذكُونيّ. قال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. وقال أبو نُعَيم الحافظ: كان أحد العُبّاد والزّهاد. زَهد في ضياع أبيه لمُلامسته للسلطان، وكان يتفقّه على مذهب سُفيان، وجالس أبا حنيفة. قال: وتوفي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 386- نُعَيم بن المُوَرّع بن توبة العنبري البصري1: عن: هشام بن عروة، والأعمش، وابن جريج. وعنه: إبراهيم بن عبد الله بن يسار الواسطيّ، ومحمد بن أيّوب البجليّ. قال س: ليس بثقه. وقال ابن عَدِيّ: يسرق الحديث. 387- نوح بن دارج2: أبو محمد النخعي، مولاهم الكوفيّ الفقيه، أحد المجتهدين. تفقه وبرع على الإمام أبي حنيفة، وعلى عبد الله بن شُبْرُمَة؛ وروى عنهما، وعن: الأعمش، وابن أبي ليلى. وعنه: سعيد بن منصور، وأبو نُعَيم ضِرار بن صُرَدَ، وعليّ بن حُجْر، ومحمد بن الصّبّاح الْجَرْجرائيّ، وآخرون. وُلّي قضاء الكوفية مدّة، ثمّ وُلّي قضاء الجانب الشرقيّ ببغداد. ضعّفه في الحديث النَّسائيّ، وغيره. وكان من كبار أصحاب أبي حنيفة. يُقال: إنه أضرَّ، وبَقِيّ يحكم نحْوًا من ثلاث سنين حتّى فطِنوا به. وقد كذبه يحيى بن معين.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 464"، والميزان "4/ 271". 2 الجرح والتعديل "8/ 484، 485"، التهذيب "10/ 482-484".

وقال ابن حِبّان: روى موضوعات. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. 388- نوح بن قيس الحُدّانيّ الطاحي البصري1 م. ع: أبو روح. روى عن: محمد بن زياد الْجُمَحيّ فيما قيل، وعن: أبي هارون عمارة بن جُوَين العبْديّ، وأيّوب السّخْتيانيّ، ومحمد بن واسع، ويزيد الرَّقاشيّ، ويزيد بن كعب، وجماعة. وهو أخو خالد بن قيس. روى عنه خليفة بن خيّاط، وقُتَيْبة، وحُمَيْد بن مَسْعَدة، وأحمد بن المقداد، وزياد الحسّاني، ونصر الْجَهْضَميّ، وخلْق سواهم. روى عثمان الدارمي، وعن ابن مَعِين: ثقة. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ باس. قلت: تُوُفّي سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وثمانين ومائة، رحمه الله. 389- نوح بن أبي مريم الجامع2: وقد ذُكر في الطبقة الماضية، والله أعلم. "حرف الهاء": 390- هارون بن مسلم بن هُرْمُز3: أبو الحَسَن صاحب الحِنّاء. روى عن: أبيه، وعُبَيْد الله بن الأخنس، ودَفّاع، والقاسم بن عبد الرحمن. وعنه: عبد العزيز بن المغيرة، وقتيبة، وسويد، ونصر بن علي الجهضمي، وعبد السلام بن مظهر.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 483"، والتهذيب "10/ 485، 486". 2 سبق الترجمة له. 3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 94"، والميزان "4/ 286".

قال أبو حاتم: لين. وقال الحاتم: ثقة. وخرج له في مستدركه، وهو بصري. 391- هارون بن المغيرة البجلي الرازي الحافظ1 د. ت: عن: عُبَيْد الله بن عَمْر، وحَجّاج بْن أرطأة، وعَمْرو بْن أَبِي قيس الرّازيّ، وغيرهم. وعنه: ابنه إبراهيم، ويحيى بن مَعِين، وإبراهيم بْن مُوسَى الفرّاء، ومحمد بْن حُمَيْد، وزُنَيْج، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 392- هزال بن سعيد السَّبأيّ2: أبو مروان المصريّ. عن: يزيد بن أبي حبيب، وخير بن نُعَيم، وبكر بن عَمْرو. وعنه: حَجّاج بن ريّان، وسعيد بن عُفَير، وغيرهما. وكان ضريرًا، مات سنة إحدى وثمانين ومائة. وقد سمع هزال من أم الصَّعْبة قالت: ثنا أبو الدرداء. 393- هشام بن لاحق المدائنيّ3: عن: عاصم الأحول، وغيره. وعنه: أحمد بن حنبل، وهشام بن بهرام. قال النَّسائيّ: ليس به بأس. 394- هُشَيم بن بشير بن أبي خازم قاسم بن دينار4 ع: الحافظ، أبو معاوية السلمي الواسطي، أحد الأعلام.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 95، 96"، الميزان "4/ 287". 2 لم نقف عليه. 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 69، 70"، والميزان "4/ 306". 4 الجرح والتعديل "9/ 115، 116"، السير "8/ 255-261".

عن: الزُّهْريّ، وعَمْرو بن دينار، وأيّوب، وأبي بِشْر، وحُصَيّن بن عبد الرحمن، ومنصور بن زاذان، وخلْق سواهم. وعنه: شعبة مع تقدُّمه، وابن المبارك، ويحيى القطّان، وعبد الرحمن بن مهديّ، وقُتَيْبة، وأحمد بن حنبل، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، والحسن بن عَرَفَة، وزياد بن أيّوب، وإبراهيم بن مُجَشَّر، وخلْق كثير. سكن بغداد، وانتهت إليه مَشْيَخة العِلم ببغداد في زمانه. مولده سنة أربعٍ ومائة. قال عَمْرو بن عَوْن: كان هُشيم قد سمع من الزُّهْريّ، وعَمْرو بن دينار، وابن الزُّبَير بمكة أيام الحجّ. وقال يعقوب الدَّوْرَقيّ: كان عند هُشيم عشرون ألف حديث. وقال أحمد: لم يسمع هُشَيم من يزيد بن أبي زياد ولا من الحَسَن بن عُبَيْد الله، ولا من أبي خالد ولا من سيّار، ولا من موسى الْجُهَنيّ، ولا من عليّ بن زيد، ثمّ سمّى طائفة كبيرة، يعني حدَّث عنهم بصيغة عن. وكان من كبار المدلِّسين مع حِفْظه وصِدْقه. قال إبراهيم الحربيّ: كان والد هُشيم صاحب صِحْناة1 وكامُخٍ2، وكان يمنع هُشَيْمًا من الطَّلَب، فكتب العِلم حتّى جالس أبا شَيْبَة القاضي وناظره في الفقه. قال: فمرض هُشَيم، فجاء أبو شَيْبَة يعوده، فمضى رجل إلى بشير، قال: الحق ابنك، فقد جاء القاضي يعوده، فجاء، فوجد القاضي في داره، فقال: متى أمَّلْتُ أنا هذا؟ قد كنت أمنعك، أمّا اليوم فلا بقيت أمنعُك3. قال وهْب بن جرير: قلنا لشُعْبة: تكتب عن هُشَيم؟ قال: نعم، ولو حدَّثكم عن ابن عَمْر فصدّقوه. وقال أحمد بن حنبل: لزِمْت هُشَيْمًا أربع سنين، ما سألته عن شيء إلا مرتين

_ 1 الصحناة: نوع من الطعام يعد من الأسماك. 2 كامخ: هي ما يعرف بالمخللات. 3 تاريخ بغداد "14/ 87".

هيبةً له، وكان كثير التسبيح بين الحديث، يقول بين ذلك: لا إله إلا الله، يمد بها صوته. وعن عبد الرحمن بن مهديّ قال: كان هُشَيم أحفظ للحديث من سُفيان الثَّوْريّ. وقال يزيد بن هارون: ما رأيت أحدا أحفظ للحديث من هُشَيم إلا سُفيان إنّ شاء الله. قال أحمد العِجْليّ: هُشَيم ثقة. يُعَدّ من الحفاظ، وكان يدلّس. وقال ابن أبي الدنيا: حدَّثني من سمع عَمْرو بن عَوْن يقول: مكث هُشَيم يصلّى الفجر بوضوء العشاء قبل أن يموت عشر سنين1. وعن حمّاد بن زيد قال: ما رأيت في المحدثين أنبل من هُشَيم، سمعها عَمْرو بن عَوْن، منه. وَسُئِلَ أبو حاتم الرّازيّ، عن هُشَيم فقال: لا يُسأل عنه في صِدقه وأمانته وصلاحه. وقال ابن المبارك: من غيَّر الدهرُ حِفظه، فلم يغيّر حِفْظَ هُشَيم. وقال يحيى بن أيّوب العابد: سمعتُ نصرَ بن بسّام وغيره من أصحابنا قالوا: أتينا معروفًا الكَرْخيّ فَقَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام وهو يقول لهُشَيم: "جزاك الله عن أمَّتي خيرًا"2. فقلت لمعروف: أنت رأيت؟ قال: نعم، هُشَيم خير مما تظنّ. قال أحمد بن أبي خَيْثَمَة: نا سُليمان بن أبي شيخ، نا أبو سُفيان الحُمَيْدِيّ، عن هُشَيم قال: قدِم الزُّبَير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الكوفة في خلافة عثمان، وعلى الكوفة سعيد بن العاص، فبعث إليه بسبعمائة ألف وقال: لو كان في بيت المال أكثر من هذا لبعثت به إليك: فقبلها الزُّبَير. قال أحمد: فحدَّثت بهذا مُصْعَب بن عبد الله، فقال: ما كان الذي بعث به إليه عندنا إلا الوليد بن عُقْبة، وكنا نشكرها لهم. وهشيم أعلم.

_ 1 السابق "14/ 93". 2 تاريخ بغداد "14/ 88".

قال أبو سُفيان: سألت هُشَيْمًا عن التفسير: كيف صار فيه اختلاف؟ فقال: قالوا برأيهم فاختلفوا. قال إبراهيم بن عبد الرحمن الهَرَويّ: سمع هُشَيم، وابن عُيَيْنَة من الزُّهْريّ سنة ثلاثٍ وعشرين في ذي الحِجّة. قال سُفيان: أقام عندنا إلى عمرة المحرم، ثم خرج إلى الجعرانة فاعتمر منها، ثمّ نَفَر ومات من سنته. قال إبراهيم بن عبد الله: كتبت حديثًا لم يسمعه هُشَيم من الزُّهْريّ، ولم يروى عنه سوى أربعة أحاديث سماعًا. منها: حديث السقيفة1، وحديث المضامين2 والملاقيح3، وحديث ما استيسر من الهدي، وحديث اعتكف، فأتته صفيّة. قال أحمد بن حنبل: ليس أحد أصح حديثًا من هُشَيم، عن حُصَين. وقال ابن مهديّ: حِفْظُ هُشَيم عندي أثبت من حفْظ أبي عَوَانه، وكتاب أبي عوانة أثبت. قال عبد الله بن أحمد: سمعتُ أبي يقول: الذين رأيتهم يَخْضِبون: هُشَيم، مُعْتَمر، يحيى بن سعيد، مُعاذ بن مُعَاذ، ابن إدريس، ابن مهديّ، إسماعيل بن إبراهيم، عبد الوهّاب الثَّقفيّ، يزيد بن هارون، أبو معاوية، خِضابٌ جَيّدٌ قانٍ. حفص بن غياث، عبّاد بن العوّام إلى السَّواد، جرير بن نُمير، ابن فُضَيْلٍ، غُنْدَر البُرسانيّ، عبد الرّزّاق، عباد بن عباد بن أبي زائدة، الوليد بن مسلم خِضابًا خفيفًا، مرحوم العطّار، حَجّاج، سعد ويعقوب ابنا إبراهيم، أبو داود، أبو النَّضْر، أبو نُعَيم، خِضابًا خفيفًا. محمد وَيَعْلَى ابنا عُبَيْد، أخوهما عَمْر، خِضابّا خفيفًا. أبو قَطَن، أبو المغيرة، عليّ بن عيّاش، أبو اليَمَان، عصام بن خالد، بِشْر بن شُعيب القُرَشيّ، يحيى بن أبي بُكَيْر، غنّام بن عليّ، مروان بن شُجاع، شجاع بن

_ 1 السقيفة: المراد سقيفة بني ساعدة. 2 المضامين: هو بيع ما في بطون الإناث من الإبل، وقد نهى الإسلام عن ذلك. 3 الملاقيح: بيع ما على ظهور الجمال بدون تمييز، وقد نهى الإسلام عن ذلك.

الوليد، حميد الرؤاسي، إبراهيم بن خالد، رأيت هؤلاء يخضِبون. وحديث هُشَيم من أعلاه يقع اليوم: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَالْخَضِرُ بْنُ حَمُّوَيْهِ فِي كِتَابِهِمْ، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ، أنا ابْنُ بَيَانٍ، أنا ابن مَخْلَدٍ، أنا الصَّفَّارُ، نا ابْنُ عَرَفَةَ، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنْ كُنْتُ لأَجِدُهُ فِي ثَوْبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحُتُّهُ عَنْهُ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، فَوَقَعَ بَدَلا عَالِيًا بِدَرَجَتَيْنِ. قالوا: تُوُفّي في شعبان سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. قلت: كان من أبناء الثمانين، وكتب عن الزُّهْريّ نسخة كبيرة فضاعت. علّق على وَهْنَه منها. 395- هُشَيم بن أبي ساسان2: أبو عليّ الكوفيّ. إسم أبي ساسان: هشام. عن: أمي الصيرفي، وابن جُرَيْح، وعُبَيْد الله بن عَمْر. وعنه: إبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن خلاد الباهليّ، وقُتَيْبة، وأبو سعيد الأشجّ، وأحمد بن حنبل. سُئِل أبو حاتم عنه فقال: صالح الحديث. وقال أبو داود: لا بأس به. 396- الهيثم بن حُمَيْد الغسّانيّ3 ع: مولاهم أبو أحمد، ويقال: أبو الحارث. روى عن: العلاء بن الحارث، وتميم بن عطية، وأبي وهْب الكلاعي، وثور بن

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "288". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 116"، والثقات لابن حبان "7/ 587". 3 الجرح والتعديل "9/ 82"، والسير "8/ 312، 313".

يزيد، ومُطْعِم بن المِقْدام، وزيد بن واقد، والأوزاعيّ، ويحيى الذّماريّ، وداود بن أبي هند. وعنه: الوليد بن مسلم، وعبد الله بن يوسف، وهشام بن عمار، وعلي بن حجر، ومحمد بن عائذ، وعدة. قال دحيم: كان أعلم الأولين والآخرين، بقول مكحول. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو داود: قدري ثقة. "حرف الواو": 397- وكيع بن محرز الناجي السامي البصري1 ق: عن: زيد العمّيّ، وعثمان بن الْجَهْم، وعباد بن منصور. وعنه: محمد بن أبي بكر المُقَدَّميّ، ونصر الْجَهْضَميّ، والعبّاس بن يزيد البحرانيّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وقال البخاريّ: عنده عجائب. 398- الوليد بن بكير التميمي الطهوي2 ق: أبو خباب الكوفي. عن: الأعمش، وعَمْر بن نافع الثقفي، وسلام الخراز. وعنه: سعيد بْن سُليمان، ومحمد بْن عَبْد الله بْن نمير، وعبيد بن يعيش، والحَسَن بن عَرَفَة، والحسن بن محمد الطّنافسيّ. قال أبو حاتم: شيخ. 399- الوليد بن محمد الموقري البلقاوي3 ت. ق:

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 37"، الميزان "4/ 336". 2 الجرح والتعديل "9/ 2"، والتهذيب "11/ 131، 132". 3 الجرح والتعديل "9/ 15"، الميزان "4/ 346".

أبو بشير، مولى بني أُميّة. عن: الزُّهْريّ، وعطاء الخُراسانيّ. وعنه: أبو مُسْهر، وسُوَيْد بن سعيد، وصاحب بن الوليد، والحَكَم بن موسى، وعليّ بن حُجْر، ومحمد بن عائذ. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال ابن المَدِينيّ: لا يُكْتَب حديثه. وقال ابن خُزَيْمَة: لَا أحتجّ به. وقال ابن مَعِين: يكذِب. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. سليمان ابن بنت شُرَحْبيل: استحسنت الوليد المُوَقَّريّ في كُتُب الزُّهْريّ فقال: أنت تريد أن تأخذ في مجلسٍ ما قد أقمت أنا فيه مع الزُّهْريّ عشرَ سِنين! وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: لم يزل حديث الوليد بن محمد مقاربًا حتّى ظهر أبو طاهر المقدّسي لا جُزي خيرًا. فقال له سُليمان بن عبد الملك: ويْحك، أهلكت علينا الوليد بن محمد. قال أبو زُرْعة: وظهرت له بحمص أحاديث أُنكرت أيضًا. وظهرت أحاديث بخُراسان يُستَوْحش منها. قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: المُوَقَّريّ يروي العجائب عن الزُّهْريّ. فقال: آهٍ ليس ذاك بشيء. وقال أبو حاتم: سألت ابن المَدِينيّ، عن المُوَقَّريّ، فقال: يروي عنه أهلُ الشام، أرى كُتُبه من نُسَخ الزُّهْريّ من الديوان. وقال أبو زُرْعة: ليِّن في الحديث. قال محمد بن مُصَفَّى: تُوُفّي سنة اثنتين وثمانين ومائة. وقيل: مات سنة إحدى.

400- وهْب بن إسماعيل الأسَديّ الكوفيّ1 ق: عن: جده محمود بن قيس، وعَمْر بن ذر، والأوزاعيّ. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن نُمير، وأبو سَعِيد الأشجّ. قَالَ أحمد: له مناكير. 401- وهْب بن راشد الرَّقّيّ2: ويقال: بصْريّ. عن: ثابت، وفرقد السَّبخيّ، ومالك بن دينار، وهشام الدُّسْتَوائيّ. وعنه: سُليمان بن عُمَر، وعليّ بن سعيد بن شداد، وداود بن رشيد، وغيرهم. قال ابن عَدِيّ: ليس بالمستقيم. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. 402- وهْب بن واضح3: أبو الإخريط المكّيّ، شيخ القرّاء، ويُكنى أبا القاسم، من موالي عبد العزيز بن أبي روّاد. قرأ على إسماعيل بن عبد الله القِسْط، وعلى: شِبْلِ بن عبّاد، ومعروف بن مُشْكان. وتصدّر للإقراء. وأخذ عنه جماعة منهم: أبو الحَسَن أحمد بن محمد النبال، وأبو الحسن البزي، وغيرهم. مات سنة تسعين ومائة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 27"، والتهذيب "11/ 158، 159". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 27"، والميزان "4/ 351، 352". 3 معرفة كبار القراء "1/ 146".

"حرف الياء": 403- يحيى بن بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ1: ابن أبي موسى الأشعريّ. عن: أبيه، وإسماعيل بن أبي خالد. وعنه العلاء بن عَمْرو، وعُبَيْد الله القواريريّ. وسمع منه يحيى بن مَعِين وضعّفه. 404- يحيى بن حمزة بن واقد الحضْرَميّ2 ع: مولاهم السُّلميّ الدّمشقيّ أبو عبد الرحمن الفقيه قاضي دمشق. وُلد سنة ثلاث ومائة. قاله أبو مُسِّهر. وقال مُفَضَّلٌ الغُلابيّ: سنة ثمانٍ ومائة. قرأ القرآن على يحيى الذّماريّ. وروى عن: عُرْوَة بن رُوَيْم، وعَمْرو بن مهاجر، وعطاء الخُراسانيّ، وأبي وهب عبيد الله الكلاعي، ومحمد بن يزيد، والزبيدي، ويزيد بن أبي بكير وعدة. قرأ عليه: الربيع بن ثعلب، وحدَّث عنه: أبو مُسْهِر، وولده محمد بن يحيى، وعبد الرحمن بن مهديّ، ومحمد بن عائذ، ومحمد بن المبارك الصُّوريّ، وهشام بن عمّار، وعليّ بن حُجْر، والحكم بن موسى. قال دُحَيْم: ثقة عالم. وقال أحمد: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: عاش ثمانين سنة. وقال عبّاس، عن ابن مَعِين: يُرمَى بالقَدَر. وقال مرّةً: كان قدريًا. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: وُلّي يحيى بعد سَلَمة بن عَمْرو، فحدّثني أحمد بن

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 131، 132"، والميزان "4/ 365". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 136، 137"، السير "8/ 314، 315".

أبي الحواريّ، عن مروان قال: لما قدِم المنصور دمشق سنة ثلاثٍ وخمسين ومائة استعمل يحيى بن حمزة على القضاء، وقال له: يا شابّ، أرى أهل بلدك قد أجمعوا عليك، فإيّاك والهديّة؛ فلم يزل قاضيًا حتّى مات. قال أبو زُرْعة: وأعلم النّاس مكحول، والهيثم بن حُمَيْد، ويحيى بن حمزة. قال دحيم، وجماعة: مات يحيى سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 405- يحيى البرمكيّ1: هو الوزير يحيى بن خالد بن برمك، أبو عليّ. كان المهديّ قد ضمّ إليه هارون الرشيد وجعله في حُجْره، فأحسن سياسته وأدّبه، فلمّا استُخْلِف نوّه بذِكره ورفع محلَّه، فكان يقول: قال أبي: وردّ إصدار الأمور وإيرادها إليه، فلمّا قَتل ابنه جعفرًا خلّد يحيى في السجن. قال الأصمعيّ: سمعته يقول: الدنيا دُوَلٌ، والمال عارية، ولنا بمن قبلنا أسْوَة، ولِمَن بعدنا عبرة. قال إسحاق المَوْصليّ: كانت صِلات يحيى إذا ركب لمن تعرّض له مائتي درهم. وقال المَوْصليّ: قال أبي: أتيت يحيى بن خالد فشكوتُ ضيقه، فقال: ما أصنع لك؟ ليس عندي شيء، ولكن أدلك على أمر فكن فيه رجلا. قد جاءني خليفة صاحب مصر يسألني أن أستهدي صاحبه شيئًا، وقد أبيت فألَح؛ وقد بلغني أنك أعطيت بجاريتك ثلاثة آلاف دينار. فهوذا، استهديه إياها، وإيّاك أن تُنقصها عن ثلاثين ألف دينار شيئًا، وانظر كيف تكون. قال: فوالله ما شعرت بالرجل إلا وقد وافاني، فساومني بالجارية، فلم يزل حتّى بذل لي عشرين ألفًا. فلمّا سمعتها ضعُف قلبي عن ردّها، فبِعْتُها، فلمّا صرت إلى يحيى قال: إنّك لخسيس. كنتَ صبرت، وهذا خليفة صاحب فارس قد جاءني في مثل هذا. فخذ جاريتك، فإذا ساومك لا تُنقصها عن خمسين ألف دينار. قال: فجاءني فبعتها بثلاثين ألف دينار.

_ 1 وفيات الأعيان "6/ 219-229" والسير "9/ 89-91".

ولما صرت إلى يحيى قال: ألم نؤدّبْكَ؟ خُذْ جاريتك إليك. فقلت: جارية قد أفدت بها خمسين ألف دينار ثمّ تعود إلى؟ أشهدك أنها حرة، وأني قد تزوّجتها1. وقيل إن ولد يحيى قال له وهم في السجن والقيود: يا أبَهْ، بعد الأمر والنَّهيْ والأحوال صرنا إلى هذا؟ فقال: يا بُنيّ، دعوة مظلوم غفِلْنا عنها، لم يغفل الله عنها2. مات يحيي سنة تسعين ومائة في حبس الرقة، وله سبعون سنة. 406- يحيى بن أبي زائدة3 ع: هو يحيى بن زكريًا بن أبي زائدة، أبو سعيد الهمداني الوادعي، مولاهم الكوفيّ، الفقيه، أحد الأئمّة والأعلام. روى عن: أبيه، وعاصم الأحوال، وداود بن أبي هند، وهشام بن عُرْوة، وعُبَيْد الله بن عَمْرو، وأبي مالك الأشجعيّ، وليث بن أبي سُليم، وطائفة كبيرة. وتفقه بأبي حنيفة، ولزمه مدّة حتّى برع في الرأي، وصار من أكبر أصحابه، مع الحِفْظ للحديث والإتقان له. روى عنه: أحمد بن حنبل، وإبراهيم بن موسى، وأبو كُرَيِب، وابن مَعِين، وهَنّاد، ويحيى بن يحيى، وأحمد بن مَنِيع، وابن المَدِينيّ، وابنا أبي شيبة، وعلي بن مُسلم الطوسيّ، وزياد بن أيّوب، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، والحسن بن عَرَفَة، وخلْق كثير. قال علي بن المديني: لم يكن بالكوفة بعد الثوري أثبت منه. وقال ابن المَدِينيّ أيضًا: انتهى العلم إلى يحيى بن زكريّا في زمانه. قلت: وُلّي قضاء المدائن. وقال عَمْرو الناقد: سمعتُ ابن عُيَيْنَة يقول: منا قدِم علينا أحدٌ يُشبه هذين الرجلين: ابن المبارك، وابن أبي زائدة.

_ 1، 2 تاريخ بغداد "14/ 131، 132". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 144، 145"، والسير"8/ 299-302".

وقال يحيى القطّان: ما بالكوفة أحد يخالفني أشدّ عليّ من ابن أبي زائدة. وقال: إنه ما غلط قطّ. وأمّا قول أبي نُعَيم الملائيّ: ما هو بأهلٍ أن أحدّث عنه، فما ذَكَر مستندَ ذلك فلا يُلتفت إلى ذلك، ولا إلى كثيرٍ من كلام الأقران بعضهم في بعض. قال ابن نُمير: كان ابن أبي زائدة في الإتقان أكبر من ابن إدريس. وقال النَّسائيّ: ثقة، ثبت. وقال العجلي: كان من الحفاظ، مُفْتيًا، ثبتًا، صاحب سُنّة، ووكيع إنما صنف كتبه على كتب يحيى. وقال عباس، عن يحيى: ما أعلم يحيى بن أبي زائدة أخطأ إلا في حديث واحد. وقال إسماعيل بن حمّاد: يحيى بن زكريّا في الحديث مثل العَروس العطرة. وقال زياد بن أيّوب: كان يحيى بن أبي زائدة يحدّث من حِفْظه. ويقال: إنّ يحيى أوّل من صنّف الكُتُب بالكوفة. مرّ أنّه مات بالمدائن سنة اثنتين وثمانين ومائة. ويقال: سنة ثلاثٍ وثمانين، وله ثلاثٌ وستون سنة. 407- يحيى بن راشد المازني البصري1 ق: البراء. عن: أبي الزُّبَير المكّيّ، وخالد الحذّاء، وداود بن أبي هند، وجماعة. وعنه: نُعَيم بن حمّاد، ومحمد بن أبي بكر المُقَدَّميّ، وأبو حفص الفلاس. ضعّفه أبو حاتم. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِين: ليس بشيء.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 142، 143"، والميزان "4/ 373"، والتهذيب "11/ 206".

قلت: سكن مصر وحدَّث بها. 408- يحيى بن أبي زكريا الغساني الواسطي1 خ: أبو مروان، أصله شاميّ. روى عن: هشام بن عُرْوة، وعبد الله بن عثمان بن خُثَيم، ويونس بن عُبَيْد. وعنه: عبد الوهّاب بن عيسى التّمّار، ومحمد بن حرب النَّسائيّ، وغيرهما ضعّفه أبو داود. وقال أبو حاتم: شيخ. قلت: قد خرّج له البخاريّ حديثًا واحدًا. 409- يحيى بن سابق المدنيّ2: عن: أبي حازم، وزيد بن أسلم. وعنه: قُتَيْبة، وعليّ بن حُجْر، وحُجَين بن المثنَّى. فيه ليِّن. وقال أبو حاتم: ليس بقويّ. 410- يحيى بْن عُبْد الله بْن حسن بْن الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الحسني3. أخو اللَّذَين خرجا على المنصور، وهما محمد بالمدينة، وإبراهيم بالبصرة، ولمّا هلكا إلى عفو الله ورحمته هرب هذا إلى جبال الدَّيْلم في نحوٍ من سبعين رجلا. ثمّ إنّ الرشيد أمّنه بعد، وأشهد عليه بذلك، ووصله بمائة ألف دينار. ثمّ خاف من غائلته4 فحبسه إلى أن مات في سنة بضعٍ وثمانين ومائة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 146"، والتهذيب "11/ 211". 2 الجرح والتعديل "9/ 153، 154"، والميزان "4/ 377". 3 انظر: تاريخ بغداد "14/ 110-112"، والكامل "6/ 90، 122، 125". 4 غائلته: خيانته وغدره.

411- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْد اللَّه بن أُنَيْس، أبو زكريّا الأنصاريّ المدنيّ1. عن: طلحة بن خِراش، وعبد الرحمن ومحمد ابنا جابر بن عبد الله، وعيسى بن سبرة. وعنه: أبو جعفر النُّفَيليّ، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، ويحيى بن مَعِين، وعمرو بن رافع، وجماعة. قال ابن مَعِين: لم يكن به بأس. 412- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةٍ، أبو زكريّا الخُزاعيّ الكوفيّ2 م. ت. ن. مد. خ. ق. عن: أبيه، والعلاء بن المسيّب، وهشام بن عُرْوة، وطبقتهم. وعنه: أحمد، وإسحاق، وأبو سعيد الأشجّ، وزياد بن أيّوب، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وجماعة. قال أحمد: هو رجل صالح، له هيئة. وقال أبو داود: ثقة. وقال أحمد العِجْليّ: قيل له: إنّ دواء عينيك تَرْكُ البكاء، قال: فما جَبْرُهما إذّن؟! قلت: خرّج له البخاريّ مقرونًا بآخر، وهو قليل الحديث. مات سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. 413- يحيى بن عُبَيْد الله الْجُرَشِيّ3. شيخ بصْريّ. عن: أبيه، وزاجر بن الهيثم.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 163"، والتهذيب "11/ 342، 343". 2 الجرح والتعديل "9/ 171"، والتهذيب "11/ 252". 3 الجرح والتعديل "9/ 168"، الثقات لابن حبان "9/ 254".

وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ومحمد بن سعيد الخزاعي، ومحمد بن المثنَّى. 414- يحيى بن عُقْبة بن أبي العيزار، أبو القاسم الكوفيّ1. عن: ابن أبي ليلى، ومحمد بن جحادة، وإدريس الأودي، وهشام بن عُرْوة. وعنه: محمد بن بكّار بن الرّيّان، والربيع بن ثعلب. قال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وكذّبه ابن مَعِين. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. 415- يحيى بن مُضَر، أبو زكريّا القَيْسيّ الشاميّ، ثمّ القُرْطُبيّ2. سمع من سُفيان الثَّوْريّ، ومالك يسيرًا. وروى عليه مالك أيضًا شيئًا، وعبد الله بن وهْب، ويحيى بن يحيى الأندلُسيّ، وكان فقيهًا، مُفْتيًا. وروى عن عبد الملك بن حبيب الفقيه قال: صُلِب يحيى بن مُضَر وأصحابه سنة تسع وثمانين ومائة، كانوا أرادوا خَلْعَ الحَكَم صاحب الأندلس، فحدّثني محمد بن عيسى أن الجذوع التي للمصلوبين مائة وأربعين جذعًا. 416- يحيى بن ميمون التمّار3 د. نزيل بغداد. عن: ليث بن أبي سليم، وغيره. وعنه: الحسن بن الصباح البزار، وعليّ بن مسلم الطُّوسيّ. ترَكه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. وقال أحمد: حذفنا حديثه.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 179"، والميزان "4/ 397". 2 من أئمة المالكية كما في ترتيب المدارك للقاضي عياض. 3 الجرح والتعديل "9/ 188"، والتهذيب "11/ 290، 291".

417- يحيى بن يَعْلَى الأسلميّ القَطَوانيّ الكوفيّ1: عن: حميد بن عطاء الأعرج، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، ويونس بن خبّاب، وناجح المحلمي. وعنه: قُتَيْبة، وأبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأحمد بن إشُكاب، وأبو هشام الرفاعيّ. قال المحاربيّ: مضطّرب الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف. وأمّا: يحيى بن يعلى، أبو المحيّاه التَّيْميّ فقد ذُكر. 418- يحيى بن اليَمَان العِجْليّ الكوفيّ، أبو زكريّا الحافظ2 د. م: عن: هشام بن عُرْوة، وإسماعيل بن أبي خالد، والمِنْهال بن خليفة، وسفيان الثَّوْريّ، وجماعة. وقرأ القرآن على حمزة، وكان من العلماء العاملين. روى عنه: ابنه داود بن يحيى، وبِشْر الحافي، وأبو كُرَيِب، وسُفيان بن وكيع، والحسن بن عَرَفَة، وعليّ بن حرب، وطائفة. قال أحمد: ليس بحُجّة. وقال ابن المَدِينيّ: هو صَدُوق، فُلِج فتغيّر حِفظه. وذكره أبو بكر بن عيّاش فقال: ذاك راهبٌ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ، نا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ، نا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، نا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، نا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ خَمْسِينَ مَرَّةً يَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"3.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 196"، التهذيب"11/ 304". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 199"، والسير "8/ 315". 3 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "867".

رَوَاهُ التِّرْمِذيُّ، عَنِ ابْنِ وَكِيعٍ. وعن وكيع قال: ما كان أحدٌ من أصحابنا أحفظ للحديث من يحيى بن يمان. كان يحفظ في المجلس خمسمائة حديث، ثمّ نسي. وقال يحيى بن مَعِين: أرجو أن يكون صدوقًا. وقال مرةً: ليس به بأس. وقال مرةً: ضعيف. وقال النَّسائيّ: ليس بالقويّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: كان سريع الحِفْظ سريع النِّسْيان. وقال يعقوب بن شَيْبَة: كان يُعدّ في الكثرة عن سُفيان مع الأشجعيّ؛ وإنّما أنكروا عليه كثرة الغلط. قيل مات سنة تسعٍ وثمانين ومائة. وقيل سنة ثمانٍ. 419- يزيد بن زُرَيْع1 ع: الإمام، أبو معاوية العيْشيّ البصْريّ الحافظ. عن: أيّوب، وحبيب المعلّم، وحسين المعلّم، والْجُرَيْريّ، وخالد الحذّاء، ويونس، وابن أبي عَرُوبة، وخلْق. وعنه: عليّ بن المَدِينيّ، وبَهْز بن أسد، والقَعْنَبيّ، وعفّان. وقال بعضهم: كان أبوه زريع والي الأبلة، مات عن خمسمائة ألف ما أخذ منها يزيد حبة. قاله ابن حبان. توفي يزيد سنة اثنتين وثماني ومائة، ومولده سنة إحدى ومائة. قال أحمد بن أبي خَيْثَمَة: نا أحمد بن محمد الصّفّار: سمعتُ يزيد بن زُرَيع وَسُئِلَ عن التدليس فقال: التدليس كذب.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 263-266"، والسير "8/ 263-266".

وقال: ثنا عفان، نا يزيد بن زُرَيع قال: أملى عليّ سعيد هذه المسائل من كتابه، يعني مسائل الحَكَم، وحمّاد. وعن القطّان: أنّه كان لا يُقّدم على يزيد بن زَرِيع أحدًا في سعيد. قلت: لم يرحل في الحديث، وكان من بحور العلم. قال ابن المَدِينيّ: لم يزل مشتغلا بإتقان الحديث. قلت: أقدم شيوخه أيّوب، وعمْرو الفلاس، وقُتَيْبة، ومُسَدَّد، ويحيى بن يحيى، وبُنْدار، وأُميّة بن بِسطام، ومحمد بن المِنْهال الضَّرير، ومحمد بن المنهال أخو حجاج، وأحمد بن المِقْدام، ونصر بن عليّ، وأحمد بن عَبْدَة، وخلْق كثير. قال أحمد بن حنبل: كان رَيْحانة البصرة، ما أتقنه وما أحفظه. وقال أبو حاتم: ثقة، إمام. وقال أبو عَوَانة: صحِبت يزيد بن زَرِيع أربعين سنةً يزداد في كلّ سنة خيرًا. وقال بِشْر الحافي: كان يزيد بن زَرِيع مُتْقِنًا حافظًا، ما أعلم أنّي رأيت مثله ومثل صحّة حديثه، رحمه الله. وقال يحيى القطّان: لم يكن ههنا أحدٌ أثبت منه. وقال نصر الْجَهْضَميّ: رأيتُ يزيد بن زَرِيع فِي النَّوم، فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ قال: دخلت الجنة. قلت: بماذا؟ قال: بكثرة الصلاة. 420- يزيد بن عبد الله، أبو خالد القُرَشيّ1. ويُقال له: البَيْسَريّ، قيّده ابن نُقْطة بموحَّدة وبسين مهمَلَة. روى عن: ابن جُرَيْج، وأبي مالك الأشجعيّ، وإبراهيم الخوزيّ، وعَمْر بن محمد العُمريّ. وعنه: عليّ بن أبي هاشم الطبراني، وقَطَن بن نُسَير، وغيرهما، والقواريريّ، وأبو كامل الجحدريّ. وَبَقِيَ إلى بعد الثمانين ومائة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 276"، والميزان "4/ 431، 432".

قال ابن عدي: ليس بالمنكر الحديث. قلت: تُكلِّم فيه ولم يُتْرَك. 421- يزيد بن مَزيد بن زايدة1: الأمير، أبو خالد الشَّيْبانيّ، أحد الأبطال المذكورين، والأجواد المُمَدَّحين، وهو ابن أخت معن بن زائدة. وُلّي إمرةَ اليمن للرشيد، وولي أرمينية وأذْرَبَيْجان مَعًا للرشيد سنة ثلاثٍ وثمانين. ولصريع الغواني قصيدةٌ فيه يقول فيها: قد عوَّد الطَّيْرَ عاداتٍ وثِقْنَ بها ... فهنَّ يتْبَعْنَه في كلّ مُرْتَحَلِ2 يعني وقائعة، وأنّ الطَّير تفترس أشلاء القتلَى. قال: فأمر يزيد حاجبه أن يبيع ضيعةً له، ويعطي الشاعر خمسين ألفًا، فبلغ ذلك الرشيد، فأرسل إليه بمال عظيم، وقال: زده خمسين ألفًا. وقيل: إنّ سَلْمًا الخاسر هجاه فقال: فليت الأمير أبا خالد ... يزيد يزيد كما ينتقصُ فحلف ليقتُلُنَّه، فمدحه بقوله: إنّ لله في البرية سيفيـ ... ـن يزيدًا وخالدَ بنَ الوليد ذاك سيف الرسول في سالف الدَّهر ... وهذا سيف الإمام الرشيدِ3

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 334-337"، السير "9/ 71-73". 2 تاريخ بغداد "14/ 334". 3 تاريخ بغداد "14/ 336".

قال خليفة: مات يزيد سنة خمسٍ وثمانين ومائة. وله ابنان، أحدهما خالد ممدوح أبي تمّام الطائي، والآخر محمد أحد الأجواد. ومن كامل المبرِّد: أنّ يزيد بن مزيد نظر إلى لحية عظيمة مخضوبة، فقال لصاحبها: أما أنّك من لحيتك في مئونة. فقال: أجل، ولذلك أقول: لها درهمُ للدهنِ في كلّ لَيْلَةٍ ... وآخر للحنّاء يبتدرانِ ولولا نوال من يزيد بن مَزْيد ... لصوّت في حافاتها الْجَلَمانِ1 وفي الأغاني أن يزيد بن مَزْيد أهديِت له جارية، فلمّا رفع يده من طعامه وطئها، فلم ينزل عنها إلا ميتًا، وذلك ببلد بَرْذَعَة، وكان عنده مسلم بن الوليد صريع الغواني فرثاه، وقال: قبرٌ ببَرْذَعَة استَسَرَّ ضريحُهُ ... خَطَرًا تقاصَرَ دُوَنُه الأخطار أبقى الزَّمانُ على ربيعة بعده ... حُزْنًا لَعْمر اللَّهِ ليس يُعارُ سلكت بك العرب السبيل إلى العلى ... حتى إذا استبقى الردى بك صاروا نَفَضَتْ بك الإفلاسَ آمالُ الغنى ... واسترجعت زُوَّارَها الأمصارُ فاذهبْ كما ذَهَبَتْ غوادي مُزْنَةٍ ... أثْنَى عليها السَّهْلُ والأمر عارُ2 وقيل: إنّما رثى مسلم بهذا يزيد بن أحمد السُّلميّ، فالله أعلم. وعن عَمْر بن المتوكل، عن أمّه قالت: كان ذو الفقار مع محمد بن عبد الله بن حسن يوم قُتِل بالمدينة، فلمّا أحسّ بالموت دفع "ذا الفقار" إلى رجُلٍ معه كان له عليه أربعمائة دينار، وقال: خُذْه فإنّك لا تلقى طالبيًا إلا أخذه منك وأعطاك حقّك3. فلمّا ولي جعفر بن سُليمان العبّاسيّ المدينةَ واليمن دعا الرجل وأخذ منه السيف، وأعطاه أربعمائة دينار، فلم يزل عنده حتّى ولي المهديّ، فبلغه خبرُه، فأخذه منه، ثمّ صار إلى الرشيد.

_ 1 انظر: وفيات الأعيان "6/ 336"، والجلمان: المقص. 2 وفيات الأعيان "6/ 339". 3 وفيات الأعيان "6/ 330".

وقال الأصمعيّ: رأيت الرشيد مُتَّقلِدًا سَيْفًا، فَقَالَ: أَلا أُرِيكَ ذَا الْفَقَارِ؟ قلت: بلى. فقال: استّل سيفي. قال: فاستلَلْتُه، فرأيت فيه ثماني عشرة فقارة. ولمنصور بن سَلَمة النَّمريّ: لو لم يكن لبني شيبانَ من حَسَب ... سوى يزيد لفاتوا الناسَ بالحَسَب ما أعْرفَ النّاس أنّ الجودَ مَدْفَعَةً ... للذَّمّ لكنّه يأتي على النَّشَبِ1 وهو الذي ظفر بالوليد بن طريف رأس الخوارج. وكان يزيد مع كمال شجاعته من دهاة العرب، ما زال يُقابل ابن طريف بالجيوش ويقاتله إلى أن أهلكه بعد أن بارزه بنفسه، وبقيت مبارزتهما نحو ساعتين من النهار أو أكثر، حتّى تعجب منهما الْجَمْعان، ثمّ أمكنت يزيدَ الفرصةُ فضرب رِجْلَ ابن طريف فسقط، وكان من بني شيبان أيضًا، فلمّا قدِم يزيد على الرشيد، قال: يا يزيد ما أكثر أمراء المؤمنين في قومك. قال: نعم، إلا أن منابرهم الْجُذُوع2. وقيل فيما حكاه ابن خلّكان: أنّ الرشيد لما جهّزه إلى حرب ابن طريف الشَّيْبانيّ أعطاه ذا الفقار سيف النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وقال: خُذْه فإنك ستُنصر به. وفي ذلك يقول مسلم بن الوليد: أذكرتَ سيفَ رسول الله سنته ... وبأس أوَّلَ من صلَّى ومن صاما ويُريد بأْسَ عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 422- يزيد بن يحيى، أبو خالد القُرَشيّ الدّمشقيّ3. عن: يحيى بن يحيى الغسّانيّ، وثور بن يزيد، وموسى بن سيّار، وعمْرو بن مهاجر. وعنه: هشام بن عمّار، والهيثم بن خارجة، وسُليمان بن عبد الرحمن، وغيرهم.

_ 1 النشب: المال أو العقار. 2 وفيات الأعيان "6/ 329". 3 الثقات لابن حبان "9/ 271".

ما ذكره البخاريّ، ولا ابنُ أبي حاتم. 423- اليسع بن طلحة بن أبزوذ المكّيّ1. عن: طاوس، ومجالد، وعطاء. وعنه: سبطه عبد الوهّاب بن فليح، وفيض الرقي، ونُعَيم بن حمّاد، والوليد بن عطاء بن الأغرَّ. قال أبو حاتم: ليس بقوي، منكر الحديث. وقال ابن عَدِيّ: أحاديثه غير محفوظة. قلت: وقع لنا من عواليه في المخلصات. 424- يعقوب بن داود2. وزير المهديّ. مرّت أخباره في حوادث سنة ستٍّ وستين ومائة، وَبَقِيَ إلى هذا الوقت معزولا مجاورًا مكّة. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. 425- يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد القاري المدنيّ الزُّهْريّ3، حليفهم. س. ق. نزل في الآخر الإسكندرية. وحدَّث عن: زيد بن أسلم، وسُهيل بن أبي صالح، وعَمرو بن أبي عَمْرو، وأبي حازم. وعنه: يحيى بن يحيى، وسعيد بن منصور، ويحيى بن بُكَير، وقُتَيْبة، وأبو شَرِيك يحيى بن يزيد المُراديّ، وطائفة. وهو ثقة، عالم.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 309"، والميزان "4/ 445، 446". 2 انظر: تاريخ بغداد "14/ 262-265"، السير "8/ 306، 309". 3 الجرح والتعديل "9/ 210"، والتهذيب "11/ 391، 392".

مات سنة إحدى وثمانين ومائة. 426- يعقوب بن الوليد، أبو يوسف الأزْديّ المدنيّ1. عن: أبي حازم، وهشام بن عُرْوة، وجعفر الصادق. وعنه: محمد بن الصّبّاح الجرجرائيّ، ويحيى المَقَابِريّ، ومحمود بن خِداش، وأحمد بن مَنِيع، والحسن بن عَرَفَة. قال أحمد بن حنبل: حرقنا حديثه. وكذّبه أبو حاتم. وقال النَّسائيّ، وغيره: متروك. 427- يَعلى بن الأشدق العُقَيْليّ2. أحد المتروكين، أصله من بادية الطائف. روى عن: عبد الله بن جراد، وزِياد بن ربيعة، وكُليب بن جُريّ، وزعم أنّ لهم صحبة وسكن الرَّقَّةَ. وعنه: داود بن رشيد، وإسماعيل بن عبد الله الرقي، وأيوب بن محمد الوازن، وطائفة. وحدث بحران، وطال عمره، وصار يسأل الناس. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبّان: لا تحل الرواية عنه. وقال ابن عَدِيّ: بلغني عن أبي مُسْهِر قال: قلت لِيَعْلَى بن الأشدق: ما سمع عَمُّك عبدُ الله بنُ جراد مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "جامع" سفيان، و"موطأ" مالك3. وَسُئِلَ عنه أبو زُرْعة فقال: لا يُصَدَّق. قلت: لا ينبغي التشاغل بتخريج عواليه فإنها مما لا يفرح به.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 216، 217"، الميزان "4/ 455". 2 الجرح والتعديل "9/ 303، 304"، والسير "8/ 241، 242". 3 إسناده ضعيف: الكامل "7/ 2743" لابن عدي، وفيه انقطاع.

428- يَعْلَى بن شبيب المكّيّ1 ت. ق. مولى آل الزُّبَير. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وهشام بن عُرْوة. وعنه: الحُمَيْدِيّ، وقُتَيْبة، وإبراهيم بن بشار الرّماديّ. روى اليسير، ومحلُّه الصِّدْق. 429- يَغْنَم بن سالم بن قَنْبَر البصْريّ2. له نسخه عن أنس بن مالك كأنّها موضوعة. حدَّث بمصر. روى عنه: عبد الغني بن سعيد، وعبد الغني بن رفاعة المصريان، وإبراهيم بن صدقة العامريّ، ومحمد بن مَخْلَد الرُّعَينيّ، وعيسى بن مُساور، وأبو مسلم عبد الرحمن بن واقد، وغيرهم. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْمَعَالِي أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ: أَخْبَرَكُمُ الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الْجُودِ بِبَغْدَادَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ الزَّاهِدُ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ، أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا عِيسَى بْنُ مُسَاوِرٍ، ثنا يَغْنَمُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: قَالَ لِي أَنَسٌ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَادَ أَعْمَى أَرْبَعِينَ خُطْوَةً لَمْ تَمَسَّ وَجْهَهُ النَّارُ"3. يَغْنَمُ مُجْمَعٌ عَلَى تَرْكِهِ فَلا يُفْرَحُ بِعَوَالِيهِ. قال أبو سعيد بن يونس: روى عن أنس فكُذِّب. وقال أبو حاتم: هو مجهول، ضعيف الحديث. وقال ابن عَدِيّ: عامّة ما يرويه غير محفوظ. قال الطَّحاويّ: سمعتُ يونس بن عبد الأعلى يقول: قدِم علينا يَغْنَم بن سالم مصر، فجئته فسمعته يقول: تزوّجت امرأةً من الجن. فلم أرجع إليه.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 304"، والتهذيب "11/ 401، 402". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 304"، والتهذيب "11/ 401، 402". 3 حديث موضوع: وأخرجه ابن عدي "7/ 2739"، وسبق تخريجه.

وقال ابن حِبّان: كان يضع الحديث على أنس. قلت: بَقِيَ إلى حدود التسعين ومائة. 430- يوسف بن خالد بن عُمَيْر السّمتي البصْريّ1ق. الفقيه. عن: عاصم الأحول، ويونس بن عُبَيْد، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، ومحمد بْن عَمْرو، ولزِم أبا حنيفة الإمام حتّى برع وصار من نُجباء أصحابه. روى عنه: ابنه خالد بن يوسف، وداهر بن نوح، وزيد بن الحُرَيش, وخليفة بن خيّاط، ومحمد بن أبي يعقوب الكِرْمانيّ، ونصر بن عليّ الْجَهْضَميّ. رماه ابن مَعِين بالكذب. وقال أبو حاتم: رأيت له كتابًا ألفه في التجهُّم يُنكر فيه الميزان والقيامة. وقال ابن سعد: كان بصيرًا بالفتوى ضعيفًا. وقال النَّسائيّ: ليس بثقه. قلت: مات في رجب سنة تسعٍ وثمانين ومائة. خرّج له ق حديثًا. 431- يوسف بن عطيّة بن ثابت الصّفّار2. أبو سهل السَّعْديّ ثمّ الأنصاريّ، مولاهم البصْريّ. رأى ابنَ سيرين، وروى عن: قَتَادة، وثابت، ومحمد بن واسع، وفرقد السبخيّ، وجماعة. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأحمد بْن منيع، وعبد الله بن عون الخراز، وزياد بن يحيى، وعَمْر بن شبّة، والحسن بن محمد الزَّعْفرانيّ، وغيرهم. قال البخاريّ: مُنْكَر الحديث.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 211، 222"، والتهذيب "11/ 411-413". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 227"، والميزان "4/ 468، 469".

وقال أبو حاتم والدَّارَقُطْنيّ: ضعيف الحديث. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال الفلاس: كان يَهِمّ، وما علمته يكذِب. وقال النَّسائيّ: متروك. قلت: روى له ابن ماجة في تفسيره، ومات سنة سبعٍ وثمانين ومائة. 432- يوسف بن عطيّة الباهليّ، أبو المنذر الكوفيّ الورّاق1. صاحب مناكير. روى عن: عمْرو بن شمير، وغير واحد. وعنه: عَمْرو بن عليّ، وزيد بن مَوهب الرَّمْليّ، وغيرهما. قال الفلاس: هو أكذب من الصّفّار. وقال الدَّارَقُطْنيّ وغيره: ضعيف. 433- يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي بن صهيب بن سنان الرومي المدني2. روى عن ابن عمّه عبد الحميد بن زياد، وعن أبيه. وعنه: هشام بن عمّار، وإبراهيم بن المنذر الحزاميّ، وجماعة. قال البخاريّ: فيه نظر. وقال أبو حاتم: لا بأس به. 434- يوسف بن يعقوب بن أبي سَلَمة الماجشون المدني3. أبو سَلَمة، مولى آل المُنْكَدر التَّيْميّ. عن: أبيه، والزُّهْريّ، ومحمد بن المُنْكَدر، وصالح بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 227"، والميزان "4/ 470". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 228، 229"، والميزان "4/ 473". 3 الجرح والتعديل "9/ 234"، والسير "8/ 330، 331".

وعنه: أبو مُصْعَب، وأحمد بن حنبل، وعليّ بن المَدِينيّ، وشُرَيْح بن يونس، ومحمد بن أبي بكر المُقَدَّميّ، وعليّ بن مسلم الطُّوسيّ، وخلْق سواهم. وثقه يحيى بن مَعِين، وأبو داود. وقال يحيى بن أيّوب المقابريّ: سمعتُ يوسف بن الماجشون يقول: وُلدتُ في عهد سُليمان بن عبد الملك ففرض لي في المقاتلة، فلمّا قام عَمْر بن عبد العزيز مَرَّ باسمي، وكان بنا عارفًا، فقال: ما أعرَفَني بمولد هذا الغلام، فنحّاني من المقاتلة وردّني عَيِّلا. قال يحيى بن مَعِين: كنّا نأتي يوسفَ بنَ الماجشون يحدّثنا وجواريه في بيت آخر يَضْرِبنَ بالمعزفة. قلت: أهل المدينة معروفون بالترخص في الغناء. تُوُفّي يوسف بن الماجشون سنة خمسٍ وثمانين ومائة، وله ثمان وثمانون سنة. 435- يونس بن حبيب1: العلامة، أبو عبد الرحمن الضّبيّ مولاهم البصْريّ. إمام أهل النَّحْو. أخذ عن: أبي عَمْرو بن العلاء، وحمّاد بن سلمة، وغيرهما. أخذ عنه: الكسائي، وسيبويه، والفراء. وله مصنفات في العربية، وطال عمره، وعاش ثلاثا وثمانين سنة. قال خليفة بن خياط: مات سنة ثلاث وثمانين ومائة. الكنى: 436- أبو إسحاق الفزاري2 ع: هو إبراهيم بن محمد.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 237"، والسير "8/ 171". 2 سبق الترجمة له.

437- أبو إسماعيل المؤدب1 ق: هو إبراهيم بن سُليمان بن رَزِين البغداديّ مؤدّب أولاد الوزير أبي عُبَيْد الله. له عن: عطيّة العَوْفيّ، وعاصم بن بَهْدَلَة، وعبد الملك بن عمر، وعاصم الأحول، وطائفة. وعنه: يحيى بن مَعِين، وعثمانٍ بن أبي شَيْبَة، وأخوه وأبو بكر، ومحمد بن الصّبّاح الدُّولابيّ، وأبو عَمْر الدُّوريّ، والحسن بن عَرَفَة، وآخرون. وثقه يحيى بن مَعِين. وقال مَرّة: ضعيف. وقال مَرة ليس به بأس. وكذا قال أحمد. وقال أبو داود: ثقة. رأيتُ ابن حنبل يكثر أحاديثه بنزول. وقال النَّسائيّ: ليس به بأس. قيل: مات قريبًا من سنة ثلاثٍ وثمانين ومائة. 438- أبو أُميّة بن يَعْلَى الثّقفيّ2: يقال اسمه إسماعيل. مدنيّ، معمِّر. له عن: نافع، وسعيد المَقْبُريّ، وأبي الزناد، وهشام بن عروة. وحضر جنازة سالم بن عبد الله. روى عنه: زيد بن الحباب، ومحمد بن أبان، ومحمد بن عقبة السدوسي، وشيبان بن فروخ، وداهر بن نوح، والقواريري، وسعيد بن هبيرة. قال البخاري: سكتوا عنه.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 102، 103"، والتهذيب "1/ 125، 126". 2 الجرح والتعديل "2/ 203"، والميزان "1/ 254، 255".

وقال الدارقطني: بصري متروك. وكذا تركه النسائي. وقال ابن عدي بعد أن ساق له أحاديث: هو ممّن يُكْتَب حديثه. وقال أبو أحمد الحاكم: لَيْسَ بالقويّ. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وقال شُعبة: اكتبوا عنه فإنّه شريف لا يكذب. 439- أبو بحر البكراوي1 د. ت: هو عَبْد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن أُميّة بن عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفيّ البصري. عن: حسين المعلم، وَدَاوُد بن أَبِي هند، وَمُحَمَّد بن عَمرو، وجماعة. وعنه: أحمد بن عبدة، وحفص الربالي، وخليفة بن خيّاط، وبُنْدار، وعدّة. ضعّفه ابن مَعِين. وقال أبو حاتم: يُكْتَب حديثه. ونقل بن الجوزيّ أنّ أحمد بن حنبل قال: طرحَ الناسُ حديثه. مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة. 440- أبو حفص الأبار2 د. ن. ق: هو عَمْر بن عبد الرحمن بن قيس. كوفيّ ثقة. نزل بغداد وروى عن: منصور، وليث بن أبي سُلَيم، والأعمش، وعمّار الدُّهْنيّ، وعدة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 264، 265"، والميزان "2/ 578". 2 الجرح والتعديل "6/ 121، 122"، والتهذيب "7/ 473، 474".

وعنه: يحيى بن مَعِين، وداود بْن رشيد، وعثمان بْن أَبِي شَيْبَة، وشُرَيْح بن يونس، والحسن بن عَرَفَة، وآخرون. وكان له غلمان يحملون الإبَر وهو معلِّمُهم. أضرَّ بآخِرِه. وثقه ابن معين، وغيره. 441- أبو خالد الأحمر1 ع. هو سليمان بن حيان، مر. 442- أبو داود النخعي2. هو سُليمان بن عَمْرو، وهو ابن عمّ شريك القاضي. روى عن: أبي طُوالَةَ، وعبد الملك بن عُمَيْر، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، والمختار بن فُلْفُلٍ، وغيرهم. وعنه: آدم بن أبي إياس، ويحيى بن أيّوب المقابريّ، وعبّاد بن يعقوب، والمسيّب بن وضّاح، وطائفة. قال أبو مَعْمَر الهُذَليّ: كان بِشْر المريسي قد أخذ رأي جهْم من أبي داود النخعي، وكان أبو داود كذّابًا. قلت: كان وقِحًا، جريئًا، قَدَريًا من الخير بريئًا. قال عليّ بن المَدِينيّ: كان من الدّجّالين. وقال يحيى بن مَعِين: هو كذّاب النَّخَع. وقال البخاريّ: معروف بالكذِب. قاله قُتَيْبة، وإسحاق. وقال أحمد بن حنبل: كذاب. وروى عباس، عن يحيى قال: أبو داود النخعي رجل سَوْء كذّاب، خبيث، قَدَريّ. لم يكن ببغداد رجل إلا وهو خير من النخعي, كان يضع الحديث.

_ 1 سبق الترجمة له. 2 الجرح والتعديل "4/ 132، 133"، والميزان "2/ 216-218".

سمعته يقول: سمعتُ خصيف وخصّاف ومخصّف، وكان من أكذب النّاس. 443- أبو رُويم: هو طلاب بن حَوْشَب الرَّبَعِيّ1، أخو العّوَّام بن حَوْشَب. عُمِّر دهرًا، وحدّث عن: مُجالد، وإسماعيل بن أبي خالد. وعنه: موسى بن عبد الرحمن المسروقي، والحسين بن علي الصدائي. لا يدرى من ذا. 444- أبو سفيان المعمري2 م. ن. ق: اسمه محمد بن حميد، شيخ بصْريّ ثَبْت، سكن بغداد. وإنّما لُقّب بالمعمري لرحلته إلى مَعْمَر باليمن، وكان من الصُّلَحاء العُبّاد. روى عن: مَعْمَر، وهشام بن حسّان، وسفيان الثَّوْريّ، وغيرهم. وعنه: شُرَيْح بن يونس، وأبو خَيْثَمَة، وأبو سعيد الأشجّ، وَالنُّفَيْليُّ، وابن نُمير، وعَمرو الناقد، وسُفيان بن وكيع، وحُمَيْد بن الربيع. وثقه يحيى بن مَعِين، وأبو داود. ولم يُخرّج له البخاريّ، بل خرّج لأبي سُفيان الحِمْيَريّ، وفيه شيء. قال الخطيب: محمد بن حُمَيْد البكْريّ المعمري، كان مذكورًا بالصلاح والعبادة. وقال ابن مَعِين أيضًا: عبد الرزّاق أحبّ إليّ منه. قال ابن قانع: مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. وسيأتي أبو سُفيان الحِمّيَريّ بعدُ. 445- أبو سليمان الداراني الكبير3 ق: وما هو بالزاهد الشهير، اسم الكبير عَبْد الرَّحْمَن بْن سُليمان بْن أبي الْجَوْن العنسي، بنون، الدمشقي.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 502". 2 الجرح والتعديل "7/ 231"، والميزان "9/ 131، 132". 3 الجرح والتعديل "5/ 240"، والتهذيب "6/ 188".

له رحلة في الحديث. روى عن: الأعمش، وليث بْن أبي سُلَيم، وإسماعيل بْن أَبِي خالد، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وعمرو بن شراحيل الدَّارانيّ، وجماعة. روى عنه: إسماعيل بن عيّاش وهو أكبر منه، وعبد الله بن يوسف التَّنَّيسيّ، وأبو تَوبة الحلبيّ، ومحمد بن عائذ، وصَفْوان بن صالح، وهشام بن عمّار، وعدة. وثقه دحيم. وقال أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عدي: أرجو أنه لا بأس به. قلت: بَقِيَ إلى قريب التسعين ومائة. 446- أبو عاصم العباداني1 ق. اسمه عبد الله، وقيل عُبَيْد الله بن عبيد. شيخ بصْريّ الأصل. روى عن: عليّ بن زيد بن جدعان، والفضل بن عيسى الرَّقاشيّ، وفايد أبي الورقاء، وغيرهم. وعنه: سويد بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، والفلاس، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم وغيره: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال العقيلي: منكر الحديث. 447- أبو عبد الرحمن الزاهد2. اسمه عبد الله بن محمد. روى عن: الأعمش، وأبي عقال، وخلاد بن زيد، وإبراهيم بن أدهم.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 100، 101"، والميزان "2/ 458"، التهذيب "12/ 142". 2 الجرح والتعديل "5/ 157".

وعنه: أسود بن سالم، وسَعْدُوَيْه الواسطيّ، ومهديّ بن جعفر، وداود بن مِهران، وهشام بن عمّار، ويحيى بن أيّوب الزّاهد. لم أرَ لهم فيه كلامًا. 448- أبو عبد الرحمن الفرّاء1. من أفضل مشايخ المَوْصل. اسمه سعيد، وقيل نوح. حدث عن: عوف الأعرابيّ، وسعيد بن أبي عَرُوبه، وهشام بن حسّان. وعنه: القاسم بن يزيد الْجَرْميّ، وَمُعَلَّى بن مهديّ. قال يزيد الأزْديّ: مات سنة ستٍّ وثمانين ومائة. 449- أبو عُبَيْدة الحداد2 خ. د. ت. ن: هو عبد الواحد بن واصل السدوسي، مولاهم البصْريّ. نزيل بغداد. روى عن: بَهْز بن حكيم، وعوف، ويونس بن إسحاق، وعثمان بن أبي رَوّاد، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، وزهير بن حرب، وعمرو الناقد، وزياد بن أيوب. وثقه أبو داود. وقال أحمد: لم يكن صاحب حِفْظ، إلا أنّ كتابه كان صحيحًا. وقال عليّ بن الحسين بن حِبّان: وجدتُ بخطّ أبي: ذكر ابن مَعِين أبا عُبَيْدة الحدّاد فقال: كان متثبتًا، ما أعلم أنّا أخذنا عليه خطًأ البَتّة، جيد القراءة لكتابه. وقال أبو قلابة الرقاشي: مات سنة تسعين ومائة.

_ 1 من عباد الموصل ومشايخهم. 2 انظر: الميزان "3/ 677"، والتهذيب "6/ 440".

450- أبو عُبَيْدة العُصْفُريّ1. بصريٌّ فاضل، اسمه إسماعيل بن سِنان. له عن: عِكْرِمة بن عمّار، وغيره. وعنه: علي بن المديني، وخليفة بن خياط. 451- أبو علقمة القروي2 م. د. ن. هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي فروة المدني. عن: عمه إسحاق بن أبي فروة، وعن: صَفْوان بن سليم، ومحمد بن المُنْكَدر، ويزيد بن خُصَيفة. ورأى سعيد المَقْبُريّ. روى عنه: إسحاق بن رَاهَوَيْه، وإبراهيم بن المنذر، وأحمد بن عَبْدة الضّبيّ، ويحيى بن يحيى التّميميّ، وآخرون. وقال ابن سعد: إنّه لقي نافعًا، وسعيد المَقْبُريّ، والصلت بن زُبيد، وروى عنهم. وعُمّر حتّى لقيناه في سنة تسعٍ وثمانين ومائة، وكان ثقة. وقال يحيى بن مَعِين: ثقة. قلت: ما أدري لِمَ لَمْ يُخَرِّج البخاريّ له. مات في المحرَّم سنة تسعين ومائة. 452- أبو المليح الرقي3 د. ت. اسمه الحَسَن بن عَمْر، ويقال: الحسن بن عمرو. حجّ ورأى عطاء بن أبي رباح. وروى عن: ميمون بن مِهران، والزُّهْريّ، وزياد بن بيان الرَّقّيّ، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وغيرهم.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 176"، والثقات لابن حبان "6/ 39". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 155، 156"، التهذيب "6/ 10، 11". 3 الجرح والتعديل "3/ 24، 25"، والتهذيب "2/ 309، 310".

وعنه: عبد الله بن جعفر الرقي، وعمرو بن خالد الحراني، وإبراهيم بن مهدي المصيصي، وأبو جعفر النفيلي، وأبو نعيم عبيد بن هشام، وعبد الجبار بن عاصم، وآخرون. وثقه أحمد بن حنبل، وأبو زرعة. مات في عشر المائة في سنة إحدى وثمانين ومائة. وقع لي من عوالية. 453- أبو الْهَوْلِ الحِمْيَريّ1. الشاعر المشهور. اسمه عامر بن عبد الرحمن، كان آية في الهجاء المُقْذِع. وله مدائح في المهديّ والرشيد. 454- أبو الهَيْذام المُرّيّ2. أمير عرب الشام، وزعيم قيس وفارسها الشهير. وهو قائد العرب المُضَريّة في الفتنة العظمى الكائنة بدمشق بين القيسيّة واليمانية في دولة الرشيد، حتّى تفاقم الأمر وكثر القتل. وله شِعرٌ جيد مشهور. وقد خرج على الرشيد لكونه قتل أخاه، ثمّ ظُفِر بأبي الهيذام، وحُمل مقيّدًا إلى الرشيد. فلما مثل بين يديه أنشده أبياتًا يستعطفه، فمنّ عليه وعفا عنه. اسمه عامر بن عمارة بن خُرَيْم، وهو والد المحدّث موسى بن عامر صاحب الوليد بن مسلم، وراوي كُتُبه. قال المَرْزُبانيّ: قتل عامِل الرشيد بسجستان أخًا لأبي الهَيذام، فخرج أبو الهيذام بالشام، وجمع جمعًا عظيمًا، ورثى أخاه، وغلُظ أمره، وأعْيَت الرشيد الحيلةُ فيه، فاحتال عليه بأخٍ له أرغبه، فشدّ على أبي الهيذام وقيده، وسار به إلى الرشيد.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 237، 238"، وفيات الأعيان "4/ 29، 30". 2 الأمالي للقالي "1/ 267"، الشعر والشعراء "2/ 731".

وهو القائل: فأحسنْ أمير المؤمنين فإنّه ... أبي الله إلا أنْ يكون لك الفضلُ فمنّ عليه وأطلقه. أنشد الزُّبَير بن بكّار لأبي الهيذام: سأبكيكَ بالبِيض الرِّقاق وبالقَنَا ... فإنّ بها ما يطلُب الماجدُ الوِترا ولستُ كمن يبكي أخاه بَعْبَرةٍ ... يُعصِّرها في جَفْن مُقْلَتِه عَصْرا وإنا أُناسٌ ما تَفِيضُ دُموعُنا ... على هالكٍ منّا وإنْ قَصَم الظَّهَرا1 قيل: تُوُفّي سنة اثنتين وثمانين ومائة. 455- القاضي أبو يوسف2. هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حُبَيْش بن سعد بن بُجَيْر بن معاوية الأنصاريّ. وسعد بن بُجَيْر هو سعد بن قُتَيْبة، وحَبْتَهُ أمُّهُ ابنةُ خوَّات بن جُبَير. شهد سعد الخندق، ونسبُهُ في بُجَيلة، وإنّما حالف الأنصار. وُلد أبو يوسف بالكوفة سنة ثلاث عشرة ومائة، وطلب العلم سنة ثلاثٍ وثلاثين. وسمع من: هشام بن عروة، وعطاء بن السائب، ويحيى بن سعيد، ويزيد بن أبي زياد، والأعمش، وأبي إسحاق الشَّيْبانيّ، وحَجّاج بن أرطأة، وعُبَيْد الله بن عمر، وطائفة. وتفقه بالإمام أبي حنيفة حتّى صار المقدَّم في تلامذته. تفقه به: محمد بن الحَسَن، وهلال الرائيّ، ومعلى بن منصور، وعدد كثير. وروى عنه: ابن سماعة، ويحيى بن مَعِين، وأحمد بن حنبل، وعليّ بن الجعد، وأحمد بن منَيِع، وعليّ بن مسلم الطوسيّ، وإبراهيم بن الجرّاح، وأسد بن الفُرات،

_ 1 الأمالي "1/ 267" للقالي. 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 201، 202" والسير "8/ 470-473".

وعمرو بن أبي عمرو الحراني، وعمرو الناقد، وخلْق سواهم. وكان والده إبراهيم فقيرًا، فكان أبو حنيفة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يتعاهد أبا يوسف بالمائة دِرهم بعد المائة، يُعينه على طلب العلم. فروى عليّ بن حَرْمَلَة، عن أبي يوسف قال: كنت أطلب الحديث والفقه وأنا مُقِلّ. فجاء أبي يومًا وأنا عند أبي حنيفة، فقال: لا تَمُدَّنّ يا بُنيّ رِجْلك مع أبي حنيفة فأنت محتاجٌ إلى المعاش. فآثرت طاعة أبي، فتفقدني أبو حنيفة، فجعلتُ أتعاهده، فدفعَ لي مائة درهم وقال لي: الْزَم الحَلْقة، فإذا نفذت هذه فأَعْلِمْني. ثمّ أعطاني بعد أيام مائة أخرى، وكان يتعاهدني1. ويُقال: إنّ أمَّه هي التي لامته، وأنّ أباه مات وأبو يوسف صغير، فأسلمته عند قصار. فالله أعلم. قال محمد بن الحسن: مرض أبو يوسف، فعاده أبو حنيفة، فلما خرج قال: إنْ يَمُتْ هذا الفتى فهو أعلمُ مَن عليها. وأومأ إلى الأرض. قال عبّاس الدَّوْرَقيّ: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: أول ما كتبتُ الحديث اختلفت إلى أبي يوسف فكتبت عنه، ثمّ اختلفتُ بعدُ إلى النّاس. وكان أبو يوسف أَمْيَلَ إلى المحدثين من أبي حنيفة ومحمد. إبراهيم بن أبي داود البُرُلُّسيّ: سمعتُ ابن مَعِين يقول: ما رأيتُ في أصحاب الرأي أثبت في الحديث، ولا أحفظ، ولا أصح رواية من أبي يوسف. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: أَبُو يوسف صاحب حديث، صاحب سُنّة. محمد بن سَمَاعة، عن يحيى بن خالد البرمكيّ قال: قدِم علينا أبو يوسف وأقلّ ما فيه الفقه، وقد ملأ بفقهه ما بين الخافقين. وقال الخُريبيّ: كان أبو يوسف قد أطلع الفِقه والعِلم إطلاعًا، يتناوله كيف شاء. قال عَمْرو النّاقد: كان أبو يوسف صاحب سُنّةٍ.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 244".

قال أحمد: كان أبو يوسف منصفًا في الحديث. بِشْر بن غِياث: سمعتُ أبا يوسف يقول: صحِبت أبا حنيفة سبْعَ عشرةَ سنة، ثمّ رتعتُ في الدنيا تسع عشرة سنة، وأظنُّ أجَلي قد قَرُب، فما نجد إلا يسيرًا حتّى مات. وروى بُكَير العمّيّ، عن هلال الرائي قال: كان أبو يوسف يحفظ التفسير، والمغازي، وأيّام العرب، وكان أحد علومه الفقه. وروى أحمد بن عطيّة، عن محمد بن سَمَاعة قال: كان أبو يوسف، بعدما وُلّي القضاء يُصلّى كلّ يوم مائتي ركعة1. وقال عليّ بن المَدِينيّ: ما أُخذ على أبي يوسف إلا حديثه في الحَجْر، عن هشام بن عُرْوة، وكان صدوقًا. وقال يحيى بن يحيى التّميميّ: سمعتُ أبا يوسف يقول عند وفاته: كل ما أفنيت به فقد رجعت عنه، إلا ما وافق الكتاب والسُّنَّة. وفي لفظٍ: إلا ما في القرآن واجتمع عليه المسلمون. وقال بِشْر بن الوليد: سمعتُ أبا يوسف يقول: مَن تتَّبع غريب الحديث كُذِّب، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب الدِّين بالكلام تَزَنْدَق2. وقال محمد بن سَمَاعة: سمعتُ أبا يوسف في اليوم الذي مات فيه يقول: الَّلهُمّ إنك تعلم إنّي لم أجُر في حُكْمٍ حكمت به، ولقد اجتهدت في الحُكم بما وافق كتابَك وسُنَّة نبيك. قال الفلاس: أبو يوسف صدوق، كثير الغلط. وقال ابن عَدِيّ: لا بأس بِهِ. وقال أبو حاتم: يُكْتَب حديثه. قلت: وأبو يوسف هو أوّل من لُقّب قاضي القضاة، وكان عظيم الرُّتبة عند هارون الرشيد.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 255". 2 العقد الفريد "2/ 208".

قال الطّحاويّ: نا بكّار بن قُتَيْبة: سمعتُ أبا الوليد الطّيالسيّ يقول: لمّا قدِم أبو يوسف البصرةَ مع الرشيد، اجتمع أصحاب الرأي وأصحاب الحديث على بابه. فأشرف عليهم ولم يأذن لفريق منهم؛ وقال: أنا من الفريقين جميعًا. ولا أُقَدَّم فرقة على فِرقة. لكنّي أسأل عن مسألة، فمن أصاب دخلوا. ثمّ قال: رجلٌ مضغ خاتمي هذا حتّى هشمه، ما لي عليه؟ فاختلف أصحاب الحديث، فلم يُعجبه قولهم. وقال فقيه: عليه قيمته صحيحًا، ويأخذ الفضة المهشومة إلا أن يشأ صاحب الخاتم أن يمسكه لنفسه، ولا شيء على هاشمه. فقال أبو يوسف: يدخل أصحاب هذا القول، فدخلت معهم. فسأله المستملي، فأملى حديثًا، عن الحَسَن بن صالح. وقال: ما أخاف على رجل من شيء خوفي عليه من كلامه في الحَسَن بن صالح. فوقع لي أنّه أراد شُعبة، فقمت وقلت: لا أجلس في مجلس يُعرَّض فيه بأبي بِسطام. ثمّ خرجت، فرجعت إلى نفسي، فقلت: هذا قاضي الأفاق، ووزير أمير المؤمنين، وزميله في حجَّهِ، وما يضُرُّه غضبي؛ فرجعتُ وجلست حتّى فرغ المجلس. فأقبل عليّ إقبالَ رجُلٍ ما كان له همٌّ غيري، فقال: يا هشام، وإذا هو يُثنيني لأني كنت عنده ببغداد، والله ما أردت بأبي بسطام سوءًا. وله في قلبي أكبر منه في قلبك فيما أرى. ولكنْ، لا أعلم أني رأيت رجلا مثل الحَسَن بن صالح. قال بكّار: فذكرت هذا لهلال الرائي فقال: أنا والله أجبت أبا يوسف عن مسألة الخاتم. محمد بن شجاع: سمعت الحَسَن بن أبي مالك: سمعتُ أبا يوسف يقول: القرآن كلام الله، مَن قال كيف؟ ولِمَ؟ تعاطى مِرَاءً ومجادلةً استوجبت الحبّس وَالضَّرْبَ المُبْرح. ولا يفلح من استحلى شيئًا من الكلام. ولا يُصَليّ خَلَف من قال: القرآن مخلوق. أبو حازم القاضي: نا الحَسَن بن موسى قاضي هَمَذان، ثنا بِشْر بن الوليد قال: كان أبو يوسف يقول: إذا ذُكر محمد بن الحسن: أيّ سيف هو، غير أنّ فيه صَدَأ يحتاج إلى جلاء. وإذا ذُكر الحَسَن بن زياد اللؤلؤيّ يقول: هو عندي الصَّيْدلانيّ إذا سأله رجلٌ أن يعطيه ما يُسْهِله أعطاه ما يمسكه.

وإذا ذكر بِشْرًا يقول: هو كإبرة الرَّفَّاء، طرفها دقيق، ومدخلها لطيف، وهي سريعة الانكسار. وإذا ذكر الحَسَن بن أبي مالك قال: هو كجمل حمل حملا في يوم مَطِير، فتذهب يدُه مَرّةً هكذا، ومرة هكذا، ثمّ يسلم. أبو سُليمان الْجَوْزجانيّ: سمعتُ أبا يوسف يقول: مَن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب العلم بالكلام تَزَنْدق. محمد بن سَعْدان: سمعتُ أبا سُليمان الْجَوْزجانيّ: سمعتُ أبا يوسف يقول: دخلتُ على الرشيد وفي يده دُرَّتان يقلِّبهما، فقال: هل رأيت أحسن منهما؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين! قال: وما هو؟ قلت: الوعاء الذي هما فيه. فرمى بهما إلي وقال: شأنك بهما. قال المؤلّف: قد أفردتُ سيرة القاضي أبي يوسف -رحمه الله- في جُزء. قال بِشْر بن الوليد: مات أبو يوسف يوم الخميس لخمس خلون من ربيع الأوّل سنة اثنتين وثمانين ومائة. وقال غيره: في ربيع الآخر. وعاش سبعين سنة إلا سنة. وقد قال عبّاد بن العوّام يوم جنازته: ينبغي لأهل الإسلام أن يُعزّي بعضهم بعضًا بأبي يوسف رحمه الله.

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الموضوع. رقم الصفحة "الطبقة التاسعة عشرة". "سنة إحدى وثمانين ومائة". 3 الوفيات في هذه السنة. 3 فتح حصن الصفصاف. 3 مَسِيرُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ إِلَى أَنْقَرَةَ. 3 الحج هذا الموسم. 3 استعفاء يحيى بن خالد بن برمك. 4 تولية العكي على المغرب. "سنة اثنتين وثمانين ومائة". 4 المتوفون في هذه السنة. 4 الرشيد يأخذ البيعة لابنه المأمون. 4 تملك ريني على الروم. 5 الحج هذا الموسم. "سنة ثلاث وثمانين ومائة". 5 المتوفون في هذه السنة. 5 خروج الخزر وإيقاعهم بالمسلمين. 6 الحج هذا الموسم. 6 تمرد العكي بالمغرب. "سنة أربع وثمانين ومائة". 6 المتوفون في هذه السنة. 6 خروج الشاري بشهرزور. 7 ولاية البربري والمهلبي وابن الأغلب والرازي.

7 أمان ابن عيسى لأبي الخصيب. 7 غارة الشيباني إلى الروم. 7 مسير ابن بيهس للفداء. "سنة خمس وثمانين ومائة". 7 المتوفون في هذه السنة. 7 وثوب أهل طبرستان على متوليهم. 8 وثوب ابن عيسى على الشاري. 8 خروج أبي الخطيب واستفحال أمره. 8 ظهور ابن عيسى وطول اختفائه. "سنة ست وثمانين ومائة". 8 المتوفون في هذه السنة. 8 مقتل أبي الخصيب. 9 سجن ثمامة بن أشرس. 9 بيعة الرشيد لولده المؤتمن. "سنة سبع وثمانين ومائة". 9 المتوفون في هذه السنة. 10 مقتل جعفر البرمكي. 12 مقتل أنس بن أبي شيخ. 12 حكاية ابن الصابئ عن جعفر البرمكي. 14 ترجمة جعفر عند ابن خلكان. 16 هياج القيسية واليمانية بالشام. 16 القاسم يغزو الصائفة. 17 الرشيد يعتقل عبد الملك بن صالح. 17 نِقْفُورُ يَتَمَلَّكُ عَلَى الرُّومِ وَيَنْقُضُ صُلْحَ الْمُسْلِمِينَ. 17 كتاب نقفور إلى الرشيد والرد عليه.

18 مسير الرشيد إلى هرقلة. 18 الرشيد يأمر بقتل ابن نهيك. 18 وقعة المضرية واليمانية بدمشق. "سنة ثمان وثمانين ومائة". 19 التوفون في هذه السنة. 19 غزوة درب الصفصاف. "سنة تسع وثمانين ومائة". 19 المتوفون في هذه السنة. 19 مسير الرشيد إلى الري. 20 فداء أسرى المسلمين. "سنة تسعين ومائة". 20 المتوفون في هذه السنة. 20 رافع بن الليث يخلع الطاعة. 20 إسلام الفضل بن سهل. 21 فتح الرشيد هرقلة. 21 فتح حصن الصقالبة. 21 غزوة حميد بن معيوف إلى قبرس. 21 اتخاذ الرشيد قلنسوة. 21 بعث نقفور بالخراج إلى الرشيد. 22 كتاب نقفور إلى الرشيد. 22 انتقاض أهل قبرس.

"تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ" "حَرْفُ الأَلِفِ" 22 1- إِبْرَاهِيمُ بْنُ إسحاق الواسطي السواق. 22 2- إبراهيم بن أعين الشيباني. 23 3- إبراهيم بن أبي بكر بن المنكدر. 23 4- إبراهيم بن جعفر بن محمد الأنصاري. 24 5- إبراهيم بن أبي حية المكي. 26 6- إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري. 26 7- إبراهيم بن عطية الثقفي. 30 8- أبو إسحاق الفزاري"إبراهيم بن محمد". 31 9- إبراهيم بن ماهان بن بهمن الموصلي. 32 10- إبراهيم بن محمد بن ثابت العبدري. 32 11- إبراهيم بن محمد بن مالك الهمداني. 32 12- إبراهيم بن المختار الرازي"حبوي". 32 13- إبراهيم بن مهاجر بن مسمار المدني. 33 14- إبراهيم بن يحيى الفقيه المدني. 35 15- إسحاق بن عبد الرحمن بن المغيرة الزهري. 35 16- أسد بن عمرو البجلي الكوفي. 36 17- إسماعيل بن صالح بن علي الهاشمي. 36 18- إسماعيل بن عبد الله بن سماعة. 37 19- إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين. 37 20- إسماعيل بن عياش بن سليم الحمصي. 41 21- إسماعيل بن مجالد بن سعيد. 42 22- إسماعيل بن يعلى"أبو أمية". 42 23- أغلب بن تميم المسعودي.

42 24- أيوب بن جابر اليمامي الحنفي. 42 25- أيوب بن مدرك بن العلاء. 43 26- أيوب بن النجار بن زياد الحنفي. "حرف الباء". 43 27- بختيشوع بن جرجس النصراني. 44 28- بزيع بن عبد الله اللحام. 45 29- بشر بن عمارة الخثعمي المؤدب. 45 30- بشر بن المفضل بن لاحق الحافظ. 45 31- بشير بن ميمون الواسطي. 46 32- بكار بن سُقير المازني. 46 33- بكار بن محمد بن الجارست. 46 34- بكر بن بشر السلمي الترمذي. 46 35- البهلول بن راشد المغربي القيرواني. 47 36- بهلول بن عبيد الكندي. 48 37- البهلول المجنون. 49 38- بهلول بن مؤرق. "حرف الثَّاءِ". 49 39- ثَابِتُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الله بن جُميع. "حرف الْجِيمِ". 49 40- جَابِرُ بْنُ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيُّ الْمَدَنِيُّ. 50 41- جابر بن نوح الحماني. 50 42- جرير بن عبد الحميد الحافظ. 53 43- جعفر البرمكي. 57 44- جرول بن حنفل النميري. 58 45- جُميع بن عمر العجلي.

58 46- جنادة بن سلم بن خالد السوائي. 58 47- جنيد بن عبد الله الحجام. "حرف الحاء". 59 48- حاتم بن إسماعيل المدني. 59 49- حاتم بن وردان السعدي. 60 50- الحارث بن عبيدة المصري. 60 51- الحارث بن موسى الطائي. 60 52- الحارث بن وجيه الراسبي. 60 53- حبيب بن خالد الأسدي الكاهلي. 61 54- حبيب بن حبيب الكوفي. 61 55- حجر بن الحارث الغساني. 61 56- حجوة بن مدرك الغساني. 62 57- حرب بن ميمون صاحب الأغمية. 62 58- حزام بن هشام بن حُبيش الخزاعي. 63 59- حسان بن إبراهيم الكرماني. 64 60- حسان بن سياه البصري الأزرق. 64 61- الحسن بن ثابت التغلبي الأحول. 64 62- الحسن بن قحطبة بن شبيب الطائي. 65 63- الحسن بن يزيد الأصم. 65 64- الحسن بن الحكم بن طهمان الحنفي. 65 65- الحسن بن علي بن الحسن المديني البراد. 66 66- الحسين بن الحسن بن يسار البصري. 66 67- الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ. 66 68- الحسين بن عيسى الكوفي. 67 69- حصين بن جعفر الفزاري الدمشقي.

67 70- حصين بن عمر الأحمسي الكوفي. 67 71- حصين بن نمير الواسطي الضرير. 68 72- حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ أَبِي السائب. 68 73- حفص بن عمر بن أبي العطاف. 68 74- حفص بن عمر بن راشد المجاشعي. 69 75- حفص بن عمر قاضي حلب. 69 76- حفص بن ميسرة العقيلي الصنعاني. 69 77- حفص بن النضر السلمي. 70 78- حكام بن سلم الكناني الرازي. 70 79- الحكم بن سنان الباهلي البصري القربي. 70 80- الحكم بن هشام الثقفي الكوفي. 71 81- الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي. 71 82- حكيم بن خذام الأزدي البصري. 71 83- حماد بن شعيب الحماني. 71 84- حماد بن عبد الرحمن الكلبي الظاميء. 72 85- حماد بن عمرو بن سلمة النصيبي. 72 86- حماد بن سعيد الخزاعي. 72 87- حميد بن الأسود الكرابيسي. 73 88- حميد بن عبد الرحمن بن حميد الرؤآسي. 73 89- حنظلة بن عمرو بن حنظلة الزرقي. 73 90- حيان بن عبد الله الدارمي. "حرف الخاء". 74 91- خالد بنالحارث بن عبيد الهجيمي. 74 92- خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ الأُمويّ. 75 93- خالد بن عبد الله الطحان المزني.

76 94- خالد بن مهران الكوفي. 76 95- خالد بن نافع الأشعري الكوفي. 76 96- خالد بن يزيد بن عبد الرحمن الهمداني. 77 97- خالد بن يزيد الهدادي البصري. 77 98- خطاب بن القاسم قاضي حران. 77 99- خلف بن خليفة بن صاعد. 79 100- الخليل بن موسى الباهلي. 79 101- خنيس بن عامر بن يحيى المعافري. "حرف الدَّالِ". 79 102- دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ الرَّقَاشِيُّ الْبَصْرِيُّ. 80 103- داود بن عبد الجبار الكوفي المؤذن. 80 104- داود بن عطاء المزني. 81 105- درست بن زياد البصري القزاز. "حرف الراء". 81 106- رباح بن زيد الصنعاني. 82 107- الربيع بن زياد الضبي. 82 108- الربيع بن سهل بن الركين الفزاري. 82 109- رِشْدِينُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مُفْلِحِ بْنِ هِلالٍ. 83 110- رفاعة بن إياس بن نذير الضبي. 83 111- رفدة بن قُضاعة الغساني. 83 112- روح بن المسيب الكلبي. "حرف الزاي". 84 113- زافر بن سليمان الإيادي. 84 114- الزبير بن خُبيب بن ثابت. 84 115- زكريا بن عبد الله بن يزيد النخعي.

85 116- زكريا بن منظور بن ثعلبة. 85 117- زكريا بن يحيى بن عمارة الذراع. 85 118- زياد بن راشد المديني. 86 119- زياد بن الربيع اليحمدي. 86 120- زياد بن سيار الكناني. 86 121- زياد البكائي. 88 122- زياد أبو السكن الباهلي. 123- زياد أبو سفيان الزهري. 88 88 124- زياد بن المغيرة بن زياد العجلي. 89 125- زياد أبو عبد الله بن حميد الأنصاري. 89 126- زين بن شعيب المعافري المصري. "حرف السِّينِ". 89 127- سَابِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَوْصِلِيُّ. 90 128- سالم الدورقي. 90 129- سحبل"عبد الله بن محمد". 90 130- سعدان بن يحيى بن صالح اللخمي. 91 131- سعيد بن خُثيم الهلالي الكوفي. 91 132- سعيد بن عبد الجبار الزبيدي. 91 133- سعيد بن الفضل القرشي. 92 134- سفيان بن حبيب البصري البزاز. 92 135- سفيان بن موسى البصري. 92 136- سلمة بن بشر بن صيفي الدمشقي. 93 137- سلمة بن رجاء التميمي الكوفي. 93 138- سلمة بن صالح الأحمر. 93 139- أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الأَزْدِيُّ.

94 140- سليمان بن سالم القرشي. 95 141- سليمان بن عتبة بن ثور الداراني. 95 142- سليمان بن داود بن قيس الفرا. 95 143- سليمان بن عمرو النخعي. 96 144- سليمان بن مسلم الخزاعي. 96 145- سليم بن عامر الحنفي. 96 146- سنان بن هارون البرجمي. 97 147- سهل بن أسهل العدوي البصري. 97 148- سيبويه. 97 149- سيف بن محمد الثوري الكوفي. 98 150- سيف بن هارون البرجمي. "حرف الشين". 98 151- شبيب بن سعيد الحبطي. 98 152- شجاع بن أبي نصر البلخي. 99 153- شعيب بن إسحاق بن عبد الرحمن. 99 154- شعيب بن حازم. 99 155- شقران بن علي. "حرف الصاد". 100 156- صالح بن عمر الواسطي. 100 157- صالح بن قدامة بن إبراهيم المدني. 100 158- صالح بن موسى بن إسحاق الطلحي. 101 159- الصباح بن محارب التيمي الكوفي. 102 160- صدقة بن بشير المدني. 102 161- صدقة بن عبيد الله المازني. 102 162- الصلت بن عبد الرحمن الزبيدي.

"حرف الضَّادِ". 102 163- ضِرَارُ بْنُ عَمْرٍو الْغَطَفَانِيُّ الْمُعْتَزِلِيُّ. 103 164- ضمام بن إسماعيل. 103 165- ضيغم بن مالك. "حرف الطاء". 104 166- طلحة بن زيد. 104 167- طلحة بن يحيى. 104 168- طلحة بن سنان بن الحارث اليامي. "حرف الْعَيْنِ". 105 169- عَاصِمُ بْنُ سُوَيْدٍ الأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ. 105 170- عاصم بن هلال البارقي العنبري. 105 171- عائذ بن حبيب الكوفي. 106 172- عائشة بنت الزبير بن حبيب بن المهلب. 106 173- عَبَّادُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْمُهَلَّبِ. 107 174- عباد بن عباد الرملي الأرسوفي. 107 175- عباد بن العوام بن عمر الكلابي. 108 176- عباد بن قيس القيسي البصري الكرابيسي. 108 177- العباس بن الفضل بن عمرو بن عبيد. 109 178- الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأمير. 110 179- عبد الله بن أبي جعفر الرازي. 110 180- عبد الله بن الحارث الجمحي الحاطبي. 110 181- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِك المخزومي. 111 182- عبد الله بن حفص الأرطباني البصري. 111 183- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنُ مَعْبَدٍ الْبَاهِلِيُّ. 111 184- عبد الله بن سعد الدشتكي.

111 185- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بن مروان. 112 186- عبد الله بن سنان الكوفي. 112 187- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ حَيَّانَ الْحَمْرَاوِيُّ. 112 188- عَبْدُ اللَّهِ بْن صالح بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْد الله الأمير. 113 189- عَبْد اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ يَزِيدَ بن جابر الأزدي. 113 190- عبد الله بن العُمري الزاهد. 118 191- عبد الله بن عبد القُدّوس التّميميّ السَّعديّ. 118 192- عبد الله بن عمر بن غانم الرُّعَيْنيّ. 119 193- عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظليّ. 137 194- عبد الله بن محمد أبو علقمة الفَرَويّ. 138 195- عبد الله بن مراد السلماني المرادي. 138 196- عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْن ثابت بْن عبد الله. 139 197- عبد الله بن معاوية الزبيري. 140 198- عبد الله بن المنيب الأنصاري الحارثي. 140 199- عبد الله بن موسى بن إبراهيم التيمي الطلحي. 140 200- عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي. 141 201- عبد الجبار بن سليمان اليحصبي المصري. 141 202- عبد الحميد بن عدي الجهني الدمشقي. 141 203- عبد الحميد بن أبي العشرين الدمشقي. 142 204- عبد الرحمن بن بشير الدمشقي الشيباني. 142 205- عبد الرحمن بن الحارث السلامي. 143 206- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْعَدَوِيُّ. 143 207- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ. 144 208- عبد الرحمن بن عبد الملك بن سعيد بن حبان. 144 209- عبد الرحمن بن عثمان بن إبراهيم الحاطبي.

144 210- عبد الرحمن بن مالك بن مغول البجلي. 145 211- عبد الرحمن بن القطامي. 145 212- عبد الرحمن بن أبي الرجال. 146 213- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه العرزمي. 146 214- عبد الرحمن بن مسهر. 147 215- عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي. 147 216- عبد الرحيم بن زيد بن الحواريّ العِمّي. 147 217- عبد الرحيم بن سليمان الرازي. 148 218- عبد الرزاق بن عمر الدمشقي. 148 219- عَبْد السلام بْن حرب الملائي. 149 220- عَبْد السلام بن مَكْلَبَة. 150 221- عبد الصّمد بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ. 152 222- عبد الصمد بن معقل بن منبه اليماني. 152 223- عبد العزيز بن أبي حازم. 153 224- عبد العزيز بن خالد الترمذي. 153 225- عبد العزيز بن عبد الصمد العمي. 154 226- عبد العزيز الدراوردي بن محمد الجهني. 155 227- عبد العزيز بن يعقوب بن أبي سَلَمة. 156 228- عبد القاهر بن السري. 156 229- عبد الغني بن سمرة الرعيني. 156 230- عبد القدوس بن بكر بن خُنيس. 156 231- عبد الكريم بن يعفور الجعفي. 157 232- عبد المؤمن بن عبد الله بن خالد العبسي. 157 233- عُبَيْد الله بن شُميط بن عَجْلان البصْريّ. 157 234- عُبَيْد الله بن عُبَيْد الرحمن الأشجعيّ الكوفيّ.

158 235- عبيد الله بن عمرو. 158 236- عبيد الله بن مالك الفهري. 158 237- عبد ربه بن بارق الحنفي اليمامي الكوسج. 158 238- عبد ربه بن صالح القرشي الدمشقي. 158 239- عبد ربه بن ميمون الأشعري. 159 240- عبدة بن سليمان الكلابي. 159 241- عبيدة بن الأسود الهمداني الكوفي. 159 242- عبيدة بن حميد بن صُهيب. 161 243- عتاب بن أعين الكوفي. 161 244- عتاب بن بشير الأموي الحراني. 162 245- عتاب بن محمد بن شوذب البلخي. 162 246- عثمان بن حصن بن علاق القرشي. 162 247- عثمان بن زائدة المقرئ. 163 248- عثمان بن عبد الرحمن الجمحي. 163 249- عثمان بن عثمان الغطفاني. 163 250- عثمان بن كنانة المدني. 164 251- عدي بن أبي عمارة الذراع. 164 252- عُرابي بن معاوية الحضرمي. 164 253- عطاء بن مسلم الخفاف. 165 254- عطوان بن مشكان التميمي الخياط. 165 255- عفان بن سيار الباهلي الجرجاني. 165 256- عفيف بن سالم البجلي. 166 257- عقبة بن إسحاق السلولي الكوفي. 166 258- عقبة بن خالد السكوني. 166 259- عكرمة بن سليمان شيخ القراء.

167 260- علي بن ثابت الجزري. 167 261- علي بن حمزة بن عبد الله الكسائي. 170 262- علي بن زياد التنوسي الفقيه. 171 263- علي بن عبيد الله بن عمر العلوي الطبيب. 171 264- علي بن غراب الفزاري الكوفي. 172 265- علي بن مجاهد الكندي الكابلي الرازي. 172 266- علي بن مسهر القرشي قاضي الموصل. 173 267- علي بن نصر بن علي بن صُهْبان. 173 268- علي بن هاشم بن البريد. 174 269- عمار بن محمد أبو اليقظان الثوري. 174 270- عمر بن أيوب العبدي الموصلي. 175 271- عَمْر بن أبي خليفة حَجّاج بن عتّاب. 175 272- عمر بن الدرفس الغساني الدمشقي. 176 273- عمر بن عبد الرحمن الآبار. 176 274- عمر بن عبيد الطنافسي الكوفي. 176 275- عمر بن عبيد الخزار السابري. 176 276- عمر بن علي بن عطاء بن مقدَّم. 177 277- عمرو بن جميع قاضي حلوان. 177 278- عمرو بن صالح بن المختار الزهري. 178 279- عمرو بن قاسم بن حبيب التمار. 178 280- عمرو بن قيس بن بشير الكوفي. 178 281- عمرو بن النعمان بن جبلة الباهلي. 179 282- عِمران بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى. 179 283- عنبسة بن عبد الواحد بن أمية الأعور. 179 284- عويد بن أبي عمران الجوني.

179 285- عيسى بن حنيفة الكندي. 180 286- عيسى بن سوادة بن الجعر النخعي. 180 287- عيسى بن موسى البخاري غنجار. 181 288- عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. "حرف الغين". 183 289- غسان بن مُضَر الأزْديّ النَّمِريّ المكفوف. "حرف الفاء". 183 290- الفرج بن سعيد أبو رَوْح المأربي. 183 291- فضالة بن حصين الضبي. 184 292- الفضل بن عثمان المرادي الصيرفي. 184 293- فضيل بن سليمان النميري. 184 294- فضيل بن عياض بن مسعود. 193 295- فضيل بن عياض الصدفي المصري. "حرف القاف". 194 296- قدامة بن شهاب المازنيّ البصْريّ. 194 297- قران بن تمام الأسدي الكوفي. "حرف الكاف". 194 298- الليث بن عاصم بن العلاء الخولاني. "حرف اللام". 195 299- الليث بن عاصم بن العلاء الخولاني. 195 300- الليث بن نصر بن سيار الكناني. "حرف الميم". 195 301- الماضي بن محمد الغافقي المصري. 195 302- مبارك بن سحيم. 196 303- مبشر بن عبد الله بن رزين.

196 304- محبوب بن محرز التميمي القواريري. 196 305- محمد بن إبراهيم بن دينار المدني. 197 306- محمد بن الإمام إبراهيم بن محمد بن علي الأمير. 197 307- محمد بن القاضي أبي شيبة إبراهيم العبسي. 198 308- محمد بن إبراهيم بن المطّلب بن السّايب. 198 309- محمد بن إسحاق بن محصن. 198 310- محمد بن أنس الكوفي. 198 311- محمد بن الحجاج بن يوسف الدمشقي. 198 312- محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني. 201 313- محمد بن الحجاج اللخمي الواسطي. 21 314- محمد بن حُمران القيسي. 202 315- محمد بن زائدة التميمي. 202 316- محمد بن سليمان بن الأصبهاني الكوفي. 202 317- محمد بن سعدان بن عبد الله بن حيان. 203 318- محمد بن سليمان بن مسمول. 203 319- محمد بن سليم القرشي البلخي المكي. 203 320- محمد بن سهل الأسدي الكوفي المقعد. 203 321- محمد بن سواء بن عنبر السدوسي. 204 322- ابن السماك محمد بن صبيح العجلي. 206 323- محمد بن عبد الرحمن بن رداد المدنيّ. 206 324- محمد بن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي. 207 325- محمد بن عبد الرحمن السهمي الباهلي. 207 326- محمد بن عبد الرحمن القشيري المقدسي. 207 327- محمد بن عبد الرحمن الطفاوي. 208 328- محمد بن عبد الملك الأنصاري.

208 329- محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي. 209 330- محمد بن عمر الطائي المحري الحمصي. 209 331- محمد بن عمر بن صالح الكَلاعيّ الحمصيّ الحموي. 209 332- محمد بن الفرات الكوفي. 210 333- محمد بن الفضل بن عطية العبسي. 211 334- محمد بن كثير القرشي الكوفي. 211 335- محمد بن كثير البصري القصاب. 211 336- محمد بن مجيب الثقفي الصائغ. 212 337- محمد بن محصن العكاشي. 212 338- محمد بن مروان السدي الصغير. 212 339- محمد بن مسروق بن معدان الكندي. 213 340- محمد بن المعلى اليامي الكوفي. 213 341- محمد بن يزيد الواسطي الزاهد. 214 342- محمد بن يوسف بن معدان. 215 343- مخلد بن خداش الكوفي. 216 344- مخيس بن تميم الأشجعي. 216 345- مدرك بن أبي سعد الفزاري. 216 346- مرحوم بن عبد العزيز البصري العطار. 217 347- مروان بن أبي حفصة سليمان الأموي. 219 348- مروان بن سالم الشامي الجزري. 219 349- مروان بن شجاع الجزري الحراني. 219 350- مروان أبو عبد الملك الرمادي. 220 351- مسلمة بن علقمة المارني. 220 352- مسلمة بن علي بن خلف الخشني. 221 353- المسيب بن شريك.

221 354- مصعب بن الزبير العذري. 221 355- مصعب بن سلام التميمي الكوفي. 222 356- مصعب بن ماهان المروزي. 222 357- مطر بن العلاء الفزاري الدمشقي. 223 358- المطلب بن زياد الكوفي. 223 359- معاذ بن مسلم النحوي الكوفي. 224 360- المعافي بن عمران بن نفيل الموصلي. 227 361- معتمر بن سليمان بن طرخان. 228 362- معدى بن سليمان البصري. 228 363- معلى بن راشد البصري القواس النبال. 229 364- المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث. 229 365- المغيرة بن أبي المغيرة الربعي الرملي. 229 366- المغيرة بن موسى البصري. 230 367- المفضل بن عبد الله الكوفي. 230 368- المفضل بن فضالة القتباني المصري. 231 369- ملازم بن عمرو الحنفي اليمامي. 232 370- المنهال بن بحر القشيري العقيلي. 232 371- مهران بن أبي عمر الرازي العطار. 232 372- موسى الكاظم بن جعفر بن محمد. 234 373- موسى بن شيبة بن عمرو السلمي. 234 374- موسى بن ربيعة الجمحي المصري. 235 375- موسى بن عيسى البستي الكوفي. 236 376- موسى بن منصور بن هشام اللخمي. 236 377- مؤمل بن أميل المحاربي الكوفي. 236 378- المؤمل بن أبي حفصة الشاعر.

236 379- ميمون بن يحيى بن مسلم بن الأشجّ. 237 380- ميمون بن زيد البصري السقاء. "حرف النون". 237 381- نُصَيْر بن زياد الطّائيّ الكوفيّ. 237 382- النضر بن إسماعيل البجلي القاص. 238 383- النضر بن محمد المروزي. 238 384- النضر بن منصور الكوفي. 238 385- النعمان بن عبد السلام التيمي. 239 386- نعيم بن المورع بن توبة العنبري. 239 387- نوح بن دراج النخعي. 240 388- نوح بن قيس الحداني الطاحي. 240 389- نوح بن أبي مريم الجامع. "حرف الهاء". 240 390- هارون بن مسلم بن هُرْمُز. 241 391- هارون بن المغيرة البجلي الرازي. 241 392- هزال بن سعيد السبأي. 241 393- هشام بن لاحق المدائني. 241 394- هشيم بن بشير بن أبي خازم. 245 395- هشيم بن أبي ساسان الكوفي. 245 396- الهيثم بن حميد الغساني. "حرف الواو". 246 397- وكيع بن محرز الناجي السامي. 246 398- الوليد بن بكير التميمي الطهوي. 246 399- الوليد بن محمد الموقري البلقاوي. 248 400- وهب بن إسماعيل الأسدي.

248 401- وهب بن راشد الرقي. 248 402- وهب بن واضح بن الإخريط المكي. "حرف الياء". 249 403- يحيى بن بُريد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ. 249 404- يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي. 250 405- يحيى البرمكي. 251 406- يحيى بن أبي زائدة الوادعي. 252 407- يحيى بن راشد المازني البصري البراء. 253 408- يحيى بن أبي زكريا الغساني الواسطي. 253 409- يحيى بن سابق المدني. 253 410- يحيى بن عبد الله بن حسن الهاشمي. 254 411- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْد اللَّه. 254 412- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةٍ الخزاعي. 254 413- يحيى بن عبيد الله الجرشي. 255 414- يحيى بن عقبة بن أبي العيزار. 255 415- يحيى بن مضر القيسي القرطبي. 255 416- يحيى بن ميمون التمار. 256 417- يحيى بن يعلى الأسلمي القطواني. 256 418- يحيى بن اليمان العجلي الكوفي. 257 419- يزيد بن زريع. 258 420- يزيد بن عبد الله القرشي البيسري. 259 421- يزيد بن مزيد بن زايدة. 261 422- يزيد بن يحيى القرشي الدمشقي. 262 423- اليسع بن طلحة بن أبزوذ المكي. 262 424- يعقوب بن داود الوزير.

262 425- يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد القارئ الزهري. 263 426- يعقوب بن الوليد الأزدي المدني. 263 427- يعلى بن الأشدق العقيلي. 264 428- يعلى بن شبيب المكي. 264 429- يغنم بن سالم بن قنبر البصري. 265 430- يوسف بن خالد بن عمير السمتي. 265 431- يوسف بن عطية بن ثابت الصفار. 266 432- يوسف بن عطية الباهلي الوراق. 266 433- يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي الرومي. 266 434- يوسف بن يعقوب بن أبي سَلَمة الماجشون. 267 435- يونس بن حبيب النحوي. "الكنى". 267 436- أبو إسحاق الفزاري. 268 437- أبو إسماعيل المؤدب. 268 438- أبو أمية بن يعلى الثقفي. 269 439- أبو بحر البكراوي. 269 440- أبو حفص الآبار. 270 441- أبو خالد الأحمر"سليمان بن حيان". 270 442- أبو داود النخعي. 271 443- أبو رويم"طلاب بن حوشب". 271 444- أبو سفيان المعمري. 271 445- أبو سليمان الداراني الكبير. 272 446- أبو عاصم العباداني. 272 447- أبو عبد الرحمن الزاهد. 273 448- أبو عبد الرحمن الفراء.

273 449- أبو عبيدة الحداد. 274 450- أبو عبيدة العصفري. 274 451- أبو علقمة الفروي. 274 452- أبو المليح الرقي. 275 453- أبو الهول الحميري. 275 454- أبو الهيذام المري. 276 455- القاضي أبو يوسف. 281 فهرس الموضوعات.

المجلد الثالث عشر

المجلد الثالث عشر الطبقة العشرون أحداث سنة إحدى وتسعين ومائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة العشرون: أحداث سنة إحدى وتسعين ومائة: من توفي في هذه السنة: خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ الْخَرَّازُ، سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ الأَبْرَشُ، بِالرَّيِّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ، عِيسَى بْنُ يُونُسَ، فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ، وَابْنِ سَعْدٍ، الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ الْمَرْوَزِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ الْفَقِيهُ، مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُهَلَّبِيُّ، بِالْمِصِّيصَةِ، مُطَرِّفُ بْنُ مَازِنٍ، قَاضِي صَنْعَاءَ، مُعَمَّرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَعِيُّ الرَّقِّيُّ. وَتُوُفِّيَ فِيهَا جَمَاعَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِمْ، وَسَيُذْكَرُونَ. خُرُوجُ ثَرْوَانَ بْنِ سَيْفٍ بَحَوْلايَا: وَفِيهَا خَرَجَ ثَرْوَانُ بْنُ سَيْفٍ بَحَوْلايَا، فَسَارَ إِلَيْهِ طَوْقُ بْنُ مَالِكٍ؛ فَهَزَمَهُ طَوْقٌ وَقَتَلَ أَصْحَابَهُ، وَهَرَبَ مَجْرُوحًا. خُرُوجُ أَبِي النِّدَاءِ بِالشَّامِ: وَفِيهَا خَرَجَ أَبُو النِّدَاءِ بِالشَّامِ، فَتَوَجَّهَ لِقِتَالِهِ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ. استغلاظ أمر رافع بن الليث عِيسَى مِنْ وَلَدِ عَلِيٍّ: وَفِيهَا غَلُظَ أَمْرُ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ بِسَمَرْقَنْدَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ نَسَفَ بِالطَّاعَةِ، وَأَنْ يُوَجِّهَ إِلَيْهِمْ مَنْ يُعِينُهُمْ عَلَى قِتَالِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ. فَوَجَّهَ صَاحِبَ الشَّاشِ فِي أَتْرَاكِهِ وَقَائِدًا مِنْ قُوَّادِهِ، فَأَحْدَقُوا بِعِيسَى وَلَدِ عَلِيٍّ وَقَتَلُوهُ فِي ذِي الْقِعْدَةِ. وِلايَةُ حَمُّوَيْهِ بَرِيدَ خُرَاسَانَ: وَفِيهَا وَلَّى الرَّشِيدُ حَمُّوَيْهِ الْخَادِمَ بَرِيدَ خُرَاسَانَ.

غَزْوَةُ يَزِيدَ بْنِ مَخْلَدٍ الرُّومَ: وَفِيهَا غَزَا بْنُ مَخْلَدٍ الرُّومَ فِي عَشَرَةِ آلافٍ، فَأَخَذَتِ الرُّومُ عَلَيْهِ الْمَضِيقَ، فَقُتِلَ بِقُرْبِ طَرَسُوسَ، وَقُتِلَ مَعَهُ سَبْعُونَ رَجُلا. تَوْلِيَةُ هَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ الصَّائِفَةَ: فَوَلَّى الرَّشِيدُ غَزْوَ الصَّائِفَةِ هَرْثَمَةَ بْنَ أَعْيَنَ، وَضَمَّ إِلَيْهِ ثَلاثِينَ أَلْفًا مِنْ جُنْدِ خُرَاسَانَ وَمَعَهُ مَسْرُورٌ الْخَادِمُ إِلَيْهِ النَّفَقَاتُ وَجَمِيعُ الأَمْرِ خَلا الرِّئَاسَةِ. مُضِيُّ الرَّشِيدِ إِلَى دَرْبِ الْحَدَثِ: وَمَضَى الرَّشِيدُ إِلَى دَرْبِ الْحَدَثِ فَرَتَّبَ الأُمُورَ، ثُمَّ انْصَرَفَ بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي رَمَضَانَ، فَنَزَلَ الرَّقَّةَ، وَأَمَرَ بِهَدْمِ الْكَنَائِسِ فِي الثُّغُورِ. عَزْلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى: وَعَزَلَ عَلِيَّ بن عيسى بن مَاهَانَ عَنْ خُرَاسَانَ بَهَرْثَمَةَ بْنِ أَعْيَنَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا سَبَبَ هَلاكِ وَلَدِهِ عِيسَى، فَلَمَّا قُتِلَ وَلَدُهُ خَرَجَ عَنْ بَلْخَ فَأَتَى مَرْوَ خَوْفًا مِنْ رَافِعٍ أَنْ يَأْتِيَ مَرْوَ فَيَمْلِكُهَا. وَكَانَ ابْنُهُ دَفَنَ فِي بُسْتَانِ دَارِهِ أَمْوَالا، نَحْوَ ثَلاثِينَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَلَمْ يَدْرِ بِهَا عَلِيٌّ. فَأَعْلَمَتْ جَارِيَةٌ لِعِيسَى بَعْضَ الْخَدَمِ، وَتَحَدَّثَ بِهِ النَّاسُ، فَاجْتَمَعَ أَعْيَانُ الْبَلَدِ وَانْتَهَبُوا الْمَالَ هُمْ وَالعَامَّةُ. فَعَلِمَ الرَّشِيدُ فَغَضِبَ، وَعَزَلَهُ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُ، فَبَلَغَتْ ثَمَانِينَ أَلْفَ أَلْفٍ. وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى قَدْ عَتَا1 وَتَجَبَّرَ عَلَى الْقُوَّادِ، وَكَانَتْ كُتُبٌ قَدْ وَرَدَتْ عَلَى الرَّشِيدِ أَنَّ رَافِقًا لَمْ يَخْلَعْ، وَلا نَزَعَ السَّوَادَ، وَلا مَنْ شَايَعَهُ، وَأَنَّ غَايَتَهُمْ عَزْلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الَّذِي قَدْ سَامَهُمُ2 الْمَكْرُوهَ. حَجُّ هَذَا الْعَامِ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَمِيرُ مَكَّةَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. امْتِنَاعُ الصَّائِفَةِ: وَلَمْ يكن للمسلمين بعد هذا السَّنَةِ صَائِفَةٌ إِلَى سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ3.

_ 1 عتا: تكبر. 2 سامهم: أذاقهم. 3 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 350"، وتاريخ الطبري "8/ 341"، والكامل "6/ 119-122"، والبداية "10/ 212-213".

أحداث سنة اثنتين وتسعين ومائة

أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: صَعْصَعَةُ بْنُ سَلامٍ خَطِيبُ قُرْطُبَةَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمِصْرِيُّ، عَرْعَرَةُ بْنُ الْبَرْنَدِ الشَّامِيُّ الْبَصْرِيُّ، عَلِيُّ بْنُ ظَبْيَانَ الْعَبْسِيُّ الْكُوفِيُّ، الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ، تُوُفِّيَ مَسْجُونًا، يَحْيَى بْنُ كريب الرعيني المصري، يوسف ابن الْقَاضِي أَبِي يُوسُفَ. شُخُوصُ هَرْثَمَةَ إِلَى خُرَاسَانَ: وَفِيهَا شَخَصَ هَرْثَمَةُ إِلَى خُرَاسَانَ، وَوَجَّهَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ عِيسَى فِي الظَّاهِرِ أَمْوَالا وَخُلَعًا وَسِلاحًا. فَلَمَّا نَزَلَ نَيْسَابُورَ جَمَعَ وُجُوهَ أَصْحَابِهِ فَخَلا بِكُلٍّ مِنْهُمْ وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ يَكْتُمَ أَمْرَهُ، وَوَلَّى كُلَّ رَجُلٍ بَلَدًا وَدَفَعَ إِلَيْهِ عَهْدَهُ وَجَهَّزَهُ سِرًّا إِلَى بَلَدِهِ. فَعَلَ هَذَا خَوْفًا مِنْ ثَوْرَةِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى. ثُمَّ سَارَ، فَلَمَّا كَانَ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ مَرْوَ دَعَا ثِقَاتِ أَصْحَابِهِ وَكَتَبَ أَسْمَاءَ وَلَدِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَدَفَع إِلَى كُلِّ رَجُلٍ رُقْعَةً بِاسْمِ مَنْ وَكَّلَهُ بِحِفْظِهِ إِذَا دَخَلَ مَرْوَ. ثُمَّ وَجَّهَ إِلَى عَلِيٍّ: إِنْ أَحَبَّ الأَمِيرُ أَنْ يُوَجِّهَ ثِقَاتِهِ لِقَبْضِ مَا مَعِي فَعَلَ، فَإِنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَتِ الأَمْوَالُ أَمَامَ دُخُولِي كَانَ أَقْوَى لِلأَمِيرِ وَأَفَتَّ فِي عَضُدِ أَعْدَائِهِ. فَوَجَّهَ عَلِيٌّ جَمَاعَةً لِقَبْضِ الأموال؛ فقل هَرْثَمَةُ: اشْغِلُوهُمُ اللَّيْلَةَ. فَفَعَلُوا. ثُمَّ سَارَ إِلَى مَرْوَ، فَلَمَّا صَارَ مِنْهَا عَلَى مِيلَيْنِ تَلَقَّاهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى وَوَلَدُهُ وَقُوَّادُهُ؛ فَلَمَّا وَقَعَتْ عَيْنُ هَرْثَمَةَ عَلَيْهِ ثَنَى رِجْلَهُ لِيَنْزِلَ، فَصَاحَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ لَئِنْ نَزَلْتَ لأَنْزِلَنَّ.

فثبت ودنا، فاعتنقا، ثم سارا إِلَى قَنْطَرَةٍ لا يَجُوزُهَا إِلا فَارِسٌ. فَحَبَسَ هَرْثَمَةُ لِجَامَ الْفَرَسِ وَقَالَ لِعَلِيٍّ: سِرْ، فَقَالَ: لا وَاللَّهِ. فَقَالَ هَرْثَمَةُ: لا وَاللَّهِ، أَنْتَ أَمِيرُنَا. ثُمَّ نَزَلَ بِمَنْزِلِ عَلِيٍّ، وَأَكَلا مِنَ السِّمَاطِ. ثُمَّ دَفَعَ الْخَادِمُ كِتَابَ الرَّشِيدِ إِلَى عَلِيٍّ، فَلَمَّا رَأَى أَوَّلَ حرف مِنْهُ سُقِطَ مِنْ يَدِهِ. ثُمَّ أَمَرَ هَرْثَمَةُ بِتَقْيِيدِهِ وَتَقْيِيدِ وَلَدِهِ وَعُمَّالِهِ. ثُمَّ صَارَ إِلَى الْجَامِعِ فَخَطَبَ وَبَسَطَ مِنْ آمَالِ النَّاسِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الرَّشِيدَ وَلاهُ ثُغُورَهُمْ بِمَا بَلَغَهُ مِنْ سُوءِ سِيرَةِ الْفَاسِقِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى، وَإِنِّي مُنْصِفُكُمْ مِنْهُ. فَأَظْهَرُوا السُّرُورَ وَضَجُّوا بِالدُّعَاءِ. ثُمَّ انْصَرَفَ وَدَعَا بِعَلِيٍّ وَآلِهِ فَقَالَ: أَعْفُونِي مِنَ الإِقْدَامِ بِالْمَكْرُوهِ عَلَيْكُمْ. وَنُودِيَ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْ رَجُلٍ عِنْدَهُ لِعَلِيٍّ وَدِيعَةٌ فَأَخْفَاهَا. فَأَحْضَرَ النَّاسُ شَيْئًا كَثِيرًا إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ. وَاسْتَصْفَى هَرْثَمَةُ حَتَّى حُلِيِّ النِّسَاءِ وَالثِّيَابِ، وَبَالَغَ فِي ذَلِكَ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَامَهُمْ لِمَظَالِمِ النَّاسِ وَشَدَّدَ عَلَيْهِمْ. ثُمَّ حَمَلَ عَلِيًّا إِلَى الرَّشِيدِ. تَوَجُّهُ الرَّشِيدِ لِحَرْبِ رَافِعٍ: وَفِيهَا تَوَجَّهَ الرَّشِيدُ نَحْوَ خُرَاسَانَ لِحَرْبِ رَافِعٍ. فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الطَّبَرِيُّ أَنَّ أَبَاهُ شَيَّعَ الرَّشِيدَ إِلَى النَّهْرَوَانِ، فَجَعَلَ يُحَادِثُهُ فِي الطَّرِيقِ إِلَى أَنْ قَالَ: يَا صَبَّاحُ، لا أَحْسَبُكَ تَرَانِي بَعْدَهَا. فَقُلْتُ: بَلْ يَرُدُّكَ اللَّهُ سَالِمًا. ثُمَّ قَالَ: وَلا أَحْسَبُكَ تَدْرِي ما أجد. فقلت: لا والله. فقال: تعالى حَتَّى أُرِيَكَ. وَانْحَرَفَ عَنِ الطَّرِيقِ، وَأَوْمَأَ إِلَى الْخَوَاصِّ فَتَنَحَّوْا، ثُمَّ قَالَ: أَمَانَةَ اللَّهِ يَا صَبَّاحُ أَنْ تَكْتُمَ عَلَيَّ. وَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ، فَإِذَا عُصَابَةُ حَرِيرٍ حَوْلَ بَطْنِهِ، فَقَالَ: هَذِهِ عِلَّةٌ أَكْتُمُهَا النَّاسَ كُلَّهُمْ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِي عَلَيَّ رَقِيبٌ، فَمَسْرُورٌ رَقِيبُ الْمَأْمُونِ، وَجِبْرِيلُ بْنُ بَخْتَيْشُوعَ رَقِيبُ الأَمِينِ وَنَسِيتُ الثَّالِثَ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا وَهُوَ يُحْصِي أَنْفَاسِي وَيَعُدُّ أَيَّامِي وَيَسْتَطِيلُ دَهْرِي. فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ ذَلِكَ فَالسَّاعَةَ أَدْعُو بِبِرْذَوْنَ، فَيَجِيئُونَ بِهِ أعْجَفَ ليزيد في علتي. ثم دعا ببرذون، فجاؤوا بِهِ كَمَا وَصَفَ، فَنَظَرَ إِلَيَّ ثُمَّ رَكِبَهُ وَانْصَرَفَ. تَحَرُّكُ الْخُرَّمِيَّةِ: وَفِيهَا تَحَرُّكُ الْخُرَّمِيَّةِ بِبِلادِ أَذْرَبَيْجَانَ، فَسَارَ لِحَرْبِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ فِي عَشَرَةِ آلافٍ، فَأَسَرَ وَسَبَى.

قَتْلُ أَبِي النِّدَاءِ: وَفِيهَا قَدِمَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ عَلَى الرَّشِيدِ وَمَعَهُ أَبُو النِّدَاءِ، فَقَتَلَهُ. تَحَرُّكُ ثَرْوَانَ الْحَرُورِيِّ 1: وَفِيهَا تَحَرُّكُ ثَرْوَانَ الْحَرُورِيِّ فَقَتَلَ عَامِلَ الطَّفِّ. حَبْسُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى: وَقُدِمَ بِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى بَغْدَادَ، فَحُبِسَ فِي دَارِهِ. وَقَتَلَ فِيهَا الرَّشِيدُ هَيْثَمًا الْيَمَانِيَّ، وَكَانَ قد خرج. والله أعلم2.

_ 1 الحروري: نسبة إلى حرواء بالعراق، وهي منشأ الخوارج. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 305"، تاريخ الطبري "8/ 341"، الكامل "6/ 119-122"، البداية "10/ 212-213"، صحيح التوثيق "6/ 109".

أحداث سنة ثلاث وتسعين ومائة

أحداث سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، أَبُو بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ، زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَبَطُونُ، سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ، الْعَبَّاسُ بْنُ الأَحْنَفِ الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، الْعَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ الشَّاعِرُ، الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ بْنُ الرَّبِيعِ الْحَاجِبُ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كُلَيْبٍ الْمُرَادِيُّ، بِمِصْرَ، عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَصْرِيُّ، غُنْدَرٌ، مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ، مَرْوَانُ بْنُ مَعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ، أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ الْمُقْرِئُ، بِالْكُوفَةِ. مُوَافَاةُ الرَّشِيدِ جُرْجَانَ: وَفِيهَا وَافَى الرَّشِيدُ جُرْجَانَ، فَأَتَتْهُ بِهَا خَزَائِنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ بَعِيرٍ، ثُمَّ رَحَلَ مِنْهَا فِي صَفَرٍ وَهُوَ عَلِيلٌ3 إِلَى طُوسَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ. الْوَقْعَةُ بَيْنَ هَرْثَمَةَ وَأَصْحَابِ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ: وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ هَرْثَمَةَ وَأَصْحَابِ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ، فانتصر هرثمة وأسر أخا

_ 1 الحروري: نسبة إلى حرواء بالعراق، وهي منشأ الخوارج. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 305"، تاريخ الطبري "8/ 341"، الكامل "6/ 119-122"، البداية "10/ 212-213"، صحيح التوثيق "6/ 109". 3 عليل: مريض.

رَافِعٍ، وَمَلَكَ بُخَارَى، وَقَدِمَ بِأَخِي رَافِعٍ عَلَى الرَّشِيدِ، فَسَبَّهُ، وَدَعَا بِقَصَّابٍ1 وَقَالَ: فَصِّلْ أَعْضَاءَهُ، ففصله. غلط بن جبريل بن بختيشوع وتطبيب الرَّشِيدِ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ جِبْرِيلَ بْنَ بَخْتَيْشُوعَ غَلِطَ عَلَى الرَّشِيدِ فِي عِلَّتِهِ فِي عِلاجٍ عَالَجَهُ بِهِ كَانَ سَبَبَ مَنِيَّتِهِ، فَهَمَّ الرَّشِيدُ بِأَنْ يُفَصِّلَهُ كَمَا فَعَلَ بِأَخِي رَافِعٍ، وَدَعَا بِهِ فَقَالَ: انْتَظِرْ إِلَى غَدٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّكَ تُصْبِحُ فِي عَافِيَةٍ، فَمَاتَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. وَقِيلَ إِنَّ الرَّشِيدَ رَأَى مَنَامًا أَنَّهُ يَؤُمُّ بِطُوسَ، فَبَكَى وَقَالَ: احْفُرُوا لِي قَبْرًا. فحفروا له، ثُمَّ حُمِلَ فِي قُبَّةٍ عَلَى جَمَلٍ وَسِيقَ به حتى نظر إلى القبر فقال: يا ابن آدَمَ تَصِيرُ إِلَى هَذَا. وَأَمَرَ قَوْمًا فَنَزَلُوا فَخَتَمُوا فِيهِ خَتْمَةً، وَهُوَ فِي مِحَفَّةٍ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ. الرَّشِيدُ يَقْتَفِي أَخْلاقَ الْمَنْصُورِ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَكَانَ يَقْتَفِي أَخْلاقَ الْمَنْصُورِ، وَيَطْلُبُ الْعَمَلَ بِهَا. إِلا فِي بَذْلِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ خَلِيفَةٌ قَبْلَهُ أَعْطَى مِنْهُ لِلْمَالِ. وَكَانَ يُحِبُّ الشِّعْرَ، وَيَمِيلُ إِلَى أَهْلِ الأَدَبِ وَالْفِقْهِ، وَيَكْرَهُ الْمِرَاءَ فِي الدِّينِ، وَيَقُولُ: هُوَ شَيْءٌ، لا نَتِيجَةَ لَهُ، وَبِالْحَرِيِّ أَنْ لا يَكُونَ فِيهِ ثَوَابٌ. وَكَانَ يُحِبُّ الْمَدِيحَ وَيَشْتَرِيهِ بأغلى ثمن. إجازرة الرَّشِيدِ مَرْوَانَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ: أَجَازَ مَرَّةً مَرْوَانَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ عَلَى قَصِيدَةٍ خَمْسَةَ آلافِ دِينَارٍ، وَخُلْعَةً، وَعَشَرَةً مِنْ رَقِيقِ الرُّومِ، وَفَرَسًا مِنْ مَرَاكِبِهِ. صُحْبَةُ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْمِضْحَاكِ لِلرَّشِيدِ: وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ مَعَ الرَّشِيدِ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمَدَنِيُّ، وَكَانَ مُضْحِكًا فَكِهًا إِخْبَارِيًّا، فَكَانَ الرَّشِيدُ لا يَصْبِرُ عَنْهُ وَلا يمل منه لحسن نوادره ومجونه.

_ 1 قصاب: جزار.

مَوْعِظَةُ ابْنِ السَّمَّاكِ لِلرَّشِيدِ: وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ السَّمَّاكِ دَخَلَ عَلَى الرَّشِيدِ يَوْمًا فَاسْتَسْقَى، فَأُتِيَ بِكُوزٍ، فَلَمَّا أَخَذَهُ قَالَ: عَلَى رِسْلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ مُنِعْتَ هَذِهِ الشَّرْبَةَ بِكَمْ كُنْتَ تَشْتَرِيهَا؟ قَالَ: بِنِصْفِ مُلْكِي. قَالَ: اشْرَبْ هَنَّاكَ اللَّهُ. فَلَمَّا شَرِبَهَا قَالَ: أَسْأَلُكَ لَوْ مُنِعْتَ خُرُوجَهَا مِنْ بَدَنِكَ، بِمَاذَا كُنْتَ تَشْتَرِي خُرُوجَهَا؟ قَالَ: بِجَمِيعِ مُلْكِي. فَقَالَ: إِنَّ مُلْكًا قِيمَتُهُ شَرْبَةُ مَاءٍ لَجَدِيرٌ أَنْ لا يُنافَسَ فِيهِ. قَالَ: فَبَكَى هَارُونُ. وَقَدْ ذَكَرْتُ الرَّشِيدَ فِي الأَسْمَاءِ أَيْضًا. الْبَيْعَةُ لِلأَمِينِ: وَبُويِعَ لابْنِهِ الأَمِينِ مُحَمَّدٍ فِي الْعَسْكَرِ صَبِيحَةَ اللَّيْلَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا الرَّشِيدُ. وَكَانَ الْمَأْمُونُ حِينَئِذٍ بِمَرْوَ، وَالأَمِينُ بِبَغْدَادَ. فَأَتَاهُ الْخَبَرُ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ وَخَطَبَ، وَنَعَى الرَّشِيدَ إِلَى النَّاسِ وَبَايَعَهُ النَّاسُ؛ وَأَمَرَ لِلْجُنْدِ بِرِزْقِ سَنَتَيْنِ. مَسِيرُ رَجَاءٍ الْخَادِمِ بِالْخَلْعِ إِلَى الأَمِينِ: وَأَخَذَ رَجَاءٌ الْخَادِمُ الْبُرْدَ والقضيب والخاتم. وسار عَلَى الْبَرِيدِ فِي اثْنَى عَشَرَ يَوْمًا مِنْ مرو حتى قدم بغداد فِي نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَةِ، فَدَفَعَ ذَلِكَ إِلَى الأَمِينِ. وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْمَأْمُونَ فَبَايَعَ لِأَخِيهِ ثُمَّ لِنَفْسِهِ، وَأَعْطَى الْجُنْدَ عَطَاءَ سَنَةٍ، وَأَخَذَ يَتَأَلَّفُ أُمَرَاءَهُ وَقُوَّادَهُ وَيُظْهِرُ الْعَدْلَ، فَأَحَبُّوا الْمَأْمُونَ. بِنَاءُ الأَمِينِ لِمَيْدَانِ الْكُرَةِ: أَمَّا الأَمِينُ فَإِنَّهُ بَعْدَ بَيْعَتِهِ بِيَوْمٍ أَمَرَ بِبِنَاءِ مَيْدَانٍ جِوَارَ قَصْرِ الْمَنْصُورِ لِلَعِبِ الْكُرَةِ. ثُمَّ قَدِمَتْ أُمُّ جَعْفَرٍ زُبَيْدَةُ فِي شَعْبَانَ، فَتَلَقَّاهَا ابْنُهَا الأَمِينُ. قَدِمَتْ مِنَ الرَّقَّةِ وَمَعَهَا جَمِيعُ الْخَزَائِنِ. الْمَأْمُونُ يُهْدِي الأَمِينَ التُّحَفَ: وَأَقَامَ الْمَأْمُونُ عَلَى خُرَاسَانَ وَإِمْرَتِهَا، وَأَهْدَى لِلأَمِينِ تُحَفًا وَنَفَائِسَ.

دُخُولُ هَرْثَمَةَ سَمَرْقَنْدَ: وَفِيهَا دَخَلَ هَرْثَمَةُ حَائِطَ سَمَرْقَنْدَ، فَلَجَأَ رَافِعٌ إِلَى الْمَدِينَةِ الدَّاخِلَةِ. وَرَاسَلَ رَافِعٌ التُّرْكَ فَوَافَوْهُ، فَصَارَ هَرْثَمَةُ فِي الْوَسَطِ. ثُمَّ لَطَفَ اللَّهُ بِهِ وَرَدَّ التُّرْكَ، فَضَعُفَ أَمْرُ رَافِعٍ. مَقْتَلُ نِقْفُورَ مَلِكِ الرُّومِ: وَفِيهَا قُتِلَ نِقْفُورُ مَلِكُ الرُّومِ فِي حَرْبِ بُرْجَانَ، وَبَقِيَ فِي الْمَمْلَكَةِ تِسْعَ سِنِينَ، وَمَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ إِسْتَبْرَاقُ شَهْرَيْنِ وَهَلَكَ، فَمَلَكَ مِيخَائِيلُ بْنُ جرجس زوج أخته1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "8/ 350-360"، البداية "10/ 218-222".

أحداث سنة أربع وتسعين ومائة

أحداث سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: حَفْصُ بْنُ عُثْمَانَ النَّخَعِيُّ، فِي آخِرِهَا، الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ الْبَلْخِيُّ الْعَابِدُ، ضَعِيفٌ، سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَاضِي بَعْلَبَكَّ. شَقِيقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَلْخِيُّ الزَّاهِدُ، عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَنْصُورِ، عُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْبَلْخِيُّ، أَبُو حَفْصٍ، مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْخَوْلانِيُّ الأَبْرَشُ، مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ الْكُوفِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ، يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ، أَخُو مُحَمَّدٍ، الْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ. ثَوْرَةُ أَهْلِ حِمْصَ بِعَامِلِهِمْ: وَفِيهَا ثَارَ أَهْلُ حِمْصَ بِعَامِلِهِمْ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ، فَخَرَجَ إِلَى سَلَمْيَةَ، فَوَلَّى عَلَيْهِمُ الأَمِينَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ الْحَرَشِيَّ، فَحَبَسَ عِدَّةً مِنْ وُجُوهِهِمْ وَقَتَلَ عِدَّةً، وَضَرَبَ النَّارَ فِي نَوَاحِي حِمْصَ، فَسَأَلُوهُ الأَمَانَ فَأَمَّنَهُمْ. وَسَكَنُوا ثُمَّ هَاجُوا فَقَتَلَ طَائِفَةً مِنْهُمْ. عَزْلُ الأَمِينِ لِأَخِيهِ الْقَاسِمِ عَنِ الْوِلايَاتِ: وَفِيهَا عَزَلَ الأَمِينُ أَخَاهُ الْقَاسِمَ عَنْ مَا كَانَ الرَّشِيدُ وَلاهُ، وَذَلِكَ إِمْرَةُ الشَّامِ وَقِنَّسْرِينَ وَالثُّغُورِ، وَوَلَّى مَكَانَهُ خُزَيْمَةَ بْنَ خَازِمٍ.

الأَمْرُ بِالدُّعَاءِ لِمُوسَى ابْنِ الأَمِينِ: وَفِيهَا أَمَرَ الأَمِينُ بِالدُّعَاءِ لابْنِهِ مُوسَى عَلَى الْمَنَابِرِ بِالإِمْرَةِ، بَعْدَ ذِكْرِ الْمَأْمُونِ وَالْقَاسِمِ. تَنَكُّرُ الأَمِينِ لِلْمَأْمُونِ: وَتَنَكَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ لِصَاحِبِهِ، وظهر الفساد بينهما. الفضل بن الربيع والأمين عَلَى الْمَأْمُونِ: وَقِيلَ إِنَّ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ عَلِمَ أَنَّ الْخِلافَةَ إِذَا أَفْضَتْ إِلَى الْمَأْمُونِ لَمْ يُبْقِ عَلَيْهِ، فَأَعْدَى الأَمِينُ بِهِ، وَحَثَّهُ عَلَى خَلْعِهِ، وَأَنْ يُوَلِّيَ الْعَهْدَ لابْنِهِ مُوسَى. وَأَعَانَهُ عَلَى رَأْيِهِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ، وَالسِّنْدِيُّ. وَلَمَّا بَلَغَ الْمَأْمُونُ عَزْلُ أَخِيهِ الْقَاسِمِ عَنِ الشَّامِ قَطَعَ الْبَرِيدِيَّةَ عَنِ الأَمِينِ، وَأَسْقَطَ اسْمَهُ مِنَ الطَّرْزِ وَالضَّرْبِ. الْتِحَاقُ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ بِالْمَأْمُونِ: وَكَانَ رَافِعُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ لَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ حُسْنُ سِيرَةِ الْمَأْمُونِ فِي عَمَلِهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَى الْجَيْشِ، بَعَثَ فِي طَلَبِ الْمَأْمُونِ لِنَفْسِهِ، فَسَارَعَ إِلَى ذَلِكَ هَرْثَمَةُ، وَلَحِقَ رَافِعٌ بِالْمَأْمُونِ فَأَكْرَمَهُ. قُدُومُ هَرْثَمَةَ عَلَى الْمَأْمُونِ: وَقَدِمَ هَرْثَمَةُ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُيُوشِ مِنْ سَمَرْقَنْدَ عَلَى الْمَأْمُونِ. وَكَانَ مَعَهُ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ، فَتَلَقَّاهُ الْمَأْمُونُ وَوَلاهُ حَرَسَهُ. إِرْسَالُ الأَمِينِ وُجُوهًا إِلَى الْمَأْمُونِ: ثُمَّ إِنَّ الأَمِينَ أَرْسَلَ وُجُوهًا إِلَى الأَمِينِ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُقَدِّمَ مُوسَى عَلَى نَفْسِهِ، وَيَذْكُرَ أَنَّهُ قَدْ سَمَّاهُ النَّاطِقَ بِالْحَقِّ، فَردَّ الْمَأْمُونُ ذَلِكَ وَأَبَاهُ.

مُبَايَعَةُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَى الْمَأْمُونَ سِرًّا: وَكَانَ الرَّسُولُ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى، فَبَايَعَ الْمَأْمُونَ بِالْخِلافَةِ سِرًّا، ثُمَّ كَانَ يَكْتُبُ إِلَيْهِ بِالأَخْبَارِ وَيُنَاصِحُهُ مِنَ الْعِرَاقِ. إِسْقَاطُ اسْمِ الْمَأْمُونِ مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ: وَرَجَعَ وَأَخْبَرَ الأَمِينَ بِامْتِنَاعِ الْمَأْمُونِ. فَأَسْقَطَ اسْمَهُ مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ، وَطَلَبَ الْكِتَابَ الَّذِي كَتَبَهُ الرَّشِيدُ وَجَعَلَهُ بِالْكَعْبَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ الْمَأْمُونِ عَلَى الأَمِينِ، فأحضره فمزقه وقويت الوحشة. إرسال المأمون بِالْبَقَاءِ عَلَى عَهْدِهِ لِلأَمِينِ: وَأَحْضَرَ الْمَأْمُونُ رُسُلَ الأَمِينِ إِلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ إِلَيَّ فِي أَمْرٍ كَتَبْتُ إِلَيْهِ جَوَابَهُ، فَأَبْلِغُوهُ بِالْكِتَابِ، وَاعْلَمُوا أَنِّي لا أَزَالُ عَلَى طَاعَتِهِ حَتَّى يَضْطَرَّنِي بِتَرْكِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ إِلَى مُخَالَفَتِهِ. فَخَرَجُوا وَقَدْ رَأَوْا جِدًّا غَيْرَ مَشُوبٍ بِهَزْلٍ. نَصَائِحُ أُولِي الرَّأْيِ لِلأَمِينِ: وَنَصَحَ الأَمِينَ أُولُو الرَّأْيِ فَلَمْ يَنْتَصِحْ، وَأَخَذَ يَسْتَمِيلُ1 الْقُوَّادَ بِالْعَطَاءِ. وَقَالَ لَهُ خَازِمُ بْنُ خُزَيْمَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَنْ يَنْصَحَكَ مَنْ كَذَبَكَ، وَلَنْ يَغُشُّكَ مَنْ صَدَقَكَ. لا تُجَرِّئِ الْقُوَّادَ عَلَى الْخَلْعِ فَيَخْلَعُوكَ، وَلا تَحْمِلْهُمْ عَلَى نَكْثِ الْعَهْدِ فَيَنْكُثُوا بَيْعَتَكَ وَعَهْدَكَ، فَإِنَّ الْغَادِرَ مَغْلُولٌ، وَالنَّاكِثَ مَخْذُولٌ. بَيْعَةُ الأَمِينِ لابْنِهِ مُوسَى بِوِلايَةِ الْعَهْدِ: وَفِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ بَايَعَ الأَمِينُ بِوِلايَةِ الْعَهْدِ لابْنِهِ مُوسَى، وَلَقَّبَهُ النَّاطِقَ بِالْحَقِّ، وَجَعَلَ وَزِيرَهُ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ. وُثُوبُ الرُّومِ عَلَى مَلِكِهِمْ: وَفِيهَا وَثَبَ الرُّومُ عَلَى مِيخَائِيلَ صَاحِبِ الرُّومِ فَهَرَبَ وَتَرَهَّبَ، وَكَانَ مُلْكُهُ سَنَتَيْنِ، فَمَلَّكُوا عليهم ليون القائد2.

_ 1 يستميل: يستطيب. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 308"، تاريخ الطبري "8/ 374"، الكامل "6/ 227".

أحداث سنة خمس وتسعين ومائة

أحداث سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ، وَاسِطِيٌّ، بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ الْوَاعِظُ، بِمَكَّةَ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ الْكُوفِيُّ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمَهْدِيِّ، فِيهَا فِي قَوْلٍ، غَنَّامُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، مُؤَرِّجُ بْنُ عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ النَّحْوِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ. الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، فِي أَوَّلِهَا بِذِي الْمَرْوَةِ، يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، بِمَكَّةَ، أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ. بَعْضُ الشِّعْرِ الَّذِي قِيلَ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ لِمُوسَى: وَفِيهَا قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِيمَا جَرَى مِنْ وِلايَةِ الْعَهْدِ لِمُوسَى وَهُوَ طِفْلٌ، وَذَلِكَ بِرَأْيِ الْفَضْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَرَأْيِ بَكْرِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ. أَضَاعَ الْخِلافَةَ غِشُّ الْوَزِيرِ ... وَفِسْقُ الأَمِيرِ وَجَهْلُ الْمُشِيرْ فَفَضْلٌ وَزِيرٌ وَبَكْرٌ مُشِيرٌ ... يُرِيدَانِ مَا فِيهِ حَتْفُ الأَمِيرْ لِوَاطُ الْخَلِيفَةِ أُعْجُوبَةٌ ... وَأَعْجَبُ مِنْهُ خِلاقُ الْوَزِيرْ فَهَذَا يَدُوسُ وَهَذَا يُدَاسُ ... وَهَذَا لَعَمْرِي خِلافُ الأُمُورْ وَلَوْ يَسْتَعِينَانِ هَذَا بِذَاكَ ... لَكَانَا بِعُرْضَةِ آمْرٍ سَتِيرْ وأعجب بمن ذَا وَذَا أَنَّنَا ... نُبَايِعُ لِلطِّفْلِ فِينَا الصَّغِيرْ وَمَنْ لَمْ يُحْسِنْ غَسْلَ أَسْتِهِ ... وَمَنْ لَمْ يَخْلُ مِنْ بَوْلِهِ حِجْرُ ظِيرْ تَسْمِيَةُ الْمَأْمُونِ بِإِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ: وَلَمَّا تَيَقَّنَ الْمَأْمُونُ خَلْعَهُ تَسَمَّى بِإِمَامِ الْمُؤْمِنِينَ، وَكُوتِبَ بِذَلِكَ.

عَقْدُ الأَمِينِ الْوِلايَاتِ لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى: وَفِي رَبِيعٍ الآخَرِ عَقَدَ الأَمِينُ لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ عَلَى بَلَدِ الْجِبَالِ: هَمْدَانَ، وَنَهَاوَنْدَ، وقم، وأصبهان، وأقر له فِيمَا قِيلَ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَعْطَى لِجُنْدِهِ مَالا عَظِيمًا. جَمْعُ الأَمِينِ أَهْلَ بَغْدَادَ لِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ لابْنِهِ: وَلَمَّا جَمَعَ الأَمِينُ الْمَلأَ لِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ عَلَى ابْنِهِ مُوسَى قَالَ: يَا مَعْشَرَ خُرَاسَانَ، يَعْنِي الَّذِينَ بِبَغْدَادَ، إِنَّ الأَمِيرَ مُوسَى قَدْ أَمَرَ لَكُمْ مِنْ صُلْبِ مَالِهِ بِثَلاثَةِ آلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. شُخُوصُ 1 عَلِيِّ بْنِ عِيسَى لِلْقَبْضِ عَلَى الْمَأْمُونِ: وَشَخَصَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى فِي نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَةِ مِنْ بَغْدَادَ، وَأَخَذَ مَعَهُ قَيْدَ فِضَّةٍ لِيُقَيِّدَ بِهِ الْمَأْمُونَ بِزَعْمِهِ. وَسَارَ مَعَهُ الأَمِينُ إِلَى النَّهْرَوَانِ، فَعَرَضَ بِهَا الْجُنْدَ الَّذِينَ جَهَّزَهُمْ مَعَ عَلِيٍّ. اسْتِعْمَالُ ابْنِ حُمَيْدٍ عَلَى هَمْدَانَ: وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ هَمْدَانَ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُمَيْدِ بْنِ قحطبة. لقاء عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بِجَيْشِ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ: ثُمَّ شَخَصَ عَلِيٌّ مِنْهَا حَتَّى بَلَغَ الرَّيَّ وَهُوَ عَلَى أُهْبَةِ الْحَرْبِ2 فَلَقِيَهُ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَهُوَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ آلافٍ، وَكَانَ قَدْ جَهَّزَهُ الْمَأْمُونُ، فَأَشْرَفَ عَلَى جَيْشِ عَلِيٍّ وَهُمْ يَلْبَسُونَ السِّلاحَ، وامتلأت بهم الصحراء بياضا وصفرة من السلاح المذهب. فَقَالَ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ: هَذَا مَا لا قِبَلَ لَنَا بِهِ، وَلَكِنْ نَجْعَلُهَا خَارِجِيَّةً، نَقْصِدُ الْقَلْبَ. فَهَيَّأَ سبعمائة من الخوارزمية.

_ 1 شخوص: يقال: أشخص فلانًا إليه: والشخوص: الذهاب، المعجم الوجيز "ص8/ 337". 2 أهبة الحرب: استعدادها.

رَفْعُ نُسْخَةِ الْبَيْعَةِ عَلَى الرُّمْحِ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ الأَمِيرُ: فَقُلْنَا لِطَاهِرٍ: نُذَكِّرُ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى الْبَيْعَةَ الَّتِي كَانَتْ، وَالْبَيْعَةَ الَّتِي أَخَذَهَا هُوَ لِلْمَأْمُونِ عَلَيْنَا مَعْشَرَ أَهْلِ خُرَاسَانَ. قَالَ: نَعَمْ. فَعَلَّقْنَاهُمَا عَلَى رُمْحَيْنِ، وَقُمْتُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، فَقُلْتُ: الأَمَانَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا عَلِيُّ بْنَ عِيسَى أَلا تَتَّقِي اللَّهَ؟ أَلَيْسَ هَذِهِ نُسْخَةَ الْبَيْعَةِ الَّتِي أَخَذْتَهَا أَنْتَ خَاصَّةً؟ اتَّقِ اللَّهَ، فَقَدْ بَلَغْتَ بَابَ قَبْرِكَ. قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ! وَكَانَ عَلِيٌّ ضَرَبَهُ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ. فَصَاحَ عَلِيٌّ: يَا أَهْلَ خُرَاسَانَ، مَنْ جَاءَ بِهِ فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَكَانَ مَعَنَا قَوْمُ بُخَارِيَّةَ، فَرَمَوْهُ وَزَنَّدَهُ وَقَالُوا: نَقْتُلُكَ وَنَأْخُذُ مَالَكَ. مَقْتَلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى: وَخَرَجَ مِنْ عَسْكَرِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسُ بْنُ اللَّيْثِ ورجل آخر، فشد عليه طاهر فضربه قتله، وشد داوود سِيَاهٌ عَلَى عَلِيِّ بْنِ عِيسَى فَصَرَعَهُ وَهُوَ لا يعرفه. فقال طاهر بن الناجي: أَعَلِيُّ بْنُ عِيسَى أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ! وَظَنَّ أَنَّهُ يُهَابُ فَلا يَقْدِمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. فشَدَّ عَلَيْهِ وَذَبَحَهُ بِالسَّيْفِ، ثُمَّ انْهَزَمَ جَيْشُهُ. انْهِزَامُ الْبُخَارِيَّةِ: قَالَ أَحْمَدُ: فَتَبِعْنَاهُمْ فَرْسَخَيْنِ، وَأَوْقَفُونَا اثْنَتَيْ عشر مَرَّةً؛ كُلُّ ذَلِكَ نَهْزِمُهُمْ. فَلَحِقَنِي طَاهِرُ بْنُ التَّاجِيِّ وَمَعَهُ رَأْسُ عَلِيٍّ، فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ شُكْرًا. وَوَجَدْنَا فِي عَسْكَرِهِ سَبْعَمِائَةِ كِيسٍ، فِي كُلِّ كِيسٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ. وَوَجَدْنَا عِدَّةَ بِغَالٍ عَلَيْهَا له خَمْرٌ سَوَادِيٌّ. فَظَنَّتِ الْبُخَارِيَّةُ أَنَّهُ مَالٌ، فَكَسَرُوا تِلْكَ الصَّنَادِيقَ فَرَأَوْهُ خَمْرًا، فَضَحِكُوا وَقَالُوا: عَمِلْنَا الْعَمَلَ حَتَّى نَشْرَبَ. التَّسْلِيمُ بِالْخِلافَةِ لِلْمَأْمُونِ: وَأَعْتَقَ طَاهِرٌ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مِنْ غِلْمَانِهِ شُكْرًا. فَلَمَّا وَصَلَ الْبَرِيدُ إِلَى الْمَأْمُونِ سَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ، وَطِيفَ بِالرَّأْسِ فِي خُرَاسَانَ.

انْشِغَالُ الأَمِينِ بِصَيْدِ السَّمَكِ: وَجَاءَ الْخَبَرُ بِقَتْلِهِ إِلَى الأَمِينِ وَهُوَ يَتَصَيَّدُ السَّمَكَ، فَقَالَ لِلَّذِي أَخْبَرَهُ وَيْلَكَ دَعْنِي، فَإِنَّ كَوْثَرًا قَدْ صَادَ سَمَكَتَيْنِ وَأَنَا مَا صِدْتُ شَيْئًا بَعْدُ. شِعْرٌ فِي مَقْتَلِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى: وَقَالَ شاعر من أصحاب علي: لَقِينَا اللَّيْثَ مُفْتَرِشًا يَدَيْهِ ... وَكُنَّا مَا يُنَهْنِهُنَا اللِّقَاءُ نَخُوضُ الْمَوْتَ وَالْغَمَرَاتِ قِدْمًا ... إِذَا مَا كَرَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ فَضَعْضَعَ رُكْنَنَا لَمَّا الْتَقَيْنَا ... وَرَاحَ الْمَوْتُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ وَأَوْدَى كَبْشَنَا وَالرَّأْسَ مِنَّا ... كَأَنَّ بِكَفِّهِ كَانَ الْقَضَاءُ تَوْجِيهُ الأَمِينِ لِلأَبْنَاوِيِّ: ثُمَّ وَجَّهَ الأَمِينُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَبَلَةَ الأَبْنَاوِيَّ وَأَمِيرَ الدِّينَوَرِ بِالْعُدَّةِ وَالْقُوَّةِ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ هَمْدَانَ. قِلَّةُ تَدْبِيرِ الأَمِينِ مَعَ كَثْرَةِ الْجَيْشِ: وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ أَنَّهُ قَالَ: يُرِيدُ مُحَمَّدُ إِزَالَةَ الْجِبَالِ وَفَلَّ الْعَسَاكِرِ بِالْفَضْلِ وَتَدْبِيرِهِ، وَهَيْهَاتَ. وَهُوَ وَاللَّهِ كَمَا قِيلَ: قَدْ ضَيَّعَ اللَّهُ ذَوْدًا أَنْتَ رَاعِيهَا وَقِيلَ إِنَّ الْجَيْشَ الَّذِي كَانُوا مَعَ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى أَرْبَعُونَ أَلْفًا فِي حَمِيَّةٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا. مَقْتَلُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بِسَهْمٍ: وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُجَالِدٍ أَنَّ الْوَقْعَةَ اشْتَدَّ فِيهَا الْقِتَالُ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى قُتِلَ بِسَهْمٍ جَاءَهُ. وأن طاهرًا بعث بالأسرى والرؤوس إلى المأمون.

شَغَبُ الْجُنْدِ بِبَغْدَادَ عَلَى الأَمِينِ: وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْجَرْمِيُّ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا قُتِلَ أَرْجَفَ النَّاسُ بِبَغْدَادَ إِرْجَافًا شَدِيدًا. وَنَدِمَ مُحَمَّدٌ عَلَى خَلْعِهِ أَخَاهُ. وَطَمِعَ الأُمَرَاءُ فِيهِ، وَشَغَّبُوا جُنْدَهُمْ بِطَلَبِ الأَرْزَاقِ مِنَ الأَمِينِ، وَازْدَحَمُوا عَلَى الْجِسْرِ يَطْلُبُونَ الأَرْزَاقَ وَالْجَوَائِزَ؛ فَرَكِبَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ فِي طَائِفَةٍ مِنْ قُوَّادِ الأَعْرَابِ فَتَرَامَوْا بِالنِّشَابِ وَاقْتَتَلُوا. فَسَمِعَ الأَمِينُ الضَّجَّةَ، وَأَرْسَلَ يَأْمُرُ ابْنَ خَازِمٍ بِالانْصِرَافِ، وَأَنْزَلَهُمْ بِأَرْزَاقِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَزَادَ فِي عَطَائِهِمْ، وَأَمَر لِلْقُوَّادِ بِالْجَوَائِزِ. اسْتِعْدَادُ الأَبْنَاوِيِّ لِمُحَارَبَةِ طَاهِرٍ: وَجَهَّزَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيُّ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، فَسَارَ إلى همدان وضبط طرقها، وحصن سورهان وَجَمَعَ فِيهَا الأَقْوَاتَ، وَاسْتَعَدَّ لِمُحَارَبَةِ طَاهِرٍ. حَبْسُ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ لِلْمُنْكَسِرِينَ مِنْ جَيْشِ أَبِيهِ: وَقَدْ كَانَ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى لَمَّا قُتِلَ أَبُوهُ أَقَامَ بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمْدَانَ، فَكَانَ لا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُنْكَسِرِينَ إِلا حَبَسَهُ عِنْدَهُ بِنَاءً مِنْهُ أَنَّ الأَمِينَ يُوَلِّيهِ مَكَانَ أَبِيهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الأَمِينُ يَأْمُرُهُ بِالْمُقَامِ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيِّ. فَلَمَّا سَارَ يَحْيَى إِلَى قُرْبِ هَمْدَانَ تَفَرَّقَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ. تَرَاجُعُ الأَبْنَاءِ أَمَامَ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ: وَأَمَّا طَاهِرٌ فَقَصَدَ مَدِينَةَ هَمْدَانَ وَأَشْرَفَ عَلَيْهِا. فَالْتَقَى الْجَيْشَانِ وَصَبرَ الْفَرِيقَانِ وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى. ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيَّ تَقَهْقَرَ وَدَخَلَ مَدِينَةَ هَمْدَانَ فَأَقَامَ بِهَا يَلُمُّ شَعَثَ أَصْحَابِهِ. حِصَارُ طَاهِرٍ لِهَمْدَانَ: ثُمَّ زَحَفَ إِلَى طَاهِرٍ، وَقَدْ خَنْدَقَ طَاهِرٌ عَلَى عَسْكَرٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا. وَجَعَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَرِّضُ أَصْحَابَهُ، وَيُقَاتِلُ بِيَدِهِ، وَحَمَلَ حَمَلاتٍ مُنْكَرَةً مَا مِنْهَا حَمْلَةٌ إِلا وَهُوَ يُكْثِرُ الْقَتْلَ فِي أَصْحَابِ طَاهِرٍ. فَشَدَّ رَجُلٌ عَلَى صَاحِبِ عَلَمٍ عَبْدَ

الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ. وَحَمَلَ أَصْحَابُ طَاهِرٍ حَمْلَةً صَادِقَةً حَتَّى أَلْجَأُوهُمْ إِلَى مَدِينَةِ هَمْدَانَ، وَنَزَلَ طَاهِرٌ مُحَاصِرًا لَهَا. طَاهِرٌ يُؤَمِّنُ الأَبْنَاوِيَّ: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْرُجُ كُلَّ يَوْمٍ فَيُقَاتِلُ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ. وَتَضَرَّرَ بِهِمْ أَهْلُ الْبَلَدِ وَجُهِدُوا، فَطَلَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ طَاهِرٍ الأَمَانَ فَأَمَّنَهُ وَوَفَى لَهُ. ظُهُورُ أَبِي الْعُمَيْطِرِ السُّفْيَانِيِّ بِدِمَشْقَ: وَفِيهَا ظَهَرَ بِدِمَشْقَ السُّفْيَانِيُّ أَبُو الْعُمَيْطِرِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَطَرَدَ عَنْهَا سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي جَعْفَرٍ بَعْدَ حَصْرِهِ إِيَّاهُ بِالْبَلَدِ. وَكَانَ عَامِلَ الأَمِينِ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُ إِلا بَعْدَ الْيَأْسِ. فَوَجَّهَ الأَمِينُ لِحَرْبِهِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ مَاهَانَ فَلَمْ يَنْفُذْ إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ وَصَلَ إِلَى الرَّقَّةِ فَأَقَامَ بِهَا. أَبُو الْعُمَيْطِرِ يَضْبِطُ دِمَشْقَ وَمَا حَوْلَهَا حَتَّى السَّاحِلِ: وَعَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ بَيْهَسٍ قَالَ: ضَبَطَ أَبُو الْعُمَيْطِرِ دِمَشْقَ وَانْضَمَّتْ إِلَيْهِ الْيَمَانِيَّةُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ الْغُوطَةِ وَالسَّاحِلِ وَحِمْصَ وَقِنَّسْرِينَ، وَاسْتَقَامَ لَهُ الأَمْرُ؛ إِلا أَنَّ قَيْسًا لَمْ تُبَايِعْهُ وَهَرَبُوا مِنْ دِمَشْقَ. وَجَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ دِمَشْقَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ حَنْظَلَةَ: عِنْدَكَ مِنْ عِظَامِ أَبِي الْعُمَيْطِرِ شَيْءٌ؟ قَالَ: هُوَ أَقَلُّ عِنْدَنَا مِنْ هَذَا. وَلَكِنْ هَرَبَ إِلَيْنَا وَخَلَعَ نَفْسَهُ فَسَتَرْنَاهُ. غَلَبَةُ طَاهِرٍ عَلَى كُوَرِ الْجِبَالِ: وَغَلَبَ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَى قَزْوِينَ وَطَرَدَ عَنْهَا عَامِلَ الأَمِينِ وَغَلَبَ عَلَى سَائِرِ كُوَرِ الْجِبَالِ. غَدْرُ الأَبْنَاوِيِّ بِجُنُودِ طَاهِرٍ: وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ الأَمِينَ لَمَّا وَجَّهَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيَّ إِلَى هَمْدَانَ أَتْبَعَهُ بِعَبْدِ اللَّهِ وَأَحْمَدَ ابْنَيِ الْحَرَشِيِّ فِي جَيْشٍ مَدَدًا لَهُ. فَلَمَّا خَرَجَ بالأمان هو

وَأَصْحَابُهُ، أَقَامَ يُرِي طَاهِرًا وَجُنْدَهُ أَنَّهُ لَهُمْ مُسَالِمٌ رَاضٍ بِعُهُودِهِمْ، ثُمَّ اغْتَرَّهُمْ وَهُمْ آمِنُونَ فَرَكِبَ فِي أَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَشْعُرْ طَاهِرٌ وَأَصْحَابُهُ بِهِمْ إِلا وَقَدْ هَجَمُوا عَلَيْهِمْ فَوَضَعُوا فِيهِمُ السَّيْفَ. وَرَدَّتْ عَنْهُمْ بِالأَثَرِ سُوءُ حَالَتِهِمْ حَتَّى أَخَذَتِ الْفُرْسَانَ عُدَّتَهَا وَصَدَقُوهُمُ الْقِتَالَ حَتَّى تَقَطَّعَتِ السُّيُوفُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. مَقْتَلُ الأَبْنَاوِيِّ: ثُمَّ هَرَبَ أَصْحَابُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَتَرَجَّلَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَوَصَلَ الْمُنْهَزِمَةُ إِلَى عَسْكَرِ ابْنَيِ الْحَرَشِيِّ، فَدَاخَلَهُمُ الرُّعْبُ فَوَلَّوْا مُنْهَزِمِينَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ حَتَّى أَتَوْا بَغْدَادَ. طَاهِرٌ يُخُنْدِقُ عَلَى جُنْدِهِ قُرْبَ حُلْوَانَ: وَسَارَ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَقَدْ خَلَتْ لَهُ الْبِلادُ حَتَّى قَارَبَ حُلْوَانَ فعسكر بها وخندق على جنده1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 309"، وتاريخ الطبري "8/ 389"، والكامل "6/ 247"، والبداية "10/ 226"، وصحيح التوثيق "6/ 128".

أحداث سنة ست وتسعين ومائة

أحداث سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ: تُوُفِّيَ فِيهَا: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى، قُتِلَ كَمَا يَأْتِي، سَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَاضِي شِيرَازَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ الطَّوِيلُ الدِّمَشْقِيُّ، عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ الأَمِيرُ، عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ الْجَزَرِيُّ، فِي قَوْلٍ، مُخَلَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، فِي قَوْلٍ، وَكِلاهُمَا مَرَّ، مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ الْقَاضِي، الْوَلِيدُ بْنُ خَالِدٍ بِالشَّامِ، قَالَهُ ابْنُ قَانِعٍ، أَبُو نُوَاسٍ الشَّاعِرُ، هُوَ الْحَسَنُ بْنُ هَانِئٍ. الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ يَحُثُّ أَسَدَ بْنَ يَزِيدَ عَلَى نُصْرَةِ الأَمِينِ: وَفِيهَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَثَّابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَسَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَزْيَدٍ، أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ الْحَاجِبَ بَعَثَ إِلَيْهِ بَعْدَ مَقْتَلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيِّ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ مُغْضَبًا، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَارِثِ أَنَا وَإِيَّاكَ نَجْرِي إِلَى غَايَةٍ إِنْ قَصَّرْنَا عَنْهَا ذُمِمْنَا، وَإِنِ اجْتَهَدْنَا فِي بُلُوغِهَا انْقَطَعْنَا. وَإِنَّمَا نَحْنُ شَعْرَةٌ مِنْ أَصْلٍ، إِنْ قَوِيَ قَوِينَا، وَإِنْ

ضَعُفَ ضَعُفْنَا، إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ، يَعْنِي الأَمِينَ، قَدْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى الأُمَّةِ الْوَكْعَاءَ، يُشَاوِرُ النِّسَاءَ وَيَعْتَرِضُ عَلَى الرُّؤَسَاءِ، وَقَدْ أَمْكَنَ مَسَامِعَهُ مِنَ اللَّهْوِ وَالْجَسَارَةِ فَهُمْ يُكَبِّدُونَهُ الظَّفَرَ. وَالْهَلاكُ أَسْرَعُ إِلَيْهِ مِنَ السَّيْلِ إِلَى قِيعَانِ الرَّمْلِ، وَقَدْ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ نَهْلِكَ بِهَلاكِهِ، وَنَعْطَبُ بِعَطَبِهِ، وَأَنْتَ فَارِسُ الْعَرَبِ وَابْنُ فَارِسِهَا، قَدْ فَزِعَ إِلَيْكَ فِي لِقَاءِ هَذَا الرَّجُلِ، وَأَطْمَعَهُ فِيمَا قَبْلَكَ أَمْرَانِ. أَمَّا أَحَدَهُمَا فَصِدْقُ طَاعَتِكَ وَفَضْلُ نَصِيحَتِكَ، وَالثَّانِي يُمْنُ نَقِيبَتِكَ وَشِدَّةُ بَأْسِكَ. وَقَدْ أَمَرَنِي بِإِزَاحَةِ عِلَّتِكَ وَبَسْطِ يَدِكَ فِيمَا أَحْبَبْتَ، فَعَجِّلِ الْمُبَادَرَةَ إِلَى عَدُوِّكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُوَلِّيَكَ اللَّهُ تَعَالَى شَرَفَ هَذَا الْفَتْحِ، ويلم بك شَعَثَ هَذِهِ الْخِلافَةِ. أَسَدُ بْنُ يَزِيدَ يَطْلُبُ نَفَقَةَ سَنَةٍ لِجُنْدِهِ: فَقُلْتُ: أَنَا لِطَاعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُقْدِمٌ، وَلِكُلِّ مَا أَدْخَلَ الْوَهَنَ وَالذُّلَّ عَلَى عَدُوِّهِ حَرِيصٌ. غَيْرَ أَنَّ الْمُحَارِبَ لا يَعْمَلُ بِالْغَدْرِ، وَلا يَفْتَتِحُ أَمْرَهُ بِالتَّقْصِيرِ وَالْخَلَلِ. وَإِنَّمَا مِلاكُ الْمُحَارِبِ الْجُنُودُ، وَمِلاكُ الْجُنُودِ الْمَالُ. وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ مَلأَ فِي أَيْدِي مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعَسْكَرِ، وَتَابَعَ عَلَيْهِمْ بِالأَرْزَاقِ وَالصِّلاتِ. فَإِنْ سِرْتُ بِأَصْحَابِي وَقُلُوبُهُمْ مُتَطَلِّعَةٌ إِلَى مَنْ خَلْفِهِمْ مِنْ إِخْوَانِهِمْ لَمْ أَنْتَفِعْ بِهِمْ فِي لِقَاءٍ. وَقَدْ فَضُلَ أَهْلُ السِّلْمِ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ. وَالَّذِي أَسْأَلُهُ أَنْ يُؤْمَرَ لِأَصْحَابِي بِرِزْقِ سَنَةٍ، وَيُحْمَلَ مَعَهُمْ أَرْزَاقُ سَنَةٍ، وَلا أُسْأَلُ عَنْ مُحَاسَبَةِ مَا افْتَتَحْتُ مِنَ الْمُدُنِ. فَقَالَ: قد اشتططت1، ولا بد مِنْ مَنَاظَرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. حبْس الأمين لأسد بْن يزيد: ثمّ ركب معي إِلَيْهِ فدخلتُ، فما دار بيني وبينه إلا كلمتان حتّى غضب وأمر بحبسي. اختيار أحْمَد بْن مَزْيد لقتال طاهر بْن الحسين: وذكر زياد بْن عليّ قَالَ: ثمّ قَالَ الأمين: هَلْ في أهل بيت هذا مِن يقوم مقامه؟ فأنا أكره أن أستفسدهم مع سابقتهم وطاعتهم.

_ 1 شط: شططًا: بعد في الأمر، وأمعن وجاوز الحد، واشتط في حكمه: جار، المعجم الوجيز "ص/ 343".

قالوا: نعم، فيهم أحمد بن زيد عَمُّهُ؛ وأثنوا عَلَيْهِ، فاستقدمه عَلَى البريد. قَالَ أحمد: فبدأت بالفضل بْن الربيع، فإذا عنده عَبْد الله بْن حُمَيْد بْن قَحْطبة، وهو يريده عَلَى الشخوص إلى طاهر بْن الحسين؛ وعبد الله يشتطّ في طلب المال والإكثار مِن الرجال. فلمّا رآني رحّب بي وصيّرني معه إلى صدر المجلس، فكلّمني ثمّ قام معي حتّى دخلنا عَلَى الأمين، فلم يزل يأمرني بالدنو حتى كدت أُلاصقه، فقال: إنّه قد كثُر عليّ تخليط ابن أخيك وتنكُّره، وطالَ خِلافهُ. وقد وُصفتَ لي بخير، وأحببت أن أرفع قدرك وأُعْلي منزلتك. وأنّ أُوَلّيك جهاد هذه الفئة الباغية. فقلت: سأبذل في طاعتكم مهجتي. وصيّة الأمين لأحمد بْن مزيد: قَالَ: وانتخبت الرجال، فبلغ عدّة مِن صحّحتُ اسمَه ألف رَجُل، ثمّ سرت بهم إلى حُلْوان. ودخلت عَلَيْهِ قبل ذَلِكَ وقلت: أوصِني. قَالَ: إيّاك والبغي، فإنه عِقال النصر. ولا تُقدّم رجلا إلا بالاستخارة، ولا تُشْهر سيفًا إلا بعد إعذار، ومهما قدرت عَلَيْهِ باللّين فلا تتعدّه بالحرب، في كلام طويل. وأطلق لَهُ ابن أخيه أسدًا. احتيال طاهر عَلَى جيوش الأمين حتى تقاتلوا وتفرّقوا: وذكر يزيد بْن الحارث أنّ الأمين وجّه معه عشرين ألفًا مِن الأعراب، ومع عَبْد الله بْن حُمَيْد عشرين ألفًا مِن الأبناء، وأمرهم أن ينزلوا حُلْوان ويدفعوا طاهرًا عَنْهَا، وينصبا لَهُ الحرب. فنزلا في خانِقين، فدَسّ طاهر العيون إلى عسكرهما، فكانوا يأتون الجيش بالأراجيف ويخبرونهما أنّ الأمين قد وضَع العطاء لأصحابه، وقد أمر لهم بالأرزاق. ولم يزل يحتال في وقوع الاختلاف والشغْب بينهم حتى اختلفوا، وانتفض أمرهم وقاتلوا بعضهم بعضًا، ورجعوا. تسليم ما احتواه طاهر إلى هَرْثَمَة بْن أَعْيَن: ثمّ دخل طاهر حُلوان، وأتاه هَرْثَمَة بْن أَعْيَن بكتابي المأمون والفضل بْن سهل يأمرانه بتسليم ما حوى مِن المدن إلى هَرْثَمَة، والتَّوجُّه إلى الأهواز. فسلّم ذَلِكَ إِلَيْهِ، وأقام هَرْثَمَة بحُلْوان فحصّنها وأحكم أموره. ومضى طاهر إلى الأهواز.

تولية المأمون للفضل بْن سهل عَلَى جميع المشرق: ودعا المأمون الفضل بْن سهل فولاه عَلَى جميع المشرق مِن هَمَدان إلى جَبَل سِقْينان والتَّبت طولا، ومن بحر فارس والهند إلى بحر الدَّيْلم وجُرجان عرضًا، وقرّر لَهُ عُمالة ثلاثة آلاف ألف درهم، ولقّبه ذا الرياستين. تولية الحَسَن بْن سهل ديوان الخراج: ثمّ ولّى أخاه الحَسَن بْن سهل ديوان الخراج. إطلاق عَبْد المُلْك بْن صالح مِن الحبس: وكان في حبْس الرشيد عَبْد المُلْك بْن صالح بْن عليّ، فأطلقه الأمين وقرّبه، فدخل عَلَيْهِ أحد الأيام وقال: يا أمير المؤمنين إنّي أرى الناس قد طمعوا فيك، وقد بذلت سماحتك، فإنْ بقيت عَلَى أمرك أبطَرْتهم، وإنْ كَفَفْت عَنِ البذْل سخطْتَهم، ومع هذا فإنّ جُنْدك قد داخَلَهم الرعبُ وأضْعَفَتْهُمُ الوقائع، وهابوا عدوَّهم. فإنْ سيّرتهم إلى طاهر غلب بقليلِ مَنْ معه كثيَرهم. وأهل الشام قوم قد مرّستهم الحرب وأَدَّبَتْهم الشدائد، وجُلُّهم مُنْقادُ إليّ، مُسارعٌ إلى طاعتي. فإنْ وجّهتني أتّخذت لك منهم جُنْدًا تعظُم نكايته في عدوّه. فولاه الشام والجزيرة واستحثّه عَلَى الخروج. فلمّا بلغ الرَّقّة أقام بها، وأنفذ رُسُلَه وكُتُبَه إلى رؤساء الأجناد بجمع الأمداد والرجال والزواقيل1 والأعراب مِن كلّ فَجّ، وخلع عليهم. ثمّ إنّ بعض جُنْده الخُراسانيّة نظر إلى فرسٍ كانت أُخِذت منه في وقعة سليمان بْن أَبِي جعفر بالشام تحت بعض الزَّواقيل. فتعلق بها، فتنازعا الفَرسَ، واجتمع الناس وتأهّبوا، وأعان كلٌ منهم صاحبه، وتضاربوا بالأيدي. فاجتمعت بعض الأبناء إلى محمد بْن أَبِي خَالِد الحربيّ وقالوا: أنت شيخنا، وقد ركب الزواقيلُ منّا ما سَمِعْتُ، فاجمع أمرنا وإلا استذلّونا، فقال: ما كنت لأدخل في شَغْب، ولا أشاهدكم عَلَى مثل هذه الحال. فاستعد الأبناء وأتوا الزواقيل وهم غارون، فوضعوا فيهم السيف، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة. فتنادى الزواقيل ولبسوا لأمَة الحرب. ونشبت الحرب بينهم، فوجه عبد الملك رسولًا يأمرهم

_ 1 هم قوم بناحية الجزيرة وما وراءها.

بالكَفّ. فرموه بالحجارة. وكان عَبْد المُلْك مريضًا مُدْنَفًا، وقال: واذُلاه! تُستضام العربُ في دُورها وبلادها وتُقتل. فغضب مِن كَانَ أَمْسك عَنِ الشرّ مِن الأبناء، وتفاقم الأمرُ. وقام بأمر الأبناء الحسين بْن عليّ بْن عيسى بْن ماهان، وأصبح الزواقيل وقد جَيَّشوا بالرَّقّة، واجتمع الأبناء والخُراسانيّة بالرافقة. وقام رجلٌ مِن أهل حمص فقال: يا أهل حمص، الهربُ أهون مِن العَطب، والموت أهْوَن مِن الذُّلّ، النفير النفير قبل أن ينقطع الشمل ويعسر المهرب. ثمّ قام نمر بْن كلب فقال نحو ذَلِكَ، فسار معه عامّة أهل الشام ورحلوا. وأقبل نصر بْن شبت في الزّواقيل، وهو يَقُولُ: فرسانَ قيسٍ اصبري للموت ... لا تُرْهِبُنّي عن لقاء الفَوْت دعي التَّمنّي بعسى وليت ثمّ حمل هو وأصحابه، فقاتل قتالا شديدًا، وكثُر القتل والبلاء في الزّواقيل وحملت الأبناء فانهزمت الزّواقيل. وفاة عَبْد المُلْك وعودة الرجّالة: ثمّ تُوُفّي عَبْد المُلْك في هذه الأيام. فنادى الحسين بْن عليّ بْن عيسى في الْجُنْد، وصَيّر الرَّجَّالَةَ في السفن، والفُرسان عَلَى الظَّهْر، ووصّلهم حتى أخرجهم مِن بلاد الجزيرة في رجب، ودخل بغداد. فلما كان في جوف الليل طلبه الأمين، فقال للرسول: ما أَنَا مُغَنّ ولا مُسامِر ولا مُضْحك، ولا وُلِّيتُ لَهُ عملا، فلأيّ شيءٍ يريدني؟ انصرف فَمِن الغد آتيه. خطبة الحسين بْن عليّ في الأبناء: قَالَ: فأصبح الحسين فوافى باب الجسر، واجتمع إِلَيْهِ النّاس، فأمر بإغلاق الباب الَّذِي يخرج منه إلى عُبَيْد الله بْن عليّ وباب سوق يحيى، وقال: يا معشر الأبناء، إنّ خلافة الله لا تُجاوَر بالبَطر، وَنِعْمَةٌ لا تُسْتَصْحب بالتجبُّر، وإن محمدًا يريد أن يزيغ أديانكم، وينكث بيعتكم، ويفرق أمركم. وتالله إنّ طالت يده، وراجعه مِن أمره قوّة، ليَرجعّن وَبَالُ ذَلِكَ عليكم، ولتعرفّن ضرره. فاقْطعوا أثَره قبل أن يقطع آثاركم، وَضَعُوا عزّه قبل أن يضع عزكم.

بيعة الحسين المأمون وخلعه الأمين: ثمّ أمر الناس بعبور الجسر، فعبروا حتى صاروا إلى سكّة باب خُراسان، واجتمعت الحربيّة وأهلُ الأرباض ممّا يلي بابَ الشام، فتسرّعت خيولٌ مِن خيول الأمين مِن الأعراب وغيرهم إلى الحسين، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ثمّ استظهر عليهم الحسين وتَفَرّقوا. فخلع الحسينُ محمدًا لإحدى عشرة لَيْلَةً خَلَت مِن رجب، وبايع المأمونَ مِن الغد، ثمّ غدا إلى محمد. حبس الأمين وأمّه في قصر المنصور: فوثب العبّاس بْن موسى بْن عيسى الهاشميّ فدخل قصر الخُلْد وأخرج منه محمدًا إلى قصر المنصور، فحبسه هناك إلى الظهر. وأخرج أمّه، أمّ جعفر، بعد أنْ أبت، وقنعها بالسَّوط وسَبَّها، وأُدخلت إلى قصر المنصور. خطبة محمد بْن أبي خَالِد لاعتزال الحسين بْن عليّ: فلمّا أصبح الناسُ مِن الغد طلبوا مِن الحسين بْن عليّ بْن عيسى بْن ماهان الأرزاق، وقد ماج الناس بعضهم في بعض. وقام محمد بْن أَبِي خَالِد كبير الأبناء بباب الشام فقال: أيّها الناس، والله ما أدري بأيّ سبب تَأمّر الحسين علينا؟ والله ما هُو بأكبرنا سنّا، ولا أكرمنا حسبًا، ولا أعظمنا منزلة وغَناء. وإنّ فينا مِن لا يرضي بالدَّنَيَّةِ، ولا ينقاد بالمخالفة، وإني أوّلكُم نقض عهده، وأنكر فِعله، فمن كَانَ رأيُه رأيي فلْيعتزلْ معي. وقام أسد الحربيّ فقال نحو مقالته. خطبة الشَّيْخ الكوفي وإخراج الأمين مِن حبسه: وأقبل شيخ كبير مِن أبناء الكوفة فصاح: اسكتوا أيّها النّاس؛ فسكتوا لَهُ، فقال: هَلْ تعتدون عَلَى محمدٍ بقطع أرزاقكم؟ قَالُوا: لا! قَالَ: فهل قصّر بأحدٍ مِن أعيانكم؟ قَالُوا: ما عِلمْنا! قال: فهل عُزِل أحدًا مِن قُوّادكم؟ قَالُوا: لا! قَالَ: فما بالكم خذلتموه وأَعَنْتُم عدوّه عَلَى اضطّهاده وأسْره؟ والله ما قتل قوم خليفتهم إلا سلَّط الله عليهم السيف. انهضوا إلى خليفتكم فادفعوا عَنْهُ، وقاتِلوا مِن أراد خلعه. فنهضت الحربيّة، ونهض معهم عامّة أهل الأرباض، فقاتلوا الحسين وأصحابه قتالا

شديدًا، وأكثروا في أصحابه الجراح، وأُسِر الحسين. فدخل أسد الحربيّ عَلَى الأمين، فكسر قيودَه وأقعده في مجلس الخلافة. فنظر محمد إلى قومٍ لَيْسَ عليهم لباس الْجُنْد، ولا عليهم سلاح، فأمرهم فأخذوا مِن الخزائن حاجتهم مِن السلاح، ووعدهم ومَنّاهم. الصفح عَنِ الحسين بْن عليّ: وأحضروا الحسين، فلامَه عَلَى خِلافه وقال: ألم أقدّم أباك عَلَى الناس، وأُشرّف أقداركم؟ قَالَ: بلى!. قَالَ: فما الَّذِي استحققتُ بِهِ منك أن تخلع طاعتي، وتؤلّب النّاس عَلَى قتالي؟ قَالَ: الثّقة بعفو أمير المؤمنين وحُسْن الظّنّ بصفحه. قَالَ: فإنّي قد فعلت ذَلِكَ، وولَّيْتُك الطلب بثأر أبيك. ثمّ خلع عَلَيْهِ وأمرَه بالمسير إلى حُلوان، فخرج. هرب الحسين بْن عليّ وقتله: فلمّا خفَّ النّاس قطع الجسر، وهرب في نفر مِن حَشَمه ومواليه. فنادى الأمين في الناس فركبوا وأدركوه. فلما بُصر بالخَّيل نزل فصلّي ركعتين ثمّ تهيّأ، فلقِيهم وحمل عليهم حملات في محلّها يهزمهم، ثمّ عثر بِهِ فرسه فسقط فابتدره الناس فقتلوه، وذلك عَلَى فرسخ مِن بغداد لستّ من رجب. وأتوا برأسه. وقيل إنّ الأمين لما عفى عَنْهُ استوزره ودفع إِلَيْهِ خاتمه. تجديد البيعة للأمين: وصبيحة قتله جدّد الْجُنْد البيعة للأمين. هرب الفضل بْن الربيع: وليلة قتله هرب الفضل بن الربيع. مسير طاهر بن الحسين يقتال بْن يزيد المهلّبي: ولما سار طاهر إلى الأهواز بلغه أنّ محمد بْن يزيد بْن حاتم المهلَّبيّ عامل الأمين عليها قد توجّه في جمع عازمًا النزول بجنديسابور وهو ما بين حَدّ الأهواز، والجبل،

ليحمي الأهواز مِن أصحاب طاهر، فدعا طاهر عدّة أمراء مِن جُنْده بأن يكمّشوا السير. ثمّ سارت عساكره حتى أشرفوا عَلَى عسكر مُكْرَم، وبه محمد بْن يزيد، فرجع ودخل الأهواز. ثمّ عبّى أصحابه عَلَى بابها والتقوا، وطال الحرب بينهم. مصرع محمد بْن يزيد وما قِيلَ في رثائه: ثمّ نزل محمد بن يزيد هو وغلمانه عن خيلهم وعرقبوهم، وقاتل حتى طعنه رَجُل برمح. وذكر بعضهم مصرعه ورثاه فقال: سن ذاق طعم الرُّقاد مِن فرحٍ ... فإنّي قد أَضَرَّ بي سَهَري وليّ فتى الرُّشْد فافتقدتُ بِهِ ... قلبي وسمعي وغرَّني بصْريّ كَانَ غِياثًا لدى الْمُحُولِ فقد ... ولّي غمامُ الرّبيع والمطرِ تولية طاهر العمال عَلَى البحرين وأخذ الطاعة مِن الكوفة والموصل وغيرها: وأقام طاهر بالأهواز، وولّي عمّاله عَلَى اليَمامة والبحرين. ثمّ أخذ عَلَى طريق البَرّ متوجهًا إلى واسط، وبها يومئذٍ السّنْدي بْن يحيى الحَرَشيّ. وجعلت المسالح كلّما قُرب طاهر من واحدة هرب مِن يحفظها. فجمع السّنْديّ والهيثم بْن شُعبة أصحابهما وهَمّا بالقتال، ثمّ هربا عَنْ واسط، فدخلها طاهر، ووجّه إلى الكوفة أحمد بْن المهلّب القائد، وعليها يومئذٍ العبّاس بْن موسى الهادي، فبلغه الخبر، فخلع الأمين، وكتب بالطّاعة إلى طاهر. ونزلت خيله واسط ثمّ فم النيل، وكتب عاملُ البصرة، منصور بْن المهدي، إلى طاهر بالطّاعة. ثمّ نزل طاهر جرجرايا وخندق عَلَيْهِ. وكتب بالطّاعة أمير الموصل المطّلب بْن عَبْد الله بْن مالك للمأمون. كلّ ذَلِكَ في رجب. إقرار العمّال عَلَى أعمالهم: ولمّا كتب هَؤلاءِ إلى طاهر بالطّاعة، أقرّهم عَلَى أعمالهم، واستعمل على مكة والمدينة داوود بْن عيسى بْن موسى الهاشميّ، وعلي اليمن يزيد بْن جرير القسْريّ.

هزيمة محمد البربريّ عند جسر صرصر: ثمّ غلب طاهر عَلَى المدائن، ثمّ صار منها إلى نهر صَرْصَرٍ، فعقد عَلَيْهِ جسرًا، فوجّه الأمين محمد بْن سليمان القائد، ومحمد بْن حمّاد البربريّ ليُبيّتا يَزَكَ طاهر، فكانت بينهم وقعة شديدة، فانهزم محمد القائد. انهزام الفضل بْن موسى عَنِ الكوفة: ووجّه الأمين عَلَى الكوفة الفضل بْن موسى بْن عيسى الهاشميّ وولاه عليها، فالتقاه محمد بْن العلاء ببعض قوّاد طاهر، فاقتتلوا وانهزم أصحاب فضل، وهمّ في أقفيتهم قتلا وأسرًا، فأسروا إسماعيل بْن محمد الْقُرَشِيّ وجمهور النّجّاريّ. إدبار أمر الأمين: وبقي أمرُ الأمين كلّ يوم في إدبار، والناس معذورون في خلعه، لكون نكث وخلع أخويه المأمون والمؤتمن. وأقام بَدَلَهما ابنه طفلا رضيعًا، مَعَ ما هُوَ فيه مِن الانهماك عَلَى اللَّهو والجهل. ذكر خبر خلع داوود بن عيسى الأمين: وأما داوود بْن عيسى الهاشميّ فإنه كَانَ عَلَى الحرمين، فأسرع في خلع الأمين. وبايع للمأمون وجوهُ أهل الحرمين، فاستخلف عليهما ولده سليمان، وسار في حظيرة مِن أقاربه يريد المأمون بمَرْو. فلمّا قدِم عَلَيْهِ تيمّن1 المأمون ببركة مكّة والمدينة، إذ كانوا أوّل مِن بايعه بعد خراسان. ووصل داوود بخمسمائة ألف درهم، ثمّ رجع مسرعًا ليقيم موسم الحجّ، ومعه ابن أخيه الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فمرّا بالعراق عَلَى طاهر، فبالغ في إكرامهما، ووجّه معهما يزيد بْن جرير بْن يَزِيدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقِسْرِيَّ، وقد عقد لَهُ طاهر عَلَى ولاية اليمن.

_ 1 تيمن: تفاءل، واستبشر.

إقامة الموسم: وأقام الموسم العبّاس بْن موسى المذكور. وأحسن يزيد السيرة باليمن. انهزام عليّ بن نهيك أمام هَرْثَمَة: وفي شَعْبان عقد الأمين لعليّ بْن محمد بْن عيسى بْن نهيك الإمرة على نحو أربعمائة قائد، وأمرَه بالمسير إلى هَرْثَمَة. فساروا بحُلوان في رمضان، فهزمهم هَرْثَمَة وأسر أمير الجيش عليّ بْن محمد، وبعث بِهِ إلى المأمون. وزحف هَرْثَمَة فنزل النهروان. شغب الْجُنْد عَلَى طاهر وقتالهم لَهُ: وأقام طاهر عَلَى نهر صَرْصَرٍ، فكان لا يأتيه جيش مِن جهة الأمين إلا هزمه. وأخذ الأمين يدسّ الجواسيس إلى قوّاد طاهر يعدهم ويمنّيهم، فشغبوا عَلَى طاهر، واستأمَن خلقٌ إلى الأمين فأسنى عطاياهم، ثمّ كرّوا إلى صَرْصَرٍ لحرب طاهر. فالتقوا ودام القتال. تفريق الأمين الخزائن والذخائر عَلَى الناس: ثمّ انهزم جيش بغداد، وانتهَب أصحاب طاهر أثقالهم وأموالهم. فبلغ الأمينَ الخبرُ، فأخرج خزائنه وذخائره، وفرّق الصلات، وجمَع أهل الأرباض. واعترض الناس عَلَى عينه، فكان لا يرى أحدًا وسيمًا حسن الرّواء إلا خلع عَلَيْهِ وأمّره، وغلّف لحيته بالغالية، فسُمّوا قوّاد الغالية. وأعطى كل واحد خمسمائة درهم وقارورة غالية. مكاتبة طاهر لقوّاد الأمين واستمالتهم: ثمّ كاتب طاهرُ قوّادَ الأمين فاستمالهم، فشغبوا على الأمين، وذلك لست خلون مِن ذي الحجّة. فشاور قوّاده، فقيل لَهُ: تدارك أمرهم. فبذل فيهم بالعطا وأسرف. ونزل معسكرًا بالبستان، ففتح أهل السجونِ السجونَ وخرجوا، ووثب على العامّة السواد، وساءت حال الناس وعظم الشر، وتواكل الفريقان1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 311"، وتاريخ الطبري "8/ 391"، والكامل "6/ 250"، والبداية "10/ 228".

أحداث سنة سبع وتسعين ومائة

أحداث سنة سبَع وتسعين ومائة: تُوُفّي فيها: أحمد بْن بشير، أبو بَكْر الكوفيّ، بقيّة بْن الوليد، أبو يُحْمد الكلاعيّ، إبراهيم بْن عُيَيْنة، أخو سُفْيان، بهز بْن أسد، مصريّ ثقة، ربعيّ بْن عُلَيّة، أبو الحَسَن أخو إسماعيل، الحَسَن بْن حبيب بْن نَدْبه، بصْريّ، زيد بْن أَبِي الزرقاء المَوْصِليّ، سلامة بْن رَوْح الأيليّ، عَنْ عُقيل، شُعَيْب بن حرب المدائني الزاهد، عبد الله بن وهب، أبو محمد، بمصر، عَبْد العزيز بْن حمران الزُّهْرِيّ الْمَدَنِيّ، الفضل بْن عَنْبَسَةَ الواسطيّ، ثقة، القاسم بْن يحيى بْن عطاء بْن مقدّم، حدّث فيها، محمد بْن فُلَيْح بْن سليمان المدنيّ، هشام بْن يوسف الصّنْعانيّ الفقيه، ورش المقرئ، واسمه عثمان بْن سَعِيد، وكيع بْن الجرّاح الرّؤاسيّ الإمام، أبو سَعِيد مولى هاشم، هُوَ عَبْد الرَّحْمَن. التحاق المؤتمن ومنصور بالمأمون: وفيها لحِق القاسم الملقّب بالمؤتمن، وهو أخو الأمين، ومنصور بْن المهديّ بالمأمون. شكوى المسلمين مِن أعمال زهير بْن المسيبّ: وفيها نزل زُهير بْن المسيّب الضّبيّ بكَلْواذي، ونصب المجانيق، واحتفر الخندق. وجعل يخرج في الأوقات عند اشتغال الْجُنْد بحرب طاهر، فيرمي بالمجانيق والعرّادات مِن أقبل وأدبر، ويعشّر أموال التّجار. وجعل يرمي المسلمين، فأتوا طاهرًا يشكون منه. وبلغ ذَلِكَ هرثمة من أَعْيَن، فأمدّه بالجنود. اشتداد الحصار عَلَى الأمين ببغداد: ثمّ نزل هَرْثَمَة نهر بين وبنى عَلَيْهِ حائطًا وخندقًا، وأعدّ المجانيق، وأنزل عُبَيْد الله بْن الوضّاح الشمّاسيّة. ونزل طاهر بْن الحسين البستان الَّذِي بباب الأبناء، فضاق

الأمين ذَرْعًا، وتفرّق ما كَانَ في يده مِن الأموال العظيمة. فأمر ببيع ما في الخزائن مِن الأمتعة، وضربَ آنية الذهب والفضّة دنانير ودراهم لينفقها. دَرْس 1 محاسن بغداد: ثمّ أمر برمي الحربيّة بالنَّفط والمجانيق، وهلك جماعة، وكثُر الخراب والهدْم حتّى دُرست محاسن بغداد، وعُمِلت فيها المراثي. تسلُّم طاهر لقصر صالح: ولم يزل طاهر مُصابرًا للأمين وجنده، حتَّى مل أهل بَغْدَاد قتاله، فاستأمن إلى طاهر الموكلون للأمين بقصر صالح، وسلّموا إِلَيْهِ القصر بجميع ما فيه في جُمَادَى الآخرة في منتصفه. ثمّ استأمن إلى طاهر صاحب شُرَطة الأمين محمد بْن عيسى. فضعُف ركن الأمين واستسلم. مقتل جماعة في قصر صالح: وقُتِل داخل قصر صالح: أبو العبّاس يوسف بْن يعقوب الباذغيسي وجماعة من القوّاد، وقُتِل خلْق مِن أصحاب طاهر. التحاق جماعة مِن القادة والعباسيين بطاهر: ثمّ لحِق بطاهر عَبْد الله بْن حُمَيْد الطّائيّ، وإخوته، وابن الحَسَن بْن قَحْطَبة، ويحيى بْن عليّ بْن ماهان، ومحمد بْن أَبِي العبّاس الطّائيّ. وكاتَبهُ قوم في السّرّ مِن العباسيين. إقبال الأمين على اللهو والشرب وسوء حال أهل بغداد: ولما كانت وقعة يوم قصر صالح أقبل محمد عَلَى اللهو والشرب، ووكّل الأمر إلى محمد بْن عيسى بْن نَهيك وإلى الهِرْش. فأقبل أصحاب الهِرْش يؤذون الرعيّة وينهبونهم، فلجأ خلْق ولاذوا إلى طاهر، فرأوا مِن أصحابه الأمن والخير. وبقي الناس في بغداد بأسوأ حال، وطال الأمر.

_ 1 درس ذهب.

ولبعضهم: بكيتُ دمًا عَلَى بغداد لمّا ... فقدتُ غضارة العيش الأنيقِ أصابتها مِن الحسّاد عينٌ ... فأفْنَتْ أهلها بالمنجنيق1 وهي طويلة. قتال الغوغاء والعياريين والحرافيش عَنِ الأمين وما قِيلَ فيهم: وبقي يقاتل عَنِ الأمين غوغاء بغداد والعيّارون والحرافشة وأنكوا في أصحاب طاهر. وكانوا يقاتلون بلا سلاح، فقال بعض الشعراء: خرّجت هذه الحروب رجالا ... لا لقحطانها ولا لنزارِ مَعْشَرًا في جواشن الصوف يغدو ... ن إلى الحرب كالأُسود الضَّواري وعليهمْ مَغٍافرُ الْخُوصِ تجزيـ ... ـهم عَنِ البِيض والتَّراسُ الْبَوَارِي لَيْسَ يدرون ما الفرار إذا الأبـ ... ـطال عاذوا مِن القَنا بالفرارِ واحدٌ منهم يُشدّ على ألـ ... ـفين عُرْيَانُ ما لَهُ مِن إزارِ كم شريفٍ قد أخملِتْهُ وكم قد ... رفعتْ مِن مُقامرٍ عيّارِ وقال آخر في غوغاء البغاددة: إذا حضروا قَالُوا بما يعرفونه ... وإن لم يروا شيئًا قبيحًا تخّرصوا ترى البطلَ المشهورَ في كلّ بلدةٍ ... إذا ما رَأَى العريان يومًا يُبَصْبِصُ وقعة درب الحجارة: ثمّ كانت بينهم وقعة درب الحجارة، وكانت لأصحاب محمد الأمين عَلَى أصحاب طاهر، فقُتل فيها خلْق كثير. وقعة باب الشّماسية: ثمّ كانت وقعة باب الشّماسيّة، وأُسِر فيها هَرْثَمَة، وانتصر فيها أصحاب محمد.

_ 1 المنجنيق: يشبه آلة المدفع اليوم.

وَأُسَرَ هَرْثَمَة رجلٌ مِن العُراة، ولم يعرفه، فحمل بعض أصحاب هَرْثَمَة عَلَى الرجل فقطع يده وخلّصه، فمرّ منهزمًا، وبلغ خبرهُ أهلَ عسكره فتقوضّ بما فيه، وهرب أهله نحو حُلوان. وكان عَلَى العُراة حاتم بْن الصّقْر. وقعة العُراة وما قِيلَ فيهم: ثمّ نَجَدَ هَرْثَمَة وأصحابَه طاهرُ بنُ الحسين وأصحابُه، وقتلوا مِن العُراة خلائق، فأيقن محمد بالهلاك، وهرب مِن عنده عَبْد الله بْن خازم بْن خُزَيمة إلى المدائن في السُّفن بعياله. وقيل في قتل العُراة: كم قتيلٍ قد رأينا ... ما سألنا لأيش دارعًا تلقاه وعريا ... ن بجهل وطيش حبشيًّا يقتل النا ... س عَلَى قطعة خَيْش مُرتدٍ بالشمس راضٍ ... بالمُنَى من كل عيش يحمل الحملة لا يقـ ... ـتل إلا رأس الجيش احذر الرمية يا طا ... هر من كف الجيش ودام حصار بغداد خمسة عشر شهرًا، هكذا، فلا قّوة إلا بالله. ظهور السفيانيّ بالشام: وفيها أوفى السفياني بالشام، واستولى عَلَى سائرها باليَمانية، وهربت القيسيّة مِن الغوطة. حصار ابن بَيْهس لدمشق: ثمّ إنّه توثّب عَلَيْهِ مسلمة بْن يعقوب الأموي المروانيّ، وقبض عَلَيْهِ في أثناء السَّنَةِ، وقيده. واستبدّ بالأمر وبايع لنفسه، فلم يبلع رِيقَه حتى حاصره ابن بَيْهَس بدمشق أيامًا، ثمّ نصب عَلَى السور السلالم، كما يأتي1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 313"، وتاريخ الطبري "8/ 400"، وصحيح التوثيق "6/ 134-136".

أحداث سنة ثمان وتسعين ومائة

أحداث سنة ثمانٍ وتسعين ومائة: تُوُفّي فيها: إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، أيّوب بْن تميم التّميميّ المقرئ، بدمشق، سُفْيان بْن عُيَيْنَة، أبو محمد الهلالّي، صَفْوان بْن عيسى الزُّهْرِيّ، والأصحّ بعد ذَلِكَ، عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، أبو سَعِيد، عُمَر بْن حفص العبديّ، في قَوْل، عَمْرو بْن الهيثم، أبو قطن، بصْريّ ثِقة، عَنْبَسة بْن خَالِد الأَيْليّ، مالك بْن سُعير بْن الخمس الكوفيّ، محمد بْن شعيب بْن شابور، في قَوْل، محمد بْن معن الغِفَاريّ المدنيّ، تقريبًا، مسكين بْن بُكَيْر الحرّانيّ الحدّاد، محمد بْن هارون الأمين الخليفة، قُتِل، معن بْن عيسى القزاز المدنيّ، يحيى بْن سَعِيد القطّان، يحيى بْن عبّاد الضُّبَعيّ البصْريّ، ببغداد. ذكر استيلاء طاهر عَلَى بغداد: وفيها الحصار كما هُوَ عَلَى بغداد، ففارق محمدًا خُزَيْمَة بْن خازم مِن كبار قوّاده. وقفز إلى طاهر بْن الحسين هُوَ ومحمد بْن عليّ بْن عيسى بْن ماهان، فوثبا عَلَى جسر دِجلة في ثامن المحرَّم فقطعاه، وركّزا أعلامهما، وخلعا الأمين، ودعيا للمأمون. فأصبح طاهر بْن الحسين وألحّ في القتال عَلَى أصحاب محمد الأمين، وقاتل بنفسه. فانهزم أصحاب محمد، ودخل طاهر قسْرًا بالسيف، ونادي مناديه: مِن لَزِم بيته فهو آمن. ثمّ أحاط بمدينة المنصور، وبقصر زُبيدة، وقصر الخُلْد، فثبت عَلَى قتال طاهر حاتم بْن الصَّقْر والهِرْش والأفارقة. فنصب المجانيق خَلَف السّور وعلى القصرين ورماهم. فخرج محمد بأمّه وأهله مِن القصر إلى مدينة المنصور، وتفرّق عامة جُنْده وغلمانه، وقلّ عليهم القُوت والماء، وفنيت خزائنه عَلَى كثْرتها. ذِكر غناء الجارية ضَعْف: وذُكِر عَنْ محمد بْن راشد: أخبرني إبراهيم بْن المهديّ أنّه كَانَ مَعَ محمد بمدينة المنصور في قصر باب الذهب، فخرج لَيْلَةً مِن القصر مِن الضَّيق والضَّنك، فصار إلى قصر القرار فطلبني، فأتيتُ، فقال: ما ترى طِيبَ هذه الليلة، وحُسن القمر، وضوءه في الماء، هَلْ لك في الشراب؟ قلت: شأنك.

فدع برطلٍ مِن نبيذ فشرِبه، ثمّ سُقيتُ مثله، وابتدأتُ أُغنّيه مِن غير أن يسألني، لِعِلمي بسوء خُلُقهِ، فغنّيت. فقال: ما تَقُولُ فيمن يضرب عليك؟ فقلت: ما أحْوَجني إلى ذَلِكَ. فدعا بجاريةٍ اسمها ضَعْف، فتطيّرت مِن اسمها. ثمّ غَنَّتْ بشِعر النّابغة الْجَعْديّ: كُلَيْبٌ لَعَمْري كَانَ أكثَرَ ناصرًا ... وأيْسَرَ ذَنبًا منك ضُرّج بالدَّم فتطيّر مِن ذَلِكَ، وقال: غنّي غيرَ هذا، فغنّت: أبكَى فِراقُهُمُ عينيِ فأرّقها ... إنّ التفرُّقَ للأحباب بَكّاءُ ما زال يعدو عليهم رَيْبُ دهرهُم ... حتى تفانَوْا وريْبُ الدَّهْر عَدَّاءُ فاليوم أبكيهمُ جَهْدي وأندُبهم ... حتى أأوب وما في مُقلتي ماءُ فقال لها: لعنكِ الله، أما تعرفين غير هذا؟ فقالت: ظننتُ أنّك تحبّ هذا! ثمّ غنّت: أما وَرَبّ السُّكُون والحَرَكِ ... إنّ المنايا كثيرةُ الشَّركِ ما اختلف اللَّيْلُ والنهار ولا ... وارت نجومُ السماء في الفلكِ إلا لنقل السلطان عَنْ ملْكٍ ... قد زال سلطانه إلى مَلَكِ وَمُلْكُ ذيِ العرش دائمٌ أبدًا ... لَيْسَ بفانٍ ولا بمشتَركِ1 فقال لها: قومي لعنك الله. فقامت فَتَعثّرت في قدح بِلَّور لَهُ قيمة فكسرته، فقال: ويحْك يا إبراهيم، أما ترى، والله ما أظنّ أمري إلا وقد قرُب. فقلت: بل يُطيل الله عُمرك، ويُعز مُلكَك. فسمعتُ صوتًا مِن دجلة: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: 41] . فوثب محمد مغتمّا، ورجع إلى موضعه بالمدينة، وقُتِل بعد لَيْلَةٍ أو ليلتين. حكاية المسعودي عَنْ مقرطة الأمين: وحكى المسعودي في المروج قَالَ: ذكر إبراهيم بْن المهديّ قَالَ: استأذنتُ على

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 477"، والبداية والنهاية "10/ 240".

الأمين في شدّة الحصار، فإذا هُوَ قد قطع دِجلة بالشِباك، وكان في القصرِ برْكة عظيمة، يدخُل مِن دجلة إليها الماءُ في شُبّاك حديد. فسلّمتُ وهو مقيم عَلَى الماء، والخَدَم قد انتشروا في تفتيش الماء، وهو كالوَالِه1، فقال: لا تؤذيني يا عمّ، فإنّ مقْرطتي قد ذهبت مِن البركة إلى دجلة، والمقرطة سمكة كانت قد صيدت لَهُ، وهي صغيرة، فقرطها بحلقتي ذَهَب، فيها جوهرتان، وقيل ياقوتتان، فخرجت وأنا آيس مِن فَلاحه. شدّة بطش الأمين: وكان محمد فيما نقل المسعوديّ، في نهاية الشدّة والبطْش والحُسْن، إلا أنّه كَانَ مَهينًا، عاجز الرأي، ضعيف التدبير. وحُكى أنّه اصطبح يومًا، فأتي بسبْعٍ هائلٍ عَلَى جمل في قفص، فوُضع بباب القصر، فقال: افتحوا القفص وخّلوه. فقيل: يا أمير المؤمنين، إنّه سبعٌ هائل أسود كالثور، كثير الشّعْر. قَالَ: خلّوا عَنْهُ. ففعلوا، فخرج فزأر وضرب بذَنَبه الأرضَ، فتهارب الناس، وأغلقت الأبواب، وبقي الأمين وحده غير مكترِث. فأتاه الأسد وقصَده ورفع يده، فجذبه الأمين وقبض عَلَى ذنبه، وغمزه وهزّه ورماه إلى الخلف، فوقع السَّبْع عَلَى عجزه ميتًا. وجلس الأمين كأنّه لم يعمل شيئًا. وإذا أصابعه قد تخلّعت. فشقّوا بطن الأسد فإذا مرارته قد انشقّت عَلَى كبده. الإشارة عَلَى الأمين بالخروج إلى الجزيرة والشام: وعن محمد بْن عيسى الْجُلُودي قَالَ: دخل على محمد بْن زُبيدة: حاتمُ بْن صقْر، ومحمد بْن الأغلب الإفريقيّ، وقوّاده، فقالوا: قد آلت حالُنا إلى ما ترى، وقد رأينا أن تختار سبعة آلافِ رجلٍ مِن الْجُنْد فتحملهم عَلَى هذه السبعة آلاف فَرَس التي عندك، وتخرج ليلا، فإنّ الّليل لأهله، فتلحق بالجزيرة والشام، وتصير في مملكة

_ 1 الواله: المجنون.

واسعة يتسارع إليك الناس. فعزم عَلَى ذَلِكَ، فبلغ الخبر إلى طاهر، فكتب إلى سليمان بْن المنصور، والى محمد بْن عيسى بْن نَهِيك، والسّنْديّ بْن شاهك: لئن لم تَرُدُّوه عَنْ هذا الرأي لا تركتُ لكم ضيعة. فدخلوا عَلَى محمد، وخوّفوه مِن الذين أشاروا عَلَيْهِ أنّهم يأخذونه أسيرًا، ويتقرّبون بِهِ إلى المأمون. وضربوا لَهُ الأمثال، فخاف ورجع إلى قبول ما يبذلونه لَهُ مِن الأَيْمان، ويخرج إلى هَرْثَمَة. النصح للأمين بالاستسلام لهَرْثَمَة: وعن عليّ بْن يزيد قَالَ: وفارق محمدًا: سليمان بْن المنصور، وإبراهيم بْن المهديّ ولحِق بعسكر المهديّ. وقوي الحصار عَلَى محمد يوم الخميس والجمعة والسبت، وأشار عَلَيْهِ السّنْديّ بأنّه لَيْسَ لَهُ فرج إلا عند هَرْثَمَة. فقال: وكيف لي بهَرْثَمَة وقد أحاط الموتُ بي مِن كلّ جانب؟ فلمّا همّ بالخروج إِلَيْهِ مِن دون طاهر، اشتدّ ذَلِكَ عَلَى طاهر وقال: هُوَ في جُنْدي، وأنا أخرجته بالحرب، ولا أرضي أن يخرج إلى هَرْثَمَة دوني. فقالوا لَهُ: هُوَ خائف منك، ولكن يدفع إليك الخاتم والقضيب والبُردة، فلا يفسُد هذا الأمر. فرضي بذلك. وقوع الأمين في الأسر: ثمّ إنّ الهِرْش لمّا علم بذلك أراد التقرُّب إلى قلب طاهر، فقال في كتاب إِلَيْهِ: الَّذِي قالوه لك مَكْرٌ، ولا يدفعون إليك شيئًا. فاغتاظ وكَمَن حول قصر أمّ جعفر في السلاح والرجال، وذلك لخمسٍ بقين مِن المحرّم. فلمّا خرج محمد وصار في الحرّاقة رموه بالنّشّاب والحجارة، فانكفأت الحرّاقة، وغرِق محمد وهَرْثَمَة، ومن كَانَ بها. فسبح محمد حتى صار إلى بستان موسى، فعرفه محمد بْن حُمَيْد الطّاهريّ، فصاح بأصحابه، فنزلوا ليأخذوه، فبادر محمد الماء، فأُخذ برجْله وَحُمِلَ عَلَى برْذَوْن، وخلْفه مِن يُمسكه كالأسير. ما رُوِيَ حول أسر الأمين: وعن خطّاب بْن زياد أنّ محمدًا وهَرْثَمَة لما غِرقا أتانا محمد بْن حُمَيْد، فأسَرَّ إلى طاهر أنّه أسر محمدًا. فدعا بمولاه قريش الدَّنْدانيّ، وأمره بقتل محمد.

وأمّا المدائنيّ فروى عَنْ محمد بْن عيسى الْجُلُوديّ: أنّ محمدًا دعا بعد العِشاء بفَرَس أدهم كَانَ يسمّيه الزُّهَيريّ، وقبّل وَلَدَيْه، ودمعت عيناه. ثم ركب وخرجنا بن يديه، فرِكْبنا دوابَّنا، وبين يديه شمعة، وأنا أقِيه بيدي خوفًا مِن أن تَجيئه ضربةُ سيف بغَتةً. ففُتح لنا باب خُراسان، وخرجنا إلى المُشْرَعَة، فإذا حرّاقة هَرْثَمَة، فنزلنا ورجعنا بالفَرَس وغلّقنا باب المدينة، ثمّ سمعنا الضّجّة، فصعدنا إلى أعلى الباب. وذُكِر عَنْ أحمد بْن سلام صاحب المظالم قَالَ: كنت فيمن كان مع هرثمة من القُوّاد في الحرّاقة، فلمّا دخل محمد الحرّاقة قمنا لَهُ، وجثا هَرْثَمَة عَلَى رُكبتيه فقال: يا سيّدي، لم أقدر عَلَى القيام لمكان النَّقْرس. ثمّ قّبل يديه ورِجْلَيه، وجعل يَقُولُ: يا سيّدي ومولاي، وابن مولاي. وجعل يتصفَّح وجوهنا، ونظر إلى عُبَيْد الله بْن الوضّاح، فقال: أيُّهم أنت؟ قَالَ: عُبَيْد الله. قَالَ: جزال الله خيرًا، فلما أشكرني لِمَا كَانَ منك في أمر الثلج. فشدّ علينا أصحاب طاهر في الزواريق والحرّاقات، وصَبّحوا، وتعلّق بعضهم بالحرّاقة، وبعضهم يسوقها، وبعضهم يرمي بالآجُرّ والنّشّاب، فنُقبت الحرّاقة، ودخلها الماء وغرِقت. فعلِق الملاح بشعر هَرْثَمَة، فأخرجه وخرجنا. وشقّ محمد عَنْهُ ثيابه ورمى بنفسه. فطلعتُ فعلِق بي رجلٌ مِن أصحاب طاهر، وذهب بي إليه، فقال: ما فعل محمد؟ قلت: قد رَأَيْته حين شقّ ثيابَه وقذف بنفسه. فركِب، وأُخذتُ معهم وفي عنقي حبل، وأنا أعدو، فتعبتُ. فقال الَّذِي يجنُبني: هذا لَيْسَ يُصَاد. فقال: انزل فجُزَّ رأسه. فقلت: جُعلتُ فِداك، وَلِمَ؟ وأنا رجلٌ مِن الله في نعمة، ولم أقدر عَلَى الْعَدْوِ، وأنا أفدي نفسي بعشرة آلاف درهم. فقال: وأين هِيَ؟ فقلت: حتى نُصبح أَنَا أرسلُ مِن ترى أنتَ إلى وكيلي في منزلتي بعسكر المهديّ، فإنْ لم يأتِكَ بالعشرة آلاف فاقتلني. فأمر بحملي فحُملت رِدفًا، وردّوني إلى منزلتهم. وبعد هُويّ مِن اللَّيْلِ إذا نَحْنُ بحركة الْخَيْلِ، ثمّ دخلوا وهم يقولون: يُسَر زُبيدة. فأُدخِل عليّ رجلٌ عُريان عَليْهِ سراويل وعمامة ملثَّم بها، وعلى كِتَفْيه خرقة خَلقة، وصيّروه معي، ووكّلوا بنا. فلمّا

حسَر العمامة عَنْ وجهة إذا هُوَ محمد. فاستعبرتُ واسترجعت في نفسي. ثمّ قَالَ: مِن أنت؟ قلت: أَنَا مولاك أحمد بْن سلام. فقال: أعرفكَ كنتَ تأتيني بالرَّقَّة. قلت: نعم. قَالَ: كنت تأتيني وتُلْطفني كثيرًا، لستَ مولاي بل أنتَ أخي ومنّي. أُدْنُ مِنّي، فإنّي أجدُ وحشةً شديدة. فضممته إليّ، ثمّ قَالَ: يا أحمد، ما فعل أخي؟ قلت: هُوَ حيّ. قَالَ: قبّح الله صاحب البريد ما أكذبه، كَانَ يَقُولُ لي قد مات. قلت: بل قبّح الله وزراءك. قَالَ: لا تقُل، فما لَهُم ذنب، ولست أول مِن طلب أمرًا فلم يقدر عَلَيْهِ. ثمّ قَالَ: ما تراهم يصنعون بي؟ يقتلوني أو يَفُون لي بأمانهم؟ قلت: بل يَفُون لك يا سيّدي. وجعل يمسك الخِرْقة بعضُدَيْه، فنزعتُ مبطَّنةً عليّ وقلت: أَلْقِها. فقال: ويْحك! دعني، فهذا مِن الله لي في هذا الموضع خير كثير. ذكر خبر قتل الأمين: ثمّ قمت أوتِر، فلمّا انتصف اللَّيْلُ دخل الدار قوم مِن العجم بالسيوف، فقام وقال: إنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون، ذَهَبَتْ والله نفسي في سبيل الله، أما مِن حيلةٍ، أما مِن مُغيث. فأحجموا عَنِ التقدُّم، وجعل بعضهم يَقُولُ لبعض: تقدَّم، ويدفع بعضُهم بعضًا، فقمت وصرتُ وراء الحُصُر المُلَفَّفة. وأخذ محمدٌ بيده وسادة وقال: ويحكم إني ابن عم رسول الله، أَنَا ابن هارون، أَنَا أخو المأمون، الله الله في دَمي. فوثب عَلَيْهِ خمارويه، غلام لقريش الدنْدانيّ، فضربه بالسيف عَلَى مقدَّم رأسه، فضربه محمد بالوسادة واتّكى عَلَيْهِ ليأخذ السيف مِن يده. فصاح خمارويه: قتلني قتلني، فتكاثروا عَلَيْهِ فذبحوه مِن قفاه، وذهبوا برأسه إلى طاهر.

وذُكِر عَنْ أحمد بْن سلام في هذه القصّة قَالَ: فلقَّنْته لما حدَّثته ذِكَر الله والاستغفارَ، فجعل يستغفر. قَالَ: ونُصِب رأسه عَلَى حائط بستان. وأقبل طاهر يَقُولُ: هذا رأس المخلوع محمد. ثمّ بعث بِهِ مَعَ البُرْد والقضيب والمصلّي، وهو مِن سَعَفٍ مُبطّن، مَعَ ابن عمّه محمد بْن مُصْعَب، فأمر لَهُ بألف درهم. ولما رَأَى المأمون الرأس سَجد. رثاء إبراهيم بْن المهديّ للأمين: ولما بلغ إبراهيم بن المهدب قتْلُ محمد، وأنّ جثته جُرَّت بحبلٍ بكى طويلا، ثمّ قَالَ: عُوجا بمغْنَى طلل داثرٍ ... بالخُلْد ذات الصخر والأجُرِ والمَرْمَر المسنونِ يُطلَى بِهِ ... والبابِ باب الذَّهَب الناضرِ وأبلِغا عنِّي مقالًا إلى الـ ... ـمولى عَنِ المأمور وَالآمِرِ قولا لَهُ: يا ابنَ وليّ الهُدى ... طهّر بلاد الله مِن طاهرِ لم يكفه أن جَزَّ أوداجَه ... ذَبْحَ الهدَايا بمُدَى الجازرِ حتى أتى تُسحبُ أوصاله ... في شَطَنٍ يُفْني بِهِ السّائِرِ قد برد الموتُ عَلَى جفنه ... فطرفُه منكسِرُ الناظرِ1 وبلغ ذَلِكَ المأمونَ فاشتدّ عَلَيْهِ. وثوب الْجُنْد بطاهر: ثمّ إنّ طاهرًا صلّي بالناس يوم الجمعة، وخطبهم خطبةً بليغة. ثمّ إنّ الْجُنْد وثبوا بِهِ للأرزاق، ولم يكن في يديه مال، وضاق بِهِ أمره، فخشي وهرب مِن البُستان، وانتهبوا بعض متاعه، وأحرق الْجُنْد باب الأنبار، وحملوا السلاح يومهم. ومن الغد نادوا: موسى يا منصور. ثمّ تعبّى طاهر ومَن معه لقتالهم، فأتاه الوجوه، واعتذروا بأنّ ما جرى مِن فعل السُّفَهاء الأحداث، فأمر لهم برزق أربعة أشهر، ووصل البريد

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 488"، والكامل "6/ 287".

إلى المأمون في ستّة عشر يومًا وهو بمَرْو. ما قِيلَ في رثاء الأمين: وممّا قِيلَ في الأمين: لِمَ نُبَكّيك لماذا لِلطَّربْ ... يا أبا موسى وترْويج اللُّعَبْ ولِتَرْك الخَمْس في أوقاتها ... حرصًا مِنك عَلَى ماء الْعِنَبْ وشنَيفٍ أَنَا لا أبكى لَهُ ... وعلى كوثَر لا أخشى الْعَطَبْ لم تكن تصلُح للمُلْك ولم ... تُعْطكَ الطّاعة بالمُلك الْعَرَبْ لِمَ نُبَكّيك لما عرَّضْتَنا ... للمجانيق وَطَوْرًا للسَّلَبْ1 وساق ابن جرير عدّة قصائد في مراثيه. ولخُزَيْمَة بْن الحَسَن عَلَى لسان أمّ جعفر قصيدة يَقُولُ فيها: أتى طاهرٌ لا طهّر الله طاهرًا ... فما طاهرٌ فيما أتى بمُطهَّرِ قد خرّجني مَكشوفَةَ الوجه حاسرًا ... وأَنْهَبَ أموالي وأحرق آدُري يَعُزُّ عَلَى هارون ما قد لِقيتُهُ ... وما مرّ بي مِن ناقص الخلق أعور تَذَكَّرْ أميرَ المؤمنينَ قَرابتي ... فَدَيْتُكَ مِن ذي حُرمةٍ مُتذكّرِ2 ذكر إسراف الأمين في اللهو والإنفاق: قَالَ ابن جرير: ذُكِر عَنْ حُمَيْد بْن سَعِيد بْن بحر قَالَ: لما ملك محمد، ابتاع الخِصْيان، وغالى بهم وصيّرهم لخلْوته، ورفض النّساء والجواري. وقال حُمَيْد: لما ملك وجَّه إلى البلدان في طل المُلهين، وأجرى لهم الأرزاق، واقتني الوحوش والسباع والطيور، واحتجب عَنْ أهل بيته وأمرائه، واستخفّ بهم. ومَحَقَ ما في بيوت الأموال، وضيّع الجواهر والنفائس. وبنى عدّة قصور لِلَّهْوِ في

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 500". 2 السابق "8/ 506".

أماكن. وعمل خمس حرّاقات عَلَى خِلْقة الأسد والفيل والعُقاب والحيّة والفَرَس، وأنفق في عملها أموالا. فقال أبو نُواس: سَخَّر الله للأمين مطايا ... لم تُسخَّر لصاحب المحرابِ فإذا ما رِكابُه سِرْنَ برًّا ... سار في الماء راكبًا ليث غابِ أسدًا باسِطًا ذراعيه يهوي ... أهْرَتَ الشَّدْق1 كالحَ الأنيابِ وعن الحسين بْن الضّحّاك قَالَ: ابتنى الأمين سقيفةً عظيمة، أنفق في عملها نحو ثلاثة آلاف ألف درهم. وعن أحمد بْن محمد البرمكيّ، أنّ إبراهيم بْن المهديّ غنّي محمد بْن زُبيدة: هجرتُكِ حتى قلتِ: لا يعرف الهوى ... وزُرْتك حتى قِيلَ: لَيْسَ لَهُ صبرُ فطرِب محمد وقال: أوقِروا لَهُ زَورقه ذَهَبًا. وجاء عَنْهُ أخبار في مثل هذا، وكان كثير الأكل. رجاء ابن حنبل الرحمة للأمين: قَالَ أحْمَد بْن حنبل: إنّي لأرجو أن يرحم الله الأمين بإنكاره عَلَى إسماعيل بن عُلَيَّة، فإنّه أُدخل عَلَيْهِ فقال لَهُ: يا ابنَ الفاعلة، أنت الَّذِي تَقُولُ: كلام الله مخلوق؟!. استيلاء ابن بَيْهَس عَلَى دمشق: وفيها قوي محمد بْن صالح بْن بَيْهَس الكلابيّ، وظهر عَلَى السُّفيانيّ الَّذِي خرج بدمشق، وحاصرها، ثمّ نصب عليها السلالم وتسوّرها2 أصحابه. وكان قد تغلّب عَلَى دمشق مَسْلَمة بْن يعقوب الأُمويّ، فهربَ وعمد إلى أَبِي العُمَيْطِر، وكان في حبْسه، ففكّ قيده، ثمّ خرجا بزيّ النّساء في السرّ إلى المِزَّة. واستولى ابن بَيْهَس عَلَى البلد. ثمّ جرى بينه وبين أهل المزرة ودَارَيّا حرب. وبقي حاكمًا عَلَى دمشق مدّة مِن جهة المأمون إلى سنة ثمانٍ ومائتين.

_ 1 الشدق: جانب الفم مما تحت الخد، وكانت العرب تمتدح رحابة الشدقين، لدلالتها على جهارة الصوت. المعجم الوجيز "ص/ 338". 2 تسورها: علاها وتسلقها.

ذكر خروج ابن الهِرش في سِفْلة الناس: وفي ذي الحجّة خرج الحَسَن الهِرش في سِفْلة الناس وخلْق مِن الأعراب يدعو إلى الرضا مِن آل محمد. وأتى النّيل، وجبى الخراج، وصادر التّجّار، ونهب القرى والمواشي. استعمال المأمون للحسن بْن سهل عَلَى جميع البلاد المفتوحة: وفيها استعمل المأمون الحَسَن بْن سهل أخا الفضل عَلَى جميع ما افتتحه طاهر بْن الحسين مِن كُوَر الجبال والعراق والحجاز واليمن. ولاية طاهر الجزيرة والشام ومصر والمغرب: وكتب إلى طاهر أن يسير إلى الرَّقَّةِ لحرب نصر بْن شبث، وولاه الجزيرة والشام ومصر والمغرب. وأمر هَرْثَمَة أن يردّ إلى خُراسان. ذِكر ثورة أهل قُرْطُبَة: وفي رمضان ثار أهل قُرْطُبَة بأميرهم الحَكَم بْن هشام الأمويّ وحاربوه لجوره وفسْقه، وتُسمّى وقعة الرَّبَض. وخرج عَلَيْهِ أهل رَبَض البلد، وشهروا السلاح، وأحاطوا بالقصر، واشتدّ القتال، وعظُم الخطْب، واستظهروا عَلَى أهل القصر. فأمر الحَكَم أمراءه فحملوا عليهم، وأمر طائفةً فَنَقبوا السُّور، وخرج منه عسكر، فأتوا القوم مِن وراء ظهورهم، وقتلوا منهم مقتلةً عظيمة، ونهبوا الدُّور، وأسَروا وعملوا كلّ قبيح، ثمّ لقوا الحَكَم، فانتقى مِن الأسرى ثلاثمائة مِن وجوه البلد، فصُلبوا عَلَى النهر مُنَكَّسِين. وبقي النَّهْب والسَّلْب والحريق في أرباض1 قُرْطُبَة ثلاثة أيام ثمّ أمّنهم، فهجّ أهل قُرْطُبَة وتفرّقوا أيادي سبأ في الطُّرُق، ومضى خلْق منهم إلى الإسكندرية فسكنها2.

_ 1 أنحاء أو أرجاء. 2 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 311"، تاريخ الطبري "8/ 527"، البداية "10/ 240-261"، النجوم الزاهرة "2/ 231"، صحيح التوثيق "6/ 160".

أحداث سنة تسع وتسعين ومائة

أحداث سنة تسعٍ وتسعين ومائة: تُوُفّي فيها: إِسْحَاق بْن سليمان الرّازيّ، أبو يحيى، إبراهيم بْن عُيَيْنَة، في قَوْل، وقد مّر، حفص بْن عبد الرَّحْمَن قاضي نَيْسابور، الحَكَم بْن عَبْد الله، أَبُو مطيع البلْخيّ، سليمان بْن المنصور أَبِي جعفر، في صَفَر، سيّار بْن حاتم، شُعيب بْن اللَّيْثُ بْن سعْد، في صَفَر، عَبْد الله بْن نُمَيْر الخارفي الكوفيّ، عُمَر بْن حفص العبْديّ، بصْريّ، عَمْرو بْن محمد العنقزيّ الكوفي، محمد بْن شُعيب بْن شابور، ببيروت، الهيثم بْن مروان العنْسيّ الدّمشقيّ، يونس بْن بُكَيْر الكوفيّ، راوي المغازي. وفيها قِدم الحَسَن بْن سهل مِن عند المأمون إلى بغداد، ففرّق عماله في البلاد. وجهّز أزهر بْن زهير بْن المسيّب إلى الهِرش في المحرَّم فقتل الهِرش. خروج ابن طباطبا بالكوفة: وفي جُمَادَى الآخرة خرج بالكوفة محمد بْن إبراهيم بْن طباطبا واسمه إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب يدعو إلى الرضا مِن آل محمد، والعمل بالكتاب والسُّنَّة. وكان القائم بأمره أبو السرايا سريّ بْن منصور الشَّيْبانيّ. فهاجت الفِتَن، وتسرّع الناس إلى ابن طباطبا، واستوسقت1 لَهُ الكوفة. وأتاه الأعراب وأهل النواحي، فجهّز الحَسَن بْن سهل لحربه زهير بْن المسيّب في عشرة آلاف، فالتقوا، فَهُزِم زُهير واستباحوا عسكره، وغنِموا السلاح والخيل، وقووا في ذَلِكَ في سلخ جُمَادَى الآخرة. ذكر أمر أَبِي السرايا: فلمّا كَانَ مِن الغد أصبح محمد بن إبراهيم بن طباطبا ميتًا فجأة. وقيل أنّ أبا السرايا سمّه لكون ابن طباطبا أحرز الغنيمة ولم يُحسن جائزة أَبِي السرايا، أو لغير ذَلِكَ. وأقام أبو السرايا في الحال مكانه شابا أمرد اسمه محمد بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب.

_ 1 استوسقت: وقعت تحت سيطرته.

ثمّ جهّز الحَسَن بْن سهل جيشًا، عليهم عَبْدُوس بْن محمد المَرْوَرُوذيّ لحرب أَبِي السرايا. فالتقوا في رجب، فقُتِل عَبْدُوس، وأُسِر عمّه هارون بْن أَبِي خَالِد، وقُتِل أكثر جيشه وأُسِروا. وقوي الطالبيّون، وضربَ أبو السرايا عَلَى الدراهم: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4] . الآية. ثمّ سار أبو السرايا قُدُمًا حتى نزل بقصر ابن هُبَيرة، وجهّز جيوشًا إلى البصرة وإلى واسط فدخلوها، وأوقعوا أمير واسط مِن جهة الحَسَن بْن سهل فهزمه، وانحاز إلى بغداد، وعظُم ذَلِكَ عَلَى الحَسَن، فبعث بردّ هَرْثَمَة بْن أَعْيَن مِن حلوان لحرب أَبِي السرايا، فامتنع، فأرسل إِلَيْهِ ثانيًا يلاطفه، فرجع هَرْثَمَة، وعقد لَهُ الحَسَن بْن سهل عَلَى حرب أَبِي السرايا، وجهّز معه منصور بْن المهديّ. فَعَسكر بنهر صَرْصَرٍ بإزاء أَبِي السرايا، والنهر بينهما. ثمّ تقهقر أبو السرايا فطلبه هَرْثَمَة، وقتل مِن تطرّف مِن جُنْده. وقعة قصر ابن هبيرة: ثمّ كانت وقعة عند قصر ابن هبيرة، قُتِل فيها خلْق مِن أصحاب أَبِي السرايا، فتحيّز إلى الكوفة، وعمد محمد بْن محمد والطالبيّون إلى دُور العباسيّين بالكوفة وضياعهم، فأحرقوا ونهبوا أموالهم، وأخرجوهم مِن الكوفة. توجيه أَبِي السرايا عمّاله عَلَى المدينة ومكة: ثمّ وجّه أبو السرايا عَلَى المدينة محمد بن سليمان بن داوود بْن الحَسَن بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فدخلها ولم يقاتلْه أحد. ووجّه عَلَى مكّة والموسم حُسين بْن حسن الأفطس بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب، فلمّا قرُب توقّف عَنْ مكّة هيبة لمن فيها، وأميرها داوود بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ العباسي، فلما بلغ أميرها داوود ذَلِكَ، جمع موالي بني العباسي وعبيد حوائطهم. ذكر خروج داوود بْن عيسى مِن مكّة: وكان مسرور الخادم قد حجّ في تِلْكَ السُّنَّةِ في مائتي فارس، فقال لداوود: أقِم لي شخصك أو شخص بعض ولدك، وأنا أكفيك قتالهم. فقال داوود: لا أستحلٌ القتال في الحرم، ولئن دخلوا مِن هذا الفجّ لأخرجنّ مِن

الفجّ الآخر. فقال: تُسلَّم مكّة وولايتك إلى عدوك؟ فقال داوود: أيّ حال لي؟ والله لقد أقمت معكم حتى شختُ، فما وُلِّيتُ ولايةً؛ حتى كبرتُ وفني عُمري، فولّوني مِن الحجاز ما فيه القوت. وإنّما هذا المُلْك لك ولأشباهك، فقاتلْ عليه أو دع. ثم انحاز داوود إلى جهة المُشاش بأثقاله، فوجّه بها عَلَى درب العراق، وافتعل كتابًا مِن المأمون بتولية ابنه محمد بن داوود عَلَى صلاة الموسم؛ وقال لَهُ: أخرج فَصَلّ بالناس بمِنى الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء، وبتْ بمنى، وصلَّ الصبح، ثمّ اركب دوابّك فانزل طريق عَرَفَة، وخُذ عَلَى يسارك في شِعْب عَمْرو حتى تأخذ طريق المُشاش، حتى تلحقني ببستان ابن عامر. ففعل ذَلِكَ، فخاف مسرور وخرج في أثر داوود راجعًا إلى العراق، وبقي الوفد بعرفة. فما زالت الشمس حضرت الصلاة، فتدافعها قوم مِن أهل مكّة، فقال أحمد بْن محمد بْن الوليد الأزرقيّ، وهو المؤذّن وقاصُّ الجماعة: إذا لم تحضر الوُلاة يا أهل مكّة، فليُصَلِ قاضي مكّة محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزومي، ولْيخُطبْ بهم. قَالَ: فلمن أدعو، وقد هرب هَؤلاءِ، وأطلّ هَؤلاءِ عَلَى الدخول؟ قَالَ: لا تَدْعُ لأحد. قَالَ: بل تقدّم أنت. دخول حسين بْن حسن مكّة وظُلم أهلها: فأبي الأزرقيّ، حتى قدّموا رجلا فصلّي الصلاة بلا خطبة، ثمّ مضوا فوقفوا بعَرَفَة. ثمّ دفعوا بلا إمام. وحسين بْن حسن متوقّف بسَرف، فبلغه خلو مكة، وهروب داوود، فدخلها قبل المغرب في نحو عشرة، فطافوا وَسَعَوْا، ومضوا بعد المغرب فأتوا عَرَفَة ليلا، فوقفوا ساعة، وأتى مُزْدلفة فصلّي بالناس الفجر. ثمّ إنه أقام بمكة وعسَف1 وظلم وصادر التجار، وكانت أعوانه تهاجم بيوت التجار لأجل الودائع، فيتهمون البريء ويعذّبونه؛ وأخذ ما في خزائن الكعبة مِن مال.

_ 1 عسف: تعامل بالعنف والقوة.

ذكر انهزام أَبِي السرايا: وأما هَرْثَمَة فواقَع أبا السرايا ثانيًا فانكسر، ثمّ ثبت وانهزم أصحاب أَبِي السرايا، ثمّ أخذ هَرْثَمَة يكاتب رؤساء الكوفة. وثوب عليّ بْن محمد بالبصرة: وفيها وثب عليّ بْن محمد بْن جعفر الصّادق بالبصرة، واستولى عليها مِن غير حرب. ظهور إبراهيم بْن عليّ باليمن: وظهر باليمن إبراهيم بْن عليّ بْن موسى الرضا، فنفى عاملها عَنْهَا، وسبي، وأخذ الأموال. وكان يقال لَهُ الجزّار لكثرة ما قتل. والله أعلم1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 313"، وتاريخ الطبري "8/ 597"، والكامل "6/ 304".

أحداث سنة مائتين

أحداث سنة مائتين: تُوُفّي فيها: أسباط بْن محمد الكوفيّ، في المحرَّم، أُمَيَّة بْن خَالِد البصْريّ، أخو هدْبة، أيّوب بْن المتوكّل البصْريّ المقرئ، أنس بن عِياض، أبو حمزة اللَّيْثي، سَلْم بْن قُتَيْبة الخُراسانيّ، بالبصرة، سيّار بْن حاتم العَقديّ، فيها بخُلْف، صَفْوان بْن عيسى الزُّهْرِيّ البصْريّ، عُمَر بْن عَبْد الواحد السُّلَميّ الدّمشقيّ، عَبْد المُلْك بْن الصّبّاح المسمعيّ، بصْريّ، عِمارة بْن بِشْر، فيها، حدّث بدمشق، قَتَادة بْن الفضيل الرَّهاوي، مبشّر بْن إسماعيل الحلبيّ، محمد بْن إسماعيل بْن أَبِي فُدَيْك المدنيّ، محمد بْن الحَسَن الأسديّ ابن التَّلّ، محمد بْن حُمَيْد السُّليحيّ الحمصيّ، محمد بْن شُعيب بْن شابور، قاله دُحَيْم، مُعَاذ بْن هشام الدَّسْتُوائيّ، معروف الكرْخيّ العابد، عَلَى الأصحّ، المغيرة بْن سَلَمَةَ المخزوميّ، بصْريّ، أبو البَخْتَرِيّ القاضي وهْب بْن وهْب. مقتل أَبِي السرايا: وفيها هرب أبو السرايا والطالبيّون مِن الكوفة في المحرَّم إلى القادسيّة، فدخلها

هَرْثَمَة ومنصور بْن المهديّ وأمّنوا أهلها. ثمّ أتى أبو السرايا إلى ناحية واسط، ثمّ مضى حتى أتى السُّوس وأنفق الأموال. فجاءهم الحَسَن بْن عليّ الباذغيسيّ فأرسل إليهم: اذهبوا حيث شئتم، فلا حاجة لي في قتالكم، ولست بتابعكم. فأتى أبو السرايا إلى قتاله، فالتقوا، فهزمهم الحَسَن واستباح عسكرهم، وجُرح أبو السرايا، وهرب هُوَ ومحمد بْن محمد، وأبو الشوك، وطلبوا رأس العين والجزيرة. فلمّا انتهوا إلى جَلُولا عثر بهم حمّاد الكُنْدُغُوش فأخذهم، وجاء بهم إلى الحَسَن بْن سهل وهو بالنهْروان، فقتل أبا السرايا في عاشر ربيع الأوّل، وبعث محمد بْن زيد بْن عليّ إلى مَرْو إلى المأمون. افتتاح البصرة واختفاء الطالبيين: وسار عليّ بْن أبي سَعِيد إلى البصرة فافتتحها، وكان بها زيد بْن موسى بْن جعفر أخو عليّ بْن موسى الرضا، وهو الَّذِي يقال لَهُ زيد النار، لكثرة ما حرّق من دُور العباسيّين بالبصرة. وكان يأتي بالرجل مِن المُسَوَّدَة فيحرّقه بالنار. وانتهب تُجّار البصرة، فأسره عليّ بْن أَبِي سَعِيد، واختفى الطالبيّون. ذكر ما فعله الأفطس بمكة: وأما حُسين بْن حسن الأفطس فبدّع بمكة حتى تردّه طائفة مِن أهلها، فهدم دُورهم، وأخذ أبناءهم، وجعل أصحابه يَحلّون ما عَلَى الأساطين مِن الذَّهَب اليسير، ويقلعون الشبابيك. فبلغهم قتْلُ أَبِي السرايا، فأتى حسين إلى محمد بْن جعفر الصّادق، وكان شيخًا فاضلا مُحبّبًا إلى الناس، تاركًا للخروج، قد روى العلم عَنْ أَبِيهِ، فقال: قد تعلم ما لك في الناس، فابرز نبايعك بالخلافة، فلا يختلف عليك اثنان، فأبى ذَلِكَ. فلم يزل بِهِ ابنه عليّ وحسين بْن حسن حتى غلبا عَلَى رأيه، وأقاموه يوم الجمعة في ربيع الآخر، فبايعوه، وحشروا الناسَ لمبايعته طَوْعًا وكرهًا. فأقام كذلك أشهرًا. ووثب حُسين عَلَى امرَأَة قُرَشِيّة بارعة الحُسن، فأخذها قهرًا مِن بيت زوجها، وبقيت عنده أيامًا، ثمّ هربت. ووثب علي بن محمد عليّ أمْرَدٍ بديع الجمال، فأخذه مِن دارهم، وأركبه فَرَسه في السَّرْج، وركب عَلَى الكفل، وذهب بِهِ في السّوق حتى خرج بِهِ إلى بئر ميمون

في طريق مِنى. فاجتمع أهل مكّة والمجاورون، وأغلقت الأسواق، وأتوا محمد بْن جعفر وقالوا: والله لنخلعنّك، ولنقتلنّك، أو لُتردنّ هذا الغلام الَّذِي أخذه ابنك جهرةً. فقال: والله ما علمتُ. وأمَرَ حُسَيْنًا أن يذهب إلى ابنه، فقال: إنّك والله لَتَعلم أنّي لا أقوى عَلَى ابنك، وأخاف محاربته. فقال محمد بْن جعفر لأهل مكّة: أمّنوني حتى أركب إِلَيْهِ، فأمنوه، فركب حتى صار إلى ابنه وأخذ الغلام، فسلّمه إلى أهله. وبعد قليل أقبل إِسْحَاق بْن موسى بْن عيسى بْن موسى بْن محمد العبّاسيّ فارًا عَنِ اليمن، لِتَغَلُّب إبراهيم بْن موسى بْن جعفر عليها، فنزل المُشَاش؛ فاجتمع العلويّون إلى محمد بْن جعفر فقالوا: قد رأينا أن نُخَنْدِق علينا بأعلي مكّة. ثمّ حشدوا الأعراب، فقاتلهم إِسْحَاق أيامًا، ثمّ كرِه الحربَ وطلب العراق. فلقِيه ورقاء بْن جميل في جُنْدٍ، فقال: ارجعْ بنا إلى مكّة، فرجع. واجتمع إلى محمد غَوْغاءَ أهل مكّة، وسُودان أهل المياه والأعراب، فعَبّأهم ببئر ميمون، وأقبل ورقاء وإسحاق بْن موسى بمن معهم مِن القُوّاد والْجُنْد فالتقوا وقُتِل جماعة. ثمّ تحاجزوا؛ ثمّ التقوا مِن الغد، فانهزم محمد وأهل مكّة. وطلب محمد الأمان، فأجابوه إِلَيْهِ، ثمّ نزح عَنْ مكّة، ودخلها إِسْحَاق ورقاء في جُمَادَى الآخرة. ذكر تفرُّق الطالبيّين عَنْ مكّة: وتفرّق الطالبيّون عَنْ مكّة كلّ قوم ناحية، فأخذ محمد ناحية جُدّة، ثمّ طلب الْجُحْفة. فخرج عَليْهِ محمد بْن حكيم مِن موالي آل العباس. وفد كَانَ الطالبيّون انتهبوا داره بمكة، وبالغوا في عذابه. فجمع عبيدًا ولحِق محمدًا بقرب عُسفان، فانتهب جميع ما معه حتى بقي في وسط سروايل. وهمّ بقتله، ثمّ رحِمَه وطرح عَليْهِ ثوبًا وعمامة، وأعطاه دُريهمات. فمضى وتوصّل إلى بلاد جُهَينة عَلَى الساحل، فأقام هناك أشهرًا يجمع الْجُمُوع، فكان بينه وبين والى المدينة هارون بْن المسيّب وقعات عند الشجرة وغيرها. فهُزم محمد، وفُقئت عينه بسهم، وقُتِل خلْق مِن أصحابه، ورُدّ إلى موضعه. ثمّ طلب الأمان مِن الْجُلُوديّ، ومن ابن عمّ الفضل بْن سهم رجاء، ورُدّ إلى

مكّة في آخر السَّنَةِ. فصعد عيسى بْن يزيد الْجُلُوديّ المنبرَ بمكة، وصعِد دونه محمد بْن جعفر، عَليْهِ قِباء أسود؛ فخلع نفسه، واعتذر عَنْ خروجه بأنّه بلغه موت المأمون. وقد صحّ عنده الآن أنّه حيّ، وخلع نفسه، واستغفر مِن فِعْله. ثمّ خرج بِهِ عيسى الْجُلُوديّ إلى العراق، واستخلف عَلَى مكة ابنه محمد بْن عيسى. فبعث الحَسَن بْن سهل بمحمد إلى المأمون. ذكر الحج هذا العام: وأقام الحجّ أبو إِسْحَاق المعتصم بْن الرشيد. مقتل هَرْثَمَة: وأما هَرْثَمَة، فلمّا فرغ مِن حرب أَبِي السرايا سار نحو خُرَاسان، فأتته الكتب مِن المأمون أن يرجع فيلي الشام أو الحجاز. فقال: لا أرجع حتى آتي أمير المؤمنين. إدلالا منه عَليْهِ، وليُشافِهه بمصالح، وليؤذي الفضل بْن سهل بأنّه لَيْسَ بناصح لَهُ. ففهم الفضل مُراده، فقال للمأمون: إنّ هَرْثَمَة قد ظاهَرَ عليك عدوّك، وعادي وليك، وخالف كتبك. وإن خلّيته كَانَ ذَلِكَ مفسدةً لغيره. فتوحّشَ عَليْهِ. وأبطأ هَرْثَمَة، ثمّ قِدم في أواخر السَّنَةِ، فقال لَهُ المأمون: مالأتَ علينا العلويّين، وداهَنْتَ، وحسّنت في السّرّ لأبي السرايا الخروج؟ فذهب هَرْثَمَة ليتكلّم ويدفع عَنْ نفسه، فلم يُقبل منه. وأُمِر بِهِ، فَوُجِئ عَلَى أنفه، ودِيس بطْنُه، وسُحِب وحُبس. ودسّ الفضل إلى الأعوان الغِلْظَة عَليْهِ، ثمّ قتلوه، وقيل مات. ذكر فتنة الْجُنْد ببغداد: وفيها هاج الْجُنْد ببغداد، لكون الحسن بن سهل ولم ينصفهم في العطاء، وبقيت الفتنة أيامًا. رجاء بْن أَبِي الضحّاك لإشخاص عليّ الرضا: وفيها وجّه المأمون رجاء بْن أبي الضحّاك، وهو الذي قِدم عَليْهِ محمد بْن جعفر ومعه قرناس الخادم، لإشخاص عَلَى بْن موسى الرضا.

ذكر إحصاء ولد العبّاس: وفيها أُحْصي وَلَدُ العبّاس، فبلغوا ثلاثة وثلاثين ألفًا ما بين ذكرٍ وأنثى. ذكر قتل الروم ملكهم اليون: وفيها قتلت الروم ملكها اليون، وكان قد تملك عليهم سبْعٍ سنين ونصفًا. ثمّ ملّكوا عليهم ميخائيل بْن جورجس ثانية. ذكر قتل يحيى بْن عامر: وفيها قتل المأمون يحيى بْن عامر بْن إسماعيل، لكونه أغلظ لَهُ وقال له: يا أمير الكافرين1.

_ 1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 311-312"، تاريخ الطبري "8/ 534-545"، الكامل "6/ 320"، النجوم الزاهرة "1672"، صحيح التوثيق "6/ 151".

تراجم الأعيان في هذا العشر

تراجم الأعيان في هذا العَشْر: "حرف الألِف": 1- أحمد بن بشير الكوفي1. أبو بكر مَوْلَى بني مخزوم عَنْ: هاشم بْن هاشم الزُّهْرِيّ، والأعمش، وعبد الله بْن شُبْرُمة، ومجالد، وغيرهم. وعنه: محمد بْن سلام البيكَنْديّ، وسلْم بْن جُنادة، والحسن بْن عَرَفَة، وغيرهم. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 2- أحمد بْن موسى بْن أَبِي مريم2. أبو بَكْر، وقيل أبو عبد الله الخزاعي البصري اللّؤلؤيّ المقرئ. سَمِعَ: ابن عَوَانة، وأبان بْن تغلب، وعامر الجحدري.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 42"، والميزان "1/ 85". 2 الجرح والتعديل "2/ 75"، الثقات لابن حبان "6/ 3".

وروى القراءة عَنْ: عيسى بْن عَمْرو، وعاصم الْجُحْدُريّ، وأبي عَمْرو بْن العلاء، وإسماعيل القسْط. وروى عَنْهُ: رَوْح بْن عَبْد المؤمن، ومحمد بْن يحيى القطعيّ، وخليفة بْن خيّاط، ونصر الجهضمي، ومحمد بن المثنى، وطائفة. قال أبو زرعة الرازي: صدوق قدري. وكنّاه مُسْلِم: أبا بَكْر. 3- إبراهيم بْن الأغلب بْن سالم التّميميّ القيرواني الشهيد أمير المغرب1. كَانَ مِن وجوه جنْد مصر، فوثب، بعد موت أبيه، هُوَ واثنا عشر رجلا بمصر، فأخذوا مِن بيت المال مقدار أرزاقهم، لم يزيدوا عَلَى ذَلِكَ، وهربوا فلحقوا بالزّاب مِن نواحي قيروان. فاعتقد إبراهيم بْن الأغلب عَلَى مِن كَانَ في تِلْكَ الناحية مِن الْجُنْد وغيرهم الرياسة. وأقبل بُهدي إلى هَرْثَمَة بْن أَعْيَن أمير القيروان يومئذٍ ويُلاطفه، ويُعلمه أنّي عَلَى الطاعة، وأنّني ما دعاني إلا الحاجة ومطل الديون لي. فاستعمله هَرْثَمَة عَلَى ناحية الزّاب، فكفاه أمرَها وضبطها. وقِدم عَلَى المغرب محمد بْن مقاتل العكّي، فأساء إلى الناس وَظَلَمَ، فقاموا عَليْهِ، فَنَجَدَه ابنُ الأغلب وأعاده إلى القيروان بعد أن طردوه منها. ثمّ كاتبوا الرشيد يستقيلونه مِن ابن مقاتل. فاستعمل عليهم ابن الأغلب لمّا رَأَى نهضته وحُسْن طاعته وانقيادَ اهل القيروان لَهُ. وكان فقيهًا، دينًا، خطيبًا، شاعرًا، ذا رأي وحزم وبأس ونجدة، وسياسة، وحُسن سيرة. قَلّ أنْ ولي أفريقيةَ أحدٌ مثله في العدل والسياسة. وقد طلب العلم وأخذ عَنْ: اللَّيْثُ بْن سعْد، وغيره. وكان اللَّيْثُ يكرمه، وأعطاه جارية حسناء هي أمّ ابنه زيادة الله. وكان لَهُ بمصر أخ اسمه عَبْد الله، محتشم نبيل. وأرسل أولاده إلى عند عمّهم إبراهيم. وكان مما رفع منزلة إبراهيم بْن الأغلب عند الرشيد ظَفَرُهُ بإدريس بن عبد الله بن

_ 1 وفيات الأعيان "2/ 193-194"، والسير "9/ 128-129".

حسن الحَسَنيّ نزيل المغرب وقتْله. وأشار هَرْثَمَة بْن أَعْيَن عَلَى الرشيد أيضًا بتوليته. وبالغ في وصفه، فولاه في أثناء سنة أربعٍ وثمانين ومائة. وردّ محمد العَكّي إلى المشرق، وانقمع1 الشرّ بالمغرب، وحسُنت حال إفريقية. وبني مدينة سمّاها العباسية. وكان يتولّى الصلاة بنفسه في جامع القَيروان. وكان عالمًا عاملا بعِلْمه، عَثَر يومًا في حصيرة المسجد، فدخل وقال لرؤساء الدّولة: استنكهوني. ففعلوا. فقال: إنّي خشيت أن يقع لأحدكم أنّي سَكْران. وخرج عَليْهِ بتونس حمديس بْن عبد الرَّحْمَن الكِنْديّ، فحاربه وظفر بِهِ، وقتل عشرة آلاف مِن عسكر حمديس في سنة ستٌّ وثمانين، وبعث برأس حمديس إلى الرشيد. وكان قائد جيوشه عِمران بْن مَخْلَد، وكان نازلا عنده في قصره، ثمّ خرج عَلَى ابن الأغلب وحشد، واستولى عَلَى أكثر بلاد إفريقية. وخَنْدَق إبراهيم عَلَى نفسه. وأقامت الحرب بينهما سنة، وهما كفَرسَي رهان، فأمدّه الرشيد بخزانة مالٍ مَعَ جماعة قُوّاد. فقوي ابن الأغلب، وتقلّل الْجُنْد عَنِ ابن مَخْلَد، والتفوا عَلَى ابن الأغلب لأخْذ أُعطياتهم. تُوُفّي ابن الأغلب عَلَى إمرة المغرب لثمان بقين مِن شوّال سنة ستٌّ وتسعين ومائة. وله ستٌّ وخمسون سنة. وولي بعده ابنه عَبْد الله، فأمّن عِمران وأكرمه وصيّره معه في قصره. ثم خاف غائلته2 فقتله. واشتغل الأمين والمأمون بأنفسهما واختبط أمر المغرب وغيرهما. 4- أبان بن عَبْد الحميد الرّقاشيّ3. مولاهم البصْريّ الشّاعر الشهير. مقدّم في الشّعْر والأدب، وله بَصَرٌ بالعِلم والفِقه. وكان ديّنًا خيَّرًا متألهًا، متهجدًا.

_ 1 انقمع: انتهى أو توقف. 2 غائلته: غدره وخيانته. 3 انظر: تاريخ بغداد "7/ 44-45"، تاريخ الطبري "8/ 242".

نظم للبرامكة كتاب "كليلة ودِمْنَة" أُرجوزة في أربعة آلاف بيت، فأجازه الوزير يحيى بْن خَالِد بعشرة آلاف دينار، فتصدّق بنصفها. أثنى عَليْهِ الخطيب، وذكره في تاريخه. 5- إبراهيم بْن صدقة. أبو عامر الأنصاريّ1، بصْريّ، قليل الرواية. سَمِعَ: قيس بْن عُبَيْد، وسُفْيان بْن حسين. وعنه: محمد بْن الْمُثَنَّى العنْبريّ، وأحمد بْن نصر المقرئ. 6- إبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي محذورة الْجُمَحيّ الْمَكَّيّ2 عخ، ت، س. عَنْ: جَدّه، وأبيه. وعنه: الشافعي، والحميدي، وجماعة. 7- إبراهيم بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران الهلالّي3 -د. س. ق. مولاهم الكوفيّ، أخو سُفْيان، وعِمران، وآدم، ومحمد. يُكَنَّى أبا إِسْحَاق. روى عَنْ: أبي حيّان يحيى بْن سَعِيد التَّيميّ، ومِسْعر بْن كَدَام، وعَمرو بْن منصور الهمَدانيّ. وعنه: أحمد بْن بُديل، ويحيى بْن مَعِين، وعليّ بْن محمد الطَّنَافسيّ، والحسن بْن عليّ بْن عفّان العامريّ، وهو آخر أصحابه. وتوفي سنة سبْعٍ وتسعين أيضًا. قَالَ النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ. 8- إبراهيم بْن هُدْبة، أبو هُدْبة البصْريّ4. يحدث عن أنس بالبواطيل.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 106"، والتهذيب "1/ 128". 2 الجرح والتعديل "2/ 113"، والتهذيب "1/ 141". 3 الجرح والتعديل "2/ 118-119"، والتهذيب "1/ 149". 4 الجرح والتعديل "2/ 143-144"، والميزان "1/ 71-72".

روى عَنْهُ: حُمَيْد بْن الربيع، ومحمد بْن عُبَيْد الله بْن المنادي، وسَعْدان بن نصرة، والخضر بْن أبان، وله عَنْهُ نسخة، ورُسْتَة. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: قِدم أصبهان فحدّث عَلَى المنبر، عَنْ أنس، فرُفع ذَلِكَ إلى جرير بن عبد الحميد، فصدقه. قال: وكن المأمون أيضًا يُصدّقه فيها. وتصديقهما لا ينفعه، فإنّه ذاهب الحديث، مُتهمٌ عندَ الحُفّاظ بالكِذب. ولمحمد بْن سُلَيْم المقرئ عَنْهُ نسخة. قَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: قِدم أبو هُدْبة، فاجتمع عَليْهِ الناس وقالوا لَهُ: اخْرِجْ رِجْلَك. خافوا أن تكون رِجْلُه رجلَ حمار أو شيطان. وقال أحمد بْن سيّار القطّان: سَمِعْتُ محمد بْن بلال الكِنْديّ يَقُولُ: كان أبو هدبة عدو الله يحفل1 النغم عندنا بواسط. وقال أبو حاتم الرّازيّ: كذّاب. قلت: بقي إلى سنة مائتين. 9- إبراهيم بْن يزيد بْن مَرْدانبَة الكوفيّ2. مولى عَمْرو بْن حُرَيْث. عَنْ: رَقَبَة بْن مَصْقَلَة، وإسماعيل بْن أَبِي هالة. وعنه: أبو كُرَيْب، وأبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وجماعة. 10- إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إسحاق عَمْرو بن عبد الله الهمجاني السَّبِيعيّ الكوفيّ3 -س. ت. ق. عَنْ: أَبِيه وجده.

_ 1 حفل: اللبن في الضرع حفولًا: اجتمع، وحفل الشيء: جلاه، وأظهر حسنه. المعجم الوجيز "ص/ 161". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 145"، والتهذيب "1/ 179". 3 الجرح والتعديل "2/ 148"، والتهذيب "1/ 183-184".

وعنه: أبو كُرَيْب، وإسحاق بْن منصُور السَّلُوليّ، وأبو عُبَيْدة بن أَبِي السَّفَر. ضعّفه ابن مَعين. وقال أبو حاتم: حسن الحديث. وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ. قلت: حديثه في الصحيحْين. وتُوُفّي في سنة ثمانٍ وتسعين. 11- أسامة بْن حفص المدنيّ1. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، ويحيى بْن سَعِيد. وعنه: أبو ثابت محمد بْن عُبَيْد الله المدنيّ، وإبراهيم بْن حمزة الزُّبَيْريّ، وغيرهما. روى لَهُ الْبُخَارِيّ حديثًا، وأغفله في تاريخه، وكذا ابن أَبِي حاتم. 12- أسباط بْن محمد، أبو محمد بْن أَبِي عَمرو الكوفيّ2 -ع. والد عُبَيْد بْن أسباط. عَنْ: الأعمش، وأبي إسحاق الشيباني، وعمرو بْن قيس المُلائيّ، وزكريّا بْن أَبِي زائدة. وعنه: أحمد، وإسحاق، والحسن الزَّعْفرانيّ، والحسن بْن عليّ بْن عفّان. وثقه ابن مَعِين. تُوُفّي سنة مائتين في المحرَّم. قَالَ ابن عمّار المَوْصِليّ: قَالَ لنا وكيع: إنّ لأسباط بْن محمد الْقُرَشِيّ ألف حديث، فاسمعوا منه.

_ 1 انظر: الميزان "1/ 174"، التهذيب "1/ 206-207". 2 الجرح والتعديل "2/ 332-333"، والتهذيب "1/ 211".

13- إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن الحسين الهاشميّ الحُسَينيّ الْمَدَنِيُّ1 -ت. ق. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جعفر المَخْرميّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر المليكيّ. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، ويعقوب بْن حميد. قَالَ ابن مَعِين: ما أراه إلا كَانَ صادقًا. 14- إسحاق بْن إسماعيل. أبو يزيد الرّازيّ حيَّوَيْه2. عَنْ: عَمْرو بن أبي قُبَيس، ونُعَيْم بْن مَيْسَرة، ونافع بْن عمر الْجُمَحيّ. وعنه: محمد بْن سَعِيد بْن الأصبهاني، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وأبو بكر بْن أبي شَيْبة، وأخوه عثمان، وآخرون. قَالَ ابن مَعِين: أرجو أن يكون صادقًا. 15- إسحاق بْن الربيع العُصْفُري الكوفيّ3. عَنْ: الأعمش، وداوود بْن أَبِي هند، ومِسْعَر، وأبي مالك النَّخَعيّ. وعنه: محمد بن عمر بن الوليد الكندي، وأحمد بْن بُدَيْل، ومحمد بْن إسماعيل الأحْمُسيّ، وغيرهما. ولا جَرْح فيه. 16- إِسْحَاق بْن سليمان الرازي4 -ع. أبو يحيى الكوفي. نزل الرَّيّ. عَنْ: حنظلة بْن أَبِي سُفْيان، وابن أَبِي ذيب، وحَرِيز بْن عثمان، وطبقتهم. وعنه: محمد، وأحمد، ومحمد بْن رافع، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 215"، والتهذيب "1/ 229". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 212"، والثقات لابن حبان "8/ 110". 3 الجرح والتعديل "2/ 220"، والتهذيب "1/ 232". 4 الجرح والتعديل "2/ 223-224"، التهذيب "1/ 235".

الأزهر، وخِلْق آخرهم الحَسَن بْن مُكْرَم البزّاز. وكان سيّدًا صالحًا خاشعًا ثقة حُجّة. قَالَ أحمد بْن الفُرات: رَأَيْته يروي حديثًا. فضحك غلام فأخرجه. قَالَ: ويقال إنّه كَانَ مِن الأبدال. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين، وقيل سنة مائتين. قَالَ إسحاق الكَوْسج: ما كَانَ أَبْيَنَ خشوعه. كَانَ يبكي كلّ ساعة. 17- إسحاق بن عيسى البغدادي1. أبو هاشم سبط داوود بْن أبي هند. سَمِعَ: الأعمش، وابن أَبِي ذيب، والثوري. وعنه: الحسن بن الصباح البزار، وإسحاق بْن بُهْلُولٍ التّنُوخيّ. قَالَ الخطيب: وكان ثقة. جاور بمكة. 18- إسحاق بْن نَجِيح المَلَطيّ2. أبو صالح نزيل بغداد. عَنْ: هشام بْن حسّان، وابن جُريْج، وجماعة. وعنه: سُوَيد بْن سَعِيد، وعليّ بْن حجر. قَالَ ابن مَعِين: كذّاب عدوّ الله. وقال أبو حاتم بْن حيان: هُوَ دجّال مِن الدَّجاجلة. وقال الفلاس: يضع الحديث. 19- إسحاق بن يوسف بن مرداس3 -ع. أبو محمد القرشي الواسطي الأزرق الحافظ.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 230"، والتهذيب "1/ 245". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 235، 236"، والميزان "1/ 200-202". 3 الجرح والتعديل "2/ 238"، والسير "9/ 171، 172".

عَنِ: الأعمش: وابن عَوْن، وفُضَيْل بْن غَزْوان، ومِسْعَر. وعنه: أحمد، وابن مَعِين، وأحمد بْن مَنِيع، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وسَعْدان بْن نصر، وآخرون. وكان ثقة ثَبْتًا مِن العابدين. ولد سنة بضْعَ عشرة ومائة. وقيل: إنّه مكث عشرين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين. وكان أعلم الناس بشرِيك. وقد قرأ القرآن عَلَى حمزة، وسمع الحروف مِن أَبِي بَكْر بْن عيّاش، وله اختيار في القراءة يروي عَنْ جملة. عَنْهُ: إسماعيل بْن هُود الواسطيّ، وعبد الله بْن هانس، وغيرهما. 20- إسماعيل بْن إبراهيم بْن مِقْسَم1 -ع. أبو بشر الأسدي، مولاهم البصْريّ، الإِمَام ابن عُلَيّة، وهي أمّه. أصله كوفيّ. سَمِعَ: أيّوب السّخْتيانيّ، وإسحاق بْن سُوَيد العَدويّ، وحُمَيْد الطويل، وعليّ بْن زيد، وعطاء بْن السّائب، ومحمد بْن المُنْكَدِر، وعبد الله بْن أبي نَجِيح، ويونس بْن عُبَيْد، وسُهيل بْن أَبِي صالح، والْجُريريّ، وأبا التّيّاح الضُّبعيّ، وعبد العزيز بْن صُهَيب، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وابن عَوْن، وطائفة. وعنه: شُعبة، وابن جُرَيج، وحمّاد بْن زيد وهم أكبر منه. وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وأحمد، وإسحاق، وابن مَعِين، وعليّ بْن المَدِينيّ، وبُنْدار، وخلْق كثير آخرهم موسى بْن سهل الوشّاء. وكان حُجّة حافظًا فقيهًا. ولد سنة عشرٍ ومائة.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 153-155"، والسير "9/ 107-120".

وكان يَقُولُ: مَن قَالَ ابن عُلَيّة فقد اغتابني. قَالَ مؤمّل بْن هشام: سمعته يَقُولُ: لقيت محمد بْن المُنْكَدِر، وسَمِعْتُ منه أربعة أحاديث. فَقُلْتُ: ذا شيخ. فلمّا قدمت البصرة إذا أيّوب يَقُولُ: ثنا محمد بْن المُنْكَدِر. وقال غُنْدَر: نشأت في الحديث يوم نشأن وليس أحدٌ يُقَدَّم في الحديث عَلَى ابن علية. وقال أبو داوود: ما أحدٌ مِن المحدّثين إلا أخطأ، إلا ابن عُلَيَّة، وبِشْر بْن الْمُفَضَّلِ، وقال ابن مَعِين: كَانَ ابن عُلَيَّة ثقة ورِعًا تقيًا. وقال يُونُس بْن بُكَيْر: سَمِعْت شُعْبَة يَقُولُ: ابْن علية سيد المحدثين. وقال عمرو بْن زُرارة: صحِبْتُ ابنَ عُلَيَّة أربَعَ عشرةَ سنة فما رَأَيْته تبسّم فيها. قَالَ عفّان: نا خَالِد بْن الحارث قَالَ: كنّا نُشبّه ابن عُلَيَّة بيونس بْن عُبَيْد. وقال إبراهيم بْن عَبْد الله الهروي: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: دخلت البصرة وما بها خلقٌ يفضل عَلَى ابن عُلَيَّة في الحديث. وقال زياد بْن أيوب: ما رأيتُ لابن عُلَيَّة كتابًا قطّ. وكان يُقال ابنُ عُلَيَّة يَعُدّ الحروف. وقال حَمّاد بْن سَلَمََةَ: ما كُنَّا نُشبّه شمائل إسماعيل إلا بشمائل يونس بْن عُبَيْد، حتى دخل فيما دخل فيه. قلت: وقد ولي القضاء ولعث إِلَيْهِ ابن المبارك يُعنّفه بأبياتٍ حسنة لدخوله في الصَّدَقات. وروى الخطيب في تاريخه: إنّ الحديث الَّذِي أُخِذ عَليْهِ شيء يتعلّق بالكلام في القرآن. دخل عَلَى محمد بْن هارون الأمين فشتمه، فقال: أخطأت. وكان حدَّث بهذا: تجيء البقرة وآل عِمران كأنّهما غمامتان يُحَاجّان عَنْ صاحبهما. فقيل لابن عُلَيَّة: أَلَهُما لسان؟ قَالَ: نعم.

فقالوا: إنّه يَقُولُ القرآن مخلوق؛ وإنّما غلط. وقال الفضل بْن زياد: سَأَلت أحمد بْن حنبل عَنْ وُهيب وابن عُلَيَّة: أيُّهما أحبّ إليك إذا اختلفا؟ قَالَ: وُهيب، ما زال إسماعيل وضيعًا مِن الكلام الَّذِي تكلّم فيه إلى أن مات. قلتُ: أليس قد رجع وتاب على رؤوس الناس؟ قَالَ: بلى، ولكنْ ما زال لأهل الحديث. بعد كلامه ذَلِكَ مبغضًا وكان لا ينصف في الحديث كان يحدّث بالشفاعات1. وكان معنا رجلٌ مِن الأنصار يختلف إلى الشيوخ فأدخلني عَليْهِ، فلمّا رآني غضب، وقال: مَن أدخل هذا عليَّ؟ قَالَ أحمد: وبلغني أنّه أُدخِل عَلَى الأمين، فلمّا رآه زحف إليه وقال: يا ابن -يا ابن تتكلَّم في القرآن؟ وجعل إسماعيل يَقُولُ: جعلني الله فِداك، زَلَّةٌ مِن عالم. ثمّ قَالَ أحمد: إنّ يغفر الله لَهُ فيها، يعني الأمين. ثمّ قَالَ: وإسماعيل ثَبْت. وقال الفضل بْن زياد: قلت يا أبا عَبْد الله إنّ عَبْد الوهاب قَالَ: لا يحبّ قلبي إسماعيل أبدًا. لقد رَأَيْته في المنام وكان وجهه أسود. فقال: عافي الله عَبْد الوهاب. ثمّ قَالَ أحمد: لقد لزِمتُ إسماعيل عشرَ سِنين إلا أن أُغيب. ثمّ جعل يحرّك رأسه كأنه يتلهَّف، ثمّ قَالَ: وكان لا يُنْصِف في التحديث، ويحدّث بالشفاعات. قَالَ المؤلّف: لا ينبغي إلا تعظيم ابن عُلَيَّة، فقد كانت منه هفوة ثمّ تاب منها. فكان ماذا؟ مات ابن عُلَيَّة في ذي القِعْدة سنة ثلاثٍ وتسعين. وحديثه بعُلُوّ درجتين في الغيلانيّات. 21- إسماعيل بْن إبراهيم الكرابيسيّ البصْريّ2 -ق. صاحب القُوهيّ. عَنْ: ابن عَوْن، وسُلَيْم القاصّ.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 239". 2 انظر: الميزان "1/ 214"، والتهذيب "1/ 280، 281".

وعنه: محمد بْن عَبْد الله بْن حفص الأنصاري، وحفص بن عمرو الربالي، ومُثَنَّى بْن مُعَاذ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. وثّقه حد. 22- إسماعيل بْن إبراهيم، أبو يحيى التَّيْميّ الكوفيّ الأحْوَل1 -ت. ن. عَنْ: عطاء بن السائب، والأعمش، ومخارق الأحمسيّ، ومطر، وطائفة. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن عُبَيْد المحاربيّ، وآخرون. ضعّفه ن، وغيره. وقال ابن نُمَير: ضعيف جدّا. 23- إسماعيل بْن حكيم. صاحب الزيّاديّ. بصْريّ2. روى عن: محمد بن المنكدر، والفضل بن عيسى الرقاشي، والْجُرَيريّ، وجماعة. وعنه: عٌقبة بْن مُكْرَم، وأزهر بْن جميل، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رسْتة. كذا ذكره ابن أَبِي حاتم ولم يُضعّفْه. 24- إسماعيل بن زياد -ت. أو ابن زياد السكوني قاضي المَوْصِل3. عَنْ: ثور بْن يزيد، وابن جُرِيج، والثَّوْريّ، وشُعْبَة. وعنه: مسعود بْن جُوَيْرية، ونائل بْن نَجيح، ومحمد بْن الحسين البُرْجُلانيّ، وآخرون. قال ابن عدي: منكر الحديث.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 155"، والتهذيب "1/ 281". 2 الجرح والتعديل "2/ 165". 3 انظر: الميزان "1/ 230"، والتهذيب "1/ 298-301".

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الكُتُب إلا عَلَى سبيل القدْح فيه. 25- إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْن ثابت، أبو مُصْعَب الأنصاريّ1 نافلة كاتب الوحي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. روى عَنْ: أَبِيه، وأبي حازم الأعرج. وعنه: إبراهيم بْن حمزة الزُّبَيْريّ، وأبو بَكْر عَبْد الرحمن بْن شَيبة الحزاميّ. قَالَ أبو حاتم: مدنيّ ضعيف الحديث. وقال غيره: إنّه عُمّر إحدى وتسعين سنة. 26- إسماعيل بْن محمد بْن جُحادة الكوفيّ العطّار الضّرير2. عن: أبيه، وداوود بْن أَبِي هند، وأبي مالك الأشجعيّ، وغيرهم. وعنه: الأشجّ، وسُفْيان بْن وكيع، ونصر الْجَهْضَميّ، وأحمد بْن بُدَيْل، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صَدُوق. 27- إسماعيل بْن يحيى بْن عُبَيْد الله التَّيميّ البكْريّ الكوفيّ3. أبو عليّ. عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وأبي حنيفة، وغيرهما. وعنه: محمد بْن حرب النَّسَائيّ، وسَعْدان بْن نصر. قَالَ صالح جزرة وغيره: كان يضع الحديث. وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه، ولا الاحتجاج بِهِ بحال. وقال: يروي عَنْ مِسْعَر، وفِطْر بْن خليفة أيضا. 28- أشجع بن عمرو السلمي4. الشاعر، بصري.

_ 1 المجروحين "1/ 127"، والميزان "1/ 245". 2 الجرح والتعديل "2/ 195"، والميزان "1/ 246". 3 الجرح والتعديل "2/ 203"، والميزان "1/ 253". 4 انظر: تاريخ بغداد "7/ 45"، وفيات الأعيان "1/ 221-222".

له نظم بديع، مدح الرشيد وغيره؛ وكان جعفر البرمكي يجري عليه في الجمعة مائة دينار. 29- أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد اليامي الكوفي1 -ت. عن: مجالد، وعبيد الله بن عمر. وعنه: أحمد بن منيع، وأبو سعيد الأشج، والحسن بن عرفة. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ أَبُو حاتم: محله الصدق. 30- أشعث بن عبد الله الخراساني السجستاني2 -د. نزيل البصرة. عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وعوف، وشُعْبَة. وعنه: محمد بْن أَبِي بَكْر المُقَدَّميّ، ومحمد بْن عُمَر المُقَدَّميّ، ونصر بن علي الجهضمي، والفلاس. وثقه أبو داوود. روى له حديثًا. 31- أشعث بن شعبة -د. أبو أحمد المصيصي3. أصله خُرَاسانيّ، سكن الثَّغْر. روى عَنْ: إبراهيم بن أدهم، وأرطأة بن المنذر، والمنهال بن خليفة، وورقاء بن عمر. وعنه: محمد بن عيسى بن الطباع، والمسيب بن وضاح، وأبو الطاهر بن السرح، ويعقوب بن كعب الأنطاكي.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 274"، التهذيب "1/ 356". 2 الجرح والتعديل "2/ 274"، والتهذيب "1/ 356". 3 الجرح والتعديل "2/ 272، 273"، التهذيب "1/ 354".

قال أبو زرعة: لين. وذكره ابن حبان في الثقات. 32- أمية بن خالد القيسي1 -م. د. ن. أبو عبد الله، أخو هدبة. بصري، ثبت. روى عن: شُعْبَة، والثَّوْريّ، وأبي الجارية العبْديّ، وطائفة. وعنه: أبو حفص الفلاس، وبُنْدار، ومحمد بْن مُثَنَّى، وطبقتهم. وثّقه أبو حاتم. مات في آخر سنة مائتين عَلَى الصحيح. قَالَ الأثرم: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله يُسأل عَنْ أُمَيَّة بْن خَالِد فلم أره يحمده في الحديث وقال: إنّما كَانَ يحدَّث مِن حِفْظه ولا يُخْرِج. 33- أنس بن عياض الليثي2 -ع. أبو ضمرة المدني، بقيّة المُسْنِدين الثَّقات. ولد سنة أربعٍ ومائة. وروى عَنْ: شَريك بْن أَبِي نَمِر، وَسُهَيْلِ بْن أَبِي صالح، وهشام بْن عُرْوة، وأبي خازم الأعرج، وربيعة الرأي، وصَفْوان بْن سُلَيْم، وطبقتهم مِن صغار التّابعين. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن المَدِينيّ، وأحمد بْن صالح، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عَبْد الحَكَم، وخلْق كثير. وروى عَنْهُ مِن أقرانه بقيّة بْن الوليد. قَالَ أبو زُرعة، والنَّسَائيّ: لا بأس بِهِ. وقَالَ يُونُس بْن عَبْد الأعلى: ما رَأَيْت أحدًا أحسنَ خُلُقًا من أَبِي ضَمْرة، ولا أسمح بِعلْمه منه. قَالَ لنا: والله لو تهيّأ لي أن أحدّثكم بكلّ ما عندي في مجلس لفعلت.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 302"، والتهذيب "1/ 370". 2 الجرح والتعديل "2/ 289"، والتهذيب "9/ 375، 376".

قلت: مات سنة مائتين، وله ستٌّ وتسعون سنة. 34- أوس بْن عَبْد الله بْن بُريدة بْن الحُصَيْب الأسلميّ المَرْوَزِيّ1. روى عَنْ: أخيه سهيل، والحسين بْن واقد. ولم يدرك أَبَاهُ، لعلّه مات وأوس حَمْل. روى عَنْهُ: سليمان بْن عُبَيْد الله، ومحمد بْن مقاتل، والحسين بْن حُرَيْث المَرْوَزِيُّون. قَالَ أبو حاتم: سألنا المَرَاوِزة عَنْهُ فعرفوه وقالوا: تَقَادَمَ موتُه. 35- أوس بْن عَبْد الله السَّلُوليّ البصْريّ2. عَنْ: بُرَيْد بْن أَبِي مريم. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، ومُسَدّد، وغيرهم. وهو قديم الوفاة. 36- أيّوب بْن تميم، أبو سليمان التّميميّ الدّمشقيّ3. مقرئ أهل الشام. قرأ عَلَى: يحيى الذَّماريّ، وأبي عَبْد المُلْك الذَّماريّ. تلا عَليْهِ: ابن ذَكْوان، والوليد بْن عُتْبة. وحمل عَنْهُ الحروف: أبو مُسْهٍر، وهشام بْن عمّار. وقد روى الحديث عَنْ: الأوزاعيّ، وعثمان بْن أَبِي العاتكة، وغيرهما. حدَّث عَنْه: هشام، ودُحَيْم، وآخرون. وهو ثقة، في الحديث والقراءة. مات بعد التّسعين ومائة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 305، 306"، والميزان "1/ 278". 2 الجرح والتعديل "2/ 350"، والثقات لابن حبان "6/ 73". 3 الجرح والتعديل "1/ 205"، والثقات لابن حبان "6/ 59".

37- أيّوب بْن حسّان الْجُرشيّ الدّمشقيّ1. أبو حسّان. عَنْ: هشام بْن عُرْوة، ويونس بْن يزيد، والأوزاعي، وثور بْن يزيد، وطائفة. وعنه: هشام بْن عمّار، ودُحَيْم، وسليمان الشُّرَحْبيليّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعة الدّمشقيّ: مقارِب. 38- أيّوب بْن المتوكّل البصْريّ الصَّيْدلانيّ2. المقرئ الإِمَام. سَمِعَ: فَضَيْلَ بْن سليمان، وطبقته. وتلا عَلَى: الكِسائيّ، وعلى: سلام الطّويل، وحُسين الْجُعْفيّ. واختار لنفسه مَقْرءًا. روى عَنْهُ: عليّ بْن المَدِينيّ، ويحيى بْن مَعِين، ومحمد بْن يحيى القُطَعيّ. وَأَجَلُّ مِن تلا عَليْهِ القُطَعيّ. قَالَ ابن المَدِينيّ: نا أيّوب بْن المتوكّل، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ قَالَ: لا يكون إمامًا مِن أخذ بالشاذّ مِن العِلْم، ولا مِن روى عَنْ كلّ أحد، ولا مِن روى كلّ ما سمِع. ويقال: إنّ يعقوبَ الحضرميّ وقف عَلَى قبر أيّوب لما دُفِن، وقال: يرحمك الله يا أيّوب، ما تركتَ خَلَفًا أعلم بكتاب الله منك. وعن أيّوب قَالَ: ما غلبتُ يعقوبَ إلا بالأثر. وقال إسحاق بْن إبراهيم الشهيديّ: دخلت الكوفة فأتيتُ ابنَ إدريس الأَوْديّ، فأوّل ما سألني عَنْ أيّوب، ما فعل أيّوب؟ قلت: بخير، قَالَ: يُقرئ؟ قلت: نعم! قال: ذاك أقرأ الناس.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 244". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 459"، وتاريخ بغداد "7/ 7، 8".

وقال أحمد بْن سِنان القطّان: سَمِعْتُ أيّوب بْن المتوكّل يَقُولُ: قرأت عَلَى يحيى القطّان، وطلب منّي كتاب الحروف، فسمِعه منه. قَالَ أبو حاتم السّجسْتانيّ: أيّوب بْن المتوكّل مِن أقرأ القرّاء وأرواهم للآثار في القرآن. قلت: وثّقه ابن المَدِينيّ. ومات سنة مائتين كهْلا. 39- أيّوب بْن واصل البصْريّ1. سَمِعَ: ابن عَوْن. وعنه: إبراهيم بن المنذر، وعَبْد اللَّه بْن محمد المسِنديّ، ومحمد بْن أسد الخشنيّ، وجماعة. وهو قليل الحديث. قَالَ أبو حاتم: يكتب حديثه. 40- أيوب بن واقد الكوفي2 -ت. أبو الحسن، ويقال أبو سهل. سكن البصرة وحدَّث عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وعثمان بْن حكيم. وعنه: بِشْر بْن مُعَاذ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَدَاهِرُ بْنُ نوح، وجماعة. قَالَ أحمد: ضعيف الحديث. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتابع عَليْهِ. "حرف الباء": 41- بشّار بْن قيراط.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 261"، والميزان "1/ 259". 2 الجرح والتعديل "2/ 260"، والميزان "1/ 259".

أبو نُعَيْم النَّيْسابوريّ نزيل الرَّيّ1. وهو أخو حمّاد بْن قيراط. روى عَنْ: هشام بْن حسّان، وابن جُرَيج، وبكر بن معروف، والثوري، وجعفر بن محمد، وشعبة، وطبقتهم. وعنه: عبد الله بن الوليد بن مهران، وعمرو بن رافع القزويني، ونوح بن أنس. قال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ. وقال أبو زُرعة: يكذب، وأخوه حمّاد صَدُوق. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إِلَى الضَّعْفِ أَقْرَبُ. 42- بَزِيع بْن حسّان. أبو الخليل البصْريّ الخصّاف2. عَنْ: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وثابت البُنانيّ. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن المبارك، وأزهر بْن جميل، ومحمد بْن بكّار، ويحيى بْن سَعِيد العطّار، ومحمد بْن صدران. وهو متروك، اتهمه ابن حيان، وغيره، أتى بعجائب لا تُحتَمل. 34- بِشْر بْن إبراهيم الأنصاريّ المفلوج3. عَنْ: ثور بْن يزيد، والأوزاعي، وأبي مُرَّة الرّقاشيّ، ومبارك بْن فَضَالَةَ. وعنه: داهر بْن نوح، وعبد الله بْن يوسف الْجُبيريّ، ويوسف بْن بحر، ومحمد بْن عبد الله بن بزيع، وجماعة. ضعفه أبو حاتم، وغيره، وقال ابن عَدِيّ: هُوَ عندي ممّن يضع الحديث. 44- بِشْر بْن الحَسَن -ن. أبو مالك البصري4، أخو حسين بن الحسن.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 417"، والميزان "1/ 310". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 421"، والميزان "1/ 306". 3 الجرح والتعديل "2/ 351"، والميزان "1/ 311". 4 الجرح والتعديل "2/ 355"، والتهذيب "1/ 447".

عَنْ: ابن عَوْن، وأشعث بْن سوار، وابن جرَيْج. وعنه: عُمَر بْن شُعْبَة، وهارون الحمّال، وعثمان بْن أَبِي صفْوان، ومحمد بْن عَبْد الله المخرميّ. قَالَ هارون الحمّال: ثقة ثقة. وقيل: كَانَ يحافظ عَلَى الصّفّ الأوّل خمسين سنة بجامع البصرة. 45- بشر بن السري -ع. أبو عمرو البصري الواعظ العابد الملقَّب بالأَفْوَه1. نزيل مكّة، سَمِعَ: مِسْعَرا، والثَّوْريّ، وزائدة، ومالكًا، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وطائفة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن المَدِينيّ، والفلاس. قَالَ أحمد بْن حنبل: كَانَ متقنًا للحديث عَجَبًا. وقال أبو حاتم: ثَبْتُ صالح. وقال يحيى بْن مَعِين: ثقة. وقال ابن عدي: يقع في حديثه ما ينكر، وهو في نفسه لا بأس بِهِ. وقال العُقَيْليّ: هُوَ في الحديث مستقيم. حَدَّثَنَا أحمد الأبّار، نا عوّام قَالَ: قَالَ الحُمَيْديّ: كَانَ بِشْر بْن السَّريّ جَهْميًا2، لا يحلّ أن يُكْتَب حديثه. قلت: قد صحّ رجوعه عَنِ التجهُّم. حَدَّثَنَا جعفر الفِرْيابيّ، ثنا أحمد بْن محمد المقدمي، ثنا سليمان بْن حرب قَالَ: سَأَلَ بِشْر بْن السَّريّ حمّادَ بْن زيد فقال: الحديث الَّذِي جاء أنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا يتجوّل مِن مكان إلى مكان؛ فسكت حمّاد ثمّ قَالَ: هُوَ في مكانه يقربُ مِن خلقة كيف شاء.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 358"، والتهذيب "1/ 450". 2 الجهمية: إحدى الفرق الضالة وهي تنفي صفات الله تعالى.

قلت: كَانَ مِن حمّاد أن يزجر السائل ويقول: الله ورسولُه أعلم، فإنّ الخوض في هذا لا ينبغي، بل تمرّ الأحاديث كما جاءت ولا يُعترض عليها. وقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: بِشْر بْن السَّريّ تكلّم بمكّة بشيء، فوثب عَليْهِ ابن الحارث بْن عُمَير، يعني حمزة؛ فلقد ذُلّ بمكّة حتى جاء فجلس إلينا ممّا أصابه مِن الذُّلِّ. قَالَ عَبْد الله: يعني تكلّم في القرآن. ثمّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ الثَّوْريّ يستقله. قلتُ: لِمَ؟ قَالَ: سأله عَنْ شيء، يعني عَنْ أطفال المشركين، فقال لَهُ سُفْيان: ما أنت وذا يا صَبي؟ قلت: مات في سنة خمسٍ وتسعين ومائة، أو سنة ستٌّ. 46- بِشْر بْن سَلْم بْن المسيّب البَجَليّ1. كوفيّ، روى عَنْ: إسماعيل بْن خَالِد، ومِسْعَر. وعنه: ابنه الحسن، وأحمد بن إبراهيم الدورقي. قال أحمد بن حنبل: قد رأيته ولم أسمع منه. 47- بشر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز بْن مروان الأموي2. روى عَنْ: عمّه عَبْد العزيز بْن عُمَر. وعنه: محمد بْن معاوية الأنماطيّ، ويحيى بْن مَعِين. وقال يحيى: لا بأس بِهِ. 48- بقيّة بْن الوليد بْن صائد3 -م. أ. الحافظ، أبو يُحْمِد الكَلاعيّ الحِمْيَريّ الميْتميّ الحمصيّ. أحد أعلام الحديث. روى عَنْ: محمد بْن زياد الأَلْهانيّ، وبَحير بْن سعْد، وثور بْن يزيد، وعبد الله بْن عُمَر، والزُّبَيْديّ، والأوزاعيّ، وابن جُرَيج، وصَفوان بْن عَمرو، ويونس بْن

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 358"، وتاريخ بغداد "7/ 54". 2 انظر: التاريخ الكبير "2/ 77"، والجرح والتعديل "2/ 361". 3 الجرح والتعديل "2/ 434-436"، والسير "8/ 455، 469".

يزيد، وخلْق لا يُحصَون، تسعة أعشارهم عامّة مجهولون. وعنه: مِن شيوخه: الأوزاعي، وشُعْبَة. ومن أقرانه: ابن المبارك، والوليد بْن مُسْلِم، وإسماعيل بْن عيّاش، وطائفة. وأبو مُسْهٍر، وحَيوة بْن شُرَيْح، وهشام بْن عمّار، ومحمد بْن مُصَفَّى، وداوود بْن رُشَيْد، وكثير بْن عُبَيْد، وعَمْرو بْن عفّان، وأبو عُتبة أحمد بْن الفَرَج الحجازيّ، وخلْق، فالحجازي آخرُهم موتًا. قَالَ يحيى بْن مَعِين، وأبو زُرْعة، وغيرها: إذا روى عَنْ ثقة فهو ثقة حُجّة. وقال ابن المبارك: أعياني بقيّة، يسمّي الكَنى ويكنّي الأسامي. وقال أبو حاتم: سَأَلت أبا مُسْهٍر عَنْ حديثٍ لبقيّة فقال: احذَرْ حديثَ بقيّةْ ... وكن منها عَلَى تقيّهْ فإنّها غير نقيّهْ وقال النَّسَائيّ: إذا قَالَ: ثنا وحَدَّثَنَا فهو ثقة، وإن قَالَ: عَنْ، فلا. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ، أَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ القشيري، أنا عبد الحميد البحتري، نَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، ثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ بَقِيَّةَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، وَأَبُو عُتْبَةَ قَالُوا: ثَنَا بَقِيَّةُ، نا الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ دُعِيَ إِلَى عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ" 1. خرجه مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ بَقِيَّةَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ بَقِيَّةَ سِوَاهُ. قَالَ يزيد بْن عَبْد ربّه: سَمِعْتُ بقيّة يَقُولُ: وُلدت سنة عشر ومائة. قَالَ ابن مَعِين: كَانَ شُعْبَة مبجَّلا لبقيّة حيث قِدم عَليْهِ. وقال حَيوة بْن شُرَيْح: سَمِعْتُ بقيّة يَقُولُ: لما قرأت عليّ شُعْبَة نسخة بَحير بْن سعْد، قَالَ لي: يا أبا يُحْمِد، لو لم أسمع هذا منك لطرْت. وقال زكريّا بْن عَدِيّ: قَالَ لنا أبو إِسْحَاق الفَزَاريّ: خُذوا عَنْ بقيّة ما حدَّث عَنِ الثَّقات، ولا تأخذوا عَنْ إسماعيل بْن عيّاش ما حدَّث عَنِ الثقات وغير الثقات.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "1429"، وابن عساكر "3/ 276"، "3/ 288"، "10/ 196"، كما في تهذيب تاريخ دمشق.

إبراهيم بْن موسى الفرّاء، عَنْ رباح، عَنِ ابن المبارك، قَالَ: إذا اجتمع بقيّة وإسماعيل بْن عيّاش فبقيّة أحبّ إليّ. ورواه سُفْيان بْن عَبْد المُلْك، عَنِ ابن المبارك، وقال: كَانَ صدوق الّلسان، ولكن يأخذ عمّن أقبل وأدبر. وعن ابن المبارك: نعم الرجل بقيّة، لولا أنّه يُكنيّ الأسامي ويُسميّ الكنَى. كَانَ دهْرًا يحدّثنا عَنْ أَبِي سَعِيد الوحاظيّ فنظرنا فإذا هُوَ عَبْد القُدُّوس. وقال أحمد بْن حنبل: بقية أحبّ إليّ مِن إسماعيل، وإذا حدّث عَنِ المجهولين فلا تقبلوه. وقال أحمد، روى بقيّة عَنْ عُبَيْد الله مناكير. عثمان الدارميّ، عَنِ ابن مَعِين: بقيّة ثقة. قلت لَهُ: هُوَ أحبّ إليك أو محمد بْن حرب؟ فقال: ثقة وثقة. وقال أحمد العِجليّ، ويعقوب بْن شَيْبة: بقيّة ثقة عَنِ المعروفين. وقال أبو إسحاق الجوزجاني: رحم اله بقيّة، ما كَانَ يبالي إذا وجد خُرافة عمّن يأخذه. فإذا حدَّث عن الثقات فلا بأس. قلت: شرط أن يصرّح بالإخبار ولا يَقُولُ: عَنْ فلان. فإنّه قد دلّس عَنِ ابن جُرَيج، وعن الأوزاعي بطامّات. وقال ابن عَدِيّ: ولبقيّة حديث صالح، وفي بعض رواياته يخالف الثقات. وإذا روى عَنْ أهل الشام فهو ثَبْت، وإذا روى عَنْ غيرهم خلّط كإسماعيل بْن عيّاش. وقال أحمد بْن الحَسَن التَّرْمِذيّ، عَنْ أحمد بْن حنبل: لبقيّة مناكير عَنِ الثقات. وقال حجّاج بْن الشّاعر: سُئِل ابن عُيَيْنَة عَنْ حديثٍ مِن هذه المُلَح، فقال: أبو العَجَب: أَنَا، أبَقيّةُ بنُ الوليد أَنَا!؟. وقال ابن خُزَيْمَة: لا احتجّ ببقيّة. قلت: وكان في بقيّة دُعابه وحُسن خلق. قال أبو التقي اليزني: سمعت بقية ما يَقُولُ: ما أرحمني ليوم الثلاثاء ما يصومه أحد.

وقال بركة بْن محمد الحلبي: كنّا عند بقيّة في غُرْفة، فسمع الناس يقولون: لا لا، فأخرج رأسه مِن الطاقة وجعل يصيح معهم: لا لا؛ فقلنا: يا أبا يُحمد، سبحان الله أنت إمام يُقتدَى بك. قَالَ: أُسْكُتْ هذه سُنّة بلدنا. وعن قَثَم بْن أَبِي قَتَادة قَالَ: سَمِعْتُ مِن يسأل بقيّة: كيف يُقال للعروس إذا دخلت عَلَى زوجها؟ قَالَ: ما زلنا نسمع عجائز الحيّ يقُلْن: ادخلي رجْلَك اليمني عَلَى المال والبنين. وقال عطيّة بْن بقيّة: قَالَ أَبِي: دخلت على الرشيد، فقال لي: يا بقيّة إنّي لأُحبّك؛ فقلت: ولأهل بلدي؟ قَالَ: لا، إنهم جُنْد سَوْءٍ، لهم كذا وكذا غَدْرَة. ثمّ قَالَ: حَدَّثَنِي، فَقُلْتُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا سَابِقُ الْعَرَبِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ الْفُرْسِ، وَصُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّومِ، وَبِلالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ"1. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: "وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلْفًا، وَثَلاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي" 2. قَالَ: فامتلأ مِن ذَلِكَ فرحًا وقال: يا غلام ناولني الدَّوَاة. وكان القيّم بأمره الفضل بْن الربيع ومرتبته بُعَيْدَة، فناداني وقال: يا بقيّة ناوِلْ أمير المؤمنين الدَّواة بجانبك. قلت: ناوِلْه أنت يا هامان. فقال: سَمِعْتُ ما قَالَ لي يا أمير المؤمنين؟ قَالَ: اسكتْ، فما كنت عنده هامان حتّى أكون عنده فرعون.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه الطبراني "8/ 131" في الكبير، و"1/ 104" في الصغير، وعبد الرزاق "20432" في مصنفه، والطبري "22/ 66"، في تفسيره، وابن سعد "1/ 1/ 2"، في الطبقات الكبرى، وأبو نعيم "1/ 49" في تاريخ أصفهان. 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "2437"، وابن ماجه "4286"، وابن أبي شيبة "11/ 471"، وابن أبي عاصم "1/ 261"، والطبراني "7250" في الكبير.

قَالَ يعقوب الفَسَويّ: بقيّة يّذْكَر بحِفْظ، إلا أنه يشتهي الملح والطرائف فيروي عن الضفعاء. وروى عَبْد الرَّحْمَن بن الحَكَم بْن بشير، عَنْ وكيع قَالَ: ما سَمِعْتُ أحدًا أجرأ عَلَى أَنْ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن بقيّة. قُلْتُ: قَدْ خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ حَدِيثًا تُوبِعَ فِيهِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَلَهُ نُسْخَةٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهَا: "تَرِّبُوا الْكِتَابَ"1. وَمِنْهَا: "مَنْ أَدْمَنَ عَلَى حَاجِبِهِ الْمُشْطَ عوفي من الوباء"2. ومنها: "إذ جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلا يَنْظُرْ إِلَى فَرْجِهَا، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى"3. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذِهِ النسخة كلها موضوعة. يشبه أن يكطون بَقِيَّةُ سَمعِهَا مِنْ إِنْسَانٍ ضَعِيفٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَدَلَّسَ عَنْهُ. وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ ببقيّة. قَالَ يزيد بْن عَبْد ربّه، وأحمد، وأبو عُبَيْد، وخليفة، وابن مُصَفَّى، وابن سعْد: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. وقال الوليد بن عبتة: سنة ستٌّ، وقيل: سنة ثمانٍ. 49- بكّار بْن عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْن العوّام الأسَديّ4. الأمير أبو بَكْر، وُلّي المدينةَ للرشيد اثنتي عشرة سنة وأشهُرًا. وكان بِهِ مُعْجَبًا وعنده وجيهًا. أخرج عَلَى يديه أعطية جليلة ضخمة لأهل المدينة في ثلاث مرّات، مجموع ذَلِكَ ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار. وكان يكتب إليه: من عبد الله بن هارون، إلى أَبِي بَكْر بْن عبد الله. ذكر هذا ولده الزبير بن بكار.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "3774"، وابن أبي شيبة "9/ 33"، و"9/ 34" في مصنفه. 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي "3/ 54" في الموضوعات، وابن حبان "1/ 202" في المجروحين. 3 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي "2/ 507"، وابن حبان "1/ 202" في المجروحين. 4 انظر: وفيات الأعيان "6/ 37".

ثم قال: وكن جوادًا ممدّحًا. قويّ الولاية، متفقَّدًا لمصالح العوامّ، شديدا عَلَى المُبْتَدعَة. أمِنَت أعمالُ المدينة في أيامه. مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وقد طَوّل الزُّبَيْر ترجمة أَبِيه وبالَغَ فيه. 50- بكّار بْن عَبْد الله بْن عُبَيْدة الرَّبَذيّ1. عَنْ: عمّه موسى بْن عُبَيْدة. وعنه: أبو جعفر بْن نُفَيْلٍ، ومحمد بْن مِهْران الحمّال، وحفص بْن عُمَر الْجَنَدِيّ، وأبو حُصَين الرّازيّ. ذكره ابن أَبِي حاتم. 51- بَكْر بْن سليمان. أبو يحيى البصْريّ2. عَنْ: ابن إسحاق، وغيره. وعنه: خليفة بْن خيّاط، وشهاب بْن معمّر، ومحمد بْن عبّاد الْهُذَلِيِّ. قَالَ الْبُخَارِيّ: معروف. وقال أبو حاتم: مجهول. 52- بَكْر بْن سُلَيْم الصّوافّ الطّائفيّ ثمّ المدنيّ3 -ق. عَنْ: زيد بْن أسلم، وربيعة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن، وأبي طَوَالة، وسُهيل، وابن المُنْكَدِر، وأبي صخر حُمَيْد بْن زياد. وعنه: إسحاق الخَطْميّ، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو الطّاهر أحمد بْن السرْح، وآخرون. وعُمَّر دهرًا. قَالَ أبو حاتم: يُكَتب حديثه.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 409"، والميزان "1/ 341". 2 الجرح والتعديل "2/ 387"، والميزان "1/ 345". 3 الجرح والتعديل "2/ 386"، والميزان "1/ 345".

وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن عدي: ضعيف ينفرد بما لا يتباع عَليْهِ. 53- بَكْر بْن الشَّرُود. وهو بَكْر بْن عَبْد الله بْن الشَّرُود الصّنعانيّ1. عَنْ: مَعْمَر، وسفيان الثوري، ومالك، وعبد الله بن عمرو العُمريّ، ويحيى بْن مالك بْن أنس، وغيرهم. وعنه: محمد بن السري العسقلاني، وميون بْن الحَكَم، ومحمد بْن يحيى بْن جَميل، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ النسائي، وغيره: ضعيف. وقال ابن حِبّان: يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل. 54- بَكْر بْن يزيد الحمصيّ الطّويل2. سكن بغداد، وحدّث عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وأبي بَكْر بْن أَبِي مريم. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأحمد بْن حنبل، وأبو سَعِيد الأشج. صالح الحديث. 55- بَكْر بْن النّطّاح. أبو وائل الحنفيّ البصْريّ3. شاعر بديع القول، مدح الرشيد، وغيره. ولما تُوُفّي رثاه أبو العَتَاهية بأبيات. 56- بَكْر بْن يونس بْن بُكَير بن واصل الشيباني الكوفي4 -ت. ق.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 388"، والميزان "1/ 346". 2 الجرح والتعديل "2/ 394"، والثقات لابن حبان "8/ 146". 3 تاريخ بغداد "7/ 90"، معجم الأدباء "3/ 92". 4 الجرح والتعديل "2/ 393"، والتهذيب "1/ 488".

عَنْ: موسى بْن عليّ بْن رباح، وعبد الله بْن لَهِيعة. وعنه: أبو كُرَيْب، وعُبَيْد بْن يَعِيش. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتابع عَليْهِ. 57- بَهْز بْن أسد -ع. أبو الأسود العمي البصري، أخو مُعَلَّى بْن أسد. ثقة مشهور. يروى عَنْ: شُعْبَة، ويزيد بْن إبراهيم التُّسْتَرِيّ، وأبي بَكْر بْن النَّسَائيّ. وعنه: أحمد بْن حنبل، وبُنْدار، وأحمد بْن سِنان، وعبد الرَّحْمَن بْن هاشم الطُّوسيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر العبْديّ، وآخرون. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر: ما رَأَيْت رجلا خيرًا منه. يقال: مات سنة سبع وتسعين ومائة. "حرف التاء": 85- تَلِيد بْن سليمان المُحَاربيّ الكوفي2 -ن. عن: أبي الجحاف داوود، وعبد المُلْك بْن عُمَير، وعطاء بْن السّائب، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإسحاق بْن موسى، وابن نُمير، وأبو سَعِيد الأشجّ. قَالَ: أحمد بْن حنبل: كَانَ مذهبه التشيّع، ولم نر به بأسًا. وقال داوود وغيره: رافضي خبيث. وقال يحيى بْن مَعِين: قَعَد مَعَ مولى لعثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فتذاكروا أمر عثمان، فتناوله تَلِيد، فقام إليه المولى فرماه مِن أعلى سطحٍ، فانكسرت رِجْلُه، فكان يمشي عَلَى عصا. وكان مقيمًا ببغداد. سَمِعْتُ منه وليس بشيء.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 431"، والميزان "1/ 353". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 447"، والميزان "1/ 358".

وكذا ضعّفه ابن عَدِيّ. وكذّبه الْجَوْزَجانيّ. "حرف الجيم": 59- الجراج بن مليح ن. ت. أبو عبد الرحمن البهراني الحمصي1. عن: الزبيدي، وحجاد بْن أرطأة، وبكر بْن زُرْعة، وغيرهم. وعنه: الحَسَن بْن خُمَير الحَرازيّ، وهشام بْن عمّار، وسليمان ابن بِنْت شُرَحْبِيل، وموسى بْن أيّوب النَّصيبيّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابن مَعِين: لا أعرفه. وقوّاه النَّسَائيّ. "حرف الحاء": 60- الحارث بْن مرّة بْن مُجّاعة الحنفي اليماني2 -د. أبو مرة. قدِم بغداد، وحدَّث عَنْ: كُلَيْب بْن منفعة، ويزيد الرقاشيّ، وجماعة فيهم نَكارة وجَهَالة. وعنه: ابن المَدِينيّ، وأحمد، ونصر بْن عليّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ويحيى بْن أكثم، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قلت: روى لَهُ أبو داود حديثًا عَنْ كُلَيب، عَنْ جَدّه.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 523، 524"، والميزان "1/ 390". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 90"، والتهذيب "2/ 156".

61- الحارث بْن عُبَيْدة. أبو وهْب الكَلاعيّ الحمصيّ1، قاضي حمص. روى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، ومحمد بْن الوليد الزُّبَيْديّ، وسعيد بن غزوان، والعلاء بن عتبة، وإسنماعيل بن رافع، وغيرهم. وعنه: يزيد بن عبد ربه، وعبد الله بن الجبار الخبايري، وعمرو بن عثمان، وآخرون. وَقِيلَ أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ. وقد فرق بينه وبين صاحب ابن خثيم أبو عَبْد الله الْبُخَارِيّ. وقال أبو حاتم: هما واحد. قَالَ: وليس بالقويّ. وقال الدّارَقُطْنيّ: ضعيف. 62- حَجَّاج بْن سليمان الرُّعَيْنيّ2. أبو الأزهر الْمَصْرِيّ. ويُعرف بابن القَمْريّ. روى عَنْ: حَرْملة بْن عِمران، وَاللَّيْثِ، ومالك، وابن لَهِيعَة. وعنه: محمد بن سلمة المرادي، وغيره. قال ابن يونس: في حديثه خطأ ومناكير. توفي فجأة على حماره سنة سبع وتسعين ومائة. 63- حجاج بن سليمان الحضرمي المصري3. أبو الأسود. روى أيضا عَنْ: اللَّيْثُ، ومالك، وغيرهما. وعنه: ابنه محمد.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 81، 82"، والميزان "1/ 438". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 162"، والميزان "1/ 462، 463". 3 من علماء مصر الأفاضل، انظر "حسن المحاضرة" للسيوطي.

64- حُذيفة المَرْعشيّ1. الزّاهد القُدْوَة، صاحب سُفْيان الثَّوْريّ. سيأتي بعد المائتين. 65- الحسن بن حيب بن ندبة2 -ن. أبو سعد البصري. عَنْ: زكريّا بْن أَبِي زائدة، وأبي خَلْدة خَالِد بْن دينار، وهشام بْن عُروة، وجماعة. وعنه: يعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وعليّ بْن الحسين الدَّرْهميّ، وجماعة. قَالَ أحمد: ما بِهِ بأس. قلت: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. 66- الحَسَن بْن عليّ بْن عاصم بْن صُهَيْب الواسطيّ3. مات قبل والده، وقد أدرك التّابعين. وروى عَنْ: أيمن بْن نابل، وعن الأوزاعيّ. روى عنه: أخوه عاصم بن علي، وأحمد بن حنبل. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. 67- الحَسَن بْن محمد البلْخيّ4. الفقيه أبو محمد، قاضي مَرْو. متروك الحديث. روى عَنْ: حُمَيْد الطويل، وعوف الأعرابيّ، وهشام بن حسان.

_ 1 ستأتي الترجمة له. 2 الجرح والتعديل "3/ 8"، والميزان "1/ 261". 3 تاريخ بغداد "7/ 363"، والميزان "1/ 504". 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 35"، والميزان "1/ 519، 520".

وعنه: وراث بن الفضل، وإبراهيم بْن مهديّ، وأحمد بْن عَبْد الله الفِرْيانانيّ. وغيرهم. قَالَ ابن عَدِيّ: كل أحاديثه مناكير. - الحَسَن بْن هانئ. أبو نُوَاس، في الكنى. 68- الحَسَن بْن يحيى الخُشَنيّ الدّمشقيّ الغُوطيّ البَلاطيّ1. أبو عبد المُلْك. عَنْ: زيد بْن واقد وهشام بْن عُرْوة، وابن جُرَيج، وعمر بْن قيس، والأوزاعي، وغيرهم. وعنه: سليمان بن عَبْد الرَّحْمَن، وهشام بْن عمّار، والحكم بْن موسى، وهشام بْن خَالِد الأزرق، وآخرون. قَالَ دُحَيْم: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ سيء الحِفْظ. وقال النَّسَائيّ وغيره: لَيْسَ بثقة. وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا الحسن بن يحيى، نا بِشْرُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: أَقْبَلَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ حَتَّى وقَفَ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَبْنِي مَسْجِدَنَا هذا، يعني مسجد البلاط، فَقَالَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ له بيتًا في الجنة أفضل منه" 2.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 44"، والميزان "1/ 524". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 122"، ومسلم "2984"، والترمذي "318"، وابن ماجه "736".

69- الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب1 -ق. أبو عبد الله العلوي الكوفي، أحد الأشراف النبلاء. روى عَنْ: أَبِيه، وعن عمّه أَبِي جعفر الباقر، وإسماعيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وابن جُرَيج، وجعفر بْن محمد. وعنه: أبو مُصْعَب الزُّهْرِيّ، ونُعَيْم بْن حمّاد، وإسحاق بْن موسى الخَطْميّ، وعبّاد بْن يعقوب، وسعيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزومي. قَالَ ابن عَدِيّ: وجدت في حديثه بعض النّكْرة، وأرجو أنّه لا بأس بِهِ. قلت: كَانَ شيخ الطالبيّة في عصره. أحسبه عاش بضعًا وثمانين سنة. 70- حفص بْن نُبَيْلٍ المرْهبيّ الهمَدانيّ2 -د. روى عَنْ: الثَّوْريّ، وزائدة، وداوود الطّائيّ. وعنه: أبو كريب، وأحمد بن بديل، وجماعة. محله الصدق. 71- حفص بن عبد الرحمن -ن. الإمام أبو عمر البلخي الفقيه المشهور بالنَّيْسابوريّ3. أحد الأعلام. روى عَنْ: عاصم الأحول، وداوود بْن أَبِي هند، وابن عَوْن، وأبي حنيفة، وابن أَبِي عَرُوبة، وسُفْيان الثَّوْريّ، وعيسى بْن طهمان، وإسرائيل، وطائفة. وعنه: الحسين بْن منصور، ومحمد بْن رافع القُشَيْريّ، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، ومحمد بْن عقيل الخُزاعيّ، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله السَّعْديّ، وإسحاق بْن عَبْد الله بْن رَزِين، وعلي بْن الحسن الذهلي، وخلق.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 53"، والتهذيب "2/ 339". 2 لم نقف عليه. 3 الجرح والتعديل "3/ 176"، والتهذيب "2/ 404، 405".

قَالَ الحاكم: كَانَ أَبُوهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عمر بْن فَرُّوخ بْن فَضَالَةَ البلْخيّ قد وُلّي قضاء نَيْسابور في أيام قُتَيْبة بْن مُسْلِم الباهليّ الأمير، وهو في الكوفة. وحفص هذا أفقه أصحاب أَبِي حنيفة الخُراسانيّة. وكان ولي القضاء ثمّ ندم وأقبل عَلَى العبادة. وكان ابن المبارك يزوره. وقال فيه ابن المبارك: هذا اجتمع فيه الفقه، والوقار، والورع. قَالَ الحاكم: سكّة حفص بنَيْسابور منسوبة إليه. وكان أبو عبد الله الْبُخَارِيّ إذا قدِم نَيْسابور يحدّث في مسجده. قلت: ثمّ ساق لَهُ الحاكم عدّة أحاديث غرائب وأفراد. وقد احتجّ بِهِ النَّسَائيّ. وقال أبو حاتم: مضطّرب الحديث. قَالَ إبراهيم بْن حفص: مات أَبِي في ذي القعدة سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 72- حفص بْن عمر. الإمام أبو عِمران الرّازيّ الواسطيّ1، نزيل البصرة. عَنْ: العَوّام بْن حَوْشَب، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وعبد الحميد بْن جعفر، وابن المبارك. وعنه: حفص الرَّبَاليّ، والعلاء بْن سالم الطبري. قال أبو حاتم والدارقطني: ضعيف. وقال الْبُخَارِيّ: يتكلّمون فيه. قَالَ ابن عَدِيّ: لَيْسَ بِهِ حديث مُنْكَر المتن. ومنهم مِن يفرّق بين الرّازيّ وبين الواسطي، ولا فرق. 73- حفص بن غياث بن طلق2 -ع.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 180، 181"، والتهذيب "2/ 413، 414". 2 انظر: الميزان "1/ 567، 568"، السير "9/ 22، 34".

الإمام أبو عمر النخعي القاضي. أحد الأعلام. مولده سنة سبْعَ عشرة ومائة. وروى عَنْ: جَدّه طَلْق بْن معاوية، وعن عاصم الأحول، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وهشام بن عروة، والأعمش، وداوود بْن أَبِي هند، وأبي إِسْحَاق الشَّيْبانيّ، وأبن أَبِي خَالِد، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وخلْق سواهم. وعنه: ابنه عُمَر بْن حفص، وأحْمَد بْن حنبل، وإسحاق، وابن المَدِينيّ، والحسن بْن حمّاد سَجّادة، وأبو بَكْر بْن أَبِي شيبة، وأخوه عثمان، وعَمُرو الناقد، ومحمد بْن مُثَنَّى، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ويحيى بْن مَعِين، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد العُطارديّ، وخلْق. وقد وُلّي قضاء الجانب الشرقيّ ببغداد، ثمّ بُعِث عَلَى قضاء الكوفة بعد شَرِيك. روى عَبَّاس، عَنِ ابن مَعِين: حفص أثبت مِن عَبْد الواحد بْن زياد، وهو أثبت مِن عَبْد الله بْن إدريس. وقال العِجْليّ، وغيره: ثقة، مأمون، فقيه. وقال داوود بْن رُشَيد: حفص كثير الغلط. وقال يعقوب بْن شَيْبة: هُوَ ثَبْتٌ إذا حدَّث مِن كتابه ويُتَّقَى بعض حِفْظه. وقال ابن عمّار: عِسرٌ في الحديث جدًّا. روى سَعِيد بْن سعيد الجاري، عن طلْق بْن غنّام قَالَ: خرجت مَعَ حفص بْن غِياث في زُقاق. فأتت امرَأَة حسناء. فقالت: أيها القاضي زوّجني فإنّ إخوتي يضرّون بي. فالتفت إليّ فقال: يا طلْق اذهب فزوَّجْها إنّ كَانَ الَّذِي يخطبها كَفُؤًا، فإن كَانَ يسكر مِن النّبيذ أو رافضيًا فلا تزوّجْه. فإن الَّذِي يسكر يطلّق وهو لا يدري، والرافضي فالطلاق عنده واحدة1. وقيل: إنّ أبا يوسف القاضي قَالَ لأصحابه: تعالَوا نكتب نوادر حفص بْن غياث في القضاء.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 193، 194".

فلمّا وردت أحكامُه عَلَى أَبِي يوسف قِيلَ لَهُ: فأين النوادر التي زعمت؟ قَالَ: ويْحكم، إنّ حَفْصًا أراد الله فوفّقه. وقال أحمد بن زهير: نا محمد بْن زيد: سَمِعْتُ حفص بْن غياث قَالَ: كُنَّا ببغداد يجيئنا أصحاب الحديث، فيقول لهم ابن إدريس: عليكم بالشِّعْر والعربيّة. فقلت: ألا تتّقي الله؟ قوم يطلبون آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تأمرهم يطلبون هذا. لئن عُدت لأسوءَنَّك1. قَالَ بِشْر الحافي: قَالَ حفص بْن غِياث: لو رَأَيْت أني أُسُرٌ بما أَنَا فيه لهلكت. ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، نَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ عُمَر بْن حفص قَالَ: لما احتضر أَبِي بكيت، فقال: ما يُبكيك؟ قلت: لفراقك ولد خولك في هذا الأمر. قَالَ: لا تبكِ، فما حللت سراويلي عَلَى حرام، ولا جلس إليّ خصمان فباليت مِن توجّه لَهُ الحَكَم2. قَالَ حفص: مرض أبي خمسة عشر يومًا، فردّ معي مائة درهم إلى العامل وقال: هذه لا حظّ لي فيها، لم أحكم هذه الأيام. قَالَ يحيى القطّان: هُوَ أوثق أصحاب الأعمش. وقال ابن مَعِين: جميع ما حدَّث بِهِ حفص بْن غياث ببغداد وبالكوفة إنّما هُوَ مِن حفظه، ولم يُخْرج كتابًا. كتبوا عَنْه ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف حديث. وقال إبراهيم بْن مهديّ: سَمِعْتُ حفْصًا يَقُولُ لرجل يسأله عَنْ مسائل القضاء: لعلك تريد أن تكون قاضيًا. لأن يُدخل الرجلُ إصبَعه فيقلع عينه خيرٌ مِن أن يكون قاضيًا3. قال أبو جعفر المسنديّ: كَانَ حفص بْن غياث مِن أسخى العرب. وكان يَقُولُ: مِن لم يأكل طعامي لا أحدّثه. وإذا كَانَ لَهُ يوم ضيافة لا يبقى رأس في الرواسين.

_ 1، 2 تاريخ بغداد "8/ 190". 2 السابق.

قَالَ الحَسَن سَجّادة: كَانَ يُقال: ختم القُضاةَ حفصُ بْنُ غياث. وقال حفص: والله مَا وُلِّيتُ الْقَضَاءَ حَتَّى حَلَّتْ لِيَ الْمَيْتَةُ. ومات وعليه تسعمائة درهم. قَالَ أحْمَد بْن حنبل: رَأَيْت مقدَّم فم حفص، مضبَّبة أسنانُه بذَهَب. أَخْبَرَنَا المؤمّل البالِسيّ إجازة: أَنَا الكِنْديّ، أَنَا القزّاز، أَنَا أَبُو بَكْر الخطيب، أَنَا العشامي، أَنَا عليّ بْن عُمَر، أَنَا ابن مَخْلَد: سَمِعْتُ عَبْد الله بْن أحمد، سَمِعْتُ أبا مَعْمَر يَقُولُ: لما جيء بحفص بْن غِياث وابن إدريس ووكيع إلى القضاء طرّي حفصُ خضابَه حين قُرب إلى بغداد، فالتفت ابن إدريس إلى وكيع: أمّا هذا فقد قَبِلَ. قَالَ ابن أَبِي شيبة: ولي القضاء ببغداد سنتين، وولي بالكوفة ثلاث عشرة سنة. قال أبو داوود: كَانَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ لا يقدّم بعد الكِبار مِن أصحاب الأعمش غير حفص بْن غِياث، وقال حفص. قلت: مات في آخر سنة أربعٍ وتسعين ومائة. وفي هذا العام أرّخه أحمد بْن عَبْد الجبّار، وجماعة. قَالَ سَلْم بْن جنادة: سنة خمسٍ وتسعين، وقيل سنة ستٌّ، والأوّل الصحيح. 74- الحَكَم بْن أيّوب العبْديّ1. مولاهم الأصبهاني الفقيه، أبو محمد، مِن كبار أهل بلده. روى عَنْ: سَعِيد بن أبي عروبة، والثوري، زفر بْن الهّذَيل، وإسرائيل بْن يونس. روى عَنْهُ: محمد بْن المغيرة، وغيره. وحفيده هُوَ محمد بْن أحمد بْن الحَكَم الأصبهاني مِن مشيخة أبي الشَّيْخ. 75- الحَكَم بْن بشير2 -ت. ق. حدَّث عَنْ: أَبِيه، وعمرو بْن قيس المُلائي، وخلاد بن عيسى الصفار.

_ 1 تاريخ أصبهان "1/ 297". 2 الجرح والتعديل "3/ 114"، والتهذيب "2/ 424".

وعنه: إبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن زُنَيْج، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَمُوسَى بْنُ نَصْرٍ الرَّازِيُّونَ. وكان مِن علماء الرَّيّ. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 76- أبو مطيع البلْخيّ، هُوَ الحَكَم بْن عبد الله الفقيه1. صاحب كتاب الفقه الأكبر. تفقَّه بأبي حنيفة وروى عَنْهُ. وعن: ابن عَوْن، وهشام بْن حسّان، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وعبد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة، وأبي الأشهب جعفر العُطارِديّ، وإبراهيم بْن طهمان، والحسن بْن دينار، وطبقتهم. وتفقه بِهِ أهل خُرَاسان، وولى قضاء بلخ، وكان بصيرًا بالرأي، حافظًا للمسائل. كَانَ ابن المبارك يعظّمه ويُجلُّه. روى عَنْهُ: أحمد بْن منيع، وأيّوب بْن الحَسَن الفقيه، وعقيق بْن محمد، وعليّ بْن الحسين الذُّهْليّ، ونصر بْن زياد، والخُراسانيّون. وقدِم بغدادَ مرّات. قَالَ محمد بْن الفُضَيْل البلْخيّ: سَمِعْتُ حاتمًا السَّقَطيّ: سَمِعْتُ ابن المبارك يَقُولُ: أبو مطيع لَهُ المنّة عَلَى جميع أهل الدنيا. قلتُ: حاتم لا يُعرف، وما اعتقد في ابن المبارك أنّه يُطلق مثل هذه العبارة. قَالَ محمد بْن الفُضَيْل البلْخيّ: وقال حاتم: قَالَ مالك بْن أنس لرجل: مِن أَيْنَ أنت؟ قَالَ: مِن بلْخ. قَالَ: قاضيكم أبو مطيع إنّه قام مقام الأنبياء2. قَالَ محمد بْن الفُضَيْل: سَمِعْتُ عَبْد الله بْن محمد العابد يَقُولُ: جاء كتابٌ، يعني مِن الخلافة، وفيه لوليّ العهد: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] ليقرأ على الناس.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 121، 122"، والميزان "1/ 574". 2 تاريخ بغداد "8/ 224".

فسمع أبو مطيع فدخل عَلَى الوالي وقال: بلغ مِن خطر الدنيا أنّا نكفر بسببها. وكرّر هذا مرارًا حتى أبكى الأمير وقال له: إني معك ولكن لا أجتريء بالكلام، فتكلّم وكنْ منّي آمنًا1. وكان أبو مطيع قاضيًا فذهب الناس إلى الجمعة. وذهب أبو مُعَاذ متقلَّدًا سيفًا. وآخّر يوم الجمعة، فارتقى أبو مجيع المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ أخذ لحيته وبكى وقال: يا معشر المسلمين بلغ مِن خطر الدنيا أن تجرّ إلى الْكُفْرِ. من قال: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} لغير يحيى بْن زكريّا فهو كافر. قَالَ: فرجّ أهل المسجد بالبكاء وهرب اللّذان أتيا بالكتاب. وعن النضر بْن شُمَيْلٍ: قَالَ أبو مطيع: نزل الإيمان والإسلام في القرآن عَلَى وجهين، وهو عندي عَلَى وجهٍ واحد. فقلت لَهُ: ممّن ترى الغلط منك، أم مِن الرَّسُول عَليْهِ السلام، أو مِن جبريل، أو مِن الله تعالى؟ فبقي باهتًا2. وقد كَانَ أبو مطيع فيما نقل الخطيب من رؤوس المُرْجِئة. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ أَبِي مطيع فقال: لا ينبغي أن يُروى عَنْهُ. ذكروا عَنْهُ أنّه كَانَ يَقُولُ: الجنّة والنّار خُلِقتا وسَتَفْنَيان، وهذا كلام جَهْم3. وقال ابن مَعِين: هُوَ ضعيف. وقال أبو داوود: تركوا حديثه، كَانَ جَهْميًا. قلت: وممّن روى عنه: محمد بن القاسم البلخي، وخلاد بْن أسلم الصَّفّار، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ. ومات سنة تسعٍ وتسعين ومائة، وله أربعٌ وثمانون سنة. 77- الحَكَم بْن عَبْد الله -خ. م. ت. ن- أبو النعمان البصري4. عن: سعيد بن أبي عروبة، وشعبة.

_ 1 نفس المصدر السابق. 2 تاريخ بغداد "8/ 225". 3 يعني: الضال المضل جهم بن صفوان قبحه الله. 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 122"، والتهذيب "2/ 429".

وعنه: أحمد بْن محمد البزّي، ومحمد بْن المِنْهال، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وأبو قُدامة السَّرْخَسيّ، وغيرهم. وكان ثِقةً من الحُفاظ. مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة. 78- الْحَكَمُ بنُ مروان الكوفيّ1. أبو محمد. قَالَ الخطيب: حدَّث عَنْ: كامل أبي العلاء، وأزهر بْن سِنان، وفُرات بْن السّائب، وزُهير بْن معاوية. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعبد الله بن محمد بْن أيّوب المخرميّ، والعبّاس بْن الفضل، ورُشَيد الطَّبَريّ. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال ابن مَعِين: ضرير لَيْسَ بِهِ بأس. 79- حَمَّاد بن خَالِد الخَيَّاط2 الْمَدَنِيّ -م. ع. عن: ابن أَبِي ذئب، ومعاوية بن صالح، وأفلح بن حُمَيْد. وَعَنْهُ: ابن معين، وَأَحْمَد بن حنبل، والحسن الزعفراني، وإسحاق بن بهلول. وكان أميًا، لا يكتب، بل كَانَ يتحفظ. وَهُوَ صدوق. قَالَ أحمد: كَانَ حافظا. 80- حَمَّاد بن دليل المدائني3 -د- قاضي المدائن. نزل مَكَّة وترك القضاء وصار يتجر. رَوَى عن: أَبِي حنيفة، وَالحَسَن بن عمارة، وسفيان الثوري. وعنه: الحميدي، وأسد بن موسى، وأحمد بن أبي الحواري. وثقه يحيى بن معين.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 129"، والميزان "1/ 579". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 136"، والتهذيب "3/ 7". 3 الجرح والتعديل "3/ 136"، والتهذيب "3/ 8".

81- حماد بن واقد الصفار1 -ت- شيخ بصري. عن: ثابت البناني، وابن التياح، وأبان بن أَبِي عَيَّاش، وَعَبْد العزيز بن صهيب. وَعَنْهُ: أحمد بن المقدام، وَبِشْر بن معاذ، وَعُمَر بن شبه، وحفص الربالي، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتة، وَمُحَمَّد بْن عَبْد الله الأرزي، وابنه فطر بن حَمَّاد الصَّفَّار. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ معين: ضعيف. 82- حميد بن حماد بن خوار2 -د. ويقال: ابن أبي الخُوَار، أبو الْجَهْم الكوفيّ. عَنْ: حمّاد بْن أبي سليمان الفقيه، وسماك بْن حرب، والأعمش، وجماعة. وعنه: زيد بْن الحُباب، وَأَبُو كُرَيْب، ومحمد بْن مَعْمَر البَحْرانيّ، ومحمود بن غيلان. ضعفه أبو داوود. وقال أبو حاتم: يُكَتب حديثه. 83- حنان بْن سَدِير الصَّيْرفيّ3. عَنْ: جعفر بْن محمد، وأُمَيّ الصَّيْرفيّ، وعَمْرو بْن قيس المُلائيّ، ومحمد بْن طلحة بْن مُصَرَّف. وعنه: العلاء بْن عَمْرو الحنفيّ، وعلي بْن محمد الطّنافسيّ، ومحمد بْن ثواب الهبَّاريّ، وعيسى بْن سَعِيد الرّازيّ، ومحمد بن الجنيد العابد. وثقه ابن حبان.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 150"، والتهذيب "3/ 21". 2 الجرح والتعديل "3/ 220"، والتهذيب "3/ 37". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 299"، ولسان الميزان "2/ 367".

"حرف الخاء": 84- خالد بن حيان الرقي1 -ن. أبو يزيد الكندي مولاهم الخراز. مُهْمَل الأوسط. عَنْ: سالم بْن أَبِي المهاجر، وعليّ بْن عُرْوة الدّمشقيّ، وجعفر بْن بُرْقان. وعنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو كُرَيْب، وابن عَرَفَة. قَالَ النَّسَائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. مات بالرَّقَّة في ذي القِعْدة سنة إحدى وتسعين. وقال أحمد: لم يكن به بأس. كتبت عنه غرائب. ووثقه ابن معين. وأما الفلاس فقال: ضعيف. 85- خَالِد بْن سليمان. أبو مُعَاذ البلْخيّ2، فقيه أهل بلْخ. مات سنة تسع وتسعين ومائة. كذا وجدته. 86- خَالِد بْن عَمْرو الْقُرَشِيّ الأمويّ الكوفيّ3. أبو سَعِيد. أحد المتروكين. عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، وسُفْيان الثَّوْريّ. وعنه: يوسف بْن عَدِيّ، وأبو عُبَيْد القاسم. قَالَ أحمد: متروك الحديث. وقال صالح جَزْرَة: كَانَ يضع الحديث. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 326"، والميزان "1/ 629"، والتهذيب "3/ 84، 85". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 335"، والميزان "1/ 631". 3 الجرح والتعديل "3/ 343"، والميزان "1/ 635، 636".

وقال الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث. وهو مذكور أيضًا بعد المائتين. 87- خَالِد بْن يزيد العَتَكّي. أبو يزيد البصْريّ اللُّؤلؤيّ1. عَنْ: أَبِي جعفر الرّازيّ، وورقاء اليشْكُريّ. وعنه: أبو حفص الفلاس، ونصر الْجَهْضَميّ. قَالَ أبو زُرْعَة: لَيْسَ بِهِ بأس. 88- خلف بن أيوب العامري البلخي2 -ت. أبو سعيد. مِن علماء أهل بلْخ. روى عَنْ: عوف الأعرابيّ، ومَعْمَر بْن راشد، وإسرائيل، وقيس بْن الربيع. وعنه: أحمد بْن حنبل، وزكريّا بْن يحيى اللؤلؤيّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن مقاتل المَرْوَزِيّ، وطائفة. ذكره ابن حِبّان في الثقات وقال: كَانَ مُرْجِئًا غاليًا يبغض مِن ينتحل السُّنَن. وقال ابن مَعِين: ضعيف. قلت: هُوَ معَادٌ في طبقة مكّيّ بْن إبراهيم البلْخيّ. والذي تحر لي أنّه يُحّول مِن هناك ومن هنا فيُقرَّر في طبقة الشّافعيّ رحمه الله. 89- الخليل بْن أحمد بْن بِشْر بْن المستنير السُّلَميّ البصْريّ3. قليل الرؤية. سَمِعَ: المستنير بْن أخضر بن معاوية بن قرة.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 361"، والسير "9/ 415". 2 الجرح والتعديل "3/ 370"، والتهذيب "3/ 147، 148". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 380"، والتهذيب "3/ 164-166".

وعنه: محمد بْن أَبِي سمينة، وإبراهيم بْن محمد بْن عَرْعَرَة، والعبّاس العنبريّ، وعبد الله بْن محمد الْجُعْفيّ. وثّقه ابن حِبّان. 90- خيران بْن العلاء الكَيْسانيّ الأصمّ1. عَنْ: الأوزاعي، وحمّاد بْن سَلَمَةَ. وعنه: عَبْد العزيز الأويْسيّ، وعليّ بْن حُجْر، وأحمد بْن عيسى التُّسْتَرِيّ. سكن مصر وروى اليسير. "حرف الراء": 91- رِبْعيّ بْن إبراهيم الأسَديّ. أبو الحَسَن البصْريّ2، أخو الإمام إسماعيل بن علية لأبويه. عن: داوود بْن أَبِي هند، وسعيد بْن مسروق، ويونس بْن عُبَيْد، وعوف الأعرابيّ. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر النَّيْسابوريّ، والحسن الزَّعْفرانيّ، وآخرون. وحدَّث عَنْهُ مِن القدماء عَبْد الرحمن بْن مهديّ. وقال: كنّا نَعُدُّه مِن بقايا شيوخنا. وقال أحمد الدَّوْرقيّ: كَانَ يفضَّل عَلَى أخيه إسماعيل. وقال يحيى بْن مَعِين: ثقة مأمون. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْكَاتِبُ، أَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا الْخُلَعِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَعْرَابِيِّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، نا ربعي بن علية، عن داوود بن أبي هند، عن عامر،

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 405"، والميزان "1/ 669. 2 الجرح والتعديل "3/ 409، 410"، والتهذيب "3/ 336".

عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: جَاءَ بِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يا رسول الله اشهد إِنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا. قَالَ: "كُلُّ بَنِيكَ نَحَلْتَ مِثْلَ الَّذِي نَحَلْتَ النُّعْمَانَ"؟ قَالَ: لا. قَالَ: "فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً"؟ قَالَ: بَلَى! قَالَ: "فَلا إِذًا"1. هَذَا حَدِيثٌ مُخَرَّجٌ فِي الصِّحَاحِ، مِنْ طريق حصين، وداوود بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَجَمَاعَةٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ. مات رِبْعيّ سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. 92- ريْحان بْن سَعِيد بْن الْمُثَنَّى الشاميّ2. شيخ بصْريّ. عَنْ: عبّاد بْن منصور. وعنه: أبو خَيْثَمَة، وأبو بَكْر بْن أبي شيبة، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ. قَالَ يحيى بْن مَعِين: ما أرى بِهِ بأسًا. "حرف الزاي": 93- زاجر بْن الصَّلْت الطاحي النَّمِريّ3. عَنْ: الحارث بْن مالك، وجماعة. وعنه: أبو حفص الفلاس، ومحمد بْن مهران الجمال، وعثمن بْن أَبِي شَيبة، ومحمد بْن مرزوق الْبَاهِلِيَّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مالك "752"، في الموطأ، والبخاري "3/ 206"، ومسلم "1623"، والترمذي "2586"، وابن ماجه "2376"، وأحمد "4/ 271-273". 2 الجرح والتعديل "3/ 517"، والميزان "2/ 62". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 620، 621"، والثقات لابن حبان "4/ 269".

94- زياد بْن الحَسَن بْن الفُرات التّميميّ الكوفيّ القزّاز1 -ت. روى عَنْ: جدّه فُرات القزّاز، وأبان بن تَغْلِب، ومِسْعَر. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الله بْن بَرَّاد الأشعريّ، وجماعة. ذكره ابن حِبّان في الثَّقات. 95- زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زهير بْن ناشرة1. الفقيه الأندلسيّ شَبَطُون اللَّخْميّ، عالم الأندلس، وتلميذ مالك. كَانَ أول مِن أدخل مذهب مالك إلى الجزيرة الأندلُسيّة. وقبل ذَلِكَ كانوا يتفقّهون للأوزاعي، وغيره. قَالَ ابن القاسم الفقيه: سمعتُ زيادًا فقيه الأندلس يسأل مالكًا. قلت: وعليه تفقّه يحيى بْن يحيى اللَّيْثي قبل أن يرحل. وسمع زيادًا مِن معاوية بْن صالح وتزوّج بابنته، وحدث عنه، وعن: مالك، والليث، وسليمان بْن بلال، ويحيى بْن أيّوب، وموسى بْن عليّ بْن رباح، وأبي مَعْشَر السّنْديّ، وطبقتهم. وكان أحد النُّسّاك الوَرِعين. أراده هشام صاحب الأندلس عَلَى القضاء فأبى وهرب. وكان هشام يُكْرمه ويحترمه ويسأله. قَالَ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ: كُنَّا جُلُوسًا عَنْدَ زِيَادٍ، إِذْ جَاءَ كِتَابٌ مِنْ بَعْضِ الْمُلُوكِ، فَكَتَبَ فِيهِ وَخَتَمَهُ، فَذَهَبَ بِهِ الرَّسُولُ. فَقَالَ لَنَا زِيَادٌ: أتدرون عما يسأل هذا؟ سأل عَنْ كِفَّتَيِ الْمِيزَانِ، أَمِنْ ذَهَبٍ هِيَ أَمْ مِنْ فِضَّةٍ؟ فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ: ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يعنيه" 3.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 529"، والتهذيب "3/ 362". 2 انظر: وفيات الأعيان "6/ 143، 144". 3 "حديث صحيح": أخرجه مالك "1629"، والترمذي "9/ 24"، وابن ماجه "3976".

وكان الأمير هشام يَقُولُ: صحبتُ الناس وبَلَوْتُهُم، فما رَأَيْت رجلا يُسِرّ الزُّهْد أكثر ممّا يُظْهِر إلا زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن. قَالَ ابن يونس: كنية زياد أبو عَبْد الله. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. قَالَ: وقيل مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 96- زيد بْن الحسن القرشي الكوفي1 -ت. أبو الحسين صاحب الأنماط. روى: عَنْ جعفر بْن محمد، وعليّ بْن المبارك الهُنائيّ، ومعروف بْن خَرَّبُوذ. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وابن رَاهَوَيْه، ونصر الوشّاء، وسَعْدُوَيْه. قَالَ أبو حاتم: مُنْكَر الحديث. وذكره ابن حِبّان في الثَّقات. 97- زيد بْن أبي الزرقاء الموصلي2 -د. ن. أبو محمد. روى عَنْ: جعفر بن بُرْقان، وعيسى بْن طَهْمان، وشُعْبَة، وعدّة. وعنه: عليّ بْن سهل، وأبو عُمَير عيسى الرَّمليّان، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عمّار، وسعيد بن أسد بْن موسى، وابنه هارون بْن زيد. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. كَانَ عنده جامع سفيان عنه. قلت: سكن الرملة قبل موتع سنة. وكان أحد العُبّاد والنسّاك مِن أصدقاء الُمَعافَى بْن عِمران. ويُقال: إنّه غزا فأُسر ومات في الأسر. مات سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. وقيل مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 560"، والتهذيب "3/ 406". 2 الجرح والتعديل "3/ 575"، والسير "9/ 316، 317".

وقال ابن حِبّان في الثَّقات: يُغرب. وقال ابن عمّار: لم أر في الفضل مثل زيد، والمعافى، وقاسم الجرمي. وروى بِشْر الحافي، عَنْ زيد قَالَ: ما سألتُ إنسانًا شيئًا منذ خمسين سنة. وسمعتُ زيد بْن أَبِي الزَّرقاء يَقُولُ: إذا كَانَ للرجل عَيَّالٌ وخاف عَلَى دينه فليهرُب. وروى زيد، عَنِ اللَّيْثُ، عَنْ عَبْد الله بْن أبي جعفر قَالَ: خير النّاس مِن كَانَ مِن نفسه في عَناء، والناسُ منه في راحة. "حرف السين": 98- سالم بْن نوح العطّار البصْريّ1. أبو سَعِيد. عَنْ: يونس بْن عبيد، وسعيد الْجُرَيريّ، وعبد الله بْن عُمَر، وعمر بْن عامر، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبة. وعنه: بَكْر بْن خَلَف، ومحمد بْن بشّار، وابن مُثَنَّى، وإسحاق بْن إبراهيم الصّوافّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا أَرَى بِهِ بأسًا، وقد كتبت عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ به. وقال أبو زُرْعة: صدُوق ثقة. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بالقوي. وقال الدارَقُطْنيّ: فيه شيء. 99- سَبْرة بْن عَبْد العزيز بْن الربيع بْن سَبْرة الْجُهَني2 -د.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 188"، والسير "9/ 325". 2 الجرح والتعديل "4/ 296"، والتهذيب "3/ 452، 453".

أخو حَرْمَلَة بْن عَبْد العزيز. يروى عَنْ: أَبِيه، وعمّه عبد الملك. وعنه: ابن وهب، وهشام بن عمار، ويعقوب بن كاسب، والحكم بن موسى، وآخرون. وثق. 100- سعد بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ كَيْسَانَ الْمَقْبُرِيُّ المدني1 -ق. عَنْ: أخيه عَبْد الله، ولم يدرك أَبَاهُ. وعنه: الحُمَيْديّ، وإبراهيم بْن المنذر، وإسحاق بْن موسى، والزُّبَيْر بْن بكّار. عداده في الضعفاء، وقد رُمي بالقَدر. 101- سعْد بْن الصَّلْت بْن بُرْد بْن أسلم البَجَليّ الكوفيّ2. الفقيه قاضي شيراز. ولاؤه لجرير بْن عَبْد الله البَجَليّ. سكن شيراز مدّة. وروى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وأبان بْن تغلِب، ومُطَرَّف بْن طريف، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن عَبْد الله الأنصاريّ، ويحيى الحِمّانيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي شيبة، وسبْطه إِسْحَاق بْن إبراهيم شاذان الفارسيّ. سَأَلَ عَنْهُ سُفْيان الثَّوْريّ فقال: ما فعل سعْد؟ قَالُوا: وُلّي قضاء شيراز. قَالَ: دُرّة وقعت في الحُشّ. قلت: ما رَأَيْت لأحدٍ فيه جرحًا فمحله الصدق. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَحْمُودِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ السَّلَفِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْبُرْجِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بن

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 85"، والتهذيب "3/ 469، 470". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 86"، السير "9/ 317-319.

حَفْصٍ، نَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ شَاذَانُ، نَا سعيد بن الصلت، نا عِيسَى بْنُ عُمَرَ، نَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رياح، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ حَجَّ عَنْ أَبَوَيْهِ وَلَمْ يَحُجَّا جَزَأَ عَنْهُمَا وَعَنْهُ، وَنُشِرَتْ أَرْوَاحُهُمَا فِي السَّمَاءِ وَكُتِبَ عَنْدَ اللَّهِ بَرًّا"1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ فَرْدٌ، لا نَعْرِفُهُ إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، وَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا. وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ هُوَ الْكُوفِيُّ الْمُقْرِئُ، صَدُوقٌ. مات سعْد بْن الصَّلْت سنة ستٌّ وتسعين ومائة. 102- سَعِيد بْن زكريّا القرشي المدائني2 -ت. ن. أبو عثمان. عَنْ: الزُّبَيْر بْن سَعِيد الهاشميّ، وحمزة الزيات، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، والزَّعْفرانيّ، ومحمد بْن سَعِيد بْن غالب العطّار، وطائفة. وثّقه صالح جزْرة، وغيره. وقد لُيّن. 103- سَعِيد بْن سالم القدّاح الْمَكَّيّ3. أبو عثمان. عَنْ: ابن جريج، وعبيد الله بْن عُمَر، ويونس بْن إسحاق، وسُفْيان الثَّوْريّ. وعنه: الحسين بْن حُرَيث، وأسد بْن موسى، وعليّ بْن حرب الطّائيّ. وحدّث عَنْهُ مِن الكبار: بقيّة بْن الوليد، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، والشافعيّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقال عثمان بْن سَعِيد الدّارميّ: ليس بذاك.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه الطبراني "5083"، في الكبير، وفيه أحد المجهولين. 2 الجرح والتعديل "4/ 23"، والتهذيب "4/ 30، 31". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 31"، والسير "9/ 319، 320".

وقال محمد بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ: قد كتبت عَنْهُ. وكان مُرْجِئًا. وقال الحُمَيْديّ: ثنا يحيى بْن سُلَيْم قَالَ: قَالَ سَعِيد بْن سالم لابن عَجْلان: أرأيتَ إنّ أَنَا لم أرفع الأذى عَنِ الطريق أكون ناقص الإيمان؟ فقَالَ ابن عَجْلان: مِن يعرف هذا؟ هذا مرجيء. قَالَ يحيى: فلمّا قمنا عاتبته، فردّ عليّ القول. فقلت لَهُ: هَلْ لك أن أقف أَنَا وأنت عَلَى الطَّواف، فتقول أنت: يا أهل الطَّواف إنّ طوافكم لَيْسَ مِن الإيمان. وأقول أَنَا: طوافكم مِن الإيمان، فننظر ما يصنعون؟ قَالَ: تُريدُ أن تُشَهَّرني؟ فقلت: ما تريدُ إلى قولٍ إذا أنت أظهرته شهَّرك1. 104- سعيد بن سلمة بن عطية2 -ن. عَنْ: مَعْمَر. وعنه: محمد بْن عثمان بْن أَبِي صَفْوان. وقال: كَانَ خير أهل زمانه. قلت: خرّج لَهُ النَّسَائيّ في الاستعاذة. 105- سَعِيد بْن عبد الله بْن سعْد3. الفقيه؛ مِن علماء المصريّين. تفقَّه عَليْهِ: ابن وهب، وابن القاسم بمصر. وكان معدودًا مِن زُهّاد الفقهاء. قَالَ ابنُ شَعْبان: هُوَ الَّذِي أعان ابن وهب عَلَى تأليفه. مات بالإسكندرية سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. 106- سعيد بن عمرو الزبيري4.

_ 1 الضعفاء الكبير "2/ 108"، للعقيلي. 2 أحد الضعفاء، كما في سنن الترمذي "8/ 258". 3 الجرح والتعديل "4/ 50، 51"، والثقات لابن حبان "8/ 264".

روى عَنْ: أَبِي الزَّناد. وعنه: ابن أخيه محمد بن الوليد، وأحمد بن عبدة الضبي، وإبراهيم بن المنذر، والزبير بن بكار. قاله ابن أبي حاتم. 107- سعيد بن محمد الثقفي الوراق1 -ت. ق. أبو الحسن الكوفي، نزيل بغداد. روى عن: يحيى بْن سَعِيد، وموسى الْجُهَنيّ، وفضيل بن غزوان، وبسام الصيرفي، وغيرهم. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن عرفة، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وعلي بن حرب، وآخرون. ضعفه جماعة. وقال الدارقطني: متروك. 108- سفيان بن عبد الملك المروزي2 -د. ت. صاحب ابن المبارك وتلميذه. روى عَنْهُ: إسحاق بْن راهَوَيْه، وعَبْدان بْن عثمان مَعَ تقدّمه، ووهْب بْن زمعة، وحِبّان بْن موسى المَرْوَزِيُّونَ. قَالَ الْبُخَارِيّ: مات قبل المائتين. 109- سُفْيان بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران3 -ع. واسم أبي عِمران ميمون مولى محمد بْن مُزاحم الهلاليّ أخي الضحّاك المفسّر. أبو محمد الكوفيّ ثمّ الْمَكَّيّ. الإمام شيخ الإسلام. مولده سنة سبْعٍ ومائة، في نصف شعبان.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 58، 59"، والتهذيب "4/ 77". 2 الجرح والتعديل "4/ 230"، والتهذيب "4/ 116". 3 الحلية "7/ 270-318"، والسير "8/ 400-418".

وقيل: هُوَ مولى عَبْد الله بْن رُوَيْبة الهلاليّ. طلب الحديث وهو غلام. لقي الكبار، وسمع مِن: قاسم الرحّال في سنة عشرين ومائة. وسمع مِن: الزُّهْرِيّ، وعمرو بْن دينار، وزياد بْن علاقة، والأسود بْن قيس، وعاصم بْن أَبِي النَّجُود، وأبي إسحاق، وزيد بْن أسلم، وعبد الله بْن أَبِي نَجِيح، وسالم أَبِي النَّصْر، وعَبْدة بْن أَبِي لُبابة، وعبد الله بْن دينار، ومنصور بْن المُعْتمر، وسُهيل بْن أَبِي صالح، وخلْق كثير. وانفرد بالرواية عَنْ أكثرهم. وَرُحِلَ إليه مِن الآفاق. روى عَنْهُ: الأعمش، وابن جُرَيج، وشُعْبَة، وهم مِن شيوخه، وابن المبارك، وابن مَهديّ، والشّافعيّ، وابن المَدِينيّ، والحُمَيْديّ، وسعيد بْن منصور، ويحيى بْن مَعِين، وأحمد، وإسحاق، وأحمد بْن صالح، وإسحاق الكَوْسَج، وأحمد بْن مَنِيع، وأبو خَيْثَمَة، وأبو بكر بن أبي شَيْبَة، وابن نُمير، وأبو كُرَيْب، ويحيى بْن يحيى، والنُّفَيْليّ، ومحمد بْن يحيى العَدنيّ، وعَمْرو النّاقد، والفلاس، وأحمد بْن شيبان، وبِشْر بْن مطر، وزكريّا بْن يحيى المَرْوَزِيّ، وسَعْدان بْن نصر، وعليّ بْن حرب، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر، ومحمد بْن عاصم الثَّقَفيّ، ومحمد بْن عيسى المدائني، والزَّعْفرانيّ، والزُّبَيْر بْن بكّار، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأُمَم سواهم. وقد كَانَ طلبة العِلْم يحجّون وما همّهم إلا لُقيّ سُفْيان، فيزدحمون عَليْهِ في الموسم ازدحامًا عظيمًا إلى الغاية لإمامته وعُلُوّ إسناده وحِفْظه، كَانَ مِن بُحور العِلْم. قَالَ الشّافعيّ: لولا مالك وسُفْيان بْن عُيَيْنَة لذهب عِلم الحجاز. وعنه قَالَ: تطلّبت أحاديث الأحكام، فوجدتها كلّها سوى ثلاثين حديثًا عند مالك، ووجدتها كلّها سوى ستّة أحاديث عند ابن عُيَيْنَة. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: كَانَ ابن عُيَيْنَة مِن أعلم الناس بحديث الحجاز. وقال التَّرْمِذيّ: سمعتُ محمدًا، يعني الْبُخَارِيّ، يَقُولُ: ابن عُيَيْنَة أحفظ مِن حمّاد بْن زيد.

وقال حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ما رَأَيْت أحدًا فيه مِن آله العِلْم ما في سُفْيان. وما رَأَيْت أكفّ عَنِ الفُتيا منه. وما رأيتُ أحدًا أحسن لتفسير الحديث منه. وقال ابن وهْب: لا أعلم أحدًا أعلم بالتفسير مِن ابن عُيَيْنَة. وقال أحمد: ما رَأَيْت أعلم بالسُّنَن منه. قَالَ وكيع: كتبنا عَنِ ابن عُيَيْنَة أيّام الأعمش. وقال ابن المَدِينيّ: ما في أصحاب الزُّهْرِيّ أتقن مِن سُفْيان. قَالَ أحْمَد بْن حنبل: دخل سُفْيان بْن عُيَيْنَة عَلَى معن بْن زائدة باليمن، ولم يكن سُفْيان تلطّخ بشيء بعدُ مِن أمر السلطان، فجعل يعِظُه. وقال سُفْيان بْن عُيَيْنَة: حجّ بي أَبِي وعطاء حيّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: كَانَ ابن عُيَيْنَة ثبْتًا في الحديث، وكان حديثه نحوًا مِن سبعة آلاف، ولم يكن لَهُ كتب. وقال بَهْز بْن أسد: ما رأيت مثل سُفْيان بْن عُيَيْنَة. فقيل لَهُ: ولا شُعْبَة؟ قَالَ: ولا شُعْبَة. وقال ابن مَعِين: هُوَ أثبت الناس في عَمْرو بْن دينار. وقال ابن مهديّ: عند ابن عيينة مِن معرفته بالقرآن وتفسير الحديث ما لم يكن عند سُفْيان الثَّوْريّ. وقال عليّ بْن حرب الطّائيّ: سمعت أبي يَقُولُ: كنت أحبّ أن تكون لي جارية في غُنْج ابن عُيَيْنَة إذا حدَّث. وقال رباح بْن خَالِد، كوفيّ ثقة، إنّه سَأَلَ ابن عُيَيْنَة: يا أبا محمد، أبو معاوية يحدّث عنك بشيء لَيْسَ تحفظ اليوم، وكذلك وكيع. فقال: صدَّقْهم، فإنّي كنت قبل اليوم أحفَظَ منّي اليوم. قَالَ محمد بْن المُثَنَّى: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ ذَلِكَ لرباح في سنة إحدى وتسعين ومائة. وقال حامد البلْخيّ: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: رأيتُ كأنّ أسناني سقطت،

فذكرتُ ذَلِكَ للزُّهْرِيّ، فقال: تموت أسنانك وتبقى أنت، فمات أسناني وبقيتُ أَنَا. فجعل الله كلّ عُدُولي محدثًا1. قال غياث بن جعفر: سمع ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: أول مِن أسندني إلى أسطوانة مِسْعَر. فقلت: إنّي حَدَث. قَالَ: إنّ عندك الزُّهْرِيّ، وعَمْرو بْن دينار. وقال الرّامَهُرْمُزِيّ: نا موسى بْن زكريّا، نا زياد بْن عُبَيْد الله بْن خُزاعي: سَمِعْتُ سفيان يَقُولُ: كَانَ أَبِي صيرفيًا بالكوفة، فركبَه الدَّين، فحَمَلَنَا إلى مكّة، فصرتُ إلى المسجد، فإذا عَمْرو بْن دينار، فحدَّثني بثمانية أحاديث. فأمسكتُ لَهُ حماره حتّى صلّي وخرج، فعرضت الأحاديث عَليْهِ. فقال: بارك الله فيك. وقال مجاهد بْن موسى: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: ما كتبتُ شيئًا إلا حفِظته قبل أن أكتبه. قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت أحدًا أعلم بالسُّنَن مِن سُفْيان بْن عُيَيْنَة. رواها صالح، عَنْ أَبِيه. وقال ابن المبارك: سُئل الثَّوْريّ، عَنْ سُفْيان بْن عُيَيْنَة فقال: ذاك أحد الأَحَدين ما أغربه. وقال ابن المَدِينيّ: قَالَ لي القطّان: ما بقي مِن مُعَلَّميَّ أحدٌ غير سُفْيان بْن عُيَيْنَة. سُفْيان إمامٌ منذ أربعين سنة. وقال ابن المديني: سمعت بشر بن المفضل يقول: ما بقي على وجه الأرض أحد يشبه ابن عيينة. وذكر حَرْمَلَة بْن يحيى أنّ ابن عُيَيْنَة قَالَ لَهُ وأراه خبز شعير: هذا طعامي منذ ستين سنة2. الحميدي: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُولُ: لا تدخل هذه المحابرُ بيت رجلٍ إلا أشقى أهلَه وولَده. وقال سُفْيان لرجل: ما حاجتك؟ قَالَ: طلب الحديث! قال: بشر أهلك بالإفلاس.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 178". 2 الحلية "7/ 272".

قَالَ أبو مسلم المُسْتَملي، عَنْهُ: سَمِعْتُ مِن عُمَرو بْن دينار ما لبث نوح في قومه. وقال علي بْن الْجَعْد: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: مِن زيد في عَقْله نقص مِن رزقه. وروى سَعِيد بْن داود، عَنِ ابن عيينة قال: من كانت معصيته في الشهوة فأرجِ لَهُ، ومن كانت معصيته في الكِبْر فأخش عَليْهِ. فإنّ آدم عصا مشتهيًا فغُفر لَهُ، وإبليس عصا متكبّرًا فلُعن. وقال ابن عُيَيْنَة: الزُّهْد: الصبر وارتقاب الموت. وقال: العِلْم إذا لم ينفعك ضرّك. قَالَ عثمان بْن زائدة: قلت للثَّوْريّ: ممّن أسمع؟ قَالَ: عليك زائدة بْن قُدامة، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة. وقال ابن المبارك: سُئِل الثَّوْريّ، عَنِ ابن عُيَيْنَة، فقال: ذاك أحد الأحَدَيْن يَقُولُ: لَيْسَ لَهُ نظير. قَالَ نُعَيْم بن حماد: ما رأيت أحدًا أجمع لمُتَفَرَّقٍ مِن ابن عُيَيْنَة. وقال عليّ بن نصر الجهضمي: نا شُعْبَة قَالَ: رَأَيْت ابن عُيَيْنَة غلامًا معه ألواح طويلة عند عَمْرو بْن دينار، وفي أُذُنه قِرْط، أو قَالَ: شَنْف1. ابن المَدِينيّ: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُولُ: جالست عَبْد الكريم الْجَزَريّ سنتين وكان يَقُولُ لأهل بلده: أُنظروا إلى هذا الغلام يسألني وأنتم لا تسألوني. وقال ذؤيب السَّهْميّ: سَأَلت ابن عُيَيْنَة: أسمعتَ مِن صالح مولى التوءمة؟ قَالَ: نعم! هكذا وهكذا. وأشار بيديه، يعني كثرة. وسمعتُ منه ولُعابه يسيل. قَالَ أبو محمد بْن أَبِي حاتم: ولا نعلمه روى عَنْهُ شيئًا. كَانَ منتقدًا للرُّواة. قَالَ ابن المَدِينيّ: سَمِعْتُ سُفْيان يَقُولُ: كَانَ عَمْرو بْن دينار أكبر مِن الزُّهْرِيّ، سَمِعَ مِن جَابِر، والزهري لم يسمع منه.

_ 1 شنف: ما يعلق في الأذن من الحلي.

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيُّ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مَطَرٍ قَالَ: كُنَّا عَلَى بَابِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَاسْتأْذَنَّا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا. فَقُلْنَا: ادْخُلُوا حَتَّى نَهْجِمَ عَلَيْهِ. قَالَ: فَكَسَرْنَا بَابَهُ وَدَخَلْنَا، وَهُوَ جَالِسٌ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا فَقَالَ: سبحان الله، دخلتم داري بغي إِذْنِي، وَقَدْ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلٍ أَنَّ رَجُلا اطَّلَعَ فِي حُجْرٍ مِنْ بَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِدْرَعًا يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ: "لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِي لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ. إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ" 1. قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: ندمْنَا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ. فَقَالَ: ندمْتُمْ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "النَّدَمُ تَوْبَةٌ"2. أخرجوا فقد أخذتم رأس مال ابن عُيَيْنَة. سليمان هُوَ أخو قتادة بْن مطر صدوق إنّ شاء الله. وزياد هُوَ ابن أَبِي مريم. قَالَ الفِريابيّ: كنت أمشي مَعَ سُفْيان بْن عُيَيْنَة، فقال لي: يا أبا محمد ما يزهدني فيك إلا طلبُك الحديث. قلت: أنت يا أبا محمد أيّ شيء كنتَ تعمل إلا طلب الحديث؟ قَالَ: كنت إذْ ذاك صبيًا لا أعقِل. قَالَ عَبْد الكريم بْن يونس: نا ابن عُيَيْنَة قَالَ: أول ما جالست عَبْد الكريم أبو أمية، جالسته وأنا بن خمس عشرة سنة. قَالَ: وقرأت القرآن وأنا ابن أربع عشرة سنة. قَالَ يحيى بْن آدم: ما رأيتُ أحدًا يختصر الحديث إلا وهو يخطئ، إلا سفيان بن عيينة.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 66"، "9/ 13"، ومسلم "2156"، والحميدي "924"، وعبد الرزاق "19431"، والترمذي "2709"، والنسائي "القسامة/ 47"، وأحمد "5/ 330"، وابن أبي شيبة "8/ 569". 2 "حديث حسن": أخرجه ابن ماجه "4252"، وأحمد "1/ 376، 423"، والحاكم في "4/ 243"، والحميدي "105"، والطبراني "1/ 33"، في الصغير، والطحاوي "4/ 291" في شرح المعاني.

قَالَ أحمد بْن خَيْثَمَة: ثنا الحَسَن بْن حماد الحضرمي، نا سفيان قَالَ: قَالَ حمّاد، يعني ابن أَبِي سليمان، ولم نسمعه منه، إذا قَالَ لامرأته: أنتِ طالِق، أنتِ طالقِ، أنتِ طالِق، بانت الأولى، وبطُلَت الاثنتين. قَالَ ابن عُيَيْنَة: رَأَيْت حمّاد بن أَبِي سليمان جاء إلى طبيب عَلَى فَرَس. قَالَ إبراهيم بْن محمد الشّافعيّ: ربّما سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة وقد بلغ إحدى وتسعين سنة، ولم أر فقيهًا أكثر تمثلا بالشِعّر منه، ينشد: سَئِمتُ تكاليفَ الحياةِ ومَن يعشْ ... ثمانينَ عامًا لا أبًا لك يَسْأمِ وقال أبو قدامة السَّرْخَسِيّ: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة كثيرًا ما يَقُولُ: ذهبَ الزّمان فُسدْتُ غير مُسَوَّد ... ومن العناء تفرّدي بالسؤددِ قَالَ أبو حاتم: ابن عُيَيْنَة إمام ثقة. وكان أعلم بحديث عَمْرو بْن دينار مِن شُعْبَة. وأثبت أصحاب الزُّهْرِيّ: مالك، وابن عُيَيْنَة. وقال عَبْد الرزّاق: ما رَأَيْت بعد ابن جُرَيج مثل ابن عيينة في حسن المنطق. ورى الكَوْسج، عَنِ ابن مَعِين: ثقة. وقال يحيى بْن سَعِيد القطّان: اشهدوا أنّ ابن عُيَيْنَة اختلط سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. فمن سَمِعَ منه في هذه السَّنَةِ فسَماعه لا شيء. قلت: أَنَا أستبعد صحّة هذا القول. فإنّ القطّان مات في صَفَر سنة ثمانٍ وتسعين بُعَيد قدوم الحَجّاج بقليل. فمن الَّذِي أخبره باختلاط سُفْيان؟ ومتى لحق يَقُولُ هذا القول؟ فسُفيان حُجّة مطلقًا بالإجماع مِن أرباب الصَّحاح. وقد حجّ سُفْيان سبعين حَجّة، وكان يَقُولُ ليلة الموقف: اللهمّ لا تجعله آخر العهد منك. فلمّا كَانَ عام موته لم يَقُلْ ذَلِكَ، وقال: قد استحييت مِن الله تعالى. وروى سليمان بْن أيوب، عَنْ سُفْيان قَالَ: سمعته يَقُولُ: شهدت ثمانين موقفًا. قلت: هذا أشبه. قَالَ أحمد بْن عَبْدة الضّبّيّ: سَمِعْتُ ابن عُيَيْنَة يَقُولُ: الزُّهْد في الدنيا هُوَ الصبر وارتقاب الموت.

وعن ابن عُيَيْنَة قَالَ: الورع طلب العِلْم الَّذِي يُعرف بِهِ الورع. وكان لَهُ تسعة إخوة، حدَّث منهم أربعة: عِمران، ومحمد، وآدم، وإبراهيم. قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: كَانَ سُفْيان لا يكاد يَقُولُ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيّ. قلتُ: ابن عُيَيْنَة معروف بالتدليس، لكنّه لا يدلّس إلا عَنْ ثقة. وقد وقع لنا مِن عواليه جملة وافرة. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ، وَيُوسُفُ بْنُ غَالِيَةَ قَالا: أَنَا أَبُو نَصْرٍ مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخْلِصُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ البغوي، نا عثمان بن أبي شيبة، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَقُولُ: "إنكم ملاقوا اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا" 1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. تُوُفّي سُفْيان في جُمَادَى الآخرة، وقيل في شهر رجب سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. قَالَ الواقدي: في أول رجب، رحمه الله. 110- سُقلاب بْن شُنَيْنَة. أبو سَعِيد الْمَصْرِيّ المقرئ2. قرأ عَلَى: نافع بْن أَبِي نُعَيْم. أخذ عَنْهُ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين ومائة. وشُنَيْنَة: بشين معجمة. 11- السَّكَن بْن إسماعيل البصْريّ الأصمّ3. عَنْ: يونس بْن عُبَيْد، وهشام بْن حسّان، وحُمَيْد الطويل، وطائفة. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، ومُسَدَّد، ويحيى بن مَعِين، وعمرو الناقد.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "7/ 194"، ومسلم "2860"، وأحمد "1/ 220". 2 معرفة كبار القراء "1/ 160". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 287، 288"، التهذيب "4/ 125، 126".

وثّقة أبو داود، ولم يُخرَّجوا لَهُ شيئًا. 112- سلامة بْن رَوْح الأَيْليّ -ن. ق. روى عَنْ: عمّه عُقَيْلِ بْن خَالِد الأَيْليّ كتابه عَنِ الزُّهْرِيّ. وحدَّث عَنْهُ: أحمد بْن صالح، وأبو الطّاهر بْن السَّرْح، ويونس بْن عَبْد الأعرى، ومحمد بن عُزَيزي الأَيْليّ، وغيرهم. ضعّفه أبو زرعة وقال: مُنْكَر الحديث. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. محلّه عندي محلّ الغَفْلة. وقال أحمد بْن صالح: أخبرني ثقة بأيْلَة أنّ سلامة لم يسمع مِن عُقيل بل حدّث عَنْ كتب عقيل. له حديث منكر تفرد به. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ الْقُرَشِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، أَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا الْخُلَعِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَاجِّ، نَا أحمد بن محمد بن السندي إملاء، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ، نَا سَلامَةُ، نَا عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ"2. رَوَاهُ عَدَدٌ كَثِيرٌ، مِنْهُمُ ابْنُ عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلامَةَ. ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنِ اثْنَيْنِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الأَيْلِيِّ أَحَدِ مَشْيَخَةِ النَّسَائِيِّ، عَنْ سَلامَةَ. وَلِسَلامَةَ أَحَادِيثُ مَنَاكِيرُ مِنْهَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "امْلِكُوا الْعَجِينَ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ"3. وَبِهِ إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: "بَشِّرْ أُمَّتَكَ أَنَّ مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ"4.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 301"، والميزان "2/ 183". 2 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي "3/ 1160"، وابن الجوزي "2/ 452"، في العلل المتناهية، وانظر المجمع "8/ 79"، "10/ 264". 3 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي "3/ 1160"، وانظر الميزان "3361". 4 "حديث حسن لغيره": أخرجه ابن عدي "3/ 1161"، وله شواهد، انظر: السلسلة الصحيحة "2/ 338"، للألباني، والتمهيد "5/ 126"، لابن عبد البر.

وَبِهِ: "إِنِّي وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ"1. 113- سلام بْن أبي خُبزة البصْريّ2. عن: ثابت البُناني، وابن جدْعان، ويونس بْن عُبَيْد، ومحمد بْن المُنْكَدِر، وعاصم القارئ، وجماعة. وعنه: صالح بْن حرب، وإسحاق بْن أَبِي إسرائيل، وسعيد بْن محمد الْجَرْميّ، وأبو كامل الجحدريّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد الله الحلبيّ، وآخرون. وهو والد سَعِيد بْن سلام العطّار. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: متروك الحديث. وقال الْبُخَارِيّ: سلام بْن أبي خُبزة أبو سَعِيد ضعّفه قُتَيْبة. وقال ابن عَدِيّ: عامّة ما يرويه لَيْسَ يُتَابع عَليْهِ. 114- سَلَمَةُ بْن عَقَّار البغداديّ3. عَنْ: حمّاد بْن زيد، وفضيل بْن عِياض. وعنه: سَعْدان بْن يزيد، وأحمد وهو الدَّوْرقيّ. وثّقه ابن مَعِين. 115- سَلَمَةُ بْن سليمان المَرْوَزِيّ4 -خ. م. س. المؤدَّب أحد الأئمّة، وصاحب ابن المبارك. أخذ عَنْهُ: ابن راهَوَيْه، ومحمد بْن عبد الله بن قهزاد، وجماعة. وثقه النسائي.

_ 1 "حديث حسن لغيره": أخرجه ابن عدي "3/ 116"، وله شاهد أخرجه البخاري "8/ 131"، ومسلم "الفتن/ 135"، والترمذي "2214"، والنسائي "3/ 189"، وابن ماجه "4040"، وأحمد "3/ 124". 2 الجرح والتعديل "4/ 260، 261"، والميزان "2/ 174". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 167"، وتاريخ بغداد "9/ 134". 4 الجرح والتعديل "4/ 163"، والسير "9/ 433".

قِيلَ: تُوُفّي سنة ستٌّ وتسعين ومائة. 116- سَلَمَةُ بن الفضل الأبرش الرازي1 -د. ت. أبو عبد الله قاضي الريّ. روى المغازي عَنِ: ابن إِسْحَاق. وروى عَنْ: أَعْيَن بْن نابِل، وحَجّاج بْن أرطأة، وعَمْرو بْن أَبِي قيس، وسُفْيان الثَّوْريّ، وغيرهم. وعنه: عَبْد الله بْن محمد المُسْنَديّ، وعثمان بْن أَبِي شَيبة، ويحيى بْن مَعِين، ويوسف بْن موسى القطّان، وابن حُمَيْد، وعدّة. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يحتج بِهِ. وقال الْبُخَارِيّ: عنده مناكير. وضعّفه النَّسَائيّ. وقال أبو زُرْعة: كَانَ أهل الرَّيّ لا يرغبون فيه لسوء رأيه وَظُلْمٍ فيه. وقال ابن مَعِين: كَانَ يتشيّع، وكان معلّم كُتّاب. وقال أبو حاتم أيضًا: محلّه الصَّدْق. في حديثه إنكار لا يمكن أن أُطلق لساني فيه بأكثر مِن هذا. وقال محمد بْن سعْد: ثقة. كَانَ يقال: إنّه مِن أخشع الناس في صلاته. قلت: وورد عَنْهُ أنّه مِن الحُفّاظ الذين يحفظون الشيء عَلَى البديهة. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: ما خرجنا مِن الرَّيّ حتى رَمَينا بحديث سَلَمَةَ الأبرش. قلت: كَانَ قويًا في ابن إسحاق. أتى عَليْهِ مائة وعشر سنين.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 168-170"، والسير "7/ 49، 50".

قلت: إنْ صحّ هذا فكان يمكنه لقاء الصحابة وكبار التّابعين. مات سَلَمَةَ بْن الفضل سنة إحدى وتسعين ومائة. 117- سَلْم بْن جعفر البكراوي الأعمى1 -د. ت. روى عن: الْجُرَيْريّ، والحَكَم بْن أبان. وعنه: يحيى بْن كثير العنْبريّ، ونُعَيْم بْن حمّاد. ذكره ابن حِبّان في تاريخ الثَّقات. 118- سَلْم بْن سالم البلْخيّ2. أبو محمد الزّاهد العابد. حدَّث ببغداد عَنْ: عُبَيْد الله بْن عُمَر، وحُمَيْد الطويل، وابن جُرَيج، وسُفْيان. وعنه: أحمد بْن منيع، والحسن بْن عَرَفَة، وسَعْدان بْن نصر، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وغيرهم. وقال أبو مقاتل السَّمَرْقَنْديّ: سَلْم في زماننا كعمر بْن عَبْد العزيز في زمانه. وقال ابن سعْد: كَانَ أمّارًا بالمعروف، وكان مطاعًا، فأقدمه الرشيد وحبسه، حتى مات الرشيد فأطلقوه. قَالَ: وكان مُرْجِئًا ضعيفًا. قَالَ الخطيب: كَانَ مذكورًا بالعبادة والزُّهْد، ويذهب إلى الإرجاء. وقال يحيى بْن ماهان: سَمِعْتُ محمد بْن إسحاق اللّؤلؤيّ يَقُولُ: رَأَيْت سَلْم بْن سالم مكث أربعين سنةً لم يرفع رأسه إلى السماء، ولم يُر لَهُ فراش، ولم يُر مُفْطرًا إلا في العيد3. وقيل: إنّ الرشيد إنّما حبسه لأنّه قَالَ: لو شئت أن أضرب الرشيد بمائة ألف سيف لفعلت.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 265"، والميزان "2/ 184". 2 الجرح والتعديل "4/ 266"، والميزان "2/ 184". 3 تاريخ بغداد "9/ 141".

وعن سَلْم قَالَ: ما يَسُرّني أن ألقي الله بعمل مِن مضى، وأن أقول: الإيمان قول وعمل. وقال ابن المَدِينيّ: أخبرني أبو يحيى قَالَ: صحِبْت سَلْم بْن سالم في طريق مكّة، فما رَأَيْته وضع جبينه في المحمل، إلا مرّة مدّ رِجْلَه وجلس. وقال أبو معاوية: دعاني الرشيد لأحدّثه، فقلت: سَلْم هَبةُ لي. فعرفت منه الغضب، وقال: إنّ سَلْمًا لَيْسَ عَلَى رأيك ورأي أصحابك في الإرجاء، وقد جلس في مكّة وقال: لو شئت أن أضرب أمير المؤمنين بمائة ألف سيفٍ لَفَعَلْت. قَالَ: فكلّمته فيه، فخفّف عَنْهُ مِن قيوده1. وقال أحمد بْن حنبل: رأيته أتى أبا معاوية، وكان صديقًا لَهُ، وكان عبدًا صالحًا ولم أكتب عَنْهُ. كَانَ لا يحفظ ويخطئ. وقال النَّسَائيّ: ضعيف. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. أَخْبَرَنَا غَنَّامُ بْنُ مَحَاسِنَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْقَاضِي سَنَةَ عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ، أنا عبد الله بن يحيى السكري، أن إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، نَا سَعْدَانُ، نَا سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ الْبَلْخِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُرْوَةَ الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنْ قَادَ أَعْمَى أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ"2. قُلْتُ: اتُّهِمَ بِهِ ابْنُ عُرْوَةَ. ومات سَلْم سنة أربعٍ وتسعين ومائة. 119- سَلْم بْن قتيبة الخراساني الفريابي الشعيري3. -خ. ع. أبو قتيبة نزيل البصرة.

_ 1 السابق "9/ 142". 2 سبق تخريجه. 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 266"، والتهذيب "4/ 133".

روى عَنْ: يونس بْن أَبِي إسحاق، وعيسى بْن طَهْمان، وعِكْرمة بْن عمّار، وشُعبة، وطبقتهم. وعنه: زيد بْن أَخْرم، وأبو حفص الفلاس، وبُنْدار، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وهارون بْن سليمان الأصبهاني، وآخرون. وثّقه أبو دَاوُد. تُوُفّي سنة مائتين. 120- سليمان بْن الخليفة أَبِي جعفر عبد الله بن محمد بن علي العباسي1. أبو أيّوب. نائب دمشق للرشيد وللأمين. وقد وُلّي أيضًا البصْرة. روى عن: أَبِيه. وعنه: ابنته زينب، وابن أخيه إبراهيم بْن عيسى. مات في صَفَر سنة تسعٍ وتسعين ومائة، وله خمسون سنة. ذكره ابن عساكر مختصرًا. 121- سليمان بْن عامر الكِنْديّ المَرْوَزِيّ2. عَنِ الربيع بْن أنس فقط. وعنه: إسحاق بْن راهَوَيْه، وعَمْرو بْن رافع القَزْوينيّ، ومحمد بْن يحيى بْن أيّوب الثَّقَفيّ، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم: صَدُوق حسن الحديث. - سُلَيْم: هُوَ صاحب حمزة الزّيّات. 122- سُلَيْم بْن عيسى بْن سُلَيْم بْن عامر بْن غالب3. أبو عيسى الحنفي، مولاهم الكوفيّ المقرئ، أحد الأعلام، وأخصّ تلامذة حمزة به، والمقدم في الحذق بحروفه.

_ 1 وفيان الأعيان "3/ 195". 2 الجرح والتعديل "4/ 133، والتهذيب "4/ 203". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 215"، والميزان "2/ 231".

مولده سنة ثلاثين ومائة، ومات سنة مائتين. هكذا أرّخه محمد بْن سعْد. وأما خَلَف القزّاز فقال: ولد سنة تسع عشرة ومائة، ومات سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. وهذا أشبه كما تقدّم. 123- سُلَيْم بْن مُسْلِم الجمحي الْمَكَّيّ الخشّاب1. روى عَنْ: النَّضر بْن عربي، وابن أَبِي ليلى، وابن جُرَيج، ويونس بْن يزيد الأَيْليّ، وموسى بْن عُبَيْدة. وعنه: يحيى بْن حكيم المقدّم، وابن راهَوَيْه، ومحمد بْن مِهران الجمّال، ويعقوب بْن كاسب، وجعفر بْن مِهْران، والمسيّب بْن واضح، ومحمد بْن بحر البصْريّ. قَالَ يحيى بْن مَعِين: جهْميٌ خبيث. وقال النَّسَائيّ: متروك الحديث. وقال أَبُو حاتم: ضعيف مُنْكَر الحديث. 124- سهل بْن زياد البصْريّ الطّحّان2. عَنْ: سليمان التَّيميّ، وداود بْن أَبِي هند، وشَرِيك. وعنه: أحمد بْن حنبل، ونُعَيْم بْن حمّاد، وحفص الرَّباليّ، وبِشْر بْن يوسف. صَدُوق. قَالَ أبو حاتم: تُكِلّم فيه، وما رأينا إلا خيرًا. 125- سهل بْن هاشم بْن بلال الحبشيّ الواسطيّ ثمّ البَيْروتيّ3 -ن. عَنْ: الأوزاعيّ، وشُعْبَة، وسُفْيان، وجماعة. وَعَنْهُ: مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عمّار، ودُحَيْم، وسليمان ابن بنت شرحبيل، وجماعة.

_ 1 الكامل "3/ 1165"، لابن عدي، والميزان "2/ 322". 2 الجرح والتعديل "4/ 197"، والميزان "2/ 237". 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 205"، والميزان "2/ 241".

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 126- سهل بْن يوسف البصْريّ الأنماطيّ1 -خ. 4. عَنْ: حُمَيْد الطَّوِيلِ، وعَوْف، والعَوَّام بْن حَوْشَب، وعدّة. وعنه: أحمد، والفلاس، وبُنْدار، ونصر بْن عليّ. قَالَ النَّسَائيّ: ثقة. 127- سُوَيْد بْن عَبْد العزيز بْن نمير -ت. ق. أبو محمد السلمي، مولاهم الدّمشقيّ القاضي. وُلّي قضاء بَعْلَبَكّ، وشارك في قضاء دمشق يحيى بْن حمزة في وقت. وكان مِن كبار العلماء، قرأ القرآن عَلَى يحيى الذَّماريّ، وغيره. أخذ عَنْهُ: أبو مُسْهٍر، وهشام، والربيع بْن ثعلب القراءة. وقد روى الحديث عَنْ: أيّوب، وأبي الزُّبَيْر، وحسين بْن عَبْد الرَّحْمَن، وثابت بْن عَجْلان، وعاصم الأحْوَل، وحميد الطويل، وطائفة. وقرأ أيضا على الحسن بن عمران تلميذ عطية بن قيس، وقد قرأ عطيّة عَلَى أمّ الدَّرْداء. روى عَنْهُ: دُحَيْم، ومحمد بْن عائذ، وداود بْن رشيد، وابن ذَكْوان، ومحمد بْن أَبِي السَّريّ، وعدة. قال: أبو نعيم الحلبي: نا سُوَيْدٌ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "نَهَى عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَيْبَسَ"3. رَوَى دُحَيْمٌ، عَنْ سويد قال: ولدت سنة ثمان ومائة. وقال ابْنُ مَعِينٍ: سُوَيْدٌ وَاسِطِيٌّ، انْتَقَلَ إِلَى دِمَشْقَ. لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ، كَانَ يَقْضِي بَيْنَ النَّصَارَى.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 205"، والتهذيب "4/ 205"، والتهذيب "4/ 259، 260". 2 الجرح والتعديل "4/ 238"، والسير "9/ 18". 3 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "1227"، وله شاهد عند مسلم "1535"، وأبي داود "3368"، والترمذي "1245"، من حديث ابن عمر -رضي الله عنه.

وروى محمد بْن عوف، عنِ ابن مَعِين قَالَ: سُوَيْد لا يجوز في الضحايا. وقال أحمد: متروك. وقال الْبُخَارِيّ: في حديثه نظر لا يُحتَمَل. وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بثقة. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. وقال الدّارَقُطْنيّ: يُعْتَبَر بِهِ. قَالَ عليّ بْن حُجْر: قُلت لهُشَيْم: شيخ مِن أهل واسط بدمشق يُقال لَهُ سُوَيْدة فأثني عَليْهِ. وقال ابْن سعْد: أَنَا أبو عَبْد الله الشاميّ قَالَ: وُلّي سُوَيْد قضاء بَعْلَبَكّ، وكان محتاجًا، فلقيه داود بْن أبي شَيْبان فقال: يا أبا محمد وُلَّيت القضاء بعد العِلم والحديث؟ قَالَ: نعم، نَشَدْتُكَ بالله أَتَحْت جُبّتك شِعار؟ فقال داود: نعم! فرفع سُوَيْد جُبّته فإنّما تحتها ثوب. ثمّ قَالَ: أنْشُدُك الله هَلْ هذا الطَّيْلسان لك؟ قَالَ: نعم! قَالَ: فوالله ما هذا الطَّيْلسان لي، أفلا ألي القضاء؟ فوالله لو وُلَّيت بيتَ المال لوليته. قلت: قد روى عَنْهُ من البعالكة: إبراهيم بْن النَّضْر، وعبد الحميد بْن حمّاد الْقُرَشِيّ، وأبو سُلَيْم عَبْد الرَّحْمَن بْن ضحّاك، ومحمد بْن هاشم. وقد وثّقه دُحَيْم وحده. مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة. 128- سيّار بْن حاتم1 -ت. ن. ق. أبو سلمة البصري العنزي العابد. روى عَنْ: جعفر بْن سُليمان، وصَحِبه مُدة، وعن: الحارث بْن نَبْهان، وعبد الواحد بن زياد، وطائفة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 257"، والتهذيب "4/ 290".

ويغلب على حديثه القصص والرقاق. روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وهارون الحمّال، وعليّ بْن مُسْلِم الطُّوسيّ، ومؤمَّل بْن إهاب، وعبد الله بْن الحَكَم القَطَوانيّ، وآخرون. ذكره ابن حِبّان في الثَّقات. وقيل: كَانَ مِن الصُّلَحاء السَّليمي الباطن. قَالَ أبو داود: سَأَلت القواريريّ عَنْهُ فقال: لم يكن لَهُ عقل. كَانَ معي في الدُّكّان. قلت: أيتهم بكَذِب؟ قَالَ: لا!. وقال الحاكم: كَانَ عابد عصره. أكَثْرَ عَنْهُ أحمد بْن حنبل. وقال الأزديّ: عنده مناكير. قِيلَ: مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. وقيل: سنة مائتين. "حرف الشين": 129- شبيب بْن سُلَيْم الأُسَيديّ البصْريّ1. رَأَى الحَسَن البصْريّ سَلْم واحدةً. وروى عَنْ: مِقْسَم، وعن أَبِي هانئ. وعنه: إبراهيم بْن مهديّ، والفلاس، ومحمد بْن المُثَنَّى، ونُعَيْم بْن حمّاد، ورُسْتَه، ضعّفه الفلاس، والدارقطني. 130- شعيب بن حرب2 -خ. د. ن. أبو صالح المدائني البغدادي الزّاهد العابد، نزيل مكّة. روى عَنْ: عِكْرمة بْن عمّار، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وشُعْبَة، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، والحسن بن الصباح البزار، ويعقوب الدورقي، ومحمد

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 359"، والميزان "21/ 262". 2 الجرح والتعديل "4/ 342"، والسير "9/ 188-191".

ابن عيسى المدائني، وطائفة سواهم. وثقه أبو حاتم، وغيره. وكان منعوتا بالعبادة والورع، أمارا بالمعروف. أثنى عليه سري السقطي. وقال أحمد: شعيب حمل على نفسه في الورع. وقال عبد الله بن خبيق: سَمِعْتُ شعيب بْن حرب يَقُولُ: أكلتُ في عشرة أيام أكلة. وقال أبو حمدون الطَّيّب بْن إسماعيل: ذهبنا إلى شُعيب إلى المدائن وقد بنى لَهُ كوخًا، وعنده خبز يابس يبلّه، وهو جلْد وعظْم. وقد كان قرأ القرآن غير مرّة على حمزة الزّيّات وصحِبَه. قال عَبْد الله بْن أيوب المخرميّ: قَالَ شُعيب بْن حرب: مِن طلب الرئاسة ناطَحَتْه الكِباش. ومن رضي أن يكون ذَنَبًا أبى الله إلا أن يجعله رأسًا1. قلت: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. 131- شُعَيْب بن العلاء الرازي2. أَبُو مُحَمَّد السَّرَّاج، ولقبه أَبُو هُرَيْرَةَ. رَوَى عن: حجاج بن أرطأة، وابن جريج، وجويبر، وسفيان الثوري. وعنه: عمرو بن رافع، ومحمد بن عمرو زنيج. صدوق. 132- شعيب بن الليث بن سعد الفهمي3 -م. د. ن. مولاهم المصري.

_ 1 صفة الصفوة "3/ 10". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 350"، والثقات لابن حبان "4/ 357". 3 الجرح والتعديل "4/ 351"، التهذيب "4/ 355".

عَنْ: أَبِيه، وموسى بْن عليّ بْن رباح. وعنه: ولده عَبْد المُلْك، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع بْن سُليمان، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عَبْد الحَكَم، وغيرهم. وكان إمامًا مُفْتيًا ثقة. قَالَ ابن وهْب: ما رَأَيْت ابنًا لعالم أفضل مِن شُعيب بْن اللَّيْثُ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تسعٍ وتسعين ومائة، وله أربعٌ وستّون سنة. 133- شقيق البلْخيّ. هُوَ أبو عليّ شقيق بْن إبراهيم الأزديّ الزّاهد1، أحد الأعلام، صاحب إبراهيم بْن أدهم. حدَّث عَنْ: إسرائيل، وعبّاد بْن كثير، وكثير بْن عَبْد الله الأَيْليّ. وعنه: حاتم الأصم، وعبد الصمد بن يزيد مردويه، ومحمد بن أبان المستملي، والحسين بن داود البلخي، وغيرهم. عن علي بن محمد بن شقيق البلخي قال: كانت لجدي ثلاثمائة قرية، ثمّ مات بلا كفن. وسيفه إلى الساعة يتبرّكون بِهِ. وخرج إلى التُّرْك تاجرًا، فدخل عَلَى عَبَدة الأوثان، فرأى عالِمهم قد حلق لِحْيته، فقال: هذا باطل، ولكم خالق وصانع قادر عَلَى كلّ شيء. فقال لَهُ: لَيْسَ يوافق قولك فِعلك. قَالَ: وكيف؟ قَالَ: زعمت أنّه قادر عَلَى كلّ شيء، وقد تعنّيت إلى هنا تطلب الرزق، فلو كَانَ كما تَقُولُ، كَانَ الَّذِي يرزقك هنا يرزقك هناك وتريح العناء. قَالَ: فكان هذا سبب زهدي2. وعن شقيق قَالَ: كنتُ شاعرًا فرزقني الله التوبة. وخرجت من ثلاثمائة ألف

_ 1 انظر: الحلية "8/ 58-73"، والسير "9/ 313". 2 الحلية "8/ 59".

درهم، وكنتُ مُرابيًا. لبستُ الصُّوف عشرين سنة وأنا لا أدري، حتى لقيت عَبْد العزيز بْن أَبِي رَواد فقال: لَيْسَ الشأن في أكل الشعير ولبس الصوف. الشأن أن تعرف الله بقلبك لا تُشْرِك بِهِ شيئًا. والثانية: الرضى عَنِ الله، والثالثة: تكون بما في يدي الله أوثق منك بما في أيدي الناس. وعن شقيق قَالَ: عملت في القرآن عشرين سنة حتى ميّزت بين الدنيا والآخرة، فأصبته في حرفين. قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الشورى: 46] ، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص: 60] . وعن حاتم الأصمّ، عَنْ شقيق قَالَ: لو أن رجلا عاش مائتي سنة لا يعرف هذه والأربعة لم يَنْجُ: أوّلها معرفة الله تعالى، الثاني: معرفة النفس، الثالث: معرفة أمر الله ونهيه، الرابع معرفة عدّو الله وعدّو النفس. قَالَ أبو عقيد الرَّصافيّ: نا أحمد بْن عَبْد الله الزّاهد: سَمِعْتُ شقيق بْن إبراهيم يَقُولُ: ثلاث خِصال هِيَ نتاج الزُّهْد: الأولى: أن تميل عَنِ الهوى. الثانية: تنقطع إلى الزُّهْد بقلب. الثالث: أن يذكر إذا خلا كيف مدخله ومخرجه، كيف يدخل قبره؟ ويذكر الجوع، والعطش والحساب والصراط والعري والفضيحة وطول القيام. وقد ذُكِر عَنْ شقيق مَعَ انقطاعه وزُهده أنّه من كبار المجاهدين في سبيل الله. وكذا فلْيكن زُهد الأولياء -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم. روى محمد بْن عِمران، عَنْ حاتم الأصمّ قَالَ: كنّا مَعَ شقيق ونحن مُصافُّوا العدّو وَالتُّرْكَ، في يوم لا أرى فيه إلا رؤوسًا تندر، وسيوفًا تُقطع، ورِماحًا تُقصف. فقال لي: كيف ترى نفسك؟ هِيَ مثل الليلة التي زُفّت فيها إليك امرأتك؟ قلت: لا والله! قَالَ: ولكنّي أرى نفسي كذلك. ثمّ نام بين الصَّفَّيْن ودَرَقَتُه تحت رأسه حَتَّى سمعت غطيطُه. فأخذني يومئذ تركيّ وأضجعني للذَّبْح. فبينا هُوَ يطلب السَّكّين مِن خُفّه إذ جاء. سهمٌ عائر، فذبحه وألقاه عني1.

_ 1 الحلية "8/ 64".

وعن حاتم، عَنْ شقيق قَالَ: مَثَلُ المؤمن مثل رجلٍ غرس نخلةً فخاف أن تحمل شوكًا، ومثل المنفاق كَمَثل رجلٍ زرع شوكًا يطمع أن يحمل تمرًا.. هيهات. وعن شقيق قَالَ: لَيْسَ شيء أحبّ إلي مِن الضَّعيف لأنّ رُزْقه عَلَى الله، وأجره لي. وقال الحسين بْن داود: نا شقيق: الزّاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، المداوم عَلَى العبادة قَالَ: ثنا أبو هاشم الأَيْليّ فذكر حديثًا. وعن شقيق قَالَ: لقِيت سُفْيان الثَّوْريّ فأخذت منه لباسَ الدون، رَأَيْت لَهُ إزارًا ثمنه أربعة دراهم إذا جلس متربّعًا أو مدَّ رِجْلَيه يخاف أن تبدو عورته. وأخذت الخشوع مِن إسرائيل. وقال محمد بْن أبان المستمليّ: سَمِعْتُ شقيقًا يَقُولُ: أخذت العبادة من عباد بن كثير، والفِقْه مِن زُفَر. قَالَ ابن أَبِي الدنيا: ثنا محمد بْن الحسين قَالَ: سُئِل شقيق: ما علامة التوبة؟ قَالَ: إدمان البكاء عَلَى ما سلف مِن الذَّنوب، والخوف المُقْلِق مِن الوقوع فيها، وهجران إخوان السُّوء، وملازمة أهل الخير1. وقال ابن أَبِي الدنيا: نا أحمد بْن سَعِيد: قِيلَ لشقيق: ما علامة العبد المباعَد المطرود؟ قَالَ: إذا رَأَيْته قد ضيّع الطاعة، واستوحش قلبه منها؛ وحَلَتْ لَهُ المعصية، واستأنس بها؛ ورغِب في الدنيا وزهِد في الآخرة2. وعن شقيق قَالَ: ما للعبد صاحب خير مِن الخوف والهمّ فيما مضى مِن ذنوبه وما ينزل بِهِ. وعنه قَالَ: مِن شكا مصيبة نزلت بِهِ إلى غير الله، لم يجد حلاوة الطاعة أبدًا. قَالَ الحاكم في تاريخه: قِدم شقيق نَيْسابور عند خروجه راجلًا، في ثلاثمائة مِن زُهّاد خُراسان معه، أيّام المأمون، يعني أيّام ولايته خُراسان. قَالَ: فطلب المأمون الاجتماع به، فامتنع حتى تشفع إليه المأمون.

_ 1، 2 طبقات الأولياء "ص/ 13" لابن الملقن.

روى عَنْهُ مِن أهل نَيْسابور: أيّوب بْن الحَسَن الزّاهد، وعليّ بْن الحَسَن الأفطس، وغيرهما. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا يَحْيَى بْنُ ثَابِتٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عُمَرَ البزاز عرف بابن الخال، أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَحَامِلِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ الْبَلْخِيُّ، نَا شَقِيقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَلْخِيُّ، نَا أَبُو هَاشِمٍ الأَيْلِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا ابْنَ آدَمَ لا تَزُولُ قَدَمَاكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى تُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عُمْرُكَ فِيمَا أَفْنَيْتَهُ، وَجَسَدُكَ فِيمَا أَبْلَيْتَهُ، وَمَالُكَ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ وَأَيْنَ أَنْفَقْتَهُ"1. إِسْنَادُهُ وَاهٍ، وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ. ذكر يعقوب القرّاب أنّ شقيق بْن إبراهيم رحِمه الله تعالى قُتِل في غزوة كُولان سنة أربعٍ وتسعين ومائة. "حرف الصاد": 134- صالح بْن بَيان الثَّقَفيّ2. ويُقال العبْديّ، قاضي بلد سِيراف مِن أعمال فارس. ويُعرف بالسّاحليّ. حكى عَنْ: شعبة، وسفيان، وفُرات بْن السّائب. وعنه: محمد بْن إسماعيل بْن أَبِي سمينة، وأحمد بْن مطهّر، وغيرهما. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: متروك الحديث. 135- صالح بْن مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيميّ الطَّلْحيّ3 الكوفيّ -ت. ق. عَنْ: عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن رُفيع، وَسُهَيْلِ بْن أَبِي صالح، ومعاوية بْن إِسْحَاق، وهشام بن عروة.

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه الترمذي "2417"، والدارمي "1/ 135"، والطبراني "11/ 102" في الكبير. 2 انظر: تاريخ بغداد "9/ 310"، والميزان "2/ 290". 3 الجرح والتعديل "4/ 415"، والسير "8/ 161".

وعنه: داود بن عمرو الضبي، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ. قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث. وقال س: متروك الحديث. 136- صَعْصَعَةُ بنُ سلام. ويقال ابن عَبْد الله الدّمشقيّ1. روى عَنِ: الأَوْزَاعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكِ. ثمّ دخل الأندلس وصار عالِمها ومُفتيها، وولي خطابة قُرْطُبَة. حدَّث عَنْهُ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أيّوب القُرْطُبيّ، وموسى بْن ربيعة. قال ابن يونس: كنْيته أبو عَبْد الله. وكان أول مِن أدخل الحديث الأندلس. قال: وتوفي سنة اثنتين وتسعين ومائة. وقيل سنة ثمانين ومائة. 137- صُغْديُّ بْن سِنان. أبو معاوية البصْريّ2. عَنْ: يونس بْن عُبَيْد، وابن جُرَيج، وجعفر بْن الزُّبَيْر، ومحمد بْن مضاء. وعنه: محمد بْن صالح البغداديّ، وزيد بْن الحُرَيْش، والوليد بن عمرو بْن سُكَين، ومحمد بْن هشام بْن أبي خيرة السُّدُوسيّ، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ غيره: ضعيف. 138- صَفْوان بْن عيسى، أبو محمد الزُّهْرِيّ البصْريّ القسّام3 -م. ع. عَنْ: ثور بْن زيد، وابن عجلان، ويزيد بن أبي عبيد، ومعمر، وجماعة.

_ 1 الوافي بالوفيات "16/ 308، 309"، وشذرات الذهب "1/ 332". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 453"، والميزان "2/ 316". 3 الجرح والتعديل "4/ 425"، السير "9/ 309".

وعنه: أحمد، وإسحاق، والفلاس، وأبو قُدامة السَّرْخَسِيّ، ومحمد بن يحيى، وطائفة. قَالَ ابن سعْد: كَانَ ثقة صالحًا. وقال البخاريّ: مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وقيل: سنة مائتين. 139- صِلةُ بنُ سليمان الواسطيّ العطّار1. نزل بغداد وحدّث عَنْ: ابن جُرَيج، وهشام بْن حسّان، وأشعث بْن عَبْد المُلْك. وعنه: محمد بْن حرب النَّسَائيّ، وسليمان بن أحمد الواسطيّ، وصمدون بْن عَبْد الله الطّحّان. كذّبه ابْن مَعِين. وقال أبو حاتم: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ. قَالَ سُلَيْمَانُ بن أحمد: نا صلة العطار، أنا ابن جريج، عن عطاء، عن جابر بن مُعَاذٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ أَمَّنَ رَجُلا ثُمَّ قَتَلَهُ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا"2. وَيَرْوِي عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ. 140- صَيْفيّ بْن رِبْعيّ الأنصاريّ3. كوفيّ. عَنْ: أبيه، وابن أبي ذئب، وشعبة، وطبقتهم.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 447"، والميزان "2/ 320". 2 "حديث حسن لغيره": أخرجه العقيلي "2/ 215"، في الضعفاء الكبير، وأخرجه أحمد "5/ 223، 224، 437" وغيره عن عمرو بن الحمق -رضي الله عنه. 3 انظر: الجرح والتعديل "4/ 448"، والتهذيب "4/ 440، 441".

وعنه: أبو كُرَيْب، ومحمد بْن منصور العِجْلي، والحسين بْن يزيد الطّحّان، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم: صالح الحديث ما أرى بحديثه بأسًا. قلت: لَهُ حديث مُنْكر في التَّرْمِذيّ، عَنْ عَبْد الله بْن عُمَر العُمريّ. "حرف الضاد": - ضمرة بْن ربيعة1. شيخ الرملة. سيأتي بعد المائتين. "حرف العين": 141- عاصم بْن حُمَيْد الكوفيّ الحنّاط2. عَنْ: سِماك بْن حرب، وأبي حمزة ثابت الثُّماليّ. وعنه: يحيى بْن عبد الحميد، وابن نُمَيْر، ومحمد بْن مِهْران الْجَمَّالُ. وثّقه أبو زُرْعة. 142- عاصم بْن سليمان. أبو محمد العبْديّ، ثمّ الكُوزيّ الحذّاء3. شيخ بصْريّ، ضعيف. عَنْ: عاصم الأحول، وداود بْن أَبِي هند، وهشام بْن حسّان. وعنه: محمد بْن موسى الحَرشيّ، ومحمد بْن عيسى بْن الطّبّاع، والحَسَن بن عرفة. كذبه الفلاس.

_ 1 ستأتي الرجمة له. 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 342"، والتهذيب "5/ 41". 3 الجرح والتعديل "6/ 344"، والميزان "2/ 350".

وقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الأَثْبَاتِ. ابْنِ الطَّبَّاعِ: ثنا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابر: {وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} [الدخان: 26] قَالَ: الْمَنَابِرُ1. 143- عاصم بْن عَبْد العزيز الأشجعيّ2 -ت. ق. المدنيّ، أبو عَبْد الرَّحْمَن. عَنْ: الحارث بْن عبد الركم بْن أَبِي دياب، وهشام بْن عُرْوة، وسعد بْن إِسْحَاق. وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وإسحاق بْن موسى الخطميّ، ومحمد بْن المُثَنَّى وقال: هُوَ ثقة. وقال النَّسَائيّ، والدارَقُطْنيّ: لَيْسَ بالقوي. 144- عامر بْن صالح بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ الأسَديّ المدنيّ3 -ت. نزل بغداد، وحدّث عَنْ عمّ أبيه هشام بْن عُرْوة، وابن أَبِي ذئب، ويونس بْن يزيد. وعنه: أحمد بْن حنبل، والصَّلْت الْجَحْدَريّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن حاتم الزَّمِّيَّ. وكان فقيهًا إخباريًا علامة لكنّه واهٍ. قَالَ أبو داود: قِيلَ ليحيى بْن مَعِين: إنّ أحمد بْن حنبل حدَّث عَنْ عامر بْن صالح. فقال: ما لهُ، جُنّ؟. وضعّفه غير واحد. وقال الدارقطني: يترك عندي.

_ 1 "خبر موضوع": وأخرجه العقيلي "3/ 337" في الضعفاء الكبير. 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 348"، والميزان "2/ 353". 3 الجرح والتعديل "6/ 324"، والتهذيب "5/ 70".

وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: كَانَ كذّابًا يروي عَنْ هشام كلّ حديث سمعه. وقال أحمد بْن محمد بْن محرز، عن ابن معين: كذاب، عدو الله. قَالَ لي حَجّاج: إنّ هذا أتاه، فكتب عَنْهُ حديث هشام بْن عُرْوة، حدّثه بِهِ عَنِ اللَّيْثُ بْن سعْد، وابن لَهِيعَة، عنه. وقال س: لَيْسَ بثقة. وقال ابن عَدِيّ: عامّة حديثه مسروق مِن الثَّقات. 145- عامر بْن صالح بن رستم الخزاز1 -ت. أبو بكر البصري. وهو عامر بن أبي عامر. روى عن: أَبِيه، ويونس بْن عُبَيْد، وأيّوب بْن موسى. وعنه: عُبَيْد الله القواريريّ، وخَلَف البزَّار، ومحمد بْن أَبِي بَكْر المُقَدَّمّي، والفلاس، وابن مُثَنَّى، ونصر بْن عليّ، وعدّة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: لم أر لَهُ حديثًا مُنكرًا. 146- عامر بْن عبد الله. أبو وهْب الْمَصْرِيّ2. عَنْ: عَمْرو بْن شراحيل المَعَافِريّ. وعنه: سَعِيد بْن عُفَير، وأحمد بْن سَعِيد الهمَدانيّ. مات سنة مائتين. 147- العبّاس بْن الأحنف. شاعر زمانه، لَهُ أخبار كثيرة مَعَ الرشيد وغيره.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 324"، والتهذيب "5/ 70". 2 معجم الأدباء "12/ 40، 41"، وشذرات الذهب "1/ 334".

وكان طريفًا كيسًا حلو النادرة مجيدًا في الغزل. ومن شِعْره: يا أيها الرجل المعذَّب نفسَهُ ... أقصِرْ فأنّ شفاءك الإقصارُ نَزَف البكاءُ دموعَ عينك فاستَعٍرْ ... عينًا يُعينك دمعُها المِدرار مِن ذا يُعيرك عينهُ تبكي بها ... أرأيت عينًا للبكاء تُعارُ1 ومن شِعْره: وحدَّثْتني يا سعد عَنْهَا فزِدْتَني ... جُنُونًا فزِدْني مِن حديثك يا سَعْد هواها هويً لم يعرف القلبُ غيرَه ... فليس لَهُ قبلٌ وليس لَهُ بعدُ2 ومن شعره: قد سحب الناسر أذيالِ الظُّنُون بنا ... وفرّق الناسُ فينا قولَهم فِرقا فكاذبٌ قد رمى في الحبّ غيركم ... وصادق لَيْسَ يَدْري أَنَّهُ صَدَقا3 مات العبّاس بْن الأحنف سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. وقيل: مات سنة اثنتين وتسعين ومائة، قبل أَبِي نواس. 148- العبّاس بْن الحسين بْن عُبَيْد الله بن عباس ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. أبو الفضل العلويّ المدنيّ4. قِدم بغدادَ في دولة الرشيد، وبقي في صحبته، ثمّ صحِب بعده ولدَه المأمون. وكان شاعرًا بليغًا مفوّهًا حتّى قِيلَ إنّه أشعر آل أبي طَالِب كلّهم. 149- العبّاس بْن الفضل بْن الربيع بن يونس5.

_ 1 وفيات الأعيان "3/ 20". 2 وفيات الأعيان "3/ 21". 3 السابق "3/ 24"، تاريخ بغداد "12/ 129". 4 انظر: تاريخ بغداد "12/ 126، 127". 5 الوافي بالوفيات "6/ 151".

مولى المنصور. من كبار الأمراء، ولي حجاجة الأمين، وكان مِن الشعراء والفصحاء. تُوُفّي في حياة أَبِيهِ. 150- عَبْد الله بْن الأجلح الكِنْديّ الكوفي1 -ت. ق. أبو محمد. روى عنه: أَبِيهِ، ومنصور بْن المعتمر، ويزيد بْن أبي زياد، وعاصم الأحول، وعطاء بن السائب، والأعمش. وعنه: أبو كريب، ويحيى بن جعفر البيكندي، وعبد الله بن عامر بن زرارة. قال أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. 151- عَبْد اللَّه بْن إدريس بْن يزيد بْن عَبْد الرَّحْمَن3 -ع. أبو محمد الأودي الكوفي. أحد الأئمّة الأعلام. مولده سنة عشرين ومائة. وروى عَنْ: أَبِيهِ، وسهيل بْن أَبِي صالح، وأبي إسحاق الشَّيْبانيّ، وحُصين بْن عَبْد الرَّحْمَن، وهو أقدم شيخ لِقَيه، وهشام بْن عُرْوة، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، والأعمش، وابن جُرَيج، وطائفة. وكان مِن جلّة المقرئين. قرأ عَلَى الأعمش، وعلى نافع. وأقرأ القرآن. روى عَنْهُ: مالك مَعَ تقدّمه، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وابن مَعِين، وابنا أبي شَيبة، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد بْن عَبْد الجبّار العُطارِديّ، وخلْق. وقد أقدمه الرشيد ليُوَلّيه قضاء الكوفة فامتنع. قَالَ بِشْر الحافي: ما شرب أحد ماء الفرات فَسَلِم إلا عَبْد الله بن إدريس وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ نسيج وحده.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 10"، والتهذيب "5/ 139، 140". 2 الجرح والتعديل "5/ 8، 9"، والسير "9/ 42، 48".

وقال يعقوب بْن شيبة: كَانَ عابدًا فاضلا. كَانَ يسلك في كثير من فتاياه ومذاهبه مسلك أهل المدينة. يخالف الكوفيّين، وكان بينه وبين مالك صداقة. ثمَّ قَالَ: إنّ جميع ما يرويه مالك في الموطَّأ بلغني عَنْ عليّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فيرسلها أنّه سمعها مِن ابن إدريس. قَالَ أبو حاتم الرّازيّ: هُوَ إمام مِن أَئمّة المسلمين، حُجّة. وقيل: لم يكن بالكوفة أعبد لله مِنه. قَالَ الحسن بن عرقة: لم أر بالكوفة أفضل منه. وروى أبو داود، عَنْ إسحاق بْن إبراهيم، عَنِ الكِسائيّ قَالَ: قَالَ لي الرشيد: مِن أقرأ الناس؟ قلت: عَبْد الله بْن إدريس!. قَالَ: ثمّ مِن؟ قَالَ: قلتُ: حسين الْجُعْفيّ!. قَالَ: ثمّ مَن؟ قلت: رَجُل آخر!. وعن حسين العَنْقزيّ قَالَ: لما نزل بابن إدريس الموت بَكَت ابنتُه فقال: لا تبكي يا بُنّية، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة1. قَالَ ابن عمّار: كَانَ ابن إدريس إذا لَحَن أحدٌ في كلامه لم يحدّثه. وقال ابن مَعِين: سَمِعْتُ ابن إدريس يَقُولُ: عندي قَوْصَرَّة ملكاية، وراوية مِن حوض الرّبّابين، ودبة زيت، ما أحد أغنيى منّي. وكان ابن إدريس يحرّم النبيذ. وقال: قلت لحفص بْن غِياث: اترك الجلوس في المسجد. فقال: أنتَ قد تركتَ ذَلِكَ ولم تُتْرك. قلتُ: يأتيني البلاء وأنا فارّ، أحبّ إلي من أن يأتيني وأنا متعرّض لَهُ. قَالَ أبو خَيْثَمَة: سَمِعْتُ ابن إدريس يَقُولُ: كلّ شرابٍ مُسْكِرٍ كثيرُهُ فإنّه محرم يسيره، إني لكم منه نذير.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 421".

أبو بَكْر بْن أَبِي شيبة: سَمِعْتُ ابن إدريس قَالَ: كتبت حديث أَبِي الحوراء، فخفتُ أن يتصحّف بأبي الجوراء، فكتبت تحته: حورٌ عين. وقال يعقوب السَّدُوسيّ: ثنا عُبَيْد بْن نعيم، ثنا الحسن بن الربيع الثوراني قَالَ: قُرئ كتاب الخليفة إلى ابن إدريس وأنا حاضرٌ: مِن عَبْد الله هارون أمير المؤمنين إلى عَبْد الله بْن إدريس. قَالَ: فشهق ابن إدريس شهقة، وسقط بعد الظهر، فقمنا إلى العصر وهو عَلَى حاله، وانتبه قُبَيْلَ المغرب، وقد صَبَبنا عَليْهِ الماء، فلا شيء. قال: إنها لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون، صار يعرفني حتّى يكتب إليّ. أيّ ذَنْبٍ بلغ بي هذا؟ قلت: وقد وثّقه ابن مَعِين، وعبد الرَّحْمَن بْن خراش، والناس. وقيل: بل ولد سنة خمس عشرة ومائة. ووقع لي مِن عالي حديثه. تُوُفّي في شهر ذي الحجّة سنة اثنتين وتسعين ومائة بالكوفة. 152- عَبْد الله بْن إسماعيل بْن خَالِد الكوفيّ1 -ت. ق. عَنْ: أَبِيهِ، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبة، ومُجالد. وعنه: أبو كُرَيْب. 153- عَبْد الله بْن خِراش الشَّيْبانيّ الكوفيّ2 -ق. أخو شهاب بْن خِراش. عَنْ: عمّه العَوّام، وموسى بْن عُقْبَة. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وزيد بْن الحُرَيش، والحَسَن بْن قَزَعَة، وأحمد بْن المِقْدام، وقيس بْن حفص الدّلاميّ، وآخرون. ضعّفوه. قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 3"، والتهذيب "5/ 148". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 45"، والميزان "2/ 413".

وقال الدّارَقُطْنيّ: ضعيف. 154- عَبْد الله بْن داود التمار1 -ت. أبو محمد الواسطي. عَنْ: ابن جُرَيج، وحَنْظلة بْن أَبِي سُفْيان، والحمَّادَيْن. وعنه: محمد بْن المُثَنَّى، وأحمد بْن سِنان القطّان، وهارون بْن سليمان الأصبهاني، وآخرون. وكان صاحب سُنّة. قَالَ أبو أحمد الحاكم: لَيْسَ بالمتين. وقال الْبُخَارِيّ: فيه نظر. قلت: روى أحاديث موضوعة فكأنّه آفَتها. 155- عَبْد الله بْن رجاء الْمَكَّيّ2 -م. د. ن. ق. بصْريّ الأصل. عَنْ: أيّوب السّخْتيانيّ، وإسماعيل بْن أُمَيَّة، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وابن عَجْلان، وعبد الله بْن عثمان بْن خيثم، وموسى بْن عُقْبة، وابن جُرَيج. وما في هَؤلاءِ أحد أدركهم، عَبْد الله بْن رجاء الغُدّانيّ. وعنه: أحمد، وإسحاق، وشُرَيح بْن يونس، والحسن بْن الصّبّاح البزّار، وابن مَعِين، وبُنْدار، وعَمْرو النّاقد. كنْيته أبو عِمران. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. 156- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي رِفاعة راشد3. أبو عَبْد الرَّحْمَن الخَوْلانيّ، مولاهم الْمَصْرِيّ الزّاهد القدوة.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 48"، والتهذيب "5/ 200، 201". 2 الجرح والتعديل "5/ 54، 55"، والسير "10/ 379، 380". 3 انظر "حسن المحاضرة" للسيوطي تراجم "حرف العين".

كَانَ يقال هُوَ أجلٌ أهل الإسكندرية. مات سنة مائتين، وعاش ثمانيًا وستّين سنة. ذكره ابن يونس مختصرًا. 157- عَبْد الله بْن سَعِيد -خ. أبو بكير النخعي الكوفي1. روى عَنْ العلاء بْن المسيّب، وأجلح بْن عَبْد الله، وحَجّاج بْن أرطأة. وعنه: ابن راهَوَيْه، وَأَبُو سَعِيد الأشجّ. لم يذكره ابن أَبِي حاتم. 158- عَبْد الله بْن سُفْيان بْن عُقْبة اللَّيْثي2. مولاهم المدنيّ، أبو سُفْيان. عَنْ: جَدّه عُقْبة بْن أبي عَائِشَةَ، وأبي طُوَالَةَ، وغَنْم بْن نِسْطاس، وجماعة. وعنه: نُعَيْم بْن حمّاد، وإبراهيم بْن المنذر الحزامي، وأبو مُصْعَب، وإسحاق بْن موسى. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 159- عَبْدُ الله بْن سَلَمَةَ. أبو عَبْد الرحمن البصْريّ الأفطس3. عَنْ: الأعمش، وفُضَيْل بْن غَزْوان، وابن أبي ليلى، وموسى بْن عُقْبة. وعنه: الفلاس، وأبو كامل الْجَحْدَريّ، وعمر بْن شَبَّة، وآخرون. قَالَ يحيى القطّان: لَيْسَ بثقة. وقال أحمد بْن حنبل: تركوا حديثه.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 72"، والثقات لابن حبان "8/ 338". 2 الجرح والتعديل "5/ 66، 67"، والثقات لابن حبان "7/ 338". 3 الجرح والتعديل "5/ 69"، والميزان "2/ 431".

وقال ابن عدي: يكتب حديثه مع ضعفه. قلت: كَانَ يستخف بالأئمّة، قَالَ: يكذِب سُفْيان. وتكلّم في غُنْدَر. وقال عَنِ القطّان: ذاك الأحول. وكذا سُنّة الله في كلّ مِن ازدرى العلماء بقي حقيرًا. 160- عَبْد الله بْن عَبْد القُدُّوس الكوفيّ ثمّ الرّازيّ1. عَنْ: الأعمش، وغيره. وعنه: محمد بْن حُمَيْد، وعبد الله بْن داهر، وعَبَّاد بْن يعقوب الرَّواجنيّ. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء، رافضيّ خبيث. وقال غير واحد: ضعيف. 161- عَبْد الله بْن عَبْد الله بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الهُذْليّ المسعوديّ الكوفيّ2. أبو عَبْد الرَّحْمَن. عَنْ: الحارث بْن حصيرة، والأعمش. وعنه: أحمد بْن يعقوب، وهارون بْن حاتم، وآخرون. لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا. 162- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عيسى الخزاز3 -ت. أبو خلف البصري الحريري. روى عن: يحيى البكّاء، ويونس بْن عُبَيْد، وداود بْن أَبِي هند. وعنه: عُقْبة بْن مُكْرَم، وعُمر بْن شَبَّة، وغيرهم. لَهُ في جامع أبي عيسى حديث واحد. وهو ضعيف عندهم.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 104"، والتهذيب "5/ 303، 304". 2 الجرح والتعديل "5/ 105"، والميزان "2/ 457". 3 الجرح والتعديل "5/ 127"، والميزان "2/ 470".

163- عَبْد الله بْن كثير الدّمشقيّ الطّويل1. المقرئ، إمام جامع دمشق. روى عَنْ: الأوزاعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وشَيبان النَّحْويّ، وغيرهم. وعنه: هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، ومحمود بن خالد، والعباس بن الوليد الخلال. قال محمد بن الفيض: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: صلّي بنا عَبْد الله بْن كثير القارئ فقرأ {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ} [الزخرف: 26] فقَالَ: إبراهام. فبعث إِليْهِ والى دمشق نصر بْن حمزة فخفقه بالدَّرَّة وعزله عَنِ الصَّلاة. قَالَ أبو زُرْعة الدّمشقيّ: كَانَ لا بأس بِهِ. وقال أبو حفص بْن شاهين: تُوُفّي سنة ستٌّ وتسعين ومائة، روى بدمشق. 164- عَبْد الله بْن قُبَيْصة. أبو قُبَيْصة الفَزَاريّ، كوفيّ2. روى عَن: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وغيرهما. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخ. 165- عَبْد اللَّه بْن كُلَيْب بْن كَيْسان المُراديّ الْمَصْرِيّ3. أبو عَبْد المُلْك. ولد سنة مائة، وعُمَّر دهرًا. تفقه على ربيعة الرأي، وروى عن: يزيد بن أبي حبيب، وقيس بن الحجاج.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 144"، التهذيب "5/ 368". 2 الجرح والتعديل "5/ 142". 3 الجرح والتعديل "5/ 143، 144"، والتهذيب "5/ 370".

روى عَنْهُ: أبو صالح، ويحيى بْن بُكَيْر، وعَمْرو بْن سَوّاد، ومحمد بْن سَلَمَةَ المراديّ، وأحمد بْن السَّرْح. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. 166- عَبْد الله بْن مُعَاذ بْن نَشيط الصّنْعَانيّ1 -ت. ق. نزيل مكّة. عن: يونس بْن يزيد، ومَعْمَر بْن راشد. وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْن أَبِي عُمر العَدَنيّ، والزُّبَيْر بْن بكّار، وجماعة. وثّقه مُسْلِم، وغيره، حتى يحيى بْن مَعِين، وأمّا عَبْد الرّزّاق فكان يكذَّبه. قَالَ أبو حاتم: هُوَ أوثق مِن عَبْد الرّزّاق. 167- عَبْد الله بْن موسى بْن إبراهيم بْن طلحة التَّيْميّ الطَّلْحيّ المدنيّ2 -ق. عَنْ: صَفْوان بْن سُلَيم، وأسامة بْن زيد اللَّيْثي، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأثنى عَليْهِ، ويعقوب بْن محمد، ويعقوب بْن كاسب، وجماعة. قَالَ ابن مَعِين: صَدُوق، كثير الخطأ. وقال بعض الحُفّاظ: لَيْسَ بحُجَّة. 168- عَبْد الله بْن ميمون بْن داود القداح المخزومي3 -ت. مولاهم المكي. عن: يحيى بْن الأنصاريّ، وجعفر الصّادق، وعُبَيْد الله بن عمر.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 173"، والميزان "2/ 506". 2 الجرح والتعديل "5/ 166، 167"، والميزان "2/ 508". 3 الجرح والتعديل "5/ 206"، والميزان "2/ 512".

وعنه: إبراهيم الحزاميّ ومُؤمَّل بْن إهاب، وأحمد بْن شَيْبان الرَّمْليّ، وأحمد بْن الأزهر، وعبد الوهّاب بْن فُلَيح. قَالَ الْبُخَارِيّ: ذاهب الحديث. وقال أبو زُرْعة: واهي الحديث. وقال أبو حاتم: متروك. قلت: مات في حدود المائتين. 169- عبد الله بن نمير -ع. أبو هشام الهمداني ثم الخارفي الكوفي الحافظ1. روى عَنْ: هشام بْن عروة، والأعمش، وأشعث بْن سوار، وابن أَبِي خَالِد، وزكريا بن أبي زائدة، وإبراهيم بن الفضل المخزومي، وعبيد الله بن عمر، ويزيد بن أبي زياد، وطائفة كبيرة. وعنه: أحمد، وابن معين، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن الفرات، وعلي بن حرب، والحسن بن علي بن عفان، وأبو عبيدة بن أبي السفر، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَكَانَ مولده في سنة خمس عشرة ومائة. ومات سنة تسع وتسعين ومائة. وقع لنا من عواليه. 170- عبد الله بن وهب بن مسلم2 -ع. الإمام أبو محمد الفهري، مولاهم الْمَصْرِيّ. أحد الأعلام، وعالم الديّار المصريّة. قَالَ أبو سَعِيد بْن يونس: ولد سنة خمس وعشرين ومائة. قَالَ: وقيل إنّه مِن موالي الأنصار. طلب العِلْم وله سبْعٍ عشرة سنة، فعن ابن وهْب قَالَ: دعوت يونس بن يزيد لوليمة عرسي.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 186"، والسير "9/ 244، 245". 2 الجرح والتعديل "5/ 189، 190"، والسير "9/ 223، 234".

قلت: روى عَنْ: يونس، وابن جُرَيج، وحبي بن عبد الله المعافري، وحنظلة بن أبي سفيان، وعمرو بن الحارث، وأسامة بن زيد الليثي، وعمر بن محمد العمري، وعبد الحميد بن جعفر، وأبي صخر حميد بن زياد، وعبد الله بن عامر الأسلمي، وموسى بن علي، والليث، ومالك، وخلائق. وتفقه: بمالك، والليث. وعنه قَالَ: رأيتُ عُبَيْد الله بْن عُمَر قد عَمي وقطع الحديث. ورأيت هشام بْن عُرْوة جالسًا فِي مسجد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: آخذ عَنِ ابن سمعان وأصير إلى ابن هشام، فلما فرغت قمتُ إلى منزل هشام فقالوا: قد نام. فقلت: أحجّ وأرجع، فرجعتُ فوجدته قد مات. قَالَ محمد بْن سَلَمَةَ: سَمِعْتُ ابن القاسم يَقُولُ: لو مات ابن عُيَيْنَة لَضُرِبَت إلى ابن وهْب أكباد الإبل. ما دَوَّن العِلْم أحدٌ تدوينهَ. قَالَ يونس بْن عَبْد الأعلى، عَنِ ابن وهْب قَالَ: أقرأني نافع بْن أَبِي نُعَيْم. وقال أبو زُرْعة: نظرتُ في نحو ثلاثين ألف حديث لابن وهْب لا أعلم أنّي رَأَيْت لَهُ حديثًا لا أصل لَهُ. وهو ثقة. وقد سَمِعْتُ يحيى بْن بُكَيْر. يَقُولُ: هُوَ أفقه مِن عَبْد الرَّحْمَن بْن القاسم. قلت: وله مُوَطَّأ كبير إلى الغاية، وله كتاب "الجامع"، وكتاب "الْبَيْعَةِ"، وكتاب "المناسك"، وكتاب "المغازي"، وكتاب "الرّدّة"، وكتاب "تفسير غريب الموطّأ"، وغير ذَلِكَ. روى عَنْهُ: اللَّيْثُ بْن سعْد، وأصبغ بْن الفَرَج، وأبو صالح، وأحمد بْن صالح، وحَرْمَلَة، والحارث بْن مِسْكين، ويحيى بْن أيّوب المقابريّ، وبحر بْن نصر الخَوْلانيّ والربيع بْن سليمان المُراديّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأبو الماهر بْن السَّرْح، وبحر بْن نصر، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن رُمْح، وعلي بن خشرم، وعمرو بْن سَوَّاد، وعيسى بْن مَثْرُود، ومحمد بْن عبد الله بن عبد الحكم، وهارون بن سعيد الأَيْليّ، وعبد المُلْك بْن شُعيب بْن اللَّيْثُ، وعيسى بْن أحمد العسقلاني، وأحمد بْن عيسى التستري، وإبراهيم بن منقذ الخولاني، وسحنون بْن سعْد القَيْروانيّ، وأحمد بْن عَبْد الرحمن بْن وهْب ابن أخيه، وأَمَم سواهم.

وكان ثقة ثْبتًا مِن كبار الزُّهاد. قَالَ أحمد بْن صالح: حدَّث ابن وهْب بمائة ألف حديث، ما رَأَيْت أحدًا أكثر حديثًا منه. وقد وقع عندنا عَنْهُ سبعون ألف حديث. وقال يحيى بْن بُكَيْر: ابن وهْب أفقه مِن ابن القاسم. وقال عليّ بْن الجنيد: سمعت أبا مصعت يعظَّم ابنَ وهْب ويقول: مسائله عَنْ مالك صحيحة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث، صدوق. وقال ابن عَدِيّ في كامله: ابن وهْب مِن الثَّقات. لا أعلم لَهُ حديثًا مُنْكَرا. إذا حدَّث عَنْهُ ثقة. وروى أبو طَالِب، عَنْ أحمد بْن حنبل: ابن وهْب يفصل السَّماعَ مِن العرْض. ما أصحّ حديثه وأثبته. وقد كَانَ يُسيء الأخذ، لكن ما رواه وحدّثه صحيحًا. وقال ابن مَعِين: ثقة. قَالَ خَالِد بْن خِداش: قُرئ عَلَى ابن وهْب كتاب "أهوال يوم القيامة" -تأليفه- فخرّ مَغشيا عَليْهِ. فلم يتكلّم بكلمةٍ، حتى مات بعد أيّام، رحمه الله. وعن سُحْنُون قَالَ: كَانَ ابن وهْب قد قسّم دَهره أثلاثًا: ثُلُثًا في المَرَابط، وَثُلُثًا يُعلّم الناس بمصر، وَثُلُثًا في الحجّ. وقيل إنّه حجّ ستٌّا وثلاثين حجَّة. وكان مالك يكتب إِلَيْهِ: إلى عَبْد الله بْن وهْب مفتي أهل مصر، ولم يفعل هذا مَعَ غيره. وقد ذُكر ابن وهْب وابن القاسم عند مالك، فقال مالك: ابن وهب عالم، وابن القاسم فقيه. وقال أحمد بْن سَعِيد الهمَدانيّ: دخل ابن وهْب الحمّام، فسمع قارئًا يقرأ: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ} [غافر: 47] ، فغُشي عَليْهِ. قَالَ أبو زيد بْن أَبِي الغَمْر: كنّا نسمّي ابنَ وهْب: ديوان العِلْم.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يَقُولُ: نظرت في حديث ابن وهْب نحو ثمانين ألف حديث. قلت: مرّ هذا. وقال: ثلاثين ألف حديث. فالله أعلم. قَالَ أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ: جَدُّ ابن وهْب هُوَ مُسْلم مولى رَيْحانة مولاة عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن أنس الفِهْريّ. وقال ابن أخي ابن وهْب: طلب عبّاد بْن محمد الأمير عمّي ليولّيه القضاء، فتغّيب، فهدم عبّاد بعض دارنا. فقال الصّبّاحي لعبّاد: مَتَى طمع هذا الكذا وكذا أن يلي القضاء؟ فبلغ ذلك عمي، فدع عَليْهِ بالعَمَى، فعَمي بعد جمعة. وقال حَجّاج بْن رِشْدِين: سَمِعْتُ ابن وهْب يتذمّر ويصيح، فأشرفت عَليْهِ مِن غرفتي، فقلت: ما شأنك يا أبا محمد؟ قَالَ: يا أبا الحَسَن، بينما أَنَا أرجو أن أُحشر في زُمْرة العلماء أحشرُ في زُمْرة القُضاة. فتغّيب في يومه، فطلبوه1. قَالَ ابن الطّاهر بْن عَمْرو: جاء نَعي ابن وهْب، ونحن في مجلس سُفْيان، فقال: إنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون، أُصيبَ المسلمون بِهِ عامّة، وأُصِبتُ بِهِ خاصّة. وقال النَّسَائيّ: ابن وهْب ثقة، ما أعلمه روى عَنِ الثَّقات حديثًا مُنْكَرا. قلت: بعض الأئمّة تَمَعْقَل عَلَى ابن وهْب في أخْذه للحديث، وأنه كَانَ يترخّص في الأخْذ. وابن وهْب فحُجّة باتفاق. يكفيه قولُ الإمامين أَبِي زُرْعة والنَّسَائيّ فيه. وما مَن يروي مائة ألف حديث ولا يستلحق عَليْهِ في شيء إلا وهو ثَبْت حافظ. والله لو غلط في المائة ألف في مائتي حديث لما أثر ذَلِكَ في ثقته. قَالَ أحمد بْن صالح: كَانَ ابن وهْب يتساهل في المشايخ، ولو أخذ مأخذ مالك في ذَلِكَ لكان خيرًا لَهُ. قَالَ يونس بْن عَبْد الأعلى: مات في شَعْبان سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. قَالَ: وكانوا أرادوه عَلَى القضاء فتغيّب. قلت: وقع لي جملة مِن عواليه.

_ 1 الانتقاء "ص/ 48" لابن عبد البر.

171- عَبْد الحكيم بْن منصور الخزاعيّ الواسطيّ1 -ت. عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السّائب. وعنه: عَبْد الله بْن عَون الخرّاز، وإسحاق بْن شاهين، ومحمد بْن عَبْد الله بْن بَزيع، ومحمد بْن حرب النَّشَاسْتجيّ، وآخرون. وليس هُوَ بقويّ. كذّبه يحيى بْن مَعِين، وقال مرةً: ليس حديثه بشيء. وقال أبو داود: ضعيف. وقال النَّسائيّ، وغيره: متروك الحديث. 172- عبد الخالق بْن زيد بْن واقد الدّمشقيّ2. عَنْ: أَبِيهِ، والوضين بْن عطاء، وغيرهما. وعنه: نُعَيْم بْن حمّاد، وصَفْوان بْن صالح، وسُليمان ابن بِنْت شُرَحْبيل. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: متروك الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. 173- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن سعْد بْن عمّار3. ابن مؤذَّن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعْد القَرِظ، أبو محمد الْقُرَشِيّ المخزومي المَدِينيّ المؤذّن. روى عَنْ: أَبِيهِ، وأعمامه، وعن: صَفْوان بْن سُلَيْم، وأبي الزَّناد، وغيرهم. وعنه: إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار، والحميدي، ويعقوب بْن كاسب، وإبراهيم بْن المنذر، وجماعة. ضعّفه يحيى بْن مَعِين، وغيره، وصلّحه بعضهم. 174- عبد الرحمن بن سعيد الخزاعي4.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 35"، والميزان "2/ 537". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 37"، والميزان "2/ 543". 3 الجرح والتعديل "5/ 237"، والتهذيب "6/ 183". 4 من علماء المالكية وأفاضلهم.

مولاهم الْمَصْرِيّ، أبو سعْد. عَنْ: نافع بْن يزيد، ومالك، وَاللَّيْثِ. مات كهْلا. روى عَنْهُ: يحيى بْن بُكَيْر، ويونس بْن عَبْد الأعلى. مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 175- عَبْد الرَّحْمَن بْن سُليمان بْن أبي الْجَوْن العَنْسي الدّارانيّ الدّمشقيّ1 -ق. عَنْ: إسماعيل بْن أبي خَالِد، ويحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، ولَيث بْن أَبِي سُلَيْم، ومحمد بْن صالح الْمَدَنِيّ، والأعمش، وراشد بْن سعْد المقرئيِ. وعنه: إسماعيل بْن عيّاش وهو أكبر منه، ومحمد بْن عائذ، وهشام بْن عمّار، وصفوان بْن صالح، وعدّة. قَالَ دُحَيْم: لا أعلمه إلا ثقة. وذكره ابن حِبّان في "الثَّقات". وَقَالَ أَبُو حاتم: لا يُحْتَج بِهِ. قلت: هذا أكبر مِن زاهد الشام أبي سليمان الدّارانيّ. 176- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله. أَبُو سَعِيد، مولى بني هاشم2. سيأتي بكنيته. 177- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحميد المَهْريّ3 -د. ن. مولاهم الْمَصْرِيّ، أبو رجاء المكفوف. من فضلاء المصريين.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 240"، والتهذيب "6/ 188، 189". 2 انظر: أبا سعيد الهاشمي في الكنى. 3 الجرح والتعديل "5/ 261"، والتهذيب "6/ 219".

روى عن: عُقَيْل بْن خَالِد، وبكر بْن عَمْرو المَعَافِريّ، وغيرهما. وعنه: ابن أخته أبو الطّاهر بْن السَّرْح، وعبد الله بْن وهْب مَعَ تقدَّمه، ويونس بْن عَبْد الأعلى. وثقة أبو داود. مات سنة اثنتين وتسعين ومائة. 187- عَبْد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن أُميّة بن عَبْد الرَّحْمَن بن أبي بكرة. -د. ن. ق. أبو يحيى، الثقفي البكراوي البصري1. رَوَى عن: حُمَيْد الطويل، وحسين المعلم، وَدَاوُد بن أَبِي هند، وَمُحَمَّد بن عَمْرو، وَمُحَمَّد بن السائب الكلبي، وطائفة. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وبُنْدار، ومحمد بْن المُثَنَّى، ويحيى بْن حكيم، والفلاس، وخلْق كثير. قَالَ ابن المَدِينيّ: كَانَ يحيى بْن سَعِيد حسن الرأي فيه. وحدَّث عَنْهُ وأنا فلا أحدث عنه. وقال ابن معين: ضعيف. وقال: أحمد بن حنبل: طرح الناس حديثه. هكذا راويه عبد الله، عَنْ أَبِيهِ. وأمّا أبو داود فقال: سَمِعْتُ أحمد يَقُولُ: لا بأس بِهِ. وقال النَّسَائيّ: ضعيف. قَالَ الجرّاح بْن مَخْلَد: تُوُفّي في صَفَر أو المحرَّم سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وقال ابن المَدِينيّ أيضًا: ذهبَ حديثه. 179- عَبْد الرحمن بْن القاسم بْن خَالِد بن جنادة2.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 264"، والميزان "2/ 578". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 279"، والسير "9/ 120-125".

الإمام أبو عبد الله العتقي. مولاهم الْمَصْرِيّ الفقيه. أحد الأعلام، وأكبر أصحاب مالك القائمين بمذهبه. سَمِعَ منه ومن: نافع بْن أَبِي نُعَيْم، وعبد الرحمن بْن شُرَيح، وبكر بْن مُضَر، وجماعة. وعنه: أصْبَغ بْن الفَرَج، وأبو الطّاهر بْن السّرْح، والحارث بْن مسكين، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، وعيسى بْن مَثْرُود، وآخرون. وقد أنفق أموالا جمَّه في طلب العِلْم. قَالَ النَّسَائيّ: ثقة مأمون. أحد الفقهاء. وعن مالك أنّه ذُكر عنده ابن القاسم فقال: عافاة الله، مثله كمثل جراب مملوءٍ مِسكًا. وقيل إنّ مالكًا سُئل عَنِ ابن القاسم، وابن وهْب فقال: ابن وهْب رَجُل علم، وابن القاسم فقيه. وعن أسد بْن الفُرات قَالَ: كَانَ ابن الْقَاسِم يختم كل يوم وليلة ختمتين، فنزل لي حين جئت إِلَيْهِ عن ختمة رغبة في إحياء العلم. وبلغنا عن ابن الْقَاسِم أَنَّهُ قَالَ: خرجت إلى الحجاز اثنتى عشرة مرة، أنفقت كل مرة ألف دينار. وَرُوِيَ عن ابن الْقَاسِم أَنَّهُ كَانَ لا يقبل جوائز السُّلْطَان. وكان يَقُولُ: لَيْسَ في قُرب الوُلاة ولا الدُّنُوَّ منهم خير. قَالَ أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وهْب: سَمِعْتُ عمّي يَقُولُ: خرجت أَنَا وعبد الرَّحْمَن بْن القاسم بِضع عشرة سنة إلى مالك. سنةً أسأل أَنَا مالكًا، وسنةً ابن القاسم. فما سألت أَنَا، كَانَ عند ابن القاسم: سَمِعْتُ مالكًا. وما سأل هو، كان عندي: سمعت مالكًا. إلا أن ابن القاسم ترك من قوله ما خالف الأصل، وتركته أَنَا عَلَى حاله، أو كما قَالَ. وقال الحارث بْن مسكين: أخبرني أَبِي قَالَ: كَانَ ابن القاسم وهو حَدَث في العبادة أشهر منه في العلم.

قَالَ الحارث: كَانَ في ابن القاسم: العبادة والسّخاء والشجاعة والعلم والورع والزُّهْد. قَالَ ابن وضّاح: أخبرني ثقة ثقة. عَنْ عليّ بْن مَعْبَد قَالَ: رَأَيْت ابن القاسم في النَّوم، فقلت: كيف وجدت المسائل؟ فقال: أفٍ أُفٍ: قلت: فما أحسَنَ ما وجدتَ؟ قَالَ: الرَّباط بالإسكندرية. قَالَ: ورأيت ابن وهْب أحسن حالا منه. وقد حدث سحنون أنّه رَأَى ابن القاسم فِي النَّوم، فَقَالَ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: وجدت عنده ما أحببت! قَالَ: فأيّ عمل وجدت أفضل؟. قَالَ: تلاوة القرآن!. قَالَ: قلتُ: فالمسائل؟ فكان يُشِير بإصبعه يُكشّيها. قَالَ: فكنتُ أسأله عَنِ ابن وهْب، فيقول: هُوَ في عِلَّيّين. قَالَ أبو جعفر الطَّحاويّ: بَلَغَني عَنِ ابن القاسم أنّه قَالَ: ما أعلم في فلان عَيْبًا إلا دخوله إلى الحُكّام، ألا اشتغل بنفسه؟. قَالَ الحارث بْن مسكين: سَمِعْتُ ابن القاسم يَقُولُ في دعائه: الّلهم امنع الدنيا منّي، وامنعني منها. قَالَ الحارث: فكان في الورع والزُّهْد شيئًا عَجَبًا. قَالَ أبو سَعِيد بْن يونس: ولد ابن القاسم سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وتوفي في صَفَر سنة إحدى وتسعين ومائة. أَخْبَرَنَا يوسف بن أبي نصر، وجماعة، قالوا: أنا ابْنُ الزُّبَيْدِيِّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَنَا الداوودي، أَنَا ابْنُ حَمُّوَيْهِ، أَنَا الْفَرَبْرِيُّ، ثنا الْبُخَارِيُّ، نا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، نا ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ بُكَيْرِ بْنُ مُضَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ ح. وَأنا أَحْمَدُ بْنُ الْعمَادِ عَالِيًا، وَهَذَا لَفْظُهُ: أَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَنَا ابْنُ الْبَطَّيِّ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، نا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ

اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ يُوسُفَ بْنَ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ". وَقَالَ: لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مِثْلَ مَا لَبِثَهُ يُوسُفُ، ثُمَّ جَاءَنِي الدَّاعِي لأَجَبْتُهُ". وَقَالَ: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ إِنْ كَانَ لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، فَمَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدُ إِلا فِي ثَرْوَةِ قَوْمِهِ"1. لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ الْفَصْلَ الأَوَّلَ مِنْهُ، وَهُوَ: إِنَّ الْكَرِيمَ. وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا. وَمِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ، كَأَنَّ شَيْخًا لَقِيَ الْفِرَبْرِيَّ، وَسَمِعَهُ مِنْهُ. - عَبْد الرحمن بْن محمد المُحَاربيّ2 -ع. ذُكر بنسبته. 180- عَبْد الرَّحْمَن بْن مسعود بْن أشرس الإفريقيّ. مولى الأنصار. روى عَنْ: مالك، وعبد الله بْن عُمَر. وعنه: ابن وهب، وسعيد بن تليد، ومهدي بن جعفر، وعمران بن هارون. لقوه بمصر. 181- عبد الرحمن بن مغراء3 -ع. أبو زهير الدوسي الرازي. عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، والأعمش، وجماعة. وعنه: محمد بْن عائذ الكاتب، وسليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، ومحمد بْن حُمَيْد، وزُنَيْج، ويوسف بْن موسى القطّان، وإسحاق بْن الفَيْض الأصبهاني، وعدّة. وولي في أواخر عمره قضاء الأردنّ. قال أبو زرعة: صدوق.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4/ 179، 183"، ومسلم "238"، وأحمد "2/ 326، 350"، وابن ماجه "4026"، وأبو عوانة "1/ 79، 80". 2 سبق ذكره. 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 290، 291"، والسير "9/ 30، 31".

وضعّفه ابن عَدِيّ. وفي حديثه عَنِ الأعمش مناكير. وكان طلابةً للعِلْم، حسن الحديث. مات قبل المائتين. 182- عبد الرحمن بن مهدي1 -ع. ابن حسان بن عبد الرحمن العنبري، مولاهم. وقيل مولى الأزد، أبو سَعِيد البصْريّ الّلؤلؤيّ الحافظ، أحد الأئمّةِ الأعلام. وُلِدَ سنة خمسٍ وثلاثين ومائة. قاله أحمد. سمع: أيمن بْن نابل، وعمر بْن أَبِي زائدة، وهشام بْن أَبِي عَبْد الله، ومعاوية بْن صالح، وإسماعيل بْن مسلم العبْديّ قاضي جزيرة قيس، وعبد الله بْن بُدَيل الْمَكَّيّ، وعبد الجليل بْن عطيّة، وأبا خَلْدة خَالِد بْن دينار السعّديّ، وشُعْبَة، وسُفْيان، والمسعوديّ، وخلقًا كثيرًا. وعنه: ابن المبارك، وابن وهْب، وأحمد، وإسحاق، وعليّ، ويحيى، وابن أبي شَيبة، وأبو خَيْثَمَة، وبُنْدار، وأحمد بْن سِنان، وعبد الرَّحْمَن رُسْتَة، والقَوَاريريّ، وأبو ثور، وأبو عُبَيد، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن مَنْصُور الحارثيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأُمم سواهم. قَالَ أحمد بْن حنبل: هُوَ أفقه مِن يحيى بْن سَعِيد. وقال: إذا اختلف هُوَ ووكيع، فابن مهديّ أثبت، لأنّه أقرب عْهدًا بالكتاب. واختلفا في نحو خمسين حديثًا للثَّوْريّ، فنظرنا، فإذا عامَّةُ الصَّواب في يد عَبْد الرَّحْمَن. وقال أيّوب بْن المتوكّل: كنّا إذا أردنا أن ننظر إلى الدُّنيا والدَّين ذهبنا إلى دار عبد الرحمن بن مهدي.

_ 1 وفيات الأعيان "2/ 387"، والسير "9/ 192-209".

قَالَ إسماعيل القاضي: سَمِعْتُ ابن المَدِينيّ يَقُولُ: أعلم الناس بالحديث عَبْد الرحمن بْن مهديّ. قلت لَهُ: قد كنتَ كتبت حديث الأعمش، وكنتُ عند نفسي أنّي قد بلغت فيها. فقلتُ: ومَن يفيدني عَنِ الأعمش؟. قَالَ: فقال لي: مَن يفيدك عَنِ الأعمش؟ قلت: نعم! فأطرق، ثمّ ذكر ثلاثين حديثًا ليست عندي. تتبّع أحاديث الشيوخ الذين لم ألقهم أَنَا لم أكتب حديثهم نازلا. قَالَ إسماعيل القاضي: أحفظ أنّ ممّن ذكره منصور بْن أَبِي الأسود. وقال محمد بْن أبي بَكْر المُقَدَّميّ: ما رَأَيْت أحدًا أتقن لِما سَمِعَ، ولما لم يسمع، ولحديث الناس مِن عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ. إمام ثَبْت، أثبت مِن يحيى بْن سَعِيد، وأتْقن مِن وَكيع. كَانَ عرض حديثه عَلَى سُفْيان. قَالَ القواريريّ: أملي عليّ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ عشرين ألف حديث حفظًا. وقال عبيد الله بن سعيد: سَمِعْتُ ابن مهديّ يَقُولُ: لا يجوز أن يكون الرجل إمامًا حتى يعلم ما يصحّ مما لا يصحّ. وقال ابن المَدِينيّ: كَانَ عِلم عبد الرحمن بن مهدي في الحديث كالسَّحْر. وقال أبو عُبَيْد: سمعت عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: ما تركت حديث رَجُل إلا دعوت الله لَهُ وأُسمّيه. وقال إبراهيم بْن زياد سبلان: قلت لعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ: ما تَقُولُ فيمن يَقُولُ القرآن مخلوق؟ فقال: لو كان لي سلطان لقمت عَلَى الجسر، فلا يمرّ بي أحد إلا سَأَلْتُهُ، فإذا قَالَ: مخلوق ضربت عُنُقُه وألْقيته في الماء1. وقال أبو داود السّخْتيانيّ: التقى وكيع وعبد الرَّحْمَن في الحَرَم بعد العشاء، فتواقفا حتى سمعا أذان الصبح.

_ 1 الحلية "9/ 7".

وعن ابن مهديّ قَالَ: لولا أنّي أكره أن يُعْصَى الله تعالى لَتَمنَّيت أن لا يبقى أحدٌ في المِصر إلا اغتابني. وأيّ شيء أهنأ حَسَنَةً يجدها الرجل في صحيفته لم يعمل بها1. وعنه قَالَ: كنت أجلس يوم الجمعة، فإذا كثر الخلق، فرحت، وإذا قَلُّوا حزِنْت. فسألت بِشْر بْن منصور، فقال: هذا مجلس سوءٍ، فلا تعُد إليه، فما عدت إِليْهِ. قَالَ رُسْتَة: نا يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ أنّ أَبَاهُ قام ليلةً، وكان يُحيي اللَّيْلَ كلّه. قَالَ: فلمّا طلع الفجر رمى بنفسه عَلَى الفراش حتّى طلعت الشمس، ولم يُصلَّ الصُّبْحَ، فجعل عَلَى نفسه أن لا يجعل بينه وبين الأرض شيئًا شهرين، فقرّح فخذاه جميعًا2. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة: سَمِعْتُ ابن مهديّ يَقُولُ لفتى مِن ولد الأمير جعفر بن سليمان: بلغني أنك تتكلم في الرب وتصفه وتشبهه؟ قَالَ: نعم، نظرنا فلم نر مِن خلْق الله شيْئًا أحسن مِن الإنْسَان. وأخذ يتكلّم في الصفة والقامة، فقال: رُوَيْدك يا بُنَيَّ حتّى تتكلّم أول شيء في المخلوق، وإنّ عجزنا عَنْهُ، فنحن عَنِ الخالق أعجز. أخبرني عمّا حدَّثني شُعْبَة، عَنِ الشَّيْبانيّ، عَنْ سَعِيد بْن جُبير، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] ؟ قَالَ: "رَأَى جبريل لَهُ ستّمائة جَناح"3. ثمّ قَالَ عَبْد الرَّحْمَن: فصِفْ لي مخلوقًا لَهُ ستّمائة جناح؟ فبقي الغلام ينظر، فقال: أَنَا أهون عليك، صِفْ لي خلْقًا بثلاثة أجنحة، وركِب الجناحُ الثالث منه موضعًا حتّى أعلم؟ قَالَ: يا أبا سَعِيد، عجزنا عَنْ صفة المخلوق، فأشهِدُك أنّي قد عجزت ورجعت. قَالَ أبو حاتم: سُئل أحمد بْن حنبل عَنْ يحيى، وعبد الرَّحْمَن، فقال: عبد الرحمن أكثر حديثًا.

_ 1 الحلية "9/ 11". 2 الحلية "9/ 12". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4856"، ومسلم "280"، "281"، والترمذي "3277".

قال أحمد بن عبد الله العجلي: شرب عبد الرحمن بن مهدي البلاذر، وكذا الطيالسي، فبرص عبد الرحمن، وجذم الآخر. قال: وقال رَجُل لعبد الرَّحْمَن: لو قِيلَ لك: يُغفر لك ذنب أو تحفظ حديثًا، أيّما أحبُّ إليك؟ قَالَ: أحفَظُ حديثًا!. قَالَ أبو الربيع الزَّهْرانيّ: سَمِعْتُ جريرًا الرّازيّ يَقُولُ: ما رَأَيْت مثل عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، ووصف بصره بالحديث وحِفْظه. وقال نُعَيْم بْن حمّاد: قلت لابن مهديّ: كيف تعرف الكذّاب؟ قَالَ: كما يعرف الطبيب المجنون!. قَالَ أبو حاتم: ثنا محمد بْن أبي صَفْوان: سَمِعْتُ عليّ بْن المَدِينيّ يَقُولُ: لو أُخذتُ فِأحلفتُ بين الركن والمقام لحَلفْت بالله أنّي لم أر أحدًا قط أعلم بالحديث مِن عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ. قَالَ ابن المَدِينيّ: ثمّ كَانَ بعد مالك عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ يذهب مذهب تابعي أهل المدينة، ويقتدي بطريقتهم. وقال: نظرت فإذا الإسناد يدور عَلَى ستّة، ثمّ صار عِلمهم إلى اثني عشر، ثمّ صار عِلْمهم إلى ستّة: يحيى بْن سَعِيد، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، ويحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة، ووكيع، وابن المبارك، ويحيى بْن آدم. وقال عليّ: أوثق أصحاب سُفْيان يحيى القطّان، وعبد الرَّحْمَن. وقال أحمد بْن حنبل: ابن مهديّ ثقة، خيار، مِن معادن الصَّدق، صالح، مُسْلِم. وقال ابن مهديّ: أبو الأسود يتيم عُرْوة، أخٌ لهشام بْن عُرْوة مِن الرّضاعة. وقد قَالَ هشام بْن عُرْوة: حدَّثني أخي عَبْد الرَّحْمَن بْن نوفل، عَنْ أَبِي قَالَ: لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُعْتَدِلا حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الأمم. فقالوا فيهم بالرأي، فضلّوا وأضلّوا. قَالَ أيّوب بْن المتوكّل: كَانَ حمّاد بْن زيد إذا نظر إلى عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ في مجلسه تهلَّل وجهه.

قَالَ صدقة بْن الفضل المَرْوَزِيّ: أتيت يحيى بْن سَعِيد أسأله، فقال لي: الْزَم عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وأفادني عَنْهُ أحاديث. فسألت عَبْد الرَّحْمَن عَنْهَا، فحدَّثني بها. أحمد بْن سنان قَالَ: سَمِعْتُ مهديّ بْن حسّان قَالَ: كَانَ عَبْد الرَّحْمَن يكون عند سُفْيان عشرة أيام وخمسة عشر يومًا بالليل والنّهار، فإذا جاءنا ساعةً جاء رسول سُفْيان في أثره يطلبه، فَيَدَعُنا ويذهب إليه. قَالَ أحمد بْن سنان: وسمعت ابن مهديّ يَقُولُ: أفتى سُفْيان في مسألة، فرأى كأنّي أنكرتُ فُتْياه، فقال: أنت ما تَقُولُ؟ قلت: كذا وكذا، خلاف قوله، فسكت. عليّ بْن المَدِينيّ: ثنا عَبْد الرَّحْمَن. قَالَ: قَالَ لي سُفْيان: لو أنّ عندي كُتُبي لأفدتك علمًا. قَالَ أحمد بْن سِنان: كَانَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ لا يُتحدَّث في مجلسه، ولا يُبرا قلم، ولا يُتبسّم، ولا يقوم أحد قائمًا كأن على رؤوسهم الطّير، وكأنهم في صلاة. فإذا رَأَى أحدًا منهم تبسّم أو تحدّث، لبس نَعْله وخرج. قَالَ أحمد بْن سِنان: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: عندي عَنِ المغيرة بْن شُعْبَة في المسح على الخُفَّين ثلاثة عشر حديثًا. وقال بندار: سمعت ابن مهدي: لو استقبلت مِن أمري ما استدبرت كتبتُ تفسيرَ الحديث إلى جنبه، وَلأَتيتُ المدينةَ، حتّى أنظر في كتب قومٍ سَمِعْتُ منهم. قَالَ صاعقة: سَمِعْتُ عليّا يَقُولُ: وذكر الفقهاء السبعة فقال: كَانَ أعلم الناس بقولهم وحديثهم ابن شهاب، ثمّ بعده مالك. ثمّ بعد مالك عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ. وقال أحمد بْن حنبل: إذا حدَّث عَبْد الرَّحْمَن عَنْ رَجُل فهو ثقة. وقال عليّ: كَانَ وِرْد عَبْد الرَّحْمَن كلّ ليلة نصف القرآن. وقال محمد بْن يحيى الذُّهْليّ: ما رَأَيْت في يد عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ كتابًا قط. وقال رُسْتَة: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ يَقُولُ: كَانَ يقال إذا لقى الرجلُ الرجلَ فوقه في العِلْم كَانَ يوم غنيمة، وإذا لقي مَن هو مثله دارسَهُ وتعلَّم منه، وإذا لقي مِن هُوَ دونه تواضع لَهُ وعلّمه. ولا يكون إمامًا في العِلْم مِن حدَّث بكلّ ما

سَمِعَ، ولا يكون إمامًا مِن حدَّث عَنْ كلّ أحد، ولا مِن يحدّث بالشّاذّ. والحفظ الإتقان. وقال ابن نُمَير: قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: معرفة الحديث إلهامٌ. قَالَ يوسف بن الضحاك: سَمِعْتُ القواريريّ يَقُولُ: كَانَ ابن مهديّ يعرف حديثه وحديث غيره. وكان يحيى القطّان يعرف حديثُه. وسمعت حمّاد بْن زيد يَقُولُ: إنْ عاش عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ ليُخرجن رَجُل مِن أهل البصرة. أبو بَكْر بْن أبي الأسود: سَمِعْتُ ابن مهديّ يَقُولُ ويحيى القطّان جالس وذكر الْجَهْميّة فقال: ما كنت لأُناكِحهم ولا أصلّي خلفهم. وقال عَبْد الرَّحْمَن رُسْتَة: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ يَقُولُ: الْجَهْميّة يريدون أن ينفوا عَنِ الله الكلام، وأن يكون القرآن كلام الله، وأنّ الله كلّم موسى، وقد وكده الله فقال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] . قَالَ رُسْتَة: سَأَلت ابن مهديّ عَنِ الرجل يبني بأهله، يترك الجماعة أيامًا؟ قَالَ: لا، ولا صلاة واحدة. وحضرت ابن مهديّ صبيحة بنى على ابنيه، فخرج فأذّن، ثمّ مشى إلى بابهما، وقال للجارية: قولي لهما يخرجان إلى الصلاة. فخرج النّساء والجواري فقلن: سُبحان الله، أيّ شيء هذا؟ فقال: لا أبرح حتّى يخرجا إلى الصلاة، فخرجا بعدَ ما صلّي، فبعث بهما إلى مسجد خارج مِن الدَّرْب. قلت: هكذا كَانَ السلف -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ. قَالَ رُسْتَة: وكان عَبْد الرَّحْمَن يحجّ كلّ عام، فمات أَبُوهُ وأوصى إِليْهِ، فأقام عَلَى أيتامه، فسمعته يَقُولُ: ابتُليت بهؤلاء الأيتام، فاستقرضت من يحيى بن سعيد أربعمائة دينار احتجت إليها في مصلحة أرضهم1. وقد طوّل أبو نُعَيْم الحافظ ترجمة عَبْد الرَّحْمَن في "الحلية"، بحيث أنه روى فيها

_ 1 الحلية "9/ 14".

مائتين وثمانين حديثًا ونيّفًا. وقال: أدرك مِن التّابعين عدَّة منهم: المُثَنَّى بْن سَعِيد، وَأَبُو خلدة، ويزيد بْن أَبِي صالح، وداود بْن قيس، وصالح بْن دِرهم، وجرير بْن حازم. قلت: كَانَ قد ذهب إلى أصبهان في آخر عمره وحدّث بها. تُوُفّي بالبصرة في شهر جُمَادَى الآخرة سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 183- عَبْد السّلام بْن عَبْد القُدُّوس بْن حبيب الوحاظي الشامي1 -ن. أبو محمد. عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وثَوْر بْن يزيد، وإبراهيم بْن أبي عبلة. وعنه: كثير بْن عُبَيْد، وأبو التَّقيّ هشام اليَزَنيّ، والعبّاس بْن الخلال، وجماعة. وهو ضعيف كأبيه. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لا يُتابع عَلَى شيء مِن حديثه. وقال ابن حِبّان: يروي الموضوعات. 184- عَبْد العزيز بْن عِمران بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عوف الزُّهْرِيّ2 الأعرج -ت. عَنْ: جعفر بْن محمد، وأفلح بْن سَعِيد، وعبد الله بن جعفر المخرمي، وجماعة. وعنه: أبو مُصْعَب، وإبراهيم بْن المنذر الخزاميّ، وأحمد بْن إسماعيل السَّهْميّ، وآخرون. وكان شاعرًا نَسابة. وهو عَبْد العزيز بْن أبي ثابت. اتّفقوا عَلَى تضعيفه. وقال النَّسَائيّ: متروك الحديث.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 48"، والميزان "2/ 617". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 390، 391"، والتهذيب "6/ 623".

وقال الْبُخَارِيّ: لا يُكْتب حديثه، مُنْكَر الحديث. وقال ابن مَعِين: لم يكن صاحب حديث، كَانَ نسّابة لم يكن بثقة. وقال الخطيب: قِدم بغداد، واتّصل بصُحبة يحيى البرمكيّ، وكان ذا برٍ وإفضال. قلت: تُوُفّي سنة سبعٍ وتسعين ومائة. 185- عَبْد العزيز بْن أَبِي عثمان الكوفيّ1. خَتَنُ عثمان بْن زائدة. يروي عَنْ: موسى بْن عُبَيْدة، وسُفْيان الثَّوْريّ، وجماعة. وعنه: زهير بن عباد، وعلي بن ميسرة، وهارون بن إسحاق الهمداني أبو هشام الرفاعي. وكان كبير الشأن. قال الرفاعي: قَالَ لنا وكيع: اذهبوا فاسمعوا منه، فهو أثبت مِن بقي في جامع سُفْيان. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن الحكم بن بشير: ثنا عَبْد العزيز بن أَبِي عثمان، ولم أر مثله. وقال أبو حاتم: كَانَ ثقة. 186- عَبْد الكريم بْن محمد الْجُرجانيّ2. الفقيه أبو سهل. رَوَى عن: أَبِي حنيفة، والصَّلْت بْن دينار، وزُهير بْن محمد، وقيس بن الربيع، وسليمان بْن هَوْذه، وجماعة. وعنه: أبو يوسف القاضي مَعَ تقدّمه، والشافعيّ، وقُتَيْبة بْن سَعِيد. وُلّي قضاء جُرْجان، ثمّ كرِه القضاء وتركه. وحج وجاور بمكة. ذكره حمزة السَّهميّ في "تاريخه" ولم يذكر وفاةً.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 389، 390"، والثقات لابن حبان "8/ 395". 2 انظر: تاريخ جرجان "389" للجرجاني.

187- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس بْن عَبْد المطّلب. الأمير أبو عَبْد الرَّحْمَن الهاشميّ العباسيّ1. وُلّي المدينة والصّوائف للرشيد. ثمّ ولي الشام والجزيرة للأمين. وحدث عَنْ: أَبِيهِ، ومالك بْن أنس. روى عَنْهُ: ابنه عليّ، والأصمعيّ، وفُلَيح بْن إسماعيل، وغيرهم حكايات. وقد كَانَ الرشيد بلغه أنّ عَبْد المُلْك عَلَى نيّة الخروج عَليْهِ، فخاف منه وطلبه ثمّ حبسه. ثمّ لاح لَهُ بُطْلان ذَلِكَ، فأطلقه وأنعم عَليْهِ. وعن عَبْد الرَّحْمَن مؤدّب أولاد عَبْد المُلْك بْن صالح قَالَ: قَالَ عَبْد الملك: لا تُطْريني في وجهي، فأنا أعلم بنفسي منك، ولا تعينني على ما يقبح، ودع: كيف أصبح الأمير؟ وكيف أمسى؟. واجعل مكان التعريض لي صواب الاستماع منيّ. روى أسحاق بْن إبراهيم النّديم، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنت بين يدي الرشيد، والناسُ يعزُّونه في طفل، ويهنّونه بمولودٍ ولد تِلْكَ الليلة، فقال عَبْد المُلْك بْن صالح: يا أمير المؤمنين آجَرَك الله فيما ساءك. ولا ساءك فيما سرّك. وجعل هذه بهذه جزاءً للشاكر، وثوابًا للصابر. الرياشيّ: ثنا الأصمعي قَالَ: كنتُ عند الرشيد، فأُتي بعبد المُلْك بْن صالح يرفُل في قُيُوده، فلمّا مثُل بين يدي الرشيد، التفت الرشيد يحدّث يحيى بْن خَالِد، وتمثّل ببيت عَمْرو بْن مَعْدِيّ كرب: أريدُ حياتَه ويُريدُ قَتْلِي ... عَذيِرَكَ مِن خليك مِن مُراد ثم قَالَ: يا عَبْد المُلْك، لَكأنّي، والله، أنظر إلى شُؤبُوبها قد هَمَع، وإلى عارضها قد لمع، وكأنّي بالوعيد قد أوري نارًا، فأبرز عن براجم بلا معاصم. ورؤوس بلا غلاصم، فمهلًا مهلًا بني هاشم بي. والله، سَهُل لكم الوَعر، وصفا لكم الكدر، وألقت إليكم الأمور أزِمَّتَها، فيه اربدادٌ لكم مِن حُلول داهية، أو خَبُوط باليد والرّجِل. فقال: أتكلّم يا أمير المؤمنين؟ قال: قل!.

_ 1 انظر: وفيات الأعيان "1/ 330، 331"، "7/ 54، 55".

قَالَ: اتّقِ الله فيما ولاك، واحفظْه في رعاياك الّتي استرعاك، ولا تجعل الكفرَ بموضع الشُّكر، والعقابَ بموضع الثواب. فقد، والله، سهلت لك الوعور، وجُمعت عَلَى خوفك ورجائك الصُّدُور. وشددت أَوَاخي مُلكك بأوثق مِن رُكني يَلَمْلَم. فأعاده إلى محبسه، ثمّ أقبل علينا وقال: والله لقد نظرت إلى موضع السيف مِن عُنقه مرارًا، فمنعني مِن قتله إبقائي عَلَى مثله. قَالَ: فأراد يحيى بْن خَالِد أن يضع مِن عَبْد المُلْك إرضاءً للرشيد، فقال لَهُ: يا عَبْد المُلْك بلغني أنّك حقود. قَالَ: أيُّها الوزير إنْ كَانَ الحِقْد هُوَ بقاء الخير والشّرّ، إنّهما لَبَاقيان في قلبي. فقال الرشيد: ما رَأَيْت أحدًا أقبحَ للحقد بأحسن من هذا. ويقال إنه إنما حبسه لمّا رآه نظيرًا لَهُ في أشياء مِن النُّبل والفصاحة. مات بالرَّقَّة سنة ستٍ وتسعين ومائة. قاله خليفة بْن خيّاط. 188- عَبْد المُلْك بْن الصّبّاح المسْمعيّ الصَّنْعانيّ ثمّ البصْريّ -خ. م. ن. ت- أبو محمد. عَنْ: ثور بْن يزيد، وابن عَون، وهشام بْن حسّان، وشُعْبَة، وجماعة. وعنه: إسحاق بْن راهَوَيْه، وبُنْدار، ورُسْتَة، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وآخرون. مات سنة مائتين. قَالَ أبو حاتم: صالح الحديث. 189- عَبْد المُلْك بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّنْعانيّ الذَّماريّ1 -د. ن. وذِمار من قُرى صنعاء. روى عَنْ: إبراهيم بن أبي عبلة، وسفيان بْن سَعِيد، والأوزاعي، ومحمد بن جابر السُّحَيْميّ.

_ 1 انظر: الميزان "2/ 657"، والتهذيب "6/ 400-402".

وعنه: أحمد، وإسحاق، وأحمد بْن صالح، والفلاس، ونوح بْن حبيب القومسيّ. وثّقه الفلاس. وقال أبو حاتم. لَيْسَ بالقويّ. وقال أبو داود: ضُربت عُنق عَبْد المُلْك الذَّماريَّ صَبْرًا. قَضَى بقودٍ، فدخلت الخوارج فقتلته. وقال ابن عديّ: كَانَ قد نزل البصرة. وقال الْبُخَارِيّ: هُوَ شاميّ نزل البصْرة. وأمّا إبراهيم بْن محمد بْن عَرْعَرَة، ونوح بْن حبيب فسَمَّياه عَبْد المُلْك بن هشام، فلعلّهما اثنان. 190- عَبْد المُلْك بْن محمد البَرْسَميّ الصَّنْعانيّ الدّمشقيّ1 -د. ن. ق. عَنْ: ثابت بْن عَجْلان، ويحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، ومَعْمَر بْن راشد، والأوزاعيّ، وأبي سَلَمَةَ العامليّ، وعدّة. وعنه: زيد بْن المبارك الصَّنْعانيّ، وهشام بْن عمّار، وعَمرو بْن عثمان الحمصيّ، وداود بْن رشيد، وسليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، وجماعة. وثّقه سليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، وابنه دُحَيْم. وقال أبو حاتم: يُكَتب حديثه. 191- عَبْد المُلْك بْن مهْران. أبو هاشم الرفاعيّ المَوْصِليّ المَغَازِليّ2. روى عَنْ: عَمْرو بْن دينار، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وجماعة. وعنه: بقيّة، وأحمد بْن أَبِي الحَواريّ، وسُلَيمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، وموسى بْن أيّوب النصيبي.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 369"، والميزان "2/ 663". 2 الجرح والتعديل "5/ 370"، والميزان "2/ 665".

قال العقيلي: صاحب مناكير. وقال ابن عَدِيّ: مجهول. قلت: كذا ذكره أبو القاسم بْن عساكر. 192- عَبْد المنعم بْن نُعَيْم الأَسْواريّ البصْريّ1. أبو سَعِيد صاحب السقاء. عن: الجريري، ويحيى بْن مُسْلِم البَكَّاء. وعنه: يونس بْن محمد المؤدَّب، ومحمد بْن أبي بَكْر المُقَدَّميّ، وعُقْبة بْن مُكْرَم العمّي، وغيرهم. قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث. وقال الدّارَقُطْنيّ: ضعيف. 193- عَبْد الواحد بْن سليمان الأزْديّ البصْريّ البرّاء2. عَنْ: ابن عَوْن، وحُمَيْد الطّويل. وعنه: مُسْلِم بْن إبراهيم، وعبد الصَّمد، ومحمد بْن جعفر المدائنيّ، وإبراهيم بن عبد الله بن خَالِد المصَّيصيّ، والحسن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وغيرهم. محلُّه الصَّدْق. قَالَ أبو حاتم: مجهول. 194- عَبْد الوهاب بْن حُمَيْد اليَحْصُبيّ3. عَنْ: طلحة بْن عُمَر، وعبد الجليل بْن حُمَيْد. وعنه: عِمران الصُّوفيّ، وأحمد بْن السَّرْح. تُوُفّي قريبًا مِن سنة خمٍ وتسعين ومائة بمصر.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 67"، والميزان "2/ 669". 2 الجرح والتعديل "6/ 21"، والثقات لابن حبان "8/ 425". 3 من علماء مصر كما في "حسن المحاضرة".

195- عبد الوهاب الثقفي -ع. هُوَ ابن عَبْد المجيد بْن الصَّلْت بْن عُبَيْد الله بْن الحَكَم بْن أبي العاص. أبو محمد البصري الحافظ1، أحد الأئمة. روى عن: أيّوب السّخْتياني، وخالد الحذّاء، ومالك بْن دينار، وحُمَيْد الطّويل، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، والشّافعيّ، وَأَبُو حفص الفلاس، وبُنْدار، وحفص الرَّباليّ، والحسن بْن عَرَفة، وخلْق كثير. رُوِيَ عَنِ الفلاس قَالَ: كانت غلّة عَبْد الوهاب الثَّقَفيّ في السُّنَّةِ نحو أربعين ألفًا، يُنفقها كلّها عَلَى أصحاب الحديث. وقال الحافظ: ذُكر عَبْد الوهاب الثَّقَفيّ عند النَّظّام فقال: هُوَ والله أحلى مِن أمنٍ بعد خوف، وبرءٍ بعد سَقَم، وخِصْب بعد جَدْب، وغِنى بعد فَقْر، ومن طاعة المحبوب، وفرج المكروب. وقال عليّ بْن المَدِينيّ، وابن مَعين: ثقة. وقال قُتَيْبة: ما رَأَيْت مثل هَؤلاءِ الفقهاء الأربعة. مالك، وَاللَّيْثُ، وعبّاد بن عبّاد، وعبد الوهاب الثَّقَفيّ. وقال ابن المَدِينيّ: لَيْسَ في الدُّنيا كتاب عَنْ يحيى بْن سَعِيد أصحّ مِن كتاب عَبْد الوهّاب الثَّقَفيّ. وقال أحمد العِجْليّ: ثقة. وقال العُقَيْليّ: نا محمد بْن زكريّا، ثنا عُقْبة بْن مُكْرَم قَالَ: كَانَ عَبْد الوهّاب الثَّقَفيّ قد اختلط قبل موته بثلاث سِنين أو أربع. قَالَ: وثنا الحسين بْن عَبْد الله الذارع، نا أَبُو دَاوُدَ. قَالَ: جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَعَبْدُ الوهاب الثَّقَفيّ تغيرا، فحجب الناس عنهم. الْحُمَيْدِيُّ: نا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ: أن

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 71"، السير "9/ 237-240".

رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ1. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: قَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو ضَمْرَةَ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، مُرْسَلا: قُلْتُ: عَبْدُ الْوَهَّابِ ثِقَةٌ. وَالثِّقَةُ يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ. وَأَمَّا اخْتِلاطُهُ فَمَا ضَرَّ حديثه، لأنه حجب، فبقي بمنزلة من مات. وكان مولده في سنة عشر ومائة، ومات في سنة أربعٍ وتسعين ومائة. 196- عُبَيْد الله بْن المهديّ بْن المنصور العباسيّ2. وأُمّه رائطة بِنْت السّفّاح. مات سنة أربعٍ أو خمسٍ وتسعين ومائة. وله عَقِب. وكان عظيم الجلالة في دولة أخيه الرشيد. 197- عُبَيْد الله بْن سُهيل بْن صخر الغُدّانيّ3. أبو صخر. عَنْ: عُقْبة بْن أَبِي جُبيرة، وغيره. وعنه: ابنه أحمد، وعليّ بْن المَدِينيّ، ومحمد بن يحيى القطعي. قاله ابن أبي حاتم. 198- عُبَيْد بْن سَعِيد بْن أبَان. أبو محمد الْقُرَشِيّ الأمويّ الكوفيّ4، أخو يحيى، وعَنْبَسَة، ومحمد، وعبد الله. حدَّث عَنْ: الأعمش، وكامل أبي العلاء، وسفيان، وشعبة.

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أحمد "3/ 305"، والترمذي "1359"، وابن ماجه "2369" وله، شواهد كثيرة. 2 انظر: تاريخ بغداد "10/ 311"، وتاريخ الطبري "8/ 236". 3 الجرح والتعديل "5/ 318"، والثقات لابن حبان "8/ 404". 4 انظر: الجرح والتعديل "5/ 407"، والتهذيب "7/ 66".

وعنه: ابن راهويه، وابنا أبي شيبة، وأبو كريب، وعلي بن محمد الطنافسي. وثقه أبو حاتم. وقال ابن حبان: مات سنة مائتين. 199- عبيد بن القاسم الأسدي الكوفي1 -ن. عَنْ: هشام بن عروة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خَالِد. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، وداود بْن رشيد، وأحمد بْن المقدام. قَالَ ابن حِبّان: حدَّث عَنْ هشام بنسخة موضوعة. وقال الْبُخَارِيّ: لَيْسَ بشيء، لا يُعرف. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ، نَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، نَا عُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ، نَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ طعامٍ مِمَّا يَلِيهِ. فَإِذَا أُتِيَ بِالتَّمْرِ جَالَتْ يَدُهُ"2. قَالَ يحيى بْن مَعِين: سمعنا منه، وكان كذّابًا. 200- عُبَيْد بْن واقد القَيْسيّ3 -ت. بصْريّ، يقال اسمه عبّاد. حدَّث عَنْ: سَعِيد بْن عطيّة اللَّيْثي، وزَربيّ أَبِي يحيى، وجماعة مِن الغرباء الذين لا يكادون يُعرفون. وعنه: نصر بْن عليّ، وابن مُثَنَّى، وعَمْرو بْن شَبَّة، وعبد الله بْن عُمَر الأصبهاني أخو رُسْتَة. ضعّفه أبو حاتم. 201- عُتْبَة بْن حمّاد -ق.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 412"، والتهذيب 7/ 72، 73". 2 "حديث موضوع": وأخرجه ابن عدي "5/ 1987" في الكامل للضعفاء. 3 الجرح والتعديل "6/ 5"، والتهذيب "7/ 77، 78".

أبو خليد الحكمي الدمشقي القارئ1. إمام جامع دمشق. حدَّث عَنْ: الزُّبَيْديّ، والأوزاعيّ، وابن ثَوْبان، والوضين بْن عطاء، وسعيد بْن عَبْد العزيز، ومنيب بْن مُدْرك. وعنه: ابنه خُلَيْد، وسليمان بْن أحمد الواسطي، ومحمد بْن وهْب بْن عطيّة. وثّقه أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو بَكْر الخطيب. وقال أبو حاتم: شيخ. 202- عَثَّام بْن عليّ بْن هُجَيْر الكلابيّ العامري الكوفي2 -خ. 4. والد عليّ بْن عَثّام. روى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، والأعمش، وغيرهما. وعنه: ابنه، وأبو سَعِيد الأشجّ، وأحمد بْن بُدَيْل، وخليفة بْن خيّاط، وعليّ بْن حرب، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقَالَ غيره: مات سنة خمس وتسعين ومائة. وقيل سنة أربع. 203- عثمان بن فرقد البصري العطار3 -خ- ت. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وعنه: ابن المَدِينيّ، وزيد بْن أخْزَم، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد شيخ الْبُخَارِيّ. وكنيته أبو مُعَاذ. وُثَّق، وقد ليَّنَه بعضهم يسيرًا. 204- عِراك بْن خَالِد بْن يزيد بْن صالح بْن قبيح المري4.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 370"، والتهذيب "7/ 95، 96". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 44"، والتهذيب "7/ 105، 106". 3 الجرح والتعديل "6/ 164"، والتهذيب "3/ 52". 4 الجرح والتعديل "7/ 38"، والتهذيب "7/ 171، 172".

أبو الضّحّاك، الدّمشقيّ المقرئ. قرأ عَلَى يحيى الذَّماريّ. وحدَّث عَنْ: أبيه، وإبراهيم بْن أبي عَبْلَةَ، وعثمان بْن عطاء الخُراسانيّ، وغيرهم. وأقرأ النّاس مدّةً، فقرأ عَليْهِ: هشام بْن عمّار، والربيع بْن ثعلب. وحدَّث عَنْهُ: ابن ذَكْوان، ومحمد بْن وهْب، وموسى بْن عامر المُرَّيّ، وطائفة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. وقال أبو حاتم: مُضْطَرب بالحديث. قلت: روى لَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ لَهُ. 205- عَرْعَرَة بن البرند بن النعمان بن علجة1 -ن. أبو محمد القرشي السامي الناجي البصري، والد محمد، وسليمان، وإسماعيل. روى عَنْ: خاله عبّاد بْن منصور، وهشام بْن عُروة، وابن عَوْن، ومحمد بْن عَمرو بْن عَلْقمة. وعنه: حفيده إبراهيم بْن محمد بْن عَرْعَرَة، وإسحاق بْن راهَوَيْه، والفلاس، ومحمد بْن المُثَنَّى، وحُمَيْد بْن الربيع. ضعّفه ابن المَدِينيّ، وقوّاه ابن حِبّان، وغيره. مات سنة اثنتين وتسعين ومائة. 206- عِصمةُ بنُ محمد بْن فَضَالَةَ بْن عُبَيْد الأنصاريّ المدنيّ2. عَنْ: موسى بْن عُقْبة، وسُهيل بْن أَبِي صالح، وهشام بْن عُرْوة، ويحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، وجماعة. وعنه: سَعِيد بْن سَلَمَةَ الأنصاريّ، ومحمد بن سعْد، وعبد الله بن إبراهيم الغفاري، والسري بن عاصم.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 46"، والتهذيب "7/ 175، 176". 2 الجرح والتعديل "7/ 120"، والميزان "2/ 68".

قَالَ ابْن مَعِين: كذّاب. وقال العُقَيْليّ: يحدّث بالبواطيل. قُلْتُ: لَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "كُلُوا التَّمْرَ عَلَى الرَّيقِ فَإِنَّهُ يَقْتُلُ الدُّودَ"1. هَذَا مَوْضُوعٌ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ. 207- عطاء بْن جَبَلَة الفَزَاريّ2. شيخ بغدادي واهٍ، لَهُ عَنْ: عبّاد بْن منصور، والأعمش، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وابن جُرَيج. وعنه: محمد بْن الصّبّاح الجرجرائيّ، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وجماعة. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. 208- عليّ بْن أبي بكر الرازي الأسفذني3 -ت. ق. وأسْفَذْن بذال مُعْجَمَةٍ. لَهُ عَنْ: فُضَيْل بْن مرزوق، ومحمد بْن إِسْحَاق، ومهديّ بْن ميمون، وسُفْيان الثَّوْريّ. وعنه: مخلد بن مالك الحمال، ومحمد بن حميد، ومحمد بن عبيد الهمداني، وغيرهم. وكان رجلا صالحا ورعًا. وثقه أبو حاتم.

_ 1 "حديث موضوع": وأخرجه ابن عدي "5/ 2009"، في الكامل، والعقيلي "3/ 340"، في الضعفاء الكبير، وابن الجوزي "3/ 25"، في الموضوعات، وانظر: الفوائد المجموعة "180"، وتنزيه الشريعة "2/ 240". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 331"، والميزان "3/ 69". 3 الجرح والتعديل "6/ 176"، والتهذيب "7/ 287".

وقال مخلد الحمال: ما رأيت أحدا أورع منه. وقال القاسم بن زكريا: كان عند محمد بن حميد الرازي، عَنْ عليّ بْن أَبِي بَكْر عشرة آلاف حديث. وقيل كَانَ مِن الأبدال. 209- عليّ بْن حَرْمَلَة التَّيْميّ1. تيم الرّباب. وُلّي قضاء القُضاة بعد محمد بْن الحَسَن. وكان مِن جِلّة أصحاب أَبِي حنيفة، وأبي يوسف. ذكره الخطيب. 210- عليّ بْن زياد. الفقيه أبو الحَسَن السَّهْميّ مولاهم الإسكندرانيّ2، يُعرف بالمحتسب. روى عَنْ: مالك وغيره. وعنه: سَعِيد بْن أبي مريم، ويونس بْن عَبْد الأعلى. وكان زاهدًا عابدًا. قَالَ ابن عَبْد الحَكَم: قام عليُّ بْن زياد إلى الرشيد وهو يخطب الناس بمكة، فقال: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 3] ، فأمر بِهِ، فضُرب مائة سَوْط. فكان في البيت يتأوّه ويقول: الموت الموت. ثمّ أرسل إِليْهِ الرشيد يطلب أن يُحالِلَه، فأَحَلّه. وعن ابن وهْب قَالَ: ما تشبّه عليّ بْن زياد إلا بنوحٍ عَليْهِ السلام في قومه، لا يَمَلّ ولا يَفْتَر مِن الموعظة والأمر بالمعروف والنهي عَنِ المُنْكَر. مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة، رحمه الله تعالى. 211- عليّ بْن ظبيان أبو الحسن العبسي الكوفي3 -ق.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 415". 2 من كبار علماء الديار المصرية كما في "حسن المحاضرة". 3 الجرح والتعديل "6/ 191"، والتهذيب "7/ 341-343".

قاضي القُضاة للرشيد. يقال وُلّي بعد موت محمد بْن الحَسَن، وقبل ذَلِكَ كَانَ عَلَى قضاء الجانب الشرقيّ ببغداد. روى عَنْ: إسماعيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وأبي حنيفة، وعدّة. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وداود بْن رشيد، وعثمان بْن أَبِي شَيْبَة، وعليّ بْن مُسْلِم الطّوسيّ، ومحمد بْن قُدامة المَصَّيصيّ، ومحمد بْن قُدامة الجوهريّ، وجماعة. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بثقة. وقال الخطيب: كَانَ جليلا دينًا متواضعًا فقيهًا مِن أصحاب الإمام أبي حنيفة، محمود الأحكام. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين، ومائة بقَرْمِيسين. قَالَ الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث. وَمِمَّا انْفَرَدَ بِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا قَالَ: "الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ"1. أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْهُ: وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ. وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ظِبْيَانَ، فَلَمْ يَرْفَعْهُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ ظِبْيَانَ: كُنْتُ أَرْفَعُهُ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ، فَوَقَفْتُهُ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ وَاهِي الْحَدِيثِ جِدًّا. وَرَوَى أَحْمَدُ بن محمد بن محرز، عن ابن معين قَالَ: كَذَّابٌ خَبِيثٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الضَّعْفُ عَلَى رِوَايَاتِهِ بَيِّنٌ. وَأَمَّا الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ. 212- عليّ بْن عيسى بن ماهان2.

_ 1 "حديث ضعيف جدًا": وأخرجه ابن ماجه "2514"، والخطيب "11/ 445"، في تاريخه. 2 وفيات الأعيان "2/ 517، 518، 522".

الأمير، مِن كبار قُوّاد الدّولة، وهو الَّذِي أشار عَلَى الأمين بخلع أخيه المأمون مِن ولاية العهد، فأمّره الأمين عَلَى أصبهان والجبال، فسار في جيش لَجْبٍ، وقدّم جيش المأمون عليهم طاهرَ بْن الحسين، فالتقى الجمعان، فكان عليّ بْن عيسى أول قتيل. وذلك في سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وكان قد شاخ. وكان مقتله بظاهر الرَّيّ. 213- عليّ بْن القاسم الكِنْديّ الكوفيّ1. عَنْ: عاصم الأحول، وعاصم بْن رجاء بْن حَيْوَة، ومعروف بْن خَرَّبُوذ. وعنه: سَعِيد بْن محمد الْجَرْميّ، وأبو سَعِيد الأشجّ، وعبيد بْن إسحاق العطّار. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. 214- عليّ بْن المبارك الأحمر2. شيخ العربيّة وتلميذ الكِسائيّ. كَانَ مؤدّب الأمين بتعيين الكِسائيّ لَهُ. جرت بينه وبين سِيَبَويْه مناظرة. قَالَ ثعلب: كَانَ الأحمر يحفظ سوى ما يحفظ أربعين ألفَ بيتٍ مِن الشعر. شاهدًا في النّحو. وقال الأحمر: قعدتُ ساعة، فوصل إليّ فيها ثلاثمائة ألف درهم. وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ في أَوَّل أمره من رجالة النوبة بباب الخلافة، وكان يتوقَّد ذكاء. فرأى الكِسائيّ يغدو ويروح، فأحبّ العربيّة، ولزِم الكِسائيّ إلى أن برع، وصيّره الكِسائيّ يعلم أولاد الرشيد عوضا عَنْ نفسه. وللحمر عدّة تلامذة. أخذ عَنْهُ: إسحاق النّديم، وَسَلَمَةُ بْن عاصم. وقيل: إنّ محمد بْن الْجَهْم أدركه، فقال: كنّا إذا أتينا الأحمر تلقّانا الْخَدَمُ، فندخل قصرًا مِن قصور الملوك، ثمّ يخرج لنا، عَليْهِ ثياب الملوك، ينفح مِنه المسك

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 201"، والميزان "3/ 151". 2 تاريخ بغداد "12/ 104"، السير "9/ 92، 93".

وهو يبتسم. ونصير إلى الفَرّاء، فيخرج إلينا مُعَّبسًا، فيجلس عَلَى بابه، ونجلس عَلَى الأرض بين يديه، فيكون أحلى عندنا مِن الأحمر. وقال سَلَمَةُ بْن عاصم: كَانَ الفرّاء بينه وبين الأحمر متباعدًا. فمات الأحمر بطريق مكّة، فاسترجع الفرّاء وتوجّع لَهُ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين ومائة. ويقال: اسمه عليّ بْن الحَسَن، فالله أعلم. 215- عُمارةُ بْن بِشْر الدّمشقيّ1 -ن. عن: الأوزاعي، وعبد الرحمن بن يزيد بن جَابِر. وعنه: عليّ بْن سهل الرمليّ، ونُصَير بْن الفرج. ويوسف بْن سَعِيد بْن مُسْلِم. حدَّث عام مائتين. 216- عُمر بْن حفص العبْديّ البصْريّ2. عَنْ: ثابت البُنانيّ، ومالك بْن دينار، ومطر الورّاق. وعنه: العلاء بْن سالم، وأحمد بْن بشّار. ضعّفه مُسْلِم، وغيره. مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وقيل سنة تسعٍ وتسعين. 217- عُمَر بْن حفص بْن عُمَر بْن ثابت الأنصاريّ3. أبو سعْد. عَنْ: أَبِيهِ، وأبي حُمَيْد السّاعديّ. وعنه: يعقوب بْن كعب الحلبيّ، وداود بْن رشيد، وهشام بْن عمّار. كنّاه الحاكم.

_ 1 انظر: الميزان "3/ 173"، والتهذيب "7/ 411، 412". 2 الجرح والتعديل "6/ 103"، والميزان "3/ 189، 190". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 102"، والثقات لابن حبان "8/ 439".

218- عُمَر بْن حفص المعيطيّ1. عَنْ: أَبِي حَيّان التَّيْميّ، وهشام بْن عُرْوة، وعبد المُلْك بْن أَبِي سليمان. وعنه: أحمد بْن حنبل، وَغَيْرِهِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 219- عُمَر بْن زُرْعة الخارَفيّ2. عن: محمد بْن سالم، وعيسى بْن عُمَر. وعنه: قُتَيْبة، وأبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة، وابن نُمَير، وأبو سَعِيد الأشجّ. 220- عُمَر بْن صالح بْن أبي الزّاهرية الأزْديّ البصْريّ الأوقص3. نزيل دمشق. عَنْ: أَبِي جَمْرَة الضُّبَعيّ، وأيّوب السّخْتيانيّ، ومالك بْن دينار. وعنه: داود بْن رشيد، وسليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، ومحمد بْن مُصَفَّى، وموسى بْن عامر. قَالَ أبو حاتم: ضعيف. وقال النَّسَائيّ: متروك. 221- عمر بن عبد الواحد بن قيس -د. ن. ق. أبو حفص السلمي الدمشقي4. عَنْ: يحيى بْن الحارث الذَّماريَّ وتلا عَليْهِ كتاب الله. وروى عَنْ: الأوزاعي، وعمر بْن محمد العُمريّ، وعبد الرحمن بن ثوبان، والنعمان بن المنذر، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 103". 2 الجرح والتعديل "6/ 110". 3 الجرح والتعديل "6/ 116"، والميزان "3/ 205". 4 الجرح والتعديل "6/ 126"، والتهذيب "7/ 479".

قرأ عليه هشام بن عمار، وروى عنه: هو، ودحيم، وإسحاق بن راهويه، ومحمود بن خالد، وموسى بن عامر، وأبو عتبة الحجازي، وعدة. وثقه أحمد العجلي، وغيره. ولد سنة ثمان عشرة ومائة، وتوفي سنة مائتين. ولم يلحق الأخذ عَنْ والده، مات قديمًا. 222- عُمَر بن هارون البلخي1 -ت. ق. أبو حفص الثقفي مولاهم. عَنْ: جعفر بْن محمد، وابن جُرَيج، وأسامة بْن زيد، وأيمن بْن نَابِلٍ، وطائفة. وعنه: قُتَيْبة، وعثمان بْن أَبِي شَيبة، وأبو سَعِيد الأشجّ، وشُرَيْح بْن يونس، ومحمد بْن حُمَيْد الرّازيّ، وأحمد بْن حنبل، ويحيى بْن موسى، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وجماعة سواهم. وكان قد جاور بمكة، وتزوّج ابن جُرَيج بأخْته فيما قِيلَ. ضعّفه ابن مَعِين، والنّاس. وقال النَّسَائيّ، وجماعة: متروك؛ وبعضهم كذَّبَه. قَالَ محمد بْن عَمْرو زُنَيْج: قَالَ عُمَر بْن هارون: ألقيتُ مِن حديثي سبعين ألفًا لأبي جُزْءٍ عشرين ألفًا، ولعثمان البُرَّيّ كذا وكذا. فسئل زُنَيْج عَنْهُ فقال: قَالَ بَهْز: لدى يحيى بْن سَعِيد القطّان خسارة. قَالَ: أكثر عَنِ ابن جُرَيج، مِن يلازم رجلا اثنتي عشرة سنة لا يريد أن يُكثر عَنْهُ؟. قَالَ زُنَيْج: وبلغني أنّ أُمّه كانت تُعينه عَلَى الكتاب. قلت: قد طوّل شيخنا أبو الحجاج ترجمته، وهو مَعَ ضَعفه حافظ وإمام مُقرئ مُكْثِر. قَالَ فيه قُتَيْبة: كَانَ شديدًا عَلَى المُرْجِئَة؛ مِن أعلم الناس بالقراءات. وقال غيره: مات ببلْخ في أوّل يومٍ مِن رمضان سنة أربع وتسعين ومائة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 140، 141"، والسير "9/ 267-276".

وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ: قَالَ هَنَّادٌ السَّرِيُّ: نَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا"1. فَهَذَا لا يُعْرَفُ إِلا بِهِ. وَيُخَالِفُهُ مَا ثَبَتَ من قوله -صلى الله عليه وسلم: "أَعْفُوا اللِّحَى" 2. قَالَ ابن سعْد: كتب عَنْهُ الناس كثيرًا وتركوا حديثه. وقال أحمد بْن سيار: كَانَ أبو رجاء، يعني قُتَيْبة، يُطْريه ويُوثَّقه ويقول: كَانَ شديدًا عَلَى المُرْجِئَة، وكان مِن أعلم الناس بالقراءات. كَانَ القرّاء يقرأون عَليْهِ ويختلفون إِليْهِ في الحروف، فسألت عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ عَنْهُ وقلت: قد أكثر عَنْهُ، وبلغنا أنّك تذكره. فقال: أعوذ بالله ما قلت فيه إلا خيرًا. ما هو عندنا بمتهم. وقال ابن الجنيد: سمعت ابن مَعِين يَقُولُ: كذّاب، قدِم مكّة وقد مات جعفر بْن محمد، فحدّث عَنْهُ. 223- عِمران بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران. أبو الحَسَن الهلاليّ الكوفيّ3، أخو سُفْيان الإمام. روى عَنْ: حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءِ بْنِ السّائب، وأبي إسحاق السَّبِيعيّ، وعبد المُلْك بْن عُمَير. وعنه: زيد بْن الحراش، وعبده بْن عَبْد الرحيم المَرْوَزِيّ، وأبو سَعِيد الأشجّ، وعَمرو بْن عليّ الباهليّ، وآخرون. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ، يأتي بالمناكير. وقال العُقَيْليّ: لَهُ وهْم وخطأ. وضعفه أبو زرعة، وقواه غيره.

_ 1 "حديث ضعيف جدًا": أخرجه الترمذي "2762"، وأبو الشيخ "282"، في أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم. 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "52"، وأبو داود "4199"، والترمذي "2763". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 302"، والتهذيب "8/ 136، 137".

224- عَمْرو بْن بَكْر السَّكْسَكيّ الشاميّ1. عَنْ: إبراهيم بْن أَبِي عَبْلَةَ، وابن جُرَيج، وثور بْن يزيد. وعنه: إبراهيم بْن محمد الفِرْيابيّ، وأبو الدرداء هاشم بْن محمد المَقْدِسيّان. اتهمه ابن حِبّان بالوضع. 225- عَمْرو بْن حُمران2. شيخ بصْريّ نزل الرَّيّ. لَهُ عَنْ: عوف، وهشام بْن حسّان، وابن عَوْن. وعنه: يوسف بن موسى القطان، ومحمد بن عيسى الدامغاني، وآخرون. قال أبو حاتم: صالح الحديث. 226- عمرو بن خليفة البكراوي3. أخو هوذة، يكنى أبا عثمان. شيخ بصري صدوق. روى عَنْ: محمد بْن عَمْرو، وأشعث الحُمْرانيّ. وعنه: محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وغيرهما. 227- عمرو بن مجمع الكوفي4. عن: إسماعيل بن أبي خالد، ويونس بن خباب، وغيرهما. وعنه: أحمد بن أبي شريح، وأبو كريب، ومحمد بن هشام المروزي، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ الدارقطني: ضعيف. 228- عمرو بن محمد العنقزي5 -م. 4.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 222"، والميزان "3/ 247". 2 الجرح والتعديل "6/ 227". 3 الثقات لابن حبان "7/ 229". 4 الجرح والتعديل "6/ 265"، والميزان "3/ 286". 5 الجرح والتعديل "6/ 262"، والتهذيب "8/ 98، 99".

أبو سعيد الكوفي. محدّث مشهور، والعَنْقَز: هُوَ المرْزَنْجوشَ. حدَّث عَنْ: ابن جُرَيج، وأبي حنيفة، وحنظلة بْن أبي سُفْيان، وعيسى بْن طهمان، والثَّوْريّ، وإسرائيل. وعنه: قُتَيْبة، وابن راهَوَيْه، وأبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وجماعة. وثّقه أحمد بْن حنبل، وغيره. مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 229- عمرو بن هاشم الجنبي1 -د. ن. أبو مالك الكوفي. عن: هشام بن عُرْوة، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، وابن إِسْحَاق، وطبقتهم. وعنه: يحيى بْن مَعِين، وإسحاق بْن موسى الحَكَميّ، والحسن بْن حمّاد، والحضْرميّ، وعبد الله بْن الوضّاح، ومحمد بْن أَبِي السَّريّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ. قَالَ ابن عَدِيّ: هُوَ صَدُوق إنّ شاء الله. وقال ابن حِبّان: كَانَ ممّن يقلب الأخبار. لا يجوز الاحتجاج بِهِ. وقال أحمد: صدوق. وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا هِبةَ اللَّهِ الْحَاسِبَ، أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، نَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، إِمْلاءً قَالَ: قُرِئَ عَلَى يَحْيَى بْنِ صَاعِدٍ وَأَنَا أَسْمَعُ: حَدَّثَكُمُ الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةٌ، وعبد الله بن الوضاح اللؤلؤي قالا: ثنا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ تَأْتِي قَوْمًا فَتَسْتَعِيرُ مِنْهُمُ الْحُلِيَّ، ثُمَّ تُمْسِكُهُ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلى النبي

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 267"، والتهذيب "8/ 111، 112".

-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "لِتَتُبْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَتَرُدُّ عَلَى النَّاسِ مَتَاعَهُمْ، قُمْ يَا فُلانُ فَاقْطَعْ يَدَهَا"1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنَ الْعَوَالِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عن عثمان بن عبد الله بن خرزاذ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمَّادٍ، فَوَقَعَ بَدَلا عَالِيًا بِدَرَجَتَيْنِ. - عَمْرو بْن الهيثم2 -م. 4. أبو قَطَن. يأتي بالكنية. 230- عُمير بْن عَبْد المجيد. أبو المغيرة الحنفيّ3- هُوَ أخو أَبِي بَكْر الحنفيّ. روى عَنْ: عَبْد الحميد بْن جعفر. وعنه: أبو خَيْثَمَة، وبُنْدار، ومحمد بْن مَعْمَر، وَآخَرُونَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 231- عَنْبَسة بنُ خَالِد بْن يزيد الأَيْليّ4 -د. خ مقرونًا. عَنْ: عمّه يونس، وابن جُرَيج، ورجاء بْن جميل. يُكنيّ أبا عثمان. روى عَنْهُ: ابن وهْب مَعَ تقدَّمه، ومحمد بْن مهديّ الأصمعيّ، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ. قَالَ أبو داود: عَنْبَسة أحبُّ إلينا مِن اللَّيْثُ، كأنّه يعني في يونس بْن يزيد خاصّة. قلت: غمزه يحيى بْن بُكَيْر، وقال: ما كَانَ أهلا للأخذ عَنْهُ. وقال أبو حاتم: كَانَ على الخراج، فكان يعلق النساء بالثدي.

_ 1 "حديث حسن": أخرجه النسائي "8/ 71"، والخطيب "4/ 326" في تاريخ بغداد. 2 ستأني ترجمته. 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 377"، والثقات لابن حبان "8/ 509". 4 الجرح والتعديل "6/ 402"، والتهذيب "8/ 154".

مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 232- عَوْن بْن عَبْد الله بْن عَوْن بْن عُتْبَة بْن مسعود الهُذْليّ الكوفيّ1. وُلّي القضاء ببغداد في أيّام المهديّ، ويقال في أيّام الرشيد. أخذ عن: الأعمش، وغيره. ولا يُحفظ عَنْهُ شيء مُسْنَد. قَالَ الخطيب: مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. 233- عَوْن بن كَهْمَس بْن الحَسَن البصْريّ التَّيْميّ2. عَنْ: أَبِيهِ، وسليمان التَّيْميّ، وهشام بْن حسّان. وعنه: خَلَف بْن خليفة، ومحمد بْن بشّار، وأحمد، وعبد الله بْن ميمون، وآخرون. قَالَ أبو داود: لم يبلغني إلا خير. 234- العلاء بن الحصين الكوفي الوضين3. الفقيه، قاضي الري. روى عَنْ: عائذ بْن شُرَيْح، والثَّوْريّ، وَاللَّيْثُ، وخالد بْن إياس، وطائفة. وعنه: عَبْد الله بْن الْجَهْم، ويوسف بْن واقد، ومحمد بْن الحَسَن بْن المختار، ومحمد بْن حُمَيْد الحافظ. وكان يقضي بحصن الأردان. قَالَ أبو حاتم: كوفيّ، صالح الحديث. 235- عيسى بْن شُعيب4. أبو الفضل البصري النحوي الضرير.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 384"، والتهذيب "8/ 171". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 388"، والتهذيب "8/ 173، 174". 3 الجرح والتعديل "6/ 354"، والثقات لابن حبان "8/ 503". 4 الجرح والتعديل "6/ 278"، والتهذيب "8/ 213".

عَنْ: مطر الورّاق، وسعيد بْن أبي عَرُوبة، وأبو مُرَّة واصل، ورَوْح بْن القاسم. وعنه: عَمْرو الفلاس، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن موسى الحَرَشيّ، وعبّاس بْن يزيد البحْرانيّ، وآخرون. صدَّقه الفلاس، وتركه غيره. قَالَ ابن حِبّان: فَحُشَ خطؤه فاستحقّ التَّرْك. قلت: وممّا نقموا عَلَى عيسى بْن شُعيب حديث: "قُدّس الْعَدَسُ عَلَى لسان سبعين نبيًا" وهذا باطل1. سمعه منه عُبَيْد بْن سَعِيد. ولم أجد لَهُ ذِكرًا في كثير مِن كُتُب المجروحين. وما ذكره العُقَيْليّ بل ذكر آخر، قَالَ: 236- عيسى بْن شعيب بْن ثَوْبان المدنيّ2. عَنْ: فُلَيْح، لا يُتَابع عَلَى حديثه. رواه عَنْهُ إبراهيم بْن المنذر الخزاميّ، ثمّ ساق لَهُ العُقَيْليّ خبرًا منكرًا. "حرف الغين": 237- الغازي بْن قيس3. أبو محمد الأندلسيّ، أحد الأئمّة المشاهير. ارتحل إلى المشرق، وروى عَنْ: ابن جُرَيج، والأوزاعي، ومالك وأخذ عَنْهُ الموطّأ وحفِظه. وكان كبير الشأن، مُجاب الدَّعوة. وكان يَقُولُ: ما كذبت منذ احتلمت. روى عَنْهُ: عَبْد المُلْك بْن حبيب صاحب "الواضحة". وقال القاضي عِياض: كَانَ مِن أفقه أهل إفريقيّة. قرأ القرآن عَلَى نافع. حدَّث عَنْهُ: عثمان بْن أيّوب، وأَصْبغ بن خليل، وغيرهما.

_ 1 "حديث باطل": أخرجه ابن حبان "2/ 120"، في المجروحين، وابن الجوزي "2/ 295" في الموضوعات، وانظر: الفوائد المجموعة "161". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 278"، التهذيب "8/ 214، 215". 3 ترتيب المدارك "1/ 347"، وبغية الوعاة "2/ 240".

وعن أصْبَغ قَالَ: سَمِعْتُ الغازي يَقُولُ: والله ما كذبتُ كِذبةً قطّ منذ اغتسلت، ولولا أنّ عُمَر بْن عَبْد العزيز رحِمه الله قاله ما قلته. قَالَ أبو عُمَرو الدالي: الغازي بْن قيس الأمويّ القُرْطُبيّ، قرأ عَلَى نافع وضبط عَنْهُ اختياره، وسمع مِن ابن أبي ذئب، وهو أول مِن أدخل قراءة نافع وموطّأ مالك الأندلس. وعنه قَالَ: عرضت مُصْحَفي هذا، مُصْحَف نافع بْن أبي نُعَيْم ثلاث عشرة مرّة. روى عَنِ الغازي القراءة: ابنُه عَبْد الله. وكان صالحًا عابدًا كثير التهجُّد بالليل، رحمه الله. مات الغازي سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 238- غالب بْن فائد الأسديّ الكوفيّ المقرئ1. عرض عَلَى حمزة. وسمع مِن: سُفْيان، وإسرائيل. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وسهل بْن عثمان، وغيرهما. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بِهِ بأس. 239- غسّان بْن عُبَيْد المَوْصِليّ الأزْديّ2. عَنْ: ابن أَبِي ذئب، وعِكْرِمة بْن عمّار، وغيرهما. وعنه: عَبْد الجبّار بْن عاصم، وسعدان بْن نصر، وغيرهما. ضعّفه أحمد. واختلف قول ابن مَعِين فيه. وقال الدارَقُطْنيّ: صالح. وقال ابن عمّار: كَانَ يعالج الكيمياء. قلت: هذا يدل على قلة ورعه.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 49". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 51"، والميزان "3/ 334".

240- غسّان بْن مُضَر الأزْديّ البصْريّ1 -ن. سَمِعَ مِن: سعيد بْن يزيد حديثًا واحدًا. رواه عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وخليفة بْن خيّاط، وأبو حفص الفلاس، ومحمد بْن يحيى القطعيّ. وثّقوه. "حرف الفاء": 241- الفُراتُ بْن خالد الرّازيّ2 -ع. والد الحافظ أحمد. روى عَنْ: أسامة بْن زيد اللَّيْثي، ومِسْعَر بْن كُدام، ومالك بْن مِعْوَلٍ، ويونس بْن أبي إسحاق. وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، ومحمد بْن حُمَيْد. وثّقه أبو حاتم. وما أحسب ابنه أدرك الأخذ عَنْهُ. 242- فرج بْن سَعِيد بْن عَلْقَمة3 -د. ن. أبو روح المأربي السبأي اليماني. عَنْ: عمّ أَبِيهِ ثابت بْن سَعِيد بْن أبيض بن جمال، وخالد بْن سَعِيد الأُمويّ. وعنه: الحُمَيْديّ، ومحمد بْن يحيى العدنيّ، وسهل بْن عاصم. قَالَ أبو زُرْعة: لا بأس بِهِ. 243- الفضل بْن حبيب المدائني السَّرَّاج4. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 51"، والميزان "3/ 335". 2 الجرح والتعديل "7/ 80"، والتهذيب "8/ 258". 3 الجرح والتعديل "7/ 86"، والتهذيب "8/ 260". 4 انظر: الجرح والتعديل "7/ 60".

وعنه: ابن مَعِين، ويزيد بْن عُمَر المدائنيّ. قال ابن مَعِين: لم يكن به بأس. 244- الفضل بْن عَبْد الصّمد الرّقاشيّ البصْريّ1. مِن فُحُولِ الشُّعَراء، مدح الخلفاء الكِبار، وكان بينه وبين أبي نواس مهاجات ومباسطات. 245- الفضل بن العلاء -ن. خ. مقرونًا. أبو العباس الكوفي2، نزيل البصرة. عَنْ: لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّة، وأشعث بْن سَوّار، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، وخليفة بْن خيّاط، والفلاس، ومحمد بْن عَبْد الله الرُّزّيّ، وجماعة. أخرج لَهُ الْبُخَارِيّ مقرونًا بآخر. وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. 246- الفضلُ بْن عنبسة الواسطي الخزاز3 -خ. س. أبو الحسن. عن: شُعْبَة، ويزيد بْن إبراهيم، وهُشَيْم. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأحمد بْن سِنان القطّان، ومحمد بْن عَبْد الله المخرميّ، وجماعة. قرنه الْبُخَارِيّ بآخر. وقال فيه أحمد بْن حنبل: ثقة مِن كبار أصحاب الحديث. قلت: مات سنة سبعٍ وتسعين ومائة. وقيل سنة ثلاثٍ ومائتين.

_ 1 الشعر والشعراء "2/ 695"، تاريخ بغداد "12/ 345". 2 الجرح والتعديل "7/ 65"، والتهذيب "8/ 282، 283". 3 الجرح والتعديل "7/ 65"، والتهذيب "8/ 281".

247- الفضل بْن مساور البصْريّ1 -خ. خَتَن أَبِي عَوَانة. روى عَنْ: أَبِي عوانة، وعوف الأعرابيّ، وحجاج بن أرطأة. وعنه: محمد بن المثنى، وبندار، وجماعة. صدوق. 248- الفضل بن موسى -ع. أبو عبد الله السيناني المروزي2، أحد الأئمة الأعلام. وسينان: من قرى مرو. رحل وسمع من: هشام بن عروة، وخثيم بْن عِراك، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، ومحمد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمة، وحسين المعلّم، ومَعْمَر بْن راشد، وآخرين. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وعليّ بْن حُجْر، ويحيى بْن أكثم، والحسين بْن حُرَيْث، وعليّ بْن خَشْرم، ومحمود بْن غَيْلان، ومحمود بْن آدم، وطائفة سواهم. قَالَ أبو نُعَيْم: هُوَ أثبت مِن ابن المبارك. وقال وكيع: أعرفه ثقة، صاحب سُنّة. وقال الأبّار: ثنا عليّ بْن خشرم، نا الفضل بْن موسى قَالَ: كَانَ علينا عامل بمَرْو، وكان نَسَّاء، فقال: اشتروا لي غلامًا وسمّوه بحضرتي حتى لا أنسى اسمه. وقال: ما سمَّيتموه؟ قَالُوا: واقد. قَالَ: فَهَلا اسْمًا لا أنساه أبدًا، قم يا فرقد. قَالَ الحسين بْن حُرَيْث: سَمِعْتُ السَّينَانيّ يَقُولُ: طلبُ الحديث حِرْفةُ المَفَاليس. ما رَأَيْتُ أذلَّ مِن أصحاب الحديث. قَالَ إِسْحَاق بْن راهَوَيْه: كتبتُ العِلْم، فلم أكتب لأحدٍ أوثق في نفسي مِن هذين: الفضل بْن موسى، ويحيى بْن يحيى.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 68"، والتهذيب "8/ 285". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 68، 69"، والسير "9/ 103-105".

قَالَ غيره: مولد الفضل سنة خمس عشرة ومائة. وقال محمد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِيّ: مات ليلة دخل هَرْثَمَة بْن أَعْيَن واليًا عَلَى خُراسان، لإحدى عشرة ليلة مِن ربيع الأوّل سنة اثنتين وتسعين ومائة. 249- الفضل البَرْمَكيّ1. هُوَ الفضل بْن يحيى بْن خَالِد بْن برمك البغداديّ الوزير. أحد رجال الدّهر سُؤْدُدًا وحزْمًا وعزمًا وخبرةً ورأيًا. وُلّي الأعمال الجليلة مِن الوزارة والإمارة بخُراسان وغيرها لهارون الرشيد. فلمّا قتل أخاه جعفر بْن يحيى سجن هذا وأباه حتّى تُوُفِّيَا في الحبْس. قِيلَ: إنّ الفضل بْن يحيى كَانَ أندى كفّا، وأسمح مِن جعفر، لكنّه كَانَ ذا كبرٍ مُفْرِط، وتيهٍ زائد. رُوِيَ أنّه مر بعَمْرو بْن جميل التَّيْميّ وهو يُطعم الناسَ، فلمّا نزل قَالَ: ينبغي أن نعين عَمْرًا عَلَى مروءته، فبعث إِليْهِ بألف درهم. فعطايا هذا الرجل كانت مِن هذا النَّحو. وكان أخًا للرشيد مِن الرَّضاعة. مولده سنة سبعٍ وأربعين ومائة، وأُمُّه بربريةّ اسمُها زُبَيدة، مِن مولّدات المدينة النبويّة. مات في آخر سنة اثنتين وتسعين ومائة. 250- فَيَّاض بْن محمد الرَّقَّيّ2. عَنْ: جعفر بْن بُرقان، وأبي جنَاب الكلبيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق. وعنه: أحْمَد بْن حنبل، وأبو يوسف محمد بْن أحمد بْن الحجاج الرقي، وغيرهما.

_ 1 انظر: وفيات الأعيان "4/ 27-36"، تاريخ بغداد "12/ 334-339". 2 الجرح والتعديل "7/ 87"، والثقات لابن حبان "9/ 11".

فأمّا. - فيّاض بْن محمد البصْريّ الرّاوي1. عَنْ يحيى بْن أبي كثير، ففيه جَهَالة. "حرف القاف": 251- القاسم بن مالك المزني2 -خ. م. ت. ن. ق. أبو جعفر الكوفي. عَنْ: حُصَين بْن عَبْد الرَّحْمَن، وعاصم بْن كُلَيب، والمختار بْن فلفل، وأيّوب بْن عائذ. وعنه: أحمد، وأبو خَيْثَمَة، وعَمْرو النّاقد، وسعيد الْجَرْميّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، والحسن بْن عَرَفَة، وجماعة. وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَج بِهِ. وضعّفه السّاجيّ. 252- القاسم بْن يحيى بن عطاء بن مقدم3 -خ. أبو محمد الهلالي المقدمي الواسطي. روى عَنْ: أيّوب بْن خُوط، وعن: داود بْن أَبِي هند، وسُليمان الأعمش، وعُبَيْد الله بْن عُمر. وعنه: ابن أخيه مقدَّم بْن محمد، ومحمد بْن موسى الدُّولابيّ. حدَّث في سنة سبعٍ وتسعين.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 87"، والميزان "3/ 366". 2 الجرح والتعديل "7/ 121"، والسير "9/ 324". 3 التهذيب "8/ 340، 341".

253- القاسم بْن يزيد الجرمي الموصلي1 -ن. العابد الزّاهد، أحد العلماء. روى عَنْ: أفلح بْن حُمَيْد، وابن أبي ذئب، وثور بْن يزيد، وإبراهيم بْن نافع، وجرير بْن عثمان، وَشِبْلِ بْن عَبَّاد، وسُفيان الثَّوْريّ. وعنه: صالح وعبد الله ابنا عَبْد الصّمد بْن أَبِي خِداش، وأحمد وعليّ ابنا حرب الطّائيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عمّار المَوَاصِلَة. وثّقه أبو حاتم. وقال يزيد بْن محمد الأزديّ في تاريخه: كنيته أبو يزيد. قال: وكان زاهدًا ورعًا مِن أصحاب سُفْيان. رحل وكتبَ عمّن لحِق مِن الحجازييّن والكوفييّن والبصْريّين والشاميّين والمَوَاصلَة. وكان حافظًا للحديث متفقّهًا. قَالَ بِشْر بْن الحارث: كَانَ يقال إنّ قاسمًا الْجَرْميّ مِن الأبدال، كانَ لا يشبههم في الزّيّ، يعني أنّ لباسه وحاله دون حال الُمَعافَى بْن عِمْران، وزيد بْن أبي الزَّرقاء. قَالَ عليّ بْن حرب: دخلت منزل قاسم بْن يزيد، فرأيتُ خَرْنُوبًا في زاوية البيت كَانَ يتقوَّت منه، وسيفًا وَمُصْحَفًا. قَالَ: ورأى قاسمُ الْجَرْميّ في النَّوم كأنّ المَوْصِل عَلَى كتفه، قد أخذها مِن عَلَى كِتف فتح المَوْصِليّ، ففسّرها قاسم عَلَى رجلٍ فقال: المَوْصِل تقوم بفتح فيموت، وتقوم بك بعد. قَالَ بِشْر الحافي: كان قاسم يحفظ المسائل والحديث. قَالَ لنا المعافى: اسمعوا منه فإنّه الأمين المأمون. وقال يزيد الأزْديّ: نا عَبْد الله بْن المغيرة مولى بني هاشم، عن بِشْر الحافي، أنّه ذُكر عنده أصحاب سُفْيان، فأجمعوا عَلَى تفضيل المعافى. فقال بِشْر: رُزق المعافى شهرةً، وما رأت عيناي مثل قاسم الْجَرْميّ، رحمه الله.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 123"، السير "9/ 281-283".

وقال هشام بْن بَهْرام: سمعتُ قاسمًا الْجَرْميّ يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق. وقال: عليّ الخوّاصّ: تُوُفّي قاسم الْجَرْميّ سنة أربعٍ وتسعين ومائة. ولم أشهد جنازته. قلت: وقع لنا مِن عَوَاليه. 254- قبيصة بْن اللَّيْثُ الأَسَديّ1 -ت. أبو عيسى الكوفي. عَنْ: عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زياد، ومطَرَّف بْن طريف، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وغيرهم. وعنه: عثمان بْن أبي شَيبة، وسعيد بْن محمد الْجَرْميّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن عُبَيْد المُحَاربيّ. قَالَ أبو حاتم: شيخ محلُّه الصَّدق. قلت: لَهُ في الجامع فرْدُ حديث. 255- قَتَادة بْن الفُضَيْل الرُّهاويّ2. أبو حُمَيْد. عَنْ: الأعمش، وثور بْن يزيد، وإبراهيم بْن أَبِي عبلة. وعنه: عليّ بْن بحر القطّان، وأحمد بْن سليمان الرُّهَاوِيُّ. قَالَ أبو حاتم: شيخ. قِيلَ: مات سنة مائتين. وذكره ابن حبان في الثقات.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 126"، والتهذيب "8/ 349، 350". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 135"، والتهذيب "8/ 356".

"حرف الكاف": 256- كُرَيْد بْن رَوَاحة القَيْسيّ1. شيخ بصْريّ. عن: شُعْبَة، وأبي هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ. وعنه: حسّان بْن إبراهيم، والهيثم بْن المهلّب البلديّ والد إبراهيم، وعبد الغفّار بْن عَبْد الله شيخ أَبِي يَعْلَى. قَالَ ابن عَدِيّ: في أحاديثه غرائب إفرادات. ثمّ ساق لَهُ عَنْ شُعْبَة، عَنْ قتادة، عَنْ عِكْرمة قَالَ: كَانَ ابن عَبَّاس يَحدُر سَوْرَة البقرة وهو جُنُب يَقُولُ: القرآن في جوفي. رواه حسّان بْن إبراهيم، عَنْهُ. "حرف الميم": 257- مالكُ بنُ سُعَيْر بْن الخِمْس التّميميّ الكوفيّ2 -ت. ن. ق. عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وابن أَبِي ليلى، والأعمش. وعنه: زياد بْن الأزهر، وعبد الرحمن بْن بِشْر العبْديّ، وآخرون. قَالَ أبو زُرْعة: صدوق. قلت: خرّج لَهُ الْبُخَارِيّ متابعةً. وضعّفه أبو داود. مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 258- مبشر بن إسماعيل الحلبي3 -م. 4. خ مقرونًا. أبو إسماعيل مولى بني كلب.

_ 1 الميزان "3/ 411". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 209، 210"، والتهذيب "10/ 17". 3 الجرح والتعديل "8/ 343"، والسير "9/ 301، 302".

عَنْ: جعفر بْن بَرْقان، وتمّام بْن نَجِيح، وحسّان بْن نوح، والأوزاعيّ، وحريز بْن عثمان. روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، والحسن بْن الصّبّاح البزّار، ودُحَيْم، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بن سلام، وطائفة. قال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا. قَالَ: ومات سنة مائتين. قلت: تكلّم فيه بعضهم بلا حُجّة. 259- محرزُ بْن الوضّاح المَرْوَزِيّ1 -ن. عَنْ: إسماعيل بْن أُمَيَّة، ومحمد بْن ثابت قاضي مَرْو. وعنه: محمد بْن عليّ بْن حرب المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن يحيى بْن أيّوب، ومحمود بْن غَيْلان المَرَاوِزة. وَثَّقَهُ ابن حبان. 260- محمد بْن إسماعيل بْن مسلم بْن أَبِي فُدَيْك دينار الدّيليّ2 -ع. مولاهم المدنيّ الحافظ، أبو إسماعيل. عَنْ: سَلَمَةَ بْن ورْدان، وابن أبي ذئب، والضحّاك بْن عثمان، وإبراهيم بْن الفضل المخزومي، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وأحمد بْن الأزهر، وَسَلَمَةَ بْن شبيب، وعبد بْن حُمَيْد، وأبو عُتْبَة أحمد بْن الفَرَج، ومحمد بْن عَبْد الله بْن الحَكَم، وهارون بْن عَبْد الله الحمّال، والحسين بْن عيسى البسْطاميّ، ومحمد بْن مُصَفَّى. وخلْق سواهم. وكان ثقة صاحب حديث، لكنّه لا رحلة لَهُ. قَالَ أبو داود: قد سَمِعَ مِن محمد بْن عَمْرو بْن عَلْقَمة حديثًا واحدًا. قال ابن سعد وحده: ليس بحجة.

_ 1 التهذيب "10/ 58". 2 السير "9/ 486"، التهذيب "9/ 61".

قال: وتوفي سنة تسعٍ وتسعين ومائة. وقال الْبُخَارِيّ: تُوُفّي سنة مائتين. 261- محمد بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم الأَسَديّ العُكاشيّ1. عَنْ: يحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، وإبراهيم بْن أَبِي عَبْلَةَ، والأوزاعي، وجعفر بْن بُرقان، وابن زياد الإفريقيّ. وعنه: هاشم بْن القاسم الحَرّانيّ، وسليمان بْن سَلَمَةَ الخبايريّ، وغيرهما. كذّبه أبو حاتم، وغيره. لَهُ أحاديث بواطيل. 262- محمد بن ثور الصنعاني2 -د. ت. أبو عبد الله العابد. عَنْ: عوف الأعرابيّ، ومَعْمَر، وابن جُرَيج. وعنه: نُعَيْم بْن حمّاد، ومحمد بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عُبَيْد المُحَاربيّ، ومحمد بْن عُبَيْد بْن حساب، وطائفة. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. وكان صوّامًا قوّامًا قانتًا لله. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: الفضلُ والعبادة والصّدق، رحمه الله. 263- محمد بْن جعفر -ع. أبو عبد الله بن غندر البصري التّاجر الكرابيسيّ الطّيالسيّ الحُجّة الثَّبْت، مولى هذيل، أحد الحُفّاظ الأعلام. سَمِعَ: حُسَيْنًا المعلّم، وابن أَبِي عَرُوبة، وعبد الله بْن سَعِيد بْن أَبِي هند، وعوفًا الأعرابيّ، ومعمر بْن راشد، وابن جريج، وشعبة، فأكثر عنه.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 194"، والتهذيب "9/ 430". 2 الجرح والتعديل "7/ 217، 218"، والسير "9/ 302". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 221، 222"، والسير "9/ 98، 102".

روى عَنْهُ: أحمد، وابن المَدِينيّ، وإسحاق، وابن مَعِين، وَأَبُو خَيْثَمَة، والفلاس، وابن شَيبة، وبُنْدار، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن الوليد البُسْريّ، وخلْق سواهم. قَالَ يحيى بْن مَعِين: كَانَ أصحّ الناس كتابًا. وأراد بعض الناس أن يُخَطِّئَ غُنْدَرا فلم يقدر. وقال أحمد بْن حنبل: قَالَ غُنْدَر: لزِمتُ شُعْبَة عشرين سنة. قلت: وابن جُرَيج هُوَ الَّذِي سمّاه غُنْدَرًا لكونه شغب عَلَى ابن جُرَيج أهل الحجاز. وذلك لأنّ ابن جُرَيج تعنّت في الأخذ. قَالَ ابن مَعِين؛ أخرج إلينا غُنْدَر ذات يوم جُرابًا فيه كُتُب وقال: اجْهدوا أن تُخْرجوا فيه خطأ. فما وجدنا فيه شيئًا. وكان يصوم يومًا ويُفطر يومًا منذ خمسين سنة. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: كنّا نستفيد مِن كتب غُنْدَر في حياة شُعْبَة. قلت: وكان يتّجِر في الطَّيالسة والكرابيس، وكان مِن خيار المحدّثين، عَلَى تغفلٍ فيه في غير العِلم. قَالَ الحسين بْن منصور النَّيْسابوريّ: سَمِعْتُ عليّ بْن هشام يَقُولُ: أتيت غُنْدَرًا فذُكر من فضله وعِلمه بحديث شُعْبَة. فقال: هاتِ كتابك، فأبيت إلا أن يُخرج كتابه، فأخرج وقال: يزعم النّاس أنّي اشتريت سمكًا فأكلوه ولطّخوا بِهِ يدي وأنا نائم، فلمّا استيقظت طلبته، فقالوا: أكلت فشُمّ يدك. أفما كان يدلني بطني؟. قَالَ ابن عَثّام: وكان مغفَّلا. وقال ابن المَدِينيّ: هُوَ أحبّ إليّ في شُعْبَة مِن ابن مهديّ. وقال ابن مهديّ: غُنْدَر في شُعْبَة أثبت منّي. وروى سَلَمَةُ بْن سليمان، عَنِ ابن المبارك قَالَ: إذا اختلف الناس في شُعْبَة فكتاب غُنْدَر حكم بينهم. وقال أبو حاتم: كان غُنْدَر صَدُوقًا مؤدّبًا، وفي حديث شُعْبَة ثقة. وقال: في غير حديث شُعْبَة، يُكْتَب حديثه ولا يُحْتَجّ بِهِ.

وقال عَبَّاس، عَنِ ابن مَعِين: كَانَ غُنْدَر يجلس عَلَى رأس المنارة يفرّق زكاته. فقيل لَهُ: لِمَ تفعل هذا؟ قَالَ: أُرَغّبّ الناسَ في إخراج الزّكاة. واشترى سمكًا وقال لأهله: أصْلِحُوه، ونام، فأكل عياله السّمك ولطَّخوا يده. فلمّا انتبه قَالَ: هاتوا السّمّك. قَالُوا: قد أكلت! قَالَ: لا. قَالُوا: فشٌمّ يدك. ففعل ثمّ قَالَ: صدقتم ولكنْ ما شبِعت. وقال الدَّيَنَوريّ: ثنا جعفر بْن أَبِي عثمان: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين يَقُولُ: دخلنا عَلَى غُنْدَر فقال: لا أحدّثكم بشيء حتى تجيئوا معي إلى السّوق، فيراكم الناس فيُكرِموني. قَالَ: فمشينا خلفه إلى السّوق، فجعل الناس يقولون: مِن هَؤلاءِ يا أبا عَبْد الله؟ فيقول: هَؤلاءِ أصحاب الحديث جاءوني مِن بغداد يكتبون عنّي. قَالَ يحيى بْن مَعِين: والتفت يومًا إليّ فقال: اعلم أنّي منذ خمسين سنة أصوم يومًا وأُفطِر يومًا. قلت: تُوُفّي رحمه الله في ذي القِعْدة سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة في عَشْر الثمانين. 264- محمد بْن الحارث بْن زياد الحارث1 -ت. شيخ بصْريّ. روى عَنْ: أَبِي الزَّناد، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن البيلمانيّ. وعنه: عفان، وسويد بن سعيد، وعمر بن شبة، وبندار. قال أبو زرعة: متروك. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ. 265- محمد بن حرب الخولاني الحمصي الأبرش -ع.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 231"، والتهذيب "9/ 105".

كاتب الزُّبَيْديّ، يُكَنَّى أبا عَبْد الله. حدّث عَنْ: الزُّبَيْديّ، وبُجَيْر بْن سعْد، ومحمد بْن زياد الألهانيّ، وعمر بن روبة، والأوزاعي، وصفوان بن عمرو، وعدة. وعنه: أبو مسهر، ومحمد بن وهب بن عطية، وإسحاق بن راهويه، وكثير بن عبيد، ومحمد بن مصفى، وأبو التقي هشام بن عبد الملك، وأبو عتبة أحمد بن الفرج، وخلق. ذكر ابن سعد أنّه وُلّي قضاء دمشق. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. قَالَ يزيد بْن عَبْد ربّه: مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 266- مُحَمَّدُ بْنُ الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي1 -خ. ن. ق. ويقال له ابن التل، بمُثَنَّاة. عَنْ: أبان بْن عَبْد الله البَجَليّ، ومَطَر بْن خليفة، وسُفْيان، وإبراهيم بْن طَهْمان، وطائفة. وعنه: ابنه عُمَر، وأبو بَكْر، وعثمان ابنا أبي شَيبة، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: شيخ. وذكره ابن عَدِيّ في "الكامل" وقال: لم أر بحديثه بأسًا. وقال العقيلي: لا يُتَابع عَلَى حديثه. وروى عبّاس، عَنْ يحيى قَالَ: قد أدركته وحدّثنا، وليس بشيء. وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة مائتين أو نحوها. قلت: 267- ومحمد بن الحسن الأسدي2.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 225"، والتهذيب "9/ 117، 118". 2 تاريخ ابن معين "2/ 511".

عَنِ الأعمش، وعنه: داود بْن عَمْرو الضّبّيّ. قال فيه ابن معين أيضًا: ليس بشيءٍ. 268- محمد بْن الحَسَن بْن أَبِي سارة1. أبو جعفر الرؤاسي الكوفي المقرئ. روى عَنْ: أَبِي عَمْرو حروفه، وله في القراءات اختيار. وسمع مِن: الأعمش، وغيره. أخذ عَنْهُ: الكسائي، ويحيى الفراء، وخلاد بْن خَالِد، وعليّ بْن محمد الكِنْديّ. ذكره أبو عَمْرو الدّانيّ في طبقات المقرئين. ولم يذكره ابن أَبِي حاتم؛ وهو شيخ. 269- محمد بْن الحَسَن بْن عِمران المزني الواسطي2 -خ. ت. ق. قاضي واسط. روى عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، والعوَّام بْن حَوْشَب، وفُضَيْل بْن غَزْوان، وعوف الأعرابيّ، وجماعة. وعنه: أحمد، ومحمد بْن سلام البِيكَنْديّ، وزيد بْن الْحُرَيْشِ، ومحمد بْن إسماعيل الأَحمسيّ، ومحمد بْن إسماعيل الحسّانيّ، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين. 270- محمد بْن الحَسَن بْن أبي يزيد الهمَدانيّ الكوفيّ3 -ت. نزيل واسط. عَنْ: الأعمش، وثور بْن يزيد، وجعفر بْن محمد، وعمرو بْن قيس الملائيّ. وعنه: أحمد بْن منيع، وشُرَيْح بْن يونس، والحسن بْن حمّاد، وعمرو بْن زُرارة، وجماعة.

_ 1 الوافي بالوفيات "2/ 334". 2 الجرح والتعديل "7/ 226"، والسير "9/ 303، 304". 3 الجرح والتعديل "7/ 225"، والتهذيب "9/ 120، 121".

قَالَ النَّسَائيّ، وغيره: متروك. وقال ابن مَعِين: كَانَ يكذب. وقال غير واحد: ضعيف. 271- محمد بْن حمزة. أبو وهْب الأسَديّ الرَّقَّيّ1، وَيُعْرَفُ بختن حبيب بن أبي مرزوق. حدث عَنْ: الخليل بْن مُرّة، وجعفر بْن بُرْقان، وزيد بْن رُفَيع، والثَّوْريّ. وعنه: بقيّة وهو مِن أقرانه، وداود بْن رُشيد، وسليمان بْن عُمَر الأقطع، وسعيد بْن يحيى الأمويّ، وموسى بْن أيّوب، وآخرون. قَالَ أبو عَبْد الله بْن مَنْدَه: في حديثه مناكير. 272- محمد بْن حِمْيَر بْن أنيس السليحي الحمصي2 -خ. ن. ق. وسليح بطن مِن قُضَاعة. يُكَنّى أبا عَبْد الله. وقيل: كنيته أبو عَبْد الحميد. روى عَنْ: محمد بْن زياد الألهانيّ، وثابت بْن عَجْلان، وعَمْرو بْن قيس الكِنْديّ، والزُّبَيْديّ، إبراهيم بْن أَبِي عبلة، وطائفة. وعنه: حطّان بْن عثمان، ومحمد بْن مُصَفَّى، وهشام بْن عمّار، وكثير بْن عُبَيْد، وأحمد بْن الفَرَج، وطائفة. وقد حدَّث عَنْهُ مِن شيوخه عَبْد الله بْن لَهِيعة. وثّقه دُحَيْم، ويحيى بْن مَعِين. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ. بقيّة أحبُ إليّ منه. وقال يعقوب الفَسَويّ: لَيْسَ بالقويّ. قُلْتُ: انْفَرَدَ بِحَدِيثِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 236"، والميزان "3/ 529". 2 الجرح والتعديل "7/ 239"، والسير "9/ 234، 235".

قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلا أَنْ يَمُوتَ" 1. رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. قلت: مات في صَفَر سنة مائتين. - محمد بْن خازم -ع- أبو معاوية2. سيأتي. 273- محمد بْن خَالِد بْن محمد الوَهْبيّ الكِنْديّ الحمصيّ3 -د. ت. أخو أحمد بْن خَالِد. روى عَنْ: إسماعيل بْن أبي خَالِد، وابن جُرَيج، وأبي حنيفة، وعبد العزيز بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز، وطائفة. وعنه: محمد بْن مُصَفَّى، وعَمْرو بْن عثمان، وكثير بن عبيد، وعمر بْن أيّوب الحمصيّون. قِيلَ: إنّه مات قبل بقيّة بقليل. قَالَ أبو داود: لا بأس بِهِ. 274- محمد بْن خَالِد الْجَنَديّ الصَّنْعانيّ4 -ق. مؤذّن الْجَنَد. روى عَنْ: أبان بْن صالح، وعبد الصّمد بْن معقل، وشبل بْن عبّاد المكي. وعنه: الشافعي، وزيد بن السكن، ومنصور بن البلخي العابد. قال أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث. وقال الحاكم: مجهول. قلت: هو صاحب ذاك الحديث المنكر: "لا مهديّ إلا عيسى بن مريم"5.

_ 1 "حديث حسن": أخرجه الطبراني "8/ 134"، في الكبير، وابن السني "120" في عمل اليوم والليلة. 2 ستأتي ترجمته في "الكنى". 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 243"، والتهذيب "9/ 143". 4 الميزان "3/ 535"، التهذيب "9/ 143-145". 5 "حديث باطل": أخرجه الحاكم "4/ 441"، والخطيب "4/ 221"، في تاريخ بغداد، وانظر الفوائد المجموعة "51".

275- محمد بْن ربيعة الكلابيّ الرّؤاسيّ الكوفيّ1 -4. أبو عَبْد الله ابن عمّ وكيع. روى عَنْ: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وابن أَبِي خَالِد، وكامل أبي العلاء. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن معين، وزياد بن أيوب، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وأحمد بن حرب الطائي، والحسين بن محمد بن أبي معشر. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. 276- مُحَمَّدُ بْنُ الزبرقان -خ. م. د. ن. أبو همام الأهوازي2. طوّف الأقاليم ولقي الكبار. وحدّث عن: سليمان التَّيْميّ، وابن عَوْن، وموسى بْن عُقْبة، وثور بْن يزيد. وعنه: زُهير بْن حرب، وخلاد بْن أسلم، وزيد بْن الحُرَيْش، وعبد الله بن محمد المسندي، وبندار، ومحمد بن المثنى، وآخرون. وهو ثقة. 277- محمد بْن سعْد الأنصاريّ الأشهليّ الْمَدَنِيّ3. نزل بغداد. عَنْ: ابن عَجْلان، وغيره. وعنه: محمد بْن عَبْد الله المخرميّ. وثّقه ابن مَعِين. وقال الْبُخَارِيّ: مات قبل المائتين. 279- محمد بن سعد المقدسي4.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 252"، والميزان "3/ 545". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 260"، والتهذيب "9/ 166". 3 الجرح والتعديل "7/ 261"، والتهذيب "9/ 184". 4 الجرح والتعديل "7/ 262"، والميزان "3/ 560".

عَنْ: ابن لَهِيعة، ورُديح بْن عطيّة. وعنه: صَفْوان بْن صالح. قَالَ أبو حاتم: مجهول. قلت: لَيْسَ ذِكر هذا مِن شرط كتابنا. 279- مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ الْكُوفِيُّ1. حدَّث ببغداد عَنْ: عَبْد المُلْك بْن عُمير، وأبي إِسْحَاق الشيباني؛ وكان مصاحبًا للدولة، فَقَلّ مِن كتب عَنْهُ. روى عَنْهُ: ابن أخيه سَعِيد بْن يحيى، وله عدّة إخوة. قَالَ يحيى بْن سَعِيد، وغيره: مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة عَنْ إحدى وثمانين سنة. 280- محمد بْن سَلَمَةَ الحراني2 -ت. م. أبو عبد الله محدّث حَرَّان. روى عَنْ: خاله أَبِي عَبْد الرحيم خَالِد بْن أبي يزيد، وعن ابن عَجْلان، وابن إِسْحَاق، وخصيف، وهشام بْن حسّان. وعنه: النُّفَيْليّ، وأحمد بْن حنبل، ومحمد بْن الصّبّاح الْجَرجرائيّ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةٌ، فاضلا. تُوُفّي في آخر سنة إحدى وتسعين. وقال النُّفَيْليّ: مات في أول سنة اثنتين وتسعين ومائة. 281- محمدُ بنُ شُجاع بْن نَبْهان المَرُّوذِيّ3. عَنْ: حسن المعلّم، وزيد العَمّيّ، وأبي هارون العبْديّ. وعنه: عيسى غُنْجار، ونُعَيْم بْن حماد، وهدبة بن عبد الوهاب، وغيرهم.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 264"، والثقات لابن حبان "7/ 426". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 276"، السير "9/ 49". 3 الجرح والتعديل "7/ 286"، التهذيب "9/ 219".

قَالَ الْبُخَارِيّ: سكتوا عَنْهُ. وقال ابن المبارك: لَيْسَ بشيء. وقال غير واحد: متروك. 288- محمد بْن شُعيب بْن شابور1. 4. أبو عَبْد الله الدّمشقيّ، أحد علماء الحديث؛ مِن موالي بْني أُمَيَّة. سكن بيروت. روى عَنْ: عُرْوة بْن رُوَيْم، ويحيى بْن الحارث الذَّماريَّ، ويحيى بْن أبي عمرو السيباني، وعثمان بْن أَبِي العاتكة، والأوزاعي، وعبد الرَّحْمَن بْن حسّان الكِنانيّ، وشَيْبان النَّحْويّ، وعمر مولى عَفْرة، ويزيد بْن أَبِي مريم السّاميّ، وَقُرَّةَ بْن جبريل، وعَمرو بْن الحارث الْمَصْرِيّ، وطائفة. وعنه: سليمان ابن بِنْت شُرَحْبيل، ودُحَيْم، وكثير بْن عُبَيْد، ومحمد بْن مُصَفَّى، ومحمد بْن هاشم البعليّ، ومحمود بْن خَالِد السُّلَميّ، وخلْق سواهم. وثَّقه دُحَيْم. وقال أحمد: ما أرى بِهِ بأسًا. كَانَ رجلا عاقلا. وقال أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ يحيى الذَّماريَّ، وكان يفتي في مجلس الأوزاعيّ. قَالَ ابن مُصَفَّى: مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. وقال هشام بْن عمّار: سنة ثمانٍ. وقال دُحَيْم: سنة مائتين. 283- محمد بْن طلحة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن طلحة التَّيْميّ الْقُرَشِيّ المدنيّ2. أبو عَبْد الله، ويقال لَهُ ابن الطَّوِيلِ.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 286"، السير "9/ 376-378". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 292"، والتهذيب "9/ 237".

يروي عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن ساعدة، وأبي شُمَيْلٍ نافع بْن مالك، وعبد الله بْن مُسْلِم بْن جندب. وعنه: الحُمَيْديّ، وعليّ بْن المَدِينيّ، ودُحَيْم، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ. قَالَ أبو حاتم: محلُّه الصَّدق يُحْتَجّ بِهِ. وذكره ابن حِبّان في "الثَّقات"، ولكنّه غلط في تاريخ موته حيث قَالَ: تُوُفّي سنة ثمانين ومائة. 284- محمد بْن عَبْد الله الكوفيّ1. المقرئ. لقبُه داهرْ. سكن الرَّيّ، وحدَّث عَنْ: ليث بْن أَبِي سُلَيْم، وعَمْرو بْن شَمِر، والأعمش. وعنه: ابنه عَبْد الله بْن داهر، ومحمد بْن عَمْرو زُنَيْج، ومحمد بْن حُمَيْد. لَهُ مناكير. تكلّم فيه أبو حاتم. 285- محمد بْن عَبْد الله بْن رزين2. الشّاعر المشهور، الملقَّب بأبي الشّيص، وهو ابن عمّ دِعْبِل الخُزَاعيّ الشّاعر. وهو صاحب تيك القصيدة التي أوّلها: أبقى الزمانُ بِهِ نُدوبَ عِضَاضِ ... ورمى سوادَ قرونهِ ببياضِ 286- محمد بْن عيسى المَرْوَزِيّ3. رحل وسمع مِن: ثور بْن يزيد، وهمّام بْن يحيى، وابن عَوْن، وشعبة، وعبد الملك بن أبي سليمان، وطبقتهم. وعنه: حامد بْن آدم، ومحمد بْن عَبْدُوَيْه، ومحمد بْن تميم، وغيرهم. ذكره محمد بْن حمدويه.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 310"، الميزان "3/ 603". 2 انظر: وفيات الأعيان "6/ 207"، الوافي بالوفيات "3/ 302". 3 أحد علماء مرو المستورون.

287- محمد بْن عثمان بْن صَفْوان الْجُمَحيّ1 -ق. عَنْ: حُمَيْد الأعرج، وهشام بْن عُرْوة. وعنه: الحُمَيْديّ، ونُعَيْم بْن حمّاد، ومحمد بْن مقاتل المروزي، ومحمد بن مهران الحمال. ضعّفه أبو حاتم. 288- محمد بْن أَبِي عَدِيّ السُّلَميّ2 -ع. مولاهم البصْريّ الحافظ. يُكَنَّى أبا عَمْرو. وقيل: هُوَ محمد بْن إبراهيم بْن أَبِي عَدِيّ، وقيل: أبو عَدِيّ هُوَ إبراهيم. روى عن: حُمَيْد الطّويل، وابن عَوْن، وداود بْن أَبِي هند، وعوف الأعرابيّ، وحُسين المعلّم، وعدّة. وعنه: أحمد بْن حنبل، والفلاس، والحسن بن محمد الزعفراني، وبندار، ومحمد بْن المُثَنَّى، وجماعة. وثّقه أبو حاتم، وغيره. مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة. 289- محمد بن عيسى بن القاسم ابن سُميع الأُمويّ3 -د. ن. ق. مولاهم الدّمشقيّ المحدَّث. عَنْ: حُمَيْد الطّويل، وهشام بْن عُرْوة، والأوزاعي، وغيرهم. وعنه: هشام بْن عمّار ووثّقه، وهارون بْن محمد بْن بكّار، والعبّاس بْن الوليد الخلال، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ. وذكره ابن عَدِيّ في الكامل وقال: لا بأس به.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 24، 25"، والتهذيب "9/ 337". 2 الجرح والتعديل "7/ 186"، والسير "9/ 220، 221". 3 انظر: الميزان "3/ 677"، والتهذيب "2/ 198".

290- محمد بْن عيسى الوابشيّ1. عَنْ: شَرِيك القاضي، وابن الأحْوَص، ووالده. وعنه: يزيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المفتي، وشهاب بْن عبّاد، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وآخرون. صُوَيْلح. - محمد بْن الفضل بْن عطيّة. قد ذُكِر. 291- محمد بْن فُضَيْل بن غزوان2 -ع. أبو عبد الرحمن الضبي، مولاهم الكوفيّ الحافظ. عَنْ: أَبِيهِ، وإبراهيم الهَجَريّ، وبيان بن بشر، وحبيب بْن أَبِي عَمْرة، وعاصم الأحول، وحُصين بْن عبد الرَّحْمَن، وعمارة بْن القَعْقاع، وخلْق كثير. وعنه: أحمد، وإسحاق، وأحمد بْن بُدَيل، وعليّ بْن حرب، وأخوه أحمد بْن حرب، وأحمد بن سنان القطان، والحسن بْن عَرَفَة، والأشجّ، وأبو كُرَيْب، وأبو حفص الفلاس، وأحمد بْن عَبْد الجبّار العُطَارِديّ، وخلْق كثير. وكان مِن أجلاس3 الحديث. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعيِنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حسن الحديث شيعيّ. وقال أبو داود: كَانَ شيعيًا منحرفًا. قلت: إنّما كَانَ متواليًا فقط، مبجِلا للشيخين، وقد قرأ القرآن عَلَى حمزة. ودخل عَلَى منصور بْن المعتمر فوجده مريضًا، فسماعاته مِن هذا الوقت. قَالَ ابن سعْد: بعضهم لا يحتج به.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 37". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 57، 58"، السير "9/ 173-175". 3 أجلاس: المرتفع من كل شيءٍ.

وكان أبو الأحوص يَقُولُ: أنشدُ الله رجلا يجالس محمد بْن فُضَيْل، وعَمْرو بْن ثابت أن يُجالسنا. وقال يحيى الحِمّانيّ: سَمِعْتُ فُضَيْل أو حدّثت عَنْهُ، قَالَ: ضربتُ أَبِي البارحَة إلى الصّبّاح أن يترحَّم عَلَى عثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فأبى عليّ. وقال الحَسَن بْن عيسى بْن ماسرجس: سألتُ ابن المبارك عَنْ أسباط وابن فُضَيْل، فسكت. فلما كان بعد ثلاثة أيام قَالَ: يا حسن صاحبيك لا أرى أصحابنا يرضونهما. قلتُ: مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وقيل: سنة أربعٍ. 292- محمد بْن فليح بن سليمان1 -خ. ن. ق. أبو عبد الله المدني. عَنْ: أَبِيهِ، وموسى بْن عُقْبة، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وهارون بْن موسى الفرّاء، ومحمد بْن إِسْحَاق المسْلي. قَالَ أبو حاتم: ما بِهِ بأس، لَيْسَ بذاك القويّ. وروى مُعَاوِيَة بْن صالح، عَن يحيى بْن مَعِين قَالَ: لَيْسَ بثقة ولا ابنه. وقال العُقَيْليّ: لا يُتَابع عَلَى بعض حديثه. قلت: كثير مِن الثَّقات قد تفردوا، فيصحّ أن يقال فيهم: لا يُتابَعُون عَلَى بعض حديثهم. قَالَ الْبُخَارِيّ: مات سنة سبعٍ وتسعين ومائة. 293- محمد بْن القاسم الأسَديّ الكوفيّ2 -ت. عَنْ: ثور بْن يزيد، وجعفر بْن محمد بْن برقان، وموسى بن عبيدة، والأوزاعي.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 59"، والتهذيب "9/ 406، 407". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 65"، والتهذيب "9/ 407، 408".

وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، والحسين بْن عيسى البَسْطاميّ، وعُبَيْد بْن يَعِيش، ومحمد بْن مَعْمَر البحرانيّ، وجماعة. ضعّفه أحمد، وابن عديّ. وكنّاه العُقَيْليّ أبا إبراهيم وقال: لا يتابع عَلَى حديثه. وقال أحمد أيضًا: أحاديثه أحاديث سوءٍ، موضوعة. وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة سبعٍ ومائتين، يُعَرف ويُنْكر. 294- محمد بْن مروان العُقَيْليّ1 -ت. أبو بكر. شيخ بصْريّ يُعرف بالعِجْليّ. لَهُ عَنْ: سَعِيد المَقْبُريّ إنْ صحّ، وعن: داود بْن أَبِي هند، وعَمْرو بْن قيس المُلائيّ، وهشام بْن حسّان. وعنه: يعقوب، وأحمد ابنا الدَّوْرقيّ، والفلاس، ونصر بْن عليّ، ويحيى بْن مَعِين، وطائفة. صدوق. 295- محمد بْن معن الغِفاريّ المدنيّ2 -خ. د. ت. ق. عَنْ: جَدّه محمد بْن معن بْن نضلة، وعن أَبِيهِ، وربيعة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن، ويحيى بْن سَعِيد، وداود بْن خالد. وعنه: ابن المَدِينيّ، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو مُصْعَب، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وجماعة. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، قَلِيلَ الْحَدِيثِ. مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 85، 86"، والتهذيب "9/ 435". 2 الجرح والتعديل "8/ 99، 100"، والتهذيب "9/ 468".

296- محمد بْن ميمون الزَّعْفرانيّ الكوفيّ المفلوج1 -د. عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيان. وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، وأبو كُرَيْب، ويعقوب الدَّوْرقيّ. وثّقه أبو داود، وغيره. ووهّاه ابن حِبّان. 297- محمد الأمين2. أمير المؤمنين، أبو عبد الله بْن الرشيد هارون بْنُ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيُّ العباسيّ البغداديّ. كَانَ وُلّي عهد أَبِيهِ، فولي الخلافة بعد موت أَبِيهِ. وكان مِن أحسن الشباب صورة، أبيض، طويلا، جميلا، ذا قوّة مُفْرِطة وبطْش وشجاعة معروفة، وفصاحة، وأدب، وفضيلة، وبلاغًا. لكن كَانَ يسيء التدبير، كثير التبذير، ضعيف الرأي، أرعن، لا يصلُح للإمارة. ومن شدّته قِيلَ إنّه قتل مرّةً أسدًا بيديه، وهذا شيء عجيب. وَوَرَد أنّه كتب بخطّهِ رُقعة إلى طاهر بْن الحسين فيها: يا طاهر، ما قام لنا منذ قمنا قائم بحقّنا، فكان جزاؤه عندنا إلا السيف، فانظر لنفسك أو دَعْ. قَالَ: فلم يزل طاهر يتبيّن موقع الرُّقعة منه. قلت: وكان طاهر قد انتُدب لحربه مِن جهة أخيه المأمون، فكتب لَهُ هذه الورقة، وهي غاية في التخذيل، لأنه لوّح فيها بأبي مُسْلِم وأمثاله الذين بذلوا نفوسهم في النُّصْحِ، فكان مآلُهُم إلى القتل. قَالَ المسعوديّ: إلى وقتنا هذا، ما وُلّي الخلافة هاشميّ ابن هاشميّة، سوى عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- ومحمد بن زبيدة، يعني الأمين.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 80، 81"، والتهذيب "9/ 485". 2 تاريخ بغداد "3/ 336، 342"، السير "9/ 334، 339".

وقد مرّ في الحديث دولة الأمين وحروبه وما صار إِليْهِ. وكنّاه بعضهم أبا موسى. عاش سبْعًا وعشرين سنة. وآخر أمره خُلِع ثمّ أُسِر وقُتِل صبرًا في المحرَّم سنة ثمانٍ وتسعين ومائة بظاهر بغداد، وطيف برأسه. الصُّوليّ: ثنا أبو العَيناء: حدَّثني محمد بْن عَمْرو الرُّوميّ قَالَ: خرج كوثر خادم الأمين ليرى الحرب فأصابته رجمة في وجهه، فجلس يبكي، وجعل الأمين يمسح الدم عَنْ وجهه ثمّ قَالَ: ضربوا قُرَّةَ عيني ... مِن أجلي ضربوه أخذ الله لقلبي ... مِن أناسٍ احرقوه قَالَ: ولم يؤاته طبعه لزيادة، فأحضر عَبْد الله بْن أيّوب التَّيْميّ الشّاعر، وقال لَهُ: قلَّ عليهما. فقال: ما لمن أهوى شَبيهُ ... فَبِهِ الدنيا تتيهُ وَصْلُهُ حلوٌ ولكن ... هجرهُ مرٌّ كريهُ مَنْ رَأَى الناسُ لَهُ ... فضلا عليهم حسدوه مثل ما حسد القا ... ئم بالمُلْك أَخُوهُ فقال الأمين: أحسنَت والله. بحياتي يا عبّاسيّ، أنظر، فإنْ كَانَ جاء عَلَى ظهرٍ فأوقره لَهُ، وإن كَانَ جاء في زورق فأوقره له. قال: فأوقر له ثلاثة أبغال دراهم. وقيل: إنّ سليمان بْن منصور رفع إلى الأمين أنّ أبا نواس هجاه، فقال: يا عمّ، أأقتله بعد قوله: أهدي الثَّناء إلى الأمينِ محمدٍ ... ما بعده بتجارةٍ متربَّصُ صَدَقَ الثَّناءُ عَلَى الأمين محمدٍ ... ومِن الثناء تكذّبٌ وتخرُّصُ قد يَنْقُصُ البدرُ المنيرُ إذا اسْتَوَى ... وبهاءُ نورِ محمدٍ ما ينقُصُ وإذا بُنوا المنصورِ عُدّ حَصَاهُم ... فمحمدٌ ياقوتُها المتخلّص

فغضب سليمان، فقال الأمين: فكيف يا عمّ أعمل بقوله، ثمّ أنشده أبياتًا أخَر، ثمّ أبياتًا، ثمّ أرضى سليمان بحبْس أَبِي نُواس. وكانت خلافته أربع سنين وأيامًا. 298- مَخْلَد بْن الحسين1 -ن. م. س. أبو محمد الأزدي المهلبي البصري، نزيل المصَّيصة. وكان أحد أوعية العِلْم. روى عَنْ: موسى بْن عُقْبة، وهشام بْن حسّان، ويونس الأَيْليّ، والأوزاعي، وعدة. وعنه: حجاج الأعور، والحسن بن الربيع البوراني، وأبو صالح محبوب الفراء، والمسيب بن واضح، وموسى بن أيوب النصيبي، وجماعة. قال أحمد العجلي: ثقة، رجل صالح عاقل. وقال أبو داود: كان أعقل أهل زمانه. وروي أنّ هارون الرشيد قَالَ لَهُ: ما قرابة بينك وبين هشام بْن حسّان؟ قَالَ: هُوَ والد إخوتي، يعني لم يَقُلْ زوج أمّي. قَالَ سُنيد بْن داود: سَمِعْتُ مَخْلَد بْن الحسين يَقُولُ: ما ندب الله العباد إلى شيء إلا اعترض فيه إبليس بأمرين، ما يبالي بأيّهما أُظْفِر: إمّا غُلُوٌّ فيه، وإمّا تقصيرٌ عَنْهُ. مات مَخْلَد سنة إحدى وتسعين ومائة. وعن بعضهم أنّه تُوُفّي سنة ستٌّ وتسعين ومائة. 299- مَخْلَد بْن يزيد الحراني2 -خ. م. د. ن. ق. عَنْ: يحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، وابن جُرَيْج، وجعفر بْن بُرْقان، وحنظلة بْن أبي سُفْيان، والأوزاعي. وعنه: أحمد، وإسحاق، وابنا أَبِي شَيبة، وابن نُمَير، ومحمد بْن سلام البيكندي، وآخرون.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 347"، السير "9/ 236". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 347"، والتهذيب "10/ 77".

قَالَ أبو حاتم: صدوق. قلت: مُجْمَعٌ عَلَى ثقته. مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. 300- مُرَجّي بن وداع الراسبيّ البصْريّ1. عَنْ: عطاء السُّلَميّ الزّاهد، وغالب القطّان، وأيّوب بْن وائل، وجماعة. وعنه: سيَّار بْن حاتم، وعارم، وأحمد بْن حنبل، وعليّ بْن الحسين الدَّرهميّ، وَجَمَاعَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وقال ابن مَعِين: ضعيف. 301- مروان بْن معاوية بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ بْنِ عُيَيْنَة بْن حصن الفَزَاري2 الحافظ -ع. أبو عبد الله الكوفي نزيل مكّة، ثمّ دمشق. وهو ابن عم الإمام أَبِي إِسْحَاق الفَزَاريّ. روى عَنْ: حُمَيْد الطّويل، وعاصم الأحول، وابن أَبِي خَالِد، وأبي مالك سعْد بْن طارق الأشجعيّ، ومحمد بْن سُوقة، وموسى الْجُهَنّي، وخلْق كثير فيهم عدد من المجاهيل، فإنه كان طلابة للحديث، يكتب عَنْ كل واحد. روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وإسحاق، وابن خَيْثَمَة، والحسين بْن حُرَيْث، والحسن بْن عَرَفَة، ودُحَيْم، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن هشام بْن ملاس، وأُمم سواهم. قَالَ أحْمَد بْن حنبل: ثَبْت حافظ، كَانَ يحفظ حديثه كله. وقال ابن المديني: ثقة فيما روى عن المعروفين. وقال غيره: أكثر عَنِ المجهولين، فينبغي أن يُتَأمّل حال شيوخه، وهو في نفسه ثقة.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 412، 413"، والميزان "7/ 87". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 272، 273"، والسير "9/ 51-53".

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: كَانَ يلتقط الشيوخ مِن السَّكك. وقال يحيى بْن مَعِين: وجدت عند مروان بخطّه: وكيع رافضيّ. فقلت لَهُ: وكيع خيرٌ منك. فسبَّني. وقيل: كَانَ مروان فقيرًا مُعِيلا، كَانَ الناس يَبُرُّونه. قِيلَ: مات فجأة في عشر ذي الحجّة سنة ثلاث وتسعين ومائة. 302- مُزاحم بْن زُفَر التَّيْميّ الكوفيّ1. أخو عثمان بْن زُفَر. روى عَنْ: فِطْر بْن خليفة، وشُعْبَة، وأيّوب بْن خُوط. وعنه: أبو مُسْهِر، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وهارون بْن موسى، وأبو الربيع الزّهْرانيّ. وكان من أشراف أهل الكوفة. حدَّث بدمشق، ولا رواية لَهُ في الكُتُب السّتّة. وقد وثّقه ابن حِبّان. وله سَميٌّ وهو: مزاحم بْن زُفَر. مِن طبقة صغار التابعين، قد ذُكِر. 303- مَسْعَدة بْن اليَسَع الباهليّ البصْريّ2. أحد الضعفاء. عَنْ: بَهْز بْن حكيم، وجعفر بْن محمد، ومحمد بْن حُمَيْد. وعنه: عُمَر بْن حفص، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد بْن أَبِي الحواريّ، ومُغيرة بْن أحمد، ومحمد بْن وزير الواسطيّ. قَالَ أحْمَد بْن حنبل: خرقنا حديثه مِن دهرٍ.

_ 1 التهذيب "10/ 100، 101". 2 الجرح والتعديل "8/ 370، 371"، والميزان "4/ 98، 99".

روى ذَلِكَ الْبُخَارِيّ عَنْ أحمد. وقال أبو حاتم: يكذب عَلَى جعفر بْن محمد. وكذا كذّبه أبو داود، ومحمد بْن وزير. نَا مَسْعَدَةُ بْنُ الْيَسَعَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَسَا عَلِيًّا عِمَامَةً يُقَالُ لَهَا السَّحَابُ، فَأَقْبَلَ وَهِيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: "هَا عَلِيٌّ قَدْ أَقْبَلَ فِي السَّحَابِ"1. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبِي: فَحَرَّفَهَا هَؤُلاءِ وَقَالُوا: عَلِيٌّ فِي السَّحَابِ. 304- مسكين بْن بكير الحراني الحذاء -ع. أبو عبد الرحمن. عَنْ: ثابت بْن عَجْلان، وأرطأة بْن المنذر، وجعفر بْن بُرْقان، والأوزاعيّ، وشُعْبَة. وعنه: العُقَيْليّ، وأحمد بْن حنبل، وأحمد بْن شُعيب الحرّانيّ، وولده الحَسَن بْن أحمد، ومحمد بْن وهْب بْن أبي كريمة، وموسى بْن أيّوب النَّصيبيّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ، صالح الحديث. وقال غير واحد: صدوق. وقيل: لَهُ عَنْ شُعْبَة ما يُنكر. وقال أبو أحمد الحاكم: لَهُ مناكير كثيرة، كذا قَالَ. قِيلَ: مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 305- مُسْلِم بْن الوليد. صريع الغّواني3، شاعر. مولى الأنصار أبو الوليد. أحد فُحُولِ الشُّعَراء. مدح الرشيد وآل برمك، وسار شعره.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي "6/ 2386" في الكامل للضعفاء. 2 الجرح والتعديل "8/ 329"، والسير "9/ 209". 3 انظر: الأغاني "19/ 31-72"، السير "9/ 323، 324".

ويُقال إنّ الرشيد هُوَ الَّذِي لقّبه بصريع الغواني لقوله: أديرا عليّ الكأسَ لا تَشْربا قبلي ... ولا تَطْلُبا مِن عند قاتلتي ذَحْلي هَلِ العيشُ إلا أن تَرُوح مَعَ الصَّبا ... وَتَغْدُو صريعَ الكأس والأَعْيُنِ النُّجْلِ1 وهو القائل: أرادو لِيُخْفُوا قبره عَنْ عدوّهِ ... فطِيبُ تُرابِ القبرِ دلّ عَلَى القبرِ2 ومن هجائه ما قَزَع: أمّا الهجاءُ فَدَقَّ عِرضك دونَه ... والمدحُ فيك كما علمتَ قليلُ فاذْهَبْ فأنت طليقُ عِرْضك إنّه ... عرضُ عَزَزْتَ بِهِ وأنت ذليلُ قَالَ الخطيب: ومسلم بْن الوليد كوفيّ نزل بغداد، وكان مدّاحًا مفوَّهًا بليغًا. قَالَ بعضهم: لمسلم ثلاثة أبيات: أرثَى بيت، وأمدح بيت، وأهجي بيت. فالأول: أرادوا ليُخْفُوا قبَره. والبيت الثاني، وهو أمدح بيت، قوله: يجود بالنَّفسِ إذ ضنّ البخيلُ بها ... والْجُودُ بالنَّفس أقصى غايةِ الْجُود والثالث قوله: قَبُحَتْ مَنَاظِرُهُ، فحِين خبْرتُهُ ... حُسنَتْ مَنَاظِرُهُ لقُبْح المُخبرِ وله في الشّيب: أكره شَيْبيْ وآسَى أن يُزَايِلَني ... أعجبُ بشيءٍ عَلَى البغضاء مودودِ وله يمدح يزيد بْن مَزْيَد الشَّيْبانيّ مِن قصيدة: يكسو السُّيُوفَ نفوس النّاكثين بها ... ويجعل الهام تِيجان القنا الُّذبُل إذا انتضى سيفَه كانت مسالكُهُ ... مسالكَ الموت في الأبدان والقلل

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 97". 2 السابق.

كالّليث إنْ هجَّهُ فالموتُ راحتُهُ ... لا يستريح إلى الأيّام والدُّوَلِ قد عوَّد الطَّيْرَ عاداتٍ وثِقْنَ بها ... فهنَّ يَصْحَبْنَه في كلّ مُرْتحَلِ لله مِن هاشمٍ في أرضه جبلُ ... وأنت وابنُك رُكْنا ذَلِكَ الجبلِ1 وله في جعفر البرمكيّ: كأنّه قمر أو ضيغمٌ هصرٌ ... أو حيّةٌ ذكرٌ أو عارضٌ هَطِلُ لا يضحك الدَّهر إلا حين تسألُه ... ولا يُعبَّسُ إلا حين لا يُسَلُ 306- مسروح. أبو شهاب الكوفيّ2. عَنْ: الحَسَن بْن عُمارة، وسُفيان الثَّوْريّ، وعَمْرو بْن خَالِد. وعنه: يزيد بْن مَوْهب الرَّمليّ، وعمر بْن زُرَارة الحَدَثيّ. قَالَ أبو أحمد الحاكم: لَيْسَ حديثه بالقائم. 307- مَسْلَمة بْن يعقوب بْن مَسْلَمة بْن عَبْد المُلْك بْن مروان الأُمويّ3. أحد أشراف الشاميّين. كَانَ أحد مِن خرج عَلَى الدّولة العباسية. وذلك أنّ أبا العُميطر الأُمويّ السُّفْيانيّ لمّا ظهر وغلب عَلَى دمشق في سنة خمسٍ وتسعين ومائة، وبعدها تمكّن مَسْلَمة هذا مِن الأمور، وعمل عَلَى أَبِي العُميطر وقبض عَليْهِ، لأنّ أبا العُميطر كَانَ شيخًا كبيرًا، فقيّده ودعا لنفسه وبايعوه. ثمّ قام عَليْهِ محمد بْن صالح بْن بَيْهس الكلابيّ أمير العرب، فأخذ منه دمشق. فبادر مَسْلَمة وفَكّ قيد أَبِي العُميطر، وخرجا هاربَيْن بزيّ النَّساء إلى المِزّة. ثمّ إنّ مسلمة جاءه الموت بالمِزّة، فصلّي عَليْهِ أبو العُميطر، ثمّ مات بعده بقليل، وعَمّوا قبَره لئلا يُنبش، وذلك في حدود المائتين. 308- مُسْهِر بْن عَبْد المُلْك بْن سَلَع الهمَدانيّ الكوفيّ4.

_ 1 الأغاني "19/ 35-40". 2 لم نقف عليه. 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 410"، والتهذيب "10/ 149".

روى عَنْ: أَبِيهِ، وعن: الأعمش، وعيسى بْن عُمَر القارئ. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، والحسن بْن عليّ الحلوانيّ، ومحمد بْن عَبْد الله المخرميّ، وجماعة. قَالَ الْبُخَارِيّ: فيه بعض النظر. 309- مطرف بن مازن1. قاضي صنعاء. روى عَنْ: ابن جُرَيج، ومَعْمَر. وعنه: الشافعيّ، وداود بْن رشيد. وكان من الأخيار الصُّلحاء، لكنّه واهٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كذاب. وأسقطه ابن حِبّان، وضعّفه آخرون. وأما أبو أحمد بْن عَدِيّ فقال: لم أر لَهُ شيئًا مُنْكَرا. وسمعتُ عُمَر بْن سِنان: نا حاجب بْن سليمان قَالَ: كَانَ مطرَّف بْن مازن قاضي صنعاء، وكان رجلا صالحًا، فأتاه رجلٌ وقال: حلفتُ بطلاق امرأتي ثلاثًا أنّي أخرا عَلَى رأسك. فقام ودخل ووضع عَلَى رأسه منديلا، ثمّ قَالَ للرجل: اصعد واقلل، أو كما قَالَ. 310- مُطَهَّرُ بنُ الهيثم الطّائيّ البصْريّ2 -ق. روى عَنْ: عَلْقَمة بْن أَبِي حمزة الضُّبَعيّ، وموسى بْن عليّ بْن رباح. وعنه: عَبّاد بْن الوليد الغُبْريّ، ومحمد بْن المُثَنَّى، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بن منصور كزبران، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 314"، والميزان "4/ 125، 126". 2 الجرح والتعديل "8/ 396"، والميزان "4/ 129".

قَالَ ابن حِبّان: مُنْكَر الحديث. وقال ابن يونس: متروك. 311- مُعَاذ بْن مُعَاذ بْن نصر بن حسان -ع. الإمام أبو المثنى العنبري التيمي البصري الحافظ، قاضي البصرة1. روى عَنْ: حُمَيْد، وسليمان التَّيْميّ، وابن عَوْن، وبَهْز بْن حكيم، وعوف، ومحمد بْن عَمْرو، وشُعْبَة، وآخرون. وعنه: ابناه عُبَيْد الله والمثني، وأحمد، وإسحاق، وبُنْدار، وإسحاق بْن موسى، وعبد الله بْن هاشم الطّوسيّ، وسَعدان بْن نصر، وخلْق كثير. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِلَيْهِ الْمُنْتَهَى فِي التَّثَبُّت بالبصرة. ما رأينا أحدًا أعقل منه. وقال يحيى بْن سَعِيد القطّان: ما بالبصرة ولا بالكوفة ولا بالحجاز أثبت مِن مُعَاذ بْن مُعَاذ. قلت: كَانَ مِن أقران القطّان. قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وأبو حاتم: ثقة. قلت: يحيى القطّان أسنّ منه بشهرين. قَالَ أحمد بْن حنبل: ولد مُعَاذ بْن مُعَاذ سنة ستٌّ عشرة ومائة. وقال المدائني: كان جده نصر واليًا لخالد القسر بإصْطَخْر، ومُعَاذ بْن نصر مات في حياة نصر سنة تسع عشرة ومائة. قلت: مات مُعَاذ بْن مُعَاذ في ربيع الآخر سنة ستٌّ وتسعين ومائة. 312- مُعَاذ بْن هشام بْن أبي عبد الله الدستوائي2 -ع. البصري الحافظ.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "3/ 131، 134"، السير "9/ 54-57". 2 الجرح والتعديل "8/ 294، 250"، والسير "9/ 372-374".

عَنْ: أَبِيهِ، وابن عَوْن، وأشعث بْن عَبْد المُلْك، وغيرهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإسحاق، وبُنْدار، وابن المَدِينيّ، ومحمد بْن إسماعيل بْن أَبِي سُمَينة، وعمرو الفلاس، وأبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن المُثَنَّى، وإسحاق الكَوْسج، ويزيد بْن سِنان البصْريّ، وجماعة. قَالَ ابن عَدِيّ: ربّما يغلط وأرجو أنّه صدوق. وروى عبّاس، عَنِ ابن مَعِين: صَدُوق، وليس بحجّة. وقال عَبَّاس بْن عَبْد العظيم الحافظ: كَانَ عنده، عَنْ أَبِيه، عشرة آلاف حديث. قلت: وفاته في ربيع الآخر سنة مائتين. 313- معروف الكَرْخيّ1. هُوَ زاهد العراق، وشيخ الوقت. أبو محفوظ معروف بْن الفَيْرزان، وقيل ابن فَيْروز، مِن أهل كرْخ بغداد. وقيل: كنيته أبو الحَسَن. وكان أَبُوهُ مِن أعمال واسط مِن الصّابئة. وعن أَبِي عليّ الدّقّاق قَالَ: كَانَ أبواه نَصْرانيّين فاسلماه إلى مؤدّب نَصرانيّ، فكان يَقُولُ لَهُ: قل ثالث ثلاثة، فيقول معروف: بل هُوَ الواحد. فيضربه. فهرب، فكان أبواه يقولان: ليته رجع. ثمّ أسلم أبواه2. وذكر السُّلَميّ أن معرومًا داود الطّائيّ ولم يصحّ. أَنْبَأَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ عِلانَ، وَمُؤَمَّلٌ الْبَالِسِيُّ قَالا: أَنَا الْكِنْدِيُّ، أَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا الْخَطِيبُ، أَنَا ابْنُ رِزْقٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنَا مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيُّ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَوْ أَدْرَكْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا سَأَلْتُ اللَّهَ إِلا العفو والعافية3.

_ 1 انظر: الحلية "8/ 360"، والسير "9/ 339-345". 2 صفة الصفوة "2/ 318، 319". 3 "صحيح مرفوع، ضعيف موقوف": أخرجه الترمذي "3743" وابن ماجه "3850"، وأحمد "6/ 183"، والحاكم "1/ 530" مرفوعًا، وهو صحيح. وأخرجه الخطيب "3/ 199" موقوفًا، وسنده ضعيف، فيه عنعنة الحسن البصري، وهو من المدلسين، وابن صبيح من الضعفاء.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، أَنَا الْبَهَاءُ عَبْد الرَّحْمَن بْن إبراهيم، أنا تجنّي الوَهْبانيّة، أنا الحسين بْن طلحة، أَنَا أبو الحَسَن بْن رزقوْية، أَنَا إسماعيل الصَّفّار، نا زكريّا بْن يحيى بْن أسد المَرْوَزِيّ، ثنا معروف الكَرْخيّ قَالَ: قَالَ بَكْر بْن خُنَيْس: إن في جهنم لواديا تتعوذ جهنم من ذَلِكَ الوادي كل يوم سبع مرات. وإنّ في الوادي لَجُبًّا يتعوّذ الوادي وجهنّمُ مِن ذَلِكَ الْجُبّ كلّ يوم سبْع مرّات. وإن في الجب لحية يتعوذ الجب والوادي وجهنم من تِلْكَ الحية كل يوم سبع مرات. يُبدأ بِفَسَقة حَمَلَة القرآن، فيقولون: أيْ ربّ بُديء بنا قبل عَبَدَة الأوثان؟! قِيلَ لهم: لَيْسَ من يعلم كمن لا يعلم. وقد روى معروف عَنْ بَكْر بْن خُنَيْس، وابن السّمّاك شيئًا يسيرًا، وعن: الربيع بْن صُبَيْح. روى عَنْهُ: خَلَف البزّار، وزكريّا بْن يحيى المَرْوَزِيّ، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وغيرهم. وقد ذُكِر معروف عند أحمد بْن حنبل فقالوا: قصير العِلْم. فقال للقائل: أمسِكْ، وهل يُراد مِن العِلْم إلا ما وصل إليه معروف؟. قَالَ إسماعيل بْن شدّاد: قَالَ لنا سُفْيان بْن عُيَيْنَة: ما فعل ذَلِكَ الْحَبْرُ الَّذِي فيكم ببغداد؟. قُلْنَا: مَن هُوَ؟. قَالَ: أبو محفوظ، معروف!. قلنا: بخير. قَالَ: لا يزال أهل تِلْكَ المدينة بخيرٍ ما بقي فيهم. وقال السَّرَّاج، أَنَا أبو بَكْر بْن أَبِي طَالِب قَالَ: دخلت مسجد معروف، فخرج وقال: حيّاكم الله بالسّلام، ونَعِمْنا وإيّاكم بالأحزان. ثمّ أذّن، فارتعد ووقف شِعْره، وانحنى حتّى كاد يسقط.

وعن معروف قَالَ: إذا أراد الله بعبدٍ شرًا أغلق عَنْهُ باب العمل، وفتح عَليْهِ باب الجدل. وقال جُشَم بْن عيسى: سَمِعْتُ عمّي معروف بْن الفيرُزان يَقُولُ: سَمِعْتُ بَكْر بْن خُنَيْس يَقُولُ: كيف تتّقي وأنت لا تدري ما تتّقي؟ رواها أحمد الدَّوْرقيّ عَنْ معروف قَالَ: ثمّ يَقُولُ معروف: إذا كنت لا تُحسن تتّقي أكلت الرَّبا، ولقيت المرأة فلم تغَضّ طَرْفَك، ووضعت سيفك عَلَى عاتقك، إلى أن قَالَ: ومجلسي هذا ينبغي أن يُتّقى، ومجيئكم معي مِن المسجد ينبغي لنا أن نتّقيه، فإنّه فتنةٌ للمتبوع، وذلةٌ للتابع1. وعن معروف، وبعث إليه رَجُل بعشرة دنانير فلم يأخذها. ومرّ سائل فأعطاها لَهُ. وقيل: كَانَ يبكي ثمّ يَقُولُ: يا نفس كم تبكين، أَخْلِصي تَخْلُصي. وقيل: سأله رَجُل: يا أبا محفوظ كيف تصوم؟ فبقي يغالطه ويقول: صوم نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ كذا، وصوم داود كَانَ كذا. فألحّ عَليْهِ فقال: أصبح دهري صائمًا، فمن دعاني أكلت، ولم أقل إنّي صائم. وقيل: قصّ إنسان شاربَ معروف وهو يُسبَّح فقال: كيف أقصّ وأنت تسبّح؟ فقال: أنت تعمل وأنا أعمل. وقال رَجُل: حضرتُ معروفًا، فاغتاب رجلٌ رجلا عنده، فقال: أذكر القُطْن إذا وُضع عَلَى عَيْنَيْك. وعنه قَالَ: ما أكثر الصالحين، وما أقلّ الصّادقين. وعنه قَالَ: مِن كابر الله صَرَعه، ومن نازعه قَمَعه، ومن ماكَرَه خَدَعه، ومن توكَّل عَليْهِ مَنَعه، ومن تواضَعَ لَهُ رَفَعه وعنه: كلام العبد فيما لا يعنيه خِذْلان مِن الله. وقيل جاءه ملهوف وقال: ادع لي أن يرد الله علي كيسي، سرق منه ألف دينار.

_ 1 الحلية "8/ 365".

فقال: ماذا أدعو ما زَوَيْتَه عَنْ أنبيائك وأوليائك، فردّه عَليْهِ. وقيل: إنّه أنشد مرّة في السَّحَر: ما يضرّ الذُّنوب لو اعتقتني ... رحمةً لي، فقد علاني المَشِيب1 وعنه قَالَ: مَن لعن إمامَهُ حُرِمَ عَدْلَهُ. وعن محمد بْن منصور الطّوسيّ قَالَ: قعدت مرّة إلى جنب معروف، فلعلّه قَالَ: وَاغَوْثاه بالله عشرة آلاف مرّة. وتلا: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9] . وعن ابن شِيرَوَيْه: قلت لمعروف: بلغني أنّك تمشي عَلَى الماء. قَالَ: ما وقع هذا، ولكنْ إذا هَممتُ بالعُبور جُمع لي طرفًا النَّهر فأتخَطَاه. أبو العبّاس بْن مسروق: نا محمد بْن منصور الطّوسيّ قَالَ: كنت عند معروف، ثمّ جئت وفي وجهه أثر. فسأله رجلٌ عَنِ الأثر فقال: سلْ عمّا يعنيك عافاك الله. فألحّ عَليْهِ وأقسم عَليْهِ، فتغيّر ثمّ قَالَ: صلَّيت البارحة هنا، واشتهيت أن أطوف بالبيت، فمضيت إلى مكّة فطفتُ، وجئت لأشرب مِن زمزم، فزلقتُ، فأصاب وجهي هذا2. وقال ابن مسروق: نا يعقوب ابن أخي معروف قَالَ: قَالُوا لمعروف: استسقِ لنا، وكان يومًا حارًا، فقال: ارفعوا ثيابكم. قَالَ: فما استتمُّوا رفْعَ ثيابهم حتّى مُطِروا. وقد استجاب الله لمعروف في غير ما قضية. وقد أفرد ابن الجوزيّ كتابًا في مناقبه. وقال عُبَيْد بْن محمد الورّاق: مرّ معروف وهو صائم بسقّاء يَقُولُ: رحم الله مِن شرب، فشربَ رجاء الرحمة. وقد حكى السلمي شيئًا منكرًا، وهو أنّ معروفًا كَانَ يحجب عليّ بْن موسى الرّضا، قَالَ: فكسروا ضلْع معروفٍ فمات. فهذا إنْ صحّ، يكون حاجبٌ اسمُهُ باسم معروف.

_ 1 صفة الصفوة "2/ 321". 2 تاريخ بغداد "13/ 201".

وعن إبراهيم الحربيّ قَالَ: قبر معروف التّرياق المجرَّب. يُريد الدّعاء عنده، لأن البقاع المباركة يستجاب فيها الدعاء. كما أن الدعاء في المساجد وفي السَّحَر أفضل. ودعاء المُضطَّر مجابٌ في كلّ مكان. قَالَ محمد بْن عُبَيْد الله بْن المنادي، وثعلب: مات معروف سنة مائتين. وقال عَبْد الرّزّاق بْن منصور: سنة إحدى ومائتين. وشدّ يحيى بْن أَبِي طَالِب فقال: مات سنة أربعٍ ومائتين. وقال أبو بَكْر الخطيب: الصحيح سنة مائتين، رحمه الله ورضي عنه. 314- معمر بن سليمان الرقي1 -د. ت. ن. ق. أبو عبد الله النخعي. عَنْ: خُصَيف، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وحَجّاج بْن أرطأة، وزيد بْن حبان الرَّقَّيّ، وطائفة. وعنه: أبو عُبَيْد، وأحمد بْن حنبل، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيبة، وعليّ بْن حُجْر، وَأَبُو سَعِيد الأشجّ، وسَعدان بْن نصر، وجماعة. وثّقه ابن مَعِين. وذكره أحمد فذكر مِن فضله وهيبته. وقال أبو عُبَيْد: كَانَ مِن خير من رَأَيْت. قلت: مات في شَعْبان سنة إحدى وتسعين ومائة. وقع لي مِن عواليه. 315- معن بْن عيسى بْن يحيى بْن دينار بْن عَبْد الله الأشجعيّ2 -ع. مولاهم الْمَدَنِيّ القزّاز الحافظ أبو يحيى، أحد الأعلام. كَانَ صاحب حانوت وأُجَراء ينسجون لَهُ الْقَزَّ.

_ 1 انظر: الميزان "4/ 156"، والسير "9/ 210". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 277، 278"، والسير "9/ 304-306".

روى عَنْ: ابن أَبِي ذئب، ومالك، وأُبَيّ بْن عَبَّاس بْن سهل، وأبي الغصن ثابت بْن قيس، وزُهير بْن محمد، وسعيد بْن السّائب الطّائفيّ، وهشام بْن سعْد، ومعاوية بْن صالح، وموسى بْن عليّ، وإبراهيم بن طَهْمان، وطبقتهم. ولزِم مالكًا زمانًا، وكان مِن خيار أصحابه ومتقنيهم ومُفتيهم. روى عَنْهُ: أحمد بْن خالد، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو خَيْثَمَة، وهارون الحمّال، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وخلْق سواهم. قَالَ أبو حاتم: هُوَ أوثق أصحاب مالك وأثبتهم. وقال ابن سعْد: كَانَ يعالج القزّ بالمدينة، وله غلمان حاكة. وقيل: كَانَ مالك يتّكيء عَلَى يده في خروجه إلى المسجد، حتّى كان يقال لَهُ: عصا مالك. وقال أبو حاتم أيضا: هو أحب إلي مِن ابن وهْب. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْعَاصِي، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، نَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نَا مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يُصَافِحُ امْرَأَةً قَطُّ"1. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ مَالِكٍ مِنْ تَأْلِيفِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ. فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا جِدًّا. تُوُفّي معن في شوّال سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 316- المغيرة بن سلمة -م. د. ن. ق. أبو هشام المخزومي البصري2. عَنْ: أبان العطّار، ونافع بْن عمر، والقاسم بن المفضل الحداني.

_ 1 "حديث صحيح": وأخرجه بنحوه ابن سعد "1/ 8" في طبقاته، وأحمد "2/ 213"، وانظر: السلسلة الصحيحة "530" للألباني. 2 الجرح والتعديل "8/ 223"، والتهذيب "10/ 261".

وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وإسحاق الكَوْسج، وبُنْدار، وعلي بن المديني، ومحمد بن عبد الله المخرمي. قَالَ ابن المَدِينيّ: ما رَأَيْت قُرَشيًا أفضل منه، ولا أشدّ تَوَاضُعًا. أخبرني بعض جيرانه: كَانَ يصلّي طول اللَّيْلِ، -رَضِيَ اللهُ عنه. قلت: مات سنة مائتين. أرخه البخاري، واستشهد به في "الصحيج". وقال يعقوب بن شيبة: كان ثقة ثبتا. 317- المفضّل بْن صالح الكوفيّ1. أبو جميلة الدّلال النّخّاس. عَنْ: زياد بْن عِلاقة، وابن المنكدر، وعمرو بْن دينار، وجماعة. وعنه: محمد بْن عُمَر بْن الوليد الكِنْديّ، ومحمد بْن إسماعيل الأحمسيّ، وأحمد بْن بُديل، ومحمد بْن عُبَيْد المُحَاربيّ، وآخرون. وعُمَّر دهرًا. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يروي المقلوبات عَنِ الثَّقات حتى يتّهمه القلبُ. وقال التَّرْمِذيّ: لَيْسَ بذاك الحافظ. 318- منصور بْن عَبْد الحميد بْن راشد2. أبو رياح. عَنْ: أنس بْن مالك، وابن عمر، وأبي أمامة. وعن: طاووس اليَمَانيّ، وعدّة. حدَّث بمَرْو عَنْهُمْ قُبَيْلَ المائتين.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 316، 317"، والتهذيب "10/ 271، 272". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 175".

وعنه: مُعَاذ بْن أسد، وسلمة بْن سليمان المَرْوَزِيّان، ويحيى بْن خالد البلْخيّ، وعبد الله بْن مُثَنَّى الحلميّ، وغيرهم. لَيْسَ بثقة. وهّاه ابن حِبّان. وقال ابن عساكر في سُباعيّاته: ذكر هبة الله بن فاخر السحزي هذا، وأنّ الرواية لا تحلّ عَنْهُ. 319- منصور بْن عمّار بْن كثير. أبو السَّريّ السُّلَميّ الخُراساني1. ويُقال إنّه بصْريّ. كَانَ زاهدًا، واعظًا، كبير الشأن. روى عَنْ: اللَّيْثُ، وابن لهيعة، والمنكدر بن محمد، ومعروف الخياط، والهقل بن زياد، وبشير بن طلحة، وآخرين. وعنه: ابناه سليم، وداود، وزهير بن عباد الرؤاسي، ومحمد بن جعفر الأحول، وأحمد بن منيع، وعلي بن خشرم، ومنصور بن الحارث، وعبد الرحمن بن يونس الرقي، وغيرهم. وكان إليه المنتهى في بلاغة الموعظة وتحريك القلوب إلى الله. أقام ببغداد مدة، ووعظ بها وبالشام ومصر. وسار ذكره وبعد صيته. قال أبو حاتم: صاحب مواعظ لَيْسَ بالقويّ. وقال ابن عَدِيّ: مُنْكَر الحديث. وقال الدّارَقُطْنيّ: لَهُ أحاديث لا يُتَابع عليها. قَالَ ابن يونس: قصّ بمصر عَلَى النّاس، وسمعه اللَّيْثُ فأعجبه ووصله بألف دينار. وقد حدّث عَنْهُ أيضًا: يحيى بْن بُكَيْر، وسعيد بْن عُفَير. ما قصّ عَلَى الناس أحدٌ مثله.

_ 1 الحلية "9/ 325"، والسير "9/ 93-98".

أبو شُعيب الحرّانيّ: نا عليّ بْن خشرم: قَالَ منصور بْن عمّار: لما قدِمتُ مصر كانوا في قَحْط، فلمّا صلّوا الجمعة ضجّوا بالبكاء والدعاء. فحضرتني نيةٌ، فصرت إلى الصح وقلت: يا قوم تقرَّبوا إلى الله بالصَّدَقة، فما تُقرَّب إليه بأفضل منها. ثمّ رميت بكِسائي وَقُلْتُ: الّلهمّ هذا كسائيِ وهو جَهْدي. فتصدّقوا حتى جعلت المرأة تُلقي خُرْصَها، حتى فاض الكِساء مِن أطرافه، ثمّ هطلت السماء ومُطِرنا. فخرج الناس في الطّين والمطر، فَدُفِعَت، يعني الصدقات، إلى الليث وابن لهيعة، فنظرا إلى كثرة المال فقال أحدهما لصاحبه: لا يُحَرَّك. ووكّلوا بِهِ الثَّقات حتى أصبحوا. فرحتُ أَنَا إلى الإسكندريّة، فبينا أَنَا أطوف عَلَى حصنها إلى رجلٌ يرمقني، فقلت: ما لك؟ قَالَ: أنت المتكلّم يوم الجمعة؟ قلت: نعم! قَالَ: إنّك صرت فتنة. قَالُوا: ذاك الخَضِر دعا، فاستُجيب لَهُ. قلت: بل أَنَا العبد الخاطئ. فقدِمتُ مصر، فلقيت اللَّيْثُ فلمّا نظر إلى قَالَ: أنت المتكلّم يوم الجمعة؟ قلت: نعم!. فأقطعني خمسة عشر فَدَّانًا، وصرت إلى ابن لهيعة فأقطعني خمسة فدادين1. عليّ بْن خَشْرم: نا منصور ح وأبو داود، عَنْ قُتَيْبة، عَنْ منصور قَالَ: قدِمت مصر وبها قحط، فتكلّمتُ، فبذلوا صدقات كثيرة. فأُتيّ بي إلى اللَّيْثُ فقال: ما حملك على أن تكلّمت ببلدنا بغير أمرنا. قلتُ: أصلحك الله، أعرضُ عليك، فإن كَانَ مكروهًا نهيتني. قَالَ: تكلّم. فتكلَّمت، فقال: قم، لا يحلّ أن أسمع هذا وحدي. قَالَ: وأخرج إليّ بعد هذا حلية قيمتها ثلاثمائة دينار. ثمّ لمّا خرج النّاس ناولني كيسًا فيه ألف دينار، وقال: لا تُعْلِم بِهِ ابني فتهون عَليْهِ2. وقال أبو حاتم: نا سُلَيْم بْن منصور، نا أَبِي قَالَ: أعطاني اللَّيْثُ ألف دينار. قَالَ عليّ بْن خَشْرَم: سمعت منصورًا يَقُولُ: المتكلّمون ثلاثة: الحَسَن البصْريّ، وعمر بْن عَبْد العزيز، وعون بْن عَبْد الله. قلت: فأنت الرابع.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 72، 73". 2 السابق "13/ 73، 74".

وقيل: إنّ الرشيد لمّا سَمِعَ وعظه قَالَ: مِن أَيْنَ تعلّمت هذا؟ قَالَ: تَفَلَ في فيَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ وقال: "يا منصور قُلْ"1. السَّرَّاج: نا أحمد بن موسى الأنصاري قَالَ: قَالَ منصور بْن عمّار: حججتُ فَبِتّ بالكوفة، فخرجت في الظَّلْماء فإذا بصارخٍ يَقُولُ: إلهي وعزّتك ما أردتُ بمعصيتي مخالفتك، ولقد عصيتك وما أَنَا بنَكالِك جاهل، ولكنْ خطيئة عرضت أعانني عليها شقائي، وغرّني سَتْرُك، والآن مِن ينقذني؟ فتلوت هذه الآية {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] فسمعت دكدكةً، فلمّا كَانَ مِن الغد مررتُ هناك، فإذا بجنازةٍ، وإذا عجوز تَقُولُ: مرّ البارحة رجلٌ فَتَلا آية، فتفطّرت مرارته، فوقع مَيْتًا2. قَالَ أبو بَكْر، وعثمان ابنا أبي شَيبة: كنا عند ابن عُيَيْنَة فجاء منصور بْن عمار فسأله عَنِ القرآن، فزبره وأشار بالعكاز إليه. وانتهره. فقيل: يا أبا محمد إنّه عابد. قَالَ: ما أرى إلا شيطانًا. قَالَ منصور: دخلت عَلَى سُفْيان بْن عُيَيْنَة، فحدَّثني ووعظته، فلمّا أثارت الأحزان دموعه رفع رأسه وردها في عينيه، فقلت: هلا أسبلتها إسبالا، وتركتها تجري سجالا. قَالَ: إنّ الدمعة إذا بقيت كَانَ أبقى للحزن في الجوف. قَالَ سُلَيْم بْن منصور: كتب بِشْر المريْسي إلى أَبِي: أخبرني عَنِ القرآن. فكتب إليه: عافانا الله وإيّاك، وجعلنا مِن أهل السُّنَّةِ، فإن يفعل فأعظم بها منّه، وإلا فهي الهلكة. نَحْنُ نرى أنّ الكلام في القرآن بدعة تشارك فيها السّائل والمجيب. تعاطى السائل ما ليس له، وتكلف المجيب ما لَيْسَ عَليْهِ. وما أعرفُ خالقًا إلا الله، وما دونه مخلوق، والقرآن كلام الله. فانْتَهِ بنفسك وبالمختلفين فيه معك إلى أسمائه الّتي سمّاه الله بها، ولا تُسَمَّ القرآن باسمٍ مِن عندك، فتكون مِن الضّالّين3. رواها أبو الحسن الميمونيّ، وغيره، عَنْ سُلَيْم.

_ 1 السابق. 2 الحلية "1/ 328، 329". 3 الحلية "9/ 326".

أبو عليّ الكوكبيّ: نا حريز بْن أحمد بْن أَبِي داود: حدَّثني سلمويه بْن عاصم قَالَ: كتب بِشْر إلى منصور بْن عمار يسأله عَنْ قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتَوَى؟. فكتب إليه: استواؤه غير محدود، والجواب فيه تكلف، مساءلتك عَنْهُ بدعة، والإيمان بجملة ذَلِكَ واجب. عَنْ عَبْدَك العابد قَالَ: قِيلَ لمنصور بْن عمّار: تتكلّم بهذا الكلام، ونرى منك أشياء؟ قَالَ: احسبوني دُرّة وجدتموها عَلَى كناسة. وعن بِشْر الحافي أنّه كتب إلى منصور بْن عمّار أنِ اكتب إليَّ بما منَّ الله علينا. فكتب إليه: يا أخي، قد أصبحنا في نعمٍ لا نُحصيها في كثرة ما نعصي. فلا أدري كيف أشكره بجميل ما نَشَرَ، أو قبيح ما سَتَر. قلت: ساق ابن عَدِيّ لمنصور تسعة أحاديث منكرة. وَرُوِيَ أنّه رُئي بعد موته فَقِيلَ: ما فعل اللَّه بك؟. قَالَ: غُفِر لي وقال: يا منصور قد غفرتُ لك عَلَى تخليطك، إلا أنّك تحوش1 الناس إلى ذكري2. وقيل هذا لأبي العتاهية: إنّ يومَ الحسابِ يومٌ عسيرٌ ... لَيْسَ للظّالمين فيه مجير فاتّخذ عدّةً لمطلع القبـ ... ـر وَهَوْلِ الصَّراط يا منصور3 320- منصور بن وردان الأسدي الكوفي4. عَنْ: أبان بْن تَغْلِب، وعليّ بْن عَبْد الأعلى الثعلبي.

_ 1 تحوش: تجمع. 2 الحلية "9/ 325، 326". 3 تاريخ بغداد "13/ 76". 4 الجرح والتعديل "8/ 180"، والتهذيب "10/ 316".

وعنه: أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وابن نُمَير، والحسن بْن محمد الزَّعْفرانيّ. وثقه أحمد. وله سَمِيّ في طبقة منصور بْن المعتمر. وقال بعض الحُفَّاظ: إنّ صاحب الترجمة لا يُحْتَجّ بِهِ، بل هُوَ صُوَيْلح. 321- مؤرَّجُ بْن عَمْرو السَّدُوسيّ البصْريّ النَّحْويّ1. أبو فَيْد، أحد أئمّة العربية واللُّغة. أخذ عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن العلاء، وشُعْبَة، والخليل بْن أحمد. وسكن نَيْسابور وبثّ بها علومه، وأخذ عَنْهُ أهلُها، وصنّف غريب القرآن. أخذ عَنْ: أحمد بْن خَالِد الذُّهْليّ، وخليل بْن أسد، وغيرهما. وكان يَقُولُ: اسمي وكنيتي غريبان. تَقُولُ العرب: أرّتّ بين القوم، إذا حَرّشت بينهم. والفَيْد وَرْدُ الزَّعْفران، وفاد الرجل فَيْدًا: مات. تُوُفّي أبو فَيْد سنة خمسٍ وتسعين ومائة. 322- موسى بْن إبراهيم بْن كثير الأنصاريّ الحزامي المدني2 -ت. ق. عَنْ: طلحة بن خِراش، ويحيى بْن عَبْد الله بْن أبي قَتَادة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحَزاميّ، وعَبده بْن عَبْد اللَّه الصَّفّار، وعلي بْن المَدِينيّ، ودُحَيْم، ويحيى بْن حبيب بْن عربيّ. صدوق، مُقِلّ. 323- موسى بن طارق -ن. أبو قرة الزبيدي3، قاضي زبيد وعالمها.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 443"، والسير "9/ 309، 310". 2 تاريخ بغداد "3/ 258". 3 التهذيب "10/ 349، 350"، والسير "9/ 346".

روى عَنْ: عُبَيْد الله بْن عُمَير، وموسى بْن عُقْبة، وابن جُرَيج، وأيمن بن نابل، وأخذ القراءة عن: نافع بن أبي نعيم. وصنّف السُّنَن. روى عَنْهُ: أحمد، وإسحاق، وصامت بْن مُعَاذ، وأبو جُمّة محمد بْن يوسف الزُّبَيْديّ. قَالَ أبو حاتم: محلُّه الصَّدْق. 324- موسى بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب. أبو الحَسَن الهاشميّ العلويّ المدنيّ1. أخو محمد وإبراهيم اللّذين حاربا المنصور. روى عن: أبيه. وعنه: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْديّ مَعَ تقدُّمه، ومروان بْن محمد الطَّاطَريّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله الهَرَويّ، وَسَلَمَةُ بْن بِشْر، وولده عَبْد الله بْن موسى. اختفى مدّةً بالبصْرة بعد قتل أخَوَيه، ثمّ أُخِذَ فَحُمِلَ إلى المنصور، فضربه سبعين سَوْطًا، ثمّ عفا عَنْهُ. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: روى شيئًا كثيرًا عَنْ أبيه. وقال يحيى بْن مَعِين: قد رَأَيْته وهو ثقة. وقال الْبُخَارِيّ: فيه نظر. وقيل: إنّه امتنع مِن التحديث، وله شِعْر حسنٌ سائر. 325- موسى بْن يحيى بْن خَالِد بْن بَرْمَك2. مِن كبار أمراء الدّولة، ولاه الرشيد إمرة الشام في أيام فتنة أَبِي الهيذام، فقدِم وأصلح بين القيسية واليمانية.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 150"، والميزان "4/ 211". 2 وفيات الأعيان "6/ 220-222".

وكان شابًا شجاعًا كافيًا ذا دَهاء ورأي. عزم المأمون أن يولّيه ثغر السَّند لشجاعته. حكى عَنْهُ: ابنه هارون، والأصمعيّ، وعليّ بْن المَدِينيّ. ولا أعلم مَتَى تُوُفّي. 326- مؤمّل بْن عبد الرَّحْمَن بْن العبّاس البصْريّ1. أبو العبّاس. حدَّث بمصر عَنْ: حُمَيْد الطّويل، وعَوْن، وابن عَجْلان، وأبي أُمَيَّة بْن يَعْلَى. وعنه: أبو يحيي الوتّار، وعبد الغني بْن عبد العزيز العسّال، وعمرو بْن سَوّار، ومحمد بْن عَبْد الله بْن ميمون، وآخرون. عِداده في الضًّعفاء. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عامّة حديثه غير محفوظ. 327- مَيْسَرةُ بنُ عَبْد ربّه التُّسْتَرِيّ2. عَنْ: سُفْيان الثَّوْريّ، وموسى بْن عُبَيْدة، وابن جُرَيج. وعنه: يحيى بْن يزيد الخوّاص، وعمر بْن مطر السَّكسكيّ. قَالَ الْبُخَارِيّ: يُرمى بالكِذب. وقال النَّسَائيّ: متروك الحديث قلت: هُوَ واضع كتاب العقل، وقد تقدّم ذِكره أيضًا. "حرف النون": 328- نَصْر بْن باب. أبو سهل الخراساني3.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 374، 375"، والتهذيب "10/ 382". 2 الجرح والتعديل "8/ 254"، والميزان "4/ 230-232". 3 الجرح والتعديل "8/ 469"، والميزان "4/ 250".

سَمِعَ: أبا إِسْحَاق السَّبِيعيّ، وإسماعيل بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأحْمَد بْن حنبل، ومحمد بْن رافع، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ، وعليّ بْن سَلَمَةَ، وأهل نَيْسابور. وثّقه أحمد. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبّان: لا يُحْتَجّ بِهِ. وقال الْبُخَارِيّ: يرمونه بالكذب. وقال غير واحد: متروك. 329- النضر بن كثير -د. ن. أبو سهل البصري العابد1. عَنْ: عَبْد الله بْن طاوس، وداود بْن أَبِي هند، ويحيى بْن سَعِيد، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعُقبة بْن مُكْرَم، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وعمر بْن شَبَّه. وقال الفلاس: كَانَ يُعَدّ مِن الأبدال. وقال أحْمَد: ضعيف الحديث. وقال الْبُخَارِيّ: عنده مناكير. "حرف الهاء": 330- هارون بْن أَبِي عيسى2 -ن. روى السّيرة النَّبويَّة عَنِ ابن إسحاق. قَالَ الْبُخَارِيّ: يخطئ عَنْ غير ابن إسحاق. قلت: حدَّث عَنْهُ ابنه عَبْد الله، وَمُعَلَّى بْن أسد.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 478"، التهذيب "10/ 443". 2 الجرح والتعديل "9/ 93"، الميزان "4/ 285".

331- هارون الرشيد1. أمير المؤمنين أبو جعفر بْن محمد المهديّ بن المنصور أَبِي جعفر عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عبد الله بْن عباس العبّاسيّ البغداديّ. استُخْلِف بعهدٍ مِن أبيه سنة سبعين ومائة عند موت أخيه الهادي. حدَّث عَنْ: أَبِيهِ، وجدّه المنصور، ومبارك بن فضالة. روى عنه: ابنه المأمون، وغيره. وكان من أميز الخلفاء، وأجل ملوك الدنيا. وكان كثير الغزو والحج كما قيل فيه: فمن يطلب لقاك أو يرده ... فبالحرمين أو أقصى الثغور مولده بالري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خراسان، في سنة ثمانٍ وأربعين ومائة. وأمه أُمّ ولد اسمها الخَيْزُران. وكان أبيض طويلا جميلا مليحًا، مُسمَّنًا، فصيحًا، لَهُ نظر في العِلْم والآداب، وقد وَخَطَه الشَّيْب. أغزاه والده أرضَ الروم وهو ابن خمس عشرة سنة. وبلغني أنّه كَانَ يصلّي في خلافته في اليوم مائة ركعة إلى أن مات. ويتصدّق كلَّ يوم مِن صُلْب ماله بألف درهم، فالله أعلم. وكان يحبّ العِلْم وأهله، ويُعظَّم حُرُمات الإسلام، ويبغض المِراء في الدّين، والكلام في معارضة النَّصّ. وكان يبكي عَلَى نفسه وعلى إسرافه وذنوبه، سيّما إذا وُعِظ. وكان يحبّ المديح ويُجيز عَليْهِ الأموال الجزيلة الجليلة. وله: شعرٌ يروق. دخل عَليْهِ مرّةً ابن السّمّاك الواعظ، فبالَغَ في احترامه، فقال لَهُ ابن السّمّاك: تواضُعك في شرفك أشرفُ مِن شَرَفك. ثمّ وعظه فأبكاه.

_ 1 الحلية "8/ 105-108"، السير "9/ 286-295".

وقد وعظه الفُضَيْل بْن عياض حتى جعل يشهق بالبكاء. وكان هُوَ أتى بنفسه إلى بيت الفُضَيْل. ومن محاسنه أنّه لمّا بلغه موتُ ابن المبارك جلس للعزاء، وأمر الأعيان أن يُعَزُّوه في ابن المبارك. قَالَ نِفْطَوَيْه في تاريخه: حكى بعض أصحاب الرّشيد أنّ الرشيد كَانَ يصلّي في اليوم مائة ركعة، لم يتركها إلا لِعلّة. وكان يقتفي آثار جدّه أَبِي جعفر، إلا في الحرْص وَالْبُخْلِ. قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ: مَا ذَكَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيدِ إِلا قَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِي. وَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَحْيَى ثُمَّ أُقْتَلُ، فَبَكَى حَتَّى انْتَحَبَ1. وعن خُرَّزاذ القائد قَالَ: كنت عند الرشيد، فدخل أبو معاوية الضّرير، وعنده رَجُل مِن وجوه قريش، فذكر أبو معاوية حديث: "احتجّ آدمُ وموسى" 2، فقال الْقُرَشِيّ: فأين لِقيه؟ فغضب الرشيد وقال: النَّطْع والسيّف، زنديق يطعن في حديث النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فما زال أبو معاوية يُسَكَّنه ويقول: يا أمير المؤمنين كانت منه بادرة، حتّى سكن3. وعن أَبِي معاوية قَالَ: أكلت مَعَ الرشيد يومًا، ثمّ صَبَّ عَلَى يديّ رجلٌ لا أعرفه. ثمّ قَالَ الرشيد: تدري مِن يصبّ عليك؟ قلت: لا!. قَالَ: أَنَا، إجلالا للعِلم. وقال منصور بْن عمّار: ما رَأَيْت أغزر دمعًا عَنِ الذّكِر مِن ثلاثة: الفُضَيْل بْن عِياض، والرشيد، وآخر. وقال عُبَيْد الله القَواريريّ: لمّا لقي الرشيد فضيلا قَالَ لَهُ: يا حَسَن الوجه، أنت المسؤول عن هذه الأمة.

_ 1 "حديث صحيح": متفق عليه. 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 157"، ومسلم "2652"، وأبو داود "4701"، وأحمد "2/ 268، 269". 3 تاريخ بغداد "14/ 7، 8".

ثنا ليث، عَنْ مجاهد: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 199] قَالَ: الْوُصَلُ التي كانت بينهم في الدنيا. فجعل هارون يبكي ويشهق. قَالَ الأصمعيّ: قَالَ لي الرشيد: يا أصمعيّ، ما أغفلك عنّا، وأجفاك لنا؟ قلت: والله يا أمير المؤمنين، ما ألاقَتْني بلادٌ بعدك حتّى أتيتك. فسكتَ، فلمّا تفرّق الناسُ قَالَ: اجلس، فلم يبق سوى الغِلمان، ما ألاقتني؟. فقال الأصمعيّ: كفاك كفّ ما تُليق بدرهم ... جودًا وأخرى تُعْطِ بالسّيف الدّما فقال: أحسنتَ، وهكذا فكنْ، وقَّرْنا في المَلأ، وعَلَّمْنا في الخلاء. وأمر لي، بخمسة آلاف دينار. رواها أبو حاتم عَنْهُ. قَالَ الثعالبيّ في كتاب لطائف المعارف: قَالَ الصُّوليّ: خَلَف الرشيد مائة ألف ألف دينار. قَالَ الثعالبيّ: وحكى غيره أنّ الرشيد خَلَف مِن الأثاث والعَين والوَرِق والجواهر والدّوابّ ما قيمته مائة ألف ألف دينار وخمسة وعشرون ألف دينار. وفي مروج المسعوديّ قَالَ: رام الرشيد أن يوصل ما بين بحر الروم وبحر القُلْزُم ممّا يلي الفَرَما، فقال لَهُ يحيى بْن خَالِد البرمكيّ: كَانَ يختطف الرومُ الناسَ مِن المسجد الحرام وتدخل مراكبهم إلى الحجاز، فتركه. وَرُوِيَ عَنْ إسحاق المَوْصِليّ أنّ الرشيد أجازه مرّة بمائتي ألف درهم. وعن العبّاس بْن الأحنف أنّ الرشيد قَالَ في خطية لَهُ مِن أشعاره: أَمَا يَكْفِيكِ أَنَّكِ تَمْلِكِينِي ... وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَبِيدِي وَأَنَّكِ لَوْ قَطَعْتِ يَدِي وَرِجْلِي ... لَقُلْتُ مِن الهوى أحسنت زِيدي1 قَالَ عَبْد الرّزّاق بْن همّام: كنتُ مَعَ الفُضَيْل بمكّة، فمرّ هارون، فقال فُضَيْل: النّاسُ يكرهون هذا، وما في الأرض أعزّ عليّ منه، لو مات لرأيت أمورًا عظامًا. قَالَ الجاحظ: اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لغيره: وزراؤه البرامكة، وقاضيه أبو

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 12".

يوسف، وشاعره مروان بْن أَبِي حفصة، ونديمه العبّاس بْن محمد عمّ أَبِيهِ، وحاجبه الفضل بْن الربيع أَتْيَه الناسِ وأعظمهم، ومغّنيه إبراهيم المَوْصِليّ، وزوجته زُبَيدة1. ويُروَى أنّ الرشيد أعطى سُفْيان بْن عُيَيْنَة مرّة مائة ألف. وأخبارُ الرشيد يطول شرحها. ومحاسنها جَمَّة، وله أخبار في الّلهْو واللَّذّات المحظورة والغناء، والله يسامحه. قَالَ أبو محمد بْن حزم: أُراه كَانَ لا يشرب النّبيذ المختلف فيه إلا الخمر المتَّفق عَلَى تحريمها، ثمّ جاهر بها جهارًا قبيحًا. قلت: تُوُفّي في الغزو بمدينة طُوس مِن خُراسان في ثالث شهر جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة، وصلّي عَليْهِ ابنه صالح، ودُفِن بطوس، رحمه الله. عاش خمسًا وأربعين سنة. 332- هاشم بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ التَّيْميّ البكْريّ2. أبو بَكْر المدنيّ الفقيه. وُلّي قضاء مصر، فقدِمَها بعد انفصال العُمريّ عَنْهَا. ولاه الأمين في سنة أربع وتسعين ومائة. وكان قد تفقَّه بالكوفة عَلَى مذهب أَبِي حنيفة، وكان يتناول النّبيذ ولم تطل ولايته. ومات في المحرَّم سنة ستٍ وتسعين ومائة. 333- هاشم بْن القاسم التَّيْميّ الكوفيّ3. روى عَنِ: الأعمش. وعنه: حُمَيْد بْن الربيع، والعباس بن يزيد البحراني.

_ 1 السابق "14/ 11". 2 الولاة والقضاة "417" للكندي. 3 لم نقف عليه.

334- هُذَيْلُ بْن ميمون الْجُعْفيّ الكوفيّ1. عَنْ: يحيى بْن أبي أنيسه، ومطرح الشّاميّ. وعنه: محمد بْن الصّبّاح الجرجرائيّ، وأحمد بْن حنبل. 335- هشام بْن سليمان بْن عِكرمة بْن خَالِد المخزوميّ الْمَكَّيّ -م. ق. عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وابن جُرَيج، ويونس بْن يزيد الأَيْليّ. وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وسعيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزومي، وسُوَيد بْن سَعِيد، ومحمد العَدَنيّ. صَدْوق فيه أدنى شيء، وله أثر في البيوع مِن الْبُخَارِيّ. 336- هشام بْن عَبْد الله بْن عِكْرمة بْن خالد المخزوميّ الْمَكَّيّ1. ابن عم الَّذِي قبله من نبلاء الشرفاء. صحب هشام بن عُرْوَة، وَكَانَ من خاصته، فأكثر عَنْهُ، إلا أَنَّهُ لم يحدث. وَكَانَ جليل القدر يحتسب، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر. ذكر هَذَا ابن سَعْد، ثُمَّ قَالَ: دخل على الرشيد، فدعا لَهُ، -وكلمه بكلامٍ أعجبه، ووعظه، فولاه قضاء المدينة، وأجازه بأربعة آلاف دينار. وَكَانَ سخيا، وصولا لرحمه. قُلْتُ: كنيته أَبُو الوليد. وقد غمزه ابن حبان لأجل الحديث الذي أخبرناه أحمد بن محمد الْحَافِظُ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنَا أَبُو الْمُنَجَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. ح، وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُؤَيَّدِ، أَنَا زَكَرِيَّا الْعُلِيُّ قَالا: أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا يُبْنَى الْهَرْثَمِيَّةُ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، ثَنَا الْبَغَوِيُّ، نا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِمْلاءً سَنَةَ ثمانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 113". 2 الطبقات الكبرى "5/ 442"، والميزان "4/ 300".

عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْتَمِسُوا الرِّزْقَ فِي خَبَايَا الأَرْضِ"1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مُصْعَبٌ، عَنْ هِشَامٍ. قَالَ عَبْد الملك بن حبيب الفقيه: قَالَ لي مُطَرِّف بن عَبْد الله: أتى هشام بن عَبْد الله وَهُوَ قاضي المدينة، ومن صالح قضاتها برجلٍ خبيثٍ معروف باتباع الصبيان، قد لصق بصبي في زحمةٍ حَتَّى أفضى. فجلده أربعمائة سوط وسجنه، فما لبث أن مات. 337- هشام بن يوسف الصنعاني الفقيه2 -خ. 4. أبو عبد الرحمن قاضي صنعاء وعالمها. روى عَنْ: ابن جُرَيج، ومَعْمَر، والثَّوْريّ، والقاسم بْن فياض، وجماعة. وعنه: ابن المَدِينيّ، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وإسحاق بْن راهَوَيْه، وابن مَعِين، وعبد الله بْن محمد المُسنْديّ، وجماعة. قَالَ ابن مَعِين: هُوَ أثبت من عبد الرزاق في ابن جُرَيج. وقال أبو حاتم: ثقة متقنّ. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ بعض أصحابنا قَالَ مرةً: قَالَ يحيى بْن مَعِين: كتب لي عَبْد الرّزّاق إلى هشام قَالَ: إنّك تأتي رجلا إنّ كَانَ غيّره السلطان، فإنّه لم يغيّر حديثه. وقال يحيى: مكثنا عَلَى باب هشام بْن يوسف خمسين يومًا، لا يحدّثنا بحديث، نذهب معه إلى باب الأمير. وقال أحمد: سَمِعْتُ عَبْد الرّزّاق قَالَ: أتاه، يعني يحيى، فأجزره شاةً، وفعل به وفعل. قال أحمد: هشام ألأم مِن أن يُذْبَح لَهُ. قلت: توفي سنة سبعٍ وتسعين ومائة.

_ 1 "حديث منكر": أخرجه ابن حبان "3/ 91"، في المجروحين، وانظر: كشف الخفاء "1/ 202، 361". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 70، 71"، والسير "9/ 580-582".

قَالَ إبراهيم بْن موسى الفرّاء: سَمِعْتُ هشام بْن يوسف يَقُولُ: قدِم الثَّوْريّ اليمنَ، فقال: اطلبوا لي كاتبًا سريع الخطّ. فارتادوني، فكنت أكتب. قَالَ أبو زُرْعة: هشام أصحّ اليَمانيّين كتابًا. وقال عبد الرّزّاق: إنْ حدّثكم القاضي فلا عليكم أن لا تكتبوا عَنْ غيره. 338- الهيثم بْن مروان العَنْسيّ1. أبو الحَكَم الدّمشقيّ. عَنْ: يونس بْن مَيْسَرة. وعنه: هشام بْن عمّار، ومحمود بْن خَالِد، وأبو همام السكوني، وجماعة. وعمر دهرًا، لم أرد لأحدٍ فيه كلامًا. محلُّه الصَّدْق. مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. "حرف الواو": 339- والبة بْن الحُباب. أبو أسامة الكوفيّ2. شاعر مشهور، مُحِسن النَّعْت للغزل والخمر عَلَى منهاج الشُّعَراء. وكان بينه وبين أَبِي العَتَاهية مُهَاجاة. وكان أبو نُواس يُثْني عَلَى شِعْره. ولما مات والبة رثاه أبو نُواس. 340- وَرْش المقرئ3. عثمان بْن سَعِيد بْن عَبْد الله بْن عَمْرو بْن سليمان.

_ 1 انظر: التهذيب "11/ 99". 2 وفيان الأعيان "2/ 95، 96". 3 الجرح والتعديل "6/ 153"، والسير "9/ 295-299".

وقيل: عثمان بْن سَعِيد بْن عَدِيّ بْن غَزْوان بْن داود بْن سابق القبطيّ الْمَصْرِيّ المقرئ. إمام القراء أبو سعيد، ويقال: أو عمرو، ويقال: أبو القاسم. أصله مِن القَيْروان، وعِدادُه في مَوَالِي آل الزُّبَيْر بْن العوّام. ويقال لَهُ الرّآس. وشيخه نافع هُوَ الَّذِي لقّبه بِورْش لشدّة بياضه. والوَرْش: شيء يُصنع مِن اللَّبن. وقيل: بل لقبه وَرْشان، باسم طائر معروف. فكان يُعجبه هذا الَّلقب ويقول: أستاذي نافع سمّاني بِهِ. ويفتخر بذلك. وكان في حداثته رأسًا في ما قِيلَ، ثمّ اشتغل وبرع في التلاوة، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالدّيار المصرية. وكان بصيرًا بالعربية. وكان أبيض أشقر أزرق، سمينًا مربوعًا، يلبس ثيابًا، قصارًا. مولده سنة عشر ومائة، وكذا أرّخه الأهوازي. وكانت قراءته عَلَى نافع في سنة خمسٍ وخمسين ومائة. قَالَ أبو عَمْرو الدّانيّ: تلا عَلَى نافع ختْمات كثيرة، ثمّ رجع إلى مصر. قلتُ: قرأ عَليْهِ: أبو يعقوب الأزرق، وأحمد بْن صالح، وداود بْن أَبِي طيْبة، وأبو الأزهر عبد الصمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العتَقيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وطائفة سواهم. وقد وقع لي إسناد القرآن العظيم مِن طريقه في غاية العُلُوّ: تلوتُ كتابَ الله عَلَى سُحْنُون الفقيه، عَنْ قراءته عَلَى ابن الصَّفْراويّ، عَنِ ابن عطية، عَنِ ابن الفحّام، عَنِ ابن نفيس، عَنْ أَبِي عَدِيّ، عَنْ أَبِي بَكْر بْن سيف، عَنِ الأزرق، عَنْ وَرْش، عَنْ نافع، عَنْ خمسةٍ مِن أصحاب أُبيّ بْن كعب، وزيد، عَنِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد استوفيت أخبار وَرْش في "طبقات القرّاء". وهو ثَبْت حُجّة في القراءة. مات بمصر في سنة وتسعين ومائة؛ ولا أعلمه روى حديثًا.

341- وكيع بن الجراح بن مليح1 -ع. الإمام أبو سفيان الرؤاسي الأعور الكوفي. أحد الأعلام. ورُؤاس بطنٌ مِن قيس عَيْلان. ولد سنة تسعِ وعشرين ومائة، وأصله مِن خُراسان. سَمِعَ مِن: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وابن عَوْن، وابن جُرَيج، وداود بْن يزيد الأوْديّ، وأسود بْن شيبان، ويونس بن أبي إسحاق، وهشام بْن الغاز، والأوزاعي، وشُعْبَة، والثَّوْريّ، وإسرائيل، وجعفر بن برقان، وحنظلة بْن أَبِي سُفيان، وزكريا بْن أَبِي زائدة، وطلحة بْن عَمْرو الْمَكَّيّ، وطلحة بْن يحيى التَّيْميّ، وفضيل بْن غزوان، وموسى بْن عليّ، وهشام الدَّسْتُوائيّ، وأبي جِناب الكلبيّ، وخلْق. وعنه: ابن المبارك وهو أكبر منه، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، ويحيى بْن آدم، والحُمَيْديّ، ومُسددَّ، وأحمد بْن حنبل، وإسحاق، وابن المَدِينيّ، وابن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، وابنا أَبِي شَيبة، وأبو كُرَيْب، وعبد الله بْن هاشم الطّوسيّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله القصّار، وأُمَم سواهم. وكان رأسًا في العِلْم والعمل. وكان أَبُوهُ الجرّاح بن مليح بن عدي بن فرس بن جُمجمة ناظرًا عَلَى بيت المال بالكوفة. وقد أراد الرشيد أن يُوليّ وكيعًا القضاءَ فامتنع. قال يحيى بن يمان: لما مات الثوري، جلس وكيع موضعه. قال القعنبي: كنا عند حماد بن زيد، فلما خرج وكيع قَالُوا: هذا راوية سُفْيان. فقال حمّاد: إنّ شئتم قلت: أرجح مِن سُفْيان. وعن يحيى بْن أيّوب المَقَابِريّ قَالَ: ورث وكيع مِن أمّه مائة ألف درهم. وقال الفضل بْن محمد الشّعرانيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن أكثم يَقُولُ: صحِبْت وكيعًا في الحَضَر والسَّفَر، وكان يصوم الدَّهر، ويختم القرآن كل ليلة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "90/ 37-39"، والسير "9/ 140-168".

قَالَ يحيى بْن مَعِين: وكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه. وقال أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت أوعى للعِلم ولا أحفظ مِن وكيع. وقال أحمد بْن سهل بْن بحر النَّيْسابوريّ الحافظ: دخلت عَلَى أحمد بْن حنبل بعد المحنة، فسمعته يَقُولُ: كَانَ وكيع إمام المسلمين في وقته. وروى نوح بْن حبيب، عَنْ عَبْد الرّزّاق قال: رأيت الثوري ومَعْمَرا ومالكًا، فما رأت عيناي مثل وكيع قط. وقال ابن معين: ما رأيت أفضل من وكيع. كان يحفظ حديثه، ويقوم الليل، ويسرد الصوم، ويفتي بقول أبي حنيفة. وكان يحيى القطان يفتي بقول أبي حنيفة أيضًا. وقال قتيبة: سَمِعْتُ جريرًا يَقُولُ: جاءني ابن المبارك. فقلت: مِن رَجُل الكوفة اليوم؟ فسكت عنّي ثمّ قَالَ: رَجُل المصْرَين ابن الجرّاح، يعني وكيعًا. قَالَ سَلْم بْن جُنادة: جالستُ وكيعًا سبْعٍ سنين، فما رَأَيْته بَزَق، ولا مسّ حَصاةً، ولا جلس مجلسًا فتحرّك. ولا رَأَيْته إلا استقبل القِبلة، وما رَأَيْته يحلف بالله. وقد روى غير واحدٍ أنّ وكيعًا كَانَ يترخّص في شُرب النَّبيذ. قَالَ إسحاق بْن بُهْلُولٍ الحافظ: قِدم علينا وكيع، يعني الأنبارَ، فنزل في المسجد عَلَى الفُرات. فصِرت إِليْهِ لأسمع منه. فطلب منّي نبيذًا، فجئته بِهِ، فأقبل يشرب وأنا أقرأ عَليْهِ. فلمّا نفذ أطفأ السراج، فقلت: ما هذا؟. قال: لو زدتنا لزدناك!. وقال أبو سَعِيد الأشجّ: كنّا عند وكيع، فجاءه رَجُل يدعوه، إلى عُرْسٍ فقال: أثَمَّ نبيذ؟ قَالَ: لا! قَالَ: لا نحضُر عرسًا لَيْسَ فيه نبيذ. قَالَ: فإنيّ آتيكم بِهِ. فقام. قَالَ ابن مَعِين: سال رَجُل وكيعًا أنّه شربَ نبيذًا، فرأى في النّوم كأن رجلا يقول

له: إنّك شربت خمرًا. فقال وكيع: ذاك الشيطان1. وقال نُعَيْم بْن حمّاد: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: هُوَ عندي أحلّ مِن ماء الفُرات. ويُروى عَنْ وكيع أنّ رجلا أغلظ لَهُ، فدخل بيتًا فعقر وجهه ثمّ خرج إلى الرجل وقال: زد وكيعًا بذنْبه. فلولاه ما سُلَّطت عَليْهِ. وقال إبراهيم بْن شِمَاس: لو تمنّيت كنت أتمني عقل ابن المبارك وورعه، وزُهد فُضَيْل ورِقَّته، وعِبادة وكيع وحِفظه، وخشوع عيسى بْن يونس، وصبر حُسين الْجُعْفيّ. وقال نصر بْن المغيرة البخاريّ: سَمِعْتُ إبراهيم بْن شِماس يَقُولُ: رَأَيْت أفقه الناس وكيعًا، وأحفظ الناس ابن المبارك، وأورع الناس فُضَيْل بْن عِياض. وقال مروان بن محمد الطّاطَريّ: ما رأيتُ فيمن رَأَيْت أخشع مِن وكيع. وما وُصفَ لي أحدٌ قطّ إلا رَأَيْته دون الصّفة، إلا وكيعًا، فإنّي رَأَيْته فوق ما وُصِفَ لي. قَالَ سَعِيد بْن منصور: قِدم وكيع مكّة، وكان سمينًا، فقال له الفضيل بن عياض: ما هذال السُّمْن وأنت راهبُ العراق؟. قَالَ: هذا مِن فرحي بالإسلام! فأفحمه. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: ما كان بالكوفة في زمان وكيع أفقه ولا أعلم بالحديث منه. وقال أبو داود: ما رُؤي لوكيع كتاب قط، ولا لهُشَيم، ولا لحمّاد، ولا لمَعْمَر. قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رأت عيني مثل وكيع قطّ. يحفظ الحديث، ويذاكر بالفقه، فيحسن مع ورع واجتهاد. ولا يتكلّم في أحد. قَالَ حمّاد بْن مَسْعَدة: قد رَأَيْت سُفْيان الثَّوْريّ، فما كَانَ مثل وكيع. وقال أحمد أيضًا: ما رَأَيْت أوعى للعلم مِن وكيع. كَانَ حافظًا. وقال ابن أَبِي خَيْثَمَة، وغيره: سمعنا يحيى بْن مَعِين يَقُولُ: مِن فضّلَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ على وكيع فعليه، وذكر اللعنة2.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 472". 2 تاريخ بغداد "13/ 478".

قلت: ما أدري ما عُذر يحيى في هذا اللعن. وقال أبو حاتم: وكيع أحفظ مِن ابن المبارك. وقال أحمد بْن حنبل: عليكم بمُصَنَّفات وكيع. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: كان وكيع يلحن، ولو حَدّثت عَنْهُ بألفاظه لكان عجبًا. كَانَ يَقُولُ: عَنْ عَيْثة. وروى أبو هشام الرفاعيّ، وغيره، عَنْ وكيع قَالَ: مَن زعم أنّ القرآن مخلوق فقد كفر. قَالَ وكيع: الجهر بالبسملة بِدْعة. سمعها أبو سَعِيد الأشجّ منه. قَالَ أحمد بْن زُهير: نا محمد بْن يزيد: حدَّثني حُسين أخو زيدان قَالَ: كنتُ مَعَ وكيع، فأقبلنا جميعًا مِن المصَّيصة أو طَرَسُوس فأتينا الشامَ. فما أتينا بلدًا، إلا استقبلنا واليها، وشهدْنا الجمعة بدمشق. فلمّا سلّم الإمام أطافوا بوكيع، فما انصرف إلى أهله. فحدّثت بِهِ مليحًا ولدهُ فقال: رأيتُ في جسده آثارًا خضراء مما زُحِم. قَالَ الفضل بْن عَنْبَسة: ما رَأَيْت مثل وكيع مِن ثلاثين سنة. محمود بْن غَيْلان: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: اختلفتُ إلى الأعمش سنتين. قَالَ ابن راهَوَيْه: حِفْظي وحِفْظ ابن المبارك تكلُّف. وحفظ وكيع أصلي. قام وكيع واستند وحدث بسبعمائة حديث حفظًا. وقال محمود بْن آدم: تذاكر بِشْر بْن السَّريّ ووكيع ليلة وأنا أراهما مِن العشاء، إلى أن نُودي بالصبُّح. فقلت لبِشْر: كيف رَأَيْته؟. قَالَ: ما رأيت أحفظ منه. وكذا قَالَ سهل بْن عثمان: ما رأيت أحفظ مِن وكيع. وقال عَبْد الله بْن أحمد: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: وكيع مطبوع الحفظ، كان حافظًا حافظًا، كَانَ أحفظ مِن عَبْد الرَّحْمَن بكثير. وقال ابن نُمَير: كانوا إذا رأوا وكيعًا سكتوا. يعني في الحِفظ والإجلال.

وقال أبو حاتم: سُئِل أحمد عَنْ وكيع، ويحيى، وابن مهديّ فقال: كَانَ وكيع أسردهم. قَالَ أبو زُرعة الرّازيّ: سَمِعْتُ أبا جعفر الجمّال يَقُولُ: أتينا وكيعًا، فخرج بعد ساعة وعليه ثياب مغسولة، فلمّا بصُرنا بِهِ فزعنا مِن النّور الَّذِي رأينا يتلألأ مِن وجهه. فقال رجل بجنبي: أهذا مَلَك؟ فتعجّبنا مِن ذَلِكَ النّور. قَالَ أحمد بْن سِنان القطّان: رأيتُ وكيعًا إذا قام في الصلاة لَيْسَ يتحرّك منه شيء، لا يزول ولا يميل عَلَى رِجلٍ دون الأخرى. وقال أحمد بْن أَبِي الحواريّ: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: ما نعيش إلا في سُترة، ولو كُشِف الغطاء لكُشِف عَنْ أمرٍ عظيم. وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: الصَّدْق النِّيّة. قَالَ صالح بْن أحمد: قلت لأبي: أيهُّما أصلح، وكيع أو يزيد؟. فقال: ما منهما والحمد لله إلا كلّ، ولكنّ وكيع لم يختلط بالسلطان. قَالَ الفلاس: ما سَمِعْتُ وكيعًا ذاكرًا أحدًا بسوءٍ قط. وقال ابن عمّار: أحْرَمَ وكيع مِن بيت المقدس. وقال ابن سعْد: كَانَ وكيع ثقة مأمونًا رفيعًا كثير الحديث حُجّة. وقال محمد بْن خَلَف التَّيْميّ: أَنَا وكيع قَالَ: أتيتُ الأعمش فقلت: حدَّثني. قَالَ: ما اسمك؟. قلت: وكيع!. قَالَ: اسمٌ نبيل، وما أحسب إلا سيكون لك نبأ. أَيْنَ تنزل مِن الكوفة؟. قلت: في بني رؤاس!. قال: ابن من منزل الجراح؟. قلت: هو أبي. وكان عَلَى بيت المال. قَالَ: اذهب فجئني بعطائي، وتعال حتى أحدثك بخمسة أحاديث.

فجئت أب فقال: خذ نصف العطاء واذهب. فإذا حدّثك بالخمسة فخذ النصف الآخر، حتّى تكون عشرة. فأتيته بذلك، فأملي عليّ حديثين، فقلت: وعدتني خمسة. قَالَ: فأين الدراهم كلّها؟ أحسب أن أباك درّبك بهذا ولم يدرِ أنّ الأعمش مدرَّب قد شهد الوقائع. قَالَ: فكنت إذا جئته بالعطاء في كلّ شهر حدَّثني بخمسة. قَالَ قاسم الحَرَميّ: كَانَ سُفْيان يتعجبّ مِن حفظ وكيع ويقول: تعال يا رُؤاسي، ويتبسَّم1. قَالَ ابن عمّار: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: ما نظرت في كتابٍ منذ خمس عشرة سنة، إلا في صحيفة يومًا. فقلت لَهُ: عَدّوا عليك بالبصرة أربعة أحاديث غلطت فيها. قَالَ: وحدثتهم بعبادان بنحو من ألف وخمسمائة حديث. أربعة ما هِيَ كثيرة في ذَلِكَ. قَالَ ابن مَعِين: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: ما كتبتُ عَنِ الثَّوْريّ: حَدَّثَنَا قطّ. إنّما كنت أحفظ، فإذا رجعتُ كتبتها. قَالَ يحيى بْن يَمَان: نظر سُفيان في عينيّ وكيع فقال: لا يموت هذا حتى يكون لَهُ شأن. فمات سُفْيان وجلس وكيع مكانه. قَالَ سليمان الشاذكونيّ: قَالَ لنا أبو نُعَيْم: ما دام هَذَا التَّنَّين حيًا ما يُفلح أحدٌ معه. يعني وكيعًا. وقال يحيى بْن أيّوب العابد: حدَّثني صاحب لوكيع أنّ وكيعًا كَانَ لا ينام حتّى يقرأ ثُلُث القرآن، ثمّ يقوم في آخر اللَّيْلِ فيقرأ المفصَّل، يجلس فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر. قَالَ إبراهيم بْن وكيع: كَانَ أَبِي يصلّي اللَّيْلَ، فلا يبقي في دارنا أحدٌ إلا صلّي، حتى جارية لنا سوداء. ابن مَعِين: سمعتُ وكيعًا يقول: أي يوم لنا من الموت.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 475".

وأخذ وكيعًا في قراءة كتاب الزُّهْد، فلمّا بلغ حديثًا منه قام فلم يحدّث، وكذا فعل مِن الغد. وهو حديث: "كن في الدنيا كأنّك غريب" 1. الدّارَقُطْنيّ: نا القاضي أبو الحَسَن محمد بْن علي بْن أمّ شيبان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن بْن سُفيان، عَنْ وكيع، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبِي يجلس لأصحاب الحديث مِن بكرة إلى ارتفاع النهار، ثمّ ينصرف فيقبل، ثمّ يصلّي الظهر، ويقصد طريق المشرعة التي يصعد منها أصحاب الزوايا، فيريحون نواضحهم، فيعلّمهم مِن القرآن ما يؤدّون بِهِ الْفَرْضَ إلى حدود العصر، ثمّ يرجع إلى مسجده، فيصلّي العصر، ثمّ يجلس يتلو ويذكر الله إلى آخر النهار. ثمّ يدخل منزله فيُفْطر عَلَى نحو عشرة أرطال نبيذ، فيشرب منها، ثمّ يصلّي وِرده، كلّما صلّي ركعتين شرب منها حتّى ينفذها ثمّ ينام2. قَالَ نُعَيْم بْن حمّاد: تعشَّينا عند وكيع، فقال: أيّ شيء تريدون أجيئكم بنبيذ الشيوخ أو نبيذ الفتيان؟ فقلت: تتكلّم بهذا؟!. قَالَ: هُوَ عندي أحلّ مِن ماء الفُرات. قلت: ماء الفرات لم يُختلف فيه، وقد اختُلف في هذا. وقال الفسَويّ: قد سُئل أحمد إذا اختلف وكيع وعبد الرَّحْمَن فقال: عَبْد الرَّحْمَن يوافق أكثر خاصّة في سُفْيان. وعبد الرَّحْمَن كَانَ يسلّم عَليْهِ السَّلَف ويجتنب المسكِر، ولا يرى أن يزرع في أرض الفرات. وقال عَبَّاس: قلت لابن مَعِين: إذا اختلف وكيع وأبو معاوية في حديث الأعمش، قالَ: يوقف حتى يجيء مِن يتابع أحدهما. ثمّ قَالَ: كانت الرحلة إلى وكيع في زمانه. قَالَ ابن مَعِين: لقيت عند مروان بْن معاوية لوحًا فيه: فلان رافضيّ، وفلان كذا، ووكيع رافضيّ، فقلت لمروان: وكيع خيرٌ منك. فبلغ وكيعًا ذَلِكَ، فقال: يحيى صاحبنا. وكان بعد ذَلِكَ يعرف لي ويُرَحَّب.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 110"، والترمذي "2333"، وابن ماجه "4114"، والطبراني "1/ 30" في الصغير. 2 تاريخ بغداد "13/ 471".

قَالَ أحمد بن سنان: كَانَ وكيع يكونون في مجلسه كأنّهم في صلاة. فإن أنكر مِن أحدٍ شيئًا قام. وكان عَبْد الله بْن نُمَير يغضب ويصيح، وإذا رَأَى مِن يبري قلمًا تغيّر وجهه غضبًا. قَالَ تميم بْن محمد الطّوسيّ: سَمِعْتُ أحمد يَقُولُ: عليكم بمُصَنَفَّات وكيع. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ قال: أخطأ وكيع في خمسمائة حديث. قَالَ أبو هشام الرفاعيّ: سمعتُ وكيعًا يَقُولُ: مَن زعم أنّ القرآن مخلوق فقد زعم أنّه مُحدَث، ومن زعم أنّ القرآن مُحدَث فقد كفر. فيقول: احتجّ بعض المبتدعة بقول الله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ} [الأنبياء: 2] مُحْدَث، وبقوله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] ، وهذا قَالَ فيه علماء السلف معنا، وأنّه أحدث إنزاله إلينا، وكذا في الحديث الصحيح: "إنّ الله يُحدِث مِن أمره ما شاء" 1. وإنّ ممّا أحدث أن لا تكلّموا في الصلاة. فالقرآن العظيم كلام الله ووحيه وتنزيله، وهو غير مخلوق. قَالَ أحمد بْن الحواري: ذكرت لابن مَعِين وكيعًا، فقال: وكيع عندنا ثَبْت. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَكَم بْن بشير: وكيع، عَنْ سُفْيان غاية الإسناد، لَيْسَ بعده شيء. ما أعدل بوكيع أحدًا. فقيل لَهُ: أبو معاوية، فنفَر مِن ذَلِكَ. نوح بْن حبيب: نا وكيع، ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ قَالَ: حضرت موت سُفْيان، فكان عامّة كلامه: ما أشدّ الموت. قَالَ نوح: فأتيتُ ابن مهديّ وقلتُ: حَدَّثَنَا وكيع عنك، وحَكيت لَهُ الكلام، وكان متَّكئًا فقعد وقال: أَنَا حدّثت أبا سُفْيان؟ جزى الله أبا سُفْيان خيرًا، ومن مثل أَبِي سُفْيان، وما يقال لمثل أبي سفيان.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "9/ 187"، أبو داود "924"، والنسائي "3/ 19"، والطيالسي "485"، وأحمد "1/ 463".

عليّ بْن خَشْرم: نا وكيع، عَنْ إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، عَنْ عَبْد الله البهيّ، أنّ أبا بَكْر الصديق جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد وفاته، فأكبّ عَليْهِ فقبّله وقال: بأبي أنت وأميّ، ما أطيب حياتك ومماتك1. ثمّ قَالَ البهيّ: وكان النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُرِك يومًا وليلة حتى ربَا بطنُه، وأنثنت خِنْصراه. قَالَ ابن خشرم: فلمّا حدّث وكيع بهذا بمكة اجتمعت قريش وأرادوا صَلْبه، ونصبوا خشبة ليصلبوه، فجاء ابن عُيَيْنَة، فقال لهم: الله، هذا فقيه أهل العراق وابن فقيهه، وهذا حديث معروف. قَالَ: ولم أكن سمعته، إلا أنّي أردت تخليص وكيع. قَالَ ابن خشرم: سمعته مِن وكيع بعدما أرادوا صلبه. فتعجّبت مِن جسارته. وأُخْبِرتُ أنّ وكيعًا احتجّ فقال: إنّ عِدّةً مِن الصحابة منهم عُمَر قَالُوا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يمت، فأحبّ الله أن يُريهم آية الموت. رواها أحمد بْن محمد بْن عليّ بْن رَزِين الباشانيّ، عَنْ عليّ بْن خشرم. ورواها قُتَيْبة، عَنْ وكيع. وَهَذِهِ هفوة مِن وكيع، كادت تَذهب فيها نفسه. فما لَهُ ولرواية هذا الخبر المنكرَ المنقطع؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ"2. ولولا أنّ الحافظ ابن عساكر وغيره ساقوا القصّة في تواريخهم لتركتها وَلَمَا ذكرتها، ولكنْ فيها عِبرة. قَالَ الفَسويّ في تاريخه: وفي هذه السَّنَةِ حدَّث وكيع بمكة عَنْ إسماعيل، عَنِ البهيّ، وذكر الحديث. قَالَ: فرُفِع إلى العثماني فحبَسه، وعزم عَلَى قتله، ونُصِبت خشبته خارج الحرم. وبلغ وكيعًا وهو محبوس. قَالَ الحارث بْن صِدّيق: فدخلت عَليْهِ لمّا بلغني، وقد سَبقَ إليه الخبر.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1341"، "1342"، والنسائي "4/ 11"، وأحمد "6/ 220". 2 "حديث صحيح": وأخرجه مسلم "المقدمة/ 5"، وابن أبي شيبة "8/ 408"، وأبو داود "4992".

قَالَ: وكان بينه وبين سُفْيان بْن عُيَيْنَة يومئذ تَبَاعد فقال: ما أرانا إلا قد اضطُّررنا إلى هذا الرجل واحتجْنا إليه، يعني سُفْيان. فقلت: دعْ هذا عنك، فإنْ لم يُدرك قُتِلْتَ. فأرسل إليه وفزع إليه. فدخل سُفْيان عَلَى العثمانيّ فكلّمه فيه. والعثماني يأبى عَليْهِ، فقال لَهُ سُفْيان: إنّي لك ناصحُ. إنّ هذا رجل مِن أهل العِلْم، وله عشيرة، وولده بباب أمير المؤمنين، فَتُشخَص لمناظرتهم. قَالَ: فعمل فيه كلام سُفْيان، وأمر بإطلاقه. فرجِعتُ إلى وكيع فأخبرته. وأُخرِجَ، فركب حمارًا، وحملناه ومتاعه، فسافر. فدخلت عَلَى العثمانيّ مِن الغد وقلت: الحمد لله الَّذِي لم تُبْلَ بهذا الرجل، وسلَّمك الله. قَالَ: يا حارث ما ندمت على شيء ندامتي على تخيلته. خطر ببالي هذه الليلة حديث جَابِر بْن عبد الله قَالَ: حوّلت أَبِي والشهداء بعد أربعين سنة فوجدناهم رِطابًا يُثبتون، لم يتغيّر منهم شيء1. قَالَ الفسويّ: فسمعت سَعِيد بْن منصور يَقُولُ: كنّا بالمدينة، فكتب أهل مكّة، إلى أهل المدينة بالذي كَانَ مِن وكيع، وقالوا: إذا قِدم عليكم فلا تتّكلوا عَلَى الوالي، وارجموه حتى تقتلوه. قَالَ: ففرضوا عليَّ ذَلِكَ، وبلَغنا الَّذِي هُمْ عَليْهِ. فبعثنا بريدًا إلى وكيع أن لا يأتي المدينة، ويمضي عَنْ طريق الرَّبَذَة، وكان قد جاور مفرق الطريقين. فلمّا أتاه البريد ردَّ ومضى إلى الكوفة. وقد ساق ابن عدي هذه الواقعة في ترجمة عَبْد المجيد بن أَبِي روّاد، ونقل أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أفتى بقتل وكيع. وقال: أَخْبَرَنَا محمد بْن عيسى المَرْوَزِيّ فيما كتب إليّ، ثنا أبو عيسى محمد، نا العبّاس بنُ مُصْعَب، نا قُتَيْبة، نا وكيع، نا ابن أَبِي خَالِد، فساق الحديث. ثمّ قَالَ قُتَيْبة: حدَّث وكيع بهذا سنة حجّ الرشيد، فقدموه إليه، فدعا الرشيد

_ 1 المعرفة "1/ 175، 176" للفسوي.

سُفْيان بْن عُيَيْنَة وعَبْد المجيد. فأمّا عَبْد المجيد فإنّه قَالَ: يجب أن يُقْتَلَ، فإنّه لم يروِ هذا إلا مِن في قلبه غشٌّ للنَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال سُفْيان: لا قتْلَ عَليْهِ، رجلٌ سَمِعَ حديثًا فرواه. المدينة شديدة الحرّ. تُوُفّي النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتُرِك ليلتين لأنّ القوم كانوا في إصلاح أمر الأمّة. واختلفت قريش والأنصار، فمن ذَلِكَ تغيَّر. قَالَ قُتَيْبة: فكان وكيع إذا ذَكَر فعل عَبْد المجيد قَالَ: ذاك جاهلٌ سمعَ حديثًا لم يَعرف وجهه، فتكلَّم بما تكلّم. عَنْ مليح، عَنْ وكيع قَالَ: لما نزل بأبي الموت أخرج يديه وقال: يا بُنيّ ترى يديى ما ضربتُ بها شيئًا قطّ. قَالَ مليح: فحدَّثني داود بْن يحيى بْن يَمَان قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوم، فَقُلْتُ: يَا رسول الله مِن الأبدال؟. قَالَ: الذين لا يضربون بأيديهم شيئًا، وإنّ وكيعًا منهم قلتُ: بل مَن ضربَ بيديه في سبيل الله فهو أفضل1. قال عليّ بْن عَثّام: مرض وكيع فدخلنا عَليْهِ، فقال: إنّ سُفْيان أتاني فبشّرني بجواره، فأنا مبادرٌ إِليْهِ. غُنْجار في تاريخه: نا أحمد بْن سهل: سمعتُ قيس بْن أنيف: سَمِعَت يحيى بْن جعفر: سَمِعْتُ عَبْد الرّزّاق يَقُولُ: يا أهل خُرَاسان، إنّه نُعِيَ لي إمام خُرَاسان، يعني وكيعًا. قَالَ: فاهتممنا لذلك. ثمّ قَالَ: بُعْدًا لكم يا معشر الكلاب، إذا سمعتم مِن أحدٍ شيئًا اشتهيتم موته. قُلْتُ: ومن جسارة وكيع كونه حج بعد تيك المحنة. قال أبو هشام الرفاعيّ: مات وكيع سنة سبْعٍ وتسعين ومائة يوم عاشوراء وَدُفِنَ بفَيْد، يعني راجعًا مِن الحجّ. وقال أحمد: حجّ وكيع سنة ستٌّ وتسعين ومائة، ومات بفيد.

_ 1 الحلية "8/ 371".

342- الوليد بْن عُقْبة بْن المغيرة الشَّيْبانيّ الطّحّان الكوفيّ1 -د. أخو محمد. روى عَنْ: حنظلة بْن أَبِي سُفْيان، وحمزة الزّيّات، وزائدة. وعنه: أحمد، وإسحاق، وعليّ بْن محمد الطنافسيّ، ومحمد بْن رافع، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صَدُوق. وقَالَ أبو داود: لَيْسَ بِهِ بأس. 343- الوليد بْن كثير المُزَنّي المدنيّ2 -ن. نزيل الكوفة. روى عَنْ: ربيعة الرأي، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، والضّحّاك بْن عثمان. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، ويوسف بْن عَدِيّ، وأخوه زكريّا. قَالَ أبو حاتم. يكتب حديثه. 344- الوليد بن مسلم3 -ع. الإمام أبو العبّاس الأُموي، مولاهم الدّمشقيّ، أحد الأعلام. قرأ القرآن عَلَى يحيى الذَّماريَّ، وحدَّث عَنْهُ، وعن: ثور بْن يزيد، وابن جُرَيج، وابن عَجْلان، وَالْمُثَنَّى بْن الصّبّاح، ويزيد بْن أبي مريم، وصَفْوان بْن عَمْرو، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، والثَّوْريّ، ومالك، والليث، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وأبي بَكْر بْن مريم، وعُفَير بْن مَعْدان، ومروان بْن جَناح، وعثمان بْن أَبِي العاتكة، وخلْق. وعنه: اللَّيْثُ بْن سعْد شيخه، وبقيّة، وابن وهب، وأحمد بن حنبل، ودحيم،

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 12"، والتهذيب "11/ 144". 2 الجرح والتعديل "9/ 14"، التهذيب "11/ 147". 3 الجرح والتعديل "9/ 16، 17"، والسير "9/ 211، 220".

وأبو خَيْثَمَة، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وإسحاق بْن موسى الخطْميّ، وموسى بْن عامر المُرّيّ، ومحمد بْن مُصَفَّى، ومحمود بْن غَيْلان، وعَمرو بْن عثمان، وخلْق كثير. وصنّف التصانيف. قَالَ محمد بْن سعْد: كَانَ الوليد ثقة كثير الحديث والعلم. حجّ سنة أربعٍ وتسعين ومائة، ثمّ رجع فمات بالطريق. وقال دُحَيْم: مولده سنة تسع عشرة ومائة. قَالَ ابن عساكر: قرأ عَليْهِ: هشام بْن عمّار، والربيع بْن ثعلب. وقال الفسويّ: سَأَلت هشام بْن عمّار عَنِ الوليد، فأقبل يصف عِلمَه وورعه وتواضُعه. وقال: كَانَ أَبُوهُ مِن رقيق الإمارة، وتفرّقوا عَلَى أنهم أحرار. وكان للوليد أخ جلِف متكبّر يركب الخيل، ويركب معه غلمان كثير ويتصَيَّد. وقد حُمَّلَ الوليد دِيةً فأدى ذَلِكَ في بيت المال، أَخْرَجَهُ عَنْ نفسه إذ اشتبه عَليْهِ أمرُ أَبِيهِ. قَالَ: فوقع بينه وبين أخيه في ذَلِكَ شغب وجفاء وقطيعة. وقال: فضحتنا، ما كَانَ حاجَتُك إلى ما فعلت؟. وقال أبو التُّقَى الحمصيّ، ثنا سَعِيد بْن مَسْلَمة الْقُرَشِيّ قَالَ: أَنَا أعتقتُ الوليد بْن مسلم، كَانَ عبدي. وقال ابن سعْد، عَنْ رجلٍ إنّ الوليد كَانَ مِن الأخماس فصار لآل مَسْلَمة بْن عَبْد المُلْك، فلمّا قِدم بنو هاشم في دولتهم قبضوا رقيق الأخماس وغيره، فصار الوليد وأهل بيته لصالح بْن عليّ، فوهبهم لابنه الفضل فأعتقهم. ثمّ إنّ الوليد اشترى نفسه منهم، فأخبرني سَعِيد بْن مَسْلَمة قَالَ: جاءني الوليد فأقرّ لي بالرّقّ، فأعتقته. وكان للوليد أخ اسمه جَبَلَة، كَانَ لَهُ قَدْرٌ وجاه. قَالَ أحمد: لَيْسَ أحد أروى لحديث الشاميّين مِن الوليد، وإسماعيل بْن عيّاش. إبراهيم بْن المنذر: قدِمتُ البصرة، فجاءني عليّ بْن المَدِينيّ فقال: أول شيء أطلب، أخرجْ إليَّ حديث الوليد بْن مُسلم.

فقلت: يا ابنَ أُمّ، سُبحان الله، وأين سماعي مِن سماعك؟ فجعلتُ أأبى ويُلِحّ، فقلتُ لَهُ: أخبرني عَنْ إلحاحك ما هُوَ؟. قَالَ: أُخْبِرك؛ الْوَلِيدُ رجلُ أهل الشام، وعنده علم كثير، ولم أستمكن منه، وقد حدّثكم بالمدينة في المواسم، ورفع عندكم الفوائد، لأنّ الحُجّاج يجتمعون بالمدينة مِن الآفاق، فيكون مَعَ هذا بعض فوائده، ومع هذا شيء. قَالَ: فأخرجت إِليْهِ، فتعجب مِن كتابه، كاد أن يكتبه عليّ. ...."؟ " سمعنا1 الْفَسَوِيَّ بْن إبراهيم: قَالَ أبو اليَمان: ما رَأَيْتُ مثل الوليد بْن مُسْلِم. وقيل لأبي زُرْعة: الوليد أفقه أم وكيع؟ فقال: الوليد بأمر المغازي، ووكيع بحديث العراقيّين. وقال أبو مُسْهِر: كَانَ الوليد مِن حُفّاظ أصحابنا. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال أبو محمد بْن عَدِيّ: الثَّقات مِن أهل الشام مثل الوليد بْن مُسْلِم. وقال ابن مؤمن: لم نزل فسمع أنّه مِن كتب مصنّفات الوليد صَلُح أن يلي القضاء. ومصنّفاته سبعون كتابًا. قلت: الكتاب منها جزء صغير، وجزء كبير، ونحو ذَلِكَ. الفَسَويّ: سمعتُ الحُمَيْديّ يَقُولُ: خرجتُ يوم القَدَر والوليد في مسجد مِنى وعليه زِحام كثير. وجئت في آخر الناس فوقفت بالبُعد، وعليّ بْن المَدِينيّ بجنْبه، فجعلوا يسألونه ويحدّثهم ولا أفهم. فجمعتُ جماعةً مِن المكّيّين وقلت لهم: جلّبوا وأفسِدوا عَلَى من بالقرب منه. فجعلوا يصيحون ويقولون: لا نسمع. وجعل ابن المَدِينيّ يَقُولُ: اسكتوا نُسمعكم. فاعترضتُ وَصِحْتُ، ولم أكن بعد

_ 1 هكذا بالأصل.

حَلَقْتُ، فنظر ابن المَدِينيّ إليّ ولم يثبتني وقال: لو كَانَ فيك خير لم يكن شعرك على ما رأى. قَالَ: فتفرّقوا ولم يحدّثهم بشيء. قلت: وكان الوليد مَعَ حفظه وثقته قبيح التدليس. يحملُ عن أناس كذابين وتلفى عَنِ ابن جُرَيج، وغيره، ثمّ يُسْقِط الَّذِي سمع منه ويقول: عَنِ ابن جُرَيج. قَالَ أبو مُسْهِر: كَانَ الوليد يأخذ مِن ابن أَبِي السَّفَر حديث الأوزاعيّ، وكان ابن أَبِي السفر كذّابًا، وهو يَقُولُ فيها: قَالَ الأوزاعيّ. قَالَ صالح جَزرة: سَمِعْتُ الهيثم بْن خارجة يَقُولُ: قلت للوليد: قد أفسدتَ حديث الأوزاعيّ. قَالَ: وكيف؟ قلت: تروي عَنِ الأوزاعي، عَنْ نافع، وعن الأوزاعيّ، عَنِ الزُّهْرِيّ، وعنه، عَنْ يحيى. وغيرك يُدخل بين الأوزاعيّ، ونافع، عَبْد الله بْن عامر الأسلميّ، وبينه وبين الزُّهْرِيّ مرّة وغيره. فما يحملك عَلَى هذا؟. قَالَ: أُنْبلُ الأوزاعيّ أن يروي عَنْ مثل هَؤلاءِ. قلت: فإذا روى الأوزاعيّ عَنْ هَؤلاءِ الضُّعفاء مناكير، فأسقطتهم أنتَ وصيّرتها مِن رواية الأوزاعيّ عَنِ الثَّقات ضعّفت الأوزاعيّ؛ فلم يلتفت إلى قولي. قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت في الشّاميّين أعقل مِن الوليد. وقال ابن المَدِينيّ: ما رَأَيْت في الشّاميّين مثل الوليد. وقد أغرب أحاديث صحيحة لم يَشْرُكْه فيها أحد. وقال صدقة بن الفضل المَرْوَزِيّ: ما رَأَيْت رجلا أحفظ للحديث الطويل وأحاديث الملاحم من الوليد بن مسلم. وكان يحفظ الأبواب. وقال أبو مُسْهِر: ربّما دَلّسَ الوليد عَنِ الكذّابين. قلت: إذا قَالَ: حَدَّثَنَا، فهو ثقة. وصاحبا الصحيح ينقّبان حديثه إذا أخرجا لَهُ. قَالَ حَرْمَلَة بْن عبد العزيز الْجُهَنّي: نزل عليَّ الوليد بْن مُسْلِم بِذِي المَرْوَة قافلا مِن الحجّ، فمات عندي بِذِي المَرْوَة.

قَالَ محمد بْن مُصَفَّى، وغيره: تُوُفّي في المحرَّم سنة خمسٍ وتسعين ومائة، رحمه الله. 345- وَهْبُ بنُ عثمان المخزوميّ المدنيّ1. عَنْ: أَبِي حازم الأعرج، وموسى بن عقبة. وعنه: إبراهيم بْن حمزة، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، ويعقوب بْن كاسب. وهو صَدُوق مُقِل. استشهد بِهِ الْبُخَارِيّ. "حرف الياء": 346- يحيى بْن زكريّا بْن إبراهيم بْن سُوَيْد النَّخَعيّ2. عَنْ: عَبْد المُلْك بْن أبي سليمان، والحسن بْن الحَكَم النَّخَعيّ. وعنه: عثمان بْن أبي شَيبة، وموسى بْن عَبْد الرَّحْمَن المسروقيّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بأس. 347- يحيى بن سعيد الأموي3 -ع. هُوَ ابن سَعِيدُ بْنُ أَبَانِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْن عَبْد شمس. أبو أيّوب الْقُرَشِيّ الأمويّ الكوفيّ الحافظ. وله عدة إخوة. روى عَنْ: بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، ويحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ، وهشام بْن عُرْوة، والأعمش، وابن أَبِي خَالِد، والثَّوْريّ، وخلْق. وحمل المغازي عن ابن إسحاق. حدَّث عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وشُرَيْح بْن يونس، وحُمَيْد بْن الربيع، وابنه سَعِيد بْن يحيى، وجماعة كثيرة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 28"، والتهذيب "11/ 165". 2 الجرح والتعديل "9/ 145"، والثقات لابن حبان "9/ 256". 3 الجرح والتعديل "9/ 151، 152"، والسير "9/ 139".

قَالَ أحمد بْن حنبل: عنده عَنِ الأعمش غرائب، وليس بِهِ بأس. وكذا قَالَ غير واحد: إنه لا بأس بِهِ. وروى أحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، عَنِ ابن مَعِين: ثقة. قلت: سكن بغداد، وكانوا يلقّبونه جَمَلايا. مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة وهو في عشر الثمانين. ومات أخوه محمد بْن سَعِيد قبله بعام. وأخوهما عُبَيْد بْن سَعِيد، يروي عَنْ: إسرائيل، وعدّة. وأخوهم عَبْد الله بْن سَعِيد فَعَالِم باللُّغة والشّعْر. وأخوهم الخامس عَنْبَسة بْن سَعِيد روى عَنْ: ابن المبارك، وطائفة، وهو أصغرهم ولهم أخ سادس سَمِعَ: زهير بْن معاوية، ومفضّل بن صدقة. ذكرهم الدارقطني. 348- يحيى القطان -ع. هو يحيى بن سعيد بن فروخ، مولى بني تميم1. الحافظ العِلْم أبو سَعِيد البصْريّ القطّان الأحول. أحد الأئمّة الكبار. مولده في أول سنة عشرين ومائة. روى عَنْ: سليمان التَّيْميّ، وهشام بْن عُرْوة، وعطاء بْن السائب، وحُسين المعلّم، وخيثم بْن عِراك، وحُميد الطويل، ويحيى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، والأعمش، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وسُفْيان، وشُعْبَة، وخلْق كثير. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وعفّان، ومسدّد، وأحمد، وإسحاق، وابن المَدِينيّ، ويحيى بْن مَعِين، وأبو حفص الفلاس، وبُنْدار، وإسحاق الكَوْسج، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن شدّاد المُسْمِعيّ، وأمم سواهم. وكان يقول: لزمت شعبة عشرين سنة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 150، 151"، والسير "9/ 175".

قَالَ ابن عمّار: روى عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ في تصانيفه ألفي حديث عَنْ يحيى القطّان، فحدّث بها عَنْهُ ويحيى حيٌّ. قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رَأَيْت بعيني مثل يحيى بْن سعيد القطّان. وقال ابن المَدِينيّ: ما رأيتُ أحدًا أعلم بالرجال مِن يحيى بْن سَعِيد. وقال بُنْدار: ثنا يحيى بْن سَعِيد إمام أهل زمانه. وقال أحمد بْن الحَسَن التَّرْمِذيّ: سمعتُ أحمد، وَسُئِلَ عَنْ يحيى بْن سَعِيد ووكيع فقال: ما رأيت بعيني مثل يحيى. وقال ابن عمار: كنت إذا نظرت إلى يحيى القطان ظننت أنّه لا يُحسن شيئًا بزيّ التّجّار، فإذا تكلّم أنصتَ لَهُ الفقهاء. وقال أحْمَد بْن محمد بْن يحيى القطّان: لم يكن جدّي يمزح ولا يضحك إلا تَبَسُّمًا، ولا دخل حمّامًا. وكان يَخْضِب. وقال يحيى بْن مَعِين: أقام يحيى بْن سَعِيد عشرين سنةً يختم القرآن في كلّ ليلة. وعن عليّ بْن المَدِينيّ: كَانَ يحيى يختم كلّ ليلة. وقال بُنْدار: اختلفتُ إليه عشرين سنةً، فما أظنّ أنّه عصى الله قطّ. قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: كنّا عند يحيى بْن سَعِيد، فقرأ رَجُل سَوْرَة الدُّخان، فَصُعِقَ يحيى وغُشيَ عَليْهِ. قَالَ أحمد بْن حنبل: لو قدر أحدٌ أن يدفع هذا عن نفسه لدفعه يحيى، يعني الصَّعق. قَالَ أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن سَعِيد القطّان: ما أعلم أنّ جدّي قهقه قطّ، ولا دخل حمّامًا قطّ، ولا اكتحل ولا ادَّهنَ. وكان يخضبُ خضابًا حَسَنًا. وروى عَبَّاس، عَنْ يحيى بْن مَعِين قَالَ: كَانَ يحيى القطّان إذا قُرئ عنده القرآن سقط حتى يصيب وجهه الأرض. وقال: ما دخلتُ كنيفًا قطّ إلا ومعي امرَأَة، يعني مِن ضعف قلبه.

قَالَ ابن مَعِين: وجعل جارٌ لَهُ يشتمه ويقع فيه ويقول: هذا الخوزيّ، ونحنُ في المسجد. قَالَ: فجعل يحيى يبكي ويقول: صَدق، ومَن أَنَا وما أَنَا. قَالَ ابن مَعِين: كَانَ يحيى يجيء معه بمسباح، فيدخل يده في ثيابه فيُسبّح. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ: اختلفوا يومًا عند شُعْبَة فقالوا: اجعل بيننا وبينك حكمًا. قَالَ: قد رضيت بالأحول، يعني القطّان. فجاء فقضى عَلَى شُعْبَة. فقال شُعْبَة: ومن يطيق نقدَك أصول. وقال ابن سعْد: كَانَ ثقة مأمونًا رفيعًا حُجّة. وقال النَّسَائيّ: أُمناء الله عَلَى حديث رسوله: شُعْبَة، ومالك، ويحيى القطّان. وقال محمد بْن بُنْدار الْجُرْجانيّ: قلت لابن المَدِينيّ: مَن أنفع مِن رَأَيْت للإسلام وأهله؟. قَالَ: يحيى بْن سَعِيد القطّان. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة: سمعتُ عليّ بْن عَبْد الله يَقُولُ: كُنَّا عند يحيى بْن سَعِيد، فلمّا خرج مِن المسجد خرجنا معه، فلمّا صار بباب داره قام وقمنا معه، فانتهى إليه الروبيّ، فقال يحيى لما رآه: ادخلوا. فدخلنا. فقال للروبيّ: اقرأ. فَلَمَّا أخذ في القراءة نظرتُ إلى يحيى يتغيّر حتى بلغ: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} [الدخان: 40] صُعِق يحيى وغُشي عَليْهِ، وارتفع صوته. وكان ببابٍ منه، فانقلب فأصاب الباب فقِار ظهره وسال الدَّم. فصرخ النّساء وخرجنا، ووقفنا بالباب حتّى أفاق بعد كذا وكذا. ثمّ دخلنا عَليْهِ، فإذا هُوَ نائم عَلَى فراشه، وهو يقول: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} . فما زالت به بتلك القُرْحة حتى مات1. وروى أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العَنْبريّ، عَنْ زُهير البابيّ قَالَ: رَأَيْت يحيى بْن سَعِيد في النَّوم، عَليْهِ قميص بين كتفَيه مكتوب: بسم الله الرَّحْمَن الرحيم، كتابٌ مِن الله العزيز العليم ببراءة ليحيى بن سعيد القطان من النار2.

_ 1 الحلية "8/ 382". 2 تاريخ بغداد "14/ 142".

وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ قَالَ: كُنْتُ إِذَا أَخْطَأْتُ قَالَ لِي سُفْيَانُ: أَخْطَأْتَ يَا يَحْيَى. فَرَوَى يَوْمًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جهنم" 1. فقلت: أخطأت يا با عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: وَكَيْفَ هُوَ؟. قُلْتُ: عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!. فَقَالَ لي: صدقت يا يحيى، اعرض عليّ كُتُبَك. قلت: تريد أن ألقى مثل ما لقي زائدة؟. قَالَ: وما لقي زائدة؟ أصلحت لَهُ كتبَه وذكَرته حديثه. وقال أحمد: إلى يحيى القطّان المنتهى في الثبت. قَالَ محمد بْن أَبِي صَفْوان: كَانَ يحيى القطّان نفقته مِن غلّته. إنْ دخل مِن غلّته حنطة أكل حنطة، وإن دخل شعير أكل شعيرًا، وإن دخل تمر أكل تمرًا. قَالَ ابن معين: إنّ يحيى بْن سَعِيد لم يَفُتْه الزوال في المسجد أربعين سنة. وقال عفّان: رَأَى رَجُل ليحيى بْن سعيد قبل موته: أنْ بِشْر يحيى بْن سَعِيد بأمانٍ مِن الله يوم القيامة. وقال أحمد: ما رَأَيْت أحدًا أقلَّ خطأ مِن يحيى بْن سَعِيد. ولقد أخطأ في أحاديث. ثمّ قَالَ: ومَن يُعَرَّى مِن الخطأ والتصحيف؟. قَالَ أحمد العِجْلي: كَانَ يحيى بْن سَعِيد نقيّ الحديث، لا يحدّث إلا عَنْ ثقة. قَالَ أبو قُدامة السَّرْخَسِيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن سَعِيد يَقُولُ: أدركت الأئمة يقولون: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2065"، وابن ماجه "3413".

وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: أخافُ أن يضيق عَلَى الناس تتّبع الألفاظ، لأنّ القرآن أعظم حُرمةً، وَوَسِعَ أن يُقرأ عَلَى وجوه إذا كَانَ المعنى واحدًا. قَالَ شاذي بْن يحيى: قَالَ يحيى بْن سعيد: مَن قَالَ: أنْ قُلْ هُوَ الله أحد، مخلوق، فهو زِنديق والله الَّذِي لا إله إلا هُوَ. قَالَ الفلاس: كَانَ هجير يحيى بْن سَعِيد إذا سكت ثمّ تكلّم يَقُولُ: يحيي ويميت إليه المصير. وقلتُ لَهُ في مرضه: يعافيك الله إنّ شاء الله. فقال: أحبُّه إليَّ أحبُّه إلى الله. وقال أبو حاتم: إذا اختلف ابن المبارك والقطّان وابن عُيَيْنَة في حديث، أُخِذَ بقول يحيى بْن سَعِيد. ابن المديني: سألتُ يحيى بْن سَعِيد، عَنْ أحاديث عِكرِمة بْن عمّار، عَنْ يحيى بْن أبي كثير، فقال: ليست بصحاح. الفلاس: سَمِعْتُ يحيى يَقُولُ: كنتُ أَنَا وخالد بْن الحارث، ومعاذ بْن مُعَاذ، وما تقدّماني في شيء -يعني مِن العِلْم- كنتُ أذهب معهما إلى ابن عون، فيقعدان ويكتبان، وأجيء أَنَا فأكتبها في البيت. قَالَ محمد بْن يحيى بْن سَعِيد: قَالَ أَبِي: كنتُ أخرج مِن البيت أطلب الحديث، فلا أرجع إلا بعد العتمة. قَالَ عَبْد الله بْن قَحْطبة: نا عبّاس العنبريّ: سمعتُ ابن مهديّ يَقُولُ: لما قِدم سُفْيان الثَّوْريّ البصرة قَالَ لي: جئني بمَن أُذاكره، فأتيته بيحيى بْن سَعِيد. فلمّا خرج قَالَ: قلتُ لك جئني بإنسان جئتني بشيطان! وقال ابن مَعِين: قَالَ لي يحيى بْن سَعِيد: لو لم أروِ إلا عمّن أرضى، ما رويت إلا عَنْ خمسة. قَالَ ابن مَعِين: وروى يحيى عَنِ الأوزاعيّ حديثًا واحدًا. قلت: تفقَّه يحيى بْن سَعِيد في هذا الشأن بشُعْبَة، وسُفْيان. ولزِم شُعْبَة دهْرًا. وأخصّ أصحاب يحيى بْن سَعِيد بِهِ عليّ بْن المديني. وإذا وثَّق يحيى بْن سَعِيد شيخًا

فَتَمَسَّك بِهِ، أمّا إذا ليّن أحدًا فتأنَّ في أمره، فإنّ الرجل متعنَّت جدًا. وقد ليّن مثل إسرائيل، وغيره مِن رجال الصّحيح. ولم أقِف عَلَى كتابه في الضُّعفاء، لكن يقع مِن كلامه في أسئلة ابن المَدِينيّ، والفلاس، وابن مَعِين أشياء نافعة. وكان رأسًا في معرفة الْعِلَلِ. أخذ ذَلِكَ عَنْهُ ابن المديني، وأخذ ذَلِكَ عَنِ ابن المَدِينيّ أبو عَبْد الله الْبُخَارِيّ. قَالَ عُتْبَة: وأخذ عَنِ الْبُخَارِيّ التَّرْمِذيّ عِلله الكبرى. وَأَعْلَى شَيْءٍ يَقَعُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى مَا وَقَعَ فِي الْغَيْلانِيَّاتِ، أَنْبَأْنَاهُ جَمَاعَةٌ: أَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَنَا ابْنُ غَيْلانَ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادٍ، نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا رَحِمَ اللَّهُ مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ" 1. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدَةَ الْعَنْقَزِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ خَالِدَ بْنَ الْحَارِثِ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟. قَالَ: غُفر لي عَلَى أنّ الأمر شديد. قلت: فما فعل يحيى القطّان. قَالَ: نراه كما يُرى الكوكب الدُّرّي في أُفق السماء. قلت: قَالُوا مات يحيى بْن سَعِيد في صَفَر سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. قبل موت ابن عُيَيْنَة وابن مهديّ بأربعة أشهر، رحمهم الله. 349- يحيى بْن سَعِيد الأنصاريّ الحمصيّ العطّار2. أبو زكريّا المحدّث. روى عَنْ: يونس بْن يزيد الأَيْليّ، وحَرِيز بْن عثمان، ويحيى بْن أيّوب الْمَصْرِيّ، وفُضَيْل بْن مرزوق، والمسعوديّ، ومحمد بْن عبد الرَّحْمَن بْن عرق اليَحْصُبيّ، وأبي غسّان محمد بْن مطرَّف، وطائفة كبيرة بالحجاز والشام والعراق ومصر.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 9، 12"، ومسلم "2318"، وأحمد "2/ 241، 514"، وأبو داود "الأدب/ 157"، وابن أبي شيبة "3/ 392، 393". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 152"، والتهذيب "11/ 220".

وعنه: عَبْد الوهاب بْن نجدة، والوليد بْن شجاع، ومحمد بْن مصفى، وَأَبُو تقيّ هشام بْن عَبْد المُلْك، ومحمد بْن عَمْرو بْن حِبّان، وجماعة. وثّقه ابن مُصَفَّى وحده. وضعّفه ابن مَعِين، والدّارَقُطْنيّ، وغيرهما. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابن عدي. له مصنّف في حفظ اللّسان. وهو بيّن الضعف. قلت: بقي إلى حدود المائتين، وسيُعاد بعد المائتين. 350- يحيى بْن سَعِيد السعيديّ البصْريّ1. عَنِ: ابن جُرَيج. وعنه: الحسن بْن عَرَفَة، ومحمد بْن غالب تمتام، وجماعة. واهٍ، وهو الأمويّ، والعبْشَميّ. قَالَ ابن حِبّان: يروي المقلوبات والمُلْزَقات، لا يجوز الاحتجاج بِهِ إذا انفرد. وهو غير: 351- يحيى بْن سَعِيد التّميميّ المدنيّ2. وغير: 352- يحيى بْن سَعِيد قاضي شيراز3، وقيل التّميميّ هُوَ قاضي شيراز. أحد الضُّعفاء. 353- يحيى بْن سلام البصري4. عن: فطر بن خليفة، وشعبة، والمسعودي، وابن أبي عروبة، والثوري.

_ 1 انظر: المجروحين "3/ 129"، لابن حبان. 2 الجرح والتعديل "9/ 152"، والميزان "4/ 378". 3 المجروحين "3/ 118". 4 الجرح والتعديل "9/ 155".

وعنه: بحر بْن نصر، ومحمد بْن عبد الله بن عبد الحكم. قال أبو حاتم: صدوق. قلت: سيُعاد بعد المائتين. ثمّ ظفِرت بموته في صَفَر سنة مائتين. نزل إفريقية ونشر بها العِلْم. 354- يحيى بْن سُلَيْم الْقُرَشِيّ الطائفي الخرّاز الحذّاء1 -ع. نَزِيلُ مَكَّةَ. روى عن: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عثمان بن خيثم، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وإسماعيل بْن أُمَيَّة الْقُرَشِيّ، وموسى بن عقبة، وابن جريج. وعنه: الشافعي، وإسحاق، والحسن الزعفراني، والحسن بن عرفة، وكثير بن عبيد، ومحمد بن يحيى العدني، وآخرون. روى أحمد بن حنبل عنه حديثا واحدا. قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. وعن الشافعي قَالَ: كَانَ رجلا فاضلا، وكنّا نُعدّه مِن الأبدال. وكان إذا ركب حمارًا أو دابةً لا يقول له أُغْدُ إنّما يَقُولُ: لا إله إلا الله. وقال النَّسَائيّ: لَيْسَ بالقويّ. وقال أحمد: رَأَيْته يخلط في الأحاديث فتركته. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال البزّي المقرئ: مات يحيى بْن سُلَيْم سنة خمسٍ وتسعين ومائة. 355- يحيى بْن الضريس بن يسار2 -م. ت. أبو زكريّا البَجَليّ، مولاهم الرّازيّ الحافظ، قاضي الرَّيّ. عَنْ: ابن جُرَيج، وابن إِسْحَاق، وعكرمة بْن عمّار، والثَّوْريّ، وأبي جعفر الرّازيّ، وزائدة، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 156"، السير "9/ 307، 308". 2 الجرح والتعديل "9/ 158، 159"، والسير "9/ 449، 500".

وعنه: ابن مَعِين، وإسحاق، ومحمد بْن حُمَيْد، وأبو غسّان زُنَيْج، وإسحاق بْن الفيض، وجماعة. وكان محدّث الرَّيّ في زمانه. وثّقه ابن مَعِين. وقال أبو حاتم: كَانَ عنده عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَشَرَةُ آلافِ حَدِيثٍ. وَقَالَ وكيع: يحيى بْن ضُرَيْس مِن حفّاظ الناس، لولا أنّه خلط في حديثين. وقال إبراهيم بْن موسى الفرّاء: تعلّمنا علم الحديث مِن يحيى بْن ضُرَيْس. 356- يحيى بْن عَبَّاد الضُّبَعيّ البصري1 -خ. م. ت. ن. أبو عباد، نزيل بغداد. روى عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وشُعْبَة، والحَمَّادَيْن، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو ثَور، ومحمد بْن حاتم السّمين، والحسن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وهارون بْن سليمان الأصبهاني، وآخرون. قَالَ ابن مَعِين: لم يكن بذاك، وكان صدوقًا. وضعّفه زكريّا السّاجيّ، لكن احتجّ بِهِ الشيخان. مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 357- يحيى بْن كثير. صاحب البصْريّ. يُكَنَّى أبا النَّضْر2. مذكور في "تهذيب الكمال": إنّه روى عَنْ: عطاء بْن أَبِي رباح، وهذا بعيد، وأحسبه سقط مِن بينها. وروى عَنْ: أيّوب، وعطاء بْن السّائب، وعاصم الأحول، ومحمد بن عمرو، ويزيد الرقاشي، وسليمان التيمي، والجريري.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 173"، والتهذيب "11/ 235، 236". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 182، 183"، والتهذيب "11/ 276".

وعنه: شيبان بن فروخ، وحشيش بن أصرم، ومحمد بن يحيى القطعي، وعباس بن أبي طالب، وولده أبو مالك كثير بن يحيى صاحب البصْريّ. قَالَ أبو زُرْعة، وغيره: ضعيف الحديث. وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك. 358- يحيى بْن المتوكّل الباهليّ1. عَنِ: ابن جُرَيج، وعن: عَبْد العزيز بْن أَبِي رواد. وعنه: سليمان الشّاذْكُونيّ، ومحمد بْن حرب النَّسَائيّ، ويعقوب بْن كعب الحلبيّ، ومحمد بْن سَعِيد بْن غالب العطّار، والحسن بْن الصّبّاح البزّار، وطائفة. ما علمت بِهِ بأسًا. وهو أصغر مِن أَبِي عقيل يحيى بْن المتوكّل صاحب بهيّة. 359- يحيى بْن محمد بن قيس3 -ت. ن. ق. م. أبو زكير المدني ثم البصري. مؤدَّب جعفر بْن سليمان الأمير. طال عُمره وعَمي. حدّث عَنْ: زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، والعلاء بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي حازم، وهشام بْن عُرْوة، وطائفة. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، والفلاس، وبُنْدار، وحفص الرباليّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: يُكتب حديثه. لَهُ حديث مُنْكَر في أكل البلح. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ. لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ غيره: صدوق. وروى الكَوْسج، عَنْ يحيى: ضعيف.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 190"، والتهذيب "11/ 271". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 184"، والتهذيب "11/ 274".

وقال الفلاس: لَيْسَ بمتروك. قُلْتُ: تَفَرَّدَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ"1، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَرَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَنَسٍ سَمِعَهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَسْتُ مِنْ ددٍ وَلا الدَّدُ مِنِّي". قُلْتُ: خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً. 360- يحيى بْن محمد بْن عبّاد بْن هاني الشجريّ المدنيّ2. عَنْ: ابن إِسْحَاق، وابن أخي الزُّهْرِيّ، وموسى بْن يعقوب الزّمعيّ. وعنه: ابنه إبراهيم، ومحمد بْن عَبْد الله بْن سَعِيد المساحقيّ، ومحمد بْن منذر القابوسيّ. قَالَ أبو حاتم: ضعيف الحديث. - يحيى بْن واضح. أبو تُميلة. سيأتي بكنيته. 361- يحيى بْن يَزِيدُ بْنُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الحارث بْن عَبْد المطَّلب الهاشميّ النَّوفليّ المدنيّ3. روى عَنْ: أَبِيهِ. روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، والهيثم بْن خارجة، ودُحَيْم، ومحمد بْن إِسْحَاق المسيبيّ، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم: مُنْكَر الحديث. وقال ابن عَدِيّ: ضعيف. قلت: أبوه يروي عن سعيد المقبري.

_ 1 سبق تخريجه. 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 185"، والتهذيب "11/ 273". 3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 198"، والميزان "4/ 414".

362- يزيد بْن سَمْرة الرّهاويّ1. أبو هِزّان. يروي عَنْ: عطاء الخُراساني، وأبي زُرْعة، ويحيى السّيبانيّ. روى عَنْهُ: أبو مُسْهِر، ومحمد بْن عائذ، ويحيى بْن بُكَير. قَالَ أبو سَعِيد بْن يونس: لم يذكروه بجرْح. قلت: ويُحتمل أن يُصيَّر في رجال الطبقة الماضية. 363- يعقوب بْن إسحاق2. أبو عُمارة. بصْريّ نزل الرَّيّ. عَنْ: يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وابن عَوْن. وعنه: عَمْرو بْن رافع، وعيسى بْن إبراهيم البركيّ، ومحمد بْن حُمَيْد، والحسن بْن عَرَفَة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا. وقال ابن عَدِيّ: روى ما لا يُتابع عَليْهِ. 364- يعقوب بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ3. روى القراءة عَنْ: نافع بْن أَبِي نُعَيْم. وعنه: حمزة بْن القاسم، ومحمد بْن سَعْدَان، وأبو عَمرو الدوريّ، وغيرهم. 365- يَمَان بْن عَدِيّ الحضرمي الحمصي4. عَنْ: الزبيدي، وبردة بن سنان، وسفيان الثوري.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 268"، واللسان "6/ 288". 2 الجرح والتعديل "9/ 203"، والكامل "7/ 2609". 3 غاية النهاية "2/ 389". 3 الجرح والتعديل "9/ 311"، والتهذيب "11/ 406".

وعنه: إبراهيم بْن موسى الفرّاء، وعمرو بْن عثمان الحمصيّ، وأخوه يحيى بْن عثمان، وموسى بْن أيّوب، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وضعّفه أحمد، والدارَقُطْنيّ. 366- يوسف بْن أسباط الزّاهد1. أحد مشايخ القوم لَهُ مواعظ وحِكَم. روى عَنْ: مُحِلّ بْن خليفة، وسُفْيان الثَّوْريّ، وزائدة، وطائفة سواهم. روى عنه: المسيب بن وضاح، وعبد الله بن خبيق الأنطاكي، وغيرهما. وكان مرابطا بالثغور الشامية. قال المسيب: سألته عَنِ الزُّهْد فقال: أن تزهد في الحلال، فأمّا ما حرّم الله فإنِ ارتكبته عذَّبَك. وقال تميم بْن سَلَمَةَ: سالت يوسف بْن أسباط: ما غاية التواضع؟ قَالَ: أن تخرج مِن بيتك فلا تلقى أحدًا إلا رَأَيْت لَهُ الفضل عليك. وقال ابن خُبيق: قَالَ يوسف: خرجت مِن فأتيتُ المصَّيصةَ وجرابي عَلَى عُنقي، فقام ذا مِن حانوته يسلّم عليّ، وقام ذا يسلّم عليّ، فدخلت المسجد أركع، فأحدقوا بي، فتطلّع رَجُل في وجهي، فقلت في نفسي: كم بقاء قلبي عَلَى هذا؟ فرجعتُ بِعَرَقي إلى، فما رجع إلى قلبي إلى سنتين2. وقال يوسف بْن أسباط: للصّادق ثلاث خصال: الحلاوة، والملاحة، والمهابة. وعنه قَالَ: خلْق الله القلوبَ مساكن للذَّكْر، فصارت مساكن للشَّهَوات، لا يمحوا الشهوات مِن القلوب إلا خوف مزعج، أو شوق مُغْلِق. وعنه قَالَ: الزُّهْد في الرئاسة أشدّ مِن الزُّهْد في الدنيا. وقال ابن خُبَيق: قلت ليوسف: مالك لم تأذن لابن المبارك يسلم عليك؟.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 218"، والسير "9/ 169-171". 2 الحلية "8/ 244".

قَالَ: خشيت أن لا أقوم بحقّه وأنا أحبّه. وقال لي: إنّي أخاف أن يعذّب الله الناس بذنوب العلماء. قَالَ: ونظر يومًا إلى رَجُل في يده كتاب، فقال: تزيّنوا بما شئتم، فلن يزيدكم الله إلا اتّضاعًا. وقال أحمد بْن يوسف بْن أسباط: قلت لأبي: أكان مَعَ حذيفة المَرْعَشيّ علمٌ؟. قَالَ: كَانَ معه العِلْم الأكبر: خشية الله. وقال يوسف: سَمِعْتُ الثَّوْريّ يَقُولُ: لم يفقه من لم يعُدّ البلاء نعمة، والرخاء مصيبة. وعن يوسف: إذا رَأَيْت الرجل قد أشِر وبطِر فلا تَعِظْه، فليس للعِظة فيه موضع. وعن يوسف قَالَ: لي أربعون سنة، ما حلّ في صدري شيء إلا تركته. قَالَ شُعيب بْن حرب: ما أقدّم على يوسف بْن أسباط أحدًا. وقال سهل أبو الحَسَن: سَمِعْتُ يوسف بْن أسباط يَقُولُ: يُجزي قليل الورع مِن كثير العمل، وقليل التواضع مِن كثير الاجتهاد. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ: أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا اللَّبَّانُ، عَنِ الْحَدَّادِ: أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، نَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْمَرْوَحِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ، نَا يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: ثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: "إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً" 1. وذكر الحديث. قلت: يوسف وثَّقه يحيى بْن مَعِين. وقَالَ أَبُو حاتم: لا يحتج بِهِ. وقال الْبُخَارِيّ: كَانَ قد دَفَنَ كُتُبه، فكان لا يجيء حديثُه كما ينبغي.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4/ 161"، "9/ 165"، ومسلم "القدر/ 1"، وعبد الرزاق "20093".

367- يوسف بْن السَّفْر بْن الفَيْض1. أبو الفيض الدّمشقيّ، كاتب الأوزاعي. روى عَنْهُ: الأوزاعيّ، وبكر بْن خُنَيْس، ومالك بْن أنس. وعنه: هشام بْن عمّار، وموسى بْن أيّوب، ومحمد بْن وزير، ومحمد بْن مُصَفَّى، والعبّاس بْن الوليد البيروتيّ، وعدّة. وحدّث عَنْهُ: بقيّة وهو أكبر منه. قَالَ النَّسَائيّ: لَيْسَ بثقة. وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك يكذب. وقال ابن عديّ: روى أحاديث بواطيل. وقال البَيْهَقيّ: هُوَ في عِداد مِن يضع الحديث. وقال أبو بِشْر الدُّولابيّ: كذّاب. وقال يحيى بْن مَعِين، قَالَ أبو مُسْهِر: كَانَ ابن أبي السَّفْر كذّابًا: قُلْتُ: وَمِنْ بَلايَاهُ، وَسَمِعَهُ مِنْهُ أَبُو هَمَّامٍ السَّكُونِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "مَا جُبِلَ وليٌ لِلَّهِ إِلا عَلَى السَّخَاءِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ"2. 368- يوسف بْن الغَرِق بْن لُمازة3. قاضي الأهواز. عَنْ: سُكَين بْن أَبِي سراح، وأبي شَيبة إبراهيم بْن عثمان العبْسيّ، وعثمان التَّيْميّ، والدَّسْتُوائيّ. وعنه: مروان الرَّقَّيّ، ومحمود بْن خِداش، وأحمد بْن أَبِي سُرَيْج. ذكره ابن عدي، وما رأيته ضعفه.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 223"، والميزان "4/ 466". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي "11/ 191"، وابن الجوزي "2/ 179"، في الموضوعات: وانظر: الفوائد المجموعة "76"، والسلسلة الضعيفة "622". 3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 227"، والميزان "4/ 471".

وبلغني عَنْ بعضهم تكذيبه، ولا أحقّق الآن مِن هُوَ. وأمّا أبو حاتم فقال: لَيْسَ بالقويّ. 369- يوسف بْن قاضي القضاة أَبِي يوسف يعقوب بْن إبراهيم الفقيه1. وُلّي القضاء بالجانب الغربيّ مِن بغداد في أيّام والده، وروى عَنْ: يوسف بْن أَبِي إِسْحَاق، وغيره. وعنه: أحمد بْن منيع، والحسن بْن شبيب. مات سنة اثنتين وتسعين ومائة. 370- يونس بْن بُكَيْر بن واصل2 -م. ع. ت. د. ق. الحافظ أبو بكر الشيباني الكوفي الحمال، صاحب المغازي. روى عَنْ: الأعمش، وابن إِسْحَاق، وهشام بْن عُرْوة، وكَهْمَس، وعمر بْن ذَرّ الهمَدانيّ، وأقرانهم. وعنه: ولده عبد الله، ويحيى بن معين، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ومحمد بن عثمان بن كرامة، وأحمد بن عبد الجبار، وطائفة. قال ابن معين: صدوق. وقال أو حاتم: محله الصدق. وسئل أبو زرعة عنه فقال: أما في الحديث فلا أعلم، فما ينكر عليه. وقال أبو داود: ليس بحجة عندي. سَمِعَ وهو وزياد البكّائيّ من ابن إسحاق بالري. قلت: ومما ينقم عليه التشيع. ورواية مسلم له، ففي الشواهد لا في الأُصُولِ. وقال يحيى بْن مَعِين: هُوَ ثقة، إلا أنه مرجيء.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 296". 2 الجرح والتعديل "9/ 236"، السير "9/ 245-248".

وقال النَّسَائيّ. لَيْسَ بالقويّ. وقال أحمد العِجْلي: ضعيف الحديث عند بعضهم. وقال النَّسَائيّ في مكان آخر: ضعيف. قلت: وقد استشهد الْبُخَارِيّ بِهِ. وأرّخ مُطَيَّن موته في سنة تسعٍ وتسعين ومائة. "الْكُنَى": 371- أبو البَخْتَرِيّ. القاضي وهْب بْن وهْب بْن كثير بْن عَبْد الله الْقُرَشِيّ المدنيّ الفقيه1. روى عَنْ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وجعفر بْن محمد، وجماعة. وعنه: جابر بن سهل الصنعاني، ونوح بن هيثم، والربيع بن ثعلب، والمعافي بن سليمان بن واضح، وعبد الله بن محمد الأدرمي، وآخرون. سكن بغداد، وولاه هارون الرشيد القضاء بعسكر المهدي، ثم عزله. ليس بثقة، وقد مدحه شاعرٌ مرةً، فوصلة بخمسمائة دينار. قال يحيى بن معين: كان عدو الله، يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال عثمان بْن أَبِي شَيبة: أرى أنّه يُبعث يوم القيامة دجّالا. وَهُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ: "لا سَبْقَ إِلا فِي خفٍ أَوْ حَافِرٍ" 2. فَزَادَ فِيهِ: أَوْ جَنَاحٍ، لِيُسَرَّ بِذَلِكَ الْخَلِيفَةُ. عَنْ أَبِي سَعِيد العُقَيْليّ قَالَ: لما قِدم الرشيد المدينة أعظم أن يَرْقى منبر النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قِباء أسود ومِنْطَقة، فقال أبو البَخْتَرِيّ: ثنا جعفر بْن محمد، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نزل جبريل عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قباء أسود، ومنطقة، مُحتَجزًا، فيها خنجر. فقال المعافى التيمي:

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 451-457"، السير "9/ 374، 375". 2 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "2/ 256، 358"، وأبو داود "2574"، والترمذي "22"، والنسائي "6/ 227"، وابن ماجه "2878"، وابن أبي شيبة "12/ 502"، والشافعي "349".

ويلٌ وعولٌ لأبي البَخْتَرِيّ ... إذا تَوَافَى الناسُ للمحشرِ مِن قوله الزُّور وإعلانه ... بالكذِب في الناس عَلَى جعفرِ والله ما جالسَه ساعةً ... للفِقه في بدوٍ ولا مَحْضَرِ يزعم أنّ المصطفى أحمدًا ... أتاه جبريل التّقيّ السَّريّ عَليْهِ خفٌّ وقِبا أسود ... مُمَنْطَقًا في الْحَقْو بالخنجرِ1 عمر بن الحسن الأشناني -وليس بثقة: ثنا جعفر الطَّيالسيّ، عَنْ يحيى بْن مَعِين أنّه وقف عَلَى حلقة أَبِي البَخْتَرِيّ، فإذا هُوَ يحدّث بهذا الحديث، فقال لَهُ: كذْبت يا عدو الله. فأخذني الشُّرَط، فقلت لهم: هذا يزعم أنّ رسول ربّ العالمين جبريل نزل عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعليه قِباء. فقالوا لي: هذا والله قاضٍ كذّاب. وأفرجوا عنّي. قَالَ أحْمَد بْن حنبل: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله يَقُولُ: ما أشكّ في كذب أَبِي البَخْتَرِيّ. إنّه يضع الحديث. وقال الكَوْسج: قَالَ أحمد بْن حنبل: أبو البَخْتَرِيّ أكذب الناس. وقال أبو زُرْعة، وغيره: كذّاب وقال الْبُخَارِيّ: سكتوا عَنْهُ. قَالَ ابن عساكر: هو وهْب بْن وهْب بْن كثير بْن عَبْد اللَّه بْن زَمْعةَ بْن الأسود بْن المطَّلب بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ بْن كلاب الأسَديّ. وقال ابن سعْد: تحوّل مِن المدينة إلى الشام، ثمّ قِدم بغداد فوُلي القضاء بعسكر المهديّ. ثمّ وُلّي المدينة بعد والد الزُّبَيْر بْن بكار. ثمّ عُزل وقدم بغداد، فسكنها حتى مات سنة مائتين. قَالَ المبَّرد: روى لنا رَجُل باد الهيئة، ودخل عَلَى قوم يشربون فحطّوا مرتبته في الشراب، فقال: نبيذان في مجلسٍ واحدٍ ... لإيثار مثرٍ عَلَى مُقْتِرِ ولو كنت تفعل ذا في الطعام ... لزِمت قياسَك في المسكر

_ 1 تاريخ بغداد "13/

ولو كنتً تفعلُ فعل الكرامِ ... سلكتَ سبيلَ أَبِي البَخْتَرِيّ تتبَّعَ أصحابَه في البلاد ... فأغْنَى المقلّ عن المكثر1 قال: فبعث إليه أبو البَخْتَرِيّ بألف دينار. 372- أبو بَكْر بْن عيّاش بن سالم الأسدي الحناط2، بالنون. -خ. م. الكوفيّ، المقرئ، العابد، أحد الأئمّة الكبار. مولى واصل الأحدب. في اسمه عدّة أقوال أشهرها: شعبة. قال: أنا هشام الرفاعيّ، وحسين بْن عَبْد الأوّل سألاه عَنِ اسمه فقال: شُعْبَة. وسأله يحيى بْن آدم وغيره فقال: اسمي كنيتي. وقال النَّسَائيّ: اسمه محمد؛ وقيل: مُطَرَّف؛ وقيل: رُؤبة، وعتيق، وسالم، وغير ذَلِكَ. وقال هارون بْن حاتم: سَأَلْتُهُ عَنْ مولده، فقال: سنة خمسٍ وتسعين. قلت: هُوَ أنبل أصحاب عاصم. قرأ القرآن عَلَى عاصم ثلاث مرات، وسمع منه، ومن: إسماعيل السُّدّيّ، وأبي إِسْحَاق، وأبي حُصين عثمان بْن عاصم، وَحُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمير، وصالح بْن أَبِي صالح مولى عَمْرو بْن حُرَيْث حدّثه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. ونقل أبو عمرو الدّانيّ أنّ أبا بَكْر عرض القرآن أيضًا عَلَى: عطاء بْن السّائب، وأسلم المنقريّ. وقرأ عطاء، عَلَى أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ. ولكنْ ما رأينا مِن يُسٍند قراءة أبي بَكْر في مصنَّفات القراءات إلا عَنْ عاصم لَيْسَ إلا. قرأ عَليْهِ: الكِسائيّ، ويحيى العُليميّ، ويعقوب الأعشى. وحدّث عَنْهُ: ابن المبارك، وأبو داود الطَّيَالِسيّ، وأحمد، وإسحاق، وابن نمير،

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 452". 2 الحلية "8/ 303-313" السير "8/ 435-446".

وَأَبُو كُرَيْب، والحسن بْن عَرَفَة، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وأبو هشام الرّفاعيّ، وأحمد بْن عَبْد الجبّار العُطَارِديّ، وبَشَر كثير. فإنّه عُمّر دهرًا حتّى قارب المائة. وساء حِفظه قليلا ولم يختلط. قال أحمد بْن حنبل: ثقة، ربما غلط. وهو صاحب قرآن وخير. وقال ابن المبارك: ما رَأَيْت احدًا أسرع إلى السُّنَّةِ مِن أَبِي بَكْر بْن عيّاش. وقال عثمان بْن أَبِي شَيبة: أحضر الرشيد أبا بَكْر مِن الكوفة ومعه وكيع، فدخل وكيع يقوده لضعف بصره، فأدناه الرشيد وقال لَهُ: يا أبا بَكْر، أدركت أيام بني أُمَيَّة وأيامنا، فأينا خير؟ قَالَ: أولئك كانوا أنفع للناس، وأنتم أقْوَم بالصلاة. قَالَ: فصرفه الرشيد، وأجازه بستّة آلاف دينار. وأجاز وكيعًا بثلاثة آلاف دينار. رواها محمد بْن عثمان، عنْ أَبِيهِ. وعن أَبِي بَكْر بْن عياش قال: الدخول في هذا الأمير يسير، والخروج منه إلى الله شديد. رواها أيّوب بْن الأصبهاني الحافظ، عَنْهُ. قَالَ أبو هشام الرّفاعيّ: سَمِعْتُ أبا بَكْر يَقُولُ: أَبُو بَكْر الصِّدِّيق خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي القرآن. لأن الله يَقُولُ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} ، إلى قوله، {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8] . فمن سماه الله صادقًا ليس يكذب. وهم قالوا: يا خليفة رسول الله، يعني أنّهم اتّفقوا عَلَى خطابه بذلك. قَالَ يعقوب بْن شَيبة: كَانَ أبو بَكْر بْن عيّاش معروفًا بالصّلاح البارع. وكان لَهُ فِقْه وعلم بالأخبار. في حديثه اضّطراب. وقال أبو نُعَيْم: لم يكن في شيوخنا أكثر غلطًا مِن أَبِي بَكْر. وأمّا أبو داود فقال: ثقة. وقال يزيد بْن هارون: كَانَ أبو بَكْر خيَّرًا فاضلا، لم يضع جنْبه إلى الأرض أربعين سنة. وقال يحيى بْن مَعِين: لم يُفرش لَهُ فراش خمسين سنة. وقال يحيى الحِمّانيّ: حدَّثني أبو بَكْر بْن عيّاش قَالَ: جئتُ ليلةً إلى زمزم، فاستقيت منها دلْوًا لبنًا وعسلا.

وقد جاء مِن غير وجه، عَنْ أَبِي بَكْر أنّه مكث أربعين عامًا يختم القرآن في كلّ يوم وليلة مرّة1. قَالَ أبو العبّاس بْن مسروق: نا يحيى الحماني قَالَ: لما حضرت أبا بَكْر الوفاةُ بكت أخته، فقال لها: ما يُبكيك؟ أنظري إلى تِلْكَ الزّاوية، ختمت فيها ثماني عشرة ألف ختمة2. وروى بِشْر بْن الوليد عَنْهُ أنّه استقى دلْوًا فطلع فيه عسل ولبن. وقال يحيى الحمّانيّ: سمعته يَقُولُ: الخلْق أربعة: معذور، ومخبور، ومجبور، ومثبور، فالمعذور: البهائم. والمخبور: ابن آدم. والمجبور: الملائكة. والمثبور: إبليس. وعن أَبِي بَكْر قَالَ: أدني نفع السكوت السلامة، وكفى بها عافية. وأدنى ضر المنطق الشهرة، وكفى بها بليّة. وقال أبو بَكْر: القرآن كلام الله، غير مخلوق. وقال أبو داود: ثنا حمزة بْن سَعِيد المَرْوَزِيّ قَالَ: سَأَلت أبا بَكْر بْن عيّاش عَنِ القرآن فقال: مِن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو عندنا كافر زِنْديق. وعن أَبِي بَكْر قَالَ: إمامُنا يَهْمِز: مؤصدة فأشتهي أن أسُدّ أذني إذا هَمَزَها. أحمد بْن يونس: قلت لأبي بَكْر بْن عيّاش: لي جار رافضيّ قد مرض. قَالَ: عُدْهُ مثلما تعود اليهوديّ والنصْرانيَّ، لا تنوي فيه الأجر. وقال يوسف بْن يعقوب الصَّفّار: سَمِعْتُ أبا بَكْر يَقُولُ: وُلدت سنة سبعٍ وتسعين، وأخذت رزق عُمَر بْن عَبْد العزيز، ومكثت خمسة أشهر ما شربت ماء، ما أشرب إلا النّبيذ. وقال يوسف: ومات في جُمَادَى الأولى سنة ثلاثٍ وتسعون ومائة. قلت: مناقبه كثيرة، وقد سُقْتُ منها في "طبقات القراء". وكان قد قطع الإقراء قبل موته بنحو عشرين سنة، لكنه كان يروي الحروف.

_ 1، 2 الحلية "8/ 303، 304".

وأثبت مِن حمل عَنْهُ قراءاته: يحيى بْن آدم. وعليه دارت قراءاته، مَعَ أنها سماع للحروف فقط، تلا بها عَلَى يحيى شعيب الصّريفيّ، وغيره. وأعلى ما يقع حديثه اليوم فِي جزء ابن عَرَفَة، والله أعلم. قَالَ يعقوب بْن شَيبة: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله المُعيطيّ يَقُولُ: رَأَيْت أبا بَكْر بْن عيّاش بمكة، فأتاه ابن عُيَيْنَة وبرك بين يدي أبي بَكْر، فجعل يَقُولُ: يا سُفْيان كيف أنت، وكيف عائلة أبيك؟ فجاء رَجُل سَأَلَ سُفْيان عَنْ حديث فقال: لا تسألني ما دام هذا الشيخ قاعدًا. 373- أبو تميلة -ع. يحيى بن واضح المروزي الحافظ1. حدَّث عَنْ: موسى بْن عُبَيْدة، ومحمد بْن إسحاق، وأبي طيبة عَبْد الله بْن مُسْلِم، وحسين بْن واقد، والأوزاعيّ، وطبقتهم. وعنه: أحمد، وإسحاق، وسعيد بْن محمد الْجَرميّ، وزياد بْن أيّوب، ومحمد بْن عَمْرو زُنَيْج، والحسن بْن عَرَفَة، وعدد كثير. قَالَ أحمد: لَيْسَ بِهِ بأس إن شاء الله، كتبنا عَنْهُ عَلَى باب هُشَيم. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال ابن الجوزيّ في الضُّعفاء لَهُ: قد أدخله البخاري في كتاب الضعفاء. قلت: لا، ما هُوَ في الضعفاء، فعندي كتابا الْبُخَارِيّ في الضعفاء وما هُوَ فيهما. وأيضًا فقد احتجّ بِهِ الْبُخَارِيّ في صحيحه. وقيل: كان أديبًا شاعرًا أيضًا نعمْ. وكذا وهم أبو حاتم حيث حكى أنّ الْبُخَارِيّ تكلّم في أَبِي تُمَيلة. 374- أبو سَعِيد -خ. ن. ق. مولى بني هاشم.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 194"، السير "9/ 210".

هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله. شيخ بصْريّ حافظ1. جاور بمكة. سَمِعَ: قُرّة بْن خَالِد، وشُعْبَة، وزائدة، وصخر بْن جُوَيْرية، وأبان بْن وهب. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وأبو قُدامة عُبَيْد الله بْن سَعِيد، ومحمد بْن يحيى العَدَنيّ، وآخرون. وثّقه أحمد، وغيره. مات في سنة سبعٍ وتسعين ومائة. 375- أمّ عُمَر. بِنْت أَبِي الغُصْن حسّان بن زيد الثَّقفيّة2. عَنْ: أبيها، عَنْ عليّ. وعن: زوجها سعيد بْن يحيى بْن قيس الثقفي. وعنها: أحمد بْن حنبل، ومحمد بْن الصّبّاح الجرجرائيّ، وأبو إبراهيم التّرجمانيّ، وإبراهيم بْن عبد الله الهَرَويّ، وعليّ بْن مُسْلِم الطّوسيّ. قَالَ أحمد: عجوز صدوق. وروى أحمد بْن محمد بْن محرز، عَنِ ابن مَعِين قَالَ: قد سَمِعْتُ منها وليست بشيء. وكناها محمد بن الصّبّاح أمّ عَمْرو، والأول أصحّ. 376- أبو العُمَيْطر. هُوَ الأمير عليّ بْن خَالِد بْن الخليفة يزيد بْن معاوية بْن أَبِي سُفْيَان الأمويّ3 السُّفيانيّ. وأُمُّه هِيَ نفيسة بِنْت عُبَيْد الله بن عباس ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. ولذلك كَانَ يفتخر ويقول: أَنَا ابن شَيْخَيْ صِفّين. أَنَا ابن العِير والنَّفير.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 254"، التهذيب "6/ 309، 210". 2 الميزان "4/ 613". 3 انظر: البداية "10/ 227".

وكان يسكن قرية المِزّة. وداره بدمشق غَربيّ الرَّحبة. خرج بالمِزّة طالبًا المُلْك، وقد كبُر وشاخ، فبُويع بالخلافة، وغلب عَلَى دمشق في دولة الأمين، وتخلخلها في سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وكان خيّرًا في نفسه، دينًا، محمود الطريقة، معتزلا للدولة. وقد كتب العِلْم فأفسدوه. وما زالوا به حتّى خرج. وكان الَّذِي نهض بأعباء دولته خَطَّاب بْن وَجْه الفَلْس الدّمشقيّ، والقُرَشيّون والعرب اليَمَانية. وكاد أن يتم لَهُ الأَمر. وبقي مُديدة، فانتُدب لحربه محمد بْن صالح بْن بَيْهس الكلابيّ الأمير في المُضَريّة، وحاصروا دمشق في آخر سنة سبعٍ وتسعين ومائة. ثمّ تسوّروا البلد وهجموه، وتخاذل الناسُ عَنْ نصر أَبِي العُميطر السُّفيانيّ، فبادر ولبس زيّ امرَأَة، وخرج بين الحُرمُ مِن الخضراء، وذهب إلى المِزّة. ثمّ جرت بينه وبين ابن بَيْهس حروب، وقام معه المِزّيّون وغيرهم. ومات في حدود المائتين، وقد جاوز الثمانين. قَالَ موسى بْن عامر: سَمِعْتُ الوليد بْن مُسْلِم غير مرّة يَقُولُ: لو لم يبق مِن سنة خمسٍ وتسعين ومائة إلا يوم لخرج السُّفيانيّ. قَالَ موسى: فخرج أبو العُميطر فيها. ورواه هشام بْن عمّار عَنِ الوليد. وكان الوليد رأسًا في الملاحم ومعرفتها. ولعلّه ظفر بأثر في ذَلِكَ. وعن أحمد بْن حنبل أنّه قَالَ للهيثم بْن خارجة: كيف كَانَ مُخَرَّج السُّفيانيّ؟ فوصفه بهيئة جميلة واعتزالٍ للشرّ، ثمّ وصفه حين خرج بالظُّلم، وقال: أرادوه عَلَى الخروج مِرارًا ويأبى، فحفرَ لَهُ خَطَّاب سَرَبًا تحت الأرض إلى تحت بيته. ثمّ دخلوا ونادوه في اللَّيْلِ: أخرج فقد آن لك. فقال: هذا شيطان. ثمّ أتوه ثاني ليلة، فوقع في نفسه.

وأتوه ثالث ليلة فخرج. فقال الإمام أحمد: أفسدوه. قَالَ أحمد بْن تبوك بْن خَالِد السُّلَميّ: نا أَبِي قَالَ: خرج أبو العُميطر إلى قرية الْجُرجُلّة فأحرقها، وقتل في بني سُلَيْم. ثمّ كَانَ القُرَشيّون في أصحابه واليَمانية يمرّون بالدّار مِن دُور دمشق فتقول: ريح قيسي تشم من ههنا، فيضربونها بالنّار. 377- أبو القاسم بْن أَبِي الزناد1 -ق. عبد الله بن ذكوان المدني. لم يلحق أَبَاهُ، فربّاه أخوه عَبْد الرَّحْمَن. يروي عَنْ سَلَمَةَ بْن وردان، ونوح بْن نُمَير، وإسحاق بن خازم. وعنه: أحمد بْن حنبل، ويعقوب بْن محمد الزُّهْرِيّ، وإبراهيم بْن المنذر، وعبد الرَّحْمَن بْن يونس الرَّقَّيّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قَالَ سعيد بن يحيى الأموي: سألته عَنْ أسمه فقال: اسمي كنيتي. 378- أبو قَطَن عَمْرو بْن الهيثم القُطَعيّ2 -م. ع. شيخ بصْريّ. لَهُ عَنْ: حمزة الزيّات، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وأبو حُرّة واصل، وشُعْبَة، وطائفة. وعنه: أحمد، وأبو ثور، وبندار، وأحمد بْن سِنان القطّان، ونصر الوشّاء. قَالَ أبو حاتم: صدوق، صالح الحديث. وقال ابن معين: ثقة. قِيلَ: مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. 379- أبو مسعود الزجاج3.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 427"، والتهذيب "2/ 203". 2 الجرح والتعديل "6/ 268"، والتهذيب "8/ 114، 115". 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 227"، والميزان "2/ 556".

هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن حسن التّميميّ المَوْصِليّ. روى عن: معمر، وأبي سعد البقّال، وسُفْيان الثَّوْريّ. وعنه: يحيى بْن آدم، ويحيى الحمّانيّ، وعبد الله بْن عُمَر بْن أبان، وأبو هاشم محمد بْن أَبِي خِداش، وابن عمّار، وعليّ بْن حرب، وإسحاق بْن راهويه، وغيرهم. صالح الأمر، وقال أبو حاتم: لا يحتج به. 380- أبو معاوية -ع. هو محمد بن خازم الكوفي الضرير الحافظ1. أحد أئمة الأثر. روى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، والأعمش، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وأبي إِسْحَاق الشَّيْبانيّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وعاصم الأحول، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد بْن أبي الحواريّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وسَعْدان بْن نَصْر، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، وخلق كثير. مولده سنة ثلاث عشرة ومائة. قَالَ أبو نعيم: سَمِعْتُ الأعمش يَقُولُ لأبي معاوية: أمّا أنتَ فقد ربطت رأس كيسَك. وكان شُعْبَة إذا حدَّث بحضرة أَبِي معاوية يراجعه في حديث الأعمش ويقول: أليس كذا، أليس كذا؟. وقال أبو نُعَيْم: لزِم أبو معاوية الأعمش عشرين سنة؛ كذا قَالَ أبو نُعَيْم، ولعلّه أراد عشر سنين. قَالَ أحمد: كَانَ أبو معاوية إذا سئل عَنْ حديث الأعمش يَقُولُ: قد صار في فمي علْقمًا. قَالَ أحمد: وكان والله حافظًا للقرآن، وكان يضطّرب في غير الأعمش. قَالَ ابن المَدِينيّ: كتبنا عَنْ أَبِي معاوية، عن الأعمش ألفًا وخمسمائة حديث.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 242-245"، السير "9/ 73-78".

وقال جرير بْن عَبْد الحميد: كنّا نرفع الحديث عند الأعمش، ثم نخرج، فلا يكون أحفظ منّا لَهُ مِن أبي معاوية. وكان الرشيد يُبَجَّل أبا معاوية ويُحضره فيسمع منه. أَخْبَرَنَا المؤمّل بْن محمد في كتابه: أَنَا الكِنْديّ، أَنَا أبو منصور القزّاز، أَنَا الخطيب، أَنَا ابن رزق، أَنَا الصّوافّ: نا عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: كَانَ أبو معاوية إذا سئل عَنْ حديث الأعمش يقول: قد صار في فمي علقما، لكثرة ما يُرددّ عَليْهِ1. قَالَ يحيى بْن مَعِين: كَانَ عند أَبِي معاوية عَنِ الأعمش ألف ومائتان. وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: وأبو معاوية إذا جاز حديث الأعمش كثر خطأه. يخطيء عَلَى هشام بْن عُرْوة، وعلى إسماعيل، وعُبَيْد الله بْن عمر. وكذا قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف بْن خِراش. وروى عَبَّاس، عنِ ابن مَعِين قَالَ: روى عَنْ عُبَيْد الله مناكير. وقال أحمد بْن داود الحدّانيّ: سمعتُ أبا معاوية يَقُولُ: البُصَراء كانوا عليّ عيالا عند الأعمش. وقال أحمد بْن الحسن السُّكّريّ: أبو معاوية أعرف مِن سُفْيان ومن شُعْبَة بالأعمش. وقال عليّ بْن حسن: قَالَ لي وكيع: إنْ تركتَ أبا معاوية ذهب علم الأعمش، على أنه مرجيء. فقلت: قد دعاني إلى الإرجاء. وعن ابن المبارك: أبو معاوية مرجيء كبير. وقال يعقوب بْن شَيبة: أبو معاوية مِن الثَّقات، وربّما دلّس، وكان يرى الإرجاء. قَالَ: فيقال إنّ وكيعًا ما حضر جنازته لذلك.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 245".

قَالَ الجماعة: مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة؛ وقيل: سنة أربع. 381- أبو معاوية الأسود1. أحد الزهّاد، صحِب إبراهيم بْن أدهم والثَّوْريّ، وكان منقطعًا إلى العبادة. حكى عَنْهُ: أحْمَد بْن أَبِي الحواريّ، وقاسم الجوعيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق العكّاويّ، وغيرهم. قَالَ قاسم الجوعيّ: اسمه يَمَان. وقال يحيى بْن يحيى النَّيْسابوريّ: إنّ كَانَ بقي أحد مِن الأبدال فحُسين الْجُعْفيّ، وأبو معاوية الأسود. وكان بطَرَسُوس. وقال ابن مَعِين: رأيته يلتقط الخرق ويغسلها ويلبسها. وأغلظ لَهُ رَجُل فقال: أستغفر الله مِن ذنبٍ سلّطَكَ بِهِ عليّ. قلت: ومن قول الفقراء: مِن جُنيَ عَليْهِ فليستغفر. وفي الكرامات للالكائي أن أبا معاوية الأسود ذهبَ بصره، فكان إذا أراد أن يقرأ في المصحف ردّ الله عَليْهِ بصره2. قَالَ ابن أَبِي الحواري: جاء جماعة إلى أَبِي معاوية الأسود فقالوا: ادْعُ لنا. فقال: اللهم ارحمني بهم ولا تجرمهم بي. عَبْد الرَّحْمَن بْن عفّان: سَمِعْتُ أبا معاوية يَقُولُ: مِن كانت الدنيا همّه طال في القيامة غمّه؛ ومن خاف الوعيد لها عَنِ الدنيا عمّا يريد؛ إنّ كنتَ تريد لنفسك الجزيل فلا تنم بالليل ولا تُقيل؛ بادِرْ بادر قبل أن ينزل بك ما تحاذر؛ أوه مِن يومٍ يتغّير فيه لوني، ويتلجلج فيه لساني، ويقلّ فيه زادي3. 382- أبو نُواس4. هُوَ شاعر العصر أبو عليّ الحَسَن بْن هانئ، وقيل الحَسَن بْن وهْب الحكمي.

_ 1 انظر: الحلية "8/ 271-273"، والسير "9/ 78-79". 2 صفة الصفوة "4/ 272". 3 الحلية "8/ 272، 273". 4 انظر: الأغاني "20/ 61-73"، السير "9/ 279-281".

مولده بالأهواز، ونشأ بالبصرة. وسمع مِن: حمّاد بْن زيد، وعبد الواحد بْن زياد. وعرض القرآن عَلَى يعقوب الحضرميّ. وأخذ اللُّغة عَنْ أَبِي زيد الأنصاريّ، وأبي عُبَيْدة، ثم سكن بغداد فمدح الخلفاء والوزراء. وكان رأسا في اللغة، وشعره في الذروة. قال شيخه أبو عبيدة: أبو نواس للمحدثين مثل امريء القيس للمتقدمين. وعن محمد بن مسعر قَالَ: كنّا عند سُفْيان بْن عُيَيْنَة، فتذاكروا شِعْر أَبِي نُواس، فقال ابن عُيَيْنَة: أنشدوني لَهُ. فأنشدوه. ما هوًى إلا لهُ سببُ ... يبتدي منه وينشعبُ فَتَنَتْ قلبي محبّتهُ ... وجهُها بالحُسْنِ مُنْتِقِبُ تُركت والحُسنُ تأخذه ... تنتقي منه وتنتخِبُ فاكتستْ منه طرائِفه ... واستزادتْ بعضَ ما تهبُ1 فقال ابن عُيَيْنَة. آمنت بالذي خلقها. ولقب أبو نواس بهذا لذؤابتين كانتا تنوس عَلَى عاتقيه، أي تضطّرب. وهو مِن موالي الجرّاح بْن عَبْد الله الحَكَميّ الأمير. ومن شِعْره: خلّ حبيبك لرامي ... وامضِ عَنْهُ بسلام مت بداء الصمت خيـ ... ـر لك مِن داء الكلام إنّما العاقل مِن ... ألجَمَ فاهُ بلجام شبْتَ يا هذا وما ... تترك أخلاقَ الغلام والمنايا آكلاتٌ ... شاربات للأنام2

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 438". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 276".

ومن شِعْره: سبحان ذي الملكوت أيَّةُ ليلةٍ ... مَخَضَت صبيحتُها بيوم الموقفِ لو أنّ عينًا وَهَّمتْها نفسُها ... ما في المعاد مُحَصَّلا لم تَطْرفِ1 قَالَ الجمّاز: كَانَ أبو نواس نجلس معه في حلقة يونس، فينتصف منّا في النحو. وقال أبو عمرو الشيباني: لولا أنّ أبا نواس أفسدَ شِعره بهذه الأقذار، يعني الخمور، لاحتججنا بِهِ في كُتُبنا. ومن شِعْر أَبِي نواس: يا قمرًا أبْصَرتُ في مأتمٍ ... يَنْدُب شَجْوًا بين أترابِ تبكي فتُذْري الدُّرَّ مِن نرجسٍ ... وتلطم الوردَ بعُنّابِ فقلت: لا تبكي عَلَى هالكٍ ... وآبكِ قتيلا لكِ بالبابِ لا زال موتًا دأب أحبابه ... ولم تزل رؤيته دأبي2 ومن شِعْره في عليّ بْن موسى الرضا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قِيلَ أنت أشعرُ الناسِ طُرّا ... في رويٍّ تأتي بِهِ وبَدِيهِ فلماذا تركتَ مدحَ ابنِ موسَى ... والخلال التي تجمّعن فيه قلت: لا أهتدي لمدح إمامٍ ... كَانَ جبريل خادمًا لأبيه وله: ألا كلّ حيّ هالكُ، وابنُ هالكٍ ... وذو نَسَب في الهالكين عريقِ إذا امتحنَ الدُّنيا لبيب تكشَّفَت ... لَهُ عَنْ عدوٍّ في ثياب صديقِ3 وله: فتًى يشتري الثناء بماله ... ويعلم أنّ الدائرات تدور

_ 1 السابق "4/ 278". 2 الأغاني "20/ 68، 69". 3 تاريخ بغداد "7/ 443".

فما جزاه جودٌ ولا حلٌّ دونه ... ولكن يصيرُ الجودُ حيثُ يصير1 مات أبو نُواس سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وقيل: سنة ستٍ؛ وقيل: سنة خمس. وترجمته سبْعٍ ورقات في تاريخ بغداد. وأفرد لَهُ أبو العبّاس بْن شاهين جزءًا في أخباره. 383- المحاربي -ع. عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن زياد2. أبو محمد الكوفي الحافظ. عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَلَيْثِ بْنِ أبي سُلَيْم، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وفُضَيْل بْن غَزْوان، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو كُرَيْب، وهنّاد، والحسن بْن عَرَفَة، والأشجّ، وعليّ بْن حرب، وخلْق. قَالَ وكيع: ما كَانَ أحفظه للطوال. وقال ابْن معين: ثقة. وقال أَبُو حاتم: صدوق. وقال أبو داود: ابنه عبد الرحيم المُحَاربيّ أحفظ منه. وقال أبو نُعَيْم: كنّا نكون عند الثَّوْريّ، فإذا مرّ حديث مِن أحاديث الزُّهْد قَالَ: أَيْنَ المُحَاربيّ؟ خُذ إليك هذا مِن بَابتِك. وقال أبو حاتم أيضًا: يروي عَنِ المجهولين. وقال العُقَيْليّ: نا عَبْد الله بْن أحمد قَالَ: بَلَغَنا أنّ المُحَاربيّ كَانَ يدلّس، ولا نعلم أنّه سَمِعَ مِن مَعْمَر شيئًا. وأنكر أَبِي روايته عَنْ مَعْمَر.

_ 1 ديوان أبي نواس "ص/ 481". 2 الجرح والتعديل "5/ 282"، والسير "9/ 136-138".

قَالَ: قِيلَ لأبي إنّ المُحَاربيّ روى عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ جَرِيرٍ حديث: "تُبنى مدينة بين دجلة ودجيل"1. فقال أبي: كَانَ المُحَاربيّ جليسًا لسيف بْن محمد ابن أخت الثَّوْريّ، وكان سيف كذّابًا. وأظنّ المُحَاربيّ سَمِعَ هذا منه. قلت: ما بين عبد الله وبين المُحَاربيّ منقطع، فما صحّ عَنِ المُحَاربيّ هذا. وقد مات المُحَاربيّ رحمه الله سنة خمسٍ وتسعين ومائة.

_ 1 سبق تخريجه.

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الطبقة العشرون: "سنة إحدى وتسعين ومائة": الصفحة الموضوع 3 الوفيات هذه السنة. 3 خروج ثروان بن سيف بحولايا. 3 خروج أبي النداء بالشام. 3 استغلاظ أمر رافع بن الليث عيسى من ولد علي. 3 ولاية حمويه بَرِيدَ خُرَاسَانَ. 4 غَزْوَةُ يَزِيدَ بْنِ مَخْلَدٍ الرُّومَ. 4 تولية هرثمة بن أعين الصائفة. 4 مضي الرشيد إلى درب الحدث. 4 عزل علي بن عيسى. 5 حج هذا العام. 5 امتناع الصائفة. "سنة اثنتين وتسعين ومائة": 5 المتوفون هذه السنة. 5 شخوص هرثمة إلى خراسان. 6 توجه الرشيد لحرب رافع. 6 تحرك الخرمية. 7 قتل أبي النداء. 7 تحرك ثروان الحروري. 7 حبس علي بن عيسى. "سنة ثلاث وتسعين ومائة": 7 المتوفون هذه السنة. 7 موافاة الرشيد جرجان. 7 الْوَقْعَةُ بَيْنَ هَرْثَمَةَ وَأَصْحَابِ رَافِعِ بْنِ اللَّيْثِ. 8 غلط جبريل بن بختيشوع وتطبيب الرشيد.

الصفحة الموضوع 8 الرشيد يقتفي أخلاق المنصور. 8 إجازة الرشيد ومروان بن أبي حفصة. 8 صحبة ابن أبي مريم المضحاك للرشيد. 9 موعظة ابن السماك للرشيد. 9 البيعة للأمين. 9 مسير رجاء الخادم بالخلع إلى الأمين. 9 بناء الأمين لميدان الكرة. 9 المأمون يهدي الأمين التحف. 10 ذدخول هرثمة سمرقند. 10 مقتل نقفور ملك الروم. "سنة أربع وتسعين ومائة": 10 المتوفون هذه السنة. 10 ثورة أهل حمص بعاملهم. 10 عزل الأمين لأخيه القاسم عن الولايات. 11 الأمر بالدعاء لموسى ابن الأمين. 11 تنكر الأمين للمأمون. 11 الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ يُؤَلِّبُ الأَمِينَ عَلَى الْمَأْمُونِ. 11 التحاق رافع بن الليث بالمأمون. 11 قدوم هرثمة على المأمون. 11 إرسال الأمين وجوهًا إلى المأمون. 12 مبايعة العباس بن موسى المأمون سرًا. 12 إسقاط اسم المأمون من ولاية العهد. 12 إِرْسَالُ الْمَأْمُونِ الرَّسُولَ بِالْبَقَاءِ عَلَى عَهْدِهِ لِلأَمِينِ. 12 نصائح أولي الرأي للأمين. 12 بيعة الأمين لابنه موسى بولاية العهد. 12 وثوب الروم على ملكهم. "سنة خمس وتسعين ومائة": 13 المتوفون هذه السنة. 13 بَعْضُ الشِّعْرِ الَّذِي قِيلَ فِي وِلايَةِ الْعَهْدِ لموسى. 13 تسمية المأمون بإمام المؤمنين. 14 عقد الأمين الولايات لعلي بن عيسى.

الصفحة الموضوع 14 جَمْعُ الأَمِينِ أَهْلَ بَغْدَادَ لِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ لابْنِهِ. 14 شُخُوصُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى لِلْقَبْضِ عَلَى الْمَأْمُونِ. 14 استعمال ابن حُمَيد على همدان. 14 لِقَاءُ جَيْشِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بِجَيْشِ طَاهِرِ بن الحسين. 15 رفع نسخة البيعة على الرمح. 15 مقتل علي بن عيسى. 15 انهزام البخارية. 15 التسليم بالخلافة للمأمون. 16 انشغال الأمين بصيد السمك. 16 شعر في مقتل علي بن عيسى. 16 توجيه الأمين للأبناوي. 16 قلة تدبير الأمين مع كثرة الجيش. 16 مقتل علي بن عيسى بسهم. 17 شغب الجند ببغداد على الأمين. 17 حَبْسُ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ لِلْمُنْكَسِرِينَ مِنْ جَيْشِ أبيه. 17 تراجع الأبناء أمام طاهر بن الحسين. 17 حصار طاهر لهمدان. 18 طاهر يؤمن الأبناوي. 18 ظهور أبي العميطر السفياني بدمشق. 18 أَبُو الْعُمَيْطِرِ يَضْبِطُ دِمَشْقَ وَمَا حَوْلَهَا حَتَّى الساحل. 18 غلبة طاهر على كور الجبال. 18 غدر الأبناوي بجنود طاهر. 19 مقتل الأبناوي. 19 طاهر يخندق على جنده قرب حلوان. "سنة ست وتسعين ومائة": 19 المتوفون هذه السنة. 19 الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ يَحُثُّ أَسَدَ بْنَ يَزِيدَ على نصرة الأمين. 20 أَسَدُ بْنُ يَزِيدَ يَطْلُبُ نَفَقَةَ سَنَةٍ لِجُنْدِهِ. 20 حبس الأمين لأسد بن يزيد. 20 اختيار أحْمَد بْن مَزْيد لقتال طاهر بْن الحسين. 21 وصية الأمين لأحمد بن مزيد.

الصفحة الموضوع 21 احتيال طاهر عَلَى جيوش الأمين حتى تقاتلوا. 21 تسليم ما احتواه طاهر إلى هَرْثَمَة بْن أعين. 22 تولية المأمون للفضل بْن سهل عَلَى جميع المشرق. 22 تولية الحَسَن بْن سهل ديوان الخراج. 22 إطلاق عَبْد الملك بن صالح من الحبس. 23 وفاة عبد الملك وعودة الرجالة. 23 خطبة الحسين بن علي في الأبناء. 24 بيعة الحسين المأمون وخلعه الأمين. 24 حبس الأمين وأمه في قصر المنصور. 24 خطبة محمد بْن أبي خَالِد لاعتزال الحسين بن علي. 24 خطبة الشَّيْخ الكوفي وإخراج الأمين مِن حبسه. 25 الصفح عن الحسين بن علي. 25 هرب الحسين بن علي وقتله. 25 تجديد البيعة للأمين. 25 هرب الفضل بْن الربيع. 25 مسير طاهر بْن الحسين لقتال محمد بن يزيد المهلبي. 26 مصرع محمد بْن يزيد وما قِيلَ في رثائه. 26 تولية طاهر العمال على البحرين. 26 إقرار العمال على أعمالهم. 27 هزيمة محمد البربري عند جسر صرصر. 27 انهزام الفضل بن موسى عن الكوفة. 27 إدبار أمر الأمين. 27 ذكر خبر خلع دَاوُد بْن عيسى الأمين. 28 إقامة الموسم للحج. 28 انهزام علي بن نهيك أمام هرثمة. 28 شغب الجند على طاهر وقتالهم له. 28 تفريق الأمين الخزائن والذخائر على الناس. 28 مكاتبة طاهر لقواد الأمين واستمالتهم. "سنة سبع وتسعين ومائة": 29 المتوفون هذه السنة. 29 التحاق المؤتمن ومنصور بالمأمون.

الصفحة الموضوع 29 شكوى المسلمين مِن أعمال زهير بْن المسيبّ. 29 اشتداد الحصار على الأمين ببغداد. 30 درس محاسن بغداد. 30 تسلم طاهر لقصر صالح. 30 مقتل جماعة في قصر صالح. 30 التحاق جماعة من القادة والعباسيين بطاهر. 30 إقبال الأمين على اللهو والشرب وسوء حال أهل بغداد. 31 قتال الغوغاء والعيارين والحرافيش عن الأمين. 31 وقعة درب الحجارة. 31 وقعة باب الشماسية. 32 وقعة العراة وما قيل فيهم. 32 ظهور السفياني بالشام. 32 حصار ابن بيهس لدمشق. "سنة ثمان وتسعين ومائة": 33 المتوفون هذه السنة. 33 ذكر استيلاء طاهر على بغداد. 33 ذكر غناء الجارية ضعف. 34 حكاية المسعودي عن مقرطة الأمين. 35 شدة بطش الأمين. 35 الإشارة عَلَى الأمين بالخروج إلى الجزيرة والشام. 36 النصح للأمين بالإستسلام لهرثمة. 36 وقوع الأمين في الأسر. 36 ما روي حول أسر الأمين. 38 ذكر خبر قتل الأمين. 39 رثاء إبراهيم بن المهدي للأمين. 39 وثوب الجند بطاهر. 40 ما قيل في رثاء الأمين. 40 ذكر إسراف الأمين في اللهو والإنفاق. 41 رجاء ابن حنبل الرحمة للأمين. 41 استيلاء ابن بيهس على دمشق. 42 ذكر خروج ابن الهِرش في سِفْلة الناس.

الصفحة الموضوع 42 استعمال المأمون للحسن بن سهل. 42 ولاية طاهر الجزيرة والشام ومصر والمغرب. 42 ذكر ثورة أهل قرطبة. "سنة تسع وتسعين ومائة": 43 المتوفون هذه السنة. 43 خروج ابن طباطبا بالكوفة. 43 ذكر أمر أبي السرايا. 44 وقعة قصر ابن هبيرة. 44 توجيه أَبِي السرايا عمّاله عَلَى المدينة ومكة. 44 ذكر خروج داود بْن عيسى مِن مكّة. 45 دخول حسين بْن حسن مكّة وظُلم أهلها. 46 ذكر انهزام أبي السرايا. 46 وثوب علي بن محمد بالبصرة. 46 ظهور إبراهيم بن علي باليمين. "سنة مائتين": 46 المتوفون هذه السنة. 46 مقتل أبي السرايا. 47 افتتاح البصرة واختفاء الطالبيين. 47 ذكر ما فعله الأفطس بمكة. 48 ذكر تفرق الطالبيين عن مكة. 49 ذكر الحج هذا العام. 49 مقتل هرثمة. 49 ذكر فتنة الجند ببغداد. 49 ذكر توجيه رجاء بْن أَبِي الضحّاك لإشخاص علي الرضا. 50 ذكر إحصاء ولد العباس. 50 ذكر قتل الروم ملكهم اليون. 50 ذكر قتل يحيى بن عامر.

"تراجم الأعيان في هذا العَشْر": الصفحة الموضوع "حرف الألف": 50 1- أحمد بْن بشير الكوفي. 50 2- أحمد بْن موسى بن أبي مريم الخزاعي اللؤلؤي المقرئ. 51 3- إبراهيم بن الأغلب بن سالم القيرواني الأمير. 52 4- أبان بن عبد الحميد الرقاشي البصري الشاعر. 53 5- إبراهيم بن صدقة الأنصاري البصري. 53 6- إبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك الجمحي المكي. 53 7- إبراهيم بْن عُيَيْنَة بْن أَبِي عِمران الهلالّي. 53 8- إبراهيم بن هدبة البصري. 54 9- إبراهيم بن يزيد بن مردانبة الكوفي. 54 10- إبراهيم بن يوسف بن إسحاق السبيعي الكوفي. 55 11- أسامة بن حفص المدني. 55 12- أسباط بن محمد الكوفي. 56 13- إسحاق بن جعفر بن محمد الهاشمي. 56 14- إسحاق بن إسماعيل الرازي حيويه. 56 15- إسحاق بن الربيع العصفري الكوفي. 56 16- إسحاق بن سليمان الرازي. 57 17- إسحاق بن عيسى البغدادي. 57 18- إسحاق بن نجيح الملطي. 57 19- إسحاق بن يوسف بن مرداس الواسطي الأزرق. 58 20 إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسم الأسدي. 60 21- إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي. 61 22- إسماعيل بن إبراهيم التيمي الكوفي. 61 23- إسماعيل بن حكيم صاحب الزيادي. 61 24- إسماعيل بن زياد السكوني قاضي الموصل. 62 25- إِسْمَاعِيلَ بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ الأنصاري. 62 26- إسماعيل بْن محمد بْن جُحَادة الكوفيّ العطّار. 62 27- إسماعيل بْن يحيى بْن عُبَيْد الله التَّيميّ البكري. 62 28- أشجع بن عمرو السلمي "الشاعر". 63 29- أشعث بن عبد الرحمن بن زُبَيد اليامي الكوفي.

الصفحة الموضوع 63 30- أشعث بن عبد الله الخراساني السجستاني. 63 31- أشعث بن شعبة. 64 32- أمية بن خالد القيسي. 64 33- أنس بن عياض الليثي. 65 34- أوس بن عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي. 65 35- أوس بن عبد الله السلولي البصري. 65 36- أيوب بن تميم التميمي الدمشقي. 66 37- أيوب بن حسان الجرشي الدمشقي. 66 38- أيوب بن المتوكل البصري الصيدلاني. 67 39- أيوب بن واصل البصري. 67 40- أيوب بن واقد الكوفي. "حرف الباء": 67 41- بشار بن قيراط النيسابوري. 68 42- بزيع بن حسان الخصاف. 68 34- بشر بن إبراهيم الأنصاري المفلوج. 68 44- بشر بن الحسن البصري. 69 45- بشر بن السري الواعظ الأفوه. 70 46- بشر بن سلم بن المسيب البجلي. 70 47- بشر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز الأموي. 70 48- بقية بن الوليد بن صائد الطلاعي الحميري. 74 49- بكّار بْن عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْن ثابت الأسدي. 75 50- بكّار بْن عَبْد الله بْن عُبَيْدة الرَّبَذيّ. 75 51- بكر بن سليمان البصري. 75 52- بكر بن سليم الصواف الطائفي. 76 53- بكر بن الشرود الصنعاني. 76 54- بكر بن يزيد الحمصي الطويل. 76 55- بكر بن النطاح الحنفي البصري. 76 56- بكر بن يونس بن بكير الشيباني. 77 57- بهز بن أسد العمي. "حرف التاء": 77 58- تَلِيد بن سليمان المحاربي.

الصفحة الموضوع "حرف الجيم": 78 59- الجراج بن مليح البهراني الحمصي. "حرف الحاء": 78 60- الحارث بْن مرّة بْن مُجّاعة الحنفي اليماني. 79 61- الحارث بن عبيدة الكلاعي الحمصي. 79 62- حجاج بن سليمان الرعيني "ابن القمري". 79 63- حجاج بن سليمان الحضرمي المصري. 80 64- حذيفة المرعشي "الزاهد". 80 65- الحسن بن حيب بن ندبة البصري. 80 66- الحَسَن بْن عليّ بْن عاصم بْن صُهَيْب الواسطي. 80 67- الحسن بن محمد البلخي الفقيه قاضي مرو. 81 *- الحسن بن هانئ الشاعر أبو نواس. 81 68- الحسن بن يحيى الخشني الغوطي البلاطي. 82 69- الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب. 82 70- حفص بن نبيل المرهبي الهمداني. 82 71- حفص بن عبد الرحمن البلخي الفقيه. 82 72- حفص بن عمر الرازي الواسطي. 83 73- حفص بن غياث بن طلق النخعي القاضي. 83 74- الحكم بن أيوب العبدي الأصفهاني الفقيه. 86 75- الحكم بن بشير. 86 76- الحَكَم بْن عَبْد الله أَبُو مطيع البلْخيّ الفقيه. 87 77- الحكم بن عبد الله أبو النعمان البصري. 88 78- الحكم بن مروان الكوفي. 89 79- حماد بن خالد الخياط المدني. 89 80- حماد بن دُلَيل المدائني. 90 81- حماد بن واقد الصفار. 90 82- حُمَيد بن حماد بن خَوَار الكوفي. 90 83- حنان بن سَدِير الصيرفي. "حرف الخاء": 91 84- خالد بن حيان الرقي الكِنْدي الخراز. 91 85- خالد بن سليمان البلْخي فقيه بلخ.

الصفحة الموضوع 91 86- خالد بن عمرو القرشي الأموي الكوفي. 92 87- خالد بن يزيد العتكي اللؤلؤي. 92 88- خلف بن أيوب العامري البلخي. 92 89- الخليل بْن أحمد بْن بِشْر بْن المستنير السلمي. 93 90- خيران بن العلاء الكيساني الأصم. "حرف الراء": 93 91- ربعي بن إبراهيم الأسدي. 94 92- ريحان بن سعيد بن المثنى الشامي. "حرف الزاي": 94 93- زاجر بْن الصَّلْت الطاحي النَّمِريّ. 95 94- زياد بن الحسن بن الفرات التميمي القزاز. 95 95- زياد بن عبد الرحمن بن زياد الفقيه الأندلسي "شبطون اللخمي". 96 96- زيد بن الحسن القرشي الكوفي صاحب الأنماط. 96 97- زيد بن أبي الزرقاء الموصلي. "حرف السين": 97 98- سالم بْن نوح العطّار البصْريّ. 97 99- سبرة بن عبد العزيز بن الربيع الجهني. 98 100- سعد بن سعيد بن كيسان المقبري. 98 101- سعْد بْن الصَّلْت بْن بُرْد بْن أسلم البجلي قاضي شيراز. 99 102- سعيد بن زكريا القرشي المدائني. 99 103- سعيد بن سالم القداح المكي. 100 104- سعيد بن سلمة بن عطية. 100 105- سَعِيد بْن عبد الله بْن سعْد الفقيه المصري. 100 106- سعيد بن عمرو الزبيري. 101 107- سعيد بن محمد الثقفي الوراق. 101 108- سفيان بن عبد الملك المروزي. 101 109- سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي. 108 110- سُقلاب بن شنينة المصري المقرئ. 108 11- السكن بن إسماعيل البصري الأصم. 109 112- سلامة بن روح الأيلي. 110 113- سلام بن أبي خبزة البصري.

الصفحة الموضوع 110 114- سلمة بن عقار البغدادي. 110 115- سلمة بن سليمان المروزي. 111 116- سلمة بن الفضل الأبرش الرازي قاضي الري. 112 117- سلم بن جعفر البكراوي الأعمى. 112 118- سلم بن سالم البلخي الزاهد. 113 119- سلم بن قتيبة الخراساني الفريابي الشعيري. 114 120- سليمان بن الخليفة أبي جعفر العباسي نائب دمشق. 114 121- سليمان بن عامر الكندي المروزي. 114 *- سليم صاحب حمزة الزّيّات. 114 122- سُلَيْم بْن عيسى بْن سليم الحنفي المقرئ. 115 123- سليم بن مسلم الجمحي المكي الخشاب. 115 124- سهل بن زياد البصري الطحان. 115 125- سهل بْن هاشم بْن بلال الحبشيّ الواسطيّ البيروتي. 116 126- سهل بن يوسف البصري الأنماطي. 116 127- سويد بن عبد العزيز بن نمير قاضي بعلبك. 117 128- سيار بن حاتم البصري العنزي العابد. "حرف الشين": 118 129- شبيب بْن سُلَيْم الأُسَيديّ البصْريّ. 118 130- شعيب بن حرب المدائني البغدادي الزاهد. 119 131- شعيب بن العلاء الرازي السراج. 119 132- شعيب بن الليث بن سعد الفهمي المصري. 120 133- شقيق البلخي الزاهد. "حرف الصاد": 123 134- صالح بن بيان الثقفي العبدي قاضي سيراف. 123 135- صالح بن موسى بن عبد الله التيمي الطلحي الكوفي. 124 136- صعصعة بن سلام الدمشقي. 124 137- صغدي بن سنان البصري. 124 138- صفوان بن عيسى الزهري البصري القسام. 125 139- صلة بن سليمان الواسطي العطار. 125 140- صيفي بن ربعي الأنصاري الكوفي.

الصفحة الموضوع "حرف الضاد": 126 * ضمرة بن ربيعة الرملي. "حرف العين": 126 141- عاصم بْن حُمَيْد الكوفيّ الحنّاط. 126 142- عاصم بن سليمان العبدي الكوزي الحذاء. 127 143- عاصم بن عبد العزيز الأشجعي المدني. 127 144- عامر بن صالح بن عبد الله الأسدي المدني. 128 145- عامر بن صالح بن رستم الخزاز. 128 146- عامر بن عبد الله المصري. 128 147- العباس بن الأحنف الشاعر. 129 148- العباس بن الحسين بن عبيد الله العلوي المدني. 129 149- العباس بن الفضل بن الربيع الأمير الحاجب الشاعر. 130 150- عبد الله بن الأجلح الكندي الكوفي. 130 151- عبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي الكوفي. 132 152- عَبْد الله بْن إسماعيل بْن خَالِد الكوفيّ. 132 153- عبد الله بن خراش الشيباني الكوفي. 133 154- عبد الله بن داود التمار الواسطي. 133 155- عبد الله بن رجاء المكي البصري. 133 156- عبد الله بن أبي رفاعة الخولاني المصري الزاهد. 134 157- عبد الله بن سعيد النخعي الكوفي. 134 158- عَبْد الله بْن سُفْيان بْن عُقْبة اللَّيْثي المدني. 134 159- عبد الله بن سلمة البصري الأفطس. 135 160- عبد الله بن عبد القدوس الكوفي الرازي. 135 161- عبد الله بن عبد الله بن أبي عبيدة الهذلي المسعودي الكوفي. 135 162- عبد الله بن عيسى الخزاز البصري الحريري. 136 163- عَبْد الله بْن كثير الدّمشقيّ الطّويل المقرئ إمام جامع دمشق. 136 164- عبد الله بن قبيصة الفزاري الكوفي. 136 165- عَبْد الله بْن كُلَيْب بْن كَيْسان المُراديّ المصري. 137 166- عَبْد الله بْن مُعَاذ بْن نَشيط الصّنْعَانيّ. 137 167- عبد الله بن موسى بن إبراهيم التيمي الطلحي المدني. 137 168- عبد الله بن ميمون بن داود القداح المخزومي المكي.

الصفحة الموضوع 138 169- عبد الله بن نمير الهمداني الخارفي الكوفي. 138 170- عبد الله بن وهب بن مسلم الفهري المصري. 142 171- عبد الحكيم بن منصور الخزاعي الواسطي. 142 172- عبد الخالق بن زيد بن واقد الدمشقي. 142 173- عبد الرحمن بن سعد بن عمار. 142 174- عبد الرحمن بن سعيد الخزاعي المصري. 143 175- عَبْد الرَّحْمَن بْن سُليمان بْن أبي الْجَوْن العنسي الدّارانيّ. 143 176- عَبْد الرَّحْمَن بْن عبد الله أبو سعيد. 143 177- عبد الرحمن بن عبد الحميد المهري المصري المكفوف. 144 178- عَبْد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن أُميّة بن الثقفي البكراوي البصري. 144 179- عبد الرحمن بن القاسم بن خالد العتقي المصري الفقهي. 147 *- عبد الرحمن بن محمد المحاربي. 147 180- عَبْد الرَّحْمَن بْن مسعود بْن أشرس الإفريقيّ. 147 181- عبد الرحمن بن مغراء الدوسي الرازي. 148 182- عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري. 154 183- عَبْد السّلام بْن عَبْد القُدُّوس بْن حبيب الوحاظي الشامي. 154 184- عَبْد العزيز بْن عِمران بْن عَبْد العزيز الأعرج. 155 185- عبد العزيز بن أبي عثمان الكوفي. 155 186- عبد الكريم بن محمد الجرجاني. 156 187- عبد الملك بن صالح بن علي الهاشمي العباسي الأمير. 157 188- عبد الملك بن الصباح المسمعي الصنعاني البصري. 157 189- عَبْد المُلْك بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّنْعانيّ الذَّماريّ. 158 190- عَبْد المُلْك بْن محمد البَرْسَميّ الصَّنْعانيّ الدّمشقيّ. 158 191- عبد الملك بن مهران الرفاعي الموصلي المغازلي. 159 192- عبد المنعم بن نعيم الأسواري البصري السقاء. 159 193- عَبْد الواحد بْن سليمان الأزْديّ البصْريّ البرّاء. 159 194- عبد الوهاب بن حميد اليحصبي. 160 195- عبد الوهاب الثقفي. 161 196- عُبَيْد الله بْن المهديّ بْن المنصور العباسيّ. 161 197- عُبَيْد الله بْن سُهيل بْن صخر الغُدّانيّ. 161 198- عبيد بن سعيد بن أبان القرشي الأموي.

الصفحة الموضوع 162 199- عبيد بن القاسم الأسدي الكوفي. 162 200- عبيد بن واقد القيسي. 162 201- عتبة بن حماد الحكمي الدمشقي القارئ. 163 202- عَثَّام بْن عليّ بْن هُجَيْر الكلابيّ العامري الكوفي. 163 203- عثمان بن فرقد البصري العطار. 163 204- عراك بن خالد بن يزيد المري الدمشقي المقري. 164 205- عرعرة بن البرند بن النعمان القرشي السامي الناجي. 164 206- عصمة بن محمد بن فضالة الأنصاري المدني. 165 207- عطاء بن جبلة الفزاري. 165 208- علي بن أبي بكر الرازي الأسفذني. 166 209- علي بن حرملة التيمي قاضي القضاة. 166 210- علي بن زياد. 166 211- عليّ بْن ظَبْيان أبو الحَسَن العَبْسيّ الكوفيّ القاضي. 167 212- علي بن عيسى بن ماهان الأمير. 168 213- علي بن القاسم الكندي الكوفي. 168 214- علي بن المبارك الأحمر النحوي المؤدب. 169 215- عمارة بن بشر الدمشقي. 169 216- عمر بن حفص العبدي البصري. 169 217- عمر بن حفص بن عمر الأنصاري. 170 218- عمر بن حفص المعيطي. 170 219- عمر بن زرعة الخارفي. 170 220- عُمَر بْن صالح بْن أبي الزّاهرية الأزْديّ البصري الأوقص. 170 221- عمر بن عبد الواحد بن قيس السلمي الدمشقي. 171 222- عمر بن هارون البلخي الثقفي. 172 223- عمران بْنُ عُيَيْنَةَ بْنً أَبِي عِمْرَانَ الْهِلالِيُّ الْكُوفِيُّ. 173 224- عمرو بن بكر السكسكي الشامي. 173 225- عمرو بن حمران البصري. 173 226- عمرو بن خليفة البكراوي. 173 227- عمرو بن مجمع الكوفي. 173 228- عمرو بن محمد العنقزي الكوفي. 174 229- عمرو بن هاشم الجنبي الكوفي.

الصفحة الموضوع 175 *- عمرو بن الهيثم أبو قطن. 175 230- عمير بن عبد المجيد الحنفي. 175 231- عنبسة بن خالد بن يزيد الأيلي. 176 232- عون بن عبد الله بن عون الهذلي الكوفي. 176 233- عَوْن بن كَهْمَس بْن الحَسَن البصْريّ التَّيْميّ. 176 234- العلاء بن الحصين الكوفي الوضين. 176 235- عيسى بن شعيب البصري النحوي الضرير. 177 236- عيسى بن شعيب بن ثوبان المدني. "حرف الغين": 177 237- الغازي بن قيس الأندلسي. 178 238- غالب بن فائد الأسدي الكوفي المقرئ. 178 239- غسان بن عبيد الموصلي الأزدي. 179 240- غسان بن مضر الأزدي البصري. "حرف الفاء": 179 241- الفرات بن خالد الرازي. 179 242- فرج بن سعيد بن علقمة المأربي السبأي. 179 243- الفضل بن حبيب المدائني السراج. 180 244- الفضل بن عبد الصمد الرقاشي البصري الشاعر. 180 245- الفضل بن العلاء الكوفي. 180 246- الفضل بن عنبسة الواسطي الخزاز. 181 247- الفضل بن مساور البصري. 181 248- الفضل بن موسى السيناني المروزي. 182 249- الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي الوزير. 182 250- فياض بن محمد الرقي. 183 *- فياض بن محمد البصري. "حرف القاف": 183 251- القاسم بن مالك المزني الكوفي. 183 252- القاسم بن يحيى بن عطاء الهلالي المقدمي الواسطي. 184 253- القاسم بن يزيد الجرمي الموصلي الزاهد. 185 254- قبيصة بن الليث الأسدي الكوفي. 185 255- قتادة بن الفضيل الرهاوي.

الصفحة الموضوع "حرف الكاف": 186 256- كريد بن رواحة القيسي البصري. "حرف الميم": 186 257- مالكُ بنُ سُعَيْر بْن الخِمْس التميمي الكوفي. 186 258- مبشر بن إسماعيل الحلبي. 187 259- محرز بن الوضاح المروزي. 187 260- محمد بن إسماعيل بن مسلم الديلي المدني. 188 261- محمد بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم الأَسَديّ العُكاشيّ. 188 262- محمد بن ثور الصنعاني. 188 263- محمد بن جعفر البصري التاجر الكرابيسي الطيالسي. 190 264- محمد بن الحارث بن زياد الحارثي. 190 265- محمد بن حرب الخولاني الحمصي الأبرش الكاتب. 191 266- محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي الكوفي. 191 *- 267- ومحمد بن الحسن الأسدي. 192 268- محمد بن الحسن بن أبي سارة الرؤاسي المقري. 192 269- محمد بْن الحَسَن بْن عِمران المزني الواسطي القاضي. 192 270- محمد بْن الحَسَن بْن أبي يزيد الهمَدانيّ الكوفي. 193 271- محمد بن حمزة الأسدي الرقي. 193 272- محمد بْن حِمْيَر بْن أنيس السليحي الحمصي. 194 *- محمد بن خازم أبو معاوية. 194 273- محمد بْن خَالِد بْن محمد الوَهْبيّ الكِنْديّ الحمصي. 194 274- محمد بن خالد الجندي الصنعاني المؤذن. 195 275- محمد بن ربيعة الكلابي الرؤاسي الكوفي. 195 276- محمد بن الزبرقان الأهوازي. 195 277- محمد بن سعد الأنصاري الأشهلي المدني. 195 279- محمد بن سعد المقدسي. 196 279- مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانٍ الأُمَوِيُّ الْكُوفِيُّ. 196 280- محمد بن سلمة الحراني. 196 281- محمد بن شجاع بن نبهان المروذي. 197 288- محمد بن شعيب بن شابور الدمشقي البيروتي. 197 283- محمد بن طلحة بن عبد الرحمن التيمي القرشي المدني.

الصفحة الموضوع 198 284- محمد بن عبد الله الكوفي المقرئ "داهر". 198 285- محمد بْن عَبْد الله بْن رزين الشّاعر أبو الشيص. 198 286- محمد بن عيسى المروزي. 199 287- محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي. 199 288- محمد بن أبي عدي السلمي البصري. 199 289- محمد بن عيسى بن القاسم الأموي الدمشقي. 200 290- محمد بن عيسى الوابشي. 200 *- محمد بن الفضل بن عطية 200 291- محمد بن فضيل بن غزوان الضبي. 201 292- محمد بن فليح بن سليمان المدني. 201 293- محمد بن القاسم الأسدي الكوفي. 202 294- محمد بن مروان العقيلي العجلي. 202 295- محمد بن معن الغفاري المدني. 203 296- محمد بن ميمون الزعفراني الكوفي المفلوج. 203 297- محمد الأمين بن هارون الرشيد الخليفة. 205 298- مخلد بن الحسين الأزدي المهلبي البصري. 205 299- مخلد بن يزيد الحراني. 206 300- مرجى بن وداع الراسبي البصري. 206 301- مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري. 207 302- مزاحم بن زفر التيمي الكوفي. 208 *- مسعدة بن البيسع الباهلي البصري. 208 303- مسكين بن بكير الحراني الحذاء. 208 304- مسلم بن الوليد الشاعر صريع الغواني. 210 305- مسروح الكوفي. 210 306- مسلمة بن يعقوب بن مسلمة الأموي الشريف. 210 307- مُسْهِر بْن عَبْد المُلْك بْن سَلَع الهمَدانيّ. 211 308- مطرف بن مازن قاضي صنعاء. 211 309- مطهر بن الهيثم الطائي البصري. 212 310- معاذ بن معاذ بن نصر العنبري التيمي قاضي البصرة. 212 311- مُعَاذ بْن هشام بْن أَبِي عَبْد الله الدستوائي. 213 312- معروف الكرخي الزاهد.

الصفحة الموضوع 217 313- معمر بن سليمان الرقي النخعي. 217 314- معن بن عيسى بن يحيى الأشجعي القزاز. 218 315- المغيرة بن سلمة المخزومي البصري. 219 316- المفضل بن صالح الكوفي الدلال النخاس. 219 317- منصور بن عبد الحميد بن راشد. 220 318- منصور بن عمار بن كثير السلمي الخراساني. 223 319- منصور بن وردان الأسدي الكوفي. 224 320- مؤرج بن عمرو السدوسي البصري النحوي. 224 321- موسى بْن إبراهيم بْن كثير الأنصاريّ الحزامي المدني. 224 322- موسى بن طارق الزبيد قاضي زبيد. 225 323- موسى بن عبد الله بن حسن الهاشمي العلوي. 225 324- موسى بْن يحيى بْن خَالِد بْن بَرْمَك الأمير. 226 325- مؤمّل بْن عبد الرَّحْمَن بْن العبّاس البصْريّ. 226 326- ميسرة بن عبد ربه التستري. "حرف النون": 226 327- نصر بن باب الخراساني. 227 328- النضر بن كثير البصري العابد. "حرف الهاء": 227 329- هارون بن أبي عيسى. 228 330- هارون الرشيد الخليفة. 231 331- هاشم بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن القرشي البكري الفقيه. 231 332- هاشم بن القاسم التيمي الكوفي. 232 333- هذيل بن ميمون الجعفي الكوفي. 232 334- هشام بن سليمان بن عكرمة المخزومي المكي. 232 335- هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي. 233 336- هشام بن يوسف الصنعاني الفقيه. 234 337- الهيثم بن مروان العنسي الدمشقي. "حرف الواو": 234 338- والبة بن الحباب الكوفي. 234 339- وَرْش المقرئ "عثمان بْن سَعِيد بْن عبد الله". 236 340- وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي الأعور.

الصفحة الموضوع 247 341- الوليد بْن عُقْبة بْن المغيرة الشَّيْبانيّ الطّحّان. 247 342- الوليد بن كثير المزني المدني. 247 343- الوليد بن مسلم الأموي الدمشقي. 251 344- وهب بن عثمان المخزومي المدني. "حرف الياء": 251 345- يحيى بْن زكريّا بْن إبراهيم النخعي. 251 346- يحيى بن سعيد الأموي. 252 347- يحيى بن سعيد بن فروخ القطان الأحول. 257 348- يحيى بن سعيد الأنصاري الحمصي العطار. 258 349- يحيى بن سعيد السعيد البصري. 258 350- يحيى بن سعيد التميمي المدني. 258 351- يحيى بن سعيد قاضي شيراز. 258 352- يحيى بن سلام البصري. 259 353- يحيى بْن سُلَيْم الْقُرَشِيّ الطائفي الخرّاز الحذّاء. 259 354- يحيى بن الضريس بن يسار البجلي قاضي الري. 260 355- يحيى بن عباد الضبعي البصري. 260 356- يحيى بن كثير. 261 357- يحيى بن المتوكل الباهلي. 262 358- يحيى بن محمد بن قيس المدني البصري المؤدب. 262 359- يحيى بْن محمد بْن عبّاد بْن هاني الشجري المدني. 262 360- يحيى بن واضح "أبو تميلة". 262 *- يحيى بن يزيد بن عبد الملك الهاشمي النوفلي. 263 361- يزيد بن سمرة الرهاوي. 263 362- يعقوب بن إسحاق. 263 363- يعقوب بْن جعفر بْن أَبِي كثير الأنصاريّ. 263 364- يمان بن عدي الحضرمي الحمصي. 264 365- يوسف بن أسباط الزاهد. 266 366- يوسف بن السفر بن الفيض الدمشقي الكاتب. 266 367- يوسف بْن الغَرِق بْن لُمازة قاضي الأهواز. 267 368- يوسف بن يعقوب بن إبراهيم الفقيه القاضي. 267 369- يونس بْن بُكَير بْن واصل الشَّيْبانيّ الكوفي الحمال.

الصفحة الموضوع "الكنى": 268 370- أبو البختري وهب بن وهب القاضي الفقيه. 270 371- أبو بَكْر بْن عيّاش بْن سالم الأسَديّ الحناط المقرئ العابد. 273 372- أبو تميلة يحيى بن واضح المروزي. 273 373- أبو سعيد "عبد الرحمن بن عبد الله". 274 374- أم عمر الثقفية بنت أبي الغصن. 274 375- أبو العميطر "علي بن خالد" الأمير السفياني. 276 376- أبو القاسم بن أبي الزناد المدني. 276 377- أبو قطن عمرو بن الهيثم القطعي. 276 378- أبو مسعود الزجاج "عبد الرحمن بن حسن التميمي الموصلي". 277 379- أبو معاوية "محمد بن خازم الكوفي الضرير". 279 380- أبو معاوية الأسود الزاهد. 279 381- أبو نواس "الحسن بن هاني" الشاعر. 282 382- المحاربي "عبد الرحمن بن محمد الكوفي". 285 فهرس الموضوعات.

المجلد الرابع عشر

المجلد الرابع عشر الطبقة الحادية والعشرون أحداث سنة إحدى ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة الحادية والعشرون: أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ: بَيْعَةُ الْمَأْمُونِ لِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا بِوِلايَةِ الْعَهْدِ: فِيهَا: جَعَلَ المأمونُ وَلِيَّ العهد من بعده عليَّ بْن موسى الرِّضا، وخلع أخاه القاسم بْن الرشيد. وأمر بترك السَّواد ولِبْس الخُضْرة في سائر الممالك، وأقام عنده بخراسان. فعظم هذا عَلَى بُنيّ العبّاس، لا سيما في بغداد. وثاروا وخرجوا عَلَى المأمون، وطردوا الحَسَن بْن سهل من بغداد. وكتب المأمون إلى إسماعيل بْن جعفر بْن سليمان العبّاسيّ أمير البصرة بِلْبس الخُضْرة، فامتنع ولم يبايع بالعهد لعليّ الرِّضا. فبعث المأمون عسكرًا لحربه، فسلّم نفسه بلا قتال، فَحُمِلَ هُوَ وولده إلى خُراسان وبها المأمون، فمات هناك. خلع المأمون والدعوة لإبراهيم بْن المهدي: وفيها عسكر منصور بن المهديّ بكَلْوَاذا، ونصّب نفسه نائبًا للمأمون ببغداد، فسمّوه الْمُرْتَضَى، وسلَّموا عَلَيْهِ بالخلافة، فامتنع من ذلك وقال: إنما أنا نائب المأمون. فلمّا ضَعُف عَنْ قبول ذَلِكَ عدلوا عَنْهُ إلى أخيه إبراهيم بْن المهدي فبايعوه. وجرت فتنة كبيرة، واختبط العراق1. ولاية زيادة اللَّه بْن الأغلب عَلَى المغرب: وفيها وُلّي المغربَ زيادة اللَّه بْن إبراهيم الأغلب التَّميميّ لبني العبّاسيّ بعد موت أخيه عَبْد اللَّه. وبقي في الإمرة اثنتين وعشرين سنة2. تحرك بابَكُ الخرمي: وفيها: تحرك بابك الخرمي3.

_ 1 تاريخ خليفة "470"، تاريخ الطبري "8/ 554"، البداية والنهاية "10/ 247". 2 تاريخ خليفة "470"، تاريخ الطبري "8/ 546"، البداية والنهاية "10/ 247". 3 تاريخ الطبري "8/ 556".

أحداث سنة اثنتين ومائتين

أحداث سنة اثنتين ومائتين: البيعة لإبراهيم بْن المهديّ: في أولها بايع العباسيون وأهل بغداد إبراهيم بْن المهديّ، وخلعوا المأمون لكونه أخرجهم من الأمر وبايع بولاية العهد لعليّ بْن موسى الرِّضا، وأمرهم والدولة بإلغاء السَّواد ولْبس الخُضْرة. فلمّا كَانَ يوم الجمعة خامس المحرَّم صعد إبراهيم بْن المهديّ، الملقب بالمبارك، المنبر. فأول من بايعه عُبَيْد اللَّه بْن العبّاس بْن محمد بْن عليّ بْن منصور بن المهديّ أخوه، ثمّ بنو عمّه، ثمّ القُوّاد1. وكان المطِّلب بْن عَبْد اللَّه بْن مالك الخُزاعيّ هُوَ المتولّي لاجل البَيْعة. وسعى في ذلك، وقام به السِّنْديّ، وصالح صاحب الْمُصَلَّى، ونُصَيْر الوصيف. خروج مهديّ الحروريّ عَلَى إبراهيم بْن المهديّ: ثمّ بايع أهل الكوفة والسَّواد. وعسكر بالمدائن، واستعمل عَلَى جانبي بغداد العبّاس بْن موسى الهاشْميّ، وإِسْحَاق بْن موسى الهادي. فخرج عَلَيْهِ مهديّ بْن عُلْوان الحَرُورِيّ محكِّم، فجهّز لقتاله أبا إِسْحَاق بْن الرشيد، وهو المعتصم، فهزم مَهْديًّا2. وقيل: بل وجه لقتاله المطَّلب. خروج أَبِي السرايا بالكوفة: وخرج أخو أَبِي السّرايا بالكوفة، فلبس البياض، وتجمّع إِلَيْهِ طائفة، فلقيه غسان

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 557". 2 تاريخ الطبري "8/ 558".

بْن أَبِي الفَرَج في رجب فقتله، وبعث برأسه إلى إبراهيم بْن المهديّ1. فولاه إبراهيم الكوفة. وَبَيَّتَ عسكرُ إبراهيم بعض أصحاب الحَسَن بْن سهل. وخامر حُمَيْد بْن عَبْد الحميد إلى الحَسَن بْن سهل، ثمّ إنّه بعثه إلى الكوفة، فولّى عليها العبّاس بْن موسى، وأمره أنّ يلبس الخُضْرة، وأن يدعو لأخيه عليّ الرِّضا بعد المأمون. وقال لَهُ: قاتِلْ عَنْ أخيك عسكر ابن المهديّ، فإن أهل الكوفة شيعتكم، وأنا معك2. فلمّا كَانَ الليل خرج حُمَيْد وتركه. ثمّ تواقع بعضُ عسكر ابن المهديّ وأصحاب ابن سهل، فانكسر عسكر ابن سهل، وجرت أمور وحُرُوبٌ بين أهل الكوفة؛ وأهل العراق عند إبراهيم بْن المهديّ3. ثمّ أمر إبراهيم عيسى بْن محمد بْن أَبِي خَالِد، وهو أكبر قواده، بالمسير إلى ناحية واسط، وبها الحَسَن بْن سهل. وأمر ابن عَائِشَةَ الهاشْميّ، ونُعَيْم بْن خازم أنّ يسيرا، ولحق بهم سَعِيد بْن السّاجور، وأبو البطّ، ومحمد الإفريقيّ، فعسكروا بقُرب واسط، وأمير الكلّ عيسى4. وأمّا الحَسَن بْن سهل فكان متحصنًا بواسط، ومعه أصحابه، والتقوا في رجب، فاقتتلوا أشدّ قتال. ثمّ انهزم جيش إبراهيم بْن المهديّ، وأخذ أصحاب الحَسَن أثقالهم وأمتعتهم وقووا5. ظفر إبراهيم بْن المهديّ بسهل بن سلامة: وفي هذه السنة ظفر إبراهيم بْن المهديّ بسهل بْن سلامة الأَنْصَارِيّ المطَّوِّعيّ، فحبسه وعاقبه. وكان ببغداد يدعو إلى العمل بالكتاب والسُّنَّة، واجتمع لَهُ عامة بغداد. فكانوا ينكرون بأيديهم عَلَى الدولة ويغيرون، ولهم شوكة، وفيهم كثرة، حتّى هَمّ إبراهيم بقتاله.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 558". 2 تاريخ الطبري "8/ 559". 3 تاريخ الطبري "8/ 560". 4 تاريخ الطبري "8/ 561، 562". 5 تاريخ الطبري "8/ 562".

فلمّا جاءت الهزيمة أقبل سهل بْن سلامة يَقُولُ لأصحابه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. فكان كلّ من أجابه لذلك عمل عَلَى باب داره برجًا بآجر وجَصّ، ينصب عَلَيْهِ السّلاح والمصحف. فلمّا وصل عيسى من الهزيمة أتى هُوَ وإخوته وأصحابه نحو سهل؛ لأنّه كَانَ يذكرهم بالفسق ويسبهم، فقاتلوه أيامًا. ثمّ خذله أهل الدُّرُوب؛ لأن عيسى وهبهم حملا من الدراهم، فكفوا. فلمّا وصل القتال إلى دار سهل بْن سلامة ألقى سلاحه واختلط بالنظارة، واختفى ودخل بين النساء. فجعلوا العيون عليه، فأخذوه في الليل من بعض الدُّرُوب، وأتوا بِهِ إِسْحَاق بْن الهادي، وهو وليّ عهد بعد عمّه إبراهيم، وكلمهُ وحاجّهُ وقال: حرضت علينا النّاس وعبتنا! فقال: إنّما كانت دعواي عبّاسيّة؛ وإنّما كنت أدعو إلى الكتاب والسُّنَّة. وأنا عَلَى ما كنت عَلَيْهِ، أدعوكم إِلَيْهِ السّاعة. فلم يقبل منه وقال: أخرج إلى النّاس وقل: ما كنت أدعوكم إِلَيْهِ باطل. فخرج إلى النّاس وقال: يا مَعْشَر النّاس، قد علمتم ما كنت أدعوكم إليه من الكتاب والسنة، وأنا أدعوكم إلى ذَلِكَ السّاعة. فوجأ الأعرابُ في رقبته ولطموه، فنادى: يا مَعْشَر الحربية، المغرور مَن غررتموه. ثم قيد وبعث إلى المدائن، إلى إبراهيم بْن المهديّ. فجرى بينه وبين إبراهيم كنحو ما جرى بين ابن الهادي وبينه. فأمر بسجنه1. وكانوا قد أخذوا رجلا من أصحابه، يقال لَهُ: محمد الرواعيّ، فضربه إبراهيم ونتف لحيته وقهره2. هياج العامة عَلَى بشر المريسي: واستعمل إبراهيم عَلَى قضاء بغداد قيس بْن زياد الخُراسانيّ الحنفيّ، فهاجت في أيّامه العامّة عَلَى بِشْر الْمَرِيسيّ، وسألوا إبراهيم بن المهدي أن يستتبه، فأمر قيس بذلك. قَالَ محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّيْرفيّ: شهدتُ جامع الرّصافة وقد اجتمع النّاس، وقُتَيْبة جالس. وأقام بِشْر الْمَرِيسيّ عَلَى صُنْدوق، ومُستَمْلي سُفْيَان بْن عُيَيْنَة أبو مُسْلِم، ومستملي يزيد بْن هارون يذكر أنّ أمير المؤمنين إبراهيم أمر قاضيه أن يستتيب

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 562، 563". 2 تاريخ الطبري "8/ 563".

بشرًا من أشياء عدّدها. منها ذِكْر القرآن. فرفع بِشْر صوته يَقُولُ: مَعَاذَ اللَّه لست بتائب. وكثر النّاس عَلَيْهِ حتّى كادوا يقتلونه، فأُدخل إلى باب الخَدَم. الحوار بين المأمون والرضا: وأما المأمون، فذكر أنّ عليّ بْن موسى الرِّضا حدَّثَ المأمون بما فيه النّاس من القتال والفتن منذ قتل الأمين. وبما كَانَ الفضل بْن سهل يستره عَنْهُ من الأخبار. وأن أهل بيته والناس قد نقموا عَلَيْهِ أشياء، وانهم يقولون: إنّك مسحور أو مجنون، وقد بايعوا عمك إبراهيم. فقال: لم يبايعوه بالخلافة. وإنما صيروه أميرًا يقوم بأمرهم. فبين لَهُ أنّ الفضل قد كتمه وغشه. فقال: من يعلم هذا؟ قَالَ: يحيى بْن مُعَاذ، وعبد العزيز بْن عِمران، وعدة من أمرائك فأدخلهم عَلَيْهِ، فسألهم، فأبوا أنّ يخبروه إلا بأمان من الفضل أنّ لا يعرض لهم. فضمن المأمون ذَلِكَ، وكتب لكل واحدٍ منهم بخطه كتابًا. فأخبروه بما فيه النّاس من البلاء، ومن غضبه أهل بيته وقواده عَلَيْهِ في أشياء كثيرة. وما موه عَلَيْهِ الفضل من أمر هَرْثَمَة. وأن هَرْثَمَة إنّما جاءه لنصحه وهدايته إلى الأمر. وأنّ الفضل دسّ إلى هَرْثَمَة من قتله. وأنّ طاهر بْن الحُسين قد أبلى في طاعتك ما أبلى، وفتح الأمصار، وقاد إليك الخلافة مزمومة، حتّى إذا وطَّأ الأمر أخرج من ذَلِكَ كله، وصير في زاويةٍ من الأرض بالرقة. قد منع من الأموال حَتَّى ضعف أمره، وشغب عليه جنده. وأنه لو كان عَلَى بغداد لضبط الملك بخلاف الْحَسَن بْن سهل. وقد تنوسي طاهر بالرَّقَّة لا يستعان بِهِ في شيء من هذه الحروب1. خروج المأمون إلى العراق: ثمّ سألوا المأمون الخروج إلى العراق، فإنّ بني هاشم والقواد لو رأوا غرّتك سكتوا وأذعنوا بالطّاعة. فنادى بالمسير إلى العراق. ولمّا علم الفضل بْن سهل بشأنهم تعنّتهم حتّى ضرب البعض وحبس البعض. فعاود عليّ الرِّضا المأمون في أمرهم، وذكره بضمانه لهم. فذكر المأمون أن يداري ما هو فيه.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 564، 565".

ثمّ ارتحل من مَرْو وقدم سرخس، فشد قوم عَلَى الفضل بْن سهل وهو في الحمّام، فضربوه بالسيوف حتّى مات في ثاني شَعْبان. وكانوا أربعةً من حَشَم المأمون: غالب المسعوديّ الأسود، وقسطنطين الرُّوميّ، وفرج الدَّيْلَمّي، وموفق الصّقلبي، فعاش ستين سنة، وهرب هَؤُلاءِ، فجعل المأمون لمن جاء بهم عشرة آلاف دينار. فجاء بهم العبّاس بْن الهَيْثَم الدِّيَنَوَريّ، فقالوا للمأمون: أنت أمرتنا بقتله. فضرب أعناقهم. وقد قِيلَ: إنهم اعترفوا أنّ عليّ ابن أخت الفضل بْن سهل دسّهم. ثمّ إنّه طلب عَبْد العزيز بْن عِمران، وعليَّ بْن أخت الفضل، وَخَلَفًا الْمَصْرِيّ، ومؤنسًا، فقررهم، فأنكروا. فلم يقبل ذَلِكَ منهم، وضرب أعناقهم أيضًا، وبعث برؤوسهم إلى واسط، إلى الحَسَن بْن سهل، وأعلمه بما دخل عَلَيْهِ من المصيبة بقتل الفضل، وأنه قد صيره مكانه. فتأخّر في المسير ليحصّل مغل واسط. ورحل المأمون نحو العراق1. وكان عيسى بْن محمد، وأبو البط، وسعيد يواقعون عسكر الحَسَن كل وقت. دعوة المطلب بْن عَبْد اللَّه للمأمون سرًا: وأما المطلب بْن عَبْد اللَّه فإنه قدِم من المدائن من عند إبراهيم، واعتل بأنه مريض، وأخذ يدعو في السر للمأمون، عَلَى أنّ يكون منصور بْن المهديّ خليفة المأمون ويخلعون إبراهيم. فأجابه إلى ذَلِكَ منصور بْن المهديّ وخزيمة بْن خازم وطائفة، فكتب إلى حُمَيْد بْن عَبْد الحميد، وعليّ بْن هشام أنّ يتقدما إلى نهر صَرْصَر والنهروان. ففهم إبراهيم بْن المهديّ حركتهم، وبعث إلى المطلب ومنصور وخزيمة ليحضروا. فتعللوا عَلَى الرَّسُول. فبعث إبراهيم إلى عيسى بْن محمد بْن أَبِي خَالِد وإخوته. فأما منصور وخزيمة فأعطيا بأيديهم. وأمّا المُطَّلب فغافل عَنْهُ أصحابه وعبر منزله حتي كثر عليهم النّاس. وأمر إبراهيم بنهب دياره واختفى هُوَ. ولما بلغ ذَلِكَ حُمَيْدًا وعليّ بْن هشام، بعث حُمَيْد قائدًا إلى المدائن ثمّ نزلاها. فندم إبراهيم عَلَى ما صنع بالمطلب ولم يقع به2.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 565، 566". 2 تاريخ الطبري "8/ 566".

أحداث سنة ثلاث ومائتين

أحداث سنة ثلاثٍ ومائتين: تُوُفّي فيها: الحُسين بْن عليّ الْجُعْفيّ وزيد بْن الحُبَاب. وعليّ بْن موسى الرِّضا. وأبو دَاوُد المقرئ. ومحمد بْن بِشْر العبْديّ. ويحيى بْن آدم. والوليد بْن مُزْيَد البَيْروتيّ. وفاة الرِّضا: ولمّا وصل المأمون إلى طوس أقام بها عند قبر أَبِيهِ أيامًا؛ ثمّ إنّ عليّ بْن موسى الرِّضا أكل عنبًا فأكثر منه فمات فجأة في آخر صَفَرها. فدفن عند قبر الرشيد، واغتمّ المأمون لموته. ثمّ كتب إلى بغداد يعلمهم إنّما نقموا عَلَيْهِ بيعته لعليّ بْن موسى وها هُوَ قد مات. فجاوبوه بأغلظ جواب. ولما قدِم المأمون الرّيّ أسقط عَنْهَا ألف ألف درهم. وفيها مرض الحَسَن بْن سهل مرضًا شديدًا، وأعقبه السوداء، وتغير عقله حتّى رُبِط وحُبِس. وكتب قُوّاده بذلك إلى المأمون، فأتاهم الخبر أنّ يكون عَلَى عسكره دينار بْن عَبْد اللَّه، وها أَنَا قادم إليكم1. الخلاف بين ابن المهديّ وعيسى بْن محمد: وأما عيسى بْن محمد بْن أَبِي خَالِد فشرع بمكاتبة حُمَيْد، والحَسَن بْن سهل سرًا. وبقي إبراهيم بْن المهديّ كلّما لحّ عَلَيْهِ في الخروج إلى المدائن لقتال حُمَيْد يعتل عَلَيْهِ بأرزاق الْجُنْد مرة، وحتى يستغلوا مرة. حتّى إذا توثق بما يريد ممّا بينه وبين حميد والحسن فارقهم، وكان قد ناوشهم بعض القتال في الصورة، ثمّ وعدهم أنّ يسلم إليهم إبراهيم بْن المهديّ. فلمّا وصل بغداد قَالَ للناس: إني قد سالمت حميدًا

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 568، 569".

وضمنت لَهُ أنّ لا أدخل عمله ولا يدخل عملي. ثم خندق عَلَى باب الجسر وباب الشام. فبلغ إبراهيم ما هُوَ فيه فحذر1. وقيل: إنّ الّذي نم إِلَيْهِ هارون أخو عيسى، فطلبه إبراهيم، فاعتل عَلَيْهِ عيسى. ثمّ ألح عَلَيْهِ في المجيء، فأتاه، فحبسه بعد معاتبةٍ بينهما، وبعد أنّ ضربه وحبس معه عدة من قواده في آخر شوّال. فمضى بقية أصحابه ومواليه بعضهم إلى بعض، وحرضوا إخوته عَلَى إبراهيم المهديّ، فتجمعوا، وكان رأسهم عَبَّاس نائب عيسى، فطردوا كل عاملٍ لإبراهيم في الكرخ وغيره. ثمّ كثروا عَلَى عامل باب الجسر وطردوه. فدخل إلى إبراهيم وقطع الجسر. ثمّ ظهر الأوباش والشطار2. وكتب عيسى إلى حُمَيْد يحثه عَلَى المجيء ليتسلم بغداد. ولم يصلوا جمعة بل ظهرًا. فقدم حُمَيْد وخرج للقيه عَبَّاس وقواد أهل بغداد، فوعدهم ومناهم وأن ينجز لهم العطاء عَلَى أنّ يصلوا الجمعة فيدعون للمأمون، ويخلعوا إبراهيم، فأجابوه. فبلغ إبراهيم بْن المهديّ الخبرٌ، فأخرج عيسى من الحبْس، وسأله أنّ يكفيه أمر حُمَيْد، فأبى عَلَيْهِ. فلمّا كَانَ يوم الجمعة بعث عَبَّاس إلى محمد بْن أَبِي رجاء الفقيه فصلّى بالناس ودعا للمأمون؛ ووصل حُمَيْد إلى الياسريّة، فعرض بعض الْجُنْد وأعطاهم الخمسين درهمًا التي وعدهم بها، فسألوه أنّ ينقصهم عشرة عشرة؛ لأنهم تشاءموا لما أعطاهم عليّ بْن هشام خمسين خمسين، فغدرهم وقطع العطاء عَنْهُمْ. فقال حُمَيْد: بل أزيدكم عشرة عشرة وأعطيكم ستين. فدعا إبراهيم عيسى، وسأله أيضًا أنّ يقابل حميدًا فأجابه، فخلى سبيله وضمن عَلَيْهِ. فكلَّم عيسى الْجُنْد أنّ يُعطيهم كعطاء حُمَيْد فأَبَوْا عَلَيْهِ. فعبر إليهم هُوَ وإخوته إلى الجانب الغربيّ. وقال: أزيدكم من عطاء حميد. فسبّوه، وقالوا: لا نريد إبراهيم. فدخل عيسى وأصحابه المدينة وأغلقوا الأبواب، وصعدوا السور وقاتلوا ساعة. ثمّ انصرفوا إلى ناحية باب خراسان، فركبوا في السفن. وردّ عيسى كأنه يريد مقاتلتهم، ثمّ احتال حتّى صار في أيديهم شبه الأسير، فأخذ بعض قواده فأتى به

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 569". 2 تاريخ الطبري "8/ 569، 570"، البداية والنهاية "10/ 249".

منزله، ورجع فرقة إلى إبراهيم فأخبروه بأسر عيسى، فاغتمّ. وكان قد ظفر في هذه الليالي بالمُطَّلِب بْن عَبْد اللَّه وحبسه ثلاثة أيّام، ثمّ إنّه خلّى عَنْهُ1. وكان النّاس يذكرون أنّ إبراهيم قد قتل سهل بْن سلامة المطَّوِّعيّ، وإنّما هُوَ في حبسه. فأخرجه إبراهيم، فكان يدعو النّاس في مسجد الرصافة إلى إبراهيم بالنّهار. فإذا كَانَ الليل ردّه إلى حبسه. فأتاه أصحابه ليكونوا معه فقال: الزموا بيوتكم فإني أُداري إبراهيم. ثمّ إنّ إبراهيم خلّى سبيله في أول ذي الحجة، فذهب واختفى. فلمّا رأى إبراهيم تفرق الجيش عَلَيْهِ أخرج جميع من عنده للقتال فالتقوا عَلَى جسر نهر ديالى فاقتتلوا، فهزمهم حُمَيْد. فقطعوا الجسر وراءهم2. اختفاء إبراهيم بْن المهديّ: ولما كَانَ يوم الأضحى أمر إبراهيم بْن المهديّ القاضي أنّ يصلّي بالناس في عِيساباذ. فلمّا انصرف النّاس من صلاتهم اختفى الفضل بْن الربيع، ثمّ تحول إلى حُمَيْد، وتبعه عَلَى ذَلِكَ عليّ بْن ريطة، وأخذ الهاشميون والقواد يتسللون إلى حُمَيْد، فاسقط في يد إبراهيم وشُقّ عَلَيْهِ. وبلغه أنّ من بَقِيّ عنده من القواد يعملون عَلَى قبضه. فلمّا جنّه الليل اختفى لثلاث عشرة بقيت من ذي الحجة، وبقي مختفيًا مدة سنتين3. وأما سهل بْن سلامة فأحضره حُمَيْد بْن عَبْد الحميد وأكرمه، وحمله عَلَى بغل وردّه إلى داره. فلمّا قدِم المأمون أتاه فأجازه ووصله، وأمره أنّ يجلس في منزله4. وكانت أيّام إبراهيم سنتين إلا بضعة عشر يومًا5. وصول المأمون إلى همدان: ووصل المأمون إلى همدان في آخر السنة6.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 570، 571". 2 تاريخ الطبري "8/ 571، 572". 3 تاريخ الطبري "8/ 572". 4 تاريخ الطبري "8/ 572، 573". 5 تاريخ الطبري "8/ 573". 6 تاريخ الطبري "8/ 573".

أحداث سنة أربع ومائتين

أحداث سنة أربعٍ ومائتين: وصول المأمون إلى النهروان: فيها وصل المأمون إلى النهروان، فتلقاه بنو هاشم والقواد. العودة إلى لبس السواد: وقدم عَلَيْهِ من الرَّقَّةِ بإذنه طاهر بْن الحُسين، ودخل بغداد في نصف صَفَر. ولباسهم وأعلامهم خُضْر. فنزل الرّصافة، وبعد ثمانية أيّام كلّمه بنو هاشم العباسيون وقالوا لَهُ: يا أمير المؤمنين، تركت لبْس آبائك وأهل دولتك ولبست الخُضْرة. وكاتَبَه قُوّاد خُراسان في ذَلِكَ1. وقيل: إنّه أمر طاهر بْن الحُسين أنّ يسأله لَهُ حوائجه فقال: أسأل طَرْحَ الخُضْرة، ولبْس السّواد زيّ آبائك2. ثمّ جلس يومًا وعليه الثياب الخضر، فلمّا اجتمع الملأ دعا بسواد فلبسه، ثمّ دعا بخلعه سوداء فألبسها طاهرًا، ثمّ ألبس عِدَّةَ قُوّاده أقبية وقلانس سوداء. فطرح النّاس الخُضْرة ومزقت. وأسرعوا إلى لبس السَّواد3. ولاية يحيى بْن مُعَاذ الجزيرة: وفيها ولّى المأمون يحيى بْن معاذ الجزيرة، فواقع بابَكُ الخُرَّميّ، فلم يظفر واحد منهم بصاحبه. الولاية عَلَى الكوفة والبصرة: واستعمل المأمون أبا عيسى، أخاه عَلَى الكوفة. واستعمل صالحًا أخاه أيضًا على البصرة.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 574، 575". 2 تاريخ الطبري "8/ 575". 3 تاريخ خليفة "472"، تاريخ الطبري "8/ 575"، البداية والنهاية "10/ 250".

أحداث سنة خمس ومائتين

أحداث سنة خمس ومائتين: استعمال طاهر بْن الحُسين عَلَى خراسان: فيها استعمل المأمون عَلَى جُمَيْع خُراسان والمشرق طاهر بْن الحُسين1. فسار إلى عمله في ذي القعدة، وأعطاه عشرة آلاف ألف درهم. ولاية ابن طاهر الجزيرة: وكان ولده عَبْد اللَّه بْن طاهر قد قدِم عَلَى المأمون من الرَّقَّةِ بعد أَبِيهِ، فولاه الجزيرة2. ولاية عيسى بْن محمد آذربيجان وأرمينية: وولّى عَلَى آذَرْبَيْجان وأرمينية عيسى بْن محمد بْن أَبِي خَالِد، وأمره بقتال بابَكُ3. استعمال بِشْر بْن دَاوُد عَلَى السند: واستعمل عَلَى السند بِشْر بْن دَاوُد، عَلَى أَنَّهُ يحمل إِلَيْهِ في كل سنة ألف ألف درهم. استعمال الْجُلُودي لمحاربة الزُّطّ: واستعمل عَلَى محاربة الزُّطّ عيسى بْن يزيد الْجُلُودي4. الحج هَذَا الموسم: وحجّ بالنّاس عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن العلويّ أمير الحرمين5.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 577". 2 تاريخ الطبري "8/ 580"، البداية والنهاية "10/ 255". 3 تاريخ الطبري "8/ 580". 4 تاريخ الطبري "8/ 580"، البداية والنهاية "10/ 255". 5 تاريخ خليفة "472"، تاريخ الطبري "8/ 580"، البداية والنهاية "10/ 255".

أحداث سنة ست ومائتين

أحداث سنة ستٍّ ومائتين: المدّ يغرق سواد العراق: فيها: كَانَ المدّ الّذي غرق فيه السَّواد، وذهبت الغلات. وغرقت قطيعة أمّ جعفر، وقطيعة العبّاس. تغلُّب بابَكّ عَلَى عيسى بْن محمد: وفيها: غلب بابَكُ عيسى بْن محمد بْن أَبِي خَالِد وبَيَّته1. تعيين ابن طاهر لمحاربة نَصْر بْن شبث: وفيها، ويقال في الّتي قبلها: دعا المأمون عَبْد اللَّه بْن طاهر وقال: أستخير اللَّه منذ شهر، وقد رأيت أنّ الرجل يصف ابنه ليُطْريه ويرفعه. وقد رأيتك فوق ما وضعك أبوك. وقد مات يحيى بْن مُعَاذ واستخلف ابنه أحمد وليس بشيء. وقد رأيت تَوْلِيَتَك مُضَر، ومُحاربةَ نَصْر بْن شَبَث. فقال: السَّمعُ والطاعة، وأرجو أنّ يجعل اللَّه الخيرة لأمير المؤمنين. فعقد لَهُ لواء مكتوبًا عَلَيْهِ بصُفْرة وزاد فيه المأمون: "يا منصور". وركب الفضل بْن الربيع إلى داره مَكْرُمةً لَهُ2. استعمال إِسْحَاق بْن إبراهيم عَلَى بغداد: وفيها استعمل المأمون عَلَى بغداد إسحاق بن إبراهيم3.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 581"، البداية والنهاية "10/ 255". 2 تاريخ الطبري "8/ 581، 582". 3 تاريخ الطبري "8/ 592".

أحداث سنة سبع ومائتين

أحداث سنة سبْعٍ ومائتين: الدَّعوة للرضى في اليمن: فيها، وقيل: في التي قبلها، خرج عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب ببلاد عَكّ من اليمن يدعو إلى الرّضى مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنّ عامل اليمن أساء السّيرة. فبايع عَبْد الرَّحْمَن خلقٌ. فوجّه المأمون لحربه دينارَ بْن عَبْد اللَّه، وكتب معه بأمانه. وحجّ دينار، ثمّ سار إلى اليمن حتّى قرُب من عَبْد الرَّحْمَن، فبعث إِلَيْهِ بأمانه فقبله، وجاء مَعَ دينار إلى المأمون. وعند ظهوره منع المأمون الطّالبيّين من الدخول عَلَيْهِ، وأمرهم بلبْس السَّواد1. موت طاهر بْن الحُسين: وفيها: أصابت طاهرَ بْن الحُسين حُمَّى وحرارة فوُجد عَلَى فراشه ميتًا. وذُكر أنّ عُمَر بْن عليّ بْن مُصْعَب، وحُمَيْد بْن مُصْعَب عاداه وهو يُغَلّس، فقال الخادم: هُوَ نائم. فانتظروا ساعة، فلمّا انبسط الفجر قالا للخادم: أيْقِظْه. قَالَ: لا أجسر2. فدخلا فوجداه ميتًا3. وقيل: إنّه قطع الدُّعاء يوم الجمعة للمأمون ولم يزد عَلَى: اللهم أصْلِح أُمَّةَ محمد بما أصلحْتَ بِهِ أولياءك، واكْفِها مؤونة مَن بَغَى عليها. وطرح عَنْهُ السَّواد. فعرض لَهُ عارضّ فمات لليلته. وأتى الخبر إلى المأمون أوّل النّهار من النُّصَحاء، ووافى الخبر بموته ليلا. وقام بعده ابنه طلحة بْن طاهر، فأقره المأمون فأقرّه المأمون، فبقي عَلَى خراسان سبْعٍ سِنين ثم توفي بعده أخوه عَبْد اللَّه بْن طاهر وهو يحارب بابَكُ، فسار إلى خُراسان، وولي حربَ بابك علي بن هشام4.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 593". 2 لا أجسر: لا أجترأ. 3 تاريخ الطبري "8/ 593، 594"، النجوم الزاهرة "2/ 184". 4 تاريخ الطبري "8/ 594، 495".

وقيل: لما جاء نعيُ طاهر بْن الحُسين قَالَ المأمون: لليدين وللفم، الحمد لله الّذي قدّمه وأخّرنا1. وقد كَانَ في نفس المأمون منه شيء لكونه قتل أخاه الأمين لمّا ظفر بِهِ، ولم يبعث بِهِ إلى المأمون ليرى رأيه فيه. ومات طاهر في جُمَادَى الأولى2. ولاية موسى بْن حفص: وفيها: وُلّي موسى بْن حفص طَبَرِسْتان، والرُّويان، ودُنْباوَنْد3. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالنّاس أبو عيسى أخو المأمون4. ظهور الصناديقي باليمن وهلاكه: وفيها: ظهر الصناديقيّ باليمن واستولى عليها وقتل النساء والولدان، وادّعى النُّبُوَّة، وتبعه خلق وارتدّوا عَنِ الإسلام. ثم أهلكه الله بالطاعون.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 595"، البداية والنهاية "10/ 260". 2 تاريخ الطبري "8/ 595". 3 تاريخ الطبري "8/ 596". 4 تاريخ خليفة "472"، تاريخ الطبري "8/ 596"، البداية والنهاية "10/ 261".

أحداث سنة ثمان ومائتين

أحداث سنة ثمان ومائتين: امتناع الحَسَن بْن الحُسين عَلَى المأمون: فيها: سار الحَسَن بْن الحُسين أخو طاهر بْن الحُسين من خراسان إلى كرمان ممتنعًا بها، فسار خلفه أحمد بْن أبي خالد حتى أخذه وقدم عَلَى المأمون فعفا عَنْهُ1. ولاية قضاء عسكر المهديّ: وفيها: ولي المأمون محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزوميّ قضاءَ عسكر المهديّ2. ولاية القضاء: وفيها: استعفى محمد بْن سماعة من القضاء فأعفي، ووُلّي مكانه إسماعيل بْن حمّاد بْن أَبِي حنيفة، ثمّ عزل المخزومي عَنِ القضاء، ووُلّي بِشْر بْن الوليد الكِنْديّ3. الحج هذا الموسم: وفيها: حجّ بالنّاس صالح بْن هارون الرشيد4.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 597"، البداية والنهاية "10/ 261". 2 تاريخ الطبري "8/ 597". 3 تاريخ الطبري "8/ 597"، البداية والنهاية "10/ 261". 4 تاريخ خليفة "473"، تاريخ الطبري "8/ 597"، البداية والنهاية "10/ 262".

أحداث سنة تسع ومائتين

أحداث سنة تسعٍ ومائتين: تقريب المأمون أهل الكلام: فيها: كَانَ المأمون يقرّب أهل الكلام، ويأمرهم بالمناظرة بحضرته، وينظر ما دلّ عَلَيْهِ العقل. ومجانسة بِشْر بْن غياث الْمَرِيسيّ، وثُمامة بْن أشرس، وهؤلاء الْجُنُوس النُّحُوس. طلب نَصْر بْن شبث الأمان: وكان قد طال القتال بين عَبْد اللَّه بْن طاهر، ونصر بْن شَبَث العُقَيْليّ. ثمّ إنّ عَبْد اللَّه استظهر عَلَيْهِ وحصره في حصن لَهُ، وضيّق عَلَيْهِ حتّى طلب الأمان. فقال المأمون لثُمامة بْن أشرس: ألا تدُلُّني عَلَى رجلٍ من اهل الجزيرة لَهُ عقل وبيان يؤدّي عنّي رسالة إلى نَصْر بْن شَبَث. فقال: بلى يا أمير المؤمنين: جعفر بْن محمد من بُنيّ عامر. قَالَ جعفر: فأحضرني ثُمامة، فكلّمني المأمون بكلامٍ كثير لأبلّغه نصرًا. قَالَ: فأتيته وهو بسَرُوج وأبلغته، فأذعن، وشرط أنّ لا يطأ لَهُ بساطًا. فأتيت المأمون وأخبرته. فقال: لا أجيبه واللَّه حتّى يطأ بساطي. وما باله ينفر منّي؟ قلت: لجُرْمه.

قَالَ: أتراه أعظم جُرْمًا عندي من الفضل بْن الربيع، ومن عيسى بْن أَبِي خَالِد؟ أتدري ما صنع الفضل؟ أخذ قُوّادي وأموالي وجنودي وذهب بذلك إلى أخي وتركني وحيدًا، وأفسد عليَّ أخي حتّى جرى ما جرى، وعيسى طرد خليفتي عَنْ بغداد، وذهب بخَراجي وفَيْئي، وأقعد إبراهيم في الخلافة. قلت: الفضل وعيسى لهم سوابق، ولسلفهم وهم مواليكم. وهذا رَجُل لم يكن لَهُ يد قطّ يحتمل عليها ولا لسَلَفه. وإنّما كانوا جُنْد بُنيّ أُمَيَّةَ. قَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ كما تَقُولُ فكيف بالحنْق والغيظ؟. فأتيت نصرًا وأخبرته بأنه لا بد أنّ يطأ بساطه. فصاح بالخيل صيحة فجالت وقال: ويلي عَلَيْهِ! هُوَ لم يقو عَلَى أربعمائة ضِفْدعٍ تحت جناحه يعني الزُّطّ يقوى عَلَى حَلْبة العرب1. ثمّ إنّ عَبْد اللَّه بْن طاهر حصره ونال منه فطلب الأمان، وخرج إلى عَبْد اللَّه بْن طاهر، وكتب لَهُ المأمون كتابًا أمانًا. فهدم عَبْد اللَّه كَيْسوم وخرّبها2. ولاية أرمينية وآذربيجان وحرب بابَكُ: وفيها: ولى المأمون صدقة عَلَى أرمينية وآذَرْبَيْجان ومحاربة بابَكُ، وأعانه بأحمد بْن الْجُنَيْد الإسكافيّ، فأسره بابَكُ. فولّى إبراهيم بْن ليث آذَرْبَيْجان3. الحج هذا الموسم: وحجّ بالناس أمير مكّة صالح بْن العبّاس بْن محمد بْن عليّ4. موت ملك الروم: وفيها مات طاغية الروم ميخائيل بْن جورجس، وكان ملْكه تسع سنين، وملك بعده ابنه توفيل5.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 598، 599". 2 تاريخ الطبري "8/ 601". 3 تاريخ الطبري "8/ 601". 4 تاريخ خليفة "473"، تاريخ الطبري "8/ 601"، البداية والنهاية "10/ 263". 5 تاريخ الطبري "8/ 601"، البداية والنهاية "10/ 263".

أحداث سنة عشرة ومائتين

أحداث سنة عشرة ومائتين: دخول نَصْر بغداد: فيها: في صَفَر دخل نَصْر بْن شَبَث بغداد، فأنزله المأمون بمدينة أَبِي جعفر وعليه الحَرَس1. ظهور المأمون بابن عَائِشَةَ ورفاقه: وفيها: ظهر المأمون عَلَى إبراهيم بْن عَائِشَةَ، وهو إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهاب بْن إبراهيم الإِمَام، ومحمد بْن إبراهيم الإفريقيّ، وملك بْن شاهي، وفرج البغواريّ، ومن كَانَ معهم ممّن كَانَ يسعى في البيعة لإبراهيم بْن المهديّ ثانيًا. فأَطْلعه عمران القطربلسي، وأرسل إليهم المأمون في صَفَر، وأمر بابن عَائِشَةَ أنّ يُقام ثلاثة أيّام في الشمس عَلَى باب المأمون، ثمّ ضربه بالسِّياط وحبسه في المُطْبَق. وضرب الباقين2. الظفر بإبراهيم بْن المهديّ: وفي ربيع الآخر أُخذ إبراهيم بْن المَهديّ وهو منتقب بين امرأتين. أخذه حارس الليل، وقال: أنتنَّ وأين تُرِدْنَ؟. فاعطاه إبراهيم فيما قِيلَ خاتم ياقوت لَهُ قيمة. فلمّا رأى الخاتم استراب وقال: هذا خاتم من لَهُ شأن، فرفعهنّ إلى صاحب الجسر، فبدت لحية إِبْرَاهِيم فعرفه، وذهب بِهِ إلى المأمون. فلمّا كَانَ في الغد، وحضر الأمراء أقعده والمقنعة في رقبته والملحفة عَلَى جسده يوهنه بذلك. ثمّ إنّ الحَسَن بْن سهل كلّمه فيه، فرضي عَنْهُ3. وقيل: إنّ المأمون استشار الملأ في إبراهيم، فقال بعضهم: اقطَعْ أطرافه، وقال بعضهم: اصلبه.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 602". 2 تاريخ الطبري "8/ 602"، البداية والنهاية "10/ 264". 3 تاريخ الطبري "8/ 603"، البداية والنهاية "10/ 264".

وقال أحمد بْن أَبِي خَالِد: إنّ قتلته وجدت مثلك قتل مثله كثيرًا، وإنْ عفوت لم تجد مثلك عفا عَنْ مثله. وإنّما أحب إليك. وكان سنّه ثمانية وستين، فصيَّره عند أحمد بْن أَبِي خَالِد في سَعَة، وعنده أُمُّه وعياله. وكان يركب إلى المأمون ومعه قائدان يُحيطانه. وأمّا إبراهيم بْن عَائِشَةَ ومن معه في الحبس فإنهم همّوا بنقْب السجن، وسدّوا بابه من عندهم. فركب المأمون بنفسه، فدعا بإبراهيم وسأله فأقرّ، وقتلهم صبرًا وصُلْبوا عَلَى الجسر. زواج المأمون ببوران: وفيها: في رمضان سار الخليفة المأمون إلى واسط، ودخل بُبوران بنت الحَسَن بْن سهل. وأقام عنده سبعة عشر يومًا. وخلع الحَسَن عَلَى القُوّاد عَلَى مراتبهم. وتكلّف هذه الأيام بكل ما ينوب جيش المأمون، فكان مبلغ النَّفقة عليهم خمسين ألف ألف درهم. ووصله المأمون بعشرة آلاف ألف درهم، وأعطاه مدينة فم الصِّلْح1. وذكر أحمد بْن الحَسَن بْن سهل قَالَ: كَانَ أهلنا يتحدّثون أنّ الحَسَن كُتُب رقاعًا فيها أسماء ضِياع لَهُ ونثرها عَلَى القُوّاد والعبّاسيّين، فمن وقعت في يده رقعة باسم ضَيْعة تسلَّمهًا. ونثر صينية مَلأَى جواهر بين يدي المأمون عندما زُفَّت إِلَيْهِ2. شخوص عَبْد اللَّه بْن طاهر إلى مصر: وفيها: كُتُب المأمون إلى عَبْد اللَّه بْن طاهر بْن الحُسين أنّ يسير إلى مصر. فلمّا قرب منها، وكان بها ابن السَّرِيّ، خندق عليها وتهيّا للحرب. ثمّ التقوا فانهزم ابن السَّرِيّ، وتساقط عامة جُنْده في خندقه. ودخل هُوَ الفُسْطاط وتحصَّن. ثمّ خرج إلى ابن طاهر بالأمان، وبذل لَهُ أموالا3. فتح ابن طاهر للإسكندرية: ثمّ فتح عَبْد اللَّه بْن طاهر الإسكندرية، وكان قد تغلب عليها طائفة أتوا من

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 606"، البداية والنهاية "10/ 265". 2 تاريخ الطبري "8/ 607". 3 تاريخ الطبري "8/ 610"، البداية والنهاية "10/ 265".

الأندلس في المراكب، وعليهم رَجُل يُكَنَّى أبا حفص. ثمّ إنّهم نزحوا عَنْهَا خوفًا من ابن طاهر، ونزلوا جزيرة أَقْرِيطش فسكنوها، وبها بقايا من أولادهم1. ظفر عليّ بْن هشام بأهل قمّ: وفيها: امتنع أهل قُمّ، فوجّه المأمون إليهم عليّ بْن هشام فحاربهم وظفر بهم، وهدم سورها، واستخرج منهم سبعة آلاف ألف درهم2. والله أعلم.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 613"، حسن المحاضرة "2/ 11". 2 تاريخ الطبري "8/ 614".

تراجم رجال هذه الطبقة

تراجم رجال هذه الطبقة: "حرف الألف": 1- أحمد بْن عطاء الهُجَيْميّ الْبَصْرِيّ العابد1. تلميذ عَبْد الواحد بْن زيد. قَالَ ابن الأَعْرابيّ: برّز في العبادة والاجتهاد، وأخذ المعلوم من القوت. وذكر أنّ الطريق إلى اللَّه تعالى لا تكون إلا من هذه الأبواب: الصوم، والصلاة، والجوع. وكان يميل إلى اكتساب القُوت نهارَه. ولِزم طريق شيخه في اللُّطْف، فكان قَدَرِيًّا غير مُعْتَزِليّ. وكتب شيئًا من الحديث. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة: مرّ بي عبد الرحمن بن مهدي يوم الجمعة، فرآني جالسًا إلى جنب أحمد بْن عطاء، وكان من اهل البِدَع يتكلّم في القدر، وكان أزهد من رأيت. فأتيت عَبْد الرَّحْمَن أعتذر، فقال: لا تُجالِسْه، فإنّ أَهْوَن ما ينزلُ بك أنّ تسمع منه شيئًا يجب لله عليك أنّ تَقُولُ لَهُ: كَذَبْتَ. ولعلك لم تفعل. وكان أحمد بْن عطاء قد نصب نفسه للأستاذية، ووقف دارًا في بَلْهُجَيْم للمتعبدين والمُرِيدين والمنقطعين يَقُصّ عليهم في العشيات. وأحسبها أول دار وقفت بالبصرة للعبادة.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 119"، سير أعلام النبلاء "9/ 408، 409"، لسان الميزان "1/ 221".

وقد صحبه جماعة منهم: أحمد بْن غسّان، وجلس بعده، ووقف دارًا لنفسه أيضًا، وأبو بَكْر العَطَشيّ، وأبو عَبْد اللَّه الحمّال. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: أحمد بْن عطاء الهُجَيْميّ يروي عَنْ: خالد العبد وعن الضعفاء، وهو متروك. قال الساجي: وهو صاحب المضمار، وكان مجتهدًا، يعني في العبادة. وكان مغفَّلا يحدّث بما لم يسمع. قَالَ ابن المَدِينيّ: أتيته يومًا فوجدت معه دَرَجًا1 يحدِّث بِهِ. فقلت لَهُ: أَسَمِعْتَ هذا؟. قَالَ: لا، ولكن اشتريته وفيه أحاديث حِسان أحدِّث بها هَؤُلاءِ. قلت: أما تخاف اللَّه تقرِّب العباد إلى اللَّه بالكذب عَلَى رسول اللَّه. 2- أحمد بْن أَبِي طيبة عيسى بْن سليمان الدّارميّ الْجُرْجانيّ2. عَنْ: أَبِيهِ أَبِي طيبة، وحمزة الزّيّات، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وعُمَر بْن ذَرّ الهَمْدانيّ، وإبراهيم بْن طِهْمان، ومالك بْن أنس. وعنه: الحُسين بْن عيسى البِسْطاميّ، ومحمد بْن يزيد النيسابوري، وعمار بن رجاء الأسترباذي. كَانَ عالمًا زاهدًا نبيلا. ولاه المأمون قضاء جُرجْان، ووثَّقهُ ابن حِبّان. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين بقومس عَلَى قضائها. 3- إبراهيم بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم3. أبو إِسْحَاق القاريّ، حليف بني زُهرة. قاضي مصر. كَانَ رجلا صالحًا. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة "خمس ومائتين". 4- إبراهيم بْن أيّوب العنبري الفرساني4.

_ 1 الدرج: الورق الموصول. 2 الجرح والتعديل "2/ 64"، الثقات لابن حبان "8/ 3"، تهذيب التهذيب "1/ 45". 3 الولاة والقضاة للكندي "427". 4 الجرح والتعديل "2/ 89"، ميزان الاعتدال "1/ 21".

عَنْ الثَّوريّ، ومبارك بْن فَضَاله. وعنه: هذيل بْن معاوية، والنضر بْن معاوية، وأهل أصبهان. وكان صاحب عبادة وليل. قِيلَ: لم يُعرف لَهُ فراش أربعين سنة. 5- إبراهيم بْن بَكْر1. أبو الأصبغ البَجَليّ الدّمشقيّ. أخو بِشْر بْن بَكْر. عَنْ: ثور بْن يزيد، وزرعة بْن إبراهيم. وعنه: أبو بَكْر الرَّقّيّ، وجامع بْن سوار. تُوُفّي قريبًا من سنة عشر ومائتين. 6- إبراهيم بن بكرالشيباني2. عَنْ: شُعْبَة. وعنه: محمد بْن الحُسين البرجلاني، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وغيرهما. وهو مُتَّهَمٌ، ساقط الحديث. قَالَ أحمد بْن حنبل: أحاديثه موضوعه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. 7- إبراهيم بْن حبيب3 بْن الشهيد. أبو إِسْحَاق الْبَصْرِيّ. عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: ابنه إسحاق، ومحمود بْن غَيْلان، ومحمد بْن عثمان بْن أَبِي صفوان. وثقه النسائي. توفي سنة ثلاثٍ ومائتين. 8- إبراهيم بْن الحَكَم4 بْن أبان العدني. أبو إسحاق. عن: أبيه.

_ 1 لسان الميزان "1/ 40". 2 الجرح والتعديل "2/ 90"، الثقات لابن حبان "8/ 64"، ميزان الاعتدال "1/ 24". 3 الطبقات الكبرى "7/ 303"، التاريخ الكبير "1/ 281"، الجرح والتعديل "2/ 95"، تهذيب التهذيب "1/ 113". 4 الطبقات الكبرى "5/ 548"، التاريخ الكبير "1/ 284"، الجرح والتعديل "2/ 94"، تهذيب التهذيب "1/ 115، 116".

وعنه: أحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن رَاهَوَيْه، وَسَلَمَةُ بْنُ شبيب. قَالَ الأثرم: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه يَقُولُ: في سبيل اللَّه دراهم أنفقناها في الذَّهاب إلى عدن إلى إبراهيم بْن الحَكَم. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه. 9- إبراهيم بْن خَالِد بْن عُبَيْد الصَّنْعانيّ المؤذِّن1. عَنْ: مَعْمَر، ورباح بْن زيد، وسفيان الثَّوريّ، وأبي وائل القاصّ عَبْد اللَّه بْن بحير، وأمية بن شبل. وعنه: ثنا أحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ، وأحمد بْن حنبل، وبكر بْن خَلَف، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، والرَّماديّ. وثّقه ابن مَعِين، وأحمد. وقال ابن حِبّان: كَانَ مؤذّن مسجد صنعاء سبعين سنة. 10- إبراهيم بْن رُسْتم2. أبو بَكْر المَرْوَزِيّ العَقَبيّ. أحد الأَئِمَّةِ. سمع: ابن أَبِي ذئب، وشُعْبة. وعنه: أحمد بْن حنبل، ويوسف القطان. وثّقه ابن مَعِين. وكان نبيلا جليلا، قرّبه المأمون وعرض عَلَيْهِ القضاء فامتنع. وكان قد تفقّه عَلَى محمد بْن الحَسَن. تُوُفّي سنة عشر ومائتين. 11- إبراهيم بْن سليمان3. أبو إِسْحَاق البلْخيّ الزّيّات. عَنْ: سَعِيد، وسُفْيَان، وعبد الحَكَم صاحب أنس.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 284"، الجرح والتعديل "2/ 97"، تهذيب التهذيب "1/ 117، 118". 2 الطبقات الكبرى "7/ 377"، الجرح والتعديل "2/ 99"، ميزان الاعتدال "1/ 30، 31". 3 الكنى والأسماء "1/ 99"، الثقات لابن حبان "8/ 67، 68"، ميزان الاعتدال "1/ 37".

وعنه: محمد بن أسلم الطوسي، ومحمد بن أشرس. 12- إبراهيم بْن عَبْد الحميد1. أبو إِسْحَاق الْجُرَشيّ. عَنْ: شُعْبَة، وسعيد بْن بشير، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وعبد الوهّاب بْن مجاهد. وعنه: إبراهيم بْن أيّوب الحورانيّ، وموسى بْن عامر المُرِّيّ، ومحمد بْن الحُسين بْن أَبِي الدَّرْداء. قَالَ أبو زُرْعة الرّازيّ: ما بِهِ بأس. 13- إبراهيم بْن علي بْن حَسَن2 بْن عليّ بْن أَبِي رافع الرافعيّ الْمَدَنِيّ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قدِم بغداد وبها مات. عَنْ: أَبِيهِ، وعمّه أيّوب، وكثير بْن عَبْد اللَّه بْن عَوْف. وعنه: إبراهيم بْن المنذر، وأحمد الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق المسيَّبيّ. ضعفه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. 14- إبراهيم بْن قرة الأَسَديّ الأصمّ3. من أهل قاشان. عَنْ: الثَّوريّ، وصحبه. وله صنف الثَّوريّ كتاب "الجوامع" وقرأه في أُذُنه. سكن الرّيّ، وسمع منه: عَمْرو بْن بزيع، ومحمد بْن حُمَيْد، وإبراهيم بْن أيّوب. 15- إبراهيم بْن موسى4. أبو يحيى المَوْصِليّ الزّيّات. رحل وسمع من: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وهشام بن عُرْوة، وعوف الأَعْرابيّ، والحريري، والأعمش.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 113". 2 التاريخ الكبير "1/ 310"، الجرح والتعديل "1/ 115، 116"، تهذيب التهذيب "1/ 146، 147". 3 طبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 37-39". 4 التاريخ الكبير "1/ 327"، الجرح والتعديل "2/ 136، 137"، الثقات لابن حبان "8/ 64، 65".

وعنه: محمد بْن جامع، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، ومحمد بن أحمد بن أَبِي المُثَنَّى. تُوُفّي سنة خمس ومائتين. 16- الأحنف بْن حكيم1. أبو بحر. حدَّثَ بأصبهان عَنْ: جرير بْن حازم، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وأبي ثعلبة الصابر. قَالَ يونس بْن حبيب: حدّثنا الأحنف، عَنْ حمّاد بْن سلمة: سمع إياس بْن معاوية يَقُولُ: أذكر الليلة التي ولدتُ فيها، وضعت أمّي عَلَى رأسي جفنة. قَالَ صاحب الأصل: الأحنف مجهول، وبهذه الحكاية تبيَّن كَذِبُه. 17- إدريس بْن محمد الرّازيّ2. أبو أحمد. عن: الثوري، وعبد العزيز بن أبي رواد، وعثمان بْن زائدة. وعنه: محمد بْن عَمْرو زُنَيْج، وَسَلَمَةُ بْن شبيب. وثّقه أبو حاتم. 18- أزهر بْن سعْد السّمّان3. أبو بَكْر الباهليّ، مولاهم الْبَصْرِيّ. عَنْ: ابن عَون، وسليمان التَّيْميّ، ويونس بْن عُبَيْد. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وعليّ بْن المَدِينيّ، وبُنْدار، ومحمد بْن يحيى، ومحمد بْن المُثَنَّى، وعباس الدُّوريّ، وأحمد بْن الفُرات، والكُدَيْميّ. ومن الكبار: عَبْد اللَّه بْن المبارك. وكان ثقة نبيلا، أوصى إِلَيْهِ ابن عَون. وعُمَّر وعاش أربعًا وتسعين سنة. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين. قِيلَ: إنّه كَانَ صاحبًا لأبي جعفر المنصور قبل أنّ يُسَتَخْلف. فلمّا وُلّي جاء ليهنّيه فقال: أعطوه ألف دينار وقولوا له: لا تعد.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 323"، ميزان الاعتدال "1/ 166". 2 الجرح والتعديل "2/ 266". 3 الطبقات الكبرى "7/ 294"، الجرح والتعديل "2/ 315"، تهذيب التهذيب "1/ 202، 203".

فاخذها ثمّ عاد من قابل فحُجِب، ثمّ دخل عَلَيْهِ في مجلسٍ عام، فقال: ما جاء بك؟ قَالَ: سَمِعْتُ أنّك مريض فجئت أعودك. فقال: أعطوه ألف دينار. قد قضيت حقَّ العيادة، فلا تَعُد فإنّي قليل الأمراض. قَالَ: فعاد من قابلٍ ودخل في مجلسٍ عامّ. فقال: ما جاء بك؟ قَالَ: دعاءٌ سَمِعْتُهُ منك جئت لأتعلمه. فقال: يا هذا، إنّه غير مستجاب، أني في كلّ سنة أدعو بِهِ أنّ لا تأتينيّ وأنت تأتيني! 19- أزهر بْن القاسم1. أبو بَكْر الراسبيّ الْبَصْرِيّ. نزيل مكة. عن: هشام الدَّسْتُوائيّ، وزكريّا بْن إِسْحَاق الْمَكِّيّ. وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، ومحمد بْن رافع، ومحمود بْن غَيْلان، وآخرون وثّقه النَّسائيّ. 20- إِسْحَاق بْن إبراهيم2. أبو عليّ السَّمَرْقَنْديّ، قاضي سمرقنْد وبلْخ. عَنْ: ابن جُرَيْج، والحسين بْن واقد. وعنه، عَبْدة، وأحمد بْن منصور زاج. ذكره ابن أَبِي حاتم. 21- إِسْحَاق بْن إدريس الأُسواريّ الْبَصْرِيّ3. عَنْ: همام، وسُوَيْد بْن أَبِي حاتم، وأبي معاوية، وطائفة. وعنه: محمد بْن المُثَنَّى، وعُمَر بْن شَبَّة. تركه عليّ بْن المَدِينيّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِين: لَيْسَ بشيء يضع الأحاديث.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 314، 315"، ميزان الاعتدال "1/ 173"، تهذيب التهذيب "1/ 205". 2 التاريخ الكبير "1/ 378"، الجرح والتعديل "2/ 207"، الثقات لابن حبان "8/ 109". 3 التاريخ الكبير "1/ 382"، الجرح والتعديل "2/ 213"، ميزان الاعتدال "1/ 184".

وقال الْبُخَارِيّ: تركه النّاس. 22- إِسْحَاق بْن بِشْر بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سالم1. أبو حذيفة الْبُخَارِيّ، مولى بني هاشم. صاحب كتاب "المبتدأ". عَنْ: الأعمش، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وحجّاج بْن أرطأة، وعَبْد اللَّه بْن طاوس، ومحمد بْن إِسْحَاق، وابن جُرَيْج، وجويبر، ومقاتل بْن سليمان. وعنه: أيّوب بْن الحَسَن، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، وأحمد بْن حفص، ومحمد بْن يزيد النَّيْسابوريّ، ومحمد بْن قُدَامة الْبُخَارِيّ، وعليّ بْن حرب النَّيْسابوريّ، وإسماعيل بْن العطّار، وطائفة. قَالَ مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الدَّارَبُجُرْدِيُّ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ الْبُخَارِيُّ، ثقة عن ابن جريج، عن أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَلْيَسْتَلِمِ الأَرْكَانَ كُلَّهَا"2. تفرّد الدّاربُجُرْديّ بتوثيق أَبِي حذيفة، وما هُوَ ممّن يُعبأ بتوثيقه. والحديث كما ترى ساقط. وقال مُسْلِم: أبو حذيفة تركوا حديثه. وقال علي بن المَدِينيّ: كذاب، كَانَ يحدث عَنِ ابن طاوس، فجاؤوا ابن عُيَيْنَة فأخبروه بسِنِّه، فإذا ابن طاوس قد مات قبل أنّ يُولَد. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك الحديث. وقال أحمد بْن سيّار المَرْوَزِيّ: كَانَ يروي عمّن لم يدرك، فإذا سُئل عن آخرين دونه يَقُولُ: من أَيْنَ أُدرك أَنَا هَؤُلاءِ. وكانت فيه ختلة مَعَ أَنَّهُ كَانَ يُزَنُّ بحِفْظٍ. وقال غُنْجار: تُوُفّي في رجب سنة ستٍّ ومائتين ببُخَارَيّ. قلت: لَهُ عجائب أوردها ابن حِبّان، وابن عديّ، وغير واحد نسأل اللَّه الستر.

_ 1 المجروحين لابن حبان "1/ 135-137"، ميزان الاعتدال "1/ 184-186". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "2/ 435".

23- إِسْحَاق بْن عِيسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس1. الأمير أبو الحسن الهاشمي. وُلّي إمرة دمشق للرشيد، ووُلّي البصرة، وغيرها. وحدَّثَ عَنْ أَبِيهِ، وعن المنصور. وعنه: إبراهيم بْن المهديّ، وغيره. وبقي إلى بعد المائتين. قَالَ خليفة: تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين. وحكى المدائنيّ قَالَ: تناظر قوم في مجلس إِسْحَاق بْن عيسى الهاشْميّ، فألزم قومٌ دم عُثْمَان عليا وعابوه بذلك، فردَّ قوم عليهم وعابوا عثمان، فتكلّم إِسْحَاق وقال: أعيذ عليًّا باللَّه أنّ يكون قتل عثمان، وأُعيذ عثمان باللَّه أنّ يكون قتله عليّ. قَالَ: فاستحسنوا كلامه. 24- إسحاق بن عيسى القشيري2 بن بنت دَاوُد بْن أَبِي هند -مد. رأى جَدّه. وروى عَنْ: الأعمش، وعبّاد بْن راشد، وجماعة. وعنه: الحَسَن بْن الصّبّاح البزّار، وأبو كُرَيْب، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، ورزق اللَّه بْن موسى، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي زياد القَطَوانيّ، وآخرون. 25- إِسْحَاق بْن الفُرات المصري الفقيه3 -ن. قاضي مصر، مولى التُّجَيْبِيّين: كنْيته أبو نُعَيْم. كَانَ من جِلَّةِ أصحاب مالك. حدَّثَ عَنْ: مالك ويحيى بْن أيّوب، والَّليْث، وحُمَيْد بْن هانئ وهو أكبر شيخ لَهُ. ذكره ابن يونس هنا، وفي ترجمة حُمَيْد. لكن قَالَ ابن وزير: سَمِعْتُ ابن الفُرات يَقُولُ: وُلدت سنة خمس وثلاثين ومائة.

_ 1 تاريخ خليفة "462"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 451، 452". 2 التاريخ الكبير "1/ 399"، الجرح والتعديل "2/ 230"، تهذيب التهذيب "1/ 245". 3 الجرح والتعديل "2/ 231"، ميزان الاعتدال "1/ 195"، تهذيب التهذيب "1/ 426، 427".

قلت: وذكر ابن يونس وفاة حُمَيْد بْن هانئ سنة اثنتين وأربعين ومائة، ويبعد أن يكون ابن الفُرات سمع وله سبْعٍ سنين. وعنه: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وأبو الطّاهر بْن السَّرْح، وبحر بْن نَصْر، وأحمد ابن أخي ابن وهْب، وطائفة. روى عَنِ الشّافعيّ قَالَ: ما رأيت بمصر أحدًا أعلم باختلاف العلماء من إِسْحَاق بْن الفُرات. وقال ابن يونس: تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين في ثاني ذي الحجّة، وله سبعون سنة. وقال بحر بْن نَصْر: سَمِعْتُ ابن عُلَيَّة يَقُولُ: ما رأيت ببلدكم أحدًا يُحسن العلم إلا إِسْحَاق بْن الفُرات. وقال ابن عَبْد الحَكَم: ما رأيت فقيهًا أفضل منه. وقال أحمد بْن سَعِيد الهمذانيّ: قرا علينا إِسْحَاق بْن الفُرات "مُوَطّأ مالك"، ونحن بين يديه، فما يسقط حرفًا فيما أعلم. وقال إِسْحَاق: مولدي سنة خمس وثلاثين ومائة، وهو إسحاق بْن الفُرات بْن الْجَعْد بْن سليم مولى معاوية بْن حُدَيْج. ولي قضاءَ مصر نيابة عَنْ محمد بْن مسروق. سُئل أبو حاتم عَنْهُ فقال: شيخ لَيْسَ بالمشهور، يعني لَيْسَ بمشهور الحديث. 26- إِسْحَاق بْن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن المسيب1 -د. أبو محمد المسيبي المدني المقرئ. صاحب نافع بْن أَبِي نُعَيْم. قرأ عَلَيْهِ: ولده محمد بْن إِسْحَاق، وخلف بْن هشام، ومحمد بْن سَعْدان، وأبو حمدون الطبيب. وكان إمامًا في القراءة مقبولا. تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين. وقد روى عَنْ: ابن أَبِي ذئب، ونافع بْن عُمَر. روى لَهُ: أبو دَاوُد. 27- إِسْحَاق بْن مرار2. أبو عَمْرو الشَّيْبانيّ الكوفي صاحب اللغة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 401"، الجرح والتعديل "2/ 234"، تهذيب التهذيب "1/ 249". 2 تهذيب التهذيب "12/ 182-184".

حدَّثَ عَنْ: ذكن الشاميّ، وغيره. وأخذ العربية عَنْ جماعة ونزل بغداد، وطال عمره. وكان موثقًا فيما ينقله. أخذ عَنْهُ: ابنه عَمْرو، وأحمد بْن حنبل، وأبو عُبَيْد، ومحمد بْن حبيب. وكان ثعلب يفضّله عَلَى أَبِي عبيدة. وكان صاحب أمن ونزاهة وصدق. قال ابنه: لما سمع أَبِي أشعار العرب، كانت نيفًا وثمانين قبيلة، فكان كلمّا عمل منها قبيلةً وأخرجها إلى النّاس كَتَب مُصْحفًا وجعله في مسجد الكوفة، حتّى كَتَب بخطّه نيِّفًا وثمانين مُصْحفًا. وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي يلزم مجالس أَبِي عَمْرو الشَّيْبانيّ ويكتب أماليه. وقال ثعلب: دخل أبو عَمْرو البادية وأكثر عَنِ العرب. إلا أَنَّهُ كَانَ مستهترًا بشرب النبيذ. وقال الجاحظ: إنّما قِيلَ لَهُ: الشَّيْبانيّ لانقطاعه إلى أُناسٍ من بني شَيْبان. وقال الجاحظ: صنف أبو عَمْرو كتاب "الحروف في اللغة" وسمّاه "كتاب الجيم". ولم يذكر لِمَ سمّاه بذلك. ولا علم أحد من العلماء ذَلِكَ. وقد سُئل ابن القطاع عَنْ تسميته بذلك فأبى أن يخبر بذلك إلا بمائة دينار. وله عدة تصانيف في اللغة. تُوُفّي سنة عشر ومائتين، وله نيف وتسعون سنة. قِيلَ: بل جاوز المائة. 28- إِسْحَاق بْن منصور1. أبو عَبْد الرَّحْمَن السَّلُوليّ مولاهم الكوفيّ. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن واقد الهَرَوِيّ، وإسرائيل، وهُرَيْم بْن سُفْيَان. وعنه: أبو كُرَيْب محمد بْن العلاء، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وعباس

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 405"، التاريخ الكبير "1/ 403"، الجرح التعديل "2/ 234"، التهذيب "1/ 250، 251".

الدُّوريّ، وعَمْرو النّاقد، وجماعة. وكان أحد الثِّقات الأعلام. روى عَنْهُ من أقرانه: أبو نُعَيْم الفضل بْن دُكَيْن. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال الْبُخَارِيّ: تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. والأصحّ أَنَّهُ تُوُفّي سنة خمسٍ ومائتين. 29- إِسْحَاق بْن منصور بْن حيّان الأَسَديّ الكوفيّ1. عَنْ: عُقْبة بْن إِسْحَاق السَّلُولِيِّ، وعاصم بْن محمد العُمَريّ. وعنه: عثمان بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمير، وسُفْيَان بْن وكيع. ذكره "ابن" أَبِي حاتم، وغيره. قَالَ ابن سعْد: كَانَ خيِّرًا فاضلا. 30- إسماعيل بْن أبان2. أبو إِسْحَاق الغنوي الكوفي الخيّاط. عن: هشام بن عُرْوة، وإٍسماعيل بن أبي خَالِد، ومحمد بْن عجلان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن الوليد الفحّام، وأحمد بْن أَبِي غَرَزَة، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح. قَالَ ابن مَعِين: كذاب. وقال الْبُخَارِيّ، وجماعة: متروك الحديث. تُوُفّي سنة عشر ومائتين. وأما: 31- إسماعيل بْن أبان الوراق. فبعد، سيأتي.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 406"، التاريخ الكبير "1/ 402، 403"، الجرح والتعديل "2/ 234". 2 التاريخ الكبير "1/ 347"، الجرح والتعديل "2/ 160"، تهذيب التهذيب "1/ 270، 271".

32- إسماعيل بْن حكم1. شيخ بصْريّ من جهالة. عَنْ: يونس بْن عُبَيْد. وعنه: محمد بْن يونس الكُدَيْميّ. 33- إسماعيل بْن سَعِيد بْن عُبَيْد اللَّه بْن جُبَيْر2 الثَّقْفيّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: بِشْر بْن آدم الأصغر، وبُنْدار، وسعيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، والكُدَيْميّ. قَالَ أبو حاتم: أدركته ولم أكتب عَنْهُ. 34- إسماعيل بْن مرزوق3. أبو يزيد المُرَاديّ الْمَصْرِيّ. عَنْ: يحيى بْن أيّوب، ونافع بْن يزيد. وعنه: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. 35- إسماعيل بْن الوزير4 أبي عُبَيْد الله مُعَاوِيَة بْن عُبَيْد اللَّه الأشعريّ. أبو الحَسَن. نزيل الرّيّ. عَنْ: شريك، وابن أَبِي الزناد، وهُشَيْم. وعنه: عليّ بْن ميسرة. وأدركه أبو حاتم. قَالَ ابن مَعِين: قد سُمِع، ولكنه كَانَ يشرب الخمر. لَيْسَ بشيء. 36- إسماعيل بْن نَصْر5. عَنْ: أَبِي بَكْر الهُذليّ، وغيره. وعنه: زياد بْن أَبِي مسلم، وغيره.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 350"، الجرح والتعديل "2/ 165". 2 التاريخ الكبير "1/ 357"، الجرح التعديل "2/ 173"، تهذيب التهذيب "1/ 303". 3 الثقات لابن حبان "8/ 100". 4 الجرح والتعديل "2/ 201". 5 الجرح والتعديل "2/ 202".

قَالَ أبو حاتم: قد رأيته، ولا أرى بحديثه بأسًا. 37- إسماعيل بْن عَبْد الكريم بْن معقل بْن مُنَبِّه1 اليَمَانيّ الصَّنعانيّ. عَنْ: عمه عَبْد الصَّمد بْن معقل، وابن عمه إبراهيم بْن عَقِيل. وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، وعبد بْن حميد، وأحمد بن الأزهر، والحارث بن أبي أسامة. قال النسائي: لا بأس بِهِ. مات سنة عشْرٍ ومائتين. 38- إسماعيل بْن عُمَر2. أبو المنذر الواسطيّ ثمّ البغداديّ. عَنْ: عيسى بْن طِهْمان، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وداود بْن قيس الفرّاء. وعنه: أحمد، وابن مَعِين، ومحمد بْن رافع، وعبّاس الدُّوريّ. وكان عبدًا صالحًا. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقال أحمد: كَانَ ربما يصلّي حتّى تورم قدماه. 39- الأسود بْن عامر3، شاذان. شاميّ ثقة نزل بغداد. عَنْ: هشام بْن حسان، وشُعْبة، وسُفْيَان، وجرير بْن حازم، وطلحة بْن عَمْرو، والحمَّادَيْن، وعبد العزيز الماجِشُون. وعنه: أحمد، وابن المَدِينيّ، وأبو ثَوْر الكلْبيّ، وأحمد بْن الوليد الفحام، وأحمد بْن الخليل البُرْجُلانيّ، وعَمْرو النّاقد، والحارث بْن أبي أسامة، والدارمي، ويعقوب بن شيبة. وثقه ابن المديني، وغيره.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 548"، التاريخ الكبير "1/ 367"، تهذيب التهذيب "1/ 315، 316". 2 الطبقات الكبرى "7/ 324"، التاريخ الكبير "1/ 370"، الجرح والتعديل "2/ 189"، التهذيب "1/ 319". 3 الطبقات الكبرى "7/ 336"، التاريخ الكبير "1/ 448"، الجرح والتعديل "2/ 294"، تهذيب التهذيب "1/ 340".

وروى عَنْهُ من القدماء بقية بْن الوليد. مات في أوّل سنة ثمانٍ ومائتين. 40- أشعثُ بْن عطاف الأَسَديّ الكوفي المقرئ1. نزيل الرّيّ، أبو النَّضْر. روى القراءة عَنْ حمزة الزّيّات، والحديث عن الثَّوريّ. وعنه: محمد بْن عيسى التَّيْميّ، ومحمد بْن مُقَاتِل، ومحمد بْن حُمَيْد الرّازيّ، وإبراهيم بْن موسى. سُئل عَنْهُ أبو حاتم فقال: صالح الحديث. وقال أبو زُرْعة: كَانَ شيخًا صالحًا. 41- أشهب بْن عَبْد العزيز2 بْن داود بْن إبراهيم. أبو عَمْرو القَيْسيّ العامريّ الْمَصْرِيّ الفقيه. قِيلَ: اسمه سكين، وأشهب لَقَبُه. سمع: الَّليْث، ومالكًا، ويحيى بْن أيّوب، وسليمان بْن بلال، وداود العطار، وجماعة. وعنه: الحارث بْن مسكين، وبحر بْن نَصْر، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن إبراهيم بْن الموّاز الفقيه، وسَحْنُون بْن سَعِيد، وعبد الملك بْن حبيب، وهارون بْن سَعِيد الأَيْليّ، وغيرهم. قَالَ الشّافعيّ: ما أخرجتْ مصر أَفْقَهَ من أشهب لولا طَيْش فيه. وكان أشهب عَلَى خَرَاج مصر، وله أموال وحِشْمة. وقال سُحْنُون: رحِم اللَّه أشهب ما كَانَ يزيد في سماعه حرفًا واحدًا. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ فقيهًا حسن الرأي والنظر.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 433"، الجرح والتعديل "2/ 276"، ميزان الاعتدال "1/ 268". 2 التاريخ الكبير "2/ 57"، الجرح والتعديل "2/ 342"، تهذيب التهذيب "1/ 359، 360".

فضّله مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى ابن القاسم في الرأي. فذُكر ذَلِكَ لمحمد بْن عُمَر بْن لُبَابة الأندلسيّ فقال: إنّما قَالَ ذَلِكَ ابن عَبْد الحَكَم؛ لأنّه لازم أشهب، وكان أخْذُهُ عَنْهُ أكثر. وابن القاسم عندنا أفقه في البيوع وغيرها. قالَ ابن عَبْد البر: أشهب شيخه، وابن القاسم شيخه، وهو أعلم بهما لكثرة مجالسته لهما وأخذه عَنْهُمَا. قَالَ: ولم يدرك الشّافعيّ حين قدِم مصر أحدًا من أصحاب مالك إلا أشهب، وابن عَبْد الحَكَم. قَالَ سَعِيد بْن مُعَاذ: سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ: أشهب أفقه من ابن القاسم مائة مرة. وعن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ أشهب في سجوده يدعو على الشافعي بالموت. فذكرت ذَلِكَ للشافعي، فأنشد: تمنّى رجال أنّ أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي تمنّى خلاف الّذي مضى ... تهيّأ لأُخرى مثلَها، فكأنْ قدِ قَالَ: فمات الشّافعيّ في رجب سنة أربعٍ ومائتين، ومات بعده أشهب بثمانية عشر يومًا. واشترى أشهب من تركة الشافعي اسمه فتيان، اشتريته أَنَا من تركه أشهب. قَالَ ابن يونس: وُلِد أشهب سنة أربعين ومائة لثمانٍ بقين من شَعْبان. قَالَ صاحب الأصل: وقول ابن عبد البر: أشهب شيخه، وابن القاسم شيخه وَهْمٌ، فإن محمدًا لم يدرك ابن القاسم، وإن الّذي أدركه أَبُوهُ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. ولعله أراد عَبْد اللَّه، بدليل ما قَالَ بعد ذَلِكَ: لم يدرك الشّافعيّ حين قدِم مصر أحدًا من أصحاب مالك إلا أشهب وابن عَبْد الحَكَم. وكان أشهب من كبار أصحاب مالك، وما هُوَ بدون ابن القاسم، وإن كَانَ ابن القاسم أبصر بفقه مالك منه. لكن أشهب أعلم بالحديث من ابن القاسم. 42- أشهل بْن حاتم الْجُمَحيّ1. مولاهم البصري أبو عمرو، وقيل: أبو عمر.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 68"، الجرح والتعديل "2/ 347، 348"، ميزان الاعتدال "1/ 269"، التهذيب "1/ 360، 361".

عَنْ: عَبْد اللَّه بْن عَون، وكَهْمس بْن الحَسَن، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وابن لَهِيعة، وغيرهم. وعنه: محمد بْن المُثَنَّى، وعبد اللَّه بْن منير المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق الصّاغانيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، والحارث بْن أَبِي أسامة، والكُدَيْميّ. ومن القدماء: عَبْد اللَّه بْن وهْب. وقال: لا أعلم أحدًا من أهل العلم سُمِّيَ بهذا الأسم غيره. قَالَ أبو زُرْعة: محلُّه الصُّدْق، وليس بقويّ. مات سنة ثلاثٍ ومائتين. 43- أصْرَمُ بْنُ حَوْشب1. أبو هشام الكِنْديّ الهَمْدانيّ. أحد المتروكين. عَنْ: أَبِي جعفر الرّازيّ، وقرة بْن خَالِد، وهشام بْن عُرْوَة، ومالك قِيلَ: وعن الأعمش. وعنه: أحمد بْن الفُرات، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وعليّ بْن الحَسَن الذُّهْليّ. كذبه يحيى بْن مَعِين. قِيلَ: مات سنة اثنتين ومائة. 44- أصرم بْن غياث2. أبو غياث النَّيْسابوريّ. عَنْ: عاصم الأحول، وأبي حنيفة، ومقاتل بْن حيان. وعنه: أحمد بْن حرب الزّاهد، وأيوب بْن الحَسَن، وعليّ بْن الحَسَن الدّارابُجُرْديّ. وهو متروك عند الجماعة. 45- أُمية بْن خَالِد3 القيسي البصري. أخو هدبة.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 382"، الجرح والتعديل "2/ 336"، ميزان الاعتدال "1/ 272، 273". 2 الكنى الأسماء للدولابي "2/ 78"، الجرح والتعديل "2/ 336"، ميزان الاعتدال "1/ 273". 3 الطبقات الكبرى "7/ 301"، الجرح والتعديل "2/ 302، 303"، ميزان الاعتدال "1/ 275"، التهذيب "1/ 370، 371".

عَنْ: إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله، وشعبة، والثوري، والمسعودي، وأبو الجارية العبدي. وعن: أحمد بْن المِقْدام، والفلاس، وبندار، ومحمد بْن عثمان بن أبي صفوان الثقفي، مسدد. قَالَ أبو زُرْعة: ثقة. وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة إحدى ومائتين. 46- أوس بْن عَبْد اللَّه بْن بريدة بْن الحصيب الأسْلَميّ1 المَرْوَزِيّ. عُمَر دهرًا، ولم يدرك أَبَاهُ. عَنْ: أخيه سهل، والحسين بْن واقد. وعنه: محمد بْن مقاتل المَرْوَزِيّ، والحسين بْن حُرَيْث، وسليمان بْن عُبَيْد اللَّه. قَالَ أبو حاتم الرّازيّ: سألت المراوزة عَنْهُ فعرفوه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. تُوُفّي بعد خروج المأمون من مَرْو. 47- أيّوب بْن خَالِد2. أبو عثمان الْجُهَنيّ الحرّانيّ. عَنْ: الأوزاعي، وغيره. وعنه: أحمد بْن الأزهر، وسليمان بْن سيف، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وإبراهيم بْن هانئ النَّيْسابوريّ. ووثَّقهُ. قَالَ ابن عديّ: حدَّثَ بالمناكير. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لا يُتَابَعُ عَلَى أكثر حديثه. 48- أيّوب بْن سُوَيد الرَّمْليّ3. أبو مسعود الحِمْيَريّ السيباني.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 17"، الجرح والتعديل "2/ 305، 306"، ميزان الاعتدال "1/ 278". 2 التاريخ الكبير "1/ 412"، تهذيب الكمال "3/ 470، 471"، ميزان الاعتدال "1/ 286"، التهذيب "1/ 401". 3 التاريخ الكبير "1/ 417"، الجرح والتعديل "2/ 249، 250"، ميزان الاعتدال "1/ 287، 288"، التهذيب "1/ 405".

عَنْ: ابن جُرَيْج، ويونس الأَيْليّ، وأسامة بْن زيد اللَّيْثيّ، ويحيى بْن أَبِي عَمْرو السَّيبانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، والأوزاعيّ، وطائفة. وعنه: أبو الطّاهر أحمد بْن السَّرْح، وعبد الرحيم بْن إبراهيم دُحَيْم، وكثير بْن عُبَيْد الحمصيّ، والربيع المُرَاديّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. عَنْ أبن مَعِين: لَيْسَ بشيء، يسرق الأحاديث. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بثقة. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عديّ: يُكتَب حديثه في جملة الضُّعفاء. وذكره ابن حبان في "الثقات"، لكن قال: كَانَ رديء الحِفْظ. وقال الْبُخَارِيّ: يتكلمون فيه. وقد روى عَنْهُ من القدماء: بقية، والشافعي، ومحمد بْن أَبِي الجسريّ. قَالَ ابن أَبِي عاصم: تُوُفّي سنة اثنتين ومائتين. "حرف الباء": 49- بشر بن بكر التنيسي1 -خ. د. ن. ق- أبو عبد الله البجلي الدمشقي الأصل. عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وعَبْدَة بنت خَالِد بْن مَعْدان، والأوزاعيّ، وجماعة. وعنه: ابنه أحمد، والحارث بْن أسد الهَمْدانيّ، ودُحَيْم، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، والربيع المُرَاديّ، وأبو الطّاهر بْن السَّرْح، وخلْق. ومن القدماء: الشّافعيّ. وثّقه أبو زرعة، والدارقطني.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 70"، الجرح والتعديل "2/ 352"، ميزان الاعتدال "1/ 314"، التهذيب "1/ 443، 444".

وقال محمد بْن وزير: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ولدت سنة أربعٍ وعشرين ومائة. وقال ابن يونس: كَانَ أكثر مقامه بتِنِّيس ودمياط. تُوُفّي بدمياط في ذي القعدة سنة خمسٍ ومائتين. قَالَ الخطيب: حدَّثَ عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن وهْب، وسليمان بْن شُعَيْب الكَيْسانيّ، وبين وفاتيهما ستٌّ وسبعون سنة. 50- بِشْر بْن ثابت الْبَصْرِيّ البزّار1 -د. ق- أبو محمد. عَنْ: أَبِي خَلَدة خَالِد بْن دينار، وشُعْبة، وموسى بْن عليّ بْن رباح، وعليّ. وعنه: أبو عبيدة بْن أَبِي السَّفَر، وأبو داود الحرّانيّ، وعبّاس الدُّوريّ، والدّارميّ. وثّقه ابن حِبّان. 51- بِشْر بْن الحُسين الهلالي الأصبهانيّ2. أبو محمد. عَنْ: الزُّبَيْر بْن عديّ، عَنْ أَنَس، وعن: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. وعنه: يحيى بْن أَبِي بُكَيْر، وهو من أقرانه، ومحمد بْن زياد الكلْبيّ، وأحمد بْن سليمان المَرْوَزِيّ، والحَجّاج بْن يوسف بْن قُتَيْبة، وغيرهم. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: تُوُفّي بعد المائتين. قال: وجاء إلى أبي داود الطيالسي فقال: حدَّثني الزُّبَيْر بْن عديّ، فكذبه أبو داود، وقال: ما نعرف للزُّبَيْر، عَنْ أنس إلا حديثًا واحدًا. قَالَ ابن حِبّان: روى عَنِ الزُّبَيْر، عَنْ أنس نسخةً موضوعة. وقال الْبُخَارِيّ: فيه نظر. 52- بِشْر بْن عُمَر الزَّهْرانّي الْبَصْرِيّ3 -ع- أبو محمد. عَنْ: شُعْبَة، وعكرمة بْن عمّار، وهَمّام، وأبان العطار، وعاصم بن محمد السري، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 352"، ميزان الاعتدال "1/ 314"، تهذيب التهذيب "1/ 444". 2 التاريخ الكبير "2/ 71"، الجرح والتعديل "2/ 355"، ميزان الاعتدال "1/ 315، 316". 3 الطبقات الكبرى "7/ 300"، التاريخ الكبير "2/ 80"، الجرح والتعديل "2/ 361"، تهذيب التهذيب "1/ 455، 456".

وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وبِشْر بْن آدم، وإِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بْن يحيى، وبَهْز بْن عليّ، ومحمد بْن يحيى القطعي، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: صدوق. ووثَّقهُ ابن سعْد، وقال: تُوُفّي بالبصرة سنة سبْعٍ. وقال غيره: تُوُفّي في آخر يوم من سنة ستٍّ. 53- بِشْر بْن مبشّر1. أبو المسيّب الواسطيّ. عَنْ: شُعْبَة، وأبي الأشهب، ومهديّ بْن ميمون. وعنه: أحمد بْن سِنان، ومحمد بْن وزير الواسطيان، وأحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وغيرهم. 54- بِشْر بْن المعتمر. أبو سهل. شيخ المعتزلة، وصاحب التّصانيف. تُوُفّي سنة عشرٍ ومائتين. ورّخه ابن النّجّار. 55- بَكْر بْن بكّار2. أبو عَمْرو القَيْسيّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: ابن عَون، وعَبّاد بْن منصور، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وهشام الدَّسْتُوائيّ، وحمزة الزّيّات، ومِسْعر، وشُعْبة، وغيرهم. وعنه: أبو داود الطَّيالِسيّ، وهو من طبقته، والحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وإبراهيم بْن سَعْدان، ومحمد بْن إبراهيم الْجَيْرانيّ، وآخرون. وثّقه أبو عاصم النّبيل. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 316"، التاريخ الكبير "2/ 84"، الجرح والتعديل "2/ 361، 362"، ميزان الاعتدال "1/ 324". 2 التاريخ الكبير "2/ 88"، الجرح والتعديل "382، 383"، ميزان الاعتدال "1/ 343".

وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبّان: ثقة رُبّما يخطئ. وقال أبو نُعَيْم الحافظ: قدِم أصبهان سنة ستٍّ ومائتين، وحدَّثَ بها سنة سبع. 56- بكر بن خداش1. د. أبو صالح الكوفيّ. نزل أصبهان، وحدّث عَنْ: فِطْر بْن خليفة، وعيسى بْن المسيّب البَجَليّ، وحبان بْن عليّ. وعنه: أبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بْن يونس الضَّبّيّ، وسليمان بْن توبة النَّهْروانيّ، وآخرون. لا أعلم فيه ضَعْفًا. 57- بَكْر بْن الخطيب الرام. أبو يونس الباقلانيّ. عَنْ: يونس الكُدَيْميّ، والنَّسَويّ. كنّاه الحاكم، وهو أخو خَالِد بْن الخصيب الّذي رَوَى عَنْهُ أحمد، وخالد. لم أر أحدًا ذكره. 58- بَكْر بْن عيسى الراسبيّ2. أبو بِشْر، صاحب الْبَصْرِيّ. عَنْ: شُعْبَة بْن الحَجّاج. وعنه: أحمد بْن حنبل، وبُنْدار، وجماعة. تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. 59- بَكْر بْن يحيى بْن زبان الْبَصْرِيّ3. عَنْ: أَبِيهِ، وشعبة، وحِبّان بْن عليّ. وعنه: عَبّاد بْن الوليد الغُبْريّ، وأبو قلابة الرَّقاشيّ، وأبو أُمَيَّةَ الطرسوسي. وثقه ابن حبان.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 385"، الثقات لابن حبان "8/ 148". 2 التاريخ الكبير "2/ 92"، الجرح والتعديل "2/ 391"، تهذيب التهذيب "1/ 486". 3 الجرح والتعديل "2/ 394"، تهذيب التهذيب "1/ 107".

60- بُكَيْر بْن جعفر السّليميّ1 الْجَرْجَرائيّ الزّاهد. قاضي جُرجْان. روى عَنْ: سُفْيَان الثَّوريّ، وحسن بْن فَرْقَد، ومغيرة بْن موسى. وعنه: إبراهيم بْن موسى، وأحمد بْن يحيى السَّابَرِيّ، ومحمد بْن بُنْدار السَّبَّاك، وآخرون. قَالَ ابن عديّ: حدَّثَ بمناكير عن المعروفين. وأرجو أَنَّهُ لا بأس بِهِ. ومن قوله: لو كَانَ ما أخطأ فلان جوزًا لاكتفى بِهِ ناسٌ كثير. 61- بهز بْن أسد العَمِّيّ2. أحد الثقات. تقدّم سنة سبْعٍ وتسعين. 62- بُهْلُولُ بْن حسّان بْن سِنان3. أبو الهَيْثَم التَّنُّوريّ الأنباريّ. عَنْ: سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وابن أَبِي ذئب، وشُعْبَة، وشَيْبان، ووَرْقاء، ومالك، وطائفة. وعنه: ابنه إِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ الحافظ. وقد كَانَ أديبًا لُغَوّيًّا إخباريًّا زاهدًا. تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. 63- بُهْلولُ بْن مورق4 الشّاميّ الْبَصْرِيّ. أبو غسان. عَنْ: ثور بْن يزيد، وموسى بْن عُبَيْدة، والأوزاعيّ. وعنه: أبو خَيْثَمَة، وإِسْحَاق الكوسج، والفلاس، والكديمي، وأبو قلابة،

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 349"، لسان الميزان "2/ 61". 2 تقدم ترجمته في الجزء السابق من الطبقة الماضية. 3 تاريخ بغداد "7/ 108، 109". 4 الجرح والتعديل "2/ 429، 430"، الثقات لابن حبان "8/ 152"، تهذيب التهذيب "1/ 499، 500".

ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوّام. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. 64- بَهيم العِجْليّ1. العابد. من نُسّاك عَبّادان، وَيُكَنَّى أبا بَكْر. كَانَ قد غلب عَلَيْهِ الخوف والبكاء والخشوع. تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين رحمه اللَّه عَلَيْهِ. وروى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن داود الخُرَيْبيّ، وغيره. "حرف الثاء": 65- ثابت بْن نَصْر بْن مالك بْن الهَيْثَم2 الخُزاعيّ الأمير. أخو الشهيد أحمد بْن نَصْر. وُلِّيَ إمرة الثغور "سبْعٍ عشرة" سنة. ومات بالمصيصة سنة ثمانٍ ومائتين. قَالَ الخطيب: يُذكر عَنْهُ فضل وصلاح. "حرف الجيم": 66- الجارود بْن يزيد3. أبو عليّ العامريّ. وقيل: أبو الضّحّاك الفقيه النَّيْسابوريّ، أحد أصحاب أَبِي حنيفة. وخُطبته بنَيْسابور مشهورة، ومسجده عَلَى رأس السّكّةِ. روى عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خالد، وسليمان التَّيْميّ، وعُمَر بْن ذَرّ، وشُعْبة، وسُفْيَان، وطائفة. وعنه: أبو سَلَمَةَ التَّبُوذَكيّ، وأحمد بْن رجاء الهَرَوِيّ، والحسين بْن عَرَفَة، وَسَلَمَةُ بْن شَبِيب، ومحمد بْن عَبْد الملك بْن زنجويه، وطائفة.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 436"، الثقات لابن حبان "8/ 153، 154". 2 تاريخ الطبري "8/ 338"، تاريخ بغداد "7/ 142، 143". 3 التاريخ الكبير "2/ 237"، الجرح والتعديل "2/ 525"، ميزان الاعتدال "1/ 384، 385".

قَالَ أبو حاتم: لا يكتب حديثه. وقال النَّسائيّ: متروك. مات سنة ثلاث. وقيل: سنة ست. 67- جابر بن نوح1 -ت- أبو بشر الحماني الكوفي. عَنْ: حُرَيْث بْن السّائب، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، والأعمش، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سليمان. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بْن بُدَيْل، ومحمد بْن جعفر الفَيْديّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن آدم المصِّيصيّ، ومحمد بْن طريف البَجَليّ. قَالَ أبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بالقوي. وقال مطين: مات سنة ثلاث ومائتين. جَابِر بْن نوح الحمانيّ. ذكرناه في الطبقة الماضية. ويُقال: إنّه مات سنة ثلاث ومائتين، فيحول إلى هنا. 68- جعفر بْن عَون بْن جعفر بْن عَمْرو بن حريث2 -ع- أبو عون المخزومي العمري الكوفي، أحد الأبدال. وُلِد سنة نيفٍ وعشرة ومائة. سمع: الأعمش، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وهشام بْن عُرْوَة، ويحيى بْن سَعِيد، وأبي العُمَيْس عُتْبة بْن عَبْد اللَّه، وأبي حنيفة، وجماعة. وعنه: ابن رَاهَوَيْه، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد بْن الفُرات، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه القصّار، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن أحمد بن أبي المثنى، وخلق.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 210"، الجرح والتعديل "2/ 500"، ميزان الاعتدال "1/ 379"، التهذيب "2/ 45، 46". 2 الطبقات الكبرى "6/ 396"، التاريخ الكبير "2/ 197"، الجرح والتعديل "2/ 485"، تهذيب التهذيب "2/ 101".

قال أبو حاتم: صدوق. وقال غيره: توفي في أول السنة راجعًا من الحجّ، وله نيِّفٌ وتسعون سنة. وقال أحمد: رَجُل صالح لَيْسَ بِهِ بأس. وقال محمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء: قَالَ لي أحمد بْن حنبل: أَيْنَ تريد؟ قلت: الكوفة! قَالَ: عليك بابن عَون. قلت: مات في أول سنة سبْعٍ. وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة ستٍّ. 69- جُنَيْد الحجّام1 -ن- عَنْ: أستاذه أَبِي أسامة زيد الحجّام. عَنْ: عكرمة، وغيره. وعنه: قُتَيْبة بْن سَعِيد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد الطّنافسيّ، وهارون بْن إِسْحَاق، والحَسَن بْن عليّ بْن عفان العامريّ. قَالَ أبو زُرْعة: ثقة. وقال "النَّسائيّ": لَيْسَ بِهِ بأس. "حرف الحاء": 70- حاتم بْن عَبْد اللَّه2. أبو عبيدة النُّمَيْريّ الْبَصْرِيّ. حدَّثَ بأصبهان سنة بضْعٍ ومائتين عَنْ: مبارك بْن فَضَالَةَ، والقاسم بْن الفضل الحُدانيّ، وأبي هلال، وجماعة. وعنه: عبد الرحمن بن عمر رستة، وإبراهيم بن راشد، وسمويه في فوائده.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 236"، الجرح والتعديل "2/ 528"، ميزان الاعتدال "1/ 425"، التهذيب "2/ 120". 2 الجرح والتعديل "3/ 260، 261"، الثقات لابن حبان "8/ 211".

قال أبو نعيم الحافظ: كان من الثقات. 71- الحارث بن أسد العتكي البصري. مات في ذي القعدة سنة عشر. 72- الحارث بن أسد الإفريقي. صاحب مالك. قال ابن يونس: مات سنة ثمان ومائتين. 73- الحارث بن عطية البصري1 -ن- نزيل المصِّيصة. عَنْ: هشام بْن حسان، وهشام بْن أَبِي عَبْد اللَّه، والأوزاعيّ، وغيرهم. وعنه: إبراهيم بْن الحُسين الأنطاكيّ، وحاجب بْن سليمان المنبجيّ، والحَسَن بْن الصّبّاح البزّار، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين. وكان من الزُّهّاد المذكورين. 74- الحارث بْن عِمران الجعفريّ الْمَدَنِيّ2 -ق- عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، وجعفر الصّادق، ومحمد بْن سوقة، وغيرهم. عنه: الأشجّ، وإبراهيم بْن يوسف الصَّيْرفيّ، وعبد اللَّه بْن هاشم الطُّوسيّ، ومحمود بْن غَيْلان، وجماعة. ضعّفه أبو زُرْعة. 75- الحارث بْن مُسْلِم3 المَرْوَزِيّ المقرئ. عَنِ: الربيع بْن صُبَيْح، وسُفْيان الثَّوريّ، وجماعة. وعنه: محمد بْن مِهْران الجمّال، ومحمد بْن حمّاد الطّهرانيّ. نزل الرّيّ. ذكره أبو هاشم وقال: ثقة عابد، صلَّيت خلفه. 76- الحارث بن النعمان بن سالم4.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 490"، الجرح والتعديل "3/ 85"، تهذيب التهذيب "1/ 142". 2 التاريخ الكبير "2/ 278"، الجرح والتعديل "3/ 84"، ميزان الاعتدال "1/ 439". 3 الجرح التعديل "3/ 88". 4 تهذيب الكمال "5/ 292"، ميزان الاعتدال "1/ 445"، تهذيب التهذيب "2/ 160".

أبو النَّضْر الطُّوسيّ الأكفاني البزّاز. مولى بني هاشم. سكن بغداد. وحدَّثَ عَنْ: سَمِيِّه الحارث بْن النعمان، وسالم اللَّيْثيّ ابن أخت سَعِيد بْن جُبَيْر، وحَرِيز، وعثمان، وشُعْبة، والثَّوْريّ، وشَيْبان. وعنه: أحمد بْن حنبل، ومحمد بْن حرب النَّسائيّ، والحَسَن بْن الصّبّاح البزّاز، وآخرون. 77- حَجّاج بْن زيان. أبو محمد السَّهميّ، مولاهم الْمَصْرِيّ. عبدٌ صالح، مُجاب الدَّعوة، كبير القدْر. روى عَنْ: عزّان بْن سَعِيد. وعنه: أبو الطاهر بْن السَّرْح. مات سنة خمس ومائتين. 78- حَجّاجُ بن محمد1. -ع- أبو محمد المصِّيصيّ الأعور. مولى سليمان بْن مُجالد. تِرْمِذِيّ الأصل، سكن بغداد، ثمّ نزل المصِّيصَة. سمع: حَريز بْن عثمان، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وابن جُرَيْج، وعُمَر بْن ذَرّ، وشُعْبة، وحمزة الزّيّات، وجماعة. وعنه: أحمد، وابن مَعِين، وأبو عبيدة بْن أَبِي السَّفَر، وأحمد الرَّماديّ، والحَسَن الزَّعْفرانيّ، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد صاعِقَة، وهارون الحَمَّالُ، ويوسف بْن مُسْلِم، وهلال بْن العلاء، وخلْق. قَالَ الإِمَام أحمد: مَا كَانَ أضْبَطه، وأصحّ حديثه، وأشد تعاهده للحروف، وَرَفَعَ أمرَه جدًّا وقال: كَانَ صاحب عربية. وكان يَقُولُ: ثنا ابن جُرَيْج، وإنّما قرأ عَلَيْهِ ثمّ ترك ذَلِكَ، فكان يَقُولُ: قَالَ ابن

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 333"، التاريخ الكبير "2/ 380"، الجرح والتعديل "3/ 166"، التهذيب "2/ 205، 206".

جريج. قد قرأ الكتب كلها عَلَى ابن جُرَيْج إلا "كتاب التَّفسير"، فإنّه سمعه منه إملاء. وقال أبو داود: رَحَلَ أحمد ويحيى إلى الحَجّاج الأعور. قَالَ: وبلغني أنّ يحيى كُتُب عَنْهُ نحوًا مِنْ خمسين ألف حديث. وقال ابن مَعِين: كَانَ أثبت أصحاب ابن جُرَيْج. وقال إبراهيم بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ الخُشْك: حَجّاج بن محمد نائمًا، أوثق من عبد الرزاق يقظانًا. وقال ابن سعْد: قدِم حَجّاج بغداد في حاجةٍ، فمات بها في ربيع الأوَّل سنة ستٍّ، وقد تغيّر في آخر عُمره حين رجع إلى بغداد، وكان ثقة إنّ شاء اللَّه. 79- حُجَيْن بْن المُثَنَّى. في الطبقة الأتية. 80- حُذَيْفة بْن قَتَادة المَرْعَشيّ الزّاهد1. صاحب سُفْيَان الثَّوْريّ. قد ذكرناه في الطبقة العشرين، وكان موته سنة سبْعٍ ومائتين، فينقل. لَهُ قدِم في العبادة وكلام نافع. وهو القائل: إنْ لم تخْشَ أنّ يعذّبك اللَّه عَلَى أفضل عملك فأنت هالك. قلت: يعني لِمَا يَعتوره من الآفات. وقال: لو وجدتُ من يبغضني في اللَّه لأوجبت عَلَى نفسي حُبَّه2. 81- حرمي بن عمارة3 بن أبي حفصة -سوى ت. أبو روح العتكي. مولاهم الْبَصْرِيّ لم يدرك الأخذ عَنْ والده.

_ 1 حلية الأولياء "8/ 267-271"، الزهد الكبير للبيهقي "722"، صفة الصفوة "4/ 268-270". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 267"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 268". 3 الطبقات الكبرى "7/ 303"، التاريخ الكبير "3/ 122"، الجرح والتعديل "3/ 307، 308"، التهذيب "2/ 232".

روى عَنْ: قُرَّةَ بْن خَالِد، وأبي خَلْدة خَالِد بْن دينار، وشُعْبة، وهشام بْن حسّان وهو آخر شيخ لَهُ. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأبو حفص الفلاس، وبُنْدار، وهارون الحمّال، والرَّماديّ، وطائفة. قَالَ ابن مَعِين: صدوق. قلت: تُوُفّي سنة إحدى ومائتين. 82- حَرْمَلَة بْن عَبْد العزيز بْن الربيع بْن سَبْرة1. الْجُهَنيّ الحجازي. عَنْ: أَبِيهِ، وعمه عَبْد الملك. وعنه: عليّ بْن حُجْر، ودُحَيْم، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم الفقيه، وأبو عُتْبة أحمد بْن الفَرَج الحمصيّ. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. مات سنة أربعٍ ومائتين. 83- الحَسَن بن زياد اللؤلؤي الفقيه2. أبو عليّ. مولى الأَنْصَار، صاحب أَبِي حنيفة. أخذ عَنْهُ: محمد بْن شجاع الثَّلْجيّ، وشعيب بن أيوب الصريفيني. وهو كوفي نزل بغداد. قال محمد بن شجاع: سمعته يَقُولُ -وقد سأله رَجُل- زُفَرُ قيّاسًا؟ فقال: وما قولك قيّاسًا؟ هذا كلام الْجُهّال. كَانَ عالمًا. فقال الرجل: أكان زُفَرُ نظرَ في الكلام؟ فقال: ما أسخفك. نقول لأصحابنا: نظروا في الكلام وهم بيوت الفِقْه والعِلم. إنّما يقال: نظر في الكلام من لا عقل لَهُ، وهؤلاء كانوا أعلم باللَّه وبحدوده من أن يتكلّموا في الكلام الّذي تعني. ما كان همهم إلا الفقه.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 69"، الجرح والتعديل "3/ 274"، تهذيب التهذيب "2/ 288". 2 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 30"، الجرح والتعديل "3/ 15"، ميزان الاعتدال "1/ 491".

قَالَ محمد بْن شجاع الثَّلْجيّ: سَمِعْتُ الحَسَن بْن أَبِي مالك يَقُولُ: كَانَ الحَسَن بْن زياد إذا جاء إلى أَبِي يوسف أهمّتْ أبا يوسف نفسُه من كثرة سؤالاته. قَالَ ابن كاس النَّخَعيّ: ثنا أحمد بْن عَبْد الحميد الحارثيّ قَالَ: ما رأيت أحسن خُلُقًا من الحسن بْن زياد، ولا أقرب مأخذًا منه، ولا أسهل جانبًا، مَعَ توفر فقهه وعلمه وزُهده ووَرَعه. وكان يكسو مماليكه ككسْوهِ نفسَه. وقال جعفر بْن محمد بْن عُبَيْد الهَمْدانيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن آدم يَقُولُ: ما رأيت أفْقه من الحَسَن بْن زياد. وقال ابن كاس: نا محمد بْن أحمد بْن الحَسَن بْن زياد، عَنْ أَبِيهِ أنّ الحَسَن بْن زياد سُئل عَنْ مسألة فأخطأ فيها. فلمّا ذهب السائل ظهر لَهُ الحقّ، فاكترى مناديًا فنادى: إنّ الحَسَن بْن زياد استُفتي فأخطأ في كذا، فمن كَانَ أفتاه الحَسَن في شيء فلْيرجع إِلَيْهِ. فما زال حتّى وجد صاحب الفتوى وأعلمه بالصواب. قَالَ زكريّا الساجي: يقال: إنّ اللُّؤلُؤيّ كَانَ عَلَى القضاء، وكان حافظًا لقولهم، يعني أصحاب الرأي. فكان إذا جلس ليحكم ذهب عنه التوفيق حتى يسأل أصحابه عَنِ الحُكْم. فإذا قام عاد إِلَيْهِ حِفْظُه. قَالَ نِفْطَوَيْه: تُوُفّي حفص بْن غِياث سنة أربعٍ وتسعين ومائة، فولي مكانه الحَسَن بْن زياد اللُّؤلُؤيّ. قَالَ أحمد بْن يونس: لمّا ولي الحَسَن بْن زياد لم يُوفَّق، وكان حافظًا لقول أصحابه، فبعث إِلَيْهِ البكّائي: إنّك لم تُوَفَّق للقضاء، وأرجو أنّ يكون هذا لخيرةٍ أرادها اللَّه بك، فاستعف. فاستعفى واستراح. قالَ مُحَمَّد بْن سماعة، سمعتُ الْحَسَن بْن زياد يقول: كتبت عن ابن جريج اثني عشر ألف حديث كلّها يحتاج إليها الفُقَهاء. وقال أحمد بْن عَبْد الحميد الحارثيّ: ما رأيت أحسن خلقا من الحسن بن زياد، ولا أسهل جانبًا. وكان يكسو مماليكه كما يكسو نفسه. ضعفه ابن المَدِينيّ. وكان لَهُ كُتُبٌ في المذهب.

وقال محمد بْن رافع: كَانَ الحسن اللُّؤلُؤيّ يرفع قبل الإِمَام ويسجد قبله. قلت: قد ساق في ترجمة هذا أبو بَكْر الخطيب أشياء لا ينبغي ذِكْرها. وتُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. وقد روى القراءة عَنْ عيسى بْن عُمَر، زكريّا بْن سِياه. روى عَنْهُ الحروف: الوليد بْن حمّاد اللُّؤلُؤيّ. 84- الحَسَن بْن محمد بْن أعين الحراني -خ. م. ق- أبو علي مولى بني أُمَيَّةَ. عَنْ: عمّه موسى بْن أَعْيَن، وزُهَير بْن معاوية، ومغفّل بْن عُبَيْد اللَّه، وفُلَيْح بْن سليمان، وفضيل بْن غَزْوان، وجماعة. وعنه: لُوَيْن، وَسَلَمَةُ بْن شُعَيْب، والفضل بْن يعقوب الرُّخَاميّ، ومحمد بْن يحيى بْن كثير، وأحمد بْن سليمان الرُّهاويّ، وسليمان بْن سيف الحرّانيّ وطائفة. مات سنة عشر. ووثَّقهُ ابن حِبّان. 85- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي يزيد الْمَكِّيُّ1. أبو محمد المقرئ. قرأ عَلَى: شبل بْن عَبّاد. عن ابن كثير، وابن محيصن. وسمع من: ابن جُرَيْج. روى عَنْهُ القراءة: حامد بْن يحيى البلْخيّ، واحمد بْن محمد البزّيّ، وغيرهما. 86- الحَسَن بْن موسى الأشيب2. أبو عليّ البغداديّ. قاضي المَوْصِل مرة، وقاضي حمص، وقاضي طبرستان. سمع من: ابن أَبِي حبيب، والحَمَّادَيْن، وشُعْبة، وسُفْيَان، وحَرِيز بْن عثمان، وزُهير بْن معاوية، وطائفة. وعنه: أحمد، وأبو خَيْثَمَة، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بن منيع، وحجاج

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 35"، تهذيب التهذيب "2/ 317". 2 الطبقات الكبرى "7/ 337"، التاريخ الكبير "2/ 306"، الجرح والتعديل "3/ 36"، التهذيب "2/ 323".

ابن الشاعر، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن أحمد بْن العوّام، والحارث بْن أَبِي أسامة، وبِشْر بْن موسى، وإِسْحَاق الحَرْبيّ، وخلْق. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. قَالَ محمد بْن عَبْد اللَّه بن عمار: وكان بالموصل بيعة قد خربت، فاجتمع النَّصارِي عَلَى الحَسَن الأشْيَب، وجمعوا لَهُ مائة ألف درهم، عَلَى أنّ يحكم لهم بها حتّى تُبْنى. فقال: ادفعوا المال إلى بعض الشهود. فلمّا حضروا الجامع قَالَ: اشهدوا عليّ بأنّي قد حكمت بأن لا تُبني. فنفر النصارى وردّ عليهم المال. قَالَ أبو حاتم: مات بالرِّيّ وحضرت جنازته. وقال ابن سعْد: ولي قضاء حمص والموصل لهارون الرشيد، ثمّ قدِم بغداد إلى أنّ ولاه المأمون قضاء طَبَرِسْتان، فتوجه إليها، فمات بالرِّيّ في ربيع الأوَّل سنة تسعٍ ومائتين. 87- الحُسين بْن الحَسَن بْن عطية بْن سعْد العَوْفيّ الكوفيّ1. أبو عَبْد اللَّه. ولي قضاء الشرقية ببغداد. ثمّ ولي قضاء عسكر المهديّ. وحدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، والأعمش، وأبي مالك الأشجعيّ، وعبد الملك بْن أَبِي سليمان. وعنه: ابنه الحَسَن، وابن أخيه سعْد بْن محمد، وعُمَر بْن شَبَّة، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، وَبَقِيَّةُ بْن الوليد، وهو أكبر منه. ضعفه أبو حاتم، وغيره. قَالَ ابن مَعِين: كَانَ ضعيفًا في القضاء، ضعيفًا في الحديث. وقال الحارث بْن أَبِي أسامة: حدَّثني بعض أصحابنا قَالَ: جاءت امرأة إلى العَوْفيّ ومعها صبيّ ورجل، فقالت: هذا زوجي وهذا ابني منه. قال لَهُ: هذه امرأتك؟. قَالَ: نعم. قَالَ: وهذا ابنك؟

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 331"، الجرح والتعديل "3/ 48"، ميزان الاعتدال "1/ 532، 533".

قَالَ: أصلح اللَّه القاضي أَنَا خَصِيّ. قَالَ: فألزمه الولد، فأخذه عَلَى رقبته وانصرف، فلقيه صديق لَهُ خصيّ. فقال: ما هذا؟ قَالَ: القاضي يفرق أولاد الزِّنا عَلَى الخصْيان. وقال الحُسين بْن فهم: كانت لحية العَوْفيّ تبلغ إلى رُكْبته. وعن زكريّا السّاجيّ قَالَ: اشترى رَجُل من أصحاب القاضي العَوْفيّ جاريةً، فغَاضَبتْه، فشكا ذَلِكَ إلى العَوْفيّ. فقال: انفِذْها إليّ. وقال لها العَوْفيّ: يا لَعُوب يا عَزُوب، يا ذات الجلاليب، ما هذا التمنُّع المُجانِب للخيرات والاختيار للأخلاق المشْنُوءات؟ قَالَتْ: أيّد اللَّه القاضي، ليست لي فيه حاجة، فمُرْهُ يبيعني. فقال: يا هُنْيَة كل حكيم وبَحّاث عَنِ اللّطائف عليم. أما علمتِ أنّ فرط الاعتياصات من الموموقات عَلَى طالبي المودات، والباذلين الكرائم المصونات، مؤديات إلى عدم المفهومات؟ فقالت لَهُ: لَيْسَ في الدنيا أصلح لهذه العثنونات المنتشرات عَلَى صدور أهل الركاكات من المَوَاسي الحالقات. وضحكت، فضحك من حضر. وكان العَوْفيّ عظيم اللّحية. ولبعضهم: لحية العَوْفيّ أبدت ... ما اختفي من حَسَن شعري هِيَ لو كانت شراعًا ... لذوي متجر بحري جعلوا السير من الص ... ين إليها نصف شهر قَالَ خليفة: تُوُفّي سنة إحدى ومائتين. وضعفه النَّسائيّ. وقيل: مات سنة اثنتين.

88- الحسين بن الحسن الأشقر1 -ن. أبو عبد الله الفزاري الكوفي. عَنْ: الحَسَن بْن صالح بْن حيّ، وقيس بْن الربيع، وشريك، ورفاعة بْن إياس الضَّبّيّ، وزهير بن معاوية. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بْن عَبْدة، والفلاس، والكُدَيْميّ، وطائفة. قَالَ الْبُخَارِيّ: عنده مناكير. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بقويّ. واتهمه ابن عديّ. وقال أبو زُرْعة: مُنكر الحديث. ومات سنة ثمانٍ ومائتين. وله حديث في "ن". 89- الحُسين بْن الحَسَن2. شيخ جليل. عَنِ: ابْنِ عَوْنٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ونُعَيْم بْن حمّاد، ومحمد بْن بشّار، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وغيرهم. قَالَ عَبْد اللَّه بْن أحمد، عَن أَبِيهِ: كَانَ من الثقات المأمونين. دلهم عَلَيْهِ ابن مهديّ، وكان حَسَن الهيئة، يحفظ عَنِ ابن عَون. كتبنا عنه. 90- الحسين بن علوان بن قدامة3.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 385"، الجرح والتعديل "3/ 49، 50"، ميزان الاعتدال "1/ 531، 532"، التهذيب "2/ 335". 2 التاريخ الكبير "2/ 385"، الجرح والتعديل "3/ 48، 49"، تهذيب التهذيب "2/ 335". 3 الجرح والتعديل "3/ 61"، ميزان الاعتدال "1/ 542، 543".

أبو عليّ الكوفيّ. نزيل بغداد. عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، والأعمش، وابن عَجْلان، وغيرهم. وعنه: إسماعيل بْن عيسى العطّار، وزيد بْن إسماعيل الصائغ، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، وغيرهم. وهو كذاب. رَوَى عَنْ: هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ الْغَائِطَ أَدْخُلُ عَلَى أَثَرِهِ فَلا أَرَى شَيْئًا. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، أَمَا عَلِمْتِ أَجْسَادُنَا تَنْبُتُ عَلَى أَرْوَاحِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمَا خَرَجَ مِنَّا مِنْ شَيْءٍ ابْتَلَعَتْهُ الأَرْضُ"1. سُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْ هَذَا، فَقَالَ: كَذَّابٌ. وَقَالَ صَالِحٌ جَزْرَةُ: كَانَ يضع الحديث. قلت: توفي بعد المائتين، لا بل في حدود بضع عشرة ومائتين، فإن أبا حاتم الرازي سمع منه وقال: ضعيف متروك. وقال ابن أبي حاتم: ثنا عَنْهُ صالح بْن بِشْر الطَّبَرانيّ. 91- الحُسين بْن عليّ بْن الوليد الْجُعْفيّ2 -ع- مولاهم الكوفي المقرئ الزّاهد، أبو عَبْد اللَّه، وأبو محمد. عَنْ: حمزة الزّيّات، وكان قد قرأ عَلَيْهِ. وأخذ الحروف عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن العلاء، وعن: أَبِي بَكْر بْن عياش. وسمع الثَّوْريّ، والاعمش، وفضيل بْن مرزوق، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وزائدة، وجعفر بْن برقان، ومجمع بْن يحيى الأَنْصَارِيّ. وصحب: الفضيل، وغيره.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 182"، وفيه صاحب الترجمة وهو كذاب وضاع للحديث كما ذكر. 2 الطبقات الكبرى "6/ 396"، التاريخ الكبير "2/ 381"، الجرح والتعديل "3/ 55"، التهذيب "2/ 357-359".

وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، وابن مَعِين، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد بْن الفُرات، وأحمد بْن عُمَر الوكيعيّ، وعبد بْن حُمَيْد، وهارون الحمّال، وعباس الدُّوريّ، ومحمد بْن عاصم الثَّقْفيّ، وخلق. قَالَ أحمد بْن حنبل: ما رأيت أفضل من حسين الْجُعْفيّ. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال قُتَيْبة: قِيلَ لسفيان بْن عُيَيْنَة: قدِم حسين الْجُعْفيّ، فوثب قائمًا وقال: قدِم أفضل رجلٍ يكون قطّ. وقال موسى بْن داود: كنت عند ابن عُيَيْنَة، فجاء حسين الْجُعْفيّ، فقام سُفْيَان وقبّل يده. وقال يحيى بْن يحيى النَّيْسابوريّ: إنّ بَقِيّ من الأبدال أحد فحُسين الْجُعْفيّ. وسُئل أبو مسعود أحمد بْن الفُرات: من أفضل من رأيت؟ قَالَ: الحفريّ وحسين الْجُعْفيّ، وذكر آخرين. وقال محمد بْن رافع: ثنا الحُسين الْجُعْفيّ، وكان راهب أهل الكوفة. وروى أبو هشام الرفاعي، وعن الكسائي قَالَ: قَالَ لي هارون الرشيد: من أقرأ النّاس؟ قلت: حسين بْن عليّ الْجُعْفيّ. وقال حُمَيْد بْن الربيع: رأى حسين الْجُعْفيّ كأن القيامة قد قامت، وكأن مناديا ينادي: ليقم العلماءُ فيدخلوا الْجَنَّةَ، فقاموا وقمتُ معهم، فقيل لي: اجلس، لست منهم، فأنت لا تحدّث. قَالَ: فلم يزل يحدّث بعد أنّ لم يكن يحدّث حتّى كتبنا عَنْهُ أكثر من عشرة آلاف حديث. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ: هُوَ ثقة. وكان يُقرئ القرآن، رأسًا فيه. وكان رجلا صالحًا، لم أر رجلًا قط أفضل منه. وروى عنه سُفْيَان بْن عُيَيْنَة حديثين، ولم يره إلا مُقْعدًا. ويقال: إنّه لم ينحر، ولم يطأ أُنثَى قطّ. وكان جميلا لباسًا، يخضب إلى الصفرة خضابه. وخلف ثلاثة عشر دينارًا.

وكان من أروى النّاس عَنْ زائدة. كَانَ زائدة يختلف إِلَيْهِ إلى منزله يحدثه. وكان سُفْيَان الثَّوْريّ إذا رآه عانقه، وقال: هذا راهب جعفي. قِيلَ: إنّه وُلِد سنة تسع عشر ومائة، ومات في ذي القعدة سنة ثلاث ومائتين. 92- الحُسين بْن عياش بْن حازم1 -ن- أبو بكر السلمي مولاهم اللغوي الجزري الباجدائي الرَّقّيّ. عَنْ: جعفر بْن برقان، وحرام بْن عثمان، وزهير بْن معاوية، وغيرهم. وعنه: عليّ بْن حُمَيْد الرَّقّيّ، وعبد الحميد بْن المستام الحرّانيّ، وهلال بْن العلاء، وهو آخر من روى عَنْهُ. وثّقه النَّسائيّ. وله مصنف في غريب الحديث. قَالَ هلال: مات بباجدًا سنة أربع ومائتين. 93- الحُسين بْن الوليد الْقُرَشِيّ2 -ن. خ. ت- مولاهم النَّيْسابوريّ، الفقيه أبو عَبْد اللَّه، وأبو عليّ. عَنْ: ابن جُرَيْج، وعكرمة بْن عمار، وشُعْبة، والثَّوْريّ، وإبراهيم بْن طِهْمان، وسعيد بْن عَبْد العزيز، وعبد الرَّحْمَن بْن الغسيل، وطائفة. وعنه: أحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن فيض السُّلَميّ، وأحمد بْن حنبل، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيه، وَسَلَمَةُ بن شبيب، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وخلْق. وثّقه أحمد بْن حنبل وأثنى عَلَيْهِ خيرًا. وقال آخر: كَانَ يطعم أصحاب الحديث الفالوذَج، وكان يصلهم. كَانَ كريمًا جوادًا، متموّلا فقيهًا، جليل القدر. وذكره الحاكم فقال: الثقة المأمون، شيخ بلدنا في عصره. وكان من أسخى الناس وأورعهم وأقرئهم للقرآن.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 62"، ميزان الاعتدال "1/ 545"، تهذيب التهذيب "2/ 362، 363". 2 الطبقات الكبرى "7/ 377"، التاريخ الكبير "2/ 391"، الجرح والتعديل "3/ 66، 67"، التهذيب "2/ 374، 375".

قرأ عَلَى: الكسائي. وغزا الترك مرات، وحج مرات. ومات سنة اثنتين ومائتين، قاله محمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء. وقال الْبُخَارِيّ: سنة ثلاث. 94- حفص بْن سَلْم1. أبو مقاتل السَّمَرْقَنْديّ. عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، ومسعر، وأبي حنيفة، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر. وقيل: روى عَنْ: أيّوب، وله مناكير. روى، عَنْهُ: عليّ بْن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ، وعتيق بْن محمد، وأيوب بْن الحَسَن النَّيْسابوريّ. سُئل عَنْهُ إبراهيم بْن طِهْمان فقال: خُذوا عَنْهُ عبادته وحَسْبَكَم. قَالَ الحاكم في تاريخه: قد أفحش القول فيه قُتَيْبة بْن سَعِيد، وغيره. وتُوُفّي سنة ثمان ومائتين. 95- حفص بن عبد الله بن راشد2 -خ. د. ت. ق- أبو عَمْرو السُّلَميّ النَّيْسابوريّ: ويقال: أبو سهل. قاضي نَيْسابور. عَنْ: إبراهيم بْن طِهْمان وهو مجود عَنْهُ، وابن أَبِي ذئب، وعُمَر بْن ذَرّ، وسفيان، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وجماعة. وعنه: ابنه أحمد، وقطن بْن إبراهيم، ومحمد بْن عَقِيل الخُزاعيّ، ومحمد بْن عَمْرو قشمرد، ومحمد بْن يزيد محمش، وطائفة من أهل نَيْسابور. قَالَ محمد بْن عَقِيل: كَانَ قاضيًا عشرين سنة بالأثر، ولا يقضي بالرأي البتة. وقال النسائي: ليس به بأس.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 174"، المجروحين لابن حبان "1/ 256، 257"، ميزان الاعتدال "1/ 557، 558". 2 التاريخ الكبير "2/ 361"، الجرح والتعديل "3/ 175"، تهذيب التهذيب "2/ 403".

وقال ابنه أحمد: تُوُفّي لخمس بقين من شَعْبان سنة تسع ومائتين. قلت: يقع لنا حديثه بعد. 96- حفص بْن عُمَر. أبو عُمَر الزبيدي المَوْصِليّ. سمع: أبا الأحوص، وشريكًا، وعنبر بن القاسم، وجماعة. روى عَنْهُ: عليّ بْن حرب، وغيره. مات سنة سبْعٍ ومائتين. 97- حفص بْن عُمَر الحبطي الرَّمْليّ1. نزيل بغداد. حدَّثَ عَنْ: ابن جُرَيْج، وأبي زُرْعة يحيى الشَّيْبانيّ. وعنه: محمد بْن إِسْحَاق الصاغاني، ومحمد بْن الفَرَج الأزرق، وجماعة. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وفي أتباع التّابعين: 98- حفص بْن عُمَر الْمَدَنِيّ2 -ق- اسم جَدّه أَبِي العطاف. منكر الحديث. روى عَنْ: أَبِي الزناد، وغيره. خرج لَهُ ابن ماجه في سننه عن إبراهيم بْن المنذر، عَنْهُ. 99- حفص بْن عُمَر الرّازيّ3 -ق- روى عَنِ: ابن المبارك. قَالَ أبو حاتم: كان يكذب.

_ 1 التاريخ الكبير لابن معين "2/ 121"، الكامل لابن عدي "2/ 795، 796"، ميزان الاعتدال "1/ 562، 563"، لسان الميزان "2/ 235، 236". 2 التاريخ الكبير "2/ 367"، الجرح والتعديل "3/ 177"، ميزان الاعتدال "1/ 560"، التهذيب "2/ 409، 410". 3 الجرح والتعديل "3/ 184"، ميزان الاعتدال "1/ 565".

نقل لَهُ ابن ماجه في تفسيره. 100- حفص بْن عُمَر الشامي البزار1. من طبقة بقية، مجهول. روى لَهُ ابن ماجة. 101- حفص بْن عُمَر العَدَنيّ المعروف بالفرخ. يذكر في الطبقة الآتية. وَاهٍ. 102- حفص بْن عُمَر بْن عُبَيْد الطنافسيّ2 -د. ت- مقل، مقبول. خرج لَهُ التِّرْمِذيّ. 103- حَفْص بْن عُمَر الحوضي. أبو عُمَر النمري. ثقة مشهور، سيأتي إنّ شاء اللَّه. 104- حفص بْن عُمَر الضّرير. أبو عَمْرو الْبَصْرِيّ. سيأتي أيضًا فيما بعد. 105- حفص بْن عُمَر بْن جابان3. شيخ مجهول، روى عَنْ: شُعْبَة. لَهُ ذكر. 106- حفص بْن عُمَر الرفاء4. يروى أيضًا عن شعبة.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 181"، تهذيب الكمال "7/ 48"، ميزان الاعتدال "1/ 565". 2 الجرح والتعديل "3/ 181"، تهذيب التهذيب "2/ 409". 3 الجرح والتعديل "3/ 182". 4 الجرح والتعديل "3/ 183"، ميزان الاعتدال "1/ 564".

قَالَ أبو حاتم: كذاب. 107- حفص بْن عُمَر الواسطيّ1. النّجّار الإِمَام. عَنِ: العوام بْن حوشب. ضعفوه. قَالَ ابن عديّ: روى عَنْ شُعْبَة، وعبد الحميد بْن جعفر. يتكلمون فيه. وقال أبو أحمد الحاكم: يكنى أبا عمران، ويقال له: الإمام. روى عنه: أحمد بن سليمان الرهاوي، وعمرو بن رافع القزويني، ووهب بن بيان، وغيرهم. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. روى أيضا: عَنْ ثور بْن يزيد، وهمام ين يحيى، وأبان بْن أَبِي سِنان الشَّيْبانيّ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعة: لَيْسَ بقوي. 108- حفص بْن عُمَر البغداديّ العَدَويّ. عَنْ: معاوية بْن سلام، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن الجنيد، وعبد اللَّه بْن أَبِي سَعِيد الورّاق. وهو مقل. 109- حفص بْن عُمَر الكفر. روى الأباطيل. يأتي فيما بعد، وهو كبير. 110- حفص بْن عُمَر2. قاضي حلب. قديم الموت. روى عَنْ: هشام بْن حسان، ومحمد بْن إِسْحَاق، وصالح بن حسان، والفضل

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 367"، الجرح والتعديل "3/ 180، 181"، ميزان الاعتدال "1/ 564، 565"، لسان الميزان "2/ 327، 238". 2 الجرح والتعديل "3/ 179، 180"، المجروحين لابن حبان "1/ 259"، ميزان الاعتدال "1/ 563، 564".

بْن عيسى الرقاشي، وجماعة. وعنه: يحيى بن صالح الوحاظي، ومحمد بن بكار، وعامر بن سيار الحلبي، وهو منكر الحديث، لم يخرجوا له. قال أبو حاتم: ضعيف. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ الاحْتِجَاجُ بِهِ. 111- حفص بْن عُمَر بْن مرة الشني1. أقدم من هَؤُلاءِ. روى عَنْهُ: أبو سَلَمَةَ التبوذكي. وهو صدوق. خرج لَهُ أبو داود، والترمذي، وغيره. ذكرناه استطرادًا، واللَّه أعلم. 112- حفص بْن عُمَر بْن حفص المخزومي2. قاضي عمان. عَنْ: الزُّهْرِيّ، وغيره. وعنه: الهَيْثَم بْن خارجة، وسليمان ابن بنت شُرَحْبِيل، وهشام بن عمّار. أحاديثه مستقيمه. قاله ابن عساكر. 113- الحكم بن عبد الله3 -خ. م. ت. ن- أبو النعمان البصري. عَنْ: سَعِيد بْن أبي عَرُوبَة، وشُعْبة، وأبي عَوَانة. وعنه: محمد بْن الْمُثَنَّى، وعُقْبة بْن مُكْرَم، وأحمد البزّيّ المقرئ، وأبو قُدَامة عُبَيْد اللَّه بْن سَعِيد السَّرْخَسيّ. وكان ثقة حافظًا.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 365"، الجرح والتعديل "3/ 181"، ميزان الاعتدال "1/ 564"، التهذيب "2/ 410". 2 التاريخ الكبير "2/ 366، 367"، الجرح والتعديل "3/ 182"، الثقات لابن حبان "8/ 198". 3 التاريخ الكبير "2/ 342"، الجرح والتعديل "3/ 122"، ميزان الاعتدال "1/ 575"، التهذيب "2/ 429".

قَالَ الْبُخَارِيّ: حديثه معروف، كَانَ يحفظ. 114- الحَكَم بْن مروان الكوفي1. عَنْ: كامل أَبِي العلاء، وزهير بْن معاوية، وإسرائيل. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعبد اللَّه المُخَرِّميّ. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. 115- الحَكَم بْن هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْن هشام بْن عَبْد الملك بْن مروان2. الأمير أبو العاص الأُمَويّ الأندلسي، ملك الأندلس. ولي الأمر بعد والده. وامتدت أيامه، وأقام في الإمرة سبعًا وعشرين سنة وشهرًا. ولقب نفسه بالمرتضى. وكان فارسًا شجاعًا فاتكًا جبارًا ذا حَزْم ودهاء. وعاش خمسين سنة. هو الّذي أوقع بأهل الربض الوقعة المشهورة. وكان الربض محلة متصلة بقصره، فهدمه ومساجده. وفعل بأهل طليطلة أعظم من ذَلِكَ في سنة إحدى وتسعين ومائة. وتظاهر في صدر ولايته بالخمور والفسق، فقامت الفُقَهاء والكبار فخلعوه في سنة تسع وثمانين. ثمّ أعادوه لما تنصّل وتاب، فقتل طائفة من الكبار. قِيلَ: بلغوا سبعين نفسًا. وصلبهم بإزاء قصره. وكان يومًا شنيعًا ومنظرًا فظيعًا، فلا قوة إلا باللَّه. فمقتته القلوب وأضمروا لَهُ الشّرّ، وأسمعوه الكلام المُرّ، فتحصّن واستعدّ، وجرت لَهُ أمور يطول شرحُها. قَالَ الوزير الفقيه أبو محمد بْن حزْم: كَانَ من المجاهرين بالمعاصي، سفّاكًا للدماء. كَانَ يأخذ أولاد النّاس الملاح فيْخصيهم ثمّ يمسكهم لنفسه. وله أشعار. ولي الأمر بعد ابنهُ أبو المُطَرِّف عَبْد الرَّحْمَن. مات سنة ستٍّ. 116- حمّاد بْن أُسامة بْن زيد الحافظ3.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 129"، ميزان الاعتدال "1/ 579". 2 تاريخ الطبري "6/ 65، 84"، سير أعلام النبلاء "8/ 225-231". 3 الطبقات الكبرى "6/ 394، 395"، التاريخ الكبير "3/ 28"، الجرح والتعديل "3/ 132"، تهذيب التهذيب "3/ 32".

أبو أسامة الكوفيّ، مولى بني هاشم. عَنْ: الأعمش، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وأسامة بْن زيد اللَّيْثيّ، والأجلح الكِنْديّ، وإدريس الأَوْديّ، وبُرَيْد بن عَبْد اللَّه بْن أَبِي بُرْدَة، وحبيب بْن الشَّهيد، وبهز بْن حكيم، وحسين المعلّم، وزكريّا بْن أَبِي زائدة، والْجُرِيريّ، وهشام بْن عُرْوَة، وخلْق. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ مَعَ تقدُّمِهِ ونُبْله، وأحمد، وإِسْحَاق، وابن مَعِين، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد الدَّوْرقيّ، والحَسَن الحَلْوانيّ، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، وعليّ بْن محمد الطنافسي، ومحمد بْن عبد الله بْن نُمَيْر، ومحمد بن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وأبو كُرَيْب، ومحمود بْن غَيْلان، وأحمد بْن عَبْد الحميد الحارثي، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، والحَسَن بْن عليّ العامريّ، وخلائق. قَالَ أحمد: أبو أسامة ثقة. كَانَ أعلم النّاس بأمور النّاس وأخبار الكوفة. وما كَانَ أرواه عَنْ هشام بْن عُرْوَة. وقال أيضًا: كَانَ ثَبْتًا لا يكاد يخطئ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ: سَمِعْتُ أبا أسامة يَقُولُ: كتبتُ بإصْبَعَيَّ هاتين مائة ألف حديث. وقال ابن الفُرات: كَانَ عنده ستّمائة حديث عَنْ هشام بْن عُرْوَة. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: كَانَ أبو أسامة في زمن الثَّوْريّ يعد من النُّسّاك. وروى يحيى بْن اليَمَان: عَنْ سُفْيَان قَالَ: ما بالكوفة شابّ أعقل من أَبِي أسامة. قَالَ الْبُخَارِيّ: مات في ذي القعدة سنة إحدى ومائتين، وهو ابن ثمانين سنة، فيما قِيلَ. قَالَ الفَسَويّ: سَمِعْتُ ابن نُمَيْر يوهن أبا أسامة، ثمّ يعجب من أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، مَعَ معرفته بأبي أسامة، ثم وهو يحدِّث عَنْهُ. قَالَ ابن نُمَيْر: وهو الّذي يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، نرى بأنّه لَيْسَ بابن جَابِر، بل هُوَ رَجُل تسمى بِهِ.

قلت: تلقت الأَئِمَّةُ حديث أَبِي أسامة بالقبول لحفظه ودينه، ولم يُنْصفه ابن نُمَيْر. قَالَ محمد بْن عثمان بْن كرامة: سَمِعْتُ أبا أسامة يَقُولُ: وضعت بنو أُمَيَّةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربعةَ آلاف حديث. قلت: هذه مجازفة من أَبِي أسامة وغُلُوّ. والكوفيّ لا يُسمع قولُه في الأُمويّ. قَالَ أحمد العِجْليّ: أبو أسامة ثقة "وكان يُعَدّ" من حكماء أصحاب الحديث، شهِدْت جَنَازته في شوّال سنة إحدى ومائتين. 117- حمّاد بْن خالد1 -م. 4- أبو عبد الله القرشي البصري الخياط. نزيل بغداد. عَنْ: أفلح بْن حُمَيْد، وأفلح بْن سَعِيد، وابن أَبِي ذئب، ومعاوية بْن صالح الحضرميّ، وهشام بْن سعْد، وَعِدَّةٍ. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن مَنِيع، والحَسَن الزَّعْفرانيّ، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، وعَمْرو النّاقد، وابن نُمَيْر، وجمْعٌ. قَالَ أحمد: كَانَ حافظًا، وكان يحدّثنا وهو يخيط. كتبت عَنْهُ أَنَا ويحيى بْن مَعِين. وقال ابن مَعِين: كَانَ أُمِّيًّا لا يكتب، ثقة. كَانَ يقرأ الحديث. وقال غيره: كان مدنيًّا يخِيط عَلَى باب مالك. 118- حمّاد بْن عيسى بْن عبيدة الْجُهَنيّ الواسطيّ. وقيل: الْبَصْرِيّ2. عَنْ: جعفر الصادق، وابن جُرَيْج، وموسى بْن عبيدة، وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم. عنه: عَبْد بْن حُمَيْد، وإبراهيم الْجُوزَجَانيّ، وأبو بَكْر الصاغاني، وعباس الدُّوريّ، والكُدَيْميّ، وآخرون. قَالَ ابن معين: شيخ صالح.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 26"، الجرح والتعديل "3/ 136"، تهذيب التهذيب "3/ 7". 2 الجرح والتعديل "3/ 145"، تهذيب الكمال "7/ 281-282"، ميزان الاعتدال "1/ 598"، تهذيب التهذيب "3/ 18".

وقال أبو حاتم: شيخ ضعيف الحديث. قلت: يقال لَهُ: غريق الجحفة؛ لأنّه حجّ في سنة ثمانٍ فغرق بوادي الجحفة. 119- حمّاد بْن قيراط1. أبو عَلَى النَّيْسابوريّ. حدَّثَ بالرِّيّ. عَنْ: سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وشعبة بْن الحجاج. وعنه: إبراهيم بْن مُوسَى الفراء، وإِسْحَاق بْن إبراهيم المَرْوَزِيّ. نزيل الرّيّ، ثمّ خرج إلى الشام وتعبد هناك. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يحتج به. قلت: تُوُفّي سنة اثنتين ومائتين. 120- حمّاد بْن مَسْعَدَة -ع- أبو سَعِيد التَّميميّ2، ويقال: الباهلي، مولاهم الْبَصْرِيّ. عَنْ: يزيد بْن أَبِي عبيدة، وهشام بْن عُرْوَة، وابن عَون، وابن جُرَيْج، وعُبَيْد اللَّه بن عمر، وسليمان التيمي. وعنه: أحمد، وإسحاق، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وأحمد بْن الفُرات، وطائفة. وثّقه أبو حاتم. وتُوُفّي في رجب سنة اثنتين ومائتين. وقع لنا حديثه بعُلُوٍّ. 121- حمّاد بْن سليمان بْن المَرْزُبان الفقيه. أبو سليمان النيسابوري، صاحب محمد بْن الحَسَن، ويلقب قيراط.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 145"، الثقات لابن حبان "8/ 206"، ميزان الاعتدال "1/ 599". 2 الطبقات الكبرى "7/ 294"، التاريخ الكبير "3/ 26"، الجرح والتعديل "3/ 148"، التهذيب "3/ 19".

عَنْ: شُعْبَة، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وداود بْن أَبِي هند، والثَّوْريّ. قَالَ الحاكم: لقي جماعةً من التّابعين، وتفقّه عَلَى كِبَر سِنّه عند محمد. روى عَنْهُ: أحمد بْن الأزهر، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب. 122- حمّاد بْن معقل1. أبو سَلَمَةَ الْبَصْرِيّ. عَنْ: مالك بْن دينار، وغالب القطّان. وعنه: عُمَر بْن الصَّلْت، ومَسْلَمَة بْن إبراهيم، وجعفر بْن عليّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 123- حمزة بن الحارث بن عمير2 -ت. ق- أبو عمارة العدوي، مولى آل عُمَر -رضى الله عنه. الْبَصْرِيّ نزيل مَكَّةَ. روى عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: إبراهيم بْن عَبْد اللَّه الهَرَوِيّ، وأحمد بْن أَبِي شُعَيب الحرّانيّ، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسماعيل، وبكر بْن خَلَف خَتَنُ المقّري، ورجاء بْن السِّنْديّ الإسْفَرائينيّ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ. 124- حمزة بْن زياد بْن سعْد الطُّوسيّ3. أبو مُحَمَّد نزيل بغداد. حدَّثَ عَنْ: شُعْبَة، والثَّوْريّ، ومالك، وفليح بْن سليمان. وعنه: ابنه محمد، وموسى بن هارون الطوسي، وأحمد بن زياد السمسار. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ مهنا الشّاميّ: سألت الإِمَام أحمد عنه فقال: لا تكتب عنه الخبيث.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 148"، الكنى والأسماء للدولابي "1/ 191"، الثقات لابن حبان "8/ 204". 2 الطبقات الكبرى "5/ 501"، التاريخ الكبير "3/ 52"، الجرح والتعديل "3/ 210"، تهذيب التهذيب "3/ 26، 27". 3 الجرح والتعديل "3/ 211"، الثقات لابن حبان "8/ 210"، ميزان الاعتدال "1/ 607، 608".

125- حمزة بْن القاسم1. أبو عُمارة الأَزْدِيّ الكوفي الأحول المقرئ. قرأ عَلَى: حمزة مرتين وروى عَنْهُ. وعنه: أبو عُمَر الدُّوريّ، وأبو الحارث الَّليْث بْن خَالِد، وعبد الرَّحْمَن بْن واقد. 126- حُمَيْد بْن عَبْد الحميد2. الأمير. من كبار قوّاد المأمون. تُوُفّي سنة عشر. 127- حنيفة بْن مرزوق أبو الحَسَن3. عَنْ: شُعْبَة، وشريك. وعنه: خلاد بْن أسلم، وعبّاس الدُّوريّ، وعليّ بْن شَيْبة السَّدُوسيّ. "حرف الخاء": 128- خَالِد بْن إسماعيل4. أبو الوليد المخزومي، أحد المتروكين. روى عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، وابن جُرَيْج، وعبيد الله بن عمر، وابن أبي ذئب. وعنه: الحسين بن الحسن الشيلماني، والعلاء بن مسلمة، وسعدان بن نصر، وأبو سيف محمد بن أحمد الصيدلاني، ومحمد بن المغيرة الشهرزوري. وقال ابن عدي: يضع الحديث على الثقات. وقال ابن حبان: لا تجوز الرواية عَنْهُ. قلت: من موضوعاته، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ {وَإِذْ أَسَرَّ

_ 1 غاية النهاية "1/ 264". 2 الشعر والشعراء "2/ 742-746"، تاريخ الطبري "8/ 609"، الأغاني "18/ 100". 3 الثقات لابن حبان "8/ 217"، تاريخ بغداد "8/ 283". 4 المجروحين لابن حبان "1/ 281، 282"، ميزان الاعتدال "1/ 627".

النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 2] قَالَ: أسرّ إليها أنّ أبا بَكْر خليفتي من بعدي. رواه عَنْهُ سَعْدان. 129- خَالِد بْن الحُسين1. أبو الْجُنَيْد الضّرير. كَانَ ببغداد، روى عَنْ: يحيى بْن القاسم، وحمّاد الرَّبَعِيّ، وعثمان بن مقسم، وغيرهم. وعنه: الحسن بن يزيد الجصاص، وسليمان بن توبة، وأيوب الوزان. قال ابن معين: ليس بثقة. ووهى ابن عدي حديثه. 130- خالد بن عبد الرحمن -د. ت- أبو الهيثم الخراساني المروروذي. نزيل دمشق. عَنْ: ابن أَبِي ذئب، ومالك بْن مغول، وشُعْبة، وطائفة. سيأتي في الطبقة المقبلة. 131- خَالِد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خَالِد بْن سَلَمَةَ المخزوميّ الْمَكِّيّ2. شيخ. روى عَنْهُ: أبو يحيى بْن أَبِي مُرَّةَ أيضًا، وأبو الدَّرْدَاء عَبْد العزيز بْن مُنيب، ويحيى بْن عَبْدل القَزْوينيّ، وجماعة. سمع: مِسْعَرًا، والثَّوْريّ، ووَرْقاء. قَالَ الْبُخَارِيّ، وأبو حاتم: ذاهب الحديث. وقد جعله ابن عديّ والذي قبلَه واحدًا، وفرّق بينهما العقيلي، وهو الصواب.

_ 1 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 139"، ميزان الاعتدال "1/ 629". 2 الجرح والتعديل "3/ 342"، ميزان الاعتدال "1/ 633"، تهذيب التهذيب "3/ 103، 104".

132- خالد بن عَمْرو بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ1 بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ -د. ق- أبو سعيد الأموي الكوفي، ابن عمّ عَبْد العزيز بْن أبان. عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وشُعْبَة، وسُفْيان، ومالك بْن مغْوَل، وطائفة كبيرة. وعنه: الحَسَن بْن عليّ الخلال، والرَّماديّ، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، وأحمد بْن محمد بْن أَبِي الخناجر، ويوسف بْن مُسْلِم، وخلق. قَالَ أحمد بْن حنبل: لَيْسَ بثقة. وقال أبو زُرْعة: منكر الحديث. وقال صالح جَزَرَة: كَانَ يضع الحديث. 133- خَالِد بْن نَجِيح2. أبو يحيى الْمَصْرِيّ، مولى آل الخطّاب. عَنْ: حيوة بْن شُرَيْح، وموسى بْن عليّ، واللَّيث بْن سعْد، ومالك، وطائفة. قَالَ ابن يونس: منكر الحديث. وقال أبو حاتم الرّازيّ: كذّاب، كَانَ يضع الحديث. والأحاديث الّتي أُنكِرت عَلَى عَبْد اللَّه بْن صالح يُتَوَهَّم أنّها فِعْله. كَانَ يصحبه. تُوُفّي في شوّال سنة أربعٍ ومائتين. قلت: وهذا غير المدائني، ذاك في الطبقة الآتية. 134- خَالِد بْن يزيد3 بْن الأمير خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أسد القَسْريّ الدّمشقيّ. عَنْ: هشام بْن عُرْوة، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وأبي حيّان التَّيْميّ، وابن عَون، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 164"، الجرح والتعديل "3/ 343، 344"، ميزان الاعتدال "1/ 635، 636"، تهذيب التهذيب "3/ 109، 110". 2 الجرح والتعديل "3/ 355"، ميزان الاعتدال "1/ 644". 3 الجرح والتعديل "3/ 359"، ميزان الاعتدال "1/ 647".

وعنه: الوليد بن مسلم، وهو أكبر منه، ودُحَيْم، وأحمد بْن بَكْر البالِسيّ، وأحمد بْن جناب المصِّيصيّ، وآخرون، قَالَ ابْن عديّ: أحاديثه لا يُتابَع عليها لا إسنادًا ولا مَتْنًا، ولم أرَ لهم فيه قولا. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بقويّ. 135- خَالِد بْن أَبِي يزيد1. ويُقال: ابن يزيد أبو الهَيْثَم الفارسي القَرْنيّ. وَقَرْنُ قرية من ناحية قُطْرُبُلّ. عَنْ: شُعْبَة، ووَرْقاء، وأبي شهاب الحنّاط، وجماعة. وعنه: عَبَّاس الدُّوريّ، وأبو بَكْر الصّاغانيّ، وبِشْر بْن موسى، وجماعة. وعن ابن معين قَالَ: لم يكن بِهِ بأس. قلت: تُوُفّي قريبًا من سنة عشر. 136- خَالِد بْن يزيد السُّلَميّ الدّمشقيّ2 -د. ق- والد محمود بْن خَالِد، عَنْ: ليث بْن أَبِي سُلَيْم، وعَمْرو بْن قيس المُلائيّ، وابن أَبِي ليلى الفقيه، ومُطْعِم بْن المِقْدام، وجماعة. وعنه: ابنه، ودُحَيْم، وسُليمان ابن بنت شُرَحْبيل، وأحمد بْن بكرويه البالِسيّ. وثّقه ابن حِبّان. 137- خُزَيْمة بْن خازم بْن خُزَيْمة الخُراسانيّ الأمير3. من كبار قُوّاد المأمون، ومن أبناء الدّولة الْعَبَّاسِيَّةِ. لَهُ ذِكْر في الحروب. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين بعدما عَمي. وقد روى عَنْ: ابن أَبِي ذئب. وعنه: يعقوب بن يوسف.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 360"، تهذيب الكمال "8/ 215، 216"، تهذيب التهذيب "3/ 131". 2 الجرح والتعديل "3/ 360"، سير أعلام النبلاء "9/ 415"، تهذيب التهذيب "3/ 130-131". 3 المعرفة والتاريخ "1/ 120"، تاريخ بغداد "8/ 341".

138- الخصيب بْن ناصح الحارثيّ الْبَصْرِيّ1. نزيل مصر. عن: هشام بن حسان، وشعبة، ويزيد ين إبراهيم التُّسْتَريّ، ونافع بْن عُمَر، وهمام بْن يحيى، وجماعة. وعنه: الربيع المُرَاديّ، وبحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، وعَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الحَكَم، وسليمان بْن شُعَيْب الكَيْسانيّ، وجماعة. قَالَ أبو زُرْعة: ما بِهِ بأس إنّ شاء اللَّه. لم يخرجوا لَهُ. قَالَ ابن يونس: تُوُفّي سنة ثمانٍ ومائتين، وقيل: سنة سبْعٍ. وقيل: أصله بلْخيّ. 139- خلاد بْن يزيد الْجُعْفيّ2. كوفيّ مُقِلّ. روى عَنْ: يونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وزُهير بْن معاوية، وشَرِيك. وعنه: أبو كريب، وعبيد بن يعيش، وابن نُمَيْر. ذكره ابن حِبّان في "الثقات"، وقال: ربما أخطأ. 140- خَلَف بْن تميم بْن أبي عتاب مالك3 -ن. ق- أبو عبد الرحمن الكوفي، نزيل المصيصة. عَنْ: سُفْيَان، وزائدة، وأبي بَكْر النَّهْشليّ، وإسرائيل، وجماعة. وعنه: أبو إِسْحَاق الفَزَاريّ مَعَ تقدُّمِهِ، وأحمد بْن الخليل البُرْجُلانيّ، وأحمد بْن بكرويه البالِسيّ، والحَسَن بْن الصّبّاح البزّاز، وعباس التُّرْقُفيّ، وعباس الدُّوريّ، ويعقوب بْن شَيْبة، وخلق. وقال ابن شَيْبة: ثقة، صدوق، أحد النُّسّاك والمجاهدين، صحب إبراهيم بْن أدهم. وقال أبو حاتم: ثقة.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 397"، الثقات لابن حبان "8/ 232"، تهذيب التهذيب "3/ 143". 2 التاريخ الكبير "3/ 189"، الجرح والتعديل "3/ 366، 367"، ميزان الاعتدال "1/ 657"، التهذيب "3/ 175". 3 الطبقات الكبرى "7/ 491"، التاريخ الكبير "3/ 197"، الجرح والتعديل "3/ 370"، التهذيب "3/ 148".

قَالَ ابن سعْد: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة بالمصِّيصة. وقال أبو مُسْلِم المُسْتَمليّ، وغيره: تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين. 141- خَلَف بْن أيّوب الفقيه1. أبو سَعِيد العامري البلْخيّ الحنفيّ. مفتي أهل بلْخ وزاهدهم وعابدهم. أخذ الفقه عَنْ أَبِي يوسف، وقيل: إنّه أدرك مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وتفقّه عَلَيْهِ، وقد سمع منه. ومن: عَوْف الأَعْرابيّ، ومعمر، وإبراهيم بْن أدهم وصحبة مدة. روى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، وأبو كُرَيْب، وعليّ بْن مَسْلَمَة اللَّبَقيّ، وجماعة. وكان من أعلام الأَئِمَّةِ رحمه اللَّه تعالى. وقد ليّنه ابن مَعِين. وَقَدْ رَوَى لَهُ "ت" حَدِيثًا فِي بَابِ فَضْلِ الْفِقْهِ عَلَى الْعِبَادَةِ: ثَنَا أَبُو ريب، ثَنَا خَلَفُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَصْلَتَانِ لا يَجْتَمِعَانِ فِي مُنَافِقٍ: حُسْنُ سَمْتٍ، وَلا فِقْهٌ فِي الدِّينِ" 2. قَالَ "ت": غريب، تفرّد بِهِ خَلَف. ولا أدري كيف هُوَ. قَالَ الحاكم في تاريخه: سَمِعْتُ محمد بْن عَبْد العزيز المذِّكر: سَمِعْتُ محمد بْن عليّ البيكَنْديّ الزّاهد يَقُولُ: سَمِعْتُ مشايخنا يذكرون أنّ السبب لثبات مُلْك آل سامان أنّ أسد بْن نوح الأسير الماضي إسماعيل خرج إلى المعتصم، وكان شجاعًا عاقلا، فتعجّبوا من حُسْنه وعقله. فقال لَهُ المعتصم: هَلْ في أهل بيتك أشجع منك؟ قَالَ: لا. قَالَ: فهل في أهل بيتك أعقل وأعلم منك؟ قَالَ: لا. فما أعجب الخليفة ذَلِكَ. ثمّ بعد ذَلِكَ سأله كذلك فأعاد قوله وقال: هلا قلت ولِمَ ذلك؟

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 375"، التاريخ الكبير "3/ 196"، الجرح والتعديل "3/ 370"، تهذيب التهذيب "3/ 147، 148". 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "92684، وابن المبارك في الزهد "459"، والعقيلي في الضعفاء "153"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "278"، وفي صحيح الجامع "3229".

قَالَ: ويحك ولِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لأنّه لَيْسَ في أهل بيتي من وطأ بساط أمير المؤمنين وشاهد طلعته غيري! ثمّ سأل عَنْ علماء بلْخ، فذكروا لَهُ خَلَف بْن أيّوب ووصفوا لَهُ زُهده وعِلْمه. فتحين مجيئه للجمعة وركب إلى ناحيته. فلمّا رآه ترجّل وقصده. فقعد خَلَف وغطّى وجهه. فقال: السّلام عليكم. فأجاب ولم يرفع رأسه. فرفع الأمير أسد رأسه إلى السماء، وقال: اللهم إنّ هذا العبد الصالح يبغضنا فيك، ونحن نحبّه فيك. ثمّ ركب ومرَّ، فأخبر بعد ذَلِكَ أنّ خَلَف بْن أيّوب مرض، فعاده وقال: هَلْ لك من حاجة؟ قَالَ: نعم! حاجتي أنّ لا تعود إليّ، وإنْ مِتُّ فلا تُصلِّ عليَّ وعليك السّواد. فلمّا تُوُفّي شهِد أسد جنازته راجلا، ثمّ نزع السَّواد وصلّى عَلَيْهِ، فسمع صوتًا بالليل: بتواضعك وإجلالك لخلف ثبتت الدَّولة في عُنقك. قَالَ: عَبْد الصَّمد بْن الفضل: تُوُفّي في رمضان سنة خمس عشرة ومائتين. قلت: هذا يوضح لك أنّ وفادة أسد بْن نوح لم تكن عَلَى المعتصم بل على المأمون، إن صحّت الحكاية. تُوُفّي خَلَف سنة خمس ومائتين في أول رمضان، وله تسع وستون سنة. 142- الخليل بْن زكريّا الْبَصْرِيّ الشَّيْبانيّ العبْديّ1 -ق. عن: حبيب الشهيد، وابن جريج، ابن عَون، وعَمْرو بْن عُبَيْد، وهشام بْن حسّان، ومُجَالد. وعنه: محمد بْن عَقِيل النَّيْسابوريّ، وإبراهيم بْن نَصْر الكِنْديّ، والحارث بْن أَبِي أُسامة، وفضل بْن أَبِي طَالِب، وأحمد بْن الخلال التّاجر، وجعفر بْن محمد بْن شاكر، وأحمد بْن الهَيْثَم بْن خَالِد البزّاز. قَالَ أبو جعفر العُقَيْليّ: يحدث عَنِ الثقات بالبواطيل. وقال ابن عديّ: عامة حديثه لا يتابع عَلَيْهِ.

_ 1 تهذيب الكمال "8/ 334-337"، ميزان الاعتدال "1/ 667"، تهذيب التهذيب "3/ 166، 167".

143- خُنَيْس بْن بَكْر بْن خُنَيْس1. عَنْ: أَبِيهِ، ومسْعَر، ومالك بْن مِغْوَلٍ، والثَّوْريّ. وعنه: محمد بْن عَبْد الملك الدَّقيقيّ، وداود بْن سليمان السّامُرّيّ، والحَسَن بْن عَرَفَة، وحمدان الورّاق، وابن الفُرات. "حرف الدال": 144- داود بْن عيسى بْن عليّ العبّاسيّ2. أمير الكوفة للرشيد. روى عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: حفيده محمد بْن عيسى بْن داود، وسعيد بْن عَمْرو، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزوميّ. وقد ولي إمرة الحَرَمين. وأقام الموسم سنة إحدى ومائتين. قَالَ وكيع: أهل الكوفة اليوم بخير أميرهم داود بْن عيسى، وقاضيهم حفص بْن غياث، ومحتسبهم حفص الدَّوْرقيّ. 145- داود بْن المُحَبَّر بْن قَحْذَم بن سليمان3 -ن. ق- أبو سليمان الطائي، ويقال: الثقفي البصري، نزيل بغداد الذي جمع كتاب "العقل". يروي عَنْ: شُعْبَة، وهمام، والربيع بْن صبيح، والحمادين، ومقاتل بْن سليمان، والأسود بْن شَيْبان، وطائفة. وعنه: محمد بن يحيى الأَزْدِيّ، وعليّ بْن إشكاب، وأبو شُعَيْب، وعبد اللَّه بْن أيّوب المُخَرِّميّ، والحسين بْن عيسى البسْطاميّ، وأبو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسيّ، وإسماعيل بْن أَبِي الحارث، ومحمد بْن أحمد بْن العوّام، والحارث بْن أَبِي أسامة، وجماعة. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فضحك، وقال: شبْه لا شيء كَانَ لا يدري ما الحديث.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 394"، الثقات لابن حبان "8/ 233"، ميزان الاعتدال "1/ 669". 2 أخبار القضاة لوكيع "1/ 256"، تهذيب تاريخ دمشق "5/ 210-215". 3 التاريخ الكبير "3/ 244"، الجرح والتعديل "3/ 424"، ميزان الاعتدال "2/ 20"، تهذيب التهذيب "3/ 199-201".

وقال عَبَّاس الدُّوريّ: سَمِعْتُ ابن مَعِين، وذكر داود بْن المحبّر. فأحسن الثّناء عَلَيْهِ، وقال: ما زال معروفًا يكتب الحديث، ثمّ ترك ذَلِكَ فصحب قومًا من المعتزلة فأفسدوه. وهو ثقة. وقال في موضع آخر: كَانَ ثقة، ولكنه جفا الحديث. "وكان يتنسك، وجالس الصوفيين بعبادان، وكان يعمل الخوص. ثمّ قدِم بغداد. فلمّا أسنّ أتاه أصحاب الحديث فكان يحدثهم، وكان يخطئ كثيرًا ويصحف". وقال أبو زُرْعة: ضعيف. وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث. وقال أبو داود: ثقة، شبه ضعيف. وقال النَّسائيّ: ضعيف. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك الحديث. وقال عَبْد الغني بْن سَعِيد، عَنِ الدَّارَقُطْنيّ: كتاب "العقل" وضعه أربعة: أولهم ميسرة بْن عَبْد ربّه، ثمّ سرقه منه داود بْن المحبر فركبه بأسانيد غير ميسرة، وسرقه عَبْد العزيز بْن أَبِي رجاء فركبه بأسانيد أُخَر، ثمّ سرقه سليمان بْن عيسى السِّجْزيّ، فأتى بأسانيد أُخَر. أو كما قَالَ. وقال الخطيب: لو لم يكن لَهُ غير وضعه كتاب "العقل" بأسره لكَان دليلا كافيًا عَلَى ما ذكرته من أَنَّهُ غير ثقة. قُلْتُ: رَوَى "ق"، عَنْ ثِقَةٍ، عَنْ دَاوُدَ: ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَنْفَتِحُ عَلَيْكُمْ مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا: قَزْوِينُ، مَنْ رَابَطَ فِيهَا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً كَانَ لَهُ فِي الْجَنَّةِ عَامُودٌ مِنْ ذَهَبٍ وَزُمُرُّدَةٌ خَضْرَاءُ، عَلَى يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مِصْرَاعٍ"1. الْحَدِيثَ. وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة ستٍّ ومائتين. 146- داود بْن يحيى بْن يمان العجلي الكوفي2.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن ماجه "2780"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 55"، وذكره الشيخ الألباني في الضعيفة "371"، وقال: موضوع. 2 الجرح والتعديل "3/ 428".

ثبت حافظ ماهر. روى عَنْ: أَبِيهِ. وكتب في حدود السبعين ومائة وبعدها. سمع منه: معاوية بْن عَمْرو الأَزْدِيّ. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين شابًا. ولو عاش لكان لَهُ شأن. 147- داود بْن يزيد. أمير السند1. تُوُفّي سنة خمس ومائتين. 148- دُبَيْس بْن حُمَيْد المُلائيّ2. عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، وحمزة الزّيّات، وعبد الحميد بْن حميد الرؤاسي. وعنه: علي بْن جَعْفَر الأحمر، ومحمد بْن الأصبهانيّ، وعليّ بْن محمد الطنافسي، وعبد المؤمن بْن عليّ الزَّعْفرانيّ. قَالَ أبو حاتم: ضعيف. "حرف الراء": 149- رَوْح بْن أسلم3 -ت- أبو حاتم الباهلي البصري. عَنْ: زائدة، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وجماعة. وعنه: أبو محمد الدّارميّ، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيه، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: لين الحديث. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال البخاري: يتكلمون فيه.

_ 1 تاريخ خليفة "463، 464، 470"، تاريخ الطبري "8/ 272، 580". 2 الجرح والتعديل "3/ 446"، ميزان الاعتدال "2/ 23". 3 الطبقات الكبرى "7/ 302"، التاريخ الكبير "3/ 310"، الجرح والتعديل "3/ 499".

150- رَوْح بْن عبادة بْن العلاء بْن حسان1 -ع- أبو محمد القَيْسيّ البصري الحافظ. سمع: ابن عَون، وأيمن بْن نابل، وَحُسَيْنًا المعلّم، وحاتم بْن أَبِي صغيرة، وابن جُرَيْج، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وأشعث بْن عَبْد الملك الحمراني، وزكريّا بْن إِسْحَاق، وشُعْبة، وخلقًا. وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، وبُنْدار، وابن نُمَيْر، وهارون الحمّال، وإبراهيم الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بْن سَعِيد الرباطي، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وعبد بْن حُمَيْد، والحارث بْن أَبِي أسامة، وبِشْر بْن موسى، ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوام، والكُدَيْميّ، وأبو قلابة، وخلق كثير. قَالَ الكُدَيْميّ: سَمِعْتُ ابن المَدِينيّ يَقُولُ: نظرت لرَوْح بْن عبادة في أكثر من مائة ألف حديث، كتبتُ منها عشرة آلاف. وقال يعقوب بْن شَيْبة: كَانَ رَوْح أحد من يتحمل الحمالات، وكان سَرِيًّا، كثير الحديث جدًّا، سَمِعْتُ عليّ بْن المَدِينيّ يَقُولُ: من المحدثين قوم لم يزالوا في الحديث لم يشغلوا عَنْهُ. نشأوا، فطلبوا، ثم صنفوا، ثمّ حدثوا، منهم رَوْح بْن عبادة. وقال أبو بَكْر الخطيب: رَوْح بْن عبادة قدم بغداد وحدَّثَ بها مدة، ثمّ انصرف إلى البصرة فمات بها، وكان كثير الحديث. صنف الكتب في السُّنَن، والأحكام، وجمع التفسير. وكان ثقة. وقال أبو مسعود الرّازيّ: ضعف عَلَى رَوْح بْن عبادة اثنا عشر أو ثلاثة عشر، فلم ينفد قولهم فيه. قلت: صدقة ابن مَعِين، وغيره. وما تكلَّم فيه أحدٌ بحجة. وتكلم فيه ابن مهدي، ثمّ رجع عَنْ ذَلِكَ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة خمسٍ ومائتين، وغلط من قَالَ: سنة سبْعٍ. وحديثه في الكتب الستة ومسانيد الإسلام.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 296"، التاريخ الكبير "3/ 309"، الجرح والتعديل "3/ 499، 500"، التهذيب "3/ 293".

151 ريحان بن سعيد بن المثنى1 -د. ت- أبو عصمة القرشي السامي الناجي، أخو الْمُثَنَّى، وروح، والمغيرة. كَانَ إمام مسجد عَبّاد بْن منصور بالبصرة. سمع: عَبّاد بْن منصور، وشُعْبة، وروح بْن القاسم. وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، وإبراهيم الدَّوْرقيّ، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، ومحمد بْن حسّان الأزرق، وآخرون. قَالَ النَّسائيّ، وغيره: لَيْسَ بِهِ بأس. قَالَ ابن سعْد: تُوُفّي سنة ثلاثٍ أو أربعٍ ومائتين. "حرف الزاي": 152- الزَّحّاف بْن أَبِي الزَّحّاف الأصبهانيّ2. أبو محمد. عَنْ: هشام بْن حسان، وابن جُرَيْج، وَالْمُثَنَّى بْن الصّبّاح: وله بأصبهان عَقِب. وعنه: ابنه جعفر، وعقيل بْن يحيى، وغيرهما. 153- زُحَر بْن حصْن الطّائيّ3. يروي عَنْ: أَبِيهِ، وعمّه. وعنه: زكريا بن يحيى الطائي. توفي سنة أربع ومائتين. 154- زهير بن نعيم البابي الزاهد4. أبو عبد الرحمن.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 299"، التاريخ الكبير "3/ 330"، الجرح والتعديل "3/ 517"، تهذيب التهذيب "3/ 301". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 321، 322". 3 التاريخ الكبير "3/ 445"، الجرح والتعديل "3/ 619"، الثقات لابن حبان "8/ 258، 259". 4 حلية الأولياء "10/ 147-150"، تهذيب الكمال "9/ 426-428"، تهذيب التهذيب "3/ 353".

نزل البصرة وروى عَنْ: سلام بْن أَبِي مطيع، وبشر بن منصور السليمي. وعنه: عارم، والفلاس، وأحمد الدَّوْرقيّ، وعبد الرَّحْمَن رُسْتَة، وأحمد بْن عصام الأصبهانيّ، وطائفة. قَالَ سهل بْن عاصم: سألت زُهَيْر البابيّ: ألَك حاجة؟ قَالَ: نعم، أنّ تتقي اللَّه! وعنه قَالَ: جالستُ النّاس خمسين سنة، فما رأيت أحدًا إلا وهو يتبع الهوى، حتّى أَنَّهُ ليُخطئ، فيحبّ أنّ النّاس قد أخطأوا. وعنه: وددت أنّ الخلق أطاعوا اللَّه، وأنّي عُذبت بالمقاريض1. 155- زيد بْن الحباب بْن الريان2. أبو رومان. وأبو الحُسين العُكْليّ الخُراسانيّ، ثمّ الكوفيّ. والحُباب ضرْبٌ من الحيات. كَانَ حافظًا زاهدًا جوالًا. روى عن: أسامة ين زيد اللَّيْثيّ، وأسامة بْن زيد بْن أسلم، وأيمن بْن نابل، وسيف بْن سليمان الْمَكِّيّ، وعكرمة بْن عمّار، والضّحّاك بْن عثمان، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وموسى بْن عليّ بْن رباح، وموسى بْن عبيدة، ويحيى بْن أيّوب، ومعاوية بْن صالح، والحسين بْن واقد المَرْوَزِيّ، وخلق. طلب العلم بعد الخمسين ومائة. وروى عَنْهُ: أحمد بْن حنبل، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْن رافع، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بْن سليمان الرهاوي، والحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ، وسَلَمَةُ بْن شبيب، وابن نُمَيْر، وأبو كريب، ويحيى بن طالب.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "10/ 150"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 9". 2 الطبقات الكبرى "6/ 402"، التاريخ الكبير "3/ 391"، الجرح والتعديل "3/ 561"، تهذيب التهذيب "3/ 402-404".

ومن القدماء: يزيد بْن هارون، وهو أكبر منه. وثّقه ابن المَدِينيّ وغيره. وقال أحمد: كان صاحب حديث كيسًا، قد رحل إلى مصر وخُراسان في الحديث، وما كَانَ أصبره عَلَى الفقر. كتبت عَنْهُ بالكوفة وههُنا. وقد ضرب في الحديث إلى الأندلس. نقله المَرُّوذِيّ، عَنْ أحمد. قَالَ الخطيب: ظن أحمد أبو عَبْد اللَّه أنّ زيدًا سمع من معاوية بْن صالح بالأندلس، وكان عَلَى قضائها، وهذا وهم. وأحسب أنّ زيدًا سمع منه بِمَكَّةَ، فإن عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي سمع منه بِمَكَّةَ. وقال الخطيب: روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن وهْب، ويحيى بْن أَبِي طَالِب وبين وفاتيهما ثمان وسبعون سنة. وقال مُطِّين، وغيره: تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين. وقال بعضهم، عَنْ عليّ بْن حرب قَالَ: أتينا زيدًا، فلم يكن لَهُ ثوب يخرج فيه إلينا، فجعل الباب بيننا وبينه حاجزًا، وَحَدَّثَنَا من ورائه. 156- زيد بْن واقد1. أبو عليّ السَّمتيّ الْبَصْرِيّ. نزيل الرّيّ. عَنْ: أَبِي هارون العبْديّ، وإسماعيل السُّديّ، وحُمَيْد الطويل. وعنه: سهل بن زنجلة، وأبو حاتم الرازي وقال: كَانَ شيخًا كبيرًا فانيًا. وقال أبو زُرْعة: رأيته يحدّث، لَيْسَ بشيء. قلت: هذا أكبر شيخ لأبي حاتم، وهو آخر من روى فِي الدُّنيا عَنِ السُّدِّيّ. قَالَ أبو حاتم: هُوَ بصْريّ ثقة. 157- زيد بْن يحيى بن عبيد2 -د. ن. ق- أبو عبد الله الخزاعي الدمشقي. عَنْ: أَبِي سَعِيد حفص بْن غَيْلان، وخليد بن دعلج، والأوزاعي، وعبد الرحمن

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 574، 575"، ميزان الاعتدال "2/ 106". 2 التاريخ الكبير "3/ 409"، الجرح والتعديل "3/ 575"، تهذيب التهذيب "3/ 428، 429".

بْن ثابت بْن ثوبان، وعفير بْن مَعْدان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن الأزهر، وأيوب بْن محمد الوزان، وشُعَيب بْن شعيب بْن إِسْحَاق، وعباس التُّرْقُفيّ، وأبو محمد الدّارميّ، ويحيى بْن عثمان الحمصيّ، وطائفة. وثّقه أحمد، وغيره. وشهد جنازته أبو زُرْعة الدّمشقيّ سنة سبْعٍ، ودُفن بباب الصغير. قَالَ أبو زُرْعة: وكان من أهل الفتوى بدمشق. وقال ابن مَعِين: كتبت عَنْهُ، وكان صاحب رأي. 158- زينب بنت الأمير سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاس الْعَبَّاسِيَّةُ الْهَاشِمِيَّةُ1. كانت صغيرة مَعَ أهلها بالحميمة في آخر أيّام بُنيّ أمية. ثمّ نشأت في السعادة والنّعمة، وأدركت عدة خلفاء من بني عمّها، وعاشت إلى هذا الوقت. وإليها ينسب بنو العبّاس الزينبيون أولاد عَبْد اللَّه ولدها ابن محمد بْن إبراهيم الإِمَام. روت عَنْ: أبيها. وعنها: عاصم بن علي، وأحمد بن الخيل بْن مالك، ومحمد بْن صالح الْقُرَشِيّ، وعبد الصمد الهاشْميّ والد إبراهيم. وحكى عَنْهَا المأمون، وكان يحترمها ويجلّها. ويقال: إنها عاشت بعد المأمون، فالله أعلم. ذكرها ابن عساكر. "حرف السين": 159- سالم بْن نوح الْبَصْرِيّ العطّار2 -م. د. ت. ق- عَنْ: سَعِيد الْجُرِيريّ، ويونس بْن عُبَيْد، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر. وعنه: قُتَيْبة، وأحمد بْن حنبل، وبُنْدار، وخليفة بْن خياط، وعبد الرحمن بن

_ 1 تاريخ الطبري "7/ 635، 8/ 86، 197، 263"، تاريخ دمشق "تراجم النساء" "114-116". 2 التاريخ الكبير "4/ 120"، الجرح والتعديل "4/ 188"، ميزان الاعتدال "2/ 113"، تهذيب التهذيب "3/ 443".

بشر بْن الحَكَم، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن حفص الأَنْصَارِيّ، وعُمَر بْن شَبَّة. قَالَ الْبُخَارِيّ: تُوُفّي بعد المائتين. ووثَّقهُ أبو زُرْعة. وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ بِهِ. قَالَ أحمد بْن حنبل: كتبنا عَنْهُ حديثًا واحدًا لا بأس بِهِ. 160- سعْد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ1 -خ. ن- أبو إسحاق، أخو يعقوب، ووالد عَبْد اللَّه، وعُبَيْد اللَّه الزُّهْرِيّ. سمع: أَبَاهُ، وابن أَبِي ذئب، وعبيدة بْن أَبِي رائطة. وعنه: ابناه، ومحمد بْن سعْد الكاتب، ومحمد بْن الحُسين البُرْجُلانيّ. قَالَ أحمد: لم يكن بِهِ بأس. ولكن يعقوب أقرأ للكتب وأحَدّ رأسًا منه. وقال أحمد العِجْليّ: لا بأس بِهِ، وكان عَلَى قضاء واسط. وقال غيره: عُزل عَنِ القضاء، فلحق بالحسن بْن سهل، فولاه قضاء عسكر بفم الصِّلْح، ومات بالمبارك سنة إحدى ومائتين. وله ثلاثٌ وستّون سنة. 161- سَعِيد بْن زكريّا الآدم2. أبو عثمان الْمَصْرِيّ، مولى مروان بْن الحَكَم الأُمَويّ. سمع: الَّليْث، وشهاب بْن خراش، ومفضل بْن فَضَالَةَ. وعنه: الحارث بْن مسكين، وأبو الطاهر بْن السَّرْح، وسليمان المهْرِيّ، وسليمان بْن شُعَيْب الكَيْسانيّ. قَالَ سليمان المهْرِيّ: كَانَ سَعِيد الآدم لو قِيلَ لَهُ: إنّ القيامة تقوم غدًا مَا استطاع أنّ يزداد من العبادة.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 343"، التاريخ الكبير "4/ 52"، الجرح والتعديل "4/ 79، 80"، تهذيب الكمال "10/ 238-240". 2 الجرح والتعديل "4/ 33"، تهذيب الكمال "10/ 434، 435"، تهذيب التهذيب "4/ 30، 31".

وقال الحارث بْن مسكين، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن القاسم: رأيتُ كأنّه يُقال لي: إنّ اللَّه يصلّي عليك وعلى سَعِيد بْن زكريّا. تُوُفّي سنة سبْعٍ ومائتين، وكانت لَهُ عبادة وفضل. تُوُفّي بإخميم. ورّخه ابن يونس. 162- سَعِيد بْن زكريّا المدائني. مرّ قبل المائتين. 163- سَعِيد بْن سُفْيَان الْجَحْدَرِيّ الْبَصْرِيّ1 -ت- عَنْ: داود بْن أَبِي هند، وابن عَوْن، وكَهْمُس، وشُعْبة، وعبد اللَّه بْن مَعْدان. وعنه: بُنْدار، وزيد بْن أخرم، ومحمد بْن المُثَنَّى، وعُقْبة بْن مُكْرَم، وغيرهم. تُوُفّي سنة أربع أو خمس ومائتين. قَالَ أبو حاتم: محله الصدق. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: سَعِيد بْن سُفْيَان ذهب حديثه. 164- سَعِيد بْن سَلْم بْن قُتَيْبة بْن مُسْلِم2. الأمير أبو محمد الباهلي الخُراسانيّ. ولي بعض خُراسان، وكان بصيرًا بالحديث والعربية. سمع: ابن عَوْن، وأبا يوسف القاضي، وغيرهما. وعنه: عليّ بْن خَشْرَم، وابن الأَعْرابيّ صاحب العربيّة، ومحمود بْن غَيْلان. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أتيته وكان عنده حديث عَنِ ابن عَوْن، محله الصُّدْق. 165- سَعِيد بْن الصباح. أبو سعيد النيسابوري الزاهد.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 476"، الجرح والتعديل "4/ 27"، ميزان الاعتدال "2/ 140"، تهذيب التهذيب "4/ 40". 2 تاريخ خليفة "209، 430، 456، 463، 475"، المعارف "407".

أخو يحيى بْن الصّبّاح وإليهما ينسب بنَيْسابور محلَّةٌ وخانٌ كبير. رحل وسمع من: مالك بْن مِغْوَلٍ، ومسعر، وشُعْبة، وسفيان. وعنه: أحمد بْن يوسف، وأحمد بْن حفص، وعليّ بْن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ، وأحمد بْن يحيى بْن الصّبّاح، وآخرون. قَالَ أحمد بْن حفص: لم أر أعبد ولا أزهد منه. وقال ابن أَبِي حاتم: ثنا يوسف بْن إِسْحَاق الرّازيّ: ثنا أحمد بْن الوليد، ثنا سَعِيد بْن الصّبّاح: سَمِعْتُ سُفْيَان الثَّوْريّ، وذُكِر عنده رَجُل، فقال: لقد شرع في الدين ما لم يأذن بِهِ اللَّه. 166- سَعِيد بْن عامر1. أبو محمد الضُّبَعيّ الْبَصْرِيّ الزّاهد، مولى بني عجيف. وأخوالُهُ بنو ضبيعة. عَنْ: حبيب بْن الشهيد، ومحمد بْن عَمْرو بْن علقمة، وابن أَبِي عَرُوبَة، وحُمَيْد بْن الأسود، ويونس بْن عُبَيْد، وهَمَّام بْن يحيى، وصالح بْن رُسْتم، وجماعة. وعنه: احمد، وإِسْحَاق، وابن مَعِين، وابن المَدِينيّ، وبُنْدار، وعبد، والدارمي، ومحمود بْن غَيْلان، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن مُضَر الثَّقْفيّ، ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوّام، وأحمد بْن الفُرات، والحارث بْن أَبِي أُسامة، وخلْق. قَالَ محمد بْن الوليد البُسْريّ: سَمِعْتُ يحيى بْن سَعِيد يَقُولُ: هُوَ شيخ المصر منذ أربعين سنة. وقال أبو داود: قَالَ يحيى بْن سَعِيد: إني لأغبط جيران سَعِيد بْن عامر. وقال زياد بْن أيّوب، وابن الفُرات: ما رأينا بالبصرة مثل سَعِيد بْن عامر. وقال ابن مَعِين: ثنا سَعِيد بْن عامر الثقة المأمون. وقال أبو حاتم: كَانَ رجلا صالحًا صدوقًا، في حديثه بعض الغَلَط. وقال أحمد بْن حنبل: ما رأيت أفضل منه، ومن الحُسين الجعفي.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 269"، التاريخ الكبير "3/ 502"، الجرح والتعديل "4/ 48، 49"، التهذيب "4/ 50، 51".

وقال الخطيب: حدَّثَ عَنْهُ ابن المبارك، ومحمد بْن يحيى بْن المنذر القزّاز، وبين وفاتَيْهما مائة وتسع سنين. وقال ابن حِبّان: مات لأربع بقين من شوّال سنة ثمانٍ ومائتين، وهو ابن ستٍّ وثمانين سنة رحمه اللَّه. 167- سَعِيد بْن هُبَيْرة بْن عديس بْن أنس بْن مالك الكَعْبيّ1. أبو مالك المَرْوَزِيّ. عَنْ: حمّاد بْن سَلَمَةَ، وجرير بْن حازم، وجُوَيْريه بْن أسماء، وأبي عَوَانَة، وداود بْن أَبِي الفُرات. وعنه: أحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، وأحمد بْن منصور زاج، ورجاء بْن مُرَجّا، والسِّريّ بْن خُزَيْمة. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. 168- سَعِيد بْن مَسْلَمَة بْن هشام بْن عَبْد الملك بْن مروان2 -ت. ق- ومنهم من زاد في نسبه أُميَّة بين مَسْلَمَة، وهشام. وكان بالجزيرة. وروى عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، وإسماعيل بْن أُميَّة، وابن عَجْلان، والاعمش، وجعفر الصادق، وجماعة. وعنه: محمد بن الصباح الجرجرائي، وأيوب بن محمد الوزان، وعبد الله بن ذكوان القارئ، ودحيم، ومحمد بن مسعود العجمي، ويونس بن بحر قاضي جبلة، وجماعة. قال البخاري: منكر الحديث، في حديثه نظر. وضعفه النسائي. وقال ابن عدي: أرجو أَنَّهُ ممّن لا يترك حديثه. 169- سعيد بن واصل3.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 70، 71"، ميزان الاعتدال "2/ 162"، لسان الميزان "3/ 48، 49". 2 التاريخ الكبير "3/ 516"، الجرح والتعديل "4/ 67"، ميزان الاعتدال "2/ 158"، التهذيب "4/ 83، 84". 3 التاريخ الكبير "3/ 518"، الجرح والتعديل "4/ 70"، ميزان الاعتدال "2/ 162".

أبو عُمَر الحَرَشِيّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: شُعْبَة، وجعفر بْن برقان. وعنه: سَعِيد بْن عَوْن، ومحمد بْن المختار، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعباس الدُّوريّ، وجماعة. وقال ابن المَدِينيّ: ذهب حديثه. وقال النَّسائيّ: متروك. وقال أبو حاتم: لين الحديث. 170- سَعِيد بْن وهْب1. أبو عثمان السّاميّ مولاهم البصري الشاعر المشهور. وكان مختصًّا بآل برمك، ثمّ إنّه تنسّك وغسل أشعاره. تُوُفّي سنة تسعٍ ومائتين. وهو القائل: قَدَمَيَّ اعتورا رمل الكثيب الأبيات. 171- سعيد بن يحيى2 -خ. ت- أبو سفيان الحميري الواسطي. سمع: معمرًا، والعوام بْن حوشب، وعوفًا الأَعْرابيّ، والضّحّاك بْن حمزة، وجماعة. وعنه: يعقوب الدَّوْرقيّ، وعَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، ومحمد بْن وزير، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأحمد بْن سِنان، وجماعة. وثقة أبو داود، وغيره.

_ 1 الأغاني "24/ 1-3، 15"، تاريخ بغداد "9/ 73، 74". 2 الطبقات الكبرى "7/ 314"، التاريخ الكبير "3/ 521"، الجرح والتعديل "4/ 74"، تهذيب التهذيب "4/ 99".

توفي سنة اثنتين وفي شَعْبان، وله تسعون سنة. وقد ضعفه ابن سعد. 172- سفيان بن حمزة بن عروة الأسلمي1 -ق- المدني، أبو طلحة، عمّ حمزة بْن مالك. عَنْ: عُرْوَة بْن سُفْيَان، وكثير بْن زيد. وعنه: إبراهيم بْن حمزة الزبيدي، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صالح الحديث. 173- سُفْيَان بْن عُقْبة السوائي الكوفي2 -4- أخو قَبِيصَة. عَنْ: حسين المعلّم، ومسعر، وحمزة الزّيّات، وسفيان. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وأبو كُرَيْب، ومحمود بْن غَيْلان، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن شاكر، وطائفة. قَالَ ابن نُمَيْر: لا بأس بِهِ. 174- سَلْم بْن سلام الواسطيّ3. عَنْ: شُعْبَة، وشَيْبان، وبكر بْن خُنَيْس. وعنه: أحمد بْن سِنان، وخلف بْن محمد كُرْدُوس، ومحمد بْن عبد الملك، وعليّ بْن إبراهيم الواسطيّون، وغيرهم. 175- سَلَمَةُ بْن سليمان المَرْوَزِيّ4 -خ. ن- المؤدِّب. عَنْ: أَبِي حمزة السُّكّريّ، وعَبْد اللَّه بْن المبارك. وعنه: أحمد بْن أَبِي رجاء الهَرَوِيّ، وأحمد بْن سعيد الرباطي، وعبدة بن عبد

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 90"، الجرح والتعديل "4/ 230"، تهذيب التهذيب "4/ 109". 2 التاريخ الكبير "4/ 95"، الجرح والتعديل "4/ 230"، ميزان الاعتدال "2/ 169"، تهذيب التهذيب "4/ 116، 117". 3 الجرح والتعديل "4/ 268"، تهذيب الكمال "10/ 226، 227"، تهذيب التهذيب "4/ 131". 4 الطبقات الكبرى "7/ 378"، التاريخ الكبير "4/ 84"، الجرح والتعديل "4/ 163"، تهذيب التهذيب "4/ 145، 146".

الرَّحْمَن المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن أسلم الطُّوسيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن قُهْزَاد، وجماعة. وكان من جلة العلماء. قَالَ أحمد بْن منصور زاج: حَدَّثَنَا بنحوٍ من عشرة آلاف حديث من حفظه. وقال النَّسائيّ: ثقة. قِيلَ: مات سنة ثلاث أو أربع ومائتين. وأمّا الْبُخَارِيّ فقال: قَالَ محمد بْن الَّليْث: توفي سنة ست وتسعين ومائة. 176- سلمة بن سليمان الأَزْدِيّ المَوْصِليّ1. عَنْ: عَبْد العزيز بْن أَبِي رَوّاد، وخليل بْن دَعْلَج، وسفيان الثَّوْريّ. وعنه: عليّ بْن حرب، ومحمد بْن يزيد الرّياحيّ. لينه ابن عديّ، وأبو الفتح الأَزْدِيّ. توفي سنة سبع ومائتين. 177- سَلَمَةُ بْن عَبْد الملك العَوْصيّ الحمصيّ2 -ت- شيخ ن، أحد شيوخ الحديث. سمع: إسرائيل، والحَسَن بْن حيّ وأخاه عليًّا، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وعبد العزيز بْن أَبِي رَوّاد. وعنه: أحمد بْن الفَرَج الحجازيّ، وأحمد بْن أَبِي الحواريّ، وغيرهم. لَهُ حديث في النَّسائيّ. ذكره صاحب الأصل في الطبقة الخامسة، وقد تحوّل إلى طبقة الشّافعيّ. 178- سَلَمَةُ بْن عقار3. وثقه ابن معين.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 178"، ميزان الاعتدال "2/ 191"، تهذيب التهذيب "4/ 149". 2 الجرح والتعديل "4/ 167"، تاريخ بغداد "9/ 134". 3 التاريخ الكبير "4/ 9"، الجرح والتعديل "4/ 107"، ميزان الاعتدال "2/ 199، 200".

يروي عَنْ: فضَيْل بْن عِيَاض، وحماد بْن زيد. وعنه: أحمد بن إبراهيم الدورقي، وسعدان بن يزيد. 179- سليمان بن الحكم بن عوانة الكلبي1. حدث عَنْ: أَبِيهِ، والعلاء بْن كثير الشامي، والقاسم بْن الوليد الكوفيّ. وعنه: محمد بْن الصّبّاح الْجَرْجَرائيّ، ومحمد بْن قُدَامة المصِّيصيّ، ومحمد بن أبي العوام الرياحي. متروك. 180- سليمان بْن داود بْن الجارود. أبو داود الْبَصْرِيّ، الفارسي الأصل. مولى آل الزُّبَيْر الطَّيالِسيّ الحافظ مصنف المسند المشهور. سمع: هشامًا الدستوائي، ومعروف بْن خَرَّبُوذ، وأَيْمَن بْن نَابِلٍ، وشُعْبة، وسفيان، وبسطام بْن مُسْلِم، وصالح بْن أَبِي الأخضر، وأبو عامر الخزّاز، وطلحة بْن عَمْرو، وخلقًا سواهم. وعنه: جرير بْن عَبْد الحميد أحد شيوخه، وأبو حفص الفلاس، وعباس الدُّوريّ، ومحمد بْن سعْد الكاتب، وبُنْدار، ويعقوب الدَّوْرقيّ، واخوه أحمد، والكُدَيْميّ، وهارون بْن سليمان، وأحمد بْن الفُرات، ويونس بْن حبيب، وخلق. قَالَ الفلاس: ما رَأَيْت أحفظ منه. وقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي: هُوَ أصدق النّاس. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ: رحلت إلى أَبِي داود فأصَبْته قد مات قبل قدومي بيوم. قَالَ: وكان قد شرب البلاذُر فجُذِم. وقال سليمان بْن حرب: كَانَ شُعْبَة يحدث، فإذا قام قعد أبو داود وأملى من حفظه ما مَرّ في المجلس. وقال عامر بْن إبراهيم: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن ألف شيخ. وجاء عنه

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 298"، التاريخ الكبير "4/ 10"، الجرح والتعديل "4/ 111-113"، التهذيب "4/ 182-186".

أَنَّهُ كَانَ يسرد من حِفْظه ثلاثين ألف حديث. وحدَّثَ عَبْد الرحيم بْن أَبِي حاتم، عن يونس بْن حبيب قَالَ: قَالَ أبو داود: كنّا ببغداد، وكان شُعْبَة وابن إدريس يجتمعان يتذاكرون، فذكروا باب المجذوم فقلت: ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْن زَيْدُ قَالَ: كَانَ مُعَيْقيب يحضر طعام عُمَر، فقال لَهُ: يا مُعَيْقيب، كُلْ مما يليك. فقال شعبة: يا أبا داود لم تجئ بشيء أحسن مما جئت بِهِ. وقال وكيع: ما بَقِيّ أحد أحفظ لحديث طويل من أَبِي داود. قَالَ: فذُكر ذَلِكَ لأبي داود، فقال: قُلْ لَهُ: ولا قصير. وقال عليّ بْن أحمد بْن النَّضْر: سَمِعْتُ ابن المَدِينيّ يَقُولُ: ما رأيت أحفظ من أَبِي داود الطَّيالِسيّ. وقال عُمَر بْن شَبَّة: كتبوا عَنْ أَبِي داود بأصبهان أربعين ألف حديث، وليس معه كتاب. وقال حفص بْن عُمَر المِهْرقاني: كَانَ وكيع يَقُولُ: أبو داود جبل العِلم. وقال إبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ: أخطأ أبو داود في ألف حديث. قَالَ خليفة وغيره: تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. وآخر من روى عَنْ أَبِي داود محمد بْن أسد المَدِينيّ، سمع منه مجلسًا واحدًا. وقد سمعنا "مُسْنِد أَبِي داود" من أصحاب ابن خليل الآدميّ الحافظ. وقد تكلَّم فيه مُحَمَّد بن المنهال الضّرير، وقال: كنت أتهمه. قَالَ لي: لم أسمع من ابن عَوْن. قَالَ: ثمّ سألته بعد ذَلِكَ: أسمعت من ابن عَوْن؟ فقال: نعم، نحو عشرين حديثًا. 181- سليمان بْن صالح1. أبو صالح اللَّيْثيّ مولاهم المَرْوَزِيّ سلمويه، صاحب ابن المبارك أكثر عنه.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 20"، الجرح والتعديل "4/ 123، 124"، تهذيب التهذيب "4/ 199، 200".

وسمع من: أوس بْن عَبْد اللَّه بْن بريدة. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وأحمد بْن شَبّوَيْه، ومحمد بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي رزْمة. وعُمِّر دهرًا. قِيلَ: إنّه عاش نحوًا من مائة سنة. روى لَهُ خ مقرونًا بغيره، وهو من أكبر أصحاب ابن المبارك. 182- سليمان بْن عيسى السِّجْزيّ1. يروي عَنْ: ابن عون، وشعبة. وعنه: أحمد بن يوسف، ومحمد بْن أشرس، ومحمد بْن يزيد السَّلَمِيُّون. وكان متهمًا بالكذب. لَهُ عدة أحاديث موضوعة، ساقها ابن عديّ وقال: وضّاع. وذكره الحاكم في تاريخه وقال: يكنى أبا يحيى، ويقال: أبو الربيع، روى عَنْ: عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وابن عَوْن، وداود بن أبي هند، وأكثر عن الثوري، ومالك. وروى عنه جماعة من أكابر مشايخ الحديث عَنْ غير معرفة فهم بحاله. إلى أنّ قَالَ: وأكثر تَعَجُّبي من إمام أهل الحديث يحيى بْن يحيى أَنَّهُ روى عَنْهُ، وخفي عَلَيْهِ حاله. 183- سُلَيْم بْن عثمان الفَوْزيّ2. أخو خطّاب، حمصيّ. زعم أَنَّهُ سمع من محمد بْن زياد الألْهانيّ، فروي عَنْهُ أحاديث مُنْكَرَة. روى عَنْهُ: محمد بْن عَوْف، وأخوه خطّاب، وأبو حُمَيْد أحمد بْن محمد بْن سيّار العَوْهيّ، وسليمان بْن سَلَمَةَ. قَالَ ابن عَوْف: لم نكن نتّهمه. قلت: روى ابن عديّ، عَنِ الغسَّانيّ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن، فذكر حديثًا. 184- السَّمَيْدَعُ بْن واهب بْن سَوَّار الْجَرْميّ الْبَصْرِيّ3 -ت.

_ 1 التاريخ الكبير "4/ 30"، الجرح والتعديل "4/ 134"، ميزان الاعتدال "2/ 218، 219". 2 التاريخ الكبير "4/ 125"، الجرح والتعديل "4/ 216"، ميزان الاعتدال "2/ 230، 231". 3 الجرح والتعديل "4/ 326"، تهذيب الكمال "12/ 143-145"، تهذيب التهذيب "4/ 239، 240".

عَنْ: شُعْبَة، ومبارك بْن فَضَالَةَ. قَالَ أبو حاتم: ما قديمًا، سمع من شُعْبَة سبعة آلاف حديث. وروى عَنْهُ: صالح بْن عديّ، وعُمَر بْن شَبَّة، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ. قَالَ أبو حاتم: صدوق. قلت: لَهُ حديث في الغسَّانيّ يقع بعُلُوّ في الغيلانيّات. 185- السِّنْديّ بْن شاهك1. الأمير أبو نَصْر، مولى أَبِي جعفر المنصور. ولي إمرة دمشق للرشيد، ثمّ وليها بعد المائتين. وكان ذميم الخَلْق سِنديًّا كاسْمه. قَالَ الجاحظ: كَانَ لا يستحلف المكاري ولا الملاح ولا الحائك، بل يجعل القول قول المدعي، ويروى أنّ السِّنْديّ هدم سُور دمشق. وقد ضرب مَرَّةً رجلا طويل اللّحية، فجعل يَقُولُ: العفو يا ابن عمّ رسول اللَّه؛ فقال: والَك أَهَاشِميٌّ أَنَا؟! فقال: يا سيّدي، تريد لحية وعقلا! وقال خليفة: تُوُفّي السِّنْديّ سنة أربعٍ ومائتين ببغداد. 186- السِّنْديّ بْن عَبْدُوَيْه الكلْبيّ الرّازيّ2. أبو الهيثم قاضي قزْوين وهَمَذان. واسمه سُهَيْلُ بْن عَبْد الرَّحْمَن. روى عَنْ: إبراهيم بْن طِهْمان، وأبي بَكْر النَّهْشَليّ، وجرير بْن حازم، وعمرو بن أبي قيس. وعنه: أحمد بن الفُرات، ومحمد بْن حمّاد الطِّهْرانيّ، ومحمد بْن عمّار. ورآه أبو حاتم وسمع كلامه. وَرُوِيَ أنّ أبا الوليد الطَّيالِسيّ قَالَ: ما رأيت بالريّ أعلم من السِّنْديّ بْن عَبْدُوَيْه، ومن يحيى بْن الضُّرَيْس. قلت: وقع حديثه بعُلُوٍّ في جزء ابن ثابت، ويقال: اسمه سهل بن عبدويه.

_ 1 عيون الأخبار "1/ 70"، تاريخ الطبري "7/ 519، 523". 2 الجرح والتعديل "4/ 201"، الثقات لابن حبان "8/ 304"، لسان الميزان "3/ 116".

187- سَوْرة بْن الحَكَم الكوفيّ1. الفقيه، نزيل بغداد. يروي عَنْ: شَيْبان النَّحْويّ، وسليمان بْن أرقم. وعنه: محمد بْن هارون، وعباس الدُّوريّ، وجماعة. وكان من كبار الْحَنَفِيَّةِ. 188- سُوَيد بْن عَمْرو2 -م. ت. ن. ق- أبو الوليد الكلبي الكوفي العابد. روى عَنْ: داود الطّائيّ، وعبد العزيز بْن أَبِي سَلَمَةَ الماجِشُون، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وغيرهم. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو كُرَيْب، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، وجماعة. وكان ثقة. 189- سهل بْن حسام بْن مِصَكّ3. عَنْ: شُعْبَة، وغيره. وعنه: محمد بْن مرزوق. تُوُفّي سنة اثنتين ومائتين. 190- سهل بْن حمّاد العَنْقَزَيّ4. أبو عتّاب الدّلال الْبَصْرِيّ. عَنْ: عَبّاد بْن منصور، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وشُعْبة، وجماعة. وعنه: الدّارميّ، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، ومحمد بْن يحيى بْن المنذر القزاز، وأبو قلابة الرقاشي، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 327"، تاريخ بغداد "9/ 227، 228". 2 الطبقات الكبرى "6/ 408"، التاريخ الكبير "8/ 148"، الجرح والتعديل "4/ 239"، التهذيب "4/ 277". 3 الجرح والتعديل "4/ 197". 4 التاريخ الكبير "4/ 102"، الجرح والتعديل "4/ 196"، ميزان الاعتدال "2/ 237"، التهذيب "4/ 249، 250".

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا بَأْسَ بِهِ. قلت: تُوُفّي سنة ثمانٍ، وهو بكنيته أشهر. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. 191- سهل بْن المغيرة1. أبو عليّ البزّاز، إمام مسجد عثمان ببغداد. حدَّثَ عَنْ: أَبِي مَعْشَر السِّنْديّ، وإسماعيل بْن جعفر، وعبد الرَّحْمَن بْن زيد بْن أسلم، وعَبّاد بْن عَبّاد، وطائفة. وعنه: ابنه عليّ، ويحيى بْن مُعَلَّى بْن منصور، ومحمد بْن سهل بْن عسكر. محلُّه الصُّدْق. 192- سيف بن عبيد الله2 -ن- أبو الحسن الجرمي البصري السراج. عَنْ: شُعْبَة، والأسود بْن شَيْبان، والمسعوديّ، ووَرْقاء، وجماعة. وعنه: عَمْرو بْن الفلاس، وعُمَر بْن الخطّاب السِّجِسْتانيّ، وحفص بْن عُمَر السَّيّاريّ، وإِسْحَاق بْن يسار النَّصِيبيّ، وآخرون. قَالَ الفلاس: كَانَ من خِيار الخلْق. وقال عَمْرو بْن يزيد الْجَرْميّ: ثقة. "حرف الشين": 193- شَبَابةُ بْن سَوَّار3 -ع- أبو عمرو الفزاري مولاهم المدائني. عَنْ: ابن أَبِي ذئب، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وشُعْبة، وإسرائيل، وحَريز بْن عثمان، وعَبْد اللَّه بْن العلاء بْن زيد وطائفة. وعنه: أحمد، وابن رَاهَوَيْه، وابن المَدِينيّ، وابن معين، وأحمد بن الفرات،

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 114، 115". 2 التاريخ الكبير "4/ 172"، الثقات لابن حبان "8/ 300"، تهذيب التهذيب "4/ 295". 3 الطبقات الكبرى "7/ 320"، التاريخ الكبير "4/ 270"، الجرح والتعديل "4/ 392"، تهذيب التهذيب "4/ 300، 301".

والحَسَن الحَلْوانيّ، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْن عاصم الثَّقْفيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وخلْق. قَالَ ابن المَدِينيّ، وغيره: كَانَ يرى الإرجاء. وقال أحمد العِجْليّ: قِيلَ لشَبَابَة: أليس الإيمان قولا وعملا؟ قَالَ: إذا قَالَ فقد عمل. وقال أبو زُرْعة: رجع شَبَابةُ عَنِ الإرجاء. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ شُعْبَة يتفقد أصحاب الحديث، فقال يومًا: ما فعل ذاك الغلام الجميل، يعني شَبَابةُ. وقال ابن قُتَيْبة: خرج إلى مَكَّةَ فمات بها. وقال جماعة: تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين. 194- شجاع بْن الوليد بْن قيس1. أبو بدر السَّكُونيّ الكوفيّ العابد، نزيل بغداد. عَنْ: عطاء بْن السائب، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، ومغيرة بْن مُقْسِم، وقابوس بْن أَبِي ظبيان، وخصيف، والأعمش، وموسى بْن عُقْبة، وهشام بْن عُرْوَة، وجماعة. وعنه: ابنه أبو همّام، والوليد بْن شجاع، وأحمد، وإِسْحَاق، وابن مَعِين، وأبو عُبَيْد، وعلى بْن المَدِينيّ، وأبو بَكْر الصَّنعانيّ، وسَعْدان بْن نَصْر، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، ومحمد بْن المنادي، وعَبْد اللَّه بْن رَوْح، وخلْق. قَالَ أحمد بْن حنبل: صدوق. وقال ابن سعْد: كَانَ أبو بدر كثير الصّلاة وَرِعًا. وقال الثَّوْريّ: لم يكن بالكوفة أعبد منه. وقال المَرُّوذِيّ: قَالَ أبو عَبْد اللَّه: كنت مَعَ ابن مَعِين، فلقي أبا بدر فقال لَهُ: يا شيخ اتق اللَّه، وانظر هذه الأحاديث لا يكون ابنك يعطيك. قَالَ أبو عَبْد اللَّه: فاستحييت وتنحيت. فبلغني أَنَّهُ قَالَ: إنّ كنت كاذبًا فعل اللَّه بك وفعل.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 334"، التاريخ الكبير "4/ 261"، الجرح والتعديل "4/ 378، 379"، تهذيب التهذيب "4/ 313، 314".

قَالَ أبو عَبْد اللَّه: أرجو أنّ يكون صدوقًا. ثمّ وثّقه ابن مَعِين وأنصفه. وروى عَنْهُ توثيقه أحمد بْن زُهير، وغيره. وَأَمَّا أبو حاتم فقال: ليِّن الحديث، لا يُحْتَجّ بِهِ، إلا أنّ عنده عَنْ محمد بْن عَمْرو أحاديث صِحاح. قَالَ ابن سعْد، وأبو حسّان الزّياديّ: تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. وقال البخاري: سنة خمس. 195- شريح بن يزيد1 -د. ن- أبو حيوة الحضرمي الحمصي. المقرئ المؤذِّن. عَنْ: صَفْوان بْن عَمْرو، وسعيد بْن عَبْد العزيز، وأبي البَرّ هُشَيْم حُدَير بْن مَعْدان، وجماعة. وعنه: ابنه حَيْوَة بْن شُرَيْح، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وأحمد بْن الفَرَج الحجازي، وآخرون. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين. قرأ عَلَى الكسائي، وله اختيار في القراءة شاذّ. 196- شُعَيْب بْن بَيَان الْبَصْرِيّ الصّفّار2. عَنْ: أَبِي ظِلالٍ القَسْمَليّ، وشُعْبة، وغيرهما. وعنه: سليمان بْن سيف الحرّانيّ، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وإبراهيم بْن المُسْتَمرّ العروقي، وجماعة. تُوُفّي سنة بضعٍ ومائتين.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 334"، الثقات لابن حبان "8/ 313". 2 ميزان الاعتدال "2/ 275"، تهذيب التهذيب "4/ 349، 350".

"حرف الصاد": 197- صالح بْن عَبْد الكريم البغداديّ العابد1. أخذ عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ. حكى عَنْهُ: عليّ بْن الموفق، ومحمد بْن الحُسين البُرْجُلانيّ. وكان يَقُولُ: يا أصحاب الحديث ما ينبغي أن يكون أحد أزهد منكم، وإنما تقلّبون دواوين الموتى لَيْسَ بينكم وبين النبي -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحدٌ إلا وقد مات. 98- صدقة بْن سابق الكوفيّ2. سمع: محمد بْن إِسْحَاق. وعنه: أبو يحيى صاعقة، ومحمد بْن أَبِي عتاب الأعين، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وسَعْدان بْن نَصْر، وغيرهم. وما علمت أحدًا ضعفه. 199- صفوان بن هبيرة3 -ق- أبو عبد الرحمن التيمي العيشي البصري. عَنْ: أَبِيهِ، وعيسى بْن المسيّب البَجَليّ، وابن جريج، وأبي مكين نوح بْن ربيعة، وغيرهم. وعنه: الحَسَن بْن عليّ الخلال، ومحمد بْن عُمَر المُقَدَّمّي، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأبو قِلابة الرَّقَاشيّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: شيخ. لَهُ حديث واحد عند ابن ماجة في المريض يشتهي شيئًا4. 200- صلة بْن سليمان5. أبو زيد العطار.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 408"، تاريخ بغداد "9/ 312، 313". 2 التاريخ الكبير "4/ 298"، الجرح والتعديل "4/ 434"، الثقات لابن حبان "8/ 320". 3 الجرح والتعديل "4/ 425"، ميزان الاعتدال "2/ 316"، تهذيب التهذيب "4/ 431". 4 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "3440"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف ابن ماجه "3503". 5 التاريخ الكبير "4/ 322"، الجرح والتعديل "4/ 447"، ميزان الاعتدال "2/ 320، 321".

عَنْ: محمد بْن عَمْرو، وهشام بْن حَسّان. وعنه: محمد بْن عَبْد الملك الدقيقي، وغيره. قَالَ أبو داود، وغيره: كذاب، وقد ذكره ابن عديّ، وأورد لَهُ بلايا منها: محمد بْن حرب النَّسائيّ: ثنا صِلَةُ، عَنِ ابْنِ جريج، وعن عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ حَجَّ عَنْ وَالِدَيْهِ أَوْ قَضَى عَنْهُمَا مَغْرَمًا بُعِثَ مَعَ الأَبْرَارِ". وله عَنْ أشعث الحُدّانيّ، وعنه أيضًا: القاسم بْن عيسى الطّائيّ، وسليمان بْن أحمد الواسطيّ. وَرَوَى عَبَّاسُ الدُّورِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قَالَ: كَانَ صلة ببغداد يكذب. ترك النّاس حديثه. 201- صيفي بْن ربعي الأَنْصَارِيّ الكوفي1. عن: ابن أبي ذئب، وشعبة، والثوري، وجماعة. وعنه: أبو كُرَيْب، والحسين بْن يزيد الطّحّان، وغيرهما. قَالَ أبو حاتم: صالح الحديث. "حرف الضاد": 202- الضّحّاك بْن عثمان بْن الضّحّاك بْن عثمان بْن عَبْد اللَّه الحزاميّ الصغير2. يروي عَنْ: جَدّه، ومالك. وعنه: ابنه محمد، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وغيرهما. وكان نسّابةَ قريش، عارفًا بالأخبار وأيام الناس.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 448"، الثقات لابن حبان "6/ 476"، تهذيب التهذيب "4/ 440، 441". 2 الطبقات الكبرى "5/ 422"، ميزان الاعتدال "2/ 324"، تهذيب التهذيب "4/ 447، 448".

203- ضَمْرَةُ بْن ربيعة1 -4. أبو عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ مولاهم الدّمشقيّ. ثمّ الرَّمْليّ. سمع: عَبْد اللَّه بْن شوذب، ويحيى بْن أَبِي عَمْرو السَّيبانيّ، والأوزاعيّ، ومولاه عليّ بْن أَبِي حملة، ورجاء بْن أَبِي سَلَمَةَ، وإبراهيم بْن أَبِي عَبْلَةَ، وعثمان بْن عطاء الخُراسانيّ، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وجماعة. وعنه: يحيى بْن بُكَيْر، ودُحَيْم، وأبو عُمَيْر عيسى بْن النّحّاس، وعَمْرو بْن عثمان، وهشام بْن عمار، وابن ذَكْوان، ومحمد بْن عَمْرو بْن حنان، وأحمد بْن الفَرَج الحجازيّ، وخلق. وكان عالمًا نبيلا، لَهُ غلطات، وهو من الثّقات المأمونين. لم يكن بالشام رَجُل يشبهه. وفي لفظ عن أحمد بْن حنبل: بقية أحب إليّ منه. والأول أصحّ عند أحمد. قَالَ ابن مَعِين: ثقة. قلت: تُوُفّي في رمضان سنة اثنتين ومائتين عَنْ سنٍّ عالية. وقد روى عَنْهُ من شيوخه: إسماعيل بْن عياش. وقال فيه آدم بْن أَبِي أياس: ما رأيت أحدًا أعقل لما يخرج من رأسه منه. وقال ابن سعْد: كَانَ ثقة مأمونًا خيِّرًا. لم يكن هناك أفضل منه. وقال: مات في أول رمضان سنة اثنتين. وقال ابن يونس: كَانَ فقيههم في زمانه رحِمَه اللَّه تَعَالَى. "حرف الطاء": 204- طاهر بْن الحُسين بْن مُصْعَب بن زريق الأمير ذو اليمينين2.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 471"، التاريخ الكبير "4/ 337"، الجرح والتعديل "4/ 467"، التهذيب "4/ 460، 461". 2 تاريخ خليفة "466، 467، 468، 472"، عيون الأخبار "4/ 57"، سير أعلام النبلاء "10/ 108، 109".

أبو طلحة الخُزاعيّ. أحد قوّاد المأمون الكِبار، والقائم بأعمال خلافته، فإنّه نَدَبَه، وهو معه بُخراسان، إلى محاربة أخيه الأمين. فسار بالجيوش وظفر بالأمين وقتله. وكان جوادًا مُمَدَّحًا من أفراد العالم. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن المبارك، وعليّ بْن مُصْعَب عمّه. وعنه: ابناه: عبد الله أمير خراسان، وطلحة. وفيه يَقُولُ مقدّس الخلوقيّ الشاعر: عجبت لحَرَّاقة ابن الحسي ... ن كيف تعوم ولا تغرق؟ وبحران من وفوقها واحدٌ ... وآخر من تحتها مُطبقُ، وأعجب من ذاك عِيدانُها ... إذا مسّها كفّ لا تورّقُ وعن بعض الشُّعَراء قَالَ: كَانَ لي ثلاث سنين أتردد إلى باب طاهر بْن الحُسين فلا أصل. فركب يومًا للعب بالصَّوالجة، فصرتُ إلى الميدان، فإذا الوصول إِلَيْهِ مُتَعَذَّر. وإذا فُرجة من بُستان، فلمّا سَمِعْتُ ضرْبَ الصّوالجة ألقيت نفسي منها، فنظر إليّ وقال: من أنت؟ قلت: أنا باللَّه وبك وإيّاك قصدت، وقد قلت بيتي شِعْر. قَالَ: هاتِهما. فأنشدته: أصبحت بين فصاحة وتجمُّل ... والْحُرُّ بينهما يموت هزيلا فامْدُدْ إليَّ يدًا تعوّد بطنها ... بذْلَ النّوال وظهرُها التَّقبيلا فوصله بعشرين ألف درهم. ويقال: إنّه وقع يومًا بصلات بلغت ألف ألف وسبعمائة ألف درهم. وكان مَعَ شجاعته وفروسيته خطيبًا بليغًا مُفَوَّهًا أديبًا مهيبًا. تُوُفّي سنة سبْعٍ ومائتين، وهو في الكهولة.

205- طاهر بْن رُشَيْد البزّاز. أبو عَبْد الرَّحْمَن، قاضي همدان. عَنْ: سليمان بْن عَمْرو صاحب عَبْد الملك بْن عُمَيْر، وغيره. وعنه: عَبْدُوَيْه القوّاس، وحمدان بْن المغيرة السَّكُونيّ، وعبد الرحيم بْن يحيى الدَّبِيليّ. ذكره شِيرُوَيْه. 206- طلاب بْن حَوْشب الشَّيْبانيّ1. أخو العوّام بْن حوشب. يكنى أبا يريم، ويقال: أبو رويم. روى عن: أخيه، وعاش بعده دهرًا. عن: جعفر الصادق، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، ومجالد، وغيرهم. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عُمَر الْقُرَشِيّ، وموسى بْن عَبْد الرَّحْمَن المسروقيّ، ومحمد بْن إسماعيل الأحْمُسيّ، وعباس الدُّوريّ، وهو أكبر شيخٍ لعبّاس. سُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ، فَقَالَ: صَالِحٌ. "حرف العين": 207- عابد بْن أَبِي عابد البغداديّ. أبو بِشْر المقرئ. قرأ عَلَى: حمزة الزّيّات. تصدر للإقراء ببغداد زمانًا. قرأ عَلَيْهِ: خَلَف بْن هشام، وأحمد بْن جُبَيْر، ومحمد بْن الْجَهْم السّمريّ، وغيرهم. 208- عافية بْن أيّوب بْن عَبْد الرحمن2. مولى دوس. أبو عبيدة المصري.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 502". 2 الجرح والتعديل "7/ 44"، لسان الميزان "3/ 222".

روى عَنْ: معاوية بْن صالح، وحيوة بْن شُرَيْح، وسعيد بْن عَبْد العزيز، والمحرز بْن بلال بْن أَبِي هُرَيْرَةَ، وجماعة. روى عَنْهُ طائفة آخرهم موتًا بحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ. تُوُفّي في شَعْبان سنة أربعٍ ومائتين. قاله ابن يونس. 209- عامر بْن إبراهيم بْن واقد الأشعريّ1. مولى أَبِي موسى -رضى الله عنه. أبو إبراهيم الأصبهانيّ المؤذِّن. عَنْ: مبارك بْن فَضَالَةَ، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، ومالك، ويعقوب القُمّيّ، وخطّاب بْن جعفر بْن أَبِي المغيرة، وأبي عُبَيْد اللَّه عذار بْن عُبَيْد اللَّه الأصبهاني، والنعمان بْن عَبْد السّلام، وجماعة. وعنه: ابناه إبراهيم، ومحمد، وأبو حفص الفلاس، وأسيد بْن عاصم، ويونس بْن حبيب، وحفص بْن عُمَر المهرقانيّ، وآخرون. قَالَ الفلاس: كَانَ ثقة، من خيار النّاس. وقال أبو نُعَيْم الحافظ: خرج عامر إلى يعقوب القُمّيّ، فكتب عَنْهُ عامّة كُتُبه. وكان يبيع الخشب. وقيل لَهُ: لِمَ لَمْ تكتب عَنِ النُّعْمان بْن عَبْد السّلام كُتُبَه؟ قَالَ: كانوا أغنياء، لهم ورّاقون، ولم يكن لي شيء. تُوُفّي سنة إحدى واثنتين ومائتين. 210- عامر بْن خِداش2. أبو عَمْرو الضَّبّيّ النَّيْسابوريّ. أحد الأئمة والصالحين. سمع: شريكًا القاضي، وفرج بْن فَضَالَةَ، وعَبّاد بْن العوّام. وعنه: محمد بْن عَبْد الوهّاب الفراء، والحسين بْن منصور، وغيرهما. تُوُفّي سنة خمسٍ ومائتين. فيه لين.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 319"، تهذيب الكمال "14/ 11، 12"، تهذيب التهذيب "5/ 61". 2 الثقات لابن حبان "8/ 501"، ميزان الاعتدال "2/ 359".

211- عَبّاد بْن يوسف الكِنْديّ الحمصيّ الكرابيسيّ1. عَنْ: أرطأة بْن المنذر، وصَفْوان بْن عَمْرو، وغيرهما. وعنه: يزيد بْن عَبْد ربه الْجُرْجُسيّ، وإبراهيم بْن العلاء الزُّبَيْديّ، وعَمْرو بْن عثمان، وغيرهم. وقد روى عَنْهُ الوليد بْن مُسْلِم، وهو أكبر منه. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ: مَاتَ سنة ستٍّ ومائتين. 212- عباءة بْن كليب2 -ق- أبو غسان اللَّيْثيّ الكوفيّ. عَنْ: مبارك بْن فَضَالَةَ، وحماد بْن سلمة، وداود الطّائيّ العابد، وجُوَيْريه بْن أسماء، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن الوضّاح اللُّؤلُؤيّ، وأبو كُرَيْب عليّ بْن محمد الطّنافسيّ، ومحمد بْن عُمارة الواسطيّ، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، والحَسَن بْن عليّ بْن عفان، وطائفة. حدَّثَ بالعراق والريّ. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وليّنه غيره. 213- عَبْد اللَّه بْن إبراهيم بن عمر بن كيسان3 -د. ن- أبو يزيد الصنعاني. عن: أبيه، وعميه: حفص، ووهب، ونويس قليل يمانيين. وعنه: أحمد بن حنببل، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ، وعليّ بْن المَدِينيّ، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، والرَّماديّ، وطائفة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بأس.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 435"، ميزان الاعتدال "2/ 380"، تهذيب التهذيب "5/ 110، 111". 2 الجرح والتعديل "7/ 45"، ميزان الاعتدال "2/ 387". 3 التاريخ الكبير "5/ 41"، الجرح والتعديل "5/ 2، 3"، تهذيب التهذيب "5/ 137".

قلت: أخر لَهُ د. ن. هذا الحديث فقط: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مَأنُوسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ هَذَا الْفَتَى، يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ1. قَالَ: فحزرنا في الركوع عشر تسبيحات، وفي السجود عشر تسبيحات. 214- عَبْدِ اللَّه بْنِ إبراهيم بْنِ أَبِي عَمْرو الغِفَارِيّ المدني2 -د. ن- أبو محمد. عَنْ: أَبِيهِ، وإِسْحَاق بْنُ مُحمد الْأَنْصَارِيّ، ومالك، والمنكدر بْنُ مُحَمَّد وجماعة. وعنه: سَلَمَةُ بْنُ شَبيب، والْحَسَن بْنُ عَرَفَة، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ، ويحيى بْنُ زَكَريّا بْنِ شَيْبان، والكُدَيْميّ، وجماعة. قَالَ أبو داود، وَغَيْرُهُ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابعه عَلَيْهِ الثّقات. ونسبه ابن حِبّان إلى وضع الحديث. 215- عَبْدُ اللَّه بْنُ إِبْراهيم بْنِ الأغلب التَّميميّ المغربيّ3. الأمير، ولي إمرة القيروان بعد والده سنة ستٍّ وتسعين ومائة، وأنشأ عدة حصون، وبنى القصر الأبيض بمدينة الْعَبَّاسِيَّةِ الّتي بناها أَبُوهُ. وأنشأ جامعًا عظيمًا بالعباسية طوله مائتا ذراع في مثله. وعمل سقْفه بالآنك وزخرفه. وَالْعَبَّاسِيَّةُ عَلَى ميلين من القيروان. مات عَبْدُ اللَّه سنة إحدى ومائتين، وولي بعده أخوه الأمير زيادة اللَّه.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه أبو داود "888"، والنسائي "1134" مختصرًا، وأحمد في المسند "3/ 162"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن أبي داود "888". 2 تهذيب الكمال "14، 274-276"، ميزان الاعتدال "2/ 388، 389"، تهذيب التهذيب "5/ 137، 138". 3 معجم البلدان "1/ 328، 815"، تاريخ ابن خلدون "4/ 197"، النجوم الزاهرة "2/ 169".

216- عبد الله بن بكر بن حبيب1 -ع- أبو وهب السهمي الباهلي البصري. نزيل بغداد. وسمع: أَبَاهُ، وحميدًا الطويل، وابن عون، وهشام بن حسان، وحاتم بن أبي صغيرة، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وعلي بن المديني، وإسحاق الكوسج، وأبو إسحاق الجوزجاني، وعبد الله بن منير المروزي، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن الفرج الأزرق، والحارث بن أبي أسامة، وعباس الدوري، ومحمد بن أحمد بن أبي العوم. وثقه أحمد، وجماعة. وقال: وسمعتُ من سَعِيد بْنِ أَبِي عَرُوبَة سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ومائة. تُوُفّي في المحرَّم سنة ثمان ومائتين. وكان فقيهًا محدثًا. وكان أَبُوهُ رأسًا في العربية. اختلف أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ في سطر وسطر فحكّما بكْرًا عليهما. 217- عَبْدُ اللَّه بْنُ حُمْرَان بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ حُمران بْنِ أبان2. أبو عَبْدِ الرَّحْمَن العُثْمانيّ، مولاهم الْبَصْرِيّ. عَنْ: ابن عَوْن، وعوف، وعبد الحميد بْنُ جعفر الْأَنْصَارِيّ، وابن أَبِي عَرُوبَة، وجماعة. وعنه: أحمد بْنُ حَنْبل، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْنُ المُثَنَّى، وبُنْدار، وبكار بْنُ قُتَيْبة، ويزيد بْنُ سِنان الْبَصْرِيّ، وإبراهيم بْنُ مرزوق الذين سكنوا مصر، وأسيد بْنُ عاصم الأصبهانيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: مستقيم الحديث، صدوق.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 295"، التاريخ الكبير "5/ 52"، الجرح والتعديل "5/ 16"، التهذيب "5/ 162، 163". 2 التاريخ الكبير "5/ 73"، الجرح والتعديل "5/ 41"، تهذيب التهذيب "5/ 191، 192".

وقال ابن أَبِي عاصم: مات سنة ستٍّ ومائتين. 218- عَبْدُ اللَّه بْنُ خَلَف الكِلابيّ1. ويقال: الطُّفَاويّ. أبو محمد الْبَصْرِيّ. لم يذكره ابن أبي حاتم. سمع من: هشام بْنِ حسّان، وهو مُقِلّ. روى عَنْهُ: أَحْمَد بن سَعِيد الدّارميّ، وإبراهيم بْن مرزوق الْمَصْرِيّ، وعثمان، وابن طالوت. له حديث وقد خُولِف فيه. قَالَ العُقَيْليّ: في حديثه وهم ونكارة. 219- عَبْدُ اللَّه بْنُ سَعِيد الأُمَويّ الكوفيّ2. أخو يحيى بْنِ سَعِيد. عَنْ: زياد البكائي. وكان ثقة علّامة في اللغة وَالْعَرَبِيَّةِ. حكى عَنْهُ أبو عُبَيْدٍ القاسم كثيرًا. توفي شابًا بعد سنة ثلاثة مائتين. وروى عَنْ أَبِيهِ أيضًا. حدَّثَ عَنْهُ: ابن نُمَيْر، وأحمد بْنُ إبراهيم الدَّوْرقيّ. 220- عَبْدُ اللَّه بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ مُلَيحة النَّيْسابوريّ3. أبو محمد، مسجده بِسِكَّةِ حرب. أكثر عَنْ: عكرمة بْنِ عمّار، وشُعْبة، والثَّوْريّ، ونهشل بْنِ سَعِيد. وعنه: أحمد بن نصر المقرئ، وأحمد بن حرب الزاهد.

_ 1 ميزان الاعتدال "2/ 414"، لسان الميزان "3/ 281، 282". 2 التاريخ الكبير "5/ 104"، الجرح والتعديل "5/ 72". 3 ميزان الاعتدال "2/ 454"، لسان الميزان "3/ 308".

قال الحاكم: الغالب على حديثه المناكير. 221- عبد الله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص1 -ت- الزهري المدني. كان ذا عدد في النسب إلى سعْد. روى عَنْ: جَدّه لأُمّه مالك بْنِ حمزة بْنِ أُسَيْدٍ السّاعديّ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وعنه: إبراهيم بن عبد الله الهروي، وأحمد بن عَبْدِ الرَّحْمَن ابن أخي ابن وهْب، ومحمد بْنُ صالح بْنِ النطاح، والكُدَيْميّ، وغيرهم. قَالَ ابن مَعِين: لا أعرفه. وقال أبو حاتم: شيخ. قلت: لَهُ حديث في فضل العبّاس وبنيه. رواه ابن ماجة. 222- عَبْدُ اللَّه بْنُ عِصْمة البُنانيّ النَّصيبيّ2 -ق- شيخ مُقِلّ. يروي عَنْ: سَعِيد، عَنْ نافع، وعن: حمّاد بْنِ سَلَمَةَ، وأبي القُطُوف الجراح بْنِ منهال، وأسد بْنِ عَمْرو، ومحمد بْنِ سَلَمَةَ البنائي. وعنه: عليّ بْنُ الحُسين البزّاز شيخٌ لمُطِّين، ويعقوب بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسب، ومبارك بْنُ عَبْدِ اللَّه السراج، وميمون بن الأصبغ، وغيرهم. قال العقيلي: يرفع الأحاديث ويزيد فيها. وقال ابْنُ عديّ: لم أر للمتقدمين فيه كلامًا. ورأيت لَهُ أحاديث أنكرها. 223- عَبْدُ اللَّه بْن عطارد بْن أذينة الطّائيّ الْبَصْرِيّ3. عَنْ: ثور بْن يزيد، وهشام بْن الغاز، ومسعر بْن كدام، وموسى بْن عليّ بْن رباح. وعنه: عَبْد الغفار بْن عَبْد اللَّه، والخليل بْن ميمون، وصُهَيْب بْن محمد بن عباد، وإسحاق بن عيسى الأيلي.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 112"، ميزان الاعتدال "2/ 460"، تهذيب التهذيب "5/ 312، 313". 2 تهذيب الكمال "15/ 311"، ميزان الاعتدال "2/ 461"، تهذيب التهذيب "5/ 322". 3 المجروحين لابن حبان "2/ 18، 19"، ميزان الاعتدال "2/ 462".

وكان ضعيفًا. قَالَ ابن حِبّان: منكر الحديث جدًا. وقال ابن عديّ: منكر الحديث. 224- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي أمية المَوْصِليّ1. أحد من عُني بالحديث. روى الكثير عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، وشريك القاضي. روى عَنْهُ: أحمد بْن عليّ السِّمسار، وغيره. فقد بطريق مَكَّةَ سنة ستٍّ ومائتين، رحمه اللَّه. ورّخه يزيد بْن محمد الْأَزْدِيّ. 225- عَبْد اللَّه بْن أَبِي جعفر عيسى بْن ماهان الرّازيّ التاجر2 -د- عَنْ: أَبِيهِ أَبِي جعفر، وشُعْبة، وأيوب بْن عُتْبة اليَمَانيّ، وقيس بْن الربيع، وغيرهم. وعنه: الحَسَن بْن عُمَر بْن شقيق، وعمّار بْن الحَسَن، وعبد الرَّحْمَن بْن زُرَيْق، وشبيب بْن الفضل، ومحمد بْن عَمْرو زُنَيْج، وإبراهيم بْن موسى الفرّاء، وطائفة. وقال محمد بْن حُمَيْد: كَانَ فاسقًا. سَمِعْتُ منه عشرة آلاف حديث فرميت بها. وقال ابن عديّ: بعض حديثه لا يُتابَع عَلَيْهِ. وقال أبو زُرْعة، وأبو حاتم: صدوق. 226- عَبْد اللَّه بْن كثير بْن جعفر بْن أَبِي كثير الْأَنْصَارِيّ3 -ق- مولاهم الْمَدَنِيّ، أبو عُمَر ابن أخي إسماعيل بْن جعفر. يروي عَنْ: أَبِيهِ، وكثير بْن عَبْد اللَّه الْمَدَنِيّ، وسعد بن سعيد المقبري. وعنه: عباس العنبري، ويحيى بن أيوب المقابري، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، والزبير بن بكار. وهو مقل.

_ 1 الكامل في التاريخ "4/ 14، 204". 2 الجرح والتعديل "5/ 127"، ميزان الاعتدال "2/ 404"، تهذيب التهذيب "5/ 176، 177". 3 تهذيب الكمال "5/ 461-463"، ميزان الاعتدال "1/ 473"، تهذيب التهذيب "5/ 366".

227- عبد الله بن معاذ الصنعاني1 -ت. ق- مولى خَالِد بْن غلّاب. عَنْ: مَعْمَر، ويونس بْن يزيد. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، ومحمد بْن يحيى العَدَنيّ، وعبد العزيز بْن يحيى صاحب "الجيدة"، وأبو خَيْثَمَة، والزُّبَير بْن بكّار، وطائفة. قَالَ ابن مَعِين: هُوَ ثقة إلا أن عبد الرزاق كَانَ يكذبه. وقال أبو زُرْعة: أَنَا أقول: هو أوثق من عبد الرزاق. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس بِهِ. 228- عَبْد اللَّه بْن ميمون بْن داود القداح المخزومي2 -ت- مولاهم المكي. عن: يحيى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ، وجعفر الصادق، ومحمد بْن أَبِي حُمَيْد، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وجماعة. وعنه: زياد بْن يحيى الحساني، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد المقدسيّ، وأحمد بْن شَيْبان الرَّمْليّ، وأحمد بْن الأزهر النَّيْسابوريّ، ومؤمل بْن إهاب، وعبد الوهّاب بْن فُلَيْح الْمَكِّيّ، وآخرون. قَالَ الْبُخَارِيّ: ذاهب الحديث. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَاهِي الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عَلَيْهِ. وقال التِّرْمِذيّ: منكر الحديث. خرج لَهُ في "الجامع" حديثًا في "القدر"3.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 212"، الجرح والتعديل "5/ 173"، ميزان الاعتدال "2/ 506"، تهذيب التهذيب "6/ 37، 38". 2 التاريخ الكبير "5/ 206"، الجرح والتعديل "5/ 172"، ميزان الاعتدال "2/ 512"، تهذيب التهذيب "6/ 49". 3 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "2144"، وابن عدي في الكامل "4/ 1506"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "2439".

229- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن المغيرة بْن نشيط1. أبو الحَسَن، مولى جعدة بْن هُبَيْرة المخزومي. كوفيّ متروك. سكن مصر وروى الطامّات. عَنْ: مالك بْن مِغْوَلٍ، والثَّوْريّ، ومسعر، وعبد العزيز بْن أَبِي رَوَّاد. وعنه: محمد بْن عَبْد اللَّه بْن البرقي، ومحمد بْن يوسف بْن أَبِي مَعْمَر، ومقدام بْن داود الرُّعَيْنيّ، ومؤمّل بْن إهاب، وآخرون. قَالَ النَّسائيّ: روى عن الثوري، ومالك بن مغول أحاديث كانا أتقى لله من أنّ يحدّثا بها. وقال ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ أَحَادِيثِهِ لا يُتَابَعُ عَلَيْهَا، ومع ضعفه يكتب حديثه. وقال ابن يونس: مات في خامس رجب سنة عشرٍ ومائتين. 230- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن ربيعة بْن قُدَامة بْن مظعون2. أبو محمد القُداميّ المصِّيصيّ. عَنْ: مالك، وإبراهيم بْن سعْد، وطائفة. وعنه: صالح بْن عليّ النَّوْفليّ، ومحمد بْن أبان القلانسيّ، وإبراهيم بْن محمد الصّفّار، وإِسْحَاق بْن إبراهيم بْن سهم، وغيرهم. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكُتُبِ إلا على سبيل الاعتبار. وقال أبو عَبْد اللَّه الحاكم: يروي عَنْ مالك الموضوعات. 231- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عُمارة3. أبو محمد القداح الْأَنْصَارِيّ الْمَدَنِيّ. عَنْ: ابن أَبِي ذئب، وسليمان بْن بلال، ومَخْرَمة بْن بُكَيْر، وجماعة. وعنه: عُمَر بْن شَبَّة، ومحمد بْن سعْد، والفضل بْن سهل، وآخرون. وكان عالمًا بالنسب، ولم يضعفه أحد. ذكره الخطيب، وغيره.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 158"، لسان الميزان "3/ 332، 333". 2 المجروحين لابن حبان "2/ 39، 40"، ميزان الاعتدال "2/ 488، 489". 3 الجرح والتعديل "5/ 158"، تاريخ بغداد "10/ 62".

232- عَبْد اللَّه بْن نافع الصّائغ الْمَدَنِيّ المخزوميّ1 -ن. ء- مولاهم الفقيه. عَنْ: أسامة بْن زيد اللَّيْثيّ، وابن أَبِي ذئب، وداود بْن قيس الفراء، وسليمان بْن يزيد الكَعْبيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن حَسَن الّذي ثار بالمدينة، ومالك بْن أنس، والليث بْن سعْد، وكثير بْن عَبْد اللَّه بْن عَوْف، وخلق. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وسَحْنُون الفقيه، وأحمد بْن صالح الحافظ، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، والحَسَن بْن عليّ الخلّال، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وأحمد بْن الحَسَن التِّرْمِذيّ، والزُّبَير بْن بكّار، وخلق. قَالَ أبو طَالِب، عَنْ أحمد بْن حنبل: كَانَ صاحب رأي مالك. وكان يُفتي أهل المدينة. ولم يكن صاحب حديث؛ كَانَ ضيّقًا فيه. وقال الْبُخَارِيّ: يُعرف وينكر. وقال أبو حاتم: هُوَ لين في حفظه، وكتابه أصحّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عديّ: روى عَنْ مالك غرائب. لكن لم يرو ابن عديّ في ترجمته إلّا حديثًا واحدًا فوهم فيه وهمًا منكرًا. ذَلِكَ أَنَّهُ روى بإسناده، عَنْ عَبْد الوهّاب بْن بخت، أحد القدماء الذين ماتوا في خلافة هشام بْن عَبْد الملك، وعن عَبْد اللَّه بْن نافع، عَنْ هشام بْن عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ، فذكر حديثًا. ثمّ قَالَ: وإذا روى عَنْ عَبْد اللَّه مثل عَبْد الوهّاب بْن بخت يكون ذَلِكَ دليلًا عَلَى جلالته. وهو من رواية الكبار عَنِ الصغار. قلت: لم يولد صاحب الترجمة إلّا بعد موت عَبْد الوهّاب بدهر. وإنما عَبْد الوهّاب بْن نافع هذا ابن مولى ابن عُمَر قديم الموت. وأما الصائغ فمتأخر. وقال ابن سعْد: كَانَ قد لزم مالكا لزومًا شديدًا، وهو دون معني. وتُوُفّي في رمضان سنة ست ومائتين.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 438"، التاريخ الكبير "5/ 213"، الجرح والتعديل "5/ 183، 184"، التهذيب "6/ 51-53".

233- عبد الله بن واقد1. أبو عبادة الحرّانيّ. أحد الضعفاء. عَنْ: ابن جُرَيْج، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وحنظلة بْن أَبِي سُفْيَان، وفايد أَبِي الورقاء. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق بْن الصيف، وسَعْدان بْن نَصْر، ومحمد بْن يحيى الحرّانيّ، وغيرهم. قَالَ الْبُخَارِيّ: تركوه. منكر الحديث. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. وأمّا ابن مَعِين فاختلف قولْه فيه. وقال أحمد: ما بِهِ بأس. يشبه أهل النسك والخير. قلت: تُوُفّي سنة سبْعٍ ومائتين، وقيل: سنة عشر. 234- عَبْد اللَّه بْن الوليد بْن ميمون العدني2 -د. ت. ن- أبو محمد. مولى عثمان -رضى الله عنه. وكان يَقُولُ: أَنَا مكّيّ، فلم يقال لي: العَدَنيّ؟ قلت: هُوَ لقب لَهُ. روى عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، ومصعب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وزمعه بْن صالح، وإبراهيم بْن طِهْمان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن نَصْر النَّيْسابوريّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد المقدسي، ومؤمّل بْن إهاب، وجماعة. قَالَ أحمد بْن حنبل: لم يكن صاحب حديث، وحديثه حديث صحيح. وقال أبو زُرْعة: صدوق. قلت: واستشهد به البخاري في "الصحيح".

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 486"، التاريخ الكبير "5/ 219"، الجرح والتعديل "5/ 191، 192"، التهذيب "6/ 66-68". 2 التاريخ الكبير "5/ 217، 218"، الجرح والتعديل "5/ 188"، تهذيب التهذيب "6/ 70".

235- عَبْد الأعلى بْن سليمان1. أبو عَبْد الرَّحْمَن العبْديّ الزرّاد. سمع: هشام بْن حسان، وهشامًا الدستوائي، وغالبًا القطان. وعنه: علي بن حرب، والرَّماديّ، ويعقوب السَّدُوسيّ، ومحمد بْن سعْد العَوْفيّ، وجماعة. وهو مستور. 236- عَبْد الحميد بْن أَبِي أُوَيْس عَبْد اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ بْنُ أَبِي عامر2. أبو بَكْر الأصبحيّ الْمَدَنِيّ الأعشى، أخو إسماعيل. عَنْ: أَبِيهِ، وسليمان بْن بلال، وابن أَبِي ذئب، وسُفْيَان الثَّوْريّ، ومحمد بْن أَبِي حُمَيْد، والربيع بْن مالك عمّ جَدّه، وجماعة. وقيل: إنّه روى عَنِ ابن عجلان. وعنه: أخوه، وأيوب بْن سليمان بْن بلال، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بْن رافع، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وهو آخر من حدَّثَ عَنْه. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. ومات سنة اثنتين ومائتين. قاله أخوه. وقد قرأ القرآن عَلَى نافع. روى عَنْهُ القراءة: أحمد بْن صالح، وإبراهيم بْن محمد المدنيّ. 237- عبد الحميد بن عبد الرحمن3 -خ. د. ت. ق- أبو يحيى الحماني الكوفي. ولاؤه لحمان. وهم بطن من تميم. وأصله خوارزمي، ولقبه "بشمين".

_ 1 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 67"، تاريخ بغداد "11/ 71". 2 التاريخ الكبير "6/ 50، 51"، الجرح والتعديل "6/ 15"، تهذيب التهذيب "6/ 118". 3 الطبقات الكبرى "6/ 399"، التاريخ الكبير "6/ 45"، الجرح والتعديل "6/ 16"، تهذيب التهذيب "6/ 120".

روى عَنْ: الأعمش، وبُرَيْد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي بُرْدَة، والحسن بن عمارة، وأبي حنيفة، وطلحة بن يحيى بن طلحة التيمي، وطلحة بن عمرو المكي، وجماعة. وعنه: ابنه يحيى، وأحمد بن عمر الوكيعي، وأحمد بن عبد الحميد الحارثيّ، والحسن بن علي الخلال، وعباس الدوري، ومحمد بن عاصم الثقفي، والحسن بن علي بن عفان، وخلق، والبخاري، عَنْ محمد بْن خَلَف، عَنْهُ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وقال أبو داود: كَانَ داعيةً في الإرجاء. وقال هارون الحمّال: مات سنة اثنتين ومائتين. 238- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن عطية1. أبو سليمان الداراني الزّاهد، شيخ أهل الشام في زمانه. قَالَ أحمد بْن أَبِي الحواري: مات سنة خمس ومائتين. وقال أبو يعقوب القرّاب، وأبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ: سنة خمس عشرة ومائتين. ستأتي ترجمته في الطبقة التالية. 239- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حمّاد التَّميميّ الكوفي المقرئ2. واسم أَبِيهِ شُكيل، يكنى أبا محمد. قرأ عَلَى حمزة، وكان من جلة أصحابه. ثمّ قرأ عَلَى: أَبِي بَكْر بْن عياش. وروى الحروف عَنْ: نافع: وشَيْبان النَّحْويّ، وعيسى بن عمر. وسمع من: إسرائيل بن يونس، ويحيى بن سلمة بن كهيل، وفطر بن خليفة، وطائفة. روى عنه: الحسن بن جامع، ومحمد بن جنيد، وإسحاق بن الحجاج، ومحمد بن عيسى، وهارون بن حاتم، ومحمد بن الهيثم، وآخرون.

_ 1 سيأتي ترجمته في الطبقة التالية برقم "226". 2 الجرح والتعديل "5/ 244".

240- عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي1. أبو محمد الرازي المقرئ. ودشتك محلة بالري. روى عَنْ: أَبِيهِ، وعُمَر بْن أَبِي قيس الرّازيّ، وأبي جعفر الرّازيّ، وزهير بْن معاوية، وإبراهيم بْن طِهْمان، وأبي حمزة السُّكّريّ، وجماعة. وعنه: ابنه أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأحمد بْن سَعِيد الرباطيّ، وأحمد بْن الفُرات، وعبد بْن حُمَيْد، وأحمد بْن الأزهر، وعامة أهل الرّيّ. وقد رآه أبو حاتم وسمع كلامه. وقال: كَانَ رجلًا صالحًا صدوقًا. وقال ابن مَعِين: لا بأس بِهِ. 241- عَبْد الرَّحْمَن بْن علقمة2. أبو يزيد السَّعْديّ المَرْوَزِيّ. سمع: أبا حمزة السُّكّريّ، وحمّاد بْن زيد، وجماعة. وكان فقيهًا بصيرًا بالرأي والحديث. أخذ الفقه عَنْ: محمد بْن الحَسَن. روى عَنْهُ: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن أبي طَالِب، وجعفر الصائغ، وغيرهم. أكره عَلَى قضاء سرخس فحكم مدة، ثمّ هرب فرارًا بدينه، رحمه اللَّه. 242- عَبْد الرَّحْمَن بْن غزوان3 -خ. د. ت. ن- أبو نوح الخزاعي، ويقال: الضبي مولاهم الملقب بقراد. سكن بغداد، وحدَّثَ عَنْ: عَوْف الأَعْرابيّ، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وعكرمة بْن عمار، وشُعْبة، وجرير بْن حازم، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 315"، الجرح والتعديل "5/ 254، 255"، تهذيب التهذيب "6/ 207". 2 الجرح والتعديل "5/ 273"، الثقات لابن حبان "8/ 375". 3 الطبقات الكبرى "7/ 335"، الجرح والتعديل "5/ 274"، ميزان الاعتدال "2/ 581، 582"، التهذيب "6/ 247-249".

وعنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وعباس الدُّوريّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وعبد اللَّه بْن أَبِي مَسَرّة، ومحمد بْن سعْد العَوْفيّ، ومحمد بن إسحاق الصنعاني، والحارث بن أبي أسامة، وخلق. وروى عنه من القدماء: أبو مُعَاوِيَة. قَالَ مجاهد بْن موسى: ما كتبت عَنْ شيخ كَانَ أحرّ رأسًا منه، وإنّما كَانَ يهدر: ثنا شعبة، ثنا شغبة. وقال ابن المَدِينيّ، وابن نُمَيْر: ثقة. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ عاقلًا من الرجال. وقال ابن حِبّان: كَانَ يخطئ فيتخالج في القلب منه لروايته عَنِ الَّليْث، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَة، عَنْ عَائِشَةَ، قصة المماليك وضربهم. تُوُفّي سنة سبْعٍ. 243- عَبْد الرَّحْمَن بْن قلوقا الكوفيّ القارئ1. قرأ عَلَى: حَمْزَةَ، ثمّ عَلَى سُلَيْم. قرأ عَلَيْهِ: رجاء بْن عيسى الجوهريّ، وغيره. 244- عَبْد الرَّحْمَن بْن قيس2. أبو معاوية الزَّعْفرانيّ الْبَصْرِيّ، ثمّ البغداديّ. نزيل نَيْسابور. عَنْ: حُمَيْد الطويل، وعبد اللَّه بْن عَوْن، والثَّوْريّ، وجماعة. وعنه: أحمد بْن الفُرات، ومحمد بْن إِسْحَاق الصَّنعانيّ، وجماعة. وهو مجمع عَلَى ضعفه. روى له الترمذي حديثًا في "الشمائل".

_ 1 غاية النهاية "1/ 376". 2 التاريخ الكبير "5/ 339"، الجرح والتعديل "5/ 278"، تهذيب التهذيب "6/ 258".

وقال أبو زُرْعة: كذّاب. وكذّبه عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ. أَنْبَأَنِي يَحْيَى الصَّيْرَفِيُّ: أنا عَبْدُ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيُّ الْحَافِظُ: أَنَا مَسْعُودٌ الثَّقَفِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مَنْدَهْ، أَنَا أَبِي، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْعَشْرَاءِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْعَتِيرَةِ فَحَسَّنَهَا1. تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسٍ. قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: ثَنَا أَبِي، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسٍ، فَذَكَرَهُ. قَالَ أَبِي: ذَكَرْتُهُ لابْنِ حَنْبَلٍ فَاسْتَحْسَنَهُ. وَقَالَ: هَذَا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَابِ، أَمْلِهِ عَلَيَّ. فَكَتَبَهُ عَنِّي. 245- عَبْد الرَّحْمَن بْن الْمُغِيرَةُ2 بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِد بْن حكيم بْن حزام -خ. د- أبو القاسم الأَسَديّ الحزاميّ الْمَدَنِيّ. عَنْ: أَبِيهِ، ومالك، وعبد الرَّحْمَن بْن عياش السمعي، والدراوردي، وغيرهم. وعنه: إبراهيم بْن حمزة الزبيري، وأبو بَكْر عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الملك بْن شَبَّة، والزُّبَير بْن بكّار، وآخرون. 246- عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف بْن مَعْدان الأصبهاني3. أخو الزّاهد محمد بْن يوسف. روى عَنْ: عثمان بْن زائدة. روى عَنْهُ: صالح بْن مِهْران، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتة، ومحمد بْن عاصم الثقفي. توفي سنة عشرين.

_ 1 "حديث موضوع": وفيه صاحب الترجمة وقد كذب كما تقدم. 2 التاريخ الكبير "5/ 354"، الجرح والتعديل "5/ 288"، تهذيب التهذيب "6/ 276". 3 حلية الأولياء "8/ 236".

247- عَبْد الرحيم بْن حمّاد الثَّقْفيّ الْبَصْرِيّ1. عَنِ: الأعمش. قَالَ العُقَيْليّ: حدَّثَ عَنِ الأعمش ممّا لَيْسَ من حديثه. وعنه: يزيد بْن محمد العُقَيْليّ. جدّي. وحدَّثَ عَنْ عَمْرو بْن عُبَيْد أيضًا. 248- عَبْد الرحيم بْن هارون الغسانيّ الواسطيّ2. أبو هشام، نزيل بغداد. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن عَوْن، وعوف، وهشام بْن حسان، وشُعْبة، وعبد العزيز بْن أَبِي رواد. وعنه: يحيى بْن موسى ختّ، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن عَبْد الملك الدقيقيّ، وأحمد بْن سليمان الرهاويّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: متروك الحديث يكذب. وقال أبو حاتم الرّازيّ: لا أعرفه. وحسّن ت. حديثه. 249- عَبْد السّلام بْن هاشم3. أبو عثمان الْبَصْرِيّ البزار. سمع: شُعْبَة، وحنبل بْن عَبْد اللَّه الْبَصْرِيّ، وعثمان بْن سعْد الكاتب، والعلاء بْن المغيرة، وخالد بْن برد، وطائفة. وعنه: أبو الربيع الزهرنيّ، وعثمان بْن طالوت، ومحمد بْن عُمَر المقدسي، وهلال بْن بِشْر. شهد عَلَيْهِ أبو حفص الفلّاس بالكذب. 250- عَبْد الصَّمد بن حسان4. أبو يحيى المروذي.

_ 1 ميزان الاعتدال "2/ 603، 604"، لسان الميزان "4/ 5". 2 التاريخ الكبير "6/ 103"، الجرح والتعديل "6/ 340"، تهذيب التهذيب "6/ 308، 309". 3 التاريخ الكبير "6/ 66"، الجرح والتعديل "6/ 47"، ميزان الاعتدال "2/ 619". 4 الطبقات الكبرى "7/ 375"، التاريخ الكبير "6/ 105"، الجرح والتعديل "6/ 51"، ميزان الاعتدال "2/ 620".

عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، وزائدة، وإسرائيل، وخارجة بْن مُصْعَب، ومالك بْن أنس. وعنه: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وأحمد بْن مُعَاذ السُّلَميّ، وأيوب بْن الحَسَن الزّاهد، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب العبْديّ الفراء. وكان إمامًا فقيهًا، ولي قضاء هَراة، وغيرها. وتُوُفّي سنة عشر ومائتين. لم يخرجوا لَهُ شيئًا في الكتب. وهو من مَرْو الروذ. قَالَ عليّ بْن قُدَامة: ثنا عَبْد الصَّمد بْن حسان قَالَ: سَمِعْتُ الثَّوْريّ يَقُولُ: مر شيخ فظننته صاحب حديث، فقلت: عندك حديث؟ فقال: ما عندي حديث ولكن عند عتيق. قَالَ: وكان يهوديًا خمّارًا. روى عَنْ أحمد بْن حنبل أَنَّهُ ترك حديث عَبْد الصَّمد. وقال السليماني: روى عَنْهُ الْبُخَارِيّ في "المبسوط". 251- عَبْد الصَّمد بْن عَبْد الوارث بْن سعَيِد بن ذكوان1 -ع- أبو سهل التميمي العنبري، مولاهم الْبَصْرِيّ التنوري. عَنْ: أَبِيهِ، وعكرمة بْن عمار، وهشام الدَّسْتُوائيّ، وهمام بْن يحيى، وأبان العطار، وأبي خلدة خالد بْن دينار، وربيعة بْن كلثوم، وإسماعيل بْن مُسْلِم العبْديّ، وحرب بن شداد، وحرب بْن أبي العالية، وحرب بْن ميمون، وخلق. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ويحيى بْن مَعِين، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وحجاج بْن الشاعر، وبُنْدار، وهارون بْن عَبْد اللَّه، وعبد بْن حُمَيْد، وابنه عَبْد الوارث بْن عَبْد الصَّمد، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وخلق. وكان من ثقات البصريين وحفاظهم. قال أبو حاتم: صدوق. وقال محمد بن سعد وجماعة: توفي سنة سبع ومائتين.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 300"، التاريخ الكبير "6/ 150"، الجرح والتعديل "6/ 50، 51"، التهذيب "6/ 327، 328".

عَبْد الصَّمد بْن النُّعْمان من الطبقة الآتية. 252 - عَبْد العزيز بْن أبان بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن العاص1 بْن أَبِي أحيحة سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ. أَبُو خَالِدٍ الْقُرَشِيّ الأُمَويّ السّعيديّ الكوفيّ. نزيل بغداد. وأحد المتروكين. عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، ومِسْعَر، وفِطْر بْن خليفة، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وشُعْبة، والثَّوْريّ، وطائفة كبيرة. وعنه: الحَسَن بْن مُكْرَم، والحارث بْن أَبِي أسامة، ومحمد بْن الْجَهْم السّمريّ، ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوام الرّياحيّ، وإدريس بْن جعفر العطّار، وجماعة. قَالَ أحمد بْن حنبل: لما حدَّثَ بحديث المواقيت تركته. وقال ابن معين: كذاب، حدَّثَ بأحاديث موضوعة. وقال أبو حاتم: متروك، لا يُكتَب حديثه. وقال الْبُخَارِيّ: تركوه. وقال ابن سعْد: وُلّي قضاء واسط، ثمّ عُزل. فقدِم بغداد وبها تُوُفّي في رابع عشر من رجب سنة سبْعٍ ومائتين. وقال الحارث بن أبي أسامة: كَانَ كثير العيال شديد الفقر. 253- عَبْد العزيز بن أبي رزمة غزوان2 -د. ت- أبو محمد اليشكري مولاهم المَرْوَزِيّ. عَنْ: شُعْبَة، وإسرائيل، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه المسعودي، وجُوَبْير بْن سَعِيد، وأبي المُنِيب عَبْد اللَّه العَتَكيّ، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وجماعة. وعنه: ابنه محمد بْن عَبْد العزيز، وأحمد بْن منصور زاج، وعبد بْن حُمَيْد، وأبو وهْب محمد بْن مزاحم، وجماعة من المراوزة.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 404"، التاريخ الكبير "6/ 30"، الجرح والتعديل "5/ 277، 278"، تهذيب التهذيب "6/ 329". 2 الطبقات الكبرى "7/ 376"، التاريخ الكبير "6/ 29"، الجرح والتعديل "5/ 392"، تهذيب التهذيب "6/ 336، 337".

وكان قد حجّ في سنة خمسٍ وخمسين ومائة، وسمع من جماعة. وُلِد سنة تسعٍ وعشرين ومائة، ومات في المحرَّم سنة ستٍّ ومائتين. ذكره ابن حِبّان في "الثّقات". 254- عَبْد العزيز بْن النُّعْمان المَوْصِليّ1. روى عَنْ: شُعْبَة، وكثير بْن سُلَيْم. وعنه: الْحَسَن بْن محمد الزَّعْفَرانيّ، وعلي بْن حرب. قاله ابن أبي حاتم. ثم قَالَ: سُئل أَبِي عَنْهُ، فقال: مجهول. 255- عَبْد العزيز بْن الوليد بْن سليمان بْن أَبِي السّائب الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ2. روى عَنْ: أَبِيهِ، والأوزاعي، وأيّوب بْن تميم. وعنه: بقية، ودُحَيْم، وهشام بْن عمار، ومحمود بْن خَالِد، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وآخرون. ويُعرف بعبيد الزّاهد. وكان كبير القدر. قَالَ هشام بْن عمّار: ما أدركنا أعبد منه. وقال الوليد بْن عُتْبة: ما أدركنا أفضل منه. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: كَانَ أورع أهل زمانه، وهو الّذي يُعرف بعُبَيْد. 256- عَبْد الغفّار3. أبو حازم. خُراسانيّ رابط بعكا. وروى عَنْ: محمد بْن منصور، عَنِ ابن المُنْكِدر. وروى عَنْ: مالك بْن مِغْوَلٍ، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وجماعة من المجاهيل. وعنه: محمد بن وزير الدمشقي، وأبو الطاهر بن السرح، وإسماعيل بن حصن الجبيلي. قال أبو حاتم: لا بأس به.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 398". 2 التاريخ الكبير "6/ 27"، الجرح والتعديل "5/ 399"، الثقات لابن حبان "8/ 392-396". 3 الجرح والتعديل "6/ 54"، الثقات لابن حبان "8/ 421"، ميزان الاعتدال "2/ 639".

257- عبد الكبير بن عبد المجيد1 -ع- أبو بَكْر الحنفي الْبَصْرِيّ. أخو أبو عليّ الحنفيّ. عَنْ: أسامة بْن زيد اللَّيْثيّ، وخَيْثَم بْن عِراك، وأفلح بْن حُمَيْد، وعبد الحميد بْن جعفر الْأَنْصَارِيّ، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، والضحاك بْن عثمان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن رَاهَوَيْه، وابن المَدِينيّ، وبُنْدار، ومحمد بْن المُثَنَّى، وإِسْحَاق الكَوْسَج، والذُّهْليّ، وخلْق آخرهم الكُدَيْميّ. وثّقه أحمد، وغيره. وقال ابن سعْد: مات سنة أربعٍ ومائتين. 258- عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رواد الأزدي المكي2 -د. م- أبو عبد الحميد، مولى المهلّب بْن أَبِي صُفْرَةَ. عَنْ: أَبِيهِ، وابن جُرَيْج، ومَعْمَر، وعثمان بْن الأسود، ومروان بْن سالم الجزري، وأيْمن بْن نابل، وجماعة. وكان أعلم النّاس بحديث ابن جُرَيْج. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو بَكْر الحُمَيْديّ، ومحمد بْن يحيى العَدَنيّ، وحاجب بْن سليمان المَنْبِجيّ، وأحمد بْن شَيْبان الرَّمْليّ، والزُّبَير بْن بكّار، وخلق كثير. وثّقه ابن مَعِين، وأحمد. وقال أحمد: كَانَ فيه غُلُوٌّ في الإرجاء، ويقول: هَؤُلَاءِ الشُّكّاك. وقال ابن مَعِين: كَانَ أعلم النّاس بحديث ابن جُرَيْج، ولكن لم يكن يبذل نفسه للحديث. ثمّ ذكر من نبله وهيئته. وقال مرّةً: كَانَ صدوقًا، ما كَانَ يرفع رأسه إلى السماء. وكانوا يعظمونه.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 299"، التاريخ الكبير "6/ 126"، الثقات لابن حبان "8/ 420"، التهذيب "6/ 370، 371". 2 الطبقات الكبرى "5/ 500"، التاريخ الكبير "6/ 112"، الجرح والتعديل "6/ 64، 65"، تهذيب التهذيب "6/ 381".

وقال عَبْد اللَّه بْن أيّوب المُخَرِّميّ: لو رأيت عَبْد المجيد لرأيتَ رجلًا جليلًا من عبادته. وقال الحُسين بْن عَبْد اللَّه الرَّقّيّ: ثنا عَبْد المجيد، ولم يرفع رأسه أربعين سنة إلى السماء. وكان أَبُوهُ أعبد منه. وقال أبو داود: كَانَ رأسًا في الإرجاء. وقال يعقوب الفَسَويّ: كَانَ مبتدعًا داعية. وقال سَلَمَةُ بْن شبيب: كنتُ عند عَبْد الرّزاق، فجاءنا موت عَبْد المجيد، وذلك في سنة ستٍّ ومائتين، فقال عَبْد الرّزّاق: الحمد لله الّذي أراح أُمَّةَ محمد من عَبْد المجيد. وقال ابن عديّ: عَامَّةُ ما أُنِكر عَلَيْهِ الإرجاء. قَالَ هارون الحمّال: ما رأيت أخشع لله من وكيع، وكان عَبْد المجيد أخشع منه. وقال أبو نُعَيْم: مات سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. قلت: هذا غلط. 259- عَبْد الملك بْن إبراهيم1. أبو عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الْجُدّيّ الْمَكِّيّ. مولى بُنيّ عَبْد الدّار. عَنْ: شُعْبَة، ويزيد ين إبراهيم التُّسْتَريّ، والقاسم بْن الفضل الحدّانيّ، وإبراهيم بْن طِهْمان، وسفيان الثَّوْريّ، وجماعة. وعنه: عَبْد الله بن منير المروزي، ومحمود بن غيلان، وأحمد بْن منصور زاج، وسليمان بْن منصور الحرّانيّ، وأحمد بْن محمد البزّيّ القارئ، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، وخلْق كثير. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ البزّيّ: ثقة مأمون. وقال أبو عَبْد الرَّحْمَن المقرئ: هُوَ أحفظ منّي. قَالَ الْبُخَارِيّ: مات سنة أربعٍ أو خمسٍ ومائتين. 260- عَبْد الملك بْن بزيع2.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 406"، الجرح والتعديل "5/ 342"، تهذيب التهذيب "6/ 384، 385". 2 الجرح والتعديل "5/ 344".

أبو مروان الدّمشقيّ. الرجل الصالح نزيل تِنِّيس. روى عَنْ: يحيى الذِّماريّ، والأوزاعي، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وجماعة. وعنه: عَبْد العزيز بْن الوليد، وجعفر بْن مسافر، والحَسَن بْن عَبْد العزيز الجروي، وقال: كَانَ أفضل من رأيته رحمه اللَّه. 261- عَبْد الملك بْن الحَكَم الرَّمْليّ1. عَنْ: جعفر بْن بُرْقان، وابن ثوبان، طلحة بن زيد، وشُعْبة، وابن لهيعة، وطائفة. وعنه: موسى بْن سهل الرَّمْليّ، وإبراهيم بْن محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ المَقْدِسيّ. 262- عبد الملك بْن عَمْرو القَيْسيّ2 -ع- أبو عامر العقدي البصري. عَنْ: زكريّا بْن إِسْحَاق الْمَكِّيّ، وهشام الدَّسْتُوائيّ، ومحمد بْن أَبِي حُمَيْد، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وعُمَر بْن أبي زائدة، وعكرمة بْن عمّار، ورباح بْن أَبِي معروف، وأفلح بْن حُمَيْد، وأفلح بن سعيد، وأيمن بن نابل، شعبة، وإبراهيم بْن طِهْمان، وخلْق. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأبو خَيْثَمَة، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد بْن الفُرات، وعباس الدُّوريّ، ومحمد بْن شداد المِسْمَعيّ. ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، والكُدَيْميّ، وخلْق. قَالَ النَّسائيّ: ثقة مأمون. وقال محمد بْن سِنان القزّاز: هُوَ مولى للعقديّين من بُنيّ قيس. وكان لا يَخْضِب. وقال غيره: كَانَ من حُفّاظ أهل البصرة. قَالَ ابن سعْد، ونصْر الْجَهْضميّ: مات سنة أربعٍ ومائتين.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 348". 2 الطبقات الكبرى "7/ 299"، التاريخ الكبير "5/ 425"، الجرح والتعديل "5/ 359، 360"، الثقات لابن حبان "8/ 388".

قلت: وقع حديثه عاليًا في "الغَيْلانيّات". 263- عَبْد الملك بْن أَبِي كريمة الْأَنْصَارِيّ1 -د- مولاهم المغربي أبو يزيد. يروي عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن زياد بْن أَنْعُم الإفريقيّ، وعُبَيْد بْن ثُمامة المُرَاديّ، ويقال: عُتْبة بْن ثُمامة، ومالك بْن أنس، وخالد بْن حُمَيْد المهْرِيّ. وعنه: أبو الطّاهر أحمد بْن السَّرْح: وعبد الرَّحْمَن بْن زياد الرضابيّ، وقاضي تونس أبو زيد شجرة بْن عيسى التونسيّ. قَالَ ابن السَّرْح: كَانَ من خِيار المسلمين. وقال ابن يونس: توفي سنة أربع ومائتين. أنبئت عَنِ الصَّيْدَلانِيِّ أَنَّ فَاطِمَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَا ابْنُ رَيْدَةَ، أَنَا الطَّبَرَانِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي الطَّاهِرِ بْنِ السَّرْحِ، ثنا أَبِي، ثنا عَبْدُ الْمَلَكِ بْنُ أَبِي كُرَيْمَةَ الْمَغْرِبِيُّ: حدَّثني عُتْبَةُ بْنُ ثُمَامَةَ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مِصْرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ فِي مَسْجِدِ مِصْرَ، وَسُئِلَ عَنْ مَا مَسَّتِ النَّارُ، الْحَدِيثِ. 264- عَبْد الوهّاب بْن حبيب بْن مِهْران العبْديّ. أبو عِصْمة النَّيْسابوريّ الفراء الزّاهد، والد محمد بْن عَبْد الوهّاب. قَالَ الحاكم في "تاريخه" إمام في الدِّين والفِقْه والأدب والوَرَع، غَزّاء، حَجّاج، صوام، يقاس بعبد اللَّه بْن المبارك في عصره. كنيته أبو عِصْمة المطَّوِّعيّ. قرأ القرآن عَلَى نافع بْن أَبِي نُعَيْم القارئ، والأدب عَلَى الأصمعيّ، وأخذ الفقه عَنْ مالك، والثَّوْريّ. وسمع من: ابن أَبِي ذئب، وعبد العزيز الماجِشُون، وزائدة بْن قُدَامة، وذكر جماعة. وروى عَنْهُ: ابنه، وسَلَمَةُ بْن شيب، وأيوب بْن الحَسَن الزّاهد، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن الحَكَم، وغيرهم. قَالَ ابنه أبو أحمد: مات أَبِي في شوّال سنة ستٍّ ومائتين وأنا بالكوفة.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 364، 365"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 162"، تهذيب التهذيب "6/ 418"، الكاشف "2/ 187".

265- عَبْد الوهّاب بْن عطاء1. أبو نَصْر الْبَصْرِيّ الخفاف. مولى بني عجل. سكن بغداد، وحدَّثَ عَنْ: حُمَيْد الطويل، وسعيد الْجُرِيريّ، وخالد الحذاء، وثور بْن يزيد، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة وكان مكثرًا عَنْهُ، وابن عَوْن، وسليمان التَّيْميّ، ومحمد بْن عَمْرو بْن علقمة. وروى القراءة عَنْ أَبِي عَمْرو بْن العلاء. روى عنه الحروف: خلف البزاز، وأحمد بن جبير الأنطاكي. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَمْرُو النَّاقِدُ، وَالْحَسَنُ بن محمد الزعفراني، وعباس الدوري، والحارث بن أبي أسامة، وخلق كثير. قال ابن سعد: كان كثير الحديث. لزم ابن أبي عروبة وعرف بصحبته. وقال ابن معين: ثقة. وقال البخاري: ليس بالقوي. وقال الدارقطني: ثقة. وقال غيره: كان صالحا "بكاء" رحمه الله. قلت: مات في آخر سنة أربع ومائتين، وكان قد سمع من سَعِيد تصانيفه. قَالَ أحمد بْن حنبل: كان عبد الوهاب يقرأ عند ابن أَبِي عَرُوبَة تصانيفه، فكان عَبْد اللَّه الأفطس يَقُولُ: يا عَبْد الوهّاب طَرِّب طَرِّب. قَالَ: وكان يحيى بْن سَعِيد حَسَن الرأي فيه. وقال المَرْوَذِيّ: قلت لأحمد: عَبْد الوهّاب ثقة. قَالَ: تدري ما تَقُولُ؟ الثقة يحيى القطّان. وروى أَثرم، عَنْ أَحْمَد قَالَ: كَانَ عَبْد الوهّاب عالمًا بسعيد. وقال يحيى بْن أَبِي طَالِب: بلغنا أنّ عَبْد الوهّاب كَانَ مُستَمْلي سعيد، وكان عبد

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 333"، التاريخ الكبير "6/ 98"، الجرح والتعديل "6/ 72"، الثقات لابن حبان "7/ 133".

الوهّاب أكثر النّاس بكاء. ما كَانَ يقوم من مجلسه حتّى يبكي. وقال أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ أَصْلَحُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ. رَوَى عَنْ ثَوْرٍ حَدِيثَيْنِ لَيْسَا مِنْ حَدِيثِهِ. قُلْتُ: أَحَدُهُمَا فِي الْعَبَّاسِ: "اللَّهُمَّ اخْلُفْهُ فِي وَلَدِهِ" 1. حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. 266- عُبَيْد اللَّه بْن سُفْيَان بْن رَوَاحة الْبَصْرِيّ2. عَنْ: ابن عَوْن، وسُفْيَان الثَّوْريّ. وعنه: عَبْد الرحمن بن بِشْر بن الحَكَم، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ. قَالَ يحيى بْن مَعِين: كذّاب. وهو أبو سُفْيَان الصُّوفيّ. 267- عُبَيْد اللَّه بْن عبد المجيد3 -ع- أبو علي الحنفي، أخو أبو بَكْر الحنفيّ. ولهما أَخَوَانِ عُمَيْر، وشريك ليسا بالمشهورَيْن. روى عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وإسماعيل بْن مُسْلِم العبْديّ، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وعكرمة بْن عمّار، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن بشّار، ومحمد بْن يحيى، وعبد اللَّه الدّارميّ، وإِسْحَاق الكَوْسَج، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وابنه عليّ بْن نَصْر، وسليمان بْن سيف، والكُدَيْميّ، وخلْق. قَالَ أبو حاتم، وغيره: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال الكُدَيْميّ: مات سنة تسع ومائتين.

_ 1 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "3762"، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي "3762". 2 الجرح والتعديل "5/ 318"، ميزان الاعتدال "3/ 9"، المجروحين لابن حبان "2/ 66". 3 الطبقات الكبرى "7/ 299"، التاريخ الكبير "5/ 391"، الجرح والتعديل "5/ 324"، الثقات لابن حبان "8/ 404"، ميزان الاعتدال "3/ 13"، تهذيب التهذيب "7/ 34".

ووقع حديثه عاليًا في "القطيعيات". 268- عُبَيْد بْن عَقِيل بْن صُبَيْح. أبو عَمْرو الهلاليّ الْبَصْرِيّ الضّرير المقرئ المؤدِّب. عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن العلاء، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وهارون بْن موسى الأعور، وسعيد بْن الحَجّاج، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وأبي خلدة خَالِد بْن دينار، وأبان بْن تَوْبة، ومُصْعَب بْن ثابت، وطائفة. وعنه: حفيده مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَقِيل، ومحمد بْن يحيى القطعي، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، ومحمد بْن الْجَهْم السمري، وأبو حاتم السِّجِسْتانيّ، والحارث بن أبي أسامة، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابْن حِبّان: مات في شَعْبان سنة سبْعٍ. 269- عُبَيْد بْن أَبِي قُرَّةَ البغداديّ1. عَنْ: مالك، والليث، وابن لهيعة، وسليمان بْن بلال، وعبد الجبار بْن الورد، وطبقتهم. وعنه: أحمد بْن حنبل في مسنده، ومُسدَّد، وأبو خَيْثَمَة، وأحمد بْن محمد بْن يحيى القطّان، وحجاج بْن الشاعر، وآخرون. قَالَ ابن مَعِين: ما بِهِ بأس. وقال الْبُخَارِيّ: لا يُتابع عَلَى حديثه في قصة العبّاس. قلت: الحديث في "المُسْنَد" وهو مُنْكَر. قَالَ: ثَنَا الَّلَيْثُ، عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ مَوْلَى الْعَبَّاسِ، عَنِ الْعَبَّاسِ. قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: "انظر". قلت: أرى الثريا.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 324"، التاريخ الكبير "6/ 2"، الثقات لابن حبان "8/ 431"، ميزان الاعتدال "3/ 22".

قَالَ: "أَمَا إِنَّهُ يَمْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ بِعَدَدِهَا مِنْ صُلْبِكَ"1. 270- عثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مسلم الحراني الطرائقي المؤدِّب2. مولى بُنيّ أُمَيَّةَ، وقيل: هُوَ مولى بُنيّ تميم. وفي كنيته أقوال. روى عَنْ: عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وهشام بْن حسان، وجعفر بْن بُرْقان، وابن أَبِي ذئب، وأيمن بْن نابِل، ومعاوية بْن سلّام، وأشعث بْن عَبْد الملك، وطائفة. وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وأبو جعفر النُّفَيْليّ، وأبو كُرَيْب، وقُتَيْبة، وعليّ بْن ميمون الرَّقّيّ، وأبو شُعَيْب السُّوسيّ، وأحمد بْن سليمان الرّهَاويّ، وخلْق. وكان أبيض الرأس واللّحية. قَالَ ابن مَعِين: صادق. وقال أبو عَرُوبَة: متعبّد لا بأس به، ويحدث عَنْ قوم مجهولين بالمناكير. وقال ابن عديّ: كنيته أبو عَبْد الرَّحْمَن، عنده عجائب عَنِ المجهولين، وهو في الْجَزَريّين كَبَقِيَّةَ في الشّاميّين. وقال ابن حاتم: أنكر أَبِي عَلَى الْبُخَارِيّ إدخاله فِي كتاب "الضعفاء" وقال محمد بْن يحيى بْن كثير الحرّانيّ: مات سنة ثلاثٍ ومائتين. وقال غيره: سنة اثنتين. 271- عثمان بْن خَالِد بْن عَمْرو بْن عَبْد اللَّه بْن الوليد بْن الشهيد عثمان بْن عفان3. أبو عفان الأُمَويّ العُثْمانيّ الْمَدَنِيّ. عَنْ: مالك، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزَّناد، وغيرهما. وعنه: ابنه أبو مروان محمد بْن عثمان العُثْمانيّ، والحسين بْن أَبِي زيد الدباغ، وإبراهيم بن سعيد الجوهري.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه أحمد في المسند "1/ 209"، والحاكم في المستدرك "3/ 326"، والبيهقي في دلائل النبوة "6/ 518"، ولم يتابع صاحب الترجمة على هذا الحديث كما قال البخاري. 2 الجرح والتعديل "6/ 157، 158"، المجروحين لابن حبان "2/ 96-98"، تهذيب التهذيب "7/ 134، 135". 3 التاريخ الكبير "6/ 220"، الجرح والتعديل "6/ 149"، المجروحين لابن حبان "3/ 102"، تهذيب التهذيب "7/ 114".

قَالَ الْبُخَارِيّ: عنده مناكير. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كلّ أحاديثه غير محفوظة. 272- عثمان بْن عُمَر بْن فارس بْن لقيط بْن قيس العبْديّ الْبَصْرِيّ1. يُقَالُ: أصله من بُخَارَى. أبو محمد أو أبو عديّ. عَنْ: هشام بْن حسان، ويونس بْن يزيد، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وأسامة بْن زيد اللَّيْثيّ، وعليّ بْن المبارك الهُنَائيّ، وابن أَبِي ذئب، وشُعْبة، ومالك، وخلْق. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأبو خَيْثَمَة، والفلّاس، وبُنْدار، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، وعباس الدُّوريّ، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وخلْق. قَالَ أحمد: رَجُل صالح، ثقة. وقال العِجْليّ: ثقة ثبت. وقال يحيى بْن حكيم القوّام: مات ليلة الاحد لثمانٍ بقين من ربيع الأوَّل سنة تسع. وكذا ورّخه الفلّاس. وغلط أبو أُمَيَّةَ فقال: سنة ثمانٍ. وغلط آخر فقال: سنة سبْعٍ. 273- عثمان بْن كُلَيْب القُضاعيّ الْمَصْرِيّ الحرَسيّ. والحَرَس قرية من قرى مصر. روى عَنْ: عَمْرو بْن الحارث، ونافع بْن يزيد. وعنه: زكريا كاتب العمري، وأبو يحيى الوتار. قتلته البجه بالحرس سنة سبع. 274- عثمان بن اليمان2.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 296"، التاريخ الكبير "6/ 240"، الجرح والتعديل "6/ 159"، الثقات لابن حبان "8/ 451"، التهذيب "7/ 142". 2 الطبقات الكبرى "5/ 501"، التاريخ الكبير "6/ 256"، الجرح والتعديل "6/ 173"، الثقات "8/ 450"، تهذيب التهذيب "7/ 160".

أبو محمد البصري ثم المكي. سمع: سفيان الثوري، وزمعة بن صالح، وغيرهما. وعنه: أحمد الدورقي، وأحمد بن الوليد البغدادي. كناه الحاكم. 275- عصام بن يزيد بن عجلان1. أبو سعيد جبر الأصبهاني، خادم سفيان الثوري. يروي عَنْ: سُفْيَان، وشُعْبة، وحمزة الزّيّات، ومالك. وعنه: ابناه محمد، ورَوْح، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة، وآخرون. ومن القدماء: النُّعْمان بْن عَبْد السّلام، وهو أكبر منه. وقيل: إنّ عجلان مولى لمُرَّة الطَّيِّب. 276- عُقْبة بْن علقمة بْن خديج البَيْروتيّ2. أبو عَبْد الرَّحْمَن، ويقال: أبو يوسف، وأبو سَعِيد. عَنْ: أرطأة بْن المنذر، وإبراهيم بن أبي عبلة، وعثمان بن عطاء الخراساني، ويونس الأَيْليّ، والأوزاعي، وجماعة. وعنه: أبو مسهر، ونعيم بن حماد، عيسى بْن يونس الفاخوريّ، وعَمْرو بْن عثمان الحمصيّ، وأبو عُتْبة الحجازيّ، والعبّاس بْن الوليد البَيْروتيّ، وخلْق. وثّقه عَبْد الرَّحْمَن بْن خِراش، وغيره. وقال ابن عديّ: روى عَنِ الأوزاعي ما لم يوافقه عَلَيْهِ أحد. وقال عَبَّاس البَيْروتيّ: مات سنة أربع ومائتين. وممّن روى عَنْهُ ابنه محمد بن عقبة.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 520". 2 التاريخ الكبير "6/ 443، 444"، الجرح والتعديل "6/ 314"، الثقات لابن حبان "7/ 245"، تهذيب التهذيب "7/ 246، 247".

وفي التابعين: عُقْبة بْن علقمة، أبو الْجَنْوب1. يروي عَنْ عليّ -رضى الله عنه. 277- عليّ بْن بكّار2. أبو الحَسَن الْبَصْرِيّ، نزيل المصِّيصة والثُّغور، الزّاهد العارف. صحب إبراهيم بْن أدهم مُدَّةً. وَرَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وابن عَوْن، وهشام بن حسان، والأوزاعي، وحسين المعلم، وجماعة. وعنه: هناد السري، ويوسف بن مسلمة، والفيض بن إسحاق، وسلمة بن شبيب، وبركة بن محمد الحلبي، وعبد الله بن خبيق الأنطاكي، وآخرون. قال يوسف بن مسلم: بكى علي بن بكار حتى عمي، وكان قد أثرت الدموع على خديه. قلت: وكان فارسًا مجاهدا في سبيل الله، مرابطا بالثغور. وبلغنا عنه أَنَّهُ قَالَ: واقعنا العدوّ فانهزم المسلمون وقصّر بي فرسي، فقلت: عليَّ فلانة في علفي. فضمنت أنّ لا يليه غيري. وعنه قَالَ: لأن أَلْقَى الشيطان أحبّ إليّ من أنْ ألقى حُذَيفة المَرْعَشيّ، أخاف أنّ أتصنع لَهُ فأسقط من عين اللَّه. وقال موسى بْن طريف: كانت الجارية تفرش لَهُ فتلمسه بيدها وتقول: واللَّه إنك لطيب، واللَّه إنك لَبَارد، واللَّه لأعْلُوَنَّك اللَّيْلَةَ. وكان يصلّي الفجر بوضوء العَتمَة. قَالَ مُطِّين: مات سنة سبْعٍ ومائتين. قلت: غلط من قَالَ: إنّه مات سنة تسع وتسعين ومائة.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 313". 2 الطبقات الكبرى "7/ 490"، التاريخ الكبير "6/ 262"، الجرح والتعديل "6/ 176"، الثقات لابن حبان "8/ 463"، التهذيب "7/ 586".

أمّا عليّ بْن بكّار المصِّيصيّ الصغير، فيأتي بعد الأربعين. 278- عليّ بْن جعفر الصادق بْن محمد الباقر بْن زين العابدين عليّ بْن الحُسين1 -ت. العلويّ الحُسَيني أخو موسى، وإسماعيل، وإِسْحَاق، ومحمد، وعبد اللَّه، وعباس، وفاطمة، وأسماء، وأم فَرْوَةَ، وفاطمة الصُّغرى رحمهم الله. وأمه أمّ وُلِد. روى عَنْ أَبِيهِ شيئًا يسيرًا، وعن: أخيه موسى الكاظم، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وغيرهم. وعنه: ابناه محمد وأحمد، وحفيده عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن عليّ، وابن ابن أخيه إسماعيل بْن محمد بْن إِسْحَاق، وأحمد البزّيّ صاحب القراءة، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وجماعة. روى له الترمذي حديثا في حب آل محمد، عَنْ نَصْر الْجَهْضميّ2، وقع موافقة في جزء العطوف. قَالَ التِّرْمِذيّ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وقال ابن أخيه المذكور: تُوُفّي سنة عشر ومائتين. 279- علي بن حفص المدائني3 -م. د. ت. ن- أبو الحسن. عَنْ: عكرمة بْن عمّار، وحريز بْن عثمان، وشُعْبة، وورقاء، وسفيان الثَّوْريّ، وطائفة. وعنه: أحمد بن حنبل، أبو خَيْثَمَة، وأبو بَكْر بْن أبي شيبة، ومحمد بْن إشكاب، ومحمد بْن إِسْحَاق الصَّغانيّ، ومحمد بْن رافع، ويعقوب بْن شَيْبة، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. 280- عليّ بْن عاصم بْن صُهَيْب4 -د. ت. ق- مولى قريبة بنت محمد بن

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 117"، تهذيب التهذيب "7/ 293". 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "3786"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي "3786". 3 التاريخ الكبير "6/ 269"، الجرح والتعديل "6/ 182"، الثقات لابن حبان "8/ 465"، ميزان الاعتدال "3/ 125"، تهذيب التهذيب "7/ 309". 4 الطبقات الكبرى "7/ 313"، الجرح والتعديل "6/ 198، 199"، سير أعلام النبلاء "9/ 249-262"، الميزان "3/ 135-138"، تهذيب التهذيب "7/ 344-248".

أَبِي بَكْر الصديق. أبو الحَسَن الواسطيّ، وُلِد سنة خمس ومائة. روى عَنْ: سهيل بْن أَبِي صالح، وعطاء بْن السائب، ويزيد بْن أَبِي زياد، ويحيى البكاء، وبيان بْن بشر، وحصين بْن عَبْد الرحمن، وعبد اللَّه بْن عُثْمَان بن خيثم، وأبي هارون العبْديّ، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وحُمَيْد الطويل، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن الأزهر، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعبد بْن حُمَيْد، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، ويعقوب بْن شَيْبة، والحَسَن بْن مُكْرَم البزار، والحارث بْن أَبِي أسامة، وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُ. ومن القدماء: يزيد بْن زريع، وعفان بْن مُسْلِم، وآخرون. قَالَ يعقوب بْن شَيْبة: كَانَ -رحمة اللَّه عَلَيْهِ- من أهل الدِّين والصلاح والخير البارع. وكان شديد التَّوَقّي. ومنهم من أنكر عَلَيْهِ كثرة الغلط والخطأ. ومنهم من أنكر عَلَيْهِ تماريه في ذَلِكَ وترك الرجوع. ومنهم من تكلّم في سوء حِفْظه. وعن عَبّاد بْن العوام قَالَ: لَيْسَ يُنْكَر عَلَيْهِ أَنَّهُ لم يسمع. ولكنّه كَانَ رجلًا مُوسِرًا، وكان الورّاقون يكتبون لَهُ. فأتي من كتبه الّتي كتبوها لَهُ. وقال وكيع: ما زلنا نعرفه بالخير، فخذوا الصِّحاح من حديثه وَدَعُوا الغَلَط. وقال عفّان: قدمتُ أَنَا وبهز واسط، فدخلنا عَلَى عليّ بن عاصم فقال: ممن أنتما؟ قُلْنَا: من أهل البصرة. فقال: من بَقِيّ؟ فذكرنا حمّاد بْن زيد ومشايخ البصريين. فلا نذكر لَهُ إنسانًا إلّا استصغره، فلمّا خرجنا قَالَ بهز: ما أرى هذا يفلح. وقال أحمد بْن أعين: سَمِعْتُ عليّ بْن عاصم يَقُولُ: دفع إليّ أَبِي مائة ألف درهم. وقال: اذهب فلا أرى لك وجهًا إلّا بمائة ألف حديث. وقال وكيع: أدركت النّاس والحلقة لعليّ بْن عاصم بواسط. فقيل لَهُ: إنّه يغلط. فقال: دعوه وغلطه. وقال أحمد بْن حنبل: أمّا أَنَا فأحدّث عَنْهُ. كَانَ فيه لَجَاج1 ولم يكن متهمًا. وقال محمد بْن يحيى: قلت لأحمد بْن حنبل في عليّ بْن عاصم فقال: كَانَ حمّاد بْن سَلَمَةَ يخطئ، وأومأ أحمد بيده، أي كثيرًا، ولم ير بالرواية عنه بأسًا.

_ 1 لجاج: اختلاط.

وقال الخطيب في تاريخه: كَانَ يستصغر النّاس وَيَزْدَرِيَهِم. وقال عَبْد اللَّه بْن عليّ المَدِينيّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أتيت عليَّ بْن عاصم فنظرت في أثلاث كثيرة، فأخرجت منها مائتي طرف. فذهبت إليه فحدث عن المغيرة، عَنْ إبراهيم في التمتُّع. فقلت: إنّما هذا عَنْ مغيرة رأى حمّاد. فقال: من حدثكم؟ قلت: جرير. قَالَ: ذاك الصّبيّ رأيته ما يعقل ما يقال لَهُ. قَالَ: ومر شيء آخر، فقلت: يخالفونك: قَالَ: مَن؟ قلت: أبو عَوَانة. قَالَ: وضَّاع ذاك العبد. قَالَ: ومرّ شيء آخر، فقلت: يخالفونك. قَالَ: مَن؟ قلت: إبراهيم بن إسماعيل. قَالَ: ما رأيت ذاك يطلب حديثًا قطّ. قَالَ: وقال لشُعْبة: ذاك المسكين كنت أكلّم لَهُ خَالِد الحذّاء، فيحدثه. قَالَ الْخَطِيبُ: وَمِمَّا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ. قُلْتُ: هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ، وَالْمَخْرَمِيُّ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ"1. وَالْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ أُبَيٍّ، وَأَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ، وَإِسْرَائِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. يَرَوْنَ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ مُسْنَدًا وَلَا مَوْقُوفًا. وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ وَلَا وَقَّفَهُ غَيْرَ عَلِيٍّ. وَهُوَ مِنْ أَعْظَمَ مَا أَنْكَرَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْمَخْرَمِيُّ: ثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَنْ هَذَا الحديث فقال: صدق أنا قلته.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "1073"، وابن ماجه "1602"، والبيهقي في السنن الكبرى "4/ 59"، وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "765"، وفي ضعيف الجامع "5696".

وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى الْعَابِدُ، وَكَانَ ثِقَةً، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ: أَهُوَ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الزَّمِنَ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَعُمَرُ عَنْ يَسَارِهِ، وَعُثْمَانُ أَمَامَهُ، وَعَلِيٌّ خَلْفَهُ، حَتَّى جَاؤُوا فَجَلَسُوا عَلَى رَابِيَةٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ؟ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ؟ فَجِيءَ بِهِ. فَلَمَّا رَآهُ قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَحْيَيْتَ سُنَّتِي. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ أَخْطَأَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ"1. فَقَالَ: أَنَا حَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ مَسْعُودٍ. قَالَ الباغَنْدِيُّ: فَجِئْتُ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، فَحَدَّثْتُهُ بِذَلِكَ، فَرَكَبَ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ فَسَمِعَهُ مِنْهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، وَغَيْرُهُ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: لَقِيتُ عَلِيَّ بْنَ عاصم الواسطي، فأفادني أَشْيَاءَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ. فَأَتَيْتُ خَالِدًا فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَأَنْكَرَهَا كُلَّهَا. وقال الفلّاس: عليّ بْن عاصم فيه ضعف، وكان إنّ شاء اللَّه من أهل الصِّدق. وقال الَّليْث بْن حَبْرويه: سَمِعْتُ يحيى بْن جعفر البيكَنْديّ يَقُولُ: كَانَ يجتمع عند عليّ بْن عاصم أكثر من ثلاثين ألفًا. وكان يجلس عَلَى سطح. وكان لَهُ ثلاثة مُسْتَمْلِين. قَالَ هارون بْن حاتم: سألته عَنْ مولده، فقال: سنة خمس ومائة. وقال تميم بْن المنتصر: وُلِد عليّ بْن عاصم سنة ثمان ومائة. قال: ومات سنة إحدى ومائتين. وقال محمد بْن سعْد: وُلِد سنة تسع ومائة. وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى بواسط، وهو ابن اثنتين وتسعين سنة وأشهر. 281- عليُّ بنُ موسى الرِّضا2 -ق. د. ت- أحد الأعلام.

_ 1 "حديث ضعيف": تقدم فيما قبله. 2 سير أعلام النبلاء "9/ 387-393"، ميزان الاعتدال "3/ 158"، البداية والنهاية "10/ 250".

هُوَ الْإِمَام أبو الحَسَن بْن موسى الكاظم بْن جعفر الصادق بْن محمد الباقر بْن عليّ زين العابدين بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الهاشْميّ العَلَويّ الحُسَينيّ. روى عَنْ: أَبِيهِ، وعُبَيْد اللَّه بْن أرطأة. وعنه: ابنه أبو جعفر محمد، وأبو عثمان المازني، والمأمون، وعبد السّلام بْن صالح، ودارم بْن قُبَيْصة، وطائفة. وأمّه أمّ وُلِد. وله عدَّة إخوة كلّهم من أمّهات أولاد وهم: إبراهيم، والعبّاس، والقاسم، وإسماعيل، وجعفر، وهارون، وحسن، وأحمد، ومحمد، وعُبَيْد اللَّه، وحمزة، وزيد، وعبد اللَّه، وإِسْحَاق، وحسين، والفضل، وسليمان. وعدَّة بنات سمّاهم الزُّبَيْر في كتاب "النَّسَب". وكان سيّد بُنيّ هاشم في زمانه، وأجلّهم وأنبلهم. وكان المأمون يعظّمه ويخضع لَهُ، ويتغالى فيه، حتّى أَنَّهُ جعله وليّ عهده من بعده. وكتب بذلك إلى الآفاق. فثار لذلك بنو العبّاس وتألّموا لإخراج الأمر عَنْهُمْ، كما هُوَ مذكور في الحوادث. وقيل: إنّ دعبلًا الخُزاعيّ أنشده مديحًا فوصله بستمائة دينار وبجبة خز بذل له فيها أَهْل قم ألف دينار، فامتنع وسافر. فأرسلوا من قطع عَلَيْهِ الطريق وأخذ الْجُبَّة. فردّ إلى قمّ وكلّمهم. فقالوا: لَيْسَ إليها سبيل ولكن هذه ألف دينار. وأعطوه خرقه منها. وقال المبرّد، عَنْ أَبِي عثمان المازنيّ قَالَ: سُئل عليّ بْن موسى الرِّضا: يكلف اللَّه العباد ما لا يطيقون؟ قَالَ: هُوَ أعدل من ذَلِكَ. قِيلَ: فيستطيعون أنْ يفعلوا ما يريدون؟ قَالَ: هُمْ أعجز من ذَلِكَ. ويروى أنَّ المأمون هَمّ مَرَّةً أنْ يخلع نفسه من الأمر ويولّيه عليَّ بْن موسى الرِّضا. ولمّا جعله وليّ عهده نزع السّواد العبّاسيّ وألبس النّاس الخُضْرة. وضُرب اسم الرِّضا عَلَى الدينار والدرهم. وقيل: إنّه قَالَ يومًا للرّضا: ما يَقُولُ بنو أبيك في جدّنا العبّاس؟ قَالَ: ما يقولون في رجلٍ فرض اللَّه طاعة نبيه عَلَى خلقه، وفرض طاعته عَلَى نبيه. فأمر لَهُ المأمون بألف درهم.

وَبَلَغَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ مُوسَى خَرَجَ بِالْبَصْرَةِ عَلَى الْمَأْمُونِ وَفَتَكَ بِأَهْلِهَا. فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ أَخَاهُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا يَرُدُّهُ عَنْ ذَلِكَ. فَسَارَ إِلَيْهِ فِيمَا قِيلَ وَحَجَّهُ وَقَالَ لَهُ: وَيْلَكَ يَا زَيْدُ، فَعَلْتَ بِالْمُسْلِمِينَ مَا فَعَلْتَ، وَتَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاللَّهِ لأَشَدُّ النَّاسِ عَلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يَنْبَغِي لِمَنْ أَخَذَ بِرَسُولِ اللَّهِ أَنْ يُعْطِيَ بِهِ. فَبَلَغَ كَلَامُهُ الْمَأْمُونَ فَبَكَى، وَقَالَ: هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَهْلُ بَيْتِ النُّبُوَّةِ. وَلِأَبِي نُوَاسٍ فِي عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: قِيلَ لِي: أَنْتَ أَحْسَنُ النَّاسِ طُرًّا ... فِي فُنُونٍ مِنَ الْمَقَالِ النَّبِيهِ لَكَ مِنْ جَيِّدِ الْقَرِيضِ مَدِيحٌ ... يُثْمِرُ الدُّرُّ فِي يَدَيْ مُجْتَنِيهِ فَعَلامَ تَرَكْتَ مَدْحَ ابْنِ مُوسَى ... وَالْخِصَالَ الَّتِي تَجَمَّعْنَ فِيهِ قُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ مَدْحَ إِمَامٍ ... كَانَ جِبْرِيلُ خَادِمًا لِأَبِيهِ قُلْتُ: هَذَا لَا يَجُوزُ إِطْلاقُهُ مِنْ أَنَّ جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- خَادِمٌ لِأَبِيهِ إِلَّا بِنَصٍّ وَالنَّصُّ مَعْدُومٌ فِيهِ. وَقَدْ كَذَبَتِ الرَّافِضَةُ عَلَى عَلِيٍّ الرِّضَا وَآبَائِهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- أَحَادِيثَ وَنُسَخًا هُوَ بَرِيءٌ مِنْ عُهْدَتِهَا، وَمُنَزَّهٌ مِنْ قَوْلِهَا. وَقَدْ ذَكَرُوهُ مِنْ أَجْلِهَا فِي كُتُبِ الرِّجَالِ. مِنْ جُمْلَتِهَا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مَرْفُوعًا: "السَّبْتُ لَنَا وَالأَحَدُ لِشِيعَتِنَا، وَالاثْنَيْنُ لِبَنِي أُمَيَّةَ، وَالثُّلاثَاءُ لِشِيعَتِهِمْ، وَالأَرْبِعَاءُ لِبَنِي الْعَبَّاسِ، وَالْخَمِيسُ لِشِيعَتِهِمْ، وَالْجُمُعَةُ لِلنَّاسِ جَمِيعًا"1. فَانْظُرْ مَا أَسْمَجَ هَذَا الْكَذِبُ، قَبَّحَ اللَّهُ مَنْ وَضَعَهُ. وَبِالإِسْنَادِ: "لَمَّا أُسْرِيَ بِي سَقَطَ إِلَى الأَرْضِ مِنْ عَرَقِي، فَنَبَتَ مِنْهُ الْوَرْدُ، فَمَنْ أَحَبَّ أن يشم رائحتي فليشم الورد"2.

_ 1 "حديث موضوع": وقد بين المصنف رحمه الله عدم نسبته إلى صاحب الترجمة. 2 "حديث موضوع": انظر تذكرة الموضوعات "626" للقيسراني.

وَبِالسَّنَدِ: "ادَّهِنُوا بِالْبَنَفْسَجِ، فَإِنَّهُ بَارِدٌ فِي الصَّيْفِ حَارٌّ فِي الشِّتَاءِ"1. وَ: "مَنْ أَكَلَ رُمَّانَةً بِقِشْرِهَا أَنَارَ اللَّهُ قَلْبَهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً"2. وَ: "الْحِنَّاءُ بَعْدَ النَّوْرَةِ أَمَانٌ مِنَ الْجُذَامِ"3. وَ: كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا عَطَسَ قَالَ عَلِيٌّ لَهُ: رَفَعَ اللَّهُ ذِكْرَكَ. وَإِذَا عَطَسَ عَلِيٌّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعْلَى اللَّهُ كَعْبَكَ"4. فَأَظُنُّ هَذَا مِنْ كَذِبِ الزَّنَادِقَةِ. نَقَلَ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ خِلِّكَانَ، أَنَّ سَبَبَ مَوْتِهِ أَنَّهُ أَكَلَ عِنَبًا فَأَكْثَرَ مِنْهُ. قَالَ: وَقِيلَ: بَلْ كَانَ مَسْمُومًا، فَاعْتَلَّ مِنْهُ، فَمَاتَ. قُلْتُ: مَاتَ فِي صَفَر سنة ثلاثٍ وَمائتين، عَنْ خمسين سنة بطوس. ومشهده مقصود بالزيارة، رحمه اللَّه. 282- عليُّ بْن يزيد سُلَيْم الصدائي الكوفي5. صاحب الأكفان. عَنْ: الأعمش، وهارون بْن عنترة، وفطر بْن خليفة، وزكريّا بْن أَبِي زائدة، وفضيل بْن مرزوق، وجماعة. وعنه: أحمد بْن أَبِي شُرَيْح الرّازيّ، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن سلّام الطَّرَسُوسيّ، وعبد اللَّه بْن أيّوب المُخَرِّميّ، ومحمد بْن حرب النَّسائيّ، وهارون الحمّال، وطائفة. قَالَ الحَسَن: قَالَ أحمد بْن حنبل: ما كَانَ بِهِ بأس. وقال أبو حاتم: لَيْسَ قويّ، مُنْكَر الحديث. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 106". 2 "حديث موضوع": انظر المجروحين لابن حبان "2/ 106". 3 "حديث موضوع": انظر المجروحين لابن حبان "2/ 106". 4 "حديث موضوع": انظر المجروحين لابن حبان "2/ 106". 5 الجرح والتعديل "6/ 209"، الثقات لابن حبان "8/ 462"، تهذيب التهذيب "7/ 395، 396".

قلت: لم يخرجوا لَهُ. 283- عليُّ بْن يونس البلخي1. العابد. العابد. روى عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، وهشام بْن الغاز، وعبد العزيز بْن أَبِي رواد، ومالك بْن أنس، وإسماعيل بْن جعفر، وآخرين. وعنه: يعقوب بْن عُبَيْد النَّهرتيريّ، وإبراهيم بْن هارون البلْخيّ، وإسحاق بْن عَبْد اللَّه بْن رزين النَّيْسابوريّ. ذكره ابن أَبِي حاتم، وما رأيت أحدًا ضعفه ولا من ذكره في أصحاب مالك. أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الْوَفَاءِ مَحْمُودٍ: أَنَا أَبُو الْخَيْرِ مُحَمَّدٌ، أَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَنْدَهْ، أَنَا أَبِي، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ النَّيْسَابُورِيُّ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُزَيْنٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ يُونُسَ الْبَلْخِيُّ، ثنا مَالِكٌ، وَالسُّفْيَانَانِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ"2. ثمّ ظفرت بذكره في "الضعفاء" للعقيلي وقال: لا يتابع عَلَى حديثه. ثمّ ساق من رواية الفضل بْن سهل الأعرج، عَنْ عليّ بْن يونس حديثًا، معروف المَتْن، غريب السند. 284- علية بنت أمير المؤمنين المهديّ3. أخت الرشيد. اشتريت أمها مكنونة للمهدي بمائة ألف درهم، فأولدها علية في سنة ستين ومائة. وكانت عُلَيَّة من أحسن النساء وأظرفهن وأعقلهن، ذات صيانة وأدب بارع.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 209"، الثقات لابن حبان "8/ 459"، ميزان الاعتدال "3/ 163". 2 "حديث صحيح": أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "2535"، وَمُسْلِمٌ "1506"، وَأَبُو داود "2919"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1236"، وَالنَّسَائِيُّ "4671"، وابن ماجه "2747"، وأحمد في المسند "2/ 9، 79، 107"، وعبد الرزاق في المصنف "16138"، وابن حبان في صحيحه "4948، 4949"، والبيهقي في السنن "10/ 292". 3 الأغاني "10/ 158-162"، سير أعلام النبلاء "10/ 187، 188"، النجوم الزاهرة "2/ 191".

تزوجها موسى بْن عيسى بْن موسى بْن محمد العبّاسيّ. وكان الرشيد يبالغ في إكرامها واحترامها. ولها ديوان شعر معروف بين الأدباء. عاشت خمسين سنة، وماتت في حدود العشر ومائتين. 285- عمّار بْن عَبْد الجبار السَّعْديّ المَرْوَزِيّ. أبو الحَسَن. سمع: ابن أَبِي ذئب، وشُعْبة، وطبقتهما. وعنه: أحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، ومحمد بْن عَقِيل الخُزاعيّ. وسيعاد. 286- عمار بْن عَبْد الملك المَرْوَزِيّ1. أبو اليقظان اليربوعي. مولاهم المُسْتَمليّ. سمع: شُعْبَة، وابن لهيعة. ذكره هكذا محمد بْن حَمْدَوَيْه في "تاريخ مَرْو"، وقال: مات ببغداد سنة خمس ومائتين. وقال: وكان سيئ الحِفْظ مغفَّلًا. لَهُ صلاح وعِبادة. ثنا عَنْهُ محمد بْن مَسْعَدَة. 287- عمار بْن مطر العَنْبريّ الرَّهاويّ2. أحد المتروكين المعنيين بالحديث. روى عَنْ: ابن أَبِي ذئب، وزهير، وأبي هلال، ومالك بْن أنس. وعنه: عَبْد اللَّه بْن سالم، ومبارك بْن عَبْد اللَّه السّرّاج، ومحمد بْن الخضر الرَّقّيّ، وأبو فروة الرَّهَاويّ، وعبد اللَّه بْن سَلَمَةَ البلَديّ، وآخرون. قَالَ ابن عديّ: متروك الحديث. 288- عمار بن بشر الدمشقي3 -ت.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 393"، ميزان الاعتدال "3/ 165"، تاريخ بغداد "10/ 253، 254". 2 المجروحين لابن حبان "2/ 196"، ميزان الاعتدال "2/ 169، 170". 3 ميزان الاعتدال "3/ 173"، تهذيب التهذيب "7/ 411، 412".

عَنْ: الأوزاعي، ومعاوية بْن يحيى الصَّدَفيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وغيرهم. وعنه: عليّ بْن سهل الرَّمْليّ، ونصر بْن الفَرَج شيخ النَّسائيّ، ويوسف بْن سَعِيد بْن مُسْلِم. وحدَّثَ سنة مائتين. تُوُفّي بعد ذَلِكَ. 289- عِمران بْن أَبَان الواسطيّ1. أخو محمد بْن أَبَان. روى عَنْ: حمزة الزّيّات، وشُعْبة. وعنه: حُمَيْد بْن زَنْجَوَيه، وسليمان بْن سيف الحرّانيّ، وآخرون. وهو ضعيف الحديث. 290- عُمَر بْن حبيب العَدَويّ الْبَصْرِيّ القاضي2. قِيلَ: هُوَ ابن حبيب بْن محمد بن مجالد بْن سليمان، من بُنيّ عديّ بْن عَبْد مَنَاة. روى عَنْ: حُمَيْد الطويل، وخالد الحذاء، ومحمد بْن عجلان، وهشام بْن عُرْوَة، ويونس بْن عُبَيْد، وطائفة. وعنه: إِسْحَاق بْن إبراهيم شاذان، وحفص الرُّبَاليّ، وحمّاد بْن الحَسَن بْن عَنْبَسَةَ، وأبو أمية الطَّرَسُوسيّ، ومحمد بْن سِنان القزّاز، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وخلق. قَالَ عَبَّاس، عَنْ يحيى بْن مَعِين: ضعيف يكذب. وقال الْبُخَارِيّ: يتكلّمون فيه. وقال النَّسائيّ: ضعيف. وقال ابن عديّ: حَسَنُ الحديث، يكتب حديثه مع ضعفه.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 409"، الجرح والتعديل "6/ 293"، ميزان الاعتدال "3/ 233". 2 التاريخ الكبير "6/ 148"، الثقات لابن حبان "7/ 172"، الجرح والتعديل "6/ 104، 105"، ميزان الاعتدال "3/ 184"، تهذيب التهذيب "7/ 431-433".

قلت: ولي قضاء البصرة، ثمّ ولي قضاء الجانب الشرقيّ ببغداد للمأمون. وهو جدّ أَبِي رفاعة عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عُمَر العَدَويّ. ويُروى أَنَّهُ حضر مجلسَ الرشيد، فتنازع الفُقَهاء في الاحتجاج بأبي هُرَيْرَةَ، فقال عُمَر بْن حبيب: هُوَ صَدُوق صحيح النقل. فهمّ الرشيد بقتله لكونه ردّ عَلَيْهِ، وطلبه. ثمّ دفع اللَّه عَنْهُ. قَالَ غير واحد: تُوُفّي سنة سبْعٍ ومائتين بالبصرة. 291- عُمَر بْن سعْد1 -ع- أبو داود الحفري الكوفي العابد. والحَفَرِ: مكانٌ بالكوفة. وذِكره بالكنية أولى. عَنْ: مالك بْن مِغْوَلٍ، ومِسْعَر، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وصالح بْن حسّان، وبدر بْن عثمان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، ومحمود بْن غَيْلان، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وعليّ بْن حرب، ومحمد بْن رافع، وعبد بْن حُمَيْد، وطائفة. قَالَ عَبَّاس: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين يقدّمه في حديث سُفْيَان عَلَى محمد بْن يوسف وقبيصه. وقال وكيع: إن كَانَ يدفع بأحد في زماننا فبأبي داود. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: لا أعلمني رأيت بالكوفة أعبد منه. وقال أبو حاتم: صدوق، رَجُل صالح. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كَانَ من الصالحين الثّقات. حُكي أَنَّهُ أبطأ يومًا في الخروج إليهم، ثمّ خرج فقال: أعتذر إليكم، فإنه لم يكن لي ثوبٌ غيرُ هذا. صلَّيت فيه، ثمّ أعطيتُهُ بناتي حتّى صَلَّيْن فيه، ثمّ أخذته وخرجت إليكم. قَالَ أبو حمدون المقرئ: دفنا أبا داود الحَفَريّ رحمه اللَّه وتركنا بابه مفتوحًا. ما كَانَ في البيت شيء.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 403"، التاريخ الكبير "6/ 158"، الجرح والتعديل "6/ 112"، الثقات لابن حبان "7/ 189"، تهذيب التهذيب "7/ 452، 453".

قَالَ ابن سعْد: مات في جُمَادَى الأولى سنة ثلاثٍ ومائتين. 292- عُمَر بْن شبيب المُسْليّ1 -ق- أبو حفص المذحجي الكوفي. رأى أبا إِسْحَاق السَّبِيعيّ. عَنْ: عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْم، وعَمْرو بْن قيس الملائي، وإبراهيم بْن مهاجر، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وطائفة. وعنه: إبراهيم بْن سعيد الجوهري، وأبو بكر بن أبي شَيْبَة، وعُمَر بْن شَبَّة، ومحمد بْن طريف، والحَسَن بن علي العامري، وسَعْدان بْن نَصْر، وخلق. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعة: لين الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ صدوقًا. ولكنه كَانَ يخطئ كثيرًا عَلَى قلة روايته. قلت: لَهُ حديث واحد في "سنن ابن ماجة" في الطلاق2. تُوُفّي سنة اثنتين. 293- عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن رزين3 -م. د- أبو العباس السلمي النيسابوري. أخو مبشر، وجعفر. رحل وسمع: محمد بْن إِسْحَاق، وسفيان بْن حسين الواسطيّ، وإبراهيم بن طهمان، وسفيان الثوري، وجماعة.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 388"، الجرح والتعديل "6/ 115"، المجروحين لابن حبان "2/ 90"، تهذيب التهذيب "7/ 461". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "2079"، والبيهقي: في السنن الكبرى "7/ 369"، وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "7/ 150" وقال: قال الدارقطني والبيهقي والصحيح ما رواه سالم ونافع عن ابن عمر موقوفا. 3 سير أعلام النبلاء "9/ 430"، تهذيب التهذيب "7/ 468، 469".

وعنه: أحمد بْن الازهر، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وسهل بن عمار، وأيوب بن الحسين، وجماعة. وقال سهل بن عمار: لم يكن بخراسان أنبل منه. وقال الحاكم: خطتهم أشهر خطة بنيسابور في أيام عبد الله بن عامر بن كريز. وروى أبو العباس: وفاته في سنة ثلاث ومائتين. 294- عمر بن عبد الواحد1. قد مر. وقال بعضهم: تُوُفّي سنة إحدى ومائتين. 295- عُمَر بْن عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدِ الله بن معمر2 -ت- أبو حفص التيمي المدني. عَنْ: إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّه، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، ويونس بْن يزيد، وأبيه. وعنه: محمد بْن الحَسَن بْن زبالة، وإبراهيم بْن المنذر الحزامي، والزُّبَير بن بكار. 296- عمر بن يونس اليمامي3 -ع- أبو حفص. عَنْ: عكرمة بْن عمار، وأبيه يونس بْن القاسم الحنفي، وعاصم بْن محمد العُمَريّ، وملازم بْن عَمْرو، وعُمَر بْن أَبِي خثعم، وحباب بْن فَضَالَةَ صاحب أنس، وغيرهم. وعنه: أبو ثور الفقيه، وأبو خَيْثَمَة، وإِسْحَاق بْن وهْب العلّاف، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة، وعَمْرو النّاقد، وعبد بْن حُمَيْد، وبُنْدار، وخلق. وثّقه ابن معين، والنسائي.

_ 1 تقدم ترجمته في الطبقة السابقة برقم "221". 2 التاريخ الكبير "6/ 178"، الجرح والتعديل "6/ 124"، تهذيب "7/ 482، 483". 3 الطبقات الكبرى "5/ 556"، التاريخ الكبير "6/ 206"، الجرح والتعديل "6/ 142، 143"، تهذيب التهذيب "7/ 506، 507".

297- عُمَر بْن أَبِي بَكْر1. أبو حفص المَوْصِليّ قاضي الأردن. عَنْ: سليمان بْن بلال، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزناد، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، والزُّبَير بْن بكّار، وغيرهما. ضعفه أَبُو زُرْعة، وغيره. وقال أَبُو حاتم: ذاهب الحديث. وقال سَعِيد بْن نُمَيْر البردي: آفة من الآفات. وَأَمَّا أخوه عَمْرو بْن أَبِي بَكْر المَوْصِليّ أبو بَكْر فولي قضاءَ دمشق للرشيد ثمّ للأمين. وتُوُفّي في حدود المائتين. 298- عَمْرو بْن الأزهر الْبَصْرِيّ العَتَكيّ2. نزيل واسط ثمّ بغداد. عَنْ: حُمَيْد الطويل، وهشام بْن عُرْوَة، وبهز بْن حكيم، وغيرهم. وعنه: حسان بن سيّار، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله الحلبي، وخالد بن عمرو. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: متروك. وكذبه بعضهم. 299- عَمْرو بْن خَالِد3. أبو حفص الأعشى. ويقال: أبو يوسف. كوفي واهٍ. روى عَنْ: عاصم، وهشام بْن عُرْوَة، والأعمش، ومحل الضَّبّيّ. وعنه: عمرو بن عبد الله الأودي، وأحمد بن حازم بن أبي عزرة، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 100"، ميزان الاعتدال "3/ 184". 2 التاريخ الكبير "6/ 316"، الجرح والتعديل "6/ 221"، ميزان الاعتدال "3/ 245، 246". 3 المجروحين لابن حبان "2/ 79"، ميزان الاعتدال "3/ 256، 257".

قال ابن عدي: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا تحلّ الرواية عَنْهُ. 300- عَمْرو بْن محمد بْن أَبِي رزين1. أبو عثمان الخُزاعيّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: ثور بْن يزيد، وهشام بْن حسان، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وشُعْبة، والثَّوْريّ. وعنه: رجاء بْن محمد العُذْريّ، ويحيى بْن مَعِين، ومحمد بْن سِنان القزّاز، ومحمد بْن بشّار، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وطائفة. وذكره ابن حِبّان في "الثّقات" فقال: ربّما أخطأ. وحدَّثَ سنة ستٍّ ومائتين. 301- عَمْرو بْن محمد العَنْقَزَيّ الْبَصْرِيّ. تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين، وقيل: سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 302- عَمْرو بْن عَبْد الغفار الفقيمي الكوفي2. حدث عنه: عمه الحَسَن بْن عَمْرو الفقيميّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى. وعنه: قُتَيْبة، وأحمد بْن الفُرات، والحَسَن بْن مُكْرَم، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وآخرون. قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: رميت بحديثه، وكان رافضيًا. وقال أحمد العجلي: متروك. ومشاه بعضهم.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 375"، الجرح والتعديل "6/ 262"، الثقات لابن حبان "8/ 482"، تهذيب التهذيب "8/ 97، 98". 2 التاريخ الكبير "6/ 352"، الجرح والتعديل "6/ 246"، الثقات لابن حبان "8/ 478"، ميزان الاعتدال "3/ 272".

تُوُفّي سنة اثنتين ومائتين. 303- عِمران بْن أبان بْن عِمران بْن زياد1. أبو موسى الواسطيّ الطّحّان. عَنْ: حريز بْن عثمان، وحمزة الزّيّات، وشُعْبة، وشريك، وجماعة. وعنه: الحَسَن بْن عليّ الخلّال، والحسين بْن عيسى البسطاميّ، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيه، وسليمان بْن سيف الحرّانيّ، وعبد اللَّه بْن الحَكَم القَطَوانيّ. قَالَ أبو داود: خرج مَعَ أَبِي السّرايا وقذف قومًا. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لا أرى بحديثه بأسًا. قَالَ ابن حِبّان: مات سنة خمسٍ ومائتين. لم يُخَرِّجوا لَهُ. 304- عَنْبَسَةُ بْن سَعِيد بْن أبان الأُمَويّ الكوفيّ2. أبو خَالِد: أخو يحيى، وعُبَيْد اللَّه، ومحمد، وعبد اللَّه، وأبان. روى عَنِ: ابْن المبارك. وعنه: ابن أخيه سَعِيد بْن يحيى، ومحمد بْن حسان الأزرقي. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. مات شابًا قبل أخيه عُبَيْد اللَّه المتوفيّ سنة ثلاثٍ ومائتين. وقد ولي قضاء الرّيّ. 305- عَوْف بْن محمد3.

_ 1 تقدمت ترجمته برقم "289". 2 الطبقات الكبرى "6/ 407، 7/ 345"، التاريخ الكبير "7/ 36"، الجرح والتعديل "6/ 400"، الثقات لابن حبان "7/ 290". 3 الجرح والتعديل "6/ 16"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 76"، الثقات لابن حبان "8/ 521-523".

أبو غسان المراديّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: يوسف بْن عبدة العتكي، ومحمد بن مسلم الطائفي. عنه: أبو حفص الفلّاس، وعَبْدة بْن عَبْد اللَّه الصّفّار، وبُنْدار، وغيرهم. 306- العلاء بْن عصيم1. أبو عبد الله الجعفي. مؤذي مسجد حسين الْجُعْفيّ. عَنْ: زُهَيْر بْن معاوية، وأبي الأحوص سلّام، وعنترة بْن القاسم. وعنه: أحمد بْن سَعِيد الرباطيّ، وأبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة، وعليّ بْن المَدِينيّ، وعبد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الدّارميّ، وآخرون. قَالَ مُطِّين: تُوُفّي سنة ثمانٍ ومائتين. 307- عيسى بْن إبراهيم الْقُرَشِيّ الهاشْميّ2. أحد الضعفاء. قد دار أكثر أقاليم الإسلام. وروى عَنْ: موسى بْن أَبِي حبيب، شيخ تابعي، غير حديثٍ مُنْكَر. وروى عَنْ: زُهَيْر بْن محمد. روى عَنْهُ: بقيَّة بْن الوليد، وبِشْر بْن القاسم، والحسين بْن منصور السُّلَميّ، وعليّ بْن الحَسَن الذُّهْليّ، وجماعة من النيسابوريين. تركه غير واحد. وقال الحاكم: واهي الحديث بمرَّة. روى عَنْهُ من القدماء: كثير بْن هشام، وبقية. 308- عيسى بْن خَالِد3. أبو عبد الله اليمامي.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 518"، الجرح والتعديل "6/ 359"، تهذيب التهذيب "8/ 189". 2 التاريخ الكبير "6/ 407"، المجروحين لابن حبان "2/ 121"، ميزان الاعتدال "3/ 308، 309". 3 الجرح والتعديل "6/ 275"، الثقات لابن حبان "8/ 491".

قدِم دمشق، وحدَّثَ عَنْ: شُعْبَة، وزهير بْن معاوية، ومبارك بن فضالة، والليث بن سعد، وجماعة. وعنه. محمود بْن خَالِد، ودُحَيْم، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وعبد الوهّاب بْن عَبْد الرحيم الأشجعي، وموسى بْن عامر، وعدَّة. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بحديثه. 309- عُيَيْنَة بْن عَبْد الرَّحْمَن1. أبو المنهال المهلّبيّ اللُّغَويّ النَّحْويّ. صاحب الخليل بْن أحمد، ومؤدب الأمير عبد الله بن الطاهر. روى عَنْ: داود بْن أَبِي هند، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة. وعنه: عليّ بْن الحَسَن الهلالي، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء، وأهل نَيْسابور. وكان من كبار أئمَّة العربية. "حرف الغين": 310- غالبُ بْن فَرْقَد الأصبهانيّ2. عَنْ: مبارك بْن فَضَالَةَ، وكثير بْن مُسْلِم، وعُمَر بْن الصبح. وعنه: إسماعيل بْن زيد القطّان، وعقيل بْن يحيى، وروح بْن جبر. "حرف الفاء": 311- فتيان بْن أَبِي السَّمْح عَبْد اللَّه بْن السَّمْح3. أبو الخيار الْمَصْرِيّ الفقيه. وُلِد سنة خمسين ومائة أو إحدى. وكان من أعيان أصحاب مالك. قَالَ محمد بْن وزير: كَانَ فتيان من أشغب النّاس في البحث. وكان بينه وبين الشّافعيّ مناظرة. فكان فتيان يَقُولُ: لا يباع الحر في الدين.

_ 1 معجم الأدباء "16/ 165-167". 2 طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ "1/ 102، 103"، ذكر أخبار أصبهان "2/ 149". 3 كتاب الولاة والقضاة "362".

وقال الشّافعيّ: إنّ ثَبَتَّ عَلَى القول بعدُ أفعل بك كَيْتَ وكَيْت. وكان الشّافعيّ حليمًا. وقال ابن عَبْد الحَكَم: كَانَ في فتيان عجلة، فأغلظ مرة للشافعي، فانتصر للشافعي سريُّ بْن الحَكَم وضرب فتيان وطوق بِهِ. وقال محمد بْن وزير: حضرت الشّافعيّ وفتيان يتناظران، وجري بينهما الكلام، إلى أنْ قَالَ فتيان: سَمِعْتُ مالكًا يَقُولُ: إنّ الإمام لا يكون إمامًا إلّا عَلَى شرط أَبِي بَكْر فإنه قَالَ: وليتكم ولستُ بخيركم، فإن زغتُ فَقَوَّموني. فاحتج الشّافعيّ بأشياء. فبلغ السَّرِيّ ذَلِكَ، فضرب فتيان، ثمّ وثب أهل المسجد بالشافعي، فدخل منزله فلم يخرج منه إلى أنْ مات. قَالَ يونس بْن عَبْد الأعلى: قَالَ السَّرِيّ: لو شهد عندي آخر مثل الشّافعيّ لضربت عُنُقه. وسمعتُ الشّافعيّ يَقُولُ: واللَّه ما شهدتُ على فتيان قط. ولقد سمعت منه ما لو شهدت بِهِ عَلَيْهِ لحلّ دَمُه. وقال ابن أخي فتيان: سَمِعْتُ عمي يَقُولُ: اللَّه بيني وبين الشّافعيّ. أو لا حَلَّلَ اللَّه الشّافعيّ. وتُوُفّي سنة خمسٍ ومائتين. ذكره ابن عُمَر الكِنْديّ في "الموالي". 312- الفرّاء1. وهو أبو زكريّا يحيى بْن زياد بْن عَبْد اللَّه بْن منظور الأَسَديّ. مولاهم الكوفي النَّحْويّ، صاحب التّصانيف. سكن بغداد وأملى بها كتاب "معاني القرآن" وغير ذَلِكَ. وحدَّثَ عَنْ: قيس بْن الربيع، ومندل بْن عليّ، وأبي الأحوص سلام بْن سُلَيْم، وأبي الحَسَن الكسائي، وأبي بَكْر بْن عياش. وعنه: مَسْلَمَة بْن عاصم، ومحمد بن الجهم السمري، وغيرهما. وكان ثقة.

_ 1 أخبار القضاة لوكيع "3/ 92"، سير أعلام النبلاء "10/ 118-121"، البداية والنهاية "10/ 261".

وقد روى عَنْ ثعلب أَنَّهُ قال: لولا الفَرَّاء لما كانت عربيَّة ولَسَقَطَت؛ لأنّه خلصها؛ ولأنها كانت تُتَنَازَع ويدّعيها كلُّ أَحَد. وذكر أبو بُدَيْل الوضّاحيّ قَالَ: أمر المأمون الفرّاء أنْ يؤلّف ما يجمع بِهِ أصول النَّحْو. وأمر أنْ يُفرد في حُجرة، ووكّل بِهِ خدمًا وجواري يقمن بما يحتاج إِلَيْهِ. وصيَّر لَهُ الورّاقين. فكان عَلَى ذَلِكَ سنين. قَالَ: ولما أملى كتاب "المعاني" اجتمع لَهُ الخلق، فلم يضبط إلّا القضاة، وكانوا ثمانين قاضيًا، وأملّ "الحمد" في مائة ورقة. قَالَ: وكان المأمون قد وكّل بالفرّاء ابنيه يلقّنهما النَّحْو. فأراد يومًا النُّهُوض فابتدرا إلى نَعْله فتنازعا أيُّهما يقدمه. ثمّ اصطلحا أنْ يقدم كل واحد فردة. فبلغ المأمون فقال: لَيْسَ يكبر الرجل عَنْ تواضعه لسلطان ووالده ومعلّمه العِلْم. وقال ابن الأنباريّ: لو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من علماء العربيَّة إلّا الكسائي، والفراء لكان لهم بهما الافتخار عَلَى النّاس. قَالَ: وكان يقال للفرّاء: أمير المؤمنين في النَّحْو. وعن هنّاد بْن السَّرِيّ قَالَ: كَانَ الفرّاء يطوف معنا عَلَى الشيوخ فما رأيناه أثبت سوداء في بيضاء. فظننا أَنَّهُ كَانَ يحفظ ما يحتاج إِلَيْهِ. قِيلَ: إنّما سُمّي بالفرّاء؛ لأنّه كَانَ يفري الكلام. قَالَ سلمة بْن عاصم: إني لأعجب من الفرّاء كيف يعظم الكسائي وهو أعلم منه بالنحو. تُوُفّي بطريق مكَّة سنة سبْعٍ ومائتين، وله ثلاث وستون سنة. 313- الفضل بْن الربيع بْن يونس1. حاجب الرشيد، وابن حاجب المنصور. كَانَ من رجال الدّهر رأيًا وحزْمًا ودَهاء ورياسة. وهو الّذي قام بخلافة الأمين، وساق إِلَيْهِ الخزائن بعد موت والده، وسلّم إِلَيْهِ القضيب والخاتم. وأتاه بذلك من طوس. وكان هُوَ الكلّ لاشتغال الأمين باللعب واللهو. ولمّا تداعت دولة الأمين ولاح عليها الإدبار اختفى الفضل مدة طويلة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "10/ 109، 110"، البداية والنهاية "10/ 263".

ولمّا بويع إبراهيم بْن المهديّ ظهر الفضل، وساس نفسه، فلم يدخل معهم في شيء، ولهذا عفا عَنْهُ المأمون. تُوُفّي سنة ثمان ومائتين وهو في عشر السبعين. 314- الفضل بْن عَبْد الحميد المَوْصِليّ1. شيخ مسن، رحل وسمع من: الأعمش، وعَمْرو بْن قيس المُلائيّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد. وجماعة. روى عَنْهُ: سَعِيد ين المغيرة، وإِسْحَاق بْن إبراهيم لؤلؤ، وعُبَيْد بْن حفص، وطائفة آخرهم موتًا محمد بْن أحمد بْن أبي المُثَنَّى. وما علمت أحدًا ضعفه. قَالَ الْأَزْدِيّ: تُوُفّي سنة تسع ومائتين. "حرف القاف": 315- القاسم بْن الحَكَم بْن كثير بْن جُنْدب العُرَنيّ الكوفيّ2 -ت- القاضي أبو أحمد قاضي همدان. عَنْ: زكريّا بْن أَبِي زائدة، وأبي حنيفة، والقاسم بْن معن المسعودي، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وعُبَيْد اللَّه بْن الوليد الرّصافيّ، ومِسْعَر، والثَّوْريّ، وطائفة. وعنه: إِسْحَاق بْن الفيض، وأحمد بْن محمد بْن سَعِيد بْن أبان التبعي، وزكريا بن يحيى البلْخيّ، ومحمد بْن المغيرة الضَّبّيّ، وعَمْرو بْن رافع القَزْوينيّ، ومحمد بْن حسّان الأزرق، والمستمرّ بْن الصَّلْت، وخلْق. وقد كَانَ أحمد بْن حنبل عزم عَلَى الرحلة إِلَيْهِ. وثّقه غير واحد. وقال أبو زُرْعة: صدوق. وقال أبو عليّ الرفّاء، عَنْ محمد بْن صالح الأشجّ: مات القاسم بن الحكم سنة

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 65"، الكامل في التاريخ "6/ 390". 2 التاريخ الكبير "7/ 171"، الجرح والتعديل "7/ 109"، الثقات لابن حبان "9/ 16"، التهذيب "8/ 311، 312".

ثمان ومائتين وحضرت جنازته. وولد سنة ثلاث عشر ومائة. 316- القاسم بْن الحَكَم بْن أوس الْأَنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ1. عَنْ: مَعْمَر بْن راشد، وغيره. وعنه: عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر القواريري، ومحمد بْن المُثَنَّى العنزيّ. قَالَ أبو حاتم: مجهول. 317- القاسم بْن هارون بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ العبّاسيّ2 المؤتمن بْن الرشيد. كَانَ أَبُوهُ قد جعله وَلِيَّ العهد بعد الأمين والمأمون. وشرط للمأمون إنْ شاء أنْ يُقِرّه أقره، وإن شاء أنْ يخلعه خلعه. فخلعه سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وتُوُفّي سنة ثمانٍ ومائتين وله خمس وثلاثون سنة. 318- قُدَامة بْن محمد بْن خَشْرَم الخشرميّ الْمَدَنِيّ3. عَنْ: أَبِيهِ، وأبوه مجهول، وعن: مَخْرَمة بْن بُكَيْر. وعنه: عَبْد اللَّه بْن هارون بْن موسى الفَرَوِيّ، وسعد بن عبد الله بن عبد الحكم. قَالَ ابن حِبّان: روى المقلوبات الّتي لا يُشَارَك فيها. لا يجوز الاحتجاج بِهِ. قلت: وروى أيضًا عَنْ: داود بْن المغيرة. وعنه: ابن نُمَيْر، وابن شَيْبة الحزاميّ. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بِهِ بأس. قراد. أبو نوح. اسمه عبد الرحمن. تقدم ذكره.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 171"، الجرح والتعديل "7/ 109"، الثقات لابن حبان "7/ 338"، التهذيب "8/ 318". 2 تاريخ خليفة "458، 470، 473"، الكامل في التاريخ "6/ 387". 3 التاريخ الكبير "7/ 179"، الجرح والتعديل "7/ 129"، المجروحين لابن حبان "2/ 219، 220"، ميزان الاعتدال "3/ 386".

319- قُرَيش بْن إبراهيم الصَّيْدلانيّ1. بغداديّ ثبت حافظ. مات قبل الشيخوخة. روى عن: عبد العزيز الدراوردي، ومعتمر بن سليمان. روى عَنْهُ رفيقاه أحمد بْن حنبل، وسُرَيْج بن يونس. قال يعقوب بن شيبة: كَانَ من عُلَيَّة أصحاب الحديث. مات قبل أنْ يُكتب عَنْهُ. 320- قُرَيش بْن أنس الْبَصْرِيّ2 -خ. م. د. ت. ن- عَنْ: حُمَيْد الطويل، وابن عَوْن، وحبيب بْن الشهيد، وعوف الدارمي، وجماعة. وعنه: علي بن المدني، وبُنْدار، وبكّار بْن قُتَيْبَة، والكُدَيْميّ، ومحمد بْن أَبِي العوّام، وخلْق. قَالَ النَّسائيّ: ثقة إلّا أَنَّهُ تغيّر. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: كَانَ ثقة. وقال الْبُخَارِيّ، عَنْ إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن حبيب: مات سنة تسع ومائتين. قَالَ: وكان قد اختلط ستٍّ سنين في البيت. وقال أبو داود، عَنْ محمد بْن عُمَر المُقَدَّمّي: مات في رمضان سنة ثمان. 321- قُطّرب3. تلميذ سِيبَوَيْه. هُوَ أبو عليّ محمد بْن المستنير الْبَصْرِيّ النَّحْويّ، صاحب التّصانيف. كَانَ يؤدب أولاد الأمير أَبِي دُلَف العِجْليّ. وكان أيّام اشتغاله يبكّر في تحصيل النَّوْبة عَلَى سِيبَوَيْه. فقال لَهُ: ما أنت إلّا قطرب ليل. فلزمه هذا اللقب.

_ 1 الثقات لابن حبان "9/ 25"، تاريخ بغداد "2/ 470، 471". 2 التاريخ الكبير "7/ 195"، الجرح والتعديل "7/ 142"، ميزان الاعتدال "3/ 389"، تهذيب التهذيب "8/ 374، 375". 3 معجم الأدباء "19/ 53، 54"، البداية والنهاية "10/ 259".

روى عَنْهُ: محمد بْن الْجَهْم السمري، وغيره. وكان موثقًا فيما ينقله. تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين. "حرف الكاف": 322- كثير بْن هشام1. أبو سهل الكِلابيّ الرَّقّيّ. نزيل بغداد. روى الكثير عَنْ: جعفر بْن بُرْقان. وحدَّثَ أيضًا عَنْ: شُعْبَة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإِسْحَاق، وعَمْرو النّاقد، ومحمد بْن المُثَنَّى، وعباس الدُّوريّ، والحارث بْن أَبِي أسامة، وجماعة. وثّقه ابن مَعِين، وأبو داود. تُوُفّي في شَعْبان سنة سبْعٍ. ولمّا مات قَالُوا: اليوم مات جعفر بْن بُرْقان. وقيل: إنّه روى عَنْ جعفر الصادق. قَالَ عَبَّاس الدُّوريّ: ثنا كثير بْن هُشَيْم وكان من خيار المسلمين. "حرف الميم": 323- محمد بْن إدريس بْن العبّاس بْن عثمان بْن شافع بن السائب بن عبيد بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ2. الْإِمَام العَلَم أبو عَبْد اللَّه الشّافعيّ الْمَكِّيّ المطَّلبيّ الفقيه، نسيب رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وُلِدَ بغرة سنة خمسين ومائة. وحُمِلَ إلى مكَّة وهو ابن سنتين فنشأ بها، وأقبل عَلَى الأدب والعربيَّة والشِّعْر، فبرع في ذَلِكَ. وحُبِّب إِلَيْهِ الرمي حتّى فاق الأقران وصار يصيب من العشرة تسعة. ثم كتب العلم.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 334"، التاريخ الكبير "7/ 218"، الجرح والتعديل "7/ 158"، الثقات لابن حبان "9/ 26"، التهذيب "8/ 429". 2 التاريخ الكبير "1/ 42"، الجرح والتعديل "7/ 201"، الثقات لابن حبان "9/ 30"، حلية الأولياء "9/ 63-161"، الزهد الكبير للبيهقي "172"، تهذيب التهذيب "9/ 25-31".

وروى عَنْ: سَلْم بْن خَالِد الزنجي فقيه مكة، وداود بْن عَبْد الرَّحْمَن العطّار، وعبد العزيز بْن أَبِي سلمة الماجِشُون، وعمّه محمد بْن عليّ بْن شافع، ومالك بْن أنس، وعرض عَلَيْهِ "المُوَطّأ" حِفظًا، وعطاف بْن خَالِد، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وإبراهيم بْن سعْد، وإبراهيم بْن أَبِي يحيى الأسْلَميّ الفقيه، وإسماعيل بْن جعفر، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُلَيْكِيُّ، وَعَبْدُ العزيز الدَّراوَرْديّ، ومحمد بْن عليّ الْجَنَديّ، ومحمد بْن الحَسَن الفقيه، وإسماعيل بْن عُلَيَّة، ومُطَرِّف بْن مازن قاضي صنعاء، وخلْق سواهم. وعنه: أبو بَكْر الحُمَيْديّ، وأبو عُبَيْد القاسم بْن سلّام، وأحمد بْن حنبل، وأبو ثور إبراهيم بْن خَالِد الكلبي، وأبو يعقوب يوسف بن يحيى البُوَيْطيّ، وحَرْمَلَة بْن يحيى، وأبو إبراهيم إسماعيل بْن يحيى المُزَنيّ، والحسين بْن عليّ الكرابيسي، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، والربيع بْن سليمان المُرَاديّ، وموسي بْن أَبِي الجارود الْمَكِّيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأحمد بْن سِنان القطّان، وأبو الطّاهر أحمد بْن عمرو بْن السَّرْح، وبحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، وعبد العزيز الْمَكِّيّ صاحب "الحيدة" وخلق سواهم. وممن روى عَنِ الشّافعيّ: أحمد بْن محمد الأزرقيّ شيخ الْبُخَارِيّ، وأحمد بْن محمد بْن سَعِيد الصَّيْرفيّ البغداديّ، وأحمد بْن سَعِيد الهَمْدانيّ، وأحمد بْن أَبِي سُرَيْح الرّازيّ، وأحمد بْن خَالِد البغداديّ الخلّال، وأحمد بْن يحيى بْن وزير الْمَصْرِيّ، وأحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب، وأحمد بْن صالح، وإبراهيم بْن محمد الشّافعيّ، وإبراهيم بْن المنذر، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، وأحمد بْن يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن الشّافعيّ المتكلّم، والحَسَن بْن عَبْد العزيز الحروي، والحارث بن شريح البقال، وداود ين يحيى البلْخيّ، وسليمان بْن داود الْمَصْرِيّ، وسليمان بْن داود الهاشْميّ، والأصمعيّ، وعبد الغني بْن عَبْد الغني الْمَصْرِيّ العسّال، وعبد العزيز بْن عِمران بْن مقلاص، وعليّ بْن سَعِيد الرَّقّيّ، وعليّ بْن سَلَمَةَ الحنفيّ اللَّبَقيّ، وأبو حنيفة قَحْزَم بْن عَبْد اللَّه الأَسْوانيّ، ومحمد بْن يحيى العَدَنيّ، ومحمد بْن سَعِيد بْن خالد العطّار، ومسعود بْن سهل الْمَصْرِيّ الأسود، وهارون بْن سَعِيد الأَيْليّ، ويحيى بْن عَبْد اللَّه، وغيرهم. وهذا التاريخ يضيق عَنْ ذكر شمائل الْإِمَام الشّافعيّ رحمه اللَّه تعالى، وقد أفرد

لَهُ غير واحد من العلماء ترجمة في مجلد تامّ. ولكنّا نذكر إنّ شاء اللَّه تعالى لَهُ ترجمة حسنة فنقول: كَانَ السائب بْن عُبَيْد المطَّلبيّ أحد من أسِر يوم بدر من المشركين، وكان يُشَبَّه بالنبي -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمه هِيَ الشّفاء بنت أرقم بْن نَضْلَة أخي عَبْد المطلب ابنَيْ هاشم. ويقال: إنّه أسلم بعد أنْ فَدَى نفسه. ولابنه شافع رؤية. وعثمان بْن شافع معدود من التابعين. وكانت أمّ الشّافعيّ أزْدِيّةَ. فعن ابن عَبْد الحَكَم قَالَ: لمّا حملت أم الشّافعيّ بِهِ رأت كأن المشتري خرج من فرجها حتّى انقض بمصر، ثمّ وقع في كل بلدٍ منه شظية. فتأول المعتبرون أَنَّهُ يخرج منها عالم يخص عِلْمُه أهل مصر، ثمّ يتفرق في سائر البلدان. وعن الشّافعيّ قَالَ: لم يكن لي مال، فكنت أطلب العلم في الحداثة أذهب إلى الديوان استوهب الظُّهُور أكتب فيها1. وقال عمرو بْن سواد: قَالَ لي الشّافعيّ: كانت نهمتي في شيئين: في الرمي وطلب العِلْم. فنلت من الرَّمْيِ حتّى كنت أصيب عشرة من عشرة. وسكت عَنِ العلم. فقلت لَهُ: أنت واللَّه في العلم أكبر منك في الرمي2. قَالَ: وولدت بعسقلان فلمّا أتت عليّ سنتان حملتني أمي إلى مكة. هذه رواية صحيحة. وقال: قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ثنا أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن ابن أخي ابن وهْب: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ولدت باليمن فخافت أمي عليَّ الضَّيْعة وقالت: الْحَق أهلك فتكون مثلهم. فجهزتني إلى مَكَّةَ فقدمتها وأنا ابن عشر. فصرت إلى قريبٍ لي وجعلت أطلب العلم فيقول لي: لا تشتغل بهذا وأقبل علي ما ينفعك. فجعلت لذتي في هذا العلم وطلبته حتّى رزق اللَّه منه ما رزق. كذا قَالَ: إنّه وُلِد باليمن، وهذا غلط، أو لعله أراد باليمن القبيلة.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 77"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "2/ 248". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 77".

وقال أحمد بْن إبراهيم الطّائيّ الأوقع، وهو مجهول: ثنا المُزَنيّ، سمع الشّافعيّ يقول: حَفِظْتُ القرآن وأنا ابن سبْعِ سنين، وحفظت "المُوَطّأ" وأنا ابن عشر سنين. وقال أَبُو بَكْر محمد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الصَّمد بْن أحمد المطلبي الشّافعيّ الْمَكِّيّ، شيخ لابن جُمَيْع: قَالَ أَبِي معاوية الأَيْليّ قَالَ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: أقمت في بطون العرب عشرين سنة آخذ أشعارها ولغاتها، وحفظت القرآن، فما علمت أَنَّهُ مر بي حرف إلّا وقد علمت المعنى فيه، ما خلا حرفين، احدَيْهما: دَسّاها1. وعن حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: أتيت مالكًا وأنا ابن ثلاث عشر سنة، وكان ابن عَمٍّ لي والي المدينة، فكلّم لي مالكًا فأتيته. فقال: اطلب من يقرأ لك. فقلت: أَنَا أقرأ2. فقرأت عَلَيْهِ. فكان ربما قَالَ لي لشيءٍ مرّ: أَعْده. فأعيده حفظًا. وكأنه أعجبه. ثمّ سألته عَنْ مسألة فأجابني، ثمّ أخرى فقال: انت تحبّ أنْ تكون قاضيًا3. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكِم: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قرأت عَلَى إسماعيل بْن قسطنطين. وقال: قرأت عَلَى شِبْلٍ. وقال: قرات عَلَى عَبْد اللَّه بْن كثير، وهو عَلَى مجاهد، "وأخبر" مجاهد أَنَّهُ قرأ عَلَى ابن عَبَّاس. قَالَ: وكان إسماعيل يَقُولُ: القرآن اسمٌ وليس بمهموز. ولم يُؤخذ من "قرأت" ولو أُخذ من "قرأت" كَانَ كلّ ما قُرئ قرآنًا. ولكنّه اسم للقرآن مثل التّوراة والإنجيل. وقال محمد بْن إسماعيل، أظنه السُّلَميّ: حدَّثني حسين الكرابيسي قَالَ: بتّ مَعَ الشّافعيّ غير ليلة، وكان يصلي نحو ثُلُثُ اللَّيْلِ، فما رأيته يزيد عَلَى خمسين آية فإذا أكثر فمائة. وكان لا يمر بآية رحمةٍ إلّا سأل اللَّه، ولا بآية عذابٍ إلّا تَعَوَّذ منها. وقال إبراهيم بْن محمد بْن الحَسَن الأصبهاني: ثنا الربيع قَالَ: كَانَ الشّافعيّ يختم القرآن ستين مرّة في رمضان. وكان من أحسن النّاس قراءة. فروى الزُّبَيْر، عَنْ عَبْد الواحد الأستراباذي، قال:

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 104". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 69". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 101"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 69".

سَمِعْتُ عَبَّاس بْن الحُسين: سَمِعْتُ بحر بْن نَصْر يَقُولُ: كنّا إذا أردنا أنْ نبكي قُلْنَا بعضنا لبعض: قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبي يقرأ القرآن. فإذا أتيناه استفتح القرآن حتّى يتساقط النّاس، ويكثر عجيجهم بالبكاء من حَسَن صوته. فإذا رأى ذَلِكَ أمسك عَنِ القراءة. وقال أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الجارود، وهو كذّاب: سَمِعْتُ الربيع يَقُولُ: كَانَ الشّافعيّ يفتي وله خمس عشرة سنة. وكان يحيى الليل إلى أنْ مات. وقال محمد بْن محمد الباغَنْديّ: حدَّثني الربيع بْن سليمان قَالَ: ثنا الحُمَيْديّ قَالَ: قَالَ مُسْلِم بْن خَالِد الزنجي وقد مر عَلَى الشّافعيّ فقال: يا أبا عبد الله أفتِ فقد آن لك أنْ تفتي. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: هكذا ذكر في هذه الحكاية. وليس ذَلِكَ بمستقيم؛ لأن الحُمَيْديّ كَانَ يصغر إذ ذاك عَنِ الشّافعيّ وله تِلْكَ السن. والصواب: ثنا عليّ بْن المحسن، ثنا محمد بْن إِسْحَاق الصّفّار، ثنا عَبْد اللَّه بْن محمد القَزْوينيّ: سَمِعْتُ الربيع بْن سليمان: سَمِعْتُ الحُمَيْديّ يَقُولُ: قَالَ مُسْلِم بْن خَالِد الزنجي للشافعي: أفْتِ، فقد آن لك أنْ تُفتي. وهو ابن دون عشرين سنة. ورواها أبو نُعَيْم الإسْتِراباذيّ، عَنِ الربيع، عَنِ الحُمَيْديّ قَالَ: قَالَ مُسْلِم الزنجي. وقال أبو نُعَيْم الحافظ: ثنا عليّ، أَنَا أبو النَّضْر: سَمِعْتُ محمد بْن العبّاس: سَمِعْتُ إبراهيم بْن مراد قَالَ: كَانَ الشّافعيّ طويلًا نبيلًا جسيمًا. وقال الزَّعْفرانيّ: كان الشافعي يخضب بالحناء، خفيف العارضين. وقال المُزَنيّ: ما رأيت أحسن وجهًا من الشّافعيّ، وكان ربّما قبض عَلَى لحيته، فلا تفْضُلُ عَنْ قبضته. قَالَ الربيع المؤذِّن: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: كنت ألزم الرمي حتّى كَانَ الطبيب يَقُولُ لي: أخاف أنْ يصيبك السُّلُّ من كثرة وقوفك في الحر، وكنت أصيب من العشرة تسعة1. وروى عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم فِي كتاب "مناقب الشّافعيّ" لَهُ بإسنادين، أنَّ الشّافعيّ قَالَ: كنت أكتب في الأكناف والعظام.

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 128".

وقال الحُمَيْديّ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: كنت يتيمًا في حَجْر أمّي ولم يكن لها ما تُعطي المعلّم، وكان المعلّم قد رضي منّي أنْ أقوم عَلَى الصبيان إذا غاب، وأخفف عَنْهُ. وقال الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: قدمتُ عَلَى مالك وقد حَفِظْتُ "المُوَطّأ" ظاهرًا1. فقلت: أريد سماعه. فقال: أطلب من يقرأ لك. فقلت: لا عليك أنْ تسمع قراءتي، فإنْ سهُل عليك قرأت لنفسي. فقال: اطلب من يقرأ لك، وكرَّرتُ عَلَيْهِ، فلمّا سمع قراءتي قرأت لنفسي. وقال جعفر ابن أخي أَبِي ثور: سَمِعْتُ عمّي يَقُولُ: كُتُب عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي إلى الشّافعيّ، وهو شاب، أنْ يضع لَهُ كتابًا فيه معاني القرآن، ويجمع الأخبار فيه، وحجة الإجماع، وبيان النّاسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضع لَهُ "كتاب الرسالة"2. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي: ما أصلّي صلاةٍ إلّا وأنا أدعو للشافعي فيها. قلت: وكان عَبْد الرَّحْمَن من كبار العلماء. قَالَ فيه أحمد بْن حنبل: عَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي إمام. وروى أبو العبّاس بْن سُرَيْج، عَنْ أَبِي بَكْر بْن الْجُنَيْد قَالَ: حجّ بِشْر الْمَرِيسيّ فرجع. فقال لأصحابه: رأيت شابًا من قُرَيش بمكّة ما أخاف عَلَى مذهبنا إلّا منه، يعني الشّافعيّ. وقال الزَّعْفرانيّ: حجّ الْمَرِيسيّ، فلمّا قدِم قَالَ: رأيت بالحجاز رجلًا ما رأيت مثله سائلًا ولا مجيبًا، يعني الشافعي. قال: فقدم علينا، فاجتمع إليه الناس وخفّوا عَنْ بِشْر، فجئت إلى بِشْر. فقلت: هذا الشّافعيّ الّذي كنت تزعمُ قد قدِم. فقال: إنّه قد تغيّر عمّا كَانَ عَلَيْهِ.

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 92"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 73". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 101"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 76".

قَالَ: فما كَانَ مَثَلُهُ إلّا مَثَل اليهود في أمر عَبْد اللَّه بْن سلّام. وَقَالَ الْمَيْمُونِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: ستّة أدعو لهم سَحَرًا، أحدهم الشّافعيّ. وقال هارون الزّنْجانيّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: قلت لأبي: يا أَبَه، أيُّ رجلٍ كَانَ الشافعي؟ فإنّي سمعتك تُكثِر من الدّعاء لَهُ؟ فقال: يا بُنيّ، كَانَ الشّافعيّ كالشمس للدنيا، وكالعافية للنّاس، فهل لهذين من خَلَفَ، أو منهما عِوَض؟ الزّنْجانيّ مجهول. وقال أبو داود: ما رأيت أحمد يميل إلى أحدٍ مَيْلَه إلى الشّافعيّ. وقال أبو عُبَيْد: ما رأيت رجلًا أعقل من الشّافعيّ. وقال قُتَيْبَة: الشّافعيّ إمام. وقال أبو عليّ الصّوَّاف: حدَّثني أحمد بْن الحَسَن الحمانيّ: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد يَقُولُ: رأيت الشّافعيّ عند محمد بْن الحَسَن، وقد دفع إِلَيْهِ خمسين دينارًا، وكان قد دفع إليه قبل ذلك خمسين درهمًا، وقال: إنِ اشتهيت العلم فالزم. قَالَ أبو عُبَيْد: فسمعت الشّافعيّ يَقُولُ: كتبتُ عَنْ محمد بْن الحَسَن وقر بعير، ولمّا أعطاه محمد قَالَ: لا تحتشم. قَالَ: لو كنت عندي ممن أحتشمك ما قبلت برك. تفرد بها الحماني، وهو مجهول. لكنّ قول الشّافعيّ: حملت عَنْ محمد بْن الحَسَن وقر بُخْتِيٍّ صحيح، رواه ابن أَبِي حاتم قَالَ: ثنا الربيع قَالَ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: حملت عَنْ محمد بْن الحَسَن حمل بُخْتِيٍّ، لَيْسَ عَلَيْهِ إلّا سماعي1. وقال أبو حاتم: ثنا أحمد بْن أبي سريج الرازي: سمعتُ الشّافعيّ يقول: أنفقتُ عَلَى كُتُب محمد بْن الحَسَن ستين دينارًا، ثمّ تدبرتُها، فوضعت إلى جنب كلّ مسألة2 حديثًا. قلت: وكان الشّافعيّ مَعَ فَرْط ذكائه يستعمل ما يزيده حفظًا وذكاء.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 78". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 78".

قَالَ هارون بْن سَعِيد الأَيْليّ: قَالَ لنا الشّافعيّ أخذت الكتّان سنةً للحِفْظ، فأعقبي رمي الدَّم سنةً1. وقال يونس بْن عَبْد الأعلى: لو جمعت أمة ما وسعهم عقْلُ الشّافعيّ. وعن يحيى بْن أكثم قَالَ: كُنَّا عند محمد بْن الحَسَن في المناظرة، وكان الشّافعيّ رجلًا قرشي العقل والفهم والذهن، صافي العقل والفهم والدماغ، سريع الإصابة. ولو كَانَ أكثر سماعًا للحديث لاستغنى أُمَّةُ محمد -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ عَنْ غيره من الفُقَهاء. رواها أبو جعفر التِّرْمِذيّ: حدَّثني أبو الفضل الوَاشْجِرْدِيّ: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه الصّاغانيّ، عَنْ يحيى، فذكرها. وعن المأمون قَالَ: قد امتحنت محمد بْن إدريس في كلّ شيءٍ فوجدته كاملًا. وقال أبو يحيى الْمَكِّيّ الزّاهد: حَدَّثَنَا أحمد بن محمد ابن بنت الشّافعيّ: سَمِعْتُ أَبِي وعمّي يقولان: كَانَ ابن عُيَيْنَة إذا جاءه شيء من التفسير وَالْفُتْيَا التفتَ إلى الشّافعيّ فيقول: سلوا هذا2. وقال أبو سَعِيد بْن الأَعْرابيّ، عَنْ تميم بْن عَبْد اللَّه: سَمِعْتُ سُوَيد بْن سَعِيد يَقُولُ: كُنَّا عند سُفْيَان، فجاء الشّافعيّ، فروى سُفْيَان حديثًا رقيقًا، فغشي عَلَى الشّافعيّ، فقيل: يا أبا محمد مات محمد بْن إدريس. فقال: إنّ كَانَ مات فقد مات أفضلُ أهل زمانه. وقال الدَّارَقُطْنيّ في ذكر من روى عَنِ الشّافعيّ: ثنا أبو بَكْر محمد بْن أحمد بْن سهل النابلسي الشهيد، ثنا أحمد بْن محمد بْن زياد الأَعْرابيّ: سَمِعْتُ تميم بْن عَبْد اللَّه الرّازيّ: سَمِعْتُ أبا زرعة: سمعت قتيبة يقول: مات الثوري ومات الورع، ومات الشافعي فماتت السنن، فيموت أحمد بن حنبل وتظهر البدع3. وقال الحارث بن سريج البقال: سَمِعْتُ يحيى القطّان يَقُولُ: أَنَا أدعو الله للشافعي أخصه به4.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 136". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 240"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 92". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 250"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 95". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 243"، وبو نعيم في الحلية "9/ 93".

وقال أبو بَكْر بْن خلّاد: وأنا أدعو اللَّه في دُبُر صلاتي للشافعيّ. وقال ... بْن عليّ الظّاهريّ: سَمِعْتُ إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه يَقُولُ: لقيني أحمد بْن حنبل بِمَكَّةَ فقال: تعال حتّى أُرِيك رجلًا لم تر عيناك مثله. قال: قأقامني عَلَى الشّافعيّ1. وقال أبو ثور: ما رأيت مثل الشّافعيّ، ولا رأى هُوَ مثل نفسه. وقال أيّوب بْن سُوَيد صاحب الأوزاعي: ما ظننت أني أعيش حتّى أرى مثل الشّافعيّ. وقال أحمد بْن حنبل، وله طرق عَنْهُ: "إنّ اللَّه يُقيَّض للنّاس في رأس كل مائة سنة من يعلمهم السُّنَن، وينفي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكذب. فنظرنا، فإذا في رأس المائة عُمَر بْن عَبْد العزيز، وفي رأس المائتين الشّافعيّ"2. وقال حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: سُمِّيتُ ببغداد: "ناصر الحديث"3. وقال الفضل بْن زياد: سَمِعْتُ أحمد بْن حنبل يَقُولُ: ما أحدٌ مسّ مَحْبَرَةً ولا قلمًا إلّا وللشافعيّ في عُنقه مِنَّةٌ. وقال أحمد: كَانَ الشّافعيّ من أفصح النّاس. وقال إبراهيم الحربيّ: سألت أحمد عَنِ الشافعي فقال: حديثٌ صحيح، ورأيٌ صحيح. وقال الزَّعْفرانيّ: ما قرأت عَلَى الشّافعيّ حرفًا من هذه الكتب إلّا واحمد حاضر. وقال إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه: ما تكلَّم أحدٌ بالرأي -وذكر الأوزاعي، والثوري، أبا حنيفة ومالكًا- إلّا والشافعي أكثر اتباعًا وأقل خطأ منه. الشافعيٌّ إمام. وقال ابن مَعِين: ليس به بأس.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 97". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 97، 98"، والخطيب في تاريخه "2/ 62". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 107"، والخطيب في تاريخه "2/ 68".

وعن أَبِي زُرْعة قَالَ: ما عند الشّافعيّ حديث فيه غلط. وقال أبو داود: ما أعلم للشافعي حديثًا خطأ. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال الربيع بْن سليمان: لو رأيتم الشّافعيّ لقلتم: إنّ هذه ليست كُتُبه. كَانَ، واللَّه، لسانه أكبر من كُتُبه. وعن يونس بْن عَبْد الأعلى قَالَ: ما كَانَ الشّافعيّ إلا ساحرًا، وما كنّا ندري ما يَقُولُ إذا قعدنا حوله، وكأن ألفاظه سُكّرٌ. وعن عَبْد الملك بْن هشام النَّحْويّ قَالَ: طالت مُجالستُنا للشافعي، فما سمعت منه لحنه قط. وكان ممّن تؤخذ عَنْهُ اللُّغَة. وقال أحمد بْن أَبِي سُرَيْج الرّازيّ: ما رأيت أحدًا أَفْوَهَ ولا أنطق من الشّافعيّ. وقال الأصمعي: أخذت شعر هُذَيْلٍ عَنِ الشّافعيّ. وقال الزُّبَيْر: أخذت شعر هُذَيْلٍ ووقائعها عَنْ عمّي مُصْعَب الزُّبَيْريّ. وقال: أخذتها عَنِ الشّافعيّ حفظًا. وقال موسى بن سهل: أحمد بْن صالح قَالَ: قَالَ لي الشّافعيّ: تعبّد من قبل أنْ تَرَأس. فإنّك إنْ ترأست لم تقدر أنْ تتعبد. قَالَ أحمد: وكان الشّافعيّ إذا تكلَّم كَانَ صوته صوت صَنْجٍ أو جَرَس من حُسْن صوته. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: ما رأيت الشّافعيّ يناظر أحدًا إلّا ورحمته. وقال: لو رأيت الشّافعيّ يُناظر لظننت أَنَّهُ سَبْعٌ يأكلك، وهو الّذي علّم النّاس الحُجَج. وقال الربيع بْن سليمان: سُئل الشّافعيّ في مسألة، فأعجب بنفسه، فأنشأ يَقُولُ: إذا المشكلات تَصَدَّتْني ... كَشَفْتُ دقائقها بالنَّظَر

ولست بإمَّعَةٍ في الرَّجال ... أُسائِل هذا وذا ما الخَبَر ولكنّي مِدْرَهُ الأَصْغَرين ... فَتَّاحُ خَيْرٍ وفَرَّاجُ شَرّ وعن هارون بْن سَعِيد الأَيْليّ قَالَ: لو أنّ الشّافعيّ ناظر عَلَى أنّ هذا العمود الحجر خشب لغلب، لاقتداره عَلَى المناظرة. وقال الزَّعْفرانيّ: قدِم علينا الشّافعيّ بغداد سنة خمس وتسعين، فأقام عندنا سنتين، ثمّ خرج إلى مَكَّةَ. ثمّ قدِم علينا سنة ثمانٍ وتسعين، فأقام عندنا أشهرًا، ثمّ خرج. يعني إلى مصر. قلت: وقد قدِم قبل ذَلِكَ بغداد قدمته الأولى الّتي لقي فيها محمد بْن الحَسَن. وقال الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ في حكاية ذكرها: لقد أصبحتْ نفسي تتوقُ إلى مصر ... ومن دونها أرضُ المهامه والقفر فوالله ما أدري أللفوز والغنى ... أساق إليها، أم أُساقُ إلى قبري فسيق، واللَّه، إليهما جميعًا. وقال ابن خُزَيْمة، ويوسف بْن عَبْد الأحد الرُّعَيْنيّ، ومحمد بْن أحمد زُغْبة، وأبو القاسم بْن بشّار: سمعنا الربيع يَقُولُ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. رواه ابن خُزَيْمة. الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، نا فُقَيْرُ بْنُ مُوسَى بْنِ فُقَيْرٍ الأَسْوَانِيُّ، نا أَبُو حَنِيفَةَ قَحْزَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسْوَانِيُّ، ثنا الشافعي، ثنا أَبُو حَنِيفَةَ بْنُ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ الْخَوْلانِيُّ الشِّهَلِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِنْ أَحَبَّ الْعَقْلَ أَخَذَ، وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ الْقَوْدُ" 1. وقال عليّ بْن محمد بْن أبان القاضي: ثنا أبو يحيى الساجي، ثنا المُزَنيّ، قال:

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "4504"، والترمذي "1406"، وأحمد في المسند "6/ 385"، والشافعي في الرسالة "450"، والبيهقي في السنن الكبرى "5/ 52"، والدارقطني في سننه "3/ 95، 96"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود "4504"، وفي الباب عن أبي هريرة: أخرجه البخاري "6880"، ومسلم "1355"، وأبو داود "4505".

لما وافى الشّافعيّ مصر، قلت في نفسي: إن كَانَ أحدٌ يُخرج ما في ضميري وما تعلق بِهِ خاطري من أمر التوحيد فهو. فصرت إِلَيْهِ وهو في مسجد مصر، فلمّا جَثَوْت بين يديه قلتُ: إنّه هجس في ضميري مسألة في التوحيد، فعلمت أنّ أحدًا لا يعلم علمك، فما الّذي عندك؟ فغضب ثمّ قَالَ: أتدري أَيْنَ أنت؟ قلت: نعم. قَالَ: هذا الموضع الّذي غرق فيه فرعون. أبلغك أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بالسؤال عَنْ ذَلِكَ؟ فقلت: لا. فقال: هَلْ تكلّم فيه الصحابة؟ قلت: لا. قَالَ: تدري كم نجوم السماء؟ قلت: لا. قَالَ: فكوكبٌ منها تعرف جنسه، طلوعه، أفوله، مِمّ خُلِقَ؟ قلت: لا. قَالَ: فشيءٌ تراه بعينك من الخلق لست تعرفه، تتكلم في خالقه. ثمّ سألني عَنْ مسألة في الوضوء، فأخطأت فيها، ففرّعها عَلَى أربعة أوجُهٍ، فلم أُجِبْ في شيء منها. فقال: شيءٌ تحتاج إِلَيْهِ في اليوم خمس مرات، تدع عِلْمُه، وتتكلف علم الخالق، إذا هجس في ضميرك ذَلِكَ، فارجع إلى اللَّه تعالى، وإلى قوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة: 163] الآية، والآية بعدها. فاسْتدِلّ بالمخلوق عَلَى الخالق، ولا تتكلف عِلْمَ ما لا يبلغه عقلُك. قَالَ: فُتْبتُ. مدارُها عَلَى أَبِي عليّ بْن حَمَكان، وهو ضعيف. وقال ابن أَبِي حاتم: في كتابي عَنِ الربيع بْن سليمان قَالَ: حضرت الشّافعيّ، أو حدَّثني أبو شُعَيْب، إلّا أني أعلم أَنَّهُ حضر عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، ويوسف بْن عَمْرو، وحفص الفرد، وكان الشّافعيّ يسميه المُنْفَرد. فسأل حفصٌ عَبْد اللَّه: ما تَقُولُ في القرآن؟ فأبي أنّ يجيبه. فسأل يوسف فلم يجبه، وكلاهما أشار إلى الشّافعيّ. فسأل الشّافعيّ، فاحتج عَلَيْهِ، وطالت المناظرة، فقام الشّافعيّ بالحُجَّة عَلَيْهِ بأن القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، وبكفر حفص. قَالَ الربيع: فلقيت حفصًا في المسجد، فقال: أراد الشّافعيّ قتلي! 1 وقال الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 455"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 112".

وقال الربيع: قَالَ الشّافعيّ: تجاوز اللَّه عمّا في القلوب، وكتب عَلَى النّاس الأفعال والأقاويل. وقال المُزَنيّ: قَالَ الشّافعيّ: يُقال لمن ترك الصلاة: لا يعملها. فإنْ صلَّيتَ وإلّا اسْتَتَبْناكَ، فإن تبت وإلّا قتلناك؛ كما تكفر، فنقول: إنْ آمنت وإلّا قتلناك. وعن الربيع: قَالَ الشّافعيّ: ما أوردت الحُجّةَ، والحقَّ على أحدٍ فقبِله إلّا هِبْتُه واعتقدت مودته، ولا كابرني عَلَى الحق أحدٌ ودافع إلّا سقط من عيني1. وقال ابن عَبْد الحَكَم، وغيره: قَالَ الشّافعيّ: ما ناظرتُ أحدًا فأحببتُ أنّ يُخطئ. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ الشّافعيّ إذا ثبت عنده الحديث قلّده وخَبِر خصائله. لم يكن يشتهي الكلام، إنّما همته الفقه. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ الشّافعيّ: أنتم أعلم بالأخبار الصِّحاح منّا، فإذا كَانَ خبرٌ صحيح فأعلمني حتّى أذهب إِلَيْهِ، كوفيًّا كَانَ، أو بصريًا، أو شاميًا. وقال حَرْمَلَة: قَالَ الشّافعيّ. كلُّ ما قلت فكان من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلاف قولي ممّا صحّ فهو أَوْلَى ولا تقلِّدوني وقال الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: إذا وجدتم في كتابي خلاف سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقولوا بها، ودعوا ما قلته2. وقال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ، وقال لَهُ رَجُل: يا أبا عَبْد اللَّه، نأخذ بهذا الحديث؟ فقال: مَتَى رويتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثًا صحيحًا ولم آخذ بِهِ، فأشهدكم أنّ عقلي قد ذهب3. وقال الحُمَيْديّ: روى الشّافعيّ يومًا حديثًا، فقلت: أتأخذ بِهِ؟ فقال: رأيتُني خرجتُ من كنيسة، أو عَلَى زُنّار، حتّى إذا سَمِعْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثًا لا أقول بِهِ4؟ وقال الشّافعيّ: إذا صح الحديث فهو مذهبي.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 117"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "2/ 251". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 472، 473"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 106، 107". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 474"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 106". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 474"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 106".

وقال: إذا صحّ الحديث فاضربوا بقولي الحائط. وقال الربيع: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أيّ سماءٍ تُظلني، وأيّ أرضٍ تُقلُّني إذا رويت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثًا، فلم أقل بِهِ1. وقال أبو ثور: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كل حديث النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَكَرِيُّ، وَغَيْرُهُ: ثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ قَدْ جَزَّءَ اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: ثُلُثُهُ الْأَوَّلُ يَكْتُبُ، وَالثَّانِي يُصَلِّي، وَالثَّالِثُ يَنَامُ. قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ صَحِيحَةٌ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَيْلَهُ كُلَّهُ كَانَ عِبَادَةً. فَإِنَّ كِتَابَةَ الْعِلْمِ عِبَادَةٌ، وَالنَّوْمَ لِحَقِّ الْجَسَدِ عِبَادَةٌ. قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا" 2. وَقَالَ مُعَاذٌ: فَاحْتَسَبَ نَوْمَتِي كَمَا احْتَسَبَ قَوْمَتِي. وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: ثَنَا الرَّبِيعُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: مَا شَبِعْتُ مُنْذُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَّا مَرَّةً، فَأَدْخَلْتُ يَدِي فَتَقَيَّأْتُهَا. رَوَاهَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فَزَادَ بِهَا: لِأَنَّ الشِّبَعَ يُثْقِلُ الْبَدَنَ، وَيُزِيلُ الْفِطْنَةَ، وَيَجْلِبُ النَّوْمَ، وَيُضْعِفُ عَنِ الْعِبَادَةِ3. وَعَنِ الرَّبِيعِ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ: عَلَيْكَ بِالزُّهْدِ، فَإِنَّ الزُّهْدَ عَلَى الزَّاهِدِ أَحْسَنُ مِنَ الْحُلِيِّ عَلَى النَّاهِدِ4. وقال إِبْرَاهِيم بْن الحَسَن الصُّوفيّ: ثنا حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ما حلفت باللَّه صادقًا ولا كاذبًا5. وقال أبو ثور: ما كَانَ الشّافعيّ يُمْسِك الشيء من سماحته. وقال عَمْرو بْن سواد: كَانَ الشافعي أسخر النّاس عَلَى الدنيا والدرهم والطعام. قَالَ لي: أفلست ثلاث مرات، فكنت أبيع قليلي وكثيري حتى حلي ابنتي وزوجتي،

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 475"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 106". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1974، 1975"، ومسلم "1159"، والنسائي "2390". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 127". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 130". 5 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 164"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 135".

ولم أرهن قطّ1. وقال الربيع: أخذ رَجُل بركاب الشّافعيّ فقال لي: أَعْطِه أربعة دنانير واعذرني عنده2. وعن المُزَنيّ: إنَّ الشّافعيّ وقف عَلَى رَجُلٍ رآه حَسَن الرمي، فأعطاه ثلاثة دنانير، وقال لَهُ: أحسنت3. وقال أبو عليّ الحصائري: سَمِعْتُ الربيع يَقُولُ: مر الشّافعيّ عَلَى حمار في الحذائين، فسقط سوطه، فوثب غلامٌ ومسح السوط بكمه وناوله إيّاه، فقال لغلامه: أعطه تِلْكَ الدنانير. قَالَ الربيع: ما أدري كانت تسعة أو سبعة4. وقال: تزوجت، فسألني الشّافعيّ، كم أصدقتها؟ قلت: ثلاثين دينارًا، عجلّت منها ستّة. فأعطاني أربعة وعشرين دينارًا. وعن الربيع: أنّ رجلًا ناول الشّافعيّ رقعة فيها: إنّي رَجُل بقال، رأس مالي درهم. وقد تزوجت فأعني. فقال: يا ربيع، أعطه ثلاثين دينارًا، واعذرني عنده. فقلت: إنَّ هذا رَجُل تكفيه عشرة دراهم. فقال: ويْحك أَعْطِه. وقال ابن أبي حاتم: ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم: ثنا محمد بْن رَوْح: ثنا الزُّبَيْر بْن سليمان الْقُرَشِيّ، عن الشافعي قال: خرج هرثمة فأقرني سلام أمير المؤمنين هارون وقال: قد أمر لك بخمسة آلاف دينار. قَالَ: فحمل إِلَيْهِ المال، فدعا بحجام فأخذ شعره، فأعطاه خمسين دينارًا. ثمّ أخذ رقاعًا فصرر صررًا، وفرقها في القرشيين، حتّى ما بَقِيّ معه إلّا نحو مائة دينار5.

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 222"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 77، 132". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 130". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 223"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 132". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 221". 5 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 226، وأبو نعيم في الحلية "9/ 131، 132".

وقال أبو نُعَيْم بْن عديّ، والأصم، والعكري، وآخرون: ثنا الربيع: أخبرني الحُمَيْديّ. قَالَ: قدِم علينا الشّافعيّ صنعاء، فضربت لَهُ الخيمة، ومعه عشرة آلاف دينار، فجاء قومٌ فسألوه، فلمّا قلعت الخيمة ومعه منها شيء1. وقال ابن عَبْد الحَكَم: كَانَ الشّافعيّ أسخي النّاس بما يجد2. وقال إِبْرَاهِيم بْن محمود النَّيْسابوريّ: ثنا داود الظّاهريّ، ثنا أبو ثور قَالَ: وكان الشّافعيّ من أسمح النّاس. كَانَ يشتري الجارية الصِّنَّاع الّتي تطبخ وتعمل الحلوى، ويشترط عليها هُوَ أنّ لا يقربها؛ لأنّه كَانَ عليلًا لا يمكنه أنّ يقرب النساء لباسور بِهِ إذ ذاك. فكان يَقُولُ لنا: اشتهوا ما أردتم3. قلت: هذا أصابه بآخرة، وإلّا فقد تزوّج وجاءته الأولاد. وقال أبو عليّ بْن حكمان في "كتاب فضائل الشّافعيّ": ثنا إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن يحيى المُزَنيّ، ثنا ابن خُزَيْمة، ثنا الربيع قَالَ: أصحاب مالك يفخرون فيقولون: كَانَ يحضر مجلس مالك نحوٌ من ستين مُعَمَّمًا. واللَّه لقد عددت في مجلس الشّافعيّ ثلاثمائة معمم سوى من شذ عني. وقال الحَسَن بْن سُفْيَان: ثنا أبو ثور: سَمِعْتُ الشّافعيّ، وكان من معادن الفقه، ونقاد المعاني، وجهابذة الألفاظ يَقُولُ: حكم المعاني خلاف حكم الألفاظ؛ لأن المعاني مبسوطة إلى غير غاية، وأسماء المعاني معدودة محدودة، وجميع أصناف الدِّلالات عَلَى المعاني، لفظًا وغير لفظ، خمسة أشياء أوّلها اللّفظ، ثمّ الإشارة، ثمّ العقد، ثمّ الخط، ثمّ الّذي يسمى النصبة؛ والنصبة في الحال الدلالة الّتي تقوم مقام تِلْكَ الأصناف، ولا تقصر عَلَى تِلْكَ الدلالات؛ ولكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة صاحبتها، وحلية مخالفة لحلية أختها، وهي الّتي تكشف لك عَنْ أعيان المعاني في الجملة، وعن خفائها عَنِ التفسير، وعن أجناسها وأفرادها، وعن خاصها وعامها، وعن طباعها في السار والضار، وعما يكون بهوًا بهرجًا وساقطًا مدحرجًا. وقال الربيع: كنت أَنَا والمُزَنيّ والبويطي عند الشافعي، فقال لي: أنت نموت في

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 220". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 222"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 132". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 222"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 133".

الحديث. وقال للمُزنيّ: هذا لو نَاظَرَه الشيطان قَطَعَه وجَدَلَه1. وقال للبُوَيْطيّ: أنت تموت في الحديد. فدخلت عَلَى البُوَيْطيّ أيّام المِحْنة، فرأيته مقيَّدًا مَغْلُولًا2. وقال أبو بَكْر محمد بْن إدريس ورّاق الحُمَيْديّ: سَمِعْتُ الحُمَيْديّ يَقُولُ: قَالَ الشّافعيّ: خرجت إلى اليمن في طلب كُتُب الفِرَاسة حتّى كتبتها وجمعتها3. وقد رُوِيَ عَنِ الشّافعيّ عدّة إصابات في الفِرَاسَة. وعن الشّافعيّ قَالَ: أقدرُ الفُقَهاء عَلَى المناظرة مَن عوَّد لسانه الرَّكْضَ في مَيْدان الألفاظ، ولم يتلعثم إذا رَمَقَتْه العيونُ بالألحاظ. وعنه قَالَ: بئس الزّاد إلى المَعاد العدوانُ عَلَى العِباد. وعنه قَالَ: العالِم يسأل عمّا يعلم وعمّا لا يعلم، فيثبت ما يعلم ويتعلم ما لا يعلم. والجاهل يأنف من التعليم ويأنف من التَّعلُّم. وقال يونس: قَالَ لي الشّافعيّ: لَيْسَ إلى السلامة من النّاس سبيلٌ، فانظر الّذي فيه صلاحك فالْزَمْه4. وعنه قَالَ: ما رفعتُ من أحدٍ فوق منزلته، إلّا وضع منّي بمقدار ما رفعت منه. وعنه قَالَ: ضياع الجاهل قلة عقله، وضياع العالم أنّ يكون بلا إخوان، وأضيعُ منهما من واخَى من لا عقل لَهُ. وعنه قَالَ: إذا خفتَ عَلَى عملك العُجْبَ، فاذْكُرْ رِضَى من تطلبُ، وفي أيّ نُعَيْم ترغب، ومن أيّ عقابُ ترهب، فحينئذ يصغر عندك عملك. وقال: آلات الرّئاسة خمس: صِدْق اللهْجة، وكتمان السر، والوفاءُ بالعهد، وابداء النصيحة، وأداء الأمانة. وقال: من استغضب ولم يغضب فهو حمار، ومن استُرضي، ولم يَرْضَ فهو شيطان5.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 139". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 136". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 136"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 78". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 122". 5 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 202"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 143".

وقال: أيُّما رجالٌ أو أهلُ بيتٍ لم يخرج نساؤهم إلى رجالٍ غيرهم، ورجالُهم إلى نساء غيرِهم، إلّا كَانَ في أولادهم حُمْقٌ1. وقال الحَسَن بْن سُفْيَان: ثنا حَرْمَلَة قَالَ: سُئل الشّافعيّ عَنْ رجلٍ في فيه تمرة وقال: إن أكلتها فامرأتي طالق، وإن طرحتها فامرأتي طالق. قَالَ: يأكل نصفها، ويطرح النصف2. قَالَ حسان بْن محمد الفقيه: سَمِعَ منيّ أَبُو الْعَبَّاس بْن سُرَيْج هذه الحكاية وبنى عليها تفريعات الطّلاق. قَالَ الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: إنْ لم يكن الفُقَهاء العاملون أولياء اللَّه فما لله وليّ3. وقال الشّافعيّ: طلبُ العِلم أفضلُ من صلاة النّافلة4. وقال: حُكمي في أصحاب الكلام أنّ يُطاف بهم في القبائل، ويُنادَى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسُّنَّة، وأقبل عَلَى الكلام. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: ما رأيتُ أحدًا أقلّ حبًّا للماء في تمام التطهُّر من الشّافعيّ. وقال أبو ثور: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ينبغي للفقيه أنّ يضع التُّرابَ عَلَى رأسه تواضعًا لله، وشكرًا لَهُ. وقال الأصمّ: سَمِعْتُ الربيع يَقُولُ: سأل رَجُل الشّافعيّ عَنْ قاتل الوَزَغ هَلْ عَلَيْهِ غُسْلُ؟ فقال: هذا فُتْيا العجائز. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: ما رأت عيني قطّ مثل الشّافعيّ. لقد قدمت المدينة فرأيت أصحاب عَبْد الملك الماجِشُون يَغْلُون بصاحبهم يقولون: صاحبنا الذي قطع الشافعي.

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 201"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 125". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 143". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 155". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 119"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "2/ 251".

فلقيت عَبْد الملك الماجِشُون، فسألته عَنْ مسألة، فأجابني، فقلت: ما الحُجّة؟ قالَ: لأن مالكا قالَ كذا وكذا. فقلت في نفسي: هيهات أن أسألك عن الحجة فتقول: قالَ معلمي؛ وإنما الحجة عليك وعلى معلّمك. رواها الحَسَن بْن عليّ بْن الأشعث الْمَصْرِيّ، عَنْهُ. وقال إبراهيم بن أبي طالب: سألت أبا قدامة السَّرْخَسيّ، عَنِ الشّافعيّ، وأحمد، وأبي عُبَيْد، وإِسْحَاق، فقال: الشّافعيّ أفقههم. وقال يحيى بْن منصور القاضي: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمة يَقُولُ، وقلت لَهُ: هَلْ تعرف سُنَّةَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الحلال والحرام لم يُودِعْها الشّافعيّ كتابَه؟ قَالَ: لا. وعن الشّافعيّ قَالَ: إذا رأيتُ رجلًا من أصحاب الحديث فكأنّي رأيت رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جزاهم اللَّه خيرًا. حفظوا لنا الأصل، فلهم علينا الفضل1. قَالَ أبو نُعَيْم بْن عديّ، وغيره: قَالَ داود بْن سليمان، عَنِ الحُسين بْن عليّ: سمع الشافعي يقول: حكمي في أهل الكلام حُكمُ عُمَر -رضى الله عنه- في صبيغ. وقال محمد بْن إسماعيل التِّرْمِذيّ: سَمِعْتُ أبا ثور، وحسين بْن عليّ الكرابيسيّ يقولان: سمعنا الشّافعيّ يَقُولُ: حكمي في أصحاب الكلام أنّ يضربوا بالجريد ويُحمَلُوا عَلَى الإبل ويُطاف بهم في العشائر والقبائل؛ قد تقدّم هذا. وقال البُوَيْطيّ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: عليكم بأصحاب الحديث، فإنهم أكثرُ النّاس صوابًا. وقال محمد بْن إسماعيل: سَمِعْتُ الحُسين بْن عليّ يَقُولُ: قَالَ الشّافعيّ: كلّ متكلّم عَلَى الكتاب والسُّنَّة فهو الجدّ، وما سواه فهو هَذَيان. وقال حَرْمَلَة: قَالَ الشّافعيّ: كنت أُقْري النّاسَ وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، وحفِظْت "الموطّأ" قبل أنّ أحتلم. وكان ابن عمّي عَلَى المدينة، فسأل مالكًا أنّ أقرأ عَلَيْهِ "الموطّأ". وقال حَرْمَلَة أيضًا: قَالَ الشّافعيّ: رحلت إلى مالك وأنا بن ثلاث عشرة سنة،

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 109".

فأعجبته قراءتي. رواها دُحَيْم بْن همام، عَنْ حَرْمَلَة. وقال الحَسَن بْن عليّ الطُّوسيّ: ثنا أبو إسماعيل السُّلَميّ: سَمِعْتُ البُوَيْطيّ يَقُولُ: سُئل الشافعي: كم أطول الأحكام. قال: خمسمائة. قِيلَ لَهُ: كم منها عَنْ مالك؟ قَالَ: كلها، إلّا خمسة وثلاثين. قِيلَ لَهُ: كم منها عَنِ ابن عُيَيْنَة؟ قَالَ: كلّها إلّا خمسة1. الْأَصَمُّ: نَبَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: لَيْسَ فِيهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ -يَعْنِي فِي الزَّجْرِ- عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، حَدِيثٌ ثَابِتٌ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَلَالٌ. وَقَدْ غَلِطَ سُفْيَانُ فِي حَدِيثِ ابْنِ الْهَادِ. وَقَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي مَحَاشِّهِنَّ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ السَّاجِيُّ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلرَّبِيعِ فَقَالَ: كَذِبَ. فِي كِتَابِ الشَّافِعِيِّ مَسْطُورٌ خِلَافَ مَا قَالَ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يُحَرِّمُ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ. قُلْتُ: حَدِيثُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ رَوَاهُ النَّاسُ عَنْهُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ الله لا يستحيي مِنَ الْحَقِّ، لا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ" 2. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: الصَّحِيحُ: ابْنُ الْهَادِ، عَن عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن الْحُصَيْنِ، عن هرمي بْن عبد اللَّه، عن خزيمة، عن النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: رَوَاهُ أبو أسامة، عن الْوَلِيد بْن كثير، عَن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن الحُصَيْن الْخَطْمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْخَطْمِيِّ، عَنْ حَرَمِيِّ بْنِ عبد الله، عن خزيمة مثله.

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 519". 2 "حديث صحيح": أخرجه ابن ماجه "1924"، وأحمد في المسند "5/ 213، 214"، والدارمي في سننه "1144"، والطبراني في الكبير "3739، 3740، 3744"، وابن حبان في صحيحه "4198، 4200".

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: ثنا أبو بَكْر بْن أَبِي أُوَيْس: حدَّثني سليمان بْن بلال، عَنْ زيد بْن أسلم، عَنِ ابن عِمران، أنّ رجلًا أتى امرأته، في دُبُرها، فوجد في نفسه من ذَلِكَ وجْدًا شديدًا. فأنزل اللَّه تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] قلت: يعني أتاها في فرْجها وظَهرهَا إِلَيْهِ. وقال الربيع: قَالَ الشّافعيّ: لأنْ يلقى اللَّه المرءُ بكلّ ذَنْبٍ ما خلا الشِّرْك باللَّه خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء. وقال: لما تكلّم حفص الفَرد في مناظرته للشافعي: القرآن مخلوق. قَالَ لَهُ: كفرتَ باللَّه العظيم1. وقال: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: من حلف باسمٍ من أسماء اللَّه فحنث، فعلية الكَفّارة؛ لأنّ اسم اللَّه غير مخلوق. ومن حلف بالكعبة والصِّفا والمَرْوَة، فليس عليه الكفارة؛ لأنّه مخلوق2. وقال يُونُسُ بْن عَبْد الأَعْلَى: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: ما صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: لا يقال فيه: لِمَ ولا كيف3. وقال حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشافعي يَقُولُ: الخلفاء خمس: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْد العزيز4. وقال ابن عَبْد الحَكَم: كَانَ الشّافعيّ بعد أنّ ناظر حفصَا الفَرْد يكره الكلام. ويقول: ما شيء أبغض إليّ من الكلام وأهله. وقال الربيع: دخلت عَلَى الشّافعيّ وهو مريض فقال: وددت أنّ النّاس يعلموا هذه الكتب لا يُنْسَب إليّ منها شيءٌ. وقال حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: وددت أنّ كلّ علم أعلمه يعلمه الناس

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 113". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 403"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 112، 113". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 30". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 448".

أؤجر عَلَيْهِ ولا يَحْمَدُوني1. وقال محمد بْن مُسْلِم بْن وَارَةَ: سألت أحمد بْن حنبل قلت: ما ترى في كُتُب الشّافعيّ الّتي عند العراقيين؟ هِيَ أحبّ إليك أو الّتي بمصر؟ قَالَ: عليك بالكُتُب الّتي وضعها بمصر. فإنّه وضع هذه الكُتُب بالعراق ولم يحكمها. ثمّ رجع إلى مصر فأحكم تِلْكَ2. وقال ابن وَارَةَ: قلت لأحمد مرّة: ما ترى لي من الكُتُب أنّ أنظر فيه. أرى مالك، أو الثَّوْريّ، أو الأوزاعيّ؟ فقال لي قولًا أَجُلُّهُم أنّ أذكره، وقال: عليك بالشافعي، فإنه أكثرهم صوابًا، وأتْبَعُهُم للآثار. وقال عَبْد اللَّه بْن ناجيه: سَمِعْتُ ابن وَارَةَ يَقُولُ: لما قدمت من مصر أتيت أحمد بْن حنبل، فقال لي: كتبتُ كُتُب الشّافعيّ؟ قلت: لا. قلت: فرّطْت، ما عرفنا العموم من الخصوص، وناسخ الحديث من منسوخه حتّى جالسنا الشّافعيّ. فحملني ذَلِكَ عَلَى الرجوع إلى مصر. وقال محمد بْن يعقوب الفَرَجيّ: سَمِعْتُ عليّ بْن المَدِينيّ يَقُولُ: عليكم بكُتُب الشّافعيّ. قلت: وكان الشّافعيّ مَعَ عظمته في علم الشريعة وبراعته في العربية بصيرًا في الطّبّ. نقل ذَلِكَ غير واحد. فعنه قَالَ: عجبًا لمن يدخل الحمّام ثمّ لا يأكل من ساعته، كيف يعيش؟ وعجبًا لمن يحتجم ثمّ يأكل من ساعته، كيف يعيش3؟ وقال حَرْمَلَة عَنْهُ: من أكل الأُتْرُجّ ثمّ نام لم يأمن أن تصيبه ذِبْحَة. وقال محمد بْن عِصْمة الْجُوزَجَانيّ: سَمِعْتُ الربيع، سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ثلاثة أشياء دواء من لا دواء له، وأعيت الأطباء مُدَاوَاتَهُ: العنب، ولبنُ التّفاح وقصب السُّكَّر. ولولا قصب السكر ما أقمت ببلدكم4.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 119". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 263"، وأبو نعيم في حلية الأولياء "9/ 97، 102". 3 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 119"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 143". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 122".

وقال: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: كَانَ غلامي أعشى، فلم يكن يبصر باب الدّار، فأخذت لَهُ زيادة الكِبد، فكحّلْتُهُ بها، فأبصر1. وعنه قَالَ: عجبًا لمن تعشّى البيض المسلوق ثمّ نام عَلَيْهِ كيف لا يموت2؟ وقال: الفول يزيد في الدماغ، والدماغ يزيد في العقل3. وعن يونس، عَنْهُ قَالَ: لم أر أنفع للوباء من البنفسج، يدهن بِهِ ويشرب4. وقال صالح جَزْرَة: سَمِعْتُ الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: لا أعلم عِلْمًا بعد الحلال والحرام أنبل من الطّبّ، إلّا أنّ أهل الكتاب قد غلبونا عَلَيْهِ. وقال حَرْمَلَة: كَانَ الشّافعيّ يتلهف على ما صنع المسلمون من الطّبّ ويقول: ضيعوا ثُلُث العِلْم، ووكّلوه إلى اليهود والنَّصاري5. وقيل: إنَّ الشّافعيّ نظر في التنجيم، ثمّ تاب منه وهجره. وقَالَ أبو الشَّيْخ، ثنا عَمْرو بْن عُثْمَان الْمَكِّيّ، ثنا ابن بنت الشّافعيّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ الشّافعيّ وهو حَدَث ينظر في النجوم، وما ينظر في شيء إلّا فاق فيه. فجلس يومًا وامرأتُهُ تَطْلُقُ، فحسَب وقال: تَلِدُ جاريةً عوراء، عَلَى فَرْجها خالٌ أسود، تموت إلى كذا وكذا. فولدت وكان كما قَالَ، فجعل عَلَى نفسه أنّ لا ينظر أبدًا. ودفن تِلْكَ الكُتُب6. وقال فوران: قسمتُ كُتُب أَبِي عَبْد اللَّه أحمد بْن حنبل بين ولديه، فوجدت فيها رسالَتَيِ الشّافعيّ العراقيّ والمصريّ بخطّ أَبِي عَبْد اللَّه. وقال أبو بَكْر الصَّوْمعيّ: سَمِعْتُ أحمد بْن حنبل يَقُولُ: صاحب حديث لا يشبع من كُتُب الشّافعيّ.

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 122". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 118"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 143". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 137، 141". 4 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 118". 5 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 116"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 136، 142". 6 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 126".

وقال البَيْهقيّ: أَنَا الحاكم: سَمِعْتُ أبا أحمد عليّ بْن محمد المَرْوَزِيّ: سَمِعْتُ أبا غالب عليّ بْن أحمد بْن النَّضْر الْأَزْدِيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أحمد بْن حنبل، وسُئل عَنِ الشّافعيّ فقال: لقد مَنّ اللَّه علينا بِهِ. لقد كنّا تعلَّمنا كلامَ القوم، وكتبنا كُتُبَهم، حتّى قدِم علينا الشّافعيّ، فلمّا سمعنا كلامه علمنا أَنَّهُ أعلم من غيره، وقد جالسناهُ الأيّامَ واللّيالي، فما رأينا منه إلّا كلّ خير. وقال لَهُ رَجُل: يا أبا عَبْد اللَّه، فإن يحيى بْن مَعِين، وأبا عُبَيْد لا يرضيانه، يعني في نسبتهما إيّاه إلى التَّشيُّع. فقال أحمد: ما ندري ما يقولان. واللَّه ما رأينا منه إلّا خيرًا. وقال ابن عديّ الحافظ: ثنا عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جعفر القَزْوينيّ: ثنا صالح بْن أحمد بْن حنبل: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ "الموطّأ" من الشافعي؛ لأني رأيته فيه ثَبْتًا، وقد سَمِعْتُهُ من جماعة قبله. وقال الحاكم أبو عَبْد اللَّه: سمعت الفقيه أبا بَكْر محمد بْن عليّ الشّاشيّ يَقُولُ: دخلت عَلَى ابن خُزَيْمة وأنا غلام، فقال: يا بُنيّ عَلَى من درسْت الفقه؟ فسمَّيْت لَهُ أبا الَّليْث. فقال: عَلَى من درس؟ قلتُ: عَلَى ابن سُرَيْجٍ، فقال: وهل أَخَذَ ابن سُرَيْجٍ العلم إلا من كتب مستعارة. وقال بعضهم: أبو الليث هذا مهجورٌ بالشّاش، فإن البلد للحنابلة. وقال ابن خُزَيْمة: وهل كَانَ ابن حنبل إلّا غُلامًا من غلمان الشّافعيّ؟ وقال أبو داود السِّجِسْتانيّ، وسأله زكريّا السّاجيّ: مَن أصحاب الشّافعيّ؟ فقال: أوّلهم الحُمَيْديّ، وأحمد بْن حنبل، وأبو يعقوب البُوَيْطيّ. ومن غرائب الاتِّفاق أنّ الْإِمَام أحمد روى عَنْ رجلٍ، عَنِ الشّافعيّ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ: ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ النَّقَّاشُ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْحُبُوطِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ "حَ"، وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحُسَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ غَانِمٍ الْمُقْرِئِ، أَنَا أَبُو مُوسَى الْحَافِظُ أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، أَنَا أَبُو سَعْدٍ السَّمَّانُ، قَدِمَ عَلَيْنَا: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن محمود بتستر، ثنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَا: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، ثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ

نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- "صَلَّى صَلاةَ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ"1 وَاللَّفْظُ لِلنَّقَاشِ. قَالَ أحمد بْن سَلَمَةَ النَّيْسابوريّ: تزوج إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه بمَرْو بامرأةِ رجلٍ كَانَ عنده كُتُب الشّافعيّ، فتُوُفّي. لم يتزوّجُ بها إلّا لحال الكتب، فوضع "جامع الكبير" عَلَى كتاب الشّافعيّ، ووضع "جامع الصغير" عَلَى "جامع الثَّوْريّ الصغير". فقدم أبو إسماعيل الترمذي نيسابور، وكان عنده كُتُب الشّافعيّ، عَنِ البُوَيْطيّ. فقال لَهُ إِسْحَاق: لا تحدّث بكُتُب الشّافعيّ ما دمت هنا. فأجابه، فلم يحدثه بها حتّى خرج. قلت: تُرَى من كَانَ يكتب عَنْ رجلٍ، عَنْ آخر، عَنِ الشّافعيّ، مع وجود إِسْحَاق، وفي نفسي من صحة ذَلِكَ. وقال داود الظّاهريّ: سَمِعْتُ إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه يَقُولُ: ما كنت أعلم أنّ الشّافعيّ في هذا المحلّ، ولو علِمْتُ لم أُفَارِقْه. وقال محمد بْن إِبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ: قَالَ إِسْحَاق: قدمتُ مكّة فقلت للشافعي: ما حالُ جعفر بْن محمد عندكم؟ فقال: ثقة، كتبنا عَنْ إبراهيم بن أبي يحيى، عنه، أربعمائة حديث. وقال يُونُسُ بْن عَبْد الأَعْلَى: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: ما رأيت أفقه من ابن عُيَيْنَة، أمسكت عَنِ الفتيا منه. ونقل أبو الشَّيْخ بْن حِبّان وغيره من وجهٍ أنّ الشّافعيّ لمّا دخل مصر أتاه جلّةُ أصحاب مالك، وأقبلوا عَلَيْهِ، فلمّا رأوْه يخالف مالكًا وينقض عَلَيْهِ تنكروا لَهُ وجفوه، فأنشأ يَقُولُ: أأنثر درًّا بين سارحة النعم؟ ... أأنظم مثورًا لراعية الْغَنَمْ؟ لَعَمْري لَئِنْ ضُيِّعْتُ في شَرِّ بَلْدةٍ ... فلستُ مُضِيعًا بينهم غُرَرَ الْكَلِمْ فإنْ فَرَّج اللَّهُ اللّطيف بلُطْفِه ... وصادَفْتُ أهلًا للعلوم والحكم

_ 1 "حديث منكر": وفيه يحيى بن سليم وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر كما في التهذيب "7842".

بثَثْتُ مُفِيدًا واستَفَدْتُ ودَادَهُمْ ... وإلّا فمخزونٌ لديّ ومُكْتَتَمْ وَمَنْ مَنَح الْجُهَّالَ عِلْمًا أضَاعَهُ ... ومَن مَنَعَ المُسْتَوجِبِينَ فقد ظَلَمْ وكاتمُ عِلْم الدِّين عمّن يُرِيدُهُ ... يَبُوء بأَوْزارٍ وآثِمٍ إذا كَتَم وقال الحافظ ابن مَنْدَه: حدَّثَ عَنِ الربيع قَالَ: رأيت أشهب بْن عَبْد العزيز ساجدًا، وهو يَقُولُ في سجوده: اللهم أمت الشّافعيّ ولا تذهب عِلْم مالك. فبلغ الشّافعيّ ذَلِكَ، فتبسّم وأنشأ يَقُولُ: تمنّى رجال أنّ أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي يبغي خلاف الّذي مضى ... تهيأ لأُخرى مثلها فكأن قد وقد علموا لو ينفع العلم عندهم ... لئن مت ما الداعي عليّ بمُخلدِ1 وقال المُبَرِّد: دخل رجلٌ على الشّافعيّ فقال: إنّ أصحاب أَبِي حنيفة لفصحاء، فأنشد الشّافعيّ يَقُولُ: فلولا الشِّعْرُ بالعُلَماء يُزْري ... لَكُنْتُ الْيَوْمَ أَشْعَرَ من لَبِيدِ وأَشْجَعَ في الْوَغَى من كلّ لَيْثٍ ... وَآلِ مُهَلَّبٍ وأبي يزيد ولولا خشيةُ الرَّحْمَن ربّي ... حَسِبْتُ النّاس كُلَّهُمُ عبِيدي2 قَالَ الحاكم: أخبرني الزُّبَيْر بْن عَبْد الواحد الحافظ، أَنَا أبو عُمارة حمزة بْن عليّ الجوهريّ، ثنا الربيع بْن سليمان قَالَ: حَجَجْنا مَعَ الشّافعيّ، فما ارتقى شُرُفًا، ولا هبط واديًا، إلّا وهو يبكي وينشد: يا راكبًا قفْ بالمُحَصَّبِ من مِنَى ... واهتِفْ بقاعد خِيفِها والنّاهضِ سَحَرًا إذا فاض الحَجيجُ إلى مِنَى ... فَيْضًا كمُلْتَطَم الفُرات الفائضِ إنّ كَانَ رفضًا حُبُّ آلِ محمّدٍ ... فلْيَشْهَد الثَّقَلان أنّي رافضي بهذا الاعتبار قَالَ أحمد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ في الشّافعيّ: كَانَ يتشيع، وهو ثقة.

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 73"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 149، 150". 2 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 62".

قلت: ومعنى هذا التشيع حب عليّ وبغض النواصب، وأن يتخذه مولَّى، عملًا بما تواتر عَنْ نبيّنا -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَن كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاه". أمّا من تعرّض إلى أحدٍ من الصّحابة بسببٍ فهو شيعيّ غال نبرأ منه. وقال عثمان الصابوني: أنشدني أبو منصور بْن جمشاد قَالَ: أنشدت لأبي عَبْد اللَّه محمد بْن إِبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ في الشّافعيّ -رضى الله عنه: ومن شُعَب الإيمان حُبُّ ابن شافع ... وفرضٌ أكيدٌ حُبُّهُ لا تَطَوُّعُ وإنّي حياتي شافعيّ فإنْ أمُتْ ... فتوصيتي بعدي بأن تتشفعوا قلت: وللشافعي -رحمه اللَّه- أشعار كثيرة. قَالَ الحافظ أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن غانم في "كتاب مناقب الشّافعيّ". وهو مجلد: وقد جمعت ديوان شِعْرَ الشّافعيّ كتابًا عَلَى حِدَة. ثمّ قَالَ بإسناده إلى ثعلب أَنَّهُ قَالَ: الشّافعيّ إمامٌ في اللغة. وقال أبو نُعَيْم بْن عديّ: سَمِعْتُ الربيع مِرارًا يَقُولُ: لو رأيت الشّافعيّ وحسن بيانه وفصاحته لعجبت. ولو أَنَّهُ ألّف هذه الكُتُب عَلَى عربيّته التي كَانَ يتكلم بها معنا في المناظرة لم يُقدر عَلَى قراءة كتبه لفصاحته وغرائب ألفاظه. غير أَنَّهُ كَانَ في تأليفه يوضح للعوامّ. وقال أبو الحَسَن عليّ بْن مهدي الفقيه: ثنا محمد بْن هارون، ثنا هُمَيْم بْن هَمَّام، ثنا حَرْمَلَة: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ما جهل النّاس، وما اختلفوا إلّا لتركهم كلام العرب، أو قَالَ: لسان العرب، وميلهم إلى أرسطاطاليس. الأصم: أَنَا الربيع قَالَ: قَالَ الشّافعيّ: المُحْدَثَات من الأمور ضَرْبان. أحدهما: ما أُحدث يخالف كتابًا أو سنة أو إجماعًا، فهذه البدعة ضلالة. والثاني: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه. لو أحدث هذا فهذه محدثة غير مذمومة. وقد قَالَ عُمَر -رضى الله عنه- في قيام رمضان: نعمت البدعة هذه. يعني أنها محدثة لم تكن. وإذ كانت فليس فيها رد لما مضى1.

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "2/ 468، 469"، وأبو نعيم في الحلية "9/ 113".

رواه البيهقيّ، عَنِ الصَّيْرفيّ عَنْهُ. وقال مُصْعَب بْن عَبْد اللَّه: ما رأيت أحدًا أعلم بأيّام النّاس من الشّافعيّ. وروى أبو العبّاس بْن سُرَيْج، عَنْ بعض النَّسَّابين قَالَ: كَانَ الشّافعيّ من أعلم النّاس بالأنساب. اجتمعوا معه ليلًا، فذاكرهم بأنساب النّساء إلى الصّبّاح. وقال: أنساب الرجال يعرفها كلُّ أحد1. وقال الحَسَن بْن رشيق: أَنَا أحمد بْن عليّ المدائني قَالَ: قَالَ المُزَنيّ: قدِم علينا الشّافعيّ، فأتاه ابن هشام صاحب "المغازي"، فذَاكَره أنسابَ الرجال، فقال لَهُ الشّافعيّ بعد أنّ تذاكرا: دعْ عنك أنساب الرجال فإنها لا تذهب عنّا وعنك، وخذ بنا في أنساب النساء. فلمّا أخذوا فيها بَقِيَ ابن هشام. وقال يونس بْن عَبْد الأعلى: كَانَ الشّافعيّ إذا أخذ في أيّام النّاس يَقُولُ: هذه صناعته. وقال أحمد بْن محمد ابن بنت الشّافعيّ: ثنا أَبِي قَالَ: أقام الشّافعيّ عَلَى العربية وأيام النّاس عشرين سنة وقال: ما أردت بهذا إلّا الاستعانة عَلَى الفقه. وقال أبو حاتم: ثنا يونس بْن عَبْد الأعلى: قَالَ: ما شاهدت أحدًا لقى من السقم ما لقي الشّافعيّ ... فدخلت عَلَيْهِ فقال: اقرأ عليَّ ما بعد العشرين والمائة من آل عِمران، فقرأت ولمّا قمت قَالَ: لا تغفل عنّي فإنّي مكروب. قَالَ يونس: عَنَى بقراءتي ما بعد العشرين والمائة ما لقي النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلم- وأصحابه أو نحوه. وقال ابن خُزَيْمة، وغيره: ثنا المُزَنيّ قَالَ: دخلت عَلَى الشّافعيّ في مرضه الّذي مات فيه، فقلت: يا أبا عَبْد اللَّه كيف أصبحت؟ فرفع رأسه وقال: أصبحت من الدّنيا راحلًا، ولأخواني مفارقًا، ولسوء عملي مُلاقيًا، وعلى اللَّه واردًا. ما أدري روحي تصير إلى الجنة فأهنئها، أو إلى نارٍ فأعزيها. ثمّ بكى وأنشأ يَقُولُ: ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت رجائي دون عفوك سلما

_ 1 أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي "1/ 488، 489".

تعاظمت ذَنْبي فلمّا قَرَنْتُهُ ... بعَفْوِك ربّي كَانَ عفْوُكَ أَعْظَما فما زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْب لم تَزَلْ ... تجودُ وتعفو منّةً وتَكرما فإنْ تنتقِمْ منِّي فلستُ بآيِسٍ ... ولو دَخَلَتْ نفسي بجُرْمٍ جهنّما ولولاك لم يُغْوَ بإبليسَ عابدٌ ... فكيف وقد أغوى صَفِيَّكَ آدما وإنّي لآتي الذَّنْب أعرفُ قَدْرَهُ ... وأعلَمُ أنّ اللَّه يعفو تكرُّما وقال الأصمّ: ثنا الربيع قَالَ: دخلت عَلَى الشّافعيّ وهو مريض، فسألني عَنْ أصحابنا، فقلت: إنّهم يتكلّمون. فقال: ما ناظرتُ أحدًا قطّ عَلَى الغَلَبَة. وبِودِّي أنّ جُمَيْع الخلْق تعلَّموا هذا الكتاب، يعني كتبه، عَلَى أن لا ينسب إليَّ فيه شيء1. قَالَ: هذا يوم الاحد، ومات يوم الخميس، وانصرفنا من جنازته ليلة الجمعة، فرأينا هلالَ شعْبان سنة أربعٍ ومائتين، وله نيِّفٌ وخمسون سنة. وقال ابن أَبِي حاتم: ثنا الربيع: حدَّثني أبو اللّيث الخفاف، وكان معدِّلًا: حدَّثني العزيزيّ، وكان متعبدًا، قَالَ: رأيت ليلةَ مات الشّافعيّ، كأنّه يُقال: مات النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هذه اللّيلة، فأصبحت، فَقِيلَ: مات الشّافعيّ رحمه اللَّه2. قَالَ حَرْمَلَة: قدِم علينا الشّافعيّ مصر سنة تسعٍ وتسعين ومائة. وقال أبو علي بن حمكان: ثنا الزُّبَيْر بْن عَبْد الواحد، ثنا الحَسَن بْن سُفْيَان، ثنا سفيان بْن وكيع قَالَ: رأيت فيما يرى النائم كأن القيامة قد قامت، والناس في أمر عظيم، إذ بَدَرَ لي أخي، فقلت: ما حالكم؟ قَالَ: عرضنا على ربّنا. قلت: فما حال أَبِي؟ قَالَ: غُفِر لَهُ، وأُمِر بِهِ إلى الجنّة. فقلت: ومحمد بْن إدريس؟ قَالَ: حُشِر إلى الرَّحْمَن وَفْدًا، وألبِس حُلَل الكرامة، وتُوِّج بتاج البهاء. قَالَ زكريّا بْن أحمد البلْخيّ، وغيره: سمعنا أبا جعفر محمد بن أحمد بن نصر

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 118". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 101".

التِّرْمِذيّ. يَقُولُ: رأيت في المنام النَّبِيّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مسجده بالمدينة، كأنّي جئت إِلَيْهِ فسلّمت عَلَيْهِ، وقلت: يا رسول اللَّه أكتب رأي أَبِي حنيفة؟ قَالَ: لا. فقلت: أكتب رأي مالك؟ قَالَ: لا تكتب منه إلّا ما وافق حديثي. فقلت: أكتب رأي الشّافعيّ؟. فقال بيده هكذا، كأنه ينتهرني، وقال: تَقُولُ: رأي الشّافعيّ. إنّه لَيْسَ رأي، ولكنه ردٌّ عَلَى من خالف سُنَّتي1. وقد رُوِيَ عَنْ جماعة عديدة نحو هذه القصة والتي قبلها بأنّه غُفر لَهُ، وساق جملةً منها الحافظ ابن عساكر في ترجمة الشّافعيّ، رحمه اللَّه تعالى وأسكنه الجنّة ... إنّه سميع مجيب. 324- محمد بْن أبان بْن الحَكَم العَنْبريّ2. أبو عَبْد الرَّحْمَن الكوفي، نزيل أصبهان. وهو عمّ محمد بْن يحيى بْن أبان. حدَّثَ بعد المائتين عَنْ: مِسْعَر بْن كُدَام، وأبي حنيفة، وسفيان، وشُعْبة، وعَمْرو بْن شَمِر، وزفر بْن الْهُذَيْلِ، وجماعة. وعنه: سهل بْن عثمان، وأحمد بْن معاوية بْن الْهُذَيْلِ، وسليمان بْن سيف العَتَكيّ، ومحمد بْن عُمَر الزُّهْرِيّ أخو رُسْتَة. وهو مُنْكَر الحديث. روى أبو نُعَيْم الحافظ في ترجمته أحاديث ضعيفة، ولم أرَ لأحدٍ فيه جَرْحًا. وهو ضعيف الحديث. قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الشَّعَّارُ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عيسى المقرئ، ثنا محمد بن عمر، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانٍ الْعَنْبَرِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ الْحُسَيْنِ، عَنْ أُمِّ سلمة، قالت: قال

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 100". 2 الجرح والتعديل "7/ 200".

رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا حَضَرْتَ الْمَيِّتَ فَقُلْ: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 1 هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَرُوَاتُهُ مَعْرُوفُونَ. 325- محمد بْن إسماعيل الفارسيّ2. أبو إسماعيل، نزيل الكوفة. روى عَنْ: فطر بْن خليفة، ومالك بْن مِغْوَلٍ. وعنه: مَعْمَر بْن سهل الأهوازيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، والحَسَن بْن عَلَى بْن عفان، وغيرهم. 326- محمد بْن بِشْر بْن الفَرَافِصَة بْن المختار بن رديح العبدي3 -ع- الحافظ، أبو عبد الله الكوفي. عَنْ: إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وزكريّا بْن زائدة، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وحَجّاج بْن دينار، وحَجّاج بْن أَبِي عثمان، وخلْق. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وعلي بن الْمَدِينِيِّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وابن نُمَيْر، وأحمد بْن الفُرات، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن عاصم الثَّقْفيّ، وخلق. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ، عَنْ سماع محمد بْن بِشْر، من سَعِيد بْن أبي عَرُوبَة، فقال: هُوَ احفظ من كَانَ بالكوفة. وقال الكُدَيْميّ، عَنْ أَبِي نُعَيْم قَالَ: لما خرجنا في جنازة مِسْعَر جعلت أتطاول "في المشي"، قلت: يجيئوني فيسألوني عَنْ حديث مِسْعَر، فذاكرني محمد بْن بِشْر بحديث مِسْعَر فأَغْرَب عَلَيَّ سبعين حديثًا، لم يكن عندي منها إلّا حديث واحد. وثقه ابن معين، وغيره.

_ 1 "حديث منكر": وفيه صاحب الترجمة وهو منكر الحديث. 2 الثقات لابن حبان "9/ 78". 3 الطبقات الكبرى "6/ 394"، التاريخ الكبير "1/ 45"، الجرح والتعديل "7/ 210، 211"، التهذيب "9/ 73، 74".

وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة ثلاثٍ ومائتين. 327- محمد بن بكر بن عثمان البرساني البصري1 -ع- أبو عبد الله، ويقال: أبو عثمان. وبُرسان من الأزد. روى عَنْ: ابن جُرَيْج، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وأَيْمن بْن نابل، وهشام بْن حسّان، ويونس بْن يزيد، وعُبَيْد اللَّه بْن أبي زياد القداح، وشُعْبة، وحماد بْن سَلَمَةَ، وطائفة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وبُنْدار، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وهارون الحمّال، وعبد بْن حُمَيْد، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، وآخرون. قال ابن معين: ثنا البرساني، وكان واللَّه ظريفًا صاحب أدب ثقة. وقال ابن سعْد: كَانَ ثقة. مات في ذي الحجّة سنة ثلاثٍ ومائتين بالبصرة. 328- محمد بْن جعفر المدائني2 -م. ت- أبو جعفر البزاز. عَنْ: شُعْبَة، وحمزة الزّيّات، وورّقاء، ومنصور بْن أَبِي الأسود، وبكر بْن خُنَيْس، وجماعة. وعنه: احمد بْن حنبل، وحجاج بْن الشاعر، وعبّاس الدُّوريّ، والصَّنعانيّ، واحمد بْن يونس الضَّبّيّ، ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوام، وطائفة. قَالَ أحمد: لا بأس بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. قُلْتُ: لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي "مُسْلِمٍ". أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هَاشِمٍ الصَّفَّارِ، أَنَا وَجِيهٌ، أنا أبو القاسم القشيري، أنا الخفاف، ثنا السراج، نا حجاج بن

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 296"، التاريخ الكبير "1/ 48، 49"، الجرح والتعديل "7/ 212"، التهذيب "9/ 77، 78". 2 التاريخ الكبير "1/ 58"، الجرح والتعديل "7/ 222"، الثقات لابن حبان "9/ 56"، التهذيب "9/ 98، 99".

الشاعر، ثنا محمد بن جعفر، ثنا وَرْقَاءُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مُشْرَعَة، فَقَالَ: "أَلا تُشْرِعُ يَا جَابِرُ"؟ قُلْتُ: بَلَى. فَنَزَلَ فَأشْرَعْتُهُ ثُمَّ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ. فَوَضَعْتُ لَهُ وُضُوءًا، فَجَاءَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ حَجَّاجٍ. وَقَالَ مُطَيَّنٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَتَيْنِ. 329- محمد بْن جعفر الصادق بْن محمد الباقر بْن عليّ بْن الحُسين2. أبو جعفر الهاشْميّ العَلَويّ الحُسَينيّ المَدِينيّ. الملقّب بالديباج. روى عَنْ: أَبِيهِ، وهشام بْن عُرْوَة. وعنه: إبراهيم بن المنذر الحزامي، وَيَعْقُوب بن حُمَيْد بن كاسب، وَمحمد بن يحيى العدني، وجماعة. وله عدة إخوة، خرج بمكة في أوائل دولة المأمون، ودعا إلى نفسه، فبايعوه سنة مائتين. فحج حينئذ أبو إسحاق المعتصم، وندب عسكرا لقتاله فأخذوه. وقدم في صحبة أبي إسحاق إلى بغداد، فبقي فيها قليلا وتوفي. وكان بطلا شجاعا عاقلا، يصوم يوما ويفطر يوما. وكان موته بجرجان في شعبان سنة ثلاث ومائتين، فصلى عليه المأمون ونزل في لحده وقال: هذه رحِمٌ وقطعت من سنين. وقيل: إنّ سبب موته أَنَّهُ جامع ودخل الحمّام وافتصد في يومٍ واحدٍ، فمات فجأة، رحِمه اللَّه. 330- محمد بْن جَهْضم اليَمَاميّ3. ويُعرف بالسّاسانيّ. قد أخّرته إلى بعد العشرين؛ لأنّني وجدت عبد الله بن شبيب يروي عنه.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "766"، وأحمد في المسند "3/ 351". 2 التاريخ الكبير "1/ 57"، الجرح والتعديل "7/ 220"، سير أعلام النبلاء "10/ 104، 105". 3 التاريخ الكبير "1/ 58"، الجرح والتعديل "7/ 223"، الثقات لابن حبان "9/ 61"، التهذيب "9/ 100".

وهو يروي عَنْ محمد بْن طلحة بْن مصرف فأخَّرْتُهُ، وحديثه في الصَّحيحين بواسطة. 331- محمد بْن حرب الْمَكِّيّ1. عَنْ: مالك، والليث، وابن لهيعة، وجماعة. وعنه: بَكْر بْن خَلَف، والحسين بْن عيسى البسْطاميّ. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بِهِ بأس. أصله بصْريّ. 332- محمد بْن الحَسَن بْن آتش الصنعاني الأبناويّ2. وقد ينسب إلى جدّه فيقال: محمد بْن آتَش. عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن عَمْرو الصَّنعانيّ، وأبي بَكْر بْن أَبِي سَبْرَة، وجعفر بْن سليمان الضُّبَعيّ، وجماعة. وعنه: محمد بْن رافع، ونوح بْن حبيب القُومْسيّ، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ، وجماعة. قَالَ أبو زُرْعة: ثقة. وأما النَّسائيّ فقال: لَيْسَ بثقة. قلت: لَهُ حديث في "المراسيل" لأبي داود. وقد قَالَ ابن أَبِي حاتم في ترجمته: إن روى عَنْ همّام بْن مُنَبِّه. قلت: لم يلحقه أبدًا. 333- محمد بْن الحَسَن. لقبه: محبوب. يأتي بلقبه إن شاء الله.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 79"، الجرح والتعديل "7/ 237". 2 التاريخ الكبير "1/ 68"، الجرح والتعديل "7/ 226"، الثقات لابن حبان "9/ 69، 7/ 228"، ميزان الاعتدال "3/ 513"، تهذيب التهذيب "9/ 113، 114".

334- محمد بْن خَالِد1. أبو عَبْد اللَّه الحنظلي الرّازيّ الفقيه ممّوَيْه، ويقال: مَتُّوَيْه. شيخ أسْتَراباذ وعالمها والّذي بنى الجامع بها. وأوّل من فِقْه النّاس بها. أخذ عَنْ: أَبِي يوسف. وروى عَنْ: الجرّاح بْن الضّحّاك الكِنْديّ، وعمران بْن وهْب الطّائيّ صاحب أنس، ومالك بْن أنس. وعنه: يوسف بْن حمّاد، وإِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الطَّلْقيّ، وعمّار بْن رجاء، وجعفر بْن محمد بْن بِهْرام الإِسْتراباذِيُّون. ترجَمه أبو سعْد الإدريسي. 335- محمد بْن خَالِد بْن عَثْمة الحنفي البصري2. وعَثْمَة هي أمّه. روى عن: مالك، وسليمان بن بلال، وسعيد بن بشير، وجماعة. وعنه: بندار، ومحمد بن يونس الكديمي، وأبو قلابة الرقاشي، وآخرون. قال أبو حاتم: صالح الحديث. ذكره عبد الرحمن بن منده فيمن مات سنة إحدى عشرة ومائتين. 336- محمد بن أبي رجاء الخُراساني الفقيه3. صاحب محمد أَبِي يوسف. ولي قضاء بغداد للمأمون. ومات سنة سبعٍ ومائتين. لا أعرفه.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 244". 2 التاريخ الكبير "1/ 73، 74"، الجرح والتعديل "7/ 243" الثقات "9/ 55، 67"، التهذيب "9/ 42". 3 الثقات لابن حبان "9/ 120"، الكامل في التاريخ "6/ 385".

337- محمد بْن صالح بْن بيهس القَيْسيّ الكِلابيّ1. أمير عرب الشام وفارسها، وفارس قيس وزعيمها وشاعرها، والمقاوم للسُّفْياني أَبِي العُمَيْطر الّذي خرج بدمشق. لم يزل يُجْلِب عَلَى أَبِي العميطر بخيله ورجله، ومحاربه حمية لدولة بني الْعَبَّاس، وهوى عَلَى اليمانية. ولم يبرح حتّى أباده وشتت جموعه، وحكم عَلَى الشام، فولاه المأمون إمرة الشام. تُوُفّي سنة عشر. 338- محمد بْن صالح الواسطيّ2. أبو إسماعيل البطيخي، سكن بغداد. وحدَّثَ عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق الواسطيّ، وحجاج بْن دينار، ومالك. روى عَنْهُ: إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزامي، والحَسَن بْن عَرَفَة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ. لم يضعّفه أحد. وقد كنّاه مُسْلِم وقال: أصله، واسطيّ سكن بغداد. 339- محمد بْن عَبّاد الهُنَائيّ الْبَصْرِيّ3 -ت. ن. ق. عَنْ: يونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وشُعْبة، وعليّ بْن المبارك، وجماعة. وعنه: زيد بْن أصرم، وعليّ بْن نَصْر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وعَبّاد بْن الوليد العَنْبريّ، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدُوق. 340- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر بْن عُمَر بْن درهم4. أبو أحمد الأَسَديّ الزبيري الكوفيّ الحبّال. عَنْ: فطر بْن خليفة، ومسعر، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، ومالك بْن مِغْوَلٍ، وحمزة الزّيّات، وعيسى بْن طِهْمان، وسفيان، وشَيْبان النحوي، وإسرائيل، وأبي إسرائيل الملائي، وخلق.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 415"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 113"، البداية والنهاية "10/ 227". 2 التاريخ الكبير "1/ 117"، الجرح والتعديل "7/ 288"، الثقات لابن حبان "9/ 55". 3 التاريخ الكبير "1/ 175"، الجرح والتعديل "8/ 14"، تهذيب التهذيب "9/ 246". 4 الطبقات الكبرى "6/ 402"، التاريخ الكبير "1/ 133، 134"، الجرح والتعديل "7/ 297"، الثقات لابن حبان "9/ 58"، ميزان الاعتدال "3/ 595"، تهذيب التهذيب "9/ 254، 255".

وأوّل طَلَبه سنة نيفٍ. وخمسين ومائة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن سِنان، وأحمد بْن الفُرات، وأحمد بْن عصام الأصبهاني، وأبو خَيْثَمَة، وأبو بكر بن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن رافع، ومحمود بْن غَيْلان، ونصر بْن عليّ، وخلْق. قَالَ نَصْر بْن عليّ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ما أبالي أنّ يُسْرَق منّي كتاب سُفْيَان، إنّي أحفظه كلّه. وقال العِجْليّ: كوفيٌّ ثقة يتشيَّع. وقال بُنْدار: ما رأيت رجلًا قط أحفظ من أَبِي أحمد الزُّبَيْريّ. وقال أبو حاتم: حافظ للحديث، عابد، مجتهد لَهُ أوهام. وقال أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يزيد: كَانَ محمد بْن عَبْد اللَّه الأَسَديّ يصوم الدَّهر. فكان إذا تسحّر برغيفٍ لم يُصدّع، فإذا تسحرّ بنصف رغيف صُدِّع من نصف النّهار إلى آخره. فإن لم يتسحّر صُدِّع يومه أجمع. قَالَ أحمد بْن حنبل: مات بالأهواز سنة ثلاثٍ ومائتين. زاد مُطَيِّن: في جُمَادَى الأولى، رحِمَه اللَّه. 341- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن كُناسة1 -ن- واسم كُناسة عَبْد الأعلى بْن عَبْد اللَّه بْن خليفة بْن زُهَيْر بْن نَضْلة أبو يحيى، وأبو عَبْد اللَّه الأَسَديّ الكوفيّ. وقيل: بل كُناسة لَقَبٌ لأبيه. وقيل: هُوَ ابن أخت إِبْرَاهِيم بْن أدْهَم العابد. رَوَى عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَالأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْن أَبِي خالد، وعبد الله بن شبرمة، وجعفر بن برقان، ومحمد بن السائب الكلبي، ومسعر، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، وأبو بكر بن أبي شَيْبَة، وابن نُمير، وأحمد بن منصور الرمادي، ومؤمل بن إهاب، ومحمد بن إسحاق الصنعاني، ومحمد بن الفرج الأزرق، والحارث بن أبي أسامة، وخلق.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 35"، الجرح والتعديل "7/ 300"، الثقات لابن حبان "7/ 443"، التهذيب "9/ 259".

وقال ابن معين، وأبو داود، وعلي بن المديني، والعجلي، وغيرهم: ثقة. قَالَ أبو حاتم: كَانَ صاحب أخبار، يُكْتَب حديثُهُ ولا يُحْتَجُّ بِهِ. وقال يعقوب السَّدُوسيّ: ثقة، صالح الحديث، لَهُ علم بالعربية والشِّعْر وأيّام النّاس، وهو ابن أخت إِبْرَاهِيم بْن أدهم. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ أَبِي الْمَكَارِمِ اللَّبَّانُ، وَخَلِيلُ الدَّارَانِيُّ قَالَا: أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ، وَالْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُنَاسَةَ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "غيروا الشيب ولا تشبهوا اليهود" 1. تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ كُنَاسَةَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ، عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: إِنَّمَا هُوَ عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. رَوَاهُ الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا. وقال زيد بْن الحريش، نا عَبْد اللَّه بْن رجاء، عَنِ الثَّوْريّ، وهشام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، نحوه. قَالَ يعقوب بْن شَيْبة: مات بالكوفة لثلاثٍ خَلَوْن من شوّال، سنة سبْعٍ ومائتين. وقال مُطَيَّن: سنة سبْعٍ. وقال ابن قانع: سنة تسعٍ، فوهم. ويقال: إنّه وُلِد سنة ثلاث وعشرين ومائة. وله كتاب "الأنواء" وكتاب "معاني الشِّعْر"، وكتاب "سرقات الكُتُب من القرآن". وله يرثي ولده: وسمّيته يحيى ليحيى، فلم يكن ... إلى ردِّ أمرِ اللَّه عَنْهُ سبيلُ تفاءَلْتُ لو يُغْني التَّفاؤل باسمه ... وما خِلْتُ فالًا قبل ذاك يفيل

_ 1 "حديث صحيح لغيره: "أخرجه النسائي "5088، 5089" ومن طرق أخرى ففي الباب عن أبي هريرة أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "3462، 5899"، وَمُسْلِمٌ "2103"، وَأَبُو داود "4203"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1752"، وَالنَّسَائِيُّ "5087"، وابن ماجه "3621"، بمعناه.

342- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدّيق التَّيْميّ الْمَدَنِيّ1. عَنْ: أَبِيهِ، وموسى بْن عُقْبة. وعنه: الزُّبَيْر بْن بكّار، وأبو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن شَيْبة الحزاميّ. 343- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الباهليّ السَّهميّ الْبَصْرِيّ2. سمع: حُصَين بْن عَبْد الرَّحْمَن، ولعلّه آخر من حدَّث عَنْهُ. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن المُثَنَّى، ونصر بْن عليّ، وغيرهما. قَالَ الفلّاس: تُوُفّي سنة سبْعٍ ومائتين. روى لَهُ ابن عديّ حديثين قال: هُوَ عندي لا بأس بِهِ. 344- محمد بْن عَبْد الوهّاب الكوفيّ السُّكّريّ القَنّاد3 -ت. ن. ق- أحد العباد والصُّلّاح والزُّهّاد. ورّخه ابن مُطِّين سنة تسعٍ، وورّخه جماعة سنة اثنتي عشرة. فسيذكر هناك. 345- محمد بْن عُبَيْد بْن أَبِي أمية الطنافسي الكوفيّ الأحدب4. أحد الأخوة. عَنْ: الأعمش، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، ويزيد بْن كيسان، وإدريس الأَوْديّ، وعُبَيْد اللَّه بْن عمر، والعوام بن حوشب، وطائفة كبيرة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 130، 131"، الجرح والتعديل "7/ 299"، الثقات لابن حبان "9/ 63". 2 التاريخ الكبير "1/ 162"، الجرح والتعديل "7/ 326"، الثقات لابن حبان "9/ 72"، ميزان الاعتدال "3/ 618". 3 التاريخ الكبير "1/ 168، 169"، الجرح والتعديل "8/ 12"، الثقات لابن حبان "7/ 443"، التهذيب "9/ 320، 321". 4 الطبقات الكبرى "6/ 397"، التاريخ الكبير "1/ 173"، الجرح والتعديل "8/ 10، 11"، الثقات لابن حبان "7/ 441"، ميزان الاعتدال "3/ 639"، سير أعلام النبلاء "9/ 436-438"، تهذيب التهذيب "9/ 327-329".

وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، وابن مَعِين، وابن نُمَيْر، وابنا أَبِي شَيْبة، وأبو خَيْثَمَة، وأحمد بْن الفُرات، وأحمد بْن سليمان الرُّهَاويّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعباس الدُّوريّ، وخلْق. قَالَ أحمد، وابن مَعِين: عُمَر، ومحمد، وَيَعْلَى بنو عُبَيْد: ثقات. وقال الدَّارَقُطْنيّ: يَعْلَى، ومحمد، وعُمَر، وإدريس، وإبراهيم بنو عُبَيْد كلُّهم ثقات. وكان أبو طالب الحافظ يقول: عبيد بن أبي أمية. وقال صالح بن أحمد بن حنبل: سمعت أَبِي يَقُولُ: كَانَ محمد بْن عُبَيْد يخطئ ولا يرجع عَنْ خطأه. وقال ابن سعْد: نزل محمد بْن عُبَيْد بغداد دهرًا، ثمّ رجع إلى الكوفة، فمات قبل يَعْلَى في سنة سبْعٍ ومائتين. قَالَ: وكان ثقةً كثير الحديث، صاحب سُنّة وجماعة. قَالَ يعقوب بْن شَيْبة: كَانَ عمّي يقدّم عثمانَ عَلَى عليّ، وقَلّ من يذهب إلى هذا من الكوفيين. ومات سنة أربعٍ. وقال خليفة، وجماعة: مات سنة خمس. 346- محمد بْن أَبِي عُبَيْدة بْنُ مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ المسعودي الكوفي1 -م. د. ن. ق- واسم أَبِيهِ عَبْد الملك. روى عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: ابنا أَبِي شَيْبة، وإبراهيم بْن أَبِي شَيْبة، وأبو كُرَيْب، وابن نُمَيْر، وجماعة. قَالَ ابن أَبِي خَيْثَمَة، عَنِ ابن مَعِين: ثقة. وقال الْبُخَارِيّ: مات سنة خمس. قلت: روى الحروف عن حمزة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 173، 174"، الجرح والتعديل "8/ 17"، الثقات لابن حبان "9/ 46"، تهذيب التهذيب "9/ 334".

347- محمد بْن عُمَر بْن واقد الأسلميّ1 -ت- مولاهم الْإِمَام أبو عَبْد اللَّه الْمَدَنِيّ الواقديّ. عَنْ: محمد بْن عجلان، وابن جُرَيْج، وثور بْن يزيد، وأسامة بْن زيد، ومَعْمَر بْن راشد، وابن أَبِي ذئب، وهشام بْن الغاز، وأبي بَكْر بْن أَبِي سَبْرَة، وسفيان الثَّوْريّ، ومالك، وأبي مَعْشَر، وخلائق. وَكَتَب ما لا يوصف كثرة، وروى القراءة عَنْ نافع بْن أَبِي نُعَيْم، وعيسى بْن وردان. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن سعْد، وأبو حسّان الحَسَن بْن عثمان الزِّياديّ، وسليمان الشّاذكونيّ، ومحمد بْن شجاع البلْخيّ، ومحمد بْن يحيى الْأَزْدِيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق الصَّنعانيّ، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، وأحمد بْن الخليل البُرْجُلانيّ، والحارث بْن أَبِي أسامة. وكان من أوعية العلم. ولي قضاء الجانب الشرقي من بغداد، وسارت الرُّكْبان بكُتُبه في المغازي والسِّيَر والفقه أيضًا. وكان أحد الأجواد المذكورين. وكان جَدّه واقد مولى لعبد اللَّه بْن بريدة الأسْلَميّ. وُلِد محمد سنة تسع وعشرين ومائة. وهو مَعَ عظمته في العلم ضعيف. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ نَرْفَعْ أَمْرَ الْوَاقِدِيِّ حَتَّى رَوَى عَنْ مَعْمَرٍ، وعن الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا"2، وفي شَيْءٍ لَا حِيلَةَ فِيهِ. وَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ يُونُسَ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرٍ: قَدْ رَوَاهُ عُقَيْلٍ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ الذُّهْلِيّ: نَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، نَا نافع بن يزيد، عن عقيل.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 425، 7/ 334"، التاريخ الكبير "1/ 178"، الجرح والتعديل "8/ 20، 21"، تهذيب التهذيب "9/ 363"، ميزان الاعتدال "3/ 662، 666"، سير أعلام النبلاء "9/ 454، 469". 2 "حديث ضعيف" أخرجه أبو داود "4112"، والترمذي "2778"، وأحمد في المسند "6/ 295، 296"، وابن حبان في صحيحه "5575"، والبيهقي في السنن الكبرى "7/ 91، 92" وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "1806".

وَقَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَزْوِينِيُّ: ثَنَا الرَّمَادِيُّ: لَمَّا حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ضَحِكْتُ. قَالَ: مِمَّ تَضْحَكُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وكتب إِلَيْهِ أحمد بْن حنبل، يُقَالُ: هذا حديث تفرد به يونس. وأنت قد حدّثت بِهِ عَنْ نافع بْن يزيد، عَنْ عَقِيل. وقال: إنّ شيوخنا المصريّين لهم عناية بحديث الزُّهْرِيّ. وقال إِبْرَاهِيم بْن جَابِر: سَمِعْتُ الرَّماديّ يَقُولُ، وقد حدَّثَ بحديث عَقِيل، عَنِ الزُّهْرِيّ: هذا ممّا ظُلِم فيه الواقديّ. وقال محمد بْن سعْد: ولي الواقديّ القضاء ببغداد للمأمون أربع سنين، وكان عالمًا بالمغازي والسيرة والفِتُوح والأحكام وأخلاق النّاس، وقد فسّر ذَلِكَ في كتب استخرجها ووضعها وحدّث بها. أخبرني أَنَّهُ وُلِد سنة ثلاثين ومائة، وقدم بغداد سنة ثمانين في دَيْنٍ لحقه، فلم يزل بها. قَالَ: ولم يزل قاضيًا حتّى مات ببغداد لإحدى عشر ليلةً خلت من ذي الحجّة سنة سبْعٍ ومائتين. وقال الْبُخَارِيّ: سكتوا عَنْهُ. وقال ابن نُمَيْر، ومسلم، وأبو زُرْعة: متروك الحديث. وقال أبو داود: كَانَ أحمد بْن حنبل لا يذكر عَنْهُ كلمة. وأنا لا أكتب حديثه. وروى غير واحد، عَنْ أحمد قَالَ: كَانَ يقلب الأسانيد، وكان يجمع الأسانيد ويأتي بمتن واحد. وقال ابن أبي حاتم: ثنا يونس قَالَ: قَالَ لي الشّافعيّ: كُتُب الواقديّ كذِب. وقال إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه: هُوَ عندي ممّن يضع الحديث. وقال الْبُخَارِيّ: ما عندي للواقديّ حرف. قلت: لَهُ تَرْجَمَةٌ طَوِيلَةٌ فِي "تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرٍ". وحاصل الأمر أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى ضعفه. وأجود الروايات عَنْهُ رواية ابنُ سعْد في "الطبقات"، فإنّه كَانَ يختار من حديثه بعض الشيء.

قَالَ أبو بَكْر الخطيب: هُوَ ممّن طبّق شرق الأرض وغربها ذِكرُه. وقال محمد بْن سلّام الْجُمَحيّ: الواقديّ عالم دهره. وقال إِبْرَاهِيم الحربيّ: وناهيك بِهِ الواقدي أمين النّاس على أهل الإسلام. كَانَ أعلم النّاس بأمر الإسلام. فأمّا الجاهلية فلم يعلم فيها شيء. وقال مُصْعَب بْن عَبْد اللَّه: واللَّه ما رأينا مثل الواقدي قطّ. وقال يعقوب بْن شَيْبة: ثنا عُبَيْد بْن أَبِي الفَرَج: حدَّثني يعقوب مولى آل أَبِي عُبَيْد اللَّه قَالَ: سَمِعْتُ الدَّراوَرْديّ وذكر الواقدي فقال: ذاك أمير المؤمنين في الحديث. قَالَ يعقوب: وضعي. مفضَّل قَالَ: قَالَ الواقديّ: لقد كانت ألواحي تضيع، فأوتي بها من شُهْرتها بالمدينة. يُقال: هذه ألواح ابن واقد. وعن ابن المبارك قَالَ: كنت أقدم المدينة، فما يفيدني ويدلني عَلَى الشيوخ إلّا الواقديّ. وقال أبو حاتم: ثنا معاوية بْن صالح الدّمشقيّ: سَمِعْتُ سنيد بْن داود يَقُولُ: كُنَّا عند هُشَيْم، فدخل الواقديّ، فسأله هُشَيْم عَنْ باب ما يحفظ فيه، فقال: ما عندك يا أبا معاوية؟ فذكر خمسة أو ستة أحاديث في الباب. ثمّ قَالَ للواقدي: ما عندك؟ فذكر فيه ثلاثين حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصحابه، والتابعين. ثمّ قَالَ: سألت مالكًا، وسألت ابن أَبِي ذئب، وسألت فلانًا، فرأيت وجه هُشَيْم قد تغير. فلمّا خرج قَالَ هُشَيْم: لئن كَانَ كذابًا فما في الدنيا مثله. وإن كَانَ صادقًا فما في الدنيا مثله. وقال مجاهد بْن موسى: ما كتبت عَنْ أحدٍ أحْفَظَ من الواقديّ. وقال محمد بْن جرير الطَّبَريّ: قَالَ محمد بْن سعْد: كَانَ الواقدي يَقُولُ: ما من أحدٍ إلّا وكتبه أكثر من حفظه، وحفظي أكثر من كُتُبي. وقال يعقوب بن شيبة: لما انتقل الواقديّ من جانب الغربيّ إلى هنا يقال: إنه حمل كتبه على عشرين ومائة وقر.

وعن أَبِي حُذافة قَالَ: كَانَ للواقدي ستّمائة قِمَطْر كُتُب. وقال إِبْرَاهِيم الحربيّ: سَمِعْتُ المُسَيَّبيّ يَقُولُ: رأينا الواقدي يومًا جلس إلي أسطوانةٍ في مجلس المدينة وهو يدرّس، قُلْنَا: أيش تدرّس؟ قَالَ: جزء من المغازي. وقلنا لَهُ مرّة: هذا الّذي تجمع الرجال تَقُولُ: ثنا فلان وفلان، وتجيء بمتنٍ واحد، لو حدثتنا بحديث كلّ رجلٍ عَلَى حِدَة. قَالَ: يطول. قُلْنَا لَهُ: قد رضينا. فغاب عنّا جمعةً، ثمّ جاءنا بغزوة أُحُد عشرين جلدًا، فقلنا: رُدنا إلى الأمر الأول. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: وكان مَعَ ما ذكرناه من سعة عِلْمُه وكثرة حفظه لا يحفظ القرآن. فأنبأنا الحُسين بْن محمد الرافقيّ: ثنا أحمد بْن كامل: حدَّثني محمد بْن موسى البربريّ قَالَ: قَالَ المأمون للواقديّ: أريد أنّ تصلّي الجمعة غدًا بالناس. فامتنع. فقال: لا بد. فقال: واللَّه ما أحفظ سَورَة الْجُمُعَةِ. قَالَ: فأنا أُحَفِّظُك. فجعل يلقّنه السُّورة حتّى يبلغ النصف منها، فإذا حفظه ابتدأ بالنّصف الثاني، فإذا حفظ النّصف الثّاني نسي الأول. فأتعب المأمون ونعس، فقال: هذا رَجُل يحفظ التّأويل ولا يحفظ التنزيل. اذهبْ فصلِّ بهم وأقرأ أيَّ سُورةٍ شئْت. قلت: هذه حكاية قوية السند لكنها مرسلة، وأنا أستبعدها. وقد وثّقه غير واحدٍ لكنْ لا عِبْرة بقولهم مَعَ توافر من تركه. قَالَ إِبْرَاهِيم بْن جَابِر الفقيه: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْحَاق الصَّغانيّ يَقُولُ، وذُكر الواقديّ: واللَّه لولا أَنَّهُ عندي ثقة ما حدّثت عَنْهُ. وقال مُصْعَب بْن عَبْد اللَّه، وسُئل عَنِ الواقدي فقال: ثقة مأمون. وسُئل معن بْن عيسى عَنْهُ فقال: أَنَا أُسأل عَنِ الواقدي؟ الواقدي يُسأل عنّي. وقال جَابِر بْن كردي: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: الواقديّ ثقة.

وقال إِبْرَاهِيم الحربيّ: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد يَقُولُ: الواقديّ ثقة. وقال إِبْرَاهِيم الحربيّ: مَن قَالَ: إنّ مسائل مالك وابن أَبِي ذئب تؤخذ عَنْ أوثق من الواقدي فلا يُصَدِّق. وقال عليّ بْن المَدِينيّ فيما رواه عَنْهُ ابنه عَبْد اللَّه: عند الواقديّ عشرون ألف حديثٍ لم أسمع بها. وقد روى أبو بَكْر الأنباري، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عكرمة الضَّبّيّ أنّ الواقديّ. قدِم العراق في دين لحقه، فقصد يحيى بْن خَالِد، فوصله بثلاثة آلاف دينار. وَرُوِيَ نظيرُها من غير وجهٍ أنّ يحيى وصله بمالٍ طائل. وقال الحَسَن بْن شاذان: قَالَ الواقدي: صار إليّ من السلطان ستّمائة ألف درهم، ما وجبت عليّ فيها زكاة. وقال أبو عكرمة الضَّبّيّ: ثنا سليمان بن أبي شيخ، ثنا الواقدي. قال: أضقت مرَّةً وأنا مَعَ يحيى بْن خَالِد، وجاء عيد، فقالت الجارية: لَيْسَ عندنا من آلة العيد شيء. فمضيت إلى تاجر صديق لي ليُقْرِضني، فأخرج إليّ كيسًا مختومًا فيه ألف دينار ومائتا درهم، فاخذته، فلمّا استقررت في منزلي جاءني صديق هاشميّ فشكا إليّ تأخُّر غلَّته وحاجته القَرْض، فدخلت إلى زوجتي فأخبرتها فقالت: عَلَى أيّ شيءٍ عزَمْتَ؟ قلت: على أن أقاسمه الكيس. قالت: ما صنعت شيئًا. أتيتَ رجلًا سُوقَه فاعطاك ألفًا ومائتي درهم. وجاءك رجلٌ من آلِ رسول اللَّه -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تعطيه نصف ما أعطاك السُّوقة؟ فأخْرَجَتْ لَهُ الكيس، فمضى بِهِ. وذهب التّاجر إلى الهاشْميّ ليقترض منه، فأخرج لَهُ الكيس بعينه فعرفه، وجاءني فخبّرني بالأمر. وجاءني رسول يحيى بْن خَالِد يقول: إنما تأخّر رسولي عنك لشُغْلي. فركبتُ إِلَيْهِ وأخبرته خبر الكيس. فقال: يا غلام هات تِلْكَ الدنانير. فجاء بعشرة آلاف دينار. فقال: هذه ألفي دينار لك، وألفين للتّاجر، وألفين للهاشمي، وأربعة آلاف لزوجتك، فإنها أكرمكم.

وَرُوِيَ نحوها من وجهٍ آخر إلى الواقدي، لكنّه قَالَ: أمر لكلّ واحدٍ من الثلاثة بمائتي دينار. قَالَ عَبَّاس الدُّوريّ: مات الواقدي وهو عَلَى القضاء، وليس لَهُ كَفَن، فبعث المأمون بأكفانه. وقد تقدمت وفاته عَنِ ابن سعْد. روى لَهُ ابن ماجة1 حديثًا واحدًا ولم يسمه، بل قال: ثنا ابن أَبِي شَيْبة، عَنْ شيخ لَهُ، عَنْ عَبْد الحميد بْن جعفر، وذكر حديثًا في التجمل للجُمُعة. وقد رواه عَبْد بْن حُمَيْد، عَنِ ابن أَبِي شَيْبة، عَنِ الواقديّ. 348- محمد بْن أَبِي الوزير عُمَر بْن مُطَرِّف الهاشْميّ2 -د. ن- مولاهم. عَنْ: شريك، وعبد اللَّه بْن جعفر المُخَرِّميّ، ومحمد بْن موسى العطريّ. وعنه: بُنْدار، وبكار بْن قُتَيْبَة القاضي، والكُدَيْميّ، وآخرون. وكان صدوقًا، تُوُفّي كهلًا. 349- محمد بْن عيسى بْن القاسم بْن سميع3 -ق- مولى معاوية بْن أَبِي سُفْيَان الأموي، أبو سُفْيَان الدّمشقيّ. عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، والأوزاعيّ، وعبد اللَّه بْن عُمَر، وحُمَيْد الطويل، ومحمد بْن الوليد الزُّبَيْديّ، وابن أَبِي ذئب، وطائفة. وعنه: هشام بْن عمّار، والعبّاس بْن الوليد الخلّال، والهيثم بْن مروان، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: يكتب حديثه.

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه ابن ماجه "1095"، ومن طرق أخرى أخرجه أبو داود "1078"، والدارمي "1526"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود "1078". 2 التاريخ الكبير "1/ 178"، الجرح والتعديل "8/ 20"، الثقات لابن حبان "9/ 75"، تهذيب التهذيب "9/ 362". 3 التاريخ الكبير "1/ 203"، الجرح والتعديل "8/ 37، 38"، الثقات لابن حبان "9/ 43"، تهذيب التهذيب "9/ 390-392".

وقال ابن عديّ: لا بأس بِهِ. والذي أُنْكِر عَلَيْهِ حديث مقتل عثمان. وقال صالح جزرة، ثنا هشام بْن عمّار قَالَ: جهدتُ بِهِ أن يَقُولُ: ثنا ابن أبي ذئب فأبى إلّا أنّ يَقُولُ: عَنِ ابن أَبِي ذئب. قالَ صالح: قال لي محمود ابن بِنْت مُحَمَّد بْن عِيسَى: هُوَ في كتاب جدي عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أَبِي ذئب. قَالَ صالح: وإسماعيل هذا يضع الحديث. وقال ابن جَوْصا: سألت محمود بْن سُمَيْع فقال: رأيت كُتُب جدّي، عَنْ إسماعيل بْن يحيى، عَنِ ابن أَبِي ذئب، فترك إسماعيل ين يحيى. 350- محمد بْن غياث1. أبو لبيد الكِلابيّ السَّرْخَسيّ. رحل، وسمع من: مالك، وعبد اللَّه بْن المبارك. وعنه: أبو قُدَامة عُبَيْد اللَّه بْن سعْد السَّرْخَسيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ. 351- محمد بن القاسم الأسدي2 -ت- أبو إبراهيم الكوفي. أحد الضُّعَفاء. يروي عَنْ: الأوزاعيّ، وسعيد بْن عُبَيْد الطّائيّ، وابن جُرَيْج، والربيع بن صبيح، وطائفة. وعنه: وهب بن حفص الحراني، وأبو معمر القطيعي، وجماعة. وقال البخاري: يعرف وينكر. وقال أحمد بن حنبل: يكذب. وقال النسائي، وغيره: متروك. قيل: مات في ربيع الأول سنة سبع ومائتين.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 207"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 92"، الجرح والتعديل "8/ 54". 2 الطبقات الكبرى "6/ 401"، التاريخ الكبير "1/ 214"، الجرح والتعديل "8/ 65"، ميزان الاعتدال "4/ 11"، التهذيب "9/ 407، 408".

352- محمد بن مزاحم1 -ت- أبو وهب المروزي. عن: زفر بن الهذيل، وابن المبارك. وعنه: أحمد بن عبدة الأيلي، وأحمد بن منصور زاج، وعبدة بن عبد الرحيم المروزي. 353- محمد بن مصعب بن صدقة القرقساني2 -ت. ق- رحل إلى الأوزاعيّ فروى عَنْهُ. وعن: مبارك بْن فضالة، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وأبي الأشهب جعفر بْن حيّان. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعبّاس الدُّوريّ، والصَّغانيّ، والرمادي، وأحمد بن عبيد بن ناصح، وأحمد بْن عصام الأصبهانيّ، والحَسَن بْن مُكْرَم، وآخرون. قَالَ صالح بْن محمد جَزَرَة: عامّة أحاديثه عَنِ الأوزاعي مقلوبة. وقال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. وقال النَّسائيّ: ضعيف. وقال الخطيب: كَانَ كثير الغلط لتحديثه من حفظه. ويُذكر عَنْهُ الخير والصلاح. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وروى سَعِيد بْن رحمة، عَنِ القُرْقُساني: كنتُ آتي الأوزاعيّ فيحدّث ثلاثين حديثًا، فإذا تفرّق النّاس عرضْتُها عَلَيْهِ، فلا أخطئ. فيقول: ما أتاني أحفظ منك. وقال أحمد بْن محمد بْن أَبِي الخناجر: ما رأينا لمحمد بْن مصعب كتابًا قط. قال ابن عدي: عندي ليس برواياته بأس.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 377"، التاريخ الكبير "1/ 228"، الجرح والتعديل "8/ 90"، الثقات "9/ 58"، التهذيب "9/ 437". 2 التاريخ الكبير "1/ 239"، والجرح والتعديل "8/ 102، 103"، والمجروحين لابن حبان "2/ 293، 294"، والتهذيب "9/ 458-460".

وقال أبو أمية الطَّرَسُوسيّ: مات سنة ثمان ومائتين. 354- محمد بْن موسى بْن مسكين1. أبو غزية الْمَدَنِيّ الفقيه. من شيوخ الزُّبَيْر بْن بكار. توفي سنة سبع ومائتين. وروى عنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزناد، وفليح بْن سليمان، ومالك بْن أنس، وغيرهم. وولي قضاء المدينة. وعنه: يعقوب بْن محمد الزُّهْرِيّ، والنضر بْن سَلَمَةَ، وإبراهيم بْن المنذر الحزامي، والزُّبَير، وآخرون. قَالَ الْبُخَارِيّ: عنده مناكير. وقال ابن حِبّان: كَانَ يسرق الحديث ويروي عَنِ الثّقات الموضوعات. 355- محمد بْن مُنَاذِر الْبَصْرِيّ2. الشّاعر أبو ذَرِيح. روى عَنْ: شُعْبَة. وغلب عَلَيْهِ اللهو والمجون وإجادة النظم. روى عَنْهُ: الصَّلْت بْن مسعود، ومحمد بْن ميمون الخيّاط، ومُزْداد بْن جميل. قَالَ ابن مَعِين: أعرفه صاحب شعر، ولم يكن من أصحاب الحديث. وكان يتعشق وُلِد عَبْد الوهّاب الثَّقْفيّ ويشبّب بنساء ثقيف، فطردوه من البصرة فخرج إلى مكّة، وكان يرسل العقارب في المسجد الحرام يلْسَعْن النّاس، ويصب المِدَاد باللّيل في مواضع يتوضّأ منها النّاس ليُسَوِّد وجوههم. لَيْسَ يروي عَنْهُ أحد فيه خير.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 440"، التاريخ الكبير "1/ 338، 239"، الجرح والتعديل "8/ 83"، ميزان الاعتدال "4/ 94". 2 المجروحين لابن حبان "2/ 271"، ميزان الاعتدال "4/ 47".

356- محمد بْن منيب العَدَنيّ1. أبو الحَسَن. عَنْ: السَّرِيّ بْن يحيى، لَقِيَهُ بعدَن، وقريش بْن حِبّان. وعنه: محمد بْن رافع، وأحمد بْن الأزهر، وعبد بْن حُمَيْد، وطائفة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 357- مُحَمَّدُ بْن مُيَسّر2 -ت- أبو سعد الصغاني البلْخيّ الضّرير، نزيل بغداد. عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، وأبي حنيفة، وابن إِسْحَاق، وأبي جعفر الرّازيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعتيق بْن محمد، وأبو كُرَيْب، وعبّاس التُّرْقُفيّ وجماعة. قَالَ يحيى بْن مَعِين: كَانَ جَهْميًّا شيطانًا، لَيْسَ بشيء. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. 358- محمد بْن يحيى3. أبو غسان الكِنَانيّ الّذي سمع: مالكًا، ومحمد بْن جعفر بْن أَبِي كثير، وجماعة. وعنه: عبد الله بن شبيب الربعي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وغيرهما. وكان كاتبا إخباريا. له حديث في "الصحيح". 359- محمد بن يعلى4 -ت. ق- أبو علي السلمي الكوفي، زنبور.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 240"، والجرح والتعديل "8/ 101، 102"، الثقات لابن حبان "9/ 90"، تهذيب التهذيب "9/ 477". 2 الطبقات الكبرى "7/ 338"، التاريخ الكبير "1/ 245"، الجرح والتعديل "8/ 105"، تهذيب التهذيب "9/ 484". 3 التاريخ الكبير "1/ 266"، الجرح والتعديل "8/ 123"، الثقات لابن حبان "9/ 74"، تهذيب التهذيب "9/ 517، 518". 4 التاريخ الكبير "1/ 268"، الجرح والتعديل "8/ 130، 131"، ميزان الاعتدال "4/ 70، 71"، تهذيب التهذيب "9/ 533، 534".

روى عنه: أَبِي حنيفة، وموسى بْن عبيدة، وعبد الملك بْن أَبِي سُليمان، وجماعة. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وعليّ بْن حرب، وإبراهيم بْن أَبِي العَنْبس، وأبو بَكْر الصَّغانيّ. قَالَ الْبُخَارِيّ: ذاهب الحديث. 360- مُجِيبُ بْن موسى الأصبهاني1. صاحب الثَّوْريّ وخادمه. قال أحمد بن عصام: سمعته يَقُولُ: كنتُ عديل سُفْيَان الثَّوْريّ إلى مكّة، فكان يكثر البكاء. فقلت لَهُ: بكاؤك هذا خوفًا من الذنوب؟ فأخذ عُودًا من الْمَحْمَلِ فرمى بِهِ وقال: لذُنوبي أهون عليَّ من هذا، ولكنّي أخاف أنّ أُسلب التوحيد. روى عَنْ مجيب: عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة، وأحمد بْن يزيد، وأحمد بْن عصام. 361- مُحاضِرُ بْن المُوَرِّع الهَمْدانيّ الياميّ2. ويقال: السَّلُوليّ، الكوفي، أبو المُوَرِّع. عَنْ: الأعمش، وهشام بْن عُرْوَة، وعاصم الأحول، والأجلح الكِنْديّ، وهشام بْن حسّان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن سليمان الرهاوي، وحجاج بن الشاعر، وسليمان بْن سيف، وأحمد بْن يوسف الضَّبّيّ، وعباس الدوري، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ويعقوب بن شيبة. قال أحمد بن حنبل: سَمِعْتُ منه وكان مغفلًا جدًّا. لم يكن من أصحاب الحديث. وقال أبو زُرْعة: صدوق. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس.

_ 1 المجروحين لابن حبان "2/ 167". 2 الطبقات الكبرى "6/ 398"، التاريخ الكبير "8/ 73، 74"، الجرح والتعديل "8/ 437"، الثقات لابن حبان "7/ 513"، تهذيب التهذيب "10/ 51، 52".

وقال ابن سعْد: مات سنة ستٍّ ومائتين. لَهُ حديث واحد في "صحيح مُسْلِم"1. 362- محبوب بن الحسن بن هلال2 -ت. خ. مقرونًا بآخر- أبو جعفر البصري. قيل: اسمه محمد. روى عَنْ: خَالِد الحذّاء، وعبد اللَّه بْن عَوْن، ويونس بْن عُبَيْد، وأشعث بْن عَبْد الملك، وجماعة. وعنه: احمد بْن حنبل، والحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ، ومحمد بْن سِنان القزّاز وجماعة. وقد روى حروف القراءة عَنْ إسماعيل بْن مُسْلِم الْمَكِّيّ، عَنِ ابن كثير، وهو ثقة. 363- مروان بْن محمد بن حسان3 -م. ع- أبو بكر الأسدي الدمشقي الطاطري التّاجر. وقيل: كنيته أبو حفص، وقيل: أبو عَبْد الرَّحْمَن. روى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، وسعيد بن بشير، ومالك، واللَّيث، وابن لَهِيعة، وخلق. وعنه: صفوان بن صالح المؤذن، وعبد الله بن ذكوان المقرىء، وأحمد بن أبي الحواري، وأحمد بن الأزهر، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأحمد بن عبد الأحد بن عبود، ومحمود بن خالد السلمي، وهارون بن محمد بن بكار، وخلق. وثقه أبو حاتم، وغيره. وكان الإمام أحمد يثني عليه ويقول: كان يذهب مذهب أهل العلم.

_ 1 "758" باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه كتاب صلاة المسافرين. 2 الجرح والتعديل "8/ 388"، الثقات لابن حبان "7/ 529"، ميزان الاعتدال "3/ 441، 442"، التهذيب "9/ 119". 3 التاريخ الكبير "7/ 373"، الجرح والتعديل "8/ 275"، الثقات لابن حبان "9/ 179"، التهذيب "10/ 95، 96".

وقال أبو زرعة الدمشقي: قَالَ لي أحمد بْن حنبل: كَانَ عندكم ثلاثة أصحاب حديث: مروان الطّاطَريّ، والوليد بْن مُسْلِم، وأبو مُسْهر. قَالَ أبو زُرْعة: وحدثني عَبْد اللَّه بْن يحيى بْن معاوية الهاشْميّ قَالَ: أدركت ثلاث طبقات، أحدها طبقة سَعِيد بْن عَبْد العزيز، ما رأيت فيهم أخشع من مروان بْن محمد. وعن أحمد بْن أَبِي الحواري قَالَ: ما رأيت شاميًا خيرًا من مروان بْن محمد. وقال ابن أَبِي الحواري، عَنْ مروان قَالَ: لا غِنى لصاحب حديثٍ عَنْ ثلاثة: صِدْقه، وحِفْظه، وصحّة كتبه. فإن أخطأ الحفظ لم يضرّه. وقال أبو سليمان الدّارانيّ: ما رأيت شاميًا خيرًا من مروان بْن محمد. وقال صَفْوان بْن صالح: سَمِعْتُ مروان بْن محمد وقيل لَهُ: إنهم يقولون: لَيْسَ لله عين ولا يد. فقال: إنما مذهبهم التعطيل. ت: إذا أراد اللَّه تعالى لَيْسَ كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته نسيج. قَالَ الْبُخَارِيّ: إنّما قِيلَ لَهُ: الطّاطَريّ لثياب نُسِب إليها. وقال الطَّبَرانيّ: كلّ من يبيع الكرابيس بدمشق يُسمّى الطّاطَريّ. وقال محمد بْن عَوْف: كَانَ مُرجِئًا. وقال عَبَّاس الدُّوريّ: عَنِ ابن مَعِين: لا بأس بِهِ. وكان مرجئًا. وأهل دمشق من كَانَ مرجئًا فعليه عمامة، ومن لم يكن مُرجئًا لا يعتّم. وقال الحَسَن بْن محمد بْن بكّار: مولد مروان عام انتثرت النّجوم سنة سبْعٍ وأربعين ومائة، ومات سنة عشر. 364- مسعود بْن عَبْد اللَّه بْن رزين السُّلَميّ القُهُنْدُزِيّ النَّيْسابوريّ1. أخو مبشّر وأخوته. كَانَ عالمًا بالقرآن فاضلًا. روى عَنْ: إبراهيم بن طهمان، وخارجة بن مصعب.

_ 1 الأنساب لابن السمعاني "10/ 275".

روى عنه: أحمد بن معاذ، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وجماعة من أهل نيسابور. توفي سنة عشر. 365- مسعود بن واصل البصري الأزرق1 -ت. ن- صاحب السَّابَرِيّ. روى عَنْ: النَّهاس بْن قَهْم، عَنْ قتادة، وله حديث آخر عَنْ غالب التّمّار. روى عَنْهُ: عُمَر بْن شَبَّة، وأبو بَكْر بْن نافع العبْديّ، وأبو غسان مالك بن عبد الواحد المسمعي. ضعّفه أبو داود الطَّيالِسيّ. 366- المسيّب بْن زُهَيْر الأمير2. من كبار القوّاد ببغداد؛ وكان من حزب الحَسَن بْن سهل الوزير عند قيام الهاشميّين ببغداد عَلَى المأمون، لمّا زوى الأمر عَنْهُمْ إلى عليّ بْن موسى الرِّضا. وقد انكسر جيش الحَسَن بْن سهل غير مرّة. فلمّا تُوُفّي ضده والمحارب لَهُ محمد بْن أَبِي خَالِد استظهر وقوي، وانتصر غير مرّةٍ عَلَى العباسيين، وكان القائم بحربهم عيسى بْن مُحَمَّد بْن أَبِي خَالِد. فجمع عيسى جيشًا كثيفًا يَسُدّ الفضاء، فقيل: إنّهم أُحْصُوا فبلغوا مائة ألفٍ وخمسةً وعشرين ألفًا من بين فارس وراجل. وأُعطي الفارس أربعين درهمًا، والراجل عشرين درهمًا. وجرى على الرعية ببغداد منهم ضُرٌّ وبلاء عظيم من النهب والفسق، واخذ الحريم والصبيان علانية. وبقي النّاس غَنَمًا بلا راعٍ. ومال هذا الجيش الذين أقامهم عيسى على قُطْربل فانتهبوها كلها. ثم قال ببغداد سهل بْن سلامة الْأَنْصَارِيّ ودعا إلى الأمر بالمعروف وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَر، فبايعه خلق من المطوعة، وقمعوا كثيرًا من أهل الفساد؛ ثم آل أمرهم إلى الخروج والقتال. وأمّا المسيّب هذا فإنه قُتِل. وُلّي ذبحَه أبو زنبيل، وحمل رأسه عَلَى رُمْح، وذلك في ربيع الآخر سنة إحدى ومائتين.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 424"، الجرح والتعديل "8/ 284"، ميزان الاعتدال "4/ 100"، التهذيب "10/ 120". 2 تاريخ بغداد "13/ 137" وهو غيره.

367 مُصْعَب بْن ماهان المَرْوَزِيّ1. روى عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ. وعنه: زُهَيْر بْن عَبّاد الرُّواسيّ، وعَبْدة بْن سليمان المَرْوَزِيّ، وإبراهيم بن شماس السَّمَرْقَنْديّ، وآخرون. قَالَ أحمد بْن أَبِي الحواري: كَانَ أمِّيًّا لا يكتب. قَالَ أبو تَوبة الحلبيّ: أشار عليّ عيسى بْن يونس بالكتابة عَنْ مُصْعَب بْن ماهان، وكان مُصْعَب يلحن. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ رجلًا صالحًا، وحديثه مُضارِب، فيه شيء من الخطأ. وقال أبو حاتم: شيخ. 368- مُصْعَب بْن المِقْدام2. أبو عَبْد اللَّه الخَثْعَمِيّ الكوفيّ. عَنْ: أَبِي حنيفة، ومسعر، وفطر بْن خليفة، وفضيل بْن غزوان، وابن جُرَيْج، وعكرمة بْن عمار، وسفيان الثَّوْريّ، وزائدة، وغيرهم. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن رافع، وعبد بْن حُمَيْد، والقاسم بْن زكريّا بْن دينار، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وجماعة. قَالَ أبو داود: لا بأس بِهِ. وقال الدَّارَقُطْنيّ، وغيره: ثقة. قَالَ عليّ بْن حكيم، عَنْهُ قَالَ: كنت أرى رأي الإرجاء، فرأيت في منامي كأنّ في عيني صليبًا، فتركته. قَالَ مُطَيَّن، وغيره: تُوُفّي سنة ثلاثٍ ومائتين. 369- مضاء بن عيسى الكلاعي3.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 308، 309"، الثقات لابن حبان "9/ 175"، ميزان الاعتدال "4/ 121"، التهذيب "10/ 164". 2 التاريخ الكبير "7/ 354"، الجرح والتعديل "8/ 308"، والثقات لابن حبان "9/ 175"، التهذيب "10/ 165، 166". 3 تاريخ دمشق "41/ 502".

الدّمشقيّ الزّاهد، من أهل قرية راوية قِبْليّ مدينة دمشق. روى عَنْ: شُعْبَة، وصحب: سَلْمًا الخواص. حكى عَنْهُ: أحْمَد بْن أَبِي الحواريّ، وقاسم الجوعي، وإبراهيم بن أيوب الحوراني، وعبيد بن عصام. قال ابن أبي الحواري: سمعته يَقُولُ: لإزالة الجبال أهون من إزالة رئاسة قد ثبتت. وقال ابن أبي الحواري: زرت مضاء أنا وأبو سليمان الداراني، فجاءنا ببيض وخلاط. 370- مظفر بن مدرك1 -ن- أبو كامل الخراساني، ثم البغدادي الحافظ. عَنْ: شَيْبان النَّحْويّ، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وزُهَيْر بْن معاوية، وعاصم بْن محمد العُمَريّ، ونافع بْن عُمَر الْجُمَحيّ، وعبد العزيز بْن الماجِشُون، وخلْق. وعنه: احمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْن أَبِي غالب القُومِسيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وغيرهم. وكان أثبت النّاس في زُهَيْر. قَالَ أحمد بْن حنبل: كَانَ أصحاب الحديث ببغداد: أبو كامل، وأبو سَلَمَةَ الخُزاعيّ، والهيثم، يعني ابن جميل. وكان الهَيْثَم أحفظهم. وكان أبو كامل أتقن للحديث منهم. وكان لَهُ عقل شديد ووقار وهيئة. وقال ابن مَعِين: كنت آخذ عَنْهُ هذا الشأن، وكان بغداديًا من الأبناء، رجلًا صالحًا قلّ ما رأيت من يشبهه. وقال أبو خَيْثَمَة: ما كَانَ أبو كامل عندنا بدون وكيع عند الكوفيّين. وقال أبو داود: ثقة ثقة. وقال النَّسائيّ: ثقة مأمون.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 337"، التاريخ الكبير "8/ 74"، الجرح والتعديل "8/ 442"، التهذيب "10/ 183، 184".

وقال إِبْرَاهِيم الحربيّ: مات سنة سبْعٍ ومائتين. قلت: هُوَ من أقران عليّ بْن الْجَعْد، ولكنه مات قبله بدهرٍ، فلهذا لم يشتهر. وقد ذكره ابن عديّ في شيوخ الْبُخَارِيّ، فغلط ووهم. 371- مُعَاذ بْن خَالِد بْن شقيق بن دينار1 -ن- أبو بكر العبدي المروزي، ابن عم عليّ بْن الحَسَن بْن شقيق. روى عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، وأبي طيبة عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم، وأبي حمزة السُّكّريّ، والحسين بْن واقد، وحماد بن سلمة، وجماعة. وعنه: إسحاق بن رَاهَوَيْه، وعَبْدان، ووهب بْن زمعة، ومحمد بْن عليّ بْن حرب، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن قُهْزَاد، ومحمد بْن مقاتل المروزيون. وثّقه ابن حِبّان وقال: مات بعد المائتين. قَالَ شيخنا أبو الحَجّاج: الأشبه أنّ يكون مات بعد المائتين. 372- مُعَاذ بْن خَالِد العسقلانيّ2. عَنْ: أيمن بْن نابِل، وزُهَيْر بْن محمد التَّميميّ. وعنه: حَرْمَلَة بْن يحيى، ومحمد بْن خَلَف العسقلانيّ، والحَسَن بْن عَبْد العزيز الْجَرَوِيُ، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم: شيخ. تشبه أحاديثه عَنْ زُهَيْر أحاديث إِبْرَاهِيم بْن أَبِي يحيى. قلت: يلينّه بذلك. 373- مُعَاذ بْن هانئ القَيْسيّ3، وقيل: العيشي، وقيل: اليشكري -خ. ع- أبو هانئ البصري.

_ 1 التاريخ الكبير "7 366"، الجرح والتعديل "8/ 250"، الثقات لابن حبان "9/ 177"، التهذيب "10/ 189". 2 الجرح والتعديل "8/ 250"، ميزان الاعتدال "4/ 132"، تهذيب التهذيب "10/ 189، 190". 3 التاريخ الكبير "7/ 367"، الجرح والتعديل "8/ 250"، الثقات لابن حبان "9/ 178"، تهذيب التهذيب "10/ 196".

عن: حماد بن سلمة، همام بْن يحيى، وإبراهيم بْن طِهْمان، وحرب بْن شداد، ومحمد بْن مُسْلِم الطائفي، وجماعة. وعنه: الفلّاس، وبُنْدار، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، والكُدَيْميّ، وآخرون. تُوُفّي سنة تسع. 374- الْمُعَافَى بْن عِمران الحِمْيَريّ الظهري الحمصيّ1. يروى عَنْ: عَبْد العزيز الماجِشُون، ومالك، وابن لهيعة، وجماعة. وعنه: محمد بْن مُصَفَّى، وأبو حُمَيْد أحمد بْن المغيرة العوهيّ، وسعيد بْن عَمْرو السَّكُونيّ، وكثير بْن عُبَيْد، وأبو النقاء هشام اليزنيّ، وأبو عُتْبة الحجازي، ومحمد بْن عَوْف الطّائيّ. قَالَ محمد بْن عَوْف: ما رأيت مثله في عقله وورعه وفضله. وروى أنّ المعافي هذا كَانَ يحتطب عَلَى ظهره ويتبلّغ بِهِ. وثّقه ابن حِبّان. 375- معاوية بْن حفص الشَّعْبِيّ2. الكوفي، نزيل حلب. روى عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن أدهم، وكامل أبي العلاء، وداود الطائي، والسري بن يحيى، والحكم بن هشام، وطائفة. وعنه: أبو جعفر النفيلي، ومحمد بن مصفى، وأبو حميد أحمد بن محمد العوهي، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 400"، الثقات لابن حبان "9/ 199"، ميزان الاعتدال "4/ 134"، تهذيب التهذيب "10/ 200، 201". 2 التاريخ الكبير "7/ 336"، الجرح والتعديل "8/ 387"، الثقات لابن حبان "9/ 167"، تهذيب التهذيب "10/ 204، 205".

376- معاوية بن هشام1 -م. ع- أبو الحسن الأسدي، مولاهم الكوفيّ القصّار. عَنْ: عليّ بْن صالح بْن حيّ، وحمزة الزّيّات، وشَيْبان، وسفيان، وعمار بْن زُرَيْق، وهشام بْن سعْد، وجماعة. وعنه: احمد بن حنبل، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، ومحمود بْن غَيْلان، وأحمد بْن سليمان الرهاوي، والحَسَن بْن عليّ بْن عفان، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقال يعقوب بْن شَيْبة: كَانَ هُوَ وإِسْحَاق الأزرق من أعلمهم بحديث شريك. وقال أبو داود: ثقة. قلت: تُوُفّي سنة أربع أو خمس ومائتين. 377- معبد بْن راشد2. أبو عَبْد الرَّحْمَن. حدَّثَ ببغداد عَنْ: معاوية بْن عمار الدهني فقط. وعنه: رويم المقرئ، وموسى بْن داود الضَّبّيّ، والحَسَن بْن الصّبّاح الجزّار. قَالَ عَبْد اللَّه بْن أحمد: قَالَ أبي: رأيت معبدًا هذا ولم يكن به بأس. وكان يفتي برأي ابن أبي ليلى. قال ابن معين من رواية ابن أبي خيثمة له: واسطي ضعيف الحديث. قلت: حديثه عَنْ معاوية أَنَّهُ سأل جعفر بْن محمد الصادق عَنِ الْقُرْآنِ. فَقَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلا مَخْلُوقٍ ولكنّه كلام اللَّه. 378- معروف الكَرْخيّ العابد3. رحمه الله.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 403"، التاريخ الكبير "7/ 337"، الجرح والتعديل "8/ 385"، الثقات لابن حبان "9/ 166"، ميزان الاعتدال "4/ 138"، تهذيب التهذيب "10/ 218، 219". 2 التاريخ الكبير "7/ 400"، الجرح والتعديل "8/ 281"، الثقات لابن حبان "9/ 194"، ميزان الاعتدال "4/ 141"، التهذيب "10/ 223". 3 "قد تقدم في الطبقة الماضية".

مرّ سنة مائتين. وقيل: تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. وقد أفرد أبو الفَرَج ابن الْجَوْزيّ أخباره في جزئين. وكان عديم النَّظير زهدًا وعبادة. 379- مُعَلَّى بْن دحية بْن قيس1. أبو دِحْية الْمَصْرِيّ المقرئ. قرأ القرآن عَلَى نافع. قرأ عَلَيْهِ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وأبو مسعود المَدِينيّ، وعبد القوي بْن كمونه. وسمع منه: هشام بْن عمّار. فعن مُعَلَّى قَالَ: خرجت بكتاب الَّليْث بْن سعْد إلى نافع لأقرأ عَلَيْهِ، فوجدته يقرئ الناس بجميع القراءات، فقلت له: يا أبا رُويم ما هذا؟ قَالَ: إذا جاء من يطلب حرفي أقرأته. 380- مُعَلَّى بْن عَبْد الرَّحْمَن الواسطيّ2 -ن- عَنْ: الأعمش، وابن أَبِي ذئب، ومنصور بْن أَبِي الأسود، وعبد الحميد بْن جعفر، وشُعْبة، والثَّوْريّ، وجماعة. وعنه: الحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ، وعليّ بْن أحمد الجداريّ، ومحمد بْن إِسْحَاق الصَّاغانيّ، وخلف الواسطيّ كردوس، وإبراهيم بْن دنوقا، وجماعة. قَالَ أبو داود: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين -وسُئل عَنِ المعلى بْن عَبْد الرَّحْمَن- فقال: أحسن أحواله عندي أَنَّهُ قِيلَ لَهُ عند موته: ألا تستغفر اللَّه؟ فقال: ألا أرجو أنّ يغفر لي وقد وضعت في فضل عليّ بْن أَبِي طَالِب سبعين حديثًا. وذهب ابن المَدِينيّ إلى أَنَّهُ كَانَ يكذب. وقال أبو زُرْعة: ذاهب الحديث. وقال الدارقطني: كذاب.

_ 1 حسن المحاضرة للسيوطي "1/ 485". 2 الجرح والتعديل "8/ 334"، المجروحين لابن حبان "3/ 17، 18"، ميزان الاعتدال "4/ 148، 149"، التهذيب "10/ 338".

وأما ابن عديّ فقال: أرجو أَنَّهُ لا بأس بِهِ. قلت: لَهُ حديث في "سنن ابن ماجة". أما مُعَلَّى بْن منصور فثقة، سيأتي ذكره بعد. 381- معمر بن المثنى1 -د- أبو عبيد التيمي البصري النَّحْويّ. صاحب التّصانيف. يُقَالُ: إنّه وُلِد في الليلة التي تُوُفّي فيها الحَسَن الْبَصْرِيّ. روى عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، وأبي عَمْرو بْن العلاء، ورُؤْبَة بْن الحَجّاج، وجماعة. وروى عَنْهُ: أبو عُبَيْد القاسم بْن سلّام، وابن المَدِينيّ، وعليّ بْن المغيرة الأثرم، وأبو عثمان المازني، وعُمَر بْن شَبَّة، وأبو العيناء محمد بْن القاسم وآخرون. وحدَّثَ ببغداد بأشياء من كتبه. قَالَ الجاحظ: لم يكن في الأرض خارجيٍ ولا جماعي أعلم بجميع العلوم من أَبِي عبيدة. وقال يعقوب بن شيبة: سَمِعْتُ عليّ بْن المَدِينيّ ذكر أبا عبيدة فأحسن ذكره وصحّح روايته. وقال: كَانَ لا يحكي عَنِ العرب إلّا الشيء الصّحيح. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال المبرّد: كَانَ الأصمعيّ وأبو عبيدة متقاربان في النَّحْو، وكان أبو عبيدة أكمل القوم. وقال ابن قُتَيْبَة: كَانَ الغريب وأخبار العرب وأيامها أغلب عَلَيْهِ، وكان مَعَ معرفته ربما لم يُقِم البيت إذا أنشده حتّى يكسره. وكان يخطئ إذا قرأ القرآن نظرًا، وكان يبغض العرب. وألف في مثالبها كتبًا. وكان يرى رأي الخوارج.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 259"، الكنى والأسماء "2/ 73"، ميزان الاعتدال "4/ 155"، تهذيب التهذيب "10/ 246-248".

وقال غير ابن قُتَيْبَة: إنّ الرشيد أقدم أبا عبيدة وقرأ عَلَيْهِ بعض كتبه. وكتبه تقارب مائتي تصنيف، منها كتاب "مجاز القرآن"، وكتاب "غريب الحديث" وكتاب "مقتل عثمان"، وكتاب "أخبار الحَجّاج"، وغير ذَلِكَ في اللُّغات والأخبار والأيّام. وكان أَلْثغ، وسِخ الثياب، بذيء اللّسان. قَالَ أبو حاتم السِّجِسْتانيّ: كَانَ يُكْرمني بناءً عَلَى أنّي من خوارج سِجِسْتان. ويذكر أَنَّهُ كَانَ يميل إلى الملاح، وفيه يَقُولُ أبو نُوَاس: صلّى الإله عَلَى لُوطٍ وَشِيعَتِهِ ... أبا عُبَيْدة قُلْ باللَّه: آمِينا فأنت عندي لا شكّ بقيَّتهم ... منذ احتلمْتَ وقد جاوزتَ تسعينا تُوُفّي أبا عبيدة سنة عشر ومائتين. وروى ابن خلّكان أَنَّهُ تُوُفّي سنة تسعٍ. ويقال: تُوُفّي سنة إحدى عشرة، وكانً من أبناء المائة. 382- المغيرةُ بْن سِقْلاب1. أبو بِشْر قاضي حَرّان. عَنْ: جعفر بْن بُرْقان، ومحمد بْن إِسْحَاق، ومعقل بْن عُبَيْد اللَّه، وجماعة. وعنه: الفضل بْن يعقوب الرَّخّاميّ، ويزيد بْن محمد الرُّهاويّ، والمُعَافَى بْن سليمان الرَّسْعَنّي، وآخرون. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ ما يرويه لا يتابع عليه. وقال أبو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ: لَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا عَلَى حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسَرِّحٍ: ثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سِقْلابٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ" 2. وَالْقُلَّةُ أَرْبَعَةُ آصُعٍ.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 223، 224"، المجروحين لابن حبان "3 /8"، ميزان الاعتدال "4/ 163". 2 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أبو داود "63، 65"، والترمذي "67"، والنسائي "52"، وابن ماجه "517، 518"، وأحمد في المسند "2/ 12، 23، 27، 28، 107"، وعبد الرزاق في المصنف "1/ 79، 80"، وابن حبان في صحيحه "1249، 1253"، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء "1/ 60".

وَبِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ مِنْ قلال هجر لم ينجسه شيء"1. وقال أَبُو عَرُوبَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ. 383- المفضل بْن عَبْد اللَّه الحَبَطّي اليَرْبُوعيّ الْبَصْرِيّ2. عَنْ: داود بْن أَبِي هند، وإسماعيل بْن مُسْلِم، وعُمَر بْن عامر. وعنه: أبو مَعْمَر القَطِيعيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ الحافظ. وكان جار عَبْد اللَّه بْن بَكْر السَّهميّ نزيل بغداد. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. 384- منصور بْن سَلَمَةَ بن عبد العزيز بن صالح3 -خ. م. ن- أبو سلمة الخزاعي البغدادي. عَنْ: عَبْد العزيز الماجِشُون، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، ومالك بْن أنس، واللَّيث بْن سعْد، وشريك بْن عَبْد اللَّه، ويعقوب القُمّيّ، وسليمان بْن بلال، وطائفة. وعنه: أحمد بْن حنبل، ومحمد بن عَبْد الرّحيم صاعقة، ومحمد بْن إِسْحَاق الصَّغانيّ، وعباس الدُّوريّ، وأبو أميّة الطَّرَسُوسيّ، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين، وغيره. وكان حجة ثبتًا عارفًا.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2358"، وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء "1/ 60". 2 التاريخ الكبير "7/ 406"، الجرح والتعديل "8/ 318، 319"، الثقات لابن حبان "9/ 184"، التهذيب "10/ 272، 273". 3 الطبقات الكبرى "7/ 345"، التاريخ الكبير "7/ 348"، الجرح والتعديل "8/ 173"، الثقات لابن حبان "9/ 172"، سير أعلام النبلاء "9/ 560، 562"، تهذيب التهذيب "10/ 308، 309".

قال أحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة: قَالَ لي أَبِي وقد رجعنا من عند أَبِي سَلَمَةَ الخُزاعيّ: كتبت اليوم عَنْ كبشٍ نطاح. وقال الدَّارَقُطْنيّ: أبو سَلَمَةَ أحد الحُفّاظ الرُّفَعاء الذين كانوا يُسألون عَنِ الرجال ويؤخذ بقولهم فيهم. أخذ عَنْهُ أحمد، وابن مَعِين، وغيرهم علم ذلك. وقال ابن سعد: كان ثقة يتمنع بالحديث، ثم حدَّثَ أيامًا، وخرج إلى الثغور فمات بالمصيصة سنة عشر. وقال أبو بَكْر الأعين: مات سنة عشر. وقال مُطَيَّن كذلك. وقال مرّة: مات سنة تسعٍ. 385- منصور بْن سَلَمَةَ بْن الزّبْرقان1. وقيل: ابن الزّبْرقان بْن سَلَمَةَ. أبو الفضل النّمريّ الشّاعر. كَانَ من أهل الجزيرة فقدم بغداد وامتدح الرشيد، وغيره. وجرت بينه وبين العَتّابيّ وَحْشة حتّى تَهَاجَيَا وتناقضا، وسعى كلُّ واحدٍ منهما في هلاك الآخر. 386- منصور بن صقير2. أبو النضر البغدادي الجندي. روى عنه: حمّاد بْن سَلَمَةَ، ونافع بْن عُمَر الْجُمَحيّ، وثابت بن محمد العبدي، كذا عند ابن ماجة، والصواب محمد بْن ثابت العبْديّ، وعبد اللَّه بْن عرادة، وأبي عَوَانة. وعنه: سهل بْن أَبِي الصُّفْرِيّ، ويعقوب بْن شَيْبة، وأبو أُميّة، ومحمد أحمد بْن الْجُنَيْد، ومحمد بْن غالب تمتام، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: كَانَ جنديًا وليس بالقويّ. 387- منصور بْن عِكْرِمة3.

_ 1 الأغاني "13/ 147". 2 التاريخ الكبير "7/ 346"، الجرح والتعديل "8/ 172"، المجروحين لابن حبان "3/ 39، 40"، الميزان "4/ 185"، التهذيب "10/ 309". 3 التاريخ الكبير "7/ 349"، الجرح والتعديل "8/ 176"، الثقات لابن حبان "9/ 171، 172".

أبو عِكْرِمة الكِلَابيّ. سمع: ابن عَوْن، وطلحة بْن يحيى التَّيْميّ. وعنه: أحمد بْن محمد بْن يحيى القطّان، ومحمد بْن سِنان القزّاز، وهو بصري مقل. 388- منصور بن المهاجر1 -ق- أبو الحسن الواسطي، بيّاع القصب. عَنْ: سعْد بْن طُريف الإسكاف، وشُعَيب بْن ميمون، ومحمد المخرِّم، وأبي حمزة صاحب أنس. وعنه: إِسْحَاق بْن وهْب العلّاف، وسهم بْن إِسْحَاق، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد المجيد، ومحمد بْن عَبْد الملك الدقيقي، وغيرهم. روى لَهُ ابن ماجة في تفسيره. 389- مُهَنّي بْن عَبْد الحميد الْبَصْرِيّ2. عَنْ: حمّاد بْن سَلَمَةَ. وعنه: أحمد بْن حنبل، وبُنْدار، ونصر بْن عليّ، وإِسْحَاق الكَوْسَج. وثّقه عليّ بْن مُسْلِم الطُّوسيّ. 390- موسى بْن عَبْد العزيز3 -د. ق- أبو شعيب القنباري العدني. والقِنْبار شيء تُجاز بِهِ السُّفن. ذكر أَنَّهُ سمع من الحَكَم بْن أبان قَالَ: حدَّثني عكرمة، فذكر صلاة التسليم. روى عَنْهُ: بِشْر بْن الحَكَم، وابنه عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل المَرْوَزِيّ، وزيد بْن المبارك الصَّنعانيّ، ومحمد بْن أسد الخشنيّ. قَالَ عَبْد اللَّه بْن أحمد، عَنِ ابن مَعِين: لا أرى به بأسًا.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 179"، تهذيب التهذيب "10/ 315". 2 الجرح والتعديل "8/ 440"، ميزان الاعتدال "4/ 197"، تهذيب التهذيب "10/ 330، 331". 3 التاريخ الكبير "7/ 292"، الجرح والتعديل "8/ 151"، الثقات لابن حبان "9/ 159"، الميزان "3/ 212"، التهذيب "10/ 356".

وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وقع حديثه عاليًا في سبعة مجالس المخلص. 391- موسى بْن عَبْد اللَّه الطّويل1. أبو عَبْد اللَّه؛ فارسيّ نزل واسط وزعم أَنَّهُ سمع من أنس بْن مالك، فحدّث عَنْهُ بعجائب. روى عَنْهُ: إسحاق بن شاهين، ومحمد بن مسلمة الواسطيّ. وقع لنا حديثه عاليًا، ولكنه لَيْسَ بشيء. فَمِنْ حَدِيثِهِ: ثَنَا مَوْلاي أَنَسٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أَفْطَرَ عَلَى تَمْرٍ زِيدَ فِي صَلَاتِهِ أَرْبَعُمِائَةَ صِلَاةٍ"2. 392- موسى بْن الأمين محمد بْن الرشيد هارون بْن المهديّ الهاشْميّ العبّاسيّ. كَانَ شابًا مليح الصُّورة، وهو الّذي خلع أَبُوهُ المأمون لأجله، وجعله وليّ عهده. تُوُفّي في شَعْبان سنة ثمانٍ ومائتين. 393- موسى بْن هلال العبْديّ الْبَصْرِيّ3. عَنْ: هشام بْن حسّان، وعبد اللَّه بْن عُمَر العُمَريّ، وغيرهما. وعنه: محمد بْن إسماعيل الأُحْمُسيّ، وأبو أُميّة الطَّرَسُوسيّ، والفضل بْن سهل الاعرج، وعُبَيْد الورّاق، وأحمد بْن حنبل في كتاب "الزُّهد"، ومحمد بْن جَابِر المحاربيّ، وأحمد بْن حازم بْن أَبِي غَرَزَة. وكان قلانسيًا. قال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: مَجْهُولٌ. قُلْتُ: لَمْ أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَهُ بِتَضْعِيفٍ يُسْقِطُهُ فَيَنْكَشِفُ مِنَ "الثِّقَاتِ" لابْنِ حِبَّانَ.

_ 1 الكامل في الضعفاء لابن عدي "6/ 2350". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2350"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 194". 3 الجرح والتعديل "8/ 166"، ميزان الاعتدال "4/ 225".

وَهُوَ الَّذِي انْفَرَدَ بِحَدِيثِ: "مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي"1. وَالْحَدِيثُ، وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا، فَهُوَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ: "أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي مَنْ مَاتَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ" 2. وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ مُوسَى بْنِ هِلَالٍ، وَقَالَ: أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. 394- مؤمل بن إسماعيل3 -ت. ن. ق- أبو عبد الرحمن العدوي، مولاهم الْبَصْرِيّ. مولى آل عُمَر -رضى الله عنه. عَنْ: شُعْبَة، والثَّوْريّ، وعكرمة بْن عمّار، ونافع بْن عُمَر الْجُمَحيّ، وطائفة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن رَاهَوَيْه، وبُنْدار، ومؤمل بْن إهاب، ومحمود بْن غَيْلان، ومحمد بْن سهل بْن سهل بْن المهاجر الرَّقّيّ، وغير واحد. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صدوق، شديد في السُّنَّةِ، كثير الخطأ. وقال الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث. وأمّا أبو داود فعظّمه ورفع من شأنه وقال: إلّا أَنَّهُ يهمّ في الشيء. قلت: تُوُفّي في رمضان مجاورًا بمكّة سنة ستٍّ ومائتين. "حرف النون": 395- نائل بن نجيح البغدادي4 -ق- ويقال: البصري.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه الدارقطني في سننه "2/ 278"، وابن عدي في الكامل "6/ 2350"، وذكره الشيخ الألباني في ضعيف الجامع وقال: موضوع، وفي السلسلة الضعيفة "1/ 64"، والإرواء "1127". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "99، 6570"، وأحمد في المسند "2/ 373". 3 الطبقات الكبرى "5/ 501"، الجرح والتعديل "8/ 374"، الثقات لابن حبان "9/ 187"، تهذيب التهذيب "10/ 380". 4 المجروحين لابن حبان "3/ 61"، ميزان الاعتدال "4/ 244، 245"، تهذيب التهذيب "10/ 415، 416".

عَنْ: فطر بْن خليفة، ومسعر بْن كُدَام، وعَمْرو بْن شَمِر. وعنه: حفص بْن عُمَر الرّباليّ، وعُمَر بْن شَبَّة، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وآخرون. وحديثه يقع عاليًا في "الغَيْلانيّات". قَالَ أبو أحمد بْن عديّ: أحاديثه مظلمة. 396- نصر بن حماد1 -ق- أبو الحارث البصري البجلي الوراق الحافظ. عن: مسعر، وشعبة، ومقاتل بْن سليمان، وعاصم بْن محمد بْن زيد، وإسرائيل، وخلْق. وعنه: قَعْنَب بْن المحرز، ورَوْح بْن الفَرَج البزّار، ومحمد بْن رافع، ويحيى بن جعفر بن الزبرقان، ومحمد بن إسحاق الصاغاني. قال أحمد بْن حنبل: كذّاب. وقال الْبُخَارِيّ: يتكلّمون فيه. وقال أبو حاتم: متروك. 397- النَّضْر بن شميل بن خرشة2 -ع- أبو الحسن المازني البصري النَّحْويّ اللُّغَويّ الحافظ. نزيل مَرْو. روى عَنْ: حُمَيْد الطويل، وهشام بْن عُرْوَة، وابن عَوْن، وهشام بْن حسّان، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد، وطائفة كبيرة. وعنه: يحيى بْن يحيى، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، ومحمد بْن رافع، وعبد اللَّه بْن منير، ومحمود بْن غَيْلان، وعبد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الدّارميّ، وسعيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، وخلق. وثقه غير واحد.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 106"، الجرح والتعديل "8/ 470"، المجروحين لابن حبان "1/ 21"، ميزان الاعتدال "4/ 250، 251". 2 الطبقات الكبرى "7/ 373"، التاريخ الكبير "8/ 90"، الجرح والتعديل "8/ 477، 478"، الثقات لابن حبان "9/ 212"، ميزان الاعتدال "4/ 258"، تهذيب التهذيب "10/ 437، 438".

وقال أبو حاتم: ثقة صاحب سُنّة. وقيل: إنّه عاش ثمانين سنة. قَالَ العبّاس بْن مُصْعَب: بلغني أنّ عَبْد اللَّه بْن المبارك سُئل عَنِ النَّضْر بْن شُمَيْلٍ فقال: ذاك أحد الأحَدِين. لم يكن أحدٌ من أصحاب الخليل يدانيه. قَالَ العبّاس: كَانَ إمامًا في العربيّة والحديث. وهو أول من أظهر السُّنّة بمرو وجميع خراسان. وكان أروى النّاس عَنْ شُعْبَة. أخرج كتبًا كثيرة لم يسبقه إليها أحد، وولي قضاء مَرْو. وقال أحمد بْن سَعِيد الدّارميّ: سَمِعْتُ النَّضْر بْن شميل يَقُولُ: في كتاب "الحيل" كذا وكذا مسألة كُفْر. وسمعته يَقُولُ: خرج بي أَبِي من مَرْو الروذ إلى البصرة سنة ثمانٍ وعشرين ومائة وأنا ابن خمس أو ستٍّ سنين. هرب حين كانت الفتنة. وقال داود بْن مخراق: سَمِعْتُ النَّضْر يَقُولُ: لا يجد الرجل لذة العلم حتّى يجوع وينسى جوعه. وقال: من أراد شرف الدنيا والآخرة، فليتعلم العلم. قَالَ أحمد: مات في أول سنة أربعٍ ومائتين. وقال محمد بْن عَبْد الله بن قهزاد: مات في آخر يوم من ذي الحجة سنة ثلاثٍ، ودفن في أول يوم من المحرَّم. 398- النَّضْر بْن محمد بْن موسى الْجُرَشيّ اليمامي1. -ن- أبو محمد. عَنْ: عكرمة بْن عمّار، وأبي أُوَيْس، وشُعْبة، وصخر بْن جُوَيْرية. وعنه: عَبَّاس الْعَنْبريّ، وعبد اللَّه بْن محمد بْن الرُّوميّ، وأحمد بْن جعفر الموقريّ، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، ومؤمل بْن إهاب. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 89"، الجرح والتعديل "8/ 479"، الثقات لابن حبان "7/ 535"، التهذيب "10/ 444".

العِجْليّ: ثقة، روى عَنْ عكرمة بْن عمّار ألف حديث. رحلت إِلَيْهِ فوصلت في خمسة عشر يومًا. 399- النَّضْر بْن محمد بْن مُحَمَّد الْمَرْوَزِيّ. أبو هُشَيْم. تقدّم. 400- نفيسة1. السيدة الصالحة ابنة الأمير حسن بْنُ زَيْدِ بْنِ السَّيِّدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بن أبي طالب الهاشمية الحسنية. صاحبة المشهد الّذي بين مصر والقاهرة. وقد ولي أبوها المدينة للمنصور. ثمّ قبض عَلَيْهِ وحبسه مدّةً، فلمّا اسُتخْلف المهديّ أطلق أباها وردّ عَلَيْهِ كلّ ذهبٍ لَهُ. وحجّ معه، فمات -رحمه اللَّه- بالحاجر. وأمّا هِيَ فتحولت من المدينة إلى مصر مَعَ زوجها إِسْحَاق بْن جعفر الصّادق، فيما قِيلَ. ولم يبلغنا شيء من مناقبها، رحمها اللَّه. تُوُفّيت في شهر رمضان سنة ثمانٍ ومائتين. وللجُهّال فيها اعتقادٌ لا يجوز مثله، وقد بلغ بهم الشِّرْك باللَّه. ويسجدون للقبر، ويطلبون منها المغفرة. وكان أخوها القاسم بْن الحَسَن زاهدًا عابدًا سكن أولاده نيسابور. والسيد العلوي شيخ البيهقي وأولاده. "حرف الهاء": 401- هارون بن إسماعيل2 -خ. م. ت. ن. ق- أبو الحسن البصري الخزاز. عَنْ: عليّ بْن المبارك، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وهَمَّام بْن يحيى. وعنه: إِسْحَاق الكَوْسَج، وعبد بْن حُمَيْد، وأبو إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ، وسليمان بْن سيف، ومحمد بْن عَبْد الملك الدقيقي، والكُدَيْميّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: شيخ تاجر محله الصِّدق. عنده كتاب عَنْ عليّ بْن المبارك.

_ 1 وفيات الأعيان "5/ 423، 424"، حسن المحاضرة "1/ 218"، شذرات الذهب "2/ 21". 2 التاريخ الكبير "8/ 226"، الجرح والتعديل "9/ 87"، الثقات لابن حبان "9/ 238"، التهذيب "11/ 3".

وقال أبو داود: لا بأس بِهِ. وقال ابن أَبِي عاصم: تُوُفّي سنة ستٍّ ومائتين. 402- هارون بْن عِمران الْأَنْصَارِيّ المَوْصِليّ1. عَنْ: فطر بْن خليفة، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وسفيان الثَّوْريّ. وكان فقيهًا مفتيًا، أريد عَلَى القضاء فامتنع. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، وعليّ بْن حرب. وتُوُفّي سنة إحدى ومائتين. 403- هاشم بْن القاسم بْن مُسْلِم بْن مُقْسِم2. أبو النَّضْر اللَّيْثيّ الخراساني ثمّ البغداديّ قيصر. روى عَنْ: عكرمة بْن عمار، وشُعْبة، وابن أَبِي ذئب، وحريز بن عثمان، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وورقاء بن عمر، وأبي جعفر الرازي، وأبو عقيل الثقفي، وطائفة. وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن معين، وابن أبي شيبة، ومحمود بن غيلان، وهارون الحمال، وعبد بن حميد، وأحمد بن الفرات، وعباس الدوري، والصاغاني، وخلق. وأبو بكر بن أبي النضر ولده. وإنما لقب بقيصر؛ لأن نصر بن مالك الخزاعي كان على شرطة الرشيد، فدخل نصر الحمام وقت العصر وقال: لا تقم الصلاة حتّى أخرج. فجاء أبو النَّضْر إلى المسجد، فقال للمؤذن: ما لك لا تقيم؟ قَالَ: أنتظر أبا القاسم. فقال: أقم. فأقام الصلاة وصلوا. فلمّا جاء نَصْر لام المؤذن فقال: لم يدعني أبو النضر.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 93"، الثقات لابن حبان "9/ 238". 2 الطبقات الكبرى "7/ 335"، التاريخ الكبير "8/ 235"، الجرح والتعديل "9/ 105، 106"، الثقات لابن حبان "9/ 243"، سير أعلام النبلاء "9/ 545-549"، ميزان الاعتدال "4/ 290"، تهذيب التهذيب "11/ 18، 19".

فقال: لَيْسَ هذا هاشم هذا قيصر، يريد ملك الروم، فلزمه ذَلِكَ. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ أبو النَّضْر شيخنا من الآمرين بالمعروف والنّاهين عَنِ المُنْكَر. وقال ابن المَدِينيّ، وغيره: ثقة. وقال العِجْليّ: ثقة صاحب سنة من الأبناء. كان أهل بغداد يفخرون بِهِ. وعن أَبِي النَّضْر قَالَ: ولدت سنة أربعٍ وثلاثين ومائة. وقال ابن حِبّان: تُوُفّي في ذي القعدة سنة خمس. وقيل: سنة سبْعٍ. قلت: إنّما تُوُفّي سنة سبْعٍ بلا شك. قاله مُطَيَّن، والحارث بْن أَبِي أسامة، وغيرهما. 404- هشام بْن محمد بْن السائب بْن بِشْر1. أبو المنذر الكلْبيّ النّسّابة العلّامة الإخباريّ الحافظ. روى عَنْ أَبِيهِ، وعن: مجالد، وأبي مِخْنَف لوط بْن يحيى، وغير واحد. قَالَ أحمد بن حنبل: إنما كان صاحب سَمَر ونَسَب، ما ظننت أحدا يحدّث عَنْهُ. وقال الدَّارَقُطْنيّ، وغيره: متروك. روى عَنْهُ: ابنه العبّاس، وخليفة بْن خيّاط، ومحمد بْن سعْد، وأحمد بْن المِقْدام العِجْليّ، وابن أَبِي السَّرِيّ. وَرُوِيَ عَنْهُ قَالَ: حفظت ما لم يحفظه أحد، ونسيت ما لم ينسه أحد. كَانَ لي عمّ، فعاتبني عَلَى حفظ القرآن، فحفظته في ثلاثة أيّام. دخلت بيتًا وحلفت أنّي لا أخرج منه حتّى أحفظه، فحفظته في ثلاثة أيّام. ونظرت في المرآة مرّةً فقبضت لحيتي، وأردت أنّ آخذ ما تحت القبضة فنسيت فأخذت ما فوق القبضة. ومع فرط ذكاء بن الكلبي لم يكن بثقة، وفيه رفض.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 200"، المجروحين لابن حبان "3/ 91"، ميزان الاعتدال "4/ 304، 305"، لسان الميزان "6/ 196".

وله "كتاب الجمهرة" في النسب، وهو مشهور، وكتاب "حلف الفضول"، و"حلف عبد المطلب وخزاعة"، و"حلف تميم وكلب"، وكتاب "بيوتات قريش"، و"فضائل قيس عيلان"، و"بيوتات ربيعة"، وكتاب "الموردات"، وكتاب "الكنى"، وكتاب "ملوك الطوائف"، وكتاب "ملوك كندة"، ويقال: إنّ تصانيفه تزيد عَلَى مائة وخمسين مصنفًا. قلت: تُوُفّي ابن الكلْبيّ سنة أربعٍ ومائتين عَلَى الصّحيح. وقيل: بعد ذَلِكَ. 405- هشام بْن معاوية1. الكوفيّ الضّرير. من علماء أئمّة العربية. صحب الكِسائيّ وأخذ عَنْهُ. وصنّف كُتُبًا في النَّحْو. تُوُفّي سنة سبْعٍ. 406- هَرْثَمَةُ بْن أعين2. الأمير. ولي مملكة خُراسان للرشيد. وكان من رجال الدهر ورؤوس الدولة. تُوُفّي سنة إحدى ومائتين. 407- الهَيْثَم بن الربيع3 -ت-. أبو المُثَنَّى العُقَيْليّ. عَنْ: الحمَّادَيْن، وسِماك بْن عطية، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وصالح المُرِّيّ. وعنه: نَصْر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وحشيش بْن أصرم، وأبو أُميّة الطَّرَسُوسيّ، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه السَّعْديّ النَّيْسابوريّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: شيخ لَيْسَ بالمعروف. 408- الهيثم بْن عَبْد الغفّار الطّائيّ4. روى عَنْ: همّام بْن يحيى وسعيد بْن بِشْر، وميسرة بْن مَعْبَد. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن ماتع دُرُخْت، وأبو بَكْر محمد بْن خلاد، وغيرهما.

_ 1 الأعلام "8/ 88". 2 تاريخ خليفة "459، 463". 3 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 105"، الجرح والتعديل "9/ 83"، ميزان الاعتدال "4/ 322". 4 الجرح والتعديل "9/ 85"، ميزان الاعتدال "4/ 323".

قَالَ أحمد بْن حنبل: عرضت عَلَى ابن مهدي أحاديث الهيثم بن عبد الغفار، عَنْ همّام، وغيره فقال: هذا رَجُل كذاب، أو غير ثقة. كَانَ يضع الحديث. 409- الهَيْثَم بْن عديّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زيد بْن أُسَيْد بْن جَابِر1. أبو عَبْد الرَّحْمَن الطّائيّ الإخباري المؤرخ الكوفي. عَنْ: هشام بْن عُرْوَة، ومجالد بْن سَعِيد، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وسعيد بْن أَبِي عَرُوبَة، وطائفة. وعنه: محمد بْن سعْد، وأبو الْجَهْم العلاء بْن موسى، وعليّ بْن عَمْرو الْأَنْصَارِيّ، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، وآخرون. وله تاريخ صغير. وهو من بابة الواقدي. قَالَ أبو زُرْعة: لَيْسَ بشيء. وقال ابن مَعِين، وأبو داود: كذّاب. وقال النَّسائيّ، وغيره: متروك الحديث. قَالَ الْبُخَارِيّ: سكتوا عَنْهُ. ويُرْوَى عَنِ ابن المَدِينيّ: هُوَ عندي أصلح من الواقديّ. وقال عَبَّاس الدُّوريّ: ثنا بعض أصحابنا قَالَ: قَالَتْ جارية الهَيْثَم بْن عديّ: كَانَ مولاي يقوم عامّة الليل يصلي فإذا أصبح جلس يكذب. تُوُفّي الهَيْثَم سنة سبْعٍ بفم الصلح، وله ثلاث وتسعون سنة، وقلّ ما روى عَنِ المُسْنَد. "حرف الواو": 410- ورد بْن عَبْد اللَّه أبو محمد التَّميميّ الطَّبَريّ2 نزيل بغداد. عَنْ: محمد بْن طلحة بْن مصرف، ومحمد بْن جَابِر الحنفي، وإسماعيل بْن عياش، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 218"، الجرح والتعديل "9/ 85"، ميزان الاعتدال "4/ 324، 325". 2 الجرح والتعديل "9/ 51"، المجروحين لابن حبان "2/ 187"، تهذيب التهذيب "11/ 112، 113".

وعنه: ولداه محمد ويحيى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وأحمد بْن مُلاعب. وثّقه إِبْرَاهِيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ. قلت: مات كهلًا، ولم يخرجوا لَهُ. 411- وسّاجُ بْن عُقْبة بْن وسّاج الْأَزْدِيّ1. أبو عُقْبة المَقْدِسيّ. عَنْ: الهقل بْن زياد، وعبد الحميد بْن أَبِي العشرين، والوليد بْن محمد المُوَقّريّ. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن محمد الفِرْيابيّ ثمّ المَقْدِسيّ، وسليمان بْن عَبْد الحميد البَهْرانيّ. ذكره ابن حِبّان في "الثّقات". 412- الوليد بْن عَبْد الرَّحْمَن العبْديّ الجاروديّ الْبَصْرِيّ2. عَنْ: شُعْبَة، والحَسَن بْن أَبِي جعفر الجفريّ، وجماعة. وعنه: ولده المنذر بْن الجارود. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة اثنتين ومائتين. 413- الوليد بن القاسم بن الوليد3. ثمّ الخَبْذَعيّ -ت. م- الكوفيّ. وخبذع بطنٌ من قبائل همدان. قيّده ابن ماكولا بفتح الخاء والذّال، وقيّده غيره بالكَسْر. روى عَنْ: الأعمش، ومجالد، ويزيد بْن كَيْسان، وأبي حيّان التَّيْميّ، وفُضَيْل بْن غزوان، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بن حنبل، وأحمد الرَّماديّ، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، والحسين بْن عليّ الصدائي، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن أحمد بْن الْجُنَيْد الدّقّاق، ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي العوّام، ومؤمل بْن إهاب، وخلْق. قَالَ ابن الْجُنَيْد: سُئل عَنْهُ أحمد بْن حنبل فقال: ثقة كتبنا عنه. وكان جارًّا

_ 1 الثقات لابن حبان "9/ 231"، تهذيب التهذيب "11/ 116". 2 الثقات لابن حبان "9/ 225"، تهذيب التهذيب "11/ 139". 3 التاريخ الكبير "8/ 152"، الجرح والتعديل "9/ 13".

لِيَعْلَى بْن عُبَيْد، فسألت عَنْ يَعْلَى فقال: نعم الرجل، هُوَ جارنا منذ خمسين سنة، ما رأينا منه إلّا خيرًا. قَالَ أحمد بْن حنبل: قد كتبنا عَنْهُ أحاديث حسانًا عَنْ يزيد بْن كيسان فاكتبوا عَنْهُ. وقال ابن عديّ: إذا روى عَنْ ثقة فلا بأس بِهِ. وقال ابْن أَبِي خَيْثَمَة عَن ابْن معين: ضعيف. وقال مطين: مات سنة ثلاث ومائتين. 414- الوليد بن مزيد1 -د. ن- أبو العباس العذري البيروتي. عن: الأوزاعي، وعثمان ابن أَبِي العاتكة، وعثمان بْن عطاء الخراساني، ومقاتل بْن سليمان بْن بشير، وعبد اللَّه بْن شوذب، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، وطائفة. وعنه: ابنه العبّاس، وأبو مسهر، ودُحَيْم، وأبو عُمَيْر عيسى بْن النخاس الرَّمْليّ، وأحمد بْن أَبِي الحواري، ومحمد بْن وزير الدّمشقيّ، وجماعة. قال أبو مسهر: وجدت عند الوليد بْن مُزْيَد علمًا لم يكن عند غيره. وقال يوسف بْن أَبِي السفر: سَمِعْتُ الأوزاعي يَقُولُ: ما عرضت فيما حمل عني أصح من كُتُب الوليد بْن مُزْيَد. وقال أبو مسهر: كَانَ ثقة. ولم يكن يحفظ، وكانت كتبه صحيحة. وقال دُحَيْم: مات سنة سبْعٍ ومائتين. 415- وهْب بْن جرير بْن حازم بْن زيد بْن عَبْد اللَّه بْن شجاع2 -ع- أبو العباس الأزدي البصري. عَنْ: أبيه، وهشام بْن حسّان، وابن عَوْن، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وهشام الدَّسْتُوائيّ، وشُعْبة، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن المَدِينيّ، وابن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأبو خَيْثَمَة، وعبد اللَّه المُسْنِديّ، وعَمْرو الفلّاس، وبُنْدار، ومحمد بْن المثنى، وعلي بن نصر الجهضمي، وأبوه، ومحمد بن رافع، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، وخلق.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 155"، الجرح والتعديل "9/ 18"، سير أعلام النبلاء "9/ 419، 421"، تهذيب التهذيب "11/ 150". 2 الطبقات الكبرى "7/ 298"، التاريخ الكبير "8/ 169"، الجرح والتعديل "9/ 28"، الثقات لابن حبان "9/ 228"، سير أعلام النبلاء "9/ 442-445"، ميزان الاعتدال "4/ 350"، تهذيب التهذيب "11/ 161، 162".

قال عُثْمَانَ الدَّارَمِيِّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةً. وَقَالَ النسائي: ليس به بأس. وقال أحمد العجلي: بَصْريّ ثقة. كَانَ عمّار يتكلّم فيه. قَالَ: مات بالمَنْجَشَانيّة عَلَى ستة أميال من المدينة منصرفًا من الحجّ. فحُمِل ودُفِن بالبصرة. وقال محمد بْن سعْد: مات سنة ستٍّ ومائتين. "حرف الياء": 416- يحيى بْن آدم بْن سليمان1 -ع- أبو زكريّا الْقُرَشِيّ الكوفيّ الأحْوَل الحافظ، مولى آل أَبِي مُعَيْط. روى عَنْ: فِطْر بْن خليفة، وفضيل بْن مرزوق، ومسعر، ويونس بْن أَبِي إِسْحَاق، وعيسى بْن طَهْمان، وسفيان الثَّوْريّ، وإسرائيل، ومفضَّل بْن مهلهل، وورقاء بْن عُمَر، وخلْق. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإِسْحَاق بْن راهَوَيْه، ويحيى بْن مَعِين، وأبو كُرَيْب، وهارون الحمّال، وعَبْدة الصّفّار، ومحمد بْن رافع، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وعبد بْن حُمَيْد، والحَسَن بْن عليّ بْن عفان العامريّ، وخلق. وكان فقيهًا إمامًا قارئًا غزير العلم. وثّقه ابن مَعِين، والنسائيّ. وسُئل عَنْهُ أبو داود فقال: يحيى واحد النّاس. وقال يعقوب بْن شَيْبة: ثقة، فقيه البدن. سَمِعْتُ ابن المَدِينيّ يَقُولُ: يرحم اللَّه يحيى بْن آدم أي علمٍ كَانَ عنده، وجعل يطريه. وقال أبو أسامة: ما رأيت يحيى بْن آدم قطّ إلّا ذكرت الشَّعْبِيّ، يعني أَنَّهُ كَانَ جامعًا للعلم. قَالَ أبو سَعِيد هشام بْن منصور: سَمِعْتُ أحمد بْن حنبل يَقُولُ: قَالَ لي يحيى بْن آدم: يجيئني الرجل ممّن أبغضه أكره مجيئه، فأقرأ عَلَيْهِ كلّ شيء حتّى أستريح منه ولا أراه. ويجيء الرجل أودّه فأتردّد حتّى يرجع إليْ. قلت: وعلى يحيى مدار قراءة أَبِي بَكْر بْن عياش، فإنّه ضبط الحروف وحرّرها، وراجع فيها أبا بَكْر، ولم يقرأ عَلَيْهِ. قَالَ عَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم: ثنا عليّ بْن أحمد العِجْليّ، نا أبو هشام الرفاعيّ، نا يحيى بْن آدم قَالَ: سألت أبا بَكْر بْن عياش، عَنْ حروف عاصم الّتي في هذه الكراسة أربعين سنة، فحدثني بها كلها، وقرأها عليّ حرفًا حرفًا. قلت: فقرأ عليه شعيب بن أيوب الصريفيني، وغيره.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 402"، التاريخ الكبير "8/ 261، 262"، الجرح والتعديل "9/ 128، 129"، الثقات لابن حبان "9/ 252"، سير أعلام النبلاء "9/ 522-529"، تهذيب التهذيب "11/ 175، 176".

وسمع منه الحروف: أَبُو حَمْدُونَ الطَّيِّبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَلَفُ بْنُ هشام البزار، وأبو هشام الرّفاعيّ، وأحمد بْن عُمَر الوكيعي، وآخرون. قَالَ محمود بْن غَيْلان: سَمِعْتُ أبا أسامة يَقُولُ: كَانَ عُمَر -رضى الله عنه- في زمانه رأس الناس، وكان بعده ابن عَبَّاس في زمانه، وكان بعده الشَّعْبِيّ في زمانه، وكان بعد الشَّعْبِيّ الثَّوْريّ في زمانه، وَكَانَ بَعْدَ الثَّوْرِيِّ يَحْيَى بْنِ آدَمَ. وَقَالَ ابن سعْد: تُوُفّي بفم الصِّلْح في النّصف من ربيع الأوَّل سنة ثلاثٍ ومائتين، وصلَّى عَلَيْهِ الحَسَن بْن سهل. 417- يحيى بْن إِسْحَاق1. أبو زكريّا البَجَليّ السَّيْلحينيّ والسّالحينيّ. والسَّالحين قرية من عمل بغداد. روى عَنْ: أبان بْن يزيد العطّار، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وسعيد بْن عَبْد العزيز التّنُوخيّ، ويحيى بْن أيّوب الْمَصْرِيّ، ويزيد بْن حيان أخي مقاتل، ومحمد بْن سليمان بْن الأصبهاني، وموسى بْن عليّ بْن رباح، وخلْق. رحل في طلب العلم إلى الحجاز ومصر والشام. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وهارون الحمال، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وأحمد بْن سيّار المَرْوَزِيّ، وأحمد بْن أَبِي غَرَزَة، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، وبِشْر بْن موسى، والحارث بْن أَبِي أسامة، وأحمد بْن ملاعب، وآخرون. قَالَ أحمد بْن حنبل: شيخ صالح ثقة، سمع من الشاميين، ومن ابن لهيعة، وهو صدوق. وقال ابن سعْد: كَانَ ثقة حافظًا لحديثه. تُوُفّي ببغداد سنة عشر ومائتين في خلافة المأمون. وقال الْبُخَارِيّ وغيره: تُوُفّي سنة عشر. زاد ابن حِبّان أَنَّهُ تُوُفّي في شَعْبان. ومن غرائبه: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَكْلِ أُذُنَيِ الْقَلْبِ"2. خالفه مسدد، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، وغيرهما، فرووه عَنْ عَبْد اللَّه، عَنْ أَبِيهِ، فقال: عَنْ رَجُل من الأنصار. ولفظ مسدد: حدَّثني رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى. رواه أبو داود في "المراسيل".

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 340"، التاريخ الكبير "9/ 259"، الجرح والتعديل "9/ 126"، الثقات لابن حبان "9/ 260"، تهذيب التهذيب "11/ 176، 177". 2 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "4/ 531"، وأبو داود في المراسيل "467".

418- يحيى بْن أَبِي بُكَيْر بْن نسر بْن أبي أسيد1 -ع- أبو زكريا العبدي القيسي، مولاهم الكوفي، قاضي كِرْمان. حدَّثَ ببغداد وغيرها عَنْ: أَبِي جعفر الرّازيّ؛ وشُعْبة، وزائدة، وإبراهيم بْن طِهْمان، وإسرائيل، وجماعة. وعنه: أحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، وعباس الدُّوريّ، وعيسى بْن أَبِي حرب، ومحمد بْن سعْد العَوْفيّ، والحارث بْن أَبِي أسامة، وعليّ بْن سهل، وإبراهيم بْن الحارث البغداديّ، وحفيده عَبْد اللَّه بْن محمد بْن يحيى، وآخرون. وثّقه ابن مَعِين، وأحمد العِجْليّ. قَالَ محمد بْن المُثَنَّى: تُوُفّي سنة ثمانٍ ومائتين. وقال ابن قانع: سنة تسع. اسم أَبِي بُكَيْر: نسر، وقيل: بِشْر، وقيل: بشير، واللَّه أعلم. 419- يحيى بْن أَبِي الحَجّاج الأهتميّ المِنْقَريّ الْبَصْرِيّ2. أبو أيّوب. عَنْ: سَعِيد الجريريّ، وابن عَوْن، وحاتم بْن أَبِي صغيرة، وابن جُرَيْج، وجماعة. وعنه: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأحمد بْن الأزهر، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعيسى بْن أحمد البلْخيّ العسقلاني. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بالقوي. قلت: روى عَنْهُ من أقرانه سَعِيد بْن عامر. 420- يحيى بْن الحَجّاج بْن أَبِي الحَجّاج3. أبو أيّوب. إنّ لم يكن الأوَّل، وإلّا فهو مكّي. روى عَنْ: عَوْف، وابن جُرَيْج، وعبد الله بن مسلم بن هرمز، وسفيان الثوري. وعنه: محمد بن حسان الأزرق، وعبد الجبار بن العلاء، ويزيد بن سنان، ومحمد بن منصور الجواز، ورزق الله بن موسى، وأحمد بن الأزهر.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 264"، الجرح والتعديل "9/ 132"، الثقات لابن حبان "9/ 257"، التهذيب "11/ 190". 2 التاريخ الكبير "8/ 269"، الجرح والتعديل "9/ 139"، الثقات لابن حبان "9/ 255"، التهذيب "11/ 196". 3 الكامل في الضعفاء "7/ 2676، 2677"، ميزان الاعتدال "4/ 368".

ومن غرائبه: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: "أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ تُجَصَّ الْقُبُورُ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا، وَأَنْ تُوطَأَ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَى الْقُبُورِ"1. رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاءِ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وليحيى بْن أَبِي الحَجّاج غير ما ذكرت، ولا أرى بحديثه بأسًا. 421- يحيى بن حسان2 -سوى ق- أبو زكريا التنيسي. عَنْ: معاوية بْن سلام الحبشيّ، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وسليمان بْن قرْم، واللَّيث بْن سعْد، ومحمد بْن مهاجر، وجماعة. وعنه: الشّافعيّ، ودُحَيْم، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع بْن سُلَيْمَان المُرَاديّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، وبحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، وآخرون. وقع لنا في "مُسْنِد الدّارميّ" ولأولادنا الحديثان اللذان رواهما م. ت. عَنِ الدَّارَمِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: "نِعْمَ الإِدَامُ الْخَلُّ"3. وَالْحَدِيثُ: "لا يَجُوعُ أَهْلُ بَيْتٍ عِنْدَهُمْ تَمْرٌ"4. وهما من أعزّ الموافقات. قَالَ دُحَيْم: وُلِد يحيى بْن حسّان سنة أربعٍ وأربعين ومائة. وقال ابن يونس: يحيى بْن حسّان البَكْريّ بَصْريّ ثقة، حَسَنُ الحديث، صنف كتبًا وحدّث بها. وتُوُفّي بمصر في رجب سنة ثمانٍ ومائتين. وقال الشّافعيّ: نبا الثقة يحيى بْن حسان. وقال أحمد بْن حنبل: ثقة، رَجُل صالح، رأيته وما كتبت عَنْهُ. كَانَ يحيى بْن حسان موسرًا محتشمًا. قَالَ الحاكم:

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه مسلم "970"، وأبو داود "3226"، والترمذي "1052"، وابن ماجه "1562"، وأحمد في المسند "3/ 332"، وعبد الرزاق في المصنف "6488"، وابن حبان في صحيحه "3162، 3163، 3164، 3165". 2 التاريخ الكبير "8/ 269"، الجرح والتعديل "9/ 135"، الثقات لابن حبان "9/ 252"، التهذيب "11/ 197". 3 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2051، 2052"، وأبو داود "3820"، والترمذي "1839، 1840"، 1842"، والنسائي "3805"، وابن ماجه "3317، 3318، وأحمد في المسند "3/ 301، 304، 353"، وعبد الرزاق "19569". 4 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2046"، وأبو داود "3831"، والترمذي "1815"، وابن ماجه "3327"، والدارمي "2060، 2061".

حدَّثني الوليد بْن بَكْر: ثنا أحمد بْن محمد بْن جَابِر التِّنِّيسيّ، عَنْ شيوخه، أنّ الشّافعيّ لما ورد تنيس نزل عَلَى يحيى. وكان طباخه لا يعيد اللون في الأسبوع إلّا مرة. فأمر الشّافعيّ الطباخ بإعادة لَوْنٍ استطابه. فلمّا أُحضر تغير يحيى فقال الشّافعيّ: أَنَا أمرته بهذا. فسُرّي عَنْهُ وقال للغلام الطباخ: أنت حرّ لوجه اللَّه شكرًا لانبساط أَبِي عَبْد اللَّه عندنا. 422- يحيى بْن حمّاد1. أبو بَكْر، في الطبقة السابقة. 423- يحيى بْن حُمَيْد الطَّوِيلُ2. عاش دهرًا وروى عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: أبو علقمة عَبْد اللَّه بْن عيسى الفَرَوِيّ، وسعد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. قَالَ ابن عدي: أحاديثه غير مستقيمة. 424- يحيى بْن خليف بْن عُقْبة السَّعْديّ3: عَنْ: ابن عَوْن، وشُعْبة، والثَّوْريّ. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الجوهريّ، ومعمر بْن سهل، وأبو أُميّة الطَّرَسُوسيّ. وله حديث مُنْكَر عَنْ سُفْيَان. وعنه أيضًا: محمد بْن سعْد في "الطبقات". ولم أر للقدماء فيه كلامًا. 425- يحيى بْن زياد الفراء4. تقدم في حرف الفاء: الفرّاء. 426- يحيى بْن زياد الأَسَديّ5. مولاهم الرَّقّيّ، لقبه: فهير. روى عَنْ: ابن جُرَيْج، وموسى بْن وردان، وطلحة بْن زيد الرَّقّيّ. وعنه: أيّوب بْن محمد الوزان، وشداد بْن رُشَيْد، ومحمد بْن عبد الله بن سابور الرقي.

_ 1 تقدمت ترجمته في الطبقة السابقة. 2 الجرح والتعديل "9/ 138"، الثقات لابن حبان "7/ 614". 3 الثقات لابن حبان "9/ 265"، ميزان الاعتدال "4/ 372"، لسان الميزان "6/ 252". 4 الثقات لابن حبان "9/ 256"، سير أعلام النبلاء "10/ 118-121"، تهذيب التهذيب "11/ 212، 213". 5 الثقات لابن حبان "9/ 255، 256"، تهذيب التهذيب "11/ 211".

427- يحيى بْن سَعِيد1. أبو زكريّا الحمصيّ العطّار. سمع: يونس بْن زيد الأَيْليّ، وحريز بْن عثمان، وبكر بْن خُنَيْس، والسَّرِيّ بْن يحيى، وعبد الرَّحْمَن المسعودي، وأيّوب بْن خوط الْبَصْرِيّ، وسوار بْن مُصْعَب، وفضيل بْن مرزوق، وأبا غسان محمد بْن مُطَرِّف، ومبارك بْن فَضَالَةَ، ويحيى بْن أيّوب الْمَصْرِيّ، وخلقًا بالشام والعراق، ومصر. وعنه: نُعَيْم بْن حمّاد، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بْن أَبِي السَّرِيّ العسقلاني ومحمد بْن مُصَفَّى، وأبو جميل أحمد محمد بْن المغيرة العَوْهيّ، وآخرون. ضعفه ابن مَعِين. ووثَّقهُ محمد بْن مُصَفَّى. وقال أبو داود: جائز الحديث. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابن عدي: له مصنف في حفظ اللسان. ثنا بِهِ أحمد بْن محمد بْن عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي التُّقَى هشام بْن عَبْد الملك، عَنْهُ. وفي الكتاب أحاديث لا يتابع عليها، وهو بين الضعف. 428- يحيى بْن السكن الْبَصْرِيّ2. نزيل الرَّقَّةِ. عَنْ: شُعْبَة، وعمران القطّان. وعنه: هلال بْن العلاء، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، ومحمد بْن حسّان الأزرق. قال أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. وقال غيره: تُوُفّي سنة اثنتين ومائتين؛ وقيل: سنة مائتين. 429- يحيى بْن سلام البصري3. عن: فطر بن خليفة، وشعبة، والمسعودي، وابن أَبِي عَرُوبَة، والثَّوْريّ، ومالك. وقال ابن عديّ: يكتب حديثه مَعَ ضعفه. وقال أبو عَمْرو الدّانيّ: يحيى بْن سلّام بْن أَبِي ثعلبة أبو زكريّا الْبَصْرِيّ. روى الحروف عَنْ أصحاب الحَسَن وغيره، وله اختيار في القراءة من طريق الآثار. سكن إفريقيا دَهْرًا، وسمعوا منه كتابه في "تفسير

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 277"، الجرح التعديل "9/ 152"، ميزان الاعتدال "4/ 379، 380"، التهذيب "11/ 220". 2 التاريخ الكبير "8/ 280"، الجرح والتعديل "9/ 155"، الثقات لابن حبان "9/ 253"، ميزان الاعتدال "4/ 380". 3 الجرح والتعديل "9/ 55"، ميزان الاعتدال "4/ 380، 381"، لسان الميزان "6/ 259-261".

القرآن"، وليس لأحدٍ من المتقدمين مثله، وكتابه "الجامع". وكان ثقة ثبتًا عالمًا بالكتاب والسنة. وله معرفة باللغة العربية. وُلِد سنة أربعٍ وعشرين ومائة. قَالَ ابن يونس: تُوُفّي بمصر بعد رجوعه من الحج في صَفَر سنة مائتين. قلت: وروى عَنْهُ: ابنه محمد بْن يحيى، وأحمد بْن موسى. وسمع منه: عَبْد اللَّه بْن وهْب مَعَ تقدُّمِهِ. وروى أيضًا عَنْهُ: بحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 430- يحيى بْن الضُّرَيْس بْن يَسَار1. القاضي أبو زكريّا البَجَليّ مولاهم الرّازيّ، قاضي الرّيّ. رأى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. وروى عَنْ: عكرمة بْن عمار، وابن جُرَيْج، وزكريا بْن إِسْحَاق، ومحمد بْن إِسْحَاق بْن يَسَار، وفُضَيْل بْن مرزوق، وإبراهيم بْن طِهْمان، وعَمْرو بْن أَبِي قيس الرّازيّ، وسُفْيَان، وزائدة، وطائفة. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن موسى الفرّاء، ومحمد بْن عَمْرو زُنَيْج، ومحمد بْن حُمَيْد، وعبد اللَّه بْن الْجَهْم، وموسى بْن نَصْر الرازيون، ويحيى بْن مَعِين، ويحيى بْن أكثم، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وإِسْحَاق بْن الفيض الأصبهاني. وروى عَنْهُ من القدماء: جرير بْن عَبْد الحميد. وكان من حفاظ: الرّيّ، كَانَ جرير معجبًا بِهِ. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال إِبْرَاهِيم بْن موسى: منه تعلَّمْنا الحديث. قَالَ الْبُخَارِيّ، عَنْ يونس بْن موسى: مات في ربيع الأوَّل سنة ثلاث ومائتين. 431- يحيى بْن عَبّاد2. أبو عبّاد الضُّبَعيّ، بَصْريّ صدوق، ربما أغرب. حدَّثَ ببغداد عَنْ: شُعْبَة، وفليح بْن سليمان، والمسعودي، ويعقوب القمي.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 380"، التاريخ الكبير "2/ 282، 283"، الجرح والتعديل "9/ 158-160"، الثقات "9/ 252"، التهذيب "11/ 332". 2 التاريخ الكبير "8/ 292"، الجرح والتعديل "9/ 173"، الثقات لابن حبان "9/ 256"، تهذيب التهذيب "11/ 235، 236".

وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو ثور الكلبي، والحسن بن محمد الزعفراني، ومحمد بن سعد، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. "وذكر البخاري، عَنْ إسماعيل، ولم ينسبه، أَنَّهُ تُوُفّي سنة ثمان وتسعين ومائة، فلم يشر إليها". 432- يحيى بْن عَنْبَسَةَ الْبَصْرِيّ1. عَنْ: حُمَيْد الطويل، وأبي حنيفة، وجماعة. وعنه: أحمد بْن نَصْر الفراء، ويوسف بْن سَعِيد بْن مُسْلِم، وعليّ بْن يزيد الفرائضيّ، ونصر بْن هذيل البالِسيّ. يَأْتِي عَنِ الثِّقَاتِ بِالطَّامَاتِ. فَلَهُ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَدَرُ الْوَجْهِ مِنَ السُّكْرِ يُهْدِرُ الْحَسَنَاتِ"2. وَلَهُ قَالَ: "حُسْنُ الْوَجْهِ "مَالٌ" وَحُسْنُ الشَّعْرِ "مَالٌ" وَحُسْنُ اللِّسَانِ مَالٌ"3 -يَعْنِي فِي النوم- كلا الحديثين مَكْذُوبَانِ. 433- يحيى بْن طلحة أبو طلحة المُرَاديّ الْبَصْرِيّ4. سمع من: جَدّه لأمّه سَعِيد بْن جَمْهان. وعُمّر دهرًا. روى عَنْهُ: يحيى بْن أَبِي الخصيب، وأحمد بْن الأزهر النَّيْسابوريّ، وعبد الملك بْن محمد الرَّقَاشيّ، وغيرهم. قَالَ ابن أَبِي حاتم: ثنا عَنْهُ يزيد بْن سِنان الْبَصْرِيّ بمصر. قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْحَافِظِ بْنِ بَدْرَانَ: أَخْبَرَكُمْ ابْنُ قُدَامَةَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَاجِبُ، أَنَا طِرَادٌ، أَنَا ابْنُ حَسْنُونٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ أَبُو طَلْحَةَ إِمْلاءً سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَتَيْنِ: سَمِعْتُ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْمِلُوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ سفينة" 5. هذا حديث حسن عال.

_ 1 المجروحين لابن حبان "3/ 124"، ميزان الاعتدال "4/ 400"، لسان الميزان "6/ 272، 273". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2709". 3 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2710". 4 التاريخ الكبير "8/ 283"، الجرح والتعديل "9/ 160". 5 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أحمد في المسند "5/ 221"، والطبراني في الكبير "7/ 97"، والحاكم في المستدرك "3/ 606"، وأبو نعيم في الحلية "1/ 369".

434- يحيى بْن عيسى التَّميميّ النَّهْشَليّ1 الكوفيّ الفاخوريّ الخزاز. نزيل الرملة. روى عن الأعمش، وعبد الأعلى بْن أَبِي المساور، وجماعة. وعنه: عليّ بْن محمد الطُّنافسيّ، ومحمد بْن عثمان بْن كرامة، ومحمد بْن مُصَفَّى، وخلْق سواهم. كَانَ يتردد إلى العراق. وكان الْإِمَام أحمد حَسَن الثناء عَلَيْهِ. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بالقوي. قَالَ أحمد بْن سِنان القطّان: قَالَ لنا أبو معاوية الضّرير: اكتبوا عَنْهُ، فطال ما رأيته عند الأعمش ومسعر. ومن غرائبه ما رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى، عَنْهُ قَالَ: ثنا الأَعْمَشُ قَالَ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فِي الْقَصَصِ، فَأَتَوْا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَسَأَلُوهُ: أَكَانَ النَّبِيُّ -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُصُّ؟ قَالَ: لا. إِنَّمَا بُعِثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسَّيْفِ وَالْقِتَالِ. ولكن سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "لأَنّ أقعد مَعَ قومٍ يذكرون اللَّه بعد صلاة العصر حتّى تغيب الشمس أحبّ إليّ من الدُّنيا وما فيها" 2. 435- يحيى بْن غَيْلان البغداديّ. قِيلَ: تُوُفّي سنة عشر. قاله محمد بن سعد، وغيره. سيأتي في الطّبقة المقبلة. 436- يحيى بْن فضَيْل القنويّ الكوفيّ3. يروي نسخة عَنِ الحَسَن بن صالح بن حي. وعنه: محمد بن إسماعيل الأُحْمُسيّ، والحَسَن بْن عليّ بْن عفّان، وغيرهما. 437- يحيى بْن فضَيْل العَنَزيّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: أبي عمرو بن العلاء.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 296"، الجرح والتعديل "9/ 178"، المجروحين لابن حبان "3/ 126، 127"، سير أعلام النبلاء "9/ 423، 424"، ميزان الاعتدال "1/ 401، 402"، تهذيب التهذيب "1/ 262، 263". 2 "حديث حسن لغيره": أخرجه أبو داود "3667"، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "5036"، بلفظ آخر. 3 الجرح والتعديل "9/ 181".

حكى عنه: أبو عبيدة معمر بْن المُثَنَّى. أما: يحيى بْن فضَيْل فرجل يأتي بعد الستين ومائتين. 438- يحيى بْن كثير بْن درهم1. أبو غسّان الْبَصْرِيّ. مولى بني العَنْبر. عَنْ: قُرَّةَ بْن خَالِد، وشُعْبة، وعُمَر بْن العلاء المازني، وسليم بْن أخضر، وسلم بْن جعفر، وعليّ بْن المبارك. وعنه: بُنْدار، والفلاس، ومحمد بْن أَبِي عتاب الأعين، ومحمد بْن يحيى الْأَزْدِيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الْعَوَّام، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وطائفة. وكان ثقة صاحب حديث. تُوُفّي سنة خمس أو ستٍّ ومائتين. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بأس. قلت: مرّ قبل المائتين يحيى بْن كثير صاحب الْبَصْرِيّ أبو النَّضْر. 439- يحيى بْن المبارك بْن المغيرة2. أبو محمد العَدَويّ الْبَصْرِيّ المقرئ النَّحْويّ المعروف باليزيديّ لاتّصاله بيزيد بْن منصور. خال المهديّ يؤدّب ولده. قرأ القرآن وجوّده عَلَى أَبِي عَمْرو بْن العلاء، وحدَّثَ عَنْهُ. وعن: ابن جُرَيْج وغيرهما. قرأ عَلَيْهِ: أبو عُمَر الدُّوريّ، وأبو شُعَيْب السُّوسيّ، وجماعة. وحدَّثَ عَنْهُ: أبو عُبَيْد، وإِسْحَاق الْمَوْصِلِيّ، وابنه محمد بْن يحيى، وآخرون. وقد اتّصل بالرشيد وأدّب المأمون. وكان ثقة، فصيحًا، مفوهًا، حُجَّة، عالمًا باللُّغات والشعر والآداب. أخذ العربية عَنْ أَبِي عَمْرو، والخليل بْن أحمد، وصنّف كتاب "النّوادر"، وكتاب "المقصور والممدود"، وكتاب "الشّكل"، وكتاب "نوادر اللُّغة"، ومختصرًا في النَّحْو. وكان يجلس زمن الرشيد مع الكسائي في مسجد واحد يقريان الناس، فكان الكسائي يؤدب الأمين، وكان اليزيد يؤدب المأمون.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 300"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 76"، الجرح والتعديل "9/ 183"، سير أعلام النبلاء "9/ 538"، تهذيب التهذيب "11/ 266". 2 سير أعلام النبلاء "9/ 562، 563"، النجوم الزاهرة "2/ 173"، شذرات الذهب "2/ 4".

وروى عَنْ أَبِي حمدون الطَّيِّب بْن إسماعيل قَالَ: شهدت ابن أَبِي العتاهية وكتب عَنِ اليزيديّ نحو عشرة آلاف ورقة، عَنْ أَبِي عَمْرو بْن العلاء خاصّة. قَالَ أَبُو عَمْرو الداني: رَوَى القراءة عَنِ اليزيديّ من آله: محمد، وعبد اللَّه، وإبراهيم، وإسماعيل، وإِسْحَاق أولاده؛ وابن ابنه أحمد بْن محمد، وأبو عُمَر الدُّوريّ، وأبو حمدون، وعامر بْن عُمَر المَوْصِليّ أوقيّة، وأبو شُعَيْب السُّوسيّ، وسليمان بْن خلّاد، ومحمد بْن سَعْدان، وأحمد بْن جُبَيْر، ومحمد بْن شجاع، وأبو أيّوب الخيّاط، وجعفر بْن غلام سجادة، ومحمد بْن عُمَر الرُّوميّ. وقد خالف أبا عَمْرو في اختباره في أحرُف. ثمّ قَالَ أبو عَمْرو: أَنَا خَلَف بْن إِبْرَاهِيم، نا محمد بْن عَبْد اللَّه، نا محمد بْن يعقوب: أخبرني عُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن اليزيدي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يحيى بْن المبارك. قَالَ: كَانَ أَبِي صديقًا لأبي عَمْرو بْن العلاء فخرج إلى مكّة، فذهب أبو عمرو يشيعه وأنا معه، فأوصى بي إلى أَبِي عَمْرو. قَالَ: فلم يرني أبو عَمْرو حتّى قدِم أَبِي فأتي أبو عَمْرو يستقبله. فقال: يا أبا عَمْرو كيف رضاك عَنْ يحيى؟ قَالَ: ما رأيته منذ فارقتك إلى هذا الوقت. فحلف أَبِي أنّ لا أدخل البيت حتّى أقرأ القرآن عَلَى أَبِي عَمْرو قائمًا عَلَى رجلي. فقرأت عَلَيْهِ القرآن كله قائمًا. أحسبه أَنَّهُ قَالَ: وكانت اليمين بالطلاق. عاش اليزيدي أربعًا وسبعين سنة، وتُوُفّي ببغداد سنة اثنتين ومائتين، وقيل: تُوُفّي بمرو مَعَ المأمون. 440- يحيى بْن محمد بْن عباد الْمَدَنِيّ الشجري1 -ت. يروى عَنْ: محمد بْن إِسْحَاق، وموسى بْن عُقْبة، وهشام بْن سعْد، وغيرهم. وعنه: ابنه إِبْرَاهِيم، ومحمد بْن المنذر بْن سَعِيد. ضعفه أبو حاتم. 441- يحيى بْن مُعَاذ2. متولّي الجزيرة. من كبار قواد المأمون. توفي سنة ست ومائتين. 442- يحيى بْن يمان. أحد الثقات المشاهير. تُوُفّي سنة ثلاث ومائتين. كذا ورّخه بعضهم فغلط. بل

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 403"، الجرح والتعديل "9/ 185"، ميزان الاعتدال "4/ 406، 407"، التهذيب "11/ 273". 2 تاريخ الطبري "8/ 323، 339، 341"، الكامل "6/ 205، 208، 212، 223، 346".

تُوُفّي قبل التسعين ومائة كما مرّ. وإنّما الّذي تُوُفّي سنة ثلاث ومائتين: داود بْن يحيى. واللَّه أعلم. 443- يزيد بْن بيان1. أبو خَالِد العُقَيْليّ الْبَصْرِيّ المعلم المؤذِّن الضّرير. عَنْ: أَبِي الرحال، عَنْ أنس. وعنه: بُنْدار، والفسويّ، والفلّاس، وأثنى عَلَيْهِ. 444- يزيد بْن أبي حكيم الكِنَانيّ العَدَنيّ2 -خ. ت. ن. ق- عَنْ: سُفْيَان الثَّوْريّ، والحكم بْن أبان، وزمعة بْن صالح، ومالك بْن أنس. وعنه: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وعبد بْن حُمَيْد، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، والكُدَيْميّ، وآخرون. قَالَ أبو داود: لا بأس بِهِ. قلت: ينبغي أنّ يؤخّر، فإنّ أبا حاتم عزم عَلَى الرحلة إِلَيْهِ. 445- يزيد بن هارون بن زاذني3 -ع- الإمام أبو خالد السلمي، مولاهم الواسطيّ. وُلِد سنة ثمان عشرة ومائة. سمع من: عاصم الأحول، ويحيى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ، وسليمان التَّيْميّ، وسعيد الْجُرِيريّ، وابن عَوْن، وحُمَيْد الطويل، وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَبَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، ومحمد بْن عَمْرو بْن علقمة، وحريز بْن عثمان، وشُعْبة وشريك، وخلق كثير. وعنه: أحمد، وابن المَدِينيّ، وأبو خَيْثَمَة، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، وعبد بْن حُمَيْد، وأحمد بْن الفُرات، وأحمد بْن سِنان القطّان، وأحمد بْن سليمان الرهاوي، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ، وابن نُمَيْر، ويعقوب الدَّوْرقيّ، والحَسَن بْن مُكْرَم، والحارث بن

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 323"، الجرح والتعديل "9/ 254"، المجروحين لابن حبان "2/ 199"، ميزان الاعتدال "4/ 420"، التهذيب "11/ 316". 2 التاريخ الكبير "8/ 326"، الجرح والتعديل "9/ 258"، الثقات لابن حبان "9/ 274"، تهذيب التهذيب "11/ 319، 320". 3 الطبقات الكبرى "7/ 314"، التاريخ الكبير "8/ 368"، الجرح والتعديل "9/ 295"، تهذيب التهذيب "11/ 366-369".

أبي أسامة، ومحمد بن مسلمة الواسطيّ، وعبد اللَّه بْن رَوْح المدائني، ومحمد بْن عَبْد الرحيم البزّاز، وخلْق وآخرهم وفاةً إدريس بْن جعفر العطّار. قِيلَ: إنّه بُخَارِيُّ الأصل. قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: ما رأيت أحفظ من يزيد بْن هارون. وقال يحيى بْن يحيى: يزيد بْن هارون أحفظ من وكيع. وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ يزيد حافظًا متقنًا. وقال زياد بْن أيّوب: ما رأيت ليزيد كتابًا قطّ، ولا حدّثنا إلّا حِفْظًا. وقال السّرّاج: سَمِعْتُ عليّ بْن شُعَيْب يَقُولُ: سَمِعْتُ يزيد بْن هارون يَقُولُ: أحفظ أربعة وعشرين ألف حديث بالإسناد ولا فَخْر، وأحفظ للشّاميّين عشرين ألف حديث، لا أُسأل عَنْهَا. وقال الفضل بْن زياد: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه وقيل لَهُ: يزيد بْن هارون لَهُ فِقْه؟ قَالَ: نعم، وما كَانَ أذكاه وأفهمه وأفطنه. وقال أحمد بْن سِنان: ما رأينا عالمًا قطّ أحسن صلاةً من يزيد بْن هارون. لم يكن يفتر من صلاة اللّيل والنهار. وقال أبو حاتم: يزيد ثقة إمام لا يُسأل عَنْ مثله. وروى عَمْرو بْن عَوْن، عَنْ هُشَيْم قَالَ: ما بالمصرين مثل يزيد بْن هارون. وقال مؤمل بْن إهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: ما دلست حديثًا قطّ، إلّا حديثًا واحدًا عن عوف، فما بورك فيه. وعن عاصم بْن عليّ قَالَ: كنت أَنَا ويزيد بْن هارون عند قيس بْن الربيع، فأمّا يزيد فكان إذا صلّى العتمة لا يزال قائمًا حتّى يصلّي الغداة بذلك الوضوء نيفًا وأربعين سنة. وقال محمد بْن إسماعيل الصائغ بمكّة: قَالَ رَجُل ليزيد بْن هارون: كم جزؤك؟ قَالَ: وأنام من الليل شيئًا؟ إذًا لا أنام اللَّه عيني. وقال يحيى بْن أَبِي طَالِب: سَمِعْتُ من يزيد بْن هارون ببغداد، وكان يقال: إنّ في مجلسه سبعين ألفًا. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ: يزيد بْن هارون ثقة، ثبت، متعبد، حَسَن الصلاة جدًّا. يصلّي الضحى ستٍّ عشرة ركعة بها من الجودة غير قليل. وكان قد عمي. وقال أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة: ما رأيت أتقن حفظًا من يزيد بْن هارون. وقال أحمد بْن سِنان: هُوَ وهشيم معروفان بطول صلاة الليل والنهار. وقال يعقوب بْن شَيْبة: كَانَ يزيد يعد من الآمرين بالمعروف والنّاهين عَنِ المُنْكَر. أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ إِجَازَةً: أَنَّ الْكِنْدِيَّ أَخْبَرَهُمْ، أَنَا الْقَزَّازُ، أَنَا الْخَطِيبُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا الْأَصَمُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ شَاذَانَ الْوَاسِطِيُّ الْحَافِظُ: حَدَّثَنِي

ابْنُ عَرْعَرَةَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ. قَالَ: قَالَ لَنَا الْمَأْمُونُ: لَوْلَا مَكَانَ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ لَأَظْهَرْتُ الْقُرْآنَ مَخْلُوق. فَقِيلَ: وَمَنْ يَزِيدُ حَتَّى يُتَّقَى؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنِّي لَأَرْتَضِيهِ لا أَنَّ لَهُ سلطنة. وَلَكِنْ أَخَافُ إِنْ أَظْهَرْتُهُ فَيَرُدُّ عَلَيَّ، فَتَخْتَلِفُ النَّاسُ وَتَكُونُ فِتْنَةً. وَقَالَ أَبُو نَافِعٍ سِبْطُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ: كُنْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَعِنْدَهُ رَجُلَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: رَأَيْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ فِي الْمَنَامِ. فَقُلْتُ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَر لي وَشَفَّعَنِي وَعَاتَبَنِي وَقَالَ: أَتُحَدِّثُ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ؟ قُلْتُ: يَا رَبِّ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يَبْغَضُ عَلِيًّا. وَقَالَ الْآخَرُ: رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ، فَقُلْتُ لَهُ: وَهَلْ أَتَاكَ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ؟ قَالَ: أَيْ وَاللَّهِ، وَسَأَلَانِي مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَقُلْتُ: أَلِمِثْلِي يُقَالُ هَذَا؟ وَأَنَا كُنْتُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذَا فِي دَارِ الدُّنْيَا؟ فَقَالَا لي: صَدَقْتَ. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: تُوُفِّي بِوَاسِطٍ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَتَيْنِ. قلت: وقع جملة أحاديث بعلو في "الغيلانات" مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ مِنْهَا: "الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" 1. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وقد روى عَبَّاس بْن عَبْد العظيم، وأحمد بْن سِنان، عَنْ شاذ بْن يحيى، أَنَّهُ سمع يزيد بْن هارون يَقُولُ: من قَالَ: القرآن مخلوق فهو زَنْديق كافر باللَّه تعالى. 446- يعقوب بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ2 -ع- أبو يوسف القرشي الزهري العوفي المدني نزيل بغداد. حدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، ومحمد بْن أخي الزُّهْرِيّ، وعاصم بْن محمد العُمَريّ، واللَّيث بْن سعْد، وشُعْبة بْن الحَجّاج. وعنه: أحمد، وإِسْحَاق، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعبد بْن حُمَيْد، وعليّ بْن المَدِينيّ، ويحيى بْن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بْن إِسْحَاق الصغاني، ويعقوب بن شيبة، وخلق سواهم.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1"، ومسلم "1907"، وأبو داود "2201"، والنسائي "75"، وابن ماجه "4227"، وأحمد في المسند "1/ 43"، والبيهقي في السنن الكبرى "1/ 298، 2/ 14، 4/ 112". 2 الطبقات الكبرى "7/ 343"، التاريخ الكبير "8/ 396، الجرح والتعديل "9/ 202"، تهذيب التهذيب "11/ 380، 381".

قَالَ ابن سعْد: ثقة جليل القدْر مُقَدَّم عَلَى أخيه سعْد في الفضل والورع والإتقان. وقال ابن مَعِين: ثقة. وقال ابن سعْد: تُوُفّي بفم الصِّلْح في صحبة الحَسَن بْن سهل في شوّال سنة ثمان ومائتين. 447- يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق1 -م. د. ن. ق- الإمام أبو محمد الحضرمي مولاهم الْبَصْرِيّ. قارئ أهل البصْرة بعد أبي عَمْرو بْن العلاء، وأحد الأئمّة القرّاء العشرة. أخذ القرآن عَنْ: أَبِي المنذر سلّام الطّويل، وأبي الأشهب العُطَارديّ، ومَهْديّ بْن ميمون، وشهاب. وسمع حروفًا من حمزة. وتصدّر للإقراء فقرأ عَلَيْهِ خلق، منهم: رَوْح بْن عَبْد المؤمن، ومحمد بْن المتوكّل رُوَيْس، والوليد بْن حسان التَّوَّزيّ، وأحمد بْن عَبْد الخالق المكفوف، وكعب بْن إِبْرَاهِيم، وحُمَيْد بْن وزير، والمنهال بْن شاذان العُمَريّ، وأبو حاتم السِّجِسْتانيّ، وأبو عُمَر الدُّوريّ، وخلْق سواهم. وسمع الكثير من: شُعْبَة، وهارون بْن موسى النَّحْويّ، وسليم بْن حيان، والأسود بْن شَيْبان، وهمّام، وزائدة، وأبي عَقِيل الدَّوْرقيّ. روى عَنْهُ: أبو حفص الفلّاس، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ، وإِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن شاذان، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وخلق سواهم. وكان أصغر من أخيه أحمد بْن إِسْحَاق. قَالَ أبو حاتم السِّجِسْتانيّ: هُوَ أعلم من رأينا بالحروف والاختلاف في القرآن وبِعلَلِه ومَذاهبه ومذاهب النحو. وقال أحمد بن حنبل: صدوق. وقال محمد بْن أحمد العِجْليّ يمدح يعقوب الحَضْرميّ: أبوه من القرء كَانَ وجده ... ويعقوب في القراء كالكوكب الدُّرِّيِّ تَفَرُّدُهُ محْضُ الصّواب وَوَجْهُهُ ... فَمَن مثلُهُ في وقته وإلى الحشْرِ؟ وقال عليّ بْن جعفر السعيدي: كَانَ يعقوب أقرأ أهل زمانه. وكان لا يلحن في

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 304"، التاريخ الكبير "8/ 399"، الثقات لابن حبان "9/ 283"، الجرح والتعديل "9/ 203"، التهذيب "11/ 382".

الكلام. وكان أبو حاتم السِّجِسْتانيّ من بعض غلمانه. وعن أَبِي عثمان المُزَنيّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقرأت عَلَيْهِ سَورَة طه، فقرأت "مكانًا سِوى". فقال: اقرأ "سُوًى"، اقرأ قراءة يعقوب. وقال أبو القاسم الهُذليّ: ومنهم يعقوب بْن إِسْحَاق الحَضْرميّ لم يُرَ في زمنه مثله. وكان عالمًا بالعربيّة ووجوهها، والقرآن واختلافه، فاضلًا تقيًّا نقيًّا ورعًا زاهدًا. بلغ من زهده أنّ سرق رداؤه عَنْ كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر، ورُدّ إِلَيْهِ فلم يشعر لشغله بعبادة ربه. وبلغ من جاهه بالبصرة أَنَّهُ كَانَ يحبس ويطلق. وقال أبو طاهر بْن سَوَّار: تُوُفّي في ذي الحجّة سنة خمس ومائتين. قَالَ: وكان حاذقًا بالقراءة قيّمًا بها، متحريًا، نحويًا فاضلًا. وقال رَوْح بْن عَبْد المؤمن، وغيره: قرأ يعقوب عَلَى سلّام الطويل، وقرأ سلّام عَلَى أَبِي عَمْرو بْن العلاء. وقال محمد بْن المتوكل: قرأت عَلَى يعقوب، وقرأ عَلَى سلّام، وقرأ سلّام عَلَى عاصم بْن أبي النجود، عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن، عَنْ عليّ -رضى الله عنه-. وَرُوِيَ عَنْ يعقوب أَنَّهُ قرأ عَلَى سلّام، وأنّه قرأ عَلَى عاصم الْجُحْدُرِيّ. فهذه ثلاثة أقوال مختلفة. والله أعلم. 448- يَعْلَى بْن عُبَيْد الطنافسي الكوفيّ1. أبو يوسف الحافظ. أحد الأخوة. رَوَى عَنِ: الأَعْمَشِ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وزكريا بن أبي زائدة، وَعَبْدُ الملك بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إسحاق، وأبي حيان التميمي، وطائفة. وعنه: إسحاق بن راهَوَيْه، ومحمود بن غَيْلان، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وهارون الحمال، وعلي بن حرب، وعبد بن حميد، وأحمد بن الفرات، ومحمد بن يحيى الذهلي، وخلق. قال أحمد بن حنبل: كان صحيح الحديث صالحا في نفسه. وقال إسحاق الكوسج، عَنِ ابن مَعِين: ثقة. وقال سَعِيد بْن أيّوب الْبُخَارِيّ: كَانَ يَعْلَى بْن عُبَيْد يحفظ عامّة حديثه، أو جميع ما عنده. وما رأيت أحفظ من وكيع. وقال أبو حاتم:

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 397"، التاريخ الكبير "8/ 419"، الجرح والتعديل "9/ 340، 305"، الثقات "7/ 653"، التهذيب "11/ 302، 403".

هُوَ أثبت أولاد أَبِيهِ في الحديث. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن يونس: ما رأيت أفضل من يَعْلَى بْن عُبَيْد، وما رأيت أحدًا يريد بعلمه اللَّه عزَّ وَجَلَّ إلَّا يَعْلَى بْنَ عُبَيْدٍ. وقال أحمد بْن الفُرات: ما رأيت يَعْلَى ضاحكًا قطّ. قَالَ محمد بْن سعْد: تُوُفّي بالكوفة يوم الأحد لخمسٍ خَلَوْن من شوّال سنة تسعٍ ومائتين. 449- يَعْمَر بْن بِشْر1. أبو عَمْرو المَرْوَزِيّ الفقيه. من كبار أصحاب ابن المبارك. سمع: أبا حمزة السُّكّريّ، والحسين بْن واقد. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن أَبِي شَيْبَة، وعليّ بْن المَدِينيّ، والفضل بْن سهل، ومحمد بْن أحمد بْن الْجُنَيْد، وآخرون. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 450- يوسف بْن عَمْرو2. أبو يزيد الفارسيّ ثمّ الْمَصْرِيّ. إمام مفتٍ. روى عَنْ: ابن لهيعة، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزِّناد، وابن وهْب، واللَّيث. وعنه: الحارث بْن مسكين، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وجماعة. تُوُفّي سنة أربعٍ ومائتين. وقيل: سنة خمسٍ. 451- يوسف بْن يعقوب السَّدُوسيّ3 -خ. ت. ن. ق- مولاهم المعروف بالضُبَعي نزل فيهم بالبصرة. ويقال لَهُ: السَّلعي لسَلْعة في قفاه. وقيل فِيهِ: السّلَعيّ؛ لأنّه كَانَ يبيع السّلَع. روى عَنْ: سليمان التَّيْميّ، وبهز بْن حكيم، وحسين المعلم، وجماعة. وعنه: محمد بْن بشّار بُنْدار، وأحمد بْن عصام الأصبهاني، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، ويعقوب بْن شَيْبة، وآخرون. وثّقه أحمد بْن حنبل. وتُوُفّي سنة اثنتين. 452- يونس بْن عُبَيْد اللَّه العميري اللَّيْثيّ الْبَصْرِيّ4. أبو عَبْد الرَّحْمَن.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 379"، الجرح والتعديل "9/ 313"، الثقات لابن حبان "9/ 291". 2 الولاة والقضاة للكندي "470"، تهذيب التهذيب "11/ 420". 3 التاريخ الكبير "8/ 383"، الجرح والتعديل "9/ 233"، الثقات لابن حبان "7/ 634"، تهذيب التهذيب "11/ 431". 4 الجرح والتعديل "9/ 241"، الثقات لابن حبان "9/ 289"، تهذيب التهذيب "11/ 442".

عَنْ: مبارك بْن فَضَالَةَ، ومالك بْن أنس، وعديّ بْن الفضيل. وعنه: عُمَر بْن شَبَّة، والفلّاس، والكُدَيْميّ. وكان صدوقًا. 453- يونس بْن محمد بن مسلم1 -ع- أبو محمد البغدادي المؤدّب الحافظ. سمع: شَيْبان النَّحْويّ، والحمادين، وفليح بْن سليمان، واللَّيث بْن سعْد، وعبد اللَّه بْن عُمَر العُمَريّ، والقاسم بْن الفضل الحُدانيّ، وحرب بْن ميمون، وطبقتهم. وكان من الحفّاظ المجوِّدين. روى عنه: أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن المَدِينيّ، وأبو خَيْثَمَة، والرَّماديّ، وعبّاس الدُّوريّ، وحُبيش بْن مُبَشّر، وأحمد بْن الخليل البُرجلانيّ، ومحمد بن عبيد الله المنادي، والحارث بْن أَبِي أسامة، وخلق كثير. وثّقه ابن مَعِين. ومات في صَفَر سنة ثمان ومائتين. 454- يونس بن يحيى بن نباتة2. أبو نابتة الْمَدَنِيّ النَّحْويّ. عَنْ: ابن أَبِي ذئب، وَسَلَمَةَ بْن وردان، وداود بْن قيس. وعنه: عَبْد اللَّه بْن الحَكَم القطواني، والزُّبَير بْن بكّار، وأبو بَكْر بْن شَيْبة الحرّانيّ، وجماعة. قَالَ أبو زُرْعة: صدوق. الكنى: 455- أبو صَفْوان الأُمَويّ3. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْن مروان. مكّيّ، ثقة. قُتل أَبُوهُ عند زوال دولتهم، ففرّت بعبد اللَّه أُمُّه إلى مكة، ونشأ بها.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 337"، التاريخ الكبير "8/ 410"، الجرح والتعديل "9/ 246"، الثقات لابن حبان "9/ 289"، التهذيب "11/ 447". 2 التاريخ الكبير "8/ 411"، الجرح والتعديل "9/ 249"، الثقات لابن حبان "7/ 652"، تهذيب التهذيب "11/ 449". 3 التاريخ الكبير "5/ 104"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 12"، الجرح والتعديل "5/ 72"، الثقات لابن حبان "8/ 337"، ميزان الاعتدال "2/ 429"، تهذيب التهذيب "5/ 238".

وسمع من: ابن جُرَيْج، وثور بْن يزيد، ويونس الأَيْليّ، وجماعة. وكان ثقة. روى عَنْهُ: الشّافعيّ، وأحمد، وابن مَعِين، وعليّ بْن المَدِينيّ، وأبو خَيْثَمَة. وحديثه في الكُتُب الستة سوى ابن ماجة. وقد كنتُ ذكرته في طبقة ابن المبارك، ثمّ إنّني ظفرت بما رواه الْبُخَارِيّ في تاريخه بالإجازة عَنْ أحمد بْن أَبِي بَكْر الأزجيّ، أَنَا سعْد اللَّه بْن نَصْر، أَنَا أبو منصور الخيّاط، أَنَا أحمد بْن سرور المقرئ، ثنا الْمُعَافَى بْن زكريّا، ثنا محمد بْن مَخْلَد: حدَّثني أحمد بْن محمد بْن عَبْد الرحيم صاحبنا: سمعنا أبا سعْد بْن زكريّا بْن يحيى الطّائيّ قَالَ: كَانَ بمكّة شيخ من وُلِد سَعِيد بْن عَبْد الملك بْن مروان، وكان يكنى أبا صَفْوان. وكان شيخًا جميلًا حَسَن الخِضاب، فحدّثني سنة أربعٍ، أو في سنة خمس ومائتين. قَالَ: لقد رأيتُني ولي أربع بنات، وما أملك قليلًا ولا كثيرًا، فحضر الموسم وما عليّ إلّا أخلاق لي. فطرقتني جماعة من القُرَشيّين فقالوا: يا أبا صَفْوان، إنّ أمير المؤمنين الرشيد كَانَ اليوم ببطن مُرٍّ، وهو يصبحنا فهل لك أنّ تمضي فتلقاه بفَخّ أو عَلَى العقبة فتسأله. فمضيت معهم. فتلقّيناه حين صلَّى الفجر، فكلمناه وقلنا لَهُ: يا أمير المؤمنين ناسٌ من قومك جُعنا وعَرينا، فإن رأيت، أنّ تنظر لنا. فترك القوم ورماني ببَصَره. وقال: أنت ممّن؟ قلت: من بني عَبْد مَنَاف. قَالَ: من أيهم؟ قلت: نشدتك اللَّه والرَّحِم ألا تكشفْني عَنْ أكثر من هذا. قَالَ: ويْلك، من أيّ بني عبد مَنَاف؟ فلمّا رأيت غَضَبَه قلت: يا أمير المؤمنين رجلًا من بني أُميّة. قَالَ: من أيّ بُنيّ أُميّة؟ قلت: من ولد مروان. قَالَ: من أيّ ولد مروان؟ قلت: من ولد عَبْد الملك. فرأيت واللَّه الغضب يتردّد في وجهه، قَالَ: ومن أيّ ولد عَبْد الملك؟ قلت: من ولد سَعِيد. قَالَ: سَعِيد الشر؟ قلت: نعم. قال: أنخ. فأنيخت الجمازة، ثم قَالَ: عليّ بحمّاد، وهو عامله عَلَى مكّة. فأُقْبِل بحمّاد فقال: وَيْهًا يا حمّاد. أُوَلّيك أمرَ قوم ويكون في ناحيتك مثل هذا ولا تطلعني عليه. فرأيت حمّادًا ينظر إلى نظر الجمل الصَّؤُول يكاد يأكلني. ثمّ قَالَ: أثِرْ يا غلام. فأثار الجمازة ومرُّوا يطردونه، ورجعت وأنا أخْزَى خلق اللَّه، وأخْوَفُه من حمّاد، وانقمعتُ في داري. فلمّا كَانَ جوف اللّيل أتاني أتٍ وقال: أجِبْ أميرَ المؤمنين. فودعت واللَّه وداعَ الميّت، وخرجت وبناتي ينتفْن شُعورهن ويَلْطِمْن. فأُدْخِلتُ عَلَيْهِ، فسلمت، فردّ عليّ وقال: حيّاك اللَّه يا أبا صَفْوان. يا غلام، احمل مَعَ أَبِي صَفْوان خمسة آلاف دينار. فأخذتها وجئت إلى بناتي فصَبَبْتُها بين أيديهنّ. فوالله ما تمّ سرورنا حتّى طُرِق الباب أن أجِبْ أميرَ

المؤمنين. قلت: واللَّه بدا لَهُ فيَّ. فدخلت عَلَيْهِ، فمدّ يده إلى كتاب كأنه إصبع وقال: إلق حمّادًا بهذا الكتاب. فأخذته وصرتُ إلى بناتي فسكنت منهنّ، ثمّ أتيت حمّادًا وهو جالس عند المقام ينظر إلى الفجر، ويتوقعّ خروج أمير المؤمنين، وكان يُغَلِّس بالفجر، فلمّا نظر إليّ كَانَ يأكلني ببصره. فقلت: أصْلَح اللَّه الأمير لِيَفْرَغْ رَوْعُك، فقد جاءك اللَّه بالأمر عَلَى ما تحبّ. فأخذ الكتاب منّي، ومال إلى بعض المصابيح. فقرأه، ثم قَالَ: يا أبا صَفْوان تدري ما فيه؟ قلت: لا واللَّه. قَالَ: اقْرأْه. فإذا فِيهِ مكتوب: بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم، يا حمّاد لا تنظر إلى أَبِي صَفْوان إلّا بالعين الّتي تنظر بها إلى الأولياء، وَأَجْرِ عَلَيْهِ في كلّ شهر ثلاثة آلاف دِرهم. قَالَ: فما زلت واللَّه آخذُها حياة الرشيد. قلت: أحمد بْن محمد شيخ ابن مَخْلَد لَيْسَ بمشهور. 456- أبو عبيدة العُصْفُريّ1. شيخ بَصْريّ، اسمه إسماعيل بْن سِنان. روى عَنْ عكرمة بْن عمّار، وغيره. وعنه: أبو حفص الفلّاس، وأبو قلابة الرَّقَاشيّ. قَالَ أبو حاتم الرّازيّ: ما بحديثه بأس. 457- وأبو عبيدة اللُّغَويّ. مَعْمَر. مرّ. 458- أبو عَمْرو الشَّيْبانيّ النَّحْويّ. إِسْحَاق بْن مرّار. تقدّم. 459- أبو عيسى بْن هارون الرشيد بْن محمد المهديّ بْن المنصور العبّاسيّ الأمير2. واسمه محمد، وأمه أمّ ولد. ولي إمرة الكوفة سنة أربعٍ ومائتين، وحجّ بالنّاس سنة سبعٍ، وكان موصوفًا بحُسْن الصّورة، وكمال الظرف، وله أدب وشعر جيد. قَالَ الصُّوليّ: حدَّثني عَبْد اللَّه بْن المعتز قَالَ: كَانَ أبو عيسى ابن الرشيد أديبًا ظريفًا، إذا عمل بيتين أو ثلاثة جوَّدَها. فمن شعره: لساني كتوم لأسراركم ... ودمعي نَمُوم بسِرّي مُذيعُ فلولا دموعي كَتَمْتُ الْهَوَى ... ولولا الهوى لم تكن لي دموع

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 358، 359"، الجرح والتعديل "2/ 176"، الثقات لابن حبان "6/ 39". 2 تاريخ خليفة "472، 473"، الأغاني "5/ 383"، الكامل في التاريخ "6/ 358، 385".

وقال شيخ بْن حاتم العُكْليّ: ثنا إِبْرَاهِيم بْن محمد قَالَ: انتهى جمال ولد الخلافة إلى أولاد الرشيد. كان فيهم الأمين، وأبو عيسى. لم ير الناس أجمل منه قط. كان إذا أراد الركوب جلس له الناس حتى يروه أكثر مما يجلسون للخلفاء. وقال الغلابي: ثنا يعقوب بْن جعفر قَالَ: قَالَ الرشيد لابنه أَبِي عيسى وهو صبيّ: ليت جمالك لعبد الله، يعني المأمون. فعجب من جوابه عَلَى صغره، وضمّه إِلَيْهِ وقبّله. وقيل: إنّ المأمون كلّم أخاه أبا عيسى بشيء فأخجله فقال: يكلّمني ويَعْبَثُ بالْبَنَان ... من التشويش مُنْكَسِر اللّسان وقد لعِب الحياءُ بِوَجْنَتَيْه ... فصار بياضُها كالأُرْجُوان وقال الصُّوليّ: ثنا الحُسين بْن فهم قَالَ: لما قَالَ أبو عيسى بْن الرشيد: دهاني شهر الصَّوْمِ لا كَانَ من شَهْرِ ... ولا صُمْتُ شَهْرًا بعده آخر الدخر ولو كَانَ يُعْديني الإمامُ بقدرةٍ ... عَلَى الشّهر لاستعْدَيْتُ جهدي عَلَى الشهرِ فناله بعقب هذا صَرْعٌ. فكان يُصْرَع في اليوم مراتٍ حتّى مات، ولم يبلغ رمضانًا آخر. وقال محمد بْن عبّاد المُهَلّبيّ: كَانَ المأمون قد أهّل أخاه أبا عيسى للخلافة بعده. وكان يَقُولُ: ما أجزع من قرب المنيّة حقّ الجزع بلوغ أَبِي عيسى ما لعلّه يشتهيه. وكان أبو عيسى ممّن لم يُرَ قط أجمل منه، فمات. فدخلت للتعزية، فنبذت عمامتي وجعلتها ورائي؛ لأنّ الخلفاء لا تُعزّى في العمائم، فقال المأمون: يا محمد حال الْقَدَرُ دون الوَطَرُ، وأَلْوَتِ المَنِيَّة بالأُمْنية. وكان المأمون يعرّفني ما لَهُ عنده وعزّمه فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين كل مصيبة أخطأتْك تَهُون، فجعل اللَّه الحزن لك لا عليك. قَالَ صاحب "الأغاني" أبو الفَرَج: حدَّثني ابن أَبِي سعْد الورّاق: حدَّثني محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر: حدَّثني أَبِي قَالَ: قَالَ أحمد بْن أَبِي داود: دخلت عَلَى المأمون في أول صحبتي إيّاه، وقد تُوُفّي أخوه أبو عيسى، وكان لَهُ مُحِبًّا، وهو يبكي ويتمثل: سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض ... فحسبك مني ما تحن الجوانح كأنْ لم يَمُتْ حيٌّ سواك ولم تُقَم ... عَلَى أحدٍ إلّا عليك النوائح

وقال عَرِيبُ: كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... وليس لعين لم يفض ماؤها عذر كأن بني العبّاس يوم وفاته ... نجوم سماءٍ خر من بينها البدر فبكى المأمون وبكينا، ثم قَالَ لها: نُوحي. فناحت، وردّ عليها الجواري، فبكينا أحرقَ بكاء، وبكى المأمون حتّى قلت: قد جادت نفسه. وقال هبة اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن المهديّ: مات أبو عيسى سنة تسعٍ ومائتين، ونزل في قبره المأمون، وامتنع من الطعام أيّامًا. وقال الصُّوليّ: كَانَ أبو عيسى يُسمّى أحمد أيضًا، وكانت أمّه بربريّة؛ وله جماعة إخوة اسمهم محمد سوى الأمين وسوى صاحب الترجمة، وهم: أبو عليّ محمد: تُوُفّي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وأبو العبّاس محمد: مات سنة خمسٍ وأربعين ومائتين، وكان أعمى القلب مغفَّلًا. وأبو أحمد محمد: وكان طريفًا نديمًا فاضلًا، تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين، وهو آخر من مات من إخوته. وأبو سليمان محمد: سمّاه ابن جرير الطَّبَريّ. وأبو أيّوب محمد: وكان أديبًا شاعرًا. وأبو يعقوب محمد. وكلّهم أولاد إماء. وهذا الأخير مات سنة ثلاثٍ وعشرين، وسأترجم لأبي العباس، ولأبي أحمد إنّ شاء اللَّه تعالى. 460- أبو يوسف الأعشى الكوفيّ1. واسمه يعقوب بْن محمد بْن خليفة المقرئ. أحد الكبار. قرأ عَلَى: أَبِي بَكْر بْن عيّاش. وتصدّر للإقراء مدّة، فقرأ عَلَيْهِ: أبو جعفر محمد بْن غالب الصَّيْرفيّ، ومحمد بْن حبيب الشمّونيّ. وأخذ عَنْهُ الحروف: محمد بْن إِبْرَاهِيم الخواص، ومحمد بْن خَلَف التَّيْميّ، وأحمد بْن جُبَيْر، وعُبَيْد بْن نُعَيْم، وعَمْرو بْن الصّبّاح، وخلف بْن هشام البزاز، وطائفة سواهم.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 159"، غاية النهاية "2/ 390".

قال أبو بَكْر النّقّاش: كَانَ أبو يوسف الأعشى صاحب قرآن وفرائض، ولست أقدم عَلَيْهِ أحدًا في القراءة عَلَى أَبِي بَكْر، ولا أقدّم في رواية الحروف أحدًا عَلَى يحيى بْن آدم، عَنْ أَبِي بَكْر. قَالَ أبو العبّاس بْن عُقْدة: ثنا القاسم بْن أحمد، أَنَا الشمونيّ، عَنْ أَبِي يوسف الأعشى قَالَ: قَالَ لي أبو بَكْر: يا أبا يوسف أَنَا أصلي خلف إمام بني السيد وهو يقرأ قراءة حمزة، فقد شككني في بعض الحروف التي أقرأها. فاعرض علي عرضة تكون لك أحفظها عنك. قال: فقعد له في أصحاب الشعر، فقرأ، واجتمع الناس حوله يكتبون الحروف، والله أعلم.

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الموضوع الصفحة الطبقة الحادية والعشرون: "أحداث سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ" 3 بَيْعَةُ الْمَأْمُونِ لِعَلِيِّ بْنِ موسى الرضا بولاية العهد 3 خلع المأمون والدعوة لإبراهيم بن المهدي 3 ولاية زياد الله بن الأغلب على المغرب 4 تحرك بابك الخرمي "أحداث سنة اثنتين ومائتين" 4 البيعة لإبراهيم بْن المهديّ 4 خروج المهدي الحروري على إبراهيم بن المهدي 4 خروج أبي السرايا بالكوفة 5 ظفر إبراهيم بْن المهديّ بسهل بْن سلامة 6 هياج العامة على بشر المريسي 7 الحوار بين المأمون والرضا 7 خروج المأمون إلى العراق 8 دعوة المطلب بن عبد الله المأمون سرا "أحداث سنة ثلاث ومائتين" 9 المتوفون في هذه السنة 9 وفاة الرضا 9 مرض الحسن بن سهل 9 الخلاف بين ابن المهديّ وعيسى بْن محمد 10 طرد عمال ابن المهدي 10 الدعاء للمأمون

11 اختفاء إبراهيم بن المهدي 12 وصول المأمون إلى همدان "أحداث سنة أربعٍ ومائتين" 12 وصول المأمون إلى النهروان 12 العودة إلى لبس السَّواد 12 ولاية يحيى بْن مُعَاذ الجزيرة 13 الولاية على الكوفة والبصرة "أحداث سنة خمس ومائتين" 13 استعمال طاهر بْن الحُسين على خراسان 13 ولاية ابن طاهر الجزيرة 13 ولاية عيسى بْن محمد آذربيجان وأرمينية 13 استعمال بشر بن داود على السند 13 استعمال الجلودي لمحاربة الزط 14 الحج هذا الموسم "أحداث سنة ستٍّ ومائتين" 14 المدّ يغرق سواد العراق 14 تغلب بابك على عيسى بن محمد 14 تعيين ابن طاهر لمحاربة نَصْر بْن شبث 14 استعمال إبراهيم بن محمود على بغداد "أحداث سبع ومائتين" 15 الدعوة للرضى في اليمن 15 موت طاهر بن الحسين 16 ولاية موسى بن حفص 16 الحج هذا الموسم 16 ظهور الصناديقي باليمن وهلاكة

"أحداث سنة ثمان ومائتين" 16 امتناع الحَسَن بْن الحُسين على المأمون 16 ولاية قضاء عسكر المهدي 17 ولاية القضاء 17 الحج هذا الموسم "أحداث سنة تسعٍ ومائتين" 17 تقريب المأمون أهل الكلام 17 طلب نصر بن شبت الأمان 18 ولاية أرمينية وأذربيجان وحرب بابك 18 الحج هذا الموسم 18 موت ملك الروم "أحداث سنة عشر ومائتين" 19 دخول نصر بغداد 19 ظهور المأمون بابن عائشة ورفاقه 19 الظفر بإبراهيم بن المهدي 20 زواج المأمون ببوران 20 شخوص عَبْد اللَّه بْن طاهر إلى مصر 20 فتح ابن طاهر للإسكندرية 21 ظفر علي بن هشام بأهل قم

تراجم رجال هذه الطبقة: 21 1- أحمد بن عطاء الهجيمي البصري العابد. 22 2- أحمد بْن أَبِي طيبة عيسى بْن سليمان الدارمي. 22 3- إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم القاري. 22 4- إبراهيم بن أيوب العنبري الفرساني. 23 5- إبراهيم بن بكر البجلي الدمشقي. 23 6- إبراهيم بن بكر الشيباني. 23 7- إبراهيم بن حبيب بن الشهيد. 23 8- إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني. 24 9- إبراهيم بن خالد بن عبيد الصنعاني. 24 10- إبراهيم بن رستم العقبي. 24 11- إبراهيم بن سليمان البلخي الزيات. 25 12- إبراهيم بن عبد الحميد الجرشي. 25 13- إبراهيم بْن عليّ بْن حَسَن بْن عليّ الرافعي. 25 14- إبراهيم بن قرة الأسدي الأصم. 25 15- إبراهيم بن موسى الموصلي الزيات. 26 16- الأحنف بن حكيم. 26 17- إدريس بن محمد الرازي. 26 18- أزهر بن سعد السمان. 27 19- أزهر بن القاسم. 27 20- إسحاق بن إبراهيم السمرقندي. 27 21- إسحاق بن إدريس الأسواري. 28 22- إِسْحَاق بْن بِشْر بْن محمد بْن عَبْد الله البخاري. 29 23- إِسْحَاق بْن بِشْر بْن محمد بْن عَبْد الله الهاشمي. 29 24- إسحاق بن عيسى القشيري.

29 25- إسحاق بن الفرات المصري الفقيه. 30 26- إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن المسيبي. 30 27- إسحاق بن مرار الشيباني. 31 28- إسحاق بن منصور السلولي. 32 29- إسحاق بن منصور بن حيان الأسدي. 32 30- إسماعيل بن أبان الغنوي. 32 31- إسماعيل بن أبان الوراق. 33 32- إسماعيل بن الحكم. 33 33- إسماعيل بن سعيد بن عبيد الله الثقفي. 33 34- إسماعيل بن مرزوق المرادي. 33 35- إسماعيل بن الوزير أبي عبيد الله. 33 36- إسماعيل بن نصر الهذلي. 34 37- إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل. 34 38- إسماعيل بن عمر الواسطي. 34 39- الأسوط بن عامر شاذان. 35 40- أشعث بن عطاف الأسدي. 35 41- أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي. 36 42- أشهل بن حاتم الجمحي. 37 43- أصرم بن حوشب. 37 44- أصرم بن غياث. 37 45- أمية بن خالد القيسي. 38 46- أوس بن عبد الله بن بُريدة. 38 47- أيوب بن خالد الجُهني الحراني. 38 48- أيوب بن سويد الرملي. "حرف الباء". 39 49- بشر بن بكر التنيسي.

40 50- بشر بن ثابت البصري. 40 51- بشر بن الحسين الهلالي. 40 52- بشر بن عمر الزاهراني. 41 53- بشر بن مبشر الواسطي. 41 54- بشر بن المعتمر. 41 55- بكر بن بكار القيسي. 42 56- بكر بن خداش الكوفي. 42 57- بكر بن الخطيب الرام. 42 58- بكر بن عيسى الراسبي. 42 59- بكر بن يحيى بن زبان. 43 60- بكير بن جعفر السليمي الجرجرائي. 43 61- بهز بن أسد العمي. 43 62- بهلول بن حسان بن سنان. 43 63- بهلول بن مورق الشامي. 44 64- بهيم العجلي العابد. "حرف الثاء". 44 65- ثابت بْن نَصْر بْن مالك الخزاعي. "حرف الجيم". 44 66- الجارود بن يزيد العامري. 45 جابر بن نوح بن أبو بشر. 45 67- جابر بن نوح الحماني. 45 68- جعفر بن عون المخزومي. 46 69- جنيد الحجام. "حرف الحاء". 46 70- حاتم بن عبد الله النميري. 47 71- الحارث بن أسد العتكي.

47 72- الحارث بن أسد الإفريقي. 47 73- الحارث بن عطية البصري. 47 74- الحارث بن عمران الجعفري. 47 75- الحارث بن مسلم المروزي. 47 76- الحارث بن النعمان بن سالم. 48 77- حجاج بن زيان السهمي. 48 78- حجاج بن محمد المصيصي. 49 79- حجين بن المثنى. 49 80- حذيفة بن قتادة المرعشي. 49 81- حرمي بن عمارة بن أبي حفصة. 50 82- حرملة بن عبد العزيز بن الربيع. 50 83- الحسن بن زياد اللؤلؤي الفقيه. 52 84- الحسن بن محمد بن أعين الحراني. 52 85- الحسن بن محمد بن عبيد الله المكي. 52 86- الحسن بن موسى الأشيب. 53 87- الحسني بن الحسن بن عطية العوفي. 55 88- الحسين بن الحسن الأشقر. 55 89- الحسين بن الحسن شيخ خليل. 55 90- الحسين بن عُلوان بن قدامة. 56 91- الحسين بن علي نب الوليد الجعفي. 58 92- الحسين بن عياش بن حازم. 58 93- الحسين بن الوليد القرشي. 59 94- حفص بن سلم السمرقندي. 59 95- حفص بن عبد الله بن راشد. 60 96- حفص بن عمر الزبيري. 60 97- حفص بن عمر الحبطي الرملي.

60 98- حفص بن عمر المدني. 60 99- حفص بن عمر الرازي. 61 100- حفص بن عمر الشامي. 61 101- حفص بن عمر العدني الفرخ. 61 102- حفص بن عمر بن عبيد. 61 103- حفص بن عُمَر الحوضي. 61 104- حفص بن عُمَر الضرير. 61 105- حفص بن عمر جابان. 61 106- حفص بن عمر الرفاء. 62 107- حفص بن عمر الواسطي. 62 108- حفص بن عمر البغدادي. 62 109- حفص بن عمر الكفر. 62 110- حفص بن عمر قاضي حلب. 63 111- حفص بن عمر بن مرة الشني. 63 112- حفص بن عمر بن حفص المخزومي. 63 113- الحكم بن عبد الله البصري. 64 114- الحكم بن مروان الكوفي. 64 115- الحكم بن هشام الأموي. 64 116- حماد بن أسامة الكوفي. 66 117- حماد بن خالد الخياط. 66 118- حماد بن عيسى الجهني الواسطي. 67 119- حماد بن قيراط النيسابوري. 67 120- حماد بن مسعدة. 67 121- حماد بن سليمان بن المرزبان. 68 122- حماد بن معقل.

68 123- حمزة بن الحارث العدوي. 68 124- حمزة بن زياد بن سعد. 69 125- حمزة بن القاسم الأزدي. 69 126- حميد بن عبد الحميد الأمير. 69 127- حنيفة بن مرزوق. "حرف الخاء". 69 128- خالد بن إسماعيل المخزومي. 70 129- خالد بن الحسين الضرير. 70 130- خالد بْن عَبْد الرحمن الخراساني. 70 131- خالد بْن عبد الرحمن بن خالد المخزومي. 71 132- خالد بن عَمْرو بن محمد بن عبد الله الأموي. 71 133- خالد بن نجيح المصري. 71 134- خالد بن يزيد بن بن الأمير القسري. 72 135- خالد بن أبي يزيد الفارسي القرني. 72 136- خالد بن يزيد السلمي. 72 137- خزيمة بن خازم الخراساني. 73 138- الخصيب بن ناصح الحارثي. 73 139- خلاد بن يزيد الجعفي. 73 140- خلف بن تميم. 74 141- خلف بن أيوب الفقيه. 75 142- الخليل بن زكريا البصري. 76 143- خنيس بن بكر بن خُنيس. "حرف الدال". 76 144- داود بْن عيسى بْن عليّ العباسي. 76 145- داود بن المحبر بن قحذم. 77 146- داود بن يحيى بن يمان.

78 147- داود بن يزيد أمير السند. 78 148- دبيس بن حميد الملائي. "حرف الراء". 78 149- روح بن أسلم الباهلي. 79 150- روح بن عبادة بن العلاء القيسي. 80 151- ريحان بن سعيد بن المثنى. "حرف الزاي". 80 152- الزحاف بن أبي الزحاف. 80 153- زحر بن حصن الطائي. 80 154- زهير بن نعيم البابي. 81 155- زيد بن الحباب بن الريان. 82 156- زيد بن واقد السمتي. 83 157- زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي. 83 158- زيد بنت الأمير سليمان بن علي. "حرف السين". 83 159- سالم بْن نوح الْبَصْرِيّ العطّار. 84 160- سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم. 84 161- سعيد بن زكريا الآدم. 85 162- سعيد بن زكريا المدائني. 85 163- سعيد بن سفيان الجحدري. 85 164- سعيد بن سلم بن قتيبة الأمير. 85 165- سعيد بن الصباح النيسابوري. 86 166- سعيد بن عامر الضبعي. 87 167- سعيد بن هبيرة بن عديس. 87 168- سعيد بن مسلمة بن هشام. 87 169- سعيد بن واصل الحرشي.

88 170- سعيد بن وهب السامي. 88 171- سعيد بن يحيى الحميري. 89 172- سفيان بن حمزة الأسلمي. 89 173- سفيان بن عقبة السوائي. 89 174- سلم بن سلام الواسطي. 89 175- سلمة بن سليمان المروزي. 90 176- سلمة بن سليمان الأزدي. 90 177- سلمة بن عبد الملك العوصي. 90 178- سلمة بن عقار. 91 179- سليمان بن الحكم بن عوانة. 91 180- سليمان بن داود الجارود. 92 181- سليمان بن صالح الليثي. 93 182- سليمان بن عيسى السجزي. 93 183- سليم بن عثمان الفوزي. 93 184- السميدع بن واهب. 94 185- السندي بن شاهك. 94 186- السندي بن عبدويه. 95 187- سورة بن الحكم. 95 188- سويد بن عمرو. 95 189- سهل بن حسام بن مصك. 95 190- سهل بن حماد العنقزيي. 96 191- سهل بن المغيرة البزاز. 96 192- سيف بن عبيد الله الجرمي. "حرف الشين". 96 193- شبابة بن سوار. 97 194- سجاع بن الوليد السكوني.

98 195- شريح بن يزيد الحضرمي. 98 196- شعيب بن بيان البصري. "حرف الصاد". 99 197- صالح بْن عَبْد الكريم البغداديّ. 99 198- صدقة بن سابق الكوفي. 99 199- صفوان بن هبيرة. 99 200- صلة بن سليمان. 100 201- صيفي بن ربعي. "حرف الضاد". 100 202- الضحاك بن عثمان الحزامي. 101 203- ضمرة بن ربيعة القرشي. "حرف الطاء". 101 204- طاهر بن الحسين الأمير. 103 205- طاهر بن رشيد البزاز. 103 206- طلاب بن حوشب الشيباني. "حرف العين". 103 207- عابد بْن أَبِي عابد البغداديّ. 103 208- عافية بن أيوب المصري. 104 209- عامر بن إبراهيم بن واقد الأشعري. 104 210- عامر بن خداش الضبي. 105 211- عباد بن يوسف الكندي. 105 212- عباءة بن كليب. 105 213- عبد الله بن إبراهيم بن عمر الصنعاني. 106 214- عَبْدِ اللَّه بْنِ إبراهيم بْنِ أَبِي عَمْرو الغفاري. 106 215- عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب الأمير. 107 216- عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي.

107 217- عبد الله بن حمران العثماني. 108 218- عبد الله بن خلف الكلابي. 108 219- عبد الله بن سعيد الأموي. 108 220- عَبْدُ اللَّه بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ مُليحة. 109 221- عبد الله بن عثمان بن إسحاق الزهري. 109 222- عبد الله بن عصمة البناني. 109 223- عبد الله بن عطار الطائي. 110 224- عبد الله بن عمرو بن عثمان الموصلي. 110 225- عَبْد اللَّه بْن أَبِي جعفر عيسى بْن ماهان. 110 226- عبد الله بن كثير الأنصاري. 111 227- عبد الله بن مُعاذ الصنعاني. 111 228- عبد الله بن ميمون بن داود القداح. 112 229- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن المغيرة بْن نشيط. 112 230- عبد الله بن محمد بن ربيعة المصيصي. 112 231- عبد الله بن محمد بن عمارة القداح. 113 232- عبد الله بن نافع الصائغ. 114 233- عبد الله بن واقد الحراني. 114 234- عَبْد اللَّه بْن الوليد بْن ميمون العَدَنيّ. 115 235- عبد الأعلى بن سليمان الزراد. 115 236- عبد الحميد بن أويس الأصبحي. 115 237- عبد الحميد بن عبد الرحمن الحمائي. 116 238- عبد الرحمن بن أحمد بن عطية الداراني. 116 239- عبد الرحمن بن أبي حماد التميمي. 117 240- عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي. 117 241- عبد الرحمن بن علقمة السعدي. 117 242- عبد الرحمن بن غزوان.

118 243- عبد الرحمن بن قلوقا. 118 244- عبد الرحمن بن المغيرة الزعفراني. 119 245- عبد الرحمن بن المغيرة الأسدي. 119 246- عبد الرحمن بن يوسف بن معدان. 120 247- عبد الرحيم بن حماد الثقفي. 120 248- عبد الرحيم بن هارون الغساني. 120 249- عبد السلام بن هاشم البزار. 120 250- عبد الصمد بن حسان. 121 251- عبد الصمد بن عبد الوارث العنبري. 122 عبد الصمد بن النعمان. 122 252- عبد العزيز بن أبان الأموي. 122 253- عبد العزيز بن أبي رزمة. 123 254- عبد العزيز بن النعمان الموصلي. 123 255- عبد العزيز بن الوليد القرشي. 123 256- عبد الغفار الخراساني. 124 257- عبد الكبير بن عبد المجيد. 124 258- عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رواد. 125 259- عَبْد الملك بْن إِبْرَاهِيم الْجُدِّي. 125 260- عَبْد الملك بن بزيع. 126 261- عبد الملك بن الحكم الرملي. 126 262- عبد الملك بن عمرو القيسي. 127 263- عبد الملك بن أبي كريمة الأنصاري. 127 264- عبد الوهاب بن حبيب بن مهران. 128 265- عبد الوهاب بن عطاء الخفاف. 129 266- عبيد الله بن سفيان بن رواحة. 129 267- عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي.

130 268- عبيد بن عقيل بن صبيح. 130 269- عبيد بن أبي قرة البغدادي. 131 270- عثمان بن عبد الرحمن بن مسلم. 131 271- عثمان بن خالد بن عمرو الأموي. 132 272- عثمان بْن عُمَر بْن فارس بْن لقيط. 132 273- عثمان بن كُليب القُضاعي. 132 274- عثمان بن اليمان البصري. 133 275- عصام بن يزيد بن عجلان. 133 276- عُقبة بن علقمة البيروتي. 134 - عقبة بن علقمة أبو الجنوب. 134 277- علي بن بكار البصري. 135 - علي بن بكار المصيصي الصغير. 135 278- علي بن جعفر الصادق. 135 279- علي بن حفص المدائني. 135 280- علي بن عاصم بن صُهيب. 138 281- علي بن موسى الرضا. 141 282- علي بن يزيد بن سُليم الصدائي. 142 283- علي بن يونس البلخي. 142 284- عُلية بنت أمير المؤمنين المهدي. 143 285- عمار بن عبد الجبار السعدي. 143 286- عمار بن عبد الملك المروزي. 287- عمار بن مطر العنبري الرهاوي. 143 143 288- عمارة بن بشر الدمشقي. 144 289- عمران بن أبان الواسطي. 144 290- عمر بن حبيب العدوي. 145 291- عمر بن سعد الحفري.

146 292- عمر بن شبيب المسلي. 146 293- عمر بن عبد الله بن رزين. 147 294- عمر بن عبد الواحد. 147 295- عمر بن عثمان بن عمر التيمي. 147 296- عمر بن يونس اليمامي. 148 297- عمر بن أبي بكر الموصلي. 148 298- عمرو بن الأزهر البصري. 148 299- عمرو بن خالد الأعشي. 149 300- عمر بْن محمد بْن أَبِي رزين. 149 301- عمرو بْن محمد العنقزي. 149 302- عمرو بن عبد الغفار الفقيمي. 150 303- عمران بن أبان بن عمران الواسطي. 150 304- عنبسة بن سعيد بن أبان الأموي. 150 305- عوف بن محمد. 151 306- العلاء بن عُصيم. 151 307- عيسى بن إبراهيم القُرشي. 151 308- عيسى بن خالد اليمامي. 152 309- عُيينة بن عبد الرحمن المهلبي. "حرف الغين". 152 310- غالب بن فرقد الإصبهاني. "حرف الفاء". 152 311- فتيان بن أبي السمح. 153 312- الفراء: يحيى بن زياد النحوي. 154 313- الفضل بن الربيع بن يونس الحاجب. 155 314- الفضل بن عبد الحميد الموصلي.

"حرف القاف". 155 315- القاسم بْن الحَكَم بْن كثير القاضي. 156 316- القاسم بن الحكم بن أوس. 156 317- القاسم بن هارون المؤتمن. 156 318- قدامة بن محمد الخشرمي. 156 - قراد أبو نوح. 157 319- قريش بن إبراهيم الصيدلاني. 157 320- قريش بن أنس البصري. 157 321- قطرب. "حرف الكاف". 158 322- كثير بن هشام الكلابي. "حرف الميم". 158 323- محمد بن إدريس الشافعي. 187 324- محمد بن أبان بن الحكم العنبري. 188 325- محمد بن إسماعيل الفارسي. 188 326- محمد بن بشر بن الفرافصة. 189 327- محمد بن بكر بن عثمان البُرساني. 189 328- محمد بن جعفر المدائني. 190 329- محمد بن جعفر الصادق. 190 330- محمد بن جهضم اليمامي. 191 331- محمد بن حرب المكي. 191 332- محمد بن الحسن بن آتش. 191 333- محمد بن الحسن"محبوب". 192 334- محمد بن خالد الحنظلي. 192 335- محمد بن خالد بن عثمة. 193 336- محمد بن أبي رجاء الخراساني.

193 337- محمد بن صالح بن بيهس. 193 338- محمد بن صالح الواسطي البطيخي. 193 339- محمد بن عباد الهنائي. 193 340- محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي. 194 341- محمد بن عبد الله بن كُناسة. 196 342- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التيمي. 196 343- محمد بن عبد الرحمن الباهلي. 196 344- محمد بن عبد الوهاب الكوفي. 196 345- محمد بن عُبيد بن أبي أمية. 197 346- محمد بن أبي عبيدة بن معن المسعودي. 198 347- محمد بن عمر بن واقد الأسلمي. 203 348- محمد بْن أَبِي الوزير عُمَر بْن مُطَرِّف. 203 349- محمد بن عيسى بن القاسم. 204 350- محمد بن غياث الكلابي. 204 351- محمد بن القاسم الأسدي. 205 352- محمد بن مزاحم. 205 353- محمد بن مصعب القرقساني. 206 354- محمد بن موسى بن مسكين. 206 355- محمد بن مناذر البصري. 207 356- محمد بن منيب العدني. 207 357- محمد بن ميسر الصغاني. 207 358- محمد بن يحيى الكناني. 207 359- محمد بن يعلى السملي: زنبور. 208 360- مجيب بن موسى الأصبهاني. 208 361- المورع الهمداني. 209 362- محبوب بن الحسن بن هلال.

209 363- مروان بن محمد الطاطري. 210 364- مسعود بن عبد الله بن رزين. 211 365- مسعود بن واصل الأزرق. 212 366- المسيب بن زهير الأمير. 212 367- مُصعب بن ماهان. 212 368- مُصعب بن المقدام الخثعمي. 212 369- مضاء بن عيسى الكلاعي. 213 370- مظفر بن مدرك. 214 371- مُعاذ بن خالد بن شقيق. 214 372- معاذ بن خالد العسقلاني. 214 373- مُعاذ بن هانئ القيسي. 215 374- المعافي بن عمران الحميري. 215 375- معاوية بن حفص الشعبي. 216 376- معاوية بن هشام الأسدي. 216 377- معبد بن راشد. 216 378- معروف الكرخي. 217 379- معلى بن دحية. 217 380- معلى بن عبد الرحمن الواسطي. 218 - معلى بن منصور. 218 381- معمر بن المثنى النحوي. 219 382- المغيرة بن سقلاب. 220 383- المفضل بن عبد الله الحبطي. 220 384- منصور بن سلمة بن عبد العزيز. 221 385- منصور بن سلمة بن الزبرقان. 221 386- منصور بن صُقير. 221 387- منصور بن عكرمة.

222 388- منصور بن المهاجر. 222 389- معنى بن عبد الحميد. 222 390- موسى بن عبد العزيز. 223 391- موسى بن عبد الله الطويل. 223 392- موسى بن الأمين محمد بن الرشيد. 223 393- موسى بن هلال العبدي. 224 394- مؤمل بن إسماعيل. "حرف النون". 224 395- ناثل بن نجيح. 225 396- نصر بن حماد البجلي. 225 397- النضر بن شُميل. 226 398- النضر بن محمد بن موسى الجرشي. 227 399- النضر بن محمد بن محمد. 227 400- نفيسة الهاشمية. "حرف الهاء". 227 401- هارون بن إسماعيل الخزاز. 228 402- هارون بن عمران الموصلي. 228 403- هاشم بن القاسم الليثي. 229 404- هشام بن محمد بن السائب. 230 405- هشام بن معاوية الضرير. 230 406- هرثمة بن أعين الأمير. 230 407- الهيثم بن الربيع العقيلي. 230 408- الهيثم بن عبد الغفار الطائي. 231 409- الهيثم بن عدي الطائي. "حرف الواو". 231 410- ورد بن عبد الله التميمي.

232 411- وساج بن عقبة الأزدي. 232 412- الوليد بن عبد الرحمن العبدي. 232 413- الوليد بن القاسم الخبذعي. 233 414- الوليد بن مزيد البيروتي. 233 415- وهب بن جرير الأزدي. "حرف الياء". 234 416- يحيى بْن آدم بْن سليمان القرشي. 235 417- يحيى بن إسحاق السيلحيني. 236 418- يحيى بن أبي بكير بن نسر. 236 419- يحيى بن أبي الحجاج الأهتمي. 236 420- يحيى بن الحجاج. 237 421- يحيى بن حسان التنيسي. 238 422- يحيى بن حماد. 238 423- يحيى بن حُميد الطويل. 238 424- يحيى بن خُليف بن عقبة. 238 425- يحيى بن زياد الفراء. 238 426- يحيى بن زياد الأسدي. 239 427- يحيى بن سعيد الحمصي. 239 428- يحيى بن السكن البصري. 239 429- يحيى بن سلام البصري. 240 430- يحيى بن الضريس بن يسار. 240 431- يحيى بن عباد الضبعي. 241 432- يحيى بن عنبسة البصري. 241 433- يحيى بن طلحة المرادي. 242 434- يحيى بن عيسى التميمي النهشلي. 242 435- يحيى بن غيلان البغدادي.

242 436- يحيى بن فضيل القنوي. 242 437- يحيى بن فضل العنزي. 243 - يحيى بن فضيل: رجل. 243 438- يحيى بن كثير بن درهم. 243 - يحيى بن كثير صاحب البصري. 243 439- يحيى بن المبارك بن المغيرة. 244 440- يحيى بْن محمد بْن عباد الْمَدَنِيّ الشجري. 244 441- يحيى بن معاذ متولي الجزيرة. 244 442- يحيى بن يمان. 245 443- يزيد بن بيان العُقيلي. 245 444- يزيد بن أبي حكيم الكناني. 245 445- يزيد بن هارون بن زاذاني. 247 446- يعقوب بن إبراهيم بن سعد العوفي. 248 447- يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي. 249 448- يعلى بن عُبيد الطنافسي. 250 449- يعمر بن بشر. 250 450- يوسف بن عمرو الفارسي. 250 451- يوسف بن يعقوب السدوسي. 250 452- يونس بن عُبيد الله العميري الليثي. 251 453- يونس بن محمد بن مسلم. 251 454- يونس بن يحيى بن نُباتة. "الكنى". 251 455- أبو صفوان الأموي. 253 456- أبو عُبيدة العصفري. 253 457- أبو عُبيدة اللغوي. 253 458- أبو عمرو الشيباني النحوي.

253 459- أبو عيسى بن هارون الرشيد. 255 460- أبو يوسف الأعشى. 257 فهرس الموضوعات.

المجلد الخامس عشر

المجلد الخامس عشر الطبقة الثانية والعشرون أحداث سنة إحدى عشرة ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثانية والعشرون: "أحداث سنة إحدى عشرة ومائتين": فيها تُوُفّي: عبد الرّزّاق بن همّام الصَّنْعانيّ باليمن. ومُعَلّى بن منصور الرازيّ الفقيه ببغداد. وعليّ بن الحسين بن واقد، بمَرْو. وعبد الله بن صالح العِجْليّ المقرئ. والأحوص بن جوّاب أبو الجوّاب الضَّبّيّ. وطَلْق بن غَنّام، ثلاثتهم بالكوفة. وأبو العتاهية الشاعر ببغداد. "عودة عبد الله بن طاهر من مصر": وفيها: قدم الأمير عبد الله بن طاهر بن الحسين الخُزاعيّ بغدادَ، من الدّيار المصريّة، فتلقّاه العبّاس، ولد المأمون، وأبو إسحاق أخو المأمون. وقدِم معه من المتغلبين على الشام وغيرها ابن أبي الجمل، وابن السَّرْج، وابن أبي الصَّفْر. "تشيُّع المأمون": وفيها: أمَر المأمون بأن يُنادى: برِئت الذّمة ممّن ذكر معاوية بخير أو فضَّله على أحدٍ من الصَّحابة. وإنّ أَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه1. وكان المأمون يبالغ في التشيُّع، ولكنْ لم يتكلّم في الشيخين بسوء، بل كان يترضّى عنهما، ويعتقد إمامتهما، رضي الله عنهما.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 618، 619".

أحداث سنة اثنتي عشرة ومائتين

"أحداث سنة اثنتي عشرة ومائتين": فيها تُوفي: أسد السُّنّة بن موسى، بمصر. وأبو عاصم النبيل. وعبد الرحمن بن حمّاد الشعبيّ. وعون بن عمارة العبْدي، بالبصرة. ومحمد بن يوسف الفِرْيابيّ، بقَيْسارية. ومنبّه بن عثمان، بدمشق. وأبو المغيرة عبد القُدوُّس الخَولانيّ، بحمص. وزكريّا بن عديّ، ببغداد. وعبد الملك بن عبد العزيز الماجِشُون الفقيه، بالمدينة. وعليّ بن قادم، بالكوفة. وخلّاد بن يحيى، بمكّة. والحسين بن حفص الهمدانيّ، بإصبهان. وعيسى بن دينار الغافقيّ الفقيه، بالأندلس. "توجيه الطوسي لمحاربة بابَك": وفيها وجّه المأمون محمد بن حُمَيد الطُّوسيّ لمحاربة بابَك الخُرَّميّ. "الولاية على اليمن": واستعمل على اليمن: أبا الدّاريّ محمد بن عبد الحميد. "إظهار المأمون خلق القرآن": وفيها: أظهر المأمون القول بخَلْق القرآن، مُضافًا إلى تفضيل عليّ على أبي بكر وعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما. فاشْمأزّت النُّفوس منه. ثم سار إلى دمشق فَصام بها رمضان. "الحج هذا الموسم" 1: وتوجّه فحجّ بالناس.

_ 1 تاريخ خليفة "474"، المعرفة والتاريخ "1/ 197"، تاريخ الطبري "8/ 619".

أحداث سنة ثلاث عشرة ومائتين

"أحداث سنة ثلاث عشرة ومائتين": فيها تُوُفّي: عُبيد الله بن موسى العبْسيّ. وخالد بن مَخْلَد القطواني، بالكوفة. وعبد الله بن داوود الخُرَيْبيّ. وعمْرو بن عاصم الكِلابيّ، بالبصرة. وأبو عَبْد الرَّحْمَن عَبْد الله بْن يزيد الْمُقْرِئ، بمكة. وعَمْرو بن أبي سَلَمة التِّنِّيسيّ، بها. والهيثم بن جميل الحافظ، بأنطاكية. "خروج القيسية واليمانية في مصر وولاية المعتصم مصر والشام": وفيها خرج عبد السلام وابن حُلَيْس بمصر في القَيْسيّة واليَمَانيّة. فاستعمل المأمون على مصر والشام أخاه أبا إسحق المعتصم. "ولاية الجزيرة": واستعمل على الجزيرة ولده العباس. "تفريق المأمون للأموال": وأمر لكلّ واحدٍ منهما بخمسمائة ألف دينار، وأمرَ بمثل ذلك لعبد الله بن طاهر، فقيل: إنّه لم يُفرِّق ملِكٌ في يومٍ من المال مثل ذلك أبدًا. "استعمال غسّان بن عبّاد على السِّنْد": واستعمل على السنْد الأمير غسّان بن عبّاد، وكان غسّان ذا رأيٍ وحزم ودهاء وخبرة تامّة، وقد وُلّي إمرة خُراسان قبل طاهر بن الحسين1.

_ 1 الكامل في التاريخ "6/ 409".

أحداث سنة أربع عشرة ومائتين

"أحداث سنة أربع عشرة ومائتين": فيها توُفّي: حسين بن محمد المَرْوَزِيّ، ببغداد. وأحمد بن خالد الذهبي، بحمص. وعبد الله بن عبد الحكم الفقيه، بمصر. وسعيد بن سلام العطّار، بالبصرة. ومحمد بن حُمَيد الطُّوسيّ الأمير، قُتِل في حرب الخُرَّمِيّة. وأبو الدّاري أمير اليمن، قُتِل أيضًا. وعُمَيْر الباذَغيسي نائب مصر خلافةً عن المعتصم قُتِل بالحَوْف في حرب ابن حُلَيْس، وعبد السّلام، فسار أبو إسحاق المعتصم بنفسه إليهما فظفر بهما وقتلهما. "خروج بلال الشاري ومقتله": وفيها: خرج بلال الشاري وقويت شوكته، فسار لحربه هارون بن أبي خلف فظفر به هارون وقتله. "ولاية أصبهان وآذربيجان والجبال": وفيها: ولي أصبهان وآذَرْبيجان والجبال وحرب بابك عليُّ بن هشام، فواقَعَ بابَكَ غير مرّة. والله أعلم.

أحداث سنة خمس عشرة ومائتين

"أحداث سنة خمس عشرة ومائتين": فيها تُوُفّي: أبو زيد الأنصاريّ، صاحب العربية، بالبصرة، واسمه سعيد بن أوس. والعلاء بن هلال الباهليّ، بالرَّقَّة. ومحمد بن عبد الله الأنصاريّ، القاضي بالبصرة. ومكيّ بن إبراهيم الحنظليّ، ببلْخ. وعليّ بن الحسن بن شقيق، بمرْو. ومحمد بن المبارك الصُّوريّ، بدمشق. وإسحاق بن عيسى الطّبّاع، ببغداد. وقُبيصة بن عُقبة السُّوائيّ، بالكوفة. "غزوة المأمون إلى الروم": وفيها: سار المأمون لغزو الروم في أول العام، واستخلف على بغداد الأمير إسحاق بن إبراهيم بن مُصْعَب. وقدِم عليه محمد بن عليّ بن موسى الرّضا، فأكرمه وأجازه بمالٍ عظيم، وأمره بالدخول بأهله، وهي أمّ الفضل ابنة المأمون، فدخل بها ببغداد1. ثم سار المأمون إلى دابق وأنطاكية، ثم دخل المِصِّيصة، وخرج منها إلى طَرَسُوس، ثم دخل الروم في نصف جُمادَى الأولى، فنازل حصن قُرَّةَ2 حتّى فتحه عَنْوةً وهدمه، وافتتح حصن ماجدة، وتسلّم حصنين بالأمان3. "تهذيب قواعد الديار المصرية": وأمّا أخوه أبو إسحاق فإنه هذب قواعد الدّيار المصريّة، ورجع فقدِم واجتمع بأخيه المأمون بنواحي المَوْصِل. "قدوم المأمون إلى دمشق": وقدِم المأمون دمشق بعد غزوته المذكورة4.

_ 1 الكامل في التاريخ "6/ 417"، البداية والنهاية "10/ 269". 2 تاريخ الطبري "8/ 623". 3 تاريخ الطبري "8/ 623". 4 تاريخ الطبري "8/ 624".

أحداث سنة ست عشرة ومائتين

"أحداث سنة ستّ عشرة ومائتين": فيها تُوُفّي: حَبّان بن هلال. وعبد الملك بن قريب الأصمعيّ. وهَوْذة بن خليفة. ومحمد بن كثيّر المصِّيصيّ الصَّنْعانيّ. والحسن بن سَوّار البَغَويّ. وعبد الله بن نافع المدنيّ الفقيه. وعبد الصَّمد بن النّعْمان البزّار. ومحمد بن بكّار بن بلال قاضي دمشق. ومحمد بن عبّاد بن عبّاد المهلّبيّ، أمير البصرة. ومحمد بن سعيد بن سابق نزيل قزْوين. وزُبيدة زوجة الرشيد وابنة عمّه. "عودة المأمون لغزو الروم": وفيها: كرّ المأمون راجعًا إلى غزو الروم، لكونه بلغه أنّ ملك الروم قتل خلقًا من أهل طَرَسُوس والمِصِّيصة، فدخلها في جُمَادَى الأولى، وأقام بها إلى نصف شعبان، وجهز أخاه أبا إسحاق، فافتتح عدّة حصون1. ثم وجّه يحيى بن أكثم فأغار وقتل وسبى، ثم رجع2. "دخول المأمون الديار المصرية": وفي آخر السنة توجّه المأمون من دمشق إلى الديار المصرية ودخلها3، فهو أول من خلها من الخلفاء العباسيين.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 625"، البداية والنهاية "10/ 270". 2 تاريخ الطبري "8/ 625". 3 تاريخ الطبري "8/ 625، 627".

أحداث سنة سبع عشرة ومائتين

"أحداث سنة سبْع عشرة ومائتين": فيها تُوُفّي: حَجّاج بن مِنْهال الأنماطيّ، بالبصرة. وشُريْح بن النُّعْمان الجوهري. وموسى بن داوود الضّبّي الكوفيّ، ببغداد. وهشام بن إسماعيل العطّار العابد، بدمشق. وعمرو بن مسعدة، وأبو الفضل الصُّولِيُّ كاتب الإنشاء للمأمون. وإسماعيل بن مَسْلَمَة أخو القَعْنَبيّ، بمصر. "قتل عبدوس الفهري بمصر": وفيها: دخل المأمون مصر، فأحضر بين يديه عَبْدُوس الفِهْريّ فضُرِبَت عنقه1. قال المسعوديّ: وكان قد تغلّب عليها. "عودة المأمون إلى دمشق وغزو الروم": وعاد إلى دمشق، ثمّ سار إلى أَذَنَة، ودخل أرض الروم، فنزل على لُؤْلُؤَةَ وحاصرها مائة يوم، ثمّ رحل عنها، وخلّف عليها عُجَيْفًا، فخدعَه أهلها وأسروه، ثم أطلقوه بعد جمعةٍ. وأقبل الملك تَوْفِيل في جيوش الروم، لعنهم الله، إلى حصن لؤلؤة فأحاط بعجُيَفْ. فبلغ ذلك المأمون، فجهّز الجنود لحربه، فارتحل تَوفْيِل وكتب كتابًا إلى المأمون يطلب الصُّلْح، فبدأ بنفسه وأغلظ في المكاتبة. فاستشاط المأمون غضبًا وقصد الروم، وعزم على المسير إلى قُسْطنطينية، ثم فكّر في هجوم الشتاء فرجع2. "حريق البصرة": وفيها: وقع حريق عظيم بالبصرة يُقال: إنّه أتى على أكثرها، وكان أمرًا مزعجًا يفوق الوصف.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 627". 2 تاريخ الطبري "8/ 627"، البداية والنهاية "10/ 271، 272".

أحداث سنة ثمان عشرة ومائتين

"أحداث سنة ثمان عشرة ومائتين": فيها تُوُفّي: أبو مُسْهِر الغسّانيّ شيخ الشام. ومُعَلّى بن أسد العمِّيّ. ويحيى بن عبد الله البابْلُتّيّ على الصحيح. ومحمد بن الصَّلْت الأَسَديّ الكوفيّ. وعبد الله بن يوسف التِّنِّيسيّ. وحَجّاج بن أبي منيع الرَّصافيّ. وإسحاق بن بكر بن مُضر المُضَري. ومحمد بن نوح العِجْليّ. والخليفة المأمون. وحبيب كاتب مالك. وبِشْر المَرِيسيّ. "بناء طُوَانة": وفيها: اهتم المأمون ببناء طُوَانة من أرض الروم، وحشد لها الرجال والصُّنّاع، وأمر ببنائها ميلًا في ميل. وقرّر ولده العبّاس على بنائها، ولزِمه عليها أموال لَا يحصيها إلّا الله تعالى1، وهي على فم الدَّرْب ممّا يلي طَرَسُوس. وافتتح عدّة حصون. "ذِكر المِحْنة": في أثناء السنة كتب المأمون إلى نائبه على بغداد إسحاق بن إبراهيم الخُزَاعيّ، ابن عمّ طاهر بن الحُسين، في امتحان العلماء، كتابًا يقولُ فيه: وقد عرف أمير المؤمنين أنّ الجمهور الأعظم والسَّواد الأكبر مِن حَشو الرَّعيّة، وسَفْلَة العامّة، ممّن لَا نظر له ولا رَوِيّة ولا استضاءة بنور العِلم وبرهانه، أهل جهالةٍ بالله تعالى وعَمًى عنه، وضلالةٍ عن حقيقة ديِنه، وقصورٍ أن يَقْدُرُوا الله حق قَدْره، ويعرفوه كُنْه معرفته، ويُفرّقوا بينه وبين خلْقه. وذلك أنّهم ساوَوْا بين الله وبين خلْقِهِ، وبين ما أُنزل من القرآن. فأطبقوا على أنّه قديم لم يخلقْه الله ويخترعه. وقد قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3] فكلّ ما جعله الله فقد خلقه كما قال: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور} ، وقال: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ} [طه: 99] فأخبر أنّه قصصٌ لأمور أحدثهُ بعدها. وقال: {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} [هود: 2] والله مُحْكم كتابَه ومُفَصِّلُهُ، فهو خالقه ومُبْتَدِعُهُ. ثم انتسبوا إلى السنة، وأنهم أهل الحق

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 631".

والجماعة، وأنّ مَن سواهم أهل الباطل والكُفْر. فاستطالوا بذلك وغرّوا به الجهّال، حتّى مال قوم من أهلِ السَّمْت الكاذب والتَّخَشُّع لغير الله إلى موافقتهم، فنزعوا الحقّ إلى باطلهم، واتّخذوا دون الله وليجةً إلى ضلالهم. إلى أن قال: فرأى أمير المؤمنين أنّ أولئك شرّ الأمّة، المنقوصون من التّوحيد حظًا، أوعيةُ الجهل وأعلام الكذب، ولسان إبليس الناطق في أوليائه، والهائل على أعدائه مِن أهل دِين الله، وأحقُّ أن يُتَّهم في صِدْقه، وتُطرح شهادته، ولا يُوثَق به، ذلك أعمى وأضلّ سبيلًا. ولَعَمْرو أمير المؤمنين، إنّ أكْذَب النّاس مَن كذب على الله ووحْيه. وتخرّص الباطل، ولم يعرف الله حقيقة معرفته. فاجْمَعْ مَن بحضرتك من القُضاة، فاقرأ عليهم كتابنا وامتحنهم فيما يقولون، واكشفهم عمّا يعتقدون في خلق الله وإحداثه. ولِعلمهم أنّي غير مستعينٍ في عملٍ ولا واثقٌ بمن لَا يوثق. فإذا أقرّوا بذلك ووافقوا فمُرهم بنصّ مَن بحضرتهم من الشهود، ومسألتهم عن علمهم في القرآن، وترْك شهادة مَن لم يُقِرّ أنّه مخلوق. واكتب إلينا بما يأتيك عن قضاة أهل عملك في مسألتهم، والأمر لهم بمثل ذلك. وكتب المأمون إليه أيضًا في إِشخاص سبعة أنفُس، وهم: محمد بن سعْد كاتب الواقديّ، ويحيى بن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، وأبو مسلم مُسْتملي يزيد بن هارون، وإسماعيل بن داود، وإسماعيل بن أبي مسعود، وأحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ. فأُشْخِصوا إليه، فامتحنهم بخلْق القرآن فأجابوه، فردّهم من الرَّقّة إلى بغداد1. وسبب طَلَبهم أنّهم توقّفوا أولًا، ثم أجابوه تَقِيّةً. وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم بأن يُحضر الفقهاء ومشائخ الحديث ويخبرهم بما أجاب به هؤلاء السبعة، ففعل ذلك، فأجابه طائفة وامتنع آخرون. فكان يحيى بن مَعِين وغيره يقولون: أَجَبْنا خوفًا من السيف2. ثم كتب المأمون كتابًا آخر من جنس الأول إلى إسحاق، وأمره بإحضار من امتنع، فأحضرَ جماعةً منهم: أحمد بن حنبل، وبِشْر بن الوليد الكِنْدِيّ، وأبو حسان الزيادي، وعليبن أبي مقاتل، والفضل بن غانم، وعُبيد الله بن عمر القواريري،

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 634"، والبداية والنهاية "10/ 272". 2 تاريخ الطبري "8/ 634"، والبداية والنهاية "10/ 272".

وعليّ بن الْجَعْد وسَجّادة، والذّيّال بن الهيثم، وقُتَيبة بن سعيد وكان حينئذٍ ببغداد، وسَعْدويْه الواسطيّ، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وابن الهِرْش، وابن عُلَيّة الأكبر، ومحمد بن نوح العِجْليّ، ويحيى بن عبد الرحمن العُمَريّ، وأبو نصر التّمّار، وأبو مَعْمَر القطِيعيّ، ومحمد بن حاتم بن ميمون، وغيرهم. وعُرِض عليهم كتاب المأمون فَعَرَّضوا ووَرَّوْا ولم يُجيبوا ولم يُنكروا. فقال لبِشْر بن الوليد: ما تقول؟ قال: قد عرَّفْتُ أميرَ المؤمنين غيرَ مرّة. قال: وإن، فقد تجدد من أمير المؤمنين كتاب. قال: أقول: كلام الله. قال: لم أسألك عن هذا. أمخلوقٌ هو؟ قال: ما أحُسِنُ غيرَ ما قلت لك. وقد استعهدتُ أميرَ المؤمنين أن لَا أتكلم فيه. ثم قال لعليّ بن أبي مقاتل: ما تقول؟ قال: القرآن كلام الله، وإنْ أمَرَنَا أميرُ المؤمنين بشيءٍ سمِعنا وأطعنا. وأجاب أبو حسان الزّياديّ بنحو من ذلك. ثم قال لأحمد بن حنبل: ما تقول؟ قال: كلام الله. قال: أمخلوقٌ هو؟ قال: هو كلام الله لَا أزيد على هذا. ثم امتحن الباقين وكتب بجواباتهم. وقال ابن البكّاء الأكبر: أقول القرآن مجعولٌ ومُحْدَثٌ لوُرُود النّصّ بذلك. فقال له إسحاق بن إبراهيم: والمجعول مخلوق؟ قال: نعم. قال: فالقرآن مخلوق؟ قال: لَا أقول: مخلوق1. ثم وجه بجواباتهم إلى المأمون، فورد عليه كتاب المأمون: بَلَغَنا ما أجاب به مُتَصَنِعَةُ أهل القِبْلة، ومُلْتَمِسُوا الرئاسة، فيما ليسوا له بأهلٍ. فمن لم يُجِب أنّه مخلوق فامنعْه من الفتوى والرواية. ويقول في الكتاب: فأمّا ما قال بِشْر فقد كذب. لم يكن جرى بين أمير المؤمنين.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 637-639"، البداية والنهاية "10/ 273".

وبينه في ذلك عهد أكثر من إخبار أمير المؤمنين من اعتقاده كلمة الإخلاص، والقول بأنّ القرآن مخلوق، فادعُ به إليك، فإنْ تاب فأَشْهِرْ أمره، وإِنْ أصرّ على شِرْكه، ودفع أن يكون القرآن مخلوقًا بكُفْره وإلحاده، فاضربْ عُنُقه وابعث إلينا برأسه. وكذلك إبراهيم بن المهْدي فامتَحِنْه، فإنْ أجاب، وإلّا فاضربْ عُنُقه. وأمّا عليّ بن أبي مقاتل، فقُل له: ألستَ القائل لأمير المؤمنين: إنّك تحلِّل وتحرم. وأما الذيال، فأعلمه أنه كان في الطّعام الذي سرقه من الأنبار ما يشغله. وأمّا أحمد بن يزيد أبو العوّام وقوله: إنّه لَا يُحْسِن الجواب في القرآن، فأَعْلِمْه أنّه صبيُّ، في عقله لَا في سِنِّه، جاهلٌ سيُحْسِن الجواب إذا أُدِّب، ثم إنْ لم يفعل كان السيفُ من وراء ذلك. وأمّا أحمد بن حنبل، فأَعْلِمْه أنّ أمير المؤمنين قد عرف فحوى مقالته، واستدّل على جَهْله وآفته بها. وأمّا الفضل بن غانم، فأَعلْمِهْ أنّه لم يَخْفَ على أمير المؤمنين ما كان منه بمصر، وما اكتسب من الأمول في أقل من سنة، يعني في ولايته القضاء. وأمّا الزّياديّ، فأَعلِمْه أنّه كان مُنتحلًا ولا كأوّلِ دعيٍّ. فأنكر أبو حسّان أن يكون مولى لزياد بن أبيه، وإنّما قيل له: الزّياديّ لأمرٍ من الأمور. قال: وأمّا أبو نصر التّمّار، فإنّ أمير المؤمنين شبَّه خساسة عقله بخساسة متجره. وأمّا ابن نوح، وابن حاتم، فأعْلِمْهم أنّهم مشاغيل بأكل الرِّبا عن الوقوف على التوحيد، وإنّ أمير المؤمنين لو لم يستحلّ محاربتهم في الله إلّا لإربائهم، وما نزل به كتابُ الله في أمثالهم لَاستحلّ ذلك. فكيف بهم وقد جمعوا مع الإرباء شِرْكًا، وصاروا للنَّصارى شَبَهًا1؟ وأمّا ابن شجاع، فأَعْلِمْه أنّك صاحبه بالأمس، والمستخرج منه ما استخرجه من المال الذي كان استحلَّه من مال الأمير عليّ بن هشام. وأمّا سَعدويْه الواسطيّ، فقل له: قبّح الله رجلًا بلغ به التصنُّع للحديث والحِرص على الرئاسة فيه، أن تمنى وقت المحنة.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 648".

وأمّا المعروف بسَجّادة، وإنكاره أن يكون سمع ممن كان يجالس من الفقهاء القولَ بأنّ القرآن مخلوق، فأَعْلِمْه أنّ في شُغله بإعداد النَّوَى، وحُكمه لإصلاح سجّادته، وبالودائع الّتي دفعها إليه عليّ بن يحيى وغيره ما أذهله عن التوحيد. وأمّا القواريريّ ففيما انكشف من أحواله، وقبوله الرّشا والمصانعات، ما أبان عن مذهبه وسوء طريقته وسخافة عقله ودينه. وأمّا يحيى العُمريّ، فإنْ كان من ولد عمر بن الخطّاب فجوابه معروف. وأمّا محمد بن الحسن بن عليّ بن عاصم، فإنّه لو كان مُقْتديًا بمن مضى من سلفه لم ينتحل النِّحْلَةَ التي حُكِيَتْ عنه، وأنّه بعدَ صبيٌّ يحتاج إلى أن يُعلَّم. وقد كان أمير المؤمنين وجّه إليك المعروف بأبي مُسْهِر، بعد أن نصّه أمير المؤمنين عن محنته في القرآن، فجمجم عنها ولَجْلج فيها، حتّى دعا له أمير المؤمنين بالسيف، فأقرّ ذميمًا، فأَنْصِصْه عن إقراره، فإنْ كان مقيمًا عليه فأشْهِر ذلك وأظْهِرْه، ومَن لم يرجع عن شِرْكه ممّن سمَّيتُ بعد بِشر، وابن المهديّ، فاحمِلْهم موثَّقين إلى عسكر أمير المؤمنين ليسألهم. فإنْ لم يرجعوا حملهم على السيف. قال: فأجابوا كلّهم عند ذلك، إلّا أحمد بن حنبل، وسجّادة، ومحمد بن نوح، والقواريريّ، فأمرَ بهم إسحاق فقُيِّدوا، ثم سألهم من الغد وهم في القيود فأجاب سجّادة. ثم عاودهم ثالثًا فأجاب القواريريّ، ووجَّه بأحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح المضروب إلى طَرَسُوس. ثم بلغ المأمون أنهم إنما أجابوا مُكْرَهينَ، فغضِب وأمر بإحضارهم إليه. فلما صاروا إلى الرَّقَّةِ بَلَغَتهم وفاةُ المأمون. وكذا جاء الخبر بموت المأمون إلى أحمد1. ولطف الله تعالى وفرج. وأمّا محمد بن نوح فكان عديلًا لأحمد بن حنبل في المَحْمل، فمات. فوليه أحمد بالرَّحْبة وصلّى عليه ودفنه، رحمه الله تعالى. "وفاة المأمون": وأما المأمون فمرض بالروم، فلما اشتدّ مرضه طلب ابنَه العبّاس لِيَقْدم عليه، وهو يظنّ أنّه لَا يدركه، فأتاه وهو مجهود، وقد نفذت الكُتُب إلى البلدان، فيها: من عبد

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 644، 645"، البداية والنهاية "10/ 273، 274".

الله المأمون وأخيه إسحاق الخليفة من بعده، بهذا النّصّ. فقيل: إنّ ذلك وُقِّع بأمر المأمون. وقيل: بل كتبوا ذلك وقت غَشْيٍ أصابه، فأقام العبّاس عنده أيّامًا حتّى مات1. "ذِكر وصيّة المأمون": "هذا ما أشهد عليه عبد الله بن هارون أمير المؤمنين أنّ الله وحده لَا شريك له في مُلكه، وأنّه خالقٌ وما سواه مخلوق. ولا يخلو القرآن من أن يكون شيئًا له مثلٌ، والله لَا مثل له" إلى أن قال: "والبعث حقّ، وإنّي مذنب أرجو وأخاف، فإذا متُّ فوجّهوني وليُصّلّ عليّ أقربكم منّي نَسَبًا، وليُكبّرْ خمسًا". وذكر وصايا من هذا النّوع، إلى أن قال: "فرحِم الله عبدًا اتَّعظ وفكّر فيما حتّم الله على جميع خلقه من الْفَنَاءِ، وقضى عليهم من الموت الذي لَا بدّ منه. فالحمد لله الذي توحّد بالبقاء. ثم لينظُر المرءُ ما كنت فيه من عزّ الخلافة، هل أغنى عنّي شيئًا إذا جاء أمر الله؟ لَا والله. ولكن أضعِف به عليّ الحسنات. فيا لَيْتَ عبد الله بن هارون لم يكن بَشَرًا، بل ليته لم يكن شيئًا. يا أبا إسحاق ادْنُ منّي واتَّعِظْ بما ترى، وخُذ بسيرة أخيك في القرآن، واعمل في الخلافة إذ طوّقَكَها اللَّهُ تعالى عمل المريد لله، الخائف من عقابه، ولا تغترّ بالله وتَمْهيله، فكأنْ قد نزل بك الموت، ولا تغفل عن أمر الرعيّة، الرعيّةَ الرعيّةَ، الْعَوَامَّ الْعَوَامَّ، فإنّ المُلْك بهم اللَّهَ اللَّهَ فيهم وفي غيرهم. يا أبا إسحاق عليك عهد الله، لتقَومّن بحقّ الله في عباده، ولتؤثِرَنّ طاعة الله على معصيته. قال: اللهمّ نعم. قال: فانظُر مَن كنت تسمعني أُقَدِّمه فأضْعِف له في التقدمة. وعبد الله بن طاهر أقرّه على عمله، وقد عرفت بلاءه وغناءه.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 645-647".

وأبو عبد الله بن أبي دُؤاد لَا يُفارقك، وأشْرِكْه في المشورة في كل أمرك، ولا تتّخذنّ بعدي وزيرًا، فقد علمت ما نكبني به يحيى بن أكثم في معاملة الناس، وخُبْث سريرته حتّى أبعدْتُهُ. هؤلاء بنو عمّك من ذُرِّيَّة أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه أحسِنْ صُحْبتهم، وتجاوَزْ عن مُسِيئهم، وأَعطهِم الصِّلات1. ثم تُوُفّي في رجب، ودُفِن بطَرَسُوس. "خلافة المعتصم": وكان أول من بايع المعتصم: العبّاسُ بنُ المأمون. "ما ذكره المسبّحي عن المحنة في مصر": قال محمد بن عُبيد الله المُسبّحي في "تاريخ مصر": كتب المعتصم إلى نائبه على مصر كُنْدر، وإلى قاضي مصر هارون بن عبد الله الزُّهْريّ كتابًا بخطّ الفضل بن مروان يمتحن فيه الناس بخلْق القرآن. فأحضرهم القاضي هارون، فأجاب عامّة الشهود وأكثر الفقهاء، إلّا من هرب منهم. وكان هارون إذا شهد عندَه عدلْان سألهما عن القرآن، فإنْ أقرّا أنّه مخلوق قبلهما، وأخذ بذلك المؤذِّنون والمحدّثون. وأُقِرّ المعلّمون أنّ تعلّمه الصّبيان كتعليم القرآن، يعني القول بخلق القرآن. وبقيت المحنة إلى أن وُلِّيَ الخلافةَ المتوكّل سنة اثنتين وثلاثين. "الوباء والغلاء بمصر": وفيها: وقع الوباء العظيم بمصر، فمات أكثرهم، وغلا السِّعر هذه السنة وبعض سنة تسع عشرة. قال: ولم تبقَ دارٌ ولا قرية إلّا مات أكثر أهلها. ولم يبق بمصر رئيس ولا شريف مشهور. وولّت الدنيا عمّن بقي من أولادهم، وركبهم الذُّلّ، وجفاهم السلطان؛ لأنّهم خرجوا غير مرّة وأثاروا الفتنة.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 647-650".

ثم سَرَدَ مَن مات من أشرافهم من أول دولة المأمون إلى آخرها، فسمَّى من كبارهم أبا نصر الوليد بن يعفر بن الصّبّاح بن أبرهة، تُوُفّي سنة سبعٍ وتسعين ومائة، وإبراهيم بن حوّى تُوُفّي فيها، وإبراهيم بن نافع الطّائيّ، تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين، وعثمان بن بلادة فيها، وهاشم بن خُدَيْج، ومحمد بن حسّان بن عتاهية سنة تسعٍ وتسعين، وهُبيرة بن هاشم بن خُدَيْج، وزُرْعة بن معاوية سنة مائتين. ثم سمَّى عددًا كثيرًا لَا نعرفهم كان لهم جاه وحشمة في عصرهم بمصرهم، انْمحت آثارهم وانطوت أخبارهم. "هدم الطُّوانة": وفيها: أمر المعتصم بهدم طُوَانة الّتي قدمنا أنّ المأمون أمر ببنائها، ثم حُمِل ما بها من الآلات والسلاح، وتفرّق ما تعب عليه المأمون. وسافر الناس الذين أُسكنِوا بها إلى بلادهم، ثم انصرف المعتصم إلى بغداد، فدخلها في أول رمضان من السنة1. "اشتداد أمر الخُرَّمِيّة": وفيها: عظُم الخَطْب واشتدّ الأمر بالخُرّميّة، لعنهم الله، ودخل في دِينهم خلق من أهل بلاد هَمذان وبلاد إصبهان، وجيّشوا بأرض همذان، فسار لحربهم إسحاق بن إبراهيم بن مُصْعَب في ذي القعدة، فظفر بهم وقتل منهم ملحمة عُظمى. فيُقال: إنّه قُتِل منهم ببلاد همذان ستّين ألفًا، وهرب باقيهم إلى بلاد الروم. وكان المصافّ بأرض همذان مما يلي الرّيّ. وبعضهم يقول: قُتِل منهم فوق المائة ألف، وكانت ملحمة هائلة.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 667".

أحداث سنة تسع عشرة ومائتين

"أحداث سنة تسع عشرة ومائتين": فيها تُوُفّي: عليّ بن عيّاش الأَلهاني، بحمص. وأبو بكر عبد الله بن الزُّبير الحُمَيْديّ، بمكة. وأبو نُعَيم الفضل بن دُكين. وأبو غسّان مالك بن إسماعيل النَّهْديّ، بالكوفة. وعَمرو بن حكّام. وإبراهيم بْن حُميد الطويل. وسعد بْن شُعْبَة بْن الحَجّاج، بالبصرة. وأبو الأسود النَّضْر بن عبد الجبّار، بمصر. وسليمان بن داود الهاشميّ. وغسّان بن الفضل الغلابيّ، ببغداد. "ظهور محمد بن القاسم بالطالقان": وفيها: ظهر محمد بن القاسم العلوي الحسيني بالطالقان يدعو إلى الرِّضا من آل محمد. فاجتمع عليه خلْق، فسار لقتاله جيش من قِبل عبد الله بن طاهر، فجرت بينهم وقعات عديدة، ثم انهزم محمد بن القاسم فقصد بعض كُوَر خُراسان، فظفر به متولّي نَسَا، فقيّده وبعث به إلى ابن طاهر، فحبسه المعتصم. ثم إنّه هرب من السجن ليلة عيد الفطر، ونزل في حبلٍ دُلّي له. فنودي عليه: مَن أحضره فله مائة ألف درهم، فلم يقعوا به. "قدوم السبْي من الخُرَّميّة": وفي جُمادَى الأولى قدِم بغداد، إسحاق بن إبراهيم بسبيٍ عظيم من الخُرَّميّة الذين أوقع بهم بهمذان1. "إفساد الزُّطّ بالبصرة": وفيها: عاثت الزُّطّ بنواحي البصرة، فانتدب لحربهم عُجَيْف بن عنبسة، فظفر بهم وقتل منهم نحو الثمانمائة. ثم جرت له معهم حروب. وكان عدّتهم خمسة عشر ألفًا2.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 8"، البداية والنهاية "10/ 282". 2 تاريخ الطبري "9/ 8"، البداية والنهاية "10/ 282".

ثم دخلت سنة عشرين ومائتين

"ثم دخلت سنة عشرين ومائتين": فيها تُوُفّي: عفان ببغداد. وقالون بن عيسى بن مينا. ومُطَرِّف بن عبد الله، بالمدينة. وأبو حُذَيْفة المَرْوزِيّ. وعاصم بن يوسف اليَرْبُوعيّ. وخلّاد بن خالد القارئ، بالكوفة. وعثمان بن الهيثم المؤذّن. والخليل بن عمر بن إبراهيم العبْديّ. وعبد الله بن رجاء، بالبصرة. وآدم بن أبي أياس، بعسقلّان. وعبد الله بن جعفر الرَّقّي، بالرَّقّة. وقَرعوس بن العبّاس الثقفيّ صاحب مالك، بالأندلس. ومحمد الجواد ولد عليّ بن موسى الرّضا، ببغداد. "دخول الزُّطّ بغداد": ويوم عاشوراء دخل عُجَيف بغدادَ بسبي الزُّطِّ وأَسْراهم، فعبّأهم على هيئتهم في الحرب، وكان يومًا مشهودًا. ثم نفذوا إلى عين ذربة، فأغارت عليهم الروم، فاجتاحوهم حتّى لم ينج منهم أحد1. "مسير الأفشين لحرب بابك": وفيها: عقد المعتصم على حرب بابك وعلى بلاد الجبل للأفشين، واسمه حيدر بن كاوس. ثم وجّه أبا سعيد محمد بن يوسف إلى أردبيل لعمارة الحصون التي

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 10".

خرّبها بابَك ففعل ذلك. وكان محمد بن البُعيث صديق بابَك في قلعة شاهي وحصن تبريز من بلاد أَذرَبْيَجْان، فبعث بابَكُ قائده عصمة، فنزل بابن البُعيث فأكرمه وأنزل إليه الإقامات وأضافه وسقاه خمرًا وأسره، وقتل جماعة من مقدّميه، فهرب عسكره. وجعل ابن البُعيث يناصح المعتصم، ودلّه على عورة بلاد بابَك، ثم كانت وقعة كبيرة بين بابَك والأفشين انهزم فيها بابَك، وقُتِل من أصحابه نحو الألف، وهرب إلى مُوقان، ومنها إلى مدينته التي تُسمى البَذّ، وبعث الأفشين بالرؤوس والأسارى إلى بغداد1. "محنة الإمام أحمد": وفي رمضانها كانت محنة الإمام أحمد، وضُرِب بالسّياط، ولم يُجِب. وسيأتي ذلك في ترجمته. "إنشاء المعتصم لمدينة سُرّ من رأى": وفي ذي القعدة نزل المعتصم بالقاطول وأمر بإنشاء مدينة سُرّ من رأى، فاشترى أرضها من رُهبان لهم دير هناك. وقد كان الرشيد ينزل بالقاطول لِطيبه. واستخلف المعتصم على بغداد ولده الواثق2. "غضب المعتصم على وزيره الفضل": وفيها: غضب المعتصم على وزيره الفضل بن مروان وصادره، وأخذ منه أموالًا عظيمة تفوق الوصف، حتّى قيل: إنّه أخذ منه عشرة آلاف ألف دينار، واستأصله وأهل بيته ونفاه إلى السّنّ، قرية بطريق الموصل3. وولي بعد الوزارة محمد بن عبد الملك الزّيّات. "عناية المعتصم باقتناء التُّرْك": واعتنى المعتصم باقتناء التُّرْك، فبعث إلى سمرقند وفَرغانة والنّواحي في شرائهم،

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 12، 13". 2 تاريخ الطبري "9/ 17". 3 تاريخ الطبري "9/ 18-20".

وبذل فيهم الأموال، وألبسهم أنواع الدِّيباج ومناطق الذهب. فكانوا يطردون خيلهم ببغداد ويُؤْذُون الناس. فربّما ثار أهل البلد بالتركيّ فقتلوه عند صدْمه للمرأة والشيخ. فعزم المعتصم على التحوّل من بغداد وتنقل على دجلة، والقاطول هو نهر منها، فانتهى إلى موضع سامرّاء، وفي مكانها دير عالي لرهبان. فرأى فضاءً واسعًا جدًّا وهواءً طَيِّبًا فاستمرأه، وتصيّد ثلاثًا فوجد نفسه تطلب أكثر من أكله، فعلم أنّ ذلك لتأثير الهواء والتُّرْبة والماء. فاشترى من أهل الدَّيْر أرضهم بأربعة آلاف دينار، وأسّس قصره بالوزيريّة التي يُنسب إليها التّين الوزيريّ العديم النظير في الحسن. وجمع عليها الفَعَلَةَ والصُّنّاع من الممالك. ونقل إليها أنواع الأشجار والغُرُوس، واختُطَّت الخِطّط والدُّروب، وجدّوا في بنائها، وشُيّدت القصور، واستُنْبِطت المياه من دجله وغيرها، وتَسَامع النّاس وقصدوها، وكثُرت بها المعايش.

ذكر أهل هذه الطبقة مرتبة على الحروف

"ذكر أهل هذه الطبقة مرتبة على الحروف": "حرف الألف": 1- أحمد بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق1. م. د. ت. ن. أبو إسحاق الحضرمي، مولاهم البصْريّ، أخو المقرئ يعقوب. كان أسن من يعقوب. روى عن: عِكْرمة بن عمّار، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وهَمَّام، ووُهَيْب، وأبي عَوَانة، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، وأبو بكر بن أبي شَيْبة، وإبراهيم الْجُوزَجَانيّ، وإسحاق الحربيّ، وأبو خَيْثمة، وولده أحمد بن أبي خَيْثمة، والحارث بن أبي أسامة، وعبد بن حُمَيْد وطائفة. وثّقه أبو حاتم، والنَّسائي. ومات سنة إحدى عشرة، وكان يحفظ حديثه.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 304"، التاريخ الكبير"2/ 1"، الجرح والتعديل "2/ 40"، الثقات لابن حبان "8/ 3"، سير أعلام النبلاء "10/ 174، 175"، تهذيب التهذيب "1/ 14".

2- أحمد بن إشكاب الصفار1: -خ- أبو عبد الله، كوفيّ نزل مصر. قيل: اسمه أحمد بن مَعْمَر بن إشْكاب، وقيل: أحمد بن عبد الله بن إشْكاب. سمع: شَرِيكًا، وعبد السّلام بن حرب، ورِفاعة بن إياس الضَّبِّيّ، ومحمد بن فُضَيْلٍ، وأبا بكر بن عيّاش، وجماعة. وعنه: خ، ويعقوب الفَسَويّ، وأحمد بن عيسى اللّخْميّ الخشّاب، وبكر بن سهل الدِّمياطيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو حاتم الرّازيّ، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة مأمون. وقال ابن يونس في تاريخه: تُوُفّي سنة سبْع أو ثمان عشرة. 3- أحمد بن أوفى الأهْوازيّ2: عن: عَبّاد بن منصور، وشُعْبة. وعنه: مَعْمَر بن سهل، وغيره. 4- أحمد بن أيّوب السَّمَرْقَنديّ3: نزيل مَرْو. عن: أبي حمزة السُّكَّريّ. وعنه: إسحاق بنُ راهَوَيْه، والنَّضْر بن سَلَمَةَ، وغيرهما. 5- أحمد بن تَوْبة السُّلَميّ المَرْوَزيّ المُطَّوَّعيّ: الغازي الأمير المجاهد البطل الزّاهد. سمع: ابن المبارك، وإبراهيم بن المغيرة، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وحَرْمَلَة بن عبد العزيز. وعنه: إسحاق الكَوْسَج، وعبد الله بن أحمد بن شَبوَيْه، ويحيى بن المثنى.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 4"، الجرح والتعديل "2/ 77"، سير أعلام النبلاء "10/ 576"، تهذيب التهذيب "1/ 16". 2 الثقات لابن حبان "8/ 4"، ميزان الاعتدال "1/ 84"، لسان الميزان "1/ 138، 139". 3 التاريخ الكبير "2/ 2"، الجرح والتعديل "2/ 40"، الثقات لابن حبان "8/ 4".

ذكره ابن ماكولا فقال: لم يتهدف للتحديث. قال: وكان يقال: إنه مستجاب الدعوة. فتح استيجاب في أربعين رجلا. وبها أولادهم تعرف بأولاد الأربعين، يشار إليهم في استيجاب. قال غُنْجار: سكن أحمد بن توبة بِيكَنْد، وبها تُوُفّي. 6- أحمد بن جعفر1: أبو عبد الرحمن الوكيعيّ الكوفيّ الضّرير الحافظ. عَنْ: حفص بن غياث، ووكيع، وغيرهما. وكان أبو نعيم يقول: ما رأيت أحفظ منه. وعنه: إبراهيم الحربي، وقال: كان يحفظ مائة ألف حديث، وما أحسبه سمع حديثًا إلا وحفظه. قلت: وروى عنه أحمد بن القاسم الأنماطي. وَقَالَ: إِبْرَاهِيمُ الحربي: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لأَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَكِيعِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي لأُحِبُّكَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عبيد، عن المقدام قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ" 2. وَقَالَ أَبُو داود: كَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَكِيعِيُّ يَحْفَظُ الْعِلْمَ عَلَى الْوَجْهِ. وَقَالَ الَّدارقُطْنيُّ: هُوَ ثِقَةٌ، وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ. 7- أحمد بن حفص3: أبو حفص البخاريّ الفقيه الحنفيّ. عالم أهل بُخارى في زمانه. ووالده شيخ

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 58، 59". 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "5124"، والترمذي "2391"، والبخاري في الأدب المفرد "542"، وأحمد في المسند "4/ 130"، والحاكم في المستدرك "4/ 171"، وابن حبان في صحيحه "570"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "279". 3 المعرفة والتاريخ للفسوي "1/ 642"، سير أعلام النبلاء "10/ 157-159".

بُخَارى أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حفص الفقيه. لم أظفر بأخباره، وقد تُوُفّي في المحرّم سنة سبْع عشرة ومائتين. رحل وتفقّه بمحمد بن الحسن. وسمع من وكيع وطبقته. قال محمد بن أبي رجاء البخاريّ: سمعت أبا حفص أحمد بن حفص يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم، عليه قميصٌ، وامرأة إلى جَنْبه تبكي. فقال لها: لَا تبكي، فإذا مِتُّ فابكي. قال: فلم أجد من يُعبّرها لي، حتّى قال لي إسماعيل والد البخاريّ: إنّ السُّنّة قائمة بعدُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأَدِيبُ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ نَصْرٍ الشَّاعِرَ يَقُولُ: تَذَاكَرْنَا الْحَدِيثَ: "إِنَّ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عَلَمَ الزَّمَانِ" 1. فَبَدَأْتُ بِأَبِي حَفْصٍ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ فَقُلْتُ: هُوَ فِي فِقْهِهِ وَوَرَعِهِ وَعَمَلِهِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عَلَمَ الزَّمَانِ. ثُمَّ ثَنَّيْتُ بِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فَقُلْتُ: هُوَ فِي مِعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَطُرُقِهِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عَلَمًا. ثُمَّ ثلَّثْتُ بِأَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ السُّرْمَارَائِيِّ فَقُلْتُ: رجلٌ يَقْرَأُ عَلَى مِنْبَرِ الْخِلَافَةِ هَهُنَا يَقُولُ: شَهِدْتُ مَرَّةً أَنَّ رَجُلًا وَحْدَهُ كَسَرَ جُنْدَ الْعَدُوِّ، فَإِنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ علَمَ الزَّمَانِ. قَالُوا: نَعَمْ. وُلد أحمد بن حفص سنة خمسين ومائة، ولقي أيضًا هُشَيْمًا، وجرير بن عبد الحميد. أَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْخَلّالِ، أنا جعفر، أنا السفلي، أَنَا ابْنُ الطُّيُورِيِّ، أَنَا هَنَّادُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ بِبُخَارَى، ثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ حَمْدُوَيْهِ، أنا أحمد بن عمر بْنُ دَاوُدَ، ثَنَا أَبُو حَفْصٍ أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعَةٍ: بِاللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وبالقدر خيره وشره من الله" 2.

_ 1 حديث صحيح بلفظ مختلف: أخرجه أبو داود "4291"، والحاكم في المستدرك "4/ 522"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "599". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "2145"، وابن ماجه "81"، وأحمد في المسند "1/ 97"، وابن حبان في صحيحه "178"، والحاكم في المستدرك "1/ 32، 33"، والبغوي في شرح السنة "66"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع "7584".

8- أحمد بن حُمَيْد1: أبو الحسن الطُّرَيْثِيثّي الكوفيّ خَتَنُ عُبَيد الله بن موسى، ويعرف بدار أم سلمة. كان من حُفّاظ الكوفة. سمع: حفص بن غِياث، وابن المبارك، وعبد الله الأشجعيّ، ومحمد بن فُضَيْل، ويحيى بن أبي زائدة، وجماعة. وعنه: خ، وحنبل بن إسحاق، والدّارمّي، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن إسماعيل التِّرمِذِيّ، وآخرون. وثقة أبو حاتم. وقال مُطَيِّن: مات سنة عشرين. 9- أحمد بن خالد بن موسى2 -ع: ويقال: ابن محمد. أبو سعيد الوَهْبيّ الكنديّ الحمصي، أخو محمد بن خالد. روى عن: محمد بن إسحاق، ويونس بن أبي إسحاق، وشَيْبان، وعبد العزيز الماجِشُون، وإسرائيل، وجماعة. وعنه: البخاريّ خارج "الصّحيح" ومحمد بن يحيى، وَسَلَمَةُ بن شبيب، ومحمد بن مُصَفَّى، ويحيى، وَعَمْرو ابنا عثمان بن سعيد، وصَفْوان بن عَمْرو، ومحمد بن خالد بن خَلِيّ، وموسى بن عيسى بن المُنْذر، وعِمران بن بكّار، وأحمد بن عليّ الدمشقي الخرّاز، وأحمد بن عبد الوّهاب بن نَجْدَة، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ. وقال ابن مَعِين في رواية أبي زُرْعة عنه: ثقة. وقال ابن أَبِي عاصم: مات سنة أربع عشرة.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 2"، الجرح والتعديل "2/ 46، 47"، الثقات لابن حبان "8/ 5"، التهذيب "1/ 26". 2 التاريخ الكبير "2/2"، الجرح والتعديل "2/ 49"، الثقات لابن حبان "8/ 6"، التهذيب "1/ 26، 27".

10- أحمد بن محمد بن الوليد بن عُقبة1 بن الأزرق بن عَمْرو بن الحارث بن أبي شَمِر. أبو الوليد الغساني الأزْرَقيّ المكّيّ. جدّ صاحب "تاريخ مكة" أبي الوليد مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الأزرقيّ. روى عن: عَمْرو بن يحيى بن سعيد الأموي، ومالك، وأبو حاتم، وعبد الجبّار بن ورد، وإبراهيم بن سعد، وفُضَيْل بن عِياض، ومسلم بن خالد الزّنْجيّ، وجماعة. وعنه: البخاريّ، ومحمد بن سعد كاتب الواقديّ، وأبو حاتم، وأبو بكر الصّاغانيّ، وحنبل بن إسحاق، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر التِّرْمِذيّ آخر من روى عنه، إلا أنْ يكون محمد بن علي الصّائغ. وثّقه أبو حاتم، وغيره. 11- أحمد بن المفضّل الْقُرَشِيُّ الحَفَريّ2: مولى عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. عن: الثوري، والحَسَن بن صالح، وإسرائيل، وأسباط بن نصر. وعنه: أبو بكر بن أبي شَيْبَة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم. كان صَدُوقًا، من رؤساء الشيعة. مات في ذي القعدة سنة خمس عشرة ومائتين. 12- أحمد بن يعقوب المسعوديّ الكوفيّ3: عن: إسحاق بن سعيد بن عَمْرو بن سعيد الأُمويّ، وعبد الرحمن بن الْغَسِيلِ، ويزيد بن المِقدام بن شرُيَحْ. وعنه: البخاريّ، ومحمد بن عبد الله بن نُمَيْر، وأبو سعيد الأشج، والدارمي، وجماعة.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 202"، التاريخ الكبير "2/ 3"، الجرح والتعديل "2/ 70"، الثقات لابن حبان "8/ 7"، التهذيب "1/ 79". 2 الطبقات الكبرى "6/ 410"، التاريخ الكبير "2/ 5"، الجرح والتعديل "2/ 77"، الثقات لابن حبان "8/ 28"، التهذيب "1/ 81". 3 التاريخ الكبير "2/2"، الجرح والتعديل "2/ 80"، الثقات لابن حبان "8/ 4"، تهذيب التهذيب "1/ 91".

13- أحمد بن يوسف1. أبو جعفر الكوفي، مولى بني عجل. كان أحد الأذكياء والأُدباء والشعراء، ولي كتابةَ الرسائل للمأمون. قال الخطيب: كان من أذكى الكُتّاب وأفطنهم، وأجمعهم للرسائل. فصيح اللّسان، حَسَن الخَطّ. قال: وبلغني أنّه تُوُفّي سنة ثلاث عشرة ومائتين. وهو القائل: إذا قُلت في شيءٍ: نعم فَأتِمَّهُ ... فإنَّ نَعَم ديْنٌ على الْحُرِّ واجب وإلّا فَقُلْ: لَا واسْتَرِحْ وأرِح بها ... لكيلا تقول الناس: إنّك كاذب وعن أبي هفّان قال: أهدى أحمد بن يوسف للمأمون هدّية وكتب معها: على العبد حقٌّ فهو لَا بُدَّ فاعِلُهْ ... وإنْ عظُم المولى وجلَّت فَوَاضلهْ ألم ترنا نُهدي إلى الله ماله ... وإن كان عنه ذا غِنًى فهو قابلُهْ ولو كان يُهْدَى للمليك بقدْره ... لقصّر علُّ البحر عنه وناهلُهْ ولكنّنا نُهْدي إلى مَن نُجِلُّهُ ... وإنْ لم يكن في وُسْعنا ما شاكله وله: قلبيِ يحبّك يا مُنَى ... قلبي ويُبْغضُ من يُحبُّكْ لأكونَ فردًا في هوا ... ك فليتَ شِعري كيف قلبُكْ؟ 14- أحمد بن أبي خالد يزيد بن عبد الرحمن 2: أبو العبّاس الكاتب الأحوال. ولي وزارة المأمون بعد الفضل بن سهل، ولكنْ لم يبلغ مرتبة الفضل. وكان خبيرًا مدبِّرًا كريمًا جوادًا ذا رأيٍ ودَهاء، إلّا أنّه كانت فيه فظاظة ودعارة أخلاق. يقال: إنّ رجلًا قال له يومًا: لقد أعطيت ما لم يعطه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.

_ 1 الأغاني "23/ 81، 117-121"، تاريخ بغداد "5/ 216-218"، البداية والنهاية "10/ 269". 2 تاريخ الطبري "8/ 575"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 118-120".

فقال: لئن لم تخرج ممّا قلت، لأُعاقبنّك. فقال: قال الله تعالى لنبيّه عليه الصّلاة والسلام: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] وأنت فظٌّ غليظٌ وما يُنْفَضّ من حولك. يقال: إنّ أصله من الأردن، كتب لبعض أمراء دمشق ثم ترقّت به الحال إلى الوزارة. وكان أبوه كاتبًا لوزير المهديّ أبي عُبيد الله، ثم صار كاتبا للهادي، فمات بجُرجان مع الهادي. وقد ناب أحمد بن أبي خالد في الوزارة عن الحَسَن بن سهل. حكى الصُّوليّ قال: بعث أحمد بن أبي خالد بإبراهيم بن العبّاس إلى طلحة بن طاهر وقال: قل له: ليست لك ضَيعة بالسّواد، وهذه ألف ألف درهم فاشتَرِ بها ضيعة، والله لئن قبلتَ لتَسُرُّني، وإنْ أبَيتْ لتُغْضِبني. فردّها وقال: أنا أقدر على مثلها، وأخْذُها اغتنام. والحال بيننا ترتفع عن أن يزيد في الودّ أخذُها أو يُنْقِصُه رَدّها. قال: فما رأيتُ أكرمَ منهما. وعن أحمد بن رُشَيْد قال: أمر لي ابن أبي خالد بمالٍ، فامتنعت من قبوله، فقال لي: واللهِ إنّي لأُحِبّ الدَّراهم، ولولا أنّك أحبّ إليّ منها ما بذلتُها. وقال أحمد بن أبي طاهر: كان أحمد بن أبي خالد أَسِيّ اللّقاء، عابس الوجه، يهرّ في وجه الخاصّ والعامّ. غير إنّ فِعْلَه كان أحسن من لقائه. ومن كلامه: لَا يُعَدّ شُجاعًا من لم يكن جوادًا، فإنْ لم يقدر على نفسه بالبذْل لم يقدر على عدوّه بالقتل. تُوُفّي في آخر سنة اثنتي عشر ومائتين. 15- أحمد بن أبي الطَّيِّب المَرْوزِيّ1: سكن مَرْو ثمّ الرّيّ، ثمّ قدم بغداد. وولي شرطة بخارى.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 3، 4"، الجرح والتعديل "2/ 52"، ميزان الاعتدال "1/ 102"، تهذيب التهذيب "1/ 44"، الضعفاء والمتروكين للدارقطني "64".

عن: إبراهيم بن سعد، وإسماعيل بن مُجالد، وخالد بن عبد الله، ومُصْعَب بن سلّام، وعبد الله بن المبارك، وعُبَيد الله بن عَمْرو. وعنه: البخاريّ، وأحمد بن سَيَّار، وعبد الله بن منير المَرْوَزِيّان، وأبو زُرْعَة الرّازيّ، وأبو بكر الأثرم. ضعّفه أبو حاتم. وقال أبو زُرْعَة: كان حافظًا، محلُّه الصِّدْق. وخرّج له التِّرْمِذيّ. 16- أبان بن سُفْيان البَجَليّ: روى الكثير عن: زائدة، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وهمَّام. وعنه: محمد بن إسماعيل، وغيره. توفي سنة أربع عشرة ومائتين. وهو متروك. 17- إبراهيم بن إسحاق بن عيسى الطالقاني1. أبو إسحاق: عن: المنكدر بن محمد بن المنكدر، وعبد الله بن المبارك، والوليد بن مسلم. وعنه: أحمد بن حنبل، والصاغاني، والرمادي. وثقة يحيى بن معين. توفي بمرو سنة خمس عشرة ومائتين. قاله الخطيب. وقيل: إنه سمع من مالك، وصنّف كتاب "الرؤيا" وكتاب "الفرس" وغير ذلك. 18- إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة2: أبو إسحاق الأسدي البصري المتكلم الجهمي.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 273"، الجرح والتعديل "2/ 86"، الثقات لابن حبان "8/ 68"، تهذيب التهذيب "1/ 103، 104". 2 تاريخ بغداد "6/ 20-23".

وقد ناظر الشافعي، وكان يقول بخلق القرآن ويناظر عليه. وكان يرد خبر الواحد، ويقول: الحُجّة بالإجماع. فقال له الشافعي في مناظرته: أبإجماع رددت خبر الواحد، أم بغير إجماع؟ فانقطع. وقد ذكره أبو سعيد بن يونس فقال: له مصنَّفات في الفقه تُشْبه الْجَدَل. روى عنه: بحر بن نصر الخولاني، وياسين بن زرارة القِتْبانيّ. قلت: وكان الإمام أحمد يقول: ضالٌّ مُضِلّ. تُوُفّي ابن عُلَيَّة بمصر سنة ثمان عشر، وكان أبوه من أئمّة الإسلام. 19- إبراهيم بن الجرّاح بن صُبيح التَّميميّ ثم المازنيّ1: مولاهم المَرْوَزِيّ ثم الكوفيّ. ولي قضاء مصر بعد إبراهيم بن إسحاق سنة خمسٍ ومائتين، وعُزل سنة إحدى عشرة. وتُوُفّي في أول سنة سبع عشرة أو تسع عشرة. روى عن: يحيى بن عُقْبة بن أبي العَيْزَار، شيخ حافظ. روى عنه: حَرْمَلَة، وأحمد بن عبد المؤمن. وشهد عليه حَرْمَلَة بأنّه يقول بخلْق القرآن. وقال يونس بن عبد الأعلى: كان داهية عالمًا. وذكره ابن يونس. 20- إبراهيم بن حُميد بن تَيْرَوَيْه الطّويل البصْريّ2: لم يُدْرك الأخذَ عن والده. وحدّث عن: شعبة، ومبارك بن فَضَالَةَ، والحَكَم بن عطّية، وحمّاد بن سلمة، وصالح بن أبي الأخضر.

_ 1 الولاة والقضاة للكندي "427-433". 2 الجرح والتعديل "2/ 94"، الثقات لابن حبان "8/ 68".

روى عنه: أبو مسلم الكَجّيّ، وهشام بن علي السِّيرافيّ، وعبد الله بن محمد بن النُّعمان، ومحمد بن سليمان الباغَنديّ، ومحمد بن سليمان المِصِّيصيّ، وأحمد بن داود المكّيّ شيخا الطّبرانيّ. وهو صدوق. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة تسع عشرة. 21- إبراهيم بن أبي العبّاس السّامري1: عن: أبي مَعْشَر السِّنديّ، وشَرِيك. وعنه: أحمد بن حنبل، والعبّاس الدُّوريّ، والصّنْعانيّ. وثّقه الدّارَقُطْنيّ. 22- إبراهيم بن عمر بن مطرِّف2: -خ. ع-. مولى بني هاشم المكّيّ ثم البصْريّ. أخو محمد بن أبي الوزير. عن: عبد الرحمن بن الغسيل، ونافع بن عمر، وزَنْفَل العَرَفيّ، ومالك بن أنس. وعنه: عبد الله بن محمد المسندي، وبندار، ومحمد بن المثنى. وكان حيًا في سنة ثلاثٍ ومائتين. 23- إبراهيم بن عيسى3: أبو إسحاق البصْريّ الخلّال. عن: سفيان الثَّوريّ، ومبارك بن فَضَالَةَ، وأبي هلال. قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي سنة أربع عشرة ومائتين.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 346"، الجرح والتعديل "2/ 121"، الثقات لابن حبان "8/ 68"، ميزان الاعتدال "1/ 39"، التهذيب "1/ 131". 2 التاريخ الكبير "1/ 333"، الجرح والتعديل "2/ 114"، الثقات لابن حبان "8/ 65"، تهذيب التهذيب "1/ 147، 148". 3 الجرح والتعديل "2/ 116".

24- إبراهيم بن نصر السُّورينيّ: قد ذُكر فيحوَّل. 25- إبراهيم المَوْصِليّ: في طبقة هشُيم. مَرّ. 26- أحوصُ بن جواب1 -م. د. ت. ن-. أبو الجواب الضبي الكوفي. عن: عمّار بن رُزَيْقٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، ويونس بن إسحاق، وسُفيان الثَّوريّ، وسُليمان بن قرَمْ. وعنه: أبو خَيْثَمَة، وحجّاج بن الشّاعر، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو بكر الصّاغانيّ، وأحمد بن يونس الضَّبّيّ الإصبهانيّ. 27- إدريس بن يحيى2: أبو عَمرو مولى بنى أُمّية المصريّ المعروف بالخَولانيّ الزاهد. عن: حَيْوَة بن شُرَيْح، ورجاء بن أبي عطاء، وبكر بن مُضَر، وحَرْمَلَة بن عِمران. وعنه: أبو الطاهر بن السرح، وسعيد بن أسد بن موسى، ويونس بن عبد الأعلى الصَّدفيّ، وجماعة. قال أبو زُرْعة الرازيّ: صَدُوق. وقال غيره: كان يُقال: إنّه من الأبدال. وكان يُشَبَّه بِبِشْر الحافي في فضله وعبادته. توفي سنة إحدى عشرة ومائتين. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بمصر، أنا محمد بن عباد، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عمر، أنا أبو الطاهرأحمد بن محمد بن

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 58، 59"، الجرح والتعديل "2/ 328"، الثقات لابن حبان "6/ 89"، التهذيب "1/ 191، 192". 2 الجرح والتعديل "2/ 265"، الثقات لابن حبان "8/ 133"، سير أعلام النبلاء "10/ 165، 166".

عَمْرٍو "ح"، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي، وَأَنَا أَبُو العباس ابن الْحَاجِّ الإِشْبِيلِيُّ: ثَنَا أَبُو الْفَوَارِسِ أَحْمَدُ بْنُ محمد الصابوني إملاءً، قالا: ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى الْخَوْلانِيُّ، ثَنَا رَجَاءُ بْنُ أَبِي عَطَاءٍ الْمُؤَذِّنُ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكَعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَطْعَمَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ حَتَّى يُشْبِعَهُ، وَسَقَاهُ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى يَرْوِيَهُ، بَعَّدَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ سَبْعَ خَنَادِقَ، مَا بَيْنَ كُلِّ خَنْدَقٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ"1. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جَيِّدُ الإِسْنَادِ. رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ مِصْرِيُّونَ أَوْ نَازِلُونَ بِدِيَارِ مِصْرَ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مَكَارِمِ الأَخْلاقِ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"، نَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بِمِصْرَ، نَا إِسْحَاقُ بْنُ كَامِلٍ، نَا إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى، نَا حَيْوَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعْفَرًا إِلَى الْحَبَشَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ اعْتَنَقَهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَلا أَهَبُ لَكَ، أَلا أُبَشِّرُكَ، أَلا أَمْنَحُكَ" فَذَكَرَ صَلاةَ التَّسْبِيحِ2. ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ. أخبرنا أبو إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، أَنَا يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ، أَنَا أبو الفضائل الكاغِديّ، أنا أبو عليّ الحدّاد، أنا أبو نُعَيم الحافظ، نا عليّ بن هارون: ثنا موسى بن هارون الحافظ: سمعت ابن زَنْجَوَيْه -فيما أرى يذكر- أنّ إدريس بن يحيى الخَوْلانيّ كان بمصر كبِشْر بن الحارث عندنا ببغداد. قال موسى: ولا أظنُّهم كانوا يقدّمون عليه أحدًا. وَبِهِ أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا أَحْمَدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ حَرْمَلَةَ: ثَنَا جَدِّي، ثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ أَبِي شِهَابٍ، عَنْ نَافِعٍ،

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه الطبراني في الكبير "20/ 162"، عن معاذ، والحاكم في المستدرك "4/ 144"، والبيهقي في شعب الإيمان "3/ 281"، وذكره الهيثمي في المجمع "3/ 130"، وقال: رواه الطبراني في الأوسط بنحوه، وفيه جاء بن أبي عطاء وهو ضعيف، وذكره الشيخ الألباني في الترغيب والترهيب، وقال: موضوع. 2 "حديث موضوع": أخرجه عبد الرزاق في المصنف "5004"، والحاكم في المستدرك "1/ 319"، وذكره الشيخ الألباني في الترغيب والترهيب. وقال: موضوع.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ قَالَ: "يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ بِيَدِهِ وَالسَّمَاوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ" 1. قال يونس بن عبد الأعلى: ما رأيتُ في الصُّوفية عاقلًا إلّا إدريس بن يحيى الخَوْلَانيّ. قلت: كان إدريس بن يحيى من سادة الأولياء بالدّيار المصريّة، رحمه الله ورضي عنه. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سُئِل أبو زُرْعة عنه فقال: رجل صالح من أفاضل المسلمين، صدوق. وعن عبد الله بن عبد الحَكَم: سمعت ابن وهيب يقول: ما رأيت صوفيًا قطّ إلّا أحمق، إلا إدريس بن يحيى. 28- آدم بن أبي إياس العسقلانيّ الإمام 2: اسم أبيه عبد الرحمن، وقيل: ناهية بن شعيب. أبو الحسن الخُراسانيّ المَرْوَزيّ. نشأ ببغداد وسمع بها الكثير، وبالحرمين، والكوفة، والبصرة، والشام، ومصر. وسكن عسقلان إلى أن مات بها. روى عن: ابن أبي ذئب، وشَيبان النَّحْوِيِّ، وإسرائيل، وحفص بن مَيْسرة، وحَريز بن عثمان، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وشُعْبة، والمسعوديّ، والليث بن سَعْد، ومبارك بن فَضَالَةَ، وطائفة. وعنه: خ، وت، ون، وق بواسطة، وأحمد بن الأزهر، وأحمد بن عبد الله العَكّاويّ اللَّحْيانيّ، وأسحاق بن سُوَيْد الرَّمْليّ، وإسحاق بن إسماعيل الرَّمليّ نزيل إصبهان، وسَمُّوَيْه، وثابت بن نُعَيم الهُوجيّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وهاشم بن مرثد

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه البخاري "7412"، ومسلم "2788"، وأبو داود "4732" كلهم من طرق عن ابن عمر وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه البخاري "6519"، ومسلم "2787"، وغيرهم. 2 الطبقات الكبرى "7/ 490"، التاريخ الكبير "2/ 39"، الجرح والتعديل "2/ 268"، الثقات لابن حبان "8/ 134"، سير أعلام النبلاء "10/ 335-338"، تهذيب التهذيب "1/ 196".

الطبراني، وأبو حاتم، وخلْق كثير. وقال أبو حاتم: ثقة مأمون متعبّد، من خيار عباد الله. وقال أحمد بن حنبل: كان مَكِينًا عند شُعبة، وكان من السّتّة الذين كانوا يضبطون الحديث عند شُعبة. وقال أبو حاتم: حضرتُ آدَمَ بنَ أبي إياس وقال له رجل: سمعت أحمد بن حنبل، وَسُئِلَ عن شُعبة، كان يُملي عليهم ببغداد أو كان يقرأ؟ قال: كان يقرأ، وكان أربعة أنفس يكتبون: آدم وعلي النَّسائيّ. فقال آدم: صَدَق أحمد. كنتُ سريع الخطّ، وكنت أكتب، وكان الناس يأخذون من عندي. وقدِم شُعْبة بغدادَ، فحدّث بها أربعين مجلسًا، في كلّ مجلس مائة حديث، فحضرت أنا منها عشرين مجلسًا. وقال إبراهيم بن الهيثم البلديّ: بلغ آدمُ نيّفًا وتسعين سنة، وكان لَا يَخْضِب. كان أشغل من ذلك، يعني في العبادة. وقال الحسين الكوكبيّ: حدّثني أبو عليّ المَقْدِسيّ قال: لما حضَرت آدمَ بنَ أبي إياس الوفاةُ ختم القرآنَ وهو مُسجّى. ثم قال: بُحبيّ لك ألا رَفَقْتَ، فلِهذا المصرع كنت أُؤَمّلك، لهذا اليوم كنت أرجوك. ثم قال: لَا إله إلّا الله، ثم قضى1. وقال أبو بكر الأَعْيُن: أتيت آدَمَ العسقلانيّ فقلت له: عبد الله بن صالح كاتب اللّيث يُقْريك السّلام. فقال: لَا تُقْريه منّي السّلام. قلت: لِمَ؟ قال: لأنه قال: القرآنُ مخلوق. فأخبرته بعُذْره وأنّه أظهر النّدامة وأخبر النّاس بالرجوع. قال: فاقْرِيه السلام. وَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ بَغْدَادَ فاقرأ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ السَّلامَ وَقُلْ لَهُ: يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ وَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِمَا أَنْتَ فِيهِ، وَلا يَسْتَفِزَّنَّكَ أَحَدٌ، فَإِنَّكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مُشْرِفٌ عَلَى الْجَنَّةِ. وَقُلْ لَهُ: ثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي

_ 1 أخرجه ابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 308".

هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَرَادَكُمْ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلا تُطِيعُوهُ" 1. قَالَ: فَأَبْلَغْتُ ذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ حَيًّا وَمَيِّتًا، فَلَقَدْ أَحْسَنَ النَّصِيحَةَ. وقال محمد بْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ عشرين، وهو ابن ثمانٍ وثمانين سنة. وقال الفَسَويّ، ومطِّين: مات سنة عشرين. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: سنة إحدى وعشرين. قلت: حدّث عنه من القُدَمَاء بشِرْ بن بكر التِّنِّيسيّ. 29- إسحاق بن إبراهيم الحُنَيْنِيّ المدنّي2: نزيل طَرَسُوس. عن: أسامة بن زيد بن أسلم، وسُفيان الثَّوريّ، وكثير بن عبد الله المُزَنّي، ومالك، وجماعة. وعنه: عليّ بن ميمون الرَّقّيّ، ومحمد بن عَون الطّائيّ، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم، وفهد بن سليمان المصريّ، وأحمد بن إسحاق الخشّاب. قال البخاريّ: في حديثه نظر. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ضعيف. مات سنة ست عشرة.

_ 1 حديث صحيح لغيره: أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد "7/ 28، 29"، وللحديث طرق أخرى ففي الباب عن علي أخرجه البخاري "7257"، ومسلم "1840"، وأبو داود "2625"، وأحمد "1/ 94"، وابن حبان في صحيحه "4567"، وفي الباب عن أبي سعيد أخرجه ابن ماجه "2863"، وأحمد "3/ 67"، وابن حبان "4558". 2 التاريخ الكبير "1/ 379"، الجرح والتعديل "2/ 208"، الثقات لابن حبان "8/ 115"، الميزان "1/ 179، 180".

30- إسحاق بن بكر بن مُضَر بن محمد بن حكيم1: -م. ن-: أبو يعقوب المصري. سمع أباه فقط. وعنه: الحارث بن مسكين، ومحمد وعبد الرحمن ابنا عبد الله بن عبد الحَكَم، وأخوهما سعْد، وموسى بن قريش التّميميّ، والربيع بن سليمان الْجِيزيّ، وخلْق آخرهم: يحيى بن عثمان بْن صالح. قَالَ أَبُو حاتم: لَا بأس به، عنده دَرْج عن أبيه. وقال ابن يونس: كان فقيهًا مُفْتِيًا، وكان يجلس في حلقة اللّيث بن سَعْد ويُفْتي بقول اللّيث، وكان ثقة. توفي سنة ثمان عشرة. وقال غيره: وُلد سنة اثنتين وأربعين ومائة. قلت: أظنه تفقّه على اللّيث. 31- إسحاق بن بُرَيْه الكوفيّ: عن: أبان بن تغلب، وسليمان بن قرم، وعمّار بن زُرَيق. وعنه: يحيى بن زكريا بن شيَبان، وجعفر بن عَمرو بن عنبسة، وسليمان بن عبد الملك، وأحمد بن الحسن بن عبد الملك الكوفيّون. كان صدوقا. 32- إسحاق بن حسّان2 أبو يعقوب الخزيمي المُرّيّ: مولاهم الشاعر، له ديوان مشهور. قال أبو حاتم السّجسْتانيّ: الخُرَيْميّ أشعر المُوَلَّدين. وعن المبرّد قال: كان جميل الشّعِر، مقبولًا عند الكُتَّاب. ذهبت عيناه بعد السّبعين ومائة. روى عنه من شِعْره: الجاحظ، وأحمد بن عُبَيد بن ناصح.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 383"، الجرح والتعديل "2/ 214"، الثقات لابن حبان "8/ 113"، التهذيب "1/ 227، 228". 2 تاريخ الطبري "8/ 251"، تاريخ بغداد "6/ 326"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 437-440".

33- إسحاق بن خَلَف الكوفيّ1: صاحب الحسن بن صالح بن حيّ. زاهد عابد، نزل بالشام وروى عن: حفص بن غِياث. وروى عنه: أحمد بن أبي الحواري، وقال: كان من الخائفين لله، ما دخل الشام عراقيّ منذ ستّين سنة خيرٌ منه. وقال: سمعته يقول: مَن دخل في السّفر والبرّيّة بِلا زاد فمات، كان على غير السُّنّة. وقال ابن أبي الحواريّ: قال لي عمر بن حفص بن غِياث: خرج إسحاق بن خلَفَ من الكوفة وما يُعْدَلُ به أحد. 34- إسحاق بن سالم الضَّبّيّ البصْريّ الصّائغ2: عن: عبد الواحد بن زياد، وفُضَيْل بن عِياض، وجماعة. وعنه: أبو حاتم: وقال: ثقة لقيته في أيّام الأنصارّي. 35- إسحاق بن عيسى بن نجيح بن الطباع3: -م. ت. ن. ق- أبو يعقوب. أخو محمد ويوسف. بغداديّ ثقة. نَزَل أَذَنَة. سمع: مالكًا، وابن لَهِيعَة، وحمّاد بن زيد، وشَرِيكًا، وجرير بن حازم، وحمّاد بن سَلَمَةَ، والقاسم بن معن المسعوديّ، وطائفة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بن منيع، وأبو خيَثْمَة، وعبد الله الدّارميّ، والحارث بن أبي أُسَامة، ويعقوب بن شيْبَةَ، ويوسف بن مسلم، وخلْق. قال صالح جزرة: صدوق.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 219". 2 الجرح والتعديل "2/ 222". 3 الطبقات الكبرى "7/ 343"، التاريخ الكبير "1/ 399"، الجرح والتعديل "2/ 230، 231"، الثقات لابن حبان "8/ 114"، تهذيب التهذيب "1/ 245".

ولُد سنة أربعين ومائة. وقال ابن سعد: مات بأذَنة في ربيع الأوّل سنة خمس عشرة. وقيل: سنة أربع عشرة. 36- أسد بن الفُرات1: الفقيه أبو عبد الله القَيْروانيّ المغربيّ، مولى بنى سُلَيم. أحد الكبار من أصحاب مالك. وُلِدَ بحَرّان سنة خمسٍ وأربعين ومائة، ودخل القيروان مع أبيه في الغزو. وقال ابن ماكولا: أسد بن الفرات قاضي إفريقية، مولده في سنة أربع وأربعين ومائة. روى "الموطّأ"، ورحل إلى الكوفة فأخذ عن أهلها. وسمع عن: يحيى بن أبي زائدة، وأبي يوسف، وجرير بن عبد الحميد، ومحمد بن الحسن الشَّيبانيّ، وكتب عِلْم أبي حنيفة. أخذ عنه: أبو يوسف القاضي مع تقدمه. وكان قد تفقه قبل ذلك ببلده على عليّ بن زياد القُومِسيّ. وكان جليلًا محترمًا كبير القدْر. قيل: إنّه لما قدِم مصر من الكوفة جاء إلى ابن وهْب فقال له: هذه كُتُب أبي حنيفة، وسأله أن يُجيب فيها على مذهب مالك. فتورّع. فذهب بها إلى ابن القاسم، فأجابه بما حفظ عن مالك وبما يعلم من أُصول مالك وقواعده. وتُسمَّى "المسائل الأسديّة". وحصلت له رئاسة بإفريقية، واشتغلوا عليه. فلما ارتحل سُحْنُون بالأسديّة إلى ابن القاسم وعرضها عليه. قال ابن القاسم: فيها شيء لَا بدّ من تغييره. وأجاب عن أماكن. ثم كتب إلى أسد أنْ عارِضْ كُتُبِك بكُتُب سُحْنُون، فلم يفعل ذلك. فبلغ ذلك ابن القاسم فتألَّم وقال: اللَّهم لَا تبارك في الأسديّة. فهي مرفوضة عند المالكية.

_ 1 سير أعلام النبلاء "10/ 225-228"، شذرات الذهب "2/ 28، 29".

قال أبو زُرْعة الرازيّ: كان عند ابن القاسم ثلاثمائة جِلْد أو نحوه عن مالك مسائل. وكان أسد رجل من أهل الغرب، سأل محمد بن الحسن عن مسائل، ثم سأل ابن وهْب، فأبى أن يُجيب، فأتى ابن القاسم فتوسّع له، وأجابه بما عنده عن مالك وبما يراه. والناس يتكلّمون في هذه المسائل. قال عبد الرحمن الزّاهد: قدِم علينا أسد فقلت: ما تأمرني، بقول أهل العراق، أو بقول مالك؟ فقال: إنْ كنتَ تريد الله والدّارَ الآخرة فعليك بقول مالك. وإن كنتَ تريد الدنيا فعليك بقول أهل العراق. ولما كان بالعراق كان يلزم محمد بن الحسن فنفدت نفقته، فَكَلَّمَ محمدُ فيه الدّولَة، فوصلوه بعشرة آلاف درهم. قال: ومات صاحب لنا، فنُودي على كُتُبه، فكان المنادي يقول: هذه مُقَابَلَةٌ على كُتُب الإفريقيّ، يريدني. وكنت معروفًا بتصحيح المقابلة. فبيعت ورقتين بدِرهم. وعنه قال: قال لي ابن القاسم: كنت أقرأ ختمتين في اليوم واللّيلة، فأَنزل لك عن ختمةٍ، رغبةً في إحياء العلم. وقال داود بن أحمد: رأيت أَسَدًا يعرض التفسير، فقرأ قوله تعالى: {أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه: 14] فقال: ويل أهلَ البِدَع، يزعمون أنّ الله خلق كلامًا يقول: أنا الله. قلت: ومضى أسد بن الفرات غازيًا أميرًا من قِبل زيادة الأغلبيّ أمير القَيْروان، فافتتح بلدًا من جزيرة صقلّية. وكان رجلًا شجاعًا زحف إليه ملك صقلّية في مائة ألف وخمسين ألفًا. قال بعضهم: فلقد رأيت أسدًا وفي يده اللّواء يقرأ: "يس"، ثم حمل بالناس فهزم اللَّهُ المشركين، وانصرف أسد فرأيت الدَّم قد سال من قناة اللّواء على ذراعه وقد جمَد. ومرض وهو محاصِر سَرَقُوسِية ومات هناك في ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة ومائتين.

ويقال: إنّ أسدًا قال: أيُّها الأمير عزلتني من القضاء؟ فقال: لا، ولكن زِدْتُكَ الإمرة، وهي أشرف. فأنتَ أميرٌ وأنت قاضٍ. رحمه الله. 37- أسد بن موسى بن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مروان1: -خت. د. ن-. الحافظ الأمويّ المَرْوانيّ. أسد السُّنَّةِ المصريّ. وُلد بمصر، ويقال: بالبصرة سنة اثنتين وثلاثين ومائة عند زوال دولة بني مروان. فنشأ في طلب الحديث، وروى عن: شُعْبة، وجرير بن عبد الحميد، وبكر بن خُنيس، وشيبان النّحْويّ، وعافية بن يزيد، وعبد الرحمن المسعودي، وعبد العزيز الماجشون، وفضيل بن مرزوق، وطائفة. وأقدم شيخ له ابن أبي ذئب، ويونس بن أبي إسحاق. وعنه: أحمد بن صالح، وعبد الملك بن حبيب، وابنه سعيد بن أسد، والربيع المرادي، والربيع الجيزي، والمقدام بن داود الرعيني، وأبو يزيد بن يوسف القراطيسي، وطائفة. قال النسائي: ثقة، ولو لم يصنف كان خيرا له. وقال البخاريّ: هو مشهور الحديث، يقال له: أسد السُّنَّةِ. وقال ابن يونس: ثقة، تُوُفّي بمصر في المحرم سنة اثنتي عشرة، وقد استشهد به البخاريّ. 38- أسِيد بن زيد بن نجيح2: مولى صالح بن علي الهاشمي العباسي، أبو محمد الكوفي الجمال. عن: أبي إسرائيل المُلائي، وزُهير بن معاوية، وشريك، وعَمْرو بن شِمّر، واللّيث بن سَعْد، ومحمد بن عطية العوفي، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 49"، الجرح والتعديل "2/ 338"، الثقات لابن حبان "6/ 79"، ميزان الاعتدال "1/ 207"، سير أعلام النبلاء "10/ 162- 164"، تهذيب التهذيب "1/ 260". 2 الجرح والتعديل "2/ 318"، المجروحين لابن حبان "1/ 180، 181"، ميزان الاعتدال "1/ 256، 257".

وعنه: خ. حديثًا واحدًا قَرَنَه بآخر، عن هُشَيم، وإبراهيم الحربيّ، وإسماعيل بن عبد الله سمويه، والحسن بن علي بن عفان، وعيسى بن عبد الله زغاث الطيالسي، وابن وارة، وعدة. قال ابن معين: كذاب، ذهبت إليه إلى الكرخ فأردت أن أقول له: يا كذاب فقرفت من شِفار الحذّائين. وقال النّسائيّ: متروك. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه. وقال الخطيب: قدِم بغدادَ، وحدّث بها، وكان غير مَرْضِيّ. قلت: كأنه مات قبل العشرين بقليل، وفى هذه الحدود لقيه سَمُّوَيْه. 39- إسماعيل بن أبان الوراق1: كوفيّ مُكْثر. سمع: إسرائيل، وعبد الحميد بن بَهْرام، وعبد الرحمن بن الْغَسِيلِ، ومِسْعَر بن كِدَام، ويحيى بن يَعْلَى الأسْلَميّ، وأبا الْمُحَيَّاةِ يحيى بن يَعْلَى التيمي، وأبا الأحوص، وجماعة كثيرة. وعنه: خ. وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شَيْبة، وإبراهيم الْجَوْزَجانيّ، وأحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، وسَمُّوَيْه الإصْبهانيّ، والحسين بن الحَكَم الحبري، وأبو زرعة الرازي، وأبو محمد الدارمي، ومحمد بن سُليمان البَاغَنْديّ، وخلق كثير. وثّقة أحمد، وأبو داود. وقال عبّاس: عن ابن مَعِين: إسماعيل بن أبان الورّاق ثقة، وإسماعيل بن أبان الغَنَويّ كذاب، وضع حديثًا مَتْنُهُ: "السابع من ولد العبّاس يلبس الخُضْرة"، يعني المأمون. وقيل: كان في الوراق تشيع.

_ 1 الطبقات الكبرى "9/ 409"، التاريخ الكبير "1/ 347"، الجرح والتعديل "2/ 160، 161"، الثقات لابن حبان "8/ 91"، ميزان الاعتدال "1/ 211، 212"، سير أعلام النبلاء "0/ 347"، تهذيب التهذيب "1/ 69".

وقال مُطَيِّن: مات سنة ستّ عشرة. 40- إسماعيل بْن جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس1: الأمير، أبو الحسن الهاشميّ العباسيّ. كان نبيلًا سيدًا كبير القدْر. لم يَلِ لبني عمّه ولاية. وقد حدّث عن أبيه، عن جده. وتُوُفيّ ببغداد سنة ستّ عشرة، وصلَّى عليه الأمير إسحاق بن إبراهيم. 41- إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة: القاضي أبو حيّان الكوفّي الفقيه، قاضي الجانب الشرقيّ ببغداد، ثم قاضي البصْرة. روى عن: مالك بن مِغْوَلٍ، وابن أبي ذئب، وعمر بن ذر. وعنه: غسان بن الفضل الغلابي، وسهل بن عثمان العسكري، وعمرو بن عبد الله الأودي، وعبد المؤمن بن علي الزعفراني. وكان صالحا دينا، عابدا، محمود القضاء. ولي قضاء الأمين، وولي قضاء البصرة بعد مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بن أبي عمران قاضي مصر: كان إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة إذا سئل ما كان أبو حنيفة يقول فيمن تزوّج ذات محرمٍ منه، ودخل بها، قال: ثنا أبو نُعَيم، عن سُفيان الثَّوريّ قال: لَا حَدَّ عليه. وقد ولي إسماعيل أيضًا قضاء الكوفة، ثم قضاء البصرة. ولما عُزِل عن قضائها بعيسى بن أبان شيّعوه وأثنوا عليه وقالوا: عَفَفْتَ عن أموالنا ودمائنا. فانبسط وقال: وعن أبنائكم. يُعرّض بيحيى بن أكثم. وقال صالح جَزْرَة: كان جَهْميًّا ليس بثقة. وقال إسحاق بن موسى الأنصاري: سمعت سعيد بن مسلم الباهليّ يقول: إسماعيل بن حمّاد يقول في دار المأمون: القرآن مخلوق، ديني ودين أبي.

_ 1 المعرفة والتاريخ للفسوي "2/ 246"، تاريخ بغداد "6/ 260، 261".

قلت: تُوُفّي سنة اثنتي عشرة ومائتين. 42- إسماعيل بن داود بن عبد الله بن مخراق المدنيّ1: عن: مالك، وهشام بن سعد، ومحمد بن نُعَيْم المجمّر. وعنه: محمد بن منصور المكّيّ، وبكر بن خَلَف، ورزق الله بن موسى المصريّ، وآخرون. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث جدًا. وكذا ضعّفه ابن حِبّان وغيره. 43- إسماعيل بن صَبيح اليَشْكُرِيّ الكوفيّ2: عن: مبارك بن حسان، وكامل أبي علاء، وأبي إسرائيل إسماعيل الملائيّ. وعنه: أبو كُرَيْب، والحسن بن الحَكَم الجريّ، وجماعة. تُوُفّي سنة سبْع عشرة، وذكره ابن حِبّان في "الثّقات". وممن روى عنه: ولده الحَسَن، ومحمد بن عُبَيد بن عُتْبة الكِنْديّ. وكان ذا قوّة حافظة. روى أبو سعيد الأشجّ، عن أبي بكر بن عيّاش قال: قدِم الرشيد الكوفة فأرسل إليّ: حدّث المأمون. فحدّثته نيّفًا وأربعين حديثًا، فقال لي رجل معه: يا أبا بكر تريد أن أُعيد ما حدّثت؟ قلت: نعم. فأعادها كلّها ما أسقط منها حرفًا. فقلت: من أنت؟ قال المأمون: هذا إسماعيل بن صَبيح. فقلت: القوم كانوا أعلم بك حين وضعوك هذا الموضع. 44- إسماعيل بن سعيد بن عُبيد اللَّهِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ الثَّقَفِيُّ الْبَصْرِيُّ3:

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 374"، الجرح والتعديل "2/ 167، 168"، المجروحين لابن حبان "1/ 129"، ميزان الاعتدال "1/ 226"، لسان الميزان "1/ 403، 404". 2 الجرح والتعديل "2/ 178، 599"، الثقات لابن حبان "8/ 97"، تهذيب التهذيب "1/ 306". 3 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "33".

روى عن أبيه. وعنه: بندار، ومحمد بن المُثَنَّى، ويحيى بن أبي الخصيب، ويزيد بن سنان القزّاز. قال أبو حاتم: أدركته: ولم أكتب عنه، شيخ. 45- إسماعيل بن عبد الملك الزيبقي البناني1: عن: الثوري، ومعروف بن واصل، وإبراهيم بن طَهْمان. وعنه: أبو أمية الطرسوسي، وأبو حاتم، وقال: صدوق. 46- إسماعيل بن أبي مسعود2. كاتب الواقديّ: روى عن: خَلَف بن خليفة، وعَبّاد بن العوَّام. وعنه: عباس الدوري، وعبد الكريم بن الهيثم. بغدادي ثقة. 47- إسماعيل بن مسلمة بن قعنب3 -ق: أبو بشر الحارثي المصري، أخو القعنبي، ويحيى، وعبد الملك، وعبد العزيز. وهو مدني سكن مصر. وحدَّث عن: أبيه، والحمادين، وشعبة، وعبد الله بن عَرَادة، والربيع بن صَبِيح، ووُهَيْب بن خالد، وجماعة. وعنه: الربيع بن سليمان المُراديّ، وأبو زُرْعة الرازيّ، وأبو حاتم، وأبو إسماعيل التِّرْمِذيّ، وأبو يزيد القراطيسيّ، ويحيى بن عثمان بن صالح، وخلق، وقال أبو حاتم: صدوق. ووثقه ابن حبان وقال: كان من خيار الناس. وقال غيره الحاكم أبو عبد الله: زاهد ثقة.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 188، 189"، الثقات لابن حبان "8/ 99". 2 الثقات لابن حبان "8/ 95"، لسان الميزان "1/ 439". 3 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 127"، الجرح والتعديل "2/ 201"، الثقات لابن حبان "8/ 96"، سير أعلام النبلاء "10/ 265"، تهذيب التهذيب "1/ 335".

روى له ابن ماجة حديثًا في الوضوء. وقال ابن حِبّان: مات سنة تسعٍ ومائتين. وهذا لَا يصحّ، فإن أبا زُرْعة ويعقوب الفسوي لقياه، وإنما رحلا سنة بضع عشرة. ورأيت بخطّي أَنّه تُوُفّي سنة سبع عشرة. وكذا أرّخه ابن يونس. 48- أسود بن سالم 1 أبو محمد البغداديّ العابد: سمع: حماد بن زيد، وعُبيد الله الأشجعيّ. وعنه: محمد بن عبد الله المخرميّ، وأحمد بن زياد السّمْسار. وكان صديقًا ودودًا لمعروف الكرخيّ. قال محمد بن جرير: كان ثقةً ورِعًا. تُوُفّي سنة ثلاثٍ أو أربع عشرة. ويُذكر عنه أنّه غَسَل وجهه يومًا من بكرةٍ إلى الظُّهر، فقيل له في ذلك فقال: رأيتُ مبتدِعًا وقد غسّلت وجهي إلى الساعة، وما أظنّه نقي. 49- أسيد بن زيد نجيح 2: مولى صالح بن علي الهاشمي العباسي. أبو محمد الكوفيّ الجمّال. يُرتّب هنا، وقد تقدم. 50- أشرف بن محمد 3: القاضي أبو سعيد النّيْسابوريّ الفقيه. تلميذ أبى يوسف القاضي. حدث عن: قيس بن الربيع، وهُشَيم، وأبي الأحْوَص، وغيرهم. حدَّث عنه: محمد بن الحسين البخاريّ، وإبراهيم بن عبد الله السعدي.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 294"، الثقات لابن حبان "8/ 130". 2 قد تقدم برقم "38". 3 الطبقات السنية رقم "536".

"حرف الباء": 51- بَدَلُ بن المحبَّر بن منبه 1 -خ. ع: أبو المنير التميمي اليربوعي الواسطي البصري. عن: شُعبة، وزائدة، ووُهَيْب بن ميمون، وحرب بن أبي العالية، وشداد بن سعيد بن أبى طلحة الراسبيّ، وبِشْر بن فَرْقَد، وعَبَّاد بن راشد، وعبد الملك بن الوليد بن معدان، وجماعة. وعنه: خ، وأبو داود بواسطة، وأحمد بن الأزهر، وحمّاد بن عَنْبَسة، وأبو يحيى عبد الله بن أبي مَيْسَرة، بُنْدار، ومحمد بن المُثَنَّى، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وأبو مسلم الكجّيّ، وطائفة كبيرة. قال أبو زرعة: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وهو أرجح من أُمَيَّة بن خالد، وبَهْز، وحَبّان، وعَفّان. قلت: بدل فُقِد ولا يُدْرى أين مات، ولا أرّخه أحد. ومات في حدود خمس عشرة، ولا يُعْبَأ بقول من ضعْفه. 52- بشر بن آدم 2: أبو عبد الله البغداديّ الضرير الأكبر. عن: الحَمَّادَيْن، وشَرِيك، وعبد العزيز بن المختار، وعلي بن مُسْهر، وطائفة. وعنه: خ، وإسحاق بن راهُوَيْه، والذُّهَليّ، والدّارميّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأحمد بن الفُرات، وإبراهيم الحربيّ، ومحمد بن غالب تمتام، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وذكره ابن حِبّان في "الثقات".

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 150"، الجرح والتعديل "2/ 439"، الثقات لابن حبان "8/ 153"، الميزان "1/ 300، 301"، التهذيب "1/ 423". 2 الطبقات الكبرى "7/ 356"، التاريخ الكبير "2/ 70"، الجرح والتعديل "2/ 351"، الثقات لابن حبان "8/ 142"، التهذيب "1/ 442".

وقال هارون الحمّال: ولد سنة خمسين ومائة. وقال ابن قانع: مات في ربيع الأول سنة ثمان عشرة. قال ابن سعْد: رأيت أصحاب الحديث يتَّقون حديثه. 53- بشر بن أبي الأزهر1: القاضي أبو سهل النَّيْسابوريّ الكوفيّ الفقيه. أحد الأعلام. سمع: شريكًا، وابنَ المبارك، وخارجة بن مُصْعَب، وابن عُيَيْنَة. وتفقه على القاضي أبي يوسف. وعنه: الذُّهَليّ، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، ومحمد بن عبد الوهاب الفرّاء، وآخرون. وكان من أعيان عُلماء الكوفة وزُهادهم. مات في سادس رمضان سنة ثلاث عشرة ومائتين. وقد كتب إليه المأمون مرّةً كتابًا فأخذ يبكي. 54- بِشْر بن شُعيب بن أبي حمزة دينار2 -خ. ت. ن-: أبو القاسم الحمصي. مولى قريش. روى عن أبيه بَسّ. وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق الكَوْسَج، وعِمران بن بكار، والبخاري في غير الصحيح، وهو والترمذي والنَّسائيّ بواسطة، ومحمد بن يحيى الذُّهليّ، ومحمد بن خالد بن عليّ، وجماعة. قال أبو حاتم: ذُكر لي أنّ أحمد بن حنبل قال له: سمعت من أبيك شيئًا؟ فقال: لا.

_ 1 المعرفة والتاريخ للفسوي "1/ 172"، الثقات لابن حبان "8/ 142". 2 الطبقات الكبرى "7/ 475"، التاريخ الكبير "2/ 76"، الجرح والتعديل "2/ 359"، الثقات لابن حبان "8/ 141"، تهذيب التهذيب "1/ 451، 452"، ميزان الاعتدال "318، 319".

قال: فأجاز لك؟ قال: نعم. وقال أبو زُرعَةَ: سماعه كسَمَاع أبي اليَمَان إنّما كان إجازةً. وقال أبو اليَمَان الحكم بن نافع: كان شُعيب عَسِرًا، فدخلنا عليه حين احتضر، فقال: هذه كُتُبي قد صحَّحْتُها، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا فَلْيَأْخُذْهَا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِضَ فَلْيَعْرِضْ. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَهَا من ابني فلْيَسمَعْ، فإنّه قد سمعها منّي. وقال ابن حِبّان: مات سنة ثلاث عشرة. قلت: روى خ. عن إسحاق عنه. 55- بِشْر بن غِياث بن أبي كريمة1 أبو عبد الرحمن المَرِيسيّ العدويّ. مولى زيد بن الخطاب: كان من أعيان أصحاب الرأي. أخذ عن أبي يوسف، وبرع في الفقه، ونظر في الكلام والفلسفة. وجرّد القول بخلْق القرآن وناظَرَ عليه، ودعا إليه. وكان رأس الْجَهْميّة. أخذ عن الْجَهْم بن صَفْوان فيما أرى، ثم تبيّنْت أنّه لم يُدْرك الْجَهْم. وسمع من: حماد بن سلمة، وسفيان بن عُيَيْنَة. وقد رماه بالكُفْر غير واحد من الأئمّة. ساق الخطيب أقوالهم في تاريخه. ونقل أنّه مات في ذي الحجة سنة ثمان عشرة ومائتين. قال البُوَيْطيّ: سمعت الشّافعيَّ يقول: ناظرتُ المَريْسيّ في القُرْعَة فذكرتُ له حديث عِمران بن حُصَين في القُرْعَة فقال: هذا قِمار. فأتيتُ أبا البَحُتَرِيّ القاضي فذكرتُ له قولَه فقال: يا أبا عبد الله شاهدٌ آخر وأصْلِبْهُ. وقال أبو النّضْر هاشم: كان أبو بِشْر المَرِيسيّ يهوديًا قصّارًا صبّاغًا في سُوَيْقة نصر بن مالك. وقال غير واحد: قال رجلٌ ليزيد بن هارون: إنّ عندنا ببغداد رجلًا يقال له: المريسي يقول بخلق القرآن.

_ 1 تاريخ الثقات للعجلي "81"، تاريخ بغداد "8/ 577"، سير أعلام النبلاء "10/ 199-202"، الميزان "1/ 322".

فقال: ما في فِتْيانكم أحدٌ يفتك به؟!. قلت: وقد كان المَرِيسيّ أُخِذَ في دولة الرشيد وأُوذيَ لأجل مقالته. قال أحمد بن حنبل، فيما رواه عنه أبو داود في المسائل: سمعت عبد الرحمن بن مهديّ أيّام صُنِع ببِشْر ما صُنِع يقول: من زعم أن الله لم يكلّم موسى عليه السلام يُستتاب، فإنْ تاب وإلّا ضُرِبَتْ عُنُقُه. قال المَرُّوذِيّ: سمعت أبا عبد الله، وذكر بِشْرًا، فقال: مَن كان أبوه يهوديًّا، أيَّ شيءٍ تُراه يكون؟ وقال أحمد بن حنبل: كان بِشْر يحضر مجلس أبي يوسف فيستَغِيث ويصيح، فقال له أبو يوسف مرّة وهو يُناظره: لَا تنتهي أو تُفسِد خشبةً. وقال أحمد بن الحسن التِّرْمِذِيّ: سمعتُ أحمد بن حنبل يقول: كان المَرِيسي ليس بصاحب حججٍ، بل صاحب خَطَب. قال أبو عبد الله، فيما رواه عنه الأثرم، أنّه سُئِل عن الصّلاة خلف بِشر المَرِيسيّ، قال: لَا يُصَلِّي خلْفه. وقال أبو داود: سمعتُ قُتَيْبة يقول: بِشر المَرِيسيّ كافر. وأخبار بِشْر في ستّ ورقات في "تاريخ الخطيب". 56- بشر بن القاسم بن حمّاد1: أبو سهل السُّلَميّ الهَرَوِيّ، ثم النَّيْسابُوريّ الفقيه الحنفيّ. حج وسمع من مالك. ودخل مصر وسمع من الليث بن سعد، وابن لَهِيعةَ. وبالبصرة من: أبي عَوَانَة، وحمّاد بن زيد، وأبي الأحوص. وعنه: بنوه الفُقَهاء: سهل، والحَسَن، والحسين، ومحمد بن عبد الوهّاب الفراء، وأحمد بن يوسف السُّلَمِيّ، وجماعة. وكان رفيق يحيى بن يحيى في الرحلة. تُوُفّي في ذي القعدة سنة خمس عشرة.

_ 1 الطبقات السنية "565".

57- بشر بن محمد بن أبان السُّكَّريّ1: عن شُعْبة، وورقاء، وحَرِيز بن عثمان. وعنه أبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وجماعة. وهو صَدُوق. 58- بِشْر بن المُعْتَمِر2: أبو سهل شيخ المُعْتزِلَة. من القراء الكبار. ذكره ابن النّجّار في "تاريخ بغداد" فقال: ذكر محمد بن إسحاق النّديم أنّه كوفيّ، ويقال: بغداديّ. انتهت إليه رئاسة الاعتزال في وقته. قال: وكان مع ذلك راوية للشعر والأخبار، شاعرًا. وكان جماعة من الفضلاء يفضّلونه على أبان اللاحقي، وله قصيدة نحو ثلاثمائة ورقة. وكان أبرص، وله مصنَّفات كثيرة. تُوُفّي سنة عشرٍ، وقد عَلَتْ سِنُّهُ. 59- بِشْر بن المنذر الرمليّ3: روى عن: الليث، وابن لَهِيعَة، ومحمد بن مسلم الطائفي. وعنه: موسى بن سهل الرملي، ومحمد بن عوف الحمصي. قال أبو حاتم: صدوق. أتيناه فدققنا بابه دقا قويا، فحلف أنْ لَا يحدّثنا. وقد مرّ.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 84"، الجرح والتعديل "2/ 364"، الثقات لابن حبان "8/ 9139"، الميزان "1/ 324". 2 سير أعلام النبلاء "10/ 203"، لسان الميزان "2/ 33". 3 الجرح والتعديل "2/ 367"، الثقات لابن حبان "8/ 144"، ميزان الاعتدال "1/ 325".

60- بكر بن خداش1: روى عن: عيسى بن المسيبَّ البَجَليّ، وحيّان بن عليّ. وعنه: العبّاس بن أبي طالب، وأحمد بن يونس الضَّبّيّ، وغير واحد. 61- بكار بن الخصيب2: يؤخّر إلى هنا. 62- بكر بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي2 -د. ن. ق-. أبو عبد الرحمن الأنصاريّ الكوفيّ: عن: ابن عمّه عيسى بن المختار، وقيس بن الربيع. وعنه: أبو كُرَيْب، وأحمد الدَّوْرقيّ، وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن أبي غَرَزَة. وثَّقة الدَّارقُطْنيّ. ومات سنة تسع عشرة. ولي قضاء الكوفة. 63- بكر بن محمد العابد3: عن: سُفيان الثَّوريّ، والفُضّيل بن عياض، وعليّ بن بكّار. وعنه: أحمد بن أبي الحواريّ، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب، وحسن بن مالك الضَّبِّيّ، وآخرون. وهو قليل الحديث. 64- بلال بن يحيى بن هارون الأسْوانيّ. أبو الوليد: عن: اللَّيث، ومالك، وابن لهيعة.

_ 1 تقدمت ترجمته في الجزء السابق. 2 الطبقات الكبرى "6/ 406"، الجرح والتعديل "2/ 389"، الثقات لابن حبان "8/ 46"، تهذيب التهذيب "1/ 485". 3 الجرح والتعديل "2/ 393"، الثقات لابن حبان "8/ 147".

تُوُفّي سنة سبْع عشرة ومائتين. روى عنه: يحيى بن محمد رفيقه. "حرف الثاء": 65- ثابت بن محمد الكوفي1 -خ. ت-. أبو محمد العابد: عن: مِسْعر بن كدام، وفِطْر بن خليفة، والثَّوْريّ، وزائدة. وعنه: خ، وأحمد بن مُلاعب، وأبو زرعة، وأبو بكر الصنعاني، وأبو حاتم، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. وقال الحاكم: ليس بضابط. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة خمس عشرة. 66- ثُمامةُ بنُ أشرس2: أبو معن النُّمَيريّ البصْريّ المتكلم. أحد رؤوس المعتزِلة المشهورين. قال المبرد: قال ثُمامة: خرجت من البصرة أريد المأمون، فرأيت مجنونًا شُدَّ، فقال لي: ما اسمك؟ قلت: ثُمَامة. قال: المتكلّم؟ قلت: نعم. قال: جلستَ على هذه الآجُرَّة، ولم يأذن لك أهلُها. قلت: رأيتها مبذولة. قال: لعلّ لهم تدبيرًا غير البذْل. أخبِرْني متى يجد النّائم لَذَّةَ النوم؟ إن قلتَ: قبل أن ينام أحلْت؛ لأنّه يَقْظَان. وإنْ قلتَ: في حال النَّوم أبطلت؛ لأنّه لَا يعقل. وإنْ قلتَ:

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 404"، التاريخ الكبير "2/ 170"، الجرح والتعديل "2/ 457، 458"، الثقات لابن حبان "8/ 158"، ميزان الاعتدال "1/ 366، 367"، تهذيب التهذيب "2/ 14". 2 تاريخ بغداد "7/ 145-148"، الأغاني "4/ 18"، ميزان الاعتدال "1/ 371" سير أعلام النبلاء "10 203-206".

بعده، فقد خرج عنه، ولا يوجد الشيء بعد فقدِهِ. فما كان عندي فيها جواب. وعنه أيضًا قال: عُدْتُ رجلًا وتركتُ حماري على بابه. ثم خرجت، فإذا عليه صبيّ فقلت: لِمَ ركبتَ بغير إذني؟ قال: خفت أن يذهب، فحفِظْتُهُ لك. قلت: لو ذهب كان أهوَن عليَّ. قال: فهبْه لي وَعُدَّ أنّه ذهب، واربح شُكري. فلم أدرِ ما أقول! وقال الخطيب في تاريخه: أنا الحسين بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أبي عَلّاثة، أنا أحمد بن جعفر بن سَلْم، نا أبو دُلف هاشم بن محمد الخَزَاعيّ، نا الجاحظ سنة ثلاثٍ وخمسين ومائتين: حدّثني ثُمامة بن أَشرس. قال: شهِدتُ رجلًا وقد قدّم خصمه إلى والٍ وقال: أصلحك الله، هذا ناصبيّ، رافضيّ، جَهْميّ، مُشَبَّه، يشتم الحَجّاج بن الزُّبَير الذي هدم الكعبة على عليّ بن أبي سفيان، ويلعن معاوية بن أبي طالب. وقال الخطيب: نا الصَّيْمَرِيّ، نا المَرزبانيّ: أخبرني محمد بن يحيى، نا يمَوُت بن المُزَرِّع: حدّثني الجاحظ قال: دخل أبو العَتَاهية على المأمون فطعن على المُبْتَدِعة، ولعَن القَدَرِيّة. فقال المأمون: أنت صاحب شعرٍ ولغةٍ، وللكلام قوم. قال: نعم، ولكن اسأل ثُمامةَ عن مسألةٍ، فقُلْ لهُ يُجِبْني. ثم أخرج يده فحرَّكها وقال: يا ثُمامة مَن حرَّك يدي؟ قال: مَن أُمُّه زانية. فقال: شتمني والله. قال ثُمامة: ناقضَ واللهِ. قال أبو رَوْق الهِزّانيّ: نا الفضل بن يعقوب قال: اجتمع ثُمامة ومعه يحيى بن أكثم عند المأمون، فقال المأمون ليحيى: ما العِشْق؟ قال: سَوانحُ تَسْنَح للعاشق يُؤْثرُها ويهيم بها. قال ثُمامة: أنت بالفِقْه أبصر منك بهذا، ونحن أحذق منك. قال المأمون: فقُلْ. قال: إذا امتزجت جواهرُ النُّفوس بوصل المُشَاكلة نتجت لُمَحُ نورٍ ساطع تستضيء

به نواظر العقل، ويهتزّ لإشراقه طبائع الحياة، يُتَصَوَّر من ذلك اللَّمْح نورٌ خاصٌ بالنّفس، متصلٌ بجوهرها يُسمَّى عِشْقًا. فقال المأمون: هذا وأبيك الجواب!!. هارون بن عبد الله الحمّال: أنا محمد بن أبي كَبْشة قال: كنت في سفينةٍ، فسمعت هاتفًا يقول: لَا إله إلّا الله، كذب المَرِيسيّ على الله. ثم عاد الصّوت: لَا إله إلّا الله، على ثُمامة، والمَرِيسيّ لعنهُ الله. قال: ومعنا رجلٌ من أصحاب المَرِيسيّ في المركب فخرّ ميتًا. اتصل ثُمامة بالرشيد، ثم من بعده بالمأمون، وكان أحد من يقول بخلْق القرآن. حكى عن تلميذه الجاحظ نوادر وملحًا. كان هو وبِشْر المَرِيسيّ آفةً على السُّنَّةِ وأهلِها. قال الفقيه الحافظ أبو محمد بن حزم: ذُكِر عنه أنّه كان يقول: إنّ العالم فعل الله بطباعه. وإنّ المقلِّدين من اليهود والنصارى وعباد الأوثان لا يدخلون النار، بل بصيرون تُرابًا. وإنّ من مات من المؤمنين مُصِرًّا على كبيرة مُخَلَّد في النّار. وإنّ جميع أطفال المؤمنين يصيرون تُرابًا ولا يدخلون الجنّة. "حرف الجيم": 67- جعفر بن جَسْر بن فرقد البصْريّ 1: عن: أبيه، وهشام بن حسّان، وحبيب بن الشهيد. قال أبو حاتم: كتبتُ عنه وهو شيخ. ولقبُهُ شُبّان. وعنه: أبو أُميّة الطَّرَسُوسيّ، وأبو مسلم الكَجّيّ. وهو ممَن يُعتَبَر بحديثه. وله مناكير عن أبيه. وهو أيضًا ضعيف.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 476"، الثقات لابن حبان "8/ 159"، ميزان الاعتدال "1/ 403، 404".

قال ابن عديّ: جعفر بن جَسْر أحاديثه مناكير. وقال أبو الفتح الأزديّ: يتكلمون فيه. قلت: وقع لي حديثه بعُلُوّ، والله أعلم. 68- جعفر بن عيسى بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن البصْريّ1: الحَسَنيّ الأنصاريّ. حدَّث عن: حمّاد بن زيد، وجعفر بن سليمان. وولي قضاء الجانب الشرقي في أيام المأمون، وأول دولة المعتصم. وقال أبو زرعه: ولي قضاء الري، وهو صدوق. وقال أبو حاتم: جهمي ضعيف. قلت: روى عنه: أبو الأحوص محمد بن نصر، وإبراهيم السوطي. ومات سنة تسع عشرة. 69- جنادة بن مروان الحمصي2: عن: حريز بن عثمان، وعيسى بن أبي رزين الثمالي. وعنه: إسحاق بن إبراهيم بن العلاء، وعمران بن بكار، ومحمد بن عوف. قال أبو حاتم: ليس بقوي، أخشى أن يكون كذب في حديث عبد الله بن بُسْر أنِّه رأى في شارب النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بياضًا بحيال شفتيه3. "حرف الحاء": 70- حاتم الجلاب المروزي4:

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 485، 486"، تاريخ بغداد "7/ 160- 162". 2 الجرح والتعديل "2/ 516"، ميزان الاعتدال "1/ 424"، لسان الميزان "2/ 139". 3 حديث صحيح لغيره: أخرجه البخاري "3546"، وأحمد في المسند "4/ 187، 188"، والبغوي في شرح السنة "3655". 4 الجرح والتعديل "3/ 261"، الثقات لابن حبان "8/ 211"، تهذيب التهذيب "2/ 132".

صاحب ابن المبارك. قيل: هو ابن العلاء، وقيل: ابن يوسف، وقيل: ابن إبراهيم. روى أيضًا عن: خالد الطّحان، وفُضَيْل بن عِياض. وعنه: أحمد بن عَبده الآمُليّ، ومحمد بن عبد الله بن قُهْزَاذ، ومحمد بن موسى المَرْوَزِيُّون. مات سنة: ثلاث عشرة. 71- حاتم بن عبيد الله: أبو عبيدة النميري. ذُكِر في الطبقة الماضية. 72- الحارث بن خليفة1 أبو العلاء المؤدب: سمع: شعبة، وأبان بن زيد. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن غالب تَمْتام، وحَمْدان بن عليّ. 73- الحارث بن منصور الواسطيّ2: الزاهد، أبو سُفيان، ويُقال: أبو منصور. عن: سُفيان، وإسرائيل، وبحر السَّقّاء، ويزيد بن إبراهيم، وغيرهم. وعنه: الحَسَن بن مُكْرَم، والباغَنْديّ الكبير، وخلف بن محمد كُرْدُوس، ويحيى بن جعفر بن الزِّبْرِقان، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي. قال أبو حاتم: صدوق. 74- حَبّان بن هلال الباهليّ3 -د-:

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 74"، ميزان الاعتدال "1/ 433"، لسان الميزان "2/ 149". 2 الجرح والتعديل "3/ 90، 91"، الثقات لابن حبان "8/ 182"، ميزان الاعتدال "443، 444"، التهذيب "2/ 158". 3 الطبقات الكبرى "7/ 299"، التاريخ الكبير "3/ 113"، الجرح والتعديل "3/ 297"، الثقات لابن حبان "8/ 214"، التهذيب "2/ 170".

ويقال: الكناني البصري. أبو حبيب. عن: شعبة، وجُوَيْرية بن أسماء، وأبان العطّار، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وسَلْم بن زَرِير، ومَعْمَر بن راشد، وهمام بن يحيى، وطائفة. وعنه: أحمد بن سعيد الدّارميّ، وإسحاق الكَوْسج، وعَبْد بن حُمَيد، والدَّارميّ، ومحمد بن الحسين الحنَيْنيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وخلْق. وثقة ابن مَعِين، وأحمد بن حنبل. وقال ابن سعد: كان ثقة حُجّةً ثَبْتًا، امتنع من التّحديث قبل موته. قال: ومات بالبصرة في رمضان سنة ست عشرة. قلت: ولامْتناعه لم يسمع منه البخاريّ، وأبو حاتم، وطبقتهما. وهو مر آخر مَن حدّث عن مَعْمَر. قال أحمد بن حنبل: إليه المنتهى بالبصْرة في التثبُّت. قال بكّار بن قُتَيْبَة: ما رأيت نَحْويًّا يشبه الفقهاء إلا حبان بن هلال، والمازني. 75- حبيب بن أبي حبيب مرزوق1: وقيل: رُزَيْق. أبو محمد الحنفيّ مولاهم المدنيّ، كاتب مالك وقارئه. كان يقرأ عليه "المُوَطّأ" للناس في بعض الأوقات. وبقراءته سمع يحيى بن بُكَيْر مرّة. قال ابن مَعِين، وغيره: أشَرُّ السَّماع عَرْضُ حبيب على مالك. كان يقرأ، فإذا انتهى المجلس صَفَح أوراقًا وكتب: بلغ. وقال أبو أحمد الحاكم: روى أحاديث شبيهة بالموضوعة عن مالك، وابن أبي ذئب، وهشام بن سعد. روى عنه: الربيع بن سليمان الجيزي، وأحمد بن الأزهر.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 100"، المجروحين لابن حبان "1/ 265"، ميزان الاعتدال "1/ 452، 453"، التهذيب "2/ 181، 182".

أخبرنا السراج: سمعتُ محمد بن سهل بن عسكر قال: كتبنا عن حبيب كاتب مالك عشرين حديثًا، فأتينا ابن المدينيّ، فَعَرضنا عليه فقال: هذا كله كذب. وقال يحيى بن مَعِين: وعامّة سماع المصريّين عرْض حبيب. ثم قال ابن مَعِين: سألوني عنه بمصر فقلتُ: ليس بشيء. وقال الإمام أحمد: حبيب ليس بثقة. وقال النسائي: متروك. وقال ابن عديّ: كان يضع الحديث. ثم روى له عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، حديثين موضوعين. وروى عن ابن أبي ذئب، وشبْل بن عَبّاد، وهشام بن سعد المناكير، وعنه: عبد الله بن الوليد الحرّانيّ، وأحمد بن الأزهر، وحام بن نوح، ومحمد بن مسعود العجميّ، وجماعة. سكن مصر وبها تُوُفّي سنة ثمان عشرة. ومن حديثه: قال ابن عديّ: ثنا محمد بن حاتم بالرملة، وإسماعيل بن محمد بن يوسف أبو هارون الجبرينيّ، وهي مدينة بيت إبراهيم عليه السلام، وحوله قرى، وفيه قبر إبراهيم، وكلّ مَن يدخل هذه القرية يضيفونه ويقولون: إنّه ضيف إبراهيم. ولإبراهيم -عليه السلام- أوقاف على الضيافة إلى السّاعة1. قَالَ: ثَنَا حَبِيبٌ، نَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَمَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُعْجِبَنَّكُمْ إِسْلامُ الْمَرْءِ حَتَّى تَعْلَمُوا مَا قِبْلَتُهُ"2. قال ابن عديّ: وهذا عن مالك، وابن أبي ذئب باطل، إنّما يَرِدُ به عبد الله بن محمد الرقّيّ، عن إسحاق بن أبي فروة، عن نافع، وإسحاق متروك الحديث. 76- حَجّاج بن رِشْدين بن سعد3 أبو الحسن المصري:

_ 1 أخرجه ابن عدي في الكامل "2/ 818". 2 حديث موضوع: أخرجه ابن عدي في الكامل "2/ 818"، وفيه صاحب الترجمة وكان يضع الحديث. 3 الجرح والتعديل "3/ 160"، الثقات لابن حبان "8/ 202"، ميزان الاعتدال "1/ 461".

روى عن: أبيه، وحَيْوَة بن شُرَيْح. توُفّي سنة إحدى عشرة ومائتين. ضعفّه أبو أحمد بن عديّ. 77- حَجّاجُ بنُ مِنْهال الأنماطيّ البصْريّ1 -ع- أبو محمد: عن: قُرَّةَ بن خالد، وشُعبة، وجُوَيرِية، والحَمَّادَيْن، وهَمّام، وعبد العزيز الماجِشُون، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَرِيّ، وجماعة. وعنه: خ. والباقون بواسطة، وإسحاق الكَوْسَج، وإسحاق شاذان، وأحمد بن الفُرات، وإسماعيل القاضي، وعَبْد، والدّارميّ، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وهلال بن العلاء، وأبو مسلم الكَجِّيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: ثقة فاضل. وقال أحمد العِجْليّ: ثقة، رجل صالح. كان سمسارًا يأخذ من كلّ دينار حبّة، فجاء خُرَاسان موسرٌ من أصحاب الحديث، فاشترى له أنماطًا، فأعطاه ثلاثين دينارًا، فقال: ما هذه؟ قال: سمسرتك. قال: دنانيرك أهون عليّ من هذا التُّراب. هاتِ من كلّ دينار حَبَّة. فأخذ دينارًا وكَسْرًا. وقال خلف كُرْدوس: تُوُفّي سنة ستّ عشرة، وكان صاحب سُنّة يُظْهرها. وقال ابن سعْد، والبخاريّ: تُوُفّي سنة سبْع عشرة، في شوال. 78- حَجّاجُ بنُ أبي منيع الرصافّي2: عن: جدّه عُبَيد الله بن أبي زياد الرُّصافيّ، رُصافة هشام بن عبد الملك، عن الزُّهْريّ، وله عنه نسخة كبيرة. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وابن وَارَةَ، وهلال بن العلاء، ويعقوب

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 301"، التاريخ الكبير "2/ 380"، الجرح والتعديل "3/ 167"، الثقات لابن حبان "8/ 202"، التهذيب "2/ 206". 2 الطبقات الكبرى "7/ 474"، التاريخ الكبير "2/ 380"، الثقات لابن حبان "8/ 202"، تهذيب التهذيب "2/ 207، 208".

الفَسَويّ، وأحمد بن مهديّ الإصبهانيّ، وأيوب الوزّان، وأبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبيّ، وجماعة. قال هلال: وكان من أعلم النّاس بالأرض وما أنبتت، وأعلم الناس بالفَرس من ناصيته إلى حافِره، وبالبعير من سَنامه إلى خُفّه. وكان مع بني هشام في الكتاب. كذا قال، وإنّما الذي كان مع بني هشام جده عبيد الله. قال الذهلي: لم أر لعبيد الله رواية غير ابن ابنه الذي يقال له: حجاج بن أبي منيع. أخرج إليَّ جزءًا من حديث الزهري، فنظرت فيها فوجدتها صحاحا. وذكره ابن حبان في "الثقات". وعلق له البخاري في الطلاق. واسم أبيه يوسف بن عبيد الله. وقال هلال بن العلاء: سكن حلب في آخر عُمره. وقال الحَجّاج في سنة ستّ عشرة ومائتين: أنا اليوم ابن ستٍّ وسبعين سنة. 79- حجاج بن نصير1 -ت- أبو محمد الفساطيطي القيسي البصري: عن: هشام الدّسْتُوائيّ، وأبى خَلْدَة خالد بن دينار، وَقُرَّةَ بن خالد، وفِطْر بن خليفة، ومبارك بن عَبّاد، وخلْق. وعنه: أحمد بن سعيد الدّارميّ، والرَّماديّ، ومحمد بن عبد الملك الدَّقِيقيّ، وأحمد بن الحسن التِّرْمِذيّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وأبو محمد الدّارميّ، وعبّاس الدُّوريّ، وخلْق آخرهم أبو مسلم الكجّيّ. قال أبو حاتم: ضعيف تُرك حديثه. وقال البخاريّ: يتكلمون فيه. وقال النسائيّ: ضعيف لا يُكتَب حديثه. وذكره ابن حبان في "الثقات" لكن قال: يخطىء ويهم.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 305"، التاريخ الكبير "2/ 380"، الجرح والتعديل "3/ 167"، الثقات لابن حبان 8"/ 202"، التهذيب "2/ 208، 209".

وقال مُطَيِّن: مات سنة ثلاث عشرة. قلت: وساق له ابن عديّ أيضًا أحاديث وَهِم في سندها، أما متونها فمعروفة. 80- حجين بن المثنى1 -خ. م. د. ت. ن-: أبو عمر اليمامي نزيل بغداد. عن: عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوبان، وعبد العزيز بن الماجِشُون، واللّيث، ومالك، وجماعة. وعنه: أحمد، ومحمد بن رافع، وحَجّاج بن الشّاعر، وأحمد بن منصور الرَّماديّ، وأحمد بن منصور زاج، وعبّاس الدُّوريّ، وطائفة. قال البخاريّ: كان قاضيًا على خُراسان، وأصله من اليَمَامة. وقال ابن سعْد: قدِم بغداد، ونزلها، وكان صاحب لؤلؤ وجوهر، لزم السوق، وكان ثقة. قلت: توفي بعد عشرٍ ومائتين، أو قبلها. 81- الحر بن مالك2 -ق-. أبو سهل العنبري البصري: عن: مالك بن مِغْوَلٍ، وشُعبة، ووُهَيب. وعنه: بُنْدار، وابن وَارَةَ، وأبو حاتم الرازيّ، وقال: صدوق، ومحمد بن سليمان الباغَنْديّ. 82- حسان بن حسان بن أبي عباد3. أبو علي البصري نزيل مكة: عن: شعبة، وهمام بن يحيى، وجماعة.

_ 1 الطبقات الكبرى"7/ 338"، التاريخ الكبير "3/ 134"، الجرح والتعديل "3/ 319"، الثقات لابن حبان "8/ 219"، التهذيب "2/ 216". 2 التاريخ الكبير "3/ 83"، الجرح والتعديل "3/ 278"، ميزان الاعتدال "1/ 471"، تهذيب التهذيب "2/ 221، 222". 3 التاريخ الكبير "3/ 34، 35"، الجرح والتعديل "3/ 238"، الثقات لابن حبان "8/ 208"، ميزان الاعتدال "1/ 478"، التهذيب "2/ 248".

وعنه: خ. وأبو زُرْعَة الرازيّ، ومحمد بن أحمد الْجُنَيْد الدّقّاق، ويحيى بن عبدك القزويني، وعلي بن الحسن السخاوي. قال أبو حاتم: منكر الحديث. قلت: مات سنة ثلاث عشرة. وكان المقرئ يثني عليه. 83- حسان بن حسان الواسطي1: شيخ ليس بالقوي، ينفرد عن الثقات. عالم يتابع عليه. قاله الدارقطني. وقال: ليس هو بالذي يروي عنه البخاريّ. 84- الحسن بن بلال البصْريّ ثم الرملّي2: عن: جرير بن حازم، وحَمَّاد بن سَلَمَةَ، وأشعث بن بَرَاز، ونصر بن طَرِيف. وعنه: جعفر بن مسافر التِّنِّيسيّ، وسعيد بن أسد بن موسى، والفضل بن يعقوب الرُّخاميّ، ومحمد بن عَوْن الطّائيّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. له حديث في "اليوم والليلة". 85- الحسن بن الحسين العُرَنّي الكوفيّ3: عن: أجلح بن عبد الله الكِنْديّ، وجرير بن عبد الحميد، وأهل الكوفة. وعنه: جعفر بن عبد الله العلويّ، وغيره. ومن متأخّري الرُّواة عنه: الحسين بن الحَكَم الحِبَرِيّ. ضعفّه ابن حبّان. 86- الحسن بن خُمَير الحرازيّ4 -ت. حمصيُّ مُقِلٌّ صدوق:

_ 1 المغني في الضعفاء "1/ 156"، ميزان الاعتدال "1/ 478"، لسان الميزان "2/ 187". 2 الجرح والتعديل "3/ 2، 3"، الثقات لابن حبان "8/ 171"، تهذيب التهذيب "2/ 258". 3 الجرح والتعديل "3/ 6"، المجروحين لابن حبان "1/ 238"، ميزان الاعتدال "1/ 483-485". 4 الجرح والتعديل "3/ 11"، الثقات لابن حبان "8/ 172"، تهذيب التهذيب "2/ 274".

عن: إسماعيل بن عبّاس، والجرّاح بن مَلِيح البَهْرانيّ وعنه: عِمران بن بكّار، ومحمد بن عوف الطائي. 87- الحسن بن سوار1 -د. ت. ن. أبو العلاء البغوي المروذي: حدّث ببغداد عن: عِكْرمة بن عمّار، وموسى بن عليّ بن رباح، واللَّيْث بن سعْد، ومبارك بن فَضَالَةَ، وإسماعيل بن عيّاش، وغيرهم. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازيّ، وإسحاق الحربيّ، وهارون الحمّال، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ. قال أبو حاتم: صدوق. ووثّقه أحمد. تُوُفّي سنة ستّ عشرة بخُراسان. 88- الحسن بن عطية بن نجيح2 -ت. أبو علي القرشي الكوفي البزاز: عن: أبي عاتكة صاحب أنّس، وعن: حمزة الزّيات، وَفُضَيْلِ بن مرزوق، ويعقوب القُمّي، وجماعة. وقرأ القرآن على حمزة. قرأ عليه: محمد بن عيسى الإصبهاني، وغيره. وروى عنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وعباس الدوري، وأبو زرعة الرازي، والبخاري في تاريخه، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تمتام، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال البخاري: مات سنة إحدى عشرة ومائتين، أو نحوها. قال محمد بن عيسى الإصبهاني: قرأت عليه القرآن، فقال لي: قرأت على حمزة ختمة.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 375"، الجرح والتعديل "3/ 17"، ميزان الاعتدال "1/ 493، 494"، التهذيب "2/ 281، 282". 2 التاريخ الكبير "2/ 301"، الجرح والتعديل "3/ 27"، تهذيب التهذيب "2/ 294".

89- الحسنُ بن عَنْبَسَةَ الورّاق1: بصْريّ. روى عن: شُعبة، وشَرِيك. وعنه: ابنه حمّاد، ومحمد بن المُثَنَّى الزَّمِن، وجماعة. قال ابن قانع: تُوُفّي في رمضان سنة ثلاث عشرة. 90- الحسَن بن قُتَيبة الخُزَاعيّ المدائنيّ2: عن: مِسْعَر، وموسى بن عُبَيْدة، وعِكرِمة بن عمار، وحجاج بن أرطأة، وحمزة الزّيّات، وجماعة. وعنه: الحَسَن بن عَرَفَة، وأبو أُميَّة الطَّرَسُوسيّ، والحَسَن بن مُكرَم، والحارث بن أبي أُسامة، وأحمد بن حازم، وأحمد بن حازم بن أبي غَرزَة. قال الدارقطنيُّ: متروك الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف. وَيُكْنَى أبا علّي. وقد ذكره العُقَيْليّ في "الضُّعَفاء" فروى عن محمد بن بحر الواسطيّ، عنه حديثًا وَهَمَ في سَنَده. وَسَاقَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ حَدِيثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ، أَحَدُهُمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَيَاضِيُّ، عَنْهُ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ مُنْذِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَمُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: "مَنْ تَمَسَّكَ بِسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي فَلَهُ أَجْرُ مِائَةِ شَهِيدٍ"3. وَهَذَا أَخَافُ لا يَكُونُ مَوْضُوعًا، وما فيه مجروح سوى الحسن.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 31"، ميزان الاعتدال "1/ 516". 2 الجرح والتعديل "3/ 33، 34"، الثقات لابن حبان "8/ 168"، ميزان الاعتدال "1/ 518، 519". 3 حديث ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في الزهد "2/ 118"، وابن عدي في الكامل "2/ 739"، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب.

91- الحسن بن واقع1. أبو عليّ صاحب ضَمْرَةَ بن ربيعة: روى عنه: محمد بن مسلم بن وَارَةَ، والبخاريّ في غير "الصحيح"، وإسماعيل سَمُّويْه، وجماعة. وهو من أهل الرَّمْلَةِ. وثقة ابن حِبّان. وتُوُفّي سنة عشرين ومائتين. ولا أعلمه روى عن غير ضَمْرة إلّا عن أيّوب بن سُوَيْد شيئًا. وقد كتب عنه يحيى بن مَعِين، مع تقدُّمه. وحدَّث عنه أبو حاتم. ويقال: صدوق. 92- الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن الحُرّ بْن زَعْلان2 -خ: أبو علي العامري الفقيه البغداديّ الملقب بإشْكاب، من أبناء الخُراسانّية. روى عن: محمد بن راشد المكحوليّ، وفُلَيْح بن سليمان، وشَرِيك، وجماعة. وعنه: ابناه علي، ومحمد، ومحمد بن إسحاق الصَّاغانيّ، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن عبد الله المخرمي. قال ابن سعْد: لزِم أبا يوسف القاضي فأبصر الرأي، ثم قعد عنهم، ولم يزل ببغداد يؤتَى في الحديث والفِقْه إلى أن مات سنة ستّ عشرة، وهو ابن إحدى وسبعين سنة. ووثّقه أبو بكر الخطيب. وروى له البخاريّ مقرونا بغيره. 93- الحسين بن حفص بن الفضل بن يحيى بن ذكوان الهمداني3 -م. ق:

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 472"، التاريخ الكبير "2/ 307"، الجرح والتعديل "3/ 40"، تهذيب التهذيب "2/ 324". 2 الطبقات الكبرى "7/ 348"، الجرح والتعديل "3/ 46"، تهذيب التهذيب "2/ 329، 330". 3 التاريخ الكبير "2/ 391"، الجرح والتعديل "3/ 50"، الثقات لابن حبان "8/ 186"، تهذيب التهذيب "2/ 337، 338".

أبو محمد الإصبهاني. ثقة، نبيل، كوفيّ. نقل علمًا كثيرًا إلى إصبهان، وأفتى بمذهب الكوفيين. وكان إليه الرئاسة والقضاء والفتوى بإصبهان. وروى عن: السُّفْيانَيْن، وهشام بن سَعْد، وإسرائيل، وإبراهيم بن طَهْمان، وعبد العزيز بن أبي رَوَّاد، وأبي يوسف القاضي، وجماعة. وعنه: حفيده أحمد بن محمد، وأَسِيد بن عاصم، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأحمد بن الفُرات، وعمر بن شَبَّة، وأبو قِلابة الرِّقاشِيّ، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ المكّيّ، ويحيى بن حاتم العسْكريّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْمي، وجماعة كبيرة. قال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. وقال أبو حاتم أيضًا: هو أحبّ إليّ من عصام بن يزيد جَبَّر. وقال أبو نُعَيْم: كان وجه النّاس وزَيْنَهم. وكان دخْلُه في كلّ سنة مائة ألف درهم، فما وجبت له زكاة قطّ. وكانت جوائزه وَصِلاتُهُ دارَّةً على المُحَدّثين وأهل العلم والفضل مثل أبي مسعود، وعَمْرو بن عليّ. وكان من المختصّين بسُفيان الثَّوريّ. وقيل: إنّ سُفيان حَجَّ على مَرْكبه. قلت: وآخر من روى عنه محمد بن إبراهيم الْجَيْرانيّ. تُوُفيّ سنة اثنتي عشرة. 94- الحسين بن خالد1. أبو الْجُنَيد، البغداديّ الضرير: عن: شُعبَة، والثُّوريّ، وحمّاد بن سَلَمَةَ، ومُقاتل بن سليمان، وعبد الحَكَم صاحب أَنّس، وجماعة. وعنه: سَلْمان بن ثَوْبة البهْرانيّ، والحسن بن مُكْرَم، والحارث بن أبي أسامة، وغيرهم. قال ابن معين: ليس بثقة.

_ 1 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 139"، ميزان الاعتدال "1/ 534".

95- الحسينُ بنُ عُرْوة البصْريّ1 -ق: عن: الحمَّاديْن، ومالك. وعنه: أحمد بن المعدِّل الفقيه، ونصر بن علي الْجَهْضميّ، وبكر بن خَلَف ختن المقرئ، وغيرهم. قال أبو حاتم: لَا بأس به. 96- الحسين بن محمد بن بهرام2 -ع: أبو أحمد المروذي المؤدب نزيل بغداد. ويقال: أبو عليّ. عن: شَيْبان النَّحْويّ، وجرير بن حازم، وإسرائيل، وسليمان بن قَرْم، وابن أبي ذئب، وأبي غسان محمد بن مُطَرِّف، وجماعة. وعنه: أحمد، وابن معين، وأبو خيثمة، وعبّاس الدُّوريّ، وإبراهيم الحربيّ، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وطائفة. ومن القُدماء: عبد الرحمن بن مَهْديّ. ومن المتأخرين: حنبل بن إسحاق. قال معاوية بن صالح بن أبي عُبَيد الله الأشعريّ: قال أبو أحمد حسين بن محمد: قال لي أحمد بن حنبل: اكتُبُوا عنه. وجاء معي إليه يسأله أن يحدّثني. وقال ابن سعد: ثقة. وقال النسائيّ: ليس به بأس. قال حنبل: مات سنة ثلاث عشرة. وقال مُطين: سنة أربع عشرة. 97- حفص بن حمزة3:

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 62"، ميزان الاعتدال "1/ 541"، تهذيب التهذيب "2/ 343". 2 الطبقات الكبرى "7/ 338"، التاريخ الكبير "2/ 390"، الجرح والتعديل "3/ 64"، الثقات "8/ 185"، التهذيب "2/ 366". 3 تاريخ بغداد "8/ 201، 202".

أبو عمر الضّرير البغداديّ. عن: سَوّار بن مُصْعَب، وجماعة. وعنه: الحارث بن أبي أسامة. 98- حفص بن عمر البصري1 -د. أبو عمر الضرير: عن: جرير بن حازم، ومبارك بن فَضَالَةَ، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وغيرهم. وعنه: د. وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وحفص بن عمر الحَبَطّي السَّيّاريّ، وأبو خليفة الفضل بن الحُباب الْجُمَحيّ، وآخرون. قال أبو حاتم: صَدُوق، يحفظ عامّة حديثه. وقال ابن حبان: كان من العلماء بالفقه، والأخبار، والفرائض، والحساب، والشعر، وأيام الناس، وولد أعمى. وقال ابن عساكر: مات لتسعٍ بقين من شَعبان سنة عشرين. كذا ورّخ موته أبو داود. 99- حفص بن عمر بن خالد: أبو عمر المازنيّ البصْريّ. سمع: جعفر بن سليمان الهاشميّ، والنَّضْر بن عاصم الهُجَيْميّ. وعنه: أبو مسعود يزيد بن خالد، وأبو القلابة الرّقاشيّ. كناه الحاكم. وقال الدَّارَقُطْنيّ، يُحدِّث عن: شُعبة، وسعيد. 100- حفص بن عمر الأبلي2: تقدم في الطبقة الماضية، يؤخر إلى هنا.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 183"، الثقات لابن حبان "8/ 199"، ميزان الاعتدال "1/ 565"، التهذيب "2/ 411، 412". 2 الجرح والتعديل "3/ 183"، المجروحين لابن حبان "1/ 258، 259"، ميزان الاعتدال "1/ 561، 562".

يروي عن: ثور بن يزيد، ومسعود بن كدام، وعبد الله بن المُثَنَّى، وجعفر بن محمد، وغيرهم. وعنه: إبراهيم بن مرزوق، ومحمد بن سليمان الباغَنْديّ، وأبو حاتم، ويزيد بن سِنان القزّاز، وجدّ أبي جعفر العُقَيْليّ. قال: حفص بن عمر بن ميمون أبو إسماعيل الأُبُلّيّ. قال ابن عديّ: أحاديثه كلها مُنْكَرَة المثْنى، أو مُنْكَرَةُ الإسناد. وهو إلى الضعف أقرب. قال أبو حاتم: كان شيخا كذابا. 101- حفص بن عمر بن ميمون العَدنيّ1: الملقّب بالفَرْخ. يُكَنَّى أبا إسماعيل. عن: ثور بن يزيد، وابن أبي ذئب، ومالك بن مغْوَل، والحَكَم بن أبان، والفضل بن لاحق، وشُعْبة، وطائفة. وعنه: أحمد بن عمر الوَكِيعيّ، وعثمان بن طالوت بن عَبّاد، وعبّاس التُّرْقفيّ، ومحمد بن حمّاد الطِّهْرانيّ، ونصر بن عليّ الْجَهْضميّ، ومحمد بن مُصَفَّى، وهارون بن مُلُوك المصريّ، وآخرون. قال أبو حاتم: أنا أبو عبد الله الطهراني: ثنا حفص بن عمر العدني وكان ثقة. وقال أبو حاتم: كان لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابن عديّ: عامة حديثه غير محفوظ. ويقال له: الصنعانيّ. 102- حفص بن عمر الحَوْضيّ. صاحب شُعبة: في الطبقة الآتية.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 365"، الجرح والتعديل "3/ 182"، المجروحين لابن حبان "1/ 257"، التهذيب "2/ 410، 411".

103- حفص بن عمر بن حكيم1: ويُعرف بحفص الكَفْر. عن: هشام بن عُرْوَة، وعَمْرو بن قيس. وعنه: علي بن حرب الطائي، وتمتام. قال ابن عدي: حدَّث بالبواطيل. ثم ساق له عدّة أحاديث واهية. 104- الحكم بن أسلم2: وهو ابن سلمان. أبو مُعاذ الحَجَبيّ. عن: شعبة، وعبد العزيز بن مسلم. وعنه: أبو حاتم وقال: صَدُوق، ومحمد بن غالب تَمْتام. 105- الحَكَم بن المبارك الباهليّ3: مولاهم البلْخي الخاشِتيّ، أبو صالح. عن: مالك، وحمّاد بن زيد، وشَريك، ومحمد بن راشد المكحوليّ. وعنه: أبو محمد الدَّارميّ، ويحيى بن بشر، ويحيى بن زكريا البلخيان. وثقة ابن حبان. وأخرج له التِّرْمِذِيُّ، والبخاريّ في كتاب "الأدب". وقد روى عبد بن حُمْيد في مسنده، عن الدَّارميّ، عنه حديثًا، وقع لنا موافقةً بعلوٍّ من كتاب الدّارميّ. قال البخاريّ: مات سنة ثلاث عشرة أو نحوها. قال محمد بن العبّاس بن الأخرم في وصيته: قال الحَكَم بن المبارك البَلْخيّ: إنّ الْجَهْميّ لَا يعرف ربه.

_ 1 المجروحين لابن حبان "1/ 259، 260"، ميزان الاعتدال "1/ 563"، لسان الميزان "2/ 326". 2 الجرح والتعديل "3/ 114". 3 التاريخ الكبير "2/ 344"، الجرح والتعديل "3/ 128"، الثقات لابن حبان "8/ 95"، تهذيب التهذيب "2/ 438".

106- الْحَكَمُ بنُ المبارك النَّيْسابوريّ: سمع: خارجة بن مُصْعب، والوليد بن سَلَمَةَ. روى عنه: قطن بن إبراهيم، ومحمد بن الحَجّاج العامريّ النَّيْسَابوريّان. 107- الْحَكَمُ بنُ محمد الآمليّ الطبريّ1: أبو مروان، نزيل مكة. سمع: ابن عُيَيْنَة، ويحيى بْن أبي زائدة، وعبد المجيد بن أبي رَوّاد. وعنه: سَلَمَةَ بن شبيب، والنضر بن سَلَمَةَ المَرْوَزِيّ، والبخاريّ في كتاب "أفعال العباد". وما ليَّنَهُ أحد. 108- حمّاد بن عَمرو النَّصيبيّ2 أبو إسماعيل: عن: الأعمش، والثَّوْريّ. وعنه: عليّ بن حرب، وسَعدان، بن نصر، وإبراهيم بن الهيثم. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الْفَلاسُ، وغيره: متروك. وروى عنه أيضا: إبراهيم بن موسى الفرّاء، ومحمد بن مَهْران. "حرف الخاء": 109- خالد بن الحُباب البصري3: أبو الحُبَاب، نزيل حماة. سمع: ابن عَوْن، وسُليمان التَّيْميّ، وهشام بن حسان.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 338"، الجرح والتعديل "3/ 127"، الثقات لابن حبان "8/ 195"، التهذيب "2/ 438". 2 التاريخ الكبير "3/ 28"، الجرح والتعديل "3/ 144"، المجروحين لابن حبان "1/ 252"، ميزان الاعتدال "1/ 598". 3 الجرح والتعديل "3/ 326"، الثقات لابن حبان "6/ 266"، ميزان الاعتدال "1/ 629".

وعنه: أبو حاتم، وغيرهم. حديثه في الغيلانيات. قال أبو حاتم: يكتب حديثه. 110- خالد بن عبد الرحمن1 -د. ن. أبو الهيثم الخراساني، نزيل دمشق: سمع: عيسى بن طَهْمان، ومالك بن مِغْوَلٍ، وشُعْبة، والمسعوديّ. وعنه: يحيى بن مَعِين وَوَثَّقَهُ، وبحر بن نصر الخَوْلانيّ، والربيع المُراديّ، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن البَرْقيّ، وعبد الله بن أبي مَيْسرة المكّيّ، وآخرون. 111- خالد بن عمرو السفلي، بالضم2. الحمصي: عن: بقية بن الوليد، ومحمد بن حرب، ومروان الفَزَاريّ. وعنه: أبو حاتم الرازيّ وقال: شيخ. وقال جعفر الفِرْيابيّ: كان يكذب. 112- خالد بن القاسم المدائنيّ الحافظ3: أحد المتَّهَمين بالكذب. وضع على الليث بن سَعْد أحاديث. قال الخطيب: خالد بن القاسم أبو الهَيْثم المدائنيّ، عن: الليث، وحماد بن زيد، وعُبيد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، وجماعة. حدث عنه: عيسى بن أبي حرب، والحسن بن مكرم، والحارث بن أبي أسامة. وقال ابن معين، والبخاري، ومسلم: متروك. وقال ابن معين أيضا: كان يزيد في الأحاديث، يوصلها لتصير مسندة.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 341"، ميزان الاعتدال "1/ 633"، تهذيب التهذيب "3/ 103". 2 الجرح والتعديل "3/ 334"، ميزان الاعتدال "1/ 636، 637"، لسان الميزان "2/ 382". 3 التاريخ الكبير "3/ 167"، الجرح والتعديل "3/ 347، 348"، المجروحين لابن حبان "1/ 282، 283"، ميزان الاعتدال "1/ 637".

وقال أبو يحيى صاعقة: توفي سنة إحدى عشرة ومائتين. وقد روى عنه صاعقة وقال: كذّاب، يدَّعي ما لم يسمع. كنيته أبو الهيثم. وقال أبو زُرْعة: كذّاب. وقال أبو حاتم: متروك. صحب الليث من العراق إلى مصر. 113- خالد بن مخلد القَطَوانيّ1. أبو الهَيْثَم البَجَليّ. وقطوان موضع بالكوفة: سمع: مالكا، ونافع بن أبي نُعَيْم، وسليمان بن بلال، وعلي بن صالح بن حيّ، وأبا الغُصْن ثابت بن قيس، وعبد الله بن جعفر المَخْرَميّ، وكثير بن عبد الله المُزَنيّ، ومحمد بن موسى الفِطريّ، وجماعة. وعنه: خ. والباقون سوى أبي داود، عن رجلٍ عنه، وعبد بن حُمَيْد، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن شدّاد المُسْمِعيّ، وأبو أميَّة الطَّرسُوسيّ، وطائفة. ومن الكبار: عُبَيْد الله بن موسى. قال ابن مَعِين: ما به بأس. وقال أبو داود: صدوق لكنه يتشيَّع. وقال مُطَيِّن: مات سنة ثلاث عشرة. وقال ابن سَعْد: كان مُنْكر الحديث مُفْرِطًا في التَّشَيُّع، كتبوا عنه ضرورة. 114- خالد بن يزيد الكاهليّ الكوفيّ2. المقرئ والمجود أبو الهيثم الكحال. من أصحاب جمزة الزّيّات: روى عن: شيخه ضمرة، وإسرائيل، والحَسَن بن صالح الفقيه. وعنه: خ، وأبو أُمَّية الطرسوسي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، ومحمد بن الحجاج الضبي، وآخرون.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 406"، التاريخ الكبير "3/ 174"، الجرح والتعديل "3/ 354"، ميزان الاعتدال "1/ 640"، التهذيب "3/ 116". 2 التاريخ الكبير "3/ 184"، الجرح والتعديل "3/ 360، 361"، الثقات لابن حبان "8/ 224"، تهذيب التهذيب "3/ 125".

وقرأ عليه: سهل بن محمد الحلاب، وغيره. وعنه قال: قرأت على حمزة فقال لي حمزة: حسنها لا جعلني الله فداك. مات سنة اثنتي عشرة. وقال مُطَيِّن: سنة خمس عشرة. وكان صدوقًا. 115- خالد بن يزيد. أبو الوليد العُمريّ المكّيّ: سيذُكر بعد. 116- خالد بن يزيد وقيل: خالد بن أبي يزيد 1: أبو الهيثم المَزْرَفّي، ويقال: القُطْرُبُلّيّ. عن: شُعْبة، ومَنْدَل بن عليّ، وحمّاد بن زيد. وعنه: أبو بكر الصّاغانيّ، وعبّاس الدوري، وبشر بن موسى، وجماعة. قال ابن مَعِين: لم يكن به بأس. 117- خطاب بن عثمان الطّائيّ الفَوْزيّ الحمصيّ 2 أبو عَمرو: وفَوْز من قرى حمص. سمع: إسماعيل بن عيّاش، وعيسى بن يونس، ومحمد بن حمير، وجماعة. وعنه: خ. د. و. ن، بواسطة، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وإسماعيل سمويه، وسلمة بن أحمد الفوزي، وسليمان بن عبد الحميد البهراني، وآخرون. قال ابن أبي الدنيا: ثنا القاسم بن هاشم: حدثني خطّاب الفَوْزيّ وكان يُعَدّ من الأبدال. وذكره ابن حبان في "الثقات".

_ 1 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "135". 2 التاريخ الكبير "3/ 201"، الجرح التعديل "3/ 386"، الثقات لابن حبان "8/ 232"، التهذيب "3/ 146".

118- خلاد بن خالد 1. وقيل ابن عيسى: أبو عيسى، وقيل: أبو عبد الله الشَّيْبانيّ الصَّيْرفيّ الكوفي المقرئ الأحْول. صاحب سليم القارئ. اقرأ الناس مدَّةً بحرف حمزة. قرأ عليه: أبو بكر محمد بن شاذان الْجَوهريّ، وأبو الأحوص محمد بْن الهَيْثَم العُكْبُريّ، ومحمد بن يحيى الخُنَيْسيّ، والقاسم بن يزيد الوزّان وهو أَجَلّ إخوانه، وعليه دارت قراءته. وقد سمع الحديث من: الحسن بن صالح بن حيّ، وزُهير بن معاوية. روى عنه: أبو حاتم، وأبو زُرْعة، وغيرهما. قال أبو حاتم: صدوق. قلت: توفي سنة عشرين بالكوفة. وقد ذكر الدّانيّ رجلًا آخر فقال: خلّاد بن خالد، ويقال: ابن يزيد أبو عيسى الأحول، قرأ عليه حمزة، وهو من أصحابه. وقال ابن مجاهد: وممّن قرأ على حمزة خلّاد بن خالد الأحول. وقال أبو هشام الرفاعيّ: أَقْرَأ من قرأ على حمزة أربعة: إبراهيم الأزرق، وخالد الكحّال، وخلّاد الأحول، وكان عبد الرحمن بن أبي حمّاد أكبرهم وأعلمهم بعِلَل القرآن. 119- خلاد بن يحيى بن صَفْوان 2. أبو محمد السُّلَميّ الكوفيّ: سمع: عيسى بن طَهْمان، وفِطْر بن خليفة، وعبد الواحد بن أيمن، وسُفيان الثَّوريّ، وخلقًا. عنه: خ. و. د. ت. عن رجل عنه، وأبو زُرْعة، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وبِشْر بن موسى، وإسماعيل بن يزيد عمّ أبي زُرْعة وخال أبي حاتم، وحنبل بن إسحاق.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 189"، الجرح والتعديل "3/ 368"، شذرات الذهب "2/ 74". 2 التاريخ الكبير "3/ 189"، الجرح والتعديل "3/ 368"، الثقات لابن حبان "8/ 229"، التهذيب "3/ 174".

وقال أَبُو داود: لَيْسَ بِهِ بأس. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: صدوق إلا أنّ في حديثه غلطًا قليلًا. وقال حنبل: مات سنة سبْع عشرة. وقال البخاريّ: سكن مكة، ومات بها قريبًا من سنة ثلاث عشرة. 120- خلادُ بنُ يزيد بن حبيب بن سيّار التَّميميّ البصْريّ: قال أبو سعيد بن يونس: روى عن: حُمَيد الطّويل، وله عقِب بمصر، وبها تُوُفيّ في ذي الحجّة سنة أربع عشرة. قلت: لم يذكره البخاريّ ولا ابن أبي حاتم، وهو كالمجهول. 121- خلادُ بنُ يزيد الباهليّ البصْريّ الأرقط1: صهر يونس بن حبيب النَّحْويّ. يروي عن: هشام بن الغاز، وسُفيان الثَّوريّ. وعنه: عمر بن شبة، والفلاس. ذكره ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ عشرين ومائتين. 122- خَلَفُ بنُ خالد بن إسحاق المصريّ2 أبو المضاء مَوْلَى قريش: يروي عن: يحيى بن أيّوب المصريّ. قَالَ ابن يونس: تُوُفيّ في ذي القعدة سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. قلت: يغلب على ظنّي أنّه هو الذي بعده لاتفاق العصر والاسم والأب والبلد والوَلاء. لم يبق إلّا الكنْية. والمُهَنّا والمَضاء من أسرع شيءٍ إلى تصحيف الواحدة بالأخرى، فالله أعلم. 123- خَلَف بن خالد أبو المهنأ المصري3. مولى قريش:

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 367"، ميزان الاعتدال "1/ 657"، تهذيب التهذيب "3/ 176". 2 التاريخ الكبير "3/ 195"، الجرح والتعديل "3/ 372"، تهذيب التهذيب "3/ 150". 3 تهذيب التهذيب "3/ 150"، وانظر ما قبله.

عن: اللَّيْث، وبكر بن مُضَر، وابن لَهِيعة. وعنه: خ. وأبو حاتم، وإبراهيم بن ديزيل، وحَبُّوش بن رزق الله. وعبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: مات قبل الثلاثين. 124- خلف بن الوليد البغدادي الجوهري1. نزيل مكة: سمع: شعبة، وإسرائيل، وأبا جعفر الرازي، وغيرهم. وعنه: أحمد بن أبي خيثمة، وأحمد بن ملاعب، وبشر بن موسى، ويحيى بن عبدك القزويني، وأبو زرعة الرازي، ووثقه. توفي سنة اثنتي عشرة بمكة. 125- الخليل بن عمر بن إبراهيم2 -ن. أبو محمد العبدي البصري: عن: أبيه، وعمر بن سعيد الأبَحّ، وعُبَيد الله بن شُمَيْط بن عَجْلان. وعنه: محمد بن المُثَنَّى، وإسماعيل سَمُّويْه، ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهليّ، ومحمد بْن عَبْد الملك الدَّقِيقيّ، وعلى بن المَدِينّي، ووثَّقهُ. تُوُفّي سنة عشرين ومائتين. 126- الخليل بن أبي نافع المُزَنّي المَوْصِليّ العابد3: بلغنا عنه أنّه كان يكتب كلّ ما يتكلم به في لوح ويُحْصيه، فيَجدُهُ في آخر النّهار بضع عشرة كلمة. توفيّ ببغداد سنة سبْع عشرة، رحمة الله عليه.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 195"، الجرح والتعديل "3/ 371"، الثقات لابن حبان "8/ 227". 2 التاريخ الكبير "3/ 200"، الجرح والتعديل "3/ 381"، الثقات لابن حبان "8/ 231"، التهذيب "3/ 168". 3 تاريخ بغداد "8/ 235".

"حرف الدال": 127- داود بن عبد الله بن أبي الكرام1 مُحَمَّد بْن عليّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طالب -ق. أبو سليمان الهاشمي الجعفري المدني: عن: مالك، وإبراهيم بن أبي يحيى، والدَّرَاوَرْدِيّ. وعنه: أبو بكر بن أبي شَيْبة، وأخوه عثمان بن أبي شَيْبة، وابن نُمَيْر، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تَمْتام. وثقة أبو حاتم. وقيل: كان سريًّا جوادًا مُمَدَّحًا مُكْثِرًا عن حاتم بن إسماعيل. قال أبو حاتم: كان عنده عن حاتم بن إسماعيل مصنّفات شريك نحو ثلاثين جزءًا. 128- داود بن المفضَّل2. أبو الحسن الأزديّ البصْريّ الخيّاط: عن: حمّاد بن سلمة، وسعيد بن راشد، وغيرهما. وعنه: أبو حاتم، وغيره. قال أبو حاتم: رُوِيَ عن حمّاد بن حُمَيْد قال: رأيت الحسن يشدّ أسنانه بالذَّهَب، فتكلم الناسُ فيه لهذا الحديث وقالوا: إنّما روى هذا عبد الرحمن بن مهديّ، عن حمّاد. قال أبو حاتم: وليس هذا ممّا يُوهنه. وصَدَق أبو حاتم. 129- داود بن منصور النسائي3 -ن. أبو سليمان. نزيل بغداد: عن: جرير بن حازم، واللّيث بن سَعْد، ومحمد بن راشد المكحوليّ، وإبراهيم بن طَهْمان، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 417"، ميزان الاعتدال "2/ 11"، تهذيب التهذيب "3/ 190". 2 التاريخ الكبير "3/ 243"، الجرح والتعديل "3/ 425، 426". 3 الجرح والتعديل "3/ 426"، الثقات لابن حبان "8/ 234"، ميزان الاعتدال "2/ 21"، تهذيب التهذيب "3/ 202، 203".

وعنه: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي المضاء، ويوسف بن سعيد بن مسلم، وأبو حاتم الرازيّ، وعبد الكريم الدَّيْرعاقُوليّ، وجماعة. ولي قضاء المِصِّيصة، وسكنها. وثّقة النسائي. وقال أبو حاتم: صَدُوق، سمعت منه في سنة عشرين ومائتين. 130- داود بن مهران1. أبو سُليمان البغداديّ الدّبّاغ: سمع: عبد العزيز بن أبي رواد، وداود العطّار، وعبد الجبّار بن الورد، وطائفة. وعنه: محمد بن عبد الرحيم صاعقة، وعيسى زعاث، وعبّاس الدُّوريّ. قال أحمد العِجْليّ: ثقة. تُوُفّي داود سنة سبع عشرة. "حرف الذال": 131- ذؤيب بن عِمامة السَّهْميّ المدنيّ2: أبو عبد الله. عن: عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سهل، ويوسف بن الماجِشُون، ومالك بن أنس، ومُحْرِز بن هارون. وعنه: إسحاق بن موسى الأنصاريّ، وأبو حاتم الرازيّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقَالَ غيره: سكن الموصل وحدَّث بها، ثم ردّ إلى المدينة فتُوُفّي بها في ذي الحجة سنة عشرين ومائتين. وهو منسوب إلى جدّه الأعلى، فهو ذُؤيْب بن عَبْد اللَّه بن عَمْرو بن مُحَمَّد بن ذؤيب بن عمامة القرشي السهمي.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 426"، الثقات لابن حبان "8/ 235-236". 2 الجرح والتعديل "3/ 450"، الثقات لابن حبان "8/ 238"، ميزان الاعتدال "2/ 33".

"حرف الراء": 132- الربيع بن رَوْح الحضرميّ الحمصيّ1. أبو رَوْح: عن: المغيرة بن عبد الرحمن المخزوميّ، وبقيّة، وجماعة. وعنه: محمد بن عَوْف الطّائيّ، وعِمْران بن بكّار، وأبو حاتم الرازيّ. وقال: ثقة خيارًا. 133- رواد بن الجراح2 -ق. أبو عصام العسقلاني: عن: الأوزعي، وابن زَبْر، وخُلَيْد بن دَعْلَج، وأبي سعيد السّاعديّ الراوي عن أنس، وأبي بكر الهُذَلّي، وسُفيان الثَّوريّ، وجماعة. وعنه: يحيى بن معين، وعباس الترقفي، وذاكر بن شيبة شيخ الطبراني، ومحمد بن خلف العسقلاني، ومهنا بن يحيى الشامي. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، روى غير حديث منكر. وقال عباس، عم ابن مَعِين: ليس به بأس، إنما غلط في حديثٍ عن الثَّوريّ. وقال أبو حاتم: محلّه الصِّدْق، وتغير بآخره. وقال البخاريّ: كان قد اختلط لَا يكاد يقوم حديثه. وقال أحمد بن حنبل: صاحب سُنّة لَا بأس به إلّا أنّه حدَّث عن سُفيان بمناكير. وقال محمد بن عَوْف الطّائيّ: دخلنا عسْقلان ورَوَّاد قد اختلط. وقال أبو أحمد الحاكم: كان من أهل خُراسان وسنّه قريب من سن سفيان الثوري. لم يكن في الشام أكبر منه في وقته.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 279"، الجرح والتعديل "3/ 461"، الثقات لابن حبان "8/ 239"، تهذيب التهذيب "3/ 243". 2 التاريخ الكبير "3/ 336"، الجرح والتعديل "3/ 524"، الثقات لابن حبان "8/ 246"، ميزان الاعتدال "2/ 55"، التهذيب "3/ 288-290".

134- رُوَيز بن محمد بن رُوَيز بن لاحق البصْريّ1: عن: شُعْبة، وأبي شهاب الحنّاط. وعنه: حاتم بن اللَّيث، وعُمر بن شَبَّة، ومحمد بن سُليمان الباغَنْدِيّ. صالح الحديث. ولم يورده ابن أبي حاتم. وجاء به الأمير مع وزير. 135- رُوَيم بن يزيد2: أبو الحسن المقرئ البصري. مولى العَوَّام بن حَوْشَب. روى عن: سَلام بن أبي المنذر، واللَّيث بن سعد. وعنه: عليّ بن المَدِينيّ، ومحمد بن أبي عَتّاب الأَعْيَن، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وجعفر بن محمد بن شاكر، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفّي سنة إحدى عشرة. قال الخطيب: وله مسجد بنهر القلّائين ببغداد يُنْسَب إليه. كان يُقرئ فيه. قرأ على: سُلَيْم، وميمون القنّاد. قرأ عليه: محمد بن شاذان الجوهريّ، وغيره. وهو جدّ الصُّوفية رُوَيْم المذكور بعد الثلاثمائة، والله أعلم. "حرف الزاي": 136- زُبَيدة بنت جعفر بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن عليّ3: واسمها أَمَةُ العزيز، وكُنْيتها أم جعفر الهاشمية العباسية. والدة الأمين محمد بن

_ 1 المشتبه في أسماء الرجال للذهبي "2/ 660". 2 الجرح والتعديل "3/ 523"، الثقات لابن حبان "8/ 245"، تاريخ بغداد "8/ 429، 430". 3 سير أعلام النبلاء "10/ 241"، البداية والنهاية "10/ 271"، النجوم الزاهرة "2/ 213، 214".

الرشيد. وقيل: لم تلد عبّاسية "خليفة" إلا هي. وكان لها حُرْمة عظيمة، وبِرّ، وصَدَقات، وآثار حميدة في طريق الحجّ. والمنصور جدُّها هو الذي لقّبها زُبيدة. ومن أخبارها أنّها أنفقت في حَجَّها بضعةً وخمسين ألف ألف درهم. فروى هارون بن سليمان الأصبهانيّ قال: ثنا رجل من ثَقِيف يُقال له: محمد بن عبد الله قال: سمعت إسماعيل بن جعفر بن سليمان يقول: حجّت أمّ جعفر، فبلغت نفقتُها في ستين يومًا أربعة وخمسين ألف ألف. وحكى الفضل بن مروان أنّ زُبَيدة قالت للمأمون عند دخوله بغداد: أُهنّئُكَ بخلافةٍ قد هنَّأتُ نفسي بها عنك. ولئِن فقدتُ ابنًا خليفةً لقد عُوِّضتُ ابنًا خليفةً لم ألِده. وما خسر من اعتاض مثلَك. وقيل: كان في قصرها من الأموال والحَشَم والخَدَم والآلات ما يقصُر عنه الوصف. من جُملة ذلك مائة جارية كلٌّ منهنّ تحفظ القرآن. فكان يُسمع من قصرها كَدَوِيّ النَّحْلِ من القراءة. ولم تزل زَين نساء العراق في أيام زَوْجها، وأيّام ولدها الأمين، وأيّام ابن زوجها المأمون، إلى أن تُوُفيّت سنة ستّ عشرة ومائتين. 137- زُفَرُ بنُ عبد الله البصْريّ1: نزيل أَذَنَةَ. روى عن: حمّاد بن زيد، وجعفر بن سليمان. سمع منه: أبو حاتم الرازي سنة عشرين ومائتين، وعاش بعد ذلك قليلا. 138- زكريا بن عدي بن زريق2، وقيل: الصلت بدل زريق: أبو يحيى التيمي الكوفي، نزيل بغداد. أخو يوسف بن عدي نزيل مصر.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 609". 2 الطبقات الكبرى "6/ 407"، التاريخ الكبير "3/ 424"، الجرح والتعديل "3/ 600"، تهذيب التهذيب "3/ 331".

كان أبوهما ذميا فأسلم. روى عن: شريك، وحمّاد بن زيد، وأبي الأَحْوَص، وابن المبارك، وعبيد الله بن عمرو الرقي، ويزيد بن زُرَيع، وطبقتهم. وعنه: إسحاق بن راهوَيْه، والكَوْسَج، وحَجّاج بن الشّاعر، وعبْد بن حُمَيْد، والدَّارميّ، وأحمد بن عليّ البَربَهَاريّ، ومعاوية بن صالح الأشعريّ الدّمشقيّ، ومحمد بن إسماعيل البخاريّ في غير "الصّحيح"، وفي "الصّحيح" بواسطة، وآخرون. قال أحمد العِجْليّ: كوفي ثقة، رجل صالح متقشّف. وقال المنذر بن شاذان: ما رأيت أحفظ من زكريّا بن عديّ. جاءه أحمد، وابن مَعِين وقالا: أخْرِجْ إلينا كتاب عُبَيد الله بن عَمرو. فقال: ما تصنعون به. خذوا حتى أُمْلِيَ عليكم كلَّه. وكان يحدِّث عن عدّة من أصحاب الأعمش فيميّز ألفاظهم. وقال عبد الرحمن بن خِرَاش: ثقة، ورِع. وقيل: إنّ زكريّا لما احتضر قال: اللهم إنّي إليك لَمُشْتاق. قال ابن سعْد: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة إحدى عشرة. وقال إسماعيل بن أبي الحارث وغيره: تُوُفيّ يوم الخميس ليومين مَضَيا من جُمَادَى الآخرة سنة اثنتي عشرة، رحمه الله، ببغداد. وقال أبو عَوْف البُزُورِيّ: ما كتبت عن أحدٍ أفضل من زكريّا بن عديّ. وقال صاعقة: قدِم زكرّيا فكلّموا له من استعمله على ضيعة في الشهر بثلاثين درهمًا، فقدِم بعد شهر وقال: ليس أراني أعمل بقدر الأجرة. واشتكت عينه فأتاه رجل بكُحْل فقال: أنت ممّن يسمع الحديث؟ قال: نعم. فأبى أن يأخذه. قلت: لَا اعتبار بما قاله أبو نُعَيْم: ما لهُ وللحديث هو بالتَّوراة أعلم. قال ابن سعْد: هو مِن موالي تَيْم الله، كان رجلًا صالحًا ثقة.

139- زكريّا بن عطّية البَحْرانيّ البصْريّ1: عن: عثمان بن عطاء الخُراسانيّ، وسعد بن محمد الزُّهْريّ. وعنه: الحَسَن بن علي الحلوانيّ، ومحمد بن إبراهيم الرازيّ الفاميّ، وأبو أُميَّة الطَّرَسُوسيّ. قال أبو حاتم: مُنْكَر الحديث. 140- زياد بن يونس الحضرمي الإسكندراني2 -د. أبو سلامة المقرئ: قرأ عَلَى: نافع بْن أَبِي نُعَيْم وروى عنه. وعنه: سليمان بن بلال، واللَّيث، ونافع بن عمر، وغيرهم. وعنه: أحمد بن عبد الرحمن الوَهْبيّ، ويونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن داود الإسكندرانيّ، وجماعة. وثقه أبو سَعِيد بْن يُونُس وقَالَ: كان طَلّابًا للعلم. تُوُفّي سنة إحدى عشرة، وكان يُسّمى سوسة العِلْم. 141- زيد بن المبارك الصَّنْعانيّ اليمنيّ العابد3 -د: نزيل الرملة. عن: رَبَاح بن زيد، ومحمد بن ثُور، وعبد الملك بن محمد، ويوسف بن زكرّيا الصَّنْعانّيين، وسُفْيان بن عُيَيْنَة. وعنه: جعفر بن مُسَافر، والرَّماديّ، وعبّاس بن عبد العظيم العَنْبريّ. وكان العنبريّ يُعظّمه ويُثْني عليه. وقال أبو حاتم: صدوق، قد أدركته.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 424"، الجرح والتعديل "3/ 595"، الثقات لابن حبان "8/ 252"، ميزان الاعتدال "2/ 74". 2 الجرح والتعديل "3/ 549"، الثقات لابن حبان "8/ 248"، تهذيب التهذيب "3/ 389". 3 الجرح والتعديل "3/ 573"، الثقات لابن حبان "8/ 251"، تهذيب التهذيب "3/ 424، 425".

وقال عبّاس العَنْبريّ: كنّا نقول: أحمد بن حنبل بالعراق، وصَدَقة بن الفضل بخُراسان، وزيد بن المبارك باليمن. 142- زينب بنت الأمير سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس العباسيّة1: وُلدت بالحُمَيْمة من أرض البَلْقاء في أواخر دولة بني أُميّة. وأدركت دولةَ بني العبّاس من أوّلها. وحدَّثت عن: أبيها. روى عنها: عاصم بن علي، وعبد الصمد بن موسى الهاشميّ، وأحمد بن الخليل البرْجلاني، وآخرون. وكان المأمون يحترمها، ويتأدَّب معها. وعاشت بِضْعًا وثمانين سنة. وإليها يُنسب طِراد الزَّيْنبيّ وأهل بيته. "حرف السين": 143- سُرَيْج بن مسلم الكوفيّ العابد2: يروي عن: الثَّوريّ، وغيره. وعنه: أبو حاتم. وقال: ثقة، ومحمد بن خلف التَّيْميّ، وغيرهما. كنيته أبو عمرو. 144- سريج بن النعمان بن مروان3 -خ. ع: أبو الحسين. ويُقال: أبو الحسن البغداديّ الجوهريّ اللؤلؤي. عن: الحَمَّادَيْن، وفُلَيْح، وحَشْرَج بن نُبَاتَة، وعبد الله بن المؤمّل المخزوميّ، ونافع بن عمر، وأبي عوانة، وجماعة.

_ 1 سبق ترجمتها في الجزء الماضي برقم "158". 2 الجرح والتعديل "4/ 305". 3 الطبقات الكبرى "7/ 341"، التاريخ الكبير "4/ 205"، الجرح والتعديل "4/ 304"، الثقات لابن حبان "8/ 306"، التهذيب "3/ 457".

وعنه: خ. والباقون سوى مسلم بواسطة، وأحمد بن منيع، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وإبراهيم الحربيّ، ومحمد بن رافع، وأبو زُرْعة الرازيّ، ومحمد بن إسحاق الصّاغانيّ، وخلْق. وروى البخاريّ أيضًا عن رجل عنه. قال حنبل: تُوُفّي يوم الأضحى سنة سبع عشرة ومائتين. 145- سَعْدان بن بِشْر المَوْصِليّ التّمّار1: عن: سُفْيان الثَّوريّ، وجماعة. وعنه: علي بن الحسين، والمَوَاصِلة. تُوُفيّ سنة سبْع عشرة. 146- سَعْد بن حفص2: أبو محمد الطَّلْحيّ الكوفيّ المعروف بالضَّخْم، مولى آل طلحة. روى عن: شَيبان فقط. وعنه: خ. وحفص بن عُمر الرَّقّيّ سنجة، وعباس الدوري، وأبو محمد الدارمي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وجماعة. قال مطين: كان ثقة، وتوفي سنة خمس عشرة. 147- سعد بن شعبة بن الحجاج العتكي3: عن: أبيه، ويحيى بن يسار صاحب الحَسَن البصْريّ. وقال أبو حاتم: صدوق. قلت: توفي سنة تسع عشرة.

_ 1 الكامل في التاريخ "6/ 422". 2 التاريخ الكبير "4/ 55"، الجرح والتعديل "4/ 82"، الثقات لابن حبان "8/ 284"، تهذيب التهذيب "3/ 468". 3 التاريخ الكبير "4/ 85"، الجرح والتعديل "4/ 86"، الثقات لابن حبان "8/ 283"، ميزان الاعتدال "2/ 122".

148- سعد بن عبد الحميد بن جعفر1 -ن. ت. ق: أبو معاذ الأنصاري الحكمي المدني. نزيل بغداد. سمع: مالكًا، وفُلَيْح بن سليمان، وعبد الرحمن بن أبي الزِّناد. وعنه: عباس الدُّوريّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأحمد بن مُلاعب، وإبراهيم الحربيّ، وطائفة. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 149- سَعيد بن أَوْس بن ثابت بن بشير بن أبي زيد2 -د. ت: أبو زيد الأنصاري النَّحْويّ الإمام، صاحب التصنيفات اللُّغَويّة والأدبيّة، وهو بكنيته أشهر. عن: ابن عَوْف، وعوف الأعرابيّ، ومحمد بن عَمْرو، وسليمان التَّيْميّ، وأبي عَمْرو بن العلاء، وسعيد بن أبي عَرْوبة، ورُؤْبة بن العجّاج، وعَمْرو بن عُبَيد شيخ المعتزلة، وطائفة. وعنه: خَلَف البزّار وقرأ عليه القرآن، وأبو عمر الْجَرّميّ صالح بن إسحاق، والعبّاس الرِّياشيّ، وأبو حاتم السجسْتانيّ، وأبو عُبيد القاسم، وأبو عثمان المازني، وعمر بن شبة، وأبو حاتم، والكُدَيْميّ، وأبو العَيْناء، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزّاز، وأبو مسلم الكَجّيّ، وخلْق. قال ابن أبي حاتم: سمعتُ أبي يُجمل القولَ فيه ويرفع شأنه، ويقول: هو صدوق. وقال صالح جَزرة: ثقة. وقال غيره: أبو زيد الأنصاريّ، جدّ هذا، هو أحد الستّة الذين جمعوا القرآن فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومات في خلافة عمر بالبصرة. واسمه ثابت بن زيد بن قيس الخزرجيّ. وعن أبي عثمان المازنيّ قال: كنّا عند أبي زيد، فجاء الأصمعيّ فأكبّ على رأسه

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 346"، التاريخ الكبير "4/ 61"، الجرح والتعديل "4/ 92"، ميزان الاعتدال "2/ 124"، التهذيب "3/ 377". 2 الجرح والتعديل "4/ 4، 5"، المجروحين لابن حبان "1/ 342"، تهذيب التهذيب "4/ 3-5".

وجلس وقال: هذا عالِمُنا ومعلّمنا منذ ثلاثين سنة. فنحن كذلك إذ جاء خَلَفُ الأحمر فأكبّ على رأسه وقال: هذا عالمنا ومعلِّمنا منذ عشر سِنين. وقال المازنيّ: سمعت أبا زيد يقول: وقفتُ على قصّاب فقلت: بكم البطنان؟ فقال: بمِصْفعان يا مضرطان! فغطَّيتُ رأسي وفَرَرْت. وذكر أبو سعيد السِّيرافيّ أنّ أبا زيد كان يقول: كلّ ما قال سِيَبوَيْه: أخبرني الثّقة، فأنا أخبرته. ومات أبو زيد بعد سِيبَويْه بنيِّف وثلاثين سنة قال: ويقال: إنّ الأصمعيّ كان يحفظ ثُلُث اللُّغَة، وكان أبو زيد يحفظ ثُلُثَيِ اللّغة، وكان الخليل يحفظ نصف اللُّغَة، وكان أبو مالك عَمْرو بن كركرة الأعرابيّ يحفظ اللُّغَة كلَّها. وقال المبرّد: كان أبو زيد أعلم الثلاثة بالنَّحْو: أبو زيد، وأبو عُبْيدة، والأصمعيّ. وكان له حَلَقة بالبصْرة. قال أبو موسى الزَّمِن، وأبو حاتم الرّياشيّ: مات سنة خمس عشرة. زاد أبو حاتم: وله ثلاث وتسعون سنة. وعن أبي زيد قال: أردت الانحدار إلى البصرة، فقلت لابن أخٍ لي: اكْتَرِ لنا. فنادي: يا معشر الملّاحون. فقلت: ويلك، ما تقول؟ قال: أنا مُغْرى بحُبّ النَّصْب. 150- سعيد بن بُرَيْد التَّميميّ الصُّوفيّ العارف1: أبو عبد الله النِّباجيّ الزاهد. أخذ عن: الفضيل بن عِياض، وغيره. حكى عنه: أحمد بْن أبي الحواري، وعبد الله بْن خُبَيْق الأنطاكيّ، والوليد بن عُتْبة الدمشقيّ، وغيرهم. وكان عبدًا صالحًا، وعابدًا سائحًا. له أحوال وكرامات.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 8"، حلية الأولياء "9/ 310-317"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 121-123".

قال ابن أبي الحواري: سمعته يقول: أصل العبادة عندي في ثلاث: لَا تَرُدّ من أحكامه شيئًا، ولا تسأل غيره حاجة، ولا تدّخر عنه شيئًا1. وقال أحمد بن أبي الحواريّ: سمعتُ أبا عبد الله النِّبَاجيّ يقول: تدري أيّ شيء؟ قلت: البارحة؟ قلت: قبيحٌ بعيدٍ ذليلٍ مثلي يُعْلِم عظيمًا مثلك. ما تعلم أنّك لو خيّرتني بين أن تكون الدّنيا كلّها لي أتنعَّم فيها حلالًا لَا أُسأل عنها غدًا، وبين أن تخرج نفسي السّاعة لاخْتَرْتُ الموت2. وقال ابن أبي الدُّنيا: ثنا داود بن محمد، سمع أبا عبد الله النِّباجيّ يقول: خمس خصالٍ بها يتمّ العمل: معرفة الله، ومعرفة الحق، وإخلاص العمل لله، والعمل على السُّنّة، وأكْل الحلال. فإنْ فُقِدت واحدة لم يُرفع العمل. وذلك أنّك إذا عرفتَ الله ولم تعرف الحقّ لم تنتفع. وإذا عرفت الحقّ وعرفتَ الله ولم تُخْلِص لم تنتفع. وإذا عرفت الله والحقَّ وأخلصت ولم تكن على السُّنَّةِ لم تنتفع. وإن تمّت الأربع ولم يكن الأكل من الحلال لم تنتفع3. وقال أبو نُعَيم في "الحلْية": سمعت أبي يقول: سمعت خالي أحمد بن محمد بن يوسف: سمعت أبي يقول: كان أبو عبد الله النِّباجيّ مُجاب الدَّعوة، له آيات وكرامات، بينا هو في بعض أسفاره على ناقة وفي الرفقة رجلٌ عائن قَلّ ما نظر إلى شيءٍ إلّا أتلفه. فقيل له: احفَظْ ناقتك من العائن. قال: ليس له إليها سبيل. فأُخبر العائن بقوله، فتحيّن غَيْبة النِّباجيّ وجاء فَعَانَ النّاقة، فاضطربت وسقطت. وأتى النِّباجيّ فرآها فقال: دُلُّوني عليه، فدلّوه. فأتاه فوقف عليه وقال: بسم الله، حبسٌ حابس، وشهابٌ قابس. رددت عين العائن عليه، وعلى أحبّ النّاس إليه، في كلوتيه رشيق، وفي ماله يليق، {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ، ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: 3، 4] . قال: فخرجت حَدَقَتَا العائن وقامت النّاقة لَا بأس بها4.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 313". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 311". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 310". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 316-317".

151- سعيد بن داود بن سعيد بن أبي زَنْبر1: أبو عثمان الزَّنْبريّ المدنيّ، نزيل بغداد. سمع: مالكًا، وأبا شهاب الحنّاط. وعنه: البخاريّ في "الأدب"، والرَّماديّ، وإبراهيم الحربيّ، والحسَن بن الصّبّاح البزّار، وأبو حاتم، والحارث التميمي، وآخرون. قال ابن الصّبّاح: كان من خِيار الناس. وقال أبو حاتم: يروي "الموطأ"، وليس بالقوي. قلت: تفرد عن مالك بمناكير. قال يحيى بن مَعين: ما كان عندي بثقة. وقال أبو زُرْعة: ضعيف. وقال أحمد بن حنبل: أخاف أن يكون قد خلّط على نفسه. 152- سعيد بن الربيع2: أبو زيد، صاحب الهَرَويّ. شيخ بصري كان يبيع الثياب الهروية. روى عن: قُرَّةَ بن خالد، وشُعْبة، وعليّ بن المبارك، وغيرهم. وعنه: خ. وم. وت. ون بواسطة، وحَجّاج بن الشّاعر، وبُنْدار، وعبد بن حُمَيْد، وأبو قِلابة الرِّقاشيّ، والكُدَيْميّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. تُوُفّي فِي ذي الحجّة سنة إحدى عشرة. وكان جدّهُ مكاتبًا لزُرارة بن أَوْفَى.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 470"، الجرح والتعديل "4/ 18"، المجروحين لابن حبان "1/ 325"، التهذيب "4/ 24، 25". 2 التاريخ الكبير "3/ 471"، الجرح والتعديل "4/ 20"، الثقات لابن حبان "8/ 265"، تهذيب التهذيب "4/ 27".

153- سَعيد بن سلام العطّار1. أبو الحَسَن البصْريّ: عن: ثور بن يزيد، وزكرّيا بن إسحاق، وسُفيان الثَّوريّ. وعنه: أبو قِلابة الرَّقاشيّ، وإسماعيل القاضي، وأبو مسلم الكَجّيّ، وجماعة. قال أبو داود: ضعيف. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. تُوُفّي سنة أربع عشرة. 154- سعيد بن شُرَحْبيل الكِنْديّ الكوفّي2: عن: اللَّيث، وابن لَهِيعَة، ويحيى بن العلاء الرازيّ، وجماعة. وعنه: خ. وس، ق عن رجل عنه، وأبو كُرَيْب، والقاسم بن زكريّا الكوفيّ، وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شَيْبة، ووالده، والحارث بن أبي أُسامة، وجماعة. قال مُطَيِّن: مات سنة اثنتي عشرة. 155- سعيد بن عبد الله بن دينار: أبو رَوْح البصْريّ التِّمّار. نزيل دمشق. عن: الربيع بن صُبيح، وعبد الواحد بن زيد. وعنه: سَلَمَةُ بن شَبِيب، وعبّاس التُّرقُفيّ، وجماعة. 156- سعيد بن عيسى بن تَلِيد الرُّعَيْنِيُّ3: مولاهم المصريّ. وقد ينسب إلى جده.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 481، 482"، الجرح والتعديل "4/ 31، 32"، المجروحين لابن حبان "1/ 321"، ميزان الاعتدال "2/ 141". 2 الطبقات الكبرى "6/ 411"، التاريخ الكبير "3/ 483"، الجرح والتعديل "4/ 33"، الثقات لابن حبان "8/ 264"، التهذيب "4/ 48". 3 التاريخ الكبير "3/ 461"، الجرح والتعديل "4/ 51، 52"، الثقات لابن حبان "8/ 261"، التهذيب "4/ 71".

سمع: المفضل بن فَضَالَةَ، وعبد الله بن وهْب، وابن القاسم، وزين بن شُعيب، ورشْدين بن سعْد، وابن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: خ. ون. عن رجل عنه، وابن أخيه المِقْدام بن داود بن عيسى، وأبو حاتم الرازيّ، وجماعة. وثقه أبو حاتم. وتوفي في ذي الحجّة سنة تسع عشرة، وكان كاتبًا لغيرِ واحد من قُضاة مصر. 157- سعيد بن مَسْعَدَة1. أبو الحسن البصْريّ، مولى بني مُجَاشِع: ويُعرف بالأخفش النَّحْويّ. أحد الأعلام. أخذ عن: الخليل، ولزم سِيبَوَيْه حتى بَرع. وكان أسنّ من سيبويْه. قال أبو حاتم السجسْتانيّ: كان الأخفش رجل سَوْء قَدَريًّا. كتابه في المعاني صويلح إلا أنّ فيه أشياء في القَدَر. وقال أبو عثمان المازنيّ: كان الأخفش أعلم النّاس بالكلام وأصدقهم بالْجَدَل. قلت: كان المازنّي من تلامذة الأخفش. وروى ثعلب، عن سَلَمة، عن الأخفش قال: جاءنا الكِسائيّ إلى البصرة، فسألني أن أقرأ عليه كتاب سِيبَوَيْه ففعلت، فوجّه إليّ خمسين دينارًا. قال سَلَمَةُ: وكان الأخفش يُعلِّم ولد الكِسائيّ. وكان ثعلب يفضِّل الأخفش، ويقول: كان أوسع النّاس عِلْمًا، وله كُتُب كثيرة في النَّحْو والعَرُوض. وعن الأخفش قال: أتيت بغداد ووافَيْت مسجدَ الكِسائيّ، فإذا بين يديه الفَرّاء، والأحمر، وابن سَعْدان، وغيرهم. فسألته عن مائة مسألة، فأجاب بجوابات خطّأْته في جميعها. فهم أصاحبه بالوُثُوب عليّ فمنعهم وقال: بالله أنت أبو الحسن سعيد بن مَسْعَدَة؟ قلت: نعم. فقام إليّ وعانقني وأجلسني إلى جانبه، ثم قال: أحب أن يتأدب أولادي بك.

_ 1 سير أعلام النبلاء "10/ 206-208"، البداية والنهاية "10/ 293"، شذرات الذهب "2/ 36".

فأجَبْتُهُ. ثم فيما بعد سألني أن أؤلّف له كتابًا في معاني القرآن. قال محمد بن إسحاق: تُوُفّي الأخفش سنة إحدى عشرة. وقال غيْره: تُوُفّي سنة اثنتي عشرة. وقيل: سنة خمس عشرة ومائتين. وله عدّة مصنّفات. 158- سعيد بن المغيرة1 -ن. أبو عثمان المصيصي الصياد: عن: أبي إسحاق الفَزَاريّ، وابن المبارك، ومُعْتَمِر بن سليمان. وعنه: الدَّارميّ، وأبو حاتم، وعبد الكريم الدَّيْرعَاقُوليّ، وإبراهيم بن دِيزيل، ومحمد بن سُليمان الكوفيّ، وجماعة. وكان صالحًا فاضلًا كبير القَدْر. قال أبو حاتم: حسْبُك به فضلًا أنّه ابتدأ قراءة كتاب السِّيَر فرأيت أهل المِصِّيصة قد غلَّقوا حوانيتهم وحضروا مجلسه. قلت: وثّقه أبو حاتم، وغيره. 159- سعيد بن هاشم بن صالح: أبو عمر المخزوميّ، مولاهم المصريّ الفقيه الفيُّوميّ. كان من أصحاب مالك. تُوُفّي بالفَيُّوم سنة أربع عشرة. 160- سُفيان بن زياد البغداديّ المخرّميّ الرصافّي2: عن: عيسى بن يونس، وعبد الله بن ضِرار، وغيرهما. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، ومحمد بْن عُبَيد اللَّه بْن المنادي، وتمتام، وغيرهم. قال الخطيب: كان ثقة. 161- السكن بن سليمان الأزدي البصري3:

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 67، 68"، الثقات لابن حبان "8/ 266"، تهذيب التهذيب "4/ 88". 2 تهذيب التهذيب "4/ 111"، تهذيب الكمال "11/ 149-153"، ميزان الاعتدال "2/ 168". 3 التاريخ الكبير"/ 181، 182"، الجرح والتعديل "4/ 288"، الثقات لابن حبان "8/ 306".

عن: سَلْم بن زَرِير. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ. تُوُفّي سنة عشرين. 162- سلامة بن بِشْر1. أبو كلثم العُذْريّ الدّمشقيّ: عن: يزيد بن السمط، وصدقة بن عبد الله السَّمين، والحسن بن يحيى الخشَنيّ. وعنه: أبو إسحاق الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بن أبي الحواريّ، ويزيد بن محمد بن عبد الصّمد، وأبو حاتم وجماعة. قال أبو حاتم: صدوق. 163- سلام بن سليمان بن سَوّار المدائنيّ2 -ق. أبو العباس الثقفي الضرير، نزيل دمشق: سمع بإفادة عمّه شَبَابة من: أبى عَمرو بن العلاء، وابن أبي ذئب، وعيسى بن طَهْمان، وشُعْبة، وغيرهم. وعنه: أحمد بن الأزهر، وعبّاس بن الوليد البيروتيّ، وعبد الله بن رَوْح، وأبو حاتم، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وعليّ بن محمد الجكّانيّ، وهارون الأخفشي الدّمشقيّ. قال أبو حاتم: ليس بالقويّ. ووثّقه غيره. وقال ابن عديّ: مُنْكَر الحديث. تُوُفّي بدمشق في حدود العشرين. 164- سَلْمُ بنُ إبراهيم البصري3 -د. ق. أبو محمد الوراق:

_ 1 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 98"، الجرح والتعديل "4/ 302"، الثقات لابن حبان "8/ 301". 2 الجرح والتعديل "4/ 259"، المجروحين لابن حبان "1/ 342"، ميزان الاعتدال "2/ 178، 179". 3 الجرح والتعديل "4/ 269"، تهذيب الكمال "11/ 212، 213"، ميزان الاعتدال "2/ 184"، تهذيب التهذيب "4/ 127".

عن: عِكْرمة بن عمّار، وشُعْبة، ومُبارك بن فَضَالَةَ، وغيرهم. وعنه: إبراهيم بن عبد الله بن الْجُنَيْد، وأحمد بن صالح الوزّان، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وتَمْتَام، وآخرون. قال أبو حاتم: شيخ. وضعْفه ابن مَعِين. 165- سَلْم بن ميمون الخوّاص الزّاهد1: رازيّ الأصل. سكن الرملة. وروى عن: مالك، وأبي خالد الأحمر، وجماعة. وعنه: يونس بن عبد الأعلى، وعَمْرو بن أسلم الطَّرَسُوسيّ، ومحمد بن عَوُف الحمصيّ، وغيرهم. قال إسماعيل بن مسلم بن قَعْنَب: رأيتُ كأن القيامة قد قامت، وكأن مناديا ينادي: ألا لِيَقُم السّابقون. فقام سُفيان الثَّوريّ. ثم نادى: ألا لِيَقُم السّابقون. فقام سَلْم الخَوَّاص. ثم نادى الثالثة فقام إبراهيم بن أدهم2. وقال سَلْم الخوّاص: النّاس ثلاثة أصناف: صنف شبه الملائكة، وصنف شبه البهائم، وصنف شبه الشياطين3. قال أبو حاتم: أدركته وكان مُرْجِئًا لا يُكتَب حديثه. وقد تقدم سليمان الخوّاص. وعاش ابن ميمون هذا إلى بعد ثلاث عشرة ومائتين. 166- سلمة بن بشير النيسابوري4:

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 267"، المجروحين لابن حبان "345"، ميزان الاعتدال "2/ 186، 187"، لسان الميزان "3/ 66". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 278"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 274". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "8/ 278". 4 الجرح والتعديل "4/ 157".

عن: هشيم، وابن أبي حازم، وطبقتهما. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. قيل: إنه روى بالرّيّ أربعين ألف حديث سنة إحدى عشرة وبعدها. 167- سَلَمَةُ بن داود العُرضيّ1: عن: أبي المَلِيح الرَّقّيّ، وإسماعيل بن عيّاش. وعنه: صالح بن بِشْر الطَّبرانيّ، وأبو حاتم الرازيّ وقال: ثقة. 168- سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ2. الطَّلْحيّ الكوفيّ. أبو أيّوب: له عن آبائه نسخة نحو بضعٍ وعشرين حديثًا أورد منها ابن عديّ عدة أحاديث مُنْكَرَة. روى عنه: الفضل بن سُخَيت، وأحمد بن منصُور الرماديّ، ومحمد بن عَمْرو بن تمّام المصريّ، وغيرهم. 169- سليمان بن بُرْد بن نَجِيح3: أبو الربيع التُّجَيْبيّ، مولاهم المصريّ الفقيه، أحد الأئمة. عن: مالك، واللَّيث، والدَّرَاوَرْديّ، وطبقتهم. قال مِقْدام بن داود: ما رأيتُ أحدًا كان أعلم بالقضاء وآلته منه. روى عنه: مِقْدام، ومالك بن عبد الله بن سيف. مات في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين. 170- سليمان بن الحكم بن عوانة الكلبي4: حدث عن: العلاء بن كثير، والقاسم بن الوليد الهمذاني.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 160"، والأنساب "8/ 430". 2 الجرح والتعديل "4/ 101"، ميزان الاعتدال "2/ 197"، لسان الميزان "3/ 77، 78". 3 الولاة والقضاة للكندي "436". 4 تقدمت ترجمته في الطبقة السابقة "179".

وعنه: محمد بن قدامة المصيصي، ومحمد بن الصباح، ومحمد بن أبي العوام. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. 171- سليمان بن داود بن دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاس1: أبو أيوب، وأبو داود الهاشمي العباسي الأمير. كان شريفا جليلا، عالما ثقة سريا. بلغنا عن أحمد بن حنبل أنّه قال: كان يَصْلُح للخلافة. سمع: عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، وإسماعيل بن جعفر، وإبراهيم بن سعْد، وعَبْثَر بن القاسم، وسُفيان بن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وعبّاس الدُّوريّ، وإبراهيم الحربيّ، والحارث بن أبي أُسامة، وأبو مسلم الكَجّيّ، وغيرهم. قال الزَّعْفرانيّ، قال لي الشافعيّ: ما رأيت أعقل من هذين الرجلين: أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشميّ. وقال النَّسائيّ، وغيره: ثقة. وعن ابن وَارَةَ: سُمع سليمان بن داود يقول: ربما أتحدّث بحديثٍ واحد ولي نيّة، فإذا أتيت على بعضه تغيّرت نيّتي، وإذا الحديث الواحد يحتاج إلى نيّات. وقال ابن سعْد، وأحمد بن زُهير: مات سنة تسع عشرة. 172- سُليمان بن عبيد الله الأنصاري الرقي2 -ن. ق. أبو أيوب الحطاب: سمع: عُبيد الله بن عَمْرو الرّقّيّ، وبقيّة بن الوليد.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 343"، التاريخ الكبير "4/ 10"، الجرح والتعديل "4/ 113"، الثقات لابن حبان "8/ 277"، التهذيب "4/ 187". 2 التاريخ الكبير "4/ 25"، الجرح والتعديل "4/ 127"، ميزان الاعتدال "2/ 214"، تهذيب التهذيب "4/ 209، 210".

وعنه: أبو أُميّة الطَّرَسُوسّي، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأبو حاتم الرازيّ، وحفص بن عمر سنجة، وطائفة. قال النَّسائيّ: ليس بالقويّ. 173- سليمان بن عثمان1 أبو داود الكلابّي البصْريّ العطّار: عن: القاسم بن الفضل الحداني، وحزم بن أبي حزم. وعنه: أَسيد بن عاصم. قال أبو حاتم: شيخ. 174- سليمان بن كَرَان2: سمع: مُبَارك بن فَضَالَةَ، وعمر بن عبد الرحمن الأبّار. وعنه: محمد بن مرزوق، ومحمد بن زكرّيا الأصبهانيّ. تُوُفي سنة ثمان عشرة، وهو طُفَاويّ. لَيَّنَهُ ابن عديّ، وغيره. وآخر من روى عنه: محمد بن عثمان بن أبي سُوَيْد. وهو ابن كران براء مُخَفّفة. قيّده عبد الحقّ في أحكامه في "السّؤال". 175- سليمان بن النُّعمان الشَّيْبانيّ البصْريّ3: عن: همّام بن يحيى، ويحيى بن العلاء. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. وقال أبو حاتم: شيخ. 176- سليمان بن أبي هوذة4:

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 131". 2 الجرح والتعديل "4/ 138"، ميزان الاعتدال "2/ 221"، لسان الميزان "3/ 101، 102". 3 الجرح والتعديل "4/ 147"، الثقات لابن حبان "8/ 276". 4 التاريخ الكبير "4/ 41"، الجرح والتعديل "4/ 148".

عن: حماد بن سَلَمَةَ، وأبي هلال، وعَمْرو بن أبي قيس، وجماعة. وعنه: عيسى بن أبي فاطمة، ومُقاتل بن محمد، وسليمان بن داود القزّاز. قال أبو زُرْعة: صدوق. 177- سليمان بن محمد الأسلمّي اليساريّ1: ابن عم مُطَرَّف بن عبد الله. سكن الجار، وحدّث عن: ابن أبي ذئب، ومالك، ونافع القارئ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وجماعة. روى عنه: أبو حاتم. وقال: صدوق. 178- سهل بن عامر البَجَليّ2: عن: مالك بن مِغْوَلٍ، وفُضَيْل بن مرزوق، وإسرائيل. وعنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شَيْبة، والحَسَن بن عليّ بن عفان، وجماعة. قال أبو حاتم: أدركته بالكوفة. كان يفتعل الحديث. 179- سهل بن محمود3. أبو السَّرِيّ: حدّث ببغداد عن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش. وعنه: محمد بْن أحمد بن السّكَن، وعبّاس الدُّوريّ. وكان صالحًا ناسكًا ثقة. تُوُفّي كهلًا في سنة خمس عشرة. قال يعقوب بن شَيْبة: كان أحد أصحاب الحديث، وأحد النُّسّاك. 180- سَوَّار بن عمارة4. أبو عمارة الرملي:

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 140". 2 الجرح والتعديل "4/ 202"، الثقات لابن حبان "8/ 290"، ميزان الاعتدال "2/ 239"، لسان الميزان "3/ 119". 3 تاريخ بغداد "9/ 115، 116". 4 التاريخ الكبير "4/ 169"، الجرح والتعديل "4/ 273"، الثقات لابن حبان "8/ 302"، تهذيب التهذيب "4/ 269".

عن: رجاء بن أبي سَلَمَةَ، والسَّريّ بن يحيى بن عُيَيْنَة. وعنه: أبو عُمَير عيسى بن محمد، وموسى بن سهل، ومحمد بن خلف العسقلانيّ، وزياد بن أيّوب، وأبو زُرْعة الدِّمشقيّ. قال أبو حاتم: أدركته ولم أسمع منه، وهو صدوق. تُوُفّي سنة أربع أو خمس عشرة. 181- سُورةُ بن زُهير1: أبو السَّرِيّ الخُراسانيّ. روى عن: مِسْعَر بن كُدام، وغيْره. قال أحمد بن سَيَّار المَرْوَزِيّ: ثنا سُورة بن زُهير رجل من أهل خُراسان لقِيته بالإسكندريّة أُرِيدَ أن يتكلّم بخلْق القرآن فامتنع. "حرف الشين": 182- شدّاد بن حكيم2: ولّي قضاء بَلْخ مُكْرَهًا فحكم ستّة أشهر وهرب إلى سَمَرقَنْد. مات سنة ثلاث عشرة ومائتين عن تسعٍ وثمانين سنة. نقل عن تعاليق ابن قاضي. ذكره المصّنف في غير طبقته فنقلته. 183- شُعَيْبُ بنُ يحيى التُّجَيْبيّ العِباديّ المصريّ3 -ن: عن: نافع بن يزيد، ويحيى بن أيّوب، واللَّيْث، ومالك، وغيرهم. وعنه: الحارث بن مسْكين، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن عَبْد اللَّهِ بن عَبْد الحَكَم، وزيد بن بِشْر، وبكر بن سَهْل الدمياطي، وجماعة.

_ 1 الأسماء والكنى للحاكم "1/ 259". 2 الجرح والتعديل "4/ 331، 332"، الثقات لابن حبان "8/ 301"، لسان الميزان "3/ 140". 3 الجرح والتعديل "4/ 353"، الثقات لابن حبان "8/ 309"، ميزان الاعتدال "2/ 278"، التهذيب "4/ 357".

ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال ابن يونس: كان رجلا صالحًا، غلبت عليه العبادة. تُوُفّي سنة إحدى عشرة. وقيل: سنة خمس عشرة. 184- شهاب بن مُعَمَّر1: أبو الأزهر العَوَقيّ البصْريّ ثم البلْخيّ. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وفُرات بن السّائب، وسّوّادة بن أبي الأسود. وعنه: البخاريّ في "الأدب"، وأبو قُدامة عبد الله السَّرْخَسِيّ، وعبد الصمد بن الفضل البلْخيّ، وجماعة، وابن أخيه أبو شِهاب مُعَمَّر بن محمّد. وثقة ابن حِبّان. "حرف الصاد": 185- صاعدُ بنُ عُبيد البَجَلّي الحرّانيّ2 -ت. ق: عن: زهير بن معاوية، وموسى بن أعين. عنه: جعفر بن مسافر، ومحمد بن الحَجّاج الحضْرميّ، وأبو محمد الدارمي. 186- صالح بن مهران3 -ن: أبو سفيان الشيباني، مولاهم الأصبهانيّ الصُّوفيّ العارف. روى عن: النُّعمان بن عبد السّلام، وغيره. وعنه: محمد بن عاصم، وأخوه أسيد بن عاصم، ومحمد بن عبد الله بن الحسن.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 363"، الثقات لابن حبان "8/ 314"، تهذيب التهذيب "4/ 368، 369". 2 الجرح والتعديل "4/ 453"، تهذيب الكمال "13/ 5"، تهذيب التهذيب "4/ 379". 3 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 199"، الجرح والتعديل "4/ 413"، تهذيب الكمال "13/ 93-95"، التهذيب "4/ 403، 404".

وكان يُسمّى الحكيم لعقْله وورعه. وقد دوّنوا من كلامه رحمه الله. أخرج النّسائيّ، عن الفلاس، عنه. ووثقه الفلّاس. وقال أبو نُعَيم الحافظ: كان من الورع بمحلّ. قال أَسِيد بن عاصم: كان يفتي، وكان أفقه من الحسين بن حفص. 187- صالح بن الأمير نصر بن مالك الخزاعي 1: أخو أحمد بن نصر الشهيد. روى عن: ابن أبي ذئب، وشُعْبة، وجماعة. وعنه: عباس الدُّوريّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وآخرون. وثقه محمد بن جرير الطبريّ. وتُوُفّي سنة تسع عشرة. 188- الصَّلْتُ بن محمد 2: أبو همام البصْريّ الخارَكيّ. وخارَك من ساحل البصرة. سمع: حمّاد بن زيد، ومهديّ بن ميمون، وأبا عَوَانة، وعبد الواحد بن زياد، وجماعة. وعنه: خ. ون. عن رجل عنه، وإبراهيم بن المسستمر العُرُوقيّ، ومحمد بن مرزوق البصْريّ، وآخرون. وكان أحد الثِّقات. قال أبو حاتم: صالح الحديث.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 418". 2 التاريخ الكبير "4/ 304"، الجرح والتعديل "4/ 441"، الثقات لابن حبان "8/ 324"، تهذيب التهذيب "4/ 435، 436".

"حرف الضاد": 189- الضّحّاكُ بنُ مَخْلَد بن الضّحّاك بن مسلم بن الضّحّاك1: أبو عاصم النبيل الشيبانيّ البصْريّ، التاجر في الحرير، الحافظ. وُلِد سنة اثنتين وعشرين ومائة، وسمع: جعفر بن محمد الصّادق، ويزيد بن أبي عُبَيد، وأيْمَن بن نابِل، وبَهْز بن حكيم، وزكريا بن إسحاق المكّيّ، وابن جُرَيْج، وهشام بن حسّان، وابن عَوْن، وسليمان التَّيْميّ، وثور بن يزيد، وابن عَجْلان، والأوزاعيّ، وابن أبي عَرُوبَة، وخلْقًا. وعنه: خ. وهو والجماعة عن رجلٍ عنه، وجرير بن حازم أحد شيوخه، وسُفيان بن عُيَيْنَة إنْ صَحّ، وأحمد بن حنبل، وأبو خَيْثَمَة. وأبو بكر بن أبي شَيْبَة، وبُنْدار، وأبو حفص الفلّاس، والدّارميّ، والحارث بن أبي أسامة، وأبو مسلم الكَجّيّ، وخلْق آخرهم مَوْتًا محمد بن حبان البصري المتوفى بعد الثلاثمائة. قيل: إنّ فِيلًا قدِم البصْرَة فخرج النّاس يتفرجون، فقال ابن جريح لأبي عاصم: ما لك لَا تخرج؟ قال: لم أجد منك عِوَضًا. قال: أنت نبيل. وقيل: لُقِّب به؛ لأنّه كان فاخر البَزّة. وقيل: حلف شُعبة أن لَا يُحدِّث شهرًا، فقصده أبو عاصم وقال: حَدِّث وغُلامي حرٌّ كَفَّارةً عنك. وكان أبو عاصم حافظًا ثَبْتًا، لم يُر في يده كتاب قطّ. وكان فيه مُزَاح وكيس. قال عُمر بن شَبَّة: واللَّهِ ما رأيت مثله. وقال البخاريّ، وغيره: سمعنا أبا عاصم يقول: ما اغتبتُ أحدًا منذ علمت أن الغيبة تضر أهلها.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 295"، التاريخ الكبير "4/ 336"، الجرح والتعديل "4/ 463"، الثقات لابن حبان "6/ 483"، تهذيب التهذيب "13/ 218-291"، سير أعلام النبلاء "9/ 480-485"، ميزان الاعتدال "2/ 325"، التهذيب "4/ 450".

وقال ابن مَعِين: ثقة، ولم يكن يُعرب. وقال أبو داود: كان أبو عاصم يحفظ قدْر ألف حديث من جيّد حديثه، وكان فيه مُزَاح. قال إسماعيل بن أحمد أمير خُراسان: سمعت أبي يقول: كان أبو عاصم كبير الأنف، فسمعته يقول: تزوّجت امرأةً. فعمدتُ لأُقَبِّلها، فمنعني أنفي، فقالت: نحّ رُكبتك. فقلت: إنّما هو أنْف. قال غير واحد: تُوُفّي في ذي الحجّة في آخر أيام التشريق سنة اثنتي عشرة. وقال بعضهم: سنة ثلاث عشرة، وأظنه غلطًا. وقد جاوز التسعين بيسير. قال ابن سعْد: كان ثقةً فقيهًا، مات بالبصرة ليلة الخميس لأربع عشرة خَلَت من ذي الحجّة. قلت: غلط من قال: إنه مات سنة ثلاث عشرة وذلك؛ لأنه لم يصل خبرُ موته إلى بغداد إلا في سنة ثلاث عشرة، فَوَرّخه بعض المحدّثين فيها. وأما البخاريّ فقال: مات سنة أربع عشرة في آخرها. قال يزيد بن سِنان القزّاز: سمعتُ أبا عاصم يقول: كنت اختلف إلى زُفَر بن الْهُذَيْلِ، وَثَمَّ آخر يُكَنَّى أبا عاصم رثّ الهيئة يختلف إلى زُفَر. فجاء أبو عاصم يستأذن، فخرجتْ جاريةٌ فقالت: مَن ذا؟ قال: أنا أبو عاصم. فدخلت فقالت لزُفَر: أبو عاصم بالباب. قال: أيُّهما هو؟ فقالت: النبيل منهما. فأذِنت لي فدخلتُ، فقال لي زُفَر: قد لقَّبتك الجارية بلقبٍ لَا أراه أبدًا يفارقك. لقَّبَتْك بالنّبيل. فلزِمني هذا اللَّقب. رواها غير واحد عن القزّاز. قال محمد بن عيسى: سمعت أبا عاصم يقول: ما دلَّسْتُ قَطّ، إنّي لأَرجُم من يُدلّس. وفي تهذيب الكمال، عن البخاريّ ما ذكرنا من وفاته. كذا قال. وقال شيخنا عبد الله بن تَيْمية: بل ذكر البخاريّ وفاته سنة اثنتي عشرة غير مرّة.

"حرف الطاء": 190- طَلْقُ بنُ السَّمْح بن شُرَحْبيل1. أبو السِّمْح المصريّ: عن: يحيى بن أيوب، ونافع بن يزيد، وموسى بن عليّ بن رباح، وقَحْذَم بن يزيد اللَّخْميّ، وحَيْوَة بن شُرَيْح، وجماعة. وعنه: ابنه حَيْوة، والربيع بن سُليمان الْجِيزيّ، ومحمد بن عبد الملك بن زَنْجُوَيْه، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن عَبْد اللَّهِ بن عَبْد الحَكَم وآخرون. قال ابن يونس: كان نفاطًا في البحر يرمي بالنار، وتوفي بالإسكندريّة سنة إحدى عشرة ومائتين. قلت: روى النَّسائيّ في كتاب "اليوم والليلة" له حديثّا. وذكره ابن أبي حاتم في كتابه. 191- طَلْقُ بنُ غنَّام بن طلْق بن معاوية النَّخَعيّ2 -خ. م: ابن عمّ حفص بن غياث. وكاتب شَرِيك القاضي ثم حفص بن غياث على الحُكْم. سمع: زائدة، وشَيْبان، وشَرِيكًا، والمسعوديّ، ومالك بنُ مغْول، وهمّام بن يحيى، وجماعة. وعنه: خ. والباقون سوى مسلم بواسطة، وأحمد بن حنبل، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْب، وأبو أُميَّة الطَّرَسُوسيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وعبد الله بن الحُسَين المِصِّيصيّ، وطائفة. قال أبو داود: صالح. وقال ابن سعْد: ثقة صدوق. مات في رجب سنة إحدى عشرة أيضًا.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 491"، تهذيب الكمال "13/ 454، 455"، ميزان الاعتدال "2/ 345"، التهذيب "5/ 32". 2 الطبقات الكبرى "6/ 405"، التاريخ الكبير "4/ 360"، الجرح والتعديل "4/ 491، 492"، الثقات لابن حبان "8/ 327"، تهذيب الكمال "13/ 456-459"، سير أعلام النبلاء "10/ 240"، ميزان الاعتدال "2/ 345"، التهذيب "5/ 33، 34".

"حرف العين": 192- عاصم بن يوسف اليربوعي1 -خ. ت. ن. أبو عَمْرو الكوفيّ الخيّاط: عن: أبي الأَحْوَص سلام بن سُلَيم، وقُطْبة بن عبد العزيز السّعْديّ، وأبي شِهاب الحَنّاط، وإسرائيل بن يونس، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، وأحمد بن أبي غرَزَة الغِفاريّ، وجعفر بن محمد بن الْهُذَيْلِ، وأبو محمد الدّارميّ، وجاره يوسف بن موسى القطان، وطائفة. وثّقه مُطَيِّن، وقال: مات سنة عشرين. 193- عَبّادُ بن صُهَيْب2. أبو بكر الكُلَيْبيّ البصْريّ. عن: الأعمش، وسعيد بن أبي عَرُوبة، وعُمر مولى عَفْرَة، وهشام بن عُرْوة، وابن عَجْلان، وأمثالهم. وعنه: حسين بن علّي بن مهْران، وإبراهيم بن راشد، ومحمد بن عثمان، ومحمد بن خُزَيْمَة البصْريّ. قال ابن عديّ: لعَبَّاد تصانيفُ كثيرة، ومع ضَعْفِه يُكتَب حديثه. قال لنا عَبْدان: عند أحمد بن رَوح، عن عبّاد بن صُهَيْب مائة ألف حديث. قال عبدان: وعبّاد لم يكذِّبه النّاس، إنّما لُقّن بآخره. وقال البخاريّ: سكتوا عنه. وكان يرى القدر. توفي قريبًا من سنة اثنتي عشرة ومائتين. وأمّا ابن مَعِين فروى عنه يحيى بن عبد الرحمن الأعمش، ولا أعرفه أنّه قال: عبّاد بن صهيب أثبت من أبي عاصم.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 491"، الكنى والأسماء "2/ 43"، الجرح والتعديل "6/ 352"، الثقات لابن حبان "8/ 506، التهذيب "5/ 59". 2 الطبقات الكبرى "7/ 297"، التاريخ الكبير "6/ 43"، الجرح والتعديل "6/ 81، 82"، المجروحين "2/ 164"، الميزان "2/ 367".

194- عَبّادُ بنُ موسى1. أبو عُقْبة القُرَشيّ البصْريّ العَبّادانيّ الأزرق: نزيل بغداد. عن: سفيان، وإسرائيل، وإبراهيم بن طَهْمان، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وعبد العزيز بن أبي رَوّاد، وجماعة. وقيل: إنه سمع من ابن عَوْن. وعنه: أحمد بن يوسف التَّغْلبيّ، ومحمد بن إسحاق الصّاغانيّ، وإسحاق الحَرْبيّ، وإبراهيم بن فهد السّاجّي، وجماعة. وثقة الصّاغانيّ، ولم يُخَرِّجوا له شيئًا. 195- عبّاس بن طالب البصْريّ2: نزيل مصر. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وأبي عَوَانَة، وروح بن عطاء، وعبد الواحد بن زياد. وعنه: إسماعيل سَمُّوَيْه، وأبو حاتم. حدّث في سنة ستّ عشرة. قال أبو زُرعة: ليس بذاك. 196- عبّاس بن الوليد3. أبو الفضل البصْريّ. نزل الشام وحدّث عن: شُعبة، ومبارك بن فَضَالَةَ، وأبي جعفر الرازيّ. وعنه: أحمد بن محمد بن سيَّار العَوْهيّ، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر الطَّرَابُلُسيّ. 197- عبّاس بنُ الوليد الفارسيّ ثم الإفريقيّ4. أبو الوليد:

_ 1 تهذيب الكمال "14/ 165، 166"، ميزان الاعتدال "2/ 378"، تهذيب التهذيب "5/ 106، 107". 2 الجرح والتعديل "6/ 216"، الثقات لابن حبان "8/ 510"، ميزان الاعتدال "2/ 384". 3 الجرح والتعديل "6/ 214"، الثقات لابن حبان "8/ 510". 4 لسان الميزان "3/ 245، 246".

روى عن: عبد الله بن رَوْح، ومالك بن أنس. قُتِل شهيدًا في رمضان سنة ثمان عشرة، وذلك عند فتح تونس لما خالَفَتْ عليَّ بنَ الأغلب. 198- عبد الله بن إسماعيل بن عثمان1: أبو مالك الْجَهْضميّ البصْريّ. عن: شُعبة، وجرير بن حازم، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وجماعة. وعنه: إسحاق بن سيّار النَّصِيبيّ. وكتب عنه أبو حاتم الرازي ولم يحدِّث عنه. قال: هو لين. 199- عبدُ الله بن أيّوب التَّيْميّ الشاعر2: مدح الأمين، والمأمون، وغيرهما. وكان شاعرًا محسنًا. 200- عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي3 -ع: أبو عبد الرحمن مولى آل عُقْبة بن أبي مُعَيْط. سمع: عُبيد الله بن عَمْرو، وأبا المَلِيح الحَسَن بن عُمر، وموسى بن أَعْيَن الرَّقّيّين، وإسماعيل بن عَيّاش، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، ومُعْتَمر بن سليمان. وعنه: أحمد الدَّوْرقيّ، وإسماعيل بن سَمُّوَيْه، وَسَلَمَةُ بن شَبيب، وعبد الله بن عبد الرحمن الدَّارميّ، ومعاوية بن صالح الأشعريّ، وهلال بن العلاء، وطائفة آخرهم موتًا أبو شعيب الحراني. وثقه ابن معين، وغيره.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 3"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 103"، ميزان الاعتدال "2/ 392". 2 الأغاني "20/ 44-59"، تاريخ بغداد "9/ 411-413". 3 الطبقات الكبرى "7/ 486"، التاريخ الكبير "5/ 62"، الجرح والتعديل "5/ 23"، الثقات لابن حبان "8/ 351"، التهذيب "5/ 173".

وقال هلال: أضرّ سنة ستّ عشرة، وتغير سنة ثمان عشرة، ومات سنة عشرين. قلت: تٌوُفيّ في ثالث وعشرين شعبان بالرَّقّة. رَوَت الجماعة عن رجلٍ عنه. 201- عبد الله بن الْجَهْم1: أبو عبد الرحمن الّرازيّ. لم يرحل. وسمع من: قاضى الرّيّ عِكْرمة بن إبراهيم، وجرير بن عبد الحميد، وعَمْرو بن أبي قيس الرازيّ، وابن المبارك، وجماعة. وعنه: أحمد بن أبي سُرَيْج، ويوسف بن موسى القطّان، وجماعة. قال أبو زُرْعة: رأيته وكان صدوقًا. لم أكتب عنه. - عبد الله بن خيران: تأخر. 202- عبد الله بن داود بن عامر بن الربيع2: أبو عبد الرحمن الهمْداني الشَّعْبيّ الكوفيّ المعروف بالخُرَيْبيّ. سكن الخُرَيْبة، وهي محلَّة بالبصْرة. وكان من كبار أئِّمة الأثر. سمع: هشام بن عُرْوة، والأعمش، وَسَلَمَةَ بن نُبَيْط، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، وابن جُرَيْج، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى، وخلقًا. وعنه: الحسن بن صالح بن حيّ، وسُفْيان بن عُيَيْنَة وهما من شيوخه. ومسدد، ونصر بن عليّ، وبُنْدار، وعَمْرو الفلاس، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، والكُدَيمِيّ، وبِشْر بن موسى الأسديّ، وخلْق. قال ابن سعد: كان ثقةً، عابدًا، ناسكًا.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 27"، الثقات لابن حبان "8/ 344"، ميزان الاعتدال "2/ 404"، تهذيب التهذيب "5/ 177، 178". 2 الطبقات الكبرى "7/ 295"، التاريخ الكبير "5/ 82"، الجرح والتعديل "5/ 47"، الثقات لابن حبان "7/ 60"، التهذيب "1/ 412".

وقال ابن مَعِين: ثقة، مأمون. وقال الكُدَيْميّ، عن عبد الله بن داود قال: كان سبب دخولي البصْرة لأن ألقى ابن عَوْن، فلمّا صرتُ إلى قناطر سَرْدارا تلقّاني نعْيه، فدخلني مَا اللهُ بِهِ عليم. أبو حفص الفلّاس: سألت عبد الله بن داود عن بازيّ أُخِذ من أرض العدوّ. فقال: إنْ كان مُعَلَّمًا وُضِع في المَغْنَم، وإنْ كان وَحْشيًّا فهو لصاصة. عليّ بن حرب: سألت الخُرَيْبيّ عن الإيمان؟ قال: قَوْلِي فيه قول ابن مسعود، وحُذَيفة، وإبراهيم النَّخَعيّ: قولٌ وعملٌ يزيد وينقص. ثم قال: أنا مؤمن عند نفسي، ولا أدري كيف أنا عند ربّي. وقال زيد بن أخزم: سمعت الخُرَيْبيّ يقول: نَوْلُ الرجل أن يُكره ولده على طلب الحديث. ليس الدّين بالكلام، إنّما الدين بالآثار. وقال الكُدَيْميّ عنه: ما كذبت إلّا مرّةً واحدة. قال لي أبي: قرأت عليّ العِلْم؟ قلت: نعم، وما كنت قرأت عليه. وقال الفلّاس: سمعت الخُرَيْبيّ يقول: كانوا يستحبّون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لَا تعلم به زوجته ولا غيرها. وقال زيد بن أخزم: سمعت الخُرَيْبيّ يقول: مَن أمكن النّاس مِن كلّ ما يريدون أضرّوا بدُنياه ودِينه. وقال أبو داود: خلّف الخُرَيْبيّ أربعمائة دينار. وبعث إليه محمد بن عَبّاد مائة دينار فقبِلها. وقال إسماعيل الخطْبيّ: سمعت أبا مسلم الكجي يقول: كتبت الحديث وعبد الله بن داود حي. ولم آته؛ لأني كنت في بيت عمتي. فسألت عن أولادها فقالوا: قد مضوا إلى عبد الله. فأبطؤا ثم جاءوا يذمّونه وقالوا: طلبناه في منزله فقالوا: هو في بسيتينيةٍ له بالقُرب. فقصدناه، فسلَّمْنا، وسألناه أن يُحدِّثنا، فقال: مُتِّعتُ بكم، أنا في شغلٍ عن هذا. هذه البُسَيْتينية لي فيها معاش، وتحتاج إلي سقْيِ، وليس لي مَن يسقيها.

فقلنا: نحن نُدير الدُّولاب ونسقيها. فقال: إنْ حَضَرَتْكم نيةٌ فافعلوا. فتشلَّحنا وأدَرْنا الدُّولاب حتّى سقينا البستان. ثم قلنا: تُحدِّثنا؟ قال: مُتِّعتُ بكم ليس لي نيةٌ، وأنتم كانت لكم نيّة تُؤْجَرون عليها. وقال أحمد بن كامل: نا أبو العيناء قال: أتيت الخُريْبيّ فقال: ما جاء بك؟ قلت: الحديث. قال: اذهب فتحفظ القرآن. قلت: قد حفظت القرآن. قال: اقرأ أو {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ} [يونس: 71] . فقرأت العشر حتى أنفذته. فقال: اذهب الآن فتعلَّم الفرائض. قلت: قد تعلَّمتُ الفرائض الصُّلْب والْجَدّ والكُبْر. قال: فأيّهما أقرب إليك ابن أخيك أو ابن عمّك؟ قلت: ابن أخي. قال: ولِمَ؟ قلت: لأنّ أخي من أبي، وعمّي من جدّي. قال: اذهب الآن فتعلّم العربية. قلت: قد عُلِّمْتُها قبل هذين. قال: فلِم قال عُمر حين طعن: يا لله، يا للمسلمين؟ قلت: فَتَحَ تِلك على الدّعاء، وكسر هذه على الاستغاثة والاستنصار. فقال: لو حدثت أحدًا لحدثتك. وقال عبّاس العَنْبريّ: سمعتُ الخُرَيْبيّ يقول: وُلِدتُ سنة ستٍّ وعشرين ومائة. وقال الكُدَيْميّ: مات في النصف من شوّال سنة ثلاث عشرة. وقال بِشْر الحافي: دخلت على عبد الله بن داود في مرضِه الذي مات فيه، فجعل يقول ويُمِرّ يدَه إلى الحائط: لو خُيّرت بين دخول الجنّة وبين أن أكون لَبِنَةً من هذا الحائط لاخترتُ أن أكون لَبِنةً، متى أدخل أنا الجنّة؟.

وكان يقف في القرآن تورُّعًا وَجُبْنًا. قال عثمان بن سليمان بن سافريّ: قال لي وكيع: النظر في وجه عبد الله بن داود عبادة. وقال إسماعيل القاضي: لما دخل يحيى بن أكثم البصرة مضى إلى الخُرَيْبيّ، فلما دخل رأى الخُرَيبيُّ مِشْيَتَه. فلما جلس وسلَّم قال: معي أحاديث تُحدِّثني بها. قال: مُتِّعتُ بك، إنّي لمّا نظرت إليك نويتُ أن لَا أُحَدِّث. قال محمد بن شجاع: قلت لعبد الله الخُرَيْبيّ: إنّ بعض الناس أخبرني أنّ أبا حنيفة رجع عن مسائل كثيرة. قال: إنّما يرجع الفقيه عن القول إذا اتّسع علمه. 203- عبد الله بن داود الواسطي التمار1 -ت: وهو أقدم وفاةً من الخريبيّ وأصغر. عن: حنظلة بن أبي سُفيان، وابن جُرَيْج، وحماد بن سَلَمَةَ، واللّيث بن سعد، وجماعة. وعنه: محمد بن المُثَنَّى، وأحمد بن سِنان القطّان، وأحمد بن أبي سُرَيْج الرازيّ، وهارون بن سليمان الأصبهانيّ، وآخرون. قال ابن المُثَنَّى: كان واللهِ ما علمته، ثقة صاحب سُنّة. وقال ابن عديّ: هو عندي ممّن لَا بأس به إن شاء الله. 204- عبد الله بن رجاء الغداني2 -خ. ن. ق. أبو عمرو البصري: عن: شُعبة، وعِكْرمة بن عمّار، وهمّام، وشَيْبان، وعاصم بن عمر العمريّ، وعبد الرحمن المسعوديّ، وجرير بن أيّوب البَجَليّ، وإسرائيل، وعبد الحميد بن بهرام، وسعيد بن سَلَمة بن أبي الحسام، وخلق.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 82"، الجرح والتعديل "5/ 48"، المجروحين "2/ 34، 35" تهذيب التهذيب "5/ 200، 201". 2 التاريخ الكبير "5/ 91"، الجرح والتعديل "5/ 55"، الثقات لابن حبان "8/ 341"، تهذيب التهذيب "5/ 209، 210".

وعنه: خ. ون. ق بواسطة، وإبراهيم الحربيّ، وأبو بكر الأثرم، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأُسَيْد بن عاصم، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وعثمان بن عمر الضَّبّيّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وأبو خليفة الفضل بن الحباب، وخلق. كثير الغلظ والتَّصحيف. وقال أبو حاتم: ثقة، رِضًى. وقال ابن المَدِينيّ: اجتمع أهل البصرة على عدالة رجلين: أبي عمر الحَوْفيّ، وعبد الله بن رجاء. تُوُفّي في سلْخ ذي الحجّة سنة تسع عشرة. ودُفِن مِن الغد سنة عشرين. - أمّا عبد الله بن رجاء المكّي، فقد مرّ في طبقة وكيع. 205- عبد الله بن الزُّبير بن عيسى1. خ. د. ت. ن: الإمام أبو بكر القُرَشيّ الأَسَديّ الحُمَيْديّ، لحميد بن زهير بن الحارث بن أسد المكّيّ. مُحدَّث مكّة وفقيهها، وأَجَلّ أصحاب سُفْيان بن عُيَيْنَة. سمع: ابن عُيَيْنَة، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدي، وفُضَيْل بن عِياض، ومَروان بن معاوية، والوليد بن مسلم، ووكيعًا، والشافعيّ، وطائفة. وعنه: خ. ود. ت. ن. عن رجل عنه، وهارون الحمّال، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وَسَلَمَةَ بن شَبِيب، ويعقوب الفَسَويّ، ويعقوب السَّدُوسيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم الرازيّان، وأبو بكر محمد بن إدريس المكّيّ وَرَّاقُهُ، ومحمد بن عبد الله بن سنجر الْجُرْجَانيّ، ومحمد بن عبد الله بن البَرْقيّ، وبِشر بن موسى، والكُدَيْميّ، وخلْق. قال أحمد بن حنبل: الحُمَيْديّ عندنا إمام. وقال أبو حاتم: أثبت الناس في ابن عُيَيْنة: الحُمَيْديّ. قال: جالست ابنَ عُيَيْنَة تسع عشر سنة أو نحوها.

_ 1 الطبقات الكبرى "5/ 502"، التاريخ الكبير "5/ 96، 97"، الكنى والأسماء "1/ 118"، الجرح والتعديل "5/ 56، 57"، الثقات لابن حبان "8/ 341"، سير أعلام النبلاء "10/ 616-621"، تهذيب التهذيب "5/ 215، 216".

وقال يعقوب بن سُفْيان: ثنا الحُمَيْديّ وما لقيت أنصحَ للإسلام وأهله منه. وقال غيره: كان حُجَّةً حافظًا. كان لَا يكاد يَخْفى عليه شيء من حديث سُفْيان. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى: ثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، وَذَكَرَ حَدِيثَ: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ" 1. فَقَالَ: لَا تَقُولُ غَيْرَ هَذَا عَلَى التَّسْلِيمِ وَالرِّضَا بِمَا بِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ. لَا تَسْتَوْحِشُ أَنْ تقول كما قال القرآن والحديث. قال الفَسَوِيّ: سمعتُ الحُمَيْديّ يقول: كنت بمصر، وكان لسعيد بن منصور حلقة في مسجد مصر يجتمع إليه أهل خُراسان وأهل العراق. فجلست إليهم فذكروا شيخًا لسُفيان وقالوا: كم يكون حديثه؟ فقلت: كذا وكذا. فاستكثر ذلك سعيد وابن دَيْسَم. فلم أزل أُذاكِرهما بما عندهما عنه، ثم أخذت أَغرب عليهما، فرأيتُ فيهما الحياء والخجل. وقال محمد بن سهل القُهُسْتانيّ: ثنا الربيع: سمعت الشافعيّ يقول: ما رأيت صاحب بلغمٍ أحفظَ من الحُمَيْديّ. كان يحفظ لابن عُيَيْنَة عشرةَ آلاف حديث. وقال محمد بن إسحاق المَرْوَزِيّ: سمعت إسحاق بن راهوَيْه يقول: الأئمة في زماننا: الشافعيّ، والحُمَيْدي، وأبو عُبَيْد. وقال عليّ بن خَلَف: سمعت الحُمَيْديّ يقول: ما دمت بالحجاز، وأحمد بالعراق، وإسحاق بخُراسان لَا يَغْلِبُنا أحد. وقال السّرّاج: سمعتُ محمد بن إسماعيل يقول: الحُمَيْديّ إمامٌ في الحديث. قلت: والحُمَيْديّ معدود من الفُقَهاء الذين تفقّهوا بالشّافعيّ. قال ابن سعْد، والبخاريّ: تُوُفّي بمكة سنة تسع عشرة ومائتين. وقال غيرهما: في ربيع الأول.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2612"، وأحمد في المسند "2/ 244، 347، 463، 519"، والحميدي "1121"، وابن حبان في صحيحه "5605"، وأخرجه مختصرًا البخاري "2559"، ومسلم "2612"، وأحمد "2/ 313".

206- عبد الله بن السري الأنطاكي الزاهد1 -ق: كان من أهل المدائن، وصحِب شُعَيب بن حرب العابد، وروى عنه. وعن: سعيد بن زكريّا المدائنيّ، وصالح المُرّيّ، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وحفص بن سليمان القارئ، وغيرهم. وعنه: خَلَف بن تميم الكوفيّ مع تقدُّمه، وأحمد بن أبي الحواري، وأحمد بن نصر النَّيْسابوريّ، وموسى بن سهل الرمليّ، وعبّاس الدوري، وأحمد بن خليل الحلبيّ شيخ الطّبراني، وآخرون. لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي "سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ": عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ، عَنْ خَلَفِ بْنِ تَمِيمٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، رَفَعَهُ قَالَ: "سَيَلْعَنُ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا"2. أَسْقَطَ خَلَفٌ، أَوْ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ إِسْنَادِهِ سَطْرًا، إِمَّا عَمْدًا أَوْ غَلَطًا. فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ خُلَيْدٍ الْحَلَبِيَّ، وَغَيْرَهُ رَوَوْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّرِيِّ الْأَنْطَاكِيِّ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَكَرِيَّا، ثَنَا عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وكذلك رواه محمد بن معاوية الأنماطيّ، عن سعيد بن المدائنيّ. وحديث خَلَف وقع عاليًا في جزء محمد بن الفرج الأزرق عنه، عن عبد الله بن السَّريّ. قال ابن عديّ: لَا بأس به. 207- عبد الله بن سليم3 -ن. أبو عبد الرحمن الْجَزَريّ الرَّقِّيّ: عن: أبي المَلِيح، وعُبَيد الله بن عَمْرو، وعيسى بن يونس.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 78"، المجروحين لابن حبان "2/ 33، 34"، ميزان الاعتدال "2/ 427، 428"، التهذيب "5/ 233". 2 حديث ضعيف جدًّا: أخرجه ابن ماجه "263"، وابن أبي عاصم في السنة "994"، وضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة "1507". 3 التاريخ الكبير "5/ 110"، الجرح والتعديل "5/ 77"، الثقات لابن حبان "8/ 352"، تهذيب التهذيب "5/ 244".

وعنه: أيّوب الوزّان، ومحمد بن جَبَلة الرافقيّ، ومحمد بن عليّ بن ميمون الرَّقّيّ. مات سنة ثلاث عشرة. 208- عبد الله بن سِنان الهَرَويّ1: روى عن: عبد الله بن المبارك، ويعقوب القُمّيّ، وفضيل بن عياض. وعنه: الذهلي، وأبو زرعة، وبشر بن موسى، وجماعة. توفي سنة ثلاث عشرة. وثقة أبو داود. 209- عبد الله بن صالح بن مسلم العجليّ الكوفي المقرئ2: والد الحافظ أحمد بن عبد الله صاحب التاريخ. قرأ القرآن على: حمزة الزّيّات، وهو آخر مَن قرأ عليه موتًا. وروى عنه: وعن: أبي بكر النَّهْشَليّ، والحسن بن صالح بن حيّ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، وفُضَيْل بن مرزوق، وزُهير بن معاوية، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وأسباط بن نصر، وشَبِيب بن شَيْبة، وعبد العزيز الماجِشُون، وجماعة. وعنه: البخاريّ، فيما قيل، وابنه أحمد بن عبد الله العِجْليّ، وَأَحْمَدَ بْنَ أَبِي غَرَزَة، وَأَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى البلاذُريّ الكاتب، وبشْر بن موسى، وأبو زُرْعة الرازيّ، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تَمْتام، وإبراهيم الحربيّ، وخلْق سواهم. وُلد بالكوفة سنة إحدى وأربعين ومائة، وسكن بغداد وأقرأ بها. تلا عليه: أبو حمدون الطيب بن إسماعيل بن نصر الرازيّ. قال عبد الخالق بن منصور، عن ابن مَعِين: ثقة.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 112"، الجرح والتعديل "5/ 68"، الثقات لابن حبان "8/ 342"، ميزان الاعتدال "2/ 437". 2 الجرح والتعديل "5/ 85، 86"، الثقات لابن حبان "8/ 352"، تهذيب الكمال "15/ 109-115"، سير أعلام النبلاء "10/ 403-405"، تهذيب التهذيب "5/ 261-263".

وقال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن حِبّان في كتاب "الثقات": كان مستقيم الحدَّيث. "فصل": قال خ. في تفسير سورة الفتح: ثنا عبد الله، ثنا عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ، عن هلال، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو، فذكر حديث: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الفتح: 8] . قال أبو نصر الكَلَاباذيّ، وأبو القاسم اللالكائيّ، والوليد بن بكر الأندلسيّ: عبد الله هو ابن صالح العِجْليّ. وقال أبو عليّ بن السَّكَن، في روايته عن الفِربْريّ، عن البخاريّ: ثنا عبد الله بن مَسْلَمَة، يعني القَعْنَبيّ، نا عبد العزيز، فذكره. وقال أبو مسعود الدّمشقيّ في "الأطراف": عبد الله هو ابن رجاء، ثم قال: والحديث عند عبد الله بن رجاء، وعبد الله بن صالح. وقال أبو عليّ الغسّانيّ: عبد الله هو ابن صالح كاتب اللَّيث. وتابَعَهُ على ذلك أبو الحَجّاج شيخنا، وقال: هو أَوْلَى الأقوال بالصّواب؛ لأنّ البخاريّ رواه في باب الانبساط إلى النّاس من كتاب "الأدب" له. فقال: ثنا عبد الله بن صالح، عن عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ، ورواه في البيوع من "الصّحيح" عن العَوَقيّ. والحديث عنده بهذين الإسنادين في "الصّحيح" وفي كتاب "الأدب". إلى أن قال: وإذا تقرَّر أنّ البخاريّ روى هذا الحديث عن عبد الله بن صالح، وَقَعَ الاشتراك بين العجلي، وبين الكاتب. فكونه كاتب الليث أولى؛ لأنا تيقنا أَنّ البخاريّ قد لقي كاتبَ اللَّيث وأكثر عنه في "التاريخ" وغيره من مُصَنَّفاته. وعلّق عنه في أماكن من "الصّحيح"، عن اللّيث، عن عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ. وهذا معدوم في حقّ العَجْليّ، فإنّ البخاريّ ذكر له ترجمةً في "التاريخ" مختصرةً جدًّا، لم يروِ عنه فيها شيئًا، ولا وجدنا له رواية مُتَيَقِّنة عنه لا في "الصحيح" ولا في غيره. وَقَدْ رَوَى فِي التَّارِيخِ، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ. وَأَيْضًا فَلَمْ نَجِدْ لِلْعِجْلِيِّ رِوَايَةً، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ

أَبِي سَلَمَةَ سِوَى حديثٍ واحدٍ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 1. بِخِلافِ كَاتِبِ اللَّيْثِ فَإِنَّهُ رَوَى الْكَثِيرَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ. قُلْتُ: وَأَيْضًا، فإنّ النّاس رَوَوْا الحديث المذكور عن كاتب اللّيث. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الْجِهَادِ مِنْ "صَحِيحِهِ" فَقَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَفَلَ مِنْ حَجٍّ2. الْحَدِيثَ. وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ، عن الفربري، عن البخاري، ثنا عبد الله بْنُ يُوسُفَ. ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ. وَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي "الْأَطْرَافِ": هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّهُمَا هُوَ؟ وقال أبو عليّ الغسّانيّ: هو عبد الله بن صالح كاتب اللّيث. ثم ظفرنا برواية البخاريّ، عن كاتب اللّيث في نفس "الصّحيح" ولله الحمد. وذلك أنّه في مكان خَفِيّ. فإنّه روى حديثًا علّقه فقال: وقال اللّيث، عن جعفر بن ربيعة في الذي نجر الخشبة وأوقرها الألفَ دينار3. ثم قال في آخر الحديث: حدّثني عبد الله بن صالح، ثنا اللّيثُ بهذا. قال أحمد العجلي: وُلِد أبي سنة إحدى وأربعين ومائة. وتُوُفّي سنة إحدى عشرة وله سبعون سنة. قلت: الظّاهر أنّ أحمد لم يضبط وفاة أبيه، وأظّنه عاش إلى قريب العشرين. فإنّه روى عنه مَنْ لَا يُعرف له سَمَاع في سنة إحدى عشرة، بل بعدها بأربع سنين، وخمس سنين، وأكثر. فروى عنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وإبراهيم بن عبد بن

_ 1حديث صحيح: أخرجه البخاري "2447"، وفي الأدب المفرد "470، 485"، ومسلم "2579"، والترمذي "2030"، وأحمد في المسند "2/ 137، 156، 159". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "2995"، ومسلم "1344". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "2063"، وأحمد في المسند "2/ 348".

الْجُنَيْد، وإبراهيم بن دروقا، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، ومحمد بن العبّاس المؤدّب مولى بني هاشم، ومحمد بن غالب تَمْتام، وهؤلاء مَن طَلَبَه بعد سنة إحدى عشرة. وأوّل رحلة أبي حاتم سنة ثلاث عشرة. ولا أعلم لأكثرهم سماعًا إلّا بعد ذلك. والله أعلم. 210- عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث1 -ن: الفقيه أبو محمد المصري، والد الفقيه محمد، وسعد، وعبد الرحمن، وعبد الحَكَم. ويقال: إنه مولى عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. سمع: مالكًا، والليث، وَمُفَضَّلَ بن فَضَالَةَ، ومسلم بن خالد الزَّنْجيّ، ويعقوب بن عبد الرحمن الإسكندرانيّ، وابن وهْب، وابن القاسم، وبكر بن مُضَر، وجماعة. وعنه: بنوه الأربعة، والدَّارِميّ، وخير بن عَرَفَة، ومحمد بن عبد الله بن الْبَرْقِيِّ، ومِقْدام بن داود الرُّعَينيّ، ويوسف بن يزيد القراطيسيّ، ومالك بن عبد الله بن سيف التُّجِيبيّ، ومحمد بن عَمْرو أبو الكَرَوَّس المصريّ، وآخرون. قال أبو زُرعة: ثقة. وقال ابن وارة: كان شيخ مصر. وقال أحمد العِجْليّ: لم أر بمصر أعقل منه ومن سعيد بن أبي مريم. وقال ابن حبان: كان ممن عقل مذهب مالك وفرع على أصوله. وذكر أبو الفتح الأزديّ في "الضعفاء": أنّ ابن مَعِين كذّب عبد الله. وذكر هذا السّاجيّ، عن ابن مَعِين. وقد حدَّث عن الشّافعيّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بكتاب "الوصايا". قال السّاجي: فسألت الربيع فقال: هذا الكتاب وجدناه بخطّ الشّافعيّ ولم يُحدِّث به، ولم يقرأ عليه.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 518"، التاريخ الكبير "5/ 142"، الجرح والتعديل "5/ 105، 106"، التهذيب "5/ 289".

قلت: تكذيب يحيى له لم يصحّ. وقال أبو عمر الكِنْديّ في كتاب "الموالي" بمصر: ومنهم عبد الله بن عبد الحَكَم بن أَعْيَن. سكن عبد الحَكَم وأبوه جميعًا بالإسكندرية وماتا بها. ووُلِد عبد الله سنة خمسٍ وخمسين ومائة، وتُوُفّي في رمضان سنة أربع عشرة. وقال ابن عبد البَرّ: صنّف كتابًا اختصر فيه أُسْمِعتُه من ابن القاسم، وابن وهْب، وأَشْهَب. ثم اختصر من ذلك كتابًا صغيرًا. وعليهما مع غيرهما عن مالك قول البغداديين المالكيّة في الدّراسة. وإيّاهما شرح أبو بكر الأبْهَريّ. قلت: وقد صنف "كتاب الأموال"، و"كتاب فضائل عمر بن عبد العزيز" وسارت بتصانيفه الرُّكْبان. وكان محتشمًا نبيلًا، متموّلًا، رفيع المَنْزِلة. وهو مدفون إلى جانب الشّافعيّ. وهو الأوسط من القيود الثلاثة. وقال أبو إسحاق الشّيرازيّ: كان أعلم أصحاب مالك بمختلف قوله. أفضت إليه الرئاسة بمصر بعد أشهب. قيل: إنّه أعطى الشّافعيّ ألف دينار. 211- عبد الله بن عثمان بْن عطاء بْن أَبِي مسلم الخُراسانيّ1: أبو محمد. أخو محمد بن عثمان. من أهل الرملة. روى عن: عَطّاف بن خالد المخزوميّ، وطلْحة بن زيد الرَّقّيّ، ومسلم بن خالد الزَّنْجيّ، وشِهاب بن خِراش، وغيرهم. وَوَهِم من قال: إنه روى عن أبي مالك الأشجعيّ. روى عنه: إبراهيم بن محمد بن يوسف الفِرْيابيّ، وإسماعيل سمويه، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وموسى بن سهل الرملي، وأبو حاتم الرازي وقال: سمعت منه بالرملة سنة سبْع عشرة. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ". 212- عَبْدُ اللَّهِ بن غالب العباداني2 -ق:

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 146"، الجرح والتعديل "5/ 113"، الثقات لابن حبان "8/ 437"، التهذيب "5/ 317". 2 تهذيب الكمال "15/ 423"، تهذيب التهذيب "5/ 355".

عن: الربيع بن صَبِيح، وعبد الله بن زياد البحرانيّ، وعامر بن يَسَاف. وعنه: عباد بن الوليد الغَبريّ، وعبّاس التُّرْقُفِيّ، ومحمد بن عَبْدَك القزّاز، ويحيى بن عَبْدَك القزْوينيّ، ومحمد بن يحيى الأزْديّ. 213- عبد الله بن مروان1. أبو شيخ الحرّاني: عن: زُهير بن معاوية، وعيسى بن يونس. وعنه: أبو حاتم الحافظ، وإبراهيم بن الهيثم البلديّ، وإسحاق الحربيّ. وغيرهم. وثقه أبو حاتم، ولقيه في سنة ثلاثٍ عشرة ومائتين. 214- عبد الله بن نافع بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بن العوام2 -ن. ق. أبو بكر الأسدي الزبيري المدني. وليس بالصّائغ. ذاك مخزوميّ، وهذا يقال له: عبد الله بن نافع الأصغر: يروي عن: مالك، وعبد العزيز بن أبي حازم، وأخيه عبد الله بن نافع الأكبر. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهليّ، ومعروف الحمّال، ويعقوب بن شَيْبة، وعبّاس الدُّوريّ، وأحمد بن المعدّل الفقيه، وأحمد بن الفرج الحمصيّ، وطائفة. قال ابن مَعِين: صدوق. وقال البخاري: أحاديثه معروفة. وقال الزُّبير بن بكّار: كان المنظور إليه من قريش بالمدينة في هَدْيِهِ وَفِقْهِهِ وعَفافِه. وكان قد سرد الصوم وقد توفي في المحرم سنة ستّ عشرة وهو ابن سبعين سنة. وكذا ورّخ البخاريّ وفاته. وأما الصّائغ فقد مرّ. 215- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ بْنِ أَبِي عِيسَى3. أبو علي الشاميّ، نزيل البصرة:

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 207"، الجرح والتعديل "5/ 166"، الثقات لابن حبان "8/ 345". 2 الطبقات الكبرى "5/ 439"، التاريخ الكبير "5/ 213، 214"، الجرح والتعديل "5/ 184"، الثقات لابن حبان "8/ 347"، ميزان الاعتدال "2/ 514"، تهذيب التهذيب "6/ 50". 3 التاريخ الكبير "5/ 220"، الجرح والتعديل "5/ 194"، الثقات لابن حبان "8/ 349"، تهذيب التهذيب "6/ 59".

عن: أبيه، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ. وَعَنْهُ: ابن المَدِينيّ، والفلاس، والكُدَيْميّ، وسليمان بن سيف الحَرّانيّ، وأبو قِلابة الرَّقَاشيّ، وجماعة. وكان صدوقًا. كان حيًا سنة إحدى عشرة. 216- عبد الله المأمون بن هارون الرشيد بن محمد المهديّ بن عبد الله المنصور. أبو العبّاس الهاشميّ1: وُلِد سنة سبعين ومائة عندما استُخْلِف أبوه الرشيد. وقرأ العلم في صِغره، وسمع من هُشَيم، وعَبّاد بن العوّام، ويوسف بن عطّية، وأبي معاوية الضّرير، وطبقتهم. وبرع في الفقه والعربية وأيام الناس. ولما كبر عني بالفلسفة وعلوم الأوائل وشهر فيها، فجره ذلك إلى القول بخلق القرآن. روى عنه: ولده الفضل، ويحيى بن أكثم، وجعفر بن أبي عثمان الطَّيالسيّ، والأمير عبد الله بن طاهر، وأحمد بن الحارث الشّيعيّ، ودِعْبِل الخُزَاعيّ، وآخرون. وكان من رجال بنى العبّاس حزْمًا وَعَزْمًا، وَحِلْمًا وَعِلْمًا، ورأيًا ودَهاءً، وهَيبةً وشجاعةً، وسُؤْدُدًا وسَمَاحة. وله محاسن وسيرة طويلة. قال ابن أبي الدُّنيا: كان أبيض، رَبْعة، حَسَن الوجه، تعلوه صُفْرة، وقد وَخَطَه الشَّيْب. أَعْيَن، طويل اللحية رقيقها. ضيّق الجبين، على خدّه خال. وقال الجاحظ: كان أبيض فيه صُفْرة. وكان ساقاه دون جسده صفراوين، كأنهما طُلِيتَا بالزَّعْفران. وقال ابن أبى الدُّنيا: قدِم الرشيد طُوسَ سنة ثلاثٍ وتسعين، فوجّه ابنَه المأمون إلى سَمَرْقَنْد. فأتته وفاة أبيه وهو بمرو.

_ 1 الأغاني "7/ 147"، تاريخ بغداد "10/ 183-192"، تاريخ دمشق "222، 293".

وقال غيره: لما خلع الأمين أخاه المأمون من ولاية العهد غضب المأمون ودعا إلى نفسه بخُراسان، فبايعوه في أول سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وقال الخطْبيّ: كان يُكنَّى أبا العبّاس، فلمّا استُخْلف اكتنى بأبي جعفر. وأمّه أم ولد اسمها مراجل، ماتت أيّام نِفاسها به. وقال أيضًا: دُعي للمأمون بالخلافة والأمين حيّ في آخر سنة خمسٍ وتسعين، إلى أن قُتل الأمين، فاجتمع النّاس عليه، وتفرّقت عُمّاله في البلاد، وأقيم الموسم سنة ستٍّ وسنة سبعٍ باسمه، وهو مقيمٌ بخُراسان. واجتمع الناس عليه ببغداد في أول سنة ثمانٍ. وأتاه الخبر بمَرْو، فولّي العراق، الحَسَن بن سَهل، وقدِمَها سنة سبعٍ. ثم بايع المأمون بالعهد لعليّ بن موسى الرضا الحُسَينيّ رحمه الله، ونوّهَ بذِكرِهِ، وغيَّر زيّ آبائه من لبْس السَّواد، وأبدله بالخُضْرة. فغضب بنو العبّاس بالعراق لهذين الأمرين وقطعوه، وبايعوا إبراهيم عمَّه ولقَّبوه "المبارك". فحاربه الحَسَن بن سهل، فهزمه إبراهيم وألحقه بواسط. وأقام إبراهيم بالمدائن. ثم سار جيش الحَسَن وعليهم حُمَيْد بن الطّوسيّ، وعليّ بن هشام، فهزموا إبراهيم، فاختفى وانقطع خبره إلى أن ظهر في وسط خلافة المأمون، فعفا عنه. وكان المأمون فصيحًا مُفَوَّهًا. وكان يقول: معاوية بِعَمْرِه، وعبد الملك بِحَجَّاجِهِ، وأنا بنفسي. وقد رُوِيَت هذه عن المنصور. وقيل: كان نقش خاتمه: المأمون عبد الله بن عُبَيْد الله. رُوِي عنه أنّه ختم في بعض الرمضانات ثلاثًا وثلاثين ختْمة. وقال الحسين بن فهم الحافظ: ثنا يحيى بن أكثم قال: قال لي المأمون: أريد أن أُحدِّث. فقلت: وَمَن أولى بهذا مِن أمير المؤمنين؟ فقال: اصنعوا لي منبرًا. ثم صعِد، فأوّل حديث أورده: حُدِّثْنَا عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ: "امْرُؤُ الْقَيْسِ صَاحِبُ لِوَاءِ الشِّعْرِ إِلَى النار"1.

_ 1 حديث ضعيف جدًّا: أخرجه أحمد في المسند "2/ 228"، وابن عدي في الكامل "1/ 204، 4/ 1404"، وفيه أبي الجهم شيخ هشيم بن بشير ولم أعرفه كما قال الهيثمي في المجمع "8/ 119".

ثم حَدَّث بنحوٍ من ثلاثين حديثًا ثم نَزَل فقال لي: كيف رأيت يا يحيى مجلسنا. قلت: أجلّ مجلس، تفقّه الخاصّة والعامّة. فقال: ما رأيتُ لكم حلاوة. إنّما المجلس لأصحاب الخُلْقان والمَحَابر. وقال السّرّاج: ثنا محمد بن سهل بن عسكر قال: تقدّم رجل غريب، بيده محبرة إلى المأمون فقال: يا أمير المؤمنين صاحب حديث منقطع به. فقال: ما تحفظ في باب كذا؟ فلم يذكر فيه شيئًا. قال: فما زال المأمون يقول: ثنا هُشَيْم، وثنا يحيى، وثنا حَجّاج، حتّى ذكر الباب. ثم سأله عن باب آخر، فلم يذكر فيه شيئًا. فقال المأمون: ثنا فلان، وثنا فلان، إلى أن قال لأصحابه: يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيامٍ ثم يقول: أنا من أصحاب الحديث، أعطوه ثلاثة دراهم. ومع هذا فكان المأمون مسرفًا في الكَرَم، جوادًا مُمَدَّحًا. جاء عنه أنّه فرّق في ساعة واحدة ستَّةً وعشرين ألف ألف درهم. وكان يشرب النّبيذ. وقيل: بل كان يشرب الخمر، فيُحرَّر ذلك. وقيل: إنّه أجاز أَعْرابيًا مرّةً لكونه مدحه بثلاثين ألف دينار. وأما ذكاؤه فمُتَوَقِّد. روى مسروق بن عبد الرحمن الكندي: حدثني محمد بن المنذرالكندي جار عبد الله بن إدريس قال: حجّ الرشيد، فدخل الكوفة وطلب المُحدِّثين. فلم يتخلّف إلّا عبد الله بن إدريس، وعيسى بن يونس، فبعث إليهما الأمين والمأمون. فحدَّثهما ابن إدريس بمائة حديث، فقال المأمون: يا عمّ، أتأذن أن أُعيدها من حفظي؟ قال: افعل. فأعادها، فَعَجِب من حفظه. ومضيا إلى عيسى فحدّثهما، فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم، فأبى أن يقبلها وقال: ولا شُربة ماء عَلَى حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وروى محمد بن عَون، عن ابن عُيَيْنَة أنّ المأمون جلس فجاءته امرأة وقالت: يا أمير المؤمنين مات أخي وخلّف ستّمائة دينار، فأعطوني دينارًا، وقالوا: هذا نصيبك.

فحسب المأمون وقال: هذا نصيبك. هذا خلّف أربع بنات. قالت: نعم. قال: لهن أربعمائة دينار. وخلّف والدةً فلها مائة دينار. وخلّف زوجةً فلها خمسة وسبعون دينارًا. بالله ألكِ اثنا عشر أخًا؟ قالت: نعم. قال: لكلّ واحدٍ ديناران وَلَكِ دينار. وقال ابن الأعرابيّ: قال لي المأمون: أخبرني عن قول هند بنت عُتْبة: نحن بنات طارق ... نمشي على النَّمارق قال: فنظرت في نسبها فلم أجده، فقلت: ما أعرف. قال: إنّما أرادت النَّجْم، انتسبتْ إليه لحُسنْها. ثم رمى إليّ بعنبرةٍ بعْتُها بخمسة آلاف دِرْهم. وقال بعضهم عن المأمون: مَن أراد كتابًا سرًّا فلْيكتبُ بلبنٍ حليب حُلِبَ لوقته، ويرسله إلى من يريد فيَعْمد إلى قِرْطاس فيحرقه وَيَذُرُّ رماده على الكتابة، فتُقرأ له. وقال الصُّوليّ: كان المأمون قد اقترح في الشطرنج أشياء. وكان يحبّ اللَّعِب بها. وعن بعضهم قال: استخرج المأمون كُتُب الفلاسفة واليونان من جزيرة قبرس. وقدِم الشامَ غير مَرّة. وقال أبو مَعْشَر المنجِّم: كان أَمّارًا بالعدْل، محمود السيرة، ميمون النَّقيبة، فقيه النفس، يُعَدّ مع كبار العُلماء. وعن الرشيد قال: إنّي لأعرف في عبد الله حزْم المنصُور، ونُسُك المهديّ، وعزّة الهادي، ولو أشاء أن أنسبه إلى الرابع، يعني نفسه، لنسبته. وقد قدّمتُ محمدًا عليه، وإنّي لأعلم أنّه مُنقاد إلى هواه، مبذِّر لِمَا حَوَتْه يده، يشارك في رأيه الإماءَ والنّساءَ. ولولَا أمّ جعفر ومَيْل بني هاشم إليه لقدَّمتُ عبدَ الله عليه. وعن المأمون قال: لو عرف الناس حُبّي للعَفْو لتقدّموا إليَّ بالجرائم. وأخاف أن لَا أؤجَرَ فيه. يعني لكوْنه طبعًا له.

وعن يحيى بن أكثم قال: كان المأمون يحلُمُ حتّى يُغيظَنا. وقيل: إنّ فلاحًا مرَّ فقال: أتظنُّون بأنّ هذا يَنْبُل في عيني وقد قتل أخاه الأمين؟ فسمعها المأمون فتبسَّم وقال: ما الحيلة حتّى أنْبُل في عين هذا السّيّد الجليل؟ وعن يحيى بن أكثم قال: كان المأمون يجلس للمناظرة في الفِقْه يوم الثلاثاء، فجاء رجل عليه ثياب قد شمّرها ونَعْلُهُ في يده. فوقف على طَرَف البساط وقال: السلام عليكم. فردّ عليه المأمون. فقال: أتأذن لي في الدُّنُوّ؟ قال: ادْنُ وتكلَّم. قال: أخبِرْني عن هذا المجلس الذي أنت فيه. جلَسته باجتماع الأمّة أَمْ بالمُغَالبة والقَهْر؟ قال: لَا بهذا ولا بهذا. بل كان يتولّى أمر المؤمنين مَن عقد لي ولأخي. فلمّا صار الأمر لي علمت أنّي محتاج إلى اجتماع كلمة المؤمنين في الشرق والغرب على الرضى بي. فرأيت أنّي متى خلّيتُ الأمرَ اضطّرب حبْل الإسلام ومَرَجَ عهدهم، وتنازعوا، وبطل الجهاد والحقّ، وانقطعت السُّبُل. فقمت حِياطةً للمسلمين إلى أن يُجْمِعوا على رجلٍ يرضون به، فأُسلِّم إليه الأمر. فمتى اتّفقوا على رجلٍ خرجت له من الأمر. فقال: السلام عليكم ورحمة الله. وذهبَ، فوجّه المأمون مَن يكشف خبره. فرجع وقال: يا أمير المؤمنين مضى إلى مسجد فيه خمسة عشر رجلًا في مثل هيئته، فقالوا له: أَلَقِيتَ الرجل؟ قال: نعم. وأخبرهم بما جرى. قالوا: ما نرى بما قال بأسًا. وافترقوا. فقال المأمون: كفينا مؤونة هؤلاء بأيسر الخَطْب. وقيل: أهدى ملك الروم إلى المأمون تُحَفًا سِنِية منها مائة رطل مِسْك، ومائة حلّة سَمُّور. فقال المأمون: أَضْعِفُوها له ليعلم عزّ الإسلام وذُلّ الكُفْر. وقيل: دخل رجل من الخوارج على المأمون، فقال: ما حملك على الخلاف؟ قال: قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] . قال: ألك علمٌ بأنها مُنَزّلة؟ قال: نعم. قال: ما دليلك؟ قال: إجماع الأمّة. قال: فكما رضيتَ بإجماعهم في التنزيل، فارْضَ بإجماعهم في التأويل.

قال: صدقت، السلام عليك يا أمير المؤمنين. وقال محمد بن زكريّا الغلابيّ: ثنا مَهْديّ بن سابق قال: دخل المأمون يومًا ديوان الخَراج، فمرّ بغلام جميل على أُذنه قلم. فأعجبه حُسنُه فقال: مَن أنت؟ قال: الناشئ في دولتك، وخِرِّيج أدبك، والمتقلِّب في نِعمتك يا أمير المؤمنين، الْحَسَنُ بنُ رجاء. فقال: يا غلام، بالإحسان في البديهة تفاضَلَت العقول. ثم أمر برفع مرتبته عن الدّيوان، وأمر له بمائة ألف درهم. وعن إسحاق المَوْصِلّي قال: كان المأمون قد سخط على الخليع الشّاعر لكونه هجاه عندما قُتِل الأمين. فبينا أنا ذات يوم عند المأمون إذ دخل الحاجب برُقْعة، فاستأذن في إنشادها. فأُذِن له، فقال: أَجِرْني فإنّي قد ظَمِئْتُ إلى الوعدِ ... متى تُنْجزِ الوعدَ المؤكَّد بالعهدِ أُعيذُكَ مِن خُلْف الملوك فقد ترى ... تقطُّعَ أنفاسي عليك من الوجدِ أَيَبْخَلُ فردُ الْحُسْنِ عنّي بنائلٍ ... قليلٍ وقد أفردته بهوي فردِ إلى أن قال: رأى اللَّهُ عبدَ اللَّهِ خيرَ عبادِهِ ... فمَّلكَهُ واللَّهُ أعلمُ بالعبد ألا إنّما المأمونُ للنّاسِ عِصْمةً ... مميِّزةً بينَ الضلالة والرُّشدِ فقال له: أحسنت. قال: يا أمير المؤمنين أحسن قائلها. قال: ومن هو؟ قال: عُبَيْدك الحُسَين بن الضّحّاك. فقال: لَا حيّاه اللَّهُ ولا بيّاه. أليس هو القائل: فلا تمّت الأشياء بعد محمدٍ ... ولا زال شَمْلُ المُلْك فيها مبدَّدا ولا فرح المأمون بالمُلْك بعدَهُ ... ولا زال في الدّنيا طريدًا مُشرَّدًا هذه بتلك، ولا شيء له عندنا.

قال الحاجب: فأين عادةُ عَفْوِ أمير المؤمنين. قال: أمّا هذه فنعم. ائذنوا له. فدخل، فقال له: هل عرفت يوم قتل أخيك هاشمية هتكت؟ قال: لا. قال: فما معنى قولك: وممّا شجى قلبي وكَفْكَفَ عَبْرتي ... مَحارِمُ من آلِ الرسول استُحلَّتِ ومهتوكةٌ بالجلْد عنها سُجُوفها ... كعابٌ كقرن الشمس حين تَبَدَّتِ فلا بات لَيْلُ الشّامتين بغبطةٍ ... ولا بَلَغَتْ آمالُهم ما تَمَنَّتِ فقال: يا أمير المؤمنين، لوعة غلبتني، وروعة فاجأتني، ونعمة سُلِبتُها بعد أن غمرتني. فإن عاقبتَ فبحقّك، وإن عفوتَ فبفضلك. فدمعت عينا المأمون وأمر له بجائزة. حكى الصُّوليّ أنّ المأمون كان يحبّ اللّعِب بالشَّطَرَنْج، واقترح فيه أشياء. وكان ينهى أن يقال: تعال نلعب، ويقول: بل نَتَنَاقَل. ولم يكن بها حاذقًا، فكان يقول: أنا أدبِّر أمر الدُّنيا واتْسع لها، وأضيق عن تدبير شِبْرَيْن. وله فيها شعر: أرضٌ مربعةٌ حمراء من أدمٍ ... ما بين إلْفَيْن معروفين بالكَرَمِ تَذَاكرا الحربَ فاحتالا لها حِيَلًا ... مِن غير أن يأثَمَا فيها بسفْكِ دمِ هذا يُغير على هذا وذاك على ... هذا يُغير وعينُ الحَزْم لم تَنَمِ فانظُر إلى فطنٍ جالتْ بمعرفةٍ ... في عسكَرَيْن بلا طبلٍ ولا عَلَمِ وقيل: إنّ المأمون نظر إلى عمّه إبراهيم بن المهديّ وكان يُلَقَّب بالتِّنّين، فقال: ما أظنّك عشقت قطّ. ثم أنشد: وجه الذي يعشق معروفُ ... لأنّه أصفرٌ منحوف ليس كمن يأتيك ذا جثةٍ ... كأنّه للذّبْح معلوف وعن المأمون قال: أعياني جوابُ ثلاثة. صِرتُ إلى أمّ ذي الرّئاستين أُعزّيها فيه، فقلت: لَا تأسَيْ عليه فإنّي عوضه لك.

قالت: يا أمير المؤمنين وكيف لَا أحزن على ولدٍ أكسبني مثلك. وأُتيتُ بِمُتنبئ فقلت: مَن أنت؟ قال: أنا موسى بن عِمران. قلت: ويْحك، موسى كانت له آيات فأْتني بها حتى أؤمن بك. فقال: إنّما أتيت بتلك المعجزات فرعون، إذ قال: أنا ربّكم الأعلى. فإن قلت كذلك أتيتك بالآيات. قال: وأتى أهلُ الكوفة يشكون عاملهم فقال خطيبهم: هو شرّ عاملٍ. فأمّا في أول سنةٍ فإنّا بِعْنا الأثاث والعقار، وفي الثانية بعنا الضّياع، وفي الثالثة نزحنا عن بلدنا وأتيناك نستغيث بك. فقلت: كذبت، بل هو رجل قد حمدتُ مذهبَهُ، ورضيتُ دينَهُ، واخترتُهُ معرفةً منّي بقديم سخطكم على العمّال. قال: صدقتَ يا أمير المؤمنين وكذبتُ أنا. فقد خصصْتنا به هذه المدة دون باقي البلاد، فاستعملته على بلدٍ آخر ليشملهم من عدله وإنصافه مثل الذي شملنا. فقلت: قُم في غيرِ حِفْظ الله، قد عزلته عنكم. وممّا يُنسب إلى المأمون من الشِّعر قولُهُ: لساني كتومٌ لأسراركُمْ ... ودمعي نمومٌ لسريّ مُذِيعُ فلولَا دموعي كَتَمْتُ الهوى ... ولولا الهوى لم تكن لي دموعُ وكان قدوم المأمون من خُراسان إلى بغداد سنة أربعٍ ومائتين. ودخلها في رابع صفر بأبهةٍ عظيمة، وبحمْل زائد. قال إبراهيم بن محمد بن عَرَفة النَّحْويّ في تاريخه: حكى أبو سليمان داود بن عليّ، عن يحيى بن أكثم قال: كنت عند المأمون وعنده جماعةٌ من قوّاد خُراسان، وقد دعا إلى خلْق القرآن حينئذٍ، فقال لأولئك القوّاد: ما تقولون في القرآن. فقالوا: كان شيوخنا يقولون: ما كان فيه من ذِكْر الحمير والجِمال والبقر فهو مخلوق، وما كان من سوى ذلك فهو غير مخلوق. فأما إذا قال أمير المؤمنين: هو مخلوق، فنحن نقول: كله مخلوق.

فقلت للمأمون: أتفرح بموافقة هؤلاء؟ قال ابن عَرَفة: أمر المأمون مناديًا فنادى في الناس ببراءة الذّمّة ممّن ترحَّم على معاوية أو ذكره بخير. وكان كلامه في القرآن سنة اثنتي عشرة. فكثر المنكر لذلك، وكاد البلد يفتتن ولم يلتئم له من ذلك ما أراد، فكفَّ عنه. يعني كفّ عنه إلى بعد هذا الوقت. ومِن كلام المأمون: النّاس ثلاثة، فمنهم مثل الغذاء لَا بُدّ منه على حالٍ من الأحوال، ومنهم كالدّواء يُحْتاج إليه في حال المرض، ومنهم كالدّاء مكروه على كلّ حالٍ. وعن المأمون قال: لَا نزهة ألذّ من النظر في عقول الرجال. وقال: غَلَبَةُ الحُجّة أحبّ إليّ من غَلَبَة القُدرة؛ لأنّ غَلَبَة الحُجّة لَا تزول، وغَلَبَةُ القُدرة تزول بزوالها. وكان المأمون يقول: الملك يغتفر كلَّ شيء إلّا القَدْح في المُلْك، وإفشاء السّرّ، والتعرّض للحُرَم. وقال: أعيت الحيلة في الأمر إذا أقبل أن يُدبر، وإذا أدبر أن يُقبل. وقيل للمأمون: أيُّ المَجالس أحسن؟ قال: ما نُظِر فيه إلى النّاس. فلا منظر أحسن من النّاس. وكان المأمون معروفًا بالتشيُّع، فروى أبو داود المَصَاحِفيّ قال: سمعت النَّضْر بن شُمَيْلٍ يقول: دخلت على المأمون فقال: إنّي قلت اليوم: أصبح ديني الذي أدِينُ به ... ولستُ من الغَداةِ مُعْتذرا حبّ عليّ بعد النّبيِّ ولا ... أشتم صِدِّيقَه ولا عُمَرا وابنُ عفانٍ في الْجِنان مع الأبرار ... ذاك القتيل مُصْطَبرا وعائشُ الأمّ لستُ أشْتمها ... مَن يَفْتَريها فنحن منه بُرا وَقَدْ نَادَى الْمَأْمُونُ بِإِبَاحَةِ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ بِهِ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ حَتَّى أَبْطَلَهَا، وَرَوَى لَهُ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنَيِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِمَا مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فِي خَيْبَرَ1. فَلَمَّا صَحَّحَ لَهُ الحديث رجع إلى الحق.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4216، 5523"، ومسلم "1407"، والترمذي "1794"، =

وأمّا مسألة خلق القرآن فلم يرجع عنها وصمّم عليها في سنة ثمان عشرة. وامتحن العلماء، فعُوجِل ولم يُمْهَل. توجّه غازيًا إلى أرض الروم فلمّا وصل إلى البَذَنْدون واشتدّ به الأمر أوصى بالخلافة إلى أخيه المعتصم. وكان قد افتتح في غزوته أربعة عشر حصنًا. وردّ فنزل على عين البَذَنْدون، فأقام هناك واعتل. قال المسعودي: أعجبه برد ماء العين وصفاؤها، وطِيب الموضع وكثرة الخُضْرة. وقد طُرح له درهم في العين، فقرأ ما عليه لفرط صفائها. ولم يقدر أحد أن يسبح فيها لشدّة بردها. فرأى سمكة نحو الذّراع كأنّها الفضّة. فجعل لمن يخرجها سيفا، فنزل فراشٌ فاصطادها وطلع، فاضطربت وفرت إلى الماء فتنضح صدر المأمون ونحْره وابتلّ ثوبه. ثم نزل الفرّاش ثانيةً وأخذها. فقال المأمون: تُقْلَى السّاعة. ثم أخذته رِعْدة فغُطّي باللُّحُف وهو يرتعد ويصيح. فأُوقدت حوله نارٌ. ثم أتي بالسمكة فما ذاقها لشُغله بحاله. فسأل المعتصمُ بُخْتَيْشُوعَ وابنَ ماسَوَيْه عن مرضه، فجسّاه، فوجدا نبضه خارجًا عن الاعتدال، مُنْذِرًا بالفَنَاء، ورأيا عَرَقًا سائلًا منه كلُعاب اللاغِيّة، فأنكراه ولم يجداه في كُتُب الطّبّ. ثم أفاق المأمون من غَمْرته، فسأل عن تفسير اسم المكان بالعربيّ، فقيل له: "مدّ رجليك". فتطيّر به. وسأل عن اسم البقعة، فقيل: الرَّقَّةُ. وكان فيما عُمِل مِن مولده أنّه يموت بالرَّقّة. فكان يتجنّب النزول بالرَّقّة. فلما سمع هذا من الروم عَرَف وأيسَ، وقال: يا من لَا يزول مُلْكه ارحَم من قد زال ملكه. وأجلسَ المعتصمُ عنده من يُلقّنه الشهادة لما ثَقُل. فرفع الرجل بها صوتَه، فقال له ابنُ ماسوَيْه: لَا تصيح، فواللهِ ما يفرّق الآن بين ربّه وبين ماني. ففتح عينيه وبهما من عِظَم التَّوَرُّم والاحمرار أمرٌ شديد، وأقبل يحاول بيديه البطْشَ بابن ماسويه، ورام مُخَاطبَتَه فعجز، فرمَق بطرفه نحو السّماء وقد امتلأت عيناه دموعًا، وقال في الحال: يا مَن لَا يموت ارحم مَن يموت. ثم قضى ومات في يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثماني

_ = والنسائي "6/ 126"، وابن ماجه "1961"، وأحمد في المسند "1/ 79"، والحميدي "37"، وابن حبان "4143".

عشرة. فنقله ابنه العبّاس وأخوه المعتصم لما تُوُفّي إلى طَرَسُوس، فدُفِن هناك في دار خاقان خادم أبيه. 217- عبد الله بن يحيى1 -ن. أبو محمد الثقفي البصري: عن: بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، وعبد الواحد بن زياد، وأبي عَوَانة، وسُلَيْم بن أخضر. وعنه: إبراهيم بن يعقوب الْجَوْزجانّي، وأبو محمد الدّارميّ، والكُدَيْميّ، ويعقوب الفَسَويّ، وعبد العزيز بن معاوية القُرَشيّ، ومحمد بن يحيى الأزْديّ، وإبراهيم بن حرب العسكريّ. وقال الْجُوزَجَانيّ: ثقة مأمون. 218- عبد الله بن يحيى2 -خ. د. أبو يحيى المعافري المصري البرلسي: عن: سعيد بن أبي أيّوب، وموسى بن عليّ، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وحَيْوَة بن شُرَيْح، ومعاوية بن صالح، واللَّيْث، وجماعة. وعنه: دُحَيْم، والحسن بن عبد العزيز الْجَرَويّ، وجعفر بن مسافر، ووهْب الله بن رزق المصريّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. زاد أبو زُرْعة: أحاديثه مستقيمة. وقال ابن يونس: تُوُفّي بالبُرُلُّس سنة اثنتي عشرة ومائتين. 219- عبد الله بن يزيد3 -ع: مولى آل عمر الفاروق. أبو عبد الرحمن المقرئ المكّي. أصله من ناحية الأهواز ممّا يلي البصْرة. وُلِد في حدود العشرين ومائة.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 203، 204"، الثقات لابن حبان "8/ 349، 350"، تهذيب التهذيب "6/ 76، 77". 2 التاريخ الكبير "5/ 232"، الجرح والتعديل "5/ 204"، ميزان الاعتدال "2/ 524"، تهذيب التهذيب "6/ 77، 78". 3 التاريخ الكبير "5/ 228"، الجرح والتعديل "5/ 201", الثقات لابن حبان "8/ 342"، التهذيب "6/ 83، 84".

روى عن: كَهْمس بن الحَسَن، وأبي حنيفة، وابن عَوْن، وموسى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وحرملة بن عمران التجيبي، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، وشعبة، وعبد الرحمن بن دينار بن أنعم الإفريقي، وخلق. وعنه: خ. وع. عن رجلٍ، عنه. وأحمد بن حنبل، وأبو خَيْثَمة، وابن راهوَيْه، وابن نُمَيْر، وهارون الحمّال، والحسن بن عليّ الحداني، وعبّاس الدّوريّ، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن مَسْلَمَة الواسطيّ، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل الصّائغ، وبشْر بْن مُوسَى، والحارث بن أبي أُسامة، وَرَوْح بن الفرج القطّان، وعَمرو بن مَلُول، وخلْق. وثّقه النّسائيّ، وغيره. وهو من أكبر شيوخ البخاريّ. قال محمد بن عاصم: سمعته يقول: أنا ما بين التسعين إلى المائة. وأقرأتُ القرآن بالبصرة ستًّا وثلاثين سنة. وههنا بمكة خمسًا وثلاثين سنة. قلت: كان قد أخذ الحروف عن نافع بن أبي نُعَيْم، وله اختيار في القراءة رواه عنه ابنه محمد. وكان يلّقن القرآن، وكان إمامًا في القرآن والحديث، كبير الشأن. قال البخاريّ: مات بمكّة سنة اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة. وقال مُطَيِّن: سنة ثلاث عشرة تُوُفّي أبو عبد الرحمن المقرئ رحمه الله. 220- عبد الأعلى بن القاسم1 -ق: أبو بشير الهمداني البصري اللؤلؤي. عن: حماد بن سلمة، وهمام بن يحيى، وسَوّار بن عبد الله بن قُدامة، وشَرِيك. وعنه: عَبدْه بن عبد الله الصّفّار، وأبو حفص الفلاس، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو حاتم الرازيّ، وقال: صدوق. 221- عبد الأعلى بن مُسْهِر بن عبد الأعلى بن مسهر2 -ع: الإمام أبو مسهر الغساني الدمشقي، أحد الأعلام.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 30"، الثقات لابن حبان "8/ 409"، تهذيب التهذيب "6/ 97، 98". 2 الطبقات الكبرى "7/ 473"، التاريخ الكبير "6/ 73، 74"، الجرح والتعديل "6/ 29"، الثقات لابن حبان "8/ 408"، سير أعلام النبلاء "10/ 228- 238"، تهذيب التهذيب "6/ 98-101".

ويُعرف بابن أبي دُرامة، وهي كنية جَدِّهِ عبد الأعلى. وُلِد أبو مُسهر سنة أربعين ومائة. وروي عن: سعيد بن عبد العزيز، وعبد الله بن العلاء بن زَبْر، وسعيد بن بشير، ومالك بن أنَس، وإسماعيل بن عياش، وإسماعيل بن عبد الله بن سماعة، وخالد بن يزيد المُرّيّ، وصدقة بن خالد، ويحيى بن حمزة، وخلق. وأخذ القراءة عن: نافع بن أبي نُعَيم، وأيّوب بن تميم. وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى الذّهَليّ، ومحمد بن إسحاق الصَّغانيّ، وإسحاق الكَوْسج، وعبّاس التُّرْقُفيّ، وأبو أُميّة محمد بْن إِبْرَاهِيم الطَّرَسُوسيّ، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، وإبراهيم بن دَيْزيل، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وعبد الرحمن بن القاسم بن الرّوّاس، وخلْق. قَالَ أَبُو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يقول: رحِم الله أبا مُسْهِر ما كان أثبته، وجعل يُطْريه. وقال يحيى بن مَعِين: إذا رأيتني أُحدِّث ببلدة فيها مثل أبي مسهر فينبغي للحِيَتي أن تُحْلَق. وقال أبو زُرْعة، عن أبي مسهر: وُلِد لي ولد والأوزاعيُّ حيّ، وجالستُ سعيدَ بن عبد العزيز اثنتي عشر سنة، وما كان من أصحابه أحدٌ أحفظ لحديثه منّي، غير أنّي نسيت. وقال محمد بن عَوْف: سمعت أبا مُسْهِر يقول: قال لي سعيد بن عبد العزيز: ماشبهتك في الحِفْظ إلّا بجدّك أبي دُرَامة. ما كان يسمع شيئًا إلّا حفظه. وقال محمد بن عثمان التَّنُوخيّ: ما بالشّام مثل أبي مُسْهِر. وقال أبو زُرْعَة الدّمشقيّ: قال ابن مَعين: منذ خرجت من باب الأنبار إلى أن رجعت لم أرَ مثل أبي مُسْهِر. قال أبو مُسْهِر: رأيت أبا مُسْهِر يحضُر الجامع بأحسن هيئة في البياض والسّاج والخُفّ، ويقيم على شاميّة طويلة بعِمامة سوداء عَدَنيّة. قلت: كان أبو مُسْهِر مع جلالته وعِلمه من رؤساء الدّمشقيّين وأكابرهم.

قال العبّاس بن الوليد البيروتيّ: سمعت أبا مُسْهِر يقول: لقد حرصت على عِلم الأوزاعيّ حتّى كتبت عن إسماعيل بن سَمَاعة ثلاثة عشر كتابًا، حتّى لقيت أباك فوجدت عنده عِلْمًا لم يكن عند القوم. وقال دُحَيم: قال أبو مسهر: رأيت الأوزعي، وجلست مع عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن مُسْهِر فقال: ثقة، ما رأيت أفصح منه ممّن كتبنا عنه، هو وأبو الجماهر. وقال محمد بْن الفَيْض الغسّانيّ: خرج السُّفْيانيّ أبو العُمَيْطر سنة خمسٍ وتسعين ومائة فولّى قضاءَ دمشق أبا مُسْهِر كَرْهًا، ثم تنحّى عَنِ القضاء لما خُلِع أبو العُمَيْطر. وقال ابن زَنْجُوَيْه: سَمِعْتُ أبا مُسْهِر يَقُولُ: عرامة1 الصّبيّ في صِغره زيادة في عقله في كِبَره. وقال ابن دِيزِيل: سمعتُ أبا مُسْهِر يُنشد: هَبْك عُمّرتَ مثل ما عاشَ نُوح ... ثم لاقيتَ كلَّ ذاك يَسَارا هل من الموت لَا أبا لك بُدٌّ ... أيُّ حيٍّ إلى سوى الموتِ صارا "محنة أَبِي مُسهر مَعَ المأمون": قال الحافظ ابن عسكر: قرأت بخطّ أَبِي الحسين الرازيّ: سَمِعْتُ محمود بْن محمد الرّافقيّ: سَمِعْتُ عليَّ بْن عثمان النُّفَيْليّ يَقُولُ: كنّا عَلَى باب أَبِي مُسْهِر جماعةً من أصحاب الحديث، فمرض، فدخلنا عَلَيْهِ نَعودُه، فقلنا: كيف أنت؟ كيف أصبحت؟ قَالَ: في عافيةٍ راضيًا عَنِ اللَّه، ساخطًا عَلَى ذي القرنين، حيث لم يجعل السّدّ بيننا وبين أهل العراق، كما جعله بين أهلِ خُراسان وبين يأجوج ومأجوج. قَالَ: فما كَانَ بعد هذا إلّا يسيرًا حتى وافى المأمون دمشقَ، ونزل بدَير مُرَّان وبنى القُبَيْبة فوق الجبل، فكان يأمر باللّيل بجمرٍ عظيم فيوقَد، ويُجعل في طُسُوتِ كِبار، ويُدلي من عند القُبَيْبَة بسلاسل وحِبال، فتضيء لَهُ الغُوطة، فيُبْصرها بالليل.

_ 1 العرامة: الشدة والشراسة.

وكان لأبي مُسْهر حلقة في الجامع بين العشاءين عند الحائط الشرقيّ، فبينا هُوَ ليلةً إذ قد دخل الجامع ضوء عظيم، فقال أبو مسهر: ما هذا؟ قالوا: النار التي تُدَلّى لأمير المؤمنين من الجبل حتّى تضيء لَهُ الغُوطة. فقال: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: 128، 129] . وكان في الحلقة صاحب خبر للمأمون، فرفع ذَلكَ إلى المأمون، فحقدها عَلَيْهِ. وكان قد بلغه أنه كان على قضاء أبي المعيطر. فلما رحل المأمون أمر بحمل أَبِي مُسْهر إِلَيْهِ، فامتحنه بالرَّقَّة في القرآن. قَالَ: وحدّثني أبو الدَّحْداح أحمد بْن محمد: ثنا الحسن بْن حامد النَّيسابوريّ، حدّثني أبو محمد: سَمِعْتُ أصبغ وكان مَعَ أَبِي مُسْهِر هُوَ وابن أَبِي النّجا خرجا يخدمانه، فحدّثني أصبغ أنّ أبا مُسْهِر دخل عَلَى المأمون بالرَّقَّة وقد ضرب رقبة رجلٍ وهو مطروحٌ بين يديه، فوقف أبا مُسْهِر في الحال، فامتحنَهُ فلم يُجِبْهُ، فأمر بِهِ، فوُضع في النِّطْع ليضرب رقبته، فأجاب إلى خلق القرآن، فأُخرِج من النّطْع، فرجع عَنْ قوله، فأُعيد إلى النّطّع، فأجاب، فأمر بِهِ أن يوجَّه إلى بغداد، ولم يثق بقوله، فأُحضِر وأقام عند إسحاق بْن إبراهيم، يعني متولّي بغداد، أيّامًا لَا تبلغ مائة يوم، ومات. قَالَ الحسن بْن حامد: فحدّثني عبد الرحمن، عَنْ رَجُل من إخواننا يُكنى أبا بَكْر أنّ أبا مُسْهِر أقيم ببغداد ليقول قولًا يبرىء فيه نفسَه من المحنة ونفي المكروه، فبلغني أنّه قَالَ في ذَلكَ الموقف: جزى اللَّه أمير المؤمنين خيرًا، عَلَّمَنا ما لم نكن نعلم، وَعَلِمَ عِلْمًا لم يعلمه من كَانَ قبله. وقال: قلِ: القرآن مخلوق وإلّا ضربت عُنقك، ألا فهو مخلوق، هُوَ مخلوق. قَالَ: فأرجو أن تكون لَهُ في هذه المقالة نجاة. وقال الصُّوليّ: ثنا عَوْن بْن محمد، عَنْ أبيه قَالَ: قَالَ إسحاق بْن إبراهيم: لمّا صار المأمون إلى دمشق ذكروا لَهُ أبا مُسْهِر ووصفوه بالعِلْم والفِقْه، فأحضره فقال: ما تَقُولُ بالقرآن؟ قَالَ: كما قَالَ اللَّه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 5] . قَالَ: أمخلوق هُوَ أو غير مخلوق؟ قَالَ: ما يَقُولُ أمير المؤمنين؟ قَالَ: مخلوق.

قَالَ: بخبرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو عَنْ أصحابه، أو التّابعين؟ قَالَ: بالنَّظَر. واحتجّ عَلَيْهِ. قَالَ: يا أمير المؤمنين، نَحْنُ مَعَ الجمهور الأعظم، أقول بقولهم، والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق. قَالَ: يا شيخ أخبِرْني عَنِ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل اختتن؟ قَالَ: ما سَمِعْتُ في هذا شيئًا. قَالَ: فأخبِرني عَنْهُ أكان يُشْهِدُ إذا زوَّج أو تزوَّج؟ قَالَ: ولا أدري. قَالَ: اخرج قبّحك اللَّه، وقبَّح من قلّدك دينه، وجعلك قُدْوة. وقال أبو حاتم الرازيّ: ما رأيت أحدا في كورة من الكور أعظم قَدْرًا ولا أجلّ عند أهلها من أَبِي مُسْهِر بدمشق. وكنت أرى أبا مُسْهِر إذا خرج إلى المسجد اصطفَّت النّاس يسلّمون عَلَيْهِ ويقبلون يده. قَالَ أحمد بْن عليّ بْن الحَسَن البصْريّ: سَمِعْتُ أبا داود سليمان بْن الأشعث، وقيل لَهُ: إنّ أبا مُسْهِر كَانَ متكبرًا في نفسه، فقال: كَانَ من ثقات النّاس. رحِم اللَّه أبا مُسْهِر لقد كَانَ من الإسلام بمكانٍ حُمِل عَلَى المحنة فأبى، وحُمِل عَلَى السيف مُدَّ رأسه وجُرّد السيف فأبى. فلمّا رأوا ذَلكَ منه حُمِل إلى السجن فمات. وقال محمد بْن سعد: أُشْخِص أبو مُسْهر من دمشق إلى المأمون، فسأله عَنِ القرآن فقال: هُوَ كلام اللَّه، وأبى أن يقول: مخلوق. فدعا لَهُ بالسّيف والنّطْع. فلمّا رَأَى ذلك قال: مخلوق. فتركه. وقال: أما لو إنك قلتَ ذاك قبل أن أدعو لك بالسيف لقبِلْتُ منك ورددتك إلى بلادك، ولكنّك تخرج الآن فتقول: قلت ذَلكَ فَرَقًا من السيف. أَشْخِصوه إلى بغداد فاحبسوه بها حتّى يموت. فأُشْخِص من الرَّقَّةِ إلى بغداد في ربيع الآخر سنة ثمان عشرة فَحُبِسَ، فلم يلبث إلّا يسيرًا حتّى مات في الحبس في غُرّة رجب، فأُخرج ليُدْفَن، فشهده قوم كثير من أهل بغداد. وقال غيره: عاش تسعًا وسبعين سنة.

قُلْتُ: حَدِيثُ: "يَا عِبَادِيَ إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ" 1. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ "الْأَدَبِ" لَهُ: ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ، أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" عَنِ الصَّغَانِيِّ، عَنْ أبي مسهر. 222- عبد الحميد بن إبراهيم2 -س: أبو تقيّ الحضرميّ الحمصيّ الضّرير، وهو أبو تقي الكبير. روى عن: عفير بن مَعْدان، وعبد الله بن سالم، وإسماعيل بن عياش. وعنه: عمران بن بكار البراد، وسليمان بن عبد الحميد البهراني، ومحمد بن عون الحمصيون، وغيرهم. روى له النسائي حديثا واحدا متابعة، وقال: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ليس بشيْء، كان لَا يحفظ ولا عنده كُتُب. 223- عبد الحميد بن الوليد بن المغيرة3. أبو زيد الأشجعيّ، مولاهم المصريّ الفقيه الإخباريّ: سمع: اللّيث، وابن لَهيعَة، وجماعة. وأخذ الآداب عن: ابن الكلْبيّ، وأبي عُبَيدة، والواقديّ، والهَيْثم بن عديّ، وطائفة. وكان عَجَبًا من العُجْب، علامة. ولُقّب بكَبد؛ لأنّه كان ثقيلًا. تُوُفّي سنة إحدى عشرة ومائتين عن سبعين سنة. وقد روى أيضًا عن مالك.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري في الأدب المفرد "490"، ومسلم "2577"، والترمذي "2490"، وابن ماجه "4257"، وأحمد في المسند "5/ 160"، وعبد الرزاق "20272"، وابن حبان في صحيحه "619". 2 الجرح والتعديل "6/ 8"، الثقات لابن حبان "8/ 400"، ميزان الاعتدال "2/ 537"، التهذيب "6/ 108". 3 المعرفة والتاريخ "1/ 699"، الكنى والأسماء للدولابي "1/ 180".

روى عنه: سعيد بن عُفَير، وأحمد بن يحيى بن وزير، وغيرهما. تُوُفّي في شوّال. 224- عبد الرحمن بن إبراهيم1. أبو عليّ الراسبيّ المخرميّ: عن: فُرات بن السّائب، ومالك. وعنه: يحيى بن جعفر بن الزّبرقان، وغيره. وهو مُنْكر الحديث. 225- عبد الرحمن بن حمّاد بن شعيب2 -خ. ت. أبو سلمة العنبري الشعيثي البصري: عن: ابن عَوْن، وسعيد بن أبي عَرُوبَة، وعبّاد بن منصور، وكَهْمَس، وسُفيان الثَّوريّ. وعنه: خ. وت. عَنْ رَجُل عَنْهُ، ويعقوب الفَسَويّ، وإسحاق بْن سيّار النَّصِيبيّ، والكُدَيْميّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وجماعة. قَالَ أَبُو زُرْعة: لَا بَأْسَ بِهِ. وقَالَ أَبُو حاتم: ليس بالقويّ. وقال أبو القاسم ابن مَنْدَه: مات فِي ذي الحجة سنة اثنتي عشرة. 226- عبد الرحمن بن أحمد3: وقيل: عبد الرحمن بن عطّية، وقيل: ابن عساكر، وقيل: ابن أحمد بن عطيّة السيّد القُدْوة. أبو سليمان الدّارانيّ العَنْسيّ. قيل: أصله واسطيّ، وُلِد في حدود الأربعين ومائة أو قبل ذلك.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 255- 257"، ميزان الاعتدال "2/ 545، 546". 2 التاريخ الكبير "5/ 275"، الجرح والتعديل "5/ 225، 226"، تهذيب التهذيب "6/ 164". 3 الجرح والتعديل "5/ 214"، الثقات لابن حبان "8/ 376"، حلية الأولياء "9/ 254"، سير أعلام النبلاء "10/ 182-186"، شذرات الذهب "2/ 13".

وروى عن: سُفْيان الثَّوريّ، وأبي الأشهب، وعبد الواحد بن زيد، وعَلْقَمَة بن سُوَيْد، وعليّ بن الحسن الزّاهد، وصالح بن عبد الجليل. وعنه: تلميذه أحمد بن أبي الحواري. وهاشم بن خالد، وحُمَيْد بن هشام العَنْسيّ، وعبد الرحيم بن صالح الدّارانيّ، وإسحاق بن عبد المؤمن، وعبد العزيز بن عُمَير، وإبراهيم بن أيّوب الحورانيّ، وآخرون. قَالَ أبو الْجَهْم بْن طَلّاب: ثنا أحمد بْن أَبِي الحواريّ قَالَ: كَانَ اسم أَبِي سليمان عبد الرحمن بْن أحمد بْن عطيّة العنْسيّ من صَلِيبة العرب. وقال حُمَيْد بْن هشام: قلت لأبي سليمان عبد الرحمن بْن أحمد بْن عطيّة، فذكر حكاية. واختلف على أبي الْجَهْم فقال أبو أحمد الحاكم، عنه، عن ابن أبي الحواري: اسمه عبد الرحمن بن عَسْكَر. قَالَ ابن أَبِي الحواري: سَمِعْتُ أبا سليمان رحمة اللَّه عَلَيْهِ يَقُولُ: صلِّ خلف كلّ مبتدعٍ إلّا القدري لا تصل خلفه، وإنْ كَانَ سلطانًا. وقال: سَمِعْتُ أبا سليمان يَقُولُ: كنت بالعراق أعمل، وأنا بالشام أعرف1. قَالَ: وسمعته يَقُولُ: لَيْسَ لِمَن أُلْهِم شيئًا من الخير أن يعمل بِهِ حتّى يسمعه من الأثر. فإذا سمعه من الأثر عمل بِهِ وحمد اللَّه حيث وافق ما في قلبه. وقال الخَلْديّ: سَمِعْتُ الْجُنَيْد يَقُولُ: قَالَ أبو سليمان الدّارانيّ: ربّما يقع في قلبي النُّكْتَة من نُكَتِ القوم أيّامًا فلا أقبل منه إلّا بشاهدَيْن عَدْلَيْن: الكتاب والسُّنَّة. قَالَ الجنيد: وقال أبو سليمان: أفضل الأعمال خلاف هوى النَّفْس. وقال: لكل شيء عِلم، وعِلْم الخِذْلان تَرْكُ البُكاء. ولكلّ شيء صدأ، وصدأ نور القلب شبَعُ البَطَن. وقال أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: أصل كلّ خير الخوف من اللَّه، ومفتاح الدُّنيا الشبع، ومفتاح الآخرة الجوع2.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 272"، والخطيب في تاريخه "10/ 249"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 224". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 259"، والخطيب في تاريخه "10/ 250".

وقال الحاكم: أَنَا الخَلْديّ: حدّثني الْجُنَيْد: سَمِعْتُ السَّرِيّ السَّقَطيّ: حدّثني أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: قدَّم إليّ أهلي مرَّةً خبزًا وملْحًا، فكان في الملح سمسمة فأكلتها، فوجدت رانَها عَلَى قلبي بعد سنة. وقال أحمد: سَمِعْتُ أبا سليمان يَقُولُ: مَن رَأَى لنفسه قيمة لم يذق حلاوة الخدمة. وعنه قَالَ: إذا تكلّف المتعبّدون أن يتكلّموا بالإعراب ذهب الخشوع من قلوبهم. وقال أحمد: سَمِعْتُ أبا سليمان يَقُولُ: إنّ في خلْق اللَّه خلقًا لو زُيِّن لهم الْجِنان ما اشتاقوا، فكيف يُحَبّون الدُّنيا وقد زهَّدهم فيها1. وسمعته يَقُولُ: لولا اللّيل لما أحببتُ البقاء في الدّنيا. وما أحبّ البقاء في الدّنيا لتشقيق الأنهار وغرْس الأشجار، ولَرُبّما رَأَيْت القلبَ يضحك ضحكًا2. وقال أحمد: رَأَيْت أبا سليمان حين أراد أن يُلبّي غُشِي عَلَيْهِ، فلمّا أفاق قَالَ: بلغني أنّ العبد إذا حجّ من غير وجهه، فلبّى قِيلَ لَهُ: لَا لَبَّيْك ولا سَعْدَيْك حتّى تطرح ما في يديك، فما يؤمنا أن يقال لنا مثل هذا؟ ثم لبّى3. وقال الْجُنَيْد: شيءٌ يُروَى عَنْ أَبِي سليمان أَنَا أستحسنه كثيرًا، قوله: من اشتغل بنفسه شُغِل عَنِ النّاس، ومن اشتغل بربّه شُغِل عَنْ نفسِهِ وعن النّاس. قال عمرو بن بحر الأسدي: سَمِعْتُ ابن أَبِي الحواريّ: سَمِعْتُ أبا سليمان يَقُولُ: مَن وثق بالله في رزقه زاد الله في حُسْن خلقه، وأعقبه الحِلْم، وسَخَتْ نفسُهُ في نَفَقَته، وقَلَّت وساوِسُهُ في صلاتِهِ4. وعن أَبِي سليمان قَالَ: الفُتُوَّة أن لَا يراك اللَّهُ حيث نهاك، ولا يفقدَكَ حيثُ أمرك. وللشيخ أَبِي سليمان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كلام جليل من هذا النمط.

_ 1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 273". 2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 263، 264"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 228". 3 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 263، 264"، وابن الجوزي في صفة الصفوة "4/ 228". 4 أخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 257".

وقد أَنْبَأَنَا أبو الغنائم بْن علّان، عَنِ الْقَاسِمِ بْن عَلِيٍّ، أَنَا أَبِي، أَنَا طاهر بْن سهل، أَنَا عبد الدّائم الهلاليّ، أَنَا عبد الوهّاب الكلابيّ: سَمِعْتُ محمد بْن خُرَيْم العُقَيْليّ: سَمِعْتُ أحمد بْن أَبِي الحواريّ يَقُولُ: تمنيت أن أرى أبا سليمان الدّارانيّ في المنام، فرأيته بعد سنة، فقلت لَهُ: يا معلّم، ما فعل اللَّه بك. قَالَ: يا أحمد دخلت من باب الصغير، فرأيت وسْقَ شيخٍ، فأخذتُ منه عُودًا، فلا أدري تخلّلت بِهِ أم رَمَيْتُ بِهِ؟ فأنا في حسابه من سنة. قَالَ أبو زُرْعة الطَّبريّ: سألت سعيد بْن حَمْدون عَنْ موت أَبِي سليمان الدّارانيّ فقال: سنة خمس عشرة ومائتين. وكذا ورّخ وفاته أبو عبد الرحمن السُّلَميّ، والقَرَّاب. وقيل: سنة خمسٍ ومائتين، قاله ابن أَبِي الحواريّ. 227- عبد الرحمن بن سِنان1. أبو يحيى الرّازي المقرئ: عن: عبد العزيز بن أبي داود، ونُعَيْم بن مَيْسَرة. وعنه: يحيى بن عَبْدَك، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، والفضل بن شاذان المقرئ. قال أبو حاتم: مقرئ صدوق. 228- عبد الرحمن بن عبد العزيز المدائنيّ سَبْويه2: روى عن: سُلَيْم بن أخضر. روى عنه: عبّاس الدُّوريّ، وأحمد بن إسحاق الوزّان. 229- عبد الرحمن بن علقمة3. أبو يزيد السَّعديّ المَرْوَزيّ الفقيه: سمع: أبا حمزة السُّكّريّ، وأبا عَوَانة، وحمّاد بن يزيد. وكان من كبار أصحاب ابن المبارك. روى عنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن أبي طالب، وأبو زُرْعة، وحمدان الورّاق.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 242". 2 الجرح والتعديل "5/ 261". 3 تقدمت ترجمته في الجزء السابق.

وكان بصيرًا بالرأي. تفقّه على محمد بن الحسن، وغيره. أكرهوه على قضاء سَرْخَس فهرب. قال أبو حاتم الرازي: صدوق. 230- عبد الرحمن بن مُصْعب بن يزيد الأزديّ المَعْنيّ1: عمّ عليّ بن عبد الحميد الكوفيّ القطّان، نزيل الريّ. عن: فِطر بن خليفة، وسُفْيان الثَّوريّ، وإسرائيل، وشَرِيك. وعنه: القاسم بن زكريّا الكوفيّ، وعليّ بن محمد الطّنافسيّ، وأحمد بن الفرات، وعبّاس الدُّوريّ، وعبد السّلام بن عاصم، وحفص بن عمر الرَّقّيّ سنجة ألف، وطائفة. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ خَلِيلٍ الدَّارَانِيِّ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، ثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُصْعَبٍ الْمَعْنِيُّ، نَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ حِجَارَةَ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عدلٍ عِنْدَ سلطانٍ جَائِرٍ" 2، رَوَاهُ ت. ق، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. قلت: ليس له في الكتابين سوى هذا الحديث، وما أعلم فيه جرحًا. قال ابن سعد: كان عابدًا ناسكًا يُكنَّى أبا يزيد. قيل: تُوُفِّي سنة إحدى عشرة ومائتين. 231- عبد الرحمن بن هانئ بن سعيد3: أبو نُعَيْم النَّخَعِيّ الكوفيّ. ابن بنت إبراهيم النخعي.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 408"، الجرح والتعديل "5/ 292"، تهذيب التهذيب "6/ 270". 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "4344"، والترمذي "2174"، وابن ماجه "4011" وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "491". 3 التاريخ الكبير "5/ 362"، الجرح والتعديل "5/ 298"، ميزان الاعتدال "2/ 595"، التهذيب "6/ 289".

روى عن: ابن جريح، ومِسْعر، وفِطْر بن خليفة، وسُفْيان الثَّوريّ، ومالك بن مِغْوَلٍ، ومحلّ بن محرز الضَّبّيّ، وجماعة. وعنه: البخاريّ في تاريخه، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأبو زُرْعة، وأحمد بن أبي غَرَزَة، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وأبو حاتم، وآخرون. قال أحمد: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: لا بأس به. وقال ابن مَعِين مَرّة: ضعيف. وقال مَرّة: كذّاب. وقال أبو داود: ضعيف. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي الْقَلْبِ مِنْهُ لِرِوَايَتِهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ قَتَلَ ضِفْدَعًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ مُحَرَّمًا كَانَ أَوْ حَلالا"1. قال مُطَيَّنٌ: مات سنة ستّ عشرة. 232- عبد الرحمن بن واقد البصْريّ العطّار 2: عن: شريك، وأبي عَوَانة، وأبي الأحوص سلام بن سُلَيْم، والجرّاح بن مَلِيح. وعنه: إسحاق بن سيّار النَّصِيبيّ، وأبو حاتم الرّازيّ. وسئل عنه أبو حاتم فقال: شيخ. 233- عبد الرحيم بن واقد الخُراسانيّ 3: عن: هَيّاج بن بِسْطام، وعديّ بن الفضل. وعنه: محمد بن الْجَهْم، والحارث بن أبي أُسامة. حدّث ببغداد.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه ابن عدي في الكامل "4/ 1623"، وفيه صاحب الترجمة كما أن فيه تدليس أبي الزبير عن جابر. 2 التاريخ الكبير "5/ 359"، الجرح والتعديل "5/ 296"، تهذيب التهذيب "6/ 293". 3 تاريخ بغداد "11/ 85، 86"، ميزان الاعتدال "2/ 607".

قال الخطيب: في حديثه مناكير. 234- عبد الرحيم بن المحاربيّ عبد الرحمن بن محمد الكوفيّ 1. أبو زياد: سمع: أباه، ومُبارك بن فَضَالَةَ، وشَريكًا، وزائدة، وغيرهم. وعنه: خ. وق. عن رجل عنه، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وابن نمير، وعبد بن حميد، وأحمد بن أبي غرزة. قال أبو زُرْعة: شيخ فاضل، ثقة. وقال أبو داود: هو أثبت من أبيه. قال البخاريّ: مات في رمضان سنة إحدى عشرة. 235- عبد الرزاق بن همام بن نافع 2 -ع: الإمام أبو بكر الحميري مولاهم الصَّنْعانيّ، أحد الأعلام. عن: أبيه، ومَعْمَر، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وعُبَيد الله بن عمر، وابن جُريْج، والمُثَنَّى بن الصَّبّاح، وثَور بن يزيد، وحَجّاج بن أرطأة، وزكريّا بن إسحاق، والأوزاعيّ، وعِكْرمة بن عمّار، والسُّفْيانين، ومالك، وخلْق. ورحل إلى الشام بتجارةٍ فسمع الكثير من جماعة. ومولده سنة ستٍّ وعشرين ومائة. وعنه: شيخاه معتمر بن سليمان، وسُفيان بن عُيَيْنَة، وأبو أُسامة وهو أكبر منه، وأحمد، وابن مَعِين، وإسحاق، ومحمد بن رافع، ومحمد بن يحيى، ومحمود بن غيلان، وأحمد بن صالح، وأحمد بن الأزهر، وأحمد بن الفرات، والرمادي، وإسحاق الكَوْسِج، والحسن بن عليّ الحلال، وَسَلَمَةُ بن شَبِيب، وعبد بن حُمَيْد، وإسحاق الدَّبَريّ، وإبراهيم بن سُوَيْد الشّاميّ، وخلْق كثير. قال عبد الرّزّاق: جالسنا معمرًا سبع سنين.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 407"، التاريخ الكبير "6/ 104"، الجرح والتعديل "5/ 340"، تهذيب التهذيب "6/ 306، 307". 2 الطبقات الكبرى "5/ 548"، التاريخ الكبير "6/ 130"، الجرح والتعديل "6/ 38، 39"، الثقات لابن حبان "8/ 412"، ميزان الاعتدال "2/ 609-614"، تهذيب التهذيب "6/ 310-315".

وقال أحمد بن صالح: قلت لأحمد بن حنبل: رأيت أحدًا أحسن حديثًا من عبد الرّزّاق؟ قال: لَا. وقال عبد الوهّاب بْن همّام: كنت عند مَعْمَر فذكر أخي عبد الرّزّاق. وقال: خليق إنْ عاش أن تُضرب إِلَيْهِ أكباد الإِبِل. قَالَ ابن أَبِي السَّرِيّ العسْقلانيّ: فَوَاللَّهِ لقد أتْعَبَها، يعني الإِبِل، ولما ودّعت عبد الرزّاق قَالَ: أمّا في الدنيا فلا أظن أن نلتقي فيها، ولكنّا نسأل اللَّه أن يجمع بيننا في الآخرة. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: قلت لأحمد بْن حنبل: كَانَ عبد الرّزّاق يحفظ حديث مَعْمر؟ قَالَ: نعم. قِيلَ لَهُ: فَمَنْ أثبت في ابن جُرَيْج: عبد الرّزاق، أو محمد بْن بَكْر البّرْسَانيّ؟ قَالَ: عبد الرّزّاق. وقال لي: أتينا عبد الرّزّاق قبل المائتين، وهو صحيح البصر. ومَن سَمِعَ منه بعدما ذهَب بصره فهو ضعيف السَّماع. وقال هشام بْن يوسف: كَانَ لعبد الرّزّاق حين قدِم ابن جُرَيْج اليمن ثمان عشرة سنة. قَالَ ابن مَعِين: هشام بْن يوسف أثبت في ابن جُرَيْج من عبد الرّزّاق. وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن حديث: "النّار جُبار" 1. فقال: هذا باطل، وليس من هذا شيء. ثم قَالَ: وَمَن يُحَدِّث بِهِ عَنْ عبد الرّزّاق؟ قلت: حدّثني أحمد بْن شَبَّوَيْه. قَالَ: هَؤُلّاءِ سمعوا بعدما عَمي. كَانَ يُلقَّن فلُقِّنَه، وليس هُوَ في كُتُبه. وقد أسندوا عَنْهُ أحاديث ليست في كُتُبه، كَانَ يُلَقَّنَها بعدما عَمِي. قلت: عبد الرّزّاق راوية الإسلام، وهو صدوق في نفسه. وحديثه محتجٌّ به في

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "4594"، وابن ماجه "2676" وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود "4594".

الصِّحاح. ولكن ما هُوَ ممّن إذا تفرّد بشيء عُدّ صحيحًا غريبًا. بل إذا تفرّد بشيء عُدّ مُنْكَرًا. وكان من مذهبه أن يَقُولُ: أَخْبَرَنَا، ولا يَقُولُ: حَدَّثنا. وهي عادة جماع من أقرانه، وممّن قبله كحمّاد بْن سلمة، وهشيم. قال الحافظ بن أبي الفوارس: يزيد بن هارون، وهشيم، وعبد الرزاق لَا يقولون إلّا أَخْبَرَنَا، فإذا رَأَيْت حديثًا فهو من خطأ الكاتب. قَالَ محمود بْن رافع: قدِم أحمد، وإسحاق عَلَى عبد الرّزّاق، وكان من عادته أن يَقُولُ: أَخْبَرَنَا. فقالا لَهُ: قل: حَدَّثنا. فقالها. وقال نُعَيم بْن حمّاد: ما رَأَيْت ابن المبارك قطّ يَقُولُ: حَدَّثنا. كَانَ يرى أنّ أَخْبَرَنَا أوسع. وقال يحيى القطّان، وأحمد بْن حنبل، والبخاريّ، وطائفة: حَدَّثنا، وأنا، واحد. "فصل": قَالَ جعفر بْن أَبِي عثمان الطَّيَالِسيّ: سَمِعْتُ ابن مَعِين يَقُولُ: سَمِعْتُ من عبد الرّزّاق كلامًا يومًا استدللتُ بِهِ عَلَى ما ذُكِر عَنْهُ من المذهب، يعني التشيُّع. فقلت لَهُ: إنّ أُستاذَيك اللَّذَيْن أخذتَ عنهم ثِقات كلّهم أصحاب سُنّة: مَعْمَر، ومالك، وابن جُرَيْج، وسُفيان، والأوزاعيّ. فَعَمَّن أخذتَ هذا المذهب؟ فقال: قدِم علينا جعفر بْن سليمان الضُّبَعيّ، فرأيته فاضلًا حَسَن الهَدْيِ، فأخذت هذا عَنْهُ. وقال ابن أَبِي خَيْثَمَة: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين، وقيل لَهُ: إنّ أحمد بْن حنبل. قَالَ: إنّ عُبَيْد اللَّه بْن موسى يُرَدّ حديثه للتشيُّع. فقال: كَانَ واللهِ الَّذِي لَا إله إلّا هُوَ عبد الرّزّاق أغلى في ذَلكَ منه مائة ضُعْف. ولقد سمعت من عبد الرّزّاق أضعاف ما سَمِعْتُ مِن عُبَيْد اللَّه. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي: أكان عبد الرّزّاق يُفْرِط في التَّشَيُّع؟ فقال: أمّا أَنَا فلم أسمع منه في هذا شيئًا.

وقال سَلَمَةُ بْن شَبيب، سَمِعْتُ عبد الرّزّاق يَقُولُ: واللَّهِ ما انشرح صَدْري قطّ أن أفضّل عليًّا عَلَى أَبِي بَكْر وعمر. وقال أحمد بْن الأزهر: سَمِعْتُ عبد الرّزّاق يَقُولُ: أفضّل الشيخين بتفضيل عليّ إيّاهما عَلَى نفسه، ولو لم يفضّلْهما لم أفضِّلْهما. كفى بي إزراء أن أحبّ عليًّا ثم أخالف قوله. وقال محمد بْن أَبِي السَّرِيّ: قلت لعبد الرّزّاق: ما رأيك في التفضيل؟ فأبى أن يخبرني. وقال: كَانَ سُفيان يَقُولُ: أبو بَكْر، وعمر، ويسكت. وكان مالك يَقُولُ: أبو بَكْر، وعمر، ويسكت. قَالَ ابن عديّ: قد رحل إلى عبد الرّزّاق ثقات المسلمين وأئمّتهم، وكتبوا عَنْهُ، ولم يَرَوْا بحديثه بأسًا، إلّا أنّهم نسبوه إلى التَّشَيُّع. وقد روى أحاديث في الفضائل مما لَا يوافقه عَلَيْهِ أحد من الثّقات، فهذا أعظم ما ذمّوه من روايته لهذه الأحاديث، ولِما رواه في مثالب غيرهم. وقال أبو صالح محمد بْن إسماعيل: بَلَغَنَا ونحن عند عبد الرّزّاق أنّ ابن مَعِين، وأحمد بْن حنبل تركوا حديث عبد الرّزّاق، أو كرِهوه، فَدَخَلَنا من ذَلكَ غمٌّ شديد. فلمّا كَانَ وقت الحجّ وافيتُ بمكَّةَ يحيى بنَ مَعِين، فسألته، فقال: يا أبا صالح، لو ارتدّ عبدُ الرّزّاق عَنِ الإسلام ما تركنا حديثه. رواها ابن عديّ، عَنِ ابن حمّاد، عَنْ أَبِي صالح هذا. وقال أحمد بْن الأزهر: سَمِعْتُ عبد الرّزّاق يَقُولُ: صار مَعْمَر هَلِيلَجَةً في فمي. وقال فَيَّاض بْن زُهير النسائيّ: تشفّعنا بامرأة عبد الرّزّاق عَلَيْهِ، فدخلنا، فقال: هاتوا، تشفّعتم إليّ بمَن ينقلب معي عَلَى الفراش. ثم قَالَ: لَيْسَ الشفيعُ الَّذِي يأتيك مُؤْتزِرًا ... مثلَ الشَّفيعِ الَّذِي يأتيك عُرْيانا وقال ابن مَعِين: قَالَ بِشْر بْن السَّرِيّ: قَالَ عبد الرّزّاق: قدِمت مكَّةَ مرّةً، فأتاني أصحاب الحديث يومين، ثم انقطعوا يومين أو ثلاثة. فقلت: يا ربّ ما شأني؟ كذّابٌ أَنَا؟ أيّ شيء أَنَا؟ فجاءوني بعد ذَلكَ.

وقال المفضَّل الْجَنَديّ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْن شَبِيب يَقُولُ: سَمِعْتُ عبد الرزاق يَقُولُ: أخزى اللَّه سِلْعةً لَا تُنْفق إلّا بعد الكِبَر والضَّعْف. حتّى إذا بلغ أحدهم مائة سنة كُتِب عَنْهُ. فإمّا أن يقال: كذّاب فيُبْطِلون عِلْمه، وإما أن يقال: مبتدع فيبطلون عمله. فما أقلّ مَن ينجو مِن ذَلكَ. وقال محمود بْن غَيْلان، عَنْ عبد الرّزّاق، قَالَ: قَالَ لي وكيع: أنت رَجُل عندك حديث وحفظك ليس بذاك. فإذا سُئِلت عَنْ حديثٍ فلا تقل: لَيْسَ هُوَ عندي، ولكن قُلْ: لَا أحْفَظُهُ. وقال ابن معين، قال لي عبد الرّزّاق: أكتُب عنّي حديثًا واحدًا من غير كتاب. فقلت: لَا، ولا حرف. قلت: وقد صنف عبد الرزاق "التفسير" و"السنن" وغير ذلك. و"مصنف عبد الرّزّاق" بضعة وخمسون جزءًا، يجيء ثلاث مجلَّدات. وسمع منه كُتُبه: إسحاق الدَّبَريّ، وعُمِّر دهرًا، فأكثر عَنْهُ الطّبَرانيّ. قَالَ محمد بْن سعْد: مات في النّصف من شوّال سنة إحدى عشرة. - عبد الصّمد بْن حسّان. مَرّ. 236- عبد الصّمد بن عبد العزيز الرازيّ 1. أبو عليّ العطّار المقرئ: عن: أبي جعفر الرازيّ، وبشير بن سُليمان، وعَنْبَسة قاضي الرّيّ، وجَسْر بن فَرْقَد، وعَمْرو بن أبي قيس، وأبي الأحْوص، وفُضَيْل بن عِياض، وخلْق كثير. وعنه: حفص بن عمر المَهْرقانيّ، ويحيى بن عَبْدك، وإسماعيل بن يزيد خال أبي حاتم، ومحمد بن عمّار، وآخرون. تُوُفّي في حدود نيفٍ ومائتين. وقيل: إن أَبا زُرعة الرازيّ روى عنه، وهو بعيد. وكان صدوقًا.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 105"، الثقات لابن حبان "8/ 415".

237- عبد الصّمد بن النُّعمان البغداديّ البزّاز 1: حدث عن: عيسى بن طَهْمان صاحب أنس، وحمزة الزّيّات، وابن أبي ذئب، وشعبة وطائفة. وعنه: عباس الدوري، وأحمد بن ملاعب، ومحمد بن غالب تمتام، وجماعة كثيرة. وثقه ابن معين، وغيره، ولم يقع له شيء في الكتب الستة. توفي سنة ست عشرة ببغداد. وعن الدّارقُطْنيّ قال: ليس بالقويّ. 238- عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عَمْرو بْنُ أُوَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ القُرَشيّ 2 العامري -خ. د. ت. ق: أبو القاسم المدني المعروف بالأويسي. روى عن: عبد العزيز بن عبد الله الماجِشُون، ونافع بن عمر الْجُمحيّ، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، وسليمان بن بلال، ومالك بن أنس، وعبد الله بن يحيى بن أبي كثير، وابن أُمَيَّة، وعبد الله بن جعفر المَخْرَمّي، وإبراهيم بن سعد، وطائفة. وعنه: خ. ود. ت. عن رجل عنه، وهارون الحمّال، ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وعبد اللَّه بْن أَبِي زياد القَطَوانيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعبد اللَّه بْن شَبِيب المدنيّ، وجماعة. وثقة أبو داود، وغيره. 239- عبد العزيز بن عُمَيْر 3: أبو الفقير الخُراسانيّ الزّاهد أحد العارفين. نزل دمشق وجالس أبا سليمان الداراني.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 51، 52"، الثقات لابن حبان "8/ 415"، ميزان الاعتدال "2/ 621". 2 التاريخ الكبير "6/ 13"، الجرح والتعديل "5/ 387"، الثقات لابن حبان "8/ 396"، التهذيب "6/ 345، 346". 3 صفة الصفوة "4/ 234".

وروى عن: زيد بن أبي الزَّرقاء، وحَجّاج الأعور، وجماعة. وروى عنه: أحمد بن أبي الحواري، وإبراهيم بن أيّوب الْجَوْزَجانيّ، وغيرهما. وكانت رابعةُ الشامّية تُسَمّيه سيدّ العابدين. ومن قوله: إن من القلوب قلوبًا مرتصدة، فإذا وجدت بُغْيتها طارت إليه. وعنه قال: إنّما يُفْتح على المؤدب بقدر المتأدبين. وقد تكلم أبو الفقير مرّة بحضرة أَبِي سليمان، فجعل أبو سليمان يخور كما يخور الثور. وقال: ذِكْر النِّعَم يورث الحبَّ لله تعالى. 240- عبد العزيز بن المغيرة بن أمي أو ابن أمية 1 -ق: أبو عبد الرحمن المنقري البصري الصفار. نزيل الرّيّ. عن: مبارك بن فَضَالَةَ، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، وجرير بن حازم، والحَمَّادَيْن. وعنه: يوسف بن موسى القطّان، ويحيى بن عَبْدك القزْوينيّ، وابن وارة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم الرازيّ. قال أبو حاتم: صدوق لَا بأس به. 241- عبد العزيز بن منصور 2: أبو الأصبغ اليَحْصُبيّ المصريّ. عن: حَيّوَة بن شُرَيْح، واللَّيث بن مالك، ونافع المقرئ، وغيرهم. وعنه: قاسم بن الفَرج الردفيّ، وغيره. تُوُفيّ سنة ست عشرة ومائتين.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 397"، تهذيب التهذيب "6/ 359". 2 الكنى والأسماء للدولابي "1/ 110".

242- عبد الغفّار بن الحَكَم 1: أبو سعيد الحرّانيّ، مولى بني أمية. عن: فُضَيْل بن مرزوق، وزهير بن معاوية، ومبارك بن فضالة، والليث بن سعد، وجماعة. وعنه: عَمْرو النّاقد، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن يحيى الحرّانّي، وأبو فَرْوة، ويزيد بن محمد الرُّهاويّ، وآخرون. تُوُفّي في آخر شعبان سنة سبْع عشرة. وقد وُثِّق. روى له النّسائيّ حدَّيثًا في "مُسْنَد عليّ" رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 243- عبد الغفّار بن عُبَيد الله القُرشيّ الكُرَيزيّ البصْريّ 2: عن: شُعبة، وصالح بن أبي الأخضر، وأبي المِقْدام هشام بن زياد. وعنه: ابن وارة، وأبو حاتم. ما رأيت أحدًا ضعّفه إلا البخاريّ فقال: ليس بقائم الحديث. وقال: عبد الغفّار بن عُبَيد الله بن عبد الأعلى ابن الأمير عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ الْقُرَشِيِّ حديثه في البصْريّين. 244- عبد القُدُّوس بن الحجاج 3 -ع: أبو المغيرة الخولاني الحمصي. عن: صَفْوان بن عَمْرو السَّكْسَكيّ، وحريز بن عثمان الرَّحبيّ، وأرطأة بن المنذر، وأبي بكر بن عُبَيد الله بن أبي مريم، وعَبْدة بنت خالد بن مَعْدان، وعُفَيْر بن مَعْدان الحمصيَّيْن، وأبي عَمْرو الأوزاعيّ، وعبد الله بن العلاء بن زبر، ويزيد بن عطاء

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 420"، تهذيب التهذيب "6/ 365". 2 التاريخ الكبير "6/ 122"، الجرح والتعديل "6/ 54"، سير أعلام النبلاء "10/ 437". 3 الطبقات الكبرى "7/ 472"، التاريخ الكبير "6/ 120"، الجرح والتعديل "6/ 56"، تهذيب التهذيب "6/ 369".

اليَشْكُريّ، وعبد الرحمن المسعوديّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، وَطَائِفَةٌ من صغار التّابعين. وعنه: خ. وع. عن رجل عنه، وأحمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، والذُّهَليّ، وإسحاق الكَوْسَج، وَسَلَمَةَ بْن شَبِيب، وأبو محمد الدّارميّ، وأحمد بْن عبد الرحيم بْن يزيد الحَوْطيّ، ومحمد بْن عَوْف الطّائيّ، وخلْق كثير. وكان من ثِقات الشّاميّين ومُسْنِدِيهم. قال البخاريّ: مات سنة اثنتي عشرة وصلّى عليه أحمد بن حنبل. قَالَ محمد بْن عبد الملك زَنْجُوَيْه: ما رَأَيْت أَخْوَف لله من إسحاق بْن سليمان الرازيّ، وما رَأَيْت أَخْشَع من أَبِي المغيرة، ولا أحفظ من يزيد بن هارون، ولا أعقل من أَبِي مُسْهِر، ولا أورع من الفِريابيّ، ولا أشدّ تقشُّفًا من بِشْر الحافي. 245- عبد الكريم بن رَوْح بن عَنْبَسَةَ1 -ق: أبو سعيد البصْري، مولى عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. عن: أبيه، وسُفْيان الثَّوْريّ، وشُعْبة، وحمّاد بن سَلَمَةَ. وعنه: خَلَف بن محمد كُرْدُوس، وأبو أمية الطَّرَسُوسّي، ومحمد بن شدّاد المُسْمَعيّ، ويحيى بن أبي طالب، والكُدَيْمِيُّ، وجماعة. ذكره ابن حِبّان في "الثقات". وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وعشرين ومائتين. 246- عَبْد الملك بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سَلَمَةَ الماجِشُون2 -ن. ق: أبو مروان التيمي، مولاهم المدني الفقيه صاحب مالك.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 61"، الثقات لابن حبان "8/ 423"، ميزان الاعتدال "2/ 644"، التهذيب "6/ 372، 373". 2 الطبقات الكبرى "5/ 442"، التاريخ الكبير "5/ 424"، الجرح والتعديل "5/ 358"، تهذيب التهذيب "6/ 407-409".

روى عن: أبيه، ومالك بن أنس، وإبراهيم بن سعد، وخاله يوسف بن يعقوب الماجِشُون، ومسلم بن خالد الزَّنْجيّ، وغيرهم. وعنه: أبو حفص الفلاس، ومحمد بن يحيى الذُّهَلّي، وعبد الملك بن حبيب الفقيه، والزُّبَير بن بكّار، ويعقوب الفَسَويّ، وسعد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، وجماعة. قال مُصْعَب بن عبد الله: كان مفتي أهل المدينة في زمانه. وقال ابن عبد البَرّ: كان فقيهًا فصيحًا، دارت عليه الفُتْيا في زمانه، وعلى أبيه قبله. وكان ضريرًا، قيل: إنه عَمِيَ في آخر عُمره، وكان مُولَعًا بسَماع الغناء. وقال أحمد بْن المعذّل: كلّما تذكرت أنّ التُّراب يأكل لسان عبد الملك بْن الماجِشُون صَغُرت الدُّنيا في عيني. وكان ابن المعذّل من الفُصَحاء المذكورين، فقيل لَهُ: أين لسانك من لسان أستاذك عبد الملك؟ فقال: لسانه إذا تعايى أحيى من لساني إذا تحايى. وقال أبو داود: كان لا يعقل الحديث. قيل: تُوُفّي سنة اثنتي عشرة، وقيل: سنة ثلاث عشرة، وقيل: سنة أربع عشرة. وقد قال فيه يحيى بْن أكثم: كَانَ عبد الملك بحرًا لَا تكدّره الدِّلاء. 247- عبد الملك بن قُريب بن عبد الملك1 بن علي بن أصبغ بن مُظَهِّر بن عَبْد شمس بن أَعْيا بن سعد بن عبد بن غَنْم بن قُتَيْبَة بن مَعْن بن مالك بن أعصُر بن سعد بن قيس بن عَيْلان بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عدنان -د. ت. أبو سعيد الباهلي الأصمعي البصري، صاحب اللغة. قيل: اسم أبيه عاصم، ولَقَبُهُ قَريب. كان إمام زمانه في علم اللّسان.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 428"، الجرح والتعديل "5/ 363"، ميزان الاعتدال "2/ 662"، التهذيب "6/ 415-417".

روى عن: أبي عَمْرو بن العلاء، وقُرَّةَ بن خالد، ومِسْعَر بن كِدَام، وابن عَوْن، ونافع بن أبي نُعَيم، وسليمان التَّيْميّ، وشُعْبة، وبكّار بن عبد العزيز بن أبي بَكْرَة، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وَسَلَمَةَ بن بلال، وعمر بن أبي زائدة، وخلق. وعنه: أبو عُبَيدة، ويحيى بن مَعِين، وإسحاق المَوْصِليّ، وزكريا بن يحيى المِنْقَريّ، وَسَلَمَةُ بن عاصم، وعُمر بن شَبَّة، وعبد الرحمن بن عبد الله بن قُرَيب ابن أخي الأصمعيّ، وأبو حاتم السّجَسْتانيّ، وأبو الفضل الرِّياشّي، ونصر بن عليّ الْجَهْضميّ، وأبو العَيْناء، وأبو مسلم الكجّيّ، وأحمد بن عُبَيْد أبو عَصِيدة، وبِشْر بن مُوسى، وأبو حاتم الرازيّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وخلْق. روى عباس، عن ابن مَعِين: سمعتُ الأصمعيّ يقول: سمع منّي مالك بن أنس. وأثنى أحمد بن حنبل على الأصمعيّ في السُّنّة. وقال إسحاق المَوْصِليّ: دخلت عَلَى الأصمعيّ أَعُوده، وإذا قمطرٌ، فقلت: هذا عِلْمُكَ كلُّه؟ فقال: إنّ هذا من حَقٍّ لكثير. وقال ثعلب: قِيلَ للأصمعيّ: كيف حفِظتَ ونسي أصحابُك؟ قَالَ: درستُ وتركوا. وقال عُمَر بْن شَبَّة: سَمِعْتُ الأصمعيّ يَقُولُ: أحفظ ستّة عشر ألف أُرْجُوزة. وقال ابن الأَعْرابيّ: شهِدت الأصمعيَّ وقد أنشد نحو مائتي بيت، ما فيها بيتٌ عَرَفْناه. وقال الربيع: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: ما عَبَّر أحدٌ من العرب بأحسَنَ من عبارة الأصمعيّ. وقال أبو معين الحسين بن الحسن الرازي، سألت يحيى بْن مَعِين، عَنِ الأصمعيّ فقال: لم يكن ممّن يكذِب، وكان من أعلم النّاس في فنِّه. وقال أبو داود: صدوق. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّنْجِيُّ: سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ يَقُولُ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ النَّحْوَ أَنْ يَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ

"فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" 1؛ لأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَلْحَنُ، فَمَهْمَا رَوَيْتَ عَنْهُ وَلَحَنْتَ فِيهِ كَذَبْتَ عَلَيْهِ. وقال نصر بْن عليّ: كَانَ الأصمعيّ يتّقي أن يفسّر حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما يتّقي أن يفسّر القرآن. وقال إسحاق المَوْصِليّ: لم أَرَ الأصمعيّ يدَّعي شيئًا من العِلم، فيكون أحدٌ أعلَمَ بِهِ منه. وقال الرِّياشيّ: سَمِعْتُ الأخفش يَقُولُ: ما رأينا أحدًا أعلم بالشِّعْر من الأصمعي. وقال المبرِّد: كَانَ الأصمعيّ بحرًا في اللّغة لَا نعرف مثله فيها. وكان أبو زيد الأنصاريّ أكبر منه في النَّحْو. وقال الدّعلجيّ غلام أَبِي نُوَاس: قِيلَ لأبي نُوَاس: قد أُشْخِصَ أبو عُبَيدة والأصمعيّ إلى الرشيد. فقال: أمّا أبو عُبَيدة فإنّهم إن مكّنوه من سِفْره قرأ عليهم أخبار الأوّلين والآخِرين. وأمّا الأصمعيّ، فَبُلْبُلٌ يُطْربُهُم بنَغَماته. وقال أبو العَيْنَاء: قَالَ الأصمعيّ: دخلت أَنَا وأبو عُبَيْدة عَلَى الفضل بْن الربيع، فقال: يا أصمعيّ كم كتابُكَ في الخَيل؟ قلت: جلدٌ. فسأل أبو عُبَيْدة عَنْ ذَلكَ، فقال: خمسون جِلْدًا. فأمر بإحضار الكتابَيْن، وأحضر فرسًا، وقال لأبي عُبَيْدة: اقرأ كتابك حرفًا حرفًا، وضع يدك عَلَى موضع موضع. فقال: لست ببيطار، إنّما هذا شيء أخذْتُهُ وسمعته من العرب. فقمتُ فحسرتُ عَنْ ذراعي وساقي، "ثم وثبت" فأخذت بأذُن الفَرَس، ثم وضعت يدي عَلَى ناحيته، فجعلتُ أقبض منه بشيء وأقول: هذا اسمه كذا، وأنشد

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "108"، ومسلم "2"، وأحمد في المسند "3/ 203، 209" من حديث أنس ومن حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري "110"، ومسلم "3"، ومن حديث المغيرة: أخرجه البخاري "1291"، ومسلم "4". وفي الباب: عن عبد الله بن عمرو، والزبير بن العوام، وأبي سعيد وعلي وغيرهم من الصحابة.

فيه، حتّى بلغتُ حافِزَه. فأمر لي بالفَرَس. فكنت إذا أردت أن أغيظ أبا عُبَيدة ركبت الفَرَسَ وأتيته. وروى ابن دُرَيْد، عَنْ شيخٍ لَهُ، قَالَ: كَانَ الأصمعيّ بخيلًا، وكان يجمع أحاديث البُخَلاء. وقال محمد بْن سَلّام الْجُمَحيّ: كنّا مَعَ أَبِي عُبَيدة في جنازة، ونحن بقرب دار الأصمعيّ، فارتفعت ضجّة من دار الأصمعيّ، فبادر النّاس ليعرفوا ذَلكَ، فقال أبو عُبَيدة: إنّما يفعلون ذَلكَ عند الخُبْز، كذا يفعلون إذا فقدوا رغيفًا. وقال الأصمعيّ: بلغت ما بلغت بالعِلم، ونلت ما نلت بالمُلَح. وقد قَالَ لَهُ أعرابيّ رآه يكتب كلَّ شيء: ما أنت إلّا الحَفَظَة تكتب لَفْظ اللَّفظة. قلت: ومع كَثْرة طلبه واجتهاده كَانَ من أذكياء بني آدم وحفّاظهم. قَالَ أبو العبّاس ثعلب، عَنْ أحمد بْن عُمَر النَّحْويّ قَالَ: لما قدِم الحَسَن بْن سهل العراقَ قَالَ: أحبّ أن أجمع قومًا من أهل الأدب فيُبْحِرُون بحضرتي. فحضر أبو عُبَيدة مَعْمَر بْن المُثّنَّى، والأصمعيّ، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وحضرتُ معهم. فابتدأ الحَسَن فنظر في رِقاع كانت بين يديه ووقّع عليها، وكانت خمسين رقعة. ثم أمر فدُفعت إلى الخازن. ثم أقبل علينا وقال: قد فعلنا خيرًا، ونظرنا في بعض ما نرجو نفْعَه من أمور النّاس والرّعيّة، فنأخذ الآن فيما نحتاج إِلَيْهِ. فأفضنا في ذِكر الحُفّاظ، فذكرنا للزُّهْريّ، وقَتَادة، ومَرَرْنا، فالتفت أبو عُبَيْدة وقال: ما الغَرَضُ أيُّها الأمير في ذِكر ما مضى؟ وإنّما تعتمد في قولنا عَلَى حكايةٍ، عَنْ قوم، وتترك مَن بالحَضْرة ههنا من يَقُولُ: إنّه ما قرأ كتابًا قطّ، فاحتاج إلى أن يعود فيه، ولا دخل قلبه شيء فخرج عَنْهُ؟ فالتفت الأصمعيّ وقال: إنّما يريدني بهذا القول أيّها الأمير. والأمرُ في ذَلكَ عَلَى ما حكى، وأنا أُقرِّب عَلَيْهِ. قد نظر الأمير فيما نظر فيه من الرِّقاع، وأنا أعيد ما فيها، وما وَقَّع بِهِ الأمير عَلَى التّوالي. فأُحضِرت الرّقاع، فقال الأصمعيّ: سَأَلَ صاحب الرقعة الأولى كذا، واسمه كذا، فَوُقِّعَ لَهُ بكذا. والرقعة الثانية والثالثة، حتى مرّ في نيفٍ وأربعين رقعة، فالتفت إِلَيْهِ نصر بْن عليّ فقال: أيّها الرجل أَبْقِ عَلَى نفسك من العين. فكفّ الأصمعيّ.

وَرُوِيَ نحوها من وجهٍ آخر، وفيه فقال: حسْبُك السَّاعَةَ، واللهِ تقتلك الجماعة بالعَيْن، يا غلام خمسين ألف درهمٍ واحملوها معه. فقال: تنعّم بالحامل كما أنعمت بالمحمول. قَالَ: هُمْ لك، يعني الغلمان الذين حملوها إِلَيْهِ، ثم عوّضه عنهم بعشرة آلاف. قَالَ عَمْرو بْن مرزوق: رَأَيْت الأصمعيّ وسِيبَوَيْه يتناظران، فقال يونس النَّحْويّ: الحقُّ مَعَ سيبويه، وهذا يغلب بلسانه. وعن الأصمعيّ أنّ الرشيد أجازه مرّةً بمائة ألف درهم. وللأصمعيّ تصانيف كثيرة منها: كتاب خلق الْإِنْسَان، والمقصور والممدود، الأجناس، الأنواء، الصِّفات، الهَمْز، الخيل، القِداح، المَيْسِر، خلْق الفَرَس، كتاب الإِبِل، الشاء، الوحوش، الأخبية، البيوت، فَعَل وأفْعَلَ، الأمثال، الأضداد، الألفاظ بالسلاح، اللُّغات، مياه العرب، النوادر، أصول الكلام، القلب والإبدال، مَعاني الشِّعر، المصادر، الأراجيز، النَّخْلة، النّبات، ما اختلف لفْظُهُ واتفق معناه، غريب الحديث، السَّرْج واللِّجام، التّرْس والنِّبال، الكلام الوحشيّ، المذكَّر والمؤنَّث، نوادر الأعراب، وغير ذَلكَ من الكُتُب. وأكثر تصانيفه مختصرات. قال أبو العَيْناء: كنّا في جنازة الأصمعيّ سنة خمس عشرة. وقال شَبَاب: مات سنة خمس عشرة. وقال البخاريّ، ومحمد بن المُثَنَّى: مات سنة ست عشرة. وقيل: إنه عاش ثمانيًا وثمانين سنة. 248- عبد الملك بن نُصَيْر: أبو طَيْبة المُراديّ، مولاهم المصريّ، مُفْرِض أهل مصر في زمانه. قال ابن يونس: روى عن: اللَّيث، ومالك. وكذا في أولاده، علم الفرائض. توفي سنة إحدى عشرة، ويأتي.

249- عبد الملك بن هشام بن أيوب1: أبو محمد الذهلي، وقيل: الحميري المعافري البصري النحوي. نزيل مصر، ومهذب "السيرة النبوية"، سمعها من زياد بن عبد الله صاحب ابن إسحاق ونقّحها، وحذف جملة من أشعارها، وروى فيها مواضع عن: عبد الوارث المنتوري، وغيره. رواها عنه: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن البرقي، وأخوه عبد الرحيم، ومحمد بن الحسن القطان، وجماعة. وثّقه أبو سعيد بن يونس. وذكره أبو زيد السُّهَيْليّ فقال: هو حِمْيَريّ، له كتاب في أنساب حِمْيَر وملوكها. قلت: الأصحّ أنّه ذُهَليّ كما ذكر ابن يونس وقال: تُوُفّي بمصر في ثالث عشر ربيع الآخر سنة ثمان عشرة ومائتين. وقال السُّهَيليّ: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة، فوهِم أيضًا. وقد سَمِعْتُ السيرة من روايته، فأخبرنا بها أبو المعالي الأبرقوهيّ. قرأتها في ستّة أيّام في النّهار الطّويل. أَنَا عبد القويّ بْن عبد العزيز السَّعْديّ، أَنَا عبد الله بْن رفاعة السّعْديّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْخُلَعِيُّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْن النّحّاس، أَنَا أبو محمد بْن الورد، أَنَا أبو سعيد عبد الرحيم بْن عبد الله بْن عبد الرحيم، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ، ثنا زِيَادُ بْن عبد الله، عَنِ ابن إسحاق، فذكر الكتاب. وكان ابن هشام نَحْويًّا أديبًا إخباريًا فاضلًا، رحمه اللَّه. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: حدّثني أبو العبّاس عُبَيد اللَّه بْن محمد المُطَّلبيّ، بالرمْلَة، عَنْ زكريا بْن يحيى بْن حَيَّوَيْه: سَمِعْتُ المُزَنيّ يَقُولُ: قدِم علينا الشافعيّ، وكان بمصر عبد الملك بْن هشام صاحب "المغازي". وكان علّامة أهل مصر بالعربية والشعر. فقيل لَهُ في المصير إلى الشّافعيّ، فتثاقل، ثم ذهب إِلَيْهِ فقال: ما ظننتُ أن الله خلق مثل الشافعي.

_ 1 سيرة ابن هشام "المقدمة"، سير أعلام النبلاء "10/ 428، 429".

250- عبد الوهّاب بن عطيّة وهو وهْب بن عطية الفقيه1 -ن. ق: أبو محمد السلمي الدمشقي، أحد الأئمة. منسوب إلى جدّه. واسم أبيه سعيد بن عطّية. سمع: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وسُفيان بن عُيَيْنَة، وشَبِيب بن إسحاق، وطائفة. وعنه: العبّاس بن الوليد الخلال، ويحيى بن عثمان الحمصيّ، وعبد الله الدّارميّ، وآخرون. قال أبو زُرْعة النّضْريّ: شهدت جنازة عبد الوهاب بن سعد بن عطية المفتي الذي يقال له: وهْب في سنة ثلاث عشرة ومائتين. 251- عُبَيد الله بن الحارث بن محمد بن زياد القُرَشّي2: شيخ مُعَمَّر، لم يلحق جدّه. وروى عن: ابن عَوْن، وهشام بن حسّان، وابن أبي عَرُوبة، وجماعة. وعنه: عثمان بن طالوت، وأبو حاتم الرازيّ. قال أبو حاتم: صدوق. 252- عُبَيد الله بن عبد الواحد بن صبره القُرَشيّ3: بصري معمّر. قال ابن أبي حاتِم: روى عن: أشعث بن عبد الملك، وعمرو بن عبيد. كتب عنه: أبي أيام الأنصاري. 253- عُبَيْد الله بن موسى بن أبي المختار، بَاذَام4: أبو محمد العبسي، مولاهم الكوفي الحافظ المقرئ الشيعي.

_ 1 تاريخ دمشق "25/ 208". 2 الجرح والتعديل "5/ 312". 3 الجرح والتعديل "5/ 324". 4 الطبقات الكبرى "6/ 400"، التاريخ الكبير "5/ 401"، الجرح والتعديل "5/ 334، 335"، التهذيب "7/ 50-53".

وُلِد بعد العشرين ومائة، وسمع: هشام بن عُرْوة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة، وحنظلة بن أبي سفيان المكي، وأيمن بن نابل، وابن جريج، وشيبان النحوي، وعثمان بن الأسود، والأوزاعي، ومعروف بن خربوذ، وخلقا. وعنه: خ، وع. بواسطة، وأحمد بْن حنبل، وابن راهوَيْه، وابن مَعِين، وعَبْد بْن حُمَيْد، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وابن نُمير، وأحمد بْن غَرَزَة الغِفاريّ، وعبّاس الدُّوريّ، والحارث بْن أَبِي أُسامة، والدّارميّ، ومحمد بْن سليمان الباغَنْديّ، والكُدَيْميّ، وخلْق كثير. قال ابن معين، وغيره: ثقة. قال أبو حاتم: ثقة صَدُوق، وأبو نُعَيْم أتقن منه، وعُبَيد الله أثبتهم في إسرائيل. وقال أحمد بن عبد الله العِجْليّ: كان عالمًا بالقرآن، رأسًا فيه. ما رأيته رافعًا رأسه. وما رؤيّ ضاحكًا قطّ. وقال أبو داود: كان مُحْتَرقًا شِيعيًا. وقال أبو الحسن الميمونيّ: ذُكر عند أحمد بْن حنبل عُبَيْد اللَّه بْن موسى فرأيته كالمُنْكِر لَهُ. قَالَ: كَان صاحب تخليط. حَدَّث بأحاديث سَوْء، وأخرج تِلْكَ البلايا، فحدَّث بها. قَالَ أبو عَمْرو الدّانيّ، قرأ عَلَى: عيسى بْن عُمَر الهَمْدانيّ، وعليّ بْن صالح بْن حيّ. وأخذ الحروف عَنْ حمزة، وعن الكِسائيّ، وعن شيبان النحوي. وتصدر للإقراء. قرأ عَلَيْهِ: إبراهيم بْن سليمان، وأيّوب بْن عليّ، ومحمد بن عبد الرحن، وأحمد بْن جُبَيْر. وسمع منه الحروف: محمد بْن عليّ بْن عفّان العامريّ، وهارون بْن حاتم، وجماعة. واقرأ الناس في مسجد الكوفة. قلت: هو من كبار شيوخ البخاريّ. قال ابن سَعْد: تُوُفّي في ذي القِعْدة سنة ثلاث عشرة.

قلت: غلط من قال: تُوُفّي سنة أربع عشرة. وقد أخذ القرآن والعبادة عن حمزة الزيات. وكان صاحب تعبُّد وفَضْل وزهادة، عفا الله عنه. 254- عُبَيْدُ بن إسحاق العطّار1: أبو عبد الرحمن الكوفيّ، عطّار المطَّلقات. عن: قيس بن الربيع، وزهير بن معاوية، وشَريك، وسيف بن عمر التَّميميّ، وسِنان بن هارون البُرْجُميّ، وغيرهم. وعنه: ميمون بن الأصبغ، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن عَوْف الحمصيّ، ويحيى بن محمد بن حُريش، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم وقال: ما رأينا إلا خيرًا، ولم يكن بذاك. وعنه أيضًا: الحسن بن عليّ بن زياد الرازيّ شيخ العُقَيْليّ. ضعّفه ابن مَعِين وقال: قلت له: هذه الأحاديث التي تحدّث بها باطل. فقال: اتق الله ويْحَك. فقلت له: هي باطل. وقال البخاري: عنده مناكير. قلت: ومن مناكيره قَالَ: ثنا قَيْسٌ، عَنْ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ حَدِّثْنِي عَنْ رَبِّكَ هَذَا. أَوَ مِنْ لُؤْلُؤٍ هُوَ؟ قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ صَاعِقَةً فَأَحْرَقَتْهُ2. قال ابن حِبّان: تُوُفّي سنة أربع عشرة ومائتين. 255- عُبَيدُ بنُ الصّبّاح الكوفيّ الخزاز3: عن: عيسى بن طَهْمان، وموسى بن عليّ بن رباح، وفُضَيْل بن مرزوق، وكامل بن أبي العلاء، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "5/ 441"، الجرح والتعديل "5/ 401، 402"، المجروحين لابن حبان "2/ 176"، الميزان "3/ 18". 2 حديث منكر: أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1986". 3 الجرح والتعديل "5/ 408"، ميزان الاعتدال "3/ 202"، لسان الميزان "4/ 119".

وعنه: موسى بن عبد الرحمن المَسْروقيّ، وأحمد بن يحيى الصُّوفّي. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. 256- عُبَيد بن حيّان الْجُبَيليّ السّاحليّ1: عن: الأوزاعيّ، واللَّيث بن سعد، وابن لَهِيعَة. وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقيَ، ومحمد بن عَوْف الطائي، ويزيد بن عبد الصّمد، وغيرهم. قال ابن عَوْف: لَا بأس به. 257- عبيدةُ بنُ عثمان الثقفيّ الدّمشقيّ2: أحد الفُقهاء. روى عن: مالك، وسعيد بن عبد العزيز. روى عنه: عباس بن الوليد، ومعاوية بن صالح الأشعري، ومحمد بن عمر الدولابي. 258- عبيس بن مرحوم بن عبد العزيز العطار3: مولى آل معاوية بن أبي سفيان. بصري مقل. روى عن: أبيه، وعن عبد العزيز بن عبّاس بن سهل السّاعديّ، وغيرهما. وعنه: ابنه بِشْر، والحَسَن بن عَرَفَة، والبصْريّون. ذكره ابن حِبّان في "الثقات". 259- عتاب بن زياد4 -ق: أبو عمرو المروزي.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 405"، الثقات لابن حبان "8/ 433". 2 التاريخ الكبير "7/ 78"، الجرح والتعديل "7/ 34"، الثقات لابن حبان "8/ 524". 3 الجرح والتعديل "7/ 34". 4 الجرح والتعديل "7/ 13"، الثقات لابن حبان "8/ 522"، تهذيب التهذيب "7/ 92".

عن: أبي حمزة محمد بن ميمون السُّكَّريّ، وخارجة بن مُصْعَب، وعُبَيْد الله بن المبارك، ومحمد بن مسلم الطّائفيّ. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن مَعِين، وأبو حاتم، والصَّنَعانيّ، والحسين بن الْجُنَيْد الدَّامغانيّ، وإبراهيم بن عبد الرّحيم بن دَنُوقا، وطائفة. قال أبو حاتم: ثقة. وقال مُطَيِّن: مات سنة اثنتي عشرة. قلت: روى له ق. حديثًا واحدًا. 260- عثمان بن حكيم بن ذبيان1 -ن: أبو عمرو الأودي الكوفي، أخو عثمان بن حكيم. عن: الحسن بن صالح بن حيّ، وشَرِيك القاضي، وحبّان بن عليّ. وعنه: ولده أحمد بن عثمان، ومحمد بن الحسين الحسينيّ. قال مُطّين: تُوُفّي سنة تسع عشرة. 261- عثمان بن رقاد البصْريّ2: إمام مسجد بني عُقَيل. عن: الحسن بن أبي جعفر، وأبي هلال، وسُوَيْد بن أبي حاتم، والخليل بن مُرَّة. وعنه: إسحاق بن سَيَّار، وأبو حاتم الرازيّ. 262- عثمان بن زُفر بن مزاحم بن زفر3 -ت. ن: وقيل: عثمان بن زُفَر بن علاج التَّيْميّ الكوفي. عن: عاصم بن محمد العُمَريّ، ويعقوب القُمّيّ، وقيس بن الربيع، وزهير بن

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 410"، الجرح والتعديل "6/ 147"، ميزان الاعتدال "3/ 32"، تهذيب التهذيب "7/ 111". 2 الجرح والتعديل "6/ 150". 3 الطبقات الكبرى "6/ 411"، التاريخ الكبير "6/ 222"، الجرح والتعديل "6/ 150"، الثقات لابن حبان "8/ 453"، التهذيب "7/ 116".

معاوية، وعبد العزيز بن الماجِشُون، وأبي بكر النَّهْشَليّ، وجماعة. وعنه: إبراهيم الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، وأحمد الرماديّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، ويعقوب الفَسَويّ، وخلْق. قال أبو حاتم: صدوق. وقال مُطَيِّن: مات في ربيع الآخر سنة ثمان عشرة ومائتين. وقد وهِم ابنُ سَعْد وقال فيه: عثمان بن زُفَر بن الهُذَيل. - أمّا عثمان بْن زُفَر الْجُهَنيّ الدّمشقيّ1 فكان في حدود الثلاثين ومائة. لَهُ حديثان. روى عَنْهُ: مَعْمَر، وبقيّة بْن الوليد. 263- عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القُرَشيّ2 -د. ن. ق: مولى بني أميّة. أبو عَمْرو الحمصيّ. عن: حَرِيز بن عثمان، وحسّان بن نوح، وشُعيب بن أبي حمزة، وأبي غسّان محمد بن مطِّرف، ومعاوية بن سلام، وجماعة. وعنه: ولداه عَمْرو ويحيى، وأحمد بن محمد بن المغيرة العَوْهيّ، وعبّاس التُّرْقُفيّ، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، وآخرون. وثقة أحمد، وابن مَعِين. وقال عبد الوهاب بن نجدة: كان يقول: هو من الأبدال. قلت: بقي إلى حدود العشرين. 264- عثمان بن صالح بن صفوان السهميّ المصريّ3. أبو يحيى: عن: مالك، واللَّيث، والزَّنْجيّ، وابن لَهِيعَة، وضَمْرة بن ربيعة، وبكر بن مضر، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 222"، الجرح والتعديل "6/ 150"، الثقات لابن حبان "8/ 449". 2 الجرح والتعديل "6/ 152"، الثقات لابن حبان "8/ 449"، تهذيب التهذيب "7/ 118". 3 التاريخ الكبير "6/ 228"، الجرح والتعديل "6/ 145"، الثقات لابن حبان "8/ 453"، تهذيب التهذيب "7/ 122".

وعنه: خ. ون. ق. عَنْ رجلٍ عَنْهُ، ويحيى بْن مَعِين، وحُمَيْد بْن زَنْجُوَيْه، وإسماعيل سَمُّوَيْه، ومالك بْن عبد الله بْن سيف التُّجَيبيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وابنه يحيى بْن عثمان، وخلْق. قال أبو حاتم: كان شيخًا صالحًا سليم النّاحية. قيل له: كان يلّقن؟ قال: لَا. وقال ابن حِبّان: كان راويًا لابن وهْب. وقال ابن يونس: مات في المحرَّم سنة تسع عشرة. قَالَ أحمد بْن محمد بْن الحَجّاج بْن رِشْدِين: سألت أحمد بْن صالح، عَنْ عثمان بْن صالح، فقال: دعْه. دعْه. رأيته عند أحمد متروكًا. 265- عثمان بن الهيثم بن جَهْم بن عيسى بن حسّان بن المنذر1: وهو الأَشَجّ البصْريّ العبْديّ، أبو عَمْرو المؤذِّن، مؤذّن جامع البصرة. عن: عَوْف، وابن جُرَيْج، ورؤبة بن الحَجّاج، وهشام بن حسّان، وجعفر بن الزُّبَيْر الشّاميّ، ومبارك بن فَضَالَةَ. وعنه: خ. وأسيد بْن عاصم، ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن عثمان الذارع، والحارث بن أبي أسامة، وأبو مسلم الكجي، وأبو خليفة الجمحي، وهو آخر من روى عنه، ومحمد بن زكريا الأصبهاني، وخلق. قال أبو حاتم: كان صدوقا، غير أنّه كان بآخره يلقن. وقال أبو داود: مات في حادي عشر رجب سنة عشرين. 266- عثمان بن يمان2 -ن. أبو محمد الحداني الهروي اللؤلؤي، نزيل مكّة: عن: موسى بن عليّ بن رباح، وسُفيان الثَّوريّ، وأبي المقدام هشام بن زياد، وزمعة بن صالح، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 256"، الجرح والتعديل "6/ 172"، الثقات لابن حبان "8/ 453"، تهذيب التهذيب "7/ 157". 2 الطبقات الكبرى "5/ 501"، التاريخ الكبير "6/ 256"، الجرح والتعديل "6/ 173"، الثقات لابن حبان "8/ 450".

وعنه: أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وأحمد بن نصر النَّيْسابوريّ، وعبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة، وعبد الله بن شَبِيب، والكُدَيْميّ، وطائفة. قال ابن حِبان: ربّما أخطأ. قلت: له حديث واحد في كتاب النَّسائيّ. 267- عُرْوة بن مروان1. أبو عبد الله العِرْقيّ الطَّرَابُلُسيّ الزاهد حدَّث بمصر عن: زُهَير بن معاوية، وموسى بن أَعْيَن. وعنه: يونس بن عبد الأعلى، وسعيد بن عثمان التنوخي، وخير بن عرفة. قال الدارقطني: شيخٍ أمي ليس بالقوي. وقال غيره: كان عابدا ورعا يتقوت من النبات، رحمه الله. وهو عروة بن مروان الرقي الجرار، يروي أيضا عن: محمد بن عبد الله المُحْرِم، وإسماعيل بن عيّاش، وعُبَيْد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ. وعنه: أيّوب بن محمد الوزّان. ومنهم من فَرَّقَ بينهما. 268- عصام بن خالد2: أبو إسحاق الحضرمّي الحمصيّ. عن: حَرِيز بْنُ عُثْمَانَ، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَحَسَّانُ بْنُ نوح، وأرطأة بن المنذر، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، وجماعة. وعنه: خ. وهو من كبار شيوخه، وأحمد بن حنبل، وحُمَيْد بن زَنْجُوَيْه، ومحمد بن عوف الطّائّي، ومحمد بن مسلم بن وَارة، وآخرون. قال النسائيّ: ليس به بأس. وقال البخاريّ: مات ما بين سنة إحدى عشرة إلى سنة خمس عشرة ومائتين.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 398"، ميزان الاعتدال "3/ 64، 65"، لسان الميزان "4/ 164، 165". 2 التاريخ الكبير "7/ 71"، الجرح والتعديل "7/ 26"، الثقات لابن حبان "7/ 301"، التهذيب "7/ 194، 195".

269- عصام بن يوسف بن ميمون بن قُدامة1: أبو عصمة الباهليّ البلْخيّ، أخو إبراهيم بن يوسف. عن: شعبة، وسُفْيان الثَّوريّ، وغيرهما. وعنه: مَعْمَر بن محمد العَوْفيّ، وإسماعيل بن محمد الفَسَويّ، ومحمد بن عبد بن عامر السَّمَرْقَنْديّ الضَّعيف، وابنه عبد الله بن عصام، وآخرون. وكان هو وأخوه شيخَيْ بلْخ في زمانهما. تُوُفّي سنة خمس عشرة ببلْخ. قال ابن عدّي: له عن الثَّوريّ ما لَا يُتابع عليه. 270- عصمة بن سليمان الكوفيّ الخزّاز2: عن: شُعْبة، وسُفيان، وجرير بن حازم. وعنه: أبو حاتم الرازيّ، والحارث بن أبي أُسامة، وأبو مسلم الكَجّيّ. قال أبو حاتم: ما به بأس. "مطلب ترجمة عفّان شيخ أحمد والبخاري": 271- عَفّانُ بن مسلم بن عبد الله3 -ع: مولى عَزْرَة بن ثابت الأنصاريّ، أبو عثمان البصْريّ الصّفّار، الحافظ، نزيل بغداد. وُلِد سنة أربعٍ وثلاثين ومائة تقريبًا أو تحديدًا، وسمع سنة نيفٍ وخمسين ومائة فأكثر. حَدَّث عن: شُعْبة، وهَمَّام، والحَمَّادَيْن، وهشام الدَّسْتُوائيّ، ووهيب، وصخر بن جويرية، وديلم بن غزوان، وطائفة.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 379"، الجرح والتعديل "7/ 26"، الثقات لابن حبان "8/ 521"، الميزان "4/ 168". 2 الجرح والتعديل "7/ 20، 21". 3 الطبقات الكبرى "7/ 298"، التاريخ الكبير "7/ 72"، الجرح والتعديل "7/ 30"، ميزان الاعتدال "3/ 81، 82".

وعنه: خ. وع. عن رجل عنه، وأحمد بْن حنبل، وإسحاق بْن راهوَيْه، وابن المَدِينيّ، وابن مَعِين، والفلّاس، وأبو بَكْر بْن أَبِي شيبة، والذُّهَليّ، وعَبْد، وعبد اللَّه بْن أحمد الدَّوْرقيّ، وأبو زُرْعة الدِّمشقيّ، وأبو حاتم، وأبو زُرْعة الرازيّ، وعليّ بْن عبد العزيز، وخلْق. قَالَ يحيى القطّان: إذا وافقني عفّان لَا أبالي مَن خالفني. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، وَهِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَفَعَه شُعْبَةُ: "يَقْطَعُ الصَّلاةَ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ" 1. قَالَ الفلّاس: فقال لَهُ عفّان: ثنا همّام، عَنْ قَتَادة، عَنْ صالح أَبِي الخليل، عَنْ جابر بْن زيد، عَنِ ابن عبّاس فبكى يحيى وقال: اجترأتَ عليَّ، ذهب أصحابي خَالِد بْن الحارث، ومُعاذ بْن مُعاذ. قَالَ أحمد العِجْلي: عفّانٌ بصْريٌ ثقة، ثَبْت، صاحب سُنّة. كَانَ عَلَى مسائل مُعاذ بْن مُعاذ القاضي، فجُعل لَهُ عشرة آلاف دينار عَلَى أن يقف عَلَى تعديل رجلٍ فلا يَقُولُ عدلًا ولا غير عدل، فأبى. وقال: لَا أُبطل حقًّا من حقوق اللَّه. وكان يَذْهب برقاع المسائل إلى الموضع البعيد يسأل. فجاء يومًا إلى مُعاذ وقد تلطّخت بالنّاطف. قَالَ: ما هذا؟ قَالَ: إنّي أبعد فأجوع، فأخذت ناطفًا في كُمّي أكلته. وقال عبد الله بْن جعفر المَرْوَزيّ: سَمِعْتُ عَمْرو بْن عليّ يَقُولُ: جاءني عفّان فقال: عندك شيء نأكله؟ فما وجدت شيئًا، فقلت: عندي سَوِيق شعير. فقال: أخرِجه. فأخرجته فأكل أكْلا جيدًا، وقال: ألا أخبرك بأُعْجُوبة. شهِد فلانٌ وفُلان عند القاضي بأربعة آلاف دينار عَلَى رَجُل. فأمرني أن أسأل عنهما. فجاءني صاحب

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "703"، والنسائي "750"، وابن ماجه "949"، وأحمد في المسند "1/ 347"، وابن حبان في صحيحه "2387"، والبيهقي في السنن "2/ 374".

الدَّنانير فقال لي: لك من هذا المال نصفه وتعدِّل شاهدي؟. فقلت: استجبت لك، وشُهودُهُ عندنا غير مستورين. وقال حنبل: حضرتُ أبا عبد الله وابن معين عند عفّان بعدما دعاه إسحاق بْن إبراهيم، يعني نائب بغداد للمحنة، وكان أوّل من امتُحِن من النّاس عفّان، فسأله يحيى بْن مَعِين فقال: أخبِرْنا. فقال: يا أبا زكريّا لَمْ أُسَوِّد وجهك ولا وجوه أصحابك، أيْ لم أُجِبْ. فقال لَهُ: فكيف كَانَ؟ قَالَ: دعاني إسحاق، فلمّا دخلت عَلَيْهِ قرأ عليّ كتاب المأمون، فإذا فيه: امتحِنْ عفَّان وادْعُهُ إلى أن يَقُولُ: القرآن كذا وكذا. فإن قَالَ ذَلكَ فأقِرَّه عَلَى أمره، وإلّا فاقطع عَنْهُ الَّذِي يجري عَلَيْهِ، وكان المأمون يُجري عَلَيْهِ خمسمائة دِرهم كلَّ شهر. قَالَ: فقال لي إسحاق: ما تَقُولُ؟ فقرأت عَلَيْهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] حتى ختمتُها. فقلت: أمخلوقٌ هذا؟. قَالَ: يا شيخ إنَّ أمير المؤمنين يَقُولُ: إنّك إن لم تُجِبْه يقطع عنك ما يجري عليك. فقلت لَهُ: يَقُولُ اللَّه تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] فسكتَ وانصرفت. فَسُرَّ بذلك يحيى بْن مَعِين، وأحمد، ومَن حضَر. وقال إبراهيم بْن دِيزِيل: لما دُعي عفّانُ للمحنة كنت آخذًا بلجام حماره، فلما حضر عُرِض عَلَيْهِ القول فامتنع، فقيل لَهُ: يُحبس عطاؤك، وكان يُعطى ألف دِرهم كلّ شهر، فقال: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] . قَالَ: وكان في داره نحو أربعين إنسانًا. فَدَقّ عَلَيْهِ الباب داقّ، فدخل عَلَيْهِ رَجُل شبهته بسمان أو زيات، ومعه ألف درهم، فقال: يا أبا عثمان ثبّتك اللَّه كما ثبّت الدِّين، وهذا لك في كلّ شهر، يعني الألف. وقال جعفر بْن محمد الصّائغ: اجتمع عفّان، وعليّ بْن المَدِينيّ، وأبو بَكْر بْن

أَبِي شَيْبة، وأحمد بْن حنبل، فقال عفّان: ثلاثة يُضَعَّفون في ثلاثة: عليّ بْن المَدِينيّ في حماد بن زيد، وأحمد في إبراهيم بْن سعْد، وابن أَبِي شَيْبة في شَرِيك. فقال عليّ: وعفّان في شُعْبة. قلت: هذا عَلَى وجه المزاح، وإلّا فهؤلاء ثِقات في شيوخهم المذكورين سيّما عفّان في شُعْبة، فإنّ الحسين بْن حبّان قَالَ: سألت ابن مَعِين فقلت: إذا اختلف أبو الوليد وعفّان عن شُعْبة؟ قَالَ: القول الصّواب قول عفّان. قلت: وأبو نُعَيْم وعفّان؟ قَالَ: عفّان أثبت. وقال أحمد بْن حنبل: عفّان، وحِبّان، وبَهْز هَؤُلّاءِ المتثبّتون، وإذا اختلفوا رجعت إلى قول عفّان، هُوَ في نفسي أكبر. وقال الحسن الحلوانيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين: كَانَ عفّان، وبَهْز، وحِبّان يختلفون إليّ، فكان عفّان أضبط القوم وأمكرهم. عملت مرّة عليهم في شيء فما فطِن بِهِ إلّا عفّان. وذُكِر عفّان عند عليّ بْن المَدِينيّ فقال: كيف أذكر رجلًا إذا شكّ في حرف فيضرب عَلَى خمسة أسطر؟. وسئل أحمد بْن حنبل: مَن تابع عفّان عَلَى الحديث الفُلانيّ؟ فقال: وعفّان يحتاج إلى مُتَابِع؟ وقال يعقوب بْن شَيْبة: سَمِعْتُ ابن مَعِين يَقُولُ: أصحاب الحديث خمسة: مالك، وابن جُرَيْج، والثَّوريّ، وشُعْبة، وعفّان. قلت: مالك أفقهُهُم، وابن جُرَيْج أعرفهم بالتّفسير، والثَّوْريّ أحفظهم وأكثرهم رواية، وشُعْبة أتْقنهم وأوثقهم شيوخًا، وعفّان مختصر شُعْبة، فإنّه كَانَ متعنِّتًا في الرجال، كثيرَ الشَّكَّ والضَّبْط للخطّ. يكتب ثم يعرض عَلَى الشيخ ما سمعه. قَالَ عليّ بْن المَدِينيّ: أبو نُعَيم وعفّان لَا أقبل قولهما في الرجال. لَا يَدَعُونَ أحدًا إلّا وقعوا فيه. وقال ابن مَعِين: عبد الرحمن بْن مهديّ أحفظ من عفّان، ولم يكن من رجال عفّان في الكتاب. وكان عبد الرحمن أصغر منه بسنتين.

وقال عبد الرحيم بْن منيب: قَالَ عفّان: اختلف يحيى بْن سعيد وعبد الرحمن في الحديث، فَبَعثا إليَّ، فقال عبد الرحمن: أقول شيئًا وتسأل عفّان. فقال يحيى: ما أجد أكره إلي أن يخالفني من عفان. فقال عفان: وخالفتهما، فنظر يحيى في كتابه فوجد الأمر عَلَى ما قلت. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: لزِمنا عفّان عشْرَ سِنين، وكان أثبت من عبد الرحمن بْن مهديّ. وقال أبو حاتم: عفّان إمام، ثقة، متقن، متين. وقال جعفر بْن أَبِي عثمان الطّيالِسيّ: سَمِعْتُ عفّان يَقُولُ: يكون عند أحدهم حديث فيُخْرجه بالمقرعة. كتبتُ عَنْ حمّاد بْن سَلَمَةَ عشرة آلاف حديث ما حَدّثتُ منها بألفَيْن. وكتبتُ عَنْ عبد الواحد بْن زياد ستّة آلاف حديث ما حَدَّثتُ منها بألف. وكتبتُ عَنْ وُهَيْب أربعة آلاف حديث ما حدّثتُ منها بألف. قلت: ومع حِفِظه وإمامته واتّفاق كُتُب الإسلام عَلَى الاحتجاج بِهِ قد تُكُلِّمَ فيه، وتبارَدَ ابن عديّ بذِكره في كتاب "الضُّعفاء". لكنّه ما ذكره إلّا ليُبطِل قول من ضَعَّفه. فإنّ إبراهيم بْن أَبِي داود قَالَ: سَمِعْتُ سليمان بْن حرب يَقُولُ: ترى عفّان كَانَ يضبط عَنْ شُعْبة، والله جهد جهده أن يضبط عَنْ شعبة حديثًا واحدًا ما قدر عَلَيْهِ. كَانَ بطيئًا رديء الفَهْم. قَالَ ابن عديّ: عفّان أشهر وأوثق من أن يُقال فيه شيء. ولا أعلم لَهُ إلّا أحاديث مَرَاسيل، عَنْ حمّاد بْن سَلَمَةَ، وغيره وصَلَهَا، وأحاديث موقوفة رفعها، وهذا ممّا لَا يُنْقِصه، فإنّ الثّقة قد يهمّ. وعفّان قد رحل إِلَيْهِ أحمد بْن صالح من مصر، وكانت رحلته إِلَيْهِ خاصّةً دون غيره. الْفَسَوِيُّ في تاريخه: قَالَ سَلَمَةُ، هُوَ ابن شَبِيب: قلت لأحمد بْن حنبل: طلبتُ عفّان في منزله قَالُوا: خرج، فخرجتُ أسأل عَنْهُ، فقيل: تَوَجَّه هكذا. فجعلت أمضي وأسأل عَنْهُ حتّى انتهيتُ إلى مقبرة، وإذا هُوَ جالس يقرأ عَلَى قبر بِنْت أخي ذي الرئاستين، فبزقتُ عَلَيْهِ. وقلت: سَوْءة لك. قَالَ: يا هذا، الخُبْزَ الخُبْز. قلت: لَا أشْبَعَ اللَّهُ بطنك.

وقال لي أحمد بْن حنبل: لَا تَذْكُرنّ هذا، فإنه قد قام في المِحنة مقامًا محمودًا عَلَيْهِ، ونحو هذا من كلام. قَالَ الحسن الحلواني: قلت لعفّان: كيف لم تكتب عَنْ عِكْرمة بْن عمّار؟ قَالَ: كنت قد ألححت في طلب الحديث فأضَرّ ذَلكَ بي، فحلفتُ أن لَا أكتب الحديث ثلاثة أيام، فقدم عكرمة في تلك الثلاثة أيام، فحدَّث ثم خرج. ابْنُ عَدِيٍّ: ثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ، نَا عفان، نا همام: ثنا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولا"1. وكان بسام لقبه هَمّامًا، فلما فرغه قال بسام: والله ما حدثكم بهذا همام، ولا حدثه قتادة هماما. فتفكّر في نفسه وعلم أنّه أخطأ، فمدّ يده إلى لحية بسّام وقال: أدعو إلى صاحب الربْع يا فاجر. قَالَ: فما خلّصوه منه إلا بالجهد. وقال ابن مَعِين، وأبو خيثمة: أنكرنا عفّان في صفر سنة تسع عشرة، وفي رواية سنة عشرين، ومات بعد أيام. وقال محمد بن عبد الله المُسبّحي: مات عفّان في ربيع الآخر سنة عشرين. وقال أبو داود: شهدت جنازته ببغداد ولم أسمع منه. قلت: غلظ من ورّخه سنة تسع عشرة. 272- عليّ بن إسحاق السُّلَميّ2 -ت: مولاهم المَرْوَزيّ الدّارَكانيّ، أبو الحَسَن. عن: أبي حمزة السُّكَّريّ، والفضل السِّينانيّ، وابن المبارك. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بن الفرات، وأحمد بن الخليل البرجلاني،

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أحمد في المسند "5/ 42"، من طريق عفان بلفظ مختلف، ومن طريق آخر: أخرجه أبو داود "2588"، والترمذي "2163" وأحمد في المسند "3/ 300"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود "2588". 2 الطبقات الكبرى "7/ 376"، التاريخ الكبير "6/ 262"، الجرح والتعديل "6/ 174"، الثقات لابن حبان "8/ 461".

وعبّاس الدُّوريّ، وموسى بن حزام التِّرمِذيّ، وآخرون. وثقه النَّسائيّ، وغيره. وقال أبو رجاء محمد بن حَمْدَوَيْه: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة ومائتين. 273- عليّ بن إسحاق بن إبراهيم1. أبو الحَسَن الحنظلّي السَّمَرقنْديّ: عن: إسماعيل بن جعفر المدنيّ، وعبد الله بن المبارك، وجماعة. عنه: أبو حاتم الرازيّ، ومحمد بن كرّام شيخ الكرّامية، وآخرون. تُوُفي أيضًا سنة ثلاث عشرة، كما قيل. 274- عليّ بن ثابت الدّهّان الكوفيّ العطّار2 -ق: عن: سَوّاد بن سليمان، وأبي بكر النَّهْشَليّ، وأسباط بن نصر، وعليّ بن صالح بن حيّ، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن أبي غَرَزَة الغِفَاريّ، وعبد الله بن أسامة الكلبيّ، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن عُبَيد بن عُتْبة الكِنْديّ، ومحمد بن الحُسين الحسنيّ، وجماعة. ذكره ابن حِبّان في "الثّقات". قال مُطَيِّن: تُوُفّي سنة تسع عشرة ومائتين. 275- عليُّ بنُ جَبَلَة3: أبو الحسن الكوفيّ الحضرميّ. روى عن: سالم بن أبي مريم، وغيره. وهو مقل.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 175"، الثقات لابن حبان "8/ 466"، تهذيب الكمال "2/ 955"، تهذيب التهذيب "7/ 283". 2 التاريخ الكبير "6/ 264"، الجرح والتعديل "7/ 177"، الثقات لابن حبان "8/ 457"، الميزان "3/ 116"، التهذيب "7/ 289". 3 التاريخ الكبير "6/ 265"، الجرح والتعديل "6/ 77"، الثقات لابن حبان "8/ 457".

روى عنه: أبو قدامة السَّرْخَسيّ، وعليّ بن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ، وغيرهما. 276- علي بنَ جَبلة1. أبو الحسن الضّرير، الشّاعر الملقّب بالعَكَوَّك: شاعر مُحسِن، مقدَّمٌ في زمانه. مدح المأمون والأمير أبا دُلَف العِجْليّ، وسارت له أمثال وأشعار. أخذ عنه: الجاحظ، وأبو عصيدة بن عُبَيْد، وغيرهما. وكان آخر أمره إلى الهلاك. فإنّ المأمون أمر بِهِ فشُدَّ لسانُهُ، فمات. وقال: أستحِلّ دمَك بكُفْرك حيث تَقُولُ: أنت الَّذِي تُنْزل الأيّامَ منزِلَها ... وتنقل الدَّهرَ من حالٍ إلى حالِ وما مددتَ مَدَى طرفٍ إلى أحدٍ ... إلّا قضيتُ بأرزاقٍ وآجالِ أَخْرِجوا لسانه من قفاه. ذكره ابن خلّكان. والعَكَوّك القصير السَّمين. تُوُفّي سنة ثلاث عشرة أيضًا. 277- عليّ بن الحسن بن شقيق بن دينار بن مشعب2 -ع: أبو عبد الرحمن العبدي. مولى آل الجارود العبْديّ. وكان شقيق بصْريًّا. نزل مَرْو. سمع: علي بنَ الحُسَين بن واقد، وأبي حمزة السُّكَّريّ، وأبا المنيب عُبَيد الله العَتَكّي، وإبراهيم بن طَهْمان، وإسرائيل بن يونس، وقيس بن الربيع، وخارجة بن مُصْعَب، وابن المبارك، وطائفة. وعنه: خ، وم. ع. عن رجل عنه، وأحمد بن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وأحمد بْن سَيَّار، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأحمد بْن منصور

_ 1 الأغاني "20/ 14-43"، سير أعلام النبلاء "10/ 192-194"، شذرات الذهب "2/ 30". 2 الطبقات الكبرى "7/ 376"، التاريخ الكبير "6/ 268، 269"، الجرح والتعديل "6/ 180"، الثقات لابن حبان "8/ 460"، سير أعلام النبلاء "10/ 349- 352"، تهذيب التهذيب "7/ 298، 299".

زاج، ومحمد بن عبد الله بن قُهْزاد المَرْوَزِيّ، وولده محمد بْن عليّ، وخلْق. قال أحمد بن حنبل: لم يكن به بأس. تكلّموا فيه للإرجاء، وقد رجع عنه. وقال الحسين بن حبان: قال ابن معين: ما أعلم أحدًا قدِم علينا من خُراسان كَانَ أفضل من ابن شقيق. كَانَ عالمًا بابن المبارك، قد سَمِعَ الكُتُب مِرارًا. حَدّث يومًا عَنِ ابن المبارك، عَنْ عوف بْن زيد بْن شُراجة، فقيل لَهُ: ابن شراحة فقال: لا، ابن شراجة، سمعته من ابن المبارك أكثر من ثلاثين مرّة. وقال أبو داود: سَمِعَ الكُتُب من ابن المبارك أربع عشرة مرّة. وقال عليّ: سَمِعْتُ من أَبِي حمزة كتاب "الصّلاة"، فنهق حمار، فاشتبه عليّ حديثٌ ولا أدري أيّ حديث، فتركت الكتاب كلّه. وقال العبّاس بْن مُصْعَب: كَانَ عليّ بْن الحسن بْن شقيق جامعًا. وكان يُعَدّ من أحفظهم لكُتُب ابن المبارك. وقد شارك ابنَ المبارك في كثيرٍ من رجاله. وكان أوّل أمره المنازعةَ مَعَ أهل الكتاب، حتّى كتب التّوراةَ والإنجيل والأربعةَ والعشرين كتابًا من كُتُب ابن المبارك، ثم صار شيخًا ضعيفًا لَا يمكنه أن يقرأ، فكان يُحَدِّث كلَّ إنسان الحديثين والثلاثة، وتُوُفّي سنة خمس عشرة ومائتين. وكذلك قَالَ جماعة في وفاته. ويُقال: وُلِد ليلة قُتِل أبو مسلم الخُراسانيّ في سنة سبعٍ وثلاثين ومائة. 278- عليّ بن الحسن بن يعمر الشامي المصري1: روى عن: سُفْيان الثَّوريّ، ومبارك بن فَضَالَةَ، وعَمْرو بن صُبح، وعبد الله بن عُمر العُمَريّ، والهَيْثَم بن أبي زياد. وعنه: ياسين بن عبد الأعلى القِتْبانّي، ومالك بن عبد الله بن سيف، ومحمد بن عَمْرو بن نافع، ومحمد بن رَوْح العنبريّ، وسعيد بن عثمان التَّنوخيّ، ومحمد بن عبد الله بن ميمون الرَّقّيّ، وعبد الرحمن بن خالد بن نَجِيح. قال ابن عديّ: أحاديثه بَوَاطيل، وهو ضعيف جدًّا.

_ 1 الكامل في الضعفاء لابن عدي "5/ 1852-1854"، ميزان الاعتدال "3/ 119، 120"، لسان الميزان "4/ 212-214".

279- علي بن الحسن التميميّ البزّاز1: كُراع. سكن الرّيّ. عن: مالك، وشَرِيك، وجعفر بن سليمان، وحمّاد بن زيد، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وجعفر بن محمد الزَّعْفرانيّ الرازيّون. قال أبو زُرْعة: لم يكن به بأس. 280- عليّ بن الحسين بن واقد2 -ع. ق. 4: مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ. أبو الحسن القُرَشيّ المَرْوَزِيّ. عن: أبيه، وأبي حمزة السُّكّريّ، وسُلَيْم مولى الشَّعْبيّ، وهشام بن سعدٍ المدنيّ، وخارجة بن مُصعَب، وابن المبارك. وعنه: إسحاق بن راهَوَيْه، ومحمود بن غَيْلان، ورجاء بن مُرَجَّى، وعلي بن خَشْرَم، ومحمد بن عَقِيل بن خُوَيْلِد، وأبو الدَّرْداء عبد العزيز بن منيب، ومحمد بن رافع، وخلْق. قال أبو حاتم: ضعيف الْحَدِيثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ البخاريّ: ليس به بأس. قلت: وولُد سنة ثلاثين ومائة. 281- عليّ بن حفص3. أبو الحسن المَرْوَزيّ، نزيل عسقلان: روى عن: ابن المبارك. وعنه: خ. وقال: لقيته بعسقلان سنة سبع عشرة.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 180". 2 التاريخ الكبير "6/ 267"، الكنى والأسماء للدولابي "1/ 147"، الجرح والتعديل "6/ 179"، الثقات لابن حبان "8/ 460". 3 التاريخ الكبير "6/ 270"، الثقات لابن حبان "8/ 469"، تهذيب التهذيب "7/ 309، 310".

282- عليّ بن عُبَيدة1: أبو الحسن الرَّيْحانيّ الكاتب. أحد البُلّغاء والفُصحاء. له تصانيف أدبيّة، ولهجة عربيّة، واختصاص بالمأمون. تُوُفّي سنة تسع عشرة ومائتين. وقد اتهم بالزَّنْدقة، فالله أعلم. وتصانيفه تدلُّ عَلَى فلسفته وفراغه من الدِّين. وهي كثيرة سَرَدها ياقوت في "تاريخ الأدباء" وقال: قال جحظة: نا أبو حَرْمَلَة قَالَ: قَالَ عليّ بْن عُبَيْدة: حضرني ثلاثةُ تلامذة، فقلت كلامًا أعجبهم. فقال أحدهم: حقٌ هذا الكلام أنْ يُكتَب بالغوالي عَلَى خدود الغَواني. وقال الآخر: بل حقُّه أنْ يُكتَب بأنامل الحُور عَلَى النُّور. وقال الآخر: بل حقّه أن يُكتَب بقلم الشُّكْر في وَرَق النِّعَم. 283- عليّ بن عياش بن مسلم2 خ. ع. أبو الحسن الألهاني الحمصي البكاء: عن: حَرِيز بن عثمان، وشُعَيب بن أبي حمزة، والمُثنَّى بن الصّبّاح، وعبد الرحمن بن ثَوْبان، وصَدَقَة بن عبد الله السَّمِين، وعُتْبَة بن ضَمْرة بن حبيب، وعُفَير بن سَعْدان، وأبي غسّان محمد بن مُطَرِّف، وعدّة. وعنه: خ. وع. عن رجلٍ عنه، وأحمد بن حنبل، وعَمْرو بْن منصور النَّسائيّ، وإبراهيم الْجَوْزَجانيّ، وإبراهيم بْن الهيثم البَلَديّ، وأحمد بْن عبد الرحيم الحَوْطيّ، وأحمد بْن عبد الوهّاب بْن نَجْدَة، وأحمد بْن محمد بْن يحيى بْن حمزة، وإسماعيل سَمُّوَيّه، وأبو زُرْعة الدِّمشقيّ، ومحمد بْن عَوْف الطّائيّ، ويزيد بْن محمد بْن عبد الصّمد، ومحمد بْن يحيى، وجماعة. وثقة النَّسائيّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: كنت أُفيد النَّاسَ عَنْ عليّ بْن عيّاش وأنا بدمشق، فيخرجون ويسمعون منه وأنا بدمشق، حتّى وَرَدَ نعيه.

_ 1 تاريخ بغداد للخطيب "12/ 18، 19". 2 الطبقات الكبرى "7/ 473"، التاريخ الكبير "6/ 290"، الجرح والتعديل "6/ 199"، الثقات لابن حبان "8/ 460".

وقال يحيى بْن أكثم: أدخلتُ عليَّ بْن عياشٍ عَلَى المأمون، فتبسّم ثم بكى، فقال: يا يحيى أدخلتَ عليَّ مجنونًا؟ قلت: أدخلتُ عليك خيرَ أهلِ الشام وأعلّمَهم بالحديث، ما خلا أبا المغيرة. وقال عليّ: ولِدتُ سنة ثلاثٍ وأربعين ومائة. وقال يعقوب الفَسَويّ: مات سنة تسع عشرة. قلت: يقع حديثه عاليًا لابن طَبَرْزَد. 284- عليّ بن قادم1. أبو الحَسَن الخُزَاعيّ الكوفيّ: عن: سعيد بن أبي عَرُوبَة، وفِطْر بن خليفة، ومِسْعَر بن كُدَام، وسُفيان، وشُعْبة، وأَسْباط بن نصر، وجماعة. وعنه: أحمد بن الفُرات، وأحمد بن عبد الحميد الحارثيّ، وأحمد بن حازم الغِفَاريّ، وأحمد بن متيَّم بن أبي نُعَيْم، وأحمد بن يحيى الصُّوفيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو أُميّة الطَّرَسُوسي، ويعقوب الفَسَويّ، وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. وَقَالَ ابن معين: ضعيف. وقال مطين: مات سنة اثنتي عشرة. وقال ابن سَعْد: سنة ثلاث عشرة، وقال: مُنْكَر الحدَّيث، شديد التشيُّع. 285- عليّ بن محمد المَنْجُورِيّ البلْخيّ2: ومنجور من قُرى بلْخ. سمع: شُعْبة، والثَّوْريّ، وأبا جعفر الرازيّ، ومقاتل بن سليمان، وابن أبي ذئب، وعدّة. وعنه: عبد الصّمد بن الفضل البلْخِي. ذكره السليماني.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 404"، التاريخ الكبير "6/ 293"، الجرح والتعديل "6/ 201"، تهذيب التهذيب "7/ 374". 2 الثقات لابن حبان "8/ 466".

286- عليّ بن مَعْبَد بن شدّاد العبْديّ الرّقّيّ1 -ت. ن: الحافظ، نزيل مصر. يروي عن: أبي الأحوص سلام بن سُلَيْم، واللَّيث بن سَعْد، وعُبَيد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، وإسماعيل بن جعفر، وابن المبارك، وابن وهب، وخلق من الشام والجزيرة ومصر والعراق والحجاز. وعنه: إسحاق الكوسج، ودحيم، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن عَبْد اللَّهِ بن عَبْد الحَكَم، وعبد الملك بن حبيب الفقيه، وأبو حاتم الرازي، ومقدام بن داود الرعيني، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأبو يزيد يوسف القراطيسي، وخلق. وكان من كبار الحفاظ والفقهاء. وقيل: لبس صورفيا. قال الطحاوي: سَمِعْتُ سليمان بْن شُعيب: سَمِعْتُ عليّ بْن مَعْبَد. يَقُولُ: أُدْخِلْتُ عَلَى المأمون فقال: يا عليّ بَلَغَنَا عنك أحوالٌ جميلة، وقد رَأَيْت أن أُوَلِّيك قضاءَ مصر. فقلت: يا أمير المؤمنين إني أضعف على ذَلكَ. قَالَ: فاستعفِ بأخيك، فقد قِيلَ لي: إنّ لَهُ فضلًا وعِلْمًا. أما استعنت أَنَا بأخي هذا؟ فالتفتُّ، فإذا المعتصم قائم في دارتي. فلم أُجِبْه، فتبيّنت الغيظَ في وجهه، فقلت: لي حُرمة. قَالَ: وما ذاك؟ قلت: بسماعي العلم مَعَ أمير المؤمنين عند محمد بن الحسن. قال: ومن أين كنت أنت تصل إلى محمد؟ فقلت: بأبي مَعْبَد بْن شدّاد. فقال: أبوك مَعْبَد؟ قلت: نعم. قَالَ: إنّه كَانَ من طاعتنا عَلَى غاية، فلِم لَا تكون مثله؟ ثم خرجت من عنده. قال أبو حاتم: ثقة.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 297"، الجرح والتعديل "6/ 205"، الثقات لابن حبان "8/ 467"، التهذيب "7/ 384، 385".

وقال ابن يونس: يُكنّى أبا محمد، مَرْوَزِيّ الأصل، قدِم مصر مَعَ أبيه، وكان يذهب في الفقه مذهب أَبِي حنيفة. تُوُفيَ بمصر سنة ثمان عشرة. 287- عليّ بن ميْثَم الأسديّ الكوفيّ التّمّار: شيخ الشَّيعة في وقته ومتكلمهم. روى عن: زُرَارَة بن أَعْيَن، وغيره. حكى عنه: عمر بن شَبَّة، وأبو العَيْناء محمد بن القاسم النَّحْويّ. وهو عليّ بن إسماعيل بن شُعيب بن مَيْثَم. 288- عليّ بن هشام1: الأمير أبو الحسن المَرْوَزِيّ. أحد قُواد المأمون. كان فارسًا موصوفًا بالشجاعة والإقدام، مع الظُّلْم والفَتْك. وكان شاعرًا مُفْلِقًا فاضلًا. وُلّي كُوَرَ الجبال، فأساء السّيرة، وقتل جماعة، وصادر، ثم هم بالخروج واللحوق ببابك الخرمي، فظفر به عُجَيْف الأمير، وأتي به المأمون، فقتله، وقتل معه أخاه حُسينًا سنة سبع عشرة ومائتين. 289- عمّار بن عبد الجبّار2 أبو الحَسَن القُرشيّ، مولاهم المَرْوَزِيّ: روى عن: شُعْبَة، وغيره. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة إحدى عشرة. وقد ذكره الخطيب في تاريخه فقال: سمع من ابن أبي ذئب، ومبارك بن فَضَالَةَ، وشعبة. روى عنه: عبّاس الدُّوريّ، وإبراهيم بن دَنُوقا، ومحمد بن إسرائيل الْجَوْهريّ، وأحمد بن زياد السمسار.

_ 1 تاريخ الطبري "8/ 424، 543"، الأغاني "23/ 435". 2 التاريخ الكبير "7/ 30"، الكنى والأسماء للدولابي "1/ 148"، الجرح والتعديل "6/ 393، 394"، الثقات لابن حبان "8/ 518"، ميزان الاعتدال "2/ 165".

تُوُفّي بمكة. قال البخاريّ: مات بعد أيّام التّشريق بيوم. قلت: هو صدوق. 290- عمّار بن مطر الرّهاويّ1: عن: أبي ثَوْبان، وابن أبي ذئب، ومالك، وسعيد بن عبد العزيز. وعنه: أحمد بن عبد الله الباجُدّائيّ، وأحمد بن داود المكّيّ، وغيرهما. قال ابن عديّ: متروك. 291- عَمْرو بن حَكّام2. أبو عثمان البصْريّ: عن: شُعْبة وهو مُكِثْرٌ عنه. له عنه أربعة آلاف حديث لكنّه ضعيف بمرّة. قال البخاريّ: ضعّفه عليّ بن المَدِينيّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: تُرِك حديثه، وهو صاحب حديث حقّ الزَّنْجَبِيل. تُوُفّي سنة عشرة. والحديث مُنْكَر، رواه عَنْ شُعبة، عَنْ عليّ بْن زيد، عَنْ أَبِي المتوكّل، عَنْ أَبِي سعيد: أنّ ملك الرُّوم أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جرّة زَنْجَبِيل فقسّمها بين أصحابه، لكلّ واحدٍ قطعة، وأعطاني قطعة3. قلت: الحُفّاظ استنكروه؛ لأنّه ما أتى بِهِ أحد عَنْ شُعْبة سواه. وأنا أستنكره أيضًا لمعناه. كيف يُهدي ملك الروم الزَّنْجبيل إلى الحجاز، وإنّما يُهدى الزَّنْجبيل من هناك إلى أرض الروم؟ فهو كما قِيلَ: "كجالب القَرّ إلى هَجَر". وهذا الحديث رواه عَنْهُ عبد الله بْن أَبِي زياد القَطَوانيّ، وأسِيد بْن عاصم، وعبد العزيز بْن معاوية، وسفيان بْن محمد الفزاري، وآخرون.

_ 1 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "287". 2 التاريخ الكبير "6/ 324"، "325"، الجرح والتعديل "6/ 227، 228"، المجروحين "2/ 80"، الميزان "3/ 254". 3 حديث منكر: أخرجه العقيلي في الضعفاء "3/ 267".

وروى عَنْهُ أيضًا: رجاء بْن الجارود، ومحمد بْن داود، وأبو رفاعة، وآخرون. وسمع أيضًا من: سليمان بْن حِبّان. 292- عمر بن راشد1. مولى مروان بن عثمان، شيخ مصريّ: عن: ابن عَجْلان، وابن أبي ذئب، وهشام بن عُرْوة، وعبد الرحمن بن حَرْمَلَة، وغيرهم. وعنه: أبو مُصْعب المَدِينيّ الملقب بمُطَرِّف، وأحمد بن عبد المؤمن المصريّ، ويعقوب بن سُفيان الفَسَويّ. وهو مُنْكر الحديث بمرّة، يأتي بعجائب. قال ابن أبي حاتم: شيخ مدنيّ سكن القُلْزُم. قال أبي: تركت السَّمَاعَ منه لمّا وجدت حديثه كذبًا. قلت: هو عمر بن راشد الجاريّ، كان ينزل الجار أيضًا، وهو القُرَشيّ. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. عمر بن سهل بن مروان المازني2 -ق. أبو حفص البصري، نزيل مكّة. روى عن: مبارك بن فَضَالَةَ، وأبي الأشهب العُطَارديّ، وبحر بن كُنَيْز السَّقّاء، وأبي حمزة العطّار، وجماعة. وعنه: بكر بن خَلَف، ومؤمّل بن إهاب، ويحيى بن عَبْدك القزوينيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وبِشْر بن موسى الأسَديّ، وعبد الله بن شَبِيب الرَّبعيّ، وجماعة. له حديث واحد في "سُنَن ابن ماجة". 294- عُمَر بن يزيد الرفا الشيباني البصري3:

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 108"، المجروحين لابن حبان "2/ 93، 94"، ميزان الاعتادل "3/ 195"، "196". 2 التاريخ الكبير "6/ 163"، الجرح والتعديل "6/ 114"، الثقات لابن حبان "8/ 440"، التهذيب "7/ 458". 3 الجرح والتعديل "6/ 142"، والكامل في الضعفاء "5/ 1710"، وميزان الاعتدال "3/ 231".

عن: عِكْرِمة بن عمّار، وشُعْبة. وعنه: سليمان بن ثَوْبة النَّهْروانيّ، وأبو حاتم ثم تركه، وضرب الفلاس على حديثه، واتهمه غيرْه. 295- عمر بن عَمْرو1: أبو حفص العسقلانيّ الطَّحَّان. عن: سُفْيان الثَّوريّ، وأبي فاطمة النَّخَعيّ، وعمر بن صُبح، ومحمد بن جابر، وصَدَقة الدّمشقيّ. وعنه: زكرّيا بن الحَكَم، وأبو قُرْصافة العَسْقلّانيّ، وإبراهيم بن أبي سُفيان القَيْسرانيّ، ومحمد بن عبد الحَكَم القَطَويّ. قال ابن عديّ: كان في عِداد من يضع الحديث. حدَّث بالبَوَاطيل. 296- عَمْرو بن الربيع بن طارق2 -خ. م. د: أبو حفص الهلالي الكوفي ثم المصري. عن: يحيى بن أيّوب، واللَّيث، ومالك، وابن لَهِيعة، وعِكْرِمة بن إبراهيم المَوْصليّ قاضي الرّيّ. وعنه: خ. وم. د. عَنْ رَجُل عَنْهُ، وإسحاق الكَوْسَج، وأبو بحر الصّنْعانيّ، وأبو حاتم، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وإبراهيم بْن دِيزِيل، وبحر بْن عثمان بْن صالح، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن يونس: تُوُفّي لثمانٍ بقين من ربيع الأول سنة تسع عشرة. 297- عَمْرو بن أبي سلمة التنيسي3 -ع:

_ 1 الكامل في الضعفاء "5/ 1721، 1722"، ميزان الاعتدال "3/ 215"، الجرح والتعديل "6/ 127". 2 التاريخ الكبير "6/ 331"، الجرح والتعديل "6/ 233"، الثقات لابن حبان "8/ 485"، التهذيب "8/ 33". 3 التاريخ الكبير "6/ 341"، الكنى والأسماء "1/ 153"، الجرح والتعديل "6/ 235"، الثقات لابن حبان "8/ 482".

أبو حفص الهاشمي، مولاهم الدَّمشقيّ، نزيل تِنِّيس. عن: الأوزاعيّ، وأبي مُعَيْد حفص بن غَيْلان، وزُهير بن محمد التميمّي، وعبد الله بن العلاء بن زَبْر، وصدقة بن عبد الله السمين، ومالك، وليث، وجماعة. وعنه: عبد الله بن محمد المُسْنَديّ، وأحمد بن صالح الطَّبريّ، ومحمد بن يحيى الذُّهليّ، ومحمد بن وَارَةَ، ومحمد بن عبد الله البَرْقِي، وأخوه أحمد بن عبد الله، ومحمد بن إدريس الشّافعيّ ومات قبله بزمان، وعبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم، وأحمد بن مسعود المقدسيّ، وخلق. قَالَ حُمَيْد بْن زَنْجُوَيْه: لمّا رجعنا من مصر دخلنا عَلَى أحمد بْن حنبل، فقال: مررتم بأبي حفص عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَةَ؟ فقلنا: وما عنده؟ عنده خمسون حديثًا والباقي مناولة. قَالَ: كنتم تنظرون في المناولة وتأخذون منها. قَالَ الوليد بْن بَكْر الحافظ الأندلُسيّ: عَمْرو بْن أبي سَلَمَةَ أحد أئمّة الأخبار من نَمَط ابن وهْب، يختار من قول مالك، والأوزاعيّ. ضعّفه ابن مَعِين. ووثّقه جماعة. وتوفي سنة أربع عشرة على الصّحيح. وقيل: سنة ثلاث عشرة. وحديثه في الكُتُب. 298- عَمرو بن عاصم بن عبيد الله بن الوازع1 -ع: أبو عثمان الكلابي القيسي البصري. عن: شعبة، وهَمّام، وجَرِير بن حازم، وحمّاد بن سلمة، وجده عبيد الله بن الوزاع، وطائفة. وعنه: خ. وع. بواسطة، وأحمد بن إسحاق السرمارئي، والحسن بن علي

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 305"، التاريخ الكبير "6/ 355"، الجرح والتعديل "6/ 250"، الثقات لابن حبان "8/ 481"، سير أعلام النبلاء "10/ 256، 257"، ميزان الاعتدال "3/ 269، 270"، تهذيب التهذيب "8/ 58، 59".

الحلواني، وعبد الله الدارمي، وبندار، وعبد بن حميد، ويعقوب الفسوي، ومحمد بن يونس الكديمي، وطائفة كبيرة. وثقة ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وقال إسحاق بن سيار: سمعته يقول: كتبت عن حمّاد بضعة عشر ألفًا. وقال البخاريّ: مات سنة ثلاث عشرة. 299- عمرو بن عثمان بن سيّار الكلابي الرَّقّيّ1 -ق: عن: زُهَير بن معاوية، وعبد الله بن عَمْرو، وإسماعيل بن عيّاش، وموسى بن أَعْيَن، وجماعة. وعنه: أحمد بن الأزهر، وَسَلَمَةُ بن شَبِيب، وعبد الله بن حمّاد الأيْليّ، ومحمد بن يحيى الذُّهلّي، وسَمُّوَيْه، وأحمد بن إسحاق الخشّاب، وخلْق. قال أبو حاتم: يتكلمون فيه. كان شيخًا أعمى بالرَّقَّة يحدّث النّاس من حفظه بأحاديث منكرة. وقال النَّسائيّ: متروك الحديث. وقال ابن عديّ: هو ممّن يُكْتَب حديثه. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ" وَقَالَ: مَاتَ سنة تسع عشرة. وقال غيره: سنة سبْع عشرة، والأول أشبه. 300- عَمْرو بن محمد الأعْسَم الزَّمِن2: بصْريٌّ نزل بغداد، وحدّث عن: فُضَيْل بن مرزوق، وحسام بن سَمَك، وقيس بن الربيع. وعنه: عليّ بن إشْكاب، ورجاء بن الجارود، وزكريا بن يحيى الناقد.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 354"، الجرح والتعديل "6/ 249"، الثقات لابن حبان "8/ 483، 484"، التهذيب "8/ 76، 78". 2 المجروحين لابن حبان "2/ 74، 75"، ميزان الاعتدال "3/ 286، 287"، لسان الميزان "4/ 375، 376".

قال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف، كثير الوهْم. وممّن روى عنه: أحمد بن الحسين بن عبّاد البغداديّ. وروى عنه عن سليمان بن أرقم، وعن إسماعيل بن عيّاش، وجماعة. وَقَدْ وَهَّاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَذَكَرَ لَهُ أَحَادِيثَ مِنْهَا: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ أَتَى حَائِضًا فَجَاءَ وَلَدُهُ أَجْذَمَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ"1. 301- عَمْرو بن مُخَرِّم2: أبو قَتَادة، بصْريٌّ، متروك. روى عن: جرير بن حازم، وثابت الحفّار. شيخ يروي عن: ابن أبي مُلَيْكَة، ويزيد بن زُرَيْع، وسُفيان بن عُيَيْنَة. وعنه: جعفر بن طَرْخان، وأحمد بن عمر بن يونس، وجماعة. قال ابن عديّ: روى البَوَاطيل. 302- عَمْرو بن مَسْعدة بن سعيد بن صول3: الأديب أبو الفضلٍ الصُّوليّ، أحد كُتَّاب المأمون البُلَغاء. كان فصيحًا مُفَوَّهًا جوادًا مُمَدَّحًا. تُوُفّي سنة عشرة بأذَنَة في خدمة المأمون. قِيلَ: إنّه خلَّف ثمانين ألف ألف درهم، فرُفِع ذَلكَ إلى المأمون فقال: هذا لمن اتّصل بنا قليل، فَبَارك اللَّه لِوَرَثَته. 303- عَمْرو بن منصور القيسيّ البصْريّ القدّاح4: عن: هشام بن حسّان، وأبي هاشم الزَّعْفَرانيّ، وشُعْبة، ومبارك بن فضالة، وجماعة.

_ 1 حديث ضعيف جدًّا: أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 74". 2 الجرح والتعديل "6/ 265"، ميزان الاعتدال "3/ 287". 3 سير أعلام النبلاء "10/ 181، 182". 4 التاريخ الكبير "6/ 376"، الجرح والتعديل "6/ 265"، الثقات لابن حبان "8/ 481"، التهذيب "8/ 106، 107".

وعنه: محمد بن عامر الثَّقفيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو حاتم، وأبو عبد الله البخاريّ في كتاب القراءة خلف الإمام، وآخرون. تُوُفّي سنة خمس عشرة، ووثّقه ابن حِبّان. 304- عَمْرُو بنُ هاشم البيروتي1 -ق- أبو هاشم: عن: ابن عَجْلان إنْ صحّ، وعن: الأوزاعيّ، وعبد الله بن لَهِيعَة، والهَيْثَم بن حُمَيْدٍ، والهِقْل بن زياد، وجماعة. وعنه: يوسف بن بحر قاضي حمص، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، ومحمد بن مسلم بن وَارَةَ، وأبو زُرْعة الرازيّ، ويزيد بن محمد بن عبد الصّمد، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، وطائفة. قال ابن وَارَةَ: كان قليل الحديث، وليس بذاك. كان صغيرًا حين كتب عن الأوزاعيّ. وقال ابن عديّ ليس به بأس. 305- عوف بن محلّم2. أبو المِنْهال الخُزاعيّ النّديم: كان إخباريًا علامة، شاعرًا مجوِّدا. وكان عبد الله بن طاهر يقدّمه ويُكْرِمه. وكان أبوه طاهر لَا يكاد يفارق عَوْفًا. وأصله من حَرّان، وهو القائل: إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى تَرْجُمان وبدّلتني بالشَّطَاط3 انْحِناءة ... وكنتُ كالصَّعْدة تحت السِّنان ومنها: فَقَرِّباني بأبي أنتما ... من وَطَني قبل اصفرار البنان وقبل منعاي إلى نسوةٍ ... أوطانها حران والرقتان

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 268"، ميزان الاعتدال "3/ 290"، تهذيب التهذيب "8/ 112". 2 طبقات الشعراء لابن المعتز "185-193"، العقد الفريد "6/ 83، 110". 3 الشطاط: حسن القوام والاعتدال.

فأَذِن له عبد الله بن طاهر في السَّفر إلى أهله، فمات في الطّريق. 306- عَوْنُ بن عمارة1 -ق: أبو محمد العبدي البصري. عن: حُمَيْد الطّويل، وبَهْز بن حكيم، وعبد الله بن عَوْن، وسُليمان التّميميّ، وهشام بن حسّان، وعبد الله بن المُثَنَّى الأنصاريّ. وعنه: أحمد بن الأزهر، وأحمد بن يوسف النَّيْسابوريّان، والحسن بن عليّ الخلال، وإسحاق بن سَيّار، والحارث بن أبي أسامة، وعبَّاس الدُّوريّ، وأبو قلابة الرقاشي، ومحمد بن يونس الكديمي، وخلق. قال أبو زُرْعة: مُنْكَر الحديث. وقال البخاريّ: يُعْرف ويُنْكر. وقال أبو حاتم: أدركته ولم أكتب عنه. وقال ابن عدّي: يُكْتَب حديثُهُ. وقال مُطَيِّن: تُوُفّي سنة اثنتي عشرة. 307- العلاء بن عبد الجبّار2: أبو الحَسَن العطّار مولى الأنصار. بصْريٌّ مشهور، سكن مكّة، وحدّث عن: الحمَّادَيْن، ومبارك بن فَضَالَةَ، وجَرِير بن حازم، ونافع بن عَمْرو، ووُهَيْب بن خالد، وطائفة. وعنه: خ. وت. ق. عَنْ رجلٍ عَنْهُ، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بْن الفُرات، وأحمد بْن عثمان الرّهاويّ، وعبد اللَّه بْن أحمد بْن أَبِي مَسَرَّة، وعبد اللَّه بْن شَبِيب المدنيّ الإخباريّ، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وعليّ بْن أحمد بْن النَّضْر الأزْديّ، وولده عبد الجبّار بْن العلاء، وبِشْر بْن موسى، وطائفة.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 81"، الجرح والتعديل "6/ 388"، ميزان الاعتدال "3/ 306"، تهذيب التهذيب "8/ 173". 2 التاريخ الكبير "6/ 518"، الطبقات الكبرى "5/ 501"، الجرح والتعديل "6/ 358"، الثقات لابن حبان "8/ 513".

قال النَّسائيّ: ليس به بأس. قلت: تُوُفّي سنة اثنتي عشرة. 308- العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية المنقري1 -ت. ق: أبو الهذيل البصري. عن: عُبَيْد الله بن عِكْراش، ومحمد بن إسماعيل بن طريح الثَّقفيّ، وغيرهما. وعنه: محمد بن بشّار، وعمر بن شَبّة، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وإسماعيل القاضي، وجماعة. قال ابن حِبّان: لَا يعجبني الاحتجاج به. وقال ابن قانع: مات سنة عشرين. قلت: له حديث واحد في التِّرمِذيّ، وابن ماجة. وكان معمرًا. وذاك الحديث وقع لنا عاليًا في "الغَيْلانّيات" وهو ثمانيّ لابن البخاريّ. 309- العلاء بْن هلال بْن عُمَر بْن هلال بن أبي عطيّة2 -ن: أبو محمد الباهلي الرقي. عن: حمّاد بن زيد، وإسماعيل بن عيّاش، وخَلَف بن خليفة، وعُبَيْد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، وهُشَيْم، وطائفة. وعنه: ابنه هلال بن العلاء، ومحمد بن عليّ بن ميمون الرَّقّيّ، ومحمد بن جَبَلَة الرّافقيّ، وحفص بن عمر سْنَجة، وأبو إسحاق الْجَوْزَجانيّ، وطائفة. ضعفه أبو حاتم. وقال النَّسائيّ: هلال بْن العلاء عَنْ أبيه، لَهُ غير حديث مُنْكَر فلا أدري أتى منه أو من أبيه.

_ 1 التاريخ الكبير "6/ 513"، الجرح والتعديل "6/ 359"، المجروحين لابن حبان "2/ 183، 184"، التهذيب "2/ 93". 2 التاريخ الكبير "6/ 511"، الجرح والتعديل "6/ 361"، المجروحين لابن حبان "2/ 184"، التهذيب "8/ 193".

وقال هلال: وُلد أبي سنة خمسين ومائة، ومات سنة خمس عشرة. 310- عيسى بن جعفر الرياحيّ الكوفيّ1: قاضي الريّ. روى عن: مِسْعر بن كُدَام، وسُفْيان الثَّوريّ، وعبد العزيز بن أبي رواد، وجماعة. وعنه: أبو حاتم الرازي وقال: شيخ صالح صدوق، ومحمد بن عمّار الرازيّ، وغيرهما. 311- عيسى بن دينار بن واقد2: الفقيه أبو محمد الغافِقيّ، نزيل قُرْطُبة. رحل وسمع من: عبد الرحمن بن القاسم وصحِبَه مدَّةً وعوّل عليه. قَالَ ابن الفَرَضيّ: كانت الفُتْيا تدور عَلَيْهِ بالأندلس، ولا يتقدّمه أحد. وكان صالحًا ورِعًا، يرونه مُسْتَجَاب الدَّعْوة. وكان محمد بْن وضّاح يَقُولُ: هو الذي علّم أهلَ الأندلس الفقه. وقال محمد بْن عبد الملك بْن أعْيَن: كَانَ عيسى بْن دينار رافعة من يحيى بْن يحيى اللّيثيّ. وقال أبان بْن عيسى بْن دينار: كَانَ أَبِي قد أجمع عَلَى تَرْك الفُتْيا بالرأي، وأحبّ الفُتْيا بما رُوِيَ من الحديث، فأعجلته المَنِيَّةُ عَنْ ذَلكَ. تُوُفّي سنة اثنتي عشرة ومائتين، رحمه الله. 312- عيسى بن زياد الرازيّ3: عن: نُعَيْم بن مَيْسرة، وابن المبارك، ويعقوب القُمّيّ، وجماعة. وعنه: أبو حاتم، وقال: صدوق.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 273"، الثقات لابن حبان "8/ 492". 2 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "331". 3 الجرح والتعديل "6/ 276".

313- عيسى بن صَبيح، وهو ابن أبي فاطمة1: عن: زكريا بن سلّام، والثَّوريّ، ومالك، ويعقوب القُمّيّ، وطائفة. وعنه: عليّ بن مَيْسَرة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم. قال أبو حاتم، وغيره: صدوق. 314- عيسى بن المنذر السُّلَميّ الحمصيّ2 -م: عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وبقيّة بْن الوليد، وجماعة. وعنه: ابنه موسى بن عيسى، وإسحاق الكَوْسَج، وابن وَارَةَ. 315- عيسى بن المُنْكَدِر بن محمد بن المُنْكَدِر3: القاضي أبو الفضل التَّيْميّ المدنيّ الأصل، المصريّ. وُلّي قضاء، مصر سنة إحدى عشرة ومائتين، وكان يتنكّر باللّيل ويكشف أخبار الشُّهُود. ولما قدِم المعتصم مصر عزله سنة أربع عشرة، وأقامه للناس، وأخذه معه إلى بغداد فمات بها في السجن. وقد روى عن: أبيه وغيره. وله بمصر دار كبيرة. 316- عيسى بن موسى الأنصاريّ4: أبو عَمْرو. عن: ابن عون، وشعبة. وعنه: أبو حاتم، ووثّقهُ. "حرف الغين": 317- غسان بن المفضّل الغلابي البصري5:

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 279". 2 الثقات لابن حبان "8/ 494"، تهذيب التهذيب "8/ 232". 3 كتاب الولاة والقضاة للكندي "184، 428، 433". 4 الجرح والتعديل "6/ 286". 5 الطبقات الكبرى "7/ 349"، الجرح والتعديل "7/ 52"، الثقات لابن حبان "9/ ".

نزل بغداد، وحدّث بها عن: نُعَيْم بن سليمان، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، وسفيان بن عيينة. وعنه: محمد بن عبد الله المخرمي، وإسحاق الحربي، ومحمد بن غالب التمتام، وآخرون. وثقه الدارقطني، وغيره. ومات كهلا سنة تسع عشرة. وكان عاقلا لبيبا. "حرف الفاء": 318- فتح بن سعيد الموصلي1: أبو نصر الزاهد، أحد سادات مشايخ الصوفية. له أحوال ومقامات. يقال: إنه كان يتقوت بفلس نخالة. وورد أنّه رَأَى صبيَّيْن، مَعَ ذَا كسرةٌ عليها كامخ، ومع الآخر كسرةٌ عليها عَسَل. فقال صاحب الكامخ: أطْعِمْنِي من عسلك. قَالَ: إنْ صِرت لي كلبًا أطعمتُك. قَالَ: نعم. فجعل في عُنُقه حبلًا وقال: انبح. قَالَ فتح: لو قنعتَ بكامخك ما صرت لَهُ كلبًا. ثم قَالَ: هكذا الدُّنيا. وكان فتح قد سَمِعَ الحديث: من عيسى بْن يونس. وقدِم بغداد زائرًا لِبشْر الحافي، فأضافه بنصف درهم خُبْزًا وتمرًا. وهو فتح الصغير. تُوُفّي سنة عشرين. وأمّا الكبير، فهو فتح المَوْصِليّ المُتَوَفَّى سنة سبعين ومائة. رحمهما الله.

_ 1 حلية الأولياء "8/ 292-294"، سير أعلام النبلاء "10/ 483، 484".

319- فُدَيْك بن سليمان1. أبو عيسى القَيْسرانيّ العابد: روى عن: الأوزاعيّ، ومحمد بن سُوقَة. وعنه: البخاري في خبر رفع اليدين، وأحمد بن الفُرات، وعَمْرو بن ثور الحذاميّ، وجماعة. وقال محمد بن يحيى الذُّهَليّ: كان من العُبّاد. قلت: وقع لنا حديثه بعلوٍ. 320- الفضل بن خالد2. أبو مُعاذ المَرْوَزِيّ النَّحْويّ: عن: سُليمان التيمي، وداود بن أبي هند، وغيرهما. وعنه: أيّوب بن الحَسَن، وعليُّ بن الحَسَن الأفطس. تُوُفّي سنة إحدى عشرة. ورّخه البخاريّ، وترجمه الحاكم ولم يُضَعِّفْه. وقال ابن أبي حاتم: روى عنه محمد بن شقيق، وعبد العزيز بن مُنيب. 321- الفضل بن دُكَيْن3: الإمام أبو نُعَيْم. واسم أبيه عَمْرو بن حمّاد بن زُهَيْر بن دِرْهم التَّيْميّ الطّلحيّ. مولاهم الكوفيّ المُلائيّ الأحول. شَرِيك عبد السّلام بْن حرب، وكانا في دكانٍ واحد يبيعان المُلاء. سمع: الأعمش، وزكريا بن أبي زائدة، وإسماعيل بن مسلم العبْديّ، وجعفر بن بُرْقان، وأبا خَلدة خالد بن دينار، وسيف بن سليمان المكّيّ، وعمر بن ذَرّ، وفِطْر بن خليفة، ومالك بن مِغْوَلٍ، ومسعر بن كدام، وموسى بن علي بن رباح، ويونس بن أبي إسحاق، وشُعْبَة، والثَّوريّ، وخلقًا كثيرًا.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 136"، الجرح والتعديل "7/ 98"، الثقات لابن حبان "9/ 3"، تهذيب التهذيب "8/ 257". 2 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 122"، الجرح والتعديل "7/ 61"، الثقات لابن حبان "9/ 5". 3 الطبقات الكبرى "6/ 400"، الجرح والتعديل "7/ 61، 62"، الثقات لابن حبان "7/ 319"، سير أعلام النبلاء "10/ 142-157"، تهذيب التهذيب "8/ 270، 276".

وعنه: خ. وع. عن رجلٍ عنه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن مَعِين، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، والدَّارميّ، وعبْد، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، وأبو زُرْعة الدّمشقي، ومحمد بْن سَنْجَر الْجُرْجانيّ، ومحمد بْن جعفر القَتَّات، ومحمد بْن الحَسَن بْن سَمَاعة، وعليّ بْن عبد العزيز البَغَويّ، وخلْق كثير. وقد روى عنه: عبد الله بن المبارك مع تقدُّمه. قَالَ أبو حاتم: قَالَ أبو نُعَيْم: شاركتُ الثوَّريّ في أربعين أو خمسين شيخًا. وأمّا حنبل بْن إسحاق فقال: قَالَ أبو نُعَيم: كتبت عن نيفٍ ومائة شيخ ممن كتب عنهم سفيان. وقال محمد بن عبدة بن سليمان: كنت مع أبي نعيم، فقال لَهُ أصحاب الحديث: يا أبا نعيم، إنما حملت عَنِ الأعمش هذه الأحاديث. فقال: وَمَن كنت أَنَا عند الأعمش؟ كنت قِرْدًا بلا ذَنَب. وقال صالح بْن أحمد بْن حنبل: قلت لأبي: وكيع، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أين يقع أبو نعيم من هؤلاء؟ قَالَ: يجيء حديثه عَلَى النصف من هَؤُلّاءِ إلّا أنّه كيّس يَتحرَّى الصِّدق. قلت: فأبو نُعَيْم أثْبَتُ أو وكيع؟ قَالَ: أبو نُعَيْم أقلُّ خَطَأً. وقال حنبل: سُئِل أبو عبد الله فقال: أبو نُعَيْم أعلم بالشيوخ وأنسابهم، وبالرجال، ووكيع أفقه. وقال يعقوب بن شيبة: سمعت أحمد بن حنبل يَقُولُ: هُوَ أثبت من وكيع. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ ابيه قال: أخطأ وكيع في خمسمائة حديث. وقال أحمد بْن الحسن التِّرْمِذِيّ: سمعتُ أبا عبد الله يَقُولُ: إذا مات أبو نُعَيْم صار كتابُه إمامًا. إذا اختلف النّاس في شيءٍ فزِعوا إِلَيْهِ. وقال أبو زُرْعة الدِّمشقي: سَمِعْتُ يحيى بْن معين يَقُولُ: ما رَأَيْت أثبت من رجُلَين: أبو نُعَيْم، وعفّان.

وسمعت أحمد بْن صالح يَقُولُ: ما رَأَيْت محدّثًا أصدق من أَبِيّ نُعَيْم. وقال يعقوب الفَسَويّ: أجمعَ أصحابنا أنّ أبا نُعَيْم كَانَ غايةً في الإتقان. وقال أبو حاتم: كَانَ حافظًا مُتْقِنًا، لم أرَ من المحدّثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظٍ واحدٍ لا يغيره سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثَّوريّ. وكان أبو نُعَيْم يحفظ حديث الثَّوريّ حفظًا جيدًا، وهو ثلاثة آلاف وخمسمائة حديث، ويحفظ حديث مسعر وهو خمسمائة حديث. وكان لَا يُلقّن. وقال الرَّماديّ: خرجت مَعَ أحمد وابن مَعِين إلى عبد الرّزّاق خادمًا لهما إلى الكوفة. قَالَ يحيى: أريد أن أختبر أبا نُعَيْم. فقال أحمد: لَا تريد، الرجل ثقة. فقال يحيى: لَا بُدَّ لي. فأخذ ورقةً فكتب فيها ثلاثين حديثًا، وجعل عَلَى رأس كلّ عشرة منها حديثًا لَيْسَ من حديثه. ثم جاءوا إلى أَبِي نُعَيْم، فخرج وجلس عَلَى دُكّان طين، وأخذ أحمد فأجلسه على يمينه، وأخذ يحيى فأجلسه عَنْ يساره. ثم جلست أسفل الدُّكّان. ثم أخرج يحيى الطَّبَق، فقرأ عَلَيْهِ عشرة أحاديث، فلمّا قرأ الحادي عشر قَالَ أبو نُعَيْم: لَيْسَ هذا من حديثي، فاضْرِبْ عَلَيْهِ. ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني، فقال أبو نعيم: ليس هذا من حديثي، فاضرب عليه. ثمّ قرأ العشر الثالث، وقرأ الحديث الثالث، فتغيّر أبو نُعَيْم وانقلبت عيناه، ثم أقبل عَلَى يحيى، فقال: أمّا هذا، وذراع أحمد بيده، فأورع من أن يعمل مثلَ هذا. وأمّا هذا، يُريدني، فأقلّ من أن يفعل ذَلكَ. ولكن هذا من فِعْلك يا فاعل. ثم أخرج رِجْلَه فرفس يحيى بْن مَعِين، فرمى بِهِ من الدّكّان، وقام فدخل داره. فقال أحمد ليحيى: ألم أَمْنَعْك من الرجل وأَقُلْ لك: أنّه ثبتٌ؟ قَالَ: واللهِ لَرَفْسَتُه لي أحبُّ إليّ من سَفْرَتي1. وقال محمد بْن عبد الوهّاب الفرّاء: كنّا نهاب أبا نعيم أشد من هيبة الأمير.

_ 1 أخرجه الخطيب في تاريخه "12/ 353، 354".

وقال أحمد بْن مُلاعِب: حدّثني ثقة، قَالَ: قَالَ أبو نُعَيْم: ما كَتَبت عليَّ الحَفَظَة أنّي سَبَبْتُ معاوية. وقال محمد بْن أبان: سَمِعْتُ يحيى القطّان يَقُولُ: إذا وافقني هذا الرجل ما باليتُ مَن خالفني. وقال يعقوب بن شيبة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو نُعَيْم نزاحم بِهِ ابن عُيَيْنَة. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: شيخان كَانَ النّاس يتكلّمون فيهما ويذكرونهما، وكنّا نَلْقى من الناس في أمرهما ما اللَّهُ بِهِ عليم. قاما لِلَّه بأمرٍ لم يقم بِهِ كبيرُ أحد: عفّان وأبو نُعَيْم. وقال أبو العبّاس محمد بْن إسحاق الثَّقفيّ: عَنِ الكُدَيْميّ: لما أُدْخِل أبو نُعَيْم عَلَى الوالي ليمتحنه، وثَمّ أحمد بْن يونس، وأبو غسّان، وغيرهما. فأَوَّلُ من امتُحِن فلانٌ فأجاب، ثم عطف عَلَى أَبِي نُعَيْم فقال: قد أجاب هذا. ما تَقُولُ؟ فقال: واللَّهِ ما زلتُ أَتّهم جَدَّه بالزَّنْدَقة. ولقد أخبرني يونس بْن بُكَيْر أنّه سَمِعَ جدَّ هذا يَقُولُ: لَا بأس أن ترمي الْجَمْرة بالقوارير. أدركت الكوفة وبها أكثر من سبعمائة شيخ، الأعمش فمَن دُونَه يقولون: القرآن كلام اللَّه. وعُنُقي أهون عليّ من زِرّي هذا. فقام إِلَيْهِ أحمد بْن يونس فقبّل رأسه، وكان بينهما شَحْناء، وقال: جزاك اللَّه من شيخٍ خيرًا. روى أحمد بْن الحَسَن التِّرمِذيّ، وغيره، عَنْ أَبِي نُعَيْم قَالَ: القرآن كلام اللَّه لَيْسَ بمخلوق1. وقال صاحب "مرآة الزَّمان": قَالَ عبد الصَّمد بْن المهتدي: لما دخل المأمون بغداد، نادى بتَرْك الأمر بالمعروف وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَر وذلك؛ لأنّ الشيوخ بقوا يَضْرِبُون ويَحْبِسون، فنهاهم المأمون. وقال: قد اجتمع النّاس عَلَى إمامٍ، فمرّ أبو نُعَيْم فرأى جنديًا وقد أدخل يده بين فخذي امرأةٍ، فنهاه بعُنْف، فحمله إلى الوالي، فحمله الوالي إلى المأمون.

_ 1 أخرجه الخطيب في تاريخه "12/ 349".

قَالَ: فأُدخِلتُ عَلَيْهِ بُكْرةً وهو يُسَبّح، فقال: توضّأ. فتوضّأت ثلاثًا ثلاثًا، عَلَى ما روى عبْد خيرٍ، عَنْ عليّ. فقال: ما تَقُولُ في رَجُل مات عَنْ أبَوَيْن؟ فقلت: للأُمّ الثلُث والباقي للأب. قَالَ: فإنْ خلّف أبَوَيْه وأخاه؟ قلت: المسألة بحالها، وسقط الأخ. قَالَ: فإنْ خلَّف أبَوَيْن وأَخَوَيْن؟ قلت: للأمّ السُّدُس، وما بقي للأب. فقال: في قول النّاس كلّهم؟ قلت: لَا، إنّ جدّك ابن عبّاس ما حجب الأمّ عَنِ الثُّلث إلّا بثلاثة إخوة. فقال: يا هذا مَن نهى مثلَكَ عَنْ أن يأمر بالمعروف ويَنْهَى عَنِ المُنْكَر؟ إنّما نهينا أقوامًا يجعلون المعروف مُنْكَرًا. ثم خرجت. وقال أبو بَكْر المَرُّوذِيّ، عَنْ أحمد بْن حنبل: إنّما رفع اللَّه عفّان وأبو نُعَيْم بالصِّدق حين نُوّه بذِكْرهما. وقال أبو عُبَيْد الآجُرِّيّ: قلت لأبي داود: كَانَ أبو نُعَيْم حافظًا؟ قَالَ: جدًّا. وقال هارون بن حاتم: سألت أبا نُعَيْم: متى وُلِدْت؟ قال: سنة تسعٍ وعشرين ومائة. وقال أحمد بن مُلاعب: سمعته يقول: ولدت في آخر سنة ثلاثين ومائة. قلت: ومات شهيدًا، فإنّه طُعِن في عُنقه وحصل له ورشكين. وقال يعقوب بن شَيْبة، عن بعض أصحابه: إن أبا نُعَيْم مات بالكوفة ليلة الثُّلاثاء لانسلاخ شَعبان سنة تسع عشرة. وقال غيره: مات في رمضان، ولا مُنَافَاةَ بين القَوْلَين، فإنّ مُطَيِّنًا رأَى أبا نُعَيم وخاطَبَه، وقال: مات يوم الشَّكّ من رمضان سنة تسع عشرة. وقد غلط محمد بن المُثَنَّى فخالف الجمهور وقال: مات سنة ثمان عشرة في آخرها. وقال بِشْر بْن عبد الواحد: رَأَيْت أبا نُعَيْم في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ يعني فيما كَانَ يأخذ عَلَى الحديث. قَالَ: نظر القاضي في أمري، فوجدني ذا عيالٍ فعفا عني.

وقال عليّ بْن خَشْرَم: سَمِعْتُ أبا نُعَيم يَقُولُ: يلومونني عَلَى الأخذ، وفي بيتي ثلاثة عشر، وما في بيتي رغيف. قلت: كَانَ بين الفخر عليّ بْن البخاريّ وبين أَبِي نُعَيْم خمسةُ أنفس في عدّة أحاديث. وهو أجل شيخ للبخاري. 322- الفضل بن الموفق1 -ق: أبو الجهم الكوفي. ابن عَمّة سُفْيان بن عُيَيْنَة. سمع: فُضَيْل بن مرزوق، ومِسْعَر بن كُدَام، وسُفْيان الثُّوريّ. وعنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن سَيَّار النَّصِيبيّ، وأبو أُمَيّة الطَّرَسوسيّ. ضعفّه أبو حاتم، وغيره. وليس بالمتروك. 323- فَهْد بن عوف2: أبو ربيعة القُطَعيّ، واسمه زيد، ولَقَبُهُ فهد. روى عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، ووُهَيْب، وأبي عَوَانَة، وشَرِيك وطائفة. وعنه: أبو حاتم الرازيّ، ومحمد بن الْجُنَيْد، وآخرون. تركه الفلّاس، ومسلم. وقال أبو حاتم: ما رأيت بالبصرة أَكْيَس ولا أحلى من أبي ربيعة. قِيلَ لَهُ: فما تَقُولُ فيه؟ قال: يُعْرف ويُنْكَر. وقال أبو زُرْعة: اتهم بسَرِقَة حديثَين. قلت: تُوُفّي في المحرَّم سنة تسع عشرة ومائتين. 324- فيض بن الفضل3 أبو محمد البجلي الكوفي:

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 118"، الجرح والتعديل "7/ 68"، الثقات لابن حبان "9/ 6"، التهذيب "8/ 287، 288". 2 التاريخ الكبير "3/ 404"، الجرح والتعديل "3/ 570"، الثقات لابن حبان "9/ 13"، الميزان "3/ 366". 3 التاريخ الكبير "7/ 140"، الجرح والتعديل "7/ 88"، الثقات لابن حبان "9/ 12".

عن: مِسْعَر، ومالك بن مِغْوَلٍ، وعمر بن ذَرّ. وعنه: أبو حاتم الرازيّ، وإبراهيم بن دِيزِيل، والفضل بن يوسف القُطْبانيّ، وغيرهم. 325- الفيض بن إسحاق1: أبو يزيد الرَّقّي، خادم الفُضَيْل بن عِياض. سمع: الفُضَيْل، ومحمد بن عبد الله بن عُبَيد المُحْرِم. وعنه: محمد بن غالب بن سعيد الأنطاكيّ، وعبد الله بن الربيع الرَّقّي، وهلال بن العلاء. "حرف القاف": 326- القاسم بن كثير القُرَشيّ2 -ت. ن: مولاهم المصريّ، قاضي الإسكندريّة. روى عن: أبي غسّان محمد بن مُطَرِّف، واللَّيْث بن سعد. وعنه: أبو محمد الدَّارميّ، ومحمد بن سهل بن عسكر، ويزيد بن سِنان البصْريّ، وآخرون. قَالَ النَّسائيّ: ثقة. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ يونس: يقال: إنه من أهلِ العراق، وهو عندي مصريّ. وكان رَجُلا صَالِحًا. تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ عِشْرِينَ ومائتين. 327- قالون المقرئ3 صاحب نافع بن أبي نعيم:

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 486"، التاريخ الكبير "7/ 139، 140"، الجرح والتعديل "7/ 88"، الثقات لابن حبان "9/ 12". 2 الجرح والتعديل "7/ 118"، تهذيب التهذيب "8/ 330، 331". 3 الجرح والتعديل "6/ 290"، سير أعلام النبلاء "10/ 326، 327" ميزان الاعتدال "3/ 327".

واسم قالون عيسى بن مِينَا بن وَرْدَان بن عيسى الزُّرَقّي، مولى الزُّهْريّين. أبو موسى المدنّي النَّحْويّ، معلّم العربّية. يقال: إنه ربيب نافع، وهو الذي لقّبه قالون بجَوْدة قراءته. وقالون معناه جيّد، وهي لفظة رومّية. حدّث عن شيخه نافع، وعن محمد بن جعفر بن أبي كثير، وعبد الرحمن بن أبي الزَّناد، وغيرهم. وعنه: أبو زُرْعة الرازيّ، وإبراهيم بن دِيزِيل، وإسماعيل القاضي، وموسى بن إسحاق القاضي، وجماعة. وقرأ عَلَيْهِ القرآن طائفة كبيرة، منهم: ابنه أحمد، وأحمد بْن يزيد الحُلْوانيّ، وأبو نَشِيط محمد بْن هارون، وأحمد بْن صالح المصريّ الحافظ. وانتهى إليه رئاسة الإقراء في زمانه بالحجاز. ورحل إِلَيْهِ النَّاس، وطال عُمره، وبَعُد صِيتُهُ. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ عليَّ بْن الحَسَن الهِسِنْجانيّ يَقُولُ: كَانَ قالون شديد الصَّمَم. فلو رَفَعت صوتك حتّى لَا غاية، لَا يسمع، فكان ينظر إلى شَفَتَيِ القارئ فيردّ عَلَيْهِ اللَّحن والخطأ. وقال عثمان بن خرزاد الحافظ: ثنا قالون قال: قَالَ لي نافع: كم تقرأ عليّ، اجلس إلي أسطوانة حتّى أُرسل إليك. وقال أبو عَمْرو الدّانيّ: عرض أيضًا عَلَى عيسى بْن وَرْدان الحَذّاء. روى القراءة عَنْهُ: ابناه أحمد وإبراهيم، والحُلْوانيّ، وأحمد بْن صالح، ومحمد بْن عبد الحَكَم القطْريّ، وعثمان بْن خُرَّزاد، ثم سمّى جماعة. قلتُ: تُوُفّي قالون سنة عشرين ومائتين، ورّخه غير واحد، وعاش نيِّفًا وثمانين سنة. وغلط من قال: تُوُفّي سنة خمسٍ ومائتين غَلَطًا بيِّنًا.

328- قَبِيصَةُ بنُ عُقْبة بن محمد بن سُفيان بن عقبة1 -ع: أبو عامر السوائي الكوفي. عن: شعبة، وسفيان، وإسرائيل، وورقاء، وطبقتهم. وعن أكبر منهم كعيسى بن طَهْمان، وفِطْر بن خليفة، ومالك بن مِغْوَلٍ، ومِسْعَر، وعاصم بن محمد العُمَرِيّ. وعنه: خ. وم. ع عَنْ رجلٍ عَنْهُ، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمود بْن غَيْلان، ومحمد بْن إسحاق الصَّغانيّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأحمد بْن سليمان الرّهاويّ، والحارث بْن أَبِي أُسامة، وحفص بْن عُمر سَنْجَة، وخلْق. قال حنبل: قال أبو عبد الله: كان قبيصة كثير الغلظ، وكان رجلًا صالحًا ثقة، لَا بأس به. وأيّ شيء لم يكن عنده، يعني أنّه كثير الحديث. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سمعت أبي يذكر أبا حُذَيْفة، فقال: قَبِيصة أثبت منه جدًا، يعني في سُفْيان. وقال ابن مَعِين: قَبِيصة ثقة في كل شيء، إلا في حديث سُفيان، ليس بذاك القويّ. فإنّه سمع منه وهو صغير. وقال يعقوب الفَسَويّ: سَمِعْتُ قَبِيصة يَقُولُ: صلَّيت بسُفْيان الفريضة. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: لو حدَّثنا قَبِيصة، عَنِ النَّخَعيّ لَقَبِلْنا منه. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سُئِل أبو زُرْعة عَنْ قَبِيصة، وأبي نُعَيْم فقال: كان قبيصة أفضل الرجلين، وأبو نعيم أتقن الرجلين. وقال أبو حاتم: لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحدٍ لا يغيره سوى قبيصة، وأبي نعيم في حديث الثَّوريّ، وسوى يحيى الحِمّانيّ في حديث شَرِيك، وعليّ بْن الْجَعْد في حديثه. وقال إسحاق بْن سيّار النَّصِيبيّ: ما رأيت من الشيوخ أحفظ من قبيصة.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 403"، التاريخ الكبير "7/ 177"، الجرح والتعديل "7/ 126، 127"، الثقات لابن حبان "9/ 21"، ميزان الاعتدال "3/ 383، 384"، تهذيب التهذيب "8/ 347-349".

وكان هنّاد بْن السَّرِيّ صالحًا كثير البكاء. فإذا ذكر قَبِيصة قَالَ: الرجل الصّالح. وتّدْمَع عيناه. وقال جعفر بْن حَمْدُوَيْه: كنّا عَلَى باب قَبِيصة ومعنا دُلَف بْن أَبِي دُلَف، ومعه الخادم يكتب الحديث. فصار إلى باب قَبِيصة، فدقّ عَلَيْهِ فأبطأ، فعاوَدَه الخادم وقال: ابن ملك الجبل عَلَى الباب، وأنت لَا تخرج إِلَيْهِ؟ فخرج وفي طرف إزاره كسْرة من الخُبْز. فقال: رجلٌ قد رضي من الدّنيا بهذا، ما يصنع بابن الجبل؟ واللَّهِ لَا حدّثْتُهُ. فلم يحدِّثْه. وقال هارون الحمّال: سمعته يقول: جالست الثوري وأنا ابن ستّ عشرة سنة ثلاث سِنِين. قال مطين، وغيره: مات في صفر سنة خمس عشرة، رحمه الله. 329- قَحْطَبَة بن غُدانة1: أبو مَعْمَر الْجُشَميّ البصْريّ. عن: هشام الدَّسْتُوَائيّ، وسعيد بن أبي عَرُوبة. سمع منه أبو حاتم، وقال: صَدُوق. 330- قُدَامةُ بنُ محمد بن قُدَامة بن خَشْرم الأشجعيّ المدنيّ2 -ن: عن: إسماعيل بن شيبة الطائفي، وداود بن المغيرة، ومَخْرَمَة بن بُكَيْر. وعنه: أحمد بن صالح الحافظ، وَسَلَمَةُ بن شَبِيب، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، ومحمد بن سَعْد المعوقيّ، وآخرون. 331- قَرَعُوسُ بن العّباس بن قَرعوس بن عُبَيد بن منصور الثَّقفيّ الأندلسيّ3: الفقيه صاحب مالك.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 149". 2 التاريخ الكبير"7/ 179"، الجرح والتعديل "7/ 129"، تهذيب التهذيب "8/ 365". 3 تاريخ علماء الأندلس "372، 373"، لسان الميزان "4/ 473".

كان إمامًا صالحًا دينًا كبير القدر على الإسناد. رحل وأخذ عن: ابن جريج. قال ابن يونس: وفي ذلك نظر. وأخذ عن سُفيان الثَّوريّ، ومالك، واللَّيث، ثم غلب عليه الفقه واشتهر به، وكان يروي "الموطأ" عن مالك. حمل عنه: أصبغ بن الخليل، وعثمان بن أيّوب، وغير واحد. وقال ابن الفَرَضيّ: كان فقيهًا لَا عِلم له بالحديث. قال: كان ديِّنًا ورِعًا فاضلًا. مات سنة عشرين بالأندلس. 332- قُطْبةُ بن العلاء بن المِنْهال1: أبو سُفْيان الغَنَويّ الكوفيّ. روى عن: أبيه، وسُفْيان الثَّوريّ. وعنه: عليّ بن حرب، وأحمد بن يوسف السّلميّ، ويعقوب الفَسَويّ، وجماعة. قَالَ البخاريّ: فِيهِ نظر. وقال النَّسائيّ، وغيره: ضعيف. 333- قيسُ بن محمد بن عِمران الكِنْديّ2: عن: عُفَير بن مَعْدان، وغيره. وعنه: العبّاس الرّياشيّ، وأبو حاتم، وجماعة. وُثّق. "حرف الكاف": 334- كثيّر بن إياس الدولي المصري:

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 191"، الجرح والتعديل "7/ 141، 142"، ميزان الاعتدال "3/ 390". 2 الجرح والتعديل "7/ 104"، الثقات لابن حبان "9/ 15"، تهذيب التهذيب "8/ 402".

عن: اللّيث، ونافع بن يزيد، ومُفَضَّل بن فَضَالَةَ. ذكره ابن يونس. تُوُفي سنة تسع عشرة ومائتين. 335- كعب بن خُرَيْم المُرّيّ الدّمشقيّ1 أبو حارثة: عن: يحيى بن حمزة، ومحمد بن حرب، وجماعة. وعنه: ابنه أحمد، ودُحَيْم، وأبو حاتم الرازيّ. قال دُحَيْم: شيخ صالح. 336- كلثوم بن عَمْرو2: أبو عَمْرو العتّابيّ الأديب الشاعر الإخباريّ. كان خطيبًا بليغًا فصيحًا مُفَوَّهًا، مدح الرشيد والمأمون. كان يتزهّد ويتصوف ويقلّ من السلطان. وقد قَالَ مرّة للمأمون: يدُك بالعطاء أطلق من لساني بالسؤال. وإنه لَا دِين إلّا بك، ولا دُنيا إلّا معك. ومن شعره: ألا قد نُكّس الدَّهرُ ... فأضحى حُلْوُهُ مُرًّا وقد جرّبت من فيه ... فلم أَحْمَدْهُم طُرًّا فالزِمْ نفسَك الياسَ ... من النّاس تَعِشْ حُرّا وقال الرِّياشيّ: قَالَ مالك بْن طَوْق للعَتّابيّ: يا أبا عَمْرو رأيتك كلّمتُ فلانًا فأطَلْت كلامك. قَالَ: نعم. كانت معي حَيْرَةُ الدّاخل، وفِكْرَةُ صاحبِ الحاجة، وذُلُّ المسألة، وخوف الرد مع شدة الطمع.

_ 1 الجرح والتعديل: "7/ 163". 2 تاريخ الطبري "8/ 663"، الأغاني "13/ 107"، تاريخ بغداد "488-492".

"حرف اللام": 337- الليث بن عاصم1 -د. ت: أبو زرارة القتباني المصري. روى عن: ابن عَجْلان، وابن جُرَيْج، وغيرهما. وعنه: يونس بن عبد الأعلى، وحفيده ياسين بن عبد الأحد القِتْبانيّ. وكان صالحًا عابدًا، مُعَمَّرًا، نيَّف عَلَى التّسعين. ومات سنة إحدى عشرة في صَفَر. وهو لَيْث بن عاصم بن كُلَيْب بن خِيار بن خيْر بن أسعد بن ناشرة. وقال ابن أبي حاتم: ليث بن عاصم أبو زُرَارة القِتْبانيّ. روى عن: أبي قَبِيل، وأبي الخير الْجَيْشَانيّ. وعنه: ابن وهْب، وأبو شَريك يحيى بن يزيد المصريّ، وأبو الطّاهر بن السَّرْح. قلت: فهذا الَّذِي ذكره ابن أَبِي حاتم آخر أكبر من صاحب التّرجمة، وهذا عجيب. وأمّا شيخنا المِزِّيّ فخلط الترجمتين، أعني الّذي ذكره ابن أَبِي حاتم بلَيْث بْن عاصم بْن العلاء الخَوْلانيّ الحُداديّ بالضَّمّ والتّخفيف. والظاهر أنّهما واحد، وَهِمَ ابن أَبِي حاتم في نِسْبَته وكنيته. مات قبل ابن وهْب. "حرف الميم": 338- محمد بن أسعد التغلبيّ2: أبو سعيد المكّيّ ثم المِصِّيصيّ.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 181"، الثقات لابن حبان "9/ 29"، تهذيب التهذيب "8/ 468، 469". 2 الجرح والتعديل "7/ 208"، الثقات لابن حبان "9/ 68"، ميزان الاعتدال "3/ 480"، التهذيب "9/ 46، 47".

عن: زُهَير بن معاوية، وأبي إسحاق الفَزَاريّ، وعَبْثَرِ بن القاسم، وابن المبارك. وعنه: عبد الله الدَّارميّ، ومحمد بن المُثَنَّى المصريّ، وإسحاق الكَوْسج، وأحمد بن حازم بن أبي غَرَزَة، ومحمد بن أحمد بن الْجُنَيْد الدّقّاق، وآخرون. قال أبو زُرْعة: منكر الحديث. 339- محمد بن أعين1 -ت: أبو الوزير المروزي خادم ابن المبارك، ووصيه. عنه، وعن: ابن عُيَيْنَة، وفُضَيْل بن عِياض، وغيرهم. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن راهَوَيْه، ومحمد بن عَبْد العزيز بْن أَبِي رَزْمة، وأحمد بن عَبْدة الآمُليّ، وأحمد بن منصور زاج، وآخرون. قال محمد بن عبد الله بن قُهْزاد: مات سنة ثلاث عشرة ومائتين. 340- محمد بن بكّار بن بلال2 -د. ت. ت: أبو عبد الله العاملي الدمشقي، قاضي دمشق. عن: محمد بن راشد المكحولّي، وسعيد بن بشير، وموسى بن عليّ بن رباح، وسعيد بن عبد العزيز، واللَّيث بن سَعْد، وجماعة. وعنه: ابناه هارون والحَسَن، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، والهيثم بن مروان العبْسيّ، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حاتم الرازيّ، وجماعة. وذكره أبو زُرْعة في أهل الفتوى بدمشق. وقال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي بمكة، وقال: هو صدوق. وقال ابنه: تُوُفّي سنة ستّ عشرة ومائتين، ووُلِد سنة اثنتين وأربعين ومائة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 41"، الجرح والتعديل "7/ 207"، الثقات لابن حبان "9/ 65"، التهذيب "9/ 66". 2 الطبقات الكبرى "7/ 347"، التاريخ الكبير "1/ 44"، الجرح والتعديل "7/ 211"، التهذيب "9/ 74، 75".

- أمّا محمد بْن بكّار الرّيّان: فمن أقرانه، لكنه تأخر عنه. 341- محمد بن بلال1 -د. ت: أبو عبد الله الكندي البصري التمار. عن: همام بن يحيى، وعمران القطّان، وعبد الحَكَم القَسْملّيّ، وحرب بن ميمون الأنصاريّ. وعنه: أحمد بن سِنان، وأحمد بن الأزهر، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَالْبُخَارِيُّ في كتاب "الأدب"، وعثمان بن طالوت، والكُدْيميّ، وجماعة. قال أبو داود: ما سمعت إلا خيرًا. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وهو معرَّف عن عِمران القطّان. 342- محمد بن الحسن بن زَبَالَة المخزوميّ2 -د. ق: مولاهم أبو الحسن المدنّي، أحد الضُّعفاء. روى عن: أسامة بن زيد بن أسلم، ومالك، وسليمان بن بلال، والدَّراورديّ، وخلْق كثير من أهل المدينة ضعفاء ومَجَاهيل. وعنه: أحمد بن صالح المصريّ، وأبو خَيْثَمة، وهارون الحمّال، والزُّبَير بْن بكّار، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بن أبي مَسَرَّة، وآخرون. رماه ابن مَعِين بالكذب. وقال أحمد بْن صالح: كتبت عَنْهُ مائة ألف حديث، ثم تبين لي أنّه كَانَ يضع الحديث فتركته. وما رَأَيْت أحدًا أعلم بالمغازي والأنساب منه. وقال أبو داود: كذاب.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 43"، الجرح والتعديل "7/ 210"، الثقات لابن حبان "9/ 60"، التهذيب "9/ 82". 2 التاريخ الكبير "1/ 67"، الجرح والتعديل "7/ 227، 228"، المجروحين لابن حبان "2/ 274"، التهذيب "9/ 115".

وقال النَّسائيّ: متروك. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَنْكَرَ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "افْتُتِحَتِ الْقُرَى بِالسَّيْفِ وَافْتُتِحَتِ المَدِينَةُ بِالْقُرْآنِ"1. قُلْتُ: كَانَ إِخْبَاريًّا عَلَامَةً، أَكْثَرَ عَنْهُ الزُّبَيْرُ. وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ: لَيْسَ بِمَتْرُوكٍ. 343- محمد بن حُمَيَد الطّوسيّ الأمير2: كان مقدم الجيش الذين حاربوا بابك الخرمي، فقُتِل إلى رحمة الله وعفّوه، فوُلّي بعده على الجيوش عليّ بن هشام، إلى أن قُتِل أيضًا في قتال الخُرَّميّة سنة سبْع عشرة. وكان مَقْتَل محمد في سنة أربع عشرة. 344- محمد بن خالد بن عَثْمَة الحنفيّ البصْريّ3 -ع: وعَثْمَة هي أمّه. روى عن: مالك، وسليمان بن بلال، وسعيد بن بشير، وجماعة. عنه: بندار، ومحمد بن يونس الكديمي، وأبو قلابة الرقاشي، وآخرون. قال أبو حاتم: صالح الحديث. ذكره عبد الرحمن بن منده فيمن مات سنة إحدى عشرة ومائتين. 345- محمد بن أبي الخصيب الأنطاكيّ4: عن: مالك بن أنس، وابن لَهِيعَة. وثّقه الخطيب. وعنه: إبراهيم الحربيّ، وتَمْتَام، وجماعة. تُوُفّي سنة ثمان عشرة، وكان صَدُوقًا.

_ 1 حديث موضوع: أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 58"، وفيه صاحب الترجمة وهو كذاب. 2 تاريخ الطبري "8/ 619، 622"، الكامل في التاريخ "6/ 404، 407، 412، 413". 3 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "325". 4 تاريخ بغداد "5/ 249، 250".

346- محمد بن رويز بن لاحق1: شيخ بصري. يروي عن: شُعْبة، وجماعة وعنه: حاتم بن اللَّيث، ومحمد بن سليمان الباغَنْديّ، وأبو حاتم، وقال: صَدُوق. 347- محمد بن زُرْعة الرعيني2: روى عن: الوليد بن مسلم، وابن شُعَيْب، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقيّ. ثقة، حافظ، من أصحاب الوليد. تُوُفّي سنة ستّ عشرة. 348- محمد بن زياد3: أبو إسحاق المقدسيّ. عن: إبراهيم بن أبي علبة، وأبي المُرَجَّى المُوَقّريّ. وعنه: موسى بن سهل الرملي، ومحمد بن عوف الحمصي. قال أبو حاتم: صالح، لم يقدر لي أن أكتبَ عنه. 349- محمد بن سعيد بن سابق الرازيّ4 -د: نزيل قزوين. روى عن: أبيه، وأبي جعفر الرازيّ، وزُهير بن معاوية، وعمرو بن أبي قيس، وطائفة.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 254". 2 الثقات لابن حبان "9/ 79، 80"، المعرفة والتاريخ للفسوي "1/ 115". 3 الجرح والتعديل "7/ 258". 4 التاريخ الكبير "1/ 96"، الجرح والتعديل "7/ 265"، الثقات لابن حبان "9/ 62"، التهذيب "9/ 187".

وعنه: أحمد بن أبي سُرَيْج، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، ويحيى بن عبدك، ومحمد بن أيّوب الرّازيُّون، وجماعة. وثّقه يعقوب بن شَيْبة. وتُوُفّي سنة ستّ عشرة. 350- محمد بن سابق1 -خ. ت: أبو جعفر البغدادي البزاز، مولى بنى تميم. سمع: مالك بن مِغْوَلٍ، وشَيْبان بن عبد الرحمن النَّحْويّ، ووَرْقَاء بن عَمْرو، وإبراهيم بن طَهْمان، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو خَيْثَمَة، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن غالب تمتام، وأحمد بن أبي خَيْثَمَة، وآخرون. روى عَنْهُ: البخاريّ في كتاب "الأدب". وقال في "الصّحيح": ثنا محمد بْن سابق أو الفضل بْن يعقوب، عَنْهُ، وذلك في كتاب الوصايا من "الجامع الصحيح". تُوُفّي سنة ثلاث عشرة. قال يعقوب بن شَيْبَة: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقِيلَ: مات سنة أربع عشرة، نقله ابن قانع، وأحمد بن كامل. ونقل الأول مُطَيّن. 351- محمد بن سعيد بن سليمان2 -خ. ت: أبو جعفر الكوفي المعروف بابن الإصبهاني.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 324"، التاريخ الكبير "1/ 111"، الجرح والتعديل "7/ 283"، الثقات لابن حبان "9/ 61"، التهذيب "9/ 174". 2 التاريخ الكبير "1/ 95"، الجرح والتعديل "7/ 265"، تهذيب التهذيب "9/ 188، 189".

سمع: القاسم بن معن المسعوديّ، وأبا الأحوص شَرِيك بن عبد الله، وعبد الله بن المبارك، وجماعة. وعنه: خ. وت. عَنْ رَجُل عَنْهُ، وأحمد بْن ملَاعب، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وبِشْر بْن موسى، وآخرون. وَصَفه بالإتقان يعقوب بن شَيْبة، وغيره. وَلَقَبُهُ حمدان. قَالَ أبو حاتم: كَانَ حافظًا يُحدِّث من حفظه. لم يكن بالكوفة. أتقن حفظًا منه. وكان لَا يقبل التَّلْقين. قلت: تُوُفّي سنة عشرين. 352- محمد بن سعيد بن الفضل1: أبو الفضل القُرَشّي الدّمشقيّ المقرئ. كان أبوه يروي عن ابن عَوْن وطبقته بدمشق. وهو روى عن: اللّيث، وابن لَهِيعة، والهيثم بن حميد، وطائفة. روى عنه: الحسن بن علي الحلواني، ومحمود بن سميع، وجماعة. قال ابن عساكر: ذكره ابن أبي حاتم. 353- محمد بن سعيد القرشي البصري2: روى عن: حمزة بن واصل، وحمّاد بن سَلَمَةَ. وعنه: عبد الرحمن بن الأزهر البلخي، ومحمد بن حاتم المصيصي، وأبو زرعة، وطائفة. نزل بغداد. يأتي بعد الثلاثين. 354- محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني3 -ن:

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 666". 2 التاريخ الكبير "1/ 96"، الجرح والتعديل "7/ 264، 265"، تاريخ بغداد "5/ 305، 306". 3 التاريخ الكبير "1/ 98"، الجرح والتعديل "7/ 267"، الثقات لابن حبان "9/ 69"، التهذيب "9/ 119، 200".

أبو عبد الله، ولقبه بُومة. عن: أبيه، وشُعَيْب بن أبي حمزة، وعبد الله بن العلاء بن زَبْر، وفِطْر بن خليفة، وأبي جعفر الرازيّ، وجعفر بن بُرْقان، وعدّة. وعنه: حفيده سليمان بن عبد الله، وسليمان بن سيف، وأحمد بن سليمان الرُّهاويّ، ومحمد بن يحيى الحرّانيّ، وطائفة. وثّقه النَّسائيّ. وقال ابن حبّان في "الثّقات": مات سنة ثلاث عشرة. وقال أبو حاتم: منكر الحديث. قلت: تفرد بالرواية عَنْ جماعةٍ قدماء. 355- محمد بن سليم1: أبو عبد الله الكوفيّ البغداديّ القاضي. حدّث عن: شَرِيك، وإبراهيم بن سَعْد، وهُشَيْم. روى عنه: كاتب الواقدي. وكتب عنه أبو حاتم وضعفه. وقال ابن معين: ليس بثقة. قيل: ولي قضاء ببغداد. 356- محمد بن الصلت بن الحجاج2 -خ. ت. ن. ق: أبو جعفر الأسدي. مولاهم الكوفيّ الأصمّ. عن: فُلَيْح بن سليمان، ومنصور بن أبي الأسود، وعبيد الله بن إياد بن لقيط، وعبد الرحمن بن سليمان بن الْغَسِيلِ، وزُهَيْر بن معاوية، وأبي كُدَيْنة يحيى بن المهلب، وخلق.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 275"، ميزان الاعتدال "3/ 574". 2 الطبقات الكبرى "6/ 409"، التاريخ الكبير "1/ 118"، الجرح والتعديل "7/ 288، 289"، التهذيب "9/ 232".

وعنه: خ. وت. ن. ق. عَنْ رجلٍ عَنْهُ، والحسن بْن عليّ بْن عفّان، وعبّاس الدوري، وعبد الله الدّارميّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بْن إسماعيل السُّلَميّ، ومحمد بْن الحسين الحنينيّ، وخلْق. وثقة أبو حاتم، وغيره. تُوُفي سنة ثمان عشرة، وقيل: سنة تسع عشرة ومائتين. 357- محمد بن عاصم بن حفص بن تذراق بن ذكوان بن يناق1 -ق. وعبد الله المعافري، مولاهم البصريّ. عن: مالك، ومُفَضَّل بن فَضَالَةَ، وهَمّام بن إسماعيل. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن عَبْد اللَّهِ بن عَبْد الحَكَم، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم وقد التقاه بمكّة. وثقه أَبُو سعَيِد بْن يُونُس وقال: تُوُفّي فِي خامس صَفَر سنة خمس عشرة. 358- محمد بن عبّاد بن زياد المَعَافِريّ الإسكندراني. ن: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح. وعنه: أبو يحيى الوقاد، وهانئ المتوكّل. تُوُفّي سنة ثمان عشرة. 359- محمد بن عبّاد بن زياد المُزَنّي2: أبو جعفر الكوفيّ الخزار، نزيل الرّيّ. عن: الدَّرَاوَرْديّ، وهُشَيْم، وطبقتهما. وعنه: أبو حاتم وقال: صَدُوق. 360- محمد بن عباد بن عبّاد بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيُّ الْمُهَلَّبِيُّ3.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 45"، الكامل لابن عدي "1/ 321"، تهذيب التهذيب "9/ 240". 2 الجرح والتعديل "8/ 14، 15". 3 التاريخ الكبير "1/ 175"، الجرح والتعديل "8/ 14"، الثقات لابن حبان "9/ 104"، سير أعلام النبلاء "10/ 189".

أمير البصرة. روى عن: أبيه، وهُشَيْم. وعنه: إبراهيم الحربي، ومحمد بن يونس الكديمي، وأبو العيناء محمد بن القاسم. وكان جوادا ممدحا من سروات بني المهلب. قال عبد الله بن أبي سعد الوراق: ثنا يزيد بْن محمد بْن المهلَّب: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كتب منصور بْن المهديّ إلى محمد بْن عبّاد يشكو دَيْنًا وضيقًا وجَفْوة سلطان، فأرسل إِلَيْهِ محمد بْن عبّاد عشرة آلاف دينار. قلت: منصور هُوَ أخو هارون الرشيد، وما كَانَ محمد مَعَ كرمه وحشمته لِيَصِلَه، وقد عرّض بالطلب بأقلّ من عشرة آلاف دينار. وقال أبو العَيْنَاء: قَالَ المأمون لمحمد بْن عبَّاد: أردت أن أولّيك فمنعني إسرافُك في المال. فقال: مَنْعُ الْجُود سوء ظَنٍّ بالمعبود. فقال: لو شئت أنفقت، عَلَى نفسك، فإنّ هذا المال الَّذِي تنفقه ما أبعدَ رجوعه إليك. فقال: يا أمير المؤمنين، من لَهُ مولى غنيّ لَا يفتقر. فقال المأمون للنّاس: من أراد أن يكرمني، فلْيكْرمْ ضيفي محمد بْن عباد، فجاءت إليه أموال من كل ناحية، فما برح وعنده منها درهم. وقال: الكريم لَا تُحَنّكه التَّجارب. قَالَ أبو الشيخ: نا محمد بْن يحيى البصْري: ثنا عمّي قَالَ: دخل محمد بْن عبّاد عَلَى المأمون، فقال: كم دَيْنَك يا أبا عبد الله؟ قَالَ: ستُّون ألف دينار. قَالَ: يا خازن أعطِه مائة ألف دينار. وروى ابن الأنباريّ، عَنْ أبيه، عَنِ المغيرة بْن محمد، وغيره قَالَ: قَالَ المأمون لمحمد بْن عبّاد: بلغني أنّه لَا يَقْدَم أحدٌ البصْرَة إلّا أضَفْتَه. فقال: مَنْع الْجُود سُوءُ ظنٍّ بالمعبود. فاستحسنه منه وأعطاه المأمون ما مبلغه ستة آلاف درهم.

ومات محمد وعليه خمسون ألف دينار دَيْنًا. وقال الغُلابيّ: قِيلَ للعُتْبيّ: مات محمد بْن عبّاد. فقال: نَحْنُ مُتْنا بفَقْده، وهو حيٌّ بمَجْده. كانت وفاته سنة ستّ عشرة ومائتين. 361- محمد بن عبد الله بن زياد1: أبو سَلَمَةَ الأنصاريّ البصْريّ. روى عن: مالك بن دينار، وحُمَيْد، وسليمان التَّيْميّ، وقرة بن خالد. وعنه: يحيى بن خذام، ومحمد بن صالح بن النطاح البغدادي. وهو صاحب مناكير عن مالك بن دينار. قَالَ ابن حِبّان: يروي عَنِ الثّقات ما لَيْسَ من حديثهم. لَا يجوز الاحتجاج بِهِ. 362- محمد بن عبد الله بن خاقان: أبو عبد الله المازني البصْريّ ثم النَّسَفيّ، مفتي نَسْف. روى عن: هُشَيْم، وسُفْيان بن عُيَيْنَة. وعنه: إبراهيم ولده، وطفيل بن زيد النسفي. قال جعفر المستغفري: توفي سنة عشرين ومائتين. 363- محمد بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ2 -ع. الإمام أبو عبد الله الأنصاريّ البخاريّ الأنسيّ البصْريّ. قاضي البصرة زمن الرشيد، ثم قاضي بغداد بعد العَوْفِي. سمع: حُمَيْدًا الطّويل، وسليمان التَّيْميّ، وابن عَوْن، وسعيدًا الْجُرَيْريّ، وهشام بن حسّان، وحبيب بن الشَّهيد، ومحمد بن عَمْرو بن علقمة، وأشعث بن عبد الله

_ 1 المجروحين لابن حبان "2/ 266، 267"، ميزان الاعتدال "3/ 598، 600". 2 الطبقات الكبرى "7/ 294"، التاريخ الكبير "1/ 132"، الجرح والتعديل "7/ 305"، الثقان لابن حبان "7/ 443"، التهذيب "7/ 274".

الحُدانيّ، وأشعث بن عبد الملك الحُمرانيّ، وابن جُرَيْج، وسعيد بن أبي عَرُوبة، وأباه عبد الله، وآخرين. وعنه: خ. وع. عَنْ رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وبُنْدار، ومحمد بْن المُثّنَّى، وإسماعيل سَمُّوَيْه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو حاتم، ومحمد بن إسماعيل التِّرمِذيّ، وإسماعيل القاضي، وأبو مسلم الكجّيّ، وخلق كثير. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لم أر من الأئمّة إلّا ثلاثة: أحمد بْن حنبل، وسليمان بْن داود الهاشميّ، ومحمد بْن عبد الله الأنصاريّ. وقال النسائيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ما كَانَ يضع الأنصاريَّ عند أصحاب الحديث إلّا النَّظرُ في الرأي. وأمّا السّماع فقد سَمِعَ. وقال: وَذَهَبَ للأنصاريّ كتبٌ في فتنة، أظنّ المُبَيِّضة، فكان بعدُ يُحدِّث من كتب أبي الحكم. فكان حديث الحجامة من ذاك. وقال ابن مَعِين: كَانَ الأنصاريّ يليق بِهِ القضاء. قِيلَ: والحديث؟ فقال: للحرب أقوام لها خُلِقوا وقال زكريّا السّاجي: رَجُل جليل عالم، غلب عَلَيْهِ الرأي، ولم يكن عندهم من فرسان الحديث مثل يحيى القطّان ونُظَرائه. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَنْكَرَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدِيثَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عن ميمون، عن أبي عَبَّاسٍ: "احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ محرمٌ صَائِمٌ"1. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: إِنَّهُ وَهِمَ فِيهِ. وَالصَّوَابُ حَدِيثُ حُمَيْدِ بْنِ مَسْعَدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ يزيد بن

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1938، 1939، 5694"، وأبو داود "2373"، والترمذي "775"، وابن ماجه "1682"، وابن حبان في صحيحه "3531".

الأصم: أن رسول الله تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ1. وَقَدْ رَوَى الْأَنْصَارِيُّ أَيْضًا حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ هَكَذَا. ويُقَالُ: إِنَّ غُلَامًا لَهُ أَدْخَلَ عَلَيْهِ حَدِيثَ ابْنَ عَبَّاسٍ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيُّ: لَيْسَ مِنْ ذلك شيء، إنّما أراد حديث حبيب، عَنْ ميمون، عَنْ يزيد بن الأصم: أن رسول الله تزوّج ميمونة وهو مُحْرِم. رواه يعقوب الفَسَويّ، عَنْ عليّ. قَالَ الخطيب: وقد جالس الأنصاريّ في الفقه سوّار بْن عبد الله، وعثمان البَتّيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن الحَسَن العَنْبَريّ. وقدِم بغداد فولي بها القضاء، وحَدَّث بها، ثم رجع. وقال ابن قُتَيْبة: قلّد الرشيد محمد بْن عبد اللَّه الأنصاري القضاء، بالجانب الشرقيّ في آخر خلافته. فلما ولي المأمون عزله، وولّي مكانه عَوْن بْن عبد الله، وولّي محمد بْن عبد الله المَظَالم بعد إسماعيل بْن عُلَيَّة. قَالَ محمد بْن المُثَنَّى: سَمِعْتُ الأنصاريّ يَقُولُ: ولدتُ سنة ثمان عشرة ومائة. وكان يأتي عليّ، قبل اليوم، عشرةُ أيامٍ لَا أشرب فيها الماء، واليوم أشرب كلّ يومين. وسمعته يَقُولُ: ما أتيت سلطانًا قطّ إلّا وأنا كارِهٌ. وقال محمد بْن سعْد: تُوُفّي في رجب سنة خمس عشرة ومائتين. قلت: وذكر الخطيب وغيره أنّه سَمِعَ من مالك بْن دينار. 364- محمد بن عبد الله بن قيس2. بو مُحرز الكِنانيّ الفقيه، قاضي إفريقية. روى عن: مالك بن أَنَس، وغيره. وكان أحد الصّالحين. ولي القضاء مدّة، وذلك بعد عبد الله بن عمر بن غانم.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "5114"، ومسلم "1410"، والترمذي "844"، والنسائي "2837"، وابن ماجه "1965"، وأحمد في المسند "1/ 221، 228"، وابن حبان في صحيحه "4131". 2 البيان المغرب لابن عذاري "1/ 104".

قَالَ ابن يونس: فبلغني أنّ إبراهيم بْن الأغلب لما تُوُفّي ابن غانم قِيلَ لَهُ: عليك بصاحب اللّفافة، وكان يلبس عِمامة لطيفة، فلما أراد أن يولّيه أمره فركب معه. فركب عَلَى حمارٍ فكَبَا بِهِ. فعنّ عَلَيْهِ إبراهيم فلحِقه ثم قَالَ: يا أبا مُحرِز، إنّي عزمت عَلَى توليتك القضاء. قَالَ: لست أصلُح. فقال: لو كَانَ الأغلب سالم حيًّا لم أكن أَنَا واليًا، ولو كَانَ عبد الرحمن بْن زياد بْن أَنْعَم وابن فَرُّوخ حيّين لم تكن أنت قاضيًا. ولكنْ لكلِّ زمانٍ رجال. فولّاه القضاءَ فامتنع، فأمر قائدًا من قواده فأخذ بضبعيه حتى أجلسه مجالس الحُكْم، حتّى حكم بين الناس. تُوُفّي سنة أربع عشرة ومائتين. 365- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ1 -خ. م. ن. ق: بو عبد الله الرقاشي البصري. عن: مالك بن أنس، وحمّاد بن زيد، وجماعة. وعنه: ابنه أبو قِلابة، ومحمد بن إسماعيل التِّرمِذيّ، وجماعة. وثّقه أحمد بن عبد الله العِجْليّ. وكان من عباد الله الصالحين. وروى عَنْهُ أيضًا: خ. وم. ن. ق. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ. وقال يعقوب بن شَيْبة: ثِقة ثَبْت. وقال العِجْليّ: يقال: إنّه كَانَ يصلي في اليوم والليلة أربعمائة ركْعة. وقال أبو حاتم: ثنا محمد بْن عبد الله الرَّقاشيّ الثّقة الرّضا. وقال محمد بن المُثَنَّى: مات سنة تسع عشرة. 366- محمد بن عبد الله بن الشيخ أبي جعفر الرازيّ عيسى بن ماهان2 -د: سمع: عبد العزيز بن أبي حازم، وزافر بن سليمان، وإبراهيم بن المختار.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 305"، تهذيب الكمال "3/ 1226"، تهذيب التهذيب "9/ 277، 278". 2 الجرح والتعديل "7/ 302"، تهذيب التهذيب "9/ 251".

وعنه: أحمد بن الفُرات، وأبو حاتم، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس. وروى أبو داود عن رجلٍ، عنه. 367- محمد بن عبد العزيز الرمليّ المؤذّن1 -خ. ن: عن: قيس بن الربيع، وحفص بن مَيْسَرة، وإسماعيل بن عيّاش، وجماعة. وعنه: خ. ون. بواسطة، وإسماعيل سمويه، ويعقوب الفسوي، وابن وارة، وآخرون. وكان يغرب. 368- محمد بن عبد الملك2: أبو جابر الأزدي البصري ثم المكي. عن: ابن عون، وشعبة، والحسن الجفري، وهشام بن حسان، ومعلى بن هلال، وعدة. وعنه: أبو يحيى بن أبي ميسرة، ومحمد بن عوف الطائي، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، والحارث بن أبي أسامة، وآخرون. قال أبو حاتم: أدركته ومات قبلنا بيسير. وليس بقوي. 369- محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الكوفي القناد3 -خ. ت. ق: الرجل الصالح. روى عن: مِسْعَر، وأبي حنيفة، وسُفْيان الثَّوريّ، وغيرهم. وعنه: محمد بن الحسين البرجلاني، وأحمد بن جواس، وهارون بن إسحاق الهمداني وقال: كان من أفضل النّاس، يعني كان من الصلحاء. توفي سنة اثنتي عشرة.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 167"، الجرح والتعديل "8/ 8"، الثقات لابن حبان "9/ 81"، تهذيب التهذيب "9/ 313". 2 التاريخ الكبير "1/ 165"، الجرح والتعديل "8/ 5"، الثقات لابن حبان "9/ 64"، تهذيب التهذيب "9/ 318". 3 التاريخ الكبير "1/ 168، 169"، الجرح والتعديل "8/ 12"، الثقات لابن حبان "7/ 443"، تهذيب التهذيب "9/ 320، 321".

370- محمد بن عَرْعَرَة بن البِرِنْد الشامّي1 -خ. م. د: عن شُعْبة، والقاسم بن الفَضْل الحُدانيّ، وابن عَوْن، وإسماعيل بن مسلم العَبْديّ، وعمر بن أبي زائدة، ومبارك بن فضالة. وعنه: خ. وم. د. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وبُنْدار، وابن وَارَةَ، وأحمد بْن الحسن التِّرْمِذيّ، وابنه إبراهيم بْن محمد، وآخر مَن روى عَنْهُ أبو مسلم الكَجّيّ. قال أبو حاتم: ثقة. وقال ابن سعد: مات سنة ثلاث عشرة. 371- محمد بن عقبة الشيباني2 -خ: أبو عبد الله، وأبو جعفر. سمع: سوّار بن مُصْعَب، وأبا إسحاق النُّمَيْريّ، وفضيل بن سليمان النميري. وعنه: خ. ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن أيوب الرازي، وجماعة. وثقه مطين، وتوفي سنة عشرين. 372- محمد بن الرضا علي بن الكاظم موسى بن الصادق جعفر بن الباقر محمد بن زين العابدين علي بن الشهيد الحسين ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ3: وجعفر الهاشمي الحسيني. كان يلقب بالجواد، وبالقانع، وبالمرتضى. كان من سروات آل بيت النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. زوّجه المأمون بابنته. وَفَدَ هو وزوجته على المعتصم فأكرمه وأجله.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 305"، التاريخ الكبير "1/ 203"، الجرح والتعديل "8/ 50"، الثقات "9/ 69"، التهذيب "9/ 343". 2 التاريخ الكبير "1/ 200"، الجرح والتعديل "8/ 36"، الثقات لابن حبان "9/ 50"، تهذيب التهذيب "9/ 346". 3 تاريخ الطبري "8/ 566، 623"، تاريخ بغداد "3/ 54، 55".

وتُوُفّي ببغداد في آخر سنة عشرين شابّا طرِيًّا له خمسٌ وعشرون سنة. وكان أحد الموصوفين بالسّخاء، ولذلك لُقِّب بالجواد. وقبره عند قبر جدّه موسى. وقيل: تُوُفّي في آخر سنة تسع عشرة، رحمه الله ورضي عنه. وهو أحد الأئمة الاثني عشر الذين تدّعي الشِّيعة فيهم العِصمة. وكان مولده في سنة خمسٍ وتسعين ومائة. ولما تُوُفّي حُمِلت زوجته أمُّ الفضل إلى دار عمّها المعتصم. 373- محمد بن عمر بن الوليد بن لاحق التَّيْميّ1: عن: مالك، وشَرِيك، ومسلم الزّنجيّ، ومحمد بن الفُرات، وطائفة. وعنه: أبو زُرْعَة، وغيره. قال أبو حاتم: أرى أمره مضطّربًا. قلت: هو محمد بن الوليد اليَشْكُريّ. نُسِبَ إلى جدّه. وله أيضًا عن: هُشَيْم. وروى عنه: محمد بن غالب تمتام. قال أبو الفتح الأزْديّ: لَا يسوى بَلَحَةً. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. ووهّاه ابن حِبّان. 374- محمد بن عمر2 -ت- أبو عبد الله بن الرومي: عن: شُعْبة، والخليل بن مُرَّة، وشَرِيك. وعنه: إبراهيم بن موسى، وحفص بن عمر سنجة ألف، ويعقوب الفسوي، وأبو حاتم، وآخرون.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 22"، ميزان الاعتدال "3/ 666"، تهذيب التهذيب "9/ 368، 369". 2 التاريخ الكبير "1/ 178، 179"، الجرح والتعديل "8/ 21، 22"، الثقات لابن حبان "9/ 71"، التهذيب "9/ 360".

قال أبو زُرْعة: فيه لِين. قلت: قرأ على اليَزِيديّ، وعبّاس بن الفضل. 375- محمد بن عُيَيْنَة الفَزاريّ المِصِّيصيّ1 -ت: خَتَنُ أبي إسحاق الفَزَاريّ. عن: أبي إسحاق، وابن المبارك، ومروان بن معاوية. وعنه: أبو عُبَيد وهو من أقرانه، أحمد الدَّوْرقّي، وعَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الدَّارميّ، وجماعة. 376- محمد بن القاسم بن عليّ بن عمر بن زيد العابدين عليّ بن الحسين2: أبو عبد الله العلويّ الحسينيّ الزّاهد. وكان يُلَقّب بالصُّوفيّ للبْسه الصُّوف. وكان فقيهًا عالمًا معظَّمًا عند الزَّيْدِية. ظهر بالطّالقان فدعا إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاجتمع لَهُ خلْق كثير، وجهّز العساكر، وحارب عسكر خُراسان وقوي سلطانه، ثم انهزم جُنْدُه وقُبِضَ عَلَيْهِ، وأُتيَ بِهِ إلى المعتصم في شهر ربيع الآخر من السنة، سنة تسع عشرة، فحُبس بسامرّاء. ثمّ إنّه هرب من حبْسه يوم العيد، وستر اللَّه عَلَيْهِ وأضمرته البلاد. قَالَ أبو الفرج صاحب "الأغاني" في كتاب "مقَاتِل الطالبين": احتال لنفسه فخرج متخفيًا، وصار إلى واسط، وغاب خبره. وقال ابن النّجّار في "تاريخه": بواسط مشهد يقال: إنّه مدفون فيه، فالله أعلم. وَرُوِيَ عَنِ ابن سلّام الكوفيّ أنّ المعتصم قتله صَبْرًا. وكان أبيض صبيحَ الوجْه، تامّ الخَلْق، قد وَخَطَه الشَّيْب، ونَيَّف على الخمسين. وذهبت طائفة من الجاروديّة إلى أنّه حيّ لم يَمُتْ ولا يموت حتّى يملأ الأرضَ قِسْطًا وعدْلًا، نقل ذلك أبو محمد بن حزْم، رحمه الله.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 491"، التاريخ الكبير "1/ 204"، الجرح والتعديل "8/ 42"، تهذيب التهذيب "9/ 394". 2 تاريخ الطبري "9/ 7"، سير أعلام النبلاء "10/ 191، 192"، النجوم الزاهرة "2/ 230".

377- محمد بن كثير بن أبي عطاء المِصَّيصيّ الصَّنْعانيّ الأصل1: أبو يوسف. سمع: الأوزاعيَّ، وعبد الله بن شَوْذَب، ومَعْمَر بن راشد، والثَّوريّ، وزائدة. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن عَوْف، وعبد الله الدّارميّ، وجماعة. ضعّفه الإمام أحمد. وقال ابن مَعِين: صدوق. وقال النَّسائيّ: ليس بالقويّ. وقال العُقَيْليّ: هو من صَنْعاء دمشق. وذكر ابن الأكفانيّ قَالَ: هُوَ من مِصِّيصة دمشق، وليس هذا القول بشيء. روى جماعة عَنْ محمد بْن كثير، عَنِ الأوزاعي قَالَ: كَانَ عندنا ببيروت صيّاد يخرج يوم الجمعة يصطاد، ولا يمنعه مكان الجمعة لذلك. فخرج يومًا فخُسف بِهِ وببَغْلَته، فلم يبقَ منها إلّا أُذُناها وذَنَبُها. قَالَ خليفة: محمد بْن كثير صَنْعانيّ، نشأ بالشّام، ونزل المِصِّيصة. وقال ابن سعْد: يذكرون أنّه اختلط في آخر عُمره. وقال ابن أَبِي حاتم: نا أَبِي: سَمِعْتُ الحسن بْن الربيع يَقُولُ: محمد بْن كثير المِصِّيصيّ اليوم أوثق النّاس. كَانَ يُكتب عَنْهُ وأبو إسحاق الفَزَاريّ حيّ، وكان يُعرف بالخير منذ كَانَ. وقال محمد بْن عُوف: سَمِعْتُ محمد بْن كثير المِصِّيصيّ يَقُولُ: بُنيّ كَثير، كثيرُ الذُّنوب ... ففي الحِلّ والبلِّ مَن كَانَ سبَّهُ بُنيّ كثير، دَهَتْه اثنتان ... رياءٌ وعجبٌٍ يُخالِطْنَ قَلْبَه بُنيّ كثير، أكولٌ نؤومٌ ... وما ذاك مِن فعلِ مَن خاف ربه

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 489"، التاريخ الكبير "1/ 218"، الجرح والتعديل "8/ 69، 70"، التهذيب "9/ 415-417".

بُنيّ كثير، تعلَّمْ عِلْمًا ... لقد أَعْوز الصُّوفُ مَن جُزَّ كلبَهْ قَالَ الحسن بْن الربيع: ينبغي لمن يطلب الحديث لله تعالى أن يرحل إلى محمد بْن كثير المِصِّيصيّ. وقد ضعّفه أحمد بن حنبل جدًّا، وكان مغفَّلًا. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سُئِل عَنْهُ أبو زُرْعة فقال: دُفِع إِلَيْهِ كتاب الأوزاعيّ، وفي كلّ حديث: ثنا محمد بْن كثير، فقرأه إلى آخره يَقُولُ: ثنا محمد بْن كثير، عَنِ الأوزاعيّ، وهو محمد بْن كثير. قلت: حديثه يقع عاليًا في "الغَيْلانيّات". تُوُفّي سنة ستّ عشرة فِي تاسع عشر من ذي الحجّة، وله مناكير. 378- محمد بن المبارك بن يعلى1 -ع: أبو عبد الله القرشي الصوري القلانسي. سمع: سعيد بن عبد العزيز، ومعاوية بن سلام، ومالك بن أنَس، وإسماعيل بن عيّاش، وصَدَقَة بن خالد، وطائفة. وعنه: يحيى بن مَعِين، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بن عَوْف، وأبو زُرْعة الدمشقيّ، وعبد الله الدّارميّ، ويوسف بن سعيد بن مُسلّم، وعبّاس التُّرقُفيّ، وآخرون. قال ابن مَعين: كان شيخ البلد -يعني دمشق- بعد أبي مُسْهِر. وقال أبو داود: كان رجل الشّام بعد أبي مُسْهِر. قلت: يعني في الجلالة والعِلْم، وإلّا فأبو مُسْهِر عاش بعده ثلاث سنين. وثّقه غير واحد. وقال محمد بْن العبّاس بْن الدّرفْس: سَمِعْتُ محمد بْن المبارك الصُّوريّ يَقُولُ: اعمل لله فإنّه أنفع لك من العمل لنفسك.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 240"، الكنى والأسماء "2/ 56"، الجرح والتعديل "8/ 104"، المجروحين لابن حبان "2/ 46"، سير أعلام النبلاء "10/ 390، 391"، تهذيب التهذيب "9/ 423، 424".

وعن محمد بْن المبارك، وَسُئِلَ عَنْ علامة المحبّة لله، قَالَ: المراقبة للمحبوب، والتَّحرّي لمرضاته. وقال أبو زُرْعة: شهِدْتُ جنازتَه بدمشق في شوّال سنة خمس عشرة، وصلّى عَلَيْهِ أبو مُسهِر بباب الجابية، وجعل يُثني عَلَيْهِ. ومن كلام محمد بْن المبارك: كذِب من ادّعى المعرفةَ بالله ويداه ترعى في قصاع المُكْثِرِين. ومَن وضَع يده في قصعة غيره ذلّ لَهُ. وقال: اتّقِ اللَّه تَقْوى، لَا تُطْلعْ نفسك عَلَى تقوى اللَّه تُخْبر بِهِ غيرَك، وتسلِّط الآفة عَلَى قلبك. 379- محمد بن مَخْلَد1. أبو أسْلَم الرُّعَيْنيّ الحمصيّ: عن: محمد بن الوليد الزُّبَيديّ، وأبي مَعْبَد حفص بن غَيْلان. ولعلّه آخر مَن حَدَّث عنهما. وعنه: محمد بن مُصَفَّى، وسعْد بن محمد البَيْروتّي، وأزهر بن زُفَر، وإبراهيم بن محمد بن يوسف الفِرْيابيّ، وبكر بن سهل، وغيرهم. وله أيضًا عن: مالك، وإسماعيل بن عيّاش. قال ابن عدي: هو منكر الحديث عن كلّ مَن يروي عَنْهُ. وقال البَغَويّ: يُحَدِّث عَنْ مالك وغيره بالبواطيل. وقد قال أبو حاتم: لم أر له حديثًا مُنْكَرًا. 380- محمد بن مِسْعَر2. أبو سفيان التميمي البصري: سمع: فضيلًا، وداود العطّار، وابن عُيَيْنَة. وعنه: المُفَضّل الغُلابيّ، وأبو إسماعيل التِّرْمِذيّ، وأبو العَيْنَاء. حدَّث ببغداد. وقال أبو إسماعيل: كان من خِيار عباد الله.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 241"، الجرح والتعديل "8/ 92، 93"، ميزان الاعتدال "4/ 32". 2 تاريخ بغداد "3/ 299، 300".

381- محمد بن مَسْلمة1. أبو هشام المخزوميّ المدنيّ الفقيه النَّسّابة: نزيل دمشق. حَدَّث عن: مالك، وإبراهيم بن سعْد. وعنه: أبو حاتم، وأبو إسحاق الجوزجاني، وهارون الحمال، وأبو زرعة الدمشقي، وآخرون. قال أبو إسحاق في كتاب "طبقات الفقهاء": جمع بين العلم والورع. وقال أبو حاتم الرازي: كان من أفقه أصحاب مالك. وقال أبو زُرْعة: ثقة. وقال الْجَوْزَجانيّ: سَأَلْتُهُ، وكان علّامة بأنساب بني مخزوم. قلت: هُوَ محمد بْن مَسْلمة بْن محمد بْن هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بن المغيرة. وقد ذكره البخاري في "تاريخه" وقال: قيل له: ما لرأي رجلٍ دخل البلاد كلّها إلّا المدينة. قَالَ: لأنه دجّال، والمدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدّجّال. 382- محمد بن مزاحم2: أخو سهل. مروزي، أظنه قد توفي سنة إحدى عشرة ومائتين، وله إحدى وثمانون سنة. 383- محمد بن معاذ بن عبد الحميد الدمشقي3: مولى قريش.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 240"، الجرح والتعديل"8/ 71"، الثقات لابن حبان "9/ 55". 2 الطبقات الكبرى "7/ 377"، التاريخ الكبير "1/ 228"، الجرح والتعديل "8/ 90"، الثقات "9/ 58"، التهذيب "9/ 437". 3 الجرح والتعديل "8/ 96"، الثقات لابن حبان "9/ 69".

عن: سعيد بن عبد العزيز، ومعاوية بن يحيى الأطرابلسي، وسعيد بن بشير، وسهل بن هشام، وجماعة. وعنه: يزيد بن عبد الصمد، والعباس بن الوليد بن صبح، وأبو زرعة الدمشقي. وقال: مات في نصف شعبان سنة خمس عشرة. 384- محمد بن النُّوشَجان1: أبو جعفر البغدادي السُّوَيْديّ الحافظ. لُقّب بذلك لرحلته إلى سُوَيد بن عبد العزيز الدّمشقيّ. روى عنه وعن: الدَّرَاوَرْديّ، والوليد بن مسلم، وطبقتهم. ومات قبل أوان الرواية. روى عنه أقرانه: أحمد بن حنبل في "مُسْنَده"، وابن مَعِين، وأحمد الدَّوْرقيّ. قال أبو داود: ثقة. ثنا عَنْهُ أحمد بْن حنبل، وكان صاحب شكوك. رجع النّاس من عند عبد الرّزّاق بثلاثين ألف حديث، ورجع بأربعة آلاف. 385- محمد بن هانئ2. أبو عَمْرو الطّائيّ: والد الحافظ أبي بكرم الأثرم. سمع: أبا الأحوص، وهشيمًا، وابن المبارك، وطبقتهم. وعنه: محمد بن يحيى الأزدي، وأبو حاتم الرازِي. محله الصدق. 386- محمد بن يحيى بن المبارك3: أبو عبد الله اليَزِيديّ البغداديّ الشاعر. أحد أئمة اللسان.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 253"، الجرح والتعديل "8/ 110". 2 الجرح والتعديل "8/ 117"، الثقات لابن حبان "7/ 413". 3 تاريخ بغداد "3/ 412، 413".

كان عارفًا بالقرآن، واللُّغة. مدح الرشيد والمأمون، وخرج إلى مصر مع المعتصم زمن المأمون، فمات بها. 387- محمد بن يزيد بن سِنان بن يزيد1: أبو يزيد التميميّ، مولاهم الْجَزَريّ الرُّهاويّ. روى عن: أبيه، وجدّه سِنان، وابن أبي ذئب، ومعقل بن عبيد الله، وجماعة. وعنه: ابنه الأصغر أبو فروة يزيد بن محمد، وابن وارة، وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب، وأبو أمية الطرسوسي، وأبو حاتم وقال: كان رجلًا صالحًا. لم يكن مِن أجلاس الحديث. وقال النسائيّ: ليس بالقويّ. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. قلت: وكان مَولده في سنة اثنتين وثلاثين ومائة. ومات جدّه في خلافة المنصور، وكان شيخًا معمَّرًا رأى علّيًا وشهد معه صِفّين. قَالَ أبو حاتم: قلت لمحمد بْن يزيد كَانَ جدّك أدرك عليًّا فما سِنُّهُ؟ قَالَ: كَانَ جدّي يُكَنَّى أبا حكيم، أَتَتْ عَلَيْهِ ستٌّ وعشرون ومائة سنة. وأخبرني جدّي أنه غزا ثمانين غَزَاة. قلت: أخرج النَّسائيّ لمحمد في "مُسْنَد عليّ". ومات سنة عشرين ومائتين. 388- محمد بن يزيد بن خُنَيس المخزومّي2 -ت. ق: مولاهم المكِّي. عن: ابن جُرَيْج، وسعيد بن حسَان، وسُفْيان الثَّوريّ، وعبد العزيز بن أبي رواد.

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 259"، الجرح والتعديل "8/ 127، 128"، الثقات لابن حبان "9/ 74"، التهذيب "9/ 524". 2 التاريخ الكبير "1/ 261، 262"، الجرح والتعديل "8/ 127"، الثقات لابن حبان "9/ 61"، التهذيب "9/ 523".

وعنه: أحمد بن الفُرات، ومحمد بن بشّار بُنْدار، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وحنبل بن إسحاق، وجماعة. وكان صالحًا، ورِعًا، كبير القدْر. وثقه أبو حاتم. 389- محمد بن أبي يزيد الخُراسانيّ: رجل فاضل، نزل المَوْصِل، وحدّث عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، ومهديّ بن ميمون، وشَرِيك، وجماعة. وعنه: سِنان بن محمد، ومحمد بن أحمد بن أبي المُثَنَّى المَوْصِليّان. تُوُفّي سنة سبْع عشرة. 390- محمد بن يوسف بن واقد1 -ع: الإمام أبو عبد الله الضبي، مولاهم الفِرْيابيّ، وفِرياب من بلاد التُّرْك. روى عن: الأوزاعيّ، وسُفْيان الثَّوْريّ، وإبراهيم بن أبي عبلة، ويونس بن أبي إسحاق، وعمر بن ذر الهمداني، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وجرير بن حازم، وخلق. وعنه: خ. وع. بواسطة، وأحمد بْن حنبل، ودُحَيْم، وابن وَارَةَ، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وعبّاس التُّرْقُفيّ، وأحمد بْن عبد الرحيم بْن البَرْقيّ، وعبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم، وعَمْرو بْن أَبِي ثور الْجُذَاميّ، وإبراهيم بْن أَبِي سُفْيان القَيْسرانيّ، وخلْق. قال: وُلِدْتُ سنة عشرين ومائة. وقال أحمد بن حنبل: لقيته بمكّة، وكان رجلًا صالحًا. وقال البخاريّ: كان من أفضل أهل زمانه. وقال محمد بن عبد الملك بن زنجويه: ما رأيت أورع من الفريابي.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 489"، التاريخ الكبير "1/ 264، 265"، الكنى والأسماء للدولابي "2/ 60"، الجرح والتعديل "8/ 119، 120"، سير أعلام النبلاء "10/ 114-118"، الميزان "4/ 71، 72"، التهذيب "9/ 535".

وقال محمد بْن سهل بْن عسكر: خرجت مَعَ الفِرْيابيّ في الاستسقاء، فَرَفَعَ يديه فما أرسلهما حتّى مُطِرْنا. وقال أحمد بْن يوسف السُّلميّ: قلت للفِرْيابيّ: أوصِني. قَالَ: عليك بتقوى اللَّه، ولزوم السُّنَّةِ، واجتناب السُّلْطان. وقال الدَّارَقُطْنيّ: تقدّم الفِرْيابيّ عَلَى قُبَيْصة في الثَّوريّ لفضله ونُسُكِه. وقال ابن عديّ: للفِرْيابيّ عَنِ الثَّوريّ إفرادات. وقد رحل إِلَيْهِ أحمد بْن حنبل، فلمّا قَرُب من قَيْسارية نُعي إِلَيْهِ، فعدل إلى حمص. وهو فيما يتبيّن لي صدوق، لَا بأس بِهِ. قلت: كَانَ الناس يرحلون إليه إلى قَيْساريّة من ساحل فلسطين. قال يعقوب الفَسَويّ: تُوُفّي في أول سنة اثنتي عشرة. 391- مالك بن إسماعيل1 -ع: أبو غسان النهدي، مولاهم الكوفّي سِبْط إسماعيل بن حمّاد بن أبي سليمان. روى عن: فُضَيْل بن مرزوق، وإسرائيل، وزُهَير بن معاوية، وعبد العزيز بن الماجشون، والحسن بن صالح بن حجاز، وأسباط بن نصر، وجُوَيْرية بن أسماء، وورَقْاء بن عُمر، وخلْق. وعنه: خ. وم. ع. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأحمد بْن مُلاعب، وأحمد بْن سليمان الرُّهاويّ، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد الصّاغانيّ، ومعاوية بْن صالح الأشعريّ، وأَبُو زُرْعَة، وأبو حاتم، وآخرون. قَالَ محمد بْن عليّ بْن داود البغداديّ: سَمِعْتُ يحيى بْن مَعِين يَقُولُ لأحمد بْن حنبل: إِنْ سَرَّك أن تكتب عَنْ رجلٍ لَيْسَ في قلبك منه شيء فاكتب عَنْ أَبِي غسّان. وقال أبو حاتم: قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بالكوفة أتقن منه. وقال يعقوب بْن شيبة: ثقة، صحيح الكتاب، متثبت من العابدين.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 404"، التاريخ الكبير "7/ 315"، الكنى والأسماء "2/ 76"، الجرح والتعديل "8/ 206، 207"، الثقات لابن حبان "9/ 164"، ميزان الاعتدال "2/ 424، 425"، التهذيب "10/ 3، 4".

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: أبو غسّان محدِّث من أئمّة المحدِّثين. وقال أبو حاتم: لم أرَ بالكوفة أتقن منه لَا أبو نُعَيْم ولا غيره. وله فضلٌ وعبادة واستقامة. وكانت عَلَيْهِ سجّادتان. كنتَ إذا نظرت إليه كأنه خرج من قبر. وقال النَّسائي: ثقة. وقال أبو داود: جيّد الأخذ، شديد التشيُّع. وقال ابن سعْد: مات في غرة ربيع الآخر سنة تسع عشرة ومائتين. 392- مالك بن سليمان الهَرَويّ1: أبو عبد الرحمن السَّعديّ المفّسر. روى عن: إبراهيم بن طَهمان، وشُعْبة بن الحَجّاج، ومَعْمَر بن الحسن، وإسرائيل، وابن أبي ذئب. توفي سنة أربع عشرة. 393- مالك بن فديك2: كوفي، سمع من: الأعمش. لقِيه مُطَيِّن. خرَّج له البيهقّي في الصلاة. لم أرَه فِي كتاب ابن أَبِي حاتم، ولا غيره. 394- المُثَنَّى بن يحيى بن عيسى بن هِلال3: أبو عليّ التميميّ المَوْصِليّ، جدّ أبي يَعْلَى أحمد بن عليّ. روى عن: أبي شِهاب الحنّاط، وعليّ بن مُسْهِر. ونزل بغداد للتّجارة. روى عنه: أحمد بن مُسَاوِر، ومحمد بن غالب تمتام.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 210"، ميزان الاعتدال "3/ 427"، لسان الميزان "5/ 4". 2 الثقات لابن حبان "9/ 165". 3 الثقات لابن حبان "9/ 193".

395- مُخَوَّل بن إبراهيم بن مُخَوَّل بن راشد النَّهْديّ1. الكوفيّ الحنّاط. عن: إسرائيل بن يونس، وعبد الجبّار بن العبّاس، وغيرهما. وعنه: أحمد بن يحيى الصوفيّ، وأحمد بن عثمان بن حكيم، وأبو حاتم الراويّ. وقال: صدوق. قلت: يقال: إنه كان من غُلاةِ الرافضة. 396- مسرور بن صَدَقَة الحارثّي الدّمشقّي: عن: الأوزاعيّ. وعنه: قاسم الخوعيّ، وأحمد بن عبد الواحد بن عَبُّود، وأحمد بن بكر البالِسيّ، وآخرون. 397- مسرور بن موسى. أبو عبد الرحمن. قاضي نَيْسابُور: كنّاه الحاكم. سمع في رحلته مع يحيى بن يحيى من: مالك، وابن لَهِيعَة، وابن المبارك، وغيرهم. وعنه: أحمد بْن عبد الله العَتَكيّ، ورجاء بْن السّنْديّ، وعليّ بْن سَلَمة اللَّبَقيّ، والحسين بْن منصور، وغيرهم. 398- مسكين بن عبد الرحمن التُّجَيْبيّ المصريّ2. أبو الأسود: عن: الليث بن سعد، وخالد بن حُمَيْد، ويحيى بن أيّوب. تُوُفّي سنة خمس عشرة ومائتين. 399- مطرِّف بن عبد الله بن مطرِّف بن سليمان بن يَسَار3 -خ. ت. ق:

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 399"، الثقات لابن حبان "9/ 203"، ميزان الاعتدال "4/ 85". 2 الثقات لابن حبان "9/ 194". 3 الطبقات الكبرى "5/ 438"، التاريخ الكبير "7/ 397"، الجرح والتعديل "8/ 315"، ميزان الاعتدال "4/ 124، 125"، تهذيب التهذيب "10/ 175، 176".

مولى أم المؤمنين ميمونة. الفقيه أبو مُصْعَب الهلاليّ اليساريّ المدنيّ الأطْرُوش. روى عن: خاله مالك بن أنس، وابن أبي ذئب، وأسامة بن زيد بن أسلم، وعبد الرحمن بن أبي المَوّال، ونافع بن أبي نُعَيْم، ومسلم بن خالد الزَّنجيّ، وجماعة. وعنه: خ. وت. وق. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، والربيع بْن سليمان المُراديّ، وأبو زُرْعة الرازيّ، وأبو حاتم، ويعقوب الفَسَويّ، وأحمد بْن خُلَيْد الحلبيّ، وبِشْر بْن موسى، وأبو يحيى عبد الله بْن أَبِي مَسَرّة، وخلْق سواهم. وقال أبو حاتم: صدوق، مضطّرب الحديث. وهو أحب إليّ من إسماعيل بن أبي أُوَيْس. مات سنة عشرين ومائتين. وتابعه على وفاته أحمد بن أبي خَيْثَمَة. وقيل: وُلد سنة سبعٍ وثلاثين ومائة. وكان من كبار الفقهاء المالكيّة، رحِمه الله. 400- مُعَاذُ بن فَضَالَةَ1 أبو زيد البصْريّ: عن: هشام الدَّسْتُوائيّ، وسُفْيان الثَّوْريّ، ويحيى بن أيّوب المصريّ، وحفص بن مَيْسرة، وعمر بن قيس سَنْدل، وجماعة. وعنه: خ. ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وأحمد بن منصور الرمادي، وأبو حاتم ووثقه، ويعقوب الفسوي، وأبو قلابة الرقاشي، وأبو مسلم الكجي، وآخرون. 401- معاوية بن عبد الله الأسواني: مولى بني أمية أبو سفيان. روى عن: مالك، واللَّيْث، وابن لَهِيعة. وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح، وغيره. توفي سنة ثمان عشرة.

_ 1 التاريخ الكبير "7/ 366"، الجرح والتعديل "8/ 251"، الثقات لابن حبان "9/ 177"، تهذيب التهذيب "10/ 193".

402- معاوية بن عمرو بن المهلب بن عمرو الأزدي المعني البغدادي1: أبو عمرو. عن: فضيل بن مرزوق، وإسرائيل، وزائدة، وجرير بن حازم، وعبد الرحمن المسعودي، وجماعة. وروى المغازي عن: أبي إسحاق الفَزَاريّ. وعنه: خ. وع. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، ويحيى بْن مَعِين، وأبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، وأحمد بْن منيع، وعَمْرو النّاقد، وزُهَير بْن حرب، وهارون الحمّال، وعبد بْن حُمَيْد، ومحمد بْن أحمد بْن النَّضر الأزديّ، وخلْق. قَالَ أحمد بْن حنبل: صدوق ثقة. وقال ابن مَعِين: كَانَ رجلًا شجاعًا لَا يبالي بلقاء رجلٍ أو عشرين. وكان يُقال لَهُ: ابن الكِرْمانيّ. وقال ابن سعْد: روى عَنْ زائدة مُصَنَّفَه، وعن أَبِي إسحاق الفَزَاريّ كتاب "السيرة" في دار الحرب. ونزل بغداد وسمع من أهلها. وقال أبو غالب عليّ بْن أحمد بْن النَّضْر الأزديّ: رَأَيْت جدّي معاوية بْن عَمْرو وهو عند رأس أُمِّهِ وهي في الموت، فجعل وجهها نحو القِبْلة ورِجْلَيْها بحِذاء القبلة. فلما قاربت أن تقضي سترها منّا وصلّى عليها فكبَّر أَرْبَعًا. قال: وكان مولده سنة ثمانٍ وعشرين ومائة. ومات سنة أربع عشرة ومائتين. قال ابن سعْد: تُوُفّي في غُرّة جُمَادَى الأولى سنة أربع عشرة. قاله في "الطّبقات الصغير". 403- معقل بن مالك2 -ت- أبو شريك الباهلي البصري:

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 341"، التاريخ الكبير "7/ 334"، الجرح والتعديل "8/ 386"، الثقات لابن حبان "9/ 167"، سير أعلام النبلاء "10/ 214، 215"، تهذيب التهذيب "10/ 215". 2 الجرح والتعديل "8/ 286"، الثقات لابن حبان "9/ 202"، ميزان الاعتدال "4/ 147"، التهذيب "10/ 234".

عن: محمد بن راشد المكحوليّ، وعُقْبة بن عبد الله الأصَمّ، وأبي عَوَانة، وطائفة. وعنه: محمد بن المُثَنَّى، وأبو أُميّة الطَّرَسُوسيّ، وأحمد بن الحسن التِّرْمِذيّ، والبخاريّ في "كتاب القراءة خلف الإمام"، ويعقوب الفَسَويّ، والكُدَيْميّ. وثقه ابن حِبّان. وتُوُفّي سنة ثلاث عشرة. 404- مُعَلّى بن أسد1 -خ. م. ت. ن. ق: أبو الهيثم العمي المصري المؤدّب. أخو بَهْز بن أسد. عن: وُهَيْب بن خالد، وعبد العزيز بن المختار، وعبد الله بن المُثَنَّى الأنصاريّ، ويزيد بن زُرَيْع، وجماعة. وعنه: خ. وم. ت. ن. ق. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وحَجّاج بْن الشاعر، وسليمان بْن معبد السبخيّ، وحفص بْن عُمَر سنجة الرَّقّيّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، وهلال بْن العلاء، وعثمان الدّارميّ، وعليّ بْن عبد العزيز البَغَويّ، وطائفة. وكان من الثَّقات الأثبات. قال أبو حاتم: ما أعلم أنّي عثرت له على خطأ غير حديث واحد. وقال ابن حِبّان: مات في رمضان سنة ثمان عشرة، ومائتين بالبصرة. وقال خليفة: مات سنة تسع عشرة ومائتين. 405- المُعَلّى بن تُرْكة2. أبو عبد الصّمد: سمع: المسعوديّ، وأبا معشر السندي. وسكن الثغور.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 306"، التاريخ الكبير "7/ 395"، الجرح والتعديل "8/ 334"، الثقات "9/ 182"، التهذيب "10/ 236". 2 المغني في الضعفاء "2/ 669"، ميزان الاعتدال "4/ 148"، لسان الميزان "6/ 63".

روى عنه: محمد بن آدم بن سليمان، وأحمد بن هارون بن آدم المصيصيان. قال أبو الفتح الأزْديّ: متروك. وقال أبو أحمد الحاكم: لا يتابع في رجل روايته. 406- معلى بن منصور1 -ع: أبو يعلى الرازي، نزيل بغداد. عن: مالك، واللَّيْث، وشَرِيك، وأبي عَوَانة، وحمّاد بن زيد، وسليمان بن بلال، وعبد الله بن جعفر المُخَرِّميّ، وهُشَيْم، وخلْق. وتفقّه على أبي يوسف، وغيره. وكان من كبار علماء الرأي. روى عنه: أبو ثور الكلبّي، وأبو خَيْثَمَة، ومحمد بن يحيى الذُّهْلي، وحجاج بن الشاعر، وأحمد بن الأزهر، وأحمد الرمادي، وأبو بكر بن شيبة، وعباس الدوري، ومحمد بن عبد الله المخرمي، والبخاري في غير "الصحيح"، وخلق. ولم يكتب عنه أحمد بن حنبل حرفا. وقال أبو حاتم الرازي: قيل لأحمد: كيف لم تكتب عَنِ الْمُعَلَّى بْن منصور؟ قَالَ: كَانَ يكتب الشّروط، ومَن كتبها لم يَخْلُ مِن أن يكذب. وقال أبو زُرْعة: رحم اللَّه أحمد بْن حنبل، بلغني أنّه كَانَ في قلبه غُصَص مِن أحاديث ظهرت عَنِ المُعَلّى بْن منصور كَانَ يحتاج إليها. وكان الْمُعَلَّى أشبه القوم، يعني أصحاب الرأي، بأهل العلم. وذلك أنّه كَانَ طَلّابةً للعلم، رحل وعُنِي بِهِ، وهو صَدُوق. وقال عُثْمَانَ الدَّارَمِيِّ: عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةً. وَقَالَ أحمد العِجْليّ: ثقة صاحب سُنّة. قيل: طلبوه للقضاء غير مرّة فأبى.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 341"، التاريخ الكبير "7/ 395"، الجرح والتعديل "8/ 334"، تهذيب التهذيب "10/ 238-240".

وقال يعقوب بن شيبة: ثقة متقن فقيه. وقال أحمد بن كامل: كان من كبار أصحاب أبي يوسف ومحمد ومِن ثقاتهم في الرواية. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا. وقال عُمَر بْن بكّار القافلانيّ: ثنا محمد بْن إسحاق، وعبّاس بْن محمد. قالا: سمعنا يحيى بْن مَعِين يَقُولُ: كَانَ الْمُعَلَّى بْن منصور الرازي يومًا يُصلّي، فوقع عَلَى رأسه كور الزَّنابير، فما التفت ولا انفتل حتّى أَتَمّ صلاته. فنظروا فإذا رأسه قد صار هكذا من شدّة الانتفاخ. وقال أبو عَمْرو أحمد بْن المبارك المُسْتَملي: حدّثني سهل بْن عمّار قَالَ: كنتُ عند الْمُعَلَّى بْن منصور، وإبراهيم بْن حرب النَّيْسابوريّ في أيّام خاض الناس في القرآن. فدخل علينا إبراهيم بْن مقاتل المَرْوزيّ، فذكر للمُعَلَّى أنّ الناس قد خاضوا في أمره. قَالَ: ماذا؟ قَالَ: يقولون: إنّك تَقُولُ: القرآن مخلوق. قَالَ: ما قلت، ومَن قَالَ: القرآن مخلوق فهو عندي كافر. وقال ابن سَعْد، وجماعة: تُوُفّي سنة إحدى عشرة. قلت: وقد دخل عَلَيْهِ البخاري سنة عشر فسمع منه شيئًا يسيرًا؛ لأنّه وجده عليلًا. 407- مَعْمَرُ بن عبّاد1: وقيل: معمر بن عَمْرو، أبو المعتمر البصْريّ العطّار المعتزليّ. مولى بني سُلَيْم وأحد كبارهم ومتبوعيهم. وكان يَقُولُ: إنّ في العالم أشياء موجودة لَا نهاية لها ولا تُحصى، ولا لها عدد ولا مقدار. وهذا تكذيب للآية {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار} [الرعد: 8] ، ولقوله: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: 28] ، وعلى هذا طلبته المعتزلة بالبصرة عند السلطان، ففرّ إلى بغداد، وبها مات مختفيًا عند إبراهيم بن السندي.

_ 1 طبقات المعتزلة "54-56"، التبصرة "45"، الملل والنحل "1/ 65".

وكان يزعم أنّ اللَّه لم يخلق لَوْنًا، ولا طُولًا، ولا عَرضًا، ولا عُمقًا، ولا رائحة: ولا قُبْحًا، ولا حُسْنًا، ولا سَمْعًا ولا بَصَرًا، وذلك كلّه فِعل الأجسام بطِباعها. وعُورض بقوله تعالى: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [الملك: 2] . فقال: إنّما أراد خلْقَ الإماتة والإحياء. وكان يزعم أنّ النّفس ليست جسمًا ولا عَرَضًا، ولا تُماسّ شيئًا ولا تُبَايِنُه، ولا تتحرَّك ولا تَسْكُن. وهذا قول أهل الإلحاد. وكان بينه وبين النَّظَّام مُناظرات ومُنازعات في مسائل، وله مصنَّفات في الكلام. قَالَ محمد بْن إسحاق النَّديم: تُوُفّي سنة خمس عشرة ومائتين. 408- معمّر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ1 الهاشميّ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -ق: وقيل: معمّر بن محمد بن عُبَيد اللَّه بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رافع. روى عن: جدّه، وأبيه، وعمّه معاوية. وعنه: عَبّاد بن الوليد العَنْبريّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأحمد بن يحيى بن مالك السُّوسيّ، والحسن بن مُكْرَم. قال ابن مَعِين: لم يكن من أهل الحديث لا هُوَ ولا أَبُوهُ. كَانَ يلعب بالحَمَام. وقال ابن عديّ: مقدار ما يرويه لَا يُتَابَع عَلَيْهِ. وقال أبو حاتم: رأيته سنة ثلاث عشرة ومائتين. روى له ابن ماجة حديثين. 409- مُعَمَّر بن يَعْمَر اللَّيْثِي الدّمشقيّ2: سمع: معاوية بن سلّام. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، والعبّاس بن الوليد الخلّال.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 373"، المجروحين لابن حبان "3/ 38، 39"، ميزان الاعتدال "4/ 156"، التهذيب "10/ 250". 2 الثقات لابن حبان "9/ 192"، تهذيب التهذيب "10/ 251".

ضبطه بالتّثقيل عبد الغني، ومحلُّه الصَّدق. 410- مَعْنُ بنُ الوليد بن هشام بن يحيى بن يحيى الغسّانيّ1: عن: أبيه، وسُفيان بن عُيَيْنَة، ومروان بن معاوية، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حاتم، ويزيد بن محمد بن عبد الصّمد، وآخرون. وكان دُحَيْم لَا يقدّم عليه أحدًا من أصحاب الوليد بن مسلم. وقال أبو حاتم: ثقة. قلت: تُوُفّي سنة ثمان عشرة، وما أظنّه جاوز الخمسين رحمه الله. 411- مكّيُّ بنُ إبراهيم بن بشير بن فرقد2 -ع: أبو السكن التميمي الحنظلي البلخي. أحد الثّقات الأعلام. روى عن: أيْمَن بن نابِل، ويزيد بن أبي عُبَيْد، وبهز بن حكيم، والجعيد بن عبد الرحمن، وجعفر الصادق، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وهشام بن حسان، وهاشم بن هاشم بن عتبة، وابن جريج، وأبي حنيفة، وطائفة. وعنه: خ. وع. عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وبندار، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وإبراهيم بن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وعبد الصَّمد بن سليمان البلْخيّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وعبد الصّمد بن الفضل البلْخيّ، وحفيده محمد بن الحسن بن مكّيّ، وخلْق آخرهم موتا معمّر بن محمد بن معمّر البلْخيّ. قَالَ عبد الله بْن عَمرو بْن العَمْركيّ: سَمِعْتُ عبد الصّمد بْن الفضل: سَمِعْتُ مَكِّيًّا يَقُولُ: حججت ستّين حَجّةً، وتزوّجت ستّين امْرَأَة. وجاورت بالبيت عَشْر سِنين، وكتبت عَنْ سبعة عشَرَ نفْسًا من التّابعين. ولو علمت أنّ الناسَ يحتاجون إليّ لَمَا كتبتُ عن أحدٍ دون التابعين.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 278"، الثقات لابن حبان "9/ 181". 2 الطبقات الكبرى "7/ 373"، التاريخ الكبير "8/ 71"، الجرح والتعديل "8/ 441"، تهذيب التهذيب "10/ 293-295".

وعن عُمَر بْن مُدرك، عَنْ مكّيّ قَالَ: قطعت البادية من بلْخ خمسين مرّة حاجًّا، ودفعت في كِرَى بيوت مكّة ألف دينار ونيِّفًا. وقال الفلّاس: قدِم علينا مكي بن إبراهيم سنة اثنتي عشرة. وقال آخر: قدِم بغداد سنة خمسٍ ومائتين. وعنه قال: وُلدت سنة ستٍّ وعشرين ومائة. وقال محمد بن سَعْد، وغيره: مات ببلْخ في النّصف من شعبان سنة خمس عشرة. وقال محمد: كان ثقة ثَبْتًا. وقال محمد بْن عبد الوهاب الفرّاء: ثنا مكّيّ بْن إبراهيم الرجل الصّالح بنَيْسابور. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة مأمون. وقال النَّسائيّ: ليس به بأس. قُلْتُ: حَدَّثَ مَكِّيٌّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَى النَّجَاشِيِّ"1. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ. قُلْتُ: ثُمَّ إِنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ رِوَايَتِهِ. قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْفَضْلِ: سَأَلْنَا مَكِّيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ فَحَدَّثَنَا مِنْ كِتَابِهِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا فِي كِتَابِي، يَعْنِي حَدِيثَ: "كَبَّرَ عَلَى النَّجَاشِيِّ". وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي "الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ": ثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ مَكِّيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: "مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْهَى عَنْهُمَا وَأُعَاقِبُ عليهما: متعة النساء، ومتعة الحج"2.

_ 1 حديث صحيح لغيره: أخرجه البخاري "1333"، ومسلم "951"، وأبو داود "3204". 2 حديث صحيح لغيره: أخرجه النسائي في السنن الصغرى "2735"، وفي الكبرى "3716"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن النسائي "2735".

قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُعْضِلٌ، لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ غَيْرُ مَكِّيٍّ، وَهُوَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ. وقال مكّيّ: حضرت مجلس محمد بْن إسحاق، فإذا هُوَ يروي أحاديث في صفة اللَّه تعالى لم يحتملْها قلبي، فلم أعُدْ إِلَيْهِ. وعن مكي قال: طلبت الحديث ولي سبع عشرة سنة. 412- مكّيّ بن عبد الله الرُّعَيْنيّ: في طبقة أحمد بن حنبل. يأتي. 413- مُنّبه بن عثمان اللَّخْميّ الدَّمشقيّ1: كان أسند شيخٍ بقي بدمشق. روى عن: ثور بن يزيد، وعُرْوة بن رُوَيْم، وأرطأة بن المنذر، وخُلَيد بن دَعْلج، وعمر بن زيد، والأوزاعيّ، والوَضِين بن عطاء، وطائفة. وعنه: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن مُصَفَّى، وهارون بن محمد بن بكّار، وأحمد بْن يحيى بْن حمزة، وأحمد بْن عبد القاهر اللَّخْميّ شيخ للطَّبرانيّ، وآخرون. قال ابن زَبْر: وُلِد سنة ثلاث عشرة ومائة. وقال أبو زرعة الدمشقي: سَمِعْتُ منبّه بْن عثمان يَقُولُ: كنت حَمْلًا عام الجرّاح الحَكَميّ، وهي سنة اثنتي عشرة. وقال أبو حاتم: كان صدوقًا. وقال أبو زُرْعة: لِقيتُهُ سنة اثنتي عشرة ومائتين ومات بعد ذلك بيسير. 414- منصور بن زيد بن أبي خداش الموصلي: رحل، وكتب الكثير.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 419"، الثقات لابن حبان "9/ 198".

وروى عن: المُعَافَى بن عِمران، ومحمد بن مسلم الطّائفيّ، وعيسى بن يونس، وجماعة. روى عنه: نسيبه عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد بْن أَبِي خِداش، ومبارك بن عبد الله النَّصيبيّ. تُوُفّي سنة ثلاث عشرة ومائتين. 415- منصور بن صقير1. أبو النضر: عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وعُبَيد الله بن عَمْرو الْجَزَريّ، وموسى بن أَعْين، وجماعة. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، وجعفر بن شاكر، وبِشْر بن موسى، وجماعة. قال أبو حاتم: في حديثه اضطّراب، وليس بالقويّ. روى عنه أيضًا: محمد بن غالب تمتام، وأبو أُميّة محمد بن إبراهيم. وكان جُنْديًّا. 416- منصور بن مجاهد البصْريّ: شيخ. يروي عن: أبي عَوَانة، وحمّاد بن زيد، وغيرهما. قال أبو الفتح الأزديّ: كان يضع الحديث. وقال أبو القاسم بن مَنْده: تُوُفّي سنة ثمان عشرة ومائتين. 417- مِنْهالُ بن بحر2. أبو سَلَمَةَ العُقَيْليّ: عن: ابن عَوْن، وهشام بن حسان، وسعيد بن أبي عروبة، وجماعة. وعنه: أبو حفص الفلاس، وأبو حاتم الرازي وقال: ثقة، وعلّي بن عبد العزيز. قال العقيلي: في حديثه نظر.

_ 1 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "376". 2 التاريخ الكبير "8/ 12"، الجرح والتعديل "8/ 357"، المجروحين لابن حبان "1/ 82"، ميزان الاعتدال "4/ 191".

418- موسى بن خالد1 -م: أبو الوليد الحلبي، خَتَن الفِريْابيّ. سمع: أبا إسحاق الفَزَاريّ، ومُعْتَمر بن سليمان، وجماعة. وتُوُفّي كهلًا. روى عنه: عبّاس التُّرقُفيّ، ومحمد بن سهل بن عسكر، وعبد الله الدّارميّ. له في "مسلم" حديث وقع لنا موافقةً في كتاب الدّارميّ. 419- موسى بن داود الضبي2 -م. د. ن. ق: أبو عبد الله الطرسوسي الحلواني. أصله من الكوفة، ثم سكن بغداد، ثم ولي قضاء طَرَسُوس وبها تُوُفي. سمع: شُعْبة، والثَّوْريّ، وحماد بن سَلَمَةَ، وعبد العزيز الماجشون، ومبارك بن فَضَالَةَ، وزُهير بن معاوية، ونافع بن عمر، وطائفة. وعنه: أحمد بن حنبل، وحَجّاج بن الشّاعر، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بْن يحيى الْأَزْدِيّ، ومحمد بْن أحمد بن أبي خَلَف، ومحمد بن أحمد بن أبي العوّام، وعبّاس الدُّوريّ، وخلْق. وثقة غير واحد. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: كان زاهدًا، ثقة، صاحب حديث. ولي قضاء المِصِّيصة. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كان مُصَنِّفًا مُكثِرًا مأمونًا، ولي قضاء الثغور. قلت: آخر مَن حَدَّث عنه بِشْر بن موسى الأسَديّ. قال ابن سعْد: كان ثقة صاحب حديث، ولي قضاء طَرَسُوس وبها مات سنة سبع عشرة.

_ 1 الثقات لابن حبان "9/ 161"، الجمع بين رجال الصحيحين "2/ 485". 2 الطبقات الكبرى "6/ 356"، التاريخ الكبير "7/ 283"، الجرح والتعديل "8/ 141"، الثقات لابن حبان "9/ 160"، ميزان الاعتدال "4/ 204"، تهذيب التهذيب "10/ 342، 343".

له في "مسلم" حديث في الصّلاة. 420- موسى بن سليمان1. أبو عِمران الباهليّ البصْريّ: عن: قُزْعَة بن سُوَيْد، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وجرير بن حازم. روى عنه: أبو حاتم وقال: ثقة، ثقة. 421- موسى بن سليمان2: الفقيه أبو سليمان الْجَوْزجانيّ، صاحب أبي يوسف، ومحمد. روى عنهما، وعن: ابن المبارك. وعنه: بِشْر بن موسى، والقاضي البِرْتِي، وأبو حاتم الرازيّ، وجماعة. قال ابن أبي حاتم: كان يُكَفِّر القائلين بخلق القرآن. وقيل: إنّ المأمون عرض عَلَيْهِ القضاء فامتنع، وذكر أنّه لَا يصلُح، فأعفاه. 422- موسى بن مسعود3 -خ. د. ت. ق: أبو حذيفة النهدي البصري. عن: أَيْمَن بن نابِل، وإبراهيم بن طَهْمان، وسُفْيان، وزائدة، وعِكْرِمة بن عمّار، وشِبْل بن عَبّاد، وغيرهم. وعنه: خ. ود. ت. ق. عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن محمد شَبُّوَيْه، ومحمد بن يحيى، وعبد بن حُمَيْد، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأبو حاتم، وحمّاد بن إسحاق القاضي، ومحمد بن الحسن بن كَيْسان المِصِّيصيّ، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن زكرّيا الأصبهانيّ، وحفصَ بن عمر الرَّقّيّ، وخلْق. قال أحمد: هو من أهل الصِّدْق. وقال أبو حاتم: صدوق، معروف بالثَّوريّ. وكان الثَّوريّ نزل البصرة على

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 144، 145". 2 الجرح والتعديل "8/ 145"، تاريخ بغداد "13/ 36، 37". 3 الطبقات الكبرى "7/ 304"، التاريخ الكبير "7/ 295"، الجرح والتعديل "8/ 163"، تهذيب التهذيب "10/ 370".

رَجُل، وكان أبو حُذَيْفَة معهم. فكان سُفْيان يوجّه أبا حُذَيفة في حوائجه. ولكن كَانَ يصحّف. وروى عَنْ سُفْيان الثَّوريّ بضعة عشرة ألف حديث في بعضها شيء. وقال بُنْدار: ضعيف. وقال ابن خُزَيْمة: لَا أحتجّ به. وقال الفلّاس: لَا يحدِّث عنه مَن يُبصر الحديث. وقال ابن سعد: قِيلَ: إنّ الثَّوريّ تزوّج أمّه لما قدِم البصرة. وقال غيره: كان مؤدِّبًا. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة عشرين. وفيها قَالَ محمد بْن المُثَنَّى: تُوُفّي المِنْهال بْن بحر، وزُفَر بْن هبيرة، وسَكَنُ بْن سليمان، وبِشْر بْن الوضّاح، ومحمد بْن مَخْلَد الحضْرميّ، وهانئ بْن يحيى. وقال البخاريّ: مات أبو حُذَيْفة سنة عشرين. وقال غيره: عاش اثنتين وتسعين سنة. "حرف النون": 423- نَصر بن مزاحم المِنْقَريّ الكوفّي1: سكن بغداد. وروى عن: شُعْبة، والثَّوْريّ، ويزيد بن إبراهيم، وغيرهم. وعنه: نوح بن حبيب، وأبو سعيد الأشجّ، وعليّ بن المنذر، وغيرهم. وكان يترفّض. قال أبو إسحاق الجوزجاني: كان زائغًا عن الحقّ. وقال صالح بن محمد: يروي عن الضعفاء.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 105"، الجرح والتعديل "8/ 468"، الثقات لابن حبان "9/ 215"، الميزان "4/ 253".

وقال أبو الفتح الأزْديّ: هو غالٍ في مذهبه غير محمود في حدَّيثه. مات سنة اثنتين عشرة ومائتين. 424- النَّضر بن عبد الجبّار بن نصير1. -د. ن. ق: أبو الأسود المرادي، مولاهم المصريّ الكاتب. كاتب لَهِيعة بن عيسى بن لَهِيعة قاضي مصر. روى عن: ابن لَهِيعة، ونافع بن يزيد، واللَّيث، وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ، وَمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ، وَجَمَاعَةٌ. وعنه: أحمد بن صالح المصريّ، وأبو عُبَيْد القاسم بن سلّام، ويحيى بن مَعِين، والربيع بن سليمان الجيزيّ لَا المُراديّ، ومحمد بن إسحاق الصّاغانيّ، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو حاتم، والمِقْدام بن داود الرُّعَيْنِي، ويحيى بن عثمان السَّهْميّ، وجماعة. قال ابن معين: كان راوية ابن لَهِيعة، وكان شيخًا صدوقًا. وقال أبو حاتم: صدوق، عابد، شبهّته بالقَعْنَبيّ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو سعيد بن يونس: تُوُفّي لخمسٍ بقين من ذي الحجة سنة تسع عشرة ومائتين. وصلّى عليه هارون بن عبد الله القاضي. وكان مولده سنة خمس وأربعين ومائة. وله أَخَوان عالمان: رَوْح، وعبد الله. 425- نوح بن ميمون2. أبو سعيد العِجْلِي البغداديّ. عن: سُفْيان الثَّوْريّ، ومالك بن أنس، وبُكَيْر بن معروف. وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد الملك الدَّقيقيّ، ومحمد بن غالب تمتام، وجماعة.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 90"، الجرح والتعديل "8/ 480"، الثقات لابن حبان "9/ 213"، تهذيب التهذيب "10/ 440". 2 الثقات لابن حبان "9/ 211"، تهذيب التهذيب "10/ 450".

وثّقه الخطيب. ويقال له: "المضروب" لضربةٍ جاءته في وجهه من اللُّصوص. 426- نوفل بن مُطَّهر1. أبو مسعود الضّبّيّ الكوفّي الحافظ: روى عن: أبي الأَحْوَص سلّام، وابن المبارك، ومُفَضَّل بن مُهَلْهل. وعنه: عليّ بن محمد الطُّنَافِسيّ، وعبد الرحمن بن الحَكَم، والحسين بن الربيع، وأحمد بن جواس الحنفي. قال أبو حاتم: صاحب حديث صدوق، مثل يحيى بن آدم يحفظ ويَعْقِل. "حرف الهاء": 427- هارون بن صالح بن إبراهيم التَّيْميّ الطّلْحيّ المدنّي2: عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وعبد العزيز بن أبي حازم، وغيرهما. وعنه: يحيى بن موسى البلْخيّ، وأبو حاتم وقال: صدوق، ومحمد بن إسماعيل السُّلميّ. حدث سنة ست عشرة. 428- هارون ابْن الوزير أبي عُبَيْد الله مُعَاوِيَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ الأَشْعَرِيُّ3: مولاهم البغدادي. سمع: أباه، وعطاف بن خالد، وفرج بن فضالة، وحفص بن غياث. وعنه: عبد الله الدارمي، وعبد الكريم الديرعاقولي، وأبو حاتم وقال: صدوق. 429- هانئ بن يحيى4. أبو مسعود السلمي البصري:

_ 1 تاريخ الثقات للعجلي "453"، الجرح والتعديل "8/ 488، 489". 2 الجرح والتعديل "9/ 91، 92"، الثقات لابن حبان "9/ 239"، تهذيب التهذيب "11/ 8". 3 الجرح والتعديل "9/ 97"، تهذيب التهذيب "1/ 11". 4 الكنى والأسماء للدولابي "2/ 114"، الجرح والتعديل "9/ 103"، الثقات لابن حبان "9/ 247".

عن: زائدة، وأبي قَحْذَم النَّضْر بن مَعْبَد. وعنه: أبو حفص الصَّيْرفيّ، وأبو حاتم الرازّي، وقال: ثقة صدوق. 430- هُرَيْم بن عثمان1. أبو المهلَّب الطّفاويّ. عن: القاسم بن الفضل الحُدانيّ، وعِمارة بن زاذان، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وجماعة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم. قال أبو حاتم: بصْريُّ، صَدُوق. 431- هشام بن إسماعيل بن يحيى2. أبو عبد الملك الدّمشقيّ العطّار: عن: إسماعيل بن عيّاش، وهِقْل بن زياد، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: أبو عُبَيد، وأحمد بن الفُرات، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، ويزيد بن محمد بن عبد الصّمد، وآخرون. وقال النسائي: ثِقَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ المَوْصِليّ: كَانَ مِن عُبّاد الخَلْق. ما رَأَيْت بدمشق أفضل منه. وقال أحمد العِجْلي: ثقة صاحب سُنّة صالح. وقال عبد السّلام بْن عتيق: ثنا هشام بْن إسماعيل العطّار، وما كان في بلدنا مثله. كان أشبه بالقَعْنَبيّ، رحِمه اللَّه. وقال أبو زُرْعة: تُوُفّي سنة سبْع عشرة ومائتين. 432- هشام بن بَهْرام المدائنيّ3 -د. ن: عن: أبي شِهاب الحنّاط، والمعافى بن عمران.

_ 1 الجرح التعديل "9/ 117، 118"، الثقات لابن حبان "9/ 245". 2 التاريخ الكبير "8/ 193"، الجرح والتعديل "9/ 52"، الثقات لابن حبان "9/ 233"، التهذيب "11/ 32". 3 الجرح والتعديل "9/ 53"، الثقات لابن حبان "9/ 233"، تهذيب التهذيب "11/ 33".

وعنه: عبّاس الدُّوريّ، والصَّغَانيّ، وعليّ بن أحمد بن النّضْر. وثقة الخطيب. 433- هشام بن سعيد الطّالقانيّ البزّاز1 -د. ن: نزيل بغداد. عن: معاوية بن سلّام، وعبد الله بن لَهِيعة، ومحمد بن مهاجر. وعنه: هارون الحمّال، وأحمد بن أبي خَيْثمة، ومحمد بن رافع، ومحمد بن يوسف البِيكَنْديّ، وأحمد بن حنبل. قال الإمام أحمد: ثقة صالح. 434- هارون بْن الفضل2: أبو يَعْلَى الرازيّ الحنّاط. عن: عَمْرو بن يحيى بن سعيد الأُمويّ، ومحمد بن سليمان الأصبهانيّ، ومسلم بن خالد الزَّنْجيّ، ورفاعة بن إياس، وجماعة. وسمع من: محمد بن سُليمان البَلْخيّ صاحب الضّحّاك. روى عنه: أبو يحيى الزَّعْفرانيّ، وأبو حاتم الرازيّ. 435- هَوْذَةُ بنُ خليفة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي بكرة الثقفي3 -ق: البكرواي البصْريّ الأصمّ، أبو الأشهب. نزيل بغداد ومُسْنِدُها. روى عن: سليمان التَّيْميّ، ويونس بن عُبَيْد، وابن عَوْن، وعَوْف الأعرابيّ، وأبي حنيفة، وابن جريج، وطائفة.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 346"، الجرح والتعديل "9/ 62، 63"، الثقات لابن حبان "9/ 232"، تهذيب التهذيب "11/ 41". 2 الجرح والتعديل "9/ 93". 3 الطبقات الكبرى "7/ 339"، التاريخ الكبير "8/ 246"، الجرح والتعديل "9/ 118، 119"، تهذيب التهذيب "11/ 74، 75".

وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن سَعْد، ويوسف بن موسى القطّان، ومحمد بن عبد الله المُخَرِّميّ، وعباس الدُّوريّ، والحارث بن أبي أسامة، وبِشْر بن موسى، وإبراهيم الحربيّ، وخلْق. قال أحمد بن حنبل: ما كان أصلح من حديثه، أرجو أن يكون صدوقًا. وقال: ماكان أضبطه من عَوْف. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابن مَعِين: ضعيف. وقال غيره: كان قد كتب الكثير ولكن ذهبت أكثر كُتُبه. مات في شوّال سنة ستّ عشرة وله إحدى وتسعون سنة. قلت: ووقع حديثه عاليًا لأصحاب ابن طبرزد، والكندي. 436- الهيثم بن جميل1 -ق- أبو سهل البغدادي الحافظ: نزيل أنطاكية. عن: مالك، والليث، وحماد بن سَلَمَةَ، وزُهير بن معاوية، وشَرِيك، ومَنْدَل بن عليّ، وطائفة. وعنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن عوف الطّائيّ، ويوسف بن مُسلّم، وطائفة. قال الدّارَقُطنيّ: ثقة حافظ. وقال أحمد العِجْليّ: ثقة، صاحب سُنّة. وقال ابن قانع: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة. وأما ابن عدي فقال: ليس بالحافظ، يغلط على الثّقات، وأرجو أن لَا يتعمَّد الكذب.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 490"، التاريخ الكبير "8/ 216"، الجرح والتعديل "9/ 86"، الثقات لابن حبان "9/ 236" التهذيب "11/ 90".

437- الهيثم بن عُبَيد الله القُرَشّي1: عن: يزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، وقيس بن الربيع، والحَسَن بن صالح بن حي. وعنه: محمد بن إسماعيل الأحْمُسيّ، وأبو حاتم الرازيّ وقال: صدوق. "حرف الواو": 438- ورد بن عبد الله2. أبو محمد الطَّبريّ. سمع: عديّ بن الفضل البصْريّ، وجرير الضَّبّيّ، ومحمد بن طلحة بن مصرّف. وعنه: ابناه محمد ويحيى، وأحمد بن مُلاعب، وغيرهم. وثقة ابن جَوْصا. وقد سكن بغداد. 439- الوضّاح بن حسّان الأنباريّ3: عن: فُضَيْل بن مرزوق، وشعبة، وإسرائيل، وغيرهم. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، والصَّنعَانيّ، وأبو أُميّة الطَّرّسُوسيّ، ومحمد بن سعد العَوْفيّ. قال الفَسَويّ: شيخ مغفَّل. 440- الوليد بن محمد بن النُّعمان السُّلَميّ البصْريّ الحجّام4: حدّث بَنْيسابور سنة سبْع عشرة. عن: شُعْبة، وحمّاد بن سَلَمَةَ. وله غرائب.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 410"، الجرح والتعديل "9/ 85". 2 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "400". 3 الجرح والتعديل "9/ 41"، تاريخ بغداد "3/ 465، 466". 4 الجرح والتعديل "9/ 14، 15"، الضعفاء والمتروكين للدارقطني "172".

وعنه: محمد بن عبد الوهاب الفراء، وأحمد بن مُعَاذ، وجماعة. وأبو زُرْعة، وأبو حاتم. وكان عارفًا بالعربيّة. قال أبو حاتم: ما به بأس. 441- الوليد بن موسى القُرَشيّ الدّمشقيّ1: عن: الأوزاعيّ، وغيره. حدّث بمصر. روى عنه: يوسف بن يزيد القراطيسيّ، ويحيى بن عثمان السَّهْميّ. وهو في عداد الضعفاء. قال العُقيليّ: روى عن الأوزاعيّ البواطيل. 442- الوليد بن الوليد بن يزيد2: أبو العبّاس العنْسيّ الدّمشقيّ القَلانِسيّ. عن: الأوزاعيّ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، وسعيد بن عبد العزيز. وعنه: سَلَمَةُ بن شَبِيب الذُّهَليّ، وعبّاس التُّرقُفيّ، وجماعة. قال الدّارَقُطْني، وغيره: متروك. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال صالح جَزَرَة: قَدَرِيّ. 443- وهْب الله بن راشد3: مولى شُرَحْبِيل الحَجَريّ الروميّ الأصل ثم المصري. أبو زرعة المؤذّن. شيخ مُعَمَّر. كان مؤذّنَ جامع مصر.

_ 1 الضعفاء للعقيلي "4/ 321، 322"، المجروحين لابن حبان "3/ 82". 2 الجرح والتعديل "9/ 19"، المجروحين لابن حبان "3/ 81، 82"، ميزان الاعتدال "4/ 349". 3 الجرح والتعديل "9/ 27"، الثقات لابن حبان "9/ 228"، ميزان الاعتدال "4/ 352".

روى عن: يونس بن يزيد الأيْليّ، وحُمَيْد بن شريح، وغيرهما. ذُكر أنّه وُلِد سنة سبعٍ وعشرين ومائة. تُوُفّي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة. وقد غمزه سعيد بن أبي مريم. روى عنه: سعْد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، والربيع المُرادي، وطائفة. 444- وهْب بن زَمْعَة التميمي المروزي1 -ت. ن- أبو عبد الله: عن: أبي حمزة السُّكّريّ، وابن المبارك، وعبد العزيز بن أبي رَزْمة، وفَضَالة بن إبراهيم الفَسَويّ، وسُفْيان بن عبد الملك، وغيرهم. وعنه: البخاريّ في خارج "الصحيح"، وأحمد بن عَبْدة الآملي، ومحمد بن عبد الله قُهْزاد، وأحمد بن محمد بن شَبُّوَيْه، وجماعة. وثّقةُ النَّسَائيّ. "حرف الياء": 445- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي قُتَيْلَة السُّلَميّ المدنيّ2. أبو إبراهيم: عن: مالك، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، وعبد العزيز، وعبد الخالق ابْنَيْ أبي حازم، وعمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزوميّ، وجماعة. وعنه: الزُّبَير بن بكّار، ومحمد بن نصر النَّيْسابوريّ الفرّاء، وإبراهيم بن أبي داود البُرُلُّسيّ، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعبد الله بن شبيب الرَّبْعيّ. قال أبو حاتم: ثقة. 446- يحيى بن بسطام3. أبو محمد البصري:

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 170"، الجرح والتعديل "9/ 28"، تهذيب التهذيب "11/ 163". 2 الجرح والتعديل "9/ 127"، الثقات لابن حبان "9/ 258"، تهذيب التهذيب "11/ 174". 2 التاريخ الكبير "8/ 264"، الجرح والتعديل "9/ 132"، ميزان الاعتدال "4/ 366".

رحل في طلب العِلم، وسمع من: اللَّيث بن سَعْد، وابن لَهِيعة، وعبد الواحد بن زياد، ويحيى بن حمزة القاضي، وجماعة. وعنه: أبو محمد الدَّارميّ، وأبو حاتم الرازيّ وقال: ما به بأس، كتبتُ عنه سنة أربع عشرة. 447- يحيى بن حماد بن أبي زياد1 -م. ت. ن. ق: أبو بكر، ويقال: أبو محمد الشيباني. مولاهم البصْريّ خَتَن أبي عَوَانة. عن: أبي عَوَانة، وعِكْرِمة بن عمّار، وشُعْبَة، وهَمّام، وعبد العزيز بن المختار، واللَّيث بن سعْد، وجماعة. وعنه: خ. وخ. أيضًا م. ت. ق. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وإسحاق بن رَاهُوَيْه، وإسحاق الكوسج، وإسحاق بن إبراهيم بن شاذان، وإسحاق بن سَيّار النصيبيّ، وبكّار بن قُتَيْبة، وعبد الله الدَّارميّ، وبُنْدار، وابن وارة، والكُدَيْميّ، وخلْق. قال ابن سعْد: ثقة كثير الحديث. وقال محمد بن النُّعمان بن عبد السّلام: لم أرَ أعبدَ مِن يحيى بن حمّاد، وأظنّه لم يضحك. وقال البخاريّ: مات سنة خمس عشرة ومائتين. 448- يحيى بن سعيد السَّعْديّ العَبشميّ2: أبو زكرّيا الكوفيّ، ويقال: البصْريّ. روى عَنْ: ابن جُرَيْج، عَنْ عطاء، عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر، عَنْ أَبِي ذَرّ، فذكر الحديث الطّويل المُنْكَر الَّذِي يُروى أيضًا عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلانيّ، عَنْ أَبِي ذَرّ. روى عنه: الحسن بن إبراهيم البياني، والحسن بن عرفة، وإبراهيم بن حرب بن عمر، ومحمد بن غالب تمتام، وموسى بن العباس التستري، وغيرهم. قال العقيلي: لا يتابع على حديثه.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 306"، التاريخ الكبير "8/ 267"، الجرح والتعديل "9/ 137، 138"، تهذيب التهذيب "11/ 199، 200". 2 الضعفاء للعقيلي "4/ 404"، المجروحين لابن حبان "3/ 129"، ميزان الاعتدال "4/ 377، 378".

وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. وقال ابن عديّ: يُعرف بهذا الحديث، وهو حديث مُنْكَر من هذا الطريق. 449- يحيى بن عبد الله بن الضَّحّاك بن بابْلُتّ1: وهو رازيّ قدِم حَرَّان، فقيل لَهُ: من أين أنت؟ قَالَ: من الرّيّ من موضع، يقال لَهُ: بابْلُتّ. وأمّا أبو أحمد الحاكم فقال: بابْلُتّ قرية بين حَرّان والرَّقّة. روى عن: زوج أمّه الأوزاعيّ، وأبي بكر بن أبي مريم الغسّانيّ، وابن أبي ذئب، وصَفْوان بن عَمْرو السَّكْسَكيّ، وأبي جعفر الرازيّ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، وجماعة. وعنه: أبو إسحاق الْجَوْزجانيّ، وأبو أميّة الطَّرَسُوسيّ، وإسماعيل سَمُّويْه، ومحمد بن يحيى الحرّانيّ، وسليمان بن سيف الحرّاني، وإسحاق بن سيّار النَّصيبيّ، وحفص بن عمر الرَّقّيّ، وابن زوجته أبو شُعَيْب عبد الله بن الحسن الحرانيّ، وغيرهم. قال البخاريّ: قال أحمد بن حنبل: أمّا السَّماع فلا يُدفع. وضعّفه أبو زُرْعة، وغيره، وابن حِبّان. وقال ابن عديّ: له أحاديث صالحة عن الأوزاعيّ تفرّد ببعضها. وأثر الضَّعْف على حديثه بَيِّن. قال محمد بن يحيى: تُوُفّي سنة ثمان عشرة ومائتين. وأمّا قول أحمد بن كامل القاضي أنّه عاش سبعين سنة فغير ثابت، لعلّه كان تسعين سنه، فتصحّف. 450- يحيى بن عَمرو بن عُمارة2. أبو الخَطّاب اللَّيْثيّ الدّمشقيّ: عن: الأوزاعيّ، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.

_ 1 الطبقات الكبرى "7/ 487"، التاريخ الكبير "8/ 288"، الجرح والتعديل "9/ 164، 165"، تهذيب التهذيب "11/ 240". 2 الجرح والتعديل "9/ 177"، الثقات لابن حبان "9/ 265".

وعنه: يزيد بن عبد الصّمد، وأبو حاتم الرازيّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ. قال أبو حاتم: ثقة. 451- يحيى بن عَنْبَسة القُرَشّي1: من ضُعفاء العراقّيين. روى عن: حُمَيْد الطّويل، وأبي حنيفة. وعنه: يوسف بن سعيد بن مُسلّم، وغالب بن تمتام. وكان متهما. قال الدَّارَقُطْنيّ: كذّاب. وقال ابن حِبّان: دجّال. 452- يحيى بن غَيْلان بن عبد الله بن أسماء بن حارثة2 -م. ت. ن- أبو الفضل الأسلمي الخزاعي البغدادي: عن: مالك بن أَنَس، وأبي عَوَانة، ويزيد بن زُرَيْع، وجماعة. وعنه: أحمد بن حنبل، والفضل بن سهل الأعرج، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وإسحاق الحربيّ، وآخرون. قال محمد بن سعْد: تُوُفّي سنة عشر ومائتين. وقال بعضهم: سنة ثلاث عشرة. 453- يحيى بن قزعة المؤذن المكي3 -خ: عن: مالك بن أنس، وسليمان بن بلال، ونافع بن أبي نُعَيْم القارئ، وجماعة. وعنه: خ. ومحمد بن وَارَةَ، وأبو يحيى عبد الله بن أبي مسرة، وغيرهم.

_ 1 تقدمت ترجمته في الجزء السابق برقم "422". 2 الطبقات الكبرى "7/ 341"، التاريخ الكبير "8/ 298"، الثقات لابن حبان "9/ 261"، التهذيب "11/ 263". 3 التاريخ الكبير "8/ 300"، الجرح والتعديل "9/ 182"، الثقات لابن حبان "9/ 257"، تهذيب التهذيب "11/ 265".

454- يحيى بن المبارك الصنعاني. صنعاء دمشق: رحل وروى عن: مالك، وشَرِيك، وشِبْل بن عبّاد، وكثير بن سُلَيْم. نزل أرسوف فروى عنه من أهلها: إسماعيل بن عباد، وخطاب بن عبد الدائم، وعبد العظيم بن إبراهيم، وغيرهم. ذكره ابن عساكر. 455- يحيى بن مصعب1: أبو زكريا الكلبي الكوفي. جار الأعمش. حكى عنه حكايات. وروى عن: عمر بن نافع الثَّقفيّ، وإسماعيل بن زياد النّافا. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم وقالا: صدوق. 456- يحيى بن المغيرة السَّعدي الرّازيّ2: عن: شَرِيك، وعطّاف بن خالد، وأبي الأحْوَص، وغيرهم. ورأى: الحَجَّاج بن أرطأة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وابن وارة، وابن الضُّرَيْس. قال أبو حاتم: صدوق. 457- يحيى بن نصر بن حاجب المَرْوَزيّ3: نزيل بغداد. روى عن الكبار: عاصم الأحول، وعبد الله بن شُبْرُمَة، وثور بن يزيد الحمصيّ، وهلال بن خَبّاب، ووَرْقَاء بن عمر، ويونس بن يزيد الأَيْليّ، وغيرهم. وعنه: إبراهيم بن سعيد الْجَوْهريّ، وأحمد بن منصور زاج، ورجاء بن الجارود، وعبد العزيز بن عبد الله الهاشميّ.

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 306"، الجرح والتعديل "9/ 190"، الثقات لابن حبان "9/ 255". 2 الجرح والتعديل "9/ 191"، الثقات لابن حبان "9/ 262". 3 الجرح والتعديل "9/ 193"، الثقات لابن حبان "9/ 254"، ميزان الاعتدال "4/ 411، 412".

قَالَ أحمد بْن سيّار المَرْوَزِيّ: كتبنا عَنْهُ وكان يحدّث عَنْ سُفيان الثوريّ، وابن شُبْرُمَة، ويونس. فلما حدث عن هلال بْن خبّاب، وإسحاق بْن سُوَيد بَرَد أمره، وفتر الناسُ عَنْهُ. ثم خرج إلى العراق. وقال مُهَنَّأ الشّاميّ: سألت أحمد بْن حنبل عَنْهُ فقال: كَانَ جَهْميًّا يَقُولُ قول جَهْم. وقال أبو حاتم الرازيّ: بَلِيتُهُ عندي قِدَمُ رِجاله. وقال أبو زُرْعة: ليس بشيء. وقال عبد العزيز الهاشميّ: مات سنة خمس عشرة ومائتين. 458- يحيى بن يعْلَى بن الحارث1 -خ. م. ت. ن. ق- أبو زكريا المحاربي. عن: أبيه، وزائدة. وعنه: خ. وم. ت. ن. ق. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، ويعقوب الفَسَويّ، وأحمد بن مُلاعب، وطائفة. وثّقه أبو حاتم. وقال مُطَيِّن: مات سنة ستّ عشرة ومائتين. 459- يزيد بن خالد بن مرشل2: أبو مَسلَمَة القُرَشيّ اليافيّ، من أهل يافا. عن: عبد الرحمن بن ثابت ثَوْبان، وأبي خالد الأحمر، ورديح بن عطّية، وأبان بن عنْبَسَة. وعنه: محمود بن إبراهيم بن سميع، وموسى بن سهل الرمليّ. قال ابن سميع: ثقة عاقل.

_ 1 الطبقات الكبرى "6/ 408"، التاريخ الكبير "8/ 311"، الجرح والتعديل "9/ 196"، الثقات "9/ 261"، التهذيب "11/ 303". 2 الجرح والتعديل "9/ 259"، الثقات لابن حبان "9/ 275".

460- يزيد بن محمد1: أبو خالد الأَيْليّ. عن: يونس بن يزيد، وابن لَهِيعَة. وعنه: إسماعيل سَمُّوَيْه، وابن خالد بن يزيد. ذكره أبو حاتم ولم يضعِّفْه، وقال: أدركته. 461- يَسْرَةُ بن صفوان بن جميل2 -خ: أبو صفوان اللخمي الدمشقي. كذا كنّاه النَّسائيّ، وغيره. وكناه محمد بن عَوْف الطّائيّ أبا عبد الرحمن، من أهل قرية البلاط. عن: إبراهيم بن سَعْد، وحُدَيْج بن معاوية، ونافع بن عمر الْجُمَحيّ، وعبد الجبّار بن الورد، وفُلَيْح بن سليمان، وطائفة. وعنه: خ. ودُحَيْم، وأبو حاتم، وعباس التُّرْقُفيّ، وإسماعيل سمويه، وإبراهيم بن هانئ النيسابوري، وأبو زرعة الدمشقي، وآخرون. وكان رجلا صالحا فاضلا. وثقه أبو حاتم. ومن شعره فيما قَالَ: ولَرُبَّما ابتسم الكريم من الأذى ... وضميره من حرّه يتأوّه وَلَرُبَّما خَزَنَ التَّقِيُّ لسانَه ... حَذَر الجواب وإنّه لَمُفَوَّه قَالَ الْحَسَن بْن محمد بْن بكّار بْن بلَال: وُلِد يَسْرَةُ بنُ صَفْوان سنة عشرٍ ومائة، ومات سنة ستّ عشرة ومائتين. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: تُوُفّي سنة خمس عشرة. وقال غيره: عاش مائة سنة وأربع سنين.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 289"، الثقات لابن حبان "9/ 275". 2 التاريخ الكبير "8/ 428"، الجرح والتعديل "9/ 314"، التهذيب "11/ 377، 378".

462- يعقوب بن إسحاق البصْريّ1: ابن بنت حُمَيْد الطّويل. شيخ مُعَمَّر قال: وُلدت سنة عشرين ومائة. سمع: حُمَيْدًا، وعبد الله بن أبي عثمان. ورأى: أبان بن أبي عيّاش على برذونٍ أَشْهَب. كتب عنه: أبو زُرْعة. وحدّث عنه: أبو يحيى بن أبي مَسَرّة المكّيّ، وغيره. وجاور بمكّة. ما علِمْتُ لهم فيه كلامًا. 463- يعقوب بن إسحاق بن أبي عبّاد المكّيّ2: عن: إبراهيم بن طَهْمان، وحمّاد بن شُعَيْب، وجماعة. وعنه: عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله بْن عبد الحَكَم، ومحمد بن الحَجّاج الضَّبّيّ. قال أبو حاتم: كان يسكن القُلْزُم فقدمتها وهو غائب. وكان لَا بأس به. 464- يعقوب بن الْجَهْم الحمصيّ3: عن: عَمْرو بن جرير، ومحمد بن واقد، وعليّ بن عاصم، وغيرهم. وعنه: أبو التُّقَى هشام بن عبد الملك، وإبراهيم بن عُبَيْد اليَمَانيّ. ذكر له ابن عديّ أحاديث مناكير. وقال: البلاء منه. 465- يعقوب بن محمد بن عيسى بن عبد الملك بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ4 -ق:

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 204". 2 تاريخ الطبري "2/ 389"، الجرح والتعديل "9/ 203"، الثقات لابن حبان "9/ 285". 3 الكامل لابن عدي "7/ 2607، 2608"، ميزان الاعتدال "4/ 450"، لسان الميزان "6/ 306". 4 الطبقات الكبرى "5/ 441"، التاريخ الكبير "8/ 397، 398"، الجرح والتعديل "9/ 214، 215"، التهذيب "11/ 396".

الفقيه أبو يوسف القرشي الزهري المدني. عن: إبراهيم بن سعْد، وصالح بن قُدامة، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكيّ، والمُنْكَدِر بن محمد بن المُنْكَدر، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزوميّ، وخلق من الحجازيين. وعنه: حجاج بن محمد، وحاتم بن الليث، وإسحاق الحربي، وعباس الدوري، والحارث بن أبي أسامة، وأبو العيناء محمد بن القاسم، ومحمد بن يونس الكديمي، وخلق. قال ابن سعد: جالس العلماء وكان حافظا. وقال ابن معين: ما حدثكم عن الثَّقات فاكتبوه. وقال أبو زُرْعة: ليس بشيءٍ. يُقارب الواقديّ. وقال حَجّاج بن الشّاعر: ثنا، وهو ثقة. وقال أبو حاتم: هو على يدي عدلٌ. قلت: علّق له البخاريّ مسألة في "صحيحه" في باب جوائز الوفد. مات سنة ثلاث عشرة، قاله النّسائيّ. 466- يَعْلَى بن عبّاد الكِلابيّ1: عن: شُعْبة، وهمام، وطبقتهما. وعنه: أحمد بن مُلاعب، وإسحاق الحربيّ، وبِشْر بن موسى، وجماعة. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. 467- يوسف بن بُهْلُولٍ التميميّ الأنباريّ2: عن: شَرِيك، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وأبي خالد الأحمر.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 305"، الثقات لابن حبان "9/ 29"، ميزان الاعتدال "4/ 457". 2 الطبقات الكبرى "6/ 411"، التاريخ الكبير "8/ 368"، الجرح والتعديل "9/ 220"، الثقات "9/ 278"، التهذيب "11/ 409".

وعنه: خ. وأحمد بن حنبل، وإبراهيم بن الهيثم البَلَديّ، وأبو زرعة، وحنبل بن إسحاق، وطائفة. وثقة مطين. توفي بالكوفة سنة ثمان عشرة. 468- يوسف بن منازل التيمي الكوفي1 -ن. ق- أبو يعقوب: عن: عبد الله بن إدريس، وحفص بن غِياث، وجماعة. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، وإبراهيم الحربيّ، وأبو حاتم الرازيّ، وأحمد بن أبي خَيْثمة، وعدّة. وَثّقَهُ ابن مَعِين. "الكنى": 469- أبو عبّاد الكاتب2: وزير المأمون. طوّل ابن النّجّار ترجمة هذا. وقال: ثابت بن يحيى بن يَسَار: أبو عبّاد الرازيّ كاتب المأمون كان من الكُفَاة. قلت: هو مشهور بالكنْية. ذكره الصُّوليّ، ومحمد بن عبْدوس الْجَهْشياريّ في "أخبار الوزراء". وملخص أمره أنه كان خبيرًا بالحساب والكتابة، بارعًا في التصرُّف، ناهضًا في أمور المأمون عَلَى أتمّ ما يكون. ثمّ إنّه عجز من النُّقْرُس واسْتَعْفَى. وكان جوادًا نبيلًا لكنه كان شرسًا عَبُوسًا. قال الصُّوليّ: مات في المحرَّم سنة عشرين ومائتين عن خمسٍ وستّين سنة. 470- أبو العتاهية3. الشاعر المشهور:

_ 1 التاريخ الكبير "8/ 385"، الجرح والتعديل "9/ 231"، الثقات لابن حبان "9/ 280"، تهذيب التهذيب "11/ 424". 2 تاريخ الطبري "8/ 660"، سير أعلام النبلاء "10/ 199". 3 الأغاني "1-112"، سير أعلام النبلاء "10/ 195-198"، شذرات الذهب "2/ 25".

هو أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سُوَيْد بن كَيْسان العَنَزيّ، مولاهم الكوفيّ، نزيل بغداد، وأصله من سَبْي عين التَّمْر. ولقبوه بأبي العَتَاهية لاضطّرابٍ كان فيه. وقيل: بل كَانَ يحبّ الخَلاعة فكُنّي بأبي العَتَاهية لعُتُوِّه. وهو أحد مَن سار قولُهُ وانتشرَ شِعره. ولم يجتمع لأحدٍ ديوان شعر لكثرته. وقد نَسَكَ بآخره. وقال في الزُّهْد والمواعظ، فأحسَنَ وأبلغ. وكان أبو نُوَاس يُعَظّمه ويخضع لَهُ، ويقول: واللَّهِ ما رأيته إلّا توهّمت أنّه سماويّ وأنّي أرضيّ. وقد مدح أبو العتاهية الخلفاءَ والبَرَامكَةَ والكِبار. ومِن شِعره قوله: ولقد طربت إليك حتّى ... صِرْتُ من فَرْط التَّصابي يَجد الجليسُ إذا دنا ... رِيحَ الصبابة من ثيابي وله: إن المطايا تشتكيك؛ لأنّها ... تطوي إليك سَبَاسِبًا ورِمالا فإذا رحَلْنَ بنا رَحَلْن مُخِفَّةً ... وإذا رجِعْنَ بنا رجعن ثِقالا وله أُرْجُوزة فائقة يقولُ فيها: هي المقادير فلمني أو فدر ... إنْ كنتُ أخطأتُ فما أخطأ القَدَرْ لكلّ ما يؤذي وإنْ قَلّ أَلَمْ ... ما أطول اللّيل عَلَى مَن لم يَنَمْ إنَّ الشَّباب والفَراغ والجِدَةُ ... مُفْسِدَةٌ للمَرْءِ أيّ مَفْسَدَة حَسْبُكَ ممّا تبتغيه القُوتُ ... ما أكثر القُوتُ لمن يموت وله فيما أنشدنا أبو عليّ بْن الخلّال: أَنَا ابن المقيّر، أخْبَرَتْنا شُهْدَة: أَنَا النّعاليّ، أَنَا محمد بْن عُبَيد اللَّه، ثنا عثمان بْن السَّمّاكَ، ثنا إسحاق الخُتليّ: حدّثني سليمان بْن أَبِي شيخ: أنشدني أبو العتاهية:

نُنَافِسُ في الدُّنيا ونحن نَعِيبُها ... لقد حَذَّرْتناها لَعَمْري خطوبُها وما نَحْسِبُ السّاعاتِ تقطعُ مدّةً ... عَلَى أنّها فينا سريعٌ دَبِيبُها كأنّي بَرَهْطي يَحمِلون جَنَازتي ... إلى حفرةٍ يُحْثي عليَّ كثيبُها وداعيةٍ حَرَّى تُنادي وإنّني ... لَفِي غفلةٍ عَنْ صَوْتها لَا أجيبُها وإنّي لَمِمَّن يكره الموتَ والبِلى ... ويُعْجبُهُ ريحُ الحياةِ وطِيبُها أيا هادم اللذات ما منك مهربٌ ... تحاذر منك النفس ما سيصيبها رأيتُ المنايا قُسِّمت بين أنفسٍ ... ونَفْسي سيأتي بعدهُنَّ نَصِيبُها ومن شعره: لِدُوا للموت وابْنُوا للخَراب ... فكُلُّكُم يصير إلى ذَهاب لِمن نبني ونحنُ إلى تُرابٍ ... نصير كما خُلِقنا من ترابِ ألا يا موتُ لم أرَ منكَ بُدًّا ... أتيتَ فما تَحيفُ ولا تُحابي كأنّك قد هجمت عَلَى مَشِيبي ... كما هَجَمَ المَشِيبُ عَلَى شبابي ويا دُنيايَ ما لي لَا أراني ... أسدّ بمنزلٍ إلّا نَبَا بي وما لي لَا أُلِحّ عليكِ إلّا ... بعثت الهمّ من كلّ بابِ أراكِ وإنْ ظلمتِ بكلّ لونٍ ... كحُلْم النَّومِ أو لَمْع السَّراب وهذا الخلْقُ منكِ عَلَى وقارٍ ... وأرجُلُهم جميعًا في الرِّكاب تقلّدتَ العظامَ من الخطايا ... كأنّك قد أمِنْتَ من العقابِ فمهما دُمتَ في الدُّنيا حريصًا ... فإنَّكَ لَا تُوَفَّق للصوابِ سَأُسأَلُ عَنْ أمورٍ كنتُ فيها ... فما عُذري هناك وما جوابي؟ بأيَّةِ حجةٍ تَحْتَجُّ نفسي ... إذا دعيت إلى طول الحساب هما أمرن يوضح لي مقامي ... هنالك حين أنظر في كتابي فإمّا أنْ أُخَلّدُ في نعيمٍ ... وإمّا أن أُخَلّدَ في عذابِ

ومن شعره: أَنساكَ مَحْياكَ المماتا ... فطَلَبْتَ في الأرض الثباتا أوثقت بالدنيا وأن ... ت ترى جماعتها شتاتا وعزمت ويك على الحيا ... ة وطُولِها عَزْمًا ثَبَاتا دارٌ تَواصُلُ أهلِها ... سيعود نَأْيًا وانْبِتاتا إنّ الإلهَ يُميتُ من أحيا ... ويُحيي مَن أماتا يا مَن رَأَى أبَوَيْه في ... مَن قد رَأَى كانا فماتا هل فيهما لك عبرةٌ ... أم خِلْتَ أَنَّ لك انفلاتا ومن الذي طلب التفل ... ت من منيته ففاتا كل تصبحه المن ... ية أو تبيّته بَيَاتا تُوُفّي أبو العَتَاهية في جُمادَى الآخرة سنة إحدى عشرة ومائتين عَنْ نيفٍ وثمانين سنة، وقيل: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة. مدح المهديَّ فَمَن دونَه من الخُلفاء. أخبرنا سنقر الكلبيّ بها: أَنَا يحيى بْن جعفر، أَنَا أَبِي، أَنَا أحمد بْن علي بْن سوار، أَنَا محمد بْن عبد الواحد، أَنَا أبو سعيد السِّيرافيّ، أَنَا محمد بْن أَبِي الأزهر: أنشدنا الزُّبير بْن بكّار، عَنْ أَبِي العَتَاهية: أيا ربِّ إنّ النّاسَ لَا يُنْصِفونني ... فكيف وإنْ أنصفتُهم ظلموني؟ وإنْ كَانَ لي شيء تَصَدّوا لأَخْذِهِ ... وإنْ جئتُ أبغي شَيْئهم منعوني وإنْ نالَهم بَذْلي فلا شُكْرَ عندهم ... وإنْ أَنَا لم أَبْذُل لهم شتموني وإنْ طَرَقَتْني نائبةٌ فَكِهُوا بها ... وإنْ صَحِبَتْني نعمةٌ حسدوني سأمنعُ قَلْبي أنْ يَحِنّ إليهم ... وأَحْجبُ منهم ناظري وجُفوني وله: أيا مَن خَلْفَهُ الأصلُ وَمَن قُدّامَه الأَمَلُ ... أما واللَّهِ ما يُنْجِيك إلّا الصِّدقُ والعملُ

سل الأيام عن أملاكها الماضيين ما فعلوا ... أما شُغِلوا بأنفُسِهم فصار بها لهم شُغلُ وصاروا في بُطُونِ الأرضِ وارْتَهَنُوا بما عمِلوا ... وما دفع المنيَّةَ عَنْهُمْ جاهٌ ولا حَوْلُ وكانوا قبل ذاك ذَوِي المَهَابة أينما نزلوا ... وكانوا يأكلون أطايبَ الدُّنيا فقد أُكِلوا ذكرتُ الموتَ فالتبسَتْ عليَّ بذِكره السُّبُلُ ومن شعره: المرء في تأخر مُدَّته ... كالثَّوبِ يَبْلَى بعد جِدّتِه عَجَبًا لمتنبهٍ يضيّع ما ... يحتاج فيه ليوم رَقْدتِهِ وله: حسناءُ لَا تبتغي حُلْيًا إذا برزت ... كأنّ خالقها بالحُسْن حلّاها قامت تمشي فلَيتَ اللَّهَ صَيَّرني ... ذاك التُّرابَ الَّذِي مَسّتهُ رِجلاها وله: وإني لمعذورٌ عَلَى طولِ حُبّها ... لأنَّ لها وجهًا يدل على عذري وإذا ما بَدَتْ والبدْرُ ليلةَ تَمِّهِ ... رأيتَ لها فَضْلا مُبينًا عَلَى البدرِ وتهتزُّ مِن تحت الثّياب كأنّها ... قضيبٌ من الرَّيْحان في ورقٍ خُضْرِ أبى اللَّهُ إلَّا أَنْ أموتَ صَبَابَةً ... بِساحرةِ العينينِ طيّبة النَّشْرِ ذكر الصُّوليّ أنّ أبا العتاهية جلس حجّامًا ليُذلّ نفسه ويتزهّد، وكان يحجم الأيتام. فقال لَهُ بَكْر بْن المُعْتَمِر: أتعرف مَن يحتاج إلى إخراج الدّم من هَؤُلّاءِ؟ قَالَ: لَا قَالَ: أتعرف مقدار ما تخرج من الدم؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فأنت تريد أن تتعلَّم عَلَى أكتافهم ما تريد الأجر. قَالَ أبو تمّام: خمسة أبيات لأبي العتاهية ما تهيّأ لأحدٍ مثلها: قوله:

النّاسُ في غَفَلاتِهِمْ ... وَرَحَى المَنِيّةِ تَطْحَنُ وقوله: ألم تَرَ أنّ الفقرَ يُرجَى لَهُ الغِنَى ... وأنّ الغِنَى يُخشى عَلَيْهِ مِن الفقرِ وقوله في موسى الهادي: ولما استقلُّوا بأثقالهمْ ... وقد أَزْمَعُوا للّذي أزمعوا قرنْتُ التفاتِي بآثارهمْ ... وأَتْبَعْتُهُم مُقْلَةً تَدْمَعُ وقوله: هَبِ الدُّنيا تُسَاقُ إليك عفوًا ... أليس مصير ذاك إلى زوال؟

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الموضوع رقم الصفحة -الطبقة الثانية والعشرون- "أحداث سنة إحدى عشرة ومائتين". 3 المتوفون هذه السنة. 3 عودة عبد الله بن طاهر من مصر. 3 تشيع المأمون. "أحداث سنة اثنتي عشرة ومائتين". 3 المتوفون هذه السنة. 4 توجيه الطوسي لمحاربة بابك. 4 الولاية على اليمن. 4 إظهار المأمون خلق القرآن. 4 الحج هذا الموسم. "أحداث سنة ثلاث عشرة ومائتين". 4 المتوفون هذه السنة. 5 خروج القيسية واليمانية في مصر وولاية المعتصم مصر والشام. 5 ولاية الجزيرة. 5 تفريق المأمون للأموال. 5 استعمال غسان بن عباد على السند. "أحداث سنة أربع عشرة ومائتين". 5 المتوفون هذه السنة. 6 خروج بلال الشاري ومقتله. 6 ولاية إصبهان وأذربيجان والجبال.

"أحداث سنة خمس عشرة ومائتين". 6 المتوفون هذه السنة. 7 غزوة المأمون إلى الروم. 7 تهذيب قواعد الديار المصرية. 7 قدوم المأمون إلى دمشق. "أحداث سنة ست عشرة ومائتين". 7 المتوفون هذه السنة. 8 عودة المأمون لغزو الروم. 8 دخول المأمون الديار المصرية. "أحداث سنة سبع عشرة ومائتين". 8 المتوفون هذه السنة. 9 قتل عبدوسي الفهري بمصر. 9 عودة المأمون إلى دمشق وغزو الروم. 9 حريق البصرة. "أحداث سنة ثمان عشرة ومائتين". 9 المتوفون هذه السنة. 10 بناء طوانة. 10 ذكر المحنة. 14 وفاة المأمون. 15 ذكر وصية المأمون. 16 خلافة المعتصم. 16 ما ذكره المسبّحي عن المحنة في مصر. 16 الوباء والغلاء بمصر. 17 هدم الطوانة.

17 اشتداد أمر الخرمية. "أحداث سنة تسع عشرة ومائتين". 17 المتوفون هذه السنة. 18 ظهور محمد بن القاسم بالطالقان. 18 قدوم السبي من الخرمية. 18 إفساد الزط بالبصرة. "ثم دخلت سنة عشرين ومائتين". 19 المتوفون هذه السنة. 19 دخول الزط بغداد. 19 مسير الأفشين لحرب بابك. 20 محنة الإمام أحمد. 20 إنشاء المعتصم لمدينة سر من رأي. 20 غضب المعتصم على وزيره الفضل. 20 عناية المعتصم باقتناء الترك.

ذكر أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الأَلِفِ" 21 1- أحمد بن إسحاق بن زيد بن عبد الله. 22 2- أحمد بن إشكاب الصفار. 22 3- أحمد بن أوفى الأهوازي. 22 4- أحمد بن أيوب السمرقندي. 22 5- أحمد بن توبة السلمي المطوعي. 23 6- أحمد بن جعفر الوكيعي. 23 7- أحمد بن حفص البخاري. 25 8- أحمد بن حُميد الطريثيثي. 25 9- أحمد بن خالد بن موسى الكندي. 26 10- أحمد بن محمد بن الوليد الغساني. 26 11- أحمد بن المفضل القرشي. 26 12- أحمد بن يعقوب المسعودي. 27 13- أحمد بن يوسف الكوفي. 27 14- أحمد بن أبي خالد يزيد الأحول. 28 15- أحمد بن أبي الطيب المروزي. 29 16- أبان بن سفيان البجلي. 29 17- إبراهيم بن إسحاق بن عيسى الطالقاني. 29 18- إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة. 30 19- إبراهيم بن الجراح بن صُبيح. 30 20- إبراهيم بن حميد بن تيرويه. 31 21- إبراهيم بن أبي العباس السامري. 31 22- إبراهيم بن عمر بن مطرف.

31 23- إبراهيم بن عيسى الخلال. 32 24- إبراهيم بن نصر السوريني. 32 25- إبراهيم الموصلي. 32 26- أحوص بن جواب. 32 27- إدريس بن يحيى الخولاني. 34 28- آدم بن أبي إياس العسقلاني. 36 29- إسحاق بن إبراهيم الحُنيني. 37 30- إسحاق بن بكر بن مضر. 37 31- إسحاق بن بُريه الكوفي. 37 32- إسحاق بن حسان. 38 33- إسحاق بن خلف. 38 34- إسحاق بن سالم الضبي. 38 35- إسحاق بن عيسى بن نجيح. 39 36- أسد بن الفرات. 41 37- أسد بن موسى بن إبراهيم الأموي. 41 38- أسيد بن زيد بن نجيح. 42 39- إسماعيل بن أبان الوراق. 43 40- & جعفر بن سليمان الهاشمي. 43 41- & حماد بن أبي حنيفة. 44 42- & داود بن عبد الله المدني. 44 43- & صبيح اليشكري. 44 44- & سعيد بن عُبيد الله. 45 45- & عبد الملك الزيبقي. 45 46- & أبي مسعود.

45 47- إسماعيل بن مسلمة بن قعنب. 46 48- أسود بن سالم. 46 49- أسيد بن زيد بن نجيح. 46 50- أشرف بن محمد. "حرف الباء". 47 51- بَدَلُ بن المحبَّر بن منبه. 47 52- بشر بن آدم. 48 53- بشر بن أبي الأزهر. 48 54- بشر بن شعيب بن أبي حمزة. 49 55- بشر بن غياث بن أبي كريمة. 50 56- بشر بن القاسم بن حماد. 51 57- بشر بن محمد بن أبان السكري. 51 58- بشر بن المعتمر. 51 59- بشر بن المنذر الرملي. 52 60- بكر بن خداش. 52 61- بكار بن الخصيب. 52 62- بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله الكوفي. 52 63- بكر بن محمد العابد. 52 64- بلال بن يحيى بن هارون الأسواني. "حرف الثاء". 53 65- ثابت بن محمد الكوفي. 53 66- ثمامة بن الأشرس. "حرف الجيم". 55 67- جعفر بن جَسْر بن فرقد.

56 68- جعفر بن عيسى بن عبد الله البصري. 56 69- جنادة بن مروان الحمصي. "حرف الحاء". 56 70- حاتم الجلاب المروزي. 57 71- حاتم بن عبيد الله النميري. 57 72- الحارث بن خليفة. 57 73- الحارث بن منصور الواسطي. 57 74- حبان بن هلال الباهلي. 58 75- حبيب بن أبي حبيب مرزوق. 59 76- حجاج بن رشدين بن سعد. 60 77- حجاج بن منهال الأنماطي. 60 78- حجاج بن أبي منيع الرصافي. 61 79- حجاج بن نُصير الفساطيطي. 62 80- حُجين بن المثنى. 62 81- الحُر بن مالك. 62 82- حسان بن حسان بن أبي عباد. 63 83- حسان بن حسان الواسطي. 63 84- الحسن بن بلال البصري. 63 85- الحسن بن الحسين العرني. 63 86- الحسن بن خُمير. 64 87- الحسن بن سوار. 64 88- الحسن بن عطية بن نجيح. 65 89- الحسن بن عُنبسة الوراق. 65 90- الحسن بن قتيبة الخزاعي.

66 91- الحسن بن واقع. 66 92- الحسين بن إبراهيم بن الحر. 66 93- الحسين بن حفص بن الفضل. 67 94- الحسين بن خالد البغدادي. 68 95- الحسين بن عُروة البصري. 68 96- الحسين بن محمد بن بهرام. 68 97- حفص بن حمزة الضرير. 69 98- حفص بن عمر البصري. 69 99- حفص بن عمر بن خالد المازني. 69 100- حفص بن عمر الأبلي. 70 101- حفص بن ميمون العدني. 70 102- حفص بن عُمَر الحوضي. 71 103- حفص بن عُمَر بن حكيم. 71 104- الحكم بن أسلم. 71 105- الحكم بن المبارك الباهلي. 72 106- الحكم بن المبارك النيسابوري. 72 107- الحكم بن محمد الآملي. 72 108- حماد بن عمرو النصيبي. "حرف الخاء". 73 109- خالد بن الحُباب البصري. 73 110- خالد بْن عَبْد الرحمن الخراساني. 73 111- خالد بْن عمرو السُلفي. 73 112- خالد بن القاسم المدائني. 74 113- خالد بن مخلد القطواني.

74 114- خالد بن يزيد الكاهلي. 75 115- خالد بن يزيد العمري. 75 116- خالد بن يزيد المزرفي. 75 117- خطاب بن عثمان الطائي. 76 118- خلاد بن خالد الشيباني. 76 119- خلاد بن يحيى بن صفوان. 76 120- خلاد بن يزيد بن حبيب البصري. 77 121- خلاد بن يزيد الباهلي الأرقط. 77 122- خلف بن خالد بن إسحاق المصري. 77 123- خلف بن خلف أبو المهنأ. 78 124- خلف بن الوليد البغدادي. 78 125- الخليل بن عمر بن إبراهيم. 78 126- الخليل بن أبي نافع المُزني. "حرف الدال". 79 127- داود بن عبد الله بن أبي الكرام. 79 128- داود بن المفضل. 79 129- داود بن منصور النسائي. 80 130- داود بن مهران الدباغ. "حرف الذال". 80 131- ذؤيب بن عمامة. "حرف الراء". 81 132- الربيع بن روح الحضرمي. 81 133- رواد بن الجراح. 82 134- رويز بن محمد بن رُوَيز.

82 135- رويم بن يزيد. "حرف الزاي". 82 136- زبيدة بنت جعفر المنصور. 83 137- زفر بن عبد الله البصري. 83 138- زكريا بن عدي بن زريق. 85 139- زكريا بن عطية البحراني. 85 140- زياد بن يونس الحضرمي. 85 141- زيد بن المبارك الصنعاني. 86 142- زينب بنت الأمير سليمان بن علي. "حرف السين". 86 143- سريج بن مسلم الكوفي. 86 144- سريج بن النعمان بن مروان. 87 145- سعدان بن بشر الموصلي. 87 146- سعد بن حفص الطلحي. 87 147- سعد بن شعبة بن الحجاج. 88 148- & عبد الحميد بن جعفر. 88 149- & أوس بن ثابت. 89 150- & بريد التميمي. 91 151- & داود بن سعيد. 91 152- & الربيع. 92 153- & سلام العطار. 92 154- & شرحبيل الكندي. 92 155- & عبد الله بن دينار. 92 156- & عيسى بن تليد.

93 157- سعيد بن مسعدة. 94 158- سعيد بن المغيرة المصيصي. 94 159- سعيد بن هاشم بن صالح. 94 160- سفيان بن زياد البغدادي. 94 161- السكن بن سليمان الأزدي. 95 162- سلامة بن بشر العذري. 95 163- سلام بن سليمان بن سوار. 95 164- سلم بن إبراهيم البصري. 96 165- سلم بن ميمون الخواص. 96 166- سلمة بن بشير النيسابوري. 97 167- سلمة بن داود العرضي. 97 168- & أيوب بن سليمان. 97 169- & برد بن نجيح. 97 170- & الحكم بن عوانة. 98 171- & داود بن داود. 98 172- & عبيد الله الأنصاري. 99 173- & عثمان الكلابي. 99 174- & كران. 99 175- & النعمان الشيباني. 99 176- & أبي هوذة. 100 177- & محمد الأسلمي. 100 178- سهل بن عامر البجلي. 100 179- سهل بن محمود. 100 180- سوار بن عُمارة.

101 181- سورة بن زهير. "حرف الشين". 101 182- شداد بن حكيم. 101 183- شعيب بن يحيى التجيبي. 102 184- شهاب بن مُعمر العوقي. "حرف الصاد". 102 185- صاعد بن عُبيد البجلي. 102 186- صالح بن مهران. 103 187- صالح بن الأمير نصر الخزاعي. 103 188- الصلت بن محمد الخاركي. "حرف الضاد". 104 189- الضّحّاكُ بنُ مَخْلَد بن الضّحّاك. "حرف الطاء". 106 190- طلق بن السمح. 106 191- طلق بن غنام بن طلق. "حرف العين". 107 192- عاصم بن يوسف اليربوعي. 107 193- عباد بن صُهيب. 108 194- عباد بن موسى القرشي. 108 195- عباس بن طالب البصري. 108 196- عباس بن الوليد البصري. 108 197- عباس بن الوليد الفارسي. 109 198- عبد الله بن إسماعيل بن عثمان. 109 199- عبد الله بن أيوب التيمي الشاعر.

109 200- عبد الله بن جعفر بن غيلان. 110 201- عبد الله بن الجهم الرازي. 110 202- عبد الله بن حيران. 110 - عبد الله بن داود بن عامر. 113 203- عبد الله بن داود الواسطي التمار. 113 204- عَبْد الله بْن رجاء الغداني. 114 - عَبْد الله بن بن رجاء المكي. 114 205- عبد الله بن الزبير بن عيسى. 116 206- عبد الله بن السري الأنطاكي. 116 207- عبد الله بن سليم الجزري. 117 208- عبد الله بن سنان الهروي. 117 209- عبد الله بن صالح بن مسلم. 118 - فصل. 120 210- عبد الله بن عبد الحكم المصري. 121 211- عبد الله بن عثمان بن عطاء. 121 212- عَبْد الله بْن غالب العباداني. 122 213- عَبْد الله بن مروان الحراني. 122 214- عبد الله بن نافع بن ثابت. 122 215- عبد الله بن هارون الشامي. 123 216- عبد الله المأمون بن هارون الرشيد. 133 217- عبد الله بن يحيى الثقفي. 133 218- عبد الله بن يحيى المعافري. 133 219- عبد الله بن يزيد. 134 220- عبد الأعلى بن القاسم.

134 221- عبد الأعلى بن مسهر. 16 - محنة أبي مسهر مع المأمون. 139 222- عبد الحميد بن إبراهيم الحضرمي. 139 223- عبد الحميد بن الوليد بن المغيرة. 140 224- عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي. 140 225- عبد الرحمن بن حماد بن شعيب. 140 226- عبد الرحمن بن أحمد الداراني. 143 227- عبد الرحمن بن سنان المقرئ. 143 228- عبد الرحمن بن عبد العزيز المدائني. 143 229- عبد الرحمن بن علقمة المروزي. 144 230- عبد الرحمن بن مصعب القطان. 144 231- عبد الرحمن بن هانئ بن سعيد النخعي. 145 232- عبد الرحمن بن واقد العطار. 145 233- عبد الرحيم بن واقد الخراساني. 146 234- عبد الرحيم بن المحاربي. 146 235- عبد الزراق بن همام. 148 - فصل. 150 - عبد الصمد بن حسان. 150 236- عبد الصمد بن عبد العزيز الرازي. 151 237- عبد الصمد بن النعمان البزار. 238- عبد العزيز بن عبد الله العامري. 151 151 239- عبد العزيز بن عمير. 152 240- عبد العزيز بن المغيرة بن أمي. 152 241- عبد العزيز بن منصور اليحصبي.

153 242- عبد الغفار بن الحكم. 153 243- عبد الغفار بن عبيد الله القرشي. 153 244- عبد القدوس بن الحجاج. 154 245- عبد الكريم بن روح بن عنبسة. 154 246- عبد الملك بن عبد العزيز التيمي. 155 247- عَبْد الملك بْن قريب الأصمعي. 159 248- عَبْد الملك بن نصير المرادي. 160 249- عبد الملك بن هشام النحوي. 161 250- عبد الوهاب بن عطية الفقيه. 161 251- عبيد الله بن الحارث القُرشي. 161 252- عُبيد الله بن عبد الواحد القرشي. 161 253- عُبَيْد الله بن موسى بن أبي المختار. 163 254- عبيد بن إسحاق العطار. 163 255- عبيد بن الصباح الخزار. 164 256- عبيد بن حيان الجبيلي. 164 257- عبيدة بن عثمان الثقفي. 164 258- عبيس بن مرحوم العطار. 164 259- عتاب بن زياد المروزي. 165 260- عثمان بن حكيم بن ذبيان. 165 261- عثمان بن رقاد البصري. 165 262- عثمان بن زفر بن مزاحم. 166 - عثمان بن زفر الجهني. 166 263- عثمان بن سعيد بن كثير. 166 264- عثمان بن صالح بن صفوان.

167 265- عثمان بن الهيثم بن جهم. 167 266- عثمان بن يمان الحداني. 168 267- عروة بن مروان العرقي. 168 268- عصام بن خالد الحضرمي. 169 269- عصام بن يوسف بن ميمون. 169 270- عصمة بن سليمان الكوفي. 169 - مطلب ترجمة عفّان شيخ أحمد والبخاري. 169 271- عَفّانُ بن مسلم بن عبد الله الصفار. 174 272- إسحاق السلمي. 175 273- إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. 175 274- علي بن ثابت الدهان. 175 275- علي بن جبلة الكوفي. 176 276- علي بن جبلة العكوك. 176 277- علي بن الحسن بن شقيق. 177 278- علي بن الحسن بن يعمر الشامي. 178 279- علي بن الحسن التميمي البزاز. 178 280- علي بن الحسين بن واقد. 178 281- علي بن حفص المروزي. 179 282- علي بن عبيدة الريحاني. 179 283- علي بن عياش الحمصي. 180 284- علي بن قادم الخزاعي. 180 285- علي بن محمد المنجوري. 181 286- علي بن معبد بن شداد. 182 287- علي بن ميثم الأسدي.

182 288- علي بن هشام المروزي. 182 289- عمار بن عبد الجبار. 183 290- عمار بن مطر الرهاوي. 183 291- عمرو بن حكام. 184 292- عمر بن راشد. 184 293- عمر بن سهل المازني. 184 294- عمر بن يزيد الرفا. 185 295- عمر بن عمرو العسقلاني. 185 296- عمرو بن الربيع الهلالي. 185 297- عمرو بن أبي سلمة التنيسي. 186 298- عمرو بن عاصم الكلابي. 187 299- عمرو بن عثمان بن سيار الكلابي. 187 300- عمرو بن محمد الأعسم. 188 301- عمرو بن مخرم. 188 302- عمرو بن مسعدة. 188 303- عمرو بن منصور القداح. 189 304- عمرو بن هاشم البيروتي. 189 305- عوف بن محلم. 190 306- عون بن عُمارة. 190 307- العلاء بن عبد الجبار العطار. 191 308- العلاء بن الفضل المنقري. 191 309- العلاء بن هلال الباهلي. 192 310- عيسى بن جعفر الرياحي. 192 311- عيسى بن دينار بن واقد الغافقي.

192 312- عيسى بن زياد الرازي. 193 313- عيسى بن صبيح. 193 314- عيسى بن المنذر السلمي. 193 315- عيسى بن المنكدر. 193 316- عيسى بن موسى الأنصاري. "حرف الغين". 193 317- غسان بن المفضل الغلابي. "حرف الفاء". 194 318- فتح بن سعيد الموصلي. 195 319- فُديك بن سليمان العابد. 195 320- الفضل بن خالد المروزي النحوي. 195 321- الفضل بن دُكين. 200 322- الفضل بن الموفق. 200 323- فهد بن عَوف القُطعي. 200 324- فيض بن الفضل. 201 325- الفيض بن إسحاق. "حرف القاف". 201 326- القاسم بن كثير القرشي. 201 327- قالون المقرئ. 203 328- قبيصة بن عُقبة السوائي. 204 329- قحطبة بن غُدانة. 204 330- قُدامة بن محمد الأشجعي. 204 331- قرعوس بن العباس. 205 332- قُطبة بن العلاء بن المنهال.

205 333- قيس بن محمد بن عمران. "حرف الكاف". 205 334- كثير بن إياس الدولي. 206 335- كعب بن خُريم. 206 336- كلثوم بن عمرو. "حرف اللام". 207 337- الليث بن عاصم القتباني. "حرف الميم". 207 338- محمد بن أسعد التغلبي. 208 339- محمد بن أعين. 208 340- محمد بن بكار بن بلال. 209 - محمد بن بكار الريان. 209 341- محمد بن بلال الكندي. 209 342- محمد بن الحسن بن زبالة. 210 343- محمد بن حميد الطوسي الأمير. 210 344- محمد بن خالد بن عثمة. 210 345- محمد بن أبي الخصيب الأنطاكي. 211 346- محمد بن رويز بن لاحق. 211 347- محمد بن زرعة الرعيني. 211 348- محمد بن زياد المقدسي. 211 349- محمد بن سعيد بن سابق. 212 350- محمد بن سابق البزاز. 212 351- محمد بن سعيد بن سليمان. 213 352- محمد بن سعيد بن الفضل.

213 353- محمد بن سعيد القُرشي. 213 354- محمد بن سليمان بن أبي داود. 214 355- محمد بن سُليم القاضي. 214 356- محمد بن الصلت بن الحجاج. 215 357- محمد بن عاصم بن حفص المعافري. 215 358- محمد بن عباد بن زياد المعافري. 215 359- محمد بن عباد بن زياد المزني. 215 360- محمد بن عباد بن عباد المهلبي. 217 361- محمد بن عبد الله بن زياد. 217 362- محمد بن عبد الله بن خاقان. 217 363- محمد بن عبد الله بن المثنى. 219 364- محمد بن عبد الله بن قيس الفقيه. 220 365- محمد بن عبد الله بن محمد الرقاشي. 220 366- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عيسى بْن ماهان. 221 367- محمد بن عبد العزيز الرملي. 221 368- محمد بن عبد الملك الأزدي. 221 369- محمد بن عبد الوهاب القناد. 222 370- محمد بن عرعرة بن البرند. 222 371- محمد بن عقبة الشيباني. 222 372- محمد بن الرضا علي بن الكاظم. 223 373- محمد بن عمر بن الوليد التيمي. 223 374- محمد بن عمر الرومي. 224 375- محمد بن عيينة الفزاري. 224 376- محمد بن القاسم بن علي الحسيني.

225 377- محمد بن كثير بن أبي عطاء المِصَّيصيّ. 226 378- محمد بن المبارك بن يعلى الصوري. 227 379- محمد بن مخلد الرعيني. 227 380- محمد بن مسعر. 228 381- محمد بن مسلمة المخزومي. 228 382- محمد بن مزاحم المروزي. 228 383- محمد بن مُعاذ الدمشقي. 229 384- محمد بن النوشجان. 229 385- محمد بن هانئ الطائي. 229 386- محمد بن يحيى بن المبارك اليزيدي. 230 387- محمد بن يزيد بن سنان الجزري. 230 388- محمد بن يزيد بن خنيس. 231 389- محمد بن أبي يزيد الخراساني. 231 390- محمد بن يوسف بن واقد الفريابي. 232 391- مالك بن إسماعيل النهدي. 233 392- مالك بن سليمان الهروي. 233 393- مالك بن فُديك. 233 394- المثنى بن يحيى الموصلي. 234 395- مخول بن إبراهيم بن مخول. 234 396- مسرور بن صدقة الحارثي. 234 397- مسرور بن موسى. 234 398- مسكين بن عبد الرحمن التجيبي. 234 399- مطرف بن عبد الله بن مطرف. 235 400- معاذ بن فضالة.

235 401- معاوية بن عبد الله الأسواني. 236 402- معاوية بن عمرو بن المهلب. 236 403- معقل بن مالك الباهلي. 237 404- معلى بن أسد. 237 405- المعلى بن تركة. 238 406- معلى بن منصور. 239 407- معمر بن عباد المعتزلي. 240 408- معمر بن محمد بن عبيد الله الهاشمي. 240 409- معمر بن يعمر الليثي. 241 410- معن بن الوليد الغساني. 241 411- مكي بن إبراهيم البلخي. 243 412- مكي بن عبيد الله الرعيني. 243 413- منبة بن عثمان اللخمي. 243 414- منصور بن زيد بن أبي خداش. 244 415- منصور بن صقير. 244 416- منصور بن مجاهد البصري. 244 417- منهال بن بحر. 245 418- موسى بن خالد الحلبي. 245 419- موسى بن داود الضبي. 246 420- موسى بن سلميان الباهلي. 246 421- موسى بن سليمان الجوزجاني. 246 422- موسى بن مسعود النهدي. "حرف النون". 247 423- نصر بن مزاحم المنقري.

248 424- النضر بن عبد الجبار المرادي. 248 425- نوح بن ميمون العجلي. 249 426- نوفل بن مطهر الضبي. "حرف الهاء". 249 427- هارون بن صالح الطلحي. 249 428- هارون بن الوزير أبي عبيد الله. 249 429- هانئ بن يحيى السلمي. 250 430- هريم بن عثمان الطفاوي. 250 431- هشام بن إسماعيل الدمشقي. 250 432- هشام بن بهرام المدائني. 251 433- هشام بن سعيد الطالقاني. 251 434- هارن بن الفضل الحناط. 251 435- هوذة بن خليفة. 252 436- الهيثم بن جميل. 253 437- الهيثم بن عبيد الله القرشي. "حرف الواو". 253 438- ورد بن عبد الله. 253 439- الوضاح بن حسان الأنباري. 253 440- الوليد بن محمد بن النعمان. 254 441- الوليد بن موسى القرشي. 254 442- الوليد بن الوليد بن زيد. 254 443- وهب الله بن راشد الحجري. 255 444- وهب بن زمعة التميمي.

"حرف الياء" 255 445- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي قتيلة. 255 446- يحيى بن بسطام. 256 447- يحيى بن حماد بن أبي زياد. 256 448- يحيى بن سعيد السعدي. 257 449- يحيى بن عبد الله بن الضحاك. 257 450- يحيى بن عمرو بن عمارة. 258 451- يحيى بن عنبسة القرشي. 258 452- يحيى بن غيلان الخزاعي. 258 453- يحيى بن قزعة المؤذن. 259 454- يحيى بن المبارك الصنعاني. 259 455- يحيى بن مُصعب الكلبي. 259 456- يحيى بن المغيرة السعدي. 259 457- يحيى بْن نصر بْن حاجب. 260 458- يحيى بْن يعلى بن الحارث. 260 459- يزيد بن خالد بن مرشل. 261 460- يزيد بن محمد الأيلي. 261 461- يسرة بن صفوان بن جميل. 262 462- يعقوب بن إسحاق البصري. 262 463- يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد. 262 464- يعقوب بن الجهم الحمصي. 262 465- يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري. 263 466- يعلى بن عباد الكلابي. 263 467- يوسف بن بهلول التميمي.

264 468- يوسف بن المنازل التيمي. "الكنى": 264 469- أبو عباد الكاتب. 264 470- أبو العتاهية. 271 فهرس الموضوعات.

المجلد السادس عشر

المجلد السادس عشر الطبقة الثالثة والعشرون أحداث سنة إحدى وعشرين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم "الطبقة الثالثة والعشرون": أحداث سنة إحدى وعشرين ومائتين": وفيها تُوُفِّي: أبو اليَمَان الحمصيّ، وعاصم بن عليّ بن عاصم، والقَعْنَبيّ، وعَبَدان المَرْوَزِيّ، واسمه عبد الله بن عثمان، وهشام بن عُبَيْد الله الرّازيّ. "الوقعة بين الخرَّميّة والمسلمين": وفيها كانت وقعة هائلة بين الخُرَّميّة وبين المسلمين وأميرها بُغَا الكبير، فانكسر ثمّ ثبت وأُمدَّ بالجيوش، والتقى الخُرَّميّة فهزمهم1. "ذكر فتنة الجمحيّ": وفيها ولي إمرة مكّة محمد بن داود بن عيسى العبّاسيّ، فبعث رجلًا من بني جُمَح لعَدّ المواشي وقال: هاتوا كلّ فريضةٍ دينارًا. فامتنعوا عليه وقالوا: تريد أن تَغْصِبنَا أموالَنا. إنّما في عمدك أن تأخذ الفريضة شاةً. فحاربهم وحاربوه وقُتِل طائفة، وقتل الجحميّ، فجهّز محمد بن داود أخا الجحميّ، فقتل وبدّع وعاث جيشه. قال الفَسَويّ: سَمِعْتُ بعض السُّفَهاء الذين كانوا معه يقول: افتضضْنا أكثر من عشرين ألف عذراء. "ذِكر كسوة البيت": وفيها حجّ حنبل بن إسحاق، فيما حَدَّث أبو بكر الخلّال، عن عصمة بن عصام، عنه، قال: رأيت كِسْوَة البيت الدِّيباج وهي تخفُق في صحن المسجد، وقد كُتِب في الدّارات: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} [الشورى: 11] . فلمّا قدِمت أخبرت أحمدَ بنَ حنبل، فقال: قاتَلَه الله، الخبيثَ عمد إلى كتاب الله فغيَّره، يعني ابن أبي دؤاد، فإنّه أمر بذلك. "بناء سامِرّاء": وفيها تكامل بناء سامِرّاء.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 23"، والكامل في التاريخ "6/ 456".

أحداث سنة اثنتين وعشرين ومائتين

"أحداث سنة اثنتين وعشرين ومائتين": وتُوُفّي فيها: عمر بن حفص بن غِياث، وخالد بن نِزار الأَيْليّ، وأحمد بن محمد الأزرقيّ الذي ذكرناه في الطبقة الماضية، وعليّ بن عبد الحميد المفتي، ومسلم بن إبراهيم، والوليد بن هاشم العِجْليّ. "الوقعة بين الأفشين وبابَك الخرَّميّ": قال شبابُ العُصْفُريّ: فيها كانت وقعة الأفشين بالكافر بابَك الخُرَّميّ، فهزمه الأفشين واستباح عسكَرَه، وهرب بابَك، ثمّ أسروه بعد فصولٍ طويلة. وكان من أبطال زمانه وشُجعانهم المذكورين. عاثَ وأفسدَ وأخافَ الإسلامَ وأهلَه. غَلَب على أذْرِبَيّجَان وغيرها، وأراد أن يُقيم مِلّة المَجُوس. وظهر في أيّامه المازيار القائم بمِلّة المَجُوس بطَبَرِسّتان، فعظُم شَرَّه وبلاؤه. وكان المعتصم في أول هذه السنة قد بعث نفقات الجيوش إلى الأفشين، فكانت ثلاثين ألف ألف درهم1. "فتح البَذَّ مدينة بابَك": وفي رمضان فُتِحَتِ الْبَذَّ مدينة بابَك، لعنه الله، بعد حصارٍ طويل صعْب، وكان بها بابَك قد عصى بعد أن عمل غير مصافٍّ مع المسلمين. فلما أُخِذَتِ اختفى في غَيْضَةٍ بالحصْن، وأُسِرَ أَهْلُه وأولادُه. ثمّ جاء كتاب المعتصم بأمانه، فبعث به إليه الأفشين مع رجُلين، وكتب معهما: ولدُ بابَك يشيرُ على أبيه بالدخول في الأمان فهو خير فلمّا دخلا في الغيضة إلى بابَك قتل أحدهما، وقال للآخر: اذهب إلى ابن الفاعلة ابني وقُل له: لو كنتَ ابني للحِقْتَ بي. ثمّ خرّق كتاب الأمان، وخرج من الغَيْضَة وصعِد الجبَل في طريقٍ وعرة يعرفها2.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 29"، والكامل في التاريخ "6/ 461". 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 46".

وكان الأفشين قد أقام الكُمَناء في المضائق، فأفلت بابَك منهم، وصار إلى جبال أرمينية، فالتقاه رجل يقال له سهْل البِطْريق، فقال له: الطّلبُ وراءَك فانزِلْ عندي. فنزل عنده. وبعث سهل إلى الأفشين يخبره. فجاء أصحاب الأفشين فأحاطوا به وأخذوه1. وكان المعتصم قد جعل لمن جاء به حيًّا ألفيْ ألف درهم، ولمن جاء برأسه ألف ألف درهم، فأعطى سهل ألفي ألف، وحطّ عنه خَراج عشرين سنة، ثمّ قتل بابك سنة ثلاث وعشرين. "رواية السمعودي عن هرب بابك": قال السمعودي: هربَ بابَك متنكّرًا2 بأخيه وأهله وولده ومَنْ تَبِعَهُ من خاصّته، وتزيّوا3 بزيّ التُّجّار السَّفّارة، فنزل بأرض أرمينية بعمل سهل بن سِنْبَاط، فابتاعوا4 شاةً من راعٍ فنكِرَهم وذهب إلى سهلٍ فأخبره. فقال: هذا بابَك ولا شكّ. وكانت قد جاءته كُتُب الأفشين بأن لا يَفُوته بابَك إن مرّ به. فركب سَهْل في أجناده حَتّى أتى بابَك، فترجّل5 لبابَك وسلّم عليه بالمُلْك وقال: قمْ إلى قصرك وأنا معك. فسارَ معه، وقُدِّمت الموائد، فقعد سَهْل يأكل معه، فقال بابَك بعُتوٍّ وجهلٍ: أمِثْلُكَ يأكل معي؛ فقام سهل واعتذر وغاب، وجاء بحدّاد ليقيّده، فقال بابك: أعذرًا يا سهل؟ فقال: يا ابن الخبيثة إنّما أنت راعي بقر. وقيّد من كان مَعه، وكتب إلى الأفشين، فجهّز إليه أربعة آلاف فتسلّموه، وجاؤوا ومعهم سهل، فخلع عليه الأفشين وتوّجه، وأسقط عنه الخراج، وبُعثت بطاقة إلى المعتصم بالفتح، فانقليت بغداد بالتكبير والضجيج، فلله الحمد رب العالمين.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 50"، والكامل في التاريخ "6/ 474". 2 أي متخفيا. 3 أي لبيسوا. 4 أي اشتروا. 5 أي سار على قدمه

احداث سنة ثلاث وعشرين ومائتين

"أحداث سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين": فيها تُوُفّي: عبد الله بن صالح كاتب الَّليْث، وخالد بن خِداش، ومحمد بن سِنَان العَوْفيّ، ومحمد بن كثير العَبْديّ، وموسى بن إسماعيل التَّبُوذَكيّ، ومُعَاذ بن أسد المَرْوَزِيّ. "قدوم الأفشين بغداد": وفيها قَدِم الأفشين بغداد، في ثالث صفر ببابَك الخُرَّميّ وأخيه. وكان المعتصم يبعث إلى الأفشين منذ فَصَلَ عن بَرْزَنْد كلّ يوم بفَرَسٍ وخِلْعة، كلّ ذلك من فَرَحه بأسْر بابَك1. "ذكر ما رتبه المعتصم من البريد": ومن عناية المعتصم بأمرِ بابك أنّه رتّب البريد من سامِرّاء إلى الأفشين بحيث أنّ الخبر يأتيه في أربعة من أيّام من مسيرة شهر. فلمّا قدِم ببابَك أنزلوه بالمطيرة. "تنكُّر المعتصم لرؤية بابَك": فلمّا كان في جَوْف الليل أتى أحمد بن أبي دؤاد متنكرًا2، فنظر إلى بابَك وشاهدَهُ، وَرَدّ إلى المعتصم فأخبره. فلم يَصْبر المعتصم حَتّى أتي متنكرًا، فتأمّلهُ وبابَك لا يعرفه. "ديانة بابَك": وكان، لعنه الله، ثَنَويًّا على دِين ماني، ومَزْدَكْ، يقول بتناسُخ الأرواح، ويَسْتَحِلّ البنت وأُمَّها. وقيل: كان وَلَدَ زِنا، وكانت أمّه عَوْراء تُعْرَف برمية العِلْجَة. وكان عليّ بن مَزْدكان يزعمُ أنّه زنى بها، وأنّ بابَك منه. وقيل: كانت فقيرة من قُرى آذْرَبَيْجان، فزنى بها نَبَطيّ، فحملت منه بابَك،

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 52"، والكامل في التاريخ "6/ 477". 2 أي: متخفيًا.

ورُبّي بابَك أجيرًا في قريته. وكان بتلك الجبال قومٌ من الخُرَّميّة ولهم مُقَدَّمان: جاوِنْدان وعِمران. فتفرَّس جاوِنْدان في بابَك الشجاعة، فأستأجره من أُمّهِ، فأحبّته امرأة جاوِندان، وأطلعتْه على أمور زوجها، ثمّ قُتِل جاوِنْدان في وقعة بينه وبين ابن عمٍّ لهُ، فزعمت امرأته أنّه استخلف بابَك، فصدّقها الْجُنْد وانقادوا له، فأمرهم أن يقتلوا بالّليل مَن وجدوا من رجلٍ أو صبيّ. فأصبح خلقٌ مُقَتَّلين. ثمّ انضم إليه طائفة من قُطّاع الطريق، وطائفة مِن الفلّاحين والشُّطّار1. ثمّ استفحل أمره، وعظُم شرُّه، وصار معه عشرون ألف مقاتل. وأظهر مذهب الباطنيّة، واستولى على حصون ومدائن، وقتل وسبى إلى أن أظفر الله به. فأركبه المعتصم فيلًا، وألبسه قِباءً من ديباج، وقَلَنْسُوَة سَمُّور مثل الشَّرْبُوش، وخَضَبوا الفِيل بالحِنّاء، وطافوا به2. "قطع أطراف بابَك وقتله": ثمّ أمَر المعتصم بأربعته فقُطِّعَت، ثمّ قُطع رأسه وطِيف به بسامرّاء. وبعث بأخيه إلى بغداد، ففُعِل به نحو ذلك، واسمه عبد الله. ويُقال إنّه كان أشجع من بابَك. فيقال إنّه قال لأخيه بابَك قُدّام الخليفة: يا بابَك قد عملتَ ما لم يعملْه أحد، فأصبِرْ صبرًا لم يصبرْه أحد. فقال: سوف ترى صبري. فلمّا قُطِعت يدُه مسح بالدَّم وجهه، فقالوا: لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: قولوا للخليفة إنّك أمرتَ بقطع أربعتي وفي نفسك أنّك لا تكويهما وتدع دمي ينزف، فخشيت إذا خرج الدّم أن يصفرّ وجهي، فترون أنّ ذلك من جَزَع الموت. فعطيت وجهي بالدم لهذا. فقال المعتصم: لولا أنّ أفعاله لا تُوجِب الصَّنيعة والعَفْوَ لكان حقيقًا بالاستبقاء. ثمّ ضُرِبت عُنُقه، وأُحْرِقت جُثّته، وفُعِل ذلك بأخيه، فما منهما مَن صاح. ويقال إنّ بابَك قتل مائةً وخمسين ألفًا، وما ذلك ببعيد.

_ 1 أي: اللصوص. 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 53".

"ما وجده المؤلّف بخط ابن جماعة": ووجدتُ بخطّ رفيقنا ابن جماعة الكِنانيّ أنّه وجد بخطّ ابن الصّلاح، رحمه الله، قال: اجتمع قومٌ مِن الأُدباء، فأحصَوا أنّ أبا مسلم قتل ألفي ألف، وأن قتلى بابك بلغوا ألف ألف وخمسمائة ألف. "الحرب بين الأفشين وطاغية الروم": وفيها سار الأفشين بالجيوش، فالتقى طاغيةَ الروم، فاقتتلوا أيّامًا، وثبت كِلا الفريقين، وقُتِل خلقٌ منهما، ثمّ انهزم الطّاغية ونزل النّصْر. وكان هذا الكلب قد حَصرَ زِبَطْرة وافتتحها عَنْوةً، وقتل وسبى وحرق الجامع1. "فتح عمورية": وفيها خرّب المعتصم أَنْقِرة وغيرها، وأنكى في بلاد الروم وأوطأهم خوفًا وذُلًّا، وافتتح عَمُّورية كما هو مذكور في ترجمته. وكانت نكايته في الروم مما لم يُسْمع لخليفةٍ بمثله، فإنّه قد شتّت جُموعهم، وخرّب ديارهم؛ وكان ملكهم تُوفيل بن ميخائيل بن جرجس قد نزل على زِبَطْرة في مائة ألف، ثمّ أغار على مَلْطِية، وعَمّ بلاؤه وفي ذلك يقول إبراهيم بن المهديّ: يا غيرة الله قد عاينت فانتقمي ... هَتَك النّساء وما منهنّ يرتكبُ هَبِ الرجالَ على أجرامها قُتِلَتْ ... ما بالُ أطفالها بالذَّبْح تُنْتَهَبُ؟ فلمّا سمِع المعتصم هذا الشِّعْر خرج لوقته إلى الجهاد، وجرى ما جرى. وكان على مقدّمته أشناش التُّرْكيّ، وعلى مَيْمنته إيْتاخ التُّركيّ، وعلى المَيْسَرة جعفر بن دينار، وعلى الساقة بغا الكبير وعلى القلب عُجَيْف، ودخل من الدُّروب الشّاميّة، وكان في مائتي ألف على أقلّ ما قيل، والمكثر يقول: كان في خمسمائة ألف. ولما افتتح عَمُّورية صمّم على غزو القُسْطنطينيّة، فأتاه ما أزعجه من أمر العبّاس بن المأمون، وأنّه قد بُويع، وكاتبَ طاغية الروم، فَقَفَلَ المعتصم، وقبض على العبّاس ومُتَّبعيه وسجنهم.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 55-57".

أحداث سنة أربع وعشرين ومائتين

"أحداث سنة أربعٍ وعشرين ومائتين": فيها تُوُفّي: إبراهيم بن المهديّ، وإبراهيم بن سُوَيْد الذّراع، بصْري، وسعيد بن أبي مريم، وبكّار بن محمد السِّيرينيّ، وسليمان بن حرب، وأبو معمر عبد الله بن عَمْرو المِنْقَريّ المُقْعَد، وعبد السّلام بن مطهّر، وعبد الغفّار بن داود الحَرّانيّ، وعليّ بن محمد المدائنيّ، وأبو عُبَيْد القاسم بن سلّام، وعَمْرو بن مرزوق، وقُرّة بن حبيب، وأبو الْجَمَاهر محمد بن عثمان الكَفَرْسُوسيّ، ومحمد بن عيسى بن الطّبّاع الحافظ، ومحمد بن الفضل عارِم، ويزيد بن عبد ربّه الحمصيّ، والعبّاس بن المأمون بن الرشيد. "إظهار المازيار الخلاف بطبرستان ": وفيها أظهر مازيار بن قارن الخلاف بطَبرِسْتان وحارب، وكان مُبَاينًا لآل طاهر. وكان المعتصم يأمره بحمل الخراج إليهم فيقول: لا أحمله إلّا إلى أمير المؤمنين. وكان الأفشين يسمع أحيانًا من المعتصم ما يدلّ على أنّه يريد عَزْل عبد الله بن طاهر. فلمّا ظفر ببابَك ونزل من المعتصم المنزلة الرفيعة، طمع في إمرة خُراسان. وبلغه منافرة المازيار لابن طاهر، فترجّى أن يكون ذلك سببًا لعزل ابن طاهر. ثمّ إنّه دسّ كُتُبًا إلى المازيار يقوّي عزْمه. وبعث المعتصم لمحاربة المازيار جيشًا عليهم الأفشين. وجبى المازيار الأموال، وعَسَفَ. وأخرب أسوار آمل والرَّيّ وجُرْجَان، وهرب النّاس إلى نَيْسابور. فأرسل ابنُ طاهر جيشًا، عليهم عمُّه الحَسَن بن الحسين. وجرت حروب وأمور، ثمّ اختلف أصحاب المازيار عليه. ثمّ قُتِل بعد أن أهلك الحرث والنّسل.

أحداث سنة خمس وعشرين ومائتين

"أحداث سنة خمسٍ وعشرين ومائتين": فيها تُوُفّي: أصبغ بن الفَرَج الفقيه، وأبو عمر الحَوْضيّ، وسَعْدَوَيْه الواسطيّ، وشاذ بن فَيّاض، وأبو عمر الْجَرْميّ، وعمر بن سعيد الدّمشقيّ الأعور، وفَرْوَةُ بن أبي المَغْراء، وأبو دُلَف الأمير، ومحمد بن سلّام البِيكَنْديّ، ويحيى بن هاشم السمسار. "وزارة الزّيّات": وفيها استوزر المعتصم محمدَ بنَ عبد الملك الزّيّات.

"القبض على الأفشين": وفيها قبض المعتصم على الأفشين1 لعداوته لعبد الله بن طاهر، ولأحمد بن أبي دُؤَاد، فعملا عليه، وما زالا حَتّى القيا في قلب المعتصم أنّ الأفشين يريد قتله. ونَقَلَ إليه ابن أبي دُؤَاد أنّه يكاتب المازيار. فطلب المعتصم كاتبه وتهدّده بالقتل، فاعترف وقال: كتبتُ إليه بأمره يقول: لم يبق غيري وغيرك وغير بابَك. وقد مضى بابَك، وجيوش الخليفة عند ابن طاهر، ولم يبق عند الخليفة سواي، فإنْ هزمت ابنَ طاهر كفيتُك أنا المعتصم، وتخلص لنا الدّين الأبيض، يعني المَجُوسية. وكان يُتَّهَم بها. فَوَهب المعتصم للكاتب مالًا وأحسن إليه، وقال: إن أخبرتَ أحدًا قتلتُك. فَرُوِيَ عن أحمد بن أبي دُؤَاد قال: دخلت على المعتصم وهو يبكي ويُقلق، فقلت: لا أبكى اللَّهُ عينيك، ما بك؟ قال: يا أبا عبد الله، رجلٌ أنفقتُ عليه ألف ألف دينار، ووهبتُ له مثلها يريد قتلي. قد تصدّقتُ لله بعشرة آلاف ألف درهم، فخُذْها ففرّقْها. وكان الكَرْخُ قد احترق، فقلت: نفرّق نصف المال في بناء الكَرْخ، والباقي في أهل الحَرَمَيْن. قال: افعل. وكان الأفشين قد سيّر أموالًا عظيمة إلى مدينة أَشْرُوسَنةَ، وهمّ بالهرب إليها، وأحسّ بالأمر. ثمّ هيّا دعوةً ليسُمّ المعتصم وقُوّاده، فإن لم يَجِب دعا لها الأتراك مثل إيْتاخ، وأشِناس فيُسمِّمهم ويذهب إلى أرمينية، ويدور إلى أشْرُوسَنَة. فطال به الأمر، ولم يتهيّأ له ذلك، فأخبر بعضُ خَوَاصّه المعتصمَ بعزمه، فقبض حينئذ المعتصم عليه وحبسه، وكتب إلى ابن طاهر بأن يقبض على ولده الحَسَن بن الأفشين2. "أسْر المازيار": وفيها أُسٍر المازيار، وقُدِم به إلى بين يدي المعتصم.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 104". 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 106"، والكامل في التاريخ "6/ 512".

"ذِكر الرجلين العاريين عن اللحم": وعن هارون بن عيسى بن المنصور قال: شهدت دار المعتصم وقد أتي بالأفشين، والمازيار، وبموند مُوبِذان أحد ملوك السُّغد، وبالمَرْزُبان، وأحضروا رجلين فعريا، فإذا أجنابهما عارية عن اللّحْم. فقال الوزير ابن الزّيّات: يا حيدر، تعرف الرجلين؟ قال: نعم. هذا مؤّذنٌ، وهذا إمامٌ بَنَيا مسجدًا بأشروسنة، فضربتُ كلّ واحدٍ منهما ألفَ سَوْط. قَالَ: وَلَم؟ قال: "إنّ" بيني وبين ملوك السُّغْد عهدًا، أنْ أترك كلّ قومٍ على دينهم، فوثب هذان على بيتٍ فيه أصنامُ أهلِ أشْرُوسَنَة، فأخرجا الأصنام واتّخذاه مسجِدًا، فضربتهما على تَعَدِّيهما. "ذكر الحوار بين ابن الزّيّات وحيدر والأفشين والمازيار": فقال ابن الزّيّات: فما كتابٌ عندك قد زينته بالذهب والجوهر، وجعلته في الدّيباج، فيه الكُفْر بالله؟ قال: كتابٌ ورِثْتُه عن أبي، فيه آدابٌ وحِكَم من آداب الأكاسرة، فآخُذُ منه الأدب، وأدفع ما سواه، مثل كتاب "كليلة ودِمْنة"، وما ظننتُ أنّ هذا يُخْرجني عن الإسلام. فقال ابن الزّيّات للموْبِذ: ما تقول؟ فقال: إنْ كان هذا يأكل المخنوقة، ويحملني على أكْلها، ويزعم أنّ لحمها أرطب من المذبوحة. وقال لي: إنّي قد دخلت لهؤلاء القوم في كلّ ما أكره، حَتّى أكلت الزيت، وركبت الجمل، ولبست النعل، غير أنّي إلى هذا العام لم أسقط عني شعرًا، يعني عانته، ولم أختَتِن. وكان المُوبِذ مجوسيًّا، ثمّ بعد هذا أسلم على يد المتوكّل. فقال الأفشين: خبّروني عن هذا المتكلّم، أَثِقَةً هو في دينه؟ قالوا: لا. قال: فما معنى قُبُولكم شهادته؟ فتقدّم المرزبان وقال: يا أفشين كيف تكتب إليك أهل مملكتك؟ قال: كما كانوا يكتبون إلى أبي وجَدّي. قال ابن الزّيّات: فكيف كانوا يكتبون؟ قال: كانوا يكتبون إليه بالفارسيّة ما تفسيره بالعربيّة: إلى الإله من عبده.

قال: كذا هو. قال: نعم. قال: فما أبقيت لِفرْعَوْن؟ قال: خفت أن يفسدوا عليّ بتغيير ما يعهدونه. فقال له إسحاق بن إبراهيم الأمير: كيف تحلف لنا بالله فنصدّقك، وأنت تدّعي ما ادّعى فِرْعَون. فقال: يا إسحاق، هذه سورة قرأها عُجَيْف على عليّ بن هشام، وأنت تقرؤها عليّ، فانظر غدًا من يقرأها عليك. ثمّ تقدّم مازيار، فقالوا له: تعرف هذا؟ قال: نعم. قالوا: هل كاتبتَه؟ قال: لا؟ فقالوا للمازيار: هل كتب إليك؟ قال: كتب إليّ أخوه على لسانه أنّه لم يكن يَنْصر هذا الدّين الأبيض غيري وغيرك وغير بابَك. فأمّا بابَك فإنّه بحُمقه قتل نفسه، فانْ خالفتَ لم يكن للخليفة من يؤمر بقتالك، غيري، ومعي الفُرسان وأهل النجدة والبأس. فإن وُجّهت إليك لم يبق أحد يحاربنا إلّا ثلاثة: العرب، والمغاربة، والأتراك فأمّا العربيّ فبمنزلة الكلب، أطرح له كِسْرة، ثمّ اضرب رأسه بالدّبُّوس. وهؤلاء الذّئاب، يعني المغاربة، فإنّهم أَكَلَة رأس، وأمّا التُّرْك، فإنّما هي ساعةٌ حَتّى تَنْفَدَ سهامُهُم، ثمّ تَجُول عليهم الخيلُ جَولَةً، فتأتي على أخرهم، ويعود الدّين إلى ما لم يزل عليه أيّام العجم. فقال الأفشين: هذا يدَّعي على أخي، ولو كنت كتبت بهذا إليه لأستميله كان غير مستنكَر، لأنّي إذا نصرت أمير المؤمنين بيدي، كنتُ أن أنصره بالحيلة أحرى لآخذ برقبة ذا. فزجره أحمد بن أبي دُؤَاد وقال: أمطهّرٌ أنت؟ قال: لا. قال: ما منعك من ذلك؟ قال: خفت التَّلَف. قال: أنت تلقى الحروب وتخاف من قطع قَلْفَة. قال: تلك ضرورة أصبر عليها، وأمّا القلْفَة فلا، ولا أخرُج بها من الإسلام. فقال أحمد: قد بان لكم أمره. قال: فردّ إلى الحبس1.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 108-110"، والكامل في التاريخ "6/ 510-516".

"ذِكر الزلزلة بالأهواز": وفيها زلزلت الأهواز، وسقط أكثر البلد والجامع، وهرب النّاس إلى ظاهر البلد، ودامت الزَّلْزَلة أيّامًا، وتَصَدَّعت الجبال منها1. "ذِكر ولاية دمشق": وفيها ولي إمرة دمشق دينار بن عبد الله، وعُزِل بعد أيام بمحمد بن الْجَهْم السّاميّ، وكِلاهما لم يترجمه ابن عساكر، ولم يذكر من أخبارهما شيئًا.

_ 1 انظر الكامل في التاريخ "6/ 521".

أحداث سنة ست وعشرين ومائتين

"أحداث سنة ستٍّ وعشرين ومائتين": فيها تُوُفّي: إسحاق بن محمد الفرويّ، وإسماعيل بن أبي أُوَيْس، وجندل بن والق، وسعيد بن كثير بن عُفَيْر، وسُنيد بن داود المِصِّيصيّ، وعياش بْنُ الْوَلِيدِ الرقام، وغسان بن الربيع المَوْصِليّ، ومحمد بن مقاتل المَرْوَزِيّ، ويحيى بن يحيى التيمي النَّيْسَابوريّ. "ذِكْر المطر بتَيْمَاء": وفيها في جُمادى الآخرة مُطِرَ أهل تَيْماء، على ما ذكر ابن حبيب الهاشميّ بَرَدًا كالبَيْض، قتل منهم ثلاثمائة وسبعين نفسًا، ونظروا إلى أثر قَدَمٍ طولها نحو ذراع، ومن الخطوة نحو خمسة أذرُع. وسمعوا صوتًا: ارحم عبادك، اعف من عبادك. "ذِكْر سجن الأفشين وموته": وكان المعتصم قد سجن الأفشين في مكان ضيّق، فذكر حمدون بن إسماعيل قال: بعث معي الأفشين رسالة إلى المعتصم يترقّق له، ويحلف ويتنصّل ويتذلل له، فلم يغن ومنع من الطعام حَتّى مات. ثمّ أخرج وصُلِبَ في شَعْبان1. قال الصُّوليّ: أُخْرِج وصُلِبَ، وأُتِيَ بأصنامٍ كانت في داره قد حُمِلَت إليه من

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 111".

أشْرُوسَنَة. فأُحْرِقَتْ وأُحْرِقَ معها1. وقيل: بل تُرِكَ مصلوبًا مدّة. واسمه حيدر بن كاوس من أولاد الأكاسرة، والأفشين لَقَبُ لمن مَلَك أشْرُوسَنَة. وكان موصوفًا بالشّجاعة والرأي والخبرة. وقد مرّ أنّه حارب بابَك وظفر به. وكان أكبر من بقي في دولة المعتصم. "ذِكر المازيار": وأما المازيار صاحب طَبَرِسْتان فاسمه محمد بن قارن. وكان ظَلُومًا غشومًا صادر أهل طَبَرِسْتان أذلّهم، وجعل السّلاسل في أعناقهم، وخرّب أسوار مدائنهم. حارب جيوش المعتصم إلى أن انكسر، فأُسِرَ، وقُتِلَ أخوه شَهْرَيار. وضُرِبَ هو حَتّى مات، وصُلِبَ إلى جانب بابَك. وكان عظيمًا عند المأمون يكتب إليه: إلى أصبهنذ2 إصبهان وصاحب طَبَرِسْتان. وكان قد جمع أموالًا لا تُحْصَى. "ذكر عزْل الزُّهْريّ عن قضاء الديار المصرية": وفيها عُزِلَ عن قضاء الدّيار المصرية هارون بن عبد الله الزُّهْريّ الأصمّ، ووُلّي محمد بن أبي الَّليْث الحارث بن شدّاد الإياديّ الْجَهْميّ الخوارِزْميّ، وبقي في القضاء نحوًا من عشرِ سنين، ولم يكن محمود السّيرة في أحكامه. وقد امتحن الفقهاء بمصر في القرآن، وحَكَم على بني عبد الله بن عبد الحَكَم بودائع كانت للجرويّ عندهم بألف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار، فأقاموا الشُّهود بأن الجرويّ كان قد أبرأهم وأخذ الذي له، فَعَسَفَهم هذا الجهميّ، وعنّتهم.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 114". 2 اسم لكل من حكم بلاد طبرستان.

أحداث سنة سبع وعشرين ومائتين

"أحداث سنة سبعٍ وعشرين ومائتين": تُوُفّي فيها: أحمد بن حاتم الطّويل، وأحمد بن عبد الله بن يونس اليَرْبُوعيّ، وإبراهيم بن بشّار الرماديّ، وأبو النَّضْر إسحاق بن إسحاق الفراديسيّ، وإسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ، وبِشْر الحافي، وسعيد بن منصور صاحب السنن، وسهل بن بكّار، ومحمد بن حيّان أبو الأزهر، وشُعَيْب بن محرز، ومحمد بن الصّبّاح الدّولابيّ، ومحمد بن عبد الوهّاب الحارثيّ، ومحمد بن هارون المعتصم بالله، وأبو الوليد الطَّيَالسيّ، والهيثم بن خارجة، ويحيى بن بِشْر الحريريّ. "خروج المبرقع بفلسطين": وفيها خرج بفلسطين أبو حرب، الذي زعم أنّه السُّفيانيّ، فدعا إلى الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنْكَر أولًا، إلى أن قَوِيَت شوكتهُ، واستفحل أمره. وسبب خروجه أنّ جنديًا أراد النزول في داره فمانعته أهل المبرقع، فضربها بسوطٍ أثّر في ذراعها. فلمّا جاء زوجها بكت وشكت إليه، فذهب إلى الجنديّ وقتله، وهرب. ولبس بُرْقُعًا لئلا يُعرف. ونزل الجبال بجبال الغَوْر1 مُبَرْقَعًا، فكان يأتيه الرجل، فيحثّه على الأمر بالمعروف ويعيب الدّولة. فاستجاب له قوم من فلّاحي القُرى، وادّعى أنّه أُمَويّ، وتكاثف2 الأمر، فسار لحربه رجاء الحصاريّ أحد قوّاد المعتصم في ألف فارس، فأتاه فوجده في زُهاء مائة ألف. فعسكر بحذائه، ولم يجسر على لقائِه. فلمّا كان أوان الزراعة تفرّق أكثر أولئك في فلاجتهم، وبقي في نحو ألفَين، فواقَعَه رجاء. وكان المبرقع بطلًا شجاعًا، فحمل على العسكر، فأفرجوا له، ثمّ أحاطوا به، وأسروه وسجنوه، فمات في آخر هذه السنة، وقيل: خنقوه. "ذكر فتنة القيسيّة بدمشق": وفيها بعث المعتصم على دمشق الأمير أبا المغيث الرافقيّ، فخرجت عليه طائفة من قَيْس، لكونه أخذ منهم خمسة عشر نفسًا فصلبهم. فأغارت قيس على جبل السلطان، وعسكروا بمرج راهط. فوجّه أبو المغيث جيشًا لقتالهم، فقُتِلَ خلْق من الجيش، وثبتت القيسيّة. ثمّ رجعوا على دمشق، فتحصّن بها أبو المغيث، فوقع حصار

_ 1 جبال بالأردن. 2 أي غلظ وثخن واشتد وظهر.

شديد، فمات المعتصم والأمرُ على ذلك. قال محمد بن عائذ: قدم دمشق رجاء الحصاريّ، فواقَعَ أهلَ المرج، وجَسْرين، وكَفر بطْنًا، وسقيا، في جُمَادَى الأولى، وأصيب من النّاس خلْق. وقال عليّ بن حرب: كتب الواثق إلى الرَّقّة إلى رجاء الحصاريّ يأمره بالمسير إلى دمشق. فقدمها، ونزل بدير مُرَّان، والقيسيّة معسكرون بمرج راهط. فوجّه إليهم يسألهم الرجوع إلى الطّاعة. فامتنعوا إلّا أن يَعْزِل أبا المغيث عن دمشق. فأنذرهم القتالَ يوم الاثنين، ثمّ كبسهم يوم الأحد بغتةً بكفْر بَطْنا1. وكان جُمهور القيسيّة بدُومَة2، فوافاهم وقد تفرقوا، فوضع السيف فيهم، وقتل منهم ألفًا وخمسمائة. وقتلوا الأطفال، وجرّحوا النّساء، ونهبوا. فهرب ابن بَيْهَس ولحق بقومه بحَوْرَان3. وقُتِلَ ابن عمّ رجاء. وقتل من الأجناد نحو الثلاثمائة وقد عاش رجاء إلى سنة أربعٍ وأربعين ومائتين. "ذِكر بيعة الواثق بالله": وبويع للواثق بالله هارون في التاسع عشر ربيع الأول بعد موت أبيه، بعهدٍ منه.

_ 1 قرية من قرى غوطة دمشق. 2 قرية من قرى غوطة دمشق. 3 الكامل في التاريخ "6/ 528، 529".

أحداث سنة ثمان وعشرين ومائتين

"أحداث سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين": وفيها تُوُفّي: أحمد بن شَبُّويْه المَرْوَزِيّ، وأحمد بن محمد بن أيّوب، صاحب المغازي، وإبراهيم بن زياد، سَبْلان، وأحمد بن عِمران الأخْنَسيّ، وإسحاق بن بِشْر الكاهليّ الكوفيّ، وبشار بن موسى الخفّاف، وحاجب بن الوليد الأعور، وحمّاد بن مالك الحَرَسْتاني، وداود بن عَمْرو الضَّبّيّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِوَارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ العنبريّ القاضي، وعبد الله بن عبد الوهّاب الحَجَبيّ، وعبد الرحمن بن المبارك، وأبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التّمّار، وعُبَيْد الله العَيْشيّ، وعليّ بن عَثْام الكوفيّ، وأبو الْجَهْم صاحب الجزء، وعيسى بن إبراهيم البِرَكيّ، ومحمد بن جعفر الوَرْكَانيّ، ومحمد بن حسّان السَّمْتيّ، وأبو يَعْلَى محمد بن الصَّلْت التُّوَّزِيّ، والعُتْبيّ الإِخباريّ محمد بن عُبَيْد الله، ومحمد بن عِمران بن أبي ليلى، والمُثَنَّى بن مُعَاذ العنبريّ، ومُسدَّد، ونُعَيْم بن الهيصم، ويحيى الحِمّانيّ. "ذكر وقوع قطعة من جبل العقبة": وفيها وقعت قطعة من الجبل الذي عند جَمْرة العَقَبَة، فَقُتِل جماعة من الحاج1 رحمهم الله.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 124"، والكامل في التاريخ "7/ 9".

أحداث سنة تسع وعشرين ومائتين

"أحداث سنة تسعٍ وعشرين ومائتين": وفيها تُوُفّي: أحمد بن شبيب الحَبَطيّ، وإسماعيل بن عبد الله بن زُرَارة الرَّقّيّ، وثابت بْنُ مُوسَى العابد، وخالد بن هياج الهَرَويّ، وخَلَف بن هشام البزّار، وأبو مِكْيَس الذي زعم أنّه سمع من أنس، وأبو نُعَيْم ضِرار بن صُرد، وعبد الله بن محمد المُسْنديّ، وعبد العزيز بن عثمان المَرْوَزِيّ، وعمّار بن نصر، وعَمْرو بن خالد الحَرّانيّ نزيل مصر، ومحمد بن معاوية النَّيْسَابوريّ، ونُعَيْم بن حمّاد الخزاعيّ، ويحيى بن عَبْدَوَيْه صاحب شُعْبَة، ويحيى بن يوسف الزَّمِّيّ، ويزيد بن صالح الفرّاء النَّيْسَابوريّ. "ذكر ما صادره الواثق من أهل الدواوين": وفيها صادر الواثق بالله الدّواوين وسجنهم، وضرب أحمد بن أبي إسرائيل ألف سَوْط، وأخذ منه ثمانين ألف دينار، وأخذ من سليمان بن وهب كاتب الأمير إيتاح أربعمائة ألف دينار، ومن أحمد بن الخصيب وكاتبه ألف ألف دينار. فيقال إنَّهُ أخذ من الكُتّاب في هذه النَّوْبة ثلاثة آلاف ألف دينار1.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 125"، والكامل في التاريخ "7/ 10".

أحداث سنة ثلاثين ومائتين

"أحداث سنة ثلاثين ومائتين": وفيها توفّي: أحمد بن جميل المرزويّ، وأحمد بن جناب المِصِّيصيّ، وإبراهيم بن إسحاق الصّينيّ، وإبراهيم بن حمزة الزُّبَيْريّ، وإسحاق بن إسماعيل الطّالْقانيّ، وإسماعيل بن سعيد الشّالنجيّ، شيخ أهل طَبَرِسْتان، وإسماعيل بن عيسى العطار، وسعيد بن عَمْرو الأشعثيّ، وسعيد بن محمد الْجَرْميّ، وَعَبْدُ الله بْنُ طاهر الأمير،

وعبد الحميد بن صالح البُرْجُميّ، وعبد العزيز بن يحيى المَدنيّ، نزيل نَيْسَابُور، وعليّ بن الْجَعْد، وعليّ بن محمد الطّنَافِسيّ، وعَوْن بن سلّام الكوفيّ، ومحمد بن إسماعيل بن أبي سَمِينَة، ومحمد بن سَعْد كاتب الواقديّ، وأبو غسّان مالك بن عبد الواحد المِسْمَعيّ، ومحبوب بن موسى الأنطاكيّ، ومهديّ بن جعفر الرَّمْليّ. "ذكر قتال الأعراب حول المدينة": وفيها عاشت الأعراب حول المدينة، فسار لحربهم بُغا الكبير، فدوّخهم وأسرَ وقتل فيهم. وكان قد حاربهم حمّاد ابن جرير الطبريّ القائد، فقُتِل هو وعامّة أصحابه، واستباحوا عسكره. وحَبَس بُغا منهم في القيود بالمدينة نحو ألف نفس فنقبوا الحبْس فأخبرت بهم امرأة، فأحاط بهم أهل المدينة وحصروهم يومين، ثمّ برزوا1 للقتال بُكرةً، وكان مقدّمهم عزيزة السّلميّ، فكان يحمل ويرتجز: لا بد من رحِم وإنْ ضاق البابْ ... وإني أنا عُزيزة بن قطّابْ الموت خيرٌ للفتى مِن العذابْ وكان قد فكّ قيده وهو يقاتل به يومَه. ثمّ قُتِلَ، وقُتِلَتْ عامّة بني سليم، وقتل جماعة من الأعراب2.

_ 1 أي: خرجوا بعد خفاء. 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 129-131"، والكامل في التاريخ "7/ 13".

رجال هذه الطبقة على حروف المعجم

رجال هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- أحمد بن جميل المَرْوَزِيّ أبو يوسف1. حدَّث ببغداد عن: عبد الله بن المبارك. ومُعْتَمِر بن سليمان. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وعباس الدوري، وجماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 44"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 284"، وتاريخ الطبري "9/ 263"، وتاريخ بغداد "4/ 76-78".

ووثقه ابن معين. توفي سنة ثلاثين. وكان يبيع البز. 2- أحمد بن جناب بن المغيرة1 -م. د. س- أبو الوليد المصّيصيّ. قيل إنّه بغداديّ الأصل. عن: عيسى بن يونس، والحَكَم بن ظُهَيْر الفزاريّ، وخالد بن يزيد بن أسد القَسْريّ. وعنه: "م". "د"، وإبراهيم بن هانئ، وأحمد بن الحَسَن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، وأبو يعلى الموصلي، وخلق. ومن القدماء: أحمد بن حنبل، وأحمد بن ملاعب. قال صالح جزرة: صدوق. وروى له النَّسائيّ، عن رجلٍ، عنه. مات سنة ثلاثين ومائتين 3- أحمد بن حاتم بن يزيد الطّويل2. سمع: مالكًا ومسلم بن خالد الزّنْجيّ، وعِدّة. وعنه: ابن أبي الدنيا، وعبد الله بن أحمد، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وتُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين ببغداد. 4- أحمد بن حاتم بن مخشيّ3. بصريّ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 45"، والثقات لابن حبان "8/ 17"، وتاريخ الطبري "5/ 347، 389"، والثقات لابن حبان "8/ 17"، والمجروحين "2/ 64". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 395"، وتاريخ بغداد للخطيب "4/ 112-114"، وتعجيل المنفعة للحافظ "24". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 48"، والثقات لابن حبان "8/ 11"، والوافي بالوفيات "6/ 295".

سمع: حمّاد بن زيد، وعبد الواحد بن زياد. وعنه: أبو زُرْعة الرازيّ. 5- أحمد بن الحجاج البكريّ الشّيبانيّ المرزويّ1. عن: أبي ضَمْرة، وحاتم بن إسماعيل، وابن المبارك، وابن عُيَيْنة، وجماعة. وعنه: "خ" وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن أبي خيثمة، والدّراميّ، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وآخرون. أثنى عليه أحمد بن حنبل، وقد حدَّث ببغداد. تُوُفّي يوم عاشوراء سنة اثنتين وعشرين. 6- أحمد بن الحُرَيْش2. أبو محمد. قاضي نَيْسَابور ثمّ هَرَاة. وكان من أفضل القُضاة وأعلمهم. قيل إنّه من مَرْو الرُّوذ. سمع: سُفْيان بن عتيبة، ووكيعًا، وابن فُضَيْل، وأبا أُسامة. وعنه: عثمان الدّارميّ، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وجعفر بن محمد بن الحسين، ومحمد بن نصر. روى عنه أبو زيد أنّه سمع وكيعًا، عن سُفْيان قال: لا يتّقى الله أحدٌ إلاّ اتقاه الناس شاؤوا أمّ أبَوْا. تُوُفّي فجأةً سنة ثلاثين. 7- أحمد بن الحَكَم3 أبو عليّ العبديّ. حدَّث بمصر عن مالك، وشريك.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 45"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 3"، والصغير له "228"، والثقات لابن حبان "8/ 6". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 27، 28، 31"، والأنساب لابن السمعاني "2/ 25، 26"، ومعجم البلدان "1/ 318". 3 انظر الضعفاء والمتروكين للدارقطني "51"، وتاريخ بغداد للخطيب "4/ 122"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 94".

وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح، وغيره. متفق على تركه. توفي سنة ثلاث وعشرين. 8- أحمد بن داود1. أبو سعيد الواسطي، الحداد. عن: جمّاد بن زيد، وخالد الطحان. وعنه: محمد بن عبد الملك الدقيقي، وأبو بكر الصنعاني. وثقه ابن معين. توفي سنة إحدى وعشرين ومائتين. وقال ابن حبان: كان حافظا متقنا. 9- أحمد بن سليمان بن أبي الطيب2. أبو سليمان المروزي الحافظ، نزيل بغداد، ونزيل الري أيضا. روى عن: إبراهيم بن سَعْد، وأبي المَلِيح الرَّقّيّ، وعُبَيْد الله الرَّقّيّ، وابن المبارك، وأبي إسحاق الفزاري، وطبقتهم. وعنه: الذهلي، والبخاري، وقد مر في الطبقة الماضية. 10- أحمد بن شبيب بن سعيد3. أبو عبد الله الحبطي، البصري، نزيل مكة. والحبطات من تميم. سمع: أباه، ويزيد بن زريع، ومروان بن معاوية، وجماعة.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 358"، والجرح والتعديل "2/ 50"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 4"، وتاريخ بغداد "4/ 138-140". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 52"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 3، 4"، وتاريخ بغداد للخطيب "4/ 173"، وتهذيب الكمال "1/ 357". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 54، 55"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 4"، والثقات لابن حبان "8/ 11"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 327".

وعنه: "خ"، والنَّسائيّ بواسطة، وإبراهيم الحربيّ، وأبو زرعة، والذهلي، ويعقوب الفسوي، وجماعة. وثقه أبو حاتم. وتوفي سنة تسع وعشرين. وآخر من روى عنه محمد بن علي بن زيد الصائغ. 11- أحمد بن عاصم1. أبو محمد البلخي. عن: عبد الرزاق، والأصمعي، وحيوة بن شريح الحمصي. وعنه: البخاري في "كتاب الأدب"، وعبد الله بن محمد الجوزجاني. توفي في ذي الحجة سنة سبعٍ وعشرين ومائتين. 12- أحمد بن عاصم الأنطاكي2. أبو عبد الله الزاهد الواعظ. كتب العلم وحدَّث عن: أبي معاوية، ومَخْلَد بن الحسين، والهيثم بن جميل، وإسحاق الحنينيّ. وعنه: أحمد بن أبي الحواري، وأبو زرعة النّصريّ، ومحمود بن خالد السَّهْميّ، وعبد العزيز بن محمد الدّمشقيّ، وآخرون. وسكن دمشق مدّة. قال أبو حاتم الرّازيّ: أدركته بدمشق، وكان صاحب مواعظ وزُهْد. وقال السُّلَميّ: أحمد بن عاصم أبو عليّ. وقال: أبو عبد الله من أقران بشر الحافي، وسريّ السّقطيّ. وكان قال: هو جاسوس القلوب.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 66"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 5"، والثقات لابن حبان "8/ 12"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 363". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 66"، والثقات لابن حبان "8/ 20"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 363"، وميزان الاعتدال "1/ 106".

وقال أحمد بن أبي الحواري: سمعته يقول: إذا صارت المعاملة إلى القلب استراحت الجوارح. "هذه" غنيمة باردة: أصلحْ فيما بقي يُغْفَر لك ما مضى. ما أغبط أحدًا إلّا مَن عرف مولاه. وقال: يسير اليقين يُخْرج كلَّ الشَّكّ من القلب. ويسير الشَّكّ يُخْرِج كلّ اليقين من القلب. وقال ابن أبي حاتم: قال لي عليّ بن عبد الرحمن: قال لي أحمد بن عاصم: قلّة الخوف من قلّة الحزن في القلب. وإذا قلّ الحزن خرِب القلب. كَمَا أَنَّ الْبَيْتَ إِذَا لَمْ يُسْكَنْ خَرِبَ. وقال أبو زُرْعة: أملى عليّ أحمد بن عاصم الحكيم: النّاس ثلاث طبقات: مطبوعٌ غالب، وهم المؤمنون، فإنْ غفِلوا ذكروا. ومطبوع مغلوب، فإذا بَصروا أبصروا، ورجعوا بقوّة العقل. ومطبوع مغصوب، غير ذي طباع، فلا سبيل إلى ردّه بالمواعظ. 13- أحمد بن عبد الله بن يونس1 -ع. أبو عبد الله التّميميّ اليربوعيّ الكوفيّ الحافظ. وُلد سنة اثنتين وثلاثين ومائة تقريبًا. وسمع من: سُفْيان الثَّوريّ، وزُهَير بن معاوية، وزائدة، وإسرائيل، وعاصم بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر، وعبد العزيز الماجِشُون، وجدّه يونس بن عبد الله بن قيس اليَرْبُوعيّ، وخلْق. وعنه: "خ". "م". "د"، والباقون بواسطة، وإبراهيم الحربيّ، وعبد بن حُمَيْد، وأبو زرعة، وحصين الوادعيّ، وإبراهيم بن شَرِيك، وأحمد بن يحيى الحَلَوانيّ، وخلق.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 405"، والجرح والتعديل "2/ 57"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 5"، والصغير له "230"، والثقات لابن حبان "8/ 9".

قال أبو داود: سألت أحمد بن يونس فقال: لا يُصلَّى خَلْف من يقول: القرآن مخلوق. هؤلاء كُفّار. قال الفضل بن زياد: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل، وسأله رجل: عمّن أكتب؟ قال: ارحل إلى أحمد بن يونس، فإنّه شيخ الإسلام. وقال أبو حاتم: كان ثقة متقنًا. وقال البخاريّ: مات بالكوفة في ربيع الآخر سنة سبْعٍ وعشرين، وهذا من كبار شيوخ مسلم. 14- أحمد بن عبد الملك بن واقد1 -خ. ن. ق. أبو يحيى الأسديّ. مولاهم الحَرّانيّ. عن حمّاد بن زيد، وإبراهيم بن سَعْد، وأبي المُليح الرَّقّيّ الحَسَن بن عمر، وزُهَير بن معاوية، وعُبَيْد الله بن عمرو، وأبي عوانة، وطائفة. وعنه: "خ" و"ن". و"ق". بواسطة، وأحمد بن حنبل، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تمتام، وأبو شُعَيْب الحَرّانيّ، وطائفة. قال أحمد بن حنبل رأيته حافظًا لحديثه صاحب سُنَّةٍ. فقيل له: أهل حرانّ يُسيئون الثّناء عليه، فقال: أهل حَرانّ قَلَّ ما يَرْضَون عن إنسان، هو يَغْشَى السُّلطان، بسبب ضَيْعة له. وقال أبو حاتم: كان نظير النُّفَيْليّ في الصِّدْق والإتقان. وقال أبو عَرُوبة: مات سنة إحدى وعشرين ومائتين. 15- أحمد بن عَبْدَوَيْه المَرْوَزِيّ2. سمع: ابن مبارك وصحبه، وخارجه بن مُصْعَب. وعنه: أحمد بن سَيّار، ومحمد بن قُهْزاد. وَثّقَهُ ابن ماكولا.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 61، 62"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 3"، والثقات لابن حبان "8/ 7"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 391-393". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 5"، والإكمال "6/ 32".

16- أحمد بن عبيد الله بن سهيل1 -خ. د. أبو عبد الله الغدانيّ البصريّ وغدانة، هو ابن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. سمع: جرير بن عبد الحميد، وخالد بن الحارث، وأبا أُسامة، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: "خ". "د"، وحرب الكِرمانيّ، وأحمد بن داود المكي، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. وهم ابن عساكر في "النبل" أنّ التِّرْمِذِيّ روى عنه. تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين، ويقال: سنة سبعٍ وعشرين. 17- أحمد بن عثمان المرزوي2. سمع: ابن المبارك وغيره. وَثّقَهُ ابن حِبّان. وتُوُفّي سنة ثلاثٍ وعشرين. روى عنه البخاريّ في بعض تواليفه. 18- أحمد بن عِمران بن عبد الملك3. أبو جعفر الأخنسيّ الكوفيّ. نزيل بغداد. عن: أبي خالد الأحمر، وعبد السلام بن حرب، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن إدريس. وجماعة. وعنه: ابن أبي الدنيا، وأحمد بن أبي خيثمة، والبغويّ، وغيرهم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 58"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 4"، والثقات لابن حبان "8/ 20"، وتهذيب الكمال "1/ 400، 401". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 63"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 4"، والثقات لابن حبان "8/ 9"، والضعفاء للعقيلي "1/ 126". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 64"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 202"، والثقات لابن حبان "8/ 13"، والضعفاء لابن عدي "6/ 2279".

ومنهم من سمّاه محمدًا كالبخاريّ، وقال: مُنْكَر الحديث. وقال أحمد بن عبد الله العِجْليّ: لا بأس به. 19- أحمد بن غسّان البصْريّ العابد. أحد مشايخ العابدين بالبصرة. صَحِبَ أحمد بن عطاء الهيجيميّ الزّاهد، وبني دارًا للزُّهّاد. وكان يعظ ويتكلّم على الأهوال بعد شيخه، ولكن كان يقول بالقَدَر، ورجع عنه. فلمّا كانت المحنة أيّام المعتصم أبى أن يقول بخلْق القرآن، فحُمل إلى بغداد وحُبِس بها. فاتفق معه في الحبْس أحمد بن حنبل، والبُوَيْطيّ. قال عليّ بن عبد العزيز البَغَويّ: سَمِعْتُ البُوَيْطيّ يقول: قلت لأحمد بن حنبل: ما أحسن كلام هذا الرجل، يعني أحمد بن غسّان. قال: إنّه بصْريّ وأخاف عليه، يعني القَدَر. إلّا أنهما سمعا كلامه، وأعجبهما هديه، وخاطباه في القَدَر، فرجع عنه. قال ابن الأعرابيّ: وأخبرني بعضهم أنّ هذا كان يتهيّأ للجمعة، ويجيء إلى باب السّجن، فيردّه السَّجّان، فيقول: اللهمّ أشْهَدْ. وذكر عُبَيْد الله بن مُعَاذ العَنْبَريّ أنّ كتابًا وردَ عليهم من بغداد برجوع ابن غسّان عند القَدَر. قال ابن الأعرابي: إلا أنّ أولاده وأصحابه يُنْكِرون ذلك. قال: ومات فيما أحسب ببغداد في السجن. فأخبرني أحمد بن محمد الحَرّانيّ أنّه سمع أبا داود يقول: قال أحمد بن حنبل: ما خرجت حَتّى رجع أحمد بن غسّان عن القَدَر. 20- أحمد بن محمد بن الوليد1. أبو الوليد الأزرقيّ المكّيّ. قد مرّ في الطبقة الماضية، ثمّ وجدت أبا عبد الله الحافظ قد أرّخ وفاته في سنة اثنتين وعشرين ومائتين.

_ 1 تقدمت ترجمته.

21- أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان1 -د- أبو الحسن الخزاعيّ المروزيّ. وهو أحمد بن شَبُّويْه. والد عبد الله بن أحمد بن شَبُّويْه. حافظ رحّال، سمع: ابن المبارك، والفضل السِّينانيّ، وسفيان بن عيينة، وأبا أسامة، وجماعة. وعنه: "د"، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وآخرون. ومن أقرانه: يحيى بن مَعِين، وغيره. قال النَّسائيّ: ثقة. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بن شبويه: سَمِعْتُ أبي يقول: من أراد علم القَبْر فعليه بالأَثَر. ومن أراد عِلْم الخُبز فعليه بالرأي. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: حدَّثني ثابت بن أحمد بن شَبُّويْه قال: كان يُخَيَّل إليّ أنّ لأبي فضيلة على أحمد بن حنبل للجهاد، وفكاك الأَسرى، ولُزُوم الثُّغُور. فسألت أخي عبد الله فقال: أحمد بن حنبل أرجح. فلم أقتنع بقوله، فأُرِيتُ كأن شيخًا حوله النّاس ويسمعون منه، ويسألونه. فسألته فقلت: يا أبا عبد الله، أخْبِرْني عن أحمد بن حنبل، وأحمد بن شَبُّويْه أيُّهما عندك أعلى؟ فقال: سبحان الله، إنّ أحمد بن حنبل، ابتُليَ فصبر، وإنّ ابن شَبُّويْه عُوفي. المبتَلَى الصّابر كالمُعَافَى؟ هيهات. قال البخاريّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومُطَيّن: مات سنة ثلاثين. وزاد البخاري: وهو ابن ستّين سنة. وقال ابن ماكولا: مات بطرسوس سنة تسعٍ وعشرين. قال المِزّيّ: روى "خ". في الوضوء، والأضاحي، والجهاد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن المبارك. وقال الدّارقطنيّ: هو ابن شبّويه هذا.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 55"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/5"، والثقات لابن حبان "8/ 13"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 433-436".

وقال أبو نصر الكَلاباذيّ، وغير واحد، إنّه أحمد بن موسى بن موسى المَرْوَزِيّ السّمسار مَرْدَوَيْه. وهو من أهل الطبقة الآتية، ومن شيوخ "ت". "ن". 22- أحمد بن محمد بن أيّوب البغداديّ1. صاحب المغازي أبو جعفر الورّاق. كان ناسخًا للفضل بن يحيى البرمكيّ. سمع: إبراهيم بن سَعْد، وأبا بكر بن عيّاش. وعنه: "د"، وعلي بن عبد العزيز البَغَويّ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى المروزي. وآخر من روى عنه: أبو يعلى. قال عثمان الدارمي: كان أحمد، وابن المديني يحسنان القول فيه. وكان يحيى بن معين يحمل عليه. قلت: رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ قال: هو كذّاب لم يسمع من إبراهيم. وروى عبد الخالق بن منصور، عن ابن مَعِين قال: ليس بثقة. وقال يعقوب بن شبيه: ليس هو مِن أصحاب الحديث، ولا يعرفه أحد بالطَّلَب، وإنّما كان ورّاقًا، فذكر أنّه نسخ كتاب "المغازي" لبعض البرامكة، فأمره أن يأتي إبراهيمَ بن سَعْد يصحّحها، فزعم أنّ إبراهيم قرأها عليه وصحّحها. وقال ابن عَديّ: روى عن إبراهيم بن سَعْد، وأُنْكِرَت عليه. وحدَّث عن أبي بكر بن عيّاش بالمناكير. وهو صالح الحديث ليس بمتروك. وقال محمد بن سَعْد: مات لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وعشرين.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 353"، والجرح والتعديل "2/ 70"، والثقات "8/ 12، 17"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 431-433".

قلت: له في السُّنَن حديث واحد في الأذان، عن امرأة من الأنصار قالت: "كانت بيني من أطول بيتٍ حول المسجد، فكان بلال يؤذّن عليه الفجر"1. 23- أحمد بن معاوية المَذْحِجيّ2. عن: الوليد بن مسلم، وأبي معاوية الأسود، والحرّ بن وسيم العابد. وعنه: محمد بن وَهْب بن عطيّة، والقاسم الجوعيّ، وأحمد بن أبي الحواري. وأظنه كان من الصّالحين بدمشق. 24- أحمد بن المفضَّل3. أبو عليّ الكوفيّ. عن: وَكِيع، وأسباط بن نصر. وعنه: يعقوب الفَسَويّ، وأهل الكوفة. قال ابن حِبّان: ثقة، قديم الموت. 25- أحمد بن المنذر الْجُدّيّ القَزّاز4. عن: حمّاد بن مَسْعَدَة. وعنه عبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ. تُوُفّي سنة ثلاثين. 26- أحمد بن أَبِي سَلَمَةَ نصر5. أبو بكر البغداديّ الكاتب. ابن أخت أحمد بن يوسف وزير المأمون. شاعر مليح الألفاظ، رقيق الحاشية. روى عنه: عَوْن بن محمد، وعبد الرحمن بن أحمد الكاتب، وغيرهما. وكتب لبعض أمراء بغداد.

_ 1 أخرجه أبو داود في سننه "519". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 76"، والأنساب "11/ 214". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 410"، والجرح والتعديل "2/ 77"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 5"، والثقات لابن حبان "8/ 28". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 78"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 490"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 158". 5 انظر الوافي بالوفيات "8/ 211".

وهو القائل: معتدلُ القامةِ مثلُ القضيب ... يهتزُّ في لينٍ وحسنٍ وطيبْ يعذلني فيه جميعُ الورى ... كأنّني جئت بأمرٍ عجيبْ أظنُّ نفسي لو تعشقتها ... بلبيت فيها بملامِ الرَّقيبْ ومن شعره: آه ويلي على الشّباب وفي أيّ ... زمانٍ فقدتُ شرخ الشّباب حين مات الغيور وارتحض المهـ ... ـر وزال الحجابُ عن كلّ باب 27- أحمد بن يحيى الضَّبّيّ الكوفيّ1. أبو جعفر. حدَّث بإصبهان عن: هُشيم، ويزيد بن زُرَيْع، وجماعة. وعنه: إسماعيل بن عبد الله سَمُّوَيْه، وعبد الله بن محمد بن زَكَريّا. 28- أحمد بن يحيى بن حُمَيْد بن تَيْرَوَيْه الطّويل2. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وغيره. وعنه: أبو خليفة الْجُمَحيّ، وأحمد بن داود المكّيّ. وَثّقَهُ ابن حِبّان. 29- أحمد بن أبي الْجُرْجَانيّ3. أبو محمد، نزيل طرابلس الشّام. سمع: ابن عُليّة، ومحمد بن يزيد الواسطيّ. وعنه: محمد بن عَوْف، ومحمد بن يزيد بن عبد الصَّمد. 30- أحمد بن يوسف الترمذي4. قاضي الرّيّ.

_ 1 انظر تاريخ خليفة "36". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 81"، والثقات لابن حبان "8/ 10". 3 ستأتي ترجمته. 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 81".

روى عن: فُضَيْل بن عِيَاض، وعبّاد بن العوّام، وطبقتهما. وعنه: أبو حاتم، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس. 31- إبراهيم بن إسحاق1. أبو إسحاق الصِّينيّ الْجُعْفيّ، مولاهم الكوفيّ. عن: قيس بن الربيع، ومالك بن أنس. وعنه: موسى بن إسحاق الأنصاريّ الخطْميّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، ومُطَيِّن، وغيرهم. وكان صدوقًا ضريرًا، ورّخه مُطَيِّن سنة ثلاثين. وقال ابن قانع: سنة اثنتين وثلاثين. قال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. 32- إبراهيم بن الأشعث البخاري2. خادم الفُضَيْل بْن عِياض. روى عَنْ: الفُضَيْل، ومعن القَزّاز، وابن عيينة، وغنجار. وعنه: سعيد بن سعد البخاري، وعلي بن صالح. روى حديثا باطلا. قال أبو حاتم: كنا نظن به الخير فقد جاء بمثل هذا. وقال أبو الفضل السليماني: لقبه لام. وروى عنه: عبد بن حميد، ونصر بن الحسين البخاري. مات يالشاش.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 85، 86"، والثقات لابن حبان "8/ 78"، والضعفاء والمتروكين للدارقطني "49"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 18". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 88"، والثقات لابن حبان "8/ 66"، والمجروحين له "1/ 24"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 20، 21".

33- إبراهيم بن بشار الرّماديّ1 -د. ت. أبو إسحاق البصريّ. وأصله من جَرْجَرايا. عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، وأبي معاوية، وعبد الله بن رجاء المكّيّ، وعثمان بن عبد الرحمن الطّرائفيّ، وغيرهم. وعنه: "د"، "ت". بواسطة، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وإسماعيل القاضي، وتَمْتَام، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، وآخرون، ويوسف بن يعقوب القاضي. قال البخاري يهمّ في الشيء، وهو صَدُوق. وروى عنه في غير "الصّحيح". وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أبي يقول: كأنّ سُفْيان الذي يروى عنه إبراهيم بن بشّار ليس سُفْيان بن عُيَيْنة، يعني ممّا يُغْرب عنه. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْس بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بالقويّ. وقال أبو الفتح الأزديّ: صدوق لكنّه يهِمّ. وقال ابن عَديّ: سألت محمد بن أحمد الزُّرَيْقيّ بالبصرة، عن الرماديّ فقال: كان والله أزْهَد أهل زمانه. وقال ابن عَديّ: لا أعلم أُنكِر عليه إلّا هذا الحديث الذي ذكره البخاريّ، يعني حديثًا رواه النّاس، عن ابن عُيَيْنة مُرْسَلًا فَوَصَله هو. قال: وباقي حديثه، عن ابن عُيَيْنة، وأبي معاوية، وغيرهما، من الثّقات مستقيم. وهو عندنا من أهل الصِّدْق. وقال ابن حِبّان: كان متقنًا ضابطًا، صحب سُفْيان سِنِين كثيرة، فإنّه قال: ثنا سُفْيان بمكّة وعبّادان، وبين السَّماعَيْن أربعون سنة.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 308"، والجرح والتعديل "2/ 89، 90"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 277"، والثقات لابن حبان "8/ 72".

تُوُفّي سنة أربعٍ وقيل: سنة سبعٍ وعشرين. ومن أقرانه: - إبراهيم بن بشّار الخُراسانيّ الزّاهد. سيأتي في الطبقة الآتية: 34- إبراهيم بن جابر الباهليّ القَزّاز1. عن: يزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، ومهديّ بن ميمون، والحمَّادَيْن. وعنه: أبو زُرْعة. 35- إبراهيم بن حِبّان بن البراء بن النَّضْر بن أنس بن مالك الأنصاريّ البخاريّ البصْريّ2. نزيل الموصل. روى عن: الحمّادين، ومالك بن أنس، وشَرِيك. وعنه: بكر بن سهل الدِّمْياطيّ، ومحمد بن سِنَان بن سرح الشَّيْزَريّ، وأبو حاتم الرّازيّان، والحسن بن سعيد ابن مهران. تُوُفّي سنة أربعٍ أو خمسٍ وعشرين. وهو متَّهم بالكذِب. 36- إبراهيم بن الحَسَن الثعلبيّ الكوفيّ3. عن: شَرِيك، ويحيى بن أبي زائدة. وعنه: أبو أُسَامة عبد الله الكلبيّ، وأحمد بن يحيى الصوفيّ. قال أبو حاتم: شيخ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 92". 2 انظر الإكمال "2/ 312". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 92".

37- إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مُصْعَب بن عبد الله بن الزُّبَيْر1 -خ. د- أبو إسحاق القرشيّ الزّبيريّ المدنيّ. عن: إبراهيم بن سَعْد، ويوسف بن الماجِشُون، ووَهْب بن عثمان المخزوميّ، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وعبد العزيز بن أبي حازم، وحاتم بن إسماعيل، وجماعة. وعنه: "خ"؛ و"د"، وإسماعيل القاضي، وأخوه حماد، والعباس بن الفضل الأسفاطي، ومحمد بن نصر الصائغ، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. وقال محمد بن سعد: ثقة، صدوق في الحديث. يأتي الربذة كثيرا للتجارة ويقيم بها، ويشهد العيدين بالمدينة. وقال البخاري: مات سنة ثلاثين ومائتين. 38- إبراهيم بن زياد البغدادي سبلان2 -م. د. ن- أبو إسحاق. عن: إسماعيل بن مَخْلَد، وحمّاد بن زيد، وعبّاد بن عبّاد، ومُفرج بن فَضَالَةَ، وهُشَيْم. وعنه: "م". "د". و"ن". بواسطة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن نصر المَرْوَزِيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وخلْق. قال أبو بكر أحمد بن عثمان كُرَيْب: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل يقول: إذا مات سَبَلان ذهب علم عبّاد بن عبّاد. وقال مهنا: سألت أحمد بن حنبل عن سَبَلان فقال: لا بأس به، كان معنا عند هُشَيْم. وقد سمع من عبّاد بن عبّاد المُهَلَّبيّ. وقال أبو زرعة: ثقة. وقال أبو موسى بن هارون: كان قد ضبّب أسنانه بالذّهب.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 441"، والجرح والتعديل "2/ 95"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 283"، والثقات لابن حبان "8/ 72". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 351"، والجرح والتعديل "2/ 100"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 286"، والثقات لابن حبان "8/ 77".

وتُوُفّي في ذي الحجّة سنة ثمانٍ وعشرين. - إبراهيم بن سَيّار النَّظّام1. في الآخر، يأتي بكنيته. 39- إبراهيم بن شَماس2. أبو إسحاق السَّمَرْقَنْديّ الغازي، نزيل بغداد. عن: مسلم الزّنْجيّ، وابن المبارك، وإسماعيل بن عيّاش، وبقيّة، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن حنبل، وأحمد بن مُلاعب، وأبو زُرْعة، وأحمد بن عليّ البربهاريّ، وعبّاس الدُّوريّ، وآخرون. قال الأثرم: سَمِعْتُ أبا عبد الله يحسن الثناء عليه. وقال: كتب إليّ بعض أصحابنا أنّه أوصى بمائة ألف يستفك بها أسرى من التُّرّك. قال: فاشترينا مائتي نفس. قال أبو عبد الله: وقَتَلَتْه التُّرّك أيضًا، فانظُر بما خُتِم له. وكان صاحب سُنَّةٍ، له نكاية في التُّرْك. وقال أحمد بن سَيّار: كان صاحب سنةٍ وجماعة، كتب العِلْم وجالَس النّاس. رأيت إسحاق بن رَاهَوَيْه يعظّم من أمره، ويحرّضنا على الكتابة عنه. وكان ضخمًا عظيم الهامة، حسن الصِّبغة، أحمر الرأس واللّحية، حَسَن المجالسة يَفِدُ على الملوك، وله حظٌّ في الغَزْو. وكان فارسًا شجاعًا قتله التُّرْك وهو جاء من ضيْعته وهو غارٌّ لم يشعر بهم، وذلك خارج سمرقند، ولم يعرفوه. وقيل: يوم الإثنين في المحرَّم سنة إحدى وعشرين. وقال أبو سَعْد الإدريسي: كان شجاعًا بطلًا مبارِزًا، وعالمًا عاملًا، ثقة، متعصّبًا لأهل السُّنّة، كثير الغزو. رحمه الله.

_ 1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل 2/ 105"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 293"، والثقات لابن حبان "8/ 69"، والمجروحين له "3/ 71".

40- إبراهيم بن صُبَيْح الطَّلْحي1. روى عن: ابن جُرَيْج وتأخّر. لكنّه ليس بثقة. روى مُطَيِّن عنه، عن ابن جُرَيْج خبرًا باطلًا. وأول سماع مُطَيِّن سنة خمسٍ وعشرين. قاله الخطيب. 41- إبراهيم بن العبّاس بن عيسى بن عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ الْمَرْوَانِيُّ2. القاضي أبو العبّاس. ولي قضاء قُرْطُبة بمشورة يحيى بن يحيى، فحُمِدَت سيرته، وزانه تواضُعُه. تُوُفّي سنة بضعٍ وعشرين ومائتين. 42- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ بْنِ زَبْر الدّمشقيّ3. أبو إسحاق. روى عن: أبيه، وعن سعيد بن عبد العزيز، ويحيى بن حمزة. روى عنه: البخاريّ خارج "الصّحيح"، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو إسحاق الْجَوْزجانيّ، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو عَبْد الملك أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، وآخرون. قال النَّسائيّ في الكنى: ليس بثقة. ولد سنة سبْعٍ وأربعين ومائة، وتوفي في حدود الثلاثين ومائتين أو بعدها. 43- إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهديّ البصريّ4. أخو موسى. روى عن: أبيه، وجعفر بن سليمان، وبُرَيْه بن عمر بن سَفِينَة، وابن عُيَيْنة، وأبي بكر بن عيّاش، وجماعة.

_ 1 انظر السابق واللاحق للخطيب البغدادي "269"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 37". 2 انظر. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 109"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 304"، والجرح والتعديل "2/ 109"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 39". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 112"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 296"، والثقات لابن حبان "8/ 67"، والمجروحين له "1/ 111".

وعنه: أحمد الدورقي، وأبو أمية، وهارون الجمال، ويعقوب الفسوي، والكديمي، وجماعة. وله مناكير. 44- إبراهيم بن مهدي المصيصي1 -د. عن: شَرِيك القاضي، وأبي عَوَانة، وإبراهيم بن سَعْد، وحمّاد بن زيد، وأبي المَلِيح الحَسَن بن عمر الرَّقّيّ، وعليّ بن مُسْهِر، وشَبِيب بن سُلَيم البصْريّ، وطبقتهم. وعنه: د، وإبراهيم بن الهيثم البلديّ، وأحمد بن إبراهيم بن فيل، وإسحاق بن سَيّار النَّصيبيّ، والحَسَن بن عليّ بن الوليد الفارسيّ، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وعبد الكريم الدَّيْرعاقوليّ، وطائفة كبيرة. وَثّقَهُ أبو حاتم. وقال ابن قانع: مات سنة خمسٍ وعشرين. وقال آخر: سنة أربع. أمّا: - إبراهيم بن مهديّ الأَيْليّ: فسيأتي سنة ثمانين. 45- إبراهيم بن المهديّ محمد بن المنصور أبي جعفر عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلي أَبُو إسحاق العبّاسي الهاشميّ الأسود، المُلَقَّب بالمبارك2. ويُلقب أيضًا بالتَّيْس لسُمْنه وضخامته. كان فصيحًا مُفَوَّهًا بارعًا في الأدب والشِّعْر. بارعًا إلى الغاية في الغناء ومعرفه الموسيقى. ويُقال له ابن شَكْلَةَ، وهي أُمّه. روى عن: المبارك بن فَضَالَةَ، وحمّاد بن يحيى الأبحّ. وعنه: ابنه هبة الله، وحميد بن فروة، وأحمد بن الهيثم، وغيرهم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 138، 139"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 331"، والثقات لابن حبان "8/ 71"، وتاريخ الطبري "1/ 326". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 269، 270"، وتاريخ الطبري "8/ 211"، وسير أعلام النبلاء "10/ 557-561".

قال علي بن المغيرة الأثرم: حدَّثني إبراهيم بن المهديّ أنّه ولي إمرة دمشق سنتين، ثمّ أربع سِنين لم يُقْطع على أحدٍ في عمله طريق. وأُخْبِرتُ أنّ الآفة كانت في قطع الطّريق من دعامة والنُّعمان مَوْلَيان لبني أُمَيّة، ويحيى بن أرميا من يهود البلْقاء. وأنّهم لم يضعوا يدهم في يد عامل. فلمّا ولّيت كاتبتهم. قال: فكتب إليه النُّعْمان بالأيمان المحرجة أنّه لا يُفسِد في عمله ما دام واليًا. قال: ودخل إلى دعامة سامعًا مطيعًا، وأعلمني أنّ النُّعْمان قد صدق وأنّه يفي. وأعلمني أنّ اليهوديّ كتب إليه أنّي خارج إلى مناظرتك فاكتب لي أمانًا تحلِف لي فيه أنّك لا تُحْدِثُ فيّ حدثًا حنّى تَرُدْني إلى مأمني. فأجبته. قال: فقدِم عليّ شابً أشعَر أمعَر، عليه أقبية ديباج ومِنْطَقة وسيف مُحَلّى. فدخل إلى دار معاوية، وكنتُ في صحنها. فسلّم من دون البساط. فقلت: ارتفِع. فقال: أيُّها الأمير إنّ للبساط ذمامًا، أخاف أن يلزمني جلوسي عليه، ولستُ أدري ماذا تسومني. فقلت له: أَسْلِمْ واسْمَعْ وأَطِعْ. فقال: أمّا الطاعة فأرجو. وأمّا الإسلام فلا سبيل إليه. فأعلِمْني بما لي عندك إذا لم أدخل في دينك. قال: فقلت لا بدّ من أداء الجزية. فقال: يعفيني الأمير. قال: فقلت: لا سبيل إلى ذلك. قال: فأنا منصرف على أماني. فأذِنْتُ له، وأمرتُهم بأن يَسْقُوا فَرَسه عند خروجه إليه. فلمّا رأى ذلك دعا بدابّةٍ شاكريّة، فرَكِبَها وترك دابّتَه، وقال: ما كنت لآخذ معي شيئًا قد أرتفق منكم بمرفقٍ فأحاربكم عليه. قال: فاستحسنت منه ذلك وطلبته، فلمّا دخل قلتُ: الحمد لله الذي أظفرني بك بلا عقد ولا عهد.

قال: وكيف ذاك؟ قلت: لأنّك قد انصرفت من عندي ثمّ عُدت إليّ. قال شرطك أن تصيّرني إلى مأمني. فإنْ كان دارك مأمني فلستُ بخائف، وإن كان مأمني داري فردّني إلى البلقاء. فجهدتُ به إلى أداء الجزية، على أن أهبه في السّنة ألفي دينار، فلم يفعل. فأَذِنْتُ له في الرجوع إلى مأمنه. فرجعَ ثمّ أسعرَ الدُّنيا شرًّا. ثمّ حُمِل إلى عُبَيْد الله بن المهديّ مالٌ من مصر فخرج اليهوديّ متعرّضًا له، فكتب إليّ النُّعْمان بذلك، فكتبتُ إليه آمره بمحاربة اليهوديّ إنْ عرض للمال. فخرج النُّعْمان ملتقيًا للمال، ووافاه اليهوديّ، ومع كلّ واحد منهما جماعته. فسأل النُّعْمان اليهوديّ الانصراف، فأبى وقال: إنْ شئتَ خرجت إليك وحدي وأنت في جماعتك، وإنْ شئتَ تَبَارَزْنَا، فإنْ ظفرتُ بك انصرف أصحابك إليّ وكانوا شركائي في الغنيمة، وإنْ ظفرتَ بي صار أصحابي إليك. فقال له النُّعْمان: يا يحيى، ويْحَكَ أنت حدثٌ، وقد بُليت بالعُجْب. ولو كنت من قريش لما أمكنك مُعَارة السلطان. وهذا الأمير هو أخو الخليفة. وإنّا وإن فَرَّقَنا الدّينُ أحبُّ أن لا يجري على يديّ قتل فارسٍ من الفرسان، فإن كنت تحب ما أحبّ من السّلامة فأخرج إليّ، ولا يُبْتلى بك وبي مَن يَسوءُنا قتله. قال: فخرجا جميعًا وقت العصر، فلم يزالا في مبارزةٍ إلى الظّلام، فوقف كلٌّ منهما على فَرَسه، واتّكأ على رمحه، إلى أن غلبت النُّعْمان عيناه، فطعنه اليهوديّ، فوقع سِنَان رُمْحه في مِنْطَقة النُّعْمان، فدارت المِنْطَقة وصار السِّنان يدور بدَوَران المِنْطَقة إلى الظَّهْر، فاعتنقه النُّعْمان وقال لَهُ: أغدرًا يا ابن اليهوديّة؟ فقال له: أوَ محاربٌ ينام يا ابن الأمة واتّكئ عليه النُّعْمان عند مُعانقته إيّاه، فسقط فوقه، وكان النُّعْمان ضخْمًا، فصار فوق اليهوديّ، فذبحه وبعث إليَّ برأسه. فلم يختلف عليّ بعدها أحد. ثمّ ولي بعدي دمشقَ سليمانُ بنُ المنصور، فانتهبه أهل دمشق وسَبَوْا حُرُمَه، ثمّ ولي بعده أخوه منصور، فكانت على رأسه الفتنة العظمى. ثمّ لم يُعط القوم طاعة بعد ذلك، إلى أن افتتح دمشقَ عبدُ الله بنُ طاهر سنة عشرٍ ومائتين. وكان السّبب في صرفي عن دمشق للمرة الأولى أنّني اشتهيت الاصطباح فأغلقتُ الأبواب.

قال: فحضر الكاتب، فصار إليه بعض الحَشَم، فسأله أن يكتب له إلى صاحب المنزل، فلم يمكن إخراج الدواة، واستعجله ذلك الغلام، فأخذ فحمةً، وكتب في خَزَفة لحاجته، فأخذ سُلَيم حاجبي تلك الفحمة فكتب على الحائط: كاتبٌ يكتب بفحمة في الخَزَف، وحاجِبٌ لا يصل. فوافى صاحب البريد، فقرأ ما كتب سُلَيم، فكتب بذلك إلى الرشيد، فوافى كتابُه الرَّقَّةَ يوم الرابع، فساعةَ وقع بصرُه على الكتاب عزلني، وحبسني مائة يوم، ثمّ رضي عنّي بعد سنة. ثمّ قال لي بعد سنتين: بحقّي عليك لَمَا تخيّرت ولاية أُولِّيكَها فقلت: دمشق فسألني عن سبب اختياري لها، فأخبرته باستطابتي هواءها، واستمرائي ماءها، واستحساني مسجدَها وغُوطَتها. فقال: قدرُك اليوم عندي يتجاوز ولاية دمشق، ولكن أجمع لك مع ولاية الصّلاة والمعادن ولايةَ الخراج، فعقد لي عليها. وقال الخطيب: بويع إبراهيم بن المهدي بالخلافة زمن المأمون، وقاتل الحَسَن بنَ سهل، فهزمه إِبْرَاهِيم، فتوجَّه نحو حُمَيْد الطُّوسيّ فقاتله فهزمه حُمَيْد واستخفى إبراهيم زمانًا حَتّى ظفر به المأمون، فعفا عنه. وكان أسودَ حالِكَ1، عظيم الْجُثّة. لم يُرَ في أولاد الخلفاء قبله أفصح منه ولا أجْوَد شِعرًا وكان وافر الأدب، جوادًا حاذقًا بالغناء معروفًا به. وفيه يقول دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعيّ: نَفَر ابن شَكْلَة بالعراق وأهلها ... وهفا إليه كلّ أطلَسَ مائق إن كان إبراهيم مضطلعا بها ... فلتصلحن من بعده لمُخارِقِ وقال ابن ماكولا: وُلِد سنة اثنتين وستين ومائة. وقال الخطيب2: بايع أهلُ بغداد لإبراهيم في داره، ولقّبوه بالمبارك، وقيل: المَرْضِيّ، في أول سنة اثنتين ومائتين. فغلب على الكوفة وبغداد والسّواد. فلمّا أشرف المأمون على العراق ضعُف إبراهيم. قال: وركب إبراهيم بُأُبَّهة الخلافة إلى المُصلى يوم النَّحْر، فصلّى بالنّاس وهو ينظر إلى عسكر المأمون. ثمّ انصرف من الصّلاة وأطعمَ النّاس بقصر الخلافة بالرّصافة، ثم استتر وانقضى أمره.

_ 1 أي شديد السواد. 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 142".

قال: وظفر به المأمون في سنة عشر، فعفا عنه وبقى مُكْرَمًا إلى أن تُوُفّي في رمضان سنة اربعٍ وعشرين. روى المبرّد عن أبي محلّم قال: قال إبراهيم بن المهديّ حين أُدْخِلَ على المأمون: ذنبي أعظم من أن يحيط به عُذْر، وعفوك أعظم من أن يتعاظمه ذَنْب1. وعن حُمَيْد بن قُرَّةَ أن المأمون قال لعمّه إبراهيم: يا إبراهيم أنت المتوثّب علينا تدّعي الخلافة؟ فقال: يا أمير المؤمنين أنت وليّ الثّأر، والمحكَّم في القِصاص، والعفو أقرب للتَّقْوى. وقد جعلك الله في كلّ ذي ذنب. فإنْ أخذتَ أخذتَ بحقّك، وإنْ عفوتَ عَفَوْتَ بفضل. ثمّ ذكر له حديثًا في العَفْو فقال: قد قبلت الحديث وعفوت عنك. هاهنا يا عمّ2. وقال ابن الأنباريّ: ثنا أحمد بن الهيثم، ثنا إبراهيم بن المهديّ، ثنا جماعة، والأصحّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"من نُوقش يوم الحساب عُذِّب". كذا أخرجه الحافظ ابن عساكر في صدر ترجمة إبراهيم، وهو إبراهيم بن مهديّ المِصِّيصيّ إن شاء الله. وقال إبراهيم الحربيّ: نُودي سنة ثمانٍ ومائتين أنّ أمير المؤمنين قد عفا عن عمّه إبراهيم. وكان إبراهيم حَسَن الوجه، حَسَن الغناء، حَسَن المجلس، رأيته وأنا مع القواريريّ يَوْمًا، وكان على حمار، فقبّل القواريريّ فخذه3. وقال داود بن سليمان الأنباريّ: حَدَّثَنَا ثُمامة بن أشرس، قال: قال لي المأمون: قد عزمتُ على تفْزيع عمّي. قال: فحضرتُ، فبينا نحن على السِّماط إذ سَمِعْتُ صلصلة الحديد، فإذا بإبراهيم موقوف على البساط، ممسوك بضبعَيْه4، مغلولة5 يده إلى عنقه، قد تبدل

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 146". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 146". 3 انظر تاريخ بغداد "6/ 146". 4 الضبع: ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها وهما ضبعان. 5 أي مربوطة.

شعره على عينيه، فسلَّم، فقال المأمون: لا سلَّم الله عليك، أكُفْرًا يا إبراهيم بالنّعمة وخروجا على أمير المؤمنين؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ القُدرة تُذْهِب الحفيظة. ومَن مُدَّ له في الاغترار هجمت به الأناة على التَّلف. وقد رفعك الله فوق كلّ ذي ذنب، كما وضع كل ذي ذنب دونك، فإن تُعاقِبْ فبحقّك، وإنْ تعفُ فبفضلك. فقال: إنّ هذين قد أشارا عليّ بقتلك، وأومأ إلى المعتصم أخيه، وإلى العبّاس ابنه. فقال: أشارا عليك بما يُشار به على مثلك، وفي مثلي من حُسْن السياسة وإنّ المُلْك عقيم. ولكنّك تأبى أنْ تستجلب نصرًا إلّا من حيث عوَّدك الله. وأنا عمُّك، والعمُّ صِنْو الأب. وبكى، فتغرغرت عينا المأمون. ثمّ قال: يا ثُمامة، إنّ الكلام كلامٌ كالدُّرّ، يا غلْمان حلّوا عن عمّي، وغيّروا من حالته في أسرع وقت، وجيئوني به. ففعلوا ذلك، فأحضره مجلسه، ونادمه، وسأله أن يُغنّي، فأبى وقال: نذرتُ لله عند خلاصي تَرْكَه، فعزم عليه، وأمر أن يوضع العود في حُجْره، فغنّى. وعن منصور بن المهديّ قال: كان أخي إبراهيم إذا تنحنح طرِبَ من يسمعه، فإذا غنّى أصْغَتِ الوحوش ومدّت أعناقها إليه حَتّى تضع رؤوسها في حجْره. فإذا سكت نَفَرَت وهربت. وكان إذا غنى لم يبقَ أحدٌ إلّا ذُهِلَ، ويترك ما في يده حَتّى يفرغ. وقال عبد الله بن العبّاس بن الفضل بن الربيع: ما اجتمع أخٌ وأختٌ أحسن غناءً من إبراهيم بن المهديّ وعُلَيّة. وكانت عُليّة تُقَدَّم عليه. وقال عَوْن بن محمد: استتر إبراهيم، فكان يتنقّل في المواضع، فنزل بقريب أخت له، فوجهت إليه بجاريةٍ حسناء لتخدمه، وقالت: أنتِ له. ولم يدر إبراهيم، فأعجبته، فقال: بأبي ومن أنا قد أصبحـ ... ـت مأسورًا1 لديه والذي أجللت خذّي ... يه فقبَّلتُ يديهِ والذي يقتلني ظُلْمًا ... ولا يُعْدَى عليه أنا ضيف وجزا ... ء الضّيف إحسان إليه

_ 1 أي أسير.

ومن شعره: قد شاب رأسي ورأس الحرص لم يشب ... إن الحريص على الدنيا لفي تعب لو كان يصدقني ذهني بفكرته ... ما أشتد غمي على الدنيا ولا نصبي بالله ربك كم بيتٍ مررت به ... قد كان يعمر باللذات والطرب طارت عقاب المنايا في جوانبه ... وصار من بعدها للويل والحرب وقيل: إن المأمون شاور في قتله أحمد بن خالد الوزير فقال: يا أمير المؤمنين إن قتلته فلك نظراء، وإن عفوت فما لك نظير. قلت: لا يُعَدّ إبراهيم من الخلفاء، لأنّه شقّ العصا وكانت أيّامه سنتين إلّا شهرًا. وله ترجمة طويلة في "تاريخ دمشق" تكون في سبْعٍ عشرة ورقة. 46- إبراهيم بن مهران بن رستم1. أبو إسحاق المَرْوَزِيّ. حدّث ببغداد عن: الَّليْث، وابن لَهِيعَة، وشريك. وعنه: عبد الله بن أحمد، وموسى بن هارون. 47- إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زادان2 -ع. أبو إسحاق التّميميّ الرازيّ الحافظ الفرّاء، المعروف بالصَّغير. وكان الإمام أحمد يُنكر هذا ويقول: هو كبير في العِلْم والْجَلالة. سمع: أبا الأحْوَص سلّام بن سُلَيم، وخالد بن عبد الله، وجرير بْن عَبْد الحميد، ويحيى بْن أَبِي زائدة، وعيسى ابن يونس، وبقيّة، والوليد بن مسلم، وطبقتهم بالشّام والعراق وغير موضع. وعنه: خ. م. د. والباقون بواسطة، ومحمد بن يحيى، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن إبراهيم الطَّيَالسيّ، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، وجماعة. وكان أحد الأئمّة الأعلام.

_ 1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 137"، والتاريخ الكبير البخاري "1/ 327"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 219-221".

قال أبو زُرْعة: هو أتقن من أبي بكر بن أبي شَيْبَة، وأصحّ حديثًا؛ وأتقن وأحفظ من صالح بن صالح. وقال أبو حاتم: هو من الثّقات، أتقن من محمد بن مِهران الجمّال. وقال صالح بن جَزَرَة: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعة يقول: كتبتُ عن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى الرّازيّ مائة ألف حديث، وعن أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة، مائة ألف حديث. وقال النَّسائيّ: ثقة. 48- إبراهيم بن يحيى بن عَبّاد بن هانئ المَدنيّ الشَّجَريّ1 -ت. كان ينزل الشَّجَرَة بذي الحُلَيْفَة. روى عن: أبيه، وإبراهيم بن سَعْد. وعنه إسحاق بن إبراهيم شاذان، ومحمد بن إسماعيل البخاري في "جامع الترمذي"، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعبد الله بن شبيب، ومحمد بن يحيى الذهلي، والعباس بن الفضيل الأسفاطي، ومحمد بن الضريس، وآخرون. قال أبو حاتم: ضعيف. وقال محمد بن إسماعيل الترمذي: لم أر أعمى قلبا من الشجري. قلت له: حدّثكم إبراهيم بن سَعْد. فقال: حدّثكم إبراهيم بن سَعْد. وقلت: حدثك أبوك. فقال: حدّثك أبوك. وقال مرّة: حدَّثني إبراهيم بن سَعْد ولم أسمعه منه. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَذَكَرَهُ فِي "الثِّقَاتِ". وَرَوَى له التِّرْمِذِيّ. يقع حديثه بعُلُوّ في الدعاء للمَحَامِليّ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 147"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 336"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 230، 231".

وقال بعضهم: تُوُفّي قبل أيّوب بن سليمان بن بلال. ومات أيّوب سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 49- إبراهيم بن يحيى بن المبارك اليزيديّ اللُّغَويّ1. كان من أئمّة العربيّة، ومن أعيان الشّعراء. أخذ عن: أبيه وأبي يزيد الأنصاريّ، والأصْمَعيّ. وله كتاب "ما أتقن لفظه واخْتَلَفَ معناه"، وهو نهاية في فنِّه، يكون مجلّدين. وله كتاب "مصادر القرآن"، وكتاب "بناء الكعبة"، وغير ذلك. أدرك خلافة المعتصم، وكان ينادم المأمون على الشّراب. وهو القائل يخاطب المأمون: أنا المذنبُ الخطّاء والعفو الواسع ... ولو لم يكن ذنبٌ لما حَسُنَ الْعَفْوُ سَكِرْتُ فأبدتْ منّي الكأس بعضَ ما ... كرهتُ وما إن يستوي السّكر والصّحو ولا سيما إذ كنتُ عند خليفةٍ ... وفي مجلسٍ ما إنْ يَليق به اللَّغْوُ في أبياتٍ، نسأل الله العفْو والسَّتْر. 50- إبراهيم بن أَبِي سُوَيْد الذّراع الحافظ2. هو إبراهيم بن الفضل بن أبي سُوَيْد البصْريّ. سمع: حمّاد بن سَلَمَةَ، وأبا عَوَانة، وعبد الواحد بن زياد، وعُمارة بن زاذان، وجماعة. روى عنه: محمد بن بشّار، ومحمد بن يحيى، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأبو حاتم، وخلْق كثير. ذُكِرَ ليحيى بن مَعِين فقال: كثير التصحيف.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 209، 210"، والأغاني "20/ 249-256"، والوافي بالوفيات "6/ 165، 166". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 301"، والجرح والتعديل "2/ 122، 123"، والثقات لابن حبان "8/ 69".

وقال أبو حاتم: ثقة رضيّ. قلت: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين، ولا رواية له في كتب الأئمّة السّتّة. 51- إبراهيم بن أبي العبّاس1 -ن. ويقال ابن العبّاس. أبو إسحاق السامريّ. كوفي نزل بغداد. وقال ابن ماكولا: السّامَرِيّ بفتح الميم وتخفيف الراء. عن: شَرِيك، وعبد الرحمن بن أبي الزّناد، وأيّوب بن جابر، وبقيّة، وإسماعيل بن عياش، وعدّة. وعنه: أحمد بن حنبل، وعبّاس الدُّوريّ، ومحمد بن رافع، ومعاوية بن صالح الأشعري، وأحمد بن عليّ البَرْبَهاريّ، وجماعة. وَثّقَهُ الدَّارَقُطْنيّ. وروى له النَّسائيّ حديثًا واحدًا في الخمر. واختلط بأخره، فحجبه أهله حتّى مات. 52- أزرق بن عَذَوَّر بن دُحَيْن العنبريّ البصْريّ2. عن: أبيه، عن جدّه. وعنه: أبو حفص الفلّاس، وأبو زُرْعة، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وهشام بن عليّ السِّيرافيّ. 53- الأزرق بن عليّ الحنفيّ3. أبو الجهم. كوفيّ مشهور.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 346"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 309"، والجرح والتعديل "2/ 121"، والثقات لابن حبان "8/ 68". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 339"، والإكمال "3/ 314". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 339"، والثقات لابن حبان "8/ 136"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 317".

سمع: حسّان بن إبراهيم الكِرّمانيّ، وعَمْرو بن يونس اليَمَاميّ. وعنه: أبو زُرْعة، وعبد الله بن أحمد، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ. تُوُفّي في حدود الثلاثين ومائتين. 54- إسحاق بن إبراهيم1. أبو النّصر القُرَشيّ الأُمَويّ، مولاهم الدّمشقيّ الفَرَاديسيّ. عن: سعيد بن عبد العزيز، وإسماعيل بن عيّاش، وصَدَقَة بن خالد، ويحيى بن حمزة، وطائفة. وعنه: د، وخ. ورُبّما نَسَبه إلى جدّه فقال إسحاق بن يزيد، ون. بواسطة، وأبو زُرْعة النَّصْريّ، وأبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم السَّرِيّ، وعثمان بن خُرَّزاذ، وطائفة. وقال أبو زُرْعة: كان من الثّقات البكّائين. وقال أبو حاتم، وغيره: ثقة. تُوُفّي في ربيع الأول عن ستٍّ وثمانين سنة. 55- إسحاق بن إسماعيل الطّالْقانيّ2. أبو يعقوب، نزيل بغداد. سمع: جرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيان بْن عُيَيْنة، وعَثّام بن عليّ، وحسين بن عليّ الْجُعْفيّ، وحكام بن سلم، وسليمان بن الحكم بن عوانة، ومعتمر بن سليمان، وجماعة. وعنه: د، وأبو يعقوب الحربيّ، وابن أبي الدُّنيا، وخلف بن عمرو العكبري، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو يعلى، وأبو القاسم البغوي، وآخرون.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 208"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 379"، والثقات لابن حبان "6/ 50"، وتهذيب الكمال "2/ 389". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 99"، والثقات لابن حبان "8/ 113"، وتاريخ بغداد "6/ 334-337"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 409-412".

قال إبراهيم بن الجنيد: سئل ابن معين، وأنا أسمع، عن إسحاق بن إسماعيل، فقال: صَدُوق. ولقد كلَّمني أن أُكَلِّمَ أُمّه أن تأذن له في الخروج إلى جرير بن عبد الحميد، فكلَّمتُها، فأجابتني، فخرج معي اثنا عشر رجلاّ مشاة1. ولم يكن له تلك الأيام شيء. قال: وبُلي من النّاس. قال: كيف هذا. قال: يكذّبونه وهو صَدُوق. وقال ابن المَدِيني: كان معنا عند جرير، وكان غلامًا ولم يكن يضبط. وقال الدَّارَقُطْنيّ، وجماعة: ثقة. وقال البَغَويّ: مات في رمضان سنة ثلاثين، وقطع الحديث2 قبل أن يموت بخمس سنين. 56- إسحاق بن بِشْر بن مقاتل3. أبو يعقوب الكاهليّ الكوفيّ. عن: مالك، وأبي مَعْشَر، وحفص بن سُليمان، وغيرهم، وكثير بن سُلَيم. وعنه: محمد بن عليّ الأزْديّ، وأحمد بن حفص السَّعْديّ، وإسحاق بن إبراهيم السِّجِسْتانيّ، وعمر بن حفص السَّدُوسيّ، وآخرون. قال مُطَيِّن: ما سمعت أبا بكر بن أبي شبيه كذَّب أحدًا إلّا إسحاق بن بِشْر الكاهليّ. وقال ابن عَديّ: كَانَ يضع الحديث. وقال موسى بن هارون: مات بالمدينة سنة ثمانٍ وعشرين، وهو كذّاب. قُلْتُ: وَمِنْ مَوْضُوعَاتِهِ عَلَى أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، رفعه:

_ 1 أي على الأرجل. 2 أي توقف عن التحديث. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 214"، والمجروحين لابن حبان "1/ 135، 136"، والضعفاء للعقيلي "1/ 98-100".

"يَدْخُلُ بِالْحَجَّةِ الْوَاحِدَةِ ثَلَاثَةُ نفرٍ الْجَنَّةَ: الْمَيِّتُ، وَالْحَاجُّ عَنْهُ، وَالْمُنْفِذُ لَهُ بِذَلِكَ". وَبِهِ قَالَ: مَنْ مَاتَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ لَمْ يُعْرَضْ وَلَمْ يُحَاسَبْ. روى الحديث الأول عبد الرّزّاق، عن أبي معشر. 57- إسحاق بن بِشْر1. أخو حُذيفة البخاريّ، صاحب المبتدأ. وقد ذُكر. 58- إسحاق بن بشر الرازيّ البزّار2. عن: ابن عُيَيْنة، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: أبو حاتم، وأبو زُرْعة. قال أبو حاتم: صَدُوق. 59- إسحاق بن عبد الواحد القُرَشيّ المَوْصِليّ3 -ن. سمع: مالكًا، وحمّاد بن زيد، وأبا الأحْوَص، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ. وعنه: سليمان بن وَهْب، وعليّ بن جابر، وتَمْتَام، وعبد اللله بن عبد الصَّمد بن أبي خِداش، وإدريس بن سُلَيم المَوْصِليّان. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. قاله يزيد بن محمد الأزْديّ. 60- إسحاق بن عمر بن سليط4 -م. أبو يعقوب البصريّ، هُذَليّ النَّسَب. يروي عن: مبارك بن فَضَالَةَ، وحمّاد بن سلمة، وسليمان بن المغيرة.

_ 1 تقدمت ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 214"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 100". 3 انظر الثقات لابن حبان "8/ 115"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 102، تهذيب الكمال للمزي "2/ 454-456". 4 انظر الطبقات الكبري لابن سعد "7/ 303"، والجرح والتعديل "2/ 230"، والثقات لابن حبان "8/ 111"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 460".

وعنه: م؛ وأبو حاتم، وأبو داود في غير السُّنَن، وموسى بن هارون، وجماعة. توفي سنة تسعٍ وعشرين. 61- إسحاق بن كعب1. بغداديّ. سمع: شَرِيكًا، وعبّاد بن العوّام. وعنه: ابن أبي الدّنيا، وتمتام2، وأبو حاتم، وقال: صَدُوق. وقال النَّسائيّ: يُكنى أبا يعقوب. 62- إسحاق بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه بْن أبي فروة3 -خ. ت. ق- أبو يعقوب الفرويّ. المدنيّ، مولى عثمان -رضي الله عنه. سمع: مالكا، ونافع بن أبي نُعَيْم، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، وعُبَيْدة بن نابِل، وعبد الله بن جعفر المُخَرّمي، وسليمان بن بلال، وجماعة. وعنه: خ. وت. ق. بواسطة، وأبو بكر الأثرم، وإسماعيل القاضي، وعبد الله بن شندر، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن إسماعيل الصّائغ، وطائفة. قال أبو حاتم: صَدُوق. ولكن ذهب بصره. ورُبما لُقِّن. وكُتُبُه صحيحة. وذكره ابن حِبّان في "الثّقات". ووهّاه أبو داود، ونقَم عليه حديث الإفك لروايته عن مالك. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. وقد روى عنه خ. ويوبّخونه على هذا. وقال البخاري: مات سنة ستٍّ وعشرين ومائتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 232"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 400"، وتاريخ بغداد للخطيب "6/ 333، 334". 2 لعله تمام وأخطأ الناسخ. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 233"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 401"، والصغير له "230"، والثقات لابن حبان "8/ 114".

63- إسحاق بن المنذر1. عن: أبي عُقَيْل يحيى بن المتوكّل، وعبد الحميد بن بهرام. وعنه: الحَسَن بن محمد بن سَلَمَةَ الرّازيّ النَّحْويّ، ومحمد بن يحيى بن سليمان المَرْوَزِيّ، وغيرهما. ذكره ابن أبي حاتم. وما لينه أحد. 64- إسماعيل بن جعفر بن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طالب الهاشميّ2. عن: الحَسَن بن زيد العلويّ، وحسين بن عليّ العلويّ، وعبد الله بن عبد العزيز العُمَريّ. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، وغيره. قال أبو حاتم: لم يكن به بأس. 65- إسماعيل بن الخليل3 -خ. م. أبو عبد الله الكوفيّ الخزّار. عن: يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وعليّ بن مُسْهِر، وأبي خالد الأحمر، وجماعة. وعنه خ. م، وبِشْر بن موسى، والحسين بن جعفر القتّات، وتمتام، ويعقوب الفسوي، وجماعة. وثقه مطين وقال: مات سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. 66- إسماعيل بن سعيد4. أبو إسحاق الطّبري الكسائيّ الشّالنجيّ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 235"، وتاريخ الطبري "1/ 326". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 163، 164"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 350"، وتاريخ الطبري "7/ 37"، والثقات لابن حبان "8/ 92". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 167"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 352"، والثقات لابن حبان "8/ 99"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 83-85". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 173"، والثقات لابن حبان "8/ 97"، وتاريخ جرجان "141-143".

والشّالَنْج من بيع المِخْلاة والمِقْوَد. وسكن إسْتَرَاباذ. وحدَّث عن: عبد العزيز بن أبي حازم، وعبّاد بن العوّام، وجماعة. وعنه: الضّحّاك بن الحسين، وأهل إسْتَرَاباذ وجُرْجان. وكان صدوقًا. صنّف كتاب "البيان في الفقه" على مذهب أبي حنيفة. وتُوُفّي سنة ثلاثين ومائتين. 67- إسماعيل بن عبد الله بن زُرارة1. أبو الحَسَن الرَّقّيّ. عن: عُبَيْد الله بن عَمْرو، ويعلى بن الأشدق، وحمّاد بن زيد، وحَجّاج بن أبي منيع، وخالد بن عبد الله، وشَرِيك، وإسماعيل بن عيّاش، وطائفة. وعنه: ابنه إبراهيم، وأحمد بن بِشْر المرثديّ، وأحمد بن يونس الضَّبّيّ، وإسماعيل سمّويه، والحسن بن عليّ ابن الوليد الفَسَويّ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو شُعَيْب الحَرّانيّ، وطائفة. وَثّقَهُ ابن حِبّان، والدَّارَقُطْنيّ، وغيرهما. وقال أبو الفتح الأزدي: مُنْكَر الحديث. وقال ابنه: مات أبي بالبصرة سنة تسعٍ وعشرين. قال شيخنا أبو الحَجّاج، قال أبو القاسم في "الشيوخ النُّبْل": روى عنه ابن ماجة، وروى النَّسائيّ، عن رجلٍ عنه. وإنّما الذي روى عنه ابن ماجة: إسماعيل بن عبد الله بن خالد القُرَشيّ الرَّقّيّ. ولم يدرك ق. ابن زُرَارة. وأما النّسائيّ فلم نقف على روايته، عن رجل، عنه. ثمّ قال شيخنا: وذكر الدَّارَقُطْنيّ، والبرقاني، وابن طاهر أنّ خ. روى عن ابن زرارة المذكور.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 181"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 366"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 119-123".

وقد روى البخاريّ عِدّة أحاديث عن إسماعيل بن عبد الله، عن مالك، وغيره، وهو إسماعيل بن أبي أُوَيْس والله أعلم. 68- إسماعيل بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أُوَيْس بن مالك بن أبي عامر1. أبو عبد الله بن أُوَيْس الأشجعيّ، المَدنيّ. أخو عبد الحميد بن أبي أُوَيْس. قرأ القرآن على نافع، وهو آخر أصحابه. وعليه قرأ: أحمد بن صالح المصريّ، وغيره. وروى عن: خاله مالك بن أنس، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وعبد العزيز الماجِشُون، وكثير بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ، وسليمان بن بلال، وعبد الرحمن بن أبي الزّناد، وَسَلَمَةُ بن وَرْدان، وطائفة. وعنه: خ. م، ود. ت. ق. بواسطة، وأحمد بن صالح المصريّ، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وعبد الله الدّارميّ، ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن نصر الصّائغ، وعليّ بن جَبَلَة الإصبهانيّ، وخلْق كثير. وقال أحمد: لا بأس به. وقال أحمد بن أبي خيثمة، عن ابن مَعِين: صَدُوق، ضعيف العقل. ليس بذاك، يعني أنّه لا يُحسن الحديث، ولا يعرف يؤدّيه أو يقرأ من غير كتابه. وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق، وكان مغفَّلًا. وقال النَّسائيّ: ضعيف. وقال مرّة: ليس بثقة. وقال ابن عَديّ: روى عن خاله غرائب لا يُتابعه عليها أحد، وهو خير من أبيه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ليس أختاره في الصّحيح. قلت: روى عنه الشيخان، وروى مسلم أيضًا، عن رجلٍ، عنه. مات سنة ستٍّ. ويقال سنة سبعٍ وعشرين، وله ثمانٍ وثمانون سنة. قال محمد بن وضّاح: قال لي ابن أبي أُوَيْس: ليس اليوم بالمدينة أحد قرأ على نافع غيري.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 438"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 364"، والضعفاء والمتروكين للنسائي "285"، والثقات لابن حبان "1/ 99".

قلت: ولم يكن مُتصدّيًا للإقراء، بل للحديث. قال الفضل بن زياد: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل وقيل له: بالمدينة اليوم؟ قال: ابن أبي أويس هو عالم كثير العِلْم، أو نحو هذا. وقال أحمد بن حنبل مرّة: هو ثقة. قام في أمر المحنة، مقامًا محمودًا. وقال البَرْقَانيّ: قلت للدَّارَقُطْنيّ: لِم ضعّف النَّسائيّ إسماعيل بن أبي أُوَيْس؟ فقال: ذكر محمد بن موسى الهاشميّ وهو إمام كان النَّسائيّ يخصّه بما لم يخصّ به ولده. فقال: حكى لي النّسائيّ أنه حكى له سلمة ابن شَبِيب، عنه، قال: ثمّ توقف أبو عبد الرحمن النَّسائيّ، فما زلت أداريه أن يحكي لي الحكاية، حَتّى قال: قال لي سَلَمَةُ: سَمِعْتُ إسماعيل بن أبي أُوَيْس يقول: ربّما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم. فقلت للدَّارَقُطْنيّ: من حكى لك هذا عن محمد بن موسى؟ قال: الوزير، يعني ابن حنزابة، وكتبتها من كتابه. وقال ابن مَعِين مرّة: ليس بذاك، ضعيف العقل. وقال مرّة: ليس بشيء. سمعهما منه ابن أبي خيثمة. ثمّ قال ابن مَعِين: قال لنا عبد الله بن عُبَيْد الله الهاشميّ صاحب اليمن: خرجتُ ومعي إسماعيل بن أبي أُوَيْس إلى اليمن، فدخل لي يومًا ومعه ثوبٌ وشي فقال: امرأتي طالق ثلاثًا إن لم تشتر من هذا الرجل ثوبه بمائة دينار. قلت للغلام: زِنْ له. فوزن له. وإذا بالثّوب يساوي خمسين دينارًا، فسألتهُ بعدُ فقال: إنّه أعطاني منه عشرين دينارًا. قلت: استقرّ الأمرُ على توثيقه وتجنُّب ما يُنكر له. 69- إسماعيل بن عبد الحميد1. أبو بكر العِجْليّ البصْريّ العطّار، صاحب الرقيق.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 187".

عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وأبي الأشهب، وطبقتهما. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم وقال: صَدُوق. 70- إسماعيل بن عَمْرو بن نجيح البَجَليّ1. مولاهم الكوفيّ. نزيل إصبهان وشيخها ومُسْنِدُها. سمع: مِسْعَر بن كُدَام، ومالك بن مِغْوَلٍ، وعبد الغفّار بن القاسم، وكاملًا أبا العلاء، وأبا مَعْشَر، وفضيل بن مرزوق، وسفيان الثّوريّ، وشيبان، وغيرهم. وعنه: عبد الله بن محمد بن زَكَريّا، ومحمود بن أحمد بن الفَرَج، وإبراهيم بن نائلة، ومحمد بن نُصَيْر، ومحمد بن عليّ الفرقديّ، ومحمد بن إبراهيم الصّفّار الأصبهانيّون، وخلْق كثير. وكان قد "انتهى إليه عُلُوّ الإسناد بإصبهان". قال محمد بن يحيى بن مَنْده: سَمِعْتُ إبراهيم بن إدريس ذكر إسماعيل وأحسن الثناء عليه. وقال شيخنا مثل ذلك. وكان عنده عن فلان وفلان. وذكره ابن حبّان في "الثّقات". أما الدارقطني فضعفه. وقال ابن عدي: حدَّث عن مِسْعَر، والثَّوريّ، والحَسَن بن صالح، وغيرهم بأحاديث لا يُتابع عليها. وروى عنه: أُسَيْد بْن عاصم، وعبد الله بْن محمد بْن سلّام، والقاسم بن نصر المخرّميّ. ثمّ روى له ابن عَديّ أحاديث وقال: هذه الأحاديث مع سائر رواياته التي لم أذكرها عامّتها مَا لا يُتابَع عليه، وهو ضعيف. قلت: تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين ومائتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 190"، والثقات لابن حبان "8/ 100"، والكامل لابن عدي "1/ 316، 317"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 239، 240".

71- إسماعيل بن عيسى العطّار1. بغداديٌّ صَدُوق. عنده عن: إسماعيل بن زَكَريّا الخُلْقانيّ، وزياد بن عبد الله البكّائيّ. وعنده "المبتدأ"، عن أبي حُذيفة البخاريّ. روى عنه: الحَسَن بن عَلُّوَية القطان، وأحمد بن علي البربهاري، وغيرهما. توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وثقه الخطيب، وغيره. وضعّفه الأزدي. 72- أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع2 -خ. ت. س. أبو عبد الله الأُمَويّ الفقيه، مولى عمر بن عبد العزيز. وُلِد بعد الخمسين ومائة. وإنّما طلب العِلْم كبيرًا، فلم يلق مالكًا ولا الَّليْث، بل تفقّه على ابن وَهْب، وعبد الرحمن بن القاسم وروى عنهما، وعن: أُسَامة بن زيد، وأخيه عبد الرحمن بن زيد، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وحاتم بن إسماعيل، والعبّاس بن خَلَف بن إدريس بن عمر بن عبد العزيز، وعيسى بن يونس، وغيرهم. وعنه: خ. وت. س. بواسطة، وأحمد بن الحَسَن التِّرْمِذِيّ، وأحمد بن الفرات، والربيع الْجِيزيّ، وأبو الدرداء عبد العزيز بن المَرْوَزِيّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأبو يزيد القراطيسيّ، وخلْق. ذكره يحيى بن مَعِين فقال: كان من أعلم خَلْق الله برأي مالك يعرفها مسأله مسألة، متى قالها مالك ومن خالفه فيها. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ صاحب سنّة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 191"، والثقات لابن حبان "8/ 99"، وتاريخ بغداد للخطيب "1/ 262، 263". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 321"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 36"، والثقات لابن حبان "8/ 133".

وقال أبو حاتم: كان أجلّ أصحاب ابن وَهْب. وقال ابن يونس: كان يحيى بن عثمان يقول: هو من ولد عبيد المسجد. كان بنو أُمَيّة يشترون للمسجد عبيدًا يخدمونه، وهو من ولد أولئك. وكان مطلعًا بالفِقْه والنَّظَر. تُوُفّي لأربعٍ بقين من شوّال سنة خمسٍ وعشرين. وكان ذُكِرَ للقضاء في مجلس عبد الله بن طاهر، فسبقه سعيد بن عُفَيْر. وقال ابن يونس: حدَّثني عليّ بن الحَسَن بن قُدَيد، عن يحيى بن عثمان بن صالح، عن أبي يعقوب البُوَيْطيّ أنّه كان حاضرًا في مجلس ابن طاهر الأمير حين أمر بإحضار شيوخ مصر. قال: فقال لنا: إنّي جمعتكم لترتادوا لأنفسكم قاضيًا. فكان أول من تكلَّم يحيى بن بُكَيْر، ثمّ تكلَّم ابن ضمرة الزُّهْريّ فَقَال: أصلح الله الأمير، أصبغ بن الفرج الفقيه العلم الورِع، فذكر الحكاية. وقال بعض الكبار: ما أخرجت مصرُ مثل أصبغ. وقال أبو نصر: سَمِعْتُ الربيع والمُزْنيّ يقولان: كنّا نأتي أصبغ قبل قدوم الشّافعيّ، فنقول له: علِّمنا ممّا علَّمك الله. وقال مُطَرِّف بن عبد الله: أصبغ أفقه من عبد الله بن عبد الحكم. وروى عليّ بن قُديْد، عن شيخ له قال: كان بين أصْبَغ وبين ابن عبد الحَكَم مباعدة، وكان أحدهما ويرمي الآخر بالبُهتان. وقال ابن وزير: كان أصبغ خبيث الّلسان، وربّما كان صاعقة. ومن مناقب أصبغ: قال ابن قُدَيد: كتب المعتصم في أصبغ ليُحمل إليه في المحنة، فهرب واختفى بحُلْوان؛ رحمه الله. وفيه يقول الجمل الشّاعر في مدح الخليفة: وطَويتَ أصبغَ حِقْبَةً في بيتِه ... فَسَتَرته جُدْرَ البيوت السُّتَّرِ أبدَلْتَهُ بِرِجاله وجُمُوعِه ... خَرْقًا مُقَاعَدَةَ النّساءِ الخُدَّرِ

فإذا أراد مع الظّلام لحاجةٍ ... أخذ النِّقابَ وفضْلَ مِرْط المِعْجَرِ 73- أصرم بن حَوْشَب1. القاضي أبو هشام الهَمْدانيّ. قاضي همدان. حدَّث في سنة ثلاثين ومائتين عن: قُرَّةَ بن خالد، وزياد بن سَعْد، وعبد الله بن إبراهيم الشَّيْبانيّ، ومِنْدل بن عليّ، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن سعيد الْجَوْهَريّ، وعثمة بن الفضل، وابن قهزاد، وعثمان بن صالح الحنّاط، ومحمد بن يحيى الأزْديّ، وطائفة سواهم. قال ابن مَعِين: كذّاب خبيث. وقال البخاريّ: متروك. قال أبو إسحاق الْجَوْزجانيّ: كتبتُ عنه بهَمَدان سنة ثلاثين. وهو ضعيف. 74- أغلب بن إبراهيم بن الأغلب التَّميميّ2. أمير القيروان وابن أميرها. ولي الأمر بعد أخيه زيادة الله بن إبراهيم فبقى ثلاثة أعوام ومات في ربيع الآخر سنة ستٍّ وعشرين. ثمّ ولي بعده ولده محمد بن الأغلب وطالت أيّامه، وبقي تسع عشرة سنة. 75- أيّوب بن سليمان بن بلال3 -خ. د. ت. ن. أبو يحيى القرشيّ التّيميّ، مولاهم المَدنيّ. مشهور صَدُوق، لم أره لحق أباه، وإنّما روى عن رجلٍ، عن أبيه. وهو عبد الحميد بن أبي أُوَيْس، له عنه نسخة. وحكى عن: عبد العزيز بن أبي حازم.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 382"، والجرح والتعديل "2/ 336"، والمجروحين "1/ 181"، والكامل لابن عدي "1/ 394". 2 انظر نهاية الأرب "24/ 117". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 248"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 415، 416"، والثقات لابن حبان "8/ 126"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 472".

وعنه: خ. ود. ت. ن. بواسطة، وأحمد بن شَبُّويْه المَرْوَزِيّ، وإبراهيم بن أبي داود البُرُلُّسيّ، والزُّبَيْر بن بكّار، وَأَبُو حَاتِم، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعبد الله بن شبيب، وجماعة. وذكره ابن حِبّان في "الثّقات" وقال: سمع مالكًا. ومات سنةً أربعٍ وعشرين. 76- أيّوب بن سليمان البصْريّ المكتّب1. عن: أبي عَوَانة، وأبي هلال. وعن عمّه عمّر بن معدان. وعنه: عليّ بن نصر الْجَهْضميّ، ومحمد بن شُعْبَة بن جوان. "حرف الباء": 77- بابَك الخُرَّميّ2. مذكور في الحوادث في أماكن. 78- بشّار بن موسى الخفّاف3. أبو عثمان العِجْليّ أو الشَّيْبانيّ البصريّ. عن: شريك، وأبي عوانة، عبيد الله بن عمرو الرقي، ويزيد بن زريع، وعطاء بن مسلم الخفّاف، وخلْق. وعنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله بن أحمد، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، والحَسَن بن عَلُّوَيه، وصالح جَزَرَة، وأبو القاسم البَغَويّ. قال عليّ بن المَدِينيّ: ما كان ببغداد أصلب في السُّنّة منه. وقال ابن عَديّ: أرجو أنه لا بأس به.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 249"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 415"، والثقات لابن حبان "8/ 126". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 118-123"، وتاريخ الطبري "8/ 556"، والكامل في التاريخ "6/ 328". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 352"، والجرح والتعديل "2/ 417"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 130"، وتهذيب الكمال "4/ 83-90".

وقول من وَثّقَهُ أشبه. وقال أبو داود: كان أحمد يكتب عنه وأنا لا أُحَدِّث عنه. وقال ابن مَعِين: ليس بثقة. وقال البخاريّ: مُنْكَر الحديث. وقال الفلّاس: ضعيف الحديث. توفّي سنة ثمانٍ وعشرين في رمضان. 79- بِشْر الحافي بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء1. أبو نصر المَرْوَزِيّ، ثمّ البغداديّ الزّاهد الكبير المعروف ببِشْر الحافي. وهو ابن عمّ عليّ بن خشرم المحدِّث. سمع: إبراهيم بن سَعْد، وحمّاد بن زيد، وأبا الأحْوَص، وشَرِيكًا، ومالكًا، والفُضَيْل بن عِيَاض، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وخالد بن عبد الله الطّحّان، والمُعافى بن عِمران، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم. وعنه: أحمد الدَّوْرقيّ، ومحمد بن يوسف الْجَوْهَريّ، ومحمد بن المُثَنَّى السِّمسار، وسَرِيّ السَّقَطيّ، وعمر بن موسى الجلّاء، وإبراهيم بن هاني، وخلق غيرهم. وكان عديم النّظير زُهْدًا وورعًا وصلاحًا. كثير الحديث إلّا أنّه كان يكره الرواية، ويخاف من شهوة النَّفس في ذلك، حَتّى أنّه دفن كُتُبه. أَخْبَرَنَا الْمُسْلِمُ، وَالْمُؤَمَّلُ، وَغَيْرُهُمَا كِتَابَةً قَالُوا: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّنْدِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ السِّمْسَارُ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَوْفِيَّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "اتَّخَذَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاتَمًا، فَلَبِسَهُ، ثُمَّ ألقاه".

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 342"، والجرح والتعديل "2/ 356"، والثقات لابن حبان "8/ 143"، وحلية الأولياء "6/ 357".

وعن بِشْر أنّه قيل له: ألا تُحَدِّث؟ قال: أنا أشتهي أن أحدّث، وإذا اشتهيت شيئًا تركتُه. وقال إسحاق الحربيّ: سَمِعْتُ بشرَ بن الحارث يقول: ليس الحديث من عُدّة الموت. فقلت له: قد خرجتُ إلى أبي نُعَيْم. قال: أتوب إلى الله بذهابي. وعن أيّوب العطار سمع بشرًا يقول: ثنا حمّاد بن زيد ثمّ قال: استغفِرُ الله، إن لذِكْر الإسناد في القلب خُيَلاء. وقال أبو بكر المَرْوَزِيّ: سَمِعْتُ بِشْرًا يقول: الجوع يصفي الفؤاد، ويُميت الهوى، ويُورث العِلْم الدّقيق. وقال أبو بكر بن عثمان: سَمِعْتُ بِشْر بن الحارث يقول: أنّي لأشتهي شِواءً منذ أربعين سنة، ما صفي لي دِرهمُهُ. وقال الحَسَن بن عَمْرو: سَمِعْتُ أبا نصر التّمّار يقول: أتاني بِشْر ليلةً، فقلت الحمد لله الذي جاء بك. جاءنا قُطْنٌ من خُراسان، فَغَزَلته البِنْتُ وباعته، واشترت لنا لحمًا، فَتَفْطَر عندنا. قال: لو أكلت عند أحدٍ أكلت عندكم. إنّي لأشتهي الباذنجان منذ سنين. فقلت: وإن فيها الباذنجان من الحلال. فقال: حَتّى يصفو لي حُبُّ الباذنجان. وقال محمد بن عبد الوهّاب الفرّاء: سَمِعْتُ عليّ بن عَثّام يقول: أقام بِشْر بن الحارث بعَبّادان يشرب من ماء البحر، ولا يشرب من حياض السلاطين، حَتّى أضَرّ بجَوْفه، ورجع إلي أخيه وَجِعًا. وكان يتّخذ المغازل ويبيعها. فذاك كسْبُه. وقال موسى بن هارون الحافظ: ثنا محمد بن نُعَيْم بن الهيثم قال: رأيتهم جاؤوا إلى بِشْر فقال: يا أهل الحديث علمتم أنّه يجب عليكم فيه زكاة، كما يجب على من مَلَكَ مائتي درهم، خمسة دراهم. وقال محمد بن هارون أبو نَشِيط: نهاني بِشْر بن الحارث عن الحديث وأهله.

وقال: أقبلت إلى يحيى القطّان، فبلغني أنّه قال: أحب هذا الفتى لطلبه الحديث. وذكريعقوب بن بختان الفرّاء أنّه سمع بِشْر بن الحارث يقول: لا أعلم أفضل من طلب الحديث والعِلْم لمن اتقى الله، وحَسُنَت نيَّتُه فيه. وأمّا أنا، فأستغفر الله من كل خطوة خطوت فيه. وقيل كان بِشْر يَلْحن ولا يعرف العربيّة. وعن المأمون قال: لم يبق أحدًا نستحي منه غير بِشْر بن الحارث. وقال أحمد بن حنبل: لو كان بِشْر تزوج لَتَمّ أمرُه. وقال إبراهيم الحربيّ: ما أخرجتْ بغدادُ أتمّ عقلًا من بِشْر، ولا أحفظ للسانه. كان في كلّ شعرةٍ منه عقل، وطيء النّاسُ عُنُقه خمسين سنة ما عُرِف له غِيبةٌ لمسلم. وما رأيت بعيني أفضَلَ من بِشْر. وعن بِشْر قال: المتقلِّب في جوعه، كالمتشحِّط في دمه في سبيل الله. وعنه قال: شاطرٌ سخيّ أحبّ إلى الله من صوفيّ بخيل. وعنه قال: أمس قد مات، واليوم في النزاع، غدا لم يولد بعد. وعنه قال: لا يفلح من ألِف أفخاذ النّساء. وعنه قال: إذا أعجبك الكلام فأصمُت، وإذا أعجبك الصّمتْ فتكلَّم. وقيل إنّ بعضهم تسمَّع على بِشْر فسمعه يقول: اللهمّ إنْ تعلم أنّ الذلَّ أحبّ إليّ من العزّ، وأنّ الفقر أحبّ إليّ من الغِنَى، وأنّ الموت أحبّ إليّ من الحياة. وعن بِشْر قال: قد يكون الرجل مُرائيًا بعد موته. قالوا: وكيف هذا؟ قال: يحبّ أن يكثر النّاس في جنازته. وعنه قال: لا تجدْ حلاوة العبادة حَتّى تجعل بينك وبين الشّهوات سَدًّا من حديد. أَخْبَرَنَا القاضي أبو محمد بن علوان، أنا أبو محمد بن قُدامة الفقيه سنة إحدى عشرة وستّمائة قال: حدَّثني ابني أبو المجد عيسى، أنا أبو طاهر بن المَعْطوش، أنا أبو الغنايم محمد بن محمد، أنا أبو إسحاق البَرْمكيّ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

الزُّهْريّ: حدَّثني حمزة بن الحسين البزّاز، ثنا عبد الله بن محمد بن عيسى: حدَّثني حمزة بن دهقان قال: قلت لِبِشْر بن الحارث: أحبّ أن أخلو معك. قال: إذا شئت. ونكون يومًا، فرأيته قد دخل قبّةً، فصلّى فيها أربع ركعات، لا أُحسِن أصلّي مثلها، فسمعته يقول في سجوده: اللهمّ إنّك تعلم فوق عرشك أنّ الذُّلّ أحبّ إليّ من الشَّرَف، الّلهمّ إنك تعلم فوق عرشك أنّ الفقر أحبّ إليّ من الغنى، اللهمّ إنّك تعلم فوق عرشك أنّي لا أؤثر على حبّك شيئًا. فلمّا سمِعتُه أخذني الشهيق والبكاء. فلمّا سمعني قال: اللهمّ أنتَ تعلم أنّي لو أعلم أنّ هذا هاهنا لم أتكلّم. وقال صالح بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: من زعم أن أسماء الله مخلوقة فقد كفر. وقَالَ عَبْد الرحمن بْن أبي حاتم: ثنا محمد بن المُثَنَّى صاحب بِشْر بن الحارث. قال: قال رجل لِبِشْر وأنا حاضر: إنّ هذا الرجل، يعني أحمد بن حنبل، قيل له: أليس الله قديمًا، وكلّ شيءٍ دونه مخلوق؟ قال: فما ترك بِشْر الرجل يتكلَّم حَتّى قال: ألا كلّ شيءٍ مخلوق إلّا القرآن. قال المَرْوَزِيّ فيما رواه الخلّال، عنه، عن عبد الصَّمد العَبَّادانيّ: قال رجل لِبِشْر بن الحارث: يا أبا نصر يدخل أحدٌ من الموحِّدين النّار؟. فقال: استرحت إنْ كان هذا عقلك. وقال أحمد بن بِشْر المَرْثَديّ: ثنا إبراهيم بن هاشم قال: دَفَنّا لِبِشْر ثمانية عشر ما بين قِمَطْر إلى قَوْصَرة، يعني مِن الحديث. وقيل لأحمد بن حنبل: مات بِشْر، فقال: مات رحمه الله وما له نظير في هذه الأمّة إلّا عامر بن عبد قيس، فإنّ عامرًا مات ولم يترك شيئًا. ثمّ قال أحمد: لو تزوج كان قد تمّ أمر. رواها أبو العبّاس البرائيّ، عن المَرْوَزِيّ، عن أحمد. ورأى بِشْرًا بعض الفقراء بعد موته فَقَالَ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي ولكلّ من اتبّع جنازتي، وكلّ من أحبّني إلى يوم القيامة.

تُوُفّي بِشْر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلَ سَنَةَ سبعٍ وعشرين قبل المعتصم بستّة أيّام، وله خمسٌ وسبعون سنة في يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الأول. قال أبو بكر بن أبي داود: قلت لعليّ بن خشرم لمّا أخبرني أنّ سماعه وسماع بِشْر بن الحارث بن عيسى واحد. قلت له: فأين حديث أمّ زَرْع؟ فقال: سماعي معه، وكتبتُ إليه أن يوجّه به إليّ. فكتب إليّ: هل عملت بما عندك، حَتّى تطلب ما ليس عندك؟ قال عليّ: وُلد بِشْر في هذه القرية وكان يتفتّى في أول أمره. وقد جرح. وقال حسن المسوحي: سَمِعْتُ بِشْر بن الحارث يقول: أتيت باب المعافى بن عمران، فدفقت الباب، فقيل لي: من؟ فقلت: بِشْر الحافي. فقالت جُوَيْرية من داخل الدار: لو اشتريتَ نَعْلًا بدانِقَين ذهب عنك اسمُ الحافي. وقال الحَسَن بن رشيق، عن عمر بن عبد الله الواعظ قال: كان بِشْر بن الحارث شاطرًا1 يجرح بالحديد، وكان سبب توبته أنّه وجد قِرْطاسًا في أتون حمّام فيه "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فعظُم ذلك عليه، ورفع طرْفه إلى السّماء وقال: سيدي، اسمُك هنا ملقى. فرفعه، وقلع عنه السَّحاة التي هو فيها، وأعطى عطّارًا درهمًا، فاشترى به غالية، لم يكن معه سواه، ولطّخ بها تلك السحاة، وأدخله شُقّ حائط. وانصرف إلى زجّاج كان يجالسه. فقال له الزّجّاج: واللهِ يا أخي، لقد رأيتُ لك في هذه الّليلة رؤيا ما أقولها حَتّى تحدّثني ما فعلتَ بينك وبين الله. فذكر له شأن الورقة. فقال: رأيت كأنّ قائلًا يقول لي في المنام: قل لِبِشْر ترفع لنا اسمًا من الأرض إجلالًا أن يداس، لنتوهّن باسّمك في الدُّنيا والآخرة2. وذكر أبو عبد الرحمن السُّلَميّ أن بِشْرًا كان من أبناء الرؤساء والكَتَبَة. صحب الفُضَيْل بن عِيَاض. سألت الدَّارَقُطْنيّ عنه فقال: زاهد، جبل، ثقة، ليس يروى إلّا حديثًا صحيحًا. وعن بِشْر قال: لا أعلم أفضل من طلب الحديث، والعِلْم لمن اتقى الله وحَسُنَت نيَّتُه فيه. وأمّا أنا فأستغفر الله من كل خطوة خطوت فيه.

_ 1 أي لص. 2 انظر حلية الأولياء "8/ 336".

وقال جعفر البردانيّ: سَمِعْتُ بِشْر بن الحارث يقول: إنّ عوج بن عنق كان يأتي البحر، فيخوضه برِجْله، ويحتطب السّاج، وكان أوّل من دلّ على السّاج وجَلَبَه. وكان يأخذ من البحر حُوتًا بيده، فيشويه في عين الشمس. وقيل: لقي بِشْرًا رجلٌ، فجعل يقبِّل بِشْرًا ويقول: يا سيّدي أبا نصر. فلمّا ذهب تغرغرت عينا بِشْر وقال: رجلٌ أحبَّ رجلًا على خير توهّمه، لعلّ المُحبّ قد نجا، والمحبوب لا يُدْرَى ما حالُه. وقال إبراهيم الحربيّ: رأيت رجالات الدُّنيا، فلم أرَ مثل ثلاثة: رأيت أحمد بن حنبل، وتعجز الدُّنيا أن تلد مثله. ورأيت بِشْر بن الحارث من قرنه إلى قَدَمه مملوءًا عقلًا. ورأيت أبا عُبَيْد كأنّه جبل نُفخ فيه عِلْم. وقال أيضًا: لو قُسّم عَقْل بِشْر على أهل بغداد صاروا عقلاء. قلت: وقد روى له أبو داود في "كتاب المسائل" والنَّسائيّ في "مُسْنَد عليّ". 80- بِشْر بن عُبَيْد1. أبو عليّ الدّارسي. ودارس بُلَيْدَة من نواحي البصّرة على البحر. روى عن: سَلَمَةَ بن الصّلت، وأبي يوسف القاضي، وطحلة بن زيد، وغيرهم. وعنه: أبو حاتم، وأحمد بن محمد بن مُعَلّى الآدميّ، وعُبَيْد الله بن جرير بن جَبَلَة. قال أبو حاتم: كتبت عنه في أيام سليمان بن حرب. وقال ابن عَديّ: مُنْكَر الحديث، بيَّن الضَّعْف. وقال الأزْديّ: كذّاب. قلت: مات سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. - بِشْر بن عُبَيْس. في الطبقة الآتية.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 362"، والثقات لابن حبان "8/ 141"، وتاريخ الطبري "7/ 177"، والكامل لابن عدي "2/ 447".

81- بشر بن محمد1 -خ- أبو محمد المروزي السّختيانيّ. سمع: ابن المبارك، والفضل بن موسى السِّينانيّ، ويحيى بن واضح. وعنه: البخاريّ، وأحمد بن سيّار، وإسحاق بن الفيض الإصبهانيّ، وجعفر الفريانيّ. وقال ابن عساكر في "النُّبْل" إنّه مات سنة أربعٍ وعشرين. وهذا لا يستقيم، فإنّ الفِرْيَابيّ رحل سنة ثمانٍ أو تسعٍ وعشرين، ولحِقَه. وقد ذكره ابن حِبّان في "الثقات"، وقال: كان مُرْجِئًا. ذَكَرَ وفاته في سنة أربعٍ وعشرين: البخاريّ، والكَلاباذيّ. 82- بِشْر بن الوضّاح2. أبو الهيثم البصْريّ. عن: بشير بن عُقْبَة الدَّوْرقيّ، وعبّاد بن منصور النّاجي، والحَسَن بن أبي حعفر. وعنه: أحمد بن يوسف السُّلَميّ، ومحمد بن إسماعيل البخاريّ في "تاريخه"، ومحمد بن بشّار، ومحمد بن المُثَنَّى، وجماعة. قال عبد العزيز بن معاوية القُرَشيّ: حدَّثني بِشْر بن الوضّاح وكان من خيار المسلمين. وذكره ابن حِبّان في "الثّقات". وقال ابن أبي عاصم: مات سنة إحدى وعشرين. وروى له التِّرْمِذِيّ في "الشّمائل". 83- بكّار بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سيرين السّيرينيّ البصريّ3.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 364"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 84"، والثقات لابن حبان "8/ 144"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 145". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 369"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 85"، وتاريخ الطبري "3/ 180"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 160". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 297"، والجرح والتعديل "2/ 409، 410"، والكامل لابن عدي "2/ 477"، وسير أعلام النبلاء "10/ 397-399".

كبير مسنّ. روى عن: ابن عَوْن، وأيَمْن بن نابِل، وعَبّاد بن راشد، وسُفْيان الثَّوريّ. وعنه: الحَسَن بن محمد الزَّعْفَرانيّ، وإبراهيم بن أبي داود البُرُلُّسيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وعَبّاد بن عليّ البصْريّ، وأبو مسلم الكَجَّيّ، ومحمد بن زَكَريّا الغَلابيّ. قال أبو حاتم: مضطّرب لا يسكن القلب إليه. وقال أبو زُرْعة: ذاهب الحديث. وقَالَ عَبْد الرحمن بْن أبي حاتم: ثنا الحسين بن الحَسَن الرازيّ قال: سُئِل يحيى بن مَعِين عن بكّار السِّيرِينيّ فقال: كتبتُ عنه وليس به بأس. وقال غيره: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين. 84- بكر بن الأسود العايذيّ1. ويقال له: بكّار. كوفي، ثقة. روى عن: أبي بكر بن عيّاش، ويحيى بن أبي زائدة، وابن المبارك، وطبقتهم. وعنه: أبي سعيد الأشج، ومحمد بن عُبَيْد بن عُتْبَة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم وآخرون. كنيته أبو عُمَر. قال أبو حاتم: صَدُوق. 85- بيان بن عمر البياني البخاريّ2. أحد العلماء العبّاد ومن أئمة السُّنّة. سمع يحيى القطّان، ويزيد بن هارون وجماعة. وعنه: خ، وأبو زُرْعة الرّازيّ وعُبَيْد الله بن واصل.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 382"، والثقات لابن حبان "8/ 149"، والأنساب "8/ 331". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 425"، والتاريخ للبخاري "2/ 134، والثقات لابن حبان "8/ 155"، وتهذيب الكمال "4/ 305، 306".

وَثّقَهُ ابن حِبّان. ومات سنة اثنتين وعشرين. وبيان بالياء آخر الحروف. قال الحسين بن عَمْرو البخاريّ كان بيان بن عَمْرو يقرأ القرآن في كلّ يومٍ وَلَيْلَةٍ ثلاث مرّات. فقلت له: كيف تقرأ هذا القراءة؟ قال: يَسَّر الله عليَّ ذلك. قال الحسين: كان يَفْرَغ من الخَتْمة الثالثة عند السحر ثم يأخذ بالبكاء والتَّضَرُّع. رحمةُ الله عليه. وقال عُبَيْد الله بن واصل: كان بيان بن عَمْرو يدخل بستانَه، ولا يخرج حَتّى يُصلّى عند كلّ شجرة رَكْعتين. قال ابن أبي حاتم: بيان بن عَمْرو أبو محمد البخاريّ روى عن سالم بن نوح، ويحيى بن سعيد "القطّان"، وابن مهدي. سَمِعْتُ أبي يقول ذلك. وهو شيخ مجهول، والحديث الذي رواه عن سالم بن نوح "حديث" باطل. قلت: قوله: مجهول، ممنوع. وأمّا في الحديث الذي رواه فسالم له مناكير، لعلّ هذا منها. قال فيه ابن مَعِين: ليس بشيء. قلت: ولهذا لم يخرّج له البخاريّ، وخرّج له مسلم. "حرف التاء": 86- تُرْك الحذّاء المقرئ1. العبد الصالح. من مشاهير أصحاب سُلَيم. قرأ عليه: رجاء بن عيسى الْجَوْهَريّ، ومحمد بن عُمَر بن أبي مذعور. وقال أحمد بن محمد الأدميّ: كان ترك من أقرأ النّاس بالقرآن وأعبدهم.

_ 1 انظر الإكمال لابن ماكولا "1/ 249".

"حرف الثاء" 87- ثابت بن موسى1 -ق- أبو يزيد الكوفيّ العابد. عن: سُفْيان الثَّوريّ، وشَرِيك. وعنه: هنّاد، ومحمد بن عثمان بن كرامة، ومحمد بن عُبَيْد المحاربيّ، وأحمد بن أبي غَرَزَة، وأبو برزة الحاسب، ومحمد بن عبد الله مُطَيِّن، وآخرون. وهو ضعيف. وليس هُوَ بثابت بن محمد الكوفيّ العابد. ذاك أقدم وأوثق. مرّ. وهذا هو صاحب حديث: "من كثرة صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ"2. رواه هنّاد، وابن كرامة، وابن مُلاعب، وغيرهم، عن ثابت، عن شَرِيك. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، ثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من كَانَتْ لَهُ وَسِيلَةٌ إِلَى سُلْطَانٍ فَدَفَعَ بِهَا مَغْرَمًا أَوْ جَرَّ بِهَا مَغْنَمًا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تُدْحَضُ الْأَقْدَامُ"3. قلت: وقد ضعّفه أبو حاتم، وغيره. وتُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين. قال أبو مَعِين الحسين بن الحَسَن: سَمِعْتُ يحيى بن مَعِين يقول: ثابت أبو يزيد كذّاب.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 413"، والجرح والتعديل "2/ 458"، والمجروحين لابن حبان "1/ 207"، والكامل لابن عدي "2/ 525". 2 حديث لا أصل له: أخرجه ابن ماجه "1333"، وابن أبي حاتم في العلل "196"، وابن حبان في المجروحين "1/ 207"، والخطيب في تاريخه "1/ 341"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 109-111". قال أبو حاتم: فذكرت لابن نمير فقال: الشيخ لا بأس به، والحديث منكر. قال أبي -أي أبي حاتم- الحديث موضوع. 3 حديث ضعيف: أخرجه ابن عدي في الكامل "2/ 526"، وفي إسناده صاحب الترجمة قال فيه أبو حاتم: كذاب.

"حرف الجيم": 88- جعفر بن إدريس المَوْصِليّ. الزّاهد. أحد الأمّارين بالمعروف. استشهد في قلعة الروم بسُمَيْساط1. وقد روى اليسير عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، ووكيع. وعنه: محمد بن خطّاب، وإبراهيم بن الهيثم البلديّ. وقُتِل سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 89- جعفر بن حرْب الهَمْدانيّ المعتزليّ2. من كبار مصنفيّ المعتزلة لا بارك الله فيهم. أخذ بالبصرة عن: أبي الهُذَيل العلّاف، واختص بالواثق. ومات كهلًا سنة ثلاثين. وقيل سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 90- جُنادة بن محمد بن أبي يحيى3. أبو عبد الله المُرِّيّ الدّمشقيّ. سمع: يحيى بن حمزة، وعيسى بن يونس، وعبد الحميد بن أبي العشرين. وكان فقيهًا مُفْتيًا، من علماء دمشق. روى عنه أبو حاتم الرّازيّ وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وعثمان بن خُرَّزاذ. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة سنة ستٍّ وعشرين. قال أبو حاتم: صدوق.

_ 1 بلدة على شاطئ الفرات. 2 ستأتي ترجمته بعد ذلك. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 516"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 234"، والثقات لابن حبان "8/ 165".

91- جَنْدَل بن والق بن محرس1. أبو عليّ التَّغْلبيّ الكوفيّ. عن: عَمْرو بن شِمْر، وشَرِيك، وأبي الأحْوَص ومِنْدل بن عليّ. وغيرهم. وعنه: البخاريّ في كتاب "الأدب" له، وأحمد بن ملاعب، وأحمد بن عليّ الخرّاز، ومُطَيِّن، وطائفة سواهم. مات في سنة ستٍّ وعشرين أيضًا. روى عنه من المتأخّرين: محمد بن عثمان، بن أبي شَيْبَة، وأبو مَعِين محمد بن الحسين الوادعيّ، والحسين ابن جعفر القتّات. قال أبو حاتم: صَدُوق. 92- جُوَيْن بن ضمرة القشيريّ2. أبو عمر. سمع: حرب بن أبي العالية. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، ويعقوب بن إسماعيل الأزْديّ. صَدُوق. "حرف الحاء": 93- حاجب بن الوليد بن ميمون الأعور3. أبو أحمد الشاميّ المؤدّب، نزيل بغداد. عن: حفص بن ميسرة الصَّنْعانيّ، وبقيّة، والوليد بن محمد الموقِريّ، ومحمد بن حرب الأبرش، وجماعة. وعنه: م؛ وأحمد بن سعيد الدّارميّ، والذهلي، وابن أبي الدنيا، ويعقوب بن

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 535"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 246"، والثقات لابن حبان "8/ 167"، وتهذيب الكمال للمزي "5/ 150-152". 2 انظر ترجمته في الجرح والتعديل "2/ 541"، برقم "2248". 3 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 359"، والجرح والتعديل "3/ 285"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 80"، والثقات لابن حبان "8/ 212".

شيبة، وأبو القاسم البغوي، وآخرون. وثقه ابن حبان، وغيره. ومات في رمضان سنة ثمانٍ وعشرين. وقع لي مِن عواليه. 94- حِبّان بن عمّار الحَكَم1. أبو أحمد. والد الحسين بن حِبّان تلميذ يحيى بن مَعِين. عن: عبّاد بن عبّاد المُهَلَّبيّ، ويحيى بن كثير البصْريّين. وعنه: عليّ بن الحَسَن بن عَبْدَوَيّه الخزّاز، وعليّ بن عبد الله بن المبارك، والصَّنْعانيّ. - حبيب بن أوس2. أبو تمّام. سيأتي، ويقال تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 95- حَجَّاج بن إبراهيم الأزرق البغداديّ3. نزيل مصر، ونزيل طَرَسُوس. عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وأبي شِهاب الحنّاط، وأبي عَوَانة، وجماعة. وعنه: الربيع المُراديّ، وأحمد بن الحَسَن التِّرْمِذِيّ، وعبد الكريم الدَّيْرعاقُوليّ، وأبي الدَّرداء عبد العزيز بن منيف، ومِقْدام بن داود الرُّعَيْنيّ، وطائفة. وكان ثقة إمامًا صاحب سُنّة، أكثر عن ابن وَهْب. 96- حرب بن محمد بن علي بن حيان4.

_

أبو عليّ الطّائيّ المَوْصِليّ. عن: مالك، وشَرِيك، وأبي الأحْوَص، والمُعَافَى بن عِمران. وعنه: ابناه عليّ ومعاوية، وجعفر بن أحمد النَّصِيبيّ. وكان متموِّلًا كثير الأفضال على أهل الحديث. تُوُفّي في سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 97- حرميُّ بن حفص بن عمر1 -خ. د. ن. أبو عليّ العتكيّ القسمليّ البصريّ. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وأبان بن يزيد، وعبد الواحد بن زياد، ومحمد بن عبد الله بن عُلاثَة، ووُهَيْب بن خالد، وعبد العزيز بن مسلم، وغيرهم. وعنه: خ؛ ود. ن. بواسطة، وأبو بكر الأثرم، وإسماعيل القاضي، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وعلي بن عبد العزيز البَغَويّ، وعبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن عثمان ابن أبي سويد الذّارع، وخلْق سواهم. قال أبو حاتم: أدركته وهو مريض، ولم أكتب عنه. قلت: قد عاش بعد ذلك مُدّة. فإنّ البخاريّ، وغيره قال: مات سنة ثلاثٍ وعشرين. وقال بعضهم. سنة ستٍّ وعشرين. وكان ثقة. 98- حسّان بن عبد الله الواسطيّ2 -خ. ن. ت- أبو علي الكنديّ نزيل مصر. عن: الَّليْث وابن لَهِيعَة، وفضل بن فَضَالَةَ، وخلّاد بن سليمان الحَضْرَميّ وجماعة.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 303"، والجرح والتعديل "3/ 308"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 122، 123"، والثقات لابن حبان "8/ 216". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 238، 239"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 34"، والثقات لابن حبان "8/ 207"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 31-33".

وعنه: خ. ون. ت. بواسطة، وإسحاق بن سَيّار النَّصِيبيّ، ومحمد بن إسحاق الصغانيّ، وفِهْر بن سليمان الدّلال، ويعقوب الفَسَويّ، ويحيى بن عثمان بن صالح السَّهْميّ، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة. وقال ابن يونس: كان أبوه واسطيًّا، ووُلِد حسّان بمصر وبها تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 99- حسّان بن غالب بن نَجِيح الرُّعَيْنيّ1. مولاهم المصريّ أبو القاسم. روى عن: الَّليْث، ومالك، وابن لَهِيعَة وعبد الله بن سويد بن حبان. قال ابن يونس: كان ثقة، توفي بدلاص2، من الصعيد سنة ثلاث وعشرين ومائتين في رجب. 100- الحسن بن بشر بن سلم بن المسيّب3 -خ. ت. ن. أبو عليّ الهمدانيّ البجليّ الكوفيّ. عن: أسباط بن نصر، وزُهَير بن معاوية، وشَرِيك، وأبي إسرائيل الملائي إسماعيل بن خليفة، وأبي الأحْوَص، والمعافى بن عِمران، وجماعة. وعنه: خ. وت. ن. بواسطة، وإبراهيم الْجَوْزجانيّ، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن يونس الضّبّيّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وحرب الكِرْمانيّ وخلْق سواهم. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عديّ: ليس هو بمنكر الحديث.

_ 1 انظر المجروحين لابن حبان "1/ 271"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 199"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 479". 2 بلد غرب النيل. 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 410"، والجرح والتعديل "3/ 3"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 287"، والثقات لابن حبان "8/ 169".

وقال البخاريّ: مات سنة إحدى وعشرين ومائتين. 101- الحَسَن بن حُدان بن طريف1. أبو عليّ. عن: كثير بن سُلَيم، وجسر بن الحَسَن، وإسماعيل بن عيّاش. وعنه: أبو حاتم، ومحمد بن أيّوب الرَّازيّان. 102- الحَسَن بن الحَكَم القطربُلّيّ2. حدَّث ببغداد عن: الوليد بن مسلم، وشُعَيْب بن حرب، وغيرهما. وعنه: يعقوب السَّدُوسيّ، وأبو القاسم البَغَويّ. تُوُفّي سنة ثلاثين. 103- الحَسَن بن الربيع البورانيّ3 -ع- أبو عليّ البجليّ القسريّ الكوفيّ الحصّار الخشّاب. عن: عُبَيْد اللَّه بْن أياد بْن لَقِيط، وعبد الجبّار بن الورد، وأبي الأحْوَص، وحمّاد بن زيد وأبي إسحاق الخميسيّ، وخازم بن الحسين، وخالد بن عبد الله، ومهديّ بن ميمون، وطائفة كبيرة. وعنه: خ، وم، ود، والباقون بواسطة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم وأحمد بن أبي غَرزة، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وخلق. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، صالح، متعبّد. كان يبيع البواري. وقال أبو حاتم: كان من أوثق أصحاب عبد الله بن إدريس. وقال غيره: كان يبيع الخشب والقصب.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 9"، والمغنى في الضعفاء "1/ 157"، وميزان الاعتدال "1/ 483". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 294". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 409"، والجرح والتعديل "3/ 13، 14"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 294"، والثقات لابن "8/ 172".

قال ابن سَعْد: مات في رمضان سنة إحدى وعشرين، وكان مِن أصحاب ابن المبارك. 104- الحَسَن بن شَوْكر1. أبو عليّ البغداديّ. عن: إسماعيل بن جعفر، وخَلَف بن خليفة، وهُشَيْم، وإسماعيل بن عيّاش، وجماعة. وعنه: د، والحَسَن بن عليّ المَعْمريّ، ومحمد بن عبدوس السراج، والهيثم بن خلف الدوري، وجماعة. وثقه ابن حبان، ومات قريبا من سنة ثلاثين. 105- الحسن بن عبيد الله بن الحسن العنبري2. قاضي البصرة وابن قاضيها. توفي سنة ثلاث وعشرين. ورخه شباب العصفري. 106- الحسن بن عمرو السدوسي البصري3 -د. عن: جرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن الوليد العدنيّ، وهُشَيْم، ووَكِيع، وغيرهم. وعنه: د، وإسحاق بن سَيّار النَّصِيبيّ، وعثمان بن سعيد الدارمي، وآخرون. 107- الحسن بن عمرو بن سيف العبدي4. ويقال الباهلي. أبو عليّ البصريّ.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 176"، وتاريخ بغداد للخطيب "7/ 327، 328"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 176". 2 انظر تاريخ خليفة "420". 3 انظر التهذيب الكمال للمزي "6/ 286"، وتهذيب التهذيب للحافظ "2/ 310". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 26"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 299"، والثقات لابن حبان "8/ 171"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 287، 288".

عن: شعبة، ومالك بن مغول، وأبي بكر الهذلي، والحسن بن أبي جعفر الحفري. وعنه: الذهلي، وأبو أمية الطرسوسي، وابن وارة، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وعبد الله بن الدورقي. وله غرائب وعجائب. تركوه. 108- الحسن بن عمرو السجستاني العابد1. يروى عن: حمّاد بن زيد، وطبقته. وَثّقَهُ ابن حِبّان وقال: روى عنه أهل بلده. تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 109- الحَسَن بن محبوب بن الحَسَن بن هلال القُرَشيّ البصْريّ2. عن: أبيه، وحمّاد بن زيد، وعبد العزيز بن المختار. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. وقال أبو حاتم: لا بأس به. 110- الحَسَن بن محمد الطَّنَافِسيّ3. أخو عليّ. عن: خاله يَعْلَى بن عُبَيْد، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن إدريس. وعنه: أبو زُرْعة، ويحيى بن عبدك القَزْوينيّ، وكثير بن شهاب. 111- الحسين بن عبد الأول النّخعيّ الكوفي4ّ.

_ 1 انظر تقريب التهذيب للحافظ "1/ 169". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 38". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 35، 36"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 306"، والثقات لابن حبان "8/ 173". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 416"، والجرح والتعديل "3/ 59"، والثقات لابن حبان "8/ 187"، وللعجلي "119".

عن: أبي خالد الأحمر، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن إدريس، وأبي تُمَيْلة، وطبقتهم. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، ومحمد بن عبد الله مطّين، وجماعة. وقال أبو زُرْعَةَ: رَوَى أحاديث لَا أدري مَا هِيَ فلست أحدث عَنْهُ. وقال أبو حاتم: تكلَّم النّاس فيه. روى عن أبي تُمَيْلة، عن أبي المنيب، عن عطاء، عن جابر في صوم عاشوراء. وقال أبو بكر بن أبي شَيْبَة: إنّما ثنا أبو تُمَيْلة، عن أبي المُنِيب، عن عَكْناء بنت جابر بن زيد، عن أبيها. قلتُ: وهم فصحّف "عكناء" عطاء. قال مُطَيِّن: تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. 112- حفص بن عُمَر بن الحارث بن سخبرة1 -خ. د. س. أبو عمر الأزديّ النّمريّ من النمر بن غَيْمَان البصْريّ، المعروف بالحَوْضيّ. عن: هشام الدَّسْتَوائيّ، وأبي قُرَّةَ واصل بن عبد الرحمن، وشُعْبَة، وهمّام، ويزيد التُّسْتَريّ، ومحمد بن راشد المكحوليّ، وطائفة. وعنه: خ، ود، ون بواسطة، وخ. أيضًا عن صاعقة عنه، وأحمد بن الفُرات، وأحمد بن داود المكّيّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وأحمد بن محمد بن عليّ الخُزَاعيّ، وإسماعيل القاضي، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وعثمان بن خُرّزاذ، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، ومحمد بْن أيّوب بْن الضُّرَيْس، ومُعَاذ بْن المُثَنَّى، وخلْق. قال أبو طالب، عن أحمد بن حنبل: ثبتٌ مَتْقِن، لا يؤخذ عليه حرفٌ واحد. وقال عليّ بن المَدِينيّ: اجتمع أهل البصرة على عدالة أبي عُمَر الحَوْضيّ، وعبد الله بن رجاء. وقال عُبَيْد الله بن جرير بن جَبَلَة: أبو عُمَر الحَوْضيّ مولى النَّمِرِيّين صاحب كتاب متقن، رأيته أبيض الرأس واللّحية.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 306"، والجرح والتعديل "3/ 182"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 366"، والثقات لابن حبان "8/ 200".

قال: وتُوُفّي في جُمادى الآخرة سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. وقال أبو حاتم: صَدُوق، متقِن، أعرابيّ فصيح. 113- الحكم بن نافع1 -ع. أبو اليمان الحمصيّ البهرانيّ، مولاهم. عن: حريز بن عثمان، وعُفَيْر بن مَعْدان، وأبي بكر بن أبي مريم، وصفوان بن عَمْرو، وأرطأة بن المنذر التّابعيِّين، وشُعَيْب بن أبي حمزة، وسعيد بن عبد العزيز، وغيرهم. وعنه: خ، والباقون بواسطة، وأحمد، وابن مَعِين، وأبو عُبَيْد، والذُّهَليّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، ومحمد بن عَوْف، وعليّ بن محمد الْجَكّانيّ، وخلْق. وكان ثقة، نبيلًا، إمامًا، استقدمه المأمون من حمص إلى دمشق ليولّيه القضاء على حمص. قال ابن معين: أعتقهم امرأةً من بهرا يقال لها: أمّ سلمة. وقال أبو حاتم: ثقة، نبيل. وقال سعيد البَرْدَعيّ: سَمِعْتُ أبا زُرْعة الرّازيّ يقول: لم يسمع أبو اليَمَان من شُعَيْب إلّا حديثًا واحدًا، والباقي إجازة. وقال أحمد بن حنبل: كان يقول: أنا شُعَيْب، واستحلّ ذلك بشيءٍ عجيب: كان شُعَيْب عسِرًا في الحديث، فسأله أهل حمص أن يأذَنَ لهم، وحضر أبو اليَمَان، فقال لهم: ارووا تلك الأحاديث عنّي. فكان ابن شُعَيْب بن أبي حمزة يقول: جاءني أبو اليَمَان فأخذ كتب أبي منّي بعدُ، وهو يقول: أنا. فكأنّه استحلّ ذلك بأنْ سمع شُعَيْبًا يقول لقوم: أرووه عنّي. رواها الأثرم عن الإمام أحمد. وقال أبو داود: ثنا محمد بن عَوْف قال: لم يسمع أبو اليمان من شعيب إلاّ كلمة.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 472"، والجرح والتعديل "3/ 129"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 344"، والثقات لابن حبان "8/ 194".

وقال إبراهيم بن ديزيل: قال لي أبو اليَمَان: سألني أحمد بن حنبل: كيف سَمِعْت الكُتُب من شُعَيْب؟ قلتُ: قرأت عليه بعضه، وقرأ عليّ بعضه، وأجاز لي بعضه، وبعضه مناولة. وقال في الآخر: قُل في كلّه: أنا شُعَيْب. وأمّا الأحْوَص بن الغلابيّ فروى عن أبيه أنّ يحيى بن مَعِين قال: سألتُ أبا اليَمَان عن حديث شُعَيْب فقال: ليس هو مناولة، المناولة لم أُخْرجها إلى أحد. قال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: سَمِعْتُ أبا اليَمَان يقول: وُلِدتُ سنة ثمانٍ وثلاثين ومائة. قال: ومات سنة إحدى وعشرين ومائتين. وكذا أرّخ موته محمد بن مُصَفّى الحمصيّ، والفَسَويّ. وقال البخاريّ: سنة اثنتين وعشرين. وقال أبو بكر محمد بن عيسى الطَّرَسُوسيّ: سَمِعْتُ أبا اليَمَان يقول: صرت إلى مالك، فرأيت ثَمَّ من الحُجَّاب والفرش شيئًا عجيبًا، فقلت: ليس هذا من أخلاق العلماء. فمضيت وتركته، ثمّ نَدِمتُ بعد. قال أبو حاتم: كان يسمّى كاتب إسماعيل بن عيّاش، كما يسّمى أبو صالح كاتب الَّليْث. 114- حمّاد بن حمّاد بن خوار1. أبو النّصر التَّميميّ الضّرير. شيخ معمّر، صَدُوق. روى عن: كامل أبي العلاء، وفُضَيْل بن مرزوق، وأبي بكر النَّهْشَليّ. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وغيرهما. قال أبو حاتم: لقيته بالكوفة سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. وقال يعقوب: سَمِعْتُ منه في بني حرام. 115- حمّاد بن محمد بن مجيب الفزاريّ الأزرق الكوفيّ2.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 135"، والثقات لابن حبان "8/ 206". 2 انظر الضعفاء للعقيلي "1/ 313"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 155"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 599".

أبو محمد. نزيل بغداد. عن: مبارك بن فَضَالَةَ، ومحمد بن طلحة بن مصرِّف، وغيرهما. وعنه: أبو بكر بن أبي الدُّنيا، وصالح جَزَرَة، وأبو القاسم البَغَويّ. وضعّفه جَزَرَة. تُوُفّي سنة ثلاثين ومائتين. أرّخه البَغَويّ، وقال: سمع من الأوزاعيّ، وسمعتُ منه. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ. لَمْ يَصِحُّ حَدِيثُهُ. ثُمَّ سَاقَ لَهُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَتِيقِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ" 1. الْحَدِيثَ. 116- حمّاد بن مالك بن بسطام2. أبو مالك الأشجعيّ الدّمشقيّ الحرستانيّ. عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، والأوزاعيّ، وسعيد بن بشير. وعنه: الوليد بن مسلم، وهو أكبر منه، ومحمد بن عَوْف الحمصيّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، وعثمان الدّارميّ، وأحمد بن إبراهيم البُسْريّ، وطائفة. قال أبو حاتم: أخرج حمّاد بن مالك أربعين حديثًا عن ابن جابر، فأُخْبر أبو مُسْهِر بذلك فأنكره، وقال: لم يُدْرك ابنَ جابر. وسئل أبو حاتم عنه فقال: شيخ. وقال إسحاق بن إبراهيم الهَرَويّ: تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 117- حميد بن المبارك3.

_ 1 الإسناد ضعيف والحديث صحيح: أما من جهة ضعفه وذلك من أجل صاحب الترجمة وأما المتن فقد صح عن أبي هريرة أخرجه أبو داود "3658"، والترمذي "2649"، وابن ماجه "266"، وابن حبان "1/ 297". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 149"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 28"، والثقات لابن حبان "8/ 206". 3 انظر تاريخ بغداد "8/ 160".

عن: أبي إسماعيل المؤّدب. وعنه: إسحاق الخُتُّليّ، والحَسَن بن إسحاق العطّار. مات سنة ثلاثين ومائتين. 118- حيوة بن شريح بن يزيد1 -خ. د. ت. ق. أبو العبّاس الحضرميّ الحمصيّ. عن: أبيه، وإسماعيل بن عيّاش، وبقيّة، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: خ، ود، وت، وق. بواسطة، وأحمد بن حنبل، وأبو محمد الدّارميّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حُمَيْد، وأحمد بن محمد العَوْهيّ، وخلْق. وَثّقَهُ ابن مَعِين، وغيره. وتُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. "حرف الخاء": 119- خالد بن خداش بن عجلان2 -م. ن. أبو الهيثم المهلّبيّ، مولاهم البصْريّ، نزيل بغداد. عن: مالك، وأبي عَوَانة، وبكّار بن عبد العزيز بن أبي بَكْرة، وحمّاد بن زيد، ومهدي بن ميمون، وجماعة. وعنه: م؛ ون. بواسطة، وأحمد بن زُهَير، وابن أبي الدُّنيا، وأبو زُرْعة، وعثمان بن خُرّزاد، وابنه محمد بن خالد، وطائفة. قال أبو حاتم، وغيره: صَدُوق. وقال زَكَريّا السّاجيّ: فيه ضعف.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 306"، والتاريخ الكبير للبخاري"3/ 121"، والثقات لابن حبان "8/ 217"، وتهذيب الكمال للمزي "7/ 482-484". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 347"، والجرح والتعديل "3/ 327"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 146"، والثقات لابن حبان "8/ 225".

قلت: أكثر ما نقموا عليه أنّه ينفرد بأحاديث عن حمّاد بن زيد، ولا يُنْكَر ذلك فإنّه كان ملازمًا له. تُوُفّي في جُمادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وعشرين. 120- خالد بن خلي الكلاعيّ الحمصيّ1 -خ. ن. أبو القاسم قاضي حمص. سمع: بقيّة، ومحمد بن حرب، وَسَلَمَةَ بن عبد الملك العوصيّ، ومحمد بن حمير، وغيرهم. وعنه: خ، ون، بواسطة، وأبو زرعة الدمشقي، ومحمد بن عوف، وابنه محمد بن خالد، وجماعة. قال النسائي: ليس به بأس. قال أبو القاسم عبد الصمد بن سعيد القاضي: سَمِعْتُ سليمان بن عبد الحميد البَهْرانيّ يقول: لمّا وجَّه المأمون إلى أهل حمص ليقدموا عليه دمشق، فوقع اختياره على أربعة: يحيى بن صالح الوحاظي، وأبو اليمان، وعلي بن عياش، وخالد بن خلي. فأدخلوا. فأول من دخل أبو اليمان، فقال له يحيى بن أكثم: ما تقول في يحيى بن صالح؟ قال: أورد علينا من هذه الأهواء شيئًا لا نعرفه. قال: فما نقول في عليّ بن عيّاش؟ قال: رجل صالح لا يَصْلُح للقضاء. قال: فخالد بن خَلِّي؟ قال: أنا أقرأته القرآن. فأمر به فأُخْرِج. ثمّ أُدْخِل يحيى فقال: ما تقول في الحَكَم بن نافع؟ قال: شيخ من شيوخنا مؤدِّب أولادنا. قال: فعليّ بن عيّاش؟ قال: رجل صالح لا يصلُح. قال: فخالد بن خَلِّي؟ قال: عنّي أخذ العِلْم، وكتب الفقه. فأُخْرِج، وأُدْخِل عليّ بن عيّاش، فحادثه ثمّ قال: ما تقول في الحَكَم بن نافع؟ قال: شيخ صالح يقرأ القرآن.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 327"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 146"، والثقات لابن حبان "8/ 225".

قال: فما تقول في يحيى بن صالح؟ قال: أحد الفقهاء. قال: فخالد؟ قال: رجل من أهل العِلْم. ثمّ أخذ يبكي، فكثُر بكاؤه، ثمّ أُخْرِج، وأُدْخِل خالد بن خَلِّي، فقال له: ما تقول في أبي اليَمَان الحَكَم؟ قال: شيخنا وعالمنا ومَنْ قرأنا عليه القرآن. قال: فما تقول في يحيى؟ قال: أحد فقهائنا، ومَنْ أخذنا عنه العِلْم والفقه. قال: فما تقول في عليّ بن عيّاش؟ قال: رجل من الأبدال، إذا نزلتْ بنا نازلةٌ سألناه، فدعا الله تعالى فكشفها. وإذا أصابنا القَحْطُ سألناه، فدعا الله، فأسقانا الغيث. ثمّ عمد يحيى بن أكثم إلى سترٍ رقيق بينه وبين المأمون فرفَعه، فقال له المأمون: يا يحيى، هذا يصلُح للقضاء فَولِّه. فأمر بالخِلَع فَخُلِعَتْ عليه، وولّاه القضاء. 121- خالد بن نزار بن المغيرة1 -د. ن- أبو يزيد الأيليّ. عن: الأوزاعيّ، وإبراهيم بن طَهْمان، ونافع بن عُمَر، ومالك بن أنس، وجماعة. وعنه: ابنه طاهر بن خالد، وأحمد بن صالح المصريّ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وهارون بن سعيد الأَيْليّ، وخلْق آخرهم مقدام بن داود الرُّعَيْنيّ. وكان ثقة. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. قال الدانيّ: روى القراءة عَرْضًا، وسماعًا عن نافع بن أبي نُعَيْم. 122- خالد بن هياج بن بِسْطام الهَرَويّ2. عن: أبيه. وعنه الحسين بن إدريس، ومحمد بن عبد الرحمن السّاميّ، وآخرون. تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين بهراة.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 223"، والأنساب "1/ 404"، وتهذيب الكمال للمزي "8/ 184، 185". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 225"، وميزان الاعتدال "1/ 644"، ولسان الميزان للحافظ "2/ 388".

123- خالد بن يزيد1 أبو الوليد العَدَويّ العُمَريّ المكّيّ. وقيل: كنيته أبو الهيثم. روى عن: سَلَمَةَ بن وَرْدان، وابن جُرَيْج، وسفيان الثوري، وابن أبي ذئب، وعمر بن صهبان، وأبي الغصن ثابت ابن قيس، وإبراهيم بن سعد. وعنه: علي بن حرب، ومحمد بن عوف الطائي، وقطن النيسابوري، وأحمد بن بكر البالسي، ومحمد بن علي بن زيد الصائغ، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وآخرون. وسئل عنه ابن معين، فلم يعرفه. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابع عليه. وقال مرّة: عامّة أحاديثه مناكير. وضعّفه موسى بن هارون وقال: مات سنة تسعٍ وعشرين بمكة. وقد فرّق بينهما ابن عَديّ، فذكرَ أولًا: أبا الوليد، فقال فيه: العدويّ. وقال في الثاني: يُكَنَّى أبا الهيثم العُمَريّ. قلت: ما كَنَّاهُ غير هشام بن عمّار، بها. وذكره ابن حِبّان، وقال: يروي الموضوعات عن الأثبات. وصَدَقَ والله ابنُ حِبّان، فقد سَرَدَ له ابن عَديّ جملةً واهية. ومنها: عن ابن جريج، عن ابن عبّاس: مَن حفظ على أمّتي أربعين حديثًا2. 124- خِداش بن الدَّخْداخ بن الفَنْجلاخ. عن: مالك بن أنس، وابن لَهِيعَة. وعنه: أحمد بن داود المكّيّ، ومحمد بن غالب تمتام، وغيرهما.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 360"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 184"، والتاريخ الصغير له "225"، والمجروحين لابن حبان "1/ 284". 2 حديث ضعيف: أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 890، 5/ 1799، 6/ 2227"، والخطيب في تاريخه "6/ 322"، وابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 118"، وفي إسناده صاحب الترجمة وللمزيد انظر المطالب العالية "3076"، وتلخيص الحبير "3/ 93".

125- الخضر بن محمد بن شجاع1 -ن- أبو مروان الحرّانيّ، ابن أخي مروان بن شُجَاع. سمع: عمّه، وإسماعيل بن جعفر، وهُشَيْمًا، وابن المبارك، وطائفة. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وإسماعيل بن عبد الله سَمُّوَيْه، وهلال بن العلاء، وآخرون. قال أبو حاتم الرّازيّ: جالسْتُهُ بحَرّان، وذكر أنّ عليه يمينًا أنّه لا يُحَدَّث. كان صَدُوقًا. قلت: تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين. 126- خَلَفُ بن خالد2. أبو المضاء القُرَشيّ، مولاهم المصريّ. روى عن: يحيى بن أيّوب، ونافع بن يزيد. توفي سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. 127- خلف بن محرز. أبو مالك الهذلي المدني. عن: مالك، وحاتم بن إسماعيل، وعبد العزيز الدراوردي، وغيرهم. وكان رضيعا لقاضي مصر هارون بن عبد الله الزهري. قدم مصر وحدَّث بها. روى عنه: سعيد بن عُفَيْر، ويحيى بن عثمان بن صالح. تُوُفّي في ربيع الآخر سنة ثلاثين ومائتين. 128- خَلَفُ بن موسى بن خَلَف العَمّيّ البصْريّ3. عن: أبيه، وحفص بن غياث.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 398، 399"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 221"، والثقات لابن حبان "8/ 231"، وتهذيب الكمال للمزي "8/ 263". 2 انظر تهذيب الكمال للمزي "8/ 283-284"، وتهذيب التهذيب للحافظ "3/ 150". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 372"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 195"، والثقات لابن حبان "8/ 227"، وتهذيب الكمال للمزي "8/ 298".

عنه: إسماعيل سَمُّوَيْه، والبخاري في كتاب "الأدب" له، وأحمد بن يونس الضَّبّيّ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وجماعة. قال ابن أبي حاتم: مات سنة إحدى وعشرين ومائتين. 129- خَلَف بن هشام بن ثعلب1، وقيل: ابن طالب، بن عُراب -م. د. أبو محمد البغداديّ المقرئ البزار. أحد الأعلام. له قراءة اختارها وأقرأَ بها. وقد قرأ على: سُلَيْم صاحب حمزة. وسمع: مالكًا، وأبا عَوَانة، وأبا شِهاب عبد ربّه الحنَّاط، وحمّاد بن زيد، وأبا الأحْوَص، وشَرِيكًا، وحمّاد بن يحيى الأبحّ، وجماعة. وعنه: م، د، وأحمد، وأبو زُرْعة، وموسى بن هارون، وإدريس بن عبد الكريم الحدّاد، وعرض عليه القرآن، وأحمد ابن أبي خيثمة، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، ومحمد بن إبراهيم بن أبان السراج، وابنه محمد ابن خلف، ووراقه أحمد بن إبراهيم، وآخرون. قال أبو عمرو الداني: إنه قرأ أيضًا على أبي يوسف يعقوب الأعشى، وروى الحروف عن إسحاق المسيّبيّ، ويحيى بن آدم. روى عنه القراءة عَرْضًا: أحمد بن يزيد الحَلْوانيّ؟، وإدريس بن عبد الكريم، ومحمد بن الْجَهْم، وَسَلَمَةُ بن عاصم، وأحمد بن زُهَير، ومحمد بن واصل، وأحمد بن إبراهيم الورّاق، ومحمد بن يحيى الكِسائيّ، وجماعة لا يُحْصَون كَثْرةً. قال حمدان بن هاني المقرئ: سَمِعْتُ خَلَفًا البزّار يقول: أَشْكَلَ عليّ بابٌِ من النَّحْو، فأنفقت ثمانين ألف درهم حتّى حذقته. وقال عبد الملك بن حُمَيْد الميمونيّ: قال رجل لأبي عبد الله: ذهبت إلى خَلَف البزّار أعِظُه، بلغني أنّه حدَّث بحديث أبي الأحْوَص، عن عبد الله: ما خلْق الله شيئًا أعظم -كذا. فقال أبو عبد الله: ما كان ينبغي له أن يحدِّث بهذا في هذه الأيّام.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 348"، والجرح والتعديل "3/ 372"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 196"، والصغير له 231"، والثقات لابن حبان "8/ 228".

قلت: يعني أيّام المحنة. وَالْحَدِيثُ: "مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ وَلَا كَذَا أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ"1. قال أحمد بن حنبل لمّا أوردوا عليه هذا يوم المحنة: إنّ الخلق هاهنا وقع على السّماء والأرض، وهذه الأشياء لا على القرآن. قلت: وَثّقَهُ ابن مَعِين، والنَّسائيّ. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كان عابدًا فاضلًا. وقال: أعدتُ الصّلاة أربعين سنة كنت أتناول فيها الشراب على مذهب الكوفيّين. وقال الحسين بن فَهْم: ما رأيت أنبل من خَلَف بن هشام. كان يبدأ بأهل القرآن، ثمّ يأذن لأصحاب الحديث. وكان يقرأ علينا من حديث أبي عَوَانة خمسين حديثًا. وقيل: إنّ خَلَفًا كان يسردُ الصَّوم. وقد وقع لي حديثه بعُلُوّ: ثنا المؤمَّل بن محمد، وغيره قالوا: أنبأ الكِنْديّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الخطيب، أنا عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بشران، أنا عثمان بن أحمد الدّقّاق: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسّان الأنماطيّ: سَمِعْتُ أحمد بن إبراهيم ورّاق خَلَف بن هشام أنّه سمع خَلَفًا يقول: قدمتُ الكوفة فصرتُ إلى سُلَيم بن عيسى، فقال لي: ما أقْدَمَك؟ قلت: أقرأ عليّ أبي بكر بن عيّاش. فقال: لا تريده. قلت: بلى. فدعا ابنه وكتب معه رُقْعَة إلى أبي بكر، ولم أدرِ ما كتب فيها. فأتينا منزل أبي بكر. قال ابن أبي حسّان: وكان لخَلَف تسعة عشر سنة. فلمّا قرأ الورقة قال: أدخِل الرجل. فدخلتُ وسلَّمت، فصَّعد فيَّ النَّظر، ثمّ قال: أنت خَلَف؟ قلت: نعم. قال: أنت لم تخلّف ببغداد أحدًا أقرأ منك.

_ 1 أخرجه الترمذي "2884".

فسكتُّ، فقال لي: اقعد، هات اقرأ. قلت: عليك؟ قال: نعم. قلت: لا والله، لا أقرأ على رجل يستصغر رجلًا من حَمَلَةِ القرآن. ثمّ خرجت، فوجّه إلى سُلَيم يسأله أن يردّني، فأبيت. قال: ثمّ ندِمتُ، واحتجت، فكتبت قراءة عاصم، عن يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عيّاش. تُوُفّي في سابع جُمادى الآخرة سنة تسعٍ وعشرين، ووُلد سنة خمسين ومائة. وقال النّقاش: قال يحيى الفحّام: رأيت خلف بن هشام بن ثعلب في المنام، فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غَفَرَ لي. 130- خَلَفُ بن يحيى المازنيّ البخاريّ1. قاضي الرَّيّ. قال أبو نُعَيْم الحافظ: ولي قضاء إصبهان، وروى عن: أبي مطيع البَلْخيّ، ومُصْعَب بن سلّام، وإبراهيم بن حمّاد البصْريّ، وعصام بن طليق. وعنه: يحيى بن عبدك القَزْوينيّ، ومحمد بن إسماعيل الإصبهانيّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ. قال أبو حاتم: متروك لا يُشْتَغَل به. كان يكذب. 131- الخليل بن زياد المحاربيّ الكوفيّ الخوّاصّ2. كوفيّ سكن دمشق. سمع: عَمْرو بن أبي المِقْدَام ثابت، وعليّ بن مُسْهِر، وأبا بكر بن عيّاش، وغيرهم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 372"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 256"، والوافي بالوفيات "13/ 358"، وميزان الاعتدال "1/ 663". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 381"، وتهذيب الكمال للمزي "8/ 337، 338"، وتهذيب التهذيب "3/ 167".

وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حاتم. ويُحتمل أن يكون هو الذي روى "د" في الدِّيات، عن محمد بن يحيى، عن خليل، عن محمد بن راشد، فالله أعلم. "حرف الدال": 132- داود بن سليمان الْجُرْجَانيّ1. عن: سليمان بن عمرو النّخعيّ، وعمرو بن جُمَيْع. وعنه: أحمد بن مِهْران الإصبهانيّ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وغيرهما. رماه ابن معين بالكذب. 133- داود بن شبيب2 -خ. د. ق- أبو سليمان الباهليّ البصريّ. عن: همّام بن يحيى، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وحبيب بن أبي الْجَرْميّ، وعُبَيْدة بن أبي رائطة، وجماعة. وعنه: خ، ود، وق. عن رجلٍ عنه، والذُّهَليّ، وأبو قِلابة الرِّقاشيّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وحنبل بن إسحاق، وأحمد بن داود المكّيّ، ومحمد بن الضُّرَيْس، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، وهشام بن عليّ السِّيرافيّ، وخلْق. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال غيره: مات لسبعٍ خَلَوْن من رمضان، قاله البخاريّ، سنة اثنتين أو ثلاث وعشرين ومائتين. 134- داود بن أبي طَيْبة المقرئ. أبو سليمان المصريّ. اسم أبيه هارون بن يزيد، مولى آل عُمَر بن الخطّاب. قرأ القرآن على وَرْش، وهو من جِلَّة أصحابه، وعَرَضَ على عليّ بن كيسة على سُلَيم صاحب حمزة، فيما قيل.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 413"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 263"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 8". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 303"، والجرح والتعديل "3/ 415"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 243"، والثقات لابن حبان "8/ 235".

قرأ عليه: ابنه عبد الرحمن، وموسى بن سهل، والحسين بن عليّ بن زياد، وعُبَيْد بن محمد البزّاز، والفضل ابن يعقوب الحمراويّ، وغيرهم. تُوُفّي في شوّال سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 135- داود بن عَمْرو بن زهير بن حَميل1 على الصّحيح، وقيل: ابن حُمَيل بحاء مضمومة -م. س- أبو سليمان الضَّبّيّ البغداديّ. وضبّة هو ابن أدّ بن طابخة بن الياس. روى عن: جُوَيْرية بن أسماء، وحمّاد بن زيد، وإسماعيل بن عيّاش، وشَرِيك، وأبي الأحْوَص، وعبد الجبّار بن الورد، ونافع بن عُمَر الْجُمَحيّ، وأبي معشر، ونجيح السندي، وأبي شهاب الحناط، وخلق كثير. وعنه: م، ون. بواسطة، وأحمد بن حنبل، وإبراهيم الحربيّ، وعثمان بن خُرَّزاذ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وأبو العلاء محمد بن أحمد الوكيعيّ، وأبو القاسم البغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وطائفة. قال أبو الحَسَن محمد بن العطار: رأيت أحمد بن حنبل يأخذ لداود بن عَمْرو بالرِّكاب. قال ابن مَعِين: ليس به بأس. وقال البغويّ: ثنا داود بن عَمْرو بن زُهَير الثّقة المأمون. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ حَدِيثَيْنِ، وَوَقَعَ لِي حَدِيثُهُ بِعُلُوٍّ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عبد الله، وأنا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَرِيكٍ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، أَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَرْبُ خُدْعَةٌ" 2. تُوُفّي في ربيع الأول سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 349"، والجرح والتعديل "3/ 420"، والتاريخ الكبير "3/ 236"، والثقات لابن حبان "8/ 236". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6/ 110"، ومسلم "1739"، وأبو داود "2636"، والترمذي "1675".

136- داود بن نوح السِّمسار الأشقر1. عن: حمّاد بن زيد، وغيره. وعنه: محمد بن إسحاق الصَّنْعانيّ، والحارث بن أبي أُسَامة، وغيرهما. تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 137- دِرْهَمُ بن مُظاهر الأصبهانيّ2. حجّ ثلاثين حَجّة، وكان على المسائل بالبلد. يروى عن: عبد العزيز بن مسلم، وأبي صَدَقَة الْجُدّيّ. وعنه: أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وإسماعيل بن عبد الله سَمُّوَيْه، وحَجَّاج بن يوسف بن قُتَيْبة، ويحيى بن مُطَرِّف، وعبد الله بن محمد بن النعمان، والإصبهانيون. ولم يذكره ابن أبي حاتم في كتابه. 138- دينار3. أبو مِكْيَس الحبشيّ. شيخ كبير زعم أنّه مولى لأنس بن مالك، وأنّه سمع منه. روى عنه: محمد بن موسى البربريّ، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وغيرهما. وهو ساقط متروك باتّفاق. تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. روى الطَّبرانيّ في مُعْجَمه، عن محمد بن أحمد البصْريّ القَصّاص: ثنا دينار، عن أنس، فذكر حديثًا. وممّن روى عنه عيسى بن يعقوب الزَّجّاج شيخ أبي بكر بن شاذان، وأحمد بن محمد بن غالب غلام خليل. ذكره ابن عَديّ في "كامله" وقال: مُنْكَر الحديث ذاهب، شبه مجهول.

_ 1 انظر أخبار القضاة لوكيع "2/ 19"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 365، 366"، والكامل في التاريخ "7/ 9". 2 انظر طبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 289-191". 3 انظر المجروحين لابن حبان "1/ 295"، وتاريخ بغداد الخطيب "8/ 381، 382"، والكامل لابن عدي "3/ 976"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 30، 31".

"حرف الراء": 139- رجاء بن السِّنْديّ1. أبو محمد الإسفرائينيّ. من كبار أصحاب الحديث، لكنّه مات قبل أن ينتشر ذِكْره. وقد حدَّث عن: أيّوب بن النجّار، وأبي خالد الأحمر، وعبد الله بن وهب، وطائفة كبيرة. وعنه: أحمد بن حنبل، وأبو عبد الله البخاريّ، ومحمد بن محمد بن رجاء السِّنْديّ حفيده، وجماعة. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين، وليس له شيء في الكُتُب السّتّة. وقال أبو حاتم: صَدُوق، كتبتُ عنه. 140- الربيع بن يحيى بن مقسم2 -خ. د. أبو الفضل المرإيّ البصريّ الأشنانيّ. عن: شُعْبَة، ومالك بن مِغْوَلٍ، ومبارك بن فَضَالَةَ، وزائدة، وطائفة. وعنه: خ؛ ود، وحرب بن إسماعيل الكِرْمانيّ، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن محمد التمار، وإسماعيل بن عبد الله سمويه، وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن أيوب بن الضُّرَيْس، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة ثبت. وأما الدارقطني فصرح بضعفه، وقال أيضًا: ليس بقويّ يخطئ كثيرًا. قال الحاكم: سألت الدَّارَقُطْنيّ عنه فقال: روى عَنِ الثَّوريّ، عَنِ ابْنِ المّنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ في الجمع بين الصّلاتين، وهذا يُسقِط مائة ألف حديث. وقال ابن قانع: مات سنة أربعٍ وعشرين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 503"، والثقات لابن حبان "8/ 247"، وتهذيب الكمال "9/ 163، 164". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 471"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 279"، والثقات لابن حبان "8/ 240".

141- رَوْح بن عبد الواحد1. أبو عيسى الحَرّانيّ. عن: خُليد بن دَعْلَج، وزُهَير بن معاوية، وموسى بن أَعْيَن. قال أبو حاتم: كتبتُ عنه بأذنه سنة تسع وعشرين ومائتين وليس هو بالمُتْقِن. "حرف الزاي": 142- زَكَريّا بن سهل المَرْوَزِيّ2. روى عن: ابن المبارك، والنَّضْر بن شُمَيْلٍ، ومَعْن بن عيسى القزّاز، وجماعة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهما. حدث بالري. قال أبو حاتم: صدوق. 143- زكريا بن نافع الأرسوفي3. روى عن: السِّرِيّ بن يحيى، ومالك بن أنس، ومحمد بن مسلم الطّائفيّ، وعباد بن عباد الخواص، ومصعب بن ماهان، وغيرهم. وعنه: يعقوب الفسوي، وعلي بن الحسن السنجاني، ومعاذ بن محمد خشنام النسائي. ذكره هكذا ابن أبي حاتم. ولم يضعفه لا هو ولا أحد. وقد تفرّد بخبر طويل في قصّة سَلْمان الفارسيّ. 144- زَكَريّا بن يحيى بن صالح بن سليمان بن مطر4 -خ. ت. أبو يحيى البلخيّ اللّؤلؤيّ الحافظ الفقيه، أحد الأئمّة. أخذ عن: أبي مطيع الحَكَم بن عبد الله الفقيه، وغيره.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 499، 500"، والثقات لابن حبان "8/ 243"، والضعفاء للعقيلي "2/ 58"، وميزان الاعتدال "2/ 60". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 602". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 594، 595"، والثقات لابن حبان "8/ 252"، والأنساب "1/ 185". 4 انظر الثقات لابن حبان "8/ 254"، وتهذيب الكمال للمزي "9/ 378، 379".

ورحل فأخذ عن: وَكِيع، وعبد الله بن نُمَيْر، وأبي أسامة، وغيرهم. وعنه: خ، وت. عن رجل عنه، وأحمد بن يسار المَرْوَزِيّ، وعبد الصَّمَد بن سليمان، ويحيى بن منصور الهَرَويّ، وجعفر الفِرْيابيّ، وغيرهم. قال الحَسَن بن حمّاد الصّاغانيّ: سمعت قتيبة يقول: فتيان يقول: فتيان خُراسان أربعة: زَكَريّا بن يحيى اللُّؤْلؤيّ، والحَسَن بن شجاع، والدّارميّ، والبخاريّ. وقال ابن حِبّان في كتاب "الثّقات": كان ثقة صاحب سنّة وفضل، ممن يرد على أهل البدع، وهو صاحب كتاب "الإيمان". ذكر أحمد بن يعقوب البَلْخيّ أنّه تُوُفّي عند قُتَيْبة ببغْلان، يوم الأحد، لخمسٍ بقين من ذي الحجّة، سنة ثلاثين، وهو ابن ستٍّ وخمسين سنة. وقال غيره: تُوُفّي في المحرَّم سنة اثنتين وثلاثين. 145- زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب التَّميميّ1. أمير القيروان وابن أميرها. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 146- زِيرك2. أبو العبّاس الرّازيّ. مولى مُعَاذ بن مُهاصر. سمع: جرير بن عبد الحميد، وعُمَر بن عليّ بن مقدّم، يونس بن بُكَيْر، وطبقتهم. وعنه: أَبُو حاتم، وعلى بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد. قال ابن الْجُنَيْد: شيخ صَدُوق. "حرف السين": 147- سَعْد بْن محمد بْن الْحَسَن بْن عطية بن سعد العوفي3.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "10/ 138"، والعقد الفريد "6/ 34"، والوافي بالوفيات "15/ 18، 19". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 625". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 126، 127"، والأنساب "9/ 90".

عن: أبيه، وسليمان بن قرْم، وفُلَيْح بن سليمان. وعنه: ابنه محمد بن سَعْد، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا. وَثّقَهُ بعضهم. وأمّا أحمد بن حنبل فقال: كان جَهْميًّا. 148- سَعْد بن يزيد الفرّاء1. أبو الحَسَن النَّيْسَابوريّ. عن: إبراهيم بن طَهْمان، ومبارك بن فَضَالَةَ، وموسى بن عليّ بن رباح، وابن لَهِيعَة، وجماعة. وعنه: أيّوب بن الحَسَن، ومحمد بْن عَبْد الوهاب الفرّاء، وعليّ بْن الحَسَن الذُّهَليّ، والحَسَن بن سُفْيان، وداود ابن الحسين البَيْهَقيّ، وآخرون. محلُّه الصِّدْق. 149- سعيد بن أسد بن موسى الأُمَويّ2 المصريّ. أبو عثمان. روى عن: ضَمْرة، ووالده. وله مصنَّفات في فضائل التّابعين رُوِيَت عنه، وكان فاضلًا. مات سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. 150- سعيد أشعث بن سعيد البصْريّ3. عن: أبيه عن أبي الربيع السّمّان، وأبي عَوَانة، وسعيد بن سلمة، وأبي بكر بن شعيب بن الحبحاب، ومحمد ابن دينار. وعنه: أبو زرعة الرازي، وغيره. قال أحمد بن حنبل: ما أراه إلا صدوقا.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 283"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 480، 481". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 5"، والثقات لابن حبان "8/ 271". 3 انظر الطبقات الكبري لابن سعد "7/ 518"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 465"، والصغير له "229"، والثقات لابن حبان "8/ 266".

151- سعيد بن أبي مريم1 - ع. وهو سعيد بن الحَكَم بن محمد بن سالم. أبو محمد الجمحيّ. مولاهم المصريّ، أحد الثّقات. سمع: يحيى بن أيّوب، ونافع بن يزيد، وأُسَامة بن زيد بن أسلم، وأبا غسّان محمد بن مُطَرِّف، ونافع بن عُمَر الْجُمَحيّ، وسليمان بن بلال، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، والَّليْث، ومالكًا، وإبراهيم بن سُوَيْد، وطائفة. وعنه: خ، ثمّ هو والجماعة، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ومحمد ابن عبد الله بن البَرْقيّ، ويحيى بن مَعِين، ويحيى بن أيّوب العلّاف، ويحيى بن عثمان بن صالح، وحُمَيْد بن زَنْجَويْه، وعثمان الدّارميّ، وأحمد بن حَمّاد زُغْبَة، وخلْق كثير. في "التَّهذيب" ترجمة قُدامة بن موسى الْجُمَحيّ أنّه روى عن: أنس، وابن عمر؛ وأنّ سعيد ابن أبي مريم وعثمان بن عُمَر بن فارس، وجماعة رووا عنه وأنه مات سنة 153هـ وما اعتقد أنّ ابن أبي مريم لقي هذا. قال أبو داود: هو عندي حُجّة. وقال أحمد العِجْليّ: ثقة. كان له دِهْلِيز طويل، وكان يأتيه الرجل فيقف، فيسلم، فيرُدّ عليه: لا سلَّم الله عليك ولا حَفِظَك، وفَعَل بك. فنقول: ما لهذا؟ فيقول: قَدَرِيٌّ خبيث. ويأتي آخر فيقول: رافضيّ خبيث. ولا يظنّ ذاك إلاّ أنّه ردّ عليه سلامه. ولم أر بمصر أعقل منه ومن عبد الله بن عبد الحَكَم. وقال عثمان الدّارميّ: كنت عنده، فأتاه رجل فسأله أن يُحَدِّثه، فامتنع، وسأله آخر فأجابه. فقال له الأول: سألتك ولم تُجِبْني وأجبت هذا. وليس هذا حقّ العلم.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 518"، والجرح والتعديل "4/ 13، 14"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 465"، والثقات لابن حبان "8/ 266".

فقال: إنْ كنت تعرف السَّيبانيّ من الشَّيْبانيّ، وأبا جمرة من أبي حمزة، حدَّثناك وخَصَصْناك. وقال ابن يونس: كان ابن أبي مريم فقيهًا، ولد سنة أربعٍ وأربعين ومائة، ومات سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 152- سعيد بن زنبور البغداديّ1. عن: فُضَيْل بن عِيَاض، وإسماعيل بن مجالد. وعنه: أحمد بن بِشْر المَرْثَديّ، وأحمد بن عليّ الأبّار، وإدريس بن عبد الكريم الحدّاد. وقال شيخنا أبو الحَجّاج الحافظ: إنّما هو سَعْد. 153- سعيد بن زياد2. مولى الأزْد. ويُعرف بالقَطاس. عدلٌ مصريّ جليل. قال ابن يونس: بلغ ابنَ أبي الَّليْث القاضي عنه كلامٌ، فأسقط شهادته، وأقامه للنّاس في المسجد، فجاء رجل من الأزْد، فادّعى رقبته، وأتى بشهود ملفَّقين، فشهِدوا له بذلك. فحكم القاضي بشهادتهم، وأمَر فنوديَ عليه، فبلغ دينارًا واحدًا، فاشتراه القاضي ابن أبي الَّليْث وأعتقه. قاله يحيى بن عثمان بن صالح. وقال: حضرت ذلك. وقد روى عنه يحيى أيضًا. وسمعت أبا جعفر الطَّحاويّ يقول: ما رُئيَ أمرٌ كان أوحش من أمر القَطاس، ولا شهادة زورٍ كانت مثلها. لقد أخبرني جماعة ممّن حضر أمره أنّ الشّهود كانوا شُهود زورٍ. قال ابن يونس: لزِم منزله، فلم يخرج منه حَتّى توفّي سنة خمسٍ وعشرين ومائتين.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 267"، والإكمال "4/ 190". 2 انظر الولاة والقضاة "244، 456".

154- سعيد بن سابق الرشيديّ الأزرق1. مصريٌّ معروف، يُكنّى أبا عثمان. يروي عن: حَيْوَة بن شُرَيح، وخالد بن حُمَيْد، وغيرهما. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين في ربيع الآخر. 155- سعيد بن سليمان سَعْدَوَيْه الواسطي2 -ع. أبو عثمان الضّبّيّ البزّار، نزيل بغداد. رأى معاوية بن صالح الحضرميّ بمكّة، وسمع: مبارك بن فَضَالَةَ، وحمّاد بن سلمة، وأزهر بن سنان، وسليمان ابن كثير العَبْديّ، وعبد العزيز الماجِشُون، ومنصور بن أبي الأسود، والَّليْث، وعبّاد بن العوّام، وطائفة. وعنه: خ، ود، والباقون بواسطة، والذُّهَليّ، وهلال بن العلاء، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن يحيى الحُلْوانيّ، وخَلَف بن عَمْرو العُكْبَرِيّ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وعثمان بن خُرَّزاذ، وخلْق. ذكره أحمد بن حنبل وقال: كان صاحب تصحيف ما شئت. وقال أبو حاتم: ثقة مأمون، لعلّه أوثق من عَفَّان. وقال صالح بن محمد جَزَرَة: سَمِعْتُ سعيد بن سليمان، وقيل له: لم لا تقول ثنا؟ فقال: كلّ شيء حدّثتكم به فقد سمعته، ما دلّست حديثًا قطّ. ليتني أحدّث بما قد سَمِعْتُ. وسمعته يقول: حججتُ ستّين حَجَّة. وقال الخطيب: كان سَعْدَوَيْه من أهل السنة، وأجاب في المحنة، يعني تقيَّة. وقال أحمد بن عبد الله العِجْليّ: قيل لسعدويه بعد ما انصرف من المحنة: ما فعلتم؟ قال: كَفَرْنا ورجعنا.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 263"، والأنساب "6/ 124". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 340"، والجرح والتعديل "4/ 26"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 481"، والثقات لابن حبان "8/ 267".

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ، نزل بغداد، وتَجَرَ بها، وتُوُفّي بها في رابع ذي الحجّة سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. ورُوِيَ أنّ سَعْدَوَيْه عاش مائة سنة. 156- سعيد بن سليمان بن خالد1. ابن بنت نشيط الدِّيليّ النَّشيطيّ البصْريّ. عن: أبان بن يزيد، وجرير بن حازم، وسَلْم بن زُرَيْر، ودَيْلم بن غَزْوان، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وجماعة. وعنه أبو زُرْعة وأبو حاتم، وأحمد بن داود المكّيّ، والعبّاس بن الفضل الأسفاطيّ، وعثمان بن عمر الصّبّيّ، وجماعة. قَالَ أبو دَاوُد: لَا أحدث عَنْهُ. وكان أبو حاتم لا يرضاه وقال: فيه نظر. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عنه فقال: نسأل الله السّلامة، وحرَّك رأسَهُ وقال: ليس بالقويّ. - سعيد بن يحيى سَعْدَوَيْه الأصبهانيّ2. يأتي إن شاء الله. 157- سعيد بن شبيب3 -د- أبو عثمان الحضرمي المصري. عن: مالك، ويحيى بن أبي زائدة، وخَلَف بن خليفة، وبقيّة، وجماعة. وعنه: د، وعبد الكريم الديرعاقولي، وأبو حاتم، وأبو إسحاق الجورجاني، وجماعة. وكان شيخا صالحا مقبولا، حدَّث بمصر، وبطرسوس.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 26"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 488، 489"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 142". 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 33"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 498"، وتهذيب التهذيب "4/ 47، 48".

لم يذكره ابن يونس. 158- سعيد بن صُلْح القَزْوينيّ1. سمع: هُشَيْمًا، وعبّاد بن العَوّام، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن أيّوب الرّازيّون. قال أبو حاتم: صَدُوق. 159- سعيد بن عبد الملك بن واقد2. أبو عثمان الأسديّ الحَرّانيّ، أخو أحمد بن عبد الملك. سمع: أبا المَلِيح الرَّقّيّ، ومحمد بن سَلَمَةَ الباهليّ. وعنه: محمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ، وغيره. قال أبو حاتم: يتكلمون فيه، ورأيت فيما حدّث أحاديث كذبًا. 160- سعيد بن عمرو3 -د- أبو عثمان الحضرميّ الحمصيّ البابوسيّ. عن: إسماعيل بن عيّاش، وبقيّة. وعنه: د، وعبد الكريم الديرعاقولي، ومحمد بن عوف الطائي، وآخرون. قال أبو حاتم: شيخ. 161- سعيد بن عمرو بن سهل بن إسحاق بن محمد بن الأشعث بن قيس4 -م. ن- أبو عثمان الكنديّ الأشعثيّ الكوفيّ. عن: حمّاد بن زيد، وعَبْثَر بن القاسم، وابن المبارك، وجماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 34". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 45"، والثقات لابن حبان "8/ 267"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 150". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 51"، وتهذيب الكمال للمزي "11/ 24، 25"، وتهذيب التهذيب "4/ 68، 69". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 415"، والجرح والتعديل "4/ 51"، والثقات لابن حبان "8/ 267".

وعنه: م، ون، عن رجل، عنه، وبقيّ بن مَخْلَد، وأبو زُرْعة، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وعثمان بن خُرَّزاذ، وآخرون. وَثّقَهُ أبو زُرْعة، وغيره. وقال مُطَيِّن: مات في صفر سنة ثلاثين. 162- سعيد بن عُفَيْر1. هو سعيد بن كثير بن عُفَيْر بن سَلْم بن يزيد. أبو عثمان الأنصاريّ، مولاهم المصريّ. سمع: يحيى بن أيّوب، ومالكًا، والَّليْث، وابن لَهِيعَة، وسليمان بن بلال، ويعقوب بن عبد الرحمن، وجماعة. وعنه: خ، وم، ون. عن رجل عنه، وعبد الله بن حماد الآمُليّ، وأبو الزِّنّباع رَوْح بن الفرج القطّان، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأحمد بن حمّاد زُغْبَة، وأحمد بن محمد الرّشْدينيّ، وطائفة. قال ابن عَديّ: سَمِعْتُ ابن حمّاد يقول: قال السَّعْديّ: فيه غير لون من البِدع، وكان مخلّطًا غير ثقة. قال ابن عَديّ: وهذا الذي قاله السَّعْديّ لا معنى له. ولم أسمع أحدًا ولا بلغني عن أحد كلام في سعيد بن عُفَيْر، وهو عند النّاس ثقة. وقد حَدَّث عند الأئمة، إلّا أن يكون السَّعْديّ أراد به سعيد بن عُفَيْر آخر. وقال أبو حاتم: كان يقرأ من كُتُب النّاس، وهو صَدُوق. وقال ابن يونس: كان سعيد من أعلم النّاس بالأنساب والأخبار الماضية، وأيّام العرب، والتَّواريخ، وكان في ذلك كله شيئًا عجبًا. وكان مع ذلك أدبيًا فصيحًا، وحسن البيان، حاضر الحجّة، ولا تُمَلّ مجالسته، ولا ينزف علمه، وكان شاعرًا مليح الشّعر.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 59"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 514"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 47"، وتهذيب الكمال للمزي "11/ 45-47".

وكان عبد الله بن طاهر لمّا قدم مصرَ رآه، فأعجبه وأُعجب به، واستحسن ما يأتي به. وكان يلي نقابة الأنصار والقَسْم عليهم، وله أخبار مشهورة. وُلِدَ سنة ستٍّ وأربعين ومائة. وحدَّثني محمد بن موسى الحضرميّ، نا عليّ بن عبد الرحمن: ثنا سعيد بن كثير بن عُفَيْر قال: كنّا بقُبّة الهَوَى عند المأمون، فقال لنا: ما أعجب فِرْعَونُ من مصر حيث يقول: أليس لي مُلْك مصر؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ الذي ترى بقيّة ما دُمِّر، لأنّ الله تعالى قال: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُون} [الأعراف: 137] قال: صدقت. ثمّ أمسك. وقال ابن يونس في مكان آخر: وهذا الحديث ممّا أُنْكِر على سعيد بن عفير، ما رواه عن ابن لَهِيعَة إلّا هو. وكذا أُنْكِر عليه حديث آخر رواه عن ابن لَهِيعَة. مات سنة ستٍّ وعشرين. قال غيره: لسبعٍ بقين من رمضان. 163- سعيد بن محمد بن سعيد الجرميّ الكوفيّ1 -خ. م. د. ق- أبو عبيد الله. عن: شَرِيك، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، وحاتم بن إسماعيل، وعَمْرو بن أبي المِقدام، وعَمْرو بن عطيّة العوفي، وأبي يوسف القاضي، ويعقوب بن أبي المتين خال سُفْيان بن عُيَيْنة. وعنه: خ، وم، ود، وق، عن رجلٍ، عنه، ومحمد بن يحيى، وأبو زُرْعة، وابن أبي الدُّنيا، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وإبراهيم الحربيّ، وإبراهيم بن عبد الله بن أيّوب المخرّميّ، وآخرون. سُئِل أحمد عنه فقال: صَدُوق، كان يطلبُ معنا الحديث. وقال أبو داود: ثقة. وقال غيره: كان شيعيًا.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 502"، والجرح والتعديل "4/ 68"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 516"، والثقات لابن حبان "8/ 268".

قال إبراهيم بن المخزوميّ: كان إذا قدم بغداد نزل على أبي، وكان إذا جاء ذِكْر النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ربّما سكت. وإذا جاء ذِكْر عليّ قال: -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 164- سعيد بن منصور بن شُعْبَة1 -ع. الحافظ الحُجَّة، أبو عثمان الخراسانيّ المَرْوَزِيّ، ويقال: الطّالْقانيّ. قيل: إنّه نشأ ببلْخ، ورحل وطوَّف، وصار مِن الحُفّاظ المشهورين والعلماء المتقنين. وجاور بمكة. سمع: مالكًا، والَّليْث، وفُلَيْح بن سليمان، ومهديّ بن ميمون، وإسماعيل بن زَكَريّا، وحمّاد بن زيد، وخالد بن عبد الله، وحفص بن ميسرة، وأبا الأحْوَص، وعُبَيْد الله بن إياد، و"علي بن" المَدِينيّ، وأبا عَوَانة، وخلْقًا. وعنه: م، ود، ود. أيضًا والباقون بواسطة، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور الكلبيّ، والأثرم، وأحمد بن نَجْدة الهَرَوِيّ، وبِشْر بن موسى، والحسين بن إسحاق التُّسْتَريّ، وخَلَف بن عَمْرو العُكْبرِيّ، والعبّاس الأسفاطيّ، وأبو شُعَيْب الحَرّانيّ، ومحمد بن عليّ الصّائغ، وخلْق كثير. قال سَلَمَةُ بن شَبِيب: ذكرته لأحمد بن حنبل فأحسن الثّناء عليه وفخَّم أمره. وقال أبو حاتم: ثقة، من المتقنين الأثبات ممّن جمع وصَنَّف. وكذا أثنى عليه جماعة. وقال حرب الكرمانيّ: أملى علينا نحوًا من عشرة آلاف حديث مِن حفظه، ثمّ صنَّف بعد ذلك الكُتُب. وكان موسَّعًا عليه. وقال حنبل: سألتُ أبا عبد الله عنه فقال: من أهل الفضل والصِّدق. وقال الكَلاباذيّ: وُلِدَ سعيد بجَوْزَجان، ونشأ ببَلْخ. قال سَلَمَةُ بن شَبِيب: وقد كنتُ أسمع سليمان بن حرب يُنكر على سعيد بن منصور الشيء، وكذلك كان الحُمَيْدي يُنكر عليه، ويُخَطِّئه في بعض ما يروى عن سُفْيان. ولم يكن الذي بينه وبين الحُمَيْديّ حسن. فسمعتُ سعيدًا يقول: لا تسألوني عن حديث حمّاد بن زيد، فإنّ أبا أيّوب يجعلنا على طبق، ولا تسألونا عن حديث سُفْيان، فإنّ هذا الحُمَيْديّ يجعلنا على طبق.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 502"، والجرح والتعديل "4/ 68"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 516"، والثقات لابن حبان "8/ 268".

وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل مَن بمكة؟ قال: سعيد بن منصور. قلت: مَن نَظَرَ سُنن سعيد بن منصور عرف حِفْظَ الرجل وجلالته. قال يعقوب الفَسَويّ: سمعت الحميدي يقول: كنت بمصر، وكان لسعيد بن منصور حلقة بمصر في مسجدها. قال الفَسَويّ: كان سعيد إذا رأى في كتابه خطًا لم يرجع عنه. وقال ابن سَعْد، وأبو داود، ومُطَيِّن، وحاتم بن الَّليْث: مات سنة سبعٍ وعشرين. قال ابن يونس: مات بمكّة في رمضان سنة سبعٍ. وقال بعضهم: سنة ستٍّ، وهو غَلَط. وقال بعضهم: سنة تسعٍ، وهو غلط أيضًا. 165- سعيد بن يحيى الأصبهانيّ1. سَعْدَوَيْه الطّويل. عن: مسلم بن خالد الزّنجيّ، وإسماعيل بن جعفر، وأبي بكر بن عيّاش، وَسَلَمَةَ بن صالح. وعنه: إسماعيل سَمُّوَيْه، وعبد الله بن محمد بن زَكَريّا، وأحمد بن مساور، ومحمد بن خَلَف التَّيْميّ، وغيرهم من الأصبهانيّين. قال أبو نُعَيْم الحافظ: صَدُوق. 166- سَلْم بن قادم2. أبو الَّليْث. حدَّث ببغداد عن: سُفْيان، وبقيّة بن الوليد، ومحمد بن حرب، وغيرهم. وعنه: صالح بن محمد جَزَرَة، وموسى بن هارون، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 75"، والثقات لابن حبان "8/ 270"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 163، 164". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 351"، والجرح والتعديل "4/ 268"، والثقات لابن حبان "8/ 297"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 145، 146".

167- سَلْم بن المغيرة1. عن: أبي بكر بن عيّاش، وغيره. وعنه: عُمَر بن حفص السَّدُوسيّ، وجماعة. تُوُفّي سنة ثمانٍ أيضًا. 168- سَلَمَةُ بن حِبّان العَتَكيّ البصْريّ2. عن: عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعَرْعرة بن البِرنْد، وجماعة. وعنه: يوسف القاضي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وآخرون. 169- سليمان بن حرب بن بجيل3 -ع- أبو أيّوب الأزذيّ الواشجيّ البصريّ، قاضي مَكّة. سمع: شُعْبَة، والحَمَّادَيْن، وجرير بن حازم، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، ومبارك بن فضالة، ملازم بن عَمْرو، وحَوْشَب بن عُقَيْل، ووُهَيْب بن خالد، والأسود بن شَيْبان. وعنه: خ، ود، ود. أيضًا والباقون، عن رجلٍ، عنه، ويحيى القطّان، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن رَاهَوَيْه، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، والحارث بن أبي أُسَامة، وإبراهيم الحربيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وعثمان بن خُرَّزاذ، وخلْق. قال أبو حاتم: هو إمام لا يدلّس ويتكلّم في الرجال. قرأ الفقه، وليس هو بدون عفّان. وقد ظهر من حديثه نحو عشرة آلاف حديث، وما رأيت في يده كتابًا قطّ. وحضرت مجلسه ببغداد فحزروا الحاضرين بأربعين ألفًا. بني له شبه منبر بجنب قصر المأمون، فصعده، وحضر المأمون والقوّاد. وكان المأمون في القصر قد أرسل سترًا شفّ، وبقي يكتب ما يملي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 146، 147". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 159"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 327"، والثقات لابن حبان "8/ 287". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 300"، والجرح والتعديل "4/ 108، 109".

قال: فسئل سليمان أوّل شيء "حديث حوشب بن عقيل" فلعله قد قال: ثنا حَوْشَب بن عُقَيْل أكثر من عشر مرّات، وهم يقولون: لا نسمع. ثمّ قالوا: ليس الرأي إلّا أن نُحضر هارون المُسْتَملي. فأحضروه. فلمّا قال: من ذكرت رَحمك الله. إذا صوته خلاف الرَّعْد. فسكتوا، وقعد المستملون كلُّهم. واستملى هارون، وكان لا يسأل سليمان عن حديث إلّا حدَّث من حِفْظه. فقمنا من مجلسه فأتينا عَفَّان، فقال: ما حدّثكم أبو أيّوب؟ وإذا هو يعظّمه. وقال الفَسَويّ: سَمِعْتُ سليمان بن حرب يقول: سَمِعْتُ الحديث في سنة ثمانٍ وخمسين ومائة. قال: مولده سنة أربعين ومائة. وعن يحيى بن أكثم قال: قال لي المأمون: ومَنْ تَرَكتَ بالبصرة؟ قلت: سليمان بن حرب، حافظ للحديث، ثقة، عامل في نهاية الصّيانة. فأمر بحمله إليه، فقدِم، واتَّفق أنّه كان في مجلس المأمون أحمد بن أبي دُؤَاد، وثُمامة. فكرهتُ أنْ يدخل مثله بحضرتهم. فلمّا دخل رفع المأمون مجلسه، وقال ابن أبي دُؤَاد: يا أمير المؤمنين نسأل الشيخ عن مسألةٍ. فنظر المأمون إلى سليمان نظر تخيير له، فقال سليمان: ثنا حمّاد بن زيد قال: قال رجلٌ لابن شُبْرُمَة: إنّي أريد أن أسألك مسألةٌ. قال: إنْ كانت مسألتُك لا تُضْحِك الجليسَ، ولا تُزْري بالمسئول، فَسَلْ. وثنا وهيب بن خالد قال: قال إياس بن معاوية: مِن المسائل ما لا ينبغي للسّائل أن يسأل عنها، ولا للمسئول أن يجيب فيها. فإنْ كانت مسألته من غير هذا فليسأل. قال يحيى: فهابه القوم، فما نطقَ أحدٌ منهم بكلمة. وقال أحمد بن حنبل: مات سنة أربعٍ وعشرين. زاد غيره: في ربيع الآخرة. ومَن قال سنة تسع فقد غلط وصَحّف. 170- سليمان بن عبد الله بْنُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس الهاشميّ الأمير1.

_ 1 انظر تاريخ خليفة "471، 475"، وتاريخ الطبري "8/ 573"، والوافي بالوفيات "7/ 393، 394".

ولي المدينة واليمن للمأمون، وعزله المعتصم. له ذكر. 171- سنيد بن داود المصّيصي1 -ق- أبو عليّ المحتسب. عن: حمّاد بن زيد، وجعفر بن سليمان الضُّبَعيّ، وابن المبارك، وأبي بكر بن عيّاش، وجماعة. وعنه: أبو بكر الأثرم، وأبو زُرْعة، وأحمد بن أبي خيثمة، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وخلْق سواهم. صدّقه أبو حاتم، وقال أبو داود: لم يكن بذاك. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. ومشاه غيره. وتُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. واسمه حسين، ولَقَبُهُ سنيد. 172- سهل بن بكّار2 -خ. د. ن- أبو بشر البصريّ. عن: شُعْبَة، وجرير بن حازم، ويزيد بن إبراهيم، والسِّرِيّ بن يحيى، وأبان بن يزيد، وجُوَيْريه بن أسماء، وطائفة. وعنه: خ، ود، وأبو زرعة، وأبو حاتم ووثّقه، ومحمد بن محمد التّمّار، وأبو مسلم الكجي، وآخرون. توفي سنة سبعٍ، أو ثمانٍ وعشرين. وروى ن، عن رجلٍ، عنه. 173- سَهْل بن تمام بن بزيع3 -د- أبو عمرو الطّفاويّ البصريّ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 326"، والثقات لابن حبان "8/ 304"، وتاريخ الطبري "1/ 87"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 161-165". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 302"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 103"، والجرح والتعديل "4/ 194"، والثقات لابن حبان "8/ 291". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 194"، والثقات لابن حبان "8/ 290"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 176، 177"، وميزان الاعتدال "2/ 237".

عن: أبيه، وقُرَّةَ بن خالد، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، وعبّاد بن منصور، وصالح بن أبي الجوزاء، وعَمْرو بن سُلَيم الباهليّ، وجماعة. وعنه: د، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعثمان بن حرّزاذ، ومحمد بن محمد التّمّار، وآخرون. قال أبو حاتم: شيخ. وقال أبو زرعة: لم يكن يكذب، وربما وهم في الشيء. 174- سهل بن صقير1 -ق- أبو الحسن البصريّ ثم الخلاطيّ. عن: مالك، والمبارك بن سُحَيم، وإبراهيم بن سَعْد، والدَّرَاوَرْديّ، ويوسف بن عطية وغيرهم. وعنه: سهل بن زَنْجَلَة، وشُعَيْب بن محمد الدُّبَيْلي، وآخرون. قال ابن عَديّ: لم يُحَدِّثنا عنه غير القاسم بن عبد الرحمن الفارقيّ وأرجو أنّه لا يتعمّد الكذب. وقال الخطيب: كان يضع. 175- سهل بن محمد بن الزُّبَيْر العسْكريّ2 -د. ن. نزيل البصرة. سمع: عَبْثَر بن القاسم، ويحيى بن أبي زائدة، وعبد الله بن إدريس. وعنه: د، ون. عن رجلٍ، عنه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأحمد بن محمد الخُزَاعيّ الأصبهانيّ، وجماعة. وَثّقَهُ أبو حاتم. وتُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. قال أبو زُرْعة: كان أكيس من سهل بن عثمان.

_ 1 انظر الكامل لابن عدي "3/ 1278"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 193-195"، وتهذيب التهذيب "4/ 254". 2 الجرح والتعديل "4/ 204"، والثقات لابن حبان "8/ 292"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 200".

176- سهل بن نصر المطبخيّ1. عن: حمّاد بن زيد، وجعفر بن سليمان، وخَلَف بن خليفة. وعنه: عباس الدوري، وأحمد بن أبي خيثمة، وآخرون. ما علِمتُ فيه مقالًا. 177- سيدان بن مُضارب الباهليّ البصْريّ2. عن: حماد بن زيد، ويزيد بن زُرَيْع، وغيرهما. وعنه: خ، وأبو حاتم، وهلال بن العلاء، وجماعة. قال أبو حاتم: صَدُوق. قلت: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين. "حرف الشين": 178- شاذ بن فياض3 -د. ن. أبو عبيدة اليشكريّ البصريّ، واسمه هلال. وشاذ أعجمي معناه الفرمان، وذاله مُخَفَّفة، وقيل مُشَدَّدة. عن: هشام الدَّسْتُوائيّ، وشُعْبَة، والثَّوريّ، وعِكْرِمة بن عمّار، وجماعة. وعنه: د، ون. عن رجل عنه، والفلّاس، ومحمد بن المُثَنَّى، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن داود المكّيّ، وحنبل بن إسحاق، ومحمد بن حيّان المازنيّ، ومحمد بن أيّوب الضّريس، وأبو خليفة الجمحيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق ثقة. وقال البخاري: مات سنة خمسٍ وعشرين ومائتين.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 116"، والأنساب "11/ 359". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 327"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 216"، والثقات لابن حبان "8/ 306"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 319". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 78"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 211"، والمجروحين لابن حبان "1/ 363"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 339-341".

179- شاذ بن يحيى الواسطيّ1. عن: وَكِيع، ويزيد بن هارون. وعنه: عبّاس بن عبد العظيم العَنْبَريّ، وتميم بن المنتصر، وأحمد بن سِنَان، وأبو بكر الأَعَيْن، وعبّاس التُّرْقُفيّ، ومحمد بن عبد العزيز الدِّينَوَريّ، وطائفة. 180- شجاع بن أشرس2. أبو العبّاس البغداديّ. عن: عبد العزيز بن الماجِشُون، وقيس بن الربيع، والَّليْث بن سَعْد، ويزيد بن عطاء، وغيرهم. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأحمد بن عليّ الخزّاز، وجماعة. قال ابن مَعِين: ليس به بأس. 181- شُرَيح بن مَسْلَمَة التَّنُوخيّ الكوفيّ3. عن: إبراهيم بن يوسف السَّبِيعيّ، وشَرِيك القاضي، ومَنْدَل بن عليّ، وغيرهم. وعنه: أحمد بن عثمان بن حكيم، وأبو حاتم الرّازيّ، وقال: صَدُوق. وقد روى البخاريّ: والنَّسائيّ، عن رجلٍ، عنه. وتوفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 182- شعيب بن محرز بن شُعَيْث بن زيد بن أبي الزَّعْراء4. أبو محمد الكوفيّ، ثمّ البصْريّ. سمع: شُعْبَة، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم الرازّيان، وأبو خليفة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 392"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 341، 342"، وسير أعلام النبلاء "10/ 434". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 379"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 250، 251". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 335"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 230"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 448-450"، وتهذيب التهذيب للحافظ "4/ 329". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 386"، والثقات لابن حبان "8/ 315"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 279".

قال أبو حاتم: شيخ. واسم أبي الزَّعْراء: عبد الله بن هانئ الأزْديّ، صاحب ابن مسعود. مشهور. تُوُفّي شعيث سنة سبعٍ وعشرين. 184- شهاب بن عبّاد1 -خ. م. ت. ن- أبو عمر العبديّ الكوفيّ. سمع: الحَمَّادَيْن، وشَرِيكًا، وإبراهيم بن حُمَيْد الرُّؤاسيّ، وجماعة. وعنه: خ، وم، وت، ون، عن رجلٍ، عنه، وإسماعيل سمويه، وأحمد بن أبي غَرزَة الغِفَاريّ، وإبراهيم بن شَرِيك الأَسَديّ، وآخرون. وكان ثقة ثَبْتًا. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة أربعٍ وعشرين. 184- شهاب بن عبّاد العَبْديّ العصْريّ2. فتابعيّ يروي عن: ابن عبّاس، وابن عُمَر. وعنه: ابنه هود العصري، ويحيى بن عبد الرحمن. لم يخرجوا له. "حرف الصاد": 185- صالح بن إسحاق3. أبو عمر الجرمي البصري النحوي. كان من كبار أئمّة العربية في زمانه، وأروعهم وأخيرهم.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 410"، والجرح والتعديل "4/ 363"، والثقات لابن حبان "8/ 314"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 573-575". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 361"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 234"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 575-576". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 394"، والثقات لابن حبان "8/ 317"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 561-563".

روى عن: عبد الوارث التَّنُّوريّ، ويزيد بن زُرَيْع. وأخذ اللُّغة عن: يونس بن حبيب، وأبي عُبَيْدة. والنحو عن: سعيد بن مَسْعَدَة الأخفش. روى عنه: أحمد بن ملاعب، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، وجماعة. ونال بالأدب المال والجاه والحشمة. قال أبو نُعَيْم الأصبهانيّ: قدِم إصبهان مع فيض بن محمد الثَّقَفيّ، فأعطاه يوم مقدمه عشرة آلاف درهم، وكان يَصِله كلّ سنة باثني عشر ألف درهم. قال المبرد: كان الْجَرْميّ أثبت القوم في كتاب سِيبَويْه، وعليه قرأت الجماعة، وكان عالمًا باللّغة حافظًا لها. وله كتب انفراد بها. وكان جليلًا في الحديث والأخبار. كان أَغْوَص على الاستخراج مِن المازنيّ، وإليهما انتهى عَلْم النَّحْو في زمانهما. قلت: وله مختصرٌ في النَّحْو مشهور، وكتاب "غريب سِيبَويْه"، وكتاب "الأبنية" وكتاب "العَرُوض"، وغير ذلك من التصانيف الأدبية. تُوُفّي سنة خمسٍ وعشرين. وقد قدِم الْجَرْميّ بغداد، وناظَرَ الفرّاء. 186- صالح بن عُبَيْد الله1. مولى بني هاشم. نزل الثَّغْر بمدينة أذَنَة، وحدّث عن: أبي المليح الرَّقّيّ، وسُفْيان بن عُيَيْنة. روى عنه: أبو حاتم الرازي، وغيره. 187- صدقة بن الفضل المروزي2 -خ- أبو الفضل.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 407، 408". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 434"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 298"، والثقات لابن حبان. "8/ 321"، وتهذيب الكمال للمزي "13/ 144-146".

عن: أبي حمزة السُّكَّريّ، وحفص بن غِياث، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وعبد الله بن وَهْب، وطبقتهم. وعنه: خ، ويعقوب الفَسَويّ، وعبيد الله بن واصل البخاري، ومحمد بن نصر المروزي، وأحمد بن منصور زاج، وأبو محمد الدارمي، وأبو الموجه محمد بن عمرو، وآخرون. وكان إماما ثقة صاحب سُنّة. يقال: إنه كان بمرو كأحمد بن حنبل ببغداد. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين، أو سنة ثلاثٍ وعشرين، رحمه الله. وقال عبّاس بن الوليد النَّرْسيّ: كنّا نقول: صدقة بن الفضل بخراسان، وأحمد بن حنبل بالعراق. 188- صفر بن إبراهيم1. أبو الربيع الأزْديّ البخاريّ العابد. سمع من: الفُضَيْل بن عِيَاض، وابن المبارك، وابن عُيَيْنة. روى عنه: محمد بن الفضل المفسّر، وأهل بخارى. وقد اختلف في سكون الفاء من اسمه وحركتها. تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. 189- صَقْر بن عبد الرحمن بن مالك بن مِغْوَلٍ2. أبو بَهْز. حدَّث بواسط عن: شَرِيك، وخالد الطّحّان. وعنه أبو حاتم وقال: صَدُوق. "حرف الضاد": 190- ضرار بن صُرد التَّيْميّ3.

_ 1 انظر الإكمال لابن ماكولا "5/ 194، 195". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 310"، والثقات لابن حبان "8/ 305"، والكامل لابن عدي "4/ 1412"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 317". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 415"، والجرح والتعديل "4/ 465"، والمجروحين لابن حبان "1/ 380".

أبو نُعَيْم الكوفيّ الطّحّان العابد. سمع: إبراهيم بن سَعْد، وعبد الله بن المبارك، وعبد العزيز بن أبي حازم، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن يوسف السُّلَميّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، ومُطَيِّن، وجماعة. قالوا أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ البخاريّ: "متروك"، مع أنّه قد روى عنه في كتاب "أفعال العباد". قال مُطَيَّن: تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين في ذي الحجّة. وقال عليّ بن الحَسَن الهسنْجانيّ: سَمِعْتُ ابن مَعِين يقول: بالكوفة كذّابان: هو، وأبو نعيم النّخغيّ. قُلْتُ: وَمِنْ مَنَاكِيرِهِ مَا رَوَى عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَلِيٍّ: "أَنْتَ تُبَيِّنُ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ بَعْدِي"1، وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ. "حرف الطاء": 191- الطّيّب بن زَبّان2. أبو زَبّان العَسْقلانيّ. عن: زياد بن سَيّار. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم: سَمِعْتُ أبا زُرْعة يقول: أتيته بأحاديث فقلت: يا أبا زَبّان، حَدَّثكم زياد بن سَيّار الكِنانيّ. فقال: يا أبا زَبّان حَدَّثكم زياد بن سيّار الكنانيّ.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن حبان في المجروحين "1/ 380"، وأورده المصنف في الميزان له "3951"، وعلته صاحب الترجمة. 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 498"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 362"، والثقات لابن حبان "6/ 493"، وميزان الاعتدال "2/ 346".

فقلت: أبو زَبّان أنتَ هو. فقال: أبو زَبّان أنتَ هو. فكنت كلّما قلت له شيئًا قال مثله، فوضعتُ يدي على بسم الله الرحمن الرحيم وعلى اسمه، ورأيته، فقال: ثنا زياد بن سَيّار. قال عبد الرحمن: فقلت لأبي زُرْعة: فهذا تحلّ الرواية عنه؟ قال: نعم، هو عندي صَدُوق!. "حرف العين": 192- عاصم بن عليّ بن عاصم بن صهيب1 -خ. ت. ق. أبو الحسين الواسطيّ، مولى قريبة بنت محمد بن الصِّدَّيق أبي بكر التَّيْميّ. سمع: أباه، وعِكْرِمة بن عمّار، وابن أبي ذئب، وعاصم بن محمد العُمَريّ، وشُعْبَة، والمسعوديّ، والقاسم بن الفضل الحدّانيّ، وخلق. وعنه: خ، ون. ق. عَنْ رَجُل، عَنْهُ، وأحمد بن حنبل، وابن عمّه حنبل، وإبراهيم الحربيّ، والدّارميّ، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن يحيى المروزيّ. خلق. حدّث ببغداد مدّة، وعاد إلى واسط، وبها مات. وقد حطّ عليه يحيى بن مَعِين. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: صحيح الحديث، قليل الغلط. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال أبو الحسين بن المنادي: كان مجلسهُ يُحزر ببغداد بأكثر من مائة ألف إنسان. وكان يستملي عليه هارون الدّيك، وهارون مُكْحُلة. وقال عمر بن حفص السَّدُوسيّ: سمعنا من عاصم، فوجَّه المعتصمُ من يحزر مجلسه في رحْبة النَّخْل الّتي في جامع الرُّصافة. وكان يجلس على سطح، وينتشر

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 316"، والجرح والتعديل "6/ 348"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 491، 492"، والثقات لابن حبان "8/ 506".

وينتشر النّاس، حَتّى سمعته يومًا يقول: ثنا الَّليْث بن سَعْد، ويُستعاد. فأعاد أربع عشرة مرة، والناس لا يسمعون. وكان هارون يركب على نَخْلَة مِعْوَجَّة يستملي عليها. فبلغ المعتصمَ كثرة الجمع، فأمر بحزرهم، فوجّه بقطّاعي الغَنَم، فحزروا المجلسَ عشرين ومائة ألف. وعن: أحمد بن عيسى قال: أتاني آتٍ في منامي فقال: عليك بمجلس عاصم بن عليّ فإنّه غيظ لأهل الكُفْر. وكان رحِمه الله ممّن ذَبَّ عن الإسلام في المحنة. فروى الهيثم بن خَلَف الدُّوريّ، أنّ محمد بن سُوَيْد الطّحّان حدثه قال: كنّا عند عاصم بن عليّ، ومعنا أبو عُبَيْد، وإبراهيم بن أبي الَّليْث، وجماعة. وأحمد بن حنبل يُضْرَب. فجعل عاصم يقول: ألا رجل يقوم معي فنأتي هذا الرجل فنكلّمه؟ قال: فما يجبه أحد. ثمّ قال ابن أبي اللّيث: أنا أقوم يا أبا الحسين. فقال: يا غلام خُفّي. فقال ابن أبي اللّيث: يا أبا الحسين، أبلغُ إليّ بناتي فأوصيهنّ. قال: فظنّنا أنّه ذهب يتكفّن ويتحنّط، ثمّ جاء فقال: إنّي ذهبت إليهنّ فبكين. قال: وجاء كتاب ابنَتيْ عاصم من واسط: يا أبانا، إنّه قد بَلَغَنَا أنّ هذا الرجل أخذ أحمد بن حنبل، فضربه على أن يقول القرآن مخلوق. فأّتقِ الله ولا تُجِبْه. فَوَاللَّهِ لإن يأتينا نعيّك أحبّ إلينا من يأتينا قُلْتُه1. وذكر ابن عَديّ لعاصم ثلاثة أحاديث، تفرّد بها عن شُعْبَة، ثمّ قال ابن عَديّ: لا أعلم شيئًا مُنْكَرًا سواها. ولم أر بحديثه بأسًا. تُوُفّي عاصم في رجب سنة إحدى وعشرين. 193- عامر بن حُجَيْر بن سُوَيْد الباهليّ البصْريّ2. أبو الْحَسَنُ. عن: عمّه قُزْعَه بن سُوَيْد، وحمّاد بن زيد. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، ووثّقاه.

_ 1 هذا جواب البنات فما بالك لو كن رجالا، فعلى هذا فليربي الأولاد. والله المستعان وعليه التكلان. 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 320".

194- عامر بن سعيد1. أبو حفص الخراسانيّ البزّار. نزل دمشق وحَدَّث عن يزيد بن زُرَيْع، وأبي معاوية الضَّرير، وهشام بن يوسف الصَّنْعانيّ، وجماعة. وعنه: سَعْد بن محمد البَيْرُوتيّ، وعثمان بن حرّازذ، وإبراهيم بن عبد الله بن الْجُنَيْد. وَثّقَهُ ابن مَعِين. 195- عَبَّادُ بنُ موسى2 -خ. م. د. ن. أبو محمد الختّليّ الأنباريّ. نزل بغداد وحدَّث عن: إبراهيم بن سَعْد، وإسماعيل بن عيّاش، وهُشَيْم، وإسماعيل بن جعفر، وجماعة. وعنه: م. ود، وخ، ون، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن عليّ الأبّاروأحمد بن عليّ القاضي المَرْوَزِيّ، وأبو يَعْلَى أحمد بن عليّ، وصالح جَزَرَة، وأحمد بن يحيى الحَلْوانيّ، وجماعة. وَثّقَهُ أبو زُرْعة، وغيره. تُوُفّي في آخر سنة تسعٍ وعشرين. وقيل: في أوّل سنة ثلاثين، بطَرَسُوس. 196- العبّاس بن بكّار الضَّبّيّ البصْريّ3. روى عن: أبي بكر الهُذَلي، وخالد بن عبد الله، وعبد الله بن المثنّى الأنصاريّ، وآخرون.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 322"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 238". 2 انظر الطبقات الكبري لابن سعد "7/ 353"، والجرح والتعديل "6/ 87"، والثقات لابن حبان "8/ 436"، وتهذيب الكمال للمزي "14/ 161-164". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 216"، والثقات لابن حبان "8/ 512"، والمجروحين له "2/ 190"، والكامل لابن عدي "5/ 1665".

وعنه: قطن بن إبراهيم، وإسحاق بن وهب العلاف، ومحمد بن زكريا الغلابي، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن عثمان بن أبي سويد، وجماعة. وكان كذابا. رَوَى عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ غَرَسَ غَرْسًا، يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ. فَقَالَ: سُبْحَانَ الْبَاعِثِ الْوَارِثِ، أَتَتْهُ بِأُكْلَتِهِ"1. وَرَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ: "الْغَلاءُ وَالرُّخْصُ جُنْدَانِ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ، اسْمُ أَحَدِهِمَا الرَّغْبَةُ، وَالآخَرُ الرَّهْبَةُ"2. قال ابن عدي: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، ولا كَتْب حديثه إلّا على سبيل الاعتبار. وَرَوَى عَنْ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَفَعَهُ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى منادٍ: يَا أَهْلَ الْجَمْعِ، غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَمُرَّ فَاطِمَةُ "3. قلت: هو والعبّاس بن الوليد بن بكّار، نسب إلى حدّه. توفّي سنة إحدى وعشرين، أرّخه أبو القاسم بن مَنْده. وكنّاه الحَاكم أبو أحمد: أبا الوليد، وقال: ذاهب الحديث، وهو ابن أخت أبي بكر الهُذَليّ. 197- عبّاس بن سليمان بن جميل القسمليّ4. مولاهم الموصليّ.

_ 1 "حديث باطل": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 190"، وعلته صاحب الترجمة صدر المصنف قوله فيه: كان كذابا. 2 "حديث باطل": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 190". وانظر ما قبله. 3 "حديث منكر": أخرجه ابن عدي في الكامل "5/ 1665"، وقال: وهذا الحديث بهذا الإسناد منكر لا أعلم قد رواه عن خالد غير عباس هذا. 4 انظر الكامل في التاريخ "6/ 460".

عن: نافع بن عُمَر الْجُمَحيّ، وأبي شهاب عبد ربّه الحنّاط، وجماعة. وعنه: سليمان بن عبد الخالق البلديّ، وابن أبي كامل المَوْصِليّ. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين. 198- عبّاس بن الفضل العَبْديّ1. أبو عثمان البصْريّ الأزرق. عن: همّام بن يحيى، وحرب بن شدّاد. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، وأبو حاتم الرّازيّ ومحمد بن الضُّرَيْس. تركه أبو زُرْعة. وقال البخاريّ: ذَهَب حديثه. قلت: قد مرَّ في طبقة ابن المبارك: - عبّاس بن الفضل البصْريّ الأنصاريّ2. متروك أيضًا. فأمّا الأزرق. فقال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي أيّام الأنصاريّ. وسمعته يقول: تُرِك حديثُه. 199- العبّاس بن المأمون بن الرشيد الهاشميّ الأمير3. أحد مَن ذُكِرَ للخلافة عند وفاة أبيه. وقد تلكّأ عند مبايعة المعتصم، وهمّ بالخروج عليه في سنة ثلاثٍ وعشرين، فقبض عليه المعتصم، ومات في سنة أربعٍ وعشرين ومائتين شابا.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 213"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 5، 6"، والثقات لابن حبان "8/ 510". 2 انظر الضعفاء والمتروكين للدارقطني "138"، والكامل لابن عدي "5/ 1664"، والضعفاء لابن الجوزي "2/ 79". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 606، 618"، والعقد الفريد "1/ 29، 2/ 149".

200- عبد الله بن أيّوب بن أبي علاج المَوْصِليّ1. مولى عُقَيْل بن أبي طالب. عن: يونس الأيليّ، وابن أبي ذئب، وهشام بن الغاز، وعِكْرِمة بن عمّار. وعنه: سِنَان بن محمد بن غالب، وعليّ بن جابر المَوْصِليّان. قال ابن حِبّان: روى عن يونس نسخةً كلّها موضوعة. وقال يزيد بن محمد: كان رجلًا صالحًا مُنْكَر الحديث. قال: ويقال كان من أعبر النّاس للرؤيا. وقال غيره: ليس بثقة ولا مأمون. تُوُفّي سنة خمسٍ وعشرين. 201- عبد الله بن أبي حسّان2. واسم أبيه عبد الرحمن بن يزيد، أو يزيد بن عبد الرحمن، اليصبيّ، الإفريقيّ المغربيّ الفقيه. رحلَ وأخذ عن: مالك، وابن أبي ذئب، وابن عيينة. وأخذ بالمغرب عن: عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الفريقي. وعُمِّر دهرًا، وكان من الراسخين في العِلْم. روى عن ابن وَهْب قال: ما رأيت مالكًا أميل منه لعبد الله بن أبي حسّان. وعن سَحْنُون قال: كنتُ أوّلَ طلبي إذا انغلقت عليّ المسائل، آتي ابنَ أبي حسّان. تُوُفّي ابن أبي حسّان سنة سبعٍ وعشرين. مولده سنة أربعين ومائة. قال محمد بن سَحْنُون: مات سنة ستٍّ وعشرين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 10، 11"، والمجروحين لابن حبان "2/ 37، 38"، والكامل لابن عدي "4/ 1527"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 394". 2 انظر الديباج المذهب "133، 134".

202- عبد الله بن خالد الكوفيّ الفقيه1. عن: سُفْيان بْن عُيَيْنة، وشُعَيْب بْن حرب، وإبراهيم بن بكر الشَّيْبانيّ، وغيرهم. وقد أكرهه المأمون على قضاء إصبهان، فسار إليها. وكان فاضلًا صالحًا. روى عنه: عبد الرحمن بن عُمَر رُسْتَة، وعَمْرو بن سعيد الجمّال، ومحمد بن المغيرة، وأُسَيْد بن عاصم، وغيرهم. وبَلَغَنَا عنه أنّه كان مارًّا إلى مجلس الحُكْم، فرأى رجلًا قد وقع حِمْلُه، فشمّر ونزل فحمل معه. وأنّ رجلًا قال له في حكومةٍ: أتَّقِ الله. فوضع يده على رأسه، وعَنَّفَ نفسَه وَوَبَّخها، ثمّ هرب. ولم يُرَ بَعْد إلّا يومًا، رآه بعضهم في الثَّغْر، وهو في جملة الحُرّاس -رَضِيَ اللَّهُ عنه. 203- عبد الله بن أبي بكر العَتَكيّ2. وهو عبد الله بن السَّكَن بن الفضل بن المؤتمن الأزْديّ. أبو عبد الله البصْريّ. عن: شُعْبَة، وهمّام، والأسود بن شَيْبان، وجرير بن حازم، وجماعة. وعنه: البخاريّ في كتاب "الأدب" له، وإبراهيم الحربيّ، وصالح بن أحمد بن حنبل، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، وعبد اللَّه بْن أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم الرَّازيّان، وعبد الله بن واصل البخاريّ، وطائفة. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال ابن أبي عاصم: تُوُفّي سنةً أربعٍ وعشرين. 204- عبدُ الله بن خيران3.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 44"، وحلية الأولياء لأبي نعيم "10/ 392"، وأخبار إصبهان له "2/ 49، 50". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 18"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 55"، والثقات لابن حبان "8/ 339"، وتهذيب الكمال "14/ 348". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 450"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 415"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 424".

أبو محمد الكوفيّ. حدَّث ببغداد عن: شُعْبَة، وعن الرحمن المسعوديّ. وعنه: أحمد بن حرب المعدل، ومحمد بن غالب تمتام، وعيسى الطيالسي رغاث، وأبو بكر بن أبي الدنيا. وهو أكبر شيخ لأبي بكر. قال الخطيب: اعتبرت من روايته أحاديث كثيرة، فوجدتها مستقيمة تدل على الثقة. وذكره العقيلي في "الضعفاء" فقال: لا يُتابَع على حديثه. ثمّ ساقَ له ثلاثة أحاديث حسنة أحدها موقوف رفعه. 205- عبد الله بن داهر الرّازيّ الأحمريّ1. حدَّث ببغداد عن: عبد الله بن عَوَانة، وعَمْرو بن جُميْع. وعنه: صالح بن محمد جَزَرَة، وموسى بن هارون، وأحمد بن الحَسَن الصُّوفيّ. وقال صالح: صَدُوق. 206- عبد الله بن سِنَان الهَرَويّ2. عن: فُضَيْل بن عِيَاض، وابن المبارك، ويعقوب القُمّيّ. روى عنه: أبو زُرْعة، ومحمد بن يحيى الذّهليّ، وبشر بن موسى، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ. وَثّقَهُ أبو داود. تُوُفّي سنة ثلاثٍ عشرة "ومائتين". 207- عبد الله بن رشيد3.

_ 1 انظر الكامل لابن عدي "4/ 1543"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 453"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 416". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 68"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 112"، والثقات لابن حبان "8/ 342"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 469". 3 انظر الثقات لابن حبان "8/ 343"، والمغني في الضعفاء "1/ 338"، ولسان الميزان للحافظ "3/ 285".

أبو عبد الرحمن. لم يذكره ابن أبي حاتم. وكنّاه أبو أحمد، وقال: سمع مُجّاعة بن الزُّبَيْر العَتَكيّ. وعنه: السَّرِيّ بن السَّهْل الْجُنْدَيْسَابُوريّ. 208- عبد الله بن سلم المِسْمَعيّ البصْريّ1. صاحب الطَّيَالسة. قال ابن أبي حاتم: روى عن: جدّه خالد بن رخيم الباهليّ المسمعيّ، وعبد الله ابن عَوْن. وعنه: أبو الوليد الطَّيَالسيّ، ونُعَيْم بن حمّاد، ونصر بن عليّ الجهضميّ. وأدركه عليّ بن الحسين بن الْجُنَيْد، وكتب عنه وقال: صَدُوق. وقال القواريريّ: هو من كبار أصحاب ابن عَوْن إلّا أنّه قلّ ما روى. 209- عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامة العنبريّ القاضيّ2 -ن. أبو السّوّار البصريّ. سمع: أباه، وعبد الله بن بكر المُزَنيّ، ويزيد بن إبراهيم، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وجرير بن حازم، ووُهَيْب بن خالد، ومالك بن أنس. وعنه ابن سَوّار، ومعاوية بن صالح الأشعري، وأبو زرعة الرازي، وحرب بن الكِرّمانيّ، ومحمد بن إبراهيم البُوسنْجيّ، وعُبَيْد الله بن واصل البخاريّ، ومُعَاذ بن المُثَنَّى، وأبو خليفة، وخلْق. وَثّقَهُ أبو داود، وغيره. وكان صاحب سُنَّةٍ وعِلْم. تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 77، 78". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 203"، والجرح والتعديل "5/ 77"، وأخبار القضاة لوكيع "2/ 58"، والثقات لابن حبان "8/ 350"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 70-72".

روى له النَّسائيّ حديثًا في الفرائض، وهو وأبوه وجدّه "تولّوا" قُضاة البصْرة. 210- عبد الله بن صالح بن محمد بن مُسلم الْجُهَنيّ1 -خ. د. ت. ق- مولاهم المصريّ، أبو صالح، كاتب اللّيث ابن سَعْد. وُلِدَ سنة سبعٍ وثلاثين ومائة، ورأى زَبَّان بن فايد، وعَمْرو بن الحارث. وسمع: موسى بن عليّ بن رَبَاح، ومعاوية بن صالح، ويحيى بن أيّوب، وعبد العزيز بن الماجِشُون، وسعيد بن عبد العزيز التَّنُوخيّ، ونافع بن يزيد، وجماعة. وأكثر على الَّليْث. وعنه: يحيى بن مَعِين، والذُّهَليّ، والبخاريّ على الصّحيح. ظفرتُ برواية البخاريّ، عن عبد الله بن صالح، عن الَّليْث، في باب التجارة في البحر، في "الصحيح"، كما شرحناه في ترجمة عبد الله بن صالح العِجْليّ. وأبو حاتم، وأبو إسحاق الْجَوْزجانيّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وحُمَيْد بن زنجويه، والدّارميّ، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، وإبراهيم بن الحَسَن بن ديزيل، وخلْق، آخرهم وفاةً محمد بن عثمان بن سعيد بن أبي السَّواريّ المصريّ المُتَوَفَّى سنة سبعٍ وتسعين ومائتين. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ شَيْخُهُ اللَّيْثُ حَدِيثًا رَوَاهُ ابْنُ دِيزِيلَ: ثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ أَبُو الْمُهَنَّا، ثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، عَمّنْ أَخْبَرَهُ بِرَفْعِ الْحَدِيثِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا أُعْطِيَ أحدٌ الشُّكْرَ فَمُنِعَ الزِّيَادَةِ"2. الْحَدِيثَ. قَالَ ابْنُ دِيزِيلَ: ثُمَّ أَتَيْتُ أَبَا صَالِحٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: نَعَمْ أنا حَدَّثْتُهُ بِذَلِكَ. قُلْتُ: فَمَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: يَحْيَى بْنُ عطارد ابن مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مُرْسَل. وقد استشهد البخاريّ بعبد الله بن صالح في "الصّحيح"، وروى عنه حديثًا كما رجّحنا في ترجمة عبد الله بن صالح المذكور في الطبقة الماضية.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 518"، والجرح والتعديل "5/ 86"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 121"، والمجروحين لابن حبان "2/ 40-43". 2 "حديث ضعيف إسناده معضل": أخرجه البيهقي "4527"، وأورده المصنف في السير "10/ 123"، وقال: وهو مرسل لا بل معضل.

وروى في باب التّجارة في البحر. قال ابن حِبّان: كان كاتبًا على مُغَلّ الَّليْث بن سَعْد، مُنْكَر الحديث جدًا، وكان في نفسه صَدُوقًا. سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يقول: كان له جار سوء بينه وبينه عداوة، فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح، ويكتب في قِرْطَاس بخطٍّ يُشْبه خطًّ عبد الله بن صالح، ويطرح في داره في وسط كُتُبه، فيجده عبد الله، فيحدِّث به على التوهُّم أنّه خطّه. فمن ناحيته وقع المناكير في أخباره. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ، خَيْرٌ من عشر غزوات، وعزوة لمن حجّ، خير من عشر حجّات، وعزوة فِي الْبَحْرِ، خَيْرٌ مِنْ عَشْرَةٍ فِي الْبَرِّ"1. ثَنَاهُ أَبُو عَرُوبَةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن عزّون، نا عَبْدُ اللَّهِ، فَذَكَرَهُ. وَرَوَى عَنِ اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلال، عن ربيعة بن سيف، عن شُفَيٍّ الأَصْبَحِيِّ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "خَلْفِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْبَثُ إِلَّا قَلِيلًا، وَصَاحِبُ رَحَى دَارَةِ الْعَرَبِ عُمَرُ"، وَذَكَرَ2 الْحَدِيثَ. ثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ فَذَكَرَهُ. وَذَكَرَ لَهُ ابْنُ حِبَّانَ أَحَادِيثَ أُخَرَ مُنْكَرَةٌ. قال ابن أبي حاتم في ترجمة عبد الله بن صالح: روى عنه اللّيث، وابن وهب ودحيم.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه البيهقي "4/ 334، 335"، وابن حبان في المجروحين "2/ 41"، والحديث في ضعيف الجامع "2692". 2 "حديث منكر": أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 42"، وابن عدي في الكامل "4/ 208"، وقال المصنف في الميزان "3/ 157، 158"، فساقه بإسناده عن يحيى بن معين. قال: وأنا أتعجب من يحيى مع جلالته ونقده كيف يروي مثل هذا الباطل ويسكت عنه وربيعة صاحب مناكير وعجائب.

قال ابن عَبْد الحَكَم: سَمِعْتُ أبي، وَسُئِلَ عن أبي صالح، فقال: تسألوني عن اقرب رجل إلى الَّليْث؟ رحل معه في ليله ونهاره وسَفَره وحَضَره، ويخلو معه غالبًا، فلا يُنْكر لمثله أن يُكْثر عن الَّليْث. وقال أبو حاتم: هو أمين صَدُوق ما عَلِمْتُه. وقال أبو حاتم: سَمِعْتُ ابن مَعِين يقول: أقلّ الأحوال أنّه قرأ هذه الكُتُب على الَّليْث، فأجازها له، ويمكن أن يكون ابن أبي ذئب كتب إلى الَّليْث بهذا الدَّرْج. قال أحمد بن صالح: لا أعلم أحدًا روى عن اللّيث، عن ابن أبي ذئب إلّا أبو صالح. وذُكِر أنّ أبا صالح أخرج دَرْجًا قد ذهب أعلاه، ولم يدْر حديثَ مَن هو، فقيل له: حديث ابن أبي ذئب. فروى عن الَّليْث، عن ابن أبي ذئب. وقال صالح جَزَرَة: كان ابن مَعِين يوثّقه، وعندي أنّه كان يكذب في الحديث. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. وقال إسماعيل سَمُّوَيْه، عن عبد الله قال: صَحِبْتُ الَّليْث عشرين سنة. وقال الفضل بن محمد الشَّعْرانيّ: ما رأيت عبدَ الله بنَ صالح إلّا وهو يُحَدِّث أو يسبِّح. وقال يعقوب الفَسَويّ: حَدَّثَنَا الرجل الصّالح أبو صالح عبد الله بن صالح. وقال الرَّمادي، عن أبي صالح قال: خرجنا مع الَّليْث إلى بغداد سنة إحدى وستّين ومائة، فشهِدْنا الأضحى ببغداد. قُلْتُ: فِي هَذِهِ النَّوْبَةِ سَمِعَ مِنْ سَعِيدٍ مُفْتِي دِمَشْقٍ. وَأَبْلَغَ مَا نَقَمُوا عَلَيْهِ حَدِيثُهُ عَنْ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زُهْرَةَ ابن مَعْبَدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جَابِرٍ يَرْفَعُهُ: "إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ أَصْحَابِي عَلَى الْعَالَمِينَ"1 بِطُولِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ وَلَكِنْ قَدْ تَابَعَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ نَافِعٍ. فَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْعَسْكَرِيِّ، وَعَلِيُّ بن داود القنطريّ، عنهما، عن نافع.

_ 1 "حديث موضوع" أخرجه ابن حبان في المجروحين "2/ 41"، والخطيب في تاريخه "3/ 162"، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: موضوع والحمل فيه على أبي صالح.

قال أبو زُرْعة وغيره: هو من وضْعِ خالد بن نَجِيح المصريّ. وكان يضع في كُتُب الشيوخ ما لم يسمعوا. وقال ابن عَديّ: أبو صالح عندي مستقيم الحديث، إلّا أنّه يقع في حديثه غلط، ولا يعتمد الكذِب. وقال غير واحد: تُوُفّي يوم عاشوراء سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. ومن طبقته سَمِيُّهُ: - عبد الله بن صالح الكوفيّ. المذكور في الطبقة الماضية. 211- عَبْد اللَّه بْن طاهر بْن الْحُسَيْن بْن مُصْعَب1. الأمير العادل أبو العبّاس الخُزَاعيّ المُصْعَبيّ، أمير إقليم خُراسان وما يليه. وُلد سنة اثنتين وثمانين ومائة. وتأدَّب في صِغَره. وقرأ العِلْم والفقه، وسمع من: وَكِيع، ويحيى بن الضُّرَيْس، وعبد الله المأمون. روى عنه: إسحاق بن رَاهَوَيْه، وهو أكبر منه، ونصر بن زياد القاضي، وأحمد بن سعيد الرباطي، والفضل بن محمد الشَّعرانيّ، وابنه محمد بن عبد الله الأمير، وابن أخيه منصور بن طَلْحة، وآخرون. قال المرزبانيّ: كان بارع الأدب، حَسَن الشِّعْر، تنقّل في الأعمال الجليلة شرقًا وغربًا. قلّده المأمون مصر والمغرب، ثمّ نقله إلى خُراسان. وقال ابن ماكولا: زُرَيق: بتقديم الزَّين: الحسين بن مُصْعَب بن زُرَيْق بن أسعد، مولى سَعْد بن أبي وقّاص. كذا قال، وصوابه: مولى طلحة بن عبد الله الخُزَاعيّ، وهو طلحة الطّلحات أمير سجستان. وروى الحاكم في "تاريخه" عن أبي الحسين محمد بن يحيى الحسيني، أنّ أسعد جدّ بني طاهر كان يُعرف في العجم بفُرخ رزّين موزة، فأسلم على يد عليّ عليه السّلام،

_ 1 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 240"، وتاريخ الطبري "8/ 580، 581"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 483-489".

على أن لا يغيّر اسمه. فسأل عن اسمه فقيل: اسمٌ مُشْتَقٌّ من السّعادة. فقال: هو إذًا أسعد. وكان والده يُسَمّى فيروز. وقال إبراهيم نِفْطَوَيْه: لمّا غلب عبد الله بن طاهر الشّام، وَهْب له المأمون ما وصل إليه من الأموال هناك، ففرّقها على القوّاد. ولما دخل مصر وقف على بابها وقال: أخزى الله فرعون، ما كان أخسّه، وأدنى هِمَّته. مَلَكَ هذه القرية وقال: أنا ربّكم الأعلى. واللهِ ما دخلتَها. وكان ابن طاهر جوادًا ممدحًا. وفَدَ عليه دِعْبِل، فلمّا أكثر عطاياه توارى عنه، وكتب إليه: هجرتك، لم أَهْجُرْك من كُفْرِ نعمةٍ ... وهل يُرْتَجَى نَيْلُ الزّيادة بالكُفْر ولكننّي لمّا أتيتك زائرًا ... فأفرطت في بري عجزتُ عن الشُّكْر فمِلان لا آتيك إلّا معذّرًا ... أزورك في الشهرين يومًا وفي الشهر فإنْ زدت في بِرّي تزّيدتُ جَفْوَةً ... ولم نلتقِ حَتّى القيامة والحشرِ فوصل إليه منه ثلاثمائة ألف درهم. وعن العبّاس بن مُجَاشع قال: لمّا قدم ابن طاهر اعتراضه دِعْبِل وقال: جئتُكَ مستشفعًا بلا سببٍ ... إليك إلّا بحُرمةِ الأدب فاقضِ ذمامي، فإنّني رجلٌ ... غيرُ ملحٍّ عليك في الطَّلب فبعث إليه بعشرة آلاف درهم، وبهاذين البَيْتَيْنِ: اعَجَلْتَنَا فأتاك عاجلُ بِرّنا ... ولو انتظرت كثيرة لم نُقْلِلِ فخُذِ القليلَ وكنْ كمَنْ لم يسألِ ... ونكون نحن كأنّنا لم نفعلِ وفيه يقول عوف بن ملحّم: يا ابنَ الّذي دان له المشرقان ... طُرًّا، وقد دان له المغربان إنَّ الثمانين وبُلِّغْتَها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان وبدلّنني بالنشاط أنْحِنا ... وكنت كالصَّعْدة تحت السّنان ولم تدع فيّ لمستمتِع ... إلّا لساني وبحسْبي لسان

أدعو به الله وأُثْنى على ... فضل الأمير المُصْعَبي الهجّان فقرِّباني بأبي أنتما ... منْ وطني قبل اصفرار البنان وقبل منعاي إلى نسوةٍ ... أوطانُها حَرّان الرّقمتان وقال أحمد بن يزيد السُّلَميّ: كنت مع ابن طاهر، فوقّع على رقاع مرّةً، فبلغت صلاته ألفي ألف وسبعمائة ألف، فدعوتُ له وحسَّنْت فعاله. وَرُوِيَ نحوها بإسناد آخر. وقال ابن خلّكان: كان ابن طاهر شهْمًا نبيلًا، عالي الهِمّة. ولي الدِّينَوَر، فلمّا خرج بابَك على خُراسان بعث لها المأمونُ عبدَ الله، فسار إليها في سنة ثلاثٍ عشرة، وحارب الخوارج، وقدِم نَيْسَابُور سنة خمس عشرة، فأُمْطِروا. فقال شاعر: قد قُحِطَ النّاسُ في زمانهمُ ... حَتّى إذا جئتَ جئتَ بالمطرِ غَيْثان في ساعةٍ لنا أتيا ... فمرحبًا بالأمير والدُّرَر وقد رحل إليه أبو تمام، وعمل فيه قصائد، وصنّف "الحماسة" في هذه السَّفرة بهمَذان، لأنه انحبس بهمذان للثلوج، وأقام في دار رئيس، له كُتُب عظيمة، فرأى فيها ما لا يوصف من دواوين العرب، فاختار منها أبو تمّام كتاب "الحماسة". ومن كلام ابن طاهر: سِمَنُ الكِيس، ونُبْلُ الذَّكْر، لا يجتمعان. ويقال إن البِطّيخ العَبْدَلاويّ بمصر منسوب إلى عبد الله بن طاهر. وممّا ينسب إلى عبد الله من الشّعر قوله: نبّهتُه وظلامُ الّليل منسدلٌ ... بين الرياض دفينًا في الرياحين فقلت: خُذْ. قال: كَفّى لا تُطَاوِعُني ... فقلتُ: قُمْ. قال: رِجْلي لا تُؤاتيني إنّي غفلتُ عن السّاقي، فصيَّرني ... كما تراني سليبَ العقل والدِّين وله: نحنُ قوم تليننا الحدق النجـ ... ـل على أنّنا نُلِينُ الحديدا

نملك الصّيد، ثمّ تملكنا البيـ ... ـض المصوناتُ أعْيُنًا وخُدودا تتّقى سُخْطَنا الأُسُود، ونخشى ... سَخَطَ الخِشْف حين يُبْدي الصُّدُودا فترانا يوم الكريهة أحرا ... رًا وفي السّلْم للغَواني عَبِيدا وعن سهل بن مَيْسَرة أنّ جيران دار عبد الله بن طاهر أمرَ بإحصائهم، فبلغوا أربعة آلاف نفس، فكان يقوم بمؤنتهم وكِسْوَتهم. فلمّا خرج إلى خُراسان، انقطعت الرواتب من المُؤنة، وبقيت الكِسْوة مدّة حياته. وروى الخطيب بإسناده إلى محمد بن الفضل: أنّ ابن طاهر لمّا افتتح مصر ونحن معه، سوّغه المأمون خَرَاجَها، فصعد المنبر، فلم ينزل حَتّى أجاز بها كلها، وهي ثلاثة آلاف ألف دينار، أو نحوها. فأتى مُعَلّى الطّائيّ قبل أن ينزل، فأنشده، وكان واجدًا عليه: يا أعظمَ النّاسِ عفوًا عند مقدرةٍ ... وأظلَمَ النّاس عند الْجُود بالمال لو يصبحُ النِّيل يجري ماؤه ذَهَبًا ... لمّا أشرت إلى خزنٍ بمِثْقال فضحك وسُرّ بها، واقترض عشرة آلاف دينار، فدفعها إليه. وكان ابن طاهر عادلًا في الرعيّة، عظيم الهَيْبَة، حَسَن المذهب. قال أحمد بن سعيد الرباطيّ: سمعته يقول: والله لا استجيز أن أقول إيماني كإيمان يحيى بن يحيى، وأحمد بن حنبل، وهؤلاء يقولان: إيماننا كإيمان جبريل وميكائيل. وقال أبو زَكَريّا يحيى العَنْبريّ: سَمِعْتُ أبي يقول: خلّف ابن طاهر في بيت ماله أربعين ألف ألف درهم. هذا دون ما في بيت العامّة. وقال أحمد بن كامل القاضي: مات عبد الله بن طاهر، وكان قد أظهر التَّوبة، وكسر الملاهي، وعمّر الرِّباطات بخُراسان، ووقف لها الوقوف، وافتدى الأسرى من التُّرْك بنحو ألفي ألفي دِرهم. وقال أبو حسّان الزّياديّ: مات بمرو في ربيع الأول سنة ثلاثين، مرض ثلاثة أيّام بحلْقه، يعني الخوانيق، وله ثمانٍ وأربعون سنة.

212- عبد الله بن عاصم الحمّانيّ1 -ق. أبو سعيد البصريّ. سمع: الحمَّادَين، ومحمد بن راشد المكحوليّ، وعبد الله بن المُثَنَّى الأنصاريّ، ومهديّ بن ميمون، وجماعة. وعنه: أحمد بن عبد الله بن حكيم الفِرْيَابيّ، وأبو زُرْعة، وتَمْتَام، وأحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ، ومحمد بن أيّوب الرّازيّ، وخلْق. قال أبو حاتم، وغيره: صَدُوق. روى له ق. حديثًا واحدًا. 213- عَبْد اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ يَزِيدَ بن مالك2. أبو محمد الحجازيّ، نزيل بُخَارَى. سمع: مالكًا، وحمّاد بن زيد، وإسماعيل بن عيّاش فيما زعم. وعنه: محمد بن عثمان السّمسار، وإسحاق بن محمود البخاريّان. قال صالح جَزَرَة: كذّاب، من أكذب خلْق الله تعالى، وعامّة أحاديثه بواطيل. 214- عبد الله بن عبد الوهّاب الحجبي البصري3 -خ. ن. عن: مالك، وأبي عَوَانة، وحمّاد بن زيد، ويوسف بن الماجِشُون، والعطّاف بن خالد، ويزيد بن زُرَيْع، وطائفة. وعنه: خ، ون. عن رجل عنه، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وعثمان بن خُرَّزاذ، وتَمْتَام، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، ويوسف بن يعقوب القاضي، وخلْق. وَثّقَهُ أبو حاتم، وجماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 134"، والثقات لابن حبان "8/ 354"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 137-139". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "10/ 27-29". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 307"، الجرح والتعديل "5/ 106"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 141"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 246-248".

وتُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين، قال أبو نصر: ثمان عشرة، فغلِط. 215- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَة بْنِ أبي رَواد ميمون، وقيل: أيمن، الأزديّ العتكيّ1 -خ. م. د. ت. ن. أبو عبد الرحمن: المروزيّ عبدان. أخو عبد العزيز بن شاذان. وهما سِبْطا عبد العزيز بن أبي رَوْاد. سمع عبدان من: شُعْبَة حديثًا واحدًا. وقال العبّاس بن منصور: سمع عَبْدان بن شُعْبَة أحاديث دون العشرة. ومن: أبيه، وأبي حمزة محمد بن ميمون السُّكَّريّ، ومالك بن أنس، وعيسى بن عُبَيْد الكِنْديّ، وعبد الله بن المبارك، وحمّاد بن زيد، يزيد بن زُرَيْع، وخلْق. وعنه: خ، وم. د. ت. ن. عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن محمد بن شَبُّويْه، وأحمد بن سَيّار، ومحمد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن شقيق، وأبو الموجّه محمد بن عَمْرو، والعبّاس بن مُصْعَب، والقاسم بن محمد بن الحارث، وأبو عليّ محمد بن اليَشْكُريّ المَرْوَزِيّون، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعُبَيْد الله بن واصل البخاريّ، ومحمد بن عَمْرو قَشْمرد، ويعقوب الفَسَويّ، وخلْق. وكان ثقة إمامًا. قال أحمد بن عبدة الآمُلي: تصدّق عَبْدان في حياته بألف ألف درهم. وكَتب كُتب ابن المبارك بقلم واحد. قال: وقال عَبْدان: ما سألني أحد حاجة إلّا قمت2 له بنفسي فإنْ تمّ3، وإلّا قمت له بمالي، فإن تمّ، وإلاّ استغنت بالإخوان، فإنِ تم وإلّا استعنت بالسُّلطان. وعن أحمد بن حنبل قال: ما بقي إلّا الرحلة إلى عبدان بخراسان.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 113"، والتايخ الكبير للبخاري "5/ 147"، والثقات لابن حبان "8/ 352"، وتهذيب الكمال للمزي "5/ 276-279". 2 أي ذهبت معه لأقضي حاجته بنفسي. 3 أي قضيت.

قال الحاكم: هو إمام بلده في الحديث، سمع من شُعْبَة أحاديث دون العشر، ولم يُكْتَب. وَرِثَه أخوه. وقد ولّاه ابن طاهر قضاء الجوزجان، ثمّاستعفى فأُعْفي. قلت: تُوُفّي عَبْدان في أواخر شَعْبان سنة إحدى وعشرين، وله ستٍّ وسبعون سنة. وأما: - عبدان بن محمد المَرْوَزِيّ1. فآخر من طبقة عَبْدان الأهوازيّ، كتبَ عنه الطّبرانيّ، وغيره. سوف يأتي. 216- عبد الله بن عَمْرو بن أبي الحجاج ميسرة2 -ع. أبو معمر التميميّ المنقريّ. مولاهم البصْريّ المُقْعَد. عن: أبي الأشهب جعفر بن حيان العُطَارِديّ، وعبد الوارث بن سعيد، وعَبْثَر بن القاسم، وجرير بن عبد الحميد، وجماعة. وعنه: خ، ود، والباقون بواسطة، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعبد الله الدّارميّ، وأحمد بن محمد الرتيّ القاضي، وأبو زُرْعة، وعثمان بن خُرَّزاذ، وخلْق. وكان راوية عبد الوارث، وليس له في الكُتُب السّتّة شيء عن غيره. قال أحمد بن أبي خيثمة، عن ابن معين: ثقة، ثبت. وقال يعقوب بن شية: كان ثقة ثبتًا، صحيح الكتاب. وكان يقول بالقَدَر. وقال أبو داود: أبو مَعْمَر أثبت من عبد الصَّمَد بن عبد الوارث مِرارًا. وقال أبو حاتم: صَدُوق متقِن، غير أنّه لم يكن يحفظ. وكان له قدْر عند أهل العلم.

_ 1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 119"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 155"، والثقات لابن حبان "8/ 353"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 353".

وقال أبو زُرْعة: كان ثقة حافظًا. قال البخاريّ، وغيره: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 217- عبد الله بن عيسى الطُّفَاويّ1. عن: مِسْمَع بن عاصم، ويوسف بن عطيّة. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وجماعة. 218- عبد الله بن أبي عَرابة الشّاشيّ الحافظ2. من عُلماء الحديث. سمع: ابن عُيَيْنة، ووَكِيعًا، وطبقتهما. وروى عنه، وعن أخيه سَلْم المحدِّث: خَلَف بن عامر البخاريّ، وغيره. ذكره السُّلَيْمَانيّ. 219- عبد الله بن محمد بن حميد3 -خ. د. ت. أبو بكر بن أبي الأسود الحافظ البصْريّ. ابن أخت عبد الرحمن بن مهديّ. ولي قضاء همدان. وحدَّث عن: مالك، وأبي عَوَانة، وعبد الواحد بن زياد، وجعفر بن سليمان، وجدّه أبي الأسود حُمَيْد بن الأسود، ومُعْتَمِر بن سليمان، ويزيد بن زُرَيْع، وحاتم بن إسماعيل، وخلْق. وعنه: خ. د. ت، عن رجل، وإبراهيم الحربيّ، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وابن أبي الدُّنيا، وعثمان بن خُرَّزاذ، ويعقوب الفَسَويّ، وطائفة. وسمع وهو صغير باعتناء خاله.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 128"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 34". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 362". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 159"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 189"، والثقات لابن حبان "8/ 348"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 434".

قال عبد الخالق بن منصور، عن ابن مَعِين: لا بأس به، ولكنّه سمع من أبي عَوَانة وهو صغير. وكان يطلب الحديث. وقال الخطيب: سكن بغداد، وكان حافظًا متقِنًا. وقال أبو حسّان الزياديّ، وغيره: مات في جُمادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وعشرين، وهو ابن ستّين سنة. 220- عبد الله بن الفرج1. أبو محمد القنطريّ. أحد العُبّاد ببغداد. كان بِشْر الحافي يزوره ويَوَدُّه. وله كلام نافع. حكى عنه: محمد بن الحسين البُرْجُلانيّ، وأحمد بن محمد التاجي، وعليّ بن الموفّق، وغيرهم. 221- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن جعفر بن اليَمَان بن أخنس بن خُنَيْس2 -خ. ت. الحافظ أبو جعفر الْجُعْفيّ البخاريّ المُسْنَديّ. لُقِّبَ بذلك لأنّه كان يفتي بالمستند، ويزهد في المُرْسَل. وعلى يد جدّه الأعلى يَمَان بن أخنس أسلَم المغيرة جدّ أبي عبد الله البخاريّ. سمع عبد الله من: سُفْيان بن عُيَيْنة، وإسحاق الأزرق، ومروان بن معاوية، وعبد الرحمن بن مهديّ. ورحل إلى عبد الرّزّاق، وإلي سعيد بن أبي مريم، وعَمْرو بن أبي سَلَمَةَ. أقدم شيخ لقي الفُضَيْل بن عِيَاض. وعنه: خ، وت. عن البخاريّ عنه، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعُبَيْد الله بن واصل، وأحمد ابن سَيّار المَرْوَزِيّ. وآخر من حَدَّثَ عَنْهُ مُحَمَّد بْنُ نصر المَرْوَزِيُّ الفقيه. قال أبو حاتم: صدوق.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "10/ 41، 42". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 162"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 189"، والثقات لابن حبان "8/ 354"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 735".

وقال أحمد بن سَيّار: غاب أبو جعفر عن بلده، وأقام في طلب الحديث في الآفاق. وكان يُلَّقْب بالمُسْنَديّ، وهو من المعروفين من أهل العدالة والصِّدق، صاحب سُنَّةٍ وجماعة وإتقان. رأيته بواسط حسن القامة، أبيض الرأس واللحية. ورجع إلى بخارى، ومات بها. وقال البخاري: مات لستٍ بقين من ذي القعدة سنة تسعٍ وعشرين. وقال الحاكم: هو إمام الحديث في عصره بما وراء النهر بلا مدافعة. وأستاذ أبي عبد الله البخاري، وعن خلف بن عامر، عن البخاريّ. قال: قال لي الحَسَن بن شُجاع: أنت مِن أين يفوتك الحديث، وقد وقعت على هذا الكنز، يعني المُسْنَدي. وعن المُسْنَدي قال: ودّعت الفُضَيْل، فقلت: أوصِني. قال: كن ذَنَبًا ولا تكن رأسًا. 222- عبد الله بن محمد بن الربيع1 -ن. أبو عبد الرحمن العائديّ الكرمانيّ، ثم الكوفيّ. نزيل المِصّيصة. وقد يُنْسَب إلى جدّه. سمع: عبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وعليّ بن مُسْهِر، وجرير بن عبد الحميد، وعبّاد بن العوام، وابن المبارك، وطبقتهم. وعنه: إبراهيم الْجُوزَجَانيّ، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، والدّارميّ، وأبو حاتم، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة صَدُوق مأمون. قلت: له في النَّسائيّ حديث واحد. 223- عبد الله بن محمد بن هارون التُّوزيّ القُرَشيّ2. مولاهم النَّحْويّ. قرأ كتاب سِيبَويْه على أبي عُمَر الجرميّ، وحمل عن الأصمعيّ، وغيره.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 162"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 734". 2 انظر الوافي بالوفيات "17/ 521"، والفهرست لابن النديم "57، 58"، وتوضيح المشتبه "1/ 639، 640".

قال أبو العبّاس المبرِّد: ما رأيتُ أحدًا أعلم بالشِّعر منه، وله كتاب "الخيل" وكتاب "فعلت وأفعلت"، وغير ذلك. تُوُفّي سنة ثلاثين، وهو كَهْل. 224- عبد الله بن مروان1. أبو شيخ الحَرّانيّ. حدَّث ببغداد عن زُهَير بن معاوية، وعيسى بن يونس. روى عنه: أبو حاتم الرازي، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وإسحاق بن الحسن الحربي. وثقه أبو حاتم. 225- عبد الله بن مروان بن معاوية الفزاري2. روى عن: أبيه. وروى عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، وجماعة. يُكنَّى أبا حُذَيْفة. روى عن: ابن أبي الدُّنيا، والبَغَويّ. وكان ثقة. 226- عبد الله بن مسلمة بن قعنب3 -خ. م. د. ت. ن. الإمام أبو عبد الرحمن الحارثيّ القَعْنَبيّ المَدنيّ. نزيل البصرة ثمّ مَكّة. ولد بعد الثلاثين ومائة، وسمع من صغار التّابعين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 166"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 207"، والثقات لابن حبان "8/ 345". 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 302"، والجرح والتعديل "5/ 181"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 212"، والثقات لابن حبان "8/ 353".

سمع: أفلح بن حُمَيْد، وشُعْبَة، وابن أبي ذئب، وأسامة بن زيد بن أسلم، ومالكًا، والحَّمادين، وداود بن قيس الفرّاء، وَسَلَمَةَ بن وردان، والَّليْث بن سَعْد، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، ونافع بن عُمَر الْجُمَحيّ، وخلْقًا. وعنه: خ، م، د، وم. أيضًا، ت. ن؛ عند رجلٍ، عنه، وعبد الله بن داود الخُرَيْبيّ، وهو أكبر منه، ومحمد بن عبد الله ابن سنجر الحافظ، ومحمد بْن يحيى الذُّهليّ، ومحمد بْن عَبْد الله بن عبد الحَكَم، وهلال بن العلاء، وعبد بن حُمَيْد، وعَمْرو بن منصور النَّسائيّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن أيوب بن الضُّرَيْس، ومحمد بن عليّ الصائغ، ومحمد بن مُعَاذ دُرّان، ومُعَاذ بن المُثَنَّى، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وأبو خليفة الفضل بن الحُبَاب، وخلْق سواهم. قال أبو زُرْعة: ما كتبتُ عن أحدٍ أجلّ في عيني من القَعْنَبيّ. وقال أبو حاتم: ثقة حجّة لم أر أخشع منه. سألناه أن يقرأ علينا "المُوَطّأ"، فقال: تعالوا بالغداة. فقلنا: لنا مجلسٌ عند حَجَّاج. قال: فإذا فرغتم منه. قلنا: نأتي مسلم بن إبراهيم. قال: فإذا فرغتم منه. قلنا: نأتي أبا حُذَيْفة. قال: فبعد العَصْر. قلنا: نأتي عارِمًا. قال: فبعد المغرب؛ فكان يأتينا بالّليل. فنخرج علينا وعليه كساء، ما تحته شيء في الصّيف، فكان يقرأ علينا في الحَرّ الشّديد حينئذٍ1. وقال ابن مَعِين: ما رأيت رجلًا يُحَدِّث لله إلّا وَكِيعًا، والقَعْنَبيّ.

_ 1 أي في هذا الوقت.

وقال الحافظ أبو عمرو الجيزي أحمد بن محمد: سَمِعْتُ أبي يقول: قلت للقَعْنَبيّ: ما لك لا تروي عن شُعْبَة غير هذا الحديث؟. قال: كان شُعْبَة يستثقلني، فلا يحدثني. وقال الخريبيّ، مع جلالته وفَضله: حدَّثني القَعْنَبيّ، عن مالك، وهو واللهِ عندي خيرَ من مالك. وقال أبو حفص الفلّاس: كان القَعْنَبيّ مُجاب الدَّعوة. وقال عثمان بن سعيد الدّارميّ: سَمِعْتُ ابن المَدِينيّ، وذكر أصحاب مالك، فقيل له: معن، ثم القعنبيّ. قال: لا بل القَعْنَبيّ، ثمّ مَعّن. وقال محمد بن الوهّاب الفرّاء النَّيْسَابوريّ: سمعتهم بالبصرة يقولون: عبد الله بن مَسْلَمَة من الأبدال. وقال إسماعيل القاضي: كان القَعْنَبيّ من المجتهدين في العبادة. وقال إمام الأئمة ابن خُزَيْمة: سَمِعْتُ نصر بن مرزوق يقول: أثبت النّاس في "المُوَطّأ": القَعْنَبيّ، وعبد الله بن يوسف التِّنِّيسيّ بعده. وقال إسماعيل القاضي: كان القَعْنَبيّ لا يرضى قراءة حبيب، فما زال حَتّى قرأ بنفسه "المُوَطّأ" على مالك. وقال محمد بن سعيد: كان القَعْنَبيّ عابدًا فاضلًا، قرأ على مالك كُتُبَه. وقال أبو بكر الشيرازي في كتاب "الألقاب": سَمِعْتُ أبا إسحاق المُسْتَمْليّ: سَمِعْتُ أحمد بن منير البَلْخيّ: سَمِعْتُ حمدان بن سهل البَلْخيّ الفقيه يقول: ما رأيت أحدًا إذا رُؤي ذُكر الله إلّا القَعْنَبيّ رحمه الله، فإنّه كان إذا مرّ في مجلسٍ يقولون: لا إله إلّا الله. وقيل: كان يسمى الراهب لعبادته وفضله. وروى عبد الله بن أحمد بن الهيثم، عن جدّه قال: كنّا إذا أتينا القَعْنَبيّ خرج إلينا كأنه مُشْرفٌ على جهنّم. وقال محمد بن عبد الله الزُّهْريّ، عن الحُنَيْني: كنّا عند مالك بن أنس، فقدِم ابن قَعْنَب من سَفَر، فقال مالك: قوموا بنا إلى خير أهل الأرض.

وقال الحاكم: قال الدّارقطنيّ: يُقَدَّم في "المُوَطّأ" مَعّن، وابن وَهْب، والقَعْنَبيّ. قال: وأبو مُصْعَب ثقة في "المُوَطّأ". قلت: لم يَرْوِ عن القَعْنَبيّ، عن شُعْبَة سوى حديث واحد، لأنّه، أدركه في آخر أيّامه. وروى بعض النّاس لذلك قصّةً لا تصحّ. تُوُفّي القَعْنَبيّ في المحرم سنة إحدى وعشرين، وقد سمع منه مسلم أيّام الموسم سنة عشرين، وهو أكبر شيخ له. وآخر من روى حديثه عاليًا أبو الحَسَن بن البخاريّ، كان بينه وبينه خمسٍ أنفُس. وسمعنا "المُوَطّأ" من روايته بِعُلُوّ المَرّة الأولى ببَعْلَبَكّ، والثّانية بحلب. 227- عبد الله بن مهديّ. أبو محمد العامريّ النَّيْسَابوريّ. في أعقابه جماعة فُضَلاء بنَّيْسَابور. سمع من: خارجه بن مُصْعَب، وابن المبارك، وأصرم بن عتّاب. وعنه: حفيده محمد بن فور، وسهل بن عمّار العَتَكيّ، ومحمد بن زيد السُّلَميّ. تُوُفّي سنة خمسٍ وعشرين. 228- عبد الأحد بن الَّليْث بن عاصم1. أبو زُرْعة القِتْباني المصريّ. شيخٌ نبيل. روى عن: حَيْوَة بن شُرَيح، ويحيى بن أيّوب، ومالك بن أنس، وعثمان بن الحَكَم. قال ابن يونس: مات في رجي سنة ثمانٍ وعشرين، عن بضعٍ وثمانين سنة. 229- عبد الأعلى بن عبد الواحد البُرُلُّسيّ. عن: همّام، وزين بن شُعَيْب. تُوُفّي سنة ثلاثين ومائتين.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 424"، والأنساب "10/ 62".

230- عبد الباقي بن عبد السّلام المصريّ. عن: همّام بن إسماعيل، وابن وَهْب. مات بعد العشرين ومائتين. روى عنه: محمد بن إسحاق الصَّاغانيّ، وغيره. 231- عبد الجبّار بن سَعْد بن سليمان المساحقيّ1. الفقيه المدنّي، صاحب مالك. روى عنه، وعن: ابن أبي ذئب. وعنه: إسماعيل القاضي، وغيره. وولي قضاء المِصِّيصة، وعاش بضعًا وثمانين سنة. قال مُصْعَب الزُّبَيْريّ: كان أجمل قُرَشيّ وجهًا، وأحسنهم لسانًا، رحِمه الله. وقال: تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. وقال ابن سَعْد: سنة تسع وعشرين. 232- عبد الحميد بن بكّار2. أبو عبد الله السُّلَميّ الدّمشقيّ، ثمّ البيروتيّ. قرأ القرآن على أيّوب بن تميم. وروى عن: سعيد بن عبد العزيز الفقيه، وسعيد بن بشير، والهِقْل بن زياد، والوليد بن مسلم، وغيرهم. وعنه: أبو داود في كتاب "المراسيل"، وسَعْد بن محمد البيروتيّ، والعبّاس بن الوليد البيروتيّ. وقرأ عليه العبّاس بحرف ابن عامر.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 440"، والجرح والتعديل "6/ 32"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 109"، والثقات لابن حبان "8/ 418". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 9"، والثقات لابن حبان "8/ 402"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 564".

وروى عنه أيضًا: يعقوب الفَسَويّ، وأحمد بن المعلى القاضي، وأبو عَبْد الملك، أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وطائفة. 233- عبد الحميد بن صالح1 -ن. أبو صالح البُرْجُميّ الكوفيّ المقرئ. قرأ على أبي بكر بن عيّاش، وعلى أبي يوسف الأعشى. قرأ عليه: جعفر بن عنبسة، وإسماعيل بن عليّ الخيّاط. وكان يَؤُمّ بمسجد بني شيطان. وحدَّث عنه: زُهَير بن معاوية، وقيس بن الربيع، وحبّان بن عليّ، وعاصم بن محمد العُمَريّ، وأبي بكر النَّهْشَليّ، وجماعة. وعنه: أحمد بن أبي غَرَزَة، والحسين بن إسحاق التُّسْتَريّ، وعبّاس الدُّوريّ، ومُطَيِّن، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وموسى بن إسحاق الأنصاريّ، وجماعة. قال مُطَيَّن: مات سنة ثلاثين. وقال أبو حاتم، صَدُوق. 234- عبد الحميد بن أبي طالب2. أبو يزيد البصْريّ، واسم أبيه حمّاد. روى عن: عبد الله بن المُثَنَّى، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وعبد العزيز بن مسلم، وجماعة. وعنه: أبو حاتم، وأبو زُرْعة. 235- عبد الرحمن بن بُجَيْر الكلاعي3. قال ابن يونس: ثقة شريف مصريّ. روى عن يحيى بن أيّوب، ومالك بن أنس.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 14"، والثقات لابن حبان "8/ 402"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 767"، وتهذيب التهذيب "6/ 117". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 12".

تُوُفّي سنة إحدى وعشرين. وعنه: ابنه محمد. وابنه غير مأمون. 236- عبد الرحمن بن بكر الطبريّ الآمُليّ1. عن: شَرِيك، وعبد الواحد بن زياد، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. وهو صَدُوق. 237- عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم القُرَشيّ الجمحي البصري2 -م. عن: جدّه، والنَّضْر بن إسماعيل، ومحمد بن حُمْران القَيْسيّ. وعنه: م، وأحمد بن داود المكّيّ، وأبو زرعة الرازي، ومحمد بن غالب تمتام، وأبو خليفة، وجماعة. قال أبو حاتم: محله الصدق. وقال ابن عساكر: مات سنة ثلاثين. 238- عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي3. الفقيه أبو محمد مولى بني مخزوم. أخذ عن: ابن وَهْب، وأشهب، وابن القاسم، وابن نافع، وعبد الملك بن الماجِشُون. وبَرَع في رأي مالك. وحدَّث عن أبي ضمرة، وغيره. وله مسائل تسمّى "الدّمياطيّة".

_ 1 انظر الجرح والتعديل 5" 217". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 217"، وتهذيب الكمال "2/ 777"، وتقريب التهذيب "1/ 145". 3 انظر طبقات الفقهاء للشيرازي "154"، والديباج المذهب لابن فرحون "148".

روى عنه: يحيى بن عَمْرو، وغيره. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين ومائتين، وآخر من حَدَّث عنه أحمد بن حمّاد زُغْبة. 339- عبد الرحمن بن الحَكَم بن بشير الرّازيّ الحافظ1. رأى زَكَريّا بن سلّام العُتْبيّ نزيل الرَّيّ. ثمّ حمل عن: عتّاب بن أَعْيَن صاحب الأعمش، وجرير بن عبد الحميد، ونزفل بن مُطَهّر، وحَكّام، وأبي بكر بن عيّاش، وابن عُيَيْنة، وحفص بن غياث، وخلق. وعنه: محمد بن مهران الجمال، وابن وارة، وأبو زرعة، وآخرون. قال ابن واره: كان أعلم الناس بشيوخ الكوفيين. وقال إبراهيم بن موسى الفراء: ما رأيت أحدا أفهم بمشيخة أبي إسحاق السبيعي، من عبد الرحمن بن الحكم. 240- عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعي الكوفي2. لا نعلمه روى عن غير أبيه. وروى عنه: البخاريّ في كتاب "الأدب"، ومحمد بْن عبد الله بْن نُمَيْر، ومحمد بن عُبَيْد بن عُتْبَة الكِنْديّ، وابن أخيه محمد بن بِشْر بن شَرِيك، وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شَيْبَة، وجماعة. قال أبو حاتم: واهي الحديث. وقال ابن حِبّان: ربّما أخطأ، وذكره في "الثّقات". قال ابن عقدة: تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. 241- عبد الرحمن بن الضّحّاك3. أبو سُلَيم، ويقال: أبو مسلم البعلبكّيّ القارئ المعرف بابن كسرى.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 227". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 244"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 296"، والثقات لابن حبان "8/ 375"، وتاريخ الطبري "3/ 217". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 247".

روى عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، وسُوَيْد بن عبد العزيز، وجماعة. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، وعَمْرو بن عيسى الحمصيّ، وأبو المنذر محمد بن سُفْيان. قال أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ. 242- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عبد الملك بن شَيْبَة الحزامي1 -خ. ن. مولاهم المَدنيّ أبو بكر. سمع: ابن أبي فُدَيْك، والوليد بن مسلم، وأبا نُبَاتَة يونس بن يحيى المَدنيّ، وعبد الله بن نافع الصّائغ، وعبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن الحزاميّ، وجماعة. وقيل: إنّه روى عن هُشَيْم بن بشير، وفيه نظر. وعنه: خ. ون، عن رجلٍ: عنه، والفضل بن محمد الشَّعرانيّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأبو مَعِين الرّازيّ، ومحمد بن يزيد الأسفاطيّ. قال أبو حاتم الرّازيّ: كان يختلف إلى عبد العزيز الأُوَيْسيّ وهو شابّ يكتب عنه، فرآه أبو زُرْعة فسمع منه. وقال أبو زُرْعة: لم يكن بين حديثه وبين موته كبير شيء. اختلفتُ إلى بيته عشرين ليلة أنظرُ في كُتُبه. وقال أبو بكر بن داود: ضعيف. 243- عبد الرحمن بن عُبَيْد بن محمد بن عائشة2. شاعر محسن ظريف أديب. تُوُفّي في حياة أبيه ببغداد، فقدِم أبوه من البصرة لأجل ميراثه في سنة سبعٍ وعشرين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 259"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 318"، وتهذيب الكمال "2/ 802"، وميزان الاعتدال "2/ 578". 2 انظر الكامل في التاريخ "6/ 529"، والعقد الفريد "4/ 354".

244- عبد الرحمن بن المبارك البصريّ الخلقانيّ1 -خ. د. ت. العَيْشيّ الطُّفَاويّ. ويقال: السَّدُوسيّ؛ أبو بكر، ويقال أبو محمد. عن: وُهَيْب بن خالد، ومهدي بن ميمون، وأبي عَوَانة، وحمّاد بن زيد، وحزم القُطَعيّ، وطائفة. وعنه: خ، ود، عن رجلٍ: عنه، وحرب الكِرْمانيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن أيّوب الرَّازيّون، ومحمد بن محمد التّمّار، وأبو خَلَف الْجُمَحيّ، وأحمد بن داود المكّيّ، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وخلْق. قال أبو حاتم: ثقة. وقال ابن عساكر: توفي سنة ثمانٍ، وقيل: سنة تسعٍ وعشرين. 245- عبد الرحمن بن محمد بن عَلْقَمَة2. أبو أُمَيّة الفَرَضيّ. بصْريّ مستور. يروى عن: شُعْبَة، ومبارك بن فَضَالةِ. وعنه: سوار بن عبد الله القاضي. قال خليفة: مات أبو أمية سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 246- عبد الرحمن بن مقاتل3 -د. أبو سهل التّستريّ، ثم البصّريّ. خال القَعْنَبيّ. عن: مالك بن أنس، وعبد الرحمن بن أبي الموال، وعبد الله بن عُمَر العُمَريّ. وعنه: د، وعليّ بن عبد الله البَغَويّ، ومعاذ بن المثنى، وأبو خليفة الجمحيّ.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 304"، والجرح والتعديل "5/ 292"، والثقات لابن حبان "8/ 380"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 814". 2 انظر خليفة "477"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 257". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 292"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 352"، والثقات لابن حبان "8/ 379"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 818، 819".

قال أبو حاتم الرازي: صدوق. 247- عبد الرحمن بن موسى الهواري1. أبو موسى الأندلسي الفقيه. رحل في "طلب" العلم، وأخذ عن: مالك، وسُفْيان بن عُيَيْنة. ودخل العراق، وأخذ العربية عن: أبي زيد الأنصاريّ، والأصْمَعيّ. وأحكم عِلْم اللّسان، وصعِد إلى بلاده، فغرقت كُتُبُه في البحر، فجاء أهل أسْتِجَةَ يهنُّونه بالسّلامة، ويُعَزّونه في كُتُبه، فقال: ذهب الخَرْج وبقى الدَّرْج، وكان حافظًا، وعَنَى بالدَّرْج ما في صدره. وكان متضلّعًا من القراءات والتّفسير، وغير ذلك. روى عنه تفسيره محمد بن أحمد العتبي. وحكى محمد بن عُمَر بن لُبابة، عن القَعْنَبيّ قال: كان أبو موسى الأسْتِجيّ إذا قدِم قُرْطُبَة لم يُفْتِ يحيى بن يحيى، ولا عيسى، ولا سعيد بن حسّان حَتّى يرحل عنها. قلت: عيسى هو ابن دينار صاحب ابن القاسم، وهو أقدم موتًا من أبي موسى رحمه اللَّه. 248- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي المهاجر الدّمشقيّ2. عن: المّنْكَدِر بن محمد بن المّنْكَدِر، وسُفْيان بن عيينة، والوليد بن مسلم. وعنه: أبو حاتم، والفَسَويّ، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وأحمد بن إبراهيم البُسْريّ، وجماعة. وكان من علماء دمشق الكبار. قال أبو حاتم: ما بحديثه بأس.

_ 1 انظر الديباج المذهب لابن فرحون "148". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 302"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 367"، والثقات لابن حبان "8/ 378".

وقال غيره: تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. 249- عبد الرحمن بن يونس1. أبو مسلم الروميّ المُسْتَمْليّ البغداديّ، مولى أبي جعفر المنصور. كان يستملي على سُفْيان بن عُيَيْنة فروى عنه، وعن: حاتم بن إسماعيل، وابن فُضَيْل، ومحمد بن أبي فُدَيْك، وجماعة. وعنه: خ، وإبراهيم الحربيّ، وعباس الدوري، وحنبل بن إسحاق، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. وأما أبو العباس السراج فقال: سألت أبا يحيى صاعقة عنه، فلم يرضه في الحديث، وأراد أن يَتَكَلَّم فيه فقال: استغفر الله. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: لَيْسَ بِالْمَتِينِ عِنْدَهُمْ. وقال محمد بن سَعْد: أخبرني أنّه ولد سنة أربعٍ وستّين ومائة ومات فجأة في عاشر رجب سنة أربعٍ وعشرين. وكذا أرّخه أحمد بن أبي خَيْثَمة، وحاتم بن الَّليْث. 250- عبد الرحيم بن محمد بن زيد2 السُّكَّريّ. عن: أبي بكر بن عيّاش. وعنه: أبو الآدان عُمَر بن إبراهيم، وإبراهيم بن موسى وغيرهما. وَثّقَهُ الدَّارَقُطْنيّ. 251- عبد الرّزّاق بن عُمَر الدّمشقيّ3 -د. العابد، أحد الأولياء.

_ 1 انظر الطبقات الكبري لابن سعد "7/ 356"، والجرح والتعديل "5/ 303"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 369"، والثقات لابن حبان "8/ 379". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "11/ 86". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 49، 50"، والضعفاء للنسائي "297"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 828، 829"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 609".

روى عن: مدرك بن أبي سَعْد الفَزَاريّ، ومحمد بن القاسم بن سميع، ومبشّر الحلبيّ. وعنه: حفيده أحمد بن عبد الله بن عبد الرّزّاق، وأبو حاتم، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، ويزيد بن محمد بن عبد الصَّمَد. أخرج أبو داود حديثًا، عن رجل، عنه. قال أبو حاتم: كان فاضلًا متعبّدًا صدوقًا، يعدّ من الأبدال. وقال أبو داود: كان مِن ثقات المسلمين، رحِمه الله تعالى. 252- عبد الرّزّاق بن عُمَر بن بزيع البَزِيعيّ الشَّرَويّ1. عن: ابن المبارك، ويحيى بن أبي زائدة. وعنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عُبَيْد بن عُتْبَة الكِنْديّ، وقال: كان من خِيار النّاس. 253- عبد السّلام بن مُطَهّر بن حسام بن مِصَكّ بن ظالم بن شيطان2 -خ. د. أبو ظفر الأزديّ البصريّ. عن: شُعْبَة، ومبارك بن فَضَالَةَ، وجرير بن حازم، وموسى بن خَلَف العَمِّيّ، وسليمان بن المغيرة، وجماعة يسيرة. وعنه: خ، ود، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن خيثمة، وأحمد بن داود المكي، وإسماعيل سمويه، وعثمان بن خرزاذ، ومحمد بن حبّان المازني، وأبو خليفة، وخلق. وقد روى أبو داود، عن مُحَمَّد بْنُ المثني، عَنْهُ أيْضًا. قال أبو حاتم: صدوق.

_ 1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "6/ 131"، والثقات لابن حبان "8/ 412"، والمجروحين له "2/ 160"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 829". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 308"، والجرح والتعديل "6/ 48"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 67"، وتهذيب الكمال للمزي 2/ 833".

وقال أبو دَاوُد: مات في رجب سنة أربعٍ وعشرين. 254- عبد الصَّمَد بن عبد الكريم القُدسيّ1 المُطَّوِّعيّ. عن: أبي المَلِيح الرَّقّيّ، وعُبَيْد الله بن عَمْرو، وهُشَيْم، وجماعة. وعنه: أبو حاتم، لقيه سنة عشرين ومائتين. 255- عبد الصَّمَد بن داود بن مِهران الحَرّانيّ. أخو أبي صالح. ولد بإفريقيا. وسمع من: زُهَير بن معاوية. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين. 256- عبد العزيز بن الخطّاب2 -ق. أبو الحسن الكوفيّ، نزيل البصرة. عن: شُعْبَة، والحَسَن بن صالح، ومحمد بن إسماعيل بن رجاء الزُّبَيْديّ، وأبي مَعْشَر نَجِيح، وقيس بن الربيع، وجماعة. وعنه: عَمْرو بن عليّ الفلّاس، وأحمد بن الأزهر، وأبو قلابة الرِّقاشيّ، وإبراهيم بن دِيزِيل، وأبو مسلم الكَّجّيّ، والعبّاس بن الفضل الأسفاطيّ، وعثمان بن خرّزاذ، ومحمد بن حبّان المازنيّ، وخلْق. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال الفلّاس: ثقة. وقال أبو داود: مات في ذي القعدة سنة أربعٍ وعشرين. 257- عبد العزيز بن داود الحَرّانيّ3. أخو عبد الغفار الأتي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 52". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 381"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 29"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 836"، وسير أعلام النبلاء "10/ 425". 3 الجرح والتعديل "5/ 381"، والثقات لابن حبان "8/ 395".

سمع: زُهَير بن معاوية، وحمّاد بن سَلَمَةَ. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، لَقِيه بِحّران، وأبو شُعَيْب عبد الله بن الحَسَن الحَرّانيّ. وَثّقَهُ أبو حاتم. وقال أبو عُرْوَبة: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 258- عبد العزيز بن عثمان بن جبلة1 -خ. ن. أبو الفضل الأزديّ المروزيّ، شاذان، أخو عَبْدان. روى عن أبيه فقط. وعنه: ابنه خَلَف، ورجاء بن مُرَجّا الحافظ، وأحمد بن سَيّار الحافظ، وأبو عليّ محمد بن يحيى المَرْوَزِيّ الصّائغ. ولد سنة ثمانٍ وأربعين ومائة، ومات في المحرم سنة تسعٍ وعشرين بعد عَبْدان بثمان سنين. روى البخاريّ، والنَّسائيّ، عن الصّائغ، عنه. 259- عبد العزيز بن موسى2. أبو رَوْح اللاحونيّ البَهْرانيّ الحمصيّ، ابن عمّ أبي اليَمَان. سمع: أبا عوانة، وحمّاد بن زيد، وخالد بن عبد الله، وجماعة. وعنه: محمد بن عوّف الطّائيّ، وعبد الكريم الدّيرعاقوليّ، وأحمد بن عبد الوهّاب الحوطيّ، وأبو حاتم، وقال: كتبتُ عنه بسَلَمية، وهو "صَدُوق" ثقة مأمون. قلت: لم يخرّجوا له. 260- عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3 -ن.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 395"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 840"، وتهذيب التهذيب "6/ 349". 2 انظر الثقات لابن حبان "7/ 395، 396"، ومن قبله الجرح والتعديل "5/ 397"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 844". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 384"، والثقات لابن حبان "8/ 396"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 447".

أبو عبد الرحمن العمريّ المدنيّ. نزل بغداد، وحدَّث عن: إبراهيم بن سَعْد، وأبي أويس عبد الله الأصبحيّ. وعنه: إبراهيم بن الحارث العُباديّ، وأبو زُرْعة، وموسى بن هارون، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى. قال الدَّارَقُطْنيّ: ليس به بأس. قلت: وروى ن. حديثًا، عن المَرْوَزِيّ، عنه، وقع لنا عاليًا بدرجة. 261- عبد الغفار بن داود بن مهران بن زياد1 -خ. د. ن. ق. أبو صالح البكريّ الحّرانيّ. نزيل مصر. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وزُهَير بن معاوية، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، وعبد الله بن عيّاش القِتْبانيّ، ويعقوب بن عبد الرحمن القارئ، وإسماعيل بن عيّاش، وأبي المُلَيْح الرَّقّيّ، وخلْق. وعنه: خ. ود. ن. ق، عن رجلٍ عنه، وأبو بكر الأثرم، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وعبد الله بن حماد الأماب، ومحمد لن عوف الطائي، وعثمان بن سعيد، والدّارميّ، ومحمد بن عمرو بن نافع الطّحّان، والمِقْدام بن داود الرُّعَيْنيّ، وموسى ين عيسى بن المنذر الحمصيّ، ويحيى بن أيّوب العلّاف، ويحيى بن عثمان السَّهْميّ، وأحمد بن حمّاد زُغْبَة، وخلْق. وكان واحدًا من العلماء والرؤساء. قال ابن يونس: كانت أمّه من أهل البصرة بنت سعيد بن يزيد الأزديّ، فخرج بِهِ أبوه من إفريقيا سنة إحدى وأربعين وهو طفل، فنشأ بالبصرة، وكتب بها الفقه والحديث، إلى أن رجع إلى مصر مع أبيه، سنة إحدى وستين ومائة. وخرج إلى المغرب. وكان ثقة ثَبْتًا فَقيهًا على مذهب أبي حنيفة.

_ 1 انظر التاريخ الصغير للبخاري "229"، والثقات لابن حبان "8/ 421"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 84".

وكان أحد وجوه مصر. قدم المأمون مصر، فكان يُجَالسه، وله معه أخبار. وقال أبو بكر الخطيب: ولد بإفريقيا سنة أربعين ومائة، وخرج به أبوه وهو طفل إلى البصرة، فنشأ بها، وتفقَّه وسمع، ثمّ رجع إلى مصر مع أبيه، فسمع من الَّليْث بن سعد، وغيره. وقال: خلت الإسكندريّة، فسلّمتُ على موسى بن عليّ بن رباح، وأعجلني السَّفَرُ، فلم أسمع منه، وفاتني. وكان يكره أن يقال له الحَرّانيّ. وإنما سُمّي بذلك لأنّ أخويه عبد الله وعبد العزيز وُلِدَا بها. ولم يزالا بها، ولهما ثروة ونعمة. وأما أخَوَاه: عبد الخالق، وعبد الصَّمَد، وهو فُوِلدَا بإفريقيا ثمّ تحوّلوا منها. مات أبو صالح بمصر سنة أربعٍ وعشرين في شعبان، وغلط من قال سنة ثمانٍ وعشرين. 262- عبد الغنيّ بن سعيد بن عبد الرحمن الثَّقَفيّ1. مولاهم المصريّ، أبو محمد. روى عن: موسى بن عبد الرحمن الصّنعانيّ كتاب "التّفسير" عن ابن جُرَيْج، وموسى. متروك. رواه عنه: بكر بن سهل الدِّمْياطيّ. قال ابن يونس: ضعيف الحديث. تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين في رجب. 263- عبد الكبير بن المُعَافَى بن عِمران الأزديّ المَوْصِليّ2. أحد الفُضَلاء، والزّهّاد.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 424، 425"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 642"، ولسان الميزان للحافظ "4/ 45". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 63"، والكامل في التاريخ "6/ 460".

روى عن: أبيه، وعن حمّاد وجماعة. وخرج إلى الثغر وأقصى الدُّنيا، ونزل المِصِّيصة محملًا لذِكره، يبيع البقل. روى عنه: عثمان بن سعيد التَّنُوخيّ، وغيره. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين، رحمه الله. 264- عبد المُتَعَالي بن طالب1 -خ. أبو محمد الأنصاريّ الظّفريّ البغداديّ. عن: عَوَانة، وإبراهيم بن سَعْد، وأبي المَلِيح الرَّقّيّ، وابن وهب. وعنه: خ، أحمد بن حنبل، وابن أبي الدُّنيا، وعثمان بن سعيد الدارمي، وعبدان الأهوازي، وجماعة. وقال عبد الخالق بن منصور، عن ابن مَعِين: ثقة. مات سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 265- عَبْد الملك بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك بن ذكوان2. -م. ن. وقيل: عبد الملك بن عبد العزيز بن الحارث. أبو نصر القيشريّ النَّسَويّ الدّقيقيّ التّمّار الزّاهد. عن: أبان بن يزيد العطّار، وحمّاد بن سَلَمَةَ، والقاسم بن الفضل الحَرّانيّ، وجرير بن حازم، وسعيد بن عبد العزيز الدّمشقيّ، وابن الأشهب العُطَارِديّ، وزُهَير بن معاوية، وعُقْبَة بن عبد الله الرفاعيّ الأصمّ، ومالك بن أنس، وطائفة. وعنه: م. ون. ن عن رجلٍ: عنه، وأبو حاتم، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وأحمد بن أبي خيثمة، ومحمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ، وأحمد بن عليّ القاضي المَرْوَزِيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وأبو القاسم البغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي وخلق.

_ 1 انطر الجرح والتعديل "6/ 68"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 135"، وتاريخ بغداد "11/ 134"، 135"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 648". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 340"، والجرح والتعديل "5/ 385"، والتاريخ للبخاري "5/ 423".

قال أبو حاتم: ثقة. وقال: كان يُعَدُّ من الأبدال. وقال النَّسائيّ: ثقة. وقال سعيد البَرْدَعيّ: سَمِعْتُ أبا زُرْعة يقول: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا عن يحيى بن معين، ولا أحدٍ ممن امُتِحَن فأجاب. وقال محمد بن سَعْد: أبو نصر التّمّار من أبناء خُراسان، ذُكر أنّه وُلِد بعد مقتل أبي مسلم الدّاعية بستّة أشهرُ، ونزل بغداد في رَبَض الطُّوسيّ، وتَجِر في التَّمْر، وغيره. وكان ثقة فاضلًا خيَّرًا ورِعًا. تُوُفّي ببغداد في أوّل يوم من المحرَّم، سنة ثمانٍ وعشرين، وهو ابن إحدى وتسعين سنة. وكان بَصَرُه قد ذهب. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَافِيُّ، أنا الفتح بن عبد الله الكاتب، أنا عبد اللَّهِ الْحَاسِبَ، أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، ثنا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ الْوَزِيرُ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، نا أبو نصر التّمّار، وعبد الأعلى ابن حَمَّادٍ، وَكَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْعَيْشِيُّ قَالُوا: ثنا حَمَّادِ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي العثراء، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أما تكون الزّكاة من الّلّية؟ فَقَالَ: "لَوْ طُعِنَتْ فِي فَخْذِهَا لأَجْزَأَ عَنْكَ"1. قال محمد بن محمد بن أبي الورد: قال لي مؤذّن بِشْر الحافي: رأيت بِشْرًا فِي النَّوم، فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟. قَالَ: غُفِر لي. قلت: فما فعل بأبي نصر التّمّار؟ فقال: هيهات ذاك في عِلِّيّين بفقره وصبره على بنيانه. 266- عبد الملك بن مسلمة بن يزيد2.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه أبو داود "2825"، والنسائي "7/ 228"، وابن ماجه "2183"، وأحمد "4/ 334". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 371"، والمجروحين لابن حبان "2/ 134"، وتاريخ الطبري "2/ 316"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 664".

أبو مروان المصريّ الفقيه، مولى بني أُمَيّة. حمل عن: مالك، والَّليْث بن سَعْد، وابن لَهِيعَة، وغيرهم. وعنه: الحَسَن بن قُتَيْبة أبو محمد العسقلانيّ، ويحيى بن عثمان بن صالح المصريّ، وإسماعيل بن عبد الله سَمُّوَيْه، وأبو حاتم، وجماعة. ضعّفه ابن حِبّان. وقال ابن يونس: مُنْكَر الحديث. قال: وهو مولى جَزْء بن عبد العزيز بن مروان، وكان فقيهًا من أصحاب مالك، وُلِدَ سنة أربعين ومائة، ومات في ذي الحجة سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. 267- عبد المنعم بن إدريس1 اليماني. ابن بنت وَهْب بن مُنَبَّه. روى عن أبيه كتاب "المبتدأ"، وأدَّعى أنّه سمع من: ابن جريح، ومَعْمَر. وعنه: أبو بكر بن أبي الدُّنيا، ومحمد بن أحمد البراء. قال أحمد بن حنبل: يكذّب على وَهْب. وقال البخاريّ: ذاهب الحديث. قيل: إنّه عُمِّر تسعين سنة، ومات سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 268- عبد الوهّاب بن2 عليّ. أبو بِشْر التَّميميّ الكوفيّ. عن: إسماعيل بن جعفر، وغيره. وعنه: أحمد بن حمّاد زُغْبَة. تُوُفّي في ربيع الأول سنة ثلاثين ومائتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 67"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 138"، والمجروحين لابن حبان "2/ 157"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 668". 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 68".

269- عُبَيْد بن جناد الكِلابيّ1 الرَّقّيّ. نزيل حلب وقاضيها، من موالي بني جعفر بن كلاب. عن: عُبَيْد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، وابن المبارك، وعطاء بن مسلم، وابن عُيَيْنة. وعنه: عُمَر بن شَبَّة، وأحمد بن يحيى الحَلَوانيّ، وابن أبي الحواري، وأبو زُرْعة. قال ابن أبي حاتم: سُئِل عنه أبي، فقال: صَدُوق. 270- عُبَيْد الله بن حفص بْنُ عُمَرَ بْنِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بن مَعْمَر2. أبو عبد الرحمن القُرَشيّ التَّيْميّ البصْريّ الإخباريّ المعروف بابن عائشة، وبالعَيْشيّ، لأنّه من ولد عائشة بنت طلحة بن عُبَيْد الله. سمع: حمّاد بن سَلَمَةَ، وجُوَيْرية بن أسماء، وعبد الواحد بن زياد، ومهديّ بن ميمون، ووَهْب بن خالد، وأبا عَوَانة، وأبا هلال الراسبيّ. وعنه: أبو داود، وأحمد بن حنبل، وأبو زُرْعة، وابن أبي الدُّنيا، وعثمان بن خُرَّزاذ، ومحمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ، وإبراهيم الحربي، وأبو القاسم البَغَويّ. قال أبو حاتم، وغيره: صَدُوق في الحديث. وكان عنده عن حمّاد تسعة آلاف حديث. وقال أبو داود: كان طَلّابًا للحديث، عالمًا بالعربيّة وأيّام النّاس، لولا ما أفسد نفسه. وهو صَدُوق. وقال زَكَريّا السّاجيّ، قُرِفَ بالقَدَر وكان برِئًا منه. وكان من سادات أهل البصرة، غير مدافَع كَرَمًا سخيًّا. قال يعقوب بن شَيْبَة: أنفق ابن عائشة على إخوانه أربعمائة ألف دينار في الله، حَتّى التجأ إلى أن باع سقف بيته.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 404"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 132"، والثقات لابن حبان "8/ 432"، والإكمال "2/ 45". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 335"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 888"، وسير أعلام النبلاء "10/ 564-567".

وقال إبراهيم بن إسحاق المعروف بالحربيّ: ما رأت عيني مثل ابن عائشة. فقيل له: يا أبا إسحاق، رأيتَ أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين، وابن رَاهَوَيْه، وتقول: ما رأيت مثلَ ابن عائشة. فقال: نعم. مات في رمضان سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 271-عُبَيْد بنُ يحيى1. أبو سُلَيم الأسدي مولاهم الْجَزَريّ. عن: قيس بن الربيع، وعَبْثَر بن القاسم. وعنه: هلال بن العلاء الرَّقّيّ، وأحمد بن بزيع الإسكاف الرّقّيّ. 272- عبيد بن يعيش2 -م. ن. أبو محمد الكوفيّ المحامليّ العطّار. سمع: عبد الرحمن بن محمد المحاربي، وابن فُضَيْل، وعبد الله بن نُمَيْر، وأبا بكر بن عيّاش، ويحيى بن آدم، وجماعة. وعنه: م. ون. عن رجلٍ، عنه، أبو زُرْعة، والبخاريّ في كتاب "رفعِ الْيَدَين"، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وإبراهيم بن أبي داود البُرُلُسُيّ، ومحمد بن جعفر القتّات، ومُطَيِّن، وخلْق. قال أبو داود: ثقة ثقة. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال عمّار بن رجاء: سَمِعْتُ عُبَيْد بن يعيش يقول: أقمتُ ثلاثين سنة، ما أكلت بيدي باللّيل. وكانت أختي تلقمني، وأنا أكتب.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 431"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 897"، وتهذيب التهذيب للحافظ "7/ 87". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 414"، والجرح والتعديل "6/ 5، 6"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 9"، والثقات لابن حبان "8/ 431".

وقال أبو بكر بن مُنْجَوَيْه، وغيره: مات سنة تسعٍ وعشرين في رمضان. 273- عُتْبَة بن سعيد بن حِبّان بن الرحض1. ويقال الرَّخْس. أبو سعيد السُّلَميّ الحمصيّ. عن: إسماعيل بن عيّاش، والوليد الموقريّ، ومَخْلَد بن الحسين، وأبي عَلْقَمَة عبد الله الفَرْوي. وعنه: أبو أُمَيّة الطّرسوسيّ، وأبو عبد الله البخاريّ، عثمان بن سعيد الدّارميّ، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، وجماعة. قال النَّسائيّ: ليس به بأس. قلت: لم يخرّجوا له شيئًا. 274- عتيق بن يعقوب بن صديق بن موسى بن عبد الله2 بن الزُّبَيْر. أبو بكر الأَسَديّ الزُّبَيْريّ الفقيه الصالح المَدنيّ. سمع "المُوَطّأ" ولازم مالِكًا، وصحِب عبد الله بن عبد العزيز العُمَريّ الزّاهد، وما زال من خيار العلماء. قال ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ أبا زُرْعة يقول: بلغني أنّ عتيق بن يعقوب حفظ "الموطأ" في حياة مالك. فال ابن أبي حاتم: وروى عن: الزُّبَيْر بن الحريث، والدَّرَاوَرْديّ. قلت: وعن: أبي بن عبّاس بن سهل. وعنه: الذُّهَليّ، وأبو زُرْعة، وعليّ بن حرب، والعبّاس بن أبي طالب، وطائفة. تُوُفّي سنة أربعٍ أو ثمانٍ وعشرين ومائتين. 275- عثمان بن سعيد الكوفيّ الزّيّات الطّبيب الصّائغ3 الأحول.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 371"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 528"، والثقات لابن حبان "8/ 508"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 902". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 439"، والجرح والتعديل "7/ 46". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 152"، وتهذيب الكمال "2/ 909"، وتهذيب التهذيب "7/ 19".

عن: مبارك بن فَضَالَةَ، وأبي مَعْشَر نَجِيح السِّنْديّ، وداود بن عُلَيّة، والقاسم بن مَعّن المسعوديّ، وعبيد الله ابن عَمْرو الرَّقّيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بن عثمان الأَوْديّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بن عُبَيْد بن عُتْبَة الكِنْديّ، وأبو عبد الله البخاريّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا بَأْسَ بِهِ. 276- عثمان بن سعيد بن مُرَّة القُرَشيّ المُرِّيّ الكوفيّ المكفوف1. جار أبي غسّان النَّهْديّ. روى عن: إسرائيل، ومِسْعَر، وعليّ بن صالح بن حيّ، والحَسَن بن صالح أخيه، وهيّاج بن بِسْطام، وطائفة. وعنه: إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وإسحاق الحربي، وعيسى بن عبد الله زغاث، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن إسماعيل السُّلَميّ، ومحمد بن سليمان البَاغَنْديّ، وخلْق. ذكره ابن حِبّان في كتاب "الثّقات". 277- عُرَيْب المغنّية2. كانت بارعة الحسن، كاملة الظّرف، حاذفة بالغناء وَقَوْلِ الشِّعْر، معدومة المِثْل، اشتراها المعتصم بمائة ألف وأعتقها. ويقال: إنّ جعفر البرمكيّ كان قد أحبَّ امرأة وهي أمّ عُرَيب، فتزوّجها وترددّ إليها سرًّا، وأسكنها في مكان لئلا يعلم أبوه، فولدت له عُرَيب، ثمّ ماتت. فاسترضع جعفر لعُرَيب المراضع، وسلّمها إلى امرأةٍ نصرانية. فلمّا قُتِل باعَتْها النّصرانيّة سرًّا، فاشتراها الأمين من النّخّاسين، ولم يعرف ثمنها، فلمّا هلك الأمين عادت إلى سِنْبِس النّخّاس، وصارت له، فشُغف بها. وقدِم المأمون من طُوس، فاشتهر أمرها، واشتراها من سِنْبِس كرْهًا، فمات صَبَابَة بها. ثمّ صارت للمعتصم. ولها أصوات معروفة، وأشعار مُطْرِبة، وصيت بحُسْن الصَّوت.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 152"، والثقات لابن حبان "8/ 450"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 909"، وتهذيب التهذيب "7/ 119". 2 انظر طبقات الشعراء لابن المعتز "425، 461"، والأغاني لأبي الفرج "21/ 52-90".

278- عَفَّان بن مَخْلَد البَلْخيّ1. عن: وَكِيع، ويحيى بن يَمَان. وعنه: ابن أبي الدُّنيا، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وموسى بن إسحاق. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. 279- عليّ بن الجارود بن مَزْيَد النَّيْسَابوريّ. أبو الحَسَن. ثقة مشهور، رحّال. سمع: مالك بن أنس، وابن لَهِيعَة، وشَرِيك بن عبد الله، وطبقتهم. وعنه: محمد بن أشرس، وزَكَريّا بن داود الخفّاف، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وغيرهم. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. 280- عليّ بن الْجَعْد بن عبيد2 -خ. د. أبو الحسن الهاشمي. مولاهم البغداديّ الجوهري الحافظ. مُسند بغداد في زمانه. سمع: محمد بن أبي ذئب، وشُعْبَة، وسُفْيان، وحريز بن عثمان، أحد التابعين، والحسن بن صالح بن حي، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وشَيْبان النحوي، وعاصم بن محمد العُمَريّ، وعبد الرحمن المسعودي، وعبد العزيز الماجشون، والقاسم بن الفضل الحراني، وخلقًا كثيرًا. وتفرّد عن جماعة. وعنه: خ. ود، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، وأبو يعلي الموصلي، وأحمد بن يحيى الحلواني، ومحمد ابن عبدوس بن كامل، ومحمد بن يحيى بن سليمان المروزي، وعمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، وإبراهيم بن هاشم البغوي، وأحمد بن عليّ المروزيّ، وأبو القاسم البغوي، وخلق.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 277، 278". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 338"، والجرح والتعديل "6/ 178"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 266"، وتاريخ الطبري "7/ 559".

وجاء عنه أنّه رأى الأعمش وقال: قدِمتُ البصرةَ سنة ستٍّ وعشرين، وكان سعيد بن أبي عَرُوبة حيًّا، ولقيت فيها همّام. ولقيت سُفْيان بمكّة سنة سبعٍ، وسمعت منه، ومن ابن عُيَيْنة. وقال نِفْطَوَيْه: كان عليّ بن الْجَعْد أكبر من بغداد بعشر سنين. وعن موسى بن داود قال: ما رأيت أحفظ من عليّ بن الْجَعْد. كنّا عند ابن أبي ذئب، فأملى علينا عشرين حديثًا، فحفظها وأملاها علينا. وقال صالح جَزَرَة: سَمِعْتُ خَلَف بن سالم يقول: صرت أنا، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين إلى عليّ بن الْجَعْد، فأخرج إلينا كُتُبَه وذهب فظنَنّا أنّه يتخذ لنا طعامًا، فلم نجد في كتابه إلّا خطًا واحدًا. فلمّا فرغنا من الطّعام قال: هاتوا. فحدَّث بكلّ شيء كتبناه حِفْظًا. وقال عليّ بن الْجَعْد: كتبت عن سُفْيان بن عيينة بالكوفة سنة ستّين ومائة. وقال عبدوس النَّيْسَابوريّ: ما أعلم أنّي لقيت أحفظ من عليّ بن الْجَعْد، وكان عنده عن شُعْبَة نحوٌ من ألف ومائتي حديث. وقال أبو حاتم: ما كان أحفظه لحديثه وهو صَدُوق. وقال أبو جعفر النُّفَيْليّ: لا يُكْتَب عن عليّ بن الْجَعْد، وضعّف أمره جدًا وقال أبو إسحاق الْجَوْزجانيّ: عليّ بن الْجَعْد متشبّث في بِدَعه، زائغٌ عن الحقّ. وقال أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ: قلت لعليّ بن الْجَعْد: بَلَغَني أنّك قلت: ابن عَمْرو ذاك الصّبيّ. قال: لم أقُل، ولكن معاوية ما أكره أن يُعذّبه الله. وقال هارون بن سفيان المستلي: كنت عند عليّ بن الْجَعْد فذكر عثمان، فقال: أخذ من بيت المال مائة ألف درهم بغير حقّ. قلت: لا واللهِ، ما أخذها إلّا بحقّ، إن كان أخذها. فقال: لا واللهِ، ما أخذها إلّا بغير حقّ. وقال داود: وُسِمَ عليّ بن الْجَعْد بمَيْسم سوء، قال: ما يسوءني أن يعذّب الله معاوية.

وقال العُقَيْليّ: قلت لعبد الله بن أحمد بن حنبل: لِمَ لَم تكتب عن عليّ بن الْجَعْد؟ قال: نهاني أبي أن أذهب إليه. وكان يبلغه عنه أنّه يتناول الصّحابة. وقال زياد بن أيّوب: سَمِعْتُ عليّ بن الْجَعْد يَقُولُ: القرآن كلامُ اللَّه، ومن قَالَ: مخلوقٌ، لم أعنّفه. وقال ابن مَعِين: عليّ بن الْجَعْد أثبت البغداديّين في شُعْبَة، وهو ثقة، صَدُوق. وقال النَّسائيّ: صَدُوق. وَقَالَ عَبْدُ الرّزّاق بن سليمان بن عليّ الْجَعْدِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَحْضَرَ الْمَأْمُونُ أَصْحَابَ الْجَوْهَرِ، فَنَاظَرَهُمْ عَلَى متاعٍ كَانَ مَعَهُمْ ثُمَّ نَهَضَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَامَ لَهُ كُلُّ مَنْ فِي الْمَجْلِسِ إِلا ابْنُ الْجَعْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ كَهَيْئَةِ المُغْضِبِ، ثُمَّ اسْتَحْلَلَهُ فَقَالَ: يَا شَيْخُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُومَ لِي؟ قَالَ: أَجْلَلْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْحَدِيثِ الَّذِي يَأْثُرُهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُبَارَكَ بْنَ فَضَالَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"1. فَأَطْرَقَ2 الْمَأْمُونُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: لا يُشْتَرَى إِلا مِنْ هَذَا الشَّيْخِ. قَالَ: فَاشْتَرَى مِنْهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِقِيمَةِ ثَلاثِينَ أَلْفِ دِينَارٍ. قال أبو القاسم البَغَويّ: أُخْبِرتُ انه ولد سنة أربعٍٍ وثلاثين ومائة؟ وأُخْبِرتُ عن إسحاق بن أبي إسرائيل أنّه قال في جنازة عليّ بن الْجَعْد: أخبرني، يعني عليًّا، أنّه منذ نحو ستين سنة، يصوم يومًا، ويُفْطر يومًا. قال البَغَويّ: تُوُفّي يوم السبت لستٍّ بقين من رجب سنة ثلاثين، وقد استكمل ستًّا وتسعين سنة. قلت: آخر من روى حديثه في الدُّنيا عاليًا أبو المُنَجّا بن الَّلّتيّ، وهو أعلى ما سُمِعَ اليوم، وهو سنة خمس عشرة وسبعمائة.

_ 1 "إسناده ضعيف مرسل، والحديث صحيح": أخرجه أبو داود "5229"، وأحمد "4/ 93، 100"، وانظر الصحيحة "357". 2 أي نظر في الأرض متأملا.

281- عليّ بن جعفر بن زياد الأحمر الْكُوفِيُّ1. حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: أَبِي بَكْرِ بْنِ عيّاش، وعبد الله بن إدريس. وعنه: عبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى المَرْوَزِيّ، ومحمد بن عَبْدُوس السّرّاج. وَثّقَهُ مُطَيَّن وقال: تُوُفّي سنة ثلاثين أيضًا. 282- عليّ بن الحسن بن طيبان -خ. ن. أبو الحسن المروزيّ الملجكانيّ. عن مبارك بن فَضَالَةَ، وأبي عَوَانة، ورافع بن سَلَمَةَ. وعنه: خ. ون، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل، وعبد الله بن واصل، وجماعة. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين بخُراسان. 283- عليّ بن رُزَيْن2. أبو عبد الله الهَرَويّ. من سادة الصُّوفيّة. كان أستاذ "أبي" عبد الله المغربيّ الزّاهد. ذكر إبراهيم بن شَيْبان الصّوفيّ عليا فقال: أتى عليه مائة وعشرون سنة. وقد صحب الحسن البصّريّ. قلت: هذا ليس بصحيح. قال: وقبره بجبل الطُّور سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. 284- عليُّ بن عبد الحميد بن مصعب المعنيّ3 -ت. ن.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 178"، والثقات لابن حبان "8/ 468"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 366".2 انظر صفة الصفوة لابن الجوزي "4/ 336". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 408"، والجرح والتعديل "6/ 195"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 287"، والثقات لابن حبان "8/ 465".

أبو الحسن، وقيل أبو الحسين الكوفيّ. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وعبد العزيز الماجِشُون، وسليمان بن المغيرة، وسلّام بن مسكين، وزُهَير بن معاوية، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وأحمد بن الفرات، وأحمد بن خيثمة، وإسماعيل بن سَمُّوَيْه، وبِشْر بن موسى، والدّارميّ، وعبّاس الدُّوريّ، وخلْق. وَثّقَهُ أبو حاتم، وغيره. قال النَّسائيّ: مات سنة اثنتين وعشرين. علّق له البخاريّ حديثًا، رواه بعينه التِّرْمِذِيّ، عن البخاريّ، عن عليّ بن عبد الحميد. وهو ابن عمّ عبد الرحمن بن مُصْعَب. كذا قال ابن سَعْد. وإنّما هو ابن أخيه. قال: وكان فاضلًا خيّرًا. 285- عليّ بن عثمان اللّاحقيّ البصْريّ1. عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وأبي عَوَانة، وداود بن أبي الفُرات، وجُوَيْرية بن أسماء، وعبد الواحد بن زياد. وعنه: مُعَاذ بن المُثَنَّى، ويحيى بن محمد بن الذُّهَليّ، وأحمد بن عليّ الأبّار، وإبراهيم بن فهد، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وطائفة. تُوُفّي بالبصرة سنة ثمانٍ وعشرين، وكان صَدُوقًا. وأما ابن خراش فقال: فيه اختلاف. وهو أبو الحَسَن عليّ بْنُ عُثْمَانُ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ لاحِقٍ. وقد روى عنه عَفَّان، وهو أكبر منه. وقال أبو حاتم: ثقة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 196"، والثقات لابن حبان "8/ 465"، وميزان الاعتدال للمصنف "10/ 568، 569".

286- عليّ بن عثّام بن عليّ1 -م. الإمام أبو الحَسَن الكلابيّ العامري الكفويّ، نزيل نَيْسَابُور. سمع: شَرِيك بن عبد الله، وحمّاد بن زيد، وعبد السَّلام بن حرب، وعبد الله بن المبارك، وفُضَيْل بن عِيَاض، وداود بن نُصَيْر الطّائيّ، وسُفْيان بن عُيَيْنة، ووالده عَثّام بن عليّ، وطائفة. وعنه: إسحاق بن رَاهَوَيْه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وسلمة بن شبيب، وأيوب بن الحسن الزاهد، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وأبو حاتم الرّازيّ، وجماعة. وَثّقَهُ أبو حاتم. وروى مسلم حديثًا، عن رجلٍ، عنه. قال الحاكم في "تاريخه" في حقّه: أديب، فقيه، حافظ، زاهد، واحد عصره، وكان لا يُحَدِّث إلّا بعد الجهد، وأكثر ما أخذ عنه الحكايات والزهديات، قرأتُ بخط أبي عَمْرو المستملي: سَمِعْتُ محمد بن عبد الوهّاب يقول: ما رأيت مثل عليّ بن عثّام في العُسْر في الحديث. وكان يقول: النّاس لا يُؤْتَوْن من حليم. يجيء الرجل فَيسأل، فإذا أخذ غلط، ويجيء الرجل فيأخذ ثمّ يصحّف، ويجيء الرجل، فيأخذ ليُماري صاحبه، ويجيءُ الرجل، فيأخذ ليُباهي به، وليس عليّ أن أعلم هؤلاء إلّا رجل يجيئني، فيهتمّ لأمر دينه، فحينئذٍ لا يَسَعَني أن أمنعه. وقال: سَمِعْتُ عليّ بن عثّام، وكان من أفصح النّاس يقول النّاس يقول: دَنّت إلينا دانّة من بني هلال، وهم من أفصح النّاس، فخرج عليّ بعضهم بُنيٌّ له فقال: يا أبه، إنّ فلانًا دفعني في حَوْمة الماء. قلت: يا بني، وما حَوْمة الماء. قال: بُعْثُطة. قلت: وما بُعْثُطة؟ قال: مَجمّة الماء. قلت: وما مجمّة؟ فقال كلمة لم أحفظها.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 464"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 984، 985"، وسير أعلام النبلاء "10/ 565-571".

قال محمد بن عبد الوهّاب: ورد عليّ بن عثّام نَيْسابور سنة خمسٍ ومائتين، فسكنها، فلمّا ورد عبد الله بن طاهر، بعث إليه يسأله حضور مجلسه، فأبى عليه، وتشفع بإسحاق بن رَاهَوَيْه حَتّى أعفاه، ثمّ خرج من نَيْسَابُور سنة خمسٍ وعشرين ومائتي، فحجّ وذهب إلى طَرَسُوس، فسكنها إلى أن تُوُفّي بِطَرَسُوس سنة ثمانٍ وعشرين. 287- عليّ بن قُدامة الطُّوسيّ الوكيل1. حدَّث ببغداد عن: ابن المبارك، وعبيدة بن حميد. وعنه: عبّاس الدّوريّ، إسحاق الخَتُّليّ. قال يحيى بن مَعِين: لم يكن ممّن يكذب. وقال غيره: مات سنة تسعٍ وعشرين. 288- عليّ بن قَرِين بن بَيْهس الأصبهانيّ2. عن: خالد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب، وجعفر بن سليمان الضُّبَعيّ، وعفيف بن سالم، وطائفة. وعنه: أسيد بن عاصم، ويحيى بن مُطَرِّف، وأحمد بن مهران، وعبد الله بن محمد بن زَكَريّا، وعِمران بن عبد الرحيم الأصبهانيون، وأحمد بن محمد البَرائيّ. قال أبو نُعَيْم: كان يُضَعَّف. وقيل: تُوُفّي بعد الثلاثين، فربّما أُعيده. كذّبه ابن مَعِين، وموسى بن هارون، وجماعة. 289- عليّ بن المُثَنَّى بن يحيى بن عيسى التَّميميّ المَوْصِليّ3. والد أبي يعلى أحمد بن عليّ.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 50، 51"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 151"، ولسان الميزان للحافظ "4/ 251". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 201"، والكامل لابن عدي "5/ 1857"، والضعفاء للعقيلي "3/ 349"، والميزان للمصنف "3/ 15". 3 انظر الإكمال لابن ماكولا "2/ 190".

روى عَنْ: هُشَيْم، وجرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وعنه: ابنه في مُسْنَدِه. 290- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي سيف1. أبو الحَسَن المدائنيّ الأخباريّ. بصْريٌّ سكن بغداد بعد أن سكن المدائن مُدّةً، فَنُسِبَ إليها، وهو صاحب المصنّفات المشهورة. وكان عالمًا بالمغازي والسِّير والأنسابْ، وأيّام العَرب. صَدُوقًا فيما يُبْديه. سمع من: قُرَّةَ بن خالد، وشُعْبَة، وعَوَانة بن الحَكَم، وجُوَيْريه بن أسماء، وابن أبي ذئب، وسلّام بن مسكين، ومبارك بن فَضَالَةَ، وحمّاد بن سَلَمَةَ، وطائفة. وعنه: خليفة بن خيّاط المصريّ، والزُّبَيْر بن بكّار، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، والحارث بن أبي أُسَامة، والحَسَن بن عليّ بن المتوكل، وآخرون. قال أحمد بن أبي خَيْثَمة: كان أبي، ومُصْعَب الزُّبَيْريّ، ويحيى بن مَعِين، يجلسون بالعَشِيّات على باب مُصْعَب، فمرّ ليلةٍ رجلٌ على حمارٍ فارهٍ2 وبزّةٍ3 حسنة، فسلَّم، وخصَّ بمسائله يحيى بن مَعِين، فقال له يحيى: يا أبا الحَسَن، إلى أين؟ قال: إلى دار هذا الكريم الذي يملأ كُمّي دنانيرَ ودراهم إسحاق بن إبراهيم المَوْصِليّ. قال: فلمّا وَلَّى قال يحيى بن مَعِين: ثقة ثقة ثقة. قال: فسألت أبي من هذا؟ قال: المدائني. وقال محمد بن حرب، وذكر المدائني، فقال: أخبرني بنسبه الحارث، وذكر أنّه قبل موته بثلاثين سنة سرد الصوم، وأنّه كان قد قارب المائة، فقيل له في مرضه: ما تشتهي؟ قال: أشتهي أن أعيش.

_ 1 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 191"، وتاريخ أبي زرعة "1/ 161"، والكامل في التاريخ "6/ 516"، وسير أعلام النبلاء "10/ 400-402". 2 أي طويل. 3 البَزُّ: نوع من الثياب.

قال: وتُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين، وكان عالمًا بالفُتُوح، والمغازي، والشِّعْر، وأيّام النّاس، صَدُوقًا في ذلك. وقال غيره: تُوُفّي سنة خمسٍ وعشرين ومائتين، وله ثلاثٌ وتسعون سنة، رحمه الله. مات في دار إسحاق الموصليّ، وكان منقطعًا إليه. وقال ابن الأخشيد المتكلّم: كان المدائني متكلّمًا من غِلْمَان مَعْمَر بن الأشعث. حكى المدائني قال: أمر المأمون بإدخالي عليه، فذكر عليًّا -رَضِيَ اللَّهُ عنه، فحدّثته فيه بأحاديث، إلى أنْ ذَكَر لعْنَ بني أُمَيّة له، فقلت: حدَّثني أبو سَلَمَةَ المُثَنَّى بن عبد الله الأنصاري قال: لي رجلٌ: كنتُ بالشّام فجعلت لا أسمع عليًّا ولا حَسَنًا ولا حُسَيْنًا -رَضِيَ اللَّهُ عنهم، إنّما أسمع معاوية، يزيد، الوليد، فمررت برجلٍ على بابه، فاستقيته فقال: أسقِه يا حَسَن. فقلت: أَسَمَّيْتَ حَسَنًا؟ فقال: أولادي حَسَن وحُسَين وجعفر، فإنّ أهل الشّام يسمّون أولادهم، بأسماء خلفاء الله، ولا يزال أحدهم يلعن ولده ويشتُمُه، فلم أسمّهم بذلك لئلّا أَلْعَنَ إنْ لَعَنْتُهُم خلفاء الله. فقلت: حسِبْتُكَ خيرَ أهل الشّام، وإذا ليس في جهنّم شرٌّ منكم. فقال المأمون: لا جَرَم، قد جعل الله من يلعن أحياءهم وأمواتهم ومَن في الأصلاب، يعني لَعْن الشّيعة للنّاصبة. ذكر ياقوت الحَمَويّ أسماء مصنّفات المدائنيّ في خمسٍ ورقات ونصف، منها: كتاب "تسمية المنافقين وأخبارهم"، كتاب "حَسَب النبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، كتاب "فتوحه"، كتاب "عُهُوده". وله عِدّة كُتُب في "أخبار قريش" و"أهل البيت"، كتاب "من هجاها زوجُها"، "تاريخ الخلفاء الكبير"، كتاب "خُطَب عليّ"، كتاب "أخبار الحَجّاج"؛ وعِدّة كُتُب في الفتوحات، وعِدّة كُتُب في الشُّعراء وأخبارهم، "خبر أصحاب الكهف"، "أخبار ابن سِيرِين"، كتاب "الجواهر"، كتاب "الأكَلَةَ"، كتاب "الزَّجْر والفأل"، وغير ذلك.

291- عليّ بن مَيْسَرة بن خالد الهَمْدانيّ1. أبو الحَسَن. محدِّث رحّال. روى عن: ابن المبارك، وأشعث بن عطّاف، وجرير بن عبد الحميد، وطبقتهم. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، قال أبو حاتم: صَدُوق. 292- عليّ بن أبي هاشم بن طِبْراخ البغدادي2 -خ. واسم أبيه عُبَيْد الله. عن: شَرِيك، وهُشَيْم، وحمّاد بن زيد، وإبراهيم بن سَعْد، وطائفة. وعنه: خ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وإسحاق الحربي، وعبد الله بن الحسين المِصِّيصيّ، وخَلَف بن عَمْرو العُكْبَرِيّ، وأحمد بن عليّ الخزّاز، وآخرون. وقف في القرآن فتكلّموا فيه قليلًا. وأمّا أبو حاتم فقال. وقف في القرآن، فترك النّاس حديثه. وتكلَّم فيه ابن معين، وابن المَدِينيّ للوقف. 293- عمّار بن نصر3. أبو ياسر السَّعْديّ الخُراسانيّ، المَرْوَزِيّ. عن: جرير، وابن المبارك، وابن عُيَيْنة، وبقيّة، ويوسف بن عطيّة، وجماعة. وعنه: أبو حاتم، وصالح جَزَرَة، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وآخرون. قال جزرة: عندي لا بأس به.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 205، 206". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 194، 195"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 9"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 994، 995". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 394"، والثقات لابن حبان "8/ 518"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 255، 256"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 997، 998".

وقال أَبُو حاتم: صَدُوق. وذكره ابن حِبّان فِي "الثقات". مات في رمضات سنة تسعٍ وعشرين ببغداد. 294- عمّار بن هارون1. أبو ياسر البصْريّ المستملي الدّلّال. عن: أبي المقدام هشام بن زياد، وعُتْبَة بن عبد الله الرفاعيّ، وسلّام بن مِسْكين، وجعفر بن سليمان الضُّبَعيّ، وجماعة. وعنه: محمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، والحَسَن بن سُفْيان، وآخرون. قال أبو أحمد بن عَدِيّ: عامّة ما يرويه غير محفوظ. وقال موسى بن هارون: متروك الحديث. 295- عُمَر بن إبراهيم بن خالد الهاشميّ2. هو آخر من زعم أنّه سمع من عبد الملك بن عُبَيْد. روى عنه: عبد الله بن أيّوب المُخرّميّ، وإسحاق الخُتُّليّ، وأحمد بن مُصْعَب المَرْوَزِيّ. ذكره ابن أبي حاتم، ولم يضعّفْه. وقال الخطيب في كتاب "السّابق واللّاحق": بَلَغَنَا أنّه تُوُفّي بعد العشرين ومائتين. قلت: وروى عن: عيسى بن عليّ العبّاسيّ، وابن أبي ذئب، وشُعْبَة، وسُفْيان. وأظنّه أنّه سقط بينه وبين عبد الملك رجل. قال الخطيب في تاريخه: عُمَر بن إبراهيم أبو حفص يُعرف بالكرديّ، مولى بني هاشم، كان غير ثقة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 394"، والثقات لابن حبان "8/ 518"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 255، 256". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 98"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 202"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 179، 180"، ولسان الميزان للحافظ "4/ 280".

وقال أحمد بن محمد بن عُقْدة الحافظ: ضغيف. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كذّاب. 296- عُمَر بن حفص بن غياث النخعيّ الكوفيّ1 -خ. م. د. ت. ن. أبو حفص. عن: أبيه، وأبي بكر بن عياش، وعبد الله بن إدريس الأَوْديّ. وعنه: خ. م. ود. ت. ن، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وأحمد بن مُلاعِب، وإسماعيل سَمُّوَيْه، والدّارميّ، والذُّهَليّ، وأبو حاتم، ويعقوب الفَسَويّ، وطائفة. قال أبو حاتم: ثقة. وقال أبو داود: تَبعْتُه إلى منزله، ولم أسمع منه، يعني لم يتّفق له الأخْذ عنه. قال البخاريّ: تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. قلت: لم يخرّجوا له شيئًا عن غير أبيه. 297- عُمَر بن الخطاب الكِنْديّ. مولاهم الإسكندرانيّ. إخباريٌّ له تاريخ. روى عن: همّام بن إسماعيل، ويعقوب بن عبد الرحمن، وغيرهما. قَالَ ابن يونس: تُوُفّي في ذي القعدة عن إحدى وعشرين. 298- عُمَر بن سعيد بن سليمان2. أبو حفص القرسيّ الدّمشقيّ الأعور. روى عن: سعيد بن عبد العزيز، وسعيد بن بشير، وخالد بن يزيد، والوليد بن مسلم، وجماعة.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 413"، والجرح والتعديل "6/ 103"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 150"، والثقات لابن حبان "8/ 445". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 111"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 106"، والمجروحين لابن حبان "2/ 89"، والكامل لابن عدي "5/ 127".

وعنه: ابن سَعْد في "الطّبقات"، وابن أبي الدُّنيا، ومحمد بن سَعْد العَوْفيّ، وأحمد بن عليّ الأبّار، وعثمان بن خُرَّزاذ، وطائفة. تركه أبو حاتم. وقال النَّسائيّ: ليس بثقة. وقال مسلم: ضعيف الحديث. وقال أبو حسّان الزّياديّ: توفّي سنة خمسٍ وعشرين ومائتين عن نيفٍ وثمانين سنة. سكن بغداد. 299- عُمَر بن عبد الوهّاب بن رياح بن عُبَيْدة1 -م. ن. أبو حفص الرياحيّ البصريّ. عن: جُوَيْريه بن أسماء، ويزيد بن زُرَيْع، ومُعْتَمِر بن سليمان. وعنه: عليّ بن المَدِينيّ، والبخاري، ومحمد بن رافع، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وحنبل بن إسحاق، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة مأمون. ذهبتُ إليه في جامع البصرة فقلت له: إنّ رأيت أن تحدِّثني؟ فقال: ليس هذا موضعه، إن أردتَ ففي المنزل. وكان منزله في أقصى البصرة، فأتيناه ولم نصادفْه، ولم نعد إليه. قال البخاريّ، وابن أبي عاصم: تُوُفّي سنة إحدى وعشرين. زاد البخاريّ: لأيّام بقين من شَعْبان. 300- عُمَر بن عثمان بن عاصم بن صهيب2 التَّيْميّ. مولاهم أبو حفص الواسطيّ ابن عمّ عاصم بن عليّ. روى عن: عبّاد بن العوام، وعبد السّلام بن حرب، ومعتمر بن سليمان، وجماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 122، 123"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 176، 177"، والثقات لابن حبان "8/ 445"، وتهذيب الكمال"2/ 1019". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 124"، وتاريخ خليفة "439، 441"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1019"، وتهذيب التهذيب "7/ 481".

وعنه: أحمد بن سنان، وأبو زرعة، وأبو حاتم: صدوق. 301- عمر بن علي بن أبي بكر الكندي الأسعدي الرازي1. سمع: أباه وعبد العزيز الدراوردي، وأبا بكر بن عياش، وطبقتهم. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وقالا: صدوق. 302- عمرو بن حماد بن طلحة الكوفي القتاد2 -م. د. ن. وقد يُنْسَبُ إلى جدّه. عن: أسباط بن نصر، وهو مُكْثِر عنه، والمطِّلب بن زياد، ومَنْدَل بن عليّ، وعليّ بن هاشم بن البريد، وحفص القاريّ، وجماعة. وعنه: م. ود. ن، عن رجلٍ، عنه، وإبراهيم الْجَوْزجانيّ، وأحمد بن ملاعب، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، وعبّاس التُّرْقُفَيّ، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وأبو حاتم، وعبد الله بن محمد بن النُّعْمان، وتَمْتَام، وعليّ بن عبد العزيز، وخلْق. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال أبو داود: كان من الرافضة، ذكر عثمانَ بشيءٍ، فطلبه السُّلطان. وقال مَطَيِّن: مات في صفر سنة اثنتين وعشرين. قُلْتُ: لَهُ فِي "مُسْلِمٍ" حَدِيثٌ وَاحِدٌ، أَنْبَأَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ سَلَامَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْجَمَّالِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، نَا أَسْبَاطٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الْأُولَى، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانُ الْمَدِينَةِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، فَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدَّيَّ، فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا وَرِيحًا كَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ"3. وفي البصْريين ممن اسمه: عَمْرو بن حمّاد، رجلان.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 125". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 228"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 323"، والثقات لابن حبان "8/ 483"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 103". 3 "خبر صحيح": أخرجه مسلم "2329".

303- عَمْرو بن حمّاد الأزْديّ الفَرَاهِيديّ1. عن: حمّاد بن زيد. وعنه: إسحاق بن وَهْب العلّاف، وغيره. 304- عَمْرو بن حمّاد العَبْديّ2. عن: مروان بن معاوية الفَزَاريّ، وغيره. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم وقال: صَدُوق. 305- عَمْرو بن خالد بن فرّوخ بن سعيد3 -خ. ق. أبو الحسن التّميميّ، ويقال: الخزاعيّ الحرّانيّ، نزيل مصر. والد أبي عُلاثة محمد بن عمرو. روى عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وعبد الحميد بن بهرام، والَّليْث بن سَعْد، وزُهَير بن معاوية، وشريك بن عبد الله، وابن اهيعة، وطائفة. وعنه: خ. وق، عن رجلٍ، عنه، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وابنه أبو عُلاثة، ويحيى بن عثمان السَّهْميّ، وعثمان بن خرّزاذ، وعمر بن عبد العزيز بن مِقْلاص، والحَسَن بن الفَرَج الغزّيّ، وأبو الزِّنْبَاع رَوْح بن الفَرَج، وخلْق. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال أحمد العِجْليّ: ثقة، ثَبْت. وقال البخاريّ: مات سنة تسعٍ وعشرين. 306- عَمْرو بن الصّبّاح4. أبو حفص الكوفيّ الضّرير المقرئ المجّود. صاحب حفص.

_ 1 انظر تهذيب الكمال للمزي "2/ 1030"، وتهذيب التهذيب للحافظ "8/ 23". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 228، 229"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 323"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1030". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 518"، والجرح والتعديل "6/ 230"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 327"، والثقات لابن حبان "8/ 485". 4 انظر غاية النهاية لابن الجزري "1/ 601".

قرأ على حفص، وروى الحروف عن أبي يوسف الأعشى، عن أبي بكر بن عيّاش. وكان محقّقًا حاذقًا بالقراءة، له حلقة كبيرة وأصحاب. قرأ عليه: عليّ بن سعيد البزّاز، والحسن بن المبارك، وعليّ بن محصن، ومحمد بن عبد الرحمن الخيّاط شيح ابن شنبود، وآخرون. وبعض النّاس يقول: إنّه لم يقرأ على حفص، بل أخذ عنه الحروف. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين. 307- عَمْرو بن عَوْن بن أَوْس بن الجعد1 -خ. د. ع. الحافظ أبو عثمان السّلميّ الواسطيّ البزّاز. عن: الحمَّادَيْن، وأبي عَوَانة، وعبد العزيز بن الماجِشُون، وشَرِيك القاضي، وهُشَيْم، وطائفة. وعنه: خ. ود، وخ. أيضًا، والباقون بواسطة، وحَجَّاج بن الشَّاعر، وعبد الله المُسْنَديّ، والدّارميّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعثمان الدارمي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وخلْق. وَثّقَهُ غير واحد. وقال يزيد بن هارون: عَمْرو بن عَوْن ممّن يزداد كلّ يوم خيْرًا. وقال إبراهيم بن عبد الله الختّليّ، سَمِعْتُ يحيى بن مَعِين يقول: ثنا عَمْرو بن عَوْن، وأطنب يحيى في الثّناء عليه. وقال أبو زُرْعة: قلّ من رأيت أثبت حِفْظًا. وقال أبو حاتم: ثقة حُجّة. وقال حاتم بن الَّليْث: مات سنة خمسٍ وعشرين ومائتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 252"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 361"، والثقات لابن حبان "8/ 485"، وتاريخ الطبري "1/ 326".

308- عمرو بن مرزوق1 -د. خ. مقرونًا. أبو عثمان الباهليّ، مولاهم البصْريّ. عن: عِكْرِمة بن عمّار، ومالك بن مِغْوَلٍ، وشُعْبَة، والحمَّادَيْن، وعبد الرحمن المسعودي، وأبي إدريس صاحب لأنسٍ. وعنه: خ. مقرونًا، ود، وأبو زُرْعة، وحرب الكِرْماني، وأحمد بن داود المكّيّ، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وعثمان بن خرّزاذ، ومحمد بن محمد بن حبّان التّمّار، وأبو خليفة الفضل بن الحُبَاب، وخلْق. وكان يحيى القطّان لا يرضاه في الحديث. قاله القَواريريّ. وقال أبو زُرْعة: سَمِعْتُ سليمان بن حرب وذكر عَمْرو بن مرزوق فقال: جاء بما ليس عندهم فحسدوه. وقال سعيد بن سَعْد البخاريّ سَمِعْتُ مسلم بن إبراهيم يقول: كانت الكُتُب التي عند أبي داود الطَّيَالسيّ لعَمْرو بن مرزوق. وكان عَمْرو رجلًا غزّاء يغزو في البحر، فلمّا مات أبو داود حوّل عَمْرو كُتُبَه. وقال ابن المَدِينيّ: اتركوا حديث الفهرين والعمرين، يعني فهر بن حيّان، وفهر بن عَوْف، وعَمْرو بن مرزوق، وعَمْرو بن حكَّام. وقيل: كان عند عَمْرو بن مرزوق، عن شُعْبَة ثلاثة آلاف حديث. وقال أبو الفتح الأزْديّ: كان سماع أبي داود الطَّيَالسيّ، وعَمْرو بن مرزوق من شُعْبَة شيئًا واحدًا. وكان ابن مَعِين يطري عَمْرًا ويرفع ذِكْره. وقال أبو زُرْعة: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل، وقيل له: إنّ عليّ بن المَدِينيّ تكلَّم في عمرو، فقال: عمرو رجل صالح، لا أدري ما يقول عليّ. قال عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي: قال أحمد بن حنبل لابنه صالح حين قدِم من البصرة: لِمَ لَم تكتب عن عَمْرو بن مرزوق؟ فقال: نهيت.

_ 1 انظر القيادة الكبرى لابن سعد "7/ 305"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 373"، والصغير له "229"، وانظر الجرح والتعديل "6/ 263".

فقال: إنّ عَفَّان كان يرضى عَمْرًا، ومن كان يُرضي عَفَّان؟ وقال أحمد: كان عَمْرو صاحب غزوٍ وخير. وقال محمد بن عيسى بن أبي قماش: سألت يحيى بن معين عنه، فقال: ثقة مأمون، صاحب غزوٍ وقرآن وفضل، وحَمَده جدًا. وقال أبو حاتم: كان ثقة من العباد، ولم نجد أحدًا مِن أصحاب شُعْبَة كان أحسن حديثًا منه. وقال ابن عديّ: سَمِعْتُ أحمد بن محمد بن خالد يقول: لم يكن بالبصرة مجلس أكبر من مجلس عمرو بن مرزوق. كان فيه عشر آلاف رجل. وقال النَّسائيّ في الكُنَى: أنا الحَسَن بن أحمد بن حبيب، ثنا بُنْدار: سَمِعْتُ عَمْرو بن مرزوق. وسئل: أَتَزوّجت ألف امرأة؟ فقال: أو زيادة على ألف امرأة. قال محمد بن عيسى بن أبي قمّاش: رأيته احمر الرأس والّلحية، وكان يخضِب بالحِنّاء، ومات بالبصرة في صَفَر سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. قلت: وله سميٌّ وهو في طبقة شيوخه. 309- عَمْرو بن مرزوق الواشجيّ البصْريّ1. عن: عَوْن بن أبي شدّاد، وغيره. وعنه: مسلم بن إبراهيم، وأبو الوليد، وأبو عُمَر الحَوْضيّ، وموسى بن إسماعيل، وجماعة. قال ابن مَعِين: ليس به بأس. 310- عَمْرو بن هارون2. أبو عثمان المقرئ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 263"، والتاريخ لابن معين "2/ 452"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 372"، وتهذيب الكمال "2/ 1050". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 368"، والثقات لابن حبان "8/ 498".

صَدُوق مرضيّ. روى عن: ابن عُيَيْنة، ويحيى بن العلاء. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو سعيد يحيى بن سعيد القطّان، وغيرهما. 311- عِمران بن ميسرة1 -خ. د. أبو الحسن المنقريّ البصريّ الآدميّ. عن: عبد الوارث بن سعيد، ويحيى بن زَكَريّا بن أبي زائدة، وعبّاد بن العوام، ومحمد بن فُضَيْل، وحفص بن غِياث، وطائفة. وعنه: خ. د، وأبو بكر الأثرم، وأبو زرعة الرازيّ، وأبو خليفة الفضل بن الحباب، وأبو مسلم الكجّيّ، وأحمد بن داود المكّيّ، وآخرون. قال ابن أبي عاصم: مات سنة ثلاث وعشرين. 312- عمران بن هارون الرملي2. أبو موسى. عن: عطاف بن خالد، وابن لهيعة، ومسكين المؤذن، وأبي خالد الأحمر، وجماعة. وعنه: موسى بن سهل الرملي، وأبو زرعة، وأبو حاتم. قال أبو زرعة: صدوق. وقال ابن يونس: في حديثه لين، ويعرف بالصوفي. قلت: يروي الطبراني، عن مسعود بن محمد الرَّمْليّ، عنه. 313- عَوْن بن جبلة الأزديّ الموصليّ الأديب3.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 306"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 429"، والثقات لابن حبان "8/ 498"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1059". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 307"، والثقات لابن حبان "8/ 498"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 244"، ولسان الميزان "4/ 350، 351". 3 انظر الكامل في التاريخ لابن الأثير "6/ 346".

روى عن: وَكِيع. وعنه: جابر المَوْصِليّ. قُتِلَ سنة ثلاثين، فهاجت الحرب بسببه بين الأزد واليمن. 314- عون بن سلاّم1 -م. أبو جعفر الكوفيّ. سمع: أبا بكر النَّهْشَليّ، وزُهَير بن معاوية، ومحمد بن طلحة بن مُصَرِّف، وإسرائيل بن يونس. وعنه: م، وموسى بن إسحاق الأنصاريّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وموسى بن هارون، وأحمد علي الأبار، ومحمد بن عبد الله مطين. وهو من كبار شيوخهم. وكان صدوقا معمرا، توفي في ذي القعدة سنة ثلاثين، وله تسعون سنة. 315- العلاء بن عمرو الحنفي الكوفي2. أبو محمد شيخ واهي الحديث. قال ابن قانع: توفي سنة سبعٍ وعشرين. قلت: روى عن أبي إسحاق الفزاريّ حديثًا موضوعًا، وعن وضّاح بن حسّان حديثًا موضوعًا. روى عنه: حفص بن عمرو بن صبيح البصريّ، ومحمد بن يونس الكديميّ، وعمر بن حفص السّياريّ، وغيرهم. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ بحال. وقال أبو الفتح الأزْديّ: لا يُكْتَب عنه بحال.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 388"، والثقات لابن حبان "8/ 516"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1066". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 355"، والثقات لابن حبان "8/ 504"، والمجروحين له "2/ 185"، ولسان الميزان للحافظ "4/ 185".

316- العلاء بن موسى بن عطية1. أبو الجهم الباهليّ صاحب الجزء المشهور الذي هو أعلى الأجزاء إسنادًا في سنة خمس عشرة وسبعمائة. قال أبو بكر الخطيب: كان صَدُوقًا سمع: الَّليْث بن سَعْد، وسوّار بن مُصْعَب، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وجماعة. وعنه: إسحاق بن سنين، وأحمد بن عليّ الأبّار، وأبو القاسم البَغَويّ، وغيرهم. تُوُفّي ببغداد في أوّل سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 317- عيّاش بن الوليد الرّقام2 -خ. د. أبو الوليد البصريّ القطّان. عن: مُعْتَمِر بن سليمان، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، ومحمد بن فُضَيْل، والوليد بن مسلم، وطبقتهم. وعنه: خ، ود، وأبو زُرْعة الرازيّ، وأحمد بن خيثمة، وأبو حاتم، والعباس بن الفضل الأسفاطي، ومحمد بن محمد بن حبّان التمار. وقد روى أبو داود أيضا، عن عيسى بن شاذان، عنه. قالوا: تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 318- عيسى بن إبراهيم البركي3 -د. من سكّة البرك بالبصرة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 240، 241"، وسير أعلام النبلاء "10/ 525"، والعبر "1/ 403". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 6"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 48"، والثقات لابن حبان "8/ 509"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1075"، 1076". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 272"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 407"، والثقات لابن حبان "8/ 494"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1077".

سمع: حمّاد بن سَلَمَةَ، والحارث بن نَبْهان، وعبد العزيز بن مُسْلم القسمليّ، وجماعة. وعنه: د، وأحمد بن أبي خَيْثَمة، وعثمان بن خُرَّزاذ، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. قلت: توفي سنة ثمانٍ وعشرين أيضًا. 319- عيسى بن أبان1. الفقيه صاحب محمد بن الحَسَن. ولي قضاء البصرة، وغيرها. وصنّف التصانيف. وحدَّث عن: هُشَيْم، وإسماعيل بن جعفر، ويحيى بن أبي زائدة. وعنه: الحَسَن بن سلّام السّوّاق، وغيره. وكان أحد الأجواد الكرام. ويُحكى عنه القول بخلْق القرآن، أجارنا الله، وهو معدودٌ من الأذكباء. قال بكّار بن قتيبة: سَمِعْتُ هلال الرأي يقول: ما قَعد في الإسلام قاضٍ أفقه من عيسى بن أبان في زمانه. وقال الطَّحَاويّ: سَمِعْتُ بكّار القاضي يقول: كان لنا قاضيان لا مِثْل لهما: إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة، وعيسى بن أبان. قال الطَّحَاوي: حدَّثني أبو حازم القاضي: حدَّثني شُعَيْب بن أيّوب قال: لمّا أتى عيسى بن هارون إلى المأمون بتلك الأحاديث التي أوردها على أصحابنا، قال المأمون لإسماعيل بن حمّاد، ولِبِشْر، ولابن سِماعة: إن لم تُبَيْنوا الحُجَّة وإلّا منعْتُكم من الفتوى بهذا القول، يعني الذي يخالف هذه الأحاديث، وجمعت النّاسَ على خلافه. ولم يكن عيسى بن أبان حضرَ، كان دونهم في السِّنّ، فوضع إسماعيل بن حمّاد

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 272"، والتاريخ الكبير "6/ 407"، والثقات لابن حبان "8/ 494"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1077".

كتابًا كان سِبابًا كله، وتكلّف يحيى بن أكثم، فلم يفعل شيئًا، فوضع عيسى بن أبان كتابه الصغير، فأُدْخِلَ على المأمون، فلمّا قرأه قال: حسدوا الفتى إذا لم ينالوا سَعْيَهُ ... فالنّاس أعداءٌ لهُ وخُصُوم. كضرائر الحَسْناء قُلْنَ لوجهها ... حَسَدًا وبَغْيًا إنّه لَذَميم تُوُفّي عيسى سنة إحدى وعشرين ومائتين. 320- عيسى بن مسلم الصّفّار1. البغداديّ المعروف بالأحمر. له مناكير. روى عن: مالك، وحمّاد بن زيد. وعنه: محمد بن عبد الله مُطَيَّن، وغيره. "حرف الغين": 321- غالب بن حَلْبَس الكلبيّ2. أبو الهيثم، بصري. عن: جُوَيْرية بن أسماء، ومهديّ بن ميمون، وعِدّة. وعنه: الحسين بن بحر، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وجماعة. صَدُوق. 322- غسّان بن الربيع بن منصور3. أبو محمد الأزديّ الموصليّ.

_ 1 انظر الضعفاء الكبير للعقيلي "3/ 394"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 160، 161"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 323". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 50"، والإكمال "2/ 498". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 52"، والثقات لابن حبان "9/ 2"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 329"، وميزان الاعتدال "3/ 334".

سمع: عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، وأبا إسرائيل المُلائيّ، والَّليْث بن سَعْد، وجماعة. وكان شيخًا نبيلًا صالحًا ورعًا، وله نسخةٌ مَرْوِيّة. حدَّث عنه: الإمام أحمد، ويحيى بن مَعِين، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وجماعة. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. وتُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. وروى أبو محمد الخلّال، عن الدَّارَقُطْنيّ أنّه صالح. 323- غسّان بن الفضل1. أبو عمرو السِّجِسْتانيّ، نزيل مَكّة. عن: حمّاد بن زيد، وبِشْر بن ميمون، وحزم بن أبي حزم القُطَعيّ، وغيرهم. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو بكر الأثرم، وأبو داود في كتاب "المراسيل". وَثّقَهُ ابن حِبّان. 324- غسّان بن مالك2. أبو عبد الرحمن البصْريّ السُّلَميّ. عن: سلّام بن سلم، وحمّاد بن مَسْلَمَة، وسلّام بن المنذر. وعنه: أبو زُرْعة الرّازيّ، وغيره. وليّنه أبو حاتم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 51"، والثقات لابن حبان "9/ 2"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1089"، وتهذيب التهذيب للحافظ "8/ 247". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 50"، والثقات لابن حبان "9/ 2"، وميزان الاعتدال "3/ 335"، ولسان الميزان "4/ 419".

"حرف الفاء": 325- فروة بن أبي المغراء1 -خ. ت. أبو القاسم بن مَعْدي كَرِب الكِنْديّ الكوفيّ. عن: شَرِيك، وأبي الأحْوَص، وعليّ بن مُسْهِر، وعبيدة بن حُمَيْد، وغيرهم. وعنه: خ، وت، عن رجلٍ، عنه، وعبد الله الدّارميّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن محمد بن النُّعْمان الإصبهانيّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وجماعة. تُوُفّي سنة خمسٍ وعشرين. قال أبو حاتم: صَدُوق. 326- فَضَالَةُ بن المفضّل بن فَضَالَةَ2. أبو ثوابة الرُّعَيْنيّ ثمّ القِتْبانيّ المصريّ. سمع: أباه. وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح السَّهْميّ، وأبو الأحْوَص محمد بن الهيثم. ذمّه أبو حاتم، وتُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين. - الفضل بن غانم. يأتي في الطبقة الآتية. 327- فُضَيْل بن عبد الوهّاب الغَطَفَانيّ الكوفيّ3 القنّاد -د. نزيل بغداد. عن: شَرِيك، وأبي الأحوص، وحمّاد بن زيد.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 414"، والجرح والتعديل "7/ 83"، والثقات لابن حبان "9/ 11". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 79"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 125"، والثقات لابن حبان "9/ 10"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 349". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 349"، والجرح والتعديل "7/ 74"، والثقات لابن حبان "9/ 9"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1102".

وعنه: د، وابن أبي الدُّنيا، وأحمد بن أبي خيثمة، وعثمان بن خرزاذ، وموسى بن هارون، وآخرون. وثقه أبو حاتم. 328- فطر بن حماد بن واقد البصري1. روى عن: مالك بن أنس، ومهديّ بن ميمون، وحمّاد بن زيد. روى عنه: أبو زرعة الرازي ووثقه. وقال أبو حاتم: ليس بقوي. 329- الفيض بن وثيق الثقفي البصري2. عن: حماد بن زيد، وجرير، وأبي عوانة. وعنه: أبو حاتم، وأبو زرعة، وعبد الله بن أحمد بن الدورقي، وآخرون. رواه ابن معين بالكذب، ومشاه غيره. وذكره ابن أبي حاتم فيما ضعفه، ولم أره في "الكامل" لابن عدي، والظاهر أنّه صالحٌ في الحديث. "حرف القاف": 330- القاسم بن سلّام3. الإمام أبو عُبَيْد البغداديّ الفقيه الأديب، صاحب المصنَّفات الكثيرة في القراءات والفقه واللُّغات والشِّعر. قرأ القرآن على: الكِسائيّ، وإسماعيل بن جعفر، وشجاع بن أبي نصر.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 90"، والثقات لابن حبان "9/ 14"، وحلية الأولياء "6/ 258"، وميزان الاعتدال "3/ 363". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 88"، والثقات لابن حبان "9/ 12"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 398، 399". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 355"، والجرح والتعديل "7/ 111"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 172"، والثقات لابن حبان "9/ 16".

وسمع الحروف من طائفة. وقد سمع: إسماعيل بن عياش، وإسماعيل بن جعفر، وهشيم بن بشير، وشَرِيك بن عبد الله، وهو أكبر شيخ له، وعبد اللَّه بْن المبارك، وأبا بَكْر بْن عَيَّاش، وجرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيان بْن عُيَيْنة، وعبّاد بن عبّاد، وعباد ابن العوام، وخلقًا آخرهم موتًا هشام بن عمّار. وعنه: عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وعباس الدوري، والحارث بن أبي أُسَامة، وأحمد بن يوسف التَّغْلبيّ، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن يحيى بن سليمان المَرْوَزِيّ، وأحمد بن يحيى البلاذُريّ الكاتب، وآخرون. قال عليّ البَغَويّ: ولد أبو عبيد بهراة، وكان أبوه عبدًا لبعض أهل هَراة. وقال أبو بكر الخطيب: كان أبوه روميًّا، خرج يومًا أبو عُبَيْد مع ابن مولاه في الكُتّاب، فقال للمؤدّب: علّم القاسم فإنّها كيّسة. وقال محمد بن سَعْد: كان أبو عُبَيْد مؤدِّبًا، صاحب نحوٍ وعربيّة، وطلبٍ للحديث والفقه. ولي قضاء طَرَسُوس أيّام ثابت بن نصر بن مالك. ولم يزل معه ومع ولده. وقدم بغداد، ففسّر بها غريب الحديث. وصنّف كُتُبًا، وحدَّث، وحجٌ فتُوُفّي بمكّة سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. وقال ابن يونس: قدِم مصر مع ابن مَعِين سنة ثلاثٍ عشرة، وكتب بمصر. وقال إبراهيم بن أبي طالب: سألت أبا قدامة السرخسي، عن الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عُبَيْد فقال: أما أفقههم وأفهمهم فالشافعي، إلا أنّه قليل الحديث، وأما أورعهم فاحمد بن حنبل، وأما أحفظهم فإسحاق، وأما أعلمهم بلُغات العرب فأبو عُبَيْد. وقال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: الحقُّ يحب لله، أبو عُبَيْد أفقه منّي وأعلم مني. وقال الحَسَن بن سُفْيان: سَمِعْتُ ابن رَاهَوَيْه يقول: إنّا نحتاج إلى أبي عُبَيْد، وأبو عُبَيْد لا يحتاج إلينا.

وقال عبّاس الدُّوريّ: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل يقول: أبو عُبَيْد أستاذ. وعن حمدان بن سهل قال: سألت يحيى بن مَعِين، عن أبي عُبَيْد فقال: مثلي يُسأل عن أبي عُبَيْد؟ أبو عُبَيْد يُسأل عن النّاس. وقال أبو داود: ثقة مأمون. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة إمام جبل. وسلّام أبوه روميّ. وقال أبو عبد الله الحاكم: كان أبو محمد بن قُتَيْبة يتعاطى التقدُّم في علوم كثيرة، ولم يرضه أهل علم منها، وإنما الإمام المقبول عند الكلّ فأبو عُبَيْد. وقال إبراهيم الحربي: رأيت ثلاثة تعجز النّساء أن تلِدْن مثلهم. رأيت أبا عبيد ما مثله إلّا بجبل نُفخ فيه رَوْح، ورأيت بِشْر بن الحارث، فما شبهّته إلّا برجلٍ عُجِن من قَرْنه إلى قدمه عِلْمًا، ورأيت أحمد بن حنبل، فرأيت كأنّ الله قد جعل له عِلْمَ الأوّلين من كلّ صنف، يقول ما شاء، ويُمسك ما شاء. وقال عبد الله بن أحمد: عرضت كتاب "غريب الحديث" لأبي عُبَيْد على أبي، فاستحسنه وقال: جزاه الله خيرًا. وقال مُكْرَم بن أحمد القاضي: قال إبراهيم الحربيّ: وكان أبو عُبَيْد كأنّه جبلٌ نُفِخَ فيه الروح، يُحسن كلّ شيء إلّا الحديث صناعة أحمد بن حنبل ويحيى. قال: وكان أبو عُبَيْد يؤدِّب غلامًا، ثمّ اتّصل بثابت بن نصر بطَرَسُوس، فولي أبا عُبَيْد قضاءها ثمان عشرة سنة، فاشتغل عن كتابة الحديث. كتب في حداثته عن هُشَيْم، وغيره، فلمّا صنَّف احتاج أن يُكْتَب عن يحيى بن صالح، وهشام بن عمّار. وأضعف كتبه كتاب "الأموال"، يجيء إلى بابٍ فيه ثلاثون حديث أو خمسون أصلًا عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيجيء بحديث، حديثين، يجمعهما من حديث الشّام، ويتكلم في ألفاظها. وليس له كتاب مثل "غريب المصنّف". قال: وانصرف أبو عُبَيْد يومًا، فمرّ بدار إسحاق المَوْصِليّ، فقالوا له: يا أبا عُبَيْد صاحب هذه الدّار يقول: إنّ في كتابك "غريب المصنّف" ألف حرف خطأ.

فقال: كتاب فيه أكثر من مائة ألف يقع فيه ألف خطأ ليس بكثير، ولعلّ إسحاق عنده رواية، وعندنا رواية، فلم يعلم. والروايتان صواب، ولعلّه أخطأ في حروف، وأخطأنا في حروف، فيبقى الخطأ شيء يسير. قال: وكتاب "غريب الحديث" فيه أقلّ من مائتي حرف: سَمِعْتُ، والباقي: قال الأصْمَعيّ، وقال أبو عَمْرو. وفيه خمسة وأربعون حديثًا لا أصل لها، أتي فيها أبو عُبَيْد من أبي عُبَيْدة مَعْمَر بن المُثَنَّى. وقال عبد الله بن جعفر بن درسْتَويْه الفارسيّ، من علماء بغداد النَّحْويّين على مذهب الكوفيين: ورُواة الُّلغة، والغريب، والعُلماء بالقراءات، ومَن جمع صُنُوفًا من العِلْم، وصنَّف الكُتُب في كلّ فنٍ من العلوم والآداب، فأكثر، وشُهِر: أبو عبيد القاسم بن سلاّم. وكان مؤدِّبًا لآل هرثمة، وصار في ناحية عبد الله بن طاهر. وكان ذا فضلٍ ودِين وسترٍ، ومذهب حَسَن. روى عن: أبي زيد، وأبي عُبَيْدة، والأصْمَعيّ، واليَزِيديّ، وابن الأعرابيّ، وأبي زياد الكِلابيّ. وعن: الأُمَويّ، وأبي عَمْرو الشَّيْبانيّ، والكِسائيّ، والأحمر، والفرّاء. وروى النّاس من كُتُبه المصنَّفة بضعةً وعشرين كتابًا في القرآن، والفقه، وغريب الحديث، والغريب المصنَّف، والأمثال، ومعاني الشِّعْر، وغير ذلك، وله كُتُبٌ لم يروها، قد رأيتها في ميراث بعض الطاهريّين، تُباع كثيرة، في أصناف الفقه كلّه. قال: وبلغنا أنّه كان إذا صنف كتابًا أهداه إلى عبد الله بن طاهر، فيحمل إليه مالًا خطيرًا استحسانًا لذلك، وكُتُبه مُسْتَحْسَنَة مطلوبة في كلّ بلد. والرّواة عنه مشهورون ثقات ذَوُو ذِكْرٍ ونُبْل. وقال: قد سُبق إليّ جَمْع كُتُبه، فمن ذلك: "المصنَّف الغريب" وهو أَجَلّ كتبه في الّلغة، فإنّه احتذى فيه كتاب النَّضْر بن شُمَيْلٍ الذي يسمّيه كتاب "الصِّفات". بدأ فيه بخلْق الإنسان، ثمّ بخلق الفَرَس، ثمّ بالإِبل، فذكر صنْفًا بعد صنْف. وهو أكبر من كتاب أبي عُبَيْد وأجْوَد. ومنها: كتاب "الأمثال"، وقد صنَّف فيها قبله الأصْمَعيّ، وأبو زيد، وأبو عُبَيْدة،

وجماعة، إلّا أنّه جمع رواياتهم في كتابه؛ وكتاب "غريب الحديث" أَوَّل من عمله أبو عُبَيْدة، وقُطْرَب، والأخفش، والنَّضْر، ولم يأتوا بالأسانيد، وعمل أبو عدنان البصْريّ كتابًا في "غريب الحديث" وذكر فيه الأسانيد، وصنّفه على أبواب السُّنَن، إلاّ أنّه ليس بالكبير، فجمع أبو عبيد عامّةَ ما في كُتُبهم وفسّره، وذكر الأسانيد، وصنف "المسند" على على حدته، و"أحاديث كلّ رجلٍ من الصّحابة والتّابعين" على حِدَتهِ، وأجاد تصنيفه، فرغِب فيه أهل الحديث والفقه والّلغة، لاجتماع ما يحتاجون إليه فيه. وكذلك كتابه في "معاني القرآن"؛ وذلك أنّ أَوَّل مَنْ صَنَّفَ في ذلك من أهل الّلغة أبو عُبَيْدة، ثمّ قُطْرُب، ثمّ الأخفش، وصنَّف من الكوفيّين: المسائيّ، ثمّ الفرّاء، فجمع أبو عُبَيْد من كُتُبهم، وجاء فيه بالآثار وأسانيدها، وتفاسير الصّحابة، والتّابعين، والفُقَهاء، وروى النّصف منه، ومات. وأمّا الفِقْه فإنّه عمد إلى مذهب مالك. والشّافعيّ، فتقلّد أكثر ذلك، وأتى بشواهده، وجمعه مِن حديثه ورواياته، واحتجّ بالّلغة والنَّحْو، فحسّنها بذلك. وله في القراءات كتاب جيّد، ليس لأحدٍ من الكوفيّين قبله مثله، وكتاب في الأموال، من أحسن ما صُنِّف في الفقه وأَجْوَده. وقال أبو بكر بن الأنباريّ: كان أبو عُبَيْد يقسّم الّليل، فيصلّي ثُلثه، وينام ثُلثه، ويُصَنِّف ثُلثه. وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد: في كتاب "الطهارة" لأبي عُبَيْد حديثان، ما حدَّث بهما غيره، ولا حدَّث بهما عنه غير محمد بن يحيى المَرْوَزِيّ. أحدهما حديث شُعْبَة، عن عَمْرو بن أبي وَهْب، والآخر حديث عُبَيْد الله بن عُمَر، عن سعيد المَقْبُريّ، حدَّث به يحيى القطّان، عن عُبَيْد الله، وحدَّث به النّاس، عن يحيى، عن ابن عَجْلان. وقال ثعلب: لو كان أبو عُبَيْد في بني إسرائيل لكان عجبًا. وقال القاضي أبو العلاء الواسطيّ: أنبأ محمد بن جعفر التَّميميّ، ثنا أبو عليّ النحوي، نا الفساطيطيّ قال: قال أبو عُبَيْد مع عبد الله بن طاهر، فبعث إليه أبو دلف يستهديه أبا عبيد مدّة شهرين، فأخذه إليه، فأقام شهرين، فلمّا أراد الإنصراف

وَصَلَه بثلاثين ألف درهم، فلم يقبلها وقال: أنا في جَنَبَة1 رجلٍ لم يُحْوِجْني إلى صِلَة غيره. فلمّا عاد إلى ابن طاهر وَصَلَه بثلاثين ألف دينار، فقال: أيُّها الأمير قد قَبِلْتُها، ولكنْ قد أغنيتني بمعروفك وبِرِّك، وقد رأيت أنْ أشتري بها سلاحًا وخيلًا، وأوجّه به إلى الثَّغر، ليكون الثّواب متوفّرًا على الأمير. ففعل. وقال عليّ بن عبد العزيز: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد يقول: المتّبع للسُّنّة كالقابض على الْجَمْر، وهو اليوم عندي أفضل من ضرب السَّيف في سبيل الله. وقال عبّاس الدُّوريّ: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد يقول: عاشرتُ النّاس، وكلّمتُ أهل العِلْم، فما رأيت قومًا أَوْسَخَ وَسَخًا. ولا أضعف حُجّةً من الرافضة، ولا أحمق منهم. ولقد وُلِّيتُ قضاء الثَّغْر فَنَفَيْتُ ثلاثة جَهْمِيَّيْن ورافضيًّا، أو رافِضِيَّيْن، وجَهْميًّا. وقال: إنّي لأتبيّن في عقل الرجل أن يدع الشّمس ويمشي في الظّلّ. وقال بعضهم: كان أبو عُبَيْد أحمر الرأس والّلحية، مَهِيبًا، وَقورًا، يخضب بالحِنّاء. وقال الزُّبَيْديّ: عَدَدْتُ حروف "الغريب" فوجدته سبعة عشر ألف وتسعمائة وسبعين. وقال أبو عُبَيْد: دَخَلْتُ البَصْرة لأسمع من حمّاد بن زيد، فإذا هو قد مات، فَشَكَوْتُ ذلك إلى عبد الرحمن بن مهديّ، فقال: مهما سبقت به فلا تُسْبقَنّ بتقوى الله. وقال محمد بن الحسن الأُبريّ؛ سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة: سَمِعْتُ أحمد بن نصر المقرئ يقول: قال إسحاق: إن الله لا يستحي من الحقِّ، أبو عُبَيْد أَعْلَمُ منّي، ومن أحمد بن حنبل، والشّافعيّ. وقال عبد الله بن طاهر الأمير، وَرُوِيَتْ عنه ومن وجهين: للنّاس أربعة: ابْنِ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَالشَّعْبِيِّ فِي زَمَانِهِ، والقاسم بن مَعّن في زمانه، وأبو عُبَيْد في زمانه. وقال عَبْدان بن محمد المَرْوَزِيّ: ثنا أبو سعيد الضّرير قال: كنت عند عبد الله بن

_ 1 أي في رعاية.

طاهر، فورد عليه نعيّ1 أبي عُبَيْد، فأنشأ يقول: يا طالبَ العِلْم قد مات ابنُ سلّام ... وكان فارسَ علمٍ غَيرَ مِحْجَامِ مات الذي كان فينا رُبْعَ أربعةٍ ... لم يلقَ مثلهُمُ إِسْنادُ أحكامٍ خير البَرِيّةِ عبدُ الله أوّلُهُم ... وعامرٌ، ولَنِعْمَ التِّلْوُ يا عام هما اللذان أنافا فوق غيرهما ... والقاسمان ابنُ معنٍ وابنُ سلّامِ ومناقب أبي عُبَيْد كثيرة، وقد حكى عنه البخاريّ في كتاب "أفعال العباد". وذكره أبو داود في كتاب "الزّكاة"، وغيره في تفسير أسنان الإبِل. وعاش ثمانيًا وستين سنة، رحمه الله. 331- القاسم بن سلّام بن مسكين2. أبو محمد الأزْديّ البصْريّ. عن: أبيه، وعبد العزيز بن سلم، وعبد القاهر بن السَّرِيّ، وحمّاد بن زيد. وعنه: أبو حاتم، ويعقوب الفَسَويّ، وتَمْتَام، ويوسف بن يعقوب القاضي. قال أبو حاتم: صَدُوق. أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قُدَامَةَ الْفَقِيهُ، أَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَا الْجَوْهَرِيُّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ كَيْسَانَ، أَنَا يُوسُفُ الْقَاضِي، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ سَلامِ بْنِ مِسْكِينٍ، ثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خُلَيْدٍ الْعَصَرِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا غَرَبَتْ شمسٌ إلَّا بِجَنْبَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ، يُسْمِعَانِ الْخَلائِقَ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ: اللَّهُمَّ عَجِّلْ لمنفقٍ خَلَفًا، اللَّهُمَّ عَجِّلْ لممسكٍ تَلَفًا" 3. صحيحٌ عالٍ. وقال ابن حِبّان: مات سنة ثمان وعشرين.

_ 1 أي خبر موته. 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 110"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 172"، والثقات لابن حبان "9/ 18"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1110". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "2/ 120"، ومسلم في الزكاة "57"، والبيهقي "4/ 187" بلفظ: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا فيه ملكان ينزلان ... " الحديث. أما لفظ الترجمة فلم أقف عليها.

332- القاسم بن عُمَر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ بْنُ أَبِي أيّوب الأنصاريّ1. حدَّث ببغداد في سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. عن: محمد بن المّنْكَدِر، وداود بن أبي هند، وما استحى من ذلك فسمع منه: إسحاق بن سُفْيان الخُتُّليّ، وآحاد الطَّلبَة. روى عنه الخُتُّليّ حديثًا مُنْكَرًا وقال: كان مُعمَّرًا. قلت: الحديث باطل، وهو آفتُه. 333- القاسم بن عَمْرو بن محمد العنقريّ2. أو محمد الكوفيّ. سمع: أباه. وعنه: أحمد بن سعيد الدّارميّ، وأحمد بن الأزهر. 344- القاسم بن عيسى3. الأمير أبو دُلَف العِجْليّ. صاحب الكَرَج وواليها. حدَّث عن: هُشَيْم، وغيره. روى عنه: محمد بن المغيرة الأصبهانيّ. وكان فارسًا شجاعًا، وجوادًا مُمَدَّحًا، وشاعرًا محسنا، له أخبار في السّخاء والحماسة. وُلّي حرب الخُرَّميّة فدوّخهم4 وأبادهم، وولي إمرة دمشق للمعتصم. قال إسحاق بن إبراهيم المَوْصِليّ، عن أبيه: كنتُ في مجلس هارون الرشيد، إذ

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 423، 424"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 376"، ولسان الميزان "4/ 463-464". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 115"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 172"، والصغير له "219". 3 تاريخ الطبري "8/ 391، 392"، وأخبار إصبهان لأبي نعيم "2/ 160"، والأنساب "8/ 401"، والكامل في التاريخ "6/ 516". 4 أي أذلهم وأخضعهم.

دخل عليه غلامٌ أمرد، فسلَّم، فقال الرشيد: لا سلّم الله على الآخَر، أفسدتَ علينا الجبل، يا غُلام. قال: فأنا أصلحه يا أمير المؤمنين. ثمّ جاوزه إلى أن قال: أفسدتُه يا أمير المؤمنين وأنت عليّ، أَفَأَعْجزُ عن صلاحه وأنت معي؟ فخلع عليه وولّاه الجبل. فلمّا خرج قلت: من هذا؟ قالوا: أبو دُلَف. فلمّا ولّي قال الرشيد: أرى غلامًا يرمي مِن وراء همّةٍ بعيدة. وقد كان أبو دُلَف فصيحًا حَسَن الجواب. قال له المأمون يومًا وهو مقطّب: أأنت الذي يقول فيك الشّاعر: إنّما الدُّنيا أبو دلفٍ ... بين مغراه ومُحْتَضَرِهْ فإذا ولّي أبو دلفٍ ... ولَّتِ الدُّنيا على أثره فقال: يا أمير المؤمنين شهادو زُور، وقول غَرُور، ومَلقِ مُعْتَفْ، وطالب عُرْف. وأصدق منه ابن أختٍ لي حيث يقول: دعيني أجوبُ الأرض ألتمِسِ الْغِنى ... فما الكَرَجُ الدُّنيا ولا النّاس قاسمُ فتبسم المأمون. ومن شعره: أيُّها الراقد المؤرّق1 عيني ... نَمْ هَنيئًا لك الرّقادُ اللّذيذُ علِم الله أنّ قلبي ممّا قد ... جنت مُقْلتاكَ فيه وَقِيذُ وقال ثعلب: ثنا ابن الأعرابيّ، عن الأصْمَعيّ قال: كنت واقفًا بين يدي المأمون، إذ دخل عليه أبو دُلَف العِجْليّ، فنظر إليه المأمون شزرًا2. فقال: أنت الذي يقول فيك عليّ بن جَبَلَة: لهُ راحةٌ لو أنّ مِعْشار عُشْرِها ... على البَرِّ كان البَرُّ أندى من البحرِ له هممٌ لا منْتَهَى لكِبارها ... وهمَّتُه الصُّغْرَى أجلُّ من الدهر ولو أنّ خلق في مَسْكِ فارسٍ ... وبارزه كان الخلي من العمر

_ 1 أي الذي يتقرب على الوسادة ولم ينم. 2 أي بحدةٍ.

أبا دلفٍ بُورِكْتَ في كلّ وجهةٍ ... كما بُوِركَتْ في شهرها لَيْلَةُ القَدْرِ فقال: يا أمير المؤمنين بكذوب عليّ، لا والذي في السّماء1 بيتُه، ما أعرف مِن هذا حرفًا. فقال: قد قال فيك: ما قال لا قطّ من جودٍ أبو دُلَفٍ ... إلّا التشهُّد لكن قوله نعم قال: لا أعرف هذا يا أمير. وقال أبو العَيْناء: حدَّثني إبراهيم بن الحَسَن بن سهل قال: كنّا في موكب المأمون، فترجّل له أبو دلفٍ، فقال له المأمون: ما أخّرك عنّا؟. قال: عِلَّةٌ عَرَضَتْ لي. فقال: شفاك الله وعافاك، اركب. فوثب من الأرض على الفَرَس، فقال: ما هذه وثبة عليل. فقال: بدعاء أمير المؤمنين شُفِيت. وعن: أبي دلفٍ أنّه فرّق يومًا مبلغًا كبيرًا من المال، ثمّ أنشأ يقول لنفسه: كفاني من مالي دِلاصٌ وسابحٌ2 ... وأبيض من صافي الحديد ومِغْفَرُ وقال مرّةً، وقد تكاثر عليه الشُّعَراء وهو مضيق اليد، فتمثّل: لقد خُبِّرْت أنْ عَلَيْك دَيْنًا ... فزِدْ في رَقْمِ دَيْنِك واقضِ3 دَيْني يا غلام اقترض لي عشرين ألفًا بأربعين ألفًا وفرّقها عليهم. ومن شعره. نحن قومٌ تليننا الحدق4 النجل5 ... على أننا نلين الحديدا

_ 1 بيوت الله في الأرض المساجد، ولعله يقصد عرشه بدل بيته، وفي النهاية فهو يقصد الله جل شأنه. 2 سابح أي جاري. 3 أي وسدد. 4 لعله يقصد المهارة. 5 أي الولد.

نملك الأُسْد ثمّ تَمْلِكنا البِيض ... المَصُوناتُ أَعْيُنًا وخُدُودا فترانا يوم الكريهة أحرارًا ... وفي السِّلْم للغواني عَبِيدا وقال المَحَامِليّ: ثنا عبد الله بن أبي سَعْد الورّاق: حدَّثني محمد بن سلمة البلخي: حدثني محمد بن علي الفكهاني حدَّثني دُلْف بن أبي دُلف قال: رأيت أبي في النّوم، فأدخلني دارًا وحشة سوداء مُخْزِية، ثمّ أصعدني دَرَجًا فيها، فأدخلني غرفة، حِيطانُها من أثر النّار، وفي أرضها أثر الرّماد، وإذا أبي عريان، فقال لي كالمستفهم: دلف؟ قلت: نعم أصلح والله الأمير. فأنشأ يقول: أَبْلِغَنْ أهلي ولا تُخْفِ عنهم ... ما لقينا في البرزخِ الخَنَّاق قد سئلنا عن كلّ ما قد فعلنا ... فارحووا وحْشتي وما قد أُلاقي1 أفهمتَ؟ قلت: نعم. فقال: فلو أنّا إذا مُتْنَا تُرِكْنَا ... لكانَ الموتُ راحةَ كلِّ حيّ ولكنْ إذا مُتْنَا بُعِثْنا ... ونُسْأل بعد ذا عن كلّ شيّ قالوا: تُوُفّي أبو دُلَف سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. 335- القاسم بن أبي سفيان محمد بن حُمَيْد المَعْمَريّ البغداديّ2. عن: عبد الرحمن قصّة أضحيّة خالد القَسْريّ بالْجَعْد بن درهم. رواها عنه: قُتَيْبة، والحَسَن بن الصّبّاح البَزّار، وعثمان بن سعيد الدّارميّ. وَثّقَهُ قُتَيْبة. وأما يحيى بن مَعِين فقال: كذّاب خبيث. قلت: توفّي سنة ثمانٍ وعشرين.

_ 1 أي أجد. 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 119، 120"، والثقات لابن حبان "9/ 15"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 378".

336- القاسم بن هانئ الأعمى1. أبو محمد، مولى آل عُمَر بن الخطّاب، العَرَويّ. روى عن: الَّليْث بن سَعْد، وغيره بمصر. قال ابن يونس: مُنْكَر الحديث وقد اختلط. مات في ذي القعدة سنة سبعٍ وعشرين ومائتين. 337- القاسم بن يزيد بن عَوَانة2. أبو صَفْوان الكلابي المعافريّ البصريّ. نزيل دمشق. روى عن: حسّان الأزرق، ويحيى بن كثير. وعنه: أحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، وجماعة. تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. 338- قُتَيْبة بن مِهران الآزاذانيّ الإصبهانيّ3 المقرئ. صاحب الإمالة. أخذ القراءة عن الكِسائيّ. وحدَّث عن: شُعْبَة، والَّليْث بن سَعْد، وأبي مَعْشَر نَجِيح، وجماعة. وكنيته أبو عبد الرحمن. قرأ عليه: إدريس بن عبد الكريم الحدّاد، والعبّاس بن الوليد بن مِرْداس، وأحمد بن محمد بن حَوْثَرة الأصمّ، وزُهَير بن محمد الزّهْرانيّ، وبِشْر بن إبراهيم الثَّقَفيّ، وقُرّاء إصبهان. وانتهت إليه رئاسة الإقراء بأصبهان. وله إمالات مزعجة معروفة. وقد صحب الكسائيّ مدّة طويلة.

_ 1 انظر الضعفاء الكبير للعقيلي "3/ 481"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 381". 2 انظر الأسامي والكنى للحاكم "1/ 286". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 140"، والثقات لابن حبان "9/ 20"، وأخبار إصبهان لأبي نعيم "2/ 164".

وأخذ أيضًا عن: إسماعيل بن جعفر، وسليمان بن مسلم. حدَّث عنه: إسماعيل بن يزيد القطّان، ويونس بن حبيب، وعُقَيْل بن يحيى، وعبد الرحمن بن محمد الإصبهانيون. وكان موجودًا في حدود العشرين ومائتين، لأنّ إدريس أدركه وقرأ عليه. وقال يونس بن حبيب: كان من خِيار النّاس، وكان مقرئ أصبهان في زمانه. وروى العبّاس بن الوليد، عن قُتَيْبة أنّه قرأ: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْن} 1 [البقرة: 102] . بالكسر جعلهما من ملوك الدُّنيا. وقال عُقَيْل بن يحيى: سَمِعْتُ قُتَيْبة يقول: قرأت على الكِسائيّ، وقرأ عليّ الكِسائيّ. وقيل: إنّه صحب الكسائي خمسين سنة. 339- قُرَّةُ بن حبيب2. أبو علي البصري الفتويّ الرّمّاح. حدَّث عنه: عبد الله بن عَوْن، وشُعْبَة، وأبي الأشهب العُطَارِديّ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار. وهو آخر من حدَّث عن ابن عَوْن من الثّقات. وعنه: البخاريّ في غير "الصّحيح"، وأبو داود في غير "السَّنَن"، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وعثمان بن خُرَّزاذ، ومحمد ابن غالب تَمْتَام، وأبو العبّاس أحمد بن محمد بن عليّ الخُزَاعيّ، وأحمد بن داود المكّيّ، والحَسَن بن سهل المجوز، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وجماعة. وَثّقَهُ أبو حاتم. وتُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين. روى الْبُخَارِيّ فِي "صحيحه"، عن رجلٍ، عَنْهُ.

_ 1 في رسم المصحف "وما أنزل على الملكين" بالفتح. 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 132"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 183، 184"، والثقات لابن حبان "9/ 24"، وتهذيب الكمال" 2/ 1127".

340- قيس بن حفص الدّارميّ1 -خ. مولاهم البصْريّ، أبو محمد. عن: أبي الأشهب، وحمّاد بن زيد، وأبي عَوَانة، وجماعة. وعنه: خ، وأحمد بن سعيد الدّارميّ، وحرب الكِرْمانيّ، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وآخرون. وكان ثقة. تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. "حرف اللام": 341- الَّليْث بن خالد البَلْخيّ2. أبو بكر. عن: مالك بن أنس، وحمّاد بن زيد. وعنه: أبو حاتم، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهما. حدَّث ببغداد. - الَّليْث بن خالد البغداديّ. أبو الحارث. سيأتي بعد. 342- الَّليْث بن داود القَيْسيّ3. عن: شُعْبَة، ومبارك بن فَضَالَةَ. وعنه: يوسف بن محمد بن صاعد، وأحمد بن عليّ الخزّاز، ومقاتل بن صالح. أحاديثه مستقيمة. قاله الخطيب.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 95"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 156"، والثقات لابن حبان "9/ 15"، وتهذيب الكمال "2/ 1133". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 181"، وتاريخ بغداد للخطيب "13/ 15"، وتعجيل المنفعة للحافظ "355". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "13/ 14"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 240"، والمغني في الضعفاء "2/ 535".

"حرف الميم": 343- المُثَنَّى بن يحيى بن عيسى التَّميميّ1. جدّ أبي يَعْلَى المَوْصِليّ، مُكْثِر. عن: أبي شهاب الحناط، وعليّ بن مُسْهِر. وسكن بغداد للتجارة، وكان له قَدْر ومحلّ. روى عنه: ابن مُساوِر الجوهريّ أحمد بن القاسم، وتَمْتَام. قال أبو يَعْلَى: تُوُفّي سنة ثلاثٍ وعشرين. 344- محمد بن أسد2. أبو عبد الله الخَوْشيّ الأسفرائينيّ الحافظ. أحد الأعلام. رحل وسمع: الفُضَيْل بن عِيَاض، وابن المبارك، وسُفْيان بن عيينة، وبقية بن الوليد، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: محمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وإبراهيم الحربي، وأبو بكر الصغاني، وأبو حاتم الرازيّ، وأبو لبيد السّرخسيّ، وآخرون. ولما مات قَالَ إِسْحَاق بْن راهَوَيه: كَانَ نصف خراسان. خوش من قرى أسفرائين. ويقال له: الخُشّي. 345- محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة3 -خ. د. أبو عبد الله الهاشميّ، مولاهم البصْريّ المحدِّث، الغازي. روى عن: مُعْتَمِر بن سليمان، وأبي خالد الأحمر، والمُعَافَى بن عِمران، ومُعَاذ بن هشام، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وجرير بن عبد الحميد، وحفص بن غِياث، ويزيد بن زُرَيْع، وأبي بكر بن عيّاش، وجماعة.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 193"، وتاريخ بغداد للخطيب "13/ 170، 171". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 209"، وتاريخ بغداد للخطيب "2/ 81، 82"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 655، 656". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 189"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 36، 37"، وتهذيب الكمال "3/ 174، 175".

وعنه: د، وخ، عن رجلٍ، عنه، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، والبخاري في "تاريخه"، وموسى بن هارون، ومحمد بن أيّوب الرّازيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وأبو القاسم النحوي، ومحمد بن هارون بن المجدِّر، وخلْق. قال أبو حاتم: كان ثقة غزّاء. وقال أبو داود: كان من شُجْعان النّاس. وقال موسى بن هارون: مات في ربيع الأول سنة ثلاثين وهو متوجه إلى طرسوس. أَخْبَرَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ الله بن الزَّاغُونِيُّ، أَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَمِينَةَ، نَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: "قُلْتُ لأَنَسٍ: هَلْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نَعْلَيْهِ؟. قَالَ: نَعَمْ"1. 346- محمد بن إسماعيل بن عيّاش العنْسيّ2 الحمصيّ -د. عن: أبيه. وعنه: أبو زُرْعة، ومحمد بن عَوْف، وسليمان بن عبد الحميد البَهْرانيّ، وأبو الأحْوَص محمد بن الهيثم المكبريّ، وجماعة. قال أبو داود: لم يكن بذاك، قد رأيته ودخلت حمص غير مرّة وهو حيّ. قلت: ثمّ روى في سُنَنهِ، عن رجلٍ، عنه. 347- محمد بن أُمَيّة3 بن آدم -ق. أبو أحمد القرشيّ، مولاهم السّاويّ.

_ 1 "خبر صحيح": أخرجه البخاري "1/ 145"، ومسلم "555"، والترمذي "400". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 189، 190"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1175"، وتهذيب التهذيب للحافظ "9/ 60، 61". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 208"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 42"، والصغير له "230"، والثقات لابن حبان "9/ 73".

عن: عيسى بن موسى غُنْجار، وعبد الله بن إدريس الأَوْديّ، وَسَلَمَةَ بن الفضل، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، والبخاريّ في "كتاب الأدب"، وعليّ بن جميلة السّاويّ. قال النَّسائيّ: مات سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 348- محمد بن أيّوب1. أبو هُرَيْرَةَ الكِلابيّ الواسطيّ. عن: عبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، ومُعْتَمِر بن سليمان، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، ويحيى القطّان، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، والكُدَيْميّ، ومحمد بن سليمان البَاغَنْديّ، وإسحاق بن إبراهيم البُشْتيّ، وجماعة. قال أبو حاتم: صالح. 349- محمد بن أبي يعقوب إسحاق بن حرب2. الحافظ أبو عبد الله البَلْخيّ اللُّؤْلؤيّ. مولى بني سَهْم. كان أحد الأئمة. حدَّث ببغداد عن: مالك بن أنس، وخارجة بن مُصْعَب، ويحيى بن يَمَان، وبِشْر بن السَّرِيّ، وطائفة. وعنه: أبو بكر بن أبي الدُّنيا، والحسين بن الأحْوَص، وعُبَيْد الله بن أحمد الكِسائيّ، وآخرون. قال أحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ: كان آيةً من الآيات في الحفظ. وكان لا يكلّمه إنسان إلّا عَلَاه في كلّ فنّ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 197"، والثقات لابن حبان "9/ 114"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1176". 2 انظر المجروحين لابن حبان "2/ 307"، والكامل لابن عدي "6/ 2282"، وتاريخ بغداد للخطيب "1/ 234-237".

وزعموا أنه ذَاكَرَ ابن الشّاذكُونيّ، وكان كلّ واحد منهما ينتصف من الآخر. قال: فروى له بابًا لم يكن عند ابن الشّاذكُونيّ، فقال: ليس من ذا شيء. أشار الخطيب إلى تضعيفه فقال: لم يوثَّق. 350- محمد بن بِشْر الأَسَديّ الكوفيّ الحريريّ1. أخو يحيى بن بِشْر. سمع: الأوزاعيّ، وسعيد بن بشير، وسعيد بن عبد العزيز، ومعروفًا الخيّاط، وجماعة. وعُمِّر دهرًا، وهو أَسَنّ من أخيه. روى عنه: أبو زُرْعة الرّازيّ، والحسين بن عُمَر بن أبي الأحْوَص الثَّقَفيّ، ويعقوب بن ثوّاب. ويقال: إنّه مات في العام الذي مات فيه أخوه يحيى. 351- محمد بن بُكَيْر بن واصل بن مالك بن قيس الحَضْرَميّ2. أبو الحسين البغداديّ، نزيل إصبهان. عن: شَرِيك، وأبي الأحْوَص، وخالد بن عبد الله، ومُصْعَب بن سلّام، وأبي مَعْشَر السِّنَدي، وهُشَيْم، وفَرَج بن فَضَالَةَ، وطائفة. وعنه: أحمد المرادي، وأحمد بن الفُرات، وعبّاس الدُّوريّ، وإبراهيم الحربي، وعبد الله بن محمد بن النُّعْمان، وعبد الله بن محمد بن زَكَريّا، ومحمد بن غالب تَمْتَام، وخلْق. قال أبو حاتم: صَدُوق عندي، يغلط أحيانًا. وقال أبو نُعَيْم الأصبهاني: هو صاحب غرائب، تُوُفّي بعد العشرين ومائتين. وقال يعقوب بن شيبة: شيخ ثقة صدوق.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 211". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 214"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 46"، والثقات لابن حبان "9/ 82"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1179".

352- محمد بن أبي بلال1. عن: مالك. وعنه: موسى بن هارون الحافظ. قال الخطيب: لا بأس به، تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. وقال ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. 353- مُحَمَّدُ بْنُ تَوْبَة2. أبو بكر الطَّرَسُوسيّ الزّاهد، نزيل دمشق. روى عن: الفُضَيْل بن عِيَاض، وسعيد بن عامر الضُّبَعيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بن أبي الحواري، وأبو زرعة الدمشقي، وأخوه عبد الله. 354- محمد بن جعفر بن زياد بن أبي هاشم3 -م. د. أبو عمران الوركانيّ الخراسانيّ، نزيل بغداد. عن: شَرِيك، وأبي الأحْوَص، وعبد الرحمن بن أبي الزِّناد، ومالك بن أنس، وأبي مَعْشَر السِّنْديّ، وإبراهيم بن سَعْد، وطائفة. وعنه: م. د، وعبّاس الدُّوريّ، وعبد الله بن أحمد، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى، والبغوي، وآخرون. وكتب عنه من الكبار: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين ووثقاه. قال موسى بن هارون: توفي لتسعٍ بقين من رمضان سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 355- محمد بن جهضم الثقفي اليمامي4 -خ. م. د. ن. نزيل البصرة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 98". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 215". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 346"، والجرح والتعديل "7/ 222"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1182". 4 انظر الجرح والتعديل "7/ 223"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 58"، والثقات لابن حبان "9/ 61"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1184".

عن: محمد بن طلحة بن مُصَرِّف، وإسماعيل بن جعفر، وأبي مَعْشَر المَدنيّ، وجماعة. وعنه: إسحاق الكَوْسَج، ومحمد بن المُثَنَّى، وخَلَف كردُوس، وأبو أُمَيّة الطَّرَسُوسيّ، وعبد العزيز بن معاوية، وعبد الله بن شَبِيب الرَّبْعيّ، وجماعة. 356- محمد بن حاتم بن يونس1 -د. ن. أبو جعفر الْجَرْجَرائيّ ثمّ المِصِّيصيّ العابد المعروف بيحيى. عن: عبد الله بن المبارك، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وعَبْدَة بن سليمان، ومروان بن معاوية، وبِشْر بن حرب، وبِشْر الحافي، وجماعة. وعنه: د. ون، عن رجلٍ، عنه، والحَسَن بن جرير الصّوريّ، وهلال بن العلاء، ويعقوب بن شَيْبَة، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، والعبّاس بن الفضل البغداديّ نزيل حلب، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، ويوسف بن يعقوب القاضي، وجماعة. وروى أبو داود أيضًا، عن رجلٍ، عنه. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال ابن أبي عاصم: مات سنة خمسٍ وعشرين. 357- محمد بن حسّان بن خالد2 -د. أبو جعفر الضّبّيّ البغداديّ السّمتيّ. عن: خَلَف بن خليفة، وفُضَيْل بن عِيَاض، ويوسف بن الماجِشُون، وهُشَيْم بن بشير، وإسماعيل بن مجالد، وابن المبارك، وطائفة. وعنه: د، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، ومحمد بن وضاح القرطبي، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو القاسم البغوي، وآخرون. قال أبو حاتم ليس بالقويّ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 238"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1184"، وسير أعلام النبلاء "11/ 451". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 238"، وأخبار القضاة لوكيع "2/ 205، 419"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1186"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 412".

وقال الدارقطني: ثقة، يُحَدِّث عن الضَّعَفَاء. وقال موسى بن هارون: مات في سابع ذي الحجة سنة ثمانٍ وعشرين. 358- محمد بن الحَسَن بن المختار التَّميميّ1 الكوفيّ. نزيل الرَّيّ. عن: مسلم الزّنجيّ، يونس بن أبي يَعْفُور، وعَمْرو بن أبي المقدام، وعليّ بن مُسْهِر، وطائفة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وغيرهما. قال أبو زُرْعة: صَدُوق. قلت: تُوُفّي سنة إحدى وعشرين. 359- محمد بن حيّان2 -م. أبو الأحوص البغويّ، نزيل بغداد. عن: عبد العزيز بن أبي حازم، ومسلم بن خالد الزّنْجيّ، وهُشَيْم، وعُمَر بن عُبَيْد الطَّنَافِسيّ، وابن عُلَيَّة، وجماعة. وعنه: م، وإبراهيم الحربي، وموسى بن هارون، وعثمان بن خرزاذ، وأبو القاسم البغوي. وقع لنا حديثه عاليا. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ زهير: مات في ذي الحجة سنة سبعٍ وعشرين. وَلَهُ فِي "مُسْلِمٍ" فَرْدُ حَدِيثٍ، أَنْبَأَنَاهُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ قُدَامَةَ، أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ السِّبْطُ، أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، أَنَا ابْنُ أَخِي عُمَرُ، نَا الْبَغَوِيُّ، نَا أَبُو الْأَحْوَصِ، أَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة،

_ 1 انظر الجرح والتعديل "رقم 1257". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 352، والثقات لابن حبان "9/ 73"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1191، 1192".

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من حملعلينا السِّلاحَ لَيْس مِنَّا" 1. مُوَافَقَةٌ بعُلُوٍّ. 360- محمد بن خالد بُرامة2. أبو جعفر الهاشميّ. روى عن مالك حديثًا موضوعًا. وعن: المُفَضَّل بن فَضَالَةَ، والوليد بن مسلم. روى عنه: الحَسَن بن عليّ بن خَلَف الصَّيْدلانيّ، وعبد الله بن منصور الصَّبّاغ، وأحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ، وجماعة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ يَكْذِبُ، سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيثًا، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ: "النَّدَمُ تَوْبَةٌ" 3. وقال أحمد الشيرازيّ في "الألقاب": أبو نُعَيْم الطُّوسيّ، عن محمد بن خالد الهاشميّ بُرامة. قال ابن عساكر: أظنُّه تصحيف. وقال أبو أحمد الحاكم: لقبه بُرامة. 361- محمد بن خالد بن مُرْتَنيل الأشجّ4. مولى عبد الرحمن بن معاوية الدّاخل. كان مِن كبار الفقهاء بقُرْطُبَة. رحل وسمع: ابن وَهْب، وابن القاسم، وجماعة. وولي الشُّرِطة والإمامة بقُرْطُبَة. وكان لا يأخذه في الله لَوْمَةُ لائم. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين، وقيل: سنة عشرين ومائتين.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "8/ 90"، ومسلم "161"، والنسائي "7/ 117"، والترمذي "1459"، وابن ماجه "2575، 2576"، وأحمد "2/ 3، 16". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 244". 3 "إسناده موضوع والحديث صحيح": أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح "7/ 244"، وفي إسناده صاحب الترجمة، وله شاهد كما عند ابن ماجه "4252"، وأحمد "1/ 376، 423، 433"، وانظر كذلك المستدرك "4/ 243"، والحديث في صحيح الجامع. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 524".

362- محمد بن زياد بن مَخْلَد الإصبهانيّ1. مُكْثِر عن النُّعْمان بن عبد السّلام. روى عنه: إسماعيل سَمُّوَيْه، ومحمد بن عيسى الزَّجّاج. وَثّقَهُ أبو نُعَيْم الحافظ، وذكره في تاريخه. 363- محمد بن زياد أبو جعفر الإصبهانيّ ثمّ الرّازيّ2 القطّان. عن: سفيان بن عيينة، ومرحوم العطار. وعنه: أبو حاتم، وقال: شيخ. 364- محمد بن زياد بن زبّار الكلبيّ3. أبو عبد الله الدّمشقيّ. إخباريّ عارف بالنَّسب. روى عن: الشّرقيّ بن قطاميّ مؤدّب المهديّ. روى عنه: أحمد بن حنبل، وتَمْتَام، وأحمد بن عليّ الخزّاز، وجماعة. قال ابن مَعِين: لا شيء. وقال جَزَرَة: ليس بذاك. 365- محمد بن سَعْد بن منيع4. مولى بني هاشم. الحافظ أبو عبد الله البصْريّ، كاتب الواقديّ. سكن بغداد، وصنّف "الطّبقات الكبير" و"الطّبقات الصغير"، وحدَّث عن: هُشَيْم، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وإسماعيل ابن عُلَيَّة، والوليد بن مسلم، ومَعّن بن عيسى،

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 259"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 228". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 259". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 258"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 83"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 281، 282"، والكامل في التاريخ 7/ 25". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 364"، والجرح والتعديل "7/ 262"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1201".

وأبي ضَمْرة، وابن أبي فُدَيْك، ومحمد بن عُمَر بن واقد الأسلميّ الواقديّ، ووَكِيع، وخلْق كثير من طبقتهم ومن الطّبقة التي بعدهم، حَتّى كتب عن أقرانه، ومن أصغر. وصنّف وظهرت فضائله ومعرفته الواسعة. روى عنه: أحمد بن عبيد، وأبو عصيدة، وأحمد بن يحيى البلاذريّ، وأبو بكر بن أبي الدنيا، والحسين بن محمد ابن فهم، والحارث بن أسامة، وعبيد الله بن محمد بن يحيى اليزيدي. وروى أبو داود في "سننه" حكاية، عن رجلٍ، عنه. قال ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: يصدق. رأيته جاء إلى القواريريّ، وسأله عن أحاديث فحدَّثه. وقال إبراهيم الحربيّ: كان أحمد بن حنبل يوجّه في كلّ جمعة بحنبل بن إسحاق إلى ابن سَعْد، يأخذ منه جُزئين من حديث الواقديّ، وينظر فيهما إلى الجمعة الأخرى. قال إبراهيم: ولو ذهب سَمِعَهُما كان خيرًا له. قال الحسين بن فَهْم: محمد بن سَعْد هو مولى الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، كثير العِلْم، كثير الحديث، كثير الكُتُب، كتب الحديث، والغريب، والفقه. تُوُفّي ببغداد يوم الأحد لأربعٍ خَلَوْن من جُمادَى الآخرة سنة ثلاثين ومائتين، وهو ابن اثنتين وستين سنة، رحمه الله. 366- محمد بن سعيد بن الوليد الخُزَاعيّ البصْريّ مَرْدَوَيْه1 -خ. كان جار مسلم بن إبراهيم. روى عن: همّام بن يحيى، ودُرُسْت بن زياد، وزياد بن الربيع، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وجماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 265"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1203"، وتهذيب التهذيب للحافظ "9/ 190".

وعنه: خ، وأبو زُرْعة، وحرب الكِرْمانيّ، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وآخرون. قال أبو حاتم: كان ثقة صدوقا. 367- محمد بن سفيان بن وردان الأسدي الكوفي المقرئ1 الحذاء. نزيل الري. روى القراءات في جزءٍ عن الكِسائيّ. وسمع: شَرِيك، وحمّاد بن زيد، وجماعة. روى عنه: محمد بن عيسى الإصبهاني، وأبو حاتم، وأبو زُرْعة، وقالا: صَدُوق في الحديث. 368- محمد بن سنان2 -خ. د. ت. ق. أبو بكر الباهليّ العوقيّ. العَوقة حيّ من الأزْد بالبصرة نزل فيهم. وروى عن: جرير بن حازم، وإبراهيم بن طَهْمَان، ونافع بن عُمَر، وفُلَيْح بن سُليمان، وهمّام بن يحيى، وسليم ابن حيّان، ويزيد بن إبراهيم بن التُّسْتَريّ، وجماعة. وعنه: خ. د. وت. ق، عن رجلٍ، عنه، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وحفص بن عُمَر سَنْجَة، وعثمان بن خُرَّزاذ، وأبو قلابة الرِّقاشيّ وأبو مسلم الكَّجّيّ، وَآخَرُونَ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوق. وقال ابن أبي عاصم، وغيره: توفّي سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 275"، والثقات لابن حبان "9/ 80". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 304"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 109"، وانظر الجرح والتعديل "7/ 279".

369- محمد بن سلّام بن الفرج البخاريّ البِيكَنْديّ1 الحافظ -خ. أبو عبد الله، مولى بني سُلَيم. طوّف وكتب الكثير عن أبي الأحْوَص سلّام بن سُلَيم. ورأى: مالك بن أنس فلم يسمع منه، وهُشَيْم، وإسماعيل بن عيّاش، وابن المبارك، وإسماعيل بن جعفر، وزائدة بن أبي الرّقاد، وجرير بن عبد الحميد، وعيسى بن موسى غُنْجار، وأبي إسحاق الفَزَاريّ، وخلْق. وعنه: خ، والدّارميّ، وعُبَيْد الله بن واصل، ومحمد بن بُجَيْر أبو عُمَر، وأحمد بن الضؤ، وحُمَيْد بن النَّضْر، وطُفَيْل بن زيد النَّسَفيّ، وخلْق لا نعرفهم من أهل ما وراء النَّهْر. قال أحمد بن الهيثم الشّاشيّ: قال لي يحيى بن يحيى: بخُراسان كَنْزان، كنزٌ عند محمد بن سلّام البِيكَنْديّ، وكنز عند إسحاق بن رَاهَوَيْه. وروى محمد بن يوسف السَّمَرْقَنْديّ، عن محمد بن مُيَسَّر الكِرْمينيّ قال: انكسر قلم محمد بن سلّام البِيكَنْديّ في مجلس شيخٍ، فأمر أن يُنادَى: قلم بدينار؛ فطارت إليه الأقلام. وقال محمد بن يعقوب البِيكَنْديّ: سَمِعْتُ عليّ بن الحسين يقول: كان محمد بن سلَام في منزله، فَدُقَّ بَابُهُ، فخرج، فقال: يا أبا عبد الله، أنا جنّيّ، ورسول ملك الجن إليك، يسلم عليك ويقول: لا يكون لك مجلسٌ إلّا يكون منّا في مجلسك أكثر من الأنس. قال محمد بن يعقوب: وهذه حكاية عندنا مستفيضة مشهورة. وعن محمد بن سلّام قال: لم أجلس إلى سوق بِيكَنْد منذ أربعين سنة. وقال سهل بن المتوكّل سمعته يقول: أنا محمد بن سلَام، بالتخّفيف. وقيل: قُلِعت عين محمد بن سلّام في غَزَاة. وقال سَهْل بن المتوكّل: سَمِعْتُ محمد بن سلَام يقول: أنفقت في طلب العلم

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 278"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 110"، والمجروحين لابن حبان "1/ 199"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1208".

أربعين ألفًا، وأنفقتُ في نشره أربعين ألفًا، وليت ما أنفقت في طلبه كان في نشره، أو كما قال. وقال عُبَيْد الله بن شُرَيح: سَمِعْتُ محمد بن سلَام يقول: أحفظ نحوًا من خمسة آلاف حديث. قال غُنْجار: وكان له مصنّفات في كلّ بابٍ من العِلْم. وكان بينه وبين أبي حفص أحمد بن حفص مَوَدة وأُخُوَّة. وكلّ واحدٍ منهما مخالف للآخر في المذهب. وقال عُبَيْد الله بن واصل: سَمِعْتُ محمد بن سلَام يقول: كتبت عن أربعمائة شيخ. وقال عليّ بن الحسين: سَمِعْتُ محمد بن سلَام يقول: أدركت مالك بن أنس، فإذا النّاس يقرأون عليه، فلم أسمع منه لذلك. قلت: كان عامّة مشايخ ذلك الوقت إنّما يَرْوُون من لَفْظهم. وقد دخل ابن سلَام خُوارَزْمَ مع غُنْجار، وسمعا بها من عبد الكريم بن الأسود البصْريّ، والمغيرة بن موسى. قال حاضر بن الَّليْث: ثنا عيسى بن موسى، ومحمد بن سلَام قالا: نا المغيرة بن موسى، عن سعيد بن بشير، عن قَتَادَة، فذكر حديثًا. وقال سهل بن المتوكل: نا محمد بن سلام، نا مغيرة البصْريّ، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، فذكر حديثًا. وقال محمد بن إسماعيل البخاريّ: مات في سابع صفر سنة خمسٍ وعشرين. وقال يحيى بن جعفر البِيكَنْديّ: وُلِد محمد بن سلَام في السّنة التي مات فيها سُفْيان الثَّوريّ. - محمد بن سلّام الْجُمَحيّ. في الطبقة الآتية. 370- محمد بن صالح الفَزَاريّ البغداديّ1 الخيّاط.

_ 1 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 5"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 356، 357".

عن: شَرِيك القاضي، وغيره. وعنه: صالح بن محمد جَزَرَة، وأحمد بن الحَسَن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ. وَثّقَهُ صالح بن محمد. وتُوُفّي سنة ثلاثين. - محمد بن الصّبّاح الْجُرْجَرائيّ. يأتي. 371- محمد بن الصّبّاح الرُّعَيْنيّ. مصريّ، سمع ابن وَهْب. تُوُفّي سنة ثلاثين. 372- محمد بن الصّبّاح1 -ع. أبو جعفر البغداديّ الدّولابيّ البزّاز. مولى مُزَيْنَة. وهو صاحب كتاب "السُّنَن" الذي سمعناه. سمع: إبراهيم بن سَعْد، وشَرِيك بن عبد الله، وإسماعيل بن زَكَريّا، وخالد بن عبد الله، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وإسماعيل بن جعفر، وابن المبارك، والوليد بن أبي ثور، وخلقًا سواهم. وعنه: خ. م. د، وت. ق. بواسطة، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن أبي خَيْثَمَة، وإسماعيل بن عبد الله سَمُّوَيْه، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وعثمان الدّارميّ، وأبو زُرْعة، وأبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الوَكِيعيّ، وخلْق سواهم. وَثّقَهُ أحمد، وغيره. وقال أبو حاتم: ثقة، يُحْتَجّ بحديثه. حدَّث عَنْهُ أحمد بْن حنبل ويحيى بْن معين، وكان أحمد يعظمه.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 342"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 118"، والجرح والتعديل "7/ 289"، وتهذيب الكمال "3/ 1212".

وقال تَمْتَام: ثنا محمد بن الصّبّاح الدُّولابيّ الثّقة المأمون والله. وقال ابن حِبّان: وُلِدَ بقرية دولاب من الرَّيّ. وقال موسى بن هارون، وغيره: مات يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خَلَت من المحرَّم سنة سبعٍ وعشرين. وقال ابنه أحمد: مات وهو ابن سبعٍ وسبعين سنة غير شهر أو شهرين، رحمه الله. 373- محمد بن صَبيح المَوْصِليّ1. سمع: المُعَافَى بن عُمْران، وغيره. وعنه: أحمد بن حنبل، وعليّ بن حرب، وجماعة. وكان صالحًا عابدًا. وقد ذكر البخاريّ أنه بغداديّ فوهِم. 374- محمد بن الصّلت2 -خ. ن. أبو يعلى التّوّزي. وتَوَّز هي تَوَجّ، بلدة من أعمال فارس. نزل البصرة، وحدَّث عن: عبد العزيز بن أبي حازم، وحاتم بن إسماعيل، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وسُفْيان بن عُيَيْنة، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: خ، عن رجلٍ، وإبراهيم بن حرب العسكريّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والعباس بن الفضل الأسفاطيّ، ومحمد بن محمد التّمّار، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق، كان يملي علينا من حفظه التفسير وغيره، وربما وهم. قال البخاري: مات سنة سبعٍ وعشرين. وقال غيره: ثمانٍ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 67"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 118"، وتاريخ بغداد "5/ 373". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 289"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 118"، والثقات لابن حبان "9/ 82"، وتهذيب الكمال "3/ 1213".

375- محمد بن الطفيل بن مالك1 النّخعيّ -ت. أبو جعفر. عن: ابن عمّه شَرِيك بن عبد الله، وحمّاد بن زيد، وفُضَيْل بن عِيَاض، وبِشْر بن عمارة، وجماعة. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، والبخاريّ في كتاب "الأدب"، وأحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ، وأحمد بن عَمْرو القَطَوانيّ، وعثمان بن عبد الله الدّارميّان، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وآخرون. وَثّقَهُ ابن حِبّان. وكان قد سكن فَيْد. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. روى التِّرْمِذِيّ له حديثًا واحدًا. 376- محمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعيّ2 البصريّ -د. ق. أبو عبد الله. عن: جرير بن حازم، وحماد بن سلمة، ومالك، ومبارك بن فَضَالَةَ، ورجاء صاحب السَّقَطِ، وابن الأشهب جعفر بن حيّان، وشَبِيب بن شَيْبَة، وطائفة. وعنه: د، وق، عن رجلٍ، عنه، وإبراهيم الحربيّ، وإسماعيل القاضي، وعليّ بن عبد العزيز، ومحمد بن محمد التّمّار، وأبو حاتم، وأبو خليفة الفضل بن الحُبَاب، وغيرهم. وَثّقَهُ علي بن المَدِينيّ. وقال ابن أبي عاصم: توفّي سنة ثلاثٍ وعشرين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 293"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 123"، والثقات لابن حبان "9/ 63"، وتهذيب الكمال "3/ 1214". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 301"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 88"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1222"، وتهذيب التهذيب "9/ 264، 265".

377- محمد بن عبد الله الأنباريّ1. أبو جعفر الحَذاء. عن: فُضَيْل بن عِيَاض، وسُفْيان بن عُيَيْنة. وعنه: أحمد بن حنبل، وابن عمّه حنبل، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ. 378- محمد بن عبد الوهّاب2 بن الزُّبَيْر. أبو جعفر الحارثيّ الكوفيّ، ثمّ البغداديّ. رأى سُفْيان الثَّوريّ، وسمع: أبا شهاب الحَنّاط، وعبد الرحمن بن الْغَسِيلِ، ومحمد بن مسلم الطّائفيّ، وجماعة. وعنه: عبد الله بن أحمد بن عليّ الأبّار، وأبو القاسم البَغَويّ، وآخرون. قال الدَّارَقُطْنيّ: ثقه له غرائب. وكذا قال صالح بن محمد الحافظ. قال موسى بن هارون: مات "سنة" سبعٍ وعشرين، قلت: وقع لنا حديثه عاليًا في "المُنْتَقَى" من "المخلّصات". 379- محمد بن عُبَيْد الله بن عَمْرو بن معاوية بن عمرو بْن عُتْبَة بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ3 بْنِ أُمَيَّةَ. أبو عبد الرحمن القُرَشيّ، الأُمَويّ، المشهور بالعُتْبيّ البصْريّ الإخباريّ. أحد الفُصَحاء والأدباء. سمع: أباه، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وجماعة. وعنه أبو حاتم السّجِسْتانيّ، وأبو الفضل الرَّياشيّ، ومحمد بن يونس الكديميّ، وآخرون.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 383"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 414". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 10"، والثقات لابن حبان "9/ 83". 3 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 186"، وتاريخ بغداد للخطيب "2/ 324-326"، والكامل في التاريخ "7/ 9".

وله قصيدة سائرة في ولده يقول فيها: والصُبر يُحمد في المواطن كلَّها ... إلّا عليك، فإنّه مذمومُ تُوُفّي العُتْبيّ سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. وأمّا: - العُتْبيّ المكّيّ. فمتأخّر، يأتي. 380- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن أبي زيد1 -خ. أبو ثابت المدنيّ التاجر. عن: إبراهيم بن سَعْد، ومالك، وعبد العزيز بن أبي حازم، وجماعة. وعنه: خ، وأبو زُرْعة، وإسماعيل القاضي، والعباس بن الفضل الأسفاطي، وآخرون. توفي سنة سبعٍ وعشرين ومائتين في المحرّم. 381- محمد بن عثمان2 -د. ق. أبو الجماهر التَّنُوخيّ الدّمشقيّ الكَفَرْسُوسيّ. ويُكْنَى أبا عبد الرحمن. سمع: سعيد بن بشير، وسليمان بن بلال، وخُلَيْد بن دَعْلَج، وسعيد بن عبد العزيز التَّنُوخيّ، وإسماعيل بن عيّاش، والهيثم بن حُمَيْد، وطائفة. وعنه: د. وق، عن رجلٍ، عنه، وعبد الله بن حمّاد الآمُليّ، وحويت بن أحمد، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وعثمان الدّارميّ، والحسن بن جرير الصّوريّ، وأبو

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 441"، والجرح والتعديل "8/ 3"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 170"، والثقات لابن حبان "9/ 80". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 25"، والتاريخ الكبير "1/ 181"، والثقات لابن حبان "9/ 77"، وتهذيب الكمال "3/ 1242".

عبد الملك أحمد بن إبراهيم البُسْريّ، وخلْق. وَثّقَهُ أبو مُسْهِر، وأبو حاتم. وقال عثمان الدّارميّ: كان أوثق مَن أدركْنا بدمشق. ورأيت أهل دمشق مُجْمِعين على صَلاحه، ورأيتهم يقدّمونه على هشام، وعلى ابن أبي أيّوب، يعني سليمان بن عبد الرحمن. وُلِد سنة أربعين ومائة، أو سنة إحدى وأربعين. وقال أبو زُرْعة: مات سنة أربعٍ وعشرين. قلت: وروى أبو داود أيضًا، عن محمود بن خالد، عنه. قال أبو حاتم: ما رأيت أفصح منه. 382- محمد بن عطاء النَّخَعيّ1 الكوفيّ. نزل مصر، وحدَّث عن: شَرِيك، وإسماعيل بن عيّاش، وعبد الوارث، وابن وَهْب، وطبقتهم. روى عنه: أبو حاتم، وقال: شيخ. سمع منه بمصر سنة ستٍّ عشرة. 383- محمد بن عُقْبَة السَّدُوسيّ2 البصْريّ. ابن عمّ عُقْبَة بن هَرِم. روى عن: جعفر بن سليمان، وطالب بن حُجَيْر، ومسكين بن أبي فاطمة، ويونس بن أرقم، وعبد الله بن خِراش، وآخرين. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. ثمّ تركه أبو زُرْعة وأبو حاتم، فما حدَّثا عنه لضَعْفه. 384- محمد بن عليّ بن أبي خداش3.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 46، 47". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 36"، والتاريخ الكبير "1/ 200"، والثقات لابن حبان "9/ 100". 3 انظر الكنى والأسماء للدولابي "2/ 148"، والكامل في التاريخ "6/ 476"، والوافي بالوفيات "4/ 106".

أبو هاشم الأَسَديّ المَوْصِليّ العابد. راوية المُعَافَى بن عمران. رحل وأكثر عن: ابن عُيَيْنة، وعيسى بن يونس، وجماعة. وكان من العلماء العاملين. قال يعلى الزَّرّاد: سَمِعْتُ بِشْر بن الحارث رحمه الله يقول: وَدِدْت أنّي ألقى الله تعالى بمثل عمل أبي هاشم، أو بمثل صحيفته. وقال أحمد بن دبّاس: كنّا عند المُعَافَى بن عِمران، فأقبل أبو هاشم، فقال المُعَافَى: أراه في القوم، يعني الأبدال. وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسٍ الأَزْدِيُّ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِهَدْيِهِ وَدَلَّهِ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا مَاتَ كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِهَدْيِهِ وَدَلِّهِ عَلْقَمَةُ، فَلَمَّا مَاتَ كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِهَدْيِهِ وَدَلِّهِ الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، فَلَمَّا مَاتَ كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِهَدْيِهِ وَدَلِّهِ أَبُو هَاشِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ. وقال أبو زكريّا الأزديّ: خدّثت عن تَمْتَام قال: قلت ليحيى بن مَعِين: كتبتَ "جامع سُفْيان"، عن أبي هاشم، عن المُعَافَى؟. فقال ابن مَعِين: بلغني أنّ هذا الرجل نظير المُعَافَى أو أفضل منه. قال أبو زَكَريّا: حدّثني العلاء بن أيّوب: حدَّثني مَن حضر أبا هاشم لمّا التقى الجمعان، فقال لرُفَقَائه: هذا يومٌ كنت أتمنّاه، عليكم السّلام. ثمّ سدّد رُمْحه، وجعله على قَرَبُوس سَرْجِه، وحمل على الروم، فكان آخر العهد به. روى عن أبي هاشم جماعة منهم: صالح بن العلاء، وإسماعيل بن حمّاد التّمّار، وحُمَيْد بن زَنْجَوَيْه. قال أبو زَكَريّا: كان صالحًا زاهدًا مجاهدًا، استُشْهِد في سبيل الله لمّا جاشت الروم بشِمْشاط1 مقبلًا غير مُدْبر، سنة اثنتين وعشرين، رحمه الله.

_ 1 مدينة في الروم.

385- محمد بن عِمران بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي1 ليلى -ت. الإمام أبو عبد الرحمن الأنصاريّ الكوفيّ. سمع: أباه، ومعاوية بن عمّار الذّهنيّ، وحَبّان بن عليّ العَنَزيّ، وشَرِيك بن عبد الله، وطائفة. وعنه: أبو بكر بن أبي الدُّنيا، والبخاريّ في كتاب "الأدب"، وأبو عَمْرو أحمد بن أبي غَرزة، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، وآخرون. قال أبو حاتم: أملى علينا كتاب "الفرائض"، عن أبيه، عن ابن أبي ليلى، عن الشَّعْبيّ، من حفظه، لا يقدّم مسألة على مسألة، وهو صَدُوق. وقال غيره: تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين. - محمد بن عِمران الأَخْنَسيّ2. وقيل: أحمد، تقدّم في الألف. 386- محمد بن عُمَر بن حفص القَصَبيّ3. عن: عبد الوارث بن سعيد، والمفضَّل بن محمد الضَّبّيّ. وعنه: عبّاس الدُّوريّ وأبو بكر الصَّغانيّ، وصالح بن محمد الرّازيّ. وَثّقَهُ يحيى بن مَعِين. 387- محمد بن عُمَر4. أبو عبد الله المُعَيْطيّ البغداديّ. عن: شَرِيك بن عبد الله، وأبي الأحْوَص، وجماعة. وعنه: إسحاق الحربيّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ. وَثّقَهُ محمد بن سَعْد الكاتب وقال: مات سنة اثنتين وعشرين ومائتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 41"، والثقات لابن حبان "9/ 82"، وتهذيب الكمال "3/ 1253، 1254"، وتهذيب التهذيب "2/ 197". 2 تقدم الكلام عليه. 3 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 187"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 21، 22". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 22"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 22".

388- محمد بن عَمْرو بن عثمان. أبو جعفر الْجُعْفيّ الكوفيّ ثمّ المصريّ. حدَّث عن: ضمام بن إسماعيل، وغيره. تُوُفّي في أوّل سنة ثلاثين. 389- محمد بن عَوْن1. أبو عَوْن الزّياديّ البصْريّ. عن: إبراهيم بن طَهْمان، وهَمَّام بن يحيى، وعَمْرو بن كثير بن أفلح، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، والعبّاس بن الفضل الأسفاطيّ ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة. 390- محمد بن عيسى بن عبد الواحد2. الفقيه أبو عبد الله المَعَافِريّ القُرْطُبيّ الأعشى. رحل في طلب العِلْم في السَّنة التي مات فيها مالك بن أنس، فسمع من: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى بْن سعَيِد القطّان، ووَكِيع بن الجرّاح، وطائفة. وكان الغالب عليه الأثر. وكان رئيسًا نبيلًا، وسَرّيًّا جليلًا، وسخيًّا كريمًا. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين. وقيل: سنة اثنتين وعشرين، وقيل: سنة ثمان عشرة، فالله أعلم. تَرْجَمَهُ ولدُ الفَرَضَيّ. روى عنه: محمد بن وضّاح، وأَصْبَغ بن خليل، وآخرون. وكان فيه دُعابة ومُزاح، ويُذكر أنه كان يشرب النَّبيذ. 391- محمد بن عيسى3 بن الطّباع -خ. د. ن. ق.

_ 1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "1/ 197"، والجرح والتعديل "8/ 48". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 5". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 38، 39"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 203"، والثقات لابن حبان "9/ 64".

الحافظ أبو جعفر البغداديّ نزيل أَذَنَه من الثَّغْر. روى عن: مالك، وجُوَيْرية بن أسماء، وشَرِيك، وحمّاد بن زيد، وأبي عَوَانة، وفرج بن فَضَالَةَ، وطائفة. وعنه: خ. تعليقًا، د، ون. ق، عن رجلٍ، عنه، وأبو حاتم، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وابن أخيه محمد بن يوسف بن الطّبّاع، وآخرون. قال أبو حاتم: ثنا الثقة المأمون محمد بن عيسى، وما رأيت من المحدّثين أحفظ للأبواب منه. وقال أبو داود: كان يتفقّه، وكان يحفظ نحوًا من أربعين ألف حديث. وقال النَّسائيّ، وغيره: ثقة، تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين. وروى عنه من شيوخ الطَّبرانيّ: أحمد بن عبد الرحيم، وأحمد بن عبد الوهّاب الحَوْطيّان، وأحمد بن مسعود، وطالب بن قُرَّةَ الأَذَنيّ، وغيرهم. وكان مولده في سنة خمسين ومائة تقريبًا، وكان أخوه إسحاق أكبر منه بعشر سنين. وله مصنّفات كثيرة. سئل عنه أحمد بن حنبل فقال: عالم فهم. وقال أبو حاتم: ثقة مُبَرِّز، كان أتقن من أخيه إسحاق، وإسحاق أَجَلّ منه. سمعت محمد بن عيسى يقول: خرج أخي إلى الرّيّ، وكتب جرير، فنظرت فيما كتب وحَفِظْتُه. فقدم جرير العراق، فجعلت أطالبه بتلك الأحاديث، فقال: لِمَ لَم تَقْدَم علينا؟. قلت: خفّة اليد. فقال: أرى حمارك فارهًا، وثيابك بيضاء. فقلت: عارية. فقال لأخي: أراه حافظًا كيِّسًا. قال: هو يتيم أنا ربيّته. قال: كيف شُكْرُه لك، فإنّه يقال: أن اليتيم لا يكاد يشكر.

392- محمد بن أبي غالب1 البغداديّ. أبو عبد الله. عن: هُشَيْم. وعنه: ابن أبي الدُّنيا، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، وعبد اللَّه بْن أحمد بن الدَّوْرقيّ. وَثّقَهُ الخطيب. قال ابن أبي حاتم: تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. أمّا. - محمد بن غالب القُومِسيّ: فمتأخّر. 393- محمد بن غِياث2. أبو لَبِيد السَّرْخَسيّ. عن: مالك، وخُدَيْج بن معاوية، ومفصّل بن فَضَالَةَ، ومحمد بن جابر، وابن أبي الزِّناد. وعنه: محمد بن حاجب المَرْوَزِيّ، وَسَلَمَةُ بن شَبِيب، وجماعة. قال أبو حاتم: بلخيٌّ مرجئ. 394- محمد بن الفضل3 -ع. أبو النُّعْمان السَّدُوسيّ البصْريّ الحافظ. ولقبه عارِم. روى عن: الحمادين، وجرير بن حازم، ومهديّ بن ميمون، ومحمد بن راشد المكحوليّ، وثابت بن يزيد الأحول، وعمارة بن زاذان، وجماعة. وعنه: خ، وع، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل، وأبو زُرْعة، وعبد بن حُمَيْد، ومحمد بن غالب تَمْتَام، ومحمد بن وَارَةَ، ومحمد بن الحسين الحنينيّ،

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 55"، والتاريخ الصغير للبخاري "237"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1257". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 54"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 207". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 305"، والجرح والتعديل "8/ 58، 59"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 208"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1258، 1259".

ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وأحمد بن سليمان الرّهاويّ، وخلْق. قال ابن وارة: ثنا عارِم بن الفضل الصَّدُوق الأمين. وقال أبو حاتم: إذا حدّثك عارِم فاختم عليه، عارِم لا يتأخّر عن عَفَّان. وكان سليمان بن حرب يقدِّم عارِمًا على نفسه. وقال أبو حاتم أيضًا: اختلط عارِم في آخر عمره وزال عقله. فمن سمع منه قبل عشرين ومائتين فَسَمَاعُه جيّد. وأبو زُرْعة لقيه سنة اثنتين وعشرين. وقال البخاريّ: تغيَّر في آخر عُمره. قالوا: مات في صفر سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. وقال أبو داود السِّجِسْتانيّ: بَلَغَنَا أن عارِمًا أُنْكِرَ سنة ثلاث عشرة ومائتين، ثمّ راجعه عقْلُه، ثمّ استحكم به الاختلاط سنة ستّ عشرة. قُلْتُ: فَمِمَّا أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ رِوَايَتُهُ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ حَدِيثُ: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ"1. وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَوَاهُ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، كَمَا رَوَاهُ عَفَّانُ، وَغَيْرُهُ. قال الحَسَن بن عليّ الخلّال: سَمِعْتُ سليمان بن حرب يقول: إذا ذكرت أبا النُّعْمان فاذكُر: أيّوب، وابن عَوْن. وقال أبو جعفر العُقَيْليّ: قال لنا جدّي: ما رأيت بالبصْرة شيخًا أحسن صلاة من عارِم. وكانوا يقولون: أخذ الصّلاة عن حمّاد بن زيد، عن أيّوب. وكان عارِم مِنْ أخشع مَنْ رأيت، رحمه الله. قال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة تغيّر بآخره، وما ظهر له بعد اختلاطه حديث مُنْكَر. قلت: فهذا قول الدَّارَقُطْنيّ الذي لم يأتِ بعد النَّسائيّ مثله، فأين هو من قول ابن حِبّان الخسّاف في عارِم: اختلط في آخر عُمره، وتغيّر حتّى كان لا يدري ما يحدِّث به. فوقع المناكير الكثيرة في حديثه، فيجب التنكّب عن حديثه فيما رواه المتأخّرون. فإذا لم يُعلم هذا من هذا ترك الكلّ، ولا يحتج بشيءٍ منها.

_ 1 "إسناده ضعيف": أخرجه العقيلي في الضعفاء "4/ 121"، وفي إسناده صاحب الترجمة.

ثمّ لم يقدر ابن حِبّان أنّ يسوق لعارِم حديثًا مُنْكَرًا. 395- محمد بن القاسم الحَرّانيّ سُحَيْم1. عن: زُهَير بن معاوية، وعُبَيْد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، وإسماعيل بن عيّاش، وجماعة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم. قال أبو حاتم: صَدُوق. 396- محمد بن كثير العَبْديّ البصْريّ2 -ع. أبو عبد الله أخو سليمان. روى عن: أخيه، وسُفْيان، وشُعْبَة، وإسرئيل، وهمّام وجماعة. وعنه: خ. د. وم. ع، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعَبْد، والدّارميّ، ومُعَاذ بن المُثَنَّى، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال البخاري: مات سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. وقال ابن حِبّان: ثنا عنه الفضل بن الحُبَاب وكان تقيًّا فاضلًا يخضب. قال: وعاش تسعين سنة. قال ابن مَعِين: لم يكن يستأهل أن يُكْتَب عنه. رواها ابن الْجُنَيْد الخُتّليّ، عنه. 397- محمد بن كثير بن مروان الفِهْريّ الشاميّ3. نزل بغداد، وروى عن: إبراهيم بن أبي عَبْلَة، والأوزاعيّ، والَّليْث بن سَعْد وابن لهيعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 66"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 215"، والثقات لابن حبان "9/ 83". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 305"، والجرح والتعديل "8/ 70"، والثقات لابن حبان "9/ 77"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 18". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 70"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 193"، والكامل لابن عدي "6/ 2259"، وميزان الاعتدال "4/ 20".

وَعَنْهُ: حَامِدُ بْنُ شُعَيْبٍ الْبَلْخِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ. قَالَ إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْهُ، فَقَالَ: إِذَا مَرَرْتَ بِهِ فَارْجُمُهُ، ذَاكَ الَّذِي يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُتْرَكُ الْمَصْلُوبُ عَلَى الْخَشَبَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ"1. وقال ابن مَعِين: لم يكن ثقة. وقال ابن عَديّ: روى بواطيل، والبلاء منه. وقال أبو الفتح الأزْديّ: متروك. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي الدَّخِيلِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْفِهْرِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُمِّ حَرَامٍ، وَأَخْبَرَنِي "إِنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْقِبْلَتَيْنِ"2. قلت: حدَّث الفِهْريّ سنة ثلاثين ومائتين، وقد وقع لنا من عواليه في "المُنْتَقَى" من "المخلصيّات". تقدّم: محمد بن كثير المِصِّيصيّ. 398- محمد بن كُلَيْب البصْريّ3. حدَّث ببغداد عن: حمّاد بن زيد، وأبي إسماعيل المؤدِّب، ومُعْتَمِر بن سليمان. وعنه: نصر بن طَوْق، وأبو القاسم البَغَويّ. وثقة الخطيب. 399- محمد بن محبّب4 -د. ن. ق. أبو همّام الدّلاّل القرشيّ البصريّ، صاحب الرقيق.

_ 1 "حديث إسناده ضعيف جدا": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2259"، وفي إسناده صاحب الترجمة وقد تركه الأزدي. 2 "إسناده ضعيف جدا": أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد "3/ 193"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 195". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 96"، والتاريخ الكبير "1/ 247"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1265".

عن سُفْيان الثَّوريّ، وإسرائيل، وإبراهيم بن طَهْمان، وسعيد بن السّائب، وغيرهم. وعنه: رجاء بن مُرَجّا، وأحمد بن منصور الرماديّ، والقاضي البِرْتيّ، وأبو مسلم الكجّيّ، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، وخلْق. وَثّقَهُ أبو داود، وروى عن رجلٍ، عنه. تُوُفّي سنة إحدى وعشرين. 400- محمد بن محبوب1 -خ. د. ن- أبو عبد الله البُنانيّ البصْريّ. عن: الحَمّادَيْن، وأبي عَوَانة، وسرار بن مُجشّر، وعبد الواحد بن زياد، وجماعة. وعنه: خ، د، ون، عن رجلٍ، عنه، وعَمْرو بن منصور النَّسائيّ، ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وطائفة. قال أبو داود: سَمِعْتُ يحيى بن مَعِين يُثْني عليه ويقول: كيّس صادق كثير الحديث. قال البخاريّ: مات سنة ثلاثٍ وعشرين. وقال غيره: سنة اثنتين وعشرين. 401- محمد بن مُصْعَب البغداديّ2. أبو جعفر الدّعّاء. أحد عبّاد الله الأولياء. كان صاحب أحوال وكرامات. روى عن: ابن المبارك، وغيره. وعنه: أبو الحَسَن محمد بن محمد بن العطّار، ومحمد بن نصر الصائغ، وابن بسّام، وغيرهم. ووصفه الإمام أحمد بالسّنة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 102"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 245"، والثقات لابن حبان "9/ 80". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 361"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 279-281"، والأنساب "5/ 318".

قلت: تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 402- محمد بن مُعَاذ بن عبّاد بن مُعَاذ العنبري1 البصري -م. د. عن: عمّ أبيه مُعَاذ بن مُعَاذ، وأبي عَوَانة، ومُعْتَمِر بن سليمان، وعبد الواحد بن زياد، وسُفْيان بن عُيَيْنة، ومحمد بن السّمّاك، ومُزَاحِم بن العَوْام، وطائفة. وعنه: م. د، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وموسى بن إسحاق الأنصاريّ، والحسن بن علي بن الوليد الفسوي، وجماعة. قال أبو حاتم: صدوق ليس به بأس. وقال أبو زرعة: قدم الري، وصار إلى طبرستان. وقال أبو داود: أراه مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين. 403- محمد بن معاوية بن أعين2. أبو علي الهلالي النيسابوري، نزيل مكة. روى عن: حمّاد بن سَلَمَةَ، وزُهَير بن معاوية، وسليمان بن بلال، وخارجة بن مُصْعَب، والَّليْث بن سَعْد، وجماعة. وطوّف وصنّف وكان ضعيفًا. روى عنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وأبو حاتم، ومُطَيِّن، ومحمد بن عبد الرحمن السّاميّ، وخَلَف بن عَمْرو العُكْبَرِيّ، ومحمد بن عليّ الصائغ، وبُهْلُول بن إسحاق، وأحمد بن عبد المؤمن، والحَسَن بن محمد الزَّعْفرانيّ، وآخرون. قال يحيى بن مَعِين: كذّاب. وقال غير واحدٍ: ضعيف. وقال الفلّاس: فيه ضَعْف، وهو صَدُوق قد روى عنه النّاس.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 43"، وانظر الجرح والتعديل "8/ 95، 96"، والضعفاء للعقيلي "4/ 145، 146"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1274". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 103، 104"، والتاريخ الصغير للبخاري "231"، والضعفاء للدارقطني "152"، وتاريخ بغداد "3/ 270"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1274".

وقال أبو زُرْعة: كان شيخًا صالحًا إلّا أنه كان كلّما لُقِّن تَلَقَّن. وقال أبو بكر محمد بن إدريس المكّيّ: ما كتبتُ عنه إلّا من أصله، وكان معروفًا بالطَّلب. وكان يُحَدِّث حفظًا، فلعلّ يغلط ولا يحفظ. وقال حرب الكِرْمانيّ: كتبتُ عنه، وكان مستمليه سَلَمَةُ بن شَبِيب، وكان مُوسرًا. وقال النَّسائيّ: متروك. وقال مُطَيَّن: تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين. وكذا أرّخه موسى بن هارون، وزاد: بمكّة. 404- محمد بن معاوية البصريّ. عن: جويرية بن أسماء. ضغيف مجهول. 405- محمد بن مقاتل1 -خ- أبو الحسن المروزيّ الكسائيّ، ولقبه رخّ. روى عن: ابن المبارك، وخالد بن عبد الله،، وخَلَف بن خليفة، وأوس بن عبد الله بن بُرَيْدة، وابن عُيَيْنة، وابن وهب، ومبارك بن سعيد الثوري، وطائفة. وعنه: خ، وإبراهيم الحربيّ، وأبو زرعة، ومحمد بن إسحاق الصغاني، وإسماعيل سمويه، وأحمد بن سيار المروزي، ومحمد بن عبد الرحمن السامي، ومحمد بن الصائغ، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وخلق. قال أبو حاتم: صدوق. وقال البخاري: مات آخر سنة ست وعشرين ومائتين. وقال الخطيب: سكن بغداد ثم جاور بمكة. 406- محمد بن مكّيّ بن عيسى المروزيّ2 -د. ت.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 105"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 242"، والثقات لابن حبان "9/ 81"، وتهذيب الكمال "3/ 1275". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 78"، والمعرفة والتاريخ "1/ 705"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1275".

عن: ابن المبارك، وعُمَرو بن هارون البَلْخيّ. وعنه: أحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ، ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن حاتم المروزيّ، ود، وت، عن رجلٍ، عنه. وَثّقَهُ ابن حِبّان. 407- محمد بن موسى بن أَعْيَن الْجَزَريّ1 -خ. ن. عن أبيه، وزُهَير بن معاوية. وعنه: عليّ بن عثمان النفيليّ، ومحمد بن سلم بن وَارَةَ، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وجماعة. وكان صدوقًا. وجدت ابن حِبّان قال: تُوُفّي سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 408- محمد بن نصر المَرْوَزِيّ. شيخ يروى عن ابن المبارك، لا يكاد يُعرف. سمع منه: عبد الله بن الإمام أحمد في سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 409- محمد بن أبي نُعَيْم الواسطيّ الهُذَليّ2. واسم أبيه موسى. عن: أبان بن يزيد العطّار، ومهديّ بن ميمون، ووُهَيْب بن خالد، وجماعة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وحنبل بن إسحاق، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، وعليّ بن إبراهيم الواسطيّ. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال: سألت عنه يحيى بن مَعِين فقال: ليس بشيء.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 83"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 237"، والثقات لابن حبان "9/ 64"، وتهذيب الكمال "3/ 1278". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 83، 84"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 254"، والثقات لابن حبان "9/ 75".

وقال أبو داود: سألت ابن مَعِين عن ابن أبي نُعَيْم فقال: كذّاب خبيث. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يتابعه عليه الثِّقات. وقال ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ أحمد بن سِنَان يقول: ابن أبي نُعَيْم ثقة صَدُوق. 410- محمد المعتصم بالله1. أمير المؤمنين أبو إسحاق بن هارون الرشيد بن المهديّ الهاشميّ العبّاسيّ. وُلِدَ سنة ثمانين ومائة، وأُمَّه أمُّ ولد اسمُها ماردة. روى عن: أبيه، وعن أخيه المأمون. روى عنه: إسحاق المَوْصِليّ، وحمدون بن إسماعيل، وآخرون. بُويع بعد المأمون بعَهْدٍ منه إليه في رابع عشر من رجب سنة ثماني عشر ومائتين. وكان أبيض، أصْهب اللحية، طويلها، رَبْع القامة، مُشْرب الَّلون، ذا شجاعة، وقوّة، وهمّة عالية. وكانت خلافته ثمانية أعوام وثمانية أشهر، وكان عُرْيًا من العِلْم. فروى الصُّوليّ، عن محمد بن سعيد، عن إبراهيم بن محمد الهاشميّ قال: كان مع المعتصم غلام في الكُتّاب يتعلّم معه، فمات الغلام. فقال له الرشيد أبوه: يا محمد مات غلامك. قال: نعم سيّدي، واسترح من الكُتّاب. فقال: وإن الكتّاب لَيَبْلغ منك هذا؟ دعوه لا تعلّموه. قال: فكان يكتب ويقرأ قراءةً ضعيفة. قال خليفة: حجّ بالنّاس أبو إسحاق بن الرشيد سنة مائتين. وقال الصُّوليّ: ثنا عَوْن بن محمد: رأيت المعتصم أوّل ركبةٍ رَكِبها ببغداد وهو خليفة حين قدِم من الشّام. وذلك أوّل يومٍ من رمضان سنة ثمان عشرة، وأحمد بن أبي دؤاد يسايره، وهو مقبل عليه.

_ 1 انظر تاريخ خليفة "475"، والمعارف لابن قتيبة "383"، وتاريخ الطبري "8/ 359، 360"، وأخبار مكة للأزرقي "1/ 14".

وقال أبو الفضل الرِّياشيّ: كتب ملك الروم -لعنه الله- إلى المعتصم يتهدّده، فأمرَ بجوابه، فلمّا قُرئ عليه الجواب لم يرضه. وقال للكاتب: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم أمّا بعد، فقد قرأت كتابك وسمعت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكافر لمن عُقْبَى الدار". وقال أبو بكر الخطيب، وغيره: غزا المعتصم بلاد الروم سنة ثلاثٍ وعشرين، فأنكى في العدّو نكايةً عظيمة، ونصَب على عَمّورِية المجانيق، وفتحها، وقتل ثلاثين ألفًا، وسبى مثلهم، وكان في سَبْيه ستّون بِطْريقًا، ثمّ أحرق عَمُّورِية. قال خليفة: وفي هذه السنة أُتِيَ ببابَك الخُّرْميّ أسيرًا، فأمر بقطع أربعته وصلبه. قلت: كان من أَهْيب الخلفاء وأعظمهم، لولا ما شان سُؤْددَه بامتحان العلماء بخلْق القرآن، نسأل الله السّلامة. قال نفطويه: للمعتصم مناقب كثيرة. وكان يقال له: المثمّن فإنه كان ثامن الخلفاء من بني العبّاس، ومَلَك ثمان سنين وثمانية أشهر، وفتح ثمانية فتوح: بلاد بابَك على يد الأفشين، وفتح عَمُّورِية بنفسه، والزُّطّ بعُجَيْف، وبحر البصّرة، وقلعة الأحراف، وأعراب ديار ربيعة، والشّاري، وفتح مصر. وقتل ثمانية أعداء: بابَك، وباطيش، ومازَيار، ورئيس الزّنادقة، والأفشين، وعُجَيْفًا، وقارون، وقائد الرافضة. وإنّما فتح مصر قبل خلافته. وزاد غير نَفْطَوَيْه: إنّه خَلّف من الذَّهب ثمانية آلاف ألف دينار، ومن الفضّة الدّراهم مثلها. وقيل: ثمانية عشر ألف ألف. ومن الخيل ثمانين ألف فَرَس، وثمانية آلاف مملوك، وثمانية آلاف جارية. وبنى ثمانية قصور، وقيل: بل بلغ عدد غلمانه التُّرْك ثمانية عشر ألفًا. وعن أحمد بن أبي دُؤاد قال: استخرجت من المعتصم في حَفر نهر الشّاش ألفي ألف، غير أنّه كان إذا غضب لا يُبالي من قتلَ. وقال إسحاق المَوْصِليّ: دخلت عليه وعنده قَيْنَةٌ تغني. فقال: كيف تراها؟ قلت: تقهر الغناء برِفْق، وتختله برِفْق، وتخرج من الشيء إلى أحسن منه. وفي صوتها شجًى وشذور أحسن من الدُّرّ على النُّحور.

فقال: صِفتُكَ لها أحسن من غنائها، خُذْها لك. فامتنعتُ لعِلمي بمحبتّه لها، فوصلني بمقدار قيمتها. وبَلَغَنا أنّ المعتصم لمّا تجهّز لغزو عمورية حكم المنجون أنّ ذلك طالَع نَحْس، وأنّه يُكْسَر، فكان من ظَفْرِه ونَصْرِه ما لم يَخْفَ، وفي ذلك يقول أبو تمّام قصيدته البديعة: السَّيفُ أصدق إنباءً من الكُتُبِ ... في حَدّهِ الحَدُّ بين الْجِدّ والَّلعبِ منها: والعِلْم في شُهُب الأيام لامعةً ... بين الخَمِيسَيْن لا في السَّبْعةِ الشهب أين الرواية أمّ أين النّجومُ وما ... صاغوه من زُخْرُفٍ فيها ومن كذِبِ تخرُّصًا وأحاديثًا مُلَفْقَةً ... ليست بنَبْع إذا عُدَّت ولا غَرَبِ وعن أحمد بن أبي دُؤَاد قال: كان المعتصم يُخرج ساعده إليّ ويقول: يا أبا عبد الله، غصّ ساعدي بأكثر قوّتك. فأقول: ما تَطِيب نفسي. فيقول: إنه لا يُضيرني. فأروم ذلك، فإذا هو لا تعمل فيه الأسِنّة فضلًا عن الأسنان. وانصرف يومًا من دار المأمون إلى داره، وكان شارع الميدان منتظمًا بالخِيَم، فيها الْجُنْد، فإذا امرأة تبكي وتقول: ابني ابني، وإذا بعض الجبد قد أخذ ولدها، فدعاه المعتصم، وأمره بردّ ابنها عليها، فأبى، فاستدناه، فدنا منه، فقبض عليه بيده، فسمعتُ صوت عظامه، ثمّ أطلقه فسقط وأمر بإخراج الصّبيّ إلى أمّه. وقال أحمد بن أبي طاهر: ذكر أحمد بن أبي دُؤَاد المعتصم يومًا، فأسهب في ذِكْرِه، وأطنب في وصْفه، وذكر من سعة أخلاقه، ورضيّ أفعاله، وقال: كثيرًا ما كنتُ أُزامله في سفره. قال أبو بكر الخطيب: ولكَثْرة عسكر المعتصم وضِيق بغداد عنه، بنى سُرّ من رأى، وانتقل إليها فسكنها بعسكره، وسُمّيت العسكر، وذلك في سنة إحدى وعشرين ومائتين.

وعن عليّ بن يحيى المنجّم قال: استتمّ عِدّة غلمان المعتصم الأتراك بضعة عشر ألفًا، وعُلِّق له خمسون ألف مِخْلاة. وذَلَّل العدَوّ بالنّواحي. فيقال: إنه قال في مرض موته: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَة} [الأنعام: 44] . وقال المسعودي: وَزَرَ له ابن الزّيّات إلى آخر أيّامه، وغلب عليه أحمد بن أبي دُؤَاد. وقال ابن أبي الدُّنيا: نا عليّ بن الجعد قال: لمّا احتصر المعتصم جعل يقول: ذهبت الحيلة فليس حيلة. حَتّى صمت. قال: وحدَّثني شيخ من قُريش أنّه جعل يقول: أؤخذ من بين هذا الخلّق. قال: وكان أصْهَب الّلحية جدًّا، وطويلَها. قلت: وللمعتصم شعرٌ لا بأ س به، وكلمات فصيحة. قال نَفْطَوَيْه: فممّا يُرْوَى من كلامه: إذا شُغلت الألباب بالأداب، والعقول بالتعليم، تنبّهَت النفوس على محمود أمرها، وأبرز التّحريك حقائقها. قال نَفْطَوَيْه: وحُدِّثت أنّه كان من أشدّ النّاس بطْشًا، وأنّه جعل زَنْد رجلٍ بين أصابعه، فكسره. وقال عبد الله بن حمدون النّديم، عن أبيه، سمع المعتصم يقول: عاقل عاقل مرّتين أحمق. وقال إسحاق بن إبراهيم الأمير: واللهِ ما رأيت كالمعتصم رجلًا. لقد رأيته يُمْلي كتابًا، ويقرأ كتابًا، ويعقد بيده، وإنّه لَيُنْشِدُ شعر أبي خِراش الهُذَليّ: حَمِدتُ إلهِي بعد عُرْوَة إذ نجا ... خِراشٌ وبعضُ الشَّرِّ أهْوَنُ من بعضِ بلى إنّها تَعْفُو الكلوم، وإنّما ... يؤكل بالأدنى، وإنْ جلّ ما يمضي ولم أدرِ من ألقى عليه ردَاءه ... ولكنّه قد سئل عن ماجدٍ محض مات المعتصم يوم الخميس، لإحدى عشر ليلةٍ بقِيَت من ربيع الأوّل، سنة سبْعٍ وعشرين ومائتين، وله سبْعٍ وأربعون سنة وسبعة أشهر.

قلت: فهذا يدلُ على أنّ مولده قبل سنة ثمانين بأشهُر. ودُفِنَ بسُرّ مَنْ رأي، وصلّى ابنه الواثق عليه. ومِن أحسن ما سُمِع مِن المعتصم قوله إنْ صحّ عنه: اللهمّ إنّك تعلم أنّي أخافك من قِبَلي، ولا أخافك من قِبَلك، وأرجوك من قِبَلك، ولا أرجوك من قِبَلي. 411- محمد بن هانئ1. أبو عَمْرو الطَّائيّ. حدَّث ببغداد عن: مُصْعَب بن سلّام وأبي الأحْوَص، وهُشَيْم. وعنه: ابنه، وأبو حاتم الرازي. وابنه هو الحافظ أبو بكر الأثرم. 412- محمد بن هانئ السلمي النيسابوري. رحل وسمع من: هُشَيْم، وجرير بن عبد الحميد، وابن المبارك. وعنه: ابنه إبراهيم، ومحمد بن عَمْرو الحَرَشيّ، ومحمد بن عبد السّلام الورّاق. تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. 413- محمد بن وَهْب بن مسلم2. أبو عَمْرو القُرَشيّ، مولاهم الدّمشقيّ. عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، والوليد بن مسلم. روى عنه: الربيع بن سليمان الْجِيزيّ، ويحيى بن أيّوب العلّاف. وأحمد بن محمد بن رِشْدين، وأبو الأحْوَص محمد بن الهيثم، والمصريّون. سكن مصر، وهو مُنْكَر الحديث. خلطه بالّذي بعده غير واحد، والصّواب التّفريق بينهما.

_ 1 تقدمت ترجمته. 2 انظر الكامل لابن عدي "6/ 2272، 2273"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 61"، وتهذيب التهذيب "9/ 506".

414- محمد بن وهب بن عطية1 -خ. ق. أبو عبد الله السّلميّ الدّمشقيّ. سمع: بقيّة، ومحمد بن حرب الخَوْلانيّ، والوليد بن مسلم، وعِراك بن خالد، وجماعة. وعنه: محمد بن يحيى الذُّهَليّ، وأبو أُمَيّة الطَّرَسُوسيّ، وأحمد بن منصور الرّماديّ، وأبو حاتم، وعليّ بن محمد بن عيسى الْجَكّانيّ، وعُبَيْد بن شَرِيك البزّار. قال أبو حاتم: صالح الحديث. ووَثّقَهُ الدَّارَقُطْنيّ. روى البخاريّ، وابن ماجه، عن الذُّهَليّ، عنه. وقال ابن عَديّ: له غير حديث مُنْكَر، وقد تكلموا فيمن هو خيرٌ منه. ثَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الصَّدَفِيُّ بِمِصْرَ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا مالك، عن سميّ بن الأحلج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ، ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ، وَهُوَ الدَّوَاةُ، ثُمَّ خَلَقَ الْعَقْلَ، ثُمَّ قَالَ: مَا خَلَقْتُ خَلْقًا أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْكَ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَهَذَا بِهَذَا الإِسْنَادِ بَاطِلٌ. قُلْتُ: صَدَقُ ابْنُ عَدِيٍّ، لَكِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ وَهْبٍ لَيْسَ هُوَ بِالسُّلَمِيِّ بَلْ هُوَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْقُرَشِيُّ الَّذِي نَزَلَ مِصْرَ. وَهُوَ أَسَنُّ مِنَ السُّلَمِيِّ. أَلا تَرَى أَنَّ الرَّاوِيَ عَنْهُ هُوَ الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ؟ وَالرَّبِيعُ لَمْ يَرْحَلْ. وَمَا كَانَ أَبُو حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيُّ يُثْنِيَانِ عَلَى رجلٍ يَرْوِي مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ. وممّن خلط فيه الحافظ ابن مِنْده فقال: محمد بن وهب بن سعد بن عطية مولى قريش، يكنى أبا عَمْرو، مُنْكَر الحديث، سكن مصر. قال ابن عساكر: محمد بن وَهْب بن سعيد بن عطية السّلميّ الدّمشقيّ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 114"، وتاريخ الطبري "7/ 518"، والكامل لابن عدي "6/ 2272" وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1284، 1285".

ثمّ قال بعده: محمد بن وَهْب بن مسلم القُرَشيّ أبو عَمْرو الدّمشقيّ. فهذا أكبرهما، لأنّه روى عن عبد الله بن العلاء. - محمد بن يحيى بن سَعْد القطّان. أخَّرته عَمْدًا. 415- محمد بن يزيد الحزامي الكوفيّ البَزّار1 -خ. عن: شَرِيك، وابن المبارك، ويحيى بن أبي زائدة، والوليد بن مسلم، وحبان بن عليّ. وعنه: خ، والدّارميّ، ويعقوب الفَسَويّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وغيرهم. 416- مالك بن عبد الواحد2 -م. د. أبو غسّان المسّمعيّ البصريّ. عن: بِشْر بن المفضل، ومُعْتَمِر بن سليمان، وعبد العزيز العَمِّيّ، وطبقتهم. وعنه: م؛ ود، وعثمان بن خُرَّزاذ، وموسى بن هارون، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وآخرون. توفي سنة ثلاثين. 417- المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري البصري3 -م. أخو عُبَيْد الله. سمع: أباه، وبِشْر بن المفضّل، ومعتمر بن سليمان، وجماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 128"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 261"، والثقات لابن حبان "9/ 78"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1291". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 213، 214"، والثقات لابن حبان "9/ 164"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1299". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 326، 327"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 420"، والثقات لابن حبان "9/ 194"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1303".

وعنه: ولداه الحَسَن، ومُعَاذ، وإبراهيم الحربيّ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وآخرون. تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 418- محبوب بن موسى الأنطاكيّ1 -د- أبو صالح الفرّاء. عن: عبد الله بن المبارك، وأبي إسحاق الفَزَاريّ، وشُعَيْب بن حرب، وجماعة. وعنه: د، وعثمان بن سعيد الدّارميّ، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، وآخرون. توفي سنة ثلاثين. قال العجلي: ثقة صاحب سُنّة. 419- محمود بن الحَسَن الورّاق2. الشاعر المشهور. أكثر من الشّعر في المواعظ والحِكَم. وتُوُفّي في خلافة المعتصم. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وأبو العبّاس بن مسروق، وغيرهما. فمن شعره قوله: كبُر الكبيرُ عن الأدب ... أدبُ الكبير من التعبْ حَتّى متى وإلى متى ... هذا التمادي في الّلعبِ الرّزْق لو لم تأتِهِ ... لأتاك عَفْوًا من كتبْ إن نمت عنه لم يَنَمْ ... حَتّى يحرّكه السَّببْ روى الجاحظ أنّ المعتصم طلب جاريةٍ كانت لمحمود الورّاق، وكان نخّاسًا، بستّة آلاف دينار، فامتنع من بيعها، فلمّا مات اشتريت للمعتصم بسبعمائة دينار، فلمّا

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 389"، والثقات لابن حبان "8/ 389"، وللعجلي "421"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1307". 2 انظر تاريخ بغداد "13/ 87"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 461، 462".

أُدْخِلَت إليه قال لها: كيف رأيتِ؟ قالت: إذا كان الخليفة ينتظر بشهواته المواريث، فإنّ سبعين دينارًا في ثمني كثيرة. فأخجلته. - مِرْداس. هو أبو هلال الأشعري1. سيأتي بكنيته إن شاء الله. 420- مُرَّة بن عبد الواحد الكَلاعيّ. أبو يزيد البُرُلُسيّ. روى عن: همّام بن إسماعيل، وزَيْن بن شُعَيْب. تُوُفّي سنة ثلاثين. 421- مسدّد بن مسرهد2 -خ. د. ت. ن. الحافظ أبو بكر الأسديّ البصريّ. عن: جويرية بن أسماء، وأبي عَوَانة، وأبي الأحْوَص، وحمّاد بن زيد، وجعفر بن سُلَيْمَان الضبعي، وعبد الواحد ابن زياد، وعبد الوارث، ويزيد بن زُرَيْع، وابن عُلَيَّة، ويحيى بن سعيد القطّان، وخلْق. وعنه: خ، وت. ن، عن رجلٍ، عنه، وأبو حاتم، وأبو زُرْعة، وإسماعيل القاضي، وابن عمّه يوسف بن يعقوب القاضي، ومُعَاذ بن المُثَنَّى، وأبو خليفة الْجُمَحيّ، وآخرون. قال يحيى القطّان: لو أتيت مُسَدَّدًا فحدَّثته في بيته لكان يستأهل. وقال يحيى بن مَعِين: هو ثقة ثقة. وقال أحمد بن عبد الله العِجْليّ: مُسدَّد بن مُسَرْهَد بن مُسَرْبَل بن مُسْتَوْرد الأَسَديّ. ثقة. كان يُملي عليّ حَتّى أضجر، فيقول لي: يا أبا الحَسَن، أكتب هذا الحديث. فيُمْلي عليّ بعد ضَجَري خمسين ستّين حديثًا. فأتيته في رحلتي الثانية، فإذا عليه زحام، فقلت: قد أخذت بحظّي منك.

_ 1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 307"، والجرح والتعديل "8/ 438"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 72، 73"، والثقات لابن حبان "9/ 200".

وكان أبو نُعَيْم يسألني عن اسمه واسم أبيه، فأخبره، فيقول: يا أحمد هذه رقية العقرب. وقال أبو حاتم الرازي: أحاديث مسدد، عن يحيى بن سَعِيدٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر، كأنّها الدّنانير، كأنّك تسمعها من النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وصدق أبو حاتم. فأمّا ما ذكر أبو عليّ منصور بن عبد الله الخالديّ من نَسَب مُسدَّد. فقال: هو مُسدَّد بن مسرهد بن مسربل ابن مُغْربَل بن مُرَعْبَل بن أرْنَدَل بن سَرَنْدَل بن ماسك بن مستورد، فهذا لا يُعْتَمَد عليه لأنّ الخالديّ غير ثقة. قال محمد بن سَعْد: تُوُفّي مُسدَّد سنة ثمانٍ وعشرين. 422- مسلم بن إبراهيم1 -ع. أبو عمر الأزدي، ثم الفراهيديّ، مولاهم البصْريّ الحافظ. سمع من ابن عَوْن حديثًا واحدًا، ومن: قُرَّةَ بن خالد، وسعيد بن أبي عَرُوبة، وشُعْبَة، وهمّام، وأبان بن العطار، ومالك بن مِغْوَلٍ، ووَهْب بن خالد، وسلام بن مِسْكِين، وإسماعيل بن مسلم العَبْديّ وهشام بن عبد الله الدُّسْتُوائيّ، وبشرٍ كثير. يقال: إنه كتب عن ستّمائة شيخ بالبصرة، ولم يسمع بغيرها إلّا اليسير. وعنه: خ. د، والباقون، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، ومحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وعبد بن حُمَيْد، وعبد الله الدّارميّ، وسليمان بن سيف الحَرّانيّ، ومحمد بن سنْجر الحافظ، وعبد الله بن أحمد الدَّوْرقيّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو مسلم الكجي، وحفص بن عُمَر سَنْجَة، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وأبو خليفة الفضل بن الحُبَاب، وخلْق سواهم. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، وَزَيْنَبَ الشِّغْرِيَّةِ، أَنَّ زَاهِرَ بْنَ طَاهِرٍ أَخْبَرَهُمَا، أنا أَبُو يَعْلَى الصَّابُونِيُّ، أنا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عون فحدّثني قال:

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 304"، والجرح والتعديل "8/ 180"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 254"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1323".

أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ وَقَدْ عَمِيَ، فَقُلْتُ لمولاةٍ: قَوْلِي لأَبِي وَائِلٍ، حَدِّثْنَا مَا سَمِعَ مِنِ ابن مسعود. فقلت: يَا أَبَا وَائِلٍ حَدِّثْهُمْ مَا سَمِعْتَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَمَجْمُوعُونَ فِي "صَعِيدٍ" واحدٍ يُسْمِعُكُمُ الدَّاعِي، وَيُنْقِذُكُمُ الْبَصَرُ. أَلا وَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، والسّعيد من وعظ بغيره. قال أحمد بن أبي خيثمة، عن يحيى بن مَعِين: ثقة مأمون. وقال نصر بن عليّ: سَمِعْتُ مسلم بن إبراهيم يقول: قعدت مرّة أُذاكر شُعْبَة عن خالد بن قيس، فقال: كذب تلقى أبي هُرَيْرَةَ. وقال العِجْليّ: كان مسلم يسكن البصرة في دارٍ كبيرة، فإنما معه أخته، وهي عجوزة كبيرة، كان أصحاب الحديث إذا أرادوا أن يغيظوه قالوا: أختك قَدَرِيّة. فيقول: لا والله إلّا مُثَبتة. وكان ثقةً، عَمِي بأخَرَة، يروي عن سبعين امرأة. وقال أبو زُرْعة: سمع مسلم بن إبراهيم يقول: ما أتيتُ حلالًا ولا حرامًا قطّ. وكان أتى عليه نيفٌ وثمانون سنة. قال أبو حاتم: كان لا يحتَاج إليه. يعني الْجِماع. وقال أبو داود: كتب عن قريب من ألف شيخ. وقال إسماعيل التِّرْمِذِيّ: سَمِعْتُ مسلم بن إبراهيم يقول: كتبت عن ثمانمائة شيخ، ماجزت الجسر. قال أبو داود: ما رحل إلى أحدٍ، وكان يحفظ حديث قُرَّةَ، وحديث هشام، وحديث أبان يَهُذُّهُ هَذًّا، وهو أحبّ إلينا من ابن كثير. كان ابن كثير لا يحفظ، وكانت فيه سلامة. تُوُفّي في صَفَر سنة اثنتين وعشرين ومائتين، وقد قارب التّسعين.

423- مضاء بن الجارود الدّنيوريّ1. أبو الجارود. عن: سلّام بن مِسْكين، وأبي عَوَانة، وصالح المُرِّيّ، وجماعة. وعنه: جعفر بن أحمد الزنجانيّ، والنَّضْر بن عبد الله الدّيِنَوَريّ. قال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. 424- مُضَر بن غسّان بن مُضَر2. أبو عُيَيْنة الأزْديّ. سمع: حمّاد بن سَلَمَةَ. وعنه: عُقْبَة بن سِنَان، وهشام بن عليّ السَّدُوسيّ. 425- مسلم بن عبد الرحمن الْجَرْميّ3. أحد أبطال الإسلام، ومن يُضْرب به المثل في الفروسيّة والإقدام. سمع من: مَخْلَد بالمِصِّيصة. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: روى عنه المنذر بن شاذان الرّازيّ الصادق أنه قتل من الروم مائة ألف. 426- معاذ بن أسد بن أبي شجرة4 -خ. د. أبو عبد الله الغنويّ المروزيّ كاتب ابن المبارك. سكن البصرة وحدَّث عن: فُضَيْل بن عِيَاض، وابن المبارك، والفضل السِّينانيّ، والنّضر بن شميل، وجماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 403"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 50"، وميزان الاعتدال "4/ 122"، ولسان الميزان "6/ 46". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 441، 442"، والثقات لابن حبان "9/ 199". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 188". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 250، 251"، والتاريخ الكبير "7/ 366"، والثقات لابن حبان "9/ 178"، وتاريخ بغداد "13/ 134".

وعنه: خ، د، وأحمد بن حنبل، وإسماعيل القاضي، وأبو زُرْعة، وأبو مسلم الكَّجّيّ، وأحمد بن عليّ الأبار، وأحمد بن داود المكّيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: ثقة. وقال البخاريّ: وُلِد سنة خمسين ومائة، أو نحوها. وقال ابن عساكر: مات سنة تسعٍ وعشرين، وقيل: سنة ثمانٍ وعشرين، وقيل: سنة ثلاثٍ وعشرين. 427- المُعَافَى بن محمد. أبو مَعْدَان الأزْديّ المَوْصِليّ. عن: مالك بن أنس، وأبي المُلَيْح الرَّقّيّ، وإبراهيم بن سَعْد، ويوسف بن الماجِشُون. وعنه: عليّ بن جابر المَوْصِليّ. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. 428- مَعْمَر بن بكّار السَّعْديّ1. روى عن: إبراهيم بن سَعْد، وهشام بن أبي هشام الحنفي، ونجيح بن إبراهيم، وجماعة. وعنه: سلمة بن شبيب، ومطّين. وقال العقيلي: في حديثه وهم. 429- مقاتل بن محمد النّصر آباذيّ الرازي2. روى عن: جرير بن عبد الحميد، وأبي بكر بن عيّاش، وطبقتهما. فأكثر وأحسن. روى عنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. وقال أبو حاتم: كان فقيهًا ثقة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 259"، والثقات لابن حبان "9/ 196"، والضعفاء للعقيلي "4/ 207"، وميزان الاعتدال "4/ 135". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 355، 356".

وقال أبو زُرْعة: ما خلّف بالعراق مثله، كان ثقة مأمونًا. 430- مُلَيْح بن وَكِيع بن الجرّاح الرُّؤاسيّ1 الكوفيّ. عن: أبيه، وجرير بن عبد الحميد. وعنه: أبو زُرْعة الرّازيّ، ومُطَيِّن، وأبو حصين الوادعيّ. قال أبو حاتم: صدوق. قلت: توفي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. 431- مهديّ بن جعفر بن جَبْهان بن بِهرام2. أبو محمد، ويقال: أبو عبد الرحمن الرَّمْليّ الزّاهد. عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، وعبد العزيز بن أَبِي حازم، وعليّ بن ثابت الْجَزَريّ، والوليد بن مسلم، وضَمْرة، ورُدَيْح بن عطيّة، وابن المبارك، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وعثمان الدّارميّ، ومحمد بن التِّرْمِذِيّ، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، وأبو الزِّنْباع رَوْح بن الفَرَج، وأبو عَبْد الملك أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، وجماعة. قال ابن مَعِين، وصالح جَزَرَة: لا بأس به. وقال ابن عَديّ: يروي عن الثِّقات ما لا يُتابَع عليه. وقال ابن يونس: تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين، وهذا وهم. قد سمع منه البُسْريّ بصور سنة ثلاثين. 432- مهديّ بن حفص3 -د- أبو أحمد البغداديّ. عن: حماد بن زيد، وخلف بن خليفة، وأبي الأحوص سلاّم، وعيسى بن يونس.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 367، 368"، والثقات لابن حبان "9/ 195". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 338"، والثقات لابن حبان "9/ 201"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1380". 3 انظر الطبقات لابن سعد "7/ 352"، والجرح والتعديل "8/ 337"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 425"، والثقات لابن حبان "9/ 201".

وعنه: د، وإبراهيم الحربيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، ومحمد بن الفضل السَّقْطيّ، وآخرون. وَثّقَهُ أبو بكر الخطيب. ومات سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 433- مهديّ بن عيسى1. أبو الحَسَن الواسطيّ. عن: حمّاد بن زيد، وجعفر بن سليمان، وعيسى بن ميمون، وخالد بن عبد الله الطحان. وعنه أبو حاتم، وأبو زرعة وغيرهما، قال أبو حاتم: صدوق. 434- موسى بن إسماعيل2. أبو عِمران البَجَليّ الْجَبُّليّ، عن يعقوب القُمّي وإبراهيم بن سَعْد الزُّهْريّ، وابن السماك، وابن المبارك، وحفص ابن سَلْم، وآخرين. وعنه: أحمد بن سِنَان، والحَسَن بن سهل المحور، ومحمد بن عبد الله بن أبي نُعَيْم، ومحمد بن عُبّادة، وأيّوب ابن حسّان الدَّقّاق، وجماعة، ومحمد بن عيسى بن السَّكَن. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ غيره: كان رفيق يحيى بن مَعِين. وجبل: قريةٌ ممّا يلي واسط. 435- موسى بن إسماعيل3 -ع. أبو سلمة التّبوذكيّ البصريّ الحافظ، مولى بني مِنْقَر. روى حديثًا واحدًا عن شُعْبَة، وآخر عن حمّاد بن زيد. وعن حمّاد بن سَلَمَةَ تصانيفه، وعن: يزيد بن إبراهيم التُّسْتَريّ، وأبي الأشهب

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 337"، والثقات لابن حبان "9/ 201". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 136"، والثقات لابن حبان "9/ 160". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 353"، والجرح والتعديل "8/ 136"، والثقات لابن حبان "9/ 160".

العُطَارِديّ، وبكّار بن عبد العزيز بن أبي بَكْرة، وجرير بن حازم، وأبان بن يزيد العطّار، وقيس بن الربيع، والربيع بن مسلم، ومحمد بن راشد المكحوليّ، وعبد العزيز الماجِشُون، وخلْق. وعنه: خ. د، وم. ت. ن. ق، عن رجلٍ، عنه، ويحيى بن معين، والذُّهَليّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وأحمد بن داود المكّيّ، ومحمد بن أيّوب البَجَليّ، ومحمد ابن غالب تَمْتَام، والعبّاس بن الفضل الأسفاطيّ، وسِبْطه أبو بكر أَحْمَد بن عَمْرو بن أبي عاصم، وخلْق كثير. قال عبّاس، عن ابن مَعِين قال: ما جلست إلى شيخ إلّا هابَني أو عَرَف لي، ما خلا هذا الأثرم التَّبُوذَكيّ. قال عبّاس: فعددتُ ما كتبنا عنه خمسة وثلاثين ألف حديث. وقال ابن المَدِينيّ: مَن لم يكتب عن أبي سَلَمَةَ كتب عن رجلٍ، عنه. وقال أبو حاتم: لا أعلم بالبصرة ممّن أدركناه أحسن حديثًا من أبي سَلَمَةَ. وإنّما سُمّي التَّبُوذَكيّ لأنّه اشترى بتَبُوذَك دارًا، فنُسب إليها. وقال أحمد بن أبي خَيْثَمَة: سَمِعْتُ أبا سَلَمَةَ يقول: لا جُزي خيرًا من سمَّاني تَبُوذَكيّ، أنا مولى بني مِنْقَر، إنّما نزل داري قوم من تَبُوذَك، فسمّوني تَبُوذَكيّ. وقال أبو بكر بن المقدّميّ: ثنا الحسن بن القاسن بن دُحَيْم الدّمشقيّ، ثنا محمد بن سليمان قال: قدِم علينا يحيى بن مَعِين البصرة، فكتبَ عن أبي سَلَمَةَ وقال: إنّي أريد أن أذكر لك شيئًا فلا تغضب. قال: هات. قال: حديث همّام، عن ثابت، عن أَنس في الغار، لم يروه أحدٌ من أصحابك، إنّما رواه عَفَّان وحبّان، ولم أجِدْه، في صدْر كتابك، إنّما وجدته على ظهره. قال: فتقول ماذا؟ قال: تحلف لي إنّك سَمِعْتَه من همّام. قال: ذكرت أنّك كتبت عنّي عشرين ألفًا "فإن كنت" عندك "فيها صادقًا" فما

ينبغي أن تكذبني في حديث وإن كنت عندك كاذبًا، فينبغي أن لا "تصدّقني فيها ولا تكتب عنّي شيئًا وترمي بها". "بَرَّةُ بنت" أبي عاصم طالق ثلاثًا إنْ لم أكن سمعتُه من همّام. واللهِ لا كلّمتُك أبدًا. قال حاتم بن الَّليْث الْجَوْهَري: كان أبو سَلَمَةَ أحمر الرأس والّلْحية يَخْضِب الحِنّاء. قد رأى سعيد بن أبي عَرُوبة وحفظ عنه مسائل. قال: ومات بالبصرة في رجب سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين، رحمه الله. 436- موسى بن إبراهيم المَرْوَزِيّ1. عن: ابن لَهِيعَة، وأبي جعفر الرّازيّ، وإبراهيم بن سَعْد. وعنه: أبو القاسم البَغَويّ، وهو من قدماء شيوخه، سمع منه سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. قال الدَّارَقُطْنيّ، وغيره: متروك. وقال ابن مَعِين: كذّاب. 437- موسى بن أيّوب2 -د. ن. أبو عمران النّصيبيّ الأنطاكيّ. عن: ابن المبارك، ومُعْتَمِر بن سليمان، وأبو المُلَيْح الرَّقّيّ، وأبي إسحاق الفَزَاريّ، وبقيّة بن الوليد، وجماعة كثيرة. وعنه: محمد بن عَوْف الحمصيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن محمد بن تميم النَّصِيبيّ، ومحمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ، وأبو حُمَيْد أحمد بن محمد العَوْهيّ، وأحمد بن إبراهيم البُسْريّ، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق.

_ 1 انظر الكامل لابن عدي "6/ 2347"، والضعفاء للعقيلي "4/ 166"، وتاريخ بغداد "13/ 38، 39"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 199". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 134، 135"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 326"، والثقات لابن حبان "9/ 161"، وتهذيب التهذيب "1/ 336".

وروى أبو داود، والنَّسائيّ، عن رجلٍ، عنه. 438- موسى بن بحر العراقيّ المَرْوَزِيّ1. أبو عِمران. عن: عبد العزيز بن عبد الصَّمَد العَمِّيّ، وعليّ بن هاشم بن الوليد، وعبّاد بن العَوّام، وجرير بن عبد الحميد. وعنه: البخاريّ في كتاب "الأدب"، وعُبَيْد الله بن واصل، والحَسَن بن سُفْيان. وَثّقَهُ ابن حِبّان، وقال: مات سنة ثلاثين ومائتين. 439- موسى بن محمد2. أبو هارون البكّاء. نزيل قَزْوين. سمع: الَّليْث بن سَعْد، وعبد الله بن لَهِيعَة، وحفص بن مَيْسَرة. روى عنه: يوسف بن يعقوب القَزْوِينيّ، وأبو حاتم الرازيّ، وأثنى عليه. وأما أبو زُرْعة فضعّفه. وقال أبو حاتم: محلُّه الصِّدْق. وضعّفه أيضًا أحمد بن حنبل. 440- موسى بن محمد بن عطاء بن طاهر البَلْقاويّ3 المقدسيّ. ويقال: الرَّمْليّ. أحد المتروكين. عن: مالك، وشَرِيك، والعَطّاف بن خالد، وأبي المُلَيْح، والوليد الموقّريّ، وطائفة. وعنه: الربيع بن محمد الّلاذِقيّ، وأحمد بن خُلَيْد الحلبيّ، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، وعثمان الدّارميّ، وأبو الأحْوَص العُكْبَرِيّ، والنّاس.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 137"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 281"، والثقات لابن حبان "9/ 162"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1383". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 160، 161"، وتاريخ بغداد "13/ 35، 36"، ولسان الميزان للحافظ "6/ 129". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 161"، والمجروحين لابن حبان "1/ 73"، والكامل لابن عدي "6/ 2346"، وميزان الاعتدال "4/ 219".

كنّاه النسائي: أبا طاهر، وقال: ليس بثقة. ورماه بالكذب أبو زرعة، وأبو حاتم. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. قال أبو سعيد بن يونس: "حَدَّثَنَا محمد بن موسى" الحَضْرَميّ، ثنا إبراهيم بن سليمان الأَسَديّ قال: جِئتُ موسى بن محمد البَلْقاويّ "فأملى عليّ". وَقَالَ: اكْتُبْ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، "أَنَّ النَّبِيَّ -صلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- دَفَعَ إِلَى مُعَاوِيَةَ سَفَرْجَلَةً وَقَالَ: الْقَنِي بِهَا فِي الْجَنَّةِ". قال الأَسَديّ: فلم أعُدْ أليه. 441- موسى بن معاوية2. أبو جعفر الصُّمَادِحيّ الفقيه، عالم إفريقيا في وقته. رحلَ في طلبِ العِلْم تفقّه، وأكثر عن وَكِيع. وكان يذكر أنّه من ولد جعفر بن أبي طالب. قال ابن يونس: عاش خمسًا وستّين سنة، أو أربعًا وستّين سنة. قلت: وتواليف ابن عبد البَرّ، وابن حَزْم، والطَّلَمَنْكيّ مشحونة برواياته عن وَكِيع. ومات في ذي القِعْدة سنة خمسً وعشرين ومائتين. 442- موسى بن هارون بن بشير3 -خ. د. ت. أبو عُمَر القَيْسيّ الكوفيّ البُرْديّ المعروف بالبُنّيّ. وقيل: إنّ البُرْديّ لقبٌ له لبردةٍ كان يلبسها. رحل وسمع من: الوليد بن مسلم، وابن وهب، وهشام بن يوسف الصّغانيّ.

_ 1 "إسناده ضعيف جدا": أخرجه ابن حبان "1/ 115"، في ترجمة إبراهيم بن زكريا، والحديث في إسناده صاحب الترجمة، وهو متروك. 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 160"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1394"، وتهذيب التهذيب للحافظ "10/ 375".

وعنه: محمد بْن يحيى الذُّهَليّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه البَرْقيّ، وعبد الله غير منسوب فقيل هو ابن حمّاد الآمُليّ، ويحيى بن عثمان بن صالح، وجماعة آخرهم أحمد بن حمّاد زُغْبَة التُّجَيْبيّ. قال ابن يونس: كوفي، قدِم مصر وحدَّث بها، وخرج إلى الفَيُّوم، فتوفي بها في جُمادَى الآخرة سنة أربعٍ وعشرين. وقال ابن حِبّان في "الثّقات": كان يبيع التَّمْر البُرْديّ فنُسِبَ إليه، وكان راويًا للوليد. قلت: روى له البخاريّ مقرونًا بآخر. 443- مؤمل بن الفضل1 -د. ن- أبو سعيد الْجَزَرَيّ الحَرّانيّ. عن: عيسى بن يونس، وبقيّة بْن الوليد، ومحمد بْن حرب الْأَبرش، والوليد بن مسلم، وعَتّاب بن بشير، وطائفة. وعنه: د، ون، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن سليمان الرّهاويّ، وسليمان بن سيف، وعثمان الدّارميّ، وعثمان بن خرزاذ، وطائفة. وقد روى عنه يحيى بن يحيى النَّيْسَابوريّ، وهو أكبر منه. قال أبو حاتم: ثقة رضيّ. وروى أبو عَرُوبة، عن محمد بن يحيى بن كثير الحَرّانيّ، أنّه مات سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. "حرف النون": 444- نَصْر بن المغيرة البخاريّ2. نزيل بغداد. عن: جرير بن حازم، ومسلم بن خالد الزّنجي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 375"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 49"، والثقات لابن حبان "9/ 188"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1395". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 468"، وتاريخ الطبري "13/ 426"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 284".

وعنه: عبّاس الدُّوريّ، وأحمد بن سعيد الحمّال، وأحمد بن أبي خيثمة وَثّقَهُ ابن مَعِين. وكنّاه محمد بن عبد الله المُخَرّميّ: أبا الفَتْح. 445- نُعَيْم بن حمّاد بن معاوية بن الحارث بن همّام بن سَلَمَةَ بن مالك1 خ. د. ت. ق. أبو عبد الله الخُزَاعيّ المَرْوَزِيّ الأعور الفارض الحافظ الفقيه، نزيل مصر. رأى الحسين بن واقد. وسمع من: إبراهيم بن طَهْمان، وأبا حمزة السُّكَّريّ، وعيسى بن عُبَيْد الكِنْديّ، وعبد الله بن المبارك، ونوح بن أبي مريم، وهُشَيْم بن بشير، ومُعْتَمِر بن سليمان، وخارجة بن مُصْعَب، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، ونوح بن قيس، ويحيى بن حمزة، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وبقيّة بن الوليد، وخلْقًا بالشّام، والعراق، ومصر، وخُراسان. وعنه: خ. ود. ت. ق، عن رجلٍ، عنه، ويحيى بن مَعِين، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعبد الله بن عبد الرحمن الدّارميّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حاتم الرّازيّ، ويعقوب الفَسَويّ، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وعبد العزيز ابن منيب، وعُبَيْد بن شَرِيك البَزّار، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذِيّ، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، وخلْق آخرهم موتًا حمزة بن محمد الكاتب. قال الإمام أحمد: جاءنا نُعَيْم ونحن على باب هُشَيْم، نتذاكر المقطّعات، فقال: جمعتم حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فعُنينا بها من يومئذٍ. وكان نُعَيْم كاتبًا لأبي عِصْمَة نوح بن أبي مريم. وكان أبو عِصْمَة شديد الردّ على الْجَهْمِيّة، ومنه تعلَّم نُعَيْم بن حمّاد. وقال صالح بن مسمار: سَمِعْتُ نُعَيْم بن حمّاد يقول: أنا كنتُ جَهْميًّا فلذلك عرفتُ كلامهم، فلمّا طلبت الحديث عرفت أنّ أمرهم يرجع إلى التّعطيل.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 519"، والجرح والتعديل "8/ 463، 464"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 100"، وتاريخ الطبري "1/ 32"، والثقات لابن حبان "9/ 219"، والكامل لابن عدي "7/ 2482-2485".

وقال يوسف بن عبد الله الخُوَارِزْميّ: سألت أحمد بن حنبل، عن نُعَيْم بن حمّاد، فقال: لقد كان من الثّقات. وقال الخطيب: يقال نُعَيْم أوّل من جمع المُسْنَد وصنَّف. وقال الحسين بن حِبّان: سَمِعْتُ ابن مَعِين يقول: نُعَيْم صَدُوق. رجل صدق، أنا أَعْرَف النّاس به. كان رفيقي بالبصّرة. كتب عن رَوْح بن عُبَادة خمسين ألف حديث. وقال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سمعت ابن مَعِين يقول: نُعَيْم بن حمّاد ثقة. وقال العِجْليّ: صَدُوق ثقة. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: وصل أحاديث يُوقِفُها النّاس. وقال أبو حاتم: محلّة الصّدق. قال العبّاس بن مُصْعَب: نُعَيْم بن حمّاد الفارضي وضع كُتُبًا في الرّدّ على أبي حنيفة، وناقَضَ محمد بنَ الحَسَن، ووضع ثلاثة عشر كتابًا في الرّدّ على الْجَهْميّة، وكان من أعلم النّاس بالفرائض. ثمّ خرج إلى مصر، فأقام بها نيّفًا وأربعين سنة. وحُمل إلى العراق في امتحان القرآن مع البُوَيْطيّ مقيدين، فمات نُعَيْم بسُرّ من رأى. قال أحمد بن عبد الله العِجْليّ الحافظ: سألت نُعَيْم بن حمّاد، وكان ثقة: أَيَسُرُّكَ أنّك شهدت صِفِّين؟. قال: لا. وقال لي نُعَيْم: وضعت ثلاثة كُتُب على الْجَهْمِيّة اكتبها. قلت: لا. قال: ولِم؟ قلت: أخاف أن يقع في قلبي منها شيء. قال: تَرْكُها والله خيرٌ لك. قلت: فلم تدعوني إليها؟ وقال أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: نَا نُعَيْمٌ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

قَالَ: "تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى بضعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةٍ، أَعْظَمُهَا فِتْنَةً عَلَى أُمَّتِي قومٌ يَقِيسُونَ الأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ، فَيُحِلُّونَ الْحَرَامَ وَيُحَرِّمُونَ الْحَلَالَ"1. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فَسَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ صِحَّةِ هَذَا فَأَنْكَرَهُ. وَقَالَ: شُبِّهَ لَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ضَمْرَةَ الْمَرْوَزِيُّ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ. قُلْتُ: فَنُعَيْمٌ؟ قَالَ: ثِقَةٌ. قُلْتُ: كَيْفَ يُحَدِّثُ ثِقَةٌ بِبَاطِلٍ؟. قَالَ: شُبِّهَ لَهُ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَافَقَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، عَنْ عِيسَى بن يونس. ثم قال: أناه عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ، نا النَّجَّادُ، نا هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر، وساقه من طريق الدِّيرعَاقُولِيُّ، عَنْ سُوَيْدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِنُعَيْمٍ، رَوَاهُ عَنْ عِيسَى، فَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ: ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ رجلٍ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يُقَالُ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْخَوَاشِتِيُّ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ، ثُمَّ سَرَقَهُ قومٌ ضُعَفَاءُ مِمَّنْ يُعْرَفُونَ بِسَرِقَةِ الْحَدِيثِ مِنْهُمْ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ، وَالنَّضْرُ بْنُ طَاهِرٍ، وَثَالِثُهُمْ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَنْبَارِيُّ. قُلْتُ: قَدْ رَوَاهُ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ، وَكَانَ ثَبْتًا، عَنْ سُوَيْد فَقَالَ: قَدِمْتُ عَلَى سُوَيْدٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَذَكَرَهُ. فَوَافَقْتُ سُوَيْدًا عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنِي، وَدَارَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَلامٌ كَثِيرٌ. قُلْتُ: سُوَيْد احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"، وَأَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ كَيْفَ يَرْوِيهِ مِثْلُ نُعَيْمٍ، وَسُوَيْدٌ، وَالْحَكَمُ الْبَلْخِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، ثُمَّ لا ينسب إلى عيسى بل إلى هؤلاء.

_ 1 "حديث منكر": أخرجه الخطيب في تاريخه "13/ 307، 308"، وابن عدي في الكامل "7/ 2483".

وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ عِيسَى، فَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنْهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عِنْدَ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ نَحْوَ عِشْرِينَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ: سَمِعْتُ النَّسَائِيَّ يَذْكُرُ فَضْلَ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ وَتَقَدُّمَهُ فِي الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالسُّنَنِ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ فِي قَبُولِ حَدِيثِهِ فَقَالَ: قَدْ كَثُرَ تَفَرُّدُهُ عَنِ الأَئِمَّةِ الْمَعْرُوفِينَ بأحاديث كثيرة، فصار في حَدِّ مَنْ لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: عَرَضْتُ عَلَى دُحَيْمٍ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ: "إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ"1. فَقَالَ دُحَيْمٌ: لَا أَصْلَ لَهُ. نُعَيْمٌ: نَا ابْنُ وَهْبٍ، نَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلال، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ أَنَّهَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "رَأَيْت رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، شَابًّا مُوَقَّرًا، رِجْلَاهُ فِي حَضْرٍ، عَلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ ذَهَبٍ"2. قَالَ النَّسَائِيُّ: مَنْ مَرْوَانُ حَتّى يُصَدَّقَ عَلَى اللَّهِ؟. وَقَالَ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ مَنْصُورٍ: رَأَيْتُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ كَأَنَّهُ يُهَجِّنُ نُعَيْمَ بْنَ حَمَّادٍ فِي حَدِيثِ أُمِّ الطُّفَيْلِ، وَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ. نُعَيْمٌ: ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَا تَنْقَضِي الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلُكُهَا رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا هَذَا؟ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ" 3. الْحَدِيثُ. رَوَاهُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بن جبير يحدّث عن معاوية، فذكره.

_ 1 "حديث لا أصل له": أخرجه أبو زرعة في تاريخه "1/ 621"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 2 "حديث منكر": أخرجه الخطيب في تاريخ "3/ 311"، وانظر كلام العلماء على الحديث في أعلى الصفحة. 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "13/ 117"، ومسلم "الإمارة 4"، وأحمد "2/ 29".

قُلْتُ: هَذَا أمرٌ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حِفْظِ نُعَيْمٍ. وَأَمَّا صَالِحُ جَزَرَةَ فَقَالَ: مَا نَعْرِفُهُ عِنْدَ ابْنِ الْمُبَارَكِ. قُلْتُ: وَتَفَرَّدَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ: "قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرٌ مُطَهَّرٌ"1. وَإِنَّمَا رَوَوْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابن أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ سَاقَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "كَامِلِهِ" الأَحَادِيثَ الَّتِي ينفرد بها نعيم، منها: حديثه عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: "أَنْتُمُ "الْيَوْمَ" فِي زمانٍ مَنْ تَرَكَ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ"2. الْحَدِيثَ. وَمِنْهَا: عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَغَيْرِهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هريرة، "أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ سَبْعًا فِي الْأُولَى، وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ". وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ. وَمِنْهَا: عَنْ بَقِيَّةَ، عَنْ ثور، عن خالد بن معدان، عن وائله، رَفَعَهُ: "الْمُتَعَبِّدُ بِلَا فِقْهٍ كَالْحِمَارِ فِي الطَّاحُونَةِ"3. وبه قال: "تغطية الرأس بالنّهار رفعه، وَبِاللَّيْلِ رِيبَةٌ"4. لَمْ يَرْوِهِمَا عَنْ بَقِيَّةَ سِوَى نعيم. ومنها: عَنِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُلْ أُهْرِيقُ الْمَاءَ، وَلَكِنْ قُلْ: أَبُولُ"5. وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ. وقال محمد بن سَعْد: نزل نُعَيْم مصر، فلم يزل بها حَتّى أشخص في خلافه أبي إسحاق يعني المعتصم، فسُئل عن خلْق القرآن، فأبى أن يجيب فيه بشيءٍ ممّا أرادوه عليه، فحسبه بسامرّاء، فلم يزل محبوسًا حَتّى مات في السّجن، في سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين.

_ 1 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2484"، وفي إسناده صاحب الترجمة. 2 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي "7/ 2483"، وانظر ما سبق. 3 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي "7/ 2484"، وأبو نعيم في الحية "5/ 219"، وانظر ما سبق. 4 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2484"، وانظر ما سبق. 5 "إسناده ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "7/ 2484".

قال ابن يونس: مات في السجن ببغداد غداة يوم الأحد، لثلاث عشرة، خَلَت من جُمادَى الأولى سنة ثمانٍ. وكان يفهم الحديث، وروى أحاديث مناكير عن الثّقات. وأرّخه فيها مُطَيَّن، وابن حِبّان. وقال البَغَويّ، ونِفْطَوَيْه، وابن عَديّ: مات سنة تسعٍ. زاد نِفْطَوَيْه: كان مُقَيَّدًا محبوسًا لامتناعه من القول بخلّق القرآن، فَجُرَّ بأقياده، فأُلقي في حفرةٍ ولم يُكَفَّن، ولم يُصَلّ عليه. فعل به ذلك صاحب ابن أبي دؤاد. وقال أبو بكر الطّرسوسيّ: أخذ سنة ثلاثٍ وأربعٍ وعشرين، فألقوه في السّجن، ومات في سنة سبعٍ وعشرين، وأوصى أن يُدفن في قيوده. وقال: إنّي مخاصم. وكذا أرّخه العبّاس بن مُصْعَب سنة سبعٍ. والأوّل أصحّ. وقد روى مسلم في مقدمة كتابه، عن رجلٍ، عنه. ووقعت نسخة من حديثه لابن طَبَرْزَد عالية مرّة. 246- نُعَيْم بن الهيصم1. أبو محمد الهَرَويّ. حدَّث ببغداد عن أبي عَوَانة، وجعفر بن سليمان الضُّبَعيّ، وفرج بن فَضَالَةَ، وجماعة. وعنه: حاتم بن الَّليْث، وموسى بن هارون، وأبو القاسم البَغَويّ، وأحمد بن الحَسَن الصُّوفيّ، وآخرون. قال ابن مَعِين: صَدُوق. وقال غيره: مات سنة ثمانٍ وعشرين. وله نسخة مَرْوِيَّةٌ. 447- نوح بن أَنس2. أبو محمد الرّازيّ.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 351"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 100"، والثقات لابن حبان "9/ 219". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 486"، والثقات لابن حبان "9/ 211".

عن: جرير بن عبد الحميد، وأبي معاوية، وطبقتهما. وعنه: أبو حاتم وقال: صَدُوق، والفضل بن شاذان، والحَسَن بن أبي مِهران. وكان مقرئًا محدثًا. 448- نوح بن يزيد1 -د. أبو محمد المؤدب، بغداديٌّ ثقة. روى عن: إبراهيم بن سَعْد كتابه. قال أحمد بن حنبل: أخرج إليَّ كتاب إبراهيم بن سَعْد، فرأيت فيه ألفاظًا، وكان مستثبتًا لا بأس فيه. قلت: روى عنه: هو، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وعبّاس الدّوريّ، وأحمد بن عليّ الخزّار، وآخرون. قال النَّسائيّ: ثقة. "حرف الهاء": 449- هارون بن الأشعث الهَمْدانيّ البخاريّ2 -خ. عن: وَكِيع، وأبي سعيد مولى بني هاشم. وعنه: ح، ومحمد بن اسلم الطُّوسيّ، والفضل بن محمد الشّعرانيّ، وسهل بن شاذَويْه، وآخرون. وَثّقَهُ البخاريّ. 450- هارون بن عُمَر المخزومي3 الدّمشقيّ. عن: سُوَيْد بن عبد العزيز، والوليد بن مسلم، وجماعة.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 362"، والجرح والتعديل "8/ 485"، والثقات لابن حبان "9/ 211"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1427". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 241"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1429"، وتهذيب التهذيب للحافظ "11/ 3". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 93"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 13".

وعنه: إبْرَاهِيم الحربيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وعثمان بن خُرَّزاذ، وآخرون. وكان فقيهًا من كبار أهل الرَّيّ، نزل بغداد مُدّة. - هارون ابن الوزير أبي عُبَيْد الله الأشعريّ1. قد مرّ في الطبقة الماضية. 451- هاشم بن عبد الواحد القَيْسيّ الكوفي2 الجشّاش. عن: الحَسَن بن صالح بن حيّ، ويزيد بن عبد العزيز بن سِيَاه. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وقال: صَدُوق. 452- الهُذيل بن إبراهيم الْجُمّانيّ3. لأنّه كان صاحب جُمّة. عن: عثمان بن عبد الرحمن الوقاصيّ. وعنه: أبو مسلم الكَّجّيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ. 453- هشام بن بَهْرام4 -د. عن: المُعَافَى بن عِمران، وأبي شهاب عبد ربّه الحنّاط، وحاتم بن إسماعيل. وعنه: د، وعثمان بن خُرَّزاذ، وتَمْتَام، وأبو بكر الأثرم، وجماعة. وَثّقَهُ محمد بن وَارَةَ الحافظ. 454- هشام بن الحَكَم الكوفيّ5. الرافضي الحرّار الضّالّ المشبّه، أحد رءوس الرفض والجدل.

_ 1 تقدم ذكره 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 106"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 234"، والثقات لابن حبان "7/ 585". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 245"، والأنساب "3/ 299"، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 173". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 53"، والثقات لابن حبان "9/ 233"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 47"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1437". 5 انظر الملل والنحل للشهرستاني "2/ 133-137"، والعقد الفريد "2/ 383"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 543، 544".

قال أبو محمد بن حزم في كتب "المِلل والنِّحَل" وجمهور المتكلّمين، يعني الرافضة، كهشام بن الحكم، وتلميذه أبي عليّ الضحّاك، وغيرهما تقول بأن علم الله تعالى محدث، وأنّه لم يعلم شيئًا حَتّى أحدث لنفسه عِلْمًا. قال: وقد قال هشام هذا في مناظرته لأبي الهُذَيل العلّاف أنّ ربّه سبعةَ أشبارٍ بشِبْر نَفْسِه. وهذا كفرٌ صحيح. قال: وكان داود الْجَوَاربيّ، من كبار متكلّميهم، يزعم أنّ ربّه لحمٌ ودم على صورة الإنسان. قال: ولا يختلفون أنّ الشمس رُدَّت على عليّ بن أبي طالب مَرّتين. قال: ومن قول الإماميّة كلها قديمًا وحديثًا أنّ القرآن مُبَدّل، زِيد فيه، ونُقِصَ منه كثيرًا، إلّا عليّ بن الحُسين، يعني الشريف المرتضى، وصاحبيه. 455- هشام بن عبد الملك1 -ع. الإمام أبو الوليد الطَّيَالسيّ البصْريّ، مولى باهلة. وُلد سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائة، وروى عن: عِكْرِمة بن عمّار، وهشام الدَّسْتَوائيّ، وعاصم بن محمد العمري، وعمر بن أبي زائدة، وهمام بن يحيى، وشعبة، وزائدة، وحماد بن سلمة، وسلم بن زرير، وخلق. وعنه: خ، د، والباقون، عن رجلٍ، عنه، ود، أيضًا، عن رجلٍ، وعنه، وإسحاق بن رَاهَوَيْه، وإسحاق الكوسج، وعبد الله الدارمي، وعبد بن حميد، وأبو موسى الزّمنه، ويندار، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن غالب تمتام، وعبد الكريم بن الهيثم، ومحمد بن حيان المازني، وأحمد بن محمد بن علي الخزاعي الإصبهاني، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو مسلم الكجي، ومحمد بن الضريس، وخلق. قال الميموني، عن أحمد بن حنبل: أبو الوليد اليوم شيخ الإسلام ما أُقَدِّم عليه اليوم أحدًا من المحدّثين، وأبو الوليد متقن.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 300"، والجرح والتعديل "9/ 65"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 195"، والثقات لابن حبان "5/ 571".

وقال ابن وارة: قال لي أبو نُعَيْم: لولا أبو الوليد ما أشرتُ عليك أن تَقْدَم البصرة، فإنْ دخلتَها لا تجد فيها إلّا مغفلًا إلّا أبا الوليد. وقال أحمد العِجْليّ: أبو الوليد ثقة ثَبْت كان يروي عن سبعين امرأةً، وكانت الرحلة إليه بعد أبي داود الطَّيَالسيّ. وقال أحمد بن سِنَان: ثنا أبو الوليد أمير المحدِّثين. وقال ابن وارة: حدَّثني أبو الوليد، وما أراني أدركتُ مثله. وقال أبو زُرْعة: أدرك الوليد نصف الإسلام. وكان إمامًا في زمانه، جليلًا عند النّاس. وقال أبو حاتم: أبو الوليد إمام، فقيه، عاقل، ثقة، حافظ، ما رأيتُ في يده كتابًا قطّ. وعن محمد بن حمّاد قال: استأذن رجل على أبي الوليد، فوضع رأسَهُ "على الوِسادة"، وقال للخادم: قولي السّاعة وضع رأسَه. وقال عبّاس العنبريّ: سَمِعْتُ أبا الوليد يقول: من لم يعقد قلبَهُ على أنّ القرآن ليس بمخلوق، فهو خارج عن الإسلام. وقال ابن المَدِينيّ لأبي الوليد: ما عُذرك عند الله، وبأيّ شيءٍ تحتج إذا وقفت بين يديه في ترك رفع اليدين قبل الركوع وبعده؟. فرفع يديه أبو الوليد بعد أن أتى عليه ثمانون سنة لا يرفع. قال البخاريّ: مات أبو الوليد في ربيع الآخر سنة سبعٍ وعشرين. قلت: عاش أربعًا وتسعين سنة، ووقع لنا من عالي حديثه بإجازة. 456- هشام بن عُبَيْد الله الرّازيّ الفقيه1. السِّنّيّ بالكسر نسبة إلى السِّنّ. روى عن: ابن أبي ذئب، ومالك بن أنس، وعبد العزيز بن المختار، وحمّاد بن زيد، وطبقتهم بالحجاز والعراق.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 67"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 8"، والمجروحين لابن حبان "3/ 90". وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 300".

وَعَنْهُ: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، ومحمد بن سعيد العطّار، والحَسَن بن عَرَفَة، وحمدان بن المغيرة، وأبو حاتم، وعبد الله بن يزيد، وأحمد بن الفُرات، وآخرون. قال موسى بن نصر: سمعته يقول: لقيت ألفًا وسبعمائة شيخ أصغرهم عبد الرّزّاق، وخرج منّي في طلب العلم سبعمائة ألف درهم. وقال أبو حاتم: صَدُوق. وقال: ما رأيت أحدا في كورة من الكور أعظم قدْرًا، ولا أجَلّ قدْرًا عند أهلها من هشام الرازيّ بالرَّيّ، وأبي مُسْهِر بدمشق. وأمّا ابن حبّان فضعّفه، وساق له حديثًا عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "الدَّجَاجُ غَنَمُ فُقَرَاءِ أُمَّتِي، وَالْحَجُّ لَهُمُ الْجُمُعَةُ"1. وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ. وَذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي "طَبَقَاتِ الْحَنَفِيَّةِ" مُخْتَصَرًا، وَقَالَ: هُوَ لَيِّنٌ فِي الرِّوَايَةِ، وَفِي دَارِهِ مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، رَحِمَهُ اللَّهُ. قلت: كان من كبار أئمّة السُّنّة. قال ابن أبي حاتم: ثنا محمد بن خَلَف الخزّاز: سَمِعْتُ هشام بن عُبَيْد الله الرازيّ يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق. فقال له رجل: أليس الله يقول: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] . فقال: مُحْدَث النَّبأ، وليس عند الله محدث. قال: وأبناء عليّ بن الحَسَن بن يزيد السُّلَميّ: سَمِعْتُ أبي يقول: سمعت هشام بن عبيد الله يقول: حُبس رجلٌ في التَّجَمُّم، فتاب. قال: فجيء به إلى هشام ليمتحنه، فقال له: أتشهد أنّ الله على عرشهِ، باينٍ من خلقه. فقال: لا أدري ما باين من خلقه.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن حبان في المجروحين "3/ 90"، وانظر كلام الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة "175".

فقال: رُدّوه إلى الحبْس، فإنّه لم يتُب بعد. ذكرته على التّقريب، ثمّ وجدت عبد الرحمن بن مَنْدَه ذكره فيمن تُوُفّي سنة إحدى وعشرين ومائتين. 457- هشام بن عَمْرو الفُوَطيّ1. شيخ كبير. أخذ عنه: عبّاد بن سليمان، وغيره. وكان لا يُجيز لأحدٍ أن يقول: "حسْبُنا الله ونِعْم الوكيل". ولا: إنّ الله تعالى يعذِّب الكفار بالنّار، ولا: إنّه يُحْيى الأرض بالمطر. ويرى أنّ القول بأنّ الله يُضِلّ مَنْ يَشَاء ويهدِي مَنْ يَشاء إلحادٌ وضلالٌ، ويقول: قولوا: حَسْبُنَا الله ونِعْمَ المُتَوَكَّل عليه. وقولوا: إنّ الله يعذّب الكُفّار في النّار، ويُحيي الأرضَ عند نزول المطر. قال المبرّد: قال رجل لهشام بن عَمْرو الفُوَطيّ: كم تعدّ؟. قال: من واحدٍ إلى أكثر من ألف. قال: لم أُرِدْ هذا، كم لك من السّنّ؟. قال: اثنان وثلاثون سِنًّا. قال: لم أُرِدْ هذا، كم لك من السِّنِين؟. قال: ما لي منها شيء كلُّها لله. قال: فما سِنُّك؟. قال: عظم. قال: فابنُ كم أنت؟ قال: ابن أبٍ وأمٍ. قال: فكم أتى عليك؟

_ 1 انظر الفرق بين الفرق "159-164"، والملل والنحل "1/ 17"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 547".

قال: لو أتي عليّ شيءٌ لقَتَلَني. قال: فكيف أقول؟ قال: قل كم مضى مِن عُمُرك. قلت: هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعِّرين عباراتٌ وشَقَاشِق يتقعَّرون بها قدِيمًا وحدِيثًا، ويحرّفون بها الكلام عن مواضعه، والخطابَ العربيّ عن موضوعه، والحديث العُرْفي عن مفهومه في القرآن والحديث، وكلام النلاس، فأبعدهم الله، وأبعد شَرَّهُم. 458- هلال بن يحيى البصْريّ1. الفقيه الحنفيّ صاحب أبي يوسف، ويُعرف بهلال الرأي. روى عنه أحمد بن محمد بن بِشْر أنّه سمع أبا يوسف يقول: العِلْم بالكلام يدعو إلى الزَّنْدَقَة. 459- الهيثم بن خارجة2 -خ. ت. أبو أحمد، ويقال: أبو يحيى المَرْوَزِيّ، ثمّ البغداديّ. عن: مالك، والَّليْث، ويعقوب القُّمّيّ، وحفص بن مَيْسَرة، وطائفة كبيرة بالشّام، والحجاز، والعراق، ومصر، وخراسان. وعنه: خ، ون، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل، وعبد الله ابنه، وأبو زُرْعة، وأحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسين بن عبد الجبّار الصُّوفيّ. أخرج عنه البخاريّ في غَزْوَة الفَتْح. وقال أحمد الصُّوفيّ: ثنا الهيثم بن خارجة، وكان يُسَمّى شُعْبَة الصغير. وقال هشام بن عمّار: كنّا نسمّيه شُعْبَة الصغير. وقال يحيى بن معين: ثقة.

_ 1 انظر طبقات الفقهاء للشيرازي "139"، والفهرست لابن النديم "205". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 342"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 216"، والجرح والتعديل "9/ 86"، والثقات لابن حبان "9/ 236".

وقال النَّسائيّ: ليس به بأس. وقال صالح جَزَرَة: كان يتزهَّد، وكان أحمد بن حنبل يُثْني عليه، وكان سيء الخُلُق مع المحدّثين. وقال البخاريّ، وغيره، تُوُفّي في ذي الحجة سنة سبعٍ وعشرين. قلت: قد جاءه البَغَويّ ولم يسمع منه. وآخر من روى عنه أبو يَعْلَى المَوْصِليّ. "حرف الواو": 460- واصل بن عبد الشّكور البخاريّ. عن: عيسى غُنْجار، وعبد الله بن وَهْب، ويحيى بن سُلَيم. وعنه: ابنه عُبَيْد الله بن واصل الحافظ، وغيره. 461- الوليد بن أبان الكرابيسيّ1. المتكلِّم. أخذ عنه الكلام حُسين الكرابيسيّ. قال أحمد بن سِنَان القطّان: كان الوليد خالي، فلمّا حَضَرَتْه الوفاة قال لبَنِيه: تعلمون أحدًا أعلم بالكلام مني؟ قالوا: لا. قال: فتتّهمُوني؟. قالوا: لا. قال: فإنّي أُوصيكم، عليكم بما عليه أصحاب الحديث، فإنّي رأيت الحقَّ معهم، لستُ أعني الرُّؤَساء، ولكن هؤلاء المُمَزَّقين. 462- الوليد بن صالح النّخّاس2 -خ. م.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "13/ 441"، وسير أعلام النبلاء للحافظ المصنف "10/ 548". 2 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 362"، والجرح والتعديل "9/ 7"، وتاريخ الطبري "5/ 40"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1469".

قد ذكر في الطبقة الماضية. وآخر من روى عنه الحَسَن بن عليّ بن شَبِيب المَعْمَريّ. وهو الوليد بن صالح، أبو محمد الضَّبّيّ الْجَزَريّ. روى عن: جرير بن حازم، وإسرائيل، والَّليْث بن سَعْد، وجماعة. وعنه: خ، وم؛ عن رجلٍ، عنه، وأبو بكر الأثرم، وإبراهيم الحربيّ، وإسماعيل القاضي، وآخرون كثيرون. وَثّقَهُ أبو حاتم. 463- الوليد بن هشام بن حجّام1. أبو عبد الرحمن البصْريّ الإخباريّ. سمع: أباه، وحَرِيز بن عثمان، وجماعة. وعنه: خليفة بن خيّاط، وأبو حاتم الرّازيّ، وأبو خليفة الفضل بن الحُبَاب. وقع حديثه عاليًا في جزء "الغطْريف"، وتُوُفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين بالبصْرة. "حرف الياء": 464- يحيى بن إسماعيل2 -د- أبو زكريّا الواسطيّ. عن: عبد السّلام بن حرب، وعبّاد بن العوام، وإبراهيم بن سَعْد، وطبقتهم. وعنه: د؛ وأَبُو بَكْر بْن أَبِي الدنيا، وعباس الدوري، ومحمد بن غالب تمتام، وأحمد بن علي الخزاز، وجماعة. قال أحمد بن حنبل: أعرفه قديمًا وكان لي صديقًا.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 20"، وتاريخ الطبري "5/ 213، 299". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 363"، والجرح والتعديل "9/ 126"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1486".

465- يحيى بن إسماعيل1. أبو العبّاس، ويقال أبو زَكَريّا الكوفيّ الخوّاصّ. عن: شَرِيك القاضي، وهُشَيْم، وابن فُضَيْل. وعنه: البخاريّ في "تاريخه"، ومحمد بن عبيد بن عتبة الكندي، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، وآخرون. وَثّقَهُ ابن حِبّان. 466- يحيى بن بشر بن كثير2 -م. أبو زكريّا الأسديّ الكوفيّ الحريريّ. قال ابن سَعْد: كان تاجرًا قدم دمشق فسمع من: معاوية بن سلّام الحَبَشيّ، وسعيد بن عبد العزيز، وسعيد ابن بشير. قلت: ومعروف الخيّاط الشّاميّين، وغيرهم. وعنه: م، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وعبد الله الدّارميّ، عثمان بن خُرَّزاذ، وموسى بن إسحاق الأنصاريّ، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، ومُطَيِّن. قال صالح جَزَرَة: صَدُوق. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. وقال ابن سعد، البغويّ: تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. زاد ابن سَعْد، فقال: في جُمادى الأولى في خلافة الواثق. وقال مُطَيَّن: سنة سبعٍ. 467- يحيى بن أبي الخطيب الرازيّ3.

_ 1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "8/ 260"، والثقات لابن حبان "9/ 258"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1486، 1487". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 411"، والجرح والتعديل "9/ 131"، والثقات لابن حبان "9/ 262"، وتهذيب الكمال "3/ 1491". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 147"، والثقات لابن حبان "9/ 264"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 160، 161".

قاضي عُكْبَرَا. عن: حمّاد بن زيد، ومعاوية بن عبد الكريم الضالّ، وأبي بكر بن عيّاش، وعليّ بن مُسْهِر، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن موسى، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، ومحمد بن عمّار، الرازيّون. قال أبو حاتم: ثقة من أوعية العلم؛ ما أعلم كان في زمانه أحدًا أكثر حديثًا منه. 468- يحيى بن صالح الوحاظيّ1 -خ. م. د. ت. ق. أبو زَكَريّا، ويقال أبو صالح الدّمشقيّ الحمصيّ الفقيه. عن: عُفَيْر بن مَعْدان، وسعيد بن بشير، وسليمان بن بلال، وسعيد بن عبد العزيز، وفليح بن سليمان، ومعاوية ابن سلّام الحبشيّ، ومالك بن أنس، وسليمان بن عطاء، ومحمد بن مهاجر، وسَلَمَةَ بن كُلْثُوم، وطائفة. وعنه: خ، وم. خ. أيضًا، د. ت. ق. وإسحاق الكَوْسَج، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو حاتم، ومحمد بن عبد الله ابن عبد الحكم، وأبو زرعة الدمشقي، وأحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، وأبو زيد أحمد بن عبد الرحيم بن يزيد الحوطيان، وعبد الرحمن بن القاسم الرواس، وعثمان الدارمي، وعلي بن محمد بن عيسى الجّكّانيّ، وخلق وسواهم. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صدوق. وقال أبو عوانة الإسفرائيني: حسن الحديث صاحب رأي، وهو عديل محمد بن الحَسَن الفقيه بمكّة. وقال أحمد بن صالح المصريّ: ثنا يحيى بن صالح ثلاثة عشر حديثًا عن مالك ما وجدناها عند غيره. وقد وَثّقَهُ ابن عَديّ، وابن حِبّان، وغيرهما. وضعّفه بعضهم ببدعةٍ فيه.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 473"، والجرح والتعديل "9/ 158"، والتاريخ الكبير "8/ 282"، والثقات لابن حبان "9/ 260".

قال أحمد بن حنبل: أخبرني إنسان مِن أصحاب الحديث أنّ يحيى بن صالح قال: لو ترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث، يعني هذه التي في الرؤية. قال أحمد بن حنبل: كان نزعَ إلى رأي جَهْم. وقال أبو جعفر العقيليّ: الوحاظيّ حمصيّ حهميّ. وقال البخاريّ: قال عبد الصَّمَد: سألت يحيى بن صالح عن الإيمان فقال: ثنا أبو المُلَيْح، سَمِعْتُ ميمون بن مهران يقول: أنا أَقْدَم من الإرجاء. قال محمد بن مُصَفَّى، وجماعة: تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 469- يحيى بن الصّامت المدائني1. عن: أبي إسحاق الفزاري، وعبد الله بن المبارك. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، وتَمْتَام، وموسى بن هارون. وَثّقَهُ الخطيب. 470- يحيى بن عاصم البخاريّ2. عن: وَكِيع، وابن عُيَيْنة. وكان موصوفًا بالصِّدْق والحفظ. حدَّث بِنَيْسابُور فروى عنه: إسماعيل بن قُتَيْبة، وداود بن الحسين البَيْهَقيّ. وكان من أئمة الأثر. قال عبد الله بن سعيد بن جعفر، بخاري: ما رأيت أعجب من يحيى بن عاصم. كان يجيء إلى أبي حفص أحمد ابن حفص، فيجلس عنده، فكان أبو حفص يقول: ثنا أحمد بن الحَسَن، عن يعقوب، عن أبي حنيفة أنّ قال كذا. فيثبُ يحيى ويقول: يا أبا حفص، خالف والله أبو حنيفةَ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فيضع أبو حفص الكتاب من يده، ويقول: كيف؟ فيقول: ثنا يزيد بن هارون، وثنا عبد الرّزّاق، ونا جعفر بن عَوْن، فيسرد تلك الأحاديث. فيقول أبو حفص: هكذا

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي "14/ 163". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 179".

قالوا، ويصيح أصحاب أبي حفص يقولون: هذا يقع في سَلَفنا، هذا يقع في شيخنا، هذا كذا. فيسكت أبو حفص، ويظنّ أنه لا يعود. قال: فيأتي ويتكلَّم مثله. قال ابن أبي حاتم: هو يحيى بن عاصم بن جُوَيْبر بن سعيد بن عبد الرحمن بن النضر بن عبد الله بن الكوّا اليَشْكُريّ، روى عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْلٍ، وعبد الرّزّاق، وابن عُيَيْنة، وسمّى جماعة. ثمّ قال: روى عنه: أبي، وقال: صَدُوق. 471- يحيى بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ميمون العِجْليّ1. أبو زَكَريّا الحِمّانيّ الكوفيّ الحافظ. عن: أبيه، وقيس بن الربيع، وعبد الرحمن بن الْغَسِيلِ، وسليمان بن بلال، وشَرِيك، وأبي عَوَانة، وأبي إسرائيل المُلائي، ومَنْدَل بن على، وعبد الرحمن بن زياد، وخلْق. وعنه: أبو حاتم، وعثمان بن خُرَّزاذ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وابن أخيه أبو القاسم البَغَويّ، ومحمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ، وموسى بن هارون، ومُطَيِّن، وخلْق. وكان أحمد بن حنبل يضعفه ويتهمه. وقال إبراهيم الْجُوزجانيّ: تُرِك حديثه. وقال محمد بن يحيى الذُّهَليّ: ذهب كأمسِ الذّاهب. وقال أبو حاتم: سألت يحيى بن مَعِين، عن يحيى الحِمّانيّ، فأجمل القول فيه وقال: ما لهُ؟ كان يسرد مُسْنَده أربعة آلاف سرْدًا. وحديث شَرِيك ثلاثة آلاف. وقال عبّاس، وأحمد بن أبي خَيْثَمَة وآخرون، عن ابن مَعِين: ثقة. ووصفه أبو حاتم بالحفظ لحديث شريك.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 411" والجرح والتعديل "9/ 168-170"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 291"، وتاريخ الطبري "5/ 151".

وقال ابن عَديّ: يقال إنّ يحيى الحِمّانيّ أوّل من صنّف المُسْنَد بالكوفة، وأوّل من صنف المُسْنَد بالبصرة مسدد، وأوّل من صنف المُسْنَد بمصر أسدُ السُّنّة. ويحيى قد تكلَّم فيه أحمد، وابن المَدِينيّ، وكان ابن مَعِين حَسَن الثّناء عليه، وعلى أبيه. إلى أن قال: ولم أر في مُسْنَده وأحاديثه أحاديث مناكير. وأرجو أنّه لا بأس به. قلت: وليحيى ذِكْر في القول عند دخول المسجد في "صحيح مسلم"، فإنّه قال بلغني أن "يحيى الحِمّانيّ" يقول: وأبو أُسَيْد. قلت: وكان أيضًا شيعيًّا له كلامٌ نحسٌ في معاوية، نقله الخطيب، وهو: قال زياد بن أيّوب: سَمِعْتُ يحيى الحِمّانيّ يقول: كان معاوية على غير ملّة الإسلام. قال زياد: كَذّب عدوّ الله. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: جَاءَنِي الْحِمَّانِيُّ إِلَى هُنَا، وَكَانَ يكذب جهازًا، فَقُلْتُ: إِنَّهُ حَدَّثَ عَنْكَ، عَنْ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ، عَنْ شَرِيكٍ بِحَدِيثِ: "أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ" 1. فقال: كَذَب، ما حدَّثته به، ما زلنا نعرفه يسرق الأحاديث أو يتلقّطها، وقد طَلَب وسمع، فلو اقتصر على ما سمع. وقال ابن خِداش: ثنا محمد بن يحيى، عن أبي محمد الدّارميّ قال: أودعت كُتُبي عند يحيى الحِمّانيّ، فقدمت، فإذا هي على خلاف ما تركتها عنده، وإذا قد نسخ حديث خالد بن عبد الله، وسليمان بن بلال، ووضعه في المُسْنَد. وأما الرَّماديّ فقال: هو أوثق عندي من أبي بكر بن أبي شَيْبَة، وما يتكلّمون فيه "إلّا" من الحسد. قلت: وقع لنا حديثه عاليًا. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الْهَمْدَانِيُّ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، ثَنَا عِيسَى بْنُ الْوَزِيرِ، ثَنَا الْبَغَوِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بن عبد الحميد، ثنا

_ 1 "بالنسبة للحديث فهو صحيح": أخرجه البخاري "4/ 146"، ومسلم "مساجد 181"، وابن ماجه "680"، وأحمد "2/ 462، 4/ 250".

شَرِيكٌ، ثَنَا مَنْصُورٌ، ثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ، ثَنَا عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- قَالَ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فمن كذب عليّ معتمدًا فَلْيَلِجِ النَّارَ" 1. هَذَا حَدِيثٌ حسنٌ عالٍ مُتَّصِلٌ، سَالِمٌ مِنَ الْعَنْعَنَةِ الْمُحْتَمِلَةِ لِلتَّدْلِيسِ، قَلَّ أَنْ يَضَعَ مِثْلَهُ. قال البَغَويّ: مات يحيى الحِمّانيّ في رمضان سنة ثمانٍ وعشرين، وكان أوّل من مات بسامرّاء من المحدِّثين الذين قدِموا، وكان لا يخضِب. 472- يحيى بن عَبْدَوَيْه البغداديّ2. عن: شُعْبَة، وشَيْبان، وحمّاد بن سَلَمَةَ. ويقال له أيضًا: يحيى بن عبد الله. وعنه: إسحاق بن سُنَين، وجعفر بن كذال، وعبد الله بن أحمد بن جنبل. وأثنى عليه أحمد بن حنبل، وأمرَ ابنه عبد الله بالسّماع منه. أما ابن مَعِين فرماه بالكذِب. تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين تقريبًا. 473- يحيى بن عِمران3. عن: سليمان بن أرقم، وحُصَيْن الأحمسيّ. وعنه: ابن أبي الدُّنيا، وتَمْتَام، وأحمد بن عليّ الخزّاز، وأحمد بن سَيّار المَرْوَزِيّ. ولي قضاء فارس لأبي يوسف الوصيّ. 474- يحيى بن محمد بن سابق الكوفيّ4. يُعرف بعصا ابن إدريس، وهو ممّن نزل المصّيصة.

_ 1 "الحديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 178"، ومسلم "1"، وابن ماجه في سننه "31". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 173، 174"، والثقات لابن حبان "9/ 259"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 165"، وسير أعلام النبلاء "10/ 424". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "14/ 162". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 185"، وتهذيب الكمال "11/ 272"، وتهذيب التهذيب "11/ 272".

عن: ابن إدريس، ويحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ، وعبد الله بْن نُمَيّر، وأبي أُسَامة. وعنه: أبو بكر الأثرم، ومحمد بن داود المِصِّيصيّ. روى له النَّسائيّ. 475- يحيى بن مَعْمَر بن عِمران بن منير الإلهانيّ1. الشّاميّ، ثمّ الإشبيليّ، أحد الأئمة. كان فقيه إشبيلية ومرضيها. وكان زاهذًا ورِعًا عاقلًا، قوالًا بالحق. ولي قضاء قُرْطَبَة فحُمِد وشُكِر، وكان آفةً على الفقهاء، رادعًا للشهود، حَتّى أنّه سجل على سبعة عشر نفسًا السَّخْط، فعملوا عليه حَتّى عُزِل. وهو من تلامذة أشهب، رحل إليه. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 476- يحيى بن هاشم2. أبو زَكَريّا الغسّانيّ الكوفي. حدَّث عن: هشام بن عُرْوَة، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وهؤلاء الكبار. وعنه: الحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن أيوب الرازي، ومعاذ بن المثنى، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وطائفة. ولو كان ثقة لكان مسند زمانه، ولكن رماه بالكذب يحيى بن معين، وصالح جزرة، وغيرهما. توفي سنة خمسٍ وعشرين، أو بعدها بقليل. ووقع لنا عالي حديثه بالإجازة: قال النسائي: متروك. وقال ابْن عدي: هُوَ فِي عداد من يضع الحديث.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 178، 179". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 195"، والمجروحين لابن حبان "3/ 125، 126"، والكامل لابن عدي "7/ 2706".

477- يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن1 -خ. م. ت. ن. الإمام أبو زَكَريّا التَّميميّ المِنْقَريّ النَّيْسَابوريّ. قال الحاكم فيه: إمام عصره بلا مدافعة. وُلد بنَيْسَابُور، وبها أعقابه وخطّته المنسوبة إليه. قال حمدان السُّلَميّ: يحيى بن يحيى مولى جعفر بن خِرْقاش التّميميّ. وقال أبو عمرو المُسْتَمْلِي: وُلِد سنة اثنتين وأربعين ومائة. قلت: سمع: زياد بن ميمون، ويزيد بن المقدام بن شُرَيح، وكثير بن سُلَيم الأيلي، ولكن لم يرو عنهم لضعفهم. وروى عن: زُهَير بن معاوية، ومالك، والَّليْث، وسليمان بن بلال، وأبي عَوَانة، وعَبْثَر بن القاسم، وجعفر بن سليمان، وهُشَيْم، وخارجة بن مُصْعَب، وشَرِيك بن عبد الله، ومحمد بن جابر اليماميّ، وإسماعيل بن جعفر، وابن لهيعة، وأبي الأحوص، وخلق. وعنه: خ، م. وت. ن، عن رجلٍ، عنه، وإسحاق بن رَاهَوَيْه، ومحمد بن يحيى الذُّهَليّ، وابنه يحيى بن محمد، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وَسَلَمَةَ بن شَبِيب، ومحمد بن أسلم الطُّوسيّ، وخلْق كثير من آخرهم إبراهيم بن عليّ الذُّهَليّ، وداود بن الحسن البَيْهَقيّ، وعليّ بن الحَسَن الصّفّار. قال يحيى بن يحيى: أوّل من جالست في العِلْم حفص بن عبد الرحمن في سنة إحدى وستين ومائة. قال يحيى الذُّهَليّ: سَمِعْتُ إسحاق بن رَاهَوَيْه يقول: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى ولا أحسِب أن يحيى رأى مثل نفسه، وقال سعيد بن شاذان: ثنا داود الخَفَّاف، قال: سَمِعْتُ أحمد بن حنبل يقول: ما رأى يحيى بن يحيى مثل نفسه وما رأى النّاسُ مثله. رواها أبو السّكن المزنيّ، وقال: ثنا سعيد.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 197"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 310"، والصغير له "230"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1542".

وقال: أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن رَاهَوَيْه يقول: مات يحيى بن يحيى يوم مات، وهو إمامٌ لأهل الدُّنيا. وقال الأمير عبد الله بن طاهر مُتَولّي خُراسان: ما رأي يحيى بن يحيى مثل نفسه، وشك يحيى بن يحيى عندنا يقين. وقد كتب يحيى مرّة رقعةً إلى عبد الله بن طاهر، فقَبَّل الرقعة ووضَعها على عينيه. وكانت من أجل ديوان إسحاق بن رَاهَوَيْه، فَوَفَاها عنه. وقال يحيى بن محمد الذُّهَليّ: ما رأيت أحدًا أَجَلّ ولا أعرف من يحيى بن يحيى. وعن ابن رَاهَوَيْه قال: ظهر ليحيى بن يحيى نَيِّفٌ وعشرون ألف حديث. وقال محمد بن يحيى الذُّهَليّ: لو شئتُ لقلتُ هو رأس المحدّثين في الصّدق. وعن الحَسَن بن عليّ الزّنْجَانيّ قال: كان يحيى بن يحيى يحضر مجلس مالك، وكان المأمون يحضره؛ كذا قال، وذلك غلط، فإنّ المأمون لم يلق مالكًا. قال؛ فانكسر قلم يحيى، فناوله المأمون قَلَمًا من ذهب، فامتنع من أخْذه، فكتب المأمون على ظهر جزءٍ: ناولتُ يحيى بن يحيى قلمًا فلم يقبله. فلمّا ولي الخلافة كتب إلى عامله أنّ يولي يحيى قضاء نَيْسابُور، فقال يحيى للأمير: قل لأمير المؤمنين: نَاولْتَني قلمًا وأنا شابٌ فلم أقبله، أَفَتُجْبرني على القضاء وأنا شيخ؟. فرفع ذلك إلى المأمون، فقال: يولّي رجلًا يختاره، فأشار برجل، فلم يلبث أن دخل على يحيى وعليه السّواد، فَضَمَّ يحيى فراشَه كراهية أن يجمعه وإيّاه، فقال له: ألم تخترني؟. فقال: إنما قلت اختاروه، وما قلت لك أن تتقلَّد القضاء. ويُروى أن يحيى بن يحيى شرب دواءً، فقالت زوجته: قم فتمشّى في الدّار. قال: أنا أحبّ أن أحاسب نفسي أربعين سنةً على خُطاي، فما أعلم ما هذه المِشْيَة. وقال محمود بن غَيْلان: سَمِعْتُ يحيى بن يحيى يقول: مَن قال القرآن مخلوق فهو كافر بالله، وبانت منه امرأته.

وقال مسلم: سَمِعْتُ يحيى بن يحيى يقول: من زعم أنّ مِن القرآن من أوله إلى آخره آية منه مخلوقة، فهو كافر. وقال غير واحد: كان يحيى بن يحيى مثبتًا ثقة. كان إذا شكَّ في حديث ضَرَبَ عليه. وقال أحمد بن حنبل: اشتهي من يحيى بن يحيى، سليمان بن بلال، وزُهَير بن معاوية. وَرُوِيَ أن يحيى بن يحيى أراد الحجّ بآخره، فأشفق عليه عبد الله بن طاهر من "ذلك" وقال "أنت من الإسلام بالعُروة الوثقى، فلا آمن أن تُمْتَحَن، فتصير إلى مكروه، فهذا الإذن، وهذه النصيحة، فقعد". وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أبي يُثْني على يحيى بن يحيى وقال: ما أخرجت خُراسان بعد ابن المبارك مثله. كنّا نسمّيه يحيى الشّكّاك، من كثرة ما كان يشكّ في الحديث. وقال زَكَريّا بن يحيى بن يحيي: أوصي أبي بثياب جَسَده لأحمد بن حنبل، فأتيته بها في منْديل، فنظر إليها وقال: ليس هذا من لباسي. ثمّ أخذ ثوبًا واحدًا وردّ الباقي. قال البخاريّ: مات في صفر سنة ستٍّ وعشرين. قال بِشْر بن الحَكَم: حزرنا في جنازة يحيى بن يحيى مائة ألف رجل. وقال الحاكم: سَمِعْتُ الحافظ أبا عليّ النَّيْسَابوريّ يقول: كنت في غمٍّ شديد، فرأيت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنَامِ، كأنّه يقول لي: صِر إلى قبر يحيى بن يحيى واستغفر، وسَلِ الله حاجتك1. فأصبحت ففعلت ما أمرني به، فقُضِيَت حاجتي. قال أحمد بن يوسف السُّلَميّ: سَمِعْتُ يحيى بن يحيى يقول: من نظر في كتاب "كليلة ودِمْنَة" جرّه ذلك إلى الزَّنْدَقة، ومن نظر في كتاب "صِفِّين" حمله على سَبّ الصّحابة، ومن نظر في كتاب أبي فلان كان آخر عهده بالعلم.

_ 1 لا نعلم لهذا دليل من الشرع فكيف بالمنامات.

قلت: وقع لنا جزء كبير من حديث يحيى بن يحيى، بإجازة عالية، فيه عِدّة أحاديث موقفًا. 478- يحيى بن يحيى1. أبو محمد الليثي. فقيه أهل الأندلس وصاحب مالك أيضًا، سيأتي إن شاء الله في الطبقة الآتية. 479- يحيى بن يوسف بن أبي كريمة الزِّمّيّ2 -خ. ق. حدَّث ببغداد عن: شَرِيك، وأبي الأحوص، وأبي المليح الرّقّي، وضمام بن إسماعيل، وخلْق كثير. وعنه: خ. وق، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن محمد البرقيّ القاضي، وعثمان بن خزاذ، وعليّ بن أحمد بن النَّضْر الأزْديّ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وآخرون. وكان ثقة نبيلًا، صاحب حديث. وَثّقَهُ أبو زُرْعة. وقال حاتم بن الَّليْث: مات سنة تسعٍ وعشرين. 480- يزيد بن صالح3. أبو خالد النَّيْسَابوريّ الفرّاء. سمع: إبراهيم بن طهمان، وأبا بكر النَّهْشَليّ، وقيس بن الربيع، وعبد الله بن عمر، وخارجة بن مُصْعَب، ومالك بن أنس، وطائفة. وعنه: أحمد بن حفص السُّلَميّ، وإسماعيل بن قُتَيْبة، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، والحَسَن بن سُفْيان، وآخرون. قال إسماعيل بن قُتَيْبة: كان من أورع مشايخنا وأكثرهم اجتهادًا. وقال الحَسَن بن سُفْيان: فاتني يحيى بن يحيى بالوالدة، لم تَدَعْني أخرج إليه، فعوّضني الله بأبي خالد الفرّاء، وكان أسنَدَ من يحيى بن يحيى.

_ 1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 200"، والثقات لابن حبان "9/ 262"، وتاريخ بغداد "14/ 166"، وتهذيب الكمال "3/ 1527". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 272"، والثقات لابن حبان "9/ 275"، وسير أعلام النبلاء "10/ 479".

تُوُفّي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. 481- يزيد بن عبد ربّه الجرجسيّ1 -د. م. ن. ق. أبو الفضل الزّبيديّ الحمصي المؤذّن الحافظ. كان يسكن عند كنيسة جُرْجُس فنُسِبَ إليها. سمع: بقيّة، ومحمد بن حرب، والوليد بن مسلم، وجماعة. وعنه: د، وم. ن. ق، عن رجلٍ، عنه، وأحمد بن حنبل وهو أسنّ منه، وإسحاق الكَوْسَج، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وعبد الكريم الدِّيرعَاقُوليّ، ومحمد بن عَوْف الطائي، وآخرون. أثنى عليه أحمد بن حنبل وقال: ما كان أثبته. قلت: مات كهلًا في سنة أربعٍ وعشرين، وكان مولده سنة ثمانٍ وستّين ومائة. 482- يزيد بن عبد العزيز2. أبو خالد الطَّيَالسيّ. روى عن: أبي خالد الأحمر، ويحيى بن سُلَيم، وعبد الحميد بن بِهْرام. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم. قال أبو حاتم: صدوق "ثقة" من نبلاء الرجال. 483- يزيد بن عمرو بن جنزة3 المدائني. عن: أبي عوانة، والربيع بن بدر. وعنه: عباس الدوري، وعيسي بن زغاث، وهيذام بن قتيبة. ولم يذكر بجرح. 484- يزيد بن قبيس الجبليّ4.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 275"، والجرح والتعديل "9/ 279"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 349"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1537". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 278"، والأسامي والكنى "1/ 173". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "14/ 347، 348"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 30". 4 انظر الثقات لابن حبان "9/ 276"، والكاشف "3/ 248".

من أهل جبلة. حدث عن: الوليد بن مسلم، والمُعَافَى بن عِمران الحمصيّ، وجماعة. وعنه: أبو داود، وسليمان بن عبد الحميد البَهْرانيّ، وموسى بن عيسى بن المنذر، وآخرون. 485- يزيد بن مِهران الكوفيّ الخباز1. عن: أبي بكر بن عيّاش، ومحمد بن فُضَيْل. وعنه: عَمْرو بن منصور النَّسائيّ، وأبو حاتم، وإبراهيم بن عبد الله الخُتّليّ، وجماعة. تُوُفّي سنة ثمانٍ، وقيل سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. روى لنا رجل، عنه. 486- يزيد بن مروان الخلّال2. عن: ابن أبي الزِّناد، وجماعة. وعنه: أحمد بن عليّ الخزّاز، وأبو شُعَيْب الحَرّانيّ. قال ابن مَعِين: كذّاب. 487- يوسف بن محمد العصفريّ3 -خ. أبو يعقوب. خُراسانيّ نزل البصرة. عن: سُفْيان الثَّوريّ، ويحيى بن سُلَيم الطّائفيّ. وعنه: خ، وحرب بن إسماعيل الكِرْماني، وسعيد بن عبد الرحمن الفرّاء. وثّقة أبو داود.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 416"، والجرح والتعديل "9/ 290"، والثقات لابن حبان "9/ 275"، وتهذيب الكمال "3/ 1543". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 291"، والثقات لابن حبان "9/ 276"، والكامل لابن عدي "7/ 2737"، وتاريخ بغداد "14/ 348". 3 انظر تهذيب الكمال "3/ 1562"، وتهذيب التهذيب "11/ 423".

488- يوسف بن مروان1. النَّسائيّ، ثمّ الرَّقّيّ المؤذِّن نزيل بغداد. عن: عُبَيْد الله بن عَمْرو الرَّقّيّ، والفُضَيْل بن عِيَاض، وغيرهما. وعنه: عبّاس الدوري، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأحمد بن عليّ المَرْوَزِيّ القاضي، وآخرون. وَثّقَهُ الخطيب. تُوُفّي سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. 489- يوسف بن يونس الأفطس2. أخو أبي مسلم المُسْتَمْليّ. عن: مالك، وشَرِيك، وسليمان بن بلال. وعنه: أحمد بن يحيى كرنيب، ومحمد بن عَوْف الحمصيّ، وأحمد بن خُلَيْد الحلبي. وَثّقَهُ الدَّارَقُطْنيّ. وليّنه ابن عَديّ. "الكنى": 490- أبو إسحاق النّظّام3. البصْريّ المتكلّم المُعْتزليّ الإمام ذو الضّلال والإجرام، طالع كلام الفلاسفة فخلطه بكلام المعتزلة، وتكلَّم في القَدَر، وانفرد بمسائل، وتبعه أحمد بن حائط، والأسواريّ، وغيرهما. وأخذ عنه: الجاحظ.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "14/ 299"، وتهذيب الكمال "3/ 1562"، وتهذيب التهذيب "11/ 423". 2 انظر المجروحين لابن حبان "3/ 137"، والكامل لابن عدي "7/ 2628"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 476". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 97، 98"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 541، 542"، والعقد الفريد "4/ 91".

وكان معاصرًا لأبي الهُذَيْل العلّاف. ذكره ابن حزم فقال: اسمه إبراهيم بن سيّار مولى بني بجير بن الحارث بن عبّاد الضُّبَعيّ، هو أكبر شيوخ المعتزلة ومقدّمهم. كان يقول: أنّ الله لا يقدر الظّلم ولا الشّرّ. قال: ولو كان قادرًا لكُنّا لا نأمن مِن أن يفعله، أو أنّه قد فعله. وإنّ النّاس يُعْذَرون على الظُّلم. وصرّح بأنّ الله لا يقدر على إخراج أحدٍ من جهنَّم، واتَّفق هو والعلّاف على أنّ الله ليس يقدر من الخير على أصلح ممّا عمل. قلت: القرآن والعقل الصحيح يكذّب هؤلاء التّيُوس الضُّلّال قبّحهم الله. ومن شعره: بدرٌ دجى في بدن شطب ... عطّل حُسْن اللُّؤْلُؤ الرطْبِ يلومني النّاس على حبّهِ ... يا جَهْلَهم باللّوم في الحبِّ نعشق من صبغهم ما حلا ... فكيف ما من صبغة الرّبِّ وللنِّظّام مقالات خبيثة، وقد كفّره غير واحد. وقال جماعة: كان عليّ دين البَرَاهمة المُنْكِرين للنُّبُوَّة والبعث، لكنّه كان يُخْفي ذلك. سقط من غرفة وهو سَكْران فهَلك. 491- أبو عبد الرحمن المتكلّم الشّافعيّ1. هو أحمد بن يحيى بن عبد العزيز البغداديّ. روى عن أبي عبد الله الشّافعيّ، فنُسِب إليه. ذكره الحافظ أبو بكر.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 200".

وكان يقول: من فاتته صلاة عمْدًا فإنه لا يمكن أن يقضيها أصلًا، كمن فاته الوقوف بعَرَفَة لا يمكن أن يقضيه. أخذ عنه داود بن عليّ عِلْم الاختلاف. 492- أبو عيسى الملّقب بالمردار1. أحد رءوس المُعْتَزِلة بالبصرة. أخذ عن: بِشْر بن المُعْتَمِر. وتزهّد وتعبّد وانفراد بمسائل ملعونة. زعم أنّ الربّ تعالى يقدر على الكذب والظُّلْم، وكفَّرَ من قال بقِدَم القرآن، ومن قال أفعالنا مخلوقة، أو قال برؤية الله تعالى. حَتّى أنّه كفَّر كلَّ من خالفه، حَتّى أنّه قال له رجل: فالجنّة الّتي عرضها السّماوات والأرض لا يدخلها إلّا أنت وثلاثة. فسكت. تُوُفّي سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 493- أبو موسى الفرّاء2. من رءوس المُعْتَزِلَة البغداديّين. قال المسعوديّ: مات سنة ستٍّ وعشرين ومائتين. 494- أبو هلال الأشعريّ3. قال أبو حاتم الرّازيّ: سألته عن اسمه فقال: هو كنيتي. وقال أبو أحمد: اسمه مِرْداس بن محمد بن الحارث بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنُ أبي موسى الأشعريّ. عن: مالك، وأبي بكر النَّهشلي، وقيس بن الربيع، وشَرِيك، ويحيى بن العلاء، والقاسم بن مَعّن، وعاصم بن محمد العمريّ.

_ 1 انظر الفرق بين الفرق "164-166"، ولسان الميزان "4/ 398". 2 انظر الفهرست "305"، ومروج الذهب "3404". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 199"، وميزان الاعتدال "4/ 88".

وعنه: مُطَيَّن، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وأحمد بن محمد البغداديّ، وابن أبي الدُّنيا، وأحمد بن أبي غَرَزَة، ومحمد بن عَبْدك القزّاز، وبِشْر بن موسى الأَسَديّ، وغيرهم. وهو من كبار شيوخ الكوفة، ليّنه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 495- أبو الهُذَيْل العلّاف البصْريّ1. المُتكلّم المُعْتَزليّ، واسمه محمد بن الهذيل. كان من أجلاد القوم ورءوسهم. زعم بجهلٍ أنّ أهل الجنّة تنقطع حركاتهم حَتّى لا يتكلّمون كلمة، وينقطع نَعيم الجنّة. وأنكر الصِّفات المقدَّسة وقال: عِلْم الله هو الله. ونقل عنه أبو محمد بن حزم في كتاب "الفصل" أنّه قال: إنّ لمّا يقدر "الله تعالى" عليه آخرًا، أو أنّ لقُدرته تعالى نهاية لو خرج إلى الفعل. وإنّ خرج لم يقدر الله بعد ذلك على شيء أصلا، ولا على خلْق ذرّةٍ فما فوقها. وهذا كفرٌ مجرَّد. يُروى أنّ المأمون قال لحاجبه: مَن بالباب؟. قال: أبو الهُذَيْل المُعْتَزليّ، وعبد الله بن أباض الخارجيّ، وهشام بن الكلْبيّ الرافضيّ. فقال: ما بقي من رءوس جهنَّم أحد إلّا وقد حضر. وقد نُقل أنّ صاحب التّرحمة شرِب مرَّةً عند صاحبٍ له، فراود غلامًا أمرد في الطّهارة، فضربه الغلام بتورٍ، فدخل في رقبته، وصار مثل الطَّوْق، فاحتاجوا إلى إحضار حدّادٍ حَتّى فكْهُ من رقبته. أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطّويل صاحب واصِل. وقد طال عُمُره، وصنَّف الكتب، ونَيَّف على التسعين. أخذ عنه: عليّ بن ياسين، وغيره.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 98"، والكامل في التاريخ "6/ 521"، والعقد الفريد "2/ 338"، وسير أعلام النبلاء "10/ 542، 543".

مات سنة سبعٍ وعشرين، وقيل: سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين. ومن رءوس المعتزلة أيضًا. 496- ضِرار بن عَمْرو1. وإليه يُنْسب الطائفة الضِّراريّة. وكان يقول: يمكن أن يكون جميعَ من في الأرض ممّن يُظْهِر الإسلام، كُفّارًا كلهم في الباطن، لأنّ ذلك جائز على كلّ فرد منهم في نفسه. ويقول: إنّ الأجسام إنّما هي أعراضٌ مجتمعة، وإنّ النّار ليس فيها حَرّ، ولا في الثّلج بردٍ، ولا في العَسَل حلاوة، وغير ذلك. وإنّ ذلك إنّما يخلقه الله عند الَّلمْس والذّوق. وقال المروزيّ: قال أحمد بن حنبل: شهدت على ضِرار عند سعيد بن عبد الرحمن، فأمر بضرب عُنقه فهرب. قال حنبل -فيما يحكيه عن أحمد بن حنبل- قال: دخلتُ على ضِرار عندنا ببغداد، وكان مشوَّه الخَلْق، وكان به الفالج، وكان يرى رأي الاعتزال، فكلّمه إنسان، وأنكر الجنّة والنّار. وقال اختلف العلماء، بعضهم قال: خُلِقا. وبعضهم قال: لم يُخْلَقَا. فوثب عليه أصحاب الحديث، وضربوه في الدّار، وخرجتُ فجئت السُّلْطانَ، وكنتُ حَدَثًا، فقلت: هذا الكُفْر وجُحُود القرآن، قال الله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر: 46] . قال: فأتوا به الْجُمَحيّ، وشهدوا عليه عنده، فصيّر دمه هدْرًا لمن قتله، فاستخفى وهرب. قالوا: أخفاه يحيى بن خالد عنده حَتّى مات. قال الذّهبيّ: هذا يدّل على موته في خلافة الرشيد، فينبغي أن يحوّل. وأيضًا

_ 1 انظر العقد الفريد "3/ 57"، والفرق بين الفرق للبغدادي "201"، وسير أعلام النبلاء "10/ 544-546".

فإنّ حَفْصًا الفرد الذي ناظر الشّافعيّ من تلامذة ضِرار، يُنْكر عذاب القبر. قاله ابن حزم. وحكى الأبّار قال: جاء قوم شهدوا على ضِرار أنّه زِنديق، فقال سعيد: قد أبَحْتُ دمَه، فمن شاء فليقتلْه. وعزلوا سعيد بن عبد الرحمن. قال: فمرَّ شَرِيك القاضي ومنادٍ ينادي: مَن أصاب ضِرار فله عشرة آلاف درهم. فقال شَرِيك: السّاعة خلَّفْتُه عند يحيى بن خالد، أراد أن يُعلم أنّهم ينادون عليه وهو عندهم. قال الذّهبيّ: فلهذا ونحوه تكلَّم النّاس في معتقد البرامكة. 497- داود الجواربيّ1. كان رافضيًّا مجسِّمًا كهشام بن الحَكَم. قال أبو بكر بن أبي عَوْن: سَمِعْتُ يزيد بن هارون يقول: الجواربيّ والمَرّيسيّ كافران. ثمّ سَمِعْتُ يزيد ضَرَب للجواربيّ مَثَلا، فقال: إنّما داود الجواربيّ عبر جسر واسط يريد العيد، فانقطع الجسر، فغرق من كان عليه، فخرج شيطان وقال: أنا داود الجواربيّ.

_ 1 انظر ميزان الاعتدال "2/ 23"، ولسان الميزان "2/ 427".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الموضوع رقم الصفحة -الطبقة الثالثة والعشرون- "دخلت سنة إحدى وعشرين ومائتين" 3 المتوفون هذه السنة. 3 الوقعة بين الخرمية والمسلمين. 3 ذكر الفتنة الجمحي. 3 ذكر كسوة البيت. 4 بناء سامِرّاء. ثمّ دخلت سنة اثنتين وعشرين ومائتين. 4 المتوفون هذه السنة. 4 الوقعة بين الأفشين وبابك الخرمي. 4 فتح البذ مدينة بابك. 5 رواية المسعودي عن هرب بابك. ودخلت سنة ثلاث وعشرين ومائتين. 6 المتوفون هذه السنة. 6 قدوم الأفشين بغداد. 6 ذكر ما رتبه المعتصم من البريد. 6 تنكر المعتصم لرؤية بابك. 6 ديانة بابك. 7 قطع أطراف بابك وقتله. 8 ما وجده المؤلف بخط ابن جماعة. 8 الحرب بين الأفشين وطاغية الروم. 8 فتح عمورية.

سنة أربع وعشرين ومائتين. 9 المتوفون هذه السنة. 9 إظهار المازيار الخلاف بطبرستان. ومن سنة خمس وعشرين ومائتين. 9 المتوفون هذه السنة. 9 وزارة الزيات. 10 القبض على الأفشين. 10 أسرار المازيار. 11 ذكر الرجلين العارين عن اللحم. 11 ذكر الحوار بين ابن الزّيّات وحيدر والأفشين والمازيار. 13 ذكر الزلزلة بالأهواز. 13 ذكر ولاية دمشق. ومن سنة ست وعشرين ومائتين. 13 المتوفون هذه السنة. 13 ذكر المطر بتيماء. 13 ذكر سجن الأفشين وموته. 14 ذكر المازيار. 14 ذكر عزْل الزُّهْريّ عن قضاء الديار المصرية. سنة سبع وعشرين ومائتين. 14 المتوفون هذه السنة. 15 خروج المبرقع بفلسطين. 15 ذكر فتنة القيسية بدمشق. 16 ذكر بيعة الواثق بالله. سنة ثمان وعشرين ومائتين. 16 المتوفون هذه السنة.

17 ذكر وقوع قطعة من جبل العقبة. سنة تسع وعشرين ومائتين. 17 المتوفون هذه السنة. 17 ذكر ما صادره الواثق من أهل الدواوين. سنة ثلاثين ومائتين. 17 المتوفون هذه السنة. 18 ذكر قتال الأعراب حول المدينة.

رجال هذه الطبقة من المعجم "حرف الألف" 18 1- أحمد بن جميل المَرْوَزِيّ. 19 2- أحمد بن جناب بن المغيرة. 19 3- أحمد بن حاتم بن يزيد الطويل. 19 4- أحمد بن حاتم بن مخشي. 20 5- أحمد بن الحجاج البكري الشيباني. 20 6- أحمد بن الحريش. 20 7- أحمد بن الحكم. 21 8- أحمد بن داود. 21 9- أحمد بن سليمان بن أبي الطيب. 21 10- أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي. 22 11- أحمد بن عاصم البلخي. 22 12- أحمد بن عاصم الأنطاكي. 23 13- أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي. 24 14- أحمد بن عبد الملك بن واقد الأسدي. 24 15- أحمد بن عبدويه المروزي. 25 16- أحمد بن عبيد الله بن سهيل. 25 17- أحمد بن عثمان المروزي. 25 18- أحمد بن عمران بن عبد الملك. 26 19- أحمد بن غسان البصري العابد. 26 20- أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي. 27 21- أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان. 28 22- أحمد بن محمد بن أيوب البغدادي. 29 23- أحمد بن معاوية المذحجي.

29 24- أحمد بن المفضل الكوفي. 29 25- أحمد بن المنذر الجدي القزاز. 29 26- أحمد بن أبي سلمة نصر البغدادي. 30 27- أحمد بن يحيى الضبي الكوفي. 30 28- أحمد بن يحيى بن حُمَيْد بن تَيْرَوَيْه. 30 29- أحمد بن أبي أحمد الجرجاني. 30 30- أحمد بن يوسف الترمذي. 31 31- إبراهيم بن إسحاق الصيني. 31 32- إبراهيم بن الأشعث البخاري. 32 33- إبراهيم بن بشار الرمادي. 33 - إبراهيم بن بشار الخراساني الزاهد. 33 34- إبراهيم بن جابر الباهلي القزاز. 33 35- إبراهيم بن حيان بن البراء بن النضر. 33 36- إبراهيم بن الحسن الثعلبي الكوفي. 34 37- إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة الزبيري. 34 38- إبراهيم بن زياد البغدادي سبلان. 35 - إبراهيم بن سيار النظام. 35 39- إبراهيم بن شماس السمرقندي. 36 40- إبراهيم بن صبيح الطلحي. 36 41- إبراهيم بن العبّاس بن عيسى بن عمر الأموي. 36 42- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ بْنِ زبر. 37 43- إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهديّ البصْريّ. 37 44- إبراهيم بن مهدي المصيصي. 37 - إبراهيم بن مهدي الأيلي. 37 45- إبراهيم بن المهدي محمد بن منصور.

43 46- إبراهيم بن مهران بن رستم. 43 47- إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زاذان. 44 48- إبراهيم بن يحيى بن عَبّاد بن هانئ. 45 49- إبراهيم بن يحيى بن المبارك اليزيدي. 45 50- إبراهيم بن أبي سُويد الذراع. 46 51- إبراهيم بن أبي العباس السامري. 46 52- أزرق بن عذور بن دحين العنبري. 46 53- الأزرق بن علي الحنفي. 47 54- إسحاق بن إبراهيم القرشي الفراديسي. 47 55- إسحاق بن إسماعيل الطالقاني. 48 56- إسحاق بن بشر بن مقاتل الكاهلي. 49 57- إسحاق بن بشر البخاري. 49 58- إسحاق بن بشر الرازي البزار. 49 59- إسحاق بن عبد الواحد القرشي الموصلي. 49 60- إسحاق بن عمر بن سليط. 50 61- إسحاق بن كعب. 50 62- إسحاق بن محمد بن إسماعيل الفروي. 51 63- إسحاق بن المنذر. 51 64- إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم الهاشمي. 51 65- إسماعيل بن الخليل الكوفي الخزاز. 51 66- إسماعيل بن سعيد الشالنجي. 52 67- إسماعيل بن عبد الله بن زُرارة. 53 68- إسماعيل بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أويس. 54 69- إسماعيل بن عبد الحميد العجلي صاحب الرقيق. 55 70- إسماعيل بن عمر بن نجيح البجلي.

56 71- إسماعيل بن عيسى العطار. 56 72- أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع. 58 73- أصرم بن حَوشب الهمداني. 58 74- أغلب بن إبراهيم بن الأغلب. 58 75- أيوب بن سليمان بن بلال القرشي. 59 76- أيوب بن سليمان البصري المكتب. "حرف الباء". 59 77- بابك الخرمي. 59 78- بشار بن موسى الخفاف. 60 79- بشر الحافي بن الحارث. 65 80- بشر بن عبيد الدارسي. 65 - بشر بن عُبيس. 66 81- بشر بن محمد المروزي السختياني. 66 82- بشر بن الوضاح البصري. 67 83- بكار بن محمد بن عبد الله السيريني. 67 84- بكر بن الأسود العايذي. 67 85- بيان بن عمرو البخاري. "حرف التاء". 68 86- ترك الحذاء المقريء. "حرف الثاء". 69 87- ثابت بن موسى الكوفي العابد. "حرف الجيم". 70 88- جعفر بن إدريس المَوْصِليّ الزّاهد. 70 89- جعفر بن حرب الهمداني المعتزلي. 70 90- جُنادة بن محمد بن أبي يحيى.

71 91- جندل بن والق بن محرس. 71 92- جوين بن ضمرة القشيري. "حرف الحاء". 71 93- حاجب بن الوليد بن ميمون الأعور. 72 94- حبان بن عمار بن الحكم. 72 - حبيب بن أوس. 72 95- حجاج بن إبراهيم الأزرق البغدادي. 72 96- حرب بن محمد بن علي بن حيان الطائي. 73 97- حرمي بن حفص بن عمر العتكي. 73 98- حسان بن عبد الله الواسطي. 74 99- حسان بن غالب بن نجيح الرعيني. 74 100- الحسن بن بشر بن سلم بن المسيب. 75 101- الحسن بن حُدان بن طريف. 75 102- الحسن بن الحكم القطربلي. 75 103- الحسن بن الربيع البوراني. 76 104- الحسن بن شوكر. 76 105- الحسن بن عُبيد الله بن الحسن العنبري. 76 106- الحسن بن عمرو السدوسي البصري. 76 107- الحسن بن عمرو بن سيف العبدي. 77 108- الحسن بن عمرو السجستاني العابد. 77 109- الحَسَن بن محبوب بن الحَسَن بن هلال. 77 110- الحسن بن محمد الطنافسي. 77 111- الحسين بن عبد الأول النخعي. 78 112- حفص بن عُمَر بن الحارث بن سخبرة. 79 113- الحكم بن نافع الحمصي البهراني.

80 114- حماد بن حماد بن خوار الضرير. 80 115- حماد بن محمد بن مجيب الفزاري. 81 116- حماد بن مالك بن بسطام. 81 117- حميد بن المبارك. 82 118- حيوة بن شُريح بن يزيد. "حرف الخاء". 82 119- خالد بن خِداش بن عَجْلان. 83 120- خالد بن خلي الكلاعي الحمصي. 84 121- خالد بن نزار بن المغيرة الأيلي. 84 122- خالد بن هياج بن بسطام الهروي. 85 123- خالد بن يزيد العدوي العمري. 85 124- خداس بن الدخداخ بن الفنجلاخ. 86 125- الخضر بن محمد بن شجاع الحراني. 86 126- خلف بن خالد القرشي. 86 127- خلف بن محرر الهذلي. 86 128- خلف بن موسى بن خلف العمي. 87 129- خلف بن هشام بن ثعلب المقريء. 89 130- خلف بن يحيى المازني البخاري. 89 131- الخليل بن زياد المحاربي الخواص. "حرف الدال". 90 132- داود بن سليمان الجرجاني. 90 133- داود بن شبيب الباهلي. 90 134- داود بن أبي طيبة المقريء. 91 135- داود بن عمرو بن زهير بن جميل. 92 136- داود بن نوح السمسار.

92 137- درهم بن مظاهر الأصبهاني. 92 138- دنيار الحبشي. "حرف الراء". 93 139- رجاء بن السندي. 93 140- الربيع بن يحيى بن مقسم. 94 141- روح بن عبد الواحد الحراني. "حرف الزاي". 94 142- زكريا بن سهل المروزي. 94 143- زكريا بن نافع الأرسوفي. 94 144- زكريا بن يحيى بن صالح البلخي اللؤلؤي. 95 145- زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب. 95 146- زيرك الرازي. "حرف السين". 95 147- سَعْد بْن محمد بْن الحَسَن بْن عطية العوفي. 96 148- سعد بن يزيد الفراء النيسابوري. 96 149- سعيد بن أسد بن موسى الأموي. 96 150- سعيد بن أشعث بن سعيد. 97 151- سعيد بن أبي مريم الجُمَحي. 98 152- سعيد بن زنبور البغدادي. 98 153- سعيد بن زياد. 99 154- سعيد بن سابق الرشيدي. 99 155- سعيد بن سليمان سعدوية الواسطي. 100 156- سعيد بن سليمان بن خالد. 100 - سعيد بن يحيى سعدويه الأصبهاني. 100 157- سعيد بن شبيب الحضرمي.

101 158- سعيد بن صلح القزويني. 101 159- سعيد بن عبد الملك بن واقد. 101 160- سعيد بن عمرو البابوسي. 101 161- سعيد بن عمرو بن سهل الكندي. 102 162- سعيد بن عفير. 103 163- سعيد بن محمد بن سعيد الجرمي. 104 164- سعيد بن منصور بن شعبة. 105 165- سعيد بن يحيى الأصبهاني. 105 166- سلم بن قادم. 106 167- سلم بن المغيرة. 106 168- سلمة بن حبان العتكي. 106 169- سليمان بن حرب بن بجيل. 107 170- سليمان بن عبد الله بن سليمان الأمير. 108 171- سنيد بن داود المصيصي. 108 172- سهل بن بكر. 108 173- سهل بن تمام بن بزيع. 109 174- سهل بن صُقير. 109 175- سهل بن محمد بن الزبير العسكري. 110 176- سهل بن نصر المطبخي. 110 177- سيدان بن مُضارب الباهلي. "حرف الشين". 110 178- شاذ بن فياض. 111 179- شاذ بن يحيى الواسطي. 111 180- شجاع بن أشرس. 111 181- شُريح بن مسلمة التنوخي.

111 182- شُعيب بن محرز بن شعيث. 112 183- شهاب بن عباد العبدي الكوفي. 112 184- شهاب بن عباد العبدي البصري. "حرف الصاد". 112 185- صالح بن إسحاق الجرمي النحوي. 113 186- صالح بن عُبيد الله. 113 187- صدقة بن الفضل المروزي. 114 188- صفر بن إبراهيم. 114 189- صفر بن عبد الرحمن بن مالك بن مِغْوَلٍ. "حرف الضاد". 114 190- ضرار بن صُرد التيمي. "حرف الطاء". 115 191- الطيب بن زبان. "حرف العين". 116 192- عاصم بن علي بن عاصم بن صُهيب. 117 193- عامر بن حُجير بن سُويد الباهلي. 118 194- عامر بن سعيد الخراساني. 118 195- عباد بن موسى الختلي. 118 196- العباس بن بكار الضبي. 119 197- عباس بن سليمان بن جميل القسملي. 120 198- عباس بن الفضل العبدي. 120 - عباس بن الفضل البصري. 120 199- العباس بن المأمون بن الرشيد. 121 200- عبد الله بن أيّوب بن أبي علاج. 121 201- عبد الله بن أبي حسان الإفريقي.

122 202- عبد الله بن خالد الكوفي الفقيه. 122 203- عَبْد الله بْن أَبِي بكر العتكي. 122 204- عَبْد الله بن خيران. 123 205- عبد الله بن داهر الأحمري. 123 206- عبد الله بن سنان الهروي. 123 207- عبد الله بن رشيد. 124 208- عبد الله بن سلم المسمعي. 124 209- عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامة. 125 210- عبد الله بن صالح بن محمد الجهني. 128 - عبد الله بن صالح الكوفي. 128 211- عَبْد اللَّه بْن طاهر بْن الْحُسَيْن بْن مُصعب. 132 212- عبد الله بن عاصم الحماني. 132 213- عَبْد اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ يَزِيدَ الحجازي. 132 214- عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي. 133 215- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَة بْنِ أبي رواد. 134 - عبدان بن محمد المروزي. 134 216- عبد الله بن عَمْرو بن أبي الحَجّاج. 135 217- عبد الله بن عيسى الطفاوي. 135 218- عبد الله بن أبي عرابة الشاشي. 135 219- عبد الله بن محمد بن حميد. 136 220- عبد الله بن الفرج القنطري. 136 221- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الجعفي. 137 222- عبد الله بن محمد بن الربيع العائذي. 137 223- عبد الله بن محمد بن هارون التُّوزيّ. 138 224- عبد الله بن مروان الحراني.

138 225- عبد الله بن مروان بن معاوية الفزاري. 138 226- عبد الله بن مسلمة بن قعنب. 141 227- عبد الله بن مهدي العامري. 141 228- عبد الأحد بن الليث بن عاصم. 141 229- عبد الأعلي بن عبد الواحد البرلسي. 142 230- عبد الباقي بن عبد السلام البصري. 142 231- عبد الجبار بن سعد بن سليمان. 142 232- عبد الحميد بن بكار البيروتي. 143 233- عبد الحميد بن صالح البرجمي. 143 234- عبد الحميد بن أبي طالب البصري. 143 235- عبد الرحمن بن بجير الكلاعي. 144 236- عبد الرحمن بن بكر الطبري الآملي. 144 237- عبد الرحمن بن بكر بن الربيع الجمحي. 144 238- عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي. 145 239- عبد الرحمن بن الحَكَم بن بشير الرّازيّ. 145 240- عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله النخعي. 145 241- عبد الرحمن بن الضحاك البعلبكي. 146 242- عبد الرحمن بن عبد الملك بن شَيْبَة. 146 243- عبد الرحمن بن عُبَيْد بن محمد بن عائشة. 147 244- عبد الرحمن بن المبارك الخلقاني. 147 245- عبد الرحمن بن محمد بن علقمة الفرضي. 147 246- عبد الرحمن بن مقاتل التستري. 148 247- عبد الرحمن بن موسى الهواري. 148 248- عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل الدمشقي. 148 249- عبد الرحمن بن يونس المستملي.

149 250- عبد الرحيم بن محمد بن زيد السُّكَّريّ. 149 251- عبد الرزاق بن عمر الدمشقي. 150 252- عبد الرّزّاق بن عُمَر بن بزيع البَزِيعيّ. 150 253- عبد السلام بن مطهر بن حسام. 151 254- عبد الصمد بن عبد الكريم القدسي. 151 255- عبد الصَّمَد بن داود بن مِهران الحَرّانيّ. 151 256- عبد العزيز بن الخطاب. 151 257- عبد العزيز بن داود الحراني. 152 258- عبد العزيز بن عثمان بن جبلة. 152 259- عبد العزيز بن موسى اللاحوني. 152 260- عبد العزيز بن أبي سلمة العمري. 153 261- عبد الغفار بن داود بن مهران. 154 262- عبد الغنيّ بن سعيد بن عبد الرحمن. 154 263- عبد الكبير بن المعافي بن عمران. 155 264- عبد المتعالي بن طالب الظفري. 155 265- عَبْد الملك بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك. 156 266- عبد الملك بن مسلمة بن يزيد. 157 267- عبد المنعم بن إدريس اليماني. 157 268- عبد الوهاب بن علي التميمي. 158 269- عُبيد بن جناد الكلابي الرقي. 158 270- عبيد الله بن حفص بن عمر العيشي. 159 271- عبيد بن يحيى الأسدي. 159 272- عبيد بن يعيش المحاملي. 160 273- عُتبة بن سعيد بن حِبّان بن الرحض. 160 274- عتيق بن يعقوب بن صديق.

160 275- عثمان بن سعيد الكوفي الزيات. 161 276- عثمان بن سعيد بن مرة القرشي. 161 277- عريب المغنية. 162 278- عفان بن مخلد البلخي. 162 279- علي بن الجارود النيسابوري. 162 280- علي بن الجعد بن عبيد الهاشمي. 165 281- علي بن جعفر بن زياد الأحمر. 165 282- علي بن الحسن بن طيبان. 165 283- علي بن رزين. 165 284- عليُّ بن عبد الحميد بن مُصْعَب المعْنيّ. 166 285- علي بن عثمان اللاحقي. 167 286- علي بن عثام بن علي. 168 287- علي بن قدامة الطوسي الوكيل. 168 288- علي بن قرين بن بيهس. 168 289- علي بن المثنى بن يحيى. 169 290- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي سيف. 171 291- علي بن ميسرة بن خالد الهمذاني. 171 292- علي بن أبي هاشم بن طبراخ. 171 293- عمار بن نصر السعدي. 172 294- عمار بن هارون. 172 295- عمر بن إبراهيم بن خالد الهاشمي. 173 296- عمر بن حفص بن غياث النخعي. 173 297- عمر بن الخطاب الكندي. 173 298- عمر بن سعيد بن سليمان. 174 299- عُمَر بن عبد الوهّاب بن رياح بن عُبيدة.

174 300- عُمَر بن عثمان بن عاصم بن صُهيب. 175 301- عمر بن علي بن أبي بكر الكندي. 175 302- عمرو بن حماد بن طلحة القتاد. 176 303- عمرو بن حماد الأزدي الفراهيدي. 176 304- عمرو بن حماد العبدي. 176 305- عمرو بن خالد بن فروخ. 176 306- عمرو بن الصباح الكوفي. 177 307- عَمْرو بن عَوْن بن أَوْس بن الْجَعْد. 178 308- عمرو بن مرزوق الباهلي. 179 309- عمرو بن مرزوق الواشجي. 179 310- عمرو بن هارون المقريء. 180 311- عمران بن ميسرة المنقري. 180 312- عمرو بن هارون الرملي. 180 313- عون بن جبلة الأزدي الموصلي. 181 314- عون بن سلام. 181 315- العلاء بن عمرو الحنفي. 182 316- العلاء بن موسى بن عطية. 182 317- عياش بن الوليد الرقام. 182 318- عيسى بن إبراهيم البركي. 183 319- عيسى بن أبان الفقيه. 184 320- عيسى بن مسلم الصفار. "حرف الغين". 184 321- غالب بن حلبس الكلبي. 184 322- غسان بن الربيع بن منصور. 185 323- غسان بن الفضل السجستاني.

185 324- غسان بن مالك السلمي. "حرف الفاء". 186 325- فروة بن أبي المغراء. 186 326- فضالة بن المفضل بن فضالة. 186 - الفضل بن غانم. 186 327- فضيل بن عبد الوهاب الغطفاني. 187 328- فطر بن حماد بن واقد البصري. 187 329- الفيض بن وثيق الثقفي. "حرف القاف". 187 330- القاسم بن سلام أبو عبيد البغدادي. 193 331- القاسم بن سلام بن مسكين. 194 332- القاسم بن عمر بن عبد الله الأنصاري. 194 333- القاسم بن عمرو بن محمد العنقزي. 194 334- القاسم بن عيسى العجلي الأمير. 197 335- القاسم بن أبي سفيان محمد بن حُميد. 198 336- القاسم بن هانئ الأعمى. 198 337- القاسم بن يزيد بن عوانة. 198 338- قتيبة بن مهران الأزاذاني. 199 339- قرة بن حبيب القنوي. 200 340- قيس بن حفص الدارمي. "حرف اللام". 200 341- الليث بن خالد البلخي. 200 - الليث بن خالد البغدادي. 200 342- الليث بن داود القيسي.

"حرف الميم" 201 343- المُثَنَّى بن يحيى بن عيسى التميمي. 201 344- محمد بن أسد الخوشي. 201 345- محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة. 202 346- محمد بن إسماعيل بن عياش العنسي. 202 347- محمد بن أمية بن آدم. 203 348- محمد بن أيوب الكلابي. 203 349- محمد بن أبي يعقوب إسحاق بن حرب. 204 350- محمد بن بشر الأسدي الكوفي. 204 351- محمد بن بكير بن واصل الحضرمي. 205 352- محمد بن أبي بلال. 205 353- محمد بن توبة الطرسوسي. 205 354- محمد بن جعفر بن زياد بن أبي هاشم. 205 355- محمد بن جهضم الثقفي اليمامي. 206 356- محمد بن حاتم بن يونس الجرجرائي. 206 357- محمد بن حسان بن خالد السمتي. 207 358- محمد بن الحسن بن المختار التميمي. 207 359- محمد بن حيان البغوي. 208 360- محمد بن خالد بُرامة. 208 361- محمد بن خالد بن مُرْتَنيل الأشجّ. 209 362- محمد بن زياد بن مخلد الإصبهاني. 209 363- محمد بن زياد الأصبهاني الرازي. 209 364- محمد بن زياد بن زبار الكلبي. 209 365- محمد بن سعد بن منيع. 210 366- محمد بن سعيد بن الوليد الخزاعي.

211 367- محمد بن سفيان بن وردان الأسدي. 211 368- محمد بن سنان الباهلي العوقي. 212 369- محمد بن سلام بن الفرج البخاري. 213 - محمد بن سلام الجمحي. 213 370- محمد بن بن صالح الفزاري. 214 - محمد بن الصباح الجرجرائي. 214 371- محمد بن الصباح الرعيني. 214 372- محمد بن الصباح الدولابي. 215 373- محمد بن صبيح الموصلي. 215 374- محمد بن الصلت التوزي. 216 375- محمد بن الطفيل بن مالك النخعي. 216 376- محمد بن عبد الله بن عثمان الخُزَاعيّ. 217 377- محمد بن عبد الله الأنباري. 217 378- محمد بن عبد الوهاب بن الزبير. 217 379- محمد بن عبيد الله بن عمرو العتبي. 218 - العتبي المكي. 218 380- محمد بن عبيد الله بن محمد المدني. 218 381- محمد بن عثمان التنوخي الكفرسوسي. 219 382- محمد بن عطاء النخعي. 219 383- محمد بن عقبة السدوسي. 219 384- محمد بن علي بن أبي خداش. 221 385- محمد بن عمران بن محمد الأنصاري. 221 - محمد بن عمران الأخنسي. 221 386- محمد بن عمر بن حفص القصبي. 221 387- عمر المعيطي.

222 388- محمد بن عمرو بن عثمان الجُعفي. 222 389- محمد بن عون الزيادي. 222 390- محمد بن عيسى بن عبد الواحد المعافري. 222 391- محمد بْن عيسى بْن الطباع. 224 392- محمد بْن أبي غالب البغدادي. 224 - محمد بن غالب القومسي. 224 393- محمد بن غياث السرخسي. 224 394- محمد بن الفضل السدوسي. 226 395- محمد بن القاسم الحراني. 226 396- محمد بن كثير العبدي. 226 397- محمد بن كثير بن مروان الفهري. 227 398- محمد بن كليب البصري. 227 399- محمد بن محبب الدلال. 228 400- محمد بن محبوب البناني. 228 401- محمد بن مصعب البغدادي. 229 402- محمد بن معاذ بن عباد العنبري. 229 403- محمد بن معاوية بن أعين الهلالي. 230 404- محمد بن معاوية البصري. 230 405- محمد بن مقاتل المروزي الكسائي. 230 406- محمد بن مكي بن عيسى المروزي. 231 407- محمد بن موسى بن أعين الجزري. 231 408- محمد بن نصر المروزي. 231 409- محمد بن أبي نعيم الواسطي. 232 410- محمد بن المعتصم بالله أمير المؤمنين. 236 411- محمد بن هانيء الطائي.

236 412- محمد بن هانيء السلمي النيسابوري. 236 413- محمد بن وهب بن مسلم القرشي. 237 414- محمد بن وهب بن عطية السلمي. 238 - محمد بن يحيى بن سعد القطان. 238 415- محمد بن يزيد الحزامي الكوفي. 238 416- مالك بن عبد الواحد المسمعي. 238 417- المثنى بن معاذ بن مُعاذ العنبري. 239 418- محبوب بن موسى الأنطاكي. 239 419- محمود بن الحسن الوراق الشاعر. 240 - مرداس الأشعري. 240 420- مرة بن عبد الواحد الكلاعي. 240 421- مسدد بن مسرهد. 241 422- مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي. 243 423- مضاء بن الجارود الدينوري. 243 424- مضر بن غسان بن مضر. 243 425- مسلم بن عبد الرحمن الجرمي. 243 426- مُعاذ بن أسد بن أبي شجرة الغنوي. 244 427- المُعافي بن محمد الأزدي الموصلي. 244 428- معمر بن بكار السعدي. 244 429- مقاتل بن محمد النصر آباذي. 245 430- مُليح بن وكيع بن الجراح الرؤاسي. 245 431- مهديّ بن جعفر بن جَبْهان بن بِهرام. 245 432- مهدي بن حفص البغدادي. 246 433- مهدي بن عيسى الواسطي. 246 434- موسى بن إسماعيل البجلي.

246 435- موسى بن إسماعيل التبوذكي. 248 436- موسى بن إبراهيم المروزي. 248 437- موسى بن أيوب النصيبي. 249 438- موسى بن بحر العراقي. 249 439- موسى بن محمد البكاء. 249 440- موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي. 250 441- موسى بن معاوية الصمادحي. 250 442- موسى بن هارون بن بشير البردي. 251 443- مؤمل بن الفضل الجزري. "حرف النون". 251 444- نصر بن المغيرة البخاري. 252 445- نُعيم بن حماد بن معاوية الخزاعي. 257 446- نُعيم بن الهيصم الهروي. 257 447- نوح بن أنس الرازي. 258 448- نوح بن يزيد المؤدب. "حرف الهاء". 258 449- هارون بن الأشعث الهمداني. 258 450- هارون بن عمر المخزومي. 259 - هارون ابن الوزير أبي عبيد الله. 259 451- هاشم بن عبد الواحد القيسي الجشاش. 259 452- الهذيل بن إبراهيم الجماني. 259 453- هشام بن بهرام. 259 454- هشام بن الحكم الرافضي الحرار. 260 455- هشام بن عبد الملك الطيالسي. 261 456- هشام بن عبيد الله الرازي الفقيه.

263 457- هشام بن عمرو الفوطي. 264 458- هلال بن يحيى البصري الفقيه. 264 459- الهيثم بن خارجة المروزي. "حرف الواو". 265 460- واصل بن عبد الشكور. 265 461- الوليد بن أبان الكرابيسي. 265 462- الوليد بن صالح النخاس. 266 463- الوليد بن هشام بن حجام. "حرف الياء". 266 464- يحيى بن إسماعيل الواسطي. 267 465- يحيى بن إسماعيل الكوفي الخواص. 267 466- يحيى بن بشر بن كثير الأسدي. 267 467- يحيى بن أبي الخصيب الرازي. 268 468- يحيى بن صالح الوحاظي. 269 469- يحيى بن الصامت المدائني. 269 470- يحيى بن عاصم البخاري. 270 471- يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن العجلي. 272 472- يحيى بن عبدويه البغدادي. 272 473- يحيى بن عمران. 272 474- يحيى بن محمد بن سابق الكوفي. 273 475- يحيى بن معمر بن عمران الإلهاني. 273 476- يحيى بن هاشم الغساني. 274 477- يحيى بن يحيى بن بكر المنقري. 277 478- يحيى بن يحيى الليثي. 277 479- يحيى بن يوسف بن أبي كريمة الزِّمّيّ.

277 480- يزيد بن صالح النيسابوري الفراء. 278 481- يزيد بن عبد ربه الجُرجسي. 278 482- يزيد بن عبد العزيز الطيالسي. 278 483- يزيد بن عمرو بن جنزة المدائني. 278 484- يزيد بن قبيس الجبلي. 279 485- يزيد بن مهران الكوفي الخباز. 279 486- يزيد بن مروان الخلال. 279 487- يوسف بن محمد العُصفري. 280 488- يوسف بن مروان النسائي. 280 489- يوسف بن يونس الأفطس. "الكنى". 280 490- أبو إسحاق النظام المعتزلي. 281 491- أبو عبد الرحمن المتكلم الشافعي. 282 492- أبو عيس الملقب بالمردار. 282 493- أبو موسى الفراء. 282 494- أبو هلال الأشعري. 283 495- أبو الهُذيل العلاف البصري. 284 496- ضرار بن عمرو. 285 497- داود الجواربي. 287 فهرس الموضوعات.

المجلد السابع عشر

المجلد السابع عشر الطبقة الرابعة والعشرون أحداث سنة إحدى وثلاثين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة الرابعة والعشرون: أحداث سنة إحدى وثلاثين ومائتين: فيها: تُوُفّي أحمد بْن نصر الخُزَاعِيّ شهيدًا، وإبراهيم بْن محمد بْن عَرْعَرَة، وَأُمَيَّة بْن بِسْطَام، وأَبو تَمَّام بن حبيب بْن أَوْس الطّائِيّ الشّاعر، وخالد بْن مرداس السراج، وسليمان بن داود الخُتُّليّ، وسُليمان بْن داود المباركيّ، وسهل بْن زَنْجلة الرّازيّ، وعبد اللَّه بْن محمد بن أسماء، وعبد الرحمن بن سلامة الْجُمَحِيّ، وعبد اللَّه بْن مُزْيَد المقرئ الدّمشقي، وعليّ بْن حَكَم الأزديّ، وكامل بْن طلحة الجحدريّ، ومحمد بْن زياد الأعرابيّ اللُّغَويّ، ومحمد بْن سلام الْجُمَحِيّ أخو عبد الرحمن، ومحمد بْن المِنْهَال التَّميميّ الضرير، ومحمد بْن المِنْهَال العطّار أخو حَجَّاج، ومحمد بْن يحيى بْن حمزة قاضي دمشق، ومُحرز بْن عَوْن، ومِنْجَاب بْن الحارث، وهارون بْن معروف، ويحيى بْن عبد اللَّه بْن بُكَيْر، وأبو يعقوب يوسف يحيى البُوَيْطِي. الواثق يأمر بامتحان خلْق القرآن: وفيها ورد كتاب الواثق إلى أمير البصرة يأمره بأن يمتحن الأئمة والمؤذنيين بخلْق القرآن. وكان قد تبع أباهُ المعتصم في امتحان النّاس بخلْق القرآن. رفعُ المتوكّل للمحنة: فلمّا استخلف المتوكّل بعده رفع المحنة، ونشر السنة. خبر الفِداء بين المسلمين والروم: وفيها كان الفداء، فاستفكّ من طاغية الروم أربعة آلاف وستمائة نفس. فتفضّل أحمد بْن أبي دؤاد فقال: من قال من الأسارى القرآن مخلوق، خلِّصُوه وأعطوهُ دينارين. ومن امتنعَ دعوه في الأسر ولَم يقع فداء بين المسلمين والروم منذ سبعٍ وثلاثين سنة. دخول المجوس إشبيلية: وفيها نقل أبو مروان بْن حبّان في تاريخ الأندلس واقعة غريبة فقال: وَرَدَ مجوس يُقال لَهم الأردمانيّون إلى ساحل الأندلس الغربيّ، في أيام الأمير عبد الرحمن، فوصلوا إشْبيلية وهي بغير سورْ، ولا بِهَا عسكر، فقاتلهم أهلها ثُمَّ انهزموا. فدخل المجوس إشبيلية، وسَبَوْا الذُّرِّيَة ونهبوا. فأرسل عبد الرحمن عسكرًا، فكسروهم واستنقذوا الأموال والذُّرِّيّة، وأسروا منهم أربعة آلاف، وأخذوا لهم ثلاثين مركبًا.

أحداث سنة اثنين وثلاثين ومائتين

أحداث سنة اثنين وثلاثين ومائتين: تُوُفِيّ فيها إبراهيم بْن الحَجَّاج النِّيليّ لا الشّاميّ، والحَكَم بْن موسى القَنْطَريّ الزّاهد، وجُوَيْرية بْن أشرس، وعبد اللَّه بْن عون الخراز، وعبد الوهاب بْن عَبْدَةَ الحَوْطِيّ، وعليّ بْن المغيرة الأثرم اللُّغَويّ وعَمْرو بْن محمد النّاقد وعيسى وعمرو بْن سالِم الشّاشيّ، وهارونَ الواثق بالله ويوسف بْن عديّ الكوفيّ. الحرب بين بُغا الكبير وبني نُمَيْر: وفيها كانت وقعة كبيرة بين بُغا الكبير وبين بني نُمَيْر، وكانوا قد أفسدوا الحجاز وتهامة بالغازات، وحشدوا في ثلاثة آلاف راكب، فهزموا أصحاب بُغَا، وجعل يناشدهم الرجوع إلى الطّاعة، وبات بحذائهم ثُمَّ أصبحوا فالتقوا، فانهزمَ أصحابُ بُغَا، فأيقنَ بالهلاكِ. وكان قد بعث مائتي فارس إلى جبل لبني نُمَيْر. فبينما هو في الإشراف على التَّلَف، إذا بِهم قد رجعوا يضربون الكوسات1، فحملوا على بني نُمَير فهزموهم، وركبوا أقفيتهم قتلًا وأسرًا، فأسروا منهم ثمانمائة رجل. فعاد بُغَا وقدِم سامرّاء، وبين يديه الأسرى2. خبر العطش بالحجاز: وفيها مات خلْق كثير من العطش بأرض الحجاز. الزلازل بالشام: وفيها كانت الزلازل كثيرة بالشّام، وسقطت بعض الدور بدمشق، ومات جماعة تحت الردم.

_ 1 أي: الأبواق. 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 148-150".

أحداث سنة ثلاثة وثلاثين ومائتين

أحداث سنة ثلاثة وثلاثين ومائتين: فيها تُوُفِيّ: أحمد بْن عبد اللَّه بْن أبي شُعَيب الحرّانيّ، وإبراهيم بْن الْحَجّاج السَّامِيّ، وإسحاق بْن سعيد بْن الأَرْكُون الدِّمشقيّ، وحبّان بْن موسى المَرْوَزِيّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ بِنْتَ شُرَحْبِيلَ، وداهر بْن نوح الأهوازيّ، ورَوْح بْن صلاح المصريّ، وسهل بْن عثمان العسكريّ، وعبد الجبّار بْن عاصم النَّسَائِيّ، وعُقْبة بْن مُكْرَم الضَّبّيّ، ومحمد بْن سماعة القاضي، ومحمد بن عائذ الكاتب، والوزير بن محمد بْن عبد الملك بْن الزَّيّات، ويحيى بْن أيّوب المَقَابِرِيّ، ويَحْيَى بْن مَعِين، ويزيد بْن مَوْهِب الرَّمْليّ. الزلزلة بدمشق: وفيها جاءت زلزلة مَهُولة بدمشق، سقطت فيها شُرُفات1 الجامع، تصدع حائط المحراب، وسقطت منارته2. وهلك خلْق تحت الرَّدْم. وهرب النّاس إلى الْمُصَلّى باكين مُتَضرِّعين، وبقيت ثلاث ساعات، وسكنت، وقال: أحمد بْن كامل في تاريخه إنّ بعض أهالي دير مُرَّان3 رأى دمشق تنخفضُ وترتفعُ مِرارًا، فمات تحت الْهَدم مُعْظم أهلها. كذا قال، واللَّهُ حَسِيبهُ. وهرب النّاس إلى المُصَلّى قال: وانكفأت قريةٌ بالغُوطة، فلَمْ ينجُ منها إلَّا رجلٌ واحد، وكانت الحِيطان تنفصلُ حجارتها، مع كَوْن الحائط عرضُه سبعة أدرُع. وامتدّت إلى أنطاكية، فهدمتها، وإلى الجزيرة فأخربتها، وإلى المَوْصِل فيُقالُ: هَلَكَ من أهلها خمسون ألفًا، ومن أهل أنطاكية عشرون ألفًا. إصابة ابن أبي دؤاد بالفالج: وفيها أصاب أحمد بْن أبي دؤاد فالج4 صيره حجرًا ملقى.

_ 1 الشرفة هي: أعلى الشيء. 2 أي: المأذنة. 3 وهو بالقرب من دمشق. 4 الفالج هو: شلل يصيب أحد شقي الجسم طولًا.

أحداث سنة أربع وثلاثين ومائتين

أحداث سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين: تُوُفِيّ فيها أحمد بْن حرب النَّيْسَابُوريّ الزّاهد، ورَوْح بْن عبد المؤمن القارئ، وأبو خَيْثَمة زُهير بْن حرب، وسليمان بْن داود الشَّاذكُونيّ، وأبو الربيع سليمان بن داود الزهراني، وعبد الله بْن الرّمّاح قاضي نَيْسَابور، وأبو جعفر عبد اللَّه بْن محمد النُّفَيْلِيّ، وعليّ بْن بحر القطّان، وعليّ بْن المَدِينيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، ومحمد بْن أبي بكر المُقَدَّمِيّ، والْمُعَافَى بْن سليمان الرَّسْعَنِيّ، ويحيى بْن يحيى اللَّيْثيّ الفقيه. خبر هبوب الريح بالعراق: وفيها هبت ريح بالعراق -ما قيل- شديدة السموم، لم يعهد مثلها، أحرقت زرع الكوفه، والبصرة وبغداد، وقتلت المسافرين. ودامت خمسين يومًا، واتصلت بهمدان، فأحرقت الزرع والمواشي، واتصلت بالموصل وسنجار، ومنعت الناس من المعاش1 في الأسواق، ومن المشي في الطرق، وأهلكت3 خلقًا كثيرًا والله أعلم بصحّة ذلك. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالناس من العراق محمد بْن داود بن عيسى العباسي، وهو كان أمير الحج في هذه الأعوام. إظهار المتوكّل للسنة: وفيها أظهر السنة المتوكّلُ في مجلسه، وتحدَّث بِهَا، ووضع المحنة ونهى عن القول

_ 1 أي البيع والشراء. 2 أي ماتوا.

بِخلق القرآن، وكتب بذلك إلى الآفاق1، واستقدمَ المحدِّثينَ إلى سامرّاء، وأجزلَ عطاياهم وأكرمهم، وأمرهم أن يُحدِّثوا بأحاديث الصِّفَات والرؤية. وجلس أبو بكر بْن أبي شَيْبة في جامع الرّصافة، فاجتمعَ له نَحوٌ من ثلاثين ألف نفس، وجلس أخوهُ عثمان بْن أبي شَيْبَة على منبر في مدينة المنصور، فاجتمعَ إليه أيضًا نحوٌ من ثلاثين ألفًا. وجلس مُصْعَب الزُّبَيْرِيّ وحدَّث، وتوفّر دعاء الخلْق للمتوكّل، وبالغوا في الثّناء عليه والتّعظيم له، ونسوا ذنوبه، حتّى قال قائلهم، الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصِّدِّيق يوم الردة، وعمر بن عبد العزيز في ردّ المظالِم، والمتوكّل في إحياء السنة وإماتَة التَّجَهُّم. خروج البُعَيْث عن الطاعة: وفيها خرج عن الطّاعة محمد البُعَيْث أمير آذَرْبَيْجَان وأرمينية، وتَحَصَّن بقلعة مَرَنْد، فسار لقتاله بُغَا الشَّرابيّ في أربعة آلاف، فنازله وطال الحصار، وقُتِلَ طائفة كبيرة من عسكر بُغَا. ثُمَّ نزل بالأمان، وقيل بل تدلّى ليهرب فأسروه. والله أعلم.

_ 1 الأفاق أي: بلغ النهاية في الكرم والعلم.

أحداث سنة خمس وثلاثين ومائتين

أحداث سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين: فيها تُوُفِيّ: أحمد بْن عمر الوَكِيعيّ، وإبراهيم بْن العلاء زِبْريق الحمصيّ، وإسحاق الْمَوْصِليّ النّديم، وسُرَيْج بْن يونس العابد، وإسحاق بْن إبراهيم بْن مُصْعَب أمير بغداد، وشُجاع بْن مَخْلَد، وشَيْبَان بْن فَرُّوخ، وأبو بكر بْن أبي شَيْبَة، وعُبَيْد اللَّه بْن عمر القواريريّ، ومحمد بْن عبّاد المكيّ، ومحمد بن حاتم السمين، معلى بْن مهديّ الْمَوْصِليّ، ومنصور بْن أبي مزاحم، وأبو الهُذَيْل العلّاف شيخ المعتزلة، وهُرَيْم بْن عبد الأعلى البصْرِيّ، وعَمْرو بن عبّاس. إلزام النصارى بلباس العسليّ: وفيها ألزم المتوكّل النصارى بلبس العسلي.

أحداث سنة ستة وثلاثين ومائتين

أحداث سنة ستة وثلاثين ومائتين: فيها تُوُفِيّ: أحمد بْن إبراهيم الْمَوْصِليّ، وإبراهيم بْن أبي معاوية الضَّرير، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو إبراهيم التَّرْجُمانيّ إسماعيل بْن إبراهيم، وأبو مَعْمَر القَطِيعيّ إسماعيل بْن إبراهيم، والحارث بْن سُرَيْج النَّقّال، والْحَسَن بْن سهل وزير المأمون، وخالد بْن عَمْرو الشّاميّ، وصالِح بْن حاتِم بْن وردان، وأبو الصَّلْت الهَرَويّ عبد السلام بْن صالِح، ومحمد بْن إسحاق المسيّبيّ، ومحمد بْن عَمْرو السَّوّاق، ومحمد بْن مقاتل العبَّادانيّ، ومُصْعَب بْن عبد اللَّه الزُّبَيْرِيّ، ومنصور بْن المهديّ الأمير، ونصر بْن زياد قاضي نيسابور. وهُدْبَة بْن خالد. إرسال المتوكّل القُضاة لأخذ البيعة لأولاده: وفيها أشْخَص المتوكل القضاة من البلدان لبيعة ولاة عهد لأولاده: المنتصر بالله محمد، وَمِنْ بعده الْمُعْتَزّ بالله محمد، وَمِنْ بَعْدِهِ المؤيَّد بالله إبراهيم. وبعث خَوَاصَّهُ إلى البُلدان ليأخذوا الْبَيْعَةَ بذلك. حوادث دمشق: وفيها، أو في حدودها، وثبوا1 على نائب دمشق سالِم بْن حمد، فقتلوهُ يوم الجمعة على باب الخضراء. وكان من العرب، فلمّا وُلِّيَ أذَلَّ قومًا بدمشق من السَّكُون والسَّكاسِك، ولَهم وَجَاهةٌ وَمَنعة2، فثاروا به وقتلوه. فندبَ المتوكّل لدمشق أفريدون التُّرْكيّ، وسَيَّرهُ إليها. وكان شُجاعًا فاتكًا ظالِمًا، فقدِم في سبعة آلاف فارس، وأباح لَهُ المتوكّل القتل بدمشق والنَّهْب، على ما نُقِلَ إلينا، ثلاث ساعات. فنزل ببيت لِهْيَا، وأراد أن يُصَبِّح بالبلد، فلمّا أصبح نظر إلى البلد وقال: يا يوم ما يُصبحك منّي. وقُدِّمَت له بغلة فضربته بالزَّوْج3 فقتلته، وقبر ببيت لِهْيا4، وردّ الجيش الذي معه خائفين. وبلغ المتوكّل، فصلُحت نيته لأهل دمشق.

_ 1 وثبوا أي: بلغوا أو علوا. 2 أي وقوة. 3 أي بأرجلها. 4 أي وهي بلد بغوطة دمشق.

هدم قبر الحسين: وفيها أمر المتوكّل بِهْدَم قبر السّيد الحسين بْن عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وهدم ما حوله من الدُّور، وأن تُعمل مزارع. ومنع الناس من زيارته وحُرِثَ وبقي صحراء. وكان معروفًا بالنّصب، فتألّم المسلمون لذلك، وكتب أهل بغداد شتْمَه1 على الحيطان والمساجد، وهجاهُ الشعراء، دِعْبِل، وغيرُه. وفي ذلك يقول يعقوب بْن السِّكّيت، وقيل: هي للبسّاميّ عليّ بْن أحمد، وقد بقي إلى بعد الثلاثمائة: بالله إن كانت أمية قد أتت ... قَتْلَ ابنِ بنت نبيّها مظلوما فلقد أتاهُ بنو أبيه بِمثله ... هذا لَعَمْرُكَ قبره مهدوما أسِفُوا على أن لا يكونوا شارَكوا ... في قتله، فتتبَّعوهُ رميما غزوة علي بْن يحيى الصائفة: وفيها غزا عليّ بْن يحيى الصّائفة في ثلاثة آلاف فارس، فكان بينه وبين ملك الروم مصاف، انتصر فيه المسلمون، وقُتِلَ خلقٌ من الروم، وانْهَزَمَ ملكهم في نَفَرٍ يسير إلى القسطنطينية. فسار الأميرُ عليّ، فأناخ على عَمُّورِيَة، فقاتل أهلها، وأخذها عُنْوَةً2، وقتل وأسر، وأطلق خلْقًا من الأسر، وهَدَم كنائسها، وافتتح حصن الفطس، وسبى منه نحو عشرين ألفًا. الحج هذا الموسم: وحج بالناس محمد المنتصر وليّ العهد، ومعه أُمُّ المتوكّل وشيَّعها المتوكّل إلى النّجف ورجع، وأَنْفَقَتْ أموالًا جزيلة.

_ 1 أي سبه وقذفه. 2 أي غصب.

أحداث سنة سبع وثلاثين ومائتين

أحداث سنة سبعٍ وثلاثين ومائتين: فيها تُوُفِيّ: إبراهيم بن محمد ابن عم الشافعي، وحاتِم الأصمّ الزّاهد، وسعيد بْن حفص النُّفَيْلِيّ، والعبّاس بْن الوليد النَّرْسِيّ، وعبد اللَّه بْن عامر بْن زُرَارَة، وعبد اللَّه بْن مطيع، وعبد الأعلى بْن حمّاد النَّرْسِيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن مُعاذ العَنْبَريّ، وأبو كامل الفُضَيْل بْن الحسن الْجُحْدريّ، ومحمد بْن قُدامة الجوهريّ، ووَثِيمة بْن موسى نزيل مصر، وكان إخباريًّا. ذكر وثوب أهل أرمينية بعاملهم يوسف بْن محمد: وفيها وثبت بطارقة أرمينية بعاملها يوسف بْن محمد فقتلوه، فجهزَّ المتوكّل لحربِهم بُغا الكبير، فالتقاهم على دَبِيل1، فنُصِر عليهم، وقتل منهم خَلْقًا عظيمًا، وسبَى خلقًا، حتّى قيل إنّ المَقْتَلة بلغت ثلاثين ألفًا، وسار إلى تَفْلِيس. المتوكّل يأمر بحلق لحية قاضي القضاة في مصر: وفيها بعثَ المتوكّل إلى نائب مصر أن يحلق لحية قاضي القضاة بِمصر أبي بكر محمد بْن أبي اللَّيْث، وأن يضربه، ويطوف به على حِمَار، فَفُعِلَ ذلك به في شهر رمضان، وسُجِنَ، فإنّا لله وإنّا إليه رَاجِعُونَ. اللَّهُمَّ لا تأجرهُ في مصيبته، فإنّه كان ظالِمًا من رؤوس الْجَهْميّة. ولاية الحارث بْن مسكين القضاء: ثُمَّ ولي القضاء الحارث بْن مسكين بعد تمنُّع، وأمر بإخراج أصحاب أبي حنيفة والشافعي من المسجد، ورُفِعَتْ حُصُرُهم، ومنع عامّة المؤذّنين من الأذان. وكان قد أُقعِد، فكان يُحمل في مَحَفّة إلى الجامع، وكان يركب حمارًا متربعًا. وضرب الذين يقرءون بالألحان. وحمله أصحابُه على النّظر في أمر القاضي الذي قتله محمد بْن أبي الليث، وكانوا قد لعنوهُ لَما عُزِل، ورفعوا حُصُرَهُ، وغسّلوا موضعه من المسجد. فكان الحارث بْن مسكين يُوقِف القاضي محمد بْن أبي اللَّيْثِ، ويضرب كل عشرين يومًا سَوْطًا، لكي يؤدّي ما وجب عليه من الأموال. وبقي هذا أيّامًا. وعُزِلَ الحارث بعد ثمان سِنين ببكار بن قتيبة.

_ 1 مدينة بأرمينية.

قدوم ابن طاهر على المتوكّل: وفيها قدم محمد بْن عبد اللَّه بْن طاهر وافدًا على المتوكل من خُراسان، فولّاهُ العراق1. مصادرة المتوكل لابن أبي دؤاد: وفيها غضب المتوكل على أحمد بن أبي دؤاد وصادره، وسجن ابنه وإخْوته وصادرهم، ثُمَّ صُولِح بعد ذلك على ستة عشر ألف ألف درهم، وأشهد بيع كلّ ضيعة لَهم وافتقروا2. ولاية ابن أكثم القضاء: ورضي المتوكّل عن يحيى بْن أكثم، وولاه القضاء والمظالِم3. إطلاق المتوكّل للمساجين: وفيها أطلق المتوكّل جميع من في السجون مِمّن امتنعَ عن القَوْلِ بِخَلْقِ القرآن في أيّام أبيه، وأمرَ بإنْزَالِ جُثة أحمد بْن نصر الخُزَاعِيّ، فَدُفِعَتْ إلى أقاربه فَدُفِنتْ4. ظهور النار بعسقلان: وفيها ظهرت نارٌ بعسقلان، أحرقت البيوت والبَيَادر، وهربَ الناس، ولَم تزل تحرق إلى ثُلث اللّيل ثُمَّ كُفَّت، بإذن اللَّه. بناء قصر العروس بسامرّاء: وفيها كان بناء قَصْر العروس. بسامرّاء، وتكمّل في هذه السنة، فبلغت النَّفَقة عليه ثلاثين ألف ألف درهم. طلب المتوكّل لأحمد بْن حنبل: وفيها طلب المتوكّل من أحمد بْن حنبل المجيء إليه بسامرّاء، فسار إليه، ولَم يجتمع به، بل دخل على ولده المعتز5.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 188". 2 انظر تاريخ الطبري "9/ 189"، والكامل في التاريخ "7/ 59". 3 انظر تاريخ الطبري "9/ 188". 4 انظر تاريخ الطبري "9/ 190". 5 البداية والنهاية "1/ 316".

أحداث سنة ثمان وثلاثين ومائتين

أحداث سنة ثَمانٍ وثلاثينَ ومائتين: فيها تُوُفِّيَ: أحمد بْن جوّاس الحنفيّ، وأحمد بْن محمد الْمَرْوَزِيّ مَرْدَوَيْهِ، وإبراهيم بْن أيّوب الحَوْرَانيّ الزّاهد، وإبراهيم بْن هشام الغسَّانيّ، وإسحاق بن إبراهيم بن زبريق، وإسحاق بْن رَاهَويْه، وبِشْرُ بْن الحَكَم العَبْدِيّ، وبِشْرُ بْن الوليد الكِنْديّ، والربيع بْن ثعلب، وزُهَيْر بْن عَبّاد الرُّؤَاسيّ، وحكيم بْن سيف الرَّقّيّ، وطالوتُ بْن عَبّاد، وعبد الرحمن بْن الحَكَم بْن هشام صاحب الأندلس الأُمَوِيّ. وعبد الملك بْن حبيب فقيه الأندلس، وعَمْرو بْن زُرَارة، ومحمد بْن بكّار بْن الرّيّان، ومحمد بْن الحُسَيْن البُرْجُلانيّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ المتوكّل اللُّؤلُؤيّ المقرئ، ومحمد بْن أبي السَّرِيَّ العسقلانِيّ، ويَحْيَى بْن سليمان الْجُعَفِيّ نزيل مصر. حصار بُغا تفليس: وفيها حاصر بُغَا تَفْليس، وبها إسحاق بْن إسماعيل مولى بني أُميّة، فخرج للمحاربة، فَأُسِرَ وضُرِبَتْ عُنُقه، وأُحْرِقَتْ تَفْليس، واحترق فيها خلْق. وفتحت عدة حصون بنواحي تفليس1. غزو الروم دِمياط بالمراكب: وفيها قصدت الروم، لعنهم الله، دمياط2 في ثلاثمائة مركب، فكبسوا البلد، وسَبَوا ستمّائة امرأة، ونَهبوا، وأحرقوا، وبدعوا، وخرجوا مسرعين في البحر3. فلا قوّة إلا بالله.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "1/ 489". 2 وهي من مدن مصر. 3 انظر تاريخ الطبري "9/ 193".

أحداث سنة تسع وثلاثين ومائتين

أحداث سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين: فيها تُوُفّي إبراهيم بْن يوسف البلْخِيّ الفقيه، وداود بنُ رُشَيْد، وَصَفْوان بْن صالح الدّمشقيّ المؤذّن، والصَّلْت بْن مسعود الجحدري، وعبد الله بن عمر أبان مشْكدانة، وعثمان بْن أبي شَيْبَة، ومحمد بْن مِهران الجمّال الرازيّ، ومحمد بْن نصر المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن يحيى بْن أبي سَمِينة، ومحمود بْن غَيْلان، ووَهْب بْن بقيّة، ويَحْيَى بْن مُوسَى خَتّ. نفي المتوكّل لابن الجهم: وفيها نفي المتوكّل عليّ بْن الْجَهْم إلى خُراسان1. غزوة علي بْن يحيى بلاد الروم: وفيها غزا الأمير عليّ بْن يحيى الأرمنيّ بلاد الروم، فأوغلَ فيها، فيقال: إنه شارفَ القسطنطينية فأحرق ألف قرية، وقتل عشرة آلاف علْج، وسبى عشرين ألف رأس، وعاد غانِمًا سالِمًا. عزل ابن أكثم عن القضاء: وفيها عُزِلَ يَحيى بْن أكثم عن القضاء، وصُودر، وأُخِذَ من داره مائة ألف دينار، وأُخِذَ له من البصرة أربعة آلاف جريب.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 169".

أحداث سنة أربعين ومائتين

أحداث سنة أربعين ومائتين: فيها تُوُفِيّ: أحمد بْن خَضرَوَيْه البلْخِيّ الزّاهد، وأحمد بْن أبي دُؤاد القاضي، وأبو ثور الفقيه إبراهيم بْن خالد، وإسماعيل بْن عُبَيْد بْن أبي كريمة الحرّانيّ، وجعفر بْن حُمَيْد الكوفيّ، والحسن بْن عيسى بْن ماسرجس، وخليفة العُصْفُرِيّ شَبَاب، وسُوَيْد بْن سعيد الحَدَثَانيّ، وسُوَيْد بْن نصر الْمَرْوَزِيُّ، وعبد السّلام بْن سعيد سَحْنُون الفقيه، وعبد الواحد بْن غِياث، وقُتَيْبَة بْن سعيد، ومحمد بْن خالد بْن عبد اللَّه الطّحّان، ومحمد بْن الصّبَاح الجرجرائيّ، ومحمد بْن عَمْرو زُنَيْج الرازيّ، ومحمد بْن أبي عَتّاب الأعْيَن، واللّيْث بْن خالد المقريء صاحب الكِسَائِيّ. وثوب أهل حمص على أبي المغيث: وفيها وثب أهلُ حمص على أبي المغيث الرافقيّ، متولّي البلد، وأخرجوهُ منها، وقتلوا جماعةً من أصحابه، فسار إليهم الأمير محمد بْن عَبْدَوَيْه، ففتك بهم، وفعل بهم العجائب1. الصَّيْحة في خلاط: وفيها سمعَ أهلُ خِلاط صيحة عظيمة من جوّ السماء، فمات منها خلق. وقوع البَرَد بالعراق: وفيها وقَعَ بَرَد بالعراق كَبَيْض الدَّجاج. وقوع خَسْف بالمغرب: ويُقال -والله أعلم: إن فيها خسف المغرب بثلاث عشرة قرية، ولَم ينجُ من أهلها، إلا نَيّفٌ وأربعون رَجُلًا، فأتَوا القيروان، فمنعوهم من الدخول، وقالوا: أنتم مسخوطٌ عليكم، فَبَنَوْا لهم خارج البلد.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 197"، والكامل في التاريخ "7/ 73".

رجال هذه الطبقة على المعجم

رجال هَذِهِ الطبقة على المعجم: "حرف الألف": 1- أحمد بن إبراهيم بن خالد -د- أبو علي الموصلي نزيل بغداد1. عن: إبراهيم بْن سعد، وأبي إسماعيل المؤدّب، وإبراهيم بْن سليمان، وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأبي الأَحْوَص، وشَرِيك، ومحمد بْن ثابت العبْديّ، وأبي عَوَانة، وطائفة. وعنه: "د" فَرْد حديث، وابن أبي الدُّنيا، وأحمد بْن الحسن الصُّوفيّ، وأبو يَعْلَى، ومُطَيَّن، والبَغَويّ، وموسى بْن هارون، وطائفة. وثَّقه ابن مَعِين، فقال في رواية عبد الله بْن أحمد: ليس به بأس. أَبُو يَعْلَى: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ ثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ لِلْمَدِينَةِ يَثْرِبَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ"2. تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ، وَهُوَ لَيِّنٌ، وَصَالِحٌ ثِقَةٌ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ: مَاتَ فِي ثامن ربيع الأول سنة سِتٍّ وَثَلَاثِينَ. أحمد بْن أبي أحمد الْجَرْجَرائيّ. أبو محمد. سيأتي3. 2- أحمد بْن أسد بْن عاصم4. أبو عاصم البَجَليّ الكوفيّ. سِبْط مالك بْن مِغْوَلٍ. سمع: أبا الأَحْوَص سَلام بْن سُلَيْم. وعنه: محمد بْن صالح بْن ذَريح، وغيره وثّقه ابن حِبّان. 3- أحمد بْن أيّوب بْن راشد أبو الحَسَن الضَّبَيّ البصْريّ5. عن مَسْلَمَة بْن عَلْقَمة، وعبد الوارث بْن سعيد، ومحمد بْن أبي عَدِيّ. وكان ثقة. روى عنه: البخاري في كتاب الأدب له، وأبو زرعة، وأبو يعلى، وغيرهم. 4- أحمد بن بحر العسكري عسكر مكرم6. عن: عَبْثَر بْن القاسم، وعمر بْن عُبَيْد، وعليّ بْن مُسْهِر. وعنه إسماعيل بن إسحاق الكوفي، وعلي بن الحسن الهسنجاني. قال أبو حاتم: حديثه صحيح ولا أعرفه. 5- أحمد بْن جعفر بْن ميسرة. أبو معشر الهَرَويّ الفقيه. عن هُشَيْم، وحفص بن غياث. توفي سنة إحدى وثلاثين.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 360"، والجرح والتعديل "2/ 39"، والثقات لابن حبان "8/ 25"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 245-247". 2 "إسناده ضعيف": أخرجه "4/ 285"، وفي إسناده يزيد بن أبي زياد قال الذهبي لين. 3 برقم "28". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 413"، والجرح والتعديل "2/ 41، 42"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 5". 5 انظر الجرح والتعديل "2/ 40"، والثقات لابن حبان "8/ 19"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 260". 6 انظر الجرح والتعديل "2/ 42"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 84".

6- أحمد بن جواس1 -م. د- أبو عاصم الحنفي الكوفي. عن: جرير بن عبد الحميد، وأبي الأحوص سلام بْن سُلَيْم، وعُبَيْد الله الأشجعيّ، وابن المبارك، وابن عيينة، وأبي هريرة -المكتب- حباب. وعنه: م. د.، وإبراهيم بْن أبي شَيْبَة، والحسن بْن سُفْيان، والحسن بْن علّي المَعْمِريّ، ومحمد بْن صالح بْن ذَرِيحٍ، ومَطَيَّن، وغيرهم. مات في ثالث الْمحرَّم سنة ثمان وثلاثين. ولَهُم شيخ آخر. أحمد بْن جوّاس الأسْتُوائيّ2. نيسابوريّ من طبقة مسلم. 7- أحمد بْن حاتم3. أبو النصر النحوي، صاحب الأصمعي. أخذ عنه: ثعلب، وإبراهيم الحربيّ. وصنّف في اللُّغة كتاب "الشَّجر" وكتاب الخيل، وغير ذلك. وكان مُوَثَّقًا مُصَدَّقًا. تُوُفّي سنة إحدى وثلاثين. 8- أحمد بْن حاتم البغدادي عن: شُعيب بْن حرب، ويحيى بْن يَمَان. وعنه: محمد بْن عَوْف الحمصيّ، ومحمد بْن أيّوب البَجَليّ، أورده ابن أبي حاتم. 9- أحمد بْن حاجّ بْن قاسم بْن قُطْبة4 أبو عبد الله العامري النَّيْسابوريّ الفقيه صاحب محمد بْن الحَسَن. سمع: ابن المبارك، وابن عُيَيْنَة، ووكيعا. وكان رئيسا جليلا. روي عنه: أحمد بن نصر اللباد، ومحمد بن ياسين بن النضر، وجماعة. توفي سنة سبع وثلاثين. 10- أحمد بن حرب بن فيروز5 الإمام أبو عبد الله النيسابوري الزاهد، أحد الفقهاء العابدين. رحل وسمع من: سُفيْان بْن عيينة، ومحمد بن عبيد، وأبي داود الطياليسي، وأبي أُسامة، وابن أبي فُدَيْك، وأبي عامر النقدي، وحفص بن عبد

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 44، 45"، والثقات لابن حبان "8/ 20"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 285، 286". 2 انظر تهذيب الكمال "1/ 286". 3 انظر تاريخ الطبري "9/ 145"، والكامل في التاريخ "7/ 26"، وتاريخ بغداد "4/ 114". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 48". 5 انظر تاريخ الطبري "4/ 205"، وتاريخ بغداد للخطيب "4/ 118"، وميزان الاعتدال "1/ 89".

الرحمن، وعبد الوهاب الخفّاف، وعبد الله بْن الوليد العُرَنيّ، وعامر بْن خُداج، وطبقتهم. روى عنه: أبو الأزهر، وسهل بْن عمّار، ومحمد بْن شادان، والعبّاس بْن حمزة، وإبراهيم بْن محمد بْن سُفْيان، وإبراهيم بْن إسحاق الأنماطيّ، وأحمد بْن نصر الّلّباد، وإسماعيل بْن قُتَيْبَة، وزكريّا بْن دَلُّوَيْه، وخلْق سواهم. قال زكريّا بْن دَلُّوَيْه: كان أحمد بْن حرب إذا جلس بين يدي الحَجَّام ليحْفي شارِبَه يُسبِّح، فيقول له الحجام: اسكت ساعة. فيقول: اعْمَلْ أنت عملَك. ورُبَّما قطع شفته وهو لا يعلم. قال الحاكم: ثنا أبو العبّاس عبد اللَّه بْن أحمد الصُّوفيّ: حدَّثَنِي أبو عَمْرو محمد بْن يحيى قال: مرّ أحمد بْن حرب بصبيانٍ يلعبون، فقالَ أحدهم: أمسكوا فهذا أحمد بْن حرب الذي لا ينامُ اللّيل. قال: فقبض على لحيته وقال: الصّبيان يهابونَك بأنّك لا تنامُ اللّيل وأنت تَنام. قال: فأحيا اللّيل بعد ذلك حتّى مات. وقال زكريّا بْن حرب: كان أخي أحمد ابتدأ في الصوم وهو في الكُتَّاب. فلمّا راهَقَ حجّ مع أخيه الحسين، وأقاما بالكوفة لطلب العِلم، وببغداد والبصرة، ثُمَّ قَدِم، فأقبل على العبادة لا يفتر1، وأخذ المواعظ والذِّكْر، وحثّ على العبادة، وأقبلّ الناس على مجلسه، وألّف كتاب "الأربعين"، وكتاب "عيال اللَّه"، وكتاب "الزُّهد" وكتاب "الدُّعاء". وكتاب "الحكمة"، وكتاب "الْمَنَاسِك"، وكتاب "التَّكسُّب". ورغِبَ النّاسُ في سماعها: فلمّا ماتت أمُّه سنة عشرين ومائتين عاد إلى الحجّ والغّزْو، وخرج إلى التُّرْك، وفتح فتحًا عظيمًا، فحسده عليه أصحاب الرِّباط، وسَعَوْا فيه إلى عبد اللَّه بْن طاهر. فأُدْخِلَ عليه، فلم يأذن له في الجلوس وقال: تخرج وتَجمع إلى نفسك هذا الْجَمْع، وتخالف أعوان السلطان. ثُمَّ علم ابن طاهر صِدْقَه فتركه، فخرج إلى مكّة وجاوَرَ. وعن أحمد بْن حرب قال: قال ابن المبارك: أربعة، منها ثلاثة مَجَازٌ، وواحد حقيقة: عُمرنا في الدُّنيا، ومُكثنا في القبور، ووقوفنا في الْحَشْر، ومُنْصَرَفُنا إلى الأبد، فهو الحقيقة، وما قبله مجاز. وأحمد بن حرب تنحله الكرامة وتخضع له، لأنه شيخ بن كرّام. وعن يحيى بْن يحيى النَّيْسَابُوري قال: إن لَم يكن أحمد بْن حرب من الأبدال فلا أدري من هم. وقال محمد بْن الفضل البخاريّ: سمعتُ نصر بْن محمود البَلْخِيّ يقول: قال أحمد بْن حرب: عبدتُ اللَّه خمسين سنة، فما وجدتُ حلاوة العبادة حتى تركت ثلاثة

_ 1 أي لا يمل.

أشياء: تركت رضى الناس حتى قدرت أتكلَّم بالحقّ. وتركتُ صُحْبَة الفاسقين حتَّى وجدتُ صُحبة الصّالحين. وتركتُ حلاوة الدُّنْيَا حتَّى وجدتُ حلاوة الآخرة. وقال محمد بْن عبد اللَّه بْن موسى السَّعْدَيّ: كُنّا في مجلس أحمد بْن حرب لما قدم من بُخارى، فاجتمع عليه العامَّةُ من أهل المدينة والقُرى، فقالوا كلّهم: يا أبا عبد اللَّه، ادع لنا، فإن زَرْعَنَا وأرْضَنَا لَم ينبت منذ عامين، أو قال: عام. فرفع يديه ودعا، فما فرِغَ حتّى طلعت سَحَابة، وكانت الشمسُ طالعةً، فمُطِرْنَا مطرًا لَمْ نرَ مثله، فجئنا مشمِّرين أثوابنا من شدة المطر، حتى ينبت الزرع. قلت ساق الحاكم ترجمته في عدّة أوراق. وقال محمد بْن عليّ المَرْوَزِيّ: روى أشياء كثيرة لا أُصُولَ لَها. قال زكريّا بْن دَلُّويَه، وغيره: تُوُفِيّ سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين، ولهُ ثمان وخمسون سنة. 11- أحمد بْن حمّاد الذُّهَليّ الخُراسانيّ المَرْوَزِي الأمير. عن ابن المبارك، والحسين بْن واقد. وعمِّر دهرًا. روى عنه: ابنة الأمير أبو الهيثم خالد بْن أحمد، ومحمد بْن عَبْدة المَرْوَزِيّ، وغيرهما. تُوُفّى أيضًا سنة أربعٍ وثلاثين. 12- أحمد بْن حمّاد الواسطيّ1 الخزّاز. عن خالد الطّحّان. وعنه: أسلم بْن سهل في تاريخه وقال: مات سنة اثنتين وثلاثين. 13- أحمد بْن خَضْرَوَيْه البلْخيّ2 الزّاهد أبو حامد، من كبار المشايخ بِخُراسان. صحِب: حاتمًا الأصمّ، وأبا يزيد البِسْطاميّ. قال السُّلَميّ في "تاريخ الصُّوفيَّة": أحمد بْن خَضْرَوَيْه من جِلّة مشايخ خُراسان، سألَتْه امرأته أن يحملها إلى أبي يزيد، وتُبْرئه من مَهْرِهَا، ففَعل. فلمّا قعدت بين يديه كشفت عن وجهها، وكانت مُوسرة، فأنفقت مالها عليهما. فلمّا أراد أن يرجع قال لأبي يزيد: أَوْصِني. قال: ارجع فتعلَّم الفُتُوَّة مِن امرأتك. وبَلَغَني عن أبي يزيد أنّه كان يقول: أحمد بْن خَضْرَوَيْه أستاذنا. ويُقالُ: إنّ أحمد بْن خَضْرَوَيْه لُقِيَّه إبراهيم بْن أدهم ولَقِيَه. قلتُ: هذا بعيد. ثُمَّ قال السُّلَمِيّ: سمعتُ منصور بْن عبد اللَّه: سمعتُ محمد بْن حامد يقول: كنتُ جالسًا عند ابن خَضْرَوَيْهِ وهو في النَّزْعِ، فسأله رجلٌ عن مسألةٍ، فقال:

_ 1 انظر الإكمال لابن ماكولا "2/ 185". 2 انظر حلية الأولياء "10/ 42، 43"، وطبقات الصوفية للسلمي "3/ 106"، وسير أعلام النبلاء "1/ 487".

يابني، بابًا كنتُ أدقُّه منذ خمس وتسعين سنة يُفتح السّاعة، لا أدْرِي أيُفْتَحُ بالسّعادة أَمْ بالشّقاء، فأنّى لي أوان الجواب. وكان عليه سبعمائة دينار دَيْنًا، فوفاها إنسانٌ عنه. وكان أبو حفص النَّيْسَابُوري يقول: ما رأيتُ أكبر هِمّة ولا أصدق حالًا من أحمد بْن خَضْرَوَيْه. وكان له قدم في التَّوَكُّلِ. وبَلَغَنَا عنه أنّه قال: القلوب جوّالة، فإمّا أن تجول حول العرش، وإمّا أن تجول حول الحُشّ. قيل: إنّ أحمد بْن خَضْرَوَيْه مات سنة أربعين ومائتين. 14- أحمد بن أبي دؤاد بْن حَرِيز1 القاضي أبو عبد الله الأياديّ البصري ثم البغداديّ. واسم أبيه: الفَرَج. ولى القضاء للمعتصم وللواثق، وكان مصرِّحًا بمذهب الْجَهْميّة، داعيةً إلى القول بخلْق القرآن. وكان موصوفًا بالْجُود والسّخاء، وحسن الخُلُق، وغزارة الأدب. قال الصُّولِيّ: كان يُقال: أكرم من كان في دولة بني العباس البرامكة، ثم أبي دؤاد، لولا مَا وَضع به نفسه من محبّة المِحْنة لاجتمعت الألْسُنُ عليه، ولَمْ يُضَفْ إلى كرمه كرم أحد. ولد ابن أبي دؤاد سنة ستّين ومائة بالبصرة. قال حَرِيز بْن أحمد بن أبي دؤاد قال: كان أبي إذا صلى رفع يديه إلى السّماء وخاطب ربّه فقال: ما أنت بالسبب ضعيفًا وَإنَّما ... نُجْحُ الْأُمُورِ بقُوَّةِ الأسبابِ فاليومَ حاجَتُنَا إليك، وإنما ... يدعى الطبي لساعةِ الأَوْصَابِ وقال أبو العَيْنَاء: كان أحمد بن أبي دؤاد شاعرًا مُجيدًا، فصيحًا بليغًا، ما رأيتُ رئيسًا أفصح منه. وقال فيه بعضُ الشعراء: لقد أَنْسَتْ مساوئَ كلِّ دهر ... محاسن أحمد بن أبي دؤاد وما سافرتُ فِي الآفاق إِلَّا ... ومن جَدْوَاك راجلتي وزادي يُقيمُ الظّنُّ عندك والأماني ... وإنْ قَلِقتْ ركابي في البلاد وقال الصُّوليّ: ثنا عَوْن بْن محمد الكِنْدِيّ قال: لعهدي بالكرخ، وإن رجلًا لو

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 649"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 169"، وميزان الاعتدال "1/ 67".

قال ابن أبي دؤاد مُسلم لقُتِل في مكانه. ثُمَّ وقع الحريق في الكرخ، وهو الذي لَمْ يكن مثله قطّ. كان الرجلُ يقوم في صينّية شارع الكَرْخ فيرى السفن في دجلة. فكلم ابن أبي دؤاد المعتصمَ في النّاس وقال: يا أمير المؤمنين رعيّتك في بلد آبائك ودار مُلْكهم، نزل بهم هذا الأمر، فاعِطْف عليهم بشيء يُفَرَّقُ فيهم يُمسك أرماقهم ويبنون به ما انْهَدَمَ. فلَم يزل يُنازله حتّى أطلق له خمسة آلاف ألف درهم، وقال: يا أمير المؤمنين إنْ فَرّقها عليهم غيري خفتُ أن لا يقسّم بالسَّويَّة1. قال: ذاك إليك. فقسّمها على مقادير ما ذهبَ منهم، وغرِم من ماله جُملة. قال عون: فلَعَهْدِي بالكَرْخ بعد ذلك، وإنّ إنسانًا لو قال: زرُّ ابن أبي دؤاد وسِخ لقُتِل. وقال ابن دُرَيْد: أنا الحسن بن الخضر قال: كان ابن أبي دؤاد مؤالفًا لأهل الأدب من أيّ بلد كانوا. وكان قد ضمّ إليه جماعة يموّنهم، فلمّا مات اجتمع ببابه جماعة منهم، فقالوا: يُدفن مَن كان على ساقِه الكرم وتاريخ الأدب ولا نتكلّم فيه؟ إنّ هذا لَوَهْنٌ وتقصير. فلمّا طلع سريره قام ثلاثة منهم، فقال أحدهم: اليوم مات نظامُ الفَهْم واللَّسْن ... ومات مَنْ كان يُسْتعدي على الزَّمَنِ وأظلمَتْ سُبُل الآداب إذ حُجِبَتْ2 ... شَمسُ المكارم في غيمٍ3 من الكفنِ وقال الثاني: ترك المنابرَ والسّريرَ تَوَاضُعًا ... وله منابر لو يشاء وسَريرُ ولِغَيْره يُجْبَى الخَراجُ وإنّما ... تُجْبَى إليه مَحامدٌ وأجورُ وقال الثالث: وليس نسيمَ المِسْك ريحَ حَنُوطه ... ولكنه ذاك الثناء المخلَّفُ وليس هرِيرَ النَّعْش ما تسمعونه ... ولكنّها أصلابُ قوم تُقَصَّفُ قال أبو رَوْق الهِزّانيّ: حكى لي ابنُ ثعلبة الحنفيّ عن أحمد بْن المعذَّل أنّ ابن أبي دؤاد كتب إلى رجلٍ من أهل المدينة: إنْ تابَعتَ أمير المؤمنين في مقالته استوجبتَ حُسن المكافأة.

_ 1 أي بالتساوي. 2 أي غابت. 3 غيم أي ذهاب النور.

فكتبَ إليه: عَصَمَنا اللَّهُ وإيَّاك من الفتنة. الكلامُ في القرآن بدعة يشترك فيها السّائلُ والمجيب. تعاطى السائل ما ليس له، وتكلف المجيبُ ما ليس عليه. ولا نعلمُ خالقًا إلّا اللَّه، وما سواهُ مخلوق إلّا القرآنُ، فإنّه كلامُ اللَّه. وعن المهتدي بالله محمد بْن الواثق قال: كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلًا أحضرنا ذلك إلى المجلس. فَأُتِيَ بشيخٍ مخضوبٍ مقيَّد، فقالَ أبي: ائذنوا لابن أبي دؤاد وأصحابه. فأُدْخِلَ الشيخُ، فقالَ: السلامُ عليك يا أمير المؤمنين. فقال له: لاسلم الله عليك. قال: بئس ما أدبك مؤدبك. قلتُ في رُواتها غير مجهول. فقال له ابن أبي دؤاد: يا شيخ ما تقول في القرآن؟ فقال: لَمْ تُنْصِفْنِي، وُلِّيَ السّؤال. قال: سَلْ. قال: ما تقول في القرآن؟ قال: مخلوق. قال: هذا شيءٌ عَلِمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، وعمر، والخلفاء الراشدون، أم شيء لَم يعلموه؟ فقال -يعني ابن أبي دؤاد: شيء لم يعلموه. فقال: سبحان الله، شيء لَم يعلمه رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- ولا أبو بكر ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت. فخجل ابن أبي دؤاد فقال: أقِلْنِي. قال: أَقَلْتُك. ما تقول في القرآن؟ قال ابن أبي دؤاد: مخلوق. قال: هذا شيء علمه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- والخلفاء؟ قال: علموه، ولِم يَدْعوا النّاس إليه. قال: أفلا وَسِعَكَ ما وَسِعَهُم؟ فقام أبي الواثق ودخل خُلْوَته، واستلقى على ظهره وهو يقول: هذا شيء لم يعلمه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا أَبُو بَكْرٍ، ولا عثمان، ولا عليّ، ولَم يدعوا إليه، أفلا وسِعك مَا وَسِعَهم. ثُمَّ دعا عمّارًا الحاجب، وأمره أن يرفع عنه القيود، ويُعطيه أربعمائة دينار، وسقط من عينه ابن أبي دؤاد. ولم يمتحن بعدها أحدًا. قال ثعلب: أنشدني أبو الحَجّاج الأعرابيّ: نكست الدين يا ابن أبي دؤاد ... فأصبح من أطاعكَ في ارتدادِ زَعمت كلام ربّك كان خَلْقًا ... أما لكَ عند ربّك من مَعَادِ؟ كلامُ اللَّه أنزله بعِلْمٍ ... وأنزله على خير العباد

وَمَنْ أمسى ببابِكَ مُستضيفًا ... كَمَنْ حلّ الفَلاةَ1 بغير زاد لقد أظرفت يا ابن أبي دؤاد ... بقولك إنّني رجلٌ إيادي وقال أبو بكر الخلال في كتاب "السنة": ثنا الحَسَن بْن أيّوب المخرّميّ قال: قلتُ لأحمد بْن حنبل: ابن أبي دؤاد؟ قال: كافر بالله العظيم. قال: ثنا عبد الله بْن أحمد بْن حنبل: سمعتُ أبي: سمعتُ بِشْرَ بْن الوليد يقول: استتيب ابن أبي دؤاد من القرآن مخلوق في لَيْلَةٍ ثلاث مرّات، يتوب ثُمَّ يرجع. وقال: حدَّثَنِي محمد بْن أبي هارون: أن إسحاق بْن إبراهيم بْن هانئ قال: حضرتُ العيد مع أبي عبد اللَّه، فإذا بقاصٍّ يقول: على ابن أبي دؤاد لعنةُ اللَّه، وحشى اللَّه قبره نارًا. فقال أبو عبد الله: ما أنفعهم للعامّة. وقال خالد بْن خِداش: رأيتُ في المنام كأنّ آتيًا أتاني بطَبَق وقال: اقرأه. فقرأتُ بِسْمِ الله الرحمن الرحيم. ابن أبي دؤاد يريد أن يمتحن النّاسَ. فمن قال القرآن كلامُ اللَّه، كُسِيَ خاتَمًا من ذَهَب، فَصُّهُ ياقوتة حمراء، وأدخله اللَّه الجنّة وغفر له. ومن قال: القرآنُ مخلوق، جُعِلت يمينه يمين قرد، فعاش بعد ذلك يومًا أو يومين ثُمَّ يصير إلى النار. ورأيتُ قائلًا يقول: مسخ ابن أبي دؤاد، ومُسِخَ شعيب، وأصاب ابن سَمَاعة فالج، وأصابَ آخر الذَّبْحَة -ولَمْ يُسَمَّ- هذا منام، صحيح الإسناد. وشُعَيب هو ابن سهل القاضي من الجهمية. قد رمي ابن أبي دؤاد بالفالج وشاخ. فعن أبي الْحُسَين بْن الفضل: سمع عبد العزيز بْن يحيى المكيّ قال: دخلتُ عَلَى أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد وهو مفلوج، فقلتُ: لَم آتِكَ عائدًا، ولكنْ جئتُ لأحمد اللَّه على أنْ سَجَنَكَ في جِلْدِك. وقال الصُّوليّ: نا المغيرة بْن محمد المهلَّبيّ قال: مات أبو الوليد محمد بْن أحمد بن أبي دؤاد هو وأبوه

_ 1 أي المكان البعيد.

منكوبَيْن في ذي الحجة، سنة تسعٍ وثلاثين، ومات أبوه يوم السّبت لسبْعٍ بقين من المحرَّم سنة أربعين. قال الصُّوليّ: ودُفِنَ في دارهِ ببغداد. 15- أحمد بْن أبي رجاء أبو الوليد الحنفيّ الهَرَويّ1. قال البخاري: هو ابن عبد الله بْن أيوب. وقال أبو عبد الله الحاكم: أحمد بْن عبد اللَّه بْن واقد بْن الحارث، وساقَ نَسَبه إلى دول بن حنيفة. وقال: إمام عصره بهراة من الفقه والحديث. طلب مع أحمد بْن حنبل، وكتب بانتخابه. قلت: روى عن: ابن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، والنَّضْر بْن شُمَيْلٍ، ويحيى بْن آدم، وأَبِي أسامة، وجماعة. وعنه: خ. والدّارميُ، وأبو زرعه، وأبو حاتم، وحَمْدَوَيْه بْن خطّاب البخاري مستملي البخاري. توفي في نصف جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين. أحمد بن سريج. هو أحمد بن عمر2. سيأتي في الطبقة الآتية بعد أبي مصعب الزهري. 16- أَحْمَد بْن سِنان3 أبو عبد الله القُشَيْريّ النيسابوري الخزقني، وخزقن من قرى نيسابور. سمع: ابن عُيَيْنَة، وأبا معاوية، ووَكِيعًا، وسلْم بْن سالم. وعنه: العَباس بْن حمزة، وأبو يحيى الخفّاف، وجماعة. تُوُفّي سنة تسع وثلاثين.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 57"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 5" والثقات لابن حبان "8/ 28" وتهذيب الكمال للمزي "1/ 363-365". 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 57"، والثقات لابن حبان "8/ 15"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 367-369".

17- أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب مسلم مولى عمر بن عبد العزيز الأمويّ. أبو الحَسَن الحرّانيّ، والد الحَسَنِ، وجد المسند أبي شعيب عبد الله بن الحَسَن الحرّانيّ. سمع: زُهير بْن معاوية، والحارث بْن عُمَير، وعيسى بْن يونس، وموسى بْن أعين، وجماعة، وجماعة. وعنه: د، وخ. ت. ن بواسطة، وأحمد بْن فيل البالِسيّ، وحفيده أبو شُعيب، وصالح بْن عليّ النَّوْفليّ، ومحمد بْن جَبَلَة الرّافقيّ، ومحمد بْن يحيى بْن كثير الحرّانيّ، وأبو زُرْعة الرازيّ، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق، ثقة. وقال ابن كثير الحرّانيّ: تُوُفّي سنة ثلاث وثلاثين. وقيل غير ذلك، والأول أصحّ. 18- أحمد بْن عبد اللَّه بْن قيس بْن سلمان بْن بُريدة بْن الخُصيب الأسلمي المَرْوَزِيّ1. عن: النّضْر بْن شُمَيْلٍ، وعبد الله بن بكر، وشبابة. وعنه أبو حاتم وقال: صدوق، كتبت عنه بالرِّيّ سنة ثلاثين. 19- أحمد بْن عبد الصّمد بن علي2 أبو أيوب الأنصاري الرزقي. حدَّث ببغداد عن: ابن عُيَيْنَة، وعبد الله بن النمير. وعنه: الحَسَن بْن عليّ المَعْمَريّ، وأبو القاسم البَغَويّ، وغيرهما. 20- أحمد بْن عَمار بْن شادي الوزير أبو العباس3. وزير المعتصم كان من أهل المذار فانتقل أبوه إلى البصرة زمن الرشيد. وكان أبو العبّاس موصوفًا بالعِفّة والصِّدْق، فاحتاج الفضلُ بْن مروان الوزير إلى من يقوم بأمر ضياع أقطعها المعتصم. فنهض ابن عمّار في ذلك، وبالغ، فطلبه الفضل ونوّه بذِكره، وأخذ يصف عِفَّته للمعتصم. فلمّا نكب المعتصم الفضلَ لَم تثق نفسه إلى أميرٍ إلَّا ابن عمّار، فولاهُ العرض عليه، وسمّاهُ النّاس وزيرًا. وكان جدّه شادي طحّانًا وكذلك هو، فأثري وكثُرَ مَاله وتقدّم. قال عَوْنُ بن محمد: ولى

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 58". 2 انظر تاريخ الطبري "4/ 208"، وتاريخ بغداد للخطيب "4/ 270"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 17". 3 انظر وفيات الأعيان "5/ 94، 101"، والوافي بالوفيات "7/ 255".

المعتصم العرض عليه لثقته، ولما كان يصفه به الفضل، ولم يكن ممن تصلح له الوزارة ولا مخاطبة الملوك. قال الصُّوليّ: وثنا أحمد بْن إسماعيل قال: عرض أحمد بْن عمّار الكُتُب أربعة أشهر، وخُوطب بالوزارة، ونفذت عنه الكتب، فورد يومًا كتابًا من عبد اللَّه بْن طاهر أحبّ المعتصم أن يُجيب عنه سرًّا، فدعا ابن عمّار وقال: أجِبْ عَنْه بحضرتي، فلَم يقم بذلك حتّى أحضر بعض الكُتّاب. ولَمّا رأى عجْزه همّ بعَزْله. وكان المعتصم يقول لِمحمد بْن عبد الله الزّيّات: يا محمد ما أَحْوَجَ ابن عمّار إلى أن يكون مع عفّته مثل فصاحتك. قال الصَّوليّ: ثنا محمد بْن القاسم قال: كان أحمد بن أبي دؤاد يحبّ بقاء أمر ابن عمّار عليه، لئلا يصير الأمر إلى ابن الزيات، فإنه يبغضه. وقيل إن ابن عمّار كان يتصدَّق كل يوم بمائة دينار، مع ما هو فيه من الأمانة، فنبل بذلك المعتصم أيضًا، وكان كثير الأموال. قال الصُّوليّ: ثنا أحمد بْن شَهْرَيار، عن أبيه قال: كان ابن عمّار يختم في كلّ ثلاثة أيّام ختمة، فلمّا عُزِلَ عن العَرْض رُسِمَ له بديوان الأزِمّة، فامتنعَ، واستأذنَ في المجاورة سنة، فأذِنَ المعتصم له، ووصله بعشرة آلاف دينار، ثُمَّ أعطاهُ خمسة وعشرين ألف دينار، ففرّقها بِمكّة. تُوُفّي بالبصرة سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين كهْلًا. 21- أحمد بْن عِمران بْن عيسى المري الموصلي المقريء، روى "جامع سُفيان الثَّوْريّ" عن المُعَافَى بْن عمران. روى عنه: عُبَيْد الله بْن أبي جعفر. وتُوُفّي سنة خمس وثلاثين. 22- أحمد بْن عمر بْن حفص بْن جَهْم بْن واقد1 أبو جعفر الكندي الكوفي الجلاب الضرير المقريء المعروف بالوكيعيّ. نزيل بغداد. والد إبراهيم. روى عن: حفص بْن غِياث، وابن فُضَيْل، وأبي معاوية، وحسين الجعفي، وعبد الحميد الجماني، وجماعة. وعنه: م. وأبو داود في المسائل له، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن علي القاضي المروزي، وأحمد بن علي الأبار، وأحمد بن علي الموصلي أبو يعلى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ونصر بن القاسم الفرائضي، وطائفة. وثقه ابن معين، وغيره، ومات في صفر سنة خمسين وثلاثين. قال العباس بن مصعب:

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 62، 63"، والثقات لابن حبان "8/ 9"، وتاريخ بغداد "4/ 284"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 412-414".

سمعت أحمد بن يحيى الكهشميني، وكان معروفًا بالفضل والعقل، يقول: سمعتُ أحمد بْن عمر الوَكِيعيّ يقول: وُلِّيتُ المظالِم بِمَرْوَ اثنتي عشر سنة، فلَم يَرِدْ عليّ حكم إلا وأنا أحفظُ فيه حديثًا، فلم أحتج إلى الرأي ولا إلى أهله. وقد روى القراءة عن يحيى بْن آدم. 23- أحمد بْن محمد بْن موسى السّمسار المَرْوَزِيّ مَرْدَوَيْه1، وربّما قيل فيه: أحمد بْن موسى. عن: ابن المبارك، وجرير، وإسحاق الأزرق. وعنه: خ، ت، ن. وقال: لا بأس به. قال أحمد بْن أبي خَيْثَمَة: مات سنة خمس وثلاثين. وممن روى عنه: محمد بْن عمر الرَّمليّ، وعبد اللَّه بْن محمود المَرْوزَيّ. وكان يُكثر عن ابن المبارك. وسمع من النضر بْن محمد المَرْوَزَيّ، شيخ يروي عن يحيى بْن سعيد الأنصاريّ. وقال الشيرازي: تُوُفّي في ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 24- أحمد بْن معاوية أبو بكر الباهليّ البصْريّ2. سمع: عَبّاد بْن عَبّاد، وأبا بكر بْن عيّاش، وعنه: محمد بْن محمد الباغَنْديّ، وغيره. قال الخطيب: لا بأس به. 25- أحمد بْن المعذل بْن غَيْلان بْن الحَكَم3 أبو العبّاس العَبْديّ البصْريّ المالكيّ الفقيه المتكلِّم. قال أبو إسحاق الشيرازي: كان من أصحاب الملك بن الماجشون، ومحمد بن مسلمة. وكان ورِعًا متّبِعًا للسنة. وكان مُفَوَّها له مصنَّفات. وقال غيره: سمع من بِشْر بْن عمر الزّهرانيّ، وغيره، وكان بصيرًا بمذهب مالك. وعليه تفقّه إسماعيل القاضي وأخوه حمّاد، ويعقوب بْن شَيْبَة السَّدُوسيّ. وقال أبو بكر النّقّاش: قال لي أبو خليفة الْجُمَحِيّ: أحمد بْن المعذَّل أفضل من أحمدكم، يُريد أحمد بْن حنبل. وقال أبو إسحاق الحضرميّ: كان أحمد بْن المعذَّل من الفقه والسّكينة والأدب والحلاوة في غاية. وكان أخوه عبد الصّمد بْن المعذَّل

_ 1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "2/ 6"، والثقات لابن حبان "8/ 29"، وتهذيب الكمال للمزي "1/ 473، 474". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 41"، وتاريخ الطبري "8/ 56، 203"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 162". 3 انظر الثقات لابن حبان "8/ 16"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 194"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 519-521".

الشاعر يؤذيه ويهجوه. وكان أحمد يقول له: أنت كالإصبع الزّائدة، إنْ تُرِكت شانت، وإنْ قَطِعَتْ آلَمَت. ولأحمد بْن المعذَّل أخبار. وكان أهلُ البصرة يسمُّونه الراهب لدِينه وتعبُّده. قال أبو داود: كان ابن المعذَّل ينهاني عن طلب الحديث. وقال يموت بْن المُزَرِّع، عن المبرّد، عن أحمد بْن المعذَّل قال: كنت عند ابن الماجِشُون، فجاء بعضُ جُلَسائه فقال: يا أبا مروان أعجوبة1. قال: وما هي؟ قال: خرجتُ إلى حائطي بالغابة، فعرض لي رجلٌ فقال: اخلَعْ ثيابك، فأنا أَوْلَى بِهَا. قلتُ: وَلِمَ؟ قال: لأنّي أخوك وأنا عُريان. قلت فالمواساة؟ قال: قد لبستها برهة. قلت: فتعريني فتبدو عَوْرَتِي؟ قال: قد روينا عن مالك أنّه قال: لا بأس للرجل أن يغتسل عُرْيَانًا. قلتُ: يلقاني النّاس فيرون عَوْرَتِي. قال: لو كان أحد يلقاك في هذه الطريق ما عرضتُ لك. قلت: أراك ظريفًا، فدعني حتّى أمضي إلى حائطي فأبعثُ بِهَا إليك. قال: كلا، أردتَ أن توجِّه عَبيدك فيمسوكوني. قلتُ أحْلِفُ لَك. قال: لا روينا عن مالك قال: لا تَلْزَم الأَيْمَان التي يُحلف بها اللصوص. قلت: فأحلف أنّي لا أحتالُ في يميني. قال: هذه يمين مركّبة. قلتُ دع المناظرة، فواللهِ لأوَجِّهنّ بِهَا إليك طيّبةً بِهَا نفسي. فأطرَقَ ثُمَّ قال: تصفّحت أمر اللّصوص من عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى وقتنا، فلم أجد لصًّا أخذ بنسيئة، وأكره أن أبتدع في الإسلام بِدْعَة يكون عليّ وِزْرُهَا ووزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلى يوم القيامة، اخلعْ ثيابَك. فخلعتها، فأخذها وانصرف. وقال حرب الكرْمَانيّ: سألتُ أحمد بْن حنبل أيكون من أهل السنة، مَنْ قال: لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق. قال: لا، ولا كرامة. وقد بلغني عن ابن معذَّل الذي يقول بِهذا القول أنّه فتن النّاس من أهل البصرة كثير. وقال أبو قِلابة الرّقاشيّ: قال لي أحمد بْن حنبل: ما فعل ابن مُعَذَّل؟ قلتُ: هو على نحو ما بلغك. قال: أما إنّه لا يُفْلِحُ. وقال نصرُ بْن عليّ: قال الأصمعيّ، ومرّ به أحمد بْن مُعَذَّل فقال: لا تنتهي أو تفتق في الإسلام فتقًا. قلت: قد كان ابن المعذل من بُحُور العلم، لكنّه لم يطلب الحديث، ودخل في الكلام، ولِهذا توقّف في مسألة القرآن، رحمه الله.

_ 1 أي شيء عجيب.

26- أحمد بْن نصر بْن مالك بْن الهيثم بْن عوف بْن وهْب1 أبو عبد الله الخُزَاعيّ المَرْوَزِيّ البغداديّ الشهيد. كان جدّه مالك بْن الهيثم أحد نُقباء بني العبّاس في ابتداء الدولة السّفّاحية. وهو من ذُرّية عمرو بْن لحي بْن قَمْعَة بْن خنْدَف، وإليه جماع خُزَاعة، ويُقال لَهم بنو كعب. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ عَمْرَو بن لحي يجر قصبه فِي النَّارِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ بَحَّرَ الْبَحِيرَةَ، وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ، وَغَيَّرَ دِينَ إِسْمَاعِيلَ" 2. وكان أحمد بن نصر شيخًا جليلًا، أمّارًا بالمعروف، قوّالًا بالحق، من أولاد الأمراء. سمع من: مالك، وحمّاد بْن زيد، وهُشَيْم، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة. وروي اليسير عنه: أحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وابنه عبد اللَّه بْن الدَّورقيّ، ومعاوية بْن صالح الأشعريّ الحافظ، ومحمد بن يوسف الطّبّاع، وجماعة. وروى أبو داود في المسائل عنه. وقال إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يترحّم عليه ويقول: ختم اللَّه له بالشهادة. قلتُ: فكتبت عنه؟ قال: نعم، كان عنده مصنّفات هُشَيم كلها، وعن مالك أحاديث كبار. ثُمَّ قال ابن معين: كان أحمد يقول: ما دخلَ عليه أحدٌ يَصْدُقُه، يعني الخليفة سواه. ثُمَّ قال يَحْيَى بْن مَعِينٍ: ما كان يحدّث يقول: لست موضع ذلك. وقال الصولي: وكان أحمد بْن نصر من أهل الحديث، وكان هو وسهل بْن سلامة حين كان المأمون بخُراسان بايَعَا النّاس على الأمر بالمعروف والنَّهْيِ عن الْمُنْكَر، إلى أن قَدِمَ المأمون بغداد، فَرَفَق بسهل حتّى لبس السَّواد، وأخذ الأرزاق، ولزِمَ أحمد بيته. ثُمَّ إنّ أَمْرَهُ تحرّك ببغداد في آخر أيّام الواثق، واجتمعَ إليه خلقُ يأمرونَ بالمعروف، إلى أن ملكوا بغداد. وتعدّى رجلان من أصحابه مُوسِرَيْن، فبذلا مالًا وعزما على الوثوب ببغداد في شعبان سنة إحدى وثلاثين، فنُمَّ الخبر إلى إسحاق بْن إبراهيم، فأخذ جماعة منهم، فيهم أحمد بْن نصر وصاحباهُ، فقيّدهما. ووجد في منزل أحدهما أعلامًا. وضرب خادمًا لأحمد، فأقرَّ أنّ هؤلاء كانوا

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 79"، والثقات لابن حبان "8/ 14"، وتاريخ الطبري "9/ 315"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 173". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4623"، ومسلم "2856"، وأحمد "2/ 275، 366".

يصيرون إليه ليلًا فيعرّفونه ما عملوا، فحملهم إسحاق مقيّدين إلى سامرّاء فجلس لَهم الواثق، وقال لأحمد: دع ما أخذت له. اتقول في القرآن؟ قال: كلامُ اللَّه. قال: أَمَخْلُوق هو؟ قال: كلامُ اللَّه قال: أَفَتَرى ربَّك في القيامة؟ قال: كذا جاءت الرواية. قال: ويْحَكَ يُرى كما يُرى المحدود المتجسِّم، ويحويه مكان، ويحصره النّاظر؟ أنا كفرت بربٍّ هذه صفته، ما تقولون فيه؟ فقال عبد الرحمن بْن إسحاق، وكان قاضيًا على الجانب الغربيّ، فعُزِلَ: هو حَلال الدَّم. وقال جماعة من الفقهاء كقوله، فأظهر ابن أبي دؤاد أنه كان كاره لقَتْلَه، وقال: يا أمير المؤمنين شيخ مختَلٌّ، لعلّ به عاهة، أو تغيّر عقله، يؤخَّر أمره ويُستتاب. فقال الواثق: ما أراهُ إلا مؤدّيًا لكُفْره، قائمًا بِما يعتقده منه. ثُمَّ دعا بالصَّمصامة وقال: إذا قمت إليه لا يقومنَّ أحدٌ معي، فإنِّي أحتسبُ خُطاي إلى هذا الكافر الذي يعبُدُ ربًّا لا نعبده ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بِهَا. ثُمَّ أمر بالنّطْع1، فأُجْلِسَ عليه وهو مُقيّد، وأمرَ بشدّ رأسه بحبل، وأمرهم أن يمدّوه، ومشى إليه فضرب عُنُقه، وأمر بِحمل رأسه إلى بغداد، فنُصِبَتْ بالجانب الشرقيّ أيامًا، وفي الجانب الغربي أيّامًا، وتتبّع رؤساء أصحابه فسُجنوا. وقال الْحَسَن بْن محمد الحَرْبيّ: سمعتُ جعفر بْن محمد الصّائغ يقول: رأيتُ أحمد بْن نصر حيث ضُربت عنقه قال رأسه: لا إله إلا اللَّه. قال المَرْوَزِيّ: سمعت أبا عبد اللَّه وذكر أحمد بْن نصر فقال: رحمه اللَّه، ما كان أسخاه، لقد جاد بنفسه. وقال الحاكم عن القاسم بْن القاسم السَّيَّاريّ، عن شيخ له، هو رئيس مَرْو أبو العبّاس أحمد بْن سعيد بْن مسعود الْمَرْوَزِيّ قال: هذه نسخة الورقة المعلَّقة في أُذُن أحمد بْن نصر: هذا رأس أحمد نصر بْن مالك، دعاهُ عبد اللَّه الإمام إلى هارون إلى القول بخلق القرآن ونفي التَّشبيه، فأبى إلا الْمُعَانَدة، فعجّله اللَّه إلى ناره. وكتب محمد بْن عبد اللَّه: وقيل إنّ الواثق حنق عليه لأنّه ذكر للواثق حديثًا فقال له الواثق: تكذب.

_ 1 أي بساط من جلد.

فقال: بل أنت تكذب. وقيل إنه قال له: يا صبي. وقيل إنه كان يقول عن الواثق إذا خلا: فعل هذا الخنزير. وقال: هذا الكافر. وبلغ ذلك للواثق، وخاف أيضًا من خروجه، فقتله بحجّة خلْق القرآن، ليومين بقيا من شعبان. وكان شيخًا أبيض الرأس واللّحية، وكان في سنة إحدى وثلاثين. قال أحمد بْن كامل القاضي أخبرني أبي أنّه رآه، وأخبرني أنّه وُكّل بالرأس من يحفظه، وأن الموكل به ذكر أنه يراه في الليل يستدبر إلى القبلة بوجهه، فيقرأ سورة ياسين بلسانٍ طَلِق. وأنّه لَمَّا أخبر بذلك طُلِبَ فخاف وهرب. قلتُ: هذه حكاية لا يصح إسنادها. وَرُوِيَ نحوها بإسنادٍ فيه عثمان بْن محمد العثماني، وهو ثقة. وقال أبو العباس السَّرّاج: سمعتُ يعقوب بْن يوسف المطوّعيّ، وهو ثقة، يقول: لمّا جيء بالرأس نصبوهُ على الْجِسْر، فكانت الرّيحُ تُديره قِبَلَ القِبْلة، فأقعدوا له رجلًا معه قصب أو رُمح، فكان إذا دار نحو القبلة أداره إلى خلاف القِبلة. وقال السّرّاج: سمعتُ خَلَف بْن سالِم يقول بعدما قُتِلَ أحمد بْن نصر وقيل له: ألا تسمع ما النّاس فيه يا أبا محمد يقولون: إنّ رأس أحمد بْن نصر يقرأ؟ قال: كان رأس يحيى بْن زكريّا يقرأ. وقال السّرّاج: سمعتُ عبد اللَّه بْن محمد يقول: ثنا إبراهيم بْن الحَسَن قال: رأى بعضُ أصحابنا أحمد بْن نصر في النَّوم فقال: ما فعل بك ربك؟ قلتُ: ما كانت إلا غفوة حتّى لقيتُ اللَّه، فضَحِكَ إليَّ. وقال رجلُ اسمه محمد بْن عُبَيْد: رأيتُ أحمد بْن نصر، فقلتُ: ما صنع اللَّهُ بِكَ؟ قال: غضبتُ له فأباحني النّظر إلى وجهه. قال الخطيبُ: لَم يزل الرأس منصوبًا ببغداد، والجسد مصلوبًا "بسُرَّ من رأى"1 ستّ سنين، إلى أن أُنزِلَ وجُمِع، فدُفن بالجانب الشرقيّ. وقال غيره: دُفِن في شوال سنة سبع وثلاثين ومائتين -رضي اللَّه عنه. 27- أحمد بْن أبي نافع المُرّيّ الموْصليّ2 عن المعافى بن عمران، وعفيف بن سالم. وعنه: أبو عبد الله الدّعّاء. تُوُفِّيَ سنة خمس وثلاثين. وهّاه أبو يَعْلَى المَوْصِليُّ. له مناكير. وروى عنه عليّ بْن الحسين بْن الْجُنَيْد. كنيته أبو سلمة.

_ 1 بلدة بالعراق. 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 79"، والثقات لابن حبان "8/ 17"، والكامل لابن عدي "1/ 173"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 160".

28- أحمد بْن أبي أحمد الْجُرْجانّي1. نزيل أطْرَابُلُس الشام. حدَّث عن إسماعيل بْن عُلَيَّه، وشَبّابة بْن سَوّار، وعنه: هَنبل بْن محمد الحمصيّ، ومحمد بْن عَوْف الطّائيّ الحافظ، ومحمد بْن يزيد بْن عبد الصّمد، وآخرون. وقيل: اسم أبيه محمد. وكنيته أبو محمد. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ، أَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ محمد حُضُورًا فِي الرَّابِعَةِ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الْفَقِيهُ سنة سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى السِّمْسَارُ، أَنَا مُظَفَّرُ بْنُ حَاجِبٍ الْفَرْغَانِيُّ، ثنا محمد بْنُ يَزِيدَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ، ثنا محمد بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ أَنَا صَدَقَةُ الدَّقِيقِيُّ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: "وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تقليم الأظافر، وَقَصِّ الشَّارِبِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، أَرْبَعِينَ يَوْمًا"2. 29- إبراهيم بْن أيّوب الحَوْرانيّ الزّاهد3 روى عن الوليد بْن مسلم، وحمزة بْن ربيعة، وسُوَيد بْن عبد العزيز، وأبي سلمان الداراني، وغيرهم. وعنه: يعقوب الفَسَويّ، وأحمد بْن عليّ الأبّار، وأحمد بْن زبّان الكِنْديّ، وغيرهم. تُوُفّي في أحد الربيعين من سنة ثمان وثلاثين، وما أعلم فيه جرحًا. قال أحمد بْن عليّ الأبّار الحافظ: ثنا محمد بْن مقاتل الصَّيْرفيّ، ثنا إبراهيم بْن أيّوب الحَوْرانيّ قال: كان على حمص قاضٍ طويل اللّحية كنيته أبو العشْق، وكان نَقْش خاتمه ثَبت الحبّ ودام، وعلى اللَّه التَّمام. قال ابن أبي حاتِم: كان إبراهيم بْن أيّوب من العُبّاد، رَحِمَهُ اللَّه. 30- إبراهيم بْن بشار الخراساني الصوفي4 صاحب إبراهيم ابن أدهم، طال عُمره وبقي إلى بعد الثلاثين روى عن إبراهيم بْن أدهم وحمّاد بْن زيد، والفضيل بن غياض. روى عنه: أحمد بن أحمد بْن عوْن البُزُوريّ، وإبراهيم بْن نصر المنصوريّ، وأبو العبَاس السّرّاج. وذكره ابن حِبّان في الثقات. قال الدارقطني: تأخرت وفاته.

_ 1 انظر الكامل لابن عدي "1/ 175، 176"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 152"، ولسان الميزان "1/ 300". 2 "حديث صحيح": أخرجه ومسلم "258"، والنسائي "1/ 15، 16"، والترمذي "2907"، وابن ماجه "295"، وأحمد "2/ 122، 503". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 88"، والإكمال "3/ 25". 4 انظر الثقات لابن حبان "8/ 7"، وحلية الأولياء لأبي نعيم "7/ 368"، وتاريخ بغداد "6/ 47"، وصفة الصفوة "4/ 127-129".

31- إبراهيم بْن الحَجّاج بْن زيد السّاميّ النّاجيّ1 -ن- أبو إسحاق البصري. عن: أبان بن يزيد العطار، وحماد بن سَلَمَةَ، وعبد العزيز بْن المختار، ووُهَيْب بْن خالد، ومُزَاحم بْن العوّام بْن مزاحم، وجماعة. وعنه: ن بواسطة، وإبراهيم بْن هاشم البَغَويّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ بن سعيد القاضي، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يَعْلَى، وجعفر الفِرْيابيّ، والحَسَن بْن سُفْيان، وعثمان بن خرزاد، ومحمد بْن عَبْدة بْن حرب، ومحمد بْن محمد الْجُذُوعيّ القاضي، وموسى بْن هارون وآخرون. وثقه ابن حبان وقال: مات سنة إحدى وثلاثين وقال موسى بْن هارون: سنة ثلاث وثلاثين وهو الصحيح. وقع لي من عواليه. قال موسى: سألتُه عَنْ مولده فَقَالَ: سنة ستٍّ وأربعين ومائة. 32- إبراهيم بن الحجاج2 -ن- أبو إسحاق النيلي البصري. والنيل مدينة بين واسط والكوفة. عن حمّاد بْن زيد، وأبي عَوَانَة، وسلام بْن أبي مطيع، وغيرهم. وعنه: ن. بواسطة، وأبو يَعْلَى، وأحمد بْن عليّ بْن سعيد القاضي، والحَسَن بْن سفيان، وغيرهم. ذكره ابن حِبان أيضًا في الثّقات. وقال ابن قانع: مات بالبصرة سنة اثنتين وثلاثين. روى له ن. حديثًا في الأشربة. 33- إبراهيم بْن الحسن بْن نَجيح الباهلي المقريء البصْريّ3. التبّان العلاف. عن حمّاد بْن زيد، ويونس بْن حبيب. وقرأ على: سلام بْن سليمان الطّويل. وعنه: أبو حاتم وأبو زُرْعة وأبو حاتم السّجستانيّ وعبد اللَّه بْن أحمد بن حنبل قال أبو حاتم: شيخ ثقة بصير بالقرآن. وقال محمد بْن جرير: مات سنة خمس وثلاثين ومائتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 93"، والثقات لابن حبان "8/ 78"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 69-71" وسير أعلام النبلاء "/ 11/ 39، 40". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 80"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 71، 72"، وتهذيب التهذيب للحافظ "1/ 114". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 92"، والثقات لابن حبان "8/ 78"، وتهذيب التهذيب "1/ 115".

24- إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان1 -د. ق. أبو ثور الكلبي البغدادي، الفقيه أحد الأعلام. وقيل كنيته أبو عبد الله، ولقبه أبو ثور. عن: ابن عُيَيْنَة، وابن عُلَيَّة، وعُبَيْدة بْن حُمَيْد وأبي معاوية، وَوَكيع، ومُعاذ بْن مُعاذ، وعبد الرحمن بْن مهديّ، والشّافعيّ، ويزيد بْن هارون، وجماعة. وعنه: د. ق، ومسلم بْن الحجّاج خارج "الصحيح"، وأبو القاسم البغوي، والقاسم بن زكريا المطرز، ومحمد بن صالح بن ذَرِيح، ومحمد بن إسحاق السراج، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، وجماعة. قال عبد الرحمن بْن خاقان: سألتُ أحمد بْن حنبل عن أبي ثور فقال: لَم يبلغني إلا خيرًا إلا أنه لا يعجبني الكلام الذي يصيّرونه في كُتُبهم. وقال أبو بكر الأعْيَن: سألتُ أحمد بْن حنبل عنه فقال: أعرفُه بالسنة منذ خمسين سنة وهو عندي في مِسْلاخ سُفيان الثَّوْرِيّ. وقال غيره إنّ رَجُلًا سأل أحمد بْن حنبل عن مسألةٍ فقال: سَلْ غيرنا سَلِ الفقهاء سَلْ أبا ثور. وقال النّسائيّ هو أحد الفقهاء، ثقة مأمون. وقال ابن حِبّان: كان أحد أئمّة الدّنيا فِقْهًا وعِلمًا وورعًا وفضلًا وخيرًا، ممن صنّف الكُتُب، وفرَّع على السُّنَن، وذبَّ عنها، وقمع مخاليفها. وقال بدر بْن مجاهد: قال لي سُليمان الشاذكُونيّ: اكتب رأي الشافعيّ، واخرج إلى أبي ثور فاكتب عنه، لا يفوتنَّك بنفسه. وقال أبو بكر الخطيب: كان أبو ثور أولًا يتفقّه بالرأي، ويذهب إلى قول أهل العراق، حتّى قدِمَ الشافعيّ بغداد، فاختلف إليه أبو ثور، ورجع عن الرأي إلى الحديث. وقال أبو حاتم: هو رجل يتكلم بالرأي فيخطيء ويُصيب، وليس محلّه محلّ المتّسعين في الحديث. وقال عبيد محمد بن عبد البزّار صاحبه: تُوُفّي أبو ثور في صفر سنة أربعين ومائتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 97"، والتاريخ الصغير للبخاري "233"، والثقات لابن حبان "8/ 74"، وتاريخ بغداد للخطيب "6/ 65-69".

35- إبراهيم بن دينار1 -م - أبو إسحاق التمار، بغداديُّ ثقة. سمع: هُشَيْمًا، ومُعْتَمرًا، وابن عُيَيْنَة، وابن عَلَيْهِ، وزياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ، وروح بن عبادة. وعنه: م، وأحمد بْن أبي عَوْف البزوريّ، وأبو زُرْعة الرازيّ، وتَمْتَام، وعبد الله بن أحمد، وأبو يعلى الموصلي، وجماعة. تُوُفّي سنة اثنتين وثلاثين. 36- إبراهيم بْن العلاء بن الضحاك بن المهاجر2 -د- أبو إسحاق الزبيدي الحمصي، زِبْرِيق، والد إسحاق، ومحمد. سمع: إسماعيل بْن عيّاش، وبقيّة، والوليد بْن مسلم، وثَوَابة بْن عَوْن الحمويّ، وجماعة. وعنه: د، وأحمد بْن عليّ الأبّار، وبَقيّ بْن مَخْلَد، وجعفر الفِرْيابيّ، وحفيده عمرو بن إسحاق بن زبريق ومحمد بن جعفر بن يحيى بن رزين الحمصي وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن رَزِين: تُوُفّي سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين. 37- إبراهيم بْن محمد بْن سليمان الشّاميّ3 مجهول، لم يروِ عنه غير محمد بْن الفيض الغسَّانيّ، وذكر أنّه تُوُفّي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. قال أبو أحمد الحاكم: نا ابن الفيض، نا أبو إسحاق إبراهيم بْن محمد بْن سليمان بْن بلاد بْن أبي الدَّرْداء: حدَّثَنِي أبي، عن أبيه سُليمان، عن أمّ الدَّرْدَاء، عَنْ أبي الدَّرْدَاء قَالَ: لَمّا دخلَ عمر الشام سألهُ بلال أن يقرَّه به، ففعل ونزل داريًّا. ثُمَّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يقول له: "ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني؟ "، فانتبه حزينًا وركبَ راحلته وقصد المدينة، فأتى قبر النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فجعل يبكي عنده ويمرّغ وجهه عليه. فأقبلَ الحَسَن والحسين، فضمّهما وقبّلهما، فقالا: نشتهي أن نسْمع أذانك. ففعل، وعلا سطح المسجد، ووقَفَ موقفه الذي كان يقفُ فيه، فلمّا أن قال:

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 98"، والثقات لابن حبان "8/ 82"، وتاريخ بغداد للخطيب "6/ 70"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 84، 85". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 121"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 307"، والثقات لابن حبان "8/ 71"، والكامل لابن عدي "6/ 2290". 3 انظر تهذيب تاريخ دمشق "2/ 259".

اللَّه أكبر اللَّه أكبر ارتجّت المدينة. فلمّا أن قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ازدادت رجّتها، فلمّا أن قال: أشهدُ أنّ محمدا رسول اللَّه. خرج العواتق من خدورهن، وقبل: بُعث رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فما رُؤي يوم أكثر باكيًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ ذلك اليوم. إسناده جيّد ما فيه ضعيف، لكنّ إبراهيم مجهول. 38- إبراهيم بْن محمد بْن العبّاس بن عثمان بن شافع1 بن السائب بن عبيد بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ بْنِ كِلابٍ -ن. ق. - أبو إسحاق القرشي المطلبي ابن عم الشّافعيّ، المكّيّ. سمع: أباه، وفُضَيْل بْن عِياض، وجده لأمّه محمد بْن عليّ بْن شافع، والمنكدر بْن محمد بْن المنكدر، وحمّاد بْن زيد، وعبد العزيز بْن أبي حازم، وابن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: ق. ون. بواسطة، وأحمد بْن سيّار المَرْوَزِيّ، وأبو بكر بْن أبي عاصم، وبَقيّ بن مَخْلد، ومُطَيَّن. وثّقة النّسائيّ، وغيره. ومات سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومائتين. 39- إبراهيم بن محمد بن خازم2 -د- مولى بني سعْد، أبو إسحاق ولد أبي معاوية الضرير الكوفي عنه أبيه، وأبي بكر بْن عيّاش، ويحيى بْن عبس الرمليّ. وعنه: د. وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وعُبَيْد بْن عثَّام، ومحمد بْن عثمان بْن أبي شَيْبَة، ومطين، والحسن بن سفيان، وجماعة. قال أبو زُرْعَة: صدوق صاحب سنة، مات سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 40- إبراهيم بْن محمد البَخْتَرِيّ أبو إسحاق المَوْصِليّ. عن: شريك، وأبي عَوَانَة، وحمّاد بْن زيد. وعنه: إبراهيم بن الهيثم الزهيري، وأبو نصر الخفاف، وغيرهما، توفي سنة ست أيضا. 41- إبراهيم بن محمد بن عرعرة3 بن البرند بن النعمان بن علجة بن الأقنع بن كزمان بن الحارث بن حارثة بن مالك بن سعد بن عبيدة بن الحارث بن سامة بن

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 129"، والثقات لابن حبان "8/ 73"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 175، 176". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 130"، والثقات لابن حبان "8/ 77"، ويهذيب الكمال للمزي "2/ 171". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "8/ 309"، والجرح والتعديل "2/ 130"، والثقات لابن حبان "8/ 77"، والمجروحين له "2/ 134، 135"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 182".

لؤي بن غالب -م- أبو إسحاق القرشي السامي البصري، نزيل بغداد. عن: جعفر بْن سليمان الضُّبَعيّ، وحَرَميّ بْن عُمارة، والخليل بْن أحمد المُزَنيّ، وعبد الرحمن بْن مهديّ، ويحيى القّطان، وعبد الرَّزَّاق، وعبد الوهّاب الثّقفيّ، وجدّه عَرْعرَة، وغُنْدَر، وطائفة. وعنه: م، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وأبو يعلى، وأحمد بن الحسن الصوفي، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. قال محمد بْن عُبيد اللَّه: كنتُ عند أحمد بْن حنبل، فقيل له: إنَّهم يكتبون عن إبراهيم بْن عَرْعَرة، فقال: أُفٍّ، لا يُبالونَ عمّن يكتبون. وروى الأثرم، عن أحمد أنّه غمز ابن عرعرة. وقال علي بن الحسن بن حبان: وجدت بخط أبي: قلتُ لابن مَعِين: ابنُ عَرْعَرَة؟ فقال: ثقة معروف بالحديث مشهور بالطلب، كيس الكتاب، ولكنه يُفسد نفسه. يدخل في كل شيء. وقال ابن عديّ: ثنا القاسم بْن صَفْوان البرذعيّ قال: قال لنا عثمان بْن خُرَّزاذ: أحفظ من رأيتُ أربعة، فذكر إبراهيم بْن عَرْعَرَة منهم. قال موسى بْن هارون: مات لسبْعٍ بقين من رمضان سنة إحدى وثلاثين. 42- إبراهيم بْن مَخْلَد الّطالْقانيّ1 -د- عن: رشدان بْن سعْد، وابن المبارك، وعبد الرحمن بْن مَغْراء، وأبي بكر بْن عيّاش، وجماعة. وعنه: د.، وأبو الزِّنْباع المصريّ، ومحمد بْن منصور الطُّوسيّ. 43- إبراهيم بن الْمُنْذِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المنذر بن المغيرة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ حِزَامِ بن خويلد بن أسد -خ. ت. س. ق. أبو إسحاق الأسدي المدني المعروف بالحزامي. وخالد هو أخو حكيم بْن حِزام. كان إبراهيم بن منذر من أئمّة الحديث بالمدينة. روى عن: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، وابن وهْب، ومعن بن عيسى، وابن أبي فديك، وأبي ضمرة، والوليد بن مسلم، وخلق كثير. وعنه: خ. ق وت. س. بواسطة، وأحمد بْن إبراهيم البُسْريّ، وثعلب

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 68"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 186، 197".

النَّحْوي، وبَقِيّ بْن مَخْلد، وابن أبي الدُّنيا، وأبو جعفر محمد بْن أحمد التَّرْمِذيّ، ومحمد بْن إبراهيم البوشّنْجيّ، ومُطَّين، ومَسْعَدَة بْن سعد العطّار، وخلْق. قال صالح جَزَرَةَ: صدوق. وكذا قال أبو حاتم. وقال عثمان الدرامي: رأيتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ كتب عن إبراهيم بْن المنذر أحاديث ابن وهْب ظننتها "المغازي" وقال عَبْدَان بْن أحمد الهمْدَانيّ سمعتُ أبا حاتم يقول: إبراهيم بْن المنذر أَعْرَف بالحديث من إبراهيم بْن حمزة، إلا أنّه خلط في القرآن. جاء إلى أحمد بْن حنبل فاستأذنَ عليه، فلم يأذن له وجلس حتّى خرج فسلم عليه، فلم يرد السلام عليه. وقال الأثرم: سمعتُ أبا عبد اللَّه يقول: أيّ شيء يبلغني عن الحِزاميّ؟ لقد جاءني بعد قدومه من العسكر، فلمّا رأيته أخذتني -أخبِرك- الحَمِيَّة، فقلتُ: ما جاء بِكَ إليّ؟ قالَها أبو عبد الله بانتهار. قال: فخرج فلقي أبا يوسف، يعني عمّه، فجعل يَعْتَذِر. قال يعقوب الْفَسَوِيُّ: مات في المحرَّم سنة ست وثلاثين. وقيل: حفظ عن مالك مسألة. 44- إبراهيم بْن موسى الوَرْدُوليّ1. الفقيه، شيخ أصحاب الرأي. رحل وطلب العلم؛ وسمع من: فُضَيْل بْن عِيَاض، ومُعْتَمَر بْن سليمان، وعبد اللَّه بْن المبارك، وسُفْيان، وجماعة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن المهلَّبيّ، وأحمد بْن حفص السَّعْديّ، وغيرهما. 45- إبراهيم بْن مهران2. أبو إسحاق المَروَزِيّ. حدّث ببغداد عن اللَّيْث بْن سعْد، وشَرِيك، وابن لَهِيعَة. وعنه: عبد الله بن أحمد بن حنبل، وموسى بن هارون، وعمر بن حفص السدوسي. 46- إبراهيم بن أبي الليث نصر3.

_ 1 انظر الضعفاء لابن عدي "1/ 270، 271"، وميزان الاعتدال "1/ 68". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 82". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 141"، والكامل لابن عدي "1/ 217"، وتاريخ بغداد للخطيب "6/ 191-196".

أبو إسحاق، بغدادي ضعيف. روى عن: فَرَج بْن فَضَالَةَ، وعُبَيْد اللَّه الأشجعيّ، وعنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله، وأبو يعلى الموصلي، وغيرهم. وقال ابن عديّ: أرجو أنّه لا بأس به. قال أبو حاتِم: كان ابن مَعين يحمل عليه، والقواريريّ أحبّ إليّ منه. وقال الخطيب: هو تِرْمِذِيّ الأصل، يروي أيضًا عن: شَرِيك، وهُشْيَم. وعنه ابن المديني، وإبراهيم بن هانيء. وقال أبو حاتِم: كان أحمد يُجمل القول فيه. قلتُ: ثُمَّ توقّف عليٌّ في الرواية عنه. وقال أبو داود: سمعتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يقول: أفْسَد نفسه في خمسة أحاديث عنده، لو كانت في الجبل لكان ينبغي أن يُرحل فيها. ثُمَّ قال أبو داود صدوق. وَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْن أَحْمَدَ الدَّوْرَقيّ: كُنَّا نختلف إلى إبراهيم بْن نصر بْن أبي اللّيث سنة ستّ عشرة ومائتين أنا، وأبي، وابنُ معين، ومحمد بْن نوح، وأحمد بْن حنبل، في غير مجلس، نسمعُ منه تفسير الأشجعي، فكان يقرأ علينا من صحيفة كبيرة. فأوّل ما فطن له أبي أنّه كذّاب، فقال له أبي: يا أبا إسحاق هذه الصّحيفة كأنّها أصل الأشجعيّ؟ فقال له: نعم، كانت له نسختان، فوهبَ لي نسخة. فسكت أبي، فلمّا خرجنا قال أبي: يا بنى، يذهب عَناؤنا إلى هذا الشيخ باطلًا. الأشجعيّ كان رجلًا فقيرًا، وكان يوصَل، وقد رأيناهُ وسمعنا منه. من أينَ كان يمكنه أن تكون له نسختان؟ فلا تقُلْ شيئًا، وسكت. وَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ مَسْتُورًا حَتَّى حَدَّثَ بِحَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ فِي الرُّؤْيَةِ، وَأَقْبَلَ يَتَّبِعُ كُلَّ حَدِيثٍ فِيهِ رُؤْيَةٌ يَدَّعِيهِ. فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ مَعِينٍ لِكَثْرَةِ مَا ادَّعَى. وَحَدَّث بِحَدِيثِ عَوْنِ بْنِ مَالِكٍ: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِثَلَاثِمَائَةِ لِسَانٍ"1. فَقَالَ يَحْيَى: هَذَا الْحَدِيثُ أُنْكِرَ عَلَى نُعَيْمٍ الْفَارِضِ، مِنْ أَيْنَ سَمِعَ هَذَا مِنَ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ؟ فَجَاءَ رَجُلٌ خُرَاسَانِيٌّ فَقَالَ: أَنَا دَفَعْتُهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي اللَّيْثِ فِي رُقْعَةِ تِلْكَ الْجُمُعَةِ. فقال ابن مَعِين: لا تُسقِط حديث رجلٍ برجلٍ واحد. فلمّا كان بعد قليل حدَّث بأحاديث حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عن وَكِيع بْن عُدُس عن عمّه أبي رزين: "أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ والأرض، وضحك ربنا". فحدّث بِهَا عن هُشَيْم، عن يَعْلَى. فقال يَحْيَى بْن مَعِينٍ: إبراهيم بْن أبي الليث كذّاب، سَرق الحديث. قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: سمعتُ يحيى يقول: صاحب الأشجعيّ كذّاب خبيث. تُوُفّي سنة أربعٍ وثلاثين. وقال يعقوب بْن شيبة: كان أصحابنا كتبوا

_ 1 انظر تاريخ بغداد "6/ 193، 194".

عن إبراهيم بْن أبي الليث، ثُمَّ تركوه لأنّه روى أحاديث موضوعة. وقد سمعتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يقول: هو يكذبُ في الحديث. وقال الفلاس: كان يكذب. وكذا قال جَزَرَة. 47- إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى1. أبو إسحاق الغساني الدمشقي. عن: أبيه، ومعروف الخيّاط، وعبد اللَّه بْن عِياض الإسكندرانيّ، وسُوَيْد بْن عبد العزيز، وشُعيب بْن إسحاق. وقيل إنه روى عن سعيد بْن عبد العزيز. روى عنه: ابنه أبو حارثة أحمد، ويعقوب الفَسَويّ، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأحمد بْن عليّ الأبّار، وجعفر الفِرْيابيّ، والحَسَن بْن سُفْيان، ومحمد بن الحَسَن بن قتيبة العسقلاني، وطائفة وسواهم. وُلِدَ سنة خمسين ومائة. وهو صاحب حديث أبي ذرّ الطّويل. تفرَّد به، عن أبيه، عن جدّه. قال الّطبرانيّ: لم يروه عن يحيى إلا ولده، وهم ثقات. وذكره ابن حبان في الثقات. وخرج حديثه الطّويل وصحّحه. وأمّا ابن أبي حاتِم فقال: قلتُ لأبي: لِمَ لا تحدّث عن إبراهيم بْن هشام الغسّانيّ؟ فقال: ذهبتُ إلى قريته، فأخرج إلي كتابًا، رغم أنّه سمعه من سعيد بْن عبد العزيز، فنظرتُ فيه فإذا فيه أحاديث ضَمْرة، عن ابن شَوْذب، ورجاء بْن أبي سَلَمَةَ. فنظرتُ إلى حديثه فاستحسنْتُه من حديث اللّيث بْن سعد، عن عَقيل، فقلتُ له: أذكر هذا. فقال: ثنا سعيد بْن عبد العزيز، عن ليث بْن سعد، عن عَقِيل، بالكسر. ورأيتُ في كتابه أحاديث عن سُوَيْد بْن عبد العزيز، عن مُغيرة، فقلتُ: هذه أحاديث سُوَيْد، فقال: ثنا سعيد بْن عبد العزيز، عن سُوَيْد. وأظُنُّه لَم يطلب العلم وهو كذّاب. قال عبدُ الرحمن: فذكرتُ لعليّ بْن الحسين بْن الْجُنَيْد بعضَ هذا الكلام عن أبي، قال: صدق أبو حاتِم، ينبغي أن لا تحدَّث عنه. قال محمد بْن الفَيْض: مات سنة ثمان وثلاثين. قال ابن الجوزي: قال أبو زرعة: كذاب.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 142، 143"، والثقات لابن حبان "8/ 79"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 72، 73".

48- إبراهيم بْن يوسف بْن ميمون بْن قُدامة1 -ن- وقيل ابن رَزِين. أبو إسحاق الباهليّ البلْخيّ المعروف بالماكياني. وماكيان من قرى بَلْخ، وهو أخو عصام، ومحمد. عن: حماد بْن زيد، وأبي الأحوص، وخالد الطّحّان، ومالك، وشريك، وإسماعيل بن جعفر، وإسماعيل بن عياش، وهشيم، وطائفة. وعنه: ن، ومحمد بن كرام بن شيخ الكرّاميّة، وحامد بْن سهل البخاريّ، وجعفر بْن سوّار الحافظ، ومحمد بْن قُدامة البْلخيّ، وزكريّا السِّجْزيّ خيّاط السنة، ومحمد بْن محمد الصِّدِّيق البلْخيّ، وخلْق سواهم. وثقه النَّسائيّ، وابن حِبّان. وقال ابن حِبّان: كان ظاهر مذهبه الإرجاء، واعتقاده في الباطن السنة سمعتُ أحمد بْن محمد: سمعتُ محمد بْن داود الفُوعيّ يقول: حلفتُ أنِّي لا أكتبُ إلا عمّن يقول: الإيمان قولٌ وعملٌ. فأتيت إبراهيم بن يوسف فأخبرته، فقال: اكتب عني، فإني أقول: الإيمان قول وعمل. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتِم فِي كتاب "الرّدِّ على الْجَهْمِيَّة": حدثني عيسى بن بنت إبراهيم بن طهمان قال: كان إبراهيم بْن يوسف شيخًا جليلًا من أصحاب الرأي، طلب الحديث بعد أن تفقّه في مذهبهم، فأدركَ ابن عُيَيْنَةَ، ووَكِيعًا. فسمعتُ محمد بْن محمد الصِّدِّيق يقول: سمعتُه يَقُولُ: القرآن كلامُ اللَّه، ومن قَالَ مخلوق فهو كافر، بانت منه امرأته. ومَنْ وَقَفَ فهوَ جَهْمِيّ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ: رَوَى عن مالك، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ". وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ حَضَرَ لِيَسْمَعَ مِنْهُ وقُتَيْبَةُ حَاضِرٌ، فَقَالَ لِمَالِكٍ: إِنَّ هَذَا يَرَى الإِرْجَاءَ. فأَمَر أن يُقام من المجلس، ولَم يسمع منه غير هذا الحديث. ووقع له بِهذا مع قُتَيْبَة عداوة، فأخرجه من بلْخ، فنزل قرية بَغْلان. قلتُ: وكان إبراهيم بْن يوسف شيخ بَلْخ وعالمها في زمانه. مات لأربع بقين من جُمادى الأولى سنة تسع وثلاثين. 49- إدريس بْن سُليمان بْن يحيى بْن أبي حفصة2 يزيد مولى مروان بْن الحَكَم اليَمَاميّ الشّاعر، أخو مَروان بْن أبي حَفْصَة. شاعر مُفْلِق بديع القول. فضّله بعضهم على أخيه. وقد عاش بعد أخيه دهرًا طويلًا. مدح الواثق، والمتوكل، وآل طاهر.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 148"، والثقات لابن حبان "8/ 76"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 251-255"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 76". 2 انظر الوافي بالوفيات "8/ 315"، وديوان المعاني "1/ 63".

روى عنه: أحمد بن أبي خثيمة، ويحيى بْن عليّ المنجّم. وكان الواثق يقول: ما مدحني شاعرٌ بِمثل ما مدحني به إدريس. وكان أعور، ويُكنَّى أبا سليمان. قال أبو هفان هو من مروان. وأنشد المبرّد لإدريس من قصيدة: يقولُ أُنَاسٌ إنّ مصرَ بَعيدةٌ ... ومَا بعُدت مصْرُ وفيها ابنُ طاهرِ وأبعدُ من مصرَ رجالٌ نَعُدّهم ... بحضرتنا معروفُهُمْ غيرُ حاضرِ عن الخير مَوْتَى، ما تُبالي إنْ زُرْتَهم ... على طمع، أم زرت أهلَ المقابرِ 50- أزداد بْن جميل بْن السّبَّال1 عن: إسرائيل، وأبي جعفر الرازيّ، ومالك. وعنه: علي بن الحسين بن حبان، عبد الله بن إسحاق المدائني، وابن ناجية، وعمر بن أيوب السقطي. ذكره الخطيب هكذا ولم يتكلم فيه. 51- إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن عبد الله بن مطر2 بن عبيد الله بن غالب بن وارث بن عبيد الله بن مرة بن كعب بن همام بن أسد بن مرة بن عمرو بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم -ع. إلا ق. أنبأني بنسبه هذا أبو الغنايم القَيْسِيّ: أَنَا أَبُو اليُمْن الكِنْدِيّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ، أنا الخطيب أبو بكر: حدَّثَنِي أبو الخطّاب العلاء بْن أبي المغيرة بْن أحمد، عن ابن عمّه أبي محمد عليّ بْن أَحْمَد بْن سعيد بْن حزْم قال: إسحاق بْن راهَويَه هو إسحاق بْن إبراهيم، فذكره. قلت: هو أحد الأئمّة الأعلام المتبوعين، أبو يعقوب التميميّ الحنظليّ المَرْوَزِيّ الإمام، نزيل نَيْسابور وعالمها. ولد سنة إحدى وستين ومائة. وسمع من عبد اللَّه بْن المبارك سنة بضْعٍ وسبعين، فترك الرواية عنه لكونه لم يتُقن الأخذ عنه كما يجب. وارْتَحلَ في طلب العلم سنة أربعٍ وثمانين. قال عليّ بْن إسحاق بْن رَاهَوَيْه، فيما رواهُ عنه عثمان بْن جعفرَ اللّبّان: وُلِدَ أبي من بطن أمّه مثقوبَ الأُذُنَيْن، فمضى جدّي راهَوَيْه إلى الفضل بْن موسى، فسأله عن ذلك، فقال: يكون ابنك رأسًا إمّا في الخير، وإما في الشر.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 48، 49"، والإكمال "5/ 30". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 209"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 379"، والثقات لابن حبان "8/ 115"، وتاريخ بغداد للخطيب "6/ 345-355".

وقال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: قال لي عبد اللَّه بْن طاهر: لِمَ قيل لك ابن رَاهَوَيه؟ وما معنى هذا؟ وهل تكره أن يُقال لك هذا؟ قلتُ إنّ أبي وُلِدَ في طريق مكّة، فقالت المَرَاوِزَة: رَاهَوَيْه، بأنّه وُلِدَ في الطريق. وكان أبي يكره هذا، وأما أنا فلستُ أكرهه. سمع إسحاقُ قبل الرحلة من: ابن المبارك، والفضل السِّينانيّ، وأبي تُمَيْلَة، ويحيى بْن واضح، وعمر بْن هارون، والنَّضْر بْن شُمَيْلٍ. وفي الرحلة من: جرير بْن عبد المجيد، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد العزيز الدَّارَقُطْنيّ، وفُضَيْل بْن عِياض، ومُعْتَمر بْن سُليْمَان، وعيسى بْن يونس، وعبد العزيز بْن عبد الصّمد العَمّيّ، وابن عُلَيّة، وأسباط بْن محمد، وبقيّة بْن الوليد، وحاتِم بْن إسماعيل، وحفص بْن غِياث، وأبي خالد الأحمر سُليمان بْن حيّان، وشُعيب بْن إسحاق، وعبدُ اللَّه بْن إدريس، وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعبدُ الرَّحْمَن بْن مهديّ، وعبد الرزّاق، وعبد الوهاب الثّقفيّ، وعتّاب بْن بشير الْجَنَدِيّ، وأبي معاوية، وغُنْدُر، وابن فُضَيْل، والوليد بْن مسلم، وأبي بكر بْن عيّاش، وخَلْقٍ سِوَاهُم. وعنه: الجماعة سوى ق.، وأحمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين قريناه، ويحيى بن آدم شيخه ومحمد بن يحيى بن الذهلي، وإسحاق الكوسج، وأحمد بن سلمة، وإبراهيم بن أبي طالب، وموسى بن هارون، وعبد الله بن محارب شيرويه، ومحمد بن رافع، والحسن بن سفيان، ومحمد بن نصر المروزي، وابنه محمد بن إسحاق، وجعفر الفريابي، وإسحاق بن إبراهيم النيسابوري البستي، وخلق آخرهم أبو العباس السراج. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عبد اللَّه الكاتب، أنا محمد بن عمر، ومحمد بْن أحمد الطّرائفيّ، ومحمد بْن عليّ ابن الدّاية قالوا: أنا أبو جعفر محمد بْن المُسْلِمَةِ، أنا أبو الفضل عُبَيْد اللَّه الزَّهْريّ، أنا حعفر بْن محمد: ثنا إسحاق بْن رَاهَوَيْه: أنا عيسى بْن يونس، نا الأوزَاعِيّ، عن هارون بْن رياب أنّ عبد اللَّه بْن عَمْرو لَمّا حَضَرَتْهُ الوفاة خطبَ إليه رجل ابنتَه قالت: إنِّي قد قلتُ فيه قولًا شبيهًا بالعِدَة، وإنِّي أكره أن ألقى اللَّه بثلث النّفاق. أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، وَجَمَاعَةُ إِجَازَةٍ، قَالُوا: أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَرَكَاتٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَافِظُ أَنَا الْقَاسِمُ النَّسِيبُ أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحَمَدَ الرَّزَّازُ، أَنْبَأَ جَعْفَرُ بْنُ محمد بْنِ الْحَكَمِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ "ح" وَأَنْبَأَنَا ابن علان، أنفا

الْكِنْدِيُّ، نَا الْقَزَّازُ، نَا الْخَطِيبُ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ رَامِينَ الإِسْتَرَابَاذِيُّ الْقَاضِي، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنِ بُنْدَارٍ الإِسْتَرَابَاذِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَائِنِيُّ قَالَا: ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ: حَدَّثَنِي بَقِيَّةُ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ: نَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ إِلَّا مِنْ بَأْسٍ"1. وقد روى عن إسحاق: أبو العبّاس السّرّاج كما قدّمنا، وعاش بعد بقيّة مائة وستّ عشرة سنة. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: ثنا أبي: سمعتُ إسحاق بْن رَاهَوَيْه يروي عن عيسى بْن يونس قال: لو أردتُ أبا بكر بْن أبي مريم على أن يجمع لي فلانًا وفلانًا لفعل، يعني: يقول عن راشد بْن سعْد، وضَمرة، وحبيب بْن عُتْبَة. قال عبد اللَّه: لَم يرو أبي عن إسحاق غير هذا. وقال موسى بْن هارون: قلتُ لإسحاق: من أكبر، أنت أو أحمد؟ فقال هو أكبرُ منّي في السّن وغيره. وكان مولد إسحاق في سنة ستٍّ وستّين ومائة فيما يروي موسى. وقل محمد بْن رافع: قال إسحاق بْن راهويه: كتب عنّي يحيى بْن آدم أَلْفَيْ حديث. وقال حاشد بْن مالك: سمعتُ وَهْبَ بْن جرير يقول: جزى اللَّه إسحاق بْن راهَوَيه، وصدقة، يعني ابن الفضيل، ومعمرًا عن الإسلام خيرًا، أَحْيُوا السنة بالمشرق، مَعْمر هو ابن بِشْر. وقال نُعَيْم بْن حَمَّاد: إذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بْن راهَوَيه فاتَّهِمْهُ في دِينه. وقال أحمد بْن حفص السَّعْدِيّ: قال أحمد وأنا حاضر: لم يعبر الْجِسْرَ إلى خُراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإنّ النّاس لَم تزل يُخالف بعضهم بعضًا. وقال أحمد بْن أسلم الطُّوسيّ حين مات إسحاق: ما أعلمُ أحدًا كان أخشْى لله من إسحاق، يقول اللَّه تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] . وكان أعلم الناس. وقال أحمد بن سعيد الرباطي: ولو كان سفيان الثَّوريّ والحمّادان في الحياة لاحتاجوا إلى إسحاق. قال محمد فأخبرتُ بذلك محمد بْن يحيى الصفّار، فقال: والله لو كان الحسنُ البصري في الحياة لاحتاج إلى إسحاق في أشياء كثيرة. وقال الدّارميّ: ساد إسحاق أهلَ المشرق والمغرِب بِصِدْقة. وعن أحمد بْن حنبل، وسئل عن إسحاق فقال: لا أعرف له بالعراق نظيرًا وقال حنبل: سمعت

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن ماجه "2263"، وابن أبي شيبة في مصنفه "7/ 215"، والخطيب في تاريخ بغداد "6/ 346"، انظر الضعيفة "4706".

أحمد بْن حنبل وسئل عن إسحاق، فقال: مثل إسحاق يُسأل عنه؟ أسحاق عندنا إمام. وقال النَّسائيّ: إسحاق بْن راهَوَيْه أحد الأئمّة، ثقة مأمون. سمعت سعيد بن ذُؤَيْب يقول: ما أعلم على وجه الأرض مثل إسحاق. وقال ابن خُزَيْمَة: والله لو كان إسحاق في التّابعين لأقرُّوا له بِحفْظه وعِلْمه وفِقْهه، وقالَ عليّ بْن خَشْرَم: نا ابن فُضَيْل، عن ابن شُبْرُمَة، عن الشَّعْبِيّ قال: مَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَلا حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِحَدِيثٍ قَطُّ إِلا حفظته. فحدثت بِهذا إسحاق بْن راهَوَيه فقال: تَعْجَب من هذا؟ قلتُ: نعم. قال: ما كنت أسمع شيئًا إلا وحفظته وكأنّي أنظرُ في سبعين ألف حديث، أو قال أكثر من سبعين ألف حديث في كُتُبي. وقال أبو داود الخَفّاف: سمعتُ إسحاق بْن راهَوَيه يقول: لكأنِّي أنظرُ إلى مائة ألف حديث في كتبي، وثلاثين ألف أسردُها. قال: وأملى علينا إسحاق أحد عشر ألف حديث من حِفْظِهِ ثُمَّ قرأها علينا، فما زاد حرفًا، ولا نقص حرفًا. رواها ابن عديّ، عن يحيى بْن زكريّا بْن حَسُون، سمع أبا داود فذكرها. وعن إسحاق قال: ما سمعتُ شيئًا إلا وحفظته، ولا حفظتُ شيئًا قطّ فنسيته، وقال أبو يزيد محمد بْن يَحْيَى: سمعتُ إسحاق يقول: أحفظُ سبعين ألف حديث عن ظهر قلب. وقال أحمد بْن سَلَمَةَ: سمعتُ أبا حاتِم الرازيّ يقول: ذكرتُ لأبي زُرْعة إسحاق بْن راهَوَيْه وحِفْظِه، فقال أَبُو زُرْعَة: ما رُؤِيّ أحفظ مِنْ إسحاق. قال أبو حاتِم: والعَجَبُ من إتقانِهِ وسلامته من الغَلَط، مع ما رُزِقَ من الحِفْظِ. قال: فقلتُ لأبي حاتِم إنه أملى التفسير عن ظهر قلبه. فقال أبو حاتم: فهذا أعجبُ، فإنّ ضبط الأحاديث المُسْنَدَةِ أسهل وأهونُ من ضبط أسانيد التّفسير وألفاظها. وقال إبراهيم بْن أبي طالب: فاتني عن إسحاق مجلس من مُسْنَده، وكان يُمْليه حِفْظًا، فودِدتْ إليه مِرارًا ليعيده، فيعتذر. فقصدته يومًا لأسأله إعادته، وقد حُمِلَ إليه حنطة من الرُّسْتَاق، فقال لي: تقوم عندهم وتكتبُ وزْن هذه الحنطة، فإذا فرغتَ أعدتُ لك. ففعلتُ ذلك، فسألني عن أول حديث من المجلس، ثُمَّ اتّكأ على عَضَادة1 الباب، فأعاد المجلس حِفْظًا، وكان قد أملى الْمُسْنَد كلَّه حِفْظًا. قال الْبَرْقَانِيّ: قرأنا على أبي أحمد بن إبراهيم الخورازمي بِهَا: حدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ القاضي: سمعتُ إسحاق -يعني ابن رَاهَوَيه- يقول تاب رجلٌ من الزَّنْدَقة، وكان يبكي ويقول: كيف تُقْبَلُ توبتي وقد زوّرت أربعة آلاف حديث تدور

_ 1 عضادة الباب هي: خشبتان منصوبتان مثبتتان على جانبي الحائط.

في أيدي الناس. وقال عبد الله بْن الأثرم: سمعتُ محمد بْن إسحاق بْن راهَوَيْه يقول: دخلتُ على أحمد بْن حنبل فَقَالَ: أنتّ ابن أبي يعقوب؟ قلتُ: بلى. قَالَ: أما إنّك لو لزِمْتَه كان أكثر لفائدتك، فإن لَم ترَ مثله. وقال أبو داود: تغير أبو إسحاق قبل موته بخمسة أشهر، وسمعتُ منه في تلك الأيام فرميت به. وقال قُتَيْبَة: الحُفّاظ بخُراسان: إسحاق بْن راهَوَيْه، ثُمَّ عبد الله الدرامي، ثُمَّ محمد بْن إسماعيل. وقال أحمد بْن يوسف السلمي: سمعت يحيى بن يحيى يقول: قالت لي امرأتي: كيف تقدِّمُ إسحاق بين يديك، وأنت أكبرُ منه؟ قلتُ إسحاق أكثر مِنِّي علمًا وأنا أحسنُ مِنْهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْه: سمعتُ أحمد بْن حنبل يقول: إسحاق لَم يُلْقَ مثله. وعن فضل بْن عِبْدان الحِمْيَريّ: سألتُ أحمد بْن حنبل عن رجال خُراسان، فقال: إسحاق فلَم ترَ مثله. وأمّا الحسين بْن عليّ البسامي فَفَقِيه، وأمّا إسماعيل بْن سعيد الشالنجيّ ففقيه عالِم. وأمّا أبو عبد الله العطّار، فبصير بالعربيّة والنَّحْو. وأمّا محمد بْن أسلم، فلو أمكنني زيارته لزُرْتُه. وقال أحمد بْن سَلَمَةَ: قلتُ لأبي حاتِم: أقبلتَ على قول أحمد بْن حنبل، وإسحاق؟ فقال: لا أعلمُ في دهر ولا في مصر مثل هذين الرجلين. وقال داود بْن الحسين البهيقي: سمعتُ إسْحَاقَ الحَنْظَليّ يقول: دخلتُ على عبد اللَّه بْن طاهر الأمير، وفي كُمِّي تَمْرٌ آَكُلُه. فنظرَ إليّ وقال: يا أبا يعقوب إنْ لَم يكن تركك للريّاء من الرياء، فما في الدنيا أقل رياءًا منك. وقال أحمد بْن سعيد الرِّباطيّ في إسحاق بْن راهَوَيْه رَحِمَهُ اللَّه: قُربي إلى اللَّه دعاني إلى ... حُبِّ أبي يعقوب إسحاق لَم يجعل القرآنَ خلْقًا كما ... قد قاله زِنْديقُ فُسّاقِ يا حُجّةَ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ ... في سنة الماضين للباقي أبوك إبراهيم مخلص التُّقَى ... سَبَّاقُ مجدٍ وابنُ سَبَّاقِ وقال أحمد بْن كامل: أخبرني أبو يحيى الشَّعْرانيّ أنّ إسحاق تُوُفّي سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وأنه كان يخضب بالحناء. وقال لي: ما رأيتُ بيده كتابًا قطّ، وما كان يُحدِّثُ إلا حِفْظًا. وقال: كنتُ إذا ذاكرتُ إسحاقَ الْعِلْمَ وجدته فرْدًا، فإذا جئت إلى أمير الدُّنيا رأيته لا رأي له. وقال أحمد بْن سَلَمَةَ: سمعتُ إسحاق الحنظليّ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يقول: ليس بين أهل العِلْم اختلاف أنّ القرآن كلامُ اللَّه وليس بِمخلوقٍ. وكيف

يكون كلام الرب عَزَّ وَجَلَّ مخلوقًا؟ وقال السّرّاج: سمعتُ إسحاق الحنظلي يقول: دخلتُ على طاهر بْن عبد اللَّه وعنده منصور بْن طلحة، فقال لي منصور: يا أبا يعقوب، تقول إن الله ينزل كل ليلة؟ قلت: تؤمن به، إذا كنت لا تُؤمنُ أنّ لكَ في السّماء رَبًّا لا تحتاجُ أن تسألني عن هذا. فقال له طاهر: أَلَمْ أَنْهَكَ عن هذا الشيخ؟ وقال أبو داود: سمعتُ ابن راهَويه يقول: من قال: لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق فهو جَهْمِيّ. وعن إسحاق بْن رَاهَوَيْه قال: إذا قال لك الْجَهْميّ كيف يَنْزِلُ ربنا إلى السماء الدنيا؟ فقل: كيف صعد؟ وقال الدُّولابِيّ: قال محمد بْن إسحاق بْن راهَوَيْه: وُلِدَ أبي سنة ثلاثٍ وستّين ومائة، وتُوُفِيّ ليلة النّصف من شَعْبَان سنة ثَمانٍ وثلاثين ومائتين. قال: وفيه يقول الشاعر: يا هَدَّةً ما هُدِدْنَا ليلة الأحد ... بنصف شعبان لا تنسى بد الدَّهْرِ قال الخطيب: فهذا يدلُّ على أنّ مولده كان في سنة إحدى وستّين. وقال أبو عَمْرو المُسْتَملي النَّيْسَابُوريّ: تُوُفِيّ ليلة نصف شَعْبَان، وله سَبْعٌ وسبعونَ سنة. أخبرني عليّ بْن سَلَمَةَ الكرابيسيّ، وهو من الصالِحين قال: رأيتُ ليلة مات إسحاق الحنظليُّ ارتفع من الأرض السّماء من سكّة إسحاق، ثُمَّ نزلَ فسقط في الموضع الذي دُفِنَ فيه إسحاق ولَم أشعر بِموته، فلمّا غدوتُ إذا بحفّار يحفر قبر إسحاق في الموضع الذي رأيت القمر وقع فيه. وقال الحاكم: إسحاق بْن راهَويَه، وابن المبارك، ومحمد بْن يحيى، هؤلاء دفنوا كُتُبَهم. 52- إسحاق بْن إبراهيم بْن العلاء الضّحّاك بْن المهاجر1 أبو يعقوب الزُّبَيْديّ الحمصيّ، ابن زِبْرِيق. عن: بقيّة، وزيد بْن يحيى بْن عُبَيْد، وأَبِي مُسْهِر، وأبي المغيرة عبد القدوس، وغيرهم. وعنه: إبراهيم الجوزجاني، وعثمان الدارمي، ويحيى بْن عثمان المصريّ، ويعقوب الفَسَويّ، وآخر من حدَّث عنه يحيى بْن محمد بْن عَمْروس المصريّ. قال أبو حاتم: لا بأس به، سمعت ابن مَعِين أثنى عليه خيرًا. وقال النسائى في الكنى: روى عمرو بن الحارث الحمصي، ليس بثقة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 209"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 380"، والثقات لابن حبان "8/ 113"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 181".

وقال أبو داود: ليس بشيء. وكذبه محمد بْن عَوْف. قلت: وقد روى عنه البخاريّ في كتاب الأدب، ومات بمصر في رمضان سنة ثمان وثلاثين. وقال أخو محمد بْن إبراهيم، وقد مرّ أبوهما آنفًا. قال أبو حاتم بعد قوله: لا بأس به: لكنّهم يحسدونه. 53- إسحاق بْن إبراهيم بْن مُصْعَب الخُزاعي1 الأمير ابن عم طاهر بن الحسين الأمير. وكان يعرف بصاحب الْجَسْر. ولي إمْرَة بغداد مدّة طويلة، أكثر من ثلاثين سنة، وعلى يده أمِتحن العلماء بأمر المأمون وأكْرِهوا على القول بخلْق القرآن. وكان خبيرًا صائمًا سائسًا2 حازمًا وافر العقل، جودًا ممدَّحًا، له مشاركة في العِلْم. حكى المسعوديّ في ذكر وفاته قال: حدَّث عنه موسى بْن صالِح بْن شيخ بن عُمَيْرَة أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النّوم يقول له: أَطْلِقِ القاتل. فارتاع وأمرَ بإحضار السِّنْدِيّ وعيّاش، فسألهما: هل عندكما مَنْ قَتَلَ؟ قال عيّاش: نعم. وأحضروا رجلًا فقال: إنْ صَدَقْتَنِي أَطْلقتُك. فابتدأ يحدّثه بخبره، وذكر أنه هو وجماعة كانوا يفعلون الفواحش، فلمّا كان أمس جاءتهم عجوز تختلف إليهم للفساد، فجاءتهم بصبيّة بارعة الجمال. فلمّا توسّطت الدّار صرخت صرخةً وَغُشِيَ عليها، فبادرتُ إليها فأدْخَلتها بيتًا وسكَّنتُ روعها، فقالت: اللَّهَ اللَّهَ فيَّ يا فتيان، خَدَعَتْنِي هذه وأخذتني بزَعْمها إلى عُرْس، فهجمتْ بي عليكم، وجدّي رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وأُميّ فاطمة، فاحفظوهما فيّ. فخرجتُ إلى أصحابي فعرّفتهم، فقالوا: بل قضيتَ أرَبَك. وبادروا إليها، فَحُلْتُ بينهم وبينها، إلى أن تفاقم الأمرُ، ونالتني جراح، فعمدتُ إلى أشدِّهم في أمرها فقتلته وأخرجتها. فقالت: سترك اللَّه كما سترتني. فدخل الجيرانُ وَأُخِذْتُ. فأطلقه إسحاق. تُوُفِيّ لستٍ بقيت فِي ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين ومائتين. وولي بعده ابنه محمد. وذكره ابن النجار في تاريخه.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 592"، والكامل في التاريخ "7/ 52"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 171". 2 من السياسة وهي الحكمة.

54- إسحاق بْن إبراهيم بْن ميمون1 أبو محمد التّميميّ المَوْصِليّ النّديم صاحب الغناء. كان إليه الْمُنْتَهَى في معرفة الموسيقى، وله أدبٌ وافرٌ، وشعرٌ رائقٌ جزْل. وكان عالمًا بالأخبار وأيّام الناس، وغير ذلك من الفقه والحديث واللّغة، وفنون العلم. سمع من: مالك، وهُشَيْم، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وبقيّة، وأبي معاوية، والأصمعيّ، وجماعة. وعنه: ابنه حماد الرواية، والأصمعيّ شيخه، والزُّبَيْر بْن بكّار، وأبو العَيْناء، وميمون بْن هارون، ويزيد بْن محمد المهلّبيّ، وآخرون. ولد سنة خمسين ومائة أو بعدها قال إبراهيم الحربيّ: كان ثقة عالِمًا. وقال الخطيب: كان حلو النادرة، حسن المعرفة، جيد الشعر، مذكور بالسخاء. له كتاب الأغاني الذي رواه عنه ابنه حمّاد. وعن إسحاق الْمَوْصِليّ قال: بقيتُ دهرًا من عُمْرِي أُغَلِّسُ كلَّ يومٍ إلى هُشَيْم، أو غيره من المحدِّثين، ثُمَّ أصير إلى الكِسَائيّ، أو الفَرّاء، أو ابن غَزالة فأقرأ عليه جُزْءًا من القرآن، ثُمَّ إلى أبي منصور زَلْزَل فيضاربني طريقتين أو ثلاثة، ثم آتي عاتكة بن شهدة، فأخذ منها صوتًا أو صوتين، ثُمَّ آتي الأصمعيَّ وأبا عُبَيْدَةَ فأناشِدُهما وأستفيد منهما. فإذا كان العشاء، رحلت إلى أمير المؤمنين الرشيد. وكان ابن الأعرابي يصفُ إسحاق النّديم بالعِلْم وَالصِّدْقِ وَالْحِفْظِ ويقول: أسمعتم بأحسن من ابتدائه: هل إلى أن تنام عيني سبيلُ؟ ... إنّ عهدي بالنّوم عهدٌ طويلُ وقال إسحاق: لَمّا خرجنا مع الرشيد إلى الرَّقَّةِ قال لي الأصمعيّ: كم حملت معك من كتبك؟ قال: ستة عشر صُنْدُوقًا، فكم حملت أنت؟ قال: معي صُنْدُوق واحد. وقال: رأيتُ كأن جريرًا ناولني كُبَّةً من شَعر، فأدخلتها في فمي، فقال العابر: هذا رجلٌ يقول من الشعر ما شاء. وقيل إن إسحاق النّديم كان يكرهُ أن يُنسب إلى الغناء ويقول: لأن أُضْرَبَ على رأسي بالمقارع، أحبُّ إليّ من أن يُقالَ عَنِّي مُغَنِّي. وقال المأمون: لولا شُهْرَته بالغناء لولَّيتُه القضاء. وقيل كان لإسحاق المَوْصِليّ غُلامٌ اسمه فتح يستقي الماء لأهل داره دائمًا على بَغْلٍ، فقال يومًا: ما في هذا البيت أشقى مني ومنك، أنت تُطعمهم الخُبز، وأنا أسقيهم الماء. فضحك إسحاق وأعتقه، ووهبه

_ 1 انظر تاريخ الطبري "7/ 650"، والكامل في التاريخ "7/ 53"، والعقد الفريد "1/ 266"، وسير أعلام النبلاء "11/ 118-121".

الْبَغْلَ. الصّوليّ: نا أبو العَيْنَاء، نا إسحاق الْمَوْصِليّ قال: جئتُ أبا معاوية الضّرير، معي مائة حديث، فوجدتُ ضريرًا يحجبه لينفعه. فوهبته مائة درهم، فاستأذنَ لي. فقرأتُ المائة حديث، فقال لي أبو معاوية: هذا مُعْيل ضعيف، وما وعدته تأخذه من أذناب النّاس، وأنتَ أنتَ. قلتُ قد جعلتها مائة دينار. قال: أحسنَ اللَّه جزاءَك. وقال إسحاق: أنشدتُ للأصمعي شعرًا لي، على أنّه لشاعر قديم: هل إلى نظرة إليكَ سبيلُ ... يُرْوَى منها الصَّدَى ويُشْفَى الغليلُ إنّ ما قلّ منكِ يَكثرُ عندي ... وكثيرٌ من الحبيب القليلُ فقال: هذا الدّيباجُ الخُسرُوَانيّ. قلتُ: إنّه ابن ليلته. فقال: لا جَرَمَ فيه أَثرُ التَّوليد. قلتُ: ولا جَرَمَ فيك أَثَرُ الحَسَد. وقال أبو عِكْرِمَة الضَّبّيّ: ثنا إسحاق الْمَوْصِليّ قال: دخلتُ على الرشيد وأنشدته: وآمِرَةٍ بالبُخْلِ قلتُ لَها: اقْصِري ... فذلك شيء ما إليه سَبيلُ أرَى النّاس خِلان الجواد، ولا أرى ... بَخيلًا له في العالَمين خليلُ وَإِنِّي رأيتُ الْبُخْلَ يُزْري بأهله ... فأكرمُ نفسي أن يُقال بَخيلُ ومَن خيرِ حالات الفتى لو علِمْته ... إذا نالَ شيئًا أن يكون نبيلُ عطائي عطاءُ المُكثرينَ تكرُّمًا ... ومالي كما قد تعلمين قليل وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأيُ أمير المؤمنين جميلُ فقال: لا كيف إن شاء اللَّه. يا فَضْلُ، أَعْطِهِ مائة ألفَ دِرْهَمٍ. لله دَرُّ أبياتٍ تأتينا بِهَا، ما أجودَ أُصولها، وأحسن فُصولها. فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين كلامُك أحسن من شِعْرِي. فقال: يا فضل أعطه مائة ألف أخرى.

قال: فكان ذلك أول ما اعتقدته. وهذه الكلمة لإسحاق: رضا المتجني غاية ليست تُدْرَكُ، وَأَنْشَدَ: ستذكُرني إذا جَرّبْتَ غَيْرِي ... وَتَعْلَم أنني كنتُ كَنْزا بذلتُ لك الصَّفاءَ بكلّ جَهْدِي ... وكنتُ كما هويت فصرتُ جزّا وَهُنْتُ عليكَ لَمّا كنتُ مِمّن ... يهونُ إذا أخوه عليه عَزَّا ستندمُ إنْ هلكتُ وعِشْتَ بعدي ... وتعلمُ أنّ رَأْيَكَ كان عَجْزا وعن إسحاق قال: جاء مروان بْن أبي حفصة إليّ يومًا، فاستنشدني من شعره. فأنشدته: إذا كانت الأحرارُ أصلي ومنصبي ... ورافع ضَيْمِي حازمٌ وابنُ حازمِ عَطَسْتُ بأنْفٍ شامِخٍ وتناوَلَت ... يداي السّماءَ قاعدًا غيرَ قائِم فجعل يستحسن ذلك، ويقول لأبي: إنّك لا تدري ما يقول هذا الغلام. تُوُفّي إسحاق سنة خمس وثلاثين، وقد نادم جماعةً من الخلفاء، وكان محبَّبًا إليهم، رحمه اللَّه. 55- إسحاق بْن إبراهيم أبو موسى الهَرَويّ1، ثم البغداديّ. عن: هُشَيْم، وابن عُيَيْنَة، وحفص بن غياث. وعنه: عبد الله بن أحمد، والبغوي. سئل عنه الإمام أحمد فقال: ذاك صديق لي وأعرفه قديمًا، يكتب. وأثنى عليه. وقال ابن مَعِين: ثقة. تُوُفّي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. 56- إسحاق بْن إبراهيم بْن أبي كامل الحنفيّ2 أبو الفضل، وأبو يعقوب الحافظ. روى عن: جعفر بْن عَوْن، ووهْب بْن جرير، وعبد الرزّاق، وخلق من طبقتهم. وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو حاتم، وأحمد بْن عليّ الخزّاز، والحَسَن بْن سفيان. قال أبو حاتم: صدوق.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 210/ 211"، والثقات لابن حبان "8/ 116"، وتاريخ بغداد "6/ 337"، ولسان الميزان "1/ 345، 346". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 209"، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي "6/ 362".

57- إسحاق بْن إبراهيم بْن صالح العُقَيليّ1 نزيل طرطوس. حدَّث بإصبهان عن: ابن المبارك، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، والشّافعيّ. وعنه: أحمد بْن الفُرات، وأُسَيْد بْن عاصم، ومُسلم بْن سعيد، والإصبهانيّون. تُوُفّي سنة أربعين ومائتين. 58- إسحاق بْن سعيد بْن إبراهيم بْن عُمير2 بْن الأركون أبو مَسْلمة الجمحي الدمشقي. عن: سعيد بن بشر، وسعيد عبد العزيز الفقيه، وخليد بن دعلج، والوليد بن مسلم. وعنه: أبو إسماعيل الترمذي، وأبو عبد الملك أحمد البسري، وأحمد بن أنس بن مالك، وأحمد بن علي بن الأبار، وأحمد بن إبراهيم بن فيل، وآخرون. قال أبو حاتم: ليس بثقة. وقال الدَّارَقُطْنيّ: مُنْكَر الحديث. تُوُفّي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. 59- إسحاق بْن يحيى بْن مُعَاذ بْن مُسلم الخَتْليّ3 ولي نيابة إمرة دمشق في أيّام المأمون، ثمّ وليها أيّام الواثق استقلالًا، ثم ولي إمرة مصر نيابةً عن المنتصر في دولة المتوكّل. وكان شجاعًا جوادًا مُمَدَّحًا جليل القدر. حكى عنه: عيسى بْن لَهيعَة، وأحمد بْن أبي طاهر صاحب كتاب أخبار بغداد و" ... "4 بْن النّضر. وختْلان بلد عند سَمَرْقَنْد. ومات بمصر معزولًا في مُسْتَهلِّ ربيع الآخر سنة سبعٍ وثلاثين. 60- إسماعيل بْن إبراهيم بْن بسام5 -ن- أبو نعيم الترجماني البغدادي. سمع: إسماعيل بْن عيّاش، وأبا عَوَانَة، وعَمْرو بْن جُمَيْع، وصالحًا المُرِّيّ، وحُدَيْج بْن معاوية، وَخَلَفَ بْن خليفة، وحِبَان بْن عليّ، وشُعَيْب بْن صَفْوان، وعبد اللَّه بْن وهْب، وطائفة. وعنه: إبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن أيوّب المُخَرّميّ، وأحمد بْن الحَسَن الصُّوفي، وأحمد بْن الحسين الصُّوفيّ الصّغير، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وإسحاق بن إبراهيم المنجقنيقي، وعبد الله أحمد بْن حنبل، وأبو القاسم البَغَويّ، ومحمد بن

_ 1 انظر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 215، 216". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 221"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 101"، ولسان الميزان للحافظ "1/ 363، 364". 3 انظر تاريخ الطبري "8/ 646"، والوافي بالوفيات "8/ 429، 430"، وحسن المحاضرة "2/ 9". 4 بياض. 5 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 358"، والجرح والتعديل "2/ 157"، والثقات لابن حبان "8/ 93"، وتاريخ بغداد "6/ 264".

إبراهيم بْن أبان السّرّاج، وخلْق. قال ابن معين، وأبو داود: ليس به بأس. وقال أبو العبّاس السّرّاج: مات لستٍ خَلَوْنَ من المُحرَّم سنة ستٍّ وثلاثين. وقال الْحُسين بْن الفَهْم: تُوُفِيّ لِخَمسٍ خَلَوْنَ منه وكان صاحب سنة وفضْل وخير كثير. قلت روى له "س" في السُّنَن، بواسطة. 61- إسماعيل بْن إبراهيم بن معمر بن الحسين1 -خ. م. د. ن- أبو معمر القطيعي الهروي، نزيل بغداد. عن: إسماعيل بْن جعفر، وإسماعيل بْن عيّاش، وخَلَف بْن خليفة، وعبد اللَّه بْن المبارك، وعليّ بْن هاشم بْن البُرَيْد، وهيثم ومروان بْن شجاع، وشَرِيك، وابن عُيَيْنَة، وطائفة. وعنه: خ. م. د. ون. بواسطة، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وروى البخاريّ أيضًا، عن محمد صاعقة، عنه. وعنه أيضًا: أبو بكر أحمد بن علي المرزوي وصالح بْن محمد وأبو يعْلَى المَوْصِليّ وطائفة قال محمد بْن سعْد: ثقة ثَبْت، صاحب سنة وفضل. وقالَ عُبَيْد بْن شَرِيك: كان أبو مَعْمَر القَطِيعيّ من شدّة إدلاله بالسنة يقول: لو تكلَّمْت بغْلَتِي لقالت: إنَّها سُنِّيَّةٌ. وأُخِذَ في المحنة، فأجابَ، فلمّا خرج قال: كَفَرْنَا وخَرَجْنا. وقال سعيد البَرْذَعِيّ، عن أبي زُرْعَة: كان أحمد بْن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي التّمّار، ولا أبي مَعْمَر، ولا يَحْيَى بْن مَعِينٍ، ولا أحد مِمَّن امتُحن فأجابَ. وقال أبو يَعْلَى: حدَّث أبو معمر بالموصل بنحو ألفي حديث حِفْظ، فلَمَّا رجع إليهم في بغداد، كتب إلى أهل الْمَوْصِل بالصّحيح من أحاديث كان أخطأ فيها نحو ثلاثين، أو أربعين حديثًا. وقال عبد اللَّه بْن أحمد: سمعتُ أبا مَعْمَرَ الهُذَليّ يقول: مَنْ زَعَمَ أنّ اللَّه لا يتكلم ولا يسمعُ ولا يُبصرُ ولا يرضى ولا يغضبُ فهو كافرٌ إنْ رأيتموهُ على بئرٍ واقفًا فألقوه فيها، بهذا أدين لله عز وجل. وقَالَ عَبْد الرحمن بْن أبي حاتم: ثنا يَحْيَى بْن زكريّا بْن عيسى: سمعتُ أبا شُعيب صالِح الهروي: سمعتُ أبَا مَعْمَر القَطِيعيّ يقول: آخر كلام الْجَهْمِيَّة أنّه لَيْسَ في السَّماء إِلَه. تُوُفِّيَ أبو مَعْمَر في نصف جُمَادَى الأوّل سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 62- إسماعيل بْن إبراهيم بْن هود2 أبو إبراهيم الواسطيّ الضرير. عن:

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 359"، والجرح والتعديل "2/ 157"، والثقات لابن حبان "8/ 102"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 19". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 157، 158"، وتاريخ الطبري "7/ 556، 559".

إسحاق الأزرق، ويزيد بْن هارون الواسطيَّيْن. وعنه بعض النّاس. قال أبو حاتِم: كان جَهْميًّا فلا أحدِّثُ عنه. كان يقفُ في القرآن. وضرب أبو زرعة على حديثه بعد أن خرج عنه في مُسْنَدِهِ. 63- إسماعيل بْن سالم الصّائغ1 -م- بغداديُّ، نزل مكّة. روى عن: هُشَيْم، ويحيى بْن زائدة، وابن عُلّيَّة، وعباد بن عباد، وجماعة. وعنه: ابنه محمد بن إسماعيل، وم.، وأبو بكر بن عاصم، ويعقوب الفسوي، ومحمد بن علي بن زيد الصائغ المكي، وطائفة. وثقه ابن حبان. 64- إسماعيل بن سيف البصري2 عن: حمّاد بْن زيد، وهشام بْن سلمان المُجَاشِعيّ، وغيرهما. وعنه: عبدان، وأبو يعلى، وعمران بن موسى السختياني. قال ابن عديّ: كان يسرق الحديث. 65- إسماعيل بْن عُبَيد بْن عمر بن أبي كريمة3 -ن. ق- أبو أحمد الحراني، مولى عثمان -رضي اللَّه عنه- قدِم بغداد، وحدَّث عن: عتّاب بْن بشير، ومحمد بْن سَلَمَةَ، ويحيى بن زيد، ومحمد بْن موسى بْن أعْيَن، وسعيد بْن بَزِيع الحرّانيّين، ويزيد بْن هارون، وجماعة. وعنه: ن. وق. لكن روى ن. في اليوم والليلة، وروى عن زكريا السجزي، عنه، في السُّنَن، وأبو بكر بْن أبي الدّنيا، وأحمد بْن عَوْف البُزُوريّ، وعَبْدان بْن أحمد، وعبد اللَّه بْن ناجية، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، والهيثم بْن خَلَف الدُّوريّ، وخلْق. وثقه الدارقطني. وقال وأبو عَرْوبَة: مات بسامرّاء سنة أربعين. 66- إسماعيل بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن زكريا ين يحيى بن طلحة بن عبيد الله -ق- التميمي الطلحي الكوفي4.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 101"، وتاريخ بغداد "6/ 274"، والأنساب "8/ 26"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 102". 2 انظر الجراح والتعديل "2/ 176"، والثقات لابن حبان "8/ 103"، والكمال لابن عدي "1/ 318"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 233". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 188"، والثقات لابن حبان "8/ 103"، والتاريخ للطبري "1/ 263"، وتاريخ بغداد "6/ 173"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 152-154". 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 195"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 246".

عن: أبي بكر بْن عيّاش، وأسباط بْن محمد، ورَوْح بْن عُبادة، وجماعة. وعنه: ق.، وأبو زرعة، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن جعفر القتات، ومطين وقال: ثقة، تُوُفّي سنة اثنتين وثلاثين. وقال غيره: سنة ثلاث. 67- إسماعيل بْن محمد بْن جَبَلَة1 أبو إبراهيم السّرّاج المعقّب. عن: عبّاد بْن عبّاد، ومروان بْن معاوية. وعنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله بن أحمد، ومحمد بن سعد العوفي. خير فاضل، عظم أمره عبد الله بن أحمد. 68- إسماعيل بن أبي الحكم بن محمد بن أبي الحكم2 بن المختار بن أبي عبيد الثقفي الكوفي سمع: المطّلب بْن زياد، وعيسى بْن يونس. وعنه: أبو زرعة، وغيره. قال أبو حاتم: شيخ، وقال مُطَيَّن: تُوُفّي سنة اثنتين وثلاثين. 69- أمية بْن بِسْطام بن المنتشر3 -خ. م. س- أبو بكر العيشي البصري، ابن عم يزيد بْن زُرَيْع، روى عن: يزيد بْن زُرَيْع، ومُعْتَمر بْن سليمان، وأبي عَقِيل يحيى بْن المتوكل، وبشر بْن المفضل، وغيرهم. وعنه: خ. م. وس بواسطة، وأبو زُرْعة، وأبو بكر بْن أبي عاصم، والحَسَن بْن سُفيان، وجعفر الْفِرْيَابِيّ، ومحمد بْن حِبّان بْن بكر الباهليّ، وخلْق آخرهم أبو يَعْلَى الموصلي. وثقه ابن حبان وقال: مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 70- إيتاخ التُّرْكيّ العبّاسيّ الأمير4 كان سيف نقمة الخلفاء، وكان المتوكّل قد خافه، فبات عنده ليلةً على الْمُسكر، فعَرْبَد على المتوكل. وكان بطلًا شهمًا شجاعًا جريئًا. ثُمَّ إنّ إيتاخ حجّ، فلمّا بلغ الكوفة ولّى مكانه وَصيف، فلمّا رجع من حجّه عزمَ على أن يسلكَ طريق الفُرات إلى سَامرّاء، ونِيَّتُه الخروج، فلو فعلَ لظفرَ بالمتوكّل. فكتب إليه إسحاق بْن إبراهيم نائب بغداد باتّفاقٍ من المتوكّل: أنْ قد رُسِمَ لك أن تَدْخُلَ بغداد، ليلقاكَ العباسيّون وتُطْلَق الجوائز. فجاء فدخل بغداد وتلقوه. ثم

_ 1 انظر تاريخ بغداد "6/ 265". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 165". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 303"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 11"، والثقات لابن حبان "8/ 123"، وحلية الأولياء "3/ 15". 4 انظر تاريخ الطبري "9/ 29، 56"، والكامل في التاريخ "6/ 416، 479"، والوافي بالوفيات "9/ 481".

إنّ إسحاق فرَّق بينه وبين غلمانه، وأنزله دار خُزَيْمَة، ثُمَّ قبض عليه وقيده، وغلّه بثمانين رطْل حديد، وهلكَ في السجنِ بعد قليلٍ في جُمَادى الأولى. فلمّا مات أحضر إسحاق القُضاة والشهود، فشهدوا أنّه مات حتف أنفه، وأنه لا أثر به. فيُقال: إنّه أُميت عَطَشًا. وأخذ المتوكل أمواله، فبلغت ألف ألف دينارًا وسُجِنَ ولديه إلى أن اطلقهما المنتصر في خلافته. مات سنة أربع وثلاثين ومائتين. 71- أيوب بْن يونس1 أبو أميّة البصْريّ الصّفّار. روى عن: وهب بْن خالد، وغيره. وعنه: أبو زُرْعة الرازيّ، والحسن بن سفيان، ونحوهما. وقد لنا من حديثه في آخر المصافحة الرَّقانيّة. "حرف الباء": 72- بَجيْر بْن النّضْر بْن سعد أبو أحمد البخاريّ العابد. عن: عيسى غُنْجار، وحجّ فرأى الفُضَيل، وسُفْيان. روى عنه: سهل بْن شاذَوَيْه، وطاهر بْن مَحْمَوَيْه، وعمر بْن هنّاد. مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. 73- بسّام بْن يزيد النّقّال الكيّال2 عن: حمّاد بْن سَلَمَةَ. وعنه: يزيد بْن الهيثم، وأبو القاسم البَغَويّ، وعليّ بْن الحسين بْن الْجُنَيْد، وآخرون. قال أبو الفتح الأزديّ: تُكلِّمَ فيه. 74- بِشْر بْن الحَكَم بْن حبيب بْن مِهْران3 -خ. م. ن- أبو عبد الرحمن النيسابوري الفقيه العابد. عن: مالك، وشَرِيك بْن عبد الله، وأبي شبية إبراهيم بن عثمان العبسي، وعبد الرحمن بن أبي الرجال، وفضيل بن غياض، وسفيان بن عيينة، والدراوردي، ومسلم بن خالد الزنجي، وهشيم، وعبد ربه بن بارق، وفضيل بن منبوذ، وخلق. وعنه: خ. م. ن، وإسحاق بْن راهَوَيْه وهو من طبقته، وعبد الله الدرامي،

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 262"، والثقات لابن حبان "8/ 127". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 434"، والثقات لابن حبان "8/ 155"، والأنساب "12/ 132"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 139". 3 انظر الجرح والتعديل "2/ 355"، والتاريخ الصغير للبخاري "233"، والثقات لابن حبان "8/ 144"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 114-117".

ومحمد بْن يحيى، والحَسَن بْن سفْيان، وإبراهيم بْن أبي طالب، ومسدَّد بْن قَطَن، وولده عبد الرحمن بْن بِشْر، وابن عمّه محمد بْن عبد الوهّاب الفرّاء، وآخرون. وثقه ابن حِبّان، وغيره. وقال إبراهيم بْن أبي طالب، عن بِشْر قال: إنّ اللَّه عاقَبَ عليّ بْن المَدِينيّ بكلامه في أبيه. قال الحسين بْن محمد القبّانيّ: تُوُفّي في شهر رجب سنة ثمان وثلاثين، وقال زكريا بْن دَلُّوَيْه الواعظ: سنة سبع وثلاثين ومائتين. 75- بِشْر بْن عبيس بن مرحوم بن عبد العزيز العطار البصْريّ1 -خ- مولى آل معاوية سكن الحجاز، وروى عن: جدّه، وأبيه، وحاتم بْن إسماعيل، ويحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ، وجماعة. وعنه: خ، وإبراهيم بْن دِيزِيل، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن علي الصائغ، وجماعة. مات سنة ثلاثين. وقيل: سنة ثمان وثلاثين ومائتين. 76- بشر بن عمار القهستاني2 -د- عن: عيسى بْن يونس، وعبد الرحيم العَمّيّ، وأسباط بن محمد. وعنه: د. حديثًا واحدًا، وابن أبي الدّنيا، وأحمد بن سيار المروزي. وثقه ابن حبان. 77- بشر بن الوليد بن خالد3 أبو الوليد الكندي الفقيه. سمع مالكًا، وعبد الرحمن بْن الْغَسِيلِ، وحشرج بن نباتة، وحماد بن زيد، وصالحا المري، وأبا يوسف القاضي وعليه تفقه. وعنه: الحسن بن علويه، وحامد بن شعيب البلخي، وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى الموصلي، وجماعة. وكان جميل المذهب، حسن الطريقة، ولي القضاء بعسكر المهدي سنة ثمان ومائتين. ثم ولي قضاء مدينة المنصور إلى سنة ثلاث عشرة وكان واسع الفقه عالما دينا. كان يصلي في اليوم مائتي ركعة. وكان يصليها بعدما فلج وشاخ. قال محمد بْن سَعْد الْعَوْفِيّ: روى بِشْر بْن الوليد عن أبي يوسف كُتُبَه، وولي قضاء بغداد في الجانبين، فسَعَى به رجلٌ إلى الدولة وقال: إنّه لا يقول القرآن مخلوق. فأمر المعتصم أن يُحبس في منزله، ووكّل ببابه. فلما استخلف

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 362"، والثقات لابن حبان "8/ 140"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 135، 136". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 142". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 355"، والجرح والتعديل "2/ 369"، والتاريخ الصغير للبخاري "233"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 326".

المتوكّل أمرَ بإطلاقه، فبقي حتّى كبُرت سِنُّه، ثم إنه تكلم بالوقف بالقرآن، فأمسك أصحابُ الحديث عنه وتركوه. قال صالِح جَزَرَة: بِشْر بْن الوليد صدوق، ولكنّه لا يعقل، كان قد خَرِف. وذكر أبو عبد الرحمن السُّلّميّ أنّه سأل الدَّارَقُطْنيّ عن بِشْر بْن الوليد فقال: ثقة. قلتُ: وبَلَغَنَا أنّ بِشْرَ بْن الوليد كان صالِحًا خَشِنًا في الْحُكم. وكان يُجري في مجلس ابن عُيَيْنَة مسائل فيقول: سَلُوا بِشْرَ بْن الوليد. تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 78- بكّار بْن الحَسَن بْن عثمان العنبريّ الإصبهانيّ1 الفقيه الحنفيّ. حدّث عن: عبد اللَّه بْن المبارك، وغيره. وعنه: مسلم بْن سعيد، وعبد اللَّه بْن بُنْدار الإصبهانيّان. وقد امتُحِنَ في أيّام الواثق فلَم يُجِب، فعزم القاضي حيّان بْن بِشْر علَى نفيه من إصبهان، فجاء البريد بموت الواثق، فطرد الأعوان عن داره، فقال النّاسُ: ذهبَ بكّار بالدَّسْت2، وخَرَى حَيَّان في الطّسْت3. تُوُفِيّ بَكّار سنة ثَمانٍ وثلاثين وقيل ثلاث وثلاثين ومائتين. 79- بكر بْن خَلفٍ البصْريّ4 -د. ق- أبو بشر ختن أبي عبد الرحمن المقريء. روى عن: ابن عُيَيْنَة، وغُنْدر، وعبد الرحمن بن مهدي، وإبراهيم بن خالد الصغائي. وعنه: خ. تعليقًا، ود. ق. وعبد اللَّه بْن أحمد بْن حنبل، وعليّ بْن سعيد الرازيّ. وثقه أبو حاتم، ومات سنة أربعين. 80- بكر بن سعيد بن عبد الله الخولاني أبو عبد الله الأسدي المصري الأحدب، عن: الليث بْن سعْد، وابن وهْب. وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح. مات في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين ومائتين. أرخه ابن يونس. 81- بهلول بن صالح بن عمر بن عبيدة النجيبي ثم الفردمي.

_ 1 انظر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 237، 238"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 131، 132"، والوافي بالوفيات "10/ 187". 2 أي صدر المجلس. 3 الطست: إناء كبير مستدير من نحاس أو نحوه يغسل فيه. 4 انظر الجرح والتعديل "2/ 385"، والثقات لابن حبان "8/ 150"، وتهذيب الكمال للمزي 4/ 205-208".

أبو الحسن. عن أبيه، ومالك بْن أنس، وعبد اللَّه بْن فَرُّوخ. تُوُفّي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. "حرف الثاء": 82- ثور بْن عَمْرو القَيْسرانيّ1 عن: ابن عُيَيْنَة، والوليد بْن مسلم. وعنه: محمد بْن الحَسَن بْن قُتَيْبة العسقلانيّ، وثَّقه ابن حبان. ومات سنة اثنين وثلاثين. "حرف الجيم": 83- جعفر بْن حُمَيد الكوفيّ2 -م- أبو محمد. عن: عُبَيْد اللَّه بْن أياد بْن لَقِيط، وشَرِيك، وإسماعيل بْن عيّاش. عنه: م.، وأبو زرْعَة، ومُطَيِّن، وعبْدان الأهوازيّ، وأبو يعلى الموصلي، وآخرون. وكان ثقة. توفي في جمادى الآخرة سنة أربعين، وله تسعون سنة. 84- جعفر بن حرب الهمداني3 من كبار المعتزلة. أخذ بالبصرة عن أبي الهُذَيْل العلاف. وصَنَّف الكُتُب. مات سنة ست وثلاثين ومائتين، وكان شيخ أهل الكلام ببغداد، وإلى أبيه ينسب باب حرب. 85- جعفر بن مبشر4 أبو محمد الثقفي البغدادي المعتزلي، أحد مصنفي المعتزلة. انقلع سنة أربع وثلاثين، وكان موصوفا بالديانة. 86- جعفر بن مهران5 أبو سلمة البصري السباك.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 158"، والأنساب "10/ 290". 2 انظر الجرح والتعديل "2/ 477"، والثقات لابن حبان "8/ 161"، وحلية الأولياء "4/ 197"، وتهذيب الكمال للمزي "5/ 20-22". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 162، 163"، والكمال في التاريخ "7/ 57"، ولسان الميزان للمصنف "2/ 113". 4 انظر الكامل في التاريخ "7/ 44"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 144"، ولسان الميزان للمصنف "1/ 121". 5 انظر الجرح والتعديل "2/ 491"، والثقات لابن حبان "8/ 160"، والإكمال لابن ماكولا "5/ 29".

سمع: الفُضَيْلَ بْن عِياض، وعبد الوارث بْن سعيد، وجماعة. وعنه: الحَسَن بْن سُفْيان، وأبو يعلى الموصلي. وثقه ابن حبان وقال: مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 87- جمعة بْن عبد الله بن زياد1 -خ. أبو بكر السلمي البلخي. عن: هشيم، مروان بْن معاوية، وغيرهما. وعنه: خ.، والحَسَن بْن سفيان، والحسن بْن الطّيّب البلْخيّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. 88- جميل بْن عزيز التّيميّ المّوْصِليّ الزّاهد صحِب قاسم بْن يزيد الحرميّ، وتأدَّب بآدابه، وروى عنه، وعن: المُعَافَى بْن عِمران. وعنه: عبد العزيز بْن حيّان المَوْصِليّ. تُوُفّي سنة أربعين ومائتين. "حرف الحاء": 89- حاتم الأصمّ2. أبو عبد الرحمن البَلْخيّ الزّاهد النّاطق بالحكمة. له كلام عجيب في الزُّهد والوعظ، وكان يُقال له لُقمان هذه الأمّة. حكى عنه: سعيد بْن العبّاس الصَّدَفيّ، والحَسَن بْن سعيد السّقّاء، وغيرهما. وكان قد صحِب شقيقًا البلْخيّ وتأدَّب بآدابه. قال السُّلَمي: هو حاتم بْن عُنْوان، ويقال ابن يوسف، ويقال حاتم بْن عُنْوان بْن يوسف. روى عن: شقيق البلْخيّ، وسعيد بْن عبد اللَّه الماهانيّ. قال: وروى عنه: عبد اللَّه بْن سهل الرّازيّ، وأحمد بْن خَضْرَوَيْه البلْخيّ الزّاهد، ومحمد بْن فارس البلْخيّ. ثم قال: تُوُفّي سنة سبع وثلاثين ومائتين. وكذا ورّخه أبو القاسم عبد الرحمن بْن مَنْدَه. قال أبو عبد الله الخَوَّاص: دخلتُ مع أبي عبد الرحمن حاتِم الأصمّ الري ومعنا ثلاثمائة وعشرونَ رجلًا نريد الحجّ، وعليهم الصُّوفَ والزّرنبانقات، ليس معهم جُراب ولا طعام. قال عبدُ اللَّه بْن محمد بْن زكريا الإصبهانيّ: نا أبو تُراب النَّخْشبيّ قال: الرّياء على ثلاث أوجه: وجه

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 165، 166"، وتهذيب الكمال للمزي "5/ 102"، وتهذيب التهذيب "2/ 110". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 260"، وحلية الأولياء لأبي نعيم "8/ 64"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 241".

في الباطن، ووجهان في الظّاهر: فأمّا الظاهر فالإسراف والفساد، فإذا رأيتهما فاحكُم بأنّ هذا رياء، إذا لا يجوز في الدين الإسراف والفساد، وإذا رأيت الرجل يصوم ويتصدَّق، فإنّه لا يجوز أن تحكم عليه بالرّياء، فإنّه لا يعلمُ هذا إلا اللَّه. ولا أدري أيُّهما أشدّ على النّاس أنفًا العُجْب أو الرِّياء، وَالْعُجْبُ داخل فيك، والرياء خارجٌ عليك، مثل كلب عَقُور في البيت، وآخر خارج البيت، فأيُّهما أشدّ عليك؟ قال أبو تُراب: سمعتُ حاتِمًا الأصمّ يقول: لي أربع نِسْوة، وتسعة أولاد، ما طمع الشيطان أن يوسوس لي في شيء من أرزاقهم. وسمعتُه يقول: المؤمن لا يغيبُ عن خمسة أشياء: عن اللَّه، والقضاء، والرّزق، والموت، والشّيطان. وقال محمد بْن أبي عِمْرَان: نا حاتِم الأصمّ، وكان من جِلّة أصحاب شقيق البلْخِيّ، وَسُئِلَ: على ما بنيت أمرك؟ قال: علمتُ أنّ رزقي لا يأكلهُ غيري، فاطمأنَّت به نفسي، وعلمتُ أنّ عملي لا يعمله غيري فأنا مشغولٌ به. وعلمتُ أنَّ الموتَ يأتيني بغتةً1، فأنا أبادره، وعلمتُ أنّي لا أخلو من عين الله حيث كنت فأنا أستحي منه. 90- الحارث بْن أفلح2 عن: عبد الرحمن بْن أبي الزّناد. روى عنه: علي بْن الحسين بْن الجنيد ووثّقه. أمّا. 91- الحارث بْن أفلح3 شيخ مروان بن معاوية الفزازي فقديم، وهو الذي فيه ابن مَعِين: ليس بثقة. 92 - الحارث بْن سريج4 أبو عمرو الخورزامي ثم البغداديّ النّقّال، بالنون. روى عن حمَّاد بْن سَلَمَةَ، ويزيد بْن زُرَيع، وسُفْيان بْن عيينة.

_ 1 أي فجأة. 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 69"، وتاريخ الطبري "7/ 195". 3 انظر الضعفاء للعقيلي "1/ 220، 221"، والكامل لابن عدي "2/ 613"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 431". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 76"، وتاريخ الطبري "7/ 58"، والضعفاء الكبير للعقيلي "1/ 219"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 433، 434".

وعنه: ابن أبي الدنيا، وإبراهيم بن هاشم البغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي. قال النَّسائي: متروك. وقال موسى بْن هارون: مات النّقّال، وكان واقفيًّا يُتَّهم بالحديث، سنة ست وثلاثين ومائتين. 93- الحارث بْن عبد اللَّه بْن إسماعيل بْن عُقَيْل1 أبو الحَسَن البصْريّ الخازن نزيل همذان. سمع: أبا مَعْشَر المدنيّ، وقيس بْن الربيع، وإبراهيم بْن سعد. وعنه: إبراهيم بْن أحمد بْن يَعِيش، ومحمد بْن إسحاق المُسُوحيّ، ومحمد بْن عبد الجبّار سَنْدُول، وموسى بْن هارون، والحَسَن بْن سُفْيان، وجماعة. قال أبو زُرْعَة: لَم يبلغني عنه حدَّث بحديثٍ منكَرٍ، إلا حديثًا واحدًا أخطأ فيه. وقال غيره: تُوُفّي سنة خمس وثلاثين، وكان أبوه من خُزّان الخلافة. وقد غَمَزَهُ ابن عدي. 94- حامد بن عمر بن حفص بْن عُبَيْد2 اللَّه بْن أبي بكرة -خ. م- الثقفي البكراوي، أبو عبد الرحمن البصري قاضيِ كِرْمان. وأمّا مسلم فقال في نَسَبه: حامد بْن عمر بْن حفص بْن عبد الرحمن بْن أبي بكرة. روى عن: أبي عَوَانة، وحمّاد بْن زيد، وعبد الواحد بْن زياد، وبكّار بْن عبد العزيز بْن أبي بَكْرة، وبشر بن المفضل، ومسلمة بن علقمة المازني، وجماعة. وعنه: خ.، وم.، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وأبو الهيثم بْن خالد بْن أحمد الأمير، وآخرون. ذكره ابن حيان في "الثّقات" وقال: استقدمه عبد اللَّه بْن طاهر إلى نَيْسَابُور وكتب عنه أهلها. قال البخاريّ: مات في أول سنة ثلاثٍ وثلاثين. 95- حبان بن موسى بن سوار3 -خ. م. ت. ن. أبو محمد السلمي المروزي الكشميهني. عن: أبي حمزة، ومحمد بْن ميمون السُّكَّريّ، وعبد الله بن المبارك، ونوح بن أبي مريم الفقيه، وداود بن عبد الرحمن العطار، وغيرهم. وعنه: خ، م، وت، بواسطة، ويوسف بن عدي الكوفي وهو

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 183"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 437"، ولسان الميزان "2/ 153". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 300"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 125"، والثقات لابن حبان "8/ 218"، وحلية الأولياء "1/ 246". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 271" والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 90"، والثقات لابن حبان "8/ 214"، وتهذيب الكمال للمزي "5/ 344-346".

أقدم منه، وأبو زرعة الرازي، وابن واره، وجعفر الفريابي، والحسن بن سفيان، وعبد الله بن محمود السعدي، وجماعة. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ البخاري: مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. أمَّا سَمِيُّهُ. حِبَّان بْن موسى الكِلابِيّ الدّمشقيّ الذي روى عن زكريّا خياط السنة، فتوفي سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. 96- حبيب بْن أوس بْن الحارث بْن قيس1 أبو تمام الّطائيّ الحَوْرانيّ الجاسميّ الأديب، حامل لواء الشعر في وقته. وكان أبوه أوس نَصْرانيًّا، فأسلم هو ومدح الخلفاء والأمراء، وسار شِعره في الدّنيا، وتنافس الأدباء في تحصيل ديوانه. وهو الذي جمع الحماسة. وكان أسمر طُوَالًا فصيحًا حُلْو الكلام، فيه تمتمة يسيرة. ولد سنة تسعين ومائة أو قبلها. قال الخطيب أبو بكر: كان في أيّام حداثته يسقي الماء بِمصر في الجامع. ثُمَّ جالس الأدباء وأخذ عنهم. وكان فطِنًا فَهْمًا يحبُّ الشعر، فلم يزل حتّى قاله، فأجاد وشاع ذِكْرُه. وبلغ المعتصم خبره فطلبه، فعمل له قصائد فأجازه، وقدّمه على شعراء وقته. وجالس ببغداد الأدباء، وكان موصوفًا بالظُّرْف وحُسْن الأخلاق، والكَرَم. قال المسعودي: وكان ماجنًا خليعًا، رُبّما تَهاونَ بالفرائض، مع صحّة اعتقاده. وروى محمد بْن محمود الخُزَاعِيّ، عن عليّ بْن الْجَهْم قال: كان الشعراء يَجتمعونَ كلّ جُمعة بالجامع ببغداد ويتناشدونَ. فبينا نَحنُ يوم جمعة أنا وَدِعْبِل، وأبو الشَّيْص، وابن أبي فَنَن، والنّاسُ يستمعونَ قوْلَنا، إذْ أبصرتُ شابًّا في أُخْرَيَات النّاس بِزِيّ الأَعْرَاب. فلمّا سكتنا قال: قد سمعتُ إنشادكم منذ اليوم، فاسمعوا إنشادي: قلنا: هات. فقال: فَحْوَاكَ عَيْنٌ عَلَى نَجْوَاكَ يا مذل ... حتام لا يتقى قولُك الخَطِلُ فإنَّ أَسْمَح مَن تشكو إليه هوًى ... مَنْ كان أحسنَ شيءٍ عندهُ العَذَلُ

_ 1 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 301"، وتاريخ الطبري "1/ 194"، والجامع الكبير لابن الأثير "2/ 67"، وتهذيب "2/ 177".

ما أقبلتْ أوجُهُ اللَّذاتِ سافرةً ... مُذْ أَدْبَرَتْ باللِّوَى أيّامُنا الأُوَلُ إن شئتَ أن لا ترى صبرًا لمصطبر ... فانظر على أيّ حالٍ أصبح الطَّللُ كأنَّما جاد مَغْنَاه فغيَّره ... دُمُوعُنا يوم بانوا فهي تنهمل إلى أن قال فيها يمدح المعتصم: تَغَايَرَ الشِّعْرُ فيه إذْ سَهِرْتُ له ... حتَّى ظَنَنْتُ قوافيه ستقتتل فقلنا: لمن هذا الشِّعْر؟ فقال: لِمَن أَنْشَدْكُمُوه. قلنا ومنْ تَكون؟ قال: أبو تَمّام حبيب بْن أوس. فرفعناهُ وجعلناهُ كأحدنا، ثُمَّ ترقَّت حاله، وكان من أمره ما كان. والمَذِل: الْخَدِرُ الفاتِرُ. وقيل للبُحْتُريّ: يزعمُونَ أنّك أشعر من أبي تَمّام. فقال: لا والله، ما ينفعني هذا القول، ولا يضر أبا تمام. والله ماأكلت الخبز إلا به. ولو وددت أنّ هذا الأمر كما قالوا. ولكنِّي والله تابعٌ له، لائذٌ به. ومن شعره حيث يقول في قصيدته الدّالية: ولم تُعطِني الأيّام نومًا مُسْكنًا ... أَلَذُّ به إلا بنوم مُشَرِّدِ وطولُ مُقامِ المرء بالحيّ مُخْلِقٌ ... بديباجتيه، فاغترِبْ تتجدَّد فإنِّي رأيت الشمس زيدت محبَّة ... إلى النّاس أنْ ليست عليهم بسَرْمَدِ وقيل إِنَّ الحسَنَ بْن وَهْب الكاتب مرض، فكتب إليه أبو تَمّام: يا حليفَ النَّدَى ويا تؤام الجو ... د ويا خَيْرَ من حَبَوْتَ القريضا ليتَ حُمّاك بي، وكان لك الأجـ ... ـر فلا تشتكي، وكُنتُ المريضا وله: وإنّ أَوْلَى البرايا أَنْ تُوَاسِيه ... لدى السُّرور لَمَنْ واساك في الحَزَنِ إنّ الكرام إذا ما أَيْسَروا ذكروا ... من كان يأْلَفُهُم في المنزل الخشِنِ وله: غدا الشَّيْبُ مختطًّا بفَوْدَيَّ خِطَّةً ... طريقُ الرَّدَى منها إلى النَّفْسِ مَهْيَعُ هو الرُّزْءُ يجفى، والمعاشن يُجْتَوَى ... وذو الإِلْفِ يُقْلَى والجديدُ يُرقَّعُ له منظرُ في العَيْن أبيض ناصعٌ ... ولكنَّهُ في القلبِ أسودُ أسفعُ

وله: أَلَم تَرَنِي خَلَّيْتُ نفسي وشانَهَا ... فلم أحفل بالدنيا ولا حَدَثانَها لقد خوّفَتني الحادثاتُ صُرُوفَها ... ولو أَمَّنَتْني ما قبِلْتُ أمانَها يقولون: هل يبكي الفتى لخريدة ... متى أراد، اغتاض عَشْرًا مكانها؟ وهل يَسْتعيضُ المرءُ من خَمْس كَفِّهِ ... ولو صاغ من حُرِّ اللُّجَيْنِ بَنَانَها؟ وله: ماجود كفِّك إنْ جادت وإن نجِلَت ... من ماء وجهي إذا أخلقته عوضُ وله: وما أبالي، خير القول أصدقه ... حقنت له ماء وجهي، أو حقنت دمي روى الصولي عن محمد بْن موسى قال: عنيَ الحسن بْن وَهْب بأبي تَمَّام، فولاهُ بريد الْمَوْصِل، فأقام بِهَا أقلّ من سنتين، ومات في جُمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين ومائتين. قال الصُّولِيُّ: وأخبرني مَخْلَد المَوْصِليّ أنّ أبا تَمّام مات بالْمَوْصِل سنة اثنتين وثلاثين في المحرَّم. وللوزير محمد بْن عبد الملك الزّيّات يرثي أبا تمام، رحمه الله: أأتى مِنْ أَعظم الأنباء ... لَمَّا ألمَّ مُقَلْقِلُ الأحشاءِ قالوا: حَبيب قد ثَوَى، فأجَبْتُهُم: ... ناشَدْتُكُمْ، لا تجعلوهُ الطّائي 97- الحُتَاتُ بنُ يحيى اللَّخْميّ المصريّ1 عن: رِشْدِين بْن سعد. وعنه: يحيى بْن عثمان بْن صالح. قال ابن يونس: تُوُفّي سنة أربعين في شوال، وقد رأى اللّيث. 98- الْحَسَنُ بنُ حمّاد الضَّبّيّ الكوفيّ الورّاق2. أبو عليّ. سمع: أبا خالد الأحمر، وابن عُيَيْنَة، والمحاربيّ، وعَمْرو بْن محمد العُنْقُزيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن علي المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الصوفي،

_ 1 انظر الإكمال لابن ماكولا "2/ 146". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 9" وتاريخ الطبري "5/ 336"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 133-136".

وموسى بْن إسحاق الأنصاريّ، وقال: ثقة مأمون. قلت: تُوُفّي سنة ثَمان أو تسع وثلاثين. أما الحَسَن بْن حمّاد الحضرميّ، سَجَّادة1. فعاشَ بعده مُدَيدة، وسيأتي. 99- الحسن بْن سهل الوزير أبو محمد2، أخو ذي الرئاستين الفضل بْن سهل. كانا من بيت رئاسة في المجوس، فأسلما مع أبيهما في أيام الرشيد، واتّصلوا بالبرامكة، فكان سهل يَتَقَهْرَم ليحيى البَرْمكيّ، فضمّ يحيى الأخَوين إلي ولديه، فضمّ جعفر الفضل بْن سهل إلي المأمون وهو وليّ عهدٍ، فغلب عليه، ولم يزل معه إلى أن قُتل، فكتب المأمون بمنصبه، وهو الوزارة، إلى الحَسَن. ثُمَّ لَم تزل رُتبته في ارتقاء إلى أن تزوَّج المأمون ببُوران بنته، وانحدَر إلى فم الصلح للدخول بها سنة ست وعشر ومائتين. ففُرش للمأمون ليلة العُرس حصير من ذهب مسفوف، ونُثِرَ عليه جوْهَر كثير، فلم يأخذ أحدٌ شيئًا. فوجَّه الحَسن إلى المأمون: هذا نثار يجب أن يُلقط. فقال لِمَن حوله من بنات الخلفاء: شرِّفن أبا محمد. فأخذنَ منه اليسير. ويُقال: إنّ الْحَسَن نثر على الأمراء رقاعًا فيها أسماء ضياع، فمن أخذ رُقْعَة ملك الضَّيْعَة. وأَنْفَقَ في وليمة ابنته أربعة آلاف ألف دينار. ولَم يزل الحسن وافرَ الْحُرْمة إلى أن مات. وكان يُدْعَى بالأمير أبي محمد. وقد شكا إليه الحسَنَ بْن وَهْب الكاتب إضافةً، فوجّه إليه بِمائة ألف درهم، ووصل محمد بْن عبد الملك الزّيات مرّة بعشرين ألفًا. ويُقال: إنه بعث إليه نَوْبَةً بخمسة آلاف دينار. وكان أحدَ الأجواد الموصفين. قال إبراهيم نِفْطَوَيْه: كان من أسمح النّاس وأكرمهم، ومات سنة ستٍّ وثلاثين، عن سبعين سنة. وحدثني بعض ولده أنّه رأى سقّاء يَمُرُّ في داره، فدعا به فقال: ماحالتك؟ فذكر له بنتًا يريدُ زفافها، فأخذ يوقّع له بألف درهم، فأخطأ فوقَّع له ألف ألف درهم. فأتى به السّقّاء وكيلَه، فأنكرَ الحال، واستعظم مراجعته. فأتوا غسان بن عباد أحد

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 295". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 256"، وتاريخ الطبري "8/ 377"، والكامل في التاريخ "7/ 52، 53"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "1/ 171، 172".

الكُرماء، فأتاهُ وقال: أيُّها الأمير، إن اللَّه لا يحب المسرفين فقال: ليس في الخير إسراف. ثُمَّ ذكرَ أمرَ السّقّاء فقال: واللهِ لا رجعتُ عن شيء خطَّتْه يدي. فصولِحَ السّقّاء على جملةٍ منها. قيل إنه مات بسَرْخَس في ذي القعدة من شُرْبِ دواء أفرط به سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 100- الحسن بْن علي بْن راشد الواسطيّ1 -د. نزيل البصرة. سمع: أباه، وخالد بْن عبد اللَّه، وأبا الأحوص سلام بن سليم. وعنه: د.، وأحمد بْن عَمْرو القَطَرانيّ، وأحمد بن عمرو البزار، وعبدان الجواليقي، وزكريا الساجي، والبغوي، وآخرون. قال ابن حِبّان: هو مستقيم الحديث. قلت: تُوُفّي سنة سبع وثلاثين. 101- الحسن بن عمر بن شقيق2 -خ. أبو علي الجرمي البلخي. نزيل الرِّيّ، وكان يجيء إلى بلخ، ويقيم بها. فقيل له البلْخيّ. عن: أبيه، وحمّاد بْن زيد، وعبد الوارث، ويزيد بْن زُرَيْع، وجعفر بْن سليمان، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ. وعنه: خ. وعبد اللَّه بْن الإمام أحمد، وأبو يَعْلَى، وجعفر الفِرْيابيّ، وإبراهيم بن محمد بن نائلة الأصبهاني، والحسن بن سفيان، والحكم التِّرْمِذيّ، وعليّ بْن الحسين بْن الْجُنَيْد، وحَوْمل البخاري، وأبو حاتم. صدوق. مات بعد سنة ثلاثين. قال الكَلاباذيّ: خرج من بلْخ إلى البصرة سنة ثلاثين، ومات بعد ذلك. 102- الحسن بن عيسى بن ماسرجس3 -م. د. ن. أبو علي النيسابوري. عن مولاه عبد اللَّه بْن المبارك، وأبي الأحوص سلام بْن سُلَيم، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش، وجرير بْن عَبْد الحميد، وعبد السّلام بن حرب، وشعبة

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 21"، والثقات لابن حبان "8/ 174"، والكامل لابن عدي "2/ 743"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 215-218". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 25"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 278-280"، وتهذيب التهذيب "2/ 308". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 31"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 302"، والثقات لابن حبان "8/ 174"، وتاريخ بغداد للخطيب "7/ 351".

بْن الخِمْس، وأبي معاوية، ونوح بْن أبي مريم، وجَماعة. وعنه: م. د. ون. بواسطة، وزكريّا خيّاط السنة، والبخاريّ خارج الصّحيح، وأبو القاسم البَغَويّ، وأبو العبّاس السّرّاج، وأبو يَعْلَى، ويحيى بْن صاعد. ومن القدماء: أحمد بْن حنبل، وغيره. وكان من رؤساء النصّارى وأولي الثروة، فأسلم وصار مِن العلماء. قال أبو عبد الله الحاكم: سمعتُ الحسين بْن أحمد بْن الحسين الماسرجسيّ يحكي عن جدِّه، وغيره من أهل بيته قال: كان الْحَسَن والحسين ابنا عمّ عيسى الماسرجسّي يحكي عن جدِّه أنّهما كانا أَخَوَيْن يركبان معًا، فيتحيّر الناس من حُسْنِهما وبِزَّتهما، فاتّفقا على أن يُسْلِما، فقصدا حَفْصَ بنَ عبد الرحمن ليُسْلِما على يده. فقال لَهُما: أنتما من أجلّ النصارى، وعبد اللَّه بْن المبارك خارجٌ في هذه السنة إلى الحج، وإذا أسلمتما على يده كان أعظم عند المسلمين وأرفع لكما في عزّكما وجاهكما، فإنه شيخ أهل المشرق. فانصرفا عنه. فمرض الحسين ومات نصرانيًا، فلمّا قَدِمَ ابن المبارك، أسلمَ الحَسَن على يده1. قال الحاكم: وحدثني أبو عليّ النَّيْسَابُوريّ الحافظ، عن شيوخه، أنّ ابن المبارك نَزَلَ مَرَّةً برأس سكّة عيسى، وكان الْحَسَنَ بْن عيسى يركب، فيجتاز به وهو في المجلس، والْحَسَن من أحسن الشّباب، فسأل عنه ابن المبارك: فقيل إنه نصرانيّ. فقال: اللَّهُمَّ ارزقه الإسلام فاستُجيب له. وقال أبو العبّاس السّرّاج: ثنا الْحَسَن بْن عيسى مولى عبد اللَّه بْن المبارك، وكان عاقلًا، عد في مجلسه بباب الطاق اثنتا عشر ألف محبرة، ومات بالثّعْلبيّة سنة أربعين. قال الحاكم: سمعتُ أبا بكر وأبا القاسم ابني المؤمّل بْن الحسن يقولان: أَنْفَقَ جدُّنَا في الحجة التي توفي فيها ثلاثمائة ألف درهم. قال الحاكم: فحججتُ معهما، وزرتُ معهما بالثَّعْلَبيّة قبرَ جدّهما، فقرأتُ على لوح قبره: بِسْمِ اللَّهِ الرحمنِ الرَّحيم، {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] . هذا قبر الْحَسَن بْن عيسى بْن ماسرجس، مولى عبد اللَّه بْن المبارك، تُوُفِّيَ في صفر سنة أربعين ومائتين قال محمد بن المؤمل الماسرجسي: سمعت أبا يحيى البزار يقول لأبي رجاء

_ 1 انظر تاريخ بغداد "7/ 352".

القاضي محمد بْن أحمد: كنتُ فيمن حجّ مع الحسن بْن عيسى وقت وفاته بالثَّعْلَبيّة سنة أربعين، فاشتغلتُ بحفظ محملي عن شُهُوده، لغيبة عديلي، فأُريتُه في النَّومِ فقلتُ: يا أبا عليّ، ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي ولكلِّ مَنْ صَلَّى عليَّ. فقلتُ فاتتني الصّلاة عليك لغيبة العديل. قال: لا تجزع، غفر لي ولكل من صَلَّى عليّ1، ولكلّ من يترحمُ عليّ1. اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. 103- الحسن بْن هارون بْن عقّار2. عن: جرير بْن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمر. وعنه: ابن مسروق، وأحمد بْن عليّ الجزّار، وأحمد بْن أبي العجوز. 104- الحسن بْن يوسف بْن أبي المُنْتاب الرازيّ3. نزيل قزوين. عن: جرير بْن عبد الحميد، وفُضَيْل بْن عِياض، وجماعة. وعنه: مُطَيَّن، وهارون بْن حيّان القَزْوينيّ شيخ لابن ماجة. روى له ابن ماجة في تفسيره شيئًا. 105- الحسن بْن أبي الحسن يزيد المؤذن4. عن: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، وابن أبي فُدَيْك. وعنه: قاسم المطرز، والهيثم بن خلف. قال ابن عديّ: منكر الحديث. 106- الحسين بْن الحسّن الشَّيْلَمانيّ5. عن: خالد بْن إسماعيل المخزومي شيخ يروي عن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو. وعنه: موسى بْن إسحاق الأنصاريّ، وأبو يعلى الموصلي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "7/ 345". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 174"، والإكمال لابن ماكولا "6/ 222". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 44"، والتدوين في أخبار قزوين للرافعي "2/ 139". 4 انظر الكامل لابن عدي "2/ 744، 745"، وتاريخ بغداد للخطيب "7/ 451، 452"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 526". 5 انظر الجرح والتعديل "3/ 49"، وتاريخ بغداد "8/ 32، 33"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 365"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 531".

وقال موسى: توفي في سنة خمس وثلاثين. قال أبو حاتم: مجهول. قلت: وروى أيضًا عن وضّاح بْن حسّان الأَنباريّ. 107- الحسين بْن حبّان1. صاحب يَحْيَى بْن مَعِينٍ. له كتاب سؤالات عن ابن مَعِين "غزير الفوائد". رواه عنه ابنه على وِجادة. مات شابًّا قبل ابن مَعِين بسنة 108- الحسين بْن الضّحّاك القُرَشيّ النَّيْسابوريّ2. عن: شَرِيك بْن عبد اللَّه، وإبراهيم بْن سعد. وعنه: مسلم في غير الصحيح، ومحمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وإبراهيم بن عمرويه. 109- الحسين بن عبيد الله3. أبو علي العجلي. روى عن: مالك، وعبد العزيز بْن الماجِشُون، وابن أبي حازم. وعنه: إسحاق الختلي، وعبيد الله العثماني. قال الدَّارَقُطْنيّ: كان يضع الحديث. 110- الحسين بْن الفَرَج4. أبو عليّ، وقيل: أبو صالح البغداديّ ابن الخيّاط. عن: ابن عُيَيْنَة، وأبي معاوية، وعبد اللَّه بْن إدريس، وشُعَيب بْن حرب، وجَماعة. وعنه: عُبَيْد بْن الحَسَن الأصبهانيّ، وأحمد بْن الهيثم بْن خالد البزّاز، وجعفر بْن محمد بن شريك، والحسين بْن جبلة الإصبهانيّ. وكان حافظًا لكنّهم ضعّفوه. وقال ابن مَعِين: ذاك نعرفه يسرق الحديث. قلت: سرقة الحديث أهون من وضعه أو اختلاقه. وسرقةُ الحديث أن يكون محِّدث ينفردُ بحديث، فيجيء السّارق ويدَّعِي أنه سمعه أيضًا من شيخ ذاك المحدث، وليس بسرقة الأجزاء والكُتُب، فإنَّها أنحسُ بكثير من سرقة الرواية، وهي دون وضع

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "8/ 36"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 316". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 186". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "8/ 55"، والضعفاء لابن الجوزي "1/ 215"، وميزان الاعتدال "1/ 541"، ولسان الميزان "2/ 296". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 62، 63"، وتاريخ الطبري "1/ 59"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 84"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 545".

الحديث في الإثم لقوله: إنَّ كَذِبًا عليَّ ليس كَكَذِبٍ على غيري1. قال أبو حاتِم: لا أُحَدِّثُ عنه. أَنْكَر عليه حديث لَمْ يكن إلا عند ابن أبي شُعَيْب فرَواهُ هو. 111- الحسين بْن محمد2. أبو عليّ السَّعْديّ البصْريّ الذّارع. حدَّث ببغداد عن فُضَيْل بْن سليمان النُّمَيْريّ، وعبد المؤمن بْن عَبّاد العَبْدي، وسهل بْن أسلم العدويّ. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وأحمد بْن الحسين، الصُّوفيّ، والبغوي، وغيرهم. 112- الحسين بن المتوكل بن أبي عبد الرحمن بن حسان3 -ق. أبو عبد الله بْن أبي السَّريّ العسقلانيّ، مولى بنو هاشم أخو محمد بْن أبي السّرِيّ. سمع: ضمرة بْن ربيعة، ووَكيعًا، ومحمد بْن حِمْيَر الحمصيّ، وأبا داود الحفري. وعنه: ق.، ومحمد بْن سعد كاتب الواقدي وهو أكبر منه، والحسين بن إسحاق التستري، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني. قال أخوه: لا تكتبوا عن أخي فإنَّه كَذَّاب. وقال أبو عَرُوبة الحرّانيّ: الحسين بْن أبي السَّرِيّ خال أمِّي كذّاب. وقال أبو داود: ضعيف. وقال غيره: مات سنة أربعين ومائتين. 113- الحسين بْن منصور بْن جعفر بن عبد الله بن رزين4 -خ. ن- أبو علي السلمي النيسابوري الحافظ. روى عن: أخَوَيْ جدِّه عُمَر ومبشّر، وأبي معاوية، وابن نُمَيْر، ووَكيع، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وأبي أسامة، وأسباط بْن محمد، وطائفة. وعنه: خ.، ون.، وأحمد بْن سَلَمَةَ، وجعفر بْن أحمد بْن نصر الحافظ، والحسن بن سفيان، وأبو العباس السراج، ومحمد بن شادل، وأبو سعيد محمد بن شاذان، وآخرون. ومن القدماء يحيى بن التميمي، وهو أكبر منه. وثقه النسائي.

_ 1 "حديث صحيح": تقدم تخريجه. 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 64"، وأخبار القضاة لوكيع "2/ 18"، والثقات لابن حبان "8/ 190"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 90". 3 انظر الثقات لابن حبان "8/ 189"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 468"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 536"، وتهذيب التهذيب "2/ 365". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 65"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 392"، والثقات لابن حبان "8/ 186"، وتهذيب الكمال للمزي "6/ 481".

وقال الحاكم: هو شيخ العدالة والتَّزْكِية، في عصره. وأخصّ النّاس بيحيى بْن يحيى. وكان يحيى يُعيب عليه اشتغالَه بالشهادة. سمعتُ خَلَفَ بنَ محمد البخاريّ يقول: سمعتُ أبا عَمْرو أحمد بْن نصر رئيس نَيْسَابُور بُبُخَارى يقول: ثنا الحسين بْن منصور، وقد عُرِضَ عليه قضاء نَيْسَابُور، فاختفى ثلاثة أيّام، ودعا اللَّه، فمات في اليوم الثالث. ومن كلامه قال: رُبَّ معتزل للدنيا ببدنه مخالطها بقلبه، ورُبَّ مُخالطٍ للدُّنْيَا ببدنه، مُفارقُها بقلبه وهو أكْيَسُهُما1. قال السّرّاج: مات في جُمَادَى الآخرة سنة ثَمانٍ وثلاثين ومائتين. 114- حفص بْن عبد الله الحُلْوانيّ2. أبو عمر الضّرير. حدّث بحُلْوان عن: المبارك بْن سُحَيم، وحفص بْن سليمان الفارقيّ، وعيسى غنجار. سمع منه: أبو حاتم وقال: صدوق. وبقي إلى سنة ست وثلاثين، فمات في جمادى الآخرة. قاله موسى بن هارون، وكنّاه أبا عَمْرو. 115- حفص بْن النّضْر التميمي البخاري3. عن: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، وحفص بْن غِياث، وطبقتهما. وعنه: أخوه عليّ. تُوُفّي في صفر، قاله ابن ماكولا، سنة ست وثلاثين. 116- الْحَكَمُ بن موسى4 -م. س. ق. أبو صالح البغدادي القنطري الزّاهد. سمع: إسماعيل بْن عيّاش، والعُطّاف بْن خالد، وعبد الرحمن بْن أبي الرجال، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم. وعنه: م. وس. ق. بواسطة، الإمام أحمد، والدّارميّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وأبو القاسم البَغَويّ، والحارث بْن أبي أسامة، وغيرهم. وكتب عنه: علي بن المديني. وثقة ابن مَعِين. وقال الحسين بْن فَهْم: كان رجلًا صالحًا، ثبْتًا في الحديث. وقال عليّ بْن المَدِينيّ: سألتُ أبا عليّ جَزَرَة عن سُرَيْج بْن

_ 1 نسأل الله أن نكون منهم. 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 175"، والثقات لابن حبان "8/ 200". 3 انظر الإكمال ماكولا "7/ 351". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 346"، والتاريخ الكبير للبخاري "2/ 344"، وانظر الجرح والتعديل "3/ 128"، والثقات لابن حبان "8/ 195".

يونس، والْحَكَم بْن موسى، ويحيى بْن أيّوب، فوثقهم جدا وقال: هؤلاء الثلاثة تقطَّعوا من العبادة. وَقَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ بَغْدَادَ، فَحَدَّثَهُ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلم: "أسوء النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ" 1 فَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَوْ غَيْرُكَ حَدَّثَ بِهِ مَا صُنِعَ بِهِ؟ قُلْتُ: رَوَاهُ النَّاسُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْآجُرِّيُّ: سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ عَنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى فِي الصَّدَقَاتِ، فَقَالَ: لَا أُحَدِّثُ بِهِ. قُلْتُ: وكذا انفرد بِحديث الصَّدقات، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ داود، وصوابه سليمان بْن أرقم. تُوُفّي الحَكَم في شَوَّالٍ سنة اثنتين وثلاثين ليومين بقيا من الشهر. 117- حكم بن سيف2 -د. أبو عمرو الرقي مولى بني أسد. عن: أبي المُلَيْح الحسن بن عمرو، وعُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقِّيَّيْن، وعيسى بن يونس. وعنه: د.، وبَقيّ بْن مَخْلَد، والحَسَن بْن سُفْيان، ومحمد بْن وضّاح الأندلسيّ، والفريابي، والحسين بن عبد الله القطان، وجماعة. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ، لا يُحْتَجُّ بِهِ. قلت: توفي بسنة ثمان وثلاثين. 118- حمزة بْن سعيد المَرْوَزِيّ3: نزيل طَرَسُوس. عن: أبي بكر بْن عيّاش، وابن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: أبو داود في كتاب المسائل، وإسحاق بن سيار النصيبي، وإبراهيم بن الحارث العبادي. 119- حوثرة بن أشرس4: أبو العامر العدوي البصري. عن: مبارك بْن فَضَالَةَ، وعُقْبَة بْن عبد اللَّه الرفاعيّ، وحماد بن سلمة، وجماعة. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو يعلى الموصلي،

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "5/ 310"، وابن خزيمة "1/ 331"، والحاكم "1/ 353"، والطبراني في الكبير "3/ 242". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 205"، والثقات لابن حبان "8/ 212"، وتهذيب الكمال للمزي "7/ 195-197". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 211"، والثقات لابن حبان "8/ 209". 4 انظر الجرح والتعديل "3/ 283"، والثقات لابن حبان "8/ 215"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 668".

وجعفر الفريابي، والحسن بن سفيان الفسوي، وطائفة وسواهم. توفي سنة اثنتين وثلاثين في آخرها، وما علمت به بأسا. 120- حيان بن بشر القاضي1: أبو بشر الأسدي الحنفي. عن: هُشَيْمٍ، وأبي يوسف القاضي، وأبي معاوية، ويحيى بْن آدم. وعنه: بِشْر بْن مُوسَى، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن الْجُنَيْد، ومحمد بْن عَبْدُوس، وأبو القاسم البَغويّ. وولي قضاء إصبهان في دولة المأمون، وولي قضاء الشرقيّة ببغداد في دولة المتوكّل. قال ابن مَعِين: لا بأس به، تُوُفّي سنة سبع أو ثَمانٍ وثلاثين. وكان مِن كبار أصحاب الرأي. "حرف الخاء": 121- خالد بْن عابد بْن يحيى الزوفي. مصريّ. عن: رِشْدِين بْن سعْد، وابن وهْب. وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح. توفي سنة231. 122- خالد بن مرداس2. أبو الهيثم البغدادي السراج، له نسخة رواها عنه أبو القاسم البغوي. وكان صدوقا ثقة. يروي عن: إسماعيل بْن عيّاش، وأيّوب بْن جابر اليَمَاميّ، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم. روى عنه أيضا: أبو يعلى الموصلي، وغيره. 123- خديجة بنت محمد3.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 247"، وتاريخ الطبري "2/ 128-130"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 3284"، والوافي بالوفيات "3/ 225". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 354"، والثقات لابن حبان "8/ 226"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 307". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "14/ 435".

روت عَنْ إِسْحَاق الأزرق، ويزيد بْن هارون، وأبي النَّضر هاشم. وكَانت تَغْشَى1 أَحْمَد بْن حنبل. روى عنها: عبد اللَّه بْن أحمد في كتاب الزهد. 124- خلف بن سالم2 -ن. أبو محمد السندي، مولى بني المهلِّب. من شيوخ بغداد، يروي عن: هشيم، وأبي بكر عياش. وعنه: أحمد بن أبي خثيمة، والحَسَن بْن عليّ المعمريّ، وغيرهما. وكان يوصف بالحِفْظ والمعرفة. رحل إلى عبد الرزّاق. وتُوُفّي سنة إحدى وثلاثين. وروى عن: ابن عُلّيَّة، وعبد اللَّه بْن إدريس ويحيى القطّان، وغُنْدَر. وآخر مَن روى عنه أحْمَد بْن الحَسَن بْن عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفي. 125- خَلَفُ بنُ قُديد. أبو علي الأزْديّ المصريّ. روى عن: ابن وهْب، وغيره. ومات فجأة سنة تسعٍ وثلاثين وهو قائم يرمي في الغرض. 126- خليفة بْن خيّاط بْن خليفة بْن خياط3 -خ. الحافظ أبو عَمْرو العُصْفُريّ البصْري، المعروف بشباب. وكان حافظًا نسّابة إخباريًا عالمًا بأيّام النّاس. صنف "التاريخ"، "الطبقات" وغير ذلك. روى الكثير. سمع: أباه، وسُفيان بْن عُيَيْنة، وزياد بن عبد الله البكائي، ويزيد بن زريع، وابن علية، وخالد بْن الحارث، وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعبد الرحمن بن مهدي، وغندر، ومحمد بن أبي عدي، ومعتمر بن سليمان، وخلقا كثيرا. وذكر شيخنا المزي في تهذيبه أنَّه روى عن حَمّاد بْن سَلَمَةَ. قلتُ: لَم يُدْرِكْهُ، فلعلّه حمّاد بْن أسامة، فتصحّف. وعنه: خ. في صحيحه سبعة أحاديث أو أكثر، وبقي بن مخلد، وحرب

_ 1 أي تأتيه. 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 354"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 196"، والجرح والتعديل "3/ 371"، والثقات لابن حبان "8/ 228" 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 378"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 191"، وتاريخ الطبري "7/ 510"، والثقات لابن حبان "8/ 233"، والفهرست لابن النديم "232".

الكرْمانيّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، وأبو بكر بْن أبي عاصم، وأبو يعلى الموصلي، وعبدان الأهوازي، وعمر بْن أحمد الأهوازيّ، وموسى بْن زكريّا التُّسْتَرِيّ، وآخرون. ليَّنه بعضهم. وقال ابن عديّ: هو مستقيم الحديث صدوق، من متيقّظي الُّرواة. وقال مُطَيَّن: مات سنة أربعين. "حرف الدال": 127- داهر بْن نوح الأهوازيّ1. عن: أبي عَوَانة، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي، وحماد بن زيد، وعنبس بن مرحوم، وعليلة بن بدر، وجماعة. وعنه: جماعة آخرهم عبدان الأهوازي. ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ربما أخطأ. وقال أبو القاسم بن منده: توفي سنة ثلاث وثلاثين. ومِمَّن روى عنه: سعيد بْن عثمان الأهوازيّ. 128- داود بْن أُميّة الأزْديّ2. سَمِعَ: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، ومُعاذ بْن مُعاذ بْن هشام. روى عنه: د. في سُنَنِه، وأبو القاسم البَغَويّ. وهو صدُوق. 129- داود بْن حمّاد3. أبو حاتم البلْخيّ. حدَّث ببغداد عن: إبراهيم بْن أبي حيّة المكّيّ، وأبي مطيع البلْخيّ، وابن عُيَيْنَة ووَكيع. وعنه: محمد بْن عَبْدُوس بْن كامل، وعليّ بْن سعيد الرازيّ، وأحمد بْن سَلَمَةَ النَّيْسابوريّ. ومن الكبار مثل أبي زرعة.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 238"، ولسان الميزان للحافظ "2/ 413"، والوافي بالوفيات "13/ 456". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 407". 3 الجرح والتعديل "3/ 409"، والثقات لابن حبان "8/ 236"، وتاريخ بغداد "8/ 368".

130- داود بن رشيد1 -خ. م. د. ق. أبو الفضل الخوارزمي مولى بني هاشم. مِن أعيان شيوخ بغداد. سَمِعَ: أبا المَلِيحِ الحَسَن بْن عمر الرَّقِّيَّ، وإسماعيل بْن عيّاش، وإسماعيل بْن جعفر، وهُشَيْم بْن بشير، ويحيى بْن أبي زائدة، والوليد بْن مسلم، وابن عُلَيَّة، وطائفة بالعراق والجزيرة والشام. وعنه: م. د. ق. وخ. ن، عن رجلٍ، عنه، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وإبراهيم الحربيّ، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وأبو يَعْلَى الموصلي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو القاسم البَغَويّ، ومحمد بْن المُجَدّر، وخلْق. وثقه ابن مَعين، وغيره. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة نبيل. وقال أحمد بْن مروان الدِّينَوَرِيّ: نا إبراهيم الحربيّ، ثنا داود بْن رُشَيد، قال: قمتُ ليلةً أُصَلِّي: فأخَذَنِي البردُ لِمَا أنا فيه من العُرْي، فأخذني النّومُ، فرأيتُ كأنّ قائلًا يقول: يا داود أَنَمْنَاهُم وأقَمْنَاكَ فتبكي علينا. قال إبراهيم قاريء داود: ما نام بعدها. يعني ما ترك التَّهْجُد بعدها. قال: وسمعتُ داود يقول: قالت حكماء الهند: لا ظفر مع بغْي، ولا صحّة مع نَهَمٍ، ولا ثناء مع كِبْر، ولا صداقة مع خِبّ، ولا شرف مع سوء أدب، ولا برّ مع شُحّ، ولا اجتناب محرَّم مع حِرص، ولا محبّة مع هُزْء، ولا ولاية حُكم مع عديم فِقْه، ولا عُذرَ مع إصرار، ولا سلامة لُب مع غِيبة، ولا راحة مع حَسَد، ولا سُؤدُد مع انتقام، ولا رئاسة مع غزارة نفس وَعُجْبٍ، ولا صواب مع ترك مشاورة، ولا ثبات مُلك مع تهاون وجهالة وزراء. تُوُفِّيَ في سابع شَعْبَان سنة تسعٍ وثلاثين. 131- داود بْن صَغِير البخاريّ2. حدَّث ببغداد سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين أو بعدها عن الأعمش. وزعمَ أنّ عُمره مائةٌ وخمسٌ وعشرون سنة. وكان من الضعفاء. روى عنه: إسحاق بْن سُنَيْن الختليّ. وروى أيضًا عن: أبي عبد الرحمن كثير النوا، وسفيان الثوري، لا، بل وحدَّث عن أنس بْن مالك.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 349"، والتاريخ الكبير للبخاري "238"، والثقات لابن حبان "8/ 236"، وحلية الأولياء "8/ 335". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "8/ 367"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 9"، ولسان الميزان "2/ 419".

وروى عنه: عبيد الله بن عبيد اللَّه الصَّيْرفيّ، وعبد اللَّه بْن محمد بْن نصر المَرْوَزِيّ، والفضل بْن مَخْلَد الدَّقّاق. قال الدّارَقُطْنيّ: مُنْكَر الحديث. وقال الخطيب: ضعيف. وهو داود بْن صَغير، بِمعجمة، بْن شبيب بْن رستم. لا ينبغي أن يُروى عنه. 132- داود بْن مِخْراق الفِرْيابيّ1 -د. عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وابن وهْب، وغيرهم. وعنه: د، ومحمد بْن عبد الوهّاب الفرّاء، ومحمد بن أحمد بن سليمان الهروي، وإسحاق بن إبراهيم البستي القاضي، وجعفر الفريابي. توفي سنة تسع وثلاثين. وأما حبان فذكر في "الثقات" أنه مات بعد الأربعين. 133- داود بْن مُصحّح العسقلانيّ2. عن: أبي خالد الأحمر. ذكره ابن حِبان في الثقات، وقال مستقيم الحديث. ثنا عنه بْن الحسن بْن قُتَيْبَة. 134- داود بْن مُعاذ3 -د. ن. أبو سليمان العَتَكيّ البصْريّ نزيل المِصِّيصة. عن: حمّاد بْن زيد، وعبد الوارث، والحَسَن بْن أبي جعفر الْجُفْريّ، وجَماعة. وعنه: د.، ون، عن رجلٍ، عنه، ومُضر بْن محمد الأسَديّ، وعثمان بن حرزاذ، وجعفر الفِرْيابيّ. وثقه النسائي. وسمع الفِرْيابيّ عنه سنة ثلاث وثلاثين. 135- دينار4. الذي أدّعي لُقيّ أنس. ذكرناه في الطبقة الماضية.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 425"، والثقات لابن حبان "8/ 336"، وتهذيب الكمال للمزي "7/ 449". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 236". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 425"، والثقات لابن حبان "8/ 235"، وتهذيب الكمال للمزي "8/ 451". 4 تقدمت ترجمته.

"حرف الراء": 136- الربيع بْن ثعلب1. أبو الفضل المروزي ثم البغدادي العابد المقريء. رحلَ وقرأ بدمشق على الوليد بْن مسلم، وعِرَاك بْن خالد، وجماعة. وكان بصيرًا بقراءة الشّاميين. وحدَّث عن: إسماعيل المؤدّب، وجارية بْن هَرِم، وفرج بْن فَضَالَةَ، وجماعة. قرأ عليه جماعة منهم: أبو الطَّيِّب سالم، وسليمان بْن يحيى الضَّبّيّ. وحدّث عنه: عليّ بْن إسحاق بْن زاطيا، وأبو العبّاس السّرّاج، وأبو القاسم البَغَويّ، وأحمد بْن الحسين الصُّوفيّ، وعبد اللَّه بْن ناجية. قال جَزَرَة الحافظ: كان ثقة من عباد اللَّه الصّالحين. وقال غيره: تُوُفّي سنة ثمان وثلاثين. 137- رِفاعة بْن الهيثم الواسطيّ2 -م. عن: خالد بْن عبد اللَّه الطحان، وهشيم بن بشير. وعنه: م، وأسلم بْن سهل، وعبد الله بْن محمد بْن شِيرُوَيْه النَّيسابوريّ، وإبراهيم بْن محمد الصَّيْدلانيّ. 138- رَوْحُ بنُ صلاح بْن سيّابة بْن عَمْرو3. أبو الحارث الحارثي المَوْصِليّ، ثمّ المصريّ. عن: يحيى بْن أيّوب، وسُفْيان الثَّوْريّ، وموسى بن علي بن رباح، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وغيرهم. وعنه: أحمد بن محمد بن رشدين، وعيسى بن صالح المؤذن، وجعفر بن أحمد بن بيان، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، وأحمد بن حماد زغبة. له مناكير. قال ابن عديّ: ضَعِيفٌ. وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَذَكَرَهُ فِي "الثِّقَاتِ". تُوُفّي بمصر في رمضان سنة ثلاث وثلاثين. وهو آخر من حدَّث عن موسى، ويحيى، وسعيد. وقال الحاكم: هو ثقة مأمون شامي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 456"، والثقات لابن حبان "8/ 240"، والوافي بالوفيات "14/ 81". 2 انظر رجال صحيح مسلم لابن منجوبة "1/ 208"، وتهذيب الكمال للمزي "9/ 209"، وتهذيب التهذيب "3/ 282". 3 انظر الثقات لابن حبان "8/ 244"، والكامل لابن عدي "3/ 1005، 1006"، وميزان الاعتدال للمصنف "1/ 342".

139- رَوْحُ بْن عبد الجبّار بْن نضر. أبو محمد المُراديّ، مولاهم المصريّ. أخو النَّضْر، وعبد اللَّه. وقد كنّاه ابن يونس: أبا الزِّنْباع، وهو أعرف. وقال: روى عن: ابن وهْب، وابن القاسم. حدَّث عنه: أبنه الحارث بْن رَوْح، ويحيى بْن عثمان بْن صالِح. قال: ومات في جُمَادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين. 140- رَوْحُ بنُ عبد المؤمن1. أبو الحَسَن الهُذَليّ، مولاهم البصْريّ المقرئ صاحب يعقوب الحضرميّ. قرأ عليه، وجلس للإقراء فأخذ عنه: أبو بكر محمد بْن وهْب الثَّقفيّ، وأحمد بْن يحيى الوكيل، وأحمد بْن يزيد الحُلْوانيّ، وأبو الطَّيّب بْن حمدان. وسمع الحديث من: أبي عَوَانة، وحمّاد بْن زيد، وجعفرَ الضُّبَعِيّ. وعنه: خ.، وإبراهيم بْن محمد بْن نائلة الإصبهانيّ، وعبد اللَّه بْن أحمد، ومُطَيَّن، وأبو خليفة، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وطائفة. ذكره ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ" وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثلاث وثلاثين قبلها أو بعدها. وقال غيره: مات سنة أربع، وقبل سنة خمس. 141- رَوْحُ بْن قُرَّةَ المقرئ2. عرض القرآن على سلام الطّويل، وعلى يعقوب الحضْرميّ. وسمع من ابن عُيَيْنَة. قرأ عليه: أبو عبد الله الزُّبَيْريّ فقيه البصرة. وسمع منه: أحمد بْن الصَّقْر بْن ثَوْبان. 142- رُوَيْمُ بنُ يزيد المقرئ3. سمع: سلام بْن سليمان الطَّويلَ، واللَّيث بْن سعد. وأخذ القراءة عَرْضًا عن: سُلَيم صاحب حمزة، وميمون القتّاد. عرض عليه غير واحد منهم: محمد بن شاذان الجوهري شيخ ابن شنبوذ. وحدَّث عنه: محمد بْن عبد الرحيم، وغيره.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 449"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 310"، والثقات لابن حبان "8/ 244"، وتهذيب الكمال للمزي "9/ 246". 2 انظر غاية النهاية لابن الجوزي "1/ 285، 286". 3 انظر الجرح والتعديل "3/ 523"، والثقات لابن حبان "8/ 245"، وتاريخ بغداد للخطيب "8/ 429".

143- رباح بنُ الفَرَج الدِّمشقيّ1. عن: زيد بْن يحيى، وأبي مُسْهِر. وعنه: أحمد بْن الْمُعَلَّى، وجعفر الفِرْيابيّ في "الثّقات". "حرف الزاي": 144- زكريّا بْن يحيى الواسطيّ الأحمر. عن: خالد بْن عبد الله الطحان. وعنه: أسلم بن بحشل وقال: مات سنة أربعٍ وثلاثين. 145- زكريّا بْن يحيى بْن صُبَيْح اليَشْكُريّ الواسطيّ، زَحْمَوَيْه2. عن: عبد الرحمن بْن أبي الزّناد، وفَرَج بْن فَضَالَةَ. وعنه: اسلم في تاريخه، وأبو زُرْعة الرازيّ، وجماعة. تُوُفّي سنة خمسٍ وثلاثين. 146- زهير بن حرب بن شداد3 -خ. م. د. ق. أبو خيثمة النسائي الحافظ، مولى بْن الحريش بْن كعب بْن عامر بْن صعصعة. قيل: كان اسم جدِّه اشتاك، فعُرِّبَ شدّادًا. كان من كبار أئمة الأثر ببغداد، وهو والد الحافظ أبي بكر صاحب التّاريخ. سمع. هُشَيْمًا، وابن عُيَيْنَة، وأبا معاوية، ويحيى القطان، وحفص بْن غِياث، وجرير بْن عَبْد الحميد، وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، وعبد الله بن إدريس، وابن فضيل، وخلقا كثيرا. وعنه: خ. م. ق. وابنه، وعبّاس الدُّوريّ، وبقي بن مخلد، وأبو يعلى، وابن أبي الدنيا. وأبو بكر أحمد بن عليّ بن سعيد المروزي، وخلق. وثقة بن معين. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال يعقوب بْن شَيْبَة: هو أثبت من أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة. وقال النَّسائي: ثقة مأمون. وقال جَعْفَر الفِرْيَابيّ: سألتُ محمد بْن عبد اللَّه بْن نُمَيْرٍ: أيّما أحبّ إليك أبو

_ 1 انظر تهذيب تاريخ دمشق "5/ 346". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 601"، والثقات لابن حبان "8/ 253". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 354"، والجرح والتعديل "3/ 591"، والتاريخ الكبير للبخاري "3/ 429"، وتاريخ الطبري "4/ 417، 419".

خيثمة، وأبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة؟ فقالَ: أبو خَيْثَمة، وجعل يُطْرِي أبا خيثمة ويَضَع من أبي بكر. وقال عليّ بْن الحُسين بْن الْجُنَيْد: سمعتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يقول: أبو خَيْثَمة زهير بْن حرب يكفي قبيلة. تُوُفِيّ في سابع شَعْبَان، سنة أربع وثلاثين، وله أربع وسبعون سنة. 147- زهير بْن عبّاد الرُّؤاسيّ1. ابن عمّ وكيع. سمعَ: مالك بْن أنس، وحفص بْن مَيْسَرة، وفُضَيل بْن عِياض، والمسيّب بْن شَرِيك، وابن المبارك، وجماعة. وعنه: محمد بْن أحمد العُرَيْبيّ، والحَسَن بْن الفَرَج الغزّيّ، والحَسَن بْن سُفيان، وجماعة منهم أبو حاتم الرازيّ وقال: ثقة، وكان يُكنَّى أبا محمد. تُوُفّي في شَوّال سنة ثمان وثلاثين بِمصر. 148- زيد بن يزيد الثقفي2 -م. أبو معن الرقاشي البصري. سمع: مُعْتَمر بْن سليمان، وغُنْدَرًا، وخالد بْن الحارث، ووهْب بْن جرير، ووَكِيعًا، وطائفة. وعنه: م. ومحمد بْن محمد القاضي الجذوعي، والحسين بن إسحاق التستري، ومعاذ بن مثنى العنبري. وثقه م. "حرف السين": 149- سالم بْن حامد الأمير3. ولي إمرة دمشق للمتوكّل، فظلم وعَسف. وكان بدمشق جماعة من أشراف العرب لَهم قوّة ومَنَعة، فقتلوه يوم جُمعة على باب الْخَضَراء. فغضب المتوكّل وثارت نفسه وقال: مَن للشام، ولْيَكُن في صَوْلة الحَجّاج؟ فقيل له: أفريدون التركي. فأمره

_ 1 انظر الجرح والتعديل "3/ 591"، والثقات لابن حبان "8/ 256"، وميزان الاعتدال "2/ 83"، ولسان الميزان للحافظ "2/ 492". 2 انظر الجرح والتعديل "3/ 575"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 119"، وتهذيب التهذيب "3/ 429". 3 انظر تهذيب تاريخ دمشق "6/ 49، 50"، والوافي بالوفيات "15/ 87"، وسير أعلام النبلاء "11/ 162".

وسار إليْهَا في سبعة آلاف. وأطلقَ له المتوكّل القتل بدمشق يومًا إلى ارتفاع النّهار، والنَّهْبَ ثلاثة أيّام. فنزل ببيت لِهْيَا1، فلمّا أصبح قال: يا دمشق إيش يحلّ بك اليوم مني؟ فَقُدِّمَت له بغلة دهْمَاء ليركبها، فلمّا أراد أن يضع رِجْلَهُ في الرِّكَاب ضربته بالزَّوْج على صدره، فسقط ميتًا، وقبره يُعرف ببيت لِهْيَا. ورجع عسكره إلى بغداد. ثُمَّ جاء المتوكّل بعد ذلك إلى دمشق وقد صَلُحَت نِيَّتُه للدمشقيّين. سحنون2. اسمه عبد السلام. يأتي في هذه الطبقة. 150- سُرَيْج بْن يونس بن إبراهيم3 -خ. م. ن. أبو الحارث المَرْوَزِيّ الأصل البغداديّ. عن: إسماعيل بْن جعفر، وهُشَيْم، وإسماعيل بْن مجالد، وعَبّاد بْن عَبّاد، ويحيى بْن أَبِي زائدة، ويوسف بْن يعقوب الماجِشُون، وأبي إسماعيل المؤدّب، ومروان بْن شجاع، وخلْق. وعنه: م. وخ. ن، عن رجل، عنه، وبقي بن مخلد، وأبو يحيى صاعقة، وأبو زُرْعة، وموسى بْن هارون، ومُطَيَّن، وأبو القاسم البَغَويّ، وأحمد بْن الحسن الصُّوفيّ، وخلْق. سُئِلَ عنه أحمد بْن حنبل فقال: صاحب خير. وقال ابن مَعين: ليس به بأس. وقال البخاريّ: مات في ربيع الأول سنة خمس وثلاثين. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال عبد اللَّه بْن أحمد: سمعتُ سُرَيْج بْن يونس يقول: رأيتُ ربّ العِزّة فِي المنام فقال: سَلْ حاجتك. فقلتُ: رحمانُ سَرْبِسَر، يعني رأسًا برأس. قلتُ: وكان سُرَيْج من الزُّهَاد والعُبّاد ببغداد، له حكايات شبه الكرامات رَحِمَهُ اللَّه. وكان إمامًا في السنة. 151- سعيد بْن ذُؤَيْب4. أبو الحَسَن المَرْوزِيّ، النَّسائيّ الأصل. عن: أبي أسامة، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وأبي

_ 1 قرية مشهورة بغوطة دمشق. 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الطبقات لابن سعد "7/ 357"، والجرح والتعديل "4/ 305"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 205"، والثقات لابن حبان "8/ 207". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 19"، والثقات لابن حبان "8/ 270"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 135".

ضَمْرة، وعبد الرّزّاق، وجماعة. وعنه: حاشد بْن إسماعيل، وعُبَيْد اللَّه بْن واصل البُخَاريّان، والحسن بن سفيان، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائيان، ون. أيضًا في سُنَنه، عن رجل، عنه. تُوُفّي سنة سبع وثلاثين. 152- سعيد بْن سليمان التميميّ1 الفقيه. أحد أصحاب الرأي. أخذ الفقه عن القاضي أبي يوسف، ومحمد بْن الحَسَن، وحدَّث عنهما. تُوُفّي سنة خمس وثلاثين. 153- سعيد بْن إدريس الواسطيّ2. عن: أبي شهاب الحنّاط عبد ربّه. وعنه: أسلم بْن سهل الواسطيّ وقال: تُوُفّي سنة إحدى وثلاثين بواسط. 154- سعيد بْن حسّان3. أبو عثمان القُرْطُبيّ، مولى بني أُميَّة. رحل وتفقّه على أشهب، وأصحاب مالك، وبرعَ في مذهب مالك. وكان فقيهًا مفتيًا إمامًا زاهد كبير القدر. وكان مؤاخيا ليحيى بْن يحيى اللّيثيّ، آخذًا بِهَدْيه. حمل عنه: إبراهيم بْن محمد بْن باز، وغيره. تُوُفّي سنة ست وثلاثين. 155- سعيد بْن حفص بْن عَمْرو بْن نفيل4 -ن. أبو عمرو الحراني الرملي، خال الحافظ بن أبي جعفر النُّفَيْليّ. سمع: زهير بْن معاوية، ومَعقِل بْن عُبَيد اللَّه، وشَرِيك بْن عبد اللَّه، وأبا المَلِيح، وموسى بْن أَعْيَن، وجماعة. وعنه: محمد بْن يحيى بْن كثير محدِّث حران، ومضر بن محمد الأسدي،

_ 1 انظر أخبار القضاة لوكيع "2/ 245". 2 انظر تاريخ واسط "247". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 160"، وبغية الملتمس "307". 4 انظر الثقات لابن حبان "8/ 269"، والأنساب "12/ 126"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 390"، وتهذيب التهذيب "4/ 17".

وهلال بْن العلاء، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وأحمد بْن سليمان الرُّهاويّ، وأحمد بْن فيل البالِسيّ، والحَسَن بْن سُفْيان، وجماعة. تُوُفّي في رمضان سنة سبْع وثلاثين. ووثقه ابن حِبّان. 156- سعيد بن عبد الجبار1 -م. د. أبو عثمان القرشي الكرابيسي، بصري نزل مكة، وحدَّث عن: حمّاد بْن سَلَمَةَ، وحرب بْن أبي العالية، ومالك، وفُضَيل بْن عِيَاض، وجماعة. وعنه: م. د. وبَقيّ بْن مَخْلَد، وأبو زُرْعة، وابن أبي عاصم، وأبو يعلى الموصلي، وعبدان، وعمران بن موسى السختياني، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال أبو القاسم البَغَويّ: مات في آخر سنة ست وثلاثين. ومن رواة العلم بِهذا الاسم. 157- سعيد بْن عبد الجبّار بْن وائل بْن حُجْر الكوفيّ2. له أحاديث عن أبيه، وعنه عبد اللَّه بْن أبان. 158- وسعيد بْن عبد الجبّار الزُّبيْدي3. من طبقة هُشَيْم. 159- وسعيد بْن عبد الجبّار. عن محمد بْن جابر اليَماميّ، مجهول. 160- سعيد بْن نُصَير الواسطي4. سمع: ابن عُيَيْنَة. وعنه: عبّاس الدُّوريّ، والبَغَويّ. أمّا: سعيد بْن نُصَير نَزيل الرِّقة، ففي الطبقة الأخرى.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 44"، والثقات لابن حبان "8/ 267"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 520". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 43"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 495"، والثقات لابن حبان "6/ 35"، والمغني في الضعفاء "1/ 262". 3 انظر الثقات لابن حبان "6/ 365"، والكنى والأسماء للدولابي "2/ 28". 4 انظر الثقات لابن حبان "8/ 269".

161- سعيد بن النضر1 -خ. أبو عثمان البغدادي، نزيل آمُل جَيْحُون. سمع: إسماعيل بْن عيّاش، هشيم بْن بشير، وغيرهما. وعنه: خ.، والفضل بْن أحمد الآمُليّ. ذكره ابن حبان في الثقات. وتوفي سنة أربع وثلاثين. 162- سفيان بن بشير. أبو الحسين الكوفي. عن: مالك بْن أنس، وعليّ بْن هاشم بْن البَريد. وعنه: محمد بن رزين بن جامع، ومحمد بن داود بن عثمان الصدفي، ومحمد بن عثمان بن أبي شبيبة، ومطين، وغيرهم. لم يذكره ابن أبي في كتابه. 163- سلمة بن عاصم النحوي2. من كبار أئمة العربية بالعراق. روى عن الفراء كتبه، وروى عنه: إبراهيم الحربي، وثعلب، وإدريس بن عبد الكريم، وهو ثقة مشهور. 164- سلمة بن حفص السعدي3. أبو بكر. عن: عبد اللَّه بْن إدريس، والمُحَارِبيّ. وعنه: تَمْتَام، وابن أبي الدُّنيا، وصالح جَزَرَة، وآخرون. 165- سليمان بْن أحمد بْن محمد الْجُرَشيّ الدّمشقيّ4. ثم الواسطيّ. عن: الوليد بْن مسلم، ومروان بْن معاوية، ومحمد بْن شُعَيْب، وجماعة. وعنه: حنبل بن إسحاق، وأسلم بن بحشل، وإبراهيم بْن سَعْدان، وعليّ بْن عبد العزيز البَغَويّ، وعَبْدان الأهوازيّ، وجماعة. قال البخاريّ: فيه نظر.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 69"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 57"، والثقات لابن حبان "8/ 267"، وتهذيب الكمال للمزي "11/ 88". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 165"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 134"، والوافي بالوفيات "15/ 324". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 134". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 101"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 3"، والثقات لابن حبان "8/ 276"، والكامل لابن عدي "3/ 1139"، وميزان الاعتدال "2/ 194، 195".

وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ثنا عنه عَبْدان بالعجائب. وقال أبو حاتِم الرازي: كان حُلْوًا، قَدِمَ بغداد فكتب عنه أحمد بْن حنبل وَابنُ مَعِين، ثُمَّ تَغيَّر بأخرة. فلمّا كان في رحلتي الثانية، قيل لي: قد أخذ في الشّراب والْمَعَازِف والملاهي. وسُئل عنه صالح جَزَرَة فقال: يُتَّهم في الحديث. 166- سليمان بْن أيّوب1. أبو أيّوب. صاحب البصري. حدث عن: حماد بن زيد، وهارون بْن دينار، وعبد الرحمن بْن مهديّ، وطائفة. وعنه: إسماعيل القاضي، وصالح جَزَرة، وأحمد بْن الحَسَن بْن عبد الجبّار، والبَغَويّ. قال ابن مَعِين: هو ثقة حافظ، رواها ابن الْجُنَيْد عنه. وقال الحسين بن حبان: قال ابن مَعِين: سليْمَان صاحب البصْريّ من الحُفّاظ الثِّقَات، كان يتحفظ عن يحيى بْن سعيد، يأنفُ أن يكتب عنده. وقال مُطَيَّن: مات سنة خمس وثلاثين. وقال علي بْن الْجُنَيْد: كان من الحفّاظ، لم أرَ بالبصرة أنبل منه. 167- سليمان بْن داود بْن بِشْر الشَّاذكُونيّ2. الحافظ أبو أيّوب المِنْقَري البصْريّ. عن: حمّاد بْن زيد، وعبد الواحد بن زياد، وجعفر بن سليمان، وعبد الوارث، وخلْق كثير. وعنه: أبو قِلابة الرقاشِيّ، وأَسِيد بْن عاصم، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وأبو مسلم الكَجّيّ، وإبراهيم بْن محمد بْن الحارث، ومحمد بْن عليّ الفَرْقَديّ، والإصبهانيّون، والحَسَن بْن سُفْيان، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ وكانا يدلّسانه، يقولان: سليمان أبو أيوب فقط. قال عَمْرو النّاقد: قدم سليمان الشَّاذَكُونِي بغدادَ، فقال لي أحمد بْن حنبل: اذْهَب بنا إلى سليمان نتعلَّم منه نقْدَ الرجال. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كان أعلمنا بالرجال يَحْيَى بْن مَعِينٍ، وأحفظنا للأبواب سليمان الشَّاذَكُونيّ. وكان عليّ بْن المَدِينيّ أحفظنا للطوال. وقال عباس العنبري، وسئل: أيهما أعلم بالحديث: الشَّاذَكُونِيّ أو ابن الْمَدِينِي؟ فقال: ابن الشَّاذَكُونِيّ بصغير الحديث، وعليّ بجليله. وقال أبو عبيد: انتهى العلم إلى أربع -يعني عِلْمَ الحديث: إلى أحمد بْن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى

_ 1 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 23، 339"، والثقات لابن حبان "8/ 279"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 48". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 309"، والجرح والتعديل "4/ 114"، والتاريخ الصغير للبخاري "232"، وتاريخ الطبري "7/ 421"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 677".

بن معين، وأبي بكر بن شَيْبَة. فكان أحمد أفقههم به، وكان عليّ أعلمهم به، وكان ابن مَعِين أجمعهم له، وكان أبو بكر أحفظهم له. قال زكريّا الساجي: وهم أبو عبيد، أحفظهم له سُليمان الشّاذَكُونِيّ. رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَعِنْدَهُ بُلْبُلٌ -يَعْنِي الْمُحَدِّثَ- كَانَ أَسْوَدَ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّاذَكُونِيِّ كَلامٌ. فَقَالَ لَهُ الشاذكوني: والله لأقتلنك. قال يَحْيَى: سُبْحَانَ اللَّهِ، تَقْتُلُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. أَنْتَ حَدَّثْتَنِي عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أمة لأمرت بقتلها، فاقتلوا كُلَّ أَسْوَدٍ بَهِيمٍ" 1 وَهَذَا أَسْوَدُ. وقال ابن عديّ: سألتُ عَبْدَان عنه، فقال: مَعَاذ اللَّه أَن يُتَّهم، إنّما كان قد ذهبت كُتُبُه، فكان يُحدِّثُ حِفْظًا. وقيل إنه لَمَّا احتضر قال: اللَّهُمَّ إنِّي أعتذرُ إليكَ، غير أنِّي ما قذفتُ مُحْصَنَةً، ولا دَلَّسْتُ حديثًا. وقال الساجي: ثنا أحد بْن محمد: نا ابن عَرْعَرَةَ قال: كنتُ عند يَحْيَى بْن سعيد، وعنده بلبل، وابن أبي خُدَّوَيْه، وابن الْمَدِينِي، فقال عليّ لِيَحْيَى: ما تقولُ في طارق، وإبراهيم بْن مُهاجر؟ قال: يجريان مَجْرَى واحدًا. فقالَ الشَّاذَكُونيّ: يسألُكَ عمّا لا تدري، وتكلّف لنا ما لا تحسن، إنما تكتب عليك ذنوب حديث إبراهيم بن مهاجر خمسمائة حديث، عندك عنه مائة، وحديث طارق مائة، عندك عشرة. فأقبل بعضنا على بعض وقلنا: هذا ذلّ. فقال يَحْيَى: دعوه، فإنْ كَلَّمْتُموه لَم آمن أن يقذفنا بأعظم من هذا. وقال إبراهيم بْن أوْرمة: كان أبو داود الطَّيالِسيّ بإصبهَان، فلَمَّا أراد الرجوع أخذ يبكي، فقالوا له: إنّ الرجل إذا رجعَ إلى أهله فرح، فقال: إنّكم لا تعلمون إلى مَنْ أرْجع. أَرْجِعُ إلى شياطين الإنس: عليّ بْن الْمَدِيني، وسُليْمَان الشّاذَكُونيّ، وابن بحر السّقّاء -يعني الفلاس- وسئل ابن صالِح بْن محمد الحافظ عن الشاذكوني فقال: ما رأيتُ أحفظ منه. فقلتُ: بأي شيء كان يهتم؟ قال: كان يُكذب في الحديث. وَسُئِلَ أحمد بْن حنبل عنه، فقال: جالس حمّاد بْن زيد وبشر بن المفضل، ويزيد ين زُرَيْع، فما نفعه اللَّه بواحدٍ منهم. وقال ابن مَعِين: جرّبت على سليمان الشاذكونيّ الكذِب. وقال

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "2849"، والنسائي "7/ 185"، والترمذي "1486، 1489"، وابن ماجه "3205"، وأحمد "5/ 56، 57".

النسائيّ: ليس بثقة. وقال عبّاس العَنْبريّ: ما مات ابن الشّاذكونيّ حتّى انسلخ من العِلْم انسلاخ الحيَّة من قشْرها. قال ابن المديني: كُنَّا عند ابن مهديّ، فجاءوا بالشاذكوني سكران، وعن البخاريّ قال: هو أضعف عندي من كلّ ضعيف. وقال ابن مَعِين: قال لنا الشاذكوني: هاتوا حرفًا واحدًا من رأي الحسن لا أحفظه. وحكى ابن قانع أنه سمع إسماعيل بْن الفضل يقول: رأيتُ الشاذكونيّ فِي النَّوم فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِرَ لِي. قلتُ: بِماذا؟ قال: كنتُ في طريق أصْبَهان، فأخذني المطرُ ومعي كُتُب. ولَمْ أكن تحت سقف، فانكببتُ على كُتُبِي حتَّى أصبحت، فغفر اللَّه لي بذلك. قلتُ: كان أبوهُ يتْجَرُ في البَزّ، ويبيعُ هذه الْمُضَرَّبَات الكبار، وتُسَمَّى باليمن شاذكونيّة، فنُسِبَ إليها. قال ابن قانع، وأبو بكر بن عاصم، ومُطَيَّن، وغيرهم: تُوُفّي سنة أربع وثلاثين. وقال أبو الشيخ: تُوُفّي سنة ست وثلاثين، وقدِم إلى إصبهان ست مرات. 168- سليمان بْن داود1 -خ. م. د. ن. أبو الربيع الأزدي العتكي الزهري البصري المقريء المحدِّث الثقة. سمع: مالكًا، وفُلَيْح بْن سليمان، وحمّاد بْن زيد، وشَرِيكًا، وأبا شهاب الحنّاط، وجرير بْن حازم، وجماعة. وعنه: أحمد، وإسحاق، وابن المَدِينيّ، وجماعة من أقرانه، وخ. م. د، وروى ن، عن رجلٍ عنه. وروى عنه: محمد بْن الذُّهَليّ، وأبو زُرْعة، والنَّسائيًّ، وغيرهم. وأمّا ابن خِراش فقال: تكلَّم الناس فيه، وهو صدوق. قلتُ: هذه مجازفة من عبد الرحمن، فإنا لا نعلم أحدًا أضعف الزَّهْرَانِيّ، بل أجمعوا على الاحتجاج به. تُوُفّي في رَمَضان سنة أربع وثلاثين. ووقع لي من موافقاته العالية، وكان من أئمة العِلم. وقال أبو عَمْرو الدّانيّ: له كتاب جامع في القراءات. سمع من نافع بْن أبي نُعَيْم حرفين، ومن حفص العاضديّ، وعبد الوارث التنوري، وذكر جماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 13"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 11"، والكامل في التاريخ "7/ 45"، وتهذيب الكمال للمزي "11/ 423".

169- سليمان بْن داود بْن محمد بْن شُعْبة بْن النّجّار1. أبو أيّوب اليَمَاميّ، ثمّ البصْريّ. عن: فُلَيْح بْن محمد، ويحيى بْن مروان، وعُمارة بْن عُقْبة، وغيرهم. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم، وغيرهما. قال أبو حاتم: أثنى عليه ابن مَعِين وقال: قلّ من رأيت أفهم لحديث اليَمَامة منه. 170- سليمان بْن داود بن رشيد2 -م. أبو الربيع الختلي، ثم البغدادي الأحول. سمع: أبا حفص الأبّار، ومحمد بْن حرب، وجماعة. وعنه: م، وأبو زُرْعة، وعبد اللَّه بْن أحمد بْن حنبل، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وآخرون. وكان ثقة. وثقة صالح جَزَرة. وتُوُفّى في رمضان سنة إحدى وثلاثين. وليس لأبيه رواية. 171- سليمان بْن داود3 -م. أبو داود المباركي، والمبارك بقرب واسط. سمع: أبا شِهاب الحنّاط، وأبا حفص الأبّار، ويحيى بْن زكريّا بْن أبي زائدة، وعنه: م. وعبد اللَّه بْن أحمد، وأحمد بْن الحسن الصُّوفيّ الكبير، وآخرون. قال ابن مَعِين: لا بأس به. توفي سنة إحدى أيضًا وكان ببغداد. سمّاه ابن أبي حاتم: سليمان بْن محمد. ووثقه أبو زُرْعة. وقد جوّده ابن نقطة وبيّن أنه سليمان بْن محمد قطعًا. 172- سليمان بن سلم4 -ن. أبو داود البلخي المصاحفي. عن: النَّضْر بْن شُمَيْلٍ، وأبي مطيع، وعمر بن هارون البلخيين، وجماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 114"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 11"، والمجروحين لابن حبان "1/ 334"، والكامل لابن عدي "3/ 1125"، وميزان الاعتدال "2/ 202". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 116"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 37"، وسير أعلام النبلاء "10/ 677". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 114"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 38"، والأنساب "11/ 116"، وسير أعلام النبلاء "10/ 678". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 121"، والثقات لابن حبان "8/ 282"، والأنساب "11/ 337".

وعنه: ن، والتَّرْمِذيّ في كتاب "الشّمائل"، وموسى بن هارون، وغيرهم. وكان ثقة بن خيار عباد اللَّه، رَحِمَهُ اللَّه. تُوُفّي سنة ثمان وثلاثين. 173- سُلَيْمَان بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عباس العباسي1. ولي المدينة للمأمون، ثم مكّة. وحجّ بالنّاس. ثم عزله المعتصم. مات سنة أربع وثلاثين ومائتين. 174- سليمان بْن عبد الرحمن بْن عيسى بن ميمون2 -خ. ع. الحافظ أبو أيوب التميمي الدمشقي ابن بنت شُرَحْبيل بْن مسلم الخَوْلانيّ. سمع: معروفًا الخيّاط الذي رأى واثلة بْن الأسقع، وإسماعيل بْن عيّاش، وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، وَسُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وبقيّة، والوليد بْن مسلم، وعبد اللَّه بْن وهْب، وابن عُيَيْنَة، وخلْقًا. وعنه: خ. د. وخ. أيضًا وت. ن. ق.، عن رجل عنه، وأبو زُرْعة النَّضْريّ والرّازيّ، وأبو قُصَيّ إسماعيل العُذْريّ، وأحمد بْن الْمُعَلَّى، وجعفر الفِرْيابيّ، وخلْق. وُلِدَ سنة ثلاثٍ وخمسين ومائة، وكان يَخْضِب بالحُمْرَة. وقال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: حدَّثَنِي سليمان فقيه أهل دمشق، وكان من أهل الفتوى. وقال أبو داود السجستاني: سليمان بن شرحبيل يخطيء كما يخطيء أَكْيَس منه، وهو خيرٌ من هشام بْن عمار. وقال ابن مَعِين: ليس به بأس، وهشام بْن عمّار أَكْيَس منه. وقال أبو حاتم: صدوق، لكنّه أروى النّاس عن الضُّعفاء والمجهولين. كان عندي في حد: لو أنّ رجلًا وضع له حديثًا لَم يفهم، وكان لا يميّز. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة، عنده مناكير عن الضُّعَفاء. وقال ابن جَوْصَا: سمعتُ إبراهيم بْن يعقوب الْجَوْزَجَانيّ قال: كُنّا عند سُلَيْمَانَ بْن عبد الرحمن، فلَمْ يأذَن لَنا أيّامًا، فلمّا دخلنا عليه قال: بَلَغَنِي وُرُود هذا الغلام الرازيّ، يعني أبا زرعة، فدرست للقائه ثلاثمائة ألف حديث. قال عَمْرو بْن دُحَيْم: تُوُفِيّ لليلة من صَفَر سنة ثلاثٍ وثلاثين. قلتُ: وقع لنا من عواليه قليل. وحديث الحِفْظِ الذي رواهُ له التِّرْمِذيّ في نقدي أنَّه باطل، ولا يحتمله الوليد بْن مسلم، فإنّا لَمْ نرَ مَنْ رواهُ عن الوليد غيره، ويقول هو إن الوليد

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 573"، وتهذيب تاريخ دمشق "6 281"، والوافي بالوفيات "15/ 393". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 129"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 24"، والثقات لابن حبان "8/ 278"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 26".

سمعه من ابن جُرَيْج. ولعلّ سليمان شُبّه له. فإنّ هشام بْن عمّار رواهُ عن محمد بْن إبراهيم، مجهول، عن مجهول آخر، عن عِكْرِمَة. 175- سليمان بْن منصور البلخي الذَّهَبيّ1 -ن. عن: مسلم بْن خالد الزّنْجِيّ، وعبد الجبار بن الورد، أبي الأَحْوَص، وجماعة. وعنه: ن.، ومحمد بْن عليّ الحَكَم الترمذي، ومحمد بن رمح، وأحمد بن علي الأبار، وآخرون. وكان يلقب زرغندة. توفي سنة أربعين. وذكره ابن حبان في "الثقات". 176- سليم بن منصور بن عمار المروزي2. أبو الحسن. عن: أبيه، وإسماعيل بْن عُلَيّة، وأبي داود، وعليّ بْن عاصم، وعنه: أبو حاتم الرازي وحسن أمره، وإسحاق الحربي، وموسى بن هارون. قال ابن أبي حاتِم: قلتُ لأبي: أهلُ بغداد يتكلَّمُونَ فيه. فقالَ: مَهْ! 177- سهل بْن بشير بْن القاسم3. أبو القاسم النَّيْسابوريّ الفقيه سَهْلَوَيْه. أخو حَسَن وحُسين. سمع: جرير بْن عبد الحميد، وبقيّة بْن الوليد. وعنه: العباس بن حمزة، ومطين، وجماعة. توفي سنة تسع وثلاثين. 178- سهل بن زنجلة4 -ق. الحافظ أبو عمرو الرازي الخياط الأشتر. قَدِمَ بغداد سنة إحدى وثلاثين. وحدَّث عن: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، والوليد بْن مسلم، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش، وجرير بْن عَبْد الحميد، وأبي معاوية، وحفص بْن غِياث، ووَكيع، وجماعة.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 279"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 75، 76"، وتهذيب التهذيب "4/ 221". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 232"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 232". 3 انظر تاريخ دمشق "10/ 446". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 198"، والتاريخ الكبير للبخاري "رقم 2106"، والثقات لابن حبان "8/ 291"، وتاريخ الطبري "9/ 269"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 186-188".

وعنه: ق، وأبو حاتم، وإدريس بْن عبد الكريم الحدّاد، وإبراهيم الحربي، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي، وأبي يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسين الصوفي. قال أبو حاتم: وهو سهل بْن أبي سَهْل. له مصنَّفات في السُّنَن. يقال: تُوُفّي سنة ثمان وثلاثين. قال سهل بْن زَنْجَلة: ثنا أبو عليّ السَّمْتيّ: ثنا غالب القطّان. قال: كنا ندعو في الزَّمن الأول: اللَّهُمَّ ارزُقْنَا عِلْم الْحَسَن، وورع ابن سِيرين، وحِفْظَ قَتَادة، وعَقْل بكر بْن عبد اللَّه الْمُزَنِيّ، وعبادة ثابت البُنَانِيّ، وزُهْدَ مالك بْن دينار، رَحِمَهُم اللَّه ورضي عنهم. 179- سهل بن عثمان العسكري1 -م. الحافظ أبو مسعود، أحد الأئمّة. رحل وسمع حمّاد بْن زيد، وشريك بن عبد الله، وأبا الأحوص، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، وزياد بن عبد الله، وعلي بن مسهر، ويزيد بن زريع، وخلقا. وعنه: م. وعليّ بْن أحمد بْن بِسْطام الزَّعْفرانيّ، وعبيد الغزال، وجعفر بن أحمد بن فارس، وعبد الرحمن بن محمد بن سَلْم الرّازي، وعبدان الأهوازي، وطائفة سواهم. وروي عن القدماء: علي بن المديني. قال أبو الشيخ: خرج عن إصبهان سنة اثنتين وثلاثين إلى الرِّيّ، ثمّ رجعَ إلى العراق، ومات بعسكر مُكْرَم. وكان كثير الفوائد والغرائب. وذكره ابن حِبّان في كتاب "الثِّقَات". وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وثلاثين. وروى عنه: أبو زُرْعة، وأبو حاتم وقال: صدوق. 180- سُوَيْد بن سعيد2 -م. ق. أبو محمد الهروي الحدثاني. سكن حديثة الفَوْرة التي تحت عانة، فنُسِب إليها. حدَّث عن: مالك، وحفص بْن مَيْسرة، وشَرِيك، وإبراهيم بْن سعد، وعليّ بْن مُسْهِر، وسفيان بن عيينة، وغيرهم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 203"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 102"، والثقات لابن حبان "8/ 292"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 197-200". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 283"، والمجروحين لابن حبان "2/ 252"، وتاريخ الطبري "1/ 333"، والكامل لابن عدي "3/ 1263".

وعنه: م. ق، وعُبَيد العِجْل، ومُطَيَّن، وعبد اللَّه بْن أحمد، وأحمد بْن محمد الوشاء، ومحمد بن محمد الباغندي، وأبو القاسم البغوي، وعبد الله بن ناجية وخلق. وكف بصره بأخرة فربما لقن ما ليس من حديثه. وقال أبو حاتم: كثير التدليس صدوق. وقال البَغَويّ: كان من الْحفّاظ. كان أحمد بْن حنبل يتيّقن عليه لولديه. وقال النسائيّ: ليس بثقة. وقال ابن مَعِين: هو حلال الدم. قلتُ: هذا الرجل مِمّن لَم يتورَّع ابن مَعِين في تضعيفه. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ثَنَا أَبُو يَعْلَى، ثَنَا ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ قَالَ فِي ديننا برأيه فاقتلوه"1 قال ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ تَلَوَّنَ فِيهِ سُوَيْدٌ، فَمَرَّةً يَرْوِيهِ هَكَذَا عَنِ ابْنِ أَبِي الرِّجَالِ، وَمَرَّةً يَرْوِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَجِيحٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ. وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي قَالَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَوْ وَجَدْتُ درقة وسيفًا لغزوت سويد الْأَنْبَارِيَّ. وقال الحاكم: أنكرَ عُلَيَّةُ على سُوَيْد حديثه في الْعِشْق. قال: وقيل إنّ يَحْيَى بْن مَعِينٍ لَمّا ذُكِرَ له هذا الحديث قال: لو كان لي فَرَس ورُمْح غَزَوْتُ سُوَيْدًا. وأكثر ما روى عنه مسلم، من روايته عن حفص بْن مَيْسَرَة. وقال إبراهيم بْن أبي طالب: قلت لِمسلم: كيف استجزت الرواية عن سُوَيْد في الصحيح؟ فقال: ومِنْ أينَ آتي بنسخة حفص بْن مَيْسَرة؟! قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: سُوَيْدٌ تَكَلَّمَ فِيهِ يَحْيَى، وَقَالَ: قَدْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عطية، عن أبي سعيد حديث: "الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" 2 قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فَلَمَّا دَخَلْتُ مِصْرَ سنة سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمَائَةٍ، وَجَدْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَنْجَنِيقِيِّ، وَكَانَ ثِقَةً، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، كَمَا قَالَ سويد فتخلص سويد. وقال ابن عدي:

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "1/ 325، 4/ 1595"، والخطيب في تاريخه "6/ 322، 9/ 229". قال أبو زرعة: سمعت يحيى بن معين يقول وقيل له: روى سويد هذا الحديث فقال: ينبغي أن يبدأ بسويد فيستتاب. انظر العلل "1/ 457"، وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة: قال في الوجيز وضعه إسحاق الملطي "507". 2 "الحديث صحيح": أخرجه الترمذي "3678"، وابن ماجه "118"، وأحمد "3/ 3، 62، 64"، والحاكم "3/ 166"، والطبراني "3/ 25، 28"، وهو في صحيح الجامع.

روى سُوَيْد، عن مالِك الْموطّأ، ويُقال إنّه سمعه خلف حائط، فضُعِّف في مالك. وهو إلى الضَّعْفِ أقرب. وقال أبو زُرْعة الرازيّ: أمّا كُتبه فصِحاح. وأمّا إذا حدّث من حِفْظِهِ فلا. وقال الْبُخَاريّ: تُوُفِّيَ في أول شَوّال سنة أربعين بالحديثة. فيه نظر. كان قد عَمِيَ، فلُقِّن ما ليس من حديثه. قال الْبَغَويّ: بلغ مائة سنة. قُلْتُ: وَمِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ سُوَيْدٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قِيلَ لَهُ: "لَوْ صَلَّيْتَ عَلَى أُمِّ سَعْدٍ. فَصَلَّى عَلَيْهَا وَقَدْ أَتَى لَهَا شَهْرٌ. وَكَانَ غَائِبًا"1. رَوَاهُ جَمَاعَةٌ ثِقَاتٌ عَنْهُ، وَهُوَ مِمَّا نُقِمَ عَلَيْهِ. وَكَذَا تَفَرَّدَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْمَهْدِيُّ مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ" 2. وَهَذَا إِنَّمَا رَوَاهُ النَّاسُ، عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَكِنْ لَفْظُهُ: "لَا تَذْهَبُ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلُكَ رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي" 3. 181- سويد بن نصر4 -ت. ن. أبو الفضل المروزي، المعروف بالشاه. سمع: ابن المبارك، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، ونوح بْن أبي مريم، وغيرهم. وعنه: ت.، ن.، والحسين بْن إدريس الهَرَويّ، والحَسَن بْن الطيّب البلْخيّ، وجماعة. قال النَّسائيّ: ثقة. وقيل إنّه جاوز التّسعين. تُوُفّي سنة أربعين أيضًا. "حرف الشين": 182- شجاع بن مخلد5 -م. د. ق.

_ 1 "خبر ضعيف": أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 1264"، وفي إسناده صاحب الترجمة وانظر كلام المصنف. 2 "إسناده ضعيف والمتن صحيح": أخرجه ابن عدي "3/ 1264"، وفي إسناده صاحب الترجمة، بيد أن الحديث له شاهد من حديث أم سلمة عند أبي داود "2/ 207"، وابن ماجه "2/ 519"، والحاكم "4/ 557"، قال الشيخ الألباني في الضعيفة "1/ 108" هذا سند جيد رجاله كلهم ثقات، وله شواهد كثيرة. 3 أخرجه ابن عدي في الكامل "3/ 1264". 4 انظر الجرح التعديل "4/ 239"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 148"، والثقات لابن حبان "8/ 295"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 272-274". 5 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 352"، والجرح والتعديل "4/ 379"، والثقات لابن حبان "8/ 313"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 251".

أبو الفضل البغوي، نزيل بغداد. سمع: هُشَيْمًا، وإسماعيل بْن عيّاش، وابن عُيَيْنَة، ووكيعا، وجماعة. وعنه: م. د. ق. وإبراهيم الحربيّ، وأبو القاسم البغوي، وموسى بن هارون، وحامد بن شعيب البلخي، وأحمد بن الحسن الصوفي. وثقه ابن معين، ومات سنة خمس وثلاثين. ويقال له الفلاس. وقال إبراهيم الحربيّ: حدَّثنِي شجاع بْن مَخْلَد ولَم نكتب ها هنا عن أحدٍ خير منه. وقال موسى بْن هارون: وُلِدَ سنة خمسين ومائة. وقال الحسين بْن فَهْم: تُوُفِّيَ في عاشر صفر، وحضره بشرٌ كثير. وهو ثقة ثَبْت. 183- شعيب بْن يوسف النسائي1 -ن. أبو عمرو. عن: ابن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وابن مهديّ، وغيرهم. وعنه: ن. ووثَّقه، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم. وكان من أصحاب الحديث الأَثْبات. 184- شيبان بْن أبي شيبة فروخ2 -م. د. ن. أبو محمد الحبطي، مولاهم الأبُلّيّ البصْريّ. سمع: أبا الأشهب العُطارِدِيّ، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وجرير بْن حازم، ومبارك بن فضالة، وسلام بْن مسكين، وأبان العطّار، ومحمد بْن راشد، وجماعة. وعنه: م. د. ون. عن رجلٍ، عنه، ومُطَيَّن، وخلق كثير. وكان ثقةً صدوقًا مكثرًا. قال عَبْدَان: كان عنده خمسون ألف حديث. وكان عندهم أثبت، من هُدْبَةَ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كان يرى القدر، واضطّر النّاس إليه بأخرة. قيل وُلِدَ سنة أربعين ومائة، فإنّ موسى بْن هارون سأله عن مولده، فقال: فيها. ثُمَّ شكّ شيئًا في أنّ مولده قبل ذلك بسنة أو سنتين. ومات سنة خمسٍ، وقيل سنة ست وثلاثين وهو أصح.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 353". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 357"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 254"، والثقات لابن حبان "8/ 315"، وتهذيب الكمال "12/ 598".

"حرف الصاد": 185- صالح بْن حاتم بْن وردان1 -م. أبو محمد البصري. سمع: أباه، وحمّاد بْن زيد، ويزيد بْن زُريع، ومعتمر بْن سليمان، وجماعة. وعنه: مُسلم، وأبو مسلم الكَجّيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، والبَغَويّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ست وثلاثين. وقال: أبو حاتم: شيخ. 186- صالح بن سهيل2 -د. أبو أحمد النخعي الكوفي. عن: مولاه يحيى بْن زكريّا بْن أبي زائدة، وعن: المُحاربيّ. وعنه: د. وأبو زُرْعة، وأبو حاتم ومطين، وأبو لبيد السامي، وآخرون. 187- صالح بْن عبد اللَّه بْن ذكوان3 -ت. أبو عبد الله الترمذي الباهلي الحافظ، نزيل بغداد. حدَّث عن: مالك، وشَرِيك، وعبد الوارث، وحماد الأبَحّ، وأبي عَوَانة، وجعفر بْن سليمان، وطائفة. وكان ثقة صدوقًا صاحب حديث. وعنه: ت. روى أيضًا عن رجلٍ، عنه، وابن أبي الدُّنيا، وصالح بْن محمد جَزَرَة، وأبو زُرْعَة، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وابن كرّام، وخلْق. قال أبو حاتم: صدوق. وقيل إنه تُوُفّي بمكّة سنة تسع وثلاثين. قال ابن حِبّان: كان صاحب حديث وسنة وفضل، كتب وجمع. 188- صالح بن محمد الترمذي4. عن: أبي داود الطَّيَالِسيّ، ومقاتل بْن الفضل اليَمَانيّ، والسدي الصغير، وعنه:

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 398"، والثقات لابن حبان "8/ 318"، والمجروحين له "1/ 27"، وتهذيب الكمال للمزي "13/ 27". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 405"، والثقات لابن حبان "8/ 318"، والمعرفة والتاريخ "3/ 201". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 407"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 285"، والثقات لابن حبان "8/ 317"، وتهذيب الكمال للمزي "13/ 61-64". 4 انظر الجرح والتعديل "4/ 412"، والثقات لابن حبان "8/ 317"، والمجروحين له "1/ 370، 371".

حازم بن زمزم البلخي الحنفي. قال ابن أبي حاتم. ثم قال ابن حِبَّان: كان جَهْمِيًّا داعيةً يبيعُ الْخَمْرَ وَيُبِيحُ شُرْبَهُ. رشا لهم ولّوه قضاء تِرْمذ، فكان يؤذي من يقول: الإيمان قولٌ وعملٌ. حتّى أنّه أخذ مُحدِّثًا صالِحًا، فجعل في عُنِقه حبلًا، وطّوف به. وكان الْحُمَيْدِيّ بِمَكّة يقنت عليه. وكان إسحاق بْن رَاهَوَيْه إذا ذكره بَكَى من تَجرُّئه على اللَّه. ولأبي عَوْن عصام فيه قصيدة طويلة أوَّلها: تفتّى بشرقِ الأرض شيخ مُفَّتنُ ... له قحم في الصالحين إذ ذُكِرْ أنافَ على التِّسْعِينَ لا دَرَّ دَرُّهُ ... وعجَّلَه ربِّي الجليل إلى سَقَرْ 189- صالح بْن مالك1. أبو عبد الله الخُوَارزميّ نزيل بغداد. حدث عن العزيز بْن أبي سَلَمَةَ الماجِشُون، وأظنّه آخر من حدث عنه، وأبي مسلم قائد الأعمش، وصالح المري، وحفص بن سليمان المقريء، وغيرهم. وعنه: عبد الله بن أحمد، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي، وآخرون. قال الخطيب: كان صدوقًا. 190- صَفْوانُ بنُ صالح بْن صَفْوان بْن دينار2 -د. الحافظ الكبير أبو عبد الملك الثقفي، مولاهم الدّمشقيّ، مُؤذّن جامع دمشق. سَمِعَ: ابن عيينة، وسُوَيْد بن عبد العزيز، ومروان بْن معاوية، والوليد بْن مسلم، ووَكيعًا، وطبقتهم. وعنه: د. وت. ن. عن رجل عنه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأحمد بن أنس بن مالك، وأحمد بن المعلَّى، وجعفر الفريابي، وَمحمد بْن قتيبة العسقلاني، وآخرون كثيرون. وكان يَنْتَحل مذهب الكوفييّن. قال أبو حاتم: صدوق. وقال التِّرْمِذيّ: ثقة. وقال السُّلَمِيّ بْن مُعَاذ: قلتُ لسليمان بْن عبد الرحمن: إنّ صَفْوان بْن صالِح يأبى أن يُحدِّثَنا. قال: فدخلَ صَفْوان فسلّم عليه، فقال سليمان: بلغني أنّك تأبى أن تحدِّث. قال: يا أبا يعقوب منعنا

_ 1 انظر الجرح والتعديل "4/ 416"، والثقات لابن حبان "8/ 318"، وتاريخ بغداد "9/ 316". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 425"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 309"، والثقات لابن حبان "8/ 321"، وتهذيب الكمال للمزي "13/ 191-196".

السُّلطان. قالَ: وَيْحَكَ، حدِّث، فإنّه بلغني أنّ أهل الْجَنَّةِ يحتاجون إلى العلماء في الجنّة كما يحتاجونَ إليهم في الدُّنْيَا. فحدَّث لعلّك أن تكون منهم. فحدثنا. قال أبو زُرْعة الدّمشقيّ: تُوُفّي أول سنة تسع وثلاثين. وقال عَمْرو بْن دُحَيْم: تُوُفّي في ربيع الأول سنة تسع. وقال يعقوب الفَسَويّ: وُلِدَ سنة ثمانٍ أو تسعٍ وستين ومائة. 191- صقر بْن عبد الرحمن الكوفيّ1. حدَّث ببغداد، عن: خلف بْن خليفة، وعبد اللَّه بْن إدريس. وعنه: أبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وغيره. وهو متروك. 192- الصَّلْت بن مسعود2 -م. أبو بكر، ويقال أبو محمد الجحدريّ البصْريّ قاضي سامرّاء. سمع: حمّاد بْن زيد، وعُبَيْد بْن القاسم، ودُرُسْت بْن زياد، والحارث بْن وجيه، وحرب بْن ميمون صاحب الأعشى، ومحمد بْن ثابت العبْديّ، وجماعة. وعنه: م. وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى، وعبدان، وأبو لبيد محمد بن إدريس، وجماعة. قال صالح جَزَرَة: ثقة. قلت: تُوُفّي في صفر سنة تسع وثلاثين. وكل ما روى عنه مسلم حديثًا واحدًا. "حرف الطاء": 193- طالوت بْن عَبّاد3. أبو عثمان البصْريّ الصَّيْرفيّ. عن: فضال بْن جُبَيْر، عن أبي أمامة الباهلي. وعن الربيع بْن مسلم، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وأبي هلال محمد بْن سُلَيم، واليَمَان أبي حُذَيْفة، وسعيد بْن إبراهيم، وجماعة. وله نسخة مشهورة وقعت لنا بعلو. وعنه:

_ 1 انظر المجروحين لابن حبان "2/ 213"، والكامل لابن عدي "4/ 1412"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 341"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 317". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 441"، والتاريخ الصغير للبخاري "233"، والثقات لابن حبان "8/ 324"، والكامل لابن عدي "4/ 399-1401". 3 انظر الجرح والتعديل "4/ 495"، والتاريخ الكبير للبخاري "4/ 363"، والثقات لابن حبان "8/ 329".

يحيى بْن محمد الحِنّائيّ، وعليّ بْن سعيد بن بشير الرازي، وآخرون. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال غيره: تُوُفّي سنة ثمان وثلاثين. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ، وَيُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّمْلِيِّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الذَّهَبِيُّ، ثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قال: "إذا تواجه المسلمان بسيفهما فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ" 1. 194- طاهر بْن أبي أحمد محمد بْن عبد اللَّه بْن الزُّبَيْر الزُّبَيْريّ2. عن: أبي بكر بْن عيّاش، وغيره. وعنه: محمد بْن عبد اللَّه الحضرميّ، وموسى بْن إسحاق القاضي، وغيرها. أورده ابن أبي حاتم في كتابه. وقد روى عن عثمان بن أبي شيبة، عن أبيه أبي أحمد. ورَّخ مُطَيَّن موته سنة أربعين ومائتين. 195- الطيب بن إسماعيل3. أبو أحمد الذهلي البغدادي اللؤلؤي المقريء العابد. كان كبير الشأن، كثير الورع، إماما في القراءة والتجويد. روى الحروف عن: الكسائي، ويعقوب الحضْرميّ، ويحيى بن آدم. وقرأ على إسحاق المسيبي، وعبيد الله بن موسى، وحسين الجعفي. وروى عن سُفْيان بن عُيَيْنَة، وغير واحد. وعنه: إسحاق بْن سُنَيْن الحبكيّ، وسليمان بن يحيى الضبي، وأبو العباس بن مسروق، والقاسم بْن أحمد المعشريّ. وقرأ عليه: أبو علي الحسين بن الحسين الصواف المقريء، وغيره. سيُعاد في الآتية. "حرف العين": 196- عاصم بن عمر بن علي بن مقدم4.

_ 1 "الحديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 13"، ومسلم "2888"، وأبو داود "4268"، والنسائي "7/ 124"، وابن ماجه "3963"، وأحمد "4/ 401، 403". 2 انظر الجرح والتعديل "4/ 499"، والثقات لابن حبان "8/ 328"، ووفيات الأعيان "6/ 383". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 360"، ووفيات الأعيان "6/ 183، 184"، والوافي بالوفيات "16/ 510". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 347"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 350"، والثقات لابن حبان "8/ 507".

أبو البشر المقدمي البصري. عن: أبيه. وعنه: أبو بكر بْن أبي الدُّنيا، وعبد اللَّه بْن أحمد، وأحمد بْن الحسن الصُّوفيّ، وجماعة. قال ابن مَعِين: صدوق. وقال البَغَويّ: مات سنة إحدى وثلاثين، وقد كتبت عنه. 197- عاصم بن النضر1 -م. د. ن. أبو عمر الأحول التميمي البصري. ومنهم من سمّاه عاصم بْن محمد بْن النَّضْر سمع: مُعْتَمر بْن سليمان، وخالد بْن الحارث. وعنه: م. د. ون، عنه، وإبراهيم ابن أورمة وأحمد بْن محمد بْن النَّضْر. سمع: مُعْتَمر بْن سليمان، وخالد بْن الحارث. وعنه: م. د. ون. عنه، وإبراهيم بن أرومة، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وهو الذي سماه عاصم بن محمد بن عاصم الرازي، وجعفر الفريابي، وعبدان الأهوازي، والحسين بن إسحاق التستري، وطائفة. 198- عبادة بن زياد الأسدي الكوفي2، بفتح أوله. روى عن: يحيى بْن العلاء الرازيّ، وقيس بْن الربيع، وعمر بْن سعْد، وجماعة من طبقتهم. وعنه: محمد بن عثمان أبي شيبة، وإبراهيم بْن سليمان النَّهْميّ، وعثمان بْن خُرَّزاذ، وأبو حُصَيْن محمد بْن الحسين الوادعي، وإبراهيم بن هانيء النَّيْسابوريّ، ومُطَيَّن وآخرون. قال موسى بْن هارون: تركتُ حديثه. وقال ابن عديّ: شيعيّ غال، تُوُفّي سنة إحدى وثلاثين بالكوفة. قال محمد بْن محمد بْن عَمْرو النَّيْسَابُوري: الحافظ عَبَادة بْن زياد مُجْمَعٌ على كذبه ووضعه الأحاديث. وقال أبو حاتم الرازيّ: محلُّه الصِّدق. وقال موسى بْن إسحاق الأنصاريّ: صدوق. قلت: روى أيضًا عن أبيه، عن أبي الزّناد، وروى عن أبي بكر بْن عيّاش. 199- عبّاس بْن الحسين3 -خ. أبو الفضل البغدادي القنطري، قنطرة البَرَدان. عن: يحيى بْن آدم، وأبي أسامة، ومبشر الحلبي.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 351"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 132"، والثقات لابن حبان "8/ 506". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 97"، والثقات لابن حبان "8/ 521"، وتاريخ الطبري "1/ 333"، والكامل "4/ 1654". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 215"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 7"، والثقات لابن حبان "8/ 511"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 137".

وعنه: خ.، والحسن بْن عليّ المعمريّ، وعبد الله بن أحمد، وموسى بن هارون. ووثقه عبد الله. قال أبو عبدة الله بْن مَنْدَه: تُوُفّي سنة أربعين. 200- العبّاس بْن عبد الله البغداديّ الورّاق1. عن: وَكِيع ومحمد بْن بكر البرْسانيّ. وعنه: أبو بكر الصغاني، ويزيد بن الهيثم، وأحمد بن بشر المرثدي. وثقه الدارقطني وقال: عنده المصنفَّ لوكيع. مات سنة ثلاث وثلاثين. 201- العبّاس بْن عبد الرحمن2. أبو الحارث القُرَشيّ الدِّمشقيّ. عن: بكر بْن عبد العزيز. وعنه: أبو حاتم الرازيّ، وأبو عبد الملك البُسْريّ، وجماعة. قال أبو حاتم: صدوق. 202- عبّاس بْن عثمان بْن محمد3 -ق. أبو الفضل البجلي الدمشقي الراهبي، من محلّة الراهب. كان مُؤدبًا له فضيلة وإتقان. سَمِعَ: الوليد بْن مسلم، وَعِرَاكَ بْن خَالِد. وعنه: ق.، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وَأَبُو زُرْعَة الدّمشقيّ، وعثمان بْن خُرَّزاذ، وأحمد بْن علي بن الأبّار، وعمر بن سعيد المنبجي، وطائفة. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِم يَقُولُ: احفظوني فِي عبّاس، فإنّ لي فِيهِ فراسة. ووثّقه أَبُو الْحَسَن بْن سُمَيع. قَالَ أبو زُرْعة: وُلِدَ سنة ستٍّ وسبعين ومائة، ومات سنة تسعٍ وثلاثين. 203- العبّاس بْن غالب البغدادي الورّاق4. كَانَ عنده "المصنّف" لوكيع. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر الصَّغَانيّ، وأحمد بْن بِشْر المَرْثَديّ. وثّقه الدَّارَقُطْنِيّ، ومَات سنة ثلاثٍ وثلاثين.

_ 1 سيأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 211". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 218"، والثقات لابن حبان "8/ 511"، وتهذيب الكمال للمزي "4/ 233". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 362"، والجرح التعديل "6/ 217"، وأخبار القضاة "2/ 312"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 136".

قال أبو أَحْمَد بْن حُمَيْد: كَانَ أَحْمَد بْن حنبل يُعظّم شأنه. وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو زُرْعَة الرازيّ فقال: ثقة لا بأس بِهِ. 204- الْعَبَّاس بْن الوليد بن نصر1 -خ. م. ن. أبو الفضل الباهلي. مولاهم النَّرْسِيّ الْبَصْرِيّ، ابن عمّ عَبْد الأعلى بن حماد. ونرس هو جدهما نصر، كان بعض العجم يريد أن يدعوه نصر فنطق بِهَا نَرْس لِرَدَاءَة لسانه. سمع: أَبَا عَوَانة، وعبد الواحد بْن زياد، والْحمَّادَيْن، ويزيد بْن زُرَيْع، وعبد اللَّه بْن جَعْفَر المدينيّ، وجماعة. وعنه: خ. م. ون. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن عليّ الْمَرْوَزِيّ، وأحمد بْن عليّ الأبّار، وأحمد بْن عليّ الْمَوْصِليّ، والْحَسَن بْن سُفْيَان، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وطائفة. وثّقه ابن مَعِين، وغيره ورجّحوه عَلَى ابن عمّه. تُوُفِيّ سنة سَبْعٍ وثلاثين، وقيل: سنة ثَمانٍ. 205- عَبْد اللَّه بْن برّاد بْن يوسف بْن أَبِي بُرْدَة بن أبي موسى الأشعريّ2 -م. أبو عامر الكوفي، عمّ عَبْد اللَّه بْن عامر بْن برّاد. سمع: عَبْد اللَّه بْن إدريس، وابن فُضَيْلٍ، وأبا أسامة، وغيرهم. وعنه: م.، وقال الْبُخَاريّ فِي "الصحيح": قَالَ عبدُ اللَّه بْن برّاد: نا أَبُو أسامة فذكر حديثًا. وروى عَنْهُ: مُوسَى بْن هارون، ومُطَيَّن، وعَبْدَان، وَالْحَسَن بْن سُفْيَان. قَالَ الْإِمَام أَحْمَد: لَيْسَ بِهِ بأس. كَانَ معنا بالكوفة. وقال مطيَّن: مات فِي جُمَادى الآخرة سنة أربعٍ وثلاثين. وأمّا ابن أخيه فيروي عَنْهُ ابن ماجة، وينسبه إلى جده فيوهم أنه هو. 206- عبد الله بكّار. سمع: عِكْرِمَة بْن عمّار، ومحمد بْن ثابت البُنَانيّ. روى عنه: أبو يعلى الموصلي، وهو من كبار شيوخه.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 214"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 6"، والثقات لابن حبان "8/ 510"، وتهذيب الكمال للمزي "14/ 259". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 416"، والجرح والتعديل "5/ 17"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 57"، والثقات لابن حبان "8/ 354".

207- عبد الله بن الجراح بن سعيد1 -د. ق. أبو محمد التميمي القهستاني، نزيل نَيْسَابُور. محدِّث جليل عالي الإسناد. رحل وسمعَ: مالك بْن أنس، وحمّاد بْن زيد، وإبراهيم بْن سعْد، وأبا الأحْوَص، وشَرِيك بْن عَبْد اللَّه، وطائفة. وعنه: د.، ق.، وأبو عبد الرحمن النسائي في حديث مالك، وإبراهيم بن أبي طالب، والحسن بن سفيان، وأبو العباس السراج، وعدة. قَالَ أبو حاتم: كَانَ كثير الخطأ، ومحلُّه الصِّدْق. وقال النسائيّ: ثقة. وقال الحاكم: مُحدِّث كبير سكنَ نَيْسَابُور، وبِهَا انتشر عِلْمُه. وقال أَبُو يَعْلَى الخليليّ: تُوُفِيّ سنة سَبْعٍ وثلاثين ومائتين. وقال أَبُو قُرَيش الحافظ: تُوُفِيّ سنة اثنتين وثلاثين. قلتُ: هذا غلط، ويُبيّن ذَلِكَ سماع النَّسائيّ منه. فإنّه إنّما قدِمَ نَيْسَابُور سنة خمس أوست. 208- عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن يَحْيَى بْن خالد2 -م. د. أبو محمد البرمكي ابن وزير الرشيد. سكن البصرة ثم بغداد. وحدَّث عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وإسحاق الأزرق، ووَكِيع، ومَعْن القزّاز. وعنه: م. د. وأحمد بْن عَمْرو البزّار، وجعفر الفريابي، والقاسم بن زكريا المطرز، وجماعة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: ثقة. 209- عَبْد اللَّه بْن حرب اللَّيْثِيّ3. عَنْ: عَبْد السلام بْن حرب الليثي، والمعتمر بْن سُلَيْمَان، وهذه الطبقة. كتب عَنْهُ أَبُو حاتِم وقال: ثقة حافظ.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 27، 28"، والثقات لابن حبان "8/ 356"، والكامل في التاريخ "1/ 593"، وتهذيب الكمال "14/ 361-363". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 24"، والتاريخ الكبير للبخاري "151"، والثقات لابن حبان "8/ 360"، وتهذيب الكمال للمزي "14/ 384". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 41، 42".

210- عَبْد اللَّه بْن خُلَيْد1. أَبُو العميثل الكاتب. شاعر مُجيد، وكاتب بليغ، ولُغَوِيّ بارع. كتب الإنشاء للأمير عَبْد اللَّه بْن طاهر، وله فِيهِ مدائح. وبَلَغَنَا أنّ أَبَا تَمّام الطّائيّ لَمَّا أنشد الأمير عبدَ اللَّه بْن طاهر قصيدته البابيّة قَالَ أَبُو العُمَيْثِل: يا أَبَا تَمّام لِمَ لا تقولُ ما يُفْهَم؟ فقال: يا أبا العميثل: لما لا تَفْهَمُ مَا يُقال؟ قِيلَ: هذا الجواب المُسْكِتُ الْمُطْرِبُ. تُوُفِيّ سنة أربعين. 211- عَبْد اللَّه بن سالم2 -د. ق. ويُقال: عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سالِم الزبيدي الكوفي القزاز. أبو محمد المفلوج. سمعَ: وَكِيعًا، وعُبَيْدَةَ بْن الأسود، والْحُسَيْن بْن زيد بْن عليّ الهاشِميّ، وجماعة. وعنه: د. ق. وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، ومُطَيَّن، والْحَسَن بْن سُفْيَان، وجماعة. قال أبو يعلى؛ كان من خيار الكُوفَة. وقال مُطَيَّن: مات فِي شوّال سنة خمسٍ وثلاثين. 212- عَبْد اللَّه بْن سَعْد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ3. أَبُو القاسم الزُّهْرِيّ العَوْفِيّ البغداديّ. كَانَ أكبر إخوته. سمع: أباهُ، وعمّه يعقوب بن إبراهيم، وجعفر بن عون. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن حنبل، وأبو القاسم البغوي، وجماعة. وثقه ابن حبان، وغيره. ومات بالمصيصة، سنة ثمان وثلاثين. ذكر ابن عدي وحده أنّ خ. روى عَنْهُ فِي صحيحه. وأمّا رواية الْبُخَاريّ عَنْ أخيه عُبَيْد اللَّه فبِلَا شكّ. 213- عَبْد اللَّه بْن سلَّام الشّاشِيّ. عَنْ: حمّاد بْن زيد، ومعاوية الضّال، وهشيم، وعمرو بن الأزهر. وعنه: فتح

_ 1 انظر الفهرست لابن النديم "48"، ووفيات الأعيان "3/ 89-91"، والبداية والنهاية "10/ 322، 323". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 77"، والثقات لابن حبان "8/ 350"، وتهذيب الكمال للمزي "14/ 551، 552". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 64"، والثقات لابن حبان "8/ 366"، وتهذيب الكمال "15/ 17".

ابن عبيد السمرقندي، وغيره. مات في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. وذكره الخطيب في تلخيصه. 214- عبد الله بن سليمان1. أبو محمد البعلبكي العدوي. سمع: اللَّيْث بْن سعد، وابن المبارك، وغيرهما. وعنه: يَحْيَى بْن محمد بْن أَبِي الصُّفَيْرَاء شيخ لابن عديّ، ومحمد بْن محمد الباغَنْدِيّ. وهو مستقيم الحديث مُقِلّ. 215- عَبْد اللَّه بْن عامر بْن زُرَارة2. أَبُو محمد الحضرميّ، مولاهم الكوفيّ. عَنْ أَبِيهِ، وشَرِيك، ويَحْيَى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة، وعليّ بْن مُسْهِر، وأبي بَكْر بْن عيّاش، وجماعة وعنه: م. د. ق، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وعبْدَان، وأبو يعْلَى، ومحمد بْن صالِح بْن ذَرِيح، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال مطين: مات سنة سَبْعٍ وثلاثين. وكان يلّون بصُفْرَة. 216- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الجبّار3. أَبُو القاسم الخَبائريّ الحمصيّ، من ولد خبائر بْن كَلاع بْن شُرَحْبيل. سَمِعَ: إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، ومحمد بْن حرب، وبقية، وأبي إسحاق الفزازي، وطائفة. وأقْدَمَ شيخ لَهُ الحكم بْن الوليد الوُحَاظيّ -تابعيّ سَمِعَ من عَبْد اللَّه بْن بُسْر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وعُمِّر دهرًا. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتِم الرّازيّان، وإسماعيل بْن محمد بْن قيراط، ومحمد بْن عَوْف الطّائيّ، وجعفر الفِرْيَابيّ، وجماعة. قَالَ ابن عديّ: تُوُفِيّ سنة خمس وثلاثين. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال أَبُو أَحْمَد الحاكم: كَانَ إمام مسجد حمص.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 364"، والكامل لابن عدي "4/ 1545"، وتاريخ بغداد للخطيب "9/ 463، 464"، وميزان الاعتدال "2/ 432". 2 الجرح والتعديل "1/ 123"، الثقات لابن حبان "8/ 355"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 142، 143". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 106"، والثقات لابن حبان "8/ 348"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 189، 190".

217- عَبْد اللَّه بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زيد بن الخطاب1 -ن. أَبُو محمد، وقيل أَبُو عُمَرَ الخطّابيّ الْبَصْرِيّ. سَمِعَ: عَبْد العزيز بْن محمد الدَّرَاوَرْدِيّ، ومُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، ويزيد بْن زُرَيْع، ومحمد بْن يزيد الواسطي، وجَمَاعة. وعنه: أَبُو بَكْر الأثرم، وعِمْرَان بْن مُوسَى بْن مُجَاشِع، وهِلالُ بْن العلاء، وعَبْدَان الأهوَازِيّ، والبَغَويّ. وثّقه الخطيب، وغيره. ومات فِي ذي القعدة سنة ستًّ وثلاثين. روى النَّسَائيّ، عَنْ هلال، عَنْهُ. 218- عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن الرّمّاح2. أَبُو محمد النَّيْسَابُوريّ قاضي نَيْسَابُور. قَالَ الحاكم: وليَ القضاء أيام المعاذية، ثم بقي إلى أول أيام الطاهرية وكان أبوه بلخيا. سَمِعَ منه: يحيى بْن يَحْيَى. وروى الرّمّاح عَنْ مقاتل بْن سُلَيْمَان. واسم الرّمّاح: ميمون. رحل عبد الله وسمع: مالكًا، وحمّاد بْن زيد، ومُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، وجماعة. روى عَنْهُ: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه مَعَ تقدُّمه، والذُّهِليّ، وإبراهيم بْن أَبِي طالب، وجعفر بْن محمد بْن سَوّار، وزكريّا بْن دَلُّويه، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب الفَرّاء، وخلْق سواهم. وقد كَانَ عبدُ اللَّه من غُلاةِ السنة القوّالين بالحقّ. قَالَ أَبُو زيد عَبْد اللَّه بْن محمد: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: من قَالَ القرآن مخلوق فهو كافر. وَمَنْ قَالَ الجمعة ليست بواجبة فهو كافر، ومَن شكّ فِي كُفْرِهم فهو كافر. قَالَ محمد بْن يحيى الذُّهَليّ: هُوَ ثقة. وقال الحاكم: ثنا أَبُو الفضل محمد بْن إِبْرَاهِيم، ثنا أَبُو الْعَبَّاس مكّي بْن محمد البلْخِيّ، ثنا أَبُو سُلَيْمَان محمد بْن منصور قَالَ: قَالَ لي بِشْر بْن الوليد: اشكروا ابن الرّمّاح. فقد كُنَّا فِي مجلس أمير المؤمنين وهو وراء السِّتْر، فخرجَ خَصِيّ فقال: أميرُ المؤمنين يَقُولُ: مَنْ لَمْ يكن عَلَى رأينا فلا يشهد مجلسَنا. فقام ابن الرّمّاح وقال: لسنا عَلَى هذا الرأي، ولا نُبَالِي ألا نجلسَ هذا المجلس. قَالَ بِشْر: فغطّيتُ وجهِي وسددت أذني وقلت: الساعة أسمع وقع السيوف3.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 356"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 21". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 11"، والثقات لابن حبان "8/ 357"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 12، 13". 3 أي أنه يضرب بالسيف ليقتل.

فلمّا لَم أسمع رفعتُ يدي، وإذا قفاهُ ووجهه إلينا قد بلغ الباب ليخرج فقلتُ: الحمد لله الَّذِي سلّمه منهم. تُوُفِيّ فِي ثالث عشر ذي القعدة سنة أربعٍ وثلاثين. 219- عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن مُحَمَّد بْن أبان بْن صالِح بْن عُمَيْر الأُمَويّ1 -م. د- مولى عثمان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الكوفي، مُشْكُدَانَة. سَمِعَ: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وابن المبارك، وعبيد اللَّه الأشجعي، وعليّ بْن هاشم بْن البُرَيد، ويَحْيَى بْن زكريّا بن زائدة، وابن فُضَيْل، وطائفة. وعنه: م. د. وأبو زُرْعَة الرازيّ، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن عليّ القاضيّ، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج، ومحمد بْن عَبْدُوس السّرّاج، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبان السّرّاج، وأبو القاسم البَغَويّ. قَالَ أَبُو حاتِم: صدوق. وقال أَبُو العبّاس السّرّاج: سَمِعْتُهُ يَقُولُ، وأتاهُ رجلٌ عَلَى كتابهِ مُشكدانة فغضب، وقال: إنّما لقَّبني مُشْكدانة أَبُو نُعَيْم. كنت إذا أتيتُه تلبّست وتطيَّبت، فإذا رآني قَالَ: قد جاء مُشكدانة وهو بلسان الخُراسانيّين: وعاء المِسْك. قَالَ ابن عساكر: مات فِي المحرم سنة تسعٍ وثلاثين. قِيلَ: كَانَ يتشيّع. وسيُذكَر فِي ترجمة صالِح جزرَة. 220- عَبْد اللَّه بْن عَمْرو2 -م. ويُقالُ عَبْد اللَّه بْن محمد بْن الروميّ اليمامي. نزيل بغداد. سَمِعَ: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وأبا معاوية، وجماعة. وعنه: م، وإبراهيم الحربيّ، وأبو حاتم الرازي، وقال: صدوق. تُوُفِيّ سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 221- عَبْد اللَّه بْن عِمْرَان بْن أَبِي عليّ الأسَديّ الأصبهانيّ3 -ق. نزيل الرِّيّ. سَمِعَ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وأبا معاوية، وجماعة. وعنه: ق.، وأبو محمد الدّارميّ، وإسماعيل سَمُّويْه، وإبراهيم بن نائلة، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي، وآخرون.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 110، 111"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 145، 146"، والثقات لابن حبان "8/ 358"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 345، 347". 2 انظر تاريخ بغداد "10/ 71، 72". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 130"، والثقات لابن حبان "8/ 358"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 160"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 379-381".

قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقد روى عَنْهُ البخاريّ خارج "الصحيح". 222- عَبْد اللَّه بْن عَوْن1 -م. ن. ابن أمير الديّار المصرية أَبِي عَوْن عَبْد الملك بْن يزيد الهِلاليّ البغداديّ أَبُو محمد الأدمي الخراز الزاهد. أخو محرز بن عون. سَمِعَ: مالِكًا، وشَرِيكًا، وإبراهيم بْن سعْد، وإسماعيل بْن جَعْفَر، ومبارك بْن سَعِيد الثَّوْرِيّ، وخلف بن خليفة، ويوسف بن الماجشون، وخلقًا وعنه: م. ن. عَنْ رَجُل، عَنْهُ، وأبو زُرْعَة، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وأبو شُعَيْب الحرَّانيّ، وأحمد بْن عليّ الْمَرْوَزِيّ، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، ومطيَّن، وأبو القاسم البَغَويّ، وخلْق. وثّقه ابن مَعِين، والدَّارَقُطْنِيّ. وقال صالِح جَزَرَة: ثقة مأمون، يُقال: إنّه كَانَ من الأبدال. وقال ابن منيع: ثنا عبد الله بن عون الخزاز وكان من خيار عباد الله. قَالَ: ومات فِي رمضان سنة اثنتين وثلاثين، قلتُ: وقع حديثه عاليًا. 223- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أسماء بْن عُبَيْد بْن مخارق2 -خ. م. د. ن. ويُقال ابن مِخْراق. أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الضُّبَعِيّ البصري. سَمِعَ: عمّه جُوَيْرية بْن أسماء، ومهديّ بْن ميمون، وجعفر بْن سُلَيْمَان، وابن المبارك. وعنه: خ. م. د. ون. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن إِبْرَاهِيم البوسنجيّ، وموسى بْن هارون، ويوسف القاضي، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وأبو خليفة، وأخرون. وثَّقه أَبُو حاتِم. وقال ابن وارة: حدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن محمد، وقيل لَهُ: هُوَ أفضل أهَلِ البصرة، فذكرته لِعليّ بْن الْمَدِيني فعظَّم شأنه. وقال أَحْمَد الدَّوْرَقِيّ: لَم أرَ بالبصرة أفضل منه. تُوُفِيّ سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وفي مُسْنَد أَبِي يَعْلَى جملةٌ من عواليه. 224- عبد الله بن محمد بن إسحاق3.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 357"، والجرح والتعديل "5/ 131"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 34"، وتهذيب الكمال للمزي "15/ 402-405". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 307"، والجرح والتعديل "5/ 159"، والثقات لابن حبان "8/ 356"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 733، 734". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 160"، والثقات لابن حبان "8/ 343".

أَبُو محمد الْفَهْميّ المعروف بالبيطاريّ الفقيه الْمَصْرِيّ. روى عَنْ: مالك، وابن لَهِيعة، وسليمان بن بلال، وجماعة. وعنه: أبو زرعة الرازي، ويعقوب الفسوي، وآخرون. قَالَ ابن يونس: تُوُفِيّ فِي صَفَر سنة إحدى وثلاثين. وكان ينزلُ عِنْدَ بلال البيطار، فنُسِبَ إِلَيْهِ. وثّقه أَحْمَد بْن صالِح المصريّ. 225- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نُفيل1 بْن زراع بْن عليّ –وقيل: ابن زرّاع بْن عَبْد اللَّه بْن قيس بْن عصْم بْن كُرْز بْن هِلال -خ. ع- الإمام أبو جعفر القضاعي النفيلي الحراني الحافظ. سَمِعَ: مالك بْن أنس، وزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة، وَمَعْقِلَ بْن عُبَيْد اللَّه، وأبا الْمُلَيْح الْحَسَنَ بْن عُمَرَ الرَّقِيّ، وابن المبارك، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزِّنَاد، وعُفَيْر بْن مَعْدَان، وهُشَيْم بْن بشير، وَخَلْقًا. وأقدمَ شيخ سَمِعَ من محمد بْن عمران الحَجَبيّ -شيخ مدنيّ- روى عَنْ جدَّته صفيّة بِنْت شَيْبَة. وعنه: د. وخ. ت. ن. ق. عن رجل، عنه، وأحمد بْن حنبل، وابن مَعِين، ومحمد بْن يَحْيَى الذُّهَليّ، وأبو زُرْعَة، وأبو داود سُلَيْمَان بْن سيف الحرّانيّ، وأحمد بْن سُلَيْمَان الرُّهَاويّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم البُوسَنْجِيّ، وجعفر الفِرْيَابيّ، وخلْق. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة الآجُرِّيّ: سمعتُ أَبَا دَاوُد يقول: ما رَأَيْت أحفظ من النُّفَيْلِيّ. قلتُ: ولا عِيسَى بْن شاذان؟ قَالَ: ولا عِيسَى بْن شاذان. وكان الشَّاذكُونِيّ لا يقرّ لأحدٍ فِي الْحِفْظ إلَّا للنُّفَيْلِيّ. وكان أَحْمَد إذا ذكره يعظمّه. قَالَ أَبُو داود: ما رأينا لَهُ كتابًا قطّ. وكلّ ما حَدَّثَنَا فمن حِفْظِه. وقال: قلتُ لأحمد: أيّما أثبت فِي زُهَيْر: أَحْمَد بْن يونس، أو النُّفَيْلِيّ؟ فقال: أَحْمَد بْن يونس رجلٌ صالِح، والنُّفَيْلِيّ صاحب حديث. وسمعتُ أَبَا داود يَقُولُ: اشْهَدْ عليَّ أنيِّ لَمْ أرَ أحفظ من النُّفَيْلِيّ. وقال أَبُو حاتِم: ثنا ابنُ نُفَيْل الثّقة المأمون. وروى أَحْمَد بْن سَلَمَةَ النَّيْسَابُوريّ، عَنِ ابْن وارة قَالَ: أَحْمَد بْن حنبل ببغداد، وأحمد بْن صالِح بِمصر، وابن نُمَيْر بالكوفة، والنُّفَيْلِيّ، بِحرَّان، هَؤُلَاءِ أرْكَانُ الدِّين. وقال جَعْفَر بْن أبان: سمعتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: أَبُو جَعْفَر النُّفَيْلِيّ أهلٌ أن يقتدى به. وعن ابن نمير قال: كان النُّفَيْلِيّ رابع أربعة. قِيلَ: مَنْ هُم؟ قَالَ: ابن مَهْديّ، ووكيع، وأبو نُعَيْم، وهو رابعهم. تُوُفِيّ النُّفَيْلِيّ فِي أحد الربيعين سنة أربعٍ وثلاثين، وأحسبه جاوز الثمانين.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 487"، والجرح والتعديل "5/ 159"، والثقات لابن حبان "8/ 356"، وتهذيب الكمال "2/ 738".

226- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي شَيْبَة إبراهيم بن عثمان بن خواستى1 -خ. م. د. ن. ق- الإمام أبو بكر العبسي، مولاهم الكوفيّ الحافظ أحد الأعلام. سَمِعَ: شَرِيك بْن عَبْد اللَّه القاضي، وأبا الأَحْوَص، وعبد السَّلام بْن حرب، وأبا خَالِد الأحمر، وجرير بْن عَبْد الحميد، وابن المبارك، وعليّ بْن مُسْهِر، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعَبّاد بْن العَوَّام، وعبد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، وخلف بْن خليفة، وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعليّ بْن هاشم بْن البُرَيْد، وعمر بْن عُبَيْد، وهُشَيْم بْن بشير، وخلْقًا كثيرًا. وعنه: خ. م. د. ق. ون، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وابنه، إِبْرَاهِيم بْن أَبِي بَكْر، وابن أخيه محمد بْن عثمان بْن أَبِي شيبة، وأبو زرعة، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بْن وضَّاح، وبَقِيّ بْن مَخْلَد القُرْطُبيّان، والْحَسَن بْن سُفْيَان، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وجعفر الفريابي، والبغوي، وخلق سواهم. وروى عنه القدماء: محمد بْن سَعْد فِي الطبّقات. قَالَ يَحْيَى الحِمّانيّ: أولاد ابن أَبِي شَيْبَة من أهل العلم، كانوا يزاحموننا عِنْدَ كلّ محدِّث. وقال أَحْمَد بْن حنبل: أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة صدوق، وهو أحبُّ إليّ من أخيه عثمان. وقال أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه العِجْليّ: كَانَ ثقة حافظًا للحديث. وقال محمد بْن عُمَرَ بْن العلاء الْجُرْجَانيّ: سمعتُ أَبَا بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وأنا معه فِي جُبّانة كِنْدَة، فقلتُ لَهُ: يا أَبَا بَكْر سمعتَ من شُريك وأنتَ ابنُ كم؟ قَالَ: وأنا أربع عشرة سنة، وأنا يومئذ أحفظُ للحديث منّي اليوم. فسألتُ ابن مَعِين عَنْ سماع أَبي بَكْر، عَنْ شَرِيك، فقال: أَبُو بَكْر عندنا صدوق. وما يحمله أن يَقُولُ وجدتُ فِي كتاب أَبِي بخطّه، وحُدِّث عَنْ رَجُل حديث الدّجّال وكُنّا نظنُّ أَنَّهُ سمعه من أَبِي هشام الرِّفَاعِيّ. وقال عَمْرو الفلاس: ما رأيتُ أحفظَ من ابن أَبِي شَيْبَة. قَدِمَ علينا مَعَ عليّ بْن الْمَدِينيّ فسَرَد الشَّيْبَانيّ أربعمائة حديث حفظًا وقام. وقال أَبُو عُبيد: انتهى الحديث إلى أربعة: أَبُو بَكْر بْن أَبِي شيبة أسردهم له، وأحمد بن حنبل أفقههم فِيهِ، ويَحْيَى بْن مَعِين أجمعهم لَهُ، وعليّ بْن المديني أعلمهم بِهِ. وقال عَبْدَان الأهْوازيّ: كَانَ يقعد عِنْدَ الأُسْطُوانة أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وأخوهُ، ومُشْكَدَانة، وعبد اللَّه بْن البراد، وغيرهم، كلهم

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 413"، والجرح والتعديل "5/ 160"، والثقات لابن حبان "8/ 358"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 732، 733".

سُكُوت إلا أَبَا بَكْر، فإنَّه يَهْدُر. قَالَ ابن عَدِيّ: هِيَ الأُسْطُوانة الَّتِي كَانَ يجلسُ إليها ابنُ عُقْدَةَ. فقال لي: ابنُ عقدة: هِيَ أسْطُوانة ابن مَسْعُود، جلس إليها بعده عَلْقَمة، وبعده إِبْرَاهِيم، وبعده منصور، وبعده الثَّوْرِيّ، وبعده وكيع، وبعده أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، وبعده مُطَيَّن. وقال صالِح جَزَرَة: أعلمُ من أدركت بالحديث وعِلَله: عليّ بْن الْمَدِيني، وأحفظهم عِنْدَ المذاكرة أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة. وقال ابن عُقْدَةَ: سمعتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن خِرَاش: سمعتُ أَبَا زرْعَة يَقُولُ: ما رأيتُ أحفظَ من أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة. فقلتُ: يا أَبَا زُرْعَة، فأصحابنا البغداديّون؟ فقال: دع أصحابك، فإنَّهم أصحابُ مخاريق، ما رأيتُ أحفظَ من أَبِي بَكْر بْن أَبِي شيبة. وعن أبي عبيد قال: أحسنهم وضعًا لكتاب الله أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة. قَالَ الخطيب: كان متقنًا حافظًا. صنف "المسند" و"الأحكام" و"التفسير"، وحدَّث ببغداد هُوَ وأخواه: القاسِم وعُثْمَان. قَالَ نَفْطَوَيْه فِي تاريخه: وفي سنة أربعٍ وثلاثين أشخص المتوكّل الفقهاءَ والمحدِّثينَ، فكان بيْنَهُم مُصْعَب الزُّبَيْرِيّ، وإسحاق بْن أَبِي إسرائيل، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه الْهَرَويّ، وأبو بَكْر، وعثمان ابنا أَبِي شيبة، وكانا من الحفّاظ. قَالَ: فَقُسِّمَت بينهم الجوائز، وأمرهم المتوكّل أن يُحدِّثوا بالأحاديث التي فيها الرّدُّ عَلَى الْمُعْتَزِلَة والْجَهْمِيَّة، فجلس عثمان فِي مدينة المنصور، واجتمعَ عَلَيْهِ نحوٌ ثلاثين ألفًا. وجلس أَبُو بَكْر فِي مسجد الرّصافة، وكان أشدّ تقدُّمًا من أخيه، واجتمعَ عَلَيْهِ نحوٌ من ثلاثين ألفًا. قَالَ البخاريّ: مات فِي الْمُحَرَّم سنة خمسٍ وثلاثين. قلتُ: له كتابان كبيران نفيسان: "المسند" و"المصنف". 227- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن هاني1. أَبُو عَبْد الرَّحْمَن النَّيْسَابُوريّ النَّحْوِيّ تلميذ الأخفش الأوسط. سَمِعَ: يُوسف بْن عطيّة، وعبد الأعلى بْن عبد الأعلى، ومحمد بن جعفر غندرًا، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي الدُّنيا، وعبد الله بن ناجية، وجعفر بن محمد بن سوار، محمد بن شادل، والسراج. قَالَ الخطيب: ثقة. تُوُفِيّ سنة ستٍّ وثلاثين. 228- عَبْد اللَّه بْن محمد2.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "10/ 72، 73". 2 انظر طبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 329"، والأنساب "10/ 477"، ولسان الميزان "3/ 347".

أَبُو الوليد الكِنَانيّ. عَنْ عَبْد اللَّه بْن إدريس، وأبي معاوية الضرير، وأبي داود الطيالسي. كان كثير الحديث، إلا أَنَّهُ تَجَاهَرَ بالرَّفْض، وأنكر خلافة الصِّدِّيق -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فجمع له الأمير عبد العزيز دُلَف مشايخ ناحيته، أَبَا مَسْعُود الحافظ، ومحمد بْن بكّار، ومحمد بْن الفَرَج وزيد بْن خَرَشَة، فناظروه، فأبى إلا الثّبوت عَلَى ضلاله. فضربه أربعين سَوْطًا، وهَجَرَهُ النّاس. ثُمَّ صنّف ابن مَسْعُود كتابًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ. 229- عَبْد اللَّه بْن مروان بْن معاوية1. أَبُو حُذَيْفَة الفزازي. عَنْ: أَبِيهِ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والوليد بْن مُسْلِم. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وأبو القاسم البغوي. وثقه الخطيب. توفي سنة إحدى وثلاثين. 230- عبد الله بن مسلم بن رشيد2. أبو محمد بن الهاشمي، مولاهم. حدَّثَ نيسابور عَنْ: مالك، واللَّيْث بْن سعد، وإبراهيم بْن هَدْبة. وعنه: الْعَبَّاس بْن حمزة، وعبد اللَّه بن محمد النصراباذي، وغيرهما. وكان ثقة قد اتُّهِمَ بالوضع. 231- عَبْد اللَّه بْن مطيع بن راشد3 -م. ن. أبو محمد البكري النيسابوري. عن: إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر، وهُشَيْم، وابن المبارك. وعنه: م. ون. عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو القاسم البَغَويّ، وجماعة. وقعَ لِي حديثه عاليًا. وتُوُفِيّ سنة سَبْعٍ وثلاثين. 232- عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بن شيبة4. أبو محمد الأنصاري.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 151، 152". 2 انظر المجروحين لابن حبان "3/ 44"، والضعفاء "2/ 141"، ولسان الميزان "3/ 359". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 153"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 154"، والثقات لابن حبان "8/ 351"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 177". 4 انظر الجرح والتعديل "5/ 167"، والثقات لابن حبان "8/ 355"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 147".

حدَّث ببغداد، عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن قيس، ومُصْعَب النَّوْفَليّ، وإبراهيم بن صرمة، وعنه: تمتام، والبغوي، ومحمد بن المجدر. قَالَ أبو حاتم: كَانَ بحُلْوان، ومحلُّه الصِّدْق. 233- عَبْد اللَّه بْن يزيد بن راشد1. أبو بكر القرشي الدمشقي المقريء، الملقب بحمار القُرّاء. شيخٌ مُسِنّ مُعَمِّر، روى عن: ثور بن يزيد، هشام بْن الغاز، والأوزاعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن يزيد بْن جَابِر، والوليد بْن سُلَيْمَان بْن أَبِي السائب. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، ويزيد بن عبد الصمد، وأحمد بن المعلى، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن الفيض الغساني، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، وجماعة. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ، قد حدَّث عَنْهُ ثقات. وقال بعضهم: لَم يدرك ثور بْن يزيد، إنّما روى عَنْ صَدَقة بْن عَبْد الله، وقال ابن حاتِم: روى عَنِ الأوزاعي حديثًا واحدًا ومسائل، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ حديثين، وعن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عَبْلَة حديثًا واحدًا. وقال الفَسَويّ: سألتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم عَنْهُ. فقال: أُفٍّ. وقال الفَسَوِيّ: لَم تخف نفسي أن أُحدِّث عَنْهُ. وقالَ الْحَسَن بْن "...."2 وقال أَبُو حاتِم: أثنى عَلَيْهِ دُحَيْم ووصفه بالصِّدْق والسّتْر. تُوُفِيّ سنة إحدى وثلاثين ومائتين، عَنْ خمسٍ وتسعين سنة. 234- عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن عليّ المقدّميّ الْبَصْرِيّ3. عَنْ: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان، وفُضَيْل بْن عِياض. قال أبو حاتم: كتبنا عنه، وكنا نكتب عَنْ أخيه محمد وهو ينظرُ من بعيد. وقال أبو زُرْعة: رَأَيْته وليس بشيء. تُوُفِيّ هُوَ وأخوهُ سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. 235- عَبْد الأعلى بْن حمّاد بْن حمّاد بْن نصر4 خ. م. د. ن

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 202"، والمعرفة والتاريخ "2/ 438". 2 بياض. 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 18، 19"، والثقات لابن حبان "8/ 357"، والكامل لابن عدي "4/ 15071"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 398". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 29"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 74"، والثقات لابن حبان "8/ 409"، والكامل في التاريخ "7/ 66".

الحافظ أبو يحيى الباهلي مولاهم البصْرِيّ المعروف بالنَّرْسِيّ، ابن عمّ عباس المذكور آنفًا. روى عَنْ: الحمَّادَيْن، وعبدُ الجبار بْن الورد، ووُهَيْب بْن خَالِد، ومالك بْن أنس وسلام بْن أَبِي مطيع، ويزيد بن زريع. وعنه: خ. م. د. ون. بواسطة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن عبد الحميد الكشي، وعبد الله بن ناجية، وبقي بن مخلد، وأحمد بن يحيى البلاذري الكاتب، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يعلى الموصلي، وأبو بكر أحمد بن علي القاضي المروزي، وجعفر الفريابي، والبغوي، وخلق. وثقه أبو حاتم. وغيره. توفي في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين، وأخطأ من قَالَ سنة ستٍّ. وقع لي حديثه عاليًا. 236- عَبْد الجبار بْن عاصم1. أَبُو طالب النَّسَائيّ، حدَّث ببغداد عَنْ: أبي المليح الحسن بن عمر، وعُبَيْد الله بْن عَمْرو الرَّقيّ، وإسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، وغيرهم. وعنه: أحمد بن أبي خيثمة، وأبو القاسم البغوي، وجماعة. قَالَ مُوسَى بْن إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ: كَانَ أَبُو طالب جلادًا فتاب اللَّه عَلَيْهِ. فيُقال إنه دُلّي عَلَيْهِ كيس، فكان يُنفقُ منه. رواها ابن أَبِي حاتِم، عَنْ مُوسَى. وثّقه غير واحد. وتُوُفِيّ سنة ثلاثٍ وثلاثين. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: ثقة. 237- عَبْد الْحَكَم بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم بْن أَعْيَن2. الفقيه أَبُو عثمان الْمَصْرِيّ. أحد الإخوة. سَمِعَ أباهُ، وابن وهْب. وكان فقيها صالحا عالما، ولد سنة ثمانين ومائة وسجن وعذب عذابا شديدا. قَالَ أَبُو سَعِيد بْن يونس: عُذِّبَ فِي السجن ودُفِنَ عَلَيْهِ فمات فِي جُمَادى الأولى سنة سَبْعٍ وثلاثين لكونه اتُّهِمَ بودائع لعليّ بْن الْجَرَوِيّ. وقال ابن أَبِي دُلَيْم: لَم يكن فِي إخوته أفقه منه. وقيل: إنّ بني عَبْد الحَكَم ألزموا فِي نوبة ابن جَرَويّ بأكثر من ألف ألف دينار. واستُصفيت أموالُهم وأموال أصحابِهم، ونُهِبَت منازلهُمْ. ثُمَّ بعد مدة ورد كتاب

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 350"، والجرح والتعديل "6/ 33"، والثقات لابن حبان "8/ 418". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 36"، وسير أعلام النبلاء "11/ 162، 163"، ولسان الميزان للحافظ "3/ 393".

المتوكل بإخراج من بقي منهم في السّجون، وردّ إليهم أموالَهم أو بعضها، وسجن القاضي الأصمّ الَّذِي تعصَّب عليهم، وحُلِقت لحيته، وضرِب بالسِّياط، وطِيفَ بِهِ عَلَى حمار. وكان من كبار الْجَهْمِيّة، نسألُ اللَّه السِّتْر. قَالَ أَبُو الطّاهر بن أَبِي عُبَيْد اللَّه المدينيّ: لَم يكن فِي أصحاب ابن وَهْب أتقنَ منه ولا أجود خطًّا، يعني عَبْد الْحَكَم. وقال يَحْيَى بْن عثمان بْن صالِح: أحضر بنو عَبْد الحَكَم شهودًا بأنّ ابن جَرَويّ أَبْرأَهم، وأحضرَ وكيل ابن الْجَرَويّ شُهودًا بِخلافِ ذَلِكَ، حتّى كاد أن تكون فتنة. وبعث المتوكل مستخرجًا للمال، ومعه عَبْد اللَّه ولد الجروي، فحكم على بني الحكم بألف ألف دينار وأربعمائة ألف وأربعة آلاف دينار. 238- عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق الضّبيّ1. مولاهم القاضي الفقيه الحنفيّ أحد العلماء. ولي قضاء الرَّقَّةِ، ثُمَّ ولي قضاء مدينة المنصور والجانب الشرقيّ من بغداد فِي خلافة المأمون. وتُوُفِيّ سنة اثنتين وثلاثين. 239- عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَكَم بْن هشام2. أَبُو المطرّف الأمويّ المرواني صاحب الأندلس. ولد بطليطلة سنة ستٍّ وسبعين، وأمّه أمّ ولد. ولي الأندلسَ سنة ست ومائتين، وامتدت أيامه. وكان عادلا في الرعية مشكور السيرة بخلاف أبيه، فاضلا له نظر في العلوم العقلية. وهو أول من أقام رسوم الإمرة، وامتنع من التبذل للعامة. وبنوا بأمره سور إشبيلية، وأمرَ بالزيادة فِي جامع قرطبة. وكان يتشبّه بالوليد بْن عَبْد الملك فِي عُلُوّ الهِمّة. وكان مُحبًّا للعلماء مقربًا لَهم، مهمًّا بالثُّغور والجهاد. وكان يقيم الصلوات للنّاس بنفسه، ويُصلِّي إمامًا بِهم فِي كثير من الأوقات. وجاءه من الأولاد ما لم يجيئ لأحد من الخلفاء. كَانَ لَهُ خمسون ابنًا وخمسون بنتًا. وكانت دولته اثنتين وثلاثين سنة. توفي في ربيع الآخر سنة ثمان

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 636"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 260، 261". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 5"، والعقد الفريد "2/ 469"، والكامل في التاريخ "3/ 258، 524".

وثلاثين ومائتين، وولي الأندلس بعده ابنه محمد، وعاش إلى سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين. قَالَ ابن ماكوى: واسمُ أمه حلاوة. 240- عبد الرحمن بن سلام بن عبيد الله الجمحي1 -م. مولاهم أَبُو حرب الْبَصْرِيّ، أخو محمد بْن سلام الإخباريّ. روى عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَان، وحمّاد بْن سَلَمة، والربيع بْن مُسْلِم، ومبارك بْن فَضَالَةَ، وأبي المقدام هشام بْن زياد، وجماعة. وعنه: م. وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن غلاب بن تَمتام، ومُعاذ بْن الْمُثَنَّى، وموسى بْن هارون الحافظ، والْحَسَن بْن سُفْيَان، وأبو يَعْلَى الموصلي، وأبو خليفة الْجُمَحِيّ وآخرون. وقال أبو حاتم: صدوق. قَالَ مُوسَى بْن هارون: تُوُفِيّ بالبصرة سنة إحدى وثلاثين، وفيها مات أخوه. 241- عَبْد الرَّحْمَن بْن صالِح الأزديّ العَتَكيّ2. أَبُو صالِح، ويُقالُ أَبُو محمد. كوفي نزل بغداد. عَنْ: شَرِيك، ويَحْيَى بْن أَبِي زائدة، وعليّ بْن مُسْهِر، وإبراهيم بْن محمد بْن أَبِي يَحْيَى، وعبد الله بن المبارك، وفضيل بن عياض، ومهديّ بْن ميمون. وعنه: إِبْرَاهِيم الحربي، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة، وعبد اللَّه بْن أحمد الدَّوْرَقِيّ، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل، ويوسف القاضي، وأبو يَعْلَى الموصلي، وأبو القاسِم البَغَويّ، وأحمد بْن الْحَسَن بْن عَبْد الجبّار الصُّوفيّ الكبير، وخَلْق. وكان أحدُ مَنْ عُنِيَ بالأثَر. قَالَ الْحُسَيْن بْن فَهْم: قَالَ خَلَف بْن سالِم ليَحْيَى بْن مَعِين: نمضي إلى عَبْد الرَّحْمَن بْن صالِح؟ فقال لَهُ: أُغْرُب، لا صَلّى اللَّه عليك. عنده والله سبعون حديثًا، ما سمعتُ منها شيئًا. وقال سهل بْن علي الدُّوريّ: سمعتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يَقُولُ: يَقْدَم عليكم رَجُل من أهل الكوفة، يُقال لَهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن صالح، ثقة صدوق

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 242، 243"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 793"، وسير أعلام النبلاء "10/ 650، 651". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 360"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 298"، والثقات لابن حبان "8/ 380"، وتاريخ الطبري "5/ 215".

شيعي، لأنْ يخرّ من السّماء، أحبّ إِلَيْهِ من أن يكذب فِي نصف حرف. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال أَبُو داود: كَانَ رَجُل سَوْء، وضع كتاب مثالب1 فِي الصّحابة. وقال صالح جَزَرَة: كَانَ يقرض2 عثمان. وقال مُوسَى بْن هارون: كَانَ عَبْد الرَّحْمَن ثقة فِي الحديث، وكان يحدث بمثالب أزواج النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وأصْحَابِهِ، وكان شيعي محترق. وقال البغوي: سمعته يَقُولُ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْر وعمر. تُوُفِيّ فِي سَلْخ ذي الحجّة سنة خمسٍ وثلاثين. وقد روى لَهُ النَّسَائيّ في كتاب خصائص علي -رضي الله عنه- حديثًا واحدًا. 242- عَبْد الرَّحْمَن بْن عفّان3. أَبُو بَكْر الصُّوفيّ. أحد المتروكين. يروي عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عيّاش، وأبي إِسْحَاق الفَزَاريّ. وعنه: إِسْحَاق الْخُتَّليّ، وجعفر الْفِرْيَابيّ. قَالَ ابن مَعِين: كذّاب. 243- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو البَجَليّ الحرّانيّ4. عَنْ: زهير بْن معاوية، وغيره. وعنه: أَبُو عَرُوبَة وهو أكبرُ شيخ لَهُ. تُوُفِيّ سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. وقد ذكره الحاكم فِي الكنى فقال: يُكنَّى أَبَا عثمان. سَمِعَ زُهَيْرًا، وأبا عَوَانة الوضّاح. روى عَنْهُ: يَعْقُوبَ الفَسَويّ، وَمحمد بْن يَحْيَى بْن كثير الحرّانيّ. 244- عبد الرحمن بن أبي الغمر عمر بن عبد الرحمن5. أَبُو زيد السَّهْميّ، مولاهم الْمَصْرِيّ الفقيه، صاحب ابن القاسم. روى عَنْ: مفضل بْن فضالة، وابن وهْب، وابن القاسم. وعنه: أحمد بن محمد بن رشدين،

_ 1 ثلب الشيء -ثلبًا: كسر حرفه وثلب فلانًا: عابه وتنقصه. 2 قرض الشيء أي قطعه. 3 انظر تاريخ بغداد "10/ 264، 265"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 579"، ولسان الميزان للحافظ "3/ 423". 4 انظر الجرح والتعديل "5/ 267"، والثقات لابن حبان "8/ 380". 5 انظر الجرح والتعديل "5/ 274"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 33"، وتهذيب التهذيب "6/ 249، 250".

والبخاري، وأبو الزنباع روح بن الفرج القطان، وعاش ثلاثا وسبعين سنة. توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين. 245- عبد الرحمن بن نافع1. أبو زياد المخرمي، ولقبه: درخت. روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزّناد، والمغيرة بْن سقْلاب، وغيرهما. وعنه: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الدَّوْرَقيّ، وعبدُ اللَّه بْن أَبِي سعد الورّاق. وثّقه بعضهم. 246- عَبْد الرحيم بْن عَبْد العزيز2. أَبُو يزيد الزُّرَيْقِيّ. سَمِعَ: هُشَيْمًا، وبَهْز بْن أسد. وعنه أَبُو حاتم، وعلى بْن الْحُسَيْن بْن الجنيد. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 247- عَبْد الرحيم بن مطرف بن أنيس بن قدامة3 -د. ن. أبو سفيان الرؤاسي الكوفي السروجي ابن عمّ وكيع. روى عَنْ: أَبِيهِ، وعُبَيْد الله بن عمرو، وإسحاق الفرازي، ويزيد بْن زُرَيْع، وعَتّاب بْن بشير، وعيسى بْن يونس وجماعة. وعنه: أَبُو داود، وأبو زُرْعَة، وابن أَبِي الدُّنيا، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وأحمد بْن أَبِي خيْثَمة، وعثمان بن خرزاد. وثّقه أَبو حاتِم، وغيره. مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 248- عبد السلام بن وغبان بْن عَبْد السّلام بْن حبيب4. أَبُو محمد الكلبي الحمصي الشاعر الملقَّب بديك الْجِنّ. أحد شعراء الدَّولة العبّاسية، أصله من بلدة سَلَمية، ومولده بِحمص. قِيلَ لَمْ يُفارق الشّام، وكان شيعيًا ظريفًا خليعًا ماجنًا، لَهُ مَرَاثٍ فِي الْحُسَيْن. وكان مولده سنة إحدى وستين

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 294"، والثقات لابن حبان "8/ 381"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 263". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 341". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 341"، والثقات لابن حبان "8/ 413"، تهذيب الكمال للمزي "2/ 828". 4 انظر الأغاني "14/ 51-68"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 163، 164".

ومائة. أخذ عَنْهُ: أَبُو تَمَّام الطّائيّ، وغيره. وقيل إنّ أَبَا نُوَاس لَمَّا سارَ إلى مصر ليمدح الخصيب بْن عَبْد الحميد اجتاز بحمص فاختفى منه ديك الْجِنّ واستصغر نفسه معه، فجاء إلى داره وقال: لجاريته، قولي أن يخرج، فقد فتن أهل العراق بقوله: مُوَرّدةٌ من كفّ ظَبْيٍ كأنَّما ... تناولَها من خدِّهِ فأدارها فلمّا سَمِعَ ذَلِكَ خرجَ إِلَيْهِ وأدْخَلهُ، وعمل لَهُ ضيافة. ومن أبيات هذه القصيدة: فقُمْ أنت فاحْثُثْ كأسَها غيرَ صاغِرِ ... ولا تسق غير خَمْرَها وعُقَارَها فَقَامَ يكادُ الكأسُ يحرِقُ كَفَّهُ ... من الشَّمْس أو من وَجْنَتَيْه استعارها ظللْنَا بأيدينا نُتَعْتعُ روحَها ... فتأخذُ من أرواحنا الرّاحُ ثارها عَنْ يقظان بْن سلام قَالَ: قُلْنَا لأبي تمّام: لو نَهَيْتَ ديكَ الجنّ مِمّا هُوَ فِيهِ، ولك عشرة آلاف درهم. قَالَ أَبُو تَمّام: فدخلتُ عَلَيْهِ وهو مطَّرِحٌ عَلَى حصيرٍ سَكْران، وعلى رأسه غُلام يروّحُه. فلمّا رآنِي الغلام نبههُ، فلمّا رآني قام يلبّني، وقال تُحسِن تَقُولُ مثلي؟ ثُمَّ أنشد: أما ترى راهبَ الأسحارِ قد هتفا ... وحثّ تغريدُه لَمَّا علا السُّعُفا أَوْفَى يصيغُ إلى فانوس مغرقة ... كغُرَّة التّاج لَمَّا عُولي الشُّرَفَا مشنّف بعقيق فوقَ مديحِهِ ... هَلْ كنت فِي غير أُذنٍ تعهد الشّنفا لَمّا أراحت رُعاةُ الليل عاريةً ... من الكواكبِ كادت ترتقي السّدُفا هزّ اللّواء عَلَى ما كَانَ من هَيَفٍ ... فارْتَجّ لَمّا علاه اهْتَزّ ثُمَّ هَفَا ثُمَّ استمرّ كما غنّى عَلَى طَرَبٍ ... تكدّر الْمَاءُ عَلَى تغريده وصفا قام مختلفًا كالدرر مطَّلِعًا ... والرَّيمُ ملتفتًا والغُصْنُ مُنعطِفا رقّت غُلالة خَدَّيْه فلو رميا ... باللّحظ أو بالْمُنَى همّا بأن يكفا كأن قافًا أديرت فوق وجنتيه ... واختطّ كاتبُها من فوقها ألِفَا فاستلّ راحًا كبيضٍ واقَعَتْ جحفًا ... حَلا لَنَا أو كنارٍ صادَفَتْ سُعُفا فلَم أزَل من ثلاثٍ واثنتين ومن ... خمسٍ وستٍّ وما استعلى وما لَطُفا

حتّى توهَّمتُ نَوشروانَ لِي خَوَلا وخِلْتُ أنّ نديمي عاشِرُ الْخُلَفا قَالَ: فلم أزل بِهِ حتّى نوَّمتُه وخرجتُ، فقيل لي: إنّما قُلْنَا تَنْهَهُ. قلتُ: دعه ينام، فإنّي إن نهيته تجرَّمنا عشرة آلاف كبيرة. وقيل إنّ ديك الْجِنّ كَانَ لَهُ غُلام وجارية مليحان، وكان يهواهما. فدخل عليهما يومًا فرآهما فِي لُحافٍ معتنِقَيْن، فشدّ عليهما فقتلهما ثُمَّ سُقِطَ من يده، وجلس عِنْدَ الجارية يبكي ويقول: ياطلعة طلع الحِمَامُ عليها ... وجَنَى لَها ثَمَرَ الرَّدَى بيديها روَّيتُ من دمها الثَّرى ولطالَما ... روّى الهوى شفتي من شفتيها فوحق عينيها ما وطِئَ الثَّرَى ... شيءٌ أعزُّ عليّ من عينيها ما كَانَ قَتْلِيها لأنّي لَم أَكُن ... أبْكِي إذا سفك العيار عليها لكن نَحَلت عَلَى سواي بِحُسْنها ... وأنفت من نظر الغُلام إليها ثُمَّ جلس عِنْدَ الغلام وقال: قمرٌ أَنَا استخرجته من خِدْرِه ... بمودّتي وجزيته من غدره فقتلته وله عليّ كرامةٌ ... ملء الحشا وله الفؤاد بأسره عهدي بِهِ ميتًا كأحسن نائمٍ ... والدَّمعُ يَنْحَرُ مُقْلتي فِي نَحْرِه لو كَانَ يدري الميْتُ ماذا بعدَه ... بالحيّ منه بَكَى لَهُ فِي قَبره غُصَصٌ تكادُ تفيضُ منها نفسُهُ ... ويكادُ يخرُجُ قلبُهُ من صدرِه قَالَ سَعِيد بْن زيد الحمصيّ: دخلتُ عَلَى ديك الْجِنّ، وكنتُ اختلفتُ إِلَيْهِ لَمّا كتب شِعره، فرأيته وقد شابت لحيته وحاجباهُ وشعر زَنْدَيه. وكانت عيناهُ خضراوين، ولذلك سُمِّي ديك الْجِنّ، وقد صبغ لحيته بالزِّنْجَار، وعليه ثياب خُضْر. وكان جيّد الغناء بالطَّنْبُور، وفي يديه آلة الشُّرْب وهو يُغنّي. تُوُفيّ سنة خمسٍ أو ست وثلاثين ومائتين. 249- عَبْد السلام بْن سَعِيد بن حبيب1.

_ 1 انظر ترتيب المدارك للقاضي عياض "2/ 585"، وسير أعلام النبلاء "12/ 63-69"، والبداية والنهاية "10/ 322، 323".

شيخ المغرب أَبُو سَعِيد التّنوخيّ الحمصيّ ثُمَّ القيروانيّ الفقيه المالكيّ سَحْنُون، قاضي القيروان ومصنف المدونة. دخل مصر وقرأ عَلَى ابن وَهْب، وابن القاسم، وأشهب. وبرعَ فِي مذهب مالك. وعلى قوله المعوَّل بالمغرب. انتهت إِلَيْهِ رئاسة العِلم بالمغرب، وتفقّه بِهِ خلق كثير. وقد تفقّه أولًا على ابن غانم، غيره بإفريقية، ورحلَ فِي العِلم سنة ثمانٍ وثمانين ومائة. فسمع بِمكة من: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووَكيِع، والوليد بْن مُسْلِم. وكان موصوفًا بالدّيانة والورع، مشهورًا بالسّخاء والكَرَم. فعن أشهب قَالَ: ما قَدِمَ علينا مثلُ سَحْنُون. وعن يُونس عَبْد الأعلى قَالَ: سَحْنُون سيّد أهل المغرب. وروى عَنْهُ منهم: يحيى بْن عَمْرو، وعيسى بْن مسكين، وحمديِس، وابن المغيث. قَالَ ابن عَجْلان الأندلسيّ: ما بُورك لأحدٍ بعد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِي أصحابه ما بُورِكَ لسَحْنُونَ فِي أصحابه، فإنَّهم كانوا فِي بلد أئمّة. وعن سَحْنُون قَالَ: إذا أتى الرجلُ مجلس القاضي ثلاثة أيّام متوالية بلا حاجة ينبغي أن لا تُقْبَلُ شهادته. وسُئِلَ سَحْنُون: أَيَسَعُ العالِم أن يَقُولُ: لا أدري فيما يدري؟ فقال: أما فِيهِ كتاب أو سنة بائنة فلا. وأمّا ما كَانَ من هذا الرأي فإنّه يَسَعُهُ ذَلِكَ، لأنه لا يدري أَمُصيبٌ هُوَ أَمْ مخطيء. ومن كلامه: أَكْلُ بالمسكنة خيرٌ من أكْلٍ بالعِلم. محبّ الدنيا أعمى لَم ينِّوره العقل. ما أقبحَ بالعالِم أن يأتي الأمراء فيُقال هُوَ عِنْدَ الأمير. والله ما دخلت عَلَى سلطان إلا خرجت حاسبتُ نفسي، فوجدتُ عليها الدرك. وأنتم ترون مخالفتي لهواه، وما ألقاهُ من الغِلْظَة -والله ما أخذتُ لَهم دِرْهَمًا، ولا لبستُ لَهم ثوبًا. ولد سنة ستين ومائة، توفي فِي رجب سنة أربعين ومائتين. وكان يقولُ: قبَّح اللَّه الفقر. أدركنا مالك، وقرأنا عَلَى ابن القاسم. وأمّا المدوّنة فأصلها أسئلة، سألَها أَسَد بْن الفُرات لابن القاسم. فلمّا رَحَل بِها سَحْنُون عرضها عَلَى ابن القاسم، وصحّح فيها كثيرًا، ثُمَّ رتّبها سَحْنُون وبَوَّبَها، واحتجّ للكثير منها بالآثار. وسَحْنُون بفتح السين وبضمّها طائر بالمغرب. 250- عَبْد السلام بْن صالِح بْن سليمان بن أيوب بن ميسرة1.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 48"، والمجروحين لابن حبان "2/ 151"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 46".

أَبُو الصَّلْت الْقُرَشِيّ العَبْشَميّ، مولاهم الهَرَوِيّ ثُمَّ النيسابوريّ. مولى عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة. عَنْ: مالك، وشَرِيك، وحمّاد بْن زيد، وعبد السلام بْن حرب، وخَلَف بْن خليفة، وهُشيم، وعلي بْن مُوسَى الرّضي، وإسماعيل بن عياش. وعنه: سهل بن أبي سهل، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، وابن أبي الدنيا، وعباس الدوري، وعليّ بن الحسين بن الْجُنَيْد، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وأحمد بن أبي خيثمة، والحسن بن الحباب المقريء، والحسن بن علويه القطان، وعبد الله بن أحمد بن حنبل. وكان موصوفا بالزهد والتأله. قَالَ أَحْمَد بْن سيَّار المروزي: قَدِمَ مَرْو غازيًا، فأدخلَ عَلَى المأمون، فلمّا سَمِعَ كلامه جعله من خاصة إخوانه، وحبسه عنده، إلى أن خرج معه إلى الغزو. ولَم يزل مُكرمًا عنده إلى أن أراد المأمون إظهار كلام جَهْم وخلْق القرآن. فجمع بينه وبين بشر المريسي، وسأله أن يُكلمه. وكان أَبُو الصلت رد عَلَى أهل الأهواء من الْمُرْجِئة والْجَهْميّة والزّنادقة القدرية، وكَلَّم بشر المذكور غير مرة بحضرة المأمون، وغيره من أهل الكلام. وفي كل ذَلِكَ كَانَ الظفر لَهُ. قَالَ: وكان يعرف كلام الشّيعة، فناظرته فِي ذَلِكَ لاستخراج ما عنده، فما وجدته يُفرط. ورأيته يقدّم أَبَا بَكْر وعمر، ويترحّم عَلَى عليّ وعثمان، ولا يذكرُ الصّحابة إلا بالجميل. وسمعته يَقُولُ: هذا مذهبي الَّذِي أُدين لله بِهِ. إلا أن ثَمَّ أحاديث يرويها فِي المثالب. وسألتُ إسحاقَ بْن إِبْرَاهِيم عَنْ تِلْكَ الأحاديث، نحو ما جاء فِي أَبِي مُوسَى، وما رُوِيَ فِي معاوية، فقال: هذه أحاديث قد رُويَتْ، فأمّا من يرويها عَلَى طريق المعرفة فلا أكرهُ لَهُ ذَلِكَ. وأمّا من يرويها ديانة، فإنِّي لا أرى الرواية عَنْهُ. وسُئِلَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ، عن أبي الصلت فقال: فقد سَمِعَ وما أعرفه بالكذب. وقال أبو حاتم: لَم يكن عندي بصدوق. وأمّا أَبُو زُرْعَة فأمر أن يضرب عَلَى حديثه. وقال النسائي: لَيْسَ بثقة. وقال الدّارَقُطْنيّ: كَانَ رافضيًّا خبيثًا. وقيل إنه كَانَ يَقُولُ كلب للعلوية خير من جميع بني أمية تُوُفيّ يوم الأربعاء لستٍّ بقين من شوّال سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين.

251- عَبْد السلام بْن عاصم الهِسِنْجَانيّ الرازيّ1. عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، والصباح بْن مُحَارب، وعبد الرَّحْمَن بْن مغراء، ومُعاذ بْن هشام. وعنه: أبو يحيى بن مسرة المكي، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازيون، ومطين. قَالَ أبو حاتم: شيخ. 252- عَبْد السلام بْن محمد الحضرمي الحمصيّ2. ويُعرف بسُلَيْم. عَنْ: بقية، وعبد اللَّه بْن سالِم، والوليد بْن مُسْلِم. وعنه: محمد بن عوف، وأبو حاتم وقال: صدوق. 253- عَبْد الصمد بْن أَبِي خِداش الموصِليّ3. عَنْ: زُهير بْن معاوية، وإسماعيل بْن عيّاش، والوليد بْن مُسْلِم. وعنه: حفيده أحمد بن صالح. توفي بالحدث سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 254- عبد الصمد بن الفقيه عبد الرحمن بن القاسم المصري4. أبو الأزهر. عَنْ: أَبِيهِ، وسُفيان بْن عُيَيْنَة. كان فقيها، إماما، مصنفا. قرأ القرآن عَلَى وَرْش، ومن أجله اعتمد أهلُ الأندلس عَلَى قراءة وَرْش. روى عَنْهُ: محمد بْن الوضاح القُرْطُبيّ، وغيره. وهو أخو الفقيه مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن المتوفى سنة تسع وأربعين. قَالَ الدَّانِيّ: قرأ عَلَيْهِ محمد بْن سَعِيد الأنماطيّ، وبكر بْن سهل الدِّمياطيّ، وإسماعيل بْن عَبْد اللَّه النّخّاس، وغيرهم. تُوُفيّ فِي رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 255- عَبْد الصمد بْن المعذّل العبدي البصري5.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 49"، وتهذيب الكمال "2/ 832"، وتهذيب التهذيب للحافظ "6/ 322". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 48، 49"، والثقات لابن حبان "8/ 427". 3 انظر الإكمال لابن ماكولا "2/ 429". 4 انظر غاية النهاية "1/ 389"، وحسن المحاضرة "1/ 486". 5 انظر أخبار القضاة لوكيع "2/ 180"، والأغاني "13/ 226-255"، ووفيات الأعيان "1/ 124".

الشاعر المشهور، أخو أَحْمَد بْن المعذل الفقيه. كَانَ من فحول الشعراء. ومن شعره: تكلّفني إذلالُ نفسي لعزِّها ... وهانَ عليها أن أُهَانَ لتُكْرَما تَقُولُ: سلِ المعروف يحيى بْن أكثمٍ ... فقلتُ: سليه ربّ يحيى بْن أكثما وله: أرى النّاس أحدوثةً ... فكوني حديثًا حَسَنْ كأنْ لَم يزل ما أتى ... وما قد مضى لَمْ يَكُنْ إذا وطني رابَني ... فكل بلادٍ لي وطَنْ 256- عَبْد الصَّمد بْن يزيد1. أبو عبد الله الصَّائغ مَرْدَوَيْه الصُّوفِيّ. خادم الفُضَيْل بْن عِيَاض. كَانَ ثقةً دَيِّنًا صالِحًا من أهل الورع والسنة. عَنْ: الفُضَيْل، وابن عُيَيْنَة، وشقيق البلخي. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وموسى بن هارون، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ. مات سنة خمس وثلاثين ومائتين، يوم مات عبد الرحمن بن صالح الأزدي. وحضره أمة من الأمم. قَالَ ابن هارون: وكان عَبْد الرَّحْمَن ميّتًا فِي داره، وما رأيتُ عَلَى بابه أحدًا. 257- عَبْد العزيز بْن بحر الْمَرْوَزِيّ المؤدِّب2. نزيل بغداد. عَنْ: سُلَيْمَان بْن أرقم، وعطّاف بْن خَالِد، وإسماعيل بْن عيّاش. وعنه: عبد الله بن أبي سعد الوراق، وابن أبي الدنيا. لم يضعف. 258- عبد العزيز بن عمران بن أيوب بن مقلاص3.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 363"، والجرح والتعديل "6/ 52"، والثقات لابن حبان "8/ 415"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 40". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 363"، وتاريخ بغداد للخطيب "10/ 448"، وميزان الاعتدال "2/ 623". 3 انظر الجرح والتعديل "5/ 391"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 191"، والثقات لابن حبان "8/ 396".

الإمام أبو علي الخزاعي. مولاهم المصري الفقيه. كان من كبار أصحاب ابن وهب، والشافعي. لزمهما مدة. وكان صالحا ورعا زاهدا. توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين. روى عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم وقال: صدوق. وهو ابن بِنْت سَعِيد بْن أَبِي أيوب. 259- عَبْد العزيز بن يحيى بن يوسف1. أبو الأصبع البكائي، مولاهم الحراني. عن: أبي إسحاق الفزازي، وابن عُيَيْنَة، وعيسى بن يونس، ومحمد بن سلمة. وعنه: أبو داود، وبقي بن مخلد، وأبو زرعة، ومحمد بن يحيى الذهلي، وجعفر الفريابي. قَالَ أبو حاتم: صدوق. تُوُفيّ بتلّ عبدي سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين. 260- عَبْد العزيز بْن يحيى بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد العزيز المدنيّ2. أَبُو محمد الهاشمي، من موالي آل الْعَبَّاس. عَنْ: اللَّيْث بْن سعد، ومالك، وسليمان بْن بلال، والدَّرَاورْدِيّ. وعنه: زكريّا بْن داود الخفّاف، وصالِح بْن عليّ النَّوْفَليّ الحلبي، وَمحمد بْن أيّوب الرازيّ، وَمحمد بْن علي الصائغ المكي، وموسى بْن إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ، وغيرهم. قَالَ البخاريّ: لَيْسَ من أهل الحديث. يضع الحديث. وقال أبو زُرْعة: لَيْسَ يصدق. وقال العقيليّ: يحدث عن الثقات بالبواطيل. وقال ابن عدي: ضعيف جدًّا، يسرق حديث النّاس. حدّث فِي شعبان سنة ثلاثين ومائتين، وعاش بعد ذَلِكَ قليلًا. 261- عَبْد العزيز بْن يحيى بْن مُسْلِم بْن ميمون الكِنَانيّ3. المكيّ الفقيه. صاحب كتاب "الحيدة". وكان يلقب بالغُول لَدمَامة منظره. عَنْ: سفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية الفزازي، وعبد الله بْن مُعَاذ الصّغانيّ، وَمحمد بْن إدْرِيس الْإِمَام الشافعيّ، وهشام بْن سُلَيْمَان المخزوميّ. وعنه: أَبُو العيناء محمد

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 399"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 19، 20"، والثقات لابن حبان "8/ 397". 2 انظر الجرح والتعديل "5/ 400"، والضعفاء للعقيلي "3/ 19"، ولسان الميزان "4/ 37". 3 انظر تاريخ بغداد "10/ 449"، والفهرست لابن النديم "261"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 639".

ابن القاسم، والْحُسَيْن بْن الفضل البَجَليّ، وأبو بَكْر بْن يعقوب بْن إِبْرَاهِيم التَّيْميّ. وهو قليل الحديث. قَالَ الخطيب: قَدِمَ بغداد زمن المأمون، وجرى بينه وبين بشر المريشي مناظرة فِي القرآن. وكان من أهل العلم والفضل. وله مصنفات عدّة. وكان مِمّن تفقّه بالشافعيّ، واشتهرَ بصُحبته. قَالَ داود بْن عليّ الطّاهريّ: كَانَ عَبْد العزيز بْن يَحْيَى الْمَكِّيّ أحد أتباع الشافعيّ والمقتبسين عَنْهُ. وقد طالت صحبته لَهُ. وخرج معه إلى اليمن. ونقل الخطيب فِي تاريخه عَنْ عَبْد العزيز قَالَ: دخلتُ عَلَى أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد وهو مفلوج1، فقلتُ: إنِّي لَم آتك عائدًا، ولكن جئتُ لأحمد اللَّه على أنْ سَجَنَكَ في جلْدك. وعن أَبِي العَيْنَاء قال: لَمَّا دخلَ عَبْد العزيز عَلَى المأمون، وكانت خلْقته بشعة جدًّا، ضحك أَبُو إِسْحَاق المعتصم، فقال: يا أمير المؤمنين لِم ضَحك هذا؟ إن اللَّه لم يصطف يوسف لجماله، وإنّما اصطفاهُ لدينه وبيانه. فضحك المأمون وأعجبه. 262- عبد الملك حبيب بْن سُلَيْمَان بْن هارون بْن جاهمة بن العباس مرداس السُّلَميّ2. الفقيه أَبُو مروان العباسيّ الأندلسيّ القُرطبيّ المالكيّ. أحد الأعلام. وُلِدَ سنة نَيِّفٍ وسبعين ومائة فِي حياة مالك. وروى قليلًا عَنْ: صَعْصَعة بْن سلّام، والغاز بْن عيسى، وزياد شَبْطُون. ورحل وحجّ فِي حدود العشرين مائتين، فسمعَ من عَبْد الملك بْن الماجِشُون، ومُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، وأسد السنة بْن مُوسَى، وأصبغ بن الفرج، وإبراهيم بن المنذر الخزامي، وغيرهم. ورجع إلى الأندلس بعلم جَمّ وفِقْهٍ كثير. وكان موصوفًا بالحذْق فِي مَذْهَب مالك. وله مصنَّفَات كثيرة منها: كتاب "الواضحة"، وكتاب "الجامع"، وكتاب "فضائل الصَّحابة"، وكتاب "تفسير الموطأ"، وكتاب "حروب الْإسْلَام"، وكتاب "سيرة الْإِمَام فِي الملحدين"، وكتاب "طبقات الفقهاء"، وكتاب "مصابيح الهُدى". قَالَ ابن بَشْكَوال: قِيلَ لِسَحنون: مات ابن حبيب. فقال: مات علم الأندلس، بل والله عالِم الدُّنْيَا. وقال بعضهم: هاجت رياح وأنا فِي البحر، فرأيتُ عَبْد الملك بْن حبيب رافعًا

_ 1 الفالج هو: شلل يصيب أحد شقي الجسم طولًا. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 269-272"، وميزان الاعتدال للمصنف "2/ 148"، ولسان الميزان "4/ 59، 60".

يديه متعلقًا بِحبال السّفينة يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنْ كنت تعلم أنِّي إنّما أردتُ ابتغاء وجهك وما عندك فخلِّصنا. فسلَّم اللَّه. وقد أضعف ابن حزم وغيره عَبْد الملك بْن حبيب، ولا ريب فِي أَنَّهُ كَانَ ضعيفًا. قَالَ أَبُو عُمَر أَحْمَد بْن سَعِيد الصَّدفيّ: قلتُ لأحمد بْن خَالِد: إنّ الواضحة عجيبة جدًا، وإن فيها عِلْمًا عظيمًا، فما مدخلها؟ قَالَ: أول شيء إنّه حكى فيها مذاهب لَم نجدها لأحدٍ من أصحابه، ولا نُقِلَت عنهم، ولا هِيَ فِي كتبهم. ثُمَّ قَالَ الصَّدفيّ فِي تاريخه: كَانَ كثير الرواية، كثير الجمع، يعتمدُ عَلَى الأخذ بالحديث. ولَم يكن يميّزه، ولا يعرف الرجال. وكان فقيهًا فِي المسائل. وكان يُطْعَنُ عَلَيْهِ بكثرة الكُتُب. وذُكِرَ أنّه كَانَ يستجيزُ الأخذ بلا رواية ولا مقابلة وذُكِرَ أَنَّهُ أخذ إجازة كثيرة وأُشير إِلَيْهِ بالكذب. سمعتُ أحمد بن خالد يطعن عليه بذلك وينتقصه غير مرّة. وقال: قد ظهر لنا كذبه فِي "الواضحة" من غير شيء. وقال ابن أَبِي مريم: كَانَ ابن حبيب بِمصر، فكان يضعُ الطّويلة، وينسخُ طول نَهاره. فقلتُ: إلى كم ذا النَّسْخ، مَتَى تقرأه عَلَى الشيخ؟ فقال: قد أجازَ لي كُتُبه، يعني أسد بْن مُوسَى، فخرجتُ من عنده فأتيتُ أسدًا فقلتُ: تمنعنا أن نقرأ عليك وتجيز لغيرنا؟ فقال: أَنَا لا أرى القراءة فكيف أُجيز؟ فأخبرته فقال: إنّما أخذ منّي كُتُبي ليكتب منها، لَيْسَ ذا عليّ. وقال أَحْمَد بْن عَبْد البَرّ النَّارَنْجِيّ: هُوَ أولُ من أظهر الحديث بالأندلس، وكان لا يميز صحيحه من سقيمه، ولا يفهم طُرُقه، ويُصَحِّف أسماء الرجال، ويحتجّ بالمناكير. فكان أهلُ زمانه لا يرضون عَنْهُ، وينسبونه إلى الكذب. ثُمَّ قَالَ: وكان ما بين عَبْد الملك بْن حبيب ويحيى بْن يحيى سيّئًا، وذلك أَنَّهُ كَانَ كبير المخالفة، ليحيى. وكان قد لقي أصبغ بِمصر، فأكثر عَنْهُ، فكان إذا اجتمعَ مَعَ يحيى بْن يحيى، وسعيد بْن حسّان، ونُظَرائهم عِنْدَ الأمير عَبْد الرَّحْمَن وقُضاته فسئلوا، وقال يحيى بِما عنده، وكان أسنّ القوم وأَوْلاهُم بالتقدُّمِ -يدفع عَلَيْهِ عَبْد الملك بأنه سمعَ أصبغ بْن الفَرَج يَقُولُ كذا. فكان يحيى يغمّه مخالفته لَهُ. فلمّا كَانَ فِي بعض الأيام جمعهم القاضي في الجامع، فسألهم عَنْ مسألة، فأفتى فيها يحيى بْن يحيى، وسعد بْن حسان بالرواية، فخالفهما عَبْد الملك، وذكر خلافهما روايةً عَنْ أصبغ. وكان عَبْد الأعلى بْن وهب من أحداث أهل زمانه، وكان قد حجّ وأدركَ أصبغ بْن الفَرَج بِمصر، ورى عَنْهُ. فدخل يومًا بأثر شورى القاضي عَلَى سَعِيد بْن حسّان، فقال لَهُ: يا أَبَا وهب، ما

تقولُ فِي مسألة كذا؟ -المسألة التي سألَهم فيها القاضي- هَلْ تذكر لأصبغ بْن الْفَرَج فيها شيئًا؟ فقال: نعم، أصبغ يَقُولُ فيها كذا. فأفتى بموافقة يحيى، وسعيد. فقال لَهُ سَعِيد: أنظر ما تَقُولُ، أنت عَلَى يقين من هذا؟ قال: نعم. قال: فأتني بكتابك. قَالَ عَبْد الأعلى: فخرجتُ مسرعًا، ثُمَّ ندمتُ ودخل عليّ الشك. ثُمَّ أتيتُ داري، فأخرجتُ الكتاب من قرطاس كما رويته عَنْ أصبغ، فسُررتُ، ومضيتُ إلى سَعِيد بالكتاب. فقال: تمضي بِهِ إلى أَبِي محمد. فمضيتُ بِهِ إلى يحيى بن يحيى بْن يحيى، فأعلمته ولَم أدر ما القصة. فاجتمعنا بالقاضي وقالا: إن عَبْد الملك يُخالفنا بالكذب. والمسألة التي خالفنا فيها عندك. هنا رجلٌ قد حجّ وأدرك أصبغ، وروى عَنْهُ هذه المسألة، كقولنا عَلَى خلاف ما ادّعاهُ عَبْد الملك، فارْدَعْه وكُفَّهُ. فجمَعهم القاضي ثانيًا، وتكلّموا، فقال عَبْد الملك: قد أعلمتُك ما يقولُ فيها أَصْبَغ. فبَدرَ عَبْد الأعلى بْن وَهْب وقال: يكذب عَلَى أصبغ. أَنَا رويت هذه المسألة عَنْهُ عَلَى ما قَالَ هذان، وهذا كتابي. فأخرج المسألة: فأخذ القاضي الكتاب وقرأ المسألة، وقال لعبد الملك ما ساءه من القول، وقال: تُفْتينا بالكذِب والخطأ، وتُخالفُ أصحابَك بالهوى؟ لولا البُقْيَا عليك لعاقبتك. ثُمَّ قاموا. قَالَ عَبْد الأعلى: فلمّا خرجتُ مررتُ عَلَى دار ابن رستم الحاجب، فرأيتُ عَبْد الملك خارجًا من عنده وفي وجهه الشر. فقلت: مالي لا أدخلُ عَلَى ابن رستم؟ فدخلتُ، فلم ينتظر جلوسي حتّى قَالَ: يا مسكين من غرّك، أو من أدخلك فِي هذا العارض؟ مثل عَبْد الملك بْن حبيب وتكذّبه؟ فقلتُ أصلحكَ اللَّه، إنّما سألني القاضي عَنْ شيء، فأجبته بِما عندي. ثُمَّ خرجتُ من عنده. وكان عَبْد الملك قد شكا إِلَيْهِ ما وقع وقال؛ إنّ القاضي أتى برجل لَيْسَ من أهل العلم والرواية، فأجلس معي وكذبني، وأوقفني موقفًا عجيبًا. فقال لَهُ ابن رستم: اكتب بطاقة بالقصة وارفعها للأمير. فكتبَ يصف القصة، ويَشنّع. فأمر الأمير أن يبعث فِي القاضي. فبعث فِيهِ، فخرجت وصيّة الأمير يَقُولُ: لك فِي أمرك أن تشاور عَبْد الأعلى. وكان عَبْد الملك قد بنى بطاقته عَلَى أن يحيى بْن يحيى أمره بذلك. فقال القاضي: ما أمرني أحد بمشاورته ولكنه كَانَ يختلفُ إليّ، وكنتُ أعرفه من أهل الخير والعلم، مَعَ الحركة والفَهْم والحج والرحلة، فلمْ أرَ نفسي فِي سَعَة من تَرْك مشاورة مثله. وسأل الأمير وزراءه عَنْ عَبْد الأعلى، فأثنوا عَلَيْهِ ووصفوا عِلْمَه وولاءه. وكان لَهُ ولاء. قَالَ عبدُ الأعلى: فصَحِبْتُ يومًا عيسى بن

الشهيد، فقال لي: قد رُفِعْت عليك بطاقة رديئة لكنّ اللَّه دفع شرّها. وعن محمد بْن وضّاح قَالَ: قَالَ لي إِبْرَاهِيم بْن المنذر: أتاني صاحبكم عَبْد الملك بْن حبيب بغرارة مملوءة كتبًا، فقال لي: هذا عِلْمُكَ تجيزه لي؟ قلت: نعم. ما قرأ عليّ منه حرفًا ولا قرأته عَلَيْهِ. وكان محمد بْن عُمَرَ بْن أبان يَقُولُ: عَبْد الملك بْن حبيب عالِم الأندلس، ويحيى بْن يحيى عاقلها، وعيسى بْن دينار فقيهها. مات ابن حبيب يوم السبت لأربع مضين من رمضان سنة ثمانٍ، وقيل فِي ذي الحجة سنة تسع وثلاثين ومائتين. 263- عَبْد الملك بْن حبيب1. أَبُو مروان المصِّيصي البزّاز. عَنْ: أَبِي إسحاق الفزازي، وعبد اللَّه بْن المُبارك. وعنه: أَبُو داود، ومحمد بن عوف الطائي، وعثمان بن خرزاذ، وَمحمد بْن وضّاح القَرْطُبيّ، وجعفر الفِرْيَابيّ. 264- عَبْد الملك بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن زريق بْن عُبَيْد اللَّه2 بْن أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو الْحَسَن الأندلسيّ الزّاهد. عَنْ: ابن القاسم، وابن وهْب، وغيرهما، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 265- عَبْد الملك بْن زُونان3. أَبُو مروان الأندلسيّ. شيخ مُعمّر، فقيه كبير. أدرك مُعَاويَة بْن صالِح الحمصيّ قاضي المغرب، وأخذ عَنْهُ. ورحل بأخرة فسمع من: ابن وهب، وابن القاسم. وكان يُفتي بالأندلس أولًا عَلَى مذهب الأوزاعي، ثُمَّ رجع إلى مذهب مالك. قِيلَ: زونان لَقَبُه، واسمه: حسن بْن محمد. مات سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين بالأندلس فِي شَعْبَان، وقد جاوزَ التسعين. 266- عبد الواحد بن غياث4.

_ 1 تهذيب الكمال للمزي "2/ 852"، وسير أعلام النبلاء "12/ 108"، وتهذيب التهذيب "6/ 389، 390". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 269"، وبغية الملتمس "376". 3 انظر ما قبله. 4 انظر التاريخ الصغير للبخاري "234"، وانظر الجرح والتعديل "6/ 23"، والثقات لابن حبان "8/ 426".

أَبُو بحر البصْريّ الْمِرْبَديّ. سَمِعَ: حمّاد بْن سَلَمَةَ، وفَضَال بْن خيبر، وعبد العزيز القسْمَليّ. وعنه: أبو داود، وأبو يعلى الموصلي، والبزار، وبقي بن مخلد، وأبو القاسم البغوي، وزكريا الساجي. وكان من الثقات المسندين. قَالَ أبو زُرْعة: صدوق. مات سنة أربعين ومائتين. 267- عَبْد الوارث بْن عُبَيْد اللَّه العَتَكيّ الْمَرْوَزِيّ1. عَنْ: ابن المبارك، وخالد بْن مُسْلِم الزَّنْجيّ. وعنه: الترمذي، وعبد الله بن محمود المروزي، وإسحاق بن إبراهيم البستي القاضي. مات سنة تسع وثلاثين ومائتين. 268- عبد الوهاب بن نجدة2. أبو محمد الحوطي الجبلي. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وبقيّة بْن الوليد. وعنه: ابنه أحمد، وأبو داود، وأبو بكر بن أبي عاصم. وكان صدوقا. توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 269- عبيد الله بن عمر بن يزيد الإصبهاني القطان3. أبو عمرو، وهو القصار. سَمِع: جرير بْن عَبْد الحميد، ويحيى القطّان، ومحمد بن أبي عدي، ووكيع بن الجراح. وعنه: إسحاق بن حنبل، وعبدان بن أحمد، ومحمد بن يحيى بن منده، قَالَ أَبُو الشيخ: لَهُ أحاديث ينفردُ بِهَا. وقال الذَّهبِيّ: آخر ما حُدِّث عَنْهُ سنة سبْعٍ وثلاثين ومائتين فيما علمتُ. 270- عُبَيْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن مَيْسَرة4. أَبُو سَعِيد القواريري الْبَصْرِيّ الحافظ. مَوْلَى بني جُشَم. نزل بغداد ونشر بِهَا عِلْمًا

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 76"، والثقات لابن حبان "8/ 416". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 73"، والثقات لابن حبان "8/ 411"، وحلية الأولياء لأبي نعيم "4/ 150-152"، وتهذيب الكمال للمزي "12/ 871". 3 انظر أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 100"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 208-210". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 350"، والتاريخ الكبير للبخاري "5/ 395، 396"، والجرح والتعديل "5/ 327"، والثقات لابن حبان "8/ 405".

كبيرًا وسمع: حمّاد بْن زيد، وأبا عَوَانة، ويوسف بْن الماجِشُون، وعبد الواحد بْن زياد، والفضل بْن عِيَاض، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وعبد الوارث بْن سَعِيد، ومسلم بْن خَالِد الزّنجيّ، وسفيان بْن عُيَيْنَة. وعنه: الشيخان، وأبو داود، وأبو زُرْعَة، وإبراهيم الحربيّ، وصالِح جَزَرَة، وأبو يَعْلَى الموصلي، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وأبو القاسم البَغَويّ. وكتب عنه: أحمد، وابن معين، والقدماء. قَالَ ابن مَعِين، والنَّسائيّ: ثقة. وقال أَحْمَد بْن سيّار الْمَرْوَزِيّ: لَم أرَ فِي جَميع من رأيت مثل مسدّد بالبصرة، والقواريري ببغداد، ومن عليّ، ومن إِبْرَاهِيم بْن عَرْعَرة. تُوُفِيّ ببغداد يوم الجمعة لثلاث عشرة من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ومائتين، وحضره خلْق كثير، وله أربعٌ وثمانون سنة. 271- عُبَيْدُ اللَّه بْن فضالة بْن إِبْرَاهِيم1. أَبُو قُدَيد النَّسائيّ الحافظ. رحل وسمع من: عَبْد الرزّاق باليمن، وَمحمد بْن يوسف الفِريابيّ بالشام، ويزيد بْن هارون بواسط، وأبي عَبْد الرَّحْمَن المقريء بِمكّة، وأبي اليمان بحمص، والأنصاري بالبصرة، ويحيى بْن يحيى بنيْسَابور. وعنه: النسائي، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، والحسن بْن سُفْيَان. قال النسائي: ثقة مأمون. بقي إلى حدود الأربعين ومائتين. 272- عُبَيْدُ اللَّه بْن مُعاذ بْن مُعَاذ بْن نضر بْن حسّان2. أَبُو عَمرو العنْبَريّ الْبَصْرِيّ الحافظ، من بني عمّ سوّار بْن عُبَيْد اللَّه العنبريّ. عَنْ: أَبِيهِ، ومُعَتَمِر بْن سُلَيْمَان، ويحيى القطّان، ووكيع. وعنه: مسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعثمان بن سعيد الدارمي، وزكريا بن يحيى الساجي، وجعفر الفريابي، والبغوي. قَالَ أَبُو حاتِم الرازيّ: ثقة. مات سنة سبع وثلاثين ومائتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 331"، والثقات لابن حبان "8/ 407"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 887". 2 انظر التاريخ الكبير للبخاري "5/ 401"، والجرح والتعديل "5/ 315"، والثقات لابن حبان "8/ 406"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 889".

273- عُبَيْد بْن الصّباح بْن صُبَيْح1. أَبُو محمد الكوفي المقريء أخو عمرو بن الصباح. أخذ القراءة عوضًا عَنْ حفص، وهو من أجل أصحابه وأضبطهم. روى عَنْهُ القراءة عرضًا أَحْمَد بْن سهل الأشنانيّ. قَالَ: وكان ما علمت من الورعين المتقين. مات سنة خمس وثلاثين ومائتين. 274- عَبْدَة بْن سُلَيْمَان الْمَرْوَزِيّ2. صاحب ابن المبارك. عَنْهُ، وعن: الفضل السيناني، وأبي إسحاق الفرازي، ونوح بْن أَبِي مريم. وعنه: أَبُو داود، وأبو بكر الأثرم، وعثمان الدرامي، وَمحمد بْن عاصم الثقفيّ، وأبو حاتِم، وقال: صدوق. 275- عثمان بْن صخر العُقَيْلِيّ الْبَصْرِيّ الزّاهد. أحد مشايخ القوم، كَانَ يَقُولُ بالخصوص، يعني أن اللَّه يختصّ برحمته من يشاء، ويقول بالمحنة. وكان مقدَّمًا في النُّسَّاك. كتب الحديث، وروى عَنْهُ: الكُدَيْمِيّ، وغيره. وصحِبَهُ أَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وسافر معه. 276- عثمان بْن طالوت بْن عبّاد الصَّيْرَفِيّ3. تُوُفِيّ فِي حياة والده سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. عَنْ: عَبْد الصمد بْن عَبْد الوارث، وأزهر السّمّان، وقريش بن أنس، والأصمعي. وعنه: أبو عبد البخاري، ومحمد بن الذهلي، وهاشم بن مرثد الطبراني. وكان صدوقا. 277- عثمان بن عبد الله4.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "5/ 408"، والثقات لابن حبان "8/ 1429"، وتاريخ الطبري "5/ 40"، ولسان الميزان "4/ 119". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 89، 90"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 115"، والثقات لابن حبان "8 437"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 872". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 454". 4 انظر المجروحين لابن حبان "2/ 102، 103"، والكامل لابن عدي "5/ 1823"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 282".

أبو عمرو الأموي. عَنْ: حمّاد بْن سلمة، ومالك، واللَّيْث. وعنه: علي بن إسحاق بن زاطيا، وعبد الله بن ناجية، وأبو يعلى. وهو أحد المتروكين لإتيانه بالطامات. وقال ابن عديّ: لَهُ أحاديث موضوعة. وجدّه هُوَ: عَمْرو بْن عثمان بْن عفان. 278- عثمان بْن عَبْد الوهّاب بْن عَبْد المجيد الثّقفِيّ1. أَبُو عَمْرو. روى بإصبهان عَنْ: والده، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: النضر بن هشام، ويعقوب بن إسحاق الضبي، ومحمد بن إبراهيم ابن شبيب. لا نعلم فيه حرجًا. 279- عثمان بْن أَبِي شَيْبَة2. هُوَ عثمان بْن محمد بن أبي شيبة بن إِبْرَاهِيم بْن عثمان بْن خُوَاسْتَى، أَبُو الْحَسَن العبسي، مولاهم الْكُوفيّ. أخو أَبُو بَكْر، والقاسم. كَانَ من كبار الحُفاظ كأخيه. دخل إلى الحجاز، والرِّيّ، والبصرة، والشّام، وبغداد، وصنَّف الْمُسْنَد، والتّفسير، وغير ذَلِكَ. روى الكثير عَنْ: شَرِيك، وأبي الأحوص، وهُشَيْم، وإسماعيل بْن عَبَّاس، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وحَرِيز بْن عَبْد الحميد، وابن عُلَيَّة، وابن المبارك، وعلي بن مسهر وغيرهم. وعنه: الشيخان، وأبو داود، وإبراهيم الحربي، وإبراهيم بن أبي طالب، وعبد الله بن أحمد، وأبو بكر بن علي المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسن الصوفي، والفريابي، والبغوي، وآخرون. سُئل عَنْه أَحْمَد بْن حنبل فَقَالَ: ما علمت إلا خيرا. وأثنى عليه. وقال ابن مَعِين: ثقة مأمون. قَالَ الذَّهبِيّ: وكان لا يحفظُ القرآن، وإذا جاء منه شيء صحَّف فِي بعض الأحايين. مات فِي ثالث المحرّم سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين. 280- عثمان بْن محمد بْن سَعِيد. أَبُو القاسم الرازيّ الدَّشْتَكيّ. نزيل البصرة. عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه الدَّشْتكيّ، وغيره.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "8/ 453"، وأخبار أصبهان "1/ 359، 360". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 66، 67"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 250"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 35".

مُقِلّ. وعنه: أَبُو دَاوُد، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وعَبْدَان الأهوازيّ. 281- عصام بْن الحَكَم الشَّيْبَانيّ العُكْبَريّ1. عَنْ: ابن عُيَيْنَة، ويحيى بْن آدم. وعنه: ابنه عَبْد الوهاب، وابن ذَريح، وصالِح القيراطيّ. 282- عصام بْن مُكْرَم الضَّبّيّ الهلاليّ الْكُوفيّ. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ومُصْعَب بْن سلام، والمسيب بْن شَرِيك، ويحيى بْن يَمَان. وعنه: إبراهيم بن ديزيل، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأحمد بن علي الأبار، ومطين، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى، وعبدان. قَالَ أَبُو داود: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال مُطَين: تُوُفِيّ فِي ذي القعدة سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. وكان صدوقًا. 283- عَلْكَدَة بْن نوح الأندلسيّ الرُّعَيْنِيّ2. عَنْ: ابن وهْب، وابن القاسم. مات بالأندلس سنة سَبْعٍ وثلاثين ومائتين. 284- عليُّ بْنُ بَحْر بْن مُوسَى3. أَبُو الْحَسَن الفارسي ثُمَّ البغداديّ القطّان الحافظ. عَنْ: عَبْد العزيز الدَّراورْدِيّ، وحاتم بْن إِسْمَاعِيل، وعبد المهيمن بْن عبّاس الساعدي، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وبقيّة بْن الوليد، وعبد الرزّاق، وهشام بْن يوسف، وحَرِيز بْن عَبْد الحميد، وأبي خَالِد الأحمر، وخلْق. وعنه: أَبُو داود، وَمحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم، وحنبل بْن إِسْحَاق، وهلال بْن العلاء، وإبراهيم الحربيّ. وثقه ابن مَعِين. ومات ببابسير من ناحية الأهواز سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. 285- عليّ بْن بِشْر الإصبهانيّ الأُمَويّ4.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 289". 2 انظر علماء الأندلس "1/ 343"، وبغية الملتمس "436". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 176"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 263"، والثقات لابن حبان "8/ 468"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 352". 3 انظر أخبار أصبهان "2/ 1، 2"، وطبقات المحدثين "2/ 138-145".

عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، ويزيد بْن هارون، وعبد الرزاق. وعنه: عبيد بن الحسن، وإبراهيم بن نائلة، والقاسم بن منده. متروك. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 286- علي بن بريد1. أبو دعامة القيسي الإخباري الراوية. عَنْ: أَبِي العتاهية، وأبي نواس. وعنه: أَحْمَد بْن طاهر، ويزيد بن محمد المهلبي، وعون بن محمد الكندي. وهو بلقبه أشهر. 287- عليّ بْن حبيب2. أَبُو الْحَسَن البلْخِيّ عَلُّوَيَّة. شيخٌ مُعَمِّر. عَنْ: حمّاد بْن سَلَمَةَ، ونوح بْن أَبِي مريم. وعنه: دُحَيْم بْن نوح، وعليّ بْن إِسْمَاعِيل الجوهري. مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وله من العمر مائة وخمس عشر سنة. 288- عليّ بْن الْحَسَن بْن سُلَيْمَان3. أَبُو الْحَسَن الحضرميّ الواسطيّ، ويُقال الْكُوفيّ الأدميّ، الملقّب بأبي الشَّعْثَاء. عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عياش، وحفص بْن غِياث، وعَبْدة بْن سُلَيْمَان، وخالد بْن عَبْد اللَّه الطّحان، وغيرهم. وعنه: مسلم، وأبو زرعة الرازي، وأسلم بن سهل بحشل، وصالح بن محمد جزرة، والحسن بن سفيان. وثقه أبو داود. مات في آخر سنة ست وثلاثين ومائتين. 289- علي بن حكيم بن ذبيان4. أبو الحسن الأودي الكوفي، أخو عثمان. عَنْ: جَعْفَر بْن زياد الأحمر، وشَرِيك بْن عَبْد اللَّه، ومُصْعَب بْن المقدام. وعنه: مُسْلِم، والْبُخَاريّ فِي كتاب الأدب، وَأَحْمَد بْن أَبِي غَرَزَة، وعُبيد بْن غنّام، وعثمان بْن خُرَّزاذ، ومُطّين، وموسى بن

_ 1 ستأتي ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 183". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 180"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 377"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 96". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 410"، والجرح والتعديل "6/ 183"، والثقات لابن حبان "8/ 467"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 965".

إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ، والفِرْيَابيّ، وعَبْدَان. قَالَ أبو حاتم: صدوق. توفي في سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 290- عليّ بْن حكيم بْن زاهر السَّمَرقَنْدِيّ1. أَبُو الْحَسَن. عَنْ ابن عُيَيْنَة، وأبي خَالِد الأحمر، وحفص بْن سلم السمرقندي. وعنه: جيهان الفرعاني، وجعفر الفِرْيَابيّ. قَالَ الخطيبُ: كَانَ فقيهًا يُعرف بعليّ البكّاء لكثرة بكائه. وكان ثقة. جاور بمكة نحوًا من عشرين سنة، ومات سنة خمسين وثلاثين ومائتين. 291- عليّ بْن حمزة بْن سَوّار العكّيّ2. بصْرِيّ صَدُوق. عَنْ: جرير بْن حازم، وحمزة المعْوَليّ. وعنه: أبو زرعة، وأبو يعلى. 292- علي بن المديني. هو عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن جعْفَر بْن نجيح، مولى عروة بن عطية السعدي. الإمام أبو الحسن البصري، أحد الأعلام، وصاحب التصانيف. ولد سنة إحدى وستين ومائة. سَمِعَ: أباهُ، وحمّاد بْن زيد، وهُشَيْمًا، وابن عُيَيْنَة، والدَّرَاوَرْدِيّ، وعبد العزيز بْن عَبْد الصمد العَمّيّ، وجعفر بْن سُلَيْمَان الضُّبَعيّ، وجرير بْن عَبْد الحميد، وابن وهْب، وعبد العزيز بْن أَبِي حازم، وعبد الوارث، والوليد بْن مُسْلِم، وغُنْدَرًا، ويحيى القطّان، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وابن عُلَيَّة، وعبد الرّزّاق، وغيرهم. وعنه: الْبُخَاريّ، وأبو داود، وَأَحْمَد بْن حنبل، ومحمد بن يحيى الذهلي، وهلال بن العلاء، وحُمَيْد بْن زَنْجَويَه، وإسماعيل القاضي، وصالِح جَزَرَة، وعليّ بْن غالب البَهِيّ، وأبو خليفة الْجُمَحِيّ، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وَمحمد بْن جَعْفَر الْإِمَام الدِّمياطيّ، وَمحمد بْن محمد الباغَنْدي، وعبد اللَّه البَغَويّ، وغيرهم، آخرهم وفاةً عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أيوب الكاتب، وأقدمهم وفاة شيخه سُفْيَان بْن عُيَيْنَة. قَالَ الخطيب: وبين وفاتيهما مائة وعشرون سنة.

_ 1 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 106"، والثقات لابن حبان "8/ 466، 467". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 308"، والجرح والتعديل "6/ 193"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 14".

قَالَ أبو حاتم: كَانَ ابن الْمَدِينِيّ عَلَمًا فِي النّاس فِي معرفة الحديث والعِلل، وما سَمِعْتُ أحدًا سمّاهُ قطّ، إنّما كَانَ يُكنّيه تبجيلًا لَهُ. وعن ابن عيينة قال: يلومونني عَلَى حُبّ عليّ بْن الْمَدِينِيّ. والله لَمَّا أتعلم منه أكثر مِمّا يتعلم منّي. وعن ابن مهديّ قَالَ: عليّ بْن الْمَدِينِيّ أعلمُ الناس بحديث رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وخاصّة بحديث ابن عُيَيْنَة. وقال ابنُ مَعِين: عليٌّ من أروى النّاس. وقال أَبُو قُدامة السَّرْخَسيّ: سمعتُ عليّ بْنَ الْمَدِينِيّ يَقُولُ: رأيتُ فيما يرى النائم كأن الثريا تدلت حتى تناولتها. قال أبو قدامة فصدق رؤياهُ. بلغ فِي الحديث مبلغًا لَم يبلغه كبير أحد. وقال النَّسَائيّ: كأنّ اللَّه خلق عليّ بْن الْمَدِينِيّ لِهذا الشأن. وقال أَبُو يحيى صاعقة: كَانَ عليّ بْن الْمَدِينِيّ إذا قدِم بغداد تصدَّر للحلقة، وجاء يحيى، وَأَحْمَد بْن حنبل والْمُعَيْطِيّ، والنّاس يتناظرون، فإذا اختلفوا فِي شيء تكلَّم فِيهِ عليّ. وقال أَحْمَد بْن زُهير يَقُولُ: سَمِعْتُ ابن مَعين يَقُولُ: كَانَ عليّ بْن الْمَدِينِيّ إذا قَدِمَ علينا أظهرَ السنة، وإذا ذَهبَ إلى البصرة أظهر التشيُّع. وقال إِبْرَاهِيم بْن معقل: سمعتُ الْبُخَاريّ يَقُولُ: ما استصغرتُ نفسي عِنْدَ أحدٍ إلَا عِنْدَ عليّ بْن الْمَدِينِيّ. وقيل لأبي داود: أَحْمَد أعلمُ أم عليّ؟ قَالَ: عليّ أعلم باختلاف الحديث من أَحْمَد. وقال أَبُو داود: ابن الْمَدِينِيّ خيرٌ من عشرة آلاف مثل الشَّاذَكونيّ. وعن أَبِي عُبَيْدَة قَالَ: انتهى العلم إلى أربعة: أبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له، وأحمد بن حنبل أفقههم فيه، وعليّ بْن الْمَدِينِيّ أعلمهم بِهِ، ويحيى بْن مَعِين أكتَبُهم لَهُ. ومع ذَلِكَ كَانَ مِمّن أجاب فِي المحنة، نسألُ اللَّه العافية. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بن القطّان يَقُولُ: ويْحَك يا عليّ، أراك تتبع الحديث تتبُّعًا، لا أحسبك تموت حتَّى تُبْتَلَى. وقال أزهر بْن جميل: كنّا عِنْدَ يحيى بْن سَعِيد، فجاء عبدُ الرَّحْمَن بْن مهديّ ممتقع1 اللون أشعث، فقال: رأيتُ البارحة كأن قومًا من أصحابنا قد نُكِّسوا. فقال ابن الْمَدِينِيّ: يا أَبَا سَعِيد هُوَ خير، قَالَ تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس: 68] .

_ 1 متغير.

فقال عَبْد الرَّحْمَن: اسكت، فَواللَّهِ إنّك لفي القوم. وقال الأثرم عليّ بْن المغيرة: سمعتُ الأصمعي وهو يَقُولُ لابن الْمَدِينِيّ: واللهِ يا عليّ، لتتركنّ الْإسْلَام وراء ظهرك. وقال الصُّوليّ: ثنا الحسين بن فهم قَالَ: أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد لابن الْمَدِينِيّ، بعد وصلهُ بعشرة آلاف درهم وثياب ومركبٍ بعدّته: يا أَبَا الْحَسَن، حديث جرير فِي الرؤية ما هُوَ؟ قَالَ: صحيح. قَالَ: هَلْ عندك فِيهِ شيء؟ قَالَ: يعفيني القاضي. قَالَ: يا أَبَا الْحَسَن هذه حاجة الدَّهْر. ولَم يزل بِهِ حتّى قَالَ: فِيهِ من لا يعوَّل عَلَيْهِ قيس بْن أَبِي حازم، إنّما كَانَ أعرابيًّا بوَّالًا عَلَى عَقِبَيْه. فقبّله ابن أَبِي دُؤاد واعتنقه. فلمّا ناظر أَحْمَد بْن حنبل قال: يا أمير المؤمنين يحتج علينا بحديث جرير، وإنّما هُوَ من رواية قيس بْن أَبِي حازم، أعرابيّ بوّال عَلَى عقبيه. قَالَ: فقال أَحْمَد بْن حنبل بعد ذَلِكَ: فحين أطْلَع لي هذا علمت أَنَّهُ من عمل عليّ بْن الْمَدِينِيّ. قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب: هذا باطل، قد نزَّه اللَّه عليَّ بْن الْمَدِينِيّ عَنْ قول ذَلِكَ فِي قيس بْن أَبِي حازم، وليس فِي التّابعين من أدركَ العشرة وروى عنهم غيره. ولَم يحك أحدٌ مِمن ساق محنة أَحْمَد أَنَّهُ نوظر فِي حديث الرؤية. قَالَ والدي: يُحكى عَنْ علي أنه روى لابن دُؤاد حديثًا عَنِ الوليد بْن مُسْلِم فِي القرآن أخطأ فِيهِ، فكان أَحْمَد بْن حنبل يُنْكرُ عَلَيْهِ رواية ذَلِكَ الحديث. واللفظُ: "كِلُوه إلى عالمه"، فقال: "كِلُوه إلى خالِقِه" وقال أَبُو العَيْنَاء: دخلَ عليّ بْن الْمَدِينِيّ إلى أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد بعد محنة أَحْمَد بْن حنبل، فناوله رُقْعَةً، فقال: هذه طُرِحَت فِي داري. فإذا فيها: يا بان الْمَدِينِيّ الَّذِي شُرِعَت لَهُ ... دُنيا فجاد بدينه لينالها ماذا دعاكَ إلى اعتقاد مقالةٍ ... قد كَانَ عندك كافرًا من قالها أمرٌ بدا لك رُشْدُهُ فقبِلْتَهُ ... أمْ زهرة الدُّنيا أردتَ نَوَالها فلقد عهِدتُكَ لا أَبَا لك مرَّةً ... صعْبَ الْمَقادة للّتي تُدْعَى لَها إنّ الحريب لمن يصاب بدينه ... لا من يرزيء ناقة وفِصَالها فقال لَهُ: لقد قمت وقمنا من حقّ اللَّه بِما يصغّر قدْر الدُّنيا عِنْدَ كبير ثوابه. ثُمَّ وصله بِخمسة آلاف درهم. وقال ابن عدي: سمعتُ مُسَدَّد بْن أَبِي يوسف القَلوَسيّ: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: قلتُ لعلي بْن الْمَدِينِيّ: مِثْلُك وفي علمك يُجيبُ إلى ما أجبت إِلَيْهِ؟ قَالَ: يا أَبَا يوسف ما أهْون عليك السّيف. وقال إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بن الجنيد:

سمعتُ ابن مَعِين، وذُكِرَ عِنْدَه ابن الْمَدِينِيّ، فحملوا عليه، فقلت: ما هو عن النّاس إلا مُرْتَدّ. فقال: ما هُوَ بِمُرْتَدّ، وإنّما هُوَ عَلَى إسلامه. رَجُل خافَ فقال ما عَلَيْهِ. وعن محمد بْن عثمان بْن أَبِي شَيْبَة: سمعتُ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ عَلَى المنبر يَقُولُ: من زعم أنّ القرآن مخلوق فهو كافر، ومن زعم اللَّه لا يرى فهو كافر، ومن زعم أنّ اللَّه لَم يكلِّم مُوسَى حقيقة فهو كافر. تُوُفِّيَ لليلتين من ذي القعدة سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين بسامرّاء. 293- عليّ بْن عيسى المخرميّ البغداديّ1. عَنْ: هُشَيْم، وحفص بْن غِياث، وعبد اللَّه بْن إدريس. وعنه: حرب الكرْمَاني، وابن أَبِي الدُّنْيَا، وعبد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل، وأبو القاسم البَغَويّ. وثَّقه صالح بْن محمد جَزَرَة. تُوُفيّ فِي ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. 294- عليّ بْن قَرِين بْن بَيْهَس2. أَبُو الْحَسَن الْبَصْرِيّ. سكن بغداد، وحدَّث عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، وعبد الوارث. وعنه: عَبْد اللَّه بْن هارون السَّعْدِيّ، وغيره. وهو متروك متَّهم. قَالَ مُوسَى بْن هارون: كذّاب. وقال ابن قانع: يضع الحديث. مات سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين. 295- عليّ بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن أَبِي شدّاد الحافظ3. أَبُو الْحَسَن الطَّنَافِسيّ الكوفِيّ. محدِّث قَزْوِين. عَنْ: أخواله محمد، وَيَعْلَى ابني عُبَيْد الطَّنافسيّ، وأبي بَكْر بْن عياش، وأبي مُعَاويَة، وابن عُيَيْنَة، وحفص بْن غياث، وعبد اللَّه بْن وهب. وعنه: أَبُو زُرْعة، وأبو حاتِم، وابن وَارَةَ، وعليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد، وَمحمد بْن الضُّرَيْس، وعليّ بْن سَعِيد بْن بشير الرازيّون، وابنه الْحُسَيْن بْن عليّ قاضي قَزْوين، ويحيى بْن عَبْدَك القَزْويني، قَالَ أبو حاتم: كَانَ ثقة صدوقًا. وهو أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة فِي الفضل والصَّلاح. وأبو بَكْر أكثر حديثًا منه وأفهم. توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 11". 2 تقدم ترجمته. 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 202"، والثقات لابن حبان "8/ 467"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 990".

296- عليُّ بْن هاشم بْن مرزوق1. أَبُو الْحَسَن الرّازيّ، مولى بني هاشم. عَنْ: هُشَيْم، وعُبَيْدَة بْن حُمَيْد، وعَبَّاد بْن العَوَّام، وعليّ بْن غُرَاب، وابن مطيع الْحَكَم بن عبد الله قاضي بلخ، وأبي بكر بن عياش. وعنه: أبو حاتم، والحسن بن العباس، وأحمد بن جعفر الحمال، وعبد الرحمن بن محمد بن سالم، ومحمد بن عبد الله بن رسته الإصبهاني. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 297- عليُّ بْن المغيرة2. أَبُو الْحَسَن الأثرم، صاحب اللُّغَة، كَانَ من كبار علماء اللِّسَان ببغداد. حمل عَنْ: أَبِي عُبَيْدَة، والأصمعي، وغيرهما. وعنه: أَحْمَد بْن أَبِي خيثمة، وَمحمد بْن يَحْيَى الكِسَائي الصَّغير، وَأَحْمَد بْن يحيَى البلاذُريّ، والزُّبير بْن بكّار، وأبو الْعَبَّاس ثعلب. وكان مقبول الرواية، بصيرًا بالنَّحْو واللُّغة. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 298- عُمَرَ بْن فرج الرُّخَّجيّ الكاتب3. كَانَ من علية الكُتّاب، يصلح للوزارة. سخط عَلَيْهِ المتوكّل، فأخذ منه ما قيمته مائة وعشرون ألف دينار. ثم صالحه على أن يرد إِلَيْهِ ضياعه عَلَى ماله. ثُمَّ غضب عَلَيْهِ وصُفِعَ4 ستّة آلاف صفعة فِي أيام، وأُلْبِسَ عباءة. ثُمَّ رضي عَنْهُ، ثُمَّ سَخطَ عَلَيْهِ ونفاهُ. تُوُفِيّ ببغداد. 299- عُمَرَ بْن موسى5.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 208"، والثقات لابن حبان "8/ 475"، وتهذيب الكمال "2/ 994". 2 انظر الثقات لابن حبان "8/ 470"، وتاريخ بغداد "12/ 107"، والكامل في التاريخ "7/ 35"، والفهرست "56". 3 انظر تاريخ الطبري "9/ 140، 150"، والكامل في التاريخ "7/ 23، 29"، ومروج الذهب "2834". 4 صفعة صفعًا: أي ضربه بكفه مبسوطة. 5 انظر الثقات لابن حبان "8/ 445"، والكامل لابن عدي "5/ 1710"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 226".

أَبُو حفص الحادي البصْريّ ثُمَّ الكُدَيْمِيّ. عَنْ: حمّاد بْن سَلَمَةَ، وأبي الربيع السّمّان أشعث، وأبي هلال محمد بْن سُلَيْم. وعنه: عَبْدَان الأهوازي، وعمر السّخْتياني، وزكريّا الساجيّ. قَالَ ابن عديّ: ضعيف، يسرق الحديث. 300- عُمَرَ بْن هشام1. أَبُو حفص النَّسَويّ. صاحب مظالم الرَّيِّ. عَنْ: الفضل بْن مُوسَى السِّينانيّ، والنَّضْر بْن شُمَيْلٍ، وفَضَالة بْن إِبْرَاهِيم. وعنه: أَبُو داود، وأبو حاتِم، وعبد اللَّه الخُتَّليّ. 301- عمّار بْن زَرْبي2. أَبُو الْمُعْتَمِر الْبَصْرِيّ الضرير المؤدِّب. عَنْ: مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، وبِشْر بْن منصور. وعنه: عبدان، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى. كذبه عبدان. 302- عمرو بن حفص3. ويقال عمر. أبو هشام الثقفي مولاهم الدمشقي البزاز. ولاؤه للحجاج بن يوسف. عَنِ: الوليد بْن مُسْلِم، وَمحمد بْن شُعَيب. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وأبو زرعة الدمشقي، وأحمد بن المعلى، وأحمد بن إبراهيم البسري. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 303- عَمْرُو بْن الْحُصَيْن العُقَيْلِيّ الباهليّ الْبَصْرِيّ ثُمَّ الحَرزيّ4 أَبُو عثمان4. عَنْ: محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عُلاثة، وأبي عَوَانة، وحمّاد بْن زيد، ويحيى بْن العلاء الرازيّ، وعبد العزيز بن مسلم، وعلي بن سارة. وعنه: أحمد بن داود المكي، وعثمان بن خُرَّزاذ، ومحمد بْن أيّوب بْن الضُّرَيْس، ومعاذ بْن المثنى، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، وأبو معشر الحسن بن سليمان الدارمي، والحسين بن

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 142"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 230". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 392"، والثقات لابن حبان "8/ 517، 518"، الكامل لابن عدي "5/ 1731". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 229". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 229"، والضعفاء للدارقطني "130"، والكامل لابن عدي "5/ 1797"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 252".

إسحاق التستري، وأبو يعلى الموصلي. قَالَ أبو حاتم: ذاهب الحديث. وقال ابن عديّ: حدَّث عَنِ الثّقات بغير حديث مُنْكَر، وهو مظلم الحديث. وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك. تُوُفيّ بعد الثلاثين ومائتين. 304- عَمْرُو بْن رافع بْن الفُرات1. أَبُو حُجْر البَجَليّ القَزْوينيّ. عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، وابن المبارك، وإسماعيل بْن جَعْفَر، وابن عيينة، والفضل بن موسى، وعباد بن العوام. وعنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، والحسن بن العباس، وأحمد بن عبد الرحمن القلانسي، ومحمد بن أيوب الرازيون، ومحمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي، ومحمود بن الفرج الإصبهاني. قَالَ أَبُو حاتِم: قلّ من كتبنا عَنْهُ أصدق لَهجةً وأوضح حديثًا منه. مات سنة سبعٍ وثلاثين ومائتين. 305- عَمْرو بْنُ زُرارة بْن واقد2. أَبُو محمد الكلابي النيسابوري المقريء. قرأ القرآن عَلَى الكسائي، وحدَّث عَنْ: هُشَيْم، ويحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة، وعبد العزيز بْن أَبِي حازم، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وزياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ. وعنه: الشَّيْخَان، والنسائيّ، وَمحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وعبد اللَّه الدّارميّ، وإبراهيم بْن أَبِي طالب، والحسن بْن سُفْيَان، وَمحمد بْن إِسْحَاق السّراج. قَالَ النسائيّ: ثقة. ومات سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 306- عَمْرُو بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ثَوْبَان3. مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو الْحَسَن الباهليّ. عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن سعد، ويعقوب القُمّيّ، وابن المبارك، وحمّاد بْن زيد. وعنه: يزيد بْن خَالِد الإصبهاني، وصالِح بْن

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 232، 233"، والثقات لابن حبان "8/ 487"، وتهذيب الكمال "2/ 1032"، وتهذيب التهذيب "8/ 32". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 233"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 332"، والثقات لابن حبان "8/ 487"، وسير أعلام النبلاء "11/ 406". 3 انظر الجرح والتعديل "6/ 233"، والضعفاء للدراقطني "130"، والكامل لابن عدي "5/ 1800"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 204".

العلاء العَبْدِيّ، ورَوْح بْن عَبْد المجيب، وسمع منه فِي سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. قَالَ ابن عديّ: يسرق الحديث ويُحدِّثُ بالبواطيل. 307- عَمْرُو بن عباس الباهليّ1. أَبُو عثمان البصريّ الأهْوَازِيّ الرازيّ والد عَمْرو الباهليّ. عَنْ: ابن عُيَيْنَة، وغُنْدر، وابن مهديّ. وعنه: الْبُخَاريّ، وحرب الكِرْمَانيّ، وعَبْدَان الأهْوازيّ. كَانَ حافظًا صاحب حديث. مات فِي ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين ومائتين. 308- عَمْرُو بْن قسطْ أو قُسَيْط2. أَبُو عليّ السُّلَمِيّ الرَّقِيّ. عن: أبي المليح، وعبيد الله بن عمرو الرِّقيين، ويعلى بن الأشدق. وعنه: أبو داود، وأحمد بن إسحاق بن يزيد الخشاب، وأبو زرعة الرازي، وعثمان بن خرزاذ. توفي سنة ثلاثين ومائتين. قلتُ: كَانَ حقّه أن يحوَّل إلى الطبقة التي قبل هذه الطبقة. 309- عَمْرُو بْن عَمْرو بْن يزيد. أبو عبد الله الغافِقيّ. مولاهم الْمَصْرِيّ. عَنْ: الليث بْن سعد، وابن لَهِيعة. وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح. وهو والد إسماعيل بن عمرو المدني راوي الموطأ عَنْ عَبْد الملك بْن الماجِشُّون، عَنْ مالك. مات سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. 310- عَمرو بْن محمد بْن بُكَيْر بْن سابور3. الحافظ أَبُو عثمان البغداديّ النّاقد. نزلَ الرَّقَّةَ مُدّةً. عَنْ: هُشَيْم، وأبي خَالِد الأحمر، والسفيان بْن عُيَيْنَة، وحفص بْن غِياث، ومُعْتَمر بْن سليمان، وأبي معاوية، وعبد الرزّاق. وعنه: الشيخان، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو القاسم

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 252"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 362"، والثقات لابن حبان "8/ 468"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1039". 2 انظر الجرح والتعديل "6/ 256"، والثقات لابن حبان "8/ 486"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1047". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 358"، والجرح والتعديل "6/ 262"، والتاريخ الكبير للبخاري "6/ 375"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 205".

البغوي، وأبو يعلى الموصلي، وجعفر الفريابي. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: كَانَ عَمْرو الناقد يتحرّى الصِّدْق. وقال أبو حاتم: ثقة أمين. وقال الْحُسَيْن بْن فَهْم: كَانَ ثقة صاحب حديث، فقيهًا من الحفّاظ المعدودين. تُوُفيّ لأربعٍ خَلَوْنَ من ذِي الحجّة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 311- عِمْران بْن يزيد بْن أَبِي جميل الدمشقي1. ذكره ابن أَبِي حاتم فقال: عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه بْن سَمَاعة، وهِقْل بْن زياد، والدَّرَاوَرْدِيّ، وشهاب بْن خِراش. وعنه: أبي وأبو زرعة. 312- عون بن يوسف2. أبو محمد الخزاعي المغربي الكناني الفقيه. سَمِعَ من: عَبْد الرَّحْمَن بْن زيد بْن أسلم، وغيره. وعنه: محمد بْن وضّاح، وكان يُفضِّلْه وَيُثْنِي عَلَيْهِ. مات فِي جُمَادى الأولى سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين، عَنْ سنٍّ عالية. 313- عيّاش بْن الوليد3. وهو عياش بْن الأزرق. بصريٌّ نزل أَذَنَة. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب. وعنهُ: أَبُو داود، وَأَحْمَد بْن عَبْد اللَّه العجليّ الحافظ، وجعفر الفِرْيَابيّ. 314- عِياض بْن عَبْد الملك الْمُراديّ. مولاهم المصريّ، أَبُو يزيد. عَنْ: ابن عُيَيْنَة، وعبد اللَّه بْن كُلَيْب، وابن وهب. وكان من أفضل أهل زمانه. وعنه: عَبْد الكريم بْن إِبْرَاهِيم. تُوُفِّيَ بأَيْلَة سنة تسع وثلاثين ومائتين. 315- عيسى بن سالم الشاشي4.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "6/ 307"، وتهذيب التهذيب "9/ 223". 2 انظر ترتيب المدارك "2/ 627"، وطبقات الفقهاء "157". 3 انظر الإكمال لابن ماكولا "6/ 68". 4 انظر الجرح والتعديل "6/ 278"، والثقات لابن حبان "8/ 494"، وتاريخ بغداد للخطيب "11/ 61".

عَنْ: عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقِيّ، وعبد اللَّه بْن المبارك. وعنه: مُوسَى بْن هارون، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، وأبو القاسم البغويّ. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة؛ تُوفيّ بطريق حُلْوان سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. "حرف الغين": 316- غُزَيْلُ بْن سِنَان الموصِليّ. مولى بَنِي تَميم. عَنْ: المعافى بْن عِمران، وعفيف بْن سالم. وعنه: أَحْمَد بْن حمدون الموصليّ. تُوُفيّ سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين. مجهول. "حرف الفاء": 317- الفتح بْن هشام الترجمانيّ1. عَنْ: أَبِي عُلَيَّة. وعنه: أَبُو إِسْحَاق السّرّاج. مات سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 318- الفُرات بْن نصر2. الفقيه أَبُو حفص القُهُنْدُزيّ الْهَرَويّ. سَمِعَ الكُتُب من: محمد بْن الْحَسَن. وحمل أيضًا عَنْ: أَبِي يوسف. وعنه: أحمد بْن حَبُّوَيْه. مات سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 319- الْفَرَجُ بنُ سَهيل بْن الفَرَج القُضَاعِيّ ثُمَّ الفارابيّ الزّاهد3. عَنْ: ابن وهْب، وأبي إِسْمَاعِيل الزّاهد. وصحب إدريس بْن يحيى. قَالَ ابن أَبِي حاتِم: كَانَ حكيمًا ينطقُ بالحكمة. تُوفيّ فِي المحرم سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 320- الفضل بْن زياد4. أَبُو الْعَبَّاس الطَّسْتِيّ، بغداديّ ثقة. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، وعبّاد بْن عبّاد. وعنه: ابن أبي الدنيا، وموسى بن هارون، وإبراهيم بن هاشم البغوي.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 14"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 383". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 14". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 86". 4 انظر الجرح والتعديل "7/ 62"، والثقات لابن حبان "9/ 6"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 360".

321- الفضل بن غانم1. أبو علي المروزي الخزاعي. عَنْ: مالك، وسليمان بْن بلال، وأبي يوسف. وعنه: أحمد بن أبي خيثمة، ومحمد بن يَحْيَى الْمَرْوَزِيّ، وأبو القاسم البَغَويّ. وقد تولّى قضاء مصر عامًا وعزل، وذلك في ثمانٍ وتسعين ومائة، وكان كبير اللحية جدًّا، وكان يُصلِّي بالنّاس الجمعة، فإذا خطبَ جعل فِي لحيته عودًا ليردّ عنها عين لَهِيعة بْن عيسى، وكان فيما قِيلَ عُيُونًا مجرَّبًا. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الفضل لَيْسَ بقويّ. وتكلَّم فِيهِ أيضًا أَحْمَد بْن حنبل. وولي قضاء الرِّيّ فيما قاله ابن أَبِي حاتِم. مات سنة ستة وثلاثين ومائتين. 322- الفضل بْن مُقاتِل2. أَبُو مُقاتِل الأزْدِيّ البلْخِيّ عَنْ النَّضْر بْن شُمَيْلٍ وعبد الرزّاق ويزيد بْن أَبِي حكيم وعنه البخاري في كتاب الأدب وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب وجعفر الفريابي وثقه البخاري. 323- فضيل بن الحسين بن طلحة3. أبو كامل الجحدري البصري ابن أخي كامل بن طلحة. عَنْ: الحمَّادَيْن، وعبد الواحد بْن زياد، وخالد بْن عَبْد الله الطّحّان، وسُلَيْم بْن أخضر. وعنه: مسلم، وأبو داود، وابن أبي عاصم، وعبدان، والبغوي. وكان ثقة مشهورا. مات سنة سبع وثلاثين ومائتين. 324- فطر بن حماد بن واقد الصفار4. بصري، مقل. عَنْ: أَبِيهِ، ومالك بْن أنس. وعنه: مُسْلِم فِي غير الصحيح، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن عَمْرو البزّاز، وعليّ بْن سَعِيد الرّازيّ. توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 66"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 239"، وتاريخ الطبري "8/ 637"، وتاريخ بغداد للخطيب "12/ 357". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 69". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 71، 72"، والثقات لابن حبان "9/ 10"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1102". 4 تقدمت ترجمته.

"حرف القاف": 325- القاسم بْن أُميّة العَبْدِيّ الْبَصْرِيّ الحذاء1. عَنْ: مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، وحفص بْن غِيَاث. وعنه: أبو زرعة وقال: صدوق، وأبو حاتِم. 326- القاسم بْن محمد بْن أَبِي شَيْبَة2. أخو أَبِي بَكْر، وعثمان: ضعيف الحديث بمرّة. عَنْ: يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وعبد اللَّه بْن إدريس، وإسماعيل بْن عُلَيَّة. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتِم ثُمَّ تركا حديثه؛ وصالح جررة، وأبو يَعْلَى. مات سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين. 327- القاسم بْن هلال3. أَبُو محمد القُرْطُبيّ. رحل، وسمع: عَبْد اللَّه بْن وهْب، وعبد الرَّحْمَن بْن القاسم. حدَّث عَنْهُ: أولاده. وكان بصيرًا بِمذهب مالك. تُوُفِيّ سنة إحدى، وقال ابن يونس: سنة سبعٍ وثلاثين ومائتين. 328- قُتَيْبَة بْن سَعِيد بْن جميل بْن طريف4. أَبُو رجاء الثّقفي، مولاهم البلْخَيّ، نزيل قرية بَغْلان. قَالَ ابن عديّ: اسمه يَحْيَى، وقُتَيْبَة لَقَبٌ لَهُ. وُلِدَ سنة تسعٍ وأربعين ومائة. سَمِعَ: مالكًا، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، وأبا عَوَانة، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الموّال، وشَرِيك بْن عَبْد اللَّه، ومفضّل بْن فَضَالَةَ، وحمّاد بْن زيد، وعبد الواحد بْن زياد، وبكر بْن مُضَر، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وأبا الأحوص، وجعفر بْن سُلَيْمَان، وإسماعيل بْن جَعْفَر، وخلقًا بِخُراسان، والعراق، والحجاز، ومصر. وعنه: من عدا ابن ماجة، وابن حمّاد، وَأَحْمَد بْن

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 107"، والمغني في الضعفاء "2/ 517". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 120"، تاريخ جرجان "299"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 379"، ولسان الميزان "4/ 465". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 355"، وبغية الملتمس "451". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 379"، والجرح والتعديل "7/ 140"، والثقات لابن حبان "9/ 20"، وتاريخ الطبري "2/ 388"، وحلية الأولياء "6/ 319".

حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو خيْثَمَة، ويَحْيَى بْن مَعِين، والحسن بْن عَرَفة، وإبراهيم الحربيّ، وأبو زُرْعَة، وجعفر الفِرْيَابي، والحسن بْن سُفيان، وموسى بْن هارون، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج. عَنْ: الْحَسَن بْن سُفْيَان قَالَ: كُنَّا عَلَى باب قُتَيْبَة، وكان معنا رجلٌ يقول: لا أخرج حتّى أكبّر عَلَى قُتَيْبَة. فمرض الرجل ومات، فأُخبرَ قُتَيْبَة فخرج، فصلّى عَلَيْهِ، وكتب عَلَى قبره: هذا قبر قاتل قُتَيْبَة. قَالَ أَحْمَد بْن يسار: كَانَ جدّ قُتَيْبة مولى للحجاج، وكان يذكر كرامته عَلَيْهِ، وأنه كَانَ يجلس عَلَى سرير عَنْ يمينه. وكان قتيبة رَبْعَةً، أصلع، حُلو الوجه، حَسَن الخَلْق، غَنيًّا من ألوان الأموال من البقر، والإبل، ولقد قَالَ لي: أقِمْ عندي هذه الشّتْوَة حتّى أُخرج لك مائة ألف حديث عَنْ خمس أُناسيّ. وكان ثَبْتًا صاحب سنة. كتب الحديث عَنْ ثلاث طبقات. فقال ابن أَبِي خيثمة: سُئِلَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ، عَنْ قتيبة، فقال: ثقة. وقال النسائي: ثقة مأمون. ومن شعر قُتَيْبَة: لولا القضاءُ الَّذِي لا بُدّ مُدْركُهُ ... والرّزْق يأكله الْإِنْسَان بالقَدَر ما كَانَ مثلي فِي بَغْلانَ مَسْكَنُهُ ... ولا يَمرُّ بِهَا إلا عَلَى سَفَر ومن عجيب الاتفاق أنّ التِّرْمِذِيَّ روى حديث الجمع بين الصلاتين عَنْ قُتَيْبَة، ثُمّ رَوَاهُ عَنْ عَبْد الصمد بْن سُلَيْمَان، عَنْ زكريّا اللُؤلؤيّ، عَنْ أَبِي بَكْر الأعْيَن، عَنْ عليّ بْن الْمَدِينِيّ، عَنْ أَحْمَد بْن حنبل، عَنْ قُتَيْبَة. 329- قَطَنُ بنُ نُسَير2. أَبُو عبّاد الغُبَريّ الْبَصْرِيّ. عَنْ: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ. وعنه: مسلم، وأبو داود، ومطين، وأبو يعلى الموصلي، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي. قال أبو حاتِم: رأيتُ أَبِي يحمل عَلَيْهِ. وقال ابن عدي: كان يسرق الحديث ويوصله.

_ 1 أي أصناف. 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 138"، والثقات لابن حبان "9/ 22"، والكامل لابن عدي "6/ 2075"، وتهذيب الكمال للمزي "2/ 1130".

"حرف الكاف": 330- كامل بْن طلحة1. أَبُو يَحْيَى الْجَحْدَريّ الْبَصْرِيّ. وُلِدَ سنة خمسٍ وأربعين ومائة. عن: مبارك بن فضالة، وحماد بن سلمة، وأبي الأشهب جَعْفَر بْن حبّان، واللّيث بْن سعد ومالك، وابن لَهِيعة. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي، وأبو داود السجستاني، في كتاب "المسائل"، وأبو بكر بن أبي عاصم، وموسى بن هارون، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل فِيهِ: مقارب الحديث. وقال أَبُو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 331- كثير بْن يحيى بن كثير2. أبو مالك. عن: أبي عوانة، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وثابت بْن يزيد الأحوال، وغيرهم. وعنه: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي زيادات المسند، وإبراهيم بن هاشم البغوي وعبيد الله بن النعمان المنقري، وهشام بن علي السدوسي. قَالَ ابن أَبِي حاتِم: روى عَنْهُ أَبِي، وأبو زُرْعة، وقال: صدوق. تُوُفيّ سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 332- كعب بْن سَعِيد3. أَبُو سَعِيد العامريّ الْبُخَاريّ، يُعرف بكَنْعَان. ذكره السُّلَيْمَانيّ فقال: كَانَ ناسكًا صَدُوقًا من الأبدال. سَمِعَ: مروان بْن مُعَاويَة، ويحيى بْن سليم، وأبا أسامة، وعبد الرواق. وعنه: بَحر بْن النَّضْر، وأبو صَفْوَان السّرماريّ. وكان يَقُولُ: الْإيِمَان قولٌ وعمل. "حرف اللام": 333- لَيْثُ بن حماد الصفار4.

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 363"، والجرح والتعديل "7/ 172"، والثقات لابن حبان "9/ 28"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1141". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 158"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 219"، والثقات لابن حبان "9/ 26"، وميزان الاعتدال "3/ 410". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 28". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "13/ 16".

حدّث ببغداد فِي سنة اثنتين وثلاثين. عَنْ: عَبْد الواحد بْن زياد، وأبي عَوَانة، وعنه: محمد بْن جَابِر السَّقَطيّ، وإدريس بْن عَبْد الكريم الحدّاد، وعبد اللَّه بْن محمد البَغَويّ. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا. 334- اللَّيْث بْن خَالِد1. أبو الحارث البغدادي، وقيل المروزي. المقريء. من كبار المقرئين ببغداد. قرأ عَلَى: أَبِي الْحَسَن الكِسَائي، وأخذ الحروف عَنْ: يحيى اليزيديّ، وحمزة بْن القاسم الأحْوَل. وتصدَّرَ للإقراء، وحمل الناس عنه. وكان ثقة ثبتًا فيما ينقله. روى عَنْهُ: سَلَمَةُ بْن عاصم، وَمحمد بْن يَحْيَى الكِسَائيّ الصّغير. مات سنة أربعين. "حرف الميم": 335- مالك بْن حويص الهَرَويّ2. عَنْ: مالك بْن أنس، وفُضَيْل بْن عِياض. وعنه: يحيى بن أحمد بن زياد، وغيره. توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين. 336- مالك بن سليمان الألهاني3. حمصي، ضعيف، يكنى: أبا أنس. حدَّث بسامرّاء عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وبقيّة بْن الوليد. وعنه: ابن البراء العبدي، وعلي بن أحمد بن النضر، ومحمد بن محمد الباغندي. ضعفه محمد بن عوف وقال: كَانَ ابن عمّ زوجتي، سَمِعَ منه أَبُو بَرْزة الحاسب سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 337- محمد بْن أبان بْن عمران بن زياد الواسطي الطحان4.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "13/ 16". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 165". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 210"، والثقات لابن حبان "9/ 165"، وتاريخ بغداد للخطيب "13/ 158". 4 انظر الجرح والتعديل "7/ 199"، والثقات لابن حبان "9/ 187"، وتاريخ الطبري "5/ 295"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1156".

أَبُو الْحَسَنَ، وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أَبُو عِمْران السُّلَمي، وقيل الْقُرَشِيّ. عَنْ: أبان بْن يزيد العطّار، والحَمَّادّيْن، وجرير بْن حازم، وسلام بْن مسكين. وشَرِيك، وعُقبَةُ بْن عَبْد اللَّه الأصم، وفُلَيْح بْن سُلَيْمَان. وعنه: بَقِيّ بْن مَخْلَد، وأبو زُرْعة، ومطيّن، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، ومُضَر بْن محمد الأسديّ، وَمحمد بْن محمد الباغَنْديّ، قَالَ ابن حبّان فِي كتاب "الثِّقَات": ربّما أخطأ. وفي "صحيح الْبُخَاريّ": ثنا محمد بْن أبان، ثنا غُنْدَر، فِي موضعين من كتاب الصلاة. وقال ابن عدي: هُوَ الواسطيّ. وقال أَبُو نصر الكَلاباذيّ، وجماعة: هُوَ محمد بْن أبان البلْخِيّ. وقال بَحْشَل: كَانَ فقيهًا، ومولده سنة سبع وأربعين ومائة. قال ابن أَحْمَد. وتُوُفِيّ سنة تسعٍ، وقيل ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 338- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن العَنْبسيّ الْكُوفيّ. عَنْ: أَبِي مَعْشَر السِّنْديّ. وعنه: محمد بْن عَبْد اللَّه مُطَيّن. قَالَ أبو عبد الله بْن مَنْدة: تُوفيّ بعد الثلاثين ومائتين. 339- محمد بْن القاضي أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد1. أَبُو الوليد الإياديّ. لَمَّا ضُرِبَ أَبُوهُ بالفالِج وانقطعَ فِي بيته ولاه المتوكّل قضاء القضاة. لأن ابن أَبِي دُؤاد كَانَ يبالغ فِي خدمة المتوكّل وفي نُصْحه. وكان المتوكّل يكرهُ أَحْمَد لأجل مذهبه وتهجُّمه عَلَى القول بخلق القرآن. ثُمَّ عزل المتوكّل أَبَا الوليد عَنِ القضاء بيحيى بْن أكثم. وصادر أَبَا الوليد، فَحُمِلَ إِلَيْهِ مائة ألف دينار وجواهر ونفائس. ثُمَّ صُولِح بعد ذَلِكَ عَلَى ستة عشر ألف ألف دِرْهَم. وتوالت الآفات عَلَى ابن أبي دُؤاد بمرضه ونكبته، ثُمَّ فجع بابنه أَبِي الوليد هذا، فمات سنة سَبْعٍ وثلاثين، أو فِي سنة أربعين ومائتين. ومات أَحْمَد بعده بعشرين يومًا. ولأبي الوليد أخبار طريفة فِي الْبُخْل. 340- محمد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن المسّيب بْن أَبِي السّائب2 بْنُ عَائِذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بن مخزوم.

_ 1 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 173، 179"، وتاريخ الطبري "9/ 188"، وتاريخ بغداد للخطيب "1/ 297". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 194"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 40، 41"، والثقات لابن حبان "9/ 89".

أبو عبد الله الْقُرَشِيّ المخزوميّ المسيبيّ الْمَدَنِيّ. عَنْ: أَبِيهِ، وسُفيان بْن عُيَيْنَة، وأنس بْن عياض، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، وَمحمد بْن فُلَيْح. وقرأ القرآن على أبيه عَنْ نافع. وأقرأ. وعنه: مُسْلِم، وأبو داود، وأبو زُرْعة، وإبراهيم الحربيّ، وأبو يَعْلَى الموصلي، وَمحمد بْن عبدوس بْن كامل. كَانَ عالِمًا صالِحًا جليل القدر. قَالَ مُصْعَب الزُّبَيْريّ: لا أعلمُ فِي قريش كلّها أفضل من المسيبيّ. وثَّقه صالح جَزَرَة. مات ليومين بقيا من ربيع الأول سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 341- محمد بن إسحاق بن هاشم الرافعي1. عن ولد أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. دمشقيّ. عَنْ: سَعِيد بْن عَبْد العزيز. وعنه: أَحْمَد بْن نصر بْن شاكر، وجعفر الفريابيّ، وَأَحْمَد بْن الْمُعَلَّى. 342- محمد بْن أسد الحَوْشِيّ الحافظ2. أبو عبد الله الإسفرائينيّ أحد الأعلام. إمام رحّال مصنِّف. وحَوْش من قرى إسفرائين. عن: ابن المبارك، عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وبقيّة بْن الوليد، والوليد بْن مُسْلِم، وفُضَيْل بْن عياض. وعنه: محمد بن عبد الوهاب الفراء، وأبو إبراهيم الحربي، وأبو بكر الصغاني، وأبو حاتم الرازي، وأبو لبيد السرخسي. ولما مات قَالَ إِسْحَاق بْن راهَوَيه: كَانَ نصف خُراسان. 343- محمد بْن أَبِي العتاهية إِسْمَاعِيل البغداديّ3. الشاعر ابن الشاعر، ويُلَقَّب عتاهية. لَهُ شعر جيّد فِي الزُّهد. عَنْ: أَبِيهِ، وهشام الكلبيّ. وعنه: ابن أبي الدنيا، وأحمد بن أبي خيثمة، والمبرد. ومن شعره: قد أفلح الساكت الصموت ... كلام راعي الكلام قوت ما كل نطق له جواب ... جواب ما يكره السكوت يا عجبًا لامرىء ظلوم ... مستيقن أنه يموت

_ 1 انظر تاريخ دمشق "37/ 100". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 209"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 406"، وسير أعلام النبلاء "10/ 655، 656". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 34"، والأغاني "4/ 788".

344- محمد بْن بشير بْن مروان1. أَبُو جَعْفَر الكِنْدِيّ الدّعاء. بغداديّ، جائز الحديث. عَنْ: ابن المبارك، وابن السمّاك الواعظ، وابن عيينة. وعنه: ابن أبي الدنيا، وأبو يعلى. مات سنة ست وثلاثين ومائتين. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لَيْسَ بالقويّ. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بثقة. 345- محمد بْن بكّار بْن الرّيان الهاشمي2. مولاهم الرُّصَافِيّ البغداديّ، أبو عبد الله. عَنْ: محمد بْن طلحة بْن مَطَرِّف، وعبد الحميد بْن بِهْرام، وفُلَيْح بْن سُلَيْمَان، وقيس بْن الربيع، وأبي مَعْشَر نَجِيح السِّنْدِيّ، والوليد بْن أَبِي ثور، وإسماعيل بْن جَعْفَر. وعنه: مُسْلِم، وأبو داود، وابنه إِبْرَاهِيم بْن محمد، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدُّنْيَا، وموسى بْن هارون، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وحامد بْن شُعَيْب، وإبراهيم بْن هاشم البَغَويّ، وأبو القاسم البغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وعِمْران بْن مُوسَى بْن مُجاشع، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج، وَمحمد بْن الْحُسَيْن بْن مُكْرَم. قَالَ مُوسَى: شيخ لا بأس بِهِ. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة. مات فِي ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين ومائتين، عَنْ ثلاثٍ وتسعين سنة. 346- محمد بْن بكّار بْن الزُّبَيْر العَيْشيّ البصْرِيّ الصَّيْرَفيّ3. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وزياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ ويزيد بن زريع، ومعتمر بن سليمان، ومروان بن معاوية. وعنه: مسلم، وأبي داود، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يعلى الموصلي، وعبدان الأهوازي، والحسن بن سفيان، وإبراهيم بن محمد بن نائلة الإصبهاني. وكان ثقة صاحب حديث. تُوُفيّ سنة سبعٍ وثلاثين ومائتين. 347- مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن عَلِيّ بن عطاء بن مقدم4.

_ 1 انظر الضعفاء لابن الجوزاء "3/ 44"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 491"، والمغني في الضعفاء "2/ 559". 2 الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 347"، والجرح والتعديل "7 212"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 44"، والثقات لابن حبان "9/ 788". 3 انظر تهذيب الكمال للمزي "3/ 1178"، وسير أعلام النبلاء "11/ 115"، وتهذيب التهذيب "9/ 76، 77". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 308"، والجرح والتعديل "7/ 213"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 49"، والثقات لابن حبان "9/ 58".

الْمُحَدِّث أبو عبد الله الثَّقِفيّ مولاهم الْبَصْرِيّ المقدَّميّ، والد أَحْمَد، وَمحمد. عَنْ: عمّه عُمَرَ بْن عليّ، وأبي عَوَانة، وحمّاد بْن زيد، ويزيد بْن زُرَيْع، وفُضَيْل بْن سُلَيْمَان، ويوسف بْن الماجشون، وعثّام بْن عليّ، وعبّاد بْن عَبّاد. وعنه: الشيخان، وإسماعيل القاضي، ويوسف القاضي، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يعلى الْمَوْصِليّ، وَأَحْمَد بْن عليّ بْن سَعِيد الْمَرْوَزِيّ، وعبد الله بن أحمد، والحسن بن سفيان. وثّقة ابن مَعِين، وأبو زُرْعَة. مات فِي أول سنة أربع وثلاثين ومائتين. 348- محمد بْن ثعلبة بْن سواء السَّدُوسيّ البصْرِيّ1. عَنْ: عمّه محمد بْن سواء فقط. وعنهُ: أَبُو بَكْر بن أبي عاصم، وموسى بن هارون، وأبو لَبِيد محمد بْن إدريس السَّرْخَسِيّ، وعَبْدان الأهوازيّ، وأبو يَعْلَى. 349- محمد بْن جامع البصْرِيّ العطّار2. عَنْ: حمّاد بْن زيد، ومُعْتَمِر. وعنه: أبو يعلى، وعبدان، وعلي بن سعيد الرازي، وأحمد بن حفص الجرجاني. ضعفه أبو يعلى. وقال ابن عديّ: لَهُ أحاديث لا يُتَابعُ عليها. وقال أبو حاتم: كتبت عنه، وهو ضعيف الحديث. 350- محمد بْن جَعْفَر بْن أَبِي مؤاتية الكلبيّ الكوفيّ3. نزيل فَيْد. ويُقال لَهُ الْفَيْدِيّ العلاف. عَنْ: أَبِي مُعَاويَة، وابن فُضَيْل، ووكيع. وعنه: البخاري، ومحمد بن الفضل بن جابر السقطي، ومطين. مات في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين ومائتين. 351- محمد بن حاتم بن ميمون المروزي ثم البغدادي4 السمين. أبو عبد الله. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن إدريس، ويحيى القطّان، وابن عيينة، وعبد الله بن نمير، وإسماعيل بن علية. وعنه: مسلم، وأبو داود، والحسن بن سفيان، وأحمد

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 218". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 223"، والثقات لابن حبان "9/ 79"، والكامل لابن عدي "6/ 2273"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 498". 3 انظر التاريخ الكبير للبخاري "1/ 57"، والثقات لابن حبان "9/ 132". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 359"، والجرح والتعديل "7/ 237"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 70"، وحلية الأولياء "10/ 336".

ابن يحيى البلاذري، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ. وثقه ابن حبان، وابن عدي، والدارقطني. قَالَ محمد بْن سواء: استخرج كتابًا في تفسير القرآن كتبه لناس ببغداد، وكان يَنْزِلُ قطيعة الربيع. وقال الفلاس: لَيْسَ بشيء. تُوفيّ يوم الأربعاء لِخمس بقين من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ومائتين. وأمّا. 352- محمد بْن حاتِم المصِّيصيّ. الملقب جنّي، فهو صدوق من أقرانه، ولكنّه تأخّر موته. وكذا: 353- محمد بْن حاتِم الزّميّ1. من أقرانِهما، ولكنْ تأخّر موته. 354- وَمحمد بْن حاتِم بْن بزيع2. أصغر منهم، توفي قبل الخمسين. 355- وَمحمد بْن حاتِم بْن نُعَيْم المصيصي. من صغار شيوخ النسائي، أدركهُ ابن عدي، وبقي إلى قرب الثلاثمائة. 356- محمد بْن الحارث بْن راشد الْمَصْرِيّ. يُعرف بعذرة. سَمِعَ: ابن لَهِيعة، وعبيد اللَّه بْن عَمْرو الرقيّ، وضمام بْن إِسْمَاعِيل. وعنه: الْحَسَن بْن سُفْيَان، وَأَحْمَد بْن داود بْن أَبِي صالِح الحراني، وحسن بْن سَعِيد. فِيهِ لين. تُوفيّ فِي ذي القعدة سنة أربعين ومائتين. 357- محمد بْن حبيب الجاروديّ الْبَصْرِيّ3. عَنْ: عَبْد العزيز بْن أَبِي حازم. وعنه: أَحْمَد بْن عليّ الجزّار، وأبو القاسم البَغَويّ. وكان صدوقًا.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 238"، والثقات لابن حبان "9/ 90". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 108". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 110"، وميزان الاعتدال "3/ 508".

358- محمد بْن حبيب الشمونيّ1. أَبُو جَعْفَر الكوفيّ المقريء. قرأ عَلَى أَبِي يوسف الأعشى صاحب ابن عيّاش. وكان أحذق أصحاب الأعشى. قرأ عَلَيْهِ: إدريس بن عبد الكريم، والقاسم أَحْمَد الخيّاط، وَمحمد بْن عَبْد اللَّه الحربيّ. وكان يُلَقِّن القرآن. 359- محمد بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي شيخ2. أَبُو جَعْفَر البُرْجُلانيّ صاحب المعلَّقَات فِي الزُّهد والرقائق. عَنْ: مالك بْن ضَيْغَم، وحسن الْجُعْفيّ، والهيثم بن عبيد، وزيد بن الحباب، وسعيد بن عامر، وأزهر السمان. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وإبراهيم بن الجنيد، ومحمد بن يحيى الواسطي، وأبو يعلى الموصلي، وأبو العباس بن مسروق. قَالَ أبو حاتم: ذُكِرَ لي أنّ رجلًا سألَ أَحْمَد بْن حنبل عَنْ شيء فِي أخبار الزُّهد، فقال: عليك بِمحمد بْن الْحُسَيْن. 360- محمد بْن حفص3. أَبُو عَبْد الرَّحْمَن البصْريّ القطان، خال عيسى بْن شاذان. عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وأبي داود، ومسلم بن قتيبة، وأبي عاصم. وعنه: أَبُو داود، وحرب الكرمانيّ، ومطين، وابن أَبِي الدُّنْيَا. وثَّقه ابن حِبّان. 361- محمد بْن خَالِد بْن عَبْد اللَّه بْن يزيد الواسطيّ الطحان4. سمعَ: أباهُ، وشَرِيك بْن عَبْد اللَّه، وأبا شهاب عَبْد ربّه بْن نافع، وفَرَج بْن فَضَالَةَ، وهُشَيْم. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وإبراهيم بْن يوسف الهِسِنْجَانيّ، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، ومحمود بْن محمد الواسطيّ، ويوسف بْن يعقوب إمام جامع واسط. ضَعَّفه أَبُو زُرْعة. واتَّهمه ابن معين. تُوُفيّ سنة أربعين ومائتين.

_ 1 انظر معرفة القراء الكبار "1/ 305"، وغاية النهاية "2/ 114". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 229"، وتاريخ بغداد للخطيب "2/ 222، 223"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 522". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 95". 4 انظر الجرح والتعديل "7/ 243"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 74"، والثقات لابن حبان "9/ 90"، والكامل لابن عدي "6/ 2275".

362- محمد بْن خَالِد بْن العبّاس بْن زمل السَّكْسكيّ البتلهي1. عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، وبقيّة بْن الوليد. وعنه: يعقوب الفسوي، ومسلم بن الحجاج، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة. 363- محمد بن خلاد بن كثير2. أبو بكر الباهلي البصري. عَنْ: مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، ونوح بن قيس، وغندر، ويحيى القطان ولَزمه مدّة. وعنه: مُسْلِم، وأبو داود، والحسن بْن سُفْيَان، وعبد اللَّه بْن ناجية، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل. وثَّقه مُسَدِّد. قَالَ ابن حبّان: مات سنة تسعٍ وثلاثين وقال ابن أَبِي حاتِم: سنة أربعين ومائتين. 364- محمد بْن خلاد بْن هلال3. أبو عبد الله التّميميّ الإسكندرانيّ. سَمِعَ: اللَّيْث، وضمام بْن إِسْمَاعِيل، ويعقوب الإسكندرانيّ. قَالَ ابن يونس: يروي المناكير. ماتت سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 365- محمد بْن زياد بْن الأعرابي4. أبو عبد الله الهاشمي مولى آل الْعَبَّاس بْن محمد الهاشميّ. كَانَ عَجَبًا فِي معرفة لُغة العرب والأنساب. وكان أَحْوَلَ. عَنْ: أَبِي مُعَاويَة الضَّرير، وغيره. وعن: الكِسَائيّ، والقاسم بْن مَعْن المسعوديّ. وعنه: إِبْرَاهِيم الحربيّ، وعثمان الدّارمي، وأبو الْعَبَّاس ثعلب، وأبو شُعَيْب الحراني، وشمر بن حمدويه. وكان يَقُولُ: وُلِدْتُ فِي الليلة التي مات فيها أبو حنيفة.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 93"، والمعرفة والتاريخ "1/ 535". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 246"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 76"، والثقات لابن حبان "9/ 86"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 195". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 245"، والثقات لابن حبان "9/ 85"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 573"، ولسان الميزان "5/ 155". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 282-285"، والكامل في التاريخ "7/ 25"، والفهرست لابن النديم "61"، وسير أعلام النبلاء "2/ 264".

ولم يكن من الكوفيين أشبه برواية البصْريين منه. وكان يزعم أنّ الأصمعي وأبا عبيدة لا يعرفان شيئًا. وقال ابن الأعرابيّ فِي كلمة رواها الأصمعيّ: سمعتها من ألف أعرابيّ خلاف ما قاله الأصمعيّ. وقال ثعلب: لزمتُ ابن الأعرابي تسع عشرة سنة، وكان يحضر مجلسه زُهاء مائة إنسان، ما رأيتُ بيده كتابًا قطّ. وانتهى إِلَيْهِ علمُ اللُّغة والِحفِظِ. وقال أَبُو منصور الأزهريّ: ابن الأعرابي كوفيّ الأصل، زاهد، ورِع، صدوق، حفظ من الغريب والنوادر ما لَمْ يحفظه غيره. وسمعَ من الأعراب الذين كانوا ينزلون بظاهر الكوفة بني أسد، وبني عقيل، فاستكثر، وأخذ النَّحْو عَنِ الكِسَائيّ. وكان أَبُوهُ عبدًا سِنْديًّا. ومن تأليفه: كتاب "النّوادر"، وهو كبير، وكتاب "تفسير الأمثال"؛ وكتاب "معاني الشِّعْر"، وغيرها. تُوفيّ سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 366- محمد بْن أَبِي زكير يحيى بْن إِسْمَاعِيل1. أبو عبد الله الصدفي، مولاهم المصري. مكثر عَنِ ابْن وهْب، وغيره. وعنه: يعقوب الفَسَويّ. مات فِي جُمَادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 367- محمد بْن سَعْدان2. أبو عبد الله النحوي المقريء الضَّرير. أحد الأئمة بالعراق. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن إدريس، وأبي مُعَاويَة. وعنه: عَبْد اللَّه بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى الْمَرْوَزِيّ. وصنَّف فِي النَّحو والقراءات، وكان بصيرًا بِهَا. قرأ القرآن، عَلَى سُلَيْم، وغيره. قرأ عَلَيْهِ: محمد بْن أَحْمَد بْن واصل، وسليمان بْن يحيى الضبي، وجعفر بْن محمد الأدميّ. قال أبو الحسين بْن المنادي: اختار لنفسه ففسد عَلَيْهِ الأصل. إلا أَنَّهُ كَانَ نحويًا. قَالَ الخطيب: ثقة. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 368- محمد بن سَعِيد بْن أَبِي مريم. أَبُو عبد الله الْمَصْرِيّ. عَنْ: ابن وهْب، والفِرْيَابيّ. مات سنة خمس وثلاثين ومائتين.

_ 1 سيأتي ترجمته. 2 انظر الكامل في التاريخ "7/ 26"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 324"، والفهرست لابن النديم "75"، والبداية والنهاية "10/ 307".

369- محمد بْن سَعِيد بْن زياد1. أَبُو سَعِيد الْقُرَشِيّ الكُرَيْزِيّ الْبَصْرِيّ الأثرم. نزيل بغداد. عَنْ: حمّاد بْن سَلَمة، وهَمَّام بْن سَعِيد، وأبان بْن يزيد. وعنه: يعقوب الفَسَويّ، وَمحمد بْن غالب تَمْتَام، وعبد اللَّه بْن الأزهر البلْخِيّ، وَمحمد بْن حاتِم المصيصي، وأبو زُرْعَة. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 370- محمد بْن سلام بْن عُبَيْد اللَّه2. أبو عبد الله الْجُمَحِيّ مولاهم البَصْرِيّ الإخباريّ، أخو عَبْد الرَّحْمَن. ولاؤهم لقُدامة بْن مظعون. قَالَ ابن قانع: كَانَ أديبًا عالِمًا عارفًا بارعًا. صنَّفَ كتاب "طبقات الشعراء". وحدَّث عَنْ: حمّاد بْن سَلَمة، ومبارك بْن فضالة، وأبي عَوَانة. وعنه: أَحْمَد بْن أَبِي خيثمة، وثعلب، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل، وَأَحْمَد بْن عليّ الأبّار، وجماعة آخرهم أَبُو خليفة الْجُمَحِيّ. وقال صالح جَزَرَة: صدوق. وقال الْحُسَيْن بْن فَهْم: قَدِمَ علينا محمد بْن سلام بغداد سنة اثنتين وثلاثين، فاعتلّ علّة شديدة، فأهدى إِلَيْهِ الرؤساء أطباءَهم، وكان منهم ابن ماسُوَيْه، فلمّا رآه قَالَ: ما أرى مِنَ العلة كما أرى من الْجَزَع. فقال: والله ما ذاكَ بحرصٍ عَلَى الدُّنْيَا مَعَ اثنتين وثمانين سنة، ولكنّ الْإِنْسَان فِي غَفْلة حتّى يوقظ بعِلْمه. فقال: لا تجزع، فقد رأيت فِي عَرَقك من الحرارة الغريزيّة وقوّتها ما إن سلَّمك اللَّه من العوارض بلّغك عشر سِنين أخرى. قَالَ ابن فَهْم: فوافق كلامُه قَدَرًا، فعاش كذلك. ومات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 371- محمد بْن أَبِي داود سُلَيْمَان الأنباريّ. عَنْ أَبِي مُعاوية، وابن نُمَيْر، ووكيع. وعنه: أبو داود، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وأبو بكر بن أبي عاصم. توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين. 372- محمد بن سليم بن مسلم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 264"، والثقات لابن حبان "9/ 77"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 305، 306". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 278"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 294"، وتاريخ الطبري "6/ 157"، وتاريخ بغداد "5/ 327"، وميزان الاعتدال "1/ 321".

أبو عبد الله الحجبي المكي. عَنْ: شَرِيك، ومسلم الزّنْجِيّ. وعنه: مضر بن محمد الأسدي، ومحمد بن علي الصائغ، ومطين. وكان أبوه من أصحاب ابن جريج. 373- محمد بن سماعة بن عبيد الله بن هلال التميمي الفقيه1. أبو عبد الله الكوفي قاضي بغداد، وصاحب أبي يوسف القاضي. أخذ عنه، وعن: محمد بن الحسن. وبرع في مذهب أبي حنيفة، وصنف التصانيف. وروى أيضا عَنْ: اللَّيْث، والمسيّب بْن شَرِيك. وعنه: الْحَسَن بْن محمد بْن عَنْبر الوشّاء، وَمحمد بْن عِمْران الضَّبِيّ. قَالَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ: لو كَانَ أهلُ الحديث يصدقون فِي الحديث كما يصدق محمد بْن سماعة في الرأي لكانوا منه على نهاية وكان ابن سماعة يصلي كل يوم مائتي ركعة وعن محمد بْن عمران الضبيّ قَالَ محمد بْن سماعة: مكثتُ أربعين سنة لَم تفُتْني التكبيرة الأولى إلا يومًا ماتت فيه أمي. وفاتتني صلاة في جماعة، فقمتُ وصلَّيْتُ خمسًا وعشرين صلاة، أريدُ بذلك التضعيف. فغلبتني عيني فقيل لي: فِي اليوم قد صليت، ولكن كيف لك بتأمين الملائكة؟ ولي ابنُ سماعة القضاء لِهارُون الرشيد سنة اثنتين وتسعين ومائة بعد يوسف بْن أَبِي يوسف القاضي، فلم يزل قاضيًا إلى أن ضعُف بصره، فعزله المعتصم بإسماعيل بْن حمّاد بْن أَبِي حنيفة. قَالَ طلحة بْن محمد بْن جَعْفَر: وُلِدَ ابن سماعة سنة ثلاثين ومائة، ومات سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين، وله مائة وثلاث سنين. 374- محمد بْن سماعة2. أَبُو الأصبع الْقُرَشِيّ الرمليّ. عَنْ: ضمرة، ومَعْن بْن عيسى. وعنه: أبو داود، وجعفر الفريابي. مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. 375- محمد بن الصباح بن سفيان3.

_ 1 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 95"، وتاريخ الطبري "8/ 271"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1206". 2 انظر الجرح والتعديل "7/ 283"، والثقات لابن حبان "9/ 112"، والكنى والأسماء للدولابي "1/ 100". 3 انظر الجرح والتعديل "7/ 289"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 118"، والثقات لابن حبان "9/ 103"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 367".

أبو جعفر الجرجرائي الباهلي، مولى عمر بن عبد العزيز. وجرجرايا بين واسط وبغداد. سكن المخرم من بغداد. عَنْ: عَبْد العزيز بْن أَبِي حازم، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وهُشَيْم، وجرير بْن عَبْد الحميد، وسُفيان بْن عُيَيْنَة، ومروان بْن شجاع. وعنه: أَبُو داود، وموسى بْن هارون، وجعفر الفريابي، وأبو الْعَبَّاس السّراج، والقاسم المطَرِّز. وثقه أَبُو زُرْعَة، وغيره. وقال البخاريّ: مات بَجَرْجَرايا لانْسِلاخ جُمَادى الآخرة سنة أربعين ومائتين. 376- محمد بْن الضُّرَيْس الصَّلْصَال1. أَبُو الغَضَنْفَر الْكُوفيّ، مشهور بالزُّور والخمور. عَنْ: العطّاف بْن خَالِد، وأبيه. وعنه: محمد بن الباغندي، وعلي بن سعيد العسكري. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ. 377- محمد بْن عائذ2. أبو أَحْمَد، وأبو عبد الله، الدمشقي. المفتي الكاتب. ولي خراج الغُوطة زمن المأمون، وصنَّف المغازي والفُتُوح والصَّوائف. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، والهيثم بْن حُمَيْد، ويحيى بْن حمزة، والوليد بْن محمد الموقريّ، والوليد بن مسلم، وسويد بن عبد العزيز، والعطاف بن خالد، وعَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيدَ بْنِ جابر. وعنه: محمود بن خالد السلمي، ويعقوب الفسوي، وأبو زرعة، وأبو داود في غير السنن، وأحمد بن إبراهيم البسري، ومحمد بن وضاح القرطبي، وجعفر الفريابي. قَالَ صَالِح جَزَرَة: ثقة إِلَّا أَنَّهُ قَدَريّ. وقال النسائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وُلِدَ سنة خمسين ومائة، ومات بدمشق لِخمسٍ بقين من ربيع الآخر سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين. وسئل عَنْهُ ابن مَعِين فوثَّقه. 378- محمد بن عباد بن الزبرقان المكي3.

_ 1 انظر المجروحين لابن حبان "2/ 310"، وتاريخ بغداد للخطيب "5/ 374-376"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 72". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 75"، والكامل في التاريخ "7/ 35"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 589". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 358"، والجرح والتعديل "8/ 14"، والثقات لابن حبان "9/ 90"، وتاريخ بغداد للخطيب "2/ 374".

نزيل بغداد. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وحاتم بْن إِسْمَاعِيل، وَالدَّرَاوَرْدِيّ، ومروان بْن مُعَاويَة. وعنه: الشيخان، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وعثمان بن خرزاذ، وعبد الله أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى بن منده، وموسى بن هارون، والبغوي، وأبو يعلى. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَد: حديثُه حديثُ أهل الصِّدْق. مات فِي آخر يوم من ذي الحجّة سنة أربعٍ وثلاثين. 379- محمد بْن عبّاد بْن مُوسَى الكوفيّ سندولا1. عَنْ: عَبْد السّلام بْن حرب، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ. وعنه: إبْرَاهِيم الحربيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدنيا، وغيرهما. فيه ضعف. 380- محمد بن العباس2. أبو عبد الله، مولى بني هاشم البغدادي، صاحب الشّامة. سَمِعَ: شعيب بْن حرب، ومبشّر بْن إِسْمَاعِيل. وعنه: موسى بن هارون، وعبد الله بن ناجية. مات سنة تسع وثلاثين ومائتين. 381- محمد بْن عَبْد الله بْن نمير3. أَبُو عبد الرحمن الهمداني الحارثي الكوفي الحافظ. أحد الأعلام. سَمِعَ: أَبَاهُ، وعمر بْن عُبَيْد، والمطلَّب بْن زياد، وسفيان بْن عُيَيْنَة، وعبد اللَّه بْن إدريس، وَمحمد بْن فُضَيْل، وعبدة بْن سُفْيَان، وحفص بْن غِياث، وابن عُلَيَّة. وعنه: الشيخان، وأبو داود، وبقي بن مخلد، وأبو زرعة، وأحمد بن ملاعب، ومحمد بن وضاح، ومطين، وأبو يعلى الموصلي. قَالَ أَبُو إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ: كَانَ أَحْمَد بْن حنبل يعظّم ابن نُمَيْر تعظيمًا عَجَبًا، ويقول: أيّ فتى هُوَ؟! وعنه قَالَ: هُوَ دُرَّة العراق. وقَالَ عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد: ما رأيتُ بالكوفة مثل محمد بْن عَبْد الله بن نُمير، كان رجلًا

_ 1 انظر أخبار القضاة لوكيع "1/ 252"، وتاريخ الطبري "2/ 373"، وتاريخ بغداد "2/ 373"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 589". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 48"، والثقات لابن حبان "9/ 153"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 109". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 413"، والجرح والتعديل "7/ 307"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 144"، والثقات لابن حبان "9/ 85".

قد جمع العلم والفهم والسنة الزهد. وقال أَحْمَد بْن سُلَيْمَان: ما رأيتُ من أحداث الكوفيين رجلًا أفضل عندي من محمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر. وقال أبو حاتم: ثقة يُحْتَجّ بحديثه. وقال النسائي: ثقة مأمون. قَالَ الذَّهبِيّ: وله كلام فِي الجرح والتعديل والعِلَل. قَالَ ابن الْجُنَيْد: كَانَ أَحْمَد بْن حنبل، وابن مَعِين يقولان فِي شيوخ الكوفيّين ما يَقُولُ ابن نُمَيْر فيهم. مات فِي شَعْبَان أو رمضان سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. 382- محمد بْن عَبْد اللَّه1. أَبُو جَعْفَر الْبَصْرِيّ الرُّزّيّ. عَنْ عاصم بْن هلال، ومُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان. وعنه: مسلم، وأبو داود، وعباس الدوري، وعبد الله أحمد بن حنبل. كان صدوقا. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 383- محمد بن عبد الله بن بكار2. أبو عبد الله البسري الدمشقي. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، والوليد بْن مُسْلِم. وعنه: حفيده أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم، وجعفر الفريابي. مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 384- محمد بن عبد الأعلى بن موسى المرادي. مولاهم المصري القراطيسي الفقيه. ولد سنة خمسين ومائة. عَنْ: نافع بْن يزيد، والمفضل بْن فَضَالَةَ. توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين. 385- محمد بن عبد الجبار الهمذاني3. من رؤساء همذان. كثير الحج والغزو والعبادة. يقال: إن يحيى بن معين أخذ بركابه. عَنْ: سُفيان بْن عُيَيْنَة، ويزيد بْن هارون. وعنه: أبو داود في المراسيل، ومطين، وابن أخيه إبراهيم بن مسعود الهمذاني.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "7/ 310"، والأنساب "6 / 133"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1228"، وتهذيب التهذيب "9/ 285". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "3/ 77". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 145"، والتدوين في أخبار قزوين للرافعي "1/ 312"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1228".

386- محمد بن عبد الرحمن بن عبد الصمد العنبري البصري1. عَنْ: أُمَيّة بْن خَالِد، وابن مهديّ. وعنه: أبو دَاوُد، وأبو بَكْر بْن أبي عاصم، وعبدان الأهوازي. 387- محمد بن عبد المجيد التميمي البغدادي المفلوج2. عَنْ: حمّاد بْن زيد، وعُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقّيّ، وبقية بن الوليد. وعنه: ابن أبي الدنيا، وعبد الله بن ناجية، ومحمد بن صالح بن ذريح. ضعيف. ضعفه تمتام. 388- محمد بن عبد الملك بن أبان بن أبي حمزة3. الوزير أبو جعفر بن الزيات. كان أبوه زياتا، ونشأ هو فقرأ الأدب، وقال الشعر البديع، وتوصل بالكتابة إلى أن اتصل بالمعتصم، ووزر له، وللواثق. وكان أديبًا بليغًا عالِمًا باللّغة والنَّحْو والشِّعْر. رثى أَبَا تَمّام الطّائيّ. وكان بينه وبين ابن أَبِي دُؤاد عداوة. فلمّا استخلف المتوكّل أغراهُ ابن أَبِي دُؤاد بابن الزيّات، فصادره وعذَّبه وسجنهُ. وكان من القائلين بخلق القرآن. رُوِيَ أنّه كَانَ يَقُولُ: الرَّحْمَةُ خَوَرٌ فِي الطبيعة. ما رحمتُ أحدًا قط. ولَمّا سُجِنَ فِي القفص الضيّق وسائر جهاته بِمسامير إلى داخله كالمسالّ، كَانَ لا يَقَرُّ لَهُ فِيهِ قرار، ويصيح ارحموني. فيقولون: الرَّحْمَةُ خَوَر فِي الطّبيعة. مات سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين. 389- محمد بْن عُبَيْد بْن حِسَاب الغُبَريّ الْبَصْرِيّ4. عَنْ: حمّاد بْن زيد، وأبي عَوَانة، وجعفر بْن سُلَيْمَان الضُّبَعيّ، وعبد الواحد بن زياد، ومعاوية الضال، وعبد العزيز بن المختار، ومحمد بن ثور الضغاني. وعنه: مسلم، وأبو داود، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وعبد الله بن أحمد، والحسن بن سفيان، وزكريا

_ 1 انظر تهذيب الكمال للمزي "3/ 1231"، وتهذيب التهذيب "9/ 299". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 392"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 630"، ولسان الميزان "5/ 264". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 346"، وتاريخ الطبري "9/ 20، 22"، والفهرست "122"، والوافي بالوفيات "4/ 32-34". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 11"، والثقات لابن حبان "9/ 89"، والأنساب "9/ 124"، وتهذيب الكمال للمزي "9/ 329".

الساجي، وجعفر الفريابي، وأبو يعلى، وعبدان. وثقه النسائي. وقال أَبُو داود: ابن حِسَاب عندي حُجَّة. مات سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. 390- محمد بْن عُبَيْد بْن ميمون التَّيْميّ1 المدنيّ التّبّان. عَنْ: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وعيسى بْن يونس، ومسكين بْن بُكَيْر. وعنه: الْبُخَاريّ، وأبُو زُرْعة الرازيّ، وأبو العبّاس ثعلب، ومُطَيَّن. قَالَ أبو حاتم: شيخ. 391- محمد بْن أَبِي عتّاب الأعْيَن2. أَبُو بَكْر بْن الْحَسَن بْن طريف البغدادي الحافظ. عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وأبي عَبْد الرحمن المقريء، وزيد بن الحباب، وعمرو بْن أَبِي سلمة التنيسي، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، ووهب بن جرير، ويزيد بن هارون. وعنه: مسلم في مقدمة كتابه، وأبو داود في غير السنن، وعباس الدوري، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو القاسم البغوي، وأبو العباس السراج. وثقه ابن حبان. مات في جمادى الآخرة سنة أربعين ومائتين. 392- محمد بن عمر بن حفص القصبي البصري المقريء3. روى الحروف عَنْ: عَبْد الوارث التَّنُّوريّ، عَنْ أَبِي عَمْرو. وعنه: أَحْمَد بْن أَبِي خيثمة، وَأَحْمَد بْن محمد بْن الشّمّاس، ويموت بْن المُزَرِّع. قَالَ ابن مَعِين: صدوق. 393- محمد بْن عَمْرو الروميّ البغدادي الإخباريّ النّديم4. جالَسَ المعتصم والواثق. حكى عَنْهُ: أَبُو العَيْناء، ويزيد بْن محمد المهلّبيّ، وعَوْن بْن محمد الكِنْدِيّ. تُوُفِيّ بسامرّاء فِي شَعْبَان سنة أربعين ومائتين. 394- محمد بْن عَمْرو بْن عبّاد بْن جَبَلَة بْن أبي رواد5.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 11"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 259"، والثقات لابن حبان "9/ 82". 2 الجرح والتعديل "7/ 229"، والثقات لابن حبان "9/ 95"، وتاريخ بغداد للخطيب "2/ 182، 183"، وتهذيب الكمال "3/ 1240". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 21". 4 انظر البيان والتبيين "1/ 61"، وفتوح البلدان "396"، ومروج الذهب "2721". 5 انظر الثقات لابن حبان "9/ 83"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1251"، وتهذيب التهذيب "9/ 373".

أَبُو جَعْفَر العَتَكيّ الْبَصْرِيّ. سَمِعَ: محمد بْن جَعْفَر، وابن أَبِي عديّ، وأمية بن خالد. وعنه: مسلم، وأبو داود، ومطين، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى الموصلي. وثقه أبو داود. مات سنة أربع وثلاثين ومائتين. 395- محمد بن عمرو بن بكر التميمي العدوي الرازي1. أبو غسان الطيالسي زنيج. عَنْ: جرير، وَسَلَمَةُ بْن الفضل، وحَكّام بْن سلْم، وأبي نُمَيْلة يَحْيَى بْن واضح، وبَهْز بْن أسد. وعنه: مُسْلِم، وأبو داود، والحسن بْن سُفْيَان، وموسى بْن هارون، وَمحمد بْن إِسْحَاق السّرّاج، وأبو بِشْر الدَّولابِي. وثّقه أَبُو حاتِم. مات فِي آخر سنة أربعين، وقيل فِي سنة إحدى وأربعين ومائتين. 396- محمد بْن عُمَرو البلْخَيّ السّوّاق، ويُقالُ السَّوِيقيّ2. عَنْ: هُشَيْم، وحاتِم بْن إِسْمَاعِيل، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وجماعة. وعنه: خ. ت. وأبو زُرْعة الرازيّ، وآخرون. والأظهر أنّه هُوَ الَّذِي قال البخاري: ثنا محمد بن محمد بن عمرو، ثنا مكيّ بْن إِبْرَاهِيم. قَالَ أَبُو زُرْعَة: كَانَ صالحًا، قدم علينا الحج. تُوُفِيّ سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 397- محمد بْن عَمْرو الغَزِّيّ الزّاهد3. روى عَنْ: العُطّاف بْن خَالِد، ومالك، والوليد بْن مُسْلِم، وجماعة. وعنه: أَبُو زُرْعَة الرازيّ، وَمحمد بْن الْحَسَن بْن قُتَيْبَة العسقلانيّ، وولده عَبْد اللَّه بْن محمد الغَزِّيّ، وإبراهيم بْن أَبِي أيّوب، وسعد البَيْروتيّ. قَالَ أبو زُرْعة: ما رأيتُ بالشام أصلحَ من محمد بْن عَمْرو. وكان تأتي عَلَيْهِ ثمانية عشر يومًا لا يأكُلُ فيها ولا يشربُ. وقال إِبْرَاهِيم بْن أَبِي أيّوب: كَانَ يأكلُ فِي رمضان جميعه أكلتين. وقال أَبُو حاتِم: لا بأس بِهِ. قُلتُ: هُوَ والد عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَمْرو بْن الحجاج الغزي شيخ أبي داود.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 34"، والكنى والأسماء "2/ 76"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1251". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 34"، وتاريخ الطبري "10/ 50"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1253". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 33"، وحلية الأولياء "7/ 282".

398- محمد بْن غُرَيْر بْن الوليد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزهري1 -خ. أبو عبد الله المدني، نزيل سمرقَنْد. عَنْ يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد، ومُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، وغيرهما. وعنه: خ.، وعبد اللَّه بْن شَبِيب، وأبو جَعْفَر محمد بن أحمد الترمذي. 399- محمد بن الفرج بن عبد الوارث البغدادي2 -م. د. مولى بني هاشِم. صالِحٌ عَابِد. سَمِعَ: هُشَيْمًا، وابن عُيَيْنَة، وعيسى بن يونس، وخاله أبا همام محمد بن الزبرقان، وجماعة. وعنه: م. د. وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وحامد بْن شُعَيْب البلْخِيّ، وموسى بن هارون، والبغوي، والسراج وخلق. قَالَ أبو زُرْعة: صَدُوق. وقال البَغَويّ: مات سنة ستٍّ وثلاثين. 400- محمد بْن قُدَامَة3. أَبُو جَعْفَر البغداديّ اللؤْلُؤيّ الْجَوْهَريّ، مولى الأنصار. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد اللَّه بْن إدريس، وابن عُلَيَّة، وزيد بن الحباب، ووكيع، وأبي معاوية، ويزيد بْن هارون. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدنيا، وأبو يعلى الموصلي، وعبد الله بن صالح البخاري، وإسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو القاسم البغوي، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ضعيف لَم أكتب عَنْهُ شيئًا. فأما. 401- محمد بن قدامة المصيصي4.

_ 1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "1/ 207". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 60"، والثقات لابن حبان "9/ 121"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1257". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 66"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 7"، والثقات لابن حبان "9/ 111"، وتاريخ بغداد "3/ 188". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 188-190".

مولى بني هاشم، فإن أبا داود قد روى عنه أحاديث، وبقي إلى حدود الخمسين بالمصيصة. سيأتي. وقد وَهِمَ أَبُو بَكْر الخطيب فخلط ترجمة أحدهما بالآخر، وفرَّق بينهما ابن أَبِي حاتِم، وجماعة. وأيضًا فإنّ النّسَائيّ لَم يُدْرِك الجوهريّ، لأنه مات سنة سبْعٍ وثلاثين وأدرك المصيصيّ كما هُوَ مذكور فِي ترجمته. وقال فِيهِ: لا بأسَ بِهِ. 402- محمد بْن قُدَامة1. عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد. وعنه: محمد بْن مَخْلَد. شيخ طوسيّ تأخرّ. 403- محمد بْن قُدَامة بن إسماعيل2 -م. أبو عبد الله السلمي البخاري، نزيل مَرْو، ومُسْتَملي النّضْر بْن شُمَيْل. رحَلَ وسمع من: عُمَرَ بْن عُبَيْد، وجرير بْن عَبْد الحميد، والنَّضْر بْن شُمَيْل، ويزيد بْن هارون، وزيد بْن الْحُبَاب، وإسحاق بْن بِشْر صاحب المبتدأ. وعنه: م. عيسى بْن محمد الْمَرْوَزِيّ الكاتب، وعبد الله بن صالح البخاري، والحسن بن سفيان، وأبو داود في غير السنن، وآخرون. ذكره ابن حبان في الثّقات. 404- محمد بن كامل المروزي3 -ت. ن. عَنْ: هُشَيْم، وعبد العزيز بْن أَبِي حازم، وعَبّاد بْن العَوّام، ووكِيع. وعنه: ت. ن. وقال: ثقة. 405- محمد بْن كوثر الْبُخَاريّ. عن: فضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة، وأبي ضمرة. وعنه: الفضل بْن أَبِي عُلْوان، وأسباط بْن اليَسَع، وفتح بْن الْحُسَيْن البخاريّون. 406- محمد بن المتوكل4.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 66". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 98"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1260"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 15". 3 انظر تهذيب الكمال للمزي "3/ 1261"، وتهذيب التهذيب للحافظ "9/ 415". 4 انظر وفيات الأعيان "6/ 391".

أبو عبد الله اللؤلؤي المقريء، صاحب يعقوب الحضرمي وتلميذه. ولقبه: رويس. قرأ عَلَيْهِ: أَبُو بَكْر محمد بْن هارون التّمّار، وغيره. تُوُفِيّ سنة ثمانٍ وثلاثين بالبصرة. 407- محمد بْن أَبِي السَّرِيّ المتوكّل بْن عَبْد الرحمن1 -د. أبو عبد الله العسقلاني. سَمِعَ: الفُضَيْل بْن عِيَاض، وعبد اللَّه بْن وَهْب وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز، وسفيان بْن عينة، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، ورِشْدِين بْن سعد، وخَلْق سواهم. وعنه: د. وَأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، وبكر بن سهل الدمياطي، وجعفر الفريابي، والحسن بن سفيان، وعلي بن محمد بن عيسى الجكاني، ومحمد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة العسقلانيّ، وطائفة. قَالَ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن الْجُنَيْد: سألتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ، عَنِ ابْن أَبِي السّريّ فقال: ثقة. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عديّ: كثير الغَلَط. وقال ابن حبان في كتاب الثقات: كان مِنَ الْحُفّاظ. وقال ابن عديّ: سمعتُ محمود بْن عَبْد البَرّ يَقُولُ: ثنا ابن أَبِي السَّريّ، ومات يوم الخميس لِخمسٍ خَلَوْنَ من شَعْبان سنة ثمانٍ وثلاثين. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْد السّلام، أَنَا محمد بن إبراهيم الطرائفي، وغيره، أنا بن الْمُسْلمة، أَنَا أَبُو الفضل الزُّهْريّ، نا جَعْفَر الفِرْيَابيّ، ثنا محمد بْن أَبِي السّريّ العسقلانيّ، نا زيد بْن أَبِي الزَّرْقَاء، عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ قَالَ: خلاف ما بيننا وبين الْمُرْجِئة ثلاث: نقول: الْإيِمَان قولٌ وعملٌ، وهم يقولون: قول ولا عمل. ونقول: الْإيِمَان يزيد وينقص، وهو يقولون: لا يزيد ولا ينقص. ونحنُ نقول: النّفاق وهم يقولون: لا نفاق. 408- محمد بْن مُعَاويَة العَتَكيّ الْبَصْرِيّ2. يروي عَنْ: مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، ويزيد بْن زُرَيْع، وسهل بْن عثمان. وعنه: عبد الله بن محمد بن زكريا، وزكريا بن عصام الإصبهانيون. قَالَ أَبُو نُعَيْم: قدم أصبهان بعد الثلاثين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 105"، والثقات لابن حبان "9/ 88"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1264". 2 انظر أخبار أصبهان "2/ 181"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 176-178".

409- محمد بْن المغيرة بْن سلْم بْن عَبْد اللَّه بْن المغيرة بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مريم1. أبو عبد الله الأموي الإصبهانيّ العابد. صاحب النُّعْمَان بْن عَبْد السلام. سَمِعَ منه تصانيفه. وكان فِي صِغَرِه صاحب ليل وعبادة وأوراد. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن الفُرات، وَمحمد بْن عاصم، ويَحْيَى بْن مُطَرِّف، وإبراهيم بْن محمد بْن نائلة، وعبد اللَّه بْن محمد بْن العبّاس الإصبهانيّون. تُوُفِيّ سنة إحدى وثلاثين. 410- محمد بْن مُقاتِل العَبّادانيّ2. أَبُو جَعْفَر. أحد المشهورين بالفضل والسنة والعبادة. يروي عَنْ: حمّاد بْن سَلَمَةَ، وابن المبارك. وعنهُ: أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقيّ، وأبو بَكْر الْمَرْوَزِيّ، وموسى بْن هارون، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ. تُوُفِيّ سنة ستٍّ وثلاثين. 411- محمد بْن المنذر البغدادي3. حدَّث بإصبهان سنة اثنتين وثلاثين، عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وبقيّة بْن الوليد، وجماعة. وعنه: محمود بْن أَحْمَد بْن الفَرَج. 412- محمد بْن المِنْهَال التَّميميّ المُجَاشِعيّ الْبَصْرِيّ4 -خ. م. د. ن- الضَّرير الحافظ أَبُو جَعْفَر، وقيل: أبو عبد الله. سَمِعَ: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان، وأبا عَوَانة، ويزيد بْن زُرَيْع، وجماعة. وعنه: خ. م. د. ون. بواسطة، وعبد اللَّه الدّارميّ، وعثمان الدّارميّ، ويوسف بْن يعقوب القاضي، وَمحمد بن إبراهيم

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 92"، وأخبار أصبهان "2/ 310". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 87"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 276"، والأنساب "8/ 336". 3 انظر تاريخ أصبهان "2/ 182"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 300". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 92"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 247"، والثقات لابن حبان "9/ 85"، وتهذيب الكمال "3/ 1277".

البُوسَنْجِي، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وَأَحْمَد بْن عليّ بْن سَعِيد الْمَرْوَزِيّ. قَالَ أَحْمَد العِجْلِيّ: بصْريٌّ ثقة، لَم يكن لَهُ كتاب. قلتُ لَهُ: لك كتاب. قَالَ: كتابي صدري. وقال أبو حاتم: كتب عَنْهُ عليّ بْن الْمَدينيّ كتاب يزيد بْن زُرَيْع، وهو ثقة حافظ. وقال عثمان بْن خُرَّزاذ: أحفظ من رأيتُ أربعة: محمد بْن المِنْهَال الضَّرير، وإبراهيم بْن محمد عَرْعَرَة، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم. وقال ابن عديّ: سمعتُ أَبَا يَعْلَى يذكرُ محمد بْن الْمِنْهَال ويُفَخِّمُ أمره، ويذكر أَنَّهُ كَانَ أحفظَ من بالبصرة في وقته، وأثبتهم قي يزيد بْن زُرَيْع. مات فِي سابِع عشر من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 413- محمد بْن الْمِنْهَالِ الْبَصْرِيّ العطّار1. أخو حَجّاج بْن مِنْهَال. عَنْ: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان الضُّبَعيّ، ويزيد بْن زُرَيْع، وعبد الواحد بْن زياد. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتِم، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل، ومُطَيّن، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ. قَالَ ابن أَبِي حاتِم: سألتُ أَبِي عَنْهُ وعن الضّرير فقال: ثقتان، والضَّرير أحفظ وأكيْس. قِيلَ: مات أيضًا سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 414- محمد بْن مهران الرازيّ الجمّال2 -خ. م. د. أبو جعفر الحافظ. عَنْ: معتمر بْن سُلَيْمَان، ونوح بْن قيس الْحُدَّانِيّ، وعبد العزيز الدراوردي، وسفيان بن عيينة، وجرير بن عبد الحميد، وحاتم بن إسماعيل، وعيسى بن يونس، وعبد الرزاق، والوليد بن مسلم، ومسكين بن بكير، وخلق. وعنه: خ. م. د. وأبو زرعة، وأبو حاتم، وَمحمد بْن إِسْحَاق السّرّاج، ومحمد بن إبراهيم الطيالسي، وجعفر بن أحمد بن فارس، وموسى بن هارون، وطائفة. قَالَ أبو حاتم: كَانَ جَعْفَر الجمّال أوسع حديثًا من إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى، وكان مُوسَى أتقن. وقال أَبُو بَكْر الأَعْيَن: مشايخ خُرَاسان ثلاثة: أوّلُهم قُتَيْبَة، والثاني محمد بْن مهران، والثالث عليّ بْن حُجْر. قَالَ البخاريّ: مات أول سنة تسعٍ وثلاثين، أو قريبًا منه.

_ 1 التاريخ الكبير للبخاري "1/ 247"، والثقات لابن حبان "9/ 100"، وتهذيب الكمال "3/ 1377". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 93"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 777"، والثقات لابن حبان "9/ 93"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1277".

415- محمد بْن ناصح البغداديّ1. عَنْ: بقيّة، ويحيى بْن سَعِيد الأمويّ. وعنه: ابن أبي الدنيا، ومحمد بن الليث الجوهري، وغيرهما. 416- محمد بن النضر بن مساور بن مهران المروزي2 -د. ن. عَنْ: حمّاد بْن زيد، وجعفر بْن سُلَيْمَان، وفُضَيْل بْن عِياض، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: د.، ن.، وعبد اللَّه بْن محمود السَّعْدِيّ، ونصر بن الحكم، وأحمد بن تميم المروزيون. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ" وَقَالَ: مَاتَ سنة تسعٍ وثلاثين. وكان أبوهُ مِمَّن يروي عَنْ خارجة بْن مُصْعَب، وقد حدَّث قديمًا. 417- محمد بْن الهُذَيْل بْن عَبْد اللَّه البَصْرِيّ3. أَبُو الْهُذَيْل العلاف. شيخ الاعتزال ورأس الضّلال، وصاحب التّصانيف. عمَّر دهرًا وكُفّ بصره وخَرِف. وعاش مائة سنة أو نحوها. ومات بالصرة سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين، وقيل تُوُفِيّ سنة ست بالبصرة. 418- محمد بْن يحيى بْن حمزة الدِّمشقيّ البتهلي4. قاضي مدينة دمشق وابن قاضيها. عَنْ أَبِيهِ وجادَةً، وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز. وعنه: ابناه أحمد وعبيد، ومحمد بن الفيض الغساني. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. روي أَنَّهُ كَانَ لِمحمد بْن بَيْهَس الكِلابيّ بِنْت خطبها جماعة من الكبار، وامتنعَ عَنْ تزويجها. فشكت ذَلِكَ إلى محمد بْن يَحْيَى بْن حمزة القاضي، فراسله فامتنع. فزوجها القاضي بكفء على كره أبيها. ثم أثبتت البنت بأنه كفء. وكان سبب ذلك الحرب بين اليَمَانيّة والقَيْسية. فجمع ابن بَيْهس القيسيّة لهدْم بيت لِهْيَا قرية القاضي، وجمع القاضي اليمانية، وامتنعَ بِهم، فبقي الحرب بينهم خمس عشرة سنة،

_ 1 انظر تاريخ بغداد "3/ 324"، ووفيات الأعيان "5/ 398". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 97"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1281"، وتهذيب التهذيب "9/ 491، 492". 3 تاريخ الطبري "7/ 521"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 366"، والوافي بالوفيات "5/ 161-163". 4 انظر الثقات لابن حبان "9/ 74"، والتدوين في أخبار قزوين للرافعي "1/ 431"، والوافي بالوفيات "5/ 183".

إلى أن قدم عَبْد اللَّه بْن طاهر. وعن الحسن بن حامد: أن كتب المأمون وردَ عَلَى متولّي دمشق بامتحان قاضي دمشق محمد بْن يحيى، فأجاب، وكان بعدُ ذلك يمتحن الشهود. وقال غيره: كَانَ يَحْيَى بْن أكثم لَمّا قدِمَ مَعَ المأمون استعمل عَلَى قضاء دمشق محمد بْن يَحْيَى البَتَلْهِيّ، فلمّا ولي ابن دُؤاد القضاء عزله. 419- محمد بْن يَحْيَى بْن سعيد بن فروخ1 -م. أبو صالح البصري القطان. سَمِعَ: أباهُ، وفُضَيْل بْن عِيَاض، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ومُعَاذ بْن مُعَاذ، وجماعة. وعنه: ابناهُ أَحْمَد وصالِح، والبخاري فِي تاريخه، وعلّق لَهُ تعليقًا. وروى م. فِي مقدّمة صحيحه، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ. وروى عَنْهُ أيضًا: عفّان وهو أكبر منه، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل، والحسن بْن سُفْيَان، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وجماعة. وكان صدوقًا. تُوُفِيّ سنة ثلاثٍ وثلاثين ومائتين. وقال بعضهم: تُوُفِيّ سنة ثلاثٍ وعشرين، وذلك غلط. 420- محمد بْن يَحْيَى بْن أَبِي سمينة مِهران2 -د. البغدادي التمار. عَنْ: هُشَيْم، والْمُعَافَى بْن عِمْرَان، ومعتمر بْن سليمان، وأبي معاوية، وأبي بكر بْن عيّاش، وجرير بْن عبد اللَّه، وعَبّاد بْن العوّام، وعبد الرزّاق، وخلق كثير. وقيل: إنه روى عَنْ أَبِي عَوَانة، وليس بشيء، ما أدركه. وعنه: د.، وإبراهيم الحربيّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو يعلى الموصلي، وأبو العباس السراج، وأبو القاسم البغوي، والبخاري في غير "الصّحيح". قَالَ أَبُو حاتِم: صدوق. وسأل المروذيّ عَنْهُ أَحْمَد بْن حنبل فقال: لولا أنّ فِيهِ تِلْكَ الخُلّة، يعني شُرْب النَّبِيذ عَلَى مذهب الكوفيين. وقال البَغَويّ، ومُطَيّن: تُوُفِيّ سنة تسعٍ وثلاثين. قلتُ أمّا. محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي سمينة فبصري، تقدم ذكره.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 123، 124"، والتاريخ الكبير للبخاري "1/ 266، 267"، والثقات لابن حبان "9/ 82"، وتهذيب الكمال "3/ 1285". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 124"، والثقات لابن حبان "9/ 86"، وتاريخ بغداد للخطيب "3/ 413".

421- محمد بْن يَحْيَى بْن نَجِيح المكّيّ1. قَدِمَ إصبهان. وروى عَنْ: هُشَيْم، والْفُضَيْل بْن عِيَاض، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعيسى بْن يونس. وعنه: أحمد بن الفرات، وعبيد بن الحسن، وعبد الله بن بندار الضبي، وجماعة. له غرائب. 422- محمد بن أبي زكير يحيى بن إسماعيل2. الفقيه أبو عبد الله الصَّدَفيّ، مولاهم المصريّ. عَنْ: ابن وهْب، وضُمْرَة بْن ربيعة، والشافعيّ. وعنه: أَبُو إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ، وأبو زَكريّا البَرْدَعيّ، ويعقوب الفَسَويّ. وكان صدوقًا. تُوُفِيّ سنة اثنتين وثلاثين. 423- محمد بْن يوسف3. أَبُو أَحْمَد الْبُخَاريّ البِيكَنْديّ، مُحَدِّث، عالِم رحّال. روى عَنْ: إِبْرَاهِيم ولد حُمَيْد الطّويل، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وَوَكِيع، والنَّضْر بْن شُمَيْل، وطائفة. وعنه: خ. وعُبَيْد اللَّه بْن واصل، وحُرَيْث بْن عَبْد الرَّحْمَن البخاريّون، وأحمد بن سيار المروزي، وغيرهم. وقد روى عَنْ أقرانه كأحمد بْن حنبل، وأبي سَعِيد الأشَجّ. 424- محمد بْن يوسف بْن الصّباح الغَضِيضيّ4. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وَهْب، وغيره. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، والبغوي. وكان ثقة. تُوُفِيّ سنة تسعٍ وثلاثين. 425- مالك بن حويص الهروي5.

_ 1 انظر أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 180"، وطبقات المحدثين لأبي الشيخ "2/ 172-175". 2 تقدمت ترجمته. 3 انظر طبقات الحنابلة "1/ 327"، وتهذيب الكمال "3/ 1293"، وتهذيب التهذيب "9/ 538". 4 انظر الجرح والتعديل "8/ 120"، وتاريخ بغداد "3/ 392"، والأنساب "9/ 158". 5 انظر الثقات لابن حبان "9/ 165".

عَنْ: مالك بْن أنس، وفُضَيْل بْن عِياض. وعنه: يحيى بن أحمد بن زياد. توفي سنة تسع أيضا. 426- محفوظ بن الفضل بن أبي توبة1. حدَّث ببغداد عَنْ: ضمرة بْن ربيعة، وعبد الرّزاق، ومَعْن القزّاز. وعنه: صالح جزرة، وإسماعيل القاضي، وعمر بن أيوب السقطي. وليس بالقوي. توفي سنة سبع وثلاثين. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: كَانَ معنا باليمن، ولَم يكن ينسخ. وضعّف أمره جدًّا. 427- محمود بْن سُلَيْمَان بْن أَبِي مطر2 -ن. قاضي بَلْخ. عَنْ: الفضل السِّينانيّ، وأبي أُسَامة، وجماعة. وعنه: ن. تُوُفِيّ سنة ثمانٍ وثلاثين. 428- محمود بْن غيلان3 -ع. سوى د. أبو أحمد العدوي. مولاهم الْمَرْوَزِيّ الحافظ. رحل وعنِي بالأثر، وتقدّم فِي السنة. وحدّث عَنْ: الفضل السِّينانيّ، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والوليد بْن مُسْلِم، وعبد الرّزاق، ويحيى بْن سُلَيم، وأبي مُعَاويَة، وَوكيع، وخلْق. وعنه: الجماعة سوى أَبِي داود، وأبو زُرْعة، وأبو حاتِم، ومُطَيّن، والحسن بْن سُفْيَان، والهيثم بْن خَلَف الدُّوريّ، وأبو القاسم البَغَويّ، وخَلْق. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: أعرفه بالحديث صاحب سنة، قد حُبس بسبب القرآن. وقال النَّسائيّ: ثقة. وقال محمود: سَمِعَ منّي إِسْحَاق بْن راهَوَيْه حديثين. قلتُ: تُوُفِيّ فِي رمضان سنة تسعٍ وثلاثين، وغلط مَن قَالَ سنة تسعٍ وأربعين. وقع لنا من عواليه. أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ قَالا: أَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَنَّا، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبُنْدَارُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المخلص، أنا عبد الله

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 422، 423"، والثقات لابن حبان "9/ 204"، وتاريخ بغداد "13/ 191". 2 المعجم المشتمل لابن عساكر "1030". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 291"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 404"، والثقات لابن حبان "9/ 202"، وتاريخ بغداد "13/ 89".

بْنُ محمد: ثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، نَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، نَا الْجُعَيْدُ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَكِيدُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ بِسُوءٍ إلَّا انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ" 1. قَالَ الحاكم: روى عَنْهُ خ. م. فِي الصّحيحين، وإبراهيم بن بي طالب، وَمحمد بْن شاذان "....."2 وَمحمد بْن إِسْحَاق السّراج، وسائر مشايخنا. ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر محمد بْن عَبْد اللَّه بِمَرْوَ، وثنا أَبُو رجاء محمد بْن حَمْدَوَيْهِ قَالَ: خَرَجَ محمود بْن غَيْلان إلى الْحَجّ سنة ستٍّ وأربعين ومائتين، ثُمَّ انصرف إلى مَرْو، وتوفي لعشرٍ بقين من ذي القعدة سنة تسعٍ وأربعين، رحمه الله. قلت: كذا وأرخه ابن حَمْدَويْه. 429- محرز بْن سَلَمَةَ العدّنيّ المكيّ3 -ق. شيخٌ معمر مُسْنَد، من أكبر شيوخ ابن ماجة. روى عَنْ: نافع بْن عمرَ الْجُمَحِيّ، ومالك بْن أنس، والْمُنْكَدِر بْن محمد بْن الْمُنْكَدِر، وجماعة. وعنه: ق، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وَمحمد بْن عليّ الصّائغ، وموسى بْن إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ، وَمُطيّن، وآخرون. يُقال إنّه حجّ ثلاثًا وثمانين حَجَّة، وتُوُفِيّ سنة أربعٍ وثلاثين بِمكة. ذكره ابن حِبّان فِي "الثقات". 430- محرز بن عون4 -م. أبو الفضل البغدادي، أخو الزاهد عبد الله بن عون الجزاز. روى عن: مالك بن أنس، وشريك بن القاضي، وخلف بن خليفة، وعلي بن مسهر، وجماعة. وعنه: م، والإمام أَحْمَد، وابنه عَبْد الله بن أحمد، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1877"، ومسلم "1387". 2 بياض. 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 246"، والثقات لابن حبان "9/ 192"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1308". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 361"، والجرح والتعديل "8/ 346"، والثقات لابن حبان "9/ 191".

وقال غيره: تُوُفِيّ فِي رجب سنة إحدى وثلاثين، ومولده كَانَ فِي سنة خمس وأربعين ومائة. 431- مُخَارِق1. المغنّي المشهور. غَنّى للرشيد والمأمون. وله أخبار مسطورة فِي كتاب الأغاني. تُوُفِيّ سنة إحدى وثلاثين. وكان ذا تَجمُّلٍ وأموال وخَدَم. قَالَ ابن النّجّار: مُخَارق بْن يحيى بْن ناووس أَبُو الْمُهَنّا المغنّي، مولى عاتكة، ثُمَّ مولى الرشيد. نشأ بالمدينة، وكان أَبُوهُ لحّامًا، وكان مُخَارق ينادي وهو صبيّ عَلَى اللّحم. فلمّا بان طِيبُ صوته علّمته عاتكة المغنيّة الغناء، وقدِمَت بِهِ الكوفة، واشتراهُ إِبْرَاهِيم الْمَوْصِليّ منها بثلاثين ألف دِرهم، وأهداهُ للفضل، فأخذه منه الرشيد ثُمَّ أعتقه. قاله أَبُو الفرج الإصبهانيّ. قَالَ محمد بْن خَلَف وكيع: حدَّثَنِي هارون بْن مُخَارق قَالَ: كَانَ أَبِي إذا غَنَّى هذا الصّوت بكى: يا ربعَ سلمى لقد هيَّجْتَ لِي طَرَبًا ويقول: غنّيته للرشيد فأعتقني، وقال: أعِدْهُ. فلمّا أعَدْتُه قَالَ: سَلْ حَاجَتك. قلتُ: ضيعة يقيمني عليها. قَالَ: قد أمرتُ لك، فأعِدْهُ فأعدتُه فقال حاجتُك؟ قلت: تأمر لي بمتنزل وفرش وخادم قال: ذلك لك أعد الاصوت فأعدْتُه، فبكى وقال: سل حاجتك؟ فقبّلت الأرض، وقلتُ: أن يطيلَ اللَّه عُمُرك، ويجعلني من كل سوء فِداك. روى عَبد اللَّه بْن أَبِي سعد، عَنْ محمد بْن محمد قَالَ: كَانَ والله مُخارق مِمَّن لو تنفَّس لأَطْرَب من يسمعه بنَفَسه. وذكر صاحب الأغاني قَالَ: قَالَ محمد بْن الْحَسَن الكاتب: حدَّثني محمد بْن أَحْمَد بْن يحيى المكيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خرج مُخَارق مَعَ بعض إخوانه متنّزهًا، فنظرَ إلى قوس فسأله إيّاها، فبَخِلَ بِهَا، وسنحت ظِبَاءٌ بالقرب منه، فقال لصاحب القَوْس: أرأيت إن تَغَنَّيت صَوْتًا فعَطَفت بِهِ خدودَ هذه الظِّبَاء، أتدفعُ لي القَوْس؟ قَالَ: نَعَمْ. فاندفعَ يُغَنِّي بأبياتٍ، فتعطّفت الظِّبَاءُ راجعةً إِلَيْهِ، حتّى وقفت بالقُربِ منه مُصْغِيةً. فعجِب من حضر، وناوله الرجل القَوْس. 432- مَخْلَد بْن خَالِد السعيري العسقلاني2 -م. د.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 521"، والكامل في التاريخ "7/ 26"، والبداية والنهاية "10/ 307". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 349"، وتاريخ بغداد "13/ 175"، وتهذيب التهذيب "10/ 73، 74".

نزيل طَرْسُوس. سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبا مُعَاويَة، وإبراهيم بْن خَالِد الصَّغانيّ. وعنه: م. د. وجعفر الفِرْيَابيّ، وأبو الحسن بن سفيان، وجماعة. 433- مخلد بن الحسن الحراني1. حدَّث ببغداد، عن: أبي المليح، وعبد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقِيّ. وعنه: ن. وأبو يعلى الموصلي، وأبو العباس السراج، وحمد بْن المجدر، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقيل: أصله مَرْوَزِيّ. 434- مَخْلَد بْن خِدَاش البصْرِيّ2 -ن. عَنْ: حَمّاد بْن زيد. وعنه: ن. مجهول. 435- مروان بْن جَعْفَر بْن سعد بْن سَمُرَة بْن جُنْدب السَّمُريّ الْكُوفيّ3. عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عياش، وعثّام بْن عليّ، وَمحمد بن إبراهيم بن حبيب، وداود بن المحبر، وجماعة. وعنه: أبو بكر الصغائي، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم، وَأَحْمَد بْن عليّ الأبّار، ومُطَيّن، وَمحمد بْن أَبِي شَيْبَة، ذكره ابن أَبِي حاتِم وقال: صدوق صالِح الحديث. وقال أبو الفتح الأزديّ: يتكلمون فيه. قلت: هذا غير مفسَّر فلا يضرّ. قَالَ مُطَيّن: مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. 436- مسروق بْن المرزبان بن مسروق بن معدان4 -ق. أبو سعيد الكندي. عَنْ: أَبِي الأحوص، وشَرِيك، وعبد اللَّه بْن المبارك، ويحيى بْن أَبِي زائدة، وجماعة. وعنه: ق. وأبو يعلى الْمَوْصِليّ، وعَبْدان الأهوازيّ، ومطين، ومحمود بن محمد الواسطي، وآخرون. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ" وَقَالَ: مَاتَ سنة أربعين ومائتين، أو قبلها بقليل، أَوْ بعدها بقليل.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 349"، وتاريخ بغداد "13/ 175". 2 انظر حلية الأولياء "5/ 19"، وتهذيب التهذيب "10/ 74". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 417"، والجرح والتعديل "8/ 276"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 89، 90". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 417"، والجرح والتعديل "8/ 397"، والثقات لابن حبان "9/ 206".

437- مسلم بن أبي عبد الرحمن البغدادي1. نزيل طَرْسُوس. روى عَنْ: وكيع، ومَخْلَد بْن الْحُسَيْن، وجماعة. وعنه: أَبُو يَحْيَى صاعقة، وخَلَف بْن عَمْرو العُكْبَريّ، وموسى بْن هارون، وجماعة. وثّقه الخطيب وقال: مات سنة أربعين. 438- مُصَرِّف بْن عَمْرو الإيَاميّ الْكُوفيّ2 -د. عَنْ: عبد الله بن إدريس، وينس بْن بُكَيْر. وعنه: د. ومُطَيّن، والحسن بْن سُفْيَان، وأبو زُرْعَة. وثّقه أَبُو زُرْعَة، وتُوُفِيّ سنة أربعين ومائتين. 439- مُصْعَب بْن سَعِيد الحرّانيّ المِصِّيصيّ3. أَبُو خَيْثَمَة المكفوف. عَنْ: ابن المبارك، وزُهَيْر بْن مُعَاويَة، وعبد اللَّه بْن عُمَرَ، وعيسى بْن يونس، وموسى بْن أَعْيَن، وَمحمد بْن سَلَمَةَ، ومسكين بْن بُكَيْر. وعنه: محمد بن عوف الطائي، وأحمد بن عبد الوهاب المصيصي، وأحمد بن مسيب الحلبي، وأحمد بن النضر العسكري، والفضل بن عبد الله الأنطاكي، والحسن بن سفيان. وقال ابن عديّ: يُحدّث عَنِ الثقات بالمناكير، ويصحّف عليهم. وقال أبو حاتم: صدوق، وعبد اللَّه بْن جَعْفَر الرقي أحب إليّ منه. 440- مُصْعَب بن عبد الله بن مُصْعَب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْن العوام4. الْإِمَام أبو عبد الله الْقُرَشِيّ الأسديّ الزُّبَيْريّ الْمَدَنِيّ، نزيل بغداد. سَمِعَ: أباهُ، ومالِكًا، والضَّحّاك بْن عثمان، وإبراهيم بْن سعد، وعبد العزيز الدراوردي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "13/ 100"، وتاريخ جرجان للسهمي "411". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 420، 421"، والثقات لابن حبان "9/ 207"، وتاريخ الطبري "1/ 42". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 309"، والثقات لابن حبان "9/ 175"، والكامل لابن عدي "6/ 2362". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "5/ 439"، والجرح والتعديل "8/ 309"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 354".

وعنه: ابن ماجة حديثا واحدا في النجش1، وإبراهيم الحربي، والزبير بن بكار، وأبو يعلى الموصلي، وأبو العباس السراج، وأبو القاسم البغوي، وسفيان بن عيينة. وثقه الدارقطني، ومنهم من لينه للوقف في القرآن. قَالَ أَبُو بَكْر الْمَرْوَزِيّ: كَانَ من الواقفة، فقلتُ لَهُ: قد كَانَ وكيع وأبو بَكْر بْن عيّاش يقولان: القرآن غير مخلوق. فقال: أخطأ وكِيع وأبو بَكْر. قلتُ: فعندنا عَنْ مالك أنّه قَالَ غير مخلوق. قَالَ: إنّا لَمْ نَسْمَعه. قلتُ: وكان مُصْعَب علامة فِي النَّسب، أديبًا إخباريًّا فصيحًا، من نُبلاءِ الرِّجَال وأفرادِهم. روى عَنْهُ الشيخان مُسْلِم وأبو داود خارج كتابيهما. وقال الزُّبَيْر بْن بكّار: كَانَ عمّي وجْهَ قريش مروءةً وعِلْمًا وشَرَفًا وثَبَاتًا وَقَدْرًا وجاهًا. وكان من نسّابةَ قريش، عاش ثمانين سنة. قَالَ أَبُو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: مُصْعَب الزُّبَيْريّ مستثبت. مات فِي شوّال سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. قَالَ الزُّبَيْر بْن بكّار: حدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن أَبِي صُبَيْح المربيّ قَالَ: لَمَّا استُعْمِلَ جدّك عَبْد اللَّه عَلَى اليمن، قَالَ لي ابنه مُصْعَب: امضِ معنا. فتأخّرتُ ثمّ قدِمْتُ عليهم صنْعَاء، فَنزلت فِي دار الإمارة، فأكرمني وأجرى عليّ خَمْسين دينارًا في الشهر، ولما انصرفت وصلني بخمسمائة دينار. ولابن أَبِي صُبَيْح فِيهِ: فما عَيْشُنَا إلّا الربيع وَمصْعَب ... يدور علينا مُصْعَبٌ ونَدُورُ وفي مُصْعَب إنْ غَبَّنَا القَطْرُ والنَّدَى ... لَهَا ورق معرورق وشكير متى مايرى الراؤن غُرَّة مُصْعَبٍ ... يُنِيرُ بِهَا إشراقه فَتُنيرُ يَرَوْا ملكًا كالبدْرِ أمّا فِنَاؤه ... فَرَحْبٌ، وأمّا قَدْرَه فكبيرُ له نِعَمٌ عَدَّ قَصَّرَ دُوَنَها ... وَلَيْسَ بِهَا عمّا يزيدُ قُصُورُ 441- الْمُعَافَى بْن سُلَيْمَان الرَّسْعنيّ2. عَنْ: فُلَيْح بْن سُلَيْمَان، وزُهير بْن معاوية، والقاسم بن معن المسعودي.

_ 1 أي المضاربة في التجارة. 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 400"، والثقات لابن حبان "9/ 199"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1341"، وتهذيب التهذيب "10/ 198، 199".

وعنه: هلال بن العلاء، وأحمد بن إبراهيم بن ملحان، والقاسم بن الليث العتابي الرسعني، وجعفر الفريابي، وكان صدوقا. توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين. 442- معلل بن نفيل1. أبو أحمد النهدي الحراني عَنْ زُهَيْر بْن مُعَاويَة وعنه أَبُو عَرُوبَة وأبو عَقِيل أنس بْن السَّلْم ومات قبل الأربعين ومائتين. 443- مُعَلَّى بْن مهديّ بن رستم أبو يعلى الموصلي الزهد2. عَنْ: مهديّ بْن ميمون، وَشَريك بْن عَبْد اللَّه، وأبي عَوَانة، وحمّاد بْن زيد. وعنه: أحمد بن حمدون، وإدريس بن سليم، وإبراهيم بن علي العدوي، وأبو يعلى. قَالَ ابن حَمْدُون: حُمَّ ابنُ مَهْديّ أربعين سنة كلّ سنة دائمًا. تُوُفِيّ فِي شَعْبَان سنة خمس وثلاثين ومائتين. وهو بَصْرِيّ نزل البصرة. 444- مَعْمَرُ بنُ مَخْلَد الْجَزَريّ السّرُوجيّ3. عَنْ: حمّاد بْن زيد، وخَلَف بْن خليفة. وعنه: محمد بن جبلة الرافقي، وهلال بن العلاء. توفي بملطية سنة إحدى وثلاثين ومائتين. قَالَ النسائيّ: ثقة. 445- مِنْجَاب بْن الحارث4. أَبُو محمد التَّميميّ الْكُوفيّ. عَنْ: أَبِي الأَحْوَص سلام بْن سُلَيْم، وشَرِيك بْن عَبْد اللَّه، ومُصْعَب بْن سلّام، وعليّ بْن مُسْهِر. وعنه: مسلم، وبقي بن مخلد، ومحمد بن عبد الله الحضرمي مطين، وجعفر الفريابي. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 201". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 335"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 23"، والثقات لابن حبان "9/ 182"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 151". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 259". 4 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "6/ 412"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 30"، والثقات لابن حبان "9/ 206"، وتهذيب الكمال "3/ 1371".

446- منصور بْنُ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ1 عَبْدِ اللَّهِ بن محمد الهاشمي العباسي. ولي إمرة دمشق للأمين، وولي قبلها البصرة. دعي إلى الخلافة في أول دولة المأمون، فامتنع. روى عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز. وعنه: أبو العيناء، وغيره. قَالَ أَبُو الصَّقْر محمد بْن داود بْن عيسى: كَانَ أَبِي عَلَى شَرطة منصور بدمشق، وكان الأمين يعجبه البللور، فدس منصور من سرق قلة الجامع البللور. فلمّا رأى إمام الجامع مكانَها فارغًا ضربَ بقَلَنْسُوَتِه الأرضَ وصرخ: سُرِقَتْ قُلَّتُكُمُ. فقال النّاس: لا صلاة بعد القُلَّة. فصارت مثلًا. قَالَ أَبُو الصَّقْر: لَمّا رَجِعَ المأمون إلى بغداد وجد القُلّة، فردّها إلى جامع دمشق. تُوُفِيّ منصور سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 447- منصور بْن أَبِي مُزَاحِم2. أَبُو نصر التُّرْكِيّ، واسم أَبِيهِ بشير، وولاؤه للأَزْدِ، كَانَ كاتبًا ثقة صاحب سنة. وكان لَهُ ديوان فتركه. سَمِعَ: مالِكًا، وشَرِيكًا، وإبراهيم بْن سعد، وأبا الأَحْوَصَ، وإسماعيل بْن جَعْفَرَ. ورأى شُعْبَة. وعنه: مُسْلِم، وأبو داود، وإبراهيم الحربيّ، وموسى بْن هارون، وَأَحْمَد بن الحسن الصوفي، وأبو القاسم البغوي. قال ابن مَعِين: صدوق. مات فِي ذي القعدة سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين. 448- مهرجان النيسابوريّ الزّاهد. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن المبارك. وعنه: أَبُو يحيى الخَفّاف، وإبراهيم بْن محمد بْن سُفْيَان، وزكريّا بْن دَلَّويه. وحُكِيَ عَنْهُ أنَّهُ كَانَ لا يشربُ الماء فِي الصَّيْف أربعين يومًا زهدًا3. توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين.

_ 1 انظر تاريخ أبي زرعة "1/ 11"، وتاريخ الطبري "7/ 511"، والكامل في التاريخ "7/ 57"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 449". 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 170"، والتاريخ الكبير للبخاري "7/ 349"، وأخبار القضاة لوكيع "3/ 173"، والثقات لابن حبان "9/ 173". 3 وأي زهد هذا خير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم.

449- مُوسَى بْن أيّوب النَّصيبيّ1. أَبُو عِمْرَان، نزيل أنطاكيَة. عَنْ: مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، وابن المبارك. وعنه: أَبُو حاتِم الرازيّ، وَمحمد بْن إِبْرَاهِيم البُوسَنْجِيّ، وَمحمد بْن يزيد بْن عَبْد الصَّمد. قَالَ أبو حاتم: صَدُوق. 450- مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ البصْرِيّ الأسلع. عَنْ: عُمَرَ بْن سَعِيد الأبحّ. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو يَعْلَى، وَأَحْمَد بْن عليّ بْن سَعِيد الْمَرْوَزِيّ القاضي. 451- مُوسَى بْن مروان الرقي2. عَنْ: عيسى بْن يونس، وأبي مُعَاويَة، وبقيّة. وعنه: أبو داود، وابن ماجة، والقاسم بن الليث الرسعني. توفي سنة أربعين ومائتين. 452- موسى بن محمد بن حيان3. أو: ابن محمد بن سعيد بن حيان، بالحاء، ثم آخر الحروف4. صدوق، صاحب حديث. سَمِعَ بالبصرة: عَبْد الوهّاب الروميّ، وغُنْدَرًا، وابن أَبِي عديّ، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ. وعنه: أَبُو بَكْر الصَّغَانيّ، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو يعلى الموصلي، وعبد اللَّه المارستانيّ. قَالَ الخطيب: أحاديث مستقيمة. 453- مُوسَى بْن مُعَاويَة بْن صُمَادِح بْن عَوْن بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ المحدِّث5. الصدوق، أَبُو جَعْفَر الهاشمي المغربيّ. رحَال مكثر عَنْ: وكيع، وابن مهديّ. وعنه: محمد بن أحمد العنسي. قَالَ: محمد بْن وضّاح: لقيته بالقَيْرَوان، وهو كثير

_ 1 تقدمت ترجمته. 2 انظر الجرح والتعديل "8/ 164"، والثقات لابن حبان "9/ 161"، وتاريخ بغداد للخطيب "13/ 41"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1392". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 961"، والثقات لابن حبان "9/ 161"، وتاريخ بغداد "13/ 41، 42"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 221". 4 وهي الياء. 5 تقدم الكلام عليه.

الحديث. رحل إلى الكوفة والرِّيّ. وهو ثقة. وقال ابن لُبَابة: ثقة. مات بعد الثلاثين ومائتين. 454- مُوسَى. الْإِمَام أَبُو الوليد بْن أَبِي الجارود1 المكيّ الفقيه، صاحب الشافعيّ من كبار أصحاب الشافعيّ. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: روى عَنِ الشافعيّ حديثًا كثيرًا، وروى عَنْهُ كتاب "الأمالي" وغيره. وكان من القيّمين بِمذهب الشافعيّ بِمكّة. وله رواية عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة. روى عَنْهُ: التِّرْمِذيّ، والربيع بْن سُلَيْمَان المُرادي، ويعقوب الفَسَويّ، وابن وَارَةَ. قَالَ الذَّهَبيّ: أظنُّه قديم الموت. "حرف النون": 455- نصر بْن الحُرَيْش2. أَبُو القاسم الصّامت. بغداديّ. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: ضعيف. عَنْ: الْمُشْمَعِلِّ بن ملحان، وأبي سهل مسلم الخراساني. وعنه: إسحاق الختلي، والحسين بن بشار، ومحمد بن بشر بن مطر. يقال: حج أربعين حجة لم يكلم فيها أحدا. 456- نصر بن الحكم الياسري3. عَنْ: خَلَف بْن خليفة، وَهُشَيْم. وعنه: ابن البراء، وإسحاق بن سفيان، وأحمد بن علي الأبار، والحسن بن علوية. 457- نصر بن عاصم الأنطاكي4. عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، ويحيى القطان، ومحمد بن سلمة الحراني، وبشر بن إسماعيل، ومسكين بن بكير، وطبقتهم. ورحل إلى النواحي في طلب العلم.

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 162"، والأنساب "2/ 339"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1384". 2 انظر حلية الأولياء "10/ 319، 320"، وتاريخ بغداد "13/ 285"، وميزان الاعتدال "4/ 250". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 215"، وتاريخ بغداد للخطيب "13/ 284"، والأنساب "12/ 281". 4 انظر الثقات لابن حبان "9/ 217"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1409"، وميزان الاعتدال "4/ 252".

وعنه: د، والحافظ بْن عَبْد اللَّه بْن المستورد البغداديّ أبو سيار، وعثمان بن خرزاذ، وجعفر الفريابي، وآخرون، ذكره ابن حبان في "الثقات". 458- نصر بن زياد1. الفقيه أبو محمد النيسابوري، قاضي نيسابور، تفقه على: محمد بن الحسين. وتأدب على: النضر بن شميل. وروى عَنْ خارجة بْن مُصْعَب، وابن المبارك، وجرير بْن عَبْد الحميد، وزافر بْن سُلَيْمَان، وهيّاج بْن بِسْطَام. وعنه: محمد بن رافع، وأيوب بن الحسن، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، وجعفر بن محمد بن الحسين، وإبراهيم بن علي الذهلي، وطائفة. قَالَ الحاكم: نصر بْن زياد بْن جشل، ولي قضاء نيسابور بضع عشرة سنة، ولَم يزل محمودًا عِنْدَ السُّلطان والرَّعية. وله عندنا بنيسَابور آثار كبيرة مذكورة. وكانت كُتُب المأمون إِلَيْهِ متواترة. وكان كوفيّ المذهب، وأعقابه عَنْ آخرهم حديثّيون. سمعتُ يحيى بْن محمد العَنْبَريّ: سمعتُ أَحْمَد بْن محمد البالويّ يقولون: كَانَ نصر بْن زياد يأمرُ بالمعروف ويَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، ويقول: لولا هذا لَم أتلبَّس لَهم بعمل، لكنِّي إذا لَم أَلِ القضاء لَم أقدر عَلَيْهِ. وكان يُحيي اللّيل ويصوم الاثنين والخميس والجمعة، ولا يرضى من العمّال حتّى يؤدّوا حقوق النّاس. وقال غيره: عاش ستًّا وتسعين سنة. وقال سِبْطُ أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه: تُوُفِيّ فِي سابع صفر سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. 459- نصر بْن فَضَالَةَ النَّيْسَابوريّ2. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووكِيع. وعنه: أحمد بن سيار المروزي، ومحمد بن إسحاق السراج. توفي سنة ثمان وثلاثين عند قتيبة. 460- نصير بن يوسف بن أبي نصر الرازي النحوي المقرئ3. أبو المنذر تلميذ أبي الحسن الكسائي. كان من أئمة القراء المشهورين. أخذ عنه: محمد بن عيسى بن رزين الإصبهاني، وعلي بن أبي نصر النحوي، ومحمد بن

_ 1 انظر الثقات لابن حبان "9/ 217". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 217". 3 انظر الجرح والتعديل "8/ 492، 493"، والسابق واللاحق "157"، وإنباه الرواة "3/ 347".

إدريس الدنداني. وآخر من قرأ عَلَيْهِ أَحْمَد بْن رُسْتُم الطَّبريّ شيخ عَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم. وله مصنَّف فِي رسم المصحف. وقد روى الحديث عَنْ: إِسْحَاق بْن سليمان، وغيره. 461- النضر بْن سَعِيد بْن النَّضْر بْن شُبْرُمَة1. أَبُو صُهَيْب الحارثيّ الْكُوفيّ. عَنْ: أَبِيهِ، وعبد اللَّه بْن بُكَيْر، والوليد بْن أَبِي ثور، والحسن بْن محمد إمام المطمورة. وعنه: أَبُو سَعِيد الأشجّ، وَمحمد بْن عثمان بْن أَبِي شيبة، ومُطَيّن، وعليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد الرازيّ، وغيرهم. ما أعلمُ فِيهِ جَرْحًا لغير ابن قانِع فإنّه ضعَّفَهُ. "حرف الهاء": 462- هارون بْن سالِم2. أَبُو عُمَرَ القُرْطُبيّ الزّاهد. عَنْ: يحيى بْن يَحْيَى اللَّيْثِيّ، وعيسى بْن دينار. ورحل إلى ديار مصر فأخذ عَنْ: أشهب بْن عَبْد العزيز، وأصبغ بْن الفَرَج. قَالَ ابن الفَرَضيّ: كَانَ منقطع القرين فِي الزُّهد والعِلْم، مُجَاب الدَّعْوة، فقيهًا كبير القدر. يُقال: امتُحنت إجابة دعوته فِي غير ما شيء، ومات فِي الْكُهُولَةِ. وكان عَلَيْهِ إخبات وحُزْن، وكان لا ينامُ عَلَى فراشٍ فِي رمضان. حكى إمام مسجد قرطبة أنّه رأى هارون بْن سالِم باللّيل سجد، قَالَ: فرأيتُ شجرة فِي المسجد سجدت وراءه، فلمّا قام قامت. وقال إِبْرَاهِيم بْن هلال: ما رأيتُ هارون بْن سالِم يُصَلِّي قطّ إلّا وهو يرتعد. وكان يسكن بيتًا بلا أبواب. وكان مقدَّمًا فِي زمانه فِي الزُّهد والعبادة. قَالَ ابن بَشْكَوال: وقبره يتبرك به3، ويعرف بإجابة الدعوة. جربت ذلك مرارًا. قلت: فروى عَنْهُ عامر بْن مُعَاويَة القاضي، وغيره. تُوُفِيّ سنة ثمانٍ وثلاثين. 463- هارون بْن عَبّاد النَّهْدِيّ المصيصي ثم الأنطاكي -د.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "8/ 481"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 256"، ولسان الميزان للحافظ "6/ 160". 2 انظر علماء الأندلس "2/ 169"، وجذوة المقتبس للحميدي "364". 3 القبور ليست من الأمور التي يتبرك بها وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم.

عن: جرير بن عبد الحميد، وأبي بكر بْن عيّاش، وجماعة. وعنه: د. وَمحمد بْن وضّاح القُرْطُبيّ. 464- هارون بن عبد الله بن محمد بْن كثير بْن مَعْن بْن عَبْد الرَّحْمَن عوف الزهري1. أبو يحيى المكي القاضي نزيل بغداد. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب. وتفقّه عَلَى أصحاب مالك كأبي مُصْعَب، والهُدَيريّ. وقيل: إنه إبراهيم سمعَ من مالك. قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب: سَمِعَ: مالك بْن أنس، وَالدَّرَاوَرْدِيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن زيد بْن أسلم. وعنه: يحيى بن عبد الله بن بكير، وعبد السلام الهروي، والزبير بن بكار، ويونس بن عبد الأعلى. وولي قضاء العسكر، ثم ولي قضاء مصر إلى أن عُزِلَ فِي آخر خلافة المعتصم. وقال أَبُو إِسْحَاق الشِّيرازيّ: هُوَ أعلمُ مَنْ صَنَّف الكُتُب فِي مختلف قول مالك. وقال القاضي عيّاض: كَانَ من الفقهاء العُلماء فِي مذهب أهل المدينة، واسع الأدب. وقال أَبُو سَعِيد بْن يونس: تُوُفِيّ بسامرّاء فِي شعبان سنة اثنتين وثلاثين. 465- هارون الواثق بالله2. أَبُو جَعْفَر، وقيل: أَبُو القاسم. أمير المؤمنين ولد المعتصم بالله أبي إسحاق محمد بْن الرشيد هارون بْن المهديّ محمد بْن المنصور الهاشمي العباسيّ. وأُمُّه روميّة اسمها قراطيس، أدركت دولة ابنها. ولي الأمر بعهد أَبِيهِ. ونقل إِسْمَاعِيل الخطبيّ أنّه وُلِدَ لَعشْرٍ بقين من شَعْبَان سنة ستٍّ وتسعين ومائة. قَالَ يَحْيَى بْن أكثم: ما أحسَنَ أحدٌ إلى آل أَبِي طالب ما أحسن إليهم الواثق. ما مات وفيهم فقير. وقال حمدون بْن إِسْمَاعِيل: كَانَ الواثق مليح الشِّعْر، وكان يُحبُّ خادمًا أُهْدِيّ لَهُ من مصر، فأغضبه الواثق يومًا، ثُمَّ إنه سمعه يَقُولُ لبعض الخدم: والله إنه إبراهيم لَيَرُوم أن أكلّمه من أمس فما أفعل فقال الواثق:

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 92"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 230"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 13". 2 انظر أخبار القضاة لوكيع "2/ 175"، وتاريخ الطبري "9/ 12، 17"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 15"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 306".

يا ذا الَّذِي بعذابي ظلّ مفتخرًا ... ما أنت إلا مليك جار إذ قدر قَدَرا لولا الهَوَى لَتَجاريْنَا عَلَى قَدَرٍ ... وإنْ أُفِقْ منه يومًا ما فسوف ترى قَالَ الخطيب: كَانَ أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد قد استولى عَلَى الواثق وحمله عَلَى التشدُّد فِي المحنة. ودعا النّاس إلى القول بِخلْق القرآن. ويُقال: إنّ الواثق رجع عَنْ ذَلِكَ القول قبل موته. وقال عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى: حدثنا إِبْرَاهِيم بْن أسباط بْن السَّكَن قَالَ: حُمِلَ رجلٌ فيمَن حُمِلَ، مُكَبَّلٌ بالحديد من بلاده، فأُدْخِلَ. فقال ابن أَبِي دُؤاد: تقولُ أَوْ أقول؟ قَالَ: هذا أوّل جوركم. أخرجتم النّاس من بلادهم، ودعوتموهم إلى شيء. لا بل أقول. قَالَ: قُلْ. والواثق جالس. فقال: أخبرني عَنْ هذا الرأي الَّذِي دَعْوتُم النّاس إِلَيْهِ، أَعَلِمَهُ رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فلم يدعُ النَّاس إِلَيْهِ، أم شيء لم يعلمه؟ قال: علمه. قال: فكان يسمعه أن لا يدعو النّاس إِلَيْهِ، وأنتم لا يسعكم، قَالَ: فبُهِتُوا. قَالَ: فاستضحك الواثق، وقام قابضًا عَلَى فمه، ودخل بيتًا ومدَّ رِجْليه وهو يَقُولُ: وَسِعَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلم- أن يسكت عنا ولا يسعنا. فأمر أن يعطى ثلاثمائة دينار، وأن يُردّ إلى بلده. وعن طاهر بْن خَلَف: سمعتُ المهتدي بالله بْن الواثق يَقُولُ: كَانَ أَبِي إذا أراد أن يقتل رجلًا أَحْضَرَنا. فأُتِيَ بشيخ مخضوب مقيَّد، وقال أَبِي: ائذنوا لابن أَبِي دُؤاد وأصحابه. وأُدْخِلَ لشيخ فقال: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: لا سلم الله عليك. قال: بئس ما أدَّبك مؤدِّبُك. قَالَ اللَّه تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] قلت: هذه حكاية مُنْكرَة، ورُواتُها مَجاهيل، لكن نسوقها. قَالَ: فقال ابن أَبِي دُؤاد: يا أمير المؤمنين الرجل متكلِّم. فقال لَهُ: كلِّمْهُ. فقال: يا شيخ ما تقولُ فِي القرآن؟ قَالَ: لِمَ تنصفني، ولي السؤال. قَالَ: سَلْ يا شيخ. قَالَ: ما تقولُ فِي القرآن؟ قَالَ: مخلوق. قَالَ: هذا شيء عَلِمَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بَكْر وعمر والخلفاء، أم شيء لَم يعلموه؟ فقال: شيء لم يعلموه. فقال: سبحان الله، شيء لَم يعلموهُ أَعَلِمْتَه أنت؟ قَالَ: فَخَجِل وقال أقِلْنِي. قَالَ: والمسألةُ بِحالِها؟ قَالَ: نعم. قَالَ: ما تقول في القرآن؟ قال: مخلوق، قال: شيء علمه رسول الله؟ قلت: عَلِمَه. قَالَ: عَلِمَهُ ولَم يدْعُ النّاس إِلَيْهِ؟ قَالَ: نعم. قَالَ: أفلا وسِعَك ما وسِعَه ووسِع الخلفاء بعده. فقام أَبِي الواثق فدخل الخلْوة، واستلقى وهو يَقُولُ: شيء لَم يعلمه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا أَبُو بَكْرٍ، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، علمته أنت؟

سبحان اللَّه عَلِمُوه ولَم يدْعوا النّاس إِلَيْهِ، أفلا وسِعَك ما وسِعَهم؟ ثُمَّ أمر برفع قيود الشيخ، وأمر له بأربعمائة دينار، وسقطَ ابن أَبِي دُؤاد من عينه، ولَم يمتحن بعدها أحدًا. وروى نحوًا من هذه الواقعة أَحْمَد بْن السِّنْديّ الحداد، عَنْ أَحْمَد بْن الممتنع، عَنْ صالِح بْن عليّ الهاشميّ المنصوريّ، عَنِ المهتدي بالله، رَحِمَهُ اللَّه. قَالَ صالِح: حضرته وقد جلسَ للمتظلّمين، فنظرتُ إلى القَصَص تُقرأ عَلَيْهِ من أولّها إلى آخرها، فيأمر بالتوقيع عليها، ويختمها، فيسُرّني ذَلِكَ. وجعلت أنظر إِلَيْهِ، ففطِنَ، ونظر إليّ، فغضضت عَنْهُ، حتى كَانَ ذَلِكَ منه ومنّي مرارًا. فقال لي: يا صَالِح فِي نفسك شيء تُحب أن تقوله؟ قلتُ: نعم. فلمّا انفضّ المجلسُ أُدْخِلْتُ مجلسه فقالَ: تَقُولُ ما دار في نفسك أو أقوله أنا؟ فقلتُ يا أمير المؤمنين ما ترى. قَالَ: أقول إنك استحسنتَ ما رأيتَ منّا. فقلت: أيَّ خليفة خليفتنا، إن لَم يكن يَقُولُ القرآن مخلوق. فوردَ عَلَى قلبي أمرٌ عظيم، ثُمَّ قلت: يا نفس هَلْ تموتين قبل أجَلِك؟ فقلتُ: نعم. فأطرق ثم قال: اسمع مني، فو الله لتسمعنّ الحقّ. فسُرّي عنّي وقلت: ومَن أولى بالحقّ منك وأنت خليفة ربّ العالمين، وابن عمّ سيد المرسلين؟ قَالَ: ما زلت أقول أن القرآن مخلوق صَدْرًا من أيام الواثق، حتى أقدَمَ شيخًا من أَذَنة فأُدْخِلَ مقيدًا، وهو جميل حسَن الشَّيْبَة. فرأيتُ الواثق قد استحيا منه ورَقّ لَهُ. فما زال يُدْنيه حتَّى قرُبَ منه وجلسَ، فقال: ناظِر ابنَ أَبِي دُؤاد. فقال: يا أمير المؤمنين إنّه يَضْعُف عَنِ المناظرة. فغضبَ وقال: أبو عبد الله يضعف عَنْ مناظرتِكَ أنتَ؟ قَالَ: هَوِّن عليك، وائذن لي فِي مناظرته. فقال: ما دعوناك إلا لِهذا. فقال: احفظ عليّ وعليه، ثُمَّ قَالَ: يا أَحْمَد أخبرني عَنْ مقالتك هذه، هِيَ مقالة واجبة داخلة فِي عقد الدّين، فلا يكون الدِّين كاملًا حتى يُقال فِيهِ بِما قلت؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فأخبرني عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين بعثه اللَّه، هَلْ سَتَر شيئًا مِمّا أُمِرَ بِهِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فدَعا إلى مقالتِك هذه؟ فسكت. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين واحدة. فقال الواثق: واحدة. فقال الشيخ: أخبرني عَنِ اللَّه تعالى حين قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] أَكَانَ اللَّه هُوَ الصّادق فِي إكْمَال دينه، أو أنتَ الصّادق فِي نُقْصَانه، حتّى يُقال بِمقالتِكَ هذه؟ فسكت. فقال الشيخ: اثنتان. قَالَ الواثق: نعم. وقال: أخبرني عن مقالتك هذه، أعلمها رسول الله أم جهلها؟ قلت: عَلِمَها. قَالَ: فدعا النّاسَ إليْهَا. فسكت. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين ثلاثة. قَالَ: نعم. قَالَ: فاتسع لرسول اللَّه أنْ عَلِمها أن يُمسك عنها، ولَم يُطالب أمَّتَه بِهَا؟ قَالَ: نعم. قال:

واتسع لأبي بَكْر، وعمر، وعثمان، وعليّ ذَلِكَ؟ قَالَ: نعم. فأعرض الشيخ عَنْهُ، وأقبلَ عَلَى الواثق فقال: يا أمير المؤمنين قد قدَّمْتُ القول أنّ أَحْمَد يصبو ويضعُف عَنِ المناظرة. يا أمير المؤمنين إنْ لَمْ يتَّسع لك من الإمساك عَنْ هذه المقالة ما زعم هذا أَنَّهُ اتسع للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، ولأبي بَكْر، وعمر، وعثمان، وعليّ، فلا وسَّع اللَّه عليك. قَالَ الواثق: نعم كذا هُوَ. اقطعوا قيد الشيخ. فلمّا قطعوهُ ضرب الشيخ بيده إلى القيْد فأخذه، فقال الواثق: لِمَ أخَذْتَه؟ فقال: لأنِّي نويتُ أن أتقدَّم إلى مَن أوصي إِلَيْهِ، إذا مت أن يجعله بيني وبين كَفَني، حتى أخاصم بِهِ هذا الظّالِم عِنْدَ اللَّه يوم القيامة وأقول: يا رب لِمَ قيدني وروَّع أهلي؟ ثُمَّ بكى فبكى الواثق وبكينا. ثُمَّ سأله الواثق أن يجعله فِي حِلّ، وأمر لَهُ بصلة فقال: لا حاجة لي بِها. قَالَ المهتدي بالله: فرجعت عَنْ هذه المقالة، وأظنّ أنّ الواثق رجعَ عنها من يومئذ. وقال إِبْرَاهِيم بن نِفْطَوَيْه: حدَّثَنِي حامد بْن العبّاس، عَنْ رَجُل، عَنِ المهتدي بالله، أنّ الواثق مات وقد تاب عَنِ القول بِخلْق القرآن. وكان الواثق وافر الأدب. بَلَغَنَا أنّ جارية غنته بشعر العَرْجيّ: أَظَلُومُ إنّ مُصَابَكُم رجُلًا ... ردَّ السّلامَ تَحيَّةً ظُلْمُ فَمِن الحاضرين من صَوَّب نصْبَ رجُلًا، ومنهم من قَالَ: صوابها: رجلٌ. فقالت: هكذا لقَّنني المازنيّ. وطلب المازنيّ، فلمّا مثُل بين يدي الواثق، قَالَ: مِمّن الرجل؟ قَالَ: من بني مازن. قَالَ: أي الموازن، أمازِن تميم، أم مازن قيس، أم مازن ربيعة؟ قلتُ: مازن ربيعة. فكلّمني حينئذ بلغة قومي فقال: با اسبُك. لأنّهم يقلبون الميم باء والباء ميم فكرهتُ أن أواجهه بِمَكرٍ، فقلتُ: بَكْر يا أمير المؤمنين. ففطِنَ لَها وأعجبته. فقال: ما تقول في هذا البيت. قلت: الوجه النصب. لأن مُصَابكم مَصْدَر، بِمعنى أصابتكم. فأخذ البريديّ يعارضني، قلتُ: هُوَ بِمنزلة إنّ ضَرْبَك زيدًا ظلم. فلرجل مفعول مُصَابكم، والدليل عَلَيْهِ أن الكلام مُعلق، إلى أن تَقُولُ ظُلْمٌ فيتمّ. فأُعْجِبَ الواثق، وأعطاني ألف دينار. قَالَ ابن أَبِي الدُّنْيَا: كَانَ الواثق أبيض، تعلوهُ صُفْرة، حسنَ اللحية، فِي عينيه نُكْتة. وقال زُرقان بْن أَبِي دُؤاد: لَمَّا احتضر الواثق جعل يردِّد هذين البيتين:

الموتُ فِيهِ جميعُ الخلْقِ مُشْتَركٌ ... لا سُوقَةٌ منهم يبقى ولا ملكُ ما ضَرَّ أهلَ الدنيا فِي تَنَافُرهم ... وليس يُغْنِي عَنِ الأملاك ما مَلَكوا ثُمَّ أمر بالبُسُط فطُويت، وألصق خدّه بالأرض، وجعل يَقُولُ: يا من لا يزول ملكه، ارْحَم من قد زَال مُلْكُه. روى أَحْمَد بْن محمد الواثقي أمير البصرة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنتُ أحد من مرّض الواثق فِي عِلته، إذ لحقته غشيةٌ، فما شككنا أنه مات. قال بعضنا لبعض تقدموا. فما جَسَر أحدٌ، فتقدَّمت أَنَا، فلمّا صرتُ عِنْدَ رأسه، وأردتُ أن أضعَ يدي عَلَى أنفه، لِحقَتْه إفَاقَةٌ، ففتح عينيه، فكدتُ أموتُ فزِعًا، من أن يراني قد مشيت إلى غير رُتْبتي، فرجعتُ إلى خَلْف، فتعلقت قبيعة سيفي بالعَتَبة، فعثرت عَلَى سيفي فاندقّ، وكاد أن يدخل فِي لحمي. فسلمتُ وخرجتُ، فاستدعيت سيفًا، وجئتُ فوقفتُ ساعة، فتلف الواثق تَلَفًا لم يُشك فِيهِ. فشددت لحيته وغمَّضْتُه وسجَّيْتُه، وجاء الفراشون، فأخذوا ما تحته يردوه إلى الخزائن، لأنه مثبت عليهم، وتُرِكَ وحده فِي البيت. فقال لي أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد القاضي: إنّا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة، وأحب أن تحفظه إلى أن يُدْفن، فأنتَ من أخصّهم بِهِ فِي حياته. فرددت باب المجلس، وجلستُ عِنْدَ الباب، فحَسَسْتُ بعد ساعة بحركة فِي البيت أفزعتني، فدخلت، فإذا بِجرذون قد جاء فاستل عينه فأكلها، فقلت: لا إله إلا اللَّه، هذه العين التي فتحها من ساعة، فاندقّ سيفي هيبة لَهَا. قَالَ: وجاءوا فغسلوه، وأخبرت ابن أَبِي دُؤاد الخبر. قَالَ: والجرذون دابَة أكبر من اليربوع. كانت خلافة الواثق خمس سنين ونصف. ومات بسُرَّ منْ رَأَى، يوم الأربعاء، لست بقين من ذي الحجة، من سنة اثنتين وثلاثين، وبُويع بعده المتوكّل. 466- هارون بْن معروف1 -خ. م. د. أبو علي المروزي، نزيل بغداد. كَانَ خزّازًا وأضَرّ بأخرة. روى عَنْ: هُشَيْم، ويحيى بْن أَبِي زائدة، وابن عُيَيْنَة، ومروان بْن شجاع، وعَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وعبد اللَّه بْن وهْب، وأبي بَكْر بْن عيّاش، والوليد بْن مُسْلِم، وخلْق كثير من

_ 1 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 355"، والجرح والتعديل "9/ 96"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 226".

العراقيين، والحجازيين، والمصريين، والشاميين، والْجَزَريين. وعنه: م، د، وخ، عَنْ رَجُل، عَنْهُ، وَأَحْمَد بْن حنبل، وَمحمد بْن يحيى الذّهليّ، وصالح جَزَرَة، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، وَأَحْمَد بْن خيثمة، وموسى بْن هارون، وأبو القاسم البَغَويّ، وطائفة. وثقة ابن أبي حاتِم، وجماعة. قَالَ ابنُ أَبِي حاتِم: سَمِعَ منه أَبِي ببغداد سنة خمس عشرة، بعدما عَمِي، من حفظه. وقال أَبُو داود: سمعتُ الثقة يَقُولُ. قَالَ هارون بْن معروف: رأيتُ فِي المنام قِيلَ لي مَن آثر الحديث عَلَى القرآن عُذِّب. قَالَ: فظننتُ أنّ ذَهاب بصري من ذَلِكَ. وقال هارون الحمّال: سمعتُ هارون بْن معروف يَقُولُ: من زعم أنّ القرآن مخلوق فكأنّما عَبْد اللّات والعُزَّى. وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ هارون بن معروف قال: من زعم أن اللَّه لا يتكلم فهو يعبدُ الأصنام. قلتُ: عاش هارون أربعًا وسبعين سنة، ومات فِي آخر رمضان سنة إحدى وثلاثين. وكان صدوقًا فاضلًا صاحب سنة. 467- هارون بْن أَبِي هارون العَبْديّ1. حدَّث ببغداد عَنْ: أَبِي الْمُلَيْح الرَّقِيّ، وبقيّة. وعنه: مطين، وعبد الله بن ناجية. وكان صدوقا. 468- هاشم بن الحارث المروذي نزيل2 بغداد. عَنْ: أَبِي المليح، وعبيد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقِّيَّين. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، والبغوي، وأحمد بن الحسن الصوفي الكبير، وغيرهم. وثقه الخطيب وقال: تُوُفِيّ سنة أربع وثلاثين. حديثه بعُلوٍّ فِي جُزءَين. 469- هاشم بْن الوليد3. أَبُو طالب الهَرَويّ. عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عياش، وحفص بْن غِياث، ويحيى بْن سُلَيْم الطائفيّ. وعنه: أبو حاتم الرازي، ومحمد بن عبد الرحمن الشّامي، والحسين بن إدريس، وآخرون.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 98"، والثقات لابن حبان "9/ 240"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 21". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 244"، وتاريخ بغداد "14/ 66". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 106"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 349"، والثقات لابن حبان "9/ 243".

توفي سنة تسع وثلاثين ومائتين. 470- هبيرة بن محمد التمار الأبرش1. قرأ القرآن عَلَى حفص صاحب عاصم. وتصدّر للإقراء. قرأ عَلَيْهِ: حُسْنُون بْن الهيثم الدُّوَيْريّ، والخَضر بْن الهَيْثَم الطُّوسي، وَأَحْمَد بْن عليّ الخزّاز، وغيرهم. كنيته أَبُو عمر. 471- هدبة بن خالد بن الأسود بن هدبة2 -خ. م. د. أَبُو خَالِد القَيْسيّ الثَّوْبَانيّ الْبَصْرِيّ، ويُقال لَهُ هداب. صلّى عَلَى شُعْبَة، وسمع من: الحمّادين، وهَمّام بْن يحيى، وجرير بْن حازم، وأبان العطار، وسليمان بْن المغيرة، ومبارك بْن فضالة، وهارون بْن مُوسَى النحوي، وسلام بْن مسكين، وطائفة بصريين. وعنه: خ. م. د. وبقيّ بْن مَخْلَد، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأحمد بن عَمْرو القطرانيّ، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وجعفر الفِرْيَابيّ، والحسن بْن سُفْيَان، وأبو معشر الْحَسَن بْن سفيان الدارميّ، وعبدُ اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل، وعَبْدان الأهوازيّ، وأبو القاسم البَغَويّ، وخلْق. قَالَ عليّ بْنُ الْجُنَيْدِ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أبو حاتم: صدوق. وقال ابن عديّ: لا بأس بِهِ. ولا أعرفُ لَهُ حديثًا مُنْكَرًا فيما يرويه. وأمّا النسائي فقال: ضعيف. وقال لحسن بْن سُفْيَان: سمعتُ هُدْبَةَ يَقُولُ: صلَّيْتُ عَلَى شُعْبَة، فقيل لَهُ: رَأَيْته؟ فقال: رأيتُ من هُوَ خيرٌ منه، حمّاد بْن سَلَمَةَ وكان سُنِّيًّا، وكان شُعْبَة يرى الإرجاء. وقال عَبْدان الأهوازيّ كنّا لا نُصَلِّي خلف هُدْبة من طول صلاته ويسبح فِي الركوع والسجود نيِّفًا وثلاثين تسبيحة وكان من أشبه خلق اللَّه بِهشام بْن عمّار لحيته ووجهه وكل شيء منه حتّى صلاته. وقال ابن عديّ: سمعتُ أَبَا يَعْلَى، وسُئِلَ عَنْ هُدْبَةَ، وشَيْبان، أيهما أفضل؟ قَالَ: هُدْبَةُ أفضلهما وأوثقهما، وأكثرهما حديثًا. كَانَ حديث حمّاد بْن سَلَمَةَ عِنْدَه نسختين: واحدة عَلَى الشيوخ، وواحدة عَلَى التّصنيف. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ

_ 1 انظر معرفة القراء الكبار "1/ 205"، وغاية النهاية "2/ 353". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 301"، والجرح التعديل "9/ 114"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 295"، وتهذيب الكمال "3/ 1453".

عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالُوا: أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنَا أَبُو الْفَضْلِ الزُّهْرِيُّ، أَنَا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ: ثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآَنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ". وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ أَبُو داود، عَنْ محمد بْن عَبْد الملك: تُوُفِيّ هُدْبة سنة خمس وثلاثين. وقال ابن حبان: مات سنة ست أو سبع وثلاثين ومائتين. 472- هريم بن عبد الأعلى بن الفرات2 -م. أبو حمزة الأسدي البصري. عَنْ: مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، ويزيد بْن زُرَيْع، وخالد بْن الحارث، وجماعة. وعنه: م، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وإسماعيل سَمُّوَيْه، وعَبْدان الأهوازيّ، وأبو يعلى الموصلي، وعبد الله أَحْمَد بْن حنبل، وطائفة. حدَّث بإصبهان سنة عشرين ومائتين. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي "الثِّقَاتِ": مَاتَ سَنَةَ أربعين أو قبلها أو بعدها بقليل. وقال أَبُو الشيخ: مات بالبصرة سنة خمس وثلاثين ومائتين. 473- هريم بن مسعر3 -ت. أبو عبد الله الأزدي خادم الفُضَيْل بْن عِياض. روى عَنْ: الفُضَيْل، وعَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدي، وعبد اللَّه بْن وَهْبُ. وعنه: ت، وجعفر الفِرْيَابيّ، وأحمد بن عبد الله بن مالك. وثقه ابن حبان. 474- هشام بن إسحاق. أبو ربيعة العامري مولاهم المصري. قَالَ ابن يونس: كَانَ عالِمًا بأخبار مصر. روى عَنْ: اللّيث، ومالك. ومات في ربيع الآخر سنة خمس وثلاثين.

_ 1 "حديث صحيح": أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "9/ 58"، وَمُسْلِمٌ "797"، وَأَبُو داود "4830"، وَالتِّرْمِذِيُّ "2869"، وَالنَّسَائِيُّ "8/ 124، 125". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 246"، وأخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 336"، وطبقات المحدثين "2/ 157-159"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1436". 3 انظر الثقات لابن حبان "9/ 245"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1436"، وتهذيب التهذيب "11/ 31".

475- الهيثم بن أيوب1 -ن. أبو عمران الطالقاني. عن: إبراهيم بن سعد، ويحيى ابن أَبِي زائدة، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وجماعة. وعنه: ن، وجعفر الفِرْيَابيّ، ومحمد بن عبد الله بن يوسف الدوري، وجماعة. وثقه النسائي، وكان إماما كبير القدر. توفي سنة ثمان وثلاثين. بالطالقان من بلاد خراسان. 476- الهيثم بن خالد الجهني الكوفي2 -د. عَنْ: وكيع، وحسين الجعفي، وعبد الله بن نير، وجماعة. وعنه: د. وقال: ثقة. كتبت عَنْهُ سنة خمسٍ وثلاثين. لم أجد من روى عَنْهُ غير أَبِي داود. وتُوُفِيّ سنة تسعٍ وثلاثين. 477- الهيثم بْن خَالِد الْكُوفيّ الورّاق3. مستملي أبي نُعَيْم سيأتي. 478- والهيثم بْن خَالِد المصيصي: حدّث ببغداد بعد الخمسين. 479- والهيثم بْن خَالِد البغداديّ: شيخ من طبقة المصيصيّ. 480- والهيثم بْن خَالِد الْكُوفيّ: عَنْ شَرِيك. شيخ فِيهِ جهالة. 481- الهيثم بْن اليَمَان4. أَبُو بِشْر الرازيّ. عَنْ: شَرِيك، وأبي الأحوص، وإسماعيل بْن زكريّا، وهُشَيْم. روى عنه: أَبُو حاتم، وعلى بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد، وغيرهما. وهو صالح الحديث. قاله فيما أرى عبد الرحمن بن أبي حاتم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 86"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1454"، وتهذيب التهذيب للحافظ "11/ 90". 2 انظر ميزان الاعتدال للمصنف "4/ 321"، والمغني في الضعفاء "2/ 716". 3 ستأتي ترجمته. 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 86".

"حرف الواو": 482- وثيمة بن موسى بن الفرات الفارسي1. نزيل مصر. صنف كتاب الردة، وجوده. وكان تاجرا في الوشي. وله معرفة بالأخبار وأيام الناس. دخل إلى الأندلس وغيرها. روى عنه: ولده عمارة بن وثيمة. ومات في جمادى الآخرة سنة سبع. يروي عَنْ: سَلَمَةَ بْن الفضل الأبرش، ومالك بْن أنس، وطائفة. قَالَ ابن أَبِي حاتِم: يُحدِّث عَنْ سَلَمَةَ بْن الفضل بأحاديث موضوعة. - الواثق بالله. اسمه هارون. مَرّ2. 483- الوليد بْن عَبْد الملك بْن مُسَرَّح3. أَبُو وَهْب الحرّانيّ. عَنْ: سُلَيْمَان بْن عطاء الحرانيّ، وعبيد اللَّه بْن عديّ بْن عديّ، وَيَعْلَى بْن الأشدق، وغيرهم. وعنه: جَعْفَر الفِرْيَابيّ، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم وقال: صدوق. قلتُ: مات سنة أربعين. 484- الوليد بْن عُتْبَة4 -د. أبو العباس الأشجعي الدمشقي المقرئ. قرأ على أيّوب بْن تَميم. وسمع من: الوليد بْن مسلم، وبقية، وضمرة بن ربيعة، وجماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 51-53"، والأنساب "12/ 270"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 331"، ولسان الميزان "6/ 217". 2 تقدم برقم "467". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 10"، والثقات لابن حبان "9/ 227"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 252"، والأنساب "9/ 23". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 12"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 150، 151"، والثقات لابن حبان "9/ 226"، وتهذيب الكمال "3/ 1470".

وعنه: د.، وأبو زُرْعَة، وجعفر الفريابي، وَمحمد بْن الْحُسَيْن بْن قُتَيْبَة العسقلاني، وعمر بْن سَعِيد المَنْبِجيّ، وجماعة. قَالَ أَبُو زُرْعَة الدمشقيّ: كَانَ القُراء بدمشق الذين يُحكمون القراءة. الشاميّة العثمانية ويضبطونَها: هشام، وابن ذَكْوان، والوليد بْن عُتبَة. وقال محمد بْن عَوْف: هُوَ أوثق من صَفْوان بْن صالِح. وُلِدَ سنة ستٍّ وسبعين ومائة. وقال أَبُو زُرْعَة الدمشقيّ: مات فِي جمادى الأولى سنة أربعين. قلتُ: قرأ عَلَيْهِ أَحْمَد بْن مُضَر بْن شاكر، وأخذ عَنْهُ الحروف أَحْمَد بْن يزيد الحلوانيّ، وفضل بْن محمد الأنطاكيّ. 485- وَهْب بْن بقيّة بْن عثمان بْن سابور1 -م. د. أبو محمد الواسطي، ويقال له وهبان. عَنْ: هُشَيْم، ويزيد بْن زُرَيْع، وخالد بْن عَبْد اللَّه الطحّان، وطبقتهم. وعنه: م. د. وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وجعفر الفريابيّ، وأبو العباس السراج، وآخرون. قَالَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ: ثقة لكنه سَمِعَ وهو صغير. قلتُ: وقع لنا حديثه عاليا. وتُوُفيّ سنة تسعٍ وثلاثين. "حرف الياء": 486- يحيى بْن أيوب2 م. د. أبو زكريا البغدادي المقابري العابد. عَنْ: شَرِيك، وإسماعيل بْن جَعْفَر، وخَلَف بْن خليفة، وهُشَيْم، ومُصْعَب بْن سلّام، وعبّاد بْن عَبّاد، وعبد اللَّه بْن وَهْب، وخَلْق. وعنه: م. د. وأبو زُرْعَة، وابن أَبِي الدُّنْيَا، ومحمد بن وضاح القرطبي، والحسين بن فهم، وأحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسن

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 28"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 41"، والثقات لابن حبان "9/ 229"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1477". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 357"، والجرح والتعديل "9/ 128"، وتاريخ بغداد للخطيب "14/ 188"، والكامل في التاريخ "7/ 45".

الصوفي، وأبو القاسم البغوي، ومحمد بن إبراهيم السراج، وحامد بن شعيب البلخي، وخلق. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: رجلٌ صالِح، صاحب سُكُون ودعة. وقال عليّ بْن الْمَدِينِيّ: صدوق. وقال أَبُو شُعَيْب الحرانيّ: ثنا يحيى بْن أيّوب، وكان من خيار عِباد اللَّه. وقال محمد بْن مَخْلَد: نا الْعَبَّاس بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الأشْهَليّ: حدَّثَنِي أَبِي قَالَ: مررتُ بِمقابِر، فسمعتُ همهمةً، فاتبعتُ الأثر، فإذا يحيى بْن أيّوب فِي حُفْرة من تِلْكَ الحُفَر، وإذا هُوَ يدعو يبكي ويقول: يا قُرّة عين المطيعين، ويا قُرَّةَ عين العاصين، ولِمَ لا تكون قُرّة عين العاصين، وأنت سترت عليهم الذّنوب. ولِمَ لا تكون قرة عين المطيعين، وأنت مثبت عليهم بالطاعة. قَالَ: ويعاود البكاء. فغلبني البكاء، ففطنَ بي وقال: تعال، لعلّ اللَّه إنَّما بعث بك لخير. وقال الْحُسَيْن بْن فَهْم: كَانَ يحيى بْن أيّوب ثقة، وَرِعًا، مسلمًا، يَقُولُ بالسنة، ويَعيب من يَقُولُ بقول جَهْم وبخلاف السنة. قال: توفي يوم الأحد لاثنتي عشرة خَلَت من ربيع الأول سنة أربع وثلاثين. وأمّا مُوسَى بْن هارون فقال: ليلة الأحد لعشرٍ مَضَيْن من ربيع الأول. وأخبرني أَنَّهُ ولد سنة سبعٍ وخمسين ومائة. 487- يحيى بْن بِشْر البلْخِيّ الفلاس العابد1 -خ. عن: سفيان بن عيينة، والوليد بن مسلم، ووَكِيع، وشبابة، وطبقتهم. وعنه: خ. وَأَحْمَد بْن سيار المروزي، وعبد الله الدارمي، وعبد الله بن حميد، وآخرون. قَالَ الْبُخَاريّ: تُوُفِيّ فِي خامس المحرم سنة اثنتين وثلاثين، رحمه اللَّه. 488- يحيى بْن أَبِي عُبَيْدة رجاء بْن عَبْد اللَّه2. أَبُو محمد الواديّ الحرانيّ. سَمِعَ: زهير بن معاوية، وأبا يوسف بن يعقوب بن إبراهيم.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 131"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 263"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1491". 2 انظر الثقات لابن حبان "9/ 264".

وعنه: أَبُو عَرُوبة الحرّانيّ، ورّخه وقال: سمعتُ منه وكان لا يخضب. مات فِي جُمَادَى الأولى سنة أربعين ومائتين. 489- يحيى بْن سُلَيْمَان بْن يحيى بْن سَعِيد بن مسلم بن عبيد1 -خ. ت. أبو سعيد الجعفي الكوفي المقرئ. نزيل مصر. سَمِعَ حروف عاصم من: أَبِي بَكْر بْن عياش. أخذها منه: أَحْمَد بْن محمد بْن رشدين. وسمع: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدِيّ، وأبا خَالِد الأحمر، وعبد الرَّحْمَن المحاربيّ، وأبا بَكْر بْن عياش، ووكيعًا، وعبد اللَّه بن وهب، وطائفة. وعنه: ح، وت، عَنْ رجُلٍ، عَنْهُ، وَمحمد بْن يحيى الذُّهَلِيّ، وَمحمد بْن عَوْف الطائيّ، والحسين بْن إسحاق التستري، والحسن بن سفيان، وأبو طاهر محمد بْن أَحْمَد بْن عثمان الْمَدِينِيّ، والحسن بْن غُلَيب الْمَصْرِيّ، وآخرون. قَالَ النسائي: لَيْسَ بثقة. وقال غيره بتوثيقه. قَالَ أبو حاتم: شيخ. وقال ابن حبان فِي كتاب الثقات: ربَّما أَغْرَب. وقال ابن يونس: تُوُفِيّ سنة سبع وثلاثين. وقال فِي مكان آخر: سنة ثمان. 490- يحيى بْن سُلَيْمَان الْجُفْريّ الإفريقيّ2. أَبُو زكريا. روى عن: أبي معمر بْن عَبْد الصمد، وغيره. وعنه: حَبْرُون بْن عيسى البَلَويّ. قِيلَ: تُوُفِيّ سنة سبعٍ أيضًا. 491- يحيى بْن طلحة اليربوعي الكوفي3. عَنْ: شَرِيك، وفُضَيْل بْن عياض. وعنه: علي بن الحسين بن الجنيد الرازي، وغيره.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 154"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 280"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1503". 2 انظر ميزان الاعتدال للمصنف "4/ 383"، والمغني في الضعفاء "2/ 737". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 160"، والثقات لابن حبان "9/ 264"، وتاريخ الطبري "1/ 324"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 387".

492- يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر المخزوميّ1 -خ. م. ق. مولاهم الْمَصْرِيّ الحافظ أَبُو زكريّا. ولد سنة أربع وخمسين ومائة. وأخذ عَنْ: مالك، واللَّيْث، وابن لَهِيعة، وحماد بن زيد، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، ويعقوب بن عبد الرحمن القاري، وبكر بن مضر، ومفضل بن فضالة، وابن وهب، وخلق سواهم. وعنه: خ. وم. وق، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وحَرْمَلة بْن يحيى، وَمحمد بْن يحيى الذُّهَليّ، وأبو زُرْعَة، وَمحمد بْن إِسْحَاق الصَّاغانيّ، وَمحمد بْن إبراهيم الوسنجي، ويحيى بن أيوب العلاف، ويحيى بن عثمان بْن صالِح السهمي، وَأَحْمَد بْن محمد بْن الحجّاج بْن رشدين، وخير بْن موفّق، وأبو الزنباع روح بن الفرج وأبو علي الحسن بن فرج الغزّيّ، وآخرون كثيرون. قَالَ أبو حاتم: كَانَ يفهم هذا الشأن، يُكْتَب حديثه، ولا يُحْتَج بِهِ. قلتُ: قد احتج بِهِ صاحبا "الصحيحين". وكان غزير العلم عارفًا بالحديث وأيّام الناس، بصيرًا بالفتوى. قَالَ عُبَيْد بْن رجال: سمعتُ يحيى بْن بُكَيْر يَقُولُ لأبي زُرْعة: لَيْسَ ذا ليس ذا زغرغة عَنْ زوبعة، إنّما ترفع السِّتْر، تنظر إلى بنيك وأصحابه بين يديه، مالك، عن ابن عمر، عن نافع. وقد قَالَ فِيهِ النسائيّ: ضعيف. وقال فِي موضع آخر: لَيْسَ بثقة. ولَم يقبل النّاس من النسائي إطلاق هذه العبارة فِي هذا، ما فِي الْجُعْفِيّ المتقدم فيما قبله، كما لَم يقبلوا منه ذَلِكَ فِي أَحْمَد بْن صالح الْمَصْرِيّ. قَالَ أسلم بْن عَبْد العزيز الأندلسي: حَدَّثَنَا بَقِيّ بْن مَخْلد أنّ يحيى بْن بكير سَمِعَ الْمُوَطَّأَ مِنْ مَالِكٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً. قلت: ومن جلالته عِنْدَ الْبُخَاريّ روى محمد بْن عَبْد اللَّه، وهو الذهليّ، عَنْ يحيى بْن بكير. أَخْبَرَنَا محمد بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْعَصْرُونِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنِ الْمُؤَيَّدِ الطُّوسِيِّ، وَغَيْرِهِ قَالَ الْمُؤَيِّدُ: أَنَا محمد بْنُ الْفَضْلِ الْفَزَارِيُّ، أَنَا عُمَرُ بْنُ مَسْرُورٍ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُمَيْرٍ، ثَنَا محمد بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوسَنْجِيُّ، نَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حدثني عن اللَّيْثُ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ وَبُطُونِ الأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ" 2. تُوُفِيّ فِي النصف من صفر سنة إحدى وثلاثين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 165"، والتاريخ الكبير للبخاري "8/ 285"، وتاريخ الطبري "3/ 429، 431"، والثقات لابن حبان "9/ 262". 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "41"، وأحمد "4/ 191"، والبيهقي "1/ 70"، وصححه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي.

493- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن زياد الأسلميّ الخراساني خاقان1 -خ. المروزي، ويقال البلخي. أخوه جمعة وزنجويه. ويكنى أبا سهل، وقيل: وأبو اللَّيْث. روى عَنْ: ابن المبارك، ونوح بْن أَبِي مريم، وحفص بْن غياث، والوليد بْن مُسْلِم، وجماعة. وعنه: خ. وحاشد بْن إِسْمَاعِيل، وعبيد اللَّه بْن شريح، وجماعة آخرهم أَبُو الْعَبَّاس محمد بْن إِسْحَاق السّراج. وكانت أمه جارية من أهل تُبَّت. 494- يحيى بْن عثمان2. أَبُو زكريّا الحربيّ. عَنْ: أَبِي الْمُلَيْح الرَّقيّ، وإسماعيل بْن عيّاش، والهِقَل بْن زياد، وبقيّة، وطائفة. وأصله من سجستان. وكان عابدًا صالِحًا قانتًا لله. روى عن: ابن أَبِي الدُّنْيَا، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن حبّان، وَمحمد بْن عبْدُوس بْن كامل، وأبو زُرْعة الرازيّ، والبَغَويّ، والسّراج. وثّقه أَبُو زُرْعَة. وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال البَغَويّ: تُوُفِيّ سنة ثمانٍ وثلاثين. 495- يَحْيَى بْن مَعِينٍ بْن عَوْن بْن زياد بْن بِسْطَام3 -ع. وقيل: غِيَاث بدل عَوْن. الْإِمَام العالِم أَبُو زكريّا المُرّيّ، مُرّة بْن غَطَفان، مولاهم البغداديّ. أصله من الأنبار، ونشأ ببغداد، وسمع بِهَا، وبالحجاز، والشّام، ومصر، والنَّواحي. وكان مولده فِي سنة ثمانٍ وخمسين ومائة، فهو أسنّ من عليّ بْن الْمَدِينِيّ، وَأَحْمَد بْن حنبل، وأبي بَكْر بْن أَبِي شيبة، وإسحاق بْن راهويه. كانوا يتأدَّبون معه ويعرفونَ لَهُ فضله. وكان أبوهُ كاتبًا لعبد اللَّه بْن مالك، فخلف ليحيى ألف ألف درهم فيما قِيلَ. سَمِعَ: عَبْد الله بن المبارك، وهشيم بن بشر، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وجرير بْن عَبْد الحميد، وإسماعيل بْن مجالد، ويحيى بْن أَبِي زائدة، ويحيى بْن عَبْد اللَّه الأنيسي المدنيّ، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبا حفص الأبّار، وحفص بْن غِياث، وعَبّاد بْن العَوّام، وعمر بْن عُبَيْد الطَّنافسي، وعيسى بْن يونس، ويحيى بْن سَعِيد القطان، ووكيعًا، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وخلْقًا من طبقتِهم ومن بعدهم. ورحل إلى اليمن

_ 1 انظر تهذيب الكمال للمزي "3/ 150"، وتهذيب التهذيب للحافظ "1/ 239". 2 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 351"، والجرح والتعديل "9/ 174"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1511". 3 انظر الطبقات الكبرى لابن سعد "7/ 354"، والجرح والتعديل "9/ 292"، وأخبار القضاة لوكيع "1/ 145"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 156-159"، وسير أعلام النبلاء "11/ 71-96".

عَبْد الرزاق. وعنه: خ. م. د. وخ. ت. ن. ق، عن رجل، عنه، وأحمد بْن حنبل، وَمحمد بْن سعد، وأبو خَيْثَمة، وهناد وطائفة من أقرانه. وعباس الدروي، وأبو بَكْر الصَّاغانِيّ، وَأَحْمَد بْن أَبِي خيثمة، ومعاوية بْن صالِح الأشعري، وعثمان بْن سَعِيد الدارميّ، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن الْجُنَيْد، وإسحاق الكَوْسَج، وحنبل بن إسحاق، وصالح جزرة وخلق من هذا الطبقة. وموسى بْن هارون، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وأحمد بن الحسين بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، وعبد الله أَحْمَد بْن حنبل، وجعفر الفريابي، وَمحمد بْن إِبْرَاهِيم البغداديّ مربّع، وَمحمد بْن صالِح كَيْلَجَة، وعليّ بْن الْحَسَن بْن عَبْد الصمد ما غَمَّة، والحسين بْن محمد عُبيد العِجْل، الحُفاظ -ويُقال إنّهم من تلامذة يَحْيَى بْن مَعِينٍ، وإنه لقبهم- وآخرون. ووقع لنا حديثه عاليًا. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: أَنَا أبو الفضل محمود بن عمر الأرموي، وَأَنَا أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ الْهَرَوِيِّ: أَنْبَا يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ الزَّاهِدُ. قَالَا: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ سنة سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ: ثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي لِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي"1. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ. وَبِالْإِسْنَادِ إِلَى ابْنِ مَعِينٍ: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِوَضْعِ الجوائح، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ"2، وَبِالْإِسْنَادِ: ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا عَثْرَتَهُ، أَقَالَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3. أَخْرَجَهُمَا أَبُو داود، عن يحيى بن معين.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "3789"، والحاكم "3/ 149"، والطبراني "3/ 39"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 211"، والخطيب في التاريخ "4/ 160"، والحديث في ضعيف الجامع. 2 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "3374"، والنسائي "7/ 294"، وابن ماجه "8/ 22"، وأحمد "3/ 309". 3 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "3460"، والحاكم "2/ 45".

وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِ وَالِدِهِ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، وَهُوَ مِمَّا قِيلَ: إِنَّ ابْنَ مَعِينٍ تَفَرَّدَ بِهِ. وقال ابن عدي: سمعت عبدان بن الأَهْوَازِيَّ: سَمِعْتُ حُسَيْنَ بْنَ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ يَتَكَلَّمُ فِي ابْنِ مَعِينٍ وَيَقُولُ: مِنْ أَيْنَ لَهُ حَدِيثُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا"؟ هُوَ ذَا كُتُبُ حَفْصٍ عِنْدَنَا. وَهُوَ هَذَا كُتُبُ ابْنِهِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عِنْدَنَا، وَلَيْسَ فِيهِ مِنْ هَذَا شَيْءٌ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يحيى أوثق أو أجل مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ شَيْءٌ كَذَلِكَ. وَالْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدٍ مُتَّهَمٌ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ. وَقَدْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبُو عَوْفٍ الْبُزُورِيُّ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. قَالَ أَحْمَد بْن زُهَير: وُلِدَ يَحْيَى سنة ثمانٍ وخمسين ومائة. وقال أَبُو حاتِم: يَحْيَى بْن مَعِينٍ إمام. وقال النسائي: هُوَ أَبُو زكريا الثقة المأمون، أحد الأئمة فِي الحديث. وقال عليّ بْن الْمَدِينِيّ: لا نعلمُ أحدًا من لدُن آدم كتب من الحديث ما كتب يَحْيَى بْن مَعِينٍ. وقال عبّاس الدوريّ: سمعتُ ابن معين يَقُولُ: لو لَم نسمع الحديث خمسين مرة ما عرفناهُ. وعن يَحْيَى بْن مَعِينٍ، قَالَ: كتبتُ بيدي ألف ألف حديث. وقال صالِح بْن محمد جَزَرَة: ذُكِرَ لي أن يَحْيَى بْن مَعِينٍ خلّف من الكتب ثلاثين، قمطرًا وعشرين جُعْبًا. طلب يحيى بن أكثم كتبه بمائتي ألف دينار، فلم يدع أَبُو خَيْثَمة أن تُباع. وقال عباس الدوري، فينا رواهُ عَنْهُ الأصم: سمعتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يقول: كنت إذ كُنَّا فِي قرية بِمصر ولم يكن معنا شيء ولا ثَمّ شيئًا نشتريه فلما أصبحنا إذا نحن بزنبيل مليء سمك مشويّ وليس عنده أحد فسألوني عَنْهُ فقلتُ اقتسموهُ فكُلُوه قَالَ يحيى: أظنّ أَنَّهُ رزقُ رزقهم اللَّه وسمعتُ يحيى مِرارًا يَقُولُ القرآنُ كلامُ اللَّه وَلَيْسَ بِمخلوق، والإيمان قولٌ وعملٌ يزيد وينقص. عبّاس الدوريّ: سمعتُ ابن معين يقول: كنت إذا دخلت بيتي في الليل قرأتُ آية الكرسي عَلَى داري وعيالي خمس مرات، فبينما أَنَا أقرأ، إذا شيء يُكلمني: كم تقرأ هذا، كأن لَيْسَ إنسان يُحسن يقرأ غيرك. فقلتُ: فأرى هذا يَسُوءك، والله لأزيدنّك. فصرتُ أقرأها فِي الليلة خمسين ستّين مرة. قَالَ عَبَّاس الدوري: قِيلَ ليحيى بْن معين: ما تقولُ فِي الرجل يقوّم للرجل حديثه، يعني ينزع منه اللّحن؟ فقال: لا بأس بِهِ. وقال عَبَّاس: سمعتُ يحيى يَقُولُ: لو لَم أكتب الحديث من ثلاثين وجْهًا ما عقِلْنَاهُ. وقال مجاهد بْن مُوسَى: سمعتُ ابن معين يَقُولُ: كتبنا عَنِ الكذّابين وسَجرنا بِهِ التنور، وأخرجنا خبزًا نضيجًا. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: ما الدُّنْيَا إلا كحُلْم. والله ما ضرّ رجلًا اتَّقَى اللَّه عَلَى ما أصبح وأمسى.

لقد حججتُ وأنا ابن أربعٍ وعشرين سنة، خرجتُ راجلًا من بغداد إلى مكة، هذا منذ خمسين سنة كأنّما كَانَ أمس. فقلتُ ليحيى بْن معين: ترى أن ينظر الرجل فِي الرأي، رأي الشافعيّ وأبي حنيفة؟ قَالَ: ما أرى لِمسلم أن ينظر فِي رأي الشافعي. ينظر فِي رأي أَبِي حنيفة أحبّ إليّ. قلتُ: إنّما يَقُولُ هذا يحيى لأنه كَانَ حنفيًّا، وفيه انحرافٌ معروف عَنِ الشافعي والإنصاف عزيز. قَالَ ابن الجنيد: سمعتُ يحيى يَقُولُ: تَحريمُ النبيذ صحيح، وأقفُ عنده لا أحرِّمه. قد شربه قومٌ صالِحون بأحاديث صِحاح. وحرّمه قومٌ صالِحون بأحاديث صِحاح. أَنَا سمعتُ يَحْيَى بْن سَعِيد يَقُولُ: حديث الطِّلاء، وحديث عُتْبَة بْن فرقد جميعًا صحيحان. وقال عليّ بْن الْمَدِينِيّ: انتهى علمُ الناس إلى يَحْيَى بْن مَعِينٍ. وقال القواريري: قَالَ لي يحيى بن القطّان: ما قَدِمَ علينا مثل هذين الرجلين أحمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين. وقال أَحْمَد بْن حنبل: كَانَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ أعلمنا بالرجال. وعن أَبِي سَعِيد الحدّاد قَالَ: النّاس عِيال فِي الحديث عَلَى يَحْيَى بْن مَعِينٍ. وقال محمد بْن هارون الفلاس: إذا رأيت الرجل يبغضُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ فاعلم أَنَّهُ كذّاب. وعن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: كل حديث لا يعرفه يَحْيَى بْن مَعِينٍ فهو كذب، أو ليس هو بِحديث. وقال جَعْفَر بْن أَبِي عثمان الطيالسي: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ، فجاء رجلٌ مستعجل وقال: يا أَبَا زكريّا حدِّثْنِي بشيء أذكرك بِهِ. فقال يَحْيَى: أذكر أنك سألتني أن أحدِّثك، فلم أفعل. وقال أَبُو داود: سمعت ابن معين يقول: أكلنا عجنة خبزٍ وأنا ناقهٌ مِنَ علّة. وقال الْحُسَيْن بْن فَهْم: سمعتُ ابن معين يَقُولُ: كنت بِمصر فرأيتُ جارية بيعت بألف دينار ما رأيتُ أحسن منها صَلَّى اللَّه عليها. فقلتُ: يا أَبَا زكريّا مثلك يَقُولُ هذا؟ قَالَ: نعم. صَلَّى اللَّه عليها وعلى كل مليح. وقال عَبَّاس الدوري: رأيتُ أَحْمَد بْن حنبل فِي مجلس رَوْح بْن عُبَادة يسألُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ عَنْ أشياء، يَقُولُ: يا أَبَا زكريّا، كيف حديث كذا، وكيف حديث كذا؟ يستثبته فِي أحاديث سمعوها. وَأَحْمَد يكتب ما يَقُولُ. وقلّ ما سَمِعْتُ أَحْمَد يسمّيه، إنّما كَانَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو زكريّا. وقَالَ أَبُو عُبَيْد الآجُرّيّ: سألتُ أَبَا دَاوُد أيّما أعلم بالرجال: عليّ بْن الْمَدِينِيّ، أو ابن معين؟ قال يحيى عالم بالرجال، وليس عندي من خبر أهل الشّام شيء. وقال عبّاس الدوري: نا ابن معين قَالَ: حضرتُ نُعَيْم

ابن حمّاد بِمصر، فجعل يقرأ كتابًا صنَّفه فقال: نا ابن المبارك، عَنِ ابْن عَوْن، وذكر أحاديث. فقلتُ: لَيْسَ هذا عَنِ ابْن المبارك. فغضب وقال: تَرُدُّ عليّ. قلتُ: أي والله أريد دينك. فأبى أن يرجع. فلمّا رَأَيْته لا يرجع قلت: لا والله ما سمعتُ هذه من ابن المبارك، ولا سمعها هُوَ من ابن عَوْن قط. فغضب وغضب مَنْ عنده، وقام فدخل البيت، فأخرج صحائف وجعل يَقُولُ وهي بيده: أين الذين يزعمون أن يَحْيَى بْن مَعِينٍ لَيْسَ بأمير المؤمنين فِي الحديث. نعم يا أَبَا زكريّا غلطت، وإنّما روى هذه الأحاديث عَنِ ابْن عَوْن غير ابن المبارك. قَالَ الْحُسَيْن بْن حبّان: قَالَ ابن معين: دفع إليّ ابن وَهْب كتابًا عن معاوية بن صالح خمسمائة حديث أو أكثر، فانتقيتُ منها شرارها. لَم يكن لي يومئذ معرفة. قلت: أسمعتها من أحد قبل ابن وهْب؟ قَالَ: لا قلتُ: يعني أنه مبتدئًا لا يحسن الانتخاب، فعلنا نحو هذا وندمنا بعد. قَالَ أَبُو زُرْعَة: لم ينتفَع بيحيى لأنه كَانَ يتكلمُ فِي النّاس. وكان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن أبي نصر التمار، ولا عن يحيى بن مَعِينٍ، ولا عَنْ أحدٍ ممن امتُحن فأجاب. قلتُ: كَانَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ لَهُ أُبَّهة وجلالة. وله بَزّة حَسنة. وكان يركبُ البَغْلَة ويتجمّل. فأجاب فِي المحنة خوفًا عَلَى نفسه. قَالَ حُبَيْش بْن مبشّر الفقيه: كَانَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ يحج، فآخر حجة حجها ورجع وصل إلى المدينة، أقام بِهَا يومين ثلاثة. ثُمَّ خرج حتى نزل المنزل مَعَ رُفقائه، فباتوا. فرأى فِي النّوم هاتِفًا يهتف بِهِ: يا أَبَا زكريّا أترغبُ عَنْ جواري، مرّتين؟ فلمّا أصبح قال لرفقائه: امضوا ورجع بها فأقام بِهَا ثلاثًا، ثُمَّ مات، فحُمِلَ عَلَى أعواد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وصلّى عَلَيْهِ النّاس، وجعلوا يقولون: هذا الذّابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكذب. قَالَ الخطيب: الصحيح أَنَّهُ مات فِي ذَهابه قبل أن يحج. وقال محمد بْن جرير الطبري: خرج يحيى حاجًا وكان أَكُولًا. فحدثني أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن شاه أَنَّهُ كَانَ فِي الرفقة التي فيها يَحْيَى بْن مَعِينٍ. فلمّا صاروا بفَيْد أُهْدِيَ إلى يَحْيَى بْن مَعِينٍ فالوذج ولَم ينضج، فقلنا: يا أَبَا زكريّا لا تأكله، فإنا نخافه عليك. فلم يعبأ بكلامنا وأكله. فلما استقرّ فِي معدته حتى شكا وجع بطنِه، واستطلق بطنه، إلى أن وصلنا إلى المدينة ولا نهوض بِهِ. وتفاوضنا فِي أمره، ولَم يكن لنا سبيل إلى المقام عَلَيْهِ لأجل الحج. ولَم ندر ما نعمل فِي أمره. فعزم بعضنا عَلَى القيام عَلَيْهِ وترك الحج. وبتنا ليلتنا فلم نصبح حتى مضى ومات، فغسّلناهُ ودفناهُ. وقالَ مُهيب بْن سُليم الْبُخَاريّ: ثنا محمد بْن يوسف الْبُخَاريّ قَالَ: كُنَّا فِي الحج مَعَ يَحْيَى بْن مَعِينٍ، فدخلنا المدينة ليلة الجمعة، ومات من ليلته. فلما

أصبحنا تسامَع الناس بقدوم يحيى وبِموته، فاجتمع العامة، وجاءت بنو هاشم فقالوا: نُخْرج لَهُ الأعواد التي غُسِلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكره العامة ذَلِكَ، وكثُر الكلام. فقالت بنو هاشم: نحنُ أَوْلَى بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- منكم، وهو أهلٌ أن يُغسل عليها. ودُفِنَ يوم الجمعة فِي ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين. قَالَ مهيب بْن سُليم: وفيها وُلْدتُ. قَالَ عبّاس الدوري: مات قبل أن يحجّ، وصلّى عَلَيْهِ والي المدينة. وكلّم الحزامي الوالي، فأخرجوا لَهُ سرير النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فحُمِلَ عَلَيْهِ. وقال أحمد بن خيثمة: مات لسبعٍ بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين. وقد استوفى خمسًا وسبعين سنة ودخل فِي السِّت. ودُفن بالبقيع. وقال حُبَيْش بْن مبشر، وهو ثقة: رأيتُ يَحْيَى بْن مَعِينٍ فِي النَّوم فقلتْ: ما فعلَ اللَّه بك؟ قال: أعطاني وحباني وزوجني ثلاثمائة حوراء، ومهد لي بين البابين. رأيت رواية غريبةً، وهي أنّ أَبَا عَبْد الرَّحْمَن السلمي روى عَنِ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: مات يَحْيَى بْن مَعِينٍ قبل أَبِيهِ بعشرة أشهر. قَالَ ابن خلكان: رأيتُ في الإرشاد للخليلي أن ابن معين مات بسبع بقين من ذي الحجة. قَالَ: فعلى هذا تكون وفاته بعد أن حجّ. قلتُ: بل الصحيح أَنَّهُ فِي ذي القعدة كما مرّ، وما حجّ تِلْكَ السنة. والله أعلم. 496- يحيى بن موسى بن عبد ربه المحدث1 -خ. د. ت. ن. أَبُو زكريّا الحُدّانيّ الْكُوفيّ، ثُمَّ البلْخيّ، ولَقَبُه خت. رَحّال جَوّال. سَمِعَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والوليد بْن مُسْلِم، وَمحمد بْن فُضَيْل، وعبد اللَّه بْن نمير، وعبد الرزاق، وطبقتهم. وأكثر وأطْنَب. وعن: خ. د. ت. ن. وعبد اللَّه الدارمي، وجعفر الفريابي، وأبو الْعَبَّاس السراج، وطائفة. وثّقه أَبُو زُرْعة، وغيره. ومات فِي رمضان سنة تسعٍ وثلاثين. 497- يحيى بْن يحيى بْن كثير بْن وَسْلاس بْن شِملال بْن مَنْعايا2 الْإِمَام أَبُو محمد البربريّ المَصْمُوديّ الليثيّ، مولى بني ليث الأندلسي القرطبي الفقيه. دخل جده

_ 1 انظر التاريخ الكبير للبخاري "8/ 307"، والجرح والتعديل "9/ 188"، والثقات لابن حبان "9/ 267"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1522". 2 انظر وفيات الأعيان "6/ 413"، وسير أعلام النبلاء "10/ 519-525"، والعبر "1/ 419"، والبداية والنهاية "10/ 312".

أَبُو عيسى كثير بْن وسلاس إلى الأندلس، وتولّى بني ليث. ووُلِدَ يحيى بْن يحيى سنة اثنتين وخمسين ومائة، وسمع الموطأ من: زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن شَبْطون. وسمع من: يحيى بْن مُضَر، وغيرُ واحد. ثُمَّ رحل إلى المشرق وهو ابن بضع وعشرين سنة، فِي آخر أيام مالك رَحِمَهُ اللَّه. فسمع من مالك "الموطأ" غير أبواب من الاعتكاف، شك فِي سماعها، فرواها عَنْ زياد، عَنْ مالك. وسمع: الليث بْن سعد، وَسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وابن وهب، وحمل عنه موطأه، وعن ابن القاسم مسائله. وحمل عَنِ ابْن القاسم من رأيه عشرة كُتب، أكثرها سؤاله وسماعه من مالك. ثُمَّ رجع إلى المدينة يسمع ذَلِكَ من مالك، فوجده عليلًا، فأقام بالمدينة إلى أن توفيّ مالك رَحِمَهُ اللَّه، وحضر جنازته. وسمع أيضًا: من القاسم بْن عَبْد اللَّه العُمَريّ، وأنس بْن عياض الليثي، وطائفة. وقيل: إنه سمع من نافع من أَبِي نُعَيْم قارئ المدينة، وما أحسبه أدركه. روى عَنْهُ خلق من علماء الأندلس، وانتفعوا به وبعلمه وبفضله. ونال من الرئاسة والحُرْمة الوافرة ما لم ينله غيره. حمل عَنْهُ: ولده أَبُو مروان عُبَيْد اللَّه، وَمحمد بْن الْعَبَّاس بْن الوليد، وَمحمد بْن وضّاح، وبقيّ بْن مخلد، وصباح بْن عَبْد الرَّحْمَن العتقي، وآخرون. وكان أَحْمَد بْن خَالِد بْن الحباب يَقُولُ: لم يُعْط أحد من أهل العلم بالأندلس من الحظوة وعِظم القدر وجلالة الذكر ما أعطيه يحيى بْن يحيى. ويذكر أن يحيى بْن يحيى كَانَ عَنْد مالك، فخطر الفيل عَلَى باب مالك، فخر كل من كَانَ فِي مجلسه لرؤيته سوى يحيى. فأعجب ذَلِكَ مالكًا، وسأله: من أنتَ وأين بلدك؟ ولَم يزل مُكْرمًا عنده. وعن يحيى بن يحيى قال: أخذت الليث، فأراد غلامه أن يمنعني، فقال الليث: دعه. ثُمّ قَالَ لي: قد خدمك العلم. فلم تزل بي الأيام حتى رأيت ذَلِكَ. وقيل: إن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحكم أمير الأندلس نظر إلى جارية فِي رمضان، فلّم يملك نفسه أن واقعها. فندم وطلب الفقهاء. فحضروا، فسألهم عَنْ توبته، فقال يحيى: صم شهرين متتابعين. فسكتوا. فلمّا خرجوا قَالُوا ليحيى: ما لك لم تُفْته بمذهبنا عَنْ مالك، أنّه يُخَيَّرُ بين العِتْق والصوم والإطعام؟ فقال: لو فتحنا لَهُ هذا الباب لسَهُل عَلَيْهِ أن يطأ كل يوم، ويعتق رقبة. فحملته عَلَى أصعب الأمور لئلا يعود. وقال ابن عَبْد البَرّ: قدم يحيى بْن يحيى إلى الأندلس بعلم كثير، فعادت فُتْيا الأندلس بعد

عيسى بْن دينار عَلَيْهِ، وانتهى السلطان والعامة إلى رَأَيْه. وكان فقيهًا حسن الرأي، لا يرى القُنوت فِي الصبح، ولا فِي سائر الصلوات. ويقول: سمعتُ الليث بْن سعد يَقُولُ: سمعتُ يحيى بْن سَعِيد الْأنْصَارِيّ يَقُولُ: إنّما قنت رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَ أربعين يومًا يدعو عَلَى قوم، ويدعو لآخرين. قَالَ: وكان الليث لا يقنت. قَالَ ابن عَبْد البر: وخَالَفَ يحيى مالكًا فِي اليمين مَعَ الشاهد، ولم يرَ القضاء بِهِ ولا الحكم، وأخذ بقول الليث فِي ذَلِكَ. وكان يرى كِراء الأرض بجزء مما يؤخذ منها على مذهب الليث وقال: هِيَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَر. وقضى بدار أبين إذا لَم يوجد فِي أهل الزوجين حكمان يصلحان لذلك. وقال ابن عَبْد البر أيضًا: كَانَ يحيى بْن يحيى بن إمام أهل بلده، والمقتدى بِهِ منهم، والمنظور إِلَيْهِ، والمعول. وكان ثقة عاقلًا حسن الرأي والسمت، يشبه فِي سمته بسمت مالك. ولم يكن لَهُ بَصرٌ بالحديث. وقال ابن الفَرضيّ: كَانَ يُفْتي برأي مالك، وكان إمام وقته وواحد بلده. وكان رجلًا عاقلًا. قَالَ محمد بْن عُمَرَ بْن لُبابة: فقيه الأندلس عيسى بْن دينار، وعالمها عَبْد الملك بْن حبيب، وعاقلها يحيى بن يحيى. وقال ابن الفرضيّ: وكان يحيى ممن اتهم ببعض الأمر فِي الهَيْج، فهربَ إلى طُلَيْطِلة ثُمَّ استأمن، فكتب لَهُ الأمير الحكم أمانًا وردّه إلى قُرْطبة. وقَالَ عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جَعْفَر: رأيتُ يحيى بْن يحيى نازلًا عَنْ دابته، ماشيًا إلى الجامع يوم جمعة وعليه عمامة ورداء متين، وأنا أحبس دابة أَبِي. وقال أَبُو القاسم بْن بَشْكَوال: كَانَ يحيى بْن يحيى مُجاب الدعوة، قد أخذ فِي نفسه وهيبته ومقعده هيئة مالك رَحِمَهُ اللَّه. قلتُ: وبه ظهر مذهب الْإِمَام مالك بالأندلس. فإنه عرض عَلَيْهِ القضاء فامتنع. فكان أمير الأندلس لا يولّي القضاء بمدائن الأندلس إلا من يشير بِهِ يحيى بْن يحيى، فكثر تلامذة يحيى لذلك، وأقبلوا عَلَى فقه مالك، ونبذوا ما سواه. قَالَ غير واحد: تُوُفِيّ فِي رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين: وقيل: سنة ثلاث. 498- يزداد بْن مُوسَى بْن جميل1. حدّث ببغداد عَنْ: أَبِي جَعْفَر الرازيّ، وإسرائيل بن يونس. وتفرد بالرواية

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "14/ 355".

عَنْهُمَا. وعاش بضعًا وتسعين سنة. روى عَنْهُ: عُمَرَ بْن أيوب السقطي، وعبد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائني، وعبد اللَّه بْن ناجية، وغيرهم. 499- يزيد بْن خَالِد بْن يزيد بْن عَبْد اللَّه بْن مَوْهب1. أَبُو خَالِد الرمليّ الزاهد. شيخ الرملة ومُسْندها. روى عَنْ: الليث بْن سعد، ومفضل بْن فَضَالَةَ، ويحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة، ويحيى بْن حمزة، وعيسى بْن يونس، وبكر بْن مُضَر، وابن وَهْب، وجماعة. وعنه: د. ون. ق. عَنْ رَجُل، عَنْهُ، وأبو حاتِم، وَأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، وجعفر بْن محمد الفريابيّ، وَمحمد بْن الْحَسَن بن قتيبة العسقلاني، والآخرون. وقال أَحْمَد بْن محمد السجزيّ: ما رأيتُ محدِّثًا أخشع لله من يزيد الرمليّ. قلتُ: وقع لي حديثه فِي السماء عُلُوًّا. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْد اللَّه، أَنَا محمد بْن عليّ، والقاضي الأيوبيّ، ومحمد بن أحمد بن الداية، قَالُوا: أَنَا أَبُو جَعْفَر بْن المُسْلِمة، أَنَا أَبُو الفضل الزُّهريّ: ثنا جَعْفَر الفِرْيابيّ، ثنا يزيد بْن خَالِد بْن موهب بالرملة سنة اثنتين وثلاثين، ثنا الليث، عَنْ عُقَيْل، عَنِ ابْن شهاب، أنّ أَبَا إدريس الخولانيّ أخبره، أنّ يزيد بْن عُمَيْرة، وكان من أصحاب مُعَاذ بْن جَبَل، قَالَ: كَانَ مُعَاذ لا يجلسُ مجلسًا إلا قَالَ حين يجلس: اللَّه حكم قسط، تبارك اسمه، هلك المرتابون. وذكر الحديث. قَالَ أَبُو القاسم بْن عساكر: تُوُفِيّ سنة اثنتين، ويُقال: سنة ثلاث وثلاثين؛ ويقال: سنة سبعٍ وثلاثين ومائتين. 500- يزيد بْن عَبْد اللَّه بْن يزيد ين ميمون بن مهران2. أبو محمد اليمامي، نزيل مكة. شيخ معمّر، تفرَّد بالرواية عَنْ عِكْرِمة بْن عمّار. وعنه: ق. ويعقوب الفَسَوي، ومحمد بن عبد الله مطين، وموسى بن هارون، وجماعة. توفي سنة ثلاث أو أربع وثلاثين ومائتين.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 259"، والثقات لابن حبان "9/ 276"، وحلية الأولياء "6/ 168"، وتهذيب الكمال "3/ 1532". 2 انظر الثقات لابن حبان "7/ 620"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1537"، وتهذيب التهذيب للحافظ "11/ 343".

501- يزيد بن مخلد1. أبو خداش الواسطي. عَنْ: هشيم، وبشر بْن ميسر. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن يوسف الهِسِنْجَانيّ، وعليّ بْن الْحُسَيْن بْن الجنيد. 502- يعقوب بْن عيسى بْن ماهان الْمَرْوَزِيّ2. ثُمَّ البغداديّ، المؤدِّب. حدّث عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن سعد. وعنه: أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله بْن أَحْمَد، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ. 503- يعقوب بْن القاسم3. أَبُو يوسف الطّلْحيّ التَّيْميّ. عَنْ: الدَّرَاوَرْدِيّ، وابن المبارك، وابن عيينة، وجماعة. وعنه: الحارث بن أبي أسامة، وعبد الله بن أبي سعد الوراق. وهو ثقة. 504- يعقوب بن كعب الأنطاكي الحلبي4 -د. أَبُو حامد وأبو يوسف. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب، وبقية بْن الوليد، وعيسى بْن يونس، والوليد بْن مُسْلِم، وَمحمد بْن سَلَمَةَ الحرّانيّ، وأبي معاوية الضرير، وخلق كثير. وعنه: د. وَأَحْمَد بْن سَيّار الْمَرْوَزِيّ، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو بكر بن أبي عاصم، وآخرون. قَالَ أبو حاتم: ثقة. وقال أَحْمَد العجليّ: ثقة، رجلٌ صالِح صاحب سنة. 505- يوسف بن عدي5 -خ. ن. أبو يعقوب الكوفي، مولى تَيْم اللَّه. أخو زكريّا بْن عديّ. حدّث عَنْ: مالك بْن أنس، وشَرِيك، وعُبَيد الله بن عمرو الرقي، وجماعة.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 291". 2 انظر تاريخ بغداد "14/ 271". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 213"، وأخبار القضاة "1/ 190"، والثقات لابن حبان "9/ 283"، وتاريخ بغداد "14/ 272". 4 انظر الجرح والتعديل "9/ 213، 214"، والثقات لابن حبان "9/ 284"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1553". 5 انظر الجرح والتعديل "9/ 227"، والثقات لابن حبان "9/ 280"، وتهذيب الكمال للمزي "10/ 484-487".

وعنه: خ، ون، عَنْ رَجُل، عَنْهُ، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتِم، ويعقوب الْفَسَوَِيُّ، وَمحمد بْن إِبْرَاهِيم البُوسنْجيّ، والحسن بْن الفرج الغزّيّ، وَمحمد بْن وضّاح، وطائفة من المصريين، وغيرهم. قَالَ أبو زُرْعة: ثقة. ذهب إلى مصر للتجارة فسكنها. وقال غيره: تُوُفِيّ فِي ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وأضرّ قبل موته بيسير. 506- يوسف بْن عَمْرو بْن يسار1. الْإِمَام أَبُو يعقوب الْمَدَنِيّ ثُمَّ الْمَصْرِيّ، المقرئ المعروف بالأزرق. لَزِمَ وَرْشًا مدة طويلة وأتقن عَلَيْهِ القراءة، وتصدر للإقراء. وانفرد عن روش بتغليظ اللامات وترقيق الراءات، وغير ذَلِكَ. قرأ عَلَيْهِ خلق منهم: أَبُو الْحَسَن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه النحّاس، وقَوَّاس المقرئ، وأبو بَكْر عَبْد اللَّه بْن مالك بْن سيف. قَالَ أَبُو عديّ عَبْد العزيز: سمعتُ أَبَا بَكْر بْن سيف يَقُولُ: سمعتُ أَبَا يعقوب الأزرق يَقُولُ: إن وَرْشًا لمّا تعمّق فِي النحو اتخذ لنفسه مقرأ يُسمّى مقرأ وَرْش. فلما جئت لأقرأ عَلَيْهِ قلت لَهُ: يا أَبَا سَعِيد إني أحب أن تُقرئني مقرأ نافع خالصًا، وتَدَعني مما استحسنت لنفسك. قَالَ: فقلدته مقرأ نافع. وكنتُ نازلًا مَعَ ورش فِي الدار، فقرأتُ عَلَيْهِ عشرين ختمة بين حَدْر وتحقيق. فأمّا التحقيق، فكنتُ أقرأ عَلَيْهِ فِي الدار التي كُنَّا نسكنها فِي بيت عَبْد اللَّه. وأمّا الحَدْر، فكنت أقرأ عَلَيْهِ إذا رابطت معه بالإسكندرية. قَالَ أَبُو الفضل الخُزَاعيّ: أدركتُ أهل مصر والمغرب عَلَى رواية أبي يعقوب الأزرق عَنْ وَرْش لا يعرفون غيرها. 507- يوسف بْن يحيى2. الْإِمَام أَبُو يعقوب الْمَصْرِيّ البُوَيْطيّ الفقيه، صاحب الشافعيّ. روى عَنْ: ابن وَهْب، والشافعي، وغيرهما. وعنه: الربيع المراديّ رفيقه، وإبراهيم الحربيّ، وَمحمد بْن إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ، وأبو حاتِم وقال: صدوق، وَأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن فيل، والقاسم بْن هاشم السِّمْسَار، وآخرون. كان صالحا عابدا متهجدا، دائم الذكر

_ 1 انظر معرفة القراء الكبار "1/ 181"، وحسن المحاضرة "1/ 486". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 235"، والكامل في التاريخ "7/ 26"، وسير أعلام النبلاء "12/ 58-63".

والتشاغل بالعلم. بلغنا أن الشافعي قَالَ: لَيْسَ فِي أصحابي أعلمُ من البويطي. قَالَ إمام الأئمة ابن خُزَيْمة: كَانَ ابن عَبْد الحكم أعلم من رأيت بِمذهب مالك، فوقعت بينه وبين البويطي وحشة عِنْدَ موت الشافعي، فحدثني أَبُو جَعْفَر السُّكري قَالَ: تَنَازعَ ابن عَبْد الحكم والبويطي مجلس الشّافعيّ، فقال البُوَيْطيّ: أَنَا أحقُّ بِهِ منك. وقال الآخر كذلك. فجاء الحميدي، وكان تِلْكَ الأيام بِمصر، فقال: قَالَ الشّافعيّ: لَيْسَ أحدٌ أحقّ بمجلسي من يوسف، وليس أحد من أصحابي أعلمُ منه. فقال لَهُ ابن عَبْد الحكم: كذبتَ. قَالَ: كذبت أنت وأبوك وأُمُّك. وغضب ابنُ عَبْد الحكم، وجلس البويطي فِي مجلس الشافعيّ، وجلس ابن الحكم فِي الطاق الثالث. قَالَ زكريّا بْن أَحْمَد البلخي: نا أَبُو جَعْفَر محمد بْن أَحْمَد التِّرْمِذِيّ: ثنا الربيع بْن سُلَيْمَان قَالَ: كَانَ البويطي حين مرض الشافعيّ بمصر هُوَ وابن عَبْد الحكم، والمزني، فاختلفوا فِي الحلقة أيُّهم يقعدُ فيها؟ فبلغ الشافعيّ فقال: الحلقة للبويطي فلهذا اعتزل ابن عبد الحكم وأصحابه. وكانت أعظمُ حلقة فِي المسجد، والناس إِلَيْهِ فِي الفُتْيَا والسُّلطان إِلَيْهِ. فكان أَبُو يعقوب البويطي يصوم ويقرأ القرآن، ولا يكاد يمر يوم وليلة إلا وختم. مَعَ صنائع المعروف إلى النّاس. قَالَ: فسَعَى بِهِ، وكان أَبُو بَكْر الأصمّ من سَعى بِهِ، لَيْسَ هُوَ بابن كَيْسَان الأصمّ. وكان أصحاب ابن أَبِي دُؤاد وابن الشافعيّ ممن سعى بِهِ، حتى كتب فِيهِ ابن أَبِي دُؤاد إلى والي مِصْرَ، فامتحنه، فلم يُجِب. وكان الوالي حَسَن الرأي فِيهِ. فقال: قل فيما بيني وبينك. قال: إنه يفتدى بي مائة ألف، ولا يدرون المعنى. قَالَ: وكان قد أُمر أن يُحمل إلى بغداد فِي أربعين رطل حديد. قَالَ الربيع: وكان المزنيّ ممن سَعَى بِهِ، وحَرْمَلة. قَالَ أَبُو جَعْفَر التِّرْمِذِيّ: فحدثني الثقة عَنِ البويطي أَنَّهُ قال: بريء الناسُ من دمي إلا ثلاثة: حَرْمَلَةُ، والمزني، وآخر. وقال الربيع: كَانَ البويطي أبدًا يحرك شفتيه بذكر اللَّه. ما أبصرتُ أحدًا أنْزَعَ لِحُجَّةٍ من كتاب اللَّه من البويطيّ. ولقد رَأَيْته عَلَى بَغْلٍ فِي عُنقه غِلّ، وفي رجليه قَيْد. وبين الغل والقيد سلسلة حديد، وهو يَقُولُ: إنّما خَلَق اللَّه الخلق بِكُنَّ. فإذا كانت مخلوقة، فكأن مخلوقًا خُلِقَ بِمخلوق. ولئن أدخلت عَلَيْهِ لأصدِّقَنه، يعني الواثق، ولأموتَنّ فِي حديدي هذا، حتى يأتي قومٌ يعلمون أَنَّهُ قد مات فِي هذا الشأن قومٌ فِي حديدهم. وقال الربيع أيضًا: كتب إلى

البويطي أن اصبر نفسك للغرباء، وحسّن خُلُقَك لأهل حلقتك، فإني لَم أزل أسمع الشافعيّ رَحِمَهُ اللَّه يُكثر أن يتمثل بِهذا البيت: أهين لَهُمْ نفسي لكي يكرمونَها ... ولن تُكرم النفس التي لا تهينها قلت: ولَمّا تُوُفِيّ الشافعيّ جلس فِي حلقته بعده أَبُو يعقوب البُوَيْطيّ، ثُمَّ إنه حُمِلَ فِي أيّام المحنة إلى العراق مقيدًا، فسُجِنَ إلى أن مات فِي سنة إحدى وثلاثين ومائتين فِي رجب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ أَبُو عمرو المستملي: حضرنا مجلس محمد بْن يحيى الذُّهلي، فقرأ علينا كتاب البُوَيْطيّ إِلَيْهِ، وإذا فِيهِ: والذي أسألُكَ أن تعرض حالي عَلَى إخواننا أهل الحديث، لعل اللَّه يخلصني بدعائهم، فإني والحديد، وقد عجزت عَنْ أداء الفرائض الطهارة والصلاة. فضجّ الناس بالبكاء والدُّعَاء لَهُ. ومن محاسن البويطي، قال أبو بكر الأثرم: كنا في مجلس البويطي، فقرأ علينا الشافعيّ أن التيمُّم ضربتان. فقلتُ لَهُ: حديث عمّار، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ التيُّمم ضربة واحدة1. فحكّ من كتابه ضربتان، وصيّره ضربة على حديث عمّار. ثُمَّ قَالَ: قَالَ الشافعيّ: إذا رأيتم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ألبست فاضربوا عَلَى قولي: وخذوا بالحديث فإنّه قولي. قَالَ ابن الصلاح: روى هذا الحافظ أَبُو بَكْر بْن مَرْدَوَيْه، القول الَّذِي حكى عَنِ القديم أن التَّيُّمم للوجه والكف فحسْب. 508- يوسف بْن يعقوب الْكُوفيّ الصّفار2 -خ. م. عَنْ: عَبْد الله بن إدريس، وأبي بكر بن عياش، وجماعة. وعنه: خ. م. وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، والحسن بْن سُفْيَان، وَمحمد بْن عَبْد اللَّه الحضرمي مُطَيّن، وجماعة. وثّقه أَبُو حاتِم. تُوُفِيّ سنة إحدى وثلاثين ومائتين. 509- يونس عبد الرحيم العسقلاني3.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 347"، ومسلم "الحيض/ 110". 2 انظر الجرح والتعديل "9/ 234"، والثقات لابن حبان "9/ 281"، وتهذيب الكمال للمزي "3/ 1665". 3 انظر الجرح والتعديل "9/ 241"، وميزان الاعتدال للمصنف "4/ 482"، ولسان الميزان للحافظ "6/ 332".

سَمِعَ: ابن وهب، وضمرة بْن ربيعة. وعنه: حنبل، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدُّنْيَا، ويعقوب الفسوي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل. قَالَ أبو حاتم: لَيْسَ بالقويّ. "الكِنى": 510- أَبُو بَكْر بْن مروان بْن الحَكَم الأَسيْديّ البصْريّ1. تُوُفِيّ سنة أربع وثلاثين. حدَّث عَنْ: جُوَيْرية بْن أسماء، وحمّاد بْن زيد. وعنه: عُمَرَ بْن شَبَّة، والْمَعْمَريّ. قَالَ أبو حاتم: كتبتُ عنهُ وليس بِهِ بأس. 511- أَبُو عُبَيْدَة بْن الفضل بْن عِيَاض المكيّ. قَدِمَ مصر فِي وكالة توكّلَها، فحدّث عَنْ والده رَحِمَهُ اللَّه، ثُمَّ رجع إلى مكة وبها تُوُفِيّ سنة ست وثلاثين فِي صفر، قاله ابن يونس. 512- أَبُو يوسف الغسُّولي الزّاهد2. نزيل ثغر طَرَسُوس. رأى إِبْرَاهِيم بْن أدهم. وطال عُمره، ولقي كبار الصالحين. وتوفي سنة أربعين ومائتين بطَرْسُوس. 513- ماني المُوَسْوس3. هُوَ أَبُو الْحَسَن محمد بْن القاسم الْمَصْرِيّ، الأديب الشاعر، نزيل بغداد. لَهُ نظمٌ بديع، وكان يسكن مزاجه فِي بعض الأوقات. كان في دولة المتوكل. قَالَ ابن المرزُبان: أنشدتُ لِماني: سلي عائداتي كيفَ أَبْصَرْنَ حالتي ... فإن قلت قد حابَيْنَني فاسْألي النّاسا فإنْ لَم يقولوا مات وهو مَيِّتٌ ... فزيدي إذًا قلبي جُنونًا ووِسْواسا وقال أَبُو هفّان الشاعر: أنشدني أَبُو الْحَسَن ماني لنفسه: ما ساءني إعراضها ... عنّي ولكنْ سرَّني سألتناها عِوَضٌ ... من كلّ وجهٍ حسن

_ 1 انظر الجرح والتعديل "9/ 345"، والثقات لابن حبان "9/ 293". 2 انظر الزهد الكبير للبيهقي "80"، وصفة الصفوة لابن الجوزي "4/ 277". 3 انظر تاريخ بغداد "3/ 169"، والأغاني للأصبهاني "23/ 181-187".

وأنشد المبرد لماني: هيف الحضور قَواصدُ النَّبْلِ ... قَتَّلْنَنا بالأَعْين النُّجْلِ كحّل الجمالُ جُفونَ أعْيُنها ... فغَنين عَنْ كَحَلٍ بلا كُحْلِ وكَأنَّهُنَّ إذا أردنَ خُطًا ... يَقْلَعْنَ أرْجُلّهنَّ مِن وَحْلِ وقال أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه: أنشدني ماني الموسوس قَالَ: أنشدنا العُدَيّا الحنفيّ لنفسه: ما أنصفتك الْجُفُونَ لم تَكِفِ ... وقد رأينَ الحبيبَ لم يقفِ فابكِ ديارًا دبّ الزمانُ لَها ... فباعَ فيها الْجَفَاء باللُّطْفِ ثُمَّ استعارت مسامعًا كسُدَ اللـ ... ـوم عليها من عاشق كلف كأنها إذْ تقنّعت بِبِلًى ... شَمْطَاء ما تستقلُّ من خَرَفِ 514- أَحْمَد بْن يحيى بْن عَبْد العزيز أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الأشعري نَسَبًا1. ويُعرف بأبي عَبْد الرَّحْمَن الشافعيّ. واشتهر بالكنية والنسبة لكونه تفقّه بالشافعي، وغَلَبَ عَلَيْهِ الجدل والمناظرة والكلام. وأخذ عَنْهُ: داود بْن عليّ الإصبهانيّ عِلْم الاختلاف. قاله أَبُو عُبَيْد بْن حربويه. وقال الخطيب: حدّث عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، والشافعيّ. روى عَنْهُ: محمد بْن إِبْرَاهِيم القوهستاني، ومطين. ثم ساق الخطيب له حديثًا. قال الدراقطني: كَانَ من كبار أصحاب الشافعيّ، ثُمَّ صار من أصحاب ابن أَبِي دؤاد، واتَّبعهُ عَلَى رأيه. 515- ابن كلاب2. هو أبو محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن كُلّاب المتكلم الْبَصْرِيّ. كَانَ يرُدُّ عَلَى المعتزلة وربَما وافقهم. ذكر أَبُو طاهر الذُّهلي أن الْإِمَام داود بْن علي الإصبهاني أخذ الكلام والْجَدَل عَنْ عَبْد اللَّه بْن كُلّاب. وفي ترجمة الحارث بْن أسد المحاسبي للخطيب أَنَّهُ تخرج بأبي محمد عَبْد اللَّه بْن سَعِيد القطّان الملقب، فيما حكاه هو،

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 200"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "10/ 555". 2 انظر طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "2/ 299، 300"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "11/ 174-176"، ولسان الميزان للحافظ "3/ 290، 291".

كُلابًا. وأصحابه كُلابية. لأنه كَانَ يجر الخصوم إلى نفسه بفضل بيانه، كأنه كُلاب. قَالَ شيخنا ابن تَيْمية: كَانَ لَهُ فضل وعِلْم ودين، وكان ممن انتُدِبَ للردّ عَلَى الجهْميّة. ومن قَالَ عَنْهُ إنه ابتدعَ ما ابتدعه ليظهر دين النصارى على المسلمين كما يذكر طائفة، ويذكرون أَنَّهُ أرضى أخته بذلك، فهذا كذب عَلَيْهِ، افتراهُ عَلَيْهِ المعتزلة والجهمية الذين رد عليهم. فإنّهم يزعمون أن من أثبت فقد قَالَ بقول النَّصَارى. قَالَ شيخنا: وهو أقربُ إلى السنة من خصومه بكثير، فلمّا أظهروا القول بخلْق القرآن، وقال أئمة السنة بل هُوَ كلامُ اللَّه غير مخلوق، فأحدث ابن كُلاب القول بأنه كلامٌ قائمٌ بذات الربّ، بلا قدرة ولا مشيئة. فهذا لَم يكن يتصوّره عاقل، ولا خطرَ ببال الجمهور، حتى أحدث القول بِهِ ابن كُلاب. وقد صنّف كُتُبًا كثيرة فِي التوحيد والصفات، وبيّن فيها أدلة عقلية عَلَى فساد قول الجهمية. وبيّن أن علو اللَّه تعالى عَلَى عرشه ومباينته لخلقه معلومٌ بالفِطرة والأدلة العقلية، كما دلّ عَلَى ذَلِكَ الكتاب والسنة. وكذلك ذكرها الحارث المحاسبي فِي كتاب "فَهْم القرآن". 516- أَبُو دِعَامة القَيْسيّ1: إخباريّ مشهور اسمه عَلِيّ بْن بُرَيْد، تصغير بَرْد. روى عَنْ: أبي نواس، وأبي العتاهية، وغيرهما. ولم يرو غير الحكايات والأدب. روى عنه: أحمد بن أبي طاهر، ويزيد بن محمد المهلبي، وعون بن محمد الكندي، وغيرهم. ذكره ابن ماكولا في بريد. والله سبحانه وتعالى أعلم.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "8/ 73"، وتاريخ بغداد "11/ 353"، والإكمال لابن ماكولا "1/ 229".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع الطبقة الرابعة والعشرون "سنة إحدى وثلاثين ومائتين" 3 المتوفون هذه السنة 3 الواثق يأمر بامتحان خلق القرآن 3 رفع المتوكل للمحنة 3 خبر الفداء بين المسلمين والروم 4 دخول المجوس إشبيلية "سنة اثنتين وثلاثين ومائتين" 4 المتوفون هذه السنة 4 الحرب بين بُغا الكبير وبني نُمير 4 خبر العطش بالحجاز 5 الزلازل بالشام "سنة ثلاث وثلاثين ومائتين" 5 المتوفون هذه السنة 5 الزلزلة بدمشق 6 إصابة ابن أبي دؤاد بالفالج "سنة أربع وثلاثين ومائتين" 6 المتوفون هذه السنة 6 خبر هبوب الريح بالعراق 6 الحج هذا الموسم 6 إظهار المتوكل للسنة 7 خروج البُعيث عن الطاعة "سنة خمس وثلاثين ومائتين" 7 المتوفون هذه السنة

7 إلزام النصارى بلباس العسلي "سنة ست وثلاثين ومائتين" 8 المتوفون هذه السنة 8 إرسال المتوكل القضاة لأخذ البيعة لأولاده 8 حوادث دمشق 9 هدم قبر الحسين 9 غزوة علي بن يحيى الصائفة 9 الحج هذا الموسم "سنة سبع وثلاثين ومائتين" 9 المتوفون هذه السنة 10 ذكر وثوب أهل أرمينية بعاملهم يوسف بْن محمد 10 المتوكّل يأمر بِحلق لحية قاضي القضاة بِمصر 10 ولاية الحارث بن مسكين القضاء 11 قدوم ابن طاهر على المتوكل 11 مصادرة المتوكل لابن أبي دؤاد 11 ولاية ابن أكثم القضاء 11 إطلاق المتوكل للمساجين 11 ظهور النار بعسقلان 11 بناء قصر العروس بسامراء 12 طلب المتوكل لأحمد بن حنبل "ومن سنة ثمان وثلاثين ومائتين" 12 المتوفون هذه السنة 12 حصار بُغا تفليس 12 غزوة الروم دمياط بالمراكب "سنة تسع وثلاثين ومائتين" 13 المتوفون هذه السنة 13 نفي المتوكل لابن الجهم 13 غزوة علي بن يحيى بلاد الروم

13 عزل ابن أكثم عن القضاء "سنة أربعين ومائتين" 13 المتوفون هذه السنة 13 وثوب أهل حمص علي أبي المغيث 13 الصيحة في خلاط 13 وقوع البرد بالعراق 13 وقوع خسف بالمغرب

"رجال هَذِهِ الطبقة على المعجم": "حرف الألف" 14 1- أحمد بن إبراهيم بن خالد 15 - أحمد بن أبي أحمد الجرجرائي 15 2- أحمد بن أسد بن عاصم 15 3- أحمد بن أيوب بن راشد 15 4- أحمد بن بحر العسكري 15 5- أحمد بن جعفر بن ميسرة 16 6- أحمد بن جواس 16 - أحمد بن جواس الأستوائي 16 7- أحمد بن حاتم النحوي 16 8- أحمد بن حاتم البغدادي 16 9- أحمد بْن حاجّ بْن قاسم بْن قُطبة 16 10- أحمد بن حرب بن فيروز 18 11- أحمد بن حماد الذهلي 18 12- أحمد بن حماد الواسطي 18 13- أحمد بن خضرويه البلخي 19 14- أحمد بن أبي دؤاد بن حريز 23 15- أحمد بن أبي رجاء الهروي 23 - أحمد بن سريج 23 16- أحمد بن سنان القشيري 24 17- أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب مسلم 24 18- أحمد بن عبد الله بن قيس الأسلمي 24 19- أحمد بن عبد الصمد بن علي الزرقي 24 20- أحمد بن عمار بن شادي الوزير 25 21- أحمد بن عمران بن عيسى المري 25 22- أحمد بْن عمر بْن حفص بْن جَهْم بن واقد 26 23- أحمد بن محمد بن موسى السمسار

26 24- أحمد بن معاوية الباهلي 26 25- أحمد بن المعذل بن غيلان 28 26- أحمد بْن نصر بْن مالك بْن الهيثم 30 27- أحمد بن أبي نافع المزي الموصلي 31 28- أحمد بن أبي أحمد الجرجاني 31 29- إبراهيم بن أيوب الحوراني الزاهد 31 30- إبراهيم بن بشار الخراساني 32 31- إبراهيم بن الحجاج بن زيد السامي 32 32- إبراهيم بن الحجاج النيلي 32 33- إبراهيم بن الحسن بن نجيح الباهلي 33 34- إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان 34 35- إبراهيم بن دينار التمار 34 36- إبراهيم بن العلاء بن الضحاك 34 37- إبراهيم بن محمد بن سليمان الشامي 35 38- إبراهيم بْن محمد بْن العبّاس بْن عثمان 35 39- إبراهيم بن محمد بن خازم الضرير 35 40- إبراهيم بن محمد البختري 35 41- إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن البرند 36 42- إبراهيم بن مخلد الطالقاني 36 43- إبراهيم بن المنذر بن عبد الله الحزامي 37 44- إبراهيم بن موسى الوردولي 37 45- إبراهيم بن مهران المروزي 37 46- إبراهيم بن أبي الليث نصر 39 47- إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني 40 48- إبراهيم بْن يوسف بْن ميمون بْن قُدامة 40 49- إدريس بْن سليمان بْن يحيى بْن أبي حفصة 41 50- أزداد بن جميل بن السبال 41 51- إسحاق بن إبراهيم بن مخلد

46 52- إسحاق بْن إبراهيم بْن العلاء بْن الضّحّاك 47 53- إسحاق بْن إبراهيم بْن مُصْعَب الخُزاعي الأمير 48 54- إسحاق بن إبراهيم بن ميمون النديم 50 55- إسحاق بن إبراهيم الهروي 50 56- إسحاق بْن إبراهيم بْن أبي كامل الحنفيّ 51 57- إسحاق بن إبراهيم بن صالح العقيلي 51 58- إسحاق بن سعيد بن إبراهيم الجُمحي 51 59- إسحاق بْن يحيى بْن مُعاذ بْن مُسلم الختلي 51 60- إسماعيل بن إبراهيم بن بسام 52 61- إسماعيل بن إبراهيم بن معمر القطيعي 52 62- إسماعيل بن إبراهيم بن هود 53 63- إسماعيل بن سالم الصائغ 53 64- إسماعيل بن سيف البصري 53 65- إسماعيل بْن عُبيد بْن عمر بْن أبي كريمة 53 66- إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الطلحي 54 67- إسماعيل بن محمد بن جبلة 54 68- إسماعيل بن أبي الحكم بن محمد الثقفي 54 69- أمية بن بسطام بن المنتشر 54 70- إيتاخ التركي العباسي الأمير 55 71- أيوب بن يونس الصفار "حرف الباء" 55 72- بَجيْر بْن النّضْر بْن سعد البخاري 55 73- بسام بن يزيد النقال الكيال 55 74- بِشْر بْن الحَكَم بْن حبيب بْن مِهْران 56 75- بشر بن عُبيس بن مرحوم 56 76- بشر بن عمار القهستاني 56 77- بشر بن الوليد بن خالد الكندي 57 78- بكار بن الحسن بن عثمان العنبري

57 79- بكر بن خلف البصري 57 80- بكر بن سعيد بن عبد الله الخولاني 57 81- بُهلول بن صالح بن عمر بن عبيدة "حرف الثاء" 58 82- ثور بن عمرو القيسراني "حرف الجيم" 58 83- جعفر بن حميد الكوفي 58 84- جعفر بن حرب الهمداني 58 85- جعفر بن مبشر المعتزلي 58 86- جعفر بن مهران السباك 59 87- جمعة بن عبد الله بن زياد البلخي 59 88- جميل بن عزيز التيمي الموصلي الزاهد "حرف الحاء" 59 89- حاتم الأصم البلخي 60 90- الحارث بن أفلح 60 91- الحارث بن أفلح 60 92- الحارث بن سريج 61 93- الحارث بْن عبد اللَّه بْن إسماعيل بْن عقيل 61 94- حامد بن عمر بن حفص بن عبيد الله البكراوي 61 95- حبان بن موسى بن سوار الكشميهني 62 - حبان بن موسى الكلابي الدمشقي 62 96- حبيب بْن أوس بْن الحارث بْن قيس 64 97- الحُتات بن يحيى اللخمي المصري 64 98- الحسن بن حماد الضبي 65 - الحسن بن حماد الحضرمي سجادة 65 99- الحسن بن سهل الوزير 66 100- الحسن بن علي بن راشد الواسطي 66 101- الحسن بن عمر بن شقيق

66 102- الحسن بن عيسى بن ماسرجس 68 103- الحسن بن هارون بن عقار 68 104- الحسن بن يوسف بن أبي المنتاب 68 105- الحسن بن أبي الحسن يزيد المؤذن 68 106- الحسين بن الحسن الشيلماني 69 107- الحسين بن حبان 69 108- الحسين بن الضحاك القُرشي 69 109- الحسين بن عبيد الله العجلي 69 110- الحسين بن الفرج 70 111- الحسين بن محمد بن السعدي 70 112- الحسين بن المتوكل العسقلاني 70 113- الحسين بن منصور بن جعفر 71 114- حفص بن عبد الله الحلواني 71 115- حفص بن النضر التميمي 71 116- الحكم بن موسى القنطري 72 117- حكيم بن سيف الرقي 72 118- حمزة بن سعيد المروزي 72 119- حوثرة بن أشرس 73 120- حيان بن بشر القاضي "حرف الخاء" 73 121- خالد بْن عابد بْن يحيى الزوفي 73 122- خالد بن مرداس السراج 73 123- خديحة بنت محمد 74 124- خلف بن سالم السندي 74 125- خلف بن قُديد الأزدي 74 126- خليفة بن خياط بن خليفة "حرف الدال" 75 127- داهر بن نوح الأهوازي

75 128- داود بن أمية الأزدي 75 129- داود بن حماد البلخي 76 130- داود بن رُشيد 76 131- داود بن صغير البخاري 77 132- داود بن مِخراق الفريابي 77 133- داود بن مصحح العسقلاني 77 134- داود بن مُعاذ العتكي 77 135- دينار "حرف الراء" 78 136- الربيع بن ثعلب المروزي 78 137- رفاعة بن الهيثم الواسطي 78 138- روح بن صلاح بن سيابة 79 139- روح بن عبد الجبار بن نضر 79 140- روح بن عبد المؤمن 79 141- روح بن قرة المقرئ 79 142- رويم بن يزيد المقرئ 80 143- رياح بن الفرج الدمشقي "حرف الزاي" 80 144- زكريّا بْن يحيى الواسطيّ الأحمر 80 145- زكريا بن يحيى بن صُبيح اليشكري 80 146- زهير بن حرب بن شداد 81 147- زهير بن عُباد الرؤاسي 81 148- زيد بن يزيد الثقفي "حرف السين" 81 149- سالم بن حامد الأمير 82 - سحنون 82 150- سريج بن يونس بن إبراهيم 82 151- سعيد بن ذؤيب

83 152- سعيد بن سليمان التميمي 83 153- سعيد بن إدريس الواسطي 83 154- سعيد بن حسان القرطبي 83 155- سعيد بْن حفص بْن عَمْرو بْن نُفَيل 84 156- سعيد بن عبد الجبار الكرابيسي 84 157- سعيد بن عبد الجبار بن وائل 84 158- سعيد بن عبد الجبار الزبيدي 84 159- سعيد بن عبد الجبار 84 160- سعيد بن نصير الواسطي 84 - سعيد بن نُصير نزيل الرقة 85 161- سعيد بن النضر البغدادي 85 162- سفيان بن بشر الكوفي 85 163- سلمة بن عاصم النحوي 85 164- سلمة بن حفص السعدي 85 165- سليمان بن أحمد بن محمد الجرشي 86 166- سليمان بن أيوب البصري 86 167- سليمان بن داود بن بشر الشاذكوني 88 168- سليمان بن داود الأزدي العتكي 89 169- سليمان بْن داود بْن محمد بْن شُعْبة 89 170- سليمان بن داود بن رشيد 89 171- سليمان بن داود المباركي 89 172- سليمان بن سلم المصاحفي 90 173- سليمان بن عبد الله بن علي العباسي 90 174- سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى 91 175- سليمان بن منصور البلخي الذهبي 91 176- سُليم بن منصور بن عمار 91 177- سهل بن بشير بن القاسم 91 178- سهل بن زنجلة

92 179- سهل بن عثمان العسكري 92 180- سويد بن سعيد الحدثاني 94 181- سويد بن نصر المروزي "حرف الشين" 94 182- شجاع بن مخلد 95 183- شعيب بن يوسف النسائي 95 184- شيبان بن أبي شيبة فروخ "حرف الصاد" 96 185- صالح بْن حاتم بْن وردان 96 186- صالح بن سهل النخعي 96 187- صالح بن عبد الله بن ذكوان 96 188- صالح بن محمد الترمذي 97 189- صالح بن مالك الخوارزمي 97 190- صفوان بن صالح بن صفوان 98 191- صقر بن عبد الرحمن الكوفي 98 192- الصلت بن مسعود "حرف الطاء" 98 193- طالوت بن عباد الصيرفي 99 194- طاهر بْن أبي أحمد محمد بْن عبد الله 99 195- الطيب بن إسماعيل "حرف العين" 99 196- عاصم بْن عمر بْن عليّ بن مقدم 100 197- عاصم بن النضر 100 198- عبادة بن زياد الأسدي 100 199- عباس بن الحسين القنطري 101 200- العباس بن عبد الله البغدادي 101 201- العباس بن عبد الرحمن القُرشي 101 202- عباس بن عثمان بن محمد البجلي

101 203- العباس بن غالب البغدادي 102 204- العباس بن الوليد بن نصر 102 205- عبد الله بن براد بن يوسف 102 206- عبد الله بن بكار 103 207- عبد الله بن الجراح بن سعيد 103 208- عبد الله بن جعفر بن يحيى البرمكي 103 209- عبد الله بن حرب الليثي 104 210- عبد الله بن خُليد 104 211- عبد الله بن سالم المفلوج 104 212- عبد الله بن سعد بن إبراهيم الزهري 104 213- عبد الله بن سلام الشاشي 105 214- عبد الله بن سليمان البعلبكي 105 215- عبد الله بن عامر بن زرارة 105 216- عبد الله بن عبد الجبار الخبائري 106 217- عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن عَبْد الرَّحْمَن الخطابي 106 218- عبد الله بن عمر بن الرماح 107 219- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ مَشْكِدَانَةَ 107 220- عبد الله بن عمرو الرومي اليمامي 107 221- عَبْد اللَّه بْن عِمْرَان بْن أَبِي عليّ الأسدي 108 222- عبد الله بن عون الهلالي 108 223- عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي 109 224- عبد الله بن محمد بن إسحاق الفهمي 109 225- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نفيل 110 226- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي شَيْبَة 111 227- عبد الله بن محمد بن هاني النحوي 111 228- عبد الله بن محمد الكناني 112 229- عبد الله بن مروان بن معاوية الفزاري 112 230- عبد الله بن مسلم بن رُشيد

112 231- عبد الله بن مطيع بن راشد 112 232- عبد الله بن موسى بن شيبة 113 233- عبد الله بن يزيد بن راشد 113 234- عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن عليّ المقدمي 113 235- عبد الأعلى بن حماد بن حماد 114 236- عبد الجبار بن عاصم النسائي 114 237- عَبْد الْحَكَم بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحكم 115 238- عبد الرحمن بن إسحاق الضبي 115 239- عبد الرحمن بن الحكم بن هشام 116 240- عبد الرحمن بن سلام بن عبيد الله 116 241- عبد الرحمن بن صالح الأزدي العتكي 117 242- عبد الرحمن بن عفان الصوفي 117 243- عبد الرحمن بن عمرو البجلي الحرّانيّ 117 244- عبد الرحمن بن أبي الغمر عمر 118 245- عبد الرحمن بن نافع 118 246- عبد الرحيم بن عبد العزيز الزُريقي 118 247- عبد الرحيم بن مطرف بن أنيس 118 248- عبد السلام بن رغبان، ديك الجن 120 249- عبد السلام بن سعيد بن حبيب 121 250- عبد السلام بن صالح بن سليمان 123 251- عبد السلام بن عاصم الهسنجاني 123 252- عبد السلام بن محمد الحضرمي 123 253- عبد الصمد بن أبي خداش 123 254- عبد الصمد بن الفقيه عبد الرحمن المصري 123 255- عبد الصمد بن المعذل العبدي 124 256- عبد الصمد بن يزيد الصائغ 124 257- عبد العزيز بن بحر المروزي 124 258- عبد العزيز بن عمران الخزاعي

125 259- عبد العزيز بن يحيى بن يوسف البكائي 125 260- عبد العزيز بن يحيى بن سليمان الهاشمي 125 261- عبد العزيز بن يحيى بن مسلم الكناني 126 262- عبد الملك بن حبيب بن سليمان السُلمي 129 263- عبد الملك بن حبيب المصيصي 129 264- عبد الملك بن الحسن بن محمد الأندلسي 129 265- عبد الملك بن زونان 129 266- عبد الواحد بن غياث 130 267- عبد الوارث بن عبيد الله العتكي 130 268- عبد الوهاب بن نجدة 130 269- عبيد الله بن عمر بن يزيد الزهري 130 270- عبيد الله بن عمر بن ميسرة 131 271- عُبيد الله بن فضالة بن إبراهيم 131 272- عبيد الله بن معاذ بن معاذ 132 273- عبيد بن الصباح بن صبيح 132 274- عبدة بن سليمان المروزي 132 275- عثمان بن صخر العقيلي 132 276- عثمان بن طالوت بن عباد 132 277- عثمان بن عبد الله الأموي 133 278- عثمان بْن عَبْد الوهّاب بْن عَبْد المجيد الثقفي 133 279- عثمان بن أبي شيبة العبسي 133 280- عثمان بن محمد بن سعيد الدشتكي 134 281- عصام بن الحكم الشيباني 134 282- عصام بن مكرم الضبي 134 283- علكدة بن نوح الأندلسي 134 284- علي بن بحر بن موسى 134 285- علي بن بشر الأصبهاني 135 286- علي بن بريد القيسي

135 287- علي بن حبيب البلخي علويه 135 288- علي بن الحسن بن سليمان الواسطي 135 289- علي بن حكيم بن ذبيان الأودي 136 290- علي بن حكيم بن زاهر السمرقندي 136 291- علي بن حمزة بن سوار العكي 136 292- علي بن المديني 139 293- علي بن عيسى المخرمي 139 294- علي بن قرين بن بيهس 139 295- علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي 140 296- علي بن هاشم بن مرزوق الرازي 140 297- علي بن المغيرة الأثرم 140 298- عمر بن فرج الرخجي الكاتب 140 299- عمر بن موسى الحادي 141 300- عمر بن هشام النسوي 141 301- عمار بن زربي 141 302- عمرو بن حفص البزاز 141 303- عمرو بن الحصين العُقيلي 142 304- عمرو بن رافع بن الفرات 142 305- عمرو بن زرارة بن واقد الكلابي 142 306- عَمْرُو بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ثوبان 143 307- عمرو بن العباس الباهلي 143 308- عمرو بن قُسط السلمي 143 309- عمرو بن عمرو بن يزيد الغافقي 143 310- عَمرو بْن محمد بْن بُكير بْن سابور 144 311- عِمْران بْن يزيد بْن أَبِي جميل الدمشقي 144 312- عون بن يوسف الخزاعي المغربي 144 313- عياش بن الوليد الأزرق 144 314- عياض بن عبد الملك المرادي

144 315- عيسى بن سالم الشاشي "حرف الغين" 145 316- غزيل بن سنان الموصلي "حرف الفاء" 145 317- الفتح بن هشام الترجماني 145 318- الفرات بن نصر القهندزي 145 319- الفرج بن سهيل بن الفرج القضاعي 145 320- الفضل بن زياد الطستي 146 321- الفضل بن غانم المروزي 146 322- الفضل بن مقاتل الأزدي البلخي 146 323- فضيل بن الحسين بن طلحة الجحدري 146 324- فطر بن حماد بن واقد الصفار "حرف القاف" 147 325- القاسم بن أمية العبدي 147 326- القاسم بن محمد بن أبي شيبة 147 327- القاسم بن هلال القرطبي 147 328- قُتَيْبَة بْن سَعِيد بْن جميل بْن طريف 148 329- قطن بن نسير "حرف الكاف" 149 330- كامل بن طلحة الجحدري 149 331- كثير بن يحيى بن كثير 149 332- كعب بن سعيد العامري "حرف اللام" 149 333- ليث بن حماد الصفار 150 334- الليث بن خالد البغدادي "حرف الميم" 150 335- مالك بن حويص الهروي 150 336- مالك بن سليمان الألهاني

150 337- محمد بن أبان بن عمران الواسطي 151 338- محمد بن إبراهيم بن إسحاق العنبسي 151 339- محمد بْن القاضي أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد 151 340- محمد بن إسحاق بن محمد المخزومي 152 341- محمد بن إسحاق بن هاشم الرافعي 152 342- محمد بن أسد الحوشي الحافظ 152 343- محمد بن أبي العتاهية إسماعيل 153 344- محمد بن بشير بن مروان الكندي 153 345- محمد بن بكار بن الريان الهاشمي 153 346- محمد بن بكار بن الزبير العيشي 153 347- محمد بن أبي بكر بن علي المقدمي 154 348- محمد بن ثعلبة بن سواء السدوسي 154 349- محمد بن جامع البصري العطار 154 350- محمد بن جعفر بن مؤاتية الكلبي 154 351- محمد بن حاتم بن ميمون المروزي 155 352- محمد بن حاتم المصيصي 155 353- محمد بن حاتم الزمي 155 354- محمد بن حاتم بن بزيع 155 355- محمد بن حاتم بن نعيم المصيصي 155 356- محمد بن الحارث بن راشد المصري 155 357- محمد بن حبيب الجارودي 156 358- محمد بن حبيب الشموني 156 359- محمد بن الحسين بن أبي شيخ 156 360- محمد بن حفص البصري القطان 156 361- محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي 157 362- محمد بْن خَالِد بْن العبّاس بْن زمل البتلهي 157 363- محمد بن خلاد بن كثير الباهلي 157 364- محمد بن خلاد بن هلال

157 365- محمد بن زياد بن الأعرابي 158 366- محمد بن أبي ركيز يحيى بن إسماعيل 158 367- محمد بن سعدان النحوي المقرئ 158 368- محمد بن سعيد بن أبي مريم 159 369- محمد بن سعيد بن زياد الكريزي 159 370- محمد بن سلام بن عبيد الله الجمحي 159 371- محمد بن أبي داود سليمان الأنباري 159 372- محمد بن سليم بن مسلم 160 373- محمد بن سماعة بن عبيد الله التيمي 160 374- محمد بن سماعة القرشي الرملي 160 375- محمد بن الصباح بن سفيان 161 376- محمد بن محمد بن الضريس الصلصال 161 377- محمد بن عائذ الدمشقي 161 378- محمد بن عباد بن الزبرقان المكي 162 379- محمد بْن عبّاد بْن مُوسَى الكوفيّ سندولا 162 380- محمد بن العباس صاحب الشامة 162 381- محمد بن عبد الله بن نمير 163 382- محمد بن عبد الله البصري الرزي 163 383- محمد بن عبد الله بن بكار 163 384- محمد بن عبد الأعلى بن موسى المرادي 163 385- محمد بن عبد الجبار الهمذاني 164 386- محمد بن عبد الرحمن بن عبد الصمد العنبري 164 387- محمد بن عبد المجيد التميمي المفروج 164 388- محمد بن عبد الملك بن أبان الزيات 164 389- محمد بن عبيد بن حساب الغبري 165 390- محمد بن عبيد بن ميمون التبان 165 391- محمد بن أبي عتاب الأعين 165 392- محمد بن عمر بن حفص القصبي

165 393- محمد بن عمرو الرومي الإخباري النديم 165 394- محمد بن عمرو بن عباد العتكي 166 395- محمد بن عمرو بن بكر التميمي العدوي 166 396- محمد بن عمرو البلخي السواق 166 397- محمد بن عمرو الغزي الزاهد 167 398- محمد بن غزير بن الوليد الزهري 167 399- محمد بن الفرج بن عبد الوارث 167 400- محمد بن قُدامة اللؤلؤي 167 401- محمد بن قُدامة المصيصي 168 402- محمد بن قدامة 168 403- محمد بن قدامة بن إسماعيل 168 404- محمد بن كامل المروزي 168 405- محمد بن كوثر البخاري 168 406- محمد بن المتوكل اللؤلؤي 169 407- محمد بن أبي السري العسقلاني 169 408- محمد بن معاوية العتكي 170 409- محمد بن المغيرة بن سلم الإصبهاني 170 410- محمد بن مقاتل العباداني 170 411- محمد بن المنذر البغدادي 170 412- محمد بن المنهال التميمي المجاشعي 171 413- محمد بن المنهال البصري العطار 171 414- محمد بن مهران الرازي الجمال 172 415- محمد بن ناصح البغدادي 172 416- محمد بن النضر بن مساور 172 417- محمد بْن الهُذيل بْن عَبْد اللَّه البَصْرِيّ 172 418- محمد بن يحيى بن حمزة البتلهي 173 419- محمد بْن يَحْيَى بْن سَعِيد بْن فَرُّوخ 173 420- محمد بن يحيى بن أبي سمينة

173 - محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة 174 421- محمد بن يحيى بن نجيح المكي 174 422- محمد بن أبي زكير يحيى بن إسماعيل 174 423- محمد بن يوسف البيكندي 174 424- محمد بن يوسف بن الصباح الغضيضي 174 425- مالك بن حويص الهروي 175 426- محفوظ بن الفضل بن أبي توبة 175 427- محمود بن سليمان بن أبي مطر 175 428- محمود بن غيلان العدوي 176 429- محرز بن سلمة العدني 176 430- محرز بن عون البغدادي الخزاز 177 431- مخارق المغني 177 432- مخلد بن خالد الشعيري 178 433- مخلد بن الحسن الحراني 178 434- مخلد بن خداش البصري 178 435- مروان بن جعفر بن سعد السمري 178 436- مسروق بن المرزبان الكندي 179 437- مسلم بن أبي مسلم البغدادي 179 438- مصرف بن عمرو الإيامي 179 439- مُصعب بن سعيد الحراني المصيصي 179 440- مصعب بن عبد الله بن مصعب 181 441- المعافى بن سليمان الرسعني 181 442- معلل بن نفيل الهندي 181 443- معلى بن مهدي بن رستم 181 444- معمر بن مخلد الجزري السروجي 181 445- منجاب بن الحارث التميمي 182 446- منصور بن المهدي الهاشمي 182 447- منصور بن أبي مزاحم التركي

182 448- مهرجان النيسابوري الزاهد 183 449- موسى بن أيوب النصيبي 183 450- مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الأسلع 183 451- موسى بن مروان الرقي 183 452- موسى بن محمد بن حيان 183 453- موسى بن معاوية بن صمادح 184 454- موسى بن أبي الجارود المكي "حرف النون" 184 455- نصر بن الحريش 184 456- نصر بن الحكم الياسري 184 457- نصر بن عاصم الأنطاكي 185 458- نصر بن زياد النيسابوري 185 459- نصر بن فضالة النيسابوري 185 460- نُصير بن يوسف بن أبي الرازي 186 461- النضر بن سعيد بن النضر الحارثي "حرف الهاء" 186 462- هارون بن سالم القُرطبي 186 463- هارون بن عباد النهدي المصيصي 187 464- هارون بن عبد الله بن محمد الزهري 187 465- هارون الواثق بالله 191 466- هارون بن معروف المروزي 192 467- هارون بن أبي هارون العبدي 192 468- هاشم بن الحارث المروذي 192 469- هاشم بن الوليد الهروي 193 470- هبيرة بن محمد التمار الأبرش 193 471- هدبة بن خالد بن الأسود 194 472- هريم بن عبد الأعلى بن الفرات 194 473- هريم بن مسعر الترمذي

194 474- هشام بن إسحاق العامري 195 475- الهيثم بن أيوب الطالقاني 195 476- الهيثم بن خالد الجهني 195 477- الهيثم بن خالد الكوفي الوراق 195 478- الهيثم بن خالد المصيصي 195 479- الهيثم بن خالد البغدادي 195 480- الهيثم بن خالد الكوفي 195 481- الهيثم بن اليمان "حرف الواو" 196 482- وثيمة بن موسى بن الفرات الفارسي 196 - الواثق بالله 196 483- الوليد بن عبد الله بن مسرح 196 484- الوليد بن عتبة الأشجعي 197 485- وهب بن بقية بن عثمان "حرف الياء" 197 486- يحيى بن أيوب المقابري 198 487- يحيى بن بشر البلخي الفلاس 198 488- يحيى بن أبي عبيدة رجاء 199 489- يحيى بن سليمان بن يحيى الجعفي 199 490- يحيى بن سليمان الجعفري الإفريقي 199 491- يحيى بن طلحة اليربوعي 200 492- يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر المخزوميّ 201 493- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن زياد الأسلميّ 201 494- يحيى بن عثمان الحربي 201 495- يحيى بن معين 206 496- يحيى بن موسى بن عبد ربه 206 497- يحيى بْن يحيى بْن كثير بْن وَسْلاس 208 498- يزداد بن موسى بن جميل

209 499- يزيد بن خالد بن يزيد الرملي 209 500- يزيد بن عبد الله بن يزيد اليمامي 210 501- يزيد بن مخلد الواسطي 210 502- يعقوب بن عيسى بن ماهان 210 503- يعقوب بن القاسم الطلحي 210 504- يعقوب بن كعب الأنطاكي 210 505- يوسف بن عدي الكوفي 211 506- يوسف بن عمرو بن يسار 211 507- يوسف بن يحيى البويطي 213 508- يوسف بن يعقوب الكوفي الصفار 213 509- يونس بن عبد الرحيم العسقلاني "الكِنى" 214 510- أَبُو بَكْر بْن مروان بْن الحَكَم 214 511- أبو عبيدة بن الفُضيل بن عياض 214 512- أبو يوسف الغسولي الزاهد 214 513- ماني الموسوس 215 514- أحمد بن يحيى بن عبد العزيز الأشعري 215 515- ابن كلاب المتكلم 216 516- أبو دعامة القيسي 217 فهرس الموضوعات

المجلد الثامن عشر

المجلد الثامن عشر الطبقة الخامسة والعشرون أحداث سنة إحدى وأربعين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم حسبنا الله ونعم الوكيل الطبقة الخامسة والعشرون: أحداث سنة إحدى وأربعين ومائتينِ: فيها تُوفّي: الإمام أحمد بْن حنبل، وجُبَارة بن المُغِّلس، والحَسَن بن حمّاد سَجَّادة، وأبو تَوْبة الربيع بن نافع الحلبيّ، وعبد الله بن منير المَرْوَزِيّ، وأبو قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، وأبو مروان محمد بن عثمان العثمانيّ، ومحمد بن عيسى التيمي المقرئ، وهُدْبة بن عبد الوهاب المَرْوَزِيّ، ويعقوب بن حُمَيْد بن كاسب. وثوب أهل حمص علي واليهم: وفيها: وثب أهل حمص بواليهم محمد بن عَبْدَوَيْه، وأعانهم النَّصارى، فقاتلهم، وأنجده صالح أمير دمشق1. تناثُر الكواكب: وفي جُمَادَى الآخرة ماجت النّجوم في السّماء، وتناثرت الكواكب كالجراد أكثر الليل؛ وكان أمرًا مزعجًا لم يُعْهَد مثلُه. غارة الروم على عين زربة: وفيها: أغارت الروم على من بعين زَرَبَة. غارة البُجاة 2 في مصر: وأغارت البُجاة على ناحيةٍ من مصر، فسار إليهم القُمّي، وتبِعَه خلق من المطوعة

_ 1 "خبر صحيح": ذكره الطبري في تاريخ "9/ 199، 200"، وابن كثير في البداية والنهاية "10/ 323"، وتاريخ حلب للعظيمي "257"، ونهاية الأرب "22/ 286، 287"، وشذرات "2/ 96". 2 البجاة: هم طائفة من سودان بلاد النوبة والمغرب.

من الصّعيد، فكان في عشرين ألفًا بين فارس وراجل. وحُمِل إليه في بحر القُلْزُم عدّة مراكب، فيها أقوات، ولجّجوا بها في البحر حتّى يلاقوا بها ساحل البُجاة. وحشد له ملك البُجاة عساكر يقاتلون على الإبِل بالحِراب، فتناوشوا أيّامًا من غير مصَافٍّ، وقصد البجاة ذلك ليفنى زاد المسلمين. ثمّ التقوا، فحملوا على البُجاة، فنفرتِ إِبلُهم من الأجراس، ونفرت في الجبال، والأودية، ومزَّقت جمعهم. فأُسِرَ وقُتِل خَلْقٌ منهم، وساقَ وراءهم، فهرب الملك وأخذ تاجه وخزائنه. ثمّ أرسل الملك يطلب الأمان وهو يؤدّي الخراج. وسار معهم إلى باب المتوكّل في سبعين من خواصه، واستناب ولده، وكان يعبد الأصنام1.

_ 1 راجع: تاريخ الطبري "9/ 203-206"، وتجارب الأمم "6/ 548-551"، والبداية "10/ 324، 325".

أحداث سنة اثنتين وأربعين ومائتين

أحداث سنة اثنتين وأربعين ومائتين: فيها تُوُفّي: أبو مُصْعَب الزُّهْريّ، والحَسَن بن عليّ الحُلْوانيّ، وابن ذَكْوان المقرئ، وزكريّا بن يحيى كاتب العُمريّ، ومحمد بن أسلم الطُّوسيّ، ومحمد بن رُمح التُّجَيْبيّ، ومحمد بن عبد الله بن عمّار، ويحيى بن أكثم. خبر زلازل عدة 1: ويقال: فيها كانت زلزلة عظيمة بقومس وأعمالها، هلك منها خلق تحت الهدْم، قيل: بلغت عُدَّتهم خمسةً وأربعين ألفًا. وكان معظم ذلك بالدّامَغَان2، حتّى قيل: سقط نصفها. وزُلْزلت الرِّيّ، وجُرْجَان، ونَيْسابور، وطَبَرِسْتان. ورُجمت قرية السّويدا بناحية مُضَر، ووقع منها حجر على خيمة أعراب. ووُزن حجر منها، فكان عشرة أرطال3.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "9/ 207"، والكامل في التاريخ "7/ 81"، والبداية والنهاية "10/ 343". 2 انظر تاريخ اليعقوبي "2/ 491"، وتاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء "145". 3 نهاية الأرب "22/ 290"، وتاريخ الخلفاء "348"، ومآثر الإناقة "1/ 233".

مسير جبل باليمن: وسار جبل باليمن عليه مزارع لأهله حتّى أتى مزارع آخرين. صياح الطائر بحلب: ووقع بحلب على دُلْبة طائرٌ أبيض دون الرخمة في رمضان، فصاح: يا معاشر النّاس، اتقوا الله الله الله، فصاح أربعين صوتًا، ثمّ طار. وجاء مِن الغد، ففعل كذلك. وكتب البريد بذلك وأشهد خمسمائة إنسان سمعوه1. خرج الروم إلى آمِد والجزيرة: وفيها حشدت الروم، وخرجوا من ناحية شِمْشاط إلى آمد والجزيرة، فقتلوا وسَبَوْا نحو عشرة آلاف، ورجعوا2. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالنّاس والي مكّة عبد الصمد بن موسى بن محمد الهاشميّ. وحجّ من البصرة إبراهيم بن مطهِّر الكاتب على عجلة تجرّها الإبِل، وتعجّب النّاس من ذلك.

_ 1 نهاية الأرب "22/ 290"، والأعلاق والخطيرة "2/ 307". 2 تاريخ الطبري "9/ 207"، والبداية والنهاية "10/ 343"، والنجوم الزاهرة "2/ 307".

أحداث سنة ثلاث وأربعين ومائتين

أحداث سنة ثلاثٍ وأربعين ومائتين: تُوُفيّ فيها: أحمد بن سعيد الرباطيّ، وأحمد بن عيسى المصريّ، وإبراهيم بن العبّاس الصُّوليّ، والحارث المُحَاسبِيّ، وحَرْمَلَة، ومحمد بن يحيى العَدَنيّ، وهارون الحمّال. عزم المتوكل السكنى بدمشق: وفي آخرها قدِم المتوكّل إلى دمشق، فأعجبته، وبنى له القصر بدارَيّا، وَعَزَمَ على

سُكْنَاهَا، فعمل يزيد بن محمد المُهَلّبيّ: أظنُّ الشّام تشمَتُ بالعراقِ ... إذا عزم الإمامُ على انْطلاقِ فإنْ تَدَعِ العِراقَ وساكنيه ... فقد تُبْلى المليحةُ بالطّلاقِ1 فبدا له ورجع بعد شهرين أو ثلاثة، في سنة أربعٍ2. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالنّاس عبد الصّمد بن موسى، وسار بالموكب من العراق جعفر بن دينار. والله أعلم3.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 209"، مروج الذهب "4/ 114". 2 تاريخ اليعقوبي "2/ 491"، وتجارب الأمم "6/ 552". 3 وراجع: تاريخ الطبري "9/ 209"، والبداية "10/ 344-346".

أحداث سنة أربع وأربعين ومائتين

أحداث سنة أربع وأربعين ومائتين: فيها تُوَفيّ: أحمد بن منيع، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَوِيّ، وإسحاق بن موسى الخَطْميّ، والحَسَن بن شُجاع البلْخيّ الحافظ، وأبو عمّار الحسين بن حُرَيْث، وحُمَيْد بن مَسْعَدَة، وعبد الحميد بن بيان الواسطيّ، وعليّ بن حُجْر، وعُقْبة بن عبد الله المَرْوَزِيّ، ومحمد بن أبان المستمليّ، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب، ويعقوب بن السكيت. فتح حصن للروم: وفيها افتتح بُغَا حصنًا من الروم يقال له صُمُلَّة1. نفي طبيب المتوكل: وفيها سخط المتوكّل على طبيبه بَخْتَيْشُوع، ونفاه إلى البحرين.

_ 1 "خبر صحيح": ذكره الطبري في تاريخه "9/ 207-211"، وتاريخ حلب للعظيمي "258"، والبداية "10/ 345"، وانظر صحيح التوثيق "6/ 230".

اتفاق الأعياد: فيها: اتّفق عيد الأضحى، وفَطِير اليهود، وعيد الشّعانين للنصارى في يوم واحد1.

_ 1 التاريخ للطبري "9/ 211"، والبداية "10/ 346"، والنجوم الزاهرة "2/ 318".

أحداث سنة خمس وأربعين ومائتين

أحداث سنة خمسٍ وأربعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أحمد بن عَبْدة الضَّبّيّ، وإسحاق بن إسرائيل، وإسماعيل بن موسى السُّدّيّ، وذو النُّون المصريّ، وسَوّار بن عبد الله العنْبريّ، وعبد الله بن عِمران العابديّ، ودُحَيْم، وأبو تُراب النَّخْشَبيّ، ومحمد بن رافع، وهشام بن عمّار. عموم الزلازل في البلاد: ويقال: فيها عمّت الزلازل الدُّنيا، فأخربت القلاع والمدن والقناطر، وهلك خلق بالعراق والمغرب. وسقطت من أنطاكية نيِّفٌ وتسعون برجًا. وتقطّع جبلها الأقرع وسقط في البحر. وسُمِع من السّماء أصوات هائلة، وهلك أكثر أهل اللاذقّية تحتّ الردْم. وذهبت جَبَلةُ بأهلها، وهُدِمت بالِس وغيرها. وامتدّت إلى خُراسان، ومات خلائق منها. وأمر المتوكل بثلاثة آلاف ألف درهم للذين أصيبوا بمنازلهم1. وزلزلت مصر. وسمعَ أهل بُلْبِيس من ناحية مصر ضجّة هائلة، فمات خلق من أهل بُلْبِيس. وغارت عيون مكّة2. بناء الماحوزة: وفيها: أمر المتوكّل ببناء الماحوزة، وسماها الجعفريّ. وأقطع الأمراء بُنَاها، وأنفق بعد ذلك عليها أكثر من ألفَيْ ألف دينار. وبنى قصرًا سمّاه اللؤلؤة، لم ير مثله في

_ 1 "خبر صحيح": ذكره الطبري في تاريخه "9/ 212، 213"، واليعقوبي في تاريخه "2/ 491"، وتاريخ الخلفاء "349". 2 تاريخ الطبري "9/ 213"، والبداية "10/ 346".

عُلُوِّه وارتفاعه. وحفر للماحوزة نهرًا كان يعمل فيه اثنا عشر ألف رجل، فقُتِل المتوكّل وهم يعملون فيه، فبطُل عمله، وخربت الماحوزة، ونُقِض القصر1. غارة الروم على سُميساط: وفيها: أغارت الروم على سميساط فقتلوا خمسمائة، وسَبَوْا، فغزا عليّ بن يحيى، فلم يظفر بهم.

_ 1 وراجع تاريخ الطبري "9/ 212"، وتاريخ اليعقوب "2/ 492"، والنجوم الزاهرة "2/ 320".

أحداث سنة ست وأربعين ومائتين

أحداث سنة ستٍّ وأربعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وأحمد بن أبي الحواريّ، وأبو عَمْرو الدُّوريّ المقرئ، ودِعْبِل الشّاعر، ولُوَيْن، ومحمد بن مُصَفَّى، والمسيِّب بن واضح. غزو المسلمين الروم: وفيها: غزا المسلمون الرومَ، فسبوا، واستنقذوا خلائق من الأسرى1. تحوُّل المتوكّل إلى الماحوزة: ويوم عاشوراء تحوّل المتوكّل إلى الماحوزة مدينته التي أمر ببنائها، وفرَّق في الصُّنَّاع والعمّال عليها مبلغًا عظيمًا2. المطر ببلخ: وفيها: مُطِرَت بناحية بلْخ مطرًا دمًا عبيطًا3. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالرَّكْب العراقيّ محمد بن عبد الله بن طاهر، فولي أعمال الموسم، وأخذ

_ 1 "خبر صحيح": ذكره الطبري في تاريخه "9/ 219"، ونهاية الأرب "22/ 392". 2 "خبر صحيح": أورده الطبري "9/ 219"، والبداية "10/ 347". 3 راجع: نهاية الأرب "22/ 293"، والنجوم الزاهرة "2/ 322".

معه ثلاثمائة ألف دينار لأهل مكة، ومائة ألف لأهل المدينة، ومائة ألف لإجراء الماء من عَرَفَات إلى مكة1.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 221"، والبداية والنهاية "10/ 347".

أحداث سنة سبع وأربعين ومائتين

أحداث سنة سبْعٍ وأربعين ومائتين: فيها تُوُفّي: إبراهيم بن سعد الْجَوْهريّ، وأبو عثمان المازنيّ، والمتوكّل على الله، وَسَلَمَةُ بن شبيب، وسُفْيان بن وكيع، والفتح بن خاقان الوزير. بيعة المنتصر بالله: وفي رابع شوّال بُويع بالخلافة بعد قتل المتوكّل ابنُه المنتصر بالله محمد. فولَّى المظالم أبا عَمْرة أحمد بن سعيد مولى بني هاشم1.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 239".

أحداث سنة ثمان وأربعين ومائتين

أحداث سنة ثمانٍ وأربعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أحمد بن صالح المصريّ، والحسين الكرابيسيّ، وطاهر بن عبد الله الأمير، وعبد الجبار بْن العلاء، وعبد الملك بْن شعيب بن الليث، وعيسى بن حمّاد زُغْبة، والقاسم بن عثمان الْجَوْعيّ، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، والمنتصر بالله محمد، ومحمد بن زُنْبُور المكّيّ، وأبو كُرَيْب محمد بن العلاء، ومحمد بن موسى الحَرَشِيّ، وأبو هشام الرفاعيّ. وقوع الوحشة بين وصيف التركي والوزير: وفيها: وقع بين الوزير أحمد بن الخصيب وبين وصيف التُّرْكيّ وحْشَةٌ، فأشار الوزير على المنتصر أن يُبْعِدَ عنه وَصِيفًا، وخوَّفه منه. فأرسل إليه: إنّ طاغية الروم أقبل يريد الإسلام، فسِرْ إليه. فاعتذر، فأحضره وَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَخْرُجَ أَنْتَ أَوْ أَخْرُجَ. فقال: لا، بل أخرج أنا. فانتخب المنتصر معه عشرة آلاف، وأنفق فيهم الأموال، وساروا. ثمّ بعث المنتصر إلى وصيف يأمره بالمقام بالثغر أربع سنين1.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 240-244"، والنجوم الزاهرة "2/ 326".

خلع المعتزّ والمؤيّد من العهد: وفي صفر خلع المعتز والمؤيد أنفسهما من المعهد مُكْرَهَيْن. لمّا استقامت الأمور للمنتصر ألحّ عليه أحمد بن الخصيب، ووصيف، وبغا في خلعهما خوفًا من موته قبل المعتزّ، فيهلكهم المعتزّ. وكان المنتصر مكرِمًا للمعتزّ والمؤيد إلى أربعين يومًا من خلافته، ثمّ جعلهما في حُجْرة، فقال المعتزّ لأخيه: أحضرنا يا شقيّ هنا للخلْع. قال: ما أظنّه يفعل. فجاءتهم الرُّسُل بالخَلْع، فأجاب المؤيّد، وامتنع المعتزّ وقال: إن كنتم تريدون قتْلي فافعلوا. فمضوا وعادوا فحبسوه في بيتٍ، وأغلظوا له، ثمّ دخل عليه أخوه المؤيّد وقال: يا جاهل قد رأيت ما جرى على أبينا، وأنت أقربُ إلى القتل، اخلَعْ، ويلك، فإن كان في عِلْم الله أنّك تلي لَتَلِيَنَّ. فخلع نفسه، وكتبا على أنفسهما أنّهما عاجزان، وقصْدنا أن لا يأثَم المتوكّل بسببنا، إذ لم نكن له موضعا. واعترافا بذلك في مجلس العامّة بحضرة جعفر بن عبد الواحد الهاشميّ، ووَصِيف، وبُغا، ومحمد بن عبد الله بن طاهر، وبُغا الصّغير، وأعيان بني عمّهما. فقال لهما المنتصر: أَتَرَياني خلعتكما طمعًا في أن أعيش بعدكما حتّى يكبر ولدي عبد الوهَّاب وأُبايع له؟ والله ما طمعت في ذلك. ووالله لأن يلي بنو أبي أحبّ إليَّ من أن يلي بنو عمّي، ولكنّ هؤلاء -وأومأ إلى الأمراء- ألحّوا عليَّ في خلْعكما، فخفت عليكما من القتْل إن لم أفعل، فما كنت أصنعُ؟ أقتلهم؟ فوالله ما تفي دماؤهم كلُّهم بدم بعضكما. فأكبّا عليه فقبّلا يده وضَمَّهُما إليه وانصرفا1. مقتل محمد الخارجي: وفيها حكم محمد بن عمر الخارجيّ بناحية المَوْصِل؛ ومال إليه خلق.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 244"، وتجارب الأمم "6/ 558-560"، والبداية والنهاية "10/ 353".

وسار لحربه إسحاق بن ثابت الفَرَغانيّ، فالتقوا، فقُتِل جماعة من الفريقين، ثمّ أسِر محمد وجماعة، فقتِلوا وصُلبوا إلى جانب خشبة بابَك1. استيلاء الصفّار على خراسان: وفيها: قويت شوكة يعقوب بن اللَّيْث الصَّفّار، واستولى على مُعْظم إقليم خُراسان؛ وسار من سِجِسْتان ونزل هراة، وفرّق في هذه الأموال2. مقتل المنتصر بالله: وفيها: قُتِل المنتصر بالله بالذَّبْحة، وهي الخوانيق، وقيل: إنه سُمَّ3. بيعة المستعين بالله: وبُويع بعده المستعين بالله أبو العباس أحمد بن المعتصم. وأمّه أمّ ولد، اسمها مُخَارِق. وكان مليحا أبيض، بوجهه أثر جُدَرِيّ، وكان أَلْثَغ. ولمّا هلك المنتصر اجتمع القُوّاد وتشاوروا، وذلك برأي ابن الخصيب، فقال لهم أُوتَامِش: متى وليْتم أحدًا من ولد المتوكّل لا يُبقي منّا باقية. فقالوا: ما لها إلا أحمد بن المعتصم ولَد أُستاذنا. فقال محمد بن موسى المنجّم سرّا: أَتُوَلُّون رجلا عنده أنُّه أحقّ بالخلافة من المتوكّل وأنتم دفعتموه عنها؟ ولكن اصطَنِعوا إنسانًا يعرف ذلك لكم. فلم يقبلوا منه، وبايعوا أحمد المستعين وله ثمانٍ وعشرون سنة. فاستكتب أحمد بن الخصيب، واستوزر أوتامِش. فبينا هو قد دخل دار العامة في دَسْت الخلافة، إذا جماعة من الشّاكريّة والغَوْغاء وبعض الْجُنْد، وهم نحو ألف، قد شهروا السلاح وصاحوا: المعتز يا منصور4.

_ 1 وراجع: النجوم الزاهرة "2/ 326". 2 النجوم الزاهرة "2/ 326". 3 تاريخ الطبري "9/ 251"، تاريخ مختصر الدول "146". 4 تاريخ الطبري "9/ 257"، والبداية والنهاية "11/ 2".

فتنة الغوغاء: ونشبت الحرب بين الفريقين، وقُتل جماعة. فخرج المستعين عن دار العامّة وأتى إلى القصر الهارونيّ، فبات به. ودخل الغَوْغاء دار العامّة، فنهبوا خزائن السّلاح، ونهبوا دُورًا عديدة. وكثُرت الأسلحة واللامَة1 عليهم، فأجلاهم بُغَا الصَّغير عن دار العامّة، وكثُرت القتلى بينهم. فوضع المستعين العطاء فسكنوا. وبعث بكتاب البَيْعة إلى محمد بن عبد الله بن طاهر إلى بغداد، فبايع النّاس. وأعطى المستعين أحمد بن الخصيب أموالا عظيمة2. نفي ابن الخصيب إلى أقريطش: ثمّ في هذه السنة، في رجب أو قبله، نفاه إلى أقْرِيطش، ونهب أمواله بعد المحبّة الزائدة3. وذلك بتدبير أوتامش، وحطّه عليه عند المستعين. تولية ابن طاهر العراق: وفيها: عقد المستعين لمحمد بن عبد الله بن طاهر على العراق والحَرَمَيْن والشّرطة4. وفاة طاهر بن عبد الله: وتُوُفّي أخوه طاهر بن عبد الله بُخراسان، فعقد المستعين لابنه محمد بن طاهر على خُراسان5. موت بُغا الكبير: ومات بُغا الكبير في جُمَادَى الآخرة، فعقد المستعين لابنه موسى بن بغا على

_ 1 اللامة: هو الخوذة التي تقي رأي الفارس. 2 وراجع: تاريخ الطبري "9/ 256-258"، ونهاية الأرب "22/ 302"، والبداية والنهاية "11/ 2". 3 تاريخ الطبري "9/ 259"، والنجوم الزاهرة "2/ 328". 4 تاريخ الطبري "9/ 258"، وشذرات الذهب "2/ 117، 118"، وتاريخ سني ملوك الأرض "146". 5 مرآة الجنان "2/ 155"، تاريخ اليعقوبي "2/ 494، 495".

أعمال أبيه1. حبْس المعتزّ والمؤيّد: وفيها: حبس المستعين المعتزّ والمؤيّد، وضيّق عليهما، واشترى أكثر أملاكهما كُرْهًا. وجعل لهما في السنة نحو ثلاثة وعشرين ألف دينار2. الفتنة بين أهل حمص وعاملهم: وفيها: أخرج أهل حمص عاملهم، فراسلهم وخدعهم حتى دخلها، فقتل منهم طائفة، وحمل من أعيانهم مائة إلى العراق، وهدم سور حمص3. العقد لأوتامش على مصر والمغرب: فيها: عقد المستعين لأوتامش على مصر والمغرب مع الوزارة، ففرق في الْجُنْد ألفي ألف دينار4. غزوة الصائفة: وفيها: غزا وصيف الصّائفة5. نفْي ابن خاقان: وفيها: نفي المستعين عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان إلى بَرْقَةَ، والله أعلم6. أحداث سنة تسعٍ وأربعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: عبد بن حميد، وأبو حفص الفلاس.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 258"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 283"، والنجوم الزاهرة "2/ 327". 2 مروج الذهب "4/ 162"، والتاريخ للطبري "9/ 258". 3 وراجع: تاريخ اليعقوبي "2/ 495"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 283". 4 تاريخ الطبري "9/ 260"، نهاية الأرب "22/ 303". 5 تاريخ ابن خلدون "3/ 283، 284"، وتجارب الأمم "6/ 557". 6 تاريخ الطبري "9/ 258"، والنجوم الزاهرة "2/ 327".

شغب الْجُنْد ببغداد: وفي صَفَر، شغب الْجُنْد ببغداد عند مقتل عمر بن عُبَيْد الله الأقطع، وعلي بن يحيى الأرمني أمير الغُزاة ببلاد الروم مجاهدين، وعند استيلاء التُّرْك على بغداد، وَقَتْلِهِم المتوكّل وغيره، وتَمَكُّنِهِم من الخلفاء وأذِيّتهم للنّاس. ففتح الْجُند والشّاكريّة السُّجون، وأحرقوا الجسر، وانتهبوا الدَّواوين، ثمّ خرج نحو ذلك بسُرَّ من رأى. فركب بُغا وأُوتامِش، وقتلوا من العامّة جماعة. فحمل عليهم العامّة، ففتكت من الأتراك جماعة. وشُجّ وَصِيف بحجر، فأمر بإحراق الأسواق1. مقتل أوتامش: وفي ربيع الآخر قُتِل أُوتامِش وكاتبه شجاع، فاستوزر المستعين أبا صالح عبد الله بن محمد بن يزداد2. عزْل جعفر بن عبد الواحد عن القضاء: وفيها عُزِل عن القضاء جعفر بن عبد الواحد وولاه جعفر بن محمد بن عمّار البُرْجُميّ الكوفيّ3. خبر الزلزلة في الرّيّ: وجاءت زلزلة هلك فيها خلقٌ تحت الهدْم في الري4.

_ 1 مختصر تاريخ الدول "146"، والبداية والنهاية "11/ 3". 2 تاريخ الطبري "9/ 264"، وخلاصة الذهب المسبوك "229" للإربلي. 3 تاريخ الطبري "9/ 265"، والنجوم الزاهرة "2/ 330". 4 البداية والنهاية "11/ 4"، والنجوم الزاهرة "2/ 330".

أحداث سنة خمسين ومائتين

أحداث سنة خمسين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أبو الطّاهر أحمد بن السَّرْح، وأبو الحسين البزّيّ مُقرئ مكّة، والحارث بن مسكين، وأبو حاتم السِّجِسْتانيّ، وعبّاد بن يعقوب الرّواجنيّ شيعيّ، وعَمْرو بن عثمان الحمصيّ، والجاحظ، وكُثَيِّر بن عُبَيْد الحمصيّ، ونصر بن علي الجهمضي. مقتل يحيى بن عمر في المصافّ بالكوفة: وفيها: ظهر يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن علي بن الحسين بالكوفة. وقُتِل في المصافّ بينه وبين جيش محمد بن عبد الله بن طاهر بناحية الكوفة، ومحمود بن خالد، وهشام بن خالد الأزرق1. استيلاء الحسن بن زيد على آمل: ثمّ في رمضان، خرج الحَسَن بن زيد بن محمد الحَسنيّ بطَبَرسْتان واستولى على آمُل، وجبى الخَرَاج، وامتدَّ سلطانه إلى الرِّيِّ، وهمذان، والتجأ إليه كلّ من يريد الفتنة والنَّهْب. وانهزم عسكر ابن طاهر بين يديه مرَّتين. فبعث المستعين جيشًا إلى همدان2. العقد للعباس على العراق: وفيها: عقد المستعين لابنه العَبّاس على العراق والحَرَمَيْن3. نفي جعفر بن عبد الواحد: وفيها: نُفي جعفر بن عبد الواحد إلى البصرة لأنّه عُزِل عن القضاء، وبعث إلى الشّاكريَّة، فأفسدهم4. وثوب أهل حمص بعاملهم: وفيها: وثب أهل حمص بعاملها الفضل بن قارن، فقتلوه في رجب، فسار إليهم موسى بن بُغا، فالتقوا عند الرَّسْتَن، فهَزَمهم، وافتتح حمص، وقتل فيها مقتلة عظيمة. وأحرق فيها وأسر من رءوسها5.

_ 1 "خبر صحيح": تاريخ الطبري "9/ 266-271"، والبداية "11/ 5، 6"، وتاريخ اليعقوبي "2/ 497"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 285"، وشرح شافية أبي فراس "177". 2 "خبر صحيح": تاريخ الطبري "9/ 271-276"، والبداية والنهاية "11/ 6"، وسني ملوك الأرض "170". 3 "خبر صحيح": مروج الذهب "4/ 154"، والنجوم الزاهرة "2/ 331"، وصحيح التوثيق "6/ 245". 4 الكامل في التاريخ "7/ 134"، والنجوم الزاهرة "2/ 331". 5 تاريخ الطبري "9/ 276"، والأعلاق الخطيرة "1/ 73"، وصحيح التوثيق "6/ 245".

تراجم رجال هذه الطبقة

تراجم رجال هَذِهِ الطبقة: "حرف الألف": 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن كثير1 -م. د. ت. ق- أبو عبد الله العبدي النُّكْريّ البغداديّ الدَّوْرقيّ. أخو يعقوب الدَّوْرقيّ، وهي نسبة إلى عمل القَلانِس الدَّوْرَقيّة. وكان أبوه صالحا ناسكا. فقيل: إنّه كان مَن تنسَّك في ذلك الزَّمان سُمّي دَوْرقيا. وقيل: كانوا يَلْبَسون القلانِس الطّويلة الدَّوْرَقيّة. سمع: هُشَيْما، وجرير بن عبد الحميد، وحفص بن غِياث، ويزيد بن زُرَيْع، وإسماعيل بن عُلَيَّة، وطائفة. وعنه: م. د. ت. ق، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وأحمد بن منصور الرَّماديّ، والهيثم بن خَلَف الدُّوريّ، ومحمد بن محمد بن بدْر الباهليّ، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابْن عساكر: تُوُفّي لِسَبْعٍ بقين من شعبان سنة ستٍّ وأربعين. قلت: كمّل ثمانين سنة، وقد جَمَعَ وصَنَّفَ، وكان حافظا فَهما. 2- أحمد بن أبان القُرَشيّ2. سمع: الدَّراوَرْديّ. وعنه: أبو بكر البزّار في مُسْنَدِه. 3- أحمد بن إبراهيم بن مهران3. أبو الفضل البُوشَنْجيّ. عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، وأنس بن عياض.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 6"، والصغير "236"، والجرح "2/ 39"، وتاريخ بغداد "4/ 776"، والمعجم المشتمل لابن عساكر "37"، وتذكرة الحفاظ "2/ 505". 2 الثقات لابن حبان "8/ 32". 3 تاريخ بغداد "4/ 8"، وميزان الاعتدال "1/ 79، 278".

وعنه: الحسين المَحَامليّ، ومحمد بن مَخْلَد. ولعلّه بقي إلى بعد الخمسين. 4- أحمد بن إدريس1. أبو حُمَيْد الجلاب. بغداديّ، روى عن: هُشَيْم. وعنه: الحسين المَحَامليّ، وغيره. 5- أحمد بن إسحاق بن الحُصَيْن2 -خ- أبو إسحاق السلمي البخاري المعروف بالسرماري، وسُرْماريا مِن قرى بُخَارى. سمع: يَعْلَى بن عُبَيْد، وعثمان بن عمر بن فارس، وطبقتهما. وعنه: خ، وإسحاق ابنه، وإدريس بن عبدك، وطائفة. وكان ثقة زاهدا مجاهدا فارسا مشهورا، يضرب بشجاعته المثل. قال إبراهيم بن عفان البزاز: كنا عند أبي عبد الله البخاري، فجرى ذكر أبي إسحاق السرماري فقال: ما نعلم في الإسلام مثله. فخرجت من عنده، فإذا أجد رئيس المطوعة، فأخبرته، فغضب ودخل على البخاري فسأله، فقال: ما كذا قلت. ولكن ما بَلَغَنا أنّه كان في الإسلام ولا في الجاهليّة مثله. رواها إسحاق بن أحمد بن خَلَف، عن إبراهيم هذا. وقال أبو صَفْوان إسحاق: دخلتُ على أبي يومًا، وهو في البستان يأكل وحده، فرأيتُ في مائدته عُصْفُورًا يأكل معه، فلمّا رآني العصفور طار. وعن أحمد بن إسحاق السّرْماريّ قال: ينبغي لقائد الغُزاة عشْر خِصال: أن يكون في قلب الأسد لا يجبُن، وفي كبر النِّمر لا يتواضع، وفي شجاعة الدُّبّ يقتل

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 38، 39، 1645". 2 رجال صحيح البخاري "1/ 25، 26"، للكلاباذي، والجمع بين رجال الصحيحين "1/ 8، 10" لابن القيسراني، والتقريب "1/ 10".

بجوارحه كلّها، وفي حملة الخنزير لا يُولّي دُبُرَه، وفي إغارة الذّئب إذا آيس من وجه أغار من وجه؛ وفي حمل السّلاح كالنّملة تحمل أكثر من وزنها، وفي الثَّبات كالصَّخْر، وفي الصّبر كالحمار، وفي وقاحة الكلب لو دخل صيده النّار لَدَخَل خلْفه، وفي التماس الفُرصة كالدّيك. أخبرني أبو عليّ بْن الخلّال، أَنَا جعفر الهمدانيّ، أنا أبو طاهر السِّلَفّي، أنا المبارك بن الطُّيُوريّ، وأبو عليّ البَردانيّ قالا: أنا هَنّاد النَّسَفيّ، أنا محمد بن أحمد غُنْجار: سمعتُ أبا بكر محمد بن خالد المُطِّوَعيّ: سمعتُ أبا الحَسَن محمد بن إدريس المطّوّعّيّ البخاريّ: سمعتُ إبراهيم بن شمّاس يقول: كنت أكاتب أحمد بن إسحاق السُّرْماريّ، فكتب إليّ: إذا أردتّ الخروج إلى بلاد الغُزّية في شراء الأسرى فاكتب إليّ. فكتبت إليه فقدم إلى سمرقند فخرجنا. فلما علم جَبْغَويه استقبلنا في عدّة من جيوشه، فأقمنا عنده، إلى أن فرغنا من شراء الأسرى. فركب يومًا وعرض جيشه فجاء رجلٌ فعظَّمه وبجَّله وخلع عليه، فسألني السُّرْماريّ عن الرجل، فقلت: هذا رجل مبارز يُعَدُّ بألف فارس، لا يولّي من ألف. فقال: أنا أبارزه. فلم التفتْ إلى قوله، فسمع جبغويْه ذلك، فقال لي: ما يقول هذا؟ قلت: يقول كذا وكذا. فقال: لعلّ هذا الرجل سكران لا يشعر، ولكنْ غدًا نركب. فلمّا كان الغد ركب، وركب هذا المبارز، وركب أحمد السُّرْماريّ ومعه عامود في كُمّه، فقام بإزائه، فدنا منه المبارز، فهزَم أحمد نفسه منه حتّى باعَدَه من الجيش، ثمّ ضربه بالعامود قتله، وتبع إبراهيم بن شمّاس لأنّه كان سبقه بالخروج إلى بلاد المسلمين فلحِقَه. وعلم جَبْغويه فبعث في طلبه خمسين فارسًا من خيار جيشه، فلحِقوا أحمد. فوقف تحت تلّ مختفيًا حتّى مرّوا كلّهم، ثمّ خرج، فجعل يضرب بالعامود واحدًا بعد واحد، ولا يشعر مَن كان بالمقدمة حتى قتل تسعة وأربعين نفسا، وأخذ واحدًا منهم فقطع أنفه وأُذُنَيه وأطلقه.

فذهب إلى جَبْغويْه فأخبره، فلمّا كان بعد عامين وتُوُفّي أحمد ذهب إبراهيم بن شمّاس في الفداء، فقال له جبْغويْه: من كان ذاك الّذي قتل فرساننا؟ قال: ذاك أحمد السُّرْماريّ. قال: فلِمَ لم تحمله معك؟ قلت: إِنّه تُوُفِّيَ. فصكِّ وجهه وصكِّ في وجهي وقال: لو أعلمتني أنه هو لكُنْت أصرفه من عندي مع خمسمائة بِرْذَوْن وعشرة آلاف غَنَم. وبه إلى غُنْجار: ثنا أَبُو عَمْرو أَحْمَد بْن محمد المقرئ: سمعت بكر بن منير يقول: رأيت أحمد السُّرْماريّ، وكان ضخمًا، أبيض الرأس واللّحية. ومات بقريته سرماري، فبلغ كِراء الدّابّة من المدينة إليها عشرة دراهم. وخلّف ديونًا كثيرة، فكان غرماؤه ربّما يشترون من ماله حزمة القصب من خمسين درهمًا إلى مائة درهم حُبّا له. فما رجعوا حتّى قضوا ديونه. وبه: سمعت أبا نصر أحمد بن أبي حامد الباهليّ: سمعت أبا موسى عِمران بن محمد المّطّوعيّ: سمعت أبي يقول: كان عامود السُّرْماريّ ثمانية عشر مَنّا. فلمّا شاخ جعله اثني عشر منا. وكان يقاتل بالعامود. وبه: سمعت محمد بن خالد، وأحمد بن محمد قالا: سمعنا عبد الرحمن بن محمد بن جرير: سمعت عُبَيْد بن واصل: سمعت السُّرْماريّ يقول، وأخرج سيفه فقال: اعلم يقينًا أنّي قتلتُ به ألفَي تركي، وإنْ عشت قتلت به ألفًا أخرى. ولولا أنّي أخاف أن تكون بِدْعةً لأمرتُ أن يُدفن معي. ذكر محمود بن سهل الكاتب، وذُكِر السّرماريّ، فقال: كانوا في بعض الحروب وقد حاصروا مكانًا ورئيس العدوّ قاعد على صفّة، فأخرج السُّرماريّ سهمًا فَغَرَزَه في الصّفّة فأومأ الرئيس لينتزعه، فرماه بسهمٍ آخر خاط يده، فتطاول الكافر لينزع ما في يده، فرماه بسهمٍ في نَحْره قتله، وانهزم العدوّ، وكان الفتح. تُوُفيّ سنة اثنتين وأربعين.

6- أحمد بن إسحاق الأهوازي البزاز1 -د. ن- عن: أبي أحمد الزُّبَيديّ، وأبي عبد الرحمن المقرئ. وعنه: د. ن، وعَبْدان، ومحمد بن جرير الطَّبريّ، وجماعة. وقال النسائي: صالح. توفي سنة خمسين. 7- أحمد بن أسد بن سامان2. الأمير أبو إسماعيل والد الملوك السامانية أمراء ما وراء النهر. وهو أخو الأمير نوح بن أسد الدين. افتتح اسبيجاب، إحدى مدائن الترك، في أيام المعتصم. توفي أحمد بفرغانة سنة خمسين. 8- أحمد بن بجير. أبو عبد الله البزاز. شيخ عراقي. روى عن: إسماعيل بن عُلَيَّة، ومُعاذ بن مُعاذ، وإسحاق الأزرق. وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا. 9- أحمد بن بكار بن أبي ميمونة3 -ن- أبو عبد الرحمن الحراني، مولى بني أميّة. سمع: محمد بن سَلَمَةَ، وأبا معاوية الضّرير. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ، وأبو عَرُوبة، ومحمد بن الباغَنْديّ. مات في صفر سنة أربعٍ وأربعين بحرّان.

_ 1 تهذيب التهذيب "1/ 14، 15"، وخلاصة تذهيب التهذيب "4"، والكاشف "1/ 12، 13، 7". 2 تاريخ اليعقوبي "2/ 397"، والكامل في التاريخ "7/ 279، 280"، ووفيات الأعيان "5/ 161". 3 تهذيب الكمال "1/ 277"، والتقريب "1/ 12".

10- أحمد بن ثابت1 -ق. أبو بكر الجحدري البصري. عن: سُفيان بن عُيَيْنَة، وغُنْدر، وعبد الوهْاب الثّقفيّ، ووكيع، ويحيى القطّان، وخلق. وعنه: ق، وابن أبي داود، وأبو عروبة الحراني، وعمر بن بجير، وأبو بكر بن خزيمة، وآخرون. عاش إلى سنة خمسين. 11- أحمد بن ثابت2. أبو يحيى الرازي الحافظ فرخويه. سمع: عبد الرزاق، وعفان، وأقرانهما. وعنه: محمد بن أيّوب الرّازي، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني. وكان غير ثقة. 12- أحمد بن الحسن بن جنيدب3 -خ. ت- أبو الحسن الترمذي الحافظ. سمع: أبا النّضر، ويَعْلَى بن عُبَيْد الله بن موسى، وأبا نُعَيْم، وسعيد بن أبي مريم، وأبا صالح كاتب اللَّيْث، وخلقا كثيرا بالعراق، ومصر، وخُراسان. وعنه: خ. ت، وأبو بكر بن محمد بن إسحاق بن خُزَيْمة، وأهل خُراسان. وسألوه عن العِلل والْجَرْح والتّعديل والفقه. وكان من تلامذة أحمد بن حنبل. روى عنه خ. حديثا عن أحمد بن حنبل في المغازي. وقدِمَ نَيْسَابور سنة إحدى وأربعين. ولا تاريخ لموته. 13- أحمد بن الحسن بن خراش4 -م. ت- أبو جعفر البغدادي.

_ 1 التهذيب "1/ 21"، والمعجم المشتمل "40 رقم 13" لابن عساكر. 2 ميزان الاعتدال "1/ 314"، والجرح والتعديل "2/ 44، 21". 3 سير أعلام النبلاء "12/ 156، 157"، والتقريب "1/ 13". 4 تاريخ بغداد "4/ 78-80"، والكاشف "1/ 15، 16".

عن: عبد الرحمن بن مهديّ، وشَبّابة، ووهْب بن جرير. وعنه: م. ت، ومحمد بن هارون المجدّر، وأبو العباس السراج، وآخرون. توفي سنة اثنين وأربعين. 14- أحمد بن الحسن الكندي البغدادي1. حدث بالري عن أبي عُبَيدة اللُّغَويّ، وحَجّاج بن نُصَيْر. وعنه: الفضل بن شاذان المقرئ، والحسن بن الليث الرازيان. ذكره ابن أبي حاتم. 15- أحمد بن حميد2. أبو زرعة الجرجاني الصيدلاني الحافظ نزيل مكة. صحب يحيى القطان. وكان عارفا بالعلل. روى عنه: موسى بن هارون. 16- أحمد بن حميد3. أبو طالب الفقيه صاحب أحمد بن حنبل. فقير صالح، خيرَّ، عالم، له مسائل. روى عنه: أبو محمد فَوْزان، وزكريّا بن يحيى. تُوُفّي سنة أربع وأربعين. 17- أحمد بن خالد4 -ت. ن- أبو جعفر البغدادي الخلال. قاضي الثَّغْر. سمع: ابن عُيَيْنَة، وإسحاق الأزرق.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 47، 35". 2 تاريخ جرجان للسهمي "61 رقم 2". 3 الجرح "2/ 48، 37"، وتاريخ بغداد "4/ 123". 4 تاريخ بغداد "4/ 126-128"، وطبقات الحنابلة "1/ 42" لابن أبي يعلى، والتقريب "1/ 14".

وعنه: ت. ن، وجعفر الفِريابيّ، وأحمد الأبار، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة خير. وتوفي سنة ست وأربعين أو سنة سبع. 18- أحمد بن الخصيب الجرجرائي الكاتب1. كاتب المنتصر قبل الخلافة. فلما استخلف وزر له، فظهر منه جهل وحمق وتيه. قال له المنتصر يوما: أريد أن أقطع السيّدة، يعني أمَّه، ضياع شجاع والدة المتوكّل. قال: وما قلت للفاجرة؟ فقال المنتصر: قتلني الله إن لم أقتلك. وكان سيئ الخُلق متكبّرًا، استغاث به مظلوم يومًا، فأخرج رِجْله من الرّكاب ورَفسه على فؤاده، فسقط ميتًا. فعزِّ ذلك على المنتصر، وأراد قتله، فمات قبل أن يتفرَّغ له. وقيل: إنّه رُفعت له قَصص بني هاشم، فكتب عليها: هشَّم الله وجوههم. وكتب على قصةٍ للأنصار: لا نَصَرَهم الله. ولمّا ولي المستعين همَّ به، فأرضاه بالأموال، فيقال إنّه أعطى المستعين ألف ألف دِرهم؛ وغضب عليه، ونفاه إلى جزيرة أقريطش. 19- أحمد بن الخليل2 -ن- أبو علي البغدادي البزّاز، نزيل نَيْسابور. عن: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وحَجّاج بن محمد الأعور، وأبي النَّضْر، وطبقتهم. وعنه: ن. وقال: ثقة، وعبدان الأهوازيّ، وابن خزيمة، وآخرون. مات لثلاث بقين من ربيع الأول سنة ثمان وأربعين.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 75، 125، 128"، والعقد الفريد "3/ 10"، والتنبيه والإشراف "314"، وسير أعلام النبلاء "12/ 553". 2 التاريخ الصغير "236" للبخاري، وتاريخ بغداد "4/ 129"، والتهذيب "1/ 27".

20- أحمد بن سعيد بن إبراهيم الحافظ1 -خ. م. د. ت. ن- أبو عبد الله الرباطي الأشقر. نزيل نَيْسابور. سمع: وَكِيعا، وعبد الرّزّاق، وإسحاق بن منصور السَّلُوليّ، ووهْب بن جرير، وسعيد بن عامر، وطائفة. وعنه: الجماعة سوى ق، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وابن خُزَيْمة، وأبو العبّاس السّرّاج، وعدّة. وعنه قال: جئت إلى أحمد بن حنبل، فجعل لا يرفع رأسه إليّ، فقلت: يا أبا عبد الله إنّه يُكتب الحديث عنّي بخُراسان، فإنْ عاملتني بهذا رموا بحديثي. فقال أحمد: هل بُدَّ أن يقال يوم القيامة: أين عبد الله بن طاهر وأتباعه؟ فانظر أين تكون منه. قلت: إنما ولاني أمر الرّباط، فلذلك دخلت معه. فجعل يكرِّر قولَهُ عليّ. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وأربعين، وقيل: سنة خمسٍ وأربعين. وكان يحفظ ويفهم. 21- أحمد بن سعيد بن يعقوب الكِنْديّ الحمصيّ2. أبو العبّاس. عن: بقيّة، وعثمان بن سعيد بن كثير. وعنه: ن. وقال: لا بأس به، وسعيد بن عَمْرو البرذعيّ. وأجاز لابن أبي حاتم. 22- أحمد بن صاعد الصُّوريّ الزّاهد3. له مواعظ وكلام نافع.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 6"، وعمل اليوم والليلة "265" للنسائي، والتهذيب "1/ 30". 2 التقريب "1/ 15"، والجرح والتعديل "2/ 53"، والكاشف "1/ 18". 3 الأنساب "8/ 105"، والجرح والتعديل "2/ 56".

حكى عنه: أحمد بن أبي الحواري، وسعد بن محمد البّيْروتيّ، ومحمد بن الحَسَن الْجَوْهريّ، وآخرون. ذكره ابن أبي حاتم. 23- أحمد بن صالح1 -خ. د- أبو جعفر الطبري. أبوه المصريّ الحافظ أحد أركان العِلْم والحِفْظ. قال أبو سعيد بن يونس: كان أبوه جُنْدِيًّا من جنود طَبَرِسْتان، فوُلِد له أحمد بمصر سنة سبعين ومائة. قلت: سمع: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وعبد الله بن وهْب، وحَرَمِيّ بن عُمارَة، وعَنْبَسَة بن سعيد، وابن أبي فُدَيْك، وعبد الرزاق، وعبد الله بن نافع، وطائفة. وعنه: خ. د، ثم خ. عن رجلٍ عنه، وعَمْرو النّاقد، والذُّهْليّ، ومحمد بن عبد الله بن نُمّيْر، ومحمود بن غَيْلان، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وصالح جَزَرَة، وأبو إسماعيل التِّرْمِذيّ، وخلق كثير آخرهم أبو بكر بن أبي داود. وقدِم بغداد سنة اثنتي عشرة ومائتين، فسمع من عفّان، وجالَسَ أحمد بن حنبل وناظَرَه. قال أبو زُرْعة: سألني أحمد بن حنبل: مَن بمصر؟ قلت له: أحمد بن صالح. فسُرَّ بذِكره ودعا له2. وقال صالح بن محمد: قال أحمد بن صالح: كان عند ابن وهْب مائة ألف حديث، كتبتُ عنه خمسين ألف حديث3. قال صالح: لم يكن بمصر أحد يُحسن الحديثَ غير أحمد بن صالح. وكان رجلا جامعًا، يعرف الفِقْه والحديث والنَّحْو، ويتكلَّم في حديث الثَّوريّ وشعبة وأهل العراق؛ يعني يذاكر به.

_ 1 التاريخ الكبير "2/ 6"، الصغير "236"، والجرح "2/ 56، 73"، وتذكرة الحفاظ "2/ 495"، وتاريخ بغداد "4/ 202"، ومروج الذهب "3067" وغيره. 2 تاريخ بغداد "4/ 196"، والكامل لابن عدي "1/ 184". 3 تاريخ بغداد "4/ 200".

قال: وكان يذاكر بحديث الزُّهْريّ ويحفظه. وقال عليّ بن الحسين بن الْجُنَيْد: سمعت ابن نُمَيْر يقول: ثنا أحمد بن صالح، وإذا جاوزت الفُرات فليس أحد مثله. وَسُئِلَ عنه أبو حاتم فقال: ثقة كتبت عنه بمصر، ودمشق، وأنطاكية1. وقال البخاريّ: هو ثقة صدوق، ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحُجَّة. وقال يعقوب الفسوي: كتبت عن ألف شيخ وَكَسْرٍ، حجتي فيما بيني وبين الله رجلان: أحمد بن حنبل، وأحمد بن صالح2. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: أحمد بن صالح ثقة، صاحب سنة3. وقال أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: كتب أحمد بن صالح المصريّ عن سلامة بن رَوْح، وكان لا يُحَدِّث عنه. وكتبَ عن ابن زبالة خمسين ألف حديث، وكان لا يحدث عنه4. وقال ابن وارة الحافظ: أحمد بن حنبل ببغداد، وأحمد بن صالح بمصر، والنُّفَيْليّ بحَرّان، وابن نُمَيْر بالكوفة؛ هؤلاء أركان الدِّين. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بكر زَنْجَوَيْهِ يَقُولُ: قَدِمْتُ مِصْرَ فَأَتَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ، فَسَأَلَنِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ بَغْدَادَ. قَالَ: تَكْتُبُ لِي مَوْضِعَ مَنْزِلِكَ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَافِي الْعِرَاقَ، حَتَّى تَجْمَعَ بَيْنِي وبين أحمد بن حنبل. قال: فقدم، فذهب بِهِ إِلَى أَحْمَدَ، فَقَامَ إِلَيْهِ وَرَحَّبَ بِهِ وَقَرَّبَهُ وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ جَمَعْتَ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، فتعال نَذْكُرَ مَا رَوَى عَنِ الصَّحَابَةِ. فَتَذَاكَرَا، وَلَمْ يُغْرِبْ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ. ثُمَّ تَذَاكَرَا مَا رُوِيَ عَنْ أَنْبَاءِ الصَّحَابَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عِنْدَكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أبيه، عن

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 56". 2 تاريخ بغداد "4/ 200". 3 تاريخ الثقات "48". 4 طبقات الحنابلة "1/ 48".

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي حُمُرَ النَّعَمِ وَأَنِّي لَمْ أَشْهَدْ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ" 1. فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: أَنْتَ الأُسْتَاذُ وتذكر مثل هذا؟ فجعل أحمد يبتسم وَيَقُولُ: رَوَاهُ عَنْهُ رَجُلٌ مَقْبُولٌ، أَوْ صَالِحٌ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ. فَقَالَ: مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ. قَالَ: ثناهُ رَجُلَانِ ثِقَتَانِ: ابْنُ عُلَيَّةَ، وبشر بن المفضل. فقال: سألتك بالله إِلَّا مَا أَمْلَيْتَهُ عَلَيَّ. فَقَالَ: مِنَ الْكِتَابِ. ثُمَّ قَامَ وَأَخْرَجَ الْكِتَابَ وَأَمْلَاهُ. فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: لَوْ لَمْ أَسْتَفِدْ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ كَثِيرًا. ثُمَّ وَدَّعَهُ وَخَرَجَ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صالح قال: حدَّثت أحمد بن حنبل بحديث زيد بن ثابت في بيع الثّمار، فأعجبه، واستزادني مثلَه، فقلتُ: ومن أين مثله؟ 2 وعن أبي نُعَيْم قال: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى، يعني أحمد بن صالح3. وقال عَبْدان: سمعت أبو داود يقول: أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهمه الناس. وقال صالح جزرة: حضرت مجلس أحمد بن صالح فقال: حرج على كل مبتدع وماجن أن يحضر مجلسي. فقلت: أمّا الماجن فأنا هو. وذاك أنّه قيل له: إنّ صالحًا الماجِن قد حضَر مجلسك. قال أبو بكر الخطيب: يقال كان آفة أحمد بن صالح الكِبْر وشراسة الخلق4.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أحمد بنحوه "1/ 193"، وذكره ابن هشام في السيرة "134"، وابن سعد في الطبقات "1/ 129". 2 تاريخ بغداد "4/ 198". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق.

ونال النَّسائيّ منه جفاءٌ في مجلسه، فذلك الّذي أفسد بينهما. قال ابن عديّ: سمعت محمد بن هارون البَرْقيّ يقول: حضرت مجلسَ أحمد بن صالح وَطَرَد النَّسائي من مجلسه، فحمله على أن تكلَّم فيه. قال النَّسائيّ في الكنى: أبو جعفر أحمد بن صالح ليس بثقة ولا مأمون، تركه محمد بن يحيى، ورماه يحيى بن مَعِين بالكذِب، ثناه معاوية بن صالح عن يحيى قال: أحمد بن صالح كذّابٌ يتفلسف. وقال ابن عديّ: سمعتُ محمد بن سعد السعْدي: سمعت النَّسائيّ: سمعت معاوية بن صالح يقول: سألت ابن مَعِين، عن أحمد بن صالح فقال: رأيته كذّابًا يَخْطُر في جامع مصر. وروى الحاكم، عن أبي حامد السّيّاريّ: ثنا أبو بكر محمد بن داود الرّازيّ يقول: ارتحلت إلى أحمد بن صالح، فدخلت فتذَاكَرْنا إلى أن ضاق الوقت، ثمّ أخرجتُ من كُمّي أطرافًا فيها أحاديث سألته عنها. فقال لي: تعود. فعُدت من الغد مع أصحاب الحديث، فأخرجت الأطراف وسألته عنها، فقال: تعود. فقلت: أليسَ قلت لي بالأمس تعود؟ ما عندك ما يُكتب أو ردّ عليّ مُسْنَدًا أو مُرْسَلا أو حَرْفًا ممّا أستفيد، فإنْ لم أورد لك عمّن هو أَوْثق منك فلست بأبي زُرْعة. ثم قمتُ وقلت لأصحابنا: مَن ههُنا ممّن يُكتب عنه؟ قالوا: يحيى بن بُكَيْر. فذهبتُ إليه. وروى أبو عَمْرو الدّاني، عن مَسْلَمَة بن القاسم الأندلسيّ قال: النّاس مُجْمعون على ثقة أحمد بن صالح1. وقال. وكان سبب تضعيف النَّسائي له أنّه كان لا يحدِّث أحدًا حتّى يشهد عنده رجلان أنّه من أهلِ الخير والعدالة، كما كان يفعل زائدة. فدخل النِّسائيّ بلا إذْنٍ ولم يأته بمن يشهد له، فلمّا رآه أنكره وأمرَ بإخراجه2. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ النَّسَائِيُّ يُنْكِرُ عَلَيْهِ أَحَادِيثَ مِنْهَا: عَنِ ابْنِ وهب، عن

_ 1 سير أعلام النبلاء "10/ 131". 2 انظر المصدر السابق.

مالك، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "الدين النصيحة" 1. والحديث فقد رواه يونس بْن عَبْد الأعلى، عَنِ ابن وهْب. قال: وقد كان سمع في كُتُب حَرْمَلَة، فمنعه حَرْمَلَة، ولم يدفع إليه إلا نصف الكُتُب. فكان أحمد بن صالح ينكر كلَّ من بدأ بحَرْمَلَة إذا وافى مصر، لم يحدِّثه أحمد2. وسمعت بعض مشايخنا يقول: قال أحمد بن صالح: صنَّف ابن وهْب مائة ألف وعشرين ألف حديث، فعند بعض النّاس منها الكُلّ، يعني حَرْمَلَة، وعند بعض النّاس النّصف، يعني نفسه. قال: وسمعت القاسم بن مهديّ يقول: كان أحمد بن صالح يستعير منّي كلّ جُمعة الحمار، فيركبه إلى الصّلاة. وكنتُ جالسًا عند حَرْمَلَة في الجامع، فجاء أحمد على باب الجامع، فنظر إلينا وإلى حَرْمَلَة ولم يسلِّم، فقال حرملة: أنظر إلى هذا، بالأمس يحمل دواتي، واليوم يمرُّ بي فلا يُسَلِّم!. قال القاسم: ولم يحدِّثني أحمد لأني كنت جالسًا عند حَرْمَلَة. قال: وسمعت عبد الله بن محمد بن سَلْم المقدسي يقول: قدمِتُ مصرَ، فبدأت بحَرْمَلَة، فكتبتُ عنه كتاب عَمْرو بن الحارث، ويونس بن يزيد، والفوائد. ثم ذهبت إلى ابن صالح، فلم يحدِّثني. فحملت كتاب يونس فحرّقته بين يديه لأُرْضيه، وليتني لم أحرقْه، فلم يرض، ولم يحدِّثني. قال ابن عديّ: وأحمد من حفّاظ الحديث. وكلام ابن مَعِين فيه تحامُل وأما سوءُ ثناءِ النَّسائيّ عليه فلِما تَقَدَّم. إلى أن قال: ولولا أنّي شرطت أن أذكر في كتابي كلّ من تكلَّم فيه متكلِّم لكنت أُجِلُّ أحمد بن صالح أن أذكره3. وقال ابن يونس: مات في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "1932"، والنسائي "7/ 157"، وأحمد في مسنده "4/ 257"، وأبو نعيم في الحلية "8534، 10515". 2 الكامل "1/ 186". 3 الكامل "1/ 187".

قال: ولم يكن عندنا بحمد الله كما قال النَّسائيّ، ولم تكن له آفة غير الكبر. قلت: وقع لي حديثه عاليًا في جزء ابن الطّلاية وغيره. 24- أحمد بن صالح المكّيّ السوّاق1. يقال له السَّمُوميّ. عن: مؤمّل بن إسماعيل، ونُعَيْم بن حمّاد، وطبقتهما. وعنه: الحسن بن اللَّيْث الرّازيّ. قال أبو زُرْعَة: صدوق، لكنّه يحِّدث عن الضُّعَفاء والمجهولين. وقال ابن أبي حاتم: روى عن مؤمّل أحاديث في الفِتَن تدلّ على توهين أمره. 25- أحمد بن عبد الله بن الحكم2 -م. ت. ن- أبو الحسين ابن الكردي الهاشمي مولاهم البصْريّ. عن: مروان بن معاوية، وغندر، وجماعة. وعنه: م. ت. ن، والبزّار في مُسْنَده، وقاسم بن زكريّا المطرِّز، وآخرون. تُوُفّي سنة سبْعٍ وأربعين. أحمد بن عاصم الأنطاكيّ الزّاهد. قد تقدمَّ. 26- أحمد بن أبي الحواري عبد الله بن ميمون3 -د. ق- أبو الحسن الثعلبي الغطفاني الدمشقي الزاهد. أحد الأئمة. أصله من الكوفة.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 202"، والثقات "8/ 25، 26". 2 رجال صحيح مسلم "1/ 36، 22" لابن منجويه، والتهذيب "1/ 47"، والمعجم المشتمل "49" لابن عساكر. 3 الجرح والتعديل "2/ 47، 56"، والمراسيل لأبي داود "25، 219"، والفقيه والمتفقه "2/ 168" للخطيب، وحلية الأولياء "10/ 5-33"، والكاشف "1/ 21، 50"، ومعجم البلدان "5/ 134، 237".

سمع: ابن عُيَيْنة، والوليد بن مسلم، وحفص بن غِيَاث، وعبد الله بن إدريس، وأبا معاوية، وعبد الله بن نُمَيْر، وعبد الله بن وهْب، وأبا الحسن الكِسائيّ، وخلْقا. وصِحب أبا سليمان الدّارانيّ. وأخذ بدمشق عن: أبي مُسْهر، وجماعة. وعنه: د. ق، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، وسعيد بن عبد العزيز الحلبيّ، ومحمد بن خزيم، ومحمد بن المعافي الصيداوي، وأبو الجهم المشغراني، ومحمد بن محمد الباغندي، وخلق كثير. قال هارون بن سعيد، عن يحيى بن معِين، وذُكِر أحمد بن أبي الحواري، فقال: أهل الشّام به يُمطَرون. رواها ابن أبي حاتم، عن محمد بن يحيى بن مَنْدَه، عنه. وقال محمود بن خالد، وذُكِر أحمد بن أبي الحواري، فقال: ما أظنّ بقي على وجه الأرض مثله. وعن الْجُنَيد قال: أحمد بن أبي الحواري رَيْحانة الشّام. وقال أبو زُرْعة: حدَّثني أحمد بن أبي الحواري قال: قلتُ لشيخ دخل مسجد النبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دُلَّني على مجلس إبراهيم بن أبي يحيى. فما كلّمني. فإذا هو عبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ. وقال أحمد بن عطاء الرُّوَذباريّ: سمعتُ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي الحواريّ قال: كنّا نسمع بكاء أبي باللَّيل حتّى نقول: قد مات. ثمّ نسمع ضَحِكَه حتّى نقول: قد جُنّ. وقال محمد بن عَوْف الحمصيّ: رأيت أحمد بن أبي الحواري عندنا بطَرَسُوس، فلمّا صلّى العَتْمَة قام يصلّي، فاستفتح بالحمد إلى قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 4] ، فطُفْتُ الحائطَ كلّه ثمّ رجعت، فإذا هو لا يجاوز {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 4] . ثم نمتُ، ومَرَرْتُ به سحرا وهو يقرأ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ، فلم يزل يردَّدُها إلى الصُّبْح. وقال سعيد بن عبد العزيز: سمعتُ أحمد بن أبي الحواري يقول: مَن عمل بلا

اتّباع سنة فعَمَلُه باطل1. وقال: مَن نظر إلى الدّنيا نَظَرَ إرادةٍ وحُبّ، أخرج الله نورَ اليقين والزُّهْد من قلبه2. قلت: ولأحمد قدم ثابت في العلم والحديث والزُّهْد والمواظبة. ومن مناقبه: قال أبو الدَّحْداح الدّمشقيّ: نا الحسين بن حامد أنّ كتاب المأمون وردَ على إسحاق بن يحيى بن مُعاذ أمير دمشق، أن أحْضِر المحدِّثين بدمشق فامْتَحِنْهُم. فأحضر هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، وعبد الله بن ذَكْوان، وأحمد بن أبي الحواري، فامْتَحَنَهُم امتحانًا ليس بالشّديد، فأجابوا، خلا أحمد بن أبي الحواري، فجعل يرفق به ويقول: أليس السَّماوات مخلوقة؟ أليست الأرض مخلوقة؟ وأحمد يأبى أن يُطيعه. فسجنه في دار الحجارة، ثمّ أجاب بعدُ، فأطلقه. وقال أحمد بن أبي الحواري: قال لي أحمد بن حنبل: متى مَوْلدُك؟ قلت: سنة أربعٍ وستّين ومائة3. قال: هي مولدي. وقد ذكر السُّلَميّ في مِحَن الصُّوفيّة أحمدَ بنَ أبي الحواري فقال: شهد عليه قوم أنّه يُفَضِّل الأولياء على الأنبياء، وبذلوا الخطوط عليه. فهربَ من دمشق إلى مكّة، وجاورَ حتّى كتب إليه السّلطان يسأله الرجوع، فرجع. قلت: هذا من الكذِب على أحمد، رحمه الله، فإنّه كان أعلم بالله من أن يقع في ذلك، وما يقع في هذا إلا ضالٌّ جاهل. وقال السُّلَميّ في تاريخ الصُّوفيّة: سمعتُ محمد بن جعفر بن مطر: سمعت إبراهيم بن يوسف الهَسَنْجانيّ يقول: رمى أحمد بن أبي الحواري بكُتُبه في البحر وقال: نِعْم الدّليل كنت. والاشتغال بعد الوصول مُحَال. ثم قَالَ السُّلَميّ: سمعتُ محمد بْن عَبْد الله الطِّبَريّ: سمعت يوسف بن الحسين

_ 1 طبقات الصوفية للسلمي "101" رقم "4". 2 حلية الأولياء "10/ 6"، والزهد للبيهقي "134". 3 راجع: تهذيب الكمال "1/ 374".

يقول: طلب أحمد بن أبي الحواري العلم ثلاثين سنة، ثمّ حمل كُتُبه كلّها إلى البحر فغرّقها، وقال: يا عِلْم لم أفعلْ هذا بك استخفافًا، ولكنْ لمّا أهتديتُ بك استغنيت عنك. ثم روى السُّلَميَ وفاة ابن أبي الحواري سنة ثلاثين ومائتين، وهذا غلط1. حكاية عجيبة لا أعلم صحّتها: روي السُّلَميّ، عن محمد بْن عَبْد اللَّه، وأبي عَبْد اللَّه بْن بالَويَهْ، عن أبي بكر الغارميّ: سمعا أبا بكر السّبّاك، سمعتُ يوسف بن الحسين يقول: كان بين أبي سليمان الدّارانيّ، وأحمد بن أبي الحواري عقْد لا يخالفه في أمر. فجاءه يومًا وهو يتكلَّم في مجلسه فقال: إنَّ التّنُّور قد سُجِرِ. فلم يُجِبْه. فقال: إنَّ التّنُّور قد سُجِر، فما تأمر؟ فلم يُجِبْه. فأعاد الثّالثة فقال: اذهب فاقْعُدْ فيه. كأنّه ضاقَ به. وتغافل أبو سليمان ساعةً، ثمّ ذكر فقال: اطلبوا أحمد، فإنّه في التّنّور؛ لأنه على عقْدٍ أن لا يخالفني. فنظروا فإذا هو في التّنُّورِ لم يحترق منه شَعْرة. قال عَمْرو بن دُحَيْم: تُوُفّي لثلاثٍ بقين من جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وأربعين. 27- أحمد بن عبد الله بن خالد بن موسى2. أبو عليّ الشَّيْبانيّ الْجُوباريّ، ويقال: الْجُوَيْباريّ الهَرَوِيّ، المعروف بسَتّوق. وجُوبار: من أعمال هراة. روى عن: جرير، وابن عُيَيْنَة، والفضل بن موسى السّينانيّ، ووَكِيع، وغيرهم أحاديث وضَعَها عليهم. وعنه: محمد بن كرّام السّجِسْتانيّ شيخ الكرّاميّة، وأحمد بن بهرام، وآحاد الناس.

_ 1 صفة الصفوة "4/ 238". 2 ميزان الاعتدال "1/ 106-108"، وأحوال الرجال "206" للجوزجاني.

قال ابن عَدِيّ: له أحاديث كثيرة وضعها1. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كذاب2. وقال الحاكم أبو عبد الله: لا يَحِلّ كَتْبُ حديثه بوجهٍ. قُلْتُ: وَمِنْ مَوْضُوعَاتِهِ: رُوِي عَنْ أَبِي يَحْيَى الْمُعَلِّمِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ قَالَ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ يُكْنَى أَبَا حَنِيفَةَ، يُجَدِّدُ اللَّهُ سُنَّتِي عَلَى يَدَيْهِ". تُوُفيّ في رجب سنة سبع وأربعين. 28- أحمد بن عبد الرحمن بن بكّار بن عبد الملك بن الوليد بن بُسْر بن أرطأة3. -ت. ن. ق- أبو الوليد القرشي العامري البسري الدمشقي، نزيل بغداد. سمع: الوليد بن مسلم، وعِراك بن خالد، ومروان بن معاوية. وعنه: ت. ن. ق، وأبو محمد الدّارِميّ، وعبد الله بن ناجية، وأبو القاسم البَغَويّ، وأبو حامد الحضرمي، وحاجب الفرعاني، وَآخَرُونَ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صالح. مات في رمضان سنة ثمان وأربعين. وقال الباغَنْديّ: نا إسماعيل بن عبد الله اليَشْكُريّ قال: لم يسمع أبو الوليد مِنَ الوليد بن مسلم شيئًا. وكنت أعرفه شبه قاصّ. وكان يحلّل النّساء للرّجال، ويُعطي السَّبْي، سامحه الله. 29- أحمد بن عَبْدَة بن موسى الضبي4 -م. ع- أبو عبد الله البصري. سمع: حمّاد بن زيد، وعبد الواحد بن زياد، وحفص بن جُمَيْع، وطائفة. وعنه: م. ع، وزكريا السّاجيّ، وأبو بكر بن خزيمة، وخلق كثير.

_ 1 راجع الكامل في الضعفاء "1/ 181". 2 في الضعفاء والمتروكين "37". 3 سير أعلام النبلاء "12/ 114"، والتهذيب "1/ 52". 4 التاريخ الصغير "236"، وتاريخ الطبري "1/ 296"، والجرح والتعديل "2/ 62".

وكان ثقة نبيلا. توفي في شوال سنة خمس وأربعين. 30- أحمد بن عثمان بن عبد النور1 -م. ت. ن- أبو عثمان النَّوْفَليّ البصْريّ، المعروف بأبي الْجَوْزاء عن: أبي داود الطَّيالِسيّ، وقريش بن أنس، وأزهر السّمّان، وغيرهم. وعنه: م. ت. ن. وأبو بَكْر بْن أبي عاصم، وآخرون. وكان من نُسّاك أهل البصرة وثقاتهم. تُوُفّي سنة ستٍّ وأربعين ومائتين. 31- أحمد بن عَمْرو بن عبد الله بن عُمَرو بن السرح2 -م. د. ن. ق- أبو الطاهر الأموي، مولاهم المصريّ الفقيه. عن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وابن وهْب، وسعيد الآدم. وعنه: م. د. ن. ق، وطائفة آخرهم أبو بكر بن أبي داود. وكان من جِلّة العلماء، شرح موطأ ابن وهب. وتوفي لأربع عشرة خلت من ذي القعدة سنة خمسين. وتفرَّد عن ابن وهْب بحديث. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ثناه أَبُو الْعَلاءِ الْكُوفِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ محمد، وَمحمد بْنُ زِيَادِ بْنِ حَبِيبٍ، وَغَيْرُهُمْ قَالُوا: ثنا أَبُو طَاهِرِ بْنُ السَّرْحِ، نا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ، الرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ، وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا". هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ3. 32- أحمد بن عيسى بن حسّان4 -خ. م. د. ن. ق-

_ 1 رجال صحيح مسلم "1/ 34" لابن منجويه، والتهذيب "1/ 61". 2 عمل اليوم والليلة "385"، والمراسيل لأبي داود "في أكثر من موضع"، والجرح والتعديل "2/ 15". 3 أخرجه ابن عدي من طريق ابن السرح به كما في الكامل "4/ 204". 4 التاريخ الكبير "2/ 6"، والصغير له "235"، والتهذيب "1/ 65".

أبو عبد الله المصريّ المعروف بابن التُّسْتَريّ. سمع: ضِمام بن إسماعيل، ومفضَّل بن فَضَالَةَ، وابن وهْب، وبِشْر بن بكر، وأزهر السَّمّان، وغيرهم. وعنه: الجماعة سوى ت، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربيّ، ويوسف القاضي، وأبو القاسم البَغَويّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وآخرون. قال: أبو داود: سألت ابن مَعِين عنه فحلفَ بالله أنّه كذّاب. وقال أبو زُرْعة لمّا نظر في صحيح مسلم: يروي عن أحمد بن عيسى في الصّحيح، وما رأيتُ أهل مصر يشكّون في أنّه. وأشارَ إلى لسانه. وأمّا النَّسائيّ فقال: ليس به بأس. وقال الخطيب: ما رأيتُ لمن ترك الاحتجاج بحديثه حُجّة. مات بسامرّاء في صفر سنة ثلاث وأربعين ومائتين. وكان أبوه يّتَّجِر إلى تُسْتَر، فَعُرِف بالتُّسْتَريّ، وهي شُشْتَر. 33- أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ بن الشّهيد الحُسَين الحُسَينيّ1. سيّد العلويّة وشيخهم. حَبَسه الرشيد عند الفضل بن الربيع مدةً، فهرب وتنقّل واختفى دهرا طويلا، وكبر وضعُف بصَرُه. مات بالبصرة سنة سبْعٍ وأربعين في رمضان. 34- أحمد بن عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَر ابن الإمام عليّ بن أبي طالب2. أبو طاهر العلويّ المدنيّ. عن: أبيه، وابن أبي فُدّيْك. وعنه: محمد بن منصور بن يزيد الكوفيّ، وأبو يونس المدني، وغيرهما.

_ 1 سير أعلام النبلاء "12/ 72"، وتاريخ الطبري "8/ 275". 2 ميزان الاعتدال "1/ 126، 127"، والجرح والتعديل "2/ 65".

ذكره ابن أبي حاتم، وأبو أحمد الحاكم، ولم يضعّفاه. له غرائب. 35- الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيَّان بن عبد الله بن أَنَس بن عَوْف بن قاسط بن مازن بن شَيْبان بن ذُهْل بن ثعلبة بن عُكابة بْن صَعْب بْن عليّ بْن بَكْر بْن وائل1. الإمام أبو عبد الله الشَّيْبانيّ. هكذا نسَبه ولده عبد الله واعتمده أبو بكر الخطيب، وغيره. وقال ابن أبي حاتم: ثنا صالح بْن أَحْمَد قَالَ: وجدتُ في كتاب أَبِي نسبَهُ؛ فَسَاقه إلى مازن، ثم قال: ابن هُذَيْل بن شيبان بن ثعلبة بن عُكابة. قلت: قال فيه هُذَيْل بن شَيْبان كما ترى، وهو غَلَط. وقال البَغَويّ: نا صالح بن أحمد فقال فيه: ذُهْل، بدل: هُذَيْل. وكذا نقل إبراهيم بن إسحاق الغَسيل، عن صالح. فدلَّ على أنّ الوهْم من ابن أبي حاتم. وأما قَول عبّاس الدُّوريّ، وأبي بكر بن أبي داود أنّ الإمام أحمد كان من بني ذُهل بن شيبان، فغلَّطهما الخطيب. وقال: إنّما كان من بني شيبان بن ذُهَل بن ثَعْلَبَة. قال: وذُهْل بن ثعلبة هو عمّ ذُهْل بن شيبان بن ثعلبة. فينبغي أن يقال فيه: أحمد بن حنبل الذُّهْليّ على الإطلاق. وقد نسبه البخاري إليهما معًا فقال: الشَّيْبانيّ الذُّهْليّ2. وأمّا "ابن ماكولا" مع بَصَره بالأنساب فَوَهِم، وقال في سياق نَسَبه: مازن بن ذُهْل بن شَيْبان بن ذهل بن ثعلبة. ولم يتابع عليه.

_ 1 الطبقات لابن سعد "7/ 354"، وتاريخ الطبري "2/ 292"، والثقات "8/ 18"، وتهذيب الكمال "1/ 437-470". 2 راجع التاريخ الكبير "2/ 5".

وقال صالح بن أحمد: قال لي أبي: وُلِدْتُ في ربيع الأول سنة أربع وستّين ومائة1. قال صالح: وجيء بأبي حُمِل من مرو، فتوفي أبوه محمد شابا ابن ثلاثين سنة، فوليت أبي أمه2. قال أبي: وكانت قد ثقبت أذني، فكانت أمي تصير فيهما لؤلؤتين. فلما ترعرعت نزعتهما، فكانتا عندها، فدفعتهما إلي، فبعتهما بنحو من ثلاثين درهما3. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وأحمد بن أبي خيثمة إنه ولد في ربيع الآخر. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طلبتُ الحديث سنة تسعٍ وسبعين، وجاءنا رجل وأنا في مجلس هُشَيْم فقال: مات حمّاد بن زيد4. فمن شيوخه: هُشَيْم، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وإبراهيم بن سعد، وجرير بن عبد الحميد، ويحيى القطّان، والوليد بن مسلم، وإسماعيل بن عُلَية، وعليّ بن هاشم بن البريد، ومعتمر بن سليمان، وعمّار بن محمد ابن أخت الثَّوريّ، ويحيى بن سُلَيْم الطّائفيّ، وغُنْدر، وبِشْر بن المفضّل، وزياد البكّائيّ، وأبو بكر بن عيّاش، وأبو خالد الأحمر، وعبّاد بن عبّاد المُهَلّبيّ، وعَبّاد بن العوّام، وعبد العزيز بن عبد الصّمد العمِّيّ، وعمر بن عُبَيْد الطّنَافِسِيّ، والمطَّلِب بن زياد، ويحيى بن أبي زائدة، والقاضي أبو يوسف، ووَكِيع، وابن نُمَيْر، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وعبد الرّزَاق، والشافعيّ، وخلْق كثير. وممّن روى عنه: خ. م. د، ومَنْ بَقي بواسطة؛ وخ. د. أيضا بواسطة، وابناه صالح، وعبد الله، وشيوخه: عبد الرّزّاق، والحَسَن بن موسى الأشيب، والشّافعيّ لكنه قال: الثقة. ولم يُسَمَّه5.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 415". 2 تاريخ دمشق "7/ 222". 3 حلية الأولياء "9/ 163". 4 تاريخ دمشق "7/ 228". 5 تاريخ دمشق "7/ 256".

وأقرانه: عليّ بن المَدِينيّ، ويحيى بن مَعِين، ودُحْيم الشّاميّ، وأحمد بن أبي الحواري، وأحمد بن صالح المصريّ. ومِنَ القدماء: محمد بن يحيى الذُّهْليّ، وأبَو زُرْعَة، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو حاتم، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وإبراهيم الحربيّ، وأبو بكر الأثرم، وأبو بكر المّرْوَزيّ، وحرب الكِرمْانيّ، وموسى بن هارون، ومُطَيَّن، وخلْق آخرهم أبو القاسم البَغَويّ. وقال أبو جعفر بن ذَرِيح العكبري: طلبت أحمد بن حنبل لأسأله عن مسألة، فسلّمت عليه، وكان شيخًا مخضوبًا، طُوالا، أسمر شديد السُّمرة1. وقال الخطيب: وُلِد أبو عبد الله ببغداد ونشأ بها، وطلب العلم بها، ثمّ رحل إلى الكوفة، والبصْرة، ومكّة، والمدينة، واليمن، والشّام، والجزيرة. وقال أحمد: مات هُشَيْمٍ سنة ثلاثٍ وثمانين، وخرجت إلى الكوفة في تلك الأيّام، ودخلت البصرة سنة ستٍّ وثمانين. ثمّ دخلتها سنة تسعين، وسمعت من عليّ بن هاشم سنة تسع وسبعين. ثمّ عدت إليه المجلسَ الآخر وقد مات. وهي السنة الّتي مات فيها مالك2. وقال: قدِمْنا مكة سنة سبْعٍ وثمانين، وقد مات الفُضَيْل، وفي سنة إحدى وتسعين، وفي سنة ستٍّ. وأقمتُ بمكة سنة سبُعٍ، وخرجنا سنة ثمانٍ. وأقمت سنة تسعٍ وتسعين عند عبد الرّزّاق، وحججت خمس حِجَج، منها ثلاث راجلا. وأنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهمًا. ولو كان عندي خمسون دِرْهمًا لخرجتُ إلى جرير بن عبد الحميد3. وقال: رأيت ابن وهْب بمكّة، ولم أكتب عنه. وقال محمد بن حاتم: ولي جد الإمام أحمد بن حنبل بن هلال: سَرْخَس، وكان من أبناء الدّعوة. فحُدّثت أنّه ضربه المسيب بن زُهير الضبي ببخارى، لكونه شغب الجند4.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 412". 2 حلية الأولياء "9/ 162". 3 تاريخ دمشق "7/ 229، 230". 4 راجع تاريخ بغداد "4/ 415".

وعن عبّاس النَّحْويّ قال: رأيت أحمد بن حنبل حسن الوجه، رَبْعَه، يَخْضِب بالحِنّاء خضابا ليس بالقاني. وفي لحيته شَعِرات سُود. ورأيت ثيابه غلاظا، إلا أنّها بِيض. ورأيتهُ مُعْتَمّا وعليه إزار1. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: ذهبتُ لأسمع من ابن المبارك فلم أُدْرِكْه. وكان قد قدِم فخرج إلى الثَّغر، فلم أسمع منه ولا رأيته. وقال عارم أبو النُّعْمان: وضع أحمد عندي نَفَقَتَه، فكان يجيء فيأخذ منها حاجته، فقلت له يومًا: يا أبا عبد الله بَلَغَني أنَّك من العرب. فقال: يا أبا النُّعْمان نحن قوم مساكين. فلم يزل يدافعني حتّى خرج ولم يقل لي شيئًا2. وقال صالح: عزم أبي على الخروج إلى مكّة. ورافق يحيى بن معين، فقال أبي: نجح ونمضي إلى الصنعاء إلى عبد الرزاق فمضينا حتّى دخلنا مكّة، فإذا عبد الرّزّاق في الطَّواف، وكان يحيى يعرفه، فطفْنا، ثمّ جئنا إلى عبد الرّزّاق، فسلَّم عليه يحيى وقال: هذا أخوك أحمد بن حنبل. فقال: حيّاه الله، إنّه لَيَبْلُغُني عنه كلام أُسَرُّ بِهِ. ثبّته الله على ذلك. ثمّ قام لينصرف، فقال يحيى: ألا نأخذ عليه الموعد. فأبى أحمد وقال: لم أغير النية في رحلتي إليه. أو كما قال. ثمّ سافر إلى اليمن لأجله، وسمع منه الكُتُب، وأَكْثَرَ عنه3. فصل في إقباله على العلم واشتغاله وحِفْظه: قال الخلال: أنا المَرُّوذِيّ أنّ أبا عبد الله قال له: ما تزوّجت إلا بعد الأربعين. وعن أحمد الدَّوْرَقيّ، عن أبي عبد الله قال: نحن كتبنا الحديث من ستّة وُجوه وسبعة وُجوه، لم نضبطه، فكيف يضبطه من كتبه من وجه واحد.

_ 1 راجع تاريخ دمشق "7/ 225". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سمعت أبا زُرْعَة يقول: كان أبوك يحفظ ألف ألف حديث. فقيل له: وما يُدْريك؟ قال: ذاكَرْتُه فأخذت عليه الأبواب1. وقال جُنَيْد: سمعت أبا عبد الله يقول: حفظت كلّ شيء سمعته من هُشَيْم، وهُشَيْم حيّ2. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قال سعيد بن عَمْرو البَرْدَعيّ: يا أبا زُرْعَة، أنت أحفظ أَمّ أحمد بن حنبل؟ فقال: بل أحمد3. قلت: وكيف علمت؟ قال: وجدتُ كُتُبَه ليس في أوائل الأجزاء ترجمة أسماء المحدِّثين الذين سمع منهم. فكان يحفظ كلّ جزء ممّن سمعه، وأنا لا أقدر على هذا. وعن أبي زرعة قال: حرز كُتُب أحمد يوم مات، فبلغت اثنى عشر حملا وعدلا، وما كان ظهر كتابٍ منها: حديث فلان؛ ولا: ثنا فلان. وكلّ ذلك كان يحفظه عن ظهر قلبه. وقال الحَسَن بن منبّه: سمعت أبا زُرْعة قال: أخرج إليَّ أبو عبد الله أجزاء كلّها: سُفيان، سُفيان، ليس على حديثٍ منها: ثنا فلان. فظننتها عن رجلٍ واحدٍ، فانتخبْتُ منها. فلمّا قرأ عليّ جعل يقول: ثنا وكيع، ويحيى، وثنا فلان. فعجبت من ذلك، وجهدت أن أقدر على شيءٍ من هذا، فلم أقدر. قال المَرُّوذيّ: سمعت أبا عبد الله يقول: كنت أذاكر وَكِيعًا بحديث الثَّوريّ، وكان إذا صلى العِشاء الآخرة خرج من المسجد إلى منزله. فكنت أُذَاكره، فربّما ذكر تسعة عشرة أحاديث، فأحفظها. فإذا دخل قال لي أصحاب الحديث: أَمْلِ علينا. فأُمْلِها عليهم. وقال الخلال: ثنا أبو إسماعيل التِّرْمِذيّ: سمعت قُتَيْبة بن سعيد يقول: كان وَكِيع إذا كانت العَتْمَة ينصرف معه أحمد بن حنبل، فيقف على الباب فيُذَاكره. فأخذ وَكِيع

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 419، 420". 2 راجع: تقدمة المعرفة "595". 3 انظر المصدر السابق.

ليلةً بعضادتي الباب ثمّ قال: يا أبا عبد الله، أريد أن ألقي عليك حديث سُفْيان. قال: هات. قال: تحفظ عن سُفْيان، عن سَلَمَةَ بن كُهَيْل كذا؟ قال: نعم. ثنا يحيى. فيقول: سَلَمَةُ كذا وكذا، فيقول: ثنا عبد الرحمن. فيقول: وعن سَلَمَةَ كذا كذا. فيقول: أنت حدَّثتنا. حتّى يفرغ من سَلَمَةَ، فيقول أحمد: فتحفظ عن سَلَمَةَ كذا وكذا؟ فيقول وكيع: لا. ثمّ يأخذ في حديث شيخ، شيخ. فلم يزل قائمًا حتّى جاءت الجارية فقالت: قد طلع الكوكب. أو قالت الزُّهْرة. وقال عبد الله: قال لي أبي: خُذْ أيَّ كتاب شئت من كُتُب وَكِيع. فإنْ شئت أن تسألني عن الكلام حتّى أخبرك بالإسناد، وإن شئت بالإسناد، حتّى أخبرك عن الكلام. وقال الخلال: سمعتُ أبا القاسم بن الخُتَّليّ -وكفاك به- يقول: أكثر النّاس يظنّون أنّ أحمد إذا سُئِل كان عِلْم الدُّنيا بين عينيه. وقال إبراهيم الحربيّ: رأيت أحمد كأنّ الله جمع له عِلْم الأوّلين والآخرين. وعن أحمد بن سعيد الرّازيّ قال: ما رأيت أسود أحفَظَ لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أعْلَم بِفقْهه ومعانيه من أحمد بن حنبل1. وقال ابن أبي حاتم: ثنا أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: كنت أجالس بالعراق أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعين، وأصحابَنَا. وكنا نتذاكر الحديث من طريقين وثلاثة. فيقول يحيى من بينهم: وطريق كذا. فأقول: أليس قد صحّ هذا بإجماعٍ منّا؟ فيقولون: نعم. فأقول: ما تفسيره؟ ما فِقْهُهُ؟ فيقفون كلّهم، إلا أحمد بن حنبل2. وقال الخلال: كان أحمد قد كَتَبَ الرَّأي وحفِظها، ثمّ لم يلتفت إليها. وقال أحمد بن سِنان: ما رأيت يزيد بن هارون لأحدٍ أشدَّ تعظيمًا منه لأحمد بن حنبل. لا رأيته أكْرَمَ أحدًا مثله. وكان يُقْعده إلى جنبه ويوقره ولا يمازحه.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 419". 2 انظر المصدر السابق.

وقال عبد الرّزّاق: ما رأيت أفقه من أحمد بن حنبل ولا أروع. وقال إبراهيم بن شماس: سمعت وَكِيعًا يقول: ما قدِم الكوفةَ مثل ذاك الفتى -يعني أحمد؛ وسمعت حفص بن غيَاث يقول ذلك. وَعَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: مَا نظرتُ إلى أحمد بن حنبل إلا تذكّرت به سُفْيان الثَّوريّ1. وقال القواريريّ: قال لي يحيى القطّان: ما قدِم عليَّ مثل أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين2. وقال أبو اليَمَان: كنت أشبّه أحمد بن حنبل بأرطأة بن المُنْذر. وقال الهيثم بن جميل: إنْ عاش هذا الفتى سيكون حُجَّة زمانه، يعني أحمد. وقال قُتَيْبة: خير أهل زماننا ابن المبارك، ثمّ هذا الشّابّ، يعني أحمد بن حنبل. وقال أبو داود: سمعتُ قُتَيْبة يقول: إذا رأيت الرجل يحبّ أحمد فاعلم أنّه صاحب سنة. وقال عبد الله بن أحمد بن شَبَّويْه، عن قُتَيْبة: لو أدرك أحمد عصر الثَّوريّ، والأوزاعيّ، ومالك، واللّيث، لكان هو المقدَّم. فقلت: لقُتَيْبة: تضمُّ أحمدَ إلى التّابعين؟ فقال: إلى كبار التّابعين3. وسمعت قُتَيْبة يقول: لولا الثَّوريّ لَمَاتَ الورع، ولولا أحمد بن حنبل لأحْدَثوا في الدّين4. وقال أحمد بن سَلَمَةَ: سمعتُ قُتَيْبَة يقول: أحمد بن حنبل إمام الدّنيا. وقال العبّاس بن الوليد البَيْروتيّ: ثنا الحارث بن عبّاس قال: قلت لأبي مُسْهِر: هل تعرفُ أحدًا يحفظ على هذه الأمّة أمر دِينها؟ قال: لا أعلمه إلا شاب في ناحية

_ 1 راجع: حلية الأولياء "9/ 169". 2 حلية الأولياء "9/ 165". 3 الجرح والتعديل "2/ 69"، وتاريخ دمشق "7/ 238". 4 تاريخ بغداد "4/ 417".

الشّرق، يعني أحمد بن حنبل1. وقال المُزَنيّ: قال لي الشّافعيّ: رأيتُ ببغداد شابًا إذا قال: حدَّثنا، قال النّاس كلّهم: صَدَق. قلت: من هو؟ قال: أحمد بن حنبل. وقال حَرْمَلَة: سمعت الشّافعيّ يقول: خرجت من بغداد، فما خلَّفت بها رجلا أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد بن حنبل2. وقال الزَّعْفُرانيّ: قال لي الشّافعيّ: ما رأيت أَعْقَل من أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي. وقال محمد بن إسحاق بن راهَوَيْه: سمعتُ أبي يقول: قال لي أحمد بن حنبل: تعالَ حتّى أُرِيكَ رجلا لم تَرَ مثله. فذهبَ بي إلى الشّافعيّ. قال أبي: وما رأى الشافعي مثل أحمد بن حنبل. لولا أحمد وبذْل نفسِهِ لِمَا بذلَها له لذهب الإسلام. وعن إسحاق قال: أحمد حُجّة بين الله وبين خَلْقه3. وقال محمد بن عَبْدَوَيْه: سمعت عليَّ بن المَدِينيّ وذكر أحمد بن حنبل فقال: هو أفضل عندي من سعيد بن جُبَيْر في زمانه. لأنّ سعيدًا كان له نُظرَاء، وإنّ هذا ليس له نظير. أو كما قال. وقال عليّ بن المَدينيّ: إن الله أعَزَّ هذا الدين بأبي بكر الصِّدّيق يوم الرِّدَّةِ، وبأحمد بن حنبل يوم المِحْنَة4. وقال أبو عُبَيْد: انتهى العِلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل وهو أفقههم، وذكر الحكاية.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 68". 2 تاريخ دمشق "7/ 235". 3 راجع تاريخ دمشق "7/ 235". 4 راجع تاريخ بغداد "4/ 418".

وقال محمد بن نصر الفرّاء: سمعت أبا عُبَيْد يقول: أحمد بن حنبل إمامنا، إنّي لأتزَّين بذِكره. وقال أبو بكر الأثرم، عن أبي عُبَيْد: ما رأيت رجلا أعلم بالسنة من أحمد. وقال أحمد بن الحَسَن التِّرْمِذيّ: سمعت الحَسَن بن الربيع يقول: ما شبَّهت أحمد بن حنبل إلا بابن المبارك في سَمْتِه وهيئته. وقال الطَّبَرانيّ: ثنا محمد بن الحسين الأنماطيّ قال: كنّا في مجلسٍ فيه يحيى بن مَعِين، وأبو خيثمة، وجماعة، فجعلوا يُثْنُون على أحمد بن حنبل فقال رجل: لا تُكثِروا بعض هذا. فقال يحيى بن مَعِين: وكَثْرة الثّناء على أحمد تُسْتَنْكَر؟ لو جلسنا مجالسنا بالثنّاء عليه ما ذكرنا فضائله بكمالها. وقال عبّاس، عن ابن مَعِين: ما رأيت مثل أحمد. وقال جعفر النُّفَيْليّ: كان أحمد من أعلام الدّين1. وقال المَرُّوذيّ: حضرتُ أبا ثوْر سُئِل عن مسألة فقال: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل شيخنا وإمامُنا فيها كذا وكذا. وقال إبراهيم الحربيّ: قال ابن مَعِين: ما رأيتُ أحدًا يُحَدِّثُ لله إلا ثلاثة: يَعْلَى بن عُبَيْد، والقَعْنَبيّ، وأحمد بن حنبل. وقال عبّاس الدُّوريّ: سمعت ابن مَعِين يقول: أرادوا أن أكون مثل أحمد، والله لا أكون مثله أبدًا. وقال أبو خَيْثَمَة: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، ولا أشدّ قلْبًا منه. وقال عليّ بن خَشْرَم: سمعت بشْر بن الحارث، وَسُئِلَ عن أحمد بن حنبل فقال: أنا أُسْأل عن أحمد؟ إنّ أحمد أدخل الكِيرَ فخرج ذَهَبًا أحمر2. رواها جماعة، عن ابن خشرم.

_ 1 تقدمة المعرفة "295". 2 حلية الأولياء "9/ 170"، بنحوه وفيه: "فخرج ذهبة حمراء".

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قال أصحاب بِشْر بن الحارث حين ضُرب أحمد في المحنة: يا أبا نصر لو أنّك خرجتَ، فقلت: إنّي على قول أحمد بن حنبل. فقال بِشْر: أتريدون أن أقومَ مقام الأنبياء1؟. رُوِيَتْ من وجهين عن بِشْر، وزاد أحدهما: قال بِشْر: حفظ الله أحمد من بين يديه ومِن خلفه. وقال القاسم بن محمد الصّايغ: سمعتُ المَرُّوذيّ يقول: دخلت على ذي النُّون السّجنَ ونحن بالعسكر، فقال: أيّ شيء حال سيّدنا؟، يعني أحمد بن حنبل. وقال إسحاق بن أحمد: سمعتُ أبا زُرْعة يقول: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل في فنون العِلم. وما قام أحدٌ مثل ما قام أحمد به. وقال ابن أبي حاتم: قالوا لأبي زُرْعة: فإسحاق بن راهَوَيْه؟ قال: أحمد بن حنبل أكبر من إسحاق وأَفْقَه. قد رأيت الشيوخ، فما رأيتُ أحدًا أكمل منه. اجتمع فيه زُهْدٌ وفضلٌ وفقهٌ وأشياءٌ كثيرة. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عليّ بن المَدِينيّ وأحمد بن حنبل أيُّهما أحفظ؟ فقال: كانا في الحِفْظ متقاربَيْن وكان أحمد أفقه. وقال أبي: إذا رأيت الرجل يحبّ أحمد فاعلم أنّه صاحب سنة2. وسمعت أبي يقول: رأيت قُتَيْبَة بمكة فقلت لأصحاب الحديث: كيف تغفلون عنه وقد رأيت أحمد بن حنبل في مجلسه؟ فلمّا سمعوا هذا أخذوا نحوه وكتبوا عنه. وقال محمد بن حمّاد الطِّهْرانيّ: سمعتُ أبا ثَوْر يقول: أحمد بن حنبل أعلم أو أفقه من الثَّوريّ3. وقال محمد بن يحيى الذُّهْليّ: جعلتُ أَحْمَد بْن حنبل إمامًا فيما بيني وبين الله. وقال نصر بن عليّ الْجَهْضميّ: كان أحمد أفضل أهل زمانه. وقال عَمْرو النّاقد: إذا وافَقَني أحمد على حديثٍ لا أبالي من خالفني.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 وانظر تقدمة المعرفة "308". 3 تقدمة المعرفة "299".

وقال محمد بن مِهران الجمّال وذُكِر له أحمد بن حنبل فقال: ما بقى غيره. وقال الخلال: ثنا صالح بن عليّ الحلبيّ: سمعتُ أبا همّام السَّكُونيّ يقول: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، ولا رأي أحمد مثلَه1. وقال محمد بن إسحاق بن خُزَيْمة: سمعت محمد بن سَخْتَوَيْه البَرْذَعيّ يقول: سمعتُ أبا عُمَيْر عيسى بن محمد الرمليّ، وذكر أحمد بن حنبل فقال: رحمه الله، عن الدّنيا ما كان أمُره، وبالماضين ما كان أشبَههُ، وبالصّالحين ما كان أَلْحَقَه. عُرِضَت له الدَنيا فأباها، والبِدَع فنفاها2. وقال أبو حاتم الرازيّ: كان أبو عُمَيْر بن النّحّاس الرمليّ من عُبّاد المسلمين، فقال لي: كتبتّ عن أحمد بن حنبل شيئًا؟ قلت: نعم. قال: فأملّ عليَّ. فأمليتُ عليه شيئًا3. عن حَجّاج بن الشّاعر قال: ما كنت أحبّ أن أُقتل في سبيل الله ولم أُصَلِّ على أحمد بن حنبل. وعنه قال: قبَّلتُ يومًا ما بين عينَيْ أحمد بن حنبل وقلت: يا أبا عبد الله بلغتَ مبلغ سُفيان، ومالِك، ولم أظنّ في نفسي أنّي بقيتْ لي غاية. فبلغَ والله في الإمامة أكثر من مبلغهما. وعن حَجّاج بن الشّاعر قال: ما رأت عيناي روحًا في جسد أفضل من أحمد بن حنبل. وعن محمد بن نصر المَرْوَزِيّ قال: اجتمعتُ بأحمد بن حنبل وسألته عن مسائل، وكان أكثر حديثًا من إسحاق بن راهَوَيْه وأفقه منه. وعن محمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ قال: ما رأيت أجمع في كلّ شيءٍ من أحمد بن حنبل ولا أعقل.

_ 1 تاريخ دمشق "7/ 251". 2 تاريخ دمشق "7/ 252". 3 تقدمة المعرفة "298".

وقال محمد بن مسلم بن وَارَةَ: كان أحمد صاحب فِقه، وصاحب حِفْظ، وصاحب معرفة. وقال أبو عبد الرحمن النَّسائيّ: جمع أحمد بن حنبل المعرفة بالحديث، والفقه، والورع، والزُّهد، والصّبر. وَقَالَ خَطَّابُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْحَكَمِ الْوَرَّاقِ: لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ". رَدَدْنَاهُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَكَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ1. وقال أبو داود: كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة، لا يُذكر فيها شيءٌ من أمر الدّنيا. ما رأيته ذكر الدّنيا قطّ2. وقال صالح جَزَرَة: أفقه من أدركت في الحديث أحمد بن حنبل. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ، وذُكِر الشّافعي عنده، فقال: ما استفادَ منّا أكثر ممّا استفدنا منه3. قال عبد الله: كلّ شيء في كتاب الشّافعيّ: أنا الثقة؛ فهو عن أبي. وقال الخلال: ثنا أبو بكر المَرُّوذيّ قال: قدِم رجل من الزّهّاد، فأدخلته على أبي عبد الله، وعليه فرو خَلِقٌ، وخُرَيْقَة على رأسه، وهو حافٍ في بردٍ شديد، فسلَّم وقال: يا أبا عبد الله قد جئت من موضعٍ بعيد، وما أردتُ إلا السّلام عليك، وأريد عَبّادان، وأريد إنْ أنا رجعتُ أن أمرَّ بك وأسلّم عليك. فقال: إن قُدِّر. فقام الرجلُ وأبو عبد الله قاعد. قال المَرُّوذيّ: ما رأيت أحدًا قطّ قام من عند أبي عبد الله حتّى يقوم أبو عبد الله له، إلا هذا الرجل. فقال لي أبو عبد الله: ما ترى ما أشبَهه بالأبدال. أو قال: إنّي لأذكر به الأبدال.

_ 1 راجع تاريخ بغداد "5/ 21"، وتاريخ دمشق "7/ 251". 2 تاريخ دمشق "7/ 252". 3 انظر المصدر السابق.

فأخرج إليه أبو عبد الله أربعة أَرْغِفة مشطورة بكامِخ وقال: لو كان عندنا شيء لَوَاسيناك. قال الخلال: وأنا المَرُّوذيّ: قلت لأبي عبد الله: ما أكثر الدّاعي لك. قال: أخاف أن يكون هذا استدراجًا بأيّ شيء هذا. وقلت لأبي عبد الله: إنّ رجلا قدم من طَرَسُوس وقال لي: إنّا كنّا في بلاد الروم في الغزو، وإذا هدأ اللَّيْلُ ورفعوا أصواتهم بالدّعاء: ادعوا لأبي عبد الله، وكنّا نمدّ المنجنيق ونرمي عنه. ولقد رُمي عنه الحجر والعِلْج1 على الخصن مُتَتَرس بدَرَقَة، فذهبَ برأسه وبالدَّرَقَة. فَتَغَّير وجهه وقال: ليته لا يكون استدراجًا. فقلتُ: كلا. قال الخلال: وأخبرني أحمد بن حسين قال: سمعتُ رجلا من خُراسان يقول: عندنا أحمد بن حنبل، يرون أنّه لا يُشبه البَشَر، يظنّون أنّه من الملائكة. وقال لي رجل: نظرةٌ عندنا من أحمد تَعْدِل عبادةَ سنة. قال الخلال: وقال المَرُّوذيّ: رأيتُ بعض النّصارى الأطّباء قد خرج من عند أبي عبد الله ومعه راهب، فسمعت الطّبيب يقول: إنّه سألني أن يجيء معي حتى ينظر إلى أبي عبد الله. وقال المَرُّوذيّ: وأدخلت نصرانيًا على أبي عبد الله يعالجه فقال: يا أبا عبد الله إنّي لأشتهي أن أراك منذ ستّين سنة. ما بقاؤك صلاحُ الإسلام وحدهم، بل للخلْق جميعًا، وليس من أصحابنا أحد إلا وقد رضي بك. قال المَرُّوذيّ: فقلت لأبي عبد الله: إنّي لأرجو أن يكون يُدعى لك في جميع الأمصار. فقال: يا أبا بكر، إذا عرف الرجلُ نفسه فما ينفعه كلام النّاس. وقال عبد الله بن أحمد: خرج أبي إلى طرسوس ساشيا، وحجّ حَجَّتين أو ثلاثًا ماشيًا، وكان أصبر الناس على الوحدة.

_ 1 والعِلْجُ: هو كل جافٍ شديد من الرجال "ج" علوج، وأعلاج.

وبِشْر فيما كان فيه لم يكن يصبر على الوحدة، كان يخرج إلى ذا وإلى ذاك1. وقال عبّاس الدُّوريّ: حدَّثني علي بن أبي فَزَارَة جارنا قال: كانت أميّ مُقْعَدَة من نحو عشرين سنة، فقالت لي يومًا: اذهب إلى أحمد بن حنبل، فَسَلْهُ أن يدعو لي. فأتيتُ فدققت عليه وهو في دِهْليزه، فلم يفتح لي وقال: مَن هذا؟ قلت: أنا رجلٌ سألتني أمّي، وهي مُقْعَدَة، أن أسألك أن تدعُوَ الله لها. فسمعتُ كلامَهُ كلام رجل مُغْضَب فقال: نحن أحوج أن تدعُوَ الله لنا. فوَّليْت منصرفًا، فخرجتْ عجوزٌ فقالت: إنّي قد تركته يدعو لها. فجئت إلى بيتنا دققتُ الباب، فخرجت أميّ على رِجْلَيها تمشي وقالت: قد وهبَ الله ليَ العافية2. رواها ثقتان، عن عبّاس. وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي يُصلّي في كل يوم وليلة ثلاثمائة رَكْعة، فلمّا مرض من تلك الأسواط أضْعَفَتْه، فكان يصلّي كلّ يومٍ وليلة مائة وخمسين رَكْعة3. وقال عبد الله بن أحمد: ثنا عليّ بن الْجَهْم قال: كان لنا جارٌ فأخرج إلينا كتابًا فقال: أتعرفون هذا الخطّ؟ قلنا: هذا خطّ أحمد بن حنبل، فكيف كتب لك؟ قال: كنا بمكة مقيمين عند سُفْيان بن عُيَيْنَة، ففقدْنا أحمد أيّامًا، ثمّ جِئنا لنسأل عنه، فإذا الباب مردودٌ عليه، وعليه خِلْقان. فقلت: ما خَبَرُك؟ قال: سُرِقت ثيابي. فقلت له: معي دنانير، فإن شئت صِلةً، وإن شئت قَرْضًا. فأبى. فقلت: تكتب لي بأجرة؟ قال: نعم. فأخرجت دينارًا فقال: اشترِ لي ثوبًا واقطعه نصفَين، يعني إزارًا ورداء، وجئني ببقيّة الدينار. ففعلتُ وجئت بورق، فكتب لي هذا4.

_ 1 حلية الأولياء "9/ 183"، وتاريخ دمشق "7/ 258". 2 حلية الأولياء "9/ 186"، وتاريخ دمشق "7/ 259". 3 حلية الأولياء "9/ 179-181". 4 حلية الأولياء "9/ 177".

وبِشْر فيما كان فيه لم يكن يصبر على الوحدة، كان يخرج إلى ذا وإلى ذاك1. وقال عبّاس الدُّوريّ: حدَّثني علي بن أبي فَزَارَة جارنا قال: كانت أميّ مُقْعَدَة من نحو عشرين سنة، فقالت لي يومًا: اذهب إلى أحمد بن حنبل، فَسَلْهُ أن يدعو لي. فأتيتُ فدققت عليه وهو في دِهْليزه، فلم يفتح لي وقال: مَن هذا؟ قلت: أنا رجلٌ سألتني أمّي، وهي مُقْعَدَة، أن أسألك أن تدعُوَ الله لها. فسمعتُ كلامَهُ كلام رجل مُغْضَب فقال: نحن أحوج أن تدعُوَ الله لنا. فوَّليْت منصرفًا، فخرجتْ عجوزٌ فقالت: إنّي قد تركته يدعو لها. فجئت إلى بيتنا دققتُ الباب، فخرجت أميّ على رِجْلَيها تمشي وقالت: قد وهبَ الله ليَ العافية2. رواها ثقتان، عن عبّاس. وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي يُصلّي في كل يوم وليلة ثلاثمائة رَكْعة، فلمّا مرض من تلك الأسواط أضْعَفَتْه، فكان يصلّي كلّ يومٍ وليلة مائة وخمسين رَكْعة3. وقال عبد الله بن أحمد: ثنا عليّ بن الْجَهْم قال: كان لنا جارٌ فأخرج إلينا كتابًا فقال: أتعرفون هذا الخطّ؟ قلنا: هذا خطّ أحمد بن حنبل، فكيف كتب لك؟ قال: كنا بمكة مقيمين عند سُفْيان بن عُيَيْنَة، ففقدْنا أحمد أيّامًا، ثمّ جِئنا لنسأل عنه، فإذا الباب مردودٌ عليه، وعليه خِلْقان. فقلت: ما خَبَرُك؟ قال: سُرِقت ثيابي. فقلت له: معي دنانير، فإن شئت صِلةً، وإن شئت قَرْضًا. فأبى. فقلت: تكتب لي بأجرة؟ قال: نعم. فأخرجت دينارًا فقال: اشترِ لي ثوبًا واقطعه نصفَين، يعني إزارًا ورداء، وجئني ببقيّة الدينار. ففعلتُ وجئت بورق، فكتب لي هذا4.

_ 1 حلية الأولياء "9/ 183"، وتاريخ دمشق "7/ 258". 2 حلية الأولياء "9/ 186"، وتاريخ دمشق "7/ 259". 3 حلية الأولياء "9/ 179-181". 4 حلية الأولياء "9/ 177".

حنبل، فدخل رجلٌ فقال: مَن منكم أحمد بن حنبل؟ فسكتنا، فقال أحمد: هأنذا. قال: جئت من أربعمائة فَرْسخ بَرّا وبحرًا. كنت ليلة جمعة نائمًا فأتاني آتٍ، فقال لي: تعرف أحمد بن حنبل؟ قلتُ: لا. قال: فائْتِ بغداد وسَلْ عنه، فإذا رأيته فقل إنّ الخَضِر يقرئُكَ السّلام ويقول: إنّ ساكن السّماء الّذي على عرشه راضٍ عنك، والملائكة راضون عنك بما صبرت نفسك لله. فصل في آدابه: قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يأخذ شعرةٌ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيضعها على فيه يُقبّلها، وأحسب أنّي رأيته يضعها على عينه ويغمسها في الماء ويشربه يستشفى به. ورأيته قد أخذ قَصْعَة النبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فغسّلها في جُبّ الماء، ثمّ شرب فيها. ورأيته يشرب ماء زمزم، يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه1. وقال أحمد بن سعيد الدّارمِيّ: كتب إليِّ أحمد بن حنبل: لأبي جعفر أكرمه الله، من أحمد بن حنبل. وعن سعيد بن يعقوب قال: كتب إليِّ أحمد: من أحمد بن محمد إلى سعيد بن يعقوب، أمّا بعد، فإنّ الّدنيا داء والسّلطان داء، والعالِم طبيب. فإذا رأيتَ الطبيب يجرُ الدّاء إلى نفسه فآحذره، السلام عليك. وقال عُبَيْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْريّ: حدَّثني أبي قال: مضى عمّي أبو إبراهيم أحمد بن سعْد إِلَى أَحْمَد بْن حنبل، فسلَّم عليه. فَلَمَّا رآه وثب قائمًا وأكرمه. قال المَرُّوذِيُّ: قَالَ لِي أَحْمَدُ: مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا إِلَّا وَقَدْ عَمِلْتُ بِهِ، حَتَّى مَرَّ بِي "أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احْتَجَمَ وَأَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ دِينَارًا"2، فَأَعْطَيْتُ الْحَجَّامَ دِينَارًا حِينَ احْتَجَمْتُ. وقال ابن أبي حاتم: ذكر عبد الله بن أبي عمر البكْريّ قال: سمعت عبد الملك الميمونيّ يقول: ما أعلم أنّي رأيت أحدًا أنظف ثوبًا ولا أشد تعاهد لنفسه في شاربه

_ 1 وراجع: حلية الأولياء: 9/ 183، 184". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "2102"، ومسلم "1577"، ومالك في موطئه "2/ 974".

وشَعر رأسه وشَعر بَدَنه، ولا أنقى ثوبًا وشدّة بياض من أحمد بن حنبل. وقال الخلال: أخبرني محمد بن الْجُنَيْد أنّ المَرُّوذيّ حدَّثهم قال: كان أبو عبد الله لا يدخل الحمّام. وكان إذا احتاج إلى النَّورة تَنَوّر في البيت1. وأصلحت له غير مرّة النّورة، واشتريت له جلْدًا ليدِهِ يُدْخِل يَدَه فيه ويتنوَّر. وقال حنبل: رأيت أبا عبد الله إذا أراد القيام قال لجُلَسائه: إذا شئتم2. وقال المَرُّوذيّ: رأيت أبا عبد الله قد ألقى لختَّانٍ دِرهَمين في الطّسْت3. وقال موسى بن هارون: سئل أحمد بن حنبل فقيل له: أين نطلب البُدَلاء؟ فسكت حتّى ظننّا أنّه لا يجيب، ثمّ قال: إنْ لم يكن من أصحاب الحديث فلا أدري. وقال المَرُّوذيّ: كان الإمام أحمد إذا ذكر الموت خنقَتْه العبرة. وكان يقول: الخوف يمنعني أكْلَ الطّعام والشّراب. وقال: إذا ذكرتُ الموت هان عليَّ كلُّ شيءٍ من أمرِ الدّنيا. وإنّما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وإنّها أيام قلائل. ما أعدِلُ بالفقر شيئًا. وقال: لو وجدتُ السّبيل لخرجت حتّى لا يكون لي ذِكْر. وقال: أريد أن أكون في بعض تلك الشِّعاب بمكّة، حتى لا أُعْرَف. قد بُليت بالشُّهْرة. إنّي لأتمنّى الموت صباحًا ومساءً. وقال المَرُّوذيّ: ذُكِر لأحمد أنّ رجلا يريد لقاءه، فقال: أليس قد كره بعضُهم اللّقاء. يتزيَّن لي وأتزيَّن له. وقال: لقد استرحت. ما جاءني الفرح إلا منذ حلفت أن لا أُحَدِّث، وليتنا نُتْرَك. الطّريق ما كان عليه بِشْرُ بن الحارث. وقال المَرُّوذيّ: قلت لأبي عبد الله: إنّ فلانًا قال: لم يزهد أبو عبد الله في الدّراهم وحدها، قد زهد في النّاس.

_ 1 راجع سير أعلام النبلاء "9/ 457". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق.

فقال: ومَن أنا حتّى أزهد في النّاس؟ النّاسُ يريدون أن يزهدوا فيَّ. وسمعت أبا عبد الله يكره للرجل أن ينام بعد العصر، يخاف على عقله. وسمعته يقول: لا يفلح مشن تعاطى الكلام، ولا يخلو من أن يتجهَّم. وَسُئِلَ عن القراءة بالألحان فقال: هذه بدعةٌ لا تُسْمع. وكان قد قارب الثمانين، رحمه الله. فصل في قوله في أُصول الدين: قَالَ أَبُو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يقول: الإيمان قولٌ وعمل، يزيد وينقص. البر كله من الإيمان، والمعاصي تنقص من الإيمان. وقال إسحاق بن إبراهيم البَغَويّ: سمعتُ أحمد بن حنبل، وَسُئِلَ عمّن يقول: القرآن مخلوق، فقال: كافر. وقال سَلَمَةُ بن شبيب: سمعت أحمد يقول: من قال القرآن مخلوق فهو كافر. وقال أبو إسماعيل التِّرْمِذيّ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من قال القرآن مخلوق فهو كافر. وقال إسماعيل بن الحسن السّرّاج: سألت أحمد عمّن يقول: القرآن مخلوق. فقال: كافر. وعمن يقول: لفْظي بالقرآن مخلوق. فقال: جَهْميّ. وقال صالح بن أحمد: تناهى إلى أبي أن طالب يحكي أنه يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق. فأخبرت أبي بذلك، فقال: مَن أخبرك؟ قلت: فلان. فقال: ابعث إلى أبي طالب. فَوَجَّهْتُ إليه، فجاء وجاء فوزان، فقال له أبي: أنا قلت لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ وغضب وجعل يرعد، فقال: قرأت عليك قُلْ هو الله أحد فقلت لي: ليس هذا بمخلوق. فقال: فَلِمَ حكيت عنّي أنّي قلت لك: لفْظي بالقرآن غير مخلوق؟ وبَلَغَني أنّكَ وَضَعْتَ ذلك في كتاب، وكتبتَ به إلى قومٍ. فامْحه، واكتبْ إلى القوم أنّي لم أقُلْه

لك. فجعل فَوْزان يعتذر إليه، وانصرف من عنده وهو مرعوب، فعاد أبو طالب، فذكر أنّه قد حَكَّ ذلك من كتابه، وأنّه كتب إلى القوم يخبرهم أنّه وهِمَ على أبي. قلتُ: الَّذي استقرّ عليه قول أبي عبد الله: أنَّ مَن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جَهْميّ، ومَن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فهو مبتدع. وقال أحمد بن زَنْجَوَيْه: سمعت أحمد بن حنبل يقول: اللّفظيّة شرٌّ من الْجَهْميّة1. وقال صالح بن أحمد: سمعت أبي يقول: افترقت الْجَهْميّة على ثلاث فِرَق: فرقة قالوا: القرآن مخلوق. وفرقة قالوا: القرآن كلام الله تعالى، وسكتوا. وفرقة قالوا: لفْظُنا بالقرآن مخلوق. وقال أبي: لا يُصلِّي خلف واقِفيّ، ولا خلْف لفْظيّ. وقال المَرُّوذيّ: أخبرتُ أبا عبد الله أنّ أبا شُعيب السُّوسيّ الذي كان بالرَّقَّة فرَّق بين ابنتهِ وزوجها لما وقف بالقرآن. فقال: أحسَن، عافاه الله. وَجَعَل يدعو له. وقد كان أبو شُعيب شاور النُّفَيْليّ، فأمره أن يفرِّق بينهما. قال المَرُّوذيّ: ولمّا أظهر يعقوب بن شيبة الوقف حذَّر أبو عبد الله عنه، وأمَرَ بهجرانه وهجران من كلّمه. قلت: ولأبي عبد الله في مسألة اللَّفظ نصوصٌ متعددَة. وأولَ مَن أظهر اللّفظ الحسين بن عليّ الكرابيسيّ2، وذلك في سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين. وكان الكرابيسيّ من كبار الفقهاء.

_ 1 الجهمية: هم إحدى الفرق الكلامية التي تنسب إلى الإسلام، وهي ذات مفاهيم وآراء عقدية كانت لها آراء خاطئة في مفهوم الإيمان وفي صفات الله تعالى وأسمائه. 2 وراجع ترجمته في الكامل في الضعفاء لابن عدي "2/ 775-777"، وميزان الاعتدال "1/ 544"، والبداية "11/ 2".

وقال المَرُّوذيّ في كتاب "القَصَص": عزم حَسن بن البزّاز، وأبو نصر بن عبد المجيد، وغيرهما على أن يجيئوا بكتاب المدلّسين الّذي وضعه الكرابيسيّ يطعن فيه على الأعمش، وسليمان التَّيْميّ. فمضيتُ إليه في سنة أربعٍ وثلاثينِ فقلت: إنّ كتابك يريدُ قومٌ أن يعرضوه على عبد الله، فأظْهِر أنّك قد ندِمتَ عليه. فقال: إنّ أبا عبد الله رجلٌ صالح، مثله يوفَّق لإصابة الحقّ. قد رضيتُ أن يُعرض عليه. لقد سألني أبو ثور أنْ أمحوه، فأبيت. فجيء بالكتاب إلى عبد الله، وهو لا يعلم لمن هو، فعلَّموا على مُسْتَبْشَعات من الكتاب، وموضعٍ فيه وضْع على الأعمش، وفيه: إنْ زعمتم أنّ الحَسَن بن صالح كان يرى السّيف فهذا ابن الزُّبَير قد خَرَج. فقال أبو عبد الله: هذا أراد نُصْرة الحَسَن بن صالح، فوضع عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد جمع للرّوافض1 أحاديثَ في هذا الكتاب. فقال أبو نصْر: إنّ فتياننا يختلفون إلى صاحب هذا الكتاب. فقال: حذروا عنه. ثم انكشف أمره، فبلغ الكرابيسيّ، فبلغني أنّه قال: سمعت حُسَيْنًا الصّايغ يقول: قال الكرابيسيّ: لأقولنَّ مقالة حتّى يقول أحمد بن حنبل بخلافها فيكفر، فقال: لفْظي بالقرآن مخلوق. فقلت لأبي عبد الله: إنّ الكرابيسيّ قال: لفْظي بالقرآن مخلوق. وقال أيضًا: أقول: إنّ القرآن كلام الله غير مخلوق من كلّ الجهات، إلا أنّ لفظي بالقرآن مخلوق. ومن لم يقل إنّ لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر. فقال أبو عبد الله: بل هو الكافر، قاتَلَه الله، وأيُّ شيءٍ قالت الْجَهْميّة إلا هذا؟ قالوا كلام الله، ثمّ قالوا: مخلوق. وما ينفعه وقد نقضَ كلامه إلا خيرُ كلامه الأوّل حين قال: لفظي بالقرآن مخلوق. ثمّ قال أحمد: ما كان الله لَيدَعَه وهو يقصد إلى التّابعين مثل سليمان الأعمش، وغيره، يتكلَّم فيهم. ماتَ بشر المَرِيسيّ، وخَلفَه حُسين الكرابيسي.

_ 1 الروافض: فرقة من الشيعة تجيز الطعن في الصحابة.

ثم قال: أيش خبر أبي ثَوْر؟ وافقَه على هذا؟ قلت: قد هجره. قال: قد أحسن. قلت: إنّي سألت أبا ثَوْر عمن قال: لفْظي بالقرآن مخلوق، فقال: مبتدع. فغضبَ أبو عبد الله وقال: أيْش مبتدِع؟! هذا كلام جَهْمٍ بعينه. ليس يُفْلح أصحاب الكلام. وقال عبد الله بن حنبل: سُئِل أبي وأنا أسمع عن اللّفظيّة والواقفة فقال: من كان منهم يُحسن الكلام فهو جَهْميّ. وقال الحَكَم بن مَعْبَد: حدَّثني أحمد أبو عبد الله الدّوْرقيّ قال: قلت لأحمد بن حنبل: ما تقول في هؤلاء الذين يقولون: لفْظي بالقرآن مخلوق؟. فرأيته استوى واجتمع وقال: هذا شرّ من قول الْجَهْميّة. مَن زعم هذا فقد زعم أنّ جبريل تكلَّم بمخلوق، وجاء إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمخلوق. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ثنا عبد الله بن محمد بن الفضل الأَسَدِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا طَالِبٍ أَحْمَدَ بْنَ حُمَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَدْ جَاءَتْ جَهْمِيَّةٌ رَابِعَةٌ. فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: قَالَ إِنْسَانٌ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ فِي صَدْرِهِ الْقُرْآنَ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ فِي صَدْرِهِ مِنَ الإِلَهِيَّةِ شيء. فقال: من قال هذا فقد قَالَ مِثْلَ قَوْلِ النَّصَارَى فِي عِيسَى أَنَّ كَلِمَةَ اللَّهِ فِيهِ. مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِ هَذَا قَطُّ. قُلْتُ: أَهَذِهِ الْجَهْمِيَّةُ. قَالَ: أَكْبَرُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُنْزَعُ الْقُرْآنُ مِنْ صُدُورِكُمْ". قلتُ: الملفوظ كلام الله، وهو غير مخلوق، والتّلفُّظ مخلوق لأنّ التُّلفُّظ من كسْب القارئ، وهو الحركة، والصّوت، وإخراج الحروف، فإنّ ذلك ممّا أحدثه القارئ، ولم يُحْدِث حروف القرآن ولا معانيه، وإنّما أحدث نُطْقُهُ به.

فاللّفظ قَدر مشتَرك بين هذا وهذا، ولذلك لم يجوّز الإمام أحمد: لفْظي بالقرآن مخلوق ولا غير مخلوق؛ إذ كلّ واحدٍ من الإطلاقيْن مُوهِمٌ. والله أعلم. وقال أبو بكر الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مَطَر، وزكريّا بن أبي يحيى، أنّ أبا طالب حدَّثهم أنّه قال لأبي عبد الله: جاءني كتاب من طرسوس أنّ سَرِيّا السَّقَطيّ قال: لمّا خلق الله الحروف سَجَدَتْ إلا الألِف فإنّه قال: لا أسجد حتّى أُومر. فقال: هذا كُفْر. فرحم الله الإمام أحمد ما عنده في الدّين محاباة. قال الخلال: أنبأ محمد بن هارون أنّ إسحاق بن إبراهيم حدَّثهم قال: حضرت رجلا سأل أبا عبد الله فقال: يا أبا عبد الله إجماع المسلمين على الإيمان بالقَدَر خيره وشرّه؟ قال أبو عبد الله: نعم. قال: ولا نكفّر أحدًا بذنب؟ فقال أبو عبد الله: أسكُتْ، من ترك الصّلاة فقد كفَر، ومَن قَالَ: القرآن مخلوق فهو كافر. وَقَالَ الْخَلالُ: أَخْبَرَنِي محمد بْنُ سُلَيْمَانَ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ الْعَطَّارُ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: أُصُولُ السنة عِنْدَنَا التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَتَرْكُ الْبِدَعِ وَتَرْكُ الْخُصُومَاتِ، وَالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ، وَتَرْكُ الْمِرَاءَ وَالْجَدَلِ. وَلَيْسَ فِي السنة قِيَاسٌ، وَلا يُضْرَبُ لَهَا الأَمْثَالُ، وَلا تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ، وَالْقُرْآَنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَإِنَّهُ مِنَ اللَّهِ لَيْسَ بِبَائِنٍ مِنْهُ. وَإِيَّاكَ وَمُنَاظَرَةَ مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ، وَمَنْ قَالَ بِاللَّفْظِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ وَقَفَ فِيهِ فَقَالَ: لا أَدْرِي، مَخْلُوقٌ أَوْ لَيْسَ مَخْلُوقٍ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلامُ اللَّهِ؛ فَهُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ. وَالإِيمَانُ بِالرُّؤْيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى رَبَّهُ1؛ فَإِنَّهُ مَأْثُورٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَاهُ قَتَادَةُ وَالْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالْحَدِيثُ عِنْدَنَا عَلَى ظَاهِرِهِ عَلَى مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْكَلامُ فِيهِ بِدْعَةٌ. وَلَكِنْ نُؤَمِّنُ عَلَى مَا جَاءَ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَإِنَّ اللَّهَ يُكَلِّمُ الْعِبَادَ يوم القيامة، ليس بينهم وبينه ترجمان2.

_ 1 رواه مسلم بنحوه "176". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6539"، وأحمد في مسنده "4/ 256-377"، والترمذي "2529"، وابن ماجه "185"، "1843"، وابن أبي عاصم "1/ 269"، والطبراني في الكبير "17/ 82، 83" وغيره.

قال حنبل بن إسحاق: قلت لأبي عبد الله: ما معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} ، و {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7] . قال: عِلمُه عِلمُه. وسمعته يقول: ربُّنا تبارك وتعالى على العرش بلا حَدٍّ ولا صفة. قلت: معنى قوله بلا صفة أي بلا كيفيّة ولا وصْف. وقال أبو بكر المَرُّوذيّ: حدَّثني محمد بن إبراهيم القيسيّ قال: قلت لأحمد بن حنبل: يُحكى عن ابن المبارك أنّه قيل له: كيف نعرف ربَّنا؟ قال: في السّماء السّابعة على عرشه. قال أحمد: هكذا هو عندنا. وقال صالح بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: من زعم أن أسماء الله مخلوقة فقد كفر. وقال عبد الله بن أحمد في كتاب الرّدّ على الْجَهْميّة تأليفه: سألت أبي عن قومٍ يقولون: لمّا كلَّم الله موسى لم يتكلَّم بصوت. فقال أبي: بلى تكلَّم -جلَّ ثناؤه- بصوت. هذه الأحاديث ترويها كما جاءت. وقال أبي: حديث ابن مسعود: إذا تكلَّم الله سُمِع له صوت كمرِّ السلسلة على الصفوان. قال: هذه الْجَهْميَّة تنكره، وهؤلاء كُفّار يريدون أن يموّهوا على النّاس. ثُمَّ قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ: عَنِ الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ صوته أهل السماء فيخرن سُجَّدًا. وقال عبد الله. وجدت بخطّ أبي ممّا يُحْتَجّ به على الْجَهْميّة من القرآن: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ} ، {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} [يس: 82] ، {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ} [آل عمران: 45] ، {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام: 115] ، {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا

اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النمل: 9] ، {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] ، {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] ، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] ، {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 38] ، {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] ، {يَا مُوسَى، إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [طه: 11] ، {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] ، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] . قلت: وذكر آيات كثيرة في الصّفات، أنا تركت كتابتها هنا. وقال يعقوب بن إسحاق المطّوّعيّ: سمعت أحمد بن حنبل، وَسُئِلَ عن التفضيل فقال: على حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أبو بكر، وعمر، وعثمان. وقال صالح بن أحمد: سُئِل أبي، وأنا شاهد، عمّن يُقَدّم عليًا على عثمان يبدع؟ فقال: هذا أهل أن يبع. أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدَّموا عثمان. وقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لِأَبِي: مَنْ الرافضيّ؟ قال: الّذي يشتم رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو يتعرَّض لهم ما أراه على الإسلام. وقال أبو بكر المَرُّوذيّ: قيل لأبي عبد الله ونحن بالعسكر، وقد جاء بعض رسُل الخليفة فقال: يا أبا عبد الله ما تقول فيما كان بين عليّ ومعاوية؟ قال: ما أقول فيهم إلا الحُسنَى. وكلام الإمام أحمد كثير طيّب في أصول الدّين، لا يتّسع هذا الباب لسياقِهِ قد جمعه الخلال في مصَّنفٍ سماه كتاب السنة عن أحمد بن حنبل في ثلاث مجلَّدات، فممّا فيه: أنبا المَرُّوذيّ: سمعتُ أبا عبد الله يقول: مَن تعاطى الكلام لا يُفْلح، من تعاطى الكلام لم يَخْلُ من أن يتجهَّم. وسمعتُ أبا عبد الله يقول: لست أتكلَّم إلا ما كان من كتاب أو سنة، أو عن الصّحابة والتّابعين. وأمّا غير ذلك فالكلام فيه غير محمود. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَن أحبّ الكلام لم يفلح، لا يؤول أمرُهم إلى خير. وسمعته يقول: عليكم بالسنة والحديث وإيّاكم والخوض والجدال والمِراء، فإنّه لا يُفْلح من أحبّ الكلام.

وقال لي: لا تجالِسْهم، ولا تكلّم أحدًا منهم. ثم قال: أدركنا الناس وما يعرفون هذا، ويجانبون أهلَ الكلام. وسمعته يقول: ما رأيتُ أحدًا طلب الكلام واشتهاه فأفلح لأنه يخرجه إلى أمر عظيم. لقد تكلّموا يومئذٍ بكلام، واحْتَجّوا بشيءٍ ما يَقْوَى قلبي ولا ينطلق لساني أنْ أحكيه. قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ثنا أبو الحارث: سمعت أبا عبد الله يقول: قال أيّوب: إذا تمرّق أحدكم لم يَعد. وقال الخلال: أنا أحمد بن أصرم المُزَنيّ قال: حضرتُ أحمد بن حنبل قال له العبّاس الهَمْدانيّ: إنّي رُبّما رَدَدْت عليهم. قال أحمد: لا ينبغي الجدال. ودخل أحمد المسجد وصلّى، فلمّا انفتل قال: أنت عبّاس؟ قال: نعم. قال: اتقِ الله، ولا ينبغي أن تَنْصب نفسك، وتشتهر بالكلام ولا بوضْع الكُتُب. لو كان هذا خيرًا لتقدَّمنا فيه الصّحابة. لم أرَ شيئًا من هذه في الكُتُب، وهذه كلّها بدعة. قال: مقبولٌ منك يا أبا عبد الله، استغفر الله وأتوبُ إليه، إنّي لست أطلبهم، ولا أدُقُّ أبوابهم؛ لكنْ أسمعهم يتكلّمون بالكلام، وليس أحدٌ يردّ عليهم فأَغْتَمّ، ولا أصبر حتّى أرُدّ عليهم. قال: إن جاءك مسترشدٌ فأرشِدْه. قالها مِرارًا. قال الخلال: أنا محمد بن هارون، ومحمد بن جعفر، أنّ أبا الحارث حدَّثهم قال: سألت أبا عبد الله قلت: إنّ ههُنا مَن يُناظر الْجَهْميَّة يبين خطأهم، ويُدقّق عليهم المسائل، فما ترى؟ قال: لستُ أرى الكلام في شيء من هذه الأهواء، ولا أرى لأحد أن يُنَاظرهم. أليس قال معاوية بن قُرَّةَ: الخصومات تحبط الأعمال. والكلام رديء لا يدعو إلى خير. تجنَّبوا أهل الجدال والكلام، وعليك بالسُّنَن، وما كان عليه أهل العلم قبلكم، فإنّهم كانوا يكرهون الكلام والخوض مع أهل البِدَع. وإنّما السّلامة في تَرْك هذا. لم نؤمر بالجدال والخصومات.

وقال: إذا رأيتم من يحبّ الكلام فاحْذروه. قال ابن أبي داود: ثنا موسى بن عمران الأصبهانيّ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا تجالس أصحاب الكلام، وإنْ ذَبُّوا عن السنة. وَقَالَ الْمَيْمُونِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: ما زال الكلام عند أهل الخير مذمومًا. قلت: ذمّ الكلام وتعلّمه قد جاء من طُرُقٍ كثيرة عن الإمام أحمد، وغيره. فصل في سيرته: قال الخلال: قلت لزُهَير بن صالح بن أحمد: هل رأيت جدّك؟ قال: نعم، مات وقد دخلت في عشر سنْين. كنّا ندخل إليه كلّ يوم جمعة أنا وإخواتي، وكان بيننا وبينه باب. وكان يكتب لكلّ واحدٍ منا حبَّتين حبَّتين من فِضّةٍ في رقْعة إلى فاميّ1 يعامله، فنأخذ منه الحبَّتين، وتأخذ الأخَوات. وكان ربّما مررت به وهو قاعد في الشّمس، وظهره مكشوف، وأثر الضَّرْب بَيِّنٌ في ظهره. وكان لي أخٌ أصغر منّي اسمه عليّ، فأراد أبي أن يختنه، فاتّخذ له طعامًا كثيرًا، ودعا قومًا، فلمّا أراد أن يختنه وجّه إليه جدّي فقال له: بَلَغَني ما أحدَثْته لهذا الأمر، وقد بلغني أنّك أسرفتُ، فابدأ بالفقراء والضُّعفاء فأطْعمْهم. فلمّا كان من الغد، وحضر الحَجّام2، وحضر أهلنا، فجاء جدّي حتّى جلس في الموضع الّذي فيه الصّبيّ، وأخرج صُرَيْرَة دفعها إلى الحَجّام، وصُرَيْرةً دفعها إلى الصبّيّ، وقام فدخل منزله. فنظر الحَجّام في الصُّرَيْرة فإذا درهم واحدٌ. وكنّا قد رفعنا كثيرًا مما افْتُرِش، وكان الصبّيّ على مَصْطَبَة مرتفعة على شيء من الثّياب الملوّنة، فلم يُنْكِر ذلك. وقدِم علينا من خُراسان ابن خالة جدّي، فنزل على أبي، وكان يُكنَّى بأبي أحمد، فدخلت معه إلى جدّي، فجاءت الجارية بطبق خلاف، وعليه خبز وبقل وخل

_ 1 الفامي: هو الصائغ. 2 الحجام: وهو الذي يقوم بعمل الحجامة، والحجامة: هي امتصاص الدم بالمحجم بعد تشريط الجلد.

وملْح. ثم جَاءت بغضارة فوضعتها بين أيدينا، فيها مَصلية، فيها لحم وسَلْق كثير، فجعلنا نأكل وهو يأكل معنا، ويسأل أبا أحمد عمّن بقي من أهلهم بخُراسان في خلال ما يأكل، فربّما استعجم الشّيء على أبي أحمد، فيكلّمه جدّي بالفارسيّة، ويضع القطعة اللّحم بين يديه وبين يديّ. ثمّ رفع الغِضارة1 بيده، فوضعها ناحيةً، ثمّ أخذ طَبَقًا إلى جنْبه، فوضعَه بين أيدينا، فإذا تمرٌ برّيّ، وجوز مُكَسَّر. وجعل يأكل، وفي خلال ذلك يناول أبا أحمد. وقال عبد الملك الميمونيّ: كثيرا ما كنت أسأل أبا عبد الله عن الشّيء فيقول: لبَّيْك لبَّيْك. وعن المَرُّوذيّ قال: لم أر الفقير في مجلس أعزَّ منه في مجلس أبي عبد الله. كان مائلا اليهم، مُقْصِرًا عن أهل الدّنيا. وكان فيه حلمٌ، ولم يكن بالعَجُول. وكان كثير التّواضع، تَعْلوه السّكينة والوَقار. إذا جلس في مجلس بعد العصر لا يتكلّم حتى يُسأل. وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدّر. يقعد حيث انتهى به المجلس. وقال الطِّبَرانيّ: ثنا موسى بن هارون: سمعت إسحاق بن راهَوَيْه يقول: لمّا خرج أحمد بن حنبل إلى عبد الرّزّاق انقطعت به النَّفَقَة، فأكرى نفسه من جمّالين إلى أن جاء صنعاء، وعرض عليه أصحابه المواساة، فلم يقبل. قال الفقيه عليّ بن محمد بن عمر الرّازّي: سمعتُ أبا عمر غلام ثعلب: سمعتُ أَبَا القاسم بْن بشّار الأنْماطيّ: سَمِعْتُ المُزَنيّ: سمعت الشّافعيّ يقول: رأيت ببغداد ثلاث أُعجوبات: رأيت فيها نَبَطيّا يتنحّى عليَّ حتّى كأنّه عربيّ. ورأيت أعرابيًّا يَلْحن حتّى كأنه نَبَطيّ، ورأيت شابّا وخَطَه الشَّيْب، فإذا قال: حدَّثنا. قال النّاس كلُّهم: صَدَق. قال المُزَنيّ: فسألته، فقال: الأول الزَّعْفرانيّ والثّاني أبو ثَوْر الكلبيّ وكان لحّانًا، وأمّا الشّابّ فأحمد بن حنبل. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: رأيت أبي حرّج على النَّمل أن يخرج النّمْل من داره. ثم رأيت النَّمْل قد خرجن بعد ذلك نَمْلا سودًا، فلم أرهم بعد ذلك.

_ 1 الغضارة: غضارة العيش: السعة والنعمة.

رواها أحمد بن محمد اللُّنْبانيّ، عنه. قال أبو الفَرَج بن الْجَوزيّ: لما وقع الغَرَق سنة أربع وخمسين وخمسمائة، غرقت كتبي، وسلِم لي مجلد، فيه ورقتان بخط الإمام أحمد. ومن نهي أبي عبد الله عن الكلام، قال المَرُّوذيّ: أُخْبِرت قبل موت أبي عبد الله بسنتين أن رجلا كتب كتابًا إلى أبي عبد الله يشاوره في أن يضع كتابًا يشرح فيه الرّدّ على أهل البِدَع، فكتب إليه أبو عبد الله. قال الخلال: وأخبرني عليّ بن عيسى أنّ حنبلا حدّثهم قال: كتب رجل إلى أبي عبد الله. قال: وأخبرني محمد بن عليّ الورّاق ثنا صالح بن أحمد قال: كتب رجلٌ إلى أبي يسأله عن مناظرة أهل الكلام والْجُلُوس معهم، فأملى عليّ أبي جواب كتابه: أحسنَ الله عاقبتك، الّذي كنّا نسمع عليه من أدركنا أنّهم كانوا يكرهون الكلام والْجُلُوس مع أهل الزَّيْغ، وإنّما الأمر في التّسليم والانتهاء إلى ما في كتاب الله، لا تَعْدُ ذلك. ولم يزل النّاس يكرهون كلّ مُحْدَث، من وضْعِ كتابٍ، وجلوسٍ مع مبتدع، ليُورد عليه بعض ما يُلْبس عليه في دينه. وقال المَرُّوذيّ: بَلَغَني أنّ أبا عبد الله أنكر علي وليد الكرابيسيّ مناظرته لأهلِ البِدَعِ. وقال المَرُّوذيّ: قلت لأبي عبد الله: قد جاءوا بكلام فلان ليُعْرَض عليك. وأعطيته الرقعة، فكان فيها: والإيمان يزيد وينقص فهو مخلوق، وإنّما قلت إنّه مخلوق على الحركة والفعل لا على القول، فمن قال: الإيمان مخلوق، وأراد القول، فهو كافر. فلمّا قرأها أحمد وانتهى إلى قوله: الحركة والفعل، غضب، فرمى بها وقال: هذا مثل قول الكرابيسيّ1؛ وإنّما أراد الحركات مخلوقة، إذا قال الإيمان مخلوق، وأي شيء بقي؟ يُفلح أصحابُ الكلام. قلت: إنّما حطّ عليه أحمد بن حنبل لكونه خاض وأفتى وقسَّم، وفي هذا عبرة وزاجر، والله أعلم. فقد زجر الإمام أحمد كما ترى في قصّة الرقعة التي في الإيمان،

_ 1 تقدمت مصادر ترجمته قريبا.

وهي والله بحثٌ صحيح، وتقسيمٌ مليح. وبعد هذا فقد ذَمّ من أطلق الخَلْق على الإيمان، باعتبار قول العبد لا باعتبار مَقُوله؛ لأنّ ذلك نوعٌ من الكلام، وهو كان يذمّ الكلام وأهله، وإنْ أصابوا، ونهى عن تدقيق النَّظر في أسماء الله وصفاته، مع أن محمد بن نصر المروزي قد سمع إسحاق بن رَاهوَيْه يقول: خلق الله الإيمان والكفر، والخيرَ والشّرّ. فصل في زوجاته وأولاده: قال زهير بن صالح بن أحمد: تزوّج جدي بأمّ أبي عبّاسة بنت الفضل من العرب من الرَّبَض، لم يولد له منها غير أبي. ثمّ ماتت. قال المَرُّوذيّ: سمعتُ أبا عبد الله يقول: أقامت معي أمّ صالح ثلاثين سنة، فما اختلفتُ أنا وهي في كلمة. وقال زهير: لمّا ماتت عبّاسة تزوّج جدّي بعدها امرأة من العرب، يقال لها رَيْحانة، فولدت له عبد الله وحده. وقال أبو بكر الخلال: ثنا أحمد بن محمد بن خلف البراثيّ: أخبرني أحمد بن عَبْثَر قال: لمّا ماتت أمّ صالح قال أحمد لامرأة عندهم: اذهبي إلى فلانة ابنة عمّي فاخطبيها لي من نفسها. قالت: فأتيتها فأجابته. فلما رَجَعَتْ إليه قال: كانت أختها تسمع كلامك؟ قال: وكانت بعينٍ واحدة. فقالت له: نعم. قال: فاذهبي فاخطبي تلك التي بعينٍ واحدة. فأتتها فأجابته. وهي أم عبد الله ابنه. فأقام معها سبْعًا ثم قالت له: كيف رأيت يابن عمّي؟ أنكرت شيئًا؟ قال: لا، إلا أَنَّ نَعْلِك هذه تصرّ. فيما تقدّم وهْم من أحمد، رحمه الله، تزوّج بهذه بعد موت أم صالح، وذلك لا يستقيم؛ لأنّ عبد الله وُلد لأحمد، ولأحمد خمسون سنة غير أشهرُ، وكان صالح أكبر من عبد الله بسنوات؛ لأنّه سمع من عفّان، وأبي الوليد.

وذكر أبو يعقوب الهَرَويّ، وغيره أنّ صالحًا ولد سنة ثلاثٍ ومائتين، ولأبيه إذ ذاك تسعٌ وثلاثون سنة. فصالح أكبر من عبد الله بعشر سِنين والله أعلم. وقال الخلال: حدَّثني محمد بن العبّاس: نا محمد بن عليّ: حدَّثني أبو بكر بن يحيى قال: قال أبو يوسف بن بْختان: لمّا أمرنا عبد الله أن نشتري له الجارية مضيت أنا وفوزان، فتبِعني أبو عبد الله فقال لي: يا أبا يوسف، ويكون لها لحم. قال زُهير بن صالح: لمّا تُوَفّيت أمّ عبد الله اشترى حُسْن، فولدت منه زينب، ثم الحسن، والحسين توءما، وماتا بالقُرب من ولادتها، ثمّ ولدت الحسن، محمدا، فعاش، ثمّ حَتَّى صارا من السّنّ إلى نحوٍ من الأربعين سنة. ثمّ ولدت بعدهما سعيدًا. قال الخلال: وثنا محمد بن عليّ بن يحيى: سمعت حُسْن، أمّ ولد أبي عبد الله تقول: قلت لمولاي: يا مولاي اصرفْ. فَرْدَ خلْخالي. قال: وتَطيب نفسك؟ قلت: نعم. قال: الحمد لله الذي وفَّقك لهذا. قالت: فأعطيته أبا الحسن بن صالح، فباعه بثمانية دنانير ونصف، وفرَّقها وقت حَمْلي. فلما ولدتُ حَسَنًا أعطى مولاتي كرّامة درهمًا، وهي امرأة كبيرة كانت تخدمهم، وقال لها: اذهبي إلى شجاع القصّاب يشتري لك بهذا رأسًا. فاشتري لنا رأسا، وجاءت به، فأكلنا. فقال لي: يا حُسْن، ما أملك غير هذا الدِّرهم، وما لكِ عندي غير هذا اليوم. قالت: وكان إذا لم يكن عند مولاي شيء فرحَ يومَه ذلك. فدخل يومًا فقال لي: أريد أن أحتجم اليوم وليس معي شيء. فجئتُ إلى جَرّة لي فيها غزْل، فبعته بأربعة دراهم، فاشتريت لحمًا بنصف درهم، وأعطى الحجّام درهمًا، واشتريت طِيبًا بِدِرهم. ولمّا خرج إلى سُرّ مَنْ رأى كنتُ قد غزلت غزْلا ليّنًا، وعملت ثوبًا حسنًا، فلمّا قدِم أخرجته إليه، قال: ما أريده.

فدفعته إلى فَوْزان، فباعه باثنتين وأربعين درهمًا، واشتريت منه قطنًا، فغزلته ثوبًا كبيرًا، فلمّا أعلمته قال: لا تقطعيه دعيه. فكان كَفَنه كفن فيه. وأخرجت الغليظ فقطعته. وعن أحمد بن جعفر بن المنادى أنّ أبا عبد الله اشترى جاريةً بثمنٍ يسير، سمّاها رَيْحانة ليتسرّى بها. لم يُتَابع ابن المنادي على هذا. قال حنبل: وُلد سعيد قبل موت أحمد بنحوٍ من خمسين يومًا. وقال بعض النّاس: ولي سعيد قضاء الكوفة، ومات سنة ثلاث وثلاثمائة. وهذا لا يصحّ. فإنّ سعيدًا ولد قبل موت أبيه، ومات قبل موت أخيه عبد الله بدهْر. لأنّ إبراهيم الحربيّ عَزّى عبد الله بأخيه سعيد. وأمّا الحسن، ومحمد. قال ابن الْجَوْزيّ: فلا نعرف من أخبارهما شيئًا. وأمّا زينب فكبرت وتزَّوجت. وله بنت اسمها فاطمة، إن صحّ ذلك. ذِكْرُ المِحْنَة: ما زال المسلمون على قانون السَّلَف من أنّ القرآن كلام الله تعالى ووحْيه وتنزيله غير مخلوق، حَتَّى نبغت المعتزلة والْجَهْميّة، فقالوا بخلق القرآن، متستّرين بذلك في دولة الرشيد. فروى أحمد بن إبراهيم الدَّورقيّ، عن محمد بن نوح، أنّ هارون الرشيد قال: بَلَغَني أنّ بِشْر بن غياث يقول: القرآن مخلوق. لله عليَّ إنْ أظفرني به لأقتلنّه. قال الدَّورقيّ: وكان بِشْر مُتَواريًا أيّام الرشيد، فلمّا مات ظهر بِشْر ودعى إلى الضَّلالَةِ. قلت: ثمّ إن المأمون نظر في الكلام، وباحث المعتزلة، وبقي يقدِّم رِجْلا ويؤخِّر أخرى في دعاء النَّاس إلى القول بخلق القرآن، إلى أنُ قوي عزمه على ذلك في السنة التي مات فيها، كما سُقْناه. قال صالح بن أحمد بن حنبل: حُمِل أبي، ومحمد بن نوح مقَّيدين، فصرنا معهما إلى الأنبار، فسأل أبو بكر الأحوال أبي فقال: يا أبا عبد الله، إن عُرِضت على السيف تجيب؟.

قال: لا. ثمّ سُيِّرا، فسمعت أبي يقول: صرنا إلى الرّحْبَة ودخلنا فيها، وذلك في جوف اللّيل، فعَرَض لنا رجلٌ فقال: أيّكم أحمد بن حنبل؟ فقيل له: هذا. فقال للجمّال: على رسْلك. ثمّ قال: يا هذا، ما عليك أن تُقتل ههُنا وتدخل الجنّة. ثم قال: أسْتَوْدعُك الله، ومضى. قال أبي: فسألت عنه، فقيل: هذا رجل من العرب من ربيعة يعمل الشِّعْر في البادية، يقال له جابر بن عامر، يُذكر بخير. وروى أحمد بن أبي الحواري: ثنا إبراهيم بن عبد الله قال: قال أحمد بن حنبل: ما سمعتُ كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابيّ كلَّمني بها في رَحْبة طَوْق، قال: يا أحمد، إن يَقْتُلُكَ الحقُّ مُتَّ شَهِيدًا، وإن عشْت عشت حميدًا. فقوي قلبي. قال صالح بن أحمد: قال أبي: صرنا إلى أذنة، ورحلنا منها في جوف الليل، وفتح لنا بابها، فإذا رجل قد دخل فقال: البشرى، قد مات الرجل، يعني المأمون. قال أبي: وكنت أدعو الله أن لا أراه. وقال محمد بن إبراهيم البُوَشْنجيّ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: تبيّنت الإجابة في دعوتين: دعوتُ الله أن لا يجمع بيني وبين المأمون، ودعوته أن لا أرى المتوكّل. فلم أر المأمون ومات بالبَذَنْدُون1 وهو نهر الرّوم، وأحمد محبوس بالرَّقَة حتى بويع المعتصم بالروم، ورجَع فردَّ أحمد إلى بغداد. وأمّا المتوكّل فإنّه لمّا أحضر أحمد دار الخلافة ليحدِّث ولده، قَعَد لَهُ المتوكّل في خَوْخةٍ2 حَتَّى نظر إلى أحمد، ولم يره أحمد. قال صالح: لما صدر أبي ومحمد بن نوح إلى طرسوس رُدّا في أقيادهما، فلمّا صارا إلى الرّقّة حُملا في سفينة، فلمّا وصلا إلى عانات تُوَفّي محمد، فأطلق عنه قيده، وصلى عليه أبي.

_ 1 البذندون: هي قرية بينها وبين طرسوس يوم من بلاد الثغر: "معجم البلدان 1/ 361، 362". 2 الخوخة: كوة في البيت تُؤدي إليه الضوء. وباب صغير وسط باب كبير نُصب حاجزا بين دارين.

وقال حنبل: قال أبو عبد الله: ما رأيتُ أحدًا على حداثة سِنّهِ وقدر عِلْمه أَقْوَم بأمر الله من محمد بن نوح. وإنّي لأرجو أن يكون قد خُتِم له بخير. قال لي ذات يوم: يا أبا عبد الله، الله، الله، إنّك لستَ مثلي، أنت رجل يُقْتَدى بك، قد مَدَّ الخلْق أعناقهم إليك لما يكون منك. فاتَّقِ الله واثْبت لأمرِ الله. أو نحو هذا. فمات وصلَّيت عليه ودفنته. أظنّه قال: بعانة. قال صالح: وصار أبي إلى بغداد مقيَّدًا، فمكث بالياسريّة أيّامًا، ثمّ حُبِس في دارٍ اكْتُرِيَتْ عند دار عُمارة. ثمّ نُقِل بعد ذلك إلى حبْس العامّة في درب المَوْصِليّة، فقال أبي: كنتُ أصلّي بأهل السّجن وأنا مقيّد. فلمّا كان في رمضان سنة تسع عشرة1 حُوِّلْتُ إلى دار إسحاق بن إبراهيم. وأمّا حنبل بن إسحاق فقال: حُبس أبو عبد الله في دار عُمارة ببغداد في إسطبلٍ لمحمد بن إبراهيم أخي إسحاق بن إبراهيم، وكان في حبْسٍ ضيّق؛ ومرِض في رمضان، فحُبِس في ذلك الحبْس قليلا، ثم حُوِّل إلى سجن العامّة، فمكث في السّجن نحوًا من ثلاثين شهرًا، فكنّا نأتيه. وقرأ عليَّ كتاب الإرجاء وغيره في الحبْس، فرأيته يصلّي بأهل الحبْس وعليه القيد، فكان يُخْرج رِجْله من حلقة القيد وقت الصّلاة والنّوم. رَجَعْنَا إِلَى مَا حَكَاهُ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: لَمَّا حُوِّلَ إِلَى دَارِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَكَانَ يُوجَّهُ إِلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ بِرَجُلَيْنِ، أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ بْنُ رَبَاحٍ، وَالْآخَرُ أَبُو شُعَيْبٍ الْحَجَّامُ، فَلَا يَزَالانِ يُنَاظِرَانِي حَتَّى إِذَا أَرَادَا الانْصِرَافَ دُعِيَ بِقَيدٍ، فَزِيدَ فِي قُيُودِي. قَالَ: فَصَارَ فِي رِجْلِهِ أَرْبَعَةُ أَقْيَادٍ. قَالَ أَبِي: فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ دَخَلَ عَلَيَّ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فَنَاظَرَنِي، فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي عِلْمِ اللَّهِ؟ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ. فَقُلْتُ لَهُ: كَفَرْتَ. فَقَالَ الرَّسُولُ الَّذِي كَانَ يَحْضُرُ مِنْ قِبَلِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: إِنَّ هذا رسول أمير المؤمنين.

_ 1 راجع: حلية الأولياء "9/ 197".

فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ هَذَا قَدْ كَفَرَ. فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ وَجَّهَ، يَعْنِي الْمُعْتَصَمِ، بِبُغَا الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَبِيرُ، إِلَى إِسْحَاقَ، فَأَمَرَهُ بِحَمْلِي إِلَيْهِ. فَأَدُخِلْتُ عَلَى إِسْحَاقَ فَقَالَ: يَا أَحَمْدُ، إِنَّهَا وَاللَّهِ نَفْسُكَ، إِنَّهُ لَا يَقْتُلُكَ بِالسَّيْفِ. إِنَّهُ قَدْ آلَى بِأَنْ لَمْ تُجِبْهُ أَنْ يَضْرِبَكَ ضَرْبًا بَعْدَ ضَرْبٍ، وَأَنْ يَقْتُلَكَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُرَى فِيهِ شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ1. أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3] . أَفَيَكُونُ مَجْعُولًا إِلَّا مَخْلُوقًا؟ فَقُلْتُ: قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] أَفَخَلَقَهُمْ؟ قَالَ: فَسَكَتَ فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِبَابِ الْبُسْتَانِ أُخْرِجْتُ وَجِيءَ بِدَابَّةٍ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهَا وَعَلَيَّ الْأَقْيَادُ، مَا مَعِي أَحَدٌ يُمْسِكُنِي. فَكِدْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ أَخِرَّ عَلَى وَجْهِي لِثِقَلِ الْقُيُودِ. فَجِيءَ بِي إِلَى دَارِ الْمُعْتَصِمِ، فَأُدْخِلْتُ حُجْرَةً، وَأُدْخِلْتُ إِلَى الْبَيْتِ، وَأُقْفِلَ الْبَابُ عَلَيَّ، وَذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَلَيْسَ فِي الْبَيْتِ سِرَاجٌ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَمَسَّحَ لِلصَّلَاةِ، فَمَدَدْتُ يَدَيَّ، فَإِذَا أَنَا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٌ مَوْضُوعٌ، فَتَوَضَّأْتُ وَصَلَّيْتُ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَخْرَجْتُ تَكَّتِي مِنْ سَرَاوِيلِي، وَشَدَدْتُ بِهَا الْأَقْيَادَ أَحْمِلُهَا، وَعَطَفْتُ سَرَاوِيلِي. فَجَاءَ رَسُولُ الْمُعْتَصَمِ فَقَالَ: أَجِبْ. فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَدْخَلَنِي عَلَيْهِ، وَالتَّكَّةُ فِي يَدِي أَحْمِلُ بِهَا الْأَقْيَادَ. وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، وَابْنُ أَبِي دُؤَادٍ حَاضِرٌ، وَقَدْ جَمَعَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لِي، يَعْنِي الْمُعْتَصِمَ: ادْنُهُ، ادْنُهُ. فَلَمْ يَزَلْ يُدْنِينِي حَتَّى قَرُبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ وَقَدْ أَثْقَلَتْنِي الْأَقْيَادُ، فَمَكَثْتُ قَلِيلًا ثُمَّ قُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ؟ فَقَالَ: تَكَلَّمْ. فَقُلْتُ: إِلَى مَا دَعَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟ فَسَكَتَ هُنَيَّةً ثُمَّ قَالَ: إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَقُلْتُ: فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّ جَدَّكَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَأَلُوهُ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الإيمان؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم.

_ 1 في حلية الأولياء "9/ 197"، "وآن يلقيك".

قَالَ: "شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ محمدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامَةَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُعْطُوا الْخُمْسَ مِنَ الْمَغْنَمِ" 1. قَالَ أَبِي: قَالَ -يَعْنِي الْمُعْتَصِمَ- لَوْلَا أَنِّي وَجَدْتُكَ فِي يَدِ مَنْ كَانَ قَبْلِي مَا عَرَضْتُ لَكَ. ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ إِسْحَاقَ، أَلَمْ آمُرْكَ بِرَفْعِ الْمِحْنَةِ؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ إِنَّ فِي هَذَا لَفَرَجًا لِلْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: نَاظِرُوهُ، كَلِّمْهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَلِّمْهُ. فَقَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ؟ قُلْتُ لَهُ: مَا تقول في عِلْمِ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ. فَقَالَ لِي بَعْضُهُمْ: أَلَيْسَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] وَالْقُرْآنُ أَلَيْسَ هُوَ شَيْءٌ؟ فَقُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] فَدَمَّرَتْ إِلَّا مَا أَرَادَ اللَّهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] أَفَيَكُونُ مُحْدَثٌ إِلَّا مَخْلُوقًا؟ فقلت: قال الله: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1] فَالذِّكْرُ هُوَ الْقُرْآنُ. وَتِلْكَ لَيْسَ فِيهَا أَلِفٌ وَلَامٌ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الذِّكْرَ. فَقُلْتُ: هَذَا خَطَأٌ، حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الذِّكْرَ" 2. وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ جَنَّةٍ وَلَا نَارٍ وَلَا سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ"3. فَقُلْتُ: إِنَّمَا وَقَع الْخَلْقُ عَلَى الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَلَمْ يَقَعْ على القرآن.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "53، 87"، ومسلم "13/ 17"، بنحوه مطولا، وأبو داود "4677"، والترمذي "2611"، وغيرهم. 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3191"، "7418". 3 "إسناده منقطع": أخرجه الترمذي "2884"، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء "9/ 478".

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَدِيثُ خَبَّابٍ: يَا هَنَتَاهْ، تَقَرَّبَ إلى الله بما استطعت فإنك لن تتقرب إِلَيْهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ. قُلْتُ: هَكَذَا هُوَ. قال صالح بن أحمد: فجعل أحمد بن أبي دُؤَاد ينظر إلى أبي كالمُغْضَب، قال أبي: وكان يتكلَّم هذا، فأردّ عليه، ويتكلَّم هذا، فأردّ عليه، فإذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دُؤاد فيقول: يا أمير المؤمنين هو والله ضالّ مُضِلّ مُبْتَدِع. فيقول: كلِّموه، ناظروه. فيكلّمني هذا، فأّرد عليه، ويكلّمني هذا، فأردّ عليه، فإذا انقطعوا يقول لي المعتصم: ويْحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول: يا أمير المؤمنين، أعطُوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسول الله حتى أقول به. فيقول ابن دؤاد: أنت لا تقول إلا ما في كتاب الله أو سنة رسول الله؟ فقلت له: تأوّلت تأويلا، فأنتَ أعلم، وما تأوّلتَ ما يُحْبَس عليه وما يُقَيَّد عليه1. قال حنبل: قال أبو عبد الله: ولقد احتجّوا عليَّ بشيء ما يقوى قلبي ولا ينطلق لساني أنْ أحكيه. أنكروا الآثار، وما ظننتهم على هذا حتّى سمعتُ مقالتهم، وجعلوا يدعون، يقول الخصم: وكذا وكذا. فاحتججت عليهم بالقرآن بقوله: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: 42] فذمَّ إبراهيم أباه أنْ عبد ما لا يسمع ولا يُبَصر، أَفَهَذا مُنْكَرٌ عندكم؟. فقالوا: شبَّه يا أمير المؤمنين، شبَّه يا أمير المؤمنين2. وقال محمد بن إبراهيم البُوشنْجيّ: حَدَّثَنِي بعض أصحابنا أن ابن أبي دؤاد يقول: يا أمير المؤمنين، والله لئن أجابك لَهُو أحب إليَّ من مائة ألف دينار، ومائة ألف دينار، ويَعُدّ من ذلك ما شاء الله أن يَعُدّ. فقال المعتصم: والله لئن أجابني لأطلقنّ عنه بيدي، ولأركبنّ إليه بجندي، ولأطأن عقبه3.

_ 1 حلية الأولياء "9/ 197-199". 2 سير أعلام النبلاء "9/ 479". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 479"، حلية الأولياء "9/ 201".

ثمّ قال: يا أحمد، والله إنّي عليك لشَفيق، وإنّي لأشفق عليك كشفقتي على هارون ابني. ما تقول؟ فأقول: أعطُوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسوله. فلمّا طال المجلس ضجر وقال: قوموا. وحبسني، يعني عنده، وعبد الرَّحْمَن بْن إسحاق يكلّمني. فقال المعتصم: ويْحك أجِبْني. وقال: ما أعرفك، ألم تكن تأتينا؟ فقال له عبد الرَّحْمَن بْن إسحاق: يا أمير المؤمنين أعرفه منذ ثلاثين سنة يرى طاعتك والجهاد والحجّ معك. قال: فيقول: والله إنّه لعالم، وإنّه لَفَقيه، وما يسوءني أن يكون معي يردّ عنّى أهل المِلَل. ثُمَّ قال لي: ما كنت تعرف صالحًا الرّشيديّ؟ قلت: قد سمعت باسمه. قال: كان مؤدبي، وكان فِي ذلك الموضع جالسًا، وأشار إلى ناحيةٍ من الدّار، فسألته عن القرآن فخالفني، فأمرت به فوطئ وسُحب. ثُمَّ قال: يا أحمد أجِبْني إلى شيءٍ لك فِيه أدني مخرج حتّى أطلق عنك بيدي. قلت: أعطُوني شيئًا من كتاب اللَّه وسنة رسوله. فطال المجلس وقام، ورُددت إلى الموضع الَّذِي كنتُ فِيهِ، فلمّا كان بعد المغرب وجّه1 إليّ رجلين من أصحاب ابن أبي دؤاد يبيتان عندي ويناظراني ويقيمان معي، حَتَّى إذا كان وقت الإفطار جيء بالطعام، ويجتهدان بي أن أُفِطر، فلا أفعل2. ووجّه إليَّ المعتصم ابن أبي دؤاد فِي بعض اللّيالي فقال: يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول؟ فأردّ عليه نحوًا مما كنت أرد. فقال ابن أبي دؤاد: والله لقد كتبت اسَمك فِي السَّبْعة، يحيى بْن مَعِين، وغيره، فمحوته. ولقد ساءني أخْذُهم إيّاك. ثُمَّ يقول: إنّ أمير المؤمنين قد حلف أن يضربك ضربًا بعد ضرب، وأن يُلْقيك فِي موضعٍ لا ترى فِيهِ الشّمس، ويقول: إن أجابني جئت إليه حَتَّى أطلق عنه بيدي3.

_ 1 يعني المعتصم. 2 حلية الأولياء "9/ 200"، سير أعلام النبلاء "9/ 479، 480". 3 حلية الأولياء "9/ 201".

وانصرفت، فلمّا أصبح جاء رسوله فأخذ بيدي حَتَّى ذهب بي إليه، فقال لهم: ناظروه وكلَّموه. فجعلوا يناظرونني، فأردّ عليهم، فإذا جاءوا بشيء من الكلام ممّا ليس فِي الكتاب والسنة قلت: ما أدري ما هذا. قال: يقولون: يا أمير المؤمنين إذا توهُّمَتْ له الحُجّة علينا ثبت. وإذا كلّمناه بشيءٍ يقول لا أدري ما هذا1. فقال: ناظروه. فقال رَجُل: يا أحمد أراك تذكر الحديث وتنتحله. قلت: فما تقول فِي {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] قال: خصّ اللَّه بها المؤمنين. قلت: ما تقول إن كان قاتلا أو عبدًا؟ فسكت. وإنّما احتججت عليهم بهذا لأنّهم كانوا يحتجّون بظاهر القرآن، وحيث قال لي: أراك تنتحل الحديث احتججت بالقرآن، يعني. فلم يزالوا كذلك إلى قرب الزّوال فلمّا ضجر قال لهم: قوموا؛ وخلا بي وبعبد الرحمن بْن إسحاق. فلم يزل يكلّمني. ثُمَّ قال أبي: فقام ودخل، ورُددت إلى الموضع2. قال: فلمّا كان فِي اللّيلة الثالثة قلت: خليقٌ أن يحدُث غدًا من أمري شيء، فقلت لبعض من كان معي الموكَّل بي: ارتَدْ3 لي خيطًا. فجاءني بخيط، فشددتُ به الأقياد، ورددتُ التّكّة إلى سراويلي مخافةَ أن يحدث من أمري شيء فأتعرّى. فلمّا كان من الغد فِي اليوم الثّالث وجَّه إليَّ، فأُدْخلت، فإذا الدَّار غاصّة، فجعلت أدخل من موضعٍ إلى موضع، وقوم معهم السّيوف، وقوم معهم السّياط، وغير ذلك. ولم يكن فِي اليومين الماضيين كبيرٌ أحدٍ من هؤلاء. فلمّا انتهيت إليه

_ 1 المصدر السابق. 2 حلية الأولياء "9/ 200، 201". 3 وفي الحلية "9/ 901" "أريد".

قال: اقعد. ثُمَّ قال: ناظِروه، كلِّموه1. فجعلوا يناظرونني، ويتكلم هذا فأردّ عليه، ويتكلَّم هذا فأردّ عليه، وجعل صوتي يعلو أصواتهم، فجعل بعض مَن على رأسه قائم يوميء إليَّ بيده، فلمّا طال المجلس نحّاني، ثُمَّ خلا بهم. ثُمَّ نحّاهم وردّني إلى عنده فقال: ويْحك يا أحمد، أجبني حَتَّى أطلق عنك بيدي. فرددت عليه نحوًا ممّا كنت أرد، فقال لي: عليك، وذكر اللَّعْن. وقال: خذوه واسْحبوه واخلعوه. قال: فَسُحِبْتُ ثُمَّ خلعتُ2. قال: وقد كان صار إليّ شعرٌ3 مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كُمّ قميصي، فوجّه إليّ إسحاق بْن إبراهيم: ما هذا المصرور فِي كُمّ قميصك؟ قلت: شَعرٌ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وسعى بعض القوم إلى القميص ليخرّقه4 عليّ، فقال لهم، يعني المعتصم: لا تخرقوه. فنزع القميص عنّي. قال: وظننت أنّه إنما درئ عن القميص الخرقَ بسبب الشَّعْر الَّذِي كان فِيهِ. قال: وجلس المعتصم على كرسيّ ثُمَّ قال: العُقابين والسِّياط. فجيء بالعقابين، فَمُدَّت يداي، فقال بعض من حضَر خلفي: خُذْ أي الخشبتين بيديك وشُدّ عليهما. فلم أفهم ما قال، فتخلّعت يداي5. وقال محمد بْن إبراهيم البُوشَنْجيّ: ذكروا أنّ المعتصم لان فِي أمر أحمد لما عُلّق فِي العُقابين، ورأى ثُبوته وتصميمه وصلابته فِي أمره، حَتَّى أغراه ابن أبي دُؤاد وقال له: إن تركْتَه قيل إنك تركت مذهب المأمون وسخطت قوله.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 راجع: حلية الأولياء "9/ 201". 3 وفي حلية الأولياء "9/ 202": "صار إلي شعرتان ... ". 4 لعله يعني: "ليحرقه". 5 راجع حلية الأولياء "9/ 202".

فهاجه ذلك على ضربه. قال صالح: قال أبي: لمّا جيء بالسّياط نظرَ إليها المعتصم وقال: ائتوني بغيرها. ثُمَّ قال للجلادين: تقدَّموا. فجعل يتقدَّم إليَّ الرجل منهم فيضربني سوطين، فيقول له: شدّ، قطع اللَّه يدك. ثُمَّ يتنحّى، فيقْدَم الآخر فيضربني سَوْطين وهو يقول فِي كلّ ذلك: شدّ، قطع اللَّه يدك. فلمّا ضُربتُ تسع عشر سوطًا قام إليَّ، يعني المعتصم، وقال: يا أحمد، علامَ تقتل نفسك؟ إنّي والله عليك لَشَفيق. قال: فجعل عُجَيْف1 ينْخسني بقائمة سيفه وقال: أتريد أن تغلب هؤلاء كلَّهم. وجعل بعضهم يقول: ويْلك، الخليفة على رأسك قائم. وقال بعضهم: يا أميرَ المؤمنين دَمُهُ فِي عُنُقي، اقتُلْه2. وجعلوا يقولون: يا أمير المؤمنين أنت صائم وأنت فِي الشّمس قائم. فقال لي: ويْحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول: أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقول به. فرجع وجلس، وقال للجلاد: تقدَّم وأوجع، قطع اللَّه يدك. ثُمَّ قام الثانية فجعل يقول: ويْحك يا أحمد أجِبْني. فجعلوا يُقْبلون عليَّ ويقولون: يا أحمد إمامك على رأسك قائم. وجعل عبد الرحمن يقول: مَن صنع مِن أصحابك فِي هذا الأمر ما تصنع؟ وجعل المعتصم يقول: ويْحك أجِبْني إلى شيءٍ لك فِيهِ أدنى فرج حَتَّى أطلق عنك بيدي. فقلت: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئا من كتاب الله فيرجع. وقال للجلادين: تقدموا.

_ 1 وفي حلية الأولياء "9/ 202": "وجعل يعجب وينخسني". 2 انظر المصدر السابق.

فجعل الجلاد يتقدَّم ويضربني سَوْطين ويتنحّى، وهو في خلال ذلك يقول: شُدّ، قطع اللَّه يدك. قال أبي: فذهب عقلي، فأفقت بعد ذلك، فإذا الأقياد قد أُطلقت عنّي. وقال لي رَجُل ممّن حضر: إنّا كَبَبْناك على وجهك، وطرحنا على ظهرك بارية ودُسْناك1. قال أبي: فما شعرت بذلك، وأتوني بسَوِيق فقالوا لي: اشرب وتقيأ. فقلت: لا أُفْطر. ثُمَّ جيء بي إلى إسحاق بْن إبراهيم، فحضرت صلاة الظُّهر، فتقدَّم ابن سماعة فصلّى، فلمّا انفتل من الصّلاة قال لي: صلّيتَ والدّم يسيل فِي ثوبك؟! 2. فقلت: قد صلّى عُمَر وجرحه يَثْعَب دمًا. قال صالح: ثُمَّ خلي عَنْهُ، فصار إلى منزله. وكان مَكْثه فِي السّجن منذ أُخِذ وحُمِل إلى ضُرِب وخُلّي عَنْهُ ثمانية وعشرين شهرًا. ولقد أخبرني أحد الرجلين اللذين كانا معه قال: يابن أخي، رحمة اللَّه على أَبِي عبد الله، والله ما رَأَيْت أحدا يُشْبهه. ولقد جعلت أقول له فِي وقت ما يوجّه إلينا بالطّعام: يا أَبَا عبد الله، أنت صائم وأنت فِي موضع تقيّة3. ولقد عطش، فقال لصاحب الشراب: ناولني. فناوله قدحًا فِيهِ ماء وثلج، فأخذه ونظر إليه هُنيّة ثُمَّ رده ولم يشرب، فجعلت أعجب من صبره على الجوع والعطش وهو فيما هُوَ فِيهِ من الهَول4. قال صالح: كنتُ ألتمس وأحتال أن أُوصِل إليه طعامًا أو رغيفًا فِي تلك الأيام، فلم أقدر. وأخبرني رَجُلٌ حضره أنّه تفقّده فِي هذه الأيام الثّلاثة وهم يناظرونه، فما لَحَن فِي كلمة.

_ 1 وفي حلية الأولياء "9/ 203": "وسارية". 2 وفي حلية الأولياء "9/ 203": "والدم يسيل من ضربك". 3 راجع مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي "407". 4 حلية الأولياء "9/ 203".

قال: وما ظننت أنّ أحدًا يكون فِي مثل شجاعته وشدّة قلبه1. وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: ذهبَ عقلي مرارًا، فكان إذا رُفِع عنّي الضَّرب رجعتُ إلى نفسي. وإذا استرخيت وسقطتُ رُفع الضَّرب. أصابني ذلك مرارا، ورأيته، يعني المعتصم، قاعدًا فِي الشمس بغير مِظَلّة، فسمعته وقد أَفَقْتُ يقول لابن دؤاد: لقد ارتكبتَ فِي أمر هذا الرجل. فقال: يا أمير المؤمنين إنّه والله كافر مشرك، قد أشرك من غير وجه. فلا يزال به حَتَّى يصرفه عمّا يريد. وقد كان أراد تخليتي بغير ضرب، فلم يدعْه ولا إسحاق بن إبراهيم، عزم حينئذٍ على ضرْبي. قال حنبل: وبلغني أنّ المعتصم قال لابن أبي دؤاد بعدما ضُرِب أبو عبد الله: كم ضُرِبَ؟ فقال ابن أبي دُؤاد: نيّف وثلاثين أو أربعة وثلاثين سوطًا2. وقال أبو عبد الله: قال لي إنسان ممّن كان: ثُمَّ ألقينا على صدرك بارية. أكببناك على وجهك ودُسْناك3. قال أبو الفضل عُبَيْد الله الزُّهْريّ: قال المَرُّوذيّ: قلت وأحمد بين الهنبادين: يا أستاذ، قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] . قال: يا مَرُّوذيّ، أخرج انظُر. فخرجت إلى رَحْبة دار الخليفة، فرأيت خَلْقًا لا يُحصيهم إلا الله تعالى، والصُّحُف في أيديهم، والأقلام والمحابر. فقال لهم المَرُّوذيّ: أيّ شيء تعملون؟ قالوا: ننتظر ما يقول أحمد فنكتبه. فدخل إلى أحمد فأخبره، فقال: يا مَرُّوذيّ أضلّ هؤلاء كلُّهم؟ قلت: هذه حكاية منقطعة لا تصحّ4. قال ابن أبي حاتم: ثنا عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي قال: لما حمل

_ 1 سير أعلام النبلاء "9/ 482". 2 انظر المصدر السابق. 3 حلية الأولياء "9/ 203". 4 راجع سير أعلام النبلاء "9/ 483"، ومناقب أحمد لابن الجوزي "329، 230".

أحمد ليُضْرَب جاءوا إلى بِشْر بن الحارث فقالوا: قد حُمِل أحمد بن حنبل وحُمِلت السِّياط، وقد وَجَبَ عليك أن تتكلَّم. فقال: تريدون منّي مقام الأنبياء؟ ليس ذا عندي. حفظ الله أحمد من بين يديه ومن خلفه1. وقال الحسن بن محمد بن عثمان الفَسَويّ: حدَّثني داود بن عَرَفة: ثنا ميمون بن الأصْبغ قال: كنت ببغداد، فسمعتُ ضجّة، فقلت: ما هذا؟ قالوا: أحمد يُمتحن. فأخذت مالاش له خطر، فذهبت به إلى من يُدْخلني إلى المجلس، فأدخلوني، وإذا بالسّيوف قد جُرِّدت، وبالرماح قد رُكِّزت، وبالتِّراس قد صُفِّفت، وبالسِّياط قد طُرِحت2، فألبسوني قِباءً أسود ومنطقة وسيفًا، ووقّفوني حيث أسمع الكلام. فأتى أمير المؤمنين، فجلس على كرسيّ، وأُتِيَ بأحمد بن حنبل، فقال له: وقرابتي من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأضربنّك بالسّياط، أو تقول كما أقول. ثم التفت إلى جلاد فقال: خُذْهُ إليك. فأخذه، فلمّا ضُرِب سوطًا قال: بسم الله. فلمّا ضُرِب الثّاني قَالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ. فلمّا ضُرِب الثّالث قال: القرآن كلام الله غير مخلوق. فلما ضرب الرابع قال: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51] . فضربه تسعة وعشرين سوطًا. وكانت تكّة أحمد حاشية ثوب، فانقطعت، فنزل السّراويل إلى عانَتِه، فقلت: السّاعة ينهتك. فرمى بطرْفه إلى السّماء، وحرّك شفتيه، فما كان بأسرع من أن بقي السّراويل لم ينزل. فدخلت عليه بعد سبعة أيّام، فقلت: يا أبا عبد الله رأيتك وقد انحلّ سراويلك، فرفعت رأسك أو أطرافك إلى السّماء، فما قلت؟ قال: قلت: اللهم إنّي أسألك باسمَك الّذي ملأت به العرش إنْ كنت تعلم أنّي علي الصّواب، فلا تَهْتِكْ لي ستْرًا3. وقال جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهانيّ: ثنا أحمد بن أبي عُبَيْد الله قال: قال أحمد بن الفَرَج: حضرت أحمد بن حنبل لمّا ضُرِب، فتقدّم أبو الدن فضربه بضعة

_ 1 راجع المصدر السابق. 2 وفي سير أعلام النبلاء "9/ 483" " ... وبالسياط قد وضعت ... ". 3 "حكاية منكرة": وقاله الذهبي في السير "9/ 484" ولفظه: "هذه حكاية منكرة، أخاف أن يكون داود وضعها".

عشر سَوطًا، فأقبل الدّم من أكتافه، وكان عليه سراويل، فانقطع خيطه، فنزل السراويل، فَلَحظْتُه وقد حرَّك شفتيه، فعاد السّراويل كما كان، فسألته عن ذلك فقال: قلت: إلهي وسيدي، وقفتني هذا الموقف، فتهتكني على رءوس الخَلائِقِ! هذه حكاية لا تصحّ1. ولقد ساق فيها أبو نُعَيْم الحافظ من الخُرافات والكذِب ما يُسْتحى من ذكره. وأضعف منها ما رواه أبو نُعَيْم في الحلية2: ثنا الحسين بن محمد، نا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القاضي: حَدَّثَنِي أبو عبد الله الجوهري: حَدَّثَنِي يوسف بن يعقوب: سمعت عليّ بن محمد القُرَشيّ قال: لما قُدِّمَ أحمد ليُضْرب وجُرِّد وبقي في سراويله، فبينا هو يُضرب انحلّ سراويله، فجعل يحرّك شفتيه بشيءٍ، فرأيت يدين خرجتا من تحته وهو يُضرب، فشدَّتا السّراويل. فلمّا فرغوا من الضَّرب قلنا له: ما كنتَ تقول؟ قال: قلت: يا من لا يعلم العرش منه أين هو إلا هو، إن كنتُ على الحق فلا تُبْدِ عورتي. قلت: هذه مكذوبة ذكرتها للمعرفة. ذكرها البيهقيّ، وما جسر على تضعيفها. ثُمَّ روى بعدها حكاية في المحنة، عن أبي مسعود البَجَليّ إجازةً، عن ابن جَهْضَم، وهو كَذُوب، عن النّجّاد، عن ابن أبي العوّام الرّياحيّ، فيها من الرَّكاكة والخَرْط ما لا يروج إلا على الْجُهّال. وفيها أنّ مئزره اضطّرب، فحرَّك شفتيه، فما استتمّ الدّعاء حتى رأيت كفّا من ذهب قد خرج من تحت مئزره بقُدرة الله، فصاحت العامّة. وقال محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة: سمعتُ شاباص التّائب يقول: لقد ضربت أحمد بن حنبل ثمانين سوطًا، لو ضربتُه فيلا لَهَدَّتُه. قال ابن أبي حاتم: نا أبي قال: قال إبراهيم بن الحارث العُباديّ: قال أبو محمد الطُّفاويّ لأحمد: يا أبا عبد الله، أَخْبِرْنِي عما صَنَعوا بك. قال: لمّا ضُرِبت جاء ذاك الطّويل اللّحية، يعني عُجَيفًا، فضربني بقائم سيفه فقلت: جاء الفرجشن يُضرب عنقي وأستريح. فقال ابن سماعة: يا أمير المؤمنين اضرب عُنقه، ودَمُهُ في رقبتي.

_ 1 "حكاية لا تصح": وقاله الذهبي في السير "9/ 484"، وانظر حلية الأولياء "9/ 206". 2 حلية الأولياء "9/ 195، 196".

قال ابن أبي دُؤاد: لا يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإنّه إن قُتِل أو مات في دارك قال النّاس: صبر حتّى قتل، واتّخذوه إمامًا، وثبتوا على ما هم عليه. ولكن أطِلْقه لساعة، فإنْ مات خارجًا من منزلك شك الناس بأمره1. قال ابن أبي حاتم: وسمعت أبا زُرْعة يقول: دعي المعتصم بعمّ أحمد بن حنبل ثم قال للنّاس: تعرفونه؟ قالوا: نعم، وهو أحمد بن حنبل. قال: فانظروا إليه أليس هو صحيح البدن؟ قالوا: نعم. ولولا أنّه فعل ذلك لكنتُ أخاف أن يقع شيء لا يُقام له. قال: فلمّا قال: قد سلّمته إليكم صحيح البَدَن. هَدأ النّاس وسكنوا. قال صالح: صار أبي إلى المنزل ووجّه إليه من السِّحَر من يُبْصر الضَّرْب والجراحات ويعالج منها. فنظر إليه وقال: أنا والله لقد رأيت مَن ضُرِب ألف سوط، ما رأيت ضربًا أشدّ من هذا. لقد جرّ عليه من خلفه ومن قُدّامه. ثُمَّ أدخل ميلا في بعض تلك الجراحات وقال: لم ينضب. فجعل يأتيه ويعالجه، وكان قد أصاب وجهه غير ضربة؛ ثم مكث يعالجه ما شاء الله. ثم قال: إنّ ههنا شيئًا أريد أن أقطعه. فجاء بحديدة، فجعل يعلق اللّحم بها ويقطعه بسكّين، وهو صابر بحمد الله، فبرئ. ولم يزل يتوجّع من مواضع منه. وكان أثر الضرب بيّنا في ظهره إلى أن تُوُفّي. وسمعت أبي يقول: والله لقد أعطيتُ المجهود من نفسي، وودِدْتُ أنّي أنجو مِنْ هَذَا الأَمْرِ كَفَافًا لا عَلَيَّ وَلا لي. ودخلت على أبي يومًا فقلت له: بَلَغَني أنّ رجلا جاء إلى فضل الأنْماطيّ فقال له: اجعلني في جل إذ لم أقم بنُصْرتك. فقال فضل: لا جعلت أحدًا في حِلّ. فتبسّم أبي وسكت. فلمّا كان بعد أيّام قال: مررت بهذه الآية: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] فنظرت في تفسيرها، فإذا هو ما حَدَّثَنِي أبو

_ 1 راجع سير أعلام النبلاء في الموضع السابق.

النُّضْر: ثنا ابن فَضَالَةَ المبارك: حَدَّثَنِي من سمع الحسن يقول: إذا جئت الأُمم بين يدي ربّ العالمين نودوا: ليقُم من أجرُه على الله. فلا يقوم إلا من عفا في الدّنيا. قال أبي: فجعلت الميت في جل من ضربه إيايّ. ثُمَّ جعل يقول: وما علي رجل ألا يعذّب الله بسببه أحدًا1. وقال حنبل بن إسحاق: لمّا أمر المعتصم بتخلية أبي عبد الله خلع عليه مُبطّنة وقميصًا وطيلسانًا وخُفًّا وقَلَنْسُوَة، فبينا نحن على باب الدّار والنّاس في الميدان والدُّرُوب وغيرها، وأُغلقت الأسواق، إذ خرج أبو عبد الله على دابة من دار أبي إسحاق المعتصم، وعليه تلك الثّياب، وابن أبي دُؤاد عن يمينه، وإسحاق بن إبراهيم، يعني نائب بغداد، عن يساره، فلمّا صار في دِهْليز المعتصم قبل أن يخرج قال لهم ابن أبي دُؤاد: اكشفوا رأسه. فكشفوه، يعني الطَّيلسان2 فقط، وذهبوا يأخذون به ناحية الميدان نحو طريق الحبْس. فقال لهم إسحاق: خذوا به ههنا، يريد دِجْلة. فَذُهب به إلى الزَّورق، وحُمِل إلى دار إسحاق، وأقام عنده إلى أن صُلِّيت الظُّهْر. وبعث إلى أبي وإلى جيراننا ومشايخ المحالّ، فجُمِعوا وأدخِلوا عليه، فقال لهم: هذا أحمد بن حنبل إن كان فيكم من يَعرفه، وإلا فلْيعرفه. وقال ابن سماعة حين دخل للجماعة: هذا أحمد بن حنبل، فإنّ أمير المؤمنين ناظَرَه في أمره، وقد خلّي سبيله، وها هو ذا. فأُخرج على دابّة لإسحاق بن إبراهيم عند غروب الشّمس، فصار إلى منزله ومعه السّلطان والنّاس، وهو منحني. فلمّا ذهب لينزل احتضنْتُه ولم أعلم، فوقعت يدي على موضع الضَّرْب فصاح، فنحّيت يدي، فنزل متوكِّئا عليّ، وأغلق الباب ودخلنا معه، ورمى بنفسه على وجهه لا يقدر يتحرّك إلا بجهد، وخلع ما كان عليه، فأمر به فبِيع، وأخذ ثمنه فتصدَّق به. وكان المعتصم أمر إسحاق بن إبراهيم أن لا يقطع عنه خبره، وذلك أنّه تُرِك فيما حُكي لنا عند الإياس منه. وبَلَغَنا أن المعتصم ندم وأُسقط في يده حتى صح. فكان

_ 1 سير أعلام النبلاء "9/ 485". 2 الطيلسان: ضرب من الأوشجة يلبس على الكتف أو يحيط بالبدن، خال من التفصيل والخياطة، أو هو ما يعرف في العامية المصرية بالشال "ج" طيالس وطيالسة.

صاحب خبر إسحاق يأتينا كل يوم يتعرّف خبره حتّى صحّ، وبقَيتْ إبهاماه متخلعَتين تضربان عليه في البرد حتّى يُسَخّن له الماء. ولمّا أردنا علاجه خِفنا أن يدسّ ابن دُؤاد سُمًّا إلى المعالج، فعملنا الدّواء والمراهم في منزلنا. وسمعته يقول: كلّ من ذكرني في حِلّ إلا مبتدع. وقد جعلت أبا إسحاق، يعني المعتصم، في حِلّ. ورأيت الله تعالى يقول: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22] وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بكر بالعفو في قصّة مِسْطح1. قال أبو عبد الله: العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذب أخوك المسلم في سبيلك2. فصل في محنته من الواثق: قال حنبل: ولم يزل أبو عبد الله بعد أن برئ من مرضه يحضر الجمعة والجماعة ويفتي ويحدِّث حتّى مات المعتصم، وولى ابنه الواثق، فأظهر ما أظهر من المحنة والميل إلى ابن أبي دؤاد وأصحابه. فلما اشتد الأمر على أهل بغداد، وأظهرت القُضاة المحنة، وفُرّق بين فضل الأنماطيّ وامرأته، وبين أبي صالح وامرأته، كان أبو عبد الله يشهد الجمعة ويعيد الصّلاة إذا رجع ويقول: الجمعة تؤتي لفضلها، والصّلاة تُعاد خلف من قال بهذه المقالة3. وجاء نفر إلى أبي عبد الله وقالوا: هذا الأمر قد فشا وتفاقم، ونحن نخافه على أكثر من هذا. وذكروا أنّ ابن أبي دُؤاد أراد أن يأمر المعلّمين بتعليم الصّبيان في الكُتّاب مع القرآن كذا وكذا. فنحن لا نرضى بإمارته. فمنعهم من ذلك وناظَرَهم. وحكى حنبل قصْده في مناظرتهم وأمرهم بالصَّبْر. فبينا نحن في أيّام الواثق إذ جاء يعقوب ليلا برسالة إسحاق بن إبراهيم إلى أبي

_ 1 وهو مِسْطَح بْن أُثَاثَة بْن عَبَّاد بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ قُصَيٍّ الْقُرَشِيُّ الْمُطَّلِبِيُّ، ابن خالة أبي بكر الصديق. وكان مسطح ممن خاض في الإفك على عائشة. 2 سير أعلام النبلاء "9/ 487". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 489".

عبد الله: يقول لك الأمير إنّ أمير المؤمنين قد ذكرك، فلا يجتمعنّ إليك أحد، ولا تُسَاكنّي بأرضٍ ولا مدينة أنا فيها. فاذهب حيث شئت من أرض الله. فاختفى أبو عبد الله بقيّة حياة الواثق. وكانت تلك الفتنة، وقُتل أحمد بن نصر، فلم يزل أبو عبد الله مختفيا في منزله في القرب. ثمّ عاد إلى منزله بعد أشُهر أو سنة لمّا طغى خبره. ولم يزل في البيت مختفيًا لا يخرج إلى الصّلاة ولا غيرها حتّى هلك الواثق. وعن إبراهيم بن هانئ قال: اختفى أحمد بن حنبل عندي ثلاثة أيام ثم قال: اطلب لي موضعا. قلت: لا آمن عليك. قال: افعل. فإذا فعلت أفدتك. فطلبت له موضعًا، فلمّا خرج قال لي: اختفى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الغار ثلاثة أيّام، ثم تحوّل1. قلت: أنا أتعجَّب من الحافظ أبي القاسم كيف لم يَسُقِ المحنة ولا شيئًا منها في تاريخ دمشق مع فرط استقصائه، ومع صحّة أسانيدها، ولعلّ له نيّة في تَرْكها. فصل في حال أبي عبد الله أيّام المتوكّل: قال حنبل: ولي جعفر المتوكّل فأظهر الله السنة وفرّج عن النّاس، وكان أبو عبد الله يحدِّثنا ويحدِّث أصحابه في أيّام المتوكّل، وسمعته يقول: ما كان النّاس إلى الحديث والعلم أحوج منهم في زماننا2. ثمّ إنّ المتوكّل ذكره وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم في إخراجه إليه. فجاء رسول إسحاق إلى أبي عبد الله يأمره بالحضور، فمضى أبو عبد الله ثم رجع فسأله أبي عمّا دُعِيَ له فقال: قرأ عليَّ كتاب جعفر يأمرني بالخروج إلى العساكر3.

_ 1 سير أعلام النبلاء "9/ 489". 2 سير أعلام النبلاء "9/ 490". 3 انظر المصدر السابق.

قال: وقال لي إسحاق بن إبراهيم: ما تقول في القرآن؟ فقلت: إنّ أمير المؤمنين قد نهى عن هذا. فقال: لا تُعِلْم أحدًا أنّي سألتك. فقلت له: مسألة مسترشد أو مسألة متعنّت؟ قال: بل مسألة مسترشد. فقلت له: القرآن كلام الله ليس مخلوق، وقد نهى أمير المؤمنين عن هذا. وخرج إسحاق إلى العساكر، وقدِم ابنه خليفةً له ببغداد، ولم يكن عند أبي عبد الله ما يتجمّل به وينفقه، وكانت عندي مائة درهم، فأتيتْ بها أبي، فذهب بها إليه، فأخذها وأصلح بها ما احتاج إليه، واكْتَرى منها، وخرج ولم يلق محمد بن إسحاق بن إبراهيم، ولا سلَّم عليه. فكتب بذلك محمد إلي أبيه، فحقدها إسحاق عليه، فقال للمتوكّل: يا أمير المؤمنين إنّ أحمد بن حنبل خرج من بغداد ولم يأت محمدا مولاك. فقال المتوكّل: يرد ولو وطئ بساطي. وكان أبو عبد الله قد بلغ بُصْرَى، فوجّه إليه رسولا يأمره بالرجوع، فرجع وامتنع من الحديث إلا لولده ولنا. وربّما قرأ علينا في منزلنا. ثمّ إنّ رافعًا رفع إلى المتوكّل أن أحمد بن حنبل رَبَّصَ علويّا في منزله، وأنّه يريد أن يُخرجه ويُبايع عليه، ولم يكن عندنا عِلْم، فبينا نحن ذات ليلة نيام في الصَّيف سمعنا الْجَلَبة، ورأينا النّيران في دار أبي عبد الله، فأسرعنا، وإذا أبو عبد الله قاعدٌ في إزار، ومظفَّر بن الكلبيّ صاحب الخبر وجماعة معهم. فقرأ صاحب الخبر كتاب المتوكل: وَرَدَ على أمير المؤمنين أنّ عندكم علويًا ربصته لتُبايع عليه وتُظهره. في كلامٍ طويل. ثمّ قال له مظفَّر: ما تقول؟ قال: ما أعرف من هذا شيئًا، وإنّي لأرى له السَّمع والطّاعة في عُسْرِي ومَنْشَطِي ومكرهي، وآثره لأدعو الله له بالتّسديد والتّوفيق في اللّيل والنّهار. في كلامٍ كثير غير هذا. وقال ابن الكلبيّ: قد أمرني أمير المؤمنين أن أُحَلِّفك. قال: فاحلفه بالطّلاق ثلاثًا أن ما عنده طلْبه أمير المؤمنين.

قال: وفتَّشوا منزل أبي عبد الله والسَّرَب والغُرَف والسُّطُوح، وفتُشوا تابوت الكُتُب، وفتّشوا النّساء والمنازل، فلم يروا شيئًا ولم يحسّوا بشيء، وردّ الله الّذين كفروا بغيظهم. فكتب بذلك إلى المتوكّل، فوقع منه موقعًا حسنًا وعلم أنّ أبا عبد الله مكذوبٌ عليه. وكان الّذي دس عليه رجل من أهل البِدَع، ولم يَمُتْ حتّى بيَّن الله أمرَهُ للمسلمين، وهو ابن الثَّلجيّ. فلمّا كان بعد أيّام بينا نحن جلوسٌ بباب الدّار إذا يعقوب أحد حُجّاب المتوكّل قد جاء، فاستأذن على أبي عبد الله، فدخل ودخل أبي وأنا، ومع بعض غلمانه بدْرةٌ، على بغْلٍ، ومعه كتاب المتوكّل، فقرأه على أبي عبد الله: إنّه قد صحّ عند أمير المؤمنين برآءة ساحتك، وقد وجّه إليك بهذا المال تستعين به. فأبى أن يقبله وقال: ما لي إليه حاجة. فقال: يا أبا عبد الله، اقبل من أمير المؤمنين ما أمرك به فإنّ هذا خير لك عنده، فاقبل ولا تردّه. فإنّك إنْ رددته خفت أن يظنّ بك ظَنّ سَوْء. فحينئذ قبِلَها. فلمّا خرج قال: يا أَبَا عليّ. قلت: لبِّيك. قال: ارفع هذه الإجانة وضعها، يعني البدْرة، تحتها. فوضعتها وخرجنا. فلما كان اللَّيْلُ إذا أمّ ولد أبي عبد الله تدقّ علينا الحائط، فقلت لها: ما لكِ؟ قالت: مولاي يدعو عمَّه. فأعلمت أبي، وخرجنا فدخلنا على أبي عبد الله، وذلك في جوف اللّيل. فقال: يا عمّ، ما أخذني النّوم هذه اللّيلة. فقال له أبي: ولِمَ؟ قال: لهذا المال. وجعل يتوجّع لأخْذه، وجعل أبي يُسَكِّنه ويُسَهِّل عليه، وقال: حتّى تُصبح وترى فيه رأيك، فإنّ هذا ليل والنّاس في منازلهم. فأمسك، وخرجنا. فلمّا كان في السِّحَر وجَّه إلى عَبْدُوس بن مالك، والحَسَن بن

البزّار، فحضرا، وحضر جماعة منهم: هارون الحمّال، وأحمد بن مَنِيع، وابن الدَّوْرقيّ، وأنا، وأبي، وصالح، وعبد الله فجعلنا نكتب من يذكرونه من أهل السنة والصّلاح ببغداد والكوفة، فوجّه منها إلى أبي سعيد الأشجّ، والى أبي كُرَيْب، وإلى من ذُكِر أنّه من أهل العلم والسنة ممّن يعلمون أنّه محتاج. ففرِّقها كلّها ما بين الخمسين إلى المائة والمائتين، فما في الكيس دِرهم. ثمّ تصدَّق بالكيس على مسكين. فلما كان بعد ذلك مات إسحاق بن إبراهيم وابنه محمد، وولي بغداد عبد الله بن إسحاق، فجاء رسوله إلى عبد الله، فذهب إليه، فقرأ عليه كتابَ المتوكّل فقال له: يأمرك بالخروج. فقال: أنا شيخ ضعيف عليل. فكتب عبد الله بما ردّ عليه، فورد جواب الكتاب بأنّ أمير المؤمنين يأمره بالخروج. فوجّه عبد الله جنوده، فباتوا على بابنا أيّاما حتّى تهيّأ أبو عبد الله للخروج، فخرج وخرج صالح، وعبد الله، وأبو رُمَيْلة. قال صالح: كان حُمل أبي إلى المتوكّل سنة سبْعٍ وثلاثين ومائتين، ثم عاش إلى سنة إحدى وأربعين، فكان قلّ يوم يمضي إلا ورسول المتوكًل يأتيه. قال حنبل في حديثه: وقال أبي ارجع. فرجعت، فأخبرني أبي قال: لما دخلنا إلى العساكر إذا نحن بموكب عظيم مقبل، فلمّا حاذى بنا قالوا: هذا وَصيف. واذا فارس قد أقبل، فقال لأحمد: الأمير وصيف يُقْرئك السلام، ويقول لك: إنّ الله قد أمكنك من عدوّك، يعني ابن أبي دُؤاد، وأمير المؤمنين يقبل منك، فلا تدع شيئًا إلا تكلَّمت به. فما رد عليه أبو عبد الله شيئًا. وجعلت أنا أدعو لأمير المؤمنين، ودعوتُ لوَصِيف، ومضينا فأنزلنا في دار التّيّاح، ولم يعلم أبو عبد الله، فسأل بعد ذلك: لمن هذه الدار؟ قالوا: هذه دار التّيّاح. فقال: حوّلوني، اكْتَروا لي. فلم نزل حتّى اكترينا له دارًا. وكانت تأتينا في كل يوم مائدة فيها ألوان يأمر بها

المتوكّل، والفاكهة والثّلج، وغير ذلك. فما نظر إليها أبو عبد الله، ولا ذاق منها شيئًا. وكانت نفقة المائدة كلّ يوم مائة وعشرين درهمًا. وكان يحيى بن خاقان، وابنه عُبَيْد الله، وعليّ بن الْجَهْم يأتون أبا عبد الله ويختلفون إليه برسالة المتوكل. ودامت العِلّةُ بأبي عبد الله وضعُف ضعفًا شديدًا. وكان يواصل، فمكث ثمانية أيّام ولا يأكل ولا يشرب. فلمّا كان في اليوم الثّامن دخلت عليه، وقد كاد أن يُطْفأ، فقلت: يا أبا عبد الله، ابْن الزُّبَيْر كان يواصل سبعة أيّام، وهذا لك اليوم ثمانية أيام. قال: إنّي مُطِيق. قلت: بحقّي عليك. قال: فإنّي أفعل. فأتيته بسَويق فشرب؛ ووجّه إليه المتوكّل بمالٍ عظيم فردَّه، فقال له عُبَيْد الله بن يحيى: فانّ أمير المؤمنين يأمرك أن تدفعها إلى ولدك وأهلك. قال: هم مستعفون فردّها عليه. فأخذها عُبَيْد الله فقسّمها على ولده وأهله. ثُمَّ أجرى المتوكّل على أهله وولده أربعة آلاف في كلّ شهر، فبعث إليه أبو عبد الله: إنّهم في كفاية، وليست بهم حاجة. فبعث إليه المتوكل: إنما هذا لوالدك، ما لكَ ولهذا؟ فأمسك أبو عبد الله. فلم يزل يُجْري علينا حتّى مات المتوكّل1. وجرى بين أبي عبد الله وبين أبي في ذلك كلام كثير، وقال: يا عمُّ، ما بقي من أعمارنا؟ كأنّك بالأمر قد نزل بنا، فالله الله فإنّ أولادنا إنّما يريدون يتأكّلون بنا، وإنّما هي أيام قلائل. لو كُشِفَ للعبد عمّا قد حُجِب عنه لعَرف ما هو عليه من خيرٍ أو شرّ، صبرٌ قليل وثوابٌ طويل، وإنّما هذه فتنة. قال أبي: فقلت: أرجو أن يؤمنك الله مما تحذر.

_ 1 سير أعلام النبلاء "9/ 493".

قال: فكيف وأنتم لا تتركون طعامهم ولا جوائزهم، لو تركتموها لتركوكم. وقال: ما ننتظر؟ إنّما هو الموت، فإمّا إلى جنة وإمّا إلى نار؛ فطوبى لمن قدِم على خير. قال أبي: فقلت له: أليس قد أمرت، ما جاءك من هذا المال من غير مسألة ولا إشراف نفس أن تأخذه. قال: قد أخذت مرَّةً بلا إشراف نفسي فالثانية والثالثة؛ فما بال نفسك ألم تستشرف؟ فقلت: ألم يأخذ ابن عُمر وابن عبّاس؟ فقال: ما هذا وذاك؟ وقال: لو أعلم أنّ هذا المال يؤخذ من وجهه ولا يكون فيه ظُلم ولا حيف لم أُبَالِ1. قال حنبل: فلمّا طالت علّة أبي عبد الله كان المتوكّل يبعث بابن ماسَوَيْه المتطبّب فيصف له الأدوية، فلا يتعالج، ودخل المطبّب على المتوكّل فقال: يا أمير المؤمنين، أحمد ليست به عِلّة في بدنه، إنّما هو من قلّة الطّعام والصّيام والعبادة. فسكت المتوكّل2. وبلغ أمَّ المتوكّل خبرُ أبي عبد الله، فقالت لابنها: أشتهي أن أرى هذا الرجل. فوجّه المتوكّل إلى أبي عبد الله يسأله أن يدخل على ابنه المُعَتَزّ ويُسَلِّمَ عليه ويدعو له ويجعله فِي حُجْره. فامتنع أبو عبد الله من ذلك، ثُمَّ أجابَ رجاء أن يُطْلق وينحدر إلى بغداد. فوجّه إليه المتوكّل خلعة، وأتوه بدابّة يركبها إلى المعتزّ، فامتنع، وكانت عليها مثيرة نُمُور. فقُدِّم إليه بَغْل لرجل من التّجّار فركبه، وجلس المتوكّل مع أمّه فِي مجلسٍ من المكان، وعلى المجلس سَترٌ رقيق. فدخل أبو عبد الله على المعتزّ، ونظر إليه المتوكّل وأمّه، فلمّا رأته قَالَتْ: يا بُنيّ، اللَّه اللَّه فِي هذا الرجل، فليسَ هذا ممّن يريد ما عندكم، ولا المصلحة أن تحبسه عن منزله، فَأذَن له فليذْهب3. فدخل أبو عبد الله على المعتزّ فقال: السّلام عليكم، وجلسَ ولم يسلّم عليه بالإمرة.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 انظر المصدر السابق. 3 سير أعلام النبلاء "9/ 495".

قال: فسمعت أَبَا عبد الله بعد ذلك ببغداد يقول: لمّا دخلت عليه وجلست قال مؤدِّب الصّبيّ: أصلح اللَّه الأمير، هذا الَّذِي أمَره أميرُ المؤمنين يؤدِّبك ويعلّمك. فردَّ عليه الغلام وقال: إن علَّمني شيئًا تعلَّمته. قال أبو عبد الله: فعجبتُ من ذكائه وجوابه على صِغَره. وكان صغيرًا. قال: ودامت عِلّةُ1 أبي عبد الله وبلغ الخليفة ما هُوَ فِيهِ، وكلَّمه يحيى بْن خاقان أيضًا وأخبره أنّه رَجُل لا يريد الدّنيا. فأذِن له بالانصراف. فجاء عُبَيْد اللَّه ابن يحيى وقت العصر فقال: إنّ أمير المؤمنين قد أذِن لك، وأمرَ أن تُفرش لك حَرّاقة2 تنحدر فيها. فقال أبو عبد الله: اطلبوا لي زَوْرقًا فأنحدر فِيهِ السّاعة. فطلبوا له زورقًا فانحدرَ فِيهِ من ساعتِه3. قال حنبل: فما عِلمْنا بقدومه حَتَّى قيل لي إنّه قد وافى، فاستقبلته بناحية القطيعة، وقد خرج من الزَّورق، فمشيت معه فقال لي: تقدَّم لا يراك النّاس فيعرفوني. فتقدَّمت بين يديه حَتَّى وصل إلى المنزل، فلمّا دخل ألقى نفسه على قفاه من التعب والعياء. وكان فِي حياته ربما استعار الشّيء من منزلنا ومنزل ولده4. فلمّا صار إلينا من مال السّلطان ما صار امتنع من ذلك، حَتَّى لقد وُصف له فِي عِلّته قَرْعةٌ تُشْوَى ويؤخذ ماؤها. فلمّا جاءوا بالقَرْعة قال بعض من حضر: اجعلوها فِي تنّور، يعني فِي دار صالح، فإنّهم قد خبزوا. فقال بيده: لا. ومثل هذا كثير5. وقد ذكر صالح بْن أحمد قصّة خروج أَبِيهِ إلى العساكر ورجوعه، وتفتيش بيوتهم

_ 1 يعني بقوله: "ودامت علة أبي ... " يقصد مرضه. 2 الحراقة: ضرب من السفن فيها مرامي نيران، والحراقة أيضا سفينة خفيفة المر "المعجم الوسيط ص/ 168". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 494". 4 سير أعلام النبلاء "9/ 495". 5 انظر المصدر السابق.

على العلويّ، ثُمَّ ورود يعقوب قَرْقَرَة ومعه العشرة آلاف، وأنّ بعضها كان مائتي دينار والباقي دراهم. قال: فجئت بأجّانة خضراء، فأكببتها1 على البدْرة، فلمّا كان عند المغرب قال: يا صالح خذ هذا صيّرْه عندك. فصيّرته عند رأسي فوق البيت. فلمّا كان سَحَر إذا هُوَ ينادي: يا صالح. فقمت وصعدت إليه، فقال: ما نمت. قلت: لِمَ يا أبه؟ فجعل يبكي وقال: سِلمتُ من هؤلاء، حَتَّى إذا كان فِي آخر عمري بُليتُ بهم. وقد عزمتُ عليك أن تفرّق هذا الشيء إذا أصبحت. فقلت: ذاك إليك. فلما أصبح جاءه الْحَسَن2 بْن البزّار فقال: جئني يا صالح بميزان. وجِّهوا إلى أبناء المهاجرين والأنصار. ثُمَّ وجِّهْ إلى فلانٍ حَتَّى يفرّق فِي ناحيته، وإلى فلان، حَتَّى فرّقها كلّها، ونحن فِي حالةٍ اللَّه بها عليم. فجاءني ابنٌ لي فقال: يا أبَه أعطني درهمًا. فأخرجت قطعةً فأعطيته. وكتب صاحب البريد إنّه تصدّق بالدّراهم فِي يومه، حَتَّى تصدَّق بالكيس. قال عليّ بْن الْجَهْم: فقلت: يا أمير المؤمنين قد تصدَّق بها. وعلم النّاس أنّه قد قبلَ منك. ما يصنع أحمد بالمال وإنّما قُوتُه رغيف؟! قال: فقال لي: صدقت يا عليّ3. قال صالح: ثُمَّ أُخرج أبي ليلا، ومعنا حُرّاس معهم النّفّاطات، فلمّا أصبح وأضاء الفجر قال لي: صالحُ معك دراهم؟ قلت: نعم. قال: أعطهم.

_ 1 وفي حلية الأولياء "9/ 207" "فأكفأتها". 2 وفي حلية الأولياء "9/ 207" "الحسين". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 495".

فلمّا أصبحنا جعل يعقوب يسير معه، فقال له: يا أَبَا عبد الله1، ابن الثّلجي بَلَغَني أنّه كان يذكرك. فقال له: يا أَبَا يوسف سلِ اللَّه العافية. فقال له: يا أَبَا عبد الله تريد أن نؤدّي عنك رسالةً إلى أمير المؤمنين؟ فسكت. فقال: إنّ عبد الله بْن إسحاق أخبرني أنّ الوابصيّ قال له إنّي أشهد عليه أنّه قال: إنّ أحمد يعبُد ماني. فقال: يا أَبَا يوسف يكفي اللَّه. فغضب يعقوب والتفتَ إليَّ فقال: ما رَأَيْت أعجب ممّا نَحْنُ فِيهِ، أسأله أن يطلق لي كلمةً أخبر أمير المؤمنين، فلا يفعل. قال: ووجّه يعقوب إلى المتوكّل بما عمل، ودخلنا العسكر وأبي منكِّس الرأس، ورأسه مُغَطّى، فقال له يعقوب: اكشف رأسك يا أَبَا عبد الله، فكشفه. ثُمَّ جاء وصيف يريد الدّار، ووجّه إليه بعدما جاز بيحيى بْن هَرْثَمَة فقال: يُقرئك أمير المؤمنين السّلام ويقول: الحمد لله الَّذِي لم يُشْمت بك أهل البِدَع. قد علمتَ ما كان من حال ابن أبي دُؤاد، فينبغي أن تتكلَّم بما يحبّ اللَّه. ومضى يحيى وأنزل أبي دار إيتاخ. فجاء عليّ بْن الْجَهْم وقال: قد أمرَ لكم أمير المؤمنين بعشرة آلاف مكان تلك الّتي فرَّقتها، وأمرَ أن لا يُعلم شيخكم بذلك فيغتَمّ. ثُمَّ جاءه محمد بْن معاوية فقال: إنّ أمير المؤمنين يُكثر من ذِكْرِك ويقول: يقيم ههنا يُحَدِّث. فقال: أَنَا ضعيف2. ثُمَّ صار إليه يحيى بْن خاقان فقال: يا أَبَا عبد الله قد أمر أمير المؤمنين أن أصير إليك لتركب إلى ابنه أبي عبد الله، يعني المعتز3.

_ 1 راجع حلية الأولياء "9/ 208". 2 حلية الأولياء "9/ 208". 3 راجع: سير أعلام النبلاء "9/ 496".

ثُمَّ قال لي: قد أمرني أمير المؤمنين أن يُجْرى عليك وعلى قراباتك أربعة آلاف درهم، ففرقها عليهم. ثم دعا يحيى من الغد فقال: يا أَبَا عبد الله تركب؟ فقال: ذاك إليكم. ولبس إزاره وخُفّه. وكان خفه له عنده نحو من خمسة عشر عامًا، قد رُقّع برقاع عدّة. فأشار يحيى أن يلبس قَلَنْسُوَة. قلت: ما له قَلَنْسُوَة. إلى أن قال: فدخل دار المعتزّ، وكان قاعدًا على دُكّان فِي الدّار، فلمّا صعِد الدُّكّان قعد فقال له يحيى: يا أَبَا عبد الله إنّ أمير المؤمنين جاء بك ليُسرّ بقربك، ويُصيّر أَبَا عبد الله ابنه فِي حُجْرك. فأخبرني بعضُ الخدم أنّ المتوكّل كان قاعدًا وراء سترٍ. فلمّا دخل أبي الدّار قال لأمه: يا أمَه نارت الدّار. ثُمَّ جاء خادم بمنديل، فأخذ يحيى المنديل، وذكر قصّةً فِي إلباسه القميص والطَّيْلسان والقَلَنْسُوَة وهو لا يحرّك يده. ثُمَّ انصرف1. وكانوا قد تحدّثوا أنّه يخلع عليه سوادًا. فلمّا صار إلى الدّار نزع الثّياب، ثُمَّ جعل يبكي وقال: سلمت من هؤلاء منذ ستّين سنة، حَتَّى إذا كان فِي آخر عمري بُليتُ بهم. ما أحسبني سلمتُ من دخولي على هذا الغلام، فكيف بمن يجب عليَّ نُصْحه من وقت تقع عيني عليه، إلى أن أخرج من عنده. يا صالح وجّه بهذه الثّياب إلى بغداد تباع ويُتصدَّق بثمنها، ولا يشتري أحد منكم منها شيئًا. فوجَهتُ بها إلى يعقوب بْن بُخْتان2، فباعها وصرف ثمنها، وبقيت عندي القَلَنْسُوة. قال: ومكث خمسة عشر يوما يفطر في ثلاثةٍ على تمر سَويق، ثُمَّ جعل بعد ذلك يُفطر ليلةً على رغيف، وليلة لا يُفْطر. وكان إذا جيء بالمائدة توضع بالدِّهْليز لئلا يراها، فيأكل مَن حَضَر. فكان إذا أجهده الحَرُّ بَلَّ خرقةً فيضعها على صدره. وفي كلّ يوم يوجّه إليه بابن ماسَوَيْه فينظر إليه ويقول: يا أَبَا عبد الله أَنَا أميل إليك وإلى أصحابك، وما بك علة إلا الضعف وقلة الزاد3.

_ 1 سير أعلام النبلاء "9/ 496". 2 وفي حلية الأولياء "9/ 210" "التختكان". 3 وفي حلية الأولياء "9/ 210" "وقلة البر".

إلى أن قال: وجعل يعقوب وغِياث يصيران إليه ويقولان له: يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول فِي ابن أبي دُؤاد وفي حاله؟ فلا يجيب فِي ذلك بشيء. وجعل يعقوب ويحيى يخبراه بما يحدث فِي أمر ابن أبي دُؤاد فِي كلّ يوم، ثُمَّ أحْدِر إلى بغداد بعدما أشهد عليه ببيع ضياعه1. وكان ربّما صار إليه يحيى بْن خاقان وهو يصلّي، فيجلس فِي الدِّهْليز حَتَّى يفرغ2. وأمر المتوكل أن يشترى لنا دار فقال: أَبَا صالح. قلت: لبَّيْك. قال: لئن أقررت لهم بشراء دار لتكوننّ القطيعة بيني وبينكم. إنّما يريدون أن يصيّروا هذا البلد لي مأوى ومسكنًا. فلم نزل ندفع بشراء الدّار حتّى اندفع3. وجَعَلَتْ رُسُل المتوكّل تأتيه يسألونه عَنْ خبره، ويصيرون إليه فيقولون: هُوَ ضعيف. وفي خلال ذلك يقولون: يا أَبَا عبد الله لا بدّ من أن يراك4. وجاءه يعقوب فقال: يا أَبَا عبد الله، أمير المؤمنين مشتاق إليك ويقول: أنظر يومًا تصير فِيهِ أيّ يوم هُوَ حَتَّى أعرفه. فقال: ذاك إليكم. فقال: يوم الأربعاء يوم خال. وخرج يعقوب، فلمّا كان من الغد جاء يعقوب فقال: البُشْرَى يا أَبَا عبد الله، أميرُ المؤمنين يقرأ عليك السّلام ويقول: قد أعفيتك عن لبس السّواد والرُّكُوب إلى وُلاة العهود وإلى الدّار. فإنْ شئت فالْبس القُطْن، وإن شئت فالْبس الصّوف. فجعل يحمد اللَّه على ذلك.

_ 1 حلية الأولياء "9/ 210". 2 وفي سير أعلام النبلاء "9/ 211" "حتى يفرغ من الصلاة". 3 حلية الأولياء "9/ 210، 211". 4 انظر المصدر السابق.

ثُمَّ قال يعقوب: إنّ لي ابنًا وأنا به مُعْجَب، وإنّ له من قلبي موقعًا، فأحبّ أن تحدّثه بأحاديث. فسكت، فلمّا خرج قال: أتراه لا يرى ما أَنَا فِيهِ1؟! وكان يختم من جمعة إلى جمعة. فإذا ختم دعا فيدعو ونُؤَمِّن، فلمّا كان غداة الجمعة وجَّه إليَّ والى أخي، فلما ختم جعل يدعو ونحن نُؤَمِّن، فلمّا فرغ جعل يقول: أستخير اللَّه مرّات. فجعلت أقول ما يريد. ثُمَّ قال: إنّي أعطي اللَّه عهدًا، إن عهده كان مسئولا. وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] إنّي لا أحدّث حديث تمامٍ أبدًا حَتَّى ألقى اللَّه، ولا أستثني منكم أحدًا. فخرجنا وجاء عليّ بْن الْجَهْم، فأخبرناه فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. وأخبر المتوكّل بذلك وقال: إنّما يريدون أن أُحدِّث ويكون هذا البلد حبْسي. وإنما كان سبب الَّذِين أقاموا بهذا البلد لما أُعطوا فقبلوا وأُمِروا فحدَّثوا2. وجعل أبي يقول: والله لقد تمنّيت الموت فِي الأمرِ الَّذِي كان، وإنّي لأتمنّى الموت فِي هذا، وذلك أن هذا، وذلك أن فتنة الدّنيا، وذاك كان فتنة الدّين. ثُمَّ جعل يضمّ أصابعه ويقول: لو كان نفسي فِي يدي لأرسلتها. ثُمَّ يفتح أصابعه3. وكان المتوكّل كلّ يوم يوجّه فِي كلّ وقت "من" يسأله عن حاله، وكان فِي خلال ذلك يأمر لنا بالمال ويقول: يوصل إليهم، ولا يُعلم شيخهم فيغتمّ. ما يريد منهم إن كان هُوَ لا يريد الدّنيا، فلِمَ يمنعهم؟ وقالوا للمتوكّل: إنّه لا يأكل من طعامك، ولا يجلس على فراشك، ويحرّم الَّذِي تشرب. فقال لهم: لو نشر المعتصم وقال فِيهِ شيئًا لم أقبلْ منه4. قال صالح: ثُمَّ انحدرتُ إلى بغداد، وخلَّفتُ عبد الله عنده، فإذا عبد الله قد قدِم، وجاء بثيابي الّتي كانت عنده. فقلت: ما جاء بك؟ فقال: قال لي: انحدر،

_ 1 سير أعلام النبلاء "9/ 497". 2 حلية الأولياء "9/ 211". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 497". 4 حلية الأولياء "9/ 212".

وقل لصالح لا يخرج، فأنتم كنتم آفتي. والله، لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أخرجت واحدا منكم معي. لولاكم لمن كانت توضع هذه المائدة؟ ولمن كان تُفرش هذه الفُرُش ويجري هذا الإجراء؟ فكتبت إليه أُعْلِمُه ما قال لي عبد الله، فكتب إليَّ بخطه: أحسنَ اللَّه عاقبتك، ودفع عنك كلّ مكروه ومحذور، الَّذِي حملني على الكتاب إليك الَّذِي قلت لعبد اللَّه: لا يأتيني منكم أحدٌ رجاء أن ينقطع ذِكْري ويَخْمُل. إذا كنتم هنا فشا ذِكْري. وكان يجتمع إليكم قوم ينقلون أخبارنا، ولم يكن إلا خيرًا1. فإن أقمتَ فلم تأتني أنتَ ولا أخوك فهو رضائي، ولا تجعل فِي نفسك إلا خيرًا، والسّلام عليك ورحمة اللَّه2. قال: ولمّا خرجنا من العساكر رُفعت المائدة والفرش وكلّ ما أقيم لنا. ثُمَّ ذكر صالح كتاب وصيّته ثُمَّ قال: وبعث إليه المتوكّل بألف دينار ليقسمها، فجاء عليّ بْن الْجَهْم فِي جوف اللّيل، فأخبره أنه يهيّئ له حرّاقة لينحدر فيها. ثُمَّ جاء عُبَيْد اللَّه ومعه ألف دينار وقال: إنّ أمير المؤمنين قد أذِن لك، وقد أمر لك بهذه. قال: قد أعفاني أمير المؤمنين ممّا أكره، فردّها. وقال: أَنَا رقيق على البرد، والظّهر أرفق بي. فكتب له جواز، وكتب إلى محمد بْن عبد الله فِي برِّه وتَعَاهُده، فقدِم علينا3. ثُمَّ قال بعد قليل: يا صالح. قلت: لبَّيْك. قال: أحبّ أن تدع هذا الرزق، فإنّما تأخذونه بسببي. فسكتُّ، فقال: ما لك؟ قلت: أكره أن أعطيك بلساني وأخالف إلى غيره، وليس في القوم أكثر عيالا مني ولا أعذر. وقد كنت أشكو إليك وتقول. أمرك منعقد بأمري، ولعلّ اللَّه أن يحلّ عنّي هذه العُقْدة. وقد كنت تدعو لي. فأرجو أن يكون اللَّه قد استجاب لك. فقال: والله لا تفعل. فقلت: لا.

_ 1 راجع حلية الأولياء "9/ 212". 2 سير أعلام النبلاء "9/ 498". 3 حلية الأولياء "9/ 213".

فقال: لِمَ فعل اللَّه بك وفعل؟ 1 ثُمَّ ذكر قصّة فِي دخول عبد الله، وقوله له وجوابه له، ثُمَّ دخول عمّه عليه وإنكاره الأخذ، إلى أن قال: فهجَرنا وسدَّ بيننا وبينه، وتحامي منازلنا أن يدخل منّا إلى منزله شيء. ثُمَّ أُخْبِرَ بأخذ عمّه فقال: نافقني، وكذَبَني. ثُمَّ هجره وترك الصّلاة فِي المسجدٍ، وخرج إلى مسجد خارج يصلّي فِيهِ2. ثُمَّ ذكر قصّة دعائه صالحًا ومعاقبته فِي ذِكْره، ثُمَّ فِي كتابته إلى يحيى بْن خاقان ليترك معاوية وأولاده. وبلغ الخبر إلى المتوكّل، فأمر بحمل ما اجتمع لهم فِي عشرة أشهر، وهو أربعون ألف درهم إليهم. وإنه أُخْبِر بذلك، فسكت قليلا وضرب بذقنه على صدره، ثُمَّ رفع رأسه فقال: ما حيلتي إن أردت أمرًا وأراد اللَّه أمرا؟!. قال أبو الفضل صالح: كان رسول المتوكّل يأتي أبي يبلّغه السّلام، ويسأله عن حاله، نفضة حَتَّى نُدَثّره، ثُمَّ يقول: والله، لو أنّ نفْسي بيدي لأرسلتها وجاء رسول المتوكّل إلى أبي يقول: لو سلم أحد من النّاس سلمتَ. رَفَع رَجُلٌ إليَّ أن علويّا قدِم من خُراسان، وأنّك وجَّهت إليه من يلقاه، وقد حبست الرجل وأردتُ ضربه فكرهتُ أن تغتمّ فَمُرْ فِيهِ. قال: هذا باطل، يُخْلى سبيله3. ثُمَّ ذكر قصّة فِي قُدوم المتوكّل بغداد، وإشارته على صالح بأن لا يذهب إليهم، ثُمَّ فِي مجيء يحيى بْن خاقان من عند المتوكّل، وما كان من احترامه ومجيئه بألف دينار ليفرّقها، وقوله: قد أعفاني أمير المؤمنين من كلّ ما أكره4. وفي توجيه محمد بْن عبد الله بْن طاهر ليحضره وامتناعه من حضوره وقوله: أَنَا رَجُل لم أخالط السلطان، وقد أعفاني أمير المؤمنين ممّا أكره. وهذا ممّا أكره. قال: وكان قد أدمن الصّوم لما قدم، وجعل لا يأكل الدَّسِم. وكان قبل ذلك يُشْتَري له الشحم بدرهم، فيأكل منه شهرًا، فترك أكل الشحم وأدمن الصوم والعمل،

_ 1 حلية الأولياء "9/ 213". 2 حلية الأولياء "9/ 214"، وسير أعلام النبلاء "9/ 498". 3 حلية الأولياء "9/ 215"، وسير أعلام النبلاء "499". 4 سير أعلام النبلاء "9/ 499".

فتوهّمت أنّه قد كان جعل على نفسه إن سلم أن يفعل ذلك. وقال الخلال أبو بكر: حَدَّثَنِي محمد بْن الْحُسَيْن أن أَبَا بَكْر المَرُّوذيّ حَدَّثَهم: كان أبو عبد الله بالعساكر يقول: أنظر هَلْ تجد لي ماء الباقِلاء1. فكنت ربّما بللت خبزه بالماء فيأكله بالملح. وربّما أنّه منذ دخلنا العساكر إلى أن خرجنا ما ذاق طبخًا ولا دَسَمًا. وعن المَرُّوذيّ قال: أنبهني أبو عبد الله ذات ليلة وكان قد واصل، فإذا هو قاعد فقال: هوذا يُدَارُ بي من الجوع، فأطعمني شيئًا، فجئته بأقلّ من رغيف، فأكله وقال: لولا أنّي أخاف العون على نفسي ما أكلت. وكان يقوم من فراشه إلى المخرج، فيقعد يستريح من الضَّعف من الجوع حَتَّى أنْ كنت لأبلّ الخرقة فيلقِها على وجهه لترجع إليه نَفْسُه، حَتَّى وأوصى من الضعف من غير مرض، فسمعته يقول عند وصيّته ونحن بالعساكر، وأشهد على وصيّته: هذا ما أوصى به أحمد بْن محمد، أوصى أنّه يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، وأنّ محمدا عبده ورسوله، وذكر ما يأتي2. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مكث أبي بالعسكر عند الخليفة ستّة عشر يومًا، ما ذاق شيئًا إلا مقدار رُبع سَوِيق، ورأيت ما فِي عينيه قد دخلا فِي حَدَقتيه3. وقال صالح بْن أحمد: وأوصى أبي بالعساكر هذه الوصيّة: بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم هذا ما أوصى به أحمد بْن محمد بْن حنبل: أوصي أنه يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، وأنّ محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودِين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون. وأوصى مَن أطاعه من أهله وقرابته أن يعبدوا اللَّه فِي العابدين، ويحمدوه فِي الحامدين، وأن ينصحوا لجماعة المسلمين. وأوصي أنّي قد رضيتُ بالله ربّا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيّا. وأوصي أن لعبد اللَّه بْن محمد المعروف بفوزان علي نحوا من

_ 1 وفي السير "9/ 499": "هل تجد ماء باقلي". والباقلي: يعني بها الفول. 2 سير أعلام النبلاء "9/ 499". 3 حلية الأولياء "9/ 179" بنحوه.

خمسين دينارا، وهو مصدّق فيما قال، فَيُقْضَى ما له عليَّ مِن غلّة الدّار إن شاء اللَّه، فإذا استوفى أُعطِيَ ولدُ صالح وعبد اللَّه ابني أحمد بْن محمد بْن حنبل، كلَّ ذَكَرٍ وأنثى عشرة دراهم بعد وفاء مال أبي محمد. شهد أبو يوسف، وصالح، وعبد الله بْن أحمد. أُنْبِئْتُ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ، أنا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ1، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: كَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى إِلَى أَبِي يُخْبِرُهُ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَنِي أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكَ فَأَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِ الْقُرْآنِ، لَا مَسْأَلَةَ امْتِحَانٍ، وَلَكِنْ مَسْأَلَةَ مَعْرِفَةٍ وَتَبْصِرَةٍ. فَأَمْلَى عَلَيَّ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهِ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى وَحْدِي مَا مَعِي أَحَدٌ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَحْسَنَ اللَّهُ عَاقِبَتَكَ أَبَا الْحَسَنِ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَدَفَعَ عَنْكَ مَكَارِهَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِرَحْمَتِهِ. قَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ بِالَّذِي سَأَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَمْرِ الْقُرْآنِ بِمَا حَضَرَنِي. وَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُدِيمَ تَوْفِيقَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَدْ كَانَ النَّاسُ فِي خَوْضٍ مِنَ الْبَاطِلِ وَاخْتِلافٍ شَدِيدٍ يَنْغَمِسُونَ فِيهِ، حَتَّى أَفْضَتِ الْخِلافَةُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَنَفَى الله بأمير الْمُؤْمِنِينَ كُلَّ بِدْعَةٍ، وَانْجَلَى عَنِ النَّاسِ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الذُّلِّ وَضِيقِ الْمَجَالِسِ، فَصَرَفَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَذَهَبَ بِهِ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَقَعَ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَوْقِعًا عَظِيمًا، وَدَعُوا اللَّهَ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ يَزِيدَ فِي نِيَّتِهِ، وَأَنْ يُعِينَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ. فَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لا تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ الشَّكَّ فِي قُلُوبِكُمْ. وَذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَفَرًا كَانُوا جُلُوسًا بِبَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ كَذَا؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ كَذَا؟ فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ كأنما فقئ في وجهه حَبُّ الرُّمَّانِ وَقَالَ: "أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ؟ إِنَّمَا ضَلَّتِ الأُمَمُ قَبْلَكُمْ فِي مِثْلِ هَذَا. إِنَّكُمْ لَسْتُمْ مِمَّا ههنا في شيء. انظروا الذي أمرتم فَاعْمَلُوا بِهِ، وَانْظُرُوا الَّذِي نُهِيتُمْ عَنْهُ، فَانْتَهُوا عنه" 2.

_ 1 أبو نعيم في حلية الأولياء "9/ 216-219". 2 أخرجه أحمد في مسنده "2/ 118"، وابن ماجه "85"، وقال البوصيري في الزوائد: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مِرَاءٌ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ" 1. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي جَهْمٍ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا تُمَارُوا فِي الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّ مِرَاءً فِيهِ كُفرٌ" 2. وقال ابن عَبَّاس: قدِم على عُمَر بْن الخطاب رجل، فجعل عُمَر يسأله عن النّاس، فقال: يا أمير المؤمنين قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا. فقال ابن عَبَّاس: فقلتُ: والله ما أحبّ أن يتسارعوا يومهم هذا فِي القرآن هذه المسارعة. قال: فَزَبَرَني عُمَر وقال: مَهْ. فانطلقت إلى منزلي مكتئبًا حزينًا، فبينا أَنَا كذلك إذ أتاني رَجُل فقال: أجِبْ أمير المؤمنين. فخرجت فإذا هُوَ بالباب ينتظرني، فأخذ بيدي، فخلا بي وقال: ما الَّذِي كرهت؟ قلت: يا أمير المؤمنين متى يتسارعوا هذه المسارعة يحتقُوا، ومتى ما يحتقوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا. قال: لله أبوك، والله إن كنتُ لأكتُمها النّاس حَتَّى جئتَ بها3. وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ فَيَقُولُ: "هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي" 4. وَرُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ لَنْ تَرْجِعُوا إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ، يَعْنِي الْقُرْآنَ"5. وَرُوِيَ عن ابن مَسْعُود أنّه قال: جرّدوا القرآن ولا تكتبوا فِيهِ شيئًا إلا كلام الله عز وجل6.

_ 1 "صحيح": أخرجه أحمد في مسنده "2/ 286"، وأبو داود "4603"، والحاكم في مستدركه "2/ 223"، وصححه ووافقه الذهبي، وانظر صحيح الجامع الصغير وزيادته "6687" للألباني. 2 "إسناده صحيح": أخرجه أحمد في المسند "4/ 170". 3 سير أعلام النبلاء "9/ 501". 4 "صحيح": أخرجه أبو داود "7434"، والترمذي "2926"، وابن ماجه "201". 5 "ضعيف": أخرجه الترمذي "2912". 6 سير أعلام النبلاء "9/ 501".

وَرُوِيَ عن عُمَر بْن الخطّاب أنّه قال: إنّ هذا القرآن كلام اللَّه، فضعوه مواضعه1. وقال رجل للحسن الْبَصْرِيّ: يا أَبَا سَعِيد، إنّي إذا قرأت كتاب اللَّه وتدبّرته كدت أن آيس، وينقطع رجائي. فقال: إنّ القرآن كلام اللَّه، وأعمال ابن آدم إلى الضَّعف والتّقصير، فاعمل وأَبْشِر2. وقال فَرْوة بْن نَوْفل الأشجعيّ: كنتُ جارا لخَبّاب، وهو مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرجتُ معه يومًا من المسجد وهو آخذ بيدي فقال: يا هَنَاه، تقرَّب إلى الله بما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحبُّ إليه من كلامه3. وقال رَجُل للحَكَم بْن عُتَيْبَةَ: ما يحمل أهل الأهواء على هذا؟ قال: الخصومات4. وقال معاوية بن قرد -وكان أَبُوهُ ممّن أتى النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم: إيّاكم وهذه الخصومات فإنّما تُحبط الأعمال5. وقال أبو قِلابة -وكان قد أدرك غيرَ واحدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُجالسوا أهل الأهواء، وقال: أصحاب الخصومات، فَإِنِّي لا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلالَتِهِمْ، ويُلْبِسوا عليكم بعضَ ما تعرفون6. ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بْن سِيرِينَ فقالا: يا أَبَا بَكْر نحدّثك بحديث؟ قال: لا. قالا: فنقرأ عليك آية؟ قال: لا، لَتَقومان عنّي أو لأقومَنّهُ. فقاما. فقال بعض القوم: يا أَبَا بَكْر، وما عليك أن يقرأا عليك آية؟ قال: إني خشيت

_ 1 انظر السابق. 2 انظر السابق. 3 انظر السابق. 4 سير أعلام النبلاء "9/ 501". 5 انظر المصدر السابق. 6 ومن قول أبي قلابة ذكره في سير أعلام النبلاء "9/ 502".

أن يقرأا عليّ آية فَيُحَرِّفانها، فيقرّ ذلك فِي قلبي، ولو أعلم أنّي أكون مثلي السّاعة لتركتهما1. وقال رَجُل من أهل البِدَع لأيوب السّختيانيّ: يا أَبَا بَكْر أسألك عن كلمةٍ، فولى وهو يقول بيده: ولا نصف كلمة. وقال ابن طاوس لابن له يكلمه رَجُل من أهل البدع: يا بني، أدخل إصبعيك فِي أذنيك حَتَّى لا تسمع ما يقول. ثم اشدد اشدد. وقال عمر بْن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل. وقال إبراهيم النخعي: إن القوم لم يدخر عنهم شيء خبئ لكم لفضل عندكم. وكان الْحَسَن رحمه اللَّه يقول: شر داء خالط قلبا، يعني: الأهواء. وقال حذيفة بْن اليمان: اتقوا اللَّه، وخذوا طريق من كان قبلكم، والله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن تركتموه يمينا وشمالا فقد ضللتم ضلالا بعيدا، أو قال: مبينا2. قال أبي: وإنما تركت ذكر الأسانيد لما تقدم من اليمين التي قد حلفت بها مما قد علمه أمير المؤمنين. لولا ذاك ذكرتها بأسانيدها. وقد قال اللَّه تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] . وقال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] ، فأخبر بالخلق. ثم قال: {وَالْأَمْرُ} فأخبر أن الأمر غير الخلق. وقال عز وجل: {الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1-4] فأخبر أن القرآن من علمه. وقال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} [البقرة: 120] . ووقال: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا

_ 1 حلية الأولياء "9/ 218". 2 سير أعلام النبلاء "9/ 502".

جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145] . وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} [الرعد: 37] . فالقرآن من علم اللَّه. وفي هذه الآيات دليل على الَّذِي جاءه هُوَ القرآن، لقوله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 145] . وقد رُوِيَ عن غيرِ واحد ممّن مضى من سَلَفنا أنّهم كانوا يقولون: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. وهو الَّذِي أذهب إليه. لستُ بصاحب كلام، ولا أرى الكلام فِي شيء من هذا، إلا ما كان فِي كتاب اللَّه، أو فِي حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو عن أصحابه، أو عن التابعين. فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود1. قلت: رُواة هذه الرسالة عن أحمد أئمة أثبات، أشهدُ بالله أنّه أملاها على ولده. وأمّا غيرها من الرسائل المنسوبة إليه كرسالة الإصْطَخريّ ففيها نَظَر. والله أعلم2. ذكر مرضه رحمه اللَّه: قال ابنه عبد الله: سَمِعتُ أبي يقول: استكملت سَبْعا وسبعين سنة، فَحُمَّ من ليلته، ومات يوم العاشر. وقال صالح: لمّا كان فِي أوّل يوم من ربيع الأوّل من سنة إحدى وأربعين ومائتين. حُمَّ أبي ليلة الأربعاء، وبات وهو محموم يتنفّس نَفَسًا شديدًا، وكنتُ قد عرفتُ علته. وكنتُ أمرّضُه إذا اعتلّ. فقلت له: يا أبه، على ما أفطرتَ البارحة؟ قال: على ماء باقلاء3. ثُمَّ أراد القيام فقال: خُذْ بيدي. فأخذت بيده، فلمّا صار إلى الخلاء ضعفت رِجلاه حَتَّى توكّأ علي. وكان يختلف إليه غير متطبب، كلهم مسلمون، فوصف له متطبّب قَرْعة تُشْوى ويُسقى ماؤها، وهذا يوم الثلاثاء وتُوُفّي يوم الجمعة، فقال: يا صالح. قلت: لَبَّيْك. قال: لا تُشْوى فِي منزلك ولا في منزل أخيك.

_ 1 حلية الأولياء "9/ 219". 2 طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى "1/ 24-36". 3 حلية الأولياء "9/ 220".

وصار الفتح بْن سهل إلى الباب ليَعُوده فحجبه، وأتى ابن علي بْن الجعد فحجبه، وكثُر النّاس، فقال: أي شيء ترى؟ قلت: تأذن لهم فيدعون لك1. قال: أستخير اللَّه تعالى. فجعلوا يدخون عليه أفواجًا حَتَّى تمتلئ الدّار، فيسألونه ويدعون له ثُمَّ يخرجون، ويدخل فوج آخر. وكثُر الناس، فامتلأ الشارع، وأغلقنا الباب الزقاق، وجاء رَجُل من جيراننا قد خضب، فقال أبي: إني لأرى الرجل يحيى شيئا من السنة فأفرح به2. وكان له فِي خُرَيْقة قُطَيْعات، فإذا أراد الشّيء أعطينا مَن يشتري له. وقال لي يوم الثّلاثاء: أنظر في خريقتي شيء. فنظرت، فإذ فيها درهم، فقال: وجّه اقتضِ بعض السُّكّان. فوجّهتُ فأعطيت شيئًا، فقال وجّه فاشتر تمرًا وكفّر عنّي كفّارة يمين، وبقي ثلاثة دراهم أو نحو ذلك، فأخبرته فقال: الحمد لله. وقال: اقرأ عليّ الوصيّة. فقرأتها عليه فأقَرَّها. وكنتُ أنام إلى جنْبه، فإذا أراد حاجة حرّكني فأناوله. وجعل يحرّك لسانَه ولم يئن إلا فِي اللّيلة التي تُوُفّي فيها. ولم يزل يصلّي قائمًا، أَمْسكه فيركع ويسجد، وأرفعه فِي ركوعه3. واجتَمَعَتْ عليه أوجاع الحصْر وغير ذلك، ولم يزل عقله ثابتًا، فلمّا كان يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلةً خَلَت من ربيع الأوّل لساعتين من النّهار تُوُفّي4. وقال المَرُّوذيّ: مرض أبو عبد الله ليلة الأربعاء لليلتين خَلَتا من ربيع الأول، مرض تسعة أيّام، وكان رُبّما أذن للنّاس، فيدخلون عليه أفواجا يسلمون عليه، ويرد عليهم بيده.

_ 1 سير أعلام النبلاء "9/ 533". 2 المصدر السابق. 3 انظر السابق. 4 انظر السابق.

وتَسَامَعَ الناس وكثروا، وسمع السلطان بكثرة الناس، فوكل السلطان ببابه وبباب الزُّقاق الرابطة وأصحاب الأخبار. ثُمَّ أغلق باب الزقاق، فكان النّاس فِي الشّوارع والمساجد، حَتَّى تعطل بعض الباعة، وحيل بينهم وبين الباعة والشراء1. وكان الرجل إذا أراد أن يدخل إليه ربّما دخل من بعض الدُّور وطُرُز الحاكة، وربّما تسلّق. وجاء أصحاب الأخبار فقعدوا على الأبواب. وجاءه حاجب ابن طاهر فقال: إنّ الأمير يُقرئك السّلام وهو يشتهي أن يراك. فقال: هذا ممّا أكره، وأمير المؤمنين أعفاني مما أكره2. وأصحاب الخير يكتبون بخبره إلى العساكر، والبُرُدُ3 تختلف كلّ يوم. وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه وجعلوا يبكون عليه؛ وجاء قوم من الفضاة وغيرهم، فلم يؤذن لهم. ودخل عليه شيخ فقال: أذكُرْ وقوفك بين يدي اللَّه. فشهق أبو عبد الله وسالت دموعه على خديه. فلمّا كان قبل وفاته بيوم أو بيومين قال: ادعوا لي الصّبيان بلسانٍ ثقيل. فجعلوا ينضمّون إليه، وجعل يشمّهم ويمسح بيده على رءوسهم وعينه تدمع. وأدخلت الطّسْت تحته، فرأيت بَوْلَهُ دمًا عبيطًا ليس فِيهِ بول، فقلت للطّبيب فقال: هذا رَجُل قد فتَّت الحُزْن والغَمُّ جَوْفَه4. واشتدّت علته يوم الخميس ووضّأته فقال: خلال الأصابع. فلما كانت ليلة الجمعة، ثقل، وقبض صدرا، فصاح الناس، وعلت الأصوات بالبكاء، حَتَّى كأن الدنيا قد ارتجت، وامتلأت السكك والشوارع5.

_ 1 سير أعلام النبلاء "9/ 533". 2 وانظر المصدر السابق. 3 البرد: مفردها بريد. 4 سير أعلام النبلاء "9/ 534". 5 انظر السابق.

وقال أبو بَكْر الخلال: أخبرني عصمة بْن عصام: ثنا حنبل قال: أعطى ولد الفضل بْن إبراهيم أَبَا عبد الله وهو فِي الحبس ثلاث شعرات وقال: هذه مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأوصى عند موته أن يجعل على كل عين شعرة، وشعرة على لسانه1. ففعل به ذلك عند موته. وقال حنبل: تُوُفّي يوم الجمعة في ربيع الأوّل. وقال مُطّيَّن: في ثاني عشر ربيع الأوّل. وكذلك قال عبد الله بن أحمد، وعبّاس الدُّوريّ. وقال البخاريّ: مرض أحمد بن حنبل لليلتين خَلَتَا من ربيع الأوّل، ومات يوم الجمعة لاثنتي عشرة خَلَت من ربيع الأوّل. قلت: غلِط ابنُ قانع، وغيره، فقالوا في ربيع الآخر، فلُيعرف ذلك. وقال الخلال: ثنا المَرُّوذيّ قال: أُخرجت الجنازة بعد منصرف النّاس من الجمعة2. قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، ثنا هشام بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ" 3. وقال صالح: وجه ابن طاهر، يعني نائب بغداد، بحاجبه مظفّر، ومَعه غلامين معهما مناديل، فيها ثياب وطيب فقالوا: الأمير يُقرئك السّلام ويقول: قد فعلتُ ما لو كان أمير المؤمنين حاضره كان يفعل ذلك. فقلت: أقرِئ الأمير السّلام وقل له: إنّ أمير المؤمنين قد كان أعفاه فِي حياته مِمَّا كان يكره، ولا أحبّ أن أُتْبعه بعد موته بما كان يكره فِي حياته. فعاد. وقال: يكون شعاره، فأعدت عليه مثل ذلك4.

_ 1 انظر السابق. 2 سير أعلام النبلاء "9/ 434". 3 "صحيح": أخرجه أحمد في المسند "6593"، والترمذي "1074". 4 سير أعلام النبلاء "9/ 534".

وقد كان غَزَلت له الجارية ثوبًا عشاريًا قُوّم بثمانية وعشرين درهمًا ليقطع منه قميصين، فقطعنا له لفافتين، وأخذ منه فوزان لُفافَة أخرى، فأدرجناه فِي ثلاث لفائف، واشترينا له حَنُوطًا، وفُرغ من غسله، وكفّناه. وحضر نحوَ مائة من بني هاشم ونحن نكفنه، وجعلوا يقبّلون جبهته حَتَّى رفعناه على السّرير. وقال عبد الله بْن أحمد: صلّى على أَبِي مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْنُ عَبْد اللَّه بْن طاهر، غَلبنا على الصّلاة عليه. وقد كُنَّا صلّينا عليه نَحْنُ والهاشميّون فِي الدّار. وقال صالح: وجّه ابن طاهر: مَن يصلّي عليه؟ قلت: أَنَا. فلمّا صرنا إلى الصّحراء إذا ابن طاهر واقف، فخطا إلينا خطوات وعزَّانا ووضع السّرير. فلمّا انتظرت هُنَيَّةً تقدّمتُ وجعلتُ أسوّى صفوفَ النّاس، فجاءني ابن طاهر فقبض هذا على يدي، ومحمد بْن نصر على يدي وقالوا: الأمير. فما نعتهم فَنَحِّيَاني وصلّى، ولم يعلم النّاسُ بذلك. فلمّا كان من الغد علم النّاسُ، فجعلوا يجيئون ويصلُّون على القبر. ومكث النّاسُ ما شاء اللَّه يأتون فيصلُّون على القبر1. وقال عُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن خاقان: سمعت المتوكل يقول لمحمد بْن عبد الله: طوبى لك يا محمد، صليت على أحمد بْن حنبل، رحمة اللَّه عليه2. وقال أبو بَكْر الخلال: سمعتُ عَبْد الوهّاب الورّاق يقول: ما بَلَغَنَا أن جَمْعًا فِي الجاهليّة والإسلام مثله، حَتَّى بَلَغَنَا أنّ الموضع مُسح وحُزِر على الصّحيح، فإذا هُوَ نحوٌ من ألف ألف، وحزرنا على القُبُور نحوًا من ستّين ألف امْرَأَة. وفتح النّاسُ أبواب المنازل فِي الشّوارع والدُّرُوب ينادون: مَن أراد الوضوء؟. وروي عبد الله بْن إسحاق البَغَويّ أَنْ بنَان بْن أحمد القَصَبانيّ أخبره أنّه حضر جنازة أحمد، فكانت الصُّفوف من الميدان إلى قنطرة باب القطيعة، وحزر من حضرها من الرجال ثمانمائة ألف، ومن النساء ألف امْرَأَة. ونظروا فيمن صلّى العصر فِي مسجد الرصافة فكانوا نيفا وعشرين ألفا.

_ 1 سير أعلام النبلاء "9/ 535". 2 انظر المصدر السابق.

وقال مُوسَى بْن هارون الحافظ: يقال إنّ أحمد لما مات، مُسِحت الأمكنة المبسوطة الّتي وقف النّاسُ للصّلاة عليها، فحُزر مقادير النّاس بالمساحة على التقدير ستّمائة ألف وأكثر، سوى ما كان فِي الأطراف والحوالي والسُّطُوح والمواضع المتفرّقة أكثر من ألف ألف. وقال جَعْفَر بْن محمد بْن الْحُسَيْن النَّيْسابوريّ: حَدَّثَنِي فتح بْن الحَجّاج قال: سمعتُ فِي دار الأمير محمد بْن عَبْد الله بْن طاهر أنّ الأمير بعث عشرين رجلا يحزروا كم صلّى على أحمد بْن حنبل، فحُزروا فبلغ ألف ألف وثمانين ألفًا، سوى من كان فِي السُّفُن فِي الماء1. ورواها خشنام بْن سَعِيد فقال: بلغوا ألف ألف وثلاثمائة ألف. وقال ابن حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: بلغني أن المتوكّل أمَر أن يُمسح الموضع الَّذِي وقف عليه الناس حيث صَلَّى على أحمد، فبلغ مقام ألفي ألف وخمسمائة ألف2. وقال البيهقيّ: بَلَغَني عن البَغَوَيّ أنّ محمد بْن عبد الله بْن طاهر أمر أن تُحْزَر الخلق الَّذِي فِي جنازة أحمد، فاتفقوا على سبعمائة ألف. وقال أبو هَمّام الوليد بْن شجاع: حضرت جنازة شَرِيك، وجنازة أبي بَكْر بْن عيّاش، ورأيت حضور النّاس، فما رَأَيْتُ جمعًا قط يشبه هذا. يعني في جنازة أحمد. وقال أبو عبد الرحمن السُّلَميّ: حضرت جنازة أبي الفتح القوّاس مع الدّارّقُطْنيّ، فلمّا نظر إلى الْجَمْع قال: سمعتُ أَبَا سهل بْن زياد: سمعتُ عبد الله بْن أحمد بْن حنبل: سمعت أبي يقول: قولوا لأهل البِدَع: بيننا وبينكم الجنائز. وقال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنِي أبو بَكْر محمد بْن الْعَبَّاس الْمَكِّيّ: سمعت الوَرْكانيّ جار أحمد بْن حنبل يقول: يوم مات أحمد بْن حنبل وقع المأتم والنَّوْح فِي أربعة أصناف: المسلمين واليهود والنّصارى والمجوس. وأسَلَمَ يوم مات عشرون ألفًا من اليهود والنصارى والمجوس3.

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "9/ 536". 2 تقدمة المعرفة "312". 3 تاريخ بغداد "4/ 423"، وحلية الأولياء "9/ 180".

وفي لفظٍ عن ابن أبي حاتم: عشرة آلاف1. وهي حكاية مُنْكَرَة لا أعلم رواها أحد إلا هذا الوَرْكانيّ، ولا عَنْهُ إلا محمد بْن الْعَبَّاس، تفرّد بها ابن أبي حاتم، والعقل يحيل أن يقع مثل هذا الحادث فِي بغداد ولا يرويه جماعة تتوفّر هِمَمُهُم، ودَوَاعيهم على نقل ما هُوَ دون ذلك بكثير. وكيف يقع مثل هذا الأمر الكبير ولا يذكره المَرُّوذيّ، ولا صالح بْن أحمد، ولا عبد الله بْن أحمد بْن حنبل الّذين حكوا من أخبار أبي عبد الله جُزَيْئات كثيرة لا حاجة إلى ذكرها. فوالله لو أسلم يوم موته عشرة أَنَفسٍ لكان عظيمًا، ولكان ينبغي أن يرويه نحو من عشرة أنفس. وقد تركت كثيرًا من الحكايات، إمّا لضَعْفها، وإمّا لعدم الحاجة إليها، وإما لطولها. ثُمَّ انكشف لي كذب الحكاية بأنّ أَبَا زُرعة قال: كان الوَرْكانيّ، يعني محمد بْن جَعْفَر، جار أحمد بْن حنبل وكان يرضاه2. وقال ابنُ سعد، وعبد اللَّه بْن أحمد، وموسى بْن هارون، مات الوَرْكانيّ فِي رمضان سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. فظهر لك بهذا أنّه مات قبل أحمد بدهرٍ، وكيف يحكى يوم جنازة أحمد، رحمه اللَّه؟ قال صالح بْن أحمد: جاء كتاب المتوكّل بعد أيّام من موت أَبِي إلى ابن طاهر يأمره بتعزيتنا، ويأمر بحمل الكُتُب. فحملتها وقلتُ: إنّها لنا سماع، فتكون فِي أيدينا وتُنَسَخ عندنا. فقال: أقول لأمير المؤمنين. فلم نزل ندافع الأمير، ولم تخرج عن أيدينا، والحمد لله. وقد جمع مناقب أبي عبد الله غير واحد، منهم أبو بَكْر البَيْهقيّ فِي مجلّد، ومنهم أبو إسماعيل الْأَنْصَارِيّ فِي مُجَيْلد، ومنهم أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ فِي مجلد، والله تعالى يرضى عنه ويرحمه.

_ 1 انظر الحلية في الموضع السابق. 2 سير أعلام النبلاء "9/ 537".

36- أحمد بن الزُّبَيْر الأطرابُلُسيّ1. عَنْ: زيد بْن يحيى بْن عُبّيْد، ومؤمّل بن إسماعيل. وعنه: ابن زياد النَّيْسابوريّ، ومحمد أخو خَيْثَمَة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: صدوق. 37- أَحْمَد بن عَبْد اللَّه بن عَبْد الصَّمَد بن عليّ الهاشميّ العبّاسيّ. أبو العَبَر الشاعر المُفْلِق....... قيل إنّه هجا آل أبي طالب فقتله رجل كوفيّ بكلام استحلّ به دمه. وله شِعْر فائق من عهد الأمين وإلى أَيام المتوكّل. ثمّ أخذ في الحمق والمجون. وكان من أذكياء العالم، حتّى قيل: لم يكن في الدنيا صناعة إلا وهو يعلمها ويعلمها بيده. قُتِل سنة خمسين. 38- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم بن نافع بن أبي بَزّة2. أبو الحسن المخزوميّ مولاهم البَزّي المكّيّ المقرئ. مؤذن المسجد الحرام أربعين سنة. والبزّة: بالشَّدّة. قال الْبُخَارِيّ: اسم أبي بَزّة بشّار مَوْلَى عبد الله بْن السّائب المخزومي، أصله من همذان. أسلم على يد السّائب بن صَيْفيّ. قلت: وُلد سنة سبعين ومائة، وقرأ على: عِكْرمة بْن سُلَيْمَان مَوْلَى بني شَيبة، وأبي الإخريط وهُب بْن واضح: وأحمد مَوْلَى عبد العزيز بْن أبي، وعبد اللَّه بْن زياد مَوْلَى عُبَيْد بْن عُمَير الَّليْثيّ، عن أحدهم، عن إسماعيل القِسط، وغيره، عن ابن كثير إمام أهل مكّة نفسِه، قرأ عليه بعد أن أتقن القرآن على صاحبَيْه شِبْل بْن عَبّاد، ومعروف بن مشكان.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 50، 81". 2 ميزان الاعتدال "1/ 144، 145"، والبداية "11/ 86".

كذا رُوِيَ عَنْهُ أبو الإخريط. قرأ عليه: أبو ربيعة محمد بْن إسحاق الرَّبعيّ، وإسحاق بْن أحمد الخزاعي، وأحمد بْن فَرَج، والحَسَن بْن الْحُبَابِ، وغيرهم. وكان شيخ الحرم وقارئه فِي زمانه، مع الدّين والورع والعبادة. وقد تفرَّد بحديثٍ مسَلَسَلٍ فِي التّكبير من {وَالضُّحَى} [الضحى: 1] . رَوَاهُ عَنْهُ: الحسن بْن مَخْلَد، ومحمد بْن يوسف بْن مُوسَى، والحسن بْن الْعَبَّاس الرّازيّ، ويحيى بْن محمد بْن صاعد، وجماعة. وقع لي عاليًا، وهو حديث مُنْكر. قال أبو حاتم: لا أُحَدِّث عَنْهُ، فإنّه روى عن عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ حديثًا منكرًا؛ وهو ضعيف الحديث. قلت: وذكره أبو جَعْفَر العُقَيْليّ فِي كتاب الضّعفاء فقال: مُنْكر الحديث، يوصل الأحاديث1. ثنا خَالِدُ بْنُ مَنْصُورٍ: نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ: ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم: ثنا الربيع بْنُ صَبِيحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الدِّيكُ الأَبْيَضُ الأَفْرَقُ حَبِيبِي وَحَبِيبُ حَبِيبِي جِبْرِيلُ، يَحْرُسُ سِتَّةَ عَشَرَ بَيْتًا"2. قُلْتُ: مَا هَذَا الْحَدِيثُ بِبَعِيدٍ عَنِ الْوَضْعِ. وعاش ثمانين سنة. وتُوُفّي بمكة خمسين ومائتين. وقد روى عَنْهُ الْبُخَارِيّ فِي تاريخه، وآخرون. سمع من: مالك بْن سَعِيد، ومؤمّل بْن إسماعيل، وسليمان بْن حرب، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى. 39- أحمد بن محمد بن علقمة بن رافع بن عمر بن صبح بن عون3.

_ 1 الضعفاء للعقيلي "2/ 127، 155". 2 موضوع: وانظر الضعفاء الكبير للعقيلي، والموضوعات لابن الجوزي "3/ 6"، القيسراني في التذكرة "1057". 3 تهذيب الكمال "1/ 482، 483"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 178، 179"، والتهذيب "1/ 79".

أبو الحَسَن المكّيّ المقرئ النّبّال القوّاس. سمع من: مسلم بن خالد الزَّنْجيّ، وغيره. وقرأ القرآن على أبي الإخريط وهْب بن واضح. قرأ عليه: قُنْبُل، وأحمد بن يزيد الحُلْوانيّ، وغير واحد. وحدَّث عنه: بَقِيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن عليّ الصّائغ، ومُطَيَّن، وعليّ بن أحمد بن بِسطام، وغيرهم. تُوُفّي سنة خمسٍ وأربعين بمكة. قال ابن مجاهد: قال لي قَنْبَل: قال لي القوّاس: إِلْقَ هذا الرجل البَزّيّ فَقُلْ له: ليس هذا الحرف من قراءتنا، يعني {وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} [إبراهيم: 17] مخفَّفًا. قال: فلقيته فأخبرته فقال: قد رجعت. ثُمَّ أتى إليه من الغد. قال قنبل: سمعت القواس يقول: نَحْنُ نقف حيث انقطع البعض، إلا في ثلاث نتعمد الوقف عليها: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] ، {وَمَا يُشْعِرُكُمْ} [الأنعام: 109] في الأنعام، {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103] . قال الدّانيّ: تُوُفّي القُواس سنة أربعين ومائتين، فُيحَرَّر. 40- أحمد بن محمد بن عيسى1. أبو جعفر السَّكُونيّ البغداديّ. عن: أبي بكر بن عيّاش، وأبي يوسف القاضي. روى عنه: محمد بن مَخْلَد، وغيره. وهو من الضُّعَفاء. 41- أحمد بن محمد بن نيزك2 -ت- أبو جعفر البغدادي المعروف بالطوسي.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 59"، وميزان الاعتدال "1/ 148". 2 تاريخ بغداد "5/ 108"، والمعجم المشتمل "59"، وميزان الاعتدال "1/ 151".

عن: رَوْح بن عُبادة، والأسود شاذان، وغيرهما. وعنه: ت، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وأبو حامد الحضرمي. توفي سنة ثمان وأربعين. 42- أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن الْمُبَارَك1. أبو جعفر العدوي اليزيدي المقرئ. من كبار ندماء المأمون وشعرائه. سمع: أبا زيد الأنصاري صاحب العربيّة، وأباه. وقرأ على جدّه فيما أظنّ. روى عنه: أخواه الفضل وعُبَيد الله، وابن أخيه محمد بن العبّاس، وعَوْن بن محمد الكِنْديّ، ومحمد بن عبد الملك الزّيّات. له ذِكْرٌ في تاريخ دمشق. 43- أحمد بن مُصَرِّف بن عَمْرو الياميّ2 -ن- كوفي محدث. روى عن: أبي أُسامة، ومحمد بن بشير، وزيد بن الحُباب، وطبقتهم. وعنه: ن. في السُّنَن، والحكيم التِّرْمِذيّ محمد بن عليّ، ومحمد بن عمر بن يوسف النَّسائيّ، وغيرهم. قال ابن حِبّان في كتاب الثّقات: مستقيم الحديث. 44- أحمد بن منيع بن عبد الرحمن3 -ع- أبو جعفر البغوي الحافظ الأصم المروروذي الأصل نزيل بغداد؛ وصاحب المُسْنَد المشهور. سمع: هُشَيْما، وعَبّاد بن العوّام، وابن عُيَيْنَة، ومروان بن شجاع، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد الله بن المبارك، وطبقتهم.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 117"، وبغية الوعاة "1/ 169". 2 التهذيب "1/ 80"، وخلاصة تذهيب التهذيب "12". 3 التاريخ الكبير للبخاري "2/ 6"، والصغير له "235"، والجرح "2/ 77"، والتهذيب "1/ 84".

وعنه: الجماعة، لكن خ. بواسطة، وسِبْطه أبو القاسم البَغَويّ، وعبد الله بن ناجية، وابن صاعد، وخلق. قال البَغَويّ: أُخْبِرتُ عن أحمد بْن منيع أنّه قال: أَنَا من نحو أربعين سنة أختم فِي كل ثلاث. قال صالح جَزَرَة، وغيره: ثقة. وقال البَغَويّ: تُوُفّي جدّي في شَوَّال سنة أربعٍ وأربعينٍ، وكان مولده هُوَ وأبو خَيْثَمة سنة ستين ومائة. 45- أحمد بن ناصح1 -ن- أبو عبد الله، نزيل الثَّغْر. عن: عبد العزيز الدَّراوَرْديّ، وأبي بكر بن عيّاش. وعنه: ن، ومحمد بن سُفْيان المُصِّيصيّ الصفار، وغيره. لم يذكره ابن أبي حاتم. 46- أحمد بن نصر بن زياد2. أبو عبد الله القرشي النيسابوري المقرئ الزاهد. عن: عبد الله بن نمير، وابن أبي فديك، وأبي أسامة، والنضر بن شميل، وجماعة. سمع منه: أبو نعيم أحد شيوخه. وحدث عنه: ت. ن، وسلمة بن شَبِيب، وابن خزيمة، وأبو عروبة الحراني، وخلق. وكان كثير الرحلة إلى الشام، والعراق، ومصر. ورحل إلى أبي عبيد على كبر السن متفقها، فأخذ عنه، وكان يفتي على مذهبه، وعليه تفقه ابن خزيمة قبل أن يرحل. وكان ثقة نبيلا مأمونا صاحب سنة.

_ 1 التهذيب "1/ 85"، والكاشف "1/ 29". 2 التهذيب "1/ 85"، وطبقات الحفاظ "237".

تُوُفّي سنة خمس وأربعين1. قال الحاكم: كان فقيه أهل الحديث في عصره، كثير الحديث والرحلة، رحمه الله. 47- أحمد بن نصر2. أبو بكر العتكي السَّمَرْقَنْديّ. ذكره ابن حِبّان في الثقات وقال: كان رجلا صالحا مجتهدا في العبادة، قمع أهلَ البِدَع في أيّام المحنة، وقام بما ينبغي. يروى عن: ابن عُيَيْنَة، وأبي ضمرة. وعنه: عبد الله بن عبد الرحمن الدَّارِميّ، وأهل سَمَرْقَنْد. تُوُفّي سنة خمس وأربعين. 48- أحمد بن هشام بن بِهْرام المدائنيّ3. عن: أبي معاوية، ووَكِيع. وعنه: ابن صاعد، وأبو بَكْر بْن أَبِي داود. وكان ثقة، قاله الخطيب. 49- أحمد بن يحيى بن إسحاق. أبو الحسين الرَّاوَنْديّ. قال المسعوديّ: تُوُفّي سنة خمسين ومائتين، عن أربعين سنة. قال: وله من الكُتُب مائة وأربعة عشر كتابا. قلت: غلط المسعودي، بل بقي إلى قريب الثلاثمائة. 50- أحمد بن يحيى بن وزير بن سليمان بن مهاجر4 -ن- أبو عبد الله

_ 1 المعجم المشتمل "61/ رقم 91". 2 الثقات لابن حبان "8/ 22"، والأنساب "8/ 390" لابن السمعاني. 3 تاريخ بغداد "5/ 197، 198"، ورسالة الغفران "461". 4 المعرفة والتاريخ "1/ 536، 2/ 625"، والتهذيب "1/ 89"، وخلاصة تذهيب التهذيب "14".

التجيبي، مولاهم المصريّ الحافظ النَّحْويّ، أحد الأئمّة. روى عن: عَبْد الله بْن وهْب، وشُعَيب بْن اللَّيْث، وأَصْبَغ بن الفَرجَ، وخلْق سواهم. وعنه: ن. وقال ثقة، والحسين بن يعقوب المصريّ، وأبو بكر بن أبي داود، وآخرون. وُلِد سنة إحدى وسبعين ومائة. قال أبو عمر الكِنْديّ: كان فقيها من أصحاب ابن وهْب. كان أعلم أهل زمانه بالشِّعْر والغريب وأيّام النّاس. وكان يتقبّل، فانكسر عليه خَراجٌ، فسجنه أحمد بن محمد بن مدبّر، فمات في حبّسه في شوّال سنة خمسين، رحمه الله. 51- أحمد بن يعقوب بن صالح البلْخيّ1. عن: أبي مقاتل حفص بن سَلْم. تُوُفيّ في رمضان سنة سْبعٍ وأربعين. 52- أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث2 بن زُرَارَةُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ -ع- الفقيه أبو مصعب الزهري العوفي، قاضي المدينة. وُلِد سنة خمسين ومائة، ولزِم مالكا وتفقَّه عليه، وسمع منه الموطّأ. وسمع من: العُطّاف بن خالد، ويوسف بن الماجشون، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، وطائفة. وعنه: الجماعة، لكن ن. بواسطة، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وأبو زُرْعة الرّازيّ، ومُطَيَّن، وخلْق آخرهم موتا إبراهيم بن عبد الصَّمد الهاشميّ. ذكره الزُّبَير بن بكّار فقال: هو فقيه أهل المدينة غير مدافَع. تُوُفّي في رمضان سنة اثنتين وأربعين على القضاء، وله اثنتان وتسعون سنة.

_ 1 لسان الميزان "1/ 327"، والمغني في الضعفاء "1/ 63". 2 الجرح والتعديل "2/ 43"، والعبر "1/ 436"، والتهذيب "1/ 20، 21".

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ثنا عبد الله بْن محمد بْن الفضل الصَّيْداويّ قال: أتى قوم أَبَا مُصْعَب الزُّهْرِيّ فقالوا: إنّ قِبَلَنا ببغداد رَجُلٌ يقول: لفظه بالقرآن مخلوق. فقال: هذا كلامُ خبيثٍ نبَطَيّ. وقال أبو محمد بْن حزم: آخر ما رُوِيَ عن مالك موطأ أبي مصعب وموطأ أبي حذافة. وفي هذين الموطأين نحوٌ من مائة حديث زائدة، وهي آخر ما روى عن مالك. فهذا دليل على أنه كان يزيد فِي الموطأ أحاديث بلغته فيما بعد، أو كان أغفلها ثُمَّ أَثْبَتَها. وهكذا يكون العُلماء رحمهم اللَّه. قلت: أمّا أبو حُذافة فهو أحمد بْن إسماعيل السَّهْميّ الْمَدَنِيّ، سيأتي فِي الطبقة الآتية. وقد سمعتُ مُوَطّأ أبي مُصَعَب على ابن عساكر، بإجازته من المؤيد، وبين المؤَيَّد، وبين أبي مُصْعَب أربعةُ أنفس، وهذا فِي غاية العُلُوّ، ولله الحمد. قال الدارقطني: أبو مصعب ثقة فِي الموطأ. وقدمه علي يحيى بْن بكير. وقال أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ: قال الزُّبَيْر بْن بكار: كان أبو مُصْعَب على شَرِطة عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن عبد الله الهاشميّ عامل المأمون على المدينة، وولي القضاء. ومات وهو فقيه أهل المدينة غير مدافَع. قال أبو زُرْعة، وأبو حاتم: صدوق. قال ابن عَبْد البَرّ: مات سنة إحدى وأربعين ومائتين. قلت: ما علمتُ فِيهِ جرحةً، ولا ذكر إلا فِي الثّقات. لكنْ قال أحمد بْن أبي خيثمة: لا تكتب عن مُصْعَب، واكتب عمَّن شئت. قال ابن الذَّهَبيّ: أراه نهاه عن الأخْذ عَنْهُ، لكونه على القضاء، والله أعلم. وقد ذكره ابن عساكر فِي النُّبْل فقال فِيهِ: أحمد بْن أبي بكر زرارة. فقد أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْح: أَنَا زاهر، أَنَا الكَنْجَروديّ، أَنَا أبو أحمد الحاكم، أَنَا أَبُو عَبْد اللَّه محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن زياد الطَّيَالِسِيُّ: ثنا أبو مصعب أحمد بْن أبي بَكْر الزُّهْرِيّ، وسألناه عن اسم أبيه فقال: لا نعرف له اسمًا. 53- أحمد بن أبي سُرَيج الصّبّاح النَّهْشَليّ1 -خ. د. ن- وقيل أحمد بن

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 56"، وتاريخ بغداد "4/ 205"، والتهذيب "1/ 44".

عمر بن الصّبّاح، أبو جعفر الرّازيّ البغدادي. قرأ القرآن على أبي الحَسَن الكِسائيّ، وأقرأه. وسمع: شُعَيب بن حرب، وأبا معاوية الضّرير، وابن عُلَيّة، ووَكِيعا، وجماعة. وعنه: خ. د. ن، وأبو بكر بن أبي داود، وأهل الرِّيّ. وقرأ عليه: العبّاس بن الفضل الرّازيّ. وقال النَّسائيّ: ثقة. وروى عنه أيضا: أبو زُرْعة، وأبو حاتم. وقال أبو حاتم: صدوق. 54- أحمد بن أبي عبيد الله السليمي البصري الوراق1 -ت. ن- اسم أبيه بِشْر. عن: يزيد بن زريع، وسلم بن قتيبة، وعمر المقدمي. وعنه: ت. ن، وقال: ن. ثقة؛ والحسن بن عُلَيْل. 55- إبراهيم بن الحارث الأنصاريّ2. أبو إسحاق العُباديّ. ومن ولد عُباده بن الصّامت. بغداديُّ جليل نزل طَرَسُوس مُرابِطا. كان الإمام أحمد بن حنبل يحترمه ويعظّمه، وكان هو يُفْتي بحضرة أبي عبد الله فيُعجبه ويقول: جزاك الله يا أبا إسحاق خيرا. روى عن: مُصْعَب الزُّبَيْريّ، وجماعة. وأكبر شيخ له عليّ بن عاصم. روى عنه: أبو بكر الأثرم، وحرب بْن إِسْمَاعِيل الكرماني، وأبو بَكْر بْن أبي داود.

_ 1 التهذيب "1/ 60"، وخلاصة التذهيب "9". 2 تاريخ بغداد "6/ 55، 56"، وتهذيب التهذيب "1/ 113".

56- إبراهيم بن الحسين بن خالد1. الفقيه أبو إسحاق الأندلسيّ القُرْطُبيّ المالكيّ. رحل وحجّ ولقي مُطَرِّف بن عبد الله، وعليّ بن مَعْبَد، وعبد الله بن هشام، وغيرهم. وصنَّف تفسيرا للقرآن، وكان بصيرا بالفقه. ولي أحكام الشرطة ببلده. ومات في رمضان سنة تسعٍ وأربعين. 57- إبراهيم بن حمزة الرَّمْليّ البّزاز2 -د- عن: ضمرة بن ربيعة، وزيد بن أبي الزّرقاء. وعنه: د، وعَبْدان الأهوازيّ، وأبو بكر بن أبي داود. 58- إبراهيم بن خالد المروزي الجرميهني3. الحافظ المعروف بالبطيطي. بلغنا عن بُنْدار أنه قال: حُفّاظ الدّنيا أربعة، وكلُّهم غلماني: إبراهيم الجرميهني، وأبو زرعة، والدّارميّ. مات سنة خمسين. 59- إبراهيم بن زياد البغداديّ الصّائغ4. عن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وابن عُلَيَّة. وعنه: أبو حاتم الرازيّ، وابن صاعد، وداود بن سليمان، وغيرهم. وكان ثقة.

_ 1 وتاريخ علماء الأندلس "1/ 8" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "153" للحميدي. 2 تهذيب الكمال "2/ 76"، والتهذيب "1/ 34". 3 الجرح والتعديل "2/ 97"، واللباب لابن الأثير "1/ 273". 4 الجرح والتعديل "2/ 100".

أمّا: 60- إبراهيم بن زياد البغداديّ الخيّاط1. عن شريك، وجماعة، فشيخ أقدام من هذا. كتب عنه أبو حاتم أيضا. 61- إبراهيم بن سعد الجوهري2 -د. ت. ن. ق- أبو إسحاق البغدادي. طبريّ الأصل، صاحب حديث. سمع: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وعبد الوهّاب الثّقفيّ، وابن فُضَيْل، ووَكِيعا، وأبا ضَمْرة، وأبا أُسامة، وأبا معاوية، وطائفة. وعنه: الجماعة سوى البخاريّ، وأبو الْجَهْم المَشْغَرانيّ، وابن جَوْصا، وأبو طاهر الحسن بن فِيل، وأبو عَرُوبة الحَرَّانيّ، ومحمد بن عليّ الحكيم التِّرْمِذيّ ويحيى بن صاعد، وخلق. وروى النَّسائيّ في كتاب، خصائص علي -رضي الله عنه، عن زكريّا السِّجْزِيّ، عنه، وقال: هو ثقة. وقال عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن خاقان السُّلَميّ: سَأَلت إبراهيم بْن سَعِيد الْجُوهريّ، عن حديث لأبي بكر الصديق فقال لجاريته: أخرجي لي الجزء الثالث والعشرين من مسند أبي بكر. فقالت له: لا يصحّ لأبي بَكْر خمسون حديثًا، من أَيْنَ ثلاثة وعشرون جزءًا؟ فقال: كلّ حديث لا يكون عندي من مائة وجهٍ، فأنا فِيهِ يتيم. قال الخطيب: كان مكثرًا ثقة ثبتًا، صنَّف المُسْنَد. وقال إبراهيم الهَرَويّ: كان أبوه ثقة محتشمًا نبيلا، حجّ مرةً، فحجّ معه أربعمائة نفس، منهم هُشَيْمٌ، وإسماعيل بْن عيّاش، وكنتُ أنا منهم. اختلف في موت إبراهيم، فقيل: سنة أربع، وقيل سنة سبْعٍ، وقيل: سنة تسعٍ وأربعين، وقيل: سنة ثلاثٍ وخمسين. مات بعَيْن زَرْبَة مُرابَطا، رحمه الله. وكان حَجّاج بن الشّاعر يليّنه بلا حُجّة.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 76"، والجرح والتعديل "2/ 101". 2 الجرح والتعديل "2/ 104"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 213"، والتهذيب "1/ 123-125".

62- إبراهيم بن سفيان الزبادي1. اللُّغَويّ النَّحْويّ، أحد أئمّة العربيّة بالعراق. أخذ عن: الأصمعيّ، وغيره. وهو من ولد زياد بن أبيه أمير الكوفة. ذكره يعقوب بن السكّيت فقال: هو نسيج وحده. قلت: وقد ذكره الوزير ابن القفطي في تاريخ النُّحاة. 63- إبراهيم بْن سلام2. أبو إسحاق الْمَكِّيّ، مَوْلَى بْني هاشم. روى عن: الدَّرَاوَرْديّ، والفُضَيل، وسعيد بن سالم القدّاح، ويحيى بن سليم. وعنه: أبو الأحوص العكبري، وابن صاعد، وابن خزيمة. قال أبو أحمد الحاكم: ربما روى ما لا أصل له. 64- إبراهيم بن العبّاس بن محمد بن صُول3. مولى يزيد بن المهلَّب بن أبي صُفْرة، أبو إسحاق الصُّوليّ البغداديّ الأديب، أحد الشّعراء المشهورين والكُتّاب المذكورين. له ديوان مشهور؛ وكان جدّه صول المجوسيّ ملك جُرْجان، فأسلم على يد يزيد. سمع الصُّوليّ من: عليّ بن موسى الرضا. روى عنه: أبو العبّاس ثعلب، وغيره. وكان موصوفا بالبلاغة والبراعة والنَّظْم والشِّعْر. قال دِعْبِل الخُزاعيّ: لو تكسّب إبراهيم بْن الْعَبَّاس بالشِّعْر لَتَرَكَنَا فِي غير شيء. ومن نثْره عن الخليفة: أما بعد، فإن أمير المؤمنين.

_ 1 كشف الظنون "501، 1427، 1467"، والفهرس "58"، وبغية الوعاة "181". 2 ميزان الاعتدال "1/ 36"، ولسان الميزان "1/ 64". 3 تاريخ بغداد "6/ 117، 118"، مرآة الجنان "2/ 143".

أناةً فإنْ لم تُغْن أعقَب بعدها ... وعبدًا فإن لم يُغْن أغنت عزائمه والسلام. تُوُفّي في شَعْبان سنة ثلاث وأربعين بسامَرّاء. 65- إبراهيم بن عبد الله المَرْوَزِيّ الخلال1 -ن. عن: عبد الله بن المبارك. وعنه: ن، والحَسَن بْن سُفْيان، وعبد اللَّه بْن محمد المَرْوَزيّ. وثقة ابن حبان. وتوفي سنة إحدى وأربعين. 66- إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي2 -ت. ق. أبو إسحاق الحافظ، نزيل بغداد. سمع: إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد، وهُشَيما وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وطبقتهم. وعنه: ت. ق، وابن أَبِي الدُّنيا، وجعفر الفريابي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن فرج المقرئ، وأحمد بن الحسين الصوفي، وموسى بن هارون، وخلق سواهم. وكان صالحا زاهدا متعففا دائم الصيام، إلا أن يدعوه أحد فيُفْطِر. وكان من أعلم النّاس بحديث هُشَيْم، وأثبتهم فيه. قَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا عَدْوَى وَلا هَامَةَ وَلا نَوَّ وَلا صَفَرَ" 3 نَوٌّ: مِنَ الأَنْوَاءِ.

_ 1 التهذيب "1/ 132"، والكاشف "1/ 39"، والثقات "8/ 75". 2 تاريخ بغداد "6/ 118-120"، وميزان الاعتدال "1/ 39". 3 "صحيح": أخرجه مسلم "2220"، وأبو داود "3912".

قال صالح جَزَرَة عَنْهُ: ما مِن حديث هُشَيْمٌ إلا وقد سمعه عشرين مرّة وأكثر، وكنت أُوقفه. كنت سمعت منه مع سَعِيد الجوهريّ والد إبراهيم. قال صالح: أعلم الناس بحديث هُشَيْمٌ: عَمْرو بْن عون، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ. وقال ابن مَعِين: أصحاب هُشَيْمٌ محمد بْن الصّبّاح الدُّولابيّ، وإبراهيم الهَرَويّ، وإبراهيم أحسنهما. وقال أبو دَاوُد: إبراهيم بْن عبد الله الهَرَويّ ضعيف. وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بالقويّ. تُوُفّي فِي رمضان سنة أربعٍ وأربعين، عن بضع وتسعين سنة. 67- إبراهيم بن عبد الله بن خالد المِصِّيصيّ1. عن: وَكِيع بن الجرّاح، والحارث بن عطيّة، وحَجّاج الأعور. وعنه: عُبَيْد بن الهيثم الحلبيّ، وعلي بن موسى الرَّبعيّ. ضعّفه ابن حِبّان، وغيره. وله عجائب. 68- إبراهيم بن عبد الله بن صَفْوان النَّصْريّ الدّمشقيّ الحمّاد2. عمّ الحافظ أبي زُرْعة. روى عن: ابن وهْب، وضَمْرة بن ربيعة، والهيثم بن عِمران. روى عنه: أبو زُرْعة، وولده محمود بن أبي زُرْعة، وسليمان بن محمد الخُزاعيّ، وآخرون. 69- إبراهيم بن عبد الله بن المُنذر الباهليّ الصَّنْعانيّ3 -ت- روى عن: وَكِيع، وَيَعْلَى بن عُبَيْد، والمقرئ، وعبد الرّزّاق. وعنه: ت، ومحمد بن إسماعيل السلمي الترمذي.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 40"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 40"، ولسان الميزان "1/ 71". 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 226". 3 التهذيب "1/ 137"، والكاشف "1/ 41".

70- إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي الفياض1. أبو إسحاق البرقي الفقيه. يروى عن: ابن وهْب، وأشهب. أخذ النّاس عنه بمصر. ومات سنة خمس وأربعين. قال ابن يونس: له مناكير. 71- إبراهيم بن عَوْن بن راشد2. أبو إسحاق السَّعديّ الأصبهانيّ المَدِينيّ. سمع: ابن عُيَيْنَة، وَوَكِيعا، وعُبَيْد الله بن موسى. وعنه: محمد بن أحمد الأبْهَريّ، ومحمد بن أحمد بن يزيد. قال أبو نُعَيْم الحافظ: كان من خيار النّاس. 72- إبراهيم بن عيسى الأصبهانيّ الزّاهد3. صاحب معروف الكَرْخيّ. روى عن: شَبّابة بن سَوّار، وأبي داود الطَّيالِسيّ. وعنه: أحمد بن محمد البزّاز. قال أبو الشّيخ: كان خيرا عابدا فاضلا، لم يكن بإصبهان في زمانه مثله. ومن دعائه: اللهم إنْ كُنت مُدْخِلي النار فعظم خلقي فيها حتى لا يكون لأمّة محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ- فيها موضعًا. ومن الرُّواة عَنْهُ: النَّضْر بن هشام. توفي سنة سبع وأربعين.

_ 1 لسان الميزان "1/ 76"، والأنساب لابن السمعاني "2/ 159". 2 ذكر في طبقات المحدثين بإصبهان لأبي الشيخ "2/ 277-279". 3 الجرح والتعديل "2/ 117"، وحلية الأولياء "10/ 393".

وقيل: إن أَبَا الْعَبَّاس بْن مسروق رَأَى هذا يمشى على الماء. 73- إبراهيم بن محمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب التَّميميّ1. أمير القيروان، وابن أمرائها؛ أبو أحمد. كان حسن السّيرة، كثير العطاء، ميمون الطَّلْعة. بنى بإفريقيّة حصونا كثيرة منيعة، واشترى العبيد والسّلاح. وأمِنت البلاد في أيّامه. مات في ذي القعدة سنة تسعٍ وأربعين. وبعده ولي زيادة الله ابنه. 74- إبرهيم بن محمد بن عبد الله2 -د. ن- أبو إسحاق التيمي المعمري. قاضي البصْرة. ثقة. عن: ابن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وابن داود الخُرَيْبيّ. وعنه: د. ن، وأبو حامد الحضرميّ، وابن دُرَيْد، وأبو رَوْق الهِزّانيّ. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة خمسين. وكان من كبار العلماء. 75- إبراهيم بن محمد بن يوسف بن سرج الفريابي3 -ق- نزيل القدس. ما هو بابن صاحب الثَّوريّ. سمع: الوليد بن مسلم، وضّمرة بن ربيعة، وأيّوب بن سُوَيْد. وعنه: ق، وأبو بكر بن أبي عاصم، والفِرْيابيّ، وابن قُتَيْبة العسقلانيّ، وبِقَيّ بْن مَخْلَد، وخلْق. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق.

_ 1 الوافي بالوفيات "6/ 104، 2535". 2 التقريب "1/ 56"، وتاريخ بغداد "6/ 151"، والثقات "4/ 5". 3 الجرح والتعديل "2/ 131"، والمعجم المشتمل "69" لابن عساكر.

76- إبراهيم بن المستمرّ1. أبو إسحاق البصْريّ العُرُوقيّ. عن: أبيه، وأبي داود، وأبي عامر العَقَديّ، وجماعة. وعنه: د. ن. ق، وأبو عيسى التِّرْمِذيّ في الشّمائل، وأبو بكر بن خُزَيْمة، وخلق كثير. وكان أحد الثّقات. 77- إبراهيم بن مكتوم المَصَاحِفيّ2. حدَّث بالبصرة في هذا الوقت عن: أبي داود الطَّيالِسيّ، وعبد الصّمد بْن عَبْد الوارث. وعنه: ابن صاعد، وأبو رَوْق الهِزّانيّ. وكان صدوقا. 78- إبراهيم بن هارون البلخي العابد3 -ن- عن: حامد بن إسماعيل، وداود بن الجّراح. وعنه: ن، والتِّرْمِذيّ في شمائله، ومحمد بن عليّ التِّرْمِذيّ الحكيم، ومحمد بن عليّ بن طرْخان. 79- إبراهيم بن هاشم بن عُبَيْد الله. أبو إسحاق بن أبي صالح الثَّقفيّ المَرْوَزيّ، قاضي نَيْسابور. عن: النَّضْر بن شُمَيْل، ورَوْح بن عُبادة. وكان قَدَريّا. روى عنه جماعة. مات سنة ست وأربعين.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 2/ 140"، والتهذيب "1/ 164". 2 الجرح والتعديل "2/ 139"، والثقات "8/ 84". 3 التهذيب "1/ 176"، وخلاصة تذهيب "23".

80- إبراهيم بن الإمام يحيى بن المبارك اليَزِيديّ1. العلامة أبو إسحاق. بصْريّ نزل بغداد. وكان رأسا في الأدب. سمع من: الأنصاريّ، والأصمعيّ. وله مصنَّف يَفتخر به اليزيديّون، وهو ما اختلف معناه واتفق لفظه، نحو من سبعمائة ورقة. يرويه عنه: عبد الرحمن بن عبد المؤمن، وجماعة. 81- إبراهيم بن يوسف الحضْرميّ الكِنْديّ الكوفيّ الصَّيْرفيّ2. عن: حفص بن غِياث، وأبي بكر بن عيّاش. وعنه: ابن صاعد، وقاسم المطِّرز، وعليّ التّابعيّ. وثّقة ابن حِبّان. مات سنة تسعٍ وأربعين. 82- أزهر بن مروان الرَّقاشيّ البصري النواء3 -ت. ق- يلقب فريخ. عن: حمّاد بن زيد، وعبد الوارث، والحارث بن نبهان، ومحمد بن سواء. وعنه: ت. ق، وعبدان، وأبو بكر بن أبي عاصم، وموسى بن هارون. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وأربعين. 83- إسحاق بن أبي إسرائيل إبراهيم بن كامَجْر المَرْوَزِيّ4 -د. ن- نزيل بغداد أبو يعقوب الحافظ. عن: شَرِيك، وحمّاد بن زيد، وكثير بن عبد الله الأيْليّ، وخلْق. ورأى زائدة. وعنه: د، ون. بواسطة، وهارون الحمّال، والبخاريّ في كتاب الأدب، وابن

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 209، 210"، الأغاني "18/ 17". 2 الجرح والتعديل "2/ 148"، وميزان الاعتدال "1/ 76"، وخلاصة تذهيب التهذيب "24". 3 أخبار القضاة "1/ 68" لوكيع، والتهذيب "1/ 205". 4 الطبقات لابن سعد "7/ 353"، والجرح والتعديل "2/ 210"، والتهذيب "1/ 223".

ناجية، وأبو بكر أحمد بن عليّ المَرْوَزيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصليّ، وأحمد بن القاسم أخو أبي اللّيث الفرائضيّ، وأبو العبّاس السّرّاج، وخلْق. وروى قراءة عليّ بن ضمرة الكِسائيّ، عنه. وقرأه ابن عامر، عن الوليد بن مَسْلَمَة، عن الذّماريّ، عنه. قَالَ أحمد بن زُهير، عن ابن مَعِين: ثقة1. وقال عثمان الدّارِميّ، عن ابن مَعِين: ثقة2. ثُمَّ قال عثمان: لم يكن عثمان أظهر الوقف حين سَأَلت ابن مَعِين عَنْهُ. وقال أبو القاسم البَغَويّ: كان ثقة مأمونًا، إلا أنّه كان قليل العقل. وقال صالح جَزَرَة: صدوق، إلا أنّه كان يقول: القرآن كلام اللَّه، ويقف3. وقال السّرّاج: سمعتُ إسحاق بْن أَبِي إسرائيل يقول: هؤلاء الصِّبيان يقولون: كلام اللَّه غير مخلوق. ألا قَالُوا كلام اللَّه وسكتوا. ويشير إلى دار أحمد بْن حنبل. قال إسحاق بْن دَاوُد: قال أحمد بْن حنبل: تجَّهمَ ابن أبي إسرائيل بعد تسعين سنة. فقال محمد بْن يحيى الْمَكِّيّ: ذكرتُ لأبي عبد الله إسحاقَ بْنَ أبي إسرائيل فقال: ذاك أحمق. وقال إسحاق بْن إبراهيم بْن هانئ: سمعتُ أَبَا عبد الله أحمد بْن حنبل، ذَكَر ابن أبي إسرائيل فقال: بعد طلبه للحديث وَكَثْرة سماعه شكَّ، فصار ضالا شكَّاكًا. وقال أبو حاتم الرّازّي4: كتبتُ عَنْهُ فوقفَ فِي القرآن، فوقفنا عَنْ حديثه. وقد تركه النّاس حَتَّى كنت أمُرُّ بمسجده وهو وحيد لا يقربه أحد، بعد أن كان النّاس إليه عُنقًا واحدا. قال شاهين بْن السَّمِيدَع العَبْديّ: سمعت أحمد بن جنبل يقول: إسحاق بن أبي

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 358". 2 انظر المصدر السابق. 3 تاريخ بغداد "6/ 360". 4 الجرح والتعديل "2/ 210".

إسرائيل واقفي مشئوم، إلا أنّه صاحب حديثٍ كيس1. وقال زكريا الساجي: وتركوا إسحاق بن أبي إسرائيل لموضع الوقف، كان صدوقًا. وقال الْحُسَيْن بْن إسماعيل الفارسيّ: سَأَلت عَبْدُوس بْن عبد الله النَّيسابوريّ عن إسحاق بْن أبي إسرائيل فقال: كان حافظًا جدًا ولم يكن مثله فِي الحفظ والورع. فقلت: كان يُتَّهم بالوقف؟ قال: نعم. وقال أحمد بْن أبي خيثمة: قال لي مُصْعَب الزُّبَيريّ: نَاظَرَني إسحاق بْن أبي إسرائيل فقال: لا أقول كذا ولا أقول غير ذا، يعني فِي القرآن. فناظَرْتُه فقال: لم أقل فِي الشّك ولكنّي أسكت كما سكت القومُ قبلي. وقال مُوسَى بْن هارون: مولده سنة خمسين ومائة. وقال الْبُخَارِيّ، وأحمد بْن عُبَيْد اللَّه الثقفي، وابن قانع: مات سنة خمسٍ وأربعين ومائتين2. زاد ابن قانع: فِي شعبان. وقال البَغَويّ، وعليّ بن أحمد بن النَّضْر: مات سنة ست. زاد البَغَويّ: في شَعْبان بسامرّاء. وقع لي من عوالي ابن أبي إسرائيل. 84- إسحاق بن إبراهيم بن داود البصْريّ السَّوّاق3 -ق- عن: يحيى القطّان، وعبد الرحمن بن مهديّ، وأبي عاصم. وعنه: ق، والفضل بن الحسن الأهوازيّ، وعبد الرحمن بن محمد بن حماد الطهراني. 85- إسحاق بن الأخيل الحلبي4.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 359، 360". 2 الثقات لابن حبان "8/ 117". 3 تهذيب التهذيب "1/ 213"، والمعجم المشتمل "73". 4 الجرح والتعديل "2/ 213".

عن: مبشر بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي داود. 86- إسحاق بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بْن عَبْد الله بن يزيد الأنصاري الخطمي1 -د. ت. ن. ق. أبو موسى المدني الفقيه، نزيل سامرّاء. ثمّ قاضي نيسابور. سمع: ابن عُيَيْنَة، وعبد السّلام بن حرب، ومعن بن عيسى، وجماعة. وكان فاضلا صاحب سنة. ذكره أبو حاتم الرازيّ وأطنبَ في الثّناء عليه وروى عنه، وبَقِيّ بن مَخْلَد، والفِرْيابيّ، وابن خُزَيْمة، وابنه موسى بن إسحاق الخطْميّ. قيل: إنّه تُوُفيّ بجوسية مِن أعمال حمص سنة أربع وأربعين. وثّقه النَّسائيّ. وكثيرًا ما يقول التِّرْمِذيّ: ثنا الْأَنْصَارِيّ. وهو هذا. وقد تفرد بحديث رواه عنه النسائي، وابن ناجية، وطائفة. قال: ثنا معن، نا مالك، عن عبد الله بْن إدريس، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبيه: قال: بعث عُمَر إلى عبد الله بْن مَسْعُود، وإلى أبي الدَّرْداء، وإلى أبي مَسْعُود فقال: ما هذا الحديث الَّذِي تُكْثِرون عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فحبسهم فِي المدينة حَتَّى استُشْهِد. 87- إسحاق بن يوسف الْجُرْجانيّ الدَّيْلَمانيّ2. سمع: ابن عُيَيْنَة، وحفص بن عمر العَدَنيّ. وعنه: ابنه عبد الله، وعقيل بن يحيى. وثّقة أبو نُعَيْم الأصبهانيّ. ومات سنة خمسٍ وأربعين.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 235"، والتهذيب "1/ 251"، والبداية والنهاية "1/ 251". 2 أخبار إصبهان لأبي نعيم "1/ 216".

88- إسماعيل بن بَهْرام الوشّاء الخزّاز الخَبْذَعيّ1 الكوفيّ. سمع: عبد العزيز الدراوردي، ومعلَّى بن هلال، وعبيد الله الأشجعي. وعنه: ق، وبقيّ بن مَخْلَد، وأبو داود السجستاني، ومطَيَّن، والحسن بن سفيان. قال أبو حاتم: صدوق. وقال غيره: مات سنة إحدى وأربعين. 89- إسماعيل بن تَوْبة الثَّقَفيّ الرّازيّ2. نزيل قزوين، أحد الثِّقات الرّحّالة. سمع: فُضَيْل بن عِياض، وإسماعيل بن جعفر، وخلف بن خليفة، وهشيم بن بشير. وعنه: ق، والحسن بن إسحاق التُّسْتَريّ، وعبد الله بن وهب الدينوري، وأهل قزوين. قال أبو حاتم: صدوق. توفي سنة سبع وأربعين. 90- إسماعيل بن حفص3. أبو بكر الأبلي البصري القطان. سمع: معتمر بن سليمان، وأبا بكر عياش، وطبقتهما. وعنه: ن. ق، وأبو بكر بن عاصم، وعَبْدان، وابن خُزَيْمَة، وجماعة. 91- إسماعيل بن خزيمة بن المغيرة السلمي النيسابوري. سمع من: عبد الرزاق، وغيره.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 161"، وتاريخ جرجان للسهمي "367"، وميزان الاعتدال "1/ 224". 2 الجرح والتعديل "2/ 162"، والتهذيب "1/ 286". 3 تهذيب الكمال "3/ 62، 63"، وميزان الاعتدال "1/ 227".

وعنه: ابن أخيه أبو بكر بن إسحاق، ومحمد بن ياسين بن النضر. وكان ثقة. 92- إسماعيل بن زياد البلخي الأزدي1. عن: ضمرة بن ربيعة، وغيره. مات سنة ست وأربعين. 93- إسماعيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ2. أبو عبد الله، وأبو الحسن القرشي العبدري الرقي الفقيه المعروف بالسكري. قاضي دمشق. روى عن: عُبَيْد الله بن عَمْرو، وأبي المَلِيح الحَسَن بن عمر، وَيَعْلَى بن الأشدق، وابن المبارك، وأبي إسحاق الفزاري، وبقية، وعيسى بن يونس، وجماعة. وعنه: ق، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، ومحمد بن هشام بن ملاس، ومحمد بن محمد الباغَنْديّ، وآخرون. وثقة الدَّارَقُطْنيّ. وقال أبو حاتم: صدوق. قال ابن الفَيْض الدّمشقيّ: ولّي أحمد بْن أبي دؤاد على قضاء دمشق إسماعيل بْن عبد الله السكري في سنة ثلاث وثلاثين، فأقام قاضيا إلى أن وَلِيَ القضاء للمتوكّل يحيى بْن أكثم، فعزل إسماعيل محمد بْن هاشم بْن ميسرة3. قلت: لم يذكره ابن عساكر فِي شيوخ النُّبْل، وذكر بدله سميّه: إسماعيل بْن عبد الله بْن زرارة الرقي، وقال: رُوِيَ عَنْهُ ق، وروي ن. عن رجلٍ، عَنْهُ. قال لنا الحافظ أبو الحجاج: رُوِيَ ق. خمسة أحاديث قال فيها: ثنا إسماعيل بْن عبد الله الرقي، وإنما هُوَ السكري لا ابن زرارة. لأن ابن زرارة مات سنة تسع

_ 1 التاريخ الكبير "1/ 355"، وميزان الاعتدال "1/ 231". 2 الجرح والتعديل "2/ 181"، والتهذيب "1/ 307"، والميزان "1/ 136". 3 تهذيب الكمال "3/ 116".

وعشرين، وإنما رحل بعد الثلاثين1. قال إبراهيم بْن أيّوب الحَوْرانيّ: قلت لإسماعيل بْن عبد الله القاضي: بَلَغَني أنّك كنت صوفيّا، مَن أَكَلَ من جُرابك كِسْرةً افتخر بها. فقال: حَسْبُنا اللَّه ونِعْمَ الوكيل2. وقال أبو الحَسَن علي بن الحسن بن علاة الحرّانيّ: مات إسماعيل بن عبد الله السُّكّريّ بعد الأربعين، وكان يُرمَى بالتّجهُّم. 94- إسماعيل بن عَمرو. أبو محمد المصريّ الفقيه، صاحب أشهب. يروى عن: ابن وهْب، وعبد الملك بن الماجِشُون، وغيرهما. وروى عنه جماعة آخرهم عبد الحَكَم بن أحمد الصّدَفيّ. تُوُفّي في رجب سنة ثمان وأربعين، قاله ابن يونس. 95- إسماعيل بن الفضل3. أبو إبراهيم الشّالَنْجيّ، قاضي جُرْجان. روى عن: إسماعيل بن جعفر، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وجماعة. وعنه: أحمد بن مُعَاذ السُّلَميّ، وابن مُجَاشِع السّخْتيانيّ، وأهل جُرجان. تُوُفّي سنة ست وأربعين. 96- إسماعيل بن مسعود4 -ن- أخو الصَّلْت بن مسعود الْجَحْدَرِيّ البصْريّ. عن: يزيد بن زُرَيْع، ومعتمر بن سليمان التَّيْميّ، وبشْر بن المفضّل. وعنه: ن، والفِرْيابيّ، ومحمد بن جرير، وجماعة.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 26". 3 الأنساب لابن السمعاني "7/ 260". 4 الجرح والتعديل "2/ 200"، والتهذيب "1/ 331".

قال النَّسائيّ: ثقة. وتُوُفّي سنة ثمانٍ وأربعين. 97- إسماعيل بن موسى الفَزَاريّ1 -د. ت. ق- ابنُ ابنةِ إسماعيل السُّدّيّ. أبو محمد، وقيل: أبو إسحاق. كوفيّ، ثقة، شيعيّ متوالي. سمع: عمر بن شاكر، ومالك بن أنس، وشَرِيك بن عَبْد الله، وعبد الرَّحْمَن بن أَبِي الزّناد، وجماعة. وعنه: د. ت. ق، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وابن خُزَيْمَة، وطائفة كبيرة وأما ابن أبي حاتم فقال: سمعتُ أبي يقول: سَأَلْتُهُ عن قرابته من السُّدّيّ، فأنكر أن يكون ابن ابنته، وإذا قرابته منه بعيدة2. قال أبو حاتم: صدوق. سمعته يقول: سمَّتني أمّي باسم السُّديّ. قلت: توفي سنة خمس وأربعين، وشيخه عُمَر بْن شاكر يروي عن أنس بن مالك. وقبل: إنّه كان يغلو ويسُبّ. قال عَبْدان الأهوازيّ: أنكر علينا أبو بَكْر بْن أبي شَيبة أو هناد ذهابنا إلى إسماعيل بن موسى. وقال: أيش عملتم عند هذا الفاسق الَّذِي يشتم السَّلَف؟ رواها ابن عديّ عَنْهُ وقال: أوصَلَ عن مالك حديثين، وتفرَّد عن شَريك بأحاديث. وإنَّما أنكر غُلُوَّه فِي التَّشَيُّع. وقال عليّ بْن محمد بْن كاس الحنفيّ القاضي، وهو ثقة: ثنا عليّ بْن جَعْفَر الرُّمانيّ، نا إسماعيل ابن بِنْت السُّدّيّ قال: كنتُ فِي مجلس مالك، فَسُئِلَ عن فريضةٍ، فأجاب بقول زيد. فقلت: ما قال فيها علي وابن مَسْعُود. فأومأ إلى الحجبة، فلما هموا بي عدوت وأعجزتهم، فقالوا: ما نصنع بكتبه ومحبرته؟ قال: اطلبوه برفق.

_ 1 التهذيب "1/ 335"، والجرح "2/ 196". 2 الجرح "2/ 196".

فجاءوا إلي، فجئت معهم، فقال مالك: من أين أنت؟ قلت: كوفي. قال: فأين خلفت الأدب؟ قلت: إنما ذاكرتك لأستفيد. فقال: إن عليا وعبد الله لا يُنْكَر فضلُهُما، وأهل بلدنا على قول زَيْدُ بْن ثابت. وإذا كنتَ بين قومٍ فلا تبدأهم بما لا يعرفون، فيبدو لك منهم ما تركه. 98- إسماعيل بن يوسف1. أبو عليّ الدَّيْلميّ الزّاهد الحافظ. روى شيئا عن: مجاهد بن موسى. وأخذ عن: أحمد بن حنبل. وكان شابا يتوقَّد ذكاءً، لم يشتهر لموته صغيرا. قال الدّارَقُطْنيّ: هو بغداديّ، زاهد ورِع، فاضل، ثقة. قلت: وكان يسهر في طاحون بثلاث دراهم. كتب عَنْهُ: الْحَسَن بْن أبي العنبر، والعبّاس بْن يوسف الشَّكليّ. قال أبو الحُسَين بن المنادي: ذُكِر لي أنّه كان يحفظ أربعين ألف حديث، وكان مشهورا بالزُّهد. وكان مَكْسَبُه من المُساهَرَة في الأَرْحاء، رحمه الله. وقد رآه محمد بن مخلد العطار. 99- أصْبَغُ بنُ دِحْية الصَّدفيّ المصريّ2. عن: رِشْدين بن سعد، وعبد الله بن وهْب. وعنه: ابنه جَرْوَل. تُوُفّي سنة خمس وأربعين ومائتين.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 274-276"، وطبقات الحنابلة "1/ 107، 108" لأبي يعلى، والوافي بالوفيات "9/ 245". 2 ميزان الاعتدال "1/ 270"، والمغني في الضعفاء "1/ 92".

100- أيوب بن محمد ب أيوب الهاشمي البصري1 -ق- المعروف بالقلب. عن: عبد الواحد بن زياد، وعبد القاهر بن السَّرِيّ، وأبي عَوَانة. وعنه: ق، وابن أبي الدُّنيا، والحسن بن سفيان، وزكريا الساجي، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي. 101- أيوب بن عافية بن أيوب البصري. يروي عن: ابن وهْب، ووالده عافية. تُوُفّي في شَعْبان سنة ستٍ وأربعين. قاله ابن يونس. 102- أيّوب بن عليّ بن الهيصم بن أيّوب بن مسلم2. الكِنانيّ الفلسطينيّ. سمع: زياد بن سيّار. وعنه: سليمان بن محمد بن الفضل، وأبو بكر بن أبي داود، وأحمد بن جوصا، وآخرون. قال أبو حاتم: شيخ. وجده الأعلى مُسْلِم هُوَ أخو أبي قُرْصافة من أبيه. 103- أيّوب بن محمد بن زياد بن فروخ3 -د. ن- أبو سليمان الرقي الوازن. مولى بني هاشم. سمع: أبا إسحاق الفَزَاريّ، ومعّمر بن سليمان، ومروان بن معاوية، وابن عُلَيَّة. وعنه: د. ن، وأبو عَرُوبة، وأبو بكر بن أبي داود، وأهل الجزيرة. وكان يزن القطن. وثقه النسائي، وغيره. مات في ذي القعدة سنة تسعٍ وأربعين ومائتين.

_ 1 تهذيب الكمال "3/ 489"، والتهذيب "1/ 410". 2 الجرح والتعديل "2/ 252". 3 المعرفة والتاريخ "2/ 457"، ومروج الذهب "3067"، والتهذيب "1/ 411".

"حرف الباء": 104- بَرَكَةُ بن محمد الحلبيّ1. أبو سعيد الأنصاريّ. عن: مروان بن معاوية، ويوسف بن أسباط، وعليّ بن بكّار، ومبشّر بن إسماعيل. وعنه: أبو نَشِيط محمد بن هارون، وأبو الحسين عَبْد اللَّه بْن محمد بْن يونس السّمْنانيّ، وموسى بن محمد الأنطاكيّ، وأحمد بن زكريّا البصْريّ شاذان، وعمر بن محمد الهمدانيّ، وآخرون. قال الدَّارَقُطْنيّ: كذّاب يضع الحديث. وقال ابن أبي حاتم: سمعت أَبَا الْحُسَيْن السّمْنانيّ يقول: نظر صالح بْن الأشرس فِي بعض حديثي، عن بركة فقال: ليس هذا بركة، هذا عقوبة. 105- بِسْطام بن جعفر الأزْديّ المَوْصِليّ2. عن: مالك، وحمّاد بن زيد، وإبراهيم بن أبي يحيى. وعنه: أحمد بن حمدون، وإبراهيم بن عليّ المَوْصِليّان. تُوُفّي سنة اثنتين وأربعين. 106- بِشْر بن بشّار البغداديّ3. عن: يزيد بن هارون، وداود بن المحبّر. وعنه: ابن أبي الدُّنيا، والحسن بن الحُباب، وأبو العبّاس السراج، وغيرهم. 107- بشر بن معاذ العقدي4 -ت. ن. ق- أبو سهل البصري الضرير.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 433"، والميزان "1/ 303". 2 الثقات لابن حبان "8/ 155". 3 تاريخ بغداد "7/ 84" "3519". 4 الجرح والتعديل "2/ 368"، والتهذيب "1/ 458".

عن: إبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك بْن أبي محذورة الْجُمَحيّ، وأبي عَوَانة، ومرحوم بن عبد العزيز العطّار، وعبد الواحد بن زياد، وحمّاد بن زيد، وهُشَيْم، ومعتمر، وطائفة. وعنه: ت. ن. ق، وأبو بكر البزّار، وعمر بن محمد بن بُجَير، والقاسم المطرِّز، وابن خزيمة، وآخرون. وثقة ابن حبان وقال: مات سنة خمس وأربعين أو في حدودها. قلت: كان من أبناء التسعين. 108- بشر بن هلال1 -م. ع- أبو محمد النميري البصري الصواف. عن: جعفر بن سليمان الضُّبَعيّ، وعبد الوارث، ويزيد بن زُرَيْع، وعليّ بن مُسْهِر، وداود بن الزِّبْرَقان. وعنه: ع. سوى البخاريّ، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وإسحاق المَنْجنيقيّ، وعَبْدان الأهوازيّ، ومحمد بن عليّ الحكيم، وابن خُزَيْمَة، وآخرون. قال أبو حاتم: محلُّه الصِّدق. وكان أيقظ من بِشْر بن مُعَاذ. وقال ابن أبي عاصم: مات سنة سبعٍ وأربعين. 109- بُغا الكبير2. أبو موسى التّركيّ، أحد قُوّاد المتوكّل وأكبرهم. كان موصوفا بالشّجاعة والإقدام، وله همّة عالية وهيبَة، وَوَقْعٌ في النُّفوس. وله فتوحات ووقعات. وكان مملوكا للحَسَن بن سهل الوزير. وكان يحمق ويجهل في رأيه، وقد باشر عدّة حروب وما جُرح قطّ. وكان فيه دِين وإسلام. طال عمره وعاش نحوا من ستّين سنة، وتوفي سنة ثمان وأربعين.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 369"، ورجال صحيح مسلم "1/ 87" لابن منجويه، والتهذيب "1/ 462". 2 تاريخ الطبري "8/ 609"، دول الإسلام "1/ 149".

110- بكْر بن محمد بن عديّ بن حبيب1. أبو عثمان المازنيّ البصْريّ النَّحْويّ، وهو بكنيته أشهر. أخذ عن: أبي عبيدة، والأصمعي. وصنف التصانيف المشهورة في العربية والتصريف. روى عنه: الحارث بن أبي أسامة، وأبو عمران موسى بن سهل الجوني، وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد. ولزمه المبرد وأكثر عنه. وقد دخل على الواثق فوصله بجملة. توفي سنة سبع، أو ثمان وأربعين. وكان المبرد يقول: لم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو من أبي عثمان الْمَازِنِيِّ. قال المبرّد: قال أبو عثمان الْمَازِنِيِّ: قرأ علي رَجُل كتاب سيبويه فِي مدة طويلة، فلما بلغ أخره قال: أما إنّي ما فهمتُ منه حرفًا، وأمّا أنت فجزاك اللَّه خيرًا. وقال الْمَازِنِيِّ: قرأت القرآن على يعقوب، فلما ختمت رمى إلي بخاتمه وقال: خذه، ليس لك مثل. وكان الْمَازِنِيِّ ذا دينٍ وورع. قيل: إنّ يهوديًا أتاه ليقرأ عليه كتاب سِيبَوَيْه وبذل له مائة دينار، فامتنع وقال: هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة آية ونيّف، ولستُ أمكِّنُ منه ذِمِّيّا. وقال بكّار بْن قُتَيْبَةَ القاضي: ما رَأَيْت، نحْويّا يشبه الفقهاء إلا حبان بن هلال، والمازني. وقال المبرّد: كان الْمَازِنِيِّ إذا ناظر أهل الكلام لم يستعِن بشيء من النَّحْو، وإذا ناظَره النُّحاة لم يستعن بشيءٍ من الكلام. وعن الْمَازِنِيّ قال: حضرت مجلس المتوكّل، وحضر يعقوب بْن السِّكّيت، فقال: تكلَّما فِي مسألة.

_ 1 مشاهير علماء الأمصار "153"، ومعجم الأدباء "2/ 380"، والبداية "10/ 302"، والتهذيب "12/ 178".

فقلت: تكلَّما فِي مسألة. فقلت ليعقوب: ما وزن نَكْتَل؟ فقال: نفعل. قلت: اتَّئِدْ. ففكّر وقال: نفتعل. قلت: نكتل أربعة أحرف، ونفتعل خمسة. فسكت. فقال المتوكّل: ما الجواب؟ قلت: وزنها فِي الأصل نفتعِل لأنّها نكتيل، فلمّا تحرّك حرف العِلَّة، وانفتح ما قبله، وقُلِب ألفا، فصارت نكتال، ثُمَّ حُذِفت الألف للجزْم، فبقيت نَكْتَلْ. فقال المتوكلْ: هذا هُوَ الحقّ. فلمّا خرجنا قال يعقوب: بَالغْتَ اليوم فِي أذاي. قلت: لم أقصدك بسوء1. وقيل: إن جاريةً غنَّت الواثق: أَظَلُومٌ إنّ مُصابكم رجلا ... أهدى السّلام تحيّةً ظلْمٌ فقال بعض الحاضرين: رجل، بالرفع. فقالت: هكذا لقنني الْمَازِنِيِّ. فطلبه الواثق فقال: إن معناه إن إصابتكم رجلا كقوله إن ضربك زَيْدا فالرجل مفعول، وظلم هُوَ الخبر. قال: فأعطاني الواثق ألف دينار. 111- بكر بن النّطّاح2. من أعيان الشعراء. كان في هذا الزمان.

_ 1 وفيات الأعيان "6/ 397، 398" في ترجمة "ابن السكيت". 2 الأغاني "19/ 39-52"، وحياة الحيوان "3/ 196"، وتاريخ بغداد "7/ 90، 91"، وفوات الوفيات "1/ 146-148".

"حرف التاء": 112- تميم بن المنتصر بن تميم بن الصلت1 -د. ن. ق- أبو عبد الله الهاشمي مولى ابن عبّاس، أبو عبد الله الواسطيّ. عن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وإسحاق الأزرق، ومحمد بن يزيد الواسطيّ، وأبي هَمّام بن الزّبْرقان، ويزيد بن هارون، وطائفة. وعنه: سِبْطاه: أسْلَم بن سهل الحافظ بَحْشَل، وخليل بن أبي دانة، ود. ن. ق، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وجعفر الفِرْيابيّ، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمود بن محمد الواسطي، وآخرون. وكان محدثا ثقة. مات سنة أربع وأربعين. "حرف الجيم": 113- جابر بن كردي الواسطي2. عن: يزيد بْن هارون، وسعيد بْن عامر الضُّبَعيّ. وعنه: محمد بن جرير، وابن صاعد. قال النسائي: لا بأس به. 114- الجارود بن معاذ السلمي الترمذي3 -ت. ن- أبو معاذ، وأبو داود. عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبي خالد الأحمر، والفضل بن موسى السِّينانيّ، والوليد بن مسلم، ووَكِيع، و ... وطائفة. وعنه: ت. ن، وابنه محمد بن الجارود، ومحمد بن عليّ الحكيم التِّرْمِذيّ، وأحمد بن عليّ الأبّار، ومحمود بن محمد المَرْوَزِيّ، وطائفة. قال النسائي: ثقة.

_ 1 تاريخ الطبري "1/ 15، 16"، والتهذيب "1/ 514". 2 تاريخ بغداد "7/ 238"، والتهذيب "2/ 44". 3 التهذيب "2/ 53"، والثقات "8/ 166".

قال ابن عساكر: مات سنة أربع وأربعين. 115- جبارة بن المغلس1 -ق- أبو محمد الحماني الكوفي. عن: شبيب بن شبّة، وأبي بكر النَّهْشَليّ، وأبي شَيْبة إبراهيم بن عثمان العبْسيّ، وعبد الأعلى بن أبي المُسَاوِر، وعُبَيْد بن وسيم الجمّال، وقيس بن الربيع، وأبي عَوَانَة، وطائفة. وعنه: ق، وابن أخيه أحمد بن الصلت الحِمّانيّ، وبَقِيّ بن مَخْلَد، والحسين بن إدريس الهَرَويّ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومطين، ومحمد بْن عثمان بْن أَبِي شيبة، والحَسَن بن سُفْيان، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، والحسين بن بحر البَيْرُوذِيّ، وعَبْدان، وطائفة. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: عرضت على أبي أحاديث سمعتها من جبارة فأنكر بعضها وقال: هذه موضوعة. وقال البخاريّ: مضطّرب الحديث. وقال أبو معين الحسين بن الحسن الرازي عن ابن مَعِين: كذّاب. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ: ما هو ممّن يكذب. كان يوضع له الحديث فيُحدّث به. قال البخاريّ: مات بالكوفة سنة إحدى وأربعين. وقال مُوسَى بْن هارون: وقد قارب الأربعين. 116- الجرّاح بن عبد الله بن الفَرَج التُّجَيْبيّ2. مولاهم المصريّ. سمع من: ابن وهْب مع يونس بن عبد الأعلى. قَالَ ابن يونس: تُوُفِّيَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ.

_ 1 الطبقات لابن سعد "6/ 415"، والنجوم الزاهرة "2/ 306"، وشذرات الذهب "2/ 98". 2 المعرفة والتاريخ "1/ 593" للفسوي.

117- الجرّاح بن مَخْلَد العِجْليّ البصْريّ القزّاز1 -ت- عن: مُعّاذ بن هشام، ورَوْح بن عُبَادة، وأبي داود الطَّيالِسيّ، ووهْب بن جرير، وسَلْم بن قُتَيْبَة، وجماعة. وعنه: ت، وأبو داود في كتاب القَدر، والبخاريّ في التاريخ، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو بكر بن أبي داود، وابن صاعد، ومحمد بن الحسين بن مكرم، وأبو عروبة، وعبدان، وآخرون. وكان ثقة. 118- جعفر المتوكّل على الله2. أمير المؤمنين أبو الفضل بْن المعتصم بالله أَبِي إِسْحَاق محمد بْن هارون الرشيد القرشي العبّاسيّ البغداديّ. وُلِدَ سنة خمسٍ ومائتين، وبُويع فِي ذي الحجّة سنة اثنتين وثلاثين بعد الواثق. وقيل: بل وُلِدَ سنة سبْعٍ ومائتين. حكي عن: أبيه، ويحيى بْن أكثم. وعنه: علي بن الجهم الشاعر، وغيره. وكان أسمر، مليح العينين، نحيف الجسم، خفيف العارضين، إلى القصر أقرب3. وأمه أمّ ولد اسمها: شُجاع. قال خليفة: استخلف المتوكّل، فأظهر السنة، وعمل بها فِي مجلسه، وكتب إلى الآفاق برفع المحنة وإظهار السنة، وَبَسَطَها ونصر أهلها، يعني محنة خلْق القرآن. وقد قدِم دمشق فِي صفر سنة أربعٍ وأربعين وعزم على المُقام بها وأعجبته، ونقل دواوين المُلْك إليها. وأمر بالبناء بها. وأمر للأتراك بما أرضاهم من الأموال، وبنى قصرا كبيرًا بدَارَيّا من جهة المزة.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 524"، والثقات "8/ 164". 2 المعارف "393" لابن قتيبة، وتاريخ بغداد "7/ 165-172"، والروض المعطار للحميري "17، 112"، ومرآة الجنان "2/ 154"، وذم الهوى "268" لابن الجوزي. 3 راجع تاريخ بغداد "7/ 172".

قال عليّ بْن الْجَهْم: كانت للمتوكّل جُمّة إلى شحمة أُذُنَيه كأبيه وعمّه. وقال ابن أبي الدّنيا: أمّ المتوكّل أم ولد اسمُها شجاع1. وقال الفَسَويّ: بُويع له لستٍّ بقين من ذي الحجّة. خرج من دمشق المتوكّل بعد إقامة شهرين وأيّام، ورجع إلى سامرّاء دار ملكه على طريق الفُرات، وعرّج من الأنبار. وقيل: إنّ إسرائيل بْن زكريّا الطبيب نعتَ له دمشق، وأنها توافق مزاجَه وتُذْهِبُ عَنْهُ العِلَل التي تَعْرِض له فِي الصَّيْف بالعراق. وقال خليفة: حجّ المتوكّل بالنّاس قبل الخلافة فِي سنة سبْعٍ وعشرين. وكان إبراهيم بْن محمد التيَّمِيُّ قاضي البصرة يقول: الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصديق يوم الردة، وعمر بْن عبد العزيز فِي ردّ مظالم بني أُميّة، والمتوكّل فِي مَحْو البِدَع وإظهار السنة2. وقال يزيد بْن محمد المهلَّبيّ: قال لي المتوكّل: يا مُهَلَّبيّ، إنّ الخلفاء كانت تتصعَّب على النّاس ليطيعوهم، وأنا ألين لهم ليحبّوني ويُطيعوني3. وحكى الأعسم أنّ عليّ بْن الْجَهْم دخل على المتوكّل وبيده دِرَّتان يقلِّبهما، فأنشده قصيدةً له يقول فِيها: وإذا مررت ببئر عر ... وة فاسْقني من مائها قال: فَدَحَا إليَّ بالدرّة، فقلَّبتها، فقال: تستنقص بها! وهي والله خيرٌ من مائة ألف. قلت: لا والله، ولكنّي فكّرت فِي أبياتٍ أعملها آخذ بها الأخرى. فقال: قُلْ. فقلت: بِسُرّ مَن رَأَى إمامٌ عدل ... تغرف من بحره البحار

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 166". 2 تاريخ بغداد "7/ 170". 3 الإنباء في تاريخ الخلفاء "117"، وتاريخ الخلفاء للسيوطي "352".

يُرْجَى ويُخْشَى لكلّ خَطْب ... كأنّه جنّةٌ ونارُ المُلْكُ فِيهِ وفي بنيه ... ما اختلف اللّيل والنهارُ يداه فِي الْجُود صرّتان ... عليه كِلتاهما تغارُ لم تأتِ منه اليمينُ شيئًا ... إلا أتت مثلَها اليسارُ1 قال: فدحا التي فِي يساره وقال: خُذْها، لَا بارَكَ اللَّه لك فِيها. قَالَ الخطيب أبو بَكْر: ورُويت هذه الأبيات للبُحْتَريّ فِي المتوكّل2. وعن مروان بْن أبي الْجَنُوب أنّه مدح المتوكّل، فأمر له بمائة ألفٍ وعشرين ألفًا، وبخمسين ثوبًا. وقال علي بْن الْجَهْم: كان المتوكّل مشغوفًا بقبيحةٍ لا يصبر عَنْها، فوقفت له يومًا وقد كَتَبَتْ على خدّها بالغالية جَعْفَر. فتأمّلها ثُمَّ أنشأ يقول: وكاتبةٍ فِي الخد بالمِسْك جعفرًا ... بنفسي مَحَطُّ المِسْكِ من حيثُ أثَّرا لَئِنْ أَوْدَعَتْ سطرًا من المِسْك خدَّها ... لقد أَوْدَعَتْ قلبي من الحبّ أَسْطُرا3 قد ورد عن المتوكّل شيء من الحديث. ويقال: إنّه سلَّم عليه بالخلافة ثمانيةٌ كلّ واحدٍ منهم أَبُوهُ خليفة: مَنْصُورٌ بْن المهديّ، والعبّاس بْن الهادي، وأبو أحمد بْن الرشيد، وعبد اللَّه بْن الأمين، وموسى بْن المأمون، وأحمد بْن المعتصم، ومحمد بْن الواثق، وابنه المنتصر ابن المتوكّل. وكان جوادًا ممدحًا؛ ويقال: ما أعطى خليفةٌ شاعرًا ما أعطى المتوكّل. وفيه يقول مروان بن أبي الجنوب: فأمْسِك نَدَى كفّيك عنّي ولا تزد ... فقد خفت أن أطعنى وأن أتجبّرا فقال: لا أُمْسِك حَتَّى يُغرقك جودي.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 167". 2 انظر السابق. 3 راجع الأغاني "19/ 311"، والنجوم الزاهرة "2/ 325".

وقد بايع بولاية العهد ولَده المنتصر، ثُمَّ إنّه أراد أن يعزله ويولّي المعتزّ أخاه لمحبّته لأمّه قبيحة، فسأل المنتصر أن ينزل عن العهد، فأبى. وكان يُحضِره مجالس العامّة، ويحطّ منزلته ويتهدّده، ويشتمه ويتوعَّده. واتّفق أن التُّرْك انحرفوا عن المتوكّل لكونه صادَر وصِيفًا وبُغا، وجرت أمور، فاتّفق الأتراك مع المنتصر على قتل أَبِيهِ. فدخل عليه خمسةٌ فِي جوف اللّيل وهو فِي مجلس لَهْوه فِي خامس شوّال، فقتلوه سنة سبَعٍ وأربعين. وورد أنّ بعضهم رآه فِي النّومِ، فَقَالَ لَهُ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي بقليل من السنة أَحْيَيَتُها1. وقد كان المتوكّل منهمكًا فِي اللَّذّات والشُّرْب، فلعلّه رُحِمَ بالسنة، ولم يصحّ عَنْهُ النَّصْب2. قال المسعوديّ: ثنا ابن عَرَفَة النَّحْويّ، ثنا المبرّد قال: قال المتوكّل لأبي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر الصّادق: ما يقول ولدُ أبيك فِي الْعَبَّاس؟ قال: ما تقولُ يا أمير المؤمنين فِي رَجُلٍ فَرَض اللَّه طاعة نبيّه على خلُقه، وافترض طاعته على نبيّه. وكان قد سُعي بأبي الْحَسَن إلى المتوكًل، وإنّ فِي منزله سلاحًا وكتبًا من أهل قُمّ، ومِن نيّته التَّوَثُّب. فكبس بيته ليلا، فوُجِد فِي بيتٍ عليه مدرّعة صوف، متوجّه إلى ربّه يقوم بآيات. فَأُخِذ كهيئته إلى المتوكل وهو يشرب، فأعظمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس فقال: ما خامر لحمي ودمي قطّ، فاعفِني منه. فأعفاه وقال: أنشِدْني شِعْرًا. فأنشده. باتوا على قُلَل الأجبالَ تحرسهم ... غُلْبُ الرجال ولم تنفعهم الْقُللُ3 الأبيات. فبكى لله المتوكّل طويلا، وأمَر برفع الشّراب، وقال: يا أَبَا الْحَسَن لقد ليَّنت هنا

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 170". 2 النصب: مصطلح يعرف به الجماعة الذين تعصبوا على الإمام علي -رضي الله عنه- يعني بهم من انتصبوا لعداوة الإمام علي وشيعته. 3 الشاهد في مروج الذهب "4/ 94" بنحوه.

قلوبًا قاسية. أعليك دَيْنٌ؟ قال: نعم، أربعة آلاف دينار. فأمر له وردّه مكرَّمًا. وحكى المسعوديّ أنّ بُغا الصّغير دعا بباغِر التُّركيّ، وكان باغر أهوج مِقْدامًا، فكلَّمه واختبره فِي أشياء، فوجده مُسارِعًا إليها، فقال: يا باغر هذا المنتصر قد صحّ عندي أنّه عامِلٌ على قتْلي، وأريد أن تقتله، فكيف قلبك؟ ففكّر طويلا ثُمَّ قال: هذا لا شيء، كيف نقتله وأبوه، يعني المتوكّل، باقٍ، إذا يقتلكم أَبُوهُ. قال: فما الرأي عندك؟ قال: نبدأ بالأب. قال: ويْحك، وتفعل؟ قال: نعم، وهو الصّواب. قال: انظر ما تقول. وردّد عليه، فوجده ثابتًا، ثُمَّ قال له: فادخل أنت على أثري فإن قتلتُه وإلا فاقتُلْني وضَعْ سيفَك عليَّ وقُلْ: أراد أن يقتل مولاه. فتمّ التّدبير لبُغا فِي قتل المتوكّل. حدَّث البُحْتُريّ قال: اجتمعنا فِي مجلس المتوكّل، فَذُكِر له سيف هِنْديّ، فبعث إلى اليمن فاشْتُرَى له بعشرة آلاف وأُتي به فأعجبه، ثُمَّ قال للفتح: ابغِني غلامًا أدفع إليه هذا السّيف لا يفارقْني به. فأقبل باغر التُّرْكيّ، فقال الفتح بْن خاقان: هذا موصوف بالشّجاعة والبسالة فدفع المتوكّل إليه السِّيف وزاد فِي أرزاقه، فوالله ما انتضى ذلك السّيف إلى ليلة ضَرَبَه بها باغر. فلقد رَأَيْت من المتوكّل فِي اللّيلة التي قُتِل فيها عَجَبًا. تذاكَرْنا الكِبْر، فأخذ يذمُّه ويتبرّأ منه. ثُمَّ سجد وعفَّر وجهه بالتّراب، ونثر من التّراب على رأسه ولِحْيَته وقال: إنّما أَنَا عَبْدٌ. فتطيّرت له من التّراب. ثُمَّ جلس للشُّرْب، وعمل فِيهِ النّبيذ، وَغَنَّى صوتًا أعجبّه فبكى، فتطيّرت من بكائه. فإنّا فِي ذلك إذ بَعَثَتْ إليه قبيحة بخلُعة استَعْمَلَتْها له دُرَاعة حمراء خَزّ، ومُطْرَف خَزّ، فلبِسها، ثُمَّ جذب المطرف فخرقه من طرفه إلى طرفه وقلعه وقال: اذهبوا ليكون كَفَني. فقلت: إنّا لله، انقضت والله المدّة، وسكر المتوكّل سكرًا شديدًا، ومضى من

اللّيل ثلاثُ ساعات، إذ أقبلَ باغر ومعه عشرة نفر من الأتراك تبرق أسيافهم فهجموا علينا، وقصدوا المتوكّل. وصعِد منهم واحدٌ إلى السّرير، فصاح الفتح: ويلكم مولاكم. وتهارب الغلْمان والْجُلَساء والنُّدَماء على وجوههم، وبقي الفتح وحده، فما رَأَيْت أقوى نَفْسًا منه، بقي يمانعهم، فسمعتُ صيحة المتوكّل وقد ضربه باغَر بالسّيف المذكور على عاتقه، فَقَدَّه إلى خاصِرته، وضربه آخرٌ بالسّيف، فأخرجه من ظهره، وهو صابر لا يزول، ثُمَّ طرح نفسه على المتوكّل، فماتا فلُفّا فِي بساطٍ، وطُرِحا ناحية، فلم يزالا فِي ليلتهما وعامّة النهار، ثُمَّ دُفِنا معًا. وكان بُغا الصغير قد استوحش من المتوكّل لكلامٍ لَحِقَه منه. وكان المنتصر يتألف الأتراك لا سيّما مَن يبعده أَبُوهُ1. قال المسعوديّ: ونُقِل فِي قِتْلته غير ما ذكرنا. قال: وأنفق المتوكّل على الهارونيّ والْجَوْسَق والْجَعْفَريّ أكثر من مائتي ألف ألف دِرهم. ويقال: إنه كان له أربعة آلاف سرية وطئ الجميع؛ ومات وفي بيت المال أربعة آلاف ألف دينار، وسبعة آلاف دِرهم. ولا يُعلمُ أحدٌ متقدّم فِي جِدٍّ أو هَزْل إلا وقد حظي بدولته، ووصل إليه نصيب وافرٌ مِن المال2. ذكر محمد بْن أبي عَوْن قال: حضرت مجلس المتوكّل وعنده محمد بْن عبد الله بْن طاهر، فغمز المتوكّل مملوكًا مليحًا أن يسقى الْحُسَيْن بْن الضّحّاك الخليع كأسًا ويحييه بتُفّاحة عنبر. فأنشأ الخليع يقول: وكالدرة البيضاء حيا بعنبر ... من الورد يسعى قرائط كالوردِ له عَبَثاتٌ عند كلّ تحيّة ... بعينيه تستدعي الخَليَّ إلى الوجْدِ تمّنيتُ أن أُسْقَى بكفّيه شُرْبةً ... تُذَكّرُني ما قد نسِيتُ من العهد سقى اللَّه دَهْرًا لم أبِتْ فِيهِ ساعةً ... من الدَّهْرِ إلا من حبيبٍ على وعد

_ 1 ورد هذا الخبر في مروج الذهب "4/ 118-121". 2 مروج الذهب "4/ 122" وما بعدها.

فقال المتوكل: أحسنت والله؛ يعطى لكل بيت ألف دينار1. ولما قتل رثته الشعراء، فمن ذلك قول يزيد المهلبي: جاءت مَنيته والعينُ هاجعة ... هلا أَتَتْهُ المَنَايا والقنا قِصَدُ خليفة لم يَنَلْ ما ناله أحدٌ ... ولم يُصَغْ مثله روحٌ ولا جَسَدٌ2 قال علي بْن الجهم: أهدى ابن طاهر إلى المتوكل وصائف عدة فيها محبوبة، وكانت عالمة بصنوف من العلم عوادة، فحلت من المتوكل محلا يفوق الوصف. فلما قتل ضمت إلى بغا الكبير، فدخلت عليه يوما للمنادمة، فأمر بهتك الستر، وأمر القيان، فأقبلن يرفلن فِي الحلى والحلل. وأقبلت محبوبة فِي ثياب بيض، فجلست منكسرة، فقال: غن. فاعتلت. فأقسم عليها. وأمر بالعود فوضع فِي حجرها، فغنت ارتجالا على العود: أي عيش عيلذ لي ... لا أرى فِيهِ جعفرا ملِك قد رَأَيُتُه ... فِي نجيعٍ معُفرا كل مَن كان ذا خبـ ... ـال وسُقْمٍ فقد بَرَا غير محبوبة التي ... لو ترى الموتُ يُشترا لاشترته بما حَوَتْهُ يداها لتُقْبرا فغضب وأمر بها فسحبت، فكان آخر العهد بها3. وبويع المنتصر بالله ابن المتوكل صبيحتئذ بالقصر الجعفري، وسنه ثلاث وعشرون سنة. 119- الجمّاز اسمه محمد بن عَمْرو الشّاعر النّديم4. من أهل البصرة.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 مروج الذهب "4/ 124". 3 مروج الذهب "4/ 127". 4 تاريخ الطبري "9/ 189"، والأذكياء لابن الجوزي "134، 141، 152"، ووفيات الأعيان "2/ 351".

عُمِّر دهرا، وكان يقول: أَنَا أسنُّ من أبي نُوَاس1. طلبه المتوكلّ، فلمّا حضر قال: إني أريد أن استبرئك. فقال: بحَيْضةٍ يا أمير المؤمنين أم بحَيْضَتَين؟ ثُمَّ عبث به ابن خاقان، فقال: إنّ أميرَ المؤمنين قد عزم على أن يولّيك جزيرةَ القرود. قال: أَفَعَلَيْكَ سمعٌ وطاعة2؟. ومرَّ مع رفيقٍ له المغرب، فرآهما إمامٌ فشرعَ يقيم الصّلاة، فقال: اصبر، أما نَهْيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ تلّقي الْجَلب3. وحضر عند أمير سِماطًا، فبقي يحوّل إليه زبادي فارغة وناقصة فقال: أيّها الأمير نَحْنُ اليومُ عصبة ربّما فضل لنا شيء، وربّما حوّله أهلُ السّهام. "حرف الحاء": 120- الحارث بن أسد المُحَاسِبيّ4. أبو عبد الله البغداديّ الصّوفيّ الزّاهد، العارف، صاحب المصنَّفات في أحوال القوم. روى عن: يزيد بن هارون، وغيره5. وعنه: أبو العبّاس بن مسروق، وأحمد بن القاسم أخو أبي اللَّيْث، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصُّوفيّ، والْجُنيد رحمه الله، وإسماعيل بن إسحاق السّرّاج، وأبو عليّ بن خيْران الفقيه واسمه حسين. قال الخطيب: وله كُتُب كثيرة فِي الزُّهد، وأصول الديانة، والرد على المعتزلة والرافضة6.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 125". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 تاريخ بغداد "8/ 211-216"، والزهد للبيهقي "149"، والأعلام "2/ 153". 5 سير أعلام النبلاء "10/ 100". 6 انظر المصدر السابق.

قال الْجُنَيْد: مات والدُ الحارث يوم مات، وإنّ الحارث لَمُحْتَاجٌ إلى دانِق، وخلّف مالا كثيرا، فما أخذ منه الحارث حبة وقال: أهلُ ملَّتين لا يتوارثان. وكان أَبُوهُ واقفيّا1، يعني يقف في القرآن لا يقول: مخلوق، ولا غير مخلوق2. وقال أبو الْحَسَن بْن مُقْسِم: سمعت أَبَا عليّ بْن خيران الفقيه يقول: رَأَيْت الحارث بْن أسد بباب الطّاق متعلّقا بأبيه، والنّاس قد اجتمعوا عليه يقول له: طلّق أمي، فإنّك على دينٍ وهي على غيره3. وقال أبو نُعَيّم: أنبأنا الخلدي: سمعت الجندي يقول: كان الحارث يجيء إلى منزلنا فيقول: اخرج معنا نُصْحِر. فأقول: تُخْرجني من عُزْلتي وأمْني على نفسي إلى الطُّرُقات والآفات ورؤية الشَّهَوات؟ فيقول: أخرج معي ولا خوف عليك. فأخرج معه. فكأنّ الطريق فارغ من كلّ شيء، لا نرى شيئًا نكرهه. فإذا حصلتُ معه فِي المكان الَّذِي يجلس فِيهِ يقول: سَلْني. فأقول: ما عندي سؤال. ثُمَّ تَنْثَالُ عليَّ السؤالات، فأسأله فيجيبني للوقت، ثُمَّ يمضي فيعملها كُتُبًا. وكان يقول لي: كم تقول عُزْلتي أُنسي، لو أنّ نصف الخلق تقرّبوا منّي ما وجدتُ بهم أُنْسًا، ولو أنّ النّصف الآخر نأى عنّي ما استوحشت لبُعْدِهم. واجتاز بي الحارث يومًا، وكان كثير الضّرّ، فرأيتُ على وجهه زيادة الضّرّ من الجوع. فقلت: يا عمُّ، لو دخَلْتَ إلينا؟ قال: أوَ تَفعَل؟ قلت: نعم، وتَسُرّني بذلك. فدخلتُ بين يديه، وعمدت إلى بيت عمّي، وكان لا يخلو من أطْعِمة فاخرة، فجئت بأنواع من الطّعام، فأخذ لُقْمةً، فرأيته يلوكها ولا يَزْدَرِدها. فوثب وخرج وما كلَّمني. فلمّا كان من الغد لقيته فقلت: يا عمّ، سَرَرْتني، ثم نغصت علي. قال: يا

_ 1 "الواقفية": هم الذين يقفون في مسألة خلق القرآن، فلا يقولون مخلوق ولا غير مخلوق. 2 سير أعلام النبلاء "10/ 100". 3 انظر المصدر السابق.

بُنيّ أمّا الفاقة فكانت شديدة، وقد اجتهدتُ أن أنال من الطّعام، ولكن بيني وبين اللَّه علامة، إذا لم يكن الطّعام رَضيّا ارتفع إلى أنفي منه زَفْرة1، فلم تقبلْه نفسي؛ فقد رميت بتلك اللُّقْمة فِي دِهْليزكم2. وقال ابن مسروق: قال حارث المحاسبيّ: لكلّ شيء جوهر، وجوهر الإنسان العقل، وجوهر العقل التَّوفيق. قال: وسمعت الحارث يقول: ثلاثة أشياء عزيزة: حُسن الوجه مع الصيانة، وحُسن الخَلْق مع الدِّيانة، وحُسن الإخاءِ مع الأمانة3. ومن كلامه: تَرْكُ الدُّنيا مع ذِكرها صفة الزّاهدين. وتَرْكها مع نسيانها صفة العارفين4. وقد كان الحارث كبير الشّأن قليل المِثْل، لكنّه دخل في شيء يسير من الكلام، فنقموه عليه. قال أحمد بْن إسحاق الصِبْغيّ الفقيه: سمعت إسماعيل بْن إسحاق السّرّاج يقول: قال لي أحمد بْن حنبل: يبلغني أنّ الحارث هذا يُكِثر الكَوْن عندك، فلو أحضرتَه منزلَكَ وأجلستني من حيث لا يراني، فأَسْمَع كلامَهُ. فقصدت الحارث، وسألته أن يحضرنا تلك اللّيلة، وأن يُحضِر أصحابَه. فقال: فيهم كثرة، فلا تُزِدْهم على الكُسْبِ والتَّمر. فأتيت أَبَا عبد الله فأعلمته، فحضر إلى غرفةٍ واجتهد فِي وِرْده، وحضر الحارث وأصحابه فأكلوا، ثُمَّ صلُّوا العتمة، ولم يصلُّوا بعدها، وقعدوا بين يدي الحارث لا ينطقون إلى قرب نصف اللّيل. ثُمَّ ابتدأ رَجُل منهم، فسأل عن مسألة، فأخذ الحارث فِي الكلام، وأصحابه يستمعون وكأن على رءوسهم الطَّير، فمنهم مَن يبكي، ومنهم مَن يحنّ، ومنهم من يزعق، وهو في كلامه.

_ 1 وفي تهذيب الكمال "5/ 211": "زفورة". 2 حلية الأولياء "10/ 74"، و"صفة الصفوة" "2/ 368". 3 صفة الصفوة "2/ 367". 4 الزهد الكبير "149، 312" للبيهقي.

فصعدتُ الغرفة لأتعرَّف حال أبي عبد الله، فوجدته قد بكى حَتَّى غُشِي عليه، فانصرفتُ إليهم. ولم تزل تلك حالهم حَتَّى أصبحوا فقاموا وتفرّقوا، فصعدت إلى أَبِي عبد الله وهو متغيّر الحال، فقلت: كيف رَأَيْت هؤلاء يا أَبَا عبد الله؟ فقال: ما أعلم أنّي رَأَيْت مثل هؤلاء القوم، ولا سمعت فِي علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل، ومع هذا فلا أرى لك صُحْبتهم. ثُمَّ قام وخرج. رواها أبو عبد الله الحاكم، عن الصِبْغيّ1. وقال سَعِيد بْن عمرو البَرْدعيّ: شهدتُ أَبَا زُرْعة، وَسُئِلَ عن الحارث المُحَاسبيّ وكُتُبه، فقالَّ: إيّاك وهذه الكُتُب، هذه كُتُب بِدَعٍ وضَلالات. عليك بالأثر، فإنّك تجد فِيهِ ما يُغْنيك عن هذه الكُتُب. قيل له: هذه الكُتْب عِبْرة. قال: مَن لم يكن له فِي كتاب اللَّه عِبْرة، فليس له فِي هذه الكُتُب عِبْرة. بَلَغَكم أنّ مالكًا، والثَّوريّ، والأوزاعيّ، صنَّفوا هذه الكُتُب فِي الخطرات والوساوس؟ ما أسرع النّاس للبِدَع2. وقال أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ فِي طبقات النُّسّاك: كان الحارث قد كتب الحديث وتفقّه، وعرف مذاهب النُّسّاك وآثارهم وأخبارهم. وكان من العلم بموضع، لولا أنّه تكلَّم فِي مسألة اللَّفْظ ومسألة الْإِيمَان، صحِبَه جماعة، وكان الْحَسَن المسوحيّ مِن أسنِّهم3. وقال أبو القاسم النَّصْراباذيّ: بَلَغَني أنّ الحارث تكلَّم فِي شيءٍ من الكلام، فهجَره أحمد بن حنبل، فاختفى في الدار ببغداد ومات فيها. ولم يُصَلِّ عليه إلا أربعةُ نَفَر. ومات سنة ثلاثٍ وأربعين. قال الْحُسَيْن بْن عبد الله الخِرَقيّ: سَأَلت المَرُّوذيّ عن ما أنكَر أبو عبد الله على المُحَاسبيّ فقال: قلت لأبي عبد الله: قد خرج المُحاسبيّ إلى الكوفة فكتب الحديث وقال: أَنَا أتوب مِن جميع ما أنكر عليّ أبو عبد الله.

_ 1 طبقات الشافعية الكبرى "2/ 39، 40"، للسبكي. 2 تاريخ بغداد "8/ 215". 3 وفيات الأعيان "2/ 58".

فقال: ليس لحارث توبة. يشهدون عليه بالشّيء ويجحد؛ إنّما التَّوبة لمن اعترف. فأمّا من شُهِد عليه وجَحَد فليس له توبة. ثُمَّ قال: احذروا عن حارث بالآفة إلا..... فقلت: إنّ أَبَا بَكْر بْن حَمَّاد قال لي إنّ الحارث مرَّ به ومعه أبو حفص الخصّاف. قال: فقلت له: يا أَبَا عبد الله، تقول إنّ كلام اللَّه بصوت. فقال لأبي حفص: أجِبْه. فقال أبو حفص: مَتَى قلت بصوتٍ احتجتَ أن تقول بكذا وكذا. فقلت للحارث: إيش تقول أنت؟ قال: قد أجابك أبو حفص. فقال: أبو عبد الله أحمد بْن حنبل: أَنَا من اليوم أُحذّر عن حارث. حَدَّثَنَي الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ صَوْتَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ. قلت: وبعد هذا فرحِم اللَّه الحارث، وأين مثل الحارث؟ الحارث بْن أسد الهْمداني الْمَصْرِيّ. يأتي فِي الطبقة الآتية. 121- الحارث بن أسد بن عبد الله1. قاضي سِنْجار. روى عن: مروان بن محمد. وعنه: إبراهيم بن رحمون، وطلحة بن بكر السّنْجاريّان. ذكره شيخنا المزّي للتمييز، ولا أعلم متى كان. وقد مر: الحارث بْن أسد العَتَكيّ فِي عشَرٍ ومائتين.

_ 1 تهذيب التهذيب "2/ 136"، وخلاصة تذهيب التهذيب "67".

والحارث بْن أسد الإفريقيّ الفقيه صاحب مالك، سنة ثمانٍ ومائتين. 122- الحارث بن مسكين بن محمد بن يوسف1 -د. ن- قاضي الدّيار المصرية أبو عَمْرو الفقيه، مولى زبّان بن عبد العزيز بن مروان الأُمويّ. سأل اللَّيْث بن سعد عن مسألة، وتفقَّه بابن وهْب، وابن القاسم، وروى عنهما. وعن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وأشهب، ويوسف بن عَمْرو الفارسيّ، وبِشْر بن عمر الزهراني، وجماعة. وعنه: د. ن، وابنه أحمد بن الحارث، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو يعلى المَوْصِليّ، وعليّ بن الحَسَن بن قُديد، ومحمد بن زبّان بن حبيب، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله بن محمد بن يونس السّمْنانيّ، وآخرون. سُئِل عنه أحمد بن حنبل فقال فيه قولا جميلا2. وقال ابن مَعِين: لا بأس به3. ونقل عليّ بْن الحسين بن حبان، عن أبيه قال: قال أبو زكريّا: الحارثُ بْن مِسكين خيرٌ من أصْبغ بْن الفَرَج وأفضل. وقال النَّسائيّ: ثقة مأمون4. وقال أبو بَكْر الخطيب: كان فقيهًا ثبتًا؛ حمله المأمون إلى بغداد وسجنه فِي المحنة، فلم يُجِبْ. فلم يزل محبوسًا ببغداد إلى أن وليَ المتوكّل فأطلقه، فحدَّث ببغداد ورجع إلى مصر. وكتب إليه المتوكّل بقضاء مصر. فلم يزل يتولاه من سنة سبْعٍ وثلاثين إلى أن استعفى من القضاء، فَصُرِف عَنْهُ سنة خمسٍ وأربعين ومائتين. قال بحر بْن نصر: عرفتُ الحارث أيّام ابن وهْب على طريقة زهادة وورع وصدق حتى مات.

_ 1 التاريخ الصغير "537" للبخاري، طبقات الفقهاء "154" للشيرازي، وتذكرة الحفاظ "2/ 514"، والتهذيب "2/ 156-158"، والبداية "11/ 7". 2 تاريخ بغداد "8/ 216، 217". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر المصدر السابق.

قلت: كان مع تبحُّره فِي العلم، قَوَّالا بالحق، عديم النّظير. قال يوسف بْن يزيد القراطيسيّ: قدِم المأمون مصر وبها مَن يتظلَّم من إبراهيم بْن تميم، وأحمد بْن أسباط عاملَيْ مصر، فجلس الفضل بْن مروان فِي الجامع، واجتمع الأعيان: فأُحْضِر الحارث بْن مِسكين ليولِّي القضاء، فبينا الفضل يكلِّمه إذْ قال المتظلِّم: سَلْهُ أصلحكَ اللَّه عن ابن تميم وابن أسباط. فقال: ليس لِذا حضَر. قال: أصلحك اللَّه سَلْهُ. فقال له الفضل: ما تقول فيهما؟ قال: ظالمين غاشمين. فاضطرب المسجد، فقام الفضل فأعلم المأمون وقال: خفت على نفسي من ثورة النّاس مع الحارث. فطلبَه المأمون، فابتدأه بالأمثال، ثُمَّ قال: ما تقول فِي هذين الرجُلَين. قال: ظالِمَيْن غاشِمَيْن. قال: هَلْ ظلماك بشيء؟ قال: لا. قال: فعاملتها؟ قال: لا. قال: فكيف شهدت عليهما؟ قال: كما شهدت أنّك أمير المؤمنين، ولم أرك إلا السّاعة. قال: اخرج من هذه البلاد، وبعْ قليلك وكثيرك. وحبسه فِي خيمة، ثُمَّ انحدر إلى البَشَرُود فأحْدَرَه معه، فلمّا فتح البَشَرُود أحضر الحارث، ثُمَّ سأله عن المسألةِ الّتي سأله عَنْهَا بمصر، فردَّ الجواب بعينه. قال: فما تقول فِي خروجنا هذا؟ قال: أخبرني ابن القاسم، عن مالك أنّ الرشيد كتب إليه يسأله عن قتالهم. فقال: إنْ كانوا خرجوا عن ظُلْمٍ من السّلطان فلا يحلّ قتالهم، وإن كانوا إنّما شقّوا العَصَا فقِتالهم حلال.

فقال له: أنت تَيْس، ومالك أتَيْس منك. ارحل عن مصر. فقال: يا أمير المؤمنين إلى الثُّغُور؟ قال: الحق بمدينة السّلام1. وروي دَاوُد بْن أبي صالح الحرّانيّ، عن أبيه قال: لما أُحضِر الحارث مجلس المأمون جعل المأمون يقول: يا ساعي. يردِّدُها. قال: يا أمير المؤمنين إن أذنتَ لي فِي الكلام تكلَّمت. قال: تكلَّم. قال: والله ما أَنَا بساعي، ولكنّي أُحْضِرْتُ فسمعتُ، وأطعتُ حين دُعيت، ثُمَّ سُئِلتُ عن أمرٍ فاستعفيتُ، فلم أُعْفَ ثلاثًا، فكان الحقُّ آثرُ عندي من غيره. فقال المأمون: هذا رَجُلٌ أراد أن يُرفع له عَلَمٌ ببلده، خذه إليك2. وقال أحمد بْن المؤدِّب: خرج المأمون وأخرج بالحارث سنة سبع عشرة ومائتين. وخرجت امْرَأَةُ الحارث فحجَّت وذهبت إليه إلى العراق3. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: قال لي أبي دُؤاد: يا أَبَا عبد الله لقد مكرَ حارثكم لله عزّ وجلّ وحَلَّ مقامَ الأنبياء. وكان ابن أبي دُؤاد إذا ذكره أعظمه جدّا. قال القراطيسيّ: فأقام الحارث ببغداد ستّة عشرة سنة، وأطلقه الواثق فِي أخر أيّامه، فنزل إلى مصر. قال ابن قُدْيد: أتاه فِي سنة سبْعٍ وثلاثين كتاب ولاية القضاء وهو بالإسكندريّة فامتنع، فلم يزل به إخوانه حَتَّى قبِل وقدِم مصر. فجلس للحكم، وأخرج أصحاب أبي حنيفة، والشّافعيّ مِن المسجد وأمَرَ بنزع حُصْرهم من العُمد، وقطعَ عامّة المؤذّنين من الأذان، وأصلح سقف المسجد، وبنى السقاية، ولا عن بين رجل وامرأته، ومنع

_ 1 سير أعلام النبلاء "10/ 66". 2 سير أعلام النبلاء "10/ 66". 3 انظر المصدر السابق.

النّداء على الجنائز، وضربَ الحدّ فِي سبّ عَائِشَةَ رضي الله عَنْهَا، وقتل ساحرين1. رُوِيَ عن الْحَسَن بْن عبد العزيز الْجَرَويّ أن رجلا كان مُسْرفًا على نفسه، فمات، فرُئي فِي النّوم، فقال: إن اللَّه تعالى غفر لي بحضور الحارث بْن مسكين جنازتي، وإنه استشفع لي عند ربّي2. وُلِد الحارث سنة أربعٍ وخمسين ومائة، وتُوُفّي لثلاثٍ بقين مِن ربيع الأول سنة خمسين. 123- حامد بن المساور الأصبهانيّ شاذة3. مؤذن الجامع. سمع: أزهر السّمّان، وسليمان بن حرب. وعنه: أحمد بن محمود بن صبيح، وغيره. تُوُفّي سنة خمسين. 124- حامد بن يحيى بن هاني4 -د- أبو عبد الله البلخي، نزيل طَرَسُوس. عن: أيّوب بن النّجّار، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، ومروان الفَزَاريّ، وأبي النَّضْر، ومحمد بن مَعْن الغِفاريّ، وغيرهم. وعنه: د، وأحمد بن العبّاس بن الوليد بن مَزْيد البيروتيّ، وأحمد بن يحيى بن الوزير المصري، وجعفر الفريابي، ومحمد بن يزيد الدمشقي، وجماعة. قال أبو حاتم: صدوق. وقال مطين: توفي سنة اثنتين وأربعين.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 انظر المصدر السابق. 3 ذكر أخبار إصبهان لأبي نعيم "1/ 293". 4 التهذيب "2/ 169، 170"، والجرح والتعديل "3/ 301".

125- حجاج بن يوسف بن مروان الموصلي المقرئ. وليس بابن الشاعر. ذاك يأتي في الطبقة الأخرى. سمع: جَعْفَر بْن عون، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد. وعنه: حسين بن عبد الحميد الموصلي. ومات سنة خمس وأربعين. 126- حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران1 -م. ق. ن. أبو حفص التجيبي، مولى بني رُمَيلة المصريّ الحافظ، صاحب الشافعيّ. كان مِن أروى الناس عن ابن وهْب. وروى عن: الشّافعيّ، وأيّوب بْن سُوَيْد الرَّمْليّ، وبشر بْن بَكْر التِّنِّيسيّ، وسعيد بن أبي مريم، وجماعة. وعنه: م. ق. ون، عن أحمد بن الهيثم، عنه، وحفيده أحمد بن طاهر، وأبو عبد الرحمن أحمد بن عثمان النَّسائيّ. وأبو يعقوب إسحاق بن موسى النَّيْسابوريّ، وبَقِيّ بن مَخْلَد، والحَسَن بن سُفْيان، ومحمد بن أحمد بن عثمان المَدِينيّ، ومحمد بن الحسن بن قُتَيْبَة العسقلانيّ، وخلْق. قال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ به. وقال عَبَّاس، عن يحيى بْن مَعِين: قال: شيخٌ بمصر يقال له حَرْمَلَة، كان أعلَمَ النّاس بابن وهْب. وقال ابن عديّ: سَأَلت عبد الله بْن محمد بْن إبراهيم الفَرْهَاذاني فقال: حَرْمَلَة ضعيف2. وقال أبو عُمَر الكِنْديّ: كان فقيهًا؛ لم يكن بمصر أحد أكتب عن ابن وهب منه.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 69"، والجرح "3/ 274"، ومعجم البلدان "3/ 888"، والميزان "6/ 226". 2 الكامل في الضعفاء "2/ 263" لابن عدي.

وذلك لأنّ ابن وهْب أقام فِي منزلهم سنة وأشهر مُستخفيًا من عبّاد، إذْ طلبه ليولّيه القضاء بمصر. أخبرني بذلك يحيى بْن أبي معاوية. وأخبرني أبو سَلَمة، وأبو دُجَانَة قالا: سمعنا حرملة يقول: عادني ابن وهْب من الرَّمَد وقال: يا أَبَا حفص، إنّه لا يُعاد من الرَّمَد، ولكنّك من أهلي. وعن أحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ قال: صنَّف ابن وهب مائة ألف وعشرين ألف حديث، عند بعض الناس منها النصف -يعني نفس- وعند بعض الناس الكل، يعني حرملة1. وقال محمد بْن مُوسَى: وحديث ابن وهْب كلّه عند حرملة، إلا حديثين. قال ابن عديّ: وقد تبحّرت حديث حرملة وفتّشته الكثير، فلم أجد في حديثه ما يجب أن يُضَعَّف من أجله. ورجلٌ تَوَارَى ابنُ وهْب عندهم ويكون حديثه كلّه عنده، فليس ببعيدٍ أن يُغرب على غيره2. وقال هارون بن سعيد أشهب ونظر إلى حرملة فقال: هذا خيرُ أهلِ المسجد. وقال ابن يونس: وُلِد سنة ست وستين ومائة، ومات لتسعٍ بقين من شوال سنة ثلاث وأربعين. قال: وكان أملى النّاس بما حدَّث به ابن وهْب. قلت: لم يرحل حرملة، ولا عنده عن أحدٍ من الحجازيّين. 127- الحسن بن أحمد بن أبي شُعيب عبد الله بن مسلم3 -م. ت- أبو مسلم الحراني مولى بني أُميّة. كان جدُّه مسلم مولى عُمَر بْن عَبْد العزيز. رَوى عَنْ جدَّه، ومحمد بن سلمة، ومسكين بن بكير.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 انظر المصدر السابق. 3 الجرح "3/ 2، 4"، والمراسيل "358" لأبي داود، وتاريخ بغداد "7/ 266"، والتهذيب "2/ 254".

وعنه: م. ت، وأبو داود في المراسيل، وابنه أبو شُعَيب عبد الله بن الحسن، والدَّارميّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ويحيى بْن صاعد، وأبو العباس السراج، ومحمد بن الحسين بن مُكْرَم، وآخرون. وثّقة ابن حِبّان، وغيره. وقال موسى بن هارون: مات بِسُرّ من رأى سنة خمسين ومائتين. 128- الحسن بن إسحاق1 -خ. ن- أبو علي الليثي مولاهم المَرْوَزِيّ الشّاعر حَسْنَوَيْه. عن: النَّضْر بن شُمَيْل، ورَوْح بن عُبادة، وأبي عاصم، وجماعة. وعنه: خ. ن، وأبو الدَّرْداء عبد العزيز بن منيب، وعَبْدان الأهوازيّ. قال النسائي: شاعر ثقة. وقال البخاري: مات يوم النحر سنة إحدى وأربعين. 129- الحسن بن إسماعيل بن سليمان بن مجالد2 -ن- أبو سعيد الكلبي المجالدي المصيصي. عن: إبراهيم بن سَعْد، وهُشَيْم، وفُضّيْل بن عِياض، وعبد الله بن إدريس، والمطَّلِب بن زياد، وجماعة. وعنه: ن، وأبو بكر بن أبي عاصم، ومحمد بن هارون الحضْرميّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ. قال النَّسائيّ: ثقة. 130- الحسن بن أيّوب المدائنيّ3. عن: عبد الوهاب الثّقفيّ، وأبي عبد الصّمد العمّيّ. وعنه: أبو عبد الله المحاملي.

_ 1 التاريخ الكبير "3/ 285"، والتهذيب "2/ 255". 2 تهذيب الكمال "6/ 56-58"، والتهذيب "2/ 255". 3 تاريخ بغداد "7/ 286، 287، 3787".

131- الحسن بن بِشْر بن القاسم1. أبو عليّ السُّلَميّ النَّيْسابوريّ الفقيه، قاضي نَيْسابور ومفتي أهل الرأي ببلده. رحل وسمع: سُفْيان بن عُيَيْنَة، ووَكِيعا، وأبا معاوية. ودخل الديار المصرية بعد ذلك فسمع من: عبد الله بن صالح، وسعيد بن عُفَير. روى عنه: أَبُو يحيى البزاز، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن سُفْيان، وجماعة. قال إبراهيم بْن محمد بن مزيد: سمعت الْحَسَن بْن بِشْر يذكر أحمد بْن حنبل فقال: لقد أعجبني مذهبه وحيّرني قوله للحديث. تُوُفّي سنة أربعٍ وأربعين. 132- الحَسَن بن بكر المروزي2 -ت- أبو علي، نزيل مكّة. عن: إسحاق بن منصور السَّلُوليّ، وَمُعَلَّى بن منصور، والنَّضْر بن شُمَيْل، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد. وعنه: ت، وأحمد بن محمد بن عبّاد الجوهريّ البغدادي، وزكريا بن يحيى المقدسي، وجماعة. 133- الحسن بن الجنيد البلخي ثم البغدادي3. عن: عيسى بن يونس، ووكيع، وجماعة. وعنه: ابن أبي الدنيا، وقاسم المطرز، وسعيد أخو زبير الحافظ. توفي سنة سبع وأربعين. 134- الحسن بن حماد بن كسيب4 -د. ن. ق- أبو علي الحضرمي البغدادي، سجادة.

_ 1 تهذيب التهذيب "2/ 256، 257"، والتقريب "1/ 165". 2 الجرح والتعديل "3/ 3"، والتهذيب "2/ 257"، والكاشف "1/ 159". 3 تاريخ الطبري "7/ 466"، والجرح والتعديل "3/ 4". 4 التهذيب "2/ 272"، والنجوم الزاهرة "2/ 306"، ومعجم البلدان "1/ 534"، وتاريخ بغداد "7/ 295".

عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش، وعبد الرَّحْمَن المُحَاربيّ، ومحمد بن فُضَيْل، وحفص بن غِياث، وأبي خالد الأحمر، وعليّ بن هاشم بن البريد، وطائفة. وعنه: د. ق، ون. بواسطة، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسين الصُّوفيّ، وأبو القاسم البَغَويّ، وعليّ بن زاطِيا، وأبو لَبِيد السَّرْخسيّ، ويحيى بن صاعد، وخلْق سواهم. قال الْحَسَن بْن الصّبّاح البزّاز: قيل لأحمد بْن حنبل إنّ سجّادة سُئِل عن رَجُلٍ قال لامرأته: أنتِ طالق ثلاثًا إن كلَّمتُ زنديقًا، فكلم رجلا يقول القرآن مخلوق، فقال سجّادة: طلقت امرأته. فقال أحمد: ما أبعد1. وقال علي بْن فيروز: سَأَلت سجّادة عن رَجُلٍ حلف بالطّلاق لا يكلِّم كافرًا، فكلَّم مَن يقول القرآن مخلوق، قال: طلقت امرأته. وقال أبو عليّ عبد الرحمن بْن يحيى بْن خاقان: سَأَلتُ أحمد بْن حنبل عن سجّادة فقال: صاحبُ سنة وما بلغني عَنْهُ إلا خير. أخبرونا عن الفتح، عن ابن أبي شريك، وأن ابن النَّقُّور أخبرهم، نا أبو القاسم ابن الوزير، أَنَا ابن صاعد، ثنا الْحَسَن بْن حماد سجادة وعبد الله بن الوضاح اللؤلؤي قالا: ثنا أبو مالك الْجَنْبيّ، فذكر حديثًا فِي الحدود. رَوَاهُ النَّسائيّ، عن عثمان بْن خُرّزَاد، عن سجّادة. تُوُفّي في رجب سنة إحدى وأربعين، وكان مِن جِلّة العلماء ببغداد. 135- الحَسَن بن خَلَف بن شاذان بن زياد2 -خ- أبو علي الواسطي البزاز، وقد نُسِب إلى جدَّه. حدَّث ببغداد عن: إسحاق الأزرق، ويحيى القطّان، وابن مهديّ، وعبد الوهّاب الثّقفيّ، وأبي معاوية، وغيرهم. وعنه: خ. حديثا، وأحمد بن عَمْرو البزّار، وعلي بن العباس المقانعي، وعمر

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 296". 2 الكنى والأسماء "74" لمسلم، والميزان "1/ 486".

ابن محمد بن بُجَيْر، وابن صاعد، والقاسم بن المَحَامِليّ، وآخرون. وثقة الخطيب، وغيره. تُوُفّي سنة ستٍّ وأربعين. 136- الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير1 -ن. ق- أبو محمد التيمي المنكدري. عن: عبد الرّزاق، وابن عُيَيْنَة، وأبي ضَمْرة، ومحمد بن أبي فُدَيك. وعنه: ن. ق. وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وزكريّا السّاجيّ، وابن صاعد، وأبو حامد محمد بن هارون، وجماعة. وقال محمد بن عبد الرحيم البزاز: جلس إلينا المنكدري، فسألته في أي سنة كتب عن المعتمر، فقال: فِي سنة كذا. فنظرنا فإذا هُوَ قد كتب عن المعتمر ابن خمسٍ سنين. قال البخاريّ: يتكلّمون فيه. وقال ابن عديّ: أرجو أنّه لا بأس به. وقال ابن حِبّان: إنّه من الثّقات. قال البخاريّ: مات سنة سبعٍ وأربعين. 137- الحَسَن بنُ رجاء بن أبي الضّحّاك2. الأديب أبو عليّ الجرجرائيّ الكاتب البليغ والشّاعر المُفْلِق. أخذ عن: أبي محلّمٍ، وبكر بن النّطّاح. روى عنه المبرّد كثيرا. قلّده المأمون كُوَر الجبل، وضمّ إليه الأمير أَبَا دُلَف. قال الْحَسَن بْن رجاء: قال المأمون: النّاس على أربعة أقْسَام: زراعة، وصناعة، وتجارة، وإمارة، فمن خرج عن هذه الأشياء فهو كل علينا.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 12"، والتهذيب "2/ 274"، والميزان "1/ 486". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 175-179"، ومروج الذهب "2838"، ووفيات البحتري "30".

قال المبرد: أنشدني ابن رجاء لنفسه: قد يصبر الحُرُّ على السَّيْف ... ولا يرى الصَّبرَ على الحَيْف ويُؤثرُ الموتَ على حالةٍ ... يَعْجَزُ فيها عن قِرى الضَّيْف قيل: كان ابن رجاء جوادا شاعرًا، يذهب بنفسه، ويُفْرط فِي الصَّلَف. مات على حرب فارس وغيرها سنة أربعٍ وأربعين ومائتين. 138- الحَسَن بن زُرَيْق1. أبو عليّ الطُّهَويّ. عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة. وعنه: موسى بن إسحاق الأنصاريّ، ومُطَيِّن، ويعقوب الفَسَويّ، وعبد الله بن ريعان البَجَليّ. محلُّه الصدق. 139- الحَسَن بن شبيب بن راشد2. أبو عليّ البغداديّ المؤدب. عن: شَرِيك بن عبد الله، وهُشَيْم، وخَلَف بن خليفة، وأبي يوسف القاضي. وعنه: أبو يَعْلَى المَوْصِليّ، والهَيْثَم بن خَلَف، ويحيى بن صاعد، والقاضي المَحَامِليّ، وآخرون. قال ابن عديّ: حدَّث بالبواطيل، وأوصل أحاديث مُرْسَلَة. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ، وهو إخباريّ يُعْتَبَر به. 140- الحَسَن بن شجاع بن رجاء3 -ت- أبو علي البلخي الحافظ، أحد الأئمة.

_ 1 المجروحين "1/ 240"، والميزان "1/ 491"، والجرح والتعديل "3/ 15". 2 الثقات "8/ 172"، والميزان "1/ 495-496"، وتاريخ بغداد "7/ 328". 3 التهذيب "2/ 282"، وشذرات الذهب "2/ 104"، والثقات "8/ 178".

سمع: مكّيّ بن إبراهيم، وعُبَيْد الله بن موسى، وأبا نُعَيْم، ومحمد بن الصَّلْت، وأبا مُسْهِر، وسعيد بن أبي مريم، ويحيى بن يحيى النَّيْسابوريّ، وأبا الوليد، وخلْقا بالشّام، والعراق، وخُراسان، ومصر، والنّواحي. ومات كهلا. رَوَى عَنْهُ: أبو زُرْعة الرّازيّ، والبخاريّ وهو رفيقه. وقد روى فِي الصّحيح1 فقال: ثنا الْحَسَن بْن إسماعيل بْن الخليل، فقيل إنّه هُوَ. وروى التِّرْمِذيّ2، عن رَجُلٍ، عَنْهُ، وأحمد بْن عليّ الأبّار، ومحمد بْن إسحاق الثّقفيّ، ومحمد بْن زكريّا البَلْخيّ. قال الْحَسَن بْن حَمَّاد الصَّغانيّ: سمعت قُتَيْبَةَ يقول: فُرسان خُراسان أربعة، فَذَكر هذا، والبخاريّ، والدّارميّ، وزكريّا بْن يحيى اللُّؤلُؤيّ. رواها أيضًا نصر بْن زكريّا، عن قُتَيْبَةَ. وكان الْحَسَن بْن شجاع إمامًا عارفًا بالأبواب لا يُجارى. قال محمد بْن عُمَر بْن الأشعث البَيْكَنْديّ: سمعتُ عبد الله بْن أحمد بْن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: انتهى الحفظ إلى أربعة من خُراسان: أبو زُرْعة، والبخاريّ، وعبد اللَّه بْن عبد الرحمن السَّمَرْقَنْديّ، والحَسَن بْن شجاع البلْخيّ. قال البَيْكَنْديّ: فقلتُ لمحمد بْن عَقِيل: لِمَ لَمْ يشتهر الْحَسَن كما اشتهر هؤلاء؟ قال: لأنّه لم يُمَتّع بالعُمْر. وقال محمد بن جعفر البلْخيّ: مات لنصف شوّال سنة أربعٍ وأربعين وله إخْوة: محمد، وهو أكبرهم، وأبو رجاء أحمد، وأبو شيخ، رحمهم اللَّه. وعاش الحَسَن تسْعًا وأربعين سنة. قلت: وهو من قال تُوَفّي سنة ستٍّ وستّين ومائتين. 141- الحسن بن الصباح بن محمد3 -خ. د. ت.

_ 1 في تفسير سورة الزمر، الجمع بين رجال الصحيحين "1/ 84". 2 في تفسير سورة الزمر "3240" كما في السنن. 3 التاريخ الكبير "2/ 295"، والمعرفة والتاريخ "2/ 789، 3/ 393"، والتهذيب "2/ 289".

أبو علي الواسطي، ثم البغدادي البزار، أحد الأئّمة. عن: إسحاق الأزرق، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، ومبشّر بن إسماعيل، وأبي معاوية، وشَبابة بن سَوّار، ومَعْن بن عيسى، وشُعَيب بن حرب، وحَجّاج الأعور، وخلْق. وعنه: خ. د. ت، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو يعلى، والفريابي، الحسن بن سُفْيان، وعمر بن بحر، وابن صاعد، وخلْق آخرهم المَحَامِليّ. قال أبو حاتم: صدوق. وكانت له جلالة عجيبة ببغداد. كان أحمد بن حنبل يرفع من قدره ويُجِلّه. وقال ابن الإمام أحمد، عن أبيه: ما يأتي على ابن البزّار يومٌ إلا وهو يعمل خيرًا. ولقد كُنَّا نختلف إلى فُلان، فكنّا نقعد نتذاكر إلى خروج الشَّيْخ، وابن البزّار قائم يصلّي1. وقال أبو الْعَبَّاس السرّاجّ: سمعتُ الْحَسَن بْن الصّبّاح يقول: أدخِلتُ على المأمون ثلاث مرّات. رُفع إليه أول مرّةٍ أنّه يأمر بالمعروف، وكان المأمون يَنْهَى أن يأمر أحدٌ بمعروفٍ، فأخذتُ فأُدْخِلْتُ عليه، فقال لي: أنت الْحَسَن البزّار؟ قلت: نعم. قال: وتأمر بالمعروف؟ قلت: لا، ولكني أنْهَى عن المُنْكر. قال: فرفعني على ظهر رَجُل، وضربني خمس دِرَر، وخلّى سبيلي. وأُدْخِلتُ عليه المرّة الثانية، رُفِع إليه أنّي أشتم عليّا -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فأُدْخِلْتُ، فقال: تشتم عليّا؟ فقلت: صلّى اللَّه على مولاي وسيّدي عليّ، يا أمير المؤمنين أَنَا لا أشتم يزيد لأنّه ابن عمّك، فكيف أشتم مولاي وسيّدي؟! قال: خلّوا سبيله. وذهبتُ مرّةً إلى أرض الروم إلى بذندون، فدفعت إل أَشْناس، فلمّا مات خلّى سبيلي. مات في ربيع الآخر سنة تسعٍ وأربعين. وعند ابن اللّتّي حديثٌ عالٍ من روايته موافقة للبخاريّ. 142- الحسن بن عثمان بن حماد2.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 331". 2 الجرح والتعديل "3/ 25"، والبداية "1/ 344"، والعبر "1/ 437".

أبو حسان الزّياديّ البغداديّ القاضي. ولى قضاء الشّرقيّة في إمرة المتوكّل. وكان رئيسا محتشما جوادا. سمع: إبراهيم بن سعد، وإسماعيل بن جعفر، وهُشَيْما، وجرير بن عبد الحميد، وشُعَيب بن صَفْوان، ويحيى بن أبي زائدة، والوليد بن مسلم، والواقديّ، وطائفة. وعنه: ابن أبي الدُّنيا، وإسحاق الحربيّ، ومحمد بن محمد الباغَنْديّ، وأحمد بن الحسين الصُّوفيّ، وسليمان بن داود الطُّوسيّ، وغيرهم. قال سُلَيْمَان الطوسي: سمعتُ أَبَا حسّان يقول: أَنَا أعمل فِي التّاريخ من ستّين سنة1. وسُئل أحمد بْن حنبل، عن أبي حسّان فقال: كان مع ابن أبي دُؤاد، وكان من خاصّته، ولا أعرف رأيه اليوم. وعن إسحاق الحربيّ قال: حدَّثني أبو حسّان الزّياديّ أنّه رَأَى ربّ العِزّة فِي النّوم فقال: رأيتُ نورا عظيما لا أُحْسِن أصِفَه. ورأيتُ شخصًا خُيِّل إليِّ أنّه النّبي -صلى اللَّه عليه وسلَّم- وكأنّه يشفع إلى ربّه فِي رجلٍ من أمَّتِهِ، وسمعتُ قائلا يقول: ألم يكفك أني أنزلت عليك في سورة الرَّعْد {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} [الرعد: 6] . ثُمَّ انتبهت2. قلت: والزّيادي نَسَبه إلى أحد أجداده؛ لكونه تزوّج من أمّ ولد لزياد بْن أَبِيهِ. قال الخطيب: كان أبو حسّان أحد العلماء الأفاضل الثّقات. ولي قضاء الشرقّية، وكان كريما مفضالا. قال يوسف بْن البُهْلُول الأزرق: حَدَّثَنِي يعقوب بْن شَيْبة قال: أَظَلَّ العيدُ رجلا وعنده مائة دينار، لا يملك سواها، فكتب إليه أخ من إخوانه يستدعي منه نفقةً، فأنفذ إليه المائة دينار. فلم تلبث الصُّرَّة عنده إلا يسيرًا حَتَّى وردت عليه رُقْعة مِن بعض إخوانه يذكر فيها إضاقة فِي هذا العيد، فوجّه إليه بالصرة بعينها.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 357". 2 تاريخ بغداد "7/ 357، 358".

فبقى الأوّل لا شيء عنده، فاَتفَقَ أنّه كتب إلى الثّالث، وهو صديقه، يذكر حاله، فأرسل إليه الصُّرّة بخَتْمها، فَعَرَفها وركب إليه وقال: ما شأن هذه؟ فأخبره الخبر. فركِب إلى الَّذِي أرسلها، وشرحوا القصّة، ثُمَّ فتحوها واقتسموها. قال ابن البُهْلُول: الثلاثة: يعقوب بْن شَيْبة، وأبو حسّان الزّياديّ، وآخر نَسَبه الراوي. إسنادها صحيح1. تُوُفّي أبو حسّان في رجب سنة اثنتين وأربعين، وكان مِن كبار أصحاب الواقديّ، وعاش تسعا وثمانين سنة2. 143- الحَسَن بن عليّ بن الْجَعْد بن عُبَيْد الجوهريّ3. قاضي مدينة المنصور. كان سَرِيّا محتشما، ذا مُروءة. ولي القضاء فِي حياة أبيه سنة ثمانٍ وعشرين. سئل الإمام أحمد عنه فقال: بلغني أنه رجع عن التهجم. قال طلحة بن محمد الشّاهد: تُوُفّي هو وأبو حسّان الزياديّ في وقتٍ واحد، وكلُّ واحد منهما، قاضٍ، أحدهما على المدينة، والآخر على الشّرقيّة في سنة اثنتين وأربعين ومائتين. وفي ذلك يقول ابن أبي حكيم: سُرَّ بالكرْخ والمدينة قومٌ ... مات فِي جُمعةٍ لهم قاضيان لَهْفَ نفْسي على الزّيادي منهم ... ثُمَّ لهفي على فَتَى الفِتْيانِ 144- الحَسَن بن عليّ بن محمد الهذلي الحلواني الخلال الريحاني4 -ع. سوى ن- أبو محمد الحافظ نزيل مكّة. عن: وَكِيع، وأبي معاوية، ومُعّاذ بن هشام، وأزهر السّمّان، وأبي أسامة، وزيد

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 196". 2 وراجع: تاريخ بغداد "7/ 361". 3 الكامل في التاريخ "7/ 82"، والبداية "10/ 343". 4 المعارف لابن قتيبة "456"، والتهذيب "2/ 302-304"، والجرح والتعديل "3/ 21".

ابن الحُباب، وعبد الرّزّاق، وعبد الصّمد بن عبد الوارث، ويزيد بن هارون، وخلق. ولم يلحق ابن عُيَيْنَة. وعنه: ع. إلا النَّسائيّ، وأبو بكر بن أبي عاصم، وعبد الله بن صالح البخاريّ، ومُطَيَّن، ومحمد بن إسحاق السّرّاج، ومحمد بن المجدَّر، ويحيى بن الحَسَن النّسّابة العَلَويّ، وآخرون. قال يعقوب بن شَيْبة: كان ثبتا ثقة متقنا. وقال أبو داود: كان عالما بالرجال، ولا يَستعمل علمَه. تُوُفّي الحُلْوانيّ في ذي الحجّة سنة اثنتين وأربعين. قال إبراهيم بْن أورمة الحافظ: بقي اليوم فِي الدّنيا ثلاثة: محمد بْن يحيى بخُراسان، وابن الفُرات بإصبهان، والحَسَن بْن عليّ الحُلوانيّ بمكّة. 145- الْحَسَنُ بن قَزَعَة بن عُبَيْد1 -د. ن. ق- مولى بني هاشم، وأبو عليّ، ويقال أبو محمد البصْريّ الحلقانيّ. عن: معتمر بن سليمان، وفُضَيْل بن عِياض، وعبّاد بن عبّاد، وفُضَيْل بن سليمان، ومَسَلَمَة بن علْقمة، وخالد بن الحارث، وحُصَيْن بن نُمَيْر. وعنه: د. ن. ق، وأحمد بن عمرو البزّار، وأبو يعلى، وبقي بن مخلد، وزكريا الساجي، وعمر بن محمد بن بُجَيْر، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بن جرير، وخلق سواهم. قال أبو حاتم: صدوق. ووثقه ابن حبان. توفي قريبا من سنة خمسين. 146- الحسن بن مدرك2 -خ. ن. ق- أبو علي البصري الطحان الحافظ. عن: عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، ويحيى بن حماد.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 34"، والتهذيب "2/ 316". 2 التهذيب "2/ 321، 322"، وهدي الساري "397"، والميزان "1/ 522"، والجرح والتعديل "3/ 38، 39".

وعنه: خ. ن. ق. وبَقِيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن هارون الرّويانيّ، ويحيى بن صاعد، وابن أبي داود، وآخرون. ومات كَهْلا. 147- الحَسَن بن يحيى بن كثير العنَبريّ1. عن: عبد الرزاق، ومحمد بن كثير المصيصي، ووالده. وعنه: ن. في النُّبْل. وأمّا المِزّيّ فقال: لم أقف على روايته عَنْهُ. وابن أبي الدّنيا، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد. 148- الحَسَن بن يحيى بن هشام الرزي البصري2 -د- أبو علي. عن: النَّضْر بن شُمَيْل، والخُرَيْبيّ، ويحيى بن حمّاد، وَيَعْلَى بن عُمَيْر، وبِشْر بن عُمَر الزّهْرانيّ، وطائفة. وعنه: د، وأحمد بن عَمْرو البزّار، وأبو عروبة الحراني، ومحمد بن هارون الرماني، وطائفة. وكان ثقة حافظا. 149- الحسين بن بشر بن القاسم بن حماد3. أبو محمد السلمي النيسابوري الفقيه، مفتي البلد، وأخو القاضي أبي علي. سمع: ... ، وأبا أسامة، ويزيد بن هارون، وحفص بن عبد الرحمن، وطائفة. وعنه: ابنا ياسين، وإبراهيم بن محمد بن سفيان، وجعفر بن سهل. توفي سنة أربع وأربعين. 150- الحسين بن حريث بن الحسن بن ثابت بن قطبة4 -ع. إلا ق-

_ 1 تهذيب التهذيب "2/ 325"، والميزان "1/ 525". 2 التهذيب "2/ 325"، وخلاصة تذهيب "81". 3 الجرح والتعديل "3/ 48". 4 التاريخ الكبير "2/ 393"، والتهذيب "2/ 333"، والنجوم الزاهرة "2/ 31"، والكاشف "1/ 169".

أبو عمّار المَرْوَزِيّ، مولى عِمران بن حُصَين الخُزاعيّ. كذا نَسَبَه جماعة. وقال ابن حِبّان: الْحُسَيْن بْن حرَيْث مَوْلَى الحَسَنِ بْن ثابت بْن قُطْبة، مَوْلَى عِمْرَانَ بْن حُصَيْن. سمع: ابن المبارك، والفضل بن موسى السِّينانيّ، وفُضَيْل بن عِياض، وجرير بن عبد الحميد، وابن عُيَيْنَة، وعبد العزيز بن أبي خازم، والدَّرَاوَرْدِيّ، وطائفة. وعنه: ع. إلا ابن ماجة، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأبو القاسم البَغَويّ، والحَسَن بن سُفْيان، ومحمد بن هارون الحضرميّ، وابن صاعد، وإبراهيم بن محمد بن مَتُّوَيه، وابن خُزَيْمَة، وخلْق. وثقة النَّسائيّ. قال أبو بَكْر بْن خزيمة: رَأَيْته فِي المنام بعد وفاته عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعليه ثياب بيض وعمامة خضراء، وهو يقرأ: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف: 80] فأجابه مجيبٌ من موضع القبر: حقّا قلت يا زينَ أركان الْجِنان. تُوُفّي بقَرمِيسين منصرِفا من الحجّ سنة أربعٍ وأربعين. 151- الحسين بن الحَسَن بن حرب1 -ت. ق- أبو عبد الله السلمي المروزي، صاحب ابن المبارك. جاور بمكّة. وروى عن: ابن المبارك، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، والفضل بن موسى السِّينانيّ، ومعتمر بن سليمان، ويزيد بن زريع، وهشيم، والوليد بن مسلم، وطائفة. وعنه: ت. ق، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وداود الظّاهريّ، وعمر بن بجير، ويحيى بن صاعد، وجعفر بن أحمد بن فارس، وخلق آخرهم إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال ابْن حِبّان: مات سنة ست وأربعين.

_ 1 تهذيب التهذيب "2/ 334"، ومعجم البلدان "2/ 638".

152- الحسين بن سلمة الأزدي اليحمدي البصري الطحان1 -ت. ق- عن: عبد الرحمن بن مهديّ، وسَلْم بن قُتَيْبَة، ويوسف بن يعقوب السَّدُوسيّ، وجماعة. وعنه: ت. ق، ومحمد بن يحيى بن منده، وعبدان الأهوازي، وابن أبي دؤاد، وابن خزيمة، وابن صاعد، وجماعة. قال الدارقطني: ثقة. 153- الحسين بن الضحاك2. أبو علي البصري الشاعر المعروف بالخليع. أقام ببغداد مدة ينادم الخلفاء. وله مع أبي نواس أخبار معروفة. وكان ظريفا ماجنا خفيف الروح. له يد طولى في فنون الشعر، وبلغ سنا عالية وعمر. ورأى العز والحشمة، وسمي الخليع لكثرة مجونه في شعره. توفي سنة خمسين ومائتين، عن بضعٍ وتسعين سنة. ومن شعره قوله: إنَّ عطف الأديب فِي بلد الغُربة ... جودٌ على ذوي الآداب أَنَا فِي ذِمّة السّحاب وأظمأ ... إنّ هذا لوَصْمَةٌ فِي السَّحاب 154- الحسين بن عبد الرحمن3. أبو عبد الله الاحتياطيّ المقرئ. قرأ القرآن على أبي بكر بن عيّاش. وطال عُمره، وتصدَّر للإقراء. قرأ عليه: عليّ بن أحمد المكّيّ، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الكِلابيّ. وطريقه فِي المصباح والكامل.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 54"، والتهذيب "2/ 340"، والكاشف "1/ 170". 2 الأغاني "7/ 146-226"، ومعجم الأدباء "10/ 2305"، والنجوم الزاهرة "2/ 233". 3 الكامل في الضعفاء "2/ 746، 747" لابن عدي، وميزان الاعتدال "1/ 502".

كنّاه أبو أحمد الحاكم: أَبَا عليّ، وقال: سمع: سفيان بن عيينة، وابن وهب. روى عنه: القاسم بن يحيى بن نصر المخرمي، وأبو عروبة الحراني، وجعفر بن محمد الخصيبن وغيرهم. لم أر فيه جرحا. وَقَدْ تَفَرَّدَ الْخَصِيبُ الْمَذْكُورُ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ الأَوْدِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "زَيِّنُوا مَجَالِسَكُمْ بِالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وَبِذِكْرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ". هذا غريب موقوف1. 155- الحسين بن عليّ بن يزيد. أبو عليّ الكرابيسيّ البغداديّ الفقيه2. سمع: إسحاق الأزرق، ومَعْن بن عيسى، ويعقوب بن إبراهيم، والشّافعيّ وتفقَّهَ به، ويزيد بن هارون. وعنه: عُبَيْد بن محمد بن خلف البزاز، ومحمد بن عليّ فُسْتُقَة. وكان فقيها فصيحا ذكيّا صاحب تصَّانيف في الفِقْه والأصول تدلَّ على تبحُّره. قال الخطيب أبو بَكْر: حديث الكرابيسيّ يعزّ جدا. وذلك أن أحمد بْن حنبل كان يتكلم فِيهِ بسبب مسألة اللفظ. وكان هُوَ أيضًا يتكلم فِي أحمد، فتجنب الناس الأخذ عَنْهُ لهذا السبب. ولما بلغ يحيى بْن مَعِين أنه يتكلم فِي أحمد قال: ما أحوجه إلى أن يضرب. ثُمَّ لعنه. قال أبو الطيب الماوردي، فيما رَوَاهُ أبو بَكْر بْن شاذان، عن عبد الله بْن إسماعيل بْن برهان عَنْهُ، قال: جاء رَجُل إلى الْحُسَيْن الكرابيسيّ فقال: ما تقول فِي القرآن؟ قال: كلام اللَّه غير مخلوق. قال الرجل: فما تقول فِي لفظي بالقرآن؟ قال حسين: لفظك به مخلوق.

_ 1 وأورده ابن القيم في جلاء الأفهام "ص/ 248"، والهندي في الكنز وعزاه لابن عساكر. 2 وفيات الأعيان "6/ 393"، والعبر "1/ 450"، وخلاصة تذهيب التهذيب "84".

فمضى الرجل إلى أحمد بْن حنبل فعرّفه ذلك، فأنكره وقال: هذه بدعة. فرجع إلى حُسَيْنِ فعرَّفه إنكار أبي عبد الله، فقال له حُسَيْنِ: تَلَفُّظُك بالقرآن غير مخلوق. فرجع إلى أحمد فعرُّفه رجوع حُسَيْنِ وأنّه قال: تَلَفُّظُك بالقرآن غير مخلوق. فأنكر أحمد ذلك أيضًا وقال: هذا أيضًا بدعة. فرجع إلى حُسَيْنِ فعرَّفه إنكار أبي عبد الله أيضًا فقال: إيش نعمل بهذا الصبي؟ إن قُلْنَا مخلوق، قال: بدعة، وإنْ قُلْنَا: غير مخلوق، قال: بدعة؟ فبلغ ذلك أَبَا عبد الله، فغضب له أصحابُه، فتكلّموا فِي حُسَيْنِ الكرابيسيّ1. وقال الفضل بْن زياد: سَأَلت أَبَا عبد الله، عن الكرابيسيّ، وما أظهر، فَكَلَح وجهه ثُمَّ أطرق، ثُمَّ قال: هذا قد أظهر رأي جَهْم. قال اللَّه تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فممّن يسمع؟ إنّما جاء بلاؤهم من هذه الكُتُب التي وضعوها. تركوا آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، وأقبلوا على هذه الكتب2. وقال ابن عديّ: سمعت محمد بْن عبد الله الصَّيرفيّ الشّافعيّ يقول لهم، يعني التّلامذة: اعتبِروا بهذين: حُسَيْنِ الكرابيسيّ، وأبو ثور. فالحسين فِي علمه وحِفْظه، وأبو ثور لا يعشُرُه فِي علمه، فتكلَّم فِيهِ أحمد بْن حنبل فِي باب اللّفظ فسقط، وأثنى على أَبِي ثور، فارتفع للزومه السنة. تُوُفّي سنة ثمانٍ، وقيل: سنة خمسٍ وأربعين ومائتين. وقال أبو جَعْفَر محمد بْن الْحُسَيْن بْن هارون المَوْصِليّ: سَأَلت أَبَا عبد الله أحمد بْن حنبل. قلت: أَنَا رَجُل من أهلِ المَوْصلِ، والغالب على بلدنا الْجَهْميّة، وقد وقعت مسألة الكرابيسيّ نُطْقي بالقرآن مخلوق. فقال: إيّاك وهذا الكرابيسيّ، لا تكلِّمْهُ، ولا تكلم من يكلمه.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 65". 2 تاريخ بغداد "8/ 66".

قلتُ: وهذا القول وما يتشعّب منه يرجع إلى قول جَهْم؟ قال: هذا كلّه من قول جَهْم1. 156- الحسين بن عليّ بن جعفر بن زياد الأحمر الكوفيّ2 -د- عن: جدَّه جعفر الأحمر، ويحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، وداود بن الربيع. وعنه: د، وأحمد بن محمد بن الهيثم الدَّوريّ الدقاق، وأحمد بن عمرو البزاز، وعبد الله بن أحمد بن سوادة. وسمع منه النسائي، وما أظنه روى عنه شيئا. 157- الحسين بن علي بن يزيد الصدائي الأكفاني3 -ت- البغدادي. عن: أبيه، ووَكِيع، وعبد الله بن نُمَيْر، والوليد بن القاسم بن الوليد الهمْدانيّ، وعليّ بن عاصم، وجماعة. وعنه: ت، وأبو بكر بن أبي عاصم، والنَّسائيّ في اليوم واللّيلة، وعبد الله بن ناجية، وعَبْدان، ومحمد بن جرير، وابن صاعد، والمَحَامِليّ، وآخرون. وكان عبدا صالحا نبيلا. قال عبد الرحمن بن خِراش: عدل، ثقة4. كان حجّاج بن الشاعر يمدحه يقول: هو من الأبدال. وقال البَغَويّ: مات في رمضان سنة ستّ. 158- الحسين بن عيسى بن حمران5 -خ. م. د. ن- أبو علي الطائي البسطامي الدامغاني نزيل نَيْسابور. سمع: ابن عُيَيْنَة، ووَكِيعا، وأبا أسامة، وابن أبي فُدَيْك، ومَعْن بن عيسى، ويزيد بن هارون، وجماعة.

_ 1 الكامل في الضعفاء "2/ 775" لابن عدي. 2 المصدر السابق "2/ 776". 3 الجرح والتعديل "3/ 56"، والتهذيب "2/ 359". 4 تاريخ بغداد "8/ 67، 68". 5 التاريخ الكبير "2/ 393"، والجرح والتعديل "3/ 60"، والتهذيب "2/ 363".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الموضوع رقم الصفحة الطبقة الخامسة والعشرون: "أحداث سنة إحدى وأربعين ومائتين": 3 الوفيات في هذه السنة. 3 وثوب أهل حمص على واليهم. 3 تناثر الكواكب. 3 غارة الروم على عين زربة. 3 غارة البجاة في مصر. "أحداث سنة اثنتين وأربعين ومائتين": 4 المتوفون هذه السنة. 4 خبر زلازل عدة. 5 مسير جبل باليمن. 5 صياح الطائر بحلب. 5 خروج الروم إلى آمد والجزيرة. 5 الحج هذا الموسم. "أحداث سنة ثلاث وأربعين ومائتين": 5 المتوفون هذه السنة. 5 عزم المتوكل كل السكنى بدمشق. 6 الحج هذا الموسم. "أحداث سنة أربع وأربعين ومائتين": 6 المتوفون هذه السنة. 6 فتح حصن للروم. 6 نفي طبيب المتوكل. 7 اتفاق الأعياد.

"أحداث سنة خمس وأربعين ومائتين": 7 المتوفون هذه السنة. 7 عموم الزلازل في البلاد. 7 بناء الماحوزة. 8 غارة الروم على سميساط. "أحداث سنة ست وأربعين ومائتين": 8 المتوفون هذه السنة. 8 غزو المسلمين الروم. 8 تحول المتوكل إلى الماحوزة. 8 المطر ببلخ. 8 الحج هذا الموسم. "أحداث سنة سبع وأربعين ومائتين": 9 المتوفون هذه السنة. 9 بيعة المنتصر بالله. "أحداث سنة ثمان وأربعين ومائتين": 9 المتوفون هذه السنة. 9 وقوع الوحشة بين وصيف التركي والوزير. 10 خلع المعتز والمؤيد من العهد. 10 مقتل محمد الخارجي. 11 استيلاء الصفار على خُراسان. 11 مقتل المنتصر بالله. 11 بيعة المستعين بالله. 12 فتنة الغوغاء. 12 نفي ابن الخصيب إلى أقريطش. 12 تولية ابن طاهر العراق. 12 وفاة طاهر بن عبد الله. 12 موت بُغا الكبير. 13 حبس المعتز والمؤيد.

13 الفتنة بين أهل حمص وعاملهم. 13 العقد لأوتامش على مصر والمغرب. 13 غزوة الصائفة. 13 نفي ابن خاقان. "أحداث سنة تسع وأربعين ومائتين": 13 المتوفون هذه السنة. 14 شغب الجند ببغداد. 14 مقتل أوتامش. 14 عزْل جعفر بن عبد الواحد عن القضاء. 14 خبر الزلزلة في الري. "أحداث سنة خمسين ومائتين": 14 المتوفون هذه السنة. 15 مقتل يحيى بن عمر في المصافّ بالكوفة. 15 استيلاء الحسن بن زيد على آمل. 15 العقد للعباس على العراق. 15 نفي جعفر بن عبد الواحد. 15 وثوب أهل حمص بعاملهم.

تراجم رجال هَذِهِ الطبقة: "حرف الألف": 16 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن كثير الدورقي. 16 2- أحمد بن أبان القرشي. 16 3- أحمد بن إبراهيم بن مهران البوشجني. 17 4- أحمد بن إدريس الجلاب. 17 5- أحمد بن إسحاق بن الحصين. 20 6- أحمد بن إسحاق الأهوازي البزاز. 20 7- أحمد بن أسد بن سامان. 20 8- أحمد بن بجير البزاز. 20 9- أحمد بن بكار بن أبي ميمونة. 21 10- أحمد بن ثابت الجحدري. 21 11- أحمد بن ثابت الرازي. 21 12- أحمد بن الحسن بن جنيدب. 21 13- أحمد بن الحسن بن خراش. 22 14- أحمد بن الحسن الكندي البغدادي. 22 15- أحمد بن حميد الجرجاني. 22 16- أحمد بن حميد الفقيه. 22 17- أحمد بن خالد البغدادي الخلال. 23 18- أحمد بن الخصيب الجرجرائي الكاتب. 23 19- أحمد بن الخليل البغدادي البزاز. 24 20- أحمد بن سعيد بن إبراهيم الحافظ. 24 21- أحمد بن سعيد بن يعقوب الكندي. 24 22- أحمد بن صاعد الصوري الزاهد. 25 23- أحمد بن صالح الطبري. 30 24- أحمد بن صالح المكي. 30 25- أحمد بن عبد الله بن الحكم. 30 - أحمد بن عاصم الأنطاكي.

30 26- أحمد بن أبي الحواري عبد الله بن ميمون. 33 - حكاية عجيبة لا أعلم صحتها. 33 27- أحمد بن عبد الله بن خالد بن موسى. 34 28- أحمد بن عبد الرحمن بن بكّار بن عبد الملك. 34 29- أحمد بن عبدة بن موسى الضبي. 35 30- أحمد بن عثمان بن عبد النور. 35 31- أحمد بن عَمْرو بن عبد الله بن عُمَرو بن السرح. 35 32- أحمد بن عيسى بن حسان. 36 33- أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ بن الشهيد. 36 34- أحمد بن عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَر. 37 35- الإمام أحمد بن محمد بن حنبل. 40 - فصل في إقباله على العلم واشتغاله به. 52 - فصل في آدابه. 54 - فصل في قوله في أصول الدين. 62 - فصل في سيرته. 65 - فصل في زوجاته وأولاده. 67 - ذكر المحنة. 83 - فصل في محنته من الواثق. 84 - فصل في حال أبي عبد الله أيّام المتوكل. 103 - ذكر مرضه رحمه الله. 110 36- أحمد بن الزبير الأطرابلسي. 110 37- أَحْمَد بن عَبْد اللَّه بن عَبْد الصَّمَد الهاشمي. 110 38- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم. 111 39- أحمد بن محمد بن علقمة النبال. 112 40- أحمد بن محمد بن عيسى السكوني. 112 41- أحمد بن محمد بن نيزك. 113 42- أحمد بن محمد بن يحيى بن المبارك. 113 43- أحمد بن مصرف بن عمرو اليامي.

113 44- أحمد بن منيع بن عبد الرحمن البغوي. 114 45- أحمد بن ناصر. 114 46- أحمد بن نصر بن زياد. 115 47- أحمد بن نصر العتكي. 115 48- أحمد بن هشام بن بهرام. 115 49- أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي. 115 50- أحمد بن يحيى بن وزير التجيبي. 116 51- أحمد بن يعقوب بن صالح البلخي. 116 52- أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث. 117 53- أحمد بن أبي سريج الصباح. 118 54- أحمد بن أبي عبيد الله السليمي. 118 55- إبراهيم بن الحارث الأنصاري. 119 56- إبراهيم بن الحسين بن خالد. 119 57- إبراهيم بن حمزة الرملي. 119 58- إبراهيم بن خالد المروزي. 119 59- إبراهيم بن زياد البغدادي الصائغ. 120 60- إبراهيم بن زياد البغدادي الخياط. 120 61- إبراهيم بن سعيد الجوهري. 121 62- إبراهيم بن سفيان الزيادي. 121 63- إبراهيم بن سلام المكي. 121 64- إبراهيم بن العبّاس بن محمد بن صُول. 122 65- إبراهيم بن عبد الله المروزي الخلال. 122 66- إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي. 123 67- إبراهيم بن عبد الله بن خالد المِصِّيصيّ. 123 68- إبراهيم بن عبد الله بن صَفْوان النَّصْريّ. 123 69- إبراهيم بن عبد الله بن المُنذر الباهليّ. 124 70- إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي الفياض. 124 71- إبراهيم بن عون بن راشد.

124 72- إبراهيم بن عيسى الأصبهاني. 125 73- إبراهيم بن محمد بن الأغلب. 125 74- إبراهيم بن محمد بن عبد الله المعمري. 125 75- إبراهيم بن محمد بن يوسف بن سرج. 126 76- إبراهيم بن المستمر العروقي. 126 77- إبراهيم بن مكتوم المصاحفي. 126 78- إبراهيم بن هارون البلخي العابد. 126 79- إبراهيم بن هاشم بن عبيد الله. 127 80- إبراهيم بن الإمام يحيى بن المبارك. 127 81- إبراهيم بن يوسف الحضرمي الكندي. 127 82- أزهر بن مروان الرقاشي النواء. 127 83- إسحاق بن إبراهيم بن داود البصْريّ السَّوّاق. 129 84- إسحاق بن الأخيل الحلبي. 129 85- إسحاق بن موسى بن عبد الله الخطمي. 130 86- إسحاق بن يوسف الجرجاني الديلماني. 130 87- إسماعيل بن بهرام الوشاء الخزار. 131 88- إسماعيل بن توبة الثقفي. 131 89- إسماعيل بن حفص الأبلي. 131 90- إسماعيل بن خزيمة بن المغيرة. 131 91- إسماعيل بن زياد البلخي الأزدي. 132 92- إسماعيل بن عبد الله بن خالد العبدري. 132 93- إسماعيل بن عمرو المصري. 133 94- إسماعيل بن الفضل الشالنجي. 133 95- إسماعيل بن مسعود الجحدري. 133 96- إسماعيل بن موسى الفزاري. 134 97- إسماعيل بن يوسف الديلمي. 135 98- أصبغ بن دحية الصدفي.

136 100- أيوب بن محمد بن أيوب الهاشمي. 136 101- أيوب بن عافية بن أيوب البصري. 136 102- أيوب بن علي بن الهيصم. 136 103- أيّوب بن محمد بن زياد بن فرُّوخ. "حرف الباء": 137 104- بركة بن محمد الحلبي. 137 105- بسطام بن جعفر الأزدري الموصلي. 137 106- بشر بن بشار البغدادي. 137 107- بشر بن معاذ العقدي. 138 108- بشر بن هلال النميري. 138 109- بغا الكبير. 139 110- بكْر بن محمد بن عديّ بن حبيب. 140 111- بكر بن النطاح. "حرف الثاء": 141 112- تميم بن المنتصر بن تميم. "حرف الجيم": 141 113- جابر بن كردي الواسطي. 141 114- الجارود بن معاذ السلمي. 142 115- جبارة بن المغلس. 142 116- الجراح بن عبد الله بن الفرج. 143 117- الجراح بن مخلد العجلي. 143 118- جعفر المتوكل على الله. 149 119- الجماز. "حرف الحاء": 150 120- الحارث بن أسد المحاسبي. 154 - الحارث بن أسد الهمداني. 154 121- الحارث بن أسد بن عبد الله. 154 - الحارث بن أسد العتكي.

155 - الحارث بن أسد الإفريقي. 155 122- الحارث بن مسكين بن محمد. 158 123- حامد بن المساور الإصبهاني "شاذة". 158 124- حامد بن يحيى بن هاني. 159 125- حجاج بن يوسف بن مروان الموصلي. 159 126- حرملة بن يحيى بن عبد الله. 160 127- الحسن بن أحمد بن أبي شعيب. 161 128- الحسن بن إسحاق الليثي. 161 129- الحسن بن إسماعيل بن سليمان المجالدي. 161 130- الحسن بن أيوب المدائني. 162 131- الحسن بن بشر بن القاسم. 162 132- الحسن بن بكر المروزي. 162 133- الحسن بن الجنيد البلخي. 162 134- الحسن بن حماد بن كسيب. 163 135- الحسن بن خلف بن شاذان. 164 136- الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر. 164 137- الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك. 165 138- الحسن بن الحسن بن زريق الطهوي. 165 139- الحسن بن الحسن بن شبيب بن راشد. 165 140- الحسن بن شجاع بن رجاء البلخي. 166 141- الحسن بن الصباح بن محمد. 167 142- الحسن بن عثمان بن حماد الزيادي. 169 143- الحسن بن علي بن الجعد. 169 144- الحسن بن علي بن محمد الهُذلي. 170 145- الحسن بن قزعة بن عُبيد. 170 146- الحسن بن مدرك الطحان. 171 147- الحسن بن يحيى بن كثير. 171 148- الحسن بن يحيى بن هشام الرازي.

171 149- الحسين بن بشر بن القاسم بن حماد. 171 150- الحسين بن حريث بن الحسن بن ثابت. 172 151- الحسين بن الحسن بن حرب. 173 152- الحسين بن سلمة الأزدي. 173 153- الحسين بن الضحاك الشاعر "الخليع". 173 154- الحسين بن عبد الرحمن الاحتياطي. 174 155- الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي. 176 156- الحسين بن عليّ بن جعفر بن زياد الأحمر. 176 157- الحسين بن علي بن يزيد الصدائي. 176 158- الحسين بن عيسى بن حمران. 17 159- الحسين بن الفضل بن أبي حديرة. 177 160- الحسين بن المبارك الطبراني. 177 161- الحسين بن محمد بن أيوب السعدي. 178 162- الحسين بن محمد بن جعفر البلخي. 178 163- الحسين بن معاذ البصري. 178 164- الحسين بن عدي الأيلي. 178 165- الحسين بن يزيد الكوفي الطحان. 179 166- حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهيب. 180 167- حفص بن عمر المهرقاني. 180 168- حماد بن إسماعيل بن علية. 181 169- حميد بن مسعدة الباهلي. 181 170- حُمَيْد بن هشام بن حُمَيْد بن خليفة. "حرف الخاء": 181 171- خالد بن عبد السلام بن خالد. 182 172- خالد بن عقبة بن خالد السكوني. 182 173- خالد بن يوسف بن خالد بن عمر. 183 174- خازم بن خزيمة البخاري. 183 175- الخضر بن زياد بن المغيرة الموصلي.

183 176- خلاد بن أسلم البغدادي. 183 177- الخليل بن عمرو البغوي. "حرف الدال": 184 178- دعيل بن علي بن رزين الشاعر. 188 179- دهثم بن خلف الرملي. "حرف الذال": 188 180- ذو النون المصري الزاهد. "حرف الراء": 192 181- راشد بن سعيد المقدسي. 193 182- رباح بن جراح العبدي. 193 183- الربيع بن نافع الحلبي. 194 184- رجاء بن محمد العذري. 194 185- رجاء بن مرجى. 195 186- روح بن حاتم البغدادي. 195 187- روح بن عصام بن يزيد. "حرف الزاي": 195 188- زكريّا بن يحيى بن صالح. 196 189- زياد بن عبد الرحمن النيسابوري. 196 190- زياد الله بن إبراهيم بن محمد. 196 191- زيد بن بشر بن زيد. 197 192- زيد بن الحريش الأهوازي. 197 193- زيد بن سنان الأسدي. 197 194- زيد بن أبي موسى المروزي. "حرف السين": 198 195- سختويه بن الجنيد. 198 196- سعيد بن العباس الرازي. 198 197- سعيد بن عبد الرحمن المخزومي. 198 198- سعيد بن عثمان الكريزي.

199 199- سعيد بن الفرج البلخي. 199 200- سعيد بن وهب الأصبهاني. 199 201- سعيد بن يحيى بن الأزهر. 199 202- سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان. 200 203- سعيد بن يعقوب الطالقاني. 200 204- سفيان بن زياد الرصافي. 200 205- سفيان بن محمد المصيصي. 201 206- سفيان وكيع بن الجراح. 201 207- سلمة بن لكلاعي. 202 208- سلمة بن شبيب المسمعي. 202 209- سليمان بن أبي شيخ. 203 210- سليمان بن عُبيد الله بن عَمْرو الغَيْلانيّ. 203 211- سليمان بن عمر بن خالد بن الأقطع. 203 212- سليمان بن يوسف بن صالح العقيلي. 204 213- سهل بن صالح الأنطاكي. 204 214- سوار بن عبد الله بن سوار. "حرف الشين": 205 215- شجاع فتاة المعتصم. 205 216- شعيب بن سهل الرازي. 206 217- شيبة بن الوليد بن سعيد. "حرف الصاد": 206 218- صالح بن حرب. 206 219- صالح بن مسمار السلمي. 206 220- صالح بن عدي النميري. 207 221- صالح بن محمد بن يحيى القطان. 207 222- صُهيب بن عاصم القيسي. "حرف الضاد": 207 223- الضحاك بن حجوة المنبجي.

"حرف الطّاء": 208 224- طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر المصعبي. 208 225- الطيب بن إسماعيل الذهلي. "حرف العين": 209 226- عامر بن أسيد بن واضح. 209 227- عامر بن سيار. 209 228- عامر بن عمر الموصلي. 210 229- عباد بن زياد الأسدي. 210 230- عباد بن يعقوب الرواجني. 212 231- عبادة المخنث. 212 232- العباس بن عبد العظيم بن إسماعيل. 213 233- العباس بن الوليد بن صبح. 213 234- عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان. 215 235- عبد الله بن أحمد بن حَرب البغداديّ. 216 236- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن يونس. 216 237- عبد الله بن جابر الأموي. 216 238- عبد الله بن خالد اللؤلؤي. 216 239- عبد الله بن خالد الأزدي البخاري. 217 240- عبد الله بن ذؤاب الموصلي. 217 241- عبد الله بن سليمان بن يوسف البعلبكي. 217 242- عبد الله بن الصباح الهاشمي. 218 243- عبد الله بن عامر بن براد. 218 244- عبد الله بن عبد الجبّار بن نُضَيْر. 218 245- عبد الله بن عمران العابدي المخزومي. 218 246- عبد الله بن عمران الأسدي. 219 247- عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي. 219 248- عبد الله بن محمد بن رُمح بن المهاجر. 220 249- عبد الله بن محمد بن يحيى الخشاب الرملي.

220 250- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى الطرطوسي. 220 251- عبد الله بن محمد بن داود الأصبهاني. 220 252- عبد الله بن مسلم بن رُشيد. 221 253- عبد الله بن معاوية بن موسى الجُمحي. 222 254- عبد الله بن منير المروزي. 222 255- عبد الله بن نصر الأصم. 223 256- عبد الله بن الوضاح بن سعيد الأودي. 223 257- عبد الله بن يحيى بن سعد المُراديّ. 223 258- عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى بن هلال. 224 259- عبد الأول بن موسى بن إسماعيل. 224 260- عبد الجبّار بن العلاء بن عبد الجبّار. 224 261- عبد الحميد بن بيان الواسطي العطار. 225 262- عبد الحميد بن صُبيح العنبري. 225 263- عبد الخالق بن منصور القشيري. 225 264- عبد الرحمن بن إبراهيم بن عَمْرو بن ميمون. 226 265- عبد الرحمن بن أيوب بن سعيد السكوني. 227 266- عبد الرحمن بن الأسود الهاشمي. 227 267- عبد الرحمن بن زبان. 228 268- عبد الرحمن بن برد التجيبي. 228 269- عبد الرحمن بن عبد الوهاب العمي. 228 270- عبد الرحمن بن عُبَيْد الله بن حكيم الأسدي. 228 271- عبد الرحمن بن عمر بن يزيد الزهري. 229 272- عبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي. 230 273- عبد الرحمن بن مسروق. 230 274- عبد الرحمن بن واقد بن مسلم. 231 275- عبد الرحمن بن يونس بن محمد السّرّاج. 231 276- عبد السّلام بن عبد الحميد بن سُوَيْد.

231 278- عبد السّلام بن عبد الرحمن بن صَخْر. 232 279- عبد الصّمد بن سليمان بن أبي مطر. 232 280- عبد الصمد بن الفضل بن خالد. 232 281- عبد الصمد بن موسى بن محمد الهاشميّ. 233 282- عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير. 233 283- عبد الكريم بن الحارث بن مسكين. 233 284- عبد الملك بن شُعيب بن الليث. 234 285- عبد الملك بن عبد ربه الطائي. 234 286- عبد الملك بن مروان بن قارظ. 234 287- عبد الواحد بن يحيى بن خالد الغافقي المعروف بسوادة. 235 288- عبد الوهاب بن زكريا الأصبهاني. 235 289- عبد الوهاب بن الضحاك العرضي. 235 290- عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي. 236 291- عبد الوهاب بن فليح المكي. 237 292- عبد بن حميد بن مضر. 238 293- عبد ربه بن خالد النميري. 238 294- عبدة بن عبد الرحيم المروزي. 239 295- عبيد الله بن إدريس النرسي. 239 296- عبيد الله بن الجهم البصري الأنماطي. 239 297- عبيد الله بن حفص بن عمر. 240 298- عبيد الله بن سعيد بن يحيى. 240 299- عُبَيْد الله بن عبد الله بن المُنْكَدِر. 240 300- عبيد بن أسباط بن محمد القرشي. 241 301- عبيد بن إسماعيل القرشي. 241 302- عبيد بن هشام الحلبي. 242 303- عبدوس بن مالك العطار. 242 304- عُتْبة بن عبد الله بن عُتْبة اليَحْمَديّ. 242 305- عتاب بن ورقاء الشاعر.

243 306- عثمان بن إسماعيل بن عمران. 243 307- عثمان بن أيوب بن أبي الصلت القُرطبي. 243 308- عذرة بن مصعب القدري. 244 309- عسكرين الحصين النخشبي. 245 310- عصابة الجرجرئي. 246 311- عصمة بن الفضل النميري. 246 312- عقبة بن قبيصة بن عقبة. 246 313- عقبة بن مكرم العمي. 247 314- علكدة بن نوح بن اليسع الرعيني. 247 315- علي بن الأزهر بن عبد ربه. 247 316- علي بن بكار بن هارون المصيصي. 247 317- علي بن جميل الرقي. 248 318- علي بن الجهم بن بدر. 249 319- علي بن حجر السعدي. 251 320- علي بن الحسن الكوفي اللائي. 251 321- علي بن الحسن الكوفي. 251 322- علي بن الحسن بن السماك. 251 323- علي بن سعيد بن مسروق. 252 324- علي بن عيسى بن يزيد الكراجكي. 252 325- علي بن الفضل القيسي الكرابيسي. 252 326- علي بن ميمون الرقي. 253 327- عليّ بن نصر بن عليّ بن نصر الجهضمي. 253 328- علي بن الهيثم البغدادي. 253 329- علي بن يونس بن أبان الأصبهاني. 254 330- علي بن أبي علي الأنصاري. 254 331- عمار بن الحسن بن بشير. 254 332- عمار بن طالوت بن عباد. 254 333- عمارة بن عقيل.

255 334- عمران بن خالد بن يزيد. 255 335- عمران بن محمد المولي الخيزراني. 255 336- عمران بن موسى الليثي القزاز. 256 337- عمران بن موسى الطرسوسي. 256 338- عمر بن إسماعيل بن مجالد الهمذاني. 256 339- عمر بن حفص بن صبيح الشيباني. 257 340- عمر بن حفص بن عمر بن سعد الحمصي. 257 341- عمر بن حفص الدمشقي الخياط. 257 342- عمر بن محمد بن الحسن بن التل. 258 343- عمر بن يزيد السياري. 258 344- عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ. 261 345- عمرو بن سواد بن الأسود العامري. 262 346- عمرو بن سهل الرازي. 262 347- عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد. 262 348- عمرو بن علي بن بحر بن كنيز. 264 349- عمرو بن عيسى الضُبعي. 264 350- عمرو بن قتيبة. 264 351- عمرو بن مالك الراسبي. 265 - النكري. 265 352- عمرو بن محمد بن عمرو بن ربيعة. 265 353- عمرو بن منصور النسائي. 265 354- عمرو بن هشام بن بزين. 266 355- عمرو بن يزيد الجرمي. 266 356- عنبسة بن إسحاق بن شمر الضبي. 266 357- العلاء بن مسلمة البغدادي. 266 358- عيسى بن حماد بن رغبة. 267 359- عيسى بن شاذان البصري القطان. 267 360- عيسى بن صبيح.

268 361- عيسى بن أبي عيسى السليحي. 268 362- عيسى بن المساور البغدادي. 268 363- عيسى بن مهران الرازي. 268 364- عيسى بن يوسف بن عيسى بن الطّبّاع. "حرف الغين": 269 365- غياث بن جعفر الرحبي. "حرف الفاء": 269 366- الفتح بن خاقان الأمير. 271 367- فتح بن عمرو التميمي. 271 368- فرج بن مرزوق. 271 369- فضالة بن الفضل الكوفي الطهوي. 272 370- الفضل بن إسحاق الدوري. 272 371- الفضل بن أبي حسان البكائي. 272 372- الفضل بن السكين القطيعي. 272 373- الفضل بن الصباح. 273 374- الفضل البكائي. 273 375- الفضل بن مروان الوزير. "حرف القاف": 274 376- القاسم بن بِشْر بن معروف البغدادي. 274 377- القاسم بن زكريا بن دينار. 274 378- القاسم بن عثمان الجوعي. 276 379- القاسم بن عيسى الطائي. "حرف الكاف": 276 380- كثير بن عُبيد المذحجي. "حرف اللام": 277 381- اللَّيث بن سعد بن نَجِيح المصري. "حرف الميم": 277 382- محمد بن آدم بن سليمان المصيصي.

278 383- محمد بن أبان بن وزير البلخي. 278 384- محمد بن إبراهيم بن حدران. 278 385- محمد بن إبراهيم بن سليمان الأسباطي. 279 386- محمد بن إبراهيم بن العلاء الدمشي. 279 387- محمد بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي. 279 388- محمد بن إبراهيم بن يحيى بن أبي سكينة. 280 389- محمد بن أحمد بن الجراح الجوزجاني. 280 390- محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي. 280 391- محمد بن أحمد بن نافع العبدي. 281 392- محمد بن أبي يعقوب إسحاق بن منصور. 281 393- محمد بن أسد بن أبي الحارث. 285 394- محمد بن أسلم بن سالم الطوسي. 286 395- محمد بن إسماعيل الرماني. 286 396- محمد بن إسماعيل بن أبي ضرار. 286 397- محمد بن الأغلب بن إبراهيم. 286 398- محمد بن " ... " بن مساور. 286 399- محمد بن بشر بن النجم. 286 400- محمد بن بكر بن خالد. 287 401- محمد بن المنتصر بالله. 287 402- محمد بن المنتصر بالله. 289 403- محمد بن جعفر السمناني. 290 404- محمد بن حاتم بن سليمان الزمي. 290 - محمد بن حاتم السمين. 290 405- محمد بن حاتم بن بزيع البصري. 290 406- محمد بن الحارث بن راشد "صدرة". 291 407- محمد بن الحارث الرافقي البزاز. 291 408- محمد بن الحارث الليثي. 291 409- محمد بن أبي الليث الحارث بن عبد الله.

291 410- محمد بن حبيب. 292 411- محمد بن الحجاج بن رشدين. 292 412- محمد بن " ... " ميسرة. 292 413- محمد بن حماد الأبيوردي. 293 414- محمد بن حميد بن حيان. 294 415- محمد بن خالد بن خداش. 294 416- محمد بن خلف بن طارق. 295 417- محمد بن خليفة البصري. 295 418- محمد بن الخليل البلاطي. 295 419- محمد بن أبي خُنيس الخولاني. 295 420- محمد بن داود بن صبيح. 295 421- محمد بن داود بن سفيان المصيصي. 296 422- محمد بن رافع بن أبي زيد سابور. 298 423- محمد بن الربيع. 298 424- محمد بن رجاء بن السندي. 298 425- محمد بن رزق الله الكلوذاني. 298 426- محمد بن رمح بن المهاجر. 299 427- محمد بن روح بن عمران. 299 428- محمد بن زاهر بن حرب النسائي. 299 429- محمد بن زنبور المكي. 300 430- محمد بن أبي السري. 300 431- محمد بن سعيد بن حماد. 300 432- محمد بن سعيد بن كثير بن عُفير. 301 433- محمد بن سعيد بن يزيد التستري. 301 434- محمد بن سعيد بن عبد الملك بن أبي قفيز. 301 435- محمد بن سُفْيان بن أبي الزّرد الأُبُلّيّ. 301 436- محمد بن سلمة المرادي. 302 437- محمد بن سليمان بن حبيب.

303 438- محمد بن سوار الأزدي. 303 439- محمد بن شجاع. 303 440- محمد بن صدقة الحمصي. 303 441- محمد بن طريف البجلي. 304 442- محمد بن عباد بن موسى البغدادي. 304 443- محمد بن عباد بن آدم الهذلي. 304 444- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ. 305 445- محمد بن عبد الله بن بَزِيع البصْريّ. 305 446- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن سعيه. 306 447- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عقيل. 306 448- محمد بن عبد الله بن بكر الخُزَاعيّ. 307 449- محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام. 307 450- محمد بن عبد الله بن أبي حُماد الطرسوسي. 307 451- محمد بن عبد الله بن حسن الجرجاني. 307 452- محمد بن عبد الأعلى الصنعاني. 308 453- محمد بن عبد الرحمن بن حكيم بن سهم. 308 454- محمد بن عبد الصمد بن داود الحراني. 308 455- محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة. 309 456- محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب. 309 457- محمد بن عُبَيْد بن محمد بن واقد المحاربي. 310 458- محمد بن عُبَيْد بن محمد بن ثَعْلَبَة. 310 - محمد بن عبيد المدني. 310 459- محمد بن عبيد بن عبد الملك الأسدي. 311 460- محمد بن عثمان بن خالد العثماني. 311 461- محمد بن عثمان بن بحر. 311 462- محمد بن عصام بن يزيد بن عجلان. 312 463- محمد بن عُقبة بن هرم السدوسي. 312 464- محمد بن عُكاشة الكرماني.

313 465- محمد بن العلاء بن كريب. 314 466- محمد بن عليّ بن الحَسَن بن شقيق. 315 467- محمد بن علي بن حمزة المروزي. 315 468- محمد بن علي بن حمزة العلوي. 315 469- محمد بن علي بن حمزة الأنصاري. 315 470- محمد بن علي بن حمزة الأنطاكي. 315 471- محمد بن عمران بن أيوب الأصبهاني. 316 472- محمد بن عمران بن زياد الضبي. 316 473- محمد بن عمر بن علي بن عطاء المقدمي. 316 474- محمد بن عمر بن حرب بن سنان القرشي. 317 475- محمد بن عمرو بن العباس الباهلي. 317 476- محمد بن عمرو بن الحكم الهروي. 317 477- محمد بن " ... ". 317 478- محمد بن أبي عون البغدادي. 318 479- محمد بن عيسى بن زياد. 318 480- محمد بن أبي غالب القومسي. 318 481- محمد بن أبي غالب صاحب هشيم. 319 482- محمد بن فراس البصري. 319 483- محمد بن قُدامة بن أعين. 319 484- محمد بن الإمام بن أبي عبد الله محمد بن إدريس. 320 485- محمد بن محمد بن مرزوق الباهلي. 320 486- محمد بن محمد بن النُّعْمان بن شِبْل. 320 487- محمد بن مرداس الأنصاري. 320 488- محمد بن مرداس الأنصاري "آخر". 321 489- محمد بن مرزوق الباهلي. 321 490- محمد بن مسعدة البزاز. 321 491- محمد بن مسعود بن يوسف العجمي. 322 492- محمد بن مسكين اليمامي.

322 493- محمد بن مصفى بن بهلول. 323 494- محمد بن معروف القرشي. 323 495- محمد بن مقاتل الرازي. 323 - محمد بن مقاتل المروزي. 324 496- محمد بن موسى بن نُقيع. 324 497- محمد بن موسى بن عمران. 324 498- محمد بن أبي معشر نجيح السندي. 325 499- محمد بن النضر الزبيري. 325 500- محمد بن النعمان بن عبد السلام. 326 501- محمد بن هارون الرشيد. 326 502- محمد بن هارون الوراق. 327 503- محمد بن هشام بن عوف السعدي. 327 504- محمد بن الهيثم بن خالد البجلي. 328 505- محمد بن الهيثم الكوفي المقرئ. 328 506- محمد بن الوزير المصري. 329 507- محمد بن الوزير بن الحكم. 329 - محمد بن وزير الواسطي. 329 508- محمد بن الوليد الأموي. 329 509- محمد بن وهب بن أبي كريمة. 330 510- محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني. 330 511- محمد بن يحيى بن عبدويه. 331 512- محمد بن يحيى بن فياض. 331 513- محمد بن يزيد البغدادي الأدمي. 311 514- محمد بن يزيد بن سابق الهروي. 332 515- محمد بن يزيد بن محمد العجلي. 333 516- محمد بن يزيد الواسطي. 333 517- محمد بن يعقوب الأسدي. 333 518- محمد بن يونس المخزومي.

334 519- مالك بن سعد بن عُبادة. 334 520- مجاهد بن موسى بن فروخ. 335 521- محمود بن خالد بن يزيد السلمي. 335 522- محمود بن خداش الطالقاني. 336 523- مخارق بن ميسرة. 336 524- مخلد بن عمرو بن لبيد. 336 525- مخلد بن مالك بن جابر الرازي. 337 526- مخلد بن مالك بن شيبان. 337 527- مخلد بن محمد الزهراني. 337 528- مروان بن أبي الجنوب. 338 529- مسعود بن جويرية بن داود. 338 530- المسيب بن واضح بن سرحان. 339 531- مشرف بن أبان البغدادي. 339 532- مصعب بن عبد الله بن مصعب. 339 533- معاوية بن عبد الرحمن الرحبي. 340 534- معلى بن سلام الدمشقي الرفاء. 340 535- المغيرة بن عبد الرحمن الأسدي. 340 536- المفضل بن غسان الغلابي. 341 537- مقدم بن يحيى بن عطاء المقدمي. 341 538- مكي بن عبد الله بن مهاجر الرعيني. 341 539- منخل بن منصور الجهني. 342 540- المنذر بن الوليد بن عبد الرحمن. 342 541- موسى بن حزام الترمذي. 342 542- موسى بن عبد الملك الأصبهاني. 342 543- موسى بن قريش التميمي. 343 544- محمد بن سعيد بن حيان. 343 545- موسى بن عبد الرحمن بن القاسم الضَّبّيّ. 343 546- موسى بن علي الهمداني البخاري.

343 547- موسى بن مروان البغدادي. 344 548- موسى بن ناصح البغدادي. "حرف النّون": 344 549- نجاح بن سَلَمَةَ بن نجاح الوزير. 344 550- نصر بن الحسين بن صالح بن غَزْوان. 344 551- نصر بن خزيمة بن علقمة. 345 552- نصر بن عبد الرحمن بن بكّار الكوفيّ. 345 553- نصر بن عليّ بن نصر بن عليّ بن صُهبان. 347 554- نصر بن محمد بن سليمان الحمصي. 347 555- نُصير بن الفرج الأسلمي. 347 556- نُصير بن يزيد الحنفي. 348 557- النضر بن طاهر. 348 558- نهار بن عثمان. 348 559- نوح بن حبيب القُومسي. "حرف الهاء": 349 560- هارون بن حاتم الكوفي. 350 561- هارون بن زيد بن أبي الزرقاء. 350 562- هارون بن سفيان المستملي. 350 563- هارون بن عبد الله بن مروان "الحمال". 351 564- هارون بن عيسى الكوفي. 351 565- هارون بن فراس السجستاني. 351 566- هارون بن محمد بن بكار بن بلال. 351 567- هارون بن موسى بن حيان التميمي. 352 568- هاشم بن محمد بن يزيد بن يَعْلَى. 352 569- هاشم بن ناجية السلماني. 352 570- هاني بن المتوكل بن إسحاق. 353 571- هاني بن النضر الأزدي. 353 572- هدية بن عبد الوهاب.

353 573- هشام بن خالد الدمشقي. 354 574- هشام بن عبيد الله الكلبي. 354 575- هشام بن عمار بن نصير. 359 576- هلال بن بشر المزني. 360 577- هلال بن يحيى البصري. 360 578- هناد بن السرى بن مُصعب. 361 579- الهيثم بن مروان بن الهيثم. "حرف الواو": 362 580- واصل بن عبد الأعلى الكوفي. 362 581- الوليد بن شجاع بن الوليد. 363 582- الوليد بن عمرو بن السُكين. 363 583- وهب بن بيان الواسطي. 363 584- وهب الله بن رزق المصري. 363 585- وهب بن حفص البجلي. "حرف الياء": 364 586- يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن. 370 587- يحيى بن جعفر بن أعين البيكندي. 370 588- يحيى بن الحارث الإخميمي. 370 589- يحيى بن حبيب بن عربي. 371 590- يحيى بن حكم الأندلسي. 371 591- يحيى بن خلف الباهلي. 371 592- يحيى بن داود الواسطي. 372 593- يحيى بن درست بن زياد. 372 594- يحيى بن سليمان بن نضلة. 372 595- يحيى بن طلحة اليربوعي. 372 596- يحيى بن عبد الرحيم بن محمد الخشرمي. 373 597- يحيى بن عبد الغفار الكتبي. 373 598- يحيى بن محمد بن قيس الأنصاري.

373 599- يحيى بن مخلد المقسمي. 373 600- يحيى بن واقد الطائي. 374 601- يحيى بن يزيد بن ضماد. 374 602- يزيد بن سعيد الإسكندراني. 374 603- يزيد بن عبد الله بن رزيق. 375 604- يعقوب بن إسحاق بن السكيت. 376 605- يعقوب بن إسماعيل بن حماد. 377 606- يعقوب بن حميد بن كاسب المدني. 377 607- يعقوب بن ماهان البناء. 377 608- يمان بن عيسى. 378 609- يوسف بن إبراهيم بن شبيب الفرساني. 378 610- يوسف بن حماد المعنى. 378 611- يوسف بن حماد الإستراباذي. 379 612- يوسف بن سلمان الباهلي. 379 613- عيسى بن دينار المروزي. 379 - يوسف بن عيسى بن ماهان. "الكنى": 379 614- أبو أيوب الخياط. 379 615- أبو بكر بن نافع البصري. 380 616- أبو بكر بن النضر بن أبي النضر هاشم. 380 - أبو تراب النخشبي. 380 617- أبو حُصَيْن بْن يحيى بْن سُلَيْمَان الرّازيّ. 380 - أبو هفان الشاعر. 380 - أبو زيد البسطامي. 381 فهرس الموضوعات.

المجلد التاسع عشر

المجلد التاسع عشر الطبقة السادسة والعشرون أحداث سنة إحدى وخمسين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة السادسة والعشرون: أحداث سنة إحدى وخمسين ومائتين: فيها تُوُفّي: إِسْحَاق بْن منصور الكوَسج، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيْه، وعمرو بْن عثمان الحمصيّ، ومحمد بْن سهل بْن عسكر، وأبو البقاء هشام بْن عَبْد الملك الحمصيّ. "خروج الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بقزوين": وفيها خرج الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن الأرقط عَبْد اللَّه بْن زين العابدين على بْن الْحُسَيْن بقزوين، فغلب عليها فِي أيّام فتنة المستعين. "خروج أَحْمَد بْن عيسى العلويّ بالريّ": وقد كَانَ هُوَ وأحمد بْن عيسى العلويّ اجتمعا عَلَى أهل الرِّيّ، وقتلَا بها خلْقًا كبيرًا، وأفسدوا وعاثوا. وسار لقتالهما جيش، فأسِر أحدُهما وقُتِل الآخر. "إفساد إِسْمَاعِيل بْن يوسف موسم الحجّ": وفيها خرج إِسْمَاعِيل بْن يوسف بْن إبْرَاهِيم بن موسى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ الحسنيّ بالحجاز، وهو شابٌ لَهُ عشرون سنة. وتَبِعه خلْقُ مِنَ العرب، فعاث فِي الحَرَمَيْن، وأفسد موسم الحجّ. وقتل مِنَ الحجيج أكثر من ألف رَجُل، واستحل الحُرُمات بأفاعيله الخبيثة. وبقي يقطع المِيرة عَنِ الحرمين حتى هَلكَ أهل الحجاز، وجاعوا. ونزل الوباء فهلك فِي الطاعون هُوَ وعامّة أصحابه فِي السنة الآتية. وفيها فتنة المستعين أَحْمَد كما هو مذكور في ترجمته1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 278-347"، والبداية "11/ 9، 10"، والنجوم الزاهرة "2/ 397-399"، صحيح التوثيق "6/ 244-246".

أحداث سنة اثنتين وخمسين ومائتين

أحداث سنة اثنتين وخمسين ومائتين: تُوُفّي فيها: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سُوَيْد بْن مَنْجُوف، والمستعين بالله أَحْمَد بْن المعتصم، قتلوه، وإسحاق بْن بُهْلُولٍ الحافظ، وأَشْناس الأمير، وزياد بْن أيّوب، وعبد الوارث بْن عَبْد الصمد بْن عَبْد الوارث، ومحمد بْن بشار بُنْدار، وأبو موسى محمد بْن المُثَنَّى العَنَزيّ، ومحمد بْن منصور الجوّاز، ويعقوب الدَّوْرَقيّ. "خلْع المستعين وبيعة المعتزّ": وفيها خُلِع المستعين، ثمّ حُبِس وقُتِل. وبويع المعتز بالله فأمر التُّرك ببيعته، وخلع عَلَى محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر خلْعة المُلْك، وقلّده سَيْفَيْن. فأقام بُغَا ووَصيف الأميران ببغداد عَلَى وجَلٍ مِنَ ابن طاهر، ثمّ رضي المعتزّ عَنْهُمَا، وردهما إلى مرتبتهما. ونُقِل المستعين إلى قصر المخرَّم هُوَ وعياله، ووكَّلوا بِهِ أميرًا. وكان عنده خاتم مِنَ الجوهر، فأخذه ابن طاهر فبعثَ بِهِ إلى المعتزّ. "تتويج المعتزّ لأخيه أَبِي أَحْمَد": وفيها خلع المعتزّ عَلَى أخيه أَبِي أَحْمَد خلعة المُلْك وتوّجه بتاجٍ من ذَهَبٍ، وقَلَنْسُوَةٍ مُجَوْهَرَة، ووِشاحَيْن مُجَوْهَرَيْن. وقلَّده سَيْفَيْن. "خلْع المؤيَّد مِنَ العهد": وفي رجب خلع المعتز بالله أخاه المؤيّد مِن العهد وقيّده وضَرَبه. "ولَاية ابن أَبِي الشوارب قضاء القضاة": وفيها ولي قضاء القُضاة الْحَسَن بْن محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب. "حساب الخراج": وفيها حُسِبَتْ أرزاقُ الأتراك والمغاربة والشّاكريّه ببغداد، وغيرها، فجاءت فِي العام الواحد مائتي ألف ألف دينار. وذلك خراج المملكة سنتين. "نفي أَبِي أَحْمَد إلى واسط": وفيها قبض المعتزّ عَلَى أخيه أَبِي أَحْمَد، ثمّ نفاه إلى واسط. ثمّ قاموا معه فَرُدّ إلى بغداد. "إبعاد ابن المعتصم": وأُبعْدَ عَلِيّ بْن المعتصم عَنِ الحضرة. "ولَاية ابن خاقان مصر": وولي مزاحم بْن خاقان إمرة مصر1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 348-349"، الكامل "7/ 167"، والبداية "11/ 10"، وصحيح التوثيق "6/ 246".

أحداث سنة ثلاث وخمسين ومائتين

أحداث سنة ثلَاثٍ وخمسينٍ ومائتين: وفيها تُوُفّي: أحمد بْن سعَيِد الهَمَدانيّ المصريّ، وسَرِيٌّ السَّقَطيّ الزّاهد، وعلي بْن شُعَيب السَّمسار، وعلي بْن مُسلْمِ الطُّوسيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر الأمير، ومحمد بن عيسى بن رزين التيمي مقرئ الرِّيّ، ومحمد بْن يحيى بْن أَبِي حَزْم القطعيَ، وهارون بْن سعَيِد الأيْليّ، والأمير وصيف التُّرْكيّ، ويوسف بْن مُوسَى القطّان، وأبو الْعَبَّاس القَلوَّريّ. "أَخْذُ هَرَاة": وفيها قصد يعقوب بْن اللَّيث الصّفّار هَرَاة فِي جمعٍ، فأخذ هراة من نواب ابن طاهر، وقيّدهم وحبسهم. "هزيمة ابن أبي دلف": وفيها سار الأمير موسى بن بغا، فالتقى هو وعسكر عَبْد العزيز ابن الأمير أَبِي دُلَف العِجْليّ، فهزمهم وساق وراءهم إلى الكَرْج، وتحصن منه عَبْد العزيز، وأُسرَتْ والدة عَبْد العزيز. وبُعِث إلى سامرّاء بتسعين حِمْلا من رؤوس القتلى. "خِلْعة المعتزّ عَلَى بُغا": وفي رمضان خلع المعتزّ بالله عَلَى بُغَا الشَّرابيّ، وألبسه تاج المُلْك. "مقتل وصيف": وفي شوّال قُتِل وصِيف التُّرْكيّ. "كسوف القمر": وفي ذي القعدة كُسِف القمر. "غَزْو ابن مُعَاذ بلَاد الروم": وغزا محمد بْن مُعَاذ بلَاد الروم، ودخل بالعسكر من جهة مَلَطْية، فأُسِرَ وقُتِل خَلْقٌ من أصحابه. "هزيمة الكوكبيّ": وفي ذي القعدة التقى موسى بن بغا الكوكبي بأرض قزوين، فانهزم الكوكبي ولحق بالديلم. "وفاة ابن خاقان": وفيها مات مُزاحِم بْن خاقان أخو الفتح بمصر. والله أعلم1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 373-378"، والكامل "7/ 183-190"، والبداية "10/ 12"، النجوم الزاهرة "2/ 405-407"، صحيح التوثيق "6/ 248".

أحداث سنة أربع وخمسين ومائتين

أحداث سنة أربعٍ وخمسين ومائتين: فيها تُوُفّي: أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن عبُّود الدّمشقيّ، وإبراهيم بْن مجشّر الكاتب، وبُغَا الصَّغير الشَّرابيّ، وزياد بْن يحيى الحسّانيّ، وسَلْم بْن جُنَادَةَ، والدّارِميّ، وعلي بْن محمد بْن عَلِيّ بْن مُوسَى الرِّضا أَبو الْحَسَن العسكريّ مِن الاثني عشرية، ومحمد بن عبد الله المخرَميّ الحافظ، ومحمد بْن منصور الطُّوسيّ العابد، ومحمد بْن هاشم البَعْلَبَكّيّ، والمَرّار بْن حَمُّوَيْه الهمداني الفقيه. ولم يجر فيها من الحوادث ما له صورة1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 373-378"، البداية "11/ 14".

أحداث سنة خمس وخمسين ومائتين

أحداث سنة خمسٍ وخمسين ومائتين: فيها تُوُفّي: عَبْد اللَّه بْن أَبِي زياد القَطَوانيّ، وعبد اللَّه الدّارِميّ، بخُلْف، وعبد اللَّه بْن هاشم الطوسي، وعبد الغنيّ بْن رفاعة المصريّ، وعِتيق بْن محمد النَّيسابوري، والجاحظ، وأبو حاتم بخُلْفٍ فيهما وقد مرّا سنة خمسين، والمعتز بالله محمد بْن المتوكلّ، قتلوه، ومحمد بْن حرب النَّسائيّ، ومحمد بْن عَبْد الرحيم أَبُو يحيى صاعقة، ومحمد بن كرام الوصفي شيخ الكرامية، وموسى بْن عامر المُرِّيّ. "فتنة الزَّنج بالبصرة": وفيها فتنه الزَّنْج، وخروج قائد الزنج العلوي بالبصرة، خرج وعكسر، وانتسب إلى زيد بْن عَلِيّ، وزعم أنّه عَلَى بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عيسى بْن زيد بْن عَلِيّ، وهذا نَسَب لم يصحّ. وكان مبدأ ظهوره فِي هذه السنة، والتف عَلَيْهِ عبيد أهل البصرة مِنَ الزنج، وغيرهم. وعظُم أمره وفعل بالمسلمين الأفاعيل، وهزم الجيوش، وامتدّت أيّامه، وتمادى فِي غيّه إلى أن قُتِل إلى غير رحمة الله في سنة سبعين، على يد أَحْمَد بْن الموفَّق. "دخول مفلح طبرستان وآمُل": وفيها دخل مُفْلح طَبرستان، فهدم دُورَ الْحَسَن بْن زيد العلويّ، فلحق بالديلم، ودخل مفلح آمُل، فهدم دُورَ الْحَسَن بْن زيد، وساق فِي طلبه. "الوقعة بين ابن الليث وابن المغلس": وفيها كَانَ بين يعقوب بْن الليث وطوق بْن المغلَّس وقْعهٌ كبيرة بظاهر كِرْمان، فانتصر يعقوب وأسر طَوْقًا. وكان يعقوب قد خرج عَنِ الطّاعة وجبى الخَرَاج لنفسه. "خروج ابن قُرَيش عَنِ الطاعة": وفيها خرج عَنِ الطّاعة علي بْن الْحَسين بْن قُرَيش، وكتب إلى المعتزّ بالله يسأله أنْ يولّيه خراسان، ويقول إن آل طاهرقد ضعُفُوا عَنْ مقاومه يعقوب بْن الليث. وأراد أنْ يغري بينهما؛ ليشتغل كلُّ منهما بصاحبه، وتسقط عنه مؤونة الهالك منهما. فسار يعقوب يريد كِرْمان، وبعث ابن قُرَيش المذكور طوق بن المغلس، فسبق يعقوب إلى

كرمان فدخلها، ونزل يعقوب على مرحلة منها، فأقام نحْوًا من شهرين. فلّما طال عَلَيْهِ أظهر الرحيل نحو سجستان، وسار مرحلةً. فوضع طوق عنه السلاح، وأحضر الملَاهي والشّراب، وجاءت الأخبار إلى يعقوب، فأسرع الرجعة وأحاط بطَوْق، فأسره واستولى عَلَى كرمان وعلي سجِستْان، ثمّ سار إلى فارس فتملك شيراز، وحارب ابن قُرَيش وظفر بِهِ وأسرهُ. وبعث إلى المعتزّ بالله بتقادُمَ وتحفٍ سَنِيّة، واستفحل أمرُه. "أخْذُ ابن وصيف لكُتّاب المعتزّ": وفيها أخذ صالح بْن وصيف: أَحْمَد بْن إسرائيل، والحسن بْن مَخْلَد، وأبا نوح عيسى بْن إبْرَاهِيم، فقيدّهم، وهم خاصّة المعتز وكُتّابه. وقد كَانَ ابن وصيف قَالَ: يا أمير المؤمنين لَيْسَ للجُنْد عطاء، وليس فِي بيت المال مال. وقد استولى هؤلَاء عَلَى أموال الدنيا. فقال له أحمدبن إسرائيل: يا عاصي يا ابن العاصي. وتراجعَا الكلَام والخصام، حتى احتدّ ابن وصيف، وغشي عَلَيْهِ وأصحابه بالباب، فبلغهم. فصاحوا وسلّوا سيوفهم وهجموا. فقام المعتزّ ودخل إلى عند نسائه فأخذ ابن وصيف أَحْمَد والجماعة. قَالَ: فقال لَهُ المعتزّ: هبْ لي أَحْمَد، فقد ربّاني. فلم يفعل، وضربهم بداره حتى تكسّرت أسنان أَحْمَد، وأخذ خُطوطهم بمالٍ جليلٍ وقيدهم. "ظهور عيسى وعلي العلوييّن": وفيها ظهر عيسى بْن جعْفَر، وعلي بْن زيد العلويان الحَسَنيّان، فقتلَا عَبْد اللَّه بْن محمد بْن دَاوُد الهاشمي الأمير. "خلْع المعتزّ وقتْله": وفي رجبُ خلِع المعتزّ بالله مِنَ الخلَافة ثمّ قُتِل. فاختفت أمّه قبيحة، ثمّ ظهرت فِي رمضان، وأعطت صالح بْن وصيف مالَا عظيمًا، ثمّ نفاها بعدما استصفاها إلى مكة، فحبست بها. وظهر لها من الذهب ألف ألف وثلاثمائة ألئف دينار، وسفط فِيهِ مكوك زُمُرُّد، وسفط فِيهِ مكُّوك لؤلؤ، فِيهِ حَبُّ كِبار عديمُ المِثْل، وكيلجة ياقوت أحمر، وغيره. فقومت الأسفاط بألفي ألف دينار، وحمل الجميع إلى ابن وصيف. فلمّا رآه قَالَ: قبحها اللَّه، عرضت ابنها للقتْل لأجل خمسين ألف دينار وعندها هذا. فأخذ الكُلَّ ونفاها. "مقتل أَبِي نوح وابن إسرائيل": وفي رمضان قَتَل ابنُ وصيف: أَبَا نوح، وأحمد بْن إسرائيل: "بيعة المهتدي": وبويع المهتدي بالله محمد بالأمر1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 382-390"، والكامل "7/ 193-205" البداية "11/ 15-17".

أحداث سنة ست وخمسين ومائتين

أحداث سنة ستٍّ وخمسين ومائتين: تُوُفّي فيها: الربيع بْن سُليمان الجيزيّ، والزُّبَير بْن بكّار، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبَّويْه المَرْوزِيّ الحافظ، وعبد اللَّه بْن محمد الزُّهْريّ المخرّميّ، وعلي بن المنذر الطريقي، وأبو عبد الله البخاريئ ليلة عَيد الفِطْر، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بْن عثمان بْن كرامة، والمهتدي بالله محمد بْن الواثق. "مقتل صالح بْن وصيف": "وفيها" قدِم الأمير مُوسَى بْن بُغَا وعبى جيشه ميمنةً وميسرة وشَهَرُوا السّلَاح، ودخلوا سامرّاء مجتمعين عَلَى قتل صالح بْن وصيف بدم المعتزّ، يقولون: قتل أمير المؤمنين المعتزّ، وأخذ أموال أمّه قبيحة وأموال الكُتّاب. وصاحت العامّة والغوغاء عَلَى ابن وصيف: "يا فرعون قد جاءك موسى". فطلب موسى من بُغَا الإذن عَلَى المهتدي بالله، فلم يؤذن لَهُ، فهجم بمن معه عَلَيْهِ وهو جالس فِي دار العدْل، فأقاموه وحملوه عَلَى فَرَس ضعيف، وانتهبوا القصر. فلمّا وصلوا إلى دار ناحور أدخلوا المهتدي إليها وهو يَقُولُ: يا مُوسَى اتقِ اللَّه، ويْحَك ما تريد؟ قَالَ لَهُ: والله ما نريد إلَا خيرًا.

وحَلَفَ لَهُ: لَا نالك سوء. ثمّ حَلَّفوه أن لَا يمالئ صالح بْن وصيف، فحلَف لهم. فبايعوه حينئذ. ثمّ طلبوا صالحًا لكي يناظروه عَلَى أفعاله، فاختفى. ورُد المهتدي بالله إلى داره. ثمّ قُتِل صالح بْن وصيف بعد شهرٍ شرَّ قتْلة. "كتاب وصيف بْن صالح": وفي أواخر المحرم من سنة ستٍّ وخمسين أظهر كتابٌ ذكر أن سِيما الشَّرابيّ زعم أنّ امرأةً جاءت بِهِ، وفيه نصيحة لأمير المؤمنين، وإنْ طلبتموني فأنا فِي مكان كذا. فلمّا وقف عَلَيْهِ المهتدي طلبها فِي المكان فلم يوجد لها أثر. فدعا مُوسَى بن بغا، وسليمان بن وهب، وفلحًا، وبايكباك، وناحور، ودفَع الكتاب إلى سُلَيْمَان فقال: أتعرف هذا الخط؟ قَالَ: نعم خطّ صالح بْن وصيف. ثمّ قرأه عَلَيْهِم، وفيه يذكر أنّه مُسْتَخْفٍ بسامراء، وإنّما استتر خوفًا مِنَ الفِتَن. وأنّ الأموال كلها عَنْد الْحَسَن بْن مَخْلَد. وكان كتابه يدلّ عَلَى قوة نفسه. فندب المهتدي إلى الصّلح، فاتهمه مُوسَى وذويه بأنّه يدري أين صالح. فكان بينهم فِي هذا كلَام. ثمّ مِنَ الغد تكلموا فِي خلْعه، فقال: بايكباك: ويْحَكُم، قتلتم ابن المتوكلّ وتريدون قتل هذا وهو مسلم ويصوم ويصلي ولا يشرب؟ والله لئِنْ فعلتم لأصيرنّ إلى خُراسان ولأشيعنّ أمركم هناك. "كلَام المهتدي": ثمّ خرج الَمهتدي إلى مجلسه وعليه ثياب بيض، مقلَّدًا سيفًا، ثمّ أمر بإدخالهم إِلَيْهِ، فقال: قد بلغني شأنكُم، ولست كمن تقدَّمني مثل المستعين والمعتز. والله ما خرجت إليكم إلَا وأنا متحنّط وقد أوصيت، وهذا سيفي، والله لأضربن بِهِ ما استمسكْتُ قائمته بيدي. أما دِين! أما حَيَاء! إمَا رِعة! كم يكون الخلَاف عَلَى الخلفاء والْجُرأة عَلَى اللَّه؟! ثمّ قَالَ: ما أعلم عِلم صالح. قَالُوا: فاحِلفْ لنا. قَالَ: إذا كَانَ يوم الجمعة، وصلَّيت الجمعة، حلفتٌ لكم. فرضوا وانفصلوا عَلَى هذا.

"ثورة العامّة والقوّاد عَلَى الأتراك": ثمّ ورد إذْ ذاك مالٌ مِن فارس نحوٌ من عشرة آلاف ألف درهم، فانتشر فِي العامة أنّ الأتراك عَلَى خلْع المهتدي، فثار العامّة والقُوّاد، وكتبوا رقاعًا ألقوها فِي المساجد: يا معشر المسلمين، ادعوا لخيلفتكم العدْل الرّضا المضاهي1 لعمر بْن عَبْد العزيز أنْ ينصره اللَّه عَلَى عدوّه. وراسل أهل الكَرْخ والدُّور المهتدي بالله فِي الوثوب عَلَى مُوسَى بْن بُغَا والأتراك، فجزاهم خيرًا ووعدهم بالخير. "اقتراب الزنج من البصرة": وفيها تحول الزَّنج وقربوا مِنَ البصرة، وأخذوا مراكب كثيرة بأموالها؛ فتهبا سعَيِد الحاجب لحربهم. "قتل بايكباك": وفي أول جُمَادَى الآخرة رحل مُوسَى بْن بُغَا وبايكباك فِي طلب مساور. وكان المهتدي قد استمال بايكباك وجماعته مِن الأتراك، فكتب إلى بايكباك أنْ يقتل مُوسَى ومُفْلحًا أو يمسكهما، ويكون هُوَ الأمير عَلَى الأتراك كلهم. فأوقف بايكباك مُوسَى عَلَى كتابه وقال: إنيّ لست أفرح بهذا، وإنما هذا يعمل علينا كلنا. فأجمعوا عَلَى أنْ يسير بايكباك إلى سامرّاء، فإنّ المهتدي يطمئن إِلَيْهِ، ثمّ يقتله. فسار إلى سامرّاء ودخل عَلَى المهتدي فغضب وقال: أمرتك أن تقتل مُوسَى ومفلح فَدَاهنْت. قَالَ: كيف كنت أقدر عليها وجيشهما أعظم من جيشي، ولكن قَدْ قدِمت بجيشي ومن أطاعني لأنصُرك عليهما. فأمر المهتدي بأخذْ سلَاحه، فقال: أذهب إلى منزلي وأعود، فليس مثلي من يفعُل بِهِ هذا. فأخذ سلاحه وحبسه. ولمّا أبطأ خبره عَلَى أصحابه قال لهما أَحْمَد بْن خاقان الحاجب: اطلبوا صاحبكم قبل أنْ يفْرُط بِهِ أمرٌ. فأحاطوا بالْجَوْسق، فقال المهتدي لصالح بْن عَلِيّ بْن يعقوب بْن المنصور: ما ترى؟ فقال: قد كَانَ أَبُو مُسلْمِ أعظم شأنًا من هذا العبد، وأنت أشجع من المنصور، فاقتله.

_ 1 المضاهي: المساوي أو المماثل.

فأمر بضرب عنقه، وألقى رأسه إليهم، فجاشوا، وأرسل المهتدي إلى الفَرَاغِنة، والمغاربة، والأشَّروسَنيّة، فجاءوا واقتتلوا، فقُتِل مِنَ الأتراك أربعة آلاف، وقيل: ألفان، وقيل: ألف فِي ثالث عشر رجب يوم السبت. وحجز بينهُمُ الليل، ثمّ أصبحوا على القتال ومعهم أخو بايكباك وحاجبه بْن خاقان فِي زُهاء عشرة آلاف. "مقتل المهتدي": وخرج المهتدي بالله ومعه صالح بْن عَلِيّ والمصحف فِي عُنقه، وهو يَقُولُ: أيُّها النّاس انصروا خليفتكم. وحمل عَلَيْهِ طغوبا أخو بايكباك في خمسمائة. فمال الأتراك الذين مَعَ الخليفة إلى طغوبا، والتحم الحرب، فانهزم جمْع الخليفة وكثُر فِيهِمُ القتْل، فولّى منهزمًا والسيف فِي يده، وهو ينادي: أيها الناس انصروا خليفتكم. ثمّ دخل دار صالح بْن محمد بْن يزداد ورمى بسلَاحه ولبس البياض ليهرب مِنَ الأسطحة. وجاء أَحْمَد حاجب بايكباك فأخبر بِهِ، فتبعه، فهرب، فرماه بعضهم بسهمٍ ونفجَه بالسيف، ثمّ حُمِل إلى أَحْمَد، فأركبوه بغلًا، وركبوا خلفه سائسًا، وأتوا به إلى دار أحمد بْن خاقان، وجعلوا يضربونه ويقولون: أَيْنَ الذَّهَب. فأقرَّ لهم بستّمائة ألف دينار مودعة ببغداد، أودعها الكُرْجيّ. فأخذوا خطّه إلى خشف الواضحية المُغَنّية بستمائة ألف دينار، ودفعوه إلى رجلٍ، فعصر عَليْ خصيتيه فمات. وقيل: كانت بِهِ طعنه فحملوه عَلَى بِرْذَون. وقيل: أرادوه بدار أَحْمَد عَلِيّ الخلْع، فأبي واستسلم للقتل، فقتلوه. "بيعة أَحْمَد بْن المتوكل": وبايعوا أَحْمَد بْن المتوكل ولقّبوه المعتمد عَلَى اللَّه، وكنيته أَبُو الْعَبَّاس، وقيل: أَبُو جعْفَر, فِي سادس عشر رجب. وقدِم مُوسَى بْن بُغَا إلى سامرّاء بعد أربعة أيام، وخمدت الفتنة، وكان المعتمد محبوسًا في الجوسق فأخرجوه.

"مقتل ابن بُغَا": وقَتَلَ المهتدي مَعَ بايكباك أَبَا نصر محمد بْن بُغَا أخا مُوسَى. "لهْوُ المعتمد وكراهية الناس لَهُ": وضيّق المعتمد عَلَى عيِال المهتدي بالله، ثمّ استعمل المعتمد أخاه الموفق طلحة عَلَى المشرق، وصيّر أبنه جعفرًا ولي عهده، وولَاه مصر والمغرب، ولقّبه المفوض إلى اللَّه. وانهمك المعتمد فِي اللَّهْو واللذات، واشتغل عَنِ الرّعيّة، فكرهه النّاس وأحبوا أخاه طلحة. "دخول الزّنج البصرة": وفي العشرين من رجب دخلت الزَّنج البصرة، فقتلوا وفتكوا، وفعلوا بالأهواز والأُبلةَ أكثر مما فعلوا بالبصرة. "ظهور الطالبيّ بالكوفة": وفيها ظهر بالكوفة عَلِيّ بْن زيد الطالبيّ، فبعث إِلَيْهِ المعتمد جيشًا هزمهُمُ الطالبي. "غلبة الطالبي على الري": وفيها غلب الْحَسَن بْن زيد الطالبيّ عَلَى الرِّيّ، فجهز إليه المعتمد مُوسَى بْن بُغَا، وخرج معه مُشيِّعا لَهُ. "الحجّ هذا الموسم": وفيها حجّ بالنّاس محمد بْن أَحْمَد بْن عيسى بْن المنصور أَبِي جعْفَر الْعَبَّاسي. "قتْلُ صالح بْن وصيف": وأما صالح بْن وصيف، فكان قد استطال عَلَى الخلفاء وقتل المعتزّ، وأقام المهتدي، وحكم عَلَيْهِ، وذكرنا استتاره فِي أيّام المهتدي. قَالَ: فنادى عَلَيْهِ مُوسَى بْن بُغَا: من جاء بِهِ فله عشرة آلاف دينار. فلم يظفر به أحد.

واتفق أنّ بعض الغلْمان دخل زقاقًا1 وقت الحر، فرأ بابًا مفتوحًا فدخل، فمشى فِي دِهْليز مظلمٍ، فرأى صالحًا نائمًا، فعرفه وليس عنده أَحْد. فجاء إلى مُوسَى فأخبره، فبعث جماعةً فأخذوه، ثمّ ذهبوا بِهِ مكشوف الرأس إلى الْجَوْسَق فبادره بعض أصحاب مُفْلح، فضربه من ورائه، واحتزُّوا رأسه وطافوا بِهِ. وتألًم المهتدي فِي الباطن لقتْله، وقال: رحِم اللَّه صالحًا، فلقد كَانَ ناصحًا. وأمّا الصُّوليّ فقال: عذَّبوه فِي الحمّام كما كَانَ يفعل بالمعتزّ، حتى أقرّ بالأموال ثم خنقوه. والله أعلم2.

_ 1 الزقاق: هو الطريق الضيق نافذًا أو غير نافذ، والجمع: أزقة. المعجم الوجيز "ص/ 289". 2 انظر: تاريخ الطبري "9/ 447-454"، الكامل "7/ 236-239"، البداية "11/ 24".

أحداث سنة سبع وخمسين ومائتين

أحداث سنة سبعٍ وخمسين ومائتين: تُوُفّي فيها: أحمد بْن منصور زاج، وإسحاق بْن إبْرَاهِيم بْن حبيب بْن الشّهيد، والحسن بْن عَبْد العزيز الْجَرَوِيّ، والحسن بْن عَرَفَة، وزُهَير بْن محمد المروزي، وزيد ابن أخرم، وسليمان بْن مَعْبَد السنجيّ، وأبو الفضل الرياشي عَبَّاس, وأبو سعَيِد الأشَجّ، وعلي بْن خَشْرَم، ومحمد بْن حسان الأزرق، ومحمد بْن عَمْرو بْن حنان الحمصيّ، ومحمد بْن زيد الواسطيّ. "خراب البصرة": وفيها دخلت الزَّنج البصرة، وبذلوا السيف واستباحوا. وقتلوا بالأُبلّة نَحْوًا من ثلَاثين ألفًا وأحرقوها فحاربهم سعَيِد الحاجب. واستخلص منهم كثيرًا ممّا أخذوه، ثمّ استظهروا عَلَيْهِ، وقتلوا من جنده مقتلةً عظيمة، ودخلوا البصرة، فيقال: إنهم قتلوا بها أنثي عشرة ألفًا، وخرّبوا الجامع، وهرب من سلم فِي البلدان، وخربت البصرة، وجرت بين الزنج وبين عساكر الخليفة عدة وقعات. "مقتل ملك الروم": وقيل: قُتِل ميخائيل بْن توفيل ملك الروم. قتله بسيل الصَّقْلبيّ. وكان بسيل من أبناء الملوك. وتملّك ميخائيل عَلَى دين النصرانية أربعًا وعشرين سنة1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 476-489"، البداية "11/ 28-30"، صحيح التوثيق "6/ 263".

أحداث سنة ثمان وخمسين ومائتين

أحداث سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين: تُوُفّي فيها: أَحْمَد بْن بُدَيْل قاضي همدان، وأحمد بْن حفص النَّيسابوري، وأحمد بْن سنان القطّان، وأبو عُبَيْدة بْن أَبِي السّفْرَ واسمه أَحْمَد، وأحمد بْن الفُرات الرّازيّ الحافظ، وأحمد بْن يحيى القطّان، وأحمد بْن عُمَر، يعرف بحمدان البزاز الحميري البغداديّ، وإسماعيل بْن أَبِي الحارث، وجعفر بْن عَبْد الواحد الهاشميّ القاضي، وحفص بْن عَمْرو الرباليّ، والعباس بْن زيد البْحرانيّ، وعَبده بْن عَبْد اللَّه الصَّفّار، وعلي بْن حرب الْجُنْدَيْسابوريّ، وعلي بْن محمد بْن أَبِي الخصيب، والفضل بْن يعقوب الرخاميّ، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل الحسّانيّ، ومحمد بْن سِنْجر الحافظ، ومحمد بْن عَبْد الملك بن زَنْجَوَيْه الحافظ، ومحمد بْن عُمَر بْن أَبِي مذعور، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وهارون بْن إِسْحَاق الهَمَدانيّ، ويحيى بْن مُعَاذ الرازي الصوفي. "حرب الموفق للزنج": وفيها عقد المعتمد على الله لأخيه الموفئق أبي أَحْمَد عَلَى الشّام ومصر، ثمّ جهّزه ومُفْلحًا إلى حرب الخبيث رأس الزنج. فكانت فِي هذه السنة وقعة بين الزنج وبين منصور بْن جعْفَر بْن دينار، فانهزم عَنْ منصور عسكره، وساق وراءه زنجيُّ فضرب عُنقه. واستباحت الزنج عسكره. وعرض أَبُو أَحْمَد ومُفْلح فِي جيش لم يخرج مثله فِي دَهْر فِي العدد والفُرسان والأموال والخزائن. فلمّا وصل الموفق أَبُو أَحْمَد إلى دير معقل انهزم جيش الخبيث مرعوبين، فلحقوا بِهِ، لعنه اللَّه، وقالوا: هذا جيش هائل لم يأتنا مثله. فجهّز عسكرًا كبيرًا، فالتقوا هُمْ ومُفْلح، فاقتتلوا أشدّ قتال، وظهر مُفلح، ثمّ جاءه سهم غرب فِي صدره، فمات مِنَ الغد، وأنهزم النّاس وركبتهُمُ الزَّنج واستباحوهم. وتحيز الموفق إلى الأُبّلة وتراجع إِلَيْهِ "العسكر" ونزل نهر أَبِي الأسد، ثمّ بعث جيشًا، فالتقوا هُمْ وقائد الزنج يحيى. فنصره اللَّه تعالي، وأسر طاغيتهم يحيى، وقُتِل عامّة أصحابه. وبعث بِهِ إلى المعتمد فضربه، ثمّ طوّف بِهِ، ثمّ ذبحه وأحرق جُثَّته. وسار الموفق إلى واسط. "الوباء بالعراق": ووقع الوباء الَّذِي لَا يكاد يتخلف عَنِ الملَاحم بالعراق، ومات خلق، لا يحصون

كثيرة. ومات خلقٌ من عسكر الموفَّق. ثمّ تجمعت الزنج، فالتقاهُمُ الموفّق، فقُتِل خلْقٌ من جنده وانهزموا، وتفرَّق عَنْهُ عامة جنده، ثمّ تحيز وسلِم. وعظُم البلَاء بالخبيث وأصحابه. "ذِكر الزلَازل": وفيها كانت هدّات عظيمة بالصَّيْمَرة وزلَازل سقطت منها المنازل، ومات تحت الرَّدْم ألوف مِنَ النّاس. "ادّعاء زعيم الزنج عِلْم الغَيْب": وكان هذا الخبيث المذكور كذّابًا وممخرقًا1 يدّعي أنّه أُرسل إلى الخَلْق. فردّ كل مسألة. وكان يُوهم أصحابه أنّه يطلع عَلَى المُغَيبَّات، ويفعل ما ليس في قدرة البشرة. "مقتل البحرانيّ": وكان يحيى بْن محمد البحرانيّ الأزرق قائد جيوش الخبيث، فقُتل بسامرّاء بعد أن قُطِعت أربعتُه، كما ذكرنا. ثمّ كَانت وقعات بين الخبيث والموفّق كانوا فيها متكافِئيْن2.

_ 1 الممخرق: هو مدعي الغيب. 2 انظر: تاريخ الطبري "9/ 490-501"، والكامل "7/ 253-255"، البداية "11/ 30، 31"، والنجوم الزاهرة "3/ 29"، صحيح التوثيق "6/ 264".

أحداث سنة تسع وخمسين ومائتين

أحداث سنة تسع وخمسين ومائتين: تُوُفّي فيها: أَبُو إِسْحَاق الجوزجانيّ الحافظ، وإسحاق بْن وهْب العلَاف، وإسحاق البَغَوِيّ لؤلؤ، وأحمد بْن إِسْمَاعِيل السَّهْميّ، وبشر بْن مطر السامريّ، وحجاج بْن الشّاعر، وعلي بْن مَعْبَد نزيل مصر، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ النَّيسابوري، ومحمود بْن سميع الدّمشقيّ، ومحمد بْن آدم المَرْوزِيّ. "مواصلة الحرب مَعَ الزنج": وفيها عرض الموفق عسكره بواسط. وجاءته النجدة، وهيّأ السُّفن ليدخل إلى الخبيث رأس الزنج، وكان قد نزل البطيحة وبثق حوله الأنهار وتحصن. فهجم عَلَيْهِ الموفّق، فأحرق أكواخه، وقتل من أصحابه مقتلةً كبيرة. واستنقذ مِنَ النُّسوان جمْعًا كبيرًا. وردّ إلى بغداد. واستخلف عَلَى حرب الخبيث محمد بْن المولّد. فسار الخبيث إلى الأهواز، وقتل خمسين ألفًا، وسبى أربعين ألفًا، وأهلك الأمّة. فسار لحربه مُوسَى بْن بُغَا، فأقام يحاربه بضعة عشر شهرًا، وقُتِل خلْق مِن الطائفتين. "مقتل أمير الكوفة": وفيها قُتِل كنجور، وكان عَلَى إمرة الكوفة، فانصرف منها يريد سامرّاء بغير إذْن المعتمد، فأرسل إِلَيْهِ يأمره بالرجوع، فامتنع. فبعث إِلَيْهِ مالَا ليفرّقه فِي أصحابه، فلم يقنع بِهِ، وقويت نفسه. فجهّز المعتمد لحربه ساتكين، وعبد الرَّحْمَن بْن مُفْلح، وموسى بْن أتامش، وجماعة مِنَ الأمراء، وأحاطوا بِهِ، وأنزلوه عَنْ فرسه وذبحوه. "هزيمة الروم ومقتل مقدَّمهم": وفيها نزلت الروم -لعنهُمُ اللَّه- عَلِيّ ملطية وسُمَيْساط، فخرج أَحْمَد بْن محمد القابوس بأهل ملَطية، فهزموا الرّوم وقُتِل مقدّمهُمُ الأقرِيطشيّ، وفتح اللَّه ونَصَر. "ملك ابن الليث نَيْسابور وخُراسان": وفي شوال ملك يعقوب بْن الليث الصّفّار نَيْسابور، فركب إلى خدمته محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر، فأخذ يعقوب يوبّخه ويعنّفه عَلَى تفريطه فِي البلَاد، حتى غلب عليها العدوّ. ثمّ اعتقله ورسم عَلَيْهِ وعلى أهل بيته. فبعث المعتمد ينُكْر عَلَى يعقوب ويأمره بالانصراف إلى ولَايته، فلم يقبل، واستولى عَلَى خُراسان، واستفحل أمرُه وشره1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 502-506"، والكامل "7/ 240-262".

أحداث سنة ستين ومائتين

أحداث سنة ستين ومائتين: فيها تُوُفّي: أَحْمَد بْن عثمان بْن حكيم الأودي، وأيوب بْن إِسْحَاق بْن سافري، وحَجّاج بْن يوسف بْن قُتَيْبة الأصبهاني، والحسن بْن محمد بْن الصّبّاح الزَّعْفَرانيّ، والحسين بْن عَلِيّ بْن محمد بْن الرّضا عَلِيّ بْن مُوسَى العَلَويّ الحسينيّ أحد الاثْنَيْ عشر، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن الحَكَم، وعُبَيْد اللَّه بْن سعد الزُّهْريّ، ومالك بْن طَوْق التَّغْلبيّ صاحب الرّحْبة. "الوقعة بين ابن الليث والحسن العلويّ": وفيها سار يعقوب بْن الليث فواقَعَ الْحَسَن بْن زيد العَلَويّ فهزمه، ودخل طبرستان والدَّيْلم. ورآه، فصعد الْحَسَن فِي جبال الديلم، ونزل الَثلج والأمطار عَلَى أصحاب يعقوب، فتِلف منهم خلْق واندَعكوا. ورجع يعقوب بأسوأ حال، وقد عُدِم من أصحابه أربعون ألفًا، وذهب عامّة خيله. "الغلَاء بالحجاز والعراق": وفيها كَانَ الغلَاء المُفْرِط فِي الحجاز والعراق، وبلغ كَرُّ الحِنطَة ببغداد مائةً وخمسين دينارًا. "إغارة العرب عَلَى حمص": وفيها أغارت الأعراب عَلَى حمص، فخرج لحربهم منجور التُّرْكيّ أميرُها، فقتلوه، فجاء عَلَى إمرتها بُكْتُمر التُّرْكيّ المعتمديّ. "استيلَاء الروم عَلى لؤلؤة": وفيها أخذت الرّوم بلدة لؤلؤة. "شعر لرئيس الزَّنج": وفيها وقعت وقعات عديدة للمسلمين مَعَ الخبيث. وفي بعضها يَقُولُ الخبيث: مَن لم ير الأتراك فِي جَمْعهم ... قد واقفوا جيشًا مِنَ الزَّنْجِ1 وكلُّهم تصرف أنيابه ... حيوان يرجو ظفرَ العلجِ كأنَّهم إذا وقفت تركهم ... وزنجنا رقعة شطرنج

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 508-511"، الكامل "7/ 240-267".

رجال هذه الطبقة على ترتيب المعجم

رجال هذة الطبقة عَلَى ترتيب المعجم: "حرف الألف": 1- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن مِهْران البُوشَنْجيّ1: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبي ضمرة. وعنه: المخاملي، ومحمد بْن مَخْلَد. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لَا بأس بِهِ. 2- أَحْمَد بْن آدم: أَبُو جعْفَر الخَلَنْجيّ غُنْدَر الحافظ2. رُوِيَ عَنْ: عَبْد الرّزّاق، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبي نُعَيْم، وعثمان بْن عَبْد الحميد، وجماعة كثيرة. وعنه: عِمران بْن مُوسَى بْن مُجاشِع، والحسن بْن سُفْيَان، وأبو جعْفَر الْجُرْجانيّ المقرئ، وآخرون. وثقَّه حمزة السَّهْميّ. 3- أَحْمَد بْن إسرائيل بْن حسين: أَبُو جعْفَر الكاتب3. وزير المعتزّ بالله، الأنباريّ، ولي ديوان الخراج للمتوكلّ وللمنتصر، ثمّ ولي كتابه المعتزّ قبل خلَافته. فلمّا ولي الخلَافة استوزره، وكان يحبّه ويَركن إِلَيْهِ فِي الأمور، فخلع عَلَيْهِ للوزارة فِي شعبان سنة اثنتين وخمسين. وكان أَحْمَد بْن إسرائيل من أذكياء العالم لَا يسمع شيئًا إلَا حفِظَه. وكان "إِلَيْهِ المنتهى" فِي حساب الديوان. وأوّل من قدمه وأظهره محمد بن عبد الملك الزيات.

_ 1 سبقت الترجمة له. 2 تاريخ جرجان "ص/ 69، 70". 3 انظر: العقد الفريد "4/ 166"، والسير "12/ 332".

قَالَ الصُّوليّ: حدثني الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الباقطائيّ قال: لنا أَحْمَد بْن إسرائيل: كنت فِي الدّيوان "أيام محمد الأمين" فما كَانَ أحدٌ من أهل الدّيوان أصغر منيّ. ولقد كنت أنسخ الكتاب، فئلا أَفْرَغُهُ حتى أحفَظ ما فِيهِ حرفًا حرفًا. فعْلتُ هذا مرّاتٍ كثيرة. وسمعت أَحْمَد بْن إسرائيل ينشد: لَا يكون السّرِيّ مثل الدَّنيّ ... لَا ولا ذُو الذَّكاء مثل الغبيّ قيمةُ المرءِ مثل ما يحُسن المرء ... قضاء مِنَ الْإمَام عَلِيّ قَالَ الصُّوليّ: لم يزل أَحْمَد بْن إسرائيل وزيرًا للمعتز إلى سنة خمسٍ وخمسين. وكانت وزارته دون ثلَاث سنين. قتله صالح بْن وصيف بالضَّرْب في المصادرة، فهلك تحت الضَّرْب فِي سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. 4- أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن نُبيْه1 -ق- أبو حذاقة السهمي القرشي المدني، نزيل بغداد. حدَّث عَنْ: مالك، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الزَّناد، ومسلم بْن خَالِد الزَّنْجيّ، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدي، وحاتم بْن إِسْمَاعِيل وهو آخر من حدث عَنْهُمْ. ولعلّه عاش مائة سنة. روى عَنْهُ: ق، وابن صاعد، وعبد الوهاب بن أبي عصمة، وإسماعيل بن العباس الوراق، والمحاملي، وابن مخلد. وآخرون. قال المحاملي: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: سَأَلت أَبَا مُصْعَب، عَنْ أَبِي حُذَافة السَّهْميّ فقال: كَانَ يحضر معنا العَرْض عَلَى مالك، وقال الدّارَقُطْنيّ: هُوَ قوي السمَّاع عَنْ مالك. وقال البرقاني: كان الدارقطني حسن الرأس في أبي حذاقة، وأمرني أن أخرّج حديثه فِي الصحيح. قَالَ الخطيب: وقرأت بخطّ الدّارَقُطْنيّ: أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل أَبُو حُذَافة ضعيف الحديث، كَانَ مغفَّلَا. روى "الموطّأ" عَنْ مالك مستقيمًا، فأدخلت عَلَيْهِ أحاديث عَنْ مالك فِي غير "الموطّأ" فقبِلَها. لَا يُحْتَجّ بِهِ. وقال ابن عديّ: حدَّث عَنْ مالك بالموطّأ. وحدَّث عَنْهُ وعن غيره بالبواطيل.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 22-24"، السير "12/ 24-27".

وَقَالَ الْخَطِيبُ: لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَتَعَمَّدُ الْبَاطِلَ. قُلْتُ: مِمَّا نُقِمَ عَلَى أَبِي حُذَافَةَ رِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثُ: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ" 1. وَرَوَى بِالإِسْنَادِ حَدِيثَ: "قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ" 2. وَهَذَانِ مَوْضُوعَا الإِسْنَادِ. مات يوم عيد الفطر سنة تسع وخمسين. 5- أَحْمَد بْن الأسود: أَبُو عَلِيّ الحنفيّ البصْريّ3، قاضي قرقيسيا. روى عَنْ: سعَيِد بن سلام العطار، وفهر بن حبان. وعنه: أَبُو عروبة الحرّانيّ، وأبو الْعَبَّاس إبْرَاهِيم بْن محمد بْن الحارث، وأبو زُرْعَة محمد بْن نفيس المصَّيصيّ. 6- أَحْمَد بْن أيّوب: أَبُو ذَرّ النَّيسابوري العطّار4. عَنْ: حفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وعلي بْن الْحَسَن بْن شقيق. وعنه: إبْرَاهِيم بْن محمد بْن سُفْيَان الفقيه، وغيره. توفي سنة ثمانٍ وخمسين. 7- أَحْمَد بْن أَبِي أيّوب البخاري5. واسم أبيه هناد.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "2367"، "2369"، والترمذي "774"، وابن ماجه "1679"، وأحمد "2/ 364"، "3/ 474"، والدارمي "2/ 14، 15"، والشافعي "680"، والطيالسي "890". 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "1344"، وابن ماجه "2368"، وأبو داود "3619" بنحوه. 3 الثقات لابن حبان "8/ 46". 4 لم نقف له على ترجمة. 5 الإكمال "7/ 404"، لابن ماكولا.

رحل وسمع: أبا أسامة، وزيد ين الحُباب، وأبا أَحْمَد الزُّبَيْريّ. وعنه: خَالِد بْن إبْرَاهِيم الذُّهْليّ، وسهل بْن شاذُوَيْه. قَالَ ابن ماكولَا: تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. 8- أَحْمَد بن بديل بن قريش1 - ت. ق. - أبو جعفر اليامي الكوفي. قاضي الكوفة ثمّ قاضي همذان ومُسْنِدُها ومحدثها. عن: أبي بكر بن عياش، وأبي معاوية، ومحمد بْن فُضَيْل، وعبد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، ووكيع، وعبد الرَّحْمَن المُحَاربيّ، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، وطائفة. وعنه: ت. ق. وإبراهيم بْن عَمْرُوس، وابن صاعد، وأحمد بن الحسن بن عزون، ومحمد بن عبد الله بلبل، ومحمد بن عبيد الله بن العلاء الكاتب، وطائفة. قال النسائي: لَا بأس به. وقال الدارقطيني: فِيهِ لين. وكان يُسَمّى راهب الكوفة، فلمّا تولّي القضاء قَالَ: خُذِلْتُ عَلَى كِبَر السِّنّ. مَعَ عِفَّتِه وصيانته. قَالَ سِيَامُرْد النَّهَاوَنْديّ: كتبتُ عَنْ ألف شيخ الحُجّةَ فيما بيني وبين اللَّه شيخان: أَحْمَد بْن بُدَيْل؛ وسمي رجلَا أخر. ونقل شِيرُوَيُه فِي تاريخه أن أَبَا بَكْر بْن لال قَالَ: حكي لنا أنّ أَحْمَد بْن بُدَيْل الأياميّ كَانَت له بِنْت عابدة بالكوفة فكتبت إِلَيْهِ: يا أبه لَا حشرك اللَّه مَحْشَرَ القُضاة. فَعَزل نفسه وخرج فِي أمانةٍ لَابن هارون، فقيل لَهُ: اخترت الأمانة عَلَى القضاء؟ فقال: نعم، اخترتُ الأمانة عَلَى الخيانة. قَالَ الحافظ صالح بْن أَحْمَد الهمداني: ثنا إبْرَاهِيم بْن عَمْروس إمْلَاء: سمعتُ أَحْمَد بْن بُدَيْل قَالَ: بعث إليَّ المعتزّ بالله رسولَا بعد رسول، فلبست كَمّتي، ولبست نَعْلَ طاق، فأتيت بابَه، فقال الحاجب: يا شيخ، نعليك. فلم ألتفت إليه، ودخلت

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 43"، والسير "12/ 331، 332".

الباب الثاني، فقال الحاجب: نَعْلَيْك. فلم ألتفِت، ودخلت إلى الباب الثالث، فقال: يا شيخ نَعلَيك. فقلت: أبِالوادِ المقدَّس أَنَا فأخلع نَعْلَيَّ!؟. فدخلت بنعلي، فرفع مجلسي فجلست عَلَى مُصَلَاه، فقال: أتعبناك أَبَا جعْفَر. فقلت: أتْعَبْتني وذعَّرْتَني، فكيف بك إذا سُئلتَ عنيّ؟ فقال: ما أردنا إلَا الخير، أردنا أن نسمع العِلْم. فقلت: وتسمع العِلْم أيضًا؟ ألَا جئتني؟ فإنّ العلم يؤتي ولا يأتي. قَالَ: تعبت أبا جعفر؟ فقلت له: خلبتني بحُسْن أدبك، أكتُب. قَالَ: فأخذ القِرْطاسَ والدَّواة، فقلت: أتكتب حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِرطاس بمدادٍ؟ قال: فيما يكتب؟ قلت: في رق بحبر. فجاؤا بَرقٍّ وحِبْر، فأخذ الكاتب يريد أنْ يكتب فقلت: أكتُب بخطّك. فأوما إليَّ أَنَّهُ لَا يكتب. فأمليت عَلَيْهِ حديثين أسخن اللَّه بهما عينيه. فسأله أبن البَنّا أو ابن النُّعْمان: أي حديثين؟ فَقَالَ حَدِيثَ: "مَنِ اسْتُرْعِيَ رَعِيَّةً فَلَمْ يُحِطْهَا بِالنَّصِيحَةِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ"1. وَالثَّانِي: "مَا مِنْ أَمِيرِ عَشْرَةٍ إِلا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولا" 2. تُوُفِّيَ سنة ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ. 9- أَحْمَد بْن جُبير الأنطاكيّ3. أَبُو جعْفَر المقرئ.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه أحمد "5/ 27"، وابن سعد "1/ 2/ 19"، في الطبقات الكبرى، وانظر المغني "2/ 341" للعراقي. 2 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "2/ 431"، "5/ 285"، والدارمي "2/ 240"، وابن أبي شيبة "12/ 219"، في مصنفه، والطبراني "6/ 27"، في الكبير، و "11/ 411"، والبيهقي "3/ 129"، "10/ 95، 96"، في سننه الكبرى عن أبي هريرة، وسعد بن عبادة، وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين. 3 معرفة القراء "1/ 207، 208".

إمامٌ كبير، عراقيّ نزل أنطاكيَة. قرأ القرآن عَلَى سُليَم، وعلى الكِسّائيّ، وعلى أَبِي يوسف الأعشى؛ وعلى: والده جُبَيْر بْن محمد بْن جُبَيْر الكوفيّ، وأبي محمد اليَزِيديّ. وسمع مِنَ حجاج بْن محمد الأعور قراءة حمزة. وسأل أَبَا بَكْر بْن عَيَّاش عَنْ حروف. ذكره أَبُو عمرو الداني وقال: هو إمام جليل ثقة ضابط. أقرأ النّاس إلى أن مات. روى القراءة عَنْهُ عَرْضًا وسماعًا: عُبّيْد اللَّه بْن صَدَقَة، ومحمد بْن الْعَبَّاس بْن شُعْبَة، ومحمد بْن علَان، وشهاب بْن طَالِب، والفضل بْن زكريّا، وخلْق سمّاهم. قَالَ الهُذَليّ: تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 10- أَحْمَد بن جعفر. أبو الحسن المعقري اليمني1. حدث فِي سنة خمسٍ وخمسين عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الكريم، والنضر بْن محمد الحَرَثيّ. وعنه: م، والمفضَّل الجنديّ، ومحمد بن أحمد بن زهير الطوسي. وكان بزازا بمكة. 11- أحمد بن الجهم. أبو علي الكوفي، ثم الرازي2. عن: أبي غسان النهدي، وأحمد بن المفضل. وعنه: علي بن الجنيد، ومحمد بن علي بن حمزة العلوي. وقال أبو حاتم: صدوق. قال ابنه عبد الرحمن: أدركته فلم أكتب عنه.

_ 1 الأنساب "11/ 402" لابن السمعاني. 2 الجرح والتعديل "2/ 45".

12- أحمد بن جواد التميمي النيسابوري1. روى عن: القعنبي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وغيرهما. روى عَنْهُ: مكّي بْن عَبْدان، وابن الشَّرْقيّ، وغيرهما. تُوُفّي سنة ستين ومائتين. 13- أَحْمَد بْن الحارث البغداديّ. أَبُو جعْفَر الخرّاز2. شيخ صدوق حمل عَنْ: أبي الْحَسَن المدائنيّ تصانيفه. روى عَنْهُ: أبو بكر بن أبي الدنيا، وأحمد بن محمد بن أبي شيبة، وجماعة. وكان من أهل الفهم والمعرفة. توفي سنة ثمان وخمسين. 14- أحمد بن الحسين بن عباد النسائي البغدادي. السمسار بيان3. سمع: أبا نعيم، وعفان. وعنه: ابن صاعد، وابن مخلد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. قال الدارقطني: ثقة. 15- أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد السلمي4 -خ. د. ن. أبو علي النيسابوري قاضي نَيْسابور. ثقة مشهور كبير القدْر. سَمِعَ: أباه، والحسين بن الوليد.

_ 1 ينظر في "تاريخ نيسابور" للحافظ الحاكم. 2 تاريخ بغداد "14/ 122، 123". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 48". 4 الجرح والتعديل "2/ 48"، والسير "12/ 383، 384".

ولم يرحل من بلده. روى عَنْهُ: خ. د. ن.، وأبو حامد مدين الشرقي الحافظ، وأبو حامد بن بلال، والنَّيسابوريون. مات سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 16- أَحْمَد بْن خلَاد البصْريّ العطّار1: عَنْ: أَبِي دَاوُد الطَّيالِسِيّ، وغيره. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين. 17- أَحْمَد بْن دَاوُد الفحّام2: عَنْ: أَبِي أَحْمَد الزُّبَيْري، وغيره. تُوُفّي سنة ستّين. 18- أَحْمَد بْن سعد بْن أَبِي مريم -د. ن-: أبو جعفر الجمحي المصري3 سَمِعَ من: عمّه سعَيِد بْن أَبِي مريم، وأبي اليَمَان، وأسد بْن مُوسَى السنة، ونُعَيْم بْن حمّاد. وعنه: د. ن.، وعمر بْن بجُيْر، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، وعلي بن أحمد بن علان. توفي يوم عرفة سنة ثلاث وخمسين. صدوق. 19- أحمد بن سعيد بن بشر -د. ن. أبو جعفر الهمداني المصري4.

_ 1 من تلاميذ الطيالسي، ينظر في "مسند الطيالسي". 2 لم نقف له على ترجمة. 3 السير "12/ 311"، التهذيب "10/ 29، 30". 4 السير "12/ 232"، التهذيب "1/ 31".

عَنْ: ابن وهْب، وبشر بْن بَكْر التِّنِّيسيّ، والشافعي. وعنه: د. ن. وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وعليّ بْن أَحْمَد علَان. قَالَ النَّسائيّ: لَيْسَ بالقويّ. تُوُفّي فِي رمضان سنة ثلَاث وخمسين. 20- أَحْمَد بْن سعَيِد بْن صَخْر بن سليمان -ع. سوى ن- أبو جعفر الدارمي السرخسي الحافظ1: سَمِعَ: النّضْر بْن شُمَيْل، وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث، وجعفر بْن عَوْن، وأبا عاصم، وحِبّان بْن هلَال، وأَحْمَد بْن إِسْحَاق الحضْرميّ، وخلْقًا. وعنه: ع. سوى ن. وروى ت. أيضًا، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأحمد بْن سَلَمَةَ، ومحمد بْن خُزَيْمَة. وروى عَنْهُ مِنَ القُدماء: أَبُو مُوسَى محمد بْن المُثَنَّى. وكان من العلماء الكبار أولي الرحلة والإتقان. أقدمه الأمير ابنُ طاهر إلى نَيْسابور ليحدّث بها. وأقام بها مَليّا. ثمّ ولي قضاء سَرْخَس. ثمّ رجع إلى نَيْسابور، وبها تُوُفّي. وقال أَبُو عَمْرو المستملي: دخلنا عَلَيْهِ فِي مرضه فأوصي بعشرة آلاف دِرهم وبغْلة يتصدّق بها، وقال: إنْ مِتُّ فرقيقي: عنبر، وفتْح، وحَمْدان، وعلَان أحرار لوجه اللَّه. تُوُفّي الحافظ أَبُو جعْفَر سنة ثلَاثٍ وخمسين. وقد قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: ما قدِم علينا خُراسان أفقه بدنًا منه. 21- أَحْمَد بْن سعَيِد: أبو عبد الله الرباطي الأشقر الحافظ2. وقد مر.

_ 1 السير "12/ 233"، والتهذيب "10/ 31". 2 سبقت الترجمة له.

22- أحمد بن سعيد بن يعقوب -ن. أبو العباس الكندي الحمصي1. عَنْ: بقيّة، وعثمان بْن سعد بْن كثير. وعنه: ن.، وسعيد البرذعي. وأجاز للحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم. وقال النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. ومّمن روى عَنْهُ: ابن جَوْصا. 23- أَحْمَد بْن سٍنان بْن أسد بْن حبان -خ. م. د. ق- أبو جعفر الواسطي القطان2 الحافظ. سمع: أبا معاوية، ووكيعًا، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وهذه الطبقة. وعنه: ع. سوى ت. ن، ويحيى بْن صاعد، وابن خُزَيْمَة، وابنه جعفر بن أحمد بن سنان، وعلي بن عبد الله بن مبشر، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. وقال فيه بن أبي حاتم: هو إمام أهل زمانه. وقال أبوه أبو حاتم: ثقة صدوق. قال جعفر بن أحمد بن سنان: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: لَيْسَ فِي الدُّنيا مبتدع إلَا يبغض أصحاب الحديث، وإذا ابتدع رَجُل نُزِعَ حلَاوة الحديث من قلبه. قَالَ أَبُو القاسم بْن عساكر: تُوُفِيّ سنة ستٍ ويقال: سنة ثمانٍ، ويقال: سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. 24- أَحْمَد بْن سِنان. أبو عبد الله القُشَيْريّ النَّيسابوري المعروف بالحَرْقَنيّ3، وحرقن من قرى نيسابور.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 53"، والتهذيب "10/ 32". 2 السير "12/ 244"، التهذيب "1/ 34، 35". 3 ينظر في "تاريخ نيسابور" للحاكم.

سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، ووَكِيعًا، وأبا معاوية. وعنه: إبْرَاهِيم بْن عَلِيّ، وأبو يحيى الخفّاف، وإسحاق بْن حمدان البلْخيّ، وآخرون. وقد مرّ أنّه مات سنة تسعٍ وثلَاثين. 25- أَحْمَد بْن الضّحاك البغداديّ1. الخشّاب، أَبُو بَكْر. عَنْ: رَوْح بْن عُبادة. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وغيره. 26- أَحْمَد بْن الْعَبَّاس بْن الهَيْثَم. أَبُو الطَّيْب البُوسَنْجيّ2. قُتِل شهيدًا فِي المعركة يوم أوقع يعقوب بْن اللّيْث الصّفّار بأهل بوسْنج، وذلك فِي شوّال سنة ثلَاثٍ وخمسين. 27- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن سُوَيد بْن مَنْجُوف -خ. د. ن- أبو بكر السدوسي البصري3. سمع: يحيى القطان، ورَوْح بْن عُبَادة، وأبا دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وجماعة. وعنه: خ. د. ن.، وابن خُزَيْمَة، ومحمد البصلاني. وللبصلاني عنه جزء مشهور عند الفخر بن البخاري بعلو. توفي سنة اثنتين وخمسين. وكان ثقة. 28- أحمد بن عبد الله بن حكيم الفرياناني المروزي4. أبو عبد الرحمن.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 210، 211". 2 لم نقف عليه. 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 58"، والتهذيب "1/ 48". 4 الأنساب "9/ 293"، لابن السمعاني، والميزان "1/ 108".

عن: أبي ضمرة أنس بن عياض، وأبي عاصم. وعن: الحسن بن محمد البلخي، عَنْ حُمَيْد الطّويل. وعنه: الْحَسَن بْن سُفْيان، وعبد اللَّه بْن محمد المَرْوَزيّ، وغيرهما. لَهُ مناكير عَنِ الثّقات، وضعّفه الدّارَقُطْنيّ. وقال النسائي: ليس بثقة. قلت: مات سنة ثمان وخمسين. وفي "الضعفاء" للبخاري: حدثني أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حكيم: أَنَا عُمَر بْن عُبّيْد الطّنَافسيّ، فذكر حديثًا. 29- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْن أَبِي السَّفَر سعيد بن يحمد - ت. ن. ق - أَبُو عُبّيْدة بْن أَبِي السَّفْر الهَمَدانيّ الكوفيّ1. عن: عبد الله بن نمير، وأبي أسامة، وطبقتهما. وعنه: ت. ن. ق.، وأبو حاتم الرازي، وأبو عبد الله المحاملي، وطائفة. وقال أبو حاتم: شيخ. قال ابن عساكر: توفي سنة ثمان وخمسين. قال: ووقع لي مِن موافقاته. 30- أَحْمَد بْن عَبْد المؤمن. أَبُو جعْفَر المصريّ الصُّوفيّ2. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن وهْب. ومات بالفَيَّوم فِي ربيع الأوّل سنة تسعٍ وخمسين. وفي لُقَيِّه لَابن وهْب نَظَر. قَالَ ابن أَبِي حاتم: روى عَنْ: إدريس بْن يحيى، ورَوّاد بْن الجرّاح. روى عنه: علي بْن الحسين بْن الجنيد.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 57، 58"، والتهذيب "10/ 48، 49". 2 الجرح والتعديل "2/ 61".

قلت: وعلي بن سعيد الرازي. ترجمه ابن يونس، وقال: كَانَ رجلَا صالحًا، رفع أحاديث موقوفة، وقد خرج إلى العراق، وكتب بها. 31- أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بن عبود -د. ن- أبو الحسن التميمي الدمشقي1. سَمِعَ: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وعمرو بْن أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسيّ، وأبا مُسْهِر، وجماعة. وعنه: د. ن. , وإبراهيم بْن دُحَيْم، وأحمد بْن الْمُعَلَّى، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وعَبْدان، وأبي بِشْر الدُّولَابيّ، وجماعة. تُوُفّي فِي شوّال سنة أربعٍ وخمسين. 32- أَحْمَد بْن عَبْد الواحد: أَبُو جعْفَر الرّماديّ2. عَنِ: الهَيْثَم بْن جميل، ومحمد بْن الصنعاني، وجماعة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبنا عَنْهُ بالرملة، ومحلُّه الصِّدْق. 33- أَحْمَد بْن عثمان بن حكيم -خ. م. ن. ق- أبو عبد الله الأودي الكوفي3. عَنْ: عَمْرو بْن محمد العنقزي، وجعفر بْن عَوْن، وجماعة. وعنه: خ. م. ن. ق. وقال ن: ثقة؛ والمَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وآخرون. تُوُفّي سنة ستّين فِي المحرَّم، وقِيل: سنة إحدى. 34- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عمران الْجُرْجانيّ4: سَمِعَ: عَبْد الرّزّاق، وأبا نُعَيْم، وأبا عبد الرحمن المقرئ.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 61"، والتهذيب "1/ 57، 58". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 61". 3 الجرح والتعديل "2/ 63"، والتهذيب "10/ 61". 4 تاريخ جرجان "ص/ 62، 63".

وعنه: أَحْمَد بْن محمد الوزان، وأحمد بْن سعَيِد الطَّبَريّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن، ومحمد بْن عَقِيل البلْخيّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين ومائتين. 35- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد: أَبُو عَبْد الله العَمّيّ البصْريّ1، نزيل سامرّاء. روى عَنْ: هُشَيْم، وعمر بْن حبيب، وشُعيب بْن بيان. وعنه: محمد بن زكريا، وعلي بن الفتح العسكري، ويوسف بن يعقوب الأزرق. وثقة الدارقطني. 36- أحمد بن عمرو بن ربيعة الحرشي النيسابوري2: ابن عم فتح بْن حَجّاج. سَمِعَ: عَبْد الصّمد بْن حسّان، وعَبْدان، وجماعة. وعنه: أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ، وأبو عثمان البصْريّ. 37- أَحْمَد بْن عِمران بْن سلَامة: أبو عبد الله البصْريّ الأخفش، مصنفّ"غريب الموطّأ" وهو جزءان سمعناه. حدَّث عَنْ: وَكِيع، وزيد بْن الحُبَاب، وجماعة. وجاور بمكّة مدّةً. روى عَنْهُ: يحيى بْن عُمَر الأندلسيّ، وأبو بكر بن أبي عاصم، وعبد الله بن محمود المَرْوزِيّ. وكان يُعرف بالَألْهانيّ. 38- أَحْمَد بْن الفرات بن خالد -د- أبو مسعود الرازي الحافظ3:

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 302". 2 ينظر في "تاريخ نيسابور" للحاكم. 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 67"، والسير "12/ 480".

مُحَدَّث أصبهان وعالمها. طَوَّف البلَاد. وسمع: عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأبا أسامة، وحسين بْن علي الجعفي، وجعفر بن عون، ويحيى ين آدم، ويزيد بْن هارون، وشبابة، وعبد الرّزّاق، وابن أَبِي فُدَيْك، والفِرْيابيّ، وعبد الرحمن بْن يحيى بْن مَنْدَه، ومحمد بْن الْحَسَن بْن المهلَّب، وخلْق أخرهم عَبْد اللَّه بْن جعْفَر بْن فارس. قَالَ إبْرَاهِيم بْن محمد الطّحان: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُود يَقُولُ: كتبت عَنْ ألف وسبعمائة شيخ، أدخلت في تصنيفي ثلاثمائة وعشرة، وعطّلت سائر ذَلِكَ. وكتبتُ ألف ألف حديث وخمسمائة ألف، فأخذت من ذلك خمسمائة ألف حديث فِي التّفاسير والأحكام والفوائد وغيره. وقال حُمَيْد بْن الربيع: قدِم أَبُو مَسْعُود الإصبهاني مصر، فاستلقى على قفاه وقال لنا: خذوا حديث مصر. قَالَ: فجعل يقرأ شيخًا شيخًا من قبل أنْ يلقاهم. وعن أَبِي مَسْعُود قَالَ: كنّا نتذاكر الأبواب، فخاضوا فِي باب، فجاؤوا بخمسة أحاديث، فجئت بسادس، فنخس أَحْمَد بْن حنبل فِي صدري لإعجابه. وقال يزيد بْن عَبْد اللَّه الأصبهاني، عَنْ أَحْمَد بْن دَلَّويْه قَالَ: دخلتُ عَلَى أَحْمَد بْن حنبل فقال: مَن فيكم قَالَ؟ قلت: محمد بْن النُّعْمان بْن عَبْد السلَام. فلم يعرفه، فذكرت لَهُ أقوامًا فلم يعرفهم. فقال: أَفيكم أَبُو مَسْعُود؟ قلت: نعم. قَالَ: ما أعرف اليوم، أظنّه قَالَ: أسود الرأس، أَعْرف بمُسْندات رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ. وقال أَبُو عَرُوبة الحرّانيّ: أَبُو مَسْعُود الأصبهاني فِي عداد أَبِي بكر بْن أَبِي شَيْبة فِي الحِفْظ، وأحمد بْن سُلَيْمَان الرّهَاويّ فِي الثَّبْت. وورَدَ أنّ أَبَا مَسْعُود قدِم أصبْهان ولم يكن معه كتاب، فأملى كذا كذا ألف حديث من حِفْظه. فلمّا وصلت كُتُبه قُوِبلت بما أملى، فلم تختلف إلَا فِي مواضع يسيرة.

وعن أَحْمَد بْن محمود بْن صَبيح قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُود الرّازيّ يَقُولُ: وَدِدْتُ أنّي أُقْتَلَ فِي حُبّ أَبِي بَكْر وعمر. قَالَ الخطيب: كَانَ أَبُو مَسْعُود أحد الحُفّاظ. سافر الكثير وجمع فِي الرحلة بين البصْرة، والكوفة، والحجاز، واليمن، والشّام، ومصر، والجزيرة. وقدِم بغداد، وذاكر حُفّاظها بحضرة أَحْمَد بْن حنبل، وكان أَحْمَد يقدّمه. قال ابن عديّ: لَا أعلم لأبي مَسْعُود رواية مُنْكَرة، وهو من أهل الصِّدْق والحِفْظ. قَالَ أَبُو عمِران الطَّرَسُوسيّ: سَمِعْتُ الأثرم يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: ما تحت السّماء أحفظ لأخبار رسول اللَّه من أَبِي مَسْعُود الرّازيّ. وقال أَبُو الشَّيْخ: سَمِعْتُ ابن الأصفر يقول: جالست أَحْمَد وأثني عَلَى ابن أَبِي شَيْبة وذكر عدّة، فما رَأَيْت رجلَا أحفظ لما ليس عنده من أَبِي مَسْعُود. ونقل القاضي أَبُو الْحُسَيْن بْن الفرّاء فِي طبقات أصحاب أَحْمَد فِي ترجمة أَبِي مَسْعُود أنّه نَقَلَ عَنْ أَحْمَد بْن حنبل أنّه قَالَ: مَن دَلَّ عَلَى صاحب رأيٍ لنفسه فقد أعان عَلَى هدْم الْإِسلَام. وعن أَبِي مَسْعُود قَالَ: كتبتُ الحديث وأنا ابن اثنتي عشرة سنة. قلت: بكرَّ بالعلم لأنّ أَبَاهُ كَانَ محدّثًا. وعنه قَالَ: ذُكِرتُ بالحفظ وأنا ابن ثمان عشرة سنة، وسُمّيتُ الرُّوَيْزيّ الحافظ. وقال أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الجارود: سَمِعْتُ إبراهيم بْن أُورْمَة الحافظ يَقُولُ: ما بقي أحدٌ مثل أَبِي مَسْعُود الرّازيّ، ومحمد بْن يحيى الذُّهليّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرّميّ. وليس فيهم أحفظ من أَبِي مَسْعُود. وسُئل أَبُو بَكْر الْأعْيَن: أيَّما أحفظ: أَبُو مَسْعُود، أو سُلَيْمَان الشّاذَكُونيّ؟ فقال: أمّا المُسْنَد فأبو مَسْعُود، وأمّا المُنْقطِع فالشّاذَكُونيّ. قلت: مات أَبُو مَسْعُود فِي شَعْبان سنة ثمانٍ وخمسين، وغسّله محمد بْن عاصم الثَّقفيّ، وعاش بعده مدة.

39- أحمد بن فضالة بن إبراهيم -ن- أبو المنذر النسائي1. أخو عُبّيْد اللَّه: رحل وسمع: عَبْد الرّزّاق، وأبا عاصم. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. 40- أَحْمَد بْن الفضل العسْقلَانيّ2. أَبُو جعْفَر الصّائغ. روى عَنْ: بِشْر بْن بَكْر التِّنِّيسيّ، ورَوّاد بْن الجرّاح. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبتُ عَنْهُ. 41- أَحْمَد بْن فُضَيْل بْن سالم الرمليّ3. سَمِعَ: ضَمْرَةَ بْن ربيعة. ومات سنة ستّين ومائتين. 42- أَحْمَد المستعين بالله. أبو الْعَبَّاس بْن المعتصم بالله أَبِي إِسْحَاق محمد بْن الرّشيد هارون بْن المهديّ. أخو المتوكلّ عَلَى اللَّه4. وُلِد سنة إحدى وعشرين ومائتين، وبُويع فِي ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين، فتنكّر لَهُ الأتراك، فخاف وانحدر من سامرّاء إلى بغداد، فنزل عَلَى الأمير محمد بْن عَبْد الله بْن طاهر بالجانب الغربيّ. فاجتمع الأتراك بسامرّاء، ثمّ وجّهوا يعتذرون ويخضعون لَهُ ويسألونه الرجوع، فامتنع. فقصدوا الحبْس، وأخرجوا المعتزّ بالله، فبايعوه وخلعوا المستعين. وبنوا على شبهة، وهي أن المتوكل بايع لَابنه المعتزّ بعد المنتصر. وأخرجوا من

_ 1 انظر: التهذيب "1/ 69". 2 الجرح والتعديل "2/ 67". 3 لم نقف عليه. 4 انظر: السير "12/ 46-50"، وتاريخ الخلفاء "ص/ 358، 359".

الحبْس المؤيَّد بالله إبْرَاهِيم بْن المتوكّل وليّ العهد أيضًا بعد المعتزّ. ثمّ جهّز المعتزّ أخاه أَبَا أَحْمَد لمحاربة المستعين فِي جيشٍ كثيف فاستعدّ المستعين وابن طاهر للحصار ولبناءِ سور بغداد وتحصينها. ونَازَلها أَبُو أَحْمَد، وتجرَّد أهل بغداد للقتال، ونُصِبَتِ المجانيق، ووقع الجدّ واستفحل الشَّرّ، ودام القتال أشْهُرًا. وكثُر القتْل، وغَلَت الأسعار ببغداد، وعظُم البلَاء، وجَهِدَهُمُ الغلَاء، وصاحوا: الجوع. وجرت بين الطائفتين عدّة وقعات حتّى قُتِل فِي بعض الأيام ألفان من جند المعتز، وفي بعض الأيام ثلاثمائة, إلى أنْ ضَعُف أهل بغداد وذلُّوا مِنَ الجوع والْجَهْد، وقوي أمر أولئك. فكاتب ابن طاهر المعتزّ سرًّا، فانحلّ أمر المستعين. وإنّما كَانَ قوام أمْره بابن طاهر. وعلم أهل بغداد بالمكاتبة، فصاحوا بابن طاهر وكاشفوه، فانتقل المستعين من عنده إلى الرّصافة. ثمّ سَعَوْا فِي الصُّلْح عَلَى خلع المستعين. وقام فِي ذَلِكَ إِسْمَاعِيل القاضي وغيره بشروط مؤكّدة. فخلع المستعين نفسَه فِي أوّل سنة اثنتين وخمسين، وأشهدَ عَلَيْهِ القُضَاة وغيرهم. وأُحْدِر بعد خلْعه إلى واسط تحت الحَوْطة، فأقام بها تسعة أشهر محبوسًا. ثمّ رُدَّ إلى سامرّاء، فقُتِل -رحمه اللَّه- بقادسية سامرّاء فِي ثالث شوّال مِنَ السنة. وقيل: قُتِل ليومين بقيا من رمضان، وله إحدى وثلَاثون سنة وأيّام. بعث إِلَيْهِ المعتز سعيد بْن صالح الحاجب، فلمّا رآه المستعين تيقَّن التَّلَف وقال: ذهَبَت والله نفسي. فلمّا قَرُب منه سعَيِد أخذ يقنعه بسَوْطه، ثمّ اتَّكأه فقعد عَلَى صدره وقطع رأسه. ومن حلْيته كَانَ مربوع القامة، أحمر الوجه، خفيف العارضين، بمقدم رأسه طُول، وكان حَسَن الوجه والجسم، بوجهه أثر جُدَرِيّ. وكان يلْثَغ بالّسين نحو الثّاء. وأمّه أمّ وُلِد. وكان مسرفًا مبّذرًا للخزائن، يفرّق الجواهر والثّياب والنَّفائس. قَالَ الصُّوليّ: بعث المعتزّ بالله أَحْمَد بْن طولون إلى واسط وأمره أنْ يقتل

المستعين فقال: والله لَا أقتل أولَاد الخلفاء. فندبّ لَهُ سعَيِد الحاجب فقتله. وما مُتِّع المعتزّ بالله خُلِعَ وقُتِلَ كما سيأتي. وكان المستعين استوزر أَبَا مُوسَى أوتامُش بإشارة شجاع بْن القاسم الكاتب ثمّ قتلهما واستوزر أَحْمَد بْن صالح بْن شيرزاد. فلمّا قَتَلَ وَصِيف وبُغَا باغرًا التُّرْكيّ الَّذِي فتك بالمتوكّل تعصَّبت الموالي، ولا أمرَ كَانَ للمستعين مَعَ وصَيف وبُغَا. وكان إخبارّيًا فاضلَا أديبًا. 43- أَحْمَد بْن محمد بْن سعَيِد الوزّان1: عَنْ: زيد بْن الحُبَاب، ومحمد بْن كثير الْقُرَشِيّ. وعنه: ابن مسروق، وأحمد بْن محمد بْن الأزهر النَّيسابوري. 44- أَحْمَد بْن محمد بْن أنس: أَبُو الْعَبَّاس بْن القِرْبيطيّ البغداديّ الحافظ2. عَنْ: إبْرَاهِيم بْن زياد سَبَلَان، وأبي حفص الفلَاس. وعنه: أَبُو حاتم الرّازيّ، ومحمد بْن سعْد وهما أكبر منه، ومحمد بْن مَخْلَد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم. لَهُ ذِكْر فِي "السّابق والّلَاحق"3. بقي إلى حدود السّتّين ومائتين. 45- أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي بَكْر المُقَدَّميّ4: سَمِعَ: أَبَاهُ، ومسلم بْن إبْرَاهِيم، وأبا هَمّام محمد بْن محبَّب. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وقال: صدوق، لقيته بمكة.

_ 1 كان يعمل بوزن الأشياء، وينظر في "تاريخ نيسابور". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 74". 3 مؤلفه الخطيب البغدادي. 4 انظر: الجرح والتعديل "2/ 73".

46- أَحْمَد بْن محمد بْن الزُّبَيْر الأطْرَابُلُسيّ الشّاميّ1: عَنْ: زيد بْن يحيى بْن عُبّيْد، ومؤمّل بْن إِسْمَاعِيل. وعنه: أَبُو بَكْر بْن زياد النَّيسابوري، وابن أَبِي حاتم، ومحمد أخو خَيْثَمَة بْن سُلَيْمَان. قَالَ ابن أَبِي حاتم، صدوق. 47- أَحْمَد بْن محمد بْن سعَيِد بْن جَبَلَة. أبو عبد الله الصَّيْرفيّ. بغداديّ2. سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، ومَعْن بْن عيسى، والشّافعيّ. وعنه: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الوكيل، وأبو عُبّيْد المَحَامِليّ، وجماعة. مستور. 48- أَحْمَد بْن محمد بْن عُمَر بْن يونس اليَمَاميّ3: نزيل بغداد، أَبُو سهل. حدث عن: جدِّه؛ وعن: عَبْد الرّزّاق. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وقاسم المطرّز، والباغَنْديّ، وعبد اللَّه بْن محمد بْن سَلْم المقدسيّ، وطائفة. قَالَ ابن عديّ: حدَّث بمناكير وعجائب. وقال عُبّيْد الكَشْوِريّ: هُوَ فينا كالواقديّ فيكم. تُوُفّي سنة ستين ببغداد. وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك. وقال أبو حاتم: كذاب.

_ 1 سبقت الترجمة له. 2 تاريخ بغداد "5/ 11". 3 الجرح والتعديل "2/ 71"، تاريخ بغداد "5/ 65، 66".

49- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى السَّكُونيّ1. عَنْ: أَبِي يوسف القاضي، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش. وعنه: محمد بْن مَخْلَد. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: بغداديّ متروك. 50- أَحْمَد بْن مرحوم الرّازيّ2. عَنْ: ضَمْرَةَ بن ربيعة، ومؤمل بن إسماعيل. وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وقال: كَانَ أَبِي يوثَّقه. 51- أَحْمَد بْن المُعَافَى بْن يزيد العِجْليّ المَوْصِليّ الرّفّاء3. روى عَنْ: القَعْنَبيّ، ومسلم بْن إبْرَاهِيم، وأهل المَوْصِل. وعنه: أبو يعلى الموصلي، والوليد بن مضاء. وأثنى عليه أبو يعلي، وسمع منه "مُوَطّأ القَعْنَبيّ". مات بعد الخمسين. 52- أَحْمَد بْن المِقْدام بْن سُلَيْمَان بن الأشعث4 -خ. ت. ن. ق- أبو الأشعث العجلي البصري، مُسْند العراق فِي وقته. سَمِعَ: حماد بْن زيد، وحزم بْن أَبِي حَزْم، وعبد اللَّه بن جعفر المديني، ومُعْتمر بْن سُلَيْمَان، وعثّام بْن عَلِيّ، وفضيْل بْن عِياض، ويزيد بْن زُرَيْع، وخالد بْن الحارث، وطائفة. وعنه: خ. ت. ن. ق. وقال ن.: ثقة؛ والبَغَوِيّ، وابن صاعد، وابن أبي داود، والمحاملي، وأحمد بن علي الحماني، والحسين بْن يحيى بْن عَيَّاش القطّان، وخلْق كثير. قال ابن خُزَيْمَة: كَانَ صاحب حديث.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 59، 60". 2 الجرح والتعديل "2/ 78، 79". 3 الرفاء: من ترفئة الثياب، وهو إعادة إصلاحها. 4 الجرح والتعديل "2/ 78"، والسير "12/ 219- 221".

وقال أَبُو الأشعث: وُلِدت قبل موت المنصور بسنتين. وقال أَبُو حاتم: محلُّه الصِّدْق. مات أَبُو الأشعث فِي صَفَر سنة ثلَاثٍ وخمسين. وحديثه بعلو في "الثقفيات"، و"جزء الحفّار". قَالَ أَبُو دَاوُد: لَا أحدِّثُ عَنْهُ؛ لأنّه كَانَ يُعلّم المجون. وذكَرَ حكاية صُرَر الزُّجاج. 53- أَحْمَد بْن منصور بْن سَلَمَةَ الخُزاعيّ1. عن: أبيه. وعنه: محمد بْن مَخْلَد؛ وقال: قُتِلَ بصَرْصَر سنة سبْعٍ وخمسين. 54- أَحْمَد بْن منصور بْن راشد2. أَبُو صالح المَرْوزِيّ، زاج صاحب النّضْر بْن شُمَيْل. كَانَ أحد العلماء المشهورين. روى عَنْ: النّضْر، وحسين الْجُعْفيّ، وعمر بن يونس اليمامي، وروح بن عبادة. وعنه: ابن خزيمة، وابن صاعد، والبغوي، ومحمد بْن مَخْلَد، والمَحَامِليّ، وطائفة. مِنَ القدماء: مُسلْمِ في غير "الصّحيح". قَالَ أَبُو حاتِم: صدوق. قلت: مات فِي آخر سنة سبْعٍ وخمسين. 55- أَحْمَد بْن وزير بْن بسّام: أبو علي قاضي إصبهان3.

_ 1لم نقف عليه. 2 الجرح والتعديل "2/ 78"، والتهذيب "1/ 82، 83". 3 ذكر أخبار إصبهان "1/ 82" لأبي نعيم.

قَالَ أَبُو نُعَيْم الحافظ: كَانَ حسَن السّيرة، وكان أول قاض بأصبهان. ولي زمِنَ المتوكّل، وذلك لأن أحمد بن أبي دؤاد عزل القضاة عَنِ البُلْدان بضع عشرة سنة، وولى عَلَى القضاء أصحاب المَظَالم. حدَّث هذا عَنْ: جعفر بْن عَوْن، وأبي دَاوُد، وبِشْر بْن عُمَر الزّهْرانيّ. روى عنه: محمد بن عيسى، ويعقوب بن إسماعيل، وغيرها. وهو من هذه الطبقة، لكن قَالَ أَبُو نُعَيْم إنّه تُوُفّي سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين. 56- أَحْمَد بْن الوليد بْن أبان الكرابيسيّ1: عَنْ: عُبّيْد اللَّه بْن مُوسَى، وغيره. وعنه: ابن صاعد، وابن مَخْلَد العطّار، والمَحَامِليّ. وكان صدوقًا. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. 57- أَحْمَد بْن يحيى بْن عطاء البغداديّ الجلَاب2: عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، وشَبَابة بْن سوّار. وعنه: يعقوب الْجِرَاب، ومحمد بْن نَيْروز الأنماطيّ، وغيرهما. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين ومائتين. لا بأس به. 58- أَحْمَد بْن يحيى الْجُرْجانيّ3: بَيّاع السِّابَرِيّ. عَنْ: أحمد بن أبي طيبة، وأبي عاصم النبّيل. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن، وعبد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ الزُّهَيْريُّ، وعمران بْن هارون، وغيرهم.

_ 1 أخبار القضاة "3/ 272". 2 تاريخ بغداد "5/ 201". 3 تاريخ جرجان "ص/ 68، 69".

توفي سنة أربع وخمسين. 59- أَحْمَد بْن يحيى بْن الْإمَام مالك بْن أنس الْأصْبَحيَ1. تُوُفّي بمصر سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 60- أحمد بن يحيى بن قاضي البصرة أَبِي يوسف الفقيه الحنفيّ2. قَالَ نفْطَوَيْه: ولي قضاء مدينة المنصور فِي سنة أربعٍ وخمسين ومائتين. وكان متوسّطًا فِي أمره محبًا للدنيا، صالح الفقه. ثم عزل، ثم استقصي، ثمّ عُزِلَ وولي الأهواز. ثمّ وُجّهَ بِهِ إلى خُراسان فمات بالرِّيّ. 61- أَحْمَد بْن يزيد. أَبُو الْحَسَن الحُلْوانيّ المقرئ3. أحد الأئمّة. قرأ عَلَى قالون، وعلى: هشام بْن عمّار، وخَلَف بن هشام. وسمع من: أبي نعيم، وأبي حذيفة الهندي، وأبي صالح كاتب اللَّيْث. وكان كثير الأسفار. قرأ عَلَيْهِ: الْحَسَن بْن الْعَبَّاس بْن أبي مِهْران، والفضل بْن شاذان الرّازيّان، وجعفر بْن محمد بْن الهَيْثَم، وأبو عَوْن محمد بْن عَمْرو بْن عَوْن الواسطي، ومحمد بْن بسّام، وحّيون المزوِّق، ومحمد بْن أَحْمَد بْن عَبْدان. وكان عارفًا بالقراءات، مجوّدًا لرواية قالون. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْهُ فلم يرضه فِي الحديث. قلت: تُوُفّي سنة نيفٍ وخمسين ومائتين. وقد رحل إلى هشام ثلَاث رحلَات، وإلى قالون مرتين. وبرع فِي القراءات، واشتهر ذكره.

_ 1 حفيد مالك، وانظر: ترتيب المدارك للقاضي عياض. 2 تاريخ بغداد "5/ 201، 202". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 82"، الميزان "1/ 164".

62- أَحْمَد بْن يزداد بْن حمزة الخيّاط1: عَنْ: عثمان بْن عُمَر بْن فارس، وعَمْرو بْن عَبْد الغفّار. وعنه: ابن صاعد، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد. تُوُفّي بالكوفة سنة خمسٍ وخمسين، أرّخه مُطَيَّن. 63- أبان بْن أَبِي الخصيب: أَبُو أَحْمَد الأصبهاني2. عَنْ: الْحُسَيْن بْن حفص، وأبي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، ويحيى بْن بكُيْر، وأحمد بْن يزيد الحرّانيّ. وعنه: أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن يزيد الزُّهْريّ، وأحمد بْن محمود بْن صَبِيح. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 64- إبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن يعيش3: أَبُو إِسْحَاق البغداديّ. نزيل هَمَذان ومحدّثها. ثقة حافظ. سَمِعَ: يزيد بْن هارون، وعبد الوهاب الخفاف، وأبا داود الحيري، ومحد بْن عُبّيْد، وأبا النّضْر هاشم بْن القاسم، وطائفة. وصنَّف المُسْنَد. وعنه: أَبُو قُرَيش محمد بْن جمعة الحافظ، ومحمد بْن نصر القطّان، ومحمد بن عبد اللَّه بُلْبُل، وأحمد بْن أوْس، وعَبْدُوس بْن إِسْحَاق المدانيون. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كَانَ صدوقًا، مَرَرْنا بِهِ ولم نكتب عَنْهُ. وانصرفنا فِي سنة سبْعٍ وخمسين وقد تُوُفّي. رُوِيَ أنّ ابن يعيش أنفق عَلَى باب يزيد بْن هارون عشرة آلاف درهم.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 228، 229". 2 ذكر اخبار إصبهان "1/ 229، 230". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 88".

65- إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن سَلَمَة بن كهيل1 -ث- أبو إسحاق الحضرمي الكوفي: يروى عَنْ: أَبِيهِ، عَنْ جدِّه. وعنه: ت. وعبد اللَّه بْن زيدان العِجْليّ، وابن صاعد، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج، وغيرهم. ضعّفه أَبُو زُرْعَة، وتوفي سنة ثمانٍ وخمسين. 66- إبْرَاهِيم بْن جَابرِ المَرْوزِيّ2. ويُعرف بالبُحّ. عَنْ: عَبْد الرحيم بْن هارون" الغسّاني"، وموسى بْن دَاوُد الضَّبّيّ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد، والباغَنْديّ، وأحمد بْن الْحُسَيْن الصُّوفيّ. وثقَّه الصُّوفيّ. 67- إبْرَاهِيم بْن المتوكّلُ عَلَى اللَّه جعْفَر بْن المُعْتَصمِ3. المؤيَّد بالله. عَقَدَ لَهُ أخوه المعتزّ بالله بالأمر مِن بعده، وجعله وليّ عهده، ودعوا لَهُ عَلَى المنابر. ثمّ بلغ المعتزّ عَنْهُ أمرٌ فضربَه وخلعه مِنَ العهد، وحبسه يومًا ثمّ أُخرْجِ ميتًا. وذلك فِي رجب سنة اثنتين وخمسين. وقيل: إنّه أُقْعِدَ فِي الثّلج حتى مات برْدًا4. وقيل: لُفّ فِي لحاف وغُمَّ. ولمّا رأته أمّه بعثت إلى قبيحة أمّ المعتزّ: عَنْ قريب تَرَيْنَ أبنك هكذا. قُلْتُ: فلم يُمْهلْه اللَّه. 68- إبراهيم بْن الْحَسَن بْن الهَيْثَم المصيصي -د. ن. - المعروف بالمقسمي5:

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 84"، والتهذيب "1/ 106". 2 تاريخ بغداد "7/ 52". 3 تاريخ بغداد "7/ 50"، السير "12/ 333". 4 انظر: تاريخ الطبري "9/ 362". 5 الجرح والتعديل "2/ 93"، التهذيب "1/ 114، 115".

عَنْ: حَجّاج الأعور، والحارث بْن عطيّة. وعنه: د. ن. وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله بْن محمد بْن وهْب، وجماعة. قَالَ ن: ثقة. 69- إبْرَاهِيم بْن سعْد العَلَويّ الْحَسَني البغداديّ1: أحد الزُّهْاد والأولياء. ذكره السُّلَميّ فِي تاريخه، وقال: كَانَ يقال لَهُ الشّريف الزاهد، وكان أستاذ أَبِي الحارث الْأوْلَاسيّ. حكى عَنْهُ أَبُو الحارث أنّه قَالَ: كنت معه فِي البحر، فبسط كساءَه عَلَى الماء وصلّى عَلَيْهِ. وسمعت منصور بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الأصبهاني: سَمِعْتُ محمد بْن أَحْمَد بْن اللَّيْث: سَمِعْتُ أَبَا الحارث الْأوْلَاسيّ يَقُولُ: كَانَ سبب رؤيتي إبراهيم بْن سعْد أنّي خرجت من أَوْلَاس إلى مكّه فِي غير أيّام الموسم، فرافقت عَلَيْهِ ثلَاثة نفر، ثمّ تفرَّقنا، فبقيت أَنَا وآخر. فقصدنا الشّام ثمّ تفرقنا، وكان إبْرَاهِيم العَلَويّ. ولمّا فارق العَلَويّ أَبَا الحارث قَالَ لَهُ: اللَّه خليفتي عليك. فقلت: ادْعُ لي. قَالَ: قد فعلتُ، فاحفظ حدود اللَّه وارحم خَلْقَه إلَا مَن عاندَ. قلت: وهذا الرجل لَا يكاد يُعرف. 70- إبْرَاهِيم بْن سعَيِد الجوهريّ الحافظ2. قِيلَ: تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. وقد تقدَّم. 71- إبْرَاهِيم بْن سَنْدُولة الهَمَدانيّ3.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 86". 2 سبقت الترجمة له. 3 الجرح والتعديل "2/ 104".

عن: عبد الله بن نمير، ويونس بن بكير. قَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وهو صدوق. 72- إبْرَاهِيم بْن عامر بْن إبْرَاهِيم بْن واقد: أَبُو إِسْحَاق الأشعريّ المدنيّ الأصبهاني المؤذّن. سَمِعَ: أَبَاهُ، ومسدَّدًا. وعنه: ابناه عامر ومحمد، وعبد الله بن جعفر بن فارس. توفي سنة ستّين. قَالَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم: قدِمتُ أصبهان، فسألت أَحْمَد بْن الفُرات عمنَّ أكتب؟ فسمّى لي أربعةً أحدهم إبْرَاهِيم بْن عامر. وعنه: محمد بْن عُمَر بْن حفص الجورجيريّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن يزيد الزُّهْريّ. قَالَ أَبُو الشَّيْخ: كَانَ صدوقًا، نزل إصبهان. 73- إبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن حفص بْن مَعْدان الْجُرْواءانيّ الأصبهاني الحافظ1: عَنْ: بَكْر بْن بكّار، والحسين بْن حفص، وسليمان بْن حرب، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أُسَيْد، ومحمد بن أحمد بن يزيد الزهري، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه. تُوُفّي سنة إحدى وخمسين ومائتين. 74- إبراهيم بن محمد الزهري -ق- الحلبي2، نزيل البصْرة: عَنْ: أَبِي داود الطَّيَالِسيّ، وعبد الله الخريبي، ويحيى بْن الحارث الشّيرازيّ. وعنه: ق.، وعبد اللَّه بْن ناجية، وأبو عَروُبة، وغيرهم. 75- إبْرَاهِيم بْن مجشر بن معدان3:

_ 1 ذكر أخبار إصبهان "1/ 81". 2 التهذيب "1/ 161، 162". 3 انظر: تاريخ بغداد "7/ 184، 185"، والميزان "1/ 55".

أَبُو إسحاق البغداديّ الكاتب. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن المبارك، وأبا بَكْر بْن عَيَّاش، وعَبّاد بْن العَوّام. وعنه: ابن ناجية، وابن عَيَّاش القطان، والمحاملي. قال أبو العباس السراج: سمعت الفضل بن سهم يتكلّم فِي إبْرَاهِيم بْن مُجَشِّر ويُكَذِّبه. وقال ابن عقدة: في نظر. وقال ابن عديّ: ضعيف يسرق الحديث. وأمّا ابن حِبّان فذكره فِي "الثقات". قَالَ الخطيب: مات فِي جُمَادَى الآخرة سنة أربعٍ وخمسين. 76- إبْرَاهِيم بْن مروان بْن محمد الطّاطَريّ الدّمشقيّ1 -د- عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: د.، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وابن جوصا، وأبو بكر بن أبي داود. وهو صدوق. 77- إبراهيم بن ناصح المدني الأصبهاني2: قال أبو نعيم: متروك الحديث. أَنْبَأَنَيِ يَحْيَى بْنُ الصَّيْرَفِيِّ، أَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ، أَنَا مَسْعُودٌ، أَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْدَهْ، أَنَا أَبِي، أَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حُمَيْدٍ الْمَدِينِيُّ، ثَنَا أَبُو بِشْرٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَاصِحٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَالَ: "الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَحْيَانًا بَعْدَمَا أماتنا، وإليه النشور" 3.

_ 1الجرح والتعديل "2/ 140"، والتهذيب "1/ 164". 2 الميزان "1/ 69". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري"8/ 85، 88"، "9/ 146"، ومسلم "2711"، وأبو داود "الأدب/ 106"، وابن أبي شيبة "9/ 71، 72"، وابن ماجه "3880"، والدارمي "2/ 291"، والترمذي "137"، في الشمائل، وأبو الشيخ "166"، "167"، في أخلاق النبي.

وَبِهِ إِلَى ابْنِ مَنْدَهْ، ثنا محمد بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَاصِحٍ، ثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا مُنْكَرًا. وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْفَيْضِ، أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ نَاصِحٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا. 78- إبراهيم بن يعقوب -د. ت. ن- أبو إسحاق السعدي الجوزجاني الحافظ1. صاحب الجرح والتَّعديل. سَمِعَ: الْحُسَيْن الْجُعْفيّ، وعبد الصّمد بْن عبد الوارث، وشَبَابَة، ويزيد بْن هارون، وأبا مُسْهِر، وجعفر بْن عَوْن، وسعيد بْن أَبِي مريم، وخلْقًا كثيرًا. وتفقّه عَلَى أَحْمَد بْن حنبل وسأله مسائل مشهورة. وعنه: د. ت. ن.، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم، وعَمْرو وإبراهيم ابنا دُحَيْم، ومحمد" القُنَّبيطيّ"، وأبو بِشْر الدُّولَابيّ، وابن جَوْصا، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نصر السُّلَميّ، وآخرون. وثقة النَّسائيّ. وقال ابن عديّ: سكن دمشق فكان يُحدَّثَ عَلَى المنبر، ويكاتبه أَحْمَد بْن حنبل فيتقوى بذلك، ويقرأ كتابه عَلَى المنبر. وكان شديد المَيْل إلى أهل دمشق فِي التحامل عَلَى عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2. وقال فيه الدّارَقُطْنيّ: كَانَ مِنَ الحفّاظ المصنفين الثقات. أقام بمكّة مدّةً وبالرملة مدّةً وبالبصرة مدّةً، لكنّه كَانَ فِيه انحراف عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. اجتمع عَلَى بابه أصحاب الحديث، فخرج إِلَيْهم، فأخرجت جارية لَهُ فَرُّوجًا لُيذّبح، فلم تجد أحدًا يذبحها، فقال: سبحان اللَّه لَا يوجد من يذبحها وقد ذَبح عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فِي ضحْوةٍ نيفًا وعشرين ألفًا. قلت: ورواها إبْرَاهِيم بْن محمد الرُّعَيْنيّ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عدس قَالَ: كنا عند الجوزاني، فذكر نحوها، لكنّه قَالَ: قتل سبعين ألفًا.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 148، 149"، والتهذيب "1/ 181-183". 2 الكامل (1/ 305) للضعفاء لابن عدي.

قَالَ ابن زَبْر: سَمِعْتُ أَبَا الدَّحْداح يَقُولُ: إنّه مات فِي أوّل ذي القِعْدة سنة تسعٍ وخمسين. وقال غيره: سنة ستٍّ. 79- إبْرَاهِيم بن أيّوب عيسى المصريّ1. أَبُو إِسْحَاق الطَّحَاويّ. عَنْ: ابن وهْب، والشّافعيّ. وعنه: ابنه أَحْمَد. قَالَ ابن يونس: مات فِي المحرَّم. وكان كاتب الحارث بْن مسكين، وكتب أيضًا لعيسى بْن المُنْكَدِر، وهارون الزُّهَيْريُّ قُضاة مصر. وكان ابنه من أهل الأدب. 80- إبْرَاهِيم بْن أَبِي خَالِد الْأرغِيانيّ الهَرَويّ2: عَنْ: عَبْد اللَّه بْن نافع الصّائغ، والحُمَيْديّ. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. 81- إدريس بْن جعْفَر بْن إدريس العُتْبيّ المَوْصِليّ الزّاهد3: كُتُب الحديث والرقائق، وتعبّد. وجاور بمكّة هُوَ وأخوه الفضل، وكانا عَلَى قدم مِنَ العبادة والخشوع. تُوُفّي إدريس سنة ثلَاثٍ أو أربعٍ وخمسين. وتوفي بعده أخوه. 82- إدريس بْن حاتم بن أحمد الواسطي4: سَمِعَ: إِسْمَاعِيل بْن عَلَيْهِ، ومحمد بْن يزيد الواسطيّ، وأزهر السّمّان، وجماعة. قَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق.

_ 1 لم نقف عليه. 2 من حراة ضمن بلاد خراسان. 3 أحد عباد وزهاد الموصل. 4 الجرح والتعديل "2/ 266".

83- إدريس بْن الحَكَم العَنَزِيّ1: عَنْ: خَلَف بْن خليفة، ويوسف بْن عطيّة الصّفّار، وعليّ بْن عراب. وعنه: المَحَامِليّ، وأخوه أَبُو عُبّيْد القاسم، وغيرهما. ذكره الخطيب فِي تاريخه. 84- إدريس بْن سُلَيْمَان بْن أَبِي الرّباب2. أَبُو محمد الرَّمْليّ، شيخ مُعَمِّر. سَمِعَ: شهاب بْن خداش، ومُصْعَب بن ماهان. وعنه: محمد بْن المُسَيَّب الأرْغِيانيّ، وأحمد بْن جَوْصا، وعَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل الكوفيّ. نزيل دمشق، لم يذكره ابن أَبِي حاتم. 85- إدريس بْن عيسى المُخَرّميّ القطّان3: عَنْ: أَبِي دَاوُد الجفْريّ، وزيد بْن الحُبَاب. وعنه: ابن صاعد، وأبي ذَرّ بْن الباغَنْديّ. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 86- أزهر بن جميل -خ. ن. - أبو محمد البصري الشطي4: مولى بني هاشم. سَمِعَ: معتمر بْن سُلَيْمَان، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، وخالد بْن الحارث، وطائفة. وعنه: خ. ن.، وأبو عَروْبة، وابن صاعد، وعبدان، وابن أبي داود، وآخرون. توفي سنة إحدى وخمسين.

_ 1 تاريخ بغداد "3477". 2 الثقات لابن حبان "8/ 133". 3 أخبار القضاة "3/ 38". 4 الجرح والتعديل "2/ 315"، والتهذيب "1/ 200، 201".

87- إسحاق بن إبراهيم بن محمد الباهلي -خ. د- أبو يعقوب البصري الصّوّاف1: عَنْ: مُعَاذ بْن هشام، ويوسف بْن يعقوب السَّدُوسيّ، وجماعة. وعنه: خ. د.، وأبو عَرُوبة، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وجماعة. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. 88- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بن يعقوب المصري الخفاف2. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب، وإدريس بْن يحيى الزّاهد. وعنه: ". . . "3. قال ابن يونس: توفي سنة ست وخمسين. 89- اسحاق بن ابراهيم بن عبد الرحمن -خ- أبو يعقوب البغوي ثم البغدادي لؤلؤ4، ابن عمّ أَبِي جعْفَر أَحْمَد بْن مَنِيع. سَمِعَ: وكيعًا، وابن عَلَيْهِ، وإسحاق الأزرق، وطائفة. وعنه: خ.، وإسماعيل الورّاق، ويعقوب الجصاص، ومحمد بن مخلد، وابن أبي حاتم، وقال: ثقة. مات في شعبان سنة تسع وخمسين. وقيل: لقبه" بلؤلؤ" باسم طائر. 90- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن مُوسَى5. أَبُو يعقوب الْجُرْجانيّ الوزدُوليّ القصّار الحافظ، صاحب" المسند".

_ 1 التهذيب "1/ 216". 2 لم نقف عليه. 3 بياض في الأصل. 4 انظر: الجرح والتعديل "2/ 211"، والتهذيب "1/ 214". 5 السير "12/ 507"، التذكرة "2/ 562" للذهبي.

رحل وسمع: عُبّيْد اللَّه بْن مُوسَى، ومسلم بْن إبْرَاهِيم، وآدم، وجماعة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن، وإبراهيم بْن مُوسَى الْجُرجَانّيان، ومحمد بْن جعْفَر البصْريّ. وكان ثقة. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. 91- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن حبيب بن الشهيد -ت. ن. ق- أبو يعقوب الشهيدي1 البصري: سَمِعَ: حفص بْن غَياث، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، ومحمد بْن سَلَمَةَ الحرّانيّ، وخلْقًا كثيرًا. وعنه: ت. ن. ق. وابن صاعد، والفريابي، وابن خزيمة، وأبو عروبة الحراني، وعبد الله بن عروة الهروي. وكان أحد الثقات المتقنين. توفي سنة سبع، في جمادى الأولى. 92- إسحاق بن إبراهيم بن الغمرِ: الغساني المصري2. عن: ابن صاعد سماعا. توفي سنة سبع وخمسين. 93- إسحاق بن إسماعيل بن العلاء - ن. ق: أبو يعقوب الأيلي3. توفي بأيلة في ذي الحجة سن ثمانٍ وخمسين. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وسلَامة بن روح الأيلي.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 211"، وتاريخ بغداد "6/ 370". 2 لم نقف عليه. 3 الجرح والتعديل "2/ 212"، والتهذيب "1/ 226-229".

وعنه: ن. ق. ومكحول البيروتيّ، ومحمد بْن الأشعث، وعبد الجبار بن أحمد السمرقندي، وعبيد الله بْن الصّنام، وأبو الحُرَيْش أَحْمَد بْن عيسى وآخرون. 94- إِسْحَاق بْن بُهْلُولِ بْن حسّان: أَبُو يعقوب التَّنُوخيّ الأنباريّ الحافظ1. سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا معاوية، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وإسحاق الأزرق، ووَكيعًا، وشُعَيب بْن حَرْب، ويحيى القطّان، وابن المهدي، وأبا ضَمْرَةَ، وإسماعيل بْن عَلَيْهِ، ويحيى بْن آدم، وخلْقًا. وعنه: إبْرَاهِيم الحربيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، والفِرْيابيّ، وابن صاعد، وحفيده يوسف بْن يعقوب الأزرق، وأبو عبد الله المَحَامِليّ، وآخرون. وكان من كبار الأئّمة. قَالَ الخطيب: صنَّف كتابًا فِي الفقه، وله مذاهب اختارها. وصنَّف كتابًا فِي القراءات، وصنَّف "المُسْنَد". وكان ثقة2. قال ابنه البُهْلُول: استدعى المتوكّلُ أبي إلى "سُرّ من رَأَى" حتّى سَمِعَ منه. ثمّ أَمَرَ فَنُصِبَ لَهُ منبر، وحدَّث فِي الجامع، وأقطعه إقطاعًا مُغَلُّه فِي السنة اثنا عشر ألفًا، ووصله بخمسة آلاف دِرْهم فِي السنة فكان يأخذها. وأقام إلى أن قدِم المستعين بغداد، فخاف أبي من الأتراك أن يكسبوا الأنبار، فانحدر إلى بغداد ولم يحمل معه كُتُبَه، فطالبه محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر أنْ يحدَّثَ ببغداد من حِفْظه بخمسين ألف حديث، لم يخطئ فِي شيءٍ منها3: رواها أَحْمَد بْن يوسف الأزرق، عَنْ عمّه إِسْمَاعِيل بْن يعقوب، عَنْ عمّه البُهْلُول. وقال أَبُو طَالِب أَحْمَد بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن البُهْلُول: تذاكرت أَنَا وابن صاعد ما حدَّث بِهِ جدّي ببغداد، فقلت لَهُ: قَالَ لي أنيس المستملي: إنّه حدَّث مِن حفظه بأربعين ألف حديث.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 214"، والسير "10/ 335" طبعة التوفيقية. 2، 3 السير "10/ 335".

فقال ابن صاعد: لَا يدري أنيس ما قَالَ. حدَّث إسحاق بن بهلول مِن حفظه ببغداد بأكثر من خمسين ألفَ حديث. وُلِد إسحاق بالأنبار سنة أربع ومائة، وبها مات فِي ذي الحجّة سنة اثنتين وخمسين ومائتين1. قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ الحاكم بْنِ بَدْرَانَ: أَخْبَرَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ سنة خَمْسِ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنَا عَلِيُّ بْنُ محمد بْنِ محمد الأَنْبَارِيُّ، ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْفَرَضِيُّ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ، ثَنَا جَدِّي، أَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ أبي سِيرِينَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: نَهَانِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَبِيعَ مَا لَيْسَ عِنْدِي"2. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ سِيرِينَ مِنْ حَكِيمٍ. 95- إِسْحَاق بْن حاتم بْن بيان المدائنيّ العلَاف3. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ. وعنه: ابن صاعد، والمَحَامِليّ، وغيرهما. وكان ثقة. تُوُفّي ببغداد فِي رجب, أو شعبان سنة اثنتين وخمسين. 96- إِسْحَاق بْن حنبل بْن هلَال بْن أسد4. أَبُو يعقوب الذُّهْليّ الشَّيْبانيّ المَرْوزِيّ ثمّ البغداديّ. عمّ الْإمَام أَحْمَد. روى عَنْ: يزيد بْن هارون، والحسين بْن محمد المَرُّوذيّ.

_ 1 السير "10/ 336". 2 حديث صحيح: أخرجه أبو داود "3503"، والترمذي "1236"، "1237"، "1239"، والنسائي "7/ 289"، وابن ماجه "2187"، وأحمد "3/ 402، 434"، وفي الباب عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 218"، وتاريخ بغداد "6/ 365". 4 تاريخ بغداد "6/ 369".

وعنه: ابنه حنبل بن إسحاق، ومحمد بن يوسف الجوهري، وغيرهما. قال الخطيب: كان ثقة. وقال حنبل: توفي أبي سنة ثلاث وخمسين، ومولده قبل الإمام أحمد بثلاث سنين. قلت: إنما سَمِعَ وهو كَهْل، وعاش اثنتين وتسعين سنة. 97- إِسْحَاق بْن دَاوُد بْن ميمون السَّمرْقَنْديّ1: أحد علماء سَمَرْقند. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين، وصلّى عَلَيْهِ أَبُو محمد الدّارِميّ. 98- إِسْحَاق بْن سُوَيد الرمْليّ2 -د. ن. - عَنْ: عَلِيّ بْن عَيَّاش، وسعيد بْن أَبِي مريم وجماعة: كَانَ يفهم ويحفظ. وثّقه النَّسائيّ، وغيره. وعنه: د. ن.، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمد بْن المسّيب الأرغِيانيّ، وآخرون. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين. 99- إسحاق بن شاهين -خ. ن. - أبو بشر الواسطي3: شيخ مسند معمر، من أبناء المائة. وقيل: بل جاوزها. روى عَنْ: خالد بن عبد الله الطحان، وهشيم، وعبد الحكيم بْن منصور، وجماعة. وعنه: خ. ن.، أيضًا، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ، ومحمد بْن حامد بْن السّرِيّ، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، ومحمد بْن المُسَيَّب الأرغِيانيّ، وطائفة. قَالَ النَّسائيّ: لَا بأس به.

_ 1 لم نقف عليه. 2 التهذيب "1/ 214". 3 انظر: التهذيب "1/ 236، 237".

وقال بَحْشَل: جاوز المائة. وقال غيره: كَانَ مِن الدَّهاقين. 100- إِسْحَاق بْن صالح بْن عطاء الواسطيّ1: أَبُو يعقوب المقرئ الوزّان. نزيل سامرّاء. روى عَنْهُ: يزيد بْن هارون، ويعقوب الحضْرميّ، ورَيْحان بْن سعَيِد. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق. قلت: وهو والد أَحْمَد بْن إِسْحَاق الوزّان. 101- إِسْحَاق بْن الضَّيْف الباهليّ العسكريّ البصْريّ2. نزيل مصر، وقيل: هُوَ إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن الضَّيف. لَهُ رحلة واسعة. روى عَنْ: عَبْد الرّزّاق، والنَّضْر بْن شُمَيْل، وحجاج الأعور. وعنه: أبو حاتم وقال: صدوق؛ وعمر البُجَيْريّ، وأحمد بن وكيل أبي صخرة، ومحد بن نيروز الأنماطي، وآخرون. وكان يجالس بشرا الحافي. قال أبو زرعة: صدوق. 102- إسحاق بن عباد بن موسى الختلي3. أبو يعقوب البغدادي. حدث عَنْ: أَبِيهِ، وعبد اللَّه بْن بَكْر السَّهْميّ، وهوذة بن خليفة. وعنه: إبراهيم بن دحيم، وأحمد بن جوصا، وأبو الدحداح أحمد بن محمد.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 225". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 210"، والتهذيب "1/ 238". 3 تاريخ بغداد "6/ 374".

توفي سنة إحدى وخمسين. 103- إسحاق بن الفيض بن سليمان: أبو يعقوب الثقفي الأصبهاني1. وقال أبو نعيم: هو مولى عتاب بن أسيد بن أبي العيص. قلتُ: وقع لنا جزء مِن حديثه عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد الرَّحْمَن بْن مَغْراء، وغيرهم. وقيل: إنّه سَمِعَ مِنَ ابن مَغْراء ثلَاثين ألف حديث. روى عَنْهُ: محمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، ومحمد بْن عُمَر الجورجيريّ، وإسحاق بن إبراهيم بن جميل، ومحمد بن جعفر الأشعري، وأخرون. وثقه بعضهم. 104- إِسْحَاق بْن منصور بن بهرام -ع. سوى د- الحافظ بن يعقوب المروزي، الكوسج2، الفقيه، نزيل نَيْسابور: سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى بْن سعَيِد القطّان، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، ووَكيعًا، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وأبا أسامة، وعبد الرزاق، والفِرْيابيّ، وخلْقًا. وعنه: الجماعة سوى د.، وأبو زرعة، وأبو العباس السراج، وابن خُزَيْمَة، ومؤمل بن الحسن الماسرجسي، وأحمد بن حمدون الأعمشي، ومحمد بن أحمد بن زهير، وخلق كثير. وقال أبو الحسين مسلم: ثقة مأمون. وقال النسائي: ثقة ثبت. وقال الخطيب: هو الذي دون عَنْ أَحْمَد، وإسحاق بْن راهَوَيْه المسائل في الفقه. قال أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه: سَمِعْتُ مشايخنا يذكرون أنّ إِسْحَاق بْن منصور بلغه أنّ أَحْمَد بْن حنبل رجع عَنْ بعض تلك المسائل، فحملها في جراب على

_ 1 طبقات المحدثين "2/ 262"، لأبي الشيخ، صاحب كتاب "العظمة" بتحقيقي. 2 الجرح والتعديل "2/ 234"، والتهذيب "1/ 249، 250".

ظهره، وخرج راجلَا إلى بغداد، وعرض خطوط أَحْمَد عَلَيْهِ فِي كلّ مسألة استفتاه عَنْها، فأقَرَّ لَهُ بها ثانيًا وَأُعْجِبَ بِهِ1. قلت: وروى ت. عَنْ رَجُل، عَنْهُ. وتوفي فِي تاسع عشر جُمَادَى الأولى سنة إحدى وخمسين. 105- إِسْحَاق بْن وهْب بْن زياد الواسطيّ العلَاف -خ. ق. - أبو يعقوب2: سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، وعمر بْن يونس، وأبا دَاوُد الطَّيَالِسيّ. وعنه: خ. ق. وابن أَبِي داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ووالده أبو حاتم وقال: هُوَ صدوق. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. 106- إِسْحَاق بْن وَهْبُ بْن عَبْد اللَّه. أَبُو يعقوب الطُّهُرْمُسيّ المصريّ الْجِيزيّ3. روى عَنْ عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ أحاديث كَانَ ابن وَهْبُ أتقى لله من أنْ يحدَّثَ بها. ولم يكن من أهلِ الحديث. تُوُفّي فِي ربيع الآخر سنة تسعٍ وخمسين أيضًا. وَلَهُ: عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ: "لَرَدُّ دَانِقٍ مِنْ حَرَامٍ يَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ سَبْعِينَ أَلْفِ حَجَّةٍ". وَهَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بِيَقِينٍ. رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ قَالَ: ثنا حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْجَوْهَرِيُّ، وَعِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ فَضَالَةَ، وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، فَذَكَرَهُ. 107 - أسد بْن سعَيِد بْن كثير بْن عُفَيْر4: أَبُو الحارث المصريّ.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 364". 2 الجرح والتعديل "2/ 236"، التهذيب "1/ 253، 254". 3 الميزان "1/ 203". 4 من علماء مصر، انظر ترجمته في "حسن المحاضرة" للسيوطي.

سَمِعَ: أَبَاهُ، وعبد اللَّه بْن وَهْبُ، والشّافعيّ. وعنه: جَبَلَة بْن محمد، وعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن قُدَيْد، والمصريُّون. تُوُفّي فِي صفر سنة ستين. قاله ابن يونس. 108- أسد بْن عمار بْن أسد أَبُو الخير التّميميّ الأعرج1: عَنْ: حسين الْجُعْفيّ، ويزيد، ورَوْح، وطائفة. وعنه: ابن أَبِي الدُّنيا، ومُطَيَّن، وأبو حامد الحضْرميّ. محلُّه الصِّدْق. 109- إِسْمَاعِيل بْن إبْرَاهِيم الحمدونيّ2. شاعر محسن كَانَ فِي هذا الزمان، قبله بيسير أو بعده. وله فِي طَيْلسان أهداه لَهُ أحمد بْن حَرْب أربعين مقطوعًا، ولا يخلو واحد منها من معنى نادرٍ ومَثلٍ سائر. فمنها قوله: يا ابن حَرْب كَسَوْتني طيلسانًا ... مَلَّ من صُحْبَة الزمان وصدًا طال تَرْدَادُهُ إلى الرَّفْوِ حتي ... لو بعثناه وَحْدَهُ لَتَهَدَّا وله في شاه سعيد بن أحمد بن حوسيندار: أَبَا سعَيِد لنا فِي شاتِك الْعِبَرُ ... جاءت وما إنْ لها بَوْلٌ ولا بَعَرُ وكيف تبعر شاةٌ عندكم مَكَثَتْ ... طعامها الْأبْيَضان الشَّمسُ والقمرُ لو أنّها أبصرت فِي نومها عَلَفًا ... غَنَّت لَهُ ودموع العين تنحدرُ يا مانعي لذّة الدُّنيا وزَهْرتها ... إنيّ لَيُقْنعني مِن وجهك النَّظَرُ 110- إِسْمَاعِيل بْن بِشْر بْن منصور السُّلَيميّ البصْريّ3 -د. ق. - عن: أبيه،

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 19". 2 الأغاني "13/ 237". 3 انظر: التهذيب "1/ 284، 285".

وعُمَر بْن عَلِيّ بْن مقدَّم، وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ. وعنه: د. ق.، وأحمد بْن حمدون الأعمشيّ، وابن وهب الدينوري، وأبو بكر بن خزيمة، وآخرون. توفي سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان ثقة. 111- إسماعيل بن حبان بن واقد - ق- أبو إسحاق الثقفي الواسطي القطان1: عَنْ: عَبْد اللَّه بْن عاصم الحِمّانيّ، وعُمَر بْن يونس اليَمَاميّ، وغيرهما. وعنه: ق.، وأحمد بْن يحيى التُّسْتَرِيّ، وعمر بن محمد بن بجير في مسنده، وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي. حبان بحاء مكسورة ثم باء موحدة. 112- إسماعيل بن أبي الحارث أسد بن شاهين2 -د. ت-: أبو إسحاق البغدادي. عَنْ: أَبِي بدر شجاع بْن الوليد، وحَجّاج الأعور، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، وشَبَابة. وعنه: د. ت.، وأحمد بْن محمد بْن الْحَسَن الذَّهبيّ، والحسين بن يحيى بن عياش، والمحاملي، وابن مخلد، وابن أبي حاتم، وآخرون. وكان ثقة ورعا صالحا خيارا، رحمه الله. قال أبو حاتم: صدوق. وقال الدارقطني: ثقة صدوق، ورع، فاضل. توفي في رابع عشر جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين. 113- إسماعيل بن عمرو بن سعيد السكوني3:

_ 1 التهذيب "1/ 288". 2 الجرح والتعديل "2/ 161"، والتهذيب "1/ 282، 283". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 190".

أبو عامر الحمصي المقرئ. عن: علي بن عياش، والربيع بن روح، والوحاظي. قال ابن أبي حاتم: سمعت منه، وهو صدوق. 114- إسماعيل بن المتوكل: أبو هشام الحمصيّ1. عَنْ: أَبِي المغيرة، والْحَسَن بْن الربيع البُورانيّ. وعنه: النَّسائيّ فِي "الكُنَى"، وابن صاعد، ومحمد بْن مَتُّوَيْه، وابن جَوْصا. 115- إِسْمَاعِيل بْن يوسف2. أَبُو عَلِيّ الدَّيْلَميّ العابد الحافظ. جالس أَحْمَد بْن حنبل. وحدث عَنْ: مجاهد بْن مُوسَى. 116- إِسْمَاعِيل بْن يزيد الأصبهاني القطّان3: وَيُكْنَى أَبَا أَحْمَد. مُحَدَّث رحَّال، عَالِيّ الإسناد. صنَّف كتاب "اللّباس"، وغير ذَلِكَ. وسمع من: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووَكِيع، وأبي ضَمْرَةَ، والوليد بْن مُسلْمِ، ومَعْن، وطبقتهم. وبقي إلى نيَّفٍ وخمسين. روى عَنْهُ: أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن أَبِي هُرَيْرَةَ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد مَنْدَوَيْه، وعبد الله بْن محمد البنّاء، ومحمد بْن القاسم بْن كوفيّ، وأَحْمَد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ. وحدَّث عَنْه مِنَ الكبار محمد بْن حُمَيْد الرّازيّ، وهو أقدم منه.

_ 1 التهذيب "1/ 327". 2 من الحنابلة، وعباد الديلم. 3 طبقات المحدثين "2/ 259، 260".

قَالَ أَبُو نُعَيْم: صنَّف "المُسْنَد"، "والتَّفْسير"، وكان يُذْكَر بالزُّهْد والعبادة؛ حسن الحديث. اختلط عَلَيْهِ بعض حديثه فِي آخر أيّامه. مات سنة ستين أو قبلها بقليل. 117- أشناس التُّرْكيّ1: كَانَ أحد الشّجعان المذكورين. وجَّههُ المأمون غازيًا إلى حصن سندس فأتاه بصاحبه. وكان مقدَّم جيش المعتصم حين فتح عَمُّورية. ثمّ ولي إمرة الجزيرة والشّام ومصر للواثق. ونظروا فِي أُعْطيات المعتصم لأشناس فبلغت أربعين ألف ألف درهم. وكان يتعانى المُسْكِر. ولمّا مات فِي سنة اثنتين وخمسين ومائتين خلَّف مائة ألف دينار، فأخذها المعتز بالله. 118- أيوب بن حسان -ق- "أبو سليمان" الدّقّاق2: عَنْ: أبن عُيَيْنَة، وأبي معاوية، والوليد بْن مُسلْمِ، ويحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ. وعنه: ق.، وأسلم بْن سُهَيل، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وعلي بن عبد الله بن مبشر، وأحمد بن عبد الله وكيل "صاحب أَبِي صخرة". وثقَّه ابن حِبّان. 119- أيّوب بْن الْحَسَن النَّيسابوري3: تفقّه عَلَى ". . . "4 الْحَسَن. وسمع من: النَّضْر بْن شُمَيْل، وَيَعْلَى بْن عُبّيْد، وعَبْد العزيز بْن أَبِي رزْمة، ونصر بْن باب، وحفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي مطيع البلْخيّ، وطائفة. وعنه: محمد بْن زياد الفقيه، وإبراهيم بْن محمد بْن سُفْيَان. تُوُفّي فِي ذي القِعْدة سنة إحدى وخمسين ومائتين. وكان كبير الشأن ببلده.

_ 1 انظر: وفيات الأعيان "2/ 415"، "3/ 89". 2 الجرح والتعديل "2/ 244"، والتهذيب "1/ 400". 3 ينظر: "تاريخ نيسابور" للحاكم. 4 بياض في الأصل.

120- أيّوب بْن الوليد البغداديّ الضّرير1: عَنْ: أَبِي معاوية، وإسحاق الأزرق. وعنه: ابن صاعد، والمَحَامِليّ، وجماعة. تُوُفّي فِي المحرَّم سنة ستّين ومائتين. 121- أيّوب الحمّال2: أَبُو سُلَيْمَان. من كبار الزُهّاد فِي عصره ببغداد. كَانَ صاحب أحوال وكرامات. قَالَ الخطيب: حكى عَنْهُ: أَبُو الْعَبَّاس بْن مسروق، وسهل بْن عَبْد اللَّه، وغيرهما. سَمِعْتُ أبا نعيم يَقُولُ: هُوَ مِن العبّاد المجتهدين، لَهُ كرامات عجيبة. قَالَ السُّلَميّ: هُوَ من أقران سَريّ السَّقَطيّ. عَنْ محمد بْن خَالِد الآجُرِّيّ: قلت لأيّوب الحمّال: تخطر فِي نفسي مسألة فأوّد أن أراك. قَالَ: إذا أردتني فحرِّك شفتيك. قَالَ: فكنتُ إذا أردته حرّكت شفتي، فأراه يدخل عَلَى كتفه كارته فأسأله. "حرف الباء": 122- بُخْتيشوع بْن جبريل3: النَّصْرانيّ الطّبيب صاحب التّصانيف. خَدَم المأمون ومن بعده الخلفاء، ونكبه المتوكّلُ مرة، ونفاه، ثم رده إلى المُطْبَق وقُيِّد وغُلَّ بمائة رطل بالبغداديّ. وله كتاب "التذكرة" في الطب.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 10". 2 الحلية "10/ 313، 314". 3 الفهرست "1/ 296" لابن النديم.

وقيل: إنه طَبَّ الرَّشيدّ وليس بشيء، إنّما طبَّه جدِّه بختيشوع بْن جورجس الَّذِي أقدمه الهادي من جُنْدَيْسابور. هَلَكَ بختيشوع هذا سنة ستٍّ وخمسين. 123- بِشْر بْن آدم بْن يزيد -4- أَبُو عَبْد الرَّحْمَن البصْريّ1: عَنْ: جدِّه لأُمّه ازهر السَّمّان، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وزيد بْن الحُبَاب، وخلْق. وعنه: 4، ويحيى بْن صاعد، وآخرون. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين ومائتين. وهو بِشْر بْن آدم الصَّغير؛ وأما الكبير فقديم تفرَّد بِلُقيّه الْبُخَارِيّ. 124- بِشْر بْن خَالِد العسكري الفَرَائضيّ2 -خ. م. د. ن- نزيل البصْرة: عَنْ: غُنْدَر، وأبي أسامة، وشَبَابة. وعنه: خ. م. د. ن.، وابن خُزَيْمَة، وأبو بكر بن أبي داود. وكان ثقة مأمونا. توفي سنة ثلاث وخمسين. قال ابن أبي حاتم: حافظ لحديث الثوري. 125- بشر بن عبد الوهاب3: أبو الحسن الدمشقي مولى بني أمية. ويقال له بشير. شيخ زاهد جليل. روى عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، ووَكِيع، ومروان بْن معاوية، وضَمْرَة، ومحمد بن شعيب، ومحمد بن بشر العبدي.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 351"، والتهذيب "1/ 442". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 356"، والتهذيب "1/ 448". 3 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "2/ 247"، لابن بدران.

وعنه: أبنه أحمد، ومحمد بن الفيض الغساني، وأبو بشر الدولابي، وابن جوصا، وطائفة. توفي في رجب سنة أربع وخمسين. لم يضعفه أحد، فهو حسن الحديث. وهو الذي تفرد عَنْ وَكِيع بمسلسل العيدَيْن. رَوَاهُ عَنْهُ أَحْمَد بْن محمد ابْن أخت سُلَيْمَان بْن حَرْب، وأحمد بْن عُبّيْد اللَّه الفراسيّ، وقيل: بل هذا الفراسي هُوَ ابن أخت سُلَيْمَان، وكنيته أَبُو عُبّيْد اللَّه. وهذا الصحيح من اسمه أنّه أَحْمَد بْن محمد بْن فرِاس بْن الهَيْثَم، وتفرَّد بالحديث. 126- بِشْر بْن مطر بْن ثابت1: أَبُو أَحْمَد الواسطيّ نزيل سامرّاء. سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، وإسحاق الأزرق. وعنه: ابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد، وأبو الْعَبَّاس الأثرم، ومحمد بن جعفر المَطِيريّ، وغيرهم. قَالَ ابن قانع: تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة. وقال أَبُو حاتم: صدوق. وقيل: مات سنة اثنتين وستين. 127- بُغَا التُّرْكيّ الصّغير2: المعروف بالشَّرابيّ الأمير. من كبار قُوّاد المتوكّلُ، وهو أحد من دخل عَلَى المتوكّلُ وفتك بِهِ. ذكر المسعوديّ أنّ بُغَا هذا دعا باغَر التُّرْكيّ، وكان أَهْوَجَ مِقْدامًا، فقال: تعلم محبَّتي لك وإحساني إليك، وأريد منك أن تقتل ابني فارس فقد آذاني. قال: نعم، فلا تجد علي.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 368"، وتاريخ بغداد "7/ 84، 85". 2 انظر: التذكرة الحمدونية "1/ 439، 440" لابن حمدون.

وجعل بينهما إشارة فلم يفعلها بُغَا. ثمّ تركه أيّامًا وطلب منه أنْ يقتل أخاه وَصِيفًا، فرآه مبادرا. ثم انتدبه لقتل المنتصر ولي العهد فقال: كيف أقتله وأبوه باق؟ لكني أبدأ بالمتوكل. فتمت الحيلة وكملت المكيدة. وقد غلب على المستعين هو ووصيف الأمير حتى قيل: خليفة في قفص ... بين وصيف وبغا يقول ما قالَا لَهُ ... كما تَقُولُ الببغا خرج بُغَا عَلي المعتزّ ونهبَ مِنَ الخزائن مائتي ألف دينار، وسار إلى السّن عازمًا عَلَى الشّرّ، فاختلف عَلَيْهِ أصحابه، فكتب يطلب أمانًا، وفارقه عسكره فانْحَدر فِي زَوْرق فأخذته المغاربة، فأخذه الوليد المغربيّ وأتي برأسه، فَنُصِبَ ببغداد، وَأُعْطِيَ قاتلُهُ عشرة آلاف دينار وكان مقتله1 سنة أربعٍ وخمسين، وكفي اللَّه شرّه. 128- بكّار بْن عَبْد اللَّه بْن بُسْر2. أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ البُسْريّ الدّمشقيّ. عَنْ: عَبْد الملك بْن عَبْد العزيز بْن الماجِشُون، وأسد بن موسى، وجماعة. وعنه: أبوا زُرْعَة، وبَقيّ بْن مَخْلَد، وابن جَوْصا، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. 129-بَكْر بْن عَبْد الوهاب المدني3 - ق-: عن: خاله الواقدي، ومحمد بْن فُلَيْح، وعبد اللَّه بْن نافع الصّائغ، وغيرهم. وعنه: ق.، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وابن صاعد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق.

_ 1 زيادة من تاريخ الطبري "9/ 380". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 410". 3 الجرح والتعديل "2/ 389"، والتهذيب "1/ 485".

"حرف الجيم": 130- جابر بْن كُرْديّ بْن جَابرِ: أَبُو الْعَبَّاس الواسطيّ البزّاز1. عَنْ: يزيد بْن هارون، وَوَهْبُ بْن جرير، وشَبَابة، وجماعة. وعنه: النَّسائيّ فيما قِيلَ، وأبو زُرْعَة الرّازيّ، وعلي بْن الْعَبَّاس المَقَانِعيّ، ومحمد بْن جرير، وابن صاعد، وعلي بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر. وثقه ابن حِبّان. 131- جعْفَر بْن أَحْمَد بْن عوَسْجَة السّامرّيّ2: عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وكثير بْن هشام. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبت عَنْهُ بسامرّاء مَعَ أَبي، وقال أَبِي: صدوق. 132- جعْفَر بْن عَبْد الواحد بْن جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس3: العباسي الهاشمي قاضي القضاة. عن: روح بن عبادة، ومحمد بن البرساني، وأبي عاصم، وغيرهم. وعنه: يعقوب الفسوي، والباغندي، وأبو عوانة الإسفراييني، وأحمد بن هارون البردنجي، وعلي بن سراج المصري. قال ابن عدي: متهم بوضع الحديث. وقال الدارقطني: متروك. وقال الخطيب: عزله المستعين عن القضاء، ونَفَاهُ إلى البصرة لأمرٍ بلغه عَنْهُ. وتوفي سنة ثمان وخمسين.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 238". 2 الجرح والتعديل "2/ 474". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 483"، والميزان "1/ 412، 413".

قَالَ أَبُو حاتم: وَصَلَ جعْفَر بْن عَبْد الواحد حديثًا للقَعْنَبيّ فزاد فِيهِ: عَنْ أنس. فَدَعا عَلَيْهِ القَعْنبي فافْتُضِح. وقال أَبُو زُرْعَة: أخاف أن تكون دعوة الشَّيْخ الصّالح أدركته. قَالَ سعَيِد البَرْذَعيّ: قلتُ: أيّ شيخ؟ قَالَ: القَعْنَبيّ. وقال نفْطَوَيْه: كَانَ من حُفاظ الحديث، وله بلَاغة ولسان. وقال غيره: كَانَ بخيلَا. 133- جعْفَر بْن محمد بْن جعْفَر المدائنيّ1: عَنْ: هُشَيْم، وعَبّاد بْن العوام. وعنه: تَمْتَام، والعلَاء بْن أيّوب المَوْصِليّ. وسكن المَوْصِل، فروى عَنْهُ أهلها. وقد روى" المغازي" عَنْ زياد البّكائيّ. وتأخَّر إلى بعد الخمسين. قَالَ الخطيب: بلغني أنّه مات سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. 134- جعْفَر بْن محمد بْن رَبال البغداديّ2: عَنْ: سعَيِد بْن عامر الضُّبَعيّ، وأبي عاصم. وعنه: أَبُو عُبّيْد القاسم، وأبو عبد الله الْحُسَيْن ابنا المَحَامِليّ. 135- جعفر بن محمد بن عامر السامري البزاز3: عن: أبي نعيم، وعفان، وأبي غسان الهندي. قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أَبِي، وهو صدوق. 136- جعْفَر بْن محمد بْن فضيل الرسعني4 -ت- أبو الفضل الحافظ:

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 474". 2 تاريخ بغداد "7/ 238، 239"، التهذيب "2/ 44". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 487". 4 الميزان "1/ 415"، التهذيب "2/ 105".

روى عَنْ: محمد بْن حُمَيْد، وأبي المغيرة، وعلي بن عياش الحمصيين، وعبد الملك بْن الماجُشون، وسعيد بْن أَبِي مريم، وعبد الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، ومؤمل بن إسماعيل، وجماعة. وعنه: ت، وأبو يَعْلَى، والباغَنْديّ، ومحمد بْن الرّمّاح الباهليّ، ويعقوب البزاز، ويوسف بن يعقوب التنوخي الأزرق، وخلق. قال النسائي: ليس بالقوي. ووثقه غيره. 137- جعفر بن مسافر -د. ق. ن- أبو صالح الهذلي التنيسي1. سَمِعَ: ابن أَبِي فُدَيْك، وعلي بْن عاصم، وبِشْر بْن بَكْر التِّنِّيسيّ. وعنه: د. ق. ن. ووثقّه، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وعلي بْن أَحْمَد بْن علَان، وآخرون. تُوُفّي سنة أربع وخمسين ومائتين. 138- جعفر بن منبر المدائنيّ القطّان2. نزيل الرِّيّ. عَنْ يزيد بْن هارون، وأبي بدر، وعبد الوهّاب بْن عطاء، وطبقتهم. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سمعتُ منه بالرّيّ، وهو صدوق. 139- جعْفَر بْن النَّضْر الواسطيّ الضّرير3: عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، وعلي بْن عاصم، وجماعة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ منه مَعَ أَبِي، وهو صدوق. 140- جميل بْن الْحَسَن -ق- أبو الحسن الأزدي الجهضمي البصري4، نزيل الأهواز:

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 491"، والتهذيب "2/ 106-108". 2 الجرح والتعديل "2/ 491". 3 الجرح والتعديل "2/ 492". 4 انظر: الجرح والتعديل "2/ 520"، التهذيب "2/ 113، 114".

عَنْ: ابن عُيَيْنَة، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، وأبي هَمّام محمد بْن الزَّبْرِقان. وعنه: ق.، وأبو عَرُوبة، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وابن خُزَيْمَة، وآخرون. قَالَ ابن أبي حاتم: أدركناه ولم نكتب عَنْهُ. وقال عَبْدان: كَانَ فاسقًا كذابًا. قلت: أما حديثه فقال ابن عدي: لَا أعلم لَهُ حديثًا مُنْكَرًا، وهو صالح فِي باب الرواية، وعنده كُتُب سعَيِد بْن أَبِي عَرُوبة. "حرف الحاء": 141- حاتم بْن بَكْر الضّبّيّ الصَّيْرفيّ البصْريّ1 -ق- عَنْ: أَبِي عامر العَقَدِيّ، وعبد الصّمد بْن عَبْد الوارث، ومحمد بْن بَكْر البُرْسانيّ، وجماعة. وعنه: ق.، وابن خُزَيْمَة، وأبو عروبة، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، وآخرون. 142- الحارث بن أسد بن معقل الهمداني المصري2: أبو الأسد. عن: بشر بن بكر التنيسي، وغيره. آخر ما حدَّث عَنْهُ بمصر إبْرَاهِيم بْن ميمون الصّوّاف. مات فِي ربيع الأوّل سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 143- حامد بْن دَاوُد الشّاشيّ3. عَنْ: محمد بن عبد الله الْأَنْصَارِيّ، وأبي نُعَيْم. ووثقه ابن حِبَان. - حَبْتر. هو عبد الملك. يأتي.

_ 1 التهذيب "2/ 129". 2 التهذيب "2/ 134". 3 الثقات لابن حبان "8/ 218".

144- حبيش بن مبشر -ق- أبو عبد الله الطوسي الثقفي الفقيه1. نزيل بغداد. أخو جعفر بْن مبشر المتكلَّم. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن بَكْر السَّهْميّ، وَوَهْبُ بْن جرير، ويونس بْن محمد. وعنه: ق. وإسحاق بْن إبْرَاهِيم البُسْتيّ، والباغندي، وابن صاعد، ومحمد بن مخلد، وآخرون. قال الخطيب: كان فاضلا، يعد من فضلاء البغداديين. ووثقه الدارقطني. أنا الْمُسْلِمُ2 بْنُ محمد وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْباني، أنا أبو بكر الحافظ، أنا ابن المهدي، أنا محمد بْنُ مَخْلَدٍ، ثَنَا حُبَيْشُ بْنُ مُبَشِّرٍ، أَنَا مُبَشِّرُ بْنُ محمد، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَتَزَوَّجَهَا"3. تُوُفّي حُبَيْش فِي تاسع رمضان سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 145- حَجّاج بْن حمزة العِجْليّ الرّازيّ4: أَبُو يوسف. سمع: ابن نمير، وأبا أسامة، وابن أبي فُدَيْك. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتم، وابنه. وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو زُرْعَة فقال: شيخٌ مُسلْمِ صدوق. 146- حجاج بن يوسف بن حجاج5 -م. د- أبو محمد بن الشاعر أبي

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "8/ 272". 2 سقط تم إثباته من تهذيب الكمال "5/ 416". 3 حديث صحيح: أخرجه عبد الرزاق "13107"، "13140"، في مصنفه، والبخاري "5586"، "5169"، ومسلم "1365"، وأحمد "6/ 99، 165، 170، 239"، والترمذي "1123"، كلهم من حديث أنس، وأخرجه الطبراني "24/ 73"، في الكبير من حديث صفية رضي الله عنها. 4 الجرح والتعديل "3/ 158". 5 الجرح والتعديل "3/ 168"، والسير "12/ 301".

يعقوب الثقفي البغدادي. وكان أَبُوه يُلَقَّب لِقْوَة، نشأ بالكوفة وقال الشِّعْر وصحِب أَبَا نُوَاس، فنشأ ابنه حَجّاج ببغداد وطلب العلم. وحمل عَنْ: أَبِي النَّضْر، ويعقوب بْن إبْرَاهِيم بْن سعد، وأبي أَحْمَد الزبيري، وأبي داود الطيالسي، وأبي عامر العقدي، وحجاج الأعور، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وخلق. وعنه: م. د. فأكثر عَنْهُ مُسلْمِ، وبَقِيّ بْن مَخْلَد، وأبو يَعْلَى، وموسى بْن هارون، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وأبو عبد الله المَحَامِليّ، وآخرون. وقال ابن أبي حاتم: ثقة حافظ. وقال أَبُو دَاوُد: هُوَ خير من مائة مثل الرمادي. وقال صلح جَزَرَة: سمعته يَقُولُ: جَمَعت لي أميّ مائة رغيف، فجعلتها فِي جراب وانحدرتُ إلى شَبَابة بالمدائن، فأقمت ببابه مائة يوم. كلّ يوم أجيّء برغيف أُغمَّسُه في دجلة وآكله، فلما نفذ خرجت. وقال ابن قانع: مات فِي رجب سنة تسع وخمسين. 147- حَجّاج بْن يوسف بْن قتيبة1: أَبُو محمد الهَمَدانيّ الأزرق المؤدَّب. حدَّث بأصبهان عَنْ: النُّعْمان بْن عَبْد السّلَام، وأبي الحسن علي بن حمزة الكسائي، وبشر بن الحسين. وتفرد في الدنيا عنهم، وقيل: أَنَّهُ عاش مائة وعشرين سَنَة. رَوَى عَنْهُ: محمد بن يحيى بن منده، وأحمد بن محمد بن صبيح، ومحمد بن أحمد بن يزيد الزهري، ومحمد بن عمر الجورجيري، وغيرهم. يقع حديثه عاليا في" الثقفيات". توفي سنة ستين. أرخ موته وعمره أبو نعيم وقال: كَانَ فِي مكتبه أكثر من مائة صبي.

_ 1 ذكر أخبار إصبهان "1/ 301".

148- الْحَسَن بْن إبْرَاهِيم البياضي1: المجاور بمكة. عَنْ: هاشم بْن القاسم، والأسود بْن عامر، وجماعة. سَمِعْتُ منه وهو صدوق، قاله ابن أَبِي حاتم. 149- الْحَسَن بْن دَاوُد بْن مِهْران2. أَبُو بَكْر الْأَزْدِيّ البغداديّ المؤدّب. سَمِعَ: أَبَا بدر شجاع بن الوليد، وشبابة، وغيرهما. وعنه: محمد بن مخلدن وأبو الْعَبَّاس الأثرم. وكان صدوقًا. تُوُفّي قبل السّتّين ومائتين. قَالَ ابن أَبِي حاتم: صدوق، كتبتُ عَنْهُ. 150- الْحَسَن بْن سُميط3، بمهمَلَة مضمومة: أَبُو عَلِيّ الْبُخَارِيّ الحافظ. أحد الرّحّالة. عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْل، وعلي بْن شقيق، وسَلْم بْن إبْرَاهِيم، وقُبَيْصة، وآدم، وخلْق. وعنه: سهل بْن شاذُوَيْه، وسيف بْن حفص البخاريّان. 151- الْحَسَن بْن طازاد المَوْصِليّ4: كان نصرانيًّا فرأى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النّوم فأسلم، وحفظ القرآن والعلم. وأفتى بالموصل.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 2"، تاريخ بغداد "7/ 281". 2 الجرح والتعديل "3/ 12، 13". 3 المشتبه في أسماء الرجال "2/ 401" للذهبي. 4 أحد عباد وزهاد الموصل.

أسَلمَ سنة ثمان عشرة ومائتين. وروى عَنْ: غسان ابن الربيع، وأَحْمَد بْن يونس، ومسدّد، وأبي جعْفَر النُّفَيْليّ. ورحل وحصَّل وتزهّد، وخرج من كلّ شيء بقي لَهُ، وبقي يأكُل مِنَ النَسْخ. وكان يقوم نصف اللّيل وينام نصفه. ثمّ فِي الآخر صار يحيى اللّيل كلّه وينام بالنّهار. وكان زاهدًا عابدًا كبير القدْر. تُوُفّي بعد الخمسين ومائتين. روى عَنْهُ ابنه محمد. 152- الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن منصور1: أَبُو علي الأنطاكي البالسي. عن: الهيثم بن جميل، ومحمد بن كثير الصَّنْعانيّ. وعنه: ابن خُزَيْمَة، ومكحول البيروتيّ، وأبو الْجَهْمُ المَشْغرانيّ، وآخرون. 153- الْحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن: أبو علي المستملي2. عَنْ: مكّيّ بْن إبْرَاهِيم، ويحيى بْن يحيى. واستملى عَلَى إِسْحَاق بْن راهَوَيْه. روى عَنْهُ: زَنْجَويْه، وغيره. وتوفي سنة خمسٍ وخمسين3، فِي خامس شعبان نَيْسابور. 154- الْحَسَن بْن عَبْد العزيز بن ضابيء بن مالك -خ- أبو علي الجذامي الجروي المصري4. نزيل بغداد.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 192" لابن بدران. 2 لم نقف عليه. 3 كذا بالأصل، ولعل المراد بالرقم المائتين. 4 الجرح والتعديل "3/ 24"، والسير "10/ 235".

ولجدّهم عديّ بْن حمْرس صُحْبة. فمالك هُوَ ابن عامر بْن عديّ بْن حِمْرَس بْن ثغر بن نصر بن عدي بن القطع بْن جُرَيّ بْن عوف بْن أسود بْن تزّود بْن جشم بْن جذام. قَالَ الخطيب أبو بَكْر: هكذا ساقَ نسبَه محمد ولده. وقال الخطيب: قَالَ غيره: جذام اسمه عَمْرو بْن عديّ بْن الحارث بْن مُرَّة بْن أُدَد بْن زيد بْن يشجب بْن عَريب بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلانَ بْنِ سَبَأِ بْنِ يشجب بْن يَعْرب بْن قَحْطان. قلت: سَمِعَ: أيّوب بْن سُوَيْد الرَّمْليّ، وبشر بْن بَكْر التِّنِّيسيّ، وعبد اللَّه بْن يحيى البُرُلُّسيّ، ويحيى بْن حسّان التِّنِّيسيّ، وعَمْرو بْن أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسيّ، وأبا مُسْهِر، وغيرهم. وأجازَ لَهُ ضَمْرَةُ بْن ربيعة. وعنه: خ. وإبراهيم الحربيّ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو العباس السراج، وابن صاعد، والقاضي المحاملي، وابن أبي حاتم، وحفيده جعفر بن محمد بن الحسن الجروي، وجماعة. قال أبو حاتم: ثقة. وقال الدّارَقُطْنيّ: فوق الثّقة، لم يُرَ مثله فضلَا وزُهدًا. وقال الخطيب: كَانَ من أهل الدَّين والفضل، مذكورا بالورع والثّقة، موصوفًا بالعبادة. وقال جعْفَر بْن محمد: سَمِعْتُ جدّي الْحَسَن بْن عَبْد العزيز يَقُولُ: من لم يردعْه القرآن والموتُ، ثمّ تَنَاطَحَت الجبال بين يديه لم يرتدع1. وقال أَبُو سعَيِد بْن يونس: حُمِل الْحَسَن من مصر إلى العراق بعد قَتْلِ أخيه عَلِيّ، فلم ينزل فِي العراق إلى أن تُوُفّي بها سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. وكانت لَهُ عُبَادة وفضل، وكان من أهل الثقة والورع قَالَ صالح بْن أَحْمَد، وغيره: حُمِل إلى الْحَسَن الْجَرَوِيّ ميراثه من مصر مائة ألف دينار، فحمل إلى أَحْمَد بْن حنبل ثلَاثة آلاف دينار منها، فقال: يا أَبَا عَبْد اللَّه هذه مِن ميراث حلَال. فلم يقبلها2

_ 1، 2 السير "10/ 236".

وقال بعض العلماء: الْجَرَوِيّة قرية بتنيس. قلت: يجوز أن تكون القرية نسبت إلى آبائه، ويجوز أنْ يكون هُوَ نُسِبَ إليها أيضًا. وقد ذكرنا فِي نسبة جُرَيّ بْن عوف. 155- الحسن بن عرفة بن يزيد -ت. ق- أبو علي العبدي، مولَاهُمُ البغداديّ1 المؤدب، مسنَد وقته. وُلِد سنة خمسين ومائة. وسمع: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وخَلَف بْن خليفة، وعبد اللَّه بن المبارك، والمبارك بن سعيد الثوري، وعمار بن محمد الثَّوْريّ، ومرحوم بْن عَبْد العزيز العطّار، وولده عيسى، ومروان بْن شجاع الْجَزَرِيّ، وهُشَيْم بْن بشير، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وأبا بَكْر بْن عَيَّاش، وجرير بْن عَبْد الحميد، وإِبْرَاهِيم بْن يحيى المدنيّ الفقيه، وزياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ، وعباد بْن العوّام، وعباد بْن عباد، وعلي بْن ثابت الْجَزَرِيّ، وقران بْن تمّام الأَسَدِيّ، وأبا حفص الأبّار، وخلْقًا سواهم. وتفرد فِي الدُّنيا عَنْ جماعة منهم. وعنه: ت. ق. والنَّسائيّ فِي غير "السُّنَن" بواسطه، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد الصّمد الهاشميّ، وإسماعيل بْن الْعَبَّاس الوزان، والْحَسَن بْن أَحْمَد بْن الربيع الأنْماطيّ، وزكريّا خياط السنة، والْحُسَيْن بْن يحيى بْن عَيَّاش، والقاضي المَحَامِليّ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ومحمد بْن أَحْمَد الأثْرم، وعَلِيّ بْن الفضل السُّتُوريّ، ومحمد بْن مَخْلَد العطّار، وأُمَمٌ آخرهم وفاةً مِن الثقات الصّفّار. وبقي بعده من تُكلمِ فِيهِ مثل محمد بْن هميان الوكيل، تُوُفّي بعد الصّفّار بشهرين. والسُّتُوريّ المذكور تُوُفّي بعده بسنتين. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ لي يحيى بْن مَعِين: كتَبتَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخ المعلّم فِي "تِلْكَ" المربَّعة؟ قلت: نعم، أَهُوَ الْحَسَن بْن عرفة؟ قال: نعم، عن مبارك بْن سعيد، "وهو ثقة قَالَ عَبْد اللَّه: وكان يختلف إلى أَبِي"2. وقال عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الدَّوْرَقيّ: جاءنا يحيى بْن مَعِين إلى منزلنا فقال لي:

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 31"، والسير "10/ 26-28". 2 السير "10/ 27، 28".

ذهب إلى هذا الشَّيْخ المعلّم الْحَسَن بْن عَرَفَة، ينزل حوض هَيْلَانة، عنده عَنْ مبارك بْن سعَيِد، لَيْسَ بِهِ بأس. وقال محمد بْن المُسَيَّب: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن عَرَفَة يَقُولُ: قد كُتُب عنّي خمسة قرون. قلت: كتبّ عَنْهُ ابن مَعِين، وغيره؛ ثمّ كتَب عَنْهُ "محمد" إِسْحَاق الصَّغانيّ وطبقته، ثمّ كَتب عَنْهُ صالح جَزَرَة وطبقته؛ ثمّ كَتب عَنْهُ ابن صاعد وطبقته؛ ثم كتب عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، وطبقته فهذه الخمسة قرون التي عَنى. أنبأني المسلَّمُ بْن علَان، وغيره، أَنَا الكنديّ، أَنَا القزّاز، أَنَا الخطيب أَبُو بكر: أجاز لي محمد بم مكّيّ المصريّ، وحدثني عَنْهُ نصر بْن إِبْرَاهِيم الفقيه: أنا أحمد بن عبد الله بن رُزَيْق، ثنا الْحَسَن بْن رشيق، ثنا أَحْمَد بْن محمد بْن حكيم الصَّدَفيّ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن عَرَفَة وَسُئِلَ كم تعدّ مِنَ السّنين؟ فقال: مائة سنة وعشر سِنين، لم يبلغ أحدٌ من أهل العلم هذا السّنّ غيري1. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم: عاش السن بْن عَرَفَة مائة وعشر سنين، وكان له عشرة أولاد سماهم بأسامي الصحابة العشر. وقال أبو الفتح الأزدي: حدثني مُوسَى بْن محمد الْأَزْدِيّ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن عَرَفَة يَقُولُ: حدثني وكيع بأحاديث، فلمّا أصبحت سَأَلْتُهُ عَنْها فقال: ألم أحدّثك بها أمس؟ قلتُ: بلى، ولكنّي شَككْت. قَالَ: لَا تشك فإن الشك من الشيطان. قال النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. تُوُفّي الْحَسَن بْن عَرَفَة سنة سبْعٍ وخمسين بسامرّاء، قاله أَبُو القاسم البَغَوِيّ. وقيل: مات فِي ذي الحجّة لأربعٍ بقين منه. وقيل: فِي سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 156- الْحَسَن بْن عطاء بْن يزيد الإصبهاني شاذويه2:

_ 1 تقدم تخريجه. 2 ذكر أخبار إصبهان "1/ 256، 257".

وقيِل: شاذان. شيعيّ معروف. عَنْ: أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وبكر بْن بكّار، وعامر بْن إِبْرَاهِيم. وعنه: محمد بن أحمد بن يزيد الزُّهْريّ، وأحمد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ. 157- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن حَرْب بْن محمد: أَبُو محمد الطّائيّ المَوْصِليّ1. عَنْ: يَعْلَى بْن عُبَيْد، وعُبَيْد اللَّه بن مُوسَى، وجماعة. روى عَنْهُ والده حديثًا واحدًا. وُلِد سنة خمس وتسعين ومائة. وكان بارًّا بأبيه فَفْجِعّ بِهِ، وعاش ستين سنة. وولي مَرَاغَة، فكان يحدثهم أوَّل النّهار وينظر فِي أمورهم فِي وسطه، ويقضي بينهم فِي آخره. تُوُفّي قبل الستين ومائتين. 158- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عيسى: أَبُو عَبْد الغنيّ البَلْقاويّ المُعَافَى2. روى عَنْ: عَبْد الرّزّاق. روى عَنْهُ: محمد بْن خريم، وسعيد بْن عَبْد العزيز الحلبيّ، وعمر بْن سعَيِد المَنْبِجيّ. لَيْسَ ثقة. رَوَى حَدِيثًا مَوْضُوعًا بِإِسْنَادِ الصَّحِيحَيْنِ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ غُفِرَ لِلْحَاجِّ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ منى غفر للحمالين"3.

_ 1 الكامل "7/ 267" لابن الأثير. 2 أحد الكذابين الوضاعين. 3 حديث موضوع: أخرجه ابن عبد البر "1/ 127" في التمهيد، وابن الجوزي "2/ 215"، في الموضوعات، وابن عساكر كما في تهذيب تاريخ دمشق "4/ 233"، لابن بدران. وانظر: الميزان "1896"، واللسان "2/ 981"، واللآلي المصنوعة "2/ 69".

159- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الرِّضا بْن مُوسَى بْن جعْفَر الصّادق1: أَبُو محمد الهاشميّ الْحُسَيْنيّ أحد أئمّة الشَيعة الذين تدَّعى الشِّيعة عِصْمَتهم. ويقال لَهُ: الْحَسَن العسكريّ لكونه سكن سامرّاء، فإنها يقال لها: العسكر. وهو والد منتظَر الرّافضة. تُوُفّي إلى رضوان اللَّه بسامرّاء فِي ثامن ربيع الأول سنة ستّين، وله تسعٌ وعشرون سنة. ودُفِن إلى جانب والده. وأُمُّهُ أَمَةٌ. وأمّا ابنه محمد بْن الْحَسَن الَّذِي يدعوه الرّافضة القائم الخَلَف الحُجّة، فولد سنة ثمانٍ وخمسين، وقيل: سنة ستٍّ وخمسين. عاشَ بعد أَبِيهِ سنتين ثمّ عُدِم، ولم يُعلَم كيف مات. وأمُّهُ أمّ وُلِد. وهم يدَّعون بقاءه فِي السِّرْداب من أربعمائة وخمسين سنة، وأنّه صاحب الزّمان، وأنّه حيّ يعلم علم الأولين والآخرين، ويعترفون أن أحد لم يَرَه أبدًا، فنسأل اللَّه أنْ يثَبِّت علينا عقولنا وإيماننا. 160- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مِهْران المتوثيّ2: نزيل الرِّيّ. عَنِ: الْحَسَن بْن مُوسَى الأشْيَب، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وطائفة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سمعنا منه، وكان صدوقًا. 161- الحسن بن المبارك: أبو القاسم الأنماطي بن اليتيم3. بغداديّ مقرئ. قرأ عَلَى: عَمْرو بْن الصباح.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "7/ 366"، ووفيات الأعيان "2/ 94، 95". 2 الجرح والتعديل "3/ 21". 3 تاريخ بغداد "7/ 430".

قرأ عَلَيْهِ: أَحْمَد بْن سهل الأشْنانيّ، والْحَسَن بْن أَبِي الْجَهْم، ووُهيبْ المَرُّوذِيّ، وقاسم بْن داود البغداي، وغيرهم. 162- الْحَسَن بْن محمد بْن بكّار بْن بلَال العامليّ الدّمشقيّ1: سَمِعَ: أَبَاهُ، ومحمد بْن شُعَيب، وأبا مُسْهِر. وعنه: ابن جَوْصا، وابن ملَاس. وله تاريخ فِي معرفه الرجال. 163- الْحَسَن بن محمد بن الصباح2 -ع. سوى م- أبو علي الزعفراني. كَانَ يسكن درب الزَّعْفَرانيّ ببغداد فَنُسِبَ إِلَيْهِ: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبي معاوية، وابن عَلَيْهِ، وعُبّيْدة بْن حُمَيْد، وحجاج الأعور، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، ومحمد بْن أَبِي عَديّ، ويزيد بْن هارون، وخَلْق. وروى عَنِ الشّافعيّ كتابه القديم. وعنه: ع. سوى م.، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، وزكريا الساجي، ومحمد بن إسحاق، وابن خزيمة، وأبو عوانة، ومحمد بن مخلد، و" القاضي المحاملي و" ابن الأعرابي، وطائفة. وقال ابن حبان: كان أحمد بن "حنبل" وأبو ثور يحضران عند الشافعي، وكان الحسن الزعفراني هو الذي يتولى القراءة. وقال زكريا الساجي: سَمِعْتُ الزَّعْفَرانيّ يَقُولُ: قدِم علينا الشّافعيّ واجتمعنا إِلَيْهِ فقال: التمسوا مَن يقرأ لكم. فلم يجترأ أحد يقرأ عَلَيْهِ غيرى. وكنتُ أَحْدَثُ القوم سِنًّا، ما كَانَ فِي وجهي شَعْرة؛ وإنيّ لَأتعجبُ اليوم من انطلَاق لساني بين يدي الشّافعيّ، وأتعجَّبُ من جَسَارتي يومئذ. فقرأت عَلَيْهِ الكُتُب كلَّها إلَا كتابين، فإنه قرأهما علينا: كتاب المناسك، وكتاب الصلاة3.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 155، 156". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 36"، والسير "10/ 191". 3 السير "10/ 192".

وقال أحمد بن محمد بن الجراح: سَمِعْتُ الْحَسَن الزَّعْفَرانيّ يَقُولُ: لمّا قرأتُ كتاب" الرّسالة" عَلَى الشّافعيّ قَالَ لي: مِن أيّ العرب أنتَ؟ قلت: ما أَنَا بعربيّ، وما أَنَا إلَا من قريَة يقال لها الزعفرانية. قَالَ: فأنت سيّد هذه القرية. وكان الزَّعْفَرانيّ فصيحًا بليغًا. قَالَ عَلَى بْن محمد بْن عُمَر الفقيه بالرِّيّ: ثنا أَبُو عُمَر الزّاهد: سمعتُ أَبَا القاسم بْن بشّار الأنْماطيّ: سَمِعْتُ المُزَنيّ: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: رَأَيْتُ ببغداد نَبَطيًّا يتنحّى علي كأنه عربي وأنا نبطي. فقبل لَهُ: مَن هُوَ؟ قَالَ: الزَّعْفَرانيّ. مات الزَّعْفَرانيّ فِي سلْخ شَعبان سنة ستين، وكان من كبار الفقهاء والمحدثين ببغداد. 164- الْحَسَن بْن مُدْرك -خ. ن. ق- أبو علي السدوسي1، مولَاهُمُ البصري الطّحّان. أحد الحفاظ المذكورين. سَمِعَ: يحيى بْن حَمّاد، وعبد العزيز الْأوَيْسيّ. وعنه: خ. ن. ق. وعمر بْن بُجَيْر، وابن صاعد. رماه أبو داود بالكذب. 165- الحسن بن منصور -خ- ويقال الحسين بن منصور. أبو علي البغدادي الشطوي الصوفي2. ويعرف بأبي علوية. عَنْ: أَيوب بْن النّجّار، وابن عُيَيْنَة، ووَكِيع، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، وحَجّاج الأعور، وجماعة. وعنه: خ.، وأحمد بن حمدون بن عمارة الحافظ، وابن صاعد، ويعقوب الجصاص، وأبو عبيد محمد بن أحمد بن المؤمل، ومحمد بن مخلد، وآخرون. وكان ثقة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 38، 39"، والتهذيب "2/ 321، 322". 2 التهذيب "2/ 322".

ولم يسمه الحسين إلا ابن مخلد العطار. 166- الحسن بن أبي يحيى الأصم1: أبو علي البصري, ثم الرملي الشامي. ويقال: الحسن بن يحيى بن السكن. سمع: أبا داود الطيالسي، ويزيد بن هارون، وعدة. وعنه: محمد بن أحمد بن شيبان الرملي شيخ ابن جميع، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: محلُّه الصِّدق. قلت: مات سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. 167- الْحُسَيْن بْن بيان الشُّلَاثائيّ البصْريّ2: عَنْ: سيف بْن محمد الثَّوْريّ. وعنه: أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن محمد بْن عُمَر البصْريّ الحرابيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حمّاد الطّهْرانيّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن فهد بْن حكيم السّاجيّ. مات سنة سبْعٍ وخمسين. 168- الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد الدّامغانيّ السّمنانيّ3 -د. ق- عَنْ: جعْفَر بْن عَوْن، وأبي أسامة، وعَتّاب بْن زياد المَرْوزِيّ: وعنه: د. ق. وأبو عَلِيّ أَحْمَد بْن محمد رزين الباشاني، وغيرهم. قَالَ النَّسائيّ: لَا بأسّ بِهِ. 169- الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن مِهْران الأصبهاني4: الحنّاط المكتِّب. عن: أبي داود الطيالسي، وبكر بن بكار. وحج وجاور.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 44". 2 انظر: التهذيب "2/ 331، 332". 3 التهذيب "3/ 332". 4 الثقات "8/ 193"، لابن حبان.

وقرأ القرآن على أبي عبد الحمن المقرئ. قَالَ أَبُو نُعَيْم الحافظ: تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. وكان صاحب غرائب. 170- الْحُسَيْن بْن سعَيِد المُخَرّميّ1: عَنْ: ابن عَلَيْهِ، وأبي بدر السَّكُونيّ. وعنه: السّرّاج، ومحمد بْن مَخْلَد. وهو أخو الْحَسَن. 171- الْحُسَيْن بْن السِّكَن البصْريّ2: حدَّث ببغداد عَنْ: عَبّاد بْن صُهَيْب، وعبد اللَّه بْن رحاء الغُدانيّ. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، ومُطَيَّن، ومحمد بْن مَخْلَد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. قَالَ أَبُو حاتم: شيخ. 172- الْحُسَيْن بْن سَيّار: أَبُو عَلِيّ البغداديّ3، نزيل حَرّان. عَنْ: إبراهيم بن سعْد، وعبد العزيز بن أبي حازم. وعنه: محمد بْن "المُسَيَّب" الْأرْغِيانيّ، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وجماعة. وكان ضعيفًا. ومات سنة إحدى وخمسين ومائتين. 173- الحسين بن عبد الرحمن -د. ن. ق- أبو علي الجرجرائي4:

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 16". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 54"، وتاريخ بغداد "8/ 50". 3 تاريخ بغداد "8/ 49". 4 التهذيب "2/ 342".

عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، ووَكِيع، وطَلْق بْن غنّام. وعنه: د. ن. ق.، وجعفر الفِرْيابيّ، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، وأبو العباس السراج، وآخرون. وكان ثقة. توفي سنة ثلاث وخمسين. 174- الحسين بن عبد الله بن محمد الواسطي1: إمام مسجد العوام بن حوشب. روى عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْلٍ، وعبد الرّزّاق. قال ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ منه مَعَ أَبِي، وكان صدوقًا. 175- الْحُسَيْن بْن عَبْد السّلَام المصريّ2: الشّاعر الملقّب: بالجمل. لَهُ شعرٌ بديع. وتوفي سنة ثمانٍ وخمسين وله تسعون سنة. وكان وَسِخًا زَرِيًّا. 176- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن الأسود العِجْليّ الكوفيّ3 -د. ت- نزيل بغداد، أبو عبد الله: عَنْ: وَكِيع، وحسين الْجُعْفيّ، ويحيى بْن آدم، وابن فُضَيْل، وأبي أسامة. وعنه: د. ت. وحاجب بن أركين، وعمر بْن بُجَيْر، والقاضي المَحَامِليّ، وطائفة كبيرة. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وذكره ابن حِبّان في" الثقات" وقال: ربما أخطأ.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 58". 2 من شعراء مصر، انظر: "حسن المحاضرة" للسيوطي. 3 الجرح والتعديل "3/ 56"، والتهذيب "2/ 343".

وأما ابن عديّ فقال: يسرق الحديث، وأحاديثه لَا يُتابَع عليها. وقال أَبُو الفتح الْأَزْدِيّ: ضعيف جدًّا. قلت: تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين. 177- الْحُسَيْن بْن محمد بْن شَنَبة الواسطي البزاز1 -ق. - عَنْ: يزيد بْن هارون، والعلَاء بْن عَبْد الجبّار المكّيّ، وجعفر بْن عَوْن، وأبي أَحْمَد الزُّبَيْريّ: وعنه: ق.، وأسلم بْن سَهل الواسطيّ، ومطين، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبوه وقال: صدوق. 178- الحسين بن أبي زيد: أبو علي الدباغ2. حدَّث ببغداد عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: الباغندي، وأبو العباس السراج، والقاضي المحاملي، وأخوه أبو عبيد القاسم، وآخرون. توفي سنة: أربع وخمسين. أصله من الصغد، واسم أبيه منصور. لا أعلم به بأسًا. 179- حفص بن عمر بن ربال بن إبراهيم بن عجلان -ق- أبو عمر الرقاشي الربالي البصري3. عَنْ: عَبْد الوهّاب الثَّقفيّ، ويحيى القطّان، ومحمد بْن أَبِي عديّ، وجماعة. وعنه: ق.، ويحيى بْن صاعد، وابن مَخْلَد، والمحاملي، وابن عياش القطان، وطائفة. قال الدارقطني: ثقة مأمون. قلت: توفي سنة ثمان وخمسين ببغداد.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 65، 66"، والتهذيب "2/ 369". 2 تاريخ بغداد "8/ 110، 111". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 185"، والتهذيب "2/ 414".

180- حمدان بن سهل: الحافظ أبي بكر البلخي1. سمع: مكي بن إبراهيم، وأبا عبيد القاسم، وعدة. وعنه: أبو بكر محمد بن عمر بن الفضل الترمذي، وأبو علي البلخي الحافظ. أورده أبو الفضل السليماني. 181- حمدان بن عمر -خ- أبو جعفر البغدادي السمسار2: سَمِعَ: رَوْح بْن عُبَادة، وأبا النَّضْر، وجماعة. وعنه: خ.، وابن صاعد، والمحاملي، ومحمد بن مخلد، وآخرون. وقيل: اسمه أحمد، ولقبه حمدان. توفي سنة ثمان وخمسين ومائتين. 182- حمزة بن العباس: أبو علي المروزي3. حج، وحدَّث ببغداد عَنْ: عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، وعَبْدان عَبْد اللَّه بْن عثمان. وعنه: ابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ستين. 183- حمزة بْن عَوْن: أَبُو يَعْلَى المسعوديّ الكوفي4.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 220". 2 التهذيب "1/ 63". 3 تاريخ بغداد "8/ 179، 180". 4 الثقات لابن حبان "8/ 210".

سَمِعَ: يحيى بْن آدم، ومحمد بْن القاسم الأَسَدِيّ، وطبقتهما. وعنه: عَبْد اللَّه بْن زيدان البَجَليّ، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمد بن المسيب الأرغياني. لم يذكره بن أَبِي حاتم. كنّاه الحاكم. 184- حمزة بن نصير -د- أبو عبد الله المصري العسال1: عَنْ: يحيى بْن حسّان التِّنِّيسيّ، وسعيد بْن أَبِي مريم. وعنه: د.، وعلي بْن أَحْمَد بْن الصَّيْقَل، ومحمد بْن أَحْمَد بْن راشد بْن مَعْدان الأصبهاني. وكان صدوقا. توفي سنة خمس وخمسين. 185- حميد بن الربيع بن مالك: أبو الحسن اللخمي الكوفي الخزاز2. قدم بغداد، وحدَّث عَنْ: هُشَيْم، وأبي خَالِد الأحمر، وحفص بْن عَيَّاش، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد اللَّه بْن إدريس، ونحوهم. وعنه: الباغَنْديّ، والقاضي المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، ويوسف بْن يعقوب الأزرق، وأبو الْعَبَّاس محمد الأثْرم، وطائفة سواهم. قَالَ محمد بْن عثمان بْن أَبِي شَيْبة: قَالَ أَبِي: أَنَا أعلم بحميد بْن الربيع، هُوَ ثقة ولكنّه شرِه يُدلّس. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: كَانَ أَبِي يُحسن القول فِي حُمَيْد الخزّاز. وقال الدّارَقُطْنيّ: تكلّموا فِيهِ. وقال البَرْقانيّ: رأيتُ عامّة شيوخنا يقولون: ذاهب الحديث.

_ 1 التهذيب "3/ 34، 35". 2 تاريخ بغداد "8/ 162-165".

قلت: كَانَ واسع الرّواية إخبارّيًا. تُوُفّي سنة ثمان وخمسين. 186- حميد بن زنجويه -د. ن-: الحافظ أبو أحمد الأزدي النسائي1. واسم زَنْجَوَيْه: مَخْلَد بْن قُتَيْبة. سَمِعَ: النَّضْر بْن شُمَيْل، وسعيد بْن عامر الضُّبَعيّ، ويزيد بْن هارون، وجعْفَر بْن عَوْن، ووَهْبُ بْن جرير، وطبقتهم. وعنه: د. ن.، وإِبْرَاهِيم الحربيّ، وابن صاعد، ومحمد بن خريم المري، وعبد الله بن عتاب الزفتي، وأبو العباس السراج، ومحمد بن جرير، والقاضي المحاملي، ومحمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني، وآخرون. وكان ثقة ثبتا إماما كبير القدر. قال النسائي: ثقة. وقال أبو حاتم بن حبان: هو الذي أظهر السنة بنسا. ثم قَالَ: مات سنة سبْع وأربعين ومائتين. قَالَ أَبُو عُبَيْد: ما قدِم علَينا خُراسانَ مثل ابن زَنْجَوَيْه وأحمد بْن شَبَوَيْه. قلت: سافر فِي آخر عمره إلى مصر، ثمّ خرج منها فِي سنة إحدى وخمسين فأدركه أجَلُه، رحمه اللَّه. 187- حم بْن نوح بْن محمد: أَبُو محمد الْأَنْصَارِيّ البلْخيّ2. عَنْ: أَبِي مُعَاذ خَالِد بْن سُلَيْمَان، وعمر بْن هارون البِلْخيَّينْ، وجماعة. وعنه: عَبْدان الأهْوازيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وجماعة. توفي سنة ستين ومائتين.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 223"، التهذيب "3/ 48، 49". 2 الجرح والتعديل "3/ 319".

188- حُنين بْن إِسْحَاق: أَبُو زيد العِباديّ النَّصْرانيّ الشَّقِيّ1. شيخ الطب بالعراق فِي زمانه. كَانَ بصيرًا باللغة اليونانية فعرّب كُتُبًا عديدة فِي الطبيعيّ والرياضيّ. وكان المأمون ذا غرام بتعريبها ومعرفتها. ولُحنْين مصنَّفات مشهورة فِي الطبّ والمسائل وغيرها. وكان ذا ثروة ورَفاهية وتنعُّم. وله أموال وغلمان. طبَّ غيرَ واحدٍ مِنَ الخلفاء، وانقلع فِي سنة ستّين ومائتين. 189- حَوْثرة بْن محمد المنقري -ق- أبو الأزهر البصري الورّاق2: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وأبي أُسامة، وطائفة. وعنه: ق.، وابن خُزَيْمَة، وأبو عروبة الحراني، وأبو محمد بن صاعد، وآخرون. وكان صدوقًا. توفي سنة ستين وخمسين. 190- حيدرة بن إبراهيم: أبو عمرو البغدادي3. عن: أسباط بن محمد، وابن نمير، وأبي أسامة. وعنه: موسى بن هارون، وعثمان بن جعفر اللبان، والقاضي المحاملي، وابن صاعد. قال الدارقطني: ثقة.

_ 1 انظر: وفيات الأعيان "2/ 217، 218"، السير "10/ 337". 2 الجرح والتعديل "3/ 283"، والتهذيب "3/ 65". 3 تاريخ بغداد "8/ 272، 273".

"حرف الخاء": 191- خشيش بن أصرم -د ن- أبو عاصم النسائي الحافظ1، مصنَّف كتاب "الَاستقامة" فِي الرّدّ عَلَى أهل البِدَع: سَمِعَ: عَبْد الرّزّاق، وعبد اللَّه بْن بَكْر السَّهْميّ، ورَوْح بْن عُبَادة، وطبقتهم. وعنه: د. ن. وأبو بكر بن أبي داود، وأحمد بن عبد الوارث العسّال، وعَلِيّ بْن أحمد علَان، ومحمد بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الهَرَويّ، وجماعة. وثقَّه النَّسائيّ. وله رحلة إلى مصر، والشّام، والعراق، واليمن. تُوُفّي فِي رمضان سنة ثلَاثٍ وخمسين بمصر. "حرف الدال": 192- داود بن سليمان -ن. ق- أبو سهل العسكري، بنان2: سَمِعَ: أَبَا معاوية، والْحُسَيْن الْجُعْفيّ، ومحمد بن أبي خداش الموصلي، وجماعة. وعنه: ن. ق. وأبو حاتم، وابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: صدوق؛ ومحمد بْن جعْفَر الخرائطيّ، وآخرون. توفي بسامراء. 193- داود بن عبد الغفار بن داود بن مهران الحراني3: ولد بمصر، وروى عَنْ: الفِرْيابيّ، وبِشْر بْن بكر التنيسي، وأيّوب بْن سويد، وطبقتهم. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عمر التّميميّ شيخ لَابن يونس. مات فِي ربيع الأول سنة أربع وخمسين.

_ 1 انظر: السير "12/ 250"، والتهذيب "3/ 142". 2 الجرح والتعديل "3/ 414"، والتهذيب "3/ 186". 3 ينظر: "تاريخ علماء مصر" لابن يونس.

194- دَاوُد بْن قاسم بْن إِسْحَاق بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَبُو هاشم الْجَعْفَريّ الهاشميّ1. قَالَ المسعوديّ: كَانَ بينه وبين جعفر ثلاثة آباء؛ ولم يكن يعرف في ذَلِكَ الوقت، يعني: سنة خمسين ومائتين، أقعد نسبًا في الهاشميين منه. وكان ذا زهد ونسك وعلم، صحيح العقل، سليم الحواسّ، منتصب القامة. وخبَرُهُ ببغداد مشهور. دخلَ عَلَى محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر فعنَّفه عَلَى قتْل يحيى بْن عُمَر العَلَويّ. 195- دَاوُد بْن يحيى الصُّوفيّ الإفريقيّ2: عَنْ: عَبْد الملك بْن أَبِي كريمة، وعبد اللَّه بْن عُمَر بْن غانم. قَالَ ابن يونس: لَيْسَ بشيء. أحاديثه موضوعة. مات سنة إحدى وخمسين. "حرف الراء": 196- الربيع بْن سُلَيْمَان الجيزي -د. ن- أبو محمد الأزدي، مولَاهُمُ الأعرج3: سَمِعَ: ابن وَهْبُ، والشّافعيّ، وإِسْحَاق بْن بَكْر، وعَبْد اللَّه بْن يوسف. وعنه: د. ن.، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو جعْفَر الطَّحاويّ، وجماعة. وكان حَسَن الحديث صدوقًا. تُوُفّي فِي ذي الحجّة سنة ستٍّ وخمسين ومائتين، قبل الربيع المُراديّ بأربع عشرة سنة. 197- رجاء بْن الجارود: أَبُو المنذر البغدادي الزيات4.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 370، 371". 2 أحد الكذابين الوضاعين. 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 464"، السير "12/ 591". 4 الجرح والتعديل "3/ 54".

سَمِعَ: جعْفَر بْن عَوْن، والواقديّ، وغيرهما. وعنه: المَحَامِليّ، ومحمد بن مَخْلَد، وابن أَبِي حاتم. تُوُفّي سنة ستّين ومائتين. 198- رجاء بْن سهل: أَبُو نصر الصاغاني1. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَلَيْهِ، وأبي قَطَن عَمْرو بْن الهَيْثَم، وحمّاد بْن خَالِد الخيّاط. وعنه: أَبُو عُبَيْد بْن المؤمل، والمَحَامِليّ، وابن مَخْلَد. وثقَّه الخطيب. 199- رجاء بْن صُهَيْب: أَبُو غسّان الأصبهاني الْجَرْوانيّ2. ذكره أَبُو الشَّيْخ فقال: يقال إنّه لم يكن بأصبهان أفضل منه. وإنّه كَانَ مُجاب الدَّعوة. يروي عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وسعيد بْن عامر، وبكر بْن بكّار. وعنه: محمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، وعَبْد اللَّه بْن مَنْدَه، ومحمد بْن جعْفَر الأشعريّ. تُوُفّي سنة إحدى وخمسين ومائتين. 200- رجاء بْن عَبْد الرحيم: أَبُو المضاء الْقُرَشِيّ الهَرَويّ3. عَنْ: أَبِي نُعَيْم، وأبي مُسْهِر، وسعيد بْن أَبِي مريم، وطبقتهم. حدَّث بَنْيسابور، وكان من علماء الحديث.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 411، 412". 2 انظر: طبقات المحدثين "2/ 273، 274". 3 أحد العلماء المستورين، ولا بأس به.

روى عَنْه: إِبْرَاهِيم بْن محمد بن سُفْيَان، وزكريّا بْن دَاوُد الخفّاف، ومحمد بْن سُلَيْمَان بْن فارس، ومحمد بْن عَلَى المذكِّر، وآخرون. 201- رجاء بن عيسى الْجَوْهريّ الكوفيّ1: أبو المستنير. أحد القرّاء الكبار. قرأ عَلِيّ: تُرْك الحذّاء، ويحيى الجزّار، وعَبْد الرَّحْمَن بْن قَلُوقا. وقرأ عَلَيْهِ: سُلَيْمَان بْن يحيى الضَّبِّيّ وهو أجلّ أصحابة. 202- رزق اللَّه بن موسى -ن. ق- أبو بكر الناجي، ويقال: أبو الفضل الإسكافيّ الكلْوَذانيّ2: عَنْ: يحيى بْن سعَيِد القطّان، وابن مَهْديّ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وشَبَابة، وجماعة. وعنه: ن. ق. وعبد اللَّه بْن ناجية، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، والمحاملي، ومحمد بن إبراهيم بن نيروز، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفّي فِي ذي القعدة سنة ست وخمسين ومائتين. 203- رشدين بن عبد العزيز المخزومي3: مولاهم. شيخ معمر مصري. توفي سنة تسع وخمسين في ذي القعدة. قال الطحاوي: سمعته يَقُولُ: حضرت مَعَ أَبِي جنازة اللَّيْث بْن سعد فقام منصور بْن عمّار فقصَّ فِي جنازته. 204- رَوْح بن عبد الرحمن البوشنجي4: نزيل بغداد.

_ 1 غاية النهاية "1/ 273". 2 الميزان "2/ 48"، والتهذيب "3/ 272". 3 ينظر في "حسن المحاضرة" للسيوطي. 4 تاريخ بغداد "8/ 407، 408".

سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، ومعاذ بْن هشام، وعبد الصّمد بْن عَبْد الوارث. وعنه: مُوسَى بْن هارون وقال: ثقة؛ ومحمد بْن خَلَف وَكِيع، ومحمد بْن مَخْلَد. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 205- روح بن الفرج -ق- أبو الحسن البزاز1: عَنْ: مولَاه محمد بْن سابق، وقُبَيْصة بْن عُقْبة، وشَبَابة، وكثير بْن هشام، وجماعة. وعنه: ق.، ويحيى بْن صاعد، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، وأبو عبيد بن المؤمل، ومحمد بن مخلد، والمحاملي، وجماعة. توفي في رجب سنة ثمان أيضا. "حرف الزاي": 206- زاهر بن خالد السمرقندي2: أبو الأزهر الوراق. شيخ موثق. يروي عن: محمد بن عبد الله الأنصاري، وغيره. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين. 207- الزُّبَيْر بْن بكّار بْن عَبْد الله بْن مُصْعَب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بن العوام -ق- قاضي مَكَّةَ أبو عبد الله الأَسَدِيّ الزُّبَيْريّ المدنيّ3: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبي ضَمْرَةَ، والنَّضْر بْن شُمَيْل، وذؤيْب بْن عِمامة، وعبد اللَّه بْن نافع الصّائغ، وعبد المجيد بْن أَبِي رَوّاد، وعَلِيّ بْن محمد المدائنيّ، ومحمد بْن الْحُسَن بْن رَبَالة، ومحمد بْن الضحاك الحزامي، وعمه مصعب الزبيري، وخلق.

_ 1 التهذيب "3/ 296". 2 الثقات لابن حبان "8/ 259". 3 انظر: تاريخ بغداد "8/ 467-471"، السير "10/ 221".

وعنه: ق. وأبو حاتم، وابن أَبِي الدُّنيا، وعبد اللَّه بْن شبيب، وحَرَميّ بْن أَبِي العلَاء وهو أبو عبد الله أَحْمَد بْن محمد المكي، وإسماعيل بْن الْعَبَّاس الورّاق، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بْن أَبِي الأزهر، ويوسف بْن يعقوب الأزرق، وخلْق. قَالَ ابن أَبِي حاتم: رَأَيْته ولم أكتب عنه. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة. وعن السّرِيّ بْن يحيى التّميميّ قَالَ: لقي الزُّبَيْر بْن بكّار إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم المَوْصِليّ، فقال لَهُ إِسْحَاق: يا أبا عَبْد اللَّه، عملت كتابًا سميته" كتاب النَّسب"، وهو كتاب الأخبار!. قَالَ: وأنت يا أبا محمد عملت كتاب سميّته كتاب" الأغاني" وهو كتاب المغاني. قَالَ الْحُسَيْن بْن القاسم الكوكبي: لمّا قدِم الزُّبَيْر بغداد قَالَ أَبُو حامد المستملي عَلَيْهِ: " من" ذكرت يا ابْنِ حَوَارِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. قَالَ: فأعجبه1. وقال محمد بن عبد الملك التاريخي: أنشدني ابن طاهر لنفسه فِي الزُّبَيْر بْن بكّار: ما قَالَ لَا إلَا فِي تَشَهُّده ... ولا جري لفْظُه إلَا عَلَى نعم بين الحواريّ والصِّديق نسْبَتُهُ ... وقد جري ورسول اللَّه فِي رَحِم وقال الكوكبيّ: ثنا محمد بْن مُوسَى المارِسْتانيّ: ثنا الزُّبَيْر بْن بكّار قَالَ: قَالَتِ ابْنة أختي لأهلنا: خالي خيْر رجل لأهله، لَا يتخذ ضرة ولا سَرِيَّةً قَالَ: تَقُولُ المرأة: والله هذه الكُتُب أشدّ عَلَى مِن ثلَاث ضرائر. وقال محمد بن إسحاق الصيرفي: سَأَلت الزبير: منذ كم زوجتُك معك؟ قَالَ: لَا تسألني، لَيْسَ يَرِدُ القيامة أكثر كباشًا منها، ضحيّت عنها بسبعين كَبْشًا. وقال الخطيب: كَانَ الزُّبَيْر ثقة ثَبْتًا، عالمًا بالنّسب وأخبار المتقدمين. له مصنف في"نسب قريش".

_ 1 السير "10/ 222".

قلت: وقع هذا الكتاب عاليًا لَابْن طَبَرْزَد. وقال أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الطُّوسيّ صاحب الزُّبَيْر: تُوُفّي لتسع بقين من ذي القِعْدة سنة ست وخمسين، وقد بلغ أربع وثمانين سنة، بمكة. وصلّى عَلَيْهِ ابنه مُصْعَب. وكان سبب وفاته أنّه وقع من فوق سطْحه، فمكث يومين لَا يتكلّم، ومات. وتُوُفّي بعد فراغنا من قراءة كتاب" النَّسب" عَلَيْهِ بثلَاثة أيّام1. قَالَ السُّلَيْماني: مُنْكَر الحديث. - الزُّبَيْر بن جعْفَر. هُوَ المعتزّ بالله. سيأتي. 208- زكريّا بْن يحيى بْن الحارث بْن ميمون البصْريّ2: عُرف بشرِيك السّرِيّ. عَنْ: مُعَاذ بْن هشام، ووَهْبُ بْن جرير. وعنه: ابن صاعد، وابن مَخْلَد. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ستّين. وعند التّاج الكنديّ جزء عالٍ من حديثه معروف. 209- زكريّا بْن يحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة3: يروي عَنْ: أَبِيهِ، وغيره. وثقَّه مُطَيَّن وقال: تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين. 210- زكريّا بْن يحيى بن عمر -خ- أبو السكين الطائي الكوفي4:

_ 1 السير "10/ 223". 2 تاريخ جرجان "ص/ 310". 3 الجرح والتعديل "3/ 601". 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 595"، والتهذيب "3/ 337، 338".

حدَّث ببغداد عن: أبي بكر بن عياش، وعبد الرَّحْمَن المحاربيّ، وابن نمير، وأبي أسامة، والهيثم بن عدي، وغيرهم. وعنه: خ.، وابن أبي الدنيا، وعبدان الأهوازي، وأحمد بن عمر البزاز، وأبو عبيد على بن حربويه، وابن صاعد، وآخرون. وهو من أولاد أوس بن حارثة بن لام الطائي. وثقة الخطيب وغيره. ومات سنة إحدى وخمسين. 211- زكريا بن يحيى المصري العبدري: أبو يحيى المعروف بالوقار1. يروي عَنْ: ابن القاسم، وابن عُيَيْنَة، وابن وهب، وسعيد الآدم. وعنه: أبو حاتم الرازي، ومحمد بن معافى البيروتي، ومحمد بن إسماعيل المهدي، والحسن بن سفيان، والحسن بن علي بن قديد، وطائفة. وكان من كبار الفقهاء المالكية وصلحائهم. نزح عَنْ مصر أيّام محنه القرآن واستوطن بطرابلس الغرب. وليس هُوَ بالقويّ فِي الحديث. ضعّفه أَبُو سعَيِد بْن يونس وقال: تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة سنة أربعٍ وخمسين. وقال أَبُو عُمَر الكنديّ: كَانَ فقيهًا وكان صاحب عجائب، لم يُحمد. وقال ابن عَديّ: كَانَ يضع الحديث. وقال صالح جَزَرَة: ثنا أبو يحيى الوقار وكان مِنَ الكذابين الكبار. وقال ابن يونس: كان فقيهًا صاحب حلقة. عاش ثمانين سنة. 212- زكريّا بْن يحيى: الزّاهد الكبير أَبُو يحيى الكرديّ الهَرَويّ2.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 606"، والميزان "2/ 77، 78". 2 أحد الزهاد العباد من أهل هراة.

من كبار مشايخهم ووَرعِيهم. ذكره السُّلَميّ فِي "تاريخ الصُّوفيّة" فقال: إنّه مُجاب الدَّعْوة وأنّ الملَائكة تسلّم عَلَيْهِ. وقال: أَحْمَد بْن محمد بْن ياسين: سَمِعْتُ أَبَا سعَيِد العابد يَقُولُ: كَانَ أَحْمَد بْن حنبل يرفع من محلّ أَبِي يحيى الكُرْديّ ويقول هُوَ مِن الأبدال. قَالَ ابن ياسين: مات فِي رَجَب، وكان فقيهًا مُفْتيًا حافظًا للحديث. 213- زكريّا بْن يحيى بْن أيّوب1. أبو علي المدائنيّ المكفوف: عَنْ: زياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ، وشَبَابة بْن سوار. وعنه: محمد بْن غالب تَمْتَام، وابن صاعد، والقاضي المَحَامِليّ، وآخرون. تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. محلّه الصِّدق. 214- زكريّا بْن يحيى بْن زكريّا2: عن: يحيى بْن سعَيِد القطّان، وأبي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وغيرهما. وعنه: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بُجَيْر القاضي، والقاضي المَحَامِليّ. وثقَّه الخطيب. 215- زكريّا بْن يحيى بْن خلَاد: أَبُو يَعْلَى المِنْقَريّ السّاجيّ البصْريّ3 حدَّث ببغداد عَنْ: الأصمعيّ، والحكم بْن مروان الضرير. وهو مكثر عَنِ الأصمعي. وعنه: عُبَيْد اللَّه السُّكّريّ، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بن مخلد، وغيرهم.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "8/ 457، 458". 2 تاريخ بغداد "8/ 458، 459". 3 تاريخ بغداد "8/ 459، 460".

216- زكريّا بْن يحيى بْن أسد المَرْوزِيّ1: صاحب ابن عُيَيْنَة. يأتي سنة سبعين. وقد مرَّ. - زكريّا بْن يحيى كاتب العمريّ. شيخ مُسلْمِ. - وزكريّا بْن يحيى البلْخيّ اللُّؤْلُؤيّ الحافظ. وسيأتي أيضًا. - زكريّا بْن يحيى السّجْزيّ، شيخ النَّسائيّ. 217- زياد بن أيوب - خ. د. ت. ن. - أبو هاشم الطوسي، ثم البغدادي، الحافظ، دَلُّوَيْه2: ويقال لَهُ أيضًا: شُعْبَة الصغير لإتقانه ومعرفته. سَمِعَ: هُشَيْمًا، وأبا بَكْر بْن عَيَّاش، وعبد اللَّه بْن إدريس، وابن عَلَيْهِ، وزياد بْن عَبْد اللَّه البكّائيّ، وعباد بْن العوام، وعلي بْن غراب، ومروان بْن شجاع الْجَزَرِيّ، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وخلْقًا. وعنه: خ. د. ت. ن. وأَحْمَد بْن أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد البغوي، وأبوه، وأحمد بن علي الجوزجاني، وأبو بكر بن أبي داود، وعمر بن بجير، وابن خزيمة، وابن صاعد، ومحمد بن المسيب، والمحاملي. ومن القدماء أحمد بن حنبل. قال أبو إسحاق الأصبهاني، وهو إن شاء الله بن أورمة: ليسعلى بسيط الأرض أحد أوثق من زياد بن أيوب. وقال أبو حاتم: صدوق. قال الإمام أحمد: اكتبوا عنه، فإنه شعبة الصغير.

_ 1 تأت الترجمة له. 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 525"، والتهذيب "3/ 355".

وقال السراج: سمعته يَقُولُ: مولدي سنة ستٍّ وستّين ومائة. وطلبتُ الحديث سنة إحدى وثمانين. قلت: مات فِي ربيع الأوّل سنة اثنتين وخمسين ومائتين. وبين سِبْط السِّلَفيّ وبينه أربعة أنفس. وقد عاش بعده أربعمائة سنة، وهذا نهاية العُلُوِّ. 218- زُهَير بْن محمد بن قمير بن شعبة -ق- أَبُو محمد المَرْوزِيّ1، ويقال: أَبُو عَبْد الرَّحْمَن نزيل بغداد، وأحد الثقات العُبَّاد: سَمِعَ: أَبَا النَّضْر، ورَوْح بْن عُبَادة، وعبد الرّزّاق، وسُنَيْد بْن دَاوُد، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وخلْقًا. وعنه: ق.، وأحمد بن عمرو البزاز، وعمر بن بجير، وابن صاعد، والمحاملي، والحسين بن يحيى بن عياش القطان، وآخرون. قال محمد بن إسحاق السراج: ثقة مأمون. وقال الخطيب: كان ثقة، صادقا ورعا زاهدا. انتقل في آخر عمرة من بغداد إلى طرسوس فرابط بها إلى أن مات2. وقال أَبُو القاسم البَغَوِيّ: ما رَأَيْت بعد أَحْمَد بْن حنبل أفضل من زُهَير بْن قُمَيْر. سمعته يَقُولُ: أشتهي لحمًا من أربعين سنة ولا أكله حتى أدخل الرّوم. فأكله من مغانم الرُّوم. قَالَ: وحدثني ولده محمد بْن زُهَير قَالَ: كَانَ أَبِي يجمعنا فِي وقت ختْمه القرآن فِي شهر رمضان فِي كلّ يومٍ وليلة ثلاث مرات، تسعين ختْمة فِي شهر رمضان فِي كل يوم وليلة3. مات في سنة ثمان وخمسين. وقيل: مات في آخر سنة سبع وخمسين ومائتين.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 591، 592". 2 السير "10/ 252". 3 السابق.

219- زياد بْن يحيى بْن زياد بْن حسّان -ع-: أَبُو الخطّاب الحسّانيّ النُّكْريّ العَدنيُّ، ثمّ البصْريّ1. عَنْ: مُعْتمر بْن سُلَيْمَان، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، ومحمد بْن سَواء، ونوح بْن قيس، وحاتم بْن وردان، وجماعة. وعنه: السِّتّة، وابن أَبِي عاصم، وزكريّا السّاجيّ، وأبو عَرُوبة، وابن جرير، وابن خُزَيْمَة، وخلْق آخرهم أَبُو رَوْق الهِزّانيّ. وثقَّه جماعة. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين. 220- زيد بن أخزم -ع سوى م- أبو طالب الطائي البصري الحافظ2: سَمِعَ: يحيى بْن سعَيِد القطان، ومُعَاذ بْن هشام، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وطبقتهم. وعنه: ع سوى مُسلْمِ، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وعبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، والمَحَامِليّ وخلْق. وثقَّه النَّسائيّ. وذبحته الزَّنْج لمّا هجموا البصرة، وقتلوا أهلها سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين، رحمه اللَّه3. 221- زيد بْن خَرَشَة بْن زيد: أَبُو الْحَسَن الذُّهْليّ الأصبهاني4، الفقيه الَّذِي تولّى مناظرة أَبِي الوليد الكِنانيّ فِي مجلس عَبْد العزيز بْن دُلَف. سَمِعَ: مُسلْمِ بْن إِبْرَاهِيم، والقَعْنَبيّ، والحميدي، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 549"، والتهذيب "3/ 388". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 556، 557"، التهذيب "3/ 393". 3 تاريخ بغداد "8/ 447". 4 ذكر أخبار إصبهان "1/ 320".

وعنه: أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ، وأبو بَكْر الجاروديّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن سالم الأصبهانيون. "حرف السين": 222- سختويه بْن مازيار1: أَبُو عَلِيّ النَّيسابوري. كَانَ مَجُوسيًا فأسلم عَلِيّ يد المأمون وهو شاب. وسمع الكثير، وعني بالعلم، وحجّ، وسمع بالحجاز، والعراق، وخُراسان. حدَّث عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْل، ووَكِيع، ومالك بْن سُعَيْر، وجعْفَر بْن عَوْن، ومسلم بْن قُتَيْبة، وعبد المجيد بْن أَبِي رَوّاد، وطائفة. وعنه: إمام الأئمة ابن خزيمة، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، وأبو حامد بْن بلَال، وآخرون. ذكره أبو عبد الله الحاكم فقال: مُحَدَّث، كبيرٌ سنُّه، مفيد، صدوق. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. وله غرائب. 223- السّرِيّ بْن عاصم: أَبُو شهاب الهَمَدانيّ الكوفيّ2. أحد الضعفاء. سَمِعَ: عيسى بْن يونس، وحفص بْن غِياث. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن خِراش وقال: كذّاب؛ والقاضي المَحَامِليّ. توفي سنة ثمان وخمسين. 224- السري بن المغلس. أبو الحسن السقطي البغدادي الزاهد3.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 307". 2 انظر: تاريخ بغداد "9/ 192"، الميزان "2/ 117". 3 الحلية "10/ 116-128"، السير "10/ 142".

علم الأولياء في زمانه. صحب معروفا الكرخي. وحدث عَنْ: الفُضَيْل بْن عَياض، وهُشَيْم، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش، وعلي بْن غراب، ويزيد بْن هارون. وعنه: أَبُو الْعَبَّاس بْن مسروق، والْجُنَيْد بْن محمد، وأبو الْحَسَن النُّوريّ، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه المُخَرّميّ. قَالَ عَبْد اللَّه بن شاكر عَنْ سَرِيّ السَّقَطيّ قَالَ: صلَّيت وِرْدي ليلةً ومددتُ رِجْلي فِي المحراب، فنوديتُ: يا سَرِيّ كذا تُجالس الملوك. فضَممتُ رِجْلي ثم قلتُ: وعزَّتك لَا مددتها. وقال أَبُو بَكْر الحربيّ: سَمِعْتُ السّرِيّ يَقُولُ: حمدتُ اللَّه مرّةً، فأنا أستغفر اللَّه من ذلك الحمد منذ ثلَاثين سنة. قِيلَ: وكيف ذاك؟ قَالَ: كَانَ لي دُكّان فِيهِ مَتَاع، فاحترق السُّوق، فلقيَني رَجُل فقال: أبشر، دُكّانُك سَلِمَتْ. فقلت: الحمد لله. ثمّ إني فكّرت فرأيتها خطيئة1. وقيل: إنّ السري رَأَى جاريةً سقط مِن يدها إناءٌ فانكسر، فأخذ من دُكّانه إناءً، فأعطاها عِوَض المكسور. فرآه معروف فقال: بغض اللَّه إليك الدُّنيا2. قَالَ سَرِيّ: هذا الَّذِي أَنَا فيه من بركات معروف. قال الْجُنَيْد: سَمِعْتُ سَرِيًّا يَقُولُ: أشتهي منذ ثلَاثين سنة جَزَرَة أَغْمِسُها فِي دِبْس وآكلها، فما تصحّ لي. وسمعت السّرِيّ يَقُولُ: أحبّ أن آكل أكلةً لَيْسَ لله عَليَّ فيها تَبِعَة، ولا لمخلوقٍ فيها مِنَّةٌ، فما أجد إلى ذَلِكَ سبيلَا. ودخلتُ عَلَيْهِ وهو يجود بنفسه، فقلت: أَوْصِني. قَالَ: لَا تصحب الأشرار، ولا تُشْغلَنّ عَنِ اللَّه بمجالسة الأخيار. وقال الفرجاني: سمعتُ الْجُنَيْد يَقُولُ: ما رَأَيْت أعبد لله من السري، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رُئيَ مُضْطَجِعًا إلَا فِي علّة الموت.

_ 1، 2 السير "10/ 142، 143".

وقال الْجُنَيْد: سَمِعْتُ السّرِيّ يَقُولُ: إنيّ لأنظر إلى أنفى كل يومٍ مرارًا مخافة أنْ يكون وجهي قد أسودّ. وسمعته يَقُولُ: ما أحبّ أن أموت حيث أُعْرَف. أخاف أن لَا تقبلني الأرض فأفتَضِح. وسمعته يَقُولُ: فاتني جزء مِن وِرْدي لَا يمكنني أن أقضيه أبدًا. يعني: ما لهُ وقتٌ قطّ لقضائه لَاستغراق أوقاته. قَالَ السُّلَميّ: السّرِيّ أوّل من أظهر ببغداد لسان التّوحيد، " وتكلّم" فِي علوم الحقائق. وهو إمام البغدادّيين فِي الإشارات1. قلت: ومن أصحابه: "الْعَبَّاس" بْن يوسف الشَّكَليّ، ومحمد بْن الفضل بْن جَابرِ السَّقَطيّ، والْجُنَيْد، وآخرون. تُوُفّي فِي رمضان سنة ثلَاثٍ وخمسين؛ وقيل: سنة إحدى؛ وقيل: سنة سبْعٍ وخمسين. 225- السّرِيّ بْن مِهْران: أَبُو سهل الرّازيّ2. نزيل زَنْجان. عَنْ: حسين الْجُعْفيّ، ومحمد بْن عُبَيْد، وجماعة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: وأبوه كَانَ صدوقًا. 226- سعْد بْن مُعَاذ: أَبُو عصْمَة المَرْوزِيّ3. تُوُفّي بَمْرو سنة ثلَاثٍ وخمسين فِي ذي الحجّة. سَمِعَ: عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، وعبد العزيز بْن أَبِي رزْمة. روى عَنْهُ: أَبُو رجاء محمد بن حمدويه، وأهل مرو.

_ 1 السير "10/ 143". 2 الحلية "10/ 124". 3 أخبار القضاة "2/ 42" لوكيع الملقب بخلف.

227- سعَيِد بْن أيّوب بْن مُوسَى الهَمَدانيّ الْبُخَارِيّ1: عَنْ: أَبِي معاوية، ووَكِيع، وأسباط بْن محمد، وطائفة. وعنه: إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن خَلَف، وحفيده محمد بْن حمدان بْن سعَيِد. تُوُفّي فِي رجب سنة إحدى وخمسين ومائتين ببُخَارَى. 228- سعَيِد بْن بحر القَرَاطِيسيّ البغداديّ2: ثقة، مُسنْد. سَمِعَ: عَبِيدَة بْن حُمَيْد، والْحُسَيْن الْجُعْفيّ، وجماعة. وعنه: ابن صاعد، والمَحَامِليّ. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. 229- سعَيِد بْن رحمة بْن نُعَيْم المصِّيصيّ3: أَبُو عثمان. راوي كتاب الجهاد عَنِ ابن المبارك. روى عَنْ: ابن المبارك، وأبي إِسْحَاق الفَزَاريّ، ومحمد بْن حِمْيَر الحمصيّ، وغيرهم. وعنه: محمد بن سفيان المصيصي الصفار، ومحمد بن المسيب الإسفنجي الأرغياني، وأحمد بن جوصا. قال ابن حبان: يروي ما لم يتابع عليه. لَا يجوز الاحتجاج بِهِ. 230- سعَيِد بْن عَبْد اللَّه: أبو صالح الهَمَدانيّ السَّوّاق4. الرّجل الصالح، أحد حفاظ الحديث.

_ 1 من علماء بخارى، في عداد المستورين. 2 تاريخ بغداد "9/ 93". 3 الميزان "2/ 135، 136". 4 أحد العلماء الأثبات، صدوق.

رحل وطوّف، وسمع: يزيد بْن هارون، وعبد الرزاق، والفريابي، وعبد الله بن جعفر الرقي، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وخلقا. وعنه: محمد بن هارون الروياني، وعبد العزيز بن محمد الحارثي، وجماعة. 231- سعيد بن عبد الرحمن -ن- أبو عثمان البغدادي1، نزيل أنطاكية: عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس، ومحبوب بْن مُوسَى الفرّاء. وعنه: ن.، وميمون بْن أَحْمَد المؤدّب، وحاجب بن أركين الفرغاني. 232- سعيد بن عيسى الكريزي البصري2: عن: معتمر بن سليمان، ويحيى القطان، وجماعة. وعنه: الحسن بن محمد بن شعبة، وأبو عبيد القاسم المحاملي. قال الدارقطني: ضعيف. 233- سعيد بن مروان -خ. ق- أبو عثمان البغدادي3: سَمِعَ: أَبَا نُعَيْم، والقَعْنَبيّ، وجماعة. وسكن نَيْسابور. روى عَنْهُ: خ. ق.، ومحمد بْن إِسْحَاق بن خزيمة، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وزكريّا بْن دَاوُد الخفّاف، ومحمد بْن سُلَيْمَان بن فارس، وأبو علي محمد بن علي بن عمر المذكر. توفي في نصف شعبان سنة اثنتين وخمسين. روى البخاري عنه حديثا مقرونا بغيرة، عَنْ محمد بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي رزْمة. وروى عَنْهُ ق. حديثًا عَنْ أَحْمَد بْن يونس. 234- سعَيِد بْن محمد بن ثواب البصري4:

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 93"، والتهذيب "4/ 57". 2 تاريخ بغداد "9/ 94"، والميزان "2/ 154". 3 تاريخ بغداد "9/ 91"، والتهذيب "4/ 80". 4 تاريخ بغداد "9/ 94، 95".

عَنْ: أزهر السَّمَّان، ومؤمّل بْن إِسْمَاعِيل، وجماعة. وعنه: يحيى بْن محمد بْن صاعد، والمَحَامِليّ، وعَبْد اللَّه بْن ناجية، ومحمد بْن المُسَيَّب الأرغياني. 235- سعيد بن نصير -د- أبو عثمان البغدادي الوراق1، نزيل الثَّغر والرَّقَّة: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووَكِيع، وجماعة. وعنه: د.، وأبو شُعَيب الحرّانيّ، والحسن بْن أَحْمَد بْن فيل، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم البوسنجيّ، وأبو عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ فِي غير سُنَنِه، وأبو عَبْد الملك أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، ومحمد بْن يحيى بْن كثير الحرّانيّ، وقد روى هُوَ عَنْهُ. ومن شيوخه: مبشّر بْن إِسْمَاعِيل الحلبيّ، وأبو أسامة، ورَوْح بْن عُبَادة. وله: كتاب "البكاء" وكتاب "العوابد". وغير ذَلِكَ فِي الرقائق. وبقي إلى الخمسين ومائتين. 236- سعيد بن هاشم الكاغدي السمرقندي2: عن: عمرو بن عاصم الكلابي، وقُبَيْصَة، وأبي الوليد الطَّيَالِسيّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين. 237- سعَيِد بْن يزيد بْن معيوف الحجُوريّ3: عَنْ: عَمْرو بْن هاشم البَيْروتيّ، وعَلِيّ بْن عياش. وعنه: ابن جوصا، ومحمد بن عباس الدَّرَفْس، وجعفر بْن دَرَسْتَوَيه وقال: كَانَ ثقة، مِن الأبدال. 238- سعيد بْن يزيد: أَبُو عثمان التيمي4.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 92"، والتهذيب "4/ 92". 2 الثقات لابن حبان "8/ 272". 3 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 181". 4 لم نقف عليه.

عَنْ: عيسى بْن يونس، وابن عَلَيْهِ، والوليد بْن مُسلْمِ. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل الرّازيّ. شيخٌ مُعَمِّر لِقيَه الحاكم. لم أرَه فِي كتاب ابن أَبِي حاتم. 239- سَلَمَةُ بْن أَحْمَد بْن أَبِي نافع: أَبُو طَالِب المُرِّيّ المَوْصِليّ الفقيه المفتي1. يروي عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس، وأَحْمَد بْن يونس، وسعيد بْن منصور، وعلي بْن الجعد. روى عَنْهُ: محمد بْن جامع الصّائغ، وغيره مِنَ المَوَاصِلَة. ومات بعد الخمسين ومائتين. 240- سَلَمَةُ بْن مكمّل المُدْلِجِيّ المصريّ2: من: شيوخ مصر. تُوُفّي فِي رجب سنة خمسٍ وخمسين. آخر مِن حدَّث عَنْهُ أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى بْن جرير. 241- سَلْم بْن جُنَادَةُ بْنُ سَلْمِ بْنِ خَالِدِ بْنِ جَابِرِ بْن سَمُرَة. أَبُو السّائب العامريّ السُّوائيّ الكوفيّ3. سَمِعَ: أَبَاهُ، وعبد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، وجماعة. وعنه: ن. ق.، ومحمد بْن جرير، والقاضي المَحَامِليّ، وأبي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومُحَمَّد بْن مخلد، وجماعة. قال النسائي: كوفي صالح.

_ 1 لم نقف عليه. 2 ينظر "حسن المحاضرة" للسيوطي. 3 الجرح والتعديل "4/ 269"، والتهذيب "4/ 128".

وقال البرقاني: ثقة. وقال السراج: قَالَ لي: وُلدتُ سنة أربعٍ وسبعين ومائة. وعاش ثمانين سنة. 242- السَّلْم بْن يحيى: أَبُو سعَيِد الطّائيّ الحجراوي1. عن: مروان بن معاوية الفزازي، وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز. وكان عَالِيّ الإسناد. روى عَنْهُ: محمد بْن خُرَيْم المُرِّيّ، وابن جوصا، وأبو الدحداح أحمد بن محمد، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وروي أنّ النّاس كانوا يتلَقَّونه يوم الجمعة إذا دخل البلد إلى باب جيرون يحترمونه ويُبَجِّلونه ويدخلون بِهِ الجامع. 243- سُلَيْمَان بْن بَشار الخُرَاسانيّ2: أَبُو أيّوب. حدَّث بمصر عَنْ: هُشَيْم، وابن المبارك، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: جماعة آخرهم عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الرشديني. توفي في شعبان سنة تسع وخمسين ومائتين، وهو آخر من حدَّث عَنْ هُشَيْم بالدّيار المصرية. ولم يذكره بن أبي حاتم، ولا الحاكم أَبُو أَحْمَد، ولا الحاكم أبو عبد الله. وعِدادهُ فِي الضُّعَفاء. 244- سليمان بن داود بن حماد أخو رشدين ابني سعد -د. ن- أبو الربيع المهري المصري3.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 269". 2 الميزان "2/ 197، 198". 3 الجرح والتعديل "4/ 114"، والتهذيب "/ 186، 187".

عن: عبد الله بن وهب، وإدريس بن يحيى الزّاهد، وأشْهب الفقيه، وعبد الملك بْن الماجِشُون، وعبد اللَّه بْن نافع. وعنه: د. ن. ووثقه، وعمر البُجَيْريّ، وإبراهيم بن متويه، ومحمد بن زبان، وآخرون. وقرأ القرآن على ورش. قرأ عليه: أبو بكر محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وغيره. وكان من جلة المقرئين وعبادهم ومسندهم، لكن لم نشهد طريقه. توفي سنة ثلاث وخمسين في أول ذي القعدة، قاله ابن يونس. وقال: كان زاهدا، وكان فقيها على مذهب مالك. ولد سنة ثمان وسبعين ومائة. وقال أبو داود السختياني: قَلَّ من رَأَيْت فِي فضله. 245- سُلَيْمَان بْن دَاوُد. أَبُو أَحْمَد الثَّقفيّ الرّازيّ القزاز1. سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، وابن نُمَيْر، ومعن بْن عيسى. وعنه: أبو حاتم، وابنه عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم وقال: ثقة؛ وأبو نُعَيْم عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عدِيّ، وأحمد بْن محمد بْن مُصْعَب الكاغِديّ، وهو آخر من حدَّث عَنْهُ. 246- سُلَيْمَان بْن عَبْد الجبار بْن زُرَيْق السّامرّي2 -ت- عن: سعيد بْن عامر الضبعي، وعثمان بْن عُمَر بْن فارس. وعنه: ت.، وعبد اللَّه بْن ناجية، وابن صاعد، وجماعة. وقال أبو حاتم: سَمِعْتُ حَجّاج بْن الشاعر يبالغ فِي الثنَّاء عَلَيْهِ. 247- سُلَيْمَان بْن عَبْد الرحمن بْن حماد -د- أبو داود التيمي الطلحي الكوفي التمار3.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 115"، والثقات لابن حبان "8/ 280". 2 الجرح والتعديل "4/ 130"، والتهذيب "4/ 205". 3 الجرح والتعديل "4/ 129"، والتهذيب "4/ 206".

عَنْ: أَبِيهِ، وعَمْرو بْن حمّاد القتّاد. وعنه: د.، وأبو زُرْعَة، وابن أَبِي حاتم، وغيرهم. مات فِي ذي القِعْدة سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 248- سُلَيْمَان بْن محمد بْن سُلَيْمَان. أَبُو أيّوب الرُّعَيْنيّ الحمصيّ1. سَمِعَ: بقيّة بْن الوليد. وعنه: سعَيِد بْن عَمْرو البَرْذَعيّ. قَالَ ابن أَبِي حاتم: تُوُفّي قبل قدومي حمص بدون سنة. 249- سليمان بن معبد -م. ن- أبو داود السنجي المروزي2. وسَنْج من قُرَى مَرْو: سَمِعَ النَّضْر بْن شُمَيْل، وعبد الرّزّاق، وعبد اللَّه بْن يوسف التِّنِّيسيّ، وطائفة. وعنه: م. ن. وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوزِيّ، وخلْق. وكان محدثًا حافظًا نَحْويًّا فصيحًا. تُوُفّي بَمْرو فِي سنة سبْعٍ وخمسين فِي ذي الحجة. 250- سُلَيْمَان بْن نصر: أَبُو أيّوب المُرِّيّ الغَطَفَانيّ الأندلسيّ3. روى عَنْ: يحيى بْن يحيى، وسعيد بْن حسّان، وعبد الملك بْن حبيب، وأَبِي مُصْعَب الزُّهْريّ، وطائفة. مات بالأندلس. 251- سُلَيْم بن مجاهد بن يعيش ". . . "4:

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 140". 2 تاريخ بغداد "9/ 51"، والتهذيب "4/ 219". 3 انظر: جذوة المقتبس "226"، للحميدي. 4 بياض في الأصل.

يشتبه بيعيش أَبُو عُمَر الْبُخَارِيّ. رحل وسمع من: أَبِي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ وعبد اللَّه بْن رجاء الغُدّانيّ، والقَعْنَبيّ. وعنه: ابنه المحدث مهيب بْن سُلَيْم. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. 252- سهل بن محمد -د. ن: أبو حاتم السجستاني المقرئ اللُّغَويّ الإمام1. إمام جامع البصرة. صاحب المصنفات. أخذ عَنْ: عُبَيْدة، وأبي زيد الْأَنْصَارِيّ، والأصمعيّ، ووَهْبُ بْن جرير، ويزيد بْن هارون، وأبي عامر العقدي. وقرأ القرآن على يعقوب الحضرمي. وحمل الناس عنه القرآن والحديث والعربية. روى عنه: د. ن.، والبزّاز فِي "مُسْنَدة"، ويحيى بْن صاعد، ومحمد بن هارون الروياني، وابن خزيمة. وتخرّج بِهِ محمد بْن يزيد المبرد، وأبو بكر بن دريد. وحدث عن حفّاظ، وخلْق أخرهم أَبُو رَوْق الهزانيّ. وكان جمّاعةً للكُتُب يتبحر فيها. وله يد طُولَى في اللغة والشعر العروض، واستخراج المُعَمَّى. ولم يكن حاذقًا فِي النَّحْو. قَالَ أَبُو حاتم السِّجِسْتانيّ: كنت عند الأخفش وعنده التُّوَّزيّ فقال: ما صنعت فِي كتاب "المذكّر والمؤنثّ"؟ قلت: قد عملتُ فِي ذَلِكَ. قَالَ: فما تقول في الفردوس؟

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 204"، والتهذيب "4/ 257".

قلت: ذَكَر. قَالَ: فإنّ اللَّه يَقُولُ: {الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} [المؤمنون: 11] . قلت: ذهبَ إلى الجنة. فقال التوزي: يا غافل، أما تسمعهم يقولون: إنّ لك الفِرْدوس الأعلى؟ فقلت: يا نائم، الأعلى هاهنا افعلْ. وليس بفَعْلي. ولأبي حاتم كتاب "إعراب القرآن"، وكتاب" ما تَلْحن فِيهِ العامّة"، وكتاب "المقصور والممدود"، وكتاب "المقاطع والمبادئ"، وكتاب "القراءات"، وكتاب" الفصاحة"، وكتاب "الوحوش"، وكتاب "اختلَاف المصاحف"، وغير ذَلِكَ1. وكان كثير التصانيف. تُوُفّي سنة خمسين. وقيل: فِي آخر سنة خمسٍ وخمسين، وله ثلَاثٌ وثمانون سنة. قَالَ: قرأت كتاب سِيبَوَيْه عَلَى الأخفش مرَتين. وقد كَانَ فِي أَبِي حاتم دُعابة الأدباء. "حرف الشين": 253- شجاع بن الوليد -خ- أبو الليث البخاري2. مؤدِّب الأمير حسن بْن العلَاء السَّعْديّ. رحل وسمع: عَبْد الرّزّاق، والنَّضْر بْن محمد، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وجماعة. وعنه: خ.، وأحمد بْن عَبْده الآمُليّ، وسهل بن شاذويه البخاري. 254- شعيب بن عبد الحميد بن بسطام الواسطي الطحان. عن: سعيد بن عامر، ويزيد بن هارون، ومؤمل بن إسماعيل. وعنه: أسلم بن سهل، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: صدوق.

_ 1 السير: "10/ 195". 2 انظر: التهذيب "4س/ 314".

255- شُفَيع بْن إِسْحَاق، بالضّمّ: أَبُو صالح الْبُخَارِيّ المحتسب1. روى عَنْ: خاقان، وأبي حفص أَحْمَد بن حفص، ومحمد بْن سلَام، وحَيّان بْن مُوسَى. وعنه: أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن رُفَيد، وعَبْدان بْن يوسف، وخَلَف بْن مُهَيْل. مات سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. مِنَ "الإكمال". 256- شمر بن حمدويه2: أبو عمر اللُّغَويّ أديب خُراسان. كَانَ رأسًا فِي العربية والآداب. قِيلَ: أَنَّهُ صنَّف كتاب "غريب الحديث" فِي قدْر "غريب الحديث" الّذي لأبي عُبَيْد مرّات. وكان كاتب الحُكم لأحمد بْن حُرَيْش القاضي بَهَراة. وكان مِن أئمّة السنة والجماعة. روى عَنْ: عَبْد الصّمد بْن حسّان، والنَّضْر بن شميل، وابن الأعرابي، وغيره. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن محمود بْن مقاتل. وتُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين، أو سنة خمسٍ. "حرف الصاد": 257- صالح بْن أَبِي صالح عَبْد اللَّه بْن صالح المصريّ3: عَنْ: أَبِيهِ، وابن وَهْبُ، وعبد الرحمن بن القاسم، وعمر بن راشد.

_ 1 المشتبه "1/ 398" للذهبي. 2 معجم الأدباء "11/ 274، 275". 3 انظر: "حسن المحاضرة".

وعنه: إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن مَتُّوَيه، وعلي بن أحمد علان المصري، وآخرون. 258- صُرَد بْن حمّاد: أَبُو سهل الصَّيْرفيّ1. عَنْ: أَبِي قَطَن، وبكر بْن بكّار، وغيرهما. حدَّث ببغداد. روى عَنْهُ: إِسْمَاعِيل الوراق، ومحمد بْن مَخْلَد. قَالَ الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرًا. 259- صالح بن الهيثم الواسطي -ق- أبو شعيب الصَّيْرفيّ الطّحّان2: عَنْ: فُضَيْل بْن عياض، وعَبْد القُدُّوس بْن بَكْر بْن خُنَيْس، وشاذّ بْن فَيّاض، وإِبْرَاهِيم بْن رُسْتُم المَرْوزِيّ. وعنه: ق. حديثًا، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد وقال: صدوق؛ ومحمد بْن حمزة بْن عُمارة الأصبهاني، وعبد الله بن أحمد شوذب. 260- صفوان بن عمرو الحمصي3 -ن- عَنْ: أَحْمَد بْن خَالِد الوهْبيّ، وأبي المغيرة، وعلي بْن عَيَّاش، وجماعة: وعنه: ن.، ومحمد بْن أَحْمَد بْن راشد بْن مَعْدان الأصبهاني، ومحمد بن عبد الله مكحول البيروتي. قال النسائي: لَا بأس بِهِ. "حرف الطاء": 261- طاهر بْن خَالِد بْن نزار الْأيْليّ4: أَبُو الطَّيْب، نزيل سامرّاء.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 343". 2 الجرح والتعديل "4/ 419"، والتهذيب "4/ 407". 3 التهذيب "4/ 429". 4 تاريخ بغداد "9/ 355".

سَمِعَ: أَبَاهُ وآدم بْن أَبِي إياس. وعنه: ابن صاعد، وإسماعيل الوراق، ومحمد بْن مَخْلَد، ومحمد بْن جعْفَر المَطِيريّ. قَالَ ابن أَبِي حاتم: صدوق. قلت: تُوُفّي سنة ستين. وقيل سنة ثلَاثٍ وستين. وحديثه يقع عاليًا فِي "جزء ابن مَخْلَد" الَّذِي عند ابن اللُّتيّ. 262- طليق بن محمد بن السكن -ن- أبو سهل الواسطي البزاز1: عَنْ: أَبِي معاوية، وعَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، ويزيد بْن هارون. وعنه: ن.، وابن خُزَيْمَة، وعمر البجيري، وأحمد بن عمرو البزار، وعلي بن عبد الله بن مبشر، ومحمد بن المسيب الأرغياني. ذكره ابن حبان فِي "الثقات". "حرف العين": 263- عامر بن شعيب الأرغياني الإسفنجي2: عن: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعيسى بْن يونس أحاديث ساقطة. وعنه: أبو عوانة الإسفراييني، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، ومحمد بْن حفص الجوينيّ. 264- الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب جعْفَر بْن عبد الله بن الزبرقان -ق- أبو محمد البغدادي، مولي آل الْعَبَّاس3: وله أخَوان: الفضل ويحيى. سَمِعَ: يحيى بْن بُكْير، وهوذة، والحسن بْن موسى الأشيب، وشبابة والقعنبي، وطائفة.

_ 1 التهذيب "5/ 35". 2 الميزان "2/ 359". 3 الجرح والتعديل "6/ 215"، والسير "12/ 621".

وعنه: ق.، وأبو بكر بن أبي داود، وعمر البُجَيْريّ، وابن صاعد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ومحمد بْن مَخْلَد، وخلْق. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. قلت: مات فِي عاشر جُمَادَى الآخرة سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 265- الْعَبَّاس بْن الْحَسَن البلْخيّ, ثمّ البغداديّ1: عَنْ: عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وعبد اللَّه الخُرَيْبيّ. وعنه: ابن مَخْلَد العطّار، والقاضي المَحَامِليّ. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 266- الْعَبَّاس بْن سعَيِد: أَبُو الفضل المصري الخواص2. قال ابن يونس: روى عَنِ ابن وَهْب. ومات سنة تسع وخمسين. 267- العباس بن الفرج -د- أبو الفضل الرياشي البصري النَّحْويّ3، صاحب العربيّة: أخذ عَنْ: الأصمعيّ، وأبي عبيد بن المثنى، وأبي دَاوُد الطَّيالِسيّ، وعبد الله بْن بَكْر السَّهْميّ، وأبي عاصم النبيل، وطائفة. وعنه: د.، تفسير لغةٍ، وإِبْرَاهِيم الحربيّ، وابن أَبِي الدُّنيا، ومحمد بْن يزيد المبرّد، وابن دُرَيْد، ومحمد بْن أَبِي الأزهر، وأبو خليفة الجّمَحيّ، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وإمام الأئمة ابن خُزَيْمَة، وخلْق آخرهم أَبُو رَوْق الهزّانيّ. وكان مِن الأدب واللُّغة بِمحلٍّ عالٍ. كَانَ يحفظ كُتُب أَبِي زيد الأنصاري وكتب الأصمعي كلها.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 140، 141"، والتهذيب "5/ 117". 2 لم نقف عليه. 3 تاريخ بغداد "12/ 138"، والتهذيب "5/ 124، 125".

وقد قرأ كتاب سِيبَوَيْه عَلَى أَبِي عثمان المازنيّ، فكان المازنيّ يَقُولُ: قرأ عَلِيّ الريّاشيّ الكتاب وهو أعلم بِهِ منيّ. ذكر الخطيب فِي ترجمته بعد أن وثقَّه أنّ الزَّنْج قتلته بالبصْرة سنة سبْعٍ فيمن قَتَلُوا، وكان قائمًا يصلي الضحى في مسجده، -رحمه اللَّه-، فلم يدُفن إلا بعد زمن. 268- الْعَبَّاس بن يزيد بن أبي حبيب -ق- البصري البحراني1: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويزيد بْن زُرَيْع، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وزياد البكّائي، وغُنْدَر، وطائفة. وعنه: ق.، وابن أَبِي حاتم، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وإِسْمَاعِيل الوراق، وخلْق. وكان ثقة حافظًا. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. وكان يُلَقَّب عبّاسُوَيْه. ولي قضاء همدان مدّةً. 269- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبوَيْه: الحافظ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن المَرْوزِيّ2. سَمِعَ: أَبَاهُ، وعَبْدان عَبْد اللَّه بْن عثمان، وعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، وآدم بْن أَبِي إياس، وأبا اليمان، وخلْقًا سواهم. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وابن صاعد، وأبو حامد، والحضْرميّ، وزكريّا الغافقيّ، وطائفة. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين، وهو أشبه. وقيل: سنة خمسٍ وسبعين، وهو بعيد. 270- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن زُكَيْر بْن غَزْوان الحنفيّ: عَنْ: أَسْباط بْن محمد، وجعْفَر بْن عَوْن، وجماعة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبنا من حديثه سنة ستٍّ وخمسين ولم يقدر لنا السماع منه.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 217"، والتهذيب "5/ 134، 135". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 6"، وتاريخ بغداد "/ 371".

271- عبد الله بن إسحاق -ن- أبو جعفر الواسطي الناقد1: عَنْ: يزيد بْن هارون، ويحيى السَّيْلَحينيّ، ورَوْح بْن عُبَادة، وأبي عاصم. وعنه: ن.، ومحمد بْن جرير، وبكر بْن أَحْمَد بْن مُقْبل الحافظ، وأبو بكر بن أبي داود، وجماعة. ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ". 272- عَبْدُ اللَّهِ بن إسحاق أبو محمد البصري الجوهري2 الملقب ببدعة؛ مستملي أبي عاصم النبيل. روى عَنْ: أَبِي عاصم، والْحُسَيْن بْن حفص الأصبهاني. وعنه: د. ت. ن. ق.، وعُمَر بْن بُجَيْر، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وآخرون. تُوُفِّيَ سَنَة سبْعٍ وخمسين2. 273- عَبْد اللَّهِ بْن إِسْمَاعِيل بْن يزيد بن حجر: أبو عمر البَيْروتيّ3، ابن بنت الأوزاعيّ. روى عَنْ: أَبِيهِ، والوليد بْن مَزْيَد البَيْروتيّ. وعنه: أبو حاتم الرازي، وأحمد بن إبراهيم البسري، وابن جوصا، وغيرهم. 274- عبد الله بن الحسن بن حفص بن الفضل بن يحيى بن ذكوان: أبو محمد الهمداني الأصبهاني4. رئيس أصبهان ووجهها. وكان خيرا فاضلا جليلا، كاتب الخلفاء، يكاتبونه ويخاطبونه بمختار البلد. روى عن: عمه الحسين بْن حفص، وبَكْر بْن بكّار. روى عَنْهُ: ابناه، عُمَر ومحمد. ومات سنة أربعٍ وخمسين.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 6". 2 التهذيب "5/ 147". 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 4". 4 طبقات المحدثين"2/ 297، 298".

275- عَبْد اللَّه بْن الحَكَم بْن أَبِي زياد القطواني الكوفي الدهقان1 -د. ت. ق- أبو عبد الرحمن. سمع: ابن عيينة، وزيد بن الحباب، وأبا داود الطيالسي، وطائفة. وعنه: د. ت. ق.، وعُمَر بْن بُجَيْر، وابن خُزَيْمَة، وآخرون. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. 276- عَبْد اللَّه بْن حمزة الزُّبَيْريّ2: أخو إِبْرَاهِيم بْن حمزة. مدنيّ وليس بمشهور. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن نافع الصّائغ، وموسى بْن إِبْرَاهِيم الحزاميّ، وغيرهما. وعنه: محمد بْن إِسْحَاق بْن راهَوَيْه. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ ابن أَبِي حاتم: تُوُفّي قبل قدومنا المدينة بأشهر. 277- عَبْد اللَّه بْن خُبيق الأنطاكيّ الزّاهد3: صاحب يوسف بْن أسباط. لَهُ كلَام حسن فِي التَّصَوُّف والمعاملة. عُمَر زمانًا. وروى عَنْ: شُعَيب بْن حَرْب، وحُذَيْفَة المَرْعَشيّ، ويوسف بن أسباط، والهيثم بن جميل، وحجاج الأعور. وروى عنه: أبو طالب بن سوادة، وجعفر بن سوار، وأحمد بن محمد بن أبي موسى الأنطاكي، ومحمد بن عبد الله، ومطين، وغيرهم.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 38"، والتهذيب "5/ 190". 2 الجرح والتعديل "5/ 39". 3 الجرح والتعديل "5/ 46".

وَقَدْ رَوَى عَنْ يُوسُفَ، عَنِ الثَّوريّ، عَنِ ابْنِ المّنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ، رَفَعَهُ قَالَ: "مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ"1. قَالَ الطَّبَرانيّ: لم يروه عَنِ الثَّوْريّ إلَا يوسف. تفرد بِهِ ابنُ خُبَيْق. وروى ابن خُبَيْق، عَنْ يوسف بْن أسباط قَالَ: من أراد العز ومنازل الشهداء يوم القيامة فلْيُبْغِضْ حَمْدَ النّاس. قَالَ ابن قانع: تُوُفّي سنة ستّين ومائتين. وقلت: آخر أصحابة أَحْمَد بْن جَوْصا. 278- عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر بْن محمد بْن الزُّبَيْر: أَبُو القاسم الأُمَويّ الرّهاويّ2. عَنْ: أَبِيهِ، وإِبْرَاهِيم بْن يزيد المكتب. وعنه: الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه القطّان، وعَلِيّ بْن سراج المصريّ، وغيرهما. 279- عَبْد اللَّه بْن سعيد بن حصين - ع. - أبو سعيد الكندي الكوفي الأشج3. مُحَدَّث الكوفة ومُفتيها فِي عصره، ومُسْنَد وقته: لَهُ التفسير والتصانيف. روى عَنْ: هُشَيْم، وعبد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، وإبراهيم بْن أَعْين الشَّيْبانيّ، وأبي بَكْر بْن عَيَّاش، وعُقْبة بْن خَالِد السَّكُونيّ، ووَكِيع، وخلْق كثير. وعنه: السّتّة فِي كُتُبهم، وابن خُزَيْمَة، وأَبُو يَعْلَى، وابن أَبِي دَاوُد، وعمر بْن محمد بْن بُجَيْر، وهنّاد بْن السّرِيّ الصغير، وزكريّا السّاجيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم. قَالَ أَبُو حاتم الرّازيّ: هو إمامُ أهلِ زمانه.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني كما في المجمع "8/ 17"، وابن حبان "2075"، وأبو نعيم "8/ 246" في الحلية، وابن السني "320"، في عمل اليوم والليلة، والخطابي "99" في العزلة. وانظر: العلل "2359" لابن أبي حاتم، وكشف الخفاء "2/ 280". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 3 الجرح والتعديل "5/ 73"، والسير "12/ 182-185".

وقال محمد بْن أَحْمَد بْن بلَال الشَّطَويّ: ما رَأَيْت أحفظ منه. قلت: تُوُفّي فِي ربيع الأوّل سنة سَبْعٍ وخمسين، وقد نيَّفٍ عَلَى التسعين. وقعَ لي مِن عواليه. 280- عَبْد اللَّه بْن شبيب الرَّبعيّ: مولَاهُمُ المدنيّ الإخباريّ1، أَبُو سعَيِد. روى عَنْ: عَبْد العزيز الْأوَيْسيّ، وإِسْحَاق الفَرَويّ، وأبي جَابرِ محمد بْن عَبْد الملك، وإسماعيل بْن أَبِي أُوَيْس، وأيّوب بْن سُلَيْمَان بْن بلَال، وغيرهم. وعنه: الزُّبَيْر بْن بكّار وهو أكبر منه، وأَبُو زُرْعَة، وإِبْرَاهِيم الحربيّ وهما من أقرانه، وابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد، والمَحَامِليّ، وجماعة آخرهم موتًا أَبُو رَوْق الهزاني. وكان غير ثقة. قَالَ فَضْلك الرّازيّ: يحلّ ضربُ عُنُقه. وقال أَبُو أَحْمَد الحاكم: ذاهب الحديث. قُلْتُ: كَانَ إخباريًا علَامة. حدَّث ببغداد وتُوُفّي بمكّة. ولم أظفر بتاريخ موته. 281- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الفضل بن بهرام بن عبد الصمد2 -م. د. ت- أبو محمد التميمي الدارمي السمرقندي الْإمَام صاحب "المُسْنَد". وُلِد عام موت عَبْد اللَّه بْن المبارك. وكان مِن أوعيه العلم، يجتهد ولا يُقَلَّد. سَمِعَ: النَّضْر بْن شُمَيْل، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، وأبا النضر هاشم بن القاسم، ومحمد بن يوسف الفريابي، وجعفر بن عون، ووهب بن جرير، وزيد ين يحيى بن عبيد "الدمشقي" الغساني، وعثمان بن عمر بن فارس، وخلقًا كثيرًا بخراسان، والشام، والعراق، ومصر. وعنه: م. د. ت.، ومحمد بْن بشّار، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ وهما أكبر منه، والبخاري، وأبو زُرْعَة، والنَّسائيّ، وصالح جَزَرَة، وعَبْد الله بن أحمد، وجعفر

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 83، 84"، وتاريخ بغداد "9/ 474". 2 تاريخ بغداد "10/ 29"، والسير "10/ 168-170".

الفِرْيابيّ، ومُطَيَّن، وعيسى بْن عُمَر السَّمرْقَنْديّ، وجعْفَر بْن أَحْمَد بْن فارس الأصبهاني، وعُمَر البُجَيْريّ، ومكّيّ بْن محمد البلْخيّ الحافظ، والنَّسائيّ خارج كتابه، وخلْق من أهل بلده. ورحل إِلَيْهِ الحُفَّاظ مِنَ النواحي. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: هُوَ من بني دارم بْن مالك، كَانَ أحد الرحالين والحفاظ، موصوفًا بالثّقة والزُّهْد والورع. قَالَ: واستُقْضيّ عَلَى سَمَرْقند فقضي قضيّة واحدة، ثمّ استعفي فأُعْفي. قَالَ: وكان عَلَى غاية العقل، وفي نهاية الفضل. يُضْرب بِهِ المَثَلُ فِي الدّيانة والحِلْم والاجتهاد والعبادة والتقلل. صنف "المسند"، و "التفسير"، وكتاب "الجامع". وقال أَبُو حاتم: ثقة، صدوق1. وعن محمد بْن إِبْرَاهِيم الفقيه السَّمرْقَنْديّ: كنتُ عند أَحْمَد بْن حنبل فذكر الدّارِميّ فقال: ذاك السيد، عرض علي الكفر فلم أقبل، وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنيا فلم يقبل2. وقال أَحْمَد بْن حامد السَّمرْقَنْديّ: سَمِعْتُ رجاء بْن مُرَّجا يَقُولُ: رَأَيْتُ أَحْمَد، وإِسْحَاق، والشّاذَكُونيّ، وعَلِيّ بْن المَدينيّ، فما رَأَيْت أحفظ من عَبْد اللَّه الدّارِميّ. وعن رجاء بْن مُرَجّا قَالَ: ما رأيت أحد أعلم بحديث رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ. وقال عبد الصمد بْن سُلَيْمَان البلْخيّ: سَأَلت أَحْمَد بْن حنبل عن يحيى اليماني فقال: تركناه لِقَوْلِ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن السَّمرْقَنْديّ، لأنّه إمام. وعن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر قَالَ: غَلبنا عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بالحفظ والورع.

_ 1 السير "10/ 180". 2 السابق.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن إمام "أهل" زمانه1. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ محمد بْنِ خَلَفٍ الْبُخَارِيُّ: كُنَّا عِنْدَ محمد بْنِ إِسْمَاعِيلَ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ نَعِيُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَنَكَّسَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسَتَرْجَعَ وَسَالَتْ دُمُوعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ، ثُمَّ قَالَ مُتَمَثِّلا: إِنْ تَبْقَ تُفْجَعْ بِالأَحِبَّةِ كُلِّهِمْ ... وَفَنَاءُ نَفْسِكَ لا أَبَا لَكَ أَفْجَعُ2 وَرَوَى عَنِ الدَّارَمِيِّ قَالَ: كَانَ يُقْرَعُ بَابِي بِبَغْدَادَ، فَأَقُولُ: مَنْ ذَا؟ فَيَقُولُونَ: يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، " نِعْمَ الإِدَامُ الْخَلُّ "3. قُلْتُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ تَفَرَّدَ بِهِ الدَّارَمِيِّ عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. رَوَاهُ محمد بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّاسُ عَنْهُ. وَقَعَ لَنَا عَالِيًا فِي مُسْنَدِهِ. قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الَوَرَّاقُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيٍد الأَشَجَّ يَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِمَامُنَا. قلت: مناقبه كثيرة. تُوُفّي فيما قَالَ أحمد بن سبار المَرْوزِيّ يوم التَّرْوِيَة سنة خمسٍ وخمسين. وقيل: يوم عَرَفَة سنة خمسٍ، ورخه جماعة. وقال أبو قاسم بْن عساكر: ويُقال تُوُفِّيَ سَنَة أربعٍ وخمسين. 282- عَبْد اللَّهِ بْن عَبْد الصَّمد بْن أَبِي خداش الموصلي4 -ن-:

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 32". 2 السير "10/ 181". 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2052"، والترمذي "1889"، "1890"، وأحمد "3/ 301، 304، 353، 364"، والدارمي "2049"، من حديث عائشة، وفي الباب عن جابر وغيره. 4 انظر: التهذيب "5/ 300، 301".

عن: المعافى بنت عِمْران، وهو آخر أصحابه؛ وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعيسى بْن يونس، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، ومَخْلَد بْن يزيد، وجماعة. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ؛ وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، وأحمد بْن عَبْد اللَّه وكيل أَبِي صَخْرة، وعبد اللَّه بْن أَبِي سُفْيَان شيخ لابن جُمَيْع، وآخرون. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين أيضًا. 283- عَبْد اللَّه بْن أَبِي رومان عَبْد الملك بْن يحيى الإسكَنْدرانيّ1: روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب. وهو ضعيف. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين. قَالَ ابن يونس: روى مناكير. 284- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن يزيد: أَبُو محمد الزُّهْريّ الأصبهاني2؛ أخو رُسْتَة. سَمِعَ: يحيى بْن سعَيِد القطّان، ومحمد بْن جعْفَر، وعبد الرَّحْمَن بْن مهديّ، وحمّاد بْن مسعدة. قَالَ أَبُو الشَّيْخ: لَهُ مصنفات كثيرة. خرج قاضيًا عَلَى الكرْخ، فمات بها سنة اثنتين وخمسين. قلت: روى عنه: محمد بن يحيى بن منده، وأحمد بْن عَبْد الكريم الزَّعْفَرانيّ، وسلْم بْن عصام، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وعبد اللَّه بْن محمد بْن عِمران. وله أفراد وغرائب. 285- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي يزيد الخلنجي3:

_ 1 الميزان "2/ 422". 2 طبقات المحدثين "2/ 293". 3 تاريخ بغداد "10/ 73، 74".

قاضي الكرْخ. وقيل ولي قضاء دمشق. وكان جهْميًا، من رؤوس أصحاب ابن أَبِي دُؤاد. قَالَ الخطيب: كَانَ مِنَ المجرّدين للقول بخلْق القرآن. وقال طلحة بْن محمد بْن جعفر: كَانَ حاذقًا بفقه أَبِي حنيفة، واسع العلم. ولي قضاء الشّرقيّة فظهرت منه عِفّة وديانة. وكان فِيهِ كِبْر شديد. قَالَ نفْطَوَيْه: حدثني عَلِيُّ بْن محمد بْن الفُرات قَالَ: لمّا ولي الخَلَنْجيّ قضاء الشرقية كثر من يطالبه بفك الحجر، فدعا بالأمناء وقال: مَن كَانَ لَهُ عندكم مالٌ فليشترَ لَهُ منه مرًّا وزبيلَا1 وليُدَّخرَ لَهُ. فإن أتلفَ ماله عمل بالمر والزّبيل. وقال محمد بْن خَلَف وكِيع: كَانَ الخَلَنْجيّ ابن أخت عَلُّويَه المُغَنيّ. وكان تَيّاهًا2 صَلْفًا3. ولي القضاء فكان يجلس إلى أصطوانة4 بالمسجد يستند إليها فلَا يتحرك، فإذا تقدم الخصمان أقبل عليهما بجميع جسده وترك الاستناد. فعمد ماجن إلى الأصطوانة فطلَاها بدَبَق، فجاء فجلس واستند، فالتصقت دَنِيَّتُه وتمكّنت، فلمّا تقدّم إِلَيْهِ الخصوم وأقبل عليهم ببدنه انكشف رأسه، وبقيت الدّنيّة مصلوبةً، فقام مُغْضبًا وغطّى رأسه بطَيْلسانه، وعلِم أنّها حيلة. وترك الدنية ملصقة، فعملوا فيها أبياتًا. قَالَ ابن كامل: تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. قلت: الدنية مشتقة من الدن، شبهوها بِهِ وهي طول نصف ذراع أو أكثر، وفيها شَبَه بالشَّرَبُوش. وكان يلبسها القُضاة والوُلَاة وغيرهم. وتُعْمَل مِن ورقٍ عَلَى قُضبان دِقاق، وتُسميّ الطّويلة أيضًا. وكان أَبُو جعْفَر المنصور أخرجها، وأخرج لها المناطق، وهي الحياصة، فيها السّيف. وقد لبس أَبُو دُلَامة هذا الزِّيّ فقيل لَهُ: كيف حالك؟ فقال: ما حال من وجهه

_ 1 المر: الحبل، والزبيل: الفقه، وانظر الخبر في تاريخ بغداد "10/ 74". 2 تيأهًا: معجبًا بنفسه. 3 صلفًا: متكبرًا. 4 وتكتب: اسطوانة، وفي الجدار، أو العمود، أو السارية.

إلى نصفه وسيفه عند أستِه، وقد نَبَذَ كلَام اللَّه وراء ظهره!. قلت: كانوا يعملون الطراز فِيهِ: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137] ويصنعونه مِنَ الكتف إلى الكتِف كعادة كرز الرُّومِيين. وقيل: بل كَانَ طول الدّنيّة ذراع وباطِنُها خلْو. 286- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن الحجاج بْن أبي عثمان الصواف - ت. - أبو يحيى البصري1: سَمِعَ: عَبْد الوهّاب الثَّقفيّ، ومُعَاذ بْن هشام، وأبا عامر العقدي. وعنه: ت.، وأبو بكر بن خُزَيْمَة، وأبو عروبه الحرّانيّ، وابن صاعد، ومحمد بْن هارون الحضْرميّ، وآخرون. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. وكان صدوقًا. 287- عبد الله محمد بْن عَبْد اللَّه بْن هلَال المصريّ المقرئ2: أَبُو سعَيِد. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن يوسف بْن كامل المقرئ، وغيره. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 288- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيُّ المخرمي البصري3 -م. ع- سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وغُنْدَرًا، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، وطائفة: وعنه: م. ع.، وأبو عَرُبة، وإمام الأئمة ابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي داود، وطائفة. قال أبو حاتم: صدوق.

_ 1 انظر: التهذيب "6/ 7، 8". 2 غاية النهاية "1/ 452" لابن الجزري. 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 163"، والتهذيب "6/ 11-13".

وقال النَّسائيّ: ثقة. قلت: مات سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 289- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن المهاجر: أَبُو محمد البغداديّ الفقية فوزان1. صاحب الْإمَام أَحْمَد. وكان أَحْمَد يأنس بِهِ ويقدِّمه، ويستقرض منه. روى عَنْ: شُعَيب بْن حَرْب، وأبي معاوية، ووكيع. وعنه: عبد الله بن أحمد بن حنبل، وموسى بن هارون، وابن صاعد، وآخرون. قال أبو بكر الخلال: مات أبو عبد الله ولفوزان عنده خمسون دينارا، فأوصى أنْ يعُطى من غلَّته، فلم يأخذها وأَحَلَّه منها. وأخبرني محمد بْن عَلِيٍّ أنهّ سمعه يَقُولُ: كَانَ أبو عبد الله يُكرمني حتى إنه بعث إلى يومًا فقال: وُلِد لنا ولدٌ إيش تري أن نسميّه؟ قَالَ الخطيب: مات فِي رجب سنة ستٍّ وخمسين2. 290- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سَوْرة البلْخيّ3 مَتّ: سكن بغداد، وروى عَنْ: عَبْد الصَّمد بْن حسّان، ومكّيّ بْن إبْرَاهِيم وغيرهما. وعنه: مُوسَى بْن هارون، ومحمد بْن مَخْلَد، وجماعة. وثقَّه الخطيب. وتوفي سنة ثمانٍ وخمسين. 291- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى بْن أَبِي بكُيْر4: عَنْ: جدِّه قاضي كِرْمان. وعنه: ابن صاعد، وابن مَخْلَد محمد. وثقه الخطيب.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 164"، وتاريخ "10/ 79، 80". 2 يعني مائتين. 3 تاريخ بغداد "10/ 80". 4 انظر: تاريخ بغداد "10/ 80".

292- عبد الله بن محمد بن عمرو -د- أبو العباس الغزي1. عَنْ: أَبِيهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إياس، وسعيد بْن أَبِي مريم، وطائفة. وعنه: د.، وابن جوصا، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وآخرون. وكان ثقة. 293- عبد الله بن محمد: أبو محمد التوزي البصري، مولي قريش2. من كبار أئمة العربية: أخذ عَنْ: الأصمعيّ، وأبي عُبَيْدة. وقرأ كتاب سِيبَوَيْه عَلى أَبيْ عمر الْجَرْميّ. ورأس فِي الأدب، وصنَّف كتبًا كثيرة منها: كتاب "الأمثال"، وكتاب "الأضداد"، وكتاب "الخيل"، وكتاب "النوادر"، وكتاب "فعلت وأفعلت". قَالَ المبرّد: ما رَأَيْت أَعْلَم بالشِّعْر منه؛ كَانَ أعلم من المازني والرياشي. قلت تَوَّز من بلَاد فارس. 294- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن خلَاد3: أَبُو أُمّية العراقيّ. أراه مِن أهل واسط؛ قاله أَبُو أَحْمَد فِي الكني. سَمِعَ: وَهْبُ بْن جرير، ويعقوب بْن محمد. وعنه: جعفر الفريابي، ومحمد بن المسيب الأرغياني. 295- عبد الله بن مخلد التميمي النيسابوري النحوي4 -د- أبو محمد، تلميذ أبي عبيد.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 162، 163"، والتهذيب "6/ 18". 2 الفهرست "57، 58". 3 الثقات لابن حبان "8/ 368". 4 انظر: التهذيب "6/ 24".

سمع: مكي بن إبرهيم، وأبا نُعَيْم. وعبدان المَرْوزِيّ، وجماعة. وعنه: د.، وابن خُزَيْمَة، ومكي بن عبدان، وأبو بكر بن أبي داود، وطائفة. وكان مكثرا عَنْ أَبِي عُبَيْد. تُوُفّي سنة ستين ومائتين. 296- عَبْد اللَّه بْن أَبي المورة الأنباري1: عَنْ: يَعْلَى بْن عَبْيد، وغيره. وعنه: محمد بن محمد الباغندي، ومحمد بن عبدوس. توفي سنة ثمان وخمسين. - عبد الله بن هارون: أبو علقمة الفروي. في الطبقة الآتية. 297- عبد الله بن هاشم بن حيان -م- أبو عبد الرحمن الطوسي2. رحل وعُني بالحديث. وسمع: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وخالد بْن الحارث، ويحيى بْن سعَيِد القطّان، وأبا معاوية، وابن مَهْديّ، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، ووَكِيع بْن الجراح، وطائفة. وعنه: م.، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومكي بْن عَبْدان، وابنا الشَّرْقيّ، وآخرون. قَالَ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب الحافظ: عَبْد اللَّه بْن هاشم مجوّد فِي حديث يحيى، وعبد الرَّحْمَن. وقال الحاكم: توفي في ذي الحجة سنة خمس وخمسين. وقال صالح جزرة: ثقة.

_ 1 لم نقف عليه. 2 الجرح والتعديل "5/ 196"، والسير "12/ 378".

وقيل: تُوُفّي سنة ثمانٍ؛ وقيل: سنة تسعٍ وخمسين. والأول الصحيح. وقد وقع لي من عواليه جزء جَمَعَه زاهر بْن طاهر. 298- عَبْد الجبّار بْن خَالِد بْن عِمران الفقيه: أَبُو حفص المقرئ المالكيّ1، صاحب سَحْنُون. من كبار العُلماء بالقيروان. تفقّه عَلَيْهِ طائفة. وتوفي سنة إحدى وخمسين2. 299- عَبْد الحميد بْن حمّاد: أَبُو الوليد البَعْلَبَكّيّ2. يروى عَنْ: سُوَيْد بْن عَبْد العزيز قاضي بَعْلَبَكّ. وعنه: صاعد البرّاد شيخ عَبْد الوهّاب الكِلَابيّ، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، وابن جَوْصا، وغيرهم. 300- عَبْد الحميد بْن عصام الْجُرْجانيّ3: أبو عبد الله نزيل همدان. سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويزيد بْن هارون، وعبد المجيد بْن أَبِي رَوّاد، وجماعة. وعنه: يحيى بْن عَبْد اللَّه الكرابيسيّ، وأحمد بْن محمد بْن أَوْس، وجماعة. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وعَنِ المرّار بْن حَمُّوَيْه قَالَ: ما رَأَيْت مثل عَبْد الحميد بْن عصام. وله ذريّة محتشمون وأكابر بَهَمدان. تُوُفّي سنة ست وخمسين.

_ 1 انظر: "ترتيب المدارك" للقاضي عياض. 2 تاريخ دمشق "22/ 190" لابن عساكر. 3 الجرح والتعديل "6/ 16، 17".

قَالَ ابن أَبِي حاتِم: سَمِعَ منه أَبِي، وقدِمْت همدان وهو حي ولم أسمع منه. ومحلُّه الصدق. 301- عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم بْن عيسى بْن يحيى بْن نُفَيْر1: الإمام أَبُو زيد القُرْطُبيّ المالكيّ، مولي بْنى أُميّة. حجَّ وسمع من: عَبْد الملك بْن الماجِشُون، وأبي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، ومطرف بْن عَبْد اللَّه. وتفقه عَلَى أصحاب مالك. روى عَنْهُ: محمد بْن عُمَر بْن نُبَاته، وسعيد بْن عثمان الأعناقيّ، ومحمد بْن فُطَيْس، وجماعة. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين فِي جُمَادَى الأولي، وقيل: سنة ثمان. وكان رأسًا فِي المذهب والفتوى بقُرْطُبة. 302- عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن الحَكَم بْن حبيب بْن مِهْران -خ. م. د. ق- أبو محمد العبدي النيسابوري2: سَمِعَ: أَبَاهُ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، ووَكِيعًا، ومَعْن بْن عيسى، وحفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وحفص بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ، وخلْقًا. وارْتحل إلى اليمن فأكثر عَنْ عَبْد الرّزّاق. وعنه: خ. م. د. ق.، ومكّيّ بْن عَبْدان، وابن أَبِي دَاوُد، وأبو عوانة، وابن صاعد، وابن الشرقي، وابن خزيمة. وكان موصوفا بطيب الصوت. قال مكي بن عبدان: كان عبد الله بن طاهر يحضر بالليل متنكرا إلى مسجد عبد الرحمن ليسمع قراءته. وقال عبد الرحمن: أقامني يحيى بن سعيد في مجلسه فقال: ما حدَّثكم عنيّ هذا الصّبيّ فصدقوه، فإنه كيس.

_ 1 السير "12/ 336". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 215"، والتهذيب "6/ 144، 145".

قلت: رحل بِهِ أَبُوهُ سنة ستٍّ وتسعين ومائة وهو شبه المحتلم، لَهُ نيَّفٍ عشرة سنة. قَالَ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب: سمعته يَقُولُ: حملني أَبِي عَلَى عاتقه فِي مجلس سُفْيَان بْن عُيَيْنَة فقال: يا معشر أصحاب الحديث أَنَا بِشْر بْن الحَكَم، سَمِعَ أَبِي من سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وسمعت أَنَا منه، وهذا ابني قد سَمِعَ منه. وقال عَبْد الرَّحْمَن: احتلمت باليمن مَعَ أَبِي. وقال: كنّا نسمع من عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ وأبوه يلعب بالحمام. قلت: آخر من روى عَنْهُ عَلَى الإطلَاق محمد بْن عَلِيّ المذكّر شيخ ضعيف للحاكم. وقد وقع لنا ما جمع زاهر الشّحّاميّ من عواليه وعوالي عَبْد اللَّه بْن هاشم المذكور. وآخر ثقة روى عَنْهُ أبو حامد أحمد بْن يحيى بْن بلَال البزاز. وقال أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر يَقُولُ: احتلمتُ فدعا أَبِي عَبْد الرّزّاق وأصحاب الحديث الغُرباء، فلمّا فرغوا مِنَ الطّعام قَالَ: اشهدوا أنّ ابني قد احتلم، وهو ذا يسمع من عَبْد الرّزّاق وقد سَمِعَ مِنَ ابن عُيَيْنَة. ورُوِيَ أنّ الأمير عَبْد اللَّه بْن طاهر قَالَ: ما بخُراسان رَجُل أحسنُ عَقْلا من عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر. وقال مسدَّد بْن قَطَن: لمّا تُوُفّي محمد بْن يحيى عقد مُسلْمِ مجلسًا لخالي عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر، فكان يحضر أَحْمَد بْن سَلَمَةَ، وينتقي لَهُ مُسلْمِ بشرطه فِي" الصَّحيح"، ويُمْليه عَبْد الرَّحْمَن. ولم يكن لَهُ مجلس إملَاء قَبْلها. وقال أَبُو بَكْر الجاروديّ: كَانَ يحيى القطّان يحلّ عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر محلَّ الولد لمكان أَبِيهِ. وقال أَبُو عَمْرو بن أبي جعفر الزاهد: أن أَبِي قَالَ: أمَر عَبْد اللَّه بْن طاهر الأمير أن تُكَتب أسامي الأعيان بَنْيسابور. فكتبوا مائة نفس. ثمّ قَالَ: يُختار مِنَ المائة عشرة. فكتبوا أسماء عشرة. ثمّ قَالَ: يخُتار منهم أربعة: فكان من الأربعة عبد الحمن بْن بِشْر. ومات رحمه اللَّه فِي ثامن عشر ربيع الآخر سنة ستين ومائتين. 303- عَبْد الرحمن بن الحسن السلمي الحوراني1:

_ 1 انظر: تاريخ دمشق "22/ 478".

روى عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، ومروان بْن معاوية. وعنه: ابن جوصا، وأبو بشر الدولابي، والقاسم بن عيسى العصار، وغيرهم. 304- عبد الرحمن بن الحسين الحنفي الهروي1 -د- رحل وسمع: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وكِنانة بْن جبلة السُّلَميّ الهروي صاحب الأعمش، وجماعة. وعنه: د.، وابنه أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وداود بْن وسيم البوسنجيّ، ومحمد بْن المنذر سُكّر، وأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَد بْن محمد بْن رَزٍين الباشانيّ، وأَبُو جعْفَر محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن السّاميّ، وغيرهم. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين. 305- عَبْد الرَّحْمَن بن خالد بن يزيد - د. ت. - أبو بكر الرقي القطان2: رحل وسمع: وكيعًا، ويزيد بْن هارون، وزيد بْن الحُباب، وطائفة. وعنه: د. ن.، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وأبو عَرُوبة، وعبد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد، وآخرون. قَالَ النَّسائيّ: لَا بَأْسَ بِهِ. قِيلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وخمسين. 306- عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَف بْن عَبْد الرحمن بن الضحاك -ن- أبو معاوية البصري الحمصي3. عَنْ: أبيه، ومحمد بْن شُعَيب بْن شابور، وشعيب بْن اللَّيْث بْن سعَد، وغيرهم. وعنه: ن.، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن مَتُّوَيْه الأصبهاني، وأحمد بن محمد بن عيسى الحمصي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. 307- عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله بْن عبد الحكم بن أعين4 -ن- أبو القاسم المصري الإخباري، صاحب "تاريخ مصر"، وأخو فقيه مصر، وسعد، وعبد الحكم.

_ 1 التهذيب "6/ 163، 164". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 229، 230"، والتهذيب "6/ 166". 3 الجرح والتعديل "5/ 231". 3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 257"، والتهذيب "6/ 308".

سَمِعَ: أَبَاهُ، وشعيب بْن اللَّيْث، وإِسْحَاق بْن بَكْر بْن مُضَر، وأشهب الفقيه، وإدريس بْن يحيى. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ، وأبو بكر بن أبي داود، وعلي بن أَحْمَد عِلَان، ومكحول البَيْروتيّ، وعَلِيّ بْن قُدَيْد. توفي في المحرم سنة سبعين ومائتين. 308- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الغفّار بْن دَاوُد الحرّانيّ1: أَبُو القاسم. نزل بغداد، وكان يمتنع مِن التحدّيث. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين. سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، وابن وَهْبُ. 309- عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن هشام بْن زَبْر الدّمشقيّ2: عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، وأبي النَّضْر الفراديسيّ، وغيرهما. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن مروان، وابن جَوْصا، وجماعة. تُوُفّي فِي رمضان سنة ثلَاثٍ وخمسين، ونيف عَلَى التسعين. 310- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن: أَبُو سَبْرَة المدنيّ3. حدَّث بالكوفة عَنْ: مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، وإسماعيل بْن أَبِي أُوَيْس، وإسحاق الفروي. وعنه: محمد بن الحسين الخثعمي، وإبراهيم بن محمد العمري، وأحمد بن جعفر بن أصرم البجلي، وآخرون. له أحاديث مناكير كأنه وهم فيها.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 270، 271". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 265". 3 الميزان "2/ 587".

311- عبد الرحمن بن الوليد الجرجاني1: يروي عَنْ: أَحْمَد بْن أَبِي طيبة الْجُرْجانيّ، وعَوْن بْن عُمارة، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وطائفة. وعنه: محمد بْن جرير الطَّبَريّ، ومحمد بْن الفضل الآملي النجار، وغيرهما. 312- عبد الرحيم بْن مُنيب الأسعرديّ: روى عَنْ: سُفْيَان بْن عيينة، وطبقته. روى عنه: ابن أبي حاتم وقال: كَانَ صدوقًا؛ وحاجب الطُّوسيّ. 313- عَبْد السّلَام بْن إسماعيل العثماني الدمشقي الحداد2: عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز. وعنه: ابن جَوْصا، ومحمد بْن جعْفَر بْن ملَاس، وجماعة. 314- عبد السلام بن عتيق -د- أبو هشام الدمشقي3: عَنْ: بقيّة بْن الوليد، وأبي مُسْهِر، وجماعة. وعنه: د.، وابن جَوْصا، وأبو الدحداح أحمد بن محمد، وأخرون. قال النسائي: لَا بأس بِهِ. قلت: تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين. وقد روى عَنْهُ: النَّسائيّ فِي غير السُّنَن. 315- عَبْد الغني بن رفاعة -د-: وهو عَبْد الغنيّ بْن أَبِي عُقَيْل بْن عَبْد الملك. أَبُو جعْفَر اللَّخْميّ المصريّ الفقيه الفَرَضيّ4. "رَأَى اللَّيْث" بْن سعد، وحدَّث عَنْ بَكْر بْن مُضَر، وهو آخر أصحابه. وعن: مفضل بن فضالة، و "عبد الله" بن وهب، وجماعة.

_ 1 تاريخ جرجان "ص253". 2 تاريخ دمشق "24/ 110". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 49"، والتهذيب "6/ 324". 4 التهذيب "6/ 366".

وعنه: د.، وأبو جعْفَر الطَّحَاويّ، وهو أقدم شيخ لَهُ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وعلَان بْن الصَّيْقَل، وآخرون. تُوُفّي فِي ربيع الآخر سنة خمسٍ وخمسين، وقد جاوز التّسعين بسنتين. 316- عَبْد الغني بْن عَبْد العزيز بْن سلام -ن-: أبو محمد المصري العسال1. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وابن وَهْبُ، وجماعة. وعنه: ن. قال: لَا بأس بِهِ، وإِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم المَنْجَنيِقّي، وعبد اللَّه بْن محمد بن يونس السمناني، وغيرهم. تُوُفّي فِي ثالث المحرَّم سنة أربعٍ وخمسين. 317- عَبْد القُدُّوس بْن محمد بْن عَبْد الكبير بن شعيب بن الحبحاب1 -خ. ت. ن. ق- أبو بكر الأزدي المعولي البصري العطّار. عَنْ: عَبْد الصَّمد بْن عَبْد الوارث، وبشر بن عمر الزهراني، وعبد الله بن أَبِي دَاوُد الخُرَيْبيّ، وجماعة. وعنه: خ. ت. ن. ق.، وعمر البُجَيْريّ، وأبو عروبة، ومحمد بن هارون الروياني، وعبد الله بن أبي داود، وآخرون. 318- عبد الملك بن أصبغ: أبو الوليد القرشي3، مولى عثمان رضي الله عنه. حراني نزل بعلبك، وحدَّث عَنْ: الوليد بْن مُسلْمِ، ومنبّه بْن عثمان، وجماعة. وعنه: أَبُو زُرْعَة الدّمشقيّ ووثقه، وعمر بْن سعد المَنْبِجيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وآخرون. تُوُفّي بعد الخمسين.

_ 1 التهذيب "6/ 317". 2 الجرح والتعديل "6/ 57"، والتهذيب "6/ 370". 3 انظر: الميزان "2/ 651"، اللسان "4/ 57".

319- عَبْد الملك بْن قَطَن: أَبُو الوليد المَهْريّ القَيْروانيّ النَّحْويّ اللُّغَويّ1. شيخ أهل الأدب بالمغرب. كَانَ أحفظ أهل زمانه لأنساب العرب وأشعارهم ووقائعهم. أخذ عَنْ: ابن الطَرِمّاح الأعرابيّ، وأبي المنيع، وغيرهما. أخذ عَنْهُ: أهل القيروان. وله كتاب" تفسير مغازي الواقديّ"، وكتاب" اشتقاق الأسماء" ذَيَّل بِهِ عَلِيٌّ قُطرُب. وكان شاعرًا خطيبًا بليغًا مُفَوَّهًا، قام بخُطبةٍ طويلَةٍ بين يدَيْ صاحب إفريقيّة زيادة اللَّه. وعمر دهرًا. ومات فِي رمضان سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. والمَهْريّة بُلَيْدة من إفريقية. 320- عَبْد الوارث بْن عَبْد الصَّمد بْن عَبْد الوارث بْن سَعِيد التَّنُّوريّ2 -م. ت. ن. ق. - أبو عبيدة المصري: عَنْ: أَبِيهِ، وأبي خَالِد الأحمر، وأبي عاصم النَّبيل، وأبي مُعَمِّر المُقْعَد، وغيرهم. وعنه: م. ت. ن. ق.، وأَبُو عَرُوبة، وابن خُزَيْمَة، وعمر بن بجير، ومحمد بن يحيى بن منده، وجماعة. توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين في رمضان. 321- عبد الوارث بن الحسن بن عمرو بن الترجمان القرشي البيساني3: عن: الفريابي، وأبي اليمان، وآدم بن أبي إياس، وعدة. وله رحلة واسعة. روى عنه: عامر بن خريم، وابن ملاس، وأبو الدحداح أحمد بن محمد.

_ 1 بغية الرعاة "2/ 114". 2 التهذيب "6/ 443، 444". 3 تاريخ دمشق "25/ 122".

322- عبد الوهاب بن عبد الحكم بن نافع -د. ت. ن- أبو الحسن الوراق، النَّسائيّ الأصل، البغداديّ العابد1: سَمِعَ: يحيى بْن سُلَيم، ويحيى بْن سعَيِد الأُمَويّ، ومُعَاذ بْن مُعَاذ، وأنس بْن عِياض، وغيرهم. وعنه: د. ت. ن. وقال: ثقة؛ وابن صاعد، والبغوي، والقاضي المحاملي، وآخرون. وكان إماما ثقة زاهدا ورعا. قال المروذي: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: عَبْد الوهّاب الوراق رجلٌ صالح، مثله يوفَّق لإصابة الحق. وقال أَبُو مُزَاحم الخاقانيّ: حدثني الْحَسَن بْن عَبْد الوهّاب الورّاق قَالَ: ما رَأَيْت أَبِي ضاحكًا قطّ إلَا تبسُّمًا، وما رَأَيْته مازحًا قطّ. دعاني مرّةً وأنا أضحك مَعَ أميّ، فجعل يَقُولُ: صاحب قرآن يضحك هذا الضَّحِك! وقال أَحْمَد بْن حنبل: عافاه اللَّه، قلُ أنْ يُرى مثله2. قلت: كَانَ من خواصّ أَحْمَد. تُوُفّي عَبْد الوهّاب: فِي ذي القِعْدة سنة إحدى وخمسين. 323- عَبْد الوهّاب بْن سعَيِد القُضَاعيّ3: مصريّ. عَنْ: ابن وَهْبُ، وغيره. مات سنة أربعٍ وخمسين. - عَبْد الوهّاب الأشجعيّ: مرّ فِي الطبقة الماضية.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 74"، والتهذيب "6/ 448". 2 السير "10/ 229". 3 ينظر في "حسن المحاضرة".

324- عَبْد رَبّ بْن خَالِد بْن عَوْذة التُّجَيْبيّ المصريّ1: يروي عَنْ: ابن وَهْبُ، وغيره. تُوُفّي سنة تسع ومائتين فِي جُمَادَى الأولى. 325- عَبْدُوس بْن بِشْر الرّازيّ2: حدَّث ببغداد. عَنْ: حمّاد بْن زيد، ويزيد بْن زُرَيْع، وأبي يوسف القاضي. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، ويعقوب الجصّاص، وغيرهما. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لَا بأس بِهِ، يُعْتبر بِهِ. 326- عَبْدة بن عبد الله بن عبدة الصفار -خ-: أبو سهل البصري3. عَنْ: حسين الْجُعْفيّ، ويحيى بْن آدم، وزيد بْن الحُباب، وجماعة. وعنه: خ.، وزكريّا السّاجيّ، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد, وجماعة. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين بالأهواز. 327- عُبَيْد اللَّه بْن سُرَيْج بْن حُجْر: الحافظ أَبُو اللَّيْث الشَّيْبانيّ الْبُخَارِيّ الضّرير4. روى عَنْ: عَبْدان المَرْوزِيّ، وأحمد بْن حفص الفقيه، ومحمد بْن سلَام البِيكَنْديّ، وجماعة. وعنه: ابنه عَبْد اللَّه، وإِبْرَاهِيم بْن نصر. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. وكان يحفظ عشرة آلاف حديث.

_ 1 السابق. 2 انظر: تاريخ بغداد "11/ 116". 3 الجرح والتعديل "6/ 90"، والتهذيب "6/ 460، 461". 4 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.

328- - عُبَيْد اللَّه بْن سَعْد بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد -خ. د. ن. ت-: أبو الفضل الزهري العوفي البغدادي1. سَمِعَ من: أَبِيهِ، وعمّه يعقوب بْن إِبْرَاهِيم، ورَوْح بْن عُبَادة، ويونس بْن محمد المؤدِّب، ويزيد بْن هارون، وجماعة. وعنه: خ. د. ن. ت.، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، وابن مخلد، وإسماعيل الوراق، والقاضي المحاملي، وآخرون. وكان ثقة نبيلا شريفا، ولي قضاء أصبهان فوقع بينه وبين" عبد" الله بن الحسن الهمداني ريس البلد، فعمل في عزله فعزل، ورجع إلى بغداد. ثم ولي" ثانيا، فعاد إليها" فعزل أيضا عَنْ قريب. وقد حدَّث بأصبهان. وذكر عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْد اللَّه الهَمَدانيّ الذّكْوانيّ، عَنْ جده، عَنْ أَبِيهِ عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن حفص قَالَ: ذهب منيّ فِي عزل عُبَيْد اللَّه بْن سعْد ألف ألف درهم. وذلك أَنّه كَانَ بأصبهان مائة مِنَ الشُّهّود، فامتنعوا مِنَ الشّهادة عنده تقرُّبًا إليّ. وكانوا يجتمعون كلّ يوم فِي دار عَبْد اللَّه ستّة أشهر. وكان يُنفق عليهم وعلي غلمانهم ودوابّهم. نقلها أَبُو نُعَيْم فِي تاريخه. وكان عُبَيْد اللَّه من شيوخ القراءة. روى قراءة نافع، عَنْ عمّه يعقوب بْن إِبْرَاهِيم، سماعًا من نافع. روى عَنْهُ الحروف: محمد بْن أَحْمَد المقدَّميّ، وعثمان بْن جعْفَر اللّبّان، والْحَسَن بن محمد بن دكة. توفي أبو الفضْل فِي مُسْتَهَلّ ذي الحجّة سنة ستيّن ومائتين. 329- عُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن يزيد بْن خُنَيْس المخزوميّ المكّيّ -م-: عَنْ: أَبِيهِ، وإسماعيل بن أبي أويس2.

_ 1 التهذيب "7/ 15، 16". 2 انظر: التهذيب "7/ 47".

وعنه: م.، وإسماعيل بْن محمود النَّيسابوري، وعبد الكريم الديرعاقولي، وعبد الله بن محمود خال أبي الشيخ، وأبو العباس السراج وقال: مات سنة اثنتين وخمسين. 330- عبيد اللَّه بْن يوسف -ق- أبو حفص الجبيري البصري1. سَمِعَ: يحيى القطّان، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، ووَكِيعًا، وطبقتهم. وعنه: ق.، وابن صاعد، وأبو عروبة، وعبد الله بن عروة الهروي، وجماعة. وتوفي بعد الخمسين. وكان ثقة، صاحب حديث. 331- عُبَيْد بْن آدم بْن أَبِي إياس العسْقلَانيّ2. عَنْ: أَبِيهِ، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ. وعنه: النَّسائيّ فِي كتاب" اليوم واللَّيْلة"، وأبو حاتم الرّازيّ، والْعَبَّاس بْن محمد بْن الْحَسَن بْن قُتَيْبة. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. قلت مات: فِي شَعْبان سنة ثمانٍ وخمسين. 332- عُبَيْد بْن محمد بْن القاسم النَّيسابوري الوراق3. عَنْ: هاشم بْن القاسم، والحسن الأشْيَب. وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد. ووثقه الخطيب. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين ببغداد. ويروي أيضًا عَنْ: يعقوب بْن محمد، ومُوسَى بن هلال. كان صاحب حديث.

_ 1 التهذيب "7/ 57". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 402". 3 تاريخ بغداد "11/ 97".

333- عْنبَس بْن إِسْمَاعِيل القزّاز1: حدث ببغداد. عَنْ: شُعَيب بْن حَرْب، وأصرم بْن حَوْشَب. وعنه: ابن مخلد، وغيره. وهو جدّ ابن سمعون. 334- عُتيق بْن محمد بْن سعَيِد2: أَبُو بَكْر الحَرَشيّ النَّيسابوري. شيخ قديم عالي الرّوايه. وهو بضمّ العين. سَمِعَ: عَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدي، وعبد العزيز بْن عَبْد الصَّمد العَمّي، ومروان بْن معاوية، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وزكريّا بْن منظور، وأبا معاوية. وعنه: محمد بْن النَّضْر الجاروديّ، وابن خُزَيْمَة، وأبو يحيى البزّاز، وغيرهم. وآخر من حدَّث عَنْهُ محمد بْن علي المذكّر. تُوُفّي فِي شَعْبان سنة خمسٍ وخمسين. 335- عتيق بْن مَسْلَمَة بْن عتيق بْنُ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْن العوام. المصريّ الزُّبَيْريّ، مولى محمد بْن بِشْر العُكْبَريّ3. مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 336- عثمان بْن صالح بْن سعَيِد الخلْقانيّ الخيّاط4 -د- بغدادي ثقة. سَمِعَ: يزيد بْن هارون، وعَلِيّ بْن عاصم، وعَبْد اللَّه بْن بَكْر السَّهْميّ، وجماعة. وعنه: د.، وابن صاعد، وابن مخلد العطار، والحسين بن يحيى بن عياش، وآخرون.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 318". 2 الثقات لابن حبان "8/ 525". 3 ينظر في "حسن المحاضرة". 4 انظر: تاريخ بغداد "11/ 289"، التهذيب "7/ 121، 122".

توفي سنة ست وخمسين. وثقه ابن صاعد. وكناه السراج: أبا القاسم. 337- عثمان بن عفان السجستاني1: توفي في شوال سنة خمس وخمسين. وكان ذا حرمه ببلدة لفضله وزهده. 338- عريب المغنية2: قد مرت في حدود الثلاثين ومائتين. وأحسبها عاشت إلى بعد ذلك، وأنها عمرت ورمت. وقد روى أبو علي التنوخي في" النشوار": نا أَبُو محمد، نا الفضل بْن عَبْد الرَّحْمَن الكاتب: أخبرني مَن أثق بِهِ أنّ إِبْرَاهِيم بْن المدبرّ الكاتب أخا أَحْمَد بْن المدبّر قَالَ: كنتُ أتعشَّق عَرِيب دهرًا طويلَا، وأُنْفِقُ الأموال عليها. فلمّا قصدني الزّمان وبطلت ولزِمتُ البيت، كانت هِيَ أيضًا قد أسنَّت، وتابت مِن الغناء وزَمِنَتْ، فكنتُ جالسًا يومًا، إذ جاءني بوّابي فقال لي: عَرِيب بالباب. فعجبتُ وارتحتُ إليها، وقمت حتى نزلت، فإذا بها، فقلت: يا ستّي، كيف كَانَ هذا؟ قَالَتْ: اشتقتُ إليك، وطال العهد. فأُصْعِدت فِي محفّة مَعَ خَدَمها، ثمّ أكلنا وتحدَّثنا وشرِبنا النَّبيذ، وأمرت جواريها بالغناء فَغَنيْن، فقلت: يا ستّي، قد عملت أبياتًا أشتهي أن تعملي لها لحنًا. فقالت: يا أَبَا إِسْحَاق مَعَ التَّوبة؟ قلت: فاحتالي. فقالت: حفّظ هاتين الصَّبِيَّتين الشِّعْر، وأشارت إلى بدْعة، وتُحْفَة. ثمّ فكَرت ووقَعت بالمروحة عَلَى الأرض وزمرت مَعَ نفسها، ثم قالت: أصلحا الوتر الفلاني,

_ 1 من أهل سجستان، ولم نقف عليه. 2 انظر: الأغاني "17/ 177-180".

على الطريق الفلاني، وافعلا كذا. فامتثلا لذلك وغنَّتا فأجادتا؛ فطربتُ وقمت إلى جَوَاريّ، وجمعت منهنّ ما بين خِلْخال وسِوَار ولؤلؤ ما قيمته ألف دينار وقدَّمته لها برسم الجاريَتيْن: فتمنَّعت، فقلت: لَا بُدّ. فلمّا أرادت الذَّهاب قَالَتْ: قد ابتاعت فلَانة أمّ ولدك ضيعةً لي شفعتها فأريد أن تنزل عَنْها لي. فأخذتُ من أمّ ولدي العُهْدة بالضَّيْعة وجئت وقلت: قد وهبتها لك. فشكرتني ومضت. وكان شراء الضَّيْعة ألفَ دينار، فقام عَلِيّ يومها بألفيْ دينار1. 339- "عصام"2 بْن خُون. أَبُو السّرِيّ الْبُخَارِيّ3. حدَّث عَنْ: القَعْنَبيّ، وسعيد بْن منصور، وغيرهما. تُوُفّي فِي ذي الحجّة سنة سبْعٍ وخمسين. ولهم أَحْمَد بْن خُون الفَرَغانيّ روى الْكُتُبَ عَنِ الرّبيع المراديّ. 340- عقيل بْن يحيى الأسود: أَبُو صالح الأصبهاني الطّهْرانيّ4. ثقة، سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وابن مهدي،، وأبا داود صاحب الطَّيالِسَة، وجماعة. وعنه: يوسف ين محمد المؤذّن، وأحمد بْن محمود بْن صَبِيح، وعبد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن مَنْدَه أخو محمد بْن يحيى، وآخرون. تُوُفّي فِي رمضان سنة ثمانٍ وخمسين. وقع لنا مِن عواليه بإجازة.

_ 1 نشوار المحاضرة "1/ 273". 2 استدارك من المشتبه "1/ 192" للذهبي. 3 انظر السابق. 4 الثقات لابن حبان "8/ 525".

341- علقمة بن عمرو بن حصين -ق-: أبو الفضل التميمي الدارمي العطاري الكوفي1. عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش. وعنه: ق.، وابن صاعد، وعبد الله بن عروة الهروي، وغيرهم. توفي سنة ست وخمسين2. 342- العلاء بن سالم -ق- أبو الحسن2: عَنْ: شُعَيب بْن حَرْب، وأبي معاوية، وجماعة. وعنه: ق.، وابن صاعد، وإسماعيل الوراق، وابن مخلد. قال أبو داود: ما به بأس. قلت: توفي سنة ثمان وخمسين، وله حديث واحد في "سنن ابن ماجة". 343- علي بن أحمد: أبو الحسن الجواربي الواسطي3. عن: يزيد بن هارون، وأبي أحمد الزبيري. وعنه: الباغندي، والقاضي المحاملي. وثقه الخطيب أبو بكر. لم يقع لي وفاته. بقي إلى نيَّفٍ وخمسين. ووقع لي من عواليه. 344- عَلِيّ بْن حرب: الجنديسابوري4، لا الموصلي.

_ 1 انظر: التهذيب "7/ 276". 2 التهذيب "8/ 183". 3 تاريخ بغداد "11/ 314". 4 الجرح والتعديل "6/ 183"، والتهذيب "7/ 296".

سَمِعَ: إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان الرّازيّ، وأشعث بْن عطاف، وغيرهما. وعنه: أَحْمَد بْن يحيى التُّسْتَرِيّ، وعَبْدان الأهوازي، ومحمد بْن نوح الْجُنْدَيْسَابُوريّ، وأهل فارس. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثمانٍ وخمسين. 345- عَلِيّ بْن الْحَسَن الذُّهْليّ الأفطس1. أَبُو الْحَسَن النَّيسابوري الحافظ، صاحب "المُسْنَد" رحل وسمع: أَبَا خَالِد الأحمر، وابن عُيَيْنَة، والمُحَارِبيّ، وعَبْد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، وجرير بْن عَبْد الحميد، وابن عَلَيْهِ، وأبا بَكْر بْن عَيَّاش، وأبا مطيع البلْخيّ، وخلْقًا سواهم. وعنه: أَبُو يحيى البزاز، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن سُفْيَان، ومحمد بْن سُلَيْمَان بْن فارس، وجماعة. وقال أَبُو حامد الشَّرْقيّ: هُوَ متروك، يروي عن شيوخ لم يسمع منهم. كذا أورد فِي ترجمة ". . . " بجرديّ. ذكره الحاكم فقال: شيخ عصره بَنْيسابور فِي سنة إحدى وخمسين. وتوفي بعدها. 346- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن بكُيْر بْن واصل الحضْرميّ2. يروي عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وحَجّاج الأعور، وطبقتهما. وعنه: عبد الله بن ناجية، وعبد الله الحامض، ومحمد بن مخلد. وثقه الخطيب. 347- علي بن الحسن بن عبيد الشيباني3: أبو الحسن بن الأعرابي. روى عَنْ: عَلِيّ بْن عمروس، وأبي العتاهية، وغيرهما. وكان أديبًا إخباريًا.

_ 1 انظر: الميزان "3/ 121"، واللسان "4/ 218". 2 تاريخ بغداد "11/ 373". 3 تاريخ بغداد "1/ 373، 374".

روى عنه: عبد الله بن أبي سعد الوراق، والمَحَامِليّ. 348- عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مطر الدّرْهَميّ البصري1 -د. ن-: عَنْ: معتمر بْن سُلَيْمَان، وخالد بْن الحارث، وعبد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، ووَكِيع. وعنه: د. ن. وقال: ثقة؛ وزكريّا بْن يحيى السّاجي، وأحمد بن يحيى التستري، وابن أبي داود، وابن خزيمة، وعبدان. توفي سنة ثلاث وخمسين في جمادى الآخرة. 349- علي بن خرشم بن عبد الله بن عطاء -م. ت. ن-: أبو الحسن المروزي2 ابن أخت بِشْر الحافي. سَمِعَ: الفضل بْن مُوسَى السِّينانيّ، وعَبْد العزيز الدَّرَاوَرْدي، وعبد اللَّه بْن وَهْبُ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعيسى بْن يونس، وأبا بكر بن عَيَّاش، وهُشَيْم بْن بشير. وعنه: م. ت. ن. وأبو حامد أَحْمَد بن حمدون الأعمش، وابن خزيمة، وابن أبي داود، ومحمد بن عقيل البلخي، ومحمد بن معاذ الماليني، وأبو علي بن رزين الباشاني، ومحمد بن منذر شكر الهروي، ومحمد بن يوسف الفربري. قال أبو رجاء محمد بن حمدويه: سمعته يَقُولُ: وُلِدتُ سنة ستّين ومائة، وَصُمْتُ ثمانية وثمانين رمضانًا. قَالَ: ومات فِي رمضان سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. 350- عَلِيّ بْن زَنْجَلَة الرّازيّ3: عَنْ: يحيى بْن آدم، وحُسْين الْجُعْفيّ، وأزهر السّمّان، وطبقتهم. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كَانَ رفيق أَبِي بالبصْرة روى عَنْهُ: أَبِي، وعَلِيّ بْن الحسين بن جنيد. وكان ثقة، لم يُقْضَ لي السَّماعُ منه.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 179"، التهذيب "7/ 307". 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 184"، والتهذيب "7/ 316". 3 الجرح والتعديل "6/ 187".

351- علي بن سعيد بن جرير -ن- أبو الحسن النسائي الحافظ1: عَنْ: أَبِي النَّضْر هاشم بْن القاسم، وجعْفَر بْن عَوْن، ومُحَاضر بْن المورَع، وعبد اللَّه بْن بَكْر، وعبد الصَّمد بْن عَبْد الوارث، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزُّهْريّ، وأبي مُسْهِر، وخلْق بالشّام، والعراق، ومصر، وخُراسان. وعنه: ن. وقال: صدوق؛ وعَبْد اللَّه بْن شِيرُوَيُه، وأَبُو حامد بن الشرقي، وأبو بَكْر بْن خُزَيْمة، وأبو بَكْر بْن زياد، وآخرون. وثقَّه محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وقال: اكتبوا عَنْهُ. وقال أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ: سَمِعْتُ عَلِيّ بْن سعَيِد يَقُولُ: سَأَلت أَحْمَد بن حنبل عن اللفظية، قال: هُمُ الْجَهْميّة. قلت: بقي إلى سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 352- عَلِيّ بْن سعَيِد بْن شَهْرَيار الرَّقّيّ الجصّاص2: عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، وشَبَابة، وجماعة. سَمِعَ منة: أَبُو حاتم بالرَّقَّة، وقال: شيخ. 353- عَلِيّ بْن سَلَمَةَ بْن شقيق بْن عُقْبَةَ -ق- أبو الحسن اللبقي النيسابوري3. سَمِعَ: حفص بْن غِياث، وعَبْد الرَّحْمَن المُحَارِبيّ، وابن فُضَيْل، ومروان بْن معاوية، وابن عَلَيْهِ، وجماعة. وعنه: ق. ومحمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ، ومسلم، وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وطائفة. "وروى عنه أبو" علي المذكر. وثقه مسلم. وتوفي لثلاث بقين من جمادى الأولي سنة اثنتين وخمسين.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 189"، والتهذيب "7/ 326". 2 الجرح والتعديل "6/ 189". 3 التهذيب "7/ 327".

قال البخاري في "صحيحه": ثنا عَلِيّ، ثنا مالك بْن سُعير. فقيل: إنّه عَلِيّ بْن سَلَمَةَ، وإلَا فهو ابن المدينيّ. قَالَ دَاوُد بْن الْحُسَيْن البَيْهقيّ: سَمِعْتُ عَلِيّ بْن سَلَمَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم، فقلت: يا رسول اللَّه ما تقول في القرآن؟ قال: أشهد أن كلَام اللَّه غير مخلوق1. 354- عَلِيّ بْن شُعَيب بن عدي -ن- أبو الحسن البغدادي السِّمْسار2: عَنْ: هشام، وابن عُيَيْنَة، وعبد الله بن نمير، وجماعة. وعنه: ن. وقاسم المطرِّز، وابن صاعد، ومحمد بن جرير، والمحاملي، وآخرون. وثقه النسائي. وتوفي سنة ثلاث وخمسين في ثامن عشر شوال. ووهم البغوي فقال: مات سنة إحدى وستين. أصله من طوس. 355- علي بن عاصم الثقفي: مولاهم الأصبهاني3. أخو محمد وأسيد. روى عَنْ: سُلَيْمَان الشّاذَكُونيّ، وغيره. وكان مِن أولياء اللَّه تعالي. قَالَ أَبُو الشيخ: كَانَ مِن العابدين الزاهدين. لم يخرج له كثير الحديث. ومات بعد الخمسين ومائتين. 356- عَلِيّ بْن عَبْد المؤمن الزعفراني الكوفي4. نزيل الري:

_ 1 الثقات لابن حبان "7/ 328". 2 الثقات لابن حبان "8/ 475"، والتهذيب "7/ 331، 332". 3 انظر: طبقات المحدثين "2/ 310، 311". 4 الجرح والتعديل "6/ 196".

روى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد المُحَارِبيّ، وجماعة. وعنه: القاضي المحاملي، وابن أبي حاتم وقال: صدوق. 357- عَلِيّ بْن عبدة التّميميّ المكتِّب1: عَنْ: ابن عَلَيْهِ، وغيره. وعنه: أَبُو حامد الحضْرميّ، والمَحَامِليّ. ومات سنة سبْعٍ وخمسين. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: كَانَ يضع الحديث. قلت: وقع لنا حديثه عاليًا فِي" جزء ابْن الطّلَاية" يتجلَّى لأبي بَكْر. 358- عَلِيّ بن عمرو بن الحارث بن سهل -ق- أبو هبيرة الأنصاري البغدادي2. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبي معاوية، ومحمد بْن أَبِي عديّ، ويحيى بن سعَيِد الأُمَويّ. وعنه: ق.، وأبو حامد الحضْرميّ، وابن مَخْلَد، ويعقوب الدعاء، وابن أبي حاتم وقال: محلُّه الصِّدق. قلت: مات سنة ستّين فِي المحرَّم. وقيل: فِي ذي الحجّة سنة تسعٍ وخمسين. 359- عَلِيّ بْن المُثَنَّى الطُّهَويّ الكوفيّ3 -ن- عَنْ: زيد بْن الحُباب، وسُوَيْد بْن عَمْرو الكلبيّ. وعنه: ن. حديثًا واحدًا، وعبد اللَّه بْن زيدان، وحاجب" بْن أركين"، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وجماعة. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 19"، الميزان "3/ 120". 2 الجرح والتعديل "6/ 199، 200"، والتهذيب "7/ 397". 3 انظر: التهذيب "7/ 377".

ورواية النَّسائيّ عَنْهُ فِي طريق ابن السُّنّيّ وحده. وأمّا فِي رواية ابن حَبَوَيْه النَّيسابوري، عَنِ النَّسائيّ فقال: حدَّثنا محمد بْن المُثَنَّى. وفي نسخة سهل الإسفراييني بخطه: نا ابن المثنى. وكذلك فِي نسُخٍ أُخَر بخطّ غيره. ولم يذكره ابن عساكر فِي "الشيوخ النُّبْل". 360- عَلِيّ بْن محمد بْن معاوية النَّيسابوري1: عَنْ: أَبِي ضَمْرَةَ أنس بْن عِياض، وأبي أسامة. وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، ويعقوب الجصّاص، وآخرون. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 361- عَلِيّ بْن محمد بْن أَبِي الخصيب الكوفيّ الوشاء2 -ق- سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة، ووَكِيعًا، وعُمَرو بْن محمد العْنقزيّ. وعنه: ق. وإِبْرَاهِيم بْن مَتُّوَيْه الأصبهاني، وأبو بكر بن أبي داود، والبردنجي، وابن أبي حاتم, وقال: محله الصدق. قلت: تُوُفّي سنة ثمانٍ أيضًا. 362- عَلِيّ بْن محمد بن زكريا -ن- أبو المضاء3. نزيل الرَّقَّةِ. ثقة، حافظ، روى عَنْ: خَلَف البزار، والمعافى بن سُلَيْمَان الرَّسْعَنيّ. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ؛ وأبو بَكْر محمد بْن حمدون بْن خَالِد، وغيرهما. 363- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي المضاء4 -ن- قاضي المصِّيصة. وهو ابن عمّ أَحْمَد بْن عَلِيّ. روى عَنْ: إِسْحَاق بْن الطّبّاع، وأبي اليَمَان، ومحمد بْن كثير المصيصي، وسعيد بن المغيرة، وطائفة.

_ 1 من العلماء المستورين، ولا بأس به. 2 الجرح والتعديل "6/ 202"، والتهذيب "7/ 379". 3 انظر: التهذيب "7/ 380". 4 انظر: التهذيب "7/ 380".

وعنه: ن.، وسعيد بْن عَمْرو البردعيّ، ومطين، ومحمد بن المنذر شكر، وجماعة. قال النسائي: ثقة. 364- علي بْن محمد بْن علي بْن مُوسَى بن جعفر بن محمد بن زيد العابدين1. السيد الشريف، أبو الحسن العلوي الحسيني الفقيه. أحد الاثني عشر، وتلقبه الإمامية الهادي. قال الصولي: نا الْحَسَين بْن يحيى, أن المتوكّلُ اعتلَّ فقال: لئِن برأتُ لأتصدَّقنّ بدنانير كثيرة. فلمّا عُوفي جمع الفقهاء فسألهم عَنْ ذَلِكَ، فاختلفوا. فبعث، يعني إلى أَبِي الْحَسَن العسكري فسأله، فقال: يتصدق بثلاثَةٍ وثمانين دينارًا. فعجب القوم وقالوا: مِن أَيْنَ لَهُ هذا؟ فأرسل إِلَيْهِ، فقال: لأنّ اللَّه يَقُولُ: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التوبة: 25] فروى أهلنا جميعًا أنّ المَوَاطن والسَّرايا كانت ثلَاثة وثمانين موطنًا. تُوُفّي عَلِيّ، رحمه اللَّه، سنة أربعٍ وخمسين، وله أربعون سنة. 365- عَلِيّ بْن مسلم بن سعيد -خ. د. ن- أبو الحسن الطوسي، ثم البغدادي2. سَمِعَ: هُشَيْمًا، وجرير بْن عَبْد الحميد، ويحيى بْن أَبِي زائدة، ويوسف بْن يعقوب الماجِشُون، وأبا يوسف القاضي، وابن المبارك، وعبد الرَّحْمَن بْن زيد بْن أسلم، وخلْقًا سواهم. وعنه: خ. د. ن. وأبو بكر الأثرم، وعبد الله بن أحمد، وابن صاعد، والمحاملي، وابن عياش القطان، وآخرون. قال النسائي: لَا بأس به. وقد روى عن رجل، عنه.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 56"، والبداية والنهاية "11/ 14". 2 الجرح والتعديل "6/ 203"، والسير "11/ 525".

تُوُفّي لسبْعٍ بقين من جُمَادَى الآخرة سنة ثلَاثٍ وخمسين. وكان مولده سنة ستّين ومائة. وروى عَنْهُ: ابن معين مَعَ تقدَّمه، وأبو حاتم الرّازيّ. 366- عَلِيّ بْن مَعْبَد بْن نوح -ن- أبو الحسن البغدادي1: سكن مصر. وروى عَنْ: عَبْد الوهّاب بْن عطاء، وشَبَابة، وأبي النَّضْر، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم، وأبي أحمد الزبيري. وعنه: ن. وعن رجلٍ عَنْهُ، وأبو بَكْر بْن خُزَيْمَة، وأبو جعْفَر الطَّحَاويّ، وآخرون. قَالَ أَحْمَد العجلي: ثقة صاحب سنة. ولي أَبُوهُ طرابلس الغرب. وقال ابن أَبِي حاتم: صدوق. قلت: مات فِي رجب سنة تسعٍ وخمسين بمصر. وكان قدِمها تاجرًا، فسكنها. وآخر أصحابه موتًا إِبْرَاهِيم بْن ميمون العسكريّ. 367- عَلِيّ بن المنذر -ت. ن. ق- أبو الحسن الطريقي الأودي الكوفي العلَاف2 الأعور: عَنْ: ابن عُيَيْنَة، والوليد بْن مُسْلِم، وَمحمد بْن فُضَيْل، وطبقتهم. وعنه: ت. ن. ق.، وبدْر بْن الهَيْثَم، وأبو بَكْر بن أبي داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، ويحيى بْن صاعد، وخلق. وحجَّ خمسين حجّة. قَالَ النَّسائيّ: شيعيّ مَحْض. قلت: تُوُفّي فِي ربيع الأوّل سنة ستٍّ وخمسين. 368- عمّار بْن خَالِد بْن يزيد الواسطيّ التمار3 -ن. ق- عَنْ: جرير بن عبد

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 205"، والتهذيب "7/ 385". 2 الجرح والتعديل "6/ 206"، والتهذيب "7/ 386". 3 الجرح والتعديل "6/ 395"، والتهذيب "7/ 399، 400".

الحميد، ومرحوم بْن عَبْد العزيز، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعَبْد الحَكَم بْن منصور، وإِسْحَاق الأزرق. وعنه: ن. ق. وأبو حاتم الرّازيّ، وأحمد بْن عَلِيّ المَرْوزِيّ، وابن أَبِي دَاوُد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وابن مبشر الواسطيّ. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ستّين ومائتين. 369- عِمران بْن قَطَن: أَبُو مُوسَى الْبُخَارِيّ الفرْخَشيّ1، من قرية فَرْخَشِيّة. رحّال، لقي عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، والمقريّ، وأبا جَابرِ محمد بْن عبد الملك. وعنه: عَبْد اللَّه بْن منيح بْن سيف. تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين. قاله الأمير. 370- عُمَر بْن نصر: أَبُو حفص النِّهْرَوَانيّ2. عَنْ: يزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عطاء، وشَبَابة، وغيرهم. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبتُ عَنْه بنِهْروان، وهو صدوق. 371- عَمْرو بْن بحر الجاحظ3: قِيلَ: تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. وقد ذكر. 372- عمرو بن عبد الله الأودي -ق- أبو عثمان الكوفي4:

_ 1 الإكمال "7/ 125"، لابن ماكولا. 2 الجرح والتعديل "6/ 137". 3 سبقت الترجمة له. 4 الجرح والتعديل "6/ 244"، والتهذيب "8/ 62".

عن: أبي بكر بن عياش، وأبي معاوية، وابن نُمَيْر، وجماعة. وعنه: ق.، وحاجب بْن أَركين، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وبدر بن الهيثم، وابن خزيمة. قال أبو حاتم: صدوق. 373- عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار -د. ن. ق- أبو حفص الحمصي1، مولى قُرَيش: سَمِعَ: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وبقّية بن الولد، وابن عيينة، والوليد بْن مُسلْمِ، وجماعة. وعنه: د. ن. ق.، وجعفر الفِرْيابيّ، وأبو عروبة الحراني، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو بكر بن أبي داود، وخلق. قال أبو زرعة: كان أحفظ من محمد بن مصفى، وأحب إلي منه. قلت: توفي في رمضان سنة إحدى وخمسين. وقيل: توفي سنة خمسين ومائتين. 374- عمرو بن معمر: أبو عثمان العمركي2. حدث ببغداد عَنْ: أَبِي النَّضْر يَعْلَى بْن عبيد، وعُبَيْد اللَّه بن مُوسَى. وعنه: الحسن بن محمد بن شعبة، والمحاملي، وأحمد بْن عبد الله وكيل أبي صَخْرة. وثقه الخطيب. 375- عيسى بن إسحاق النرسي3: حدث ببغداد عَنْ: يحيى بن آدم، وشبابة.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 249"، والتهذيب "8/ 76، 77". 2 انظر: تاريخ بغداد "12/ 220". 3 تاريخ بغداد "11/ 165".

وعنه: موسى بن هارون، ومحمد بن مخلد، وغيرهما. توفي. 376- عيسى بن عبد الله بن سليمان العسقلاني1: نزيل بغداد. عن: الوليد بن مسلم، وضَمْرة بن ربيعة. وعنه: أبو عمر محمد بن يوسف القاضي، ومحمد بن مخلد، وزيد بن عبد العزيز الموصلي، وتمتام، وجماعة كثيرة. قال ابن عدي: ضعيف، يسرق الحديث. 377- عيسى بن عثمان النهشلي الكوفي2 -ت-: عَنْ: عمّه يحيى بْن عيسى الرمليّ. وعنه: ت.، ومُطَيَّن، ومحمد بْن جرير الطَّبَريّ، ومحمد بن يحيى بن منده، وابن أبي داود. قال النسائي: صالح. قلت: توفي سنة إحدى وخمسين. 378- عيسى بن محمد بن إسحاق3 -د. ن-: أبو عمير بن النحاس الرملي. مُحَدَّث، ثقة، لم يرحل. سَمِعَ من: الوليد بْن مُسلْمِ لمّا قدِم الرملة، وضَمْرَة بْن ربيعة، وأيوب بن سويد، وزيد بْن أَبِي الزّرقاء، وجماعة. وعنه: د. ن. ويحيى بْن معين وهو أكبر منه، وقال: ثقة، من أحفظ الناس

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 165"، والميزان "3/ 317". 2 التهذيب "8/ 220". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 286"، التهذيب "8/ 228، 229".

لحديث ضَمْرَةَ، وأَبُو زُرْعَة، وأبو حاتم، وجعْفَر الفِرْيابيّ، وعُمَر البُجَيْريّ، وابن جَوْصا، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد وخلْق. قَالَ ابن جَوْصا: سَمِعْتُ أَبَا عُمَيْر يَقُولُ: قدِم علينا الوليد فِي سنة أربعٍ وتسعين ومائة، فاستقرض لَهُ أَبِي دنانير، فحجَّ مِنَ الرملة، فمات منُصْرَفَه مِنَ الحجَّ بِذِي المَرْوة. فمضي أَبِي إلى دمشق حتى أُبيع منزله وقضي دَيْنه. وقال أبو زرعة: ثنا أبو عمير الرَّمْليّ، وكان ثقة رِضا1. وقال أَبُو حاتم: كَانَ مِنَ العُبّاد، يطلب العلم وعَلى ظهره خُرَيْقة قدْر ذراع، ويختلف إلى الوليد وضَمْرَة. وقال عمر بن سهل الدينوري: سَمِعْتُ ابن وَهْبُ الدِّينَوَرِيّ يَقُولُ: لَقَّنْتُ أَبَا عُمَيْر النّحّاس أربعين حديثًا من حديثه، فلمّا بلغتُ واحدًا وأربعين قَالَ لي: أما تستحي، أَتُجَشِّمني أن أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مجلسٍ واحدٍ أكثر من أربعين شهادة؟ قَالَ ابن زَبْر: تُوُفّي فِي ثامن محرَّم سنة ستٍّ وخمسين. "حرف الفاء": 379- الفتح بْن الحَجّاج: أَبُو نوح الحَرَشيّ النَّيسابوري الفقيه2. سَمِعَ: المقرئ، وحفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وخلَاد بْن يحيى. وفيه: الْعَبَّاس بْن ضَمْرَةَ، وعبد اللَّه النَّصْراباذيّ، وجماعة. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. 380- الفضل بْن جعْفَر بْن عَبْد اللَّه بْن الزِّبْرِقان البغداديّ3 -ت-: أخو يحيى بن بي طالب.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 286". 2 من العلماء المستورين، لا بأس به. 3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 60"، والسير "12/ 621".

سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن مُوسَى، وحَجّاج بْن محمد الأعور، ويزيد بْن هارون، وأبا عَلِيّ الحنفي، وطائفة. وعنه: ت.، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، والقاضي المحاملي. وكان ثقة. توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 381- الفضل بن سهل -ع سوى ق- أبو العباس البغدادي الأعرج1 الحافظ. أحد الأثبات. سمع: الحسين الْجُعْفيّ، وأَبَا النَّضْر بْن القاسم، وشَبَابة بْن سَوّار، وطبقاتهم. وعنه: ع. سوى ابن ماجة، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، وأبو عبد الله المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وخلْق. وكان موصوفًا بالذّكاء والمعرفة والإتقان. توفي فِي صَفَر سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ عَبْدان: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُد يقول: أَنَا لَا أحدِّث عَنْ فضل بْن سهل. قلت: وَلِمَ؟ قَالَ: لأنّه لَا يفوته حديث جيّد. قلت: ومع هذا فقد روى عَنْهُ أَبُو دَاوُد كما قدَّمنا. ووثَّقه النَّسائيّ، والنّاس. وعاش نيفًا وسبعين سنة. وقال أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الصُّوفيّ: كَانَ أحد الدّواهي. يعني: في الحفظ. 382- الفضل بن يعقوب -د. ق- أبو العباس البصري، المعروف بالجزري2: سَمِعَ: عَبْد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، ونوح بن قيس الحداني، وسفيان بن عيينة، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 63"، والسير "12/ 209-211". 2 الجرح والتعديل "7/ 70"، والتهذيب "8/ 289".

وعنه: د. ق.، وأبو عَرُوبة، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، ومحمد بن هارون الروياني. توفي في عاشر شعبان سنة ست وخمسين. 383- الفضل بن يعقوب -خ. ق-: أبو العباس البغدادي الرخامي1. سمع: حجاج بن محمد الأعور، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وإدريس بْن يحيى الخَوْلَانيّ العابد، وأسد بْن مُوسَى السنة، وزيد بْن يحيى الدّمشقيّ، ويحيى بْن السَّكَن. وعنه: خ. ق. وابن صاعد، ومحمد بن هارون الحضرمي، والحسين والقاسم ابنا المحاملي، ومحمد بن مخلد، وابن خزيمة. قال الدارقطني: ثقة حافظ. وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وكان ثقة صدوقا. توفي في أول جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين ومائتين. 384- فضل2: جارية المتوكل. من مولدات اليمامة. لم يكن في زمانها امرأة أفصح ولا أشعر منها. أدبها رجل من عبد القيس واشتراها محمد بن الفرج الرخجي، فأهداها للمتوكل. حكي علي بن الجهم قَالَ: قلتُ: لاذَ بها يشتكي إليها ... فلم يَجِدْ عندها مَلَاذا فقال لها المتوكّلُ: أجيزي. فقالت بَدِيهًا: ولم يزَلْ ضارعًا إليها ... تَهْطل أجفانُهُ رَذَاذا

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 70"، والتهذيب "8/ 288، 289". 2 الأغاني "18/ 90-101".

فعاتبُوه فزادَ عِشْقًا ... فمات وَجْدًا فكان ماذا. ولها شِعرٌ هكذا أرق مِنَ النسيم وأرْوَق مِنَ النسّيم، ولا أعلم متَى ماتت. "حرف القاف": 385- القاسم بْن بِشْر البغداديّ1: أَبُو محمد. عَنْ: يحيى بْن سُلَيم الطّائفيّ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: إمام الأئمّة ابن خُزَيْمَة، والهَيْثَم بْن خلف، وابن صاعد. وثقَّه الخطيب. 386- القاسم بن سعيد بن المسيب بن شريك التميمي البغدادي2: عن: يحيى بْن سعيد القطان، ويزيد بْن هارون، والهيثم بن عدي، وجماعة. وعنه: قاسم المطرّز، والقاضي المَحَامِليّ، وجماعة. وثقه الخطيب. ومات سنة أربعٍ وخمسين ومائتين. 387- القاسم بْن الفضل بْن بَزِيع البغداديّ3: عَنْ: عَمْرو بْن عاصم، وغيره. وعنه: أَبُو عُبَيْد بْن المؤمّل، ومحمد بْن مَخْلَد، ووثقه. مات سنة تسعٍ وخمسين. 388- القاسم بْن محمد بْن عبّاد بْن عباد - ق. - أَبُو محمد الْأَزْدِيّ المهلّبيّ4 البصْريّ، ثمّ البغداديّ.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 427". 2 تاريخ بغداد "12/ 427". 3 تاريخ بغداد "12/ 429". 4 تاريخ بغداد "12/ 431".

عَنْ: أَبِيهِ، وأبي عاصم، وبشر بْن عُمَر الزّهْرانيّ، وعبد اللَّه بْن دَاوُد الخريبي. وعنه: ق.، وابن صاعد، والمحاملي، وابن مخلد. وثقة الخطيب. 389- القاسم بن هاشم بن سعيد: أبو محمد البغدادي السمسار1. عن: أبيه، وأبي مسهر الدمشقي، وعلي بن عياش، وعتبة بن السكن. وعنه: ابن أبي الدنيا، والمحاملي، وابن مخلد. وثقه بعضهم. وقال الخطيب: كان صدوقا. مات في رمضان سنة تسع وخمسين ومائتين. 390- القاسم بن يزيد بن كليب المقرئ الوزان2: حدث ببغداد عَنْ: محمد بْن فُضَيْل، ووَكِيع. وعنه: عبد الله بن أبي سعد الوراق، وغيره. توفي سنة اثنتين وخمسين. "حرف اللام": 391- ليث بن الفرج بن راشد البغدادي3: سمع: ابن عيينة، ووكيعا، وعبد الرحمن بن مهدي. وعنه: أبو العباس محمد بن أحمد الأثرم، ومحمد بن مخلد, وثقه الخطيب. ووقع لي حديثه عاليًا فِي "جزء الأكابر" عَنْ مالك.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 429، 430". 2 تاريخ بغداد "12/ 426". 3 تاريخ بغداد "13/ 16، 17".

"حرف الميم": 392- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الجبّار1: أبو عبد الله الباهليّ المصريّ. سَمِعَ: أَبَا أَحْمَد الزُّبَيْريّ. وعنه: عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن قُدَيْد. تُوُفّي بمصر فِي شَعْبان. 393- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن عُتْبَة بْن حُمَيْد بْن عُتْبَة بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ: الفقيه العُتْبيّ الأندلسيّ القُرْطُبيّ المالكيّ2، صاحب المسائل العُتْبيّة، ومنهم مَن جَعله من موالي عُتْبة بْن أَبِي سُفْيَان. سمع: يحيى بن يحيى، وسعيد بن حسان، وسَحْنُون بْن سعَيِد، وأَصْبَغ بْن الفَرَج، وغيرهم. وعنه: محمد بْن عُمَر بْن لُبَابَة، وجماعة مِنَ الأندلسييّن. وكان مِن كبار الفُقَهاء فِي زمانه. قَالَ محمد بْن وضّاح: فِي "المُسْتَخْرَجَة" خطأ كثير. وقال أسلم بْن عَبْد العزيز: قَالَ لي ابن عَبْد الحَكَم: أُتِيتُ بكُتبٍ حَسنة الخطّ تُدْعى "المُسْتَخْرَجَة" من وضع صاحبكم محمد بْن أَحْمَد العُتْبيّ، "فرأيت جُلَّها" كذوبًا مسائل المُجالِس لَهُ لم يوقف عليها أصحابها، فخشيت أن أموت فُتوجد فِي تَرِكَتي، فوهبت لرجلٍ يقرأ فيها. فقلت لَهُ: كيف استحللت أن تُعطيها لغيرك، ولم تستحسن أن تكون عندك؟ فسكت.

_ 1 ينظر "حسن المحاضرة". 2 انظر: تاريخ الخلفاء "ص/ 360"، والسير "12/ 335".

وقال محمد بْن عُمَر بْن لُبَابَة: لَيْسَ العُتْبيّ نَسَبه، إنّما كَانَ لَهُ جَدُّ يُسمَّى عُتْبة، فَنُسِبَ إِلَيْهِ. قَالَ ابن الفَرَضيّ: رحل فسمع من سَحْنون، وأَصْبَغ بْن الفَرَج ونُظَرائهما. وكان حافظًا للمسائل جامعًا لها عالمًا بالنّوازل. جمع" المستخرجة" وكثر فيها الرّوايات المطروحة والمسائل الغريبة الشّاذة. وكان يؤتى بالمسألة الغريبة فيقول: أَدخِلوها فِي "المُسْتَخْرَجَة". تُوُفّي فِي ثامن عشر ربيع الأول سنة خمسٍ وخمسين ومائتين، وقيل: سنة أربع. والأوّل أصحّ، والله أعلم. وقد مرّ العُتْبيّ الإخباريّ محمد بْن عَبْد اللَّه سنة228. 394- محمد بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بن مدويه -ت- أبو عبد الرحمن القرشي1 الترمذي: عَنْ: القاسم بْن الحَكَم العُرَنيّ، وأسود بْن عامر، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وطبقتهم. وعنه: ت. وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومضاء بْن حاتم النَّسَفيّ، ومحمد بْن المنذر شَكَر. وثقَّه ابن حِبّان. 395- محمد بْن أَحْمَد بْن يزيد: الفقيه أَبُو يونس الجّمَحيّ المدنيّ2، مفتي أهل المدينة بعد أَبِي مُصْعَب الزُّهْريّ. أخذ عَنْ: أصحاب مالك، وروى عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس، وإِسْحَاق الفَرَويّ. وعنه: زكريّا بْن يحيى الساجي، وأبو العباس السراج، وأبو عوانة الإسْفرايينيّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم الدبيلي، ويحيى بْن الْحَسَن العَلَويّ النَّسَّابة، وجماعة. تُوُفّي قبل السّتّين أو بعدها.

_ 1 التهذيب "9/ 21، 22". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 183"، التهذيب "9/ 24".

396- محمد بْن إِبْرَاهِيم: أَبُو جعْفَر الأنماطيّ الحافظ1، مُرَبَّع. سَمِعَ: أَبَا الوليد الطَّيَالِسيّ، وأبا حُذَيْفَة النَّهْديّ، وابن مَعِين، وطبقتهم. وعنه: القاضي المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وجماعة. تُوُفّي كهْلَا سنة ستٍّ وخمسين. وله "تاريخ في معرفة الرجال". وهو مِن أعيان تلَامذة يحيى بْن مَعِين، وهو الّذي لقَّبه. 397- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن قحْطَبَة البغدادي المؤدب2: سمع: معاوية بن عمرو الْأَزْدِيّ، وجماعة. وعنه: قاسم بْن زكريّا المطرِّز، وابن أَبِي حاتم وقال: صدوق. 398- محمد بْن الأزهر بْن حُرَيْث: أَبُو جعْفَر السّجْزيّ3. ثقة، رحال، عالي الرواية. سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبا معاوية الضَّرير، وطبقتهما. وعنه: أَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن عَلِيّ المذكّر شيخ الحاكم. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين، أظنّ بَنْيسابور. 399- محمد بْن الأزهر: أبو عبد الله الفقيه4. من عُلماء الحنفيّة. قِيلَ: إنّه مات فِي صَفَر سنة إحدى وخمسين بخراسان.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 388". 2 الجرح والتعديل "7/ 187"، وتاريخ بغداد "1/ 389". 3 لم نقف عليه. 4 الفوائد البهية "160".

400- محمد بْن إِسْحَاق الضّبيّ البغداديّ1: أحد المتروكين. يروي عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وأبي النَّضْر. رَمَوْه بالكذِب. روى عَنْهُ: ابن أَبِي دَاوُد، وعلي بن عبد الله بن مبشر الواسطي، وابن أبي حاتم ثم تركه. 401- الإمام البخاري2: محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن المغيرة بن بردزبه -ت. ن- الإمام العلم أبو عبد الله الجعفي، مولَاهُمُ الْبُخَارِيّ، صاحب "الصّحيح" والتّصانيف. وُلِد فِي شوّال سنة أربعٍ وتسعين ومائة. وأوَّل سماعة سنة خمسٍ ومائتين. وحفظ تصانيف ابن المبارك، وحُبّبَ إِلَيْهِ العلم مِنَ الصِّغَر. وأَعَانُه عَلَيْهِ ذكاؤه المُفْرط. ونشأ يتيمًا، وكان أَبُوهُ مِنَ العلماء الورِعين. قَالَ أبو عبد الله الْبُخَارِيّ: سَمِعَ أَبِي من مالك بْن أنس ورأى حمّاد بْن زيد، وصافح ابن المبارك. قلت: وحدَّث عَنْ أَبِي معاوية، وجماعة. روى عَنْه: أحمد بن حفص، و"الحسن" بْن الْحُسَيْن. قَالَ أَحْمَد بْن حفص: دخلت عَلى أَبِي الْحَسَن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم عند موته فقال: لَا أعلم فِي جميع مالي دِرْهمًا من شُبْهة. قَالَ أَحْمَد: فتصاغَرَت إليَّ نفسي عند ذلك3.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 196"، والميزان "3/ 477". 2 تاريخ بغداد "2/ 4-36"، السير "10/ 273". 3 تهذيب الكمال "3/ 170".

قلت: وَرَبَّتْ أَبَا عَبْد اللَّه أمُّه. ورحل سنة عشرة ومائتين بعد أن سَمِعَ الكثير ببلده مِن سادةِ وقتهِ: محمد بْن سلَام البِيكَنْديّ، ومحمد بْن يوسف البِيكَنْديّ، وعَبْد اللَّه بْن محمد المُسْنِديّ، ومحمد بْن غُرِير، وهارون بْن الأشعث، وطائفة. وسمع ببلْخ من: مكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، ويحيى بْن بِشْر الزّاهد، وقُتَيْبة، وجماعة. وكان مكّيّ أحد مَن حدثه عَنْ ثقات التّابعين. وسمع بِمَرْوَ من: عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، وعَبْدان، ومُعَاذ بْن أسد، وصَدَقَة بْن الفضل، وجماعة. وسمع بَنْيسابور من: يحيى بن يحيى، وبشر بن الحكم، وإسحاق، وعدّة. وبالرِّيّ من: إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى الحافظ، وغيره. وببغداد من: محمد بْن عيسى الطّبّاع، وسُرَيْج بْن النُّعْمان، وعفّان، ومعاوية بْن عَمْرو الْأَزْدِيّ، وطائفة. وقال: دخلتُ عَلى مُعَلَّى بْن منصور ببغداد سنة عشر. وسمع بالبصْرة من: أَبِي عاصم النَّبيل، وبدل بْن المحبّر، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن حمّاد الشُّعَيْثيّ، وعُمَرو بْن عاصم الكِلَابيّ، وعَبْد اللَّه بْن رجاء الغُدّانيّ، وطبقتهم. وبالكوفة من: عبيد اللَّه بْن موسي، وأبي نُعَيْم، وطَلْق بْن غنّام، والحسن بْن عطّية وهما أقدم شيوخه موتًا؛ وخلَاد بْن يحيى، وخالد بْن مَخْلَد، وفروة بْن أَبِي المغراء، وقُبَيْصَة، وطبقتهم. وبمكّة من: أَبِي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، والحُمَيْديّ، وأحمد بْن محمد الأزْرقيّ، وجماعة. وبالمدينة من: عَبْد العزيز الْأوَيْسيّ، ومُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، وأبي ثابت محمد بْن عُبَيْد اللَّه، وطائفة. وبواسط من: عَمْرو بْن عَوْن، وغيره. وبمصر من: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صالح الكاتب، وسعيد بْن تليد،

وعَمْرو بْن الرّبيع بْن طارق، وطبقتهم، وبدمشق من أَبِي مُسْهِر شيئًا يسيرًا؛ ومن أَبِي النَّضْر الفراديسيّ، وجماعة. وبَقْيسارية من: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ. وبعسقلَان: من آدم بْن أَبِي إياس. وبحمص من: أَبِي المغيرة، وأبي اليَمَان، وعلي بْن عَيَّاش، وأحمد بْن خَالِد الوهَبيّ، ويحيى الوُحاظيّ. وذُكِر أنّه سَمِعَ من ألف نفس. وقد خرّج عنهم مشيخة وحدث بها، لم نرها. وحدَّث بالحجاز، والعراق، وخراسان، وما وراء النهر. وكتبوا عَنْهُ وما فِي وجهه شَعْرة. روى عَنْهُ: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتم قديمًا. وروى عَنْهُ من أصحاب الكُتُب: ت. ن. عَلِيّ نزاعٍ فِي ن. والأصح: أنّه لم يروِ عَنْهُ شيئًا. وروى عَنْهُ مُسلْمِ فِي غير "الصحيح"، ومحمد بْن نصر المَرْوزِيّ الفقيه، وصالح بن محمد جَزَرَة الحافظ، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، ومُطَيَّن، وأَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، وأبو بَكْر بْن خُزَيْمَة، وأَبُو قُرَيش محمد بْن جُمْعة، ويحيى بْن محمد بْن صاعد، وإِبْرَاهِيم بْن معقل النَّسَفيّ، ومَهيب بْن سُلَيْم، وسهل بْن شاذُوَيْه، ومحمد بْن يوسف الفِرَبْرِيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن دَلُّويه، وعبد اللَّه بْن محمد الأشقر، ومحمد بْن هارون الحضْرميّ، والْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل المحاملي، وأبو علي الحسن بن محمد الدّاركيّ، وأحمد بْن حمدون الأعمش، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمود بْن عَنْبر النَّسَفيّ، ومُطَيَّن، وجعْفَر بْن محمد بْن الْحَسَن الْجَرَوِيّ، وأبو حامد بن الشرقي، وأخوه أَبُو محمد عَبْد اللَّه، ومحمد بْن سُلَيْمَان بْن فارس، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، وخلْق1. وآخر من روى عنه "الجامع الصحيح": منصور بن محمد البزدوي المتوفى سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

_ 1 السير "10/ 275، 276".

وآخر من زعم أنّه سَمِعَ مِنَ الْبُخَارِيّ موتًا: أَبُو ظهير عَبْد اللَّه بْن فارس البلخي المتوفى سنة ست وأربعين وثلاثمائة. وآخر من رُوِيَ حديثه عاليًا: خطيب المَوْصِل فِي الدّعاء للمَحَامِليّ؛ بينه وبينه ثلَاثة رجال. وأمّا جامعه الصحيح فأجل كُتب الْإِسلَام وأفضلها بعد كتاب اللَّه تعالي. وهو أعلى شيء فِي وقتنا إسنادًا للنّاس. ومن ثلَاثين سنة يفرحون بعُلُوّ سماعه، فكيف اليوم؟ فلو رحل الشخص لسماعه من مسيرة ألف فَرْسخ لَمَا ضاعت رحلتهُ. وأنا أدري أنّ طائفة مِنَ الكبار يستقلّون عقلي فِي هذا القول، ولكن: ما يعرف الشَّوقّ إلَا مَن يُكابده وَلَا الصَّبَابَة إلَا مَن يُعَانيها ومَن جهِلَ شيئًا عاداه، ولا قوَّة إلَا بالله. فصل: نقل ابنُ عديّ وغيره أنّ مُغيرة بْن بَرْدِزْبَه المجوسيّ جدَّ الْبُخَارِيّ أسلم عَلِيّ يد والي بُخاري يَمَان الْجُعْفيّ جدَّ المحدَّث عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن يَمَان الْجُعْفيّ المُسْنِديّ. فولَاؤه للجُعْفَيين بهذا الاعتبار. وقال محمد بْن أَبِي حاتم ورّاق الْبُخَارِيّ: أخرج أبو عبد الله ولدَه بخطّ أبيه بعد صلاة الجمعة لثلاث عشر مَضَتْ من شوّال سنة أربعٍ وتسعين ومائة. وقال ابن عديّ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن الْحُسَيْن البزّاز يَقُولُ: رأيتُ الْبُخَارِيّ شيخًا نحيفًا، لَيْسَ بالطويل ولا بالقصير1. عاش اثنتين وستين إلَا ثلَاثة عشر يومًا. وقال أَحْمَد بْن الفضل البلْخيّ: ذَهَبَت عينا محمد فِي صِغْرِه، فرأت أمُّه إِبْرَاهِيم عَليْه السَّلَامُ، فقال: يا هذه قد ردّ اللَّه عَلِيّ ابنك بصرة بكثرة بُكائك أو دعائك. فأصبح وقد ردّ اللَّه عَلَيْهِ بصره2. وعن جبريل بْن ميكائيل: سَمِعْتُ الْبُخَارِيّ يَقُولُ: لمّا بلغت خراسان أُصِبتُ

_ 1 وفيات الأعيان "4/ 190". 2 السير "10/ 274".

ببصري، فعلّمني رَجُل أن أحلق رأسي وأغلّفه بالخطميّ، ففعلت، فردّ اللَّه عَلِيّ بصَرِيّ. رواها غُنْجَار فِي تاريخه. وقال أَبُو جعْفَر محمد بْن أَبِي حاتم الورّاق: قلت للبخاريّ: كيف كَانَ بدوّ أمرِك؟ قَالَ: ألْهِمْتُ حِفْظَ الحديث فِي المكتب ولي عشر سنين أو أقلّ. وخرجت مِنَ الكُتّاب بعد العَشْر، فجعلت أختلف إلى الداخليّ وغيره، فقال يومًا فيما يقرأ عَلى الناس: سُفْيَان، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ إِبْرَاهِيم. فقلت لَهُ: إنّ أبا الزُّبَيْر لم يَرْوِ عَنْ إِبْرَاهِيم. فانتهرني، فقلت لَهُ: ارجع إلى الأصل. فدخل ثمّ خرج فقال لي: كيف هُوَ يا غلَام؟ قلت: هو الزُّبَيْر بْن عديّ، عَنْ إِبْرَاهِيم. فأخذ القلم منّي وأصلحّه، وقال: صدقت. فقال للبخاريّ بعض أصحابه: ابن كم كنت؟ قال: ابن إحدى عشر سنة. فلمّا طعنتُ فِي ستٍّ عشرة سنة حفظت كُتُب ابن المبارك، ووَكِيع، وعرفت كلَام هؤلاء. ثم خرجت مع أبي وأخي أَحْمَد إلى مكّة. فلمّا حَجَجْتُ رجع أخي بها وتخلّفتُ فِي طلب الحديث. فلمّا طعنت في ثمان عشرة جعلتُ أُصنِّف قضايا الصَّحابة والتّابعين وأقاويلهم، وذلك أيّام عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى. وصّنّفتُ كتاب "التّاريخ" إذ ذاك عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الليلي المُقْمرة. وقلِّ اسم فِي "التّاريخ" إلَا وله عندي قصّة. إلَا أنيّ كرهتُ تطويل الكتاب1. وقال عَمْرو بْن حفص الأشقر: كنّا مَعَ الْبُخَارِيّ بالبصرة نكتب الحديث، ففقدناه أيّامًا، ثمّ وجدناه في بيت وهو عريان وقد نفذ ما عنده. فجمعنا لَهُ الدّراهم وكَسَوْناه2. وقال عَبْد الرَّحْمَن "بْن محمد الْبُخَارِيّ": سَمِعْتُ محمد بْن إِسْمَاعِيل يَقُولُ: لقيت أكثر من ألف رجلٍ، أهل الحجاز، والعراق، والشّام، ومصر، وخُراسان، إلى

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 7". 2 تاريخ بغداد "2/ 13".

أن قَالَ: فما رأيْتُ واحدًا منهم يختلف فِي هذه الأشياء: إنّ الدّين قولٌ وعمل، وأنّ القرآن كلَام اللَّه1. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: سمعته يَقُولُ: دخلتٌ أصبهان مرّات، كل ذَلِكَ أجالس أَحْمَد بْن حنبل، فقال لي آخر ما ودّعته: يا أَبَا عَبْد اللَّه تترك العِلم والنّاس وتصير إلى خُراسان؟! فأنا الآن أذكر قول أَحْمَد. وقال أَبُو بَكْر الْأعْيَن: كتبت عَنِ الْبُخَارِيّ عَلَى باب محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ وما فِي وجهه شَعْرة. وقال محمد بْن أَبِي حاتم ورّاق الْبُخَارِيّ: سَمِعْتُ حاشد بْن إِسْمَاعِيل وآخر يقولَان: كَانَ الْبُخَارِيّ يختلف معنا إلى السَّماع وهو غلَام، فلَا يكتب، حتّى أتى عَلَى ذَلِكَ أيّام. فكنّا نقول لَهُ، فقال: إنّكما قد أكثرتما عليّ، فاعرضا عَلِيّ ما كتبتما. فأخرجنا إِلَيْهِ ما كَانَ عندنا، فزاد عَلَى خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلّها عَنْ ظهر قلب حتى جعلنا نُحكِم كُتُبَنا من حِفْظِه. ثمّ قَالَ: أترون أنيّ أختلف هدْرًا وأضيّع أيّامي؟! فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد. قالا: فكان أهل المعرفة يَعْدُونَ خلفه فِي طلب الحديث وهو شابّ حتى يغلبوه عَلِيّ نفسِه ويجلسوه فِي بعض الطّريق، فيجتمع عَلَيْهِ أُلُوف أكثرهم ممن يكتب عنه، وكان شاب لم يخرج وجهه. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: وسَمِعْتُ سُلَيْم بْن مجاهد يَقُولُ: كنتُ عند محمد بْن سلَام البِيكَنْديّ فقال لي: لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث. قَالَ: فخرجت فِي طلبه وتلقَّيته، فقلتُ: أنتَ الَّذِي تَقُولُ: أَنَا أحفظ سبعين ألف حديث؟ قال: نعم وأكثر، ولا أجيئك بحديث عن الصحابة والتابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم. ولست أروي حديثًا من حديث الصّحابة أو التّابعين إلَا ولي فِي ذَلِكَ أصلٌ أحفظه حِفْظًا عَنْ كتاب اللَّه وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ2. قَالَ غُنْجار: ثنا أَبُو عَمْرو أَحْمَد بْن محمد المقرئ، ثنا محمد بْن يعقوب بْن يوسف البِيكَنْديّ: سَمِعْتُ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عاصم البيكندي يقول: قدم علينا

_ 1 السير "12/ 407، 408". 2 تاريخ بغداد "2/ 24، 25".

محمد بْن إِسْمَاعِيل، فاجتمعنا عنده ليلةً، فقال بعضنا: سَمِعْتُ إِسْحَاق بْن راهَوَيْه يَقُولُ: كأني أنظر إلى سبعين ألف حديث من كتابي. فقال محمد: أوتعجب من هذا؟ لعلّ فِي هذا الزمان مَن ينظر إلى مائتي ألف حديث من كتابه. قَالَ: وإنّما عَنى بِهِ نفسه1. وقال ابن عدي: حدثني أحمد بن محمد القُومِسيّ: سَمِعْتُ محمد بْن خَمْرَوَيْه يَقُولُ: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْمَاعِيل يَقُولُ: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح. وقال إمام الأئمّة ابن خُزَيْمَة: ما رَأَيْت تحت أديم السّماء أعلم بالحديث من محمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ. وقال ابن عديّ: سمعت عدة مشايخ يحكمون أنّ الْبُخَارِيّ قدِم بغداد فاجتمع أصحاب الحديث، وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا مُتُونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد هذا، وإسناد هذا لمتن هذا، ودفعوا إلى كلّ واحدٍ عشرة أحاديث ليُلْقوها عَلِيّ الْبُخَارِيّ فِي المجلس. فاجتمع النّاس، وانتدبَ أحدهم فقال، وسأله عَنْ حديث من تِلْكَ العشرة، فقال: لَا أعرفه. فسأله عَنْ آخر، فقال: لَا أعرفه. حتى فرغ العشرة. فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فَهْم. ومَن كَانَ لَا يدري قضى عَلَيْهِ بالعجز. ثمّ انتدبَ آخر ففعل كفِعْل الأوّل، والْبُخَارِيّ يَقُولُ لَا أعرفه. إلى أن فرغ العشرة أنفُس، وهو لَا يزيدهم عَلَى: لَا أعرفه. فلمّا علم أنّهم قد فرغوا، التفتَ إلى الأوّل فقال: أمّا حديثك الأوّل فإسناده كذا وكذا، والثّاني كذا وكذا، والثّالث ... إلى آخر العشرة. فردّ كلَّ مَتْن إلى إسناده، وفعل بالثّاني مثل ذلك إلى أن فرغ، فأقرَّ لَهُ الناس بالحفظ. وقال يوسف بن موسى المروروزي: كُنْتُ بِجَامِعِ الْبَصْرَةِ إِذْ سَمِعْتُ مُنَادِيًا يُنَادِي: يَا أَهْلَ الْعِلْمِ، لَقَدْ قَدِمَ محمد بْنُ إسماعيل البخاري.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 25".

فَقَامُوا فِي طَلَبِهِ، وَكُنْتُ فِيهِمْ، فَرَأَيْتُ رَجُلا شابًا يصلي خلف الأصطوانة، فَلَمَّا فَرَغَ أَحْدَقُوا بِهِ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يَعْقِدَ لَهُمْ مَجْلِسَ الْإِمْلَاءِ، فَأَجَابَهُمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ اجْتَمَعَ كَذَا كَذَا أَلْفٍ، فَجَلَسَ لِلإِمْلاءِ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ أَنَا شَابُّ، وَقَدْ سألتموني أن أحدثكم وسأحدثكم بِأَحَادِيثَ عَنْ أَهْلِ بَلَدِكُمْ تَسْتَفِيدُونَ الْكُلَّ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَة بْنِ أبي رواد بلديكم، ثنا أبي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أنَسٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ"1. الْحَدِيثَ. ثُمَّ قَالَ: هَذَا "لَيْسَ" عِنْدَكُمْ، إِنَّمَا عِنْدَكُمْ عَنْ غَيْرِ مَنْصُورٍ. وَأَمْلَى مَجْلِسًا عَلَى هَذَا النَّسَقِ2. قَالَ يوسف: وكان دخولي البصرة أيّام محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب. وقال محمد بْن حمدون بْن رُسْتُم: سَمِعْتُ مسلم بن الحجاج يقول للبخاري: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث فِي عِلَله. وقال التِّرْمِذيّ: لم أرَ أحدًا بالعراق ولا بخُراسان فِي معنى العِلَل والتّاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بْن إِسْمَاعِيل. وقال إِسْحَاق بْن أَحْمَد الفارسيّ: سَمِعْتُ أَبَا حاتم يَقُولُ سنة سبْعٍ وأربعين ومائتين: محمد بْن إِسْمَاعِيل أعلم مَن دخل العراق، ومحمد بْن يحيى أعلم مَن بخُراسان اليوم، ومحمد بْن أسلم أورعهم، وعبد اللَّه الدّارِميّ أثبتهم. وعن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: انتهى الحِفْظ إلى أربعه من أهل خُراسان: أَبُو زُرْعَة، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل، والدّارِميّ، والْحَسَن بْن شُجاع البلْخيّ. وقال أَبُو أَحْمَد الحاكم: كانَ الْبُخَارِيّ أحد الأئمّة فِي معرفة الحديث وجَمْعه. ولو قلت إنيّ لم أر تصنيفَ أحد يشبه تصنيفه في المبالغة والحسن لرجون أن أكون صادقًا. قرأتُ عَلَى عُمَر بْن القَوّاس: أخبركم أَبُو القاسم بْن الحّرَسْتانيّ حُضُورًا، أَنَا جَمَالُ الْإِسلَام، أَنَا ابن طلَاب، أَنَا ابن جُمَيْع: حدثني أَحْمَد بْن محمد بْن آدم:

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6171"، ومسلم "2639"، وأبو داود "5127"، والترمذي "2392"، ويروى عن عدة من الصحابة. 2 تاريخ بغداد "2/ 16"، السير "10/ 284".

حدثني محمد بْن يوسف الْبُخَارِيّ قَالَ: كنتُ عند محمد بْن إِسْمَاعِيل بمنزله ذات ليلة، فأحصيت عَلَيْهِ أنّه قام وأسرجَ يستذكر أشياء يُعلّقها فِي لَيْلَةٍ ثمان عشرة مرّة1. وقال محمد بْن أَبِي حاتم الورّاق: كَانَ أبو عبد الله إذا كنتُ معه فِي سفر يجمعنا بيتٌ واحدٌ إلَا فِي القَيْظ أحيانًا. فكنت أراه يقوم فِي لَيْلَةٍ واحدةٍ خمس عشرة مرّة إلى عشرين مرّة، فِي كلّ ذَلِكَ يأخذ القُدّاحة فيُوري نارًا ويُسرج، ثمّ يُخرج أحاديث فيُعلِّم عليها، ثمّ يضع رأسه. وكان يُصلّي وقت السَّحَر ثلَاث عشرة ركعة. وكان لَا يوقظني فِي كلّ ما يقوم، فقلتُ لَهُ: إنّك تحمل عَلى نفسك فِي كلّ هذا ولا تُوقظني! قَالَ: أنتَ شابّ ولا أحب أن أفسد عليك نومك. وقال الفربري: قال لي محمد بن إسماعيل، ما وضعتُ فِي" الصّحيح: حديثًا إلَا اغتسلت قبل ذَلِكَ وصلّيْت رَكْعَتين. يعني ما جلست لأضع فِي تصنيفه شيئًا إلَا وفعلت ذَلِكَ، لَا إنّه يفعل ذلك لكّل حديث2. وقال إِبْرَاهِيم بْن مَعْقِلٍ: سمعته يَقُولُ: كنتُ عند إِسْحَاق بن" راهويه"، فقال الرجل: لو جمعتم كتابًا مختصرًا للسُّنن. فوقَعَ ذَلِكَ فِي قلبي، فأخذت فِي جمع هذا الكتاب. وعَنِ الْبُخَارِيّ قَالَ: أخرجتُ هذا الكتاب من نحو ستّمائة ألف حديث، وصنَّفته ستٍّ عشرة سنة. وجعلته حُجّةً فيما بيني وبين اللَّه. رُوِيَتْ من وجهين ثابتين، عَنْهُ. وقال إِبْرَاهِيم بْن مَعْقِلٍ: سمعته يَقُولُ: ما أدخلت فِي "الجامع" إلَا ما صحّ، وتركت مِنَ الصّحاح لأجل الطُّولِ, وقال محمد بْن أَبِي حاتم: قلت لأبي عَبْد اللَّه: تحفظ جميع ما فِي المصنَّف؟ قَالَ: لَا يُخفي علي جميع ما فيه، ولو نشر بعض أساتذي هؤلَاء لم يفهموا كتاب التّاريخ ولا عرفوه. ثم قال: صنفته ثلاث مرات. وقد أخذه ابن راهَوَيْه فادخله عَلَى عَبْد اللَّه بْن طاهر فقال: أيُّها الأمير ألَا أريك سِحْرًا. فنظرّ فِيهِ عَبْد اللَّه، فتعجَّب منه وقال: لست أفهم تصنيفه3.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 14". 2 تاريخ بغداد "2/ 9". 3 السابق "2/ 7"، السير "12/ 403".

وقال الفِرَبْريّ: حدَّثني نَجْم بْن الفضل، وكان من أهل الفَهم، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم خرج من قريَة ومحمد بْن إِسْمَاعِيل خلفَه، فإذا خطا خطوة يخطو محمد ويضع قدَمه عَلَى قدمِه ويتبع أثره. وقال خَلَف الخيّام: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرو بْن نصر الخفاف يَقُولُ: محمد بْن إِسْمَاعِيل أعلم فِي الحديث من أَحْمَد وإِسْحَاق بعشرين درجة، ومَن قَالَ فِيهِ شيء فمِنّي عَلَيْهِ ألف لعنة. ولو دخل من هذا الباب لملئت منه رعبًا. وقال أبو عيسى التِّرْمِذيّ: كَانَ محمد بْن إِسْمَاعِيل عند عَبْد اللَّه بْن منير، فلمّا قام من عنده قَالَ لَهُ: يا أَبَا عَبْد اللَّه جعلك اللَّه زَيْن هذه الأمّة. قَالَ أَبُو عيسى: استُجِيبَ لَهُ فِيهِ. وقال جعْفَر بْن محمد المُسْتغفريّ فِي" تاريخ نَسْف"، وذكر الْبُخَارِيّ: لو جاز لي لفضلته عَلِيّ مَن لقي مِن مشايخه، ولقلتُ: ما رَأَى بعينه مثل نفسه. دخل نَسْف سنة ستٍّ وخمسين وحدَّث بها بجامعة الصّحيح، وخرج إلى سَمَرْقند لعَشرٍ بقين من رمضان، ومات بقرية خَرْتَنْك ليلة الفِطْر. وقال الحاكم: أوّل ما ورد الْبُخَارِيّ نَيْسابور سنة تسعٍ ومائتين، ووردها فِي الأخير سنة خمسين ومائتين، فأقام بها خمس سِنين يُحدَّثَ عَلَى الدّوام. قَالَ محمد بْن أَبِي حاتم: بلغني أنّ أَبَا عَبْد اللَّه شربَ البلَاذُرَ للحِفْظ، فقلت لَهُ: هَلْ من دواء يشربه الرجل للحِفْظ؟ فقال: لَا أعلم. ثمّ أقبل علي وقال: لا أعلم شيئًا أنفع لحفظ من نَهْمة الرجل ومداومة النَّظر. وذلك أني كنت بَنْيسابور مقيمًا، فكان يرد إلي من بخارى كُتُب، وكَنّ قرابات لي يُقْرئْن سلَامهنّ في الكتب، فكنت أكتب إلى بخارى، وأردتُ أنْ أقْرِئهن سلَامي، فذهبَ عَلِيّ أساميهنّ حين كتبتُ كتابي، ولم أُقْرِئهنّ سلَامي. وما أقل ما يذهب عني في العِلْم، يعني ما أقلّ ما يذهب عَنْهُ مِنَ العلم لمداومة النَّظر والَاشتغال، وهذه قراباته قد نسي أسماءهنّ. وغالب النّاس بخلَاف ذَلِكَ؛ فتراهم يحفظون أسماء أقاربهم ومعارفهم ولا يحفظون إلَا اليسير مِن العلم. قَالَ محمد بْن أبي حاتم: وسمعته يقول: لم يكن كتابي للحديث كما يكتب

هؤلَاء. كنتُ إذا كتبتُ عَنْ رَجُل سألته عَنِ اسْمه وكنيته ونَسَبة وعلّة الحديث إن كَانَ فَهِمًا، فإن لم يكن فهْمًا سَأَلْتُهُ أنْ يخرج إلي أصله ونُسخته. فأمّا الآخرون فإنهم لَا يبالون ما يكتبون وكيف يكتبون. وسَمِعْتُ الْعَبَّاس الدُّوريّ يَقُولُ: ما رَأَيْت أحدًا يُحسن طلب الحديث مثل محمد بْن إِسْمَاعِيل. كَانَ لَا يَدَع أصلَا أو فرعًا إلَا قَلَعَه. ثمّ قَالَ لنا عَبَّاس: لَا تَدَعوا شيئًا من كلَامه إلَا كتبتموه. سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم الخّواص مستملي صَدَقَة يَقُولُ: رأيت أَبَا زُرْعَة كالصّبيّ جالسًا بين يدي محمد بْن إِسْمَاعِيل يسأله عَنْ عِلَل الحديث. فصل فِي ذكائه وسعة علمه: قَالَ جعْفَر بْن محمد القطان إمام كرمينية فيما رَوَاهُ عَنْهُ مهيب بْن سُلَيْم أنّه سَمِعَ محمد بْن إِسْمَاعِيل يَقُولُ: كتبتُ عَنْ ألف شيخ أو أكثر، عَنْ كلّ واحدٍ منهم عشرة آلاف وأكثر، ما عندي حديث إلَا أذكر إسناده1. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: قرأ علينا أبو عبد الله كتاب الهِبَة فقال: لَيْسَ فِي هِبَة وكيع إلَا حديثان مُسْنَدان أو ثلَاثة، وفي كتاب عَبْد اللَّه بْن المبارك خمسة أو نحوها، وفي كتابي هذا خمسمائة حديث أو أكثر. وسَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما قدِمتُ عَلَى أحدٍ إلَا كَانَ انتفاعه بي أكثر مِنَ انتفاعي بِهِ. قَالَ محمد بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ سُلَيْم بْن مجاهد يقولَ: سَمِعْتُ أَبَا الأزهر يَقُولُ: كَانَ بسمرقند أربعمائة مما يطلبون الحديث، فاجتمعوا سبعة أيّام وأحبّوا مغالطة محمد بْن إِسْمَاعِيل، فأدخلوا إسناد الشّام فِي إسناد العراق، وإسناد اليمن فِي إسناد الحَرَمَيْن، فما تعلقوا منه بسقْطة لَا فِي الإسناد ولا فِي المَتْن2. وقد ذكرت حكاية البغداديين في مثل هذا.

_ 1 السير "12/ 406". 2 السير "12/ 406".

وقال الفِرَبْريّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما استصغرتُ نفسي عِنْدَ أحدٍ إلَا عند عَلِيّ بْن المديني، ورُبما كنت أغْرب عَلَيْهِ. وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عَبْد اللَّه يَقُولُ: " ما نمت البارحة حتّى عددت" كم أدخلتُ فِي مصنفاتي مِنَ الحديث، فإذا نحو مائتي ألف حديث مُسْنَدة. وسمعته يَقُولُ: ما كتبتُ حكايةً قط كنت أتحفّظها. وسمعته يَقُولُ: لَا أعلم شيئًا يُحتاج إِلَيْهِ إلَا وهو فِي الكتاب والسنة. فقلت لَهُ: يمكن معرفة ذَلِكَ كلّه؟ قَالَ: نعم. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ الْفِرْيَابِيِّ فَقَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ أَنَسٍ" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ واحد"1. فلم يعرف أحد في المجالس أَبَا عُرْوَة، ولا أَبَا الْخَطَّاب. قَالَ: أمّا أَبُو عُرْوَة فمَعْمَر، وأبو الخطّاب قَتَادة. قَالَ: وكان الثَّوْريّ فَعُولا، لهذا يُكنيّ المشهورين. قَالَ محمد بْن أَبِي حاتم: قدِم رجاء الحافظ فقال لأبي عَبْد الله: ما أعددتَ لقُدوميّ حيث بلغك، وفي أيّ شيء نظرت؟ قَالَ: ما أحدثتُ نظرًا ولم أستعدّ لذلك، فإنّ أحببت أن تسألني عَنْ شيء فافعل. فجعل يناظره فِي أشياء فبقي رجاء لَا يدري، ثمّ قَالَ لَهُ أبو عبد الله: هَلْ لك فِي الزّيادة؟ فقال استحياءً وخَجَلَا منه: نعم. قَالَ: سَلْ إنْ شئت. فأخذ فِي أسامي أيّوب، فعدّ نحوًا من ثلاثة عشر، وأبو عبد الله ساكت، فظنّ رجاء أنْ قد صنع شيئًا فقال: يا أَبَا عَبْد اللَّه فاتك خير كثير. فزيف عبد الله في أولئك سبع، وأغرب عَلَيْهِ نحو أكثر من ستين رجلَا.

_ 1حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 98"، ومسلم "309"، وأحمد "6/ 8، 9"، وأبو داود "218"، والترمذي "140"، والنسائي "1/ 143"، وابن ماجه "588".

ثمّ قَالَ لَهُ رجاء: كم رويت فِي العمامة السوداء؟ قال: هات كم رويت أنت؟ قَالَ الْبُخَارِيّ: نروي نحوًا من أربعين حديثًا. فخجل رجاء ويَبس رِيُقه. وسَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: دخلتُ بَلْخَ، فسألوني أن أُمْلِيَ عَلَيْهم لكلّ من كتبتُ عَنْهُ، فأمليت ألف حديث عَنْ ألف شيخ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَرَّاقُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ أبو عبد الله: سُئِلَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَمَّنْ طَلَّقَ نَاسِيًا، فَسَكَتَ. فَقُلْتُ: قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ" 1. وَإِنَّمَا يُرَادُ مُبَاشَرَةُ هَذِهِ الثَّلاثِ: الْعَمَلِ، وَالْقَلْبِ، أَوِ الْكَلامِ وَالْقَلْبِ، وَهَذَا لَمْ يَعْتَقِدْ بِقَلْبِهِ. فقال إِسْحَاق: قوّيتني. وأفتى بِهِ. قَالَ: وسَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ يَقُولُ: ما جلستُ للحديث حتّى عرفتُ الصَّحيح مِنَ السَقيم، وحتى نظرتُ فِي عامّة كُتُب الرأي، وحتّى دخلت البصرة خمس مرّات أو نحوها، فما تركت بها حديثًا صحيحًا إلَا كتبته، إلَا ما لم يظهر لي. وسَمِعْتُ بعض أصحابي يَقُولُ: كنت عند محمد بْن سلَام البِيكَنْديّ، فدخل محمد بْن إِسْمَاعِيل، فلمّا خرج قَالَ محمد بْن سلَام: كلّما دخل عَلَى هذا الصَّبيّ تحيرت والتبس علي أمر الحديث، ول أزال خائفًا منه ما لم يخرج2. فصل فِي ثناء الأئمّة عَلى الْبُخَارِيّ: قلت: فارقّ الْبُخَارِيّ بخاري وله خمس عشرة سنة، ولم يره محمد بْن سلَام بعد ذَلِكَ، فقال سُلَيْم بْن مجاهد: كنتُ عند محمد بْن سلَام البِيكَنْديّ فقال: لو جئت قبلُ لرأيت صبيًّا يحفظ سبعين ألف حديث. فخرجت حتى لحِقْتُه فقلتُ: أنت تحفظ سبعين ألف حديث؟ قال: نعم وأكثر، ولا أجيئك بحديث عن الصحابة والتابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم

_ 1 "حديث صحيح": أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "9/ 345"، وَمُسْلِمٌ "127"، وَأَبُو داود "2209"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1183" وَالنَّسَائِيُّ "6/ 156، 157"، وابن ماجه "2540". 2 السير "10/ 289".

ومساكنهم، ولست أروي حديثًا من حديث الصحابة والتّابعين إلَا ولي من ذَلِكَ أصلٌ أحفظه حِفْظًا عَنْ كتاب أو سنة1. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ يحيى بْن جعْفَر البِيكَنْديّ يَقُولُ: لو قدرتُ أن أزيد فِي عُمَر محمد بْن إِسْمَاعِيل من عمُري لَفَعَلْت؛ فإنّ موتي يكون موت رجلٍ واحد، وموته ذَهَاب العِلْم. وسمعته يَقُولُ لمحمد بْن إِسْمَاعِيل: لولا أنت ما أستطبت العَيْش ببخارى2. وسَمِعْتُ محمد بْن يوسف يَقُولُ: كنتُ عند أَبِي رجاء، يعني: قُتَيْبة، فسُئِل عَنْ طلَاق السَّكْران فقال: هذا أَحْمَد بْن حنبل، وابن المَدِينيّ، وابن راهَوَيْه قد ساقهُمُ اللَّه إليك. وأشار إلى محمد بْن إِسْمَاعِيل. وكان مذهب محمد: أنّه إذا كَانَ مغلوبَ العقل لَا يذكر ما يُحدَّثَ فِي سُكْره أنّه لَا يجوز عَلَيْهِ مِن أمره شيء. وسَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن سعَيِد يَقُولُ: لمّا مات أَحْمَد بْن حَرْب النَّيسابوري ركب محمد وإِسْحَاق يُشيّعان جنازته، فكنتُ أسمع أهلَ المعرفة بَنْيسابور ينظرون ويقولون: محمد أفْقهَ مِن إِسْحَاق. سَمِعْتُ عُمَر بْن حفص الأشقر يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدان يَقُولُ: ما رأيت بعيني شابًا أبصر من هذا. وأشار بيده إلى محمد بْن إِسْمَاعِيل. سَمِعْتُ صالح بْن مِسْمار يَقُولُ: سَمِعْتُ نُعَيْم بْن حمّاد يَقُولُ: محمد بْن إِسْمَاعِيل فقيه هذه الأمّة. وقال إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن خَلَف: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن عَبْد السّلَام يَقُولُ: ذكرنا قول الْبُخَارِيّ لعليّ بْن المدينيّ، يعني ما استصغرتُ نفسي إلَا بين يدي عَلِيّ بْن المَدِينيّ، فقال عَلِيّ: دَعُوا هذا فإنّ محمد بْن إِسْمَاعِيل لم يَر مثل نفسه3. وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عبد الله يقول: ذاكرني أصحاب عمرو بن

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 24، 25". 2 السير "10/ 289". 3 تاريخ بغداد "2/ 18".

عَلِيّ الفّلَاس بحديث، " فقلت: لَا أعرفه، فسُرّوا بذلك" وأخبروا عَمْروًا. فقال: حديث لَا يعرفه محمد بْن إِسْمَاعِيل لَيْسَ بحديث. قال: وسَمِعْتُ حاشد بْن عَبْد اللَّه يَقُولُ: قَالَ لي أَبُو مُصْعَب الزُّهْريّ: محمد بْن إِسْمَاعِيل أَفُقه عندنا وأبصر من أَحْمَد بْن حنبل. فقيل لَهُ: جاوزتَ الحَدّ. فقال للرجل: لو أدركتَ مالكًا ونظرتَ إلى وجهه ووجه محمد بْن إِسْمَاعِيل لقلت كلَاهما واحدٌ فِي الفِقْه والحديثِ1. وسمعت عَلِيّ بْن حُجْر يَقُولُ: أخرجت خُراسان ثلَاثَةً: أَبُو زُرْعَةَ، ومحمد بْن إِسْمَاعِيلَ، وعبدَ اللَّهِ بْن عَبْد الرَّحْمَن الدّارِميّ. ومحمد عندي أبصرهم وأعلمهم وأفقهُهُم. وقال أَحْمَد بْن الضَّوِّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر يقولَان: ما رأينا مثل محمد بْن إِسْمَاعِيل. وروي عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ما أخرجَتْ خُراسان مثل محمد بْن إسماعيل. وقال حاشد بن إسماعيل: كنت في البصرة فقِدم محمد بْن إِسْمَاعِيل فقال بُنْدار: اليوم دخل سيّد الفقهاء. وقال حاشد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد: سَمِعْتُ يعقوب الدَّوْرَقيّ يَقُولُ: محمد بْن إِسْمَاعِيل فقيه هذه الأمّة. وجاء من غير وجٍه عَنْ عَبْد اللَّه الدّارِميّ قَالَ: محمد بْن إِسْمَاعِيل أبصرُ مني. وقال حاشد بْن إِسْمَاعِيل الحافظ: سَمِعْتُ أحمد بْن حنبل يَقُولُ: لم يجئنا من خُراسان مثل محمد بن إسماعيل.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 28"، السير "10/ 291".

وقال محمد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمَة: ما رأيتُ تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وأحفظ لَهُ من محمد بْن إِسْمَاعِيل. وقال مُسَبِّحُ بْن سعَيِد الْبُخَارِيّ: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: قد رأيتُ العلماء بالحجاز والعِرَاقَين، فما رأيتُ فيهم أجمع من محمد بْن إِسْمَاعِيل. وقال محمد بْن حمدون الأعمشُ: سَمِعْتُ مسلم بن الحجاج يقول للبخاري: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث فِي عِلَله. وقال أَبُو عيسى التِّرْمِذيّ: لم أرَ بالعراق ولا بخُراسان فِي معنى العِلَل والتّاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بْن إِسْمَاعِيل. وقال صالح بْن محمد جَزَرَة: كَانَ محمد بْن إِسْمَاعِيل يجلس ببغداد، وكنت أستملي لَهُ، ويجتمع فِي مجلسه أكثر من عشرين ألفًا. وقال إِسْحَاق بْن زَبْرك: سَمِعْتُ أَبَا حاتم فِي سنة سبْعٍ وأربعين ومائتين يقول: يقدم عليكم رجلٌ من خُراسان لم يخرج منها أحفظ منه. ولا قدِم العراق أعلم منه. فقِدم علينا الْبُخَارِيّ. وقال أَبُو بَكْر الخطيب: سُئل الْعَبَّاس بْن الفضل الرّازيّ الصائغ: أيُّهما أحفظ، أَبُو زُرْعَة أو الْبُخَارِيّ؟ فقال: لقيت الْبُخَارِيّ بين حُلْوان وبغداد، فرحلت معه مرحلةً وجَهدْت أن أجيء بحديث لَا يعرفه فما أمكنَ، وأنا أَغْرَب عَلَى أَبِي زُرْعَة عَدَدَ شَعْري. وقال خَلَف الخَيَّام: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرو أَحْمَد بن نصر الخفاف يقول: محمد بن إسماعيل أعلم بالحديث من إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وأَحْمَد بْن حنبل وغيرهما بعشرين درجة. ومَن قَالَ فِيهِ شيئًا فمِنِي عَلَيْهِ ألف لعنة. ثمّ قَالَ: ثنا محمد بْن إِسْمَاعِيل التّقّي النَّقيّ العالم الَّذِي لم أرَ مثله. وقال عَبْد اللَّه بْن حمّاد الآمليّ: ودِدْت أنيّ شعَرَةٌ فِي صدر محمد بْن إِسْمَاعِيل. وقال محمد بن يعقوب بْن الأخرم: سمعت أصحابنا يقولون: لمّا قدِم الْبُخَارِيّ نَيْسابور استقبله أربعة آلاف رَجُل عَلَى الخَيْل، سوى من ركب بَغْلا أو حمارًا، وسوى الرّجالة.

وقال أَبُو أَحْمَد الحاكم فِي "الكُنَى": عَبْد اللَّه بْن الدَّيْلَميّ أَبُو بسر، وقال الْبُخَارِيّ ومسلم فِيهِ أَبُو بِشْر، بشين مُعْجَمَةٍ. قَالَ الحاكم: وكلاهما أخطأ، في علمي إنما هو أبو بسر، وخليق أنْ يكون محمد بْن إِسْمَاعِيل مَعَ جلَالته ومعرفته بالحديث اشتبه عليه، فلما نقاه مسلم من كتابه تابَعَه عَلِيّ زَلّته. ومن تأمّل كتاب مسلم فِي الأسماء والكنى علم أَنّه منقول من كتاب محمد بْن إِسْمَاعِيل حَذْو القذّة بالقذّة، حتى لَا يزيد عَلَيْهِ فِيهِ إلَا ما يَسْهُل عنده. وتجلّد فِي نقْله حق الجلَادة، إذ لم ينسبه إلى قائله. وكتاب محمد بْن إِسْمَاعِيل فِي التاريخ كتابٌ لم يُسْبَق إِلَيْهِ. منهم من نَسَبَه إلى نفسه مثل أَبِي زُرْعَة، وأبي حاتم، ومُسلْمِ. ومنهُمُ من حكاه عَنْهُ. فالله يرحمه، فإنّه الّذي أصّل الأصُول. وذكر الحَكَم أَبُو أَحْمَد كلَامًا سوى هذا. فصل فِي ديانته وصلَاحه: قَالَ مسّبح بْن سعَيِد: كَانَ الْبُخَارِيّ يختم فِي رمضان كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة. وقال أبو بَكْر بْن منير: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ يَقُولُ: أرجو أن ألقى اللَّه ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا1. قلت: يشهد لهذه المقالة كلَامَه، رحِمَه اللَّه، فِي التّجريح والتَّضعيف، فإنه أبلغ منّا. يَقُولُ فِي الرجل المتروك أو السّاقط: "فِيهِ نَظَر" أو. "سكتوا عَنْهُ"، ولا يكاد يَقُولُ: "فُلَان كذاب"، ولا "فُلَان يضع الحديث". وهذا مِن شدّة ورَعِه. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْمَاعِيل يَقُولُ: ما أغتبتُ أحدًا قطّ منذ علِمت أنّ الغيبة تضّر أهلَها. قال: وكان أبو عبد الله يصلّي فِي وقت السَّحَر ثلَاث عشرة ركعة، وكان لَا يوقظني فِي كل ما يقوم، فقلت: أراك تحمل عَلَى نفسك فلو توقظني.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 12"، السير "10/ 302".

قال: أنت شاب، ولا أحب أن أفسد عليك نومك1. وقال غُنْجار: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرو أَحْمَد بْن محمد المقرئ: سَمِعْتُ بَكْر بن منير يَقُولُ: كَانَ محمد بْن إِسْمَاعِيل يصّلي ذات لَيْلَةٍ، فَلَسَعَه الزُّنْبُور سبْعٍ عشرة مرّة، فلمّا قضي الصّلَاة قَالَ: انظروا إيش آذاني. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: دُعي محمد بْن إِسْمَاعِيل إلى بستان، فلمّا صلّى بهمُ الظُّهْر قام يتطوّع. فلمّا فرغ من صلَاته رفع ذيل قميصه وقال لبعض من معه: أنظر هَلْ ترى تحت القميص شيئًا؟ فإذا زنبور قد أَبَرَهُ فِي ستة عشر أو سبعة عشر موضعًا، وقد تورَّم من ذَلِكَ عشرة، فقال لَهُ بعض القوم: كيف لم تخرج مِنَ الصّلَاة أوّل ما أَبَرك؟ قَالَ: كنت فِي سورة فأحببت أن أُتِمَّها2. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: رَأَيْت أَبَا عَبْد اللَّه استلقى عَلَى قفاه يومًا ونحن بِفرَبْر فِي تصنيف كتاب" التّفسير" وأتعب نفسه يومئذ، فقلت لَهُ: إنّي أراك تَقُولُ إني ما أتيت شيئًا بغير علم قطّ منذ عَقَلْت، فما الفائدة فِي الاستلقاء؟ قَالَ: أتعْبنا أنفُسنا اليوم، وهذا ثغر مِنَ الثغور، وخشيت أنْ يحدَّثَ حَدَثٌ من أمر العَدُوّ، وأحببت أن أستريح وآخُذ أهْبة، فإنْ غافَصَنا العدوّ كَانَ منّا حَرَاك. وكان يركب إلى الرَّمي كثيرًا، فما أعْلُمني رَأَيْته فِي طُول ما صحِبْتُه أخطأ سُهمُه الهدفَ إلَا مرَّتين، فكان يصيب الهدف فِي كلّ ذَلِكَ. وكان لَا يُسبق. وسمعته يَقُولُ: ما أكلت كُرّاتًا قطّ ولا القَنَابَرَى3. قلت: ولِمَ ذاك؟ قَالَ: كرِهت أن أُؤذِي مَن معي مِن نَتَنِها. قلت: فكذلك البصل النيء؟ قَالَ: نعم. وسمعته يَقُولُ: ما أردت أن أتكلّم بكلَامٍ فِيهِ ذِكْر الدُّنيا إلَا بدأت بحمد اللَّه والثناء عَلَيْهِ4. وقال لَهُ بعض أصحابه: يقولون إنّك تناولت فُلَانًا.

_ 1 السير "10/ 303". 2 السابق. 3 القنابري: بقلة تؤكل مطبوخة. 4 السير "10/ 305، 306".

قَالَ: سبحان اللَّه، ما ذكرت أحدًا بسوء، إلَا أن أقول ساهيًا قَالَ: وكان لأبي عَبْد اللَّه غريم قطع عَلَيْهِ مالاُ كثيرًا. فبلغه أنه قدم آمل ونحن بِفَربْر، فقلنا لَهُ: ينبغي أن تعبر وتأخذه بمالِك. فقال: لَيْسَ لنا أن نردعه. ثمّ بلغ غريمه فخرج إلى خوارِزْم، فقلنا: ينبغي أن تَقُولُ لأبي سَلَمَةَ الكِسائيّ عامل آمُل ليكتب إلى خوارِزُم فِي أخْذه. فقال: إنْ أخذت منهم كتابًا طمعوا فِي كتاب، ولست أبيع دِيني بدُنياي. فجهدْنا، فلم يأخُذْ حتّى كلّمنا السُّلطان عَنْ غير أمْرِه، فكتب إلى والي خوارِزْم. فلما بلغ أَبَا عَبْد اللَّه ذَلِكَ وَجَدَ وجْدًا شديدًا، وقال: لَا تكونوا أشفق عليَّ مِن نفسي. وكتبَ كتابًا وأردف تِلْكَ الكُتُب بكُتُب. وكتب إلى بعض أصحابه بخوارزم أن لا يتعرض لغريمه، وقصدنا غريمه وقصدنا ناحية مَرْو، فاجتمع التّجّار، وأُخبِر السّلطان، فأراد التّشديد عَلَى الغريم، فكره ذَلِكَ أبو عبد الله فصالح غريمه عَلَى أنْ يعطيه كلّ سنة عشرة دراهم شيئًا يسيرًا. وكان المال خمسة وعشرين ألفًا. ولم يصل من ذَلِكَ إلى درهم، ولا إلى أكثر منه1. وسمعت أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما توليت شراء شيء قطّ ولا بَيْعه. قلت: فمن يتولى أمركفي أسفارك؟ قَالَ: كنتُ أُكْفَى ذَلِكَ. وقال لي يومًا بِفَربْر: بلغني أنّ نَخّاسًا قدِم بجواري، فتصير معي؟ قلت: نعم. فصرنا إِلَيْهِ، فأخرج جواري حِسَانًا صِباحًا، ثمّ أخرج من خلَالهنّ جارية خَزَريّة دميمة، فمس ذقنها وقال: اشتر لنا هذه. فقلت: هذه دميمة قبيحة لَا تصلُح. واللَاتي نظرنا إليهنّ يمكن شراءهنّ بثمن هذه. فقال: اشترها، فإنيّ مسست ذَقْنها، ولا أحبّ أن أمسّ جاريةً ثمّ لَا أشتريها. فاشتراها بغلاء خمسمائة دِرهَم عَلَى ما قَالَ أهل المعرفة، ثم لم تزل عنده حتّى أخرجها مَعَه إلى نيسابور.

_ 1 السير "10/ 306".

وروي بَكْر بْن منير، وابن أَبِي حاتم، واللفظ لبكر، قَالَ: حُمِل إلى الْبُخَارِيّ بضاعة أنفذها إِلَيْهِ ابنه أَحْمَد. فاجتمع بِهِ بعض التّجّار وطلبوها بربح خمسة آلاف دِرْهم. فقال: انصرفوا اللّيلة. فجاءه مِنَ الغد تجّار آخرون فطلبوها منه بربح عشرة آلاف درهم، فقال: أنّي نَوَيْت البارحةَ بَيْعَها للّذين أتوا البارحة. وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما ينبغي للمسلم أنْ يكون بحالةٍ إذا دعا لم يُستَجَبْ لَهُ. فقالت لَهُ امْرَأَة أخيه بحضرتي: فهل تبيَّنت ذَلِكَ أيّها الشّيخ من نفسك أو جرّبت؟ قَالَ: نعم دعوت ربّي عزّ وجلّ مرَّتين، فاستجاب لي، فلن أدعو بعد ذَلِكَ، فلعلّه يُنْقِص من حسناتي أو يعجّل لي فِي الدُّنيا. ثمّ قَالَ: ما حاجة المسلم إلى البُخْل والكذِب؟ وسمعته يَقُولُ: خرجت إلى آدم بْن أَبِي إياس، فتخلَّفت عنّي نفقتي حتّى جعلتُ أتناول الحشيش ولا أُخبر بذلك أحدًا. فلمّا كَانَ اليوم الثالث أتاني آتٍ لم أعرفه، فناولني صُرّة دنانير، وقال: أنفق عَلَى نفسك1. وسمعت سُلَيْم بْن مجاهد يَقُولُ: ما رأيتُ بعيني منذ ستين سنة أَفْقَه ولا أروع ولا أزهَد فِي الدُّنيا من محمد بْن إِسْمَاعِيل، رحمه اللَّه. فصل فِي صفته وكرمه: قَالَ ابن عديّ: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن الْحُسَيْن يَقُولُ: رَأَيْت محمد بْن إِسْمَاعِيل شيخًا نحيف الجسم لَيْسَ بالطّويل ولا بالقصير. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: دخل أبو عبد الله الحمّام بِفَربْر، وكنتُ أَنَا فِي مَسْلَخ الحمام أعاهد ثيابه. فلمّا خرج ناولْتُهُ ثيابه فلبسها، ثمّ ناولته الْخُفَّ، فقال: مسستَ شيئًا فِيهِ شَعْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. فقلت: فِي أيّ موضع هُوَ مِنَ الْخُفَّ؟ فلم يخبرني، فتوهّمت أنّه فِي ساقه بين الظِّهارة والبِطانة2.

_ 1 السير "10/ 308". 2 السير "10/ 308، 309".

وكانت لأبي عَبْد اللَّه قطعة أرض يُكْريها كل سنة بسبعمائة درهم. وكان ذَلِكَ المكتري ربّما حَمَلَ منها إلى أبي عبد الله قثاة أو قثاتين، لأنّه كَانَ مُعْجَبًا بالِقثّاء النَّضِيج، وكان يؤثِرهُ عَلَى البّطيخ أحيانًا؛ فكان يَهَب للرجل مائة دِرْهمٍ كل سنة لحمْله القِثّاء إِلَيْهِ أحيانًا1. وسمعته يقول: كنت أستغل كل شهر خمسمائة دِرهم، فأنفقت كلّ ذَلِكَ فِي طلب العلم. فقلت: كم بين مثل مَن ينفق عَلَى هذا الوجه، وبين مَن كَانَ خِلْوًا مِنَ المال، فجمع وكسب العلم؟ وكنّا بِفَربْر، وكان أبو عبد الله يبني رَباطًا ممّا يلي بُخَاري. فاجتمع بَشَرٌ كثير يُعينُونه عَلَى ذَلِكَ. وكان ينقل اللَّبنَ، فكنت أقول: إنّك تُكْفى. فيقول: هذا الَّذِي ينفعنا. ثمّ أخذنا ننقل الزَّنْبرات معه، وكان ذبح لهم بقرة، فلما أدرك القُدُور دعا النّاس إلى الطّعام، وكان بها مائة نفْس أو أكثر، ولم يكن علِم أنّه اجتمع ما اجتمع. وكنّا أخرجنا معه من فِرَبْر خُبزًا بثلَاثة دراهم أو أقلّ، فألقينا بين أيديهم، فأكل جميعُ مَن حضَر، وفضلت أرغِفة صالحة. وكان الخُبز إذ ذاك خمسة أَمْنَاء2 بدِرهم3. وقال لي مرةً: أحتاج فِي السنة إلى أربعة آلاف أو خمسة آلاف درهم. وكان يتصدَّق بالكثير. يناول الفقير من أصحاب الحديث ما بين العشرين إلى الثّلَاثين، وأقلّ وأكثر من غير أنْ يشعر بذلك أحد. وكان لَا يفارقه كيسه. ورأيته ناول رجلًا صرة فيها ثلاثمائة درهم. وكنت اشتريت منزلًا بتسعمائة وعشرين درهمًا.

_ 1 السير "10/ 308". 2 أمناء: جمع من، وهو أحد أنواع المكاييل أو الموازين السابقة. 3 السير "10/ 309".

فقال لي: ينبغي أن تصير إلى نوح الصَّيْرفيّ وتأخذ منه ألف درهم وتُحْضَرها. ففعلت، فقال: خذها واصرفها فِي ثمِنَ البيت. فقلت: قد قبلتُ منك. وشكرته. وأقبلنا عَلَى الكتابة. وكنّا فِي تصنيف "الجامع". فلمّا كَانَ بعد ساعةٍ، قلت: عرضت لي حاجة لَا أجترئ رفْعَها إليك. فظنَّ أنّي طمعت فِي الزّيادة، فقال: لَا تحتشمني وأخبرني بما تحتاج فإنيّ أخاف أن أكون مأخوذًا بسببك. قلت لَهُ: كيف؟ قَالَ: لأنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَ أصحابه، فذكر حديث سعد وعبد الرَّحْمَن. فقلت: قد جعلتك فِي حِلٍّ من كلّ ما تَقُولُ، ووهبتُك المال الَّذِي عرضته عَلِيّ، عنيتُ المناصفة، وذلك أنّه قَالَ: لي جوارٍ وامرأة وأنت أعَزَبٌ، فالذي يجب عَلِيّ أنْ أُناصفك لنستوي فِي المال وغيره، وأربح عليك فِي ذَلِكَ. فقلت لَهُ: قد فعلت، رحمك اللَّه، أكثر من ذَلِكَ، إذْ أنزلتني من نفسك ما لم تُنزِلْ أحدًا، وصلتُ منك محلّ الولد. ثمّ حفظ عَلِيّ حديثي الأوّل، وقال: ما حاجتك؟ قلت: تقضيها؟ قَالَ: نعم وَأُسَرُّ بذلك. قلت: هذه الألف تأمر بقبوله وتصرفه فِي بعض ما تحتاج إِلَيْهِ فقبله، وذلك إنّه ضمن إجابة قضاء حاجتي. ثمّ جلسنا بعد ذَلِكَ بيومين لتصنيف" الجامع" وكتبنا منه ذَلِكَ اليوم شيئًا كثيرًا إلى الظُّهْر. ثمّ صلّينا الظُّهْر، وأقبلنا عَلَى الكتابة من غير أن نكون أكلنا شيئًا. فرآني لمّا كَانَ العصر شِبْه القلِق المستوحش، فتوهَّم فيَّ مَلَالَا؛ وإنّما كَانَ بي الحَصْر، غير أنّي لم أقدر عَلَى القيام، فكنتُ أَتَلَوَّى اهتمامًا بالحَصْر. فدخل أبو عبد الله المنزلَ، وأخرج إليّ، كاغدة فيها ثلاثمائة درهم، وقال: أما إذا لم تقبل ثمِنَ المنزل فينبغي أن تصرف هذا فِي بعض حوائجك. فجهد بي، فلم أقبل، ثمّ كَانَ بعد أيّام كتبنا إلى الظُّهْر أيضًا، فناولني عشرين

درهمًا وقال: أصرِفها فِي شري الحُصر. فاشتريتُ بها ما كنت أعلم أنّه يلَائمه، وبعثتُ بِهِ إِلَيْهِ، وأتيتُ فقال: بيّض اللَّه وجهك لَيْسَ فيك حيلة. فلَا ينبغي أن نُعَنيّ أنفُسنا. فقلت: إنك قد جمعتَ خير الدُّنيا والآخرة فأيّ رَجُل يَبَر خادمه بما تبرُّني1؟ قصته مَعَ الذُّهْليّ: قَالَ الْحَسَن بْن محمد بْن جَابرِ: قَالَ لنا محمد بْن يحيى الذُّهْليّ لمّا وردَ الْبُخَارِيّ نَيْسابور: اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاسمعوا منه. فذهبَ النّاس إِلَيْهِ، وأقبلوا عَلَى السماع منه حتى ظهر الْخَلَلُ فِي مجلس الذُّهْليّ، فحسده بعد ذَلِكَ وتكلَّم فِيهِ. وقال أَبُو أَحْمَد بْن عديّ: ذكر لي جماعة مِنَ المشايخ أنّ محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور واجتمعوا إليه، حسده بعض المشايخ فقال لأصحاب الحديث: إنّ محمد بْن إِسْمَاعِيل يَقُولُ: اللفظ بالقرآن مخلوق، فامتحِنوه. فلمّا حضر النّاس قام إِلَيْهِ رَجُل وقال: يا أَبَا عَبْد الله، ما تَقُولُ فِي اللفظ بالقرآن، مخلوقٌ هُوَ أم غير مخلوق؟ فأعرض عَنْهُ ولم يجِبه. فأعاد السُّؤال، فأعرضّ عَنْهُ: ثمّ أعاد، فالتفت إِلَيْهِ الْبُخَارِيّ وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، والَامتحان بِدْعة. فَشَغَبَ الرَّجُلُ وَشَغَبَ النَّاسُ، وَتَفَرَّقُوا عَنْهُ. وَقَعَدَ الْبُخَارِيُّ فِي مَنْزِلِهِ2. قَالَ محمد بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ: سَمِعْتُ محمد بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: أَمَّا أَفْعَالُ الْعِبَادِ فَمَخْلُوقَةٌ، فقد ثنا علي بن عبد الله، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثَنَا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ" 3. وسَمِعْتُ عُبَيْد اللَّه بْن سعَيِد: سَمِعْتُ يحيى بْن سعَيِد يَقُولُ: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون: إنّ أفعال العباد مخلوقة. قَالَ الْبُخَارِيّ: حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة. فأما القرآن

_ 1 السير "10/ 310، 311". 2 السير "10/ 312". 3 حديث صحيح: أخرجه الحاكم "1/ 31، 32"، والبيهقي "ص/ 388"، في الأسماء والصفات.

المتلوا المُثْبَت فِي "المصاحف، المسطور"1 المكتوب المُوعَى فِي القلوب، فهو كلَام اللَّه لَيْسَ بمخلوق. قَالَ اللَّه تعالي: {هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم} [العنكبوت: 49] . وقال: يقال فُلَان حَسَن القراءة ورديء القراءة. ولا يقال: حَسَن القرآن، ولا رديء القرآن. وإنّما يُنسب إلى العباد القراءة؛ لأنّ القرآن كلَام الرّبّ، والقراءة فعل العَبْد. وليس لأحدٍ أنْ يشرع فِي أمر اللَّه بغير علم، كما زعم بعضهم أنّ القرآن بألفاظنا وألفاظنا به شيء واحد. والتّلَاوة هِيَ المَتْلُوّ، والقراءة هِيَ المقرئ. فقيل لَهُ: إنّ القراءة فعل القارئ وعمل التالي. فرجع وقال: ظننتهما مصدَرْين. فقيل لَهُ: هلَا أمسكت كما أمسك كثيرًا مِن أصحابك؟ ولو بعثتَ إلى من كَتَب عنك واسترددت ما أثْبَتَّ وضربتَ عَلَيْهِ. فزعم أنْ كيف يمكن هذا؟ وقال: قلتُ ومضى قولي. فقيل لَهُ: كيف جاز لك أن تَقُولُ فِي اللَّه شيئًا لَا تقوم بِهِ شرحًا وبيانًا؟ إذ لم تميّز بين التّلَاوة والمَتْلُوّ. فسكت إذ لم يكن عنده جواب. وقال أَبُو حامد الأعمش: رأيتُ الْبُخَارِيّ فِي جنازة سعَيِد بْن مروان، والذُّهْليّ يسأله عَنِ الأسماء والكُنَى والعلل، ويمرّ فِيهِ الْبُخَارِيّ مثل السَّهم، فما أتى عَلَى هذا شهر حتّى قَالَ الذُّهْليّ: إلَا من يختلف إلى مجلسه فلَا يأتِنا. فإنّهم كتبوا إلينا مِن بغداد أنه تكلم في اللفظ، ونهيناه فلم ينتهي فلَا تقربوه. فأقام الْبُخَارِيّ مدّةً وخرج إلى بُخَارى2. قَالَ أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ: سمعت محمد بْن يحيى الذُّهْليّ يَقُولُ: القرآن كلَام اللَّه غير مخلوق من جميع جهاته وحيث تصرَّف. فمن لزم هذا استغنى عَنِ اللفظ.

_ 1 بياض في الأصل، وتم الإكمال من السير "10/ 312". 2 السير "10/ 313".

مَن زعم أنّ القرآن مخلوق فقد كفر وبانَتْ منه امرأته. يسُتتاب، فإنْ تاب وإلَا قُتِل، وجُعِل مالُه فَيْئًا. ومَن وَقَفَ فقد ضاهى الكُفْر. ومَن زعم أنّ لفظي بالقرآن مخلوق فهذا مبتدِع لَا يُجالس ولا يُكَلَّم. ومَن ذهبَ بعد هذا إلى محمد بْن إِسْمَاعِيل فاتَّهِمُوه، فإنّه لَا يحضر مجلسَه إلَا مَن كَانَ عَلِيّ مذهبه1. وقال الفِرَبْري: سَمِعْتُ الْبُخَارِيّ يَقُولُ: إنّي لأستجهل مَن لَا يُكفّر الْجَهْميّة. قَالَ الحاكم: ثنا طاهر بْن محمد الوراق: سَمِعْتُ محمد بْن شاذِل يَقُولُ: دخلُت عَلَى الْبُخَارِيّ فقلت: إيش الحيلة لنا فيما بينك وبين محمد بْن يحيى كلّ من يختلف إليك يُطرد. فقال: وكم يعتري2 محمد بْن يحيى الحَسَدُ فِي الْعِلْمِ، وَالْعِلْمُ رزْقُ اللَّه يعطيه من يشاء. فقلت: هذه المسألة التي تحكى عنك؟ قال: يا بني، هذه المسألة مشؤومة. رَأَيْت أَحْمَد بْن حنبل وما ناله فِي هذه المسألة، وجعلت عَلَى نفسي أن لَا أتكلّم فيها. عَنَى مسألة اللفظ. وقال أَبُو عَمْرو أَحْمَد بْن نصر الخفّاف: كنّا يومًا عند أَبِي إِسْحَاق القَيْسيّ ومعنا محمد بْن نصر المَرْوزِيّ، فجرى ذِكر محمد بْن إِسْمَاعِيل، فقال محمد بْن نصر: سمعته يَقُولُ: مَن زعم أنيّ قلت لفْظي بالقرآن مخلوق فهو كذّاب فإنيّ لم أقُلْه. فقلت لَهُ: يا أَبَا عَبْد اللَّه قد خاض النّاس فِي هذا وأكثروا فِيهِ. فقال: لَيْسَ إلَا ما أقول. قَالَ أَبُو عَمْرو الخفّاف: فأتيتُ الْبُخَارِيّ فناظرتُهُ فِي شيء مِنَ الأحاديث حتّى طابت نفسُه، فقلت: يا أَبَا عبد الله ههنا أحدٌ يحكي عنك أنّك قلتَ هذه المقالة. فقال: يا أَبَا عَمْرو أحفظ ما أقول لك: مَن زعم مِن أهل نَيْسابور، وقومس، والرّيّ، وهمدان، وبغداد، والكوفة، والبصرة، ومكّة، والمدينة، أني قلت لفظي

_ 1 السير: "10/ 313". 2 يعتري: يصيب.

بالقرآن مخلوق فهو كذّاب، فإنيّ لم أقُلْه. إلَا إني قلت: أفعال العباد مخلوقة1. وقال حاتم بْن أَحْمَد الكنديّ: سَمِعْتُ مسلم بْن الحَجّاج يَقُولُ: لمّا قدِم محمد بْن إِسْمَاعِيل نَيْسابور ما رَأَيْت والياُ ولا عالمًا فَعَل بِهِ أهل نَيْسابور ما فعلوا بِهِ. أستقبلوه مرحلتين وثلَاثة. فقال محمد بْن يحيى: مَن أراد أنْ يستقبل محمد بْن إِسْمَاعِيل غدًا فلْيستقبلْه. فاستقبله محمد بْن يحيى وعامّة العُلَماء، فقال لنا الذُّهْليّ: لَا تسألوه عَنْ شيء مِن الكلَام، فإنّه إنّ أجاب بخلَاف ما نَحْنُ عَلَيْهِ وقع بيننا وبينه، ثمّ شمتَ بنا كلُّ حَرُورِيٍّ2، وكلُّ رافضيٍّ3 وكلُّ جَهْميٍّ4، وكلُّ مُرْجئٍ5 بخُراسان. قَالَ: فازدحم النّاس عَلَى محمد بن إسماعيل حتى امتلأ السَّطْح والدّار فلمّا كَانَ اليوم الثاني أو الثالث قام إليه رَجُل، فسأله عَنِ اللفظ بالقرآن، فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا. فوقع بينهُمُ اختلَاف، فقال بعض النّاس: قَالَ لفْظي بالقرآن مخلوق. وقال بعضهم: لمَ يقل. حتّى تواثبوا، فاجتمع أهلُ الدّار وأخرجوهم. وكان قد نزل فِي دار البخاريّين6. وقال أَحْمَد بْن سَلَمَةَ: دخلتُ عَلى الْبُخَارِيّ فقلت: يا أَبَا عَبْد اللَّه، هذا رجلٌ مقبول، خصوصًا في هذه المدينة، وقد لَجَّ فِي هذا الحديث حتّى لَا يقدر أحد منا أنْ يكلمّه، فما ترى؟ فقبضَ عَلِيّ لحيته ثمّ قَالَ: فأُفَوِّض أمري إلى اللَّه، إنّ اللَّه بصير بالعباد. اللهمّ إنّك تعلم أنيّ لم أَرِدِ المقام بَنْيسابور أَشَرًا ولا بَطَرًا ولا طلبًا للرّئاسة. وإنما أَبَتْ عَلَيّ نفسي فِي الرُّجُوع إلى وطني لِغَلَبَةِ المخالفين. وقد قصدني هذا الرّجل حسَدًا لِما آتاني اللَّه لَا غير. يا أَحْمَد إنيّ خارج غدًا ليتخلصوا من "حديثه لأجلي"7. قال: فأخبرتُ أصحابنا، فوالله ما شيّعه غيري. كنت معه حين خرج من البلد

_ 1 السير "10/ 314". 2 حروري: هم الخوارج، إحدى الفرق الضالة. 3 رافضي: الرافضة هم الشيعة. 4 جهمي: الجهمية، إحدى الفرق الضالة. 5 مرجئ: المرجئة، إحدى الفرق الضالة. 6 السير "10/ 314". 7 زيادة من السير.

وأقام بباب البلد ثلَاثة أيّام لإصلَاح أمره1. وقال محمد بْن يعقوب بْن الأخرم: لمّا استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه، فلما وقَع بين الذُّهْليّ وبين الْبُخَارِيّ ما وقع ونادى عَلَيْهِ ومَنعَ الناس عَنْهُ انقطع أكثرُهُم غير مُسلْمِ. فَقَالَ الذُّهْلِيُّ يَوْمًا: ألَا من قال بالفظ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَنَا. فَأَخَذَ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رؤوس النَّاسِ. وَبَعَثَ إِلَى الذُّهْلِيِّ بِمَا كَتَبَ عَنْهُ عَلَى ظَهْرِ حَمَّالٍ. وَتَبِعَهُ فِي الْقِيَامِ أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ. قَالَ محمد بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَتَى رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يُكَفِّرُكَ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا" 2. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتِم فِي كتاب "الجرح والتعديل": قدم محمد بْن إِسْمَاعِيل الرِّيّ سنة خمسين ومائتين، وسمع منه: أَبِي، وأبو زُرْعَة؛ وتركا حديثه عندما كُتُب إليهما محمد بْن يحيى أنه أظهر عندهم أنّ لفظه بالقرآن مخلوق. وقال أَحْمَد بْن منصور الشّيرازيّ الحافظ: سمعتُ بعض أصحابنا يَقُولُ: لمّا قدم الْبُخَارِيّ بُخَاري نُصب لَهُ القباب عَلَى فرَسْخ مِنَ البلد، واستقبله عامّة أهل البلد ونُثِر عَلَيْهِ الدّنانير والدَّراهم والسُّكَّر الكثير، فبقي أيامًا، فكتب محمد بْن يحيى الذُّهْليّ إلى أمير بُخَاري خَالِد بْن أَحْمَد الذُّهْليّ: إن هذا الرجل قد أظهر خلَاف السنة. فقرأ كتابه عَلَى أهل بُخاري، فقالوا: لَا نفارقه. فأمره الأمير بالخروج مِنَ البلد، فخرج3. قَالَ أَحْمَد بْن منصور: فحدثني بعض أصحابنا عَنْ إِبْرَاهِيم بْن معقل النَّسَفيّ قَالَ: رَأَيْت محمد بْن إِسْمَاعِيل فِي اليوم الَّذِي أُخرج فِيهِ مِن بُخَارى، فقلت: يا أَبَا عَبْد اللَّه كيف ترى هذا اليوم من يوم دخولك؟ فقال: لَا أبالي إذا سلم ديني.

_ 1 السير "10/ 315". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6104"، ومسلم "60"، وأبو داود "4687"، والترمذي "2646"، وأحمد "2/ 18، 44، 47، 112". 3 السير "10/ 317، 318".

فخرج إلى بِيكْند، فسار الناس معه حزْبين: حزبٌ لَهُ وحزبٌ عَلَيْهِ، إلى أن كتب إِلَيْهِ أهل سَمَرْقند، فسألوه أنْ يقدم عليهم، فقدِم إلى أن وصل بعض قري سَمَرْقند، فوقع بين أهل سَمَرْقند فتنةٌ بسببه. قومٌ يريدون إدخالَه البلد، وقومٌ يأبون، إلى أن اتفقوا عَلَى دخوله. فاتصل بِهِ ما وقع بينهم، فخرج يريد أنْ يركب، فلمّا استوى على دابته قال: اللهم خر لي، ثلَاثًا، فسقط ميتًا. وحضره أهل سَمَرْقند بأجمعهم1. هذه حكاية منقطعة شاذة. وقال بَكْر بْن منير بْن خُلَيْد الْبُخَارِيّ: بعث الأمير خَالِد بْن أَحْمَد الذُّهْليّ متولّي بُخَارى إلى محمد بْن إِسْمَاعِيل أن أحمل إلى كتاب "الجامع"، "والتاريخ"، وغيرهما لأسمع منك. فقال لرسوله: أَنَا لَا أُذلُّ العِلْم، ولا أحمله إلى أبواب النّاس، فإنْ كانت لَهُ إلى شيءٍ منه حاجة فليحضر إلى مسجدي أو فِي داري. فإنْ لم يُعْجِبْه هذا فإنّه سلطان، فلْيمنعني مِن الجلوس ليكون لي عند اللَّه يوم القيامة، لأنيّ لَا أكتم العِلم. فكان هذا سبب الوحشة بينهما2. وقال أَبُو بَكْر بْن أَبِي عَمْرو الْبُخَارِيّ: كَانَ سبب منافرة الْبُخَارِيّ أنّ خَالِد بْن أحمد خليقة الظاهرية ببخارى سأله أن يحضر مجلسه فيقرأ "الجامع"، "والتاريخ" عَلَى أولَاده، فامتنع، فراسله بأن يعقد مجلسًا خاصًا لهم، فامتنع، وقال: لَا أخصّ أحدًا. فاستعان عَلَيْهِ بحريث بْن أَبِي الورقاء وغيره، حتى تكلموا فِي مذهبه ونفاه مِنَ البلد، فدعا عليهم. فلم يأت إلَا شهر حتى ورد أمر الظاهرية بأن ينادى على خالد من البلد. فنوديَ عَلَيْهِ عَلَى أتان. وأمّا حريث فابتُلي بأهله، ورأى فيها ما يجلّ عَنِ الوصفْ، وأمّا فلَان فابتلي بأولَاده3. رَوَاها الحاكم عَنْ محمد بْن الْعَبَّاس الضّبيّ عَنْ أَبِي بَكْر هذا. قُلْتُ: كَانَ حريث من كبار فقهاء الرأي ببخارى.

_ 1 السير "10/ 318". 2 السير "10/ 318". 3 السير "10/ 319".

قَالَ محمد بْن واصل البِيكَنْديّ: مَنّ اللَّه علينا بخروج أَبِي عَبْد اللَّه ومُقامه عندنا حتّى سمعنا منه هذه الكتب، وإلَا مَن كَانَ يصل إِلَيْهِ؟ وبمُقّامِه فِي فِرَبْر وبِيكَنْد بقيت هذه الأمالي وتخّرج النّاس بِهِ. قَالَ ابن عديّ: سَمِعْتُ عَبْد القدوس بْن عَبْد الجّبار يَقُولُ: جاء الْبُخَارِيّ إلى قرية خَرْتَنْك عَلَى فرسخَيْن من سَمَرْقند، وكان لَهُ بها أقرباء فنزل عندهم، فسمعته ليلةً يدعو وقد فرغ من صلَاة اللّيل: اللهُمّ قد ضاقت عَلِيّ الأرض بما رَحُبَت، فاقْبضْني إليك. فما تمّ الشَّهْر حتى مات، وقبره بَخْرتَنْك1. وقال محمد بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ غالب بْن جبريل، وهو الَّذِي نزل عَلَيْهِ أبو عبد الله، يَقُولُ: أقام أبو عبد الله عندنا أيّامًا فمرض، واشتدَّ بِهِ المرض حتّى وجه رسولَا إلى سَمَرْقند فِي إخراج محمد. فلمّا وافى تهيأ للركوب، فلبس خُفَّيْه وتعمَّم، فلمّا مشى قدر عشرين خُطْوَة أو نحوها وأنا آخذ بعضده، ورجل آخر معي يقود الدّابّة ليركبها، فقال رحمه اللَّه، أرسلُوني فقد ضَعُفْت. ودعا بدَعَوَات، ثمّ اضطّجع، فقضى رحمه اللَّه، فَسَال منه مِن العرق شيء لَا يوصف. فما سكن منه العَرَق إلى أن أدرْجناه فِي ثيابه. وكان فيما قَالَ لنا وأوصى إلينا أن: كفنوني في ثلاثة أثواب بِيض لَيْسَ فيها قميص ولا عِمامة. ففعلنا ذَلِكَ. فلمّا دفّناه فاحَ مِن تراب قبره رائحة غالية أطيب مِنَ المِسْك، فدام ذلك أيامًا. قم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره، فجعل الناس يختلفون ويتعجّبون. وأمّا التُّراب فإنهم كانوا يرفعون عَنِ القبر، ولم نكن نقدر عَلَى حفْظ القبر بالحرّاس، وغُلِبْنا عَلَى أنفُسنا، فَنصبنا عَلَى القبر خَشَبًا مُشَبَّكًا لم يكن أحد يقِدر عَلَى الوُصُول إلى القبر. وأمّا ريح الطَّيب فإنّه تداوم أيّامًا كثيرة، حتى تحدث أهل البلدة وتعجبوا مِن ذَلِكَ. وظهر عند مخالفيه أمرُهُ بعد وفاته. وخرج بعض مُخالفيه إلى قبره، وأظهروا التَّوبة والنَّدامة2. قَالَ محمد: ولم يَعِشْ غالبُ بعده إلَا القليل ودفن جانبه وقال خَلَف الخيام: سَمِعْتُ مَهيب بْن سُلَيْم يَقُولُ: مات عندنا أبو عبد الله ليلة الفطر سنة ست وخمسين. كان فِي بيتٍ وحده. فوجدناه لمّا أصبح وهو ميت3.

_ 1 السير "10/ 320". 2 السير "10/ 320، 321". 3 السابق.

وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا ذَرّ يَقُولُ: رَأَيْت فِي المنام محمد بْن حاتم الخَلْقَانيّ، فسألته، وأنا أعرف أنّه ميت، عَنْ شيخي: هَلْ رأيته؟ قَالَ: نعم. ثمّ سَأَلْتُهُ عَنْ محمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ فقال: رَأَيْته. وأشار إلى السّماء إشارةً كاد أنْ يسقط منها لعُلُوّ ما يُشير. وقال أَبُو عَلِيّ الغسانيّ الحافظ: ثنا أَبُو الفتح نصر بْن الْحَسَن التُنْكُتيّ السَّمرْقَنْديّ: قدِم علينا بَلَنْسَية عام أربعة وستين وأربعمائة قَالَ: قُحِطَ المطر عندنا بسَمَرْقَنْد فِي بعض الأعوام، فاستسقى النّاس مرارًا، فلم يُسْقوا، فأتي رجلٌ صالح معروف بالصّلَاح إلى قاضي سَمَرْقند فقال لَهُ: إنيّ قد رَأَيْت رأيًا أعرضه عليك. قال: وما هُوَ؟ قَالَ: أرى أن تخرج وتخرج النّاس معك إلى قبر الْإمَام محمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ ونستسقي عنده، فعسى اللَّه أنْ يسقينا. فقال القاضي: نِعَم ما رَأَيْت. فخرج القاضي والنّاس معَه واستسقى القاضي بالنّاس وبكى النّاسُ عند القبر وتشفَّعوا بصاحبه، فأرسل اللَّه تعالي السَّماء بماء عظيم غزير، أقام النّاس من أجله سبعة أيّام أو نحوها، لَا يستطيع أحدٌ الوصول إلى سَمَرْقند من كَثْرة المطر وغزارته. وبين سَمَرْقند وخَرتنك نحو ثلَاثة أميال1. ومناقب أَبِي عَبْد اللَّه رضي اللَّه عَنْهُ كثيرة، وقد أفردتها فِي مصنَّف وفيها زيادات كثيرة هناك، واللَّه أعلم. 402- محمد بْن إِسْمَاعِيل بن البختري2 -ت. ق- أبو عبد الله الحساني الواسطي الضرير. عن: ابن معاوية، ووَكِيع، ومحمد بْن الْحَسَن الواسطيّ، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر وجماعة. وعنه: ت. ق. وبقيّ بْن مَخْلَد، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، ومحمد بن مخلد، والمحاملي، وآخرون.

_ 1 السير "10/ 321". 2 انظر: تاريخ بغداد "2/ 36، 37"، التهذيب "9/ 56، 57".

قَالَ محمد بْن محمد الباغَنْديّ: كَانَ خيرًا، مرضيا، ً صدوقًا. وقال الدّارَقُطْنيّ: ثقة. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 403- محمد بن إسماعيل بن سمرة -ت. ن. ق- أبو جعفر الأحمسي الكوفي1 السراج: عَنْ: أسباط بْن محمد، ومحمد بْن فضيل، وأبي معاوية، ووَكِيع، وابن عُيَيْنَة، وطبقتهم. وعنه: ت. ن. ق.، وحاجب بْن أَرْكِين، وعمر البُجَيْريّ، وابن خزيمة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وآخرون. قال النسائي: ثقة. وقال ابن عساكر: مات في جمادى الأولى سنة ستين. ويقال: سنة ثمان وخمسين. 404- محمد بن أشعث السجستاني2: أخو الإمام أبي داود. كان أسن من أبي داود، وأقدم سماعا. روى عَنْ: أَبِي نُعَيْم، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وطبقتهما. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد. 405- محمد بْن بزيع النَّيسابوري3: عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، وشَبَابة. وعنه: محمد بْن شادل، ومكيّ بْن عَبْدان، وجماعة. تُوُفّي فِي ربيع الآخر سنة أربعٍ وخمسين ومائتين.

_ 1 التهذيب "9/ 58، 59". 2 من العلماء المستورين، لا بأس به. 3 انظر التعليق السابق.

406- محمد بْن بشّار بْن دَاوُد بْن كَيْسان الحائك الحافظ - ع. - أبو بكر العبدي1 البصري، بندار: والبُنْدار فِي الاصطلَاح هُوَ الحافظ. وكان بُنْدار عارفًا مُتْقِنًا بصيرًا بحديث البصْرة، لم يرحل برًا بأمه، واقتنع بحديث بلده. سَمِعَ: معتمر بْن سُلَيْمَان، وعبد العزيز بْن عَبْد الصَّمد العمي، ومرحوم بْن عَبْد العزيز العطّار، وعَبْد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعمر بْن عَلِي بْن مقدم، ومحمد بن جعفر غُنْدر, ومحمد بن أبي عديّ، ويحيى القطّان، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وأبا عاصم، ووَكِيعًا، ويزيد بْن هارون. وكأنه رحل بأخرة. وعنه: ع.، وابن أَبِي الدُّنيا، وأبو زرعة، والبغوي، وابن خزيمة، وأبو العباس السراج، وزكريا الساجي، وابن صاعد، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبو بكر بن أبي داود، وخلق. قال الأرغياني: سمعته يقول: كتب عني خمسة قرون، وسألوني الحديث وأنا ابن ثمان عشرة، فأخرجتهم إلى البستان وأطعمتهم الرطب وحدثتهم. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وقال العِجْليّ: ثقة، كثير الحديث، حائك. وقال عَبْد اللَّه بْن محمد بْن يونس السّمْنانيّ: كَانَ أهل البصرة يقُدِّمون أَبَا مُوسَى عَلَى بُنْدار، وكان الغُرباء يُقدِّمون بندارًا. وقال عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن خاقان المَرْوزِيّ: سَمِعْتُ بُنْدارًا يَقُولُ: أردت الخروج، فمنعتني أميّ فأطعتها. فبورك لي فِيهِ، يعني الحديث2. وقال ابن خُزَيْمَة: سَمِعْتُ بندارًا يَقُولُ: اختلفت إلى يحيى بْن سعَيِد ذكر كثر من عشرين سنة3.

_ 1 السير "10/ 115-118"، التهذيب "9/ 70-73". 2، 3 السير "10/ 116".

وقال أَبُو دَاوُد: كتبتُ عَنْ بندار نحوًا من خمسين ألف حديث، وكتبتُ عَنْ أَبِي مُوسَى شيئًا، وهو أثبت من بُنْدار، ولولَا سلَامة فِي بُنْدار ترُك حديثه. وقال إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم القزاز: كنّا عند بُنْدار، فقال في حديث عن عائشة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فقال رَجُل يمزح بأُعِيُذك باللَّه ما أفصحك. فقال: كنّا إذا خرجنا من عند رَوْح ودخلنا عَلَى أَبِي عُبَيْدة فقال: بان عليك ذلك1. وقال ابن خزيمة: سمعت بندارًا يَقُولُ: ما جلست مجلسي هذا حتّى حفظت جميع ما خرّجته. وقال ابن خُزَيْمَة مرّة: ثنا الْإمَام محمد بْن بشّار بُنْدار. وَقَالَ فِي كِتَابِ "التَّوْحِيدِ": ثَنَا إِمَامُ أَهْلِ زَمَانِهِ فِي الْعِلْمِ وَالأَخْبَارِ محمد بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ: ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي ذَرٍّ: لَوْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَأَلْتُهُ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدْ سَأَلْتُهُ فَقَالَ: "رَأَيْتُ نُورًا" 2. وَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْن أَحْمَدَ الدَّوْرَقيّ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ مَعِينٍ وَجَرَى ذِكْرُ بُنْدَارٍ، فَرَأَيْتُ يَحْيَى لا يَعْبَأُ بِهِ وَيَسْتَضْعِفُهُ. وَقَالَ محمد بْنُ الْمُسَيَّبِ: لَمَّا مَاتَ بُنْدَارٌ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي مُوسَى الزَّمِنِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى البُشْرَى مَاتَ بُنْدَارٌ. قَالَ: جِئْتَ تبشرني بموته؟ علي ثلاثين حُجَّةً إِنْ حَدَّثْتُ أَبَدًا بِحَدِيثٍ. فَبَقِيَ بَعْدَهُ تِسْعِينَ يَوْمًا، وَمَاتَ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِحَدِيثٍ3. وَقَالَ بُنْدَارٌ: وُلِدْتُ فِي السنة الَّتِي مَاتَ فِيهَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وُلِدَ هُوَ وَأَبُو مُوسَى فِي سنة وَاحِدَةٍ، وَمَاتَ في رجب سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 103". 2 حديث صحيح: أخرجه مسلم "292"، وابن أبي عاصم "1/ 192" في السنة. 3 تاريخ بغداد "2/ 104".

وَقَالَ ابْنُ سَيَّارٍ الْفِرْهِيَانِيُّ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ علي الفلاس يحلف أن بندار يكذب فيما روى عن يحيى القطان. قال الْفِرْهِيَانِيُّ: بُنْدَارٌ ثِقَةٌ. وَكَانَ أَبُو مُوسَى أَرْجَحَ مِنْهُ لأَنَّهُ كَانَ لا يَقْرَأُ إِلا مِنْ كِتَابِهِ، وَكَانَ بُنْدَارٌ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ يَقْرَأُ. 407- محمد بْن بَكْر بْن مدّكر: أَبُو جعْفَر الضَّرير1، أحْد الحُفّاظ. نزل بخاري، وحدَّث عَنْ: حسين الجعفي، وأبي أسامة، وجماعة. وكان موصوفًا بالمعرفة والصَّلَاح والديانة. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. روى عَنْهُ البخاريون، منهم: إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن خَلَف. 408- محمد بْن بور بْن هانئ الْقُرَشِيّ المَرْوزِيّ2: نزيل بُخاري. عَنْ: عبدان بن عثمان، وخلاد بن يحيى، وعبد اللَّه بْن مُوسَى، ويحيى بْن نصر بْن حاجب، وطائفة. وعنه: سهل بْن شاذُوَيْه، وإِبْرَاهِيم بْن محمد الأَسَدِيّ، وإِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن عَبْد الواحد المَرْوزِيّ، وآخرون. وبعضهم قَالَ: "فور"، والأصح أنّها بين الباء والفاء. تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين. قَالَ ابن ماكولَا: يضعَّف فِي الحديث، ويروي المناكير. 409- محمد بْن تميم العنبريّ3: حدث بالقيروان عَنْ: ابن وَهْبُ، وأنس بْن عيِاض، وطال عمره. توفي سنة ستين.

_ 1 لم نقف عليه. 2 المشتبه "1/ 124". 3 المنتظم "5/ 21"، لابن الجوزي.

وأما ابن يونس فقال: توفي سنة تسع وخمسين بِقَفْصَة. 410- محمد بْن ثواب بْن سعَيِد الهياري1 -ق- أبو عبد الله الكوفي: عن: عبد الله بن نمير، ويونس بن بُكَيْر، وأبي أسامة، وطائفة. وعنه: ق.، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو نعيم عبد الملك بْن عديّ، وأبو عَوَانَة، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ومحمد بْن نوح الْجُنْدَيْسَابُوريّ، وآخرون. وكان ثقة. قَالَ مُطَيَّن: تُوُفّي سنة ستين أيضًا. 411- محمد بْن جَابرِ بْن بُجَيْر بن عقبة - ق. - أبو بجير المحاربي الكوفي2: عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن المُحَارِبيّ، ووَكِيع، وابن نُمَيْر، وأبي أسامة. وعنه: ق.، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وأبو بكر بن" أبي"3 داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: صدوق. قَالَ مُطَيَّن: مات فِي ربيع الآخر سنة ستًّ وخمسين ومائتين. 412- محمد بْن أَبِي الثّلج عَبْد الله بن إسماعبل الرازي4 -خ. ت- ثم البغدادي: عن: عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبي الخضر هاشم، ورَوْح بْن عُبَادة، ويزيد بن هارون، وطبقتهم. وعنه: خ. ت. وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وأبو قُرَيش محمد بْن جُمْعة، وابن خزيمة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وآخرون. قَالَ ابن أَبِي حاتم: كتبت عَنْهُ فِي سنة أربعٍ وخمسين مَعَ أَبِي، وهو صدوق. وقال ابن قانع: تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 218"، والتهذيب "9/ 86، 87". 2 الجرح والتعديل "7/ 220"، والتهذيب "9/ 88". 3 زيادة من كتب الرجال. 4 انظر: الجرح والتعديل "7/ 294"، والتهذيب "9/ 247".

413- محمد المعتزّ بالله1: أمير المؤمنين أبو عبد الله. وقيل: اسمه الزبير بن المتوكّلُ عَلَى اللَّه جعْفَر بن المُعْتَصمِ بالله محمد بْن الرّشيد بالله هارون الهاشميّ العباسي. ولد سنة اثنتين ومائتين، ولم يَلِ الخلَافة قبله أحد أصغر منه. وكان أبيض جميلَا مُشْربًا بالحُمْرة، حَسَن الجسم، بديع الحُسْن قَالَ عَلِيّ بْن حَرْب الطّائيّ، وهو أحد شيوخ المعتزّ باللَّه فِي الحديث: دخلت على المعتز فما رأيت خليقة أحسن منه. وأُمُّه أم وُلِد رومية. بويع عند عزل المستعين سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وهو ابن تسع عشرة سنة، فِي أول السنة. فلمّا كَانَ فِي رجب خلع أخاه المؤيدّ بالله من ولَاية العهد، وكتب بذلك إلى الآفاق. فلم يلبث إلَا أيّامًا حتى مات. وخشي المعتزّ باللَّه أنْ يتحدث عَنْهُ أنّه قتله أو احتال عَلَيْهِ، فأحضر القُضاة حتى شاهدوه وليس بِهِ أثر. والله أعلم. وأمّا نفْطَوَيْه فقال: كَانَت خلَافته أربعٍ سنين وستة أشهر وأربعة عشر يومًا، منها بعد خلْع المستعين ثلَاث سنين وستة أشهر وثلَاثة وعشرين يومًا. ومات عَنْ أربعٍ وعشرين سنة. وقال غيره: مات عَنْ ثلَاثٍ وعشرين سنة. وكان المعتزّ باللَّه مستَضْعَفًا مَعَ الأتراك، فاتفق أنّ جماعة مِن كبارهم أتوْه وقالوا: يا أمير المؤمنين أَعْطِنا أرزاقنا لنقتل صالح بْن وصيف. وكان المعتزّ يخافه، فطلب من أمّه مالَا لينفقه فيهم، فأبتْ عَلَيْهِ وشحَّت. ولم يكن بقي فِي بيت الأموال شيء، فاجتمع الأتراك حينئذ واتفقوا عَلَى خلعه، ووافقهم صالح بْن وصِيف وبابك ومحمد بْن بُغَا، فلبسوا السّلَاح وجاءوا إلى دار الخلَافة، فبعثوا إلى الخليفة أنْ أخرج إلينا، فبعث يَقُولُ: قد شربت دواء وأنا ضعيف. فهجم عَلَيْهِ جماعة فجرّوا برِجْله وضربوه بالدبابيس، وأقاموه فِي الشمس فِي يوم صائف، فبقي المسكين يرفع قدمًا ويضع أخرى، وهم يلطمون وجهه ويقولون: اخلع نفسك. ثمّ أحضروا القاضي ابن أَبِي الشّوارب والشُّهود، وخلعوه.

_ 1 السير "12/ 532-535"، وشذرات الذهب "2/ 130".

ثمّ أحضروا من بغداد إلى دار الخلَافة، وهي يومئذ سامرّاء، محمد بْن الواثق، وكان المعتز بالله قد أبعده إلى بغداد. فسلم المعتزّ إِلَيْهِ بالخلَافة وبايعه، ولقبوه المهتدي باللَّه، رحمه اللَّه، فلقد كَانَ من خيار الخلَايف، ولكنّه لم يتمكّن أيضًا مِن الأمر. ثمّ إنّ الملأ أخذوا المعتزّ باللَّه بعد خمس ليالٍ من خلْعه، فأدخلوه الحمّام، فلمّا تغسل عطش وطلب الماء، فمنعوه حتى هلك وهو يطلب ماء. ثمّ أُخرج وهو ميت عطشًا، فسقوه ماءً بثلج، فشربه وسقط ميتًا. وذلك فِي شَعْبان سنة خمس وخمسين ومائتين. 414- محمد بْن الْجُنَيْد الإسفرايينيّ الزّاهد1: رحل: وسمع: عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وأبا مُسْهِر الدّمشقيّ، وطبقتهما. ورابط بالثُّغور مدّة. وعنه: أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ، وأبو عوانة، وجماعة. 415- محمد بن حرب بن حربان2 -خ. م. د- أبو عبد الله الواسطيّ النشائيّ، ويقال أيضًا النشاستجي. عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، وإِسْمَاعِيل بْن عَلَيْهِ، وأبي معاوية، وعلي بْن عاصم، ويزيد بْن هارون، وخلْق. وعنه: خ. م. د.، وبقيّ بْن مَخْلَد، وجعفر الفِرَيابيّ، وأحمد بن يحيى التستري، وعبدان، وأبو عروبة، ومحمد بن هارون الروياني، وخلق. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن عساكر: تُوُفّي سنة خمس وخمسين. 416- محمد بن حزابة المروزي ثم البغدادي -د-: الخياط العابد أبو عبد الله3.

_ 1 أحد العلماء المستورين، وهو لا بأس به. 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 237"، والتهذيب "9/ 108، 109". 3 انظر: تاريخ بغداد "2/ 295"، والتهذيب "9/ 110، 111".

عَنْ: أَبِي النَّضْر، وعبد الصَّمد بْن عَبْد الوارث، وإِسْحَاق بْن منصور السَّلُوليّ، والوليد بْن القاسم الهَمَدانيّ. وعنه: د.، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأحمد بن علي الجوزجاني، ومحمد بن سليمان بن فارس صاحب الْبُخَارِيّ، وآخرون. وثقَّه الخطيب. 417- محمد بْن حسان بن فيروز الأزرق - ق- أبو جعفر الشيباني الواسطي1 البغدادي، مولى معن بْن زائدة: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى القطان، ووَكِيع، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وحسين الْجُعْفيّ، وطائفة. وعنه: ق. حديثًا واحدًا، وإسماعيل القاضي، وابن أَبِي الدُّنيا، وإسماعيل الوراق، والحسين المَحَامِليّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ومحمد بْن مَخْلَد، وخلْق. وثقَّه الدّارَقُطْنيّ، وغيره، تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين. 418- محمد بْن الحسن بن تسنيم -د- أبو عبد الله الأزدكي العتكي البصري2، نزيل الكوفة: عَنْ: محمد بْن بَكْر البُرْسانيّ، وحجاج الأعور، ورَوْح بْن عُبَادة. وعنه: د. وعَبْدان الأهوازيّ، وعبد اللَّه بْن زيدان، ومحمد بْن الْحُسَيْن بْن مَكْرَم، وابن خُزَيْمَة، وجماعة. مات فِي رجب سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 419- محمد بْن الْحَسَن بْن جعْفَر الْبُخَارِيّ3: عَنْ: يزيد بْن هارون، وعن: سعَيِد بْن عامر الضُّبَعيّ، وهذه الطبقة. وعنه: محمد القواس، وغيره. توفي سنة سبع وخمسين.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 238، 239"، التهذيب "9/ 112". 2 التهذيب "9/ 114، 115". 3 من العلماء المستورين، لا بأس به.

420- أبو عبد الله النَّيسابوري1: سَمِعَ: أَبَا نُعَيْم، وعفان، ومحمد بْن سابق، وعبد اللَّه بْن نافع الصّائغ. وعنه: ابن خُزَيْمَة، وأبو حامد بْن سابق، ومكّيّ بْن عَبْدان، وآخرون. تُوُفّي سنة ستّين. 421- محمد بْن حفص بْن عُمَر الدُّوريّ2: أَبُو بَكْر. عَنْ: حَجّاج الأعور، ومحمد بن مصعب الفرقساني، وغيرهما. وعنه: والده المقرئ أَبُو عَمْر، وعبد الله بن إسحاق المدائني، محمد بْن مَخْلَد العطّار. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. 422- محمد بْن خَالِد: أَبُو بَكْر الصَّوْمعيّ الطَّبَريّ. الزّاهد الفقيه3. رحل وسمع: عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، ووَكِيعًا، وأبا أسامة، ووُهَيْب بْن جرير، ورَوْح بْن عُبَادة، وطبقتهم. وعنه: ابن خُزَيْمَة، وأبو حامد وعبد اللَّه ابنا الشَّرْقيّ. تُوُفّي بَنْيسابور سنة أربعٍ وخمسين. 423- محمد بْن خَالِد4: أَبُو هارون الرّازيّ الخراز. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن الْجَهْم، وإِسْحَاق بْن سُلَيْمَان، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وجماعة. وعنه: أَبُو زُرْعَة، وأبو حاتم، وابن الْجُنَيْد، وابنه عَبْد الرَّحْمَن، وآخرون.

_ 1 انظر التعليق السابق. 2 الجرح والتعديل "7/ 236، 237". 3 التهذيب "9/ 147". 4 الجرح والتعديل "7/ 245".

وكان صدوقًا صالحًا يختم القرآن كلّ لَيْلَةٍ ويوم. 424- محمد بْن خَالِد1 -خ-: عَنْ: محمد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بْن مُوسَى بْن أَعْيَن، ومحمد بْن وَهْبُ بْن عطيّة. وعنه: خ. قَالَ الكَلَاباذيّ، والحاكم أبو عبد الله، وأبو مَسْعُود الدّمشقيّ، وأبو الحَجّاج الكلبيّ: إنّه محمد بْن يحيى بْن عَبْد اللَّه بن خالد الذهلي. 425- محمد بن حشيش الْجُعْفيّ2: عَنْ: ابن فُضَيْل، وأبي أسامة، وجماعة. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم: صدوق، قد أدركته وكتبت من حديثه، ولم يتهيَّا لي أن أسمع منه. 426- محمد بْن خطّاب: أَبُو جعْفَر المَوْصِليّ الزّاهد3. كَانَ كبير القدر، يتآلف النّاس عَلَى طاعة اللَّه تعالي، ولا يكاد يدّخر شيئا. روى عَنْ: مالك بْن سُعَيْر بْن الخِمْس، ومؤمّل بْن إِسْمَاعِيل، وأبي عبد الرحمن المقرئ. وصنف سننا. وعنه: العلاء بن أيوب، ومحمد بن حامد الصائغ، والمواصلة. وكان أحد الأجواد، له أخبار في الكرم مع الفقر، رحمة الله عليه. توفي سنة سبع وخمسين ومائتين.

_ 1 الثقات لابن حبان "9/ 144". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 248". 3 الثقات لابن حبان "9/ 139".

427- محمد بن خلف بن عمار العسقلاني1 -ن. ق- عَنْ: ضَمْرَةَ بْن ربيعة، وعُبَيْد اللَّه بن موسى، وأبو علي الحنفي، طائفة: وعنه: ن. ق.، وأبو بكر بن أبي دَاوُد، وأبو الْحَسَن بْن جَوْصَا، وآخرون. وكان مِن أئمة العلم. تُوُفّي سنة ستّين. 428- محمد بن داود بن أبي ناجية -د- أبو عبد الله الإسكندراني2: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد اللَّه بْن وَهْبُ، وضَمْرَة بْن ربيعة، وطبقتهم. وعنه: د.، وأبو بكر بن أبي داود، وعمر بن محمد بْن بُجَيْر، وإِبْرَاهِيم بْن يوسف الهِسنْجانيّ، وجماعة. وكَان صدوقًا. تُوُفّي سنة إحدى وخمسين فِي شوّال بالإسكندرية. 429- محمد بْن دَاوُد التّميميّ القَنْطريّ البغداديّ3: أخو عَلِيّ بْن دَاوُد. عَنْ: آدم بْن أَبِي إياس، وسعيد بْن أَبِي مريم، وجماعة. وعنه: يحيى بْن صاعد، وأبو عبد الله المَحَامِليّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 430- محمد بْن دَيْسَم: أَبُو عَلِيّ التِّرْمِذيّ الدّقّاق4: نزيل سامرّاء. عَنْ: أَبِي نُعَيْم، وعفان، وموسى بن إسماعيل.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 145"، والتهذيب "9/ 149". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 250"، التهذيب "9/ 153، 154". 3 تاريخ بغداد "5/ 252". 4 السابق "5/ 269".

وعنه: أَبُو بَكْر الخرائطيّ، ومحمد بْن أَحْمَد الأثرم، وابن أَبِي حاتم وقال: كتبت عَنْهُ مَعَ أَبِي، وهو صدوق. 431- محمد بْن زكريّا1: أَبُو جعْفَر، والد ميمون الحافظ. سَمِعَ: حَجّاج بْن محمد الأعور، ومَخْلَد بْن الْحُسَيْن الزّاهد. وعنه: عَبْد اللَّه بْن ناجية، والمَحَامِليّ. وثقَّه الخطيب. 432- محمد بْن زكريّا القُضَاعيّ المصريّ2: عَنْ: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين. قَالَ ابن يونس: كَانَ يفهم ويحفظ الحديث. وكان رجلَا صالحًا. 433- محمد بْن زَنْجَوَيْه: أَبُو جعْفَر البصْريّ المؤذّن3. حدَّث ببغداد عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ومالك بْن سعَيِد، ومسلم بْن قُتَيْبة. روى عَنْهُ: الْحُسَيْن والقاسم ابنا المحاملي، وجماعة. توفي سنة سبْعٍ وخمسين فِي رمضان. 434- محمد بْن زياد بْن معروف الرّازيّ4. سكن جرجان، وحدَّث عَنْ: إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان الرّازيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه الدشْتكيّ، والسِّنْديّ بْن عَبْدوَيْه. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن زُهَير النَّرْسيّ، وعاصم بن سعيد.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 286". 2 ينظر في "حسن المحاضرة". 3 انظر: تاريخ بغداد "5/ 289". 4 الثقات لابن حبان "9/ 120".

وكان من رؤساء جُرْجان. تُوُفّي سنة سبعٍ وخمسين. 435- محمد بْن زياد بْن عُبَيْد اللَّه بن ربيع بن زياد -خ. ق- ويقال ابن أَبِي سُفْيَان عُبَيْد اللَّه الزّياديّ البصري1: ويقال له اليؤيؤ. سَمِعَ: حماد بْن زيد، وفُضَيْل بْن عيِاض، وعبد الوارث، ويزيد بْن زُرَيْع، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن أَبِي يحيى المدني، وفضيل بْن سُلَيْمَان، ومُسلْمِ بْن خَالِد الزَّنْجيّ، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، وطائفة. وعنه: خ. ق. وعبد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائنيّ، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن هارون الروياني، وابن خزيمة، ومحمد بن حصن الألوسي، ومحمد بن أحمد بن سليمان الهروي، وأبو عروبة، ومحمد بن هارون الحضرمي، وعبد الله بن عروة الهروي، وخلق. ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ربّما أخطأ. وروى عَنْهُ الْبُخَارِيّ حديثًا واحدًا كالمقرون بغيره، عَنْ غُنْدَر. وكان مُعَمَّرًا من أبناء التّسعين. وقع لنا حديثه بعُلُوّ من طريق المخلّص. وبقي إلى بعد الخمسين ومائتين فيما أظنّ. 436- محمد بْن سعد: أبو عبد الله النَّيسابوري الجلَاب2. أخو خُشْنام. سَمِعَ: حفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، ورَوْح عُبَادة. وعنه: دَاوُد بْن الْحُسَيْن البَيْهقيّ بْن محمد التُّرْك. ومات فِي ذي الحجّة سنة ست وخمسين.

_ 1 الثقات لابن حبان "9/ 114"، والتهذيب "9/ 168، 169". 2 من العلماء المستورين، لا بأس به.

437- محمد بْن سعَيِد الْأيْليّ1: أخو هارون بْن سعَيِد. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ، وغيره. وتوفي سنة ثمانٍ وخمسين. 438- محمد بْن سعَيِد بن حسان بن الأندلسيّ الصّائغ2: مولي بني أُميّة. روى عَنْ: أشهب بْن عَبْد العزيز، وعبد اللَّه بْن نافع. توفي سنة ستين بالأندلس. 439- محمد بن سلمة: أبو عامر التجيبي، مولاهم المصري3. حدث عَنْ: ابن وَهْبُ. تُوُفّي سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. قاله ابن يونس. 440- محمد بْن سهل بن عسكر -م. ت. ن- أبو بكر التميمي، مولَاهُمُ الْبُخَارِيّ4 نزيل بغداد. طوّف البلَاد، وسمع: عَبْد الرّزّاق، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، ووهب بن جرير، وعبيد الله بن موسى، ويحيى بن حسان التنيسي، وسعيد بن أبي مريم، وأبا اليمان، وجماعة كبيرة. وعنه: م. ت. ن. وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، ومحمد بْن جريج، ومحمد بْن هارون الحضْرميّ، وخلْق. قَالَ النَّسائيّ: ثقة.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 جذوة المقتبس "29-32" للحميدي. 3 ينظر في كتاب "حسن المحاضرة". 4 انظر: الجرح والتعديل "7/ 277"، والتهذيب "9/ 207".

وقال أَبُو الْعَبَّاس السّرّاج: تُوُفّي فِي شَعْبان سنة إحدى وخمسين. 441- محمد بْن سهل بْن نوح. أبو عبد الله التّميميّ النَّيسابوري1: سَمِعَ: وَكِيعًا، والنَّضْر بْن شُمَيْل. وَعَنْهُ: ابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن أَحْمَد بْن زُهَير، وغيرهما. مات قبل السّتّين. 442- محمد بْن سهل بْن زَنْجَلَة الرّازيّ2. أَبُو جعْفَر، مُحَدَّث جوّال. عَنْ: محمد بْن سابق، وأبي صالح كاتب اللَّيْث، وأبي الوليد الطَّيَالِسيّ، وطبقتهم. وعنه: ابن أَبِي حاتم، وصَدَقه. 443- محمد بْن سلَام بْن السَّكَن البِيكَنْديّ الصغير3: يروي عن: الحسن بْن سوار البَغَوِيّ، وعَلِيّ بْن الْجَعْد. وعنه: عُبَيْد اللَّه بْن واصل الْبُخَارِيّ، وغيره. يقال إنّه تُوُفّي بمصر. 444- محمد بْن شُعَيب الأَسَدِيّ النَّيسابوري4: سَمِعَ: حفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وعلي بن الحسن بن شقيق. وعند: محمد بْن نُعَيْم، وإِبْرَاهِيم السُّكّريّ، وغيرهما مِنَ النيسابوريين. توفي سنة ستين.

_ 1 من العلماء المستورين، لا بأس به. 2 الجرح والتعديل "7/ 277". 3 التهذيب "9/ 213، 214". 4 من العلماء المستورين، وينظر في "تاريخ نيسابور" للحاكم.

445- محمد بْن صالح بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ1: أَبُو عَبْدِ الله العَلَويّ الحسني الحجازي الشاعر. مدح المتوكّلُ والمنتصر بمدائح كثيرة. وكان من فُحُول الشعراء، يلبس زيّ الأعْراب. وكان ظريفًا حُلْو المعاشرة. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 446- محمد بْن صالح بْن مِهْران بْن النّطّاح البصْريّ الإخباريّ2: المعروف بالنّطّاح. لَهُ تصانيف فِي أخبار الدُّول، وغير ذَلِكَ. حدث عن: معتمر بْن سُلَيْمَان، ويحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة، والواقديّ، وأبي عُبَيْدة مُعَمِّر بْن المُثَنَّى، ويوسف بْن عطيّة، وجماعة. وعنه: بِشْر بْن مُوسَى الأَسَدِيّ، والهيثم بْن خَلَف الدُّوريّ. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين. وآخر من روى عَنْهُ أَبُو حامد الحضرمي ببغداد، وأبو روق الهزاني بالبصرة. وقد روى ابن ماجة فِي تفسيره، عَنِ الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب، عَنْهُ. 447- محمد بْن عامر الأندلسي3: عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ المصريّ. تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين ومائتين. قاله ابن يونس. 448- محمد بْن عامر الرازي القزاز4:

_ 1 الفرج بعد الشدة "4/ 354" للتنوخي. 2 الميزان "3/ 74"، التهذيب "9/ 227". 3 جذوة المقتبس "117". 4 الجرح والتعديل "8/ 44".

رحل وسمع: سعَيِد بْن أَبِي مريم، ومحمد بن عيسى الطباع، ومحمد بن سنان العوقي، وحيوة بْن شُرَيْح. قَالَ ابن أَبِي حاتِم: سَمِعَ منه أَبِي، ولم يتفق لي السماع منة، وكان صدوقًا. 449- محمد بن عبادة الواسطي1 -خ. د. ق- أبو عبد الله: عن: إسحاق الأزرق، بْن هارون، وأبي أُسامة، وطبقتهم. وعنه: خ. د. ق.، وعمر بْن محمد بْن بُجَيْر، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وابن خزيمة، وآخرون. قال أبو حاتم: صدوق. صاحب نَحْوٍ وأدب. كنيته أَبُو جعْفَر. 450- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر بْن الْحُسَيْن بْن مُصْعَب الخُزاعيّ الخُرَاسانيّ2: الأمير أَبُو الْعَبَّاس. كَانَ رئيسًا محتشمًا، جوادًا، ممدوحًا، أديبًا شاعرًا، مَأْلَفًا لأهل الفضل والأدب، من بيت الإمرة والتَّقَدم. ولَاه المتوكّلُ عَلَى اللَّه إمرة بغداد، وعظُم سلطانه فِي دولة المعتزّ بالله إلى أن مرض بالخوانيق، فمات في سنة ثلاث وخمسين. ولم احتضر استخلف عَلَى بغداد أخاه عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه، فأقرّه عليها المعتزّ. وصلى عَلَى محمد ولدُه طاهر بْن محمد. 451- محمد بن عبد الله "بن المبارك"3 -خ. د. ن-: الحافظ أبو جعفر القرشي، مولَاهُمُ المخرميّ4، قاضي حُلْوان. سَمِعَ: وَكِيعًا، ومُعَاذ بْن هشام، ويحيى بْن سعَيِد القطان، وعبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وإِسْحَاق الأزرق، وأبا أسامة، ويحيى "بْن يوسف الزّمّيّ"، ويزيد بْن هارون، وأبا معاوية، وخلقًا.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 17"، والتهذيب "6/ 246، 247". 2 تاريخ بغداد "5/ 412-422". 3 بياض في الأصل، وأثبت من السير "12/ 265". 4 الجرح والتعديل "7/ 305"، والتهذيب "9/ 272".

وعنه: خ. د. ن.، ون. أيضا عَنْ أَحْمَد بْن عَلِيّ المَرْوزِيّ عَنْهُ، وابن خُزَيْمَة، وابن بُجَيْر، ويحيى بْن صاعد، والمَحَامِليّ، وخلْق. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ لِي أَبِي: كَتَبْتَ حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا نَغْسِلُ، مِنَّا مَنْ يَغْتَسِلُ، وَمِنَّا مَنْ لا يَغْتَسِلُ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: فِي جانب المخرّم شابّ يقال لَهُ محمد بْن عَبْد اللَّه فاكتبه عَنْهُ. قَالَ الباغَنْديّ: كَانَ حافظًا متقنًا. وقال النَّسائيّ، وغيره: ثقة. ووصفه بالحفظ غير واحد مِنَ الأئمة. قَالَ عُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن سَيَّار الفرهيانيّ: سمعتهم يقولون: قدِم عَلِيّ بْن المَدينيّ بغداد، واجتمع إِلَيْهِ النّاس، فلمّا تفرَّقوا قِيلَ لَهُ: مَن وجدتُ أكْيس القوم؟ قَالَ: هذا الغلَام المُخَرّميّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين2. قَالَ الخطيب: كَانَ من أحفظ النّاس للأثر. وقال السُّلَميّ: نا الدّارَقُطْنيّ نا الْجِعَابيّ: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ الدِّينَوَرِيّ يَقُولُ: قدِم علينا المُخَرّميّ الدِّينَوَرَ قاضيًا عليها، فمرّ بي يومًا عَلَى حُمَيِّر، ومعي مُحَدَّث أُذَاكِره، فلمّا رَأَى المحبرة والكتاب سلّم وقال: ما الَّذِي أنتم فِيهِ؟ قُلْنَا: نتذاكر حديث إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد. فقال للغلَام: امسِك عَلِيّ. فنزل وجلس إلينا، وذكر نحو ثمانمائة حديثٍ مِن مقطوع ومُسْنَد لإسماعيل. 452- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سنجر1. أبو عبد الله الجرجاني الحافظ، صاحب "المسند". طوف البلاد.

_ 1 ترتيب المدارك "1/ 223".

وسمع: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبا المغيرة، ويزيد بْن هارون، وعبد اللَّه بْن نُمَيْر، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد، وأبا نُعَيْم، وخالد بْن مَخْلَد، وأبا بَكْر الحُمَيْديّ، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن المُسَيَّب الأرْغِيانيّ، وأحمد بْن عَمْرو الألْبيريّ الحافظ، وعبد الجبّار بْن أَحْمَد السَّمرْقَنْديّ بمصر، وعبد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن محمد بْن رشْدين، ومحمد بْن دليل، وعيسى بْن مِسْكين، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن الضّحاك، وجماعة مِنَ الرحالين. قال ابن سنجر: خرجت إلى الرّحله ومعي إِسْحَاق الكَوْسَج، وكان معي تسعة آلاف دينار. وكان إِسْحَاق يورّق لي ويتزوّج فِي كلّ بلد، وأؤدّي عَنْهُ المهر. وثقَّه ابن أَبِي حاتم، وغيره. وكان قد سكن بلَاد مصر، فتوفي فِي ربيع الأوّل سنة ثمان وخمسين بقرية قطابة. وكان قد سكنها فِي آخر عُمره. 453- محمد بْن عبد الله بن يزيد -ن. ق- أبو يحيى بن المقرئ أبي عبد الرحمن المكي1: سَمِعَ: أَبَاهُ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأيوب بْن النّجّار اليَمَاميّ، وسعيد بْن سالم القدّاح. وعنه: ن. ق. وأبو الْحَسَن بْن جَوْصا، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وَحَفِيدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد، وآخرون. وثقه النسائي. وتوفي سنة ست وخمسين في شعبان. وقع لنا حديثه عاليا في "جزء البانياسي"، وغيره. 454- محمد بن عبد الرحمن الهروي. أبو عبد الرحمن. عراقي حافظ.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 307"، والتهذيب "9/ 284".

نزل الري، وحدَّث عَنْ: حسين الْجُعْفيّ، ويزيد بْن هارون، وابن أَبِي فُدَيْك، وطبقتهم1. وعنه: عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد، وابن أَبِي حاتم، وقال: حافظ لحديث الزُّهْريّ، ومالك. صدوق. 455- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن علي -ق- أبو بكر الجعفي2: عَنْ: عمّ أَبِيهِ حسين بْن عَلِيّ الْجُعْفيّ، وأبي أُسامة، وزيد بْن الحُباب، وأسباط بْن محمد، وأبي يحيى الحِمّانيّ، ومحمد بْن بِشْر العَبْديّ، وعمر بْن شبيب المُسْليّ، وطائفة. وعنه: ق. وأبو دَاوُد فِي كتاب "القدَر" لَهُ، وابنه أَبُو بَكْر، وأَبُو عَرُوبة، ومحمد بْن جعْفَر بْن ملَاس، وأحمد بْن عُمَر بْن جَوْصا، وأَبُو الْجَهْم بْن طلَاب المَشْغَرانيّ، وأَبُو الفضل أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن هلَال السُّلَميّ، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: سَأَلت أَبَا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة عَنْهُ فقال: كَانَ يحفظ الحديث، كَانَ جيّد الحفظ للمُسْنَد والمُنْقَطِع. وقال أَبُو زُرْعَة: التقيتُ معه وحفظت منه أشياء. وقال ابن يونس: قدِم مصر وكتبتُ عَنْهُ، وخرج إلى دمشق. وتُوُفّي يوم الإثنين لأربع عشرة ليلة خَلَت من جُمَادَى الآخرة سنة ستين ومائتين. 456- محمد بْن أَبِي نوح عَبْد الرَّحْمَن بْن غَزْوان البغداديّ3: ويدعى أَبُوه: قراد. حدث عن: مالك بْن أَنَس، وشَرِيك القاضي، والمنكدر بن محمد، وإبراهيم بن سعد، وحماد بن زيد. وعنه: أحمد بن عبد الله بن سابور، وعبد الله بن محمد بن ياسين، والمحاملي. قال الدارقطني: متروك.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 326، 327". 2 الجرح والتعديل 7/ 313"، والتهذيب"9/ 296". 3 تاريخ بغداد "2/ 311"، والميزان "3/ 625".

وقال ابن عدي: هو ممن يتهم بوضع الحديث، يروي عَنِ الثّقات بواطيل. وقال ابْن حِبّان، وذكر لَهُ مناكير: سَأَلت ابن خُزَيْمَة مرارًا مرارا عَنْ هذه الأحاديث، ثمّ قرأت عَلَيْهِ، فلمّا قلت: حدَّثكم محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن غَزْوان، أدخل إصبعيه فِي أُذُنَيْه فِي أوّل شيءٍ ثمّ قَالَ: نعم، وأنا خائف أنّه كذّاب. 457- محمد بْن عَبْد الرحيم بن أبي زهير الحافظ -خ. د. ت. ن- أبو يحيى العدوي، مولى عمرو رضي اللَّه عَنْهُ الفارسيّ ثمّ البغداديّ، صاعقة1. طوّف، وسمع: يزيد بْن هارون، وشَبَابة بْن سَوّار، وأبا أحمد الزُّبَيْريّ، وَمُعَلَّى بْن منصور، ورَوْح بْن عُبَادة، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سعد، وطبقتهم. وعنه: خ. د. ت. ن.، وزكريّا خيّاط السنة، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ويحيى بْن صاعد، والحسين المحاملي، وطائفة. وثقة النسائي، وغيره. وقال أبو بكر الخطيب: كان متقنا ضابطا عالما حافظا. وقال محمد بن محمد بن داود الكرجي: سمي صاعقة لأنه كان جيد الحفظ، وكان بزازا. قال السراج قَالَ لي: وُلِدتُ سنة خمسٍ وثمانين ومائة؛ ومات فِي شَعْبان سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. 458- محمد بْن عَبْد الملك بْن زَنْجَوَيْه2 أَبُو بَكْر البغداديّ الغزّال. صاحب الْإمَام أَحْمَد وجاره. طوّف الكثير، وسمع: عَبْد الرّزّاق، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، ويزيد بْن هارون، وزيد بْن الحُبَاب، وأبا المغيرة الحمصيّ، وجعفر بْن عَوْن، وطبقتهم. وعنه:، وإِبْرَاهِيم الحربيّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وأَبُو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، وعبد اللَّه بْن عُرْوَة الهَرَويّ، وخلْق. وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، والحسين والقاسم ابنا المَحَامِليّ.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 9"، والتهذيب "9/ 311، 312". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 5"، التهذيب "9/ 315، 316".

وثقَّه النَّسائيّ، وغيره. وكان من أجلَاس الحديث. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. 459- محمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقّيّ1: كَانَ يَخْضِب، وله عقِب بالرَّقَّة. بقي إلى سنة سبْعٍ وخمسين، ولا أعلم لَهُ رواية. 460- محمد بن عبيد الله بن العظيم - ن. - أبو عبد القرشي الكريزي الكندي البصري الفقيه2: قاضي الدّيار الْمِصْريّة. روى عَنْ: الْحَسَن بْن بِشْر البَجَليّ، وأَبِي عاصم النّبيل، وإِبْرَاهِيم بْن زياد سَبَلَان، وعَلِيّ بْن المَدينيّ، وجماعة. وعنه: ن.، وأبو عروبة الحراني، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن محمد الدّمشقيّ سلجويه. قال النسائي: لَا بأس بِهِ. قَالَ أَبُو عَلِيّ الحرّانيّ: مات بالرَّقَّة سنة ستين. 461- محمد بْن عثمان بْن أَبِي صفوان بْن مروان: أبو عبد الله البغداديّ الثَّقفيّ3. عَنْ: يحيى القطّان، ومعاذ بن هشام، ووهب بن جرير، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأُميَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وطائفة. وعنه: د. ن.، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو بكر أحمد بن محمد بن عمر

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 3". 2 التهذيب "9/ 324". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 25".

البصْريّ الحرّانيّ، وأَبُو عَرُوبة الحرّانيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وأبو حامد الحضرمي، وخلق. قَالَ أَبُو حامد: ثقة. وقال ابن أَبِي عاصم: مات سنة اثنتين وخمسين. 462- محمد بْن عثمان بن كرامة1 -خ. د. ت. ق-: أَبُو جعْفَر، وقيل: أبو عبد الله العجِليّ. مولَاهُمُ الْكوفيّ، نزيل بغداد. كَانَ وراق عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، فسمع منه، ومن: عبد اللَّه بْن نُمَيْر، وأبي أُسامة، ومحمد بْن بِشْر، وحُسَين الْجُعْفيّ، ومحمد، وَيَعْلَى ابني عُبَيْد، وجماعة. وعنه: خ. د. ت. ق.، وابن أَبِي الدُّنيا، وابن أبي داود، وابن صاعد، ومحمد بن مخلد، وآخرون. قال أبو حاتم، وغيره: كان صدوقا. وقال مطين: مات في رجب سنة ست وخمسين. قال: وقع لنا حديثة عاليا، أخبرناه أَبُو المعالي الهَمَدانيّ، عَنْ أَبِي بَكْر بْن شابور، عَنْ عَبْد العزيز الشّيرازيّ" ح. " وأنبأناه أَبُو المُرْهَف القَيْسيّ: أَنَا ابن الحُصَريّ، أَنَا ابن الْبَطِّيِّ قالَا: أَنَا رِزْقُ اللَّه، أَنَا ابن مَهْديّ، أَنَا ابن مَخْلَد، عَنْهُ. وعند ابن اللِّتّيّ عدّة أحاديث عالية لَهُ. 463- محمد بْن عُقْبة بْن عَلْقَمَةَ البَيْروتيّ2: عَنْ: أَبِيهِ، وخالد بْن يزيد. وعنه: محمد بْن محمد الباغَنْديّ، وأحمد بْن جَوْصا. قال أبو حاتم: صَدُوق. وقال ابن أبي حاتم: كُتُب إليَّ من بيروت ببعض حديثه.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 25"، والتهذيب "9/ 338". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 36"، واللسان "5/ 285".

464- محمد بن عقيل بن خويلد -ن. ق-: أبو عبد الله الخزاعي النيسابوري1، الرّجلُ الصّالح. روى عَنْ: حفص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وحفص بْن عَبْد اللَّه، وجعفر بْن عَوْن، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن واقد، وأبي عاصم، وجماعة. وعنه: ن. ق. وأَبُو دَاوُد فِي كتاب "النّاسخ والمنسوخ"، وأبو بَكْر بْن زياد، وأَبُو عَوَانَة، وابن خُزَيْمَة، وأَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، وجماعة آخرهم محمد بْن عَلِيّ المذكِّر شيخ الحاكم. تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين. قَالَ النَّسائيّ: ثِقةً. قُلْتُ: لَهُ عدّة أولَاد رَوَوْا. 465- محمد بْن عَلِيّ بْن ". . . "2: عَنْ: عَبْد الوهّاب بْن عطاء، وغيره. وحدَّث بالمَوْصِل. تُوُفّي سنة ست. 466- محمد بن ". . . "3: أبو جعفر. روى عَنْ: أَبِيهِ. وسمع من أَبِي عُبَيْد "غريب الحديث". روى عَنْهُ: ". . . "4 بْن أَبِي سعد الورّاق. وثقه الدارقطني.

_ 1 التهذيب "9/ 347، 348". 2 بياض في الأصل، وهو في عداد المجهولين. 3 بياض في الأصل. 4 بياض في الأصل.

467- محمد بْن خَلَف الكوفيّ1: عَنْ: "يحيى بْن"2 هاشم السِّمْسار، وعَمْرو بْن عَبْد الغفّار. وعنه: أَبُو ذَرّ أَحْمَد بْن الباغَنْديّ. 468- محمد بْن عُمَر بْن هيّاج الصّائديّ الكوفيّ3: عَنْ: إِسْمَاعِيل بْنُ صُبَيْحٍ الْيَشْكُرِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى. وعنه: ت. س. ق.، وأبو طاهر الْحَسَن بْن فِيل، وابن خُزَيْمَة، وابن أبي داود، وجماعة. توفي سنة خمس وخمسين. 469- محمد بن عمر بن الوليد -ت. ق-: أبو جعفر الكندي الكوفي4. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، ومحمد بْن فُضَيْل. وعنه: ت. ق. أيضًا، وعمر بْن محمد بْن بُجَيْر، ويحيى بْن صاعد، وبدر بْن الهَيْثَم، وآخرون. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين: 470- محمد بْن عُمَر بْن أَبِي مذعور5: أَبُو جعْفَر البغداديّ. عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، وحَرَميّ بْن عمارة، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن محمد الْأدَميّ، ومحمد بْن مَخْلَد العطّار. تُوُفّي فِي ذي الحجة سنة ثمان وخمسين.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 235". 2 بياض في الأصل، وأثبته من "تاريخ بغداد". 3 الجرح والتعديل "8/ 32". 4 الجرح والتعديل "8/ 32"، والتهذيب "9/ 368". 5 الجرح والتعديل "3/ 24".

471- محمد بْن عَمْرو بْن أَبِي مذعور1: أبو عبد الله البغداديّ ابن عمّ محمد بْن عُمَر المذكور قبله، وهُوَ الأسنّ. سَمِعَ: عَبْد العزيز بن أبي حازم، والوليد بن مسلم، وجماعة. تُوُفّي بعد الخمسين ومائتين. 472- محمد بْن عَمْرو بْن يونس2: أَبُو جعْفَر التَّغْلِبيّ الكوفيّ. ويُعرف بالسُّوسيّ. حدَّث بدمشق ومصر عَنْ: أَبِي معاوية الضّرير، وابن نُمَيْر. وعنه: أبو الجهم بن طلاب، وابن جوصا، وجماعة. توفي سنة تسع وخمسين. 473- محمد بن عمرو بن عون: أبو عون الواسطي3. سمع أباه ومحمد بن أبان الواسطي. وعنه: الباغندي، وابن مخلد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: ثقة. 474- محمد بْن عَمْرو بْن حَنَان الكَلبيّ الحمصيّ4 -ن-: حدَّث ببغداد عَنْ: بقية بْن الوليد، وضَمْرَة بْن ربيعة، ويحيى بْن سعَيِد العطّار، وجماعة. وعنه: ن. وابن جَوْصا، والقاضي المحاملي، وآخرون. وثقة الخطيب ومات سنة سبع وخمسين ومائتين. وكان مولده سنة أربع وسبعين ومائة.

_ 1 أخبار القضاة "2/ 395". 2 من العلماء المستورين، ولا بأس به. 3 الجرح والتعديل "8/ 34". 4 انظر: تاريخ بغداد "3/ 128"، والتهذيب "9/ 372".

475- محمد بن عيسى بن رزين التيمي الرازي1: ثم الأصبهاني المقرئ. أحد أعلام القرآن العظيم. قرأ علي: نصير، وعلى: خلاد بن خالد، وجماعة. قرأ عليه: الحسن بن العباس الرازي، وأبو سهل حمدان، وجماعة. وروى الحديث أيضا عَنْ: إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وعبد الرحمن الدشتكي، وجماعة. وصنف كتاب "الجامع في القراءات". وكان رأسا في العربية، وصنف في العدد والرسم وغير ذلك. قال أبو نعيم: ما أعلم أحدا أعلم منه في فنه، يعني القراءات. نقله أبو نعيم عَنْ أَبِي زُرْعَة الرّازيّ. وله اختيار حَسَن فِي القراءات. وكان شيخ تِلْكَ الدّيار، رحمه الله تعالى. وقال الداني: أجل أصحابه الفضل بن شاذان. وممن قرأ عليه: محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وموسى بْن عَبْد الرَّحْمَن. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. وقيل: تُوُفّي سنة إحدى وأربعين، والأوّل أشبه. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق 476- محمد بْن عيسى. أبو عبد الله الأصبهاني الزّجّاج، إمام جامع إصبهان: رحل وكتب الكثير، روى عَنْ: أَبِي عاصم النبّيل، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، والحسين بْن حفص. وعنه: محمد بن علي بن الجارود، ومحمد بن أحمد بن يزيد الزُّهْريّ، وغيرهما. 477- محمد بن غالب: أبو جعفر الأنماطي البغدادي المقرئ2.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 39". 2 تاريخ بغداد "3/ 143".

أخذ القراءة عرضا عَنْ شجاع بْن أَبِي نصر، وهو أضبط أصحابة، عَنْ أَبِي عَمْرو. وقرأ عليه: أحمد بن إبراهيم القصباني، والحسن بن الحباب، ونصر بن القاسم الفرائضي، ومحمد بن معلى الشونيزي، وغيرهم. وكان مع حذقه بالقرآن أميًا لَا يكتب. قَالَ النّقّاش: وكان ينادي فيكسب فِي اليوم القيراط وأكثر. وكان رجلَا صالحًا ورِعًا. وقال عَبْيد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم: مات أستاذي محمد بْن غالب سنة أربعٍ وخمسين ببغداد. وممّن قرأ عَلَيْهِ: الْحَسَن بْن الْحَسَن الصّوّاف، وأحمد بْن مَرْدُوَيْه القصَبَانيّ، والعباس بْن الفضل الرّازيّ. 478- محمد بْن الفضل: أَبُو جعْفَر الجرجائي الكاتب1. ولي وزارة المتوكّلُ عندما نُكِبَ ابن الزّيّات، ثمّ عزله عَنْ قريب، ثمّ وزر قليلَا للمستعين. وكان بين موته وموت الفضل بْن مروان الوزير أيّامٌ يسيرة. 479- محمد بْن الفضل بْن خدِاش الْبُخَارِيّ ثمّ البلْخيّ2: سَمِعَ: المقرئ وَيَعْلَى بْن عُبَيْد, وأبا جَابرِ, ومحمد بْن عَبْد الملك, ومحمد بْن سلَام البِيكَنْديّ, ترجمه السُّليمانيّ وقال: روى عَنْهُ شيوخنا. 480- محمد بْن الفُضَيْل البلْخيّ الزّاهد3، حجّ، وسمع: عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وأبا ضَمْرَةَ، وأبا أُسامة.

_ 1 الفرج بعد الشدة "4/ 419، 420". 2 من العلماء المستروين، لا بأس به. 3 لم نقف عليه.

وعنه: أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن محمد الذَّهَبيّ، وعَلِيّ بْن أَحْمَد البلْخِيان. وكان صدوقًا. تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 481- محمد بْن قُدامة الطُّوسيّ1: عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد. وعنه: محمد بْن مَخْلَد العطّار. مجهول الحال. 482- محمد بْن كرّام بْن عِرَاق بْن حُزَابَة بْن البَرَاء2: الشَّيْخ الضّالّ المجسّم أبو عبد الله السِّجِسْتانيّ، شيخ الكراميين. حدث عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن يوسف البلْخيّ، وعبد اللَّه بْن مالك بْن سُلَيْمَان الهَرَويّ، وأحمد بْن" عَبْد اللَّه" الْجُوَيْباريّ، وجماعة. وعنه محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن سُفْيَان وعبد اللَّه القيراطيّ وإِبْرَاهِيم بْن حَجّاج النَّيسابوريون. قَالَ الحاكم: وُلِد بقريَةٍ من قرى "زرنج" بسِجسْتان، ثمّ دخل خراسان وأكثر الَاختلَاف إلى أَحْمَد بْن حَرْب الزّاهد. سَمِعَ اليسير من: عَلِيّ بْن إِسْحَاق السَّمرْقَنْديّ، عَنْ محمد بْن مروان، عَنِ الكْلبيّ. وسمع ". . . "3. قَالَ: وأكثر عَنْ أَحْمَد الْجُويْبَاريّ، ومحمد بْن تميم الفاريابيّ. ولو عرفهما لأمسكَ عَنِ الرّواية عَنْهُمَا. ولمّا ورد نَيْسابور بعد المجاورة بمكّة خمسَ سنين وانصرف إلى سجسْتان، وباع بها ما كَانَ يملكه، وجاء إلى نيسابور، حبسه محمد بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر، وطالت

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 190". 2 الميزان "5/ 21، 22"، السير "11/ 523". 3 بياض في الأصل.

مِحْنَتُه، فكان يغتسل كلّ يوم جمعة، ويتأهَّب للخروج إلى الجامع، ثمّ يَقُولُ للسّجان: أتأْذَنُ ليَ فِي الخروج؟ فيقول: لَا. فيقول: اللهمّ إنيّ بذلت مجهودي، والمَنْعُ مِن غيري. قَالَ: وبلغني أَنَّهُ كَانَ معه جماعة مِنَ الفقراء، وكان لباسُه مَسْكُ ضَأن مدبوغ غير مخيط، وعلى رأسه قَلَنْسُوَة بيضاء. وقد نُصِب لَهُ دُكّان لَبِن. وكان يُطَرح لَهُ قطعة فَرْو فيجلس عليها ويعِظ ويُذَكِّر ويحدِّث. قَالَ: وقد أثْنى عَلَيْهِ، فيما بلغني، ابن خُزَيْمَة، واجتمع بِهِ غير مرّة. وكذلك أَبُو سعَيِد عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحُسَيْن الحاكم، وهما إماما الفريقين. وحدثني محمد بْن حمدون المذكِّر: ثنا أَبُو الفضل محمد بْن الْحُسَيْن الصّفّار: سَمِعْتُ ابن كَرّام الزّاهد يَقُولُ: خمسة أشياء من حياة القلب: الجوع، وقراءة القرآن، وقيام الليل، والتِّضَرُّع عند الصُّبْح، ومجالسة الصّالحين. وقال عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سَلْم المقدسي: سَمِعْتُ محمد بْن كَرّام يَقُولُ: قَدَرُ فَرْعَوْن أنْ يؤمِن ولكن لم يؤمن. قلت: هذا كلَامٌ يقوله المعتزليّ والسُّنّيّ، وكلّ واحدٍ منهما يقصد بِهِ شيئًا. وعن يحيى بْن مُعَاذ الرّازيّ قَالَ: الفقر بساط الزُّهّاد، وابن كَرّام عَلَى بساط الزاهدين. وقال محمد بْن الْحُسَيْن الصّفّار: سَمِعْتُ ابن كَرّام يَقُولُ: الخوف يمنع عَنِ الذنوب، والحُزْن يمنع عَنِ الطّعام، والرّجاء يقوّي عَلَى الطّاعة، وذِكْر الموت يُزْهِد فِي الفُضُول. وقال أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يونس الهَرَويّ: سَمِعْتُ عثمان الدّارِميّ يَقُولُ: حضرت مجلس أمير سجِسْتان إِبْرَاهِيم بْن الحُصَيْن يوم أُخرج محمد بْن كَرّام من سجِسْتان، وحضر عثمان بْن عفّان السِّجِسْتانيّ وأهل العلم، فدُعي محمد بْن كَرّام، فقال لَهُ الأمير: ما هذا العلم الَّذِي جئتَ بِهِ؟ ممّن تعلّمت ومَن جالست؟ قَالَ: إلْحَامٌ أَلْحَمْنيه اللَّه تعالى، بالحاء. فقال لَهُ: هَلْ تُحْسِن التشهد؟

قَالَ: نعم، الطَّلَوَات للَّه؛ بالطّاء، حتى بلغ إلى قوله: السّلَام عليك أيُّها النَّبِيّ. فأشار إلى إِبْرَاهِيم بْن الحُصَين، فقال لَهُ: قطع اللَّه يدك. وأمرَ بِهِ فصُفِع وأُخْرج. وقال ابن حِبّان: محمد بْن كَرّام كَانَ قد خُذِل حتّى التقط مِن المذاهب أردأها، ومِن الأحاديث أوهاها. ثمّ جالس الْجُويْبَاريّ، ومحمد بْن تميم السَّعْديّ، ولعلّهما قد وضعا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ والصّحابة والتابعين مائة ألف حديث. ثمّ جالس أَحْمَد بْن حَرْب، وأخذ عنه التقشف. ولم يكن يُحْسِن العِلم. وأكثر كُتُبه المصنَّفة صنّفها لَهُ مأمون بْن أَحْمَد السُّلَميّ. وحدثني محمد بْن المنذر، سمعَ عثمان بْن سعَيِد الدّارِميّ يَقُولُ: كنتُ عند إِبْرَاهِيم بْن الحُصَين، إذ دخل علينا رجلٌ طُوالٌ عَلَيْهِ رقاع، فقيل: هذا ابن كَرّام. فقال لَهُ إِبْرَاهِيم: هَلِ اختلفت إلى أحد العلماء؟ قَالَ: لَا. قَالَ: "لقيتَ" عثمان بْن عفّان السِّجِسْتانيّ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فهذا العلم الَّذِي تقوله، من أَيْنَ لك؟ قَالَ: هذا نورٌ جعله اللَّه فِي بطني. قَالَ: تُحْسِن التشهد؟ قال: نعم، التهيات له والصلوات والتيبات. السام أَلَيْنا وأَلَى إبادِ اللَّه الصّالحين، أَشْحدُ أنّ لا إله إلا الله وأشحد أن مُهَمَّدًا أَبْدُكَ ورسُولُك. قَالَ: قُمْ، لَعَنَك اللَّه. ونفاه من سجستان. قال ابن حِبْان: هذا حاله فِي ابتداء أمره، ثمّ لمّا أخذ فِي العِلم أحبّ أنْ ينشئ مذاهب لتُعْرف بِهِ. جعلَ الْإِيمَان قولَا بلَا معرفة قلب، فلزِمه أنّ المنافقين لَعَنَهُمُ اللَّه مؤمنون. قَالَ: وكان يزعم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يكن حُجّة اللَّه عَلَى خلقه؛ إنّ الحُجَّة لَا تَنْدرس ولا تموت. وكان يزعم أنّ الاستطاعة قبل الفِعْلِ. وكان يُجسّم الرّبّ جلّ وعلَا، وكان داعيةً إلى البِدَع؛ يجب ترك حديثه فكيف إذا اجتمع إلى بِدْعته القَدْح فِي السُّنن وَالطَّعْنُ فِي مُنْتحليها. قلت: ونظيره فِي زُهده وضلَاله عَمْرو بْن عَبْيد. نسأل اللَّه السّلَامة. وأخبث مقالَاته: أنّ الْإِيمَان قَوْل بلَا معرفة قلْب، كما حكاه عنه ابن حبان1.

_ 1 الفرق بين الفرق "ص/ 223"، للبغدادي بتحقيقي.

وقال أَبُو محمد بْن حزم: غُلَاة المُرْجئة طائفتان، قَالَتْ إحداهما: الْإِيمَان قول باللّسان وإن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن ولي الله، من أهل الجنّة. وهو قول محمد بْن كَرّام السِّجِسْتانيّ وأصحابه. وقالت الأخرى: الْإِيمَان "للمُقِرّ بالشهادتين"1 وإنْ أعلنَ الكُفر بلسانه. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ: شَهِدْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ" الْبُخَارِيَّ، وَدُفِعَ" إِلَيْهِ كِتَابٌ مِنْ محمد بْنِ كَرَّامٍ يَسْأَلُهُ عَنْ أَحَادِيثَ مِنْهَا: الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، رَفَعَهُ: "الْإِيمَانُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ". فَكَتَبَ عَلَى ظَهْرِ كِتَابِهِ: مَنْ حَدَّثَ بها استوجب الضرب الشديد و "الحبس" الطَّوِيلَ. قَالَ الْحَاكِمُ: وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ قَالَ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ محمد قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ محمد الدَّهَّانُ: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَرَّامٍ الزَّاهِدُ مِنْ نَيْسَابُورَ فِي سنة إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَمَاتَ بِالشَّامِ فِي صَفَرٍ سنة خَمْسٍ وَخَمْسِينَ. وَمَكَثَ فِي سِجْنِ نَيْسَابُورَ ثَمَانِ سِنِينَ. قَالُوا: وَتُوُفِّيَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنَ اللَّيْلِ. فَحُمِلَ بِالْغَدِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ إِلا خَاصَّتُهُ، وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الأَنْبِيَاءِ بِقُرْبِ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى عَلَيْهِمَا السَّلامُ. قَالَ: وَتُوُفِّيَ وَأَصْحَابُهُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ نَحْوَ عِشْرِينَ أَلْفًا. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ كُرْدُوسٌ: سَمِعْتُ محمد بْنَ أَسْلَمَ الطُّوسِيَّ يَقُولُ: لَمْ يَعْرُجْ إِلَى السَّمَاءِ كَلِمَةٌ أَعْظَمُ وَأَخْبَثُ مِنْ ثلاثٍ: قَوْلُ فِرْعَوْنَ: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى. وَقَوْلُ بِشْرٍ المُرِّيسِيِّ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ. وَقَوْلُ محمد بْنِ كَرَّامٍ: الْمَعْرِفَةُ لَيْسَتْ مِنَ الإِيمَانِ. قال الحسن بن إبراهيم الجوزقاني الهمذاني فِي كِتَابِ "الْمَوْضُوعَاتِ" لَهُ: كَانَ ابْنُ كَرَّامٍ يَتَعَبَّدُ وَيَتَقَشَّفُ، وَأَكْثَرُ ظُهُورِ أَصْحَابِهِ بِنَيْسَابُورَ وَأَعْمَالِهَا، وبيت المقدس. ومنهم طَائِفَةٌ قَدْ عَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ، مَالَ إِلَيْهِمْ كَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ لاجْتِهَادِهِمْ وَظَلَفِ عَيْشِهِمْ. وَكَانَ يَقُولُ: الإِيمَانُ لا يَزِيدُ وَلا يَنْقُصُ، وَهُوَ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ مُجَرَّدٌ عَنْ عَقْدِ الْقَلْبِ، وَعَمَلِ الأَرْكَانِ. فَمَنْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقًّا، وَإِنِ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ بِقَلْبِهِ، وَالتَثْلِيثَ، وَأَتَى كُلَّ فَاحِشَةٍ وَكَبِيرَةٍ، إِلا أَنَّهُ مُقِرٌّ بلسانه، فهو موحد ولي الله

_ 1 سقط، انظر المرجع السابق.

من أهل الجنة لا تضره سيئة. فلزمهم مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ مُؤْمِنُونَ حَقًّا1. قُلْتُ: كَأَنَّهُ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: "مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" 2. قَالَ الْجَوْزَقَانِيُّ: وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تُسَمَّى الْمُهَاجِرِيَّةَ، تَقُولُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جِسْمٌ لا كَالأَجْسَامِ، وَأَنَّ الأَنْبِيَاءَ تَجُوزُ مِنْهُمُ الْكَبَائِرُ إِلا الْكَذِبَ فِي الْبَلاغِ. وَقَدْ نَفَاهُ صَاحِبُ سِجِسْتَانَ وَهَابَ قَتْلَهُ لَمَّا رَآهُ زَاهِدًا بِزِيِّ الْعُبَّادِ، فَقَدِمَ نَيْسَابُورَ، وَافْتُتِنَ بِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا، فنفاه متولي نيسابور، فخرج معه خلق كير مِنْ أَعْيَانِ النَّاسِ. وَامْتَدَّ عَلَى حَالِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَسَكَنَ هُنَاكَ. وَقَالَ الْمُشْرِفُ بْنُ مُرَجَّا الْمَقْدِسِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ كَرَّامٍ دَخَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَتَكَلَّمَ، فَجَاءَهُ غَرِيبٌ بَعْدَ مَا سَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الأَنْدَلُسِ حَدِيثًا كَثِيرًا، فَسَأَلَهُ عَنِ الإِيمَانِ، فَقَالَ: قَوْلٌ؛ بَعْدَ أَنْ أَمْسَكَ عَنْ جَوَابِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ. فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ حَرَّقُوا مَا كَتَبُوا عَنْهُ، وَنُفِيَ إِلَى زُغَرَ وَمَاتَ بِهَا، فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. 483- محمد بْن كَيْسان بْن يزيد. أبو عبد الله التّميميّ النَّيسابوري3. ويعرف بأبي عَبْد اللَّه المَحَامِليّ. سَمِعَ: "عَلِيّ"4 بْن عَيَّاش، ووَكِيعًا، والنضر بْن شُمَيْل، وعبد الرَّحْمَن بْن مغْراء، وهارون بْن المغيرة، وجماعة. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، وآخرون. قَالَ الْحُسَيْن القبّانيّ: تُوُفّي سنة أربعٍ وخمسين2. 484- محمد بْن محمد بْن خلَاد الباهلي5. أَبُو عَمْر. عَنْ: مَعْن بْن عيسى، ومسدد.

_ 1 الفرق بين الفرق "ص/ 223". 2 سبق تخريجه. 3 من العلماء المستورين، لا بأس به. 4 بياض في الأصل، والاستدراك من كتب الرجال. 5 التهذيب "9/ 431".

روى "أبو داود عنه"1 رواية. وروى عنه: أبو روق الهزاني، وأحمد بن الخيل الحريري. وكان من قتله "الزنج صبرا"2 قال أبو داود: رأيته فِي النَّوم فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ "فقال: أدخلني الجنة"3 قَالَ: ما ضرك "الوقف"4: توفي سنة سبع وخمسين ومائتين. 485- محمد بن محمد بن عقبة بْن السَّكن5: أَبُو الفضل الأَسَدِيّ الْبُخَارِيّ الزاهد. عَنْ: معلي بْن عُبَيْد، وعُبَيْد اللَّه بْن عبد المجيد، وأبي نُعَيْم. وعنه: إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن خَلَف، ويوسف بْن رَيْحان، وسهل بْن شاذُوَيْه. ذكره ابن ماكولَا. واسم جدّه الثامن "أَحْبش"6، بمْوَحَّدة. 486- محمد بْن المُثَنَّى بْن عُبَيْد بْن قيس الحافظ -ع- أبو موسى العنزي البصري الزَّمن7: وُلِد سنة مات حمّاد بْن سَلَمَةَ. وسمع: يزيد بْن زُرَيْع، ومُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، ومحمد بْن جعْفَر غُنْدَر، ويحيى القطّان، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وطبقتهم. وعنه: ع.، ون أيضًا، عَنْ رَجُل، عَنْهُ، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأبو حاتم الرّازيّ، وابن صاعد، وابن خُزَيْمَة، وأبو عَرُوبة، وخلْق سواهم كثير، آخرهم أبو عبد الله المَحَامِليّ. وكان أرجح من بُنْدار وأحفظ، لأنّه رحل، وبندار لم يرحل. قَالَ أَبُو عَرُوبة: ما رَأَيْتُ بالبصرة أثبت من أبي موسى، ويحيى بن حكيم. مات

_ 1، 2، 3، 4 بياض في الأصل، وأثبتناه من تهذيب الكمال "3/ 1265". 5 الإكمال "1/ 41". 6سقط في الأصل. 7 انظر: الجرح والتعديل "8/ 95"، السير "12/ 123".

سنة اثنتين وخمسين بعد بُنْدار بثلَاثة أشهر، فاتّفقا فِي المولد والوفاة، وطلبا العلم ولهما خمس عشرة سنة أو نحوها. وكان نظيرين فِي الحِفْظ والإتقان. واتفّق الأئمّة السّتّة عَلَى الرّواية عَنْهُمَا. قَالَ صالح جَزَرَة: كَانَ محمد بْن المُثَنَّى فِي عقله شيء، وكنت أقدّمه عَلَى بُنْدار. ويُروى عَنْ أَبِي مُوسَى أنّه قَالَ: نَحْنُ قومٌ لنا شَرفَ، صلّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إلينا. يريد أنّه صلّى إلى عَنَزَة، فما أدري هَلْ فِهم معكوسًا أو أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ مزاحًا. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: أَنَا محمد بْنُ وهبة اللَّهِ الْمَرَاتِبِيُّ: أَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ محمد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّيْنَوَرِيُّ سنة تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ: أَنَا عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ محمد: ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي إِمْلاءً: ثَنَا محمد بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاهَا وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا"1. وَأَنْبَأَنَاهُ أَبُو الغنائم بن عِلَّانُ، وَالْمُؤَمَّلُ بْنُ محمد، وَآَخَرُونَ، قَالُوا: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، فَذَكَرَهُ. وَأَنَا أَحْمَدَ بْنَ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ الْهَرَوِيِّ: أَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أَنَا أَبُو سعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا محمد بْنُ الْفَضْلِ، أَنَا جَدِّي أَبُو بَكْرٍ محمد بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ: ثَنَا مُوسَى، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ قَالا: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاهَا وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا". لَفْظُ أَبِي مُوسَى أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ، سِوَى ابْنِ مَاجَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الزَّمِنِ، فَوَقَعَ مُوَافَقَةً عَالِيَةً. وَآَخِرُ مَنْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي مُوسَى عَالِيًا أَبُو الْفَضْلِ الطُّوسِيُّ بِالمَوْصِلِ. 487- محمد بْن المثنى بْن زياد. أَبُو جعْفَر السِّمْسار2 شيخ بغداديّ زاهد معروف، صحِب بِشْر بْن الحارث مدة، وروى عنه، وعن عفان.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه الخباري "1579"، ومسلم "1258"، وأبو داود "1868"، والترمذي "854"، وأحمد "6/ 40". 2 تاريخ بغداد "3/ 286".

وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بْن مَخْلَد، وغيرهما. قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب: هُوَ صدوق. تُوُفّي سنة ستّين2. 488- محمد بْن مُسلْمِ: أَبُو بَكْر البغداديّ القَنْطَريّ الزّاهد1، أحد الأولياء. قَالَ أَبُو الْحُسَيْن بْن المنادي: كَانَ ينزل قنطرة بردان، وكان يُشَبَّه ببِشْر الحافي فِي الورع وتَرْك الدُّنيا، يتقوَّت باليسير. أُخبِرتُ أنه كان ينسخ "جامع سفيان" ببضعة عشر درهمًا منها قُوتُه. وقيل: كَانَ مُجاب الدَّعوة. وكان الجنيد يزروه. وقال ابن مَخْلَد: مات فِي ذي الحجّة سنة ستين ومائتين. 489- محمد بن معاوية ين يزيد بن مالج -ن-: أبو جعفر البغدادي2. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن جعْفَر المَدَنيّ، وإِبْرَاهِيم بْن سعْد، وخَلَف بْن خليفة، وغيرهم. وعنه: ن.، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمد بن حامد السني، وابن صاعد، والمحاملي، وجماعة. وكان يتجر في الأنماط. قال النسائي: لا بأس به. 490- محمد بن مَعْدان بْن عيسى الحرّانيّ3 -ن-: عَنْ: الْحَسَن بن محمد بن أعين، وعبد الله بن يزيد المقرئ.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "3/ 256". 2 تاريخ بغداد "3/ 274"، والتهذيب "9/ 463". 3 الجرح والتعديل "8/ 102"، والتهذيب "9/ 465".

وعنه: ن.، وأبو عروبة الحراني، ومحمد بن المُسَيَّب الأرْغِيانيّ، وجماعة. وثقة النسائي. توفي سنة ستين2. 491- محمد بن معمر بن ربعي1 -ع-: أبو عبد الله القيسي البصري البحراني الحافظ. عَنْ: أَبِي أسامة، وحَرَميّ بْن عُمارة، ورَوْح بْن عُبَادة، وجماعة كثيرة. وكان مِن كبار المحدثين وأثباتهم. روى عَنْهُ: ع.، وأبو بكر بن أبي عاصم، وأبو بكر بن أَبِي الدُّنيا دَاوُد، وأَبُو بَكْر بْن خُزَيْمَة، وخلْق. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 492- محمد بْن المغيرة الشَّهَرزُوريّ2: عَنْ: أيّوب بْن سُوَيْد الرَّمْليّ، ويحيى بْن الْحَسَن المدائنيّ، وغيرهما. وعنه: محمد بْن هارون بْن المجدّر، وعمر بْن سعَيِد بْن سِنان. قَالَ ابن عَدِيّ: هُوَ عندي ممّن يضع الحديث. 493- محمد بْن منخّل بْن عَبْد اللَّه بْن حمّاد: أبو عبد الله النَّيسابوري. سَمِعَ فِي الرّحلة: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبا ضَمْرَةَ أَنَس بْن عِياض، وجماعة. وعنه: ابن خُزَيْمَة، وأبو حامد بْن الشَّرْقيّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، وجماعة. وكان صدوقًا. تُوُفّي سنة ثمان وخمسين.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 105"، والتهذيب "9/ 466". 2 انظر: الميزان "4/ 46" واللسان "5/ 386".

قَالَ الْحَسَن بْن محمد بْن جَابرِ: ثنا محمد بن منخل بن عبد الله بن حمّاد بْن سهْم بْن عَبْد اللَّه و ". . . "1 بْن سمُرَة. قَالَ الْحَسَن: وكان قد جلس بعد موت محمد بن يحيى، واجتمع عَلَيْهِ خلق عظيم. مات فِي آخر سنة ثمانٍ وخمسين. وقال الحاكم: أدرك الجماعة، ولم يُدْركهم محمد بْن يحيى. سَمِعَ من عَمْرو السَّدُوسيّ، والنضر بْن شُمَيْل، وسُفْيَان، وابن أَبِي فُدَيْك. 494- محمد بْن منصور بْن عَبْد الرَّحْمَن. أبو عبد الله السُّلَميّ النَّيسابوري2. لم يرحل. وسمع: الحفصيْن، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وعَبْد الرَّحْمَن بْن قيس الزَّعْفَرانيّ، والجارود بن يزيد. وعنه: جعفر بن أحمد الشاماتي، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وجماعة. توفي سنة ثمان أيضا. 495- محمد بن منصور بن داود بن إبراهيم -د. ن- أبو جعفر الطوسي العابد3. نزيل بغداد: سَمِعَ: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، ومُعاذ بْن مُعاذ، وإِسْمَاعِيل بْن عَلَيْهِ، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزُّهْريّ، وجماعة. وعنه: د. ن. ومُطَيَّن، وابن صاعد، ومحمد بن هارون الحضرمي، وأبو عبد الله المحاملي، وآخرون. قال المروذي: سألت أبا عبد الله، عَنْ محمد بْن منصور، فقال: لَا أعلم إلَا خيرًا، صاحب صلَاة. وقال النسائي: ثقة.

_ 1 بياض في الأصل. 2 انظر: تاريخ بغداد "3/ 24"، والتهذيب "9/ 472، 473". 3 انظر: الجرح والتعديل "8/ 94"، والتهذيب "9/ 472".

وقال ابن شاهين: ثنا أَحْمَد بْن محمد المؤذن: سمعت محمد بن منصور الطوسي وحَوَاليه قوم فقالوا: يا أَبَا جعفر إيش اليوم عندك، قد شكّ النّاسُ فِيهِ يوم عرفة هو أوغيره؟ فقال: اصبِرُوا. ودخل البيت، ثمّ خرج فقال: هو يوم عرفة. فاستحوا أنْ يقولوا لَهُ من أَيْنَ ذاك. فعدّوا الأيّام فكان كما قَالَ. فَسَمِعْتُ أَبَا بَكْر بْن سلَام الوراق يَقُولُ لَهُ: من أَيْنَ علمت؟ قَالَ: دخلتُ فسألت ربيّ، فأراني الناس فِي الموقف1. وقال: أَبُو سعَيِد النّقّاش: محمد بْن منصور الطُّوسيّ أستاذ أَبِي الْعَبَّاس بْن مسروق، وأَبِي سعَيِد الخرّاز، كتبّ الحديث ورواه. ثمّ قَالَ: أنبا أَبُو نصر عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ السّراج: حدَّثني أَحْمَد بْن محمد البَرْذَعيّ: سَمِعْتُ أَبَا الفضل الوَرْثانيّ: سَمِعْتُ أَبَا سعَيِد الخرّاز يَقُولُ: سَأَلتُ محمد بْن منصور الطُّوسيّ عَنْ حقيقة الفَقْر، فقال: السُّكُون عند كلّ عدَم والْبَذْل عند كل وُجود. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر الرّازيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْد العزيز الطَّيْفُوريّ يَقُولُ: سُئِل محمد بْن منصور: إذا أكلت وشبعتَ ما شُكْرُ تِلْكَ النعمة؟ قَالَ: أن تُصلّي حتى لَا يبقى فِي جوفك منه شيء. وقال الْحَسَين بْن مُصْعَب: ثنا محمد بْن منصور الطُّوسيّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم، فقلت: مُرْني بشيء حتّى ألتزمه. قَالَ: عَلِيّك باليقين. وعنه قَالَ: يُعرف الجاهل بالغضب فِي كل شيء، وإفشاء السر، والثقة بكل واحد، والعِظة فِي غير موضعها. تُوُفّي فِي شوّال سنة أربعٍ وخمسين ومائتين. وعاش ثمانيًا وثمانين سنة، رحمه اللَّه. 496- محمد بْن مُوسَى بْن شاكر2:

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 249". 2 انظر: وفيات الأعيان "5/ 161-163"، السير "12/ 338".

أحد الإخوة الثلاثة، هو وأحمد وحسن، الّذين تُنْسَب إليهم حِيَل بني مُوسَى. عنوا بكتب الأوائل، وبذلوا فِي طلبها الأموال، وبَرعوا فِي علم الهندسة والموسيقى، ولهم عجائب في الحيل. كانوا من شياطين العالم، استعان بهمُ المأمون فِي عمل الرَّصْد. وطال عمُر محمد بْن مُوسَى واشتهر ذِكره. تُوُفّي فِي ربيع الأوّل سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. ذكره ابن خلكّان وغيره. 497- محمد بْن المؤمّل القيّسيّ البغداديّ1 -ق- البصْريّ الأصل. روى عَنْ: أَبِي هَمّام محمد بْن محبّب الدّلَال، وبَدَلِ بْن المحبّر وغيرهما. وعنه: ق.، وأَبُو عَرُوبة، وعَبْد الله بْن محمد بن وهب الدينوري. 498- محمد بن ميمون -ت. ن. ق- أبو عبد الله المكي الخياط2. عن: سفيان بن عيينة، والوليد بن مسلم، وشعيب بن حرب، وجماعة. وعنه: ت. ن. ق.، وابن خُزَيْمَة، وحرمي بن أبي العلاء، ويحيى بن صاعد، وآخرون. قال أبو حاتم: كان أميا مغفلا. وقال غيره: توفي سنة اثنتين وخمسين. وقال النَّسائيّ فِي سُنَنه الكبير: لَيْسَ بالقويّ. 499- محمد بْن أَبِي ميمون القَيْروانيّ3: شيخ مُسِنّ. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وهْب. ومات فِي ربيع الآخر سنة أربع وخمسين.

_ 1 التهذيب "9/ 483". 2 الجرح والتعديل "8/ 81"، والتهذيب "9/ 485". 3 في عداد المجهولين.

500- محمد بْن نَجِيح بْن بُرد: أَبُو عامر المصريّ1. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن وَهْبُ أيضًا. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. 501- محمد بن نصر بن عبد الخَرْجانيّ2: عَنْ: يحيى بْن أَبِي بكُيْر الكرْمانيّ، وداود بْن إِبْرَاهِيم الواسطيّ. وعنه: ابنه، وأحمد بْن عَبْدان، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، وأهل أصبهان. وثقَّه أَبُو نُعَيْم الحافظ. وتُوُفّي سنة اثنتين وخمسين. 502- محمد بْن نصر النَّيسابوري الفرّاء3 -ن-: عَنْ: أَبِي عُبَيْد القاسم بْن سلَام، وأيّوب بْن سُلَيْمَان بْن بلَال، وسُلَيْمَان بْن حَرْب، وعَلِيّ بْن المَدِينيّ، وخلْق. وعنه: ن. ووثقه، وأحمد بْن محمد بْن الأزهر، وحرب الكرمانيّ، وأَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن السّاميّ، وغيرهم. 503- محمد المهتدي بالله4: الخليفة الصّالح أمير المؤمنين أَبُو إِسْحَاق، وقيل: أبو عبد الله بْن الواثق بالله محمد بْن هارون بْن المعتصم بالله أَبِي إِسْحَاق محمد بْن الرشيد الهاشميّ العبّاسيّ. وُلِد فِي خلَافة جدِّه سنة بضع عشرة ومائتين، وبُويع بالخلَافة لِلَيْلَةٍ بقيت مِن رجب سنة خمسٍ وخمسين، وله بضعٌ وثلَاثون سنة. وما قبِلَ بيعة أحدٍ حتّى أُتِيَ بالمعتز بالله، فلمّا رآه قام له وسلم على المعتز

_ 1 انظر السابق. 2 ذكر أخبار إصبهان "2/ 199". 3 التهذيب "9/ 489". 4 السير "12/ 535"، شذرات الذهب "2/ 132".

بالخلَافة، وجلس بين يديه. فجيء بالشُّهُود، فشهدوا عَلِيّ المعتزّ أنّه عاجز عَنِ الخلَافة، فاعترفَ بذلك ومدَّ يدَه فبايع المهتدي بالله، وهو ابن عمه، فارتفع حينئذ المهتدي إلى صدر المجلس وقال: لَا يجتمع سيفان فِي غَمْد. وتمثَّل بقول أَبِي ذُؤيب: تريدين كَيْمَا تجمعيني وخالدا ... وهل يُجمع السَّيفان وَيْحكِ فِي غَمْد؟ وكان المهتدي بالله أسمر رقيقًا، مليح الوجْه، ورِعًا، متعبّدًا، عادلَا، قويًّا فِي أمر اللَّه، رجلَا شجاعًا، لكنّه لم يجد ناصرًا ولا مُعينًا عَلَى الخير. قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب: قَالَ أَبُو مُوسَى العبّاسيّ: لم يزل صائمًا منذ ولي إلى إن قُتِل. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس هاشم بْن القاسم: كنتُ بحضرة المهتدي عشيّةً فِي رمضان، فوثبت لأنصرف، فقال لي: اجلس فجلست. فتقدَّم فصلّى بنا، ودعا بالطّعام. فأُحضر طبق خلَاف1 وعليه مِنَ الخُبْز النّقيّ، وفيه آنية فيها ملح وخلّ وزيت. فدعاني إلى الأكل، فابتدأتُ آكل ظانًا أنّه سيوفي بطعام. فنظر إليّ وقال: ألم تكن صائمًا؟ قلت: بلي. قَالَ: أَفَلَسْت عازمًا عَلَى الصَّوم؟ قلت: بلى، كيف لَا وهو رمضان. قَالَ: فكُلْ واستْوفِ، فليس هاهنا مِنَ الطعام غير ما ترى. فعجِبْتُ ثمّ قلت: ولِمَ يا أمير المؤمنين؟ قد أسبغ اللَّه نعمته عليك. فقال: إنّ الأمر لَعَلَى ما وصفت، ولكني فكّرتُ فِي أنّه كَانَ فِي بني أُمّية عُمَر بْن عَبْد العزيز، وكان مِنَ التَّقلُّل والتَّقَشُّف عَلَى ما بلغك. فغرتُ عَلَى بني هاشم، فأخذت نفسي بما رَأَيْت2. وقال ابن أَبِي الدُّنيا: ثنا أَبُو النَّضْر المَرْوزِيّ: قَالَ لي جعْفَر بْن عَبْد الواحد: ذاكرتُ "المهتدي"3 بشيء، فقلت لَهُ: كَانَ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ بِهِ، ولكنّه كَانَ يُخَالَف. كأني أشرتُ إلى "من مضى"4 من آبائه. فقال: رحم اللَّه أَحْمَد بْن حنبل، والله لو جازَ لي أن أتبرأ من أَبِي لتبرّأت منه. ثمّ قَالَ لي: تكلَّم بالحقّ وقُلْ بِهِ، فإنّ الرجل ليتكلم بالحق فينبل في عيني.

_ 1 خلاف: هو نوع من الأطباق يصنع من عيدان الصفصاف. 2 تاريخ بغداد "3/ 350". 3، 4 بياض في الأصل، وأثبت من تاريخ الخلفاء "ص/ 361" للسيوطي.

وقال ابن عَمْرو النَّحْويّ: حدَّثني بعض الهاشميين أَنَّهُ وجد للمهتدي سفَطٌ فِيهِ جُبّة صُوف وكِساء كَانَ يلبسه باللّيل ويصلّي فِيهِ. وكان قد اطَّرَح الملَاهي، وحرَّم الغناء. وحَسَمَ أصحاب السُّلْطان عَنِ الظُّلْم. وكان شديد الإشراف عَلَى أمر الدّواوين. يجلس بنفسه، ويجلس الكُتّاب بين يديه فيعملون الحساب. وكان لَا يخل بالجلوس الخميس والاثنين. وقد ضرب جماعة مِنَ الرؤساء. ونفى جعْفَر بْن محمود إلى بغداد، وكرِه مكانه لأنّه؛ نُسِبَ عنده إلى الرّفْض. وأقبل مُوسَى بْن بُغَا مِنَ الرِّيّ يريد سامرّاء، فكرِه المهتدي مكانَه، وبعثَ إِلَيْهِ بعبد الصَّمد بْن مُوسَى الهاشميّ يأمره بالرجوع، فلم يفعل. وحبس المهتدي الْحَسَن بْن محمد بْن أَبِي الشوارب، وولّى عَبْد الرَّحْمَن بْن نائل البصْريّ قضاء القُضاة، وانتهب منزل الكَرْخيّ. وحجّ بالنّاس فِي خلَافته عَلَى بْن الْحَسَين بْن إِسْمَاعِيل الهاشميّ. قلت: ذكرنا فِي الحوادث خروج الأتراك عَلَى المهتدي بالله، وكيف حاربهم بنفسه وجُرح. ثمّ أسروه وخلعوه، ثمّ قتلوه إلى رحمة اللَّه فِي رجب سنة ستٍّ وخمسين ومائتين. وكانت خلَافته سنة إلَا خمسة عشر يومًا. وقام بعده المعتمد عَلَى اللَّه. 504- محمد بْن هارون: أَبُو نَشِيط المَرْوزِيّ المقرئ1. صاحب عيسى بْن مينا قالون المدنيّ. قرأ عَلَيْهِ: أَبُو حسّان أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي الأشعث العَنَزِيّ. ودارت قراءة أَبِي نشيط عَلَى أَبِي حسّان. واشتهرت عَنْهُ، وقرأت بها القرآن من طريق "التيسير"، وغيره. وعليها اعتمد أبو عمر الدّانيّ. 505- محمد بْن هارون: أَبُو نَشِيط الرَّبَعيّ البغداديّ الحافظ. يُلَقَّب أَبَا نشيط، وأمّا كُنْيته فأبو جعفر2.

_ 1 انظر: السير "12/ 324"، والتهذيب "9/ 494". 2 الجرح والتعديل "8/ 117"، والتهذيب "9/ 493".

سَمِعَ: رَوْح بْن عُبَادة، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبا المغيرة الحمصيّ، ويحيى بْن أَبِي بكُيْر، وطبقتهم. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وابن ماجة فِي" تفسيره"، وابن صاعد، والمَحَامِليّ، وابن أَبِي حاتم وقال: صدوق. وقال محمد بْن مَخْلَد العطّار: كَانَ حافظًا. قلت تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين فِي شوّال. وأمّا أَبُو عَمْرو الدّانيّ فَوِهَم ونقل أنّه تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وستين. وإنّما ذاك محمد بْن أَحْمَد بْن هارون شِيطا. وجعل أَبُو عَمْرو أنه صاحب القراءة، وأنه البغدادي. وأحسبه وَهِمَ أيضًا، فإن ذاك مَرْوَزِيّ وهذا بغدادي، أو لعلّه مَرْوَزِيّ ثمّ بغداديّ. ثمّ قَالَ الدّانيّ: كتبتُ من خطّ أَبِي أَحْمَد بْن أبي مسلم المقرئ. وحدثني عن صاحبنا قَالَ: قرأت عَلَى ابن بُويان، أَنَّهُ قرأ عَلَى ابن الأشعث، وأنّه قرأ عَلَى أَبِي نَشِيط، عَنْ قالون، عَنْ نافع. وذلك بجزْم الميم من عليهْم، وإليهمْ، وَلَديْهمْ، وأشباهه فِي جميع القرآن. قَالَ الدّانيّ: خالفه إِبْرَاهِيم بْن عُمَر، عَنِ ابن بُويان، فروى ضم الميم فِي جميع القرآن. وفي السَّبْعة لَابن مجاهد: نا ابن أَبِي مِهْران، نا أَحْمَد بْن قالون، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نافع، أنّه كَانَ لَا يَعِيب رفْع الميم فِي نحو {أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُم} [البقرة: 6] وشِبْهِه. 506- محمد بْن هاشم القرشي -ن-: أبو عبد الله البَعْلَبَكّيّ1. عَنْ: بقّية بْن الوليد، وسُوَيْد بْن عَبْد العزيز، والوليد بْن مُسلْمِ، وغيرهم. وعنه: ن.، ومكحول البَيْروتيّ، وابن جوصا، وأبو الدحداح أحمد بن محمد، وطائفة. توفي سنة أربع وخمسين، وما علمت فيه قدحًا؛ بل هو صدوق محتج به.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 116"، التهذيب "9/ 494".

507- محمد بن هشام بن أبي خيرة السدوسي البصري1 -د. ن- أبو عبد الله: حدَّث بمصر عَنْ: بِشْر بْن المفضَّل، وعثّام بْن عَلِيّ، والقطّان، وجماعة. وعنه: د. ن.، وعلي بْن أَحْمَد عِلَان، وابن أَبِي دَاوُد، ومحمد بن رزيق بْن جامع المصريّ، وآخرون. قال أبو حاتم: صَدُوق. قلت: تُوُفّي سنة إحدى وخمسين ومائتين، وله مُسْنَد مَرْوِيّ. 508- محمد بْن هشام بن عيسى -خ. د. ن- أبو عبد الله المروذي القصير2: جار الْإمَام أَحْمَد. سَمِعَ: هُشَيْم بْن بشير، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وحفص بْن غِياث، وأبا معاوية، وطبقتهم. سَمِعَ منه: يحيى بْن مَعِين مَعَ تقدُّمه. وروى عَنْهُ: خ. د. ن.، وعبد اللَّه بْن ناجية، ويحيى بْن صاعد، ومحمد بْن هارون الحضْرميّ، وآخرون. وكان ثقة، ولد سنة إحدى وستين ومائة، وتوفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 509- محمد بن وزير بن قيس -ت- أبو عبد الله الواسطي3: عَنْ: نوح بْن قيس الحُدّانيّ، ومعتمر بْن سُلَيْمَان، ويحيى القطّان، وإِسْحَاق الأزرق، وطائفة. وعنه: ت.، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن مَتُّوَيْه، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وجماعة. وثقه أبو حاتم الرازي.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 117"، والتهذيب "9/ 496". 2 انظر: تاريخ بغداد "3/ 360"، والتهذيب "9/ 496". 3 الجرح والتعديل "8/ 115"، والتهذيب "9/ 501".

وتوفي سنة سبع وخمسين. 510- محمد بن الوليد -خ. م. ن. ق- أبو عبد الله البُسْريّ الْقُرَشِيّ البصْريّ1. ولقبه حمدان: حدَّث عَنْ: عَبْد الأعلى بْن عَبْد الأعلى، وعبد الوهّاب الثَّقفيّ، وغندر، ومروان بن معاوية، وطائفة. وعنه: خ. م. ن. ق.، وابن صاعد، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، والمحاملي، وأبو روق الهزاني، ومحمد "بن مخلد"، وآخرون. وثقه النسائي، وغيره. 511- محمد بن الوليد بن أبان. أبو جعفر المخرمي2 الـ "قلانسي"3. عن روح بن عبادة، ومكي بن إبراهيم، وأبي عاصم. وعنه: محمد بن مخلد. قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق. وقال ابن عدي: يضع للحديث ويسرقه. وثنا عَنْهُ رَوْح بْن عَبْد المجيد، وزيد بْن عَبْد العزيز بْن حيّان، وعبد الرَّحْمَن بْن سُلَيْمَان الْجُرْجانيّ، ويحيى بْن أخي حَرْمَلَة، ومحمد بْن سَلْمان الصَرَفَنْديّ، وإِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل الغافِقيّ. قُلْتُ: رَوَى لَهُ عِدَّةَ أَحَادِيثَ مِنْهَا بِإِسْنَادٍ نَظِيفٍ: "مَا مِنْ رُمَّانَةٍ إِلا وَتُلَقَّحُ بِحَبَّةٍ مِنْ رُمَّانِ الْجَنَّةِ"4. رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 113"، والتهذيب "9/ 503". 2 الجرح والتعديل "8/ 113"، والميزان "4/ 59، 60"، تاريخ بغداد "3/ 331". 3 بياض في الأصل، وأثبت من تاريخ بغداد. 4 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي "2/ 285"، في الموضوعات، وابن عدي "6/ 2287"، وانظر: كشف الخفاء "2/ 270"، "2/ 576"، والأسرار المرفوعة "429".

512- محمد بن الوليد الفحّام -ن- أخو أَحْمَد. بغداديّ1، صدوق: سَمِعَ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعبد الوهاب بْن عطاء، وجماعة. وعنه: ن.، والباغَنْديّ، والمَحَامِليّ، وآخرون. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين. قَالَ النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. 513- محمد بْن يحيى بْن حيّوك الهَرَويّ2: روى عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وغيره. ومات سنة إحدى وخمسين. 514- محمد بْن يحيى بْن عبد الكريم3 -ت. ق- أبو عبد الله الأزدي البصري، نزيل بغداد. عَنْ: يزيد بْن هارون، وأبي عاصم النّبيل، وعبد الله بْن دَاوُد الخُرَيْبيّ، وطبقتهم. وعنه: ت. ق.، وابن أَبِي الدُّنيا، وإبراهيم الحربي، وابن صاعد، والمحاملي، وآخرون. وثقه الدارقطني. وكان نسابة علامة. توفي سنة اثنتين وخمسين. 515- محمد بن يحيى بن عبد العزيز -خ. م. ن- أبو علي اليشكري المروزي الصائغ4. سَمِعَ: عَبْدان بْن عثمان، وأخاه عَبْد العزيز شاذان.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "3/ 329"، والتهذيب "9/ 504". 2 في عداد المجهولين. 3 تاريخ بغداد "3/ 414"، والتهذيب "9/ 517". 4 انظر: التهذيب "9/ 516".

وعنه: خ. م. ن.، ومحمد بْن عَلِيّ التِّرْمِذيّ الحكيم، وغيرهم. توفي سنة اثنتين أيضا. 516- محمد بن يحيى بن أبي حزم مهران القطعي البصري - م4. - أبو عبد الله المقرئ1: قرأ عَلَى: أيّوب بْن المتوكل وهو أجَلّ أصحابه. وروى الحروف عَنْ أَبِي زيد الْأَنْصَارِيّ. وروى عَنْ: عَبْد الأعلى بْن عبد الأعلى، وغسّان بْن مُضَر، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الطّفاويّ، وطبقتهم. وعنه: م.4، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، وابن صاعد، وأَبُو عَرُوبة، وخلْق. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق. مات سنة ثلَاثٍ وخمسين. 517- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس -خ.4- الإمام أبو عبد الله الذهلي، مولَاهُمُ النَّيسابوري الحافظ2. وُلِد سنة نيَّفٍ وسبعين ومائة. وسمع من: الحَفْصَيْن، ثمّ ترك الرواية عَنْهُمَا. وسمع من: الْحَسَين بْن الوليد، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وجماعة. ثمّ رحل أوّلَا إلى أصبهان، فلقي بها عبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ وأكثر عَنْهُ. وسمع بالرّيّ من: يحيى بْن الضُّرَيْس، وطبقته. وبالبصرة من: محمد بْن بَكْر البُرْسانيّ، وأَبِي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وسعيد بْن عامر، وأَبِي عَلِيّ الحنفيّ، ووهْب بْن جرير، وخلْق.

_ 1 التهذيب "9/ 508". 2 تاريخ بغداد "3/ 415"، والسير "12/ 273".

وبالكوفة من: يَعْلَى ومحمد ابني عُبَيْد، وأسباط بْن محمد، وعَمْرو بْن محمد العَنْقَزِيّ، وجعفر بْن عَوْن، وخلْق. وباليمن من: عَبْد الرّزّاق، ويزيد بن حليم، وإِبْرَاهِيم بْن الحَكَم بْن أبان، وجماعة. وبالحجاز من: أَبِي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، وجماعة. وبمصر من: يحيى بن الحسان، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صالح، وجماعة. وبالشّام مِن: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبي مُسْهِر، وأَبِي اليَمَان، وجماعة. وببغداد من: أَبِي النَّضْر هاشم بْن القاسم، وطبقته. وبواسط: من عَلِيّ بْن عاصم, ويزيد بْن هارون. وجماعة. وبالجزيرة من: أَبِي جعْفَر النُّفَيْليّ، وجماعة. وبالمدينة من: عَبْد الملك الماجِشُون، وجماعة. وعنه: خ4. ومن شيوخه: سعيد بْن أَبِي مريم، وسعيد بْن منصور، وأبو جعْفَر النُّفَيْليّ، وعبد اللَّه بْن صالح. ومن أقرانه: محمود بْن غَيْلَان، وأبو زُرْعَة، وعباس الدُّوريّ؛ ومِنَ الأئمة والحُفّاظ عدد كثير منهم: أَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوري، وأَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ، وأَبُو جعْفَر أَحْمَد بْن حَمْدان الزّاهد، وأبو حامد أَحْمَد بْن محمد بْن بلَال، وأبو بكر محمد بن الحسين القطان، وأبو العباس الدغولي، وأبو عَلِيّ بْن مَعْقِلٍ المَيْدانيّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، وحاجب بْن أَحْمَد الطُّوسيّ. وانتهت إِلَيْهِ مشيخة العِلْم بخُراسان. قَالَ محمد بْن سهل بن عسكر: كنا عند الإمام محمد، فدخل محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، فقام إِلَيْهِ أَحْمَد، وتعجَّب النّاس منه. ثمّ قال لبنيه وأصحابه: اذهبوا إلى أَبِي عَبْد الله واكتُبُوا عنه.

وقال محمد بْن دَاوُد المصِّيصيّ: كنّا عند أَحْمَد بْن حنبل، فذكرَ محمد بْن يحيى حديثًا فيه ضعف، فقال له أحمد: لَا تذكر مثل هذا. فكأنه خَجِلَ، فقال لَهُ أَحْمَد: إنّما قلتُ هذا إجلَالَا لك يا أَبَا عَبْد اللَّه. وقال محمد بْن أحمد الْجَوْزَجانيّ: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ: الزَمْ محمد بْن يحيى، فإنيّ ما رأيت خُراسانيًا، أو قَالَ: أحدًا، أعلم بحديث الزُّهْريّ منه، ولا أصحّ كتابًا منه. قلت: وكان قد جمع حديث الزُّهْريّ فِي كتاب حافل. قَالَ أَبُو بَكْر بْن زياد: سمعته يَقُولُ: قَالَ لي عَلِيّ بْن المديني: أنتَ وارث الزُّهْريّ. وعَنِ ابن المديني أيضًا قَالَ: كفانا محمد بْن يحيى جمْعَ حديث الزُّهْريّ. وقال أَبُو حاتم الرّازيّ: محمد بْن يحيى إمام أهل زمانه. وقال أبو بكر بن دَاوُد: ثنا محمد بْن يحيى النَّيسابوري، وكان أميرَ المؤمنين فِي الحديث. قَالَ أبو عبد الله الحاكم: سَمِعْتُ أبا إِسْحَاق المُزكّيّ: سَمِعْتُ أبا الْعَبَّاس الدُّغُوليّ يَقُولُ: سَمِعْتُ محمد بْن يحيى يَقُولُ: لمّا رحلتُ إلى العراق بأبي زكريّا، يعني ابنه، صحِبني جماعة فسألوني: أيّ حديث عَنْ أَحْمَد بْن حنبل أغرب؟ فكنت أقول: إذا دخلنا عَلَيْهِ سَأَلْتُهُ عَنْ حديث تستفيدونه. فلمّا دخلنا عَلَيْهِ سَأَلْتُهُ عَنْ حديث يحيى بْن سعَيِد، عَنْ عثمان بْن غِياث، عَنِ ابن بريدة، عَنْ يحيى بْن يَعْمَر، حديث الْإِيمَان. قَالَ: وقد كُنت سمعته منه قديمًا وذكرته عَنْهُ، فقال أَحْمَد: يا أَبَا عَبْد اللَّه لَيْسَ هذا الحديث عندي، عَنْ يحيى بن سعيد. فخجِلْتُ وسكتُّ. فلمّا قمنا أخذ أصحابنا يقولون: إنّه ذكر هذا الحديث غير مرّة، ثمّ لم يعرفه أحمد. وأنا ساكت لم أُجيبهم بشيء. ثمّ قدِمنْا بغداد، يعني بعد رجوعهم مِنَ البصرة، فدخلنا عَلَى أَحْمَد، فرحَّب بنا وسأل عنّا، ثمّ قَالَ: أخبرْني يا أَبَا عَبْد اللَّه أيَّ حديثٍ استفدْت عَنْ مُسَدّد، من حديث يحيى بْن سعَيِد؟ فقلت: حديث عثمان بْن غِياث فِي الْإِيمَان.

فقال أَحْمَد: ثناه يحيى بْن سعَيِد، عَنْ عثمان بْن غِياث. ثمّ أخرج كتابَه فأملى علينا. فسكتَ محمد بْن يحيى ولم يقل: إنّا سألناك عَنْهُ. وتَعجَّب أصحاب محمد بْن يحيى مِن صبره عَلَيْهِ. قَالَ: فَأخْبرَ أَحْمَد أَنَّهُ كَانَ سأله عَنِ الحديث قبل خروجه إلى البصرة، فكان أَحْمَد إذا ذكره يَقُولُ: محمد بْن يحيى العاقل. قَالَ الحاكم: وحدثني أَبُو سعَيِد المؤذّن: سَمِعْتُ زَنْجَوَيْه بْن محمد: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرو المُسْتمليّ يَقُولُ: أتيتُ أَحْمَد بْن حنبل فقال لي: مِن أَيْنَ أنت؟ قلتُ: من نَيْسابور. فقال أبو عبد الله: محمد بْن يحيى لَهُ مجلس؟ قلتُ: نعم. قَالَ: لو إنّه عندنا لَجَعَلْناه إمامًا فِي الحديث. وحدثني أَبُو سعَيِد: سَمِعْتُ زَنْجَوَيْه يَقُولُ: كنتُ أسمع مشايخنا يقولون: الحديث الَّذِي لَا يعرفه محمد بْن يحيى لَا يُعْبأُ بِهِ. وقال أَبُو قُرَيش الحافظ: كنتُ عند أَبِي زُرْعَة، فجاء مُسلْمِ فسلّم عَلَيْهِ وتذاكرا: فلمّا أن قام قلتُ لأبي زُرْعَة: هذا جمع أربعة آلاف حديث فِي "الصّحيح". قَالَ: فَلِمَن ترك الباقي؟ لَيْسَ لهذا عقل، لو داري محمد بْن يحيى لصار رجلَا. وقال زَنْجَوَيْه: سَمِعْتُ محمد بْن يحيى يَقُولُ: "قد جعلتُ" أَحْمَد بْن حنبل إمامًا فيما بيني وبين ربّي. وقال محمد بْن يحيى: سَمِعْتُ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه ". . . "1 عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ يَقُولُ: مَن برَّأ نفسَه مِنَ الكذِب فهو مجنون. قَالَ محمد بْن "صالح"2 بن هاني: نا أبو بكر الجاردي قَالَ: بلغني أنّ محمد بْن يحيى كَانَ يكتب فِي مجلس يحيى بْن يحيى، فنظر عَلِيّ بْن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ إلى حُسْن خطّه وتقييده، فقال: يا بُنَيّ ألَا أنصحك؛ إنّ أبا زكريا يجذبك عن سفيان وهو

_ 1 بياض في الأصل. 2 بياض في الأصل، وأثبت من "السير".

حيّ بمكّة، وعن وكيع وهو حيّ بالكوفة، وعن يحيى القطّان وهو حي بالبصرة، فاخرج فِي طلب العلم. فعمل فِيهِ قوله وتأهّب للخروج عَلَى أصبهان، فلمّا قدِمَها أقام بها أيّامًا يسيرة، وسمع من عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، والْحُسَيْن بْن حفص. ثمّ خرج إلى البصْرة، وقد مات يحيى بْن سعَيِد، فكتبَ عَنْ أَبِي دَاوُد، وأكثر المُقام بها حتى مات ابن عُيَيْنَة، فدخل اليمن ولقي عَبْد الرّزّاق. وقال الْحُسَيْن بْن الْحَسَن: سَمِعْتُ محمد بْن يحيى يَقُولُ: ارتحلتُ ثلَاث رحلَات. وأنفقت عَلَى العِلْم مائة وخمسين ألفًا. ولمّا دخلت البصرة استقبلتْني جنازة يحيى القطّان عَلَى باب البلد. وقال ابن خُزَيْمَة: ثنا محمد بْن يحيى الذُّهْليّ إمام عصره، أسكنه اللَّه جنّته معَ محبّيه. وقال صالح جَزَرَة: ما فِي الدُّنيا أحمق ممّن يسأل عَنْ محمد بْن يحيى. وقال النَّسائيّ: ثقة مأمون. وقال السُّلَميّ: سألتُ الدّارَقُطْنيّ: مَن تُقَدَّم محمد بْن يحيى, أو عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن السَّمرْقَنْديّ؟ قَالَ: محمد بْن يحيى. ومَن أحبَّ أنْ يعرف قُصُور عِلْمه عَنْ عِلم السَّلف، فلْينظُرْ فِي عِلَل حديث الزُّهْريّ لمحمد بْن يحيى. وقال أَبُو نصر الكَلَاباذيّ: روى عَنْهُ الْبُخَارِيّ فقال مرّة: ثنا محمد. وقال مرّة: ثنا محمد بن عبد الله، نسبه إلى جده. وقال مرّة: ثنا محمد بْن خَالِد. ولم يصرّح بِهِ قطّ. وقال الحاكم: روى عَنْهُ الْبُخَارِيّ نيفًا وأربعين حديثًا. وقال يحيى بْن منصور القاضي: سَأَلت محمد بْن محمد بْن رجاء بْن السِّنْديّ قلت: محمد بْن يحيى صليبيّةً كَانَ أو مَوْلًى؟ قَالَ: لَا صليبيّه ولا مولى. كان جده جدِّه فارس لآل مُعَاذ بْن مُسلْمِ بْن رجاء. وكان رجاء رهينةً عند معاوية بْن أَبِي سُفْيَان، رهنه عنده أَبُوه ذو الآذان ملك تِلْكَ النّاحية. فارتدّ، فأراد معاوية قتل ابنه رجاء، وكان عنده القعقاع بن شور الذهلي، فاستوهبه معاوية، فوهبه لَهُ فأطلقه: فكان هذا النَّسَب.

وقال ابن خُزَيْمَة: سَمِعْتُ محمد بْن يحيى يَقُولُ: لم يَرْوِ أحد عَنِ الزُّهْريّ إلَا أخطأ فِي حديثه، إلَا أَنَس بْن مالك. قَالَ الْحَاكِمُ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ محمد بْنُ يَعْقُوبَ: نَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي بِأَنْطَاكِيَةَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، ثنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخْبَرَنِي محمد بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَهُ مِنْ فَدَكٍ مِنْ سَهْمِهِ مِنْ خَيْبَرَ، يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لا نورث ما تركناه صَدَقَةٌ" 1. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن الفضل الشّعْرانيّ: نا جدّي، نا أَبُو صالح كاتب الليث: حدَّثني محمد بْن يحيى النَّيسابوري: ثنا عَبْد الرّزّاق، فذكر حديثًا فِي الوضوء مرة. قَالَ أَبُو حامد بْن الشَّرْقيّ، وغيره: تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. وقال محمد بْن مُوسَى الباشاني: مات يوم الثلاثاء لثلاث بقين من ربيع الآخر. وقال يعقوب الصَّيْدلَانيّ: مات يوم الإثنين لأربعٍ بقين من ربيع الأوّل. قَالَ أَبُو عَمْرو أَحْمَد بْن نصر الخفّاف، رحمه اللَّه: رَأَيْت محمد بْن يحيى فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي. قلت: فما فعل بحديثك؟ قَالَ: كُتب بماء الذهب، ورفع في عليين. قلت: وقع لبسط السِّلفيّ حديث الذُّهْليّ فِي السّماء عُلُوًّا. 518- محمد بْن يحيى بْن موسى: أبو عبد الله الإسْفَرايينيّ الحافظ حَيّوَيْه2. رحل وأكثر عَنْ: أَبِي النَّضْر هاشم بْن القاسم، وسعيد بْن عامر الضُّبَعيّ، وأَبِي عاصم، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، وأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وأَبِي صالح الكاتب، وعَبْدان بْن عثمان، وأبي مسهر الغساني، وخلق كثير.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3092"، "4240"، "4241"، ومسلم "1759"، وابن سعد "8/ 28"، في طبقاته، وأبو داود "2968"، "2969"، وأحمد "6/ 145". 2 انظر: السير "12/ 360".

وعنه: أَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بن محمد بن رجاء، وأبو عَوَانَة، وجماعة. وكان أَبُو عَوَانَة يَقُولُ: محمد بْن يحيانا ومحمد بْن يحياكم، يقابله بالذُّهْليّ. قلت: وحَيّوَيْه فِي الحقيقة لقب أَبِيهِ يحيى. وكان ابن خزيمة كثير ما يَقُولُ: ثنا محمد بْن أَبِي زكريّا وهو حَيّوَيْه. قَالَ أَبُو عَمْرو المستملي: كَانَ لَهُ دار بَنْيسابور يسكنها إذا وَرَد. فورَد مرّةً، فمرِض واشتدّ مرضه، فحُمِل وهو عليل إلى وطنه بإسفرايين، فمات فِي الطّريق. ودُفِن بإسفرايين لثمانٍ خَلَوْن من ذي الحجّة سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. 519- محمد بْن يحيى بْن أبان العْنبريّ الأصبهاني1: أحد الرؤساء الأجواد. روى عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: الفضل بْن الخصيب. قَالَ أَبُو نُعَيْم الحافظ: كَانَ سخيًا يخرج إلى الصلَاة, وقد تعمَّم بعمائم وقد لبس جِبابًا وأَقْمِصة، فما يرجع إلَا فِي قميص واحد، رحمه اللَّه. 520- محمد بْن يحيى بْن عُمَر الواسطيّ2: حدَّث ببغداد عَنْ: يزيد بْن هارون، وغيره. وعنه: ابن أَبِي حاتم الرّازيّ، ووالده، ووثَّقاه. 521- محمد بْن يحيى: أبو عبد الله بن ولد بن النُّعْمان بْن سعد3. سَمِعَ: أَبَا معاوية، والوليد بن القاسم الهمداني.

_ 1 ذكر أخبار إصبهان "2/ 178". 2 تاريخ بغداد "3/ 420". 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.

وعنه: ابن أَبِي دَاوُد، وأَبُو سعَيِد عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحُسَيْن بْن خَالِد القاضي، وأَحْمَد بْن محمد الواسطيّ. كنّاه أَبُو أَحْمَد الحاكم. 522- محمد بْن يزيد بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ النَّيسابوري1: الفقيه محمش. كَانَ شيخ الحنفيّة فِي عصره بَنْيسابور بإزاء محمد بْن يحيى الذُّهْليّ لأهل الحديث. سَمِعَ: حفص بْن عَبْد اللَّه، وشَبَابة بْن سَوّار، وعلي بْن عاصم، وجعفر بْن عَوْن، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وطائفة كبيرة. وعنه: ". . . "2 النَّضْر، وابناه أَبُو بَكْر وأَبُو أَحْمَد، وزكريا بن يحيى البزاز، وإبراهيم بن محمد بن سُفْيان، ومحمد بْن ياسين، ومحمد بْن عَلِيّ المذكر، وآخرون. تُوُفّي فِي صفر سنة تسعٍ وخمسين. 523- محمد بْن يزيد بْن عَبْد الملك البصْريّ الْأسْفاطيّ الأعور3 -ق- عَنْ: أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، ورَوْح بْن عُبَادة، ومُحَاضِر بْن المورّع: وعنه: ابن أخيه الْعَبَّاس بْن الفضل الْأسفاطيّ، وق.، وأبو عروبة، وعبد الله بن عروة الهروي، وابن وَهْبُ الدِّينَوَرِيّ، وأبو دَاوُد فِي كتاب "القدر"، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدُوق. 524- محمد بْن يزيد: أَبُو بَكْر الطَّرَسُوسيّ المستملي4. عَنْ: يزيد بْن هارون، وأَنَس بْن عِياض، وزيد بن الحباب، ومبشر بن إسماعيل، وغيرهم.

_ 1 انظر: الثقات "9/ 145"، لابن حبان. 2 بياض في الأصل. 3 الجرح والتعديل "8/ 129"، والتهذيب "9/ 525". 4 الجرح والتعديل "8/ 129"، الميزان "4/ 66".

وعنه: أَحْمَد بْن محمد بْن عَنْبَسَةَ، وابن قُتَيْبة العسقلَانيّ، وعَلِيّ بْن محمد بْن سُلَيْمَان الحلبيّ ثمّ المصريّ، ومحمد بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز. قَالَ ابن عديّ: كَانَ يسرق الحديث ويزيد في ويضع. ثمّ سردَ لَهُ ستّة أحاديث مُنْكَرة. 525- محمد أَبُو بكر البغداديّ1: وقيل اسمه أَحْمَد. روى عَنْ: حَجّاج الأعور، والأسود بْن عامر، وجماعة. وعنه: حاجب بْن أركين، ومحمد بْن مَخْلَد، وعَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائنيّ. تُوُفّي سنة تسع وخمسين 526- مالك بن الخليل-ن-. أبو غسان الأزدي اليحمدي البصري2: عَنْ: محمد بْن أَبِي عديّ، وعمرو بْن سُفْيَان القَطَعيّ، وغيرهما. وعنه: ن.، وأبو عَرُوبَة، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وجماعة. ذكر ابن حِبّان فِي" الثّقات" موته بعد الخمسين. 527- مالك بْن طَوْق التَّغْلبيّ3: الأمير. أحد الأشراف والفُرسان والأجواد والأعيان. مدَحه أَبُو تمام الطّائيّ، وغيره. وهو الَّذِي بنى مدينة الرَّحْبة عَلَى الفُرات. ولي إمرة دمشق للواثق ثمّ للمتوكّل. تُوُفّي سنة ستين. روى الْحَسَين بْن السَّفر بْن إِسْمَاعِيل التَّغْلبيّ، عن أبيه، أنه كان يحضر مجلس

_ 1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 انظر: التهذيب "10/ 14". 3 الكامل "7/ 274"، لابن الأثير، والبداية "11/ 32".

مالك بْن طَوْق. وكان فِي رمضان ينادي مُناديه عَلَى باب الخضراء دار الإمارة بعد المغرب: الإفطار رحمكم الله، الإفطار رحمكم الله. والأبواب مفتَّحة. وكان مشهورًا بالسَّخاء. وفي مالك هذا يَقُولُ بكر بن النّطّاح: أقول لمُرْتاد النَّدَى عند مالكٍ ... كفي كلّ هذا الخلْق بعضُ عِداتِه ولو خَذَلَتْ أموالُهُ جودَ كفِّهِ ... لقاسَمَ مَن يرجوه شَطْرَ حياتهِ ولو لم تجدْ فِي العُمر شيئًا لسائلٍ ... وجاز لَهُ الإعطاءُ من حَسَناتهِ لَجَادَ بها مِن غَيْرِ كفر بربه ... وأشركناه فِي صَوْمهِ وصلَاتهِ 528- محمود بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع1: الحافظ أَبُو الْحَسَن الدّمشقيّ، مصنّف كتاب "الطّبقات". سَمِعَ: أَبَا جعْفَر النُّفَيْليّ، وإسماعيل بْن أَبِي أُوَيْس، ويحيى بْن بكُيْر، وصفوان بْن صالح، وطبقتهم. وعنه: أَبُو حاتم الرّازيّ، وأَبُو زُرْعَة الدّمشقيّ، وأَبُو الْحَسَن بْن جَوْصا. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق، ما رَأَيْت بدمشق أكْيَس منه. وقال عَمْرو بْن دُحَيْم: تُوُفّي بدمشق فِي انسلاخ جمادى الآخرة سنة تسعٍ وخمسين. 529- محمود بْن آدم المَرْوزِيّ2 - "خ": عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، والفضل السينانيّ، وأَبِي بَكْر بْن عَيَّاش، وأَبِي معاوية، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي داود، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الدُّغُوليّ، وآخر من روى عَنْهُ محمد بْن حَمْدَوَيْه بْن سهل المَرْوزِيّ. ذكره ابن حِبّان فِي "الثقات"، وقال: مات في غرة رمضان سنة ثمان وخمسين.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 292". 2 انظر: الجرح والتعديل "8/ 290"، والتهذيب "10/ 61".

530- محمود بْن محمد: أَبُو زيد الْأَنْصَارِيّ الظَّفَريّ البغداديّ1. عَنْ: أيّوب بْن عُتْبة، وأيوب بْن النّجّار اليمامّيين. وعنه: أَبُو الْعَبَّاس السّرّاج، والْحَسَن بْن محمد بْن شُعْبَة، ويحيى بْن صاعد. وقع حديثه عاليًا، وتُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لم يكن بالقويّ. قلت: هُوَ محمود بْن محمد بْن محمود بْن عديّ بْن ثابت بْن قيس بْن الحطيم، قدِم بغداد فسكنها. وقع لي حديثه عاليًا. 531- المَرَّار بن حمويه بن منصور -ق- أبو أحمد الثقفي الفقيه الهمداني2: سمع: أبا نعيم، وسعيد بن أبي مريم، والقَعْنَبيّ، وأبا الوليد، وعبد اللَّه بْن صالح الكاتب، وطبقتهم. وعنه: ق. وموسى بْن هارون، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حمّاد الطّهْرانيّ، وأبو عروبة، وعبد الله بن محمد بن وَهْبُ الدِّينَوَرِيّ، وجماعة. وروى ابنُ ماجة عَنْهُ، عَنْ محمد بْن مُصَفَّى الحمصيّ؛ وكان من كبار الأئمّة. وقد روى الْبُخَارِيّ، عَنْ أَبِي أَحْمَد، عَنْ أَبِي غسّان محمد بْن يحيى الكِنانيّ، فَفَسَّر العلماء أَبَا أَحْمَد بأنّه المَرّار هذا. وقيل: هُوَ محمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء، وقيل: هُوَ محمد بْن يوسف البِيكَنْديّ. قَالَ محمد بْن عيسى الهَمَدانيّ: نا أَبِي، فَضَلَان بْن صالح قَالَ: قلت لأبي زُرْعَة: أنتَ أحفظ أم المَرّار؟ فقال: أَنَا أحفظ والمَرّار أفْقه3. وعن أَبِي جعْفَر قَالَ: ما أخرجت همدان أفقه من المرار.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 92". 2 السير "12/ 308"، والتهذيب "10/ 80، 81". 3 السير "12/ 310".

وقال الحافظ أَبُو شُجاع شِيرُوَيُه الدَّيْلَميّ: نزل عَلَيْهِ أَبُو حاتم الرّازيّ وكتب عَنْهُ، وهو قديم الموت جليل الخطر. سأله جمهور النَّهَاوَنْديّ عَنْ مسائل، وهي مدوّنةٌ عنه، مَن نظر فيها عرف محلّ المَرّار مِنَ العِلْم الواسع والحِفظْ والإتقان والدّيانة. وقال عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن دَاوُد الدُّحَيْميّ: سَمِعْتُ المَرّار يَقُولُ: اللهُمّ أرزقني الشّهادة؛ وأمرَّ يده عَلَى حلْقه1. وقيل: لمّا كانت فتنة المعتزّ والمستعين كَانَ على همدان جباخ وجَفْلَان من قِبَلِ المعتزّ، فاستشار أهلُ البلد المرار والجرجاني في محاربتمها، فأمرهما بالقعود بالقعود فِي منازلهم. فلمّا أغار أصحابهما عَلَى دار سَلَمَةَ بْن سهْل وغيرها، ورمَوْا رجلَا بسهم أفتاهم بالحرب، وتقلَّد المَرّار سيفًا، فخرج معهم، فقُتِل بْين الفريقين عدد كثير، ثمّ طلب مُفْلح المَرّار فاعتصم بأهل قُمّ، وهربَ معه إِبْرَاهِيم بْن مَسْعُود. فأمّا إِبْرَاهِيم فهازَلهم وقاربهم فسلم. وأمّا المَرّار فإنه أظهر مخالفتهم فِي التَّشَيُّع، وكاشفهم. فأوقعوا بِهِ وقتلوه2، رحمة الله. وروى الْحُسَيْن بْن صالح أنّ عمّه المَرّار قُتِل سنة أربعٍ وخمسين، وله أربعٌ وخمسون سنة. 532- مُزْداد بْن جميل3: أَبُو ثَوْبان البَهْرانيّ الحمصيّ. سَمِعَ: أَبَا المغيرة عبد القُدُّوس، وعبد الملك الْجُدّيّ، ومحمد بْن مناذر البصْريّ. وعنه: محمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه مكحول البَيْروتيّ، وعبد الغافر بن سلامة الحمصي، وجماعة. حديثه بعلو في "معجم ابن جميع"، وكان يعد من الأبدال رحمه الله. قال عبد الغافر: سَمِعْتُ منه مجالس كثيرة، وكان عندهم من الأبدال.

_ 1 المصدر السابق. 2 انظر السابق. 3 تاريخ دمشق "39/ 342".

533- مسرور بْن نوح: أَبُو بشر الذُّهْليّ الإسْفرايينيّ1. روى عَنْ: عفّان، وغيره. ومات سنة إحدى وخمسين. 534- مَسْعُود بْن يزيد القطّان: أَبُو محمد الأصبهاني2. عَنْ: مكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وعبد الرَّحْمَن بْن مَغراء، وأَبِي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وغيرهم. وعنه: أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، ومحمد بْن أَحْمَد بْن يزيد الزُّهْريّ، وعَلِيّ بْن الصّبّاح الأصبهاني، ومحمد بْن عُمَر بْن حفص الجورجيريّ. وأمّا أَبُو نُعَيْم الحافظ فكنّاه: أَبَا أَحْمَد الزَّمِن. 535- مُسلْمِ بْن حاتم -د. ت- أبو حاتم الأنصاري البصري3 إمام جامع البصرة. عَنْ: عبد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وإِسْحَاق بْن عيسى ابن بِنْت حبيب بْن الشّهيد، وجماعة. وعنه: د. ت.، وعُمَر البُجَيْريّ، ومحمد بْن جرير، وابن صاعد، وأَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن شَهْرَيار، وآخرون. وثقَّه الطَّبَرانيّ، وغيره. 536- مُسلْمِ بْن عَمْرو بْن سابق بن وهب -ت. ن- أبو عمرو المديني4:

_ 1 انظر: تاريخ جرجان "ص/ 455". 2 طبقات المحدثين "2/ 303، 304". 3 التهذيب "10/ 124، 125". 4 التهذيب "10/ 133، 134".

عن: عَبْد اللَّه بْن نافع الصّائغ وحده. وعنه: ت. ن.، وأَبُو حامد محمد بْن أَحْمَد بْن نصر التِّرْمِذيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن زُهَير بْن حَرْب، ويحيى بْن الْحَسَن بْن جعْفَر أَبُو الْحُسَيْن النَّسَّابة، ويحيى بْن صاعد. وهو ثقة. 537- مُعَلَّى بْن أيّوب1: أَبُو العلَاء كاتب المتوكّلُ عَلَى اللَّه. وهو ابن خالة الوزير الْحَسَن بْن سَهْل. حكى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُسلْمِ بْن قُتَيْبة، وعلي ". . . "2، وغيرهما. تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. حكى عَنْ: أَبِي العتاهية وعبد اللَّه بْن طاهر. وكان جليل القدر كثير الأدب، جيد الرّأي، من نُبَلَاء الرجال. سَمِعَ مِنَ النَّضر بْن شُمَيْل كثيرًا، ولم يُحدَّثَ لدخوله فِي الخدم. ورخ الصُّوليّ موته كما قُلْنَا، وقال: لما احتضر قال لولده: أَجْروا عَلَى من كنت أُجري عَلَيْهِ. فعدّوهم فإذا هُمْ سبعة آلاف إنسان مِنَ الضُّعفاء وذوي البيوتات. ذكره ابن النّجّار. وأنشد المبّرد لأبي عَلِيّ السّفْر فِي المُعَليّ هذا: لَعمْرو أبيك ما نُسِبَ المُعَليّ ... إلى كَرَم وفي الدُّنيا كريم ولكنَّ البلَادَ إذا اقْشعَرَّتْ ... وُضُوحُ نَبْتِها رَعَى الهَشِيم 538- مَعْن بْن عُمَر بْن مَعْن بْن عُمَر بْن كثير بْن مَعْن بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيِّ3. أَبُو عمر المصري.

_ 1 الكامل "7/ 215". 2 بياض في الأصل. 3 ينظر في "حسن المحاضرة".

عَنْ: عَبْد اللَّه بْن صالح، وأسد بْن مُوسَى، وخالد بْن نزار. قَالَ ابن يونس: ثنا عَنْهُ جماعة. مات في شوّال سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. 539- المنذر بْن شاذان: أَبُو عُمَر الرّازيّ1. عَنْ: يَعْلَى بْن عُبَيْد، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى. وعنه: ابن أَبِي حاتم، وإِسْحَاق بْن محمد الكَيْسانيّ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. 540- منصور بْن طَلْحة بن طاهر بن الحسين بن مُصْعَب2: الأمير أَبُو الْعَبَّاس الخُزاعيّ. ولي إمرة مَرْو نيابةً عَنْ عمّهِ عَبْد اللَّه بْن طاهر. وروى عَنْ: شَبَابة بْن سَوّار، وحفص بْن عَبْد الرَّحْمَن النَّيسابوري. وكان عالمًا شاعرًا أديبًا بارعًا، مدح الواثق بالله وغيره. روى عَنْهُ: الْعَبَّاس بْن مُصْعَب المَرْوزِيّ. وتُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين. 541- مُهَنّأ بْن يحيى: أبو عبد الله الشّاميّ الفقيه3، صاحب الإمام أحمد. دمشقي نزل بغداد، وحدَّث عَنْ: بقية بْن الوليد، وضمرة بن ربيعة، ويزيد بن هارون، ورواد بن الجرّاح، وزيد بْن أَبِي الزّرقاء، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وعَبْد الرّزّاق، وبشر الحافي. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن هاني النَّيسابوري، وحَمْدان بْن عَلِيّ الورّاق، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ويحيى بن صاعد، والحسين المحاملي، وجماعة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 244". 2 لم نقف عليه. 3 تاريخ بغداد "13/ 266".

قَالَ أَبُو بَكْر الخلَال: مُهنّى من كبار أصحاب أحمد. كان يستجريء عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه ويسأله عَنْ كِبار المسائل. ومسائله أكثر من أن تُحدّ. كتبَ عَنْهُ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل بضعة عشر جزءًا مسائل لم تكن عند عَبْد اللَّه، عَنْ أَبِيهِ. وقال الدّارَقُطْنيّ: مُهَنَّا ثقة نبيل. قَالَ مُهَنّا: لزِمتُ أَبَا عَبْد اللَّه رحِمَة اللَّه ثلاثاُ وأربعين سنة، ورأيته بمكّة عند ابن عُيَيْنَة. وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ: نَا مُهَنَّى، نَا بَقِّيَّةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "يُحْشَرُ الْمَكَّارُونَ وَقَتَلةُ الأنْفُسِ إِلَى جَهَنَّمَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ". هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ عَجِيبٌ، رُوَاتُهُ ثقات، لكن مكحول لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ عَبْد الله بن أحمد: كنت أرى مهنى يسأل أَبِي حتّى يُضْجِره، ويكرِّر عَلَيْهِ جدًّا. وقال غيره: كَانَ الأمام أَحْمَد يحترم مُهَنّا ويُجِلّه لأنّه كَانَ رفيقه إلى عَبْد الرّزّاق. 542- مُوسَى بْن حافظ النَّحْويّ1: حدَّث ببغداد عَنْ: إِسْحَاق الأزرق، ويزيد بْن هارون. وعنه: محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن نَيْروز، وأبو عبد الله المَحَامِليّ. وهو ثقة. 543- مُوسَى بْن عيسى الجصّاص الفقيه2: مِن قُدماء أصحاب الْإمَام أَحْمَد. كَانَ ذا زُهد وورع وتألُّه. سَمِعَ: يحيى القطّان، وعَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وأبا سُلَيْمَان الدّارانيّ. وكان لَا يُحدَّثَ إلَا بمسائل أَبِي عَبْد الله.

_ 1 أحد محدثين بغداد ووثقه الذهبي. 2 تاريخ بغداد "13/ 42".

حدَّث عَنْهُ: أَبُو بَكْر المُطّوّعيّ، وأبو بَكْر بْن جناد، والْحَسَن بْن أَحْمَد الوراق. ذكره أَبُو بَكْر الخطيب. 544- مُوسَى بْن سابق1: ويقال لَهُ: مُوسَى بْن أَبِي خديجة المصريّ. عَنْ: ابن وَهْبُ، وبشر بْن عُمَر. وعنه: عَلِيّ بن أحمد بن علان، وغيره. ومات سنة أربع وخمسين ومائتين. 545- موسى بن سعيد -ن- أبو بكر الطرسوسي2: سَمِعَ: أَبَا الوليد الطَّيَالِسيّ، والقَعْنَبيّ، وأبا اليَمَان، وطبقتهم. وعنه: ن.، وابن صاعد، وأَبُو بِشْر الدُّولَابيّ، ومحمد بْن أيّوب بْن الصَّمُوت. وقال النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. 546- مُوسَى بْن عامر بن عمارة بن خريم -د- أبو عامر المر "ي" الخريمي الدمشقي3. وُلِد أمير العرب ابن الهَيْذام. روى عَنِ الوليد بْن مُسلْمِ تصانيفَه. وروى عَنْ: ابن عُيَيْنَة، وعِراك بْن خَالِد المُرّيّ، وعَلِيّ بْن عاصم، وجماعة. وعنه: د.، وإِسْمَاعِيل بْن قيراط، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وأَبُو الْجَهْم بن طلاب، وأبو الدحداح أحمد بن محمد، وابن جَوْصا، وآخرون. ليّنه أَبُو دَاوُد، وروى عَنْهُ حديثًا أو حديثين. ذكرِه ابن حِبّان في" الثقات"، وقال: ربما يغرب.

_ 1 من العلماء المستورين، وينظر "حسن المحاضرة". 2 انظر: التهذيب "10/ 345، 346". 3 تهذيب الكمال "3/ 1388"، التهذيب "10/ 351".

وقال ابن الفَيْض: كَانَ يُرَبّع بعليّ. تُوُفّي فِي ذي الحجّة سنة خمسٍ وخمسين2. 547- مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى الخُزاعيّ البصْريّ1 -ن- عَنْ: النَّضْر بْن كثير، وأَحْمَد بْن إِسْحَاق الحضْرميّ، وجماعة. وعنه: ن.، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، وجعْفَر بْن أَحْمَد بْن سِنان، وأحمد بن يحيى التستري، وغيرهم. قَالَ النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. 548- مُوسَى بْن عيسى بن حماد بن زُغْبَة التُّجَيْبيّ2. أَبُو هارون المصريّ. عَنْ: ابن وَهْبُ، وغيره. مات فِي صفر. "حرف الهاء": 549- هارون بن إسحاق الهمداني3 -ت. ن. ق- أبو القاسم الكوفي الرجل الصّالح. عَنْ: المُطَّلب بْن زياد، ومُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وحفص بْن غِياث، وطبقتهم. وعُمِّر دهرًا. وعنه: ت. ن. ق.، وابن خُزَيْمَة، وبدر بْن الهَيْثَم، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وخلْق كثير, وثقة النَّسائيّ، وغيره. وكان محمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر يبجلّه. قاله عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد. تُوُفّي فِي رجب سنة ثمانٍ وخمسين.

_ 1 تهذيب الكمال "3/ 1388"، التهذيب "10/ 353". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر: الجرح والتعديل "9/ 87، 88"، والسير "12/ 126".

550- هارون1 بْن "حُمَيْد الواسطيّ" -ن2- عَنْ: يحيى القطّان، وغُنْدَر، والهيثم بن عديّ، وجماعة. وعنه: الْبُخَارِيّ فِي تاريخه، وأَبُو حاتم، وأَحْمَد بْن عَبْد اللَّه وكيل أَبِي صَخْرة، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وآخرون. وروى ن. عَنْ زكريّا بْن يحيى، عَنْهُ حديثًا وقع بدلَا عاليًا فِي "فرائد المزّيّ". 551- هارون بْن سعَيِد بن الهيثم -م. د. ن. ق- أبو جعفر الأيلي3، مولي بني سعد بْن بَكْر. من ثِقات المصريين وفُقَهائهُمُ المشهورين. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وخالد بْن نزار، وعبد اللَّه بْن وَهْبُ، وجماعة. وعنه: م. د. ن. ق.، وأَبُو جعفر الطحاوي، وعلي بن أحمد بن علَان، وجماعة. وثقَّه النَّسائيّ. ومات فِي ربيع الأوّل سنة ثلَاثٍ وخمسين2. 552- هارون بْن سُفْيَان المُسْتَملي4. أَبُو سُفْيَان، ويُقال لَهُ الدّيك. وأمّا سَمِيُّه مكحلة فقد تقدَّم فِي الطبقة الماضية. روى عَنْ: يزيد بْن هارون، وابن زيد النَّحْويّ، والواقديّ. وعنه: عُبَيْد العِجْل، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وجعفر بْن محمد كزال. تُوُفّي سنة إحدى وخمسين ومائتين. - هارون بْن محمد بن بكار بن هلال. تقدم.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 88، 89"، والتهذيب "11/ 4". 2 بياض في الأصل، ثم إثباته من المراجع السابقة. 3 الجرح والتعديل "9/ 91"، والتهذيب "11/ 6، 7". 4 انظر: تاريخ بغداد "14/ 24".

553- هارون بْن مُوسَى بْن أَبِي عَلْقَمَةَ الفَرَويّ المدنيّ1 -ت. ن- عَنْ: أَبِيهِ، ومحمد بْن فُلَيْح، وأَبِي ضَمْرَةَ أَنَس بْن عِياض، وغيرهم. وعنه: ت. ن. وقال: لا بأس به، وابن صاعد، وآخرون. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين، وقيل: سنة ثلَاثٍ. كنيته: أَبُو مُوسَى. وسيأتي ابنه عَلْقَمَةَ عَبْد اللَّه فِي الطبقة الآتية. قَالَ المَرُّوذِيّ: قلت لأبي مُعَمِّر إِسْمَاعِيل بْن شُجاع: سلْ لي أهل الحرمين عَنْ مسألة اللَّفْظ وجِئني بالجواب. فقال: سألتُ أَبَا مُوسَى بْن أَبِي علقمة الفَرَويّ بالمدينة فقلتُ: قد ظهر قوم زعموا أنّ ألفاظهم وأصواتهُمُ التي يقرأون بْها القرآن غير مخلوقة، فاكتب لي جواب هذه المسألة. فقال لي أكتب: المِراء فِي القرآن كُفْرٌ، وكلّ من تكلَّف فِي هذا كلَامًا أو أَلْحَدَ فِيهِ بشيءٍ غير الوجه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النّاس، فهو كافرٌ مبتدِع. وَالصَّمْتُ عَنْ هذا كلّه والتّسليم لِما كَانَ عَلَيْهِ النّاس هي السنة والجماعة. ولولَا أنّ العلماء إذا علت البدعة لابد لهم مِن دفْعها لمّا رَأَيْت أن أتكلَّم فيها. وذكر لي أشياء، إلى أن قَالَ: والله لقد شاب عارضيّ، وما سَمِعْتُ من ذكر القرآن، حتّى كَانَ سنة تسعٍ ومائتين، فسمعتُ الكلَام فِيهِ. فكان الماجِشُون يَقُولُ: لو أخذت المَريسيّ لضربتُ عُنُقه. وكان أصحابنا جميعًا يكفِّرون من قَالَ القرآن مخلوق. 554- هارون بْن هزاريّ. أَبُو مُوسَى القَزْوِينيّ الزّاهد2. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وإِسْحَاق بْن سُلَيْمَان الرّازيّ، وجماعة.

_ 1 التهذيب "11/ 13، 14". 2 من زهاد وعباد قزوين، ووثقه الذهبي.

وعنه: محمد بْن مَسْعُود الأَسَدِيّ، وإِسْحَاق بْن محمد الكَيْسانيّ، وعلي بْن محمد بْن مَهْدَوَيْه، وأهل قزوين. قِيلَ: إنّه تُوُفّي سنة إحدى وخمسين. وكان ثقة. 555- هاشم بْن خَالِد. أَبُو مَسْعُود الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ1. عَنْ: الوليد بْن مُسْلِم، وسُوَيْد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن مَتُّوَيْه، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، وابن جَوْصا. قَالَ ابن أبي حاتم: كتب إلي ببعض حديثه، ومحلُّهُ الصِّدْق. 556- هاشم بْن القاسم بْن شَيْبة -ق- أبو محمد القرشي2، مولَاهُمُ الحرّانيّ: عَنْ: يَعْلَى بْن الأشدق، وعيسى بْن يونس، وعتّاب بْن بشير، ومسكين بْن بكُيْر، وعَبْد اللَّه بْن وَهْبُ، وطائفة. وعنه: ق.، وأَبُو عَرُوبة، والْحَسَن بْن هارون الأصبهاني، وإِبْرَاهِيم بْن محمد بْن مَتُّوَيْه. قَالَ أَبُو عَرُوبة: كبر وتغّير، وتُوُفّي سنة ستّين فِي ذي الحجّة، وقد جاوز التسعين. 557- الهُذَيْل بْن معاوية بْن الهُذَيْل. أَبُو معاوية الأصبهاني3: عَنْ: الْحُسَيْن بْن حفص، وإِبْرَاهِيم بْن أيّوب. وعنه: أَحْمَد بن الحسين الأنصاري. توفي سنة ستين.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 106". 2 الجرح والتعديل "9/ 106"، والتهذيب "11/ 18". 3 ذكر أخبار إصبهان "2/ 329".

558- هشام بن عبد الملك بن عمران - د. ن. ق. - أبو النقي اليزني الحمصي1: عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، وبقيّة بْن الوليد، ومحمد بن حرب الأبرش، وجماعة. وعنه: د. ن. ق.، وحفيده حسين بْن بَقِيّ بْن هشام، وأَبُو عَرُوبة الحرّانيّ، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، وابن جَوْصا، وخلْق. قَالَ أَبُو حاتم: كَانَ متقنًا فِي الحديث. وقال النَّسائيّ: ثقة. قلت: تُوُفّي سنة إحدى وخمسين. 559- هشام بن يونس ين وابل -ت-: أبو القاسم النهشلي الكوفي اللؤلؤي2. عَنْ: عَبْد السّلام بْن حرب، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد الرحمن المُحَارِبيّ، وجماعة. وعنه: ت.، وعُمَر بْن محمد بْن بُجَيْر، وعَلِيّ بْن الْعَبَّاس المَقَانعيّ، وأَبُو بكر بن أبي داود، وآخرون. وثقة النسائي. وتُوُفّي سنة اثنتين وخمسين ومائتين. 560- الهَيْثَم بْن خَالِد البصْريّ: ثمّ البغداديّ3. عَنْ: أَبِي نُعَيْم، والهيثم بْن جميل. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، والقاسم أخو المَحَامِليّ، وعَلِيّ بْن محمد بن عبيد الحافظ، وآخرون.

_ 1 الجرح والتعديل "9/ 66"، والسير "12/ 303". 2 التهذيب "11/ 58، 59". 3 الثقات "9/ 237"، لابن حبان.

561- الهَيْثَم بْن خَالِد المصَّيصيّ: مولي بْني أُميّة1. عن: حَجّاج الأعور، وأَبِي اليَمَان، ومحمد بْن عيسى بن الطباع. وعنه: يحيى بن صاعد، وابن المَحَامِليّ. 562- الهَيْثَم بْن خَالِد الهَرَويّ2: حدَّث ببغداد عَنْ: حَجّاج الأعور. وعنه: ابن صاعد، والْحُسَيْن المَحَامِليّ. 563- الهَيْثَم بْن مروان بْن الهَيْثَم بن عمران -ن- أبو الحكم الدمشقي3: عَنْ: محمد بْن القاسم بْن سميع، وزيد بْن يحيى بْن عُبَيْد، وأَبِي مُسْهِر، وعَلِيّ بْن عَيَّاش، وطائفة. وعنه: ن.، وأَبُو دَاوُد فِي غير السُّنَن، وابنه أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمد بْن بِشْر الهَرَويّ، ومحمد بْن المُسَيَّب الْأرْغِيانيّ، وابن جَوْصا، وطائفة. وكان ثقة. "حرف الواو": 564- وثّاق بْن عَبْد اللَّه بْن وثّاق الْأَزْدِيّ المَوْصِليّ4. عَنْ: قاسم الْجَرْميّ، وحفص بْن غِياث، وجماعة. وحَمَل النّاس عَنْهُ بعد الخمسين. 565- وَصِيف التُّرْكيّ5: القائد من كبار الأمراء. استولى عَلَى المعتزّ وأحجر عَلَيْهِ، واصْطَفَى لنفسه

_ 1 من العلماء المستورين، لا بأس به. 2 تاريخ بغداد "14/ 61". 3 التهذيب "11/ 99". 4 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 5 وفيات الأعيان "1/ 354".

الأموال والذّخائر، فشغبت الفَراغنَةُ والأشَّرُوسَنِيّة وطالبوه والأرزاق. فخرج إليهم وَصِيف وبُغَا وسِيما الشَّرابيّ وجماعة مِنَ الخواصّ، وقال لهم وَصِيف: ما لكم عندنا إلَا التراب، وما عندنا مال. وقال بُغَا: نسأل أمير المؤمنين لكم. ثمّ خرج هو وسيما إلى سامراء يستأذن المعتزّ، فبقي وَصِيف فِي طائفةٍ يسيرة، فوثبوا عَلَيْهِ فقتلوه بالدّبابيس، وقطعوا رأسه، ونصبوا الرّأس عَلَى رُمْح. ولوَصِيف حكاية "معروفة" لمّا دخل إلى قُمّ، فإنّه سَأَلَ عَنْ رجلٍ خامل. فلما أحضر ذكره أنه كان اشتراه ورباه وأحسَن إِلَيْهِ فقال: ما أعرف الأمير أيّده اللَّه إلَا أميرًا. فأعجبه ذَلِكَ، وبالغ فِي صِلَته، وصيَّره من رؤساء البلد. قُتِل وَصِيف، سامحه اللَّه، فِي سنة ثلَاثٍ وخمسين، قبل بغا بيسير. وكانا الفاتقة والرّاتقة زمِنَ المتوكّلُ، والمستعين، والمعتزّ. "حرف الياء": 566 - ياسين بْن النَّضْر: القاضي أَبُو سعَيِد النَّيسابوري1. عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْل، وعبد الوهاب بْن عطاء. وعنه: ابناه أَبُو بَكْر وأَحْمَد، ومحمد بْن زَحْمَوَيْه. 567- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن أَبِي عُبَيْدة بْنُ مَعْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أبو زكريا الهذلي السعودي الكوفيّ2. عَنْ: جدِّه محمد، وأبيه، وأَبِي نُعَيْم. وعنه: مُطَيَّن، ومُوسَى بْن إِسْحَاق الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بن جرير، وغيرهم.

_ 1 من العلماء المستورين، لا بأس به. 2 التهذيب "11/ 174، 175".

وذكر ابن عساكر فِي" النُّبْل" أنّ النَّسائيّ روى عَنْهُ. قَالَ شيخنا المِزّيّ: لم أقف عَلَى ذَلِكَ. 568- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن مُزَيْن القُرْطُبيّ1: الفقيه. أحد الأعلَام بالأندلس. روى عَنْ: الغاز بْن القيس، وعيسى بْن دينار، والقَعْنَبيّ، ومُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه، وأَصْبَغ بْن الفَرَج، وطائفة لِقَيهم فِي الرحلة. وكان حافظًا "للموطّأ" قائمًا عَلَيْهِ، فقيهًا مُفْتِيًا مصنِّفًا، لَهُ تواليف منها: "تفسير غريب الموطأ"، و "تفسير علل الموطأ"، و "أسماء رجال الموطّأ"، وكتاب "فضائل القرآن"، وغير ذَلِكَ. ولم يكن فِي الحديث بذاك الحافظ. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وخمسين. 569- يحيى بْن حبيب بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ الأَسَدِيّ. أَبُو عُقَيْل الكوفيّ الجمّال2، نزيل سامرّاء. عَنْ: حسين الْجُعْفيّ، وعَبْد الحميد الحِمّانيّ، ويحيى بْن آدم، وأَبِي أسامة، وجماعة. وعنه: ابن أَبِي الدُّنيا، والْبُخَارِيّ فِي كتاب" الأدب"، ولكن لم يصرّح باسمه فقال: ثنا ابن حبيب بْن أَبِي ثابت، ثنا أَبُو أُسامة؛ وروى عَنْهُ أيضًا أَبُو القاسم البَغَوِيّ، وابن صاعد، وأَحْمَد بْن يحيى التُّسْتَرِيّ، والْحُسَيْن المَحَامِليّ، وأَبُو عبيد بْن المؤمّل، ويعقوب الجصّاص، وآخرون. قَالَ ابن أَبِي حاتم: صدوق.

_ 1 جذوة المقتبس "880" للحميدي. 2 تاريخ بغداد "14/ 213".

570- يحيى بن حكيم -د. ن. ق- أبو سعيد البصري المقوم1، ويقال المقومي. عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وغُنْدَر، ويحيى القطّان، ومحمد بْن أَبِي عديّ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْديّ، وخلْق. وعنه: د. ن. ق.، ون. أيضًا فِي مُسْنَد مالك بْن أنس، عَنْ زكريّا خيّاط السنة، عَنْه، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وأَبُو عَرُوبة، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن هارون الرُّويانيّ، وعمر بْن محمد بْن بُجَيْر، وجماعة. قَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ حافظًا متقنًا. وقال النَّسائيّ: ثقة حافظ. وقال أَبُو عَرُوبة: ما رَأَيْت أثبت منه ومن أَبِي مُوسَى. ووصفه أَبُو مُوسَى بالعبادة والورع. وقال ابن حبّان: كَانَ ممّن جمع وصنِّف. قَالَ: وتوفي سنة ست وخمسين، رحمه الله. 571- يحيى بن خذام -ق-: أبو زكريا الغبري البصري السقطي2. عَنْ: صَفْوان بْن عيسى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، ونائل بْن نَجِيح، وغيرهم. وعنه: ق.، وابن خُزَيْمَة، وعُمَر بْن بُجَيْر، وأَبُو عَرُوبة، وابن صاعد، وآخرون. ذكره ابن حِبّان فِي "الثقات". وقال غيره: تُوُفّي بِمنى فِي ذي الحجّة سنة اثنتين وخمسين. ووقع وهْمٌ فِي نسخةٍ متأخرة نقل منها ابن عساكر فقال فِي "النُّبْل": يحيى بْن حزام التِّرْمِذيّ السَّقَطيّ، روى عَنْهُ ق. فكأنّه ظنّ أنّه أخو موسى بن حزام الترمذي فنسبه.

_ 1 السير "12/ 298"، والتهذيب "11/ 198". 2 انظر: تهذيب الكمال "3/ 1495"، والتهذيب "11/ 203".

572- يحيى بْن الربيع المكّيّ1: سَمِعَ: ابن عُيَيْنَة. وعنه: أَبُو بَكْر محمد بْن جعْفَر القَصْريّ، وأَبُو حامد بْن بلَال، والبَغَوِيّ. 573- يحيى بْن زُهَير الفِهْريّ البغداديّ2: سَمِعَ: جرير بْن عبد الحميد، ومحمد بْن ربيعة الكِلَابيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بن محمد الزَّعْفَرانيّ، وإسماعيل الورّاق، ومحمد بْن مَخْلَد. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين. 574- يحيى بْن السّرِيّ بْن يحيى: أَبُو محمد البغداديّ الضّرير3. عَنْ: هُشَيْم، وجرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيان بْن عُيَيْنَة، وأصْرَم بْن حَوْشَب. وعنه: عُمَر بْن محمد بن شعيب، والقاضي المحاملي، وابن عَيَّاش القطّان، وجماعة. 575- يحيى بْن عثمان بْن سعيد بن كثير الحمصي -د. ن. ق- أبو سليمان، الرجل الصّالح4. أخو عَمْرو بْن عثمان. سَمِعَ: بقية بْن الوليد، ووَكِيعًا، ومحمد بْن حِمْيَر، والوليد بْن مُسلْمِ، وجماعة. وعنه: د. ن. ق.، وإِبْرَاهِيم بْن مَتُّوَيْه، وأَبُو عَرُوبة، وأَبُو بِشْر الدُّولَابيّ، وعبد الغافر بْن سلَامة، وآخرون. ويقال: إنّه كَانَ مِنَ الأبدال. قال محمد بْن عَوْف: رَأَيْتُ أَحْمَد بْن حنبل يجلّه ويقدمه في الصلاة. وقال النسائي: ثقة.

_ 1 لم نقف عليه. 2 تاريخ بغداد "14/ 208". 3 السابق "14/ 213". 4 انظر: السير "12/ 306"، والتهذيب "11/ 255".

وقال ابن عديّ: هُوَ معروف بالصِّدْق. وسَمِعْتُ أَبُو عَرُوبة يَقُولُ: لَا يَسْوى فِي الحديث نواةً. كَانَ يتلقّن كلِّ شيء. سَمِعْتُ المُسَيَّب بْن واضح يَقُولُ: رَأَيْتُ فِي النّوم كأنّ آتٍ أتاني، فقال: إنْ كَانَ بقي مِن الأبدال أحدٌ فيحيى بْن عثمان الحمصيّ. قَالَ ابن عديّ: لم أرَ أحدًا يطعن فِيهِ غير أَبِي عَرُوبة. قلت: تُوُفّي سنة خمسٍ وخمسين. 576- يحيى بْن الفضل البصْريّ الخِرَقيّ1 -د. ق- عن: عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبي عامر العَقَديّ، وجماعة: وعنه: د. ق.، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وأَبُو بَكْر بْن خُزَيْمَة، وآخرون. تُوُفّي سنة ستٍّ وخمسين. 577- يحيى بْن محمد بْن معاوية المَرْوزِيّ اللُّؤْلُؤيّ2 -م- نزيل بُخَارى: عَنْ: النَّضْر بْن شُمَيْل. وعنه: م.، وصُهَيْب بْن سُلَيْم، وعُمَر بْن محمد بْن بُجَيْر. توفي سنة سبْعٍ وخمسين فِي نصف رجب. قَالَ السُّلَيْمانيّ: روى عَنْهُ الْبُخَارِيّ فِي "المبسوط"، وعُبَيْد اللَّه بْن واصل. 578- يحيى بْن محمد بْن السَّكَن البصْريّ3 -خ. د. ن- البزّار. سكن بغداد: وحدث عَنْ: رَوْح بْن عُبَادة، ومحمد بْن جَهْضَم، وأَبِي عامر العَقَدِيّ. وعنه: خ. د. ن.، وعُمَر البُجَيْريّ، والمَحَامِليّ، وأَحْمَد بْن عَلِيّ الْجَوْزَجانيّ، وآخرون. وكان مِن الثقات. 579- يحيى بن معاذ الرازي4:

_ 1 التهذيب "11/ 264". 2 التهذيب "11/ 275، 276". 3 انظر: تاريخ بغداد "14/ 205"، والتهذيب "11/ 272". 4 السير "13/ 15، 16"، ووفيات الأعيان "6/ 165-168".

أَبُو زكريّا الصُّوفيّ، العارف المشهور، صاحب المواعظ. كَانَ حكيم أهل زمانه، رحمه اللَّه. سَمِعَ: إسحاق بن سليمان الرازي، ومكي بن إبراهيم، وغيرهما. وعنه: الفقيه أَبُو نصر بْن سلَام، وأَبُو عثمان الحبريّ الزّاهد، وأَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن محمد الماسَرْجِسيّ، وعَلِيّ بْن محمد القبّانيّ، ويحيى بْن زكريّا المَقَابريّ، ومشايخ الرِّيّ، وهمدان، وبَلْخ، ومَرْو. ثمّ استوطن نَيْسابور، وبها مات. قَالَ أَبُو عثمان الحربيّ: سمعته يَقُولُ: يا مَن ذِكره أعزُّ عَلِيّ مِن كلّ شيءٍ، لَا تجعلْني بْين أعدائك غدًا أذلّ من كلّ شيء. وقال أَبُو بكر الشِّمْشاطيّ: سَمِعْتُ يحيى بْن مُعَاذ يَقُولُ: ما جَفَّتِ الدُّموع إلَا لقساوة القلوب، وما قَسَتِ القلوب إلَا لكثرة الذُّنوب، وما كَثُرَتِ الذُّنُوب إلَا من كثرة العُيُوب. قلت: وما كَثُرَت العُيُوب إلَا مِنَ الاغترار بعلَام الغُيُوب. وعن: يحيى بْن مُعَاذ قَالَ: إلهي ما أكرمك إن كانت الطّاعات فأنت اليوم تبذلها وغدًا تقبلها، وإنْ كانت الذّنُوب فأنت اليوم تسترها، وغدًا تغفرها. وعنه قَالَ: لَا تطلب العِلْم رياءً ولا تتركه حَيَاءً. وعنه قَالَ: لو لم يكن العفْوُ مِن مُرادِهِ لم يَبْتَلِ بالذِّنْب أكرم عُبَاده. وعنه قَالَ: الناس يعبدون اللَّه عَلَى أربعٍ: عامل عَلَى العبادة، وراهب عَلَى الرَّهْبة، ومشتاق عَلَى الشِّوْق، ومُحِبّ عَلَى المحبة. وقال الحسن بن علويه: سمعت يحيى بن معاذ، وقيل لَهُ: فُلَان لو وعظْتَه؛ فقال: قفْل قلبه قد ضاع مفتاحه، ولا حيلة لنا فِيهِ. وعن يحيى قَالَ: عجِبْتُ لمن يصحب الخلْقَ والخالقُ يستصحبه، وعجبت لمن يمنع والله يستقرضه. وقال الْحَسَن بْن عَلُّوَيه: سَمِعْتُ يحيى بْن مُعَاذ يَقُولُ: من لم يكن ظاهره من

العوّام فضّة، ومع المُرِيدين ذَهَبًا، ومع العارفين" المقرّبين درًّا وياقوتًا"1 فليس من حكماء اللَّه. وسمعته يَقُولُ: أحسنُ شيء كلَامٌ صحيحٌ مِن لسانٍ فصيحٍ فِي وجهٍ صحيح. وعنه قَالَ: الْحَسَن حُسْنٌ، وأحسن منه معناه، وأحسن من معناه استعماله، وأحسن مِنَ استعماله ثوابه، وأحسن من ثوابه رِضَى من عُمِل لَهُ. وعن عَبْد الواحد بْن محمد قَالَ: جاء يحيى بْن مُعَاذ إلى شِيراز وله شَيْبةٌ حَسنة، وقد لبس ثياب سُود، فكان أحسن شيءٍ، فصعَد الْمِنْبَرَ، واجتمع الخلْق. فأوّل ما بدأ بِهِ أن قَالَ: مواعظُ الواعظ لن تُقْبَلَا ... حتّى يَعِيَها قلبه أولا يا قوم من أظلم من واعظٍ ... خالَفَ ما قد قاله فِي الملَا؟ أظهر بين النّاس إحسانَهُ ... وبارز الرّحمن لمّا خلَا ثمّ وقع مِنَ الكُرْسيّ، فلم يتكلَّم يومئذ؛ ثم إنه ملك قلوب أهل شيراز بعدُ، فكان إذا أراد أنْ يضْحكهم أضحكهم، وإذا أراد أنْ يبْكيهم أبكاهم. وأخذ مِنَ البلد سبعة آلاف دينار. وعن يحيى بْن مُعَاذ قَالَ: لَا تكُن ممّن يفضحه يوم مماته ميراثه، ويوم حسابه ميزانه. قَالَ الحاكم: قرأت" عَلَى اللّوح فِي قبر يحيى بْن مُعَاذ الرّازيّ": مات حكيم الزّمان يحيى بْن مُعَاذ الرّازيّ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثمانٍ وخمسين. 580- يحيى بن معلى بن منصور الرازي2 -ق- ثم البغدادي، الحافظ: عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي سَلَمَةَ التَّبُوذَكيّ، وأَبِي اليَمَان، وأَبِي حُذَيْفَة مُوسَى بْن مَسْعُود، وإِسْحَاق الفروي، وعمر بْن مرزوق، وإسماعيل بْن أَبِي أُوَيْس، وطائفة. وعنه: ق.، وسَلَمَةُ بْن شبيب وهو أكبر منه، وقاسم المطرّز، وأَحْمَد بْن حمدون الأعمشيّ، ويحيى بن صاعد، والمحاملي، وآخرون.

_ 1 بياض في الأصل، وتم إثباته من الحلية "10/ 69". 2 انظر: التهذيب "11/ 280".

قَالَ مُسلْمِ: كنيته أَبُو عَوَانَة. وقال أَبُو عَلَى النَّيسابوري: كَانَ صاحب حديث. ووثِّقه الخطيب. 581- يحيى بن المغيرة -ت- أبو سلمة المخزومي المدني1: عَنْ: أَبِي ضمرة أَنَس بْن عِياض، وابن أَبِي فُدَيْك، وجماعة. وعنه: ت.، ويحيى بْن صاعد، وحَرَميّ بْن أَبِي العلَاء، وآخرون. قَالَ أَبُو حاتم: صدوق، ثقة. قلت: وقع لنا من عواليه، وتُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين ومائتين. - يحيى بْن واقد: أَبُو صالح. قد ذُكِر فِي الطبقة الماضية. 582- يزيد بْن محمد بْن مهلب البصْريّ2: الشّاعر المشهور، نديم المتوكّل. حدَّث عَنْ: أَبِي عَلَى الحنفيّ، وغيره. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومحمد بْن عَبْد الملك التّاريخيّ. وما أحسن قوله فِي أبيات: إنّي لرحال إذا الهم برك ... ". . . "3 وعند ضِيق المُعْتَرَكْ عُسْري عَلَى نفسي، ويُسْري مُشْتَرَكْ ... لَا تُهْلِكِ النّفسَ عَلَى شيءٍ هَلَكْ. 583- يسار بْن سُمَيْر4. أَبُو عثمان العِجْليّ الأصبهاني، أحد العباد.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 191"، والتهذيب "11/ 288". 2 تاريخ الطبري "9/ 209"، تاريخ بغداد "14/ 348". 3 بياض في الأصل. 4 بياض في الأصل.

حدَّث عَنْ: أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسيّ، وسعيد بْن عامر الضُّبَعيّ، ويحيى بْن أَبِي بكُيْر. وعنه: محمد بْن محمد القبَّاب، و ". . . "1 بَكْر، وأَحْمَد بْن الْحُسَيْن، ومحمد بْن أَحْمَد بْن يزيد الأصبهانيوّن. 584- اليَسَع بْن إِسْمَاعِيل البغداديّ الضّرير2: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وزيد بْن الحُبَاب. وعنه: يعقوب بْن محمد الدُّوريّ، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد. ضعّفه الدّارَقُطْنيّ. 585- يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بن كثير بن زيد بن أفلح - ع. - الحافظ أبو يوسف العبدي الدورقي البغدادي3: رَأَى اللَّيْث بْن سعْد ببغداد. وسمع: إِبْرَاهِيم بْن سعْد، وَهُشَيْمًا، وعَبْد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وعيسى بْن يونس، ويحيى القطّان، وابن علية، وخلقًا كثيرًا. وعنه: ع.، ون. أيضًا، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وأَبُو زُرْعَة، والقاسم المطرّز، وابن صاعد، وأبو عبد الله المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد العطّار، وخلْق. وثقَّه النَّسائيّ. وذكره الخطيب فِي تاريخه. وكان من أئمّة الحديث. آخر من روى حديثه عاليًا أَبُو القاسم سِبْط السِّلَفيّ. تُوُفّي سنة اثنتين وخمسين، وقد قارب التّسعين. وَرُبَّمَا أَخَذَ عَلَى الرِّوَايَةِ، فَأَنْبَأَنَا "أَحْمَدُ بن الحسن البطي"4 أنا أبا مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: أَنْبَأَ محمد بْنُ عُمَرَ بْنِ بُكَيْرٍ، نَا عُثْمَانُ بن حنيف، نا الباغندي,

_ 1 الميزان "4/ 445". 2 الجرح والتعديل "9/ 202"، السير "12/ 141-144". 3، 4 بياض في الأصل، وتم إثباته من تاريخ بغداد.

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَابْنُ الْمُجَدِّرِ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَصَالِحُ بْنُ أَبِي "مُقَاتِلٍ"1 قَالُوا: ثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، نَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، عَنْ محمد بْنِ "سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ"2 "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ وَيُتَوَضَّأَ مِنْهُ"3. قَالَ عُثْمَانُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاءِ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ يَعْقُوبَ بِثَلاثَةِ دَنَانِيرَ. عثمان بْن حنيف ثقة. 586- يعقوب بْن إِبْرَاهِيم: أَبُو الأسباط الكوفيّ4. روى عَنْ: يحيى بْن آدم، وغيره. قَالَ ابن أَبِي حاتم: صدوق، كتبنا فوائده، ولم يُقْضَ لنا السَّماعُ منه. 587- يعقوب بْن إِسْحَاق بْن البُهْلُول بْن حسّان الأنباريّ5: أحد القرّاء الأئمّة. كَانَ صالحًا زاهدًا قانتًا عالمًا بالعدد والحروف، وغير ذَلِكَ. روى عَنْ: محمد بْن بكّار الرّيّان، وغيره. وهو والد يوسف بْن يعقوب الأزرق. مات يعقوب قبل والده، فحزن عَلَيْهِ وتوجَّع لفراقه، مَعَ أنّه عاش أربعًا وستّين سنة. تُوُفّي سنة إحدى وخمسين. 588- يعيش بْن الجهم6: أبو الحسن الحديثي. عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وابن نُمَيْر، وأَبِي ضمرة، وأبي أسامة، وطائفة.

_ 1، 2 بياض في الأصل، وتم إثباته من تاريخ بغداد. 3 حديث صحيح: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "1/ 65"، وَمُسْلِمٌ "95"، وَأَبُو داود "69"، وَالتِّرْمِذِيُّ "68"، وَالنَّسَائِيُّ "1/ 34"، وابن ماجه "343"، وأحمد "2/ 259-265". 4 الجرح والتعديل "9/ 203". 5 تاريخ بغداد "14/ 276". 6 الميزان "4/ 458".

قَالَ ابن أَبِي حاتم: هُوَ ثقة صدوق، كتبتُ عَنْهُ بالحُدَيثة. قلت: وروى عَنْهُ: الْحَسَن بْن محمد بْن شُعْبَة الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بْن هارون الحضْرميّ، وغيرهما. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى أَحَادِيثَ غَيْرَ مَحْفُوظَةٍ. 589- يوسف بْن مُوسَى بْن راشد القطان1 -خ. د. ت. ق- أبو يعقوب الكوفي، نزيل بغداد. روى عَنْ: جرير بْن عَبْد الحميد، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأَبِي خَالِد الأحمر، وحكام بن سلم، وعبد الله بن إدريس، ووَكِيع، وابن نمير، وطائفة. وعنه: خ. د. ت. ق.، وإِبْرَاهِيم الحربيّ، وقاسم بْن زكريّا المطرّز، والبَغَوِيّ، وابن صاعد، والنَّسائيّ فِي غير سُنَنِه، والحسين بْن إِسْمَاعِيل المَحَامِليّ، وآخرون. وكتب عَنْهُ يحيى بْن مَعِين، والكبار. قَالَ النَّسائيّ: لَا بأس بِهِ. وقال أَبُو سعَيِد السُّكّريّ، عَنْ يحيى بْن مِعِين: ثقة، صدوق. وقال غيره: كَانَ يَتَّجر إلى الرِّيّ. قَالَ ابن زُولَاق: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر محمد بْن أَحْمَد بْن الحَدّاد شيخنا يَقُولُ: قرأت عَلَى أَبِي عُبَيْد بْن حَرْبَوَيْه جزءًا عَنْ يوسف بْن مُوسَى القطّان، فلمّا فرغتُ قلتُ: كما قرأتَ عَلَى القاضي؟ فقال: نعم، إلَا الإعراب، فإنك تُعْرِب وما كَانَ يوسف يُعْرِب. مات فِي صفر سنة ثلَاثٍ وخمسين عَنْ سنٍ عالية، رحمه اللَّه. 590- يوسف بْن مُوسَى: أَبُو غسّان التُّسْتَرِيّ السُّكّريّ2. نزيل الرِّيّ. وحدَّث عَنْ: يحيى القطان، ووكيع، وإبراهيم بن عيينة، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 304"، والتهذيب "11/ 425". 2 انظر: الجرح والتعديل "9/ 331".

وعنه: أَبُو حاتم، وعلى بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد، وإِبْرَاهِيم بْن يوسف الهسنْجانيّ، وأهل الرِّيّ. 591- يوسف بن واضح البصري المؤدب1 -ن- روى عَنْ: قُدَامة بْن شِهاب، ومُعْتَمر بْن سُلَيْمَان، وغيرهما. وعنه: ن.، ثمّ روى عَنْ رجلٍ، عَنْهُ، وعَبْد اللَّه بْن ناجية، وإمام الأئمّة ابن خُزَيْمَة، وآخرون. مات سنة إحدى وخمسين. 592- يوسف بْن يعقوب النَّجاحيّ2: عَنْ: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة. وعنه: الهَيْثَم بْن كُلَيْب، وأَبِي عَبْد اللَّه المَحَامِليّ، وإسماعيل الورّاق. وثقَّه الخطيب. وكنيته: أَبُو بَكْر. 593- يونس بْن يعقوب: أَبُو إدريس البغدادي3. عن: هيثم بْن بشير، وأبي معاوية. وقال محمد بْن مَخْلَد: ثقة، سمعنا منه. قلت: حديثه عالٍ عند الكنديّ. "الكنى": 594- أَبُو أَحْمَد بْن هارون الرشيد4. كان آخر أولاد أبيه موتًا.

_ 1 التهذيب "11/ 427". 2 تاريخ بغداد "14/ 306". 3 انظر: تاريخ بغداد "14/ 352". 4 تاريخ الطبري "9/ 286".

تُوُفّي فِي خلَافة ابن أخيه المعتزّ بالله سنة أربعٍ وخمسين. 595- أَبُو حمزة الخُرَاسانيّ الزّاهد1: من كبار مشايخ الصوفية. ذكره أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ. تُوُفّي سنة ستين ومائتين، وقيل: سنة تسعين. فَسيُعاد. 596- أَبُو الْعَبَّاس القَلَوَّرِيّ البصْريّ2 -د- فِي اسمه أقوال، أحدها: محمد بْن عَمْرو، وأصحّها: أَحْمَد بْن عَمْرو. سَمِعَ: سعَيِد بْن عامر الضُّبَعيّ، ويعقوب الحضْرميّ، وجماعة. وعنه: د.، ومحمد بْن محمد الباغَنْديّ، ومحمد بْن جرير الطَّبَريّ، وجماعة. تُوُفّي سنة ثلَاثٍ وخمسين. 597- أبو عبيد البسري، بسر حوران3: الصوفي الزّاهد. واسمه: محمد بْن حسّان الغسّانيّ. حدَّث عَنْ: سعَيِد بْن منصور، وآدم بْن أَبِي إياس، وأَبِي الْجَمَاهِر محمد بْن عثمان، وأَحْمَد بْن أَبِي الحواري، وجماعة. وعنه: ولداه نجيب وعُبَيْد، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان، والقاسم بْن عيسى القصّار، وآخرون. قَالَ ابن الجلَاء: لقيت ستّمائة شيخ ما رَأَيْت مثل أربعة: ذا النُّون المصريّ، وأبا تُراب النَّخْشَبيّ، وأبا عُبَيْد البُسْريّ، ووالدي. وعن أَبِي عبيد قَالَ: سَأَلت الله تعالى ثلَاثَ حوائج، فقضى لي اثنتين. ومنعني واحدة. سَأَلْتُهُ أنْ يذْهب عنّي شهوة الطّعام، فما أبالي أكلت أم لا، وسألته أن يذهب

_ 1 طبقات السلمي "326". 2 التهذيب "12/ 146". 3 طبقات السلمي "147-192"، وطبقات ابن الملقن "362".

عني شهوة النَّوم، فما أبالي نمتُ أم لَا، وسألته أنْ يذهِب عنّيِ شهوة النساء، فما فعل. وقال السُّلَميّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر البَجَليّ: سَمِعْتُ أَبَا عثمان الأدميّ يَقُولُ: كَانَ أَبُو عُبَيْد البُسْريّ إذا كَانَ أوّل شهر رمضان يدخل البيت ويقول لامرأته: طيني باب بيتي، وألْقِ إليَّ كلّ لَيْلَةٍ مِنَ الطّاقة رغيفًا. قَالَ: فلمّا كَانَ يوم العيد رَفَست الباب، فوجدتُ ثلَاثين رغيفًا موضوعة فِي الزّاوية، لَا أكل ولا شرِب، ولا تهيّأ للصّلَاة، بقي عَلَى صومٍ واحد إلى آخر الشّهر. هذه حكاية بعيدة الصّحة، وفيها مخالفة السنة بالوصال، وفيها ترك الْجُمعة للجماعة، وغير ذَلِكَ ذكرتها للفُرْجَة لَا للحُجّة. وهذه الحكاية أمثل منها: قَالَ أَبُو بَكْر محمد بْن دَاوُد الرَّقّيّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر بْن مُعَمِّر: سَمِعْتُ أَبَا حسّان قَالَ: أتى أَبُو عُبَيْد عكّا هُوَ ووُلده، فأقاموا بها شهر رمضان، يُصلح لَهُ أولَاده كُلّ يوم إفطاره، ثمّ يوجّهون بِهِ إِلَيْهِ مَعَ غلَام أسود. فإذا أتى بِهِ إِلَيْهِ قَالَ لَهُ الشَّيْخ: اجلس فكُلْهُ، ولا تقُلْ لهم شيئًا. ويُفْطر هو عَلَى تمرةٍ واحدة. قَالَ الرَّقّيّ: وثنا أَبُو بَكْر بْن معمر: سمعت ابن أبي عبيد البسري يحُدّث عَنْ أَبِيهِ أنّه غزا سنة مِنَ السِّنين، فخرج فِي السَّرِيّة، فمات المهْر الَّذِي كَانَ تحته وهو فِي السّريّة. قَالَ أَبِي: فقلت: يا ربّ "أحْيه"1 حتّى نرجَع إلى بُسْر. فإذا المهر قائم. فلمّا غَزا ورجع قَالَ: يا بُنَيَّ "ارفع السَّرْج"2 عَنِ المهر. قلت: إنّه عَرِق. فقال: يا بُنَيّ إنّه عارية. فلمّا أخذت السَّرْج خرّ المهر ميّتًا. وثنا ابن مالَوَيْه، عَنْ عَبْد الواحد بْن بَكْر الوَرثانيّ، عَنِ الرَّقّيّ ". . . "3 يجهل ما لها. وقد روى لَهُ ابن جَهْضَم حكايات من هذا النمط ". . . "4.

_ 1 بياض في الأصل. 2، 3، بياض في الأصل. 4 انظر السابق.

مات سنة ستين ومائتين، رحمه اللَّه ورضي عنه. - المهري "القيرواني"1. هو عبد الملك.

_ 1 سبقت الترجمة له.

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الموضوع رقم الصفحة: الطبقة السادسة والعشرون: "سنة إحدى وخمسين ومائتين: 3 المتوفون في هذه السنة. 3 خروج الحسين بن أحمد بقزوين. 3 خروج أحمد بن عيسى العلوي بالري. 3 إفساد إسماعيل بن يوسف موسم الحج. "ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين ومائتين". 3 المتوفون هذه السنة. 4 خلع المستعين وبيعة المعتز. 4 تتويج المعتز لأخيه أبي أحمد. 4 ولاية ابن أبي الشوارب قضاء القضاة. 4 نفي أبي أحمد إلى واسط. 5 إبعاد ابن المعتصم. 5 ولاية ابن خاقان مصر. "سنة ثلاث وخمسين ومائتين". 5 المتوفون هذه السنة. 5 أخذ هراة. 5 هزيمة ابن أبي دلف. 5 خلعة المعتز على بغا. 6 مقتل وصيف. 6 كسوف القمر. 6 غزو ابن معاذ بلاد الروم. 6 هزيمة الكوكبي. 6 وفاة ابن خاقان. "سنة أربع وخمسين ومائتين". 6 المتوفون هذه السنة.

"سنة خمس وخمسين ومائتين". 7 المتوفون هذه السنة. 7 فتنة الزنج بالبصرة. 7 دخول مفلح طبرستان وآمل. 7 الوقعة بين ابن الليث وابن المغلس. 7 خروج ابن قريش عن الطاعة. 7 أخذ ابن وصيف لكتاب المعتز. 8 ظهور عيسى وعلي العلويين. 8 خلع المعتز وقتله. 9 مقتل أبي نوح وابن إسرائيل. 9 بيعة المهتدي. "سنة ست وخمسين ومائين". 9 المتوفون هذه السنة. 9 مقتل صالح بن وصيف. 10 كتاب وصيف بن صالح. 10 كلام المهتدي. 11 ثورة العامة والقواد على الأتراك. 11 اقتراب الزنج من البصرة. 11 قتل بايكباك. 12 مقتل المهتدي. 12 بيعة أحمد بن المتوكل. 13 مقتل ابن بغا. 13 لهو المعتمد وكراهية الناس له. 13 دخول الزنج البصرة. 13 ظهور الطالبي بالكوفة. 13 غلبة الطالبي على الري. 13 الحج هذا الموسم. 13 قتل صالح بن وصيف. "سنة سبع وخمسين ومائتين". 14 المتوفون هذه السنة. 14 خراب البصرة.

14 مقتل ملك الروم. "سنة ثمان وخمسين ومائتين". 15 المتوفون هذه السنة. 15 حرب الموفق للزنج. 15 الوباء بالعراق. 16 ذكر الزلازل. 16 إدعاء زعيم الزنج علم الغيب. 16 مقتل البحراني. "سنة تسع وخمسين ومائتين". 16 المتوفون هذه السنة. 16 مواصلة الحرب مع الزنج. 17 مقتل أمير الكوفة. 17 هزيمة الروم ومقتل مقدمهم. 17 ملك ابن الليث نيسابور وخراسان. "سنة ستين ومائتين". 17 المتوفون هذه السنة. 18 الوقعة بين ابن الليث والحسن العلوي. 18 الغلاء بالحجاز والعراق. 18 إغارة العرب على حمص. 18 استيلاء الروم على لؤلؤة. 18 شعر لرئيس الزنج.

رجال هذه الطبقة على الترتيب الأبجدي "حرف الألف" 19 1- أَحْمَد بْن إبْرَاهِيم بْن مِهْران. البوشنجي 19 2- أحمد بن آدم. 19 3- أحمد بن إسرائيل بن حسين. 20 4- أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن نُبيْه. 21 5- أحمد بن الأسود قاضي قرقيسيا. 21 6- أحمد بن أيوب النيسابوري العطار. 21 7- أحمد بن أبي أيوب البخاري. 22 8- أحمد بن بديل بن قريش قاضي الكوفة. 23 9- أحمد بن جبير الأنطاكي. 24 10- أحمد بن جعفر المعقري اليمني. 24 11- أحمد بن الجهم الكوفي الرازي. 25 12- أحمد بن جواد التميمي النيسابوري. 25 13- أحمد بن الحارث البغدادي. 25 14- أحمد بن الحسين بن عباد النسائي. 25 15- أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد السلمي. 26 16- أحمد بن خلاد البصري العطار. 26 17- أحمد بن داود الفحام. 26 18- أحمد بن سعد بن أبي مريم. 26 19- أحمد بن سعيد بن بشر الهمداني. 27 20- أَحْمَد بْن سعَيِد بْن صَخْر بْن سُلَيْمَان. 27 21- أحمد بن سعيد الرباطي الأشقر. 28 22- أحمد بن سعيد بن يعقوب الكندي. 28 23- أَحْمَد بْن سٍنان بْن أسد بْن حِبّان. 28 24- أحمد بن سنان القشيري الحرقني. 29 25- أحمد بن الضحاك البغدادي الخشاب. 29 26- أحمد بن العباس بن الهيثم البوسنجي. 29 27- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن سويد بن منجوف. 29 28- أحمد بن عبد الله بن حكيم الفرياناني المروزي. 30 29- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن أبي السفر.

30 30- أحمد بن عبد المؤمن المصري الصوفي. 31 31- أحمد بن عبد الواحد بن عبود التميمي. 31 32- أحمد بن عبد الواحد الرمادي. 31 33- أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي. 31 34- أحمد بن علي بن عمران الجرجاني. 32 35- أحمد بن علي بن محمد العمي البصري. 32 36- أحمد بن عمرو بن ربيعة الحرشي. 32 37- أحمد بن عمران بن سلامة الأخفش. 32 38- أحمد بن الفرات بن خالد. 35 39- أحمد بن فضالة بن إبراهيم. 35 40- أحمد بن الفضل العسقلاني. 35 41- أحمد بن فضيل بن سالم الرملي. 35 42- أحمد المستعين بالله العباسي. 37 43- أحمد بن محمد بن سعيد الوزان. 37 44- أحمد بن محمد بن أنس القربيضي. 37 45- أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي. 38 46- أحمد بن محمد بن الزبير الأطرابلسي. 38 47- أَحْمَد بْن محمد بْن سعَيِد بْن جَبَلَة الصيرفي. 38 48- أَحْمَد بْن محمد بْن عُمَر بْن يونس اليمامي. 39 49- أحمد بن محمد بن عيسى السكوني. 39 50- أحمد بن مرحوم الرازي. 39 51- أَحْمَد بْن المُعَافَى بْن يزيد العِجْليّ المَوْصِليّ. 39 52- أَحْمَد بْن المِقْدام بْن سُلَيْمَان بْن الأشعث. 40 53- أحمد بن منصور بن سلمة الخزاعي. 40 54- أحمد بن منصور بن راشد المروزي. 40 55- أحمد بن وزير بن بسام قاضي إصبهان. 41 56- أحمد بن الوليد بن أبان الكرابيسي. 41 57- أَحْمَد بْن يحيى بْن عطاء البغداديّ الجلَاب. 41 58- أحمد بن يحيى الجرجاني بياع السابري. 42 59- أحمد بن الإمام مالك بن أنس. 42 60- أحمد بن يحيى بن قاضي البصرة أبي يوسف.

42 61- أحمد بن يزيد الحلواني المقرئ. 43 62- أحمد بن يزداد بن حمزة الخياط. 43 63- أبان بن أبي الخصيب. 43 64- إبراهيم بن أحمد بن يعيش. 44 65- إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن سَلَمَة. 44 66- إبراهيم بن جابر المروزي المعروف بالبح. 44 67- إبْرَاهِيم بْن المتوكّلُ عَلَى اللَّه جعْفَر بْن المُعْتَصمِ. 44 68- إبراهيم بن الحسن بن الهيثم المصيصي. 45 69- إبراهيم بن سعد العلوي الحسني البغدادي. 45 70- إبراهيم بن سعيد الجوهري الحافظ. 45 71- إبراهيم بن سندولة الهمداني. 46 72- إبراهيم بن عامر بن إبراهيم بن واقد. 46 73- إبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن حفص بْن مَعْدان. 46 74- إبراهيم بن محمد الزهري. 46 75- إبراهيم بن مجشر بن معدان. 47 76- إبراهيم بن مروان بن محمد الطاطري. 47 77- إبراهيم بن ناصح المدني الإصبهاني. 48 78- إبراهيم بن يعقوب السعدي الجوزجاني. 49 79- إبراهيم بن أيوب عيسى المصري الطحاوي. 49 80- إبراهيم بن أبي خالد الأرغياني الهروي. 49 81- إدريس بن جعفر بن إدريس العتبي الزاهد. 49 82- إدريس بن حاتم بن الأحنف الواسطي. 50 83- إدريس بن الحكم العنزي. 50 84- إدريس بن سليمان بن أبي الرباب. 50 85- إدريس بن عيسى المخرمي القطان. 50 86- أزهر بن جميل البصري الشطي. 51 87- إسحاق بن إبراهيم بن محمد الباهلي. 51 88- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بن يعقوب المصري الخفاف. 51 89- اسحاق بن ابراهيم بن عبد الرحمن البغوي. 51 90- إسحاق بن إبراهيم بن موسى الجرجاني. 52 91- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن حبيب بْن الشهيد.

52 92- إسحاق بن إبراهيم بن الغمرِ الغساني. 52 93- إسحاق بن إسماعيل بن العلاء الأيلي. 53 94- إسحاق بن بهلول بن حسان. 54 95- إِسْحَاق بْن حاتم بْن بيان المدائنيّ العلَاف. 54 96- إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد. 55 97- إسحاق بن داود السمرقندي. 55 98- إسحاق بن سويد الرملي. 55 99- إسحاق بن شاهين الواسطي. 56 100- إسحاق بن صالح بن عطاء الواسطي. 56 101- إسحاق بن الضيف الباهلي العسكري. 56 102- إسحاق بن عباد بن موسى الختلي. 57 103- إسحاق بن الفيض بن سليمان. 57 104- إسحاق بن منصور بن بهرام المروزي. 58 105- إِسْحَاق بْن وهْب بْن زياد الواسطيّ العلَاف. 58 106- إسحاق بن وهب بن عبد الله الطهرمسي. 58 107- أسد بْن سعَيِد بْن كثير بْن عُفَيْر. 59 108- أسد بن عمار بن أسد التميمي. 59 109- إسماعيل بن إبراهيم الحمدوني الشاعر. 59 110- إسماعيل بن بشر بن منصور السليمي. 60 111- إسماعيل بن حبان بن واقد الثقفي. 60 112- إسماعيل بن أبي الحارث أسد بن شاهين. 60 113- إسماعيل بن عمرو بن سعيد السكوني. 61 114- إسماعيل بن المتوكل الحمصي. 61 115- إسماعيل بن يوسف الديلمي العابد. 61 116- إسماعيل بن يزيد الإصبهاني القطان. 62 117- أشناس التركي. 62 118- أيوب بن حسان الدقاق. 62 119- أيوب بن الحسن النيسابوري. 63 120- أيوب بن الوليد البغدادي الضرير. 63 121- أيوب الحمال.

"حرف الباء". 63 122- بُخْتيشوع بْن جبريل النَّصْرانيّ الطّبيب. 64 123- بشر بن آدم بن يزيد البصري. 64 124- بشر بن خالد العسكري الفرائضي. 64 125- بشر بن عبد الوهاب الدمشقي. 65 126- بشر بن مطر بن ثابت الواسطي. 65 127- بغا التركي الصغير المعروف بالشرابي. 66 128- بكار بن عبد الله بن بسر القرشي. 66 129- بكر بن عبد الوهاب المدني. "حرف الجيم". 67 130- جابر بْن كُرْديّ بْن جَابرِ الواسطي البزاز. 67 131- جعفر بن أحمد بن عوسجة السامري. 67 132- جعفر بن عبد الواحد بن جعفر الهاشمي قاضي القضاة. 68 133- جعفر بن محمد بن جعفر المدائني. 68 134- جعفر بن محمد بن ربال البغدادي. 68 135- جعفر بن محمد بن عامر السامري البزاز. 68 136- جعفر بن محمد بن الفضيل الرسعني. 69 137- جعفر بن مسافر الهذلي التنيسي. 69 138- جعفر بن منبر المدائني القطان. 69 139- جعفر بن النضر الواسطي الضرير. 69 140- جميل بن الحسن الأزدي الجهضمي. "حرف الحاء". 70 141- حاتم بْن بَكْر الضّبّيّ الصَّيْرفيّ. 70 142- الحارث بن أسد بن معقل الهمداني. 70 143- حامد بن داود الشاشي. 70 - حبتر، عبد الملك. 71 144- حبيش بن الطوسي الثقفي. 71 145- حجاج بن حمزة العجلي الرازي. 71 146- حجاج بن يوسف بن حجاج. 72 147- حجاج بن يوسف بن قتيبة. 73 148- الحسن بن إبراهيم البياضي.

73 149- الحسن بن داود بن مهران الأزدي. 73 150- الحسن بن سميط البخاري. 73 151- الحسن بن طازاد الموصلي. 74 152- الحسن بن عبد الله بن منصور الأنطاكي. 74 153- الحسن بن عبد الرحمن المستملي. 74 154- الحسن بن عبد العزيز بن ضابيء. 76 155- الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي. 77 156- الحسن بن عطاء بن يزيد الإصبهاني. 78 157- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن حَرْب بْن محمد الطائي. 78 158- الحسن بن علي بن عيسى البلقاوي. 79 159- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الرضا بن موسى. 79 160- الحسن بن علي بن مهران المتوثي. 79 161- الحسن بن المبارك الأنماطي. 80 162- الْحَسَن بْن محمد بْن بكّار بْن بلَال العاملي. 80 163- الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني. 81 164- الحسن بن مدرك السدوسي. 81 165- الحسن بن منصور البغدادي الشطوي. 82 166- الحسن بن أبي يحيى الأصم البصري. 82 167- الحسين بن بيان الشلاثائي. 82 168- الحسين بن الجنيد الدامغاني. 82 169- الحسين بن الحسن بن مهران الإصبهاني. 83 170- الحسين بن سعيد المخرمي. 83 171- الحسين بن السكن البصري. 83 172- الحسين بن سيار البغدادي. 83 173- الحسين بن عبد الرحمن الجرجرائي. 84 174- الحسين بن عبد الله بن محمد الواسطي. 84 175- الحسين بن عبد السلام المصري. 84 176- الحسين بن علي بن الأسود العجلي. 85 177- الحسين بن محمد بن شنبة الواسطي. 85 178- الحسين بن أبي زيد الدباغ. 85 179- حفص بن عمر بن ربال بن إبراهيم بن عجلان.

86 180- حمدان بن سهل البلخي. 86 181- حمدان بن عمر البغدادي السمسار. 86 182- حمزة بن العباس المروزي. 86 183- حمزة بن عون المسعودي الكوفي. 87 184- حمزة بن نصير المصري العسال. 87 185- حميد بن الربيع بن مالك اللخمي الكوفي. 88 186- حميد بن زنجويه. 88 187- حم بن نوح بن محمد الأنصاري. 89 188- حنين بن إسحاق العبادي النصراني. 89 189- حوثرة بن محمد المنقري الوراق. 89 190- حيدرة بن إبراهيم البغدادي. "حرف الخاء". 90 191- خشيش بن أصرم النسائي. "حرف الدال". 90 192- داود بن سليمان العسكري. 90 193- داود بن عبد الغفار بن داود الحراني. 91 194- داود بن قاسم بن إسحاق الجعفري. 91 195- داود بن يحيى الصوفي الإفريقي. "حرف الراء". 91 196- الربيع بن سليمان الجيزي الأعرج. 91 197- رجاء بن الجارود البغدادي الزيات. 92 198- رجاء بن سهل الصاغاني. 92 199- رجاء بن صهيب الإصبهاني الجرواني. 92 200- رجاء بن عبد الرحيم القرشي الهروي. 93 201- رجاء بن عيسى الجوهري الكوفي. 93 202- رزق الله بن موسى الناجي الكلوذاني. 93 203- رشدين بن عبد العزيز المخزومي. 93 204- روح بن عبد الرحمن البوشنجي. 94 205- روح بن الفرج البزاز. "حرف الزاي". 94 206- زاهر بن خالد السمرقندي.

94 207- الزبير بن بكار بن عبد الله. 96 - الزبير بن جعفر "المعتز بالله". 96 208- زكريّا بْن يحيى بْن الحارث بْن ميمون البصري. 96 209- زكريّا بْن يحيى بْن زكريّا بْن أَبِي زائدة. 96 210- زكريا بن يحيى بن عمر الطائي. 97 211- زكريا بن يحيى المصري العبدري. 97 212- زكريا بن يحيى الزاهد الكردي الهروي. 98 213- زكريا بن يحيى بن أيوب المدائني. 98 214- زكريا بن يحيى بن زكريا. 98 215- زكريا بن يحيى بن خلاد المنقري. 99 216- زكريا بن يحيى بن أسد المروزي. 99 - زكريا بن يحيى كاتب العمري. 99 - زكريا بن يحيى البلخي اللؤلؤي. 99 - زكريا بن يحيى السجزي. 99 217- زياد بن أيوب الطوسي. 100 218- زُهَير بْن محمد بْن قُمَيْر بْن شُعْبَة. 101 219- زياد بْن يحيى بْن زياد بْن حسّان. 101 220- زيد بن أخزم الطائي البصري. 101 221- زيد بن خرشة بن زيد الذهلي. "حرف السين". 102 222- سختويه بن مازيار النيسابوري. 102 223- السري بن عاصم الهمداني. 102 224- السري بن المغلس السقطي. 104 225- السري بن مهران الرازي. 104 226- سعد بن معاذ المروزي. 105 227- سعيد بن أيوب بن موسى الهمداني. 105 228- سعيد بن بحر القراطيسي البغدادي. 105 229- سعيد بن رحمة بن نعيم المصيصي. 105 230- سعيد بن عبد الله الهمداني السواق. 106 231- سعيد بن عبد الرحمن البغدادي. 106 232- سعيد بن عيسى الكريزي البصري.

106 233- سعيد بن مروان البغدادي. 106 234- سعيد بن محمد بن ثواب البصري. 107 235- سعيد بن نصير البغدادي الوراق. 107 236- سعيد بن هاشم الكاغدي السمرقندي. 107 237- سعيد بن يزيد بن معيوف الحجوري. 107 238- سعيد بن يزيد التيمي. 108 239- سلمة بن أحمد بن أبي نافع. 108 240- سلمة بن مكمل المدلجي المصري. 108 241- سلم بن جنادة بن سلم العامري. 109 242- السلم بن يحيى الطائي الحجراوي. 109 243- سليمان بن بشار الخراساني. 109 344- سليمان بن داود بن حماد المهري. 110 245- سليمان بن داود الثقفي القزاز. 110 246- سُلَيْمَان بْن عَبْد الجبار بْن زُرَيْق السّامرّي. 110 247- سليمان بن عبد الرحمن بن حماد الطلحي. 111 248- سليمان بن محمد بن سليمان الرعيني. 111 249- سليمان بن معبد السنجي المروزي. 111 250- سليمان بن نصر المري الأندلسي. 111 251- سليم بن مجاهد بن يعيش البخاري. 112 252- سهل بن محمد السجستاني. "حرف الشين". 113 253- شجاع بن الوليد البخاري. 113 254- شعيب بن عبد الحميد بن بسطام الواسطي. 114 255- شفيع بن إسحاق البخاري المحتسب. 114 256- شمر بن حمدويه اللغوي. "حرف الصاد". 114 257- صالح بْن أَبِي صالح عَبْد الله بن صالح. 115 258- صرد بن حماد الصيرفي. 115 259- صالح بن الهيثم الواسطي. 115 260- صفوان بن عمرو الحمصي.

"حرف الطاء". 115 261- طاهر بْن خَالِد بْن نزار الأيلي. 116 262- طليق بن محمد بن السكن الواسطي. "حرف العين". 116 263- عامر بْن شُعَيب الْأرْغِيانيّ الإسْفَنْجيّ. 116 264- الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب جعْفَر بْن عَبْد الله. 117 265- العباس بن الحسن البلخي البغدادي. 117 266- العباس بن سعيد المصري الخواص. 117 267- العباس بن الفرج الرياشي النحوي. 118 268- العباس بن يزيد بن أبي حبيب البحراني. 118 269- عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي. 118 270- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن زُكَيْر بْن غزوان الحنفي. 119 271- عبد الله بن إسحاق الواسطي الناقد. 119 272- عبد الله بن إسحاق الجوهري "بدعة". 119 273- عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل بْن يزيد بْن حجر. 119 274- عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن حفص الهَمْدانيّ. 120 275- عَبْد اللَّه بْن الحَكَم بْن أَبِي زياد القطواني. 120 276- عبد الله بن حمزة الزبيري. 120 277- عبد الله بن خبيق الأنطاكي الزاهد. 121 278- عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر بْن محمد بْن الزبير الأموي. 121 279- عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي. 122 280- عبد الله بن شبيب الربعي. 122 281- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الفضل الدارمي. 124 282- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد بْن أَبِي خداش الموصلي. 125 283- عَبْد اللَّه بْن أَبِي رومان عَبْد الملك بن يحيى. 125 284- عبد الله بن عمر بن يزيد الزهري الإصبهاني. 125 285- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي يزيد الخلنجي. 127 286- عبد الله بن محمد بن الحجاج الصواف. 127 287- عبد الله محمد بْن عَبْد اللَّه بْن هلَال المصريّ. 127 288- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن المسور. 128 289- عبد الله بن محمد بن المهاجر الفقيه فوزان.

128 290- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سَوْرة. البلْخيّ "مت" 128 291- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى بن أبي بكير. 129 292- عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي. 129 293- عبد الله بن محمد بن التوزي البصري. 129 294- عبد الله بن محمد بن خلاد العراقي. 129 295- عبد الله بن مخلد التميمي النيسابوري. 130 296- عبد الله بن أبي المورة الأنباري. 130 - عبد الله بن هارون. 130 297- عبد الله بن هاشم بن حيان الطوسي. 131 298- عَبْد الجبّار بْن خَالِد بْن عِمران الفقيه. 131 299- عبد الحميد بن حماد البعلبكي. 131 300- عبد الحميد بن عصام الجرجاني. 132 301- عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى القرطبي. 132 302- عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي. 133 303- عبد الرحمن بن الحسن السلمي. 134 304- عبد الرحمن بن الحسين الحنفي الهروي. 134 305- عبد الرحمن بن خالد بن يزيد الرقي القطان. 134 306- عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَف بْن عَبْد الرَّحْمَن البصري. 134 307- عَبْد الرحمن بْن عَبْد الله بْن عبد الحكم بن أعين. 135 308- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الغفّار بْن دَاوُد الحراني. 135 309- عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن هشام بْن زبر. 135 310- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المدني. 136 311- عبد الرحمن بن الوليد الجرجاني. 136 312- عبد الرحيم بن منيب الأسعردي. 136 313- عبد السلام بن إسماعيل العثماني الحداد. 136 314- عبد السلام بن عتيق الدمشقي. 136 315- عبد الغني بن رفاعة اللخمي المصري. 137 316- عَبْد الغني بْن عَبْد العزيز بْن سلَام العسال. 137 317- عَبْد القُدُّوس بْن محمد بْن عَبْد الكبير المعولي. 137 318- عبد الملك بن أصبغ القرشي. 138 319- عبد الملك بن قطن المهري.

138 320- عبد الوارث بن عبد الصمد التنوري. 138 321- عبد الوارث بن الحسن بن عمرو البيساني. 139 322- عبد الوهاب بن عبد الحكم بن نافع الوراق. 139 323- عبد الوهاب بن سعيد القضاعي. 139 - عبد الوهاب الأشجعي. 140 324- عَبْد رَبّ بْن خَالِد بْن عَوْذة التُّجَيْبيّ. 140 325- عبدوس بن بشر الرازي. 140 326- عَبْدة بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْدة الصّفّار. 140 327- عبيد الله بن سريج بن حجر. 141 328- عُبَيْد اللَّه بْن سَعْد بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد. 141 329- عُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن يزيد بْن خنيس. 142 330- عبيد الله بن يوسف الجبيري. 142 331- عُبَيْد بْن آدم بْن أَبِي إياس العسْقلَانيّ. 142 332- عبيد بن محمد بن القاسم النيسابوري. 143 333- عنبس بن إسماعيل القزاز. 143 334- عتيق بن محمد بن سعيد الحرشي. 143 335- عتيق بن مسلمة بن عتيق المصري. 143 336- عثمان بن صالح بن سعيد الخلقاني. 144 337- عثمان بن عفان السجستاني. 144 338- عريب المغنية. 145 339- عصام بن خون. 145 340- عقيل بن يحيى الأسود الطهراني. 146 341- علقمة بن عمرو بن حصين الدارمي. 146 342- العلاء بن سالم. 146 343- علي بن أحمد الجواربي الواسطي. 146 344- علي بن حرب الجنديسابوري. 147 345- علي بن الحسن الذهلي الأفطس. 147 346- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن بكُيْر بْن واصل الحضرمي. 147 347- علي بن الحسن بن عبيد الشيباني. 148 348- علي بن الحسين بن مطر الدرهمي. 148 349- علي بن خرشم بن عبد الله المروزي.

148 350- علي بن زنجلة الرازي. 149 351- علي بن سعيد بن جرير النسائي. 149 352- علي بن سعيد بن شهريار الرقي. 149 353- عَلِيّ بْن سَلَمَةَ بْن شقيق بْن عُقْبَةَ. 150 354- علي بن شعيب بن عدي السمسار. 150 355- علي بن عاصم الثقفي الإصبهاني. 150 356- علي بن عبد المؤمن الزعفراني. 151 357- علي بن عبدة التميمي المكتب. 151 358- علي بن عمرو بن الحارث الأنصاري. 151 359- علي بن المثنى الطهوي. 152 360- علي بن محمد بن معاوية النيسابوري. 152 361- علي بن محمد بن أبي الخصيب الوشاء. 152 362- علي بن محمد بن زكريا نزيل الرقة. 152 363- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي المضاء. 153 364- علي بْن محمد بْن علي بْن مُوسَى بن جعفر. 153 365- علي بن مسلم بن سعيد الطوسي. 154 366- علي بن معبد بن نوح البغدادي. 154 367- علي بن المنذر الطريقي الأودي. 154 368- عمّار بْن خَالِد بْن يزيد الواسطيّ التمار. 154 369- عمران بن قطن البخاري الفرخشي. 155 370- عمر بن نصر النهرواني. 155 371- عمرو بن بحر الجاحظ. 155 372- عمرو بن عبد الله الأودي. 155 373- عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي. 156 374- عمرو بن معمر العمركي. 156 375- عيسى بن إسحاق النرسي. 156 376- عيسى بن عبد الله بن سليمان العسقلاني. 157 377- عيسى بن عثمان النهشلي الكوفي. 157 378- عيسى بن مح مد بن إسحاق الرملي. "حرف الفاء". 158 379- الفتح بن الحجاج الحرشي.

158 380- الفضل بْن جعْفَر بْن عَبْد اللَّه بْن الزبرقان. 159 381- الفضل بن سهل البغدادي الأعرج. 159 382- الفضل بن يعقوب الجزري. 160 383- الفضل بن يعقوب الرخامي. 160 384- فضل جارية المتوكل. "حرف القاف". 161 385- القاسم بن بشر البغدادي. 161 386- القاسم بن سعيد بن المسيب التميمي. 161 387- القاسم بن الفضل بن بزيع البغدادي. 161 388- القاسم بْن محمد بْن عبّاد بْن عبّاد المهلبي. 162 389- القاسم بن هاشم بن سعيد السمسار. 162 390- القاسم بن يزيد بن كليب المقرئ الوزان. "حرف اللام". 162 391- ليث بن الفرج بن راشد البغدادي. "حرف الميم. 163 392- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الجبار الباهلي. 163 393- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن عتبة الأندلسي. 164 394- محمد بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن مدَّويْه الترمذي. 164 395- محمد بن أحمد بن يزيد الجمحي المدني. 165 396- محمد بن إبراهيم الأنماطي "مربع". 165 397- محمد بن إبراهيم بن قحطبة البغدادي. 165 398- محمد بن الأزهر بن حريث السجزي. 165 399- محمد بن الأزهر الفقيه الحنفي. 166 400- محمد بن إسحاق الضبي البغدادي. 166 401- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري الإمام. 169 - فصل. 176 - فصل في ذكائه وسعة علمه. 178 - فضل في ثناء الأئمة على البخاري. 182 - فصل في ديانته وصلاحه. 185 - فصل في صفته وكرمه. 188 - قصته في الذهلي.

195 402- محمد بن إسماعيل البختري الحساني. 196 403- محمد بن إسماعيل بن سمرة. 196 404- محمد بن الأشعث السجستاني. 196 405- محمد بن بزيع النيسابوري. 197 406- محمد بْن بشّار بْن دَاوُد بْن كَيْسان. 199 407- محمد بن بكر بن مدكر الضرير. 199 408- محمد بن بور بن هانئ القرشي. 199 409- محمد بن تميم العنبري. 200 410- محمد بن ثواب بن سعيد الهباري. 200 411- محمد بن جابر بن عقبة. 200 412- محمد بْن أَبِي الثّلج عَبْد اللَّه بْن إسماعبل الرازي. 201 413- محمد المعتز بالله العباسي الخليفة. 202 414- محمد بن الجنيد الإسفراييني الزاهد. 202 415- محمد بن حرب بن حربان النشائي. 202 416- محمد بن حزابة المروزي الخياط. 203 417- محمد بن حسان بن فيروز الأزرق. 203 418- محمد بن الحسن بن تسنيم العتكي. 203 419- محمد بن الحسن بن جعفر البخاري. 204 420- محمد بن الحسن بن شهريار. 204 421- محمد بن حفص بن عمر الدوري. 204 422- محمد بن خالد الصومعي الطبري. 204 423- محمد بن خالد الرازي الخراز. 205 424- محمد بْن خَالِد الذُّهْليّ. 205 425- محمد بْن خُشَيْش الْجُعْفيّ. 205 426- محمد بن خطاب الموصلي الزاهد. 206 427- محمد بن خلف بن عمار العسقلاني. 206 428- محمد بن داود بن أبي ناجية الإسكندراني. 206 429- محمد بن داود التميمي القنطري. 206 430- محمد بن ديسم الترمذي الدقاق. 207 431- محمد بن زكريا والد ميمون الحافظ. 207 432- محمد بن زكريا القضاعي المصري.

207 433- محمد بن زنجويه البصري المؤذن. 207 434- محمد بن زياد بن معروف الرازي. 208 435- محمد بْن زياد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الربيع. 208 436- محمد بن سعد النيسابوري الجلاب. 209 437- محمد بن سعيد الأيلي. 209 438- محمد بن سعيد بن حسان الأندلسي. 209 439- محمد بن سلمة التجيبي. 209 440- محمد بن سهل بن عسكر البخاري. 210 441- محمد بن سهل بن نوح النيسابوري. 210 442- محمد بن سهل بن زنجلة الرازي. 210 443- محمد بن سلام بن السكن البيكندي. 210 444- محمد بن شعيب الأسدي النيسابوري. 211 445- محمد بن صالح بن عبد الله العلوي الحسني الشاعر. 211 446- محمد بْن صالح بْن مِهْران بْن النّطّاح. 211 447- محمد بن عامر الأندلسي. 211 448- محمد بن عامر الرازي القزاز. 212 449- محمد بن عبادة الواسطي. 212 450- محمد بن عبد الله بن طاهر الخزاعي الخراساني. 212 451- محمد بْن عبد الله بْن المبارك المخرّميّ. 213 452- محمد بن عبد الله بن سنجر الجرجاني. 214 453- محمد بن عبد الله بن يزيد المكي. 214 454- محمد بن عبد الرحمن الهروي. 215 455- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن علي الجعفي. 215 456- محمد بْن أَبِي نوح عَبْد الرَّحْمَن بْن غزوان. 216 457- محمد بْن عَبْد الرحيم بْن أَبِي زُهَير العدوي. 216 458- محمد بن عبد الملك بن زنجويه. 216 459- محمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو الرَّقّيّ. 217 460- محمد بن عبيد الله بن العظيم الكريزي. 217 461- محمد بْن عثمان بْن أَبِي صفوان بْن مروان الثقفي. 218 462- محمد بن عثمان بن كرامة العجلي. 218 463- محمد بن عقبة بن علقمة البيروتي.

219 464- محمد بن عقيل بن خويلد الخزاعي. 219 465- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن. 219 466- مُحَمَّد بْن. 220 467- مُحَمَّد بن خلف الكوفي. 220 468- محمد بن عمر بن هياج الصائدي. 220 469- محمد بن عمر بن الوليد الكندي. 220 470- محمد بن عمر بن أبي مذعور. 221 471- محمد بن عمرو بن أبي مذعور. 221 472- محمد بن عمرو بن يونس التغلبي السوسي. 221 473- محمد بن عمرو بن عون الواسطي. 221 474- محمد بْن عَمْرو بْن حَنَان الكَلبيّ الحمصيّ. 222 475- محمد بن عيسى بن رزين التيمي الرازي. 222 476- أبو عبد الله الإصبهاني الزجاج. 222 477- محمد بن غالب الأنماطي البغدادي. 223 478- محمد بن الفضل الجرجرائي الكاتب. 223 479- محمد بن الفضل بن خداش البخاري. 223 480- محمد بن الفضيل البلخي الزاهد. 224 481- محمد بن قدامة الطوسي. 224 482- محمد بْن كرّام بْن عِرَاق بْن حُزَابَة. 228 483- محمد بن كيسان بن يزيد. 228 484- محمد بن محمد بن خلاد الباهلي. 229 485- محمد بْن محمد بن عقبة بْن السَّكن. 229 486- محمد بْن المُثَنَّى بْن عُبَيْد بْن قيس العنزي. 230 487- محمد بن المثنى بن زياد السمسار. 231 488- محمد بن مسلم القنطري الزاهد. 231 489- محمد بن معاوية ين يزيد بن مالج. 231 490- محمد بن معدان بن عيسى الحراني. 232 491- محمد بن معمر بن ربعي البحراني. 232 492- محمد بن المغيرة الشهرزوري. 232 493- محمد بن منخل بن عبد الله بن حماد النيسابوري. 233 494- محمد بن منصور بن عبد الرحمن السلمي.

233 495- محمد بن منصور بن داود بن إبراهيم الطوسي. 234 496- محمد بن موسى بن شاكر المهندس. 235 497- محمد بن المؤمل القيسي. 235 498- محمد بن ميمون المكي الخياط. 235 499- محمد بن أبي ميمون القيرواني. 236 500- محمد بن نجيح بن برد. 236 501- محمد بن نصر بن عبد الخرجاني. 236 502- محمد بن نصر النيسابوري الفراء. 236 503- محمد المهتدي بالله العباسي الخليفة. 238 504- محمد بن هارون المروزي المقرئ. 238 505- محمد بن هارون الربعي البغدادي. 239 506- محمد بن هاشم القرشي البعلبكي. 240 507- محمد بن هشام بن أبي خيرة السدوسي. 240 508- محمد بن هشام بن عيسى المروذي القصير. 240 509- محمد بن وزير بن قيس الواسطي. 241 510- محمد بن الوليد البسري القرشي. 241 511- محمد بن الوليد بن أبان المخرمي القلانسي. 242 512- محمد بن الوليد الفحام البغدادي. 242 513- محمد بن يحيى بن حيوك الهروي. 242 514- محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي. 242 515- محمد بن يحيى بن عبد العزيز اليشكري. 243 516- محمد بن يحيى بن أبي حزم مهران القطعي البصري. 242 517- محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي. 248 518- محمد بن يحيى بن موسى الإسفراييني. 249 519- محمد بن يحيى بن أبان العنبري. 249 520- محمد بن يحيى بن عمر الواسطي. 249 521- محمد بن يحيى من ولد النعمان بن سعد. 250 522- محمد بْن يزيد بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ "محمش". 250 523- محمد بن يزيد بن عبد الملك الأسفاطي. 250 524- محمد بن يزيد الطرطوسي المستملي. 251 525- محمد أبو بكر البغدادي.

251 526- مالك بن الخليل الأزدي الحمدي. 251 527- مالك بن طوق التغلبي الأمير. 252 528- محمود بن إبراهيم بن محمد بن عيسى الدمشقي. 252 529- محمود بن آدم المروزي. 253 530- محمود بن محمد الأنصاري الظفري. 253 531- المرار بن حمويه بن منصور الثقفي. 254 532- مزداد بن جميل البهراني الحمصي. 255 533- مسرور بن نوح الذهلي. 255 534- مسعود بن يزيد القطان الإصبهاني. 255 535- مسلم بن حاتم الأنصاري البصري. 255 536- مُسلْمِ بْن عَمْرو بْن سابق بْن وَهْبُ. 256 537- معلى بن أيوب المتوكل على الله. 256 538- مَعْن بْن عُمَر بْن مَعْن بْن عُمَر بن كثير بن الزهري. 257 539- المنذر بن شاذان الرازي. 257 540- منصور بن طلحة بن طاهر الأمير الخزاعي. 257 541- مهنأ بن يحيى الشامي الفقيه. 258 542- موسى بن حافظ النحوي. 258 543- موسى بن عيسى الجصاص الفقيه. 259 544- موسى بن سابق بن أبي خديجة المصري. 259 545- موسى بن سعيد الطرسوسي. 259 546- مُوسَى بْن عامر بْن عمارة بْن خُرَيْم المري. 260 547- مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى الخُزاعيّ. 260 548- موسى بن عيسى بن حماد بن زغبة. "حرف الهاء". 260 549- هارون بن إسحاق الهمداني. 261 550- هارون بن حميد الواسطي. 261 551- هارون بن سعيد بن الهيثم الأيلي. 261 552- هارون بن سفيان المستملي. 261 - هارون بْن محمد بْن بكّار بْن هلَال. 262 553- هارون بْن مُوسَى بْن أَبِي عَلْقَمَةَ الفَرَويّ. 262 554- هارون بن هزاري القزويني.

263 555- هاشم بن خالد القرشي الدمشقي. 263 556- هاشم بن القاسم بن شيبة القرشي. 263 557- الهذيل بن معاوية بن الهذيل الإصبهاني. 264 558- هشام بن عبد الملك بن عمران اليزني. 264 559- هشام بن يونس ين وابل النهشلي. 264 560- الهيثم بن خالد البصري البغدادي. 265 561- الهيثم بن خالد المصيصي. 265 562- الهيثم بن خالد الهروي. 265 563- الهيثم بن مروان بن الهيثم الدمشقي. "حرف الواو". 265 564- وثّاق بْن عَبْد اللَّه بْن وثاق الأزدي. 265 565- وصيف التركي القائد الأمير. "حرف الياء". 266 566- ياسين بن النضر القاضي النيسابوري. 266 567- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن أَبِي عبيدة الهذلي. 267 568- يحيى بن إبراهيم بن مزين القرطبي. 267 569- يحيى بن حبيب بن إسماعيل الأسدي. 268 570- يحيى بن حكيم البصري المقومي. 268 571- يحيى بن خذام الغبري السقطي. 572 269 - يحيى بن الربيع المكي. 269 573- يحيى بن زهير الفهري البغدادي. 269 574- يحيى بن السري بن يحيى الضرير. 269 575- يحيى بْن عثمان بْن سعَيِد بْن كثير الحمصي. 270 576- يحيى بن الفضل البصري الخرقي. 270 577- يحيى بْن محمد بْن معاوية المَرْوزِيّ اللُّؤْلُؤيّ. 270 578- يحيى بن محمد بن السكن البصري. 270 579- يحيى بن معاذ الرازي. 272 580- يحيى بن معلى بن منصور الرازي. 273 581- يحيى بن المغيرة المخزومي. 273 - يحيى بن واقد. 273 582- يزيد بن محمد بن المهلب البصري.

273 583- يسار بن سمير العجلي. 274 584- اليسع بن إسماعيل البغدادي الضرير. 274 585- يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن كثير بْن زيد بن أفلح. 275 586- يعقوب بن إبراهيم الكوفي. 275 587- يعقوب بن إسحاق بن البهلول. 275 588- يعيش بن الجهم الحديثي. 276 589- يوسف بن موسى بن راشد القطان. 276 590- يوسف بن موسى التستري العسكري. 277 591- يوسف بن واضح البصري المؤدب. 277 592- يوسف بن يعقوب النجاحي. 277 593- يونس بن يعقوب البغددي. "الكنى". 277 594- أبو أحمد بن هارون الرشيد. 278 595- أبو حمزة الخراساني الزاهد. 278 596- أبو العباس القلوري البصري. 278 597- أبو عبيد البسري الزاهد. 280 - المهري القيرواني. 281 فهرس الموضوعات.

المجلد العشرون

المجلد العشرون الطبقة السابعة والعشرون أحداث سنة إحدي وستين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة السابعة والعشرون: أحداث سنة إحدى وستين ومائتين: تُوُفيّ فيها: أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الرَّهاويّ الحافظ، وأحمد بْن عَبْد الله بْن صالح العجْليّ الحافظ نزيل طرابلس المغرب، وقاضي القُضاة الحَسَن بْن محمد بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وشُعيب بْن أيّوب الصَّريفينيّ، وأبو شُعيب السُّوسيّ، وعليّ بْن أشكاب، ومحمد بْن سَعِيد بْن غالب العطّار، ومسلم صاحب الصّحيح، وتمامُ خمسةٍ وخمسين رجلًا ضبطتُ وَفَيَاتهم فِي غير هَذِهِ البُقْعة. مَيْل الدَّيلم إِلَى الصّفّار: وفيها مالت الدَّيلم إِلَى يعقوب بْن اللَّيث الصّفّار، وتخلَّت عن الحَسَن بْن زَيْدٍ فأحرق الحَسَن منازلهم وصارَ إِلَى كرْمان. كتاب المعتمِد لحجّاب خراسان: وفيها كتب المعتمد كتابًا قُرِئ على من ببغداد من حُجّاج خُراسان والرِّيّ، مضمونه: انّي لم أولِّ يعقوبَ بْن اللَّيْث خُراسان، ويأمرهم بالبراءة منه. وقعة الزَّنج بالأهواز: وفيها ولّى المعتمد أبا السّاج الأهواز وحرْب صاحب الزَّنج، فسار إليها، فأقام بها. فبعث إليه قائد الزَّنج عليّ بْن أبان، وبعث إليه أبو السّاج صهره عَبْد الرحمن، فاقتتلوا وكانت وقعة عظيمة، قُتِلَ فيها القائد عَبْد الرَّحْمَن، وانحاز أبو السّاج إِلَى عسكر مكْرم، ودخل الزَّنج الأهواز، فقتلوا وسَبَوا. ولاية أَحْمَد بْن أسد: وفيها كتب المعتمد لأحمد بْن أسد بولاية بُخَارى وسَمَرْقَنْد وما وراء النهر.

هزيمة ابنُ واصل أمام ابنُ اللَّيْث: وفيها سار يعقوب بْن اللَّيْث إِلَى فارس، فالتقى هُوَ وابن واصل، فهزمه يعقوب وفَلّ عسكره، وأخذ من قلعة له أربعين ألف ألف درهم فيما بَلَغَنا. بيعة المعتمد للمفوّض: وفيها: بايع المعتمد بولاية العهد بعده لابنه المفوّض إِلَى الله، وولّاه المغرب، والشّام، والجزيرة، وأرمينية وضمّ إليه مُوسَى بْن بُغا. توليه الموفّق العهد: وولّى أخاه الموفق العهد، بعد ابنه المفوّض جَعْفَر، وولّاه المشرق، والعراق، وبغداد، والحجاز، واليمن، وفارس، وإصبهان، والرِّيّ، وخُراسان، وطَبَرسْتان، وسجِسْتان، والسِّند. وعقد لكلّ واحدٍ منهما لواءين أبيض وأسود، وشرطَ إن حَدَث به حَدَثٌ أنّ الأمر لأخيه إن لم يكن ابنه جَعْفَر قد بلغ. وكتب العهد ونفذه مع قاضي القضاة الحَسَن بن أبي الشّوارب ليعلقه فِي الكعبة، فمات الحَسَن بمكّة بعد الصَّدر. وَقِيلَ: توفّي ببغداد1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 512، 515"، الكامل "7/ 288-290"، البداية والنهاية "11/ 32-35"، النجوم الزاهرة "3/ 42، 44"، صحيح التوثيق "6/ 268".

أحداث سنة اثنتين وستين ومائتين

أحداث سنة اثنتين وستّين ومائتين: فيها تُوُفيّ: حاتم بْن اللَّيث الجوهريّ، وسعَدان بْن يزيد البِزّاز، وعَبّاد بْن الْوَلِيد العَنَزِيّ، وعُمَر بْن شَيْبة النُّميريّ، ومحمد بْن عاصم الثَّقفيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن بَهْزاد، ومحمد بْن عَبْد الله بْن المستورد البغداديّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن ميمون البغداديّ نزيل الإسكندرية، ويعقوب بْن شَيْبة السَّدوسيّ. محاربة ابنُ اللَّيْث للمعتمد وهزيمته: وفيها أعيى الخليفة أمرُ يعقوب بن اللَّيْث، فكتب إليه بولاية خراسان وجُرْجان، فلم يرضَ حَتَّى تَوَافى باب الخليفة، وأضمر فِي نفسه الحكم على الخليفة، والاستيلاء على العراق والبلاد. وعلم المعتمد قصده فارتحل من سرَّ من رَأَى فِي شهر جمادى

الآخرة، واستخلف عليها ابنه جعفرًا، وضمّ إليه محمدا المولّد. ثُمَّ نزل المعتمد بالزَّعفرانية. وسار يعقوب بْن اللَّيْث بجيشٍ لم يُرَ مثله، فَقِيلَ: كانوا سبعين ألفًا، وَقِيلَ: كَانَتْ خُرَّامِيَّة، وثِقَلُه على عشرة آلاف جمل، فدخل واسطًا فِي أواخر شهر جُمَادى الآخرة، فارتحل المعتمد من الزَّعفرانّية إلى سييب بني كوما وإيّاه مسرور البلْخيّ والعسكر. ثُمَّ زحف يعقوب من واسط إِلَى دير العاقول نحو المعتمد. فجهّز المعتمد أخاه الموفّق إِلَى حرب يعقوب، ومعه مُوسَى بْن بُغا ومسرور، فالتقى الجمعان فِي ثالث رجب بقرب دير العاقول، واقتتلوا قتالًا شديدًا، فكانت الهزيمة على الموفّق، ثُمَّ صارت على يعقوب، وولّى أصحابه مُدْبِرين. فَقِيلَ إنّهُ نهِبَ من عسكره عشرة آلاف فرس، ومن الذَّهب ألفا ألف دينار، ومن الدّراهم والأمتعة ما لا يُحصى. وخلّصوا محمد بْن طاهر، وكان مع يعقوب فِي القيود. ثُمَّ عاد المعتمد إِلَى سامُرّاء، وصار يعقوب إِلَى فارس. ورد المعتمد على محمد بن طاهر عمله، وأعطاه خمسمائه ألف درهم. نَهْب الزَّنج للبطيحة: وفيها بعث الخبيث رأس الزَّنج جيوشه عند اشتغال المعتمد إِلَى البطيحة، فنهبوها وقتلوا وأسروا. القضاء بسُرّ من رأي: وفيها ولي قضاء سرَّ مَن رَأَى عليّ بْن محمد بْن أبي الشّوارب. قضاء بغداد: وقضاء بغداد إسماعيل بْن إِسْحَاق القاضي. غَلَبَةُ ابن اللَّيْث على فارس: وفيها غلب يعقوب بْن اللَّيْث على فارس، وهرب عاملها ابنُ واصل إِلَى الأهواز، وتقوّى يعقوب.

وقوع قائد الزَّنج فِي الأسر: وفيها كَانَتْ وقعة بين الزَّنج وبين الأمير أَحْمَد بْن ليثَويْه صاحب مسرور البلْخيّ، فقتل خلقًا كثيرًا من الزَّنج، وأسر قائدهم الَّذِي يُقَالُ له: الصُّعلوك1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 516-529"، الكامل "7/ 292-304"، البداية والنهاية "11/ 35"، النجوم الزاهرة "3/ 44، 45"، صحيح التوثيق "6/ 269".

أحداث سنة ثلاث وستين

أحداث سنة ثلاثٍ وستين: تُوُفيّ فيها: أبو الأزهر أَحْمَد بْن الأزهر، وأحمد بْن حرب الطائي، والحسن بْن أبي الرَّبِيع، ومحمد بْن عليّ بن ميمون الرَّقّيّ، ومعاوية بْن صالح الأشعريّ الحافظ. استيلاء ابنُ اللَّيْث على الأهواز: وفيها سار يعقوب بْن اللَّيْث إِلَى الأهواز، وأسر الأمير ابنُ واصل، واستولى على الأهواز. وزارة ابنِ مَخْلد: وفيها استوزر الْحَسَن بْن مخلد بعد موت عُبَيْد الله بْن يحيى بْن خاقان الوزير. وزارة ابنِ وهب: ثُمَّ هرب الْحَسَن إِلَى بغداد خوفًا من مُوسَى بْن بُغا. فاستوزر سُلَيْمَان بْن وهْب. إخراج ابنُ طاهر من نيسابور: وفيها غلب أخو شركُب على نيسابور وأخرج عَنْهَا الْحُسَيْن بْن طاهر. انتصار المسلمين بالأندلس: وفيها كَانَتْ ملحمة كبيرة بالأندلس، نصر الله فيها الْإِسْلَام، واستشهد طائفة1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 530-532"، الكامل "7/ 310"، البداية والنهاية "11/ 35، 36"، النجوم الزاهرة "3/ 46، 47"، صحيح التوثيق "6/ 269".

أحداث سنة أربع وستين

أحداث سنة أربعٍ وستّين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وهْب، وأحمد بْن يوسف السُّلميّ، وأبو إبراهيم المُرّيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى. وفاة مُوسَى بْن بُغا: وَفِي المحرَّم خرج أبو أَحْمَد الموفق، ومعه مُوسَى بْن بُغا إِلَى قُتِلَ الزَّنج. فَلَمَّا نزلا بغداد مات مُوسَى وحُمِل إِلَى سامُرّاء، فَدُفِن بها. وفاة قبيحة أمِّ المعتزّ: وَفِي ربيع الأوّل تُوُفيّت قبيحة أمُّ المعتز بالله بسامُرّاء، وكان المعتمد قد أعادها إليها من مكّة وأكرمها. أسر الروم لعبد الله بْن رشيد بْن كاوس: وفيها أسرت الروم عَبْد الله بْن رشيد بْن كاوس، وكان قد دخل الروم فِي أربعة آلاف، فأوغلَ فيها وأسرَ وغنِم ورجع، فلمّا نزل البَذَنْدون أقام به ثُمَّ رحل. وتَبِعَتْه البطارقة من كلّ صَوْب وأحْدَقوا به، فنزل جماعة من المسلمين فعرقبوا دوابّهم وقاتلوا إلا خمسمائةٍ من المسلمين انهزموا، وأسر عبد الله بعدما جُرِح جراحات. الوقعة بين محمد المولدّ والزنّج: وفيها ولي واسطًا محمد المولّد، فحاربته الزَّنج، فهزمهم محمد، ثُمَّ غلبت الزَّنج ودخلت واسطًا، فهرب أهلُها حُفاةً عراةً، ونهبها الزَّنج وأحرقوها. غضب المعتمد على الوزير ابنِ وهْب: وفيها غضب المعتمد على الوزير سُلَيْمَان بْن وهْب وقيّده وانتهب أمواله، واستوزر الْحَسَن بْن مَخْلَد. عصيان الموفّق: وفيها أظهر أبو أَحْمَد الموفَّق العصيان، فشخَصَ من بغداد ومعه عَبْد الله بن

سُلَيْمَان بْن وهْب، فَلَمَّا قَرُب من سامُرّاء، تحوّل المعتمد إِلَى الجانب الغربيّ، فعسكر به. فنزل أَحْمَد بظاهر سامُراء، ثُمَّ تراسلا واصطلحا فِي آخر السنة، وأطلق سُلَيْمَان بْن وهبْ، وهرب الْحَسَن بْن مَخْلد، وأحمد بْن صالح بن شيرزاد. محنة الصوفية: وفيها كانت المحنة على الصُّوفيّة بغلام خليل1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 533-541"، الكامل "7/ 316-321"، البداية والنهاية "11/ 36، 37"، النجوم الزاهرة "3/ 47، 48"، صحيح التوثيق "6/ 270".

أحداث سنة خمس وستين

أحداث سنة خمسٍ وستّين: تُوُفيّ فيها: أَحْمَد بْن مَنْصُورٌ الرّماديّ، وإبراهيم بْن الْحَارِث البغداديّ، وإبراهيم بْن هانئ النَّيسابوريّ، وسَعْدان بْن نصر، وصالح بن أحمد بن حنبل، وعبد الله بن محمد بْن أيّوب المُخرّميّ، وعليّ بْن حرب الطائيّ، وأبو حَفْص النَّيسابوريّ الزّاهد عَمْرو بْن سَلْم، ومحمد بْن الحَسَن العسْكريّ من الأثني عشر، ومحمد بن هارون الفلّاس، وهارون بْن سُلَيْمَان الإصبهانيّ. إيقاع ابنِ طولون بسيما الطويل فِي أنطاكية: وفيها خرج أَحْمَد بْن طولون أمير مصر إِلَى الشّام، فحصَر سيما الطّويل بأنطاكيَة إِلَى أن افتتحها وقتل سِيما. التحاق المولدّ بابن الصّفّار: وفيها خامر محمد المولّد ولِحق بيعقوب بْن اللَّيْث وصار من خواصّه. القبض على سُلَيْمَان بْن وهب وابنه: وفيها قبض المعتمد على سُلَيْمَان بْن وهْب وابنه عُبَيْد الله واصطفى أموالهما، ثُمَّ صُولحا على تسعمائة ألف دينار. وزارة ابنِ بُلْبُل: واستوزر إِسْمَاعِيل بن بلبل.

وفاة يعقوب بْن اللَّيْث: وفيها مات يعقوب بْن اللَّيث الصّفّار المتغلّب على خُراسان، وغيرها. تُوُفيّ بالأهواز، فخلفه أخوه عَمْرو بْن اللَّيْث، ودخل فِي الطاعة. إطلاق ملك الروم لعبد الله بْن كاوس: وفيها بعث ملك الروم بعبد الله بْن كاوس الَّذِي كان عامل الثغور فأسروه، مع عدّة مصاحف كانوا أخذوها من أَهْل أَذَنَة، إِلَى أحمد بْن طولون. عصيان الْعَبَّاس على أَبِيهِ أَحْمَد بْن طولون: ولما خرج أَحْمَد بْن طولون إِلَى الشّام قام ابنه الْعَبَّاس وجماعة من أمرائه فأخذ أموال أَبِيهِ وحَشَمه، وتوجّه نحو بَرْقَةَ إِلَى إفريقية، فنهب وفتك، فانتدب لحربه إلياس بْن مَنْصُورٌ النقرشيّ رأس الإباضيّة فِي اثني عشر ألفًا، وبعث صاحب أفريقية إيراهيم بْن أَحْمَد بن الأغلب جيشًا كثيفًا مع مولاه، فأطبق الجيشان على الْعَبَّاس فباشر الحرب بنفسه، وقُتِلت صناديده، ونُهِبَت خزائنه، وعاد إِلَى بَرْقَةَ. فبعث أَبُوهُ جيشًا فأسروه، وحملوه إِلَى أَبِيهِ، فقيدَّه وحبسه، وقتل جماعة ممّن كان حسَّن له العصْيان. دخول الزَّنج النُّعمانيّة: وفيها دخلت الزَّنج النُّعمانيّة، فأحرقوا وسبوا وقتلوا. استنابة الموفّق لعمرو بْن اللَّيْث على الولايات: وفيها استناب الموفّق عَمْرو بْن اللَّيْث على خُراسان، وكَرْمان، وفارس، وبغداد، وإصبهان، والسِّند، وسِجِسْتان، وبعث إليه بالتّقليد والخِلَع العظيمة. وَقِيلَ، إنّ تَرِكَةَ أَخِيهِ يعقوب بْن اللَّيْث بلغت ألف ألف دينار وخمسين ألف ألف درهم ونُقل فَدُفِن بجُنْدَيْسابور وكُتِب على قبره: هَذَا قبر المسكين. وتحته: أحسَنْتَ ظنَّك بالأيّام إذ حَسُنَتْ ... ولم تَخَفْ سُوء ما يأتي به القَدَر فسالمَتْك اللّيالي فاغْتَرَرْت بها ... وعند صَفْوِ اللَّيَالِي يحدُث الكدر1

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 542، 543"، والكامل "7/ 316-328"، والبداية والنهاية "11/ 37، 38"، والنجوم "3/ 48، 51"، وصحيح التوثيق "6/ 271".

أحداث سنة ست وستين

أحداث سنة ستٍّ وستّين: فيها تُوُفيّ: إِبْرَاهِيم بْن أُورَمَة الحافظ، وصالح بْن أَحْمَد بْن حنبل بخُلْف، وهذا أصّح، ومحمد بْن شجاع الثلْجيّ الفقيه، ومحمد بْن عَبْد الملك الدّقيقيّ، وأبو السّاج الأمير. نيابة عُبَيْد الله بْن طاهر على شرطة بغداد: وفيها كتب عَمْرو بْن اللَّيْث الصّفّار إِلَى عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بن طاهر بأن يكون نائبه على شرطة بغداد. وصول الروم إِلَى ديار ربيعة: وفيها وصلت عساكر الروم إِلَى ديار ربيعة، فقتلت جماعة من المسلمين، وهرب أهل الجزيرة والمَوْصِل. استعمال ابنِ أبي الساج على الحَرَمَيْن: وفيها استعمل الموفّق على الحَرَمَيْن محمد بْن أبي السّاج. وقعة الزَّنْج بعسكر الخليفة: وفيها كَانَتْ وقعة بين الزَّنج وعسكر الخليفة، وظهرت الزَّنج، لعنهم الله. مقتل الكرخي أمير حمص: وفيها قتل أَهْل حمص أميرهم الكرْخيّ. دعوة الحسن الأصغر لنفسه: وفيها دعا الْحَسَن بْن محمد بْن جَعْفَر الأصغر أَهْل طَبَرِسْتان إِلَى نفسه.

هزيمة الْحَسَن بْن زَيْدٍ: وفيها سار أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ إِلَى الْحَسَن بْن زَيْدُ، فهزمه أَحْمَد. مقتل ابنِ الأصغر: ثُمَّ سار الْحَسَن بْن زَيْدُ إِلَى الْحَسَن بن الأصغر، واحتال عليه حَتَّى قتله. الحرب بين الخُجُسْتانيّ وابن اللَّيث: وفيها حارب أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ عَمْرو بن اللَّيث، وظهر على عَمْرو، ودخل نَيْسابور، وقتل جماعة ممّن كان يميل إِلَى عَمْرو. انتهاب الأعراب كسوة الكعبة: وفيها وثبت الأعراب على كُسْوَة الكعبة فانتهبوها، وأصاب الوفد شدّة منهم. دخول الزَّنج رامهُرْمُز: وفيها دخلت الزَّنج رامهُرْمُز، فاستباحوها قتْلًا وسبيًا، فلا قوّة إلا بالله1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 549-556"، والكامل "7/ 332-335"، والبداية والنهاية "11/ 38-40"، والنجوم "3/ 50"، وصحيح التوثيق "6/ 273".

أحداث سنة سبع وستين

أحداث سنة سبعٍ وستّين: فيها تُوُفيّ: إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله السَّعديّ، وإسماعيل بن عَبْد الله سَمّوَيْه، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم الفارسيّ شاذان، وبحر بن نصر الخولانيّ، وعباس الرَّبعيّ، ومحمد بْن عزيز الَأيْليّ، ويحيى بْن الذُّهْليّ، ويونس بْن حبيب الإصبهانيّ. وقْعة الزَّنج: وفيها دخلت الزَّنج واسطًا، فاستباحوها وأحرقوا فيها، فجهّز الموفّق ابنه أبا الْعَبَّاس فِي جيشٍ عظيم، فكان بينه وبين الزَّنج وقْعة فِي المراكب فِي الماء، فهزمهم أبو الْعَبَّاس، وقتَل فيهم وأسر وغرَّق سُفُنَهم، وكان ذلك أوَّل النّصر. فنزل أبو الْعَبَّاس واسطًا

واجتمع قوّاد الخبيث صاحب الزَّنج سُلَيْمَان بْن مُوسَى الشّعْرانيّ، وعليّ بْن أبان، وسليمان بْن جامع، وحشدوا وأقبلوا، فالتقاهم أبو الْعَبَّاس، فهزمهم وفرَّقهم، ثُمَّ واقَعَهم بعد ذلك، فهزمهم أيضًا ومزَّقهم. ثُمَّ دامت مُصابَرَة القتال بينهم شهرين، ثُمَّ قذف الله الرُّعب فِي قلوب الزَّنج من أبي الْعَبَّاس وهابوه. وتحصّن سُلَيْمَان بْن جامع بمكان، وتحصّن الشّعْرانيّ بمكانٍ آخر. فسار أبو الْعَبَّاس وحاصر الشّعْرانيّ، وجَرَت بينهم حروب صعْبة، إِلَى أن انهزمت الزَّنج، ورجع أبو الْعَبَّاس بجيوشه سالمًا غانمًا. وكان أكثر قتالهم فِي المراكب والسّماريّات، وغرق من الزَّنج خلْق سوى من قُتِلَ وأُسِر. ثُمَّ سار الموفَّق من بغداد في جيوشه فِي السُّفن والسّماريّات فِي هيئةٍ لم يُرَ مثلها إِلَى واسط. فتلّقاه ولده أبو الْعَبَّاس، ثُمَّ سارا إِلَى قتال الزَّنج ليستأصلوهم، فواقعهم، فانهزم الزَّنج واستُنْقِذ منهم من المسلمات نحو خمسة آلاف امْرَأَة، وهُدِمت مدينة الشَّعْرانيّ فهرب فِي نفرٍ يسير مسلوبًا من الأهل والمال، وَوَصَلَ إِلَى المذار، فكتب إِلَى الخبيث سلطان الزَّنج بما جرى، فتردَّد الخبيث إِلَى الخلاء مرارًا فِي ساعة، ورجف قوّاده وتقطّعت كبدُه، وأيقن بالهلاك. ثُمَّ إنّ الموفَّق سَأَلَ عن أصحاب الخبيث، فَقِيلَ له: مُعْظَمهُم مع سُلَيْمَان بْن جامع فِي بلد طَهِيثا، فسار الموفَّق إليها، وزحف عليها بجنوده، فالتقاه سُلَيْمَان بْن جامع وأحمد بْن مهديّ الْجُبائيّ فِي جموع الزَّنج، ورتّب الكُمَنَاء واستحرَّ القتال، فرمى أبو الْعَبَّاس بْن الموفق لأحمد بْن مهديّ بسهمٍ فِي وجهه هلك منه بعد أيامٍ. وكان أبو الْعَبَّاس راميًا مذكورًا. ثُمَّ أصبح الموفَّق على القتال، وصلّى وابتهل إِلَى الله بالدّعاء، وزحف على البَلْدَة، وكان عليه خمسة أسوار، فَمَا كَانَتْ إلّا ساعة وانهزمت الزَّنج، وعمل فيهم السّيف وغرق أكثرهم. وهرب سُلَيْمَان بْن جامع. واستنقذ الموفَّق من طَهِيثا نحو عشرة آلاف أسير فسيرهم إِلَى واسط، وأخذ من المدينة تُحَفًا وأموالًا، بحيث استغنى عسكره، وأقام بها الموفَّق أيّامًا ثُمَّ هدَمها. مسير الموفَّق إِلَى الأهواز: وكان المهلَّبيّ مقيمًا بالأهواز فِي ثلاثين ألف من الزَّنج، فسار إليها الموفَّق، فانهزم

المهلَّبيّ وتفرَّق جَمْعُه، وانهزم بَهْبُوذ الزَّنجيّ، وبعثوا يطلبون الأمان؛ لأنه كان قد ظفر بطائفةٍ كبيرة من أصحاب الخبيث وهو بنهر أبي الخصيب. تمهيد الموفَّق للبلاد: ثُمَّ سار الموفَّق إِلَى جُنْدَيْسابور ثُمَّ إِلَى تُسْتَر فنزلَها، وأنفق في الجند والموالي، ثم رحل عسكر مُكْرَم ومهّد البلاد، ثُمَّ رجع وبعث ابنه أَبَا الْعَبَّاس إِلَى نهر أبي الخصيب لقتال الخبيث. فبعث إليه الخبيث سُفُنًا، فاقتتلوا، فهزمهم أبو الْعَبَّاس، واستأمن إليه القائد مُنْتاب الزَّنجيّ، فأحسنَ إليه. موقعة المختارة: وكتب الموفَّق كتابًا إِلَى الخبيث يدعوه إِلَى التَّوبة إِلَى الله والإنابة إليه ممّا فعل من سَفْك الدّماء وسبي الحريم وانْتِحال النبوَّة والوحي، فَمَا زاده الكتاب إلّا تجبرًا وعتوًَّا. وَقِيلَ: إنه قَتَلَ الرَّسُول، فسار الموفَّق فِي جيوشه إِلَى مدينة الخبيث بنهر أبي الخّصِيب، فأشرف عليها، وكان قد سمّاها المختارة، فتأمّلها الموفَّق ورأى حصانتها وأسوارها وخنادقها، فرأى شيئًا لم ير مثله، ورأى من كثرة المقاتلة ما استعظمه، ورفعوا أصواتهم، فارتجّت الأرض، فرشقهم ابنه أبو الْعَبَّاس بالنّشّاب، فرموه رميةٌ واحدة بالمجانيق والمقاليع والنّشّاب، فأذهلوا الموفَّق، فرجع عَنْهُمْ، وثبت أبو الْعَبَّاس. واستأمنَ جماعة من أصحاب الخبيث إِلَى أبي الْعَبَّاس فأحسن إليهم، ثُمَّ استأمن منهم بشرٌ كثير، فخلع على مقدَّمهم. فَلَمَّا كان فِي اليوم الثّاني جهّز الخبيث بَهْبُوذ فِي السماريّات، فالتقاه أبو الْعَبَّاس، فاقتتلوا، فأصاب بهبوذ طعنتان ونشّاب، فهرب إِلَى الخبيث، ورجع أبو أَحْمَد إِلَى معسكره بنهر الْمُبَارَك ومعه خلق قد استأمنوا. فَلَمَّا كان في شعبان برز الخبيث في ثلاثمائة ألف فارس وراجل، فركب الموفَّق فِي خمسين ألفًا، وكان بينهم النهَّر، فنادى الموفَّق بالأمان لأصحاب الخبيث، فاستأمن إليه خلق كثير، ثُمَّ انفصل الجمعان عن غير قتال.

بناء الموفقيّة: ثُمَّ بنى الموفَّق مدينة بإزاء مدينة الخبيث على دجلة وسمّاها الموفَّقيّة، وجمع عليها خلائق من الصُّنّاع، وبنى بها الجامع والأسواق والدُّور، واستوطنها النّاس للمعاش. وكان عدد من استأمن فِي شهرين خمسين ألفًا من جيش الخبيث، ما بين أبيض وأسود. الوقعة بين أبي الْعَبَّاس والخبيث: وَفِي شوّال كَانَت الوقعة بين أبي الْعَبَّاس والخبيث، قُتِلَ منهم خلقًا كثيرًا. وذلك لأن الخبيث انتخب من قوّاده خمسة آلاف، وأمرهم أن يعدّوا فيتبيّنوا عسكر الموفَّق، فَلَمَّا عبروا بلغ الموفَّق الخبر من ملّاح، فأمر ابنه بالنّهوض إليهم، فَنُصِر عليهم وصلبهم على السُّفن، ورمى برءوس القتلى فِي المناجيق إِلَى مدينة الخبيث، فذُلّوا. اقتحام الموفق مدينة الخبيث: وَفِي ذي الحجة عبر الموفَّق بجيوشه إِلَى مدينة الخبيث، وكان الزَّنج قبل ذلك قد ظهروا على أبي الْعَبَّاس، وقتلوا من أصحابه جماعة، فدخل الموفَّق بجميع جيوشه ودار حول المدينة، والزَّنج يَرمونهم بالمجانيق وغيرها. فنصَبَ المسلمون السّلالم على السّور وطلعوا ونصبوا أعلام الموفَّق، فانهزم الزَّنج، وملك أصحاب الموفَّق السُّور، فأحرقوا المجانيق والسّتائر. وجاء أبو الْعَبَّاس من مكانٍ آخر، فاقتحم الخنادق، وثَلَم السُّور ثُلْمةً اتّسع منها الدّخول. وانهزم الخبيث وأصحابه، وجُنْدُ الموفَّق يتبعونهم إِلَى اللّيل. ثُمَّ عاد الخبيث إِلَى المدينة، وعدّى الموفَّق إِلَى عسكره، وتراجع أصحاب الخبيث ثم رمم ما هوى من الأسوار والخنادق. استيلاء الخُجُسْتانيّ على الولايات وضربه السكّة: وفيها: استولى أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ على خُراسان، وكرْمان،

وسِجِسْتان، وعزم على قصْد العراق، وضربَ السِّكّة باسمه، وعادَ على الوجه الآخر اسم المعتمد. حبْس ابنُ المدبّر ومصادرته: وفيها حبس أَحْمَد بْن طولون أَحْمَد بْن المدبّر الكاتب وصادره، وأخذ منه ستّمائة ألف دينار. وكان يتولى خراج دمشق1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 557-600"، الكامل "7/ 344-356"، البداية "11/ 38، 39".

أحداث سنة ثمان وستين ومائتين

أحداث سنة ثمانٍ وستّين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أبو الْحَسَن أَحْمَد بْن سيّار المَرْوَزِيّ، وأحمد بْن شَيْبَان الرمليّ، وأحمد بْن يُونُس الضَّبّيّ الإصبهانيّ، وعيسى بْن أَحْمَد العسقلانيّ البلخيّ، والفضل بْن عَبْد الجبّار المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بن عبد الحَكَم الفقيه. استئمان جَعْفَر بْن إِبْرَاهِيم للموفقّ: وَفِي المُحرّم استأمن إِلَى الموفَّق جَعْفَر بْن إِبْرَاهِيم السّجَان، وكان صاحب أسرار الخبيث وأحد خواصه، فخلع عليه الموفَّق وأعطاه مالًا كثيرًا، وأمر بحمله إِلَى قريب مدينة الخبيث. فَلَمَّا حاذى قصر الخبيث صاح: ويْحكم إِلَى مَتَى تصبرون على هَذَا الخبيث الكذّاب. وحدَّثهم بما اطَّلع عليه من كِذبه وفجوره، فاستأمن فِي ذلك اليوم خلْق كثير منهم. وتتابع النّاس فِي الخروج من عند الخبيث. دخول جُند الموفَّق مدينة الزَّنج: وَفِي ربيع الآخر زحف الموفَّق على مدينة الخبيث، وَهدم مِن السّور أماكن، ودخل الْجُنْد من كلّ ناحية واغترّوا، فخرج عليهم أصحاب الخبيث، فتحيَّروا فِي الخروج، وبعض النّاس طلب الشّطّ فغرقوا. ورد الموفَّق إِلَى مدينة الموفّقيّة، وقد أُصيب أصحابه. ثُمَّ ضيّق على الخبيث، وقطع عَنْهُ الميرة، فضاق بأصحابه الأمر حَتَّى أكلوا لحوم الكلاب والموتى، وهرب خلْق، فسألهم الموفَّق، فقالوا له: لنا سنة ما أكلنا الخبز.

مقتل بَهْبُوذ: فَلَمَّا كان رجب قُتِلَ بَهْبُوذ، وكان أكبر قوّاد الخبيث. دخول ابنِ حَوْشب طولون: فِي هَذَا العام دخل أبو القاسم الْحَسَن بْن فرح بْن حَوْشب اليمن داعيًا من قبل عُبَيْد الله الَّذِي ملك المغرب، وتسمّى، بالمهديّ. عصيان لؤلؤ لابن طولون: وفيها عصى لؤلؤ مَوْلَى أَحْمَد بْن طولون وخامر على أستاذه، فنهب بالسن فِي الرَّقَّة وقَرْقِيسيا، وسار إِلَى العراق. قَتْلُ ابْنِ صاحب الزَّنْج: وبلغ الخبيث أنّ ابنه يريد الهروب إِلَى الموفَّق فقتله. قَتْلُ الخُجُسْتانيّ: وفيها قُتِلَ أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ الخارج بخراسان، قتله غلمانٌ له فِي آخر السنة. غزوة خَلَف التركيّ ثغور الروم: وفيها غزا خلف التُّركي نائب أَحْمَد بْن طولون على ثغور الشّام، فقتل من الروم بضعة عشر ألفًا وغنِم، فبلغ السهم أربعين دينارًا1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 601، 612"، الكامل "7/ 364-372"، "11/ 42"، النجوم "3/ 54-56"، صحيح التوثيق "6/ 277".

أحداث سنة تسع وستين ومائتين

أحداث سنة تسعٍ وستّين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن عَبْد الحميد الحارثيّ، وحُذَيْفة بْن غِياث، وإبراهيم بْن منقذ الخَوْلانيّ، وعبد الله بْن حمّاد الآمُليّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم، أبو حَمْزَةَ الصُّوفيّ، وأبو فَروة يزيد بْن محمد بْن يزيد بْن سِنان. كسوف الشمس والقمر: وَفِي المحرّم انكسفت الشمس والقمر غارة الأعراب على الحجّاج: وفيها قطعت الأعراب الطريق على الحُجّاج، فأخذت خمسمائة جمل بأحمالها. وثوب خَلَف الفرغاني على يازمان الخادم: وفيها وثب خلف الفرغانيّ على يازمان خادم الفتح بْن خاقان، فحبسه بالثّغْر فوثب أَهْل الثّغر فخلَّصوه، وَهَمُّوا بقتل خَلَف، فهرب إِلَى دمشق، ولعنوا ابْنَ طولون على منابر الثَّغر، فسار أَحْمَد بْن طولون من مصر حَتَّى نزل أَذَنَةَ، وقد تحصّن بها يازمان الخادم، وفعل ذلك أَهْل طَرَسُوس، فأقام ابنُ طولون مدّة على أَذَنَة، فلم يظفْر بها بطائل، فعاد إِلَى دمشق. أَخْذُ لؤلؤ قرقيسيا من العُقَيليّ: وفيها افتتح لؤلؤ قرقيسيا عنوة، وأخذها من ابن صفوان العقيلي، وسلمها إلى أحمد بن مالك بن طوق. دخول الموفق مدينة صاحب الزنج: وفيها دخل الموفَّق مدينة الخبيث عَنْوَة. وكان الخبيث عند قُتِلَ بَهْبُوذ أَخَذَ تَرِكَتَه وأمواله، وضربَ أقاربه بالسِّياط، ففسدت نيّات خواصّه لذلك، فعبر الموفَّق المدينة ونادى بالأمان فتسارع إليه أصحاب بَهْبُوذ، فأحسنَ إليهم، ثُمَّ دخل المدينة بعد حربٍ شديد، وقصدَ الدّار الّتي سماها الخبيث جامعًا، فقاتل أصحابه دونه أشد القتال، فهدموها وأتوا بالمِنْبَر الَّذِي للخبيث، ففرح وخرج إِلَى مدينته بعد أن نهب خزائن الخبيث، وأحرق الأسواق والدُّور. وذلك فِي جمادى الأولى. وَرُمِيَ يومئذٍ الموفَّق بسهمٍ فجرحه، ثُمَّ أصبح على القتال، فزاد عليه الألم بالحركة، وخيف عليه، وخافوا قوّة الخبيث عليهم، وأشاروا عليه بالرحيل إِلَى بغداد، فأبى وتصبَّر حَتَّى عُوفي وعاد لحرب الخبيث، وقد رمّم الخبيث ما وَهَى من مدينته.

عزم المعتمد على اللّحاق بمصر: وَفِي نصف جُمادى الأولى شخص المعتمد من سرَّ من رَأَى يريد اللّحاق بابن طولون لأمرٍ تقرَّر بينهما. قَالَ أَحْمَد بْن يوسف الكاتب: خرج أَحْمَد بْن طولون من مصر، وحمل معه ابنه الْعَبَّاس معتَقَلًا، فقدِم دمشق، وخرج المعتمد من سامُراء على وجه التّنزُّه، وقصْدُه دمشق لاتّفاق جرى بينه وبين ابنُ طولون على المعتمد لم يبق منكم مَعْشَر الموالي اثنان. فاجتهد فِي ردّه. وكان ابنُ كُنْداج فِي نصِّيبين فِي أربعة آلاف، فصار إِلَى المَوْصِل، فوجد حرّاقات المعتمد وقُوّاده بموضعٍ يُقَالُ له الدَّواليب، فوكَّل بهم هناك، وسار فلقي المعتمد بين المَوْصِل والحديثة، فخرج إليه نحرير الخادم، وسلَّم عليه واستأذن فأُذِنَ له، فدخل ابنُ كنْداج ومعه ابنه محمد وجماعة يسيرة، فسلَّم ووقف، وقَالَ: يا إِسْحَاق لِمَ منعت الحَشَم من الدّخول إِلَى المَوْصِل؟ وكان ينزلها أَحْمَد بْن خاقان وخطارمِش، فقال: يا أمير المؤمنين أخوك فِي وجه العدوّ، وأنت تخرج عن مستقرّك ودار مُلْكك، ومتى صحّ كتاب أخيك يأمرنا بردّك. فقال: أنت غلامي أو غلامه؟ فقال: كلُّنا غلمانك ما أطعت الله، فإذا عصيته فلا طاعة لك وقد عصيت الله فيما فعلت من خروجك، وتسليط عدوّك على المسلمين. ثُمَّ خرج من المضرب ووكّل به جماعة. ثُمَّ بعث إِلَى المعتمد يطلب ابنَ خاقان وخطارمِش لِيُنَاظِرهما. فبعث بهما إليه فقال: ما جنى أحد على الْإِسْلَام والخليفة ما جنيتم، فلِمَ أخرجتموه من دار مُلْكه فِي عدّةٍ يسيرة، وهارون الشّاري بإزائكم فِي جمعٍ كبير؟ فلو حضركم وأخذ الخليفة لكان عارًا وسبَّةً على الْإِسْلَام. ثُمَّ رسّم عليهم، وبعث إِلَى الخليفة يقول: ما هَذَا المقام، فارجع. فقال المعتمد: فأخلف لي أنّك تنحدر معي ولا تسلّمني. فحلف له، وانحدر إِلَى سامراء، فتلقّاه صاعد بْن مَخْلد كاتب الموفَّق، فسلّمه إِسْحَاق إليه، فأنزله في دار أحمد ابن الخصيب، ومنعه من نزول دار الخلافة، ووكّل به خمسمائة رَجُل يمنعون من الدّخول إليه.

وأمّا الموفَّق فبعث إِلَى إِسْحَاق بخلعٍ وأموالٍ، وأقطعه ضياع القُوّاد الذين كانوا مع المعتمد. وقَالَ الصُّوليّ: كان المعتمد قد ضجر من أَخِيهِ الموفَّق، فكاتب ابنُ طولون واتّفقا فذكر الحكاية. وقَالَ المعتمد: أليس من العجائب أنّ مثلي ... يَرَى ما قلَّ ممتنعًا عليه؟ وتُوكَلُ باسمه الدُّنيا جميعًا ... وما من ذاك شيءٌ في يديه؟ تلقيت ذي الوزارتين وذي السَيفين: ولقّب الموفَّق صاعدًا: ذا الوزارتين، ولقب ابنُ كُنْداج: ذا السَّيفين. وأقام صاعد فِي خدمة المعتمد، ولكن ليس للمعتمد حلّ ولا ربْط. مصادرة ابنُ طولون للقاضي بكار بْن قُتَيْبَةَ: ولمّا بلغ ابنُ طولون ذلك جمع القُضاة والأعيان وقَالَ: قد نكث الموفَّق أبو أَحْمَد بأمير المؤمنين فاخلعوه من العهد. فخلعوه إلّا القاضي بكّار بْن قُتَيْبة؛ فقال: أنت أوردت عليَّ كتابًا من المعتمد بولاية العهد، فأورِدْ عليَّ كتابًا آخر منه بخلْعه. فقال: إنّه محجورٌ عليه ومقهور. فقال: لا أدري. فقال ابنُ طولون: أغرّك النّاس بقولهم: ما فِي الدُّنيا مثل بكّار؛ أنت شيخ قد خرَّفت. وحبسهُ وقيّدهُ، وأخذ منه جميع عطاياه من سنين، فكان عشرة آلاف دينار، فَقِيلَ: إنّها وُجدت فِي بيت بكّار بختمْها وحالها. وبلغ الموفَّق فأمر بلعنة ابنُ طولون على المنابر. سير ابنُ طولون إِلَى المصّيصة وتراجعه: وفيها سار ابنُ طولون إِلَى المصِّيصة. وبها يازمان الخادم، فتحصّن ونزل ابنُ طولون بالمَرْج والبردُ شديد. فشقّ عليه يازمان نهر طَرَسُوس، فغرق المرج وهلك عسكر ابن طولون، فرحل وهو خائف، فخرج أَهْل طَرَسُوس فنهبوا بقايا عسكره،

ومرِض فِي طريقه مرضته الّتي مات فيها مغبونًا. ولاية ابنُ كُنْداج: وولّي الموفَّق إِسْحَاق بْن كُنْداج المغرب كلّه والعراق كلّه، وما كان بيد أَحْمَد بْن طولون. إحراق قطعة من بلد الزَّنج: وفيها عبر الموفَّق إِلَى الخبيث وأحرق قطعة من البلد، وجرح ابنُ الخبيث وكاد يتلف. الوقعة بين الموفق وبين الزَّنج: وَفِي شوّال كَانَتْ بين الموفَّق والخبيث وقعةٌ عظيمة. ولمّا رَأَى الخبيث أنّ الميرة قد انقطعت عَنْهُ وصعُب أمره، وقلّ عنده الشيء، حَتَّى كان أحدهم إذا وقع بامرأة أو صبيّ ذبحه وأكله. وكان الخبيث يعاقب من يفعل ذلك لكنْ بحبسه. ثُمَّ إنّ الموفَّق أحرق عامّة البلد وقصر الإمارة، وخافت الزَّنج، فقاتلوا قتالًا شديدًا، ثُمَّ انهزموا، وعبر الخبيث إِلَى الجانب الشرقيّ من نهر أبي الخصيب، واستأمن إِلَى الموفَّق جماعة من القُوّاد أصحاب الخبيث وخاصّته، وفتحوا سجنًا كبيرًا كان للخبيث فِيهِ خلْق من عساكر المسلمين وأصحاب الموفَّق، فأطلقوهم. دخول المعتمد واسط: وَفِي ذي القعدة دخل المعتمد إلى واسط. دخول الموفٌّق مدينة صاحب الزَّنْج وتخريب داره: وفيه سارت السُّفن والسّماريات وجيوش الموفَّق على ترتيب لم يُرَ مثله كثْرةً وأُهْبةً، فَلَمَّا رَأَى الخبيث ذلك بَهره وزال عقله. وزحف الجيش نحو الخبيث، فالتقاهم فِي جيشه، والْتحم القتال، وحمل الموفَّق وابنه والخواصّ، فهزموا الزَّنج، وقتلوا منهم مقتلةً هائلة، وأسروا خلقًا، فَضُرِبَتْ أعناقهم. وقصد الموفَّق دار الخبيث، وقد التجأ

إليها، وانتحب أنجاد أصحابه ليدافعوا عَنْهَا، فَلَمَّا لم يُغْنوا عَنْهُ شيئًا أسلمها، وتفرّق عَنْهُ أصحابه، ونُهِبَتْ داره وحُرَمُه وأولاده، فهرب الخبيث نحو دار المهلّبيّ قائده. وأُتِيَ بحريمه وذرِّيتّه فكان عددهم أكثر من مائة، فأمر الموفَّقٌ بحملهم إِلَى الموفَّقيّة وأحسن إليهم، وأمر بإحراق دار الخبيث. وكان عنده نساء علويّات وحرائر قد استباحهنّ، وجاءه منهنّ أولاد1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 613-653"، والكامل "7/ 377-396"، والبداية "11/ 42، 43"، والنجوم "3/ 57، 58"، وصحيح التوثيق "6/ 280".

أحداث سنة سبعين ومائتين

أحداث سنة سبعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن طولون صاحب مصر، وأحمد بْن عَبْد الله بْن البَرْقيّ، وأحمد بْن المقدام الهَرَويّ، وإبراهيم بْن مرزوق البصريّ، وأسد بْن عاصم، وبكّار بْن قُتَيْبَةَ القاضي، والحسن بْن عليّ بْن عفان العامريّ، وداود الظّاهريّ الفقيه، والربيع بْن سُلَيْمَان المراديّ، وزكريّا بْن يحيى المَرْوَزِيّ، وعبّاس بْن الْوَلِيد البَيروتيّ، وأبو البَخْتَرِيّ عَبْد الله بْن محمد بْن شاكر، ومحمد بن إِسْحَاق الصّغانيّ، ومحمد بْن ماهان، ومحمد بْن مُسْلِم بْن وَارَةَ، ومحمد بْن هشام بْن ملّاس. مقتل صاحب الزَّنج: وفيها وصل لؤلؤ الطُّولوني فِي جيشٍ عظيم نجدةً للموفق فِي المحرّم، فكانت بين الموفَّق وبين الخبيث وقعةٌ أوهنت الخبيث، ثُمَّ وَقْعَةٌ أخرى قُتِلَ فيها الخبيث وعجل الله بروحه إِلَى النّار. وهو عليّ بْن محمد المدَّعي أنّه علويّ، وَقِيلَ: اسمه بَهْبُوذ. قد ذكرنا وقائعه مع الموفَّق وحصاره الزّمن الطّويل له، إِلَى أن اجتمع مع الموفَّق زهاء ثلاثمائة ألف مقاتل مطَّوّعة وَفِي الديوان. فَلَمَّا كان فِي ثاني صفر، وقد التجأ الخبيث إِلَى جبلٍ ثُمَّ تراجع هُوَ وأصحابه إِلَى مدينتهم خُفْية، وجاءت مقدّمات الموفَّق، فَلَمَّا وصلوا إِلَى المدينة لم يَدْرُوا أنّهم قد رجعوا إليها، فأوقعوا بهم، فانهزم الخبيث وأصحابه، وتبعهم أصحاب الموفَّق يأسرون ويقتلون، وانقطع الخبيث فِي جماعةٍ من قوّاده وفرسانه، وفارقه ابنه انكلائي، وسليمان ابن جامع، فظفر أبو الْعَبَّاس بن الموفَّق بابن جامع، فكبّر النّاس لمّا أتى به إِلَى أبيه.

ثُمَّ شدّ الخبيث وأصحابه، فأزال النّاس عن مواقفهم، فحمل عليه الموفَّق فانهزموا وتَبِعهم إِلَى آخر نهر أبي الخصيب، فبينا القتال يعمل إذ أتى فارس من أصحاب لؤلؤ إِلَى الموفَّق برأس الخبيث فِي يده، فلم يصدّقه فعرضه على جماعةٍ فعرفوه. فترجل الموفَّق وابنه والأمراء وخرّوا سجَّدًا لله، وكبّروا وحمدوا الله تعالى. وَقِيلَ: إنّ أصحاب الموفَّق لمّا أحاطوا به لم يبق معه إلّا المهلَّبيّ، ثُمَّ ولّى وتركه، فقذف نفسه فِي النّهر فقتلوه. وسار أبو الْعَبَّاس ومعه رأس الخبيث على رمحٍ فدخل به بغداد، وعُمِلت قِباب الزّينة، وضجّ النّاس بالدّعاء للموفَّق وولده. وكان يومًا مشهودًا. وأمِن النّاس وتراجعوا إِلَى المدن الّتي أخذها الخبيث. وكان ظهوره من سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ الصُّولي إنّه قتَل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف آدميّ، وقتل فِي يومٍ واحدٍ بالبصرة ثلاثمائة ألف. وكان له منبرٌ فِي مدينته يصعد ويسبّ عُثْمَان وعليّ ومعاوية وطلحة والزُّبير وعائشة، وهو رَأَى الأزارقة1. وكان ينادى على المرأة العلوية بِدرْهَمين وثلاثةٍ فِي عسكره، وكان عند الواحد من الزَّنج العشرة من العلويّات يطأهنّ وتخدمن نساءهنّ. ومدح الشعراء الموفَّق. عودة المعتمد إِلَى سامُرّاء: وَفِي نصف شعبان أعيد المعتمد إِلَى سامراء، ودخل بغداد ومحمد بْن طاهر بْن يديه بالحربة والحسن فِي خدمته كأنْ لم يُحْجَر عليه. انبثاق بثق بنهر عِيسَى: وفيها انبثق ببغداد فِي الجانب الغربي فِي نهر عِيسَى بثقٌ، فجاء الماء إِلَى الكَرْخ، فهدم سبعة آلاف دار.

_ 1 الأزارقة: إحدى فرق الخوارج الضالة.

ظهور الحسني بالصعيد ومقتله: وفيها ظهر أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن إبْرَاهِيم بْن عبد الله بْن الحسني بالصعيد، وتبعه خلْق. فجهّز أَحْمَد بن طولون لحربه جيوشًا، وكانت بينهم وقعات وظفروا به وأتوا ابنُ طولون فقتله. ومات بعده ابنُ طولون بيسير. ظهور دعوة المهديّ باليمن: وفيها ظهرت دعوة المهديّ باليمن، وكان قبلها بنحو سنين قد سيّر والدهُ عُبَيْد، جدّ بني عُبَيْد الخلفاء المصرييّن الرَّوافض المَلاحِدة الَّذِي زعم أنّه ابنُ محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر الصادق، داعين لولده عَبْد الله المهديّ، أحدهما أبو القاسم بْن حَوْشَب الكوفي، والآخر أبو الْحَسَن، فَدَعَوْا إِلَى المهدي سرًّا. ثُمَّ سيّر والد المهديّ داعيًا آخر يُسمّى أَبَا عَبْد الله، فأقام باليمن إِلَى سنة ثمانٍ وسبعين، فحجّ تلك السنة، واجتمع بقبيلة من كُتامة، فأعجبهم حاله، فصحبهم إلى مصر، ورأى منهم طاعةً وقوّة، فصحبهم إِلَى المغرب، فكان ذلك أوّل شأن المهديّ. هزيمة الروم عند طَرَسُوس: وفيها نازلت الرّوم طَرَسُوس فِي مائة ألف وبها يازمان الخادم، فبيَّتهم ليلًا وقتل مقدّمهم وسبعين ألفًا. وأخذ منهم صليبهم الأكبر وعليه جواهر لا قيمة لها، وأخذ من الخيل والأموال والأمتعة ما لا ينحصر، ولم يُفِلت منهم إلّا القليل؛ وذلك فِي ربيع الأوّل. وكان فتحًا عظيمًا عديم المثيل منَّ الله به على الْإِسْلَام يوازي قتل الخبيث. والحمد لله وحده1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 654-667"، والكامل "7/ 399-406"، والبداية "11/ 44، 45"، والنجوم الزاهرة "3/ 59-61"، وصحيح التوثيق "6/ 282".

تراجم أهل هذه الطبقة على حروف المعجم

تراجم أهل هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: حَرْفُ الأَلِفِ: 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم. أبو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ1 ورّاق خلف بن هشام البزّار. سمع: خَلَفًا، ومسدّدًا، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم القعنبيّ، وطائفة. وعنه: أبو عِيسَى بْن قَطَن، وإسحاق بْن أبي حسّان الأنماطيّ، وحمزة الِّسمسار. قَالَ: الخطيب: كان ثقة. صنَّف فِي عدد الآي. قلت: وكان أحد الحُذّاق فِي القراءة. تلا على خَلَف، وعلى أبي عُبَيْد، ومحمد بْن إِسْحَاق، وهشام بْن عمّار وغيرهم. 2- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم. أبو علي القُهسْتانيّ2. حافظ، نزل بغداد. عن: يحيى بْن يحيى، وابن نُمَيْر، وإبراهيم بْن المنذر. وعنه: ابنُ مَخْلَد، ومحمد بْن جَعْفَر المَطِيريّ، وجماعة. وثِّق. تُوُفيّ سنة سبعٍ وستّين ومائتين. 3- أَحْمَد بْن الأزهر بْن مَنِيع بن سليط -ن ق. أبو الأزهر العبديّ النيَّسابوري الحافظ3. حجّ ورأى سُفْيَان بْن عُيَيْنَة؛ وسمع: عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأسباط بْن محمد، ومالك بْن سُعَيْر بن الخِمْس، ومحمدا، وَيَعْلَى بن عبيد، ويعقوب بن إبراهيم

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 8". 2 تاريخ بغداد "4/ 9، 10". 3 انظر: الجرح والتعديل "2/ 41"، والسير "10/ 254"، طبعة التوفيقية.

الزُّهريّ، وعبد الرّزّاق، ووهْب بْن جرير، وأبا ضَمرة، وطائفة. وعنه: ن. ق. ومحمد بْن يحيى، ومحمد بْن الْحُسَيْن القطان، وخلْق كثير. قَالَ ابن الشرقيّ: سمعته يقول: كتب عنيّ يحيى بْن يحيى. وكان أبو الأزهر ثقةً بصيرًا بهذا الشّأن، روى عن عَبْد الرّزّاق حديثًا مُنْكَرًا هُوَ منه إنّ شاء الله بريء العهدة. وهو: أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهري، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: "أَنْتَ سّيدٌ فِي الدُّنْيَا سّيدٌ فِي الآخِرَةِ. مَنْ أحبَّك فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَحَبِيبِي حَبِيبُ اللَّهِ. وعدوَّك عَدُوِّي وَعَدُوِّي عَدُوُّ اللَّهِ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَكَ مِنْ بَعْدِي"1. قَالَ أَحْمَد بْن يحيى بْن زُهير السَّريّ: لمّا حدَّث أبو الأزهر بهذا الحديث أُخبر يحيى بْن معين بِذَلِك، فقال: مَن هَذَا الكذاب النَّيسابوريّ الَّذِي حدَّث بهذا؟ فقام أبو الأزهر فقال: هوذا أَنَا. فتبسَّم ابنُ معين وقَالَ: أما إنّك لست بكذّاب. وتعجّب من سلامته، وقَالَ: الذَّنب لغيرك فِي هَذَا الحديث. قَالَ أبو حامد بْن الشَّرقيّ، هَذَا حديث باطل، وكان لمعمر ابنُ أخٍ رافضيّ، وكان ابنُ مُعَمَّر يمكِّنه من كُتُبه، فأدخل عليه هَذَا. وكان مُعَمَّر رجلًا مهيبًا، ولا يقدر عليه أحد فِي السّؤال والمراجعة، فسمعه عَبْد الرّزّاق فِي كتابه. وقَالَ غير واحد، عن مكّيّ بْن عَبْدان: سمعت أَبَا الأزهر يقول: خرج عَبْد الرّزّاق إِلَى قريته، فبكَّرت إليه قبل الصُّبح، فَلَمَّا رآني قَالَ: كنت البارحة هنا؟ قلت: لا، ولكن خرجت فِي اللّيل. فأعجبه ذلك. فَلَمَّا فرغ من صلاة الصُّبح دعاني وقرأ عليّ هَذَا الحديث، وخصّني به دون أصحابي2.

_ 1 "حديث باطل": أخرجه ابن عدي "1/ 195" في الكامل، والخطيب "4/ 48" في تاريخ بغداد، وابن الجوزي "2/ 218"، في العلل المتناهية، وانظر: الميزان "5044"، وتنزيه الشريعة "1/ 398". 2 تاريخ بغداد "4/ 42".

وروى أبو محمد بْن الشَّرقي، عن أبي الأزهر قَالَ: كان عَبْد الرّزّاق يخرج إِلَى قريته، فذهبت خلفه، فرآني أشتدّ، فقال: تعال. فأركبني خلفه على البغْل، ثُمَّ قَالَ لي، ألا أخبرك حديثًا غريبًا؟ قلت: بلى. فحدَّثني الحديث. فَلَمَّا رجعت إِلَى بغداد أنكر عليّ ابنُ مَعِين وهؤلاء، فحلفت أن لا أحدّث به حتى أتصدّق بدرهم. وقد رواه محمد بْن عليّ بْن سُفْيَان النّجّار، عن عَبْد الرّزّاق. قَالَ أبو حامد بْن الشّرْقيّ: قَيِل لي لِمَ لا ترحل إِلَى العراق؟ قلت: وما أصنع وعندنا من بنادرة الحديث ثلاثة: محمد بْن يحيى، وأبو الأزهر، وأحمد بن يوسف السُّلميّ. قَالَ النَّسائيّ: أبو الأزهر لا بأس به. وعن أبي الأزهر قَالَ: لمّا أنكر عليَّ ابن معين هذا الحديث حلفت أن لا أحدث به حتى أتصدَّق بدرهم. وقال الدّارقطنيّ: لا بأس به، أخرج فِي الصَّحيحين عمّن هُوَ دونه. قَالَ الْحُسَيْن بْن محمد القبّانيّ: تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وستين. وقَالَ أبو حاتم: صدوق. 4- أَحْمَد بْن حرب بن محمد بن علي بن حيان بْن شاذان بْن الغَضُوبة1. أبو بَكْر الْمَوْصِلِيّ. أخو عليّ بْن حرب. سمع: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، وأبا مُعَاوِيَة، وطائفة. وعنه: س، وقَالَ: هُوَ أحبُّ إليَّ من أَخِيهِ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، ومكحول البيروتيّ، وآخرون. وقَالَ الأزْديّ فِي تاريخه: كان ورِعًا فاضلًا، رابط بأَذَنَه، وبها مات. 5 - أَحْمَد بْن الحَسَن السُّكّريّ الحافظ2.

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 49"، السير "12/ 253، 254". 2 في عداد المجهولين.

تُوُفيّ بمصر سنة ثمانٍ وستّين. لا أعرفه، وذكره مختصر. 6 - أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن مُجَالد الضرير1. مَوْلَى المعتصم. أَخَذَ عن: جَعْفَر بْن مبشّر عِلْم الكلام. وكان من دُعاة المعتزلة. هلك سنة تسعٍ وتسعين، وَقِيلَ: قبلها بعام. 7 - أَحْمَد بْن حمدون2. أبو عبد الله الْبَغْدَادِيّ الكاتب الإخباريّ، والشاّعر، أَحَدُ الموصوفين بالظُّرف والأدب. نادَمَ الخلفاء، وقد مدحه البُحْتُريّ. تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين. روى عنه: ابن أخيه عليّ بن بسّام، جعفر بْن قُدامة، وأحمد بن الطَّيّب السّرْخَسيّ. 8- أَحْمَد بْن الخصيب بْن عَبْد الحميد3. الوزير أبو الْعَبَّاس الْجَرْجَرائيّ. وَزَر للمنتصر وللمستعين، ثُمَّ نفاه المستعين إِلَى الغرب فِي سنة ثمانٍ وأربعين. وأبوه ولي إمرة الدّيار المصرية. وَقِيلَ: إنّ أَحْمَد كان فِيهِ حِدة وتسُّرع. قَالَ أَحْمَد بْن أبي طاهر الكاتب: كان يحتدّ علي من يُراجعه، ويُخْرِج رِجْله من الرِّكاب، فيرفس من يراجعه، ففيه أقول من أبيات: قل للخليفة يابن عم محمدٍ ... أَشْكِلْ وزيركَ إنّه محلول فلِسانُهُ قد جال فِي أعراضِنا ... والرِّجل منه فِي الصُّور تجول وذكر الصُّولي، عن الْحُسَيْن بْن يحيى، أنّ أَحْمَد بْن الخصيب كان يتصدّق كل

_ 1 هالك، من المعتزلة. 2 لم نقف عليه. 3 وفيات الأعيان "2/ 418"، السير "12/ 553".

يومٍ بخمسين دينارًا، إِلَى أن نُكِب، فكان يمنع نفسه القوت، ويتصدَّق بخمسين درهمًا. توفيَّ أَحْمَد سنة خمسٍ وستين. 9 - أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بن عبد الملك. أبو الحسن الرّهاويّ الحافظ1، أحد الأئمّة. رحل وطوَّف، وسمع: زَيْدَ بْن الحُباب، ويحيى بْن آدم، وجعفر بْن عَوْن، وهذه الطبقة. وعنه: س. فأكثر، وأبو عَرُوبة، ومكحول، وآخرون. تُوُفيّ سنة إحدى وستّين. قَالَ س: ثقة مأمون، صاحب حديث. 10 - أحمد بن يسّار بن أيّوب2 -ن. أبو الحسن المروزيّ الحافظ الفقيه، أحد الأعلام. سمع: عفّان، وسليمان بْن حرب، وعَبْدان، ومحمد بْن كثير، وصَفْوان بْن صالح الدّمشقيّ، وإسحاق بْن راهويْه، ويحيى بْن بُكَيْر، وطبقتهم. وعنه: ن. ووثّقه، وَقِيلَ: إنّ خ. روى عَنْهُ، عن محمد بْن أبي بَكْر المقدّميّ، وروى عَنْهُ: محمد بْن نصر المروزيّ، وابن الْعَبَّاس محمد بْن أَحْمَد بْن محبوب، وحاجب بْن أَحْمَد الطُّوسي، وطائفة. وهو مصنّف تاريخ مَرْو. وقَالَ عَبْد الرحمن بْن أبي حاتم: ثنا عَنْهُ عليّ بْن الْجُنَيْد، ورأيت أبي يُطْنب فِي مدحه، ويذكره بالعِلم والفِقه. قلت: وهو أحد أصحاب الوجوه من الشّافعية، أوجَب الأذان للجمعة دون

_ 1 انظر الجرح والتعديل "2/ 52، 53"، السير "12/ 475". 2 الجرح والتعديل "2/ 53"، السير "12/ 609-611".

غيرها، وأوجب رَفْع اليدين فِي تكبيرة الإحرام كداود الظَّاهريّ، وكان بعض العلماء يُشَبِّهه فِي زمانه بابن الْمُبَارَك عِلْمًا وفضلًا. تُوُفيّ فِي ربيع الآخر سنة ثمانٍ وستّين، وقد استكمل سبعين سنة. 11 - أَحْمَد بْن طولون. الأمير أبو العبّاس التُّركيّ1، صاحب مصر، وُلِد بسامرّاء. ويقال: إنّ طولون تبنّاه، وكان ظاهر النّجابة من صِغره. وكان طولون قد أهداه نوح عامل بخارى إِلَى المأمون فِي جملة غلمان، وذلك فِي سنة مائتين. فمات طولون فِي سنة أربعين ومائتين، ونشأ ابنه على مذهبٍ جميلٍ فحفظ القرآن وأتْقنه. وكان مِن أطيب النّاس صوتًا به، مع كثرة الدّرس وطلب العلم. وحصل وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي إمرة الثغور، وولي إمرة دمشق وديار مصر. وأوّل دخوله مصر سنة أربعٍ وخمسين ومائتين وعمره أربعون سنة، فملكها بضع عشرة سنة. وبَلَغَنا أنّه خلّف من الذَّهب الأحمر عشرة آلاف ألف دينار، وأربعة وعشرين ألف مملوك. ويقال إنه خلف ثلاثة وثلاثين ولدًا ذكورًا وإناثًا، وستمّائة بغل ثقل وقيل: إنّ خراج مصر بلغ فِي العام فِي أيّامه أربعة آلاف ألف دينار وثلاثمائة ألف دينار. وكان شجاعًا حازمًا مهيبًا خليقًا للمُلْك، جوادًا ممدَّحًا. وَقِيلَ: بلغت نفقته كلّ يوم ألف دينار. إلّا أنه كان سفّاكًا للدّماء، ذا سطوةٍ وجَبَرُوت. قَالَ القُضاعيّ: أُحْصِيَ مَن قتله صبْرًا، فكان جملتهم مع من مات فِي سجنه ثمانية عشر ألفًا. وأنشأ الجامع المشهور، وغرِم على بنائه أكثر من مائة ألف دينار. وكان الخليفة مشغولًا عَنْهُ بحرب الزَّنج. وكان فيما قَيِل حسَّن له بعض التّجّار التّجارة، فدفع إليه خمسين ألف دينار،

_ 1 البداية "11/ 42-47"، السير "13/ 94".

فرأى فِي النوم كأنّه يمشمش عظْمًا. فدعى المعَبّر وقصّ عليه فقال: لقد سَمَت همَّة مولانا إِلَى مكسبٍ لا يُشبَّه خَطَرُه. فأمر صاحب صدقته أن يأخذ الخمسين ألف دينار من التّاجر ويتصدَّق بها. وكان سامحه الله تعالى، قد ضبط الثغور وعمّرها. وكان صحيح الْإِسْلَام معظِّمًا للحُرُمات، محبّا للجهاد والرّباط. قَالَ أَحْمَد بْن خاقان، وكان تِرْبًا لأحمد بْن طولون. وُلِد أَحْمَد سنة أربع عشرة ومائتين، ونشأ في الفقه والتصرُّف، فانتشر له حُسْن الذّكر، وكان شديد الإزراء على الأتراك فيما يرتكبونه، إِلَى أن قَالَ لي يومًا: يا أخي، إِلَى كم نقيم على الإثم، لا نطأ موطئًا إلى كُتِب علينا فِيهِ خطيئة. والصّواب أن نسأل الوزير عبيد الله بن يحيى أن يكتب بنا بأرزاقنا إِلَى الثّغر ونقيم به فِي ثوابه. ففعلنا ذلك، فَلَمَّا صرنا بطَرَسُوس سرَّ بما رَأَى من الأمر بالمعروف والنَّهْي عن المُنْكَر، ثُمَّ عاد إِلَى العراق وارتفع محلُّه. قَالَ محمد بْن يوسف الهَرَوِيّ، نزيل دمشق: كنّا عند الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان سنة ثمانٍ وستّين، إذ جاء رسول أَحْمَد بْن طولون بكيسٍ فِيهِ ألف دينار، وقَالَ لي عَبْد الله القيروانيّ: بل كان سبعمائة دينار، وصرّة فيها ثلاثمائة دينار، لابنه أبي الطّاهر. فدعى الرَّبِيع ابنه حتّى جاءه فأمره بقبض المال. ذكر محمد بْن عَبْد الملك الهَمْدانيّ أنّ أَحْمَد بْن طولون جلس يأكل، فرأى سائلًا، فأمر له بدجاجةٍ ورغيفٍ وحلوى. فجاء الغلام وقَالَ: ناولته فَمَا هشَّ له. فقال: عليَّ به. فَلَمَّا مَثُلَ بين يديه لم يضطّرب من الهيبة، فقال: أحضِر الكُتُب الّتي معك وأصْدِقْني، فقد ثبت عندي أنّك صاحب خبر. وأحضر السِّياط فاعترف فقال بعض من حضر: هَذَا والله السِّحْر. قَالَ: ما هو بسحر، ولكنه قياس صحيح. ورأيت سوء حاله، فسيَّرت له طعامًا يسُّر له الشَّبعان، فَمَا هشَّ، فأحضرته فتلقّاني بقوَّة جأش، فعلمت أنّه صاحب خبر1.

_ 1 السير "10/ 48".

قال أبو الحسن الرّازيّ: سمعت أَحْمَد بْن حميد بْن أبي العجائز وغيره من شيوخ دمشق قَالُوا: لمّا دخل أحمد ابن طولون دمشق وقع فيها حريق عند كنيسة مريم، فركب إليه أَحْمَد ومعه أبو زُرْعة البصْريّ، وأبو عبد الله محمد بْن أَحْمَد الواسطيّ كاتبه، فقال ابنُ طولون لأبي زُرْعة: ما يُسمّى هَذَا الموضع؟ فقال: كنيسة مريم. فقال أبو عبد الله: وكان لمريم كنيسة؟ قَالَ: ما هِيَ من بناء مريم، إنّما بنوها على اسمها. فقال ابن طولون: ما لك والاعتراض على الشَّيْخ. ثمّ أمر بسبعين ألف دينار من ماله، وأن يُعطى كلّ من احترق له شيء، ويُقبَل قوله ولا يُسْتَحْلف. فأعطوا وفضل من المال أربعة عشر ألف دينار. ثُمَّ أمر ابن طولون بمالٍ عظيمٍ ففُرق فِي فقراء أَهْل دمشق والغوطة. وأقلّ من أصابه من المستورين دينار. وعن محمد بْن عليّ المادَرَائي قَالَ: كنت أجتاز بتُربة أَحْمَد بْن طولون فأرى شيخًا ملازمًا للقبر، ثُمَّ إني لم أره مدّة ثُمَّ رَأَيْته فسألته، فقال: كان له علينا بعض العدل إنْ لم يكن الكلّ فأحببت أن أصِله بالقراءة. قلت: فلِمَ انقطعت؟ قَالَ: رَأَيْته في النَّوم وهو يقول: أحبّ أن لا يُقْرأ عندي، فَمَا آية إلّا قُرِعْتُ بها وَقِيلَ لي: ما سمعت هَذِهِ؟ تُوُفيّ بمصر فِي ذي القعدة سنة سبعين، وتملّك بعده ابنه خُمَارَوَيْه. 12 - أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن صالح بْن مُسْلِم. أبو الْحَسَن الكوفي العجلي الحافظ الطَّرابلسيّ المغربي1. سمع: الحسين بْن عليّ الْجُعْفيّ، ومحمدا، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد الطّنافسيّ، ومحمد بن يوسف الفريابيّ، وشبابة ابن سَوّار، وخلْقًا سواهم. روى عَنْهُ ابنه صالح كتابه المصنَّف بالجرح والتعديل، وهو كتاب مفيد يدلّ على إمامه الرجل وسعة حفظه. قَالَ عبّاس الدُّوريّ: إنّما كنّا نعدُّه مثل أَحْمَد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 255"، تاريخ بغداد "4/ 214، 215".

قلت: ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة. ونزح إِلَى الغرب أيّام المحنة بخلْق القرآن، وتُوُفيّ سنة إحدى وستّين ومائتين بطرابلس. وآخر من روى عَنْهُ مُسْنِد الأندلسي محمد بْن فُطَيْس الغافِقيّ. وروى عَنْهُ: سَعِيد بن عثمان، وسعيد بْن إِسْحَاق، وعثمان بن حديد الأكسريّ، وجماعة. وكان يقول: مَن آمن بالرجعة فهو كافر، ومَن قَالَ: القرآن مخلوق فهو كافر. وَقَالَ بعض الأئمة: لم يكن له عندنا شبيه بالمغرب، ولا نظير فِي زمانه فِي معرفة الحديث وإتقانه، وَفِي زُهْده وورعه. وقَالَ المؤرخ أبو العرب محمد بْن تميم الحافظ بالقيروان: سُئل مالك بْن عِيسَى القفصيّ الحافظ: مَن أعلم من رَأَيْت بالحديث؟ قَالَ: أمّا بالشيوخ فأحمد بْن عَبْد الله العِجْليّ. وقَالَ محمد بْن أَحْمَد بْن تميم الحافظ: سمعت أَحْمَد بْن مغيث، مقرئ ثقة، يقول: سُئل يحيى بْن مَعِين عن أَحْمَد بْن عَبْد الله العِجِليّ فقال: هُوَ ثقة ابنُ ثقة ابنُ ثقة. وقَالَ بعضهم: إنّما سكن أَحْمَد بطرابلس طلبًا للتفرُّد والعبادة. وقبره هناك على الساحل، وقبر ابنه صالح بجنبه. وتُوُفيّ صالح سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. وقَالَ أَحْمَد: رحلت إِلَى أبي دَاوُد الطَّيالسيّ، فمات قبل قدومي بيوم. وكان أَبُوهُ من أصحاب حَمْزَةَ الزّيّات. 13 - أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن القاسم. أبو بَكْر التميمي الوراق الحافظ1. سمع: عُبَيْد الله بْن مُعاذ العنبريّ، وصالح بن حاتم بن وردان.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 218".

وعنه: ابنُ مَخْلَد العطّار، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ. وكان بصْريًا يُعرف بالرّغيف. تُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين. 14 - أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ1. الأمير المتغلّب على نيسابور. كان جبّارًا ظالمًا غاشمًا من أتباع يعقوب ابن اللَّيْث الَّذِي ستأتي أخباره. ثُمَّ خرج عن طاعته، فاستولى على نيسابور. من أبناء سنة إحدى وستّين ومائتين. وأخذ يُظْهر المَيْل إِلَى بني طاهر ليستميل بِذَلِك قلوب الرعية. وبقي يكتب أَحْمَد بْن عَبْد الله الطّاهريّ. ثُمَّ كاتَب رافع بْن هَرْثمَة، فقدم عليه وتلقّاه وجعله أتابكه. وله حُروب وأمور، وهو الَّذِي قَتَلَ يحيى بْن الذُّهليّ، فرآه بعضهم فِي النوم فقال: أَنَا لم أُقْتَلْ ولم أجد حرّ القتْل، ولكن الله أشقى الخُجُسْتانيّ بي. قلت: اتفق على الخُجُسْتانيّ اثنان من غلمانه فذبحاه وهو سَكْران لستٍّ بقين من شوال سنة ثمانٍ وستّين. وقَالَ محمد بْن صالح بْن هانئ: لمّا قُتِلَ محمد بْن يحيى حيكان ترك أبو عَمْرو أَحْمَد بْن الْمُبَارَك المستملي اللّباس الغضّة، فكان يَلْبَسُ فِي الشِّتَاءِ فَرْوًا بِلا قَمِيصٍ، وَفِي الصَّيف مَسْحًا، فقدِم يومًا إلى أحمد بن عبد الله فأخذ بعنانه وقَالَ: يا ظالم -قلت: الْإِمَام ابنُ الْإِمَام العالم ابن العالم- فارتعد أَحْمَد بْن عَبْد الله ونَفَرت دابّتُه فأتت الرّجّالة لتضربه فقال: دعوه دعوه. قَالَ عن أبي حاتم نوح، قَالَ: قَالَ لي الخُجُسْتانيّ: والله ما فزعت من أحدٍ فَزَعي من صاحب الفَرْوَة؛ ولقد ندِمت حينئذٍ على قتِل حيكان. خُجُسْتان: من جبل هَرَاة. ومن عسفه فِي مصادرته للرعيّة أنّه نصب رُمْحًا لزمهم أن يُغَطّوا أسنانه بالدّراهم. 15 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن سعيد.

_ 1 انظر: الكامل "7/ 296"، وتاريخ الطبري "9/ 599، 600".

أبو بَكْر بْن البَرْقيّ المصريّ الحافظ، مَوْلَى بني زُهْرة. سمع: عَمْرو بْن أبي سلمة التِّنِّيسي، وأسد بْن مُوسَى، وعبد الملك بْن هشام، وطبقتهم. وله كتاب فِي معرفة الصّحابة وأنسابهم، رواه عَنْهُ أَحْمَد بْن عليّ المدينيّ. وكان إمامًا حافظًا متقنًا، عاش بعد أَخِيهِ محمد مدّة، وعاش بعده أخوه عَبْد الرحيم أيضًا. رَفَسته دابَّته فِي شهر رمضان سنة سبعين ومائتين فمات منها رحمه الله. وقد وَهِمَ الطَّبَرَانِيّ وَهْمًا مُنْكرًا، فسمع الكثير من عَبْد الرحيم بْن عَبْد الله بْن البَرْقيّ، عن ابنِ هشام، وعبد الله بْن يوسف التِّنِّيسيّ، وغيرهما. وسماه أحمد بن عبد الله، فنراه في معاجمه يقول: نبا أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن البَرْقيّ، وهو عَبْد الرحيم بلا شكّ أنّه اشتُبه عليه هَذَا بهذا. والطَّبراني لم يُدرك أَحْمَد. ويؤيّد هَذَا أنّ عَبْد الرحيم تُوُفيّ سنة ستٍّ وثمانين، ولم يقل أبدًا: نبا عَبْد الرحيم بْن عَبْد الله فوهِمَ كما ترى وسمّاه أَحْمَد. 16 - أَحْمَد بْن القاسم بن عطيّة. أبو بكر الرازي1 البزّار والحافظ. سمع: أَبَا بَكْر المُقَدّميّ، وهشام بْن عمّار، وجماعة كثيرة. وأكثر الطواف. وعنه: الْوَلِيد بْن أبان، وعبد الرَّحْمَن بْن حمدان الجلّاب، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم وقَالَ: ثقة. 17- أَحْمَد بْن محمد بْن عُثْمَان. أبو عَمْرو الثَّقفيّ الدمشقي2. عَنِ: الوليد بْن مُسْلِم، وَمحمد بْن شُعَيب. وعنه: ابن جوصا، وأبو عوانة في صحيحه، وجماعة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 67، 68". 2 الجرح والتعديل "2/ 72".

وكان صدوقًا. تُوُفيّ فِي شوّال سنة إحدى وستّين. 18 - أَحْمَد بْن محمد بْن هانئ الفقيه1. أبو بَكْر الأثرم الطّائيّ ويقال الكلبيّ الإسكافيّ الحافظ. صاحب الْإِمَام أَحْمَد. سمع: عَبْد الله بْن بُكَيْر، وأبا نُعَيْم، وعفّان، وعبد الله بْن رجاء، وأبا الْوَلِيد الطَّيَالِسِيُّ، وحَرَمي بْن حَفْص، ومعاوية بْن عَمْرو، والقعنبيّ، ومُسَدّدًا، وطبقتهم. وعنه: مُوسَى بْن هارون الحافظ، والنَّسائيّ فِي سُنَنه، وأحمد بْن محمد بْن ساكن الزّنْجانيّ، وابن صاعد، وعليّ بْن أبي طاهر القَزْوينيّ، وعُمَر بْن محمد بْن عِيسَى الجوهريّ. وجمع وصنَّف السُّنن، خرَّج كتاب العلل. وله مسائل سألها الْإِمَام أَحْمَد. قَالَ أبو بَكْر الخلّال: كان الأثرم جليل القدر حافظًا. لمّا قدِم عاصم بْن عليّ بغداد طلبَ من يُخرج له فوائد. فلم يجد غير أبي بَكْر، فلم يقع منه بموقع لحداثة سِنَه، فقال لعاصم: أخرِجْ كُتُبَك. فجعل يقول له: هَذَا الحديث خطأ، وهذا غلط، وهذا كذا، فسُّر عاصم به، وأملى قريبًا من خمسين حديثًا. وكان مع الأثرم تيقُّظ عجيب حَتَّى نسبه يحيى بْن معين أو يحيى بْن أيوب المقابريّ، فقال: كان أحد أبويّ الأثرم جِنِّيًّا. وقد أخبرني أبو بَكْر بْن صدقة قَالَ: سمعت أَبَا القاسم الخُتّليّ قَالَ: قدِم رجلٌ فقال: أريد أن يُكتب لي فِي الصلاة ما ليس فِي كُتُب أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة. فقلنا له: ليس لك إلّا الأثرم. قَالَ: فوجّهوا إليه ورقًا، فكتب ستّمائة ورقة من كتاب الصلاة. قَالَ: فنظرنا فإذا ليس فِي كتاب أبي بكر بن أبي شَيْبَة منه شيء2. وأخبرني أبو بَكْر بْن صَدَقَة: سمعت إِبْرَاهِيم الأصبهانيّ يقول: أبو بَكْر الأثرم أَحْفَظُ من أبي زُرْعة الرّازي وأتقن3.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 72"، وتاريخ بغداد "5/ 110، 112". 2، 3 تاريخ بغداد "5/ 110، 111".

وسمعت الْحَسَن بْن عليّ بْن عُمَر الفقيه يقول: قدِم شيخان من خُراسان للحج فحدَّثا، فقعد هَذَا ناحية معه خلقٍ ومستملي، وقعد الآخر ناحية كذلك، فجلس الأثرم بينهما، فكتب ما أمليا معًا. تُوُفيّ الأثرم بإسكاف. 19- أَحْمَد بْن محمد بْن أبي بَكْر المقدّميّ الْبَصْرِيّ1. أبو عثمان، نزل الحرم. سمع: أباه، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وحَجّاج بْن مِنْهال، وأباهما محمد بْن مجيب. وعنه: ابنُ أَبِي الدُّنيا، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وعبد الرَّحْمَن بن أبي حاتم وقَالَ: صدوق. قلت: تُوُفيّ سنة ثلاثٍ، أو أربعٍ وسنيّن. وأمّا ولده: 20- محمد بْن أَحْمَد فولي قضاء مكّة. روى عَنْهُ الطَّبرانيّ. 21 - أَحْمَد بْن محمد بْن أبي مُوسَى2. أبو بَكْر الوراق، أحد تلامذة أحمد بن حنبل. روى عن: يسار بْن أبي مُوسَى، وغيره. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين. 22 - أَحْمَد بْن محمد بْن مجالد. أبو حامد الهَرَويّ الفقيه3. كان ثقة صاحب سنّة.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 73". 2 لم نقف عليه. 3 انظر السابق.

رحل وحمل عنه: أبي نُعَيْم، وقَبِيصة. توفي سنة تسعٍ وستين. 23- أحمد بْن محمد بْن عُبَيْد الله بْن المدبر. أبو الحسن الضَّبي الكاتب السُّرمرائيّ1. ولي مساحة الشام زمن المتكّل. وكان مفوَّهًا شاعرا مترسلا عالما يصلح للقضاء. وله أَخٌ اسمه إِبْرَاهِيم، شاعر محسِن رئيس. وللبُحْتُريّ فيهما مدائح. ثُمَّ ولي أَحْمَد كما ذكرنا خَرَاج دمشق ومصر أيضًا. ثُمَّ قبض عليه أَحْمَد بن طولون وعذّبه فِي سنة خمسٍ وستّين؛ لأنّه سجنه ثُمَّ طلبه فقال: ما حالك؟ فقال: تسألني عن حالي وأنت عملت بي هَذَا يا عدوّ الله! أخذل الله من يأمنك. فأمرَ بقتله، بل بقي فِي أضيق سجنٍ إِلَى أن مات سنة سبعين. 24- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الكريم. أبو الْعَبَّاس الكاتب2، مصنّف كتاب الخراج. تُوُفيّ فِي هَذَا العام. 25- أَحْمَد بْن مَنْصُورٌ بْن سيار بن معارك3. الحافظ أبو بَكْر الرّماديّ، أحد الثقات المشاهير. سمع: أَبَا النّضر، ويزيد بْن هارون، وأبا دَاوُد الطَّيالسيّ، وزيد بْن الحُبَاب، وأسود بْن عامر، وعبد الرّزّاق، رحل إليه، وعفّان، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، وخلْقًا بالشام، والعراق، واليمن، ومصر. ورحل مع يحيى بن معين، وكتب وصنف المسند.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 59". 2 وفيات الأعيان "1/ 101، 102". 3 السير "12/ 389"، والتهذيب "1/ 83، 84".

وكان له حِفْظ ومعرفة. وعنه: ق، وإسماعيل القاضي، وأبو القاسم البغوي، وابن صاعد والمحاملي، وابن أبي حاتم، وإسماعيل الصفار، وطائفة. قال ابن أبي حاتم: كان أبي يوثقه. وعن إبراهيم بن أورمة قَالَ: لو أنّ رجلين قَالَ أحدهما: ثنا الرماديّ، وقَالَ الآخر: ثنا أبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة، كانا سواء. قال ابن المنادي: مات الرّماديّ سنة خمسٍ وستّين، لأربع بقين من ربيع الآخر. وقد استكمل ثلاثًا وثمانين سنة. 26- أَحْمَد بْن وهب الزَّيَّات1. من كبار العارفين ببغداد. صحب بِشْرًا، والسَّري. وكان من أقران الجنيد، بل أكبر منه وأقدم موتًا. وكانا يتجالسان ويتكالمان فِي رقائق التصوُّف. وكان الْجُنَيْد يتأسَّف على فَقْده، ويفضلّه على نفسه. 27- أَحْمَد بْن يوسف بْن خَالِد بن سالم. أبو الْحَسَن السُّلميّ النَّيْسابوريّ الحافظ، ويلقّب بحمدان2. قَالَ إِسْمَاعِيل بْن مجيد الزّاهد، وهو حفيده: كان جدّي أدرى من الأب سُلَميّ الأُمِّ، فغلب عليه السُّلميّ. قلت: سمع من: حَفْص بْن عَبْد الرَّحْمَن، وحفص بْن عَبْد الله، والجارود بْن يزيد، وطائفة بخُراسان. وَفِي الرحلة رَأَى: النَّضر بْن هاشم، وموسى بْن دَاوُد، وجماعة ببغداد. ومن: محمد بن عبيد، وطبقته بالكوفة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 190". 2 السير "12/ 384-388"، وتذكرة الحفاظ "2/ 565".

ومن عَبْد الرّزّاق، وغيره باليمن. قَالَ الحاكم: سمع بالبصرة، والكوفة، والحجاز، واليمن، والشام، والجزيرة. وعنه: م. س. ق. وإبراهيم بْن أبي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، وأبو صاعد الشَّرقيّ، وأبو حامد بْن بلال، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وخلق. قال مكّيّ بن عبدان: سمعته يقول: كتبتُ عن عُبَيْد الله بْن مُوسَى ثلاثين ألف حديث. قَالَ ابنُ السَّريّ: تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين. وقلت: عن اثنتين وثمانين سنة، وكان من خواصّ يحيى بْن يحيى، وبينهما مصاهرة. 28- أَحْمَد بْن يُونُس بْن المسيّب بْن زهير بْن العُمَيْر الضَّبّيّ1 أبو الْعَبَّاس الكوفيّ، نزيل إصبهان. سمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهمي، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزُّهريّ، وحَجّاج بْن محمد، وجعفر بْن عَوْن، وأبا مُسْهِر الدّمشقيّ، وطائفة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم وقَالَ: محلّه الصِّدق؛ ومحمد بْن عَبْد الله الصّفّار، وأبو العبّاس الأصمّ، وعبد الله ابن جَعْفَر بْن فارس. وقَالَ محمد بْن الفرخان: سمعت أَحْمَد بْن يُونُس يقول: قدَّمني أَبِي إِلَى الفُضَيل بْن عياض فمسح رأسي وسمعته يقول: الَّلهم أحسن خَلْقه وخُلُقه. وثّقه الدّارقطنيّ. وهو ابنُ عم دَاوُد بْن عُمَر الضّبّيّ شيخ البَغَوي. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين. قلت: وكان من أبناء التّسعين، صاحب رحلة ومعرفة.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 81"، السير "12/ 595، 596".

29- أبان بْن عِيسَى بْن دينار. أبو القاسم الغافقيّ القُرْطُبيّ1. رحل، وأخذ عن: سَحْنُون، وعن: عليّ بْن مَعْبَد. وكان أحد العُبّاد. روى عَنْهُ: محمد بْن وضاحّ، وقاسم بْن محمد، وغيرهما. وتُوُفيّ فِي أحد الربيعَيْن سنة اثنتين وستين، وقد حكى عن أَبِيهِ. 30- إِبْرَاهِيم بْن أُورَمهْ بْن سياوش2. أبو إِسْحَاق الإصبهانيّ، الحافظ، أحد الأعلام. روى عن: محمد بْن بكّار، وعبّاس بْن عَبْد العظيم العنبري، وعاصم بْن النّضْر، وصالح بْن حاتم بن وردان، والفلّاس، وطبقتهم. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وأبو الْعَبَّاس بْن مسروق، ومحمد بْن يحيى، وأبو بَكْر السّاعديّ، وغيرهم. قال الدَّارقطنيّ، ثقة حافظ نبيل. وقَالَ ابنُ المنادي: ما رأينا في معناه مثله. وقال أبو النعيم الحافظ: فاق إِبْرَاهِيم أَهْل عصره فِي المعرفة والحِفَظ. وأقام بالعراق. قلت: لم ينتشر حديثه لأنّه مات كهلًا وله خمسة وخمسون سنة. قَالَ ابنُ نافع: تُوُفيّ فِي ذي الحجّة سنة ستٍّ وستّين. تابَعَه ابنُ المنادي، وما عداه خطأ. 31- إِبْرَاهِيم بْن أبي دَاوُد البرلُّسيّ3.

_ 1 جذوة المقتبس "161" للحميدي. 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 88"، والسير "13/ 145، 146". 3 انظر: السير "12/ 612، 613"، وشذرات الذهب "2/ 162".

هو إبراهيم بن سليمان بن داود الَأسديّ الكوفيّ الأصل، الحافظ وُلِد بِصور. وعني بهذا الشأن. ورحل إِلَى العراق ومصر. والبَرَلُسيّ قيّده ابنُ نُقْطة بفتحتين ثُمَّ ضمّ الّلام. سمع: آدم بْن إياس، وسعد بْن مريم، وأبا مُسْهر الدّمشقيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو جَعْفَر الطّحاويّ، ومحمد بْن يوسف الهَرَويّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ، وأبو القاسم الصّابوني، وآخرون. قَالَ ابنُ يُونُس: هُوَ أحد الحفّاظ المجوّدين. تُوُفيّ بمصر فِي شعبان سنة سبعين. وقَالَ ابنُ جَوْصا: ذاكرْتُه، وكان من أوعية الحديث. 32- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بْن الْجُنَيْد1. أبو إِسْحَاق الخُتّليّ، نزيل سامرّاء. له تصانيف وتاريخ ورحلة. سمع: أَبَا نُعَيْم، وسعيد بْن أبي مريم، وأبا جَعْفَر النُّفيليّ، وأبا الْوَلِيد، وسليمان بْن حرب، وعُمَر بْن مرزوق، ويحيى بْن بُكَيْر. وعنده سؤالات عن يحيى بْن مَعِين فِي الجرح والتعديل. روى عَنْهُ: أبو العبّاس بْن مسروق، ومحمد بْن القاسم الكوكبيّ، وأبو بَكْر الخريطيّ، وأحمد بْن محمد الأدميّ، وآخرون. وثّقه أبو بكر الخطيب، قال: له كُتُب فِي الزُّهد والرّقائق. لم أجد له وفاةً. 33- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن الدارميّ2. تُوُفيّ بسَمَرْقَنْد سنة ستٍّ وستّين، ودُفِن إِلَى جانب أخيه الحافظ أبي محمد الدّارميّ.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 110"، السير "12/ 631". 2 في عداد المجهولين.

34- إِبْرَاهِيم بْن مَسْعُود بْن عَبْد الحميد القُرَشيّ الهمْدانيّ. أبو إِسْحَاق ابنُ أخي سندول. يروي عن: عبد الله بن نمير، وأبي أسامة، وأسباط بْن محمد، وجماعة. وعنه: أبو عَوانَة الإسفرائينيّ، وأبو حاتم وقَالَ: صدوق، ومحمد بْن عَبْد الله بْن بُلْبُل وغيرهم. 35 - إِبْرَاهِيم بْن هانئ النَّيسابوري الزّاهد1. أبو إِسْحَاق، نزيل بغداد. سمع: محمد بْن عُبَيْد، وأخاه يَعْلَى، وعليّ بْن عيّاش، وبُسْر بْن صَفْوان، وأبا المُغيرة عَبْد القدُّوس بْن حجّاج، وعبد الله بْن داود الخُرَيْبيّ، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، وطائفة بمصر، والشام، والعراق. وعنه: ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ منه، وَهُوَ ثقةٌ صدوق. وكان الْإِمَام أَحْمَد يُجِلّ إِبْرَاهِيم بْن هانئ ويحترمه ويَغْشاه. وقَالَ أبو بَكْر بْن زياد النيَّسابوريّ: حَدَّثَنِي أبو مُوسَى الطَّرسوسيّ فِي جنازة إِبْرَاهِيم بْن هانئ: سمعت ابنُ زَنْجَوَيْه يقول: قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: إنْ كان ببغداد أحدٌ من الأبدال فَأَبُو إِسْحَاق النيَّسابوريّ. وقَالَ الخلّال: أَنَا عليّ بْن الْحَسَن، ثنا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن هانئ قَالَ: كان أَحْمَد بْن حنبل مختفيًا عندنا ههنا، فقال لي يومًا: ليس أُطيق ما يطيق أبوك من العبادة2. وقَالَ ابنُ المنادي: تُوُفيّ فِي ربيع الآخر سنة خمسٍ وستّين. وقَالَ أبو زكريا بْن زياد: حضرت إِبْرَاهِيم بْن هانئ عند وفاته فقال: أَنَا عطشان. فجاءه ابنه بماء، فقال: أغابت الشمس؟ قَالَ: لا. فردّه وقَالَ: لمثل هَذَا فليعمل العاملون. ثُمَّ مات رحمه الله.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 204"، والثقات لابن حبان "8/ 83". 2 تاريخ بغداد "6/ 205".

36 - إِبْرَاهِيم بْن يزيد. أبو إِسْحَاق القُرْطُبيّ، مَوْلَى بني أُميّة1. سمع: يحيى بْن يحيى اللَّيثيّ. ورحل وأخذ عن: أَصبغ بْن الفَرَج، وسَحْنُون. وكان شريفًا، فطينًا، مساويًا. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن خَالِد بْن الحُباب، وغيره. وتُوُفيّ فِي ربيع الأول سنة ثمانٍ وستّين. 37 - إدريس بْن نصر بْن سابق الخَوْلانيّ المصريّ المعدّل2. أخو بحر بْن نصر. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين. 38 - إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الطَّلقيّ الأستراباذيّ3. أبو بَكْر الفقيه المؤذّن. ثقة، سمع: يزيد بْن هارون، وأحمد بن أبي طيبة. وعنه: عَبْد الملك بن عديّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن مطرّف، وأهل أستراباذ. قَالَ عَبْد الملك: ما رَأَيْت فِي بلدنا أصلح منه. تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين. 39 - إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم. أبو الأحوص الإسفرائينيّ4. عن: مكّيّ بْن إبراهيم، وأبي الوليد الطَّيالسيّ.

_ 1 جذوة المقتبس "293". 2 في عداد المجهولين. 3 الجرح والتعديل "2/ 211". 4 في عداد العلماء المستورين، وهو لا بأس به.

وعنه: أَبُوهُ أبو الْحَسَن الزّاهد، وإبراهيم بْن محمد المَرْوزيّ. وكثيرًا ما يروى عَنْهُ أبو عوانة فيقول: نبا أبو الأحواص صاحبنا. 40 - إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الله بْن مَسْعُود الحافظ. أبو بِشْر العبْديّ الإصبهانيّ سمّويْه1. سمع: الحُصَيْن بْن حَفْص، وبكر بْن بكّار، وأبا مُسْهِر، وأبا اليَمَان، وأبا نُعَيْم، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسيّ، وسعيد بْن أبي مريم، وخلْقًا كثيرًا بالشام ومصر، والعراق، وإصبهان. وخرّج الفوائد، وعني بالفِقْه والحديث. قَالَ أبو نُعَيْم الإصبهانيّ: كان من الحفاظ والفُقهاء. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعنا منه، وهو صدوق، ثقة. قلت: روى عَنْهُ محمد بْن أَحْمَد بْن ضرية، وأبو بكر بْن أبي دَاوُد، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس، وآخرون. قَالَ أبو الشَّيخ: كان حافظًا متقنًا، يُذاكر بالحديث. قلت: تُوُفيّ سنة سبعٍ وستّين. 41 - إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن عَمْرو بْن مُسْلِم الفقيه2. أبو إِبْرَاهِيم المُزَنيّ المصريّ، صاحب الشّافعيّ. روى عن: الشّافعيّ، ونُعَيْم بْن حمّاد، وعليّ بْن مَعْبَد بْن شدّاد، وغيرهم. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن خُزَيْمة، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، وابن جَوْصَا، والطَّحَاويّ، وابن أبي حاتم، وأبو الفوارس بْن الصّابونيّ، وآخرون. وتفقه به خلْق، وصنَّف التّصانيف. أخبرنا أبو حَفْص الفوارس، أَنَا أبو اليُمْن الكِنْدي كتابة، أَنَا أبو الْحَسَن بْن عَبْد السّلام، ثنا أبو إسحاق الشرازيّ الفقيه قَالَ: فأمّا الشّافعيّ رحمة الله فقد انتقل فقهه

_ 1 السير "13/ 10-12"، تذكرة الحفاظ "2/ 566". 2 وفيات الأعيان "1/ 217"، السير "12/ 492".

إِلَى أصحابه، فمنهم أبو إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن عَمْرو بْن إِسْحَاق المُزَنيّ. مات بمصر سنة أربعٍ وستّين ومائتين. وكان زاهدًا عالمًا مجتهدًا مُنَاظِرًا مِحْجاجًا غوّاصًا على المعاني الدّقيقة، صنَّف كُتُبًا كثيرة: الجامع الكبير، والجامع الصغير، ومختصر المختصر، والمنثور، والمسائل المعتبرة، والترغيب فِي العِلم، وكتاب الوثائق. قَالَ الشّافعي: المُزَنيّ ناظر مذهبي. قلت: وردَ أنّ المُزَنيّ كان إذا فرغ من مسألة وأودعها مختصره صلّى رَكْعَتَين. وقِيلَ: إنّ بكّار بْن قُتَيْبَة قدِم مصر على قضائها، وهو حنفيّ، فاجتمع بالمُزَنيّ مرّة، فسأله رَجُل من أصحاب بكّار فقال: قد جاء فِي الأحاديث تحريم النبيذ وتحليله، فلِم قدَّمتم التّحريم على التحليل؟ فقال المُزَنيّ: لم يذهب أحد إِلَى تحريم النبيذ فِي الجاهلّية، ثمّ حلّلَ لنا. ووقع الاتّفاق على أنّه كان حلالًا فحُرّم، فهذا يعضد أحاديث التّحريم على التّحليل. فاستحسن بكّار ذلك منه. وقَالَ عَمْرو بْن تميم المكيّ: سمعتُ محمد بن إِسْمَاعِيل التّرمِذيّ: سمعت المُزَنيّ يقول: لا يصحُّ لأحدٍ توحيدٌ حَتَّى يعلم أنّ الله على العرش بصفاته. قلت: مثل أيّ شيء؟ قَالَ: سميع بصير عليم1. قَالَ السُّلميّ: سمعتُ محمد بْن عَبْد الله بْن شاذان: سمعت محمد بْن عليّ الكِنانيّ: سمعت عَمْرو بْن عُثْمَان المكّيّ يقول: ما رأيت أحدًا من المتعبّدين فِي كثرة من لقيت منهم أشدّ تعظيمًا للعِلْمِ منه. وكان من أشدّ النّاس تضييقًا على نفسه فِي الورع، وأوسعه فِي ذلك على النّاس. وكان يقول: أَنَا خُلُق من أخلاق الشافعيّ. وبَلَغَنا أنّ المُزَنيّ كان مُجاب الدّعوة، ذا زهدٍ وتقشُّف. أَخَذَ عنه خلق من علماء

_ 1 السير "12/ 494".

خراسان، والشّام، العجم. وقِيلَ: كان إذا فاتته صلاة الجماعة صلّى الصّلاة خمسًا وعشرين مَرَّةً1. وكان يُغَسِّل تعبُّدًا ودِيانة، فإنّه قَالَ: تعَانَيْت غسْلَ الموتى ليرقّ قلبي، فصار بي عادة. وهو الَّذِي غسّل الشافعيّ رحمه الله. وكان رأسًا فِي الفقه، ولم يكن له معرفة بالحديث كما ينبغي. تُوُفيّ لستٍّ بقين من رمضان سنة أربعٍ وستّين، عن تسعٍ وثمانين سنة. وصلّى عليه الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان المراديّ. ومن أصحاب المُزَنيّ الْإِمَام أبو القاسم عُثْمَان بْن سَعِيد بْن بشّار الأنماطيّ، شيخ ابنِ سُرَيْج، وزكريّا بْن يحيى الناجيّ، وإمام الأئمة ابنُ خُزَيْمة. وثقه أبو سَعِيد بْن يُونُس وقَالَ: كان يَلْزم الرِّباط. وقَالَ ابن أبي حاتم: سمعت منه، وهو صدوق. 42- إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن الْمُبَارَك اليَزيديّ2. أخو إِبْرَاهِيم ومحمد. أَخَذَ عن: أبي العتاهية، ومحمد بْن سلّام الْجُمَحيّ. وصنَّف كتابًا فِي طبقات الشّعراء. 43- أَسِيد بْن عاصم بْن عَبْد الله الثَّقفي. مولاهم الإصبهانيّ3. أبو الحسن، أخو محمد بْن عاصم. ولهما أَخَوان: عليّ، والنُّعمان لم يشتهرا. سمع أَسِيد الكثير، وصنَّف المُسَنْد، ورحل. وسمع: سَعِيد بْن عامر الضُّبَعيّ، وبشر بن عمر الزهراني، وعبد الله بن بكر السَّهميّ، وبكر بن بكّار، وطبقتهم.

_ 1 وفيات الأعيان "1/ 218"، وهذا إن كان من باب التطوع، فما أورعه وأتقاه. 2 معجم الأدباء "2/ 359". 3 الحلية "10/ 264"، والسير "12/ 378، 379".

وعنه: أبو عليّ أَحْمَد بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن فارس، ومُحَمَّد بْن حَيَوَة الكَرْخيّ. تُوُفيّ سنة سبعين. قَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعنا منه، وهو رِضى ثقة. 44- أماجور التُّركيّ1. وليّ نيابة دمشق للمعتمد فبقي عليها ثمان سنين. وكان شجاعًا مَهِيبًا ظالمًا. ولي دمشق من سنة ستٍّ وخمسين إِلَى سنة أربعٍ وستّين. واستولى بعده على دمشق والشامات أَحْمَد بْن طولون. قَالَ أبو يعقوب الَأذْرعيّ المحدّث: لمّا بنى أماجور القبر الذي في الخوّاصين كتب على مائة سنة وسنة، فَمَا عاش بعد ذلك إلّا مائة يوم ويوم. "حرف الباء": 45- بكّار بْن قُتَيْبَةَ بْن عُبَيْد الله2. وقِيلَ: بكّار بْن قُتَيْبَةَ بن أسد بْن عُبَيْد الله بْن بِشْر بْن أبي بكرة بْن نُفَيْع بْن الْحَارِث. القاضي أبو بكرة الثَّقفيّ البكْراويّ الْبَصْرِيّ الفقيه الحنفيّ، قاضي ديار مصر. سمع: روح بن عبادة، وأبى دَاوُد الطَّيالسيّ، وعبد الله بْن بَكْر السَّهميّ، ووهب بن جرير، وسعيد بن عامر الضُّبيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو عَوَانَة فِي مسنده الصّحيح، وعبد الله بْن عتّاب الرَّقّيّ، وأبو الميمون بن راشد، وأحمد بن سليمان ابن حَذْلَم، والحَسَن بْن عَبْد الملك الحصائري، ومحمد بْن محمد بْن أبي حُذَيْفة، وأحمد بْن محمد المّدِينيّ الحاميّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمْ، وخلْق من الدَّمشقيين، فإنّه قدِم إليها فِي الآخر، ومن المصريّين والرّحّالة. وكان من القُضاة العادلين.

_ 1 الكامل "7/ 238، 316". 2 وفيات الأعيان "1/ 279"، والسير "10/ 406" طبعة التوفيقية.

قَالَ أبو بَكْر بْن المقرئ: نا محمد بْن بَكْر الشّعرانيّ بالقدس، نا أَحْمَد بْن سهل الهَرَويّ قَالَ: كنتُ ساكنًا فِي جوار بكّار بْن قُتَيْبَةَ، فانصرفت بعد العشاء، فإذا هو يقرأ: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26] الآية. ثُمَّ نزلت فِي السحر، فإذا هو يقرؤها ويبكي، فعلمت أنّه كان يقرؤها من أول اللّيل1. وقَالَ محمد بْن يوسف الكِنْديّ: قدِم بكّار قاضيًا من قِبل المتوكّل فِي جمادى الآخرة سنة ستٍّ وأربعين، فلم يزل قاضيًا، يعنى على مصر إِلَى أن تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة سبعين، وأقامت مصر بلا قاضٍ بعده سبْع سنين، ثُمَّ ولّى خُمَارَوَيْه محمد بْن عَبْدة. وكان أَحْمَد بْن طولون أراد بكارا على لعن الموفَّق فامتنع، فسجنه إِلَى أن مات أَحْمَد، فأُطِلقَ بكّار، وبقي يسيرًا ومات. فغسِّل ليلًا، وكَثُرَ النّاس فلم يُدْفَن إِلَى العصر. قلت: وكان القاضي بكّار، عظيم الحرمة كبير الشّأن. وكان ينزل السّكان ويحضر مجالسه، فذكر الطّحاويّ قَالَ: استعظم بكّار بْن قُتَيْبَةَ قبيح حكم الْحَارِث بْن مسكين في قضيّة ابن السّائح، ويعني لمّا حكم عليه الْحَارِث وأخرج من يده دار الفيل، وتوجّه ابنُ السائح إِلَى العراق يغوث على الْحَارِث. قَالَ الطّحاويّ: وكان الْحَارِث إنما حكم فيها على مذهب أَهْل المدينة، فلم يزل يُونُس بن عبد الأعلى يكلّم بكارا ويجسّره حتّى جسر وردّ إلى ابن السائح ما كان أَخَذَ منهما. قَالَ الطّحاويّ: ولا أحصي كم كان أَحْمَد بْن طولون يجيء إِلَى مجلس بكّار وهو على الحديث، ومجلسه مملوء بالناس، ويتقدم الحاجب ويقول: لا يتغّير أحد من مكانه، فَمَا يشعر بكّار إلّا وابن طولون إِلَى جانبه، فيقول له: أيهّا الأمير ألا تتركني كنت أقضي حقّك وأقوم. ثُمَّ فسد الحال بينهما حَتَّى حبسه، وفعل به ما فعل2.

_ 1 السير "10/ 407". 2 السير "10/ 408".

وقِيلَ إنّه صنَّف كتابًا نقض فِيهِ على الشّافعيّ ردّه على أبي حنيفة. وكان يأنس بيونس بْن عَبْد الأعلى، ويسأله عن أَهْل مصر وعُدولهم. ولما حبسه ابنُ طولون لم يمكنه أن يعزله، لأنّ القضاء لم يكن أمره إليه. وقيل إنّ بكّارًا كان يشاور فِي حكمه وأمره يُونُس بْن عَبْد الأعلى، والرجل الصّالح مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن القاسم، فبَلَغَنا أنّ مُوسَى سأله بكّار: من أَيْنَ المعيشة؟ قَالَ: من وقْفٍ لأبي أتكفّى به. وقَالَ: أريد أن أسألك يا أبا بكرة هل ركبك دين البصرة؟ قال: لا. قال: فهل ما نكحت لك ولد أو زَوْجَة؟ قَالَ: ما نكحت قطّ، وما عندي سوى غلامي. قَالَ: فأكرهك السُّلطان على القضاء؟ قَالَ: لا. قَالَ: فضربت آباط الإبِل لغير حاجة إلّا لتلي الذّمّة والفُرُوج؟ لله عليّ لا عُدْتُ إليك. فقال بكّار: أقِلني يا أَبَا هارون. قَالَ: أنت ابتدأت بمسألتي. ثُمَّ انصرف عَنْهُ ولم يعُد إليه. وقَالَ الْحَسَن بْن زُولاق فِي ترجمة بكّار: لمّا اعتلَّ ابنُ طولون راسل بكّارًا وقَالَ: أَنَا أردُّك إِلَى منزلك، فأجِبْني. فقال للرسول: قل له شيخٌ فانٍ وعليلٌ مُدْنَفٌ والملتقى قريب، والقاضي الله. فأبلغ الرَّسُول ابنِ طولون، فأطرق ثُمَّ أقبل يقول: شيخٌ فانٍ وعليلٌ مُدْنَفٌ والملتقى قريب، والله القاضي. ثُمَّ أمر بنقله من السّجن إِلَى دارٍ اكتُرِيَتْ له، وفيها كان يُحدّث. فَلَمَّا مات ابنُ طولون قَيِل لبكّار: انصرف إِلَى منزلك. فقال: الدّار بأُجرة وقد صلُحت لي. فأقام بها1. قَالَ الطّحاويّ: أقام بها بعد ابنُ طولون أربعين يومًا ومات2.

_ 1 الولاة والقضاة "514". 2 الولاة والقضاة "514".

ونقل ابنُ خلّكان رحمه الله أنّ ابنُ طولون كان يدفع إِلَى بكّار فِي العام ألف دينار سوى المقرَّر له فيتركها بختمها. فَلَمَّا دعاه إِلَى خلْع الموفَّق من ولاية العهد امتنعَ، فاعتقله وطالبه بجملة الذَّهب، فَحُمِل إليه بختومه، فكان ثمانية عشر كيسًا، فاستحى أَحْمَد بْن طولون عند ذلك، ثُمَّ أمره أن يسلِّم إِلَى محمد بْن شاذان الجوهريّ القضاء، ففعل، وجعله كالخلفية له. ثُمَّ سجنه أَحْمَد، فكان يحدِّث فِي السّجن من طاقة؛ لأنّ طَلَبَة الحديث سألوا ابنُ طولون فأذِن لهم على هَذِهِ الصُّورة. قَالَ ابنُ خلّكان: وكان بكّار بكّاءً تاليًا للقرآن، صالحًا ديّنًا، وقبره مشهور وقد عُرِف باستجابة الدّعاء عنده1. وقَالَ الطّحاويّ: كان على نهايةٍ فِي الحمد على ولايته. وكان ابنُ طولون على نهايةٍ فِي تعظيمه وإجلاله إِلَى أن أراد منه خلع الموفَّق ولعنه، فأبى فَلَمَّا رأى أنّه لا يسلم له منه ما يحاوله ألَّب عليه سُفهاء النّاس، وجعله لهم خصْمًا. فكان يقعد له من يقيمه مقام الخصوم، فلا يأبى، ويقوم بالحُجّة بنفسه. ثُمَّ حبسه فِي دارٍ، فكان كلّ جمعة يلبس ثيابه وقت الصلاة ويمشي إِلَى الباب، فيقول له الموكّلون به: ارجع. فيقول: اللَّهُمَّ أشهد. قَالَ: ووُلِد سنة اثنتين وثمانين ومائة. قلت: تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة سبعين، وشهده خلق أكثر ممّن شهِدَ العيد، وصلّى عليه ابنُ أَخِيهِ محمد بن الْحَسَن بْن قُتَيْبَةَ الثَّقفيّ. "حرف الجيم": 46- جَعْفَر بْن أَحْمَد بن بهرام. أبو الباهليّ الأسْتراباذيّ الفقيه الشهيد2، مفتي بلده. كان حنفيّ المذهب. وسمع من: جَعْفَر بْن عَوْن، وأبي نعيم، وجماعة.

_ 1 وفيات الأعيان "1/ 280". 2 انظر: تاريخ جرجان "ص / 175، 179، 180".

وعنه: عَبْد الملك بْن عديّ، والحسن بْن الْحُسَيْن بْن عاصم، وغيرهما. سَعَوْا به إِلَى الْحَسَن بْن يزيد العلويّ المتغلّب على جُرْجان بأنّه ناصبيّ، فسجنه، فَلَمَّا مات صلبه فِي جُرْجان. 47- جَعْفَر بْن محمود الإسكافيّ الكاتب1. الوزير، أحد كُتّاب المتوكّل. ولي الوزارة للمعتزّ بالله، فلم تُحمد سيرته، وظلم وعَسَف. ولمّا عُزِل قَيِل فِيهِ أبيات منها: فِي غير حِفظ الله يا جَعْفَر ... ذلت قراك الْجَور والمُنْكَر وعاش خاملًا إِلَى سنة ثمانٍ وستّين فتُوُفيّ فيها. وطوّل ابنُ النّجّار ترجمته. وكان فِيهِ رَفْض. 48- جِلْوان بْن سَمْرة بْن خاقان بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْن الحكم2. أبو الطَّيَّب البانَبيّ الأمويّ الْبُخَارِيّ المحدِّث. سمع: المقرئ، والقعنبيّ، وعصامًا، وأبا مقاتل النّحْويّ، وأبا حفص الفقيه، وعيد بْن مَنْصُورٌ، وطبقتهم. وعنه: سهل بْن شَاذَوَيْه، والحسين بْن محمد بْن قريش، وغيرهما. قيَّده الخطيب: جِلْوان، بكسر الجيم. وقَالَ ابنُ ماكولا: بل هُوَ بفتحها. وكذا ذكره المسعوديّ، وغُنْجار. ومن ذريِّتَّه: أَحْمَد بْن حُسَيْنِ بن أَحْمَد بْن محمد بْن يعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن جُنَيْد بْن جلْوان. "حرف الحاء": 49- حاتم بْن اللّيث بن الحارث3.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 287، 388". 2 السير "12/ 519". 3 انظر: تاريخ بغداد "8/ 245، 246"، السير "12/ 519، 520".

أبو الفضل الْبَغْدَادِيّ الجوهريّ الحافظ. سمع: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وحسين بْن محمد المَرْوَزيّ. وعنه: أو الْعَبَّاس السّرّاج، وأبو بَكْر الباغَنْديّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وآخرون. تُوُفيّ سنة اثنتين وستّين. وكان ثقة مكثرًا. 50- حاشد بْن إِسْمَاعِيل بْن عِيسَى الْبُخَارِيّ1. الغزّال الحافظ، نزيل الشّاش. كان أحد من طوّف، وعني بهذا الشأن. سمع: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، ومن بعدهما. وعنه: محمد بْن يوسف بْن مطر العزيزيّ، وبكر بْن منير، ومحمد بْن إِسْحَاق السَّمرقنديّ، وأحمد بْن آدم الشّاشيّ، وآخرون. وتُوُفيّ بالشّاش سنة إحدى أو اثنتين وستّين. 51- حامد بْن أبي حامد النَّيْسابوريّ2. أبو عليّ المقرئ. كان مقدَّم القرّاء ببلده. حدَّث عن: إسحاق بن سليمان الرازي، ومكي بن إبراهيم البلْخيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله الدَّشتكيّ، ويحيى بْن يحيى، وجماعة. وعنه: أبو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، وأبو عبد الله بْن الأخرم، وآخر من روى عَنْهُ أَحْمَد بْن عليّ بْن حسُّونة أحد الضَّعفاء. واسم أَبِيهِ محمود بْن حرب. مات سنة ستٍّ ومائتين.

_ 1 أحد الحفاظ، في رتبة صدوق. 2 غاية النهاية "1/ 202".

52- الْحَسَن بْن ثواب الفقيه. أبو عليّ الثعلبي1، صاحب أَحْمَد بْن حنبل. سمع: يزيد بْن هارون، وعمّار بْن عُثْمَان الحلبيّ وعنه: أبو جَعْفَر بْن البَخْتَريّ، وإسماعيل الصّفّار. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة. وقَالَ: أبو بَكْر الخلّال: شيخ جليل القدر. قلت: مات سنة ثمانٍ وستّين. 53- الْحَسَن بن زيد بْن إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. العلويّ الحسنيّ الزَّبديّ الأمير2. ظهر بطَبَرِستْان سنة خمسين، فغلب على جُرْجان وتلك الدّيار. واستفحل أمره، وهزم جيوش الخليفة، ودخل الرِّيَّ. ثُمَّ رجع إِلَى طَبَرِسْتان وصاهر الدَّيلم، وقويّ أمره، وامتدّت أيامه. تُوُفيّ سنة سبعين فِي شعبان، وقام بالأمر بعده أخوه محمد بْن يزيد، فاتّصلت أيّامه إِلَى أن قُتِلَ سنة سبعٍ وثمانين، وقِيلَ بعد ذلك. 54- الحسن بن سليمان ين سلام. أبو عليّ الغَزَاريّ البصْريّ الحافظ، المعروف بقُبَّيْطَة3. أحد الأثبات. سمع: عَبْد الله بْن يوسف التِّينسيّ، وأبا نُعَيْم، وطائفة. وعنه: أبو خُزَيْمَة، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوريّ، وجماعة. واستوطن مصر، وبها توفَّي سنة إحدى وستّين.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "7/ 291، 292". 2 وفيات الأعيان "6/ 424". 3 السير "12/ 508"، تذكرة الحفاظ "2/ 572".

وثّقة ابن يونس ووصفه الحفظ. 55- الْحَسَن بْن عليّ المُسُوحيّ الزّاهد1. من كبار الصُّوفيّة ببغداد. صحِب السَّريّ السَّقطيّ، وحكى عن بِشْر الحافي، وهو أوّل من عقد له حلقة ببغداد يتكلَّمَ فيها فِي الحقيقة. حكى عنه: الجنيد، وأبو العبّاس بن مسروق، القاضي المَحَامليّ، وغيرهم. وصحِبه أبو حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ وأبو محمد الحريريّ. وكان عذْبَ العبارة زاهدًا قانعًا، لم يكن له منزلٌ يأوي إليه، بل كان له بيت فِي المسجد. قَالَ السُّلميّ: سمعت أَبَا الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ: سمعتُ جَعْفَر الخُلْديّ: سمعت الْجُنَيْد يقول: كلَّمتُ حَسَنًا المُسُوحيّ فِي شيء من الأنس، فقال لي: ويحك ويْحك ما الأنْس؟ لو مات من تحت السّماء ما استوحشت2. وقَالَ ابنُ الأعرابيّ: سمعت غير واحد أنّه سمع أَبَا حَمْزَةَ يقول كثيرًا: حَسَن أستاذنا، رحِم الله حَسَنًا. قَالَ ابنُ الأعرابي: فقال إنّ أول حلقةٍ كَانَتْ فِي جامع بغداد للصُّوفية حلقة المُسُوحيّ، ثُمَّ بعده حلقة أبي حمزة. وكان المسرحيّ لا يجاوز عِلْم الأصول والعبادات والإدارات والأحوال دون العارف لا يجاوز ذلك. توفّي المسرحي رحمة الله عليه بعد الستين. 56- الْحَسَن بْن محمد بْن سماعة الكوفيّ3. نَسْفيٌّ كبير له تصانيف فِقهيّة عند الإماميّة. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وستين ومائتين.

_ 1 السير "12/ 580، 581". 2 انظر: تاريخ بغداد "7/ 367". 3 أحد علماء الشيعة الإمامية.

57- الْحَسَن بْن أبي الرَّبِيع يحيى بْن الْجَعْد الْجُرجانيّ1. أبو عليّ العبْديّ. نزيل بغداد. سمع: أَبَا يحيى الحِمّاني، وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث، ووهْب بْن جرير، وعبد الرّزّاق، وشَبَابة، ويزيد بْن هارون، وجماعة. وعنه ق. وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وعبد الله بن أبي داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، والقاضي المَحَاملِيّ، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق. وقَالَ ابنُ المنادي: مات فِي سَلْخ جُمَادى الأولى سنة ثلاثٍ وستّين، وبلغ فيما قَيِل ثلاثًا وثمانين سنة. قلت: كان صاحب حديث وحِفْظ ورحلة. 58- الْحَسَن بْن مَخْلَد بْن الجرَاح. الوزير أبو محمد الْبَغْدَادِيّ الكاتب2. ومن أعجب الاتفاق أنّ أربعة وُلّوا الوزارة وُلِدوا فِي سنة تسعٍ ومائتين: هَذَا: وعُبَيْد الله بن يحيى بْن خاقان، ومحمد بْن عَبْد الله بْن طاهر وأحمد بْن إِسْرَائِيل. ولي الْحَسَن الوزارة للمعتمد مرتيَّن، وصادره فِي الأولى، ثُمَّ استوزره مرّة ثالثة سنة خمسٍ وستّين، ثُمَّ سخط عليه فِي شعبان من السَّنة، فانسحب إِلَى مصر. فَأَقْبَلَ عليه أَحْمَد بْن طولون وولّاه قطر البلاد، وضمن له زيادة ألف ألف دينار فِي السَّنة مع العدل. فَخَافَهُ الكاتب، فقال لابن طولون: هَذَا عين للموفَّق عليك، وصبغوه بِذَلِك فحبسه، فقالوا لا ينبغي أن يكون محبوسًا فِي جوارك، فربّما حَدَثَ به حدثٌ فَيُنْسَب إليك. فبعثَ له إِلَى متولّي أنطاكية، وأمره أن يعذِّبه فعَذَّبه حتى هلك في سنة تسع وستين.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 44"، والسير "12/ 356". 2 السير "13/ 7، 8".

وكان مع ظُلْمه شاعرًا فصيحًا جوادًا ممدَّحا نبيل الرأي. مدَحهُ البُحْتُريّ، وغيره. ولم يذكره الخطيب. وذكره ابنُ النّجّار، وأنّه جمع بين الوزارة وكتابة الموفَّق. وكان آية فِي حساب الدّيوان، حتّى قيل: ما لا يعلمه الْحَسَن فَلَيْس من الدُّنيا. وكان تامّ الشكل، مهيب البأس، عظيم التَّجمُّيل، سريًّا. وكان خدمه يركبون يوم الجمعة بالجنائب الكثيرة وغلمانه بالدّيباج المنسوج بالذَّهب. فإذا جلي فِي داره وقفت العين على فرش وسُتُور ونحو ذلك بمائة ألف دينار. وقِيلَ: بل هلك سنة إحدى وسبعين ومائتين. 59- حمّاد بْن إِسْحَاق بْن حمّاد بْن زَيْدِ بْن درهم. أبو إِسْمَاعِيل الأزْديّ الْبَغْدَادِيّ القاضي. أخو إِسْمَاعِيل القاضي1. كان فقيهًا كأخيه فِي مذهب مالك. تفقّه على: أَحْمَد بْن المعدّل. وحدَّث عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، والقَعْنبيّ، وإسماعيل بْن أبي أُوَيْس، وجماعة. وصنَّف تصانيف في المذهب. وعنه: ابنه إبراهيم، والمحاملي، وأبو بكر الخرائطي، وغيرهم. وثقه الخطيب. وكان يصحب الخلفاء فغضب عليه المهتدي بالله سنة خمسٍ وخمسين وضربه وطوَّف به لشيءٍ بلغ عنه. وعزل أخاه إسماعيل عن القضاء. توفَّي فِي جُمَادى سنة سبعٍ وستّين ببلد السُّوس، وله ثمان وستّون سنة. وقد ولي قضاء بغداد نوبةً.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "8/ 159"، والسير "13/ 16".

"حرف الخاء": 60- خَالِد بن أَحْمَد بْن الهَيْثَم بْن الذُّهليّ1. أمير خُراسان فيما وراء النهر. له ببُخارى آثار ممدوحة. أقدَم إليها المحدِّثين وأكرمهم، وطلب أن يأتي أبو عبد الله البخاري إلى داره ليسمع أولاد الصّحيح، فامتنع من المجيْء إليه، فأخرجه من بُخَارى. ثُمَّ إنّه فِي آخر أمره خرج على آل طاهر ومال إِلَى يعقوب بْن الَّليث بْن الصّفّار الَّذِي خرج بسِجِسْتان. ثُمَّ إنّه حجّ سنة تسعٍ وستّين فقُبِضَ عليه وسُجِنَ ببغداد فهلك فِي الحبس فِي هَذَا العام. وقد سمع من: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وعُبَيْد الله بْن عُمَر القواريريّ، والحسن بن عليّ الخلال، ومحمد بن عليّ ابن شقيق، وطائفة. ومن أَبِيهِ أَحْمَد بْن خَالِد بْن حمّاد بْن عَمْرو. وروى عَنْهُ: سهل بْن شاذَويْه، ونصرك بْن أَحْمَد، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن محمد المكتّب، وأبو الْعَبَّاس بْن عقدة، وأبو حامد الأعشى، وآخرون. قال الحاكم في ترجمته: بلغنا أنه أنفق على طلب الحديث ألف ألف درهم. وكان يمشي لطلب السّماع ولا يركب. وتوفّي سنة سبعين. 61- خَالِد بْن يزيد بْن الهيثم التميمي الكاتب2. أحد الشعراء البُلَغاء. تُوُفيّ ببغداد، وقد شاخ وهرِم. وأصله من خُراسان. حدَّث خَالِد الكاتب قَالَ: أُدْخِلْتُ على إِبْرَاهِيم بْن المهديّ وأنا غلام، فقال: أنت خَالِد؟ قلت: نعم.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 314"، السير "13/ 137". 2 معجم الأدباء "11/ 47"، وفيات الأعيان "2/ 232".

قَالَ: أنشدني شيئًا. قلت: أعزَ الله الأمير، أَنَا حَدَث أمْزَح، لا أهجو ولا أمدح، وإن رَأَى الأمير أن يعفيني. قَالَ: والله لتقولّن، فإنّ الَّذِي تقوله فِي بيجور يظلّ أشدّ لدواعي البلاء. فأنشدته: رأت منه عيني منظرين كما رأت ... من البدر والشمس المنيرة بالأرض عشيّة حيّاني بوردٍ كأنّه ... خدودٌ صفَّت بعضهنّ إِلَى بعض وناولني كأسًا كأن رُضابَها ... دموعي لمّا صُدّ عن مقلتي غَمضي وولّى وفِعْل السُّكْر فِي حرَكاته ... من الراح فِعْلَ الرّيح فِي الغُصن الغضّ1 قال: فزدني. وقال: يا بني الناس يشبِّهون الخدود بالورد، وأنت شبّهت الورد بالخدود. زدني. فأنشدته: عش فحبيّك سريعًا قاتلي ... والفَناء إنْ لم تصلني واصلي ظفر الحبّ بقلبٍ دنفٍ ... فيك والسّقم بجسمٍ ناحلِ منهما بين اكتئابٍ وبِلًى ... تركاني كالقضيب الذّابلِ وبُكى العاذل لي من رحمةٍ ... فبُكائي لبكاء العاذل قال: أحسنت. ووصلني بثلاثمائة وخمسين دينار. وعن أبي العَيْناء قَالَ: لقيت خالدًا الكاتب والصّبيان يعبثون به، فأخذته وأطعمته، وأنشدني: مؤنس كان لي وكنت له ... يرتع فِي دولةٍ من الدُّول حَتَّى إذا ما الزّمان غيّره ... عني بقول الوشاة والعذل قلت له عن مقالةٍ سبقت ... يا مُنْتَهى غايتي ويا أملي

_ 1 وفيات الأعيان "2/ 234".

كنت صديقًا فصرت معرفةً ... بدَّلني الله شرَّ مبدلِ. وأنشد أيضًا: بالوجنتين اللَّتين كالسّرج ... والحاجَبين اللَّتَين كالسَّبج والمُقْلتين الّتي ألحاظهما ... سفّاكة النُّفوس والمهج ألا ذلك الَّذِي يتّمه حبُّك ... يا واحدي على الفرج ولخالد: عذّبني بالدّلال والتِّيه ... وصدّ عني فكيف أرقيه؟ ظَبْيٌ من التِّيه لا يكلّمني ... سُبحان من صاغ حُسْنَهُ فِي فِيهِ الشّمس من وَجْنَتَيه طالعهٌ ... والّدرُّ فوق الجبين يحكيه يا أحسن الوجه جُد لمكتبٍ ... بقلبه منك كي أُهنيه وله: رقدتَ ولم تَرْثِ للساهر ... وليل المحبّ بلا آخر ولم تَدْرِ بعد ذَهاب الرُّقادِ ... ما فعل الدَّمع بالنّاظر أيا من يعيد لي حسنه ... أجِرْني من طَرْفك الجائر وجد للفؤآد فداك الفؤآ ... د من طَرْفك الفاتن الفاتر1 وعن خَالِد الكاتب قال: طرق بابي بعد العتمة، فخرجت فإذا رجل على حمار مغطى الرأس معه خادم، فقال: أنت الَّذِي تقول: ليت ما أصبح من رقـ ... ـة خدَّيك بقلبك قلت: نعم. قَالَ: فأنت الَّذِي تقول: أقول للقسم عُد إِلَى بدني ... حبًّا لشيء يكون من سببك

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 311".

قلت: نعم. قَالَ: أنت الَّذِي تقول: ترشَّفت من شفتيه العُقارا ... وقبّلْت من خدّه الجلَّنارا قلت: نعم. قَالَ: يا غلام ادفع إليه ما معك. فدفع إلي صرّةً فيها ثلاثمائة دينار. قلت: والله لا أقبلها حَتَّى أعرفك. قَالَ: أَنَا إِبْرَاهِيم بْن المهديّ. وقد وسوس خالد وكبر، وكان يركب قصبة. وقَالَ بعضهم: فلو رَأَيْته والصّبيان يتبعونه ويقولون: يا بارد. ويقولون: ما الَّذِي صار بك إِلَى هَذَا؟ فيقول: الهموم والسَّهر ... والسُّهاد والفِكَر سلّطت على جسدٍ ... فِيهِ للبَلْوى أثر لا من كلفت به ... ما يطيق ذل بَشر وشِعْره مقطوعٌ سائر 62- الخصّاف. شيخ الحنفيّة الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو والخصّاف الشَّيبانيّ1. له تصانيف. يروي عَنْ: وهْب بْن جرير، والعبْديّ، والواقديّ، وأبي نُعَيْم، وخلْق. ذكره ابنُ النّجّار، وما ذكر عَنْهُ راويًا. وكان ذا زهدٍ ووَرَع. مات سنة إحدى وستّين ومائتين.

_ 1 السير "13/ 123".

63- الخَضِر بْن أبان. أبو القاسم الأياميّ الهاشميّ، مولاهم الكوفيّ1. سمع: أزهر السّمّان، ويحيى بْن آدم، وسيّار بْن حاتم، وإبراهيم بْن هندية الَّذِي زعم أنّه سمع من أَنَس. وعنه: عبد الله بن أحمد بن زيد القاضي، وعليّ بْن محمد بْن محمد بْن عُقْبَةَ الشَّيباني، وابن الأعرابيّ، والأصمّ، وغيرهم. ضعّفه الدّارَقُطْنِيّ. وآخر من رَوَى عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي العزائم. وضعّفه أيضًا الحاكم، وقَالَ: سمعته، يعني الدَّارقطنيّ، يقول عن شيوخه إنّهم رأوا الخضِر بْن أبان يروي عن أبي مُعَاوِيَة، وأبي بَكْر بْن عيّاش من كتاب، فاستلبوا الكتاب منه، فإذا هُوَ سماعه من أَحْمَد بْن يُونُس، عن هَؤُلَاءِ. قلت: أصله دلَّس عَنْهُمْ وحرّف أَحْمَد بْن يُونُس. 64- خطاب بن بشر بن مطر2. أبو عمر الْبَغْدَادِيّ الواعظ. كان رأسًا فِي التّذكير والوعظ. سمع من: عَبْد الصّمد بْن النُّعمان، وأحمد بْن حنبل. وسأل أَحْمَد مسائل فِي جزءٍ سمعناه. روى عَنْهُ: محمد بْن مَخْلَد القطّان، وأحمد بْن محمد الأدميّ. وتوفَّي ببغداد فِي المحرّم سنة أربعٍ وستّين. "حرف الدال": 65- دَاوُد بن علي بن خلف3.

_ 1 الميزان "1/ 654". 2 انظر: تاريخ بغداد "8/ 337". 3 السير "13/ 97".

أبو سُلَيْمَان الْبَغْدَادِيّ الإصبهاني، مَوْلَى المهديّ، الفقيه الظّاهريّ، رأس أَهْل الظّاهر. وُلِد سنة ثمانين، وسمع: سُلَيْمَان بْن حرب، والقَعْنَبيّ، وعَمْرو بْن مرزوق، ومحمد بْن بُكَيْر العبْديّ، ومُسَدّدًا، وأبا ثور الفقيه، وإسحاق بْن رَاهَوَيْه رحل إليه إلى نيسابور فسمع منه المسند؛ وجالس الأئمّة، وصنَّف الكُتُب. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: كان إمامًا ورِعًا ناسكًا زاهدًا. وَفِي كتبه حديث كثير. لكنّ الراوية عَنْهُ عزيزة جدًا. روى عَنْهُ: ابنه محمد، وزكريّا السّاجيُ، ويوسف بْن يعقوب الداوديّ الفقيه وعبّاس بْن أَحْمَد المذكّر، وغيرهم. قَالَ ابنُ حزم: إنّما عُرِف بالإصبهانيّ لأنّ أمّه أصبهانيّة، وكان أَبُوهُ حنفيّ المذهب، يعني وكان عراقيًا. قَالَ: وكتب دَاوُد ثمانية عشر ألف ورقة. ومن أصحاب دَاوُد أبو الْحَسَن عَبْد الله بن أَحْمَد بْن رُوَيْم أحد الأئمة، وأبو بَكْر بْن النّجّار، وأبو الطّيّب محمد بْن جَعْفَر الدّيباجيّ، وأحمد بْن مَخْلَد الإياديّ، وأبو سَعِيد الْحَسَن بْن عُبَيْد الله له تواليف كثيرة، وأبو بكر محمد بن أحمد الجاجيّ، وأبو نصر رآه السّجِسْتانيّ. ثُمَّ سمّى ابنُ حزم جماعةً كثيرة من الفقهاء من مَلاحدة دَاوُد. وقَالَ أبو إِسْحَاق الشّيرازيّ: وُلِد سنة اثنتين ومائتين، وأخذ العلم عن إِسْحَاق، وأبي ثور. وكان دَاوُد عقله أكثر من علمه. قَالَ أبو إسحاق وقيل: كان في مجلسه أربعمائة صاحب طَيْلَسان أخضر وكان من المتعصّبين للشّافعي، صنَّف كتابين فِي فضائله والثّناء عليه. قَالَ أبو إِسْحَاق: وانتهت إليه رئاسة العلم ببغداد، وأوصله من أصفهان ومولده بالكوفة، ومنشأه ببغداد وقبره بها. وقال أبو عمر وأحمد بْن الْمُبَارَك المستملي: رأيتُ دَاوُد بْن عليّ يردّ على إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وما رَأَيْتُ أحدًا قبله ولا بعده يردّ عليه هَيْبةً له.

وقال عمر بْن محمد بْن بُجَيْر: سمعت دَاوُد بْن عليّ يقول: دخلت على إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه وهو يحتجم، فجلست فرأيت كُتُب الشّافعيّ، فأخذت أنظر، فصاح، إيش تنظر؟ فقلت: مَعَاذ الله أن نأخذ إلّا من وجدنا متاعنا عنده فجعل يضحك ويبتسم. وقَالَ سَعِيد البَرْذَعيّ: كُنَّا عِنْدَ أبي زُرْعة فاختلف رجلان فِي أمر دَاوُد المُزَنيّ، والرجلان فَضْلَك الرّازيّ، وابن خِراش، فقال: ابنُ خِراش: دَاوُد كافر. وقَالَ فَضْلَك: المُزَنيّ جاهل. فَأَقْبَلَ عليهما أبو زُرْعة يوبِّخهما وقَالَ: ما واحد منكما له بصاحب. ثُمَّ قَالَ: ترى دَاوُد هَذَا لو اقتصر عليه أَهْل العلم لظننت أنّه يحمد أَهْل البِدَع بما عنده من البيان والآلة. ولكنّه تعدّى. لقد قدم علينا من نَيْسابور، فكتب إليَّ محمد بْن رافع، ومحمد بن يحيى، وعَمْرو بْن زُرَارة، وحسين بْن مَنْصُورٌ، ومشيخة نَيْسابور بما أحدث هناك، فكتمت ذلك لمّا خفت عواقبه، ولم أُبْدِ له شيئًا. فقدِم بغداد، وكان بينه وبين صالح بْن أَحْمَد بْن حنبل حُسْن، فكلّم صالحًا أن يتلطّف له فِي الاستئذان على أَبِيهِ، فأتى وقَالَ: سألني رَجُل أن يأتيك. قَالَ: ما اسمه؟ قَالَ: دَاوُد. قَالَ: ابنُ من؟ قَالَ: هُوَ من أَهْل إصبهان. وكان صالح يروغ عن تعريفه، فَمَا زال أَبُوهُ يفحص حَتَّى فطِن به فقال: هَذَا كتب إليّ محمد بْن يحيى فِي أمره أنّه زعم أنّ القرآن مُحْدَث، فلا يقرَبنيّ. قال: إنهّ ينفي ويُنْكره. قَالَ: محمد بْن يحيى أصدق منه، لا تأذَنْ له1. قَالَ الخلّال: أنا الْحُسَيْن بنى عَبْد الله قَالَ: سَأَلت المرُّوذي عن قصّة دَاوُد الإصبهانيّ وما أنكر عليه أبو عبد الله فقال: كان دَاوُد خرج إِلَى خُراسان إِلَى ابنُ رَاهَوَيْه، فتكلم بكلامٍ شهِدَ عليه أبو نصر بْن عَبْد الحميد وآخر، شهدا عليه أنهّ قال: القرآن محدث.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 373، 374".

فقال لب أبو عبد الله: مَن دَاوُد بْن عليّ لا فرّج عَنْهُ الله؟ قلت: هَذَا من غلمان أبي ثور. قَالَ: جاءني كتاب محمد بْن يحيى النَّيْسابوريّ أنّ دَاوُد الإصبهانيّ قَالَ ببلدنا أنّ القرآن مُحْدَث. قَالَ المرُّوذيّ: حدَّثني محمد بن إِبْرَاهِيم النَّيْسابوريّ أنّ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه لمّا سمع كلام دَاوُد فِي بيته وثب عليه إِسْحَاق فضربه وأنكر عليه. قَالَ الخلّال: سمعت أَحْمَد بْن محمد بْن صدقة: سمعت محمد بْن الْحُسَيْن بْن صَبِيح، سمعت دَاوُد الإصبهانيّ يقول: القرآن مُحْدَث ولفظي بالقرآن مخلوق. أَنَا سَعِيد بْن أبي مُسْلِم، سمعت محمد بْن عَبْدة يقول: دخلت إِلَى دَاوُد فغضب عليّ أَحْمَد بْن حنبل، فدخلت عليه فلم يكلّمني، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنهّ ردّ عليه مسألة. قال: ما هِيَ؟ قَالَ: قَالَ الخُشَنيّ: إذا مات من يغسّله؟ فقال دَاوُد: يغسّله الخَدَم. فقال محمد بْن عَبْدة: الخدم رجال. ولكن ييمَّم. فتبسَّم أحمد وقال: أصاب أصاب. وما أجود ما أجابه! وقَالَ القاضي المَحَامِليّ: رَأَيْت دَاوُد بْن عليّ يصلّي، فَمَا رَأَيْت مسلمًا يشبهه فِي حُسن تواضعه. وقد اخْتَلَفَ محمد بْن جرير مدّة إِلَى مجلس دَاوُد، وأخذ عَنْهُ. وقَالَ أَحْمَد بْن كامل القاضي: أخبرني أبو عبد الله الورّاق أنّه كان يورّق على دَاوُد، فسمعته يُسأل عن القرآن، فقال: أمّا الَّذِي فِي اللّوح المحفوظ فغير مخلوق، وأمّا الَّذِي هُوَ بين النّاس فمخلوق1. قلت: للعلماء قولان فِي داود هل يعتدُّ أَمْ لا؟ فقال أبو إِسْحَاق الإسفرائينيّ: قَالَ الجمهور إنّهم، يعني قُضاة القياس، لا يبلغون رتبة الاجتهاد، ولا تقليدهم القضاء.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 374".

ونقل الأستاذ أبو مَنْصُورٌ الْبَغْدَادِيّ، عن أبي عليّ، عن أبي هُرَيْرَةَ، وطائفة فِي الشّافعيّين أنه لا اعتبار بخلاف دَاوُد، وسائر نقْله القياس فِي الفروع دون الأصول. وقَالَ أبو المعاليّ الْجُوَينيّ: الَّذِي ذهب إليه أَهْل التحقيق أنّ مُنْكري القياس لا يُعَدُّون من علماء الأئمّة ولا مِن حملة الشريعة؛ لأنّهم مباهتون فيما ثبت استفاضةً وتواتُرًا، لأنّ مُعظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد، ولا تفي النّصوص بعُشْر معشارها، وهؤلاء يلتحقون بالعوامّ. قلت: قول أبي المعالي رحمه الله فِيهِ بعض ما فِيهِ، فإنّما قاله باجتهاد، ونَفْيهم للقياس أيضًا باجتهاد، فكيف يُرَدّ الاجتهاد بِمِثْلِهِ؟ نعم، وأيضًا فإذا لم يُعْتَدّ بخلافهم لَزِمنا أنْ نقول إنهّم خرقوا الإجماع بتأويلٍ سائغ، قُلْنَا: فهذا هُوَ المجتهد، فلا نقول يجوز تقليده، إنما يُحكى قوله، مع أَنّ مذهبه أن لا يحلّ لأحدٍ أن يقلّدهم ولا أن يقلّد غيرهم، فلأن نحكي خلافهم ونعدُّه قولًا أهْوَن وأسلم من تكفيرهم. ونحن نحكي قول ابنِ عَبَّاس فِي الصرف، والمُتْعَة، وقول الكوفيين فِي النّبيذ، وقول جماعة من الصّحابة فِي ترك الغُسْلِ من الْجِماع بلا إنزال، ومع هَذَا فلا يجوز تقليدهم فِي ذلك. فهؤلاء الظّاهرية كذلك، يُعتدّ بخلافهم، فإن لن يفعل صار ما تفرّدوا به خارقًا للإجماع، ومن خرق الإجماع المتيقَّن فقد مَرَقَ مِن الملَّة. لكنّ الإجماع المتيقَّن هُوَ ما عُلِم بالضرورة من الدّين: كوُجُوب رمضان، والحجّ، وتحريم الزِّنا والسرَّقة، والرَّبا واللَّواط. والظَّاهرية لهم مسائل شنيعة، لكنّها لا تبلغ ذلك، والله أعلم. وقَالَ الْإِمَام أبو عَمْرو بْن الصّلاح: الَّذِي اختاره أبو مَنْصُورٌ وذكر أنّه الصّحيح من المذهب إنّه يعتبر خلاف دَاوُد. قَالَ ابنُ الصّلاح: هَذَا هُوَ الَّذِي استقرّ عليه الأمر آخرًا هُوَ الأغلب الأعرف من صَفْو الأئمّة المتأخرين الذين أوردوا مذهب دَاوُد فِي مصنّفاتهم المشهورة، كالشيخ أبي حامد، والماوَرْديّ، وأبي الطّيّب، فلولا اعتدادهم به لَمَا ذكروا مذهبه فِي مصنَّفاتهم. قَالَ: ورأى أن يُعتبر قوله إلّا فيما خالف فِيهِ القياس الجليّ، وما أجمع عليه

القياسون من أنواعه، أو بناه على أصوله الّتي قام الدّليل القاطع على بُطلانها، واتّفاق من سواه إجماع منعقد، كقوله التَّغَوُّط فِي الماء الراكد، وتلك المسائل الشنيعة، قوله لا زنا فِي السُّنَّة المنصوص عليها، فخلافه فِي هَذَا ونحوه غير مُعْتَدّ به؛ لأنه مبنيّ على ما يقطع ببطلانه1، والله أعلم. تُوُفيّ فِي رمضان سنة سبعين ومائتين. "حرف الراء": 66- الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد الجبار بْن كامل2. الفقيه أبو محمد المراديّ، مولاهم المصْريّ المؤذّن. صاحب الشّافعيّ وراوي كُتُبه. وُلِد سنة أربعٍ أو ثلاثٍ وسبعين ومائة. وسمع: عَبْد الله بْن وهْب، وشُعَيب بْن اللَّيث بْن سعد، وبِشْر بْن بَكْر التِّنّيسيّ، وأيّوب بْن سُوَيْد الرمليّ، والشّافعيّ، ويحيى بْن حسّان، وأسد بن موسى، وجماعة. وعنه: د. ن. ق. و. ت. عن رجلٍ، عَنْهُ، وهو محمد بن إِسْمَاعِيل السُّلميّ، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأبو حاتم، وابنه عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وزكريّا بْن يحيى السّاجيّ، وأبو نُعَيْم بْن عديّ، وأبو جَعْفَر الطَّحاويّ، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوريّ، والحسن بْن حبيب الحصائريّ، وأحمد بْن مَسْعُود العُكْبَريّ، وأحمد بْن بَهْزاد السِّيرافيّ، وابن صاعد، وأبو العبّاس الأصمّ، وآخرون. وثَّقة أبو سَعِيد بْن يُونُس، وغيره. وعن الرَّبِيع قَالَ: كلُّ محدِّثٍ حدَّثَ بمصر بعد ابن وهْب كنتُ مستمليه. وقال النَّسائيّ: لا بأس به. قال عليّ بْن قُدَيد: كان الرَّبِيع يقرأ بالألحان. وقَالَ الطَّحاويّ: مات الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان مؤذّن جامع الفُسْطاط يوم الإثنين ودُفِن يوم الثُّلاثاء لإحدى وعشرين ليلة خَلَت من شوّال من سنة سبعين. وصلّى عليه الأمير خُمَارَوَيْه بْن أحمد بن طولون.

_ 1 السير "13/ 106، 107". 2 السير "12/ 587-591".

وآخر من حدَّث عَنْهُ أبو الفوارس السِّنْديّ. ويُروى عن الشّافعيّ أنّه قَالَ للربيع: لو أمكنني أنْ أطعمك العِلم أطعمتك1. قَالَ ابنُ عَبْد البَرّ: قد ذَكَر محمد بْن إِسْمَاعِيل التّرمِذيّ من أَخَذَ عن الرَّبِيع كُتُب الشّافعيّ ورحل إليه فيها من الآفاق، فَذَكر نحو مائتي رَجُل. قَالَ ابنُ عَبْد البَرّ: كان الرَّبِيع لا يؤذّن فِي منارة جامع مصر أحدٌ قبله، وكانت الرحلة فِي كُتُب الشّافعيّ إليه، وكانت فِيهِ سلامة وغَفْلة، ولم يكن قائمًا بالفقه2. وممّا ينسب إِلَى الرَّبِيع من الشِّعْر: صبرًا جميلًا ما أسرع الفَرجَا ... من صدق الله فِي الأمور نجا مَن خشي الله لم يَنَلْه أذى ... ومَن رجا الله كان حيثُ رجا قلت: كان الرَّبِيع أعرف من المُزَنيّ بالحديث، وكان المُزَنيّ أعرف بالفِقْه منه بكثير حَتَّى كان هَذَا لا يعرف إلّا الحديث، وهذا لا يعرف إلّا الفقه. "حرف الزاي": 67- زكريّا بْن دُوَيْد بْن محمد بْن الأشعث3. أبو أَحْمَد الكِنْديّ. زعم أنّه أَتَتْ عليه مائة وثلاثون سنة، وزعم أنّه سمع من سُفْيَان الثَّوْريّ، ومالك بْن أَنَس. قَالَ عليّ بْن محمد بْن حاتم القُومِسيّ: سمعت منه بعَسْقلان سنة نيِّفٍ وستّين ومائتين. قلت: وُجودُ روايته والعَدَم بالسّواء. وقد روى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عن أَحْمَد بْن إِسْحَاق الدّميريّ، عَنْهُ. قَالَ ابنُ حِبّان: كان يضع الحديث.

_ 1 السير "10/ 399". 2 السير "10/ 400". 3 انظر: الميزان "2/ 72، 73"، واللسان "2/ 479".

68- زكريّا بْن يحيى بْن أسد بن يحيى المَرْوَزِيّ1. المعروف بابن زَكْرَوَيْه. نزيل بغداد. حدّث عن: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وأبي مُعَاوِيَة، ومعروف الكَرْخيّ. وعنه: القاضي المحاملي، وابن مخلد، وأبو الحسين بن المنادي، وإسماعيل الصفار، وأبو العباس الأصم. قال الدارقطني: لا بأس به. قلت: تُوُفيّ فِي ربيع الآخر سنة سبعين. وهو راوي جزء ابن عيينة الذي عند سِبْط السِّلَفيّ. وقد احتجَّ به أبو عَوَانة فِي صحيحه، مِن قدماء شيوخه. وذكره أبو الفتح الموصليّ في كتابه في الضُّعفاء فَمَا قدر يتعلّق عليه بشيء، أكثر ما قَالَ: زعم أنّه سمع من سُفْيَان بن عُيَيْنَة، فهذه قِلَّةُ وَرَع. بلى أبو الفتح مُتَكَلَّمٌ فِيهِ. وقد ذكر أبو الفتح أنّ زكريّا بْن يحيى هَذَا يُقال له جوذا به، وهذا ما رَأَيْته لغيره. حرف السين": 69- سَعْدان بْن نصر بْن مَنْصُور2. أبو عُثْمَان الثَّقفيّ الْبَغْدَادِيّ البزّاز، واسمه سَعِيد، وسَعْدان لَقَبٌ له. سمع: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبا مُعَاوِيَة، ومُعاذ بْن مُعاذ، ووَكيعًا، ومسلم بْن سالم، ومَعْمَر بن سليمان، وطائفة. وعنه: ابن أبي الدّينا، وابن صاعد، والقاضي المَحَامليّ، وابن البَخْتَرِيّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو عَوَانة، وطائفة كبيرة. قَالَ أبو حاتم: صدوق.

_ 1 السير "12/ 347"، الميزان "2/ 80". 2 الجرح والتعديل "4/ 290"، والسير "12/ 357".

وقال أبو عَبْد الرحمن السلمي: سَأَلت الدَّارَقُطْنِيّ عَنْهُ فقال: ثقة مأمون. قلت: تُوُفيّ فِي ذي القعدة سنة خمسِ وستّين، وحديثه بِعُلُوٍّ عند أصحاب ابنُ ساسل. 70- سَعِيد بْن نَمِر الغافقيّ الأندلسي1. سمع: يحيى بن يحيى اللّثييّ. وعنه: جماعة من بلده. وتفقَّه بسَحْنُون، وغيره. تُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين. 71- سهل بْن عمّار العَتَكيّ النَّيْسابوريّ2. أبو يحيى قاضي هَرَاة. كان شيخ أَهْل الرَّيّ فِي عصره بخُراسان. رحل فِي طلب العلم. سمع: يزيد بْن هارون، وشَبَابة، وهذه الطبقة. وليس بحُجّة. قَالَ أبو عبد الله الحاكم: يُخْتَلف فِي عدالته، يعني في الاحتجاج بحديثه. بنا عَنْهُ أَحْمَد بْن شعيب الفقيه، وأبو الطّيّب محمد، ومحمد بن عليّ المذكَّر. وتُوُفيّ سنة سبعٍ وستيّن في جمادى الأولى. فلت لمحمد بْن صالح بْن هانئ: لِمَ لا تكتب عَنْهُ؟ قَالَ: كانوا يمنعون من السّماع عنه. وسمعت محمد بن يعثوب الحافظ يقول: كنّا نختلف إِلَى إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله السَّعْديّ، وسهل بْن عمّار مطروحٌ فِي سكنه فلا نتقدّم إليه. وسمعت أَبَا سَعِيد بْن أبي بَكْر بْن عُثْمَان يقول: سمعت فاطمة بِنْت إِبْرَاهِيم السَّعدية تقول: سمعت أبي يقول: إنّ سهل بْن عمّار يتقرَّب إليَّ بالكذب، يقول:

_ 1 جذوة المقتبس "483". 2 الميزان "2/ 240"، واللسان "3/ 121".

كنت معك عند يزيد بْن هارون، وواللِه ما سمع معي منه. قال الحاكم: سمع أيضًا الواقديّ، وجعفر بْن عَوْف، وعبد الرَّحْمَن بْن قَيْس، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى. حدَّث عَنْهُ: الْعَبَّاس بْن حَمْزَةَ، وأبو يحيى البزّاز، وإبراهيم بن محمد بن سُفْيان، ومحمد بن سُلَيْمَان بْن فارس. وقَالَ أبو إِسْحَاق الفقيه: كذِب واللِه سهل بْن عمّار على عَبْد الله بْن نافع فِي نقْله عن مالك فِي إباحة دُبُر المرأة. "حرف الشين": 72- شجرة بْن عِيسَى بْن عَمْرو بْن شجرة1 الفقيه أبو عَمْرو المعافِريّ المقرئ السُّوسيّ المالكيّ. أَخَذَ عن: أَبِيهِ، وابن زياد، وابن اثبرس، وجماعة. واستعمله سحنون على قضاء تونس. وكان سحنون يثني على فهمه وفضله، وكان أبوه أبو شجرة عمرو رجلا صالحا عالما، ولي قضاء تونس بعد أبيه تسع عشرة سنة. توفي شجرة سنة اثنتين وستين. 73- شعيب بن أيوب بن رزيق بن معبد بن شيطا2. أبو بكر الصَّريفيني، صرفين واسط لا صَرِيفين بغداد. كان فقيهًا، إمامًا مقدمًا، ومقرئًا، محدِّثًا، قاضيًا، عالمًا. سمع: يحيى بْن آدم، ويحيى القطّان، وحسين الْجُعْفيّ، وجماعة. وعنه: عَبْدان الَأهْوازيّ، وإبراهيم نِفْطَويْه النَّحويّ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وعبد الله بن عمر بن شوذب الواسطيّ، وطائفة.

_ 1 انظر: ترتيب المدارك "3/ 12". 2 تاريخ بغداد "4/ 342"، والميزان "2/ 275".

وتصدَّر للإقراء، فقرأ عليه: يُونُس بْن يعقوب الواسطيّ، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن يوسف القافلاني، وأبو العبّاس أحمد ابن سعيد الضّرير، غيرهم. وعليه دارت قراءة أبي بَكْر، عن عاصم، أخذها عن يجيى بْن آدم، عَنْهُ. وكان محقّقًا لها. قَالَ الدَّارقطنيّ: ثقة. قلت: تُوُفيّ بواسط سنة إحدى وستين. قال: إنّي لأخاف الله في الراوية عن شعيب بْن أيّوب. قلت: له حديث مُنْكَر أورده أبو بَكْر الخطيب فِي ترجمته. 74- شُعيب بْن شُعيب بْن إِسْحَاق القُرَشي. مولاهم الدّمشقيّ أبو محمد1. ولد سنة تسعين ومائة بعد وفاة أَبِيهِ بيسير. وسمع: زَيْدُ بْن يحيى بْن عُبَيْد، وأبا المغيرة عَبْد القدُّوس، وأحمد بن خالد الذَّهنيّ، وأبا اليَمَان، وأبا بَكْر الحُمَيْديّ، وجماعة. وعنه: س. وأبو عَوَانة، وابن جَوْصا، وأبو الدّحْداح أَحْمَد بْن محمد، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. قلت: وله شِعْر جيّد. تُوُفيّ فِي جُمَادى الأولى سنة أربعٍ وستّين. "حرف الصاد": 75- صالح بْن أَحْمَد بْن محمد بْن حنبل2. القاضي أبو الفضل، ولد الْإِمَام أبي عَبْد الله الشَّيباني الْبَغْدَادِيّ. قاضي إصبهان.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "4/ 347"، والسير "12/ 304، 305". 2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 394"، والسير "12/ 529".

ولد ثلاثٍ ومائتين. وسمع: عفّان، وأبا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وإبراهيم بْن الفضل، وإبراهيم بْن أبي سُوَيد الذّراع، وأباه، وعليّ بْن المَدِينيّ، وطبقتهم. وعنه: ابنه زُهَير، وأبو القاسم البَغَويّ، وابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد، وأبو عليّ الحصائريّ، وأبو بَكْر بْن أبي عاصم وهو من أقرانه، ومحمد بْن جَعْفَر الخرائطيّ، وعبد الرَّحْمَن بن أبي حاتم، وجماعة آخرهم موتًا أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى القصّار شيخ أبي نُعَيْم الحافظ. قال ابن أبي حاتم: كتبتُ عَنْهُ بإصبهان، وهو صدوق، ثقة. وقَالَ أبو بَكْر الخلال فِي كتاب أدب القّضاة: أخبرني محمد بْن الْعَبَّاس: حَدَّثَنِي محمد بن عليّ قال: لما صار الصالح إِلَى إصبهان قُرِئ عهده بالجامع، فبكى كثيرًا، وبكى بعض الشيوخ، فَلَمَّا فرغ جعلوا يدعون له ويقولون: ما ببلدنا إلا من يجبّ أَبَا عَبْد الله. فقال: أبكاني أنّي ذكرت أبي يراني فِي هَذِهِ الحالة. وكان عليه السَّواد. ثُمَّ قَالَ: كان أبي يبعث خلفي إن جاءه رَجُل زاهد ورجل متقشّف لا ينظر إليه يحبّ أم يكون مثله، ولكنّ الله يعلم ما دخلت فِي هَذَا الأمر إلّا لدينٍ غَلَبني وكثْرة عيال1. قال الحلال: وكان صالح سخيًا جدًا. وقَالَ ابنُ المنادي: توفّي يإصبهان فِي رمضان سنة ستٍّ وستّين. وقَالَ أبو نُعَيْم: سنة خمسٍ. 76- صالح بْن زياد بْن عَبْد الله بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بن الجارود بْن مسرح. أبو شُعيب الرُّستبيّ السُّوسيّ المقرئ2. شيخ الرَّقَّة وعالمها ومقرئها. قرأ القرآن على يحيى اليزيديّ صاحب أبي عمرو.

_ 1 طبقات الحنابلة "1/ 174" لابن أبي يعلى. 2 السير "12/ 380"، والتهذيب "3/ 392".

وسمع بالكوفة من: عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأسباط بْن محمد، وجماعة. وبمكة من: ابنُ عُيَيْنَة، وغيره. حدَّث عَنْهُ: أبو بَكْر بْن أبي عاصم وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وأبو عليّ محمد بن سعيد الحفّاظ. وقرأ القرآن جماعة، منهم: أبو عِمران مُوسَى بْن جرير وهو أتقن أصحابه، وأبو الْحَسَن عليّ بْن الْحُسَيْن، وأبو عُثْمَان النَّحويّ، وأبو الْحَارِث محمد بن أَحْمَد الرَّقيُّون. وحمل عَنْهُ الحروف: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان الخُراسانيّ، وغيره. قَالَ أبو حاتم: صدوق. قلت: تُوُفِّيَ فِي أوّل سنة إحدى وستّين ومائتين وقد قارب التّسعين، وادعى الحافظ ابنُ عساكر أنّ النَّسائي روى عَنْهُ، وذكره فِي مشايخ النُّبل. وقَالَ أبو الحَجّاج الكلْبيّ: لم أقف على روايته عَنْهُ. قلت: لم يرو عنه النَّسائيّ إلا راوية عَمْرو، رواها الْحَسَن بْن رشيق، عن النَّسائيّ، عَنْهُ. "حرف الطاء": 77- طَيْفُور بْن عِيسَى. أبو يزيد البَسْطامي1 الزاهد العارف، مِن كبار مشايخ القوم. وهو بكُنْيته أشْهَر وأَعْرَف. وله أَخَوَان: آدم، وعلّي، كانا زاهدَيْن عابدين. وكان جدُّهم أبو عِيسَى آدم بْن عِيسَى مجوسيًا فأسلم. ومن كلام أبي يزيد رحمه الله قَالَ: ما وجدتُ شيئًا أشدُّ عليَّ مِن العلم ومتابعته، ولولا اختلاف العلماء لبقيت حائرًا.

_ 1 انظر: الحلية "10/ 33-42"، والسير "10/ 481".

وقال: هذا من فرحي بم بك وأنا أخافك، فكيف فرحي بك إذا أمِنْتُكَ؟ وعنه قَالَ: ليس العجب من حبيّ لك وأنا عَبْد فقير، وإنّما العجب من حبّك لي وأنت ملكٌ قدير1. وعنه، وقِيلَ له: إنّك تمرّ فِي الهواء، قَالَ: وأيّ أُعْجوبة هَذَا؟ طَيْرٌ يأكل الميتة يمرّ فِي الهواء، والمؤمن أشرف منه2. وعنه قال: ما دام العبد يظن أنّ فِي الخَلْق من هُوَ شرٌّ منه فهو متكبّر وعنه قَالَ: الجنّة لا خطر لها عند المحبّين، وهم محجوبون بمحبتهم. وقَالَ: ما ذكروه إلّا بالغَفْلة، ولا خدموه إلّا بالفَتْرة. وعنه قَالَ: اللَّهُمَّ لا تقطعْني بك عنك. وعنه قَالَ: العارف فوق ما يقول، والعلم دون ما يقول. وقِيلَ له: علِّمنا الاسم الأعظم. فقال: ليس له حَدّ، إنّما هُوَ فراغ قلبك لوحدانيته، فإذا كنت كذلك فارفع له أيَّ اسمٍ شئت. وعنه قَالَ: لله خلْقٌ كثير يمشون على الماء، وليس لهم عنه الله قيمة. وكان يقول: لو نظرتم إِلَى رجلٍ أُعْطي من الكرامات حَتَّى يرتفع فِي الهواء، فلا تغترّوا به، حَتَّى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنَّهي وحِفْظ الحدود وأداء الشريعة3. قلت: بل قد اغترّ أَهْل زماننا وخافوا أَبَا يزيد، وأكبر من أبي يزيد، وَتَهَافَتُوا على كلّ مجنون بوّال على عَقِبيْه، له شيطان ينطق عل لسانه بالمغيَّبَات، نسأل الله السّلامة. قَيِل: إنّ أَبَا يزيد تُوُفيّ سنة إحدى وستّين ومائتين. وقد نقلوا عَنْهُ أشياء من متشابه القول، الشّأن فِي صحّتها عَنْهُ، ولا تصحّ عن مُسْلِمٍ، فضلًا عن مثل أبي يزيد، منها: سبحاني.

_ 1، 2 السير "10/ 481". 3 السير "10/ 481".

ومنها: ما النّار، لأستندنَّ إليها غدًا، وأقول: اجعلني لأهلها فِدَاء، ولا يلعنها. وما الجنّة، لُعبة صبيان ومراد أَهْل الدُّنيا. ما المحدِّثون إنّ خاطبهم رجلٌ عن رجلٍ، فقد خاطبنا القلب عن الرّبّ1. وقَالَ فِي يهود: هَبْهم لي، ما هَؤُلَاءِ حَتَّى تعذِّبهم؟! وهذا الشَّطح إنْ صحّ عَنْهُ فقد يكون قاله فِي حالة سُكْره، وكذلك قوله عن نفسه: ما فِي الجبَّة إلّا الله. وحاشى مُسْلِم فاسق من قول هَذَا الكلام مقتضاه ضلاله، ولكن له تفسير وتأويل يخالف ظاهره، فالله أعلم. قَالَ السُّلمي في تاريخه: مات أبو زيد عن ثلاثٍ وسبعين سنة، وله كلام فِي حُسْنِ المعاملات. قَالَ: ويُحكَى عَنْهُ فِي الشَّطح أشياء، منها ما لا يصحّ، ويكون مقوَّلًا عليه. وكان يرجع إِلَى أحوال سيّئة2. ثُمَّ ساق بسنده عن أبي يزيد قَالَ: من لم ينظر إِلَى شاهدي بعين الاضطراب، وإلى أوقاتي بعين الاغتراب، وإلى أحوالي بعين الاستدراج، وإلى كلامي بعين الافتراء، وإلى عباراتي بعين الاجتراء، وإلى نفسي بعين الازدراء، فقد أخطأ النَّظَر فيَّ. وعن أبي يزيد قَالَ: لو صفا لي تهليلةٌ ما بَالَيْتُ بعدها. 78- طَيْفُور بْن عِيسَى. أبو زيد البَسْطاميّ الأصغر3. كذا فرّق بينه وبين الَّذِي قبله السُّلميّ، فيما أورده ابنُ ماكولا. وقَالَ: روى عن: أبي مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وصالح بْن يُونُس، وشُرَيْح بْن عُقَيْل. وروى عَنْهُ: يوسف بْن شدّاد، وجماعة من أهل بسطام.

_ 1 السابق. 2 السابق. 3 انظر: معجم البلدان "1/ 623" لياقوت الحموي.

وقيل: إن جدّ الكبير شروسان، واسم جدّ هَذَا آدم. فالله أعلم. "حرف العين": 79- عاصم بْن عصام. أبو عِصْمة القُشَيْريّ البَيْهقيّ1. عن: يَعْلَى بن عُبَيْد، وزيد بْن الْحُبَاب، وجماعة. وعنه: مؤمّل الماسرْجِسيّ، وإبراهيم بْن محمد بْن سُفْيَان الفقيه، وغيرهما. وقِيلَ كان مُجاب الدَّعوة. تُوُفيّ سنة إحدى وستّين. قَالَ الحاكم: سمعتُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن سُفْيَان يقول: سمعت عاصم بْن عصام يقول: بتُّ ليلةً عند أَحْمَد بْن حنبل، فجاء بالماء فوضعه، فَلَمَّا أصبح نظر إليّ فإذا هُوَ كما كان، فقال: سبحان الله، رَجُل يطلب العلم لا يكون له وِرْدٌ باللّيْل. 80- الْعَبَّاس بْن إِسْمَاعِيل2. أبو الفضل الإصبهانيّ الطّامَذيّ العابد. عن: سهل بْن عُثْمَان، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وجماعة. وعنه: ابن أبي كر بْن أبي عاصم مع تقدُّمه، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، وعبّاس بْن سهل، وعليّ بْن رُسْتم. وكان لازمًا لبيته، خيِّرًا ناسكًا. كان يروي الحديث بعد الحديث. قَالَ أبو نُعَيْم: تُوُفيّ بَعْدَ السّتّين. 81- عبّاس بْن عَبْد الله بْن أبي عِيسَى بْن أبي محمد التَّرقفيّ الباكسابيّ3.

_ 1 من العباد الزهاد المستورين، وهو لا بأس به. 2 انظر: الحلية "10/ 398". 3 انظر: السير "13/ 12-14"، والتهذيب "5/ 19".

سمع: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وحفص بْن عُمَر العَدَنيّ، وزيد بْن يحيى بْن عُبَيْد الدّمشقيّ، وأبا عاصم النّبيل ومروان الطَّاطريّ، وأبا مسْهِر الغسّانيّ، وأبا عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، وطائفة. وعنه: ق. وأبو الْعَبَّاس بْن شُرَيْح الفقيه، وأبو بكر بن مجاهد المقرئ، وأبو عوانة الحافظ، والمحاملي، وإسماعيل الصفار، وطائفة. قال الخطيب: كان ثقة صالحا عابدا. وقال محمد بن مخلد: ما رأيته ضحك ولا تبسَّم. قبل: توفّي آخر سنة سبعٍ وستين. وقد وثقه الدارقطني أيضا، وله خبر مشهور. 82- الْعَبَّاس بْن مُوسَى بْن مِسْكَوَيْه1. أبو الفضل الهمْدانيّ، أحد الأئمّة الحفّاظ. رحل إِلَى العراق، والشّام، والثَّغر. وحدَّث عن: مسلم بن إبراهيم، وعمرو بن عون، ومسدد، وأبي مسلم التَّبوذكّي، وهشام بن عمار، وأبي بكر ابن أبي شيبة، وطبقتهم. وروى عَنْهُ: محمد بْن التّمّار الهمْدانيّ، وهارون بْن مُوسَى، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جارود، وابن شِيَرَوَيْه فِي تاريخ همدان فقال: كان جليل القدْر سُنّيًا، له تصانيف غريبة سيَّما كتاب الإمامة، فإنّه ما سُبِقَ إليه. وكان امتُحِنَ أيّام الواثق، ودخل بغداد وتوارى بها، ونزل على أبي بَكْر الَأعْيَن، فأُخِذَ من داره، وجرى عليه أمر عظيم. ثم بعد رُفِع إِلَى أَذْرَبِيجَان وحدَّث بها. وكان صدوقًا. ثُمَّ ساق شِيرَوَيْه ترجمته فِي ورقتين، وكيف امْتُحِن، وهي عجيبة إنّ صحّت. 83- عَبَّاس بْن الْوَلِيد بن مَزْيَد. أبو الفضل العُذْريّ البَيْرُوتيّ2.

_ 1 أحد العلماء الأثبات، لا بأس به. 2 السير "12/ 471"، والتهذيب "5/ 131".

سمع: أَبَاهُ، ومحمد بْن شُعَيْب بْن شابور، وعُقْبَة بْن عَلْقَمة، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبا مسهر، وجماعة وعنه: د. س. وأبو زُرْعة الرّازيّ والدّمشقيّ، وابن جَوْصا، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخيثمة بن سليمان وأبو العباس الأصم، وخلق. ولد سنة تسعٍ وستين ومائة في رجب، عاش مائة سنة وسنة. وفيه همة وجلادة فإن خيثمة قَالَ: مازح الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد جاريةً له، فَدَفعته فانكسرت رِجْلُه، فلم يحدِّثنا عشرين يومًا، وكنا نلقى الجارية ونقول: حبسك الله كما كسرتِ رِجْلَ الشّيخ وحَبَسْتِنا عن الحديث. وقَالَ أبو دَاوُد: سمع من أَبِيهِ ثم عرض عن الحديث. وقَالَ أبو دَاوُد: سمع من أَبِيهِ ثُمَّ عرض عليه، وكان صاحب لَيْلٍ. وقَالَ إِسْحَاق بْن سيّار: ما رَأَيْت أحدًا أحسن سمتًا منه. وقَالَ النَّسائيّ: ليس به بأس. قلت: كان مقرئًا مجوّدًا. وقَالَ الْحُسَيْن بْن أبي كامل: سمعت خيثمة يقول: أتيتُ أَبَا دَاوُد السّجِسْتانيّ، فأملى عليَّ حديثًا عن العبّاس ابن الْوَلِيد بْن مَزْيَد. قلت: وأتاني حديث الْعَبَّاس. فقال لي: رأيته؟ قلت: نعم. قلت: مَتَى مات؟ قلت: سنة إحدى وسبعين. كذا قَالَ خيثمة. وأما عَمْرو بْن دُحَيْم فقال: مات فِي ربيع الآخر سنة سبعين، وضبط فِي أيّ يومٍ وُلِدَ وأيّ يومٍ مات، فتحدّد أنّ عُمره مائة سنة وثمانية أشهر واثنين وعشرين يومًا. وهو أحد الجماعة الّذين جاوزوا المائة بيقين. 84- عَبْد الله بْن عَبْد السّلام بْن الرّذّاذ المصريّ1. المؤدِّب المعلّم، أمين القياس.

_ 1 ينظر في "حسن المحاضرة".

روى عن: بِشْر بْن بَكْر التِّنّيسيّ، وأبي زرعة، وهبة الله المؤذّن. كان رجلًا صالحًا. قال ابنُ يُونُس. وقَالَ: هُوَ أوّل من قاس النّيل من المسلمين. تُوُفيّ سنة ستٍّ وستّين. 85- عَبْد الله بْن عليّ بْن المَدِينيّ1. روى عن: أبيه تصانيفه. وعنه: محمد بن عمان الصَّيرفيّ، ومحمد بْن عَبْد الله المستعين. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: إنّما روى كُتُب أَبِيهِ مناولةً وإجازة. 86- عَبْد الله بْن محمد بْن أيّوب بْن صَبيح2. أبو محمد المخرِّميّ. سمع: سُفْيَان بْن عيينة، ويحيى بن سليم، وعبد الله بْن نُمَيْر، وعليّ بْن عاصم، وجماعة. وعنه: ابنُ صاعد، وابن مَخْلَد، وابن عيّاش القطّان، وإسماعيل الصّفّار، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعت منه مع أبي، وهو صدوق. قُلّد القضاء فلم يقبله، واختفى مُدّة. قلت: مات سنة خمسٍ وستّين، وقد جاوز السّبعين. وآخر من روى حديثه عاليًا هُوَ جَسْر المَرْوَزِيُّ. والمخرّميّ مؤتَمَنٌ بمرّة. 87- عَبْد الله بْن محمد النَّيسابوريّ3. الفقيه الزّاهد أبو الطَّيّب المكفوف، صاحب يحيى بْن يحيى والملازم له ليلًا ونهارًا.

_ 1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 تاريخ بغداد "10/ 81"، والسير "12/ 359". 3 من العلماء المستورين لا بأس به.

سمع: حفص بن عبد الله السُّلميّ، وعبدان بن عثمان. وعنه: أبو عمر المستملي، وإبراهيم بْن عليّ الذُّهليّ. قَالَ المستملي: كان مُجاب الدَّعوة. مات فِي ذي القعدة سنة سبعٍ وستين ومائتين. وسمعته يقول: أتاني آتٍ فِي منامي، مولدك سنة اثنتين وثمانين ومائة. رُويّ أنّ أَبَا الطَّيّب رؤيّ فِي النَّوم أنّ الله غَفَرَ له. 88- عَبْد الله بْن مُوسَى بْن محمد بْن يحيى بْن أبي بَكْر الكرْمانيّ1. أبو محمد وأبو عبد الرحمن. عن: أَحْمَد بْن جَعْفَر الثّعْلبيّ، وابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد البغداديوَّن، ويوسف بْن محمد، وأَحْمَد بن يحيى ابن نصر، ومحمد بْن يزيد الزُّهريّ الإصبهانيون. وثّقه أبو بَكْر الخطيب. وقَالَ أبو نُعَيْم: كان صدوقًا. 89- عبد الله محمد بْن سِنان الرَّوحيّ السَّعديّ البصْريّ2. قاضي الدِّينور. عن: مسلم بن إبراهيم، وعبد الله بْن رجاء الغُدّانيّ. وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وعبد الله بْن محمد الجمّال، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس الإصبهانيّان. قَالَ أبو نُعَيْم: كان يضع كثيرًا. 90- عَبْد الله بْن محمد بْن يزداد بْن سُوَيْد3. الوزير أبو صالح المروزيّ الكاتب.

_ 1 من علماء إصبهان، والراجح أنه صدوق كما قال أبو نعيم. 2 انظر الميزان "2/ 489". 3 السير "13/ 339".

كان أبوه من وراء المأمون. ووزر أبو صالح المستعين والمهتدي، وقدِم دمشق مع المتوكل. مات سنة إحدى وستّين مختفيًا. 91- عبد الله بن هلال. أبز محمد الرَّبعيّ الروميّ الزّاهد1، ونزيل بيروت. أخذ عن: أحمد بن عاصم الأنطاكّي، وأحمد بن أبي الحواري، وجماعة. وعنه: أبو حاتم الرّازيّ مع تقدُّمه، وأبو نُعَيْم الإستراباذيّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ. 92- عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد. أبو زَيْد التّميميّ الأندلُسيّ2. رحل، وأخذ عن: أَصبغ بْن الفرج، وأبي زَيْد بْن أبي الغَمْر المصريين. وعنه: محمد بن فطيس، وغيره. توفي سنة خمسٍ وستين. 93- عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب الكندي3. مولاهم المصري. عن: أبيه، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي. توفي في شعبان سنة سبعٍ وستيّن. توفي في شعبان سنة سبعٍ وستين. 94- عبد الرحمن بن عيسى بن دينار الأندلسي4. الفقيه ابن الفقيه. حج مرات، وأخذ عن: سَحْنُون بن سعيد، وغيره.

_ 1 انظر: الحلية "8/ 114". 2 جذوة المقتبس "599". 3 يُنظر في "حسن المحاضرة". 4 جذوة المقتبس "608".

وكان فصيحًا بالفقيه، مُفْتِيًا بمذهب مالك. روى عَنْهُ: ابنُ لُبَابة، وغيره. وكان أخوه محمد بْن عِيسَى عالمًا زاهدًا، وأخوهما أبو القاسم أبان كان فاضلًا لاحقًا، ولي قضاء طُلَيْطلة وتُوُفيّ بعد السّتّين ومائتين. وأخوهم عَبْد الواحد فقيه له ذِكر. وأمّا الوهْم فكان من كبار أصحاب أبي القاسم. تُوُفيّ عَبْد الرَّحْمَن سنة سبعين. 95- عَبْد الرحمن بن يوسف الحنفيّ المروزيّ1. رحل، وسمع من: يَعْلَى بْن سَعِيد، وأبي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، وجماعة. وعنه: الْحَسَن بْن عِمران الخنظليّ المَرْوَزِيُّ. تُوُفيّ سنة ستٍّ وستّين. 96- عَبْد السَّلام بْن رغْبان دِيك الْجِنّ الحمصيّ2. أحد فُحُول الشّعراء مرَّ، وإنّما نبَّهت عليه هنا لأنّ ابنُ عساكر ذكر أنّه قدِم دمشق ومدح بها أَحْمَد بْن المدبّر عاملها. وقد مرّ أَحْمَد بْن المدبّر فِي حرف الألف. 97- عَبْد العزيز بن حاتم3. أبو عمر المروزيّ. محدّث رحّال. سمع: مكّي ين إِبْرَاهِيم، وأبا نُعَيْم، وعبد الرَّحْمَن بن عَبْد الله الدَّشتكّي، وعليّ بن الحسن ين شقيق، وطبقتهم. ذكره السُّليمانيّ، وروى عنه.

_ 1 من العلماء المستورين، لا بأس به. 2 سبقت الترجمة له. 3 انظر رقم 1.

98- عَبْد الْعَزِيز بْن حَيّان. أبو زَيْد المِعْوليّ الأزْديّ المَوْصِليّ1. عن: أبان بْن سُفْيَان، وأحمد بْن يُونُس، وأبي جَعْفَر النُّفَيْليّ، وطبقتهم. وصنَّف حديثه. وكان خيّرًا صالحًا فاضلًا. روى له: ابناه زيد، رواه عَنْهُ أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: نَبا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "إِنَّ فِي جهنَّم رَحًى تَطْحَنُ عُلَمَاءَ السُّوء طَحْنًا شَدِيدًا". 99- عَبْد العزيز بن سلام. أبو الدّردراء المَرْوَزِيُّ الحافظ2. عن: مكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وعليّ بْن الْحَسَن بْن واقد، وأصبغ بْن الفرج، وعثمان بْن الهيثم المؤذِّن، وعَبْدان، وخلْق. وعنه: س. ق. والحسن بْن سُفْيَان، ومحمد بْن عقيل البلخيّ، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقَالَ غيره: تُوُفيّ بعد سنة سبعٍ وستّين، أو فيها. ذكر ابنُ عساكر أنّ س. ق. رويا عَنْهُ. ولم يره، بل روى عَنْهُ س. فِي اليوم والليلة. 100- عُبَيْد الله بْن عَبْد الكريم بْن يزيد بْن فرُّوخ3. الحافظ أبو زُرْعة الْقُرَشِيّ المخزوميّ، مولاهم الرّازيّ. أحد الأعلام.

_ 1 انظر السابق. 2 أحد الحفاظ، أخرج له النسائي في "عمل اليوم والليلة". 3 تاريخ بغداد "10/ 326"، والسير "13/ 65".

قَيِل: وُلِدَ سنة تسعين ومائة. ويقال إنّه وُلِدَ سنة مائتين. وأظنّه وَهْمًا، فإنّ رحلته سنة إحدى عشرة؛ لأنّه سمع بالكوفة من: عَبْد الله بْن صالح العِجْليّ، والحسن بْن عطيّة بْن نجِيح، وتُوُفيّا عامئذٍ. وسمع: أَبَا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وعبد الله بْن مَسْلَمَة القَعْنَبيّ، وقُرّة بْن حبيب، وأبا نُعَيْم، وخلّاد بْن يحيى، وقَبِيصَة، وعبد الْعَزِيز الأُوَيْسيّ، وقَالَون المقرئ، عمرو بْن هاشم البيروتي، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وإسحاق الفرويّ، ومحمد بن سابق، وأبا عمر الحوصيّ، ويحيى بْن عَبْد الله بْن بُكَيْر، وخلْقًا كثيرًا بالرّيّ، والكوفة، والبصرة، والحرمَيْن، وبغداد، والشام، مصر، والجزيرة. وَفِي تهذيب الكمال أنّه روى عن أبي عاصم النّبيل، وَفِي هَذَا نظر. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سُئِل أبو زُرْعة: فِي أيّ سنة كتبتم عن أبي نُعَيْم؟ قَالَ: فِي سنة أربع عشرة ومائتين. ورحلت من الرّيّ المرّة الثانية سنة سبعٍ وعشرين. ولم يدخل خراسان. وكان من أفراد العالم ذكاءً وَحِفْظًا ودينًا وفضلًا. روى عَنْهُ من شيوخه: محمد بْن حُمَيْد، وأبو حَفْص الفلّاس، وحَرْمَلَة بْن يحيى، وإسحاق بن موسى الخطميّن ويونس ين عَبْد الأعلى، والربيع بْن سُلَيْمَان، ومِن أقرانه: أبو حاتم ابنُ خالته، ومسلم بْن الحجاج، وأبو زرعة الدّمشقيّ، وإبراهيم الحربيّ. ومن الحُفْاظ والمحدّثين خلْقٌ كثير. وروى عَنْهُ: م. ت. ن. ق. فِي كتُبُهم، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، وأبو عَوَانَة، وقاسم بْن زكريّا المطرّز، وسعيد بن عمرو البردعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم فأكثر، وأبو بَكْر بن زياد النَّيسابوري، وأحمد بن محمد الدّاركي، ومحمد ابن الْحُسَيْن القطّان. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كان جدّه فروخ مولى عسّاش بن مطرِّف القرشيّ. وقال جعفر بن مجمد الكِنْديّ: ثنا أبو زُرْعَة قَالَ: قدِم علينا جماعة من أهل الرّيّ دمشق منهم: لأبو يحيى فرخويه. فلمّا انصرفوا إِلَى الرِّيّ، فيما أخبرني غير

واحدٍ، منهم أبو حاتم، رأوْا هَذَا الفتي قد كاس فقالوا: نُكَنِّيك بكُنْية أبي زُرْعة الدّمشقيّ. ثم اجتمع بأبي زُرْعة الرّازيّ فكان يذكرني بهذا ويقول: بكُنْيَتِك اكتَّنَيْت. وقَالَ سَعِيد بْن عَمْرو: قَالَ أبو زُرْعة: لا أعلم أنّه صحّ لي رباط قطّ. أمّا قزوين فأردنا محمد بْن سَعِيد بْن سابق، وأمّا عسقلان فأردنا محمد بن أبي الريّ، وأمّا بيروت فأردنا الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد بْن مَزْيد. وقَالَ النّجّاد: سمعت عَبْد الله بْن أَحْمَد يقول: لمّا ورد علينا أبو زُرْعة نزل عندنا، فقال لي أبي: يا بُنيّ، قد اعْتَضْتُ بنوافلي مذاكرة هَذَا الشَّيْخ. وقَالَ صالح جَزَرَة: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعة يقول: كتبتُ عن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى الرّازيّ مائة ألف حديث، وعن أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة مائة ألف، فقلت له: بَلَغَني أنّك تحفظ مائة ألف حديث، تقدر أن تُملي عليّ ألف حديث من حفظك؟ قَالَ: لا، ولكن إذا أُلقي عليَّ عرفتُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ فقلت: يجوز ما كتبت عن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى مائة ألف؟ قَالَ: مائة ألف كثير. قلت: فخمسين ألف؟ قَالَ: نعم، وسبعين ألف. أخبرني من عدَّ كتاب الوضوء والصلاة فبلغ ثمانية عشر ألفًا. وقَالَ أبو عبد الله بْن مَنْدَه الحافظ: سمعت محمد بن جعفر بن حكمويه بالرِّيّ يقول: سئل أبو زُرْعة عن رجلٍ حَلَف بالطّلاق أنّ أَبَا زُرْعة يحفظ مائتي ألف حديث هَلْ حَنَث؟ فقال: لا. ثُمَّ قَالَ: أحفظ مائتي ألف مثل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} [الإخلاص: 1] ، واحفظ في المذاكرة ثلاثمائة ألف حديث. قلت: هَذِهِ حكاية منقطعة لا تثبت، هذه أصح منها: فقال الحافظ ابنُ عديّ: سمعت أبي يقول بالرَّيّ، وأنا غلام فِي البزّازين، فحلفَ رَجُل بالطلاق أنّ أَبَا زُرْعة يحفظ مائة ألف حديث، فذهب قوم إِلَى أبي زُرْعة وذهبت معهم، فذكروا له حلْف الرجل، فقال: ما حَمَله على ذلك؟ قَيِل: قد جرى ذلك منه.

فقال: يمسك امرأته فإنّها لم تَطْلُق، أو كما قَالَ1. وقَالَ الحاكم: سمعت أَبَا جَعْفَر محمد بْن أَحْمَد الرَّازيّ يقول: سمعت محمد بْن مُسْلِم بْن وارة يقول: كنت عند ابنُ راهويه فقال رجل: سمعت أحمد بن حنبل يقول: صحّ من الحديث سبعمائة ألف حديث وكّسْر، وهذا الفتى يعني أَبَا زرعة، يحفظ ستّمائة ألف. قلت: فِي إسنادها مجهول. وقَالَ غُنْجار فِي تاريخه: ثنا ناصر بْن محمد الأزْديّ بكرمينية: سمعت أَبَا يَعْلَى المَوْصِليّ يقول: رحلت إِلَى البصْرة، فبينا نَحْنُ فِي السّفينة إذا برجلٍ يسأل رجلًا: ما تقول فِي رجلٍ حَلَف بالطّلاق أنّك تحفظ مائتا ألف حديث؟ فأطرق رأسه ثُمَّ قَالَ: اذهب يا هَذَا وأنت بارُّ فِي يمينك. فقلت: من هَذَا؟ فَقِيلَ لي: أبو زُرْعة الرَّازيّ ينحدر إِلَى البصرة. وقال ابنُ عُقْدة عن مطيَّن، عن أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة قَالَ: ما رأيت أحفظ من أبي رزعة. وقَالَ عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جَعْفَر القَزْوينيّ، وهو ضعيف: سمعتُ محمد بْن إِسْحَاق الصَّغانيّ يقول: كان أبو زُرْعة، يشبَّه بأحمد بْن حنبل. وقَالَ عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد: ما رَأَيْت أعْلَمَ بحديثِ مالك من أبي زُرْعة، وكذلك سائر العلوم. وقَالَ عُمَر بْن محمد بْن إِسْحَاق القطّان: سمعت عَبْد الله بْن أَحْمَد: سمعت أبي يقول: ما جاوز الجسْرَ أفْقَه من إِسْحَاق، ولا أحفظ من أبي زُرْعة. وقال أبو يَعْلَى المَوْصِليّ: ما سمعنا بذِكْر أحدٍ فِي الحِفْظ إلّا كان اسمه أكبر من رؤيته إلّا أبو زُرْعة، فإنّ مشاهدته كَانَتْ أعظم من اسمه. كان قد جمع حِفْظ الأبواب والشّيوخ والتّفسير. وقَالَ صالح جَزَرة: سمعت أَبَا زُرْعة يقول: أحفظ في القراءات عشرة آلاف حديث.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 324، 325".

وقَالَ إِسْحَاق بْن راهَوَيْه: كلّ حديث لا يعرفه أبو زُرْعة الرّازيّ ليس له أصل وقَالَ أبو الْعَبَّاس السّرّاج: لمّا انصرف قُتَيْبَةُ إِلَى الرِّيّ من بغداد سألوه أن يحدّثهم، فقال: أحدّثكم بعد أن أحضر مجلسي أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وعليّ بْن المَدِينيّ. قَالُوا: فإنّ عندنا غلامًا يسرد كلُّ ما حدَّثت به مجلسًا مجلسًا، قم يا أبا زرعة. فقام فسرد كل ما حددث به قُتَيْبَةُ. وقَالَ فَضْلك الصّائغ: دخلت المدينة فصرت إِلَى باب أبي مُصْعَب فخرج إليَّ شيخ مخضوب، وكنتُ أَنَا ناعسًا، فحرّكني وقَالَ: يا مردريك من أَيْنَ أنت، إيش تنام؟ فقلت: أصلحك الله من الرِّيّ، من شاكرديّ أبي زُرْعة. فقال: تركتَ أَبَا زُرْعة وجئتني! لقيت مالكًا وغيرَه، فَمَا رأت عيناي مثلَه. قَالَ فَضْلَك: فدخلت على الرَّبِيع بمصر فقال: إنّ أَبَا زُرْعة آية. وإنّ الله تعالى إذا جعل إنسانًا آية من شكْله حَتَّى لا يكون له ثانٍ1. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: نا أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل ابنُ عمّ زُرْعة أنّه سمع أَبَا زُرْعة يقول فِي مرضه الَّذِي مات فِيهِ: اللَّهُمَّ إنّي أشتاق إِلَى رؤيتك، فإنْ قَيِل لي: بأيّ عمل اشتقت إلىّ؟ قلت: رحمتك يا ربّ. وقد كان أبو زُرْعة يحطّ على أَهْل الرّأي ويتكلَّم فيهم. قَالَ ابنُ أبي حاتم: سَمِعْتُ أبا زُرْعة يقول: لي السَّريّ بْن مُعاذ، يعني الأمير: لو أنّي قبلت لأعطيت مائة ألف درهم قبل اللّيل فيك وَفِي ابنُ مُسْلِم من غير أن أحبسكم ولا أضربكم، بل أمنعكم من التّحديث. سمعتُ أَبَا زُرْعة يقول: لو كَانَتْ لي صحّةُ بدنٍ على ما أريد كنت أتصدَّق بمالي كلّه، وأخرج إلى الثُّغور، وآكل من المباحات وألْزَمُها. ثُمَّ قَالَ: إنّي لَألْبَس الثّياب لكي إذا نظر النّاس إليَّ يقولون قد ترك أبو زُرْعة الدُّنيا ولبس الثياب الدُّون. وإنّي لآكل ما يقدَّم إليَّ من الطّيّبات لكيلا يقولوا: إنّه لا يأكل الطّيّبات لزهده.

_ 1 السير "10/ 472" طبعة التوفيقية.

وقَالَ يُونُس بْن عَبْد الأعلى: ما رَأَيْت أكثر تواضعًا من أبي زُرْعة. وقَالَ عَبْد الله القَزْوينيّ، وهو ضعيف: ثنا يُونُس بْن عَبْد الأعلى: ثنا أبو زُرْعة. فَقِيلَ ليونس: من هَذَا؟ قَالَ: إنّ أَبَا زُرْعة أشهر فِي الدُّنيا من الدُّنيا1 وقَالَ عَبْد الواحد بْن غَياث: ما رَأَى أبو زُرْعة مثَل نفسه. وقَالَ سَعِيد بْن عَمْرو البَرْدَعيّ: سمعت محمد بْن يحيى الذُّهلي يقول: لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله لهم مثل أبي زُرْعة يعلِّم النّاس. وقَالَ أبو أَحْمَد بْن عدّي: نا أَحْمَد بن محمد القطّان: نا أبو حاتم المراديّ: حَدَّثَنِي أبو زُرْعة عُبَيْد الله بْن عَبْد الكريم وما خلّف بعده مثله عِلْمًا وَفَهْمًا، ولا أعلم من المشرق إِلَى المغرب من كان يفهم هَذَا الشأن مثله2. وقَالَ ابنُ عدّي: سمعت القاسم بن صفوان، سمع الزّاهد، وأبو زُرْعة، وسمّى آخر. وروى الخطيب بإسنادٍ، عن أبي زُرْعة قَالَ: ما سمعت أُذني شيئًا من العِلم إلّا وَعَاه قلبي، وإنّي كنت أمشي فِي السُّوق فأسمع صوت المُغَنّيات من الغُرَف، فَأَضَعُ إصبعي فِي أُذُنيَّ مخافة أن يَعِيَه قلبي. وَرُوِيَ أنّ أَبَا زُرْعة كان من الأبدال. قصة تلقين الميت: رواها ابنُ أبي حاتم بخلاف هَذَا، فقال: سمعت أبي يقول: مات أبو زُرْعة مطعونًا مَبْطونًا يعرق الجبين منه فِي النَّزع، فقلت لمحمد بْن مُسْلِم: ما تحفظ فِي تلقين الموتى: لا إله إلّا الله؟ قَالَ: يُروى عن مُعَاذ. فرفع أبو زُرْعة رأسه، وهو فِي النَّزع، فقال: رَوَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مرَّة، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" 3.

_ 1 السير "10/ 473". 2 السابق. 3 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "3116"، وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه= مسلم "916"، أبو داود "3117"، والترمذي "978"، وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه مسلم "917"، وابن ماجه "1444".

فصار فِي البيت ضجّة ببكاء من حضر. وقَالَ الحاكم، وأبو عليّ بْن فَضَالَةَ الحافظان: ثنا أبو بَكْر محمد بْن عَبْد الله بْن شاذان الرَّازيّ -قلت: وليس ثقة- قَالَ: سمعت أَبَا جَعْفَر محمد بْن عليّ ورّاق أبي زُرْعة، فذكر حكاية تلقين أبي زُرْعة لا إله إلّا الله، وإنّهم ذكروه بالحديث. فقال وهو فِي السَّياق: ثنا بُنْدَارٌ، نا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" 1. وتُوُفيّ رحمه الله. وقَالَ أبو الْعَبَّاس السّراجّ: سمعت ابنُ وارة يقول: رَأَيْت أَبَا زُرْعة فِي النَّوم، فقلت: ما حالك؟ قَالَ: أَحْمَد الله على الأحوال كلها. إنّي وقفت بين يدي الله تعالى فقال لي: يا عبد الله لِمَ تذرّعت فِي القول فِي عبادي؟ قلت: يا ربّ إنّهم خاذِلوا دينك. قَالَ: صدقت. ثُمَّ أتى بطاهر الخلقانيّ فاستعديت عليه إِلَى ربّي، فَضُرب الحَدّ مائة ثُمَّ أمر به إِلَى الحبسٍ، ثُمَّ قَالَ: أَلْحِقوا عُبَيْد الله بأصحابه، بأبي عَبْد الله، وأبي عَبْد الله سُفْيَان الثَّورّي، ومالك، وأحمد بْن حنبل. رواها عن ابنُ وَارة عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم أيضًا. تُوُفيّ فِي آخر يومٍ من سنة أربعٍ وستّين ومائتين. 101- عُبَيْد الله بْن يحيى بْن خاقان التُّركي، ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ2. أبو الْحَسَن، الوزير للمتوكّل. وما زال فِي الوزارة إِلَى أن قُتِلَ المتوكّل. وقد جرت له أمور، وانخفاض وارتفاع، نفاه المستعين إلى الرَّقّة سنة ثمانٍ وأبعين. ثُمَّ قدِم بغداد بعد خمس سنين، ثُمَّ استوزره المعتمد سنة ستٍّ وخمسين.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر: السير "13/ 9، 10"، البداية "11/ 36".

قَالَ حُسَيْن الكواكبيّ: أنبا محرز الكاتب قَالَ: اعتلّ عُبَيْد الله بْن يحيى بْن خاقان فأمّر المتوكّل بْن خاقان أن يعوده، فأتاه فقال: إنّ أمير المؤمنين يسأل عن علَّتك. قَالَ: عليل من مكانَيْن ... من الأسقام والدَّين وَفِي هذين لي شُغْلٌ ... وحسْبي شُغْلُ هَذين قَالَ: فأمر له المتوكّل بألف ألف درهم. قَالَ الصُّوليّ: ثنا الْحَسَن بْن عليّ الكاتب قَالَ: لمّا قَتَلَ المتوكّل محمد بْن الفضل الْجَرْجَرائيّ قَالَ: قد مَلَلْتُ عرضَ المشايخ عليّ، فطلبوا لي حديثًا من أولاد الكُتّاب. وبقي شهرين بلا وزير وأصحاب الدّواوين يعرضون عليه أعمالهم، ثُمَّ طلب عُبَيْد الله بْن يحيى، فَلَمَّا خاطبه أعجبته حركته، وأمره أن يكتب فأعجبه أيضًا خطه. فقال عمُّه الفتح: وَالَّذِي كتبت أحسن من خطّه. قَالَ: وما هُوَ؟ قَالَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] ، وقد تفاءلت ببركته كبركة ما كتب. فولَّاه العَرْض، فبقي سنة يؤرّخ الكُتُب عَنْهُ وعن وَصيف. وحظى عند المتوكل، فطرح اسم وصيف، ونفذت الكتب اسم عُبَيْد الله وحده. قَالَ الصُّوليّ: كان عُبَيْد الله سمحًا جوادًا ممدَّحًا، حَدَّثَنِي أبو العَيْنَاء قَالَ: دخلت على المتوكّل، فقال: ما تقول فِي عُبَيْد الله؟ قلت: نِعْمَ العبد لله، كلّ منقسم بين طاعته وخدمتك، يؤثر رِضاك على كلّ فائدة، وإصلاح رعيّتك على كلّ لذّة. وقَالَ عليّ بْن عِيسَى الوزير: لم يكن لعُبَيْد الله بْن يحيى حظٌّ من الصّناعة، إلّا أنّه أُيِّد بأعوانٍ وكتَّاب، وكان واسع الحيلة، حسن المداراة. وقَالَ الصُّوليّ: ولم يزل أعداء عُبَيْد الله يحرّضون المنتصر على قتله، وإنّه مائلٌ إِلَى المعتز، وأحمد بْن الخطيب يردعه عَنْهُ. ثُمَّ نفاه إِلَى أقريطش فَلَمَّا استخلف المعتمد ذكر لوزارته سليمان بن وهب، والحسن بن مخلد، وجميع الكُتّاب، فقال ابنُ مَخْلَد: هَذَا عُبَيْد الله بْن يحيى قد أصلح الجماعة ورأسهم، وهو ببغداد. فصدّقه الجماعة. وقَالَ المعتمد وأبو عِيسَى بْن المتوكّل: ما لنا حظٌّ فِي غيره.

فطلبوه إِلَى سرَّ من رَأَى واستحثُّوه، ولم يذكروا له الوزارة لئلّا يمتنع زُهْدًا فيها. فشخص على كُرْه، وأُدْخِل على المعتمد، فخلع عليه الوزارة. فَلَمَّا خرج امتنع، فلاطَفُوه. وولي سنة ستٍّ وخمسين بعفاف ورأي ومروءة إِلَى أن مات، وعليه ستّمائة ألف دينار، مع كثرة ضياعه. وقد أدَّبته النَّكب وهذَّبته، فزاد عَفافه وتَوَقّية. قلت: ورد عن عُبَيْد الله أخبار فِي الحِلْم والجود. حكى الصُّولّي، عن غير واحدٍ، أنّ عُبَيْد الله نزل إِلَى الميدان ليضرب الصَّوالجة، فصدمه خادمه رشيق، فسقط عن دابّته، فَحُمِل ومات ليومه. تُوُفيّ الوزير عُبَيْد الله سنة ثلاثٍ وستيّن، وهو والد المعديّ أي مزاحم الخاقانيّ. 102- عطيّة بْن بقيّة بْن الْوَلِيد الحمصيّ1. روى عن أَبِيهِ كثيرًا. وعنه: عَبْد الْعَزِيز بْن عِمران الإصبهانيّ، وعُبَيْد بْن أَحْمَد الصّفّار الحمصيّ، وأحمد بْن هارون الْبُخَارِيّ، وأبو عوانه الإسفرائيني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وجماعة. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كَانَتْ فِيهِ غفلة، ومحله الصدق. وقال ابن نافع: مات سنة خمسٍ وستّين. قَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد: سمعت عطيّة بْن بقيّة يقول: أَنَا عطيّة بْن بقيّة، وأحاديثي نقيّة، فإذا عطيّة، ذهب حديث بقيّة. قَالَ الْخِلَعِيُّ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْبَزَّازُ: ثنا محمد بْن جَعْفَر: سمعت محمد بْن خَالِد بْن يزيد بمكّة: سمعت عطيّة يقول: يا عطيّة بْن بقيّة ... كأنْ قد أتتك المَنِيّه غدوةً أو عَشِيّهْ فتفكَّر ... وتذكّر وتجنَّب الخطيَّة واذكُرِ الله بتقوى ... واتبع التّقوى بنيَّه

_ 1 السير "12/ 521"، واللسان "4/ 175".

وسمعته يقول: أَنَا عطيَّة بْن بقيَّة ... ابنُ شيخ البَريّهْ فاكتبوا عَنْهُ بِنِيّهْ ... فِي قَرَاطِيسَ نقيّه 103- عليّ بن إشكاب. واسم حُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن الحرّ بْن علّان العامريّ الْبَغْدَادِيّ1. أبو الْحَسَن. كان أسنّ من أَخِيهِ محمد. وسمع من: إِسْمَاعِيل بْن عليَّة، وإسحاق الأزرق، وأبا معاوية، ومحمد بْن مَخْلَد، وابن أبي حاتم، وخلقًا آخرهم الْحُسَيْن بْن يحيى القطّان. وقد وثَّقه النَّسائي وغيره. ومات فِي شوّال سنة إحدى وستّين، بعد أَخِيهِ بعشرة أشهر 104- عليّ بْن الْحَسَن بْن أبي عِيسَى بْن مُوسَى بْن مسيرة2. أبو الْحَسَن الهلاليّ الدّارَابْجِرْدِيّ. حجّ ورأى ابنَ عُيَيْنَة، وصلّى عليه، كذا نقل الحاكم فِي تاريخه بلا إسناد. وسمع: عَبْد المجيد بْن أبي داود، حرميّ بن عمّار، معلَّى بْن عُبَيْد، وأبا عاصم النّبيل، وخلْقًا. وعنه: البخاريّ، مسلم، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، وخلْق. قَالَ أبو عبد الله بْن الأخرم: ما رَأَيْت أفضل منه. وعن مُسْلِم بْن الحجّاج، وذكره فقال: ذلك الطّيّب ابن الطّيّب.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "6/ 179"، السير "12/ 352". 2 الحلية "10/ 143"، السير "12/ 526".

وقَالَ الحاكم: سمعتُ محمد بْن يعقوب بْن الأخرم غير مرّة يقول: استشهد عليّ بْن الْحَسَن برسْتاق أرْغِيان فِي ضيعته. قَالَ: وكان السبب أنّه زَبر العامل بها، فَلَمَّا جنّ عليه اللّيلُ أمر به، فأدْخِل مَتْبَنَةً، وأوقد النّار فِي تبنٍ، فمات فِي الدُّخان. ثُمَّ وُجِد مَيْتًا وقد أكل النّملُ عينيه. قَالَ الحاكم: هُوَ من أكابر علماء المسلمين، وابن عالمهم طلب الحديث بالحجاز، واليمن، والعراق، وخُراسان. وقِيلَ: إنّه مات سنة سبعٍ وستّين فِي رمضان. 105- عليّ بْن حرب بْن محمد بْن حيّان بْن المازن بْن الغضوبة1. أبو الْحَسَن الطّائيّ المَوْصِليّ. وُلِدَ بأذْرَبَيْجان سنة خمسٍ وسبعين ومائة، ونشأ بالمَوْصِل، ورأى المُعَافَى بْن عِمْرَانَ. وسمع من: حَفْص بْن غياث، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووَكِيع، وأبي مُعَاوِيَة الضَّرير، وعبد الله بْن إدريس، وطبقتهم بالموصل، والبصرة، والكوفة، ومكة، وبغداد. وعنه. س. وقَالَ: صالح؛ وابن صاعد، ومحمد بْن جَعْفَر الطّيريّ، وأحمد بْن سُلَيْمَان العَبَّادانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم. ونافِلُتُه محمد بْن يحيى بْن عَمْر بْن عَلِيّ بْن حرب. قَالَ أبو حاتم: صدوق. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة. وقَالَ يزيد فِي تاريخ المَوْصِل: رحل عليّ بْن حرب مع أَبِيهِ، وسمع وصنَّف حديثه، وخرّج المُسْنَد. قَالَ: وكان عالمًا بأخبار العرب وأنسابها، أديبًا شاعرًا، وَفَدَ على المعتزّ بالله في سنة أربعٍ وخمسين.

_ 1 انظر: السير "12/ 351"، التهذيب "7/ 294".

وكتب عَنْهُ المعتزّ بخطّه، ودقّق الكتاب، فقال: يا أمير المؤمنين أخذتَ فِي شُؤْم أصحاب الحديث. فضحك المعتزّ وأطلق له ضياعًا. تُوُفيّ فِي شوّال سنة خمسٍ وستّين بالمَوْصِل، وصلّى عليه أخوه مُعَاوِيَة. 106- عليّ بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن. العبْديّ الخبيث لَعنَه الله1. رَجُل من عَبْد القَيْس افترى وزعم أنّه من وُلِدَ زَيْد بْن عليّ، فتبِعه أناس كثير، وكان خارجيًّا على رَأْيِ الحَرُوريّة، يقول: لا حُكم إلّا لله. والأظهر أنّه كما قَيِل دَهْرِيًّا زِنْدِيقًا يتستّر بمذهب الخوارج. وظهر بالبصرة وتوثّب عليها، وهو طاغية الزَّنْج الّذين أخربوا البصرة واستباحوها قتْلًا ونَهْبًا وَسَبْيًا، وامتدّت أيّامه واستفحل شرّه، وخافته الخلفاء إِلَى أن هلك. ونقل غير واحدٍ أنّ صَاحِبَ الزَّنْج المنعوت بالخبيث رَجُل من أَهْل وزربين. مات إِلَى لعنة الله سنة سبعين. وكان بلاء على الأمّة، وقد سقنا أخباره ومعاوناته فِي الحوادث. وكانت دولته خمس عشرة سنة. وافترى نَسَبًا إِلَى عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. قَالَ نِفْطَوَيْه: كان ربّما كتب العَوْذ. وكان قبل ذلك بواسط، فحبسه محمد بْن أبي عَوْن، ثُمَّ أطلقه. ولم يلبث أن خرج واستغوى الزَّنج الّذين يلبسون السمار، وقوي أمره. 107- عليّ بْن الموفَّق الزّاهد2. أحد مشايخ الطريق. له أحوال ومقامات. صحِب مَنْصُور بْن عمّار، وأحمد بْن أبي الحواري. حكى عَنْهُ أبو الْعَبَّاس السّرّاج: سمعت عليّ بْن الموفَّق يقول: خرجت على رَحْلي ستّين سنة، وقرأت نحو اثنتي عشر ألف ختمة، وضحيّت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

_ 1 الكامل "7/ 206". 2 تاريخ بغداد "12/ 110"، والبداية "1/ 28".

مائة وسبعين أُضْحِيَّة، وجعلت من حجّاتي ثلاثين عن النَّبِيّ -صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. قلتُ: وفد ناس فِيهِ أبو الْعَبَّاس السّرّاج فضحّى عن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كذا وكذا أضحية. وقال إِسْحَاق المولى: اقتديت بأبي العبّاس فحججت عن النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبْع حِجَج، وختمت عنه سبعمائة ختمة. وقال أبو عمر بن السّمّاك: نا أحمد بن المهديّ: سمعت عليّ بْن الموفَّق يقول: خرجت يومًا لئؤذِّن فأصبت قِرْطاسًا فأخذته ووضعته فِي كُمّي، فأذَّنت وأقمت وصليت، فَلَمَّا صلّيت قرأته، فإذا فِيهِ مكتوب: "بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم يا عليّ بْن الموفَّق تخاف الفقر وأنا ربّك"؟ وقَالَ محمد بْن أَحْمَد الطّالْقانيّ: سمعت الفتح بْن شَخْرف يقول وقد رَأَى الَأرُزّ تُطْرح على جنازة ابنُ الموفَّق، فضحِك وقَالَ: ما أحسن هَذِهِ المزاحمات لو كَانَتْ على الأعمال. تُوُفيّ علي بْن الموفَّق سنة خمسٍ وستّين ومائتين. 108- عمّار بْن رجاء الإسْتَرَاباذيّ. أبو ياسر التَّغلبي2، صاحب المُسْنَد. رحل، وسمع، وصنّّف. حدَّث عن: يحيى بْن آدم، ويزيد بْن هارون، وزيد بن الحباب، ومعاوية بْن هشام، وحسين الْجُعْفيّ، ومحمد بن بشر البغدادي، وطبقتهم. وعنه: أبو نعيم عبد الملك بن عدي بن محمد، وأحمد بن محمد بن مطرِّف الإستراباذي، ومحمد بن الحسين الأديب. وكان من علماء الحديث بجرجان. توفَّي سنة سبعٍ أو ثمانٍ وستين.

_ 1 هذا الفعل لا أصل له، ولم يُعرف من هدي سلفنا الصالح. 2 انظر: الجرح والتعديل "6/ 395"، السير "13/ 35".

ترجمه أبو سعد الإدريسي، وقَالَ: كان شيخًا فاضلًا دَيِّنًا كثير العبادة والزُّهد. ثقة فِي الحديث. رحل وهو ابنُ ثمانٍ وعشرين سنة، ومات سنة سبعٍ وستّين على الصّحيح. وقبره يُزار رحمه الله1. 109- عُمَر بن الخطّاب السّجِسْتانيّ2. نزيل الأهواز. سمع: أَبَا عاصم النَّبيل، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وسعيد بْن أبي مريم، وخلْقًا من طبقتهم. وعنه: أبو دَاوُد، وأبو بَكْر بْن أبي عاصم، ومحمد بْن نوح الْجُنْدَيْسَابُوريّ، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وجماعة. توفَّي بكرْمان سنة أربعٍ وستّين. 110- عُمَر بْن الخطّاب بن حليلة3. أبو الخطاب الإسكندرانيّ، صاحب التّاريخ. كان فِي حدود العشرين ومائتين. وقد ذكر فِي هَذِهِ الطبقة ممّن اسمه عُمَر بْن الخطّاب أيضًا ثلاثة. 111- عُمَر بْن عليّ الطّائيّ المَوْصليّ4. وُلِدَ سنة تسعٍ وتسعين ومائة أوّلها. وسمع من أبي نعيم، وقبيضة بْن عُقْبَةَ. وكان رجلًا صالحًا خيِّرًا عابدًا منقبضًا عن النّاس.

_ 1 وهذا ما نهى عنه الشرع، وهو تخصيص قبور الصالحين بالزيارة، فزيارة القبور بدون تخصيص هو هدي السلف الصالح. 2 التهذيب "7/ 441". 3 ينظر في "حسن المحاضرة". 4 من العلماء المستورين، لا بأس به.

روى عَنْهُ: حفيده محمد بن يحيى بْن عُمَر، وغيره. وتُوُفيّ فِي سنة تسعٍ وستّين، وله سبعون سنة. 112- عَمْرو بْن سَعِيد. أبو حَفْص الإصبهانيّ الحمّال1، بالحاء. عن: وهْب بْن جرير، وأبي عامر العَقَدي، وأبي دَاوُد الطَّيالِسيّ، والحسين بْن حَفْص، وطائفة. وعنه: يوسف بْن محمد بْن المؤذّن، وأحمد بْن عليّ بْن الجارود، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس، وغيره. وقد وثّقوه. وتُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين. ذكره أبو نعيم الحافظ مرتين معتقدًا أنّهما اثنان. والنّسخة الّتي سُمِعت عليه بتاريخه فيها الحمّال فِي المرّة الواحدة بشكل الحاء، وَفِي الثانية بنقطة الجيم. 113- عَمْرو بْن سَلْم. وقِيلَ: عَمْرو بْن سَلَمَةَ، وقِيلَ: عُمَر بْن سَلْم2. الأستاذ أبو حَفْص النَّيْسابوريّ الزّاهد، شيخ الصّوفيّه بخُراسان. روى عن: حَفْص بْن عَبْد الرَّحْمَن الفقيه. وعنه: أبو عُثْمَان سَعِيد بْن إِسْمَاعِيل الحِيريّ الزّاهد تلميذه، وأبو جَعْفَر أَحْمَد بْن حمدان، وحمدون القصّار، وآخرون. قَالَ أبو نُعَيْم: نا أبو عَمْرو بْن حمدان: نا أبي قَالَ: قَالَ أبو حَفْص النَّيْسابوريّ: العاصي بريد الكُفْر كما أنّ الحمىَّ بريد الموت.

_ 1 طبقات المحدثين "3/ 44" لأبي الشيخ. 2 الحلية "10/ 229"، السير "12/ 510".

وثنا أبو عَمْرو بْن حمدان قَالَ: كان أبو حَفْص حدّادًا، فكان غلامه ينفخ عليه الكير مرَّةً، فأدخل يده وأخرج الحديد من النّار، فغُشِي على غلامه، وترك أبو حَفْص الحانوت، وأقبل على أمره. وقِيلَ إنّ أَبَا حَفْص دخل على مريضٍ، فقال المريض: آه. فقال أبو حَفْص: مِمَّنْ؟ فسكت، فقال: مع من؟ قَالَ المريض: فكيف أقول؟ قَالَ: لا يكن أَنِينُك شَكْوى، ولا سُكوتك تجلُّدًا، ولْيكُنْ بين ذلك. وعن أبي حَفْص قَالَ: حرست قلبي عشرين سنة، ثُمَّ حرسني عشرين سنة، ثُمَّ ورَدَ عليَّ وعليه حالةٌ صِرْنا محروسين جميعًا. قَيِل لأبي حَفْص: من الوَليّ؟ قَالَ: من أيِّد بالكرامات، وغيِّب عَنْهَا1. قَالَ الخُلْديّ: سمعت الْجُنَيْد ذكر أَبَا حَفْص قَالَ أبو نصر صاحب الحلّاج: نعم يا أَبَا القاسم، كانت له حال إذا لبسته مكث اليومين والثالثة لا يمكن أحدٌ أنْ ينظر إليه. وكان أصحابه يخلّونه حَتَّى يزول ذلك عَنْهُ. وبلغني أنّه أنْفَذَ فِي يومٍ واحدٍ بضعةَ عشر ألف دينار يشتري بها الأسرى من الدَّيلم، فلمّا أمس لم يكن له ما يأكله. ذكر المُرْتَعِشُ قَالَ: دخلنا مع أبي حَفْص على مريضٍ، فقال له: ما تشتهي؟ قَالَ: أن أبرأ. فقال لأصحابه: احملوا عَنْهُ. فقام المريض وخرج معنا، وأصحابنا كلّنا نُعادُ فِي الفِراش2. قَالَ الُّسلميّ فِي تاريخ الصُّوفيّة: أبو حَفْص من قرية كُوردَابَاذ على باب نيسابور، وكان حدّادًا. وهو أوّل من أظهر طريقة التّصوفّ بنيسابور.

_ 1 صفة الصفوة "4/ 120" لابن الجوزي. 2 طبقات الأولياء "251" لابن الملقن.

قَالَ أبو محمد البلاذُريّ: اسمه عَمْرو بْن سَلْم، وكذا سمّاه أبو عُثْمَان الحِيرِيّ. وذكر السُّلميّ أنّه كان ينفخ عليه غلامٌ له الكِيَر، فأدخل أبو حَفْص يده فِي النّار وأخرج الحديد، فغُشِي على الغلام، فترك أبو حَفْص الصَّنعة وأقبل على شأنه. سمعت عَبْد الله بْن عليّ يقول: سمعت أَبَا عَمْرو بْن علْوان وسألته: هَلْ رَأَيْت أَبَا حَفْص عند الْجُنَيْد؟ قَالَ: كنتُ غائبًا، ولكنْ سمعت الْجُنَيْد يقول: أقام عندي أبو حَفْص سنة مع ثمانية أنْفُس، فكنت كلّ يومٍ أقدمِّ لهم طعامًا طيبًا، وذكر أشياء من الثّياب فَلَمَّا أراد أن يذهب كَسْوتُهُم. فَلَمَّا أراد أن يفارقني قَالَ: لو جئت إِلَى نيْسابور علّمناك السّخاء والفتوَّة. ثُمَّ قَالَ: عملك هَذَا كان فِيهِ تكلُّف. إذا جاءك الفقراء فكنْ معهم بلا تكلُّف، إنْ جُعْت جاعوا، وإن شبعتْ شَبِعُوا1. قَالَ الخُلْديّ: لمّا قَالَ أبو حَفْص للجُنَيْد: لو دخلت خُراسان علّمناك كيف الفتوَّة، قَالَ له البغداديّون: ما الَّذِي رَأَيْت منه؟ قَالَ: صيّر أصحابي مخنَّثين، كان يكلُّف لهم كل يومٍ ألوان الطعام وغير ذلك، وأما الفتوَّة تَرْكُ التكلُّف. وقِيلَ: كان فِي خدمة أبي حَفْص شابٌّ يلزم السُّكوت، فسأله الْجُنَيْد عَنْهُ فقال: هَذَا أنفقَ علينا مائة ألف درهم، واستدان مائة ألف درهم، ما سألني مسألة إجلالًا لي. وقَالَ أبو عليّ الثَّقفيّ: كان أبو حَفْص يقول: مَن لم يزِنْ أحواله كلّ وقت بالكتاب والسُّنّة ولم يتّهم خواطره، فلا تعدُّه. وَفِي مُعْجَم بغداد للسِّلفيّ بإسنادٍ منقطع: قدِم ولدان لأبي حَفْص النيَّسابوريّ فحضرا عند الْجُنَيْد فسمعا قوَّالين فماتا، فجاء أبوهما وحضر عند القوّالَيْن، فسقطا ميّتَيْن2. وقَالَ ابنُ نُجَيْد: سمعت أَبَا عَمْرو الزّجّاجيّ يقول: كان أبو حفصٍ نور الْإِسْلَام فِي وقته.

_ 1 طبقات الأولياء "250". 2 السير "12/ 512".

وعن أبي حَفْص قَالَ: ما استحقّ اسم السّخاء من ذكر العطاء، ولا لمحه يقبله. وعنه قَالَ: الكَرَم طرْحُ الدُّنيا لمن يحتاج إليها، والإقبال على الله لاحتياجك إليه. وعنه قَالَ: أحسن ما يتوسّل به العبد إِلَى مولاه دوام الفقر إليه على جميع الأحوال، وملازمة سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي جميع الأفعال، وطلب القُوت جَهْده من وجهٍ حلال. تُوُفيّ الزّاهد أبو حَفْص سنة أربعٍ وستّين، وقِيلَ: سنة خمسٍ وستّين. ووَهِمَ من قَالَ: سنة سبعين ومائتين. 114- عِيسَى بْن إبراهيم بْن مَثْرُود الغافقيّ1. مولاهم المصريّ الفقيه. أبو مُوسَى. سمع: ابنُ عُيَيْنَة، وابن وهْب، وعبد الرَّحْمَن بْن القاسم، وجماعة. وعنه: أبو دَاوُد، والنَّسائي وقَالَ: لا بأس به، وابن خُزَيْمَة، والطَّحاويّ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، وأبو الْحَسَن بْن جَوْصا، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، وخلْق سواهم. تُوُفيّ فِي صَفَر سنة إحدى وستّين. 115- عِيسَى بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن وَرْدان2. أبو يحيى الْبَغْدَادِيّ، ثُمَّ العسقلانيّ. عسقلان بلْخ، وهي محلّة معروفة. رحل، وسمع: بقيَّة بن الوليد، وعبد الله بْن وهْب، وحَمْزة بْن ربيعة، وعبد الله بْن نُمَيْر، وطائفة. وعنه: التّرمِذيّ، والنَّسائي، وحامد بْن بلال، وأبو عوانه الإسفرائينيّ، ومحمد بْن عَقِيل البلْخي، والهَيْثَم بْن كُلَيْب الشّاشيّ فأكثر، وأبو حاتم الرَّازيّ وقَالَ: صدوق وقَالَ النَّسائي: ثقة.

_ 1 انظر: السير "12/ 362"، والتهذيب "8/ 205". 2 البداية "11/ 42"، التهذيب "8/ 205".

وحدَّث عَنْهُ من أَهْل نَسْف خلقٌ، منهم: حمّاد بْن شاكر، وإبراهيم بْن مَعْقِلٍ. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين، فِي عُشر المائة، ويقال: وُلِدَ سنة ثمانين ومائة. 116- عِيسَى بْن الشَّيْخ1. أحد الأمراء المذكورين. أبو مُوسَى الشَّيبانيّ الذُّهليّ الدِّمشقيّ. ولي إمرة دمشق فأظهر الخلاف والخروج عن الطاعة سنة خمسٍ وخمسينٍ وأخذ الأموال، وتغلَّب على دمشق، فوجَّه المعتمد لحربه جيشًا عليهم أماجُور. فجهَّز الأمير عِيسَى لملتقاه وزيره ظفْر بْن اليمان وولده مَنْصُور بْن عِيسَى، فانكسروا وقُتِل ابنه فِي المعركة وأُسِر الوزير، وصُلِب فِي ظاهر البلد. وجرت له أمورٌ بعد ذلك. قَالَ الصُّوليّ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن فَهْم أنّ بعض الظُّرفاء قصد عِيسَى بْن الشَّيْخ بآمِد فأنشده: رأيتك بالمنام خلعتَ حقًّا ... عليَّ ببنفسجيّ وقضَيْت دَيْنِي فعجِّل لي فِداك أَبِي وأُميّ ... مقالا في المنام رأته عيني فقال: يا غلام، كُّل ما في الخزائن من الحرير. فعرضه فوجد سبعين شقة بنفسجي، فدفعها إليه وقَالَ: كم دَيْنك؟ قَالَ: عشرة آلاف درهم. فأعطاه ألف درهم وقَالَ: لا تعود ترى منامًا آخر. قَيِل: إنّ عِيسَى مات سنة تسعٍ وستّين. 117- عِيسَى بْن مِهْران بْن المستعطف2. من رءوس الرافضة. حكى عَنْهُ: محمد بْن جرير الطَّبريّ، وغيره. وله كتاب فِي تكفير الصّحابة وفسْقهم، ملأه بالكذب والبهتان.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 474، 475"، الكامل "7/ 238". 2 تاريخ بغداد "11/ 167".

روى عَنْ: عُمَر بْن جرير البَجَليّ، وحسن بْن حُسَيْن المغربيّ، وسهل بْن عامر البَجليّ. روى عَنْهُ: الْحُسَيْن بْن عليّ العلويّ نزيل مصر، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم الحنفيّ. قَالَ ابنُ عديّ: حدَّث بأحاديث موضعية، كنْيته أبو مُوسَى. تُوُفيّ ببغداد فِي حدود السبعين ومائتين. 118- عِيسَى بْن مُوسَى بْن أبي حرب الصّفّار1. أبو يحيى البصْريّ الثّقة النّبيل. رواه يحيى بْن أبي بَكْر الكرْمانيّ. قدِم إِلَى بغداد وحدَّث بها. فروى عَنْهُ: الْحَسَن بْن عليل، وابن الباغَنْديّ، وأبو عَوَانة الإسفرائينيّ وقَالَ: كان سيّد أَهْل البصرة، والمَحَامليّ، ومحمد بْن جَعْفَر المَطِيريّ، وحمزة الهاشميّ، وخلْق سواهم. وثقه أبو بَكْر الخطيب، وغيره. وقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الأجرِّيّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: سمعت ابنُ حسّان يقول: كثّر الله فِي النّاس مثل عِيسَى بْن أبي حرب. قَالَ الخطيب: تُوُفيّ ماضيًا إِلَى كرْمان فِي صَفَر سنة سبعٍ وستين ومائتين. "حرف الفاء": 119- الفضل بْن شاذان بْن عِيسَى2. أبو الْعَبَّاس الرّازيّ المقرئ شيخ القرّاء بالرِّيّ. أَخَذَ عن: أَحْمَد بن يزيد الحلْوانيّ، ومحمد بْن عِيسَى الإصبهانيّ، وغيرهما. وسمع من: إِسْمَاعِيل بْن أبي أُوَيْس، وسعيد بْن مَنْصُور وطائفة. وحدَّث عَنْهُ: أبو حاتم، وابنه عَبْد الرَّحْمَن وقال: ثقة.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "11/ 165". 2 انظر: معرفة القراء الكبار "1/ 334" للذهبي.

وقرأ عليه: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن سَعِيد، وأحمد بْن محمد بْن عَبْد الله، وأحمد بْن محمد بن عمّار ابن شبيب الرّازيّون، وابنه الْعَبَّاس بْن الفضل. قَالَ أبو عمرو والدّانيّ، لم يكن فِي دهْره مثله فِي عِلْمه وفَهْمه، وعدالته، وحُسْن اطِّلاعه. 120 - الفضل بْن الْعَبَّاس. الحافظ أبو بَكْر الرّازيّ، ولقَبُه: فَضْلَك الصّائغ1. رحل وطوّف، وحدَّث عن: عِيسَى بْن مينا قالون، وقُتَيْبَةَ بْنُ سَعِيدِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الُأوَيْسيّ، وخلْق كثير. وعنه: محمد بن مخلد العطّار، وأبو عوانة، ومجمد بن المطيريّ، أبو بَكْر الخرائطيّ، وجماعة. تُوُفيّ فِي صفر سنة سبعين. قَالَ المرُّوذيّ: ورَد عليَّ كتابٌ من ناحية شيراز أنّ فَضْلَك قَالَ ببلدهم: إنّ الْإِيمَان مخلوق، فبلغني أنّهم أخرجوه من البلد بأعوان الوالي. وقَالَ لي أَحْمَد بْن أصرم المُزَنيّ: كنتُ بشيراز وقد أظهر فَضْلَك أنّ الْإِيمَان مخلوق وأفسد قومًا من المشيخة فحذَّرت منه، وأخبرتهم أنّ أَحْمَد بْن حنبل جهَّم من قَالَ بالعراق: إنّ القرآن مخلوق. وبيَّنا أمره حَتَّى أخرج. ودخلت إصبهان فإذا قد جاء إليهم، وأظهر عندهم أنّ الْإِيمَان مخلوق فأُخْرج منها. وقَالَ المرُّوذيّ: ما زلنا بهجر فضلك حتى مات ولم يظهر توبةً فأخرج منها. وقَالَ الخطيب: كان ثقة ثبتًا حافظًا، سكن بغداد. وقَالَ محمد بْن حرث: سمعت الفضل بْن الْعَبَّاس وسألته: أيُّهما أحفظ: أبو زُرْعة أو البخاريّ؟ فقال: أنْ أُغْرِب على الْبُخَارِيّ فلن أستطيع، وأنا أُغْرِب على أبي زُرْعة على عدد شَعْره. 121- الفضل بْن الْعَبَّاس بْن مُوسَى الإستراباذيّ2. الفقيه.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 367"، السير "12/ 630". 2 انظر: تاريخ جرجان "598".

سمع: أبا نُعَيْم، وأبا حُذَيْفة، وموسى بْن مَسْعُود المهْريّ، وغيرهم. وعنه: أبو نُعَيْم عَبْد الملك بْن عديّ، وجماعة. يُقَالُ: قتلهُ محمد بْن زَيْد العَلَويّ المتغلِّب على جُرْجان سنة أربعين ألقاه فِي بئر. وكان الفضل إمامًا ثقة، فقيهًا كبير القدر. وهو الَّذِي تقدَّم إِلَى أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ الطّاغية الَّذِي قصد إستراباذ فاشترى منه البلد وأهله بثلاثمائة ألف درهم، ووزَّعها على النّاس. فسار أَحْمَد إِلَى جُرْجان وأغار على أهلها. "حرف القاف": 122- القاسم بْن محمد بْن الْحَارِث المَرْوَزِيُّ1. الفقيه. قدِم بغداد، وصحب الْإِمَام أَحْمَد مدّة. وحدَّث عن: عَبْدان بن عُثْمَان، وعليّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، ومسدَّد بْن مُسَرْهَد، وطبقتهم. وعنه: أبو حاتم الرَّازيّ، وابن صاعد، والمَحَامليّ، وجماعة. وثقة أبو بكر الخطيب. وتوفي سنة ثلاثٍ وستّين. 123- القاسم بْن يزيد. أبو محمد الكوفيّ الوزّان المقرئ الحاذق2. قرأ على: خلّاد بْن خَالِد، وكان من أجلّةِ أصحابه. قرأ عليه: الحسن بن الحسين الصّاوف، وغيره.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 431". 2 غاية النهاية "2/ 25".

"حرف الميم": 124- محمد بْن أَحْمَد بْن يزيد بْن عَبْد الله بْن يزيد1. أبو يُونُس القُرَشيّ الْجُمَحيّ المدنيّ الفقيه. مفتي أَهْل المدينة. أخذ عن أصحاب مالك، وحدَّث عن: إِسْمَاعِيل بْن أُوَيْس، وأبي مُصْعَب، وإسحاق بْن محمد الفَرَويّ، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وجماعة. وعنه: زكريّا السّاجيّ، ويحيى بْن الحَسَن بْن جَعْفَر النَّسابة العلويّ، وأبو بشر الدُّلابيّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم الدّيبليّ، وأبو عَوانة الإسفرائينيّ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وآخرون. 125- محمد بْن أَحْمَد بْن حَفْص بْن الزِّبرقان2. أبو عبد الله الْبُخَارِيّ، عالِم أَهْل بُخَاري وشيخهم. قَالَ ابنُ مَنْدَه: كان شيخ خُراسان سمعتُ محمد بْن يعقوب الشَّيبانيّ يقول: سمعتُ كلام أَحْمَد بْن سَلَمَةَ يقول: سُئِل محمد بْن إِسْمَاعِيل عن القرآن فقال: كلام الله. فقال: كيفما يصرف؟ قال: القرآن ينصرف إلّا بالسُّنة! فأُخْبِرَ محمد بْن يحيى فقال: مَن ذهبّ إِلَى مجلسه فلا يدخل مجلسي. وأخرَج جماعة من مجلسه. فخرج محمد بْن إِسْمَاعِيل إِلَى بُخَارَى، وكتب محمد بْن يحيى إِلَى خَالِد بْن أَحْمَد الأمير وشيوخ بخارى بأمره، فهمَّ خَالِد حَتَّى أَخْرَجَهُ أبو عبد الله محمد بْن أحمد بْن حفص إِلَى بعض رِباطات بُخَارَى، فبقي إِلَى أن كتب إِلَى أَهْل سَمَرْقَنْد يستأذنهم بالقدوم عليهم، فامتنعوا عليه، ومات فِي قرية. قَالَ ابنُ مَنْدَه: نسخة كتاب أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حَفْص فقيه أَهْل خُراسان وما وراء النَّهر فِي الرّدّ على اللّفظيّة: الحمد لله الَّذِي حمد نفسه وأمر بالحمد عِباده. ثُمَّ سرد الكتاب فِي ورقتين. قلت: تُوُفيّ فِي رمضان سنة أربعٍ وستّين. أرّخه أبو عبد الله بن عبد الرحمن بن منده.

_ 1 التهذيب "9/ 24". 2 السير "12/ 617".

وأبوه ورد أنه سمع ورحل أبي عَبْد الله الْبُخَارِيّ، وكتب معه. وروى عن: الحميدي، وأبي الْوَلِيد الطيالسيّ. وأبوه فقيه بُخَارى، تفقّه على محمد بْن الْحَسَن. قلت: وسمع محمد هَذَا أيضًا من عارٍم، وطبقته. روى عنه: أبو عصمة بن محمد اليشكريّ، وعبدان ين يوسف، وعليّ بْن الْحَسَن بْن عَبْدة، وآخرون. وتفقَّه عليه جماعة. وقد تفقه على أَبِيهِ: أبو جَعْفَر، وانتهت إليه رئاسة الحنفيّة، ببُخَارَى. تفقّه عليه جماعة، منهم: عَبْد الله بْن محمد بْن يعقوب الْبُخَارِيّ الحارثيّ الملقّب بالأستاذ فيما قَيِل. فَإِن كان لقِيَه فهو من صغار تلامذته. قَالَ السُّليمانيّ: هُوَ أبو عبد الله العْجِليّ ومولاهم. له كتاب الأهواء والاختلاف. قال: وكان تقيًّا ورعًا زاهدًا، ويكفِّر من قَالَ بخلْق القرآن. ويُثْبت أحاديث الرؤية والنّزول، ويحرِّم المُسْكر. أدرك أَبَا نُعَيْم، ونحوه. 126- محمد بْن إِبْرَاهِيم. أبو حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ الصُّوفي الزّاهد1. جالس بِشْر بْن الْحَارِث، وأحمد بْن حنبل. وصحِبَ سرِيّ السَّقطيّ، وغيره. وكان عارفًا بالقرآن، كثير العدْو بالثَّغر. حكى عَنْهُ: خير النّسّاج، ومحمد بن عليّ الكتّابيّ، وغيرهما. فَمَنْ كلامه: علامة الصُّوفي الصّادق أن يفتقر بعد الغنى، ويُذَلّ بعد العزّ، ويُخفى بعد الشُّهرة، وعلامة الصُّوفي الكاذب أن يستغني بعد الفقر، ويُعَزّ بعد الذّلّ، ويشتهر بعد الخفى.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "1/ 390"، والسير "13/ 165".

وقَالَ إِبْرَاهِيم بْن عليّ المؤيّديّ: سمعت أَبَا حمزة يقول: من المجال أن نحبّه ثُمَّ لا نذكره، ومن المُحال أن نذكره ثُمَّ لا يوجد له ذِكْر، ومن المُحال أن يوجد له ذِكْر ثُمَّ نشتغل بغيره. قَالَ أبو نُعَيْم فِي الحلية: حكى لي عَبْد الواحد بْن أبي بَكْر: حدَّثني محمد بْن عَبْد الْعَزِيز: سمعتُ أَبَا عَبْد الله الرمليّ يقول: تكلَّم أبو حَمْزَةَ فِي جامع طَرسُوس فقتلوه. فبينما هُوَ يتكلَّم ذات يوم إذ صاح غرابٌ على سطح الجامع، فزعق أبو حَمْزَةَ، لبَّيك لَبّيك. فنسبوه إِلَى الزَّندقة وقَالَوا: حُلُوليّ زِنْديق. فشهدوا عليه، أُخرج وبيع فَرَسُهُ ونُودي عليه: هَذَا فرس الزِّنْديق1. وقَالَ أبو نصر السّراجّ صاحب اللُّمع: بلغني عن أبي حَمْزَةَ أنّه دخل على الْحَارِث المحاسبيّ، فصاحت الشّاة: ماع. فشهق أبو حَمْزَةَ شهقة وقَالَ: لبْيك لبيَّك يا سيّديّ. فغضب الْحَارِث -رحمه الله- وعمدَ إِلَى السِّكّين، وقَالَ: إنْ لم تَتُبْ ذبحتك. وقَالَ إِبْرَاهِيم: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، حدَّثنا أَحْمَد بن محمد بن مقسم: حدَّثني أبو بدْر الخيّاط: سمعتُ أبا حمزة قلب: بينما أَنَا أسير فِي سفرة على التَّوكُّل والنّوم فِي عيني إذ وقعت فِي بئرٍ، فلم أقدر على الخروج لعُمْقها. فبينما أَنَا جالس إذ وقف على رأسها رجلان، فقال أحدهما لصاحبه: نجوز ونترك هَذِهِ فِي طريق السّابلة؟ قال: فما نصنع؟ فَبَدَرَتْ نفسي أن أقول: أَنَا فيها، فَنُودِيتُ: تتوكل علينا، وتشكو بلاءنا إِلَى سِوانا؟ فسكتُّ، وَمَضَيَا. ثُمَّ رجعا ومعهما شيء جعلاه على رأسها غطّوها به فقالت لي نفسي: أمِنْتَ طيَّها ولكن حصلت مسجونًا فيها. فمكثت يومي وليلتي، فَلَمَّا كان من الغد ناداني شيء يهتف بي ولا أراه: تمسّك بي شديدًا. فَمَددت يدي، فوقعت على شيءٍ خشِنٍ، فتمسّكت به، فَعَلاها وطرحني. فتأمَّلت فإذا هُوَ سبعٍ. فبمّا رَأَيْته لحِق من نفسي من ذلك ما يلحق من مثله. فهتف بي هاتف: يا أبا حَمْزَةُ استنقذناك من البلاء بالبلاء، وكَفَيْناك ما تخاف2.

_ 1 الحلبة "10/ 321". 2 هذا الأثر يتناقض مع حرص المسلم على سؤال العفو والعافية، ودعوة الإسلام إلى عدم إلقاء النفس في الهلكة، فلينتبه إلى هذا، والخير كل الخير في اتباع من سلف، والشر كل الشر في ابتداع من خلف.

قيل: إنّ حَمْزَةَ تكلَّم يوما على كُرْسِيِّه ببغداد، فتغيَّر عليه حاله وسقط عن كُرْسِيّه، ومات فِي الجمعة الثانية. نقل أبو بَكْر الخطيب وفاته سنة تسعٍ وستّين ومائتين. وقَالَ أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلميّ: تُوُفيّ سنة تسعٍ وثمانين. قلت: تصحّف ذي بذي. 127- محمد بْن إِسْحَاق. أبو بَكْر الصّاغانيّ الحافظ1. طوَّف وجال، وأكثر التّرْحال، وبرع فِي العِلَل والرجال. سمع: يزيد بْن معروف، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، ويَعْلَى بْن عُبَيْد، والأسود بْن العاص، وسعيد ابن أبي مريم، وطبقتهم. وعنه: مُسْلِم، والأربعة، وأبو عُمَر الدُّوري المقرئ العراقيَّ، وهو أكبر منه، وموسى بْن هارون، وابن خُزَيْمَة ذكره، وابن صاعد، وعَبْدان، وأبو عَوَانة، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو العبّاس الأصمّ، وخلْق آخرهم موتًا شجاع بن جعفر الأنصاريّ. قال ابن أبي جعفر الأنصاريّ. قال ابنُ خراش: ثقة، مأمون. وقَالَ الدَّارقطنيّ: ثقة، وفوق الثّقة. وعن أبي مُزَاحم الخاقانيّ قَالَ: كان الصّاغانيّ يشبه يحيى بْن مَعِين فِي وقته. وقَالَ الأصمّ: سأله أبي: إِلَى أيّ قبيلة تنتسب؟ فقال: إنّ جدّي كان فِي الصّحراء فاستقبله رَجُل فقال له: أسلم، فأسلم وقطع الزّنّار.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 195"، والسير "12/ 592".

وقَالَ أبو بَكْر الخطيب: كان أحد الأثبات المتقنين، مع صلابةٍ فِي الدّين واشتهارٍ بالسُّنةّ، واتِّساعٍ فِي الرّواية. وقَالَ أَحْمَد بْن كامل، مات فِي سابع صَفَر سنة سبعين. 128- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن مِقْسَم الأسَدَيّ1. الْإِمَام أبو بَكْر، وأبو عبد الله، وكذا الْإِمَام أبو عُلَيّة البصْريّ قاضي دمشق. لم يدرك الأخذْ عن أَبِيهِ، فإنّ أَبَاهُ تُوُفيّ وهو صغير. فسمع من: محمد بْن بِشْر العبْديّ، ويحيى بْن آدم، وإسحاق الأزرق، وعبد الله بْن بَكْر، ووهْب بْن جرير، ويزيد ابن هارون، وطائفة. وعنه: النَّسائي وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو بِشْر الدُّولابيّ، وأبو عَرُوبة، وابن جَوْصا، ومحمد بن جعفر بن ملاس، ومحمد بن بكّار البَتَلْهِيّ قاضي داريّا، وأبو الدَّحداح أَحْمَد بْن محمد التميمي، وآخرون. قال س: قاضي حافظ، دمشقيّ ثقة. قَالَ محمد بْن الغَيْض: لم يزل قاضيًا بدمشق حَتَّى تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين. وَوَلِيَ بعده القضاء أبو حازم عَبْد الحميد بْن عَبْد الْعَزِيز. قلت: وهو أخو إِبْرَاهِيم بْن عُلَيّة الَّذِي ناظَرَه الشّافعيّ، وَالَّذِي كان من كبار الْجَهْمِيَّة. 129- محمد بْن إشكاب. الحافظ أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ2، أخو عليّ بْن إشكاب، واسم أبيهما الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن الحُرّ بْن زَعْلان. سمع: عَبْد الصّمد بْن عَبْد الوارث، وأبا النَّضر هاشم بْن القاسم، وإسماعيل بْن عُمَر. وعنه: الْبُخَارِيّ، والنَّسائيّ، وأبو دَاوُد، وابن صاعد، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بن مخلد، وآخرون.

_ 1 انظر: السير "12/ 294"، التهذيب "9/ 55". 2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 229"، والسير "12/ 352".

قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقَالَ غيره: وُلِدَ سنة إحدى وثمانين ومائة، ومات يوم عاشوراء سنة إحدى وستّين ومائتين. 130- محمد بْن بجير. أو عبد الله الإسْفرائينيّ1. رحّال محدِّث. سمع: المقري، والحُمَيْديّ، وسَلْمَان بْن حرب. وعنه: أبو عَوَانَة الحافظ، ومحمد بْن شريك، وعبد الله بْن محمد بْن مُسْلِم الإسفرائينيّون. 131- محمد بْن أيوب بْن الْحَسَن. الفقيه أبو عبد الله النَّيْسابوريّ2. رحل وسمع: سَلْمان بْن حرب، وأحمد بْن يُونُس، وسعيد بْن مَنْصُور. وعنه: إبراهيم بن محمد بن سفيان، وغيره. وكان صالحا زاهدا. مات في ذي الحجّة إحدى وستين. 132- محمد بن بجير البخاري3. والد عمر الحافظ. روى عن: أبي الوليد الطيالسي، وغارم، وجماعة. وعنه: محمد بْن حاتم. تُوُفيّ فِي شعبان سنة ثمانٍ وستّين. 133- محمد بْن بكّار بْن الْحَسَن بْن عُثْمَان العنْبريّ الفقيه الحنفيّ4.

_ 1 من العلماء المستورين، لا بأس به. 2 انظر السابق. 3 الثقات لابن حبان "9/ 143". 4 انظر: وفيات الأعيان "4/ 176"، والسير "13/ 119".

من كبار الفقهاء بإصبهان. سمع من: سهل بْن عُثْمَان، وأبي جَعْفَر الفلّاس. وما كان روى شيئًا. تُوُفيّ سنة خمسٍ وستّين كَهْلًا. 134- محمد بْن الْحَسَن العسكريّ بن عليّ الهادي بن محمد الحواد بْن عليّ الرضِّا بْن مُوسَى الكاظم. أبو القاسم العلويّ الحسنيّ، خاتم الاثني عشر إمامًا للشّيعة. وهو منظر الرّافضة الذي يزعمون أنهّ المهديّ. وأنه صحب الزّمان، وأنّه الخَلَف الحُجّة. وهو صاحب السِّرداب بسامرّاء، ولهم أربعمائة وخمسون سنة ينتظرون ظهوره. ويدَّعون أنّه دخل سِرْدابًا فِي البيت الَّذِي لوالده وأمّه تنظر إليه، فلم يخرج منه وَإِلَى الآن. فدخل السِّرداب وعدم وهو ابن تسع سنين. وأمّا أبو محمد بْن حزْم فقال: إنّ أَبَاهُ الْحَسَن مات عن غير عَقِب. وثبَّت جُمْهور الرّافضة على أنّ للحسن ابنًا أخفاه. وقِيلَ: بل وُلِدَ بعد موته من جاريةٍ اسمها نرجس أو سَوْسَن. والأظهر عندهم أنّها صقيل؛ لأنّها ادَّعت الحمْل به بعد سيّدها فوقف ميراثه لذلك سبْع سنين، ونازعها فِي ذلك أخوه جَعْفَر بْن عليّ، وتعصَّب لها جماعة، وله آخرون. ثُمَّ انفشَّ ذلك الحَمْل وبَطُلَ وأخذ الميراث جعفرُ وأخٌ له. وكان موت الْحَسَن سنة ستّين ومائتين. قَالَ: وزادت فتنة الرّافضة بصَقِيل هَذِهِ، وبِدَعْواها، إِلَى أن حبسها المعتضد بعد نيِّفٍ وعشرين سنة من موت سيّدها وبقيت فِي قصره إِلَى أن ماتت في زمن مقتدر. وذكره القاضي شمس الدّين بْن خلّكان فقال: وقِيلَ: بل دخل السِّرداب وله سبْع

عشرة سنة فِي سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. والأصح الأول، وأنّ ذلك كان سنة خمسٍ وستّين. قُلْتُ: وَفِي الْجُمْلَةِ جَهْلُ الرَّافِضَةِ مَا عَلَيْهِ مَزِيدٌ. اللَّهُمَّ أَمِتْنَا عَلَى حبِّ محمد وَآلِ محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالَّذِي يَعْتَقِدُهُ الرَّافِضَةُ فِي هَذَا الْمُنْتَظَرِ لَوِ اعْتَقَدَ الْمُسْلِمُ فِي عَلِيٍّ بَلْ فِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا أقرَّ عَلَيْهِ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصارى عِيسَى فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ" 1 صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ. فإنهم يعتقدون فِيهِ وَفِي آبائه أنّ كلّ واحدٍ منهم يعلم علم الأوَّلين والآخرين، وما يكون، ولا يقع منه خطأ قطّ، وأنّه معصوم من الخطأ والسَّهو. نسأل الله العفو والعافية، ونعوذ بالله من الاحتجاج بالكذِب وردّ الصِّدق، كما هُوَ دأب الشِّيعة. 135- محمد بْن حمّاد بْن بَكْر المقرئ2. صاحب خَلَف البزّاز. مقرئ مجوِّد، وصالح عابد. كان الْإِمَام أَحْمَد يجلُّه ويحترمه، ويُصلّي خلفه فِي رمضان. روى عن: يزيد بْن هارون، وعبد الله بْن أبي بَكْر السَّهميّ. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وأبو سعد بْن الأعرابيّ، وجماعة. تُوُفيّ سنة سبعٍ وستّين. 136- محمد بْن خَلَف. أبو بَكْر البغداديّ الحدّاديّ المقرئ3.

_ 1 "حديث صحيح" أخرجه البخاري "4/ 204"، "8/ 210"، وعبد الرزاق "19758"، في مصنفه، وأحمد "1/ 23، 24، 47"، والحميدي "27"، والترمذي "172" في الشمائل. 2 انظر: تاريخ بغداد "2/ 270". 3 تاريخ بغداد "5/ 234"، التهذيب "9/ 149".

عن: حُسَيْن الْجُعْفيّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وأبي يحيى الحِمّانيّ، وطائفة. وعنه: الْبُخَارِيّ، وأبو دَاوُد، وأحمد بْن الباغَنْدِيّ، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وابن مَخْلَد، وطائفة. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة، فاضل، له حديث فِي الصّحيح. وقد روى القراءة عن أبي يوسف الأعشى. مات فِي ربيع الأول سنة إحدى وستّين. 137- محمد بْن الخليل. أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ الفلّاس المخرَّميّ1. عن: محمد بْن عُبَيْد، ورَوْح بْن عُبَادة، وحجّاج الأعور. وعنه: أبو بَكْر بْن دَاوُد، وأبو عَوَانَة، ومحمد بْن مَخْلَد، ومحمد بْن جَعْفَر الطَّبري، وجماعة. وكان من خيار المسلمين. تُوُفيّ فِي شعبان سنة تسعٍ وستّين. ووثّقه الخطيب. ولم يصّح أنّ النَّسائيّ روى عَنْهُ. 138- محمد بْن سَحْنُون الفقيه عَبْد السّلام بْن سلّام التَّنوخيّ القَيْروانيّ2. المالكيّ، الحافظ أبو عبد الله. سمع: أَبَاهُ، وأبا مُصْعَب الزُّهريّ، وجماعة. وكان خبيرًا بمذهب مالك، عالمًا بالآثار. وقَالَ يحيى بْن عُمَر: كان ابنُ سَحْنُون من أكبر النّاس حُجَة وأتقنهم لها. وكان يناظر أَبَاهُ، وما شبهّه إلّا بالسيف.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "5/ 250". 2 ترتيب المدارك "3/ 104".

قَيِل لعيسى بْن مِسكين: مَن خير من رَأَيْت فِي العلم؟ قَالَ: محمد بْن سَحْنُون. وقَالَ غيره: ألّف كتابه المشهور، جمع فِيهِ فنون العِلم والفِقْه، وكتاب السِّير وهو عشرون كتابًا، وكتاب التاريخ وهو ستّة أجزاء، وكتاب الرّدّ على الشّافعيّ وأهل العراق، وكتاب الزُّهد، وكتاب الإمامة، وتصانيفه كثيرة. ولما مات ضُرِبت الأخبية على قبره وأقام النّاس فيها شهورًا حَتَّى قامت الأسواق حول قبره. ورثاه غير واحدٍ من الشُّعراء. وكانت وفاته سنة خمسٍ وستّين بالقيروان. مات كهْلًا رحمه الله. 139- محمد بْن سَعِيد بْن غالب. أبو يحيى القطّان الضّرير1. بغداديّ، ثقة. روى عن: ابن عينية، وإسماعيل بن عليَّة، ومعاذ، ويحيى بْن آدم، وأبي أسامة، والشَّافعيّ، وطائفة كثيرة. وعنه: ابنُ ماجة فِي تفسيره، وابن شُرَيْح الفقيه، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد، والمَحَامليّ، وابن أبي حاتم وقَالَ: صدوق، وابن الأعرابيّ وهو آخر أصحابه موتًا. تُوُفيّ فِي شوّال سنة إحدى وستّين. 140- محمد بْن سَعِيد بْن هنّاد بْن هنّاد2. أبو حاتم الخُزاعيّ البُوسَنْجيّ. حدَّث ببغداد ونيسابور عن: أبي نُعَيْم، والقَعْنبيّ، وأبي الْوَلِيد الطَّيالِسيّ، وجماعة. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وأبو حامد بن الشَّرقّي، وأبو بكر بن المنذر صاحب الخلافيّات، ومحمد بْن عَقِيل البلْخيّ، ومكي بن عبدان، وعدد.

_ 1 انظر: السير "12/ 345"، التهذيب "9/ 189". 2 تاريخ بغداد "5/ 308".

واستوطن بنيسابور. وقيل: لقي ابن عيينة. توفي سنة سبعٍ وستين ومائتين. وقد ذكر الخطيب في تاريخه أنّه روى عن سُفْيَان بْن عيينة وهذا بعيد لا وجد لبُعْده. 141- محمد بْن شجاع أبو عبد الله بْن الثَّلْجيّ الْبَغْدَادِيّ1 الفقيه الحنفيّ. أحد الأعلام الكبار. قرأ القرآن على أبي محمد اليزَّيْديّ. وروى الحروف الحروف عن: يحيى بْن آدم. وتفقَّه على: الْحَسَن بْن زياد اللُّؤلؤيّ، وغيره. وروى عن: إِسْمَاعِيل بْن عليَّة، ووكيع، وأبي أسامة، ومحمد بْن عُمَر الواقديّ، ويحيى بن آدم، وجماعة. وعنه: عبد الله بن أحمد بن ثابت البزاز. وعبد الوهاب بن أبي حية، ومحمد بن إبراهيم بن حبيش البغوي، ومحمد بن يعقوب بن شيبة، وجده يعقوب. قال ابن عدي: كان يضع أحاديث في التشبيه وينسبها إلى أصحاب الحديث يثلبهم بذلك. رُوِي عَنْ حَسَّانِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْهَرِمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ: إنّ الله خلق الفرس فغرقت، ثُمَّ خَلَقَ نَفْسَهُ مِنْهَا2. قُلْتُ: هَذَا كَذِبٌ لَا يَدْخُلُ فِي عَقْلِ الْمَجَانِينَ لِاسْتِحَالَتُهُ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ خَلَقَ شَيْئًا سَمَّاهُ نَفَسًا، وَأَضَافَهُ إِلَيْهِ إِضَافَةَ مِلْكٍ. وَبِكُلِّ حَالٍ هَذَا وَاللَّهِ كَذِبٌ بِيَقِينٍ. وقد سَأَلَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن خاقان أَحْمَد بْن حنبل، عَنْهُ فقال: مبتدع صاحب هوى. قلت: ومع مذهبه فِي الوقْف فِي القرآن كان متعبدًا كثير التّلاوة.

_ 1 انظر: السير "10/ 264"، والتهذيب "9/ 220". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن عدي "6/ 2249"، والبيهقي "ص/ 373"، في الأسماء والصفات، وابن الجوزي "1/ 105" في الموضوعات.

قَالَ أَحْمَد بْن الحَسَن البَغَويّ: سمعته يقول: ادفنوني فِي هَذَا البيت فإنه لم يبق فِيهِ طابق إلّا وقد ختمت عليه القرآن. قلت: وُلِدَ سنة إحدى وثمانين ومائة، ومات وهو ساجد فِي صلاة العصر فِي رابع ذي الحجة سنة ستِّ وستّين. وخُتِم له إنّ شاء الله وأناب عند الموت. قَالَ ابنُ عديّ: سمعت مُوسَى بْن القاسم بْن الْحَسَن الأشيبْ يقول: كان ابنُ الثّلْجيّ يقول: من كان الشّافعيّ؟ إنّما كان يصحب بربر المعنى. فلم يزل يقول هَذَا إِلَى أنْ حضرته الوفاة فقال: رحم الله أَبَا عَبْد الله الشّافعيّ. وذكر علمه وقَالَ. قد رجعت عمّا كنت أقول فِيهِ. وقَالَ أبو عبد الله الحاكم: رَأَيْت عند محمد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى القُمّيّ الْحَارِث، عن أَبِيهِ، عن محمد بْن شجاع كتاب المناسك فِي نيِّف وستّين جزءًا كبارًا. روى هَذَا أبو عُمَر المدائني، عن عَبْد الملك الصِّقلّيّ، عن الحكم. وقَالَ هارون بْن يعقوب الهاشميّ: سمعت أَبَا عَبْد الله وقِيلَ له إنّ ابنَ الثّلْجيّ كان ينال من أَحْمَد بْن حنبل وأصحابه ويقول: أيّ شيء قام به أَحْمَد بْن حنبل؟! قال الموذيّ: أتيته ولمته، فقال: إنمّا أقول كلام لله كما أقول ماء الله وأرض الله. فقمت ما كلّمناه حَتَّى مات. وكان المتوكّل قد همّ بتوليته القضاء، فَقِيلَ له: هُوَ مِن أصحاب بِشْر المَرِيسيّ، فقال: نحنُ بَعْدُ فِي بِشْر؟ فقطّع الكتاب الذي كُتِب له فِي ذلك. 142- محمد بْن عاصم بْن عَبْد الله الثَّقفيّ أبو جَعْفَر الإصبهانيّ1. سمع: ابن عيينة، وسين الْجُعْفيّ، ويحيى بْن آدم، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن عليّ بْن الجارود، وخلْق آخرهم موتًا عبد الله بن جعفر بن

_ 1 انظر: السير "12/ 277"، والتهذيب "9/ 240".

فارس. رُوِيَ عن إِبْرَاهِيم بْن أُورَمَة الحافظ قَالَ: ما رَأَيْت مثل محمد بْن الأهوازيّ وما رَأَى هُوَ مثل نفسه. وقَالَ عليّ بْن محمد الثَّقفيّ: كنت أختلف إِلَى أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة، فَمَا رَأَيْت أحدًا يُشْبِهه فِي حُسْن روايته وحِفْظ لسانه إلّا محمد بْن عاصم. وقَالَ غيره: كان محمد وأسعد وعليّ والنُّعمان بنو عاصم من سكّان المدينة مدينة جيّ. قلت: وهو صدوق. تُوُفيّ سنة اثنتين وستّين. 143- محمد بْن الْعَبَّاس بْن خالد1. وأبو عبد الله السُّلميّ الإصبهانيّ، الرّجل الصالح. رحل فِي العلم، وسمع: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأبا عاصم النّبيل، وجماعة. وعنه: يُونُس بْن محمد المؤذّن، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وعبد الله بْن محمد ولده، وآخر من روى عَنْهُ عَبْد الله بْن فارس. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق من عباد الله الصّالحين، صاحب فضل وعبادة. ولما توفي محمد بن العباس حضره أحمد بن عصام فقال: كان من ثقات إخواننا، وكان عندي ممن كان يخشى الله تعالى. قلت: توفي إلى رحمة الله تعالى سنة ست وستين. 144- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بن أعين بن ليث2. الإمام أبو عبد الله المصري الفقيه، أخو عبد الرحمن وسعيد. ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة. وروى عن: عَبْد الله بْن وهب، وابن أبي فُدَيْك، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وبشر بن بكير، وأيوب بن سويد الرملي، وإسحاق بن الفراش، وأشهب بن عبد

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 48". 2 انظر: السير "10/ 341"، والبداية والنهاية "11/ 42".

العزيز، وشعيب بن الليث بن سعد، وأبي عبد الرحمن المقري، وطائفة. ولزم الشافعي مدة، وتفقه به، وبابنه عبد الله، وغيرهما. وعنه: ن. وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وعمرو بن عثمان المكي الزاهد، وأبو بكر بن زياد النَّيسابوريّ، وإسماعيل بن داود بن وردان، وأبو العباس الأصم، وجماعة. وثقه النَّسائي، وقَالَ مرّة: لا بأس به. وقَالَ غيره: كان أَبُوهُ قد ضمّه إلى الشّافعيّ، فكان الشّافعيّ معجَبًا به لذكائه وحرصه على الفِقْه. قَالَ أبو عُمَر الصَّدفّي: رَأَيْت أَهْل مصر لا يعدلون به أحدًا، ويصفونه بالعلم والفضل والتواضع. وقَالَ إمام الأئمّة ابنُ خزيمة: ما رأيت من فقهاء الْإِسْلَام أعرف بأقاويل الصّحابة والتابعين من محمد بن عبد الله ابن عَبْد الحكم. وقَالَ مرَّة: كان محمد بْن عَبْد الله أعلم مَن رَأيت على أديم الأرض بمذهب مالك، وأحفظهم. سمعته يقول: كنت أتعجّب ممّن يقول فِي المسائل: لا أدري. قَالَ ابنُ خُزَيْمَة: وأمّا الإسناد فلم يكن يحفظه، وكان من أصحاب الشّافعيّ، وكان ممّن يتكلّم فيه. فوقعت بينه البُوَيْطي وحشة فِي مرض الشّافعيّ فحدَّثني أبو جعفر السُّكّريّ صديق الرَّبِيع قَالَ: لمّا مرض الشّافعيّ جاء ابنُ عَبْد الحَكَم ينازع البُوَيْطيّ فِي مجلس الشافعي، فقال البويطي: أَنَا أحقُّ بِهِ منك. فجاء الحميديّ، وكان بمصر، فقال الشّافعيّ، ليس أحدّ أحقّ بمجلسي من البُوَيْطيّ، وليس أحد من أصحابي أعلمُ منه. فقال الحُمَيْديّ: كذبت أنت وأبوك وأُمُّك. وغضب ابنُ عَبْد احكم فترك مجلس الشّافعيّ1، فحدَّثني ابنُ عَبْد الحَكَم قال:

_ 1 السير "10/ 341".

كان الحُمَيْديّ معي فِي الدّار نحوًا من سنة وأعطاني كتاب ابنُ عُيَيْنَة، ثُمَّ أَبَوْا إلّا أن يُوقِعُوا بيننا ما وقع. روى هَذَا كلَّه الحاكم عن حُسَيْنَك التَميميّ، عن ابنُ خُزَيْمَة. وعن المُزَنيّ قَالَ: نظر الشّافعيّ إلى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وقد ركَب دابّته فأتْبعه بصره وقَالَ: ودِدت أنّ لي ولدًا مثله وعليّ ألف دينار لا أجد قضاءها. وقَالَ أبو الشَّيخ: ثنا عَمْرو بْن عُثْمَان المكّيّ قَالَ: رَأَيْت مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُصلّي الضُّحى، فكان كلّما صلّى ركعتين سجد سجدتين، فسأله من يأنس به فقال: أسجد شكرا لله على ما أَنْعم به عليَّ من صلاة الركعتين1. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق، ثقه، أحد فقهاء مصر من أصحاب مالك. وقَالَ أبو إِسْحَاق الشّيرازيّ: قد حُمِل محمد فِي محنة القرآن إِلَى ابنِ أبي دُؤاد، ولم يُجِب إِلَى ما طلب منه، وردَّ إلى مصر، وانتهت إله الرئاسة بمصر، عني فِي العِلْم. وقَالَ غيره: إنّه ضُرِب فهرب واختفى، وقد نالْته محنةٌ أخرى صَعْبة مرَّت فِي ترجمة أَخِيهِ الشهيد سنة سبعٍ وثلاثين. نسب ابنُ الْجَوْزيّ، قَالَ أبو سَعِيد بْن يُونُس: كان محمد المفتي بمصر فِي أيّامه، تُوُفيّ يوم الأربعاء النِّصف من ذي القعدة سنة ثمانٍ وستّين وصلّى عليه بكّار بْن قُتَيْبَةَ القاضي. قلت: آخر من روى حديثه عاليًا عَبْد الغفّار الشِّيرويّ. وله تصانيف كثيرة منها: "كتاب أحكام القرآن، وكتاب الرّدّ على الشّافعيّ مما خالف فِيهِ الكتاب والسُّنَّة، وكتاب الرّدّ على أَهْل العراق، وكتاب أدب القضاة". وَفِي المحدثين. 145- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ2. رحل وروى عن أَحْمَد بْن مَسْعُود المقدسيّ. روى أبو نُعَيْم الحافظ حديثه فِي الحلْية فقال: ثنا أبو حامد أَحْمَد بن محمد بن الحسن: ثنا محمد بن عبد الله ابن عبد الحكم.

_ 1 السابق "2/ 342". 2 انظر: التهذيب "9/ 262".

146- محمد بْن عَبْد الله بْن المستورد1. الحافظ أبو بكر البغداديّ. عن: أبي نعيم، يحيى بْن بُكَيْر، والحسن بْن بُسْر، وجماعة. حدَّث ببغداد، وإصبهان. روى عَنْهُ: أبو عبد الله المحَامِليّ، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس، وآخرون. توفّي سنة ستِّ وستين. 147- محمد ين عَبْد الرَّحْمَن بْن الأشعث2. أبو بَكْر الرَّبعيّ العجليّ، إمام جامع دمشق. روى عنه: أبي مُسْهِر، ومحمد بن عِيسَى بْن الطّبّاع، وحَجّاج بْن أبي منيع، وغيرهم. وعنه: النَّسائي، وابن صاعد، وأبو عَوَانةَ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، وأبو بَكْر بْن زياد، والحسن بْن عَبْد الملك الحصائريّ، وجماعة. وثّقه النَّسائي. مات سنة ستِّ وستّين. 148- محمد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن المَرْزُبان بْن جَعْفَر البَغَويّ3. والد أبي القاسم البَغَويّ. قَالَ محمد بْن أَحْمَد الإسكافيّ فِي تاريخه: وُلِدَ سنة ثمانٍ وثمانين ومائة، وهو أسنّ إخواته. سمع من: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وغيره. وكان يحبّه ويحبّ أخاه عليّ ابني أَحْمَد بْن مَنِيع. تُوُفيّ بسرَّ مَنْ رَأَى سنة سبعٍ وستين ومائتين.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 427". 2 التهذيب "9/ 291". 3 من العلماء المستورين، لا بأس به.

149- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ1. أبو جَعْفَر الواسطيّ الدّمشقيّ. عن: يزيد بْن هارون، ووْهب بْن جرير، ومعلَّى بْن عُبَيْد، وأبي أَحْمَد الزُّبيريّ، وطائفة. وعنه: أبو دَاوُد، وابن ماجة، وإبراهيم الحربيّ، وإبراهيم بْن محمد نِفْطَوَيْه، وابن صاعد، وابن أبي حاتم وإسماعيل الصّفّار، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. ووثّقه الدَّارقطنيّ. تُوُفيّ فِي شوّال سنة ستٍّ وستّين. 150- محمد بْن عُبَيْد الله بْن يزيد2. أبو جَعْفَر الشَّيبانيّ مولاهم الحرّانيّ، ويُعرف بالقَرْدُوانيّ. قاضي حَرّان. روى عن: أَبِيهِ، وعثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن الظَّريفيّ، وأبي نعيم الفضل بن دكين. وعنه: النَّسائي، وأحمد بن عمرو والبزّاز، وأبو عروبة، وابن صاعد، وأبو عوانة، وعدة. قال ابن عروبة: كان من عدول الحكام. ولم يكن يعرف الحديث. كان عنده كتب ذكر أنّه سمعها من أَبِيهِ. ومات لليالٍ بقين من شهر ذي الحجّة سنة ثمانٍ وستّين. 151- محمد بْن عُثْمَان الهَرَويّ3. الحافظ متُّويه. سمع: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، والحرميّ. توفّي سنة أربعٍ وستين.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 346"، التهذيب "9/ 318". 2 التهذيب "9/ 325". 3 من حفاظ هراة، لا بأس به.

152- محمد بْن عليّ بْن بسّام. أبو جَعْفَر الحافظ، ولَقَبُه مَعْدان1. روى عن: عَبْد الصمد بْن النُّعمان، وقَبيِصة. وعنه: مُطَيَّن، ومحمد بْن مَخْلَد. تُوُفيّ سنة اثنتين وستّين. 153- محمد بْن عليّ بْن ميمون الرَّقيّ القطّان2. عن: عَبْد الله بن جعفر القيّ، ومحمد بْن يوسف الفِرْيَابِيّ، والقعْنَبيّ، وطبقتهم. وعنه: النِّسائيّ، وأبو عرُوبة، ومحمد بْن جرير الطَّبريّ، وأبو الْعَبَّاس الأصغر، وجماعة. قَالَ الحاكم: ثقة مأمون. كان إمام أَهْل الجزيرة فِي عصره. قلت: تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وستّين. وقِيلَ: سنة ثمانٍ وستّين، وهو أصحّ. 154- محمد بْن علي بْن دَاوُد الْبَغْدَادِيّ3. الحافظ أبو بَكْر ابنُ أخت غزال. سمع: عفّان، وسعيد بْن دَاوُد الزُّبيريّ، وطائفة. وعنه: أبو جَعْفَر الطّحاويّ، وعليّ بْن أَحْمَد علّان، وأبو عَوَانة. وثّقه أبو بَكْر الخطيب. ومات سنة أربعٍ وستّين. 155- محمد بن عُمَر بْن يزيد. أبو عبد الله الزُّهريّ الإصبهانيّ. أخو رستة4.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "3/ 58، 59". 2 التهذيب "9/ 356". 3 تاريخ بغداد "3/ 59، 60". 4 ذكر أخبار إصبهان "2/ 187".

عن: أبي داود الطيالسي، وبكر بن بكار، ومحمد بن أبان العنْبريّ. وعنه: ابنه عَبْد الله، وأحمد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وستّين. 156- محمد بْن عُمَيْر. أبو بَكْر الطَّبريّ الفقيه1، جليس أبي زُرْعة الرَّازيّ، والمفتي فِي مجلسه. روى عن الحميد كتاب التفسير، وكتاب الرّد على النُّعمان. قَالَ ابن أبي حاتم: كان يفتي رأي أبي ثور. سمعت منه، وهو ثقة صدوق. 157- محمد بن محمد بن عيسى الزّاهد2. الزّاهد أبو الْحَسَن بْن أبي الورد الْبَغْدَادِيّ المعروف بحَبشيّ. صحب بِشْر بْن الْحَارِث وغيره. وروى عن: أبي النَّضْر هاشم بْن القاسم. وعنه: أبو القاسم البَغَويّ، وعليّ بْن الْجُنَيْد الغضائريّ، وغيرهما. وله أخ اسمه أحمد، كنته أيضًا أبو الْحَسَن. زاهد كبير، تُوُفيّ قبل حَبَشيّ. وتُوُفيّ حَبَشيّ سنة اثنتين وستّين. وقَالَ ابنُ قانع: سنة ثلاثٍ وستّين. وقِيلَ: سنة اثنتين. وكان من أعيان مشايخ لقوم من موالي سَعِيد بْن العاص الأمويّ. وسُمّي حَبَشيّ لسُمْرته. وأبو الورد جدّه من أصحاب المنصور وإليه تُنْسَب سُوَيْقة أبي الورد. 158- محمد بن مسلم بن عثمان بن وارة3.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 40". 2 تاريخ بغداد "3/ 201، 202". 3 السير "13/ 28"، والتهذيب "9/ 451".

أبو عبد الله الرَّازيّ الحافظ. طوّف وسمع الكثير. وأخذ عن: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبي عاصم النّبيل، وهوزة بْن خليفة، وأبي مُسْهِر، وأبي المغيرة الحمصيّ، وأبي نُعَيْم، وآدم بْن أبي إياس، وقَبِيصة، وبشرٍ كثير. وعنه: ن. ومحمد بن يحيى الذَُهليّ مع تقدمُّه، والبخاري خارج الصحيح، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وابن صاعد، وأبو بكر بن مجاهد المقري، والمحامليّن وابن أبي حاتم، وخلق من آخرهم أبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيم. وقال ن: ثقة، صاحب حديث. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: ثقه، صدوق. وكان أبو زُرْعة يجلّه ويُكْرمه. وقَالَ عَبْد المؤمن بْن أَحْمَد: كان أبو زُرْعة لا يقوم لأحدٍ ولا يُجلِس أحدًا فِي مكانه إلّا ابنُ وَارَةَ. وقَالَ فَضْلَك الرَّازيّ: سمعت أَبَا بَكْر بْن أبي شَيْبَة يقول: أَحْفَظُ من رَأَيْت أَحْمَد بن الفُرات، وأبو زُرْعة، وابن وَارَةَ. وقَالَ الطّحاويّ: ثلاثةٌ من علماء الزمان بالحديث اتّفقوا بالرِّيّ، لم يكن فِي الأرض فِي وقتهم أمثالهم. فذكر أَبَا زُرْعة، وابن وَارَةَ، وأبا حاتم. وعن عَبْد الرَّحْمَن بْن خِراش قَالَ: كان ابنُ وَارَةَ من أَهْل هَذَا الشأن المتقِنين الُأمناء. كنت ليلةً عنده، فذكر أَبَا إِسْحَاق السَّبيعيّ، فذكر شيوخه، فذكر فِي طَلْق واحدٍ سبعين ومائتي رَجُل. ثُمَّ قَالَ: كان آيةً شيئًا عجبًا. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ خُرَّزَاذَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذكونيّ يَقُولُ: جَاءَنِي محمد بْنُ مُسْلِمٍ، فَقَعَدَ يتقعَّر فِي كَلامِهِ، فَقُلْتُ: مِنْ أيِّ بلدٍ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الرِّيّ. ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْتِكَ خَبَرِي، أَلَمْ تَسْمَعْ بِنَبَئِي، أَنَا ذُو الرِّحْلَتَيْنِ.

قُلْتُ: مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً" 1. فَقَالَ: حدَّثني بَعْضُ أَصْحَابِنَا. قُلْتُ: مَنْ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَقَبِيصَةُ. قُلْتُ: يَا غُلامُ، ائْتِنِي بِالدِّرَّةِ. فَأَتَانِي بِهَا، فَأَمَرْتُهُ، فَضَرَبَهُ بِهَا خَمْسِينَ، وَقُلْتُ: أَنْتَ تَخْرُجُ مِنْ عِنْدِي مَا آمَنُ أَنْ تَقُولَ: حدَّثني بَعْضُ غِلْمَانِنَا2. وقَالَ زكريا السّاجيّ: جاء ابنُ وَارَةَ إِلَى أبي كُرَيْب، وكان فِي ابنِ وارة بَأْوٌ، فقال لأبي كُرَيْب: ألم يبلغْك خبري، ألم يأتِك نبئي؟ أَنَا ذو الرّحلتين، أَنَا محمد بن مُسْلِم بْن وَارَةَ. فقال: وَارَةُ، وما وَارَةُ؟ وما أدراك ما وارة؟ قم، والله لا حدَّثنك، ولا حدَّثت قومًا أنت فيهم. وقَالَ ابنُ عُقْدة: دقَّ ابنُ وَارَةَ على أبي كُرَيْب، فقال: مَنْ؟ قَالَ: ابنُ وَارة أبو الحديث وأُمُّه. ذكر أبو أَحْمَد الحاكم أنّ ابنُ وَارَةَ سمع من سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وهذا وَهْمٌ منه. قَالَ: ابنُ مَخْلَد، وغيره: تُوُفيّ فِي رمضان سنة سبعين. وقَالَ المنادي: مات سنة خمسٍ وستّين. وهذا وهْم أيضًا. 159- محمد بْن مُوسَى. أبو جَعْفَر الحَرَشيّ الْبَغْدَادِيّ الحافظ، الملقَّب: شاباص3. حدَّث عن: يزيد بن حيرة المدنّي، وخليفة بن خياط.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "10/ 448"، ومسلم "2256"، وأبو داود "5011"، والترمذي "1848". 2 تاريخ بغداد "3/ 258". 3 انظر: تاريخ بغداد "3/ 240"، والتهذيب "9/ 482".

وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وإسماعيل الصّفّار. وهو ثقة. 160- محمد بْن هارون. أبو جَعْفَر المُخَرّميّ الْبَغْدَادِيّ الفلّاسي شيْطا الحافظ1. سمع: أَبَا نُعَيْم، وسليمان بْن حَرْب، وعَمْرو بْن حمّاد، وطبقتهم. وعنه: المحامليّ، وابن مخلد، وابن حاتم وقَالَ: هُوَ مِن الحُفّاظ الثّقات، وأبو عوانة. وكان من أحفظ النّاس. توفّي بالنهران سنة خمسٍ وستّين. 161- محمد بْن هشام بْن ملّاس. أبو جَعْفَر النُّمَيْريّ الدّمشقيّ2. عن: مروان بْن مُعَاوِيَة، وحَرْمَلَة بْن عَبْد الْعَزِيز. وعنه: حفيده محمد بْن جَعْفَر بْن محمد الحافظ، وأبو عليّ الحصائريّ، وابن أبي حاتم وقَالَ: صدوق، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ، وجماعة. وله جزء رواه أبو القاسم بْن رواحة عاليًا. تُوُفيّ سنة سبعين، وله مائة سنة إلّا ثلاث سنين. قَالَ: لقيت ابنُ عُيَيْنَة سنة اثنتين ومائتين، فكَثُرُوا عليه، فلم أكتب عَنْهُ. 162- محمد بْن وهْب. أبو بَكْر الثّقفيّ المقرئ3. عن: أبي الوليد الطّيالسي، وجماعة.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 118". 2 السير "12/ 354". 3 تاريخ بغداد "3/ 332".

وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وأبو سَعِيد بن الأعرابيّ، وغيرهم. وكان صدر القرَّاء فِي البصْرة فِي زمانه. سمع الحروف من يعقوب. قرأ القرآن على رَوْح صاحب يعقوب. تلا عليه: محمد بْن يعقوب المعدّل، ومحمد بْن المؤمّل الصَّيرفيّ، ومحمد بن جامع الحلوانيّ. بقي إلى قرب السبعين ومائتين. 163- محمد بْن يحيى بْن كثير. أبو عبد الله الكْلبيّ الحرّانيّ الحافظ لؤلؤ1. سمع: أَبَا قَتَادَة عَبْد الله بْن واقد، وعثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن الطَّرائفيّ، وأبو النُّعمان الحَكَم بْن نافع، وأحمد بْن يُونُس، وطبقتهم. وعنه: النَّسائيّ وقَالَ: هُوَ ثقة، وأبو عَروُبَة الحرّانيّ، وأبو عَوَانَة، وأبو عليّ محمد بْن سَعِيد الرَّقّيّ، وطائفة. تُوُفيّ فِي صَفَر سنة سبعٍ وستّين. 164- محمد بْن أبي يحيى بْن زكريّا بْن يحيى الوقّاد2. المصريّ الفقيه أحد العالمين بمذهب مالك. صنف كتاب السُّنَّة، ومختصر فِي الفقه، وغير ذلك. تُوُفيّ سنة تسعٍ وستين. 165- محمد بن يوسف. أبو عبيد الله البغداديّ الجوهريّ3. الرجل الصّالح الحافظ.

_ 1 السير "12/ 605، 606"، التهذيب "9/ 521". 2 يُنظر في "ترتيب المدارك". 3 الجرح والتعديل "8/ 120".

رحل وطوّف، وحدَّث عن عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأبي غسّان مالك بْن إِسْمَاعِيل، وعبد الْعَزِيز الُأوَيْسيّ، وبِشْر الحافي وصَحِبه، ومعلَّى بْن أسَد، وطبقتهم. روى عَنْهُ: عُمَر بْن شبَّة وهو أكبر منه، وابن صاعد، وابن أبي حاتم وقال: ثقة، ابن مَخْلَد، وآخرون. قال الخطيب: كان موصوفا بالدِّين والسُّنن. وقال ابن قانع: مات في ربيع الآخر سنة خمسٍ وستين. 166- مالك بن علي بن مالك بن عبد العزيز. الإمام أبو خالد القرشي الفهري الأندلسي القرطبي الزاهد1. روى عن: يحيى بْن يحيى اللَّيثيّ، والقعْنَبيّ، وأَصبغ بْن الفَرَج، وجماعة. وعنه: محمد بْن عُمَر بْن لُبابة، ومُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أَعْيَن، وآخرون. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين ومائتين. وصنَّف أيضًا فِي مذهب مالك مختصرًا. 167- المثنَّى بن جامع2. أبو الحين بن زياد الأنباريّ الزّاهر. روى عن: سَعْدَوَيْه الواسطيّ، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن الصّبّاح، وسُرَيْج بْن يُونُس. وعنه: أَحْمَد بن محمد بْن الهيثم، ويوسف الأزرق. قَالَ الخطيب: كان ثقة مشهورًا بالسُّنَّة، من أصحاب أَحْمَد. يُقال كان مستجاب الدعوة. وكان بِشْر الحافي يُكرمه ويُجِلّه. 168- مُسْلِم بْن الحجّاج بْن مُسْلِم3. الإمام أبو الحسن القشيريّ النيَّسابوري الحافظ صاحب الصّحيح.

_ 1 جذوة المقتبس "805". 2 تاريخ بغداد "13/ 173، 174". 3 انظر: السير "10/ 381"، والتهذيب "10/ 126".

قَالَ بعض النّاس: وُلِدَ سنة أربعٍ ومائتين. وما أظنّه إلّا وُلِدَ قبل ذلك. سمع سنة ثمان عشرة ومائتين ببلده مِن يحيى بْن يحيى، وبِشْر بْن الحَكَم، وإسحاق بْن راهَوَيْه. وحجّ سنة عشرين، فسمع من: القَعْنَبيّ، وهو أقدم شيخ له، ومن: إِسْمَاعِيل بْن أبي أُوَيْس، وأحمد بْن يُونُس، وعُمَر بْن حَفْص بْن غِياث، وسعيد بْن مَنْصُور، وخالد بْن خِدَاش، وجماعة يسيرة. وردَّ إِلَى وطنه. ثُمَّ رحل فِي حدود الخمس وعشرين ومائتين فسمع من: عليّ بْن الْجَعْد، ولم يروِ عَنْهُ فِي صحيحه لأجل بدعةٍ ما. وسمع من: أَحْمَد بْن حنبل، وشَيْبان بْن فروُّخ، وخلف البزّاز، وسعيد بْن عَمْرو الأشْعثيّ، وعَوْن بْن سلام الدُّولابيّ، وأبي نصر التّمّار، ويحيى بْن بِشْر الحريريّ، وقُتَيْبَة بْن سَعِيد، وأُميّة بْن بِسْطام، وجعفر بْن حُمَيْد، وحيّان بْن مُوسَى المَرْوَزِيّ، والحَكَم بْن مُوسَى القَنْطَريّ، وعبد الرَّحْمَن بْن سلّام الْجُمَحيّ، وخلْق كثير من العراقيّين، والحجازيّين، والشّاميين، والمصريين، الخراسانيين. فسمي شيخُنا فِي تهذيب الكمال مائتين وأربعةً وعشرين شيخًا. ورأيت بخطّ حافظ أنّه قد روى فِي صحيحه عن مائتين وسبعة عشر. روى عَنْهُ: ت. حديثًا واحدًا فِي جامعه، ومحمد بْن عَبْد الوهاب الفرّاء، وعليّ بْن الْحَسَن بْن أبي عِيسَى الهلاليّ، وهما أكبر منه، وصالح بن محمد جَزَرَة، وأحمد بْن سَلَمَةَ، وأحمد بْن الْمُبَارَك المستملي، وهو من أقرانه، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وعليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد الرَّازيّ، وابن خُزَيْمَة، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن صاعد، وأبو حامد بْن الشَّرقيّ، وأبو عَوَانة الإسْفرائينيّ، وأبو حامد أَحْمَد بْن حمدون الْأَعْمَش، وسعيد بْن عَمْرو البَرْذَعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم ونَصْرَك بْن أَحْمَد بْن نصر الحُفّاظ، وأحمد بْن عليّ بْن الْحُسَيْن القلانسي، وإبراهيم بن محمد. سُفْيَان الفقيه، وأبو بَكْر محمد بْن النَّضْر الجاروديّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، ومحمد بْن مَخْلَد العطّار، وخلْق آخرهُم وفاةً أبو حامد أَحْمَد بْن عليّ بْن حَسْنَوية المقرئ أحد الضعفاء.

ذكر الحافظ ابنُ عساكر فِي ترجمة مُسْلِم أنه سمع بدمشق من محمد بْن خَالِد السَّكسكيّ، ولم يذكر أنّه سمع من غيره. وهذا بعيد، ولعلّه محمد بن خالد في الموسم، ولكن قَالَ ابنُ عساكر: حدَّثني أبو النَّصر اليُونارْتيّ قَالَ: دفع إليَّ صالح بْن أبي ورقة من لحاء شجرةٍ بخطّ مُسْلِم، قد كتبها بدمشق من حديث الْوَلِيد بْن مُسْلِم. قلت: إنّ صح هَذَا فيكون قد دخل دمشق مجتازًا، ولم يُمْكنْه المُقام، أو مرض بها ولم يتمكّن من السّماع على شيوخها. قَالَ أبو عَمْرو أحمد بْن الْمُبَارَك: سمعت إِسْحَاق بن منصور يقول لمسلم بن الحجّاج: لم نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين. وقَالَ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ: رَأَيْت أَبَا زُرْعة، وأبا حاتم يقدّمان مُسْلِم بْن الحَجّاج فِي معرفة الصّحيح على مشايخ عصرهما. وسمعت الْحَسَن بْن مَنْصُور يقول: سمعت إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وذكر مُسْلِم بْن الحجّاج، فقال بالفارسيّة كلامًا معناه: أيّ رَجُل يكون هَذَا؟ قَالَ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ: وعُقِد لمسلم مجلس المذاكرة، فذُكِر له حديث لم يعرفه، فانصرف إِلَى منزله وأوقد السِّراج، وقَالَ لِمن فِي الدّار: لا يدخل أحدٌ منكم. فَقِيلَ له: أُهْدِيَتْ لنا سلّة تمر. فقال: قدِّموها. فقدَّموها إليه، فكان يطلب الحديث، ويأخذ تمرة تمرة، فأصبح وقد فَنِي التّمرْ ووجد الحديث. رواها الحاكم ثُمَّ قَالَ: زادني الثّقة من أصحابنا أنّه منها مات. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: كان ثقة من الحفّاظ، كتبت عَنْهُ بالرِّيّ، وَسُئِلَ أبي عَنْهُ فقال: صدوق. وقَالَ أبو قُرَيْش الحافظ: سمعت محمد بْن بشّار يقول: حُفاظ الدُّنيا أربعة: أبو زُرْعة بالرِّيّ، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدّارميّ بَسَمرْقَنْد، ومحمد بن إسماعيل ببخارى.

وقَالَ أبو عَمْرو بْن حمدان: سَأَلت ابنُ عُقْدة الحافظ، عن الْبُخَارِيّ، ومسلم، أيُّهما أعلم؟ فقال: كان محمد عالمًا مسلم عالمًا. فكرّرت عليه مِرارًا، ثُمَّ قَالَ: يا أبا عمرو وقد يقع لمحمد بْن إِسْمَاعِيل الغلط فِي أَهْل الشّام، وذلك أنّه أَخَذَ كُتُبَهم فنظر فيها، فربّما ذكر الواحد منهم بكُنْيته، ويذكره فِي مواضِع أُخَر باسمه ويتوهَّم أنَّهما اثنان، وأمّا مُسْلِم، فقلَّ ما يقع له من الغَلَط في العلل؛ لأّنه كتب المساني، ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل. وقَالَ أبو عبد الله محمد بن بيعقوب بن الأخرم: إنّما أخْرَجَتْ نيسابور ثلاثة رجال: محمد بن يحيى الذُّهليّ، ومسلم بن الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب. وقال الحسن بْن محمد الماسَرْجِسيّ: سمعت أبي يقول: سمعت مسلمًا يقول: صنّفت هذا المسند الصّحيح من ثلاثمائة ألف حديثٍ مسموعة. وقَالَ أَحْمَد بْن سَلَمة: كنت مع مُسْلِم فِي تأليف صحيحه خمسة عشر سنة. قَالَ: وهو اثنا عشر ألف حديث، يعني بالمكَّرر، وبحيث أنّه إذا قَالَ: ثنا قُتَيْبَةُ وابن رُمْح يعدُّهما حديثين، سواء اتّفق لفْظُهما أو اختلف. وقَالَ ابنُ مَنْدَه: سمعت الحافظ أَبَا عليّ النَّيْسابوريّ يقول: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم. وقال مكّي ين عَبْدان: سمعت مسلمًا يقول: عرضت كتابي هَذَا المُسْنَد على أبي زُرْعة فكلّ ما أشار عليّ في هذا الكتاب له علّة وسببًا تركته. وكلّ ما قَالَ إنّه صحيح ليس له علّة، فهو الَّذِي أخرجت. ولو أنّ أَهْل الحديث يكتبون الحديث مائتي سنة فَمَدَارُهُم على هَذَا المُسْنَد. وقَالَ مكي: سَأَلت مسلمًا عن عليّ بْن الْجَعْد فقال: ثقة، ولكنّه كان جهميًّا. فسألته عن محمد بْن يزيد فقال: لا تكتب عنه. وسألته عن محمد بْن عَبْد الوهّاب وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر فوثَّقهما. وسألته عن قَطَن بْن إِبْرَاهِيم فقال: لا يُكتَب حديثه. وممَّن صنَّف مستخرجًا على صحيح مُسْلِم أبو جَعْفَر بْن حمدان الحِيريّ، وأبو بَكْر محمد بْن محمد بْن رجاء النَّيسابوريّ، وأبو عَوَانة يعقوب بن إسحاق

الإسْفَرائينيّ، وأبو حامد الشّاركيّ الهَرَوِيّ، وأبو بَكْر محمد بْن عَبْد الله الشّافعيّ، وأبو عبد اللَّه محمد بْن عَبْد اللَّه الحاكم، وأبو الْحَسَن الماسَرِجسيّ، وأبو نُعَيْم الإصبهانيّ، وأبو الْوَلِيد حسّان بْن محمد الفقيه. وقَالَ أبو أَحْمَد الحاكم: نا أبو بَكْر محمد بْن عليّ الْبُخَارِيّ: سمعت إِبْرَاهِيم بْن أبي طَالِب يقول: قلت لمسلم: قد أكثرت فِي الصّحيح عن أَحْمَد بن عَبْد الرَّحْمَن الوَهْبيّ، وحاله قد ظهر. فقال: إنّما نقموا عليه بعد خروجي من مصر. وقَالَ الدّارَقُطْنِيّ: لولا الْبُخَارِيّ لمّا راح ولا جاء. وقَالَ الحاكم: كان مَتْجَر مُسْلِم خان محْمَش، ومَعاشُه من ضِياعه بأُسْتُوا أَتَتْ من أعقابه من جهة البنات فِي داره. وسمعت أبي يقول: رَأَيْت مُسْلِم بْن الحجّاج يحدّث فِي خان مَحْمِش، وكان تامّ القامة، أبيض الرأس واللّحية، يرخي طرف عمامته بين كتفيه1. وقَالَ أبو قُرَيْش: كنّا عند أبي زُرْعة، فجاء مُسْلِم فسلّم عليه وجلس ساعة وتَذَاكَرا، فَلَمَّا ذهبَ قلتُ له: هَذَا جمع أربعة آلاف حديث فِي الصّحيح! فقال أبو زُرْعة: لِمَ ترك الباقي؟ ثُمَّ قَالَ: ليس لهذا عقل لو داري محمد بن يحيى لصار رجلًا2. وقال مكّي ين عَبْدان: وافى دَاوُد بْن عليّ نَيْسابور أيام إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، فعقدوا له مجلس النّظر، وحضر مجلسه يحيى بْن محمد بْن يحيى، ومسلم بْن الحَجّاج، فجرت مسألة تكلَّم فيها يحيى فَزَبَره دَاوُد وقَالَ: اسكت يا صبيّ. ولم ينصرْه مُسْلِم. فرجع إِلَى أَبِيهِ وشكى إليه دَاوُد، فقال أَبُوهُ: ومَن كان؟ ثُمَّ قَالَ: مُسْلِم ولم ينصرْني. قَالَ: قد رجعت عن كلّ ما حدّثته به. فبلغ ذلك مسلمًا، فجمع ما كتب عَنْهُ فِي زنبيلٍ وبعث به إليه، وقَالَ: لا أروي عنك أبدًا، ثُمَّ خرج إِلَى عَبْد بْن حُمَيْد.

_ 1، 2 السير "10/ 388".

قَالَ الحاكم: علَّقت هَذِهِ الحكاية عن طاهر بْن أَحْمَد، عن مكّيّ. وقد كان مُسْلِم يختلف بعد هَذِهِ الواقعة إِلَى محمد، وإنّما انقطع عَنْهُ من أجل قصّة الْبُخَارِيّ. وكان أبو عبد الله بْن الأخرم أعْرَف بِذَلِك، فأخبر عن الوحشة الأخيرة. وسمعته يقول: كان مُسْلِم بْن الحَجّاج يُظْهِر القول باللّفْظ ولا يكتمه. فَلَمَّا استوطن الْبُخَارِيّ نَيْسابور أكثَر مُسْلِم الاختلاف إليه، فَلَمَّا وقع بين الْبُخَارِيّ وبين محمد بْن يحيى ما وقع فِي مسألة اللّفظ، وتنادى عليه، ومنعَ النّاس من الاختلاف إليه حَتَّى هجر وسافر من نَيْسابور، قَالَ: فقطعه أكثر النّاس من غير مُسْلِم، فبلغ محمد بْن يحيى فقال يومًا: ألا مَن قَالَ باللَّفظ فلا يحلّ له أن يحضر مجلسنا. فأخذ مسلم الرّداء فوق عمامته، وقام على رءوس النّاس، وبعثَ إليه بما كتب عَنْهُ على ظهر جَمّال. وكان مُسْلِم يُظْهر القول باللَّفظ ولا يكتمه1. وقال أبو حامد بن الشَّرقسّ: حضرت مجلس بْن يحيى فقال: ألا مَن قَالَ: لفْظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسَنا فقام مُسْلِم من المجلس. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: كان مُسْلِم يناضل عن الْبُخَارِيّ حَتَّى أوحش ما بينه وبين محمد بْن يحيى بسببه. قَالَ أبو عبد الله الحاكم: ذكْر مصنَّفات مُسْلِم: كتاب المُسْنَد الكبير على الرجال، ما أرى أنّه سمعه منه أحد، كتاب الجامع على الأبواب، رأيت بعضه، كتاب الأسامي والكنى، وكتاب المُسْنَد الصّحيح، كتاب التّمييز، كتاب العِلَل، كتاب الوحْدان، كتاب الأفراد، كتاب الأقران، كتاب سؤالات أَحْمَد بْن حنبل كتاب حديث عَمْرو بْن شُعَيْب، كتاب الانتفاع بأُهُب السِّباع، كتاب مشايخ مالك، كتاب مشايخ الثَّوريّ، كتاب مشايخ شُعْبَة، كتاب من ليس له إلّا راوٍ واحد، كتاب المُخَضْرمين، كتاب أفراد الشّاميّين. وقَالَ ابنُ عساكر فِي أول كتاب الأطراف له بعد ذكر صحيح الْبُخَارِيّ، ثُمَّ سلك سبيله مُسْلِم، فأخذ فِي تخريج كتابه وتأليفه، وترتيبه على قسمين، وتصنيفه. وقصد أن يذكر فِي القسم الأول أحاديث أَهْل الإتقان، وَفِي القسم الثّاني أحاديث أهل الستر

_ 1 السباق "10/ 389".

والصِّدق الّذين لم يبلغوا درجة المثَبَّتِين، فحال حُلُولُ المنيَّة بينه وبين هَذِهِ الُأمْنية، فمات قبل استتمام كتابه. غير أنَّ كتابه مع إعْوازِهِ اشتهرَ وانتشر. وذكر ابنُ عساكر كلامًا غير هَذَا. وقَالَ أبو حامد بْن الشَّرقّي: سمعت مسلمًا يقول: ما وَضَعْتُ شيئًا فِي هَذَا المُسْنَد إلّا بحُجّة، وما أسْقَطتُ منه شيئًا إلّا بحجَّة. وقَالَ ابنُ سُفْيَان الفقيه: قلت لمسلم: حديث ابنُ عجلان، عن زَيْد بْن أسلم: وَإِذَا قُرئ فأنصتوا. قَالَ صحيح. قلت: لِمَ لَمْ تضعْه فِي كتابك؟ قَالَ: إنّما وضعت ما أجمعوا عليه. قَالَ الحاكم: أراد مُسْلِم أن يخرج الصّحيح على ثلاثة أقسام وثلاث طبقات من الرُّواة. وقد ذكر مُسْلِم هَذَا فِي صدر خُطْبته1. قَالَ الحاكم: فلم يقدَّر إلًا الفراغ من الطبقّة الأولى، مات. ثُمَّ ذكر الحاكم ذاك القول الَّذِي هُوَ دعوى، وهو قَالَ أن لا يذكر من الحديث إلا ما رواه صحابيٌ مشهور، له راويان ثقتان وأكثر، ثُمَّ يرويه عَنْهُ تابعيّ مشهور، له أيضًا راويان ثقتان وأكثر، ثُمَّ كذلك مَن بعدهم. قَالَ أبو عليّ الْجَيّانيّ: المُراد بهذا أنّ الصحابيّ أو هَذَا التّابعيّ، وقد روى عَنْهُ رجلان خرج بهما عن حدّ الجهالة2. قَالَ عِياض: وَالَّذِي تأوّله الحاكم على مُسْلِم من اخترام المَنِيّة له قبل استيفاء غَرَضه إلّا من الطبقة الأولى. فأنا أقول إنّك إذا نظرت تقسيم مُسْلِم فِي كتابه الحديث كما قَالَ على ثلاث طبقات من النّاس على غير تكرار. فذكر أنّ القسم الأول حديث الحُفّاظ، ثُمَّ قَالَ: إذا انقضى هَذَا أتْبَعَه بأحاديث من لم يوصف بالحِذْق والإتقان، وذكر أنّهم لاحقون بالطبقة الأولى، فهؤلاء مذكورون فِي كتابه لمن تدبَّر الأبواب،

_ 1، 2 السير "10/ 390، 391".

والطبقة الثالثة قومٌ تكلَّم فيهم قومٌ وزكّاهم آخرون، فخرج حديثهم من ضعِّف أو اتُّهِمَ بِبِدْعة. وكذلك فعل الْبُخَارِيّ. قَالَ عياض: فعندي أنّه أتى بطبقاته الثلاث فِي كتابه، وطرح الطبقة الرابعة1. ثُمَّ سرد الحاكم تصانيف أخَرَ تركتُها. ثُمَّ قَالَ: سمعت أَبَا عَبْد الله محمد بْن يعقوب يقول: تُوُفيّ مُسْلِم يوم الأحد، ودُفِنَ يوم الإثنين لخمسٍ بقين من رجب سنة إحدى وستّين ومائتين، وهو ابنُ خمسٍ وخمسين سنة. قلت: وقبره مشهور بنَيْسابور ويُزار، تُوُفيّ وقد قارب السّتّين. وقد سمعت كتابه على زينب الكِنْدِيّة إِلَى النّكاح، وعلى ابنُ عساكر من النّكاح إِلَى آخر الصّحيح. كلاهما عن المؤيَّد الطُّوسيّ كتابة: أنا العزيزي، أنا الفارسي، أنا ابن عروبة، عن ابن سفيان، عن مسلم. وسمعه المزني، والبرزالي، وطبقتهما قبلنا على القاسم الإربلي منه إجازة، بسماعه نقوله عن الطُّوسيّ، وهو عذْلٌ مقبول. وسمعه النّاس قبل ذلك على الرِّضى التاجر، وابن عَبْد الدّايم، والمُزَنيّين. وبِقَيْد الحياة منهم عددٌ كثير من الشّيوخ والكُهُول فِي وقتنا بمصر، والشّام. وسمعه النّاس قبل ذلك بحين على ابنِ الصّلاح، والسَّخاويّ، وتلك الحَلَبة بدمشق على رأس الأربعين وستّمائة، من المؤيّد وأقرانه، وبمصر على ابنُ الحُبَاب، والمُدْلِجيّ، عن المأمون. فأحسن ما يُسمع فِي وقتنا على من يبقى من أصحاب هَؤُلَاء لتقدُّم سماعهم، فإنْ تعذر فعلى أجلّ أصحاب المذكورين قبلهم، وأجلهم بالإقليمين علمًا وفضلًا وثقة ونبلًا شيخ الإسلام أب إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن الفَزَاريّ الشّافعيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وأرضاه. 169- مُصْعَب بْن أَحْمَد البغداديّ القلانسيّ الزّاهد2. أبو أحمد.

_ 1 السير "10/ 390". 2 انظر: تاريخ بغداد "13/ 114، 115".

صحبه أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وجعفر الخُلْديّ، وغيرهما. وكان من طبقة الْجُنَيْد، ولكن تقدَّم موته. كان على قدمٍ عظيمٍ من العبادة والأوراد والورع والتّجريد والقناعة، يأوي المسجد والصّحراء. تُوُفيّ سنة سبعين. 170- مُعَاوِيَة بْن صالح ابْن الوزير أبي عُبَيْد الله مُعَاوِيَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ الأَشْعَرِيُّ1. الحافظ أبو عُبَيْد الله. رحل وكتب الكثير، وقلّد يحيى بْن مَعِين. وحدَّث عن: أبي مُسْهَر الغسّانيّ، وعبد الله بن جعفر الرَّقيّ، وأبي غسان النَّهديّ، وخالد بن مخلد القطواني. وأبي الوليد الطَّيالسيّ، وأبي عبد الرحمن المقري، وخلق. وعنه: النَّسائي، قال: لا بأس به. وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقي، وأبو حاتم، وابن جَوْصا، وأبو عَوَانة. وآخرون. تُوُفيّ بدمشق سنة ثلاث وستّين ومائتين. 171- مُوسَى بْن بُغا الكبير2. أحد قوّاد المتوّكل. نُدِبَ سنة خمسين ومائتين لحرب أَهْل حمص حين قاتلوا واليهم. فأوقع بهم وقتل منهم خلْقًا، ورمى النّيران بحمص، وبالغ فِي العَسْف. ثُمَّ ولي حرب الزَّنْج بالبصرة فنُصِر عليهم؛ وولي حرب الْحَسَن بْن أَحْمَد الكوكبيّ الحسينيّ الَّذِي استولى على قَزْوين وزنجان، فهزمه مُوسَى وقتل من عسكر الكوكبي نحو العشرة آلاف.

_ 1 السير "13/ 23"، والتهذيب "10/ 212". 2 شذرات الذهب "2/ 147".

تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين ومائتين. 172- مُوسَى بْن سهل بْن قادم. أبو عِمْرَانَ الرَّمليّ. أخو عليّ بْن سهل1. سمع: عليّ بْن عبّاس، وعمرو بن هاشم البروتيّ، وآدم بْن إياس، وطبقتهم. وعنه: أبو دَاوُد، ابن خزيمة، ومحمد بن المسيّب الأرْغِيانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق. تُوُفّي في جمادى الأولى ين اثنتين وستّين ومائتين. 173- مُوسَى بْن نصر بْن دينار. أبو سهل الرَّازيّ2. سمع: جرير بْن عَبْد الحميد، وعبد الرَّحْمَن بْن مغراء، وجماعة. وعنه: أَهْل الرِّيّ. لكن قَالَ أبو حاتم: هُوَ أكفر من إبليس. يقول: الجنّة والنّار لم يُخْلقا، وإن خُلِقتا فسَيَفْنَيَان. نقله الخلّال فِي كتاب السُّنّة له. تُوُفيّ سنة إحدى وستّين ومائتين. "حرف النون": 174- النَّضر بْن الْحَسَن. الْمَوْصِلِيّ الفقيه الحنفيّ3. روى عَنْهُ: يزيد بْن هارون، ورَوْح بْن عُبادة، ويَعْلَى بْن عُبَيْد، وجماعة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "8/ 146"، والسير "12/ 242". 2 لسان الميزان "6/ 134". 3 في عداد المستورين، لا بأس به.

وعنه: إِبْرَاهِيم بْن محمد الْمَوْصِلِيّ. تُوُفيّ سنة إحدى أو اثنتين وستّين ومائتين. 175- النَّضر بْن سلمة بْن الجارود بْن يزيد1. سمع: جدّه، ويحيى ين يحيى، وأبو الْوَلِيد الطَّيالسيّ. وعنه: ولده الحافظ أبو بَكْر الجاروديّ، والحسن بْن عليّ بْن مَخْلَد، وغيرهما. "حرف الهاء": 176- الهيثم بْن سهل التُّستريّ2. نزيل بغداد. حدَّث عن: حمّاد بْن يزيد، وأبي عوانة، وعلب بْن مُسْهِر، وجماعة. وعنه: عليّ بْن حَمَّاد، وجعفر والد أبي بَكْر القَطِيعيّ، ومحمد بْن يوسف الزّيّات، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وآخرون. ضعّفه الدّارَقُطْنِيّ. وقَالَ الحافظ عَبْد الغني الْمَصْرِيّ: ضرب القاضي إِسْمَاعِيل على تحديث الهيثم بْن سهل، عن حمّاد بن يزيد، وأنكر عليه. وقَالَ الهيثم: وُلِدْتُ سنة اثنتين وخمسين ومائة. وعاش نيِّفًا وستّين. "حرف الواو": 177- وهْب بْن حَفْص بْن الْوَلِيد بْن المحتسب3. الحرانيّ الزّاهد.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر: السير "12/ 158". 3 الميزان "4/ 351"، اللسان "6/ 229".

عن: أَبِي قَتَادَة الحرّانيّ، وجعفر بْن عَوْن، وعبد الله بْن إِبْرَاهِيم الجدّيّ، وعثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، وجماعة. وعنه: محمد بْن أَحْمَد بْن سهل الصّفّار، وأحمد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الصمد، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم النَّخعيّ، وآخرون. قَالَ أبو عَرُوبه: كذّاب يضع الحديث. وقَالَ أَحْمَد بْن خَالِد الحرّانيّ: كان من الصّالحين. مكث عشرين سنة لا يكلّم أحدًا. "حرف الياء": 178- ياسين بْن عَبْد الأحد بْن أبي زرارة. أبو اليُمْن القِتْبانيّ المصريّ1. عن: جدّه، وأيوب بْن سُوَيْد المصريّ الرمليّ، ونعيم بْن حَمَّاد، وجماعة. وعنه: النَّسائيّ، وابن خُزَيْمَة، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر القَزْوينيْ، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوريّ، وجماعة. قَالَ النَّسائيّ: لا بأس به. واسم جدّه: اللَّيث بْن عاصم. قَالَ ابنُ خُزَيْمَة: كان ياسين ملكًا من الملوك. وقَالَ ابنُ يُونُس: صدوق. مات فِي عاشر رمضان سنة تسعٍ وستّين. 179- يحيى بْن حجّاج الأندلسيّ2. عَنْ: يحيى بْن يَحْيَى اللَّيْثِيّ، وعيسى بْن دينار، وسَحْنُون بْن سَعِيد، وغيرهم. قتل في الواقعة التي كَانَتْ بالأندلس بين المسلمين والمشركين فِي سنة ثلاثٍ وستين. واستشهد فيها جماعة.

_ 1 انظر التهذيب "11/ 173". 2 جذوة المقتبس "886".

180- يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خالد بن فارس1. الشَّهيد أبو زكريا الذُّهليّ النَّيسابوري. شيخ نَيْسابور بعد والده ومفتيها، ورأس المطَّوّعة. من القرّاء. سمع: يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه، وجماعة ببلده، وإبراهيم بْن مُوسَى بالرِّيّ، وأبا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وسلمان بْن حرب، وعليّ بْن عثمان اللّحقيّ، ومسدَّد بالبصرة، وأحمد بن حنبل، عليّ بْن الْجَعْد، وطائفة ببغداد، وإسماعيل بْن أبي أُوَيْس، وسعيد بْن مَنْصُور، وجماعة بالحجاز. روى عَنْهُ: أَبُوهُ، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وإبراهيم بن أبي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن صالح بن هانئ، ومحمد بن يعقوب بن الأصرم، وآخرون. وكان لقبه: حَيْكان. قَالَ الحاكم: حيْكان الشّهيد إمام نيسابور فِي الفتوى والرئاسة، وابن أميرها، ورأس المطَّوَّعة بخُراسان. كان يسكن بدار أَبِيهِ ولكلٍّ منهما فيه صَوْمعة وآثار لعبادتهما. وكان أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ قد ورد نَيْسابور ويحيى رئيس بها والقرّاء يَصْدُرُون عن رأيه. وكانت الظّاهرية قد رفعت من شأنه وصيَّرته مُطَاعًا، ولم يُحسِن أَحْمَد الصُّحبة معه، وقصد الوضْع منه. ومع هَذَا فكان أَحْمَد مجتهدًا فِي التّمكُّن من الإمارة والاستبداد والأمور دون عِلْم يحيى، فكان لا يقدر، فَلَمَّا قدِم شِيرَوَيْه تمكَّن. فَلَمَّا خرج عن البلد تشوّش النّاس. عرض يحيى بضعة عشر ألفًا، وحاربوا قُوّاد الخُجُسْتانيّ وطردهم. وقتلوا أمّ أَحْمَد. فَلَمَّا رجع طلب يحيى وقتله. سمعت أَبَا عَبْد الله بْن خُزَيْمَة يقول: ما رَأَيْت مثل حيْكان لا رحم الله قاتله.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 217"، والتهذيب "11/ 276".

وسمعت محمد بْن يعقوب يقول: أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ هاربًا من نَيْسابور، فَلَمَّا خشي أهلُها رجوعَه اجتمعوا على باب حَيْكان يسألونه القيام لمنع الخُجُسْتانيّ، فامتنع. فَمَا زالوا به حَتَّى أجابهم. فعرضوا عليه زُهاء عشرة آلاف. ولمّا رجع الخُجُسْتانيّ تفرّقوا عن حَيْكان، فطُلِبَ، فخاف وهرب، فبينا هُوَ يسير فِي قافلة بين الحمّالين وهو بزيِّهم إذ عُرِف. فأخذ وأتوا به إلى الخُجُسْتانيّ، فحبسه أيّامًا، ثُمَّ غُيِّب شخصهُ، فَقِيلَ: إنّه بنى عليه جدارًا، وقِيلَ: قتله سرًّا. سمعت أَبَا عليّ أَحْمَد بْن محمد بْن يزيد خَتن حَيْكان على ابنته يقول: دخلنا على أبي زكريّا بعد أن رُدّ من الطريق فقال: اشتراك فِي دمي خمسة: العبّاسان، وابن ياسين، وشِيرَوَيْه، وأحمد بْن نصر اللّبّاد. سمعت أَبَا بَكْر الضُّبعيّ يقول: سمعت نوح بن أَحْمَد: سمعت الخجستانيّ يقول: دخلت على حيكان في مجلسه على أن أضربه خشبتين وأطبقه، فلما قربت منه قبضت على لحيته، فعض على خصيتي حتى لم أشك أنّه قاتلي، فَذَكَرْت سِكِّينًا فِي خُفّي، فجررتها وشَقَقْتُ بطْنه1. سَمِعْتُ محمد بْن صالح بْن هانئ يَقُولُ: حضرنا الإملاء عند يحيى بن محمد بن رمضان، وقُتِل فِي شوّال سنة سبعٍ وستّين، فَرَبَضَتْ مجالسُ الحديث، وخبئِّت المحابر، حَتَّى لم يقدر أحد يمشي بمحبرة ولا كراريس إِلَى سنة سبعين، فاحتال أبو سَعِيد بْن إِسْمَاعِيل فِي ورود السَّريّ بْن خُزَيْمَة وعقد له مجلس الإملاء، وعلَّى المحبرة بيده، واجتمع عنده خلقٌ عظيم حَتَّى حضر ذلك المجلس. قَالَ محمد بْن عَبْد الوهاب الفرّاء: حَتَّى لا نستطيع أن نسايره نَحْنُ ولا أعقابنا أنّ رجلًا جعل نحره لنا ونحن مطمئنون نعبد الله. قَالَ صالح بْن محمد الحافظ فِي كتابه إِلَى أبي حاتم الرَّازيّ: كتبت تسألني عن أحوال أَهْل العلم بنَيْسابور وما بقي لهم من الإسناد فاعلم أنّ أخبار الدّين وعلم الحديث دون سائر العلوم اليوم مطروح مجفوّ حاله وأهل العناية به فِي شغل بالفِتَن الّتي دَهَمَتْهم وتواترت عليهم عند مقتل أَبِي زكريا يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى، وقد

_ 1 السير "12/ 287".

مضى لسبيله، ولم يخلف أحد مثله. ولزِم كلّ خاصّة نفسه. ومرقت طائفة ممّن كانوا يُظْهرون السُّنَّة فصارت تَدِين بدين ملوكها. وقَالَ أبو عُمَر أَحْمَد بْن الْمُبَارَك المستملي: رَأَيْت يحيى فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: غُفِر لي. فقلت: ما فعل الله بالخُجُسْتانيّ. بعده سنة واحدة، وقتله غلمانه كما تقدَّم. 181- يزيد بْن سِنَان بْن يزيد. أبو خَالِد البصْريّ القزّاز، مَوْلَى قُرَيْش1. نزل مصر، وحدَّث عن: يحيى بْن سَعِيد القطّان، ومُعاذ بْن هشام، وعبد الرَّحْمَن بن مهديّ، وجماعة. وعنه: النَّسائيّ، وأبو عوانة، والطّحاويّ، وابن أبي حاتم، وآخرون. وهو أخو محمد بْن سِنان القزّاز صاحب الجزء المشهور، وعمّ محمد بْن خُزَيْمَة الَّذِي سكن معه مصر. وكان ثقة نبيلًا عالمًا. خرّج لنفسه المُسْنَد. وهو آخر من حدّث عن يحيى القطّان بديار مصر. تُوُفيّ فِي جُمادى الأولى سنة أربعٍ وستّين. 182- يعقوب بْن بختان2. الفقيه، صاحب الْإِمَام أَحْمَد. روى عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وأحمد بْن حنبل. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدنيا، وأحمد بن محمد بن أبي شَيْبَة. قَالَ الخطيب: كان أحد الصالحين الثّقات. 183- يعقوب بْن شَيْبَة بْن الصَّلت بْن عصفور3.

_ 1 الميزان "4/ 428"، والتهذيب "11/ 335". 2 تاريخ بغداد "14/ 280". 3 السير "12/ 476، والبداية "11/ 35".

الحافظ الكبير أبو يوسف السَّدوسيّ البصْريّ، نزيل بغداد. سمع: عليّ بْن عاصم، ويزيد بْن هارون، وأزهر السَّمان، وبِشْر بْن عُمَر الزّهْرانيّ، وجعفر بْن عَوْن، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهميّ، وأبا عامر العَقَديّ، وعبد الوهاب الخفّاف، ووهْب بْن جرير، ويَعْلَى بْن عُبَيْد، وخلقًا من طبقتهم. ثُمَّ كتب عن طبقةٍ أخرى بعدهم، كعليّ بْن المدينيّ، ويحيى بْن معين، وأحمد بْن حنبل. ثُمَّ كتب عن طبقةٍ أخرى بعدهم كالحسن بْن عليّ الحلْوانيّ، ومحمد بن يحيى الذَّهليّ، وهارون الجمّال. روي عَنْهُ: حفيده محمد بْن أَحْمَد بْن يعقوب، ويوسف بْن يعقوب الأزرق، وجماعة. وثّقه الخطيب، وغيره. وصنَّف مسندًا كبيرًا إِلَى الغاية القُصْوى لم يُتمّه. ولو تمّ لجاء فِي مائتي مجلد. قَالَ الدَّارقطنيّ: لو كان كتاب يعقوب بْن شَيْبَة مسطورًا على حرامٍ لَوَجَبَ أن يُكْتَب. وقَالَ أبو بَكْر الخطيب: حدَّثني الأزهريّ قَالَ: بلغني أنّه كان فِي منزل يعقوب بْن شَيْبَة أربعون لحافًا أعدَّها لمن كان يكتب عنده من الورّاقين الّذين يبيّضون المُسْنَد، ولَزِمَه على ما خرج منه عشرة آلاف دينار. قَالَ: وقِيلَ لي إنّ نسخةً بمُسْنَد أبي هُرَيْرَةَ شُوهِدت بمصر، فكانت مائتي جزء. قَالَ: وَالَّذِي ظهر له من المسند: العشرة، وابن مَسْعُود، وعمّار، وعُقْبة بْن عَدْوان، وبعض الموالي. قلت: وبلغني أنّ مُسْنَد عليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- له فِي خمس مجلَّدات أَحْمَد بْن المعدّل، والحارث بْن مِسْكين. فقيهًا ثريًّا. وكان يقف فِي القرآن.

وقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن خاقان: أمر المتوكل بمُسْنَد أَحْمَد بْن حنبل عمّن يتقلّد القضاء. قَالَ: فسألته، حَتَّى قلت: يعقوب بن شية؟ فقال: مبتدع صاحب هوى. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: وُصِف بِذَلِك لأجل الوقف، يعني يقول فِي القرآن فلا يقول: مخلوق ولا غير مخلوق. قلت: أَخَذَ الوقف عن شيخه أَحْمَد بْن المعدل. قَالَ المرُّوذيّ: أظهر يعقوب بْن شَيْبَة الوقف فِي ذلك الجانب، فحذِر أبو عبد الله أَحْمَد بْن حنبل منه. تُوُفيّ فِي ربيع الأول سنة اثنتين وستّين. 184- يعقوب بْن اللَّيث الصّفّار. الأمير أبو يوسف السّجِسْتانيّ، المستولي على خُراسان1. ذكر عليّ بْن محمد أن يعقوب وعمرًا كانوا أخوين صفارين يظهران الزُّهد. وكان صالح بن النَّضر المطوعي مشهورا بقتال الخوارج، فصحباه إلى أن مات، فتولّى مكانه درهم بْن الْحُسَيْن المطَّوِّعيّ، فصار معه يعقوب. ثُمَّ إنّ أمير خراسان ظفر بدرهم، وبعث إِلَى بغداد، فحبسوه ثُمَّ أطلقوه، فخدم السّلطان، ثُمَّ إنّه تنسّك ولزِم الحجّ، وأقام ببيته. قَالَ ابنُ الأثير: تغلب صالح بْن النَّضر الكِنانيّ على سِجِسْتان ومعه يعقوب، فاستنقذها منه طاهر بن عبد الله ابن طاهر، ثُمَّ ظهر بها درهم المطَّوِّعيّ فغلب عليها، وصار يعقوب قائد عسكره. ورأى أصحاب درهم عجزه وضعف، فملكوا عليهم يعقوب لمّا رأوا من حُسْن سياسته. فلم ينازْعه دِرْهم، واستبدّ يعقوب بالإمرة، وقويت شوكته. قَالَ عليّ بْن محمد: لمّا دخل درهم بغداد وَلِيَ يعقوب أمر المطَّوِّعة، وحارب الخوارج الشُّراة حتى أفناهم، وأطاعه جند طاعة لم يطيعوها أحدًا.

_ 1 انظر وفيات الأعيان "6/ 402"، السير "12/ 513".

واشتهرت صَوْلتُه، وغلب على سجِسْتان، وهَرَاة، وبُوشَنْج، ثُمَّ حضّهُ أَهْل سجِسْتان على حرب التّرْك الّذين بأطراف خُراسان مع رُتْبِيل لشدّة ضررهم، فغزاهم وظفر برُتْبيل فقتله، وقتل ثلاثة من ملوك التُّرك، ثُمَّ ردّ إِلَى سِجِسْتان وقد حمل رءوسهم مع رءوس أُلوفٍ منهم، فرهبته الملوك الّذين حوله، ملك المُولتان، وملك الرُّخج، وملك الطّبْسين، وملوك السِّنْد. وكان على وجهه ضربة مُنْكَرَةَ من بعض قتال الشَّراة، سقط منها نصف وجهه، وَخَاطه ثُمَّ عُوفي. وقد أرسل إِلَى المعتز بالله هديّة عظيمة، من جملتها مسجد فضّة يسع خمسة عشر نَفْسًا يصلُّون فِيهِ. وكان يُحمل على عدّة جِمال، ويُفَكَّك ثُمَّ يُركَّب. ثُمَّ إنّه حارب عسكر فارس سنة خمسٍ وخمسين ومائتين، وقتل منهم أُلُوفًا. فكتب إليه وجُوه أَهْل فارس: إنّ كنت تريد الدّيانة والتّطَوُّع وقتل الخوارج فما ينبغي لك أن تتسرع فِي الدّماء. واعتدّوا للحصار، ونازلهم ووقع القتال، فظفر يعقوب بأميرهم عليّ بْن الْحُسَيْن بْن قُرَيْش وقد أُثْخِنَ بالجراح، وقتل من جُنْد فارس خمسة آلاف. ودخل يعقوب شِيراز، فأمَّن أهلها وأحسن إليهم. وأخذ من ابنُ قريش أربعمائة بدرة، فأنفق في جيشه لكل ثلاثمائة درهم. ثُمَّ بسط العذاب على ابنُ قُرَيْش حَتَّى أنّه عصره على أُنْثَيَيْه وصدْغَيْه، وقيّده بأربعين رطلًا، فاختلط عقله من شدّة العذاب. ورجع يعقوب إِلَى سِجِسْتان، وخلع المعتز وبويع المعتمد على الله. ثُمَّ رجع يعقوب إِلَى فارس، فجبى خراجها ثلاثين ألف ألف درهم. واستعمل عليها محمد بْن واصل. وكان يحمل إِلَى الخليفة فِي العام نحو خمسة آلاف ألف درهم. وعجز الخليفة عَنْهُ، ورضي بمُدَاراته ومُهادنته. ودخل يعقوب إِلَى بَلْخ فِي سنة ثمانٍ وخمسين.

ودخل إِلَى نَيْسابور بعد شهرين، وابن طاهر فِي أسْره ومعه ستُّون نفْسًا من أَهْل بيته، فقصد يعقوب جُرْجان وطَبَرِسْتان، فالتقاه المتغلِّب عليها حسن بْن زَيْد العلويّ فِي جيشٍ كبير فحمل عليهم يعقوب في خمسمائة من غلمانه، فهزمهم. وغنم يعقوب ثلاثمائة وقرْ مالًا كَانَتْ خزانة الْحَسَن بْن زَيْد، وأسر جماعة من العلويّين وأساء إليهم. وكانت هذه الوقعة في رجب في سنة ستّين. ثُمَّ دخل آمُل طَبَرِسْتان وقَصَد الرِّيّ، وأمر نائبها بالخروج عَنْهَا، وأظهر أنّ المعتمد على الله ولّاه الرِّيّ. فغضب المعتمد عندما بلغه ذلك، وعاقب غلمان يعقوب الذين ببغداد. فسار يعقوب في سنة إحدى وستين نحو جرجان، فقصده الْحَسَن بْن زَيْد العلويّ فِي الدَّيْلم من ناحية البحر، فنال من يعقوب وهزمه إِلَى جُرْجان. فجاءت بجُرْجان زلزلة قتلت من جُنْد يعقوب ألفي نفس. وأقام يعقوب به فظلم وعَسَف، واستعان مَن ببغداد مِن أَهْل خُراسان على يعقوب، فعزم المعتمد على حربه، ورجع يعقوب إِلَى جوار الرِّيّ وأخذ يستعدّ. ودخل نَيْسابور وصادر أهلها، ثُمَّ خرج إِلَى سِجِسْتان. وجاءت كُتُب المعتمد إِلَى أعيان خُراسان بالحطّ1 على يعقوب وبأنْ يهتمّوا له. فأخذَ يكاتب الخليفة ويُداريه، ويسأله ولاية خُراسان وفارس وشرطتي بغداد وسامرّاء، وأن يعقد أيضًا على الرِّيّ، وطَبَرِسْتان، وجُرْجان، وأَذْرَبِيجَان، وكرْمان، وسِجِسْتان، ففعل ذلك المعتمد بإشارة أَخِيهِ الموفَّق. وكان المعتمد مقهورًا مع أَخِيهِ الموفَّق، فاضطّربت الموالي بسامرّاء لذلك وتحرّكوا. ثُمَّ إنّ يعقوب لم يلتفت إِلَى ما أُجيبَ إليه من ذلك، ودخلَ خُوزستان وقارب عسكر مُكْرَم عازمًا على حرب المعتمد، وأخذ العراق منه. فوصلت طلائع المعتمد، وأقبلت جيوش يعقوب إلى دير العاقول، ووقع المصافّ، فبرز بين الصّفَّين خشتج أحد قوّاد المعتمد وقال: يأهل خراسان وسجستان ما

_ 1 الحط: الانتقاص.

عرفناكم إلّا بالطاعة والتّلاوة والحجّ، وإنّ دينكم لا يتّم إلّا بالإتّباع. وما نشك أنّ هَذَا الملعون قد موَّه عليكم، فَمَنْ تمسَّك منكم بالإسلام فلينفُرْ عَنْهُ. فلم يجيبوه. وقِيلَ: كان عسكر يعقوب ميلًا فِي ميل، ودوابُّهم على غاية الفراهة، فوقف المعتمد بنفسه، وكشف الموفَّق أخوه رأسه وقَالَ: أَنَا الغلام الهاشميّ. وحمل وحمي الحرب، وقُتِل خلقٌ من الفريقين، فهزم يعقوب وأخذت خزائنه، وما أفلت أحمد من أصحابه إلّا جريحًا، وأدركهم الليل فوقعوا من الزّحمة وأثقلتهم الجراح. وقَالَ أبو السّاج ليعقوب: ما رَأَيْت منك شيئًا من تدبير الحرب، فكيف كنت تغلب النّاس؟ فإنّك جعلت ثِقَلَك وأسْراك أمامك، وقصَدت بلدًا على قلة معرفة منك بمَخَائضه وأنهاره، وسرت من السُّوس إِلَى واسط فِي أربعين يومًا، وأحوال عسكرك منحلَّة. فقال: لم أعلم أنّي محارب، ولم أشكَّ فِي الظَّفر. وقَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي طاهر: بعث يعقوب رُسُلَه إِلَى المعتمد، ثُمَّ سار إِلَى واسط فاستناب عليها، ووصل إِلَى دَيْر العاقول، فسار المعتمد لحربه. وقَالَ أبو الفَرَج الكاتب: نهض الخليفة لمحاربة الصّفّار، ولم تزل كُتُبه تصل إِلَى الخليفة بالمراوغة ويقول: إنّي قد علمت أنّ نهوض أمير المؤمنين يشرّفني وينبّه على موقعي منه. والخليفة يرسل إليه ويأمره بالانصراف، ويحذَّره سوء العاقبة. ثُمَّ عبّى الخليفة وجيشه، وأرسلوا المياه على طريق الصّفّار، فكان ذلك سبب هزيمته، فإنّهم أخذوا عليه الطّريق وهو لا يعلم. والتحم القتال، ثُمَّ انهزم الصّفّار وغنموا خزائنه. وتوهَّم النّاس أنّ ذلك حيلة منه ومكرًا، ولولا ذلك لاتّبعوه. ورجع المعتمد منصورًا مسرورًا. وخلص من أسر الصّفّار يومئذٍ محمد بْن طاهر أمير خُراسان، وجاء فِي قيوده إِلَى الخليفة، فخلع عليه خلْعةً سلطانية. وقِيلَ إنّ بعض جيش يعقوب كانوا نصارى على أعلامهم الصُّلبان. وكانت الوقعة فِي ثاني عشر رجب سنة اثنتين وستّين. وانهزم الصّفّار إِلَى واسط، وعاث أصحابه فِي أعمال واسط، ثُمَّ سار إِلَى تُسْتَر،

لم يهجمه أحد، ولا اقتحموا عليه، فحاصر تُسْتَر وأخذها. وتراجع جيشه وكثُر جمعه. وكان موته بالقُولَنْجٍ، فَقِيلَ: إنّ طبيبةُ أخبره أنّ لا دواء له إلّا الحُقْنة فامتنع، وبقي ستّة عشر يومًا وهلك. وكان المعتمد قد أنفذ إليه رسولًا يترضاه فوجده مريضًا. وكان الْحَسَن بْن زَيْد العلويّ صاحب جُرْجان يسمّيه السّندان لثَباته. وكان قل أن يُرَى متبسّمًا. وولي بعده أخوه وأحسن السّيرة إِلَى الغاية، وامتدّت أيّامه. مات يعقوب فِي رابع عشر شوّال سنة خمسٍ وستّين بجُنْدَيْسابور. 185- يعقوب الزّيّات1. أحد مشايخ الطّريق بالعراق، صحب أَبَا تراب النَّخشبيّ، وأبا حاتم العطّار، وأبا عليّ بْن الذّارع. وذكر السُّلميّ فقال: هُوَ من أقران الْجُنَيْد. مات هُوَ وأخوه جَعْفَر مُحرِمَيْن فِي طريق الحجّ سنة اثنتين وستّين. 186- يوسف بْن بحر التّميميّ2. أبو القاسم، قاضي حمص. روى عن: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وطبقتهما. وعنه: ابنُ صاعد، ومحمد بن المسيّب الأرْغِيانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، ومحمد بن سليمان بْن حيدرة. وأمّا أخوه خيثمة بْن سُلَيْمَان فأسرته الإفْرنج، فلم يخلص من الأسر حَتَّى مات يوسف. وكان بغداديًا نزل الشّام. قَالَ ابن عديّ: ليس بالقويّ، أتى عن الثّقات بمناكير.

_ 1 لم نقف عليه. 2 انظر: السير "13/ 122"، واللسان "6/ 318".

187- يوسف بن محمد بن صاعد1. مولى يني هاشم، أخو الحافظ يحيى. سمع: خلّاد بْن يحيى، وسليمان بْن حرب، وجماعة. روى عَنْهُ: أخوه يحيى، وعليّ بْن إِسْحَاق المادَرَائيّ، وعبد الله الحامض. وكان موثَّقًا. تُوُفيّ سنة سبعٍ وستّين. 188- يُونُس بْن حبيب. أبو بِشْر العِجْليّ، مولاهم الإصبهانيّ2. روى عن: أبي دَاوُد الطيالسيّ جملة كثيرة من المُسْنَد. وعن: عامر بْن إبراهيم، وبكر بن بكّار، ومحمد بن كثير الصّنعانيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي داود، وعليّ بن رستم، وأبو بكر بن عاصم، جماعة. آخرهم موتًا عَبْد الله بْن جَعْفَر بْن فارس. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بإصبهان وهو ثقة. وحدَّثني ابنُ أبي عاصم أنّ أَحْمَد بْن الفُرات أمره بالكتابة عن يُونُس بْن حبيب. وقَالَ غيره: كان عظيم القدر بإصبهان، معروفًا بالسّتْر والصّلاح. تُوُفيّ سنة سبعٍ وستّين أيضًا. روى القراءة عن قُتَيْبَةَ بْن مِهْران. "الكُنَى": 189- أبو حاتم العطّار3. الْبَصْرِيّ العارف، أحد مشايخ الطّريق بالبصرة.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "14/ 307". 2 السير "12/ 596"، والبداية "11/ 41". 3 طبقات السلمي "146".

قَالَ ابنُ الَأعرابي: لم يبلُغْنا أنّه كان في عصره أحد يُقَدَّم عليه فِي العلم بهذه المذاهب، وكان مع ذلك ملازمًا لسوقه وتجارته. يركب الحمار ويدلّل فِي العطّارين غير متمكن من الدُّنيا منحلّ، غير أنّه يرِد فِي هَذِهِ المذاهب حَتَّى ناب عن غيره، وتَلْمَذَ له من كان بالبصرة ممّن هُوَ أحسن منه. وكان البغداديون يدخلون البصرة يقصدون كلٌّ منهم محمد بن وهب، ويعقوب الزّيّات، وزريق النّفّاط، وغيرهم. وكان ظاهره مظاهر التّجار والعامّة منبسطًا معهم، فإذا تكلَّم كان غير ذلك. أخبرني محمد بْن عليّ: سمع أَبَا حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ: ربّما ذكر أبو حاتم، وكان يتكلم يوم الجمعة، فيقول فِي كلامه: لا تسألوني عن حالي، واعْفوا لي عن نفسي. حسابي على غيركم. اجعلوني كالفتيل أحرق نفسي وأُضيء لكم. وكان لا يظهر عليه خشوع ولا تنكيس رأس ولا لباس. وكان من أَهْل السُّنَّة والإتقان، يُزْري على الغسّانيّة وأهل الأوراد وأخْذِ المعلوم، كما يذمّ أَهْل الدُّنيا ومن يأوى إِلَى الأسباب. يقول: من لم يعبد الله الغالب على قلبه، فإنّما يعبد هواه ونفسه. وكان يقول: من ذكر الله نسي نفسه. ومن ذكر نعمة الله نسي عمله. وكان عامّة فِي المعاني. ويقول: الأبطال فِي النُّجوم، والسّرائر فِي القلوب. وتحتاج تتوب من توبتك وتعبد الله له لا لك. ويْحَك كم تبكي وتصيح، صحّح واسترح. السّاحة بالقلوب، وسَيْر الشّواتي سفر لا يقضي. دع الإحصاء والعَدَد، وصُمِ الدُّنيا وأفطِر الآخرة. وكان يقول، إذا رَأَى عليهم الفُوَط والّأبْراد والصوف، وهم يُصَلّون: قد نشرتم أعلامكم وضربتم طُبُولكم، فليت شعري فِي اللّقاء أيّ رجال أنتم؟ قال زريق النّفّاط، أو غيره: رَأَيْت أَبَا حاتم بيده عطْر يعرضه للبيع، فسألته عن مسألة، فقال: لكلّ مقامٍ مقال، ولكن اصْبِر حَتَّى أفرغ. وكان إذا فرغ جلس يوم الجمعة، اجتمع إليه الصُّوفيّة وأصحاب الحديث والغُرَباء، وعامّة، مسجد البصرة، وجميع الطبقات. وكان الّذين يلزمون حلقته: ابنُ الشُّويطيّ. وأبو سَعِيد الغَنَويّ، والمَرْزُوقيّ. وكان الغَنَويّ يميل إِلَى شيءٍ من الكلام ويعرفه.

وكان فِي المسجد طائفة من النّاس يُنْكِرون على أَهْل المحبّةِ لمّا يبلغهم من التّخليط، وكانوا أهل حديث، وكلّهم يستملي أَبَا حاتم ويُعْجبه كلامه لرقَّته، ولقَوْله بالسُّنّة ومخالفته الغسّانيّة. وكانوا يميلون إليه هُوَ وعبد الجبار السُّلميّ، والحسن بْن المُثَنَّى، وأحمد بن أبي عُمَر، وابن أبي عاصم، والْجُذُوعيّ. كلّ هَؤُلَاء صوفيّة المسجد من أَهْل السَّنة والحديث يتحلَّون النُّسك والأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنْكَر. وكان لهم بالبلد قدرٌ وهَيْبة. وقَالَ السُّلميّ: كان أبو حاتم العطّار أستاذ الْجُنَيْد وأبي سَعِيد الخرّاز. وكان من جِلّة مشايخهم، مِن أقران أبي تراب النَّخشبيّ. وهو أول من تكلّم بالعراق فِي علوم الإشارات. وعن محمد بْن وهْب قَالَ: دخلت البصرة أَنَا ويعقوب الزَّيَّات، فأتينا أَبَا حاتم العطّار، فدقَقْنا الباب، فقال: من هَذَا؟ قلت: رَجُل يقول الله. فخرج ووضع خدّه على الأرض، وقَالَ: بقي مَن يُحْسِن يقول الله! 190- أبو حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ الصوفيّ1. أحد الكبار، اسمه محمد بْن إِبْرَاهِيم. تُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين. قاله أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ. تحوَّل ترجمته إِلَى هنا من بعد الثمانين. ومن أخباره: قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي كِتَابِ طبقات النُّسَّاك: قدم أبو حَمْزَةَ من طَرَسُوس إِلَى بغداد، فجلس واجتمع إليه النّاس. وما زال مقبولًا حَسَن الظّاهر والمنزلة إِلَى أن تُوُفيّ. وحضر جنازته أَهْل العلم والنُّسك. وصلّى عليه بعض بنبه، وغسّله جماعة من بني هاشم.

_ 1 انظر: السير "10/ 534، 535".

وقدَّم عليه الْجُنَيْد، يعني فِي الصّلاة، فامتنع، فتقدَّم ولده. وقام المكبرِّون يسمعون النّاس. وصعد الخطيب المعروف بالكاهليّ على سطح ليبلّغ النّاس. قال ابن الأعرابيّ: وكنت أَنَا وأبو بَكْر غلام بُلْبل، ومحمد الدِّينَوريّ، بائتين فِي مسجد أبي حَمْزَةَ ليلة موته، فمات فِي السَّحر. وأُخبرتُ أنَه كان يقرأ حزبه من القرآن حَتَّى ختم فِي تلك اللَّيلة. وكان صاحب ليل، مقدَّمًا فِي علم القرآن وحِفْظه. خاصّة قراءة أبي عَمْرو. وقد حملها عَنْهُ جماعة. وأخذ عَنْهُ كتاب اليزيديّ. وأخبرني مَرْدَويْه أبو عَبْد الرَّحْمَن المقرئ أنّه لم يَرَ أحدًا يقدّمه فِي قراءة أبي عَمْرو، والقيام بها على أبي حَمْزَةَ. وقد قرأ ابنُ مجاهد على مَرْدَويْه. وكان سبب عِلّته أنّ النّاس كثُروا، فأُتي أبو حَمْزَةَ بكُرسيّ، فجلس عليه، ثُمَّ مرّ فِي كلامه بشيءٍ أعجبه، فردّده وأُغمي عليه حَتَّى سقط عن الكُرسيّ. وقد كان هَذَا يصيبه كثيرًا، فانصرف من المجلس بين اثنين يوم الجمعة، فتعلّل ودُفِن فِي الجمعة الثانية بعد الصّلاة. وكان أستاذ البغداديّين، وهو أوّل من تكلّم ببغداد فِي هَذِهِ المذاهب من صفاء الذَّكر وجمع الهمّة والمحبّة والشَّوق والأنس، لم يسبقه بها على رءوس النّاس ببغداد أحد. وكان قد طاف البلاد، وصحِب النُّسّاك بالبصرة، وغيرهما. وسافر مع أبي تراب وأشكاله طالبًا الحقائق. وجالس أَبَا نصر التّمّار، وأحمد بن حنبل، وسَرِيّ السَّقطيّ، وهو مَوْلَى لعيسى بْن أبان القاضي. وقد سمعت أَبَا حَمْزَةَ غير مرّة يقول: قَالَ لي أَحْمَد بْن حنبل: يا صوفيّ ما نقول في هذه المسالة؟ 1

_ 1 السير "10/ 536".

191- أبو السّاج. كان من كبار قُوّاد المعتمد على الله، وإليه تُنْسب الأجناد السّاجيّة ببغداد. مات بجُنْدَيْسابُور فِي ربيع الأول سنة ستٍّ وستّين ومائتين، وخلف أموالًا عظيمة.

الطبقة الثامنة والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثامنة والعشرون: أحداث سنة إحدى وسبعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: عَبَّاس الدُّوريّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن مَنْصُور الحارثيّ، ومحمد بْن حَمَّاد الظهراني، ومحمد بْن سِنَان القزاز، ويوسف بْن سَعِيد بْن مُسْلِم. تعطيل الجمعة فِي مسجد الرَّسُول: وفيها دخل محمد، وعليّ ابنا الْحُسَيْن بْن جَعْفَر بْن مُوسَى بْن جَعْفَر الصّادق بْن محمد المدينة، فقتلا فيها، وجَبَيا الأموال، وعطَّلت الجمعة والجماعة فِي مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شهرًا. عزْل عَمْرو بْن اللَّيْث: وفيها عزل المعتمد عَمْرو بْن اللَّيث، وأمر بلعنه على المنابر. وولى خُراسان محمد بْن طاهر. وكان محمد ببغداد، فاستناب عَنْهُ على نَيْسابور رافع بْن هرثمة. إقرار نصر بْن أَحْمَد على بخارى وسمرقند: وأمَّر على بخارى وسمرقند نصر بْن أَحْمَد بْن أسد. مسير رافع بْن هرثمة إِلَى جرجان: ثُمَّ جاءت كتب الموفَّق إِلَى رافع بقصد جرجان وآمل، وكانت للحسن بْن زَيْد، فسار إليه رافع سنة أربع وسبعين. الوقعة بين أبي الْعَبَّاس بْن الموفَّق وخمارويه: وفيها كَانَتْ وقعة عظيمة بين أبي الْعَبَّاس بْن الموفَّق، وبين خمارويه بْن أَحْمَد بْن طولون بأرض فلسطين. كان الموفَّق قد جهَّز ولده فِي جنود العراق، وأعطاه

الأموال، وولّاه أعمال مصر والشام. فسار إِلَى الشّام، فنزل بفلسطين. وجاء خمارويه، وكان قد قام فِي ولاية أَبِيهِ بعده، فالتقيا بحيث جرت الأرض من الدماء. ثُمَّ انهزم خمارويه إِلَى مصر، ونُهِبَتْ أثقاله. ونزل أبو الْعَبَّاس فِي مضربه. وكان سعد أعدّ كمينًا لخمارويه، فخرج على أبي الْعَبَّاس وهم عابرون، فانهزم جيشه، وذهب إِلَى طَرَسُوس منهزمًا فِي نفرٍ يسير، وذهبت خزائنه. فانتهب الجميع سعد ومن معه. وهذا من أعجب الأمور، وهو انهزام كل واحدٍ من المقدَّمين، ثمَّ اقتتال عسكرهما بعد رواحهما. ثُمَّ كان النصر للمصريين. تقييد ابنُ أبي الساج وإطلاقه: وفيها قدم يوسف بْن أبي الساج مقيَّدًا على جمل. وكان قد وثب على الحاجّ، فقاتلوه وأسروه، ثُمَّ إنّه حَسنت حاله، وبكى على فعله، وشفع فِيهِ مؤنس، فأطلق. خروج إِسْحَاق الطالبي وإفساده بالمدينة: وفيها خرج بالمدينة إِسْحَاق بْن محمد الطالبي الجعفري، فقتل أمير المدينة الفضل بْن الْعَبَّاس بْن حسن العباسي، وعاث وأفسد وخرّب المدينة1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 654-667"، والكامل "7/ 399-406".

أحداث سنة اثنتين وسبعين ومائتين

أحداث سنة اثنتين وسبعين ومائتين: تُوُفيّ فيها: أَحْمَد بْن عَبْد الجبار العطاردي وهو ابنُ عاصم الإصبهانيّ، وأبو عُتْبة أَحْمَد بْن الفرج الحمصيّ، وأحمد بْن مهديّ بْن رستم، وسليمان بْن سيف الحّرانيّ، وأبو أحمد محمد بن بد الوهاب الفراء، وأبو جَعْفَر محمد بْن عَبْد الله بْن المنادي، ومحمد بْن عوف الحمصي. الخلاف بين ابنُ الموفَّق ويازمان الخادم: وفيها وقع خلاف بين أبي الْعَبَّاس بْن الموفَّق وبين يازمان الخادم فِي طَرَسُوس، فأخرج أهلها أَبَا الْعَبَّاس عَنْهُمْ. فقدِم بغداد فِي جمادى الآخرة.

دخول الخوارج المَوْصِل: وفيها: دخل حمدان بْن حمدون وهارون الشّاريّ الخوارج مدينة المَوْصِل. وصلّى الشاري بالناس فِي الجامع. القبض على صاعد بْن مخلد وبنيه: وفيها قبض الموفَّق على صاعد بْن مخلد وعلى بنيه ومواليه، واستكتب عوضه إِسْمَاعِيل بْن بلبل. حركة الزَّنْج بواسط: وفيها تحركت الزَّنْج بواسط وصاحوا: أنكلائيّ يا مَنْصُور. وكان أنكلائيّ ابنُ الخبيث، وسليمان بْن جامع، والمهلَّبيّ، والشَّعرانيّ، وغيرهم من قواد الزَّنج محبوسين ببغداد فِي يد فتح السَّعيديّ. فكتب إليه الموفّق أن يذبح الجماعة ويبعث رءوسهم، ففعل. وقِيلَ صلبت أبدانهم على الجسر. والله سبحانه وتعالى أعلم1.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 9-11"، الكامل "7/ 418-420".

أحداث سنة ثلاث وسبعين ومائتين

أحداث سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن الْوَلِيد الفحّام، وإسحاق بْن سيّار النَّصيبيّ، وحنبل بْن إِسْحَاق، والفضل بْن شخرف، وأبو أُميّة محمد بْن إِبْرَاهِيم الطَّرسوسيّ، ومحمد بْن يزيد بْن ماجة. وقعة الرافقة: وفيها كَانَتْ بالرافقة واقعة بين إِسْحَاق بْن كنداج، ومحمد بْن أبي الساج، فانهزم إِسْحَاق. ثُمَّ تواقعا أيضًا، فانهزم إِسْحَاق فِي ذي الحجة. قَتْلُ ملك الروم: وفيها وثب ثلاثة بنين لملك الروم على أبيهم فقتلوه، وملّكوا أحدهم. القبض على لؤلؤ الطولوني: وفيها قبض الموفَّق على لؤلؤ الطَّولونيّ، وأخذ له أربعمائة ألف دينار شَرَهَا. ولم يكن له ذنب، بل أدُّعي عليه أنّه كاتب خمارويه بْن أحمد بن طولون. والله أعلم1.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 12"، الكامل "7/ 422-425".

أحداث سنة أربع وسبعين ومائتين

أحداث سنة أربعٍ وسبعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن الْوَلِيد الفحام النَّصيبيّ، وإسحاق بْن سيار النَّصيبيّ، وحنبل بْن إِسْحَاق، والفتح بْن شخرف، وأبو أُميّة محمد بْن إِبْرَاهِيم الطَّرسوسيّ، ومحمد بْن يزيد بْن ماجة، والحسن بْن مكرم، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم الواسطيّ، ومحمد بْن عِيسَى بْن حِبّان المدائنيّ، وأبو غسان مالك بْن يحيى، بمصر. وفيها خرج الموفَّق إِلَى كرمان لحرب عَمْرو بْن اللَّيث الصّفّار. وفيها غزا يازمان الخادم الروم، فقتل وسبى وعاد سالمًا1.

_ 1 السابق.

أحداث سنة خمس وسبعين ومائتين

أحداث سنة خمسٍ وسبعين ومائتين: تُوُفيّ فيها: أبو بَكْر المروزيّ الفقيه، وأحمد بْن يحيى بْن ملاعب، والحسين بْن محمد بْن أبي معشر نجيح، وأبو دَاوُد صاحب السُّنن، وأبو عوف البزوريّ عَبْد الرَّحْمَن بْن مرزوق، ويحيى بْن جَعْفَر بْن الزِّبْرِقان. غزوة يازمان البحر: وفيها غزا يازمان البحر، فأخذ عدّة مراكب للروم. حبس الموفّق لابنه أبي الْعَبَّاس: وفيها حبس الموفَّق ابنه أَبَا الْعَبَّاس، فشغب أصحابه وحملوا السلاح، واضطربت بغداد. فركب الموفَّق وقَالَ: يا أصحاب ولدي أتراكم أشفق على ابني منّي؟ وقد احتجت إِلَى تأديبه. فوضعوا السلاح وتفرَّقوا، واطمأنوَّا عليه. والله أعلم1.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 14-17"، الكامل "7/ 436".

أحداث سنة ست وسبعين ومائتين

أحداث سنة ستٍّ وسبعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن حازم بْن أبي غَرَزَة، وبَقِيّ بْن مخلد الأندلسيّ، وعبد الله بْن مُسْلِم بْن قُتَيْبَةَ، وأبو قلابة الرَّقاشيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الْعَوَّام، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل الصائغ، ومحمد بْن سعد العوفي، ويزيد بْن محمد بْن عَبْد الصَّمد. رضا المعتمد على عَمْرو بن الليث: وفيه رضي للمعتمد على عَمْرو بْن الَّليث، وكتب اسمه على الأعلام والأترِسة ببغداد. هرب ابنُ أبي الساج من خمارويه: وفيها قدِم محمد بْن أبي السّاج هاربًا من خمارويه بعد وقعاتٍ جرت بينهما، وضعف عنه محمد. ميسر الموفَّق إِلَى إصبهان: وفيها: سار الموفَّق إِلَى إصبهان، فنزح محمد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن أبي دُلَف بجيشه وعِياله. ولاية ابنُ اللَّيْث شرطة بغداد وعزله: وفيه ولي عَمْرو بن اللَّيث شرطة بغداد. ثُمَّ بعد قليلٍ غضب عليه المعتمد وعزله، وأسقط اسمه من الأعلام1.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 14-17"، الكامل "7/ 436".

أحداث سنة سبع وسبعين ومائتين

أحداث سنة سبعٍ وسبعين ومائتين: فيها تُوُفيّ: إِبْرَاهِيم بْن أبي العيش القاضي، والحسن بْن سلام السواق، وأبو حاتم الرَّازيّ، ومحمد بْن الجهم السِّمريّ. اتفاق يازمان وخمارويه: وفيها اتفق يازمان الخادم أمير الثَّغر مع خمارويه، ودعا له على المنابر بطرسوس. فبعث إليه ثلاثين ألف دينار، وخمسمائة دابّة، وخمسمائة ثوبٍ من مصر. ثمّ بعث إليه بخمسين ألف دينار. استيلاء ابنُ هرثمة على طبرستان: وفيها: استولى ابن هرثمة على طبرستان1.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 18"، والكامل "7/ 439".

أحداث سنة ثمان وسبعين ومائتين

أحداث سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين: تُوُفيّ فيها: أَحْمَد بن عبيد بن ناضج، وإِبْرَاهِيم بْن الهيثم البلديّ، وعبد الكريم بْن الهيثم الدَّيرعاقوليّ، والأمير أبو أَحْمَد الموفَّق، ومحمد بْن شداد المسمعي، وموسى بْن سهل الوشّاء، وموسى بْن عِيسَى بْن المنذر الحمصي، وهاشم بْن مرثد الطَّبرانيّ. غور النيل بمصر وغلاء الأسعار: وفيها وردت الأخبار أن نيل مصر غار ونقص نقصًا عظيمًا، وغلت الأسعار. قَالَ أبو المظفر بْن الجوزي: غار النيل فلم يبق منه شيء. قلت: ولم يتعرَّض المسبحي فِي تاريخه إِلَى شيء من ذلك. مرض الخليفة الموفَّق ووفاته: وَفِي المحرم انصرف الموفَّق من الجبل إِلَى بغداد مريضًا، وكان به نُقْرُس. وزاد مرضه فصار داء الفيل. وكان يبردون رجليه بالثَّلج، ويحمل على سرير، ويحمله عشرون نفسًا. فقال مَرَّة للذين يحملون: لعلكم قد ضجرتم منّي. وددت الله أني كأحدكم أحمل على رأسي وآكل، وأني فِي عافية.

وقَالَ فِي مرضه: قد أطبق ديواني على مائة ألف مرتزق، وما أصبح فيهم أسوأ حالًا منيّ. وزاد به انتفاخ رجله ومات. ظهور القرامطة بسواد الكوفة: وفيها ظهرت القرامطة بسواد الكوفة؛ وقد اختلفوا فيهم على أقوال: أحدها: إنّه قَدِمَ رجلٌ من ناحية خوزستان إِلَى الكوفة، فنزل النَّهرين وأظهر الزُّهد والتَّقشف، يعمل الخوص ويصوم. وَإِذَا جلس إليه إنسان وعظه وزهَّده في الدُّنيا، واعلمه أنّ الصُّلوات المفترضة في اليوم واللَّيلة خمسون صلاة حتّى خشي ذلك منه. ثمّ أعلمهم أنه يدعو إِلَى إمام من أَهْل البيت، فكانوا يجلسون إليه، ثُمَّ نظر نخلًا، فكان يأخذ من بقّالٍ كلَّ ليلةٍ رطل تمرٍ ثمَّ يفطر عليه، ويبيعه النَّوى. فأتاه أصحاب النَّخل فأهانوه، وقَالَوا: ما كفاك أكل تمر النَّخل حَتَّى تبيع النَّوى؟ فقال البقال: ويحكم ظلمتموه فإنه لم يذق تمركم، وإنما يشتري مني التَّمر فيفطر عليه، ويبيعنيّ النَّوى. فندموا على ضربه وتحللوه، وازداد نبلًا عند أَهْل القرية، وتبعه جماعة، فكان يأخذ من كل رجلٍ دينارًا، واتخذ منهم اثني عشر نقيبًا. وفرض عليهم كل يومٍ خمسين صلاة، سوى نوافل اشتعلن بها عن زراعاتهم، فخربت الضِّياع. وكانت للهيصم ضياع هناك فقصروا، فبلغه شأنه، فطلبه وسأله عن أمره، فَأَخْبَرَه ودعاه إِلَى مذهبه. فحبسه في بيت وحلف ليقتلنّه. فسمعه جارية من جواريه، فرقَّت له، وأخذت المفتاح وفتحت عليه. ثمَّ قفلت الباب، وأعادت المفتاح إِلَى مكانه، فانتبه الهيصم ففتح الباب فلم يجده. وقَالَ النّاس: رفع إِلَى السماء. ثُمَّ ظهر فِي مكانٍ آخر، فسألوه عن قصته فقال: من تعرَّض لي بسوء هلك. ثُمَّ انسحب إلى الشّام، فلم يعرف له خبز. وصحبه رجل يقال له كرميتة، ثمّ خفِّف، فقيل قرمط.

وَفِي قولٍ: كان هَذَا الرجل قد لقي الخبيث ملك الخوارج الزَّنج، فقال له: ورائي مائة ألف سيف، فوافقني على مذهبي حَتَّى أصير إليك بمن معي. وتناظرا فاختلفا، ولم يتَّفقا، فافترقا. القول الثاني: إنّ أول من أظهر مذهبهم رجلٌ يُقَالُ له محمد الوراق يعرف بالمقرمط الكوفّي. شرَّع لهم دعاتهم اكترى دوابَّ من رجلٍ يُقَالُ له قرمط بن الأشع، فدعاه فأجابه. والقول الأول أشهر. من فِرَقِ الباطنيّة: ثمّ فرق القرامطة، الباطنيّة، والخرَّميّة، والبابكية، والمحمِّرة، والسَّبعيّة، والتَّعليميّة. القرامطة: فَمِنْ قول القرامطة: إنّ محمد بْن الحنفية هُوَ المهديّ، وَإِنَّهُ جبريل، وَإِنَّهُ هُوَ المسيح، وَإِنَّهُ الدّابّة. ويزيدون أذنهم. وإن نوحًا رسول الله، وإن عِيسَى رسول الله، وإن محمد بْن الحنفية رسول الله، وإن الحج والقبلة إِلَى بيت المقدس، ويوم الجمعة والإثنين ويوم الخميس يوم استراحة، وإن الصوم فِي السنة يومان: يوم النيروز ويوم المهرجان. وإن الخمر حلال، ولا غسل من الجنابة. وتحيَّلوا على المسلمين بطرقٍ شتى، ونفق قولهم على الجهال وأهل البر. ويُدخلون على الشيعة بما يوافقهم، وعلى السُّنة بما يوافقهم. ويخدعون الطوائف، ويظهرون لكل فرقةٍ أنهم منهم. الباطنية: وأما الباطنية، فقالت: لظواهر الآيات والأحاديث بواطن تجري مجرى اللُّب من القشر. واحتجوا لكل آيةٍ ظهر وبطن. وأن من وقف على علم الباطن سقطت عَنْهُ التكاليف

الخرَّميّة: وأما الخرَّميّة فخرَّم اسم أعجمي معناه الشيء المستلذ، وهم أصل الإباحة فِي المجوس الّذين نبغوا فِي أيام قباذ، فأباحوا المحظورات. البابكيّة: وأمّا البابكيّة، فأصحاب بابك الخرمي. لهم ليلة فِي السنة يختلط فيها النساء والرجال، فَمَنْ وقعت فِي يده امرأة استحلَّها، إلى غير ذلك الخروج عن الملة. المحمرِّة: وأما المحمرِّة، فيلبسون الثياب الحمر، ولهم مقالة. السبعية: وأما السبعية فزعموا أنَّ الكوكب السبعة تدبر العالم السفلي. التعليمية: وأما التعليمية، فأطلوا القياس؛ ولا عِلْمَ عندهم إلّا ما تلقيِّ من إمامهم. الإسماعيلية: والإسماعيلية والإسماعيلية من القرامطة. وقِيلَ: إنّ قرمط غلام إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر الصادق، ولم يصح. الملاحدة: وكل هَؤُلَاء يذهبون إِلَى مذهب الملاحدة كزرادشت، ومزدك، وماني، الّذين جحدوا النُّبوَّة وأباحوا المحظورات. وقَالَوا بقول الفلاسفة والدَّهريّة، لعنهم الله تعالى. وفاة يازمان الخادم: وفيها غزا يازمان الخادم حصن كند، فنصب عليه المجانيق وكاد يفتحه، فجاءه حجرٌ من الحصن فقتله، فارتحلوا وبه رمقٌ، فمات فِي الطريق. وحمل فدفن بطرسوس. وكان شجاعًا، جوادًا، كريمًا1.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 20-22"، والكامل "7/ 441". \

أحداث سنة تسع وسبعين ومائتين

أحداث سنة تسع وسبعين ومائتين ... أحداث سنة تسعٍ وسعين ومائتين: تُوُفيّ فيها: المعتمد على الله، وأحمد بْن الخليل البرجلاني، وأحمد بْن أبي خيثمة، وإبراهيم بْن عَبْد الله القصار، وأبو يحيى بْن أبي ميسرة، وأبو عِيسَى التِّرمذيّ. ولاية العهد للمعتضد: ولثمانٍ بقين من المحرَّم خلع جَعْفَر المفوض من العهد، وقدَّم عليه المعتضد، وكتب إِلَى الآفاق بِذَلِك. وذلك لتمكُّن المعتضد من الأمور، ولطاعة الجيش له. منع المنجمين والقصاص: وفيها أمر المعتضد أن لا يقعد فِي الطريق منجِّم ولا قصَّاص، واستحلف الوراقين لا يبيعوا كتب الفلاسفة والجدل ونحو ذلك. وفاة المعتمد وولاية ابنُ الموفَّق: وضعف أمر المعتمد معه، وتُوُفيّ بعد أشهر من السنة، فولي المعتضد أبو الْعَبَّاس بن الموفَّق الخلافة. قدوم رسول خمارويه إلى المعتضد: وفها قدم رسول خمارويه صاحب مصر إِلَى المعتضد، وذلك عشرون حمل بغلٍ من الذهب من سوى الخيول والسُّروج والجواهر والتحف، وزرافة. ولاية ابنُ اللَّيْث خُراسان: وقدمت عليه هدايا عَمْرو بْن اللَّيْث، فولاه خُراسان.

وفاة نصر بْن أَحْمَد بن أسد: وفيها تُوُفيّ نصر بْن أَحْمَد بْن أسد أمير ما وراء النهَّر، فولى بعده أخوه إِسْمَاعِيل. زواج المعتضد: وتوجَّهت الرُّسل فِي تزويج عليّ بْن المعتضد ببنت خمارويه؛ ثُمَّ تزوَّجها المعتضد. فتح ابنِ الشَّيْخ قلعة ماردين: وفيها فتح أَحْمَد بْن عِيسَى بْن الشَّيْخ قلعة ماردين. أخذها من محمد بْن إِسْحَاق بْن كنداج. صلاة المعتضد الأضحى: وصلّى المعتضد بالناس صلاة الأضحى، فكبر فِي الأولى ستًا، وَفِي الثانية واحد. ولم تسمع منه الخطبة. الحج هَذَا الموسم: وحج بالناس هارون بْن محمد العباسي، وهي آخر حجّةٍ حجها بالناس وكان قد حج بهم ستّ عشرة حجَّة متوالية1.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 19-28"، والكامل "7/ 441-449".

أحداث سنة ثمانين ومائتين

أحداث سنة ثمانين ومائتين: فيها تُوُفيّ: أَحْمَد بْن محمد البريّ، وعثمان بْن سَعِيد الدارمي، وأبو إِسْمَاعِيل التّرمِذيّ، وهلال بْن العلاء. القبض على محمد بْن الْحَسَن بْن سهل: وَفِي أولها قبض المعتضد على محمد بْن الْحَسَن بْن سهل. وكان أحد قواد صاحب الزَّنج استأمن إِلَى الموفَّق، فبلغ المعتضد أنه يدعو إِلَى وَلَدِ المهتدي بالله

فقرَّره، وقَالَ: أخبرني عن الرجل الَّذِي تدعو إليه؟ فقال: لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عَنْهُ. فقتله. مسير المعتضد إِلَى بني شَيْبَان: وَفِي صفر، سار المعتضد بجيوشه يريد بني شَيْبَان، وكانوا قد عاثوا وأفسدوا، فلحقهم بالجيش، فقتل منهم خلقًا، وغرَّق خلقًا، وغنم الجيش من أموالهم ما لا يحصى، بحيث أبيعت الشاة بدرهم، والجمل بخمسة دراهم. وأمر المعتضد بحفظ النساء والذّراري، ولم يتعرَّض لهم. ثُمَّ وصل إِلَى المَوْصِل. ثُمَّ لقيه بنو شَيْبَان وتذللوا له، فأخذ منهم خمسمائة رجلٍ رهائن، وردَّ عليهم نساءهم وذراريهم. فتح ابن أبي الساج مراغة: وفيها افتتح محمد بْن أبي الساج مراغة بعد حصارٍ طويل، وأخذ منها مالًا كثيرًا. وفاة جَعْفَر بْن المعتضد: وفيها مات المفوض إِلَى الله جَعْفَر بْن المعتضد الَّذِي ولي عهد أَبِيهِ، فِي ربيع الآخر. وكان محبوسًا فِي دار المعتضد لا يراه أحد. وقِيلَ: إنّ المعتضد كان ينادمه. مولد القائم بسلمية: وفيها وُلِدَ بسلمية القائم أبو القاسم محمد بْن المهديّ عُبَيْد الله ببلد سلمية. وكان بها أمرهم وأموالهم. وأسلفنا سنة سبعين شيئًا من خبرهم. دخول الداعية أبي عَبْد الله أرض القيروان: وفيها دخل داعيهم أبو عبد الله مع بني كتامة إِلَى أرض القيروان فِي ربيع الأول، فاشتهر أمره وتسامعوا به، وأتوه وبالغوا فِي احترامه. فاتصل خبره بإبراهيم بْن أَحْمَد صاحب إفريقية، فبعث يخوفه ويحذره الخروج. فلم يباله.

الحرب بين الداعي وصاحب إفريقية: واشتهر زهد الداعي أبي عَبْد الله وعلمه، فَلَمَّا همَّ صاحب إفريقية بقبضه استنهض الّذين تبعوه، فالتقى الفريقان، فانتظر أبو عبد الله، وقتل وغنم؛ فحاربه صاحب إفريقية مرات، وأبو عبد الله فِي زيادة، وصاحب إفريقية فِي نقص. ثُمَّ إنّه فِي الآخر قُتِلَ. غزوة إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد بلاد الترك: وفيها غزا إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد بْن أسد أمير ما وراء النَّهر بلاد التُّرك، وأسر ملكها وزوجته، وأسر عشرة آلاف، وقتل عشرة آلاف. وأصاب أموالًا عظيمة، بحيث أصاب الفارس فِي الغنيمة ألف درهم. موت الأمير مسرور البلخي: ومات الأمير مسرور البلخي الَّذِي كان مع الموفَّق وقت الحصار. خبر الزَّلزلة في بلاد الدُّبيل: روي أنّ ذي الحجة ورد كتاب من الدُّبيل أنَّ القمر انكسف فِي شوال من السنة، وأن الدُّنيا أصبحت مظلمة إِلَى العصر. فهبت ريحٌ سوداء، فدامت إِلَى ثلث اللَّيل، وأعقبها زلزلة عظيمة أذهبت عامة المدينة. وأنهم أخرجوا من تحت الهدم ثلاثين ألف إِلَى تاريخ الكتاب. ثُمَّ زلزلت خمس مرات، فكان عدة مَنْ أُخْرِجَ مَنْ تحت الرَّدم مائة ألف وخمسين ألفًا. زيادة دار المنصور: وفيها زِيدَ فِي جامع المنصور دار المنصور الّتي كان يسكنها. وغرم على إصلاح ذلك عشرين ألف دينار. والله أعلم1.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "10/ 28، 29"، الكامل "7/ 652-660".

ذكر رجال هذه الطبقة مرتبين على حروف المعجم

ذكر رجال هذه الطبقة مرتبين على حروف المعجم: حرف الآلف: 192- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الْبَغْدَادِيّ أبو بسطام الأطروش1. سمع: هوذة بن خليفة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ البزّاز. تُوُفيّ سنة تسعٍ وسبعين. 193- أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى ين يحيى. أبو حارثة الغساني الدمشقي2. سمع: أَبَاهُ، وهشام بْن عمّار، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن جوصا، وأبو يعقوب إِسْحَاق الأذرعي، وأبو عوانة في صحيحه وقال: ثنا حارثة سيد أَهْل الشّام. 194- أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن الْمُخْتَار أبو بَكْر الدقاق3. سمع: أَبَا كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المقدَّميّ. وعنه: أَحْمَد بْن كامل القاضي، وغيره. تُوُفيّ سنة سبعٍ وسبعين. 195- أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن مهدي السَّكونيّ الحمصي4. روى عن: أَحْمَد بْن كثير الصَّنعانيّ. وعنه: الطّبرانيّ.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 10". 2 في عداد علماء المستورين، صدوق. 3 انظر: تاريخ بغداد "4/ 25". 4 لم نقف عليه.

196- أحمد بن الأسود. أبو علي الحنفي البصري1. سمع: يزيد بْن هارون، وغيره. وولي قضاء قرقيسيا. ذكره ابنُ حِبّان فِي الثقات، وقَالَ: ثنا عَنْهُ: أَحْمَد بْن عَبْد الله الجسيري. وتُوُفيّ سنة خمسٍ وسبعين. 197- أَحْمَد بْن أيوب بن زريع الهاشميّ2. يروي عن: عَبْد الله بْن صالح العجليّ، وغيره. تُوُفيّ سنة سبعٍ وسبعين. 198- أَحْمَد بْن بَكْر بْن سيف المرُّوذيّ3. سمع من: أبي نُعَيْم، وغيره. وكان موثَّقًا. تُوُفيّ سنة أربعٍ وسبعين. 199- أَحْمَد بْن بَكْر البالسي. أبو بَكْر. تُوُفيّ بعد السَّبعين أو قبلها. وحدَّث عن: يزيد بْن هارون، وزيد بن الحباب، محمد بْن مصعب، وطائفة. وكان ثقة يخطئ. وقد تقدَّم فِي تلك الطبقة. وأما الْأَزْدِيّ فقال: كان يضع الحديث.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 46". 2 في عداد المجهولين. 3 السير "13/ 64"، والميزان "1/ 86".

200- أَحْمَد المعتمد على الله1. أبو الْعَبَّاس أمير المؤمنين ابنُ المتوكل على الله جَعْفَر بْن المعتصم بالله محمد بْن الرشيد الهاشمي العباسي. وُلِدَ سنة تسعٍ وعشرين ومائتين بسرَّ من رأى، وأمّه روميّة اسمها فتيان. قال ابن أبي الدُّنيا: كان أسمر رقيق اللَّون، أعين، خفيفًا، لطيف اللحية، جميلًا. وُلِدَ فِي أول سنة تسعٍ، ومات ليلة الإثنين لإحدى عشرة بقيت من رجب سنة تسعٍ وسبعين فجأة ببغداد. فحمل ودفن بسامرَّاء. وكانت خلافته ثلاثة وعشرين سنة وستّة أيام، والصّواب: وثلاثة أيّام. قلت: استخلف بعد المهتدي بالله، وقد سار بنفسه لحرب يعقوب بْن اللَّيْث الصّفّار. فالتقاه بقرب دير العاقول، فنصر عليه، وهزم جيش الصّفّار أقبح هزيمة سنة اثنتين وستّين. وقِيلَ: كان المعتمد مربوعًا نحيفًا. فَلَمَّا استخلف سمن وأسرع إليه الشَّيب. مات بالقصر الحسيني مع الندُّماء والمطربين. أكل فِي ذلك اليوم رءوس الجداء، ومات في اليوم الثاني فجأة. فَقِيلَ: إنّه سمَّ فِي الرءوس. ومات معه من أكل منها. قَيِل: بل نام فغُمّ فِي بساط. وقِيلَ: سموه فِي كأس. فدخل عليه إِسْمَاعِيل القاضي وجماعة شهود، فلم يروا به أثرًا. وكان منهمكا على اللذات. فاستولى أخوه الموفَّق على الأمور وقوي عليه، وانقهر معه المعتمد. ثُمَّ مات المعتمد وهو كالمحجور عليه من بعض الوجوه، من جهة المعتضد أيضًا ابنِ الموفَّق. وكانت عريب جارية المعتمد قد وصلها موال جزيلة من المعتمد، ولها فِيهِ مدائح. وكان يتعانى المسكر ويعربد على النُّدماء. واستخلف بعده المعتضد بن الموفَّق.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 60"، البداية "11/ 65".

201- أَحْمَد بْن حازم بْن أبي غرزة. أبو عَمْرو الغفاري الكوفي1. أحد الأثبات المجودين. سمع: جعفر بن عون، ويعلى بن عبيد، وعبد الله بْن مُوسَى، وإسماعيل بْن أبان، وطائفة. وعنه: مطيَّن، وابن رحيم الشَّيْبانيّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله بْن أبي العزائم، والكوفيون كابن عقدة، وغيره. وله مسند مشهور، وقع لنا منه شيء. ذكره ابنُ حِبّان فِي الثقات، وقَالَ: كان متقنًا. قلت: تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة ست وسبعين. 202- أَحْمَد بْن الْحُبَاب بْن حَمْزَةَ2. أبو بَكْر الحميري النَّسّابة البلخي. سمع: مكّيَّ بْن إِبْرَاهِيم، وإسماعيل بْن أبي أويس. وعنه: حرب بْن إِسْمَاعِيل الكرماني، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد عَبْد الله بْن دَرَسْتُوَيْه. تُوُفيّ سنة سبعٍ. 203- أَحْمَد بْن حرب بْن مسمع الْبَغْدَادِيّ المعدّل3. أبو جَعْفَر البرجلاني. والبرجلانية محلَّة ببغداد. سمع: أَبَا النَّضر هاشم بْن القاسم، والواقدي، والأسود بْن عامر بن شاذان، والحسن الأشيب.

_ 1 السير "13/ 239"، والبداية "11/ 56". 2 الثقات لابن حبان "8/ 53". 3 تاريخ بغداد "4/ 119، 120".

وعنه: النّجّاد، أبو عَمْرو بْن السَّماك، ومحمد بْن جَعْفَر بْن الهيثم الأنباري، وآخرون. وثقة الخطيب، وقَالَ: مات فِي ربيع الأول سنة تسعٍ. 204- أَحْمَد بْن الخليل بْن حرب النَّوفليّ1. مَوْلَى بْن نوفل، ابنُ الْحَارِث القومسي. حدَّث عن: أبي النَّضر هاشم، وعبد الله بن مُوسَى، وأبي عَبْد الرحمن المقري، ومعلَّى بن أسد. وهو من أهل قومس. محدث فاضل، يكنى أبا عبد الله. روى عنه: عمر بن عبد الله بن حسن، ومحمد بن أحمد بن يزيد الزُّهريّ، وأهل إصبهان، وأبو حاتم الرازي، ويحيى بن عبدوس، والفضيل بن الخصيب. وقال أبو زرعة: يكذب على من لقي وعلى من لم يلق. ويحدث عن قومٍ ماتوا قبل أن يولد بعشرين سنة. وقَالَ ابنُ مردويه: فِيهِ لين. قلت: وكان قديم الوفاة. 205- أَحْمَد بْن أبي خيثمة زهير بْن حرب بْن شداد2. أبو بَكْر النَّسائيّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ الحافظ، صاحب التاريخ المشهور. سمع: أَبَاهُ، وأبا نُعَيْم، وهوذة بْن خليفة، وقطبة بْن العلاء بْن المنهال الغنويّ، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وعفان، ومحمد بْن سابق، وموسى بْن إِسْمَاعِيل، وأحمد بْن يُونُس اليربوعي، وأبا غسان النَّهديّ، وخلقًا كثيرًا. وعنه: البغوي، وابن صاعد، ومحمد بْن عليّ بن عُبَيْد، ومحمد بْن مخلد، ومحمد بْن أبي الحكيميّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو سهل بْن زياد، وأحمد بن كامل، وخلق.

_ 1 السير "13/ 155"، التهذيب "1/ 28". 2 تاريخ بغداد "4/ 162".

قَالَ أبو بَكْر الخطيب: كان ثقة عالمًا متفننًا حافظًا، بصيرًا بأيام النّاس، راوية للأدب. أَخَذَ علم الحديث عن: أَحْمَد، وابن معين. وعلم النَّسب عن: مصعب الزُّبيريّ. وأيام النّاس عن: أبي الْحَسَن عليّ بْن محمد المدائني. والأدب عن: محمد بْن سلام الجمحي. وله كتاب التاريخ الَّذِي أحسن تصنيفه وأكثر فائدته فلا أعرف أغزر فوائد منه. وقَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة مأمون. وقَالَ ابنُ قانع: مات فِي جمادى الأولى سنة سبعٍ وسبعين. وكذا قَالَ ابنُ المنادى، وزاد: وقد بلغ أربعًا وتسعين سنة. وقِيلَ: دون ذلك. 206- أَحْمَد بْن سَعِيد بْن زياد. أبو الْعَبَّاس الجمال1. بغداديٌّ ثقة. سمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وأبا النَّضر، وحجاج بْن محمد. وعنه: محمد بن عَبَّاس بْن نجيح، وأبو بَكْر الشّافعيّ. وأحمد بْن كامل، وجماعة. تُوُفيّ فِي شوال سنة ثمانٍ وسبعين. وثقه الخطيب. 207- أَحْمَد بْن سَعِيد بن إبراهيم بن سعد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف. أبو إِبْرَاهِيم الزُّهريّ2.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 170". 2 السير "13/ 117، 118".

سمع: عفان، وعليَّ بْن الجعد، ويحيى بْن بكير، ويحيى بْن سُلَيْمَان الجعفي، وعليّ بْن بحر القطّان، ومحمد ابن سلام الجمحي، وغيرهم. وعنه: ابنُ صاعد، والمحاملي، وإسماعيل الصّفّار، وأبو عوانة فِي صحيحه فِي أماكن، وقَالَ مُرَّة: وكان من الأبدال؛ وجماعة. قَالَ الخطيب: وكان مذكورًا بالعلم والفضل، موصوفًا بالصَّلاح والزُّهد، ومن أَهْل بيت كلهم علماء ومحدثون. وله أخوان أكبر منه: عُبَيْد الله، وعبد الله. وقَالَ عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهريّ: حدَّثني أبي قَالَ: مضى عمي أبو إبراهيم الزُّخريّ إِلَى أَحْمَد بْن حنبل فسلَّم عليه، فَلَمَّا رآه وثب وقام إليه وأكرمه، فلمَّا أن مضى قَالَ له ابنه: يا أبه، شاب تعمل به هَذَا وتقوم إليه؟ قَالَ: يا بني لا تعارضني فِي مثل هَذَا، ألا أقوم إِلَى ابنِ عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف؟ وقَالَ ابنُ المنادي: تُوُفيّ فِي خامس المحرَّم سنة ثلاثٍ وسبعين، وقد بلغ خمسًا وسبعين سنة. وقَالَ ابنُ صاعد: كان ثقة. وقَالَ غيره: كان من الأبدال. 208- أَحْمَد بْن سُلَيْمَان. أبو بَكْر الصُّوريّ1. نزل عرقة2، وحدَّث عن: سَعِيد بْن مَنْصُور، ومهدي بْن جَعْفَر الرملي، وغير واحد. روى عَنْهُ: محمد بْن يوسف الهرويّ وخيثمة الأطرابلسي. 209- أَحْمَد بْن السَّميدع الشاشي الحافظ. سمع: مسدَّدًا، ويحيى بن بكير، وجماعة.

_ 1 تاريخ دمشق "16/ 596". 2 عرقة: اسم بلدة من أعمال طرابلس بلبنان اليوم.

وطوَّف وصنَّف. تُوُفيّ فِي صفر سنة أربعٍ وسبعين. 210- أَحْمَد بْن أبي طَالِب1. أبو الْعَبَّاس التَّميميّ القيرواني. قاضي القيروان. تفقَّه على سَحْنُون حَتَّى برع. وحج وأخذ عن: يُونُس بْن عَبْد الأعلى، وابن عَبْد الحكَم. وكان سمحا جوادا سريا عادلا، قوالا بالحق. تلاعن في أيامه زوجان. وقد أنكر علي أمير القيروان ابن الأغلب، فامتحنه وسجنه، فيقال إنه سقاه سما، فمات في سنة خمسٍ وسبعين. 211- أحمد بن أبي طاهر الكاتب2. أبو الفضل. أحد البلغاء والشُّراء. أصله مرُّويّ، استوطن بغداد، وصنَّف كتاب أخبار الخلفاء. ويروي عن: عمر بْن شبَّة، وطبقته. روى عَنْهُ: محمد بْن المرزبان، وغيره. وتوفّي سنة ثمانين، عن ست وسبعين سنة. ومن شعره: حسب الفتى أن يكون ذا حسبٍ ... من نفسه ليس حَسْبُهُ حَسَبُه ليس الَّذِي يبتدئ به نسبٌ ... مثل الَّذِي ينتهي به نسبه 212- أَحْمَد بْن الْعَبَّاس بْن أشرس3. أبو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ الحافظ. سمع: أَبَا إِبْرَاهِيم التُّرجمانيّ، وخلف بْن سالم.

_ 1 لم نقف عليه. 2 تاريخ بغداد "4/ 211". 3 السابق "4/ 327".

وعنه: محمد بْن جَعْفَر الطَّبَريّ، وعثمان بْن السماك. وكان ثقة. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين. 213- أَحْمَد بْن عَبْد الله الكندي اللَّجلاج1. عن: أسد بْن مُوسَى. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين أيضًا. 214- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن يزيد بْن جَعْفَر2. عن: أبي مُعَاوِيَة الضرير، وعبد الرّزّاق. وعنه: أبو ذَرّ بْن الباغندي. وكان كذابًا. قَالَ ابنُ عدي: كان يضع الحديث. تُوُفيّ سنة إحدى وسبعين. 215- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن ثابت. أبو شيخ السائميّ3. عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وأبي الْوَلِيد. وعنه: مذكور بن فراس شيخ لابن حيّان. وذكره فِي كتاب الثقات. 216- أَحْمَد بْن زكريا بن كثير الجوهري4. عن: إِبْرَاهِيم بْن حُميد الطويل، وسعد بْن شُعْبَة بْن الحجاج، وأبي مُعَاوِيَة. ثقة. عَنْهُ: ابنُ مخلد، وأبو بَكْر الشّافعيّ.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 216". 2 تاريخ بغداد "4/ 218"، الميزان "1/ 109". 3 الثقات لابن حبان "8/ 55". 4 تاريخ بغداد "4/ 161".

217- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن قاسم الْبَغْدَادِيّ الحافظ1. أعفٌّ حافظٌ موصوفٌ بالفهم. تحمل عن: عُبَيْد الله بْن مُعَاذ العنبري، وطبقته. وعنه: ابنُ الأعرابي، وابن مخلد. مات سنة تسعٍ وستّين. 218- أَحْمَد بْن عَبْد الله اللحياني العكاوي2. سمع: آدم، وابن أبي إياس. لقيه الطَبرانيّ بعكا سنة خمسٍ وسبعين. وهذا لم يذكره ابنُ عساكر فِي تاريخه. 219- أَحْمَد بْن عَبْد الجبّار بْن محمد بْن عمير بْن عطارد. أبو عمر التّميميّ العطاردي الْكُوفِيُّ3. حدَّث بِبَغْدَادَ عَنْ: أَبِي بَكْرِ بْنِ عياش، وعبد اللَّه بْن إدريس، وحفص بْن غِيَاث، وأبي مُعَاوِيَة، ويونس بن بكير، روى عنه مغازي ابن إسحاق. وعنه: ابن صاعد، وابن أبي الدُّنيا، وابن أبي داود، والمحاملي، ورضوان الصَّيدلانيّ، وعثمان بن السَّمّاك، وأبو سهل بن زياد، وأبو العباس الأصم، وطائفة. ولد سنة سبعٍ وسبعين ومائة. وسمع بعناية أَبِيهِ. وكان أسند من بقي، إلّا أنَّه ضعيف. وقَالَ ابنُ عدي: رأيتهم مجتمعين على ضعفه. ولم أر له حديثا منكرًا. إنَّما ضعفوه بأنه لم يلق أولئك. وقَالَ الأصم: سمعت أَبَا عبيدة السَّريّ بْن يحيى، وسأله أبي عن العطاردي فوثَّقه.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 218". 2 لم نقف عليه. 3 وفيات الأعيان "4/ 352"، السير "13/ 55".

وقَالَ أبو كُرَيْب: إنّه سمع من أبي بَكْر بْن أبي عيّاش. وقَالَ الدَّارقطنيّ: لا بأس به. وقد أثنى عليه أبو كُرَيْب. وقَالَ محمد بْن الْحُسَيْن بْن حميد بْن الرَّبِيع، عن أَبِيهِ قَالَ: ابتدأ أبو كُرَيْب يقرأ علينا المغازي، فقرأ علينا مجلسًا أو مجلسين، فلغط بعض أصحاب الحديث، فقطع قراءته وحلف لا يقرأ علينا. فعدنا إليه نسأله، فأبى وقَالَ: امضوا إِلَى عبد الجبار العطاردي فإنه كان يحضر سماعه معنا من يُونُس بْن بكير. فقلنا: وإن كان قد مات؟ قَالَ: اسمعوه من ابنه أَحْمَد، فإنّه كان يحضره معنا. قَالَ: فدللنا إِلَى منزل أَحْمَد، وكان يلعب بالحمام، فقال لنا: مذ سمعناه ما نظرت فِيهِ، ولكن هُوَ فِي قماطر1 فِيها كتب فاطلبوه. فقمت فطلبته، فوجدته وعليه ذرق الحمام، وَإِذَا سماعه مع أَبِيهِ بالخط العتيق. فسألته أن يدفعه إِلَيّ ويجعل وراقته لي، ففعل. قول مطين: روى الخطاب بإسناده إِلَى جَعْفَر الخلدي قَالَ: قَالَ محمد بْن عَبْد الله الْحَضْرَمِيّ: أَحْمَد بْن عَبْد الجبار العطاردي كان يكذب. قلت: هَذَا إنّ كان كما قَالَ، فمحمولٌ على نطقه ولهجته، لا أنه كان يكذب فِي الحديث، إذ ذلك معدوم. لأن أَبَا كُرَيْب شهِدَ له أنه سمع من يُونُس، وأبي بَكْر بْن عيّاش. وأيضًا فإنّ أباه كان محدَثًا، منكّر بسماعه. ومما يقوى صدقه أنه روى أوراقًا فِي المغازي، عن أَبِيهِ، عن يُونُس. فهذا يدل على تحريه الصدق. وقد أثنى عليه الخطيب، وقواه غالبًا. قَالَ ابنُ السماك: مات بالكوفة سنة اثنتين وسبعين فِي شعبان. وقع حديثه عاليًا للمؤتمن بن قميرة وطبقته.

_ 1 قماطر: صناديق.

220- أحمد بْن عَبْد الرحيم بْن يزيد. أبو زَيْد الحوطي الحمصي1. نزيل جبلة. سمع: أَبَا المغيرة، وأبا اليمان، وعليّ بْن عيّاش، ومحمد بْن مصعب القرقساني. وعنه: أَبَو القاسم الطَّبراني، وجعفر بْن محمد بْن هشام الكندي، وجماعة. وكان حيًا فِي سنة تسعٍ وسبعين. وقِيلَ: هُوَ أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن بَكْر بْن فضيل الحوطي. 221- أَحْمَد بْن عَبْد الوهاب بْن نجدة2. أبو عبد الله الحوطي الحمصي: نزيل جبلة. سمع: أَحْمَد بْن خَالِد العوصي، وجنادة بْن مروة الْأَزْدِيّ، وأبا المغيرة عَبْد القدُّوس، وعليّ بْن عيّاش، وجماعة. وعنه: ن. فِي اليوم والليلة، وعليّ بْن سراج المصريّ، وعبد الصمد بْن يزيد بْن سَعِيد القاضي، وسليمان الطَّبرانيّ. حدَّث أيضًا فِي سنة سبعٍ بجبلة. وهذا من كبار شيوخ الطَّبَرَانِيّ. 222- أَحْمَد بْن عبد الوهاب العبدي النَّيسابوريّ الفراء3. أخو محرز. سمع: مكي بْن إِبْرَاهِيم، وعبدان عَبْد الله بْن عُثْمَان. وعنه: أَهْل بلده. تُوُفيّ سنة اثنتين وسبعين. 223- أَحْمَد بْن عُبَيْد الله بن إدريس. أبو بكر البغداديّ النَّرسيّ4.

_ 1 تاريخ جرجان "418". 2 تاريخ بغداد "3/ 353"، والسير "13/ 152". 3 من العلماء المستورين، لا بأس به. 4 تاريخ بغداد "4/ 250، 251".

مَوْلَى بني ضبة. سمع: يزيد بْن هارون، وأبا بدْر السَّكونيّ، ورَوْح بْن عُبَادة، وشيبان، ويحيى بْن أبي بَكْر، وطائفة. وعنه: ابنُ صاعد، وابن السماك، ومكرم بْن أَحْمَد القاضي، وأحمد بْن كامل القاضي، وأبو بَكْر الشّافعيّ. قَالَ الخطيب: كان ثقة أمينًا. وقَالَ ابنُ كامل: تُوُفيّ فِي خامس ذي الحجة سنة ثمانين. وقَالَ مرَّةً أخرى: فِي خامس ذي الحجة سنة تسعٍ وسبعين. والقولان صحيحان عنده. والأوّل له فيه متابع، وهو أبو الحسن بْن المنادي. تابعه على السَّنة فقط. وكان مولده سنة ست وثمانين ومائة. وثقة أيضًا الدّارَقُطْنِيّ؛ وكان مسنِدًا منفردًا. 224- أَحْمَد بْن عُبَيْد بْن ناصح بْن بلنجر الدَّيلميّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ النَّحويّ1. مَوْلَى بني هاشم أبو جَعْفَر الملقَّب بأبي عصيدة. روى عن: يزيد بْن هارون، وأبي دَاوُد، وعبد الله بْن بَكْر، وعلي بْن عاصم، والأصمعيّ، ومحمد بْن مصعب، وجماعة. وعنه: عليّ بْن محمد الْمَصْرِيّ، ومحمد بْن جَعْفَر الأدميّ، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخراساني، وجماعة. وله مناكير. أَنْبَأَنِي الْمُسْلِمُ بْنُ عِلانَ، وجماعة قَالُوا: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيبانيّ، أَنَا أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُعَدَّلُ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ، أَنَا الأَصْمَعِيُّ، أَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: زرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَمِيصُهُ الذي كفّن فيه2.

_ 1 السير "13/ 193"، التهذيب "1/ 60". 2 "حديث منكر": أخرجه الخطيب "4/ 259" في تاريخ بغداد.

قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: وَأَنَا زَرَرْتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَمِيصَهُ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَمَّادِ بن زيد، فقال: أنا زررت على ابن عون قميصه. تَابَعَهُ عَمَّارُ بْنُ زُرَيْقٍ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ، فِي وجهٍ غَرِيبٍ، وَلا يَصِحُّ رَفْعُهُ. والمحفوظ حديث بشر بْن مُوسَى، وكان ثقة، سمع الأصمعيّ يقول: سمعت ابنِ عون: سمعت محمدا يقول: يستحب أن يكون قميص الميت مثل قميص الحي مكفَّفًا مزرَّرًا. قَالَ: فحدَّثت به حَمَّاد بن زيد فقال: أنا زررت على ابن عون قميصه، وألبسته. قَالَ ابنُ عدي: أبو عصيدة كان بسرَّ من رَأَى يحدث عن الأصمعي، ومحمد بْن مصعب بمناكير. ثم ذكر الحديث المذكور، وقَالَ: لا أعلم رَوَاه غير أبي عصيدة، وعمار بْن زربي الْبَصْرِيّ. وأبو عصيدة أصلح حالا من عمّار. سمعت عبدان يصرح بكذب عمّار. قَالَ: وله حديث طويل عن محمد بْن مصعب، عن الأوزاعي فِي دخوله على المنصور، لم يحدث به غيره. وقَالَ: وأبو عصيدة مع هَذَا كله كان من أَهْل الصدق. قلت: تُوُفيّ سنة ثمانٍ وسبعين. وكان من أئمة العربية. 225- أَحْمَد بْن عتيق. أبو النَّضر الخزاعي المَرْوَزِيُّ1. عن: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وغيره. وعنه: أَهْل مرو. وهو مستقيم الحديث. مات سنة أربعٍ وسبعين. 226- أَحْمَد بْن عُثْمَان بْن سَعِيد. أبو بَكْر الأحوال كرنيب2. حافظ صدوق.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 52". 2 تاريخ بغداد "4/ 297".

عن: كثير بْن يحيى صاحب الْبَصْرِيّ، وعليّ بن بحر القطّان، وأحمد بنحنبل، ومنصور بن أبي مزاحم. وعنه: محمد بن مخلد، ومحمد بن جعفر المطيري. توفي سنة ثلاثٍ وسبعين، ولم يشتهر لأنه لم يشخ. 227- أحمد بن عصام. أبو يحيى الأنصاري1، مولاهم. ابن أخت الزاهد محمد بن يوسف الإصبهاني. ذكره ابن أبي حاتم، ويروى عنه، ووثقه، وقَالَ: هُوَ أَحْمَد بْن عصام بْن عَبْد المجيد بْن كثير بْن أبي عمرة الْأَنْصَارِيّ الإصبهاني. سمع: أَبَا دَاوُد الطَّيالسيّ، ومعاذ بْن هشام، وأبا أَحْمَد الزُّهريّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي داود، وعبد اللَّه بْن جَعْفَر بْن فارس، وأَحْمَد بْن جَعْفَر السمسار، وطائفة. ولا أعلم أحدًا تكلَّم فِيهِ بسوء. تُوُفيّ فِي رمضان سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 228- أَحْمَد بْن عليّ بْن بشر الأمويّ الإصبهاني2. عن: محمد بْن بكير. وعنه: ابنه محمد. تُوُفيّ سنة أربعٍ وسبعين. 229- أَحْمَد بْن عليّ. أبو جَعْفَر العكبري، المعروف بخسروا3. روى عن: أبي نُعَيْم، والحسن بْن الرَّبِيع البوراني، وسليمان ابن بنت شرحبيل. وعنه: محمد بن مخلد، وعليّ بن يعقوب بن أبي العقب.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 66"، والسير "13/ 41". 2 ذكر أخبار إصبهان "1/ 94". 3 انظر: تاريخ بغداد "4/ 306".

230- أحمد بن العلاء بن هلال. أخو هلال أبو العلاء الرَّقيّ. فقيه فاضل يكنى أبا عبد الرحمن. ولي قضاء ديار مصر، وتوفي سنة أربعٍ أيضا. وقيل: سنة خمسٍ. روى عنه: خيثمة الأطرابلسي، وأبو الميمون بن راشد، وابن حزم. سمع: عبد الله بت بن جعفر الرَّقيّ، وطبقته. 231- أحمد بن عمرو بن أبان. أبو جعفر الفارسي، ثم الصُّوريّ1. روى عن: عَبْد الوهاب بْن نجدة، وأبي إِبْرَاهِيم التَّرجمانيّ، وموسى بْن أيُّوب النَّصيبيّ. وعنه: ابن جَوْصَا، ومحمد بن يوسف الهَرَوِي، ومحمد بن جعفر بن ملاس. 232- أحمد بن عياض. أبو غسان الفرضي2. شيخ مصر. روى عن: يحيى بْن حسان، ويحيى بْن عَبْد الله بْن بكير. وعنه: ابنه أبو علاثة، ومحمد حفيده، وعبد الله بْن عَبْد الملك، والمعافي بْن عِمْرَانَ، وغيرهم. تُوُفيّ سنة فِي رجب. وسيأتي ابنه أبو علاثة بعد التسعين. تفرد بحديث الطَّير. 233- أَحْمَد بْن عِيسَى بْن زَيْد اللخمي الخشاب التِّنّيسيّ3. عن: عَمْرو بْن أبي سلمة، وعبد الله بن يوسف.

_ 1 ستأتي الترجمة له. 2 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 414" لابن بدران. 3 الميزان "1/ 126"، التهذيب "1/ 65".

وعنه: عَبْد الله بْن محمد بن المنهال، وعيسى بْن أَحْمَد الصَّوفيّ، وموسى بْن الْعَبَّاس، وجماعة. ضعفه ابنُ عديّ، وغيره. وقَالَ ابنُ يُونُس: مضطرب الحديث جدًا. وتُوُفيّ سنة ثلاثٍ أيضًا بتنيس. وَلَهُ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: الأُمَنَاءُ عِنْدَ اللَّهِ ثَلاثَةٌ: جِبْرِيلُ، وَأَنَا، وَمُعَاوِيَةُ1. قَالَ ابْنُ جَوْصَا: وَمِثْلُ هَذَا لَا يَحْمِلُهُ عَبْدُ اللَّهِ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ. قلت: الحديث موضوع. فأمّا: 234- أحمد بن سحاق الخشاب الرَّقّيّ البلدي2. يروي عن عفان. لقيه الطَّبرانيّ ببلد. 235- وأحمد بْن إِسْحَاق الخشاب الرقي. روى عن: عُبَيْد الله بْن جناد الحلبي. وعنه: الطَّبرانيّ. 236- أَحْمَد بْن الفرج بْن سُلَيْمَان. أبو عتبة الكنديّ، الحمصيّ المعروف بالحجازيّ، المؤذّن3. عن: بقية بن الوليد، وضمرة بن ربيعة، وابن أبي فديك، وعُمَر بْن عَبْد الواحد الدمشقي، وأيوب بْن سُوَيْد الرَّمليّ، وعقبة بْن علقمة البيروتيّ، ومحمد بن حمير،

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن حبان "1/ 146" في "المجروحين". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر السابق.

ومحمد بن حرب الأبرشي، وعثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن الطَّوابقيّ، ومحمد بْن يوسف الفريابي. وعنه: النَّسائي فِي غير السُّنن، وأبو العبّاس السّرّاج، وموسى بن هارون، ومحمد بن جرير الطبريّ، ويحيى ابن صاعد، وابن أبي حاتم، وابن جوصا، وأبو التُّريك محمد بْن الْحُسَيْن الأطرابلسي، وأبو الْعَبَّاس الأصم، ويوسف بْن يعقوب الأزرق، وخلق. قَالَ ابنُ أبي حاتم: محلُّه عندنا الصدق. قَالَ ابنُ عدي: كان محمد بْن عوف يضعفه ويتكلَّم فِيهِ. وكان ابنُ جوصا يضعفه. وقَالَ ابنُ عديّ: مع ضعفه قد احتمله النّاس، وليس ممّن يحتج به. وأما عَبْد الغافر بْن سلامة الحمصي فقال: كان محمد بْن عوف، وعُمَر، وأصحابنا يقولون: إنّه كذاب. فلم نسمع منه شيئًا. قَالَ: وقَالَ محمد بْن عوف: هَذَا كذاب رَأَيْته عند بئر أبي عبيدة فِي سوق الرَّستن، وهو يشرب مع مردان. وهو يتقيَّأ، وأنا مشرفٌ عليه من كوَّةٍ فِي بيتٍ كَانَتْ لي فِيهِ تجارة سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. وكان أيام أبي الهرماس يسمونه الغداف. كان له ترس فِيهِ أربع مسامير كبار، إذا أخذوا رجلًا يريدون قتله صاحوا: أين الغداف؟ فيجيء. فَإِنَّمَا يضربه بها أربع ضربات حتَّى يقتله. قد قُتِلَ غير واحدٍ بترسه ذاك. ثُمَّ ساق له فصلًا فِي كذبه. قَالَ عَبْد الغافر: كان أبو عُتْبة جارنا، وكان مؤذن الجامع. وكان يخضب بالحمرة. وقَالَ الخطيب: بلغني أنه تُوُفيّ سنة إحدى وسبعين. 237- أَحْمَد بن الفرج بْن شاكر. أبو بَكْر الغافقي الْمَصْرِيّ1 عن: سَعِيد بْن أبي مريم، وغيره تُوُفيّ سنة أربعٍ وسبعين.

_ 1 ينظر في "حسن المحاضرة".

238- أَحْمَد بن الفرج بْن عَبْد الله. أبو عليّ الجشمي الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ1 عن: عباد بْن عباد، وعبد الرَّحْمَن بْن مهدي، وسويد بْن الْعَزِيز، وعبد الله بْن نمير، وغيرهم. وعنه: إِسْحَاق بْن سنين الختلي، ومحمد بْن جَعْفَر القماطري، وأبو جَعْفَر البَخْتَرِيّ. وكان ضعيفًا. وقَالَ الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن بَكْر الحافظ: هُوَ ضعيف. 239- أَحْمَد بْن كعب بْن خريم2. أبو جعفر المرّيّ الدّمشقيّ عن: أبيه، أبي مسهر. وعنه: ابنُ جوصا، والحسن بْن حبيب الحصائري، وغيرهما تُوُفيّ سنة اثنتين وسبعين. 240- أَحْمَد بْن محمد بن يزيد بن مُسْلِم بْن أبي الحناجر الْإِمَام أبو عليّ الْأَنْصَارِيّ3 الأطرابلسي. عن يحيى بْن أبي بكير، ومؤمل بن إِسْمَاعِيل، ويزيد بْن هارون، ومحمد بْن مصعب، ومعاوية بْن عَمْرو، وجماعة. وعنه: ابنُ جوصا، وأبو نُعَيْم، وابن عدي وابن أبي حاتم، وخيثمة، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق. وقال غره: كان شيخًا جليلًا نبيلًا. وقال تمّام: ثنا خثيمة: نا ابنُ أبي الحناجر قَالَ: كنت فِي مجلس يزيد بْن هارون فجاء المأمون فوقف علينا، وَفِي المجلس ألوف، فالتفت إِلَى أصحابه وقَالَ: هَذَا الملك. وقَالَ ابنُ دحيم: تُوُفيّ في جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 341". 2 تاريخ دمشق "7/ 153، 154". 3 السير "13/ 240"، وشذرات الذهب "2/ 165".

241- أَحْمَد بْن محمد بْن أَنَس. الحافظ أبو الْعَبَّاس بْن القربيطي1. أحد الأعلام المجودين. روى عن: محمد بْن جميل، وأبي حَفْص الفلاس، وإبراهيم بْن زياد، وسلامة. وأدرك أصحاب شعبة. فإن محمد بن سعد مع جلالته وتقدُّمه قَالَ فِي الطبقات: ثنا محمد بْن أَنَس، أَنَا أبو حَفْص الصَّيرفيّ، فذكر حديثًا. ويجوز أن يكون هَذَا فِي زيادات ابنِ فهم فِي الطبقات. وقد كتب عَنْهُ: أبو حاتم الرَّازيّ وهو معاصره، وابنه عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، ومحمد بن مخلد العطار، وآخرون. وسكن الرَّيّ. 242- أَحْمَد بْن محمد بْن الحجاج. أبو بَكْر المرُّوذيّ الفقيه2. أحد الأعلام، وأجل أصحاب أَحْمَد بْن حنبل. كان من كبار علماء بغداد، وكان أبوه خوارزميًّا، وكان أمه مرُّوذيّة. حمل عن أَحْمَد علمًا كثيرًا، ولزمه إِلَى أن مات. وصنَّف فِي الحديث والسُّنَّة والفقه. سمع: أَحْمَد بْن حنبل، وهارون بْن معروف، ومحمد بْن منهال الضرير، وسريج بْن يُونُس، وعُبَيْد اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير، وعثمان بْن أبي شَيْبَة، وعباس بْن عَبْد العظيم العنبري، ومحمد بن عَبْد الْعَزِيز بْن أبي رزمة، وطوائف. أَخَذَ عَنْهُ: أبو بَكْر الخلال، ومحمد بْن عِيسَى بْن الْوَلِيد، ومحمد بْن مخلد، ووالد أبي القاسم الخرقيّ، وآخرون. قال الخلال أبو بكر: أخبرني محمد بْن جَعْفَر الراشدي: سمعت إِسْحَاق بْن دَاوُد يقول: لا أعلم أحدًا يقوم بأمر الإسلام من أبي بكر المرُّوذيّ.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 397"، السير "13/ 53". 2 البداية "11/ 54".

وقَالَ الخلال: سمعت أَبَا بَكْر المرُّوذيّ يقول: كان أبو عبد الله يبعث بي فِي الحاجة فيقول: قل ما قلت فهو على لساني، فأنا قلته. قلت: ما كان يقول أبو عبد الله ذلك إلّا لمّا يعلم من صدقه وأمانته وورعه. وقَالَ الخلال: خرج أبو بَكْر المرُّوذيّ إِلَى الغزو، فشيعه النّاس إِلَى سامراء، فجعل يردهم فلا يرجعون. قَالَ: فحزروا فإذا هُمْ بسامراء، سوى من رجع، نحو خمسين ألف إنسان. فَقِيلَ له: يا أَبَا بَكْر أَحْمَد الله فهذا علم قد نشر لك. فبكى وقَالَ: ليس هَذَا العلم لي، وإنما هُوَ لأحمد بْن حنبل. وقَالَ الخطيب أبو بَكْر فِي ترجمة المرُّوذيّ: هُوَ المقدم من أصحاب أَحْمَد لورعه وفضله. وكان أَحْمَد يأنس به، وينبسط إليه؛ وهو الَّذِي تولى إغماضه لمّا مات وغسله. وروى عَنْهُ مسائل كثيرة. وقَالَ ابنُ المنادي: تُوُفيّ فِي سادس جمادى الأولى سنة خمسٍ وسبعين ودفن قريبًا من قبر أَحْمَد بْن حنبل، رحمهما الله. 234- أَحْمَد بْن محمد بْن نصر اللباد1. الفقيه أبو نصر النَّيسابوريّ، شيخ أهل الرّأي ببلده ورئيسهم. سمع: أَبَا نُعَيْم، ويحيى بْن هاشم السمسار، وبشر بْن الْوَلِيد، وطبقتهم. روى عنه: أبو يحيى زكريّا بن يحيى البزاز، وإبراهيم بن محمد بن سُفْيان، ومحمد بن ياسين بن النَّضر، وأحمد ابن هارون الفقيه. تُوُفيّ سنة ثمانين. 244- أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى بْن نيزك. أبو الْعَبَّاس الهمذانيّ القومسيّ2.

_ 1 انظر: أخبار القضاة "1/ 115". 2 من العلماء المستورين، لا بأس به.

عن: سُلَيْمَان بْن حرب، وقرَّة بْن حبيب، وعبد السلام بْن مطهر، وغيرهم. وعنه: أسد بْن حمدويه النَّسفيّ، وإبراهيم بْن حمدويه السَّمرقنديّ، وجماعة. تُوُفيّ سنة خمس أيضًا. 245- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المدبَّر1. الكاتب. تُوُفيّ فِي صفر سنة إحدى وسبعين تقدَّم. 246- أَحْمَد بْن محمد بْن غالب بْن خَالِد بن مرداس2. أبو عبد الله الباهليّ البصريّ المعروف بغلام خليل. نزيل بغداد، وشيخ العامة بها وصالحهم، ورأسهم فِي الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر على ضعفه. حدَّث عن: دينار الَّذِي ادعى أنه سمع من أَنَس بْن مالك. وحدَّث عن: قرَّة بْن حبيب، وسليمان الشّاذكونيّ، وشيبان بن فرُّوج، وسهل بْن عُثْمَان العسكري. وعنه: محمد بْن مخلد، وابن السَّمّاك، وأحمد بْن كامل. قَالَ ابنُ أبي حاتم: سئل أبي عَنْهُ فقال: كان رجلًا صالحًا، لم يكن عندي ممّن يفتعل الحديث. وقَالَ عبدان الأهوازي: قلت لعبد الرَّحْمَن بْن خراش: هَذِهِ الأحاديث الّتي يحدث بها غلام خليل لسليمان بْن بلال من أَيْنَ له؟ قَالَ: سرقه من عَبْد الله بْن شبيب. وسرقه ابنُ شبيب من النَّضر بْن سلمة الَّذِي وضعها. وقَالَ أبو بَكْر بْن إِسْحَاق الصَّيفيّ: غلام خليل محمد لا أشك فِي كذبه. وكذا كذبه إِسْمَاعِيل القاضي.

_ 1 سبقت الترجمة له. 2 الميزان "1/ 141"، السير "13/ 282".

وعن أبي دَاوُد السّجِسْتانيّ، وذكر غلام خليل، قَالَ: ذاك دجال بغداد. عرض عليَّ من حديثه، فنظرت في أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذبٌ كلها. قلت: وقد كان لغلام خليل جلالة عظيمة ببغداد. وفيه حدة وتسُّرع. فقدم من واسط فِي أول سنة أربعٍ وستّين. قَالَ أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ: فذكرت له هذه الشناعات، يعني خوض الصُّوفيّة فِي دقائق الأحوال الّتي يذمها أَهْل الأثر. وقَالَ ابنُ الأعرابي: وذكر له بعض مذاهب البغداديين وقولهم فِي المحبة، ولم يزل يبلغهم عن الشاذ من أَهْل البصرة أنهم يقولون نَحْنُ نحب ربنا وربنا يحبُّنا، وقد أسقط عنا خوفه بغلبة محبته. فكان ينكر هَذَا الخطأ بخطإ مثله، وأغلظ منه، حَتَّى جعل محبة الله بدعة. وقَالَ: إنما المحبة للمخلوقين، والخوف أفضل وأولى بنا. وليس هَذَا كما توهّم، بل المحبة والخوف أصلان من أصول الْإِيمَان لا يخلو المؤمن منهما، وإن كان أحدهما أغلب على بعض النّاس من بعض. قَالَ: فلم يزل غلام خليل يقص بهم ويذكرهم فِي مجالسه ويحذَّر منهم، ويغري بهم السلطان والعامة، ويقول: كان عندنا بالبصرة قومٌ يقولون بالحلول، وأقوام يقولون بالإباحة، وأقوام يقولون كذا، تعريضًا بهم، وتحريضًا عليهم. إِلَى أن قَالَ ابنُ الأعرابي: فانتشر فِي أفواه العامة أنّ جماعة من أَهْل بغداد ذكر عَنْهُمُ الزَّندقة1. وكانت السيدة والدة الموفَّق مائلة إِلَى غلام خليل، وكذلك الدولة والعوام لِما هُوَ عليه من الزُّهد والتَّقشُّف. فأمرت السيدة المحتسب أن يطيع غلام خليل، فطلب القوم، وفرق الأعوان فِي طلبهم وكتب أسماءهم، وكانوا نيفًا وسبعين نفسًا، فاختفى عامتهم، وبعضهم خلصتهم العامة. والقصة فيها طول. وجدر جماعة منهم مدة وقَالَ أَحْمَد بْن كامل: سنة خمسٍ وسبعين تُوُفيّ أبو عبد الله غلام خليل فِي رجب، وحمل فِي تابوت إِلَى البصرة. وغلقت أسواق مدينة السلام، وخرج الرجال والنساء والصبيان لحضور جنازته والصلاة عليه، ودفن بالبصرة، وبنيت عليه قبّة.

_ 1 السير "10/ 614، 615".

قَالَ: وكان فصيحًا يعرب الكلام، ويحفظ علمًا عظيمًا، ويخضب بالحناء، ويقتات بالباقلاء صرفًا رحمه الله. وقَالَ ابنُ عدي: سمعت أَبَا عَبْد الله النَّهاونديّ يقول: قلت لغلام خليل: هَذِهِ الأحاديث الّتي ترويها؟ قَالَ: وضعناها لترقَّق القلوب. وَفِي تاريخ بغداد أن أَبَا جَعْفَر الشُّعيريّ قَالَ: قلت لغلام خليل لمّا روى عن بَكْر بْن عِيسَى، عن أبي عوانة: يا أَبَا عَبْد الله هَذَا قديم الوفاة لم تلحقه. ففكَّر؛ فخفت أَنَا، فقلت: كأنّك سمعت من رَجُل بهذا الاسم عَنْهُ؟ فسكت وافترقنا؛ فَلَمَّا كان من الغد لقيته، فقال لي: إني نظرت البارحة فيمن سمعت منه بالبصرة، يُقَالُ له بَكْر بْن عِيسَى، فوجدتهم ستّين رجلًا1. 247- أَحْمَد بْن محمد بْن عمّار بْن نصير السُّلميّ الدمشقي2. عن: عمه هشام بْن عمّار، وإبراهيم بْن هشام الغساني، وأبي النَّضر إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الفراديسي. وعنه: ابنُ الميمون بْن راشد، وغيره. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وسبعين. 248- أَحْمَد بْن محمد بْن عِيسَى بْن الأزهر. القاضي أبو الْعَبَّاس البرتي الحنفي3 الحافظ الحجة. وُلِدَ قبل المائتين، وسمع: أَبَا نُعَيْم، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وأبا حُذَيْفة النَّهدي، وأبا الْوَلِيد، والقعنبي، وعاصم بْن عليّ، وأبا عُمَر الحوضي، وطبقتهم. وأخذ الفقه عن: أبي سُلَيْمَان الجوزجاني الفقيه صاحب محمد بْن الْحَسَن. وعنه: ابنُ صاعد، وابن مخلد، وإسماعيل الصّفّار، وأبو بَكْر النجاد، وأبو سهل بْن زياد، وطائفة. قَالَ الخطيب: ولي قضاء بغداد بعد وفاة أبي هاشم الرفاعيّ.

_ 1 السير "10/ 614، 615". 2 الميزان "1/ 123". 3 تاريخ بغداد "5/ 61، 63"، السير "13/ 407".

قَالَ طَلْحَةُ بْن محمد بْن جَعْفَر: مات أبو هاشم سنة تسعٍ وأربعين، فاستقضى أَحْمَد بن محمد البرتي. وكان رجلًا من خيار المسلمين دينًا، عفيفًا، على مذهب أَهْل العراق. وكان من أصحاب يحيى بْن أكثم. وكان قبل ذلك يتقلَّد واسطًا. روى كتب محمد بن الْحَسَن، عن أبي سُلَيْمَان الجوزجاني. وحدَّث بحديث كثير. وقَالَ الخطيب: كان ثقة ثبتًا حجة يذكر بالصلاح والعبادة. ثُمَّ قَالَ: أخبرنا القاضي أبو عبد الله الصَّميريّ: ثنا القاضي أبو عبد الله الضُّبعيّ، ثنا محمد بن صالح الْقُرَشِيّ الهاشمي القاضي، ثنا أبو عُمَر محمد بْن يوسف القاضي قَالَ: ركبت يومًا مع إِسْمَاعِيل القاضي إِلَى أَحْمَد بْن محمد بْن عِيسَى البرتي، وهو ملازم لبيته، فرأيت شيخًا مصفارًا، أثر العبادة عليه. ورأيت إِسْمَاعِيل عظمه إعظامًا شديدًا، وسأله عن نفسه وأهله وعجائزه. وجلسنا عنده ساعة وانصرفنا. فقال لي إِسْمَاعِيل: يا بني، تدري من هَذَا الشَّيْخ؟ قلت: لا. قَالَ: هَذَا البرتي القاضي، لزم بيته واشتغل بالعبادة. هكذا يكون بالقضاء، لا كَمَا نَحْنُ. وعن العلاء بْن صاعد قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد دخل عليه القاضي البرتي، فقام إليه وصافحه وقَالَ: مرحبًا بالذي يعمل بسنتَّي وأثري. قَالَ: فذهبت وبشَّرته بالرؤيا1. ووثقه الدَّارقطنيّ. وقَالَ أَحْمَد بْن كامل: كان إِسْمَاعِيل القاضي يقدم البرتي على كافة أقرانه فِي القضاء والرّواية والعدالة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 62".

قلت: وقع لنا مسند أبي هُرَيْرَةَ للبرتي بإسنادٍ عالٍ. تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة ثمانين. 249- أَحْمَد بن محمد بْن عاصم الرَّازيّ1. عن: قُتَيْبَةَ، وهدبة بْن خَالِد، وإسحاق بْن رَاهَوَيْه، وطبقتهم. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وعلي بْن إِبْرَاهِيم القطان، وعُمَر بْن إِسْحَاق، وأبو أَحْمَد محمد بْن أَحْمَد العسال، وآخرون. وكان أحد الحفاظ المصنفين. وأبوه ثقة يروى عن عَبْد الرّزّاق. وتُوُفيّ أَبُوهُ فِي حدود الخمسين ومائتين. وتُوُفيّ هو فِي حدود الثمانين. 250- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الحميد بْن شاكر2. أبو عبد الله الجعفي الكوفي. نزيل بغداد. سمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن كياسة، والواقدي، وجماعة. وعنه: عَبْد الصمد الطَّستيّ، وأحمد بْن خُزَيْمَة، وأحمد بْن كامل، وأبو بَكْر الشّافعيّ. قَالَ الدَّارقطنيّ: صالح الحديث. 251- أَحْمَد بْن محمد بْن يزيد الأنباري3. عن: شبانة بْن سوار، وغيره. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، وأبو بَكْر بْن الهيثم الأنباري. قَالَ الدَّارقطنيّ: ليس بقويّ.

_ 1 السير "13/ 375". 2 تاريخ بغداد "5/ 54". 3 لم نقف عليه.

وقَالَ الأمير ابنُ ماكولا: وروى أيضًا عن: هانئ بْن يحيى، وبشر الحافي. وعنه أيضًا: عبد الله بن أحمد بن زيد القاضي، وقاسم بْن محمد الأنباري. وكان وراقًا ينسخ. 252- أَحْمَد بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَليّ البرقيّ1. أبو جعفر الشّيعيّ. من رءوس الإمامية. له تصانيف كثيرة تدل على تبحُّره وسعة روايته. وقد أتى فيها بالطامات والمناكير. وألَّف فِي كل فن. سمي له ابنُ أبي طيئ من المصنفَّات أزيد من مائة كتاب من أنواع الكتب لابن أبي الدُّنيا. ولم أعرف من أشياخه ولا من الرُّواة عَنْهُ أحدًا. تُوُفيّ سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. وقِيلَ: سنة إحدى وثمانين. 253- أَحْمَد بْن محمود الشَّرويّ الرام2. أحد الموصوفين بالرَّمي. سمع: عاصم بْن عليّ، وأبا الْوَلِيد. وعنه: ابن مخلد، وأبو الْحُسَيْن بْن المنادي. تُوُفيّ سنة أربعٍ وسبعين. 254- أَحْمَد بْن مَسْعُود المقدسي الخياط3. عن: عَمْرو بْن أبي سلمة التِّنّيسيّ، والهيثم بْن جميل الأنطاكي، ومحمد بْن كثير المصيصي، ومحمد بْن عِيسَى بْن الطباع، وغيرهم. آخر من حدَّث عَنْهُ: الطَّبرانيّ. سمع من: المقدسيّ سنة أربعٍ وسبعين ومائتين.

_ 1 لم نقف عليه. 2 تاريخ بغداد "5/ 155، 156". 3 السير "13/ 244".

وممن روى عَنْهُ: أبو نُعَيْم عَبْد الملك، وعديّ، وأبو عوانة. 255- أَحْمَد بْن مُعَاذ. أبو عبد الله السالمي النَّيسابوريّ1. سمع: الجارود بْن يزيد، وحفص بْن عَبْد الله، وقبيصة بْن عُقْبَة، وجماعة. وعنه: أبو حامد بْن الشَّرقيّ، ومحمد بْن أَحْمَد الحميري، وأبو الطَّيّب محمد بْن عَبْد الله شيخا الحاكم. وكان رجلًا صالحًا. تُوُفيّ سنة إحدى وسبعين فِي نصف شعبان. 256- أَحْمَد بْن مهدي بْن رستم2. أبو جَعْفَر الإصبهاني العابد. أحد حفاظ الحديث. رحل وسمع: أَبَا نُعَيْم، وسعيد بْن أبي مريم، وطبقتهما. وعنه: محمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم، وأحمد السمسار، وجماعة. قَالَ أبو نُعَيْم: كان صاحب ضياع وثروة. أنفق على أهل العلم ثلاثمائة ألف درهم. وقال محمد بن يحيى بن منده: لم يحدث ببلدنا منذ أربعين سنة أوثق منه. صنَّف المُسْنَد ولم يعرف له فراش منذ أربعين سنة. صاحب عِبادةٍ، رحمه الله. تُوُفيّ سنة اثنتين وسبعين. قال ابن النّجّار: كان من الأئمّة الثقات وذوي المروءات. رحل إِلَى العراق والشام ومصر. وسمع: أَبَا نُعَيْم، وقبيصة، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وِأبا اليمان، وعلى بْن الجعد، وعبد الله بن صالح. وسمّى طائفة.

_ 1 في عداد العلماء المستورين، وهو لا بأس به. 2 الجرح والتعديل "2/ 79".

انا اللبان كتابة، أَنَا الحداد، أَنَا أبو نُعَيْم: سمعت محمد بْن أبان: سمعت أَبَا عليّ أَحْمَد بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم يقول: قَالَ أَحْمَد بْن مهديّ: جاءتني امْرَأَة ببغداد ليلةً، فَذَكَرَتْ أنها من بنات النّاس، وأنها امتحنت بمحنة: وأسألك بالله أن تسترني، فقد أُكْرِهْتُ على نفسي، وأنا حبلي، وقلت: إنك زوجي، فلا تفضحني. فنكست عَنْهَا ومضت. فلم أشعر حَتَّى جاء إمام المحلة والجيران يهنوني بالولد الميمون. فأظهرت التَّهلُّل. ووزنت فِي اليوم الثاني للإمام دينارين وقلت: أعطها للمرأة نفقةً، فَإِنِّي فارقتها. وكنت أعطيه كل شهر دينارين يوصلها لها. إِلَى أن أتى على ذلك سنتان. فمات الولد، وجاءني النّاس يعزُّونني. فكنت أظهر لهم التسليم والرضا. فجاءتني المرأة بعد شهر ومعها تلك الدنانير لردها وقَالَت: سترك الله كما سترتني. فقلت: هَذِهِ كَانَتْ صلة منّي للمولود. وهي لك لأنّك ترثينه، فاعلمي بها ما تريدين. 257- أَحْمَد بْن مُوسَى بن يزيد. أبو جعفر الشَّطويّ المقرئ البزّاز1. عن: زكريا بْن عدي، ومحمد بْن سماعة. وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن أحمد بن محرم، وغيرهما. زهو صدوق. تُوُفيّ سنة سبعٍ وسبعين بسامرَّاء. 258- أَحْمَد بْن أبي عِمْرَانَ مُوسَى بْن عِيسَى2. أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ الحنفي الفقيه. أحد المشاهير. نزل مصر، وحدث بها عن: عاصم بْن عليّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن صاعد، وسعيد بن سليمان سعدويه، وطائفة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 141". 2 السير "13/ 334، 335".

وعليه تفقه: أبو جعفر الطحاوي؛ وكان قد قدم مصر على قضائها. وذهب بصره بآخرة. وكان أحد الموصوفين بالحفظ. روى حديثا كثيرا من حفظه. وتوفي بمصر سنة ثمانين في المحرّم. قال أبو عبد الله الصَّميريّ: كان شيخ أصحاب مصر في وقته. أخذ عن: محمد بْن سماعة، ومحمد بن بشر بْن الْوَلِيد، وغيرهما من أصحاب أبي يوسف. 259- أَحْمَد بْن ملاعب بْن حسان. أبو الفضل المخرمي الحافظ1. سمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وعبد الصَّمد بْن النُّعمان، وأبا نُعَيْم، وعفان، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وطبقتهم. وعنه: ابنُ صاعد، وإسماعيل بْن الصّفّار، وأبو بَكْر النجاد، وأبو عَمْرو السماك، وطائفة. وُلِدَ سنة إحدى وسبعين ومائة، وتُوُفيّ فِي جمادى الأولى سنة خمسٍ وسبعين. وكان صدوقًا بصيرًا بالحديث، عالى الرواية. سمع صغيرًا. وثقَّه ابنُ خراش، وغيره. وقَالَ ابنُ عقدة: سمعت أَحْمَد بْن ملاعب قَالَ: لا أحدث إلّا ما أحفظه حفظي للقرآن. ورأيته يفصل بين الفاء والواو. وَفِي مستدرك الحاكم فِي غير مكان: ثنا أَحْمَد بْن ملاعب: ثنا عليّ بْن عاصم. وصوابه عاصم بْن عليّ. 260- أَحْمَد بْن نصر بْن عَبْد الرَّحْمَن. أبو حامد الهروي2. عن: مكي بْن إبراهيم، وغيره. توفّي سنة خمسٍ أيضًا.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "5/ 168"، والسير "13/ 42، 43". 2 في عداد المجهولين.

261- أَحْمَد بْن الوزير بن بسام. أبو عليّ قاضي إصبهان1. عن: جَعْفَر بْن عونٍ، وأبي عامر الْعَقَدِيّ. وعاش إِلَى سنة ست وخمسين. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: تُوُفيّ سنة ست وسبعين ومائتين. وأنا أستعبد بقاءه إِلَى هَذَا الوقت. 262- أَحْمَد بْن الْوَلِيد الفحام. أبو بَكْر الْبَغْدَادِيّ2. سمع: عَبْد الوهاب بْن عطاء، وأسود بْن عامر شاذان، وحجاج بْن محمد الأعور. وعنه: ابنُ صاعد، وإسماعيل الصّفّار، وحمزة الدهقان، وعثمان بْن السماك. وثَّقه الخطيب. وتُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين. 263- أَحْمَد بْن الهيثم بْن خَالِد. أبو جَعْفَر السامري3. عن: عفان، وعثمان بْن الهيثم. وعنه: خيثمة، وأبو بَكْر الشّافعيّ وكان ثقة. تُوُفيّ سنة ثمانين. 264- أحمد بن يحيى بن عميرة التّنّيسيّ4.

_ 1 ذكر أخبار إصبهان "1/ 82، 83". 2 انظر: تاريخ بغداد "5/ 188، 189". 3 تاريخ بغداد "5/ 192، 193". 4 لم نقف عليه.

عن: عَمْرو بْن أبي سلمة التِّنّيسيّ. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين. 265- أَحْمَد بْن يحيى. أبو عبد الله الكوفي1. سمع: أسيد بْن زَيْد الحمال، وعليّ بْن عَبْد الحميد المفتي. وعنه: أبو الْعَبَّاس الأصم، والكوفيون. 266- أَحْمَد بْن يحيى بْن المنذر السَّعديّ الإصبهاني المكتب2. ويلقَّب: شلمابق. عن: أبي دَاوُد الطَّيالسيّ، وعبد الله بْن رجاء، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، والحسين بْن حَفْص، وأبي بَكْر الحميدي. وعنه: يوسف بْن محمد الْإِمَام. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين أيضًا. 267- أَحْمَد بْن يحيى بْن جَابِر البلاذري الْبَغْدَادِيّ الكاتب3. أبو بَكْر الأديب، صاحب التصانيف. سمع: عَبْد الله بْن صالح العجلي، وعفَّان، وهوذة، وابن الْحَسَن المدائني، وهشام بْن عمّار، وخلف بْن هشام، وشيبان بن فرُّوج، وأبا عُبَيْد، وعلي بْن المَدِينيّ، وجماعة. وجالس المتوكل ونادمه. وروى عَنْهُ: يحيى بْن النَّديم، وأحمد بْن عمّار، وجعفر بْن قدامة، ويعقوب بْن نُعَيْم قرقار، وعبد الله بْن أبي سَعِيد الوراق. قَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي طاهر: والبلاذري بغدادي كاتب، شاعر راوية.

_ 1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 87". 3 السير "13/ 218"، والبداية "11/ 65".

أحد البلغاء. كان جَدّه جَابِر يكتب للخطيب بمصر. وله كتب جياد. وهو صاحب كتاب البلدان، صنَّفه وأحسن تصنيفه. وحكى ابنُ المرزباني أنّ أَبَا الْحَسَن البلاذري وَسْوَسَ فِي آخر عمره؛ لأنه شرب البلاذر، فأفسد عقله. وله فِي المأمون مدائح، وجالس المتوكل. وتُوُفيّ فِي أيام المعتمد. وذكر محمد بْن إِسْحَاق النَّديم أنّه شرب البلاذر على غير معرفة، فلحقه ما لحقه، وشدَّ فِي المارستان ومات فِيهِ. وقَالَ عَبْد الله بْن عدي الحافظ: أَنَا محمد بْن خلف: أخبرني أَحْمَد بْن يحيى البلاذري قَالَ: قَالَ لي محمود الوراق: قل من الشعر ما يبقى لك ذكره، ويزول عنك إثمه، فقلت: استعدي يا نفس للموت وابتغي ... لنجاةٍ فالحازم المستعدُّ قد تبينت أنه ليس للحي ... خلودٌ، ولا من الموت بدُّ إنما أنت مستعيرةٌ ما ... سوف تردين والعواري تردُّ أنت تستهين والحوادث لا ... تسهوا وتلهين والمنايا تجد أي ملكٍ فِي الأرض، أو أي حظٍّ ... لامرئٍ حظه من الأرض لحد كيف يهوى امرؤٌ لذاذة أيّا ... مٍ عليه الأنفاس فيها تعدُّ ذكرنا أن أَبَا جَعْفَر، ويقال أَبَا الْحَسَن، وأبا بَكْر البلاذري قويت عليه السَّوداء فِي آخر أيامه ووسوس، ومات فِي أيام المعتمد. وقِيلَ: عاش بعد ذلك، ولا يصح. 268- أَحْمَد بْن يوسف بْن خَالِد. أبو عبد الله التغلبي الدمشقي الْبَغْدَادِيّ1. عن: عفان، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وجماعة كثيرة.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "5/ 218".

وعنه: مكرم بْن أَحْمَد بْن السماك، وأبو بَكْر بْن مجاهد الْمُقْرِئ، وأبو مزاحم الخاقاني، وآخرون. وكان قد قرأ على ابنِ ذكوان، وصحب أَبَا عبيد وتفقه به. وقرأ عليه أبو مزاحم القرآن. تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وسبعين. وقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن خراش: ثقة مأمون. 269- أَحْمَد بْن يوسف. أبو جَعْفَر البحيري الخراساني الفقيه. وقِيلَ: هُوَ جرجاني1. ثقة جليل، صاحب تصانيف. روى عن: خَالِد بْن مخلد، وقبيصة بْن عُقْبَة. تُوُفيّ سنة إحدى وسبعين. روى عَنْهُ: أبو جَعْفَر كميل بْن جَعْفَر، ويوسف بْن يعقوب بْن عَبْد الوهاب، والحسن بْن أَحْمَد الثَّقفيّ الجرجانيون. 270- إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن أبي العنبس الزُّهريّ الكوفي. أبو إِسْحَاق القاضي2. قاضي الكوفة. سمع: جَعْفَر بْن عون، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد، وطائفة. وعنه: أبو العبّاس بن عقدة، وخيثمة الأطرابلسي، وعلي بْن محمد بْن الزُّبير الْقُرَشِيّ. ومن القدماء: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا. قال الخطيب: وكان ثقة خيرًا فضلًا دينًا صالحًا، ولي القضاء بعد أَحْمَد بْن محمد بن سماعة.

_ 1 تاريخ جرجان "9". 2 تاريخ بغداد "2516"، والسير "13/ 198".

وقَالَ محمد بْن خلف وكيع: كتبت عَنْهُ سنة ثلاثٍ وخمسين ومائتين، وهو على قضاء مدينة المنصور. فبقي سنة وصرف؛ لأن الموفَّق أراد منه أن يقرضه أموال الأيتام فقال: لا، والله ولا حبَّة. فصرفه ورده إِلَى قضاء الكوفة. مات سنة سبعٍ وسبعين فِي ربيع الآخر، وله نيف وسبعون سنة رحمه الله. وله أخ ظريف ماجن مشهور. 271- إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل السَّوطيّ1. عن: عفان، وعبد الرَّحْمَن بْن الْمُبَارَك العيشي، وخلق. وعنه: أَحْمَد بْن عُثْمَان الأدمي، وعبد الله الخراساني. ثقة. تُوُفيّ سنة اثنتين وثمانين ومائتين 272- إِبْرَاهِيم بْن أبي دَاوُد البرلُّسيّ الحافظ2 قَيِل: تُوُفيّ سنة اثنتين وسبعين. وقَالَ الطَّحاويّ: سنة سبعين. تقدَّم. 273- إِبْرَاهِيم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي الجبيري. أبو إِسْحَاق العبسي القصار3. شيخ كوفي عالي الإسناد. تفرد بالرواية عن وكيع. وسمع أيضًا من: جَعْفَر بْن عون، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، والعباس بْن الْوَلِيد الضَّبيّ. وعنه: أبو الْحَسَن الإسواريّ، وعلي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ماني، وقاسم بْن أصبغ الأندلسي، وخيثمة الأطرابلسيّ، والأصم، وطائفة.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 23". 2 سبقت الترجمة له. 3 الثقات لابن حبان "8/ 88".

تُوُفيّ سنة تسعٍ وسبعين. وهو راوي نسخة وكيع. صدوق معمِّر. 274- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرحيم بن دنوقا1. عنه: أبو الحسن بْن المنادي، ومحمد بْن حَمْزَةََ الدهقان، وابن نجيح، وجماعة. وثّقه الخطيب. وتُوُفيّ سنة تسعٍ أيضًا. 275- إِبْرَاهِيم بْن لبيب. أبو إِسْحَاق القرطبي الحافظ الفقيه2. عن: عبيد الله بن مسلمة القعنبيّ، ويحيى اللَّيثيّ، وسعيد بْن حسان. وعنه: عَبْد الله بْن يُونُس القبري، ومحمد بْن قاسم، وأهل الأندلس. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وسبعين. 276- إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن باز، أبو إِسْحَاق بْن القزاز القرطبي الزاهد، أحد الفقهاء العابدين3. سمع: يحيى بْن يحيى، ويحيى بْن بكير، وسحنون، وغيرهم. وكان يلزم الثغر ولا يدخل الحمام، وربما قرئت عليه المدونة وغيرها فيرد الواو والألف وتُوُفيّ سنة أربع وسبعين. 277- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المدبر4. الوزير أبو إِسْحَاق الضَّبِّيّ الكاتب الأديب الشاعر. ولي الوزارة مرّة للمعتمد.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 135، 136". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 11". 3 جذوة المقتبس "258". 4 السير "13/ 124".

وتُوُفيّ سنة تسعٍ وسبعين. وكان أحد من جمع بين الرياسة والأدب والبلاغة. وهو أخو أَحْمَد، ومحمد. حكى عَنْهُ: عليّ بْن سُلَيْمَان الأخفش، وجعفر بْن قدامة، ومحمد بْن يحيى الصُّوليّ وقَالَ: كان جليلًا عالمًا، ليس فِي الكتاب من يدانيه فِي علمه وكتابته. ولم يزل فِي رتبة الوزير. حضر فِي سنة ثلاثٍ وستّين للوزارة، فاستعفى لعظم المطالبة بالمال. وفيه يقول أبو هفان: أيا ابنِ المدبر أنت علَّمت الورى ... بَذْلَ النوَّال وهم به بخلاء لو كان مثلك فِي البريَّة واحد ... فِي الجود لم يك فيهم فقراء عاش الوزير المدبر تسعًا وتسعين سنة. ساق ترجمته ابنُ النجار فِي تسع ورقات. 278- إِبْرَاهِيم بْن أبي سُفْيَان مُعَاوِيَة القيسراني1. سمع: محمد بْن يوسف الفريابي، وفديك بْن سُلَيْمَان القيسراني، وغيرهما. وعنه: خيثمة، والطَّبرانيّ. تُوُفيّ سنة ثمانٍ وسبعين. 279- إِبْرَاهِيم بْن مُسْلِم بْن عُثْمَان. أبو مَسْعُود العبسيّ الحذيفي، البغداديّ، ثمّ الهمذانيّ2. عن: عفان، وسليمان بْن حرب، وعَمْرو بْن مرزوق، وجماعة. وعنه: محمد بْن نصر القطان، والحسن بْن أبي الحسناء. وكان مكثرًا. يُقَالُ: كان عنده عن أبي سلمة التَّبوذكيّ سبعون ألف حديث. وهو من وُلِدَ حُذَيْفة بْن اليمان -رضي الله عنه.

_ 1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 تاريخ بغداد "6/ 186".

280- إِبْرَاهِيم بْن الهيثم بْن المهلب البلدي1. أبو إسحاق، نزيل بغداد. سمع: أبا اليمان، وَعَلِيَّ بن عَيَّاش، وآدم بن أبي إياس، وأبا صالح كاتب اللّيث، وجماعة. وعنه: إسماعيل الصَّفَّار، وأبو بكر النَّجَّاد، وأبو بكر الشافعي، وابن مخرم، وطائفة. قال ابن عديّ: أحاديثه مستقيمة سوى حديث الغار. حدَّث به عن الهيثم بْن جميل، عن مبارك، عن الْحَسَن، عن أَنَس، فكذبه فِيهِ النّاس. قَالَ الخطيب: كذا روى حديث الغار عن الهيثم جماعة. وإبراهيم عندنا ثقة ثبت. وقَالَ الدَّارقطنيّ: ثقة. وقَالَ غيره: مات فِي جُمادَى الآخرة سنة ثمانٍ. 281- إِبْرَاهِيم بْن مهديّ الأبُليّ2. عن: شَيْبَان بْن فروخ، وهلال الرأي. وعنه: الصّفّار، وأبو سهل بْن زياد. وكان معروفًا بوضع الحديث. تُوُفيّ سنة ثمانين. 282- إِبْرَاهِيم بْن نصر بْن عَبْد الْعَزِيز3. أبو إِسْحَاق الرَّازيّ نزيل نهاوند. حدَّث بهمدان عن: أبي نُعَيْم، والقعنبي، وعبد الله بْن رجاء. وعنه: علي بن إبراهيم القطان، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وآخرون.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 206"، والسير "13/ 411". 2 انظر: الميزان "1/ 68"، والتهذيب "1/ 169". 3 الثقات لابن حبان "8/ 89".

قال الخطيب: كان ثقة. صنف المسند. 283- إبراهيم الآجري البغدادي1. أبو إسحاق الزاهد. صاحب كرامات. أنبئت عن الكاغديّ، أنّ الخلّال أخبره: أَنَا أبو نعيم في الحلية أنا الخلدي فِي كتابه، وحدَّثني عَنْهُ أبو عُمَر العثمانيّ: ثنا ابنُ مسروق، وأبو أَحْمَد المَغَازِليّ، وغيرهما عن إِبْرَاهِيم الآجُرّيّ قَالُوا: جاء يهوديّ يقتضيه شيئًا من ثمن قَصَب. فكلَّمه فقال: أرِني شيئًا أعرف به شرف الْإِسْلَام وفضْله على دِيني. قَالَ: هات رداءك، فأخذه فجعله فِي ردائه، ولفّ به ورمى به فِي أتُّون الآجُرّ، ثُمَّ دخل فِي أَثَره، فأخذ الرّداء وخرج من الباب، وفتح رداءه صحيحًا، وأخرج رداء اليهوديّ محروقًا، فأسلم اليهوديّ2. 284- إِبْرَاهِيم بْن الْوَلِيد الجشّاش3. أبو إِسْحَاق. سمع: عفّان، وأبا بلال الْأَشْعَرِيّ، وعثمان بْن الهيثم، وأحمد بْن يُونُس، والقعنبيّ. روى عَنْهُ: ابنُ الأعرابي فِي معجمه أحاديث، وابن السماك، وإسماعيل الصّفّار، وابنُ البَخْتَرِيّ، وطائفة. وثَّقَهُ الدَّارقطنيّ، والخطيب. مات فِي المحرَّم سنة اثنتين وسبعين. 285- إدريس بْن سليم بْن وهب الْمَوْصِلِيّ4. عن: أبي جَعْفَر النُّفيليّ، وغسان بن الربيع، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 211". 2 الحلية "10/ 223". 3 تاريخ بغداد "6/ 199". 4 البداية "11/ 64".

وعنه: أبو زكريا يزيد بْن محمد الأزديّ فِي تاريخه وقَالَ: مات سنة ثمانٍ وسبعين. 286- أزهر بن سهيل الخولانيّ1. المصريّ. عنك يحيى بْن بُكَيْر. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 287- إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن الحُصَيْن بْن حاتم2. أبو صَفْوان السُّلميّ السُّرماريّ الْبُخَارِيّ. ثقة صدوق. رحل به والده الزّاهد المجاهد أبو إسحاق. وسمع من: أبي عاصم لنَّبيل، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وأبي عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، وجماعة. وعنه: صالح جَزَرَة، وعَمْرو بْن محمد بْن بجير، وغيرهما. تُوُفِّيَ سنة ست وسبعين ومائتين. ذكره أبو الفضل السليمانيّ فقال: روى أيضًا عن: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأشهل بْن حاتم سماعه. 288- إسحاق بن أحمد بن مهران الرازي3. أبو يعقوب. قال الخليلي: مات سنة خمسٍ وسبعين ومائتين، وقد قارب المائة. روى عن: أبي الحسن القطّان. أدرك إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان الرَّازيّ، لكنه غير حافظ. مات قبل أبي حاتم بسنةٍ واحدة. وهو ثقة.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 السير "13/ 35". 3 لم نقف عليه.

289- إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن هانئ. أبو يعقوب النَّيسابوريّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ1. له سؤالات فِي مجلَّدة مَرْوِيّة، سألها الْإِمَام أَحْمَد. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوريّ، ومحمد بْن أبي هارون الورّاق، وعبد الله بْن سُلَيْمَان الفاميّ. وكان صالحًا خيّرًا فقيهًا. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. وكان أَبُوهُ من العابدين. 290- إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم المنادي2. عن: أبي حُذَيْفة النَّهديّ، وهدبة بْن خَالِد. وعنه: أبي مَخْلَد، ومحمد بْن جَعْفَر المَطِيريّ. مات فِي ربيع الأوْل سنة أربعٍ وسبعين. 291- إِسْحَاق بْن إِسْمَاعِيل الجلكي الإصبهاني3. عن: أبي الْوَلِيد الطَّيالسيّ، ومعاذ بْن أسد، وجماعة. وتُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين بإصبهان. 292- إِسْحَاق بْن حنيفة. أبو يعقوب الْجُرْجاني الزّاهد العابد4. قَالَ الفقيه أبو عِمْرَانَ إِبْرَاهِيم بْن هاني الفقيه: لم أرَ مثل إِسْحَاق بْن حنيفة، ولا رَأَى مثل نفسه. كان يأكل من كسْبه بالوِراقة، ويوم مات رأينا طيورًا خضراء مُصْطَفّين فوق الجنازة، وفوق القبر إِلَى أن دُفِن. لم أرها قبل ولا بعد.

_ 1 البداية "11/ 54". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 3 ذكر أخبار إصبهان "1/ 187". 4 تاريخ جرجان "178".

مات بجُرْجان رحمة الله عليه. 293- إِسْحَاق بْن سيار بْن محمد. أبو يعقوب النَّصيبيّ1. سمع: أَبَا النَّضر هاشم بْن القاسم، وعبد الله بْن دَاوُد الخُرَيْبيّ، وأبا عاصم، وطبقتهم. وعنه: حثيمة بن سُلَيْمَان، وابن صاعد، ومحمد بْن يوسف الهَرَويّ، وآخرون. وكان من كبار العلماء. قَالَ أبو بَكْر محمد بْن حَمْدَوَيْه بْن خَالِد: ثنا إِسْحَاق بْن سَيْار النَّصيبيّ إمام الأئمّة. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: كتب إليَّ ببعض حديثه، وكان صدوقًا ثقة. وقَالَ أبو عدويَّة: مات بنصّيبين فِي ذي الحجة سنة ثلاثٍ وسبعين. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْد الله، أنا أبو الفضل الأرمويّ، وغيره، قَالُوا: أَنَا أَبُو جَعْفَر بْن المُسْلِمة، أَنَا أَبُو الفضل الزُّهريّ، ثنا جَعْفَر الفِرْيابيّ، ثنا إِسْحَاق بْن سيار، ثنا أبو صالح: أنا معاوية بن صالح ويصوم، عن المهاجرين حبيب، أنّ عِيسَى بْن مريم كان يقول: إنّ الَّذِي يصلي ويصوم، ولا يترك الخطايا، ومكتوب فِي المَلَكُوت كذّابًا. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كان إِسْمَاعِيل القاضي يقول: ما بقي فِي زماننا أحدٌ تجب الرحلة إليه غير إِسْحَاق بْن سيّار النَّصيبيّ، وأبي حاتم، ويعقوب الفَسَويّ. 294- إِسْحَاق بْن الصبّاح الكِنْديّ الأشعثيّ2. من أولاد الأشعث ين قَيْس. سمع: سَعِيد بْن أبي مريم، وسريج بْن يُونُس وغيرهما. وعنه: وحمّاد بْن الْحَسَن بن عنبسة، وغيرهما.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 223"، السير "113/ 194". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 225".

تُوُفِّيَ بمصر فِي سنة سبعٍ وسبعين. 295- إِسْحَاق بْن محمد بْن أَحْمَد بْن أبان النَّخعيّ1. أبو يعقوب الكوفيّ. عن: عَبْد الله بْن عَائِشَةَ، وإبراهيم بْن بشار الرماديّ، وجماعة. وعنه: محمد بْن خلف وكيع، وأبو خلف سهل بْن زياد، وآخرون. وكان من غُلاةِ الرّافضة الَّذِي تُنْسب إليه الإسحاقيَّة الّذين يقولون: عليّ هُوَ الله تعالي، فتعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا. وقد روى عنه الكبار، فأنبأنا، عن الكِنْديّ، عن القزّاز، عن الخطيب، عن ابنُ رزقوه، عن أبي بَكْر الشّافعيّ قَالَ: ثنا بشر بن موسى، ثنا عبيد بن الهاشميّ، نا هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ لُوطِ بن يحيى، عن فضيل ابن خُدَيْج، عن كُمَيْلِ بْن زياد قَالَ: أَخَذَ بيدي عليّ حَتَّى انتهينا إِلَى الْجَبّانة فقال: إنّ القلوب أوعية. ذكر الحديث. ثمّ نقل الخطيب، عن غير وحدٍ، خبث مذهب هذا الشقي. وقال الحسن بن يحيى النوبختي في الرد على الغلاة، مع أنّ النوبختيّ من فضلاء الشّيعة، قال: كان مِمَّنْ جوّد الْجُنُون فِي الغُلُوّ فِي عصرنا إِسْحَاق بْن محمد المعروف بالأحمر. يزْعُم أنْ علّيًا هُوَ الله، وأنّه يظهر فِي كلّ وقت. فهو الْحَسَن فِي وقت، وكذلك هُوَ الْحُسَيْن، وهو واحد. وهو الَّذِي بعث بمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وقَالَ فِي كتاب له: لو كانوا ألفًا لكانوا واحدًا. كان راوية للحديث. قَالَ: وعمل كتابًا ذكر أنّه كتاب التّوحيد، فجاء به بجنونٍ وتخليطٍ لا يُتَوهّمان، فضلًا عن أنّه يدلّ عليهما. وكان مِمَّنْ يقول: باطن صلاة الظُّهر محمد لإظهار الدّعوة. 296- إِسْحَاق بْن يعقوب الْبَغْدَادِيّ الأحْوَل العطّار2. عن: خلف بْن هشام، والقواريريّ.

_ 1 الميزان "1/ 196". 2 انظر: تاريخ بغداد "6/ 376".

وعنه: عُثْمَان بْن السّمّاك، وغيره. وكان ثقة. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. وثَّقَهُ الدَّارقطنيّ. 297- إِسْمَاعِيل بْن بحر. أبو عليّ العسكري سِمْعان1. حدَّث بإصبهان عن: سهل بْن عُثْمَان العسكري، وعبد الله بْن عَائِشَةَ، وإسحاق بْن محمد الْعَمِّيّ. وعنه: أَحْمَد بْن محمد الصّفّار، والقاسم بْن هارون المؤدِّب، وغيرهما. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. 298- إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل2. الوزير أبو الصَّقْر الشَّيبانيّ. كاتب بليغ، شاعر محسن جواد ممدوح. وزر للمعتمد سنة خمسٍ وستين ومائة، بعد الْحَسَن بْن مخلد، ثُمَّ عُزِل بعد شهر؛ ثُمَّ وزر ثانيًا، ثُمَّ عُزِل. ثُمَّ وزر ثالثًا بعد القبض على صاعد بْن مَخْلَد الوزير سنة اثنتين وسبعين. وكان واسع النَّفس. وظيفته فِي كلّ يوم سبعون جَدْيًا، مائة حمل، مائة رطل حلواء. ولم يزل على وزارته إِلَى أن ولي العهد أَحْمَد بْن الموفَّق، فقبض عليه وقيده، وعذبه حَتَّى هلك فِي صفر سنة ثمانٍ وسبعين. وقَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي طاهر: وقع اختيار الموفَّق لوزارته على أبي الصَّقر، فاستوزره منه رجلًا قلّ ما جلس مجلسه كفاية للمهمّ، استقلالا بالأمور، وإمضاءً للتدبير، فيما قلْ وجلْ فِي أصح سبله وأعوادها بالنَّفع فِي عواقبه، وأَحْوَطها لأعمال السلطان ورعيّته، وأوقعها بطاعة.

_ 1 ذكر أخبار إصبهان "1/ 211". 2 وفيات الأعيان "4/ 206".

مع رِفْعة قدرٍ للأدب وأهله، وتجديده. ما دَرَسَ فِي أحوالهم قبله، وبذله لهم كريم ماله، مع شجاعة نفسه، وعلو همته، وصِغَر مقدار الدُّنيا عنده، إلّا ما قدّمه لِمَعَاده، مع سَعَةِ عِلْمه وكظْمه، وإفضاله على من أراد تَلَفَ نفسه. قَالَ أبو عليّ التَّنُوخيّ: نا أبو الْحُسَيْن عَبْد الله بْن أَحْمَد: نا سُلَيْمَان بْن الْحَسَن أبو القاسم قَالَ: قَالَ أبو الْعَبَّاس بْن الفُرات: حضرت مجلس إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل، وقد جلس جلوسًا عامًا. فدخل إليه المتظلّمون والنّاس عليّ طبقاتهم. فنظر فِي أمورهم، فَمَا انصرف أحدٌ منهم إلّا بولايةٍ، أو صلةٍ، أو قضاء حاجة، أو إنصاف. وبقي رَجُل، فقام إليه من آخر المجلس يسأله سبب إجارة ضيعته، فقال: لأنّ الأمير -يعني الموفَّق- قد أمرني أن أُسبّب شيئًا إلّا عن أمره، وأنا أكتب إليه فِي ذلك. فراجعه الرجل وقَالَ: مَتَى تركني الوزير، وأخّرني فَسد حالي. فقال لعبد الملك بْن محمد: اكتُب حاجته فِي التّذْكرة. فولّى الرجل غير بعيد، ثُمَّ رجع فقال: أيأذن الوزير؟ قَالَ: قُلْ. فأنشأ يقول: ليس فِي كلّ دولةٍ وأوانِ ... تتهيَّأ صنائع الإحسانِ وَإِذَا أمْكَنَتْكَ يومًا من الدّهرِ ... فبادِرْ بها صُروفَ الزْمانِ فقال لي: يا أَبَا الْعَبَّاس اكتُب له يتسبَّب إجارة ضيعته السّاعة. وأمر الصَّيرفيّ أن يدفع له خمسمائة دينار. ويُروى أنْ إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل كان جالسًا وعليه دُرّاعة منسوجة بماء الذَّهب لها قيمة، وبين يديه غلام، ومعه دَوَاة. فطلب منه مدّة، فنقط الغلام على الدُّرّاعة من الهدية. فجزع، فقال: يا غلام لا تجزع، فَإِن هَذِهِ إلّا عن ابنِ الهدى. وأنشد يقول: إذا ما المِسْكُ طَّيب رِيحَ قومٍ ... كفاني ذاك رائحةُ المِدادِ فَمَا شيءٌ بأحَسَنَ من ثيابٍ ... على حافاتِها حُمَمُ السَّوَادِ وقَالَ أبو عليّ التَّنُوخيّ: حدَّثني أبو الْحُسَيْن بْن عيّاش: أخبرني من أثق به أنّ إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل لمّا قصده صاعد بْن حزم، وكان له حملٌ قد قارب الوضْع، فقال:

اطلبوا منجِّمًا. فأخذ بمولده، فأُتي به، فقال له بعض من حضر: ما يُصنع بالنّجوم؟ ههنا أعرابي عائق ليس فِي الدُّنيا أحذق منه. فقال: يحضر ما سمّاه الرجل. فَطُلِبَ، فَلَمَّا دخل قَالَ له إِسْمَاعِيل: أتدري لِمَ طلبتك؟ قَالَ: نعم. وأدار عينه فِي الدّار، فقال: يسألني عن حَمْل. فعجب منه، وقَالَ: فَمَا هُوَ؟ فأدار عينه وقَالَ: ذَكَر. فقال للمنجم: ما يقول؟ قَالَ: هَذَا جهل. قَالَ: فبينا نَحْنُ كذلك إذ طار زنبورٌ على رأس إِسْمَاعِيل وغلام يذبّ عَنْهُ، فقتله. فقال الأعرابيّ: قُتِلَ والله المزنَّر ووُلِّيت مكانه. ولي حقّ البشارة. وجعل يرقص. فنحن كذلك، إذ وقعت الضّجّة بخبر الولادة، وَإِذَا هُوَ ذَكَر. فسرَّ إِسْمَاعِيل بِذَلِك، وَوَهَبَ للأعرابيّ شيئًا. فَمَا مضى عليه إلّا دون شهر، حَتَّى استدعاه الموفَّق، وقلَّده الوزارة، وسلَّم إليه صاعدًا. فكان يُعَذِّبه إِلَى أن قتله. ثُمَّ طلب الأعرابيّ فسأله: من أَيْنَ قَالَ ما قَالَ؟ فقال: نَحْنُ إنّما نتفاءل بزَجْر الطَّير وبعينٍ كما نراه. فسألتني أولًا لأيّ شيء طُلِبتُ، فتلمحّت الدّار، فوقَعَتْ عيني على برّادة عليها كيزان معلَّقة، فقلت لي: أصبت. ثُمَّ تلمّحْتُ فرأيت فوقها عُصْفورًا ذَكَرًا. ثُمَّ طار الزُّنبور عليك، وهو مخصّر النّصارى يتحضَّرون بالزّنابير. والزُّنبور عدوٌّ أراد أن يلسعك، وصاعد نصراني الأصل، وهو عدوك. فزجرت أن الزُّنبور عدوّك، وأنّ الغلام لمّا قتله أنّك ستقتله. قَالَ: فوهب له شيئًا صالحًا وصرفه. وقَالَ جِحْظَة: لأبي الصقر علينا ... نِعَمُ الله جليلةٌ ملكٌ في عينه الدُّنيـ ... ـا لراجية قليلةٌ فوصلني بمائتي دينار. وقَالَ عَبْد الله بْن أبي طاهر: أنشدني جَحْظَة: أنشدني أبو الصَّقر إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل لنفسه: ما آن للمعتوق أن يُرْحَما ... قد انْحَلّ الجسمُ وأبكى الدّما

ووكَّل العينَ بتسْهيدها ... تفديه نفسي لَمَا طَالَمَا ما حكّما وسنة المعشوقِ أنْ لا يرى ... فِي قتْل من يعشقه مَأْثَمَا لو رآه الله شَفَى غايتي ... فالعدْلُ أن يُبْدي فَمَا سَقَما وُلِدَ إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل سنة ثلاثين ومائتين. قاله الصُّوليّ. وقَالَ: رأيته مرّات، وكان فِي نهاية الجمال، وتمام القدّ والجِسْم. فُقِبض عليه فِي صفَرَ سنة ثمانٍ وسبعين، وكُبِّلَ بالحديد، وأُلْبِسَ جبَّة صوف مغموسة فِي الدِّبْس، وماء الأكارع، وأُجْلِسَ فِي مكانٍ حارّ. وعُذِّب بأنواع العذاب، فمات لِلَيْلَةٍ بقيت من جُمادَى الأولى. قَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد بن أبي طاهر فِي حديث، عن إِبْرَاهِيم الحربيّ، أو غيره، أنّه رَأَى ابنُ بُلْبُل فِي المنام، فَقِيلَ: ما فعل الله بك؟ قَالَ: غفر الله لي بما لقيت. ولم يكن الله ليجمع عليَّ عذاب الدُّنيا والآخرة. قَالَ أبو عليّ التَّنُوخيّ: حدَّثني أبي: أخبرني جماعة من أَهْل الحضرة أنَّ المعتضد أمر بإسماعيل بن بلبل، فاتّخذ له تغارًا كبيرًا، ومليء إسفيذاجًا حيًّا وبلّه، ثُمَّ جعل رأس إِسْمَاعِيل فِيهِ إِلَى آخر عُنُقه وبعض صدْره. ومسك عليه حتّى جمد الإسفيذاج علي، فلم تزل روحه تخرج حَتَّى مات. 299- إِسْمَاعِيل بن حَمْدَوَيْه. أبو سعيد البَيْكَنْدي الْبُخَارِيّ1. عن: أبي نُعَيْم، وعبدان، وعبد الله بْن عُثْمَان، وجماعة. وعنه: ابنُ جوصا، وأبو الميمون بْن راشد، وأحمد بْن زكريا المقدسي، وخلق. وسكن الرملة. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 300- إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الرَّحْمَن. أبو هشام الخَوْلانيّ الكتّانيّ الدّمشقيّ2.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 105". 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 36".

عن: علاء بن عيّاش، والوليد القَلانِسيّ. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو بْن دُحَيْم، وأبو عليّ بْن فَضَالَةَ، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين. 301- إِسْمَاعِيل بْن يعقوب. أبو محمد الحرّانيّ الصُّبيحيّ1. عن: يحيى بْن عَبْد الله البابْلُتّيّ، ومعاوية بْن عَمْرو الْأَزْدِيّ، ومحمد بْن مُوسَى بْن أَعْيَن. وعنه: ن. وقَالَ: لا بأس به، وأحمد بن عمرو البزّاز، وأبو عَوْن الإسفرائينيّ، وغيرهم. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين، أو بعدها بأَشْهُر. 302- أصبغ بْن خليل2. أبو القاسم القُرْطُبيّ الفقيه. سمع من: الغاز بْن قَيْس، ويحيى بْن يحيى اللَّيثيّ، وأصْبَغ بْن الفَرَج، وسَحْنُون. وبرع فِي المذهب، وأقرأ وأفتى دهرًا. وكان بارعًا فِي عقد الوثائق، إلّا أنّه جاهلًا بالأثر، ضعيفًا. يُقَالُ له وضْع أحاديث نصر الرّاية فِي عَدَم رفْع اليدين، وغيره. قَالَ قاسم بْن أصْبغ: سمعته يقول: أحب إليّ أن يكون فِي تابوت خنزير ولا يكون فِيهِ مصنَّف أبي بَكْر بن أبي شَيْبَة. ثُمَّ دعا عليه قاسم، وقَالَ: هُوَ الَّذِي حرمني السَّماع من بَقيّ بْن مَخْلَد، وكان يحضّ أبي على مَنْعي منه. وكان جارَنا. وقَالَ بعضهم: إنّ أصْبَغ بْن خليل المالكيّ قرأ عليه أحمد بن خالد اسم أسيد بْن الحُضَيْر، فرده أَصْبَغ وقَالَ: بخاءٍ المعجمة.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 106"، والتهذيب "1/ 337". 2 السير "13/ 202".

وهذا يدّل على نقْص معرفةٍ بالحديث. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن خَالِد الْحُبَاب، وقاسم بْن أَصْبَغ، ومحمد بن عبد الملك بن أعين. وعاش ثِمانيةً وثمانين سنة. وتُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. وكان صاحب عِبَادة ووَرَع، رحمه الله. 303- أيوب بْن سُلَيْمَان الصُّغديّ1. عن: أبي اليَمَان، وآدم بْن أبي أياس، وغيرهما. وعنه: عُثْمَان بْن السّمّاك، وأبو سهل القطّان، وجماعة. وثقَّه أبو بَكْر الخطيب. وتُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. "حرف الباء": 304- بدْر بْن الهيثم الدّمشقيّ2. عن: بسر بْن صَفْوان، وسليمان ابنِ بِنْت شُرَحْبيل. وعنه: أبو عليّ الحصائريّ، وأحمد بْن محمد بْن صدقة، وجماعة. 305- بركة بْن نشيط. أبو القاسم الفَرَغانيّ3. نزيل دمشق. سمع: أَبَا بَكْر، وعثمان ابني أبي شَيْبَة؛ وداود بْن راشد. وعنه: ابنُ جوصا، وأحمد بْن سُلَيْمَان بْن حَذْلَم، وآخرون. 306- بشير بْن مُسْلِم بْن مجاهد4. أبو مسلم التّنوخيّ الحمصيّ.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 11". 2 من علماء المستورين، وهو لا بأس به. 3 انظر السابق. 4 انظر السابق.

عن: أبي المغيرة، ويحيى الوُحَاظيّ، ويزيد بْن عَبْد ربّه الْجُرْجُسيّ، وغيرهم. وعنه: ابنُ جَوْصَا، وابن أبي حاتم، وأحمد بْن مُسْلِم، ومحمد بْن عِيسَى الْبَغْدَادِيّ، وآخرون. وأبو حامد الحَسْنَويّ، ومحمد بْن أَحْمَد الرَّسعنيّ الورّاق، ومحمد بْن يوسف الباروديّ، وسمّاه بِشْرًا. 307- بَقِيّ بْن مخلد بْن يزيد1. أبو عَبْد الرَّحْمَن الأندلُسيّ القُرْطُبيّ الحافظ. أحد الأعلام؛ وصاحب التّفسير والمُسْنَد. أَخَذَ عن: يحيى بْن يحيى اللَّيثي، ومحمد بْن عِيسَى الأعشي. وارتحل إِلَى المشرق ولقي الكبار، فسمع بالحجاز: أَبَا مُصْعَب الزُّهريّ، وإبراهيم بْن المنذر الحِزاميّ، وطبقتهما. وبمصر: يحيى بْن بُكَيْر، وزهير بْن عبّاد، وأبا الطّاهر بْن السَّرح، وطائفة. وبدمشق: إِبْرَاهِيم بْن هشام الغسّانيّ، وصفوان بْن صالح، وهشام بْن عمّار، وجماعة. وببغداد: أَحْمَد بْن حنبل، وطبقته. وبالكوفة: يحيى بْن عَبْد الحميد الحِّمانيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأبا بَكْر بْن أبي شَيْبَة وطائفة. وبالبصرة من أصحاب حمّاد بْن زَيْد. وقد فتَّشت فِي مُسْنَد بَقِيّ لأظفر له بحديثٍ عن أحمد بن حنبل فلم أجد ذلك. وما دخل بغداد إلّا سنة نيّفٍ وثلاثين، بعد موت عليّ بْن الْجَعْد، وكان أَحْمَد قطع الحديث فِي سنة ثمانٍ وعشرين إِلَى أن مات. وقد روى بَقِيّ عن: حكيم بْن سيف الرَّقّيّ، ومحمد بْن أبان الواسطيّ، وداود بْن رُشَيْد، ووَهْب بْن بقيّة، وإبراهيم بن محمد الشّافعيّ، وسويد بْن سَعِيد، وهُدْبة

_ 1 السير "13/ 285".

القَيْسيّ، ومحمد بْن أبي السَّريّ، ومحمد بْن رمح، وحرملة، وشيبان بن فرُّوج، وعبد الأعلى بْن حَمَّاد النَّرسيّ، وجبارة بْن المغلّس، وعبد الله بْن مُعَاذ، وأبي كامل الجحدري، وأبي خيثمة، وحجاج بْن الشاعر، وهارون الحمال، وهذه الطبقة. وعُني بالأثر عناية لا مزيد عليها. وعدد شيوخه مائتان وأربعة وثمانون رجلًا. وعنه: ابنه أَحْمَد، وأيوب بْن سُلَيْمَان المري، وأحمد بْن عَبْد الله الأموي، وأسلم بْن عَبْد الْعَزِيز، ومحمد بْن وزير، ومحمد بن عمر بن لبابة، والحسن بن سعيد الكناني، وعبد الله بْن يُونُس المرادي، وعبد الواحد بْن حمدون، وهشام بْن الْوَلِيد الغافقي، وآخرون. وكان إمامًا زاهدًا، صوامًا، صادقًا، كثير التهجُّد، مجاب الدَّعوة، قليل المثل. وكان مجتهدًا لا يقلّد أحدًا بل يفتي بالأثر. وقد أَخَذَ بإفريقية عن: سَحْنُون بْن سَعِيد. قَالَ أَحْمَد بْن أبي خيثمة: ما كُنَّا نسميه إلّا المكنسة. وهل احتاج بلدٌ فِيهِ بقيُّ إلى أن يأتي إلى ههنا منه أحد؟ وقَالَ طاهر بْن عَبْد الْعَزِيز: حملت معي جزءًا من مسند بقيّ إِلَى المشرق، فأريته محمد بْن إِسْمَاعِيل الصائغ، فقال: ما اغترف هَذَا إلّا من بحر. وعجب من كثرة علمه. وقَالَ إِبْرَاهِيم بن حيُّون، عن بقيّ قَالَ: لمّا رجعنا من العراق، أجلسني يحيى بْن بُكَيْر إِلَى جنبه، وسمع مني سبعة أحاديث. وقَالَ أبو الْوَلِيد بْن الفرضي: ملأ بقيّ بْن مخلد الأندلس حديثًا، فأنكر عليه أصحابه الأندلسيُّون، ابنُ خَالِد، ومحمد بْن الْحَارِث وأبو زَيْد ما أدخله فِي كتب الاختلاف وغرائب الحديث، فأغروا به السُّلطان، وأخافوا به. ثُمَّ إنّ الله أظهره عليهم وعصمه؛ فنشر حديثه وقرأ للناس روايته. ثُمَّ تلاه ابنُ وضاح، فصارت الأندلس دار حديث. وممّا انفرد به، ولم يدخله سواء مصنَّف أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة، وكتاب الفقه للشافعي بكماله، وتاريخ خليفة، وكتابه الكبير فِي الطبقات، وكتاب سيرة عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز للدَّورقيّ؛ وليس لأحدٍ مثل مُسْنَده.

وكان ورعًا فاضلًا زاهدًا، قد ظهرت له إجابات الدعوة فِي غير ما شيء. قَالَ: وكان المشاهير من أصحاب ابن وضّاح لا يسمعون منه، للذي بينهما من الوحشة. وُلِدَ فِي رمضان سنة إحدى ومائتين، ومات لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين. ورخه عَبْد الله بْن يُونُس. قَالَ محيي الدين بْن العربي: الكرامات منها وطْفة بلا كون قبل أن يكون، والإخبار بالمعينات. وهي على ثلاثة ضُرُب: إلقاء، وكتابه، ولقاء. وكان بقيّ بْن مخلد، رحمه الله، قد جمعها وكان صاحبًا للخضر. شهر هَذَا عَنْهُ. ذكره فِي مواقع النّجوم، ثمّ شطح المحبيّن وقال علينا جماعة كذلك. وشاهدنا من ذاتنا غير مَرَّة. ومن هَذَا المقام ينتقلون إِلَى مقامٍ يقولون فِيهِ للشيء كن فيكون بإذن الله. وقَالَ الحافظ ابنُ عساكر: لم يقع إليَّ مُسْنَد من حديثه. وقَالَ محمد بْن حزم: أقطع أنّه لم يؤلَّف فِي الْإِسْلَام مثل تفسيره، ولا تفسير محمد بْن جرير، ولا غيره. قَالَ: وكان محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الأموي صاحب الأندلس محبًا للعلوم، عارفًا، فلمّا دخل بقيّ الأندلس بمصنَّف ابنِ أبي شَيْبَة، وأنكر عليه جماعة من أَهْل الرأي ما فِيهِ من الخلاف واستبشعوه، ونشَّطوا العامة عليه، ومنعوه من قراءته، حَتَّى أتى على آخره، ثُمَّ قَالَ لخازن الكتب: هذا كتابٌ لا تستغني خزانتنا عَنْهُ، فانظر فِي نسخه لنا. وقَالَ لبقي: أنشر علمك، وارو ما عندك. ونهاهم أن يتعرَّضوا له. وَقَالَ أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ثنا بَقِيٌّ قَالَ: لَمَّا وَضَعْتُ مُسْنَدِي جَاءَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، وَأَخُوهُ إِسْحَاقُ فَقَالا: بَلَغَنَا أَنَّكَ وَضَعْتَ مُسْنَدًا قدَّمت فِيهِ أَبَا مُصْعَبٍ الزُّهريّ، وَيَحْيَى بْنَ بُكَيْرٍ، وَأَخَّرْتَ أَبَانَا. فَقَالَ بَقِيٌّ: أَمَّا تَقْدِيمِي لِمُصْعَبٍ، فَلِقَوْلِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قدِموا قُرَيْشًا ولا

تقدَّموها" 1. وَأَمَّا تَقْدِيمِي ابْنَ بُكَيْرٍ، فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَبِّرْ كَبِّرْ" 2، يُرِيدُ السّنَّ، وَمَعَ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُوَطَّأَ مِنْ مَالِكٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَأَبُوكُمَا لَمْ يَسْمَعْهُ إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً. فَخَرَجَا وَلَمْ يَعُودَا. وَخَرَجَا إلى حدّ العداوة. ولأبي عبد الملك أَحْمَد بْن نوح بْن عَبْد البر القرطبيّ، المتوفَّى سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة، كتابٌ فِي أخبار علماء قرطبة، ذكر فِيهِ بقي بْن مخلد، فقال: كان فاضلًا تقيًّا صوَّامًا متبتلا، منقطع القرين فِي عصره، منفردًا عن النَّظير. فِي مصر كان أوّل طَلَبِهِ عند محمد بْن عِيسَى الأعشي، ثُمَّ رحل وروى عن أَهْل الحَرَمَيْن، ومصر والشام، والجزيرة، وحلوان، والبصرة، والكوفة، وواسط، وبغداد، وخراسان، كذا قَالَ فغلظ، لم يصل إِلَى خُراسان. قَالَ: وعدن، والقيروان. قلت: وما أحسبه دخل اليمن. قَالَ: وذكر عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد، عن أَبِيهِ، أنّ امرأة جاءت إلى بقيّ فقالت: ابني فِي الأسر، ولا حيلة لي، فلو أشرت إِلَى من يفديه، فإنّي والهة. قَالَ: نعم، انصرفي حَتَّى أنظر فِي أمره. ثُمَّ أطرق وحرّك شفته. ثُمَّ بعد مدة جاءت المرأة بابنها، فقال: كنت فِي يد ملك، فبينا أَنَا فِي العمل سقط قيدي. فذكر اليوم والساعة، فوافق وقت دعاء الشَّيْخ. قَالَ: فصاح عليَّ المرسم بنا، ثُمَّ نظر وتحيَّر، ثمّ أحضر الحدّاد وقيَّدني، فلمّا فزع ومشيت سقط. فبهتوا ودعوا رهبانهم. فقالوا: لك والدة؟ قلت: نعم. قَالُوا: وافق دعاؤها الإجابة، وقد أطاعك الله، فلا يمكننا تقييدك. فزوّدوني وبعثوني. قال: وكان بقيّ أوّل من كثر الحديث بالأندلس ونشره، وهاجم به شيوخ الأندلس. فثاروا عليه لأنهم كان علمهم المسائل ومذهب مالك. وكان بقيّ يفتي

_ 1 حديث صحيح: أخرجه الشافعي "1841"، "1849"، وابن أبي عاصم "2/ 637"، في السنة، والطبراني كما في المجمع "10/ 25"، وانظر: إرواء الغليل "2/ 295" للألباني فقد أفاد وأجاد. 2 حديث صحيح: أخرجه مالك "877"، "878" في الموطأ، والبخاري "2/ 203"، ومسلم "1669"، وأبو داود "4520"، والترمذي "1422"، والنسائي "8، 5، 7"، وأحمد "4/ 143".

بالأثر، ويشذ عَنْهُمْ شذوذًا عظيمًا. فعقدوا عليه الشهادات وبدَّعوه، ونسبوا إليه الزَّندقة وأشياء نزَّهه الله منها. وكان بقيّ يقول: لقد غرست لهم بالأندلس غرسًا لا يقع إلا بخروج الدّجّال. قال: وقال بقيّ: أتيت العراق، وقد منع أَحْمَد بْن حنبل من الحديث، فسألته أن يحدثني، وكان بيني وبينه خلّة، فكان يحدثني بالحديث بعد الحديث فِي زي السؤال، ونحن خلوة. حَتَّى اجتمع لي منه نحوٌ من ثلاثمائة حديث. وقال ابن حزم: مسند بقيّ روى فيه عن ألفٍ وثلاثمائة صاحب ونيف، ورتَّب حديث كل صاحبٍ على أبواب الفقه. فهو مُسْنَد ومصنَّف. وما أعلم هَذِهِ الرُّتبة لأحدٍ قبله مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله فِي الحديث. وله مصنَّف فِي فتاوى الصحابة والتابعين، فَمَنْ دونهم الَّذِي أوفى فيه على مصنَّف عَبْد الرّزّاق، ومصنَّف سَعِيد بْن مَنْصُور. ثُمَّ ذكر تفسيره وقَالَ: فصارت تصانيف هَذَا الْإِمَام الفاضل قواعد الْإِسْلَام لا نظير لها. وكان متخيرًا لا يقلد أحدًا. وكان ذا خاصة من أَحْمَد بْن حنبل، وجاريًا فِي مضمار الْبُخَارِيّ، ومسلم، وأبي عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ. وقَالَ أبو عَبْد الملك القرطبي فِي تاريخه: كان بقيّ طويلًا أقْنى، ذا لحية، مضبرًا، قويًّا، جلدًا على المشي. لم ير راكبًا دابة قط. وكان ملازمًا لحضور الجنائز، متواضعًا. وكان يقول: إنّي لأعرف رجلًا كان يمضي عليه الأيام فِي وقت طلبه العلم، ليس له عيش إلّا ورق الكرنب الَّذِي يرمى. وسمعت من كل من سمعت منه فِي البلدان ماشيًا إليهم على قدمي1. قلت: وَهِمَ من قَالَ إنّه تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ. بل تُوُفِّيَ سنة ست وسبعين كما تقدَّم. قَالَ ابنُ لبانة: كان بقيّ من عقلاء النّاس وأفاضلهم. وكان أسلم بْن عَبْد الْعَزِيز يقدمه على جميع من لقي بالمشرق، ويصف زُهْده، ويقول: إنما كنت أمشي معه فِي أزقة قرطبة، فإذا نظر فِي موضعٍ خالٍ إِلَى ضعيفٍ محتاجٍ أَعْطَاه أحد ثوبيه.

_ 1 السير "13/ 291".

وذكر أبو عبيدة صاحب القبلة قَالَ: كان بقيّ يختم القرآن كلّ ليلةٍ في ثلاث عشر ركعة. وكان يصلي بالنهار مائة ركعة، ويصوم الدَّهر، وكان كثير الجهاد، فاضلًا. يذكر عَنْهُ أنه رابط اثنتين وسبعين غزوة. ونقل بعض العلماء من كتاب حفيده عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن بقيّ: سمعت أبي يقول: رحل أبي من مكّة إِلَى بغداد، وكان جلَّ بغيته ملاقاة أَحْمَد بْن حنبل. قَالَ: فَلَمَّا قربت بلغتني المحنة، وأنه ممنوع. فاغتممت غما شديدًا، فأحللت بغداد واكتريت بيتًا فِي فندق ثُمَّ أتيت الجامع، وأنا أريد أن أجلس إِلَى النّاس، فدفعت إلى حلقةٍ نبيلة، فإذا برجلٍ يتكلَّم فِي الرجال، فَقِيلَ لي: هَذَا يحيى بْن معين، ففرجت لي فرجة، وقمت إليه، فقلت: يا أَبَا زكريا -رحمك الله- رَجُل غريب ناءٍ عن وطنه، يحبُّ السُّؤال فلا تستجفني. فقال: قل. فسألته عن بعض من لقيته، فبعضًا من لقيته، فبعضًا زكّى، وبعضًا جرَّح. فسألت عن هشام بْن عمّار، فقال لي: أبو الْوَلِيد صاحب صلاة دمشق، ثقة وفوق الثقة. ولو كان تحت ردائه كبرًا ومتقلدًا كبرًا ما ضره شيئًا لخيره وفضله. فصاح أصحاب الحلقة: يكفيك -رحمك الله- غيرك له سؤال. فقلت وأنا واقف على قدمي: أكشفك عن رجلٍ واحد: أَحْمَد بْن حنبل. فنظر إليَّ كالمتعجب، وقَالَ لي: ومثلنا نَحْنُ نكشف عن أَحْمَد بْن حنبل؟ ذاك إمام المسلمين وأخبرهم وفاضلهم. فخرجت أستدلّ على منزل أحمد، فدللت عليه. فقرعت بابه، فخرج إليَّ، فقلت: يا أَبَا عَبْد الله رَجُل غريب نائي الدار، وهذا أوّل دخولي هَذَا البلد، وأنا صاحب حديث، ومقيَّد بسنة. ولم تكن رحلتي إلّا إليك. فقال: أدخل الأسطوانة، ولا يقع عليك عين. فدخلت. فقال لي: وأين موضعك؟ قلت: المغرب الأقصى. قَالَ: إفريقية؟ فقلت له: أبعد من إفريقية. أجوز من بلد البحر إِلَى إفريقية. الأندلس. قَالَ: إنّ موضعك لبعيد، وما كان شيء أحبُّ إليَّ من أن أحسن عون مثلك، غير أني ممتحن بما لعله قد بلغك. فقلت له: بلى، لقد بلغني، وهذا أوّل دخولي،

وأنا مجهول العين عندكم، فإذا أذنت لي أن آتي كلَّ يوم في زيّ السّوّآل، فأقول عند الباب ما يقوله السائل، فتخرج إِلَى هَذَا الموضع، فلو لم تحدثني كل يوم إلّا بحديث واحدٍ لكان لي فِيهِ كفاية. فقال لي: نعم على شرط أن لا تظهر فِي الخلق، ولا عند المحدِّثين. فقلت: لك شرطك. فكنت آخذ عودًا بيدي، وألف رأسي بخرقةٍ مدنسَّة وآتي بابه، فأصيح: الأجر، رحمكم الله، والسُّؤال هناك كذلك، فيخرج إليَّ ويغلق الباب، ويحدثني بالحديثين، والثلاثة، والأكثر. فالتزمت ذلك حَتَّى مات الممتحن له وولي بعد إليه آباط الإبل، فكان يعرف لي حق صبري، فكنت إذا أتيت حلقته فسح لي، ويقصّ على أصحاب الحديث قصتي معه. فكان يناولني الحديث مناولةً، ويقرؤه عليه. واعتللت، فعادني فِي خلقٍ معه. وذكر الحكاية أطول من هَذَا، نقلها ابنُ بشكوال فِي غير الصلة. وأنا نقلتها من خط أبي الْوَلِيد بْن الحاج شيخنا. وقَالَ أيضًا: نقلت من خط حفيده عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن بقيّ: حدَّثني أبي قَالَ: أخبرتني أمي أنها رأت أبي مع رجلٍ طويلٍ جدًا. فسألته عَنْهُ، فقال هو: أرجو أن تكوني امْرَأَة صالحة، ذاك الخضر عليه السلام. وذكر عَبْد الرَّحْمَن عن جَدّه أشياء، فالله أعلم. قَالَ: كان جدي قد قسّم أيامه على أعمال البر، فكان إذا صلى الصُّبح قرأ حزبه من القرآن فِي المصحف بسدس القرآن. وكان أيضًا يختم القرآن فِي الصلاة فِي كل يوم وليلة، ويخرج كل ليلة فِي الثلث الأخير إِلَى مسجده، فيختم قرب انصداع الفجر. وكان يصلي بعد حزبه فِي المصحف صلاة طويلة جدًا، ثُمَّ ينقلب إِلَى داره، وقد اجتمع فِي مسجده الطَّلبة، فيجدد الوضوء ويخرج إليهم. فإذا انقضت الدُّول صار صومعة المسجد، فيصلي إِلَى الظهر. ثُمَّ يكون هُوَ المبتدئ بالأذان. ثُمَّ يهبط، ثُمَّ يستمع إِلَى العصر ويصلي ويسمع. وربما خرج فِي بقية النهار، فيقعد بين القبور يبكي ويعتبر، فإذا غربت الشمس أتى مسجده، ثُمَّ يصلى ويرجع إِلَى بيته فيُفْطِر.

وكان يسرد الصَّوم إِلَى يوم الجمعة. ثُمَّ خرج إِلَى المسجد، فيخرج إليه جيرانه، فيتكلم معهم فِي دينهم ودنياهم. ثُمَّ يصلى العشاء، ويدخل بيته، فيحدِّث أهله، ثُمَّ ينام نومة قد أخذتها نفسه، ثُمَّ يقوم. هَذَا دأبه إِلَى أن تُوُفِّيَ. وكان جلدًا، قويًا على المشي، مواظبًا لحضور الجنائز، ولم يُرَ راكبًا قط. ومشى مع ضعيفٍ فِي مظلمة إِلَى إشبيلية، ومع آخر إِلَى إلْبيرة، ومع امْرَأَة ضعيفة إِلَى جَيّان1. 308- بوران2: ابْنَةُ الوزير الْحَسَن بْن سهل الّتي تزوج المأمون بها، ودخل بها فِي سنة عشرٍ ومائتين. فاحتفل أبوها لعرسها وجهازها احتفالًا يضرب به المثل. نثر على الأمراء الجواهر، والذهب وبنادق من المسك الّتي فِي باطنها رقاعًا بأسماء ضياع، وأسماء جواهر، وخيل. وقام بمؤونة العسر كلّه أيّام العرس. فأنفق عليهم وعلى العروس ونحو ذلك فِي مدة عشرين يومًا خمسين ألف ألف درهم. ولا أعلم جرى فِي الْإِسْلَام مثله. تُوُفِّيَت فِي ربيع الأول سنة إحدى وسبعين، عن ثمانين سنة. ودفنت فِي قبَّتها. وما زالت وافرة الحرمة، كاملة الحشمة إِلَى أن ماتت. "حرف الجيم": 309- جَعْفَر بْن المعتمد أَحْمَد بْن المتوكل جَعْفَر بْن المعتصم العبّاسيّ3. المفوَّض إِلَى الله وليّ العهد. عقد له أَبُوهُ، وخطب له على المنابر زمانًا. ثُمَّ خلعه أَبُوهُ وولّى أخاه المعتضد العهد خوفًا من المعتضد. ويقال: إنّ المعتضد لمّا استُخِلف قَتَلَ المفوَّض هَذَا فِي سنة ثمانين. وقيل: بل مات فيها موتًا.

_ 1 السير "13/ 295". 2 انظر: وفيات الأعيان "1/ 50"، البداية "11/ 49". 3 انظر: تاريخ الخلفاء "ص/ 364".

310- جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن سَلْم1. أبو الفضل، قاضي البصرة. يروي عن: إسحاق الفَرَويّ، وغيره. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وأحمد بْن كامل القاضي. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين. 311- جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن الْمُبَارَك كردان2. عن: أبي كامل الْجَحْدَريّ، وشَيْبان بْن فَرُّوخ. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وعليّ بْن إِسْحَاق المادرائيّ. وكان صدوقًا. تُوُفِّيَ سنة سبْعٍ وسبعين ومائتين. 312- جعفر بن أحمد بن معبد الوراق3. بغدادي. سمع: عاصم بن عليّ، ومسدَّدًا. وعنه: عبد الصمد الطَّستيّ، وأبو بكر الشافعي. توفي سنة ثمانين. 313- جعفر بن طرخان. أبو محمد الإسراباذيّ الفقيه4. رحل وطوّف وصنّف، وحدَّث عن: أبي نُعَيْم، وأبي حُذَيْفة النهَّديّ، وجماعة. وعنه: مالك بْن عديّ، وجعفر بْن سهديل، والإستراباذيّون. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين ومائتين.

_ 1 المنتظم "5/ 101". 2 تاريخ بغداد "7/ 184". 3 تاريخ بغداد "7/ 187". 4 في عداد العلماء المستورين، وهو لا بأس به.

314- جَعْفَر بْن عَنْبَسة اليَشْكُريّ الكوفيّ1. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. روى عن: حَفْص بْن عُمَر الْمَكِّيّ، وعبد الحميد بْن صالح البُرْجُميّ وقرأ عليه. وعنه: ابنُ عُقْدة، والحسن بْن محمد بْن سعدان، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وجماعة. وقرأ عليه: عَبْد الله بْن جَعْفَر السّوّاق. وكان مُقْرِئًا نَحْويًا. وكان شيخه عَبْد الحميد يروي القرآن عن أبي بَكْر بْن عيّاش. 315- جَعْفَر بن محمد بْن عامر2. أبو الفضل السّامُرّيّ البزّاز. عن: أبي نُعَيْم، وقبيص. وعنه: ابن مخلد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، والصفار. توفي سنة اثنتين وسبعين. 316- جعفر بن محمد بن عيسى بن نوح البغدادي3. حدَّث بأذنة عن: محمد بْن عِيسَى بْن الطّباع. وعنه: يجيى بْن صاعد، والأصمّ، والبَرْدعيّ. وكان ثقة. 317- جَعْفَر بْن محمد بْن عُرْوة النَّيسابوري4. شيخ مُسْنَد قديم. سمع: حَفْص بْن عَبْد الرَّحْمَن، والجارود بْن أبي يزيد.

_ 1 انظر السابق. 2 تاريخ بغداد "7/ 181". 3 تاريخ بغداد "7/ 180". 4 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.

وعنه: أبو عَمْرو، وأحمد بْن الْمُبَارَك المستملي، وجعفر بْن سهل، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة اثنتين أيضًا. 318- جَعْفَر بْن محمد بْن عُمَر البلْخيّ1. أبو مَعْشَر المنّجم المشهور. وهو بكنيته أَعْرَف. كان إليه المنتهى فِي فنّ التّنجيم. وكان له خطوة في هذا الهذيان لملعون بالعراق. وله إصابات كثيرة كإصابات الكُهّان. صنَّف كتاب الزّنج وكتاب المدخل، والألوف وغير ذلك. قَيِل: إنّه مات سنة اثنتين وسبعين أيضًا، رحم الله تعالى المسلمين. يُقَالُ: إنّه تعلَّم فنّ التّنْجيم بعدما تكهَّل. وقِيلَ: إنّ المستعين ضربه مرّة لإصاته فِي تنجيم، وكان يقول: أَصَبْتُ فعُوقِبت. وذكر النّديم محمد بْن إِسْحَاق أنّ أَبَا مَعْشَر جَاوَز المائة، وله كُتُب كثيرة. قَالَ: وتُوُفِّيَ لليلتين بقيتا من رمضان سنة اثنتين وسبعين. 319- جَعْفَر بْن محمد بْن القعقاع البّغَويّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ2. عن: سَعِيد بْن مَنْصُور، وأبي معمَّر المُقْعَد. وعنه: أبو القاسم البَغَويّ، وعبد الله بن محمد الخراسانيّ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 320- جَعْفَر بْن محمد بْن شاكر الصّائغ الْبَغْدَادِيّ الزّاهد. أبو محمد. سمع: عفان، وأبا نعيم، والحسن بْن محمد المَرْوَزِيُّ، وسُرَيْج بْن النُّعمان، وقُبَيْصة، وأبا غسّان مالك بْن إِسْمَاعِيل، ومعاوية بْن عَمْرو، وطائفة. وعنه: مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل، وابن صاعد، وابن البختري، وإسماعيل الصفار،

_ 1 السير "13/ 161"، البداية "11/ 5". 2 تاريخ بغداد "7/ 182".

والنّجّاد، وابن السّمّاك، وابن نَجِيح، وأبو بَكْر الشّافعيّ، ومحمد بْن جَعْفَر بْن الهيثم، وخلْق. وقَالَ الخطيب: وكان عابدًا زاهدًا ثقة، صادقًا متقنًا ضابطًا. وقَالَ أبو الْحُسَيْن بْن المنادي: كان ذا فضلٍ وعِبادة وزُهْد، انتفع به خلْق كثير فِي الحديث وأكثروا عنه لثقته وصَلاحه. تُوُفِّيَ لإحدى عشرة خَلَت من ذي الحجّة سنة تسعٍ وسبعين، وبلغ تسعين سنة غير أشْهُرٍ يسيره، رحمه الله تعالى. وحديثه فِي الغَيْلانيّات. 321- جعفر بْن محمد الورّاق. عن أبي عُبَيْد. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وقَالَ: مات فِي شعبان سنة إحدى وسبعين. 322- جَعْفَر بْن محمد بْن الْحَسَن بْن زياد. أبو يحيى الرَّازيّ الزَّعفرانيّ1. حدَّث ببغداد عن: سهل بن عثمان العسكرسّ، وإبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن مهران، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ. وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وعبد الصَّمد الطَّستيّ، وأبو مسهل القطّان، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعت عَنْهُ وهو صدوق ثقة. وقال غيره: كان إمامًا في التفسر. تُوُفِّيَ فِي ربيع الآخر سنة تسعٍ وسبعين. 323- جَعْفَر بْن محمد بْن الحَجّاج القطّان2. عن: عَبْد الله بْن جَعْفَر، ومحمد بْن أبي أسامة الرّقيبيّ، وغيرهما.

_ 1 السير "13/ 117"، التهذيب "2/ 102". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.

وعنه: أبو حاتم الرَّازيّ، وأبو عليّ محمد بْن سَعِيد الحرّانيّ. تُوُفِّيَ سنة ثمانين. 324- جَعْفَر بن محمد حمّاد. أبو الفضل الرَّمليّ القلانِسيّ الزّاهد1. نزيل عسقلاّن. عنك آدم بْن أبي إياس، وعفان، وأحمد بْن يُونُس، وطبقتهم. وعنه: ابنُ جَوْصا، وأبو عَوَانة، وخَيْثَمَة، وطائفة آخرهم الطَّبرانيّ. وهو من كبار شيوخه. قَالَ محمد بْن حُمَيْد الأهوازيّ: أزهد من رَأَيْت جَعْفَر بْن محمد القلانسيّ. قلت: مات فِي ذي الحجّة سنة ثمانين. وجعفر بْن محمد بْن الفضل الرَّسعنيّ. أقدم منه. 325- جَعْفَر بْن هاشم. أبو يحيى العسْكريّ2. نزيل بغداد. سمع: القعنبيّ، وأبا الوليد، مسلم بْن إِبْرَاهِيم. وعنه: حَمْزَةُ الدّهْقان، وعثمان بْن السّمّاك، والطَّبشيّ. وثقه الخطيب. ومات في ربيع الأول سنة سبعٍ وسبعين. 326- جموك بْن حنجة3. أبو إِبْرَاهِيم الْبُخَارِيّ. وقِيلَ: اسمه عَبْد الله. يروي عن: أبي حذيفة إسحاق بن بشر صاحب المبتدأ، وأحمد بْن حَفْص، ورجاء بْن مقابل، والمُسْنِديّ. ولم يرحل.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 163". 2 تاريخ بغداد "7/ 183". 3 لم نقف عليه.

وعنه: محمد بْن جَابِر بْن كاتب، ومحمد بْن صالح البُخاريّان. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. "حرف الحاء": 327- الْحَارِث بْن أبيض بْن أسود. أبو القاسم الفهويّ المصريّ1. رَأَى ابنِ وهْب، وسمع: زَيْد بْن بِشْر، وغيره. تُوُفِّيَ بالإسكندرية فِي جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وسبعين. 328- حامد بْن سهل. أبو جَعْفَر الثَّغريّ2. حدَّث ببغداد عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وعبد الصَّمد، ومُعَاذ بْن فَضَالَةَ. وعنه: ابن السماك، وأحمد بن كامل، وأبو بكر الشافعي، وابن الهيثم القيدار. وثقه الدارقطني. توفي سنة ثمانين. 329- حرب بن إسماعيل الكمانيّ الفقيه3. صاحب الإمام أحمد. قد ذكرته في الطبقة الماضية على التقريب، ثم وجدتّ ابنَ قانع قد قيَّد وفاته فِي سنة ثمانين ومائتين. 330- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن بكّار بْن بلال. أبو عليّ العامليّ الدّمشقيّ4.

_ 1 ينظر في "حسن المحاضرة". 2 تاريخ بغداد "8/ 167". 3 سبقت الترجمة له. 4 انظر: التهذيب "4/ 152".

سمع: جدّه ومروان بْن محمد الطّاطَريّ، ومحمد بْن الْمُبَارَك الصُّوريّ. وعنه: أبو عَوَانة، وقَالَ: هُوَ قدريٌّ، ثقة فِي الحديث؛ وأبو الميمون بْن راشد، وجماعة. تُوُفِّيَ فِي صفر سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. 331- الْحَسَن بْن إِسْحَاق بْن يزيد. أبو عليّ الْبَغْدَادِيّ العطّار1. عن: عُمَر بْن شبيب المعلَّى، وزيد بْن الحُباب، والحسن الأشْيب، ومحمد بْن بَكْر الْحَضْرَمِيّ، وأبي نُعَيْم، وجماعة. وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، والأصمّ، ومحمد بن مخلد. وثَّقه الخطيبن ثم قال: أنا أبو سعيد الصَّيرفّ: أَنَا الأصمّ، ثنا الْحَسَن بْن إِسْحَاق العطّار سمعت عَبْد الرَّحْمَن بن هارون يقول: كنّا فِي البحر سائرين إِلَى إفريقية، فركدت علينا الرّيح، فأرسينا إِلَى موضع يُقَالُ له البَرْطُون، ومعنا صبيّ صقلبيّ يقال له أيمن، ومعه شِصٌّ. يصطاد به السَّمك. فاصطاد سمكةً، نحوًا من شِبْر أو أقلّ. وكان على صنيفة أذنها الْيُمْنَى مكتوب: لا إله إلّا اللَّه، وعلى قَذالها وصنيفة أُذُنها اليُسْرى مكتوب: محمد رسول الله. وكان أَبْيَنُ من نقشٍ على حَجَر. وكانت السَّمكة بيضاء، والكتابة سوداء كأنّه كُتب بحبر. قَالَ: فقذفناها فِي البحر، ومُنِع النّاس أن يصيدوا من ذلك الموضع حَتَّى أوْغَلْنا. قَالَ ابنُ قانع: مات فِي صفر سنة اثنتين وسبعين. 332- الْحَسَن بْن أيوب القَزْوينّي2. وثّقه الخليليّ، وقَالَ: سمع من: عَبْد الْعَزِيز الُأوَيْسيّ، وعليّ بْن محمد الطَّنافسيّ، وأبي مُصْعَب. روى عَنْهُ: أبو الْحَسَن القطّان. مات سنة تسعٍ وسبعين ومائتين.

_ 1 السير "13/ 144". 2 ينظر في "الإرشاد" للخليلي.

333- الْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ العلاء بْن أبي صُفْرة بْن المهلَّب. أبو سَعِيد المُهَلّبيّ السكَّريّ النَّحويّ1. سمع يحيى بْن معين، وأبا حاتم السّجِسْتانيّ، وأبا الفضل الرّيّانيّ، وعُمَر بْن شبَّة. وعنه: أبو سهل بْن زياد، ومحمد بْن أَحْمَد الحكيميّ، ومحمد بْن عَبْد الملك التّاريخيّ. وروى الكثير من كُتُب الأدب وصنَّف أشياء. قَالَ الخطيب: كان ثقة ديِّنًا صادقًا، يُقْرئ القرآن، وانتشر عنه من كُتُب الأدب شيء كثير. قَالَ ابنُ المنادي: تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. وكان ميلاده سنة اثنتي عشر ومائتين. ومن قَالَ: مات سنة تسعين وَهِمَ. وله كتاب الوحوش ما قصَّر فِيهِ؛ وكعاب البنات. وكان آيةً فِي جمْع أشعار العرب. فإنّه جمع شعر امرئ القيس ودوَّنه؛ وكذا جمع ديوان النابغتين، وديوان قيس ابن الحَطيم، وديوان تميم، وديوان شعر هُذَيْل، وديوان هُدْبَةَ بْن خَشْرم، وديوان الأعشى، وديوان الأخطل، وديوان زُهَيْر، وديوان مزاحم العُقَيْليّ، وديوان أبي نُوَاس، ثُمَّ شرحه فِي نحو ألف ورقة. 334- الْحَسَن بْن سلّام بْن حَمَّاد2. أبو عليّ السّوّاق. حدَّث ببغداد عن عَبْد الله بْن موسى، وأبي نعيم، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وعمرو بن حكام، وعفان، وطائفة. وعنه: ابن صاعد، والصفار، وعثمان بن السماك، وأبو بكر النّجّاد، والشّافعيّ، وآخرون.

_ 1 السير "13/ 126"، البداية "41/ 56". 2 تاريخ بغداد "7/ 326".

قال الدارقطني: ثقة صدوق. وقال الشافعي: مات لثلاثٍ خلون من صفر سنة سبع وسبعين. 335- الحسن بن علي بن مالك. أبو محمد الشَّيبانيّ المعروف بالأشناني1. حدَّث ببغداد عن: عَمْرو بن عون، وسويد بن سعيد، ابن معين. وعنه: ابنه عَمْرو، ومحمد بْن مَخْلَد، وأحمد بْن الفضل بْن خُزَيْمَة. تُوُفِّيَ فِي شعبان سنة ثمانٍ وسعين. وصلّى عليه أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا. قَالَ ابنُ المنادي: فِيهِ أدنى لين. 336- الْحَسَن بْن عليّ بْن بحر بْن برّي القطّان2. تُوُفِّيَ ببابَسِير سنة ثمانين، فِي ربيع الأول. وقد روى عن: أَبِيهِ، وغيره. 337- الْحَسَن بْن الفضل بْن السَّمح. أبو عليّ الزَّعْفرانيّ البُوصرائيّ3. عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وأبي مُعَمَّر النّقْريّ. وعنه: ابنُ صاعد، وإسماعيل الصّفّار، وأحمد بْن عُثْمَان الأدميّ، وجماعة. قال ابنُ صاعد، وإسماعيل الصّفّار، وأحمد بْن عُثْمَان الأدميّ، وجماعة. قَالَ ابنُ المنادى: مات فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثمانين. قَالَ: ثُمَّ انكشف ستره فتركوه، وخرّق أخي كلَّ شيءٍ كتبه عَنْهُ لأنّه تبيَّن له أمره. 338- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنُ عَلِيِّ بْن أَبِي طالب4.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "7/ 367". 2 معجم البلدان "1/ 308". 3 تاريخ بغداد "7/ 401، 402". 4 انظر: الكامل "7/ 57، 58".

العلويّ المعروف بالحَرُون. ظهر بالكوفة فِي خلافة المستعين، وقوي أمره، وحارب جيش المستعين، فهرب وتفرَّق جَمْعه. ثُمَّ قُبِض عليه وحُبِس دهرًا، إِلَى أن أطلقه المعتمد فِي سنة ثمانٍ وستّين. ثُمَّ إنّه عاد إِلَى غيِّة، وخرج بناحية الكوفة، وعاثَ بأرض السّواد وطريق مكّة. ثُمَّ أُخِذَ وأُتِيَ به إِلَى الموفَّق، فحبسه. ومات فِي الحبس سنة إحدى وسبعين ومائتين. 339- الْحَسَن بْن محمد بن الْحَارِث السّجِسْتانيّ1. ذكره ابنُ حِبّان فِي الثّقات، وقَالَ: صاحب سنَّة وفضل، يروي عن: أبي نُعَيْم. روى عَنْهُ أَهْل بلده. ومات سنة ستٍّ وسبعين. 340- الْحَسَن بْن محمد بْن مَزْيَد. أبو سَعِيد الإصبهانيّ2. سمع: إبراهيم بن محمد بن عرعرة، وهشام بن عمّار، وحامد بن يحيى البلخيّ. وعنه: أهل إصبهان. ومات قبل الثمانين. قال أبو نعيم: هو أوّل من حمل علم الشّافعيّ إلى إصبهان. 341- الحسن بن موسى بن ناصح. أبو سعيد الرَّسعنيّ الخفّاف3. قدم بغداد، فروى عن: المُعَافَى بْن سُلَيْمَان، وعُقْبة بْن مُكْرم. وعنه: ابنُ صاعد، ومحمد بن مَخْلَد، ومحمد بن خلف وكيع.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 180" 2 ذكر أخبار إصبهان "1/ 260". 3 تاريخ بغداد "7/ 429".

342- الْحَسَن بْن ناصح. أبو عليّ الخلّال1. عن: أبي النَّضر، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وطبقتهما. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وأبو بَكْر الخرائطيّ. قَالَ ابن حاتم: صدوق. 343- الْحَسَن بْن مُكْرَم. أبو عليّ البغداديّ البزّاز2. سمع: عليّ بْن عاصم، وابن هارون، وأبا النّضْر، ورَوْح بْن عُبَادة. وعنه: المَحَامِليّ، والصّفّار، وأبو بَكْر النّجّاد، وأبو سهل القطّان، وجماعة. وثّقه الخطيب. مولده سنة اثنتين وثمانين ومائة. ومات فِي رمضان سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. 344- الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن مهاجر. أبو محمد السُّلميّ النَّيْسابوريّ3. عن: هشام بْن عمّار، ودحيم، وأبي مصعب، ومحمد بْن عَبْدان، وعليّ بْن جمشاد، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. وكان محلُّه الصِّدق. 345- الْحُسَيْن بْن عليّ بْن محمد بْن عُبَيْد الطّنافسيّ الكوفيّ ثمّ القزوينيّ4.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 435". 2 انظر: تاريخ بغداد "7/ 432"، السير "13/ 162". 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 4 ينظر في "الإرشاد" للخليلي.

قاضي قَزْوِين. سمع: أَبَاهُ وأبا بَكْر بْن أبي شَيْبَة، وإبراهيم بْن مُوسَى الفرّاء، وطائفة. وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وعلي القطّان، وآخرون. وكان ثقة جليلًا. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. قَالَ الخليليّ: هُوَ ثقة متَّفقّ عليه. 346- الْحُسَيْن بْن محمد بْن أبي مَعْشَر السِّنديّ1. المدنيّ الأصل الْبَغْدَادِيّ. روى عن: وكيع، ومحمد بْن ربيعة. وعنه: محمد بن أحمد الحكيمي، وإسماعيل الصفار، وابن السماك. قال أبو الحسين بن المنادي: حدَّث عن وَكِيع، ولم يكن بالثّقة. فتركته النّاس. تُوُفِّيَ فِي اليوم الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أبو عَوْف البُزُوريّ، يعني تاسع رجب، سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. 347- الْحُسَيْن بْن مُعَاذ بْن حرب2. أبو عبد الله الحَجَبيّ الْبَصْرِيّ الأخفش، ابنُ عم عَبْد الله بْن عَبْد الوهّاب. حدَّث ببغداد عن: الرَّبِيع بْن يحيى الأشْنانيّ، وشاذ بْن فَيّاض، وجماعة. وعنه: الْحُسَيْن الكوكبيّ، وأبو بَكْر النجاد، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخُراسانيْ. تُوُفِّيَ سنة سبْعٍ وسبعين. وهو ضعيف؛ فإنّه أتى بحديث باطلٍ، عَنْ ثِقَةٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: يَا مَعْشَرَ الْخَلائِقِ طَأْطِئُوا حتّى تجوز فاطمة3.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 91، 92". 2 انظر: تاريخ بغداد "8/ 141، 142". 3 "حديث باطل": أخرجه ابن الجوزي "1/ 263" في العلل المتناهية، وحكم عليه بالبطلان.

348- الْحُسَيْن بْن مَنْصُور. أبو عَبْد الرَّحْمَن الواسطيّ التّمّار الطّويل1. عن: الهيثم بْن عديّ، ويزيد بْن هارون، وعبد الرّحيم بْن هارون العسكريّ. وعنه: جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن سِنَان القطّان، وعلي بن عبد الله بن مبشر. وثقه ابنُ حِبّان. 349- الْحُسَيْن بْن مَنْصُور. أبو عليّ البغداديّ2. عن: أبي نعيم، أبي الجوّاب، وموسى بْن سلمة، وأبي حُذَيْفة النَّهديّ. وعنه: الحافظ وصيف الأنطاكيّ، وحيثمة بْن سُلَيْمَان لقِيه بالرَّقّة. ذكره ابنُ حِبّان الثّقات. 350- حُصَيْن بْن عَبْد القادر. أبو عليّ الإسكندرانيّ البزّاز3. عن: نُعَيْم بْن حَمَّاد، وغيره. توفّي سنة سبعٍ وسبعين. 351- حَفْص بن عُمَر بْن الصّبّاح الرَّقّيّ سَنْجة ألف4. أبو عَمْرو. كان مُسْنِدَ الرَّقَّة فِي وقته، فإنّه رحل وسمع: أَبَا نُعَيْم، وقُبَيْصة بْن عُقْبَة، وعبد الله بْن رجاء، وفَيْض بْن الفضل البَجَليّ، وطبقتهم. وعنه: الْعَبَّاس بْن محمد الرّافقي، وأبو القاسم الطَّبرانيّ؛ وقبلهما ابنُ صاعد، وأبو عَرُوبة، وجماعة.

_ 1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 تاريخ بغداد "8/ 111". 3 ينظر في "حسن المحاضرة". 4 السير "13/ 405".

وتُوُفِّيَ سنة ثمانين. قَالَ أبو أَحْمَد الحاكم: حدَّث بغير حديث لم يُتَابع عليه. 352- حمدان بْن غارم1 -بغين مُعْجَمَةٍ- بْن ينّار بفتح الياء، ثُمَّ نون مشدَّدة. أبو حاتم؛ وقِيلَ: اسمه الأصلي أَحْمَد. سمع: صَفْوان بْن صالح، ودُحَيْمًا، وخلف بْن هشام، وأبا كُرَيْب، وطائفة. وعنه: أَحْمَد بْن حَمْدَوَيْه النَّسفيّ، وعبد الله بْن الحامض المَرْوَزِيُّ، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة ثمانين ومائتين. 353- حمدون بْن أَحْمَد بْن سلام السّمْسار2 عن: سَعِيد بْن سُلَيْمَان سَعْدُونه، وغيره. وعنه: أَحْمَد بْن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر الشّافعيّ. تُوُفِّيَ سنة ثمانين. 354- حمدون بْن أَحْمَد بْن عمارة3. أبو صالح النَّيسابوري الصُّوفيّ العارف، المعروف بحمدون القصّار. قُدْوَة المَلاميّة بخراسان، ومنه انتشر مذهبهم، وهو تخريب الظاهر وتعمير الباطن، مع التزام الشرع وواجباته ظاهرًا وباطنًا. وكان فقيهًا على مذهب سُفْيَان الثَّوريّ. سمع من: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بْن بكّار بْن الرّيّان، وأبي عمر القطيعيّ، وجماعة. وصحب أبا ترب النخَّشبيّ، وأبا حفص النَّيسابوريّ. وكان كبير الشّأن، يقال إنّه كان من الأبدال.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 435". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 3 السير "13/ 50".

روى عنه: ابنه الحافظ أو حامد الْأَعْمَش، ومكّيّ بْن عَبْدان، وأبو جَعْفَر أَحْمَد بْن حمدان، وآخرون. ومن كلامه قَالَ: لا يجزع من المصيبة إلّا من اتَّهَمَ ربَّة. وسئل عن طريق الملامة قال: خوفُ القَدَرِيّة ورجاءُ المُرْجئة. وقد جمع السُّلمي جزءًا من حكايات هَذَا الشَّيْخ. وذكر موته فِي سنة إحدى وسبعين ومائتين. صحِبه الشّيخ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُنازِل. 355- حمدون بْن أَحْمَد بْن بَكْر. أبو نصر النَّيْسابوريّ الدّهانّ1. عن: محمد بْن رافع، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وجماعة. وبقي إِلَى بعد السَّبعين. روى عَنْهُ: يحيى بْن مَنْصُور القاضي، ومحمد بْن صالح بْن هانئ، وآخرون. 356- حمدان بْن رجاء بْن شجاع. أبو رجاء القارئ النَّيساوريّ2. سمع: سَعِيد بْن مَنْصُور بمكّة، وسهل بْن عُثْمَان العسْكريّ، ومحمد بْن قُدامة الجمّال. وعنه: أبو حامد، وعبد الله ابنا الشَّرقيّ، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين. 357- حمدون بْن خَالِد بن يزيد. أبو محمد النَّسابوريّ اللَّقاباذيّ3. سمع: يحيى بْن يحيى، ويزيد بْن صالح الفرّاء.

_ 1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 انظر السابق. 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.

وعنه: ابنه أبو بَكْر أَحْمَد بْن حمدون، وعبد الله بْن إِبْرَاهِيم. حدَّث سنة خمسٍ وسبعين. 358- حمدون بْن الفضل. أبو سَعِيد النَّيسابوريّ الخفّاف1. عن: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وعُمَر بْن زرارة. وعنه: أبو نصر محمد بْن أَحْمَد بْن عُمَر الخفّاف، وعليّ بْن عِيسَى. 359- حَمْش بْن عَبْد الرحيم. أبو عبد الله النَّيسابوريّ التركي الزّاهد، واسمه محمد2. سمع: أَحْمَد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ، ويحيى بْن يحيى، وجماعة. وعنه: مكّيّ بْن عَبْدان، ومحمد بْن القاسم العَتَكيّ، ومحمد بْن صالح بْن هانئ. وكان مجاهدًا غازيًا عابدًا، مُحِبًّا أَحْمَد بْن حرب الزّاهد. وحمش: مسكَّن. مات فِي شوّال سنة خمسٍ وسبعين. 360- حُمَيْد بْن النَّضر البَيْكَنْديّ3. عن: سَعِيد بْن أبي مريم، ومحمد بْن سلّام البَيْكَنْديّ، وعبد الله بْن صالح الكاتب، وطائفة. وعنه سَعِيد بْن أبي مريم، ومحمد بْن سلّام الكنديّ، وعبد الله بْن صالح الكاتب، وطائفة. وعنه: عليّ بْن الْحَسَن بْن عَبْدة، ومُسَبّح بْن سَعِيد، وحسين بْن حاتم، وغيرهم. 361- حُمَيْد بْن هشام العنسيّ الدّارانيّ4.

_ 1 انظر السابق. 2، 3 انظر السابق. 4 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 9، 10".

قَالَ: قلت لأبي سُلَيْمَان الدّارانيّ: يا عم، لِمَ تشدِّد علينا وقد قَالَ الله: {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] . فقال: اقرأ. فقرأتُ، إِلَى قوله: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا} [الزمر: 59] . فقلت: يا عم، فأنا بحمد الله لم أكذب. فمسح رأسي وقَالَ: يا بُنيّ، أتَّق الله وخَفْهُ وارجوه. قلت: روى عَنْهُ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي الحواريّ، ومحمد بْن جَعْفَر بْن ملاس، والحسن بْن حبب الحصائريّ. 362- حنبل بْن إِسْحَاق بْن حنبل بْن هلال بْن أسد1. أبو عليّ الشَّيبانيّ، ابنُ عم الْإِمَام أَحْمَد، وأحد تلامذته. سمع: أَبَا نُعَيْم، ومحمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وعفان، وسليمان بْن حرب، وأبا غسان مالك بْن إِسْمَاعِيل، وعاصم بْن عليّ، وموسى بْن إِسْمَاعِيل، والحُمَيْديّ، وأبا حُذَيْفة، ومسددًا، وخلقا كثيرا. وصنَّف تاريخا حسنا. وكان يفهم ويحفظ. روى عنه: البغوي، وابن صاعد، وأبو بكر الخلال، ومحمد بن مخلد، وابن السماك، وأبو جعفر بْن البَخْتَرِيّ، وجماعة. قَالَ الخطيب: كان ثقة ثَبْتًا. وقَالَ ابنُ المنادي: كان حنبل قد خرج إِلَى واسط، فجاءنا نَعْيُهُ منها فِي جُمَادَى الأولى سنة ثلاثٍ وسبعين. قلت: روى المؤتمن بْن قُمَيْرة جزءًا عاليًا من حديث حنبل، وسمعنا الجزء الرابع من كتاب الفتن لحنبل. وسمعنا محنة ابنُ عمّه تأليفه. وعاش نيِّفًا وسبعين سنة، أو جاوز الثمانين؛ فإنّه أدرك الأنصاريّ.

_ 1 السير "13/ 51-53".

"حرف الخاء": 363- خازم بْن يحيى الحلوانيّ1. حدَّث ببغداد عن: شَيْبَان بْن فَرُّوخ، وهانئ بْن المتوكلّ، وجماعة. وعنه: محمد بن أَحْمَد الحليميّ، وإسماعيل الصّفّار. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. وهو أخو أَحْمَد. 364- خَالِد بْن روح. أبو عَبْد الرحمن الثَّقفي الدمشقيّ2. عن: أبي الجماهر الكفرسوسيّ، وإسحاق بن إبراهيم الفراديسيّ. وعنه: ن. وقال: ثقة؛ وأبو الميمون بن راشد، وأبو القاسم الطَّبرانيّ، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة ثمانين. 365- خَالِد بْن يزيد بن الصّبّاح3. أبو الهيثم الخثمعيّ. مولاهم الرَّازيّ الفقيه. حدَّث عن: مكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وإبراهيم بْن شماس. روى عَنْهُ: أبو إِسْحَاق البزّاز الحافظ، وغيره. وعاش تسعين سنة. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين. 366- خلف بْن عامر بن سعيد الهمدانيّ4. البخاريّ الحافظ، مصنِّف لمسند.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "8/ 338". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 37". 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 4 انظر السابق.

كان من تلامذة عَبْد الله بْن محمد المسنديّ. أورده السُّلمانيّ مختصرًا. 367- خلف بْن محمد بْن عِيسَى. أبو حُسَيْن الواسطيّ. كُرْدُوس1. سمع: يزيد بْن هارون، وعليّ بْن عاصم، ورَوْح بْن عُبَادة، وطبقتهم. وعنه: ق. والمَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وإسماعيل الصفار، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقَالَ: صدوق؛ وأبو سعيد بن الأعرابيّ، وحثيمة بْن سُلَيْمَان. وقَالَ الدَّارقطنيّ: ثقة. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. 368- الخليل بْن عَبْد القهّار. أبو جَعْفَر الصَّيْدُونيّ2. عن: يحيى بْن الْمُبَارَك، وهشام بن خَالِد، وجماعة. وعنه: ابنُ قُتَيْبَةَ العسقلّاني، وخَيْثَمَة الأطْرابُلُسيّ، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ، وقِيلَ: سنة سبعٍ وسبعين. "حرف الذّال": 369- ذاكر ابن شيبة العسقلاّنيّ3. كان بقرية عجين. روى عن: رَوّاد بْن الجرّاح العسقلّانيّ. وعنه: الطَّبَرَانِيّ لا أعرفه.

_ 1 انظر: السير "13/ 199"، التهذيب "3/ 154". 2 لسان الميزان "3/ 293". 3 في عداد المجهولين.

"حرف الراء": 370- رباح بن أحمد1. أبو النّصر الواعظ، نزيل المَوْصل. روى عن: مُعَاذ بْن محمد الهرويّ، وغيره. وتُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. وهو كالمجهول. 371- الرَّبِيع بْن محمد بْن مُوسَى بْن عِيسَى. أبو الفضل الكِنْديّ اللّاذقيّ2. عن: آدم بْن أبي إياس، وإسماعيل بْن أبي أُوَيْس، ومحمد بْن يزيد السَّكونيّ. وعنه: ن. ومحمد بْن المسيّب الأرغيانيّ، وأحمد بن محمد بن عيسى مؤرخ حمص، وخيثمة بن سلمان. 372- ربيع بن الحارث القاضي. أبو زياد الحمصي3. حدَّث عن: عُتْبة بْن السَّكن، وأحمد بْن حنبل، وجماعة. وعنه: أبو عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ، وأبو عوانة، وعبد الصمد بْن سَعِيد الحمصيّ، وأبو الميمون بن راشد، ومحمد ابن محمد بْن أبي حُذَيْفة. 373- رجاء بْن عَبْد الله الهَرَويّ الورّاق4. كان عنده مصنفَّات مالك بْن سُلَيْمَان الهرويّ، ومصنفات سَعِيد بْن مَنْصُور. وروى أيضًا عن: أَحْمَد بْن يُونُس، ومهديّ بْن جَعْفَر الملّي، وجماعة. وكان من أعيان المحدِّثين بهراة.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر: التهذيب "3/ 250، 251". 3 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 306". 4 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.

روى عَنْهُ: الحافظان أبو إِسْحَاق البزّاز، وأبو الفضل بْن إِسْحَاق. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. وقِيلَ: سنة تسعٍ وسبعين ومائتين. 374- رزق الله بن يوسف المصريّ1. عنك يحيى بن بكير. توفي في شوال سنة ستٍّ وسبعين. وكان يكون بالإسكندرية. "حرف الزاي": 375- زكريا بْن يحيى بْن شَيْبَان2. أبو عبد الله القُرَشيّ الكوفيّ. عن: عليّ بْن سيف، وغيره. وعنه: أبو الْعَبَّاس بْن عُقْدة. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 376- زياد بْن محمد بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن اللَّخميّ الأندلسيّ. المعروف جدُّه بشَبْطُون3. يروى عن: يحيى بْن يحيى اللَّيثيّ، وغيره. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ أيضًا. 377- زيدان بْن يزيد البَجَليّ الكوفيّ4. والد عَبْد الله بْن زيدان. تُوُفِّيَ فِي شوّال سنة أربعٍ وسبعين.

_ 1 يُنظر في "حسن المحاضرة". 2 في عداد المجهولين. 3 جذوة المقتبس "440". 4 في عداد المجهولين.

378- زَيْد بْن إِسْمَاعِيل بْن سيّار1. أبو الْحَسَن الْبَغْدَادِيّ الصّائغ. عن: زَيْد بْن الْحُبَاب، وهاشم بْن القاسم، وجعفر بْن عون، وطائفة. وعنه: أبو بَكْر بْن مجاهد، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وإسماعيل الصّفّار، وآخرون. محلُّه الصِّدق. 379- زَيْد بْن بُنْدار. أبو جَعْفَر الإصبهانيّ الُّنخانيّ2، ونُخَان: قرية بإصبهان. كان فقيهًا صالحًا يسرد الصَّوم. روى عن: القَعْنَبيّ، وإسماعيل بْن عَمْرو البجليّ. وعنه: محمد بْن أَحْمَد الزَّهريّ، وغيره. 380- زَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الفحل السَّهميّ3. مولاهم المصريّ. عن: أَبِيهِ، ويحيى بْن بُكَيْر. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. "حرف السين": 381- السَّريّ بْن خُزَيْمَة بْن مُعَاوِيَة. الحافظ أبو محمد الّأبِيوَرْدِيّ الثّقة4. سمع: عَبْدان بْن عُثْمَان، وأبا نُعَيْم، وأبا عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، ومحمد بْن الصَّلت، وطبقتهم بخراسان، والحجاز، والعراق.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 447". 2 ذكر أخبار إصبهان "1/ 320". 3 ينظر في "حسن المحاضرة". 4 السير "13/ 254، 246".

وعنه: ابنُ خُزَيْمَة، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، وأبو حامد بن الشَّرقيّ، ومحمد بن صالح بن هانئ، والحسن بْن يعقوب، وخلْق كثير. قَالَ الحاكم: هُوَ شيخ فوق الثّقة. وَرَد نَيْسابور سنة سبعين، وبقي بها يحدِّث إِلَى سنة أربعٍ وسبعين، ثُمَّ انصرف إِلَى أبِيوَرْد. سمعتُ محمد بْن صالح بْن هانئ يَقُولُ: لما قُتِلَ حَيْكان رفضوا مجالس الحديث، حَتَّى لم يقدر أحد أن يأخذ لنَيْسابور مَحْبَرة، إِلَى أنْ منَّ الله علينا بورود السَّريّ بْن خُزَيْمَة. فاجتمعنا لنذهب إليه فلم نقدر، فقصدنا أَبَا عُثْمَان الخيريّ الزَّاهد، واجتمع النّاس عنده، وأخذ أبو عُثْمَان مِحْبَرةً بيده، وأخذنا المحابر بأيدينا، فلم يقدر أحد من المبتدعة أن يقرب منّا. فخرج السَّرِيّ، فأملى علينا وأبو بَكْر بْن خُزَيْمَة ينتخب. وسمعتُ أَبَا الفضل يعقوب بْن الْحَسَن بْن يعقوب يقول: ما رَأَيْت مجلسًا أبهى من مجلس السَّريّ بْن خُزَيْمَة، ولا شيخًا أبهى منه. كانوا يجلسون بين يديه وكأنّما على رءوسهم الطَّير. وكان لا يحدِّث إلّا من أصل كتابه، رحمه الله تعالى. 382- السَّريّ بْن يحيى بْن السَّريّ مُصْعَب أبو عبيدة1. ابنُ أخي هنّاد بْن السَّريّ الكوفيّ الدّارميّ. روى عن: أبي نُعَيْم، وقُبَيْصة، وأبي غسّان النَّهْديّ، وأحمد بْن يُونُس، وطبقتهم. وعنه: أبو ذَرّ محمد بْن محمد بْن يوسف، وعبد الله بْن جامع الحلْوانيّ بْن عُقْدة، وأبو نُعَيْم بْن عديّ، وخيثمة الأطْرابُلُسيّ، وطائفة. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كان صدوقًا. وقَالَ ابنُ عُقْدة: تُوُفِّيَ فِي المحرَّم لسبعٍ بقين من سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. 383- سعد بْن محمد بْن سعد. القاضي أبو الْعَبَّاس، أبو محمد البَجَليّ البيروتيّ2.

_ 1 الجرح والتعديل "4/ 285"، وتاريخ بغداد "5/ 470". 2 انظر: الحلية "7/ 17"، تاريخ بغداد "3/ 405".

سمع: صفوان بن صالح، وهشام بن عمار، ودُحَيْمًا، وجماعة. وعنه: ابن صاعد، وأبو بِشْر الدُّولابيّ، وعبد الله بن أَحْمَد بْن زَبْر، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم ووثَّقه، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين. وأقدم شيخ له عَبْد الحميد بْن بكّار. 384- سعد الأعسر1. أمير دمشق. كان من كبار أمراء أَحْمَد بْن طولون، وهو الَّذِي هزم أَبَا الْعَبَّاس بْن الموفَّق بفلسطين سنة إحدى وسبعين. وكان جليلًا عادلًا مُحَبَّبًا إِلَى أَهْل دمشق. وكان يُعيب على خَمَارَوَيْه بن أحمد اشتغاله بلهوه، ويقول: هَذَا الصَّبيّ لعَّاب، وأنا أكابِدُ الأمر. فبلغ ذلك خُمَارَوَيْه، فخرج من مصر ونزل الرملة واستدعاه، فذهب إِلَى الخدمة، فقام وذبحه بيده. وبلغ ذلك أَهْل دمشق، فحزنوا عليه، ولعنوا خُمَارَوَيْه وخرجوا عليه، وسبّوه على منبر دمشق. وبعث إليهم أميرًا، فطردوه وكاتبوا الموفَّق، وأقاموا المآتم على الأعسر. قُتِلَ إلى رحمة الله سنة ثلاثٍ، وقِيلَ: سنة خمسٍ وسبعين. 385- سعدون بْن سُهَيل بْن أبي ذؤيب العكّاويّ2. عن: أَبِيهِ عن شَيْبَان النَّحويّ. وعنه: الطَّبرانيّ. 386- سَعِيد بْن سعد بْن أيوب. أبو عُثْمَان البخاريّ3، نزيل الرّيّ.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 117". 2 في عداد المجهولين. 3 الجرح والتعديل "4/ 32".

عن: أبي نُعَيْم، والقَعْنَبيّ، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وعَمْرو بْن مرزوق، وطائفة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وأبو الْحَسَن بْن سَلَمَةَ القطّان، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صَدُوق. وقَالَ أبو يَعْلَى الخليليّ: كان له معرفة بالحديث، ومات قبل أبي حاتم بأشهر. قَالَ أبو الحجاج الحافظ: وَهِم الحافظ أيضًا وذكر أنّ ق. روى عن هَذَا، وإنّما الَّذِي يروي عنه أبو الحسن القطان. وللقطان زيادات كثيرة عن الأسانيد فِي كتاب ابنِ ماجه. ويدلّ على هذا أنّ الرجل لا وجود له فِي سُنَن ابنِ ماجة من طريق إِبْرَاهِيم بْن دينار عن المصنّف. 387- سَعِيد بْن مَسْعُود المَرْوَزِيُّ1. عن: النضَّر بْن شُمَيْل، ويزيد بْن هارون، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وشبانة، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سعد، وأزهر بْن سعد، ورَوْح بْن عُبَادة، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن أَحْمَد بْن محبوب، وعُمَر بْن أَحْمَد بن مالك، ومحمد بْن نصر المَرْوَزِيُّ، وأهل مَرْو. وكان صاحب حديث. وحديثه يقع عاليًا لأبي الوفا محمود بْن مندم. ذكره الحاكم فِي الكنى فقال: أبو عُثْمَان سَعِيد بْن مَسْعُود بْن عَبْد الرَّحْمَن السُّلميّ المَرْوَزِيُّ. 388- سَعِيد بْن نَمِر2. الفقيه أبو عُثْمَان الغافقيّ الأندلسيّ الأكثيريّ، صاحب سَحْنُون. كان من أعيان المالكيّة بالأندلس. روى عن: يحيى بْن يحيى، وعبد الملك بن حبيب، وسعيد بن حِبّان. ورحل إليه الطَّلبة وحملوا عَنْهُ. وتُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 271، 272". 2 جذوة المقتبس "483".

389- سَعِيد بْن يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن مُزَيْن1. مَوْلَى رملة بِنْت عُثْمَان بْن عفّان. من فقهاء الأندلس. وأبوه ممّن يروي عن مُطَرِّف، والقَعْنَبيّ. وأخوه الْحَسَن بْن يحيى مات بعده، مات سَعِيد سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين. وأخوهما جَعْفَر بْن يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن مزين، يروي عن محمد بْن وضّاح، وغيره. وكان فقيهًا مقدَّمًا. مات سنة إحدى وسبعين ومائتين. 390- سُفْيَان بْن شعيب الدّمشقيّ2. مَوْلَى بني أُميّة. عن: محمد بْن عُثْمَان الكَفَرْسُوسيّ، وصّفْوان بْن صالح، وغيرهما. وعنه: محمد بْن جَعْفَر بن ملاس، ومحمد بْن أبي حُذَيْفة. وتُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 391- سَلَمَةُ بْن أَحْمَد بْن محمد بن مجاشع السَّمرقنديّ3. حدَّث ببغداد عن: خَالِد بْن يزيد العُمريّ. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وجماعة. وَفِي حديثه مناكير. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين. 392- سُلَيْمَان بْن الأشعث بْن إِسْحَاق بْن بشير بْن شدّاد بْن عَمْرو بْن عِمْرَانَ. الْإِمَام أبو دَاوُد الأزْديّ السّجستانيّ4، صاحب السُّنن.

_ 1 جذوة المقتبس "487". 2 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 183". 3 الميزان "2/ 188". 4 وفيات الأعيان "2/ 404"، والسير "13/ 203".

قَالَ أبو عُبَيْد الآجُريّ: سمعته يقول: وُلدتُ سنة اثنتين ومائتين. وصلَّيت على عفّان ببغداد سنة عشرين. قلت: مات فِي ربيع الآخر. قَالَ: ودخلت البصرة وهم يقولون: أمس مات عُثْمَان بْن الهيثم المؤذِّن. قلت: مات فِي رجب سنة عشرين. قَالَ: سمعتُ من أبي عُمَر الضّرير مجلسًا واحدًا. قلت: مات فِي شعبان من السنة بالبصرة. قال: وتبعت عمر بن حفص بن غِياث إِلَى منزله، ولم أسمع منه. وسمعت من سعدون مجلسًا واحدًا، ومن عاصم بْن عليّ مجلسًا واحدًا. قَالَ أبو عِيسَى الأزرق: سمعتُ أَبَا دَاوُد يقول: دخلت الكوفة سنة إحدى وعشرين، ومضيت إِلَى منزل عُمَر بْن حَفْص، فلم يُقْضَ لي السّماع منه. قلت: وسمع من: القعْنَبيّ، وسليمان بْن حرب، وجماعة بمكّة سنة عشرين أيّام الحج. وسمع من: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وعُبَيْد الله بْن رجاء، وأبي الْوَلِيد، وأبي سَلَمَةَ التبوذكيّ، وخلْق بالبصرة. ومن: الْحَسَن بْن الرَّبِيع البُورانيّ، وأحمد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ، وطائفة بالكوفة. ومن: صفوان بْن صالح، وهشام بْن عمّار، وطائفة بدمشق. ومن: قُتَيْبَةَ، وابن رَاهَوَيْه، وطائفة بخراسان. ومن: أبي جَعْفَر النُّفَيْليّ، وطائفة بالجزيرة. ومن خلقٍ بالحجاز، ومصر، والشام، والثَّغر، وخُراسان. وسمع من: أبي تَوْبَة الرَّبِيع بْن نافع، بحلب. ومن: أَحْمَد بْن أبي شعيب بحَرّان، وحيَّوة، ويزيد بْن عَبْد ربّه، بحمص. وعنه: ن. وابنه أبو بكر.

وروى عَنْهُ سُنَنَه: أبو عليّ اللّؤْلُؤيّ، وأبو بَكْر بْن داسة، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ بقولٍ له، وعليّ بْن الْحَسَن بْن العبد، وأبو أسامة محمد بْن عَبْد الملك الرّوّاس، وأبو سالم محمد بْن سَعِيد الْجُلُوديّ، وأبو عُمَر، وأحمد بْن عليّ، وغيرهم. وروى عَنْهُ من الحفَاظ: أبو عَوَانَة الأسْفَرائينيّ، وأبو بِشْر الدُّولابيّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وأبو بَكْر الخلّال، وعبدان الأهوزيّ، وزكريّا السّاجيّ، وطائفة. ومن الشيوخ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، ومحمد بْن يحيى الصُّوليّ، وأبو بَكْر النّجّاد، وأحمد بن جعفر الأشعريّ، وعبد الله ابن أخي أبي زُرْعة الرَّازيّ، وعبد الله بْن محمد بْن يعقوب الْبُخَارِيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن يعقوب المتولّيّ، وخلْق. وكتب عَنْهُ الْإِمَام أحمد شيخه حديث المغيرة. ويقال: إنّه صنَّف السُّنن فعرضه على الْإِمَام أَحْمَد، فاستجاده واستحسنه. وروى إِسْمَاعِيل الصّفّار عن أبي بَكْر الصَّنعانيّ قَالَ: لُيِّنَ لأبي دَاوُد السّجِسْتانيّ الحديثُ، كما لُيِّنَ لداود الحديدُ. وقَالَ أبو عُمَر الزّاهد: قَالَ إِبْرَاهِيم الحربيّ: أُلِين لأبي دَاوُد الحديثُ كما أُلينَ لداود عليه السلام الحديد. وقَالَ مُوسَى بْن هارون الحافظ: خُلِق أبو دَاوُد فِي الدُّنيا للحديث، وَفِي الآخرة للجنَّة. ما رأيت أفضل منه. وقَالَ ابنُ داسة: سمعت أَبَا داود يقول: كتبت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خمسمائة ألف حديث، وانتخبت منها ما ضمّنته كتاب السُّنن. جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصّحيح وما يشبهه ويُقاربه. فإنْ كان فِيهِ وَهَن شديد بيَّنته. قلت: وقَالَ رحمه الله بذلك فإنّ يبيّن الضّعيف الظّاهر، ويسكت عن الضّعيف المحتمل. فَمَا سكت لا يكون حَسَنًا عنده ولا بدّ، بل قد يكون فِيهِ ضعفٌ ما. وقَالَ زكريا السّاجيّ: كتاب الله أصل الْإِسْلَام، كتاب أبي دَاوُد عهد الْإِسْلَام. وقَالَ أَحْمَد بْن محمد بْن ياسين الهَرَوي فِي تاريخ هَرَاة: أبو دَاوُد السِّجْزيّ كان أحد حُفاظ الْإِسْلَام لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعلمه وعلله، وسنده، في أعلى درجة النّسْك والعَفاف والصَّلاح والورع. من فُرْسان الحديث.

قلت: وتفقَّه بأحمد بْن حنبل، ولازمه مدّة. وكان من نُجَباء أصحابه، ومن جلَّة فُقَهاء زمانه، مع التقدُّم فِي الحديث والزُّهد. روى أبو مُعَاوِيَة، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ، عن عَبْد الله أنّه كَانَ يشبَّه بالنّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي هدْيِهِ ودَلِّهِ. وكان علقمة يشبَّه بابن مَسْعُود. قَالَ جرير بْن عَبْد الحميد: وكان إِبْرَاهِيم يشبَّه بعَلْقَمة، وكان مَنْصُور يشبّه بإبراهيم. وقَالَ غيره: كان سُفْيَان الثَّوريّ يشبّه بمنصور، وكان وكيع يشبّه بسفيان، وكان أحمد بن حبل يشبّه بوكيع، وكان أبو دَاوُد يشبّه بأحمد. وقال أبو عبد الله الحاكم: أبو دَاوُد هُوَ إمام أَهْل الحديث فِي عصره بلا مُدَافعة. كتب بخُراسان قبل خروجه إلى العراق فِي بلده، وَفِي هَرَاة؛ وكتب ببغداد عن قُتَيْبَةَ، وبالرِّيِّ عن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى. وقد كتب قديمًا بنيْسابور، ثُمَّ رحل بابنه إِلَى خُراسان. كذا قَالَ الحاكم. وأمّا القاضي شمس الدين بْن خلكان فقال: سَجِسْتان قرية من قرى البصرة. قلت: سِجِسْتان إقليم منفرد متاخم لبلاد السِّنْد، يُذْهَبُ إليه من ناحية هراة. وقد قَيِل: إنّ أَبَا دَاوُد من سَجِسْتان، قرية من قرى البصرة؛ وهذا ليس بشيء. بل دخل بغداد قبل أن يجيء إِلَى البصرة. وقَالَ الخطّابيّ: حدَّثني عَبْد الله بْن محمد الْمَكِّيّ: حَدَّثَنِي أبو بَكْر بْن جَابِر خادم أبي دَاوُد رحمه الله قَالَ: كنتُ مع أبي دَاوُد ببغداد، فصلَّينا المغرب، فجاءه الأمير أبو أَحْمَد الموفَّق فدخل، ثُمَّ أقبل عليه أبو دَاوُد فقال: ما جاء بالأمير فِي مثلِ هَذَا الوقت؟ قَالَ: خلالٌ ثلاث. قَالَ: وما هِيَ؟ قَالَ: تنتقل إِلَى البصرة فتتّخذها وطنًا ليرحل إليك طلبة العلم، فتعمر بك، فإنّها قد خربت وانقطع عَنْهَا النّاس، لِما جرى عليها من منة الزَّنج. فقال: هَذِهِ واحدة. قَالَ: وتروي لأولادي السُّنن. فقال: نعم، هاتِ الثالثة.

قَالَ: وتُفرد لهم مجلسًا، فإنّ أولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامّة. قَالَ: أمّا هَذِهِ فلا سبيل إليها؛ لأنّ النّاس فِي العلم سواء. قَالَ ابنُ جَابِر: فكانوا يحضرون ويقعدون فِي كمٍّ ضُرِب عليه ستْر، ويسمعون مع العامّة. وقَالَ ابنُ دَاسَة: كان لأبي دَاوُد كمٌّ واسع وكمٌّ ضيّق، فَقِيلَ له فِي ذلك، فقال: الواسع للكُتُب، والآخر لا يُحتاج إليه. وقَالَ أبو بَكْر الخلّال: أبو دَاوُد الْإِمَام المقدَّم فِي زمانه لم يسبق إِلَى معرفته بتخريج العلوم وصره بمواضعه. رَجُل ورع مقدَّم. كان أبو بَكْر بْن صدقة وإبراهيم الإصبهانيّ يرفعون من قَدْره، ويذكرونه بما لا يذكرون أحدًا فِي زمانه مثله. وقَالَ أبو بَكْر بْن أبي دَاوُد: سمعت أبي يقول: خير الكلام ما دخل فِي الأذُن بغير إذن. وقَالَ أبو دَاوُد فِي سُنَنه: شَبَرْت قِثّاءةً بمصر ثلاثة عشر شِبْرًا، ورأيت اترجَّةً على بعيرٍ قُطِعَتْ قطعتين، وعُمِلت مثل عِدْلين. قَالَ أبو دَاوُد: دخلت دمشق سنة اثنتين وعشرين. وقَالَ أبو عُبَيْد الآجُرِيّ: تُوُفِّيَ في سادس عشر شوّال سنة خمسٍ وسبعين. قلت: آخر من روى حديثه عاليًا سِبْط السِّلَفيّ. وقع كتاب الناسخ والمنسوخ له بعُلُوٍّ من طريق السِّلَفيّ. 393- سُلَيْمَان بْن الرَّبِيع النَّهديّ1. أبو محمد الكوفيّ. عن: أبي نُعَيْم. وعنه: ابنُ صاعد، ومحمد بْن مَخْلد. ضعّفه الدَّارقطنيّ. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين ومائتين.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "9/ 54، 55".

394- سُلَيْمَان بْن سيف بْن يحيى بْن درهم الطّائيّ1. مولاهم الحافظ أبو دَاوُد الحرّانيّ. سمع: يزيد بْن هارون، وسعيد بْن عامر الضُّبعي، وجعفر بْن عون، والحسن بْن محمد بْن أَعْيَن، وعبد الله بْن بَكْر السَّهميّ، ومحاضر بن الورع، ووهب بن جرير، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد، وخلقا كثيرا. وعنه: ن. وقال: ثقة؛ وأبو عروبة الحراني، ومكحول البيروتي، وأبو عوانة، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبو نعيم الجرجاني، وأبو علي محمد بن سعيد الحراني، وأحمد بن عمرو بن جابر الرملي، وهاشم بن أحمد بن مسرور النَّصيبيّ، وحفيده أبو عليّ أحمد بن محمد بن سليمان، وطائفة. قال ابن عقدة: مات في شعبان سنة اثنتين وسبعين. قلت: وقع لي حديث من موافقاته العالية، وأظنّ أنه جاوز التّسعين. وكان من أئمّة هَذَا الشأن. 395- سُلَيْمَان بْن شعيب بْن سُلَيْمَان بْن كَيْسان. أبو محمد الكَيْسانيّ المصريّ2. عن: بشر بن التنيسي، وأسد بن موسى، وطائفة. وعنه: محمد بن أَحْمَد العامريّ المصريّ، وعليّ بْن محمد الواعظ، وآخرون. وكان موثَّقًا. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 396- سُلَيْمَان بْن محمد بْن حسّان الْمَوْصِلِيّ الحنّاط3. عن: عَبْد الوهاب بْن عطاء، وعبد الوهاب بْن بُكَيْر السَّهميّ، ورَوْح بْن عُبَادة، وغيرهم.

_ 1 السير "13/ 147"، التهذيب "4/ 199". 2 تاريخ جرجان "527". 3 لم نقف عليه.

قَالَ أبو زكريّا الأزْديّ: ثنا عَنْهُ العلاء بْن أيوب. وتُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. قلت: ذكر له حديثًا واهيًا. 397- سُلَيْمَان بْن وهب بْن سَعِيد1. أَبُو أيوب الكاتب. أخو الْحَسَن بْن وهب. كانا من أجلّاء بغداد وفُضلائها. وكان سُلَيْمَان جوادًا ممدَّحًا سرِيًّا، كامل الرّياسة وافر الأدب. له ديوان ترسُّل. وكذا لأخيه ديوان رسائل وشعر. وقد وزر سُلَيْمَان للمعتمد على الله. وفيه يقول البُحْتُريّ الشاعر: كلُّ شعبٍ كنتم به آل وهبٍ ... فهو شِعْبي وشِعْب كلّ أديب إنّ قلبي لكم كالكَبِد الحرَّى ... وقلبي لغيركم كالقُلُوبِ تُوُفِّيَ الوزير أبو أيوب سنة اثنتين وسبعين فِي صفر؛ ومات فِي حَبْس الموفَّق. 398- سهل بْن عَبْد الله بْن الفرُّخان الإصبهانيّ الزّاهد2. أبو طاهر. رحل فِي العلم إِلَى الشّام. وسمع: سُلَيْمَان ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّريّ العسقلاني، ومحمد بْن مصفَّى، وحَرْمَلَةَ، وصفوان بْن صالح، وهشام بْن عمّار وعنه: محمد بْن أَحْمَد بن زيد الزُّهْرِيّ، ومحمد بْن عَبْد الله الصّفّار، وأبو علي الصحاف، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف، وجماعة من أَهْل أصفهان. وكان كبير القدْر. ويقال إنّه من الأبدال.

_ 1 السير "13/ 127". 2 الحلية "10/ 212"، والسير "13/ 333".

وقد سمع أبو نُعَيْم الحافظ من أصحابه، وقَالَ: مات سنة ستٍّ وسبعين، رحمه الله تعالى. وكان مُجاب الدَّعوة. كان أَهْل بلدنا مفْزَعهم إِلَى دعائه. له آثار مشهورة فِي إجابة دعوة الدّعاء. وأمّا رفيع حاله من إدمان الذكر والمشاهدة والحضور والمسامرة والتحريّ من حضور النَّفس، فشائع ذائع. حُكِيَ ذلك عن مشايخنا. وهو أول من حمل من علم الشّافعيّ مختصر حَرْمَلَة. لقي أَحْمَد بْن عاصم، وأحمد بْن أبي الحواري، وعبد الله بْن خُبَيْق. وكتب الكُتُب. 399- سهل بْن عَبْد الله السّرِيّ الزّاهد1. شيخ الصُّوفيّة. يُقَالُ: مات سنة ثلاثٍ وسبعين، ويُذكر فِي الطبقة الآتية. 400- سهل بْن مهران. أبو بِشْر الْبَغْدَادِيّ الدّقّاق2. نزيل نَيْسابور. سمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وهوذة بْن خليفة، وأبا عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن عَبْدُوس، ومحمد بْن صالح بْن هانئ. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين ومائتين. 401- سوّادة بن عليّ. أبو الحسين الأحمسيّ الكوفيّ3. قدِم بغداد وحدَّث عن أبي نُعَيْم. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، وغيره، ون. ضعّفه الدَّارقطنيّ. وكان سِبْط عَبْد الله بْن نُمَيْر. توفّي سنة ثمانين ومائتين.

_ 1 تأتي ترجمته. 2 تاريخ بغداد "9/ 118". 3 تاريخ بغداد "9/ 233".

"حرف الشين": 402- شعيب بْن بكّار الْمَوْصِلِيّ المؤِّدب1. عن: أبي عاصم، وأبي نُعَيْم. وعنه: الْحُسَيْن بْن عَبْد الحميد الخرقيّ، وغيره. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 403- شعيب بْن اللَّيث. أبو صالح السَّمرقنديّ2. سمع: إِبْرَاهِيم بن المنذر، والحِزَاميّ، وأبا مُصْعَب الزُّهريّ، ومحمد بْن سلّام، وجماعة. ويقال له الشَّرعبيّ. وشرعب قرية من عمل بُخَاري. وروى عَنْهُ: محمد بْن أَحْمَد بْن مردك، وأحمد بْن حاتم، وغيرهما. تُوُفِّيَ فِي رجب سنة اثنتين أيضًا. "حرف الطاء": 404- طُفَيْلُ بْن زَيْد بْن طُفَيْلِ بْن شريك3. القاضي أبو زَيْد التّميميّ النَّسفيّ، قاضي نَسَف وعالمها. رحل فِي طلب العلم. وروى عن: يحيى بن بُكَيْر. ورأى سُلَيْمَان بْن حرب. وعنه: حفيده عَبْد المؤمن بْن خلف، وأهل نَسَف. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين.

_ 1 الكامل "7/ 421". 2 انظر: تاريخ الطبري "3/ 168، 197". 3 هو في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.

"حرف العين": 405- عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد بْن اللَّيث. أبو اللَّيث القَتْبانيّ الْمَصْرِيّ1. من أكابر المصريّين وفُضَلائهم. روى عن: جدّه، وعن: يحيى بْن بُكَيْر. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 406- عَبَّاس بْن عَبْد الله بْن الْعَبَّاس بْن السَّنْديّ2. أبو الْحَارِث الّأسديّ الأنطاكيّ. عن: الهيثم بْن جميل الأنطاكيّ، والقَعْنَبيّ، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وأبي الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وأبي صالح كاتب اللَّيث، وخلق. وعنه: ن، وأبو عوانة، وأحمد بْن مهران الفارسيّ، وأبو جعفر العقيلي، وأبو الطَّيّب محمد بن حميد الحوراني، وجماعة. قال النَّسائي: لا بأس به. 407- الْعَبَّاس بْن الفضل بْن رُشَيْد الطَّبريّ3. أبو الفضل. نزل بغداد، وحدَّث عن: محمد بْن مُصْعَب القَرْقِسانيّ، وسَعْدَوَيْه الواسطي، وجماعة. وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وابن نَجِيح، وجماعة. قَالَ الدَّارقطنيّ: صدوق. قلت: تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. 408- عَبَّاس بْن محمد بْن حاتم الحافظ. أبو الفضل الدُّوريّ. مولى بني هاشم.

_ 1 انظر السابق، و"حسن المحاضرة". 2 التهذيب "5/ 119". 3 انظر: تاريخ دمشق "12/ 147".

محدِّث بغداد فِي وقته. وُلِدَ سنة خمسٍ وثمانين ومائة. وسمع: الْحُسَيْن بْن عليّ الجعفيّ، وأبا النَّضر هاشم بْن القاسم، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزُّهري، وأبا دَاوُد الطَّيالسيّ، وعبد الوهاب بْن عطاء، ويحيى بْن أبي بُكَيْر الكرماني، وعبيد الكرمانيّ، وعبيد الله بن موسى، وشبانة بْن سوّار، وطبقتهم. ولزم يحيى بْن معين دهرًا وأكثر عَنْهُ، وسأله عن الرجال. وعنه: د. ت. ق. ن. وقَالَ: ثقة؛ وأبو جَعْفَر البَخْتَرِيّ، وإسماعيل الصّفّار، وحمزة بن محمد بن الدهقان، وأبو العباس الأصم وقَالَ: لم أر فِي مشايخي أحسن حديثًا منه. قلت: وروى عَنْهُ خلْق من الغرباء والرحالة. وتُوُفِّيَ فِي صفر سنة إحدى وسبعين ومائتين. 409- الْعَبَّاس بْن نُعَيْم البوسَنْجيّ. سكن بغداد، وصحب الْإِمَام أَحْمَد. وتزوّج امرأةً، فبقي معها أربعين سنة، فاتّفق أنهما مرضا وماتا فِي ساعةٍ واحدةٍ، فِي شهر رجب سنة ثلاثٍ وسبعين. 410- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن شبَّويه. أبو عَبْد الرَّحْمَن المَرْوَزِيُّ1. قد تقدَّمت ترجمته فيما مضى. وذكر بعضهم أنه تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 411- عامر بْن محمد المتقمّر الْبَغْدَادِيّ. أبو نصر الكوّاز2. عن: كامل بْن طَلْحَةَ، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن خُزَيْمَة، وعبد الله الخُراسانيّ. وكان شاهدًا.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 16". 2 تاريخ بغداد "12/ 239".

412- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن كثير. أبو الْعَبَّاس العبْديّ1. عن: عفّان، ومُسند بْن إِبْرَاهِيم، وأبي الْوَلِيد، وأحمد بْن نصر الخُزَاعيّ، وطائفة. وعنه: محمد بْن الْعَبَّاس بْن نجيح، وأحمد بْن الفضل بْن خُزَيْمَة، وعبد الله الخراسانيّ، وابن قانع، وأحمد بْن جَعْفَر بْن حمدان السَّقطيّ لا القَطيعيّ، فَإِنّ القَطيعيّ لم يلحقه. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كتب إليَّ بجزءٍ من حديثه، وكان صدوقًا. وقَالَ الدَّارقطنيّ: ثقة. وقَالَ ابنُ قانع، وابن عُقْدة، وابن المنادي: تُوُفِّيَ فِي ربيع الأول سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. 413- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن زكريا بْن أبي مسرة. أبو يحيى المكّيّ2. سمع: أَبَا عَبْد الرَّحْمَن عَبْد الله بْن يزيد الْمُقْرِئ، وعثمان بْن أبان اللُّؤلؤيّ، ويحيى بن محمد الحارثيّ، ويحيى ابن قَزَعَة. وعنه: خيثمة بْن سُلَيْمَان، وأبو محمد الفاطميّ، وأبو القاسم البغويّ، ويعقوب بْن يوسف العاصميّ. تُوُفِّيَ بمكّة فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وسبعين. 414- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن يزيد. أبو محمد الشَّيبانيّ الإصبهانيّ المؤذّن3. عن: حاتم بْن عُبَيْد الله، وبكر بْن بكّار، وأبي بكر بن بكّار الحميديّ، وطائفة.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 371". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 6". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 55".

وعنه: محمد بْن الْحَسَن بْن المهلَّب، وأبو عليّ بْن عاصم، وأحمد بْن محمد بْن نصير الأصبهانيّ. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ أيضًا. 415- عَبْد الله بْن بِشْر بْن عُمَيْرة البكْريّ الوائليّ الطّالْقانيّ1. عن: أَحْمَد بْن حنبل، وسعيد بْن رحمة المِصِّيصيّ، وعليّ بْن حُجْر، وخلْق. وعنه: أبو الْعَبَّاس الدُّغوليّ، ومحمد بْن صالح بْن هانئ، ومحمد بْن الأصرم، ومحمد بْن أَحْمَد المحبوبيّ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. قَالَ الحاكم: هُوَ مجوّد عن الشّاميّين. 416- عَبْد الله بْن محاضر عبدوس الْبَغْدَادِيّ2. عن: محمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وقُبَيْصة بْن عُقْبَة. وعنه: محمد بْن يوسف الهرويّ، وأبو بَكْر الشّافعيّ. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ليس بالقويّ. 417- عَبْد الله بْن حسن بْن محمد بْن إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس. الهاشميّ السّامُرّيّ3. عن: رَوْح بْن عُبَادة، وعبد الله بْن بَكْر، ويزيد بْن هارون، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر الخرائطيّ، وصَدقَة الخُراسانيّ، وآخرون. وثَّقه الخطيب. وتُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين بسامراء. ورّخه ابنُ قانع.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 14". 2 تاريخ بغداد "9/ 448". 3 انظر: تاريخ بغداد "9/ 434، 435".

418- عَبْد الله بْن حَمَّاد بْن أيّوب1 الحافظ أبو عَبْد الرَّحْمَن الآمُليّ، آمُل جَيْحُون الّتي من أعمال مَرْو. ويقال الَأمُويّ؛ لأنّها تُسمّى أيضًا أَمُو. سمع: سَعِيد بْن أبي مريم، وسليمان بْن حرب، ويحيى بْن صالح الوُحَاظيّ، وأبا الجماهر محمد بْن عُثْمَان، والقَعْنَبيّ، وأبا اليمان، ويحيى بْن معين فِي غالب الظّنّ؛ فإنّه قَالَ فِي الصّحيح: ثنا عَبْد الله، ثنا يحيى بْن معين، فذكر حديثًا. وقَالَ: ثنا عَبْد الله، أَنَا سُلَيْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن. وقد سمع الآمُليّ من المذكورين. وروى عَنْهُ طائفة، منهم: عُمَر بْن محمد بْن بُجَيْر فِي مُسْنَده، والهيثم بْن كُلَيْب فِي مُسْنَده، وإبراهيم بْن خُزَيْمَة الشّاشيّ، والقاضي المَحَامِليّ، وعبد الله بْن محمد بن يعقوب الْبُخَارِيّ الفقيه. تُوُفِّيَ فِي رجب سنة ثلاثٍ وسبعين. وقِيلَ: فِي ربيع الآخر سنة تسع وستّين ومائتين. 419- عَبْد الله بْن رَوْح المدائني2. أبو محمد وقِيلَ: إنّه كان يُعرف بعَبْدوس. قَالَ: وُلِدت يوم قُتِلَ جَعْفَر البرمكيّ سنة سبعٍ وثمانين ومائة. سمع: زَيْد بْن هارون وأبا بدْر شجاع بن الوليد، وشبانة بْن سوار، وجماعة. وعنه: أبو سهل القطّان، ومُكْرَم بْن أَحْمَد، وأحمد بْن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ليس بِهِ بأس. 420- عَبْد الله بْن عَمْرو بْن أبي سعد الْبَغْدَادِيّ الورّاق3.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 444، 445". 2 السير "13/ 5"، واللسان "3/ 286". 3 انظر: تاريخ بغداد "10/ 25، 26".

عن: حُسَيْن المَرْوَزِيُّ، وهَوْذَة بْن خليفة، وعفّان، وخلق. وعنه: حسين الكوكبيّ، المحامليّ، وعثمان بْن السّمّاك، وجماعة. قَالَ الخطيب: ثقة إخباريّ، صاحب مُلَح. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. قلت: عَبْد الله بْن أبي سعد الورّاق وُلِدَ سنة سبعٍ وتسعين ومائة، واسمه عَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن هلال الْأَنْصَارِيّ البلْخيّ الأصل، الْبَغْدَادِيّ. 421- عَبْد الله بْن غافق. أبو عَبْد الرَّحْمَن التُّونسيّ الفقيه المالكيّ1. إمام مشهور معدود من أصحاب سَحْنُون. عُرِض عليه قضاء القيروان فامتنع. وكان عالمًا ناسكًا مهيبًا. ذكر الشَّيْخ أبو إِسْحَاق أنّه من أَهْل إفريقية، وأنّ اعتماد أَهْل بلده فِي الفتوى عليه. وأنه تفقَّه بعليّ بْن زياد التُّونسيّ، فَوَهِمَ فِي هَذِهِ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين، وقِيلَ: سنة سبعٍ. 422- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حبيب. أبو رفاعة العدويّ البصريّ2. عن: سعد بن شعبة بن الحجّاج، وإبراهيم بْن بشّار الرّماديّ، وجماعة. وعنه: ابنُ مَخْلَد العطار، ومحمد بْن عَبْد الملك التّاريخيّ، وغيرهما. وثَّقه الخطيب. وتُوُفِّيَ بشِمْشاط سنة إحدى وسبعين. 432- عَبْد الله بْن محمد بْن لاحق. أبو محمد البغداديّ البزّاز المقرئ3.

_ 1 يُنظر في "ترتيب المدارك" للقاضي عياض. 2 تاريخ بغداد "10/ 83، 84". 3 انظر: تاريخ بغداد "10/ 84".

سمع: يزيد بْن هارون، ورَوْح بْن عُبَادة. وعنه: ابن صاعد، عليّ بْن إِسْحَاق المادرائيّ، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 424- عَبْد الله بْن محمد بْن الفضل الصداويّ1. روى عن: يحيى بْن أيّوب المقابريّ، ومحمد بْن بشّار، ومحمد بْن صالح الهاشميّ. وعنه: أبو حاتم الرَّازيّ وهو أكبر منه، وابنه عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم. وكان صاحب سنَّة. 425- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن محمد البكراويّ2. عن: محمد بْن كثير، وعبد الله بْن رجاء. وعنه: ابنُ مَخْلَد، ومحمد بْن جَعْفَر المطيري، وغيرهم. 426- عَبْد الله بْن محمد بْن يزيد الحنفي المَرْوَزِيُّ3. حدَّث ببغداد. عن عَبْدان المَرْوَزِيُّ، وجماعة. وعنه: ابن مخلد، والمكيري، ابن نجيح. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. وقِيلَ: سنة سبعٍ. وثقه الخطيب.

_ 1 الجرح والتعديل "5/ 163". 2 تاريخ بغداد "10/ 85". 3 تاريخ بغداد "10/ 85، 86".

427- عَبْد الله بْن محمد بْن عُبَيْدة الْبَغْدَادِيّ1. عن: عليّ بْن المَدِينيّ، وسليمان الشّاذكونيّ. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وعثمان بْن سهل، وأبو بَكْر النّجّاد. 428- عَبْد الله بْن محمد بْن صالح الأسديّ بْن عُمَيْرة بْن بِشْر بْن مُوسَى2. روى عن: خالد بن خداش، وأحمد ابن حنل. روى عَنْهُ: أبو زُرْعة، وأبو حاتم مع تقدُّمهما؛ وأحمد بْن محمد الأسديّ. وكان ثقة. 429- عَبْد الله بْن سِنَان. أبو محمد السَّعديّ الرَّوحيّ البصريّ. قاضي الدِّينور3. روى عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وعبد الله بْن رجاء، وأبي الْوَلِيد. وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وجماعة. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: متروك. وقَالَ أبو نُعَيْم الإصبهانيّ: كان يضع الحديث. وقَالَ كثيرٌ غيره: وضع كثيرًا على رَوْح بْن القاسم. 430- عَبْد الله بْن محمد بْن محاضر4. ولقبه: عبدوس. روى عن: محمد بن عبد الله الأنصاري، وغيره.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "10/ 86". 2 انظر: الجرح والتعديل "5/ 163"، وتاريخ بغداد "10/ 87". 3 تاريخ بغداد "10/ 87، 88"، الميزان" 2/ 489". 4 سبقت الترجمة له.

وعنه: الطَّستيّ، وأبو بَكْر الشّافعيّ، لكن نَسَبه إِلَى جدّه. 431- عَبْد الله بْن محمد بْن قاسم بن هلال القُرْطُبيّ الفقيه1. رحل وأخذ الأندلس كُتُب دَاوُد. وكان عارفًا بمذهب مالك، فقيه النَّفس. روى عَنْهُ: محمد بْن عَبْد الملك بْن أَعْيَن، وقاسم بْن أَصْبَغ، ومحمد بْن قاسم، وغيرهم. وتُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين كَهْلًا. 432- عَبْد الله بْن مُسْلِم بْن قُتَيْبَةَ2. أبو محمد الدِّينوريّ، وقِيلَ: المَرْوَزِيُّ الكاتب. نزيل بغداد. أحب التّصانيف. حدَّث عن: إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، ومحمد بن زاد الزِّياديّ، وزياد بن يحيى السجسّتانيّ، وأبي حاتم السِّجستانيّ، وغيرهم. وعنه: ابنه القاضي أَحْمَد، وعُبَيْد الله السُّكَّريّ، وعُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن بَكْر، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن دُرُسْتُوَيْه، وغيرهم. وكان مولده سنة ثلاث عشرة ومائتين. قَالَ الخطيب: كان ثقة ديِّنًا فاضلًا. ذكر تصانيفه: صنَّف غريب القرآن، وغريب الحديث، وكتاب المعارف، وكتاب مُشْكل القرآن، وكتاب مشكل الحديث، وكتاب أدب وكتاب، وكتاب عيون الأخبار، وكتاب طبقات الشُّعراء، وكتاب أدب الغَلَط، وكتاب الفرس، وكتاب الهجو، وكتاب المسائل،

_ 1 انظر: تاريخ علماء الأندلس "1/ 219". 2 انظر: وفيات الأعيان "3/ 42، 44"، السير "13/ 296".

وكتاب أعلام النبوَّة، وكتاب المسيرة، وكتاب الإبل، وكتاب الوحش، وكتاب الرّؤْيا، وكتاب الفقه، وكتاب معاني الشِّعر، وكتاب جامع النَّحو، وكتاب الصيام، وكتاب الرّدّ على من يقول بخلْق القرآن، وكتاب أدب القاضي، وكتاب إعراب القرآن، وكتاب القرآن، وكتاب الأنوار، وكتاب التّسوية بين العرب والعجم، وكتاب الأشربة. وقد ولي قضاء الدّيمور. وكان عالمًا فِي اللغة العربية والأخبار، وأيّام النّاس. وقَالَ البيهقيّ: كان يرى الكرّامية. ونقل صاحب مرآة الزّمان عن الدّارَقُطْنِيّ أنه قَالَ: كان ابنُ قُتَيْبَةَ يميل إِلَى التشبيه. وقَالَ أحمد بن جعفر المنادي: مات ابنُ قُتَيْبَةَ فجأة؛ صاح صيحة سُمعَتْ من بعدٍ، ثم أُغْمِيَ عليه. وكان أكل هريسةً، فأصاب حرارةً، فبقي إِلَى الظُّهر، ثُمَّ اضطّرب ساعةً، ثُمَّ هدأ. فَمَا يزال يتشهّد إِلَى السَّحر، ومات، سامحه الله. وذلك فِي رجب سنة ستٍّ وسبعين. وَالَّذِي قَيِل عنه في التّشبه لم يصحّ، وإن صحَّ فالنّارُ أَوْلَى به. فَمَا فِي الدِّين مُحاباة. وقَالَ مَسْعُود السّجزيّ: سمعتُ الحاكم يقول: أجمعت الُأمة على أنّ القُتَيْبِيّ كذّاب. وهذه مجازفة بَشِعة من الحاكم. وما علمتُ أحدًا اتَّهم ابنُ قُتَيْبَةَ فِي نقلٍ. مع أنّ أَبَا بَكْر الخطيب قد وثَّقه. وما أعلمُ أحدًا اجتمعت الأمّة على كَذِبه إلّا مُسَيْلمة والدّجّال. غير أن ابنُ قُتَيْبَةَ كثير النقَّل من الصُّحف كَدَأب الإخباريّين. وقلَّ ما روى من الحدَّيث. وكان حَسَن البزَّة، أبيض اللّحية طويلها، ولاه الرّياستين مَظَالم البصرة. وبعد ثورة الزَّنج رجع إلى بغداد وأخذ يضنفّ. حمل عَنْهُ: قاسم بْن أَصْبغ، وغيره. قَالَ حَمَّاد بْن هبة الله الحرّانيّ: سمعت أَبَا طاهر السِّلفيّ يذكر على الحاكم فِي قوله: لا يجوز الرواية عن ابنُ قُتَيْبَةَ، ويقول: ابنُ قُتَيْبَةَ من الثقِّات وأهل السُّنَّة، لكنّ الحاكم قَصَدهُ لأجل المذهب.

433- عَبْد الله بْن مهران. أبو بَكْر الْبَغْدَادِيّ النَّحويّ1. سمع: هَوْذَة بْن خليفة، وعفّان بْن مُسْلِم. وعنه: محمد بْن الْعَبَّاس بْن نَجِيح، وأبو بَكْر الشّافعيّ. وكان ثقة ضريرًا فاضلًا. تُوُفِّيَ سنة سبْعٍ وسبعين ومائتين. 434- عَبْد الله بن هشام. أبو محمد الهمدانيّ التّرذاس عبدويه2. عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان الجلاب، وعليّ بْن محمد بْن عصرويه القَزْوينيّ، وأبو عَمْرو أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم المّدِينيّ، والقاسم بْن أبي صالح. وكان صدوقًا مستقيم الأمر. 435- عَبْد الجليل بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أيّوب. أبو حاتم الهَرَويّ3. عن: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وقُبَيْصة بْن عُقْبَةَ، وجماعة. وتُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 436- عَبْد الحميد بْن عَبْد الله بْن هانئ. أبو هانئ النَّيسابوريّ4. سمع: أَبَا نُعَيْم وعبد المنعم بن إدريس.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "10/ 178، 179". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 3 الثقات لابن حبان "8/ 421". 4 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.

وعنه: الْحَسَن بْن يعقوب، ومحمد بْن عَبْد الله بْن دينار، وغيرهما. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين ومائتين. 437- عَبْد الرَّحْمَن بْن أزهر. أبو الْحَسَن الْبَغْدَادِيّ الأعور1. عن: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وغيره. وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ. 438- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خلف الضَّبّيّ الْبَصْرِيّ2. عن: أبي عليّ الحنفيّ، وعبد الله بْن رجاء. وعنه: القاضي المحامليّ، وإسماعيل الصّفّار. توفّي سنة سبعٍ وسبعين أيضًا. 439- عَبْد الرَّحْمَن بْن دَاوُد بْن أبي طيبة. أبو القاسم المصريّ الْمُقْرِئ، مَوْلَى آل عُمَر بْن الخطّاب3. أَخَذَ القراءة عرْضًا على أَبِيهِ. قرأ عليه: محمد بْن عَبْد الرحيم الإصبهانيّ، والحسن بْن عُمَيْر الرُّعَيْنيّ، وعبد الله بن الماء، ومطرِّف بْن عَبْد الرَّحْمَن الأندلسيّ، وآخرون. وكان من أَهْل الإتقان. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 440- عَبْد الرَّحْمَن بْن زياد بْن كُوشِيذ. أبو مسلم الإصبهاني التّانيء4

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 276". 2 تاريخ بغداد "10/ 275، 276". 3 انظر: غاية النهاية "1/ 386". 4 ذكر أخبار إصبهان "2/ 111، 112".

عن: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووَكِيع بْن الجرّاح. روى عَنْهُ: محمد بْن القاسم بْن كوفيّ. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين، عن مائة وسبْع سنين. وقِيلَ: بل عاش سبْعًا وتسعين سنة. 441- عَبْد الرَّحْمَن بْن سهل بْن محمود. أبو محمد بْن أبي السَّريّ1. عن: يحيى بْن معين، وغيره. وعنه: الْعَبَّاس الشَّكليّ، ومحمد بْن أَحْمَد الحكيميّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ تسعٍ وَسَبْعِينَ. 442- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الفضل الهاشميّ الحلبيّ2. عن: آدم بْن أبي إياس. وعنه: مُوسَى بْن عبّاس الْجُويْنيّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ وكنّاه أَبَا القاسم. 443- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُور. أبو سَعِيد الحارثيّ الْبَغْدَادِيّ، الْبَصْرِيّ الأصل. ويلقَّب كُرَيْزان3. سمع: يحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن هشام، ووهْب بْن جرير، وسالم بْن نوح. وعنه: ابن صاعد، وابن مخلد، وإسماعيل الصفار، وحمزة الهاشميّ، وأبو جَعْفَر البَخْتَرِيّ، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخُراسانيّ. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كتبت عنه مع الدي، تكلّموا فِيهِ. سَأَلت أبي عَنْهُ، فقال: شيخ. وقَالَ الدَّارقطنيّ: ليس بالقوي. مات يوم عيد النَّحر سنة إحدى وسبعين ومائتين.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 276". 2 انظر: تاريخ بغداد "10/ 276". 3 تاريخ بغداد "10/ 273".

444- عَبْد الرَّحْمَن بْن مرزوق بْن عطيّة1. أبو عوف الْبَغْدَادِيّ البُزُوريّ. سمع: عَبْد الوهاب بْن عطاء، ورَوْح بْن عُبَادة، وشَبَابة بْن سَوَّار، ويحيى بْن أبي بُكَيْر. وعنه: ابنُ البَخْتَرِيّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو سهل القطّان، وجماعة. قَالَ الدَّارقطنيّ: لا بأس به. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. فأمّا سمّية. 445- أبو عوف عَبْد الرَّحْمَن بْن مرزوق بْن عوف2. شيخ طَرَسُوس، كذّاب. قال ابن جبّان: كان يضع الحديث، جدّ محمد بْن المسيّب. ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْزُوقٍ بِطَرَسُوسَ: أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ: "لَنْ تَخْلُو الأَرْضُ مِنْ ثَلاثِينَ مِثْلَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ، بِهِمْ يُرْزَقُونَ وَبِهِمْ بمطرون". 446- عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن خاقان3. أبو عليّ. من بيت حشمة وتقدُّم. روى عن أحمد بن حنبل مسائل، رواها ابنُ أَخِيهِ أبو مزاحم مُوسَى بْن عُبَيْد الله. 447- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله. أَبُو القَاسِم الهاشميّ4.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "10/ 274، 275". 2 الميزان "2/ 588، 589". 3 تاريخ بغداد "10/ 278". 4 لم نقف عليه، ووثقه الذهبي.

عن: عَبْد الله بْن إِبْرَاهِيم الغِفَاريّ، وأبي عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ. وعنه: محمد بْن الْعَبَّاس، وابن نجيح، وإسماعيل الصّفّار. وكان ثقة. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 448- عَبْد الكريم بْن يعقوب بْن حُمَيْد. أبو القاسم القُرَشيّ القيسرانيّ1. عن: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ. وعنه: الطَّبرانيّ. 549- عَبْد الكريم بن الهيثم بن زياد بن عمان بن يحيى الدَّير عاقوليّ الْبَغْدَادِيّ2. القطّان. طوّف، وكتب الكثير. وسمع: أَبَا نُعَيْم، وسليمان بْن حرب، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وأبا اليمان الحكيم بْن نافع، وأبا بَكْر الحُمَيْديّ، وطبقتهم. وعنه: مُوسَى بْن هارون، وابن صاعد، وابن السّمّاك، وأبو سهل القطّان، وجماعة. قَالَ أَحْمَد بْن كامل: كتبنا عَنْهُ، وكان ثقة مأمونًا. وقَالَ الخطيب: كَانَ ثقة ثَبْتًا. مات في شعبان سنة ثمانٍ وسبعين. 450- عبيد المجيد بْن إِبْرَاهِيم البُوسَنْجيّ3. قاضي هَرَاة سمع: عَبْد الصَّمد بْن حسّان، وعبد الله بْن حسّان، وعبد الله بْن عُثْمَان، وعَبْدان المَرْوَزِيّين.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر: تاريخ بغداد "11/ 78"، وشذرات الذهب "2/ 172". 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.

وعنه: محمد بْن عَبْد الله بْن مَخْلَد، وغيره. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 451- عَبْد الملك بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الحميد بْن ميمون بن مهران. أبو الْحَسَن الميموني الرَّقّيّ1، صاحب الْإِمَام أَحْمَد. كان من جِلّة الفقهاء وكبار المحدِّثين. سمع: إِسْحَاق الأزرق، ومحمد بن عُبَيْد الطّنافسيّ، ورَوْح بْن عُبَادة، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وحَجّاج بْن محمد الأعور، والقَعْنبيّ. وعنه: ن. ووثّقه، وأبو عوانة، وأبو بَكْر بْن زياد النيَّسابوريّ، وأبو عليّ محمد بْن سَعِيد الحرّانيّ، ومحمد بْن المنذر شكر، وإبراهيم بْن محمد بْن متُّويه. تُوُفِّيَ فِي ربيع الأوّل سنة أربعٍ وسبعين. وكان شيخ بلده ومُفْتيه. 452- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه. أبو قِلابة الرّقاشيّ2. الحافظ العابد، رحمة الله عليه. عُني به أَبُوهُ، وأسمعه فِي صِغَره، وأشغله فِي العلم لِما رَأَى من ذكائه، فإنّه وُلد سنة تسعين ومائة. وسمع: يزيد بن هارون، وعبد الله بن بكر السَّهميّ، وأبا دَاوُد الطَّيالسيّ، ورَوْح بن عُبَادة، وبِشْر بْن عُمَر الزّهْرانيّ، وأبا عامر العَقَديّ، ووهْب بْن جرير، وأبا عاصم النبيل، وخلْقًا سواهم. وعنه: ق. ومحمد بْن إِسْحَاق الصّاغانيّ، وابن صاعد، وإسماعيل الصفار، وأبو بكر النجاد، وأبو سهل بن زياد، وإبراهيم بن علي الهجيمي، وأحمد بن كامل، وخلقا آخرهم أبو بكر الشافعي. وقع حديثه في السماء علوا لأصحاب ابن طبرزد، وهو مصري سكن بغداد. قال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ لكونه يحدِّث من حفظه.

_ 1 انظر: السير "13/ 89، 90"، والتهذيب "6/ 400". 2 انظر: تاريخ بغداد "10/ 425"، والسير "13/ 117، 179".

وقَالَ ابنُ كامل القاضي: حُكي أنّه كان يصلّي في اليوم واللّيلة أربعمائة رَكْعَةٍ. قَالَ: ويقال إنّه حدَّث من حِفْظه بستّين ألف حديث. قلت: الَّذِي كان يُصلّي أربعمائة ركعة هو والده فيما حكى أَحْمَد العِجْليّ فلعلّه فعل كأبيه. وقَالَ أَبُو عُبَيْد الآجُرّيّ: سألتُ أَبَا دَاوُد عَنْهُ، فقال: رَجُل صدوق أمين مأمون، كتبتُ عَنْهُ. وقَالَ محمد بْن جرير الطَّبريّ: ما زلت أحفظ من أبي قالبة. قلت: مات فِي شوّال سنة ستٍّ وسبعين. 453- عَبْد الواحد بْن شُعَيْب1. قاضي جبلة. عن: أبي اليمان، وسليمان ابنِ بِنْت شُرَحْبيل. وعنه: ابنُ جَوْصا، وخيثمة، وأبو عَمْرو بْن حليم، وجماعة. 454- عَبْد الواحد بْن فُلَيْح بْن رباح2. مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، المكّيّ، وأبو إِسْحَاق مقرئ أَهْل مكّة مع قُنْبُل. وُلِدَ سنة مائتين. وقرأ القرآن على: محمد بْن بزيع، وداود بْن أسد بْن عَبّاد، ومحمد بْن سعدون. قرأ عليه: إِسْحَاق بْن أَحْمَد الخزاعيّ المّكّي، وغيره. 455- عبدة بْن سُلَيْمَان. أبو سهل الْبَصْرِيّ3، نزيل مصر. عن: القعنبيّ، يوسف بْن عدي، وأحمد بْن عَبْد الله بْن يونس، وجماعة.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 426". 2 ينظر "معرفة القراء الكبار" للذهبي. 3 أخبار القضاة "3/ 13، 18".

وعنه: أسامة بْن عليّ الرَّازيّ، وأبو عوانة الإسفرائينيّ، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 456- عُبَيْد الله بْن رماحس بْن محمد بْن خَالِد بن حبيب بن جبير. أبو محمد القعنبيّ الجشمي1. حدّث برمادة الرَّمْلَةِ عن: زياد بْن طارق الْجَشَميّ. وعنه: أبو النَّجم بدْر الجمّاس الأمير، وأبو القاسم الطَّبَرَانِيّ، وأبو جَعْفَر أَحْمَد بن إِسْمَاعِيل بْن عاصم بْن القاسم، وآخرون. وكان شيخًا معمّرًا جاوز المائة. قَالَ ابنُ عَبْد البرّ فِي شِعْر زُهَير بْن صُرَد: رواه عُبَيْد الله، عن زياد بْن طارق، عن زياد بْن صُرَد، عن أَبِيهِ، عن حدّه زُهَيْر بْن صُرَد. قلت: فهذه علّة قويّة قادحة فِي قول من رواه عَنْهُ، عن زياد بْن طارق، عن زُهَيْر بْن صُرَد. وقد صرّح الطَّبراني فِي روايته، بسماع ابنُ رماحس، من زياد، وبسماع زياد من زُهير بْن صُرَد الصَّحابيّ. وممّن روى عن ابنُ رماح: أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وأبو محمد الْحَسَن بْن زَيْد الْجَعْفريّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن عِيسَى المقْدِسيّ. وبقي إِلَى سنة ثمانين ومائتين. 457- عُبّيْد اللَّه بْن سعَيِد بْن كثير بْن عُفَيْر. أبو القاسم المصريّ2. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ أيضًا فِي آخرها. روى عن: أَبِيهِ، وجماعة. روى عَنْهُ: الْحُسَيْن بْن إِسْحَاق الإصبهانيّ، وعليّ بن الحسن بن قديد، وآخرون.

_ 1 انظر: تاريخ جرجان "542". 2 الميزان "3/ 9".

قال ابن حبّان: يروي عن الثّقات الأشياء المقلوبات. لا يشبه حديثه حديث الثّقات، ولا يجوز الاحتجاج به. قلت: روى عن ابنُ قُدَيْد، عن أَبِيهِ سَعِيد حكاية إِبْرَاهِيم بْن سعد، أنّه حلف لا يحدِّث بغداد حَتَّى يغّني. وروى عَنْهُ الْحُسَيْن، عن أَبِيهِ، عن مالك، بإسناد الصّحيحين، حديثًا منكرًا جدًا. 458- عُبَيْد الله بْن واصل بْن عَبْد الشَّكور بن زين1. الإمام أبو الفضل الزَّينّ، البطل الشجاع الْبُخَارِيّ الحافظ. رحل وسمع: أَبَا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وعَبْدان بن عُثْمَان المَرْوَزِيُّ، ويحيى بن يحيى التميّميّ، ومسددًا، عبد السلام بْن مطهّر، وَخَلْقًا من طبقتهم. وعنه: محمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ وهو أكبر منه، وصالح بن محمد وسبعين، وأهل بُخَارى. وُجِد مقتولًا إِلَى رحمة الله في سنة سبعين، وقِيلَ: فِي سنة اثنتين وسبعين فِي شوّال، فِي وقعة خُوكيجة شهيدًا. ومولده سنة إحدى مائتين، وكان أَبُوهُ ممّن رحل أيضًا، وأدرك ابنُ عُيَيْنَة، وابن وهْب؛ وأكثر عَنْهُ ولده. وآخر من روى عن عُبَيْد الله الأستاذ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب الحارثيّ. وكان موصوفًا بالشّجاعة، له شأن بين المجاهدين، رحمه الله تعالى. قَالَ السُّليمانيّ: روى عَنْهُ شيوخنا. قَالَ: وكان الْبُخَارِيّ يفتتح به. لقي: سَعِيد بْن مَنْصُور، وسهل بْن بكّار، وهلال بْن فَيّاض، وسمّى جماعة. 459- عُبَيْد الله بْن محمد بْن يحيى بْن حَمْزَةَ البَتَلْهيّ الدِّمشقيّ2. أخو أحمد بن محمد.

_ 1 السير "13/ 238، 239". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.

روى عن: أبيه، وأبي الجماهر محمد بْن عُثْمَان، وغيرهما. وعنه: ابنه أَحْمَد بْن عُبَيْد، وابن جَوْصا، وأبو الميمون بْن راشد. تُوُفِّيَ سنة ثمانين ومائتين. 460- عُثْمَان بْن سَعِيد بْن خَالِد بْن سَعِيد الحافظ1. أبو سَعِيد الدّارميّ السِّجستانيّ. محدِّث هَرَاة. وأحد الأعلام. طوَّف الأقاليم، ولقي الكبار، وسمع: أَبَا اليمان الحمصيّ، ويحيى الوُحَاظيّ، وحَيَوة بْن شُرَيْح بحمص. وسعيد بْن أبي مريم، وعبد الغفار بْن دَاوُد الحرّانيّ، ونُعَيْم بْن حمّاد، وطبقتهم بمصر. وسليمان بْن حرب، وموسى بْن إِسْمَاعِيل التُّبوذكيّ، وخلْقًا بالعراق. وهشام بْن عمّار، وحمّاد بْن مالك الحرستانيّ، وطائفة بدمشق. وأخذ علم الحديث عن: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وإسحاق بْن رَاهَوَيْه، ويحيى بْن معين. وعنه: أبو عُمَر أَحْمَد بْن محمد الحِيريّ، ومؤملّ بْن الْحَسَن الماسَرْجسيّ، وأحمد بْن محمد الأزْهريّ، ومحمد ابن عبدوس الطريفيّ، وأبو النَّصر محمد بْن محمد الطُّوسي الفقيه، وحامد الرّفّاء، وأحمد بن محمد العنبري، وطائفة. قال ابن الفضل يعقوب الهرويّ ابنُ الفُرات: ما رأينا مثل عُثْمَان بْن سَعِيد، ولا رَأَى هُوَ مثل نفسه: أَخَذَ الأدب عن ابنِ الأعرابيّ، والفِقْه عن أبي يعقوب البُويْطيّ، والحديث عن عليّ بْن المَدِينيّ، ويحيى بْن معين، وتقدَّم فِي هَذِهِ العلوم، رحمه الله. وقَالَ الحافظ أبو حامد الْأَعْمَش: ما رَأَيْت فِي المحدِّثين مثل: محمد بْن يحيى، وعثمان بْن سَعِيد، ويعقوب الفَسَويّ. وقَالَ أبو عبد الله بْن أبي ذهل: قلت لأبي الفضل بْن إِسْحَاق الهَرَويّ: رَأَيْت أفضل من عثمان الدّارميّ؟.

_ 1 انظر: السير "13/ 319-326".

فأطرق ساعةً، ثُمّ قَالَ: نعم، إِبْرَاهِيم الحربيّ! قال أبو الفضل: لقد كنّا فِي مجلس عُثْمَان غير مرّة، ومرَّ به الأمير عَمْرو بْن اللَّيث فسلَّم عليه، فقال: عليكم. ثنا مسدَّد: ولم يزد على هَذَا. وقَالَ ابنُ عَبْدُوس الطّريفيّ: لمّا أردت الخروج إِلَى عُثْمَان بْن سَعِيد، كتب لي ابنُ خُزَيْمَة إليه، فدخلت هَرَاة فِي ربيع الأوّل سنة ثمانين. فقرأ الكتاب ورحَّب بي، وسألني عن ابنُ خُزَيْمَة، ثُمّ قَالَ: يا فتى مَتَى قدِمْت؟ قلت: غدًا. قَالَ: يا بني، فارجع اليوم فإنّك لن تقدم بعد. قلت: كأنه ما كان عرف اللّسان العربيّ جيدًّا، فقال غدًا، وظنّها أمس. وللدّارميّ كتابًا فِي الرّدّ على الْجَهْميّة، سمعناه، وكتاب في الرّدّ على بشر المريسيّ، وسمعناه. وكان جِذْعًا فِي أَعْيُن المجتهدين المبتدِعين. وصنَّف مُسْنَدًا كبيرًا. وهو الَّذِي قام على محمد بْن كرّام، وطرده من هَرَاة، فيما قَيِل. قَالَ أبو إِسْحَاق أَحْمَد بْن محمد بْن يُونُس الهَرَويّ، وأبو يعقوب بْن الفُرات إنّه توفّي في ذ الحجّة سنة ثمانين. وَوَهِمَ من قَالَ: سنة اثنتين وثمانين. قَالَ الحاكم: سمعت أَبَا الطَّيَّب محمد بْن أَحْمَد الورّاق: سمعت أَبَا بَكْر الفسويّ: سمعت عثمان بن سعيد الدّارميّ: قَالَ لي رَجُل ممّن يحسدني: ماذا كنت لولا العلم؟ فقلت: أردتُ شيئًا فصار قريبًا. سمعت نُعَيْم بْن حَمَّاد يقول: سمعت أَبَا مُعَاوِيَة يقول: قَالَ الْأَعْمَش: لولا العلم لكنتُ بقّالًا. وأنا لولا العِلْم لكنتُ بزّازًا من بزّازي سَجِسْتان. قَالَ عُثْمَان الدّارميّ: من لم يجمع حديث شعبة، وسفيان، مالك، وحمّاد بْن زَيْد، وابن عُيَيْنَة، فهو مُفْلِس فِي الحديث. يعنيّ أنّه ما بلغ رُتْبة الحُفّاظ فِي العلم. ولا ريب أنّ من حصل على علم هَؤُلَاء الأكابر الأئمّة الخمسة، وأحاط بمُرْوِيّاتهم عاليًا ونازلًا، فقد حصل على ثُلثَي السُّنّة، أو نحو ذلك. 461- عُثْمَان بْن سعيد. أبو بكر الإستراباذيّ الإسكافيّ1.

_ 1 وثقه الذهبي، والإسكافي من يقوم بصناعة الأحذية.

فقيه أسْتراباذ، وشيخها. كان ثقة ورِعًا محدِّثًا. روى عن: إِسْمَاعِيل بْن أبي أُوَيْس، وطبقته. وعنه: أبو نُعَيْم عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عدِيّ. وتُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 462- عُثْمَان بْن عَبْد الله بْن أبي جميل. أبو سَعِيد الْقُرَشِيّ الدمشقي1. عن: مروان بْن محمد الطَّاهريّ، وحجّاج بن محمد، وهشام بن عمّار. وعنه: عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الأشقر، وأبي الميمون بْن راشد. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين ومائتين. 463- عصمة بْن إِبْرَاهِيم. أبو صالح النَّيسابوريّ البِيليّ2، بالباء، الزّاهد العدْل. قَالَ الحاكم: كان من الأبدال. وهو عصمة بْن أبي عصمة. سمع: عَبْدان بْن عُثْمَان، والقَعْنَبيّ، ويحيى بْن يحيى، وجماعة. وعنه: إبراهيم بن أبي طال، وأحمد بْن محمد الشَّرقيّ، وأحمد بْن عليّ الرَّازيّ، ومحمد بْن القاسم العَتَكيّ. قَالَ ابنه إِبْرَاهِيم: تُوُفِّيَ سنة ثمانين رحمه الله. 464- عليّ بن إبراهيم بن عبد المجيد. أبو الحسن الواسطيّ نزيل بغداد3. سمع: يزيد بْن هارون، ووهب بن جرير، وجماعة.

_ 1 في عداد العلماء المستورين، وهو لا بأس به. 2 تاريخ جرجان "338". 3 انظر: تاريخ بغداد "11/ 335"، والتهذيب "7/ 281".

وعنه: ابن صاعد، وأبو عمرو بن السّمّاك، وأبو سهل القطّان، وأبو بَكْر النّجّاد، وآخرون. وثّقه الدّارَقُطْنِيّ، وغيره. مات فِي رمضان سنة أربع وسبعين. وَفِي صحيح "خ": ثنا رَوْح بْن عُبَادة. فقال الحكم: هُوَ الواسطيّ هَذَا. وقَالَ ابنُ عديّ الْجُرْجانيّ: يشبه أن يكون عليّ بْن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن أشكاب. والله أعلم. 465- عليّ بْن إِسْمَاعِيل. أبو الحسن البغداديّ علويه1. عن: عفان: عمرو بن مرزوق. وعنه: ابن صاعد، وأبو عونة، وأبو الْحُسَيْن بْن المنادي. تُوُفِّيَ فِي صفر سنة إحدى وسبعين ومائتين. 466- عليّ بْن الْحَسَن بْن عرفة العبْديّ2. روى عن: أَبِيهِ، ويحيى بْن أيّوب العابد. وعنه: عبد الله بن محمد العطش. وثقه الدارقطني. توفي سنة سبعٍ وسبعين. 467- عليّ بن الحسم الهسنجاني الرازي3. ثقة صاحب حديث ومِطْواف. سمع: سعيد بن أبي مريم، وأبا الولد، وأبا الجماهر محمد بن عُثْمَان، وأبا تَوْبة الحلبيّ، وخلْقًا.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "11/ 343". 2 تاريخ بغداد "11/ 374". 3 الجرح والتعديل "6/ 181".

وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم ووثَّقه، ومحمد بْن قارن الرَّازيّ، وعبد الرَّحْمَن الجلاب، وغيرهم. قال أبو الشّيخ: توفّي في سنة خمسٍ وسبعين. 468- عليّ بْن الْحَسَن الهَرْثميّ1. عن: سعيد بن سلمان الواسطيّ، وإبراهيم بن عبد الله النَّضراباذيّ، وأبي زُرْعة الرَّازيّ. وعنه: ابنُ ماجة فِي تفسيره، وابن أبي حاتم. ويجوز أن يكون هُوَ الهسنْجانيّ المذكور. 469- عليّ بْن الْحَسَن بْن عَبْدَويْه2. أبو الْحَسَن الْبَغْدَادِيّ الخزّاز. كان صدوقًا. روى عن: عَبْد الله بْن بَكْر، وأبي النَّضر هاشم بن القاسم، وحَجّاج الأعور. وعنه: أبو بَكْر النّجّاد، والشّافعيّ، ومُكْرم، وغيرهم. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. 470- عليّ بْن حمّاد بْن السَّكن الْبَغْدَادِيّ البزّاز3. عن: يزيد بْن هارون، وأبي النَّضر، ومحمد بْن عُمَر الواقديّ. وعنه: الطَّستيّ، وأبو بَكْر الشّافعيّ. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: متروك. 471- عليّ بْن دَاوُد بْن يزيد. أبو الحسن التَّميميّ القنطريّ البغداديّ الأدميّ4.

_ 1 انظر السابق. 2 أخبار القضاة "2/ 199". 3 انظر: تاريخ بغداد "11/ 420". 4 تاريخ بغداد "11/ 424"، التهذيب "7/ 317".

محدِّث رحّال. سمع: محمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مريم، وآدم بْن أبي إياس، وطبقتهم. وعنه: ق. وإبراهيم الحربي من أقرانه، وإسماعيل الصّفّار، والهيثم بْن كليب الشاشي، ومحمد بن أَحْمَد الحكيمي، وجماعة. وثّقه الخطيب. وتُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 472- عليّ بْن سهل بْن المغيرة. أبو الْحَسَن النَّسائيّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ البزّاز1. سمع: أَبَا بدْر شجاع بْن الْوَلِيد، وعبد الوهاب بْن عطاء، ويحيى بْن أبي بُكَيْر، ومحمد بْن عُبَيْد، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، وطائفة. وعنه: ابنُ صاعد، وعليّ بْن عُبَيْد الحافظ، ومحمد بْن أَحْمَد الحكيميّ، وإسماعيل الصّفّار، وجماعة. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق. قلت: تُوُفِّيَ هُوَ وعَلُّويه بْن إِسْمَاعِيل المذكور في يومٍ واحد، فِي صفر سنة إحدى وسبعين. 473- عليّ بْن شَيْبَة بْن الصَّلت السُّدوسي2. مولاهم الْبَصْرِيّ، نزيل مصر. أخو الحافظ يعقوب بْن شَيْبَة. روى عن: يزيد بْن هارون، والحسن بْن مُوسَى الأشيب. وعنه: عبد العزيز الغافقي، وغيره. توفي سنة اثنتين وسبعين. 474- علي بن العباس بن واضح النَّسائي3.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 429"، السير "13/ 159". 2 انظر: تاريخ بغداد "11/ 436". 3 تاريخ بغداد "12/ 22، 23".

ثقة فاضل، نزيل بغداد. وروى عن: عفّان، وأحمد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وإسماعيل الصّفّار. تُوُفِّيَ سنة أربع. 475- عليّ بْن عَبْد الله الثَّقفيّ الإصبهانيّ المؤدِّب1. عن: بَكْر بْن بكّار. وعنه: عَبْد الله بْن الْحَسَن بْن بُنْدار. 476- علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن المغيرة المخزوميّ المصريّ عَلّان2. أبو الْحَسَن. محدِّث نبيل، أغفله أبو سَعِيد بْن يُونُس. سمع، آدم بْن أبي إياس، وخلّاد بْن يحيى، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وسعيد بن أبي مريم، وطبقتهم. وعنه: أبو جعفر الطَّحاويّ، وأبو عليّ ين حبيب الحصائريّ، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوري، وأحمد بْن مَسْعُود الزَّنبريّ، وأبو عليّ بْن فَضَالَةَ، ومحمد بْن يوسف الهرويّ، وجماعة. وقد روى أبو عَبْد الرَّحْمَن النَّسائي فِي كتاب اليوم واللّيلة حديثًا عن زكريّا خيّاط السُّنة، عَنْهُ. قَالَ الطَّحاويّ: تُوُفِّيَ فِي شعبان سنة اثنتين وسبعين. 477- عليّ بْن عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عُثْمَان بْن نُفَيْل3. أبو الحسن. عن: يحيى بن بكر، وطبقته. مات بمصر فِي رمضان سنة ثمانين ومائتين.

_ 1 ذكر أخبار إصبهان "2/ 5". 2 السير "13/ 141"، والتهذيب "7/ 360". 3 انظر: التهذيب "7/ 364".

478- عليّ بْن المنجّم1. أحد الأدباء والظُّرفاء. كان رئيسًا إخباريًّا، شاعرًا مُجِيدًا. نادم المتوكّل والخلفاء بعده. ولمّا مات رثاه ابنُ المعتزّ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. وقد أَخَذَ عن إِسْحَاق الْمَوْصِلِيّ، وغيره. وعاش أربعًا وأربعين سنة. ومن شِعره: بأبي والله مَنْ طَرَقا ... كابْتِسام الْبَرْقِ إذ خفقا زادني شَوْقًا برؤْيتِهِ ... وَحَشَا قلبي به حُرَقا 479- عِمران بْن بكّار بْن راشد2. أبو مُوسَى الكّلاعيّ الحمصيّ البرّاد المؤذّن سمع: محمد بْن حُمَيْد البلْخيّ، وأبا المغيرة الخَوْلانيّ، وأحمد بن خَالِد الوهْبيّ، وعُتْبة بْن السَّكن، وجماعة. ولم يرحل. وعنه: ن. ثقة، وأبو بَكْر بْن أبي عاصم، وأبو عوانة، خيثمة بْن سُلَيْمَان، وعبد الله بْن زَبْر، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 480- عِمران بْن مُوسَى الطَّرسوسيّ3. أبو مُوسَى. عن: عفّان، وأبي جَابِر محمد بْن عَبْد الملك، وسُنَيْد بْن دَاوُد. وعنه: أبو حاتم، سعيد بْن عَمْرو البَرْدَعيّ، وجماعة. قَالَ أبو حاتم: صدوق.

_ 1 السير "13/ 282". 2 السير "13/ 142، 143"، والتهذيب "8/ 124". 3 انظر: الجرح والتعديل "6/ 306".

481- عُمَر بْن حَفْصون1. رأس الخوارج بجزيرة الأندلس. ظهر من أعمال ريَّة، وكاد أن يغلب على الأندلس، وأتعبَ السّلاطين. وطال أمره، وعظم البلاء به. وكان جلدًا فاتكًا. وكان يتحصَّن بقلعةٍ منيعة. وجرت له أمور يطول شرحها، إِلَى أن قُتِلَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. ذكره الحُمَيْديّ وقَالَ: ثنا أبو محمد عَبْد الله بْن سبعون القَيروانيّ أنّه من ذُرّيّته. 482- عِمران بْن مُوسَى الْمَوْصِلِيّ القصير2. عن: يزيد بْن هارون، وكثير بْن هشام. وعنه: يزيد بْن محمد بْن إياس الأزْديّ وقَالَ: لم يكن من أَهْل الحديث. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. 483- عِمْرَانَ بْن عَبْد الله. أبو مُوسَى الْبُخَارِيّ النَّوري الحافظ3. قَالَ ابنُ ماكولا: ونور من أعمال بُخَارِيّ. روى عن: أَحْمَد بْن حَفْص، ومحمد بْن سلّام البكنديّ، وحيّان بْن مُوسَى، ومحمد بْن حَفْص البْلخيّ، وغيرهم. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن رُفَيْد، وعبد الله بْن مَنِيح. 484- عُمَر بْن محمد الشَّطويّ4. عن: أسد الجمّال. وعنه: ابن مخلد، والشّافعيّ.

_ 1 جذوة المقتبس "1162". 2 لم نقف عليه. 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 4 تاريخ بغداد "11/ 213".

485- عُمَر بْن محمد بْن الحكم النَّسائيّ1. عن: خليفة بْن خيّاط، وعبد الأعلى بْن حمّاد، وطائفة. وكان إخباريًا علَّامة. رحل إِلَى الشّام، وغيرها. روى عَنْهُ: محمد بْن مَخْلَد، ومحمد بْن أَحْمَد الحكيميّ، والخرائطيّ. 486- عَمْرو بْن يحيى بْن الْحَارِث الحمصيّ الزّنْجاويّ2. عن: المُعَافيّ بْن سُلَيْمَان الرَّسعنيّ، ومحبوب بْن مُوسَى، وأحمد بْن أبي شُعَيْب الحرّانيّ، وجماعة. وله رحلة. روى عَنْهُ: ن. وأحمد بْن محمد الرشيديّ، وعيسى بن العباس بن ورد. وثقه النَّسائي. وقد حدَّث سنة تسعٍ وسبعين. 487- عِيسَى بْن إِسْحَاق الخطْميّ الْأَنْصَارِيّ3. أبو الْعَبَّاس، أخو مُوسَى. عن: خلف البزّار، وأبي الرَّبِيع الزَّهرانيّ، وعبد المنعم بن إدريس. وعنه: ابنُ قانع، وأحمد بن كامل، وأبو سهل بن زياد، وأبو عمر الزّاهد وقَالَ: كان يُقَالُ إنّه من الأبدال. قَالَ الخطيب: كان ثقة عابدًا. مات قبل الثمانين ومائتين، رحمه الله. 488- عَمْرو بْن ثور بْن عَمْرو الحِزَاميّ القَيْسرانيّ4. عن: محمد بْن يوسف الفريابيّ.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "11/ 213". 2 التهذيب "8/ 117، 118". 3 تاريخ بغداد "11/ 171، 172". 4 من شيوخ الطبراني، ولم نقف عليه.

وعنه: خَيْثَمَة بْن سُلَيْمَان، والطَّبَرَانِيّ. تُوُفِّيَ سنة تسع وسبعين. 489- عَمْرو بْن سَلَمَةَ الجعفي القزويني1. عن: محمد بْن سَعِيد بْن سابق، وداود بْن إِبْرَاهِيم العُقَيْليّ، وخلف بْن الْوَلِيد. وعنه: إِسْحَاق الكشّاف، وعليّ بْن محمد مهْرويّه، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وجماعة من أَهْل قَزْوين. وثّقه الخليليّ، وقَالَ: مات سنة اثنتين وسبعين. وقيل: في أوّل سنة ثلاثٍ. 490- عمير بن مرداس. أبو سَعِيد الدّويقيّ2. قَالَ الخليلي: ثقة مشهور. سمع: عَبْد الله بْن نافع الزُّبَيْريّ، ومطرِّف بْن عَبْد الله، ويحيى بْن بُكَيْر، وطبقتهم. يروي عَنْهُ: القطّان. بقي إِلَى قرب الثمانين ومائتين. 491- عِيسَى بْن جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ الورّاق3. ثقة ورع، بطلٌ شجاع مجاهد. سمع: أَبَا بدْر شجاع بْن الْوَلِيد، وشَبَابة بْن سَوّار. وعنه: المَحَامِليّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو الْحُسَيْن بْن المنادي، وجماعة. توفيّ سنة اثنتين.

_ 1 التدوين "3/ 466" للقزويني. 2 ينظر في "الإرشاد" للخليلي. 3 السير "13/ 144".

492- عِيسَى بْن عَبْد الله بْن سَيّار بْن دولويه الْبَغْدَادِيّ. أبو مُوسَى الطَّيالسي رغاث1. سمع: عُبَيْد الله بن موسى، وأبا عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بن خُزَيْمَة، وابن نجِيح، وأبو بَكْر الشّافعيّ. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين فِي شوّال. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة. ووصفه بعضهم بالحِفْظ والمعرفة. 493- عِيسَى بْن محمد بْن مَنْصُور2. أبو مُوسَى الإسكافيّ. عن: عليّ بْن إِسْحَاق المادرائي، وابن السّمّاك، وجماعة. وهو مستقيم الحديث. 494- عِيسَى بْن عَبْد الله. أبو عمر، وأبو حسّان العثمانيّ الْبَغْدَادِيّ3. روى عن: ابنُ أبي الشَّوارب، وعليّ بن حجر، وأبي حَفْص الفلّاس. وأتى بالطَّامّات، وادّعى السماع من ابنة بِنْت أَنَس بْن مالك، عن ابنها. قَالَ جَعْفَر المستغفريّ: وهذا يكفيه فِي الفضيحة. قلت: روى عَنْهُ: عَبْد المؤمن بْن خلف النَّسفيّ، ومحمد بْن زكريّا النسَّفيّ، وغيرهما. "حرف الفاء": 495- الفتْحُ بْن شُخْرُف4. أبو نصر الكشّي الزّاهد، نزيل بغداد، ومن كبار مشايخ الصُّوفية.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 170". 2 انظر: تاريخ بغداد "11/ 169، 170". 3 في عداد المتروكين. 4 تاريخ بغداد "12/ 384-388".

روى عن: جَابِر بْن رجاء الحافظ، والجارود بْن مُعَاذ التِّرمذيّ. وجماعة. وعنه: محمد بْن أَحْمَد الحكيميّ، وأبو بَكْر النّجّاد، وأبو عَمْرو بْن السّمّاك، ومحمد بْن مَخْلَد العطار، وآخرون. وكان عابدًا سائحًا كبير الشأن. رَأَى: أَحْمَد، والقاسم، وابن أبي الحواري الْجَوْعيّ. وجُلّ روايته حكايات. قَالَ أبو محمد الجريريّ: قَالَ لي فتح بْن شخرف: من إعجابي بكلّ شيء جيّد أنّ عندي قَلَمٌ كتبتُ به أربعين سنة. وكنت أكتب به باللّيل والنّهار فِي ضوء القمر، فإذا انشعب رأسه قطَطْتُه، وهو عندي، فأخرجه من أُنْبوبة نحاس. وقَالَ جَعْفَر الخلديّ: رَأَيْت الفتح بْن شخرف، وكان صالحًا زاهدًا. لم يكن يأكل الخُبز ثلاثين سنة. وكان له أخلاق حَسنة. وكان يُطعم الفقراء الطّعام الطّيّب. وقَالَ ابنُ البَربَهاريّ: سمعت الفتح يقول: رأيتُ ربّ العِزّة فِي المنام، فقال لي: يا فتح، احذر لا آخذك على غِرّة. قَالَ: فتُهْت فِي الجبال سبْعَ سنين. وقِيلَ: إنّ الفتح بْن شخرف قرأ أربعين ألْف صَفْحة. والله أعلم. ولمّا مات كَانَتْ له جنازة عظيمة، وشيّعه خلائق. تُوُفِّيَ فِي شوّال سنة ثلاثٍ وسبعين. 496- الفضل بْن حمّاد الأنطاكيّ1. عن: عيس بْن سُلَيْمَان الحجازي، وغيره. لا أعرفه. وكذا:

_ 1 في عداد المجهولين.

497- الفضل بْن حَمَّاد الواسطيّ1. يروي عن: محمد بن وزير. ذكره ابنُ أبي حاتم، ولم يزد. 498- الفضل بْن الحكم العدْل2. أبو الْعَبَّاس الخُراسانيّ التاجر. عن: عبْدان بْن عُثْمَان، ويحيى بْن يحيى، وجماعة. وعنه: أبو حامد بْن الشَّرقيّ، ومحمد بن القاسم العَتَكيّ. وكان من كبار أصحاب يحيى بْن يحيى. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ أيضًا. 499- الفضل بْن حَمَّاد الفارسيّ الخبريّ الحافظ3. صاحب المُسْنَد الكبير. رحل وسمع: ابنَ أبي مريم، وسعيد بْن عُفَيْر، وطبقتهما. وعنه: أبو بَكْر بْن سعدان الشّيرازيّ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد. 500- الفضل بْن الْعَبَّاس بْن مهران4. عن: خلف بْن هشام. وعنه: عليّ بْن الْحَسَن بْن العبد، وأحمد بْن عَبْد الحكيم البصْريّان، وغيرهما. 501- الفضل بْن الْعَبَّاس. أبو مَعْشَر الهَرَويّ5. رحل وأخذ عن: قُتَيْبَةَ بْن سعيد، وسويد بن سعيد، وطائفة.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 60". 2 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 4 لم نقف عليه. 5 انظر السابق.

وَتُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. 502- الفضل بْن الْعَبَّاس. أبو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ، ثُمَّ الحلبيّ1. عن: القَعْنَبيّ، وعفّان، وسَعْدَوَيْه، وعاصم بْن عليّ، ومعاوية بن عمرو، الأزديّ، وخلق. وعنه: ن. ومحمد بن بركة بْن داعس، ومحمد بْن المنذر شكر، وعليّ بْن الْحَسَن بْن العبد، والطَّبرانيّ، ومحمد ابن جَعْفَر السّقّاء الحلبيّ. قَالَ النَّسائي: ليس به بأس. 503- الفضل بْن عُمَيْر بْن عَثْم. أبو الحسن التميمي المروزي2. نزل بخاري، وحدَّث عن: عَبْدان المَرْوَزِيُّ، وسليمان بْن حرب، وأبي الْوَلِيد الطَّيالسيّ، ويحيى بْن يحيى، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن سُلَيْمَان فرينام، ومحمد بْن أَحْمَد بْن مَرْدَك. تُوُفِّيَ بالشاش فِي صفر سنة خمسٍ وسبعين، ورّخه غنجار، وابن ماكولا. عَثْم: مثلَّثة. 504- الفضل بْن محمد بْن يحيى بْن الْمُبَارَك3. أبو الْعَبَّاس اليزيديّ الأديب. من بيت العربيّة والأدب. روى عن: محمد بْن سلّام الْجُمَحيّ، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم الْمَوْصِلِيّ، ومحمد بْن صالح بْن النّطّاح، والمازنيّ. وبرع فِي فنون عِلم اللّسان. روى عَنْهُ: محمد بن أَحْمَد الحكيميّ، ومحمد بْن عبد الملك التّاريخيّ، وأبو عليّ الطُّوبياريّ. توفّي سنة ثمانٍ وسبعين.

_ 1 التهذيب "8/ 279". 2 المشتبه "2/ 487". 3 انظر: تاريخ بغداد "12/ 370".

505- الفضل بْن يوسف. أبو الْعَبَّاس القصبانيّ الكوفيّ1. يروي عن: أبي غسّان النَّهديّ، وغيره. وعنه: ابنُ عُقدة، وخَيْثَمَة. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 506- فهد بْن سُلَيْمَان. أبو محمد الكوفيّ الدّلّال النّحّاس2. نزيل مصر. سمع: أَبَا مسهر الغسّانيّ، ويحيى بْن عَبْد الله البابْلُتّيّ، وأبا نُعَيْم، وجماعة كثيرة. وعنه: أبو جَعْفَر الطَّحاويّ، وعليّ بن سراج المصري، والحسن بْن حبيب الحصائريّ، وابن جَوْصا، وأبو الفوارس الصّابونيّ. قَالَ ابنُ يُونُس: كان دلّالًا فِي البَزّ. وكان ثقة ثبْتًا. تُوُفِّيَ فِي صفر سنة خمسٍ أيضًا. 507- فهد بْن مُوسَى بْن أبي رباح القاضي3. أبو الخير الأزْديّ الفقيه الإسكنْدرانيّ. قاضي الإسكندرية. روى بدمشق عن: عَبْد الله بْن صالح كاتب اللَّيث، وعبد الله بْن عَبْد الحكم، ويحيى بْن بُكَيْر. وعنه: محمد بْن جَعْفَر بْن ملّاس، وأبو الميمون بن راشد، وأبو الدَّحداح لأحمد بْن محمد. تُوُفِّيَ فِي شعبان سنة سبعين، وقيل: سنة خمسٍ وسبعين. والأوّل أصحّ.

_ 1 الثقات لابن حبان "9/ 8". 2 تاريخ جرجان "265". 3 لا بأس به، وينظر في "حسن المحاضرة".

"حرف القاف": 508- القاسم بْن الْحَسَن. أبو محمد الهمْدانيّ الْبَغْدَادِيّ الصّائغ المتكلِّم1. ثقة صدوق عالم. سمع: يزيد بن هارون، وعبد الله المادَرَائيّ، والهيثم بْن كُلَيْب فِي مُسْنَده، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائتين بمصر. وثّقه الخطيب. 509- القاسم بْن زهير بْن حرب النَّسائيّ2. عن: عمه أبي خيثمة زُهير بْن حرب، وعفان بْن مُسْلِم، ومحمد بْن سابق، وجماعة. وعنه: عليّ بْن إِسْحَاق المادَرَائيّ، وحمزة الدِّهقان. وثّقه الخطيب. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين. 510- القاسم بْن عَبَّاس. أبو محمد المعشريّ الْبَغْدَادِيّ الفقيه سِبْط أبي معشر السِّنديّ المدنيّ3. شيخ صدوق، يروي عن. أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، ومُسَدّد. وعنه: ابن السماك، وأبو بكر الشافعي. توفي سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين. 511- القاسم بن عبد الله بن المغيرة البغداديّ الجوهريّ4.

_ 1 انظر: "حسن المحاضرة". 2 تاريخ بغداد "12/ 432". 3 انظر: تاريخ بغداد "2/ 436". 4 تاريخ بغداد "12/ 433".

ثقة صاحب حديث. سمع: عَبْد الصمد بْن النُّعمان، وحسين بْن محمد المَرْوَزِيُّ، وأبا نُعَيْم، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن الْعَبَّاس بْن نجيح، وعبد الله الخُراسانيّ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 512- القاسم بْن محمد بن قاسم بْن محمد بْن سيّار1. مَوْلَى الْوَلِيد بْن عَبْد الملك. أَبُو محمد الأندلسيّ القرطبيّ الفقه. أحد الأعلام. رحل وأخذ عن الأئمّةِ: الْحَارِث بْن مِسْكين، وإبراهيم بْن المنذر الحِزاميّ، وأبي طاهر السّرْح، وإبراهيم بن محمد الشّافعيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأبي إِبْرَاهِيم المُزَنيّ، وطائفة. ولزِم مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَتَّى برع فِي الفِقْه، وفاق أَهْل عصره، وصار إمامًا مجتهدًا لا يقلَّد أحدًا. وقد ألفّ كتاب الإيضاح فِي الرَّدّ على المقلِّدين، وكان يميل إِلَى مذهب الشّافعيّ وأهل الأثر. تفقَّه به خلق بالأندلس، وروى عَنْهُ: الأعناقيّ، وأحمد بْن خَالِد بْن الحُبَاب، ومحمد بْن عُمَر بْن لُبانة، وابنه محمد ن قاسم، ومحمد بْن عَبْد الملك بْن أَعْيَن، وآخرون. واسم صاحبه الأعناقيّ: سَعِيد بْن عُثْمَان. قَالَ ابنُ الفَرَضي: لزم ابنُ عَبْد الحكم التّفقَّه والمناظرة، وتحقّق به وبالمزنيّ. وكان يذهب مذهب الحجَّة والنَّظر، وترْك التقليد. ويميل إِلَى مذهب الشّافعيّ. ولم يكن بالأندلس مثل قاسم فِي حُسْن النَّظر والبَصَر بالحُجَّة. وقَالَ أَحْمَد بْن خَالِد: ما رَأَيْت مثل قاسم فِي الفقه مِمَّنْ دخل الأندلس من أهل الرجال.

_ 1 جذوة المقتبس "764".

وقَالَ محمد بْن عَبْد الله بْن قاسم الزّاهد: سمعت بقيَّ بْن مَخْلَد يقول: قاسم بْن محمد أعلم من مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وقَالَ أسلم بْن عَبْد الْعَزِيز: سمعت ابنُ عَبْد الحكم يقول: لم يَقْدَم علينا من الأندلس أحد أعلم من قاسم بْن محمد. ولقد عاتبته حين رجوعه إِلَى الأندلس، قلت: أقِمْ عندنا فإنّك تعتقد هنا رئاسة، ويحتاج النّاس إليك. فقال: لا بُدّ من الوطن. قَالَ ابنُ الفَرضيّ: ألَّف قاسم فِي الرّدّ على يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن مزْين. وعبد الله بْن خَالِد، والعتبيّ كتابًا نبيلًا دل على علم. وله كتابٌ شريف فِي خبر الواحد يلي وثائق الأمير محمد، يعني صاحب الأندلس، طول أيّامه. وقَالَ أبو عليّ الغسّانيّ: سمعت ابنُ عَبْد البر يقول: لم يكن أحدٌ ببلدنا أفقه من قاسم بْن محمد، وأحمد بْن خَالِد بْن الْحُبَاب. توفّي سنة ستٍّ وسبعين، قيل فِي أول سنة سبْع. 513- القاسم بْن منّبه الحربيّ1. عن: بِشْر الحافي. وعنه: محمد بن شجاع، وأبو جَعْفَر بْن البَخْتَرِيّ. 514- القاسم بْن نصر الْبَغْدَادِيّ العابد2. يُقَالُ له دوست. روى عن: سُرَيْج بْن النُّعمان، وعَمْرو بْن عوف، وغيره. وعنه: عَبْد الصمد الطَّستيّ، وجعفر الخلّديّ. تُوُفِّيَ سنة ثمانين. وقَالَ الخطيب: تُوُفِّيَ سنة إحدى وثمانين ومائتين. 515- القاسم بْن نصر المخرمي3.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "12/ 434". 2 تاريخ بغداد "12/ 436". 3 تاريخ بغداد "12/ 436، 437".

روى عن: يحيى بْن هاشم، وإسماعيل بْن عَمْرو البجليّ. وعنه: أبو علي اللؤلؤي، ومحمد بن هارون، وغيرهما. قال الخطيب: ثقة. "حرف الكاف": 516- كثير بن عبد الله1. روى عن: يحيى بْن هاشم، وإسماعيل بْن عَمْرو البجليّ. وعنه: أبو علي اللؤلؤي. وكان مفتيا، وأصله من القبط. كتب كثيرا من كتب الشافعي، وصحبه. روى عنه عشرة أجزاء. "حرف الميم": 517- مالك بن الفروي2. عن: محمد بن سابق، وعبد الله بن الجراح. وعنه: محمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار، وابن البختري، وأبو الحسن القطان، وجماعة. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق. كتبت عَنْهُ بقَزْوين. قلت: مات سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 518- مالك بن يحيى3. أبو غسّان الكوفيّ الحمْدانيّ السُّوسيّ. عن: عليّ بْن عاصم، ويزيد بن هارون، وجماعة. وعنه: عليّ بْن محمد الواعظ، ومحمد بْن محمد بْن عِيسَى الخيّاش المصريّ، وآخرون. تُوُفِّيَ بمصر فِي ربيع الأوّل سنة أربع وسبعين.

_ 1 لم أقف عليه. 2 من علماء قزوين، وهو صدوق كما قال ابن أبي حاتم. 3 الثقات لابن حبان "9/ 166".

519- محمد بْن أَحْمَد بْن رزين الْبَغْدَادِيّ1. عن: يزيد بْن هارون، وعليّ بْن عاصم، وشبابة بْن سوّار، وأبي النَّضر. وعنه: عَبْد الله بْن سُلَيْمَان الفاميّ، وأبو الْعَبَّاس بْن عُقْدة. مات سنة ثلاثٍ وسبعين. 520- محمد بْن أَحْمَد بْن رزْقان2. أبو بَكْر المصِّيصيّ. روى عن: عليّ بْن عاصم، وحجّاج الأعور، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الحصائريّ، ومحمد بْن أبي حُذَيْفة، وأبو بَكْر بْن أبي دُجَانة، وأبو الميمون بْن راشد. رِزقان قيّده ابنُ مَنْدَه، وابن ماكولا بالكسْر. 521- محمد بن أَحْمَد بْن واصل3. أبو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ. عن: خَلَف بْن هشام، وأحمد بن حنبل، ومحمد بْن سَعْدان الهرويّ. وعنه: أبو مزاحم الخاقانيّ، وأبو الْحُسَيْن بْن شَنَبُوذ المقرئان. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ أيضًا. 522- محمد بْن أَحْمَد بْن يزيد بْن أبي الْعَوَّام الرِّياحيّ4. أبو بَكْر، وقِيلَ: أبو جَعْفَر. سمع: يزيد بْن هارون، وعبد الوهاب بْن عطاء، وقُريش بن أَنَس، وأبي عامر العقديّ. وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وأبو الْعَبَّاس بْن عُقْدة، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وأبو بَكْر بْن الهيثم الأنباريّ، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 301". 2 الإكمال "4/ 184". 3 معرفة القراء الكبار "1/ 262". 4 السير "13/ 7".

وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وغيره. ثقه صدوق. مات فِي رمضان سنة ستٍّ وسبعين. وحديثه يقع لنا عاليًا. 523- محمد بْن أحْمَد بْن أبي المُثَنَّى يحيى بْن عِيسَى بْن هلال1. أبو جَعْفَر التَّميميّ الْمَوْصِلِيّ، شيخ المَوْصل ومحدِّثها فِي وقته. رحل وسمع: أَبَا بدْر شجاع بْن الْوَلِيد، وعبد الوهاب بْن عطاء، وجعفر بْن عطاء، ويعلى بن عبيد، وأخاه محمد ابن عُبَيْد، وأبا النَّضر، ومحمد بْن القاسم الأسديّ، وطبقتهم. وعنه: ابنُ أخته أبو يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ، ومحمد بْن الْعَبَّاس بْن الفضل بيّاع الطّعام، ويزيد بْن محمد بْن إياس الحافظ، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن إِسْحَاق الجابريّ، وآخرون. وسائر جزء الجابريّ، عَنْهُ. قَالَ ابنُ إياس: كان من أَهْل الفضل والثقة، ومن الآداب من رأينا من المحدِّثين. قَالَ: وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَعِينٍ يُكَرِّمُونَهُ. وَكَانَتِ الرِّحْلَةُ إِلَيْهِ بِالْمَوْصِلِ بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: خَرَجَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَوْمًا فَقُمْتُ، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: $"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فليتبوَّء مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"2 فَقُلْتُ: إِنَّمَا قُمْتُ إِلَيْكِ وَلَمْ أَقُمْ لَكَ. فَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين فِي شوّال. 524- محمد بْن أَحْمَد بْن الْوَلِيد بْن بُرْد الأنطاكيّ3. أبو الْوَلِيد.

_ 1 انظر: السير "13/ 139، 140". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري في الأدب المفرد "977"، وأبو داود "5229"، والترمذي "3775"، وأحمد "4/ 93، 100"، والطبراني "19/ 352، 362" في الكبير. 3 الجرح والتعديل "7/ 183، 184".

عن: رَوّاد بْن الجرّاح، ومحمد بْن كثير الصَّنعانيّ، ومحمد بْن عِيسَى بْن الطّبّاع، والهيثم بْن جميل. وحدَّث ببغداد. ويروي عَنْهُ: أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن المنادي، وإسماعيل الصّفّار، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وجماعة. وثّقه الدّارَقُطْنِيّ، وغيره. ومات بأنطاكية عند قدومه من مكّة سنة ثمانٍ وسبعين. 525- محمد بْن أَحْمَد بْن حبيب الْبَغْدَادِيّ الذّارع1. شيخ صدوق. سمع: أَبَا عاصم النّبيل، وغيره. وعنه: عَبْد الصمد الطَّستيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن تميم القَنْطريّ. تُوُفِّيَ سنة ثمانين ومائتين. 526- محمد بْن أَحْمَد بْن أَنَس القُرَشيّ النَّيسابوريّ2. عن: حَفْص بْن عَبْد الله، وأبي عاصم النبيل، والمقرئ. وعنه: محمد بن الأخرم، ومحمد بْن صالح بْن هانئ وقَالَ: ثقة. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. 527- محمد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبان. أبو جَعْفَر النَّيسابوري السّرّاج3. بغدادي صدوق. سمع: عليّ بْن الْجَعْد، ويحيى بْن معين. وعنه: أبو سهل القطّان، والطَّستيّ، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 291، 292". 2 وُثق، ولم نقف له على ترجمة. 3 تاريخ بغداد "1/ 266، 267".

528- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُسْلِم. أبو أمية الْبَغْدَادِيّ، ثُمَّ الطَّرسوسيّ الحافظ1. رحل وطوّف وصنَّف، وسمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وشبابة بن سوّار، وعمر بْن يُونُس اليمانيّ، وعبد الوهاب بْن عطاء، ورَوْح بْن عُبَادة، وجعفر بْن عون، وأبا مُسْهَر وخلْقًا كثيرًا. وعنه: أبو عَوَانَة، وابن جَوْصا، وعثمان بْن محمد السَّمرقنديّ، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوري، وأبو عليّ الحصائريّ، وحفيده محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبي أُميّة، وخلْق. وثّقه أبو دَاوُد، وغيره. وقَالَ أبو بَكْر الخلّال: إمامٌ فِي الحديث رفيع القدر جدًا. وقَالَ ابنُ يُونُس: تُوُفِّيَ بطرسوس فِي جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وسبعين. 529- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن جنّاد2. أبو بَكْر المِنْقَري الْبَصْرِيّ، ويقال: البغداديّ، البزار، ويقال: أصله من مَرْو الرُّوذ. سمع: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وأبا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، والحوْضيّ، وجماعة. وعنه: عليّ بن محمد المصريّ، والحكيميّ، ومحمد بْن الْعَبَّاس بْن نجيح. وكان ثقة. تُوُفِّيَ سنة سبْعٍ وسبعين بطريق مكّة أو بمصر. 530- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبان. أبو عبد الله الجيرانيّ الأصبهانيّ المؤدِّب3. سمع: بكر بْن بكّار، والحسين بْن حَفْص، وغيرهما. وعنه: أَحْمَد بْن جَعْفَر السِّمسار، وعبد الله بْن محمد العتّاب.

_ 1 السير "13/ 91، 93"، والتهذيب "9/ 15، 16". 2 انظر: تاريخ بغداد "1/ 397، 398". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 210".

وقَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: ثقة. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. وقَالَ أبو عبد الله بْن مَنْدَه: مشهور، ثقة. 531- محمد بْن إِبْرَاهِيم1. أبو حمزة المروزي نزيل بغداد. روى عنه: عَبْدان بن عُثْمَان، وعليّ بْن الْحَسَن ابنِ شقيق عثمان بن السماك وغيرهما. وثقه الخطيب. 532- محمد بن إبراهيم. أبو بكر الحلواني قاضي بلخ2. حدَّث ببغداد في أواخر عمره عن: أبي جَعْفَر النُّفَيْليّ، وأحمد بْن عَبْد الملك بْن واقد الحرّانيّ. وعنه: إسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، وحمزة العقبي. وثقه الخطيب. 533- محمد بن إبراهيم بن عبدوس القرشي. مولاهم المغربي الفقيه المالكي، صاحب سَحْنُون. كان إمامًا كبيرًا، زاهدًا، عابدًا، خاشعًا، مُجاب الدعوة. سمع من: سَحْنُون شيخه، ومن: مُوسَى بْن مُعَاوِيَة. وكان مولده سنة اثنتين ومائتين. واجتمع فِي عصرٍ واحد أربعةُ محمدين لا مثل لهم فِي معرفة مذهب مالك: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، ومحمد بْن الموّاز، مصريّان؛ ومحمد بْن سَحْنُون، ومحمد بن عبدوس، قَيْرَوانيّان.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 398". 2 تاريخ بغداد "1/ 398، 399".

534- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن ميمون الرّمّاح. أبو بَكْر الخراساني البلْخيّ1. رحل وسمع: أَبَا نُعَيْم، وعبد الله بْن نافع الصّائغ، وعصام بْن يوسف البلْخيّ، وجماعة. وعنه: عُمَر بْن سهل الدِّينوريّ، وأحمد بْن شهاب العُكْبُريّ. وناب فِي القضاء لجعفر بْن عَبْد الواحد الهاشميّ بعكبرى. ثُمَّ ولي قضاء إصبهان من قبل المعتزّ بالله. ذكر ابنُ النّجاد فِي تاريخه أنّه توفّي سنة أربعٍ وعشرين وثلاثمائة، وهو غلط ظاهر. 535- محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن كثير الصُّوريّ2. أبو الْحَسَن. محدِّث مشهور أغفله ابنُ عساكر، وهو من شرطه. روى عن: مؤمّل بْن إِسْمَاعِيل، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وجماعة. روى عنه: عمرو بن عصيم الصوري، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن فيل الأنطاكي، وإبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكي، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وآخرون. فروى الجلاب عنه قَالَ: ثنا داود بْن الجرّاح، ثُمَّ ذكر حديثًا مُنْكَرًا فِي ذكر المهديّ. لكن من أقصر الجلّاب فقال: هَذَا حديث باطل، ومحمد لم يسمع من دَاوُد ولا رآه. وكان مع هَذَا غاليًا فِي التشيَّع قلت: آخر من روى عَنْهُ بالإجازة الطَّبرانيّ. 536- محمد بْن إدريس بْن المُنْذِر بْن دَاوُد بن مهران. أبو حاتم الغطفانيّ الحنطليّ الرَّازيّ الحافظ3. أحد الأئمّةِ الأعلام. وُلِدَ سنة خمسٍ وتسعين ومائة.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 204". 2 الميزان "3/ 449". 3 السير "13/ 247-263"، التهذيب "9/ 31-34".

قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كتبتُ الحديث سنة تسعٍ وثمانين وأنا ابنُ عشر سنوات. سمع: عَبْد الله بْن مُوسَى، وأبا نُعَيْم، وطبقتهما بالكوفة؛ ومحمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، والأصمعيّ وطبقتهما بالبصرة؛ وعفّان، وهوذة بْن خليفة، وطبقتِهِما ببغداد؛ وأبا مسهر، وأبا الجماهر محمد بْن عُثْمَان، وطبقتهما بدمشق؛ وأبا اليمان، ويحيى الوُحَاظيّ، وطبقتهما بحمص؛ وسعيد بْن أبي مريم، وطبقته بمصر؛ وخلْقًا بالنواحي الثّغور. وتردَّد فِي الرحلة زمانًا. قَالَ ابنه: سمعتُ أبي يقول: أول سنة خرجت فِي طلب الحديث أقمت سبْع سنين. أحصيت ما مشيت على قدميّ زيادةً على ألف فرسخ، ثُمَّ تركت العدد بعد ذلك. وخرجت من البحرين إِلَى مصر ماشيًا، ثُمَّ إِلَى الرْملة ماشيًا، ثُمَّ إِلَى دمشق، ثُمَّ إِلَى أنطاكية، ثُمَّ إِلَى طَرَسُوس. ثُمَّ رجعت إِلَى حمص، ثُمَّ منها إلى الرَّقَّة، ثم ركبت إلى العراق. وكلّ هَذَا وأنا ابنُ عشرين سنة. دخلت الكوفة فِي رمضان سنة ثلاث عشرة. قلت: أدرك عُبَيْد الله قبل موته بشهرين. قَالَ: وجاءنا نعي أبي عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ وأنا بالكوفة. ورحلتُ مرّةً ثانية سنة اثنتين وأربعين ومائتين، ورجعت إِلَى الرِّيّ سنة خمسٍ وأربعين. وحججتُ رابع حجَّةٍ سنة خمسٍ وخمسين. قَالَ: وفيها حجّ ابني عَبْد الرَّحْمَن، وحزرت ما كتبت عن ابنِ نُفَيْل يكون نحوًا من أربعة عشر ألفًا، وكتب محمد ابن مُصّفَّى عنّي جزءًا انتخبه. قلت: وحدَّث عَنْهُ من شيوخه: الصّفّار، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وعَبْدة بْن سُلَيْمَان المَرْوَزِيُّ، ومحمد بْن عوف الحمصيّ، والربيع بْن سُلَيْمَان المراديّ. ومن أقرانه: أبو زُرْعة الرَّازيّ، وأبو زُرْعة الدمشقيّ. ومن أصحاب السُّنن: د. ن. وقِيلَ خ. وق. رويا عَنْهُ ولم يصحّ؛ وأبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وابن صاعد، وأبو عوانة، والقاضي المحامليّ، وأبو الْحَسَن عليّ بْن

إِبْرَاهِيم القطّان صاحب ابنِ ماجه، وأبو عمرو محمد بن أحمد بن حكيم المدينيّ، ومحمد بن مخلد العطار، والحسين بن عياش القطان، وحفص بن عمر الأردبيلي، وسليمان بن يزيد القاضي، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وبكر بن محمد المروزي الصَّيرفيّ، وعبد المؤمن بن خلف النَّسفيّ، وأبو حامد أحمد بْن عليّ بْن حَسْنَوية المقرئ، وخلق كثير. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قَالَ لي مُوسَى بْن إِسْحَاق القاضي: ما رَأَيْت أحفظ من والدك. وقَالَ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ الحافظ: ما رَأَيْت بعد إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بْن يحيى، أحفظ للحديث من أبي حاتم، ولا أعلم بمعانيه. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعت يُونُس بْن عَبْد الأعلى يقول: أبو زُرْعة وأبو حاتم إماما خُراسان. بقاؤهما صلاحٌ للمسلمين. وقَالَ هبة الله اللّالكائيّ: أبو حاتم إمام حافظ ثَبْت. وقَالَ النَّسائيّ: ثقة. وقَالَ ابنُ أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كنتُ أذاكر أَبَا زُرْعة، فقال لي: يا أَبَا حاتم قلَّ من يفهم هَذَا من واحدٍ واثنتين، فَمَا أقلّ من يُحسن هَذَا. وربُما أتيتك فِي شيء وأبقى إِلَى أن ألتقي معك، لا أجد من يشفيني. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْهَمْدَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُولُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ: تَرْفَعُ يَدَيْكَ فِي الْقُنُوتِ؟ قُلُتْ: لا، أَفَتَرْفَعُ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: مَا حجَّتك؟ قَالَ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ. قُلْتُ: رَوَاهُ لَيْثُ بن أبي سليم. قال: رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ. قَالَ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قُلْتُ: رَوَاهُ عَوْفٌ. قَالَ: فَمَا حجَّتك فِي تَرْكِهِ. قُلْتُ: حَدِيثُ أَنَسٍ "أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ لا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ إِلا فِي الاسْتِسْقَاءِ" 1. فَسَكَتَ أَبُو زُرْعَةَ. قُلْتُ: قَدْ ثَبُتَتْ عِدَّةُ أَحَادِيثَ فِي رَفْعِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، وَأَنَسٌ حَكَى بِحَسَبِ مَا رَآهُ مِنْهُ. وقَالَ ابنُ أبي حاتم سمعتُ أبي يقول: قلت على باب أبي الْوَلِيد الطَّيالسيّ: من أغرب عليَّ حديثًا صحيحًا فَلَه عليَّ درهم يتصدَّق به. وكان ثمَّ خلقٌ، أَبُو زُرْعة فَمَنْ دونه؛ وإنّما كان مرادي أن يُلْقى عليَّ ما لم أسمع به. فيقولون هُوَ عند فلان، فأذهب فأسمعه، فلم يتهيَّأ لأحدٍ أن يُغْرب عليَّ حديثًا. وسمعت أبي يقول: كان محمد بْن يزيد الأسفاطيّ قد ولع بالتفسير وبحفظه، فقال يومًا: ما تحفظون فِي قوله تعالى: {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَاد} فسكتوا فقلت: ثنا أبو صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عن ابنِ عَبَّاس قَالَ: ضربوا فِي البلاد. وسمعت أبي يقول: قدِم محمد بْن يحيى النَّيسابوريّ الرَّيّ. فألقيت عليه ثلاثة عشر حديثًا من حديث الزُّهْرِيّ، فلم يعرف منها إلّا ثلاثة أحاديث. قلت: إنما ألقى عليه من حديث الزُّهري؛ لأنّ محمد كان إليه المنتهى فِي معرفة حديث الزُّهريّ، وقد جمعه وصنَّفه وتتبّعه حَتَّى كان يُقَالُ له الزّهر. قَالَ: وسمعت أبي يقول: وبقيت بالبصرة سنة أربع عشرة ثمانية أشهرُ، فجعلت أبيع ثياب حتّى نفذت. فمضيت مع صديقٍ لي أدور على الشّيوخ، فانصرف رفيقي العشَّي، ورجعت فجعلت أشرب الماء من الجوع. ثُمَّ أصبحت، فغدا عليَّ رفيقي، فطفت معه على جوعٍ شديد، وانصرفت جائعًا. فَلَمَّا كان من الغد، غدا عليّ فقلت: أَنَا ضعيف لا يُمكنني. قَالَ: ما بك؟ قلت: لا أكتمك، مضى يومان ما طُعِمت فيهما شيئًا.

_ 1 "حديث صحيح" أخرجه البخاري "2/ 429"، ومسلم "895"، وأحمد "3/ 282"، والنسائي "3/ 158، 249"، وابن ماجه "1180"، وابن أبي شيبة "2/ 486"، "10/ 378".

فقال: قد بقي معي دينار، فنصفه لك، ونجعل النصف الآخر فِي الكراء. فخرجنا من البصرة، وأخذت منه النّصف دينار. سمعت أبي يقول خرجنا من المدينة من عند دَاوُد الجعفريّ، وصرنا إِلَى الجار، فركبنا البحر، فكانت الريح فِي وجوهنا، فبقينا فِي البحر ثلاثة أشهر وضاقت صدورنا، وفني ما كان معنا. وخرجنا إِلَى البرّ نمشي أيّامًا حَتَّى فني ما تبقَّى معنا من الزّاد والماء. فمشينا يومًا لم نأكل ولم نشرب، واليوم الثاني كمثل، ويوم الثالث. فَلَمَّا كان المساء صلّينا وألقينا بأنفسنا، فَلَمَّا أصبحنا فِي اليوم الثالث، جعلنا نمشي على قدَر طاقتنا، وكنّا ثلاثة، أنا، وشيخ نَيْسابوريّ، وزهير المَرْوَزِيُّ. فسقط الشَّيْخ مغشيًّا عليه، فجئنا نحركّه وهو لا يعقل. فتركناه ومشينا قدر فرسخ، فضعفت وسقطت مغشيًا عليَّ، ومضى صاحبي يمشي، فرأى من بعيدٍ قومًا قرَّبوا سفينتهم على بئر مُوسَى فَلَمَّا عاينهم لوَّح بثوبه إليهم فجاءوا معهم ماء، فسقوه وأخذوا بيده، فقال لهم: الحقوا رفيقين لي، فَمَا شعرت إلّا برجلٍ يَصُبُّ الماء على وجهي، ففتحت عينيّ، فقلت: اسقني فصبَّ من الماء فِي مشربة قليلًا، فشربت ورجعت إليَّ نفسي. ثُمَّ سقاني قليلًا وأخذ بيدي، فقلت: ورائي شيخ مُلقى. فذهب جماعةٌ إليه. وأخذ بيدي وأنا أمشي وأجرَّ رجلي، حَتَّى إذا بلغت عند سفينتهم وأتوا بالشيخ، وأحسنوا إليه، فبقينا أيّامًا حَتَّى رَجَعت إلينا أنفُسُنا. ثُمَّ كتبوا لنا كتابًا إِلَى مدينة يقال لها راية، إلى واليهم. وزوّدنا من الكعك والسَّويق والماء. فلم نزل نمشي حَتَّى نفد ما كان معنا من الماء والقُوت، فجعلنا نمشي جياعًا على شاطئَ البحر، حَتَّى دُفِعنا إِلَى سلحفاةٍ مثل الفرس. فعمدنا إلي حجر كبير، فضربنا على ظهرها فانفلق، فإذا فِيهِ مثل صُفْرة البيض، فحسيناه حَتَّى سكت عنّا الجوع، حَتَّى توصلنا إِلَى مدينة الرّاية وأوصلنا الكتاب إِلَى عاملها. فأنزلنا فِي داره. وكان يُقَدّمُ إلينا كل يوم القَرْع، ويقول لخادمه: هات لهم اليَقْطِين الْمُبَارَك. فيقدِّمه مع الخُبز أيّامًا. فقال واحد منّا: ألا تدعو باللّحم المشئوم. فسمع صاحب الدّار، فقال: أَنَا أحسن الفارسية فَإِنّ جدّتي كَانَتْ هَرَويّة. وأتانا بعد ذلك باللّحم. ثم زودَّنا إلى مصر1.

_ 1 السير "13/ 260".

سمعتُ أبي يقول: لا أُحصي كم مرّةٍ سرت من الكوفة إِلَى بغداد. تُوُفِّيَ أبو حاتم فِي شعبان سنة سبعٍ وسبعين، وله اثنان وثمانون سنة. قَالَ: وأنشدني أبو محمد الإيادي فِي أبي مرثيَّةً بقصيدة طويله أوّلها: أَنَفْسي ما لك لا تجزعينا ... وعيني ما لك لا تدمعينا ألم تسمعي بكسوف العلو ... م فِي شهر شعبانَ محقًا مبينا ألم تسمعي خبر المرتضى ... أبي حاتم أعلم العالَمِينا 537- محمد بْن إدريس بْن عُمَر1. أبو بَكْر الْمَكِّيّ، ورّاق أبي بَكْر الحُمَيْديّ. يروي عن: أبي عاصم النبيل، وأبي عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، وخلّاد بْن يحيى، وجماعة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم. وهو أقدم وفاةً من أبي حاتم بقليل. قال أبي حاتم: صدوق. 538- محمد بن أزهر. أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ الكاتب2. سمع: أَبَا نُعَيْم، وأبا الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر الشّافعيّ. تُوُفِّيَ فِي بغداد فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وسبعين. 539- محمد بن إسرائيل. أبو بكر الجوهري3.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 204". 2 تاريخ بغداد "2/ 83، 84". 3 تاريخ بغداد "2/ 87".

عن: عمرو بن حكّام، ومحمد بن سبق. وعنه: ابنُ صاعد، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وجماعة. وثّقه الخطيب. وَتُوُفِّيَ سنة تسعٍ أيضًا. 540- محمد بْن إِسْحَاق. أبو جَعْفَر الإصبهانيّ المُسُوحيّ، نزيل همدان1. عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وأبي الْوَلِيد الطَّيالسيّ، وجماعة. وكان من الحُفّاظ. وعنه: عليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وابن أبي حاتم. 541- محمد بْن إِسْحَاق البغويّ2. روى عن: أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، وخالد بن خِداش. وعنه: محمد بْن أحمد بن يعقوب، وقتيبة، والطَّيالسيّ. ثقة. 542- محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ القرشي3. أبو جعفر مولى المهدي. بغدادي نزل مكة. سمع: روح بن عبادة، وأبا أسامة، وأبا داود الحفري، وحجَّاج بن محمد، وطائفة. وعنه: د. وابن صاعد، وابن أبي حاتم، وعبد الله بْن الْحَسَن بْن بُنْدار، وجماعة. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 196". 2 البغوي: من مدينة "بغ" وهي بليدة بين هراة ومرو الروذ من بلاد خراسان. 3 تاريخ بغداد "2/ 38، 39"، التهذيب "9/ 58".

وقَالَ غيره: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ستٍّ وسبعين، وقد قارب السّبعين، وكان من كبار المحدِّثين. 543- محمد بْن إِسْمَاعِيل. أبو عبد الله الْبَغْدَادِيّ الدُّولابيّ1. عن: أبي النَّضر هاشم بن القاسم، منصور بْن سَلَمَةَ، وجماعة. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وأبو عَمْرو بْن السّمّاك. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. وثّقه الخطيب. وله رحلة. لقي لأبي اليمان، ونحوه. 544- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن بشير. أبو عبد الله الْبُخَارِيّ المَيْدانيّ2. عن: أبي نُعَيْم، والقعنبي، وسعيد بْن مَنْصُور، وصدقة بْن الفضل المَرْوَزِيُّ، وجماعة. وعنه: أبو عصمة أَحْمَد بْن محمد، وغيره. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 545- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن يوسف. أبو إِسْمَاعِيل السّالميّ التَّرمذيّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ الحافظ3. رحل وطوَّف وجمع وصنَّف. سمع: محمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وأبا نُعَيْم، وقبيصة، وسعيد بن أبي مريم، ومسلم بن إبراهيم، وأبا بَكْر الحُمَيْديّ، وسليمان ابنَ بِنْت شُرَحْبيل، والحسن بْن سوّار البَغَويّ، وإسحاق الفرويّ، وخلقًا كثيرًا.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 38". 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 السير "13/ 242"، والتهذيب "9/ 62، 63".

وعنه: ق. ن، وموسى بْن هارون، والفريابي، وإسماعيل الصّفّار، وخيثمة الأطْرابُلُسيّ، وأبو سهل القطّان، وأبو بكر الشافعي، وأبو بَكْر النّجّاد، وأبو عبد الله بْن محرَّم، وخلْق. قَالَ النَّسائيّ: ثقة. وقَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة صدوق. تكلَّم فِيهِ أبو حاتم. وقَالَ الخطيب: فَهِمًا مُتْقِنَا، مشهورًا بمذهب السنة. وقَالَ ابنُ المنادي: تُوُفِّيَ فِي رمضان سنة ثمانين. 546- محمد بْن أصْبَغ بْن الفَرَج1. أبو عبد الله المصريّ المالكيّ. أحد الأئمّة. تفقّه على والديه. ومات بمصر فِي شعبان سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. 547- محمد بْن بسّام بْن بَكْر. أبو بَكْر الْجُرْجانيّ2. كان يسكن قرية هَيّانة بالقرب من جُرْجان. رحل وروى عن: القَعْنَبيّ، ومحمد بْن كثير، وجماعة. وكان عنده المُوَطّأ عن القَعْنَبيّ. وروى عَنْهُ: كُمَيْلُ بْن جَعْفَر، وأبو نُعَيْم بْن عديّ، وغيرهما. وذكر أبو نُعَيْم قَالَ: خرجنا إليه أربعين نفسًا، فأقمنا عنده شهرين، وكانت مؤونتنا ومؤونة دوابّنا عليه. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين. 548- محمد بْن بِشْر بْن شريك النَّخعيّ الكوّفي3.

_ 1 ينظر في "ترتيب المدارك". 2 تاريخ جرجان "629". 3 الميزان "3/ 491".

ضعيف. لقبُه حَمْدان. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. 549- محمد بْن بَكْر. أبو حَفْص الفارسي، ثُمَّ الْمَوْصِلِيّ، الزّاهد1. عن: أبان بن سُفْيَان، وغسان بْن الرَّبِيع، وأحمد بْن يُونُس، ومسدّد بْن مُسَرْهَد، وطبقتهم. وعنه: أبو يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن صَدَقَة، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة نيَّفٍ وسبعين. 550- محمد بْن جَابِر. أبو عبد الله المَرْوَزِيُّ الحافظ2. عن: حِبّان بن مُوسَى، وأحمد بْن حنبل، وهُدْبَة بْن خَالِد، وطبقتهم. وعنه: أبو عبد الله الْبُخَارِيّ فِي تاريخه، وهو أكبر منه، وأبو الْعَبَّاس محمد بْن أَحْمَد بْن محبوب. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. 551- محمد بْن الْجَهْم. أبو عبد الله السِّمَّري الكاتب الأديب3، تلميذ يحيى الفرّاء وروايته. سمع: عبد الوهاب بن عطاء، ويزيد بن هارون، وجعفر بْن عون، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد، وطائفة. وعنه: مُوسَى بْن هارون، وأبو بَكْر بْن مجاهد، وإسماعيل الصّفّار، وأبو سهل القطّان، وأبو العبّاس الأصمّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وآخرون.

_ 1 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 2 انظر السابق. 3 تاريخ بغداد "2/ 161"، والسير "13/ 163".

وقَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة. قلت: مات فِي جُمَادَى الآخرة سنة سبعٍ وسبعين، وله تسع وثمانون سنة، وسمع الحروف من: خلف بْن هشام، وسليمان بْن دَاوُد الهاشميّ. روى عَنْهُ القراءة: ابنُ مجاهد، وجماعة. وكان من أئمّة العربية، العارفين بها. 552- محمد بْن الْحَسَن بْن سَعِيد. أبو جَعْفَر الإصبهانيّ1. قدم بغداد، وحدَّث عن: بَكْر بْن بكّار، وغيره. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وجماعة. وكان موثَّقًا. 553- محمد بْن الْحُسَيْن بْن مُوسَى بْن أبي الحُنَيْن2. أبو جَعْفَر الحنفيّ الكوفيّ المحدِّث صاحب المُسْنَد. وقع لنا بعض مسنده عاليًا. سمع: عَبْد الله بْن مُوسَى، وأبا غسّان مالك بْن إِسْمَاعِيل، وأبا نُعَيْم، وعبد الله بْن مُسْلِم القَعْنَبيّ، وكان عنده عَنْهُ الموطّأ. وعنه: ابنُ مَخْلَد، والقاضي المَحَامِليّ، وعثمان بن السماك، وأبو سهل بن زياد، ومُكْرَم القاضي، ومحمد بْن عليّ بْن دُحَيْم الكوفي، وجماعة. وثّقه الدَّارقطنيّ، وغيره. ومات سنة سبعٍ وسبعين ومائتين. 554- محمد بْن حَمَّاد. أبو عبد الله الطَّهرانيّ الرَّازيّ3 المحدِّث، نزيل عسقلان. رحّال جوَّال.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 183". 2 تاريخ بغداد "2/ 225"، السير "13/ 243". 3 تاريخ بغداد "2/ 271"، والتهذيب "9/ 124".

سمع: عَبْد الرّزّاق، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأبا عاصم، وعُبَيْد الله بْن عَبْد المجيد الحنفيّ، وخلْقًا من طبقتهم. وعنه: ق. وإبراهيم بْن أبي ثابت، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم ووثّقه. وقَالَ: كتبت عَنْهُ بالرّيّ، وبغداد، والإسكندريّة. وقال الدّارقطنيّ: ثقة. وقال ابن عديّ: سمعت مَنْصُور الفقيه يقول: لم أرَ من الشيوخ أحدًا، فأحببت أن أكون مثلهم، يعني فِي الفضل، غير ثلاثة أنفُس، أوَّلهم محمد بْن حمّاد الطِّهْرانيّ. تُوُفِّيَ الطِّهْرانيّ بعسقلان، سنة إحدى وسبعين فِي ربيع الآخر. وقد نيَّف على الثَّمانين. 555- محمد بْن خَالِد بْن يزيد. أبو بَكْر الشَّيبانيّ القُلُوصُيّ الرَّازيّ1. سمع: أَحْمَد بْن حنبل، وهشام بن عمّار، وابن أبي الحواري، وجماعة كثيرة. وأكثر التَّرحال ونزل نَيْسابور. روى عَنْهُ: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وإسحاق بْن أَحْمَد الفارسيّ، والحسن بْن يعقوب الْبُخَارِيّ، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كان صدوقًا. 556- محمد بْن خُزَيْمَة بْن راشد. أبو عَمْرو الْبَصْرِيّ2. حدَّث بالدّيار المصرية عن: محمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وحجّاج بن مِنْهال، وجماعة. روى كتب حمّاد بن سلمة.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 244، 245". 2 الثقات لابن حبان "9/ 123".

روى عَنْهُ: ابنُ جوصا، والطَّحاويّ. وأدركه الموت بالإسكندرية فِي جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. أخبرني عيسى بن يحيى الأنصارّ: أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يُوسُفَ: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد الْحَافِظُ، أنا محمد بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زُفَرَ الْمِصْرِيُّ الشَّاعِرُ مِنْ حِفْظِهِ: ثنا محمد بْنُ خُزَيْمَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ. حدَّثني أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ مِنَ الأَمِيرِ1، يَعْنِي يَنْظُرُ فِي أُمُورِهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ محمد بْنِ غَسَّانَ الأَنْصَارِيِّ. 557- محمد بْن خليفة. أبو جَعْفَر الدَّيرعاقوليّ2. عن: أبي نعيم، وعفّان بن مسلم. عن: أبو سهل القطّان، وغيره. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ أيضًا. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة صدوق3. 558- محمد بْن راشد الصُّوريّ. عن: يحيى البابْلُتّيّ. وعنه: الطَّبرانيّ. 559- محمد بْن الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان المُراديّ الْمَصْرِيّ4. حدَّث عن: يحيى بن بكير، وغيره.

_ 1 "حديث صحيح": أخرج البخاري "8/ 108"، والترمذي "3939". 2 تاريخ بغداد "5/ 251، 252". 3 في عداد المجهولين. 4 ينظر في "حسن المحاضرة"

ولم تَطُلْ حياتُه بعد أَبِيهِ. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين. 560- محمد بْن سَعْد بْن محمد بْن الحَسَن بْن عطية العَوْفيّ1. أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ. من بيت الحديث والعلم. سمع: أَبَاه، ويزيد بْن هارون، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم بْن سعد، ورَوْح بْن عُبَادة، وعُبَيْد الله بْن بُكَيْر. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وأحمد بْن كامل، وعُبَيْد الله الخراسانيّ، وجماعة. قَالَ الحاكم: سَأَلت الدّارَقُطْنِيّ عنه، فقال: لا بأس به. تُوُفِّيَ أبو جَعْفَر فِي ربيع الآخر سنة ستٍّ وسبعين. 561- محمد بْن سُلَيْمَان المِنْقَريّ الْمَصْرِيّ2. حدَّث بالشّام عن: سُلَيْمَان بن حرب، وأبي عمر الحوضّ، ومسدَّد. وعنه: محمد بن زبر القاضي، ومحمد بن محمد بن أبي حذيفة، وآخرون. 562- محمد بن سلمة. من شيوخ الحنيفة. عاش نيفا وثمانين سنة، ومات سنة ثمان وسبعين. 563- محمد بن سنان بن يزيد. أبو الحسن البصري القزاز، صاحب جزء القرآن3. سمع: عُمَر بْن يُونُس، ورَوْح بْن عُبَادة، ومحمد بْن بَكْر البُرْسانيّ، وأبا عامر العقديّ، وجماعة. وعنه: المَحَامِليّ، وابن صاعد، وإسماعيل الصّفّار، وجماعة. رماه أبو دَاوُد بالكذِب. وأمّا الدّارَقُطْنِيّ فقال: لا بأس به.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 322، 323". 2 من العلماء المستورين، لا بأس به، وينظر في "حسن المحاضرة". 3 تاريخ بغداد "5/ 343"، والتهذيب "9/ 206".

تُوُفِّيَ ببغداد فِي رجب سنة إحدى وسبعين. وكان أخوه يزيد بْن سِنَان من شيوخ مصر. قال ابن خداش بْن سِنَان ليس بثقة. وقَالَ أبو عُبَيْد الآجُرّيّ: سمعت أَبَا دَاوُد يُطْلق فِي محمد بْن سِنَان الكذِب. 564- محمد بْن سهل. أبو الفضل العَتَكيّ الهَرَويّ1. عن: خلّاد بْن يحيى، وجماعة. وعنه: محمد بْن الْحَسَن المحمد أباذي النَّيسابوريّ، ومحمد بْن وصيف الفاميّ. 565- محمد بْن شاذان القاضي2. أبو بَكْر الْبَصْرِيّ، نائب القاضي بكّار وخليفته على قضاء الدّيار المصريّة حين سار إِلَى الشّام. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين. 566- محمد بْن شدّاد بْن عِيسَى. أبو يَعْلَى المسمعيّ المتكلّم المعتزليّ المعروف بزُرْقان3. كان آخر من حدَّث عن يحيى بْن سَعِيد القطّان. وروى عن: أبو زُكَيْر يحيى بْن محمد الْمَدَنِيّ، وعَبّاد بْن صُهَيْب، ورَوْح بْن عُبَادة، وجماعة. وعنه: الْحُسَيْن بْن صَفْوان، ومُكْرَم القاضي، وأبو بَكْر الشّافعيّ. وحديثه من أعلى ما فِي الغَيْلانيّات. قَالَ البَرْقانيّ: ضعيف جدًا؛ كان الدّارَقُطْنِيّ يقول: لا يُكتب حديثه. وقَالَ الشّافعيّ: تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين.

_ 1 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين. 2 أخبار القضاة "1/ 321"، و"حسن المحاضرة". 3 السير "13/ 148"، والميزان "3/ 579".

وقال ابن عقدة: سنة سبعٍ. 567- محمد بْن صالح. أبو بَكْر الأنماطيّ الْبَغْدَادِيّ كَيْلَجَة1. حافظ حُجّة مشهور. طوَّف وسمع: عفّان بْن مُسْلِم، وسعيد بْن أبي مريم، ومسلم بن إبراهيم، وطبقتهم. روى عنه: المحاملي، ومحمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار. قال أبو داود: صدوق. توفي بمكة سنة إحدى وسبعين. وقد سماه ابن مخلد في بعض المواضع: أحمد. وقال النَّسائيّ: أحمد بن صالح بغدادي ثقة. وقال الدارقطني كذلك، وزاد فقال: اسمه محمد بن صالح. وقال الخطيب: هو محمد بلا شك. وقال المزني: روى النَّسائي حديثا، عن أَحْمَد بْن صالح، عن يحيى بْن محمد، عن ابنِ عجلان. فإنّه كان كَيْلَجَة، وقد سقط بينه وبين يحيى بْن محمد بْن زُكَيْر رَجُل. وإن كان يحيى هُوَ الحارثيّ، فقد سقط بينه وبين ابنُ عَجْلان رَجُل. قلت: بل أقول هو شيخ للنَّسائيّ يروي عن أبي زُكَيْر، ولعلّه ابنُ المطيري الحافظ الَّذِي نال منه النَّسائيّ. 568- محمد بْن صالح بْن شُعْبَة2. أبو عبد الله الواسطيّ، ويعرف بكعب الذّارع. حدَّث ببغداد عن: عاصم بْن عليّ، وأبي سَلَمَةَ الَّتبوذكيّ، وجماعة. وعنه: أبو جَعْفَر بْن البَخْتَرِيّ، وأبو بَكْر بْن مالك الإسكافيّ. وثقة الخطيب. ومات سنة ستٍّ وسبعين.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد "4/ 203"، والتهذيب "9/ 226". 2 تاريخ بغداد "5/ 360".

569- محمد بْن صالح التِّرمذيّ1. عن: عُثْمَان بْن أبي شَيْبَة، وهشام بْن عمّار، وطبقتهما. وعنه: الهيثم بْن كُلَيْب فِي مُسْنَده، وأبو الْعَبَّاس الحبوب. 570- محمد بْن عَبْد الله بْن مخلد الإصبهانيّ2. رحل وسمع: محمد بن أبي بَكْر المقدّميّ، وقتيبة بْن سَعِيد، وداود بْن رشيد، وجماعة. وعنه: أبو الْحَسَن بْن جَوْصا، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان الدمشقيان، وجماعة. ذكر أبو نُعَيْم وكنّاه أَبَا الْحَسَن، وقَالَ: يُعْرف بورّاق الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان تُوُفِّيَ بمصر قبل التّسعين. قلت: تُوُفِّيَ فِي رجب سنة أربع وسبعين. 571- محمد بْن عَبْد الله بْن الْإِمَام أبي مُسْهِر عَبْد الأعلى بْن مُسْهِر الغسّانيّ الدّمشقيّ3. عن: جده، وأبي الجماهر محمد بن عثمان، وأبي النَّضّر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي، وجماعة. وعنه: أبو ذَرّ عَبْد الرّبّ بْن محمد بن جوصا، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين عن خمسٍ وتسعين سنة. 572- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى. أبو عبد الله السَّعْديّ الْبُخَارِيّ4. يروى عن: أبي حفص أحمد الْبُخَارِيّ، وحيّان بْن مُوسَى، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين.

_ 1 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين. 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 229". 3 لا بأس به. 4 لم نقف عليه.

573- محمد بْن عَبْد الحكم بْن يزيد القِطْريّ1. قيّده الأمير. مع: سعيد بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وجماعة. وعنه: عُثْمَان بْن محمد السَّمرقنديّ، وخَيْثَمة الأطْرابُلُسيّ، وابن الأعرابيّ، ومحمد بْن يوسف الهروي. وقد روى قالون قراءته، وتفرَّد عَنْهُ بلفظة لا تُعرف فِي قراءته. وكان من أَهْل الرملة. 574- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يُونُس الرَّقّيّ السّرّاج2. حدَّث ببغداد عن: أَبِيهِ، وعَمْرو بْن خَالِد الحرّانيّ، ومحمد بن إسماعيل بن عياش. روى عنه: محمد بن مخلد، وغيره. وحدَّث بدمشق. وروى عنه: ابن جوصا، وخيثمة. مولده سنة مائتين. 575- محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن صقر بن أمية عَبْد الرَّحْمَن بْن معاوية بْن هشام بْن عبد الملك3. الأمير أبو عبد الأموي المرواني الأندلسي، صاحب الأندلس. كان من خيار ملوك بني أمية، ذا فضل ودين وعلمٍ وفصاحة وإقدام وحزْم وعدْل. بويع بالإمرة عند موت والده سنة ثمانٍ وثلاثين، فامتدّت أيّامه، وبقي فِي الإمرة خمسًا وثلاثين سنة. وأمُّه أمُّ ولد. وقيل: إنّه كان توغّل فِي بلاد الفِرَنْج، ويبقي فِي الغزوة العام والعامين، فيقتل ويأسر ويسبي.

_ 1 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين. 2 تاريخ بغداد "2/ 314". 3 السير "13/ 171".

قال بقي بن المخلد المحدِّث: ما رَأَيْت ولا علمت أحدًا من الملوك، ولا سمعت أبلغ لفظًا من الأمير محمد، ولا أفصح ولا أعقل منه. وقَالَ المظفَّر بْن الْجَوْزي: هُوَ صاحب وقعة سَلِيط فِي ملحمةٍ مشهورة، لم يُعهد قبلها مثلها بالأندلس. يقال إنّه قتل فيها ثلاثمائة ألف كافر. وهذا لم يُسمع بِمِثْلِهِ. قَالَ: وللشُّعراء فيها أقوال كثيرة. قلت: وهو الَّذِي نصر بقي بْن مَخْلَد على الّذين تعصَّبوا عليه. تُوُفِّيَ إِلَى رحمة الله فِي صفر سنة ثلاثٍ وسبعين، وبُويع من بعده ابنه المنذر بْن محمد، فلم يُطَوِّل. 576- محمد بْن عَبْد النّور. أبو عبد الله الكوفي الخزاز الْمُقْرِئ1. قرأ القرآن على خَالِد بْن يزيد. وسمع من: جَعْفَر بْن عون، ويحيى بْن آدم. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وأحمد بْن جَعْفَر بْن المنادي. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة سنة إحدى وسبعين. 577- محمد بْن عَبْد الوهاب بْن حبيب. الفقيه أبو أَحْمَد العَبْديّ النَّيسابوريّ الفرّاء الأديب2. سمع: حَفْص بْن عَبْد الله السُّلَميّ، وشبَّابة بْن سَوّار، ومُحَاضر بْن المورّع، وجعفر بْن عون، والواقديّ، ويحيى ابن أبي بُكَيْر، والأصمعيّ. وأقدم شيخ له موتًا حَفْص بْن عَبْد الرَّحْمَن الفقيه. وكان مُكثرًا عن الحجازيّين والعراقيّين. أَخَذَ الأدب عن: الأصمعيّ، وابن الأعرابيّ، وأبي عُبَيْد. والحديث عن: أَحْمَد بن المدينيّ.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 392". 2 التهذيب "9/ 319، 320".

والفقه عن: أَبِيهِ، وعليّ بْن عثَّام. وكان قيما. قَالَ عَنْهُ الحاكم: يفتى فِي هَذِهِ العلوم ويُرجع إليه فيها. كتب عَنْهُ: أَبُو النَّضر هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعَلِيُّ بْنُ عَثّام، وبِشْر بْن الحكم. وروى عَنْهُ من أقرانه: محمد بْن يحيى، وأحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، وغيرهم. ومن الأئمّة: ن. ومسلم وقَالَ: ثقة؛ وإبراهيم بْن أبي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، والسّرّاج، وأبو عبد الله بْن الأخرم، والحسن بِن يعقوب، وآخرون. وحديثه فِي الثّقفيّات بعُلُوّ. ذكر أبو أَحْمَد مرّة السلاطين فقال: اللَّهُمَّ أَنْسِهم ذِكري، ومن أراد ذِكري عندهم فاشْدُدْ على قلبه فلا يذكرني. وقال أبو أحمد: أوّل ما كتبت عن يحيى بْن يحيى سنة تسعٍ وتسعين ومائة. قلت: في صحيح البخاريّ: ثنا أبو أَحْمَد، أَنَا أبو غسان، فذكر حديثًا. ويقال: إنّ أَبَا أَحْمَد هُوَ الفرّاء؛ وقِيلَ: هُوَ مراد بْن حمَّويه؛ وقِيلَ: محمد بْن يوسف البَيْكَنْدي. تُوُفِّيَ الفرّاء في أواخر سنة اثنتين وسبعين، وله خمسٌ وتسعون سنة. قَالَ ابنُ ماكولا وغيره: لقبه حمك. 578- محمد بْن عبدك القزّاز1. بغدادي ثقة. عن: عَبْد الله بْن بَكْر، ورَوْح بْن عُبَادة، وحجّاج الأعور، وجماعة. وعنه: ابنُ البَخْتَرِيّ، وعثمان بْن السّمّاك، وعبد الله بْن سُلَيْمَان الفاميّ. مات فِي شوّال سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. 579- محمد بْن أبي دَاوُد عُبَيْد الله بْن يزيد. أبو جَعْفَر بن المناديّ البغداديّ2.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 384". 2 الجرح والتعديل "8/ 3".

سمع: حَفْص بْن غِياث، وإسحاق الأزرق، وأبا بدْر السَّكونيّ، وأبا أُسامة، ورَوْح بْن عُبَادة، وطبقتهم. وعنه: خ. لكن قَالَ: ثنا أَحْمَد بْن أبي دَاوُد. والأكثر على أنّه هُوَ. وَهِمَ الْبُخَارِيّ فِي اسمه. وقد وقع لنا الحديث المذكور موافقةً عليه فِي المجالس السّلْمانيّة. وروى عَنْهُ: أبو القاسم البَغَويّ، وأبو جَعْفَر بْن البَخْتَرِيّ، وحفيده أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن المنادي، وإسماعيل الصّفّار، وابن أبي حاتم، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ، وأبو عَمْرو الدّقّاق، وأبو سهل القطّان، وخلق. قَالَ أبو حاتم: صدوق. وقَالَ ابنُ المنادي: كتب عنّي يحيى بْن معين حديثًا، عن أبي النّضّر. وقال أبو الحسين بْن المنادي: قَالَ لنا جدّي: وُلِدَت فِي نصف جُمَادَى الأولى سنة إحدى وسبعين ومائة. ومات فِي رمضان سنة اثنتين وسبعين وله مائة سنة، وسنة وأربعة أشهر، واثني عشر يومًا. 580- محمد بْن عُثْمَان النَّشيطيّ1. كان بحلب فِي حدود الثمانين ومائتين. سمع: أَبَا عَلِيٍّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ. روى عَنْهُ: الطَّبرانيّ. وهو من كبار شيوخه. 581- محمد بْن عليّ بْن سُفْيَان الصَّنعانيّ النّجّار2. أبو عبد الله. سمع: عبد الرّزّاق. روى عَنْهُ: محمد بْن حمدون الْأَعْمَش، وأبو عوانة.

_ 1 لم نقف عليه. 2 لا بأس به.

تُوُفِّيَ فِي رمضان سنة أربع وسبعين. ورّخه ابنُ عُقْدة، وقَالَ: بلغني أنّه مات وله مائة سنة وشهران أو ثلاثة. 582- محمد بْن عليّ. أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ الحافظ، حمدان الورّاق1. من فُضَلاء أصحاب الْإِمَام أَحْمَد. سمع: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأبا نُعَيْم، وطبقتهما. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وإسماعيل الصّفّار، وأحمد بْن عُثْمَان بْن ثوبان، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. قَالَ الخطيب: وكان ثقة حافظًا من النُّبلاء. 583- محمد بْن عليّ بْن عفّان الكوفي العامري2. أخو الْحَسَن بْن عليّ. سمع من: الْحَسَن بْن عطية، وغيره. وقرأ القرآن على: عُبَيْد الله بْن مُوسَى. وقرأ عَنْهُ: ابنُ عُقْدة، وعليّ النَّخَعيّ، وعليّ بْن محمد بْن الزُّبير. وآخرون. تُوُفِّيَ فِي صفر سنة سبْعٍ وسبعين. 584- محمد بْن عليّ بْن زُهَيْر. أبو عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ الجرجاني3، المُلقَّب: حمار عفّان، للُزُومه إيّاه. أكثر عن: أبي نُعَيْم، وعفّان، وطبقتهما. روى عَنْهُ: ابنه عَبْد الرَّحْمَن، وغيره.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 61". 2 السير "13/ 27". 3 الثقات لابن حبان "9/ 148".

585- حمد بن عمران بن حبب الهمدانيّ1. عن: القاسم بْن الحكم العربيّ، وعبد الصَّمد بن حسان، وعبيد الله بن موسى، وطائفة. وعنه: عبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وحفص بن عمر الأردبيلي. توفي في سنة تسعٍ وسبعين. قَالَ ابنُ أبي حاتم: صدوق أجاز لي أبو الْحَسَن القطّان 586- محمد بْن عُمَيْرَة العنقيّ التُّدميريّ الأندلسيّ2. روى عنه: يحيى بن يحيى، وأصبغ بْن الفرج، ويحيى بْن بُكَيْر، وسحنون بْن سَعِيد، وأبي مُصْعَب الزُّهريّ، وطبقتهم. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. 587- محمد بْن عوف بْن سُفْيَان الحافظ. أبو جَعْفَر الطّائيّ الحمصيّ3. رحل وسمع الكثير من: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبي المغيرة عَبْد القدُّوس، وعبد السلام بْن الحميد السَّكونيّ، وهاشم عَمْرو شقران، وأبي مُسْهر الغسّانيّ، وآدم بن أبي إياس. وعنه: د. ن. فِي مُسْنَد عليّ، وأبو حاتم، وابن جَوْصا، وعبد الرَّحْمَن بن أبي حاتم، وعبد الغافر بْن سَلَامة، وخيثمة بْن سُلَيْمَان، وطائفة. وقد سمع منه: الْإِمَام أَحْمَد، مع جلالته، حديثًا رَوَاه له، عن أَبِيهِ. قَالَ ابنُ عدي: محمد بْن عوف عالمٌ بحديث الشّام، صحيحًا وضعيفًا. وكان عليه اعتماد ابنُ جَوْصا، ومنه يسأل، وخاصّة حديث أَهْل حمص. قلت: وقد أثنى عليه غير واحد من الكبار، ووصفوه بالحفظ والتَّبحر.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 41، 42". 2 جذوة المقتبس "116". 3 الجرح والتعديل "8/ 52"، والتهذيب "9/ 383".

وقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الصَّمَدِ فِي تَارِيخِهِ: سَمِعْتُ محمد بْنَ عَوْفٍ يَقُولُ: كُنْتُ أَلْعَبُ فِي الْكَنِيسَةِ بِالْكُرَةِ وَأَنَا حَدَثٌ، فَدَخَلَتِ الْكُرَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَوَقَعَتْ بِالْقُرْب مِنِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ، يَعْنِي الْحِمْصِيَّ فَدَخَلْتُ لآَخُذَهَا، فَقَالَ: ابْنُ مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: ابْنُ عَوْفٍ. قَالَ: أَمَا إِنَّ أَبَاكَ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا، وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ مَعَنَا الْعِلْمَ وَالَّذِي يُشْبِهُكَ أَنْ تَتَّبِعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَالِدُكَ. فَصِرْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا، فَقَالَتْ: صَدَقَ يَا بُنَيَّ، فَأَلْبَسَتْنِي ثَوْبًا وَإِزَارًا، ثُمَّ جِئْتُ إِلَيْهِ وَمَعِي مِحْبَرَةٌ وَوَرَقٌ، فَقَالَ لِي: اكْتُبْ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: كَتَبَتْ لِي أمُّ الدَّرْدَاءِ فِي لَوْحِي: اطْلُبُوا مِمَّا يُعَلِّمُنِي الْعِلْمُ صِغَارًا تَعْمَلُوا بِهِ كِبَارًا، فَإِنَّ لِكُلِّ حاصدٍ مَا زَرَعَ. فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ مَا سمعته. توفّي في واسط سنة اثنتين وسبعين. 588- محمد بْن عِيسَى بْن حَيّان. أبو عبد الله المدائنيّ الْمُقْرِئ1. عن: سُفْيان بْن عُيَيْنة. وشُعَيْب بْن حرب، ومحمد بْن الفضل بْن عطيّة، وعليّ بْن عاصم، ويزيد بْن هارون. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، وأبو بَكْر بْن مجاهد، وخيثمة، وإسماعيل الصّفّار، وعثمان بْن السّمّاك، والأدميّ، وآخرون. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ضعيف. وقَالَ البَرْقانيّ: لا بأس به. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين، عن سنٍّ عالية. 589- محمد بن عيسى التِّرمذيّ بن سورة بْن مُوسَى السُّلميّ2. الحافظ أبو عِيسَى التّرمِذيّ الضّرير، مصنَّف كتاب الجامع. وُلِدَ سنة بضْعٍ ومائتين.

_ 1 السير "13/ 21، 23"، والميزان "3/ 678". 2 السير "13/ 270"، والتهذيب "9/ 387".

وسمع: قُتَيْبَةَ بْن سَعِيد، وأبا مُصْعَب الزُّهريّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله الهرويّ، وإسماعيل بن مُوسَى السُّدّيّ، وصالح بْن عَبْد الله التّرمِذيّ، وعبد لله بْن مُعَاوِيَة، وحُمَيْد بْن مسعدة، وسُوَيْد بْن نصر المروزيّ، وعليّ بْن حُجر السَّعديّ، ومحمد بْن حميد الرَّازيّ، ومحمد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن أبي رزمة، ومحمد بْن عَبْد الملك بْن أبي الشَّوارب، وأبا كُرَيْب محمد بْن العلاء، ومحمد بْن أبي معشر السِّنْديّ، ومحمود بْن غَيْلان، وهنّاد بْن السَّريّ، وخلْقًا كثيرًا. وأخذ علم الحديث عن أبي عَبْد الله الْبُخَارِيّ. وعنه: حَمَّاد بْن شاكر، ومكحول بْن الفضل، وعبد بْن محمد، ومحمد بْن محمود بْن عنبر النَّسفيون، والهيثم بْن كُلَيْب الشّاشيّ، وأحمد بْن عليّ بْن حَسْنَوَيْه النَّيسابوريّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن محبوب المَرْوَزِيُّ، ومحمد بْن المنذر شكر، والربيع بْن حِبّان الباهليّ، والفضل بْن عمّار الصّرّام، وآخرون. ذكره ابنُ حِبّان فِي الثّقات وقَالَ: كان مِمَّنْ جمع وصنَّف وحفظ وذاكر. قلت: ويقال له البُوغيّ، بضم الموحّدة وبغينٍ مُعْجَمَةٍ. وبُوغ: قرية على ستّة فراسخ من تِرْمِذ، بفتح التّاء، وقِيلَ بضمها، ويقال بكسرها. وهي على نهر بلْخ. وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ شَيْخُهُ أبو عبد الله الْبُخَارِيُّ حَدِيثًا؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لعليّ: "لايحلُّ لأحدٍ يُجْنِبُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرِي وَغَيْرُكَ"1 سَمِعَ مِنِّي محمد بْنُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا الْحَدِيثَ. وقَالَ عَبْد المؤمن بْن خلف النَّسفيّ: قرأ عليه الجامع فِي دارنا بنَسَف وأنا صغير ألْعب. قلت: وآخر من روى حديثه عاليًا أبو المِنْجاب اللَّيثيّ: وكتابه الجامع يدلّ على تبحُّره فِي هَذَا الشأن، وَفِي الفقه، واختلاف العلماء. ولكنّه يترخَّص فِي الصّحيح والتَّحسين. ونَفَسُه في التَّخريج ضعيف.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه الترمذي "3727"، والبيهقي "7/ 66" في سننه الكبرى، وفي سنده عطية العوفي من الضعفاء.

قَالَ أبو سَعِيد الإدريسيّ: كان أبو عِيسَى يُضْرَبُ به المثل فِي الحِفْظ. سمعت أَبَا بَكْر محمد بْن الْحَارِث المَرْوَزِيُّ الفقيه يقول: سمعت أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن دَاوُد المَرْوَزِيُّ يقول: سمعت أَبَا عِيسَى يقول: كنت في طريق مكّة وكنت قد كتبت جزأين من أحاديث شيخ، فمرّ بنا، فذهبت إليه وأنا أظنّ أنّ الجزأين معي، ومعي في محملي جزءان حسبتهما الجزأين. فلمّا أذن لي أخذت الجزأين، فإذا هما بياض. فتحيّرت، فجعل الشَّيْخ يقرأ عليَّ من حِفْظه. ثُمَّ نظر إليَّ فرأى البياض فِي يدي، فقال: أما تستحي منّي؟ فقصصت عليه أمره، وقلت: أحفظه كلّه. فقال: اقرأ. فقرأت جميع ما قرأ عليَّ أولًا، فلم يصدقني. وقَالَ: استظهرت قبل أن تجيئني. فقلت: حَدَّثَنِي بغيره. فقرأ عليَّ أربعين حديثًا من غرائب حديثه، ثُمَّ قَالَ: هاتِ اقرأ. فقرأت عليه من أوّله إِلَى آخره، فَمَا أخطأت فِي حرف. فقال: ما رَأَيْت مثلك. وقَالَ أبو أَحْمَد الحاكم: سمعت عُمَر بْن مالك يقول: مات محمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ ولم يُخلف بخُراسان مثل ابنِ عِيسَى فِي العلم والحفظ والزُّهد والورع. بكى حَتَّى عَمي وبقي على ضرره سنين. وقَالَ محمد بْن طاهر الحافظ فِي المنثور له: سمعت الْإِمَام أَبَا إِسْمَاعِيل عَبْد الله بْن محمد الْأَنْصَارِيّ بهراة، وجرى ذكر التَّرمذيّ، فقال: كتابه أنفع من كتاب الْبُخَارِيّ، ومسلم؛ فإنّه لا يقف على الفائدة منهما إلّا المتبحر العالم. وكتاب أبي إِسْمَاعِيل يصل إِلَى فائدته كلّ واحد من النّاس. قَالَ غُنْجار فِي تاريخه: تُوُفِّيَ فِي ثالث عشر رجب سنة تسعٍ وسبعين بترمِذ. والعجب من أبي محمد بْن حزم حيث يقول فِي أبي عِيسَى: مجهول. قاله فِي الفرائض من كتاب الأجيال. قَالَ أبو الفتح اليَعْمُريّ: قَالَ أبو الْحَسَن القطّان فِي بيان الوهم والإبهام عقيب قول ابنِ حزْم: هَذَا كلام من لم يبحث عَنْهُ، وقد شهِدَ له بالإمامة والشُّهرة الدَّارقطنيّ، والحاكم.

وقَالَ أبو يَعْلَى الخليليّ: هُوَ حافظ متقن ثقة. وذكره أيضًا الأمير أبو نصر بْن الفَرَضيّ، والخطابيّ. قَالَ أبو الفتح: وذُكر عن ابن عيسى قال: صنَّف هَذَا الكتاب، وعرضته على علماء الحجاز، والعراق، وخُراسان، فرضوا به. ومن قَالَ فِي بيته هَذَا الكتاب، فكأنما فِي بيته نبيٌّ يتكلَّم. قلت: ما فِي جامعه من الثُّلاثيات سوى حديثٍ واحد، وإسناده ضعيف. وكأنّه من الُأصُول السّتّة الّتي عليها العقد والحلّ وَفِي كتابه ما صحّ إسناده، وما صلح، وما ضُعِّف ولم يُترَك، وما وهى وسقط، وهو قليل يوجد فِي المناقب وغيرها. وقد قَالَ: ما أخرجت فِي كتابي هَذَا إلّا حديثًا قد عمل به بعض الفقهاء. قلت: يعني فِي الحلال والحرام. أمّا فِي سوى ذلك ففيه نظر وتفصيل. وقد أطلق عليه الحاكم بْن وكيع الجامع، وهذا تجوُّز من الحاكم. وكذا أطلق عليه أبو بَكْر الخطيب اسم الصّحيح. وقَالَ السِّلَفيّ: الكُتُب الخمسة اتَّفق على صحّتها علماء المشرق والمغرب. وهذا محمولٌ منه على ما سكتوا عن توهينه. وقَالَ أبو بَكْر بْن العربيّ: وليس فِي مدد أبي عِيسَى مثله حلاوة مقطع، ونفاسة مَنْزَع، وعذوبة مَشْرع. وفيه أربعة عشر عِلْمًا فرائد. صنَّف وأسند وصحّح وأشهر، وعدّد الطُّرق، وجرّح وعدّل وأسمى وكنّى، ووصل وقطع، ووضح المعمول به والمتروك، وبيّن اختلاف العلماء فِي الإسناد فِي الأوائل. وكلّ علم منها أصلٌ فِي بابه. 590- محمد بْن عِيسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن. الوزير أبو عليّ النَّيسابوريّ1. كان المأمون يحبّه ويكرمه. وطالت أيّامه، وحدَّث عن: أبي النَّضر هاشم بْن القاسم، وغيره. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين أيضًا.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "9/ 400، 401".

591- محمد بْن عِيسَى بْن يزيد الطَّرسوسيّ1. أبو بَكْر التّميميّ الحافظ، نزيل بلْخ. رحل وطوَّف وحدَّث عن: أبي عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، وأبي نُعَيْم، وعفّان بْن اليَمَان، وجماعة. وعنه: أبو عَوَانة الإسفرائينيّ، وأبو بَكْر بْن خُزَيْمَة، ومحمد بْن الدّغُوليّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، وعبد الله بن إبراهيم ابن الصّبّاح الإصبهانيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن محبوب، وآخرون. وحدَّث بإصبهان وخُراسان. قَالَ ابنُ عديّ عَنْهُ: هُوَ فِي عداد من يسرق الحديث. قلت: تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. وقَالَ الحاكم: هُوَ من المشهورين بالرحلة والفهم والتَّثبت. أكْثَرَ أهلُ مَرْو عَنْهُ. فأمّا. 592- محمد بْن عِيسَى بن عبد الكريم الطَّرسوسيّ2، شيخ لابن رِزْقَوَيْه. 593- محمد بْن محمد بْن عروس3. أبو عليّ الشيرازي الكاتب الشاعر، نزيل سامرّاء. له أشعار رائقة، ومعاني لائقة. مدح المستعين بالله وغيره. وروى عنه من شعره: أبو محمد القاسم بْن محمد الأنباريّ. ورآه ابنه أبو بَكْر بْن الأنباريّ. وروى عَنْهُ أيضًا: الصُّوليّ، والحسين بْن القاسم الكوكبيّ، وعيسى بْن عَبْد الْعَزِيز، وغيرهم. وله يمدح المستعين يوم العيد: فلو أنّ بُرْد المصطفى إذ لبستَهُ ... بموطنٍ يظنّ البُردّ أنّك صاحبه

_ 1 السير "13/ 164، 165"، والميزان "3/ 679". 2 تاريخ بغداد "2/ 405". 3 من الشعراء المجيدين.

وقَالَ لقد حَلَلْته ولبسْته ... نعم، هَذِهِ أعطافُه ومناكبُه ومن شعره: لا والمنازلِ فِي نجدٍ وليلتنا ... ببغداد حسدنا بيننا حسد كم دام فينا الْكَرَى مع لُطْف مَسْلِكه ... نومًا، فَمَا انفكّ لا خدّ ولا عضدُ 594- محمد بن مروان البَيْروتيّ1. روى عن: أبي مُسْهر الدْمشقيْ، وغيره. وعنه: محمد بْن يوسف الهرويّ، وخيثمة بْن سُلَيْمَان. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين، وقِيلَ: سنة أربعٍ. 595- محمد بْن ميمون الإسكندرانيّ الفخّاريّ2. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ أيضًا، وقد قارب المائة. وكان هُوَ وضمام بْن إِسْمَاعِيل فِي منزلٍ واحد. 596- محمد بْن مَنْدَه بْن أبي الهيثم منصور الإصبهانيّ3. حدَّث بالرّيّ وبغداد، عن: بكر بن بكار، والحسين بن حفص، وإبراهيم بْن مُوسَى الفرّاء. وعنه: أبو بكر محمد بن الحسن العجلي، وإسماعيل الصفار، وحمزة الدهقان، وغيرهم. وقال ابن أبي حاتم: لم يكن عندي بصدوق، ولم يكن سنه في سن من لحق بكر بن بكار. وقال أبو نعيم الحافظ: ضعف لروايته عن الْحُسَيْن بْن حَفْص، عن شُعْبَة. قلت: وهذا ليس هُوَ من بيت بني مَنْدَه. وقع حديثه عاليًا لابن قميرة.

_ 1 تاريخ دمشق "19/ 391". 2 لم نقف عليه. 3 تاريخ بغداد "3/ 304".

597- محمد بْن المغيرة السُّكرَّيّ1. لقبه حمدان. سمع: القاسم بْن الحكم العربيّ، وهشام بْن عَبْد الله الرَّازيّ. أَخَذَ عَنْهُ: أبو الْحَسَن القطّان، وطائفة. مات سنة ستٍّ وسبعين. كذا قَالَ الخليليّ، وقِيلَ غير ذلك. وسيُعاد. 598- محمد بْن نصر. أبو الأحوص الأثرم2. سمع: عليّ بْن الجعد، وأبا بلال الأشعريّ، وعدّة آخرون. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وعليّ بْن محمد بْن عُبَيْد الصّفّار. ثقة. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. 599- محمد بْن مُوسَى بْن الفضل. أبو بَكْر القسطاني الرازيَ3. عن: شَيْبَان بْن فرُّوخ، وطالوت بْن عبّاد، وغيرهما. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وأبو سهل القطّان، وأبو بَكْر الشّافعيّ. وهو مستقيم الحديث. 600- محمد بْن النَّضر بْن حبيب الهلاليّ الإصبهانيّ4. روى عن: بَكْر بْن بكّار، والحسين بْن حَفْص. وعنه: يوسف بن محمد المؤذن، وسعيد بن يعقوب السراج.

_ 1 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين. 2 تاريخ بغداد "3/ 313، 314". 3 لا بأس به. 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 209"

توفي سنة خمسٍ أو سبعٍ وسبعين، على قولين. 601- محمد بن هارون بن عيسى. أبو بكر الأزدي البصري الرزاز1. عن: مسلم بن إبراهيم، وأبي الوليد، وجماعة. وعنه: أبو العباس بن عقدة، وأبو بكر الشافعي. قال الدارقطني: ليس بالقوي. قلت: حدّث فِي سنة ستٍّ وسبعين ومائتين. 602- محمد بْن الهيثم بْن حمّاد. أبو الأحوص قاضي عُكْبرا2. عن: عَبْد الله بْن رجاء، وسعيد بْن عُفَيْر، وأبي نُعَيْم، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وطبقتهم. وله رحلة واسعة إِلَى البصرة، والكوفة، والشّام، ومصر، والجزيرة، والحجاز. لقي بالشام: محمد بْن عائذ، وطبقته. وبالجزيرة: أَبَا جَعْفَر النُّفيليّ. روى عَنْهُ: ق. حديثًا واحدًا، وقع لنا موافقة. وعنه أيضًا: مُوسَى بْن هارون، وابن صاعد، وعثمان بْن السّمّاك، وأبو بَكْر بْن مالك الإسكافيّ، وأبو بَكْر النّجّاد، وأبو بَكْر محمد بْن عَبْد الله الشّافعيّ، وأبو عوانة فِي صحيحه، وطائفة. قَالَ الدّارقطنيّ: كان من الحُفّاظ الثّقات. قلت: مات فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وسبعين بعُكْبَرا. 603- محمد بْن الورد بن زنجويه. أبو جعفر البغداديّ3، نزيل مصر.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 354". 2 السير "13/ 156، 157"، التهذيب "9/ 498". 3 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين.

حدَّث عن: عفّان بْن مُسْلِم، وغيره. وعنه: أبو جَعْفَر الطَّحاويّ. تُوُفِّيَ فِي المحرّم سنة اثنتين وسبعين، ولم يدركه حفيده عَبْد الله بْن جَعْفَر راوي السيرة. 604- محمد بْن يزيد. مَوْلَى ربيعة، الحافظ أبو عبد الله بْن ماجة القزْوينيّ1، مُصَنِّف السُّنن والتّفسير والتّاريخ. كان محدث قزوين غير مدافع. وُلِدَ سنة تسعٍ ومائتين. وسمع: عليَّ بْن محمد الطَّنافسيّ، وعبد الله بْن مُعَاوِيَة، وهشام بْن عمّار، ومحمد بْن رُمْح، وسُويد بْن سَعِيد، وعبد الله بْن الجرّاح القهسْتانيّ، ومُصْعَب بْن عَبْد الله الزُّبيريّ، وإبراهيم بْن محمد الشّافعيّ، ويزيد بْن عَبْد الله اليماميّ، وجُبَارَة بْن المُغَلّس، وداود بْن رُشَيْد، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَير، وخلقًا كثيرًا. وعنه: محمد بْن عِيسَى الَأبْهريّ، وأبو عَمْرو أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم المَدِينيّ، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وسليمان بْن يزيد الفامي، وأبو الطَّيّب أَحْمَد بْن روح الْبَغْدَادِيّ. قَالَ الخليليّ: كان أَبُوهُ يزيد يُعرف بماجة، ولاؤه لربيعة. وعن أبي عَبْد الله بْن ماجة قَالَ: عرضتُ هَذِهِ السُّنن على أبي زُرْعة فنظر فِيهِ وقَالَ: أظنّ إنْ وقع هَذَا فِي أيدي النّاس تعطّلت هَذِهِ الجوامع أو أكثرها. ثُمَّ قَالَ: لعلّ لا يكون فِيهِ تمام ثلاثين حديثًا مما فِي إسناده ضعفٌ، أو نحو ذا. قلت: كان ابنُ ماجة حافظًا صدوقًا ثقة فِي نفْسه، وإنّما نقص كتابه بروايته أحاديث مُنْكَرَةً فِيهِ. وكانت وفاته لثمانٍ بقين من رمضان سنة ثلاثٍ وسبعين، وله أربعٌ وستّون سنة.

_ 1 السير "13/ 277، 281"، والتهذيب "9/ 530". Results ذكر رجال هذه الطبقة مرتبين على حروف المعجم حدَّث عن: عفّان بْن مُسْلِم، وغيره. وعنه: أبو جَعْفَر الطَّحاويّ. تُوُفِّيَ فِي المحرّم سنة اثنتين وسبعين، ولم يدركه حفيده عَبْد الله بْن جَعْفَر راوي السيرة. 604- محمد بْن يزيد. مَوْلَى ربيعة، الحافظ أبو عبد الله بْن ماجة القزْوينيّ1، مُصَنِّف السُّنن والتّفسير والتّاريخ. كان محدث قزوين غير مدافع. وُلِدَ سنة تسعٍ ومائتين. وسمع: عليَّ بْن محمد الطَّنافسيّ، وعبد الله بْن مُعَاوِيَة، وهشام بْن عمّار، ومحمد بْن رُمْح، وسُويد بْن سَعِيد، وعبد الله بْن الجرّاح القهسْتانيّ، ومُصْعَب بْن عَبْد الله الزُّبيريّ، وإبراهيم بْن محمد الشّافعيّ، ويزيد بْن عَبْد الله اليماميّ، وجُبَارَة بْن المُغَلّس، وداود بْن رُشَيْد، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَير، وخلقًا كثيرًا. وعنه: محمد بْن عِيسَى الَأبْهريّ، وأبو عَمْرو أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم المَدِينيّ، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وسليمان بْن يزيد الفامي، وأبو الطَّيّب أَحْمَد بْن روح الْبَغْدَادِيّ. قَالَ الخليليّ: كان أَبُوهُ يزيد يُعرف بماجة، ولاؤه لربيعة. وعن أبي عَبْد الله بْن ماجة قَالَ: عرضتُ هَذِهِ السُّنن على أبي زُرْعة فنظر فِيهِ وقَالَ: أظنّ إنْ وقع هَذَا فِي أيدي النّاس تعطّلت هَذِهِ الجوامع أو أكثرها. ثُمَّ قَالَ: لعلّ لا يكون فِيهِ تمام ثلاثين حديثًا مما فِي إسناده ضعفٌ، أو نحو ذا. قلت: كان ابنُ ماجة حافظًا صدوقًا ثقة في نفسه، وإنّما نقص كتابه بروايته أحاديث منكرةً فيه. وكانت وفاته لثمانٍ بقين من رمضان سنة ثلاثٍ وسبعين، وله أربعٌ وستّون سنة.

وقَالَ أبو يعليّ الخليليّ فِيهِ: ثقة كبير متَّفق عليه، محتجٌّ به. له معرفة بالحديث وحِفْظ. ارتحل إِلَى العراقَيْن، ومكّة، والشام، ومصر، والرِّيّ لكتْب الحديث. وقَالَ ابنُ طاهر المقدسيّ: رَأَيْت له بقْزوين تاريخًا على الرجال والأمصار إِلَى عصره. وَفِي آخره بخط صاحبه جَعْفَر بن إدريس: مات أبو عبد الله يوم الاثنين، ودُفِن يوم الثلاثاء لثمانٍ بقين من رمضان. وصلّى عليه أخوه أبو بَكْر وتولّى دفنه أخوه أبو بَكْر وأبو عبد الله، وابنه عَبْد الله. وقَالَ غيره: مات سنة خمسٍ وسبعين، والأوّل أصحّ. وقد حدَّث أبو محمد بن الْحَسَن بْن يزيد بْن ماجة القَزْوينيّ ببغداد فِي حدود الثّمانين لمّا حجّ عن إِسْمَاعِيل بْن توبة محدِّث قَزْوين. سمع منه: أبو طَالِب محمد بْن نصر الحافظ. فالظاهر أنّ هَذَا من إخوة أبي عَبْد الله صاحب السُّنن، والله أعلم. 605- محمد بْن يزيد بْن عَبْد الوارث الدّمشقيّ1. عن: يحيى بْن صالح الوُحاظيّ. وعنه: أبو القاسم الطَّبرانيّ. مجهول الحال، لم يذكره ابنُ عساكر. 606- محمد بْن يزيد. أبو جَعْفَر الحربيّ2. هُوَ أقدم شيخ للواعظ عليّ بن محمد الحمصيّ. روى له عن أبي بلال الأشعريّ مرداس بْن محمد. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 607- محمد بْن يعقوب بْن الفرج. الشَّيْخ أبو جَعْفَر الفَرَجيّ الصوفيّ الزّاهد الواعظ3.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر السابق. 3 الحلية "10/ 287، 291".

كان إمامًا فقيهًا يفتي بالأثر. وله فضل وعبادة. صحب ذا النّون المصريّ، أبا تراب النَّخشبيّ. وسمع من: عليّ بن المدينيّ، وأبي داود، وجماعة. وكان على غاية التّجريد. يأوي المساجد والصّحراء. توفّي بالرملة بعد سنة سبعين. قال أبو نعيم: له مصنّفات في معاني الصُّوفيّة. وروى عنه أنّه قَالَ: مكثت عشرين سنة لا أسأل عن مسأله إلّا ومنازلتي فيها قبل قولي. وقَالَ: لو صحّ الودّ لسقطت شروط الأدب. وقد رَأَيْت له حكاية، وهي أنّه سافر على التّجريد، فوقع في تيه بني إسرائيل، وصحب لهما حالٌ من أحوال الرُّهبان المتولّدة من الجوع والوَحْدة. قَالَ: فكان يبيع لهما الماء ويُحضر لهما الطعام إذا جاعا. فقالا له بعد ليلتين: يا مُسْلِم هَذِهِ نَوْبتُك. قَالَ: فدخل بعضي فِي بعض، فقلت: اللَّهمّ إنّي أعلم أنّ ذنوبي لم تَدَع لي عندك جاهًا. ولكنْ أسألك أن لا تفضحني عندهما، ولا تُشمّتهما بنبيّنا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبأمَّته. قَالَ: فإذا بعينٍ خرّارة وطعام كثير. وذكر قصة إسلامهما على يده. وقَالَ أبو نُعَيْم: روى عَنْهُ أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وأبو عَمْرو بْن حكيم، وأبو مَسْعُود محمد بن إِبْرَاهِيم بْن المنذر، فإنْ كان هُوَ هُوَ فقد تأخر إِلَى حدود الثمانين ومائتين. 608- محمد بْن يوسف بْن مطروح الفقيه أبو عبد الله البكرّي بْن وائل، الأندلسيّ القُرْطُبيّ1. عن: الغاز بْن قَيْس، وعيسى بْن دينار، وأصْبغ بْن الفَرَج، ومطرِّف بن عبد الله، وسحنون القيروانيّ.

_ 1 جذوة المقتبس "158".

وقد حجّ فِي العام الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أبو عَبْد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ. وقد تكلَّم بعض الأئمّة فِي سماعه منه. وكانت الفتوى دائرة بالأندلس على ابنِ مطروح، وأبي وهْب عَبْد الأعلى، وأَصْبَغ بْن خليل. وولي هُوَ إمامه الجامع بقُرْطُبَة. وكان أعرج. ذكره ابنُ الفَرَضيّ فقال: دخل مكّة بعد موت الْمُقْرِئ، ثُمَّ قدم الأندلس، فادّعى السّماع منه. وصوّبه جماعة. تُوُفِّيَ يوم عاشوراء سنة إحدى وسبعين. 609- محمد بْن يوسف بْن عِيسَى بْن برغل1. أبو بَكْر حدَّث عن: يزيد بْن هارون، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، ومحمد بْن سَعِيد القرقساني، وجماعة. وعنه: المحامليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وأحمد بْن عُثْمَان الَأدَميّ، ومحمد بْن الْعَبَّاس بْن نَجِيح، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ، وقِيلَ: سنة خمسٍ وسبعين. وثّقه الخطيب. وقَالَ الدّارَقُطْنِيّ: صدوق. 610- مجشّر بْن عصام. أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ المعدّل2. عن: حفص بن عبد الرحمن، وحفص بن عَبْد الله، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم. وعنه: عَمْرو بْن عَبْد الله الزّاهد، وأبو الطَّيّب محمد بْن عَبْد الله، وجماعة من أَهْل بلده.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 394، 395". 2 لا بأس به، وهو في عداد العلماء المستورين.

وحدَّث فِي سنة ثلاثٍ. 611- مسرور. أبو هاشم مَوْلَى المعتصم، أمير جليل كبير1. روى عن: نصر بْن مَنْصُور. روى عَنْهُ: عَبْد الصمد الطَّستيّ. وكان نظير مُوسَى بْن بُغَا فِي المرتبة والحال. بلغ ثمانين سنة. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين ومائتين. 612- مُسْلِم بْن عِيسَى الصّفّار2. عن: عَبْد الله بْن دَاوُد الخُريبيّ، وعفّان. وعنه: أَحْمَد بْن عُثْمَان الَأدّميّ، وعبد الصَّمد الطَّستيّ. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. تركه الدّارَقُطْنِيّ وغيره. وروى عَنْهُ: محمد بْن حسن بْن الفرج، شيخ لابن مَرْدَوَيْه. 613- مُضَر بْن محمد بْن خَالِد بْن الْوَلِيد. القاضي أبو محمد الَأسَديّ الْبَغْدَادِيّ الْمُقْرِئ3. عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن سلّام الْجُمَحيّ، وطالوت بْن عبّاد، وهُدْبَة بْن خال، وأحمد بن حنبل، وإبراهيم بْن المنذر الحِزَاميّ، وخلْق. وكان راوية لكُتُب القراءات. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن محمد بْن الباغَنْديّ، وأبو بَكْر بْن مجاهد، وأبو عَوَانة، وعثمان بْن السّمّاك، وأبو بَكْر الِشّافعيّ، وأبو الميمون بْن راشد.

_ 1 انظر: تاريخ الطبري "8/ 344"، "9/ 220". 2 انظر: تاريخ بغداد "13/ 104". 3 تاريخ بغداد "13/ 268، 269".

وحدَّث بدمشق وبغداد، وولي قضاء واسط. قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة. وقَالَ أَحْمَد بْن المنادي، وأبو بَكْر الشّافعيّ: تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وسبعين. زاد أحمد: في رجب. قلت: وَهِمَ من قَالَ إنّه تُوُفِّيَ سنة سبعٍ وتسعين. 614- مطروح بْن محمد بْن شاكر1. أبو نصر القُضاعيّ الْمَصْرِيّ. وُلِدَ سنة تسعين ومائة. وسمع الحديث وكان موثَّقًا. روى عَنْهُ: إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله الرشيديّ، وعليّ بْن عَبْد الله بْن أبي مضر. تُوُفِّيَ بالإسكندرية فِي جُمَادَى الأولى سنة إحدى وسبعين ومائتين. 615- معاذ ين عفّان. أبو عُثْمَان الخراشيّ الحافظ2، نزيل هراة. سمع: أَبَا كُرَيْب، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ، وهشام بْن خَالِد الدّمشقيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو إِسْحَاق البزّاز المَرْوَزِيُّ. تُوُفِّيَ سنة سبعٍ أيضًا. 616- المُنْسَجر بْن الصَّلت. أبو الضّحّاك القَزْوينيّ3. سمع: أَبَاهُ، والقاسم بْن الحكم العربيّ، ومحمد بْن بُكَيْر الحضرميّ، وجماعة. وعنه: أبو نُعَيْم عَبْد الملك بْن محمد الْجُرْجانيّ، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان،

_ 1 ينظر "حسن المحاضرة" للسيوطي. 2 لا بأس به. 3 التدوين في أخبار قزوين "4/ 84، 85".

وسليمان بْن يزيد الفاميّ، وأحمد بْن محمد بْن ميمون، وهو آخر من مات من أصحابه، فإنّه بقي إلى حدود الخمسين وثلاثمائة. تُوُفِّيَ المُنْسَجر فِي سنة ستٍّ وسبعين. وكان صدوقًا. ورّخه الخليليّ سنة سبعٍ وسبعين. 617- مقاتل بْن عمّار بْن محمد بْن صالح الْبَغْدَادِيّ المطرّز1. عن: أَحْمَد بْن يُونُس، وسعيد بْن مَنْصُور، وجماعة، وعبد الله الزُّبيريّ. وعنه: ابنُ صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد، والحكيميّ، وآخرون. قَالَ ابنُ المنادي: كان من المبرّزين فِي الصّلاح. وكان يحضر معنا مجلس عَبَّاس الدُّوريّ. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. 618- مُعَمَّر بْن محمد بْن مُعَمَّر العَوْفيّ البلْخيّ. أبو شهاب2. روى عن: عمّه شهاب، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وعصام بْن يوسف. وقَالَ السُّليمانيّ: أنكروا عليه حديثًا عن مكّيّ. 619- المغيرة بْن محمد بْن المهلَّب أبو حاتم المهلَّبيّ الأزْديّ الْبَصْرِيّ الأديب3. حدَّث عن: محمد بْن عبد الله الأنصاريّ، وعبد اله بْن رجاء، وجماعة. وعنه: محمد بن المَرْزُبان، ومحمد بْن يحيى الصُّوليّ. وكان صدوقًا بارع الأدب، وحسن المنَّظم. مدح المتوكّل وغيره. وَتُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. رأيت له نسخة كبيرة عن الأنصاريّ.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 169، 170". 2 الميزان "4/ 157". 3 تاريخ بغداد "13/ 195، 196".

620- المنذر بْن محمد بْن الصّبّاح. أبو عبد اله الإصبهانيّ الزّاهد1. عن: محمد بْن المغيرة، وإبراهيم بْن مُوسَى الفرّاء، ومحمد بْن حُمَيْد الرَّازيّ، وجماعة. وعنه: عبد الله بن محمد بن عِيسَى، وأحمد بْن شاهي الإصبهانيّان. تُوُفِّيَ سنة أربع وسبعين. 621- المُنْذر بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحكم بن هشام2. الأمير أبو الحكم الُأمويّ المروانيّ صاحب الأندلس. ولي الأمر بعد أَبِيهِ سنتين. وكان شجاعًا مقدامًا ماضي العزيمة. عاش ستًّا وأربعين سنة. ومات وهو محاصر عُمَر بْن حفصون البدويّ الخارج عليهم فِي سابع عشر صفر سنة خمسٍ وسبعين، فولي الأمر بعده أخوه الأمير عَبْد الله بْن محمد، فبقي في الملك إلى سنة ثلاثمائة. 622- مَوّاس بْن سهل. أبو القاسم المَعَافِريّ الْمَصْرِيّ الْمُقْرِئ3. قرأ على: أبي يعقوب الأزرق، وعبد الصمد بْن عَبْد الرَّحْمَن، وداود بْن عطيّة. وأصحاب ورش. قرأ عليه: محمد بْن عَبْد الرحيم الأصبهانيّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم الأهناسيّ، ومطرِّف بْن عَبْد الرحمن الأندلسيّ، وجماعة. وكان ثقة ضابطًا. لم يكن فِي طبقته مثله. 623- مُوسَى بْن الحسن الصِّقلّيّ. أبو عمران4.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 322". 2 وفيات الأعيان "1/ 111". 3 غاية النهاية "2/ 316". 4 تاريخ بغداد "13/ 46، 47".

عن: أبي نُعَيْم، وأبي عُمَر الحَوْضيّ، وسعيد بْن مَنْصُور، وأحمد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ. وعنه: أبو الميمون بْن راشد، وأبو عليّ الحصائري، وأبو جَعْفَر البَخْتَرِيّ، والصّفّار. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. حدَّث ببغداد، ودمشق. 624- مُوسَى بْن سهل بْن كثير. أبو عِمْرَانَ الوشّاء الحُرْفيّ1. بغداديّ ضعيف. عن: أبي عُليَّة، وإسحاق الأزرق، وعليّ بْن عاصم، وشُجاع بْن أبي الْوَلِيد، ويزيد بْن هارون. وعنه: عُثْمَان بْن السّمّاك، وأحمد بْن عُثْمَان الَأدميّ، وأبو عُمَر الزّاهد. وأبو بَكْر الشّافعيّ، وعُمَر بْن الْحَسَن الأشنانيّ، وجماعة. قال الدّارَقُطْنِيّ: ضعيف. وقَالَ البَرْقانيّ: ضعيف جدًا. قلت: فِي الغَيْلانيّات من عَوَاليه. ومات فِي ذي القعدة سنة ثمانٍ وسبعين. 625- مُوسَى بْن عُمَر الْجُرْجانيّ2. سمع: مسدّد، وإسماعيل بْن أبي يُونُس، ويحيى بْن معِين. وعنه: كُمَيْلُ بْن جَعْفَر، وإبراهيم بْن محمد البريديّ، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين.

_ 1 السير "13/ 149، 150". 2 تاريخ جرجان "465".

626- مُوسَى بْن عِيسَى بْن المنذر. أبو عَمْرو السُّلميّ الحمصيّ1. عن: أَبِيهِ، وأحمد بْن مجالد، وحيوة بْن شُرَيْح الحمصيّين. وعنه: الطَّبَرَانِيّ. لقِيَه سنة ثمانين. وقد قَالَ فِيهِ النَّسائيّ: ليس بثقة. مات سنة 81. 627- مُوسَى بْن محمد بْن أبي عوْف. أبو عِمْرَانَ المُرّيّ الصّفّار2. ارتحل وسمع من: يوسف بْن عديّ، وأبي جَعْفَر النُّفيليّ. وعنه: أبو عوانة، وأبو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن أبي ثابت، وأحمد بن حَذْلَم وآخرون. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. 628- مُوسَى بْن مُوسَى. أبو عِيسَى الْبَغْدَادِيّ الحافظ يُعرف بالشّصّ3. سمع: عليَّ بن الجعد، ومحمد بْن مِنْهال، وأبا بَكْر بْن شَيْبَة، وطبقتهم. وعنه: ابنُ مَخْلَد، وأبو طَالِب الحافظ، ومحمد بْن الْعَبَّاس بْن نَجِيح، وجماعة. وثقة الدّارَقُطْنِيّ. وَتُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين. 629- مُوسَى بْن نصر القنطريّ4. بغداديّ مستور.

_ 1 من شيوخ الطيراني، وفيه ضعف. 2 لا بأس به. 3 تاريخ بغداد "13/ 47". 4 انظر: تاريخ بغداد "13/ 46".

سمع: عبد الله بن عون الخزّاز، وطبقته. وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وخيثمة، ومحمد بْن جَعْفَر المطيري. تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين. 630- الموفَّق أبو أَحْمَد بْن المتوكّل على الله بْن المعتصم1. اسمه محمد، وقِيلَ: طَلْحَةُ. ولي عهد أمير المؤمنين. والد المعتضد بالله. وأمّه أم ولد. مولده سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. وعقد له أخوه المعتمد ولاية العهد بعد ابنه جَعْفَر، وذلك فِي سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. وكان الموفَّق من أجَلّ الملوك رأيًا، وأشجعهم قلبًا، وأسمحهم نفْسًا، وأغزرهم عقلًا، وأجْوَدهم رأيًا. وكان محبَّبًا إِلَى النّاس، قد استولى على الأمور وانقادت له الجيوش، وحارب صاحب الزَّنج وظفر به وقتله. وكان النّاس يلقّبونه: النّاصر لدين الله. قَالَ الخُطَبيّ: لم يزل أمر أبي أحمد يقوى ويزيد حتّى صار صاحب الجيش، وكلّه تحت يده. ولمّا غلب على الأمر حظر على المعتمد أَخِيهِ، واحتاط عليه وعلى ولده، وجمعهم فِي موضعٍ واحدٍ، ووكّل بهم. وأجرى الأمور مجاريها إِلَى أن تُوُفِّيَ لثمانٍ بقين من صفر سنة ثمانٍ وسبعين، وله تسعٌ وأربعون سنة. وكانوا ينظرونه بأبي جَعْفَر المنصور فِي حزْمه ودهائه ورأيه، وكان قد غضب على ولده أبي الْعَبَّاس المعتضد وحبسه، ووكّل به إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل، فضيَّق عليه، فَلَمَّا احتضر أبو أحمد رضي الله عن ولده، وكان ولده من أُنْمُوذَجته، فألقى إليه مقاليد الأمور، فولّاه المعتمد ولاية العهد فِي الحال بعد ابنه المفوّض بن المعتمد، وخطب الخُطَب له ثُمَّ لولده المفوّض، ثمّ لأبي العبّاس المعتضد. وانتقم أبو الْعَبَّاس من ابنِ بُلْبُل وعذّبه حَتَّى مات. ثُمَّ بعد أيام خلع المفوَّض، وتفرَّد أبو العبّاس بالعهد.

_ 1 السير "13/ 169، 170".

"حرف النوَّن": 631- نجاح بْن إِبْرَاهِيم الكوفي الفقيه1. حدَّث بمصر عن: سَعِيد بْن عُمَر، والأشعثيّ، وغيرهما. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ أيضًا فِي ذي الحجّة. 632- نصر بْن أَحْمَد بْن أسد بْن سامان2. أمير ما وراء النّهر والتُّرْك. كان أديبًا فاضلًا مَهِيبًا من أجلّ الأمراء. مات سنة تسعٍ وسبعين، وولي الأمر بعده أخوه إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد الَّذِي ظفر بالصّفّار. 633- نصر بْن دَاوُد. أبو مَنْصُور الصَّغانيّ الخلنجيّ3. روى عن: خَالِد بْن خِداش، وأبي عُبَيْد القاسم بْن سلّام، وحرميّ بْن حَفْص. وعنه: محمد بن مخلد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين. "حرف الهاء": 634- هارون بْن الْعَبَّاس الهاشميّ4. عن: إِبْرَاهِيم بْن المنذر، وأبي مُصْعَب، وغيرهما. وعنه: ابنُ مَخْلَد، والتّاريخيّ. قَالَ الخطيب: كان ثقة. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين.

_ 1 ينظر في كتاب "حسن المحاضرة". 2 وفيات الأعيان "6/ 424". 3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 4 تاريخ بغداد "14/ 37".

635- هارون بْن عِمْرَانَ الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ1. عن: أبي مُسْهِر الغسّانيّ، وأبي الجماهر. وعنه: أبو الميمون بْن راشد. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين. 636- هارون بن محمد بن بكار بن بلال العاملي2. عن: أَبِيهِ، ومحمد بْن عِيسَى بْن سميع، ومنبّه بْن عُثْمَان، ومروان بْن محمد الطّاطَريّ. وعنه: د. ن. ومحمد بْن يوسف الهرويّ، وابن جوصا، وأبو بكر بن أبي داود، وجماعة. قال النَّسائيّ: لا بأس به. قلت: تُوُفِّيَ بعد السبعين، أو قبل ذلك. 637- هارون بْن مُوسَى الَأشنانيّ3. عن: مكّيّ بن إِبْرَاهِيم، وأبي نُعَيْم. وعنه: ابنُ أبي حاتم، ومحمد بن بلبل الهمدانيّ. 638- هاشم بن مرئد. أبو سَعِيد الطَّبرانيّ4. عن: آدم بْن أبي إياس، وصفوان بْن صالح، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل بْن عيّاش، ويحيى بْن معين، والمُعَافي بْن سلمان الرَّسعنيّ. وعنه: سُلَيْمَان الطَّبرانيّ، ويحيى بْن يزيد النَّيسابوري، وابنه سعيد بن هاشم، وآخرون.

_ 1 لم نقف عليه. 2 الجرح والتعديل "9/ 97". 3 الجرح والتعديل "9/ 97". 4 لا بأس به.

وهو من قُدماء شيوخ الطَّبرانيّ، فإنّه سمع منه ثلاثٍ وسبعين. ومات فِي شوّال سنة ثمانٍ وسبعين. 639- هاشم بْن يُونُس الْمَصْرِيّ القصّار1 عن: عَبْد الله بْن صالح. وعنه: الطَّبرانيّ، وأبو عوانة الإسفرائينيّ، وغيرهما. وقد سمع أيضًا من سَعِيد بْن أبي مريم، والطبقة سنة " ... "2. 640- هبةُ الله بْن الأمير إِبْرَاهِيم بْن المهديّ بْن المنصور3. أبو القاسم العبّاسي. وكان كاتبًا، حاذقًا بالغناء، ورقيق النَّظم. جالس المعتضد وغيره. حكى عن: أَبِيهِ. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن يزيد المهلَّبيّ، وعون بْن محمد، وعبد الله بْن مالك النَّحويّ. وقَالَ عون الكِنْديّ: مات عن توبةٍ حَسنة، وفرّق مالًا عظيمًا. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. 641- هلال بْن العلاء بْن هلال4. أبو عُمَر بْن أبي محمد الباهليّ. مولاهم الرَّقّيّ الأديب، شيخ الرَّقّة وعالمها. سمع: أَبَاهُ العلاء بْن هلال بْن عُمَر بْن هلال مَوْلَى قُتَيْبَةَ بْن مُسْلِم أمير خُراسان، وحَجّاج بْن محمد الأعور، ومحمد بْن مُصْعَب القَرْقِسائيّ، وحسين بْن عيّاش، وعبد الله بْن جَعْفَر الرَّقّيّ، وأبا جَعْفَر النُّفَيْليّ. وعنه: ن. وأبو بَكْر النّجّاد، وخيثمة بْن سُلَيْمَان، والعبّاس بْن محمد الرّافعيّ، ومحمد بن أيوب بن الصَّمت، وخلق سواهم.

_ 1 انظر السابق. 2 بياض في الأصل. 3 لم نقف عليه. 4 السير "13/ 309"، والتهذيب "11/ 83".

قال النَّسائيّ: ليس به بأس. روى أحاديث منكرة عن أَبِيهِ، ولا أدري الرَّيب منه أو من أَبِيهِ. وقَالَ غيره: تُوُفِّيَ فِي ذي الحجّة يوم النّحر سنة ثمانين. وقِيلَ: تُوُفِّيَ فِي ثامن ربيع الأوّل سنة إحدى وثمانين. وله شِعر رائق، لائق بكلّ رائق، فمنه. سَيَبْلَى لسانٌ كان يُعْرِبُ لَفْظَهُ ... فيا لَيْتَهُ من وَقْفَةِ الْعَرْضِ يَسْلَمُ وما ينفع الإعراب إنّ لم يكن تُقًى ... وما ضَرّ ذا تقوى لسان معجم وله، وقد رواه عَنْهُ خيثمة: اقْبَلْ معاذِيرَ من يأتيك معتذرا ... إن برَّ عندك فيما قَالَ أو فَجَرا فقد أطاعك مَن أرضاك ظاهِرُهُ ... وقد أجلَّك مَن يَعْصِيكَ مُسْتَتِرا وله أبيات حَسنة فِي فقْد الشباب 642- همّام بْن مُحَمَّد بْن النُّعمان بْن عَبْد السّلام التَّيميّ1. أبو عمر الإصبهانيّ. أخو عَبْد الله الإصبهانيّ بْن محمد. روى عن: جَنْدَل بْن والِق، وإسحاق بْن بِشْر الكاهليّ، وأحمد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ، وعبد الحميد بْن صالح. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: قَيِل إنّه كان من الأبدال. روى عَنْهُ: سَعِيد بْن يعقوب، ومحمد بْن الْحَسَن بْن المهلَّب، وأحمد بْن الزُّبَيْر الإصبهانيّون. تُوُفِّيَ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. 643- الهيثم بْن خَالِد الكوفيّ الوشّاء2. ورّاق أبي نعيم الفضل بن ذكوان.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 340، 341". 2 لم نقف عليه.

روى عَنْهُ: أبو الْعَبَّاس بْن عُقْدة، وأبو بَكْر الخلّال الحنْبليّ. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. 644- الهيثم بْن مروان1. أبو الحكم الدمشقي. عن: محمد بْن عِيسَى بْن سميع، وأبي مُسْهِر، وخاله محمد بْن عائذ الكاتب. وعنه: ن. وأبو الْحَسَن بْن جَوْصا. 645- هَيْذام بْن قُتَيْبَةَ الْبَغْدَادِيّ2. عن: عَبْد الله بْن صالح العِجْليّ، وسليمان بْن حرب، وعاصم بْن عليّ. وعنه: أبو بَكْر النّجّاد، وعثمان بْن السّمّاك، وجماعة. قَالَ الخطيب: كان ثقة عابدًا. تُوُفِّيَ سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. "حرف الواو": 646- وزير بْن القاسم الْجُبَيْليّ3. عن: عَمْرو بْن هشام البَيْروتيّ، وأبي اليمان الحمصيّ، وجماعة. وعنه: ابنُ جَوْصا، والحسن بْن حبيب الحصائريّ، وخيثمة الأطْرابُلُسيّ. 647- وهْب بْن نافع الَأسَديّ القُرْطُبيّ4. أحد علماء الأندلس. رحل وسمع من: إِبْرَاهِيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبي الطّاهر بْن السَّرح، وسَحْنُون بْن سَعِيد، ونصر بن عليّ الجهضميّ، وطبقتهم.

_ 1 أخبار القضاة "3/ 204". 2 تاريخ بغداد "14/ 96، 97". 3 الإكمال "2/ 259" لابن ماكولا. 4 جذوة المقتبس "851".

وهو أوّل من أدخل تصانيف أبي عُبَيْد القاسم بْن سلّام الأندلسيّ. تُوُفِّيَ فِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين. "حرف الياء": 648- يحيى بْن أبي طَالِب جَعْفَر بْن عَبْد الله بْن الزّبرقان1. قَالَ أبو بَكْر الْبَغْدَادِيّ: أخو الْعَبَّاس، والفضل. أصلهم من واسط. سمع: عليّ بْن عاصم، ويزيد بْن هارون، وعبد الوهاب الخفّاف، وأبا بدْر السَّكونيّ، وزيد بْن الحُبَاب، وأبا دَاوُد الطَّيالسيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وابن صاعد، وإسماعيل الصَّفّار، ومحمد بْن البَخْتَرِيّ، وعثمان بْن السّمّاك، وأبو بَكْر النّجّاد، وأبو سهل القطّان، وعبد الله بْن إِسْحَاق، وخلْق. قَالَ أبو حاتم: محلُّه الصِّدق. وقَالَ البَرْقانيّ: أمرني الدّارَقُطْنِيّ أن أخرِّج له فِي الصّحيح. وقَالَ البَغَويّ: سمعت مُوسَى بْن هارون يقول: أشهد على يحيى بْن أبي طَالِب أنّه كذّاب. وقَالَ أبو أَحْمَد الكاتب: ليس بالمتين. قلت: وُلِدَ سنة اثنتين وثمانين ومائة، ومات سنة خمسٍ وسبعين فِي شوّال. وقد وقع لي جملةٌ من عواليه. وولاؤه لبني هاشم. 649- يحيى بْن الرَّبِيع بْن ثابت البُرْجُميّ الكوفيّ2. عن: يزيد بْن هارون. وعليّ بْن شقيق. وعنه: ابنُ عُقْدة، ومحمد بن مخلد.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 220". 2 تاريخ بغداد "14/ 221".

650- يحيى بْن الفُضَيْل الْبَغْدَادِيّ الكاتب1. نزل مصر، وحدَّث عن: الأصمعيّ، وعَوْن بْن عُمارة. وعنه: عَبْد الْعَزِيز الغافِقيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن وَرْدان، ومحمد بْن أَحْمَد الخلّال المصريّون. قَالَ الخطيب: مات سنة ثمانين. 651- يحيى بْن عَبْد العظيم. وهو يحيى بْن عَبْدك القَزْوينيّ2. محدّث كبير القدر. طاف وسمع: أبا الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، وعفّان بْن مُسْلِم، وعبد الله بْن رجاء الْبَغْدَادِيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو نُعَيْم عَبْد الملك بن محمد الْجُرْجانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وأبو الْحَسَن عليّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وآخرون. تُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين، وكان صدوقًا. قَالَ الخليليّ: كان شيخًا ثقة، متَّفق عليه. 652- يحيى بْن القاسم بْن هلال. أبو زكريا الأندلسيّ القُرْطُبيّ الفقيه المالكيّ3. أحد الأئمّة والزُّهّاد. سمع: يحيى بْن يحيى، وسعيد بن حسّان، عبد الله بْن قانع الصائغ، وسَحْنُون بْن سَعِيد، وطائفة. وعنه: أَحْمَد بْن خَالِد بْن الحُباب، ومحمد بْن أَعْيَن، وجماعة. قَيِل إنّه كان من العبادة على أمر عظيم. كان يصوم حَتَّى يَخْضَرّ. قَالَ ابنُ الفَرَضيّ فِي تاريخه: قال

_ 1 السابق "14/ 222". 2 الثقات لابن حبان "9/ 271". 3 جذوة المقتبس "1488".

لي عبّاس بْن أَصبَغ إنّ يحيى بْن القاسم كان فِي داره شجرةٌ تسجد لسجوده، رحمة الله عليه. قَيِل: تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين، وقِيلَ: سنة ثمانٍ وسبعين. 653- يحيى بْن مُطَرِّف بْن الهيثم1. الفقيه أبو الهيثم الثَّقفيّ، مفتي إصبهان وعالمها. سمع: الحسين بْن حَفْص، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، والقَعْنَبيّ، وطائفة. وعنه: أَحْمَد بْن جَعْفَر بن مَعْبَد، وأبو علي الصحاف، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف، وآخرون. تُوُفِّيَ فِي يوم عاشوراء سنه ثمانٍ وسبعين ومائتين. 654- يزيد بْن محمد بْن عَبْد الصمد2. وقد يُنْسب إِلَى جدّه، فيقال يزيد بْن عَبْد الصمد. أبو القاسم الدّمشقيّ. مَوْلَى بني هاشم. سمع: أَبَا مُسْهَر، وآدم بْن أبي إياس، وأبي بَكْر الحُمَيْديّ، وطبقتهم. وعنه: د. ن. وقَالَ: ثقة؛ وابن جَوْصا، وأبو عليّ الحصائري، والحسين بْن جرلان، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ، وأبو عوانة فِي مُسْنَده، وإبراهيم بْن أبي ثابت، وجماعة. وثّقه أيضًا الدَّارقطنيّ. وُلِدَ سنة ثمانٍ وتسعين ومائة، ومات فِي شوّال سنة ستٍّ وسبعين ومائتين وكان موصوفًا بالحِفْظ والفَهْم. 655- يعقوب بْن إِسْحَاق بْن زياد. أبو يوسف الْبَصْرِيّ القلوسيّ3.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 360". 2 السير "13/ 151"، والتهذيب "11/ 357". 3 تاريخ بغداد "14/ 285، 286".

عن: عمّار بْن عُمَر بْن فارس، وأبي عاصم النّبيل، وجماعة كثيرة. وعنه: المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وأبو الْحُسَيْن بْن المنادي. وكان ثقة حافظًا. ولي قضاء نصيبّين. وَتُوُفِّيَ سنة إحدى وسبعين ومائتين. 656- يعقوب بْن إِسْحَاق الْبَغْدَادِيّ. أبو يوسف الدّعاء1. يروي عن: أبي اليمان، وعاصم بْن عليّ، وجماعة. وعنه: أبو سهل القطّان، وجماعة. تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وسبعين. ولا أعلم فِيهِ جَرْحًا. 657- يعقوب بْن إِسْحَاق بْن مِهْران الإصبهانيّ. المعروف بابن أبي يعقوب المعدّل2. سمع: محمد بن عبد الله الأنصاريّ، وعمرو بْن مرزوق، وأحمد بْن يوسف، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بْن جَعْفَر السِّمْسار، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يوسف الإصبهانيّان. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين. 658- يعقوب بْن سُفْيَان بْن جَوّان3. الحافظ الكبير أبو يوسف بْن أبي مُعَاوِيَة الفَسَويّ الفارسيّ صاحب التّاريخ والمشيخة. طوَّف الأقاليم وسمع ما لا يوصف كثرة. سمع: أَبَا عاصم النبيل، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، ومحمد بْن عَبْد الله الْأَنْصَارِيّ، وعبد الله بْن مُوسَى، وعبد الله بْن رجاء، وأبا مُسْهَر، وحبّان بْن هلال، وأبا نعيم،

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 287". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 354". 3 السير "13/ 180"، والتهذيب "11/ 385-389".

وسعيد بْن أبي مريم، وعَوْن بْن عُمارة، وخلقًا كثيرًا بالشّام، والحجاز، ومصر، والعراق، والجزيرة. وعنه: ت. ن. وقال: لا بأس به؛ وإبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو عوانة، ومحمد بْن حَمْزَةَ بْن عُمارة، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن درستَوَيْه، والحسن بْن محمد الفَسَويّ، وآخرون. وبقي فِي الرحلة ثلاثين سنة. قَالَ أبو زُرْعة الدّمشقيّ: قدِم علينا رجلان من نُبلاء النّاس، أحدهما: يعقوب بْن سُفْيَان، يعجز أَهْل العراق أن يروا مثله. والثّاني: حرب بْن إِسْمَاعِيل، وهو مِمَّنْ كتب عنّي. وقَالَ محمد بْن دَاوُد الفارسيّ: ثنا يعقوب بْن سُفْيَان العبد الصّالح، فذكر حديثًا. قال أبو بكر أحمد بْن عبْدان الشّيرازيّ: كان يتشيَّع ويتكلَّم فِي عُثْمَان. وعن محمد بْن يزيد العطّار: سمعت يعقوب الفَسَويّ قَالَ: كنت أُكثر النَّسخ باللّيل، وقلَّت نَفَقَتي،، فجعلت أستعجل. فنسخت ليلةً حَتَّى تصرّم اللّيل، فنزل الماء من عيني، فلم أُبصر السّراج، فبكيت على انقطاعي، وعلى ما يفوتني من العِلْم. فاشتدّ بكائي، فنمت، فرأيت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، فناداني: يا يعقوب بْن سُفْيَان لِمَ بَكيت؟ فقلت: يا رسول الله ذهب بصري، فتحسَّرت على ما فاتني من كَتْب سنتَّك، وعلى الانقطاع من بلدي. فقال: أدنُ منّي. فدنوت منه، فأمرَّ يده على عينيّ كأنّه يقرأ عليهما، ثُمَّ استيقظت، فأبصرت، وأخذت نُسختي، وقعدت فِي السّراج أكتب. تُوُفِّيَ يعقوب فِي وسط سنة سبعٍ وسبعين، قبل أبي حاتم الأزْديّ بشهر. 659- يعقوب بْن سَوّاك الختُّليّ الزّاهد1. صاحب بشر الحافي.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 284، 285".

روى عَنْهُ: ابنُ مسروق، ومحمد بْن ثوبة الهاشميّ، وغيرهما. تُوُفِّيَ بعد السبّعين ومائتين. قاله الخطيب. 660- يعقوب بْن يزيد. أبو يوسف الْبَغْدَادِيّ التّمّار1. أحد الشّعُراء المحسنين، سيما فِي الغزل. اتّصل بالخليفة المنتصر. روى عَنْهُ: قاسم الإنباريّ، وابن المَرْزُبان، وغيرهما. 661- يعقوب بْن يوسف القَزْوينيّ2. ابنُ أخي حُسَيْن. سمع: القاسم بْن الحكم العُرَنّي، وغيره. وعنه: أَحْمَد بْن محمد بْن رزمة، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن إِسْحَاق الصِّبْغيّ الفقيه، وجماعة. كان صدوقًا. تُوُفِّيَ سنة ثمانٍ وسبعين. 662- يعقوب بْن يوسف بْن مَعْقِل بْن سِنَان النَّيسابوريّ3. والد أبي الْعَبَّاس الأصمّ. روى عن: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن حميد، وعليّ بْن حُجْر، وطبقتهم ثُمَّ رحل بابنه فلقي أصحاب ابنِ عُيَيْنَة، وابن وهْب. روى عَنْهُ: ابنه، وأبو عَمْرو المُسْتَملي، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، ومحمد بْن مَخْلَد الدُّوريّ.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 287، 288". 2 لا بأس به. 3 تاريخ بغداد "14/ 286".

وكان من أبرع النّاس خطًّا. نسخ الكثير بالُأجْرة. ومات فِي المحرَّم سنة سبعٍ وسبعين. 663- يوسف بْن سَعِيد بْن مُسْلِم. الحافظ أبو يعقوب المِصِّيصيّ1. سمع: حجّاج الأعور، ومحمد بْن مُصْعَب، وعبيد الله بْن مُوسَى، وأبا مُسْهَر الغساني، وخالد بْن يزيد القسريّ، وهَوذة بْن خليفة، وقبيصة بْن عُقْبَة، وطائفة. وعنه: ن. وقَالَ: ثقة حافظ؛ وأبو عوانة ويحيى بْن صاعد، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيسابوريّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن صفوة، وآخرون. قَالَ ابنُ أبي حاتم: كان صدوقًا ثقة. قلت: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة سنة إحدى وسبعين. 664- يوسف بن الضّحّاك البغداديّ2. مولى بني أميَّة. عن: سُلَيْمَان بْن حرب، ومحمد بن سنان العوفيّ. وكان فقيهًا ثقة. تُوُفِّيَ سنة تسعٍ وسبعين. 665- يوسف بْن عَبْد الله. أبو يعقوب الخوارزميّ3، نزيل فلسطين. محدِّث رحَّال. روى عن: عَبْدان بْن عُثْمَان المَرْوَزِيُّ، وحَرْمَلة بْن يحيى الْمِصْرِيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو الْعَبَّاس الأصمّ، وأبو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن أبي ثابت. قَالَ زكريا بْن يحيى التِّنِّيسيّ: شيخ ابنِ عديّ، وغيره، وما علمت به بأسًا.

_ 1 الحلية "9/ 305"، والتهذيب "11/ 414". 2 تاريخ بغداد "14/ 307، 308". 3 لا بأس به.

666- يوسف بْن مُوسَى الحربيّ العطّار الفقيه1. روى عن: أَحْمَد بْن حنبل مسائل معروفة. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الخلّال وأثنى عليه، وقَالَ: كان يهوديًّا فأسلم على يد الْإِمَام أَحْمَد، وهو حَدَث. فحَسُن إسلامُهُ ورحل فِي طلب العلم. وسمع من قوم جلَّة. "الكنى": 667- أبو سَعِيد الخرّاز2. شيخ العارفين فِي وقته. واسمه أَحْمَد بْن عِيسَى. قَيِل: تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين. والأشْهَرُ أنّه تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وثمانين كما سيأتي. أبو سَعِيد السُّكَّري النَّحويّ3. حسن بْن حُسَيْن. 668- أبو الهيثم الرَّازيّ اللُّغويّ4. أحد أئمّةِ العربيّةِ. له كتاب الشّامل فِي اللُّغة، وكتاب زيادات معاني القرآن، وغير ذلك. وكان بارعًا فِي الأدب، علّامة. تُوُفِّيَ سنة ستٍّ وسبعين ومائتين، والله أعلم. 669- أبو أَحْمَد القلانسيّ5. أحد مشايخ القوم ببغداد.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 308". 2 تأتي ترجمته. 3 سبقت ترجمته. 4 لم نقف عليه. 5 تاريخ بغداد "13/ 114".

تُوُفِّيَ فِي حدود سنة إحدى وسبعين ومائتين. واسمه مُصْعَب بْن أَحْمَد بْن مُصْعَب. أبو أَحْمَد الموفَّق بْن المتوكّل. قد ذكرناه بَلَقَبه لاختلاف اسمه. 670- أبو عُبَيْد البُسْريّ الزّاهد1. مرّ في سنة السّتّين ومائتين، واسمه محمد بْن حسّان، رحمه الله. 671- أبو مُعين الرَّازيّ الحافظ. اسمه: الْحَسَن بْن الْحَسَن على الصّحيح؛ كذا سمّاه ابنُ أبي حاتم، وهو أخبر النّاس به؛ لأنّه شيخه ومن بلده. وقَالَ أَحْمَد الحاكم: اسمه محمد بْن الْحَسَن، سمّاه لنا أَحْمَد بْن محمد بْن مَسْعُود البذشيّ. قلت: روى عن: سَعِيد بْن أبي مريم، وأبي سلمة التَّبوذكيّ؛ ويحيى بْن بُكَيْر، وأحمد بْن يُونُس اليَرْبُوعيّ، وهشام بْن عمّار، ونُعَيْم بْن حَمَّاد، وأبي ثَوْبة الرّبيع بْن نافع، وخلق. طوّف الشّام، ومصر، والعراق. وبرع فِي الحديث وفنونه. روى عَنْهُ: أبو نُعَيْم بْن عديّ، وأبو محمد بْن الشَّرقيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، ومحمد بْن الفضل المحمَّدباذيّ، ويوسف بْن إِبْرَاهِيم الهمذانيّ، وأحمد بْن قشْمر. وقَالَ أبو عبد الله الحاكم: هُوَ من كبار حفّاظ الحديث. قلت: تُوُفِّيَ سنة اثنتين وسبعين ومائتين. أبو مَعْشَر2. المنجّم صاحب الزيْج. هُوَ جَعْفَر بْن محمد البلخيّ غلام خليل.

_ 1 سبقت الترجمة له. 2 سبقت الترجمة له.

أبو عبد الله. هُوَ أَحْمَد بْن محمد. تقدَّم. 672- أبو مَعْشَر الْبُخَارِيّ. حَمْدَويْه بْن الخطّاب1. بقي إِلَى حدود الثّمانين. وروى عن: الْبُخَارِيّ، وغيره. وعنه: الْحَسَن بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العزيزيّ، وغيره. من الإكمال. 673- أبو الْحَارِث الأوْلاسيّ الزّاهد2. من مشايخ الطّريق. سمّاه السُّلميّ فِي تاريخ الصُّوفيّة: الفَيْض بْن الخضر بْن أَحْمَد. ويقال: الفَيْض بْن محمد. من قدماء المشايخ وأجلّهم؛ صحب إِبْرَاهِيم بْن سعد العلويّ، وغيره. قَالَ أبو بَكْر الفَرَغانيّ: اسمه الفَيْض بن الخضر. وقال سعيد بن أبي حاتم: قال أبو حاتم: قَالَ أبو الْحَارِث الَأوْلاسيّ: مَن اشتغل بما لم يكن فكأنْ فاته من لم يزل ولا يزال. قَالَ السُّلميّ: سمعت عليّ بْن سَعِيد: سمعت أَحْمَد بْن عطاء: سمعت أَبَا صالح: سمعت أَبَا الْحَارِث يقول: سمع سرّي من لساني ثلاثين سنة، وسمع لساني من سريّ ثلاثين سنة. وقَالَ محمد بْن المنذر الهَرَويّ: حدَّثني أبو الْحَارِث الفَيْض بْن الخضر بن أحمد التَّميميّ الأولاسيّ.

_ 1 الإكمال "2/ 55". 2 الحلية "10/ 156".

وقال أبو زرعة الطَّبريّ: مات أبو الْحَارِث الَأوْلاسيّ سنة سبعٍ وسبعين ومائتين. قلت: وقد روى عن: عبد الله بن خبيق الأنطاكي. حدَّث عنه: أبو عوانة الإسفرايني، ومحمد بن إسماعيل الفرغاني. وقيل: مات سنة سبعٍ وتسعين، فسيعاد. وهذا أشبه وأصح. مات بطرسوس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع. -الطبقة السابعة والعشرين- أحداث سنة إحدى وستين ومائتين. 3 المتوفون في هذه السنة. 3 ميل الديلم إلى الصفار. 3 كتاب المعتمد لحجاج خراسان. 3 وقعة الزنج بالأهواز. 3 ولاية أحمد بن أسد. 4 هزيمة ابن واصل أمام ابن الليث. 4 بيعة المعتمد للمفوض. 4 تولية الموفق للعهد. أحداث سنة اثنتين وستين ومائتين. 4 المتوفون في هذه السنة. 4 محاربة ابن الليث للمعتمد وهزيمته. 5 نهب الزنج للبطيحة. 5 القضاء بسر من رأى. 5 قضاء بغداد. 5 غلبة ابن الليث على فارس. 6 وقوع قائد الزنج في الأسر. أحداث سنة ثلاث وستين ومائتين. 6 المتوفون في هذه السنة. 6 استيلاء ابن الليث على الأهواز. 6 وزارة ابن مخلد. 6 وزارة ابن وهب. 6 إخراج ابن طاهر من نيسابور. 6 انتصار المسلمين بالأندلس.

7 أحداث سنة أربع وستين ومائتين. 7 المتوفون هذه السنة. 7 وفاة موسى بن بغا. 7 وفاة قبيحة أم المعتز. 7 أسر الروم لعبد الله بْن رشيد بْن كاوس. 7 الوقعة بين محمد المولد والزنج. 7 غضب المعتمد على الوزير ابن وهب. 7 عصيان الموفق. 8 محنة الصوفية. أحداث سنة خمس وستين ومائتين. 8 المتوفون في هذه السنة. 8 إيقاع ابنِ طولون بسيما الطويل فِي أنطاكية. 8 التحاق المولد بابن الصفار. 8 القبض على سليمان بن وهب وابنه. 8 وزارة ابن بلبل. 9 وفاة يعقوب بن الليث. 9 إطلاق ملك الروم لعبد الله بْن كاوس. 9 عصيان الْعَبَّاس على أَبِيهِ أَحْمَد بْن طولون. 9 دخول الزنج للنعمانية. 9 استنابة الموفّق لعمرو بْن اللَّيْث على الولايات. أحداث سنة ست وستين ومائتين. 10 المتوفون هذه السنة. 10 نيابة عُبَيْد الله بْن طاهر على شرطة بغداد. 10 وصول الروم إلى ديار ربيعة. 10 استعمال ابن أبي الساج على الحرمين. 10 وقعة الزنج بعسكر الخليفة. 10 مقتل الكرخي أمير حمص. 10 دعوة الحسن الأصغر لنفسه. 11 هزيمة الحسن بن زيد. 11 مقتل ابن الأصغر.

11 الحرب بين الخجستاني وابن الليث. 11 انتهاب الأعراب كسوة الكعبة. 11 دخول الزنج رامهرمز. أحداث سنة سبع وستين ومائتين. 11 المتوفون في هذه السنة. 11 وقعة الزنج. 12 مسير الموفق إلى الأهواز. 13 تمهيد الموفق للبلاد. 13 موقعة المختارة. 14 بناء الموفقية. 14 الوقعة بين أبي العباس والخبيث. 14 اقتحام الموفق مدينة الخبيث. 14 استيلاء الخجستاني على الولايات وضربة السكة. 15 حبس ابن المدبر ومصادرته. أحداث سنة ثمان وستين ومائتين. 15 المتوفون هذه السنة. 15 استئمان جعفر بن إبراهيم للموفق. 15 دخول جند الموفق مدينة الزنج. 16 مقتل بهبوذ. 16 دخول ابن حوشب اليمن. 16 عصيان لؤلؤ لابن طولون. 16 قتل ابن صاحب الزنج. 16 قتل الخجستاني. 16 غزوة خلف التركي ثغور الروم. أحداث سنة تسع وستين ومائتين. 16 المتوفون هذه السنة. 17 كسوف الشمس والقمر. 17 غارة الأعراب على الحجاج. 17 وثوب خلف الفرغاني على يازمان الخادم. 17 أخذ لؤلؤ قرقيسيا من العقيلي.

17 دخول الموفق مدينة صاحب الزنج. 18 عزم المعتمد على اللحاق بمصر. 19 تلقيب ذي الوزارتين وذي السيفين. 19 مصادرة ابنُ طولون للقاضي بكار بْن قُتَيْبَةَ. 19 سير ابن طولون إلى المصيصية وتراجعه. 20 ولاية ابن كنداج. 20 إحراق قطعة من بلد الزنج. 20 الوقعة بين الموفق وبين الزنج. 20 دخول المعتمد واسط. 20 دخول الموفَّق مدينة صاحب الزَّنْج وتخريب داره. أحداث سنة سبعين ومائتين. 21 المتوفون هذه السنة. 21 مقتل صاحب الزنج. 22 عودة المعتمد إلى سامراء. 22 انبثاق يثق بنهر عيسى. 23 ظهور الحسني بالصعيد ومقتله. 23 ظهور دعوة المهدي باليمن. 23 هزيمة الروم عند طرسوس.

تراجم أَهْل هَذِهِ الطّبقة "حرف الألف" 24 1- أَحْمَد بن إبراهيم البغدادي وراق خلف. 24 2- أحمد بن إبراهيم القهستانيّ. 24 3- أَحْمَد بْن الأزهر بْن مَنِيع بْن سَليِط. 26 4- أَحْمَد بْن حرب بْن محمد بْن عليّ بن حيان. 26 5- أحمد بن الحسن السُّكّريّ الحافظ. 27 6- أحمد بن الحسين بن مجالد الضّرير. 27 7- أحمد بن حمدون. 27 8- أحمد بن الخصيب بن عبد الحميد. 28 9- أحمد بن سليمان بن عبد الملك. 28 10- أحمد بن يسّار بن أيّوب. 29 11- أحمد بن طولون. 31 12- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن صالح بْن مسلم. 32 13- أحمد بن عبد الله بن القاسم التّميميّ. 33 14- أحمد بن عبد الله الخجستانيّ. 33 15- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن سعيد. 34 16- أحمد بن القاسم بن عطيّة الرازي. 34 17- أحمد بن محمد بن عثمان الثَّقفيّ. 35 18- أحمد بن محمد بن هانيء الفقيه. 36 19- أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي. 36 20- محمد بن أحمد. 36 21- أحمد بن محمد بن أبي موسى. 36 22- أحمد بن محمد بن مجالد الهروي. 37 23- أحمد بْن محمد بْن عُبَيْد الله بْن المدبرّ. 37 24- أحمد بن محمد بن عبد الكريم. 37 25- أَحْمَد بْن مَنْصُورٌ بْن سيار بن معارك. 38 26- أحمد بن وهب الزّيات. 38 27- أَحْمَد بْن يوسف بْن خَالِد بن سالم. 39 28- أحمد بن يونس ين المسيّب بن زهير.

40 29- أبان بن عيسى بن دينار. 40 30- إبراهيم بن أورمه بن سياوش. 40 31- إبراهيم بن أبي داود البرلُّسيّ. 41 32- إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد. 41 33- إبراهيم بن عبد الرحمن الدارميّ. 42 34- إِبْرَاهِيم بْن مَسْعُود بْن عَبْد الحميد القرشيّ. 42 35- إبراهيم بن هانيء النَّيسابوري. 43 36- إبراهيم بن يزيد القرطبيّ. 43 37- إدريس بن نصر بن سابق الخولاني. 43 38- إسحاق بن إبراهيم الطَّلقيّ. 43 39- إسماعيل بن إبراهيم الإسفرائينّي. 44 40- إسماعيل بن عبد الله بن مسعود. 44 41- إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن عَمْرو. 46 42- إسماعيل بن يحيى بن المبارك اليزيديّ. 46 43- أَسِيد بْن عاصم بْن عَبْد الله الثَّقفي. 47 44- أماجور التركيّ. "حرف الباء". 47 45- بكّار بْن قُتَيْبَةَ بْن عُبَيْد الله. "حرف الجيم". 50 46- جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن بهرام. 51 47- جعفر بن محمود الإسكافّي الكاتب. 51 48- جلوان بن سمرة بن خاقان. "حرف الحاء". 51 49- حاتم بْن اللَّيْث بْن الْحَارِث. 52 50- حاشد بن إسماعيل بن عيسى البخاريّ. 52 51- حامد بن أبي حامد النيَّسابوريّ. 53 52- الحسن بن ثواب الفقيه. 53 53- الحسن بن زيد بن إسماعيل بن الحسن. 53 54- الحسن بن سليمان ين سلام. 54 55- الحسن بن عليّ المسوحيّ الزاّهد.

54 56- الحسن بن محمد بن سماعة الكوفيّ. 55 57- الْحَسَن بْن أبي الرَّبِيع يحيى بْن الْجَعْد. 55 58- الحسن بن مخلد بن الجرّاح. 56 59- حمّاد بْن إِسْحَاق بْن حمّاد بْن زَيْدِ. "حرف الخاء". 57 60- خَالِد بن أَحْمَد بْن الهَيْثَم بن الذُّهليّ. 57 61- خالد بن يزيد بن الهيثم التميميّ. 60 62- الخصّاف "أحمد بن عمرو". 61 63- الخضر بن أبان. 61 64- خطاّب بن بشر بن مطر. "حرف الدال". 61 65- دَاوُد بْن عليّ بْن خَلَف. "حرف الراء". 66 66- الربيع بن سلميان بن عبد الجّبار. "حرف الزاي". 67 67- زكريّا بْن دُوَيْد بْن محمد بن الأشعث. 68 68- زكريّا بْن يحيى بْن أسد بن يحيى المروزي. "حرف السين". 68 69- سَعْدان بْن نصر بْن مَنْصُور. 69 70- سعيد بن نمر الغافقيّ الأندلسي. 69 71- سهل بن عمّار العتكيّ. "حرف الشين". 70 72- شجرة بْن عِيسَى بْن عَمْرو بن شجرة. 70 73- شعيب بن أيوب بن رزيق بن معبد. 71 74- شعيب بن شعيب بن إسحاق القرشيّ. "حرف الصاد". 71 75- صالح بْن أَحْمَد بْن محمد بن حنبل. 72 76- صالح بْن زياد بْن عَبْد الله بْن إسماعيل. "حرف الطاء". 73 77- طيفور بن عيسى البسطامي.

75 78- طيفور بن عيسى البسطامي الأصغر. "حرف العين. 76 79- عاصم بن عصام القشيريّ. 76 80- العبّاس بن إسماعيل الطامذيّ. 77 81- عبّاس بْن عَبْد الله بْن أبي عِيسَى الباكسابيّ. 77 82- العّاس بن موسى بن مسكويه. 78 83- عبّاس بن الوليد بن مزيد. 79 84- عَبْد الله بْن عَبْد السّلام بْن الرّذّاذ المصريّ. 79 85- عبد الله بن عليّ بن المدينيّ. 79 86- عَبْد الله بْن محمد بْن أيّوب بْن صبيح. 80 87- عبد الله بن محمد النَّيسابوريّ. 80 88- عبد الله بن موسى بن محمد الكرمانيّ. 80 89- عبد الله محمد بن سنان الرَّوحيّ. 81 90- عَبْد الله بْن محمد بْن يزداد بْن سويد. 81 91- عبد الله بن هلال الروميّ. 81 92- عبد الرحمن بن سعيد الأندلسيّ. 81 93- عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب الكندي. 82 94- عبد الرحمن بن عيسى بن دينار الأندلسي. 82 95- عبد الرحمن بن يوسف الحنفيّ المروزيّ. 82 96- عَبْد السَّلام بْن رغْبان دِيك الْجِنّ الحمصيّ. 82 97- عبد العزيز بن حاتم المروزي. 83 98- عبد العزيز بن حيّان المعولي. 83 99- عبد العزيز بن سلاّم المروزي. 84 100- عُبَيْد الله بْن عَبْد الكريم بْن يزيد بْن فرُّوخ. 88 - قصة تليقن الميت. 90 101- عُبَيْد الله بْن يحيى بْن خاقان التُّركي. 91 102- عطيّة بن بقيّة بن الوليد الحمصيّ. 92 103- عليّ بن إشكاب البغداديّ. 92 104- عليّ بْن الْحَسَن بْن أبي عِيسَى بْن موسى الهلالي. 93 105- عليّ بن حرب بن محمد علي الطائي الموصلي.

94 106- عليّ بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العبْديّ. 95 107- عليّ بن الموفقّ الزّاهد. 95 108- عمّار بن رجاء الإستراباذيّ. 96 109- عمر بن الخّطاب السّجستانيّ. 97 110- عمر بن الخطّاب بن حليلة. 97 111- عمر بن عليّ الطّائيّ الموصليّ. 97 112- عمرو بن سعيد الإصبهاني الحمال. 98 113- عمرو بن سلم النيسابوري. 100 114- عيسى بن إبراهيم بن مثرود الغافقّي. 101 115- عِيسَى بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن وَرْدان. 101 116- عيسى بن الشيخ. 101 117- عيسى بن مهران بن المستعطف. 102 118- عِيسَى بْن مُوسَى بْن أبي حرب الصّفّار. "حرف الفاء". 102 119- الفضل بْن شاذان بْن عِيسَى. 103 120- الفضل بن العبّاس الرازي. 103 121- الفضل بن العبّاس بن موسى الإستراباذيّ. "حرف القاف". 104 122- القاسم بْن محمد بْن الْحَارِث المروزيّ. 104 123- القاسم بن يزيد الكوفي الوزان. "حرف الميم". 105 124- محمد بْن أَحْمَد بْن يزيد بن عبد الله بن يزيد. 105 125- محمد بْن أَحْمَد بْن حَفْص بْن الزِّبرقان. 106 126- محمد بن إبراهيم البغدادي الصوفي. 108 127- محمد بن إسحاق الصاغاني. 109 128- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن مِقْسَم. 109 129- محمد بن إشكاب البغدادي. 110 130- محمد بن بجير الإسفرائينيّ. 110 131- محمد بن أيّوب بن الحسن النيّسابوريّ. 110 132- محمد بن بجير البخاريّ.

110 133- محمد بْن بكّار بْن الْحَسَن بْن عُثْمَان العنبريّ. 111 134- محمد بن الحسن بن عليّ بن محمد العلوي الحسيني. 112 135- محمد بن حمّاد بن بكر المقريء. 112 136- محمد بن خلف البغداديّ الحدّاديّ. 113 137- محمد بن الخليل البغدادي الفلاس. 113 138- محمد بن سحنون الفقيه. 114 139- محمد بن سعيد بن غالب القطان. 114 140- محمد بن سعيد بن هنّاد. 115 141- محمد بن شجاع الثلجي. 116 142- محمد بْن عاصم بْن عَبْد الله الثَّقفيّ. 117 143- محمد بن العّباس بن خالد السلمي. 117 144- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بن أعين. 119 145- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. 120 146- محمد بن عبد الله بن المستورد. 120 147- محمد ين عبد الرحمن بن الأشعث. 120 148- محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن جعفر. 121 149- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ. 121 150- محمد بن عبيد الله بن يزيد. 121 151- محمد بن عثمان الهرويّ. 122 152- محمد بن عليّ بن بسّام. 122 153- محمد بن عليّ بن ميمون الرٌَقّيّ. 122 154- محمد بن عليّ بن داود البغداديّ. 122 155- محمد بن عمر بن يزيد. 123 156- محمد بن عمير الطبري. 123 157- محمد بن محمد بن عيسى الزّاهد. 123 158- محمد بْن مُسْلِم بْن عُثْمَان بْن وارة. 125 159- محمد بن موسى الحرشي. 126 160- محمد بن هارون المخرمي. 126 161- محمد بن هشام بن ملاّس. 126 162- محمد بن وهب الثقفي.

127 163- محمد بن يحيى بن كثير. 127 164- محمد بْن أبي يحيى بْن زكريّا بْن يحيى الوقاد. 127 165- محمد بن يوسف البغداديّ الجوهريّ. 128 166- مالك بن علي بن مالك بن عبد العزيز. 128 167- المثنَّى بن جامع الأنباريّ. 128 168- مسلم بن الحجّاج بن مسلم القشيري. 135 169- مصعب بن أحمد البغداديّ القلانسيّ. 136 170- مُعَاوِيَة بْن صالح ابْن الوزير أبي عُبَيْد الله. 136 171- موسى بن بغا الكبير. 137 172- موسى بن سهل بن قادم. 137 173- موسى بن نصر بن دينار. "حرف النون". 137 174- النَّضر بن الحسن الموصلي. 138 175- النَّضر بن سلمة بن الجارود. "حرف الهاء". 138 176- الهيثم بن سهل التُّستريّ. "حرف الواو". 138 177- وهْب بْن حَفْص بْن الْوَلِيد بن المحتسب. "حرف الياء". 139 178- ياسين بْن عَبْد الأحد بْن أبي زرارة. 139 179- يحيى بن حجّاج الأندلسيّ. 140 180- يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَبْد الله الذهلي. 142 181- يزيد بن سنان بن يزيد القزّاز. 142 182- يعقوب بن بختان. 142 183- يعقوب بن شيبة بن الصَّلت. 144 184- يعقوب بن اللَّيث الصّفّار. 148 185- يعقوب الزّيّات. 148 186- يوسف بن بحر التّميميّ. 149 187- يوسف بن محمد بن صاعد. 149 188- يونس بن حبيب العجلي.

"الكنى". 149 189- أبو حاتم العطّار. 151 190- أبو حمزة البغداديّ الصوفيّ. 153 191- أبو السّاج.

-الطبقة الثامنة والعشرين- أحداث سنة إحدى وسبعين ومائتين. 155 المتوفون هذه السنة. 155 تعطيل الجمعة في مسجد الرسول. 155 عزل عمرو بن الليث. 155 إقرار نصر بن أحمد بن بخارى وسمرقند. 155 مسير رافع بن هرثمة إلى جرجان. 155 الوقعة بين أبي الْعَبَّاس بْن الموفَّق وخمارويه. 156 تقييد ابن أبي الساج وإطلاقه. 156 خروج إسحاق الطالبي وإفساده بالمدينة. أحداث سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 156 المتوفون هذه السنة. 156 الخلاف بين ابن الموفق ويازمان الخادم. 157 دخول الخوارج الموصل. 157 القبض على صاعد بن مخلد وبينه. 157 حركة الزنج بواسط. أحداث سنة ثلاث وسبعين ومائتين. 157 المتوفون هذه السنة. 157 وقعة الرافقة. 157 قتل ملك الروم. 158 القبض على لؤلؤ الطولوني. أحداث سنة أربع وسبعين ومائتين. 158 المتوفون هذه السنة. 158 خروج الموفق إلى كرمان. 158 غزوة يازمان إلى الروم. أحداث سنة خمس وسبعين ومائتين. 158 المتوفون هذه السنة. 158 غزوة يازمان البحر. 158 حبس الموفق لابنه أبي العباس.

أحداث سنة ست وسبعين ومائتين. 159 المتوفون هذه السنة. 159 رضا المعتمد على عمرو بن الليث. 159 هرب ابن أبي الساج من خمارويه. 159 مسير الموفق إلى إصبهان. 159 ولاية ابن الليث شرطة بغداد وعزله. أحداث سنة سبع وسبعين ومائتين. 159 المتوفون هذه السنة. 160 اتفاق يازمان وخمارويه. 160 استيلاء ابن هرثمة على طبرستان. أحداث سنة ثمان وسبعين ومائتين. 160 المتوفون هذه السنة. 160 غور النيل بمصر وغلاء الأسعار. 160 مرض الخليفة الموفق ووفاته. 161 ظهور القرامطة بسواد الكوفة. 162 من فرق الباطنية. 162 القرامطة. 162 الباطنية. 163 الخرمية. 163 البابكية. 163 المحمرة. 163 السبعية. 163 التعليمية. 163 الإسماعيلية. 163 الملاحدة. 163 وفاة يازمان الخادم. أحداث سنة تسع وسبعين ومائتين. 164 المتوفون هذه السنة. 164 ولاية العهد للمعتضد. 164 منع المنجمين والقصاص.

164 وفاة المعتمد وولاية ابن الموفق. 164 قدوم رسول خمارويه إلى المعتضد. 164 ولاية ابن الليث خُراسان. 165 وفاة نصر بْن أَحْمَد بن أسد. 165 زواج المعتضد. 165 فتح ابن الشيخ قلعة ماردين. 165 صلاة المعتضد الأضحى. 165 الحج هذا الموسم. أحداث سنة ثمانين ومائتين. 165 المتوفون هذه السنة. 165 القبض على محمد بْن الْحَسَن بْن سهل. 166 مسير المعتضد إلى بني شيبان. 166 فتح ابن أبي الساج مراغة. 166 وفاة جعفر بن المعتضد. 166 مولد القائم بسلمية. 166 دخول الداعية أبي عَبْد الله أرض القيروان. 167 الحرب بن الداعي وصاحب إفريقية. 167 غزوة إسماعيل بن أحمد بلاد الترك. 167 موت الأمير مسرور البلخي. 167 خبر الزلزلة في بلاد الدييل. 167 زيادة دار المنصور.

ذكر رجال هَذِهِ الطبقة على المعجم "حرف الآلف". 168 192- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الْبَغْدَادِيّ أبو بسطام الأطروش. 168 193- أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى الغسّانيّ. 168 194- أحمد بن إسحاق بن المختار الدّقّاق. 168 195- أحمد بن إسماعيل بن مهديّ السَّكونيّ. 169 196- أحمد بن الأسود الحنفيّ. 169 197- أحمد بن أيوب بن زريع الهاشميّ. 169 198- أحمد بن بكر بن سيف المرُّوذيّ. 169 199- أحمد بن بكر البالسيّ. 170 200- أحمد المعتمد على الله. 171 201- أحمد بن حازم بن أبي غرزة. 171 202- أحمد بن الحباب بن حمزة الحميريّ. 171 203- أحمد بن حرب بن مسمع البغداديّ. 172 204- أحمد بن الخليل بن حرب النَّوفليّ. 172 205- أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب. 173 206- أحمد بن سعيد بن زياد الجمّال. 173 207- أَحْمَد بْن سَعِيد بْن إِبْرَاهِيم بن سعد الزُّهريّ. 174 208- أحمد بن سليمان الصُّوريّ. 174 209- أحمد بن السَّميدع الشّاشيّ. 175 210- أحمد بن أبي طالب التميمي. 175 211- أحمد بن أبي طاهر الكاتب. 175 212- أحمد بن العبّاس بن أشرس. 176 213- أحمد بن عبد الله الكنديّ اللَّجلاج. 176 214- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن يزيد بْن جعفر. 176 215- أحمد بن عبد الله بن ثابت. 176 216- أحمد بن زكريّا بن كثير الجوهريّ. 177 217- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن قاسم الْبَغْدَادِيّ. 177 218- أحمد بن عبد الله اللّحيانيّ العكّاويّ. 177 219- أحمد بن عبد الجبّار بن محمد العطارديّ.

179 220- أحمد بن عبد الرحيم بن يزيد الحوطي. 179 221- أَحْمَد بْن عَبْد الوهاب بْن نجدة الحوطيّ. 179 222- أحمد بن عبد الوهّاب العبدي النَّيسابوريّ. 179 223- أحمد بن عبيد الله بن إدريس. 180 224- أَحْمَد بْن عُبَيْد بْن ناصح بْن بلنجر. 181 225- أحمد بن عتيق الخزاعيّ. 181 226- أحمد بن عثمان بن سعيد الأحول. 182 227- أحمد بن عصام الأنصاري. 182 228- أحمد بن عليّ بن بشر الأمويّ. 182 229- أحمد بن عليّ العكبريّ. 183 230- أحمد بن العلاء بن هلال الرقي. 183 231- أحمد بن عمرو بن أبان الفارسي الصوري. 183 232- أحمد بن عياض الفرضي. 183 233- أَحْمَد بْن عِيسَى بْن زَيْد اللَخميّ الخشاب. 184 234- أحمد بن سحاق الّخشّاب الرَّقّيّ البلدي. 184 235- أحمد بن إسحاق الخشّاب الرّقّيّ. 184 236- أحمد بن الفرج بن سليمان الحمصي. 185 237- أحمد بن الفرج بن شاكر الغفاقي. 186 238- أحمد بن الفرج بن عبد الله الجشمي. 186 239- أحمد بن كعب بن خريم. 186 240- أَحْمَد بْن محمد بن يزيد بن مُسْلِم بن أبي الحناجر. 187 241- أحمد بن محمد بن أنس. 187 242- أحمد بن محمد بن الحجّاج. 188 234- أحمد بن محمد بن نصر اللّبّاد. 188 244- أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى بْن نيزك. 189 245- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المدبَّر. 189 246- أَحْمَد بْن محمد بْن غالب بْن خَالِد بن مرداس. 191 247- أَحْمَد بْن محمد بْن عمّار بْن نصير السُّلميّ. 191 248- أَحْمَد بْن محمد بْن عِيسَى بْن الأزهر البرتي. 193 249- أحمد بن محمد بن عاصم الرّازي.

193 250- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الحميد بْن شاكر. 193 251- أحمد بن محمد بن يزيد الأنباريّ. 194 252- أَحْمَد بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن خالد البرقيّ. 194 253- أحمد بن محمود الشَّرويّ الرّام. 195 254- أحمد بن مسعود المقدسيّ الخيّاط. 195 255- أحمد بن معاذ السالمي. 196 256- أحمد بن مهديّ بن رستم. 196 257- أحمد بن موسى بن يزيد. 197 258- أَحْمَد بْن أبي عِمْرَانَ مُوسَى بْن عِيسَى. 197 259- أحمد بن ملاعب بن حسّان. 198 260- أحمد بن نصر بن عبد الرحمن الهروي. 198 261- أحمد بن الوزير بن بسّام. 198 262- أحمد بن الوليد الفحّام. 198 263- أحمد بن الهيثم بن خالد. 198 264- أحمد بن يحيى بن عميرة التّنّيسيّ. 199 265- أحمد بن يحيى الكوفيّ. 199 266- أحمد بن يحيى بن المنذر السَّعديّ. 199 267- أحمد بن يحيى بن جابر البلاذريّ. 200 268- أحمد بن يوسف بن خالد التغلبي. 201 269- أحمد بن يوسف البحيري. 201 270- إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس. 202 271- إبراهيم بن إسماعيل السَّوطيّ. 202 272- إبراهيم بن أبي داود البرلُّسيّ. 202 273- إِبْرَاهِيم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي الجبيريّ. 203 274- إبراهيم بن عبد الرحيم بن دنوقا. 203 275- إبراهيم بن لبيب القرطبيّ. 203 276- إبراهيم بن محمد بن باز. 203 277- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المدبرّ. 204 278- إبراهيم بن أبي سفيان معاوية القيسراني. 204 279- إبراهيم بن مسلم بن عثمان العبسي.

205 280- إبراهيم بن الهيثم بن المهلّب البلديّ. 205 281- إبراهيم بن مهديّ الأبلّيّ. 205 282- إبراهيم بن نصر بن عبد العزيز الرازي. 206 283- إبراهيم الآجريّ البغداديّ. 206 284- إبراهيم بن الوليد الجشّاش. 206 285- إدريس بن سليم بن وهب الموصليّ. 207 286- أزهر بن سهيل الخولانيّ. 207 287- إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن الحُصَيْن. 207 288- إسحاق بن أحمد بن مهران الرّازيّ. 208 289- إسحاق بن إبراهيم بن هانيء. 208 290- إسحاق بن إبراهيم المنادي. 208 291- إسحاق بن إسماعيل الجلكيّ. 208 292- إسحاق بن حنيفة الجرجاني. 209 293- إسحاق بن سيار ين محمد النصيبي. 209 294- إسحاق بن الصبّاح الكنديّ الأشعثّي. 210 295- إِسْحَاق بْن محمد بْن أَحْمَد بْن أبان النَّخعيّ. 210 296- إسحاق بن يعقوب البغداديّ الأحول. 211 297- إسماعيل بن بحر العسكريّ. 211 298- إسماعيل بن بلبل. 214 299- إسماعيل بن حمدويه البيكندي. 214 300- إسماعيل بن عبد الرحمن الخولانيّ. 215 301- إسماعيل بن يعقوب الحراني. 215 302- أصبغ بن خليل القرطبي. 216 303- أيّوب بن سليمان الصُّغديّ. "حرف الباء". 216 304- بدر بن الهيثم الدمشقيّ. 216 305- بركة بن نشيط الفرغاني. 216 306- بشير بن مسلم بن مجاهد. 217 307- بقيّ بن مخلد بن يزيد الأندلسيّ. 224 308- بوران.

"حرف الجيم". 224 309- جَعْفَر بْن المعتمد أَحْمَد بْن المتوكّل. 225 310- جعفر بن أحمد بن سلم. 225 311- جعفر بن أحمد بن المبارك كردان. 225 312- جعفر بن أحمد بن معبد الورّاق. 225 313- جعفر بن طرخان الإستراباذي. 226 314- جعفر بن عنبسة اليشكريّ. 226 315- جعفر بن محمد بن عامر السّامرّيّ. 226 316- جعفر بن محمد بن عيسى بن نوح البغداديّ. 226 317- جعفر بن محمد بن عروة النَّيسابوري. 227 318- جعفر بن محمد بن عمر البلخي. ّ 227 319- جعفر بن محمد بن القعقاع البغوي. 227 320- جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ. 228 321- جعفر بن محمد الوراق. 228 322- جَعْفَر بْن محمد بْن الْحَسَن بْن زياد. 228 323- جعفر ن محمد بن الحجّاج القطّان. 229 324- جعفر بن محمد حمّاد الرَّمليّ. 229 325- جعفر بن هاشم العسكري. "حرف الحاء". 326- جموك بن حنجة. 230 327- الحارث بن أبيض بن أسود. 230 328- حامد بن سهل الثغري. 230 329- حرب بن إسماعيل الكرماني. 230 330- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن بكّار بْن بلال العامليّ. 231 331- الحسن بن إسحاق بن يزيد البغدادي. 231 332- الحسن بن ايّوب القزوينّي. 232 333- الحسن بن الحسين بن عبد الله المهلَّبي. 232 334- الحسن بن سلاّم بن حمّاد السواق. 233 335- الحسن بن عليّ بن مالك الشيباني. 233 336- الْحَسَن بْن عليّ بْن بحر بْن برّي القطّان.

233 337- الحسن بن الفضل بن السَّمح. 233 338- الحسن بن محمد بن عبد الله العلوي. 234 339- الحسن بن محمد بن الحارث السّجستانيّ. 234 340- الحسن بن محمد بن مزيد. 234 341- الحسن بن موسى بن ناصح الرَّسعنيّ. 235 342- الحسن بن ناصح الخلاّل. 235 343- الحسن بن مكرم البغداديّ. 235 344- الحسين بن الحسن بن مهاجر السُّلميّ. 235 345- الْحُسَيْن بْن عليّ بْن محمد بْن عُبَيْد الطنافسيّ. 236 346- الْحُسَيْن بْن محمد بْن أبي مَعْشَر السِّنديّ. 236 347- الحسين بن معاذ بن حرب الحجبي. 237 348- الحسين بن منصور البغدادي. 237 349- الحسين بن منصور البغدادي. 237 350- حصين بن عبد القادر الإسكندرانيّ. 237 351- حفص بن عمر بن الصّبّاح الرَّقّيّ. 238 352- حمدان بن غارم بن ينار. 238 353- حمدون بن أحمد بن سلام السمسار. 238 354- حمدون بن أحمد بن عمارة النَّيسابوري. 239 355- حمدون بن أحمد بن بكر النيسابوري. 239 356- حمدان بن رجاء بن شجاع القارئ. 239 357- حمدون بن خالد بن يزد النَّسابوريّ. 240 358- حمدون بن الفضل النيسابوري. 240 359- حمش بن عبد الرّحيم النيسابوري. 240 360- حميد بن النَّضر البيكنديّ. 240 361- حميد بن هشام العنسيّ. 241 362- حنبل بْن إِسْحَاق بْن حنبل بْن هلال. "حرف الخاء". 242 363- خازم بن يحيى الحلوانيّ. 242 364- خالد بن روح الثَّقفي. 242 365- خالد بن يزيد بن الصّبّاح الخثمعيّ.

242 366- خلف بن عامر بن سعيد الهمدانيّ. 243 367- خلف بن محمد بن عيسى الواسطي. 243 368- الخليل بن عبد القهّار الصيدوني. "حرف الذال". 243 369- ذاكر بن شيبة العسقلاّنيّ. "حرف الراء". 244 370- رباح بن أحمد الصوفي. 244 371- الربيع بن محمد بن موسى الكنديّ. 244 372- ربيع بن الحارث القاضي. 244 373- رجاء بن عبد الله الهرويّ الورّاق. 245 374- رزق الله بن يوسف المصريّ. "حرف الزاي". 245 375- زكريا بْن يحيى بْن شَيْبَان القرشي. 245 376- زياد ن محمد بن زياد اللَّخميّ. 245 377- زيدان بن يزيد البجليّ. 246 378- زيد بن إسماعيل بن سيّار. 246 379- زيد بن بندار الإصبهانيّ. 246 380- زَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الفحل. "حرف السين". 246 381- الَّسريّ بْن خُزَيْمَة بْن مُعَاوِيَة. 247 382- السَّريّ بن يحيى بن السَّريّ. 247 383- سعد بن محمد بن سعد البيروتي. 248 384- سعد الأعسر أمير دمشق. 248 385- سعدون بن سهيل بن أبي ذؤيب. 248 86- سعيد بن سعد بن أيّوب البخاري. 249 387- سعيد بن مسعود المروزيّ. 249 388- سعيد بن نمر الغافقيّ. 250 389- سَعِيد بْن يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن مُزَيْن. 250 390- سفيان بن شعيب الدّمشقيّ. 250 391- سَلَمَةُ بْن أَحْمَد بْن محمد بْن مُجاشع.

250 392- سليمان بن الأشعث بن إسحاق. 254 393- سليمان بن الربيع النَّهديّ. 255 394- سليمان بن سيف بن يحيى الطّائيّ. 255 395- سليمان بن شعيب بن سليمان الكيسانيّ. 255 396- سليمان بن محمد بن حسّان الموصليّ. 256 397- سليمان بن وهب بن سعيد الكاتب. 256 398- سهل بن عبد الله بن الفرُّخان. 257 399- سهل بن عبد الله السّريّ. 257 400- سهل بن مهران الدقاق. 257 401- سوّادة بن عليّ الأحمسي. "حرف الشين". 258 402- شعيب بن بكّار الموصليّ. 258 403- شعيب بن اللَّيث السَّمرقنديّ. "حرف الطاء". 258 404- طُفَيْلُ بْن زَيْد بْن طُفَيْلِ بن شريك. "حرف العين". 259 405- عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد. 259 406- عبّاس بن عبد الله بن العّباس الأسدي. 259 407- العبّاس بن الفضل بن رشيد الطَّبريّ. 259 408- عبّاس بن محمد بن حاتم الحافظ الدوري. 260 409- العبّاس بن نعيم البوسنجيّ. 260 10- عبد الله بن أحمد بن شبَّويه. 260 411- عامر بن محمد المتقمّر البغداديّ. 261 412- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن كثير. 261 413- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن زكريا بْن أبي مسرّة. 261 414- عبد الله بن أحمد بن يزيد الشيباني. 262 415- عَبْد الله بْن بِشْر بْن عُمَيْرة البكْريّ. 262 416- عبد الله بن محاضر عبدوس البغدادي. 262 417- عبد الله بن حسن بن محمد الهاشمي. 263 418- عبد الله بن حمّاد بن أيّوب الآملي.

263 419- عبد الله بن روح المدائنيّ. 263 420- عبد اله بن عمرو بن أبي سعد. 264 421- عبد الله بن غافق التُّونسيّ. 264 422- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حبيب. 264 432- عبد الله بن محمد بن لاحق. 265 424- عبد الله بن محمد بن الفضل. 265 425- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البكراويّ. 265 426- عَبْد الله بْن محمد بْن يزيد الحنفي. 266 427- عَبْد الله بْن محمد بْن عُبَيْدة الْبَغْدَادِيّ. 266 428- عَبْد الله بْن محمد بْن صالح الأسديّ. 266 429- عبد الله بن سنان السَّعديّ. 267 430- عبد الله بن محمد بن محاضر عبدوس. 267 431- عَبْد الله بْن محمد بْن قاسم بن هلال. 267 432- عبد الله بن مسلم بن قتيبة. 267 - ذكر تصانيفه. 269 433- عبد الله بن مهران البغداديّ. 269 434- عبد الله بن هشام الهمدانيّ. 269 435- عَبْد الجليل بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أيّوب. 269 436- عبد الحميد بن عبد الله بن هانيء. 270 437- عبد الرحمن بن أزهر الأعور. 270 438- عبد الرحمن بن خلف الضَّبّيّ. 270 439- عَبْد الرَّحْمَن بْن دَاوُد بْن أبي طيبة. 270 440- عبد الرحمن بن زياد بن كوشيذ. 271 441- عبد الرحمن بن سهل بن محمود. 271 442- عبد الرحمن بن الفضل الهاشمي. 271 443- عبد الرمن بن محمد بن منصور. 272 444- عَبْد الرَّحْمَن بْن مرزوق بْن عطيّة. 272 445- أبو عوف عَبْد الرَّحْمَن بْن مرزوق بْن عوف. 272 446- عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان. 272 447- عبد الرحمن بن عبد الله الهاشميّ.

273 448- عبد الكريم بن يعقوب بن حميد. 273 549- عبد الكريم بن الهيثم بن زياد. 273 450- عبيد المجيد بن إبراهيم البوسنجيّ. 274 451- عَبْد الملك بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الحميد. 274 452- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه. 275 453- عبد الواحد بن شعيب قاضي جبلة. 275 454- عبد الواحد بن فليح بن رباح. 275 455- عبيدة بن سليمان البصري. 276 456- عبيد الله بن رماحس بن محمد. 276 457- عُبّيْد اللَّه بْن سعَيِد بْن كثير بْن عفير. 277 458- عُبَيْد الله بْن واصل بْن عَبْد الشَّكور. 277 459- عبيد الله بن محمد بن يحيى البتلهيّ. 278 460- عثمان بن سعيد بن خالد الدارمي. 279 461- عثمان بن سعيد الأستراباذيّ. 280 462- عُثْمَان بْن عَبْد الله بْن أبي جميل. 280 463- عصمة بن إبراهيم النيسابوري. 280 464- عليّ بن إبراهيم بن عبد المجيد. 281 465- عليّ بن إسماعيل البغداديّ. 281 466- عليّ بن الحسن بن عرفة العبديّ. 281 467- عليّ بن الحسن الهسنجانيّ. 282 468- عليّ بن الحسن الهرثميّ. 282 469- عليّ ن الحسن بن عبدويه. 282 470- عليّ بن حماد بن السَّكن. 282 471- عليّ بن داود بن يزد القنطريّ. 283 472- عليّ بن سهل بن المغيرة النَّسائيّ. 283 473- عليّ بن شيبة بن الصَّلت السُّدوسي. 283 474- عليّ بن العبّاس بن واضح النَّسائي. 284 475- عليّ بن عبد الله الثقفيّ الإصبهانيّ. 284 476- عليّ ن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن المغيرة المخزوميّ. 284 477- عليّ بْن عُثْمَان بْن محمد بْن سَعِيد.

285 478- عليّ بن المنجّم. 285 479- عمران بن بكّار بن راشد الكلاعيّ. 285 480- عمران بن موسى الطَّرسوسيّ. 286 481- عمر بن حفصون. 286 482- عمران بن موسى الموصلي. 286 483- عمران بن عبد الله البخارّي. 286 484- عمر بن محمد الشَّطويّ. 287 485- عمر بن محمد بن الحكم النّسائيّ. 287 486- عمرو بن يحيى بن الحارث الحمصيّ. 287 487- عيسى بن إسحاق الخطميّ. 287 488- عمرو بن ثور بن عمرو الحزاميّ. 288 489- عمرو بن سلمة الجعفيّ. 288 490- عمير بن مرداس الدويقي. 288 491- عيسى بن جعفر البغداديّ الورّاق. 289 492- عيسى بن عبد الله بن سيار. 289 493- عيسى بن محمد بن منصور الإسكافي. "حرف الفاء". 494- عيسى بن عبد الله العثماني. 289 495- الفتح بن شخرف الكشي. 290 496- الفضل بن حمّاد الأنطاكيّ. 291 497- الفضل بن حمّاد الواسطيّ. 291 498- الفضل بن الحكم العدل. 291 499- الفضل بن حمّاد الفارسيّ. 291 500- الفضل بن العبّاس بن مهران. 291 501- الفضل بن العبّاس الهرويّ. 292 502- الفضل بن العبّاس البغدادي. 292 503- الفضل بن عمير بن عثم. 292 504- الفضل بْن محمد بْن يحيى بْن الْمُبَارَك. 293 505- الفضل بن يوسف القصباني. 293 506- فهد بن سليمان الكوفي.

293 507- فهد بن موسى بن أبي رباح. "حرف القاف". 294 508- القاسم بن الحسن الهمداني. 294 509- القاسم بن زهير بن حرب النَّسائيّ. 294 510- القاسم بن عبّاس المعشري. 294 511- القاسم بن عبد اله بن المغيرة. 295 512- القاسم بن محمد بن قاسم الأندلسي. 296 513- القاسم بن منبّه الحربيّ. 296 514- القاسم بن نصر البغداديّ دوست. 296 515- القاسم بن نصر المخرميّ. "حرف الكاف". 297 516- كثير بن عبد الله. "حرف الميم". 297 517- مالك بن الفرويّ. 297 518- مالك بن يحيى الكوفيّ. 298 519- محمد بن أحمد بن رزين. 298 520- محمد بن أحمد بن رزقان. 298 521- محمد بن أحمد بن واصل. 298 522- محمد بن أحمد بن يزيد الرِّياحيّ. 299 523- محمد بن أحمد بن أبي المثنَّى. 299 524- محمد بْن أَحْمَد بْن الْوَلِيد بْن بُرْد. 300 525- محمد بن احمد بن حبيب البغداديّ. 300 526- محمد بن أحمد بن أنس القرشيّ. 300 527- محمد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبان. 301 528- محمد بن إبراهيم بن مسلم. 301 529- محمد بن إبراهيم بن جنّاد. 301 530- محمد بن إبراهيم بن أبان الجيراني. 302 531- محمد بن إبراهيم المروزي. 302 532- محمد بن إبراهيم الحلوانيّ. 302 533- محمد بن إبراهيم بن عبدوس.

303 534- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن ميمون الرّمّاح. 303 535- محمد بن إبراهيم بن كثير الصُّوريّ. 303 536- محمد بْن إدريس بْن المُنْذِر بْن دَاوُد. 308 537- محمد بن إدريس بن عمر المكي. 308 538- محمد بن أزهر البغدادي. 308 539- محمد بن إسرائيل الجوهري. 309 540- محمد بن إسحاق الإصبهانيّ. 309 541- محمد بن إسحاق البغويّ. 309 542- محمد بن إسماعيل بن سالم الصّائغ. 310 543- محمد بن إسماعيل البغدادي. 310 544- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري. 310 545- محمد بن إسماعيل بن يوسف. 311 546- محمد بن أصبغ بن الفرج. 311 547- محمد بن بسّام بن بكر الجرجاني. 311 548- محمد بن بشر بن شريك النَّخعيّ. 312 549- محمد بن بكر الفارسي. 312 550- محمد بن جابر المروزي. 312 551- محمد بن الجهم السمري. 313 552- محمد بن الحسن بن سعيد. 313 553- محمد بن الحسين بن موسى الحنفي. 313 554- محمد بن حماد الطهراني. 314 555- محمد بن خالد بن يزيد الشيباني. 314 556- محمد بن خزيمة بن راشد. 315 557- محمد بن خليفة الديرعاقولي. 315 558- محمد بن راشد الصُّوريّ. 315 559- محمد بن الربيع بن سليمان المراديّ. 316 560- محمد بن سعد بن محمد العوفيّ. 316 561- محمد بن سليمان المنقريّ. 316 562- محمد بن سلمة. 316 563- محمد بن سنان بن يزيد القزاز.

317 564- محمد بن سهل العتكي. 317 565- محمد بن شاذان القاضي. 317 566- محمد بن شدّاد بن عيسى المسمعي. 318 567- محمد بن صالح الأنماطي. 318 568- محمد بن صالح بن شعبة الواسطي. 319 569- محمد بن صالح التِّرمذيّ. 319 570- محمد بن عبد الله بن مخلد. 319 571- محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى بن مسهر. 319 572- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ موسى السّعديّ. 320 573- محمد بْن عَبْد الحكم بْن يزيد القِطْريّ. 320 574- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يُونُس الرَّقّيّ. 320 575- محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام الأموي. 321 576- محمد بن عبد النّور الكوفي. 321 577- محمد بن عبد الوهّاب بن حبيب العبديّ. 322 578- محمد بن عبدك القزّاز. 322 579- محمد بْن أبي دَاوُد عُبَيْد الله بْن يزيد. 323 580- محمد بن عثمان النَّشيطيّ. 323 581- محمد بن عليّ بن سفيان الصَّنعانيّ. 324 582- محمد بن عليّ البغدادي. 324 583- محمد بن عليّ بن عفّان الكوفيّ. 324 584- محمد ن عليّ بن زهير القرشي. 325 585- حمد بن عمران بن حبب الهمدانيّ. 325 586- محمد بن عميرة العنقيّ التُّدميريّ. 325 587- محمد بن عوف بن سفيان الطّائي. 326 588- محمد بن عيسى بن حيّان. 326 589- محمد بن عيسى التِّرمذيّ بن سوراء. 329 590- محمد بن عيسى بن عبد الرحمن النيسابوري. 330 591- محمد بن عيسى بن يزيد الطَّرسوسيّ. 330 592- محمد بْن عِيسَى بْن عَبْد الكريم الطَّرسوسيّ. 330 593- محمد بن محمد بن عروس الشيرازي.

331 594- محمد بن مروان البيروتيّ. 331 595- محمد بن ميمون الإسكندرانيّ. 331 596- محمد بن مندة بن منصور الإصبهانيّ. 332 597- محمد بن المغيرة السُّكرَّيّ. 332 598- محمد بن نصر الأثرم. 332 599- محمد بن موسى بن الفضل القسطاني. 332 600- محمد بن النَّضر بن حبيب الهلاليّ. 333 601- محمد بن هارون بن عيسى الأزدي. 333 602- محمد بن الهيثم بن حمّاد. 333 603- محمد بن الورد بن زنجويه. 334 604- محمد بن يزيد القزويني "ابن ماجه". 35 605- محمد بْن يزيد بْن عَبْد الوارث الدّمشقيّ. 335 606- محمد بن يزيد الحربيّ. 335 607- محمد بن يعقوب بن الفرج. 336 608- محمد بن يوسف بن مطروح. 337 609- محمد بْن يوسف بْن عِيسَى بْن برغل. 337 610- مجشّر بن عصام النيسابوري. 338 611- مسرور مولى المعتصم. 338 612- مسلم بن عيسى الصّفّار. 338 613- مُضَر بْن محمد بْن خَالِد بْن الْوَلِيد. 339 614- مطروح بن محمد بن شاكر. 339 615- معاذ ين عفّان الخراشي. 339 616- المنسجر بن الصَّلت. 340 617- مقاتل بْن عمّار بْن محمد بْن صالح المطرّز. 340 618- معمر بن محمد بن معمر العوفيّ. 340 619- المغيرة بن محمد بن المهلَّب المهلَّبيّ. 341 620- المنذر بن محمد بن الصّبّاح. 341 621- المنذر بن محمد بن عبد الرحمن الأموي. 341 622- موّاس بن سهل المعافري. 341 623- موسى بن الحسن الصِّقلّيّ.

342 624- موسى بن سهل بن كثير الوشاء. 342 625- موسى بن عمر الجرجانيّ. 343 626- موسى بن عيسى بن المنذر السلمي. 343 627- موسى بن محمد بن أبي عوف المري. 343 628- موسى بن موسى البغدادي "الشص". 343 629- موسى بن نصر القنطريّ. 344 630- الموفَّق أبو أَحْمَد بْن المتوكّل على الله. "حرف النون". 345 631- نجاح بن إبراهيم الكوفّي. 345 632- نصر بْن أَحْمَد بْن أسد بْن سامان. 345 633- نصر بن داود الصغاني. "حرف الهاء". 345 634- هارون بن العبّاس الهاشميّ. 346 635- هارون بن عمران القرشيّ. 346 636- هارون بن محمد بن بكار بن بلال العامليّ. 346 637- هارون بن موسى الأشنانيّ. 346 638- هاشم بن مرثد الطبراني. 347 639- هاشم بن يونس المصريّ. 347 640- هبةُ الله بْن الأمير إِبْرَاهِيم بْن المهديّ. 347 641- هلال بن العلاء بن هلال الباهلي. 348 642- همّام بن محمد بن النعمان. 348 643- الهيثم بن خالد الكوفيّ الوشّاء. 349 644- الهيثم بن مروان الدمشقي. 349 645- هيذام بن قتيبة البغداديّ. "حرف الواو". 349 646- وزير بن القاسم الجبيليّ. 349 647- وهب بن نافع الأسدّي القرطبيّ. "حرف الياء". 350 648- يحيى بْن أبي طَالِب جَعْفَر بْن عَبْد الله.

350 649- يحيى بن الربيع بن ثابت البرجمي. 351 650- يحيى بن الفضيل البغداديّ. 351 651- يحيى بن عبد العظيم القزوينيّ. 351 652- يحيى بن القاسم بن هلال. 352 653- يحيى بن مطرّف بن الهيثم. 352 654- يزيد بن محمد بن عبد الصّمد. 352 655- يعقوب بن إسحاق بن زياد القلوسي. 353 656- يعقوب بن إسحاق البغداديّ. 353 657- يعقوب بن إسحاق بن مهران. 353 658- يعقوب بن سفيان بن جوّان الفسوي. 354 659- يعقوب بن سوّاك الختُّليّ. 355 660- يعقوب بن يزيد البغداديّ. 355 661- يعقوب بن يوسف القزوينيّ. 355 662- يعقوب بن يوسف بن معقل. 355 663- يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي. 355 664- يوسف بن الضّحّاك البغداديّ. 355 665- يوسف بْن عَبْد الله أبو يعقوب الخوارزميّ. 357 666- يوسف بن موسى الحربيّ. "الكنى". 357 667- أبو سعيد الخرّاز. 357 - أبو سعيد السكري النحوي. 357 668- أبو الهيثم الرازيّ اللُّغويّ. 357 669- أبو أحمد القلانسيّ. 358 - أبو أحمد الموفق بن المتوكل. 358 670- أبو عبيد البسريّ الزاهد. 358 671- أبو معين الرّازيّ الحافظ. 358 - أبو معشر المنجم. 359 - أبو عبد الله "أحمد بن محمد". 359 672- أبو معشر البخاريّ "حمدويه بن الخطاب". 359 673- أبو الحارث الأولاسيّ الزّاهد. 361 فهرس الموضوعات.

المجلد الحادي والعشرون

المجلد الحادي والعشرون الطبقة التاسعة والعشرون أحداث سنة إحدى وثمانين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة التاسعة والعشرون: أحداث سنة إحدى وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: أحمد بن إسحاق الوزّان، وإبراهيم بن دِيزِيل، وعبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وعبد الله بن محمد بن النُّعْمَان، وأبو زُرْعَة البصري الدِّمِشْقِيّ، وعثمان بن خُرَّزَاذ الأنطاكي، ومحمد بن إبراهيم بن المَوّاز المالكي، ووَرِيزَة الغسّانيّ. فتح طُغْج لملورية: وفيها دخل طُغْجُ بنُ جُفّ صاحب خُمَارَوَيْه من ناحية طَرَسُوس لغزو الرُّوم، ففتح مَلُورِيةَ1. غور المياه بالري وطبرستان: وفيها غارت مياه الرَّيِّ وطَبَرسْتَان، حَتَّى أُبيع الماءُ ثلاثةَ أرطالٍ بدِرهم، وقحط الناس، وأكلوا الجيفَ2. تقليد المُعْتَضِد للمكتفي بعض البلاد: وفي رجب شخصَ المُعْتَضِد إلى الجبل ناحية الدَّيْنَوَر، وقلَّد ابنه عليًّا الرِّيَّ، وقزوين، وهَمَذان، والدينور، وجعل كاتبه أحمد بن أبي الأصْبَغ. وقلَّد عمر بن عبد العزيز بن أبي دُلَف إصبهان، وأسرع الانصراف من غلاء السِّعر، فقدم بغدادَ في رمضان3. خروج المُعْتَضِد لقتال حمدان بن حمدون: ثُمَّ خرج في ذي القِعْدَة إلى المَوْصِل عامدًا لحمدان بن حمدون بن الحارث ين

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 436"، مروج الذهب "4/ 246". 2 تاريخ الطبري "10/ 36"، البداية والنهاية "11/ 70"، تاريخ الخلفاء "370". 3 تاريخ الطبري "10/ 36، 37"، المنتظم "5/ 147"، مروج الذهب "4/ 245".

منصور بن لقمان، وهو جد ناصر الدولة. وكان قد بلغ المُعْتَضِد أَنَّهُ يميل إلى هارون الشاري الخارجي1. إيقاع المُعْتَضِد بالأعراب والأكراد: وكانت الأعراب والأكراد قد تجمعوا وتحالفوا أَنَّهُم يُقتلون على دمٍ واحد؛ فالتقوا على الزّاب، فحمل عليهم المُعْتَضِد فمزَّق شملهم، فكان من غرق أكثر ممن قُتل2. ظفر المُعْتَضِد بحمدان: ثُمَّ سار إلى مارِدِين وبها حَمْدَان، وخلف فيها ابنه، فنازلها المُعْتَضِد، فحاربه من كان بها، فلما كان مِن الغد ركب المُعْتَضِد ودنا من باب القلعة، فصاح بنفسه: يا ابن حَمْدَان. فأجابه، فَقَالَ: افتح الباب. فَقَالَ: نعم. ففتحه، وقعد المُعْتَضِد على الباب، ونقل ما فيها من الحَوَاصِلِ، وأمَرَ بهدمها، فهُدمت، ووجّه وراء حَمْدَان، ثُمَّ ظفر به وحبسه3. الظفر بشدّاد الكُرْديّ: ثُمَّ سار المُعْتَضِد إلى قلعة الحَسَنيّة، وبها شداد الكُردي، في عشرة آلاف مقاتل، فحاصره حَتَّى ظفر به، وهَدَمَها. هدم المُعْتَضِد دار النَّدْوَة: وفيها هدم المُعْتَضِد دار النَّدْوة بمكة، وصيَّرها مسجدًا إلى جانب المسجد الحرام.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 37"، المنتظم لابن الجوزي "5/ 147". 2 تاريخ الطبري "10/ 37، 38"، المنتظم "5/ 147"، مروج الذهب "4/ 244". 3 تاريخ الطبري "10/ 38"، المنتظم "5/ 147"، مروج الذهب "4/ 264".

أحداث سنة اثنتين وثمانين ومائتين

أحداث سنة اثنتين وثمانين ومائتين: تُوُفِّي فيها: إسماعيل بن إسحاق القاضي الفقيه، وجعفر بن أبي عثمان الطَّيَالِسِيّ، والحارث بن محمد بن أبي أسامة، وصاحب مصر خمارويه بن أحمد بن طُولون، والفضل بن محمد الشّعْراني، ومحمد بن الفرج الأزرق، وأبو العيناء محمد ابن القاسم الأديب، ومحمد بن سَلَمَةَ الواسطي، ويحيى بن عثمان بن صالح الضَّبِّيّ. إبطال المُعْتَضِد لما يعمل في النّيروز: وفيها أبطل المُعْتَضِد ما يُفعل في النَّيْرُوز من وقيد النيران، وَصَبِّ الماء على الناس، وأزال سنة المَجُوس1. قدوم قطر الندى على المُعْتَضِد: وفي أولها قَدِمَتْ قَطْرُ الندى بنت خُمَارَوَيْه من مصر، ومعها عمّها لِتُزَف إلى المُعْتَضِد، فدخل عليها في ربيع الأول، وكان في جِهَازها أربعة آلاف تِكّة مُجوْهرة، وعشرة صناديق جواهر. وَقُوِّمَ ما دَخَلَ معها فكان ألف ألف دينار ونيِّف. أعطاه ذلك أبوها2. خروج المُعْتَضِد إلى الكَرْج: وفيها خرج المُعْتَضِد إلى الجبل، فبلغ الكَرْج، وأخذ أموال ابن أبي دُلَف3. تفريق المال على العلويين: وفيها بعث محمد بن العَلَوِيّ من طَبَرسْتَان إلى محمد بن الورد العطار ببغداد ثلاثين ألف دينار، ليُفرّقها على العلويين. فبلغ المُعْتَضِد، فسألوه، فَقَالَ محمد: إِنَّهُ يبعث إليَّ كل سنة بمثلها، فأُفرقها. قَالَ المُعْتَضِد: أنا رأيت أمير المؤمنين عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- في النَّوم، فأوصاني بذُرِّيّته خيرًا. ففرِّق ما تُفرقه من هذا المال ظاهرًا4.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 39"، البداية والنهاية "11/ 76"، تاريخ الخلفاء "370". 2 تاريخ الطبري "10/ 40"، المنتظم "5/ 150"، البداية والنهاية "11/ 70، 71". 3 تاريخ الطبري "10/ 41"، المنتظم "5/ 150". 4 تاريخ الطبري "10/ 41، 42"، المنتظم "5/ 150، 151".

ذبح خُمَارَوَيْه: وفيها ذُبح خُمَارَوَيْه بن أحمد على فراشه بدمشق، وكان يتعانى الفاحشة بغلْمانه، راود مملوكًا في الحَمّام، فامتنع عليه حَيَاءً من الخَدَم، فأمر أن يُدخل في دُبُره مثلُ الذَّكر خَشَب، فلم يزل يصيح حَتَّى مات في الحمام، فأبغضه الخدم، فذبحه جماعة وهربوا، فَمُسِكت عليهم الطُّرُق، وجيء بهم وقُتلوا1. وكان ذبحه في ذي الحِجَّة، وحُمل في تابوتٍ إلى مصر، وصلّى عليه ابنه جيش بن خُمَارَوَيْه. وكان الذي نَهَضَ في مسك أولئك الخَدَمِ طُغْجُ بنُ جُفّ، فَصَلَبَهم بعد القتل. ولاية جيش وقتله: وولي بعده ابنُه جيش، فقتلوه بعد يسيرٍ2. ولاية هارون بن خُمَارَوَيْه وعزله: وأقاموا مكانه أخاه هارون بن خُمَارَوَيْه، وقرَّر على نفسه أن يحمل إلى المعتضد كل سنة ألف ألف وخمسمائة ألف دينار. فلما استُخلف المكتفي عزله، وولي محمد بن سليمان الواثقي، فاستصفى أموال آل طولون3. قتل المُعْتَضِد لابن عمّه أحمد: وفيها، أَوْ قبلها، أهلك المُعْتَضِد عمّه أحمد بن المتوكل لِأَنَّهُ بلغه أَنَّهُ كاتب خُمَارَوَيْه بن أحمد، فيما قيل. وكان عالمًا شاعرًا.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 42"، المنتظم "5/ 151"، الولاءة والقضاة للكندي "241". 2 تاريخ الطبري "10/ 45، 46"، المنتظم "5/ 151"، الولاة والقضاة للكندي "241، 242". 3 المنتظم "5/ 151" لابن الجوزي.

أحداث سنة ثلاث وثمانين ومائتين

أحداث سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: إسحاق بن إبراهيم بن سُفْيَان الخُتُّليّ، وسهل بن عبد الله التُّسْتَرِيُّ الزاهد، والعباس بن الفضل الأسفاطي، وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش، وعلي ابن محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب القاضي، ومحمد بن سُلَيْمَان الْبَاغَنْدِيُّ، ومحمد بن غالب تَمْتَام، ومِقْدَام بن داود الرُّعَيْنيّ. الظفر بهارون الخارجي: وفي أولها خرج المُعْتَضِد إلى المَوْصِل بسبب هارون الشاري، وكان الحسين بن حَمْدَان قد قَالَ له: إنْ أَنَا جئتُ بهارون إليك فليَ ثلاثُ حوائج. قَالَ: اذكرها. قَالَ: تُطلق أبي، والحاجتان أذكرهما بعد أن آتي به. قَالَ: لك ذلك. قَالَ: أريد أنتخب ثلاثمائة فارس. قَالَ: نعم. وخرج الحسين يطلب هارون حَتَّى انتهى إلى مخاضةٍ في دجلة، وكان معه وَصيف الأمير. فَقَالَ لوصيف: ليس لهارون طريق يهرب منه غير هذا، فقف ها هنا، فإنْ مرَّ بك فامنعه من العبور. قَالَ: نعم. ومضى الحسن فالتقى مع هارون، فقتل جماعة وهرب هارون، وأقام وصيف على المخاضة ثلاثًا، فَقَالَ لأصحابه: قد طال مقامنا، ولسنا نأمن أن يأخذ الحسين هارون فيكون له الفتح دوننا، فالصواب أن نمضي في آثارهم، فأطاعوه ومضوا، وجاء الشاري إلى المخاضة فَعَبَرَ. وجاء الحسين في إثره فلم يجد وَصِيفًا، ولم يُعرف لهارون خبر، فبلغه أَنَّهُ عبر دِجْلة، فعبر خلفه، وجاء هارون إلى حيٍّ من العرب، فأخذ دابة ومضى، وجاء الحسين فسألهم فكتموه، فَقَالَ: المُعْتَضِد في إثري؛ فأخبروه بمكانه، فاتَّبعه في مائة فارس، فأدركه، فناشده هارون الشاري وتوعَّده، فألقى الحسين نفسه عليه، وأسره، وجاء به إلى المُعْتَضِد، فأمر بفك قيود حَمْدَان والتوسعة عليه، ورجع بهارون إلى بغداد، وخلع على الحسين بن حَمْدَان وطوّقه، وعُمِلَت قِباب الزّينة، وركَّبوا هارون فيلًا بين يدي المُعْتَضِد، وازدحم الخَلْق حَتَّى سقط كرسي الجسر الأعلى ببغداد، فغرق خلق كثير.

وكان على المعتضد قباء سود، وعِمَامة سوداء، وجميع الأمراء يمشون بين يديه1. ولاية طغج إمرة الجيش: وفيها ولي طُغْج بن جُف إمرةَ الجيش الطُّولوني2. وصول تقادُم ابن الليث: وفيها: وصلت تَقَادُم عمرو بن اللَّيث أمير خراسان، فكانت مائتي حِمل مال، ومائتي حمارة، وغير ذلك من التُّحَف. إطلاق المُعْتَضِد لحمدان: وفيها خلع المُعْتَضِد على حَمْدَان وأطلقه3. الأمر بتوريث ذوي الأرحام: وفيها كُتِبَت الكتب إلى الآفاق، بأن يورَّث ذَوُو الأرحام، وأن يبطل ديوان المواريث، وكثُر الدُّعاء للمعتضد، وكان قد سأل أبا حازم القاضي عن ذَلِكَ، فَقَالَ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] . فَقَالَ المُعْتَضِد: قد رُوِيَ عدم الرد عن الخُلفاء الأربعة. فَقَالَ أبو حازم: كَذِب الناقلُ عنهم؛ بل كلِّهم ردّ، هم وجميع الصحابة، سوى زيد بن ثابت. وكان زيد يُخفيه حَتَّى مات عمر، وَهُوَ مذهب فقهاء التابعين ومن بعدهم، ولم يذهب إلى قول زيد غير الشافعي في إحدى القولين، والقول الآخر كالجماعة. فَقَالَ المُعْتَضِد: اكتبوا بذلك إلى الآفاق.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 43، 44"، المنتظم "5/ 161"، البداية والنهاية "11/ 73". 2 الولاة والقضاة للكندي "248". 3 تاريخ الطبري "10/ 44"، المنتظم لابن الجوزي "5/ 161"، البداية والنهاية "11/ 73".

خروج عمرو بن الليث من نيسابور: وفيها خرج عمرو بن اللَّيْث من نَيْسَابُور، فهاجمها رافع بن هَرْثَمَة وخطب بها لمحمد بن يزيد العلوي، فعاد عمرو ونزل بظاهر نَيْسَابُور محاصرًا لها1. ذبح جيش بن خُمَارَوَيْه: وفيها وثب الْجُنْدُ من البربر على جيش بن خُمَارَوَيْه وقالوا: لو تتنحى عن الأمر لنُولي عمَّك؟ فكلمهم كاتبه عَليَّ بن أحمد الماذرائي، وسألهم أن ينصرفوا عنه يومهم، فانصرفوا، فغدا جيش على عمه أبي العشائر، فضرب عُنقه وعُنُق عمٍ له آخر، ورمى برؤوسهما إليهم، فهجم الجند على جيش فذبحوه، وذبحوا أمه، وانتهبوا الدار، وأجلسوا أخاه هارون مكانه2. قتل رافع بن هرثمة: وفيها هزم عمرو بنُ اللَّيْث رافعَ بن هرْثَمَة، وساقَ وراءه إلى أن أدركه بخوارزم فقتله، وكان المُعْتَضِد قد عزله سنة سبعٍ وسبعين عن خُراسان، وولى عليها عمرو بن اللَّيْث، فبقي رافع بالرِّي3. ثُمَّ إِنَّهُ هادن الملوك المجاورين له يستعين بهم على عَمْرو، ودعا إلى العلوي، ثُمَّ سار إلى نَيْسَابُور، فوافقه عمرو في ربيع الآخر من هذه السنة، وهزمه إلى أبِيورد، وقصد رافع أن يخرج إلى مَرْو أَوْ هراة، ثُمَّ دخل نَيْسَابُور، فأتى عَمْرو فحاصره بها، فهرب رافع وأصحابه على الجمازات إلى خُوَارِزْم في رمضان، فأحاط به أمير خُوَارِزْم وقتله في سابع شوال، وبعث برأسه إلى عَمْرو بن اللَّيْث، فنفذه إلى المُعْتَضِد4. ولم يكن رافع ولد هرثمة، وإنما هو زوج أمه، فنُسب إليه، وَهُوَ رافع بن تُومَرْد، وصفت خراسان لعمرو بن الليث.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 44"، البداية والنهاية "11/ 73". 2 تاريخ الطبري "10/ 45، 46"، مروج الذهب "4/ 259"، الولاة والقضاة "241، 242". 3 تاريخ الطبري "10/ 50"، المنتظم "5/ 161"، النجوم الزاهرة "3/ 114". 4 تاريخ الطبري "10/ 49، 50، 51"، البداية والنهاية "11/ 67".

رواية ابن طولون عن قتل جيش بن خُمَارَوَيْه: قَالَ ربيعة بن أحمد بن طولون: لما دخل ابن أخي جيش مصر قبض عَليَّ وعلى عمَّيه مُضر وشيبان، وحبسنا، ثُمَّ إِنَّهُ أخذ أخانا مُضر فأدخله بيتًا، وجوعه خمسة أيام، ثُمَّ دخل علينا ثلاثة من غلمان جيش، فقالوا: أين أخوكم؟ قلنا: لا ندري. فدخلوا عليه البيت، فرماه كل واحدٍ بسهم، فقتلوه وأغلقوا علينا الباب، وتركونا يومين بلا طعام، فظننا أَنَّهُم يُهلكوننا بالجوع، فسمعنا صُراخًا في الدار، ففتحوا علينا، وادخلوا إلينا جيش بن خُمَارَوَيْه، فقلنا: ما جاء بك؟ قَالَ: غَلبني أخي هارون على مصر. فقلنا: الحمد لله الذي قبض يدك وأضرع خدك. فَقَالَ: ما كان في عزمي إِلا أن أُلْحِقَكُما بأخيكما. وبعث إلينا هارون أن نقتله بأخينا، فلم نفعل، وانصرفا إلى دورنا، فبعث إليه من قتله.

أحداث سنة أربع وثمانين ومائتين

أحداث سنة أربعٍ وثمانين ومائتين: تُوُفِّي فيها: أبو عَمْرو أحمد بن المبارك المُسْتَمْلِي، وإسحاق بن الحسن الحربي، وأبو خالد عبد العزيز بن معاوية القُرَشي، ومحمود بن الفرج الأصبهاني الزاهد، وهشام بن عَليَّ السيرافي، ويزيد بن الهيثم أبو خالد البادا. القدوم برأس ابن هَرْثَمَة على المُعْتَضِد: وفي رابع المحرم قُدم على المُعْتَضِد برأس ابن هَرْثَمَة، فنُصب يومًا ببغداد1. الوقعة بين النوشري وابن أبي دُلف: وفيها كانت وقعة بين عيسى النُّوشَري المعتضدي وبين بكر بن عبد العزيز بن أبي دلف، وكان قد أظهر العصيان، فهزمه النَّوْشَرِيّ بقرب إصبهان، واستباح عسكره2.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 51"، مروج الذهب "4/ 260". 2 تاريخ الطبري "10/ 51"، النجوم الزاهرة "3/ 113".

ولاية القضاء بمدينة المنصور: وفي ربيع الأول وَلِيَ القضاء أبو عمر محمد بن يوسف على مدينة المنصور1. وفيها ظهر بمصر حُمرة عظيمة، حَتَّى كان الرجل ينظر إلى وجه الرجل فيراه أحمر، وكذا الحيطان، فتضرًّع الناس بالدعاء إلى الله، وكانت من العصر إلى الليل2. إرسال ابن اللَّيْث للأموال: وفيها بعث عَمْرو بن اللَّيْث بألف ألف درهم لتنفق على إصلاح درب مكة من العراق3. عزْم المُعْتَضِد على لعن معاوية: قَالَ ابن جرير الطبري4: وفيها عزم المُعْتَضِد على لعن معاوية على المنابر، فخوَّفه عُبَيْد الله الوزير اضطراب العامة، فلم يلتفت، وتقدَّم إلى العامة بلزوم أشغالهم وترك الاجتماع، ومنع القُصَّاص من القعود في الأماكن، ومنع من اجتماع الخلق في الجوامع، وكتب المُعْتَضِد كتابًا في ذلك، واجتمع الناس يوم الجمعة بناء على أن الخطيب يقرؤه، فما قرأه، وكان من إنشاء الوزير عُبَيْد الله، وفيه: "وقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة من العامة من شُبهة قد دخلتهم في أديانهم، على غير معرفة ولا روية، خالفوا السنن، وقلدوا فيها أئمة الضلالة، ومالوا إلى الأهواء، وقد قَالَ الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50] خروجًا عن الجماعة، ومسارعةً إلى الفتنة، وإظهارًا لموالاة من قطع الله عنه الموالاة، وبتر منه العصمة، وأخرجه من الملة. قَالَ الله تعالى: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] وإنما أراد بني أمية الملعونين على لسان نبيه، وهم كانوا أشد عداوة من جميع الكفار، ولم يرفع الكفار رايةً يوم بدرٍ وأُحد والخندق إِلا وأبو سُفْيَان وأشياعه أصحابها وقادتها".

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 51"، المنتظم "5/ 170". 2 تاريخ الطبري "10/ 53"، المنتظم "5/ 170، 171"، النجم الزاهرة "3/ 113". 3 النجوم الزاهرة "3/ 113". 4 في تاريخه "10/ 54-63".

ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ وَاهِيَةٍ وَمَوْضُوعَةٍ فِي ذَمِّ أَبِي سُفْيَانَ وَبَنِي أُمَيَّةَ، وَحَدِيثَ: "لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ" 1، عَنْ مُعَاوُيَةَ وَأَنَّهُ نَازَعَ عَلِيًّا حَقَّهُ، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَمَّارٍ: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" 2. وَأَنَّ مُعَاوِيَةَ سَفَكَ الدِّمَاءَ، وَسَبَى الْحَرِيمَ، وَانْتَهَبَ الْأَمْوَالَ الْمُحَرَّمَةَ، وَقَتَلَ حُجْرًا، وَعَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ، وَادَّعَى زِيَادَ بْنَ أَبِيهِ جُرْأَةً عَلَى اللَّهِ، وَاللَّهُ يَقُولُ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] ، وَالنَّبِيُّ -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ- يَقُولُ: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ" 3. ثُمَّ دعى إلى بيعة ابنه يزيد، وقد عَلِمَ فسْقة، ففعل بالحسين وآله ما فعل؛ ويوم الْحَرَّةِ، وحرق البيت الحرام. وَهُوَ كتاب طويل فيه مصائب، فلما كتبه الوزير قَالَ للقاضي يوسف بن يعقوب: كلِّم المُعْتَضِد فيه هذا. قال له: يا أمير المؤمنين، أخاف الفتنة عند سماعه. فَقَالَ: إنْ تحرَّكت العامةُ وضعتُ السيف فيها. قَالَ: فما نصنع بالعلويين الذين هم في كل ناحية قد خرجوا عليك؟ وَإِذَا سمع النَّاس هَذَا من فضائل أهل البيت كانوا إليهم أمْيل وصاروا أبسطَ ألْسنة4. فأمسك المُعْتَضِد. ذكر الخادم وظهوره على المُعْتَضِد: وفيها ظهر في دار المُعْتَضِد شخص، في يده سيف مسلول، فقصده بعض الخدم فضربه بالسيف فجرحه، واختفى بالبُستان، وطُلب فلم يوجد له أثر، فعظُم ذلك على المُعْتَضِد، وقيل: هُوَ من الجن. وساءت الظُّنون. وأقام الشخص يظهر مرارًا ثم

_ 1 "حدث صحيح": أخرجه مسلم "2604"، وأحمد في المسند "1/ 240، 291، 335، 338" مختصرا. 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "447، 2812"، ومسلم "2915"، وأحمد في المسند "3/ 90، 91"، وابن حبان في صحيحه "7078، 7079". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "2053، 2745، 4303"، ومسلم "1457"، وأبو داود "2273"، والنسائي "3484"، وابن ماجه "2004"، وأحمد في المسند "2/ 246، 247"، والحميدي "238". 4 تاريخ الطبري "10/ 63"، البداية والنهاية "11/ 76"، النجوم الزاهرة "3/ 113، 114".

يختفي، ولم يزهر خبره حَتَّى مات المُعْتَضِد والمكتفي، فَإِذَا هُوَ خادم أبيض كان يميل إلى بعض الجواري التي في الدُّور1. وكان منْ بلغَ من الخُدّام يُمنعون من الحرم، وكان خارج دور الحرم بستان كبير، فاتّخذ هَذَا الخادم لحية بيضاء، فبقي تارةً يظهر في صورة راهب، وتارة يظهر بزيّ جنْديّ بيده سيف واتخذ عدّة لِحًى مختلفة الهيئات، فَإِذَا ظهر خرجت الجارية مع الجواري لتراه يعني ليخلو بها بين الشجر فيحدِّثها خلسة، فَإِذَا طُلب دخل بين الشجر ونزع اللحية والبُرْنُس ونحو ذلك، وخبّأها، وترك السيف في يده مسلولًا كَأَنَّه من جملة الطالبين لذلك الشخص، وبقي كذلك إلى أن ولي المقتدر، وخرج الخادم إلى طوس، فتحدثت الجارية بحديثه بعد ذلك.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 63، 64"، المنتظم "5/ 172"، النجوم الزاهرة "3/ 114".

أحداث سنة خمس وثمانين ومائتين

أحداث سنة خمسٍ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: إبراهيم الحربي، وإسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، وعبيد بن عبد الواحد بن شَريك، وأبو العَبَّاس محمد بن يزيد المبرّد. إيقاع الطائي بالحجّاج: وفي المحرّم قطع صالح بن مدرك الطائي الطريق على الحُجاج بالأجْفُر، وأخذ للرَّكب ما قيمته ألف ألف دينار، وأسر الحرائر1. ولاية ابن اللَّيْث ما وراء النهر: وفي المحرّم عُزل إسْمَاعِيل بن أَحْمَد عن ما وراء النهر، وولِيَه عَمْرو بن اللَّيْث2. الريح الصفراء بالبصرة: وفي ربيع الأول هبّت ريح صفراء بالبصرة، ثُمَّ صارت خضراء، ثُمَّ سوداء، وامتدت في الأمصار؛ ووقع عقِبها بَرَدٌ، وزن البردة مائةٌ وخمسون درهمًا، وقلعت

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 67"، المنتظم "6/ 3"، البداية والنهاية "11/ 78". 2 تاريخ الطبري "10/ 67"، المنتظم "6/ 2".

الريح نحو ستمائة نخْلة، ومُطرت قرية حجارةً سوداء وبيضاء1. استعمال ابن أبي الساج: وفيها استعمل المُعْتَضِد على أرمينية وأَذْرَبِيجَان ابن أبي السّاج2. غزوة راغب في البحر: وفيها غزا راغب الموفَّقي الخادم الرومي في البحر، فظفر بمراكب كثيرة، ضرب منها ثلاثة آلاف رَقَبة، وفتح حُصونًا كثيرة. تكريم عَليّ بن المُعْتَضِد: وفي ذي الحجّة قدم عَليّ بن المُعْتَضِد بغداد، وكان قد جهّزه لقتال محمد بن زيد العلوي، فدافع محمدا عن الجبال وتحيز إلى خُرَاسَان، ففرح به أبوه فَقَالَ: بعثناك ولدًا فرجعت أخًا. كرامةً له منه بهذا القول، ثُمَّ أعطاه ألف ألف دينار3. وفاة أَحْمَد بن عيسى بن الشيخ: وفي ذي الحجّة خرج المُعْتَضِد وابنه يريد آمد، لما بلغه موت أَحْمَد بن عيسى بن الشيخ. صلاة ابن المُعْتَضِد بِالنَّاس: وصلى بالناس يوم الأضحى ببغداد عَليّ بن المُعْتَضِد، وركب كما تركبُ وُلاةُ العهود4.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 68"، المنتظم "6/ 2، 3"، البداية والنهاية "11/ 78". 2 تاريخ الطبري "10/ 68"، النجوم الزاهرة "3/ 116". 3 المنتظم لابن الجوزي "6/ 3"، النجوم الزاهرة "3/ 116". 4 المنتظم لابن الجوزي "6/ 3"، النجوم الزهرة "3/ 116".

أحداث سنة ست وثمانين ومائتين

أحداث سنة ستٍّ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: أَحْمَد بن سَلَمَةَ النَّيْسَابُوري الحَافِظ، وَأَحْمَد بن عَليّ الخزاز، وأبو سعيد الخراز شيخ الصوفية، وَأَحْمَد بن الْمُعَلَّى الدِّمِشْقِيّ، وأبو نُعَيْم بن سُوَيْد الشامي، وإبراهيم بن محمد الصَّنْعَانيّ، وَالحَسَن بن عبد الأعلى البوسي أصحاب عبد الرزاق، وعبد الرحيم بن عبد الله البَرْقي، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن وضاح القُرْطُبيّ، وَمحمد بن يوسف البنّا الزاهد، وَمحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وأبو عُبادة البُحْتُريّ الشاعر. منازلة المُعْتَضِد لآمد: وفي ربيع الآخر نازل المُعْتَضِد آمد، وبها محمد بن أَحْمَد بن الشيخ؛ فنصب عليها المجانيق، ودام الحصار أربعين يومًا، ثُمَّ ضَعُف محمد، وتخاذَل أصحابه، فطلب الأمان، ثُمَّ خرج فخلع عليه1. قبض المُعْتَضِد على راغب الخادم: وفيها قبض المُعْتَضِد على راغب الخادم أمير طَرَسُوس واستأصله، فمات بعد أيَّام2. قدوم هدية ابن اللَّيْث على المُعْتَضِد: وفيها، في جُمَادَى الآخرة، قدمت هدايا عَمْرو بن اللَّيْث، وهي أربعة آلاف ألف درهم، وعشرة من الدواب بسروجها ولُجُمها المذهبّة، وخمسون أخرى بجلالها3. الحرب بين ابن الصَّفَّار وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد: وفيها التقى جيش عمرو بن الليث الصَّفَّار، وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد بن أسد بما وراء النَّهْر. فانكسر أصحاب عَمْرو؛ ثُمَّ في آخر السنة عبَرَ إسْمَاعِيل بن أَحْمَد جَيْحُون بعسكره، ثُمَّ التقى هُوَ وَعَمْرو بن اللَّيْث على بلْخ، وكان أهل بلْخ قد ملّوا عَمْروًا وأصحابه، وضجوا من نزولهم في دُورهم وأخذهم لأموالهم، وتعرضهم لنسائهم.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 70"، المنتظم "6/ 15"، البداية والنهاية "11/ 80". 2 تاريخ الطبري "10/ 72". 3 تاريخ الطبري "10/ 71"، المنتظم "6/ 17".

فَلَمَّا التقوا حمل عليهم إسْمَاعِيل، فانهزم عَمْرو إلى بلخ، فوجد أبوابها مغلقة، ففتحوا له ولجماعة معه، فوثب عليه أهل بلخ وأوثقوه، وحملوه إلى إسْمَاعِيل، فَلَمَّا دخل عليه قام إسْمَاعِيل واعتنقه، وقبّل ما بين عينيه، وخلع عليه، وحلف أَنَّهُ لا يؤذيه. وَقِيلَ: إن إسْمَاعِيل لَمَّا كان على ما وراء النَّهْر، سأل عَمْرو بن اللَّيْث المُعْتَضِد أنْ يوليه ما وراء النَّهْر، فولاه فعزم عَمْرو على محاربته، فكتب إليه إسْمَاعِيل: إنك قد وُليت الدُّنيا، وإنما في يدي ثغر، فاقنع بما في يدك ودعني. فأبى، فَقِيلَ له: بين يديك جيحون كيف تعبره؟ فَقَالَ: لو شئت أن أسكّره ببذْل الأموال لفعلت حَتَّى أعبره. فَقَالَ إسْمَاعِيل: أنا أعبر إليه. فجمع الدَّهاقين وغيرهم، وجاوز النَّهْر، فجاء عَمْرو فنزل بلخ. فأخذ إسْمَاعِيل عليه الطُّرق، فصار كالمحاصر، وندِم عَمْرو، وطلب المحاجزة، فلم يُجبه، واقتتلوا يسيرًا، فانهزم عَمْرو، فتبعوه، فتوحَّلت دابته، فأُخذ أسيرًا1. وبلغ المُعْتَضِد، فخلع على إسْمَاعِيل خِلَع السلطنة وَقَالَ: يُقلَّد أبو إِبْرَاهِيم كل ما كان في يد عَمْرو بن اللَّيْث. ابن اللَّيْث في أسر المُعْتَضِد: ثُمَّ بعث يطلب من إسْمَاعِيل عَمْرو، ويعزم عليه، فما رأى بُدًّا من تسليمه، فبعث به إلى المُعْتَضِد فدخل بغداد على جمل ليشهره، فقال الحُسَيْن بن محمد بن الفَهْم: ألم ترَ هَذَا الدَّهْر كيف صُروفهُ ... يكون يسيرًا مُرّةً وعسيرًا وحسبك بالصفار نُبلًا وَعِزّةً ... يرُوح ويغدُو في الجيوش أميرا حباهم بأجمال ولم يدر أنه ... على جمل منها يقاد أسيرا

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 76"، البداية والنهاية "11/ 80، 81".

نهاية عَمْرو بن اللَّيْث: ثُمَّ حبسه المُعْتَضِد في مطمورة، فكان يَقُولُ: لو أردت أن أعمل على جيحون جسرًا من ذهب لفعلت، وكان مطبخي يحمل على ستمائة جمل، وأركبُ في مائة ألف، أصارني الدَّهْر إلى القيد والذُّلّ1! فَقِيلَ: إِنَّهُ خُنق عند موت المُعْتَضِد، وَقِيلَ: قبل موته بيسير. وَقِيلَ: إنَّ إسْمَاعِيل خيّره بين أن يقعد عنده معتقلًا، وبين توجيهه إلى المُعْتَضِد، فاختار توجيهه إلى المُعْتَضِد، فأُدخل بغداد سنة ثمانٍ وثمانين على جملٍ له سنامان، وعلى الجمل الدّيباج والحلي، وطيف به شوارع بغداد، وأُدخل على المُعْتَضِد، فَقَالَ له: يا عَمْرو هَذَا ببغيك ثُمَّ سجنه. إنعام المُعْتَضِد على إسْمَاعِيل: وبعث المُعْتَضِد إلى إسْمَاعِيل ببدرةٍ من لؤلؤ، وتاج مرصًّع، وسيف، وعشرة آلاف درهم. ظهور القرمطي بالبحرين: وفيها ظهر بالبحرين أبو سَعِيد الْجَنّابي القَرْمَطيّ في أول السنة. وفي وسطها قويت شوكته، وانضم إليه طائفة من الأعراب، فقتل أهل تِلْكَ القرى، وقصد البصرة، فبنى المُعْتَضِد عليها سورًا وحصّنها. وكان أبو سَعِيد كَيّالًا بالبصرة، وَهُوَ من قرى الأهواز، وقيل من البحرين2. يُسخر منه ويُستخف به، فخرج إلى البحرين، وانضاف إليه جماعة من بقايا الزنْج والخرّمّية، فعاث وأفسد وتفاقم أمره، حَتَّى بعث إليه الخليفة جيوشًا وهو يهزمها. وَهُوَ جدّ أبي عَليّ المستولي على الشام الذي مات بالرملة سنة خمس وستين وثلاثمائة.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 81"، النجوم الزاهرة "3/ 119". 2 تاريخ الطبري "10/ 71"، مروج الذهب "4/ 264"، المنتظم "6/ 18".

وَقَالَ غيره: أقام أبو سَعِيد مدة، ثُمَّ ذُبح في حمامٍ بقصره. ثُمَّ خلفه ابنه أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الحَسَن بن بهرام الجنابيّ القَرْمَطيّ، وَهُوَ الذي تأتّى أَنَّهُ قَتل الحجيج واقتلع الحجر الأسود.

أحداث سنة سبع وثمانين ومائتين

أحداث سنة سبعٍ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: أَحْمَد بن إسحاق بن نُبَيْط، وأبو بكر أَحْمَد بن عَمْرو بن أبي عاصم، وَمحمد بن عمرو الجرشي وأبو عَليّ قشْمرد، وموسى بن الحَسَن الْجَلاجليّ، وأبو سَعِيد يحيى بن منصور الهَرَويّ. واقعة ركب الحاج: وفي المحرم واقعت طيئ رَكْبَ الحاجّ العراقيّ بأرض المعدن. وكانت الأعراب في ثلاثة آلاف ما بين فارس وراجل. وكان أمير الحاجّ أبو الأغرّ، فأقاموا يقاتلونهم يومًا وليلة. واشتد القتال، ثُمَّ إنَّ الله أيّد الركب وهزموهم، وقُتل صالح بن مدرك الذي نهب الحاجّ فيما مضى؛ وقُتل معه أعيان طيئ، ودخل الركبُ بغداد بالرؤوس على الرماح وبالأسرى1. الوقعة بين ابن اللَّيْث وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد: وفي نصف ربيع الأول كانت الوقعة على بلْخ بين عَمْرو بن اللَّيْث وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد، فأسره إسْمَاعِيل. ذكر القرامطة وغِلَظ أمرهم: وفيها غَلُظ أمر القرامطة، وأغاروا على البصرة ونواحيها، فسار لحربهم العَبَّاس بن عَمْرو الغنوي، فالتقوا، فأُسر الغنوي، وقُتل خلقٌ من جنده2. إطلاق القَرْمَطيّ للغنوي: ثُمَّ إنَّ أبا سَعِيد بعد أنْ ضيق عليه أطلقه وَقَالَ: بلِّغ المعتضد عني رسالة؛

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 74"، مروج الذهب "4/ 264، 265"، النجوم الزاهرة "3/ 121، 122". 2 تاريخ الطبري "10/ 75، 77، 78"، المنتظم "6/ 24"، النجوم الزاهرة "3/ 122".

ومضمونها أَنَّهُ يكفّ عنه ويحفظ حُرمته: فأنا قد قنعت بالبرية، فلا يتعرّض لي1. رواية ابن خلّكان عن القرامطة: قَالَ ابن خلّكان: كان من حديث العَبَّاس أَنَّ القرامطة لَمَّا اشتد أمرهم وبالغوا في القتل، أرسل إليهم المُعْتَضِد جيشًا عليه العَبَّاس بن عَمْرو، فالتقوا، فأسره أبو سَعِيد القَرْمَطيّ في الوقعة، وأسر جميع مَن معه مِن الجيش. ثُمَّ مِن الغد أحضر الأسرى فقتلهم بأسرهم وحرّقهم، رحمهم الله، وأطلق العَبَّاس فجاء إلى المُعْتَضِد وحده2. وكانت الوقعة بين البصرة والبحرين. خروج المُعْتَضِد إلى الثغور: وفي شوال خرج المُعْتَضِد من بغداد، وسار إلى عين زَرْبة، فأسرَ وصيفًا الخادم، ثُمَّ قدِم المِصيصة ونزل طَرَسُوس، ثُمَّ رحل إلى أنطاكية، ثم جاء جاء إلى حلب، ثُمَّ إلى بالس، وأقام بالرَّقَّة إلى سلْخ السنة3. وفاة صاحب طَبَرسْتَان: وفيها مات صاحب طَبَرسْتَان محمد بن زيد العلوي. الإيقاع بالقرامطة: وفيها أوقع بدر بالقرامطة على غرة، فقتل منهم مقتلةً عظيمة، والحمد لله.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 78، 79"، مروج الذهب "4/ 265، 266"، النجوم الزاهرة "3/ 122". 2 وفيات الأعيان "6/ 431"، البداية والنهاية "11/ 83". 3 تاريخ الطبري "10/ 79، 80"، مروج الذهب "4/ 267".

أحداث سنة ثمان وثمانين ومائتين

أحداث سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: إسحاق بن إسْمَاعِيل الرملي بإصبهان، وَبِشْر بن موسى الأسديّ، وجعفر بن محمد بن سوار الحَافِظ، وعثمان بن سَعِيد بن بشار الأَنْمَاطِيُّ، ومُعاذ بن المُثَنَّى العَنْبَريّ، وخلْق سواهم. دخول ابن اللَّيْث بغداد أسيرًا: وفي جُمَادَى الأولى أُدخل عَمْرو بن الليث الصَّفَّار بغداد أسيرًا على جَمل1، فسجن إلى سنة تسعٍ وثمانين، وأُهلك عند موت المُعْتَضِد. الزلزلة في دبيل: وزُلزِلت دبيل ليلا. قال أبو الفرج ابن الْجَوْزيّ: فأُخرج من تحت الهدْم خمسون ومائة ألف ميت. وَقِيلَ: كان ذَلِكَ في العام الماضي، كما تقدم. الوباء بأذربيجان: وفيها وقع وباءٌ عظيم بِأَذْرَبِيجَان حَتَّى فُقدت الأكفان، حَتَّى كفنوا بالأكسية واللُّبُود، ثُمَّ طُرحوا في الطُّرق2. موت ابن أبي الساج وأصحابه: ومات من أصحاب محمد بن أبي الساج وأقاربه سبعمائة إنسان، وكان ببرذعة؛ ثُمَّ تُوُفِّي هُوَ، فقام بعده ابنه ديوداد، وخالفه أخوه يوسف3. موت وصيف الخادم في السجن: وفيها قدم المُعْتَضِد ومعه وصيف خادم محمد بن أبي الساج، وكان قد عصى عليه بالثُّغور، فأسره وأُدخل على جملٍ، ثُمَّ تُوُفِّي في السجن بعد أيام، فصلبت جثته عند الجسر4.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 83"، مروج الذهب "4/ 268"، النجوم الزاهرة "3/ 124". 2 تاريخ الطبري "10/ 83"، المنتظم "6/ 27"، النجوم الزاهرة "3/ 123". 3 تاريخ الطبري "10/ 83"، مروج الذهب "4/ 268"، النجوم الزاهرة "3/ 123، 124". 4 تاريخ الطبري "10/ 85"، مروج الذهب "4/ 269".

ظهور الشيعي بالمغرب: وفيها ظهر أبو عبد الله الشيعي بالمغرب، ونزل بكُتامة، ودعاهم إلى المهدي عبيد الله1.

_ 1 النجوم الزاهرة "2/ 124".

أحداث سنة تسع وثمانين ومائتين

أحداث سنة تسعٍ وثمانين ومائتين: فيها تُوُفِّي: أبو عبد الملك أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم البُسْريّ، والمعتضد بالله الخليفة، وَأَحْمَد بن يَحْيَى بن حمزة، وَإِبْرَاهِيم بن محمد الأغلبي أمير القيروان، وأنس بن السّلم، وجماعة كبار. فيضان ماء البحر على السواحل: وفيها فاض ماء البحر على السواحل، فأخرب البلاد والحصون التي عليه، وَهَذَا لم يُعهد. اعتلال المُعْتَضِد: وفي ربيع الآخر اعتل المُعْتَضِد علّة صعبة، وتماثل، فَقَالَ ابن المعتز: طار قلبي بجناح الوجيب ... جزعًا من حادثات الخُطوب وحذارًا من أن يُشاك بسوء ... أسدُ المُلك وسيفُ الحروب ثُمَّ انتكس ومات في الشهر. خلافة المُكْتَفِي: وقام بعده ابنه المُكْتَفِي بالله أبو محمد عَليّ، وليس في الخلفاء من اسمه عَليّ إِلا هو، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وُلد سنة أربعٍ وستين ومائتين، وأُمه تركية، وكان من أحسن الناس2.

_ 1 النجوم الزاهرة "2/ 124". 2 المنتظم لابن الجوزي "6/ 31"، مروج الذهب "4/ 276".

أخذ البيعة للمكتفي: وَلَمَّا نُقل المُعْتَضِد اجتمعوا في دار العامة، وفيهم مؤنس الخادم، ومؤنس الخازن، ووصيف، موشكير، والفضل بن راشد، ورشيق، وكان بدر المعتضدي بفارس، فقالوا للقاسم بن عُبَيْد الله الوزير: خُذ البيعة. فَقَالَ: المُعْتَضِد حي، ولا آمن إفاقته، وقد أطلقتُ المال، فيُنكر عَليّ. فقالوا: إنْ عُوفي فنحن المناظرون دونك. وكان في عزْمه أن يزوي الأمر عن المُكْتَفِي، لكن رأى ميلهم إلى المُكْتَفِي، فأخذ له البيعة بعد العصر من يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلةً بقيت من ربيع الآخر. وأحضر أحمدُ بن محمد بن بسطام أولاد الخلفاء: عبد الله بن المعتز، وقُصي بن المؤيد، وعبد العزيز بن المعتمد، وعبد الله بن الموفّق، وأبي أَحْمَد، وأخذ عليهم البيعة للمكتفي. وفاة المُعْتَضِد: وَتُوُفِّي المُعْتَضِد ليلة الإثنين لثمانٍ بقين من الشهر. الأموال التي خلفها المُعْتَضِد: وكان المُكْتَفِي بالرقة. فكتب إليه الْقَاسِم بالخلافة، وَأَنَّ في بيوت الأموال عشرة آلاف ألف دينار، ومن الدراهم أضعافها، ومن الجواهر ما قيمته كذلك، ومن الثياب والخيل، وذكر أشياء كثيرة1. تحرُّك الْجُنْد ببغداد: وَقِيلَ: إنَّ الجند تحركوا ببغداد عند موت المُعْتَضِد، ففرّق الْقَاسِم فيهم العطاء، فسكنوا. دخول المُكْتَفِي بغداد: ووافى المُكْتَفِي بغداد في سابع جُمَادَى الأولى، ومر بدجلة في سمارية، وكان يومًا عظيمًا.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 88"، المنتظم "6/ 31، 32"، مروج الذهب "4/ 275".

وسقط أبو عُمَر القاضي من الزّحمة من الجسر، وأُخرج سالمًا، ونزل المُكْتَفِي بقصر الخلافة، وتكلمت الشعراء، وخلع على الْقَاسِم بن عُبَيْد الله سبْع خِلع، وقلّده سيفًا، وهدم المطامير التي اتخذها أبوه، وصيّرها مسجدًا1. وأمر بردّ البساتين والحوانيت التي اتخذها أبوه من النَّاس ليعملها قصرًا، وفرّق أموالا جزيلة. وسار سيرةً جميلة، فأحبه النَّاس ودعوا له. موت عَمْرو بن اللَّيْث: ومات في السجن عَمْرو بن اللَّيْث الصَّفَّار في اليوم الذي دخل فيه المُكْتَفِي بغداد. فَقِيلَ إنَّ الْقَاسِم الوزير قتله سرًا، خوفًا من إخراجه، فإنه كان محسنًا إلى المُكْتَفِي أيام مقامه بالري2. خلع محمد بن هارون الطاعة: وفي رجب ورد الخبر إلى بغداد أَنَّ أهل الرَّيِّ كتبوا إلى الأمير محمد بن هارون الذي كان إسْمَاعِيل بن أَحْمَد متولي خُرَاسَان بعثه لقتال العلوي وولاه طَبَرسْتَان، فخلع محمد بن هارون الطاعة، ولبس البياض، وسار إلى الرَّيِّ، وكان واليها أوكرتُمُش قد غشم وظلم، فالتقيا، فهزمه محمد وقتله، وقتل ولديه وقوّاده، واستولى على الرَّيِّ3. زلزلة بغداد: وفي رجب زُلزلت بغداد زلزلةً عظيمة دامت أيامًا4. إمارة ابن بسطام آمد وديار ربيعة: وفيها خُلع على أَحْمَد بن محمد بن بسطام، وأمر على آمد، وديار ربيعة.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 88"، مروج الذهب "4/ 276"، البداية والنهاية "11/ 95". 2 تاريخ الطبري "10/ 88". 3 تاريخ الطبري "10/ 88، 89". 4 تاريخ الطبري "10/ 89"، المنتظم "6/ 33"، البداية والنهاية "11/ 95".

ريح بالبصرة: وفيها هبت ريحٌ عظيمة بالبصرة، قلعت عامة نخلها، ولم يُسمع بمثل ذَلِكَ. خروج القَرْمَطيّ ومقتله: وفيها خرج بالشام يَحْيَى بن زكرويه القَرْمَطيّ، وجمع الأعراب، فقصد دمشق وبها طُغْج بن جُفّ نائب هارون بن خُمَارَوَيْه، فكانت بينهما حروبٌ، إلى أن قُتل في أول سنة تسعين1. وسبب خروجه أَنَّ زَكْرَوَيْه بن مهرويه القَرْمَطيّ لَمَّا رأى متابعة الجيوش إلى من بسواد الكوفة وضعُف، سعى في استغواء الأعراب الذين بالسواد، فاستجابوا له. وكان طائفة من كلب يخفرون الطريق على السماوة، فيما بين دمشق والكوفة على طريق تدمر، ويحملون الرسل وأمتعة التجار على إبلهم، فأرسل زَكْرَوَيْه أولاده إليهم فبايعوهم، وخالطوهم، وانتسبوا إلى أمير المؤمنين عَليّ، وإلى إسْمَاعِيل بن جعفر بن محمد الصادق، فقبلوهم، فدعوهم إلى رأي القرامطة، فلم يقبل منهم إِلا طائفة، فبايعوهم، وكان المُشار إليه في القرامطة يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه أبو الْقَاسِم، وذكر لهم أَنَّهُ له بالعراق والشرق مائة ألف تابع، وَأَنَّ ناقته مأمورة، وَأَنَّهُم متى اتبعوها في مسيرها ظفروا، فقصدوا الرصافة، التي هي غربي الفرات، فقتلوا أميرها، وأكثروا الفساد2. الوقعة بين إسْمَاعِيل بن أَحْمَد وَمحمد بن هارون: وفيها كانت وقعة بين جيش إسْمَاعِيل بن أَحْمَد، وبين محمد بن هارون على باب الرَّيِّ. وكان محمد في مائة ألف، فكانت الدائرة عليه، فانهزم إلى الدَّيلم في ألف رجل، فاستجار بهم3. صاحب إفريقية ينسلخ من الإمارة ويتصوف: وفيها قَوِيَت أمور أبي عبد الله الشيعي بالمغرب، فصنع صاحب إفريقية صنع

_ 1 مروج الذهب "4/ 280"، المنتظم "6/ 33"، تاريخ الخلفاء "376". 2 تاريخ الطبري "10/ 94، 95"، البداية والنهاية "11/ 85، 86". 3 تاريخ الطبري "10/ 96"، البداية والنهاية "11/ 95".

محمد بن يَعْفُر ملك اليمن، فانسلخ من الإمارة، وأظهر توبةً، ولبس الصُّوف، وردّ المظالم، وخرج إلى الروم غازيًا، فقام بعده ابنه أبو العَبَّاس. وكان خروج إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد صاحب إفريقية منها وركوبه البحر سنة تسعٍ وثمانين، فوصل إلى صقلية، ومنها إلى طَبَرْمين، فافتتحها، ثُمَّ حاصر كنيسة، فمرض بإسهال، ومات في ذي القِعْدَة. وكانت ولايته ثمانية وعشرين عامًا ونصف، ودفن بصقلية. اشتهار أمر أبي عبد الله الشيعي: واشتهر أمر أبي عبد الله بأرض كُتامة، وسُمي المشرقي لقُدُومه من الشرق. وكان إِذَا بايعه الواحد قِيلَ: تشرَّق، وتسارع المغاربة إليه، وَلَمَّا استفاضت دعوة المهدي كثُر الطلب عليه من العراق والشام، فسار متنكرًا من سلمية، ثُمَّ إلى الرملة، ثُمَّ مصر، ومعه ولده محمد صبي، وأبو العَبَّاس أخو الداعي أبي عبد الله بزي التُّجار. فتوصلوا إلى طرابلُس الغرب، فَلَمَّا وصل المهدي إلى طرابلُس الغرب قدم أبو العَبَّاس أخو الداعي إلى القَيْرُوَان فوصلها، وقد جاءت المكاتبات من مصر بالإنذار وصفته والتوكيد في طلبه، فعُني زيادةُ الله بطلبه، وتقصّى أخباره، فوقع بأبي العَبَّاس، فقرّره فلم يعترف، فحبسه برقّادة. وكتب إلى طرابلُس في طلب المهدي، وكان قد خرج منها قاصدًا أبا عبد الله داعيته، وفات أمره. ثُمَّ علِم في طريقه بحبْس رفيقه، فعدل إلى سِجِلْماسة، وأقام بها يتَّجر، فبلغ زيادة الله أَنَّهُ بسِجِلْماسة، فقبض متوليها على المهدي وابنه، ثُمَّ وقعت الحرب بين زيادة الله وبين أبي عبد الله الداعي، فهزمه أبو عبد الله مرات، وهرب من الجيش أبو العَبَّاس، ثُمَّ مُسك، ثُمَّ سار زيادة الله منهزمًا إلى مصر، ولحق أبو العَبَّاس بأخيه. ثُمَّ سارا في جيشٍ كثيفٍ وطلبا سِجِلْماسة، فخرج اليَسَع متوليها للقتال، فهزمه أبو عبد الله سنة ستٍّ وتسعين، كما سيجيء.

صلاة المُكْتَفِي يوم النحر: وفيها صلى المُكْتَفِي بِالنَّاس يوم النحر بالمُصلّى1. خبر مقتل بدر المعتضدي: وفيها قتل بدر المعتضدي، وكان المعتضد يحبه. وكان بدر جوادًا كريمًا شجاعًا، وكان يؤثر الْقَاسِم بن عُبَيْد الله الوزير ويتعصب له، فَقَالَ المُعْتَضِد: والله لا قتله غيره. فكان كما قَالَ، وذلك أَنَّ الْقَاسِم همّ بنقل الخلافة عند موت المُعْتَضِد إلى غير ولده، وناظر بدرًا في ذَلِكَ، فامتنع بدر، فَلَمَّا رأى الْقَاسِم ذَلِكَ علم أن لا سبيل إلى مخالفة بدر، إِذْ كان المستولي على الأمور، اضطغنها على بدر، وحدث على المُعْتَضِد الموت، وبدر بفارس، فعمل الْقَاسِم على هلاكه. وكان بين بدر وبين المُكْتَفِي تباعد في أيام أبيه، فأشار القاسم على المُكْتَفِي أن يكتب إلى بدر بأن يقيم بفارس، وأن يبعث إليه بالمال، وأن يختار من الولايات ما شاء، ولا يقدم الحضرة. وخوف المكتفي منه، فكتب إليه يانس المُوفّقي بذلك، وبعث إليه بعشرة آلاف درهم. فَلَمَّا وصل إلى بدر فكّر وخاف لبعده من مكر الْقَاسِم، فكتب إلى المكتفي يقول: لا بد من المصير إلى الحضرة، وأن أشاهد مولاي. فَقَالَ الْقَاسِم له: قد جاهرك بالعصيان، ولا آمنه عليك، وكاتب الْقَاسِم الأمراء الذين مع بدر بالمصير إلى باب الخليفة، فأوقفوا بدرًا على الكُتب وقالوا: قُمْ معنا حَتَّى نجمع بينك وبين الخليفة. فَقَالَ: قد كتبت إليه، وأنا منتظر جوابه. ففارقوه ووصلوا إلى بغداد، فجاء بدر فنزل واسطًا، فندب الْقَاسِم أبا حازم القاضي وَقَالَ: اذهب إلى بدرٍ برسالة أمير المؤمنين بالأمان والعُهود، فامتنع، وكان وَرعًا، وَقَالَ: لمَ أؤدي عن الخليفة رسالة لم اسمعها منه؟ قَالَ: أما تقنع بقولي؟ قَالَ: في مثل هذا ما يكفيني.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 128".

فندب أبا عُمَر محمد بن يوسف القاضي، فأجاب مسرعًا، وانحدر إلى واسط، فاجتمع ببدر، وأعطاه الأيمان المُغلّظة عن المُكْتَفِي، فنزل بدر بطيّار، وترك أصحابه بواسط ليلحقوه في البَرّ، فبينا هُوَ يسير، إِذْ تلقاه لؤلؤ غلام الْقَاسِم في جماعةٍ، فنقلوا القاضي إلى طيار آخر، وأصعدوا بدرًا إلى جزيرة، فَلَمَّا عرف أَنَّهُم قاتلوه قَالَ: دعُوني أصلّي ركعتين وأُوصي، فتركوه؛ فأوصى بعتق أرقابه، وصدقة ما يملك، وذبحوه في الرّكعة الثانية، في ليلة الجمعة السابعة والعشرين من شهر رمضان، وقدموا برأسه على المُكْتَفِي، فسجد. ما قِيلَ في ذم القاضي أبي عُمَر: وذمّ النَّاس أبا عُمَر القاضي وقالوا: هُوَ غرير؛ وندم القاضي غاية الندم. فَقَالَ شاعر: قل لقاضي مدينة المنصور ... بمَ أحللت أخذ رأس الأمير بعد إعطائه المواثيق والعهد ... وعقد الأمان في منشور أين أيمانك التي شهد الله ... على أنها يمينُ فُجور أَنَّ كفّيكَ لا تُفارقُ كفيـ ... ـه إلى أنْ تُرى مَلِيكَ السرير يا قليل الحياء يا أكذب الأ ... مة يا شاهدًا شهادة زور أيّ أمر ركبت في الجمعة الغـ ... ـراء من ذي شهر هذي الشُّهُور قد مضى من قتلت في رمضان ... صائمًا بعد سجدة التعفير يا بني يوسف بن يعقوب أضحى ... أهل بغداد منكم في غرور1

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 89، 93"، مروج الذهب "3/ 276-278"، البداية والنهاية "11/ 95".

أحداث سنة تسعين ومائتين

أحداث سنة تسعين ومائتين: فيها تُوُفِّي: أَحْمَد بن عَليّ الأبار، وَالحَسَن بن سهل المجوز، وَالحُسَيْن بن إِسْحَاق التُّسْتَريّ، وعبد الله بن أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَمحمد بن زكريا الغلابي الإخباري، وَمحمد بن العَبَّاس المُؤَدِّب، وَمحمد بن يَحْيَى بن المنذر القزاز، شيوخ الطَّبَرَانيّ. ظفر القَرْمَطيّ بغلام طُغْج: وفي أولها قصد يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه الرّقّةِ، فجاء جمعٌ، فخرج إليه عسكرها فهزمهم وقتل منعم، فبعث طغج لحربه بشيرًا غلامه، فالتقوا، فقتل بشيرًا، وانهزم جُنده، فندب المُكْتَفِي أبا الأغر في عشرة آلافٍ، وجهزه لحربهم1. حصار القَرْمَطيّ دمشق: ثُمَّ سار القَرْمَطيّ فحاصر دمشق، وبها طُغْج بن جف، فضعف عن مقاومة القرامطة2. صرف المُكْتَفِي عن السكن بسامراء: وفيها خرج المُكْتَفِي من بغداد يريد سامراء ليسكن بها، فصرفه الوزير عن ذَلِكَ وَقَالَ: نحتاج إلى غرامات كثيرة، فعاد إلى بغداد3. إقامة الحُسَيْن مقام أخيه يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه: وَلَمَّا قتل الكلبُ يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه على حصار دمشق أقاموا مقامه أخاه الحُسَيْن. مسير المُكْتَفِي إلى المَوْصِل لحرب القرامطة: وفيها عسكر المُكْتَفِي وسار إلى المَوْصِل في رمضان لحرب القرامطة، وتقدّم أمامه إلى حرب الحُسَيْن أبو الأغرّ، فنزل بوادي بطنان، فكسبهم على غِرة صاحبُ الشامة القَرْمَطيّ، فقتل منهم خلقًا، وهرب أبو الأغرّ في ألف رجلٍ إلى حلب، وقُتل تسعة آلاف، وتبعهم صاحب الشامة، فحاربه أبو الأغر على باب حلب، ثُمَّ تحاجزوا؛ ووصل المُكْتَفِي إلى الرّقّة، وسرح الجيوش إلى القرمطي4.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 97"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 38"، البداية والنهاية "11/ 96"، النجوم الزاهرة "3/ 130". 2 تاريخ الطبري "10/ 97". 3 تاريخ الطبري "10/ 98"، المنتظم "6/ 38". 4 تاريخ الطبري "10/ 103، 104"، المنتظم "6/ 39"، الولاة والقضاة للكندي "243".

هزيمة القَرْمَطيّ أمام بدر الحمامي: وفي رمضان وصل القَرْمَطيّ أَيْضًا إلى دمشق، فخرج لقتاله بدر الحمامي صاحب ابن طولون فهزم القَرْمَطيّ، ووضع في أصحابه السيف وهرب الباقون في البادية، وبعث المُكْتَفِي في أثر صاحب الشامة الحُسَيْن بن حَمْدَان والقوّاد1. وَقِيلَ: إنما كانت الوقعة بين بدر والقرمطي بأرض مصر، وأن القَرْمَطيّ انهزم إلى الشام في نفرٍ يسير، فسار على الرَّحْبة وهيت، فنهب وسبى، ومضى إلى الأهواز. مقتل يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه القَرْمَطيّ: وفيها قُتل أبو الْقَاسِم يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه بن مهرويه القَرْمَطيّ المعروف بالشيخ، وبالمُبَرْقَع. وكان يسمي نفسه كذِبًا وبُهْتانًا: عَليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحسين، وكان من دعاة القرامطة2. قيل: إن بدر الحمامي لقيه بحوران فِي هذه السنة، فاقتتلوا قتالًا عظيما، فقتل، فقام أخوه موضعه. وكان سبب قتله أن بربريًا رماه بمِزْراقٍ، واتبعه نفّاط فأحرقه بالنار في وسط القتال، فنصب أصحابه أخاه الحُسَيْن بن زَكْرَوَيْه، ويسمى بصاحب الشامة، وزعم بكذبه أَنَّهُ: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إسْمَاعِيل بن الصادق جعفر، وأظهر شامةً في وجهه يزعم أنها آيته، وجاءه ابن عمّه عيسى بن مهرويه وزعم أَنَّهُ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إسْمَاعِيل بن جعفر، ولقبّه المدثر، وعهد إليه، وزعم أَنَّهُ المُعين في السُّورة. ولقب غلامًا له المطوّق بالنُّور، وظهر على دمشق وحمص والشام، وعاث وأفسد، حَتَّى قتل الأطفال وسبى الحريم، وتسمى أمير المؤمنين المهدي، ودُعي له على المنابر3. وكان ليحيى بن زَكْرَوَيْه شعرٌ جيد في الحماسة والحرب. والله أعلم.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 104". 2 تاريخ الطبري "10/ 99"، البداية والنهاية "11/ 96". 3 تاريخ الطبري "10/ 95، 96"، البداية والنهاية "11/ 96"، النجوم الزاهرة "3/ 104-106".

تراجم رجال هذه الطبقة على حروف المعجم

تراجم رجال هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ: "حَرْفُ الأَلِفِ": 1- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن فيل1. أبو الحَسَن البالسي، نزيل أنطاكية. سَمِعَ: أبا جعفر النُّفَيْلِيَّ، وأبا توْبة الحلبي، والمُعافى بن سُلَيْمَان، وعبد الوهاب بن نجدة، وسليمان ابن بنت شُرَحْبِيل، وطائفة. وعنه: أبو عوانة، وحاجب بن أركين، وأبو سَعِيد بن الأعرابي، وَخَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسيّ، وسليمان الطَّبَرَانيّ، وطائفة. وقد روى عنه النسائي في حديث مالك تأليفه. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين، وَهُوَ والد صاحب الجزء المشهور أبي طاهر الحَسَن بن أَحْمَد. 2- أَحْمَد بن إبراهيم2. أبو جعفر الأصبهاني الغسال، والد القاضي أبي أَحْمَد الحَافِظ. سَمِعَ: إسْمَاعِيل بن عَمْرو البجلي، وسهل بن عُثْمَان العسكري. وعنه: ابنه. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 3- أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن فروة3. أبو عبد الله اللَّخْمي القُرْطُبيّ. له رحلة إلى العراق. سَمِعَ بمصر من: عبد الغني بن أبي عقيل، وغيره. وبالعراق من: عُبَيْد الله القواريري، وبندار.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 44"، تهذيب الكمال "1/ 247-249"، تهذيب التهذيب "1/ 9، 10". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 100"، لأبي نعيم. 3 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 23".

وعنه: أحمد بن خالد بن الحباب، ومحمد بن عبد الله بن أعيْن. وكان شيخًا مُغَفَّلًا. عاش تسعين سنة، ومات سنة تسعين ومائتين. 4- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بكار1. أبو عبد الملك القُرشي العامري البُسْريّ الدِّمَشْقِيّ، من ولد بَسر بن أبي أرطأة. سَمِعَ: أبا الجماهر محمد بن عُثْمَان، وَمحمد بن عائذ، وجدّه محمد بن عبد الله، وجماعة. وعنه: ن. وَقَالَ: لا بأس به، وابن جَوصا، وأبو عوانة، وعليّ بن أبي العَقِب، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. مات في شوال سنة تسعٍ وثمانين. سمعنا من طبقة مغازي ابن عائذ. 5- أَحْمَد بن مِلحان2. أبو عبد الله البلْخي الأصل البغداديّ. سَمِعَ من: يَحْيَى بن عبد الله بن بُكَيْر، وغيره. وعنه: أبو بكر الشافعي، وابن قَانع، والطَّبَرَانيّ، وأبو بكر جلاد، وجماعة. ووثَّقه الدارقطني. مات سنة تسعين ومائتين. 6- أَحْمَد بن إِسْحَاق بن صالح3. أبو بكر البغدادي. عن: مسلم بن إِبْرَاهِيم، وجنْدل بن والق، وَقُرَّةَ بن حبيب، وطبقتهم.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 9"، تهذيب الكمال "1/ 252-254"، تهذيب التهذيب "1/ 11". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 44"، تاريخ بغداد "4/ 11". 3 الجرح والتعديل "1/ 41"، تاريخ بغداد "4/ 28، 29".

وعنه: ابن مَخْلَد، وأبو جعفر بن البَخْتَرِيّ، وعبد الله بن إِسْحَاق الخُرَاسَانِيّ، وأبو عَمْرو بن السَّمَّاك. قَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عنه أنا وأبي، وَهُوَ صدوق. أثنى عليه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفِّي في أول سنة إحدى وثمانين. 7- أَحْمَد بن إِسْحَاق بن واضح1. أبو جعفر المصري العسال. عن: سَعِيد بن أبي مريم، وجماعة. وعنه: أبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في صفر سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. 8- أَحْمَد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نُبَيْط الأشجعي2. صاحب النسخة المشهورة الموضوعة. روى عن: أبيه؛ وزعم أَنَّهُ وُلد سنة سبعين ومائة. وعنه: أَحْمَد بن محمد البيروتي، وأحمد بن الْقَاسِم بن الزيات، والطَّبَرَانيّ، وغيرهم. قَالَ أبو سَعِيد بن يونس: تُوُفِّي بمصر سنة سبع وثمانين. وَهُوَ كوفي قدم مصر، وكان بالجيزة. 9- أَحْمَد بن إِسْحَاق البلدي الخشّاب3. عن: عفان بن مُسْلِم، وعبد الله بن جعفر الرقي، وغيرهما. وعنه: أبو القاسم الطبراني.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 25". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 30"، ميزان الاعتدال "1/ 39"، لسان الميزان "1/ 136". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 14".

10- أَحْمَد بن إِسْحَاق بن يزيد الرقي الخشّاب1. عن: عُبَيْد بن جِناد الحلبي. وعنه: الطَّبَرَانيّ أَيْضًا وَهُوَ أصغر من البلدي الذي قبله. 11- أَحْمَد بن إِسْحَاق الصدفي المصري2. روى عَن: عَمْرو بن الربيع بن طارق. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وغيره. 12- أَحْمَد بن إسْمَاعِيل العَدَويّ البصْري3. روى عن: عَمْرو بن مرزوق، وطبقته. وعنه: الطَّبَرَانيّ. 13- أَحْمَد بن إسْمَاعِيل الوساوسي البصري4. عن شَيْبَان بن فَرُّوخ. وعنه: الطَّبَرَانيّ. 14- أَحْمَد بن أصرم بن خُزَيْمَة5. أبو العَبَّاس الْمُغَفَّلِيُّ المُزَنِيّ البصري. حدَّث بدمشق عن: أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بن معين، وعبد الأعلى بن حمدان، والقواريري. وعنه: أبو عَوَانة، وأبو جعفر النُّفَيْلِيُّ، وأبو بكر النجاد، وأبو عبد الله بن مروان، وجماعة. قَالَ أبو بكر الخلال: هُوَ ثقة، كتبنا عن المروزي، عنه.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 14"، ومسند الشاميين "1/ 41". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 21". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 52". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 56". 5 الجرح والتعديل "1/ 42"، تاريخ بغداد "4/ 44"، طبقات الحنابلة "1/ 22".

وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وَسَمِعْتُ موسى بن إِسْحَاق القاضي يُعظّم شأنه ويرفع منزلته. قُلْتُ: كان صاحب سنة، شديدًا على المُبتدِعة. تُوُفِّي في جُمَادَى الأولى سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 15- أَحْمَد بن بحر الدِّمَشْقِيّ. سَمِعَ من: ابن عُثْمَان. وعنه: الطَّبَرَانيّ فقط. 16- أَحْمَد بن بِشْر المَرْثَدِيّ1. أبو عَليّ البغدادي. عن: عَليّ بن الْجَعْد، والهيثم بن خارجة، وجماعة. وعنه: عُثْمَان بن السَّمَّاك، وأبو بكر الشافعي، وجماعة. وثّقه ابن المنادى وَقَالَ: مات سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 17- أَحْمَد بن الحَسَن بن مُكرَم البغدادي2. سَمِعَ: عَليّ بن الْجَعْد. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وابن قانع. وكان بزّازًا. 18- أَحْمَد بن جعفر3. أبو عَليّ الدَّيْنَوَري النَّحْوِيّ تلميذ أبي عُثْمَان المازني. أخذ عن: المازني كتاب سيبويه. وسكن مصر وأفاد أهلها.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 54". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 36"، تاريخ بغداد "4/ 80". 3 معجم الأدباء "2/ 239، 240"، بغية الوعاة للسيوطي "1/ 301".

وكان روح بيت تغْلب؛ وله مصنّف في النحو. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. 19- أَحْمَد بن الحُسَيْن بن مدرك القصْري1. عن: أبي شُعَيْب السوسي، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَد الواسطي المقرئ. وعنه: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة تسعين. وعنه أيضا: الطَّستي، وعمر بن الحَسَن الشيباني. وكان بقصر ابن هُبَيْرَة. 20- أَحْمَد بن الحُسَيْن. أبو الفضل النَّيْسَابُوري المُسْتَمْلِي. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه؛ واستملى على إسحاق. وعنه: محمد بن صالح هانئ، وَمحمد بن يعقوب، والأخرم، وآخرون. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 21- أَحْمَد بن حَمَّاد بن سفيان2. وأبو عبد الرحمن الكوفي الفقيه. ولي قضاء المِصَّيْصَة. وروى عن: أبي بلال الأشعري، ويزيد بن عَمْرو الغنوي، وأبي بكر بْن أَبِي شَيْبة، وَمحمد بْن عَبْد اللَّه بن عمار. وارتحل إلى مصر فلقي أصحاب ابن وهْب. قَالَ الخليلي: صالحٌ في الحديث، له معرفة. وَقَالَ: مات سنة ثمان وثمانين.

_ 1 المعجم الصغير "29"، مسند الشاميين "1/ 8"، تاريخ بغداد "4/ 96، 97". 2 تاريخ بغداد "4/ 124".

قُلْتُ: روى عنه: أبو الحَسَن القطّان، وابن قانع، وَمحمد بن عَليّ بن حُبيش، وآخرون. مات بالمِصَّيْصَة. 22- أَحْمَد بن حمدون. أبو نصر المَوْصِليّ الخفّاف. عن: مُعَلَّى بن مهدي، وَمحمد بن عبد الله بن عمار، وأحمد بن السّكن، وغيرهم. وعنه: يزيد بن محمد في تاريخه. وَقَالَ: كان صاحب حديث حسن الحفظ. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. 23- أَحْمَد بن خالد بن يزيد الآجري. أبو بكر، وسمّاه أبو بكر الشافعي: محمدا. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وعفان، وجماعة. وعنه: الشافعي، وعثمان بن السَّمَّاك، وجماعة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 24- أَحْمَد بن خالد الدامغاني. نزير نَيْسَابُور. عن: أبي مصعب الزهري، وداود بن رشيد، وجماعة. وعنه: أبو حماد بن الشرقي، وَمحمد بن الأخرم، ودعْلج، وجماعة. وله رحلة إلى الشام، ومصر، والعراق. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 25- أَحْمَد بن خُشنام الأصبهاني1.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 98".

عن: بكر بن بكار، والحسين بن حفص، وجماعة. تُوُفِّي في عام أربعٍ وثمانين. وثّقه ابن مردويه. حدّث عنه: أَحْمَد بن محمد بن عاصم. وَقَالَ ابن الشيخ: كانت فيه غفْلة. 26- أَحْمَد بن خطاب الأصبهاني1. عن: طالوت بن عباد. وعنه: عبد الله بن محمد القباب، وغيره. 27- أَحْمَد بن خُليد2. أبو عبد الله الكِنْدي الحلبي. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وأبا اليمان، والوُحَاظي، والحميدي، وَمحمد بن عيسى الطباع، وزُهير بن عبّاد، وطبقتهم. وله رحلة واسعة، ومعرفة جيدة. روى عنه: عَليّ بن أَحْمَد المِصِّيصِيّ، وأحمد بن مروان الدَّيْنَوَري، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وآخرون. 28- أحمد بن داود3. وأبو حنيفة الدَّيْنَوَري النحوي صاحب ابن "السِّكِّيت" ثقة، بارع الأدب، كثير الفنون، كبير الدائرة، طويل النفس. له مصنفات في العربية واللُّغة والهندسة والهيئة، والوقت، وغير ذلك. ذكر الوزير القفطي وَقَالَ: تُوُفِّي لأربعٍ بقين من جماعة الأولى سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 103". 2 الثقات لابن حبان "8/ 53". 3 مروج الذهب للمسعودي "285، 1327"، معجم الأدباء "3/ 26"، البداية والنهاية "11/ 72".

29- أَحْمَد بن داود بن موسى1. أبو عبد الله السَّدُوسي البَصْرِيّ، ثُمَّ المالكي، نزيل مصر. حدَّث عن: عبد الله بن أبي بكر العتكي، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وجماعة. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وغيره. قَالَ ابن يونس: ثقة. تُوُفِّي في صفر سنة اثنتين أَيْضًا. 30- أَحْمَد بن داود السمناني2. عن: أبي بكر بن أبي شَيْبَة، وَمحمد بن حميد الرازي. تُوُفِّي سنة تسعين. 31- أَحْمَد بن دبيس المَوْصِليّ. عن: غسان بن الربيع، وَمُعَلَّى بن مهدي. يروي عنه: يزيد في تاريخه. وَقَالَ: مات سنة تسعٍ وثمانين. 32- أَحْمَد بن ربيعة بن سُلَيْمَان بن زُفَر. والد القاضي عبد الله بن زُفَر. سَمِعَ: إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن زُفَر، وَمحمد بن المُثَنَّى، وجماعة. وعنه: ابنه. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 33- أَحْمَد بن رضوان بن أَحْمَد الْبُخَارِيُّ. سَمِعَ: أبا حفص أحمد بن حفص، ومحمد بن سلام البيكندي، وغيرهما. مات سنة ست أيضًا.

_ 1 المنتظم لابن الجوزي "5/ 151". 2 تاريخ جرجان للسهمي "199".

34- أَحْمَد بن رواع. أبو الحَسَن الأيدغاني المصري. روى عن: يحيى بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد، وجماعة. وكان كريمًا جوادًا ثقة. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين، قَالَه ابن يونس. 35- أَحْمَد بن روح بن زياد1. أبو الطيب الشَّعْرَانِيّ البغدادي. له مصنّفات في الزهد وغير ذَلِكَ. روى عن: عبد الله بن خُبَيْق الأنطاكي، وَمحمد بن حرب النَّسَائِيُّ، وَالحَسَن الزَّعْفَرَانِيّ. وأقام بإصبهان. روى عنه: أبو أَحْمَد العسال، وَأَحْمَد بن بُنْدَار الشعار، والطَّبَرَانيّ. وإنما سَمِعَ منه الطَّبَرَانيّ ببغداد. 36- أَحْمَد بن زياد بن مهران2. أبو جَعْفَر البغدادي البزاز السمسار. عن: سُلَيْمَان بن حرب، وزكريا بن عَدِيّ، وأبي نُعَيْم، ومعاوية، وطائفة. وعنه: أَحْمَد بن عُثْمَان الآدمي، وَمحمد بن نجيح، وأبو عَمْرو الزاهد، وغيرهم. وكان شاهدًا مُعدّلًا صدوقًا. تُوُفِّي في صفر سنة إحدى وثمانين ومائتين. 37- أَحْمَد بن زياد الرَّقِّيّ الحداد3. روى عن: حجاج الأعور.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 110"، تاريخ بغداد "4/ 159". 2 تاريخ بغداد "4/ 164". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 24".

وَهُوَ من كبار شيوخ الطَّبَرَانيّ. 38- أَحْمَد بن سَلَمَةَ بن عبد الله1. أبو الفضل النَّيْسَابُوري البزاز الْمُعَدَّلُ الحَافِظ. رفيق مُسْلِم في الرحلة إلى قُتَيْبَة وإلى البصرة، جمع له مُسْلِم الصحيح على كتابه. سَمِعَ: قُتَيْبَة، وابن راهَوَيْه، وَمحمد بن مهران، وأبا كُريب، وَمحمد بن حميد، وعبد الله بن معاوية، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وَأَحْمَد بن منيع، وطبقتهم فأكثر. روى عنه: ابن وراة، وأبو زُرْعَة، وأبو حاتم وَهُوَ أكبر منه؛ وأبو حامد بن الشرقي الحَافِظ، وَيَحْيَى بن منصور القاضي، وَسُلَيْمَان بن محمد بن ناجية، وعَليُّ بن عيسى، وأبو الفضل الهاشمي. تُوُفِّي في غزة جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وثمانين. قَالَ أبو الْقَاسِم النصراباذي: رأيت أبا عَليّ الثقفي في النوم فَقَالَ: عليك بصحيح أَحْمَد بن سلمة. 39- أَحْمَد بن سُلَيْمَان بن أبي الربيع الأندلسي الفقيه2. روى عن: سحنون، وَسَعِيد بن حسان، والحارث بن مسكين، وغيرهم. ورحل إلى مصر. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين بحاضرة إلبيرة من الأندلس. 40- أَحْمَد بن سهل بن الربيع بن سُلَيْمَان الجهني3. مولاهم الأصمعي. عن: يَحْيَى بن بكير، وَيَحْيَى بن سُلَيْمَان الجعفري، وَإِبْرَاهِيم بن الغمد. توفي سنة إحدى وثمانين.

_ 1 الجرح والتعديل "1/ 54"، ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 199"، تاريخ بغداد "4/ 186، 187". 2 تاريخ بغداد "4/ 187". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 25، 26".

41- أَحْمَد بن سهل1. أبو حامد الإسفرائيني. عن: أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاق، وعَليِّ بن حجر، وعبدان، وابن أبي حاتم، وَقَالَ: صدوق. 42- أَحْمَد بن سهل البلخي2. الفقيه حَمْدَان. عن: الْقَعْنَبِيِّ، ومسلم بن إِبْرَاهِيم. وَهُوَ صدوق. تفقّه عليه: محمد بن عقيل البلخي. ولعله مات قبل هَذَا الوقت. 43- أَحْمَد بن سهل بن بحر النَّيْسَابُوري. عن: داود بن رشيد، ودحيم، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وطبقتهم. وله رحلة إلى الشام والعراق. وروى عنه: محمد بن صالح بن هانئ، وعبد الله بن الأخرم. وكان ابن الأخرم يعتمده أيّ اعتماد. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 44- أَحْمَد بن صالح بن عبد الصمد بن أبي خداش. أبو جَعْفَر المَوْصِليّ. عن: جده لأمه محمد بن عَليّ، وغسان بن الربيع. وعنه: يزيد بن محمد الأزدي. توفي سنة خمس وثمانين.

_ 1 الجرح والتعديل "1/ 54"، طبقات الحنابلة "1/ 47". 2 الجرح والتعديل "1/ 54".

وكان رجلًا صالحًا صدوقًا. 45- أَحْمَد بن الضوء بن المنذر الشيباني النجدي. تُوُفِّي بكرمينية في صفر سنة اثنتين أَيْضًا. 46- أَحْمَد المُعْتَضِد بالله1. أمير المؤمنين أبو العَبَّاس ابن ولي العهد أبي أَحْمَد طلحة الموفق بالله ابن المتوكل على الله جَعْفَر بن المُعْتَضِد بن الرشيد الهاشمي العباسي. ولد في ذي القِعْدَة سنة اثنتين وأربعين ومائتين في دولة جده، وقدم دمشق سنة إحدى وسبعين لحرب خُمَارَوَيْه الطولوني؛ فالتقوا على حمص، فهزمهم أبو العَبَّاس، ثُمَّ دخل دمشق ومر بباب البريد، فالتفت ينظر إلى الجامع، فَقَالَ: أي شيء هَذَا؟ قَالُوا: الجامع. ثُمَّ نزل بظاهر دمشق بمحلة الراهب أيامًا، وسار فالتقى خُمَارَوَيْه عند الرملة. واستخلف بعد عمه المعتمد في رجب سنة تسع وسبعين. وكن ملكًا شجاعًا مهيبًا، أسمر نحيفًا، معتدل الخلق، ظاهر الجبروت، وافر العقل، شديد الوطأة، من أفراد خلفاء بني العَبَّاس. كان يقوم على الأسد وحده لشجاعته. قَالَ المسعودي: كان المُعْتَضِد قليل الرحمة؛ قِيلَ إِنَّهُ كان إِذَا غضب على قائد أمر بأن يحفر له حفيرة ويُلقى فيها، ويُطم عليه. قَالَ: وكان ذا سياسة عظيمة. وعن عبد الله بن حمدون أن المُعْتَضِد تصيد فنزل إلى جانب مقثأة وأنا معه، فصاح الناطور، فَقَالَ: عَليّ به. فأُحضر فسأله، فَقَالَ: ثلاثة غلمان نزلوا المقثأة فأخربوها، فجيء بهم فضربت أعناقهم في المقثأة من الغد. فكلمني بعد مدة وَقَالَ: أصدقني فيما ينكر علي الناس. قلت: الدماء.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 530، 540، 544"، سير أعلام النبلاء "13/ 463-479"، تاريخ الخلفاء "49، 50"، البداية والنهاية "11/ 66، 86-94"، شذرات الذهب "2/ 199-201".

قَالَ: والله ما سفكت دمًا حرامًا منذ وليت. قُلْتُ: فلم قتلت أَحْمَد بن الطيب؟ قَالَ: دعاني إلى الإلحاد. قُلْتُ: فالثلاثة الذين نزلوا المقثأة؟ قَالَ: والله ما قتلتهم، وإنما قتلت لصوصًا قد قتلوا، وأوهمت أَنَّهُم هم. وَقَالَ البَيْهَقِيّ، عن الحاكم، عَنْ أَبِي الوليد حسّان بْن محمد الفقيه، عن أبن شريح، عن إسْمَاعِيل القاضي قَالَ: دخلت على المُعْتَضِد، وعلى رأسه أحداث صباح الوجوه روم، فنظرت إليهم، فرآني المُعْتَضِد أتأملهم، فَلَمَّا أردت القيام أشار إليَّ ثُمَّ قَالَ: أيها القاضي، والله ما حللت سروالي على حرامٍ قط. ودخلتُ مرة، فدفع إليَّ كتابا، فنظرت فيه، فَإِذَا قد جمع له فيه الرخص من ذَلِكَ العلماء، فقلت: مصنف هذا زنذيق. فَقَالَ: ألم تصح هذه الأحاديث؟ قُلْتُ: بلى، ولكن من أباح المُسكر لم يبح المُتعة، ومن أباح المتعة لم يُبح الغناء، وما من عالم إِلا له زلة، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه، فأمر بالكتاب فأُحرق. وَقَالَ أبو علي المحسن التنوخي: بلغني عن المُعْتَضِد أَنَّهُ كان جالسًا في بيتٍ يُبنى له، فرأى في جملتهم أسود منكر الخلقة يصعد على السلالم درجتين درجتين، ويحمل ضعفا ما يحملونه، فأنكر أمره، فأحضره وسأله عن سبب ذَلِكَ، فتلجلج. وكلمه ابن حمدون فيه وقال: من هَذَا حَتَّى صرفت فكرك إليه؟ قَالَ: قد وقع في خلدي أمر ما أحسبه باطلًا. ثُمَّ أمر به فضرب مائة، وتهدد بالقتل ودعا بالنطع والسيف، فَقَالَ: لي الأمان؟ قَالَ: نعم. فَقَالَ: أنا أعمل في أتون الآجر، فأتى عَليّ منذ شهور رجل في وسطه هميان، فتبعته، فجلس بين الآجر ولا يعلم بي، فحل هميانه1 وأخرج دنانير، فوثبت عليه وسددت فاه، وكتفته وألقيته في الأتون، والدنانير معي يقوى بها قلبي.

_ 1 الهيمان: كيس النقود من جلد.

فاستحضرها فإذا على الهيمان اسم صاحبه، فأمر فنودي في البلد، فجاءت امرأة فَقَالَتْ: هُوَ زوجي، ولي منه طفل، فسلم الذهب إليها، وَهُوَ ألف دينار، وضرب عنق الأسود. قَالَ: وبلغني عن المُعْتَضِد أَنَّهُ قام في الليل فرأى بعض الغلمان المردان قد وثب على غلام أمرد، ثُمَّ دب على أربعة حَتَّى اندسّ بين الغلمان. فجاء المعتضد فوضع يده على فؤاد واحد واحد حَتَّى وضع يده على ذَلِكَ الفاعل، فَإِذَا به يخفق، فوكزه برجله فجلس، فقتله. قَالَ: وبلغنا عنه أَنَّ خادمًا له أتاه فأخبره أَنَّ صيادًا أخرج شبكته، وَهُوَ يراه، فثقلت، فجذبها، وَإِذَا فيها جراب، فظنه مالًا، ففتحه فإذا فِيهِ آجر، وبين الآجر يدٌ مخضوبة بحناء. وأحضر الْجُراب. فهال ذَلِكَ المُعْتَضِد، فأمر الصياد، فعاود طرح الشبكة، فخرج جرابٌ آخر فيه رجل. فَقَالَ: معي في بلدي من يقتل إنسانًا ويقطع أعضاءه ولا أعلم به؟ ما هَذَا مُلك. فلم يُفطر يومه، ثُمَّ أحضر ثقةً له وأعطاه الجراب وَقَالَ: طُف به على من يعمل الْجُرب ببغداد فسل لمن باعه. فغاب الرجل وجاء، فذكر أَنَّهُ عرف بائعه بسوق يَحْيَى، وأنه اشترى منه عطار جرابًا، فذهب إليه فَقَالَ: نعم، اشترى مني فلان الهاشمي عشرة جرب، وَهُوَ ظالم من أولاد المهدي. وذكر من أخباره إلى أن قَالَ: يكفيك أَنَّهُ كان يعشق جارية مغنية لإنسان، فاكتراها منه، وادعى أنها هربت. فَلَمَّا سَمِعَ المُعْتَضِد سجد لله شكرًا، وأحضر الهاشمي، فأخرج إليه اليد والرجل، فامتقع لونه واعترف. فأمر المُعْتَضِد بدفع ثمن الجارية إلى صاحبها، ثُمَّ سجن الهاشمي. ويقال: إنه قتله. قَالَ التنوخي: وثنا أبو محمد بن سُلَيْمَان: حَدَّثَنِي أبو جَعْفَر بن حمدون؛ حَدَّثَنِي عبد الله بن أَحْمَد بن حمدون قَالَ: كنت قد حلفت لا أعقد مالًا من القمار، ومهما حصل صرفته في ثمن شمع أو نبيذ أَوْ خدر مغنية. فقمرت المُعْتَضِد يومًا سبعين ألفًا، فنهض يصلي سنة العصر، فجلست أفكر أندم

على اليمين، فَلَمَّا سلّم قَالَ: في أي شيء فكرت؟ فما زال بي حَتَّى أخبرته. فَقَالَ: وعندك أني أعطيك سبعين ألفًا في القمار؟ قلت له: فتضعوا؟ قَالَ: نعم، قم ولا تفكر في هَذَا. ثُمَّ قام يصلي، فندمت ولُمت نفسي لكوني أعلمته، فَلَمَّا فرغ من صلاته قَالَ: أصدقني على الفكر الثاني؛ فصدقته. فَقَالَ: أما القمار فقد قُلْتُ إني ضغوت، ولكن أهب لك من مالي سبعين ألفًا. فقبلت يده وقبضت المال. وَقَالَ ابن المحسن التنوخي، عن أبيه: رأيت المُعْتَضِد وعليه قباء اصفر، وكنت صبيًا، وكان خرج إلى قتال وصيف بطرسوس. وعن خفيف السَّمَرْقَنْدِيّ قَالَ: خرجت مع المُعْتَضِد للصيد، وقد انقطع عنا العسكر، فخرج علينا أسد فَقَالَ: يا خفيف أفيك خير؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: ولا تُمسك فرسي؟ قُلْتُ: بلى. فنزل وتحزم وسل سيفه وقصد الأسد، فقصده الأسد، فتلقاه المُعْتَضِد بسيفه قطع يده، فتشاغل الأسد بها، فضربه ففلق هامته، ومسح بسيفه في صوفته وركب. قَالَ: وصحبته إلى أن مات، فما سمعته يذكر ذَلِكَ لقلة احتفاله بما صنع. قُلْتُ: وكان المُعْتَضِد يبخل ويجمع المال، وقد ولي حرب الزنج وظفر بهم، وفي أيامه سكنت الفتن لفرط هيبته. وكان غلامه بدر على شرطته، وعبيد الله بن سُلَيْمَان على وزارته، وَمحمد بن سياه على حرسه، وكانت أيامه أيامًا طيبة كثيرة الأمن والرخاء. وكان قد أسقط المكوس، ونشر العدل، ورفع الظلم عن الرعية. وكان يُسمى السفاح الثاني، لأنه جدد ملك بني العَبَّاس، وكان قد خلق وضعف وكاد يزول. وكان في اضطراب من وقت موت المتوكل. وبلغنا أَنَّهُ أنشأ قصرًا أنفق عليه أربعمائة ألف دينار. وكان مزاجه قد تغير من كثرة إفراطه في الجماع وعدم الحمية بحيث أَنَّهُ أكل في علته زيتونًا وسمكًا. ومن عجيب ما ذكر المسعودي إن صح قَالَ: شكوا في موت المُعْتَضِد، فقدم

الطبيب فجس نبضه، ففتح عينه ورفس الطبيب برجله فدحاه أذرعًا، فمات الطبيب، ثُمَّ مات المُعْتَضِد من ساعته. وعن وصيف الخادم قَالَ: سَمِعْتُ المُعْتَضِد يَقُولُ عند موته: تَمَتَّع من الدُّنْيَا فَإِنَّك لا تبقى ... وَخُذْ صفوها ما إن صفت ودع الرَّنْقا ولا تأمننَّ الدَّهْر إني أمنتُهُ ... فلم يُبق لي حالًا ولم يَرْع لي حقّا قتلت صناديدَ الرِّجال فلم أدَعْ ... عدوًا ولم أُمهل على ظِنة خلقا وأخليت دور الملك من كل بازل ... وشتتتهم غربًا ومزَّقْتُهم شرقا فَلَمَّا بلغتُ النَّجم عِزًّا ورِفعةً ... ودانت رقابُ الخلقِ أجمعٍ لي رقّا رماني الرَّدَى سهمًا فأخمد جمرتي ... فها أنذا في حُفْرتي عاجلًا مُلْقى فأفسدت ديني ودُنْيَاي سفاهةً ... فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى فيا ليت شعري بعد موتي ما أرى ... إلى نعمة الله أم ناره ألقى وَقَالَ الصولي: ومن شعر المُعْتَضِد: يا لاحظي بالفتور والدعج ... وقاتلي بالدلال والغنج أشكو إليك الذي لقيت من الـ ... ـوجد فهل لي إليك من فرج حللت بالظرف والجمال من النْـ ... ـنَاس محل العيون والمهج ذكر المُعْتَضِد من تاريخ الخطبي: قَالَ: كان أبو العَبَّاس محبوسًا، فَلَمَّا اشتدت علة أبيه الموفق عمد غلمان أبي العَبَّاس فأخرجوه بلا إذن، فأدخلوه عليه، فَلَمَّا رآه أيقن بالموت. قَالَ: فبلغني أَنَّهُ قَالَ: لهذا اليوم خبأتك، وفوض الأمور إليه. وضم إليه، وخلع عليه قبل موته بثلاثة أيام. قَالَ: وكان أبو العَبَّاس شهما جلدًا رجلًا بازلًا، موصوفًا بالرجولة والجزالة، قد لقي الحروب وعُرف فضله، فقام بالأمر أحسن قيام، وهابه النَّاس ورهبوه أعظم رهبة. وعقد له المعتمد العقد أَنَّهُ مكان أبيه، وأجرى أمره عَلَى ما كَانَ أَبُوهُ الموفق

بالله، ورسم في ذَلِكَ، ودعي له بولاية العهد على المنابر، وجعل المعتمد ولده جميعًا تحت يد أبي العَبَّاس، ثُمَّ جلس المعتمد مجلسًا عامًا، أشهد فيه على نفسه بخلع ولده المفوض إلى الله من ولاية العهد، وإفراد المُعْتَضِد أبي العَبَّاس بالعهود في المحرّم سنة تسعٍ وسبعين، وَتُوُفِّي في رجب من السنة يعني المعتمد فَقِيلَ إِنَّهُ غُمّ في بساط حَتَّى مات. قَالَ: وكانت خلافة المعتضد تسع سنين وتسعة أشهر وأيامًا، وكان أسمر نحيفًا، معتدل الخلق، أقنى الأنف، إلى الطول ما هُوَ، في مقدم لحيته امتداد، وفي مقدم رأسه شامة بيضاء، تعلوه هيبة شديدة، رأيته في خلافته. وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن عرفة: تُوُفِّي المُعْتَضِد يوم الإثنين لثمانٍ بقين من ربيع الآخر سنة تسعٍ وثمانين، ودفن في حجرة الرُّخام، وصلى عليه يوسف بن يعقوب القاضي. قُلْتُ: بويع بعده ابنه المُكْتَفِي بالله بن أَحْمَد، وأبطل كثيرًا من مظالم أبيه؛ ورثاه الأمير بن المعتز الهاشمي بهذه الأبيات. يا ساكنَ القبرِ في غبراءَ مُظلمةٍ ... بالظَّاهرية مُقْصى الدار مُنْفردا أين الجيوش التي كنت تسحبُها ... أين الكنوزُ التي أحصيتُها عددا أين السريرُ الذي قد كنت تملؤُه ... مَهَابةً مَنْ رأتْهُ عينُهُ ارْتَعَدا أين الأعادي الأُولي ذلّلْتَ مَصْعَبهم ... أين اللُّيُوثُ التي صَيَّرتَها نقدًا أين الجياد التي حجَّلتها بدمٍ ... وكنَّ يحملن منك الضَّيغم الأسدا أين الرِّماح التي غذَّيْتها مُهَجًا ... مُذْ مِتَّ ما وردت قلبا ولا كبدا أين الجنان التي تجري جَدَاولُها ... ويستجيب إليها الطائر الغردا أين الوصائفُ كالغزلان رائحةً ... نُسِجَتْ من حُلَلِ مَوْشِيّةٍ جُدُدا أين الملاهي وأين الراح تحسبها ... ياقوتةً كُسيت من فِضَّةٍ زردا أين الْوُثُوبُ إلى الأعداء مُبْتَغيًا ... صلاح مُلك بني العَبَّاس إذ فسدا ما زالت تقسر منهم كل قَسْوَرَةٍ ... وتَخْبطُ العالي الجبار معتمدا ثم انقضيت فلا عين ولا أثر ... حَتَّى كأنك يومًا لم تكن أحدا

47- أَحْمَد بن عبد العزيز المَوْصِليّ شُقلاق. عن: عاصم بن عَليّ، وخلف البزاز. أخذ عن خلف كتاب القراءات، وبقي إلى بعد الثمانين. ذكره يزيد بن محمد في تاريخه. 48- أَحْمَد بن عبد الوهاب الحوْطي. يُقَالُ: تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. وقد ذكر في الطبقة الماضية. 49- أحمد بن عبد القاهر بن العنبري اللَّخْمي الدِّمَشْقِيّ1. شيخ لا يُعرف. روى عن: منبه بن عُثْمَان. وعنه: الطَّبَرَانيّ. لم يُعرّفه ابن عساكر إِلا بهذا. 50- أَحْمَد بن عطية. عن: محمد بن مقابل، وسجّادة، وطبقتهما. وعنه: مُكرم بن أَحْمَد القاضي. 51- أَحْمَد بن عُثْمَان2. أبو عبد الرحمن النَّسَائِيُّ. من أقران مصنّف السنن. سَمِعَ بمصر والشام والعراق وخراسان من: قُتَيْبَة، وأبي مُصعب، وهشام بن عمار، وعيسى بن عباس، وطبقتهم.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 12". 2 الجرح والتعديل "1/ 63"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 390".

وعنه: أبو حامد بن الشرقي، وأبو عبد الله الأخرم، وَيَحْيَى بن منصور القاضي، وجماعة. وروى عنه القدماء: أبو بكر بن عاصم. قَالَ ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ منه وَهُوَ ثقة صدوق. وَقَالَ الحاكم: حدَّث بنيسابور سنة أربع وثمانين ومائتين. وقد روى الطَّبَرَانيّ، عن أَحْمَد بن عبد الرحمن بن بشار النَّسَائِيِّ: ثَنَا قُتَيْبَة فذكر حديثًا، وَهُوَ هُوَ إن شاء الله تعالى. 52- أَحْمَد بن عقبة بن مضرّس الأصبهاني1. نزيل الري. سمع: شيبان بن فروخ، وهُدبة بن خالد، وجماعة. وعنه: عبد الله بن فارس الأصبهاني. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وله ولد صالح عابد اسمه عُبَيْد الله، يروي عن الحَسَن بن عرفة. 53- أَحْمَد بن عَليّ الخزاز2. أبو جَعْفَر البغدادي المقرئ. سَمِعَ: هوذة بن خليفة، وشريح بن النُّعْمَان، وأُسيد بن زيد الجمال، وسعدويه، وَأَحْمَد بن يونس، وعاصم بن عَليّ، وطبقتهم. وعنه: ابن صاعد، وَجَعْفَر الخلدي، وابن السَّمَّاك، وأبو بكر الشافعي، وأحمد بن يوسف بن خلاد، وجماعة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. تُوُفِّي في المحرّم سنة ستٍّ وثمانين.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 99". 2 تاريخ بغداد "4/ 303"، غاية النهاية "1/ 86، 87".

وقد روى تلاوة عن هُبَيْرَة بن محمد التمار صاحب حفص الغاضري. حمل عنه الحروف: ابن مجاهد، وابن شَنَّبُوذ، وأحمد بن عجلان. وقد مرّ لنا: أَحْمَد بن عَليّ الخزاز الدِّمَشْقِيّ. كان ببغداد بعد الستين ومائتين. 54- أَحْمَد بن عللة الجوهري المَرْوَزِيّ. أبو العَبَّاس، والد عُمَر. سَمِعَ يَحْيَى بن يَحْيَى، وابن راهَوَيْه، والعُرني. سَمِعَ بالشام والحجاز. وعنه: ابنه عُمَر، وَإِبْرَاهِيم بن محمد السُّكَّري، وَمحمد بن سُلَيْمَان بن فارس، وغيرهم. واسم أبيه: عَليّ. 55- أَحْمَد بن عَليّ بن سهل بن عيسى بن نوح المَرْوَزِيّ ثُمَّ الدوري1. حدّث بمصر عن: عُبَيْد الله القواريري، وعَليِّ بن الْجَعْد، وَيَحْيَى بن معين، وخلف بن هشام البزار، وطائفة. وعنه: أبو يعقوب إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الأذْرعي، وعبد الله بْن جعفر بْن الورد، وأحمد بن إبراهيم بن الحداد، وغيرهم. 56- أَحْمَد بن عَليّ بن الحَسَن بن جابر البربهاري2. أبو العَبَّاس. سَمِعَ: عفان، وعاصم بن عَليّ، وَمحمد بن سابق، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 303، 304". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 118"، تاريخ بغداد "4/ 304".

وعنه: عبد الصمد الطستي، وابن قانع، وعثمان بن محمد، وأبو أَحْمَد العسال، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. وثّقه الخطيب. 57- أَحْمَد بن عَليّ بن مُسْلِم1. أبو العَبَّاس الأبار الحَافِظ. نزل بغداد وحدّث عن: مسدد، وأُمية بن بسطام، وعَليِّ بن الْجَعْد، وشيبان بن فرُّوخ، ودحيم، وهشام بن عمار، وَمحمد بن المنهال، وخلق، بالشام والعراق وخراسان. وعنه: ابن صاعد، ودعلج، والنجاد، وأبو سهل بن زياد، وأبو بكر بن أَحْمَد بن جَعْفَر القطيعي، وخلق. قَالَ الخطيب: كان ثقة حافظًا متقنًا، حسن المذهب. تُوُفِّي يوم نصف شعبان سنة تسعين. وَقَالَ أبو سهل: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: بايعت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ على إقامة الصَّلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المُنكر. وَقَالَ جَعْفَر الخلدي: كان أَحْمَد الأبار من أزهد النَّاس. استأذن أمّه في الرحلة إلى قُتَيْبَة فلم تأذن، ثُمَّ ماتت، فخرج إلى خُرَاسَان، ثُمَّ وصل إلى بلْخ وقد مات قُتَيْبَة. وكانوا يعزّونه على هَذَا فَقَالَ: هَذَا ثمرة العلم، لأني اخترتُ رضى الوالدة. قَالَ أَحْمَد بن جَعْفَر بن سلم: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كنت بالأهواز، فرأيت رجلًا قد حفّ شاربه، وأظنه قد اشترى كُتُبًا، وتعيّن للفتوى، فذُكر له أصحاب الحديث فَقَالَ: ليسوا بشيء، وليس يسوُون شيئًا. فَقُلْتُ: أَنْتَ لا تُحسن تُصلي. قَالَ: أنا؟ قُلْتُ: نعم؛ أيش تحفظ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا افتتحت ورفعت يديك؟ فسكت.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 306، 307"، طبقات الحنابلة "1/ 52"، سير أعلام النبلاء "13/ 443، 444".

فَقُلْتُ: أيش تحفظ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سجدتَ؟ فسكت. فَقُلْتُ: ألم أقل لك إِنَّك لا تحسن الصَّلاة؟ أَنْتَ إنما قِيلَ لك تُصلي الغداة ركعتين، والظهر أربعًا، فالزم ذَلِكَ خيرٌ لك من أن تذكر أصحاب الحديث. قُلْتُ: وله تاريخ وتصانيف. 58- أَحْمَد بن عَمْرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخْلد بن مُسْلِم1. القاضي أبو بكر الشيباني الحَافِظ الزاهد الفقيه، قاضي إصبهان بعد صالح ابن الإمام أَحْمَد. ولد في حياة جده، ولم يدرك السماع منه. وَسَمِعَ: أبا الوليد الطيالسي، وعمر بن مرزوق، وَمحمد بن كثير، وأبا سلمة التبوذكي، وَهُوَ جده لأمه، وأبا عَمْرو الحوضي، وهدبة بن خالد، والأزرق بن عَليّ، وأبا كامل الجحدري، وهشام بن عمار، ودحيمًا، وخلقًا كثيرًا بالبصرة، والكوفة، وبغداد، ودمشق، وحمص، والحجاز، والنواحي. وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبو العَبَّاس أَحْمَد بن بُنْدَار الشعار، وَأَحْمَد بن جَعْفَر معبد، وأبو الشيخ الحَافِظ، وَمحمد بن إِسْحَاق بن أيوب، وعبد الرحمن بن محمد سياه، وَمحمد بن أَحْمَد الكسائي، والقاضي أبو أَحْمَد العسال، وطائفة. وَقَالَ ابن أبي حاتم: صدوق. قُلْتُ: صنف كتابًا حافلًا في السنن، وقع لنا عنده كُتُب صغار منه. وكان فقيهًا إمامًا يُفتي بظاهر الأثر. وله قدمٌ في العبادة والورع والعلم. وقد ولي قضاء إصبهان ستة عشرة سنة، ثُمَّ صرف لشر وقع بينه وبين عَليّ بن متُّويه، وكانت كُتُبُه قد ذهبت بالبصرة في فتنة الزّنْج، وَقَالَ: لم يبق لي شيءٌ من كُتُبي، فأعدتُ من ظهر قلبي خمسين ألف حديث، كنتُ أمرُّ إلى دُكان بقال، فأكتب بضوء سراجه، ثُمَّ ذكرت أني لم أستأذن، فذهبت إلى البحر، فغسلت ما كتبت، ثُمَّ أعدته ثانيًا.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 67"، ذكر أخبار أصبهان "1/ 100، 101"، البداية والنهاية "11/ 84"، شذرات الذهب "2/ 195".

هَذَا الكلام رواه أبو الشيخ في تاريخه، عن ولده عبد الرزاق، عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه محمد بْن أَحْمَد الكسائي، عن أبي عاصم. وروى أبو الشيخ، عن ابنه، عن أَحْمَد بن محمد بن عاصم، عنه قَالَ: وصلَ إليَّ من دراهم القضاء زيادة على أربعمائة ألف درهم، لا يحاسبني الله يوم القيامة أني شربت منها شربة ماء. وعن محمد بن جَعْفَر الصوفي قَالَ: سَمِعْتُ الحكيمي يَقُولُ: ذُكر عند أبي ليلى الديلمي أَنَّ أبا بكر بن أبي عاصم ناصبي، فبعث غلامًا بسيف ومِخلاة وَقَالَ: ائتني برأسه، فجاء الغلام وأبو بكر يروي الحديث فَقَالَ: أمرني أن أحمل إليه رأسك. قَالَ: فنام على قفاه، ووضع الكتاب على وجهه وَقَالَ: افعل ما شئت، فلحقه آخر فَقَالَ: أمرك الأمير أن لا تقتله. فقعد أبو بكر ورجع إلى الحديث، فعجب النَّاس منه، رواها ابن عساكر في تاريخه. وَقَالَ محمد بن أَحْمَد الكسائي: كنت جالسًا عند أبي بكر، فَقَالَ رجل: أيها القاضي، بلغنا أَنَّ ثلاثة كانوا بالبادية يقلبون الرمل، فَقَالَ أحدهم: اللهم إِنَّك قادر على أن تطعمنا خبيصًا على لون هذه الرمال، فَإِذَا هم بأعرابي بيده طبق، فوضعه بين أيديهم، خبيص حارٌ. فَقَالَ ابن أبي عاصم: قد كان ذَلِكَ. قَالَ الكسائي: كان الثلاثة: هُوَ، وعثمان بن صخر الزاهد أستاذ أبي تُراب النخشبي، وأبو تُراب. وكان أبو بكر هُوَ الذي دعا. قَالَ الكسائي: رأيت أبا بكر فيما يرى النائم، كَأَنَّهُ يصلي من قعود، فسلمت، فرد عَليّ، فَقُلْتُ: أَنْتَ أَحْمَد بن عَمْرو؟ قَالَ: نعم. قُلْتُ: ما فعل الله بك؟ قَالَ: يُؤنسني ربي. قُلْتُ: يؤنسك ربُّك؟ قَالَ: نعم. فشهقت شهقةً فانتبهت. وَقَالَ ابن الأعرابي في طبقات النُّسّاك: وأمّا ابن أبي عاصم فسمعت من يذكر أَنَّهُ

كان يحفظ لشقيق البلخي ألف مسالة، وكان من حفاظ الحديث والفقه، وكان مذهبه بالظاهر ونفي القياس. وقد ولي قضاء إصبهان. وَقَالَ أبو نُعَيْم الحَافِظ: ابن أبي عاصم من ذُهل بن شَيْبَان، كان فقيهًا ظاهري المذهب، ولي القضاء بإصبهان ست عشرة سنة، أَوْ قيل ثلاث عشرة سنة، بعد وفاة صالح. تُوُفِّي في ربيع الآخر سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 59- أَحْمَد بن عَمْرو1. أبو جَعْفَر الفارسي الوراق المُقعد. طوَّف وَسَمِعَ: هُدبة بن خالد، وشيبان بن فرُّوخ، وجماعة. وسكن دمشق. روى عنه: خَيْثَمَة، وعَليُّ بن أبي العقب، وأبو عَليّ بن محمد بن هارون. وبقي إلى بعد الثمانين. وثّقه خَيْثَمَة. 60- أَحْمَد بن عيسى2. أبو سعيد الخراز البغدادي العارف. شيخ الصوفية. حدث عن: إِبْرَاهِيم بن بشار صاحب إِبْرَاهِيم بن أدهم، وعن: محمد بن منصور الطُّوسي. وعنه: عَليّ بن محمد الواعظ المصري، وأبو محمد الحريري، وعَليُّ بن حفص الرازي، وَمحمد بن عَليّ الكتاني، وجماعة. وصَحِب السري السّقطي؛ وأخذ عن ذي النون.

_ 1 تاريخ دمشق "84"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 419". 2 حلية الأولياء "10/ 246-249"، تهذيب الكمال "1/ 330"، سير أعلام النبلاء "13/ 419-422".

وَيُقَال: إِنَّهُ أول من تكلم في علم الفناء والبقاء. وَقَالَ أبو الْقَاسِم عُثْمَان بن مردان النهاوندي: أول ما لقيت أبا سَعِيد الخراز سنة اثنتين وسبعين ومائتين، فصحبته أربع عشرة سنة. وَقَالَ: وَتُوُفِّي سنة ست وثمانين. وعن غيره: إن أبا سَعِيد إمام تُوُفِّي سنة سبعْ وسبعين. قَالَ السلمي: أبو سَعِيد إمام القوم في كل فنٍ من علومهم، له في بادئ أمره عجائب، فَلَمَّا مات ظهرت بركاته عليه وعلى من صحبه، وَهُوَ أحسن القوم كلامًا خلا الْجُنيْد، فإنه الإمام. وَقَالَ أبو الْقَاسِم القشيري: صحب ذا النون، والنّباجي، والسَّريّ، وَبِشْرًا. قَالَ: ومن كلامه: باطنٌ يخالف ظاهرًا فَهُوَ باطل. وَقَالَ أبو بكر الطرسوسي: أبو سَعِيد الخراز قمر الصوفية. وعن أبي سَعِيد قَالَ: أوائل الأمر التوبة، ثُمَّ ينتقل إلى مقام الخوف، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام الرجاء، ثُمَّ منه إلى مقام الصالحين، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام المريدين، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام المُطيعين، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام المحبين، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام المشتاقين، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام الأولياء، ثُمَّ ينتقل منه إلى مقام المقربين. وَقَالَ السلمي: أنكر على أبي سَعِيد أهل مصر وكفّروه بألفاظه، فإنه قَالَ في كتاب السر فَإِذَا قِيلَ لأحدهم: ما تقول؟ قال: الله؛ وإذا تكلم قال: الله؛ وإذا نظر قال: الله؛ فلو تكلمت جوارحه قال: الله. وعن الْجُنيْد قَالَ: لو طالبنا الله بحقيقة ما عليه أبو سَعِيد الخراز هلكنا. فَقِيلَ لإبراهيم بن شَيْبَان: وأيش كان حاله؟ قَالَ: كذا وكذا سنة يخرزُ، ما فاته الحق بين الخرزتين. وعن المرتعش قَالَ: الخلق عيالٌ على أبي سَعِيد إِذَا تكلم في الحقائق. وَقَالَ محمد بن عَليّ الكتاني: سَمِعْتُ أبا سَعِيد الخراز يَقُولُ: من ظن أَنَّهُ ببذل المجهود يضل فمُتَعَنِّي، ومن ظن أَنَّهُ بغير بذل المجهود وصل فمُتَمَني.

رواها السلمي، وأبو حاتم العبدري، والماليني، عن محمد بن عبد الله الرازي، عن الكسائي. وله ترجمة مطولة في تاريخ دمشق، رحمه الله تعالى. 61- أحمد بن عيسى بن هامان1. أبو جَعْفَر الرازي الجوّال. حدَّث سنة تسع وثمانين بإصبهان. عن: هشام بن عمار، ودُحيم، وعبد العزيز بن يَحْيَى المدني، وأبو غسان زُنيْج. وعنه: مُكرَم بن أَحْمَد القاضي، وأبو الشيخ الحافظ، وعبد الرحمن محمد بن أَحْمَد سياه، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق الشعار. وله غرائب. 62- أَحْمَد بن عيسى بن الشيخ2. صاحب ديار بكر وآمد، كان المعتز بالله استعمله عليها، فَلَمَّا مات المعتز استولى ابن الشيخ على ناحيته، وامتدت أيامه، وقام بعده ابنه محمد. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 63- أَحْمَد بن الغمر بن أبي حَمَّاد الحمصي3. روى عن: إِبْرَاهِيم بن المنذر، وَمحمد بن السري، وسليمان ابن بنت شُرَحْبِيل، وَسَعِيد بن نُصير. وعنه: ابن جوصا، وَخَيْثَمَة، وأبو يعقوب الأذرعي، وَمحمد بن أَحْمَد بن حَمْدَان الرَّسعَني، وآخرون. 64- أَحْمَد بن فارس البُوشَنْجي. عن: عُتبة بن عبد الله الهروي، وعلي بن حجر، وغيرهما. توفي سنة أربع وثمانين.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 11، 12". 2 تاريخ الطبري "10/ 31، 33، 68"، البداية والنهاية "11/ 78". 3 حلية الأولياء "10/ 132"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 434".

65- أَحْمَد بن اللَّيْث بن منصور الأَنْمَاطِيُّ1. نزل الكوفة. وَسَمِعَ: أَحْمَد بن إبراهيم الدورقي، وعباس بن يزيد البَحْراني. وعنه: عبد الله بن يَحْيَى الطلحي، وأبو بكر بن أبي دارم. حدَّث سنة289. 66- أَحْمَد بن محمد البغدادي. رجلان، أحدهما أبو بكر. عن: جُنادة بن المُغلس. وعنه: أبو بكر الشافعي. والآخر: 67- أبو الحَسَن سبط محمد بن حاتم. عن هُدبة. وعنه: ابن مخلد. ماتا في سنة اثنتين وثمانين. وأمّا ابن قانع فَقَالَ: مات سبط محمد بن حاتم بن ميمون في سنة خمسٍ وثمانين. يروي عنه: أبو جَعْفَر العُقيلي. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: هُوَ ثقة نبيل، يروي عن يمان بن حرب، والعُرني. 68- أَحْمَد بن محمد بن حميد البغدادي المقرئ المخضوب2. أبو جَعْفَر الملقب بالفيل لعظم خلقه. قرأ على: عُمَر بن الصباح؛ وعلى: يحيى بن هاشم السمسار، عن حمزة. أخذ عنه: ابن مجاهد، وَأَحْمَد بن خلف، ووكيع، وحماد.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 359". 2 تاريخ بغداد "4/ 436، 437".

وقد روى عن: عاصم بن عَليّ، وأبي بلال الأشعري، وغيرهما. وعنه: عبد الصمد الطستي، وابن قانع. تُوُفِّي سنة ست وثمانين ومائتين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. 69- أَحْمَد بن محمد بن سالم1 أبو حامد السالمي النَّيْسَابُوري. عن: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بن إِسْحَاق الصبغي الفقيه. تُوُفِّي سنة ست أيضا. 70- أحمد بن محمد بن الشاه البزاز2. عن: منصور بن أبي مزاحم، وَيَحْيَى بن معين. وعنه: ابن صاعد، والطستي. تُوُفِّي سنة سبع وثمانين ومائتين. ثقة، يروي عن طائفة. 71- أَحْمَد بن محمد بن عبد القادر الإسكندراني. صاحب نُعَيْم بن حَمَّاد. تُوُفِّي سنة خمس أيضا. 72- أحمد بن محمد بن الصلت الضرير3. حدث بمصر عن: عَليّ بن الْجَعْد، وغيره. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وأهل مصر. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين ومائتين.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 23". 2 تاريخ بغداد "5/ 31". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 20"، تاريخ بغداد "5/ 33".

73- أَحْمَد بن محمد بن عاصم بن يزيد الرازي1. أبو بكر. عن: إبراهيم بن الحجاج السامي، وأبي الربيع الزهراني، وعَليِّ بن الْمَدِينِيِّ، وحرملة، وقتيبة بن سَعِيد، وابنه محمد. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. وعنه: أبو جَعْفَر العُقيلي، وأبو أحمد العسال. 74- أَحْمَد بن يَحْيَى بن حمزة2. أبو عبد الله الحضرمي البَتَلْهي. عن: أبي مُسهر، وعَليِّ بن عَيَّاش، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بن محمد بن عُمارة، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة تسعٍ أَيْضًا. وكان ضعيفًا. قَالَ أبو أَحْمَد الحاكم: ثَنَا عنه أبو الجهْم بن طلاب بأحاديث بواطيل. 75- أَحْمَد بن محمد بن بكير النَّيْسَابُوري الوراق القصير3. عن: داود بن رُشيد، ودُحيم، والطبقة. ورحل إلى الشام والعراق. وعنه: أبو بكر بن مجاهد، وعثمان بن السَّمَّاك، وجماعة. وثّقه الخطيب. وَتُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين.

_ 1 تاريخ الطبري "9/ 201"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 60". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 8"، المغني في الضعفاء "1/ 58"، لسان الميزان "1/ 295". 3 تاريخ بغداد "4/ 399، 400"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 454".

76- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن جُنَيد1. أبو بكر البغدادي الفقيه، صاحب أبي ثَوْر. كان أحد الفقهاء المستورين في وقته. تُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة خمسٍ وثمانين. 77- أَحْمَد بْن محمد بْن سُلَيْمَان2. أبو الحَسَن البغدادي العلاف. سَمِعَ: طالوت بن عبّاد، وهشام بن عمّار. وعنه: القاضي الأشْناني، وَإسْمَاعِيل بن عُلية الخطْبي، وآخرون. تُوُفِّي سنة خمسٍ أَيْضًا. 78- أَحْمَد بن محمد بن صاعد3. مولى بني هاشم. أخو الحافظ يَحْيَى، ويوسف. سَمِعَ: عبد الله بن عون الخزاز، وأبا بكر بن أبي شَيْبَة. وعنه: الحُسَيْن بن صفوان البردعي، وأبو بكر بن خلاد النصيبي. وليس بالقوي، قاله الدَّارَقُطْنيّ. وقوّاه الخطيب. 79- أَحْمَد بن محمد بن صَعْصَعَة البغدادي4. عن: منصور بن أبي مزاحم. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرَانيّ، وابن قانع، وَمحمد بن عَمْرو العُقيلي، والطستي. وأكبر شيخ له عبد الله بن صالح العجلي.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 245". 2 تاريخ بغداد "5/ 23، 24". 3 تاريخ بغداد "5/ 35، 36". 4 أخبار القضاة لوكيع "3/ 93، 104، 118"، تاريخ بغداد "5/ 36".

80- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمار. أبو حامد النيسابوري المسلمي. سَمِعَ: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وجماعة. وعنه: يَحْيَى بن محمد العُنْبري، وَمحمد بن صالح بن هانئ. 81- أَحْمَد بن محمد بن الصلت1. أبو عبد الله البغدادي الضرير. سكن مصر وحدّث عن: عَليّ بن الْجَعْد، وَمحمد بن زياد الكلبي. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وغيره. تُوُفِّي سنة تسعْ وثمانين ظنًّا. 82- أحمد بن محمد بن مُظَفَّر2. عن أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وسُريج بن يونس. وعنه: أبو بكر نجاد، والشافعي، وآخرون. وكان ثقة. 83- أَحْمَد بن محمد بن أبي موسى3. الفقيه أبو بكر الأنطاكي. عن: هشام بن عمار، وابن أبي الحواري، وَمحمد بن زَنْبور، وعبيد بن هشام الحلبي، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بن عُتبة الرازي، وأبو بكر النّقّاش، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وابن مجاهد المقرئ، وآخرون. حدَّث بمصر والشام.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 20". 2 تاريخ بغداد "5/ 98". 3 المعجم الصغير "1/ 13"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 80، 81".

84- أحمد بن المبارك1. أبو عمرو المُسْتَمْلِي النَّيْسَابُوري الزاهد المُجاب الدعوة. ويُعرف بحمكويه. قَالَ الحاكم: كان مُجاب الدَّعوة وراهب عصره. سَمِعَ: قُتَيْبَة، ويزيد بن صالح، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، والقواريري، وسُريج بن يونس، وأبا مُصعب الزُّهري، وسهل بن عُثْمَان العسكري، وخلْقًا كثيرًا. وكتب الكثير. روى عنه: أبو عُمَرو أَحْمَد بن نصر، وَجَعْفَر بن محمد بن سوَّار، وأبو عُثْمَان سَعِيد بن إسْمَاعِيل الزاهد، وأبو عَمْرو أَحْمَد بن محمد الجيزي، وأبو حامد بن الشرقي، وزنجويه بن محمد، ومشائخنا. ثَنَا محمد بن صالح: أنا أبو عَمْرو فذكر حديثًا. وثنا محمد بن صالح قَالَ: كنا عند أبي عَمْرو المُسْتَمْلِي، فسمع جلبةً فَقَالَ: ما هَذَا؟ قَالُوا: أَحْمَد بن عبد الله، يعني الخُجُسْتاني في عسكره. فَقَالَ: اللهم مزِّق بطنه. قَالَ: فما تم الأسبوع حَتَّى قُتل. سَمِعْتُ عَليّ بن محمد الفامي يَقُولُ: حضرت مجلس أبي عُثْمَان الزاهد، ودخل أبو عَمْرو المُسْتَمْلِي وعليه أثواب رثّة، فبكي أبو عُثْمَان، فَلَمَّا كان يوم مجلس الذّكر قَالَ: دخل عَليّ رجل من مشائخ العلم، فاشتغل قلبي برثاثة حاله، ولولا أنّي أُجلّه عن تسميته في هَذَا الموضع لسمَّيته. قال: فرمى الناس بالخواتم والدراهم والثياب. فقام أبو عَمْرو على رؤوس النَّاس وَقَالَ: أنا الذي ذكرني أبو عُثْمَان، ولولا أني كرهت أن يتهم غيري لسكت، ثم أخذ جميع ذَلِكَ وحمله معه. فما بلغ باب الجامع إلا وقد وهب للفقراء جميع ذلك.

_ 1 المنتظم "5/ 173"، سير أعلام النبلاء "13/ 373-375"، البداية والنهاية "11/ 77، 78".

أول ما استملى أبو عَمْرو سنة ثمانٍ وعشرين، وقد استملى على جماعة عاشوا بعده، وَسَمِعْتُ أبا بكر بن إِسْحَاق الضُّبَعيّ يَقُولُ: كان أبو عمرو يصوم النهار ويحيي الليل. وَأَخْبَرَنِي غير واحد: يَقُولُ أبو بكر إن الليلة التي قُتل فيها أَحْمَد بن عبد الله صلّى أبو عَمْرو صلاة العتمة. ثُمَّ صلى طول الليل وَهُوَ يدعو بصوتٍ عالٍ: اللهم شُقّ بطنه، اللهم شُقّ بطنه. قُلْتُ: وروى عنه أَيْضًا محمد بن يعقوب الأخرم، وأبو الطيب بن المبارك، وَمحمد بن داود الزاهد. ومات في جُمَادَى الآخرة سنة أربعٍ وثمانين. 85- أَحْمَد بن مجاهد1. أبو جَعْفَر الْمَدِينِيُّ. عن: أبي بكر، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وعبد الله بن عُمَر بن أبان. وعنه: أَحْمَد بن إِسْحَاق الشعار، والطَّبَرَانيّ، والأصبهانيون. تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 86- أَحْمَد بن محمود بن مقاتل بن صُبيح2. أبو الحَسَن الهَرَويّ الفقيه. حَدَّثَ ببغداد عن: شَيْبَان بن فرّوخ، وعبد الأعلى بن حَمَّاد، وخلْق. 87- أَحْمَد بن مروان3. أبو الرضا الأندلسي القُرْطُبيّ. سَمِعَ: يَحْيَى بن يحيى، وعبد الملك بن حبيب، وسعيد بن حسان، وجماعة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 65"، ذكر أخبار أصبهان "1/ 108". 2 ذكر أصبهان "1/ 129"، تاريخ بغداد "5/ 156"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 91". 3 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 25".

وكان حافظًا للفقه والحديث. روى عنه: محمد بن قاسم، وغيره. وَقِيلَ: إِنَّهُ هُوَ الذي ألف المستخرجة للعُتْبي. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 88- أَحْمَد بن الْمُعَلَّى بن يزيد1. أبو بكر الأسدي الدِّمَشْقِيّ خَتَن دُحَيْم. عن: صفوان بن صالح، وهشام بن عمار، وَدُحَيْم، وَأَحْمَد بن أبي الحواري، وجماعة. وناب في قضاء دمشق عن أبي زُرْعَة محمد بن عُثْمَان. روى عنه: ن. وَخَيْثَمَة، وعَليُّ بن أبي العقب، وأبو الميمون راشد والطَّبَرَانيّ، وآخرون. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 89- أَحْمَد بن منصور بن حبيب المروذي2. أبو بكر الخُصيب. عن: عفان. وعنه: الحسن بن محمد شُعبة الأنصاري، وَإسْمَاعِيل الخَطْبي. 90- أَحْمَد بن مهران اليزدي الأصبهاني الزاهد3. عن: عبد الله بن موسى، وخالد بن مخلد، وخُنيس بن بكر بن خنيس، وإسماعيل بن عمرو البجلي.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "26"، حلية الأولياء "9/ 366"، تهذيب الكمال "1/ 485-487"، تهذيب التهذيب "1/ 80، 81". 2 تاريخ بغداد "5/ 153". 3 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 95".

وعنه: سَعِيد بن يعقوب، وأبو بكر المنكدري، وَمحمد بن جمعة الكِرماني، وآخرون. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. وَقِيلَ: سنة اثنتين وثمانين. وَهُوَ أَحْمَد بن مهران بن خالد، أبو جَعْفَر. 91- أَحْمَد بن أبي عمران موسى القنطري الخياط1. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وعفان. وعنه: محمد بن العَبَّاس بن نجيح، وأبو بكر الشافعي. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 92- أَحْمَد بن موسى بن يزيد السامي البَصْرِيّ2. سَمِعَ: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيم. وعنه: الطَّبَرَانيّ. لا أعرفه بعد. 93- أَحْمَد بن موسى بن إِسْحَاق3. أبو جَعْفَر التميمي الكوفي الحمّار البزار. تُوُفِّي في رمضان سنة ست وثمانين. روى عن: أبي نُعَيْم، وقُطبة بن العلاء، وعَليِّ بن ثابت، والدهقان، وَالحَسَن بن الربيع. ومات سنة خمس وثمانين. قلت: سنة ست على الصحيح.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 142، 143". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 52". 3 الثقات لابن حبان "8/ 53".

94- أَحْمَد بن مِيثَم بن أبي نُعَيْم الفضل بن دكين الكوفي1. سَمِعَ من: جده، وعبيد الله بن موسى، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معروف، وأهل الكوفة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. وكان من أجلاء الشيعة وكبارهم. له مصنفات عندهم. 95- أَحْمَد بن نصر بن حميد2. أبو بكر الوازع البزاز. حدث ببغداد عن: محمد بن أبان الواسطي، وغيره. وعنه: أبو سهل القطان، وابن نجيح. وكان صدوقًا سمّاه بعضهم محمد. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. 96- أَحْمَد بن النّضر بن بحر3. أبو جَعْفَر العسكري المقرئ، نزيل الرّقّة. قرأ على: هشام بن عمار؛ وذكر أبو بكر النّقّاش أَنَّهُ قرأ عليه. وحدّث ببغداد عن: سَعِيد بن حفص النُّفَيْلِيِّ، وهشام بن مُصفّى، وجماعة. وعنه: أبو جَعْفَر العُقيلي، وَإسْمَاعِيل الخَطبي، وعبد الباقي بن قانع والطَّبَرَانيّ. قَالَ ابن المنادى: وكان من ثقات النَّاس. تُوُفِّي بالرّقّة في ذي الحجة سنة تسعين ومائتين. 97- أحمد بن وازن. الفقيه أبو جعفر الصواف صاحب سحنون.

_ 1 المجروحين لابن حبان "1/ 148، 149"، ميزان الاعتدال "1/ 639"، لسان الميزان "1/ 316". 2 تاريخ بغداد "5/ 181". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 32"، تاريخ بغداد "5/ 185، 186"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 107".

كان إمامًا عالمًا عاملا كبير القدر. يُقَالُ: كان مُستجاب الدّعوة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين، وله تسعٌ وثمانون سنة رحمه الله. 98- أَحْمَد بن حمزة الثقفي الأصبهاني1. عن: الحُسَيْن بن حفص، وَمحمد بن أبان العَنْبَريّ. وعنه: عبد الله بن محمود خال أبي الشيخ، وَمحمد بن أَحْمَد الكسائي المقرئ، وغيرهما. تُوُفِّي سنة اثنتين أَيْضًا. 99- أَحْمَد بن يَحْيَى بن نصر2. الأصبهاني العسال. عن: هُدْبة بن خالد، وَعَمْرو بن رافع القَزْويني، وإبراهيم بن يعقوب الْجَوْزَجَانيّ، ونصر الجهْضمي، وطائفة. وكان واسع الرحلة. روى عنه: أبو الشيخ، وعبد الرحمن بن محمد المذكّر، وَأَحْمَد بن بُنْدَار الشعار. وَقَالَ أبو الشيخ: ثقة. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 100- أَحْمَد بن يزيد السِّجِسْتَاني3. حَدَّثَ ببغداد عن: الحَسَن بن سوار. وعنه: الطَّبَرَانيّ. 101- أَحْمَد بن أبي العلاء البغدادي المغني. ورّخه النِّفْطوي في سنة أربعٍ وثمانين فَقَالَ: يُقَالُ إِنَّهُ مات على بطن جارية له،

_ 1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 97". 2 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 102". 3 المعجم الصغير "33".

ورُفع خبره إلى المُعْتَضِد وَأَنَّهُ خلّف أربعة وعشرين ألف دينار، وسبعمائة ثوب، وغير ذَلِكَ، وكان واحد دهره في الغناء. كان فردًا في صناعته لا يُقاس به أحد، ومنْ رأى إليه نظيرًا فقد ظلمه. 102- أَحْمَد بن يَحْيَى1. أبو جَعْفَر السَّوطي. عن: أبي عون، وعفان، وَأَحْمَد بن يونس. وعنه: هبة الله بن محمد الفراء، وأبو علي محمد بن يوسف بن المعتمر البَصْرِيّ. وَقِيلَ: هُوَ أَحْمَد بن محمد بن يَحْيَى السوطي شيخ الطَّبَرَانيّ. 103- أَحْمَد بن يَحْيَى2. أبو سَعِيد الخُوَارَزْمِي. روى عن: أَحْمَد بن نصر الفرّاء، وَمحمد بن عبد الله بن قُهزاد. وعنه: أَحْمَد بن بنجاب، والطَّبَرَانيّ، وغيرهما. فيه ضعف. 104- إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد3. أبو إِسْحَاق الأصبهاني النقاش المقرئ. قرأ على: محمد بن عيسى مقرئ إصبهان. وروى عن: أبي الوليد الطيالسي، وأبي عمرو الحوضي، وجماعة. توفي سنة إحدى وثمانين ومائتين. 105- أحمد بن يحيى بن مهنا4.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 58". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 29"، تاريخ بغداد "5/ 204". 3 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 187". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 42"، تاريخ بغداد "5/ 212".

أبو بكر الأزدي. عن: بشر بن الوليد، وإسحاق بن أبي إسرائيل. وعنه: الطستي، والطبراني، وجماعة. 106- إبراهيم بن أحمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب1. أبو إسحاق التميمي الأغلبي أمير القيروان وابن أُمرائها، ولي الإمرة سنة إحدى وستين ومائتين، وكان عادلا سائسا حازما صارما، كانت التجارة تسير من مصر إلى سبتة لا تُعَارض ولا تُرّوع، ابتنى الحصون والمحارس على سواحل البحر، بحيث كانت توقد النيران في لَيْلَةٍ واحدة من سبتة إلى الإسكندرية؛ حَتَّى يُقَالُ: كان بأرض المغرب من بنائه وبناء آبائه ثلاثون ألف حصانًا، وهذا شيء لم يسمع بمثله لملك. وقد قصد سوسة وعمل لهم سوارًا؛ وأقام في المُلك بضعًا وعشرين سنة. وقد دُونت سيرته وأيامه وعدله وبذله وجوده، وكان مصدقًا للعدل وإنصاف الرعية، معتنيًا بذلك. فَقِيلَ إن امرأة تاجر اتصل خبرُ جمالها بوزيره، فأرسل الوزير إليها فأبت، فكلف بها، وبثّ أمره إلى عجوزٍ تغشاه، وكانت حظّية عند الأمير إِبْرَاهِيم وعند أمه يتبرّكون بها، ويطلبون منها الدُّعاء؛ فَقَالَتْ: أنا أقضي الشُّغل. وقصدت المرأة فدقَّت بابها، ففتحت لها الجارية، وكانت العجوز مشهورة في البلد، فتلقتها المرأة وقبّلت يدها، وقدّمت لها شيئًا. فَقَالَتْ: أنا على نيّة، ويكون وقتًا آخر. وإنما أصابت إزاري نجاسة فأريد غسلها. فأحضرت الطست والصابون، وغسّلت طرفه بنفسها. وقامت العجوز تصلّى حَتَّى نشف ولبسته وذهبت. ثُمَّ تردّدت إليها وتأكدت المعرفة، فَقَالَتْ لها: عندي يتيمة أريد عرسها الليلة، فإن خف عليك تعيريها حليك؟ قَالَتْ: يا حبّذا. وأعطتها حُقّ الحلي. فانصرفت. وجاءت بعد أيام فَقَالَتْ: يا أمي وأين الحلي؟ قَالَتْ: عبرت إلى فلان وَهُوَ معي، فَلَمَّا علم أَنَّهُ لك أخذه مني وحلف أن لا يسلمّه إِلا إليك. قَالَتْ: لا تفعلي.

_ 1 الولاة والقضاة للكندي "222"، سير أعلام النبلاء "13/ 487-489".

قَالَتْ: هَذَا الذي تم. ومضت، فاشتد على المرأة البلاء، وبقيت تتقلى. فَلَمَّا دخل زوجها رأى الضُّرّ في وجهها، فسألها فأعلمته القصة، فاشتد بلاؤه، ثُمَّ أنهى أمره إلى الأمير إِبْرَاهِيم، وقصّ عليه القصة، فتغيّر لِذَلِكَ، وَقَالَ: أكتُم هَذَا، وائتني بعد يومين. ثُمَّ دخل إلى أمه، وطلب منها العجوز، فحضرت، فاحترمها ووانسها، ووضع رأسه في حجرها، وأخذ يتمسّح بها، وأخذ خاتمها وجعل يقلّبه ويشاغلها، ودعا خادمًا وكلّمه بالصَّقْلبية: امضي إلى دار العجوز، وقل لبنتها: أمك تَقُولُ لك: هاتي حُقّ الحلي، فقد طلبت أم الأمير أن تعمل لها مثله، وَهَذَا خاتمها. فمضى الخادم، وجاء لوقته بالحُقّ. فنظر الأمير فيه فوجده كما وصف الرجل، وتغيّرت العجوز واعترفت، فطلب الفئوس والمجارف وحفر في الحال حفرة، فألقيت العجوز فيها، وصاحت أمه، فقال: لئن لم تسكني لأُلحقنك بها، تُدخلين إلى قصري قوّادة! وجاء الرجل للموعد، فأعطاه الحق وزاده من حلي أهله، وَقَالَ: ما منعني من معاجلة الوزير إِلا خوف شُهرة أهلك، وأنا أفكر في هلاكه بوجه. ثُمَّ قتله بعد قليل. وعن بعضهم قَالَ: قدمت سجلماسة لألحق الرفقة إلى مصر، وكان معي ثلاثة ألاف دينار، فخرجت من القَيْرُوَان مسرعًا حَتَّى دخلت قابس، فَلَمَّا سرت عنها فرسخًا لقيني سبعة فوراس، فأنزلوني، فأخذوا الخرج، وقتلوا الغلام، وأضجعوني للذبح، فتضرعت إليهم وَقُلْتُ: غريب ولا أعرفكم فأطلبكم، وقد أخذتم الذهب، وخلفي أطفال، فأطلقوني لله. وبكيت، فأطلقوني، فرجعت إلى قابس، فما عرفت بها أحدًا، فذهبت إلى القَيْرُوَان راجلًا عُريانًا، فأتيت صديقًا لي، فأصلح شأني وَقَالَ: أعْلِم الأمير. فقصدناه وَهُوَ جالس للناس، فقصصت عليه شأني، فتنمر، وأمرني بالجلوس، ثُمَّ رأيته يأمر وينهى، فَلَمَّا قام أمر بعض الخدم فأدخلني القصر، وبعث إليَّ طعامًا، ثُمَّ نمت، ثُمَّ طلبني قبل العصر إلى رَوْشَنة، ودعا أمير الجيش فَقَالَ: هل وجّهت إلى طرابلس بخيل؟ قَالَ: نعم، سبعة فوارس وقد عادوا. قَالَ: فطلبهم وَقَالَ: من تعرف من هَؤُلاءِ فعرّفني به؟ فَقُلْتُ: هَذَا منه، إلى أن جمع السبعة.

فأخذهم بالرّغبة والرّهبة فأنكروا، ففُرِّقوا في بيوت، وجيء بالسياط وضُربوا مفرَّقين، ثُمَّ دار بنفسه عليهم، وبقي يَقُولُ للواحد: قد اعترف صاحبك بعد ما هلك، فلا تحوج نفسك إلى ما حل به، فأقروا وأحضروا الخرج والبغلة والثياب، لم تنقص سوى سبعة دنانير. فأتمها إِبْرَاهِيم من ماله، وأعطاني غلامًا، وخفرني بناسٍ إلى طرابلس، فَلَمَّا عبرنا على الموضع الذي أخذت فيه وجدت السبعة فوارس على الخشب، والكلاب تأكل من أقدامهم. وَقِيلَ إنه جاءه برجلٍ، في يده سكين، وثيابه ملطخة بالدماء، فقال: ما لهذا؟ قالوا: أبونا لصلاة الصُّبح، فوُجد في الطريق مذبوحًا، وَهَذَا قائمٌ عنده هكذا. فَقَالَ: أقتلت؟ قَالَ: نعم. قَالَ: اذهبوا به فاقتلوه. وَقَالَ: إن اخترتم أن أودي عنه الديةَ، وأوليكم شيئًا فعلت. قَالُوا: ما نريد إِلا القصاص. وراحوا به، فَلَمَّا هموا بقتله برز رجل من الحلقة وَقَالَ: والله ما هَذَا قتله، وأنا قتلته. فرجعوا به، فأقرّ عند الأمير، فَقَالَ لِذَلِكَ: وما الذي ألجأك إلى الإقرار؟ قَالَ: أصلح الله الأمير، عبرت فوجدت أبوهم يضطرب والسكين في نحره، فخطر لي أنني إن أزلت السكين من نحره ربما سلم. فأزلتها فمات والسكين في يدي، والدم على ثوبي، فرأيت الإقرار أولى من العذاب بالضّرب والمُثلة. فَقَالَ الأمير: وَهَذَا أيضًا إن أخذتم أخذ الدية وأن أوّليكم فعلت. قَالُوا: ما نريد إِلا القود. ثم راحوا ليقتلوه، فبدرهم من الحلقة وَقَالَ: والله ما قتله الأول ولا الثاني، وما قتله إِلا أنا. فردوا إلى الأمير، وزاد التعجُّب، فَقَالَ: لِذَلِكَ: أقتلته؟ قَالَ: لا والله. قَالَ: فما أحوجك إلى الإقرار؟ قَالَ: إني كنت في شبابي مسرفًا على نفسي،

وقد قتلت جماعة ثُمَّ تُبْتُ ورجعت إلى الله، وكنت في غرفةٍ لي، فأخرجت رأسي فرأيت الشيخ قد أضجعه رجل وذبحه وهرب، فجاء ذَلِكَ وأنا أنظر، فأزال السكين، فأمسكوه، وأنا أعلم براءته، فَلَمَّا قبل بالقتل سمحت نفسي بالقتل، عسى أن يُغفر لي ما مضى. فسأل الثالث فأقرّ، وأبدى أسبابًا عُرف بها أَنَّهُ قاتله. وَقَالَ: لَمَّا رأيت هَذَا وهو برئ قد فدى بنفسه ذاك الأول. قُلْتُ: أنا أولى من أداء حقٍّ وجبَ عَليّ. فَقَالَ الأمير: إن اخترتم أخذتم الدية والولاية أَيْضًا. قَالُوا: لا نفعل. فَلَمَّا ذهبوا ليقتلوه ودارت الحلقة قَالُوا: اللهم إنّا عفونا عنه لا لما بذله الأمير من الدية والولاية، ولكن لوجهك خالصًا. وَقِيلَ إنَّ الأمير إِبْرَاهِيم خرج يومًا إلى نُزهة، فقدّم إليه رجل قصة وَقَالَ: إجلالك أيها الأمير منعني أن أذكر حاجتي، وإذا في القصة: إنني عشقت جارية وتيّمني حبُّها، فَقَالَ مولاها: لا أبيعها بأقل من خمسين دينارًا. فنظرت في كل ما أملكه فَإِذَا هُوَ ثلاثون دينارًا، فإن رأى الأمير النظر في أمري. فأطلق له مائة دينار. فسمع به آخر، فتعرّض له الآخر وَقَالَ: أعزّ الله الأمير، إني عاشق. قَالَ: فما الذي تجد؟ قَالَ: حرارة ولهيبًا. قَالَ: اغمره في الماء مرات حَتَّى يمّر ما بقلبه. ففعلوا به ذَلِكَ فصاح، فَقَالَ: ما فعلت الحرارة؟ قَالَ: ذهبت والله وصار مكانها برد. فضحك وأمر له بثلاثين دينارًا. وكان طبيبه إِسْحَاق بن عمران الإسرائيلي بارعًا في الطِّب، مشهورًا، وهو صاحب طرايف.

وكان المعتمد أنفذ إسحاق من بغداد، وكان إبراهيم يجزل عطاياه، وكان إِسْحَاق يُعجب بنفسه ويُسيء أدبه على إِبْرَاهِيم وَيَقُولُ: بعد مجالسة الخلفاء صرت إلى ما أنا فيه. فلما أكثر عليه أمر بفصده في الأكحلين من ذراعيه إلى أن كاد يهلك، ثُمَّ رقّ له وَقَالَ: يمكنك إن تسدّ رمقك؟ قَالَ: نعم، تشد المواضع، وتعجل لي بشرائح مشوية أمتصها. ففعل وسَلِم. وتمادى على طباعه، فأمر بقتله، فَقَالَ: والله إنَّ مزاحك ليقضي بأن يصيبك من الخلط السودائي ما يعجز عنه حذّاق الأطباء، ويُحتاج إليَّ. فقتله وصلبه، فبقي حَتَّى عشش الخذا في جوفه. وهاج بإِبْرَاهِيم كما قَالَ خلط سودائي، فقتل فيه جماعة من إخوته وأهله وبناته. ثُمَّ أفاق وأظهر التوبة، ورد المظالم، وفرق الأموال والصدقات في سنة ثمانٍ وثمانين. فظهر فيها أبو عبد الله الشيعي، فنفذ لحربه ابنه الأحوال في اثنى عشر ألفًا، فالتقى هُوَ وأبو عبد الله، فهزمه أبو عبد الله، ثُمَّ جرت بينهما حروب، ثم هزم أبو عبد الله ووصل الأحوال إلى تاهرت فحرّقها، وهدم قصر أبي عبد الله، وحرّق مسيلة وساق ذراريه، ثُمَّ ردّ إلى إفريقية لَمَّا بلغه توجُّه أبيه إلى الجهاد. ونفذ إبراهيم إلى ابنه أمير صقلية يأمره بولاية ولده زيادة الله على صقلية، وأن يسير إليه، ففعل. فَلَمَّا قدم عليه ولاه إفريقية، وكتب له العهد، وأحضر قاضي عيسى بن مسكين، وكان من الصالحين، فاستشاره، فأمره برد المظالم، فكشفت الدواوين من يوم ولايته، وكل من كانت له مظلمة رُدّت عليه. وعزم على الحجّ على طريق الإسكندرية، ونودي بذلك ليجمع بين الحجّ والجهاد، وليفتح ما بقي بها من حصون. وخرج إلى سوسة بجيشه في أول سنة تسعٍ وثمانين، فدخلها وعليه فَرْو مرقَّع في زي الزُّهاد، وأخرج المال، وأعطى الفارس عشرين دينارًا، والراجل عشرة دنانير. ووصلت سفن الأسطول طرابلس، واجتمعت العساكر وفيهم ولده أبو اللَّيْث، وولد ولده أبي مُضر بن أبي العَبَّاس، وأخوه معد. وافتتح حصونها. ثُمَّ نزل على طبرمين وافتتحها عنوةً. ثُمَّ لحقه زلق الأمعاء، وأخذه فواق، فمات رحمه الله في تاسع ذي القِعْدَة سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. فرجع الجيش به إلى صقلية، فدُفن بها في قُبّة. وقام بالأمر بعده أبو العَبَّاس عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد المُتوفَّى سنة تسعين.

107- إِبْرَاهِيم بن أحمد بن عُمَر الوكيعي الفَرَضي الضرير1. سَمِعَ: شَيْبَان بن فَرُّوخ، وأباه أَحْمَد بن عُمَر الوكيعي، وعبيد الله بن معاذ، وطائفة. ولم يكن ببغداد في زمانه أعلم بالفرائض منه. روى عنه: أبو سهل بن زياد، وابن قانع، والطَّبَرَانيّ، وجماعة. ومات سنة تسع وثمانين. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 108- إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد بن مروان الواسطي2. حَدَّثَ ببغداد عن: هُدبة بن خالد، وجُبارة بن المُغلّس، وجماعة. وعنه: عبد الصمد الطَّسْتِيّ، وعثمان بن بِشْر السَّقطي. وحدث في سنة خمس وثمانين ومائتين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. 109- إِبْرَاهِيم بن إسحاق بن إِبْرَاهِيم الثقفي3. مولاهم أبو إِسْحَاق، أخو الحَافِظ أبي العَبَّاس، وَإسْمَاعِيل، وَهُوَ نيسابوري. نزل بغداد وحدّث عن: يَحْيَى بن يَحْيَى، ويزيد بن صالح الفرا، وأحمد بن حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى الحماني، وطائفة. وعنه: أخوه أبو العَبَّاس، وَأَحْمَد بن المنادي، وأبو سهل القطان، وأبو بكر الشافعي، وآخرون. وكان أَحْمَد بن حَنْبَلٍ يأنس به ويُفطر عنده وينبسط في منزله. وثّقه الدارقطني. وَتُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين، وَهُوَ معدود في أصحاب الإمام أحمد.

_ 1 أخبار القضاة لوكيع "6/ 26، 27"، تاريخ بغداد "6/ 5، 6". 2 تاريخ بغداد "6/ 5". 3 تاريخ بغداد "6/ 26، 27"، المنتظم لابن الجوزي "5/ 162، 163"، البداية والنهاية "11/ 74".

110- إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن بشير1. أبو إِسْحَاق الحربي الفقيه الحَافِظ أحد الأعلام. وُلد سنة ثمانٍ وتسعين ومائة. وطلب العلم بضع عشر، فسمع: هَوْذة بن خليفة، وأبا نُعَيْم، وَعَمْرو بْن مرزوق، وعبد الله بْن صالح العِجلي، وعاصم بن عَليّ، وعفان، وأبا عَمْرو الحَوْضي، وأبا سَلَمَةَ التبوذكي، ومسدد بن مُسرْهد، وأبا عُبَيْد الْقَاسِم بن سلام، وَشُعَيْب بن محرز. وتفقه على الإمام أَحْمَد وحمل عنه الكثير، وكان من نُجباء أصحابه. وروى عنه: ابن صاعد، وعثمان بن السَّمَّاك، وأبو بكر النَّجَّاد، وأبو بكر الشافعي، وعمر بن جَعْفَر الخُتُّليّ، وعبد الرحمن بن العَبَّاس المخلِّص، وخلق آخرهم موتًا أبو بكر القطيعي. قَالَ الخطيب: كان إمامًا في العلم، رأسًا في الزُّهد، عارفًا بالفقه، بصيرًا بالأحكام، حافظًا للحديث، مميزًا لعلله، قيمًا بالأدب، جمَّاعة للُّغة. صنّف غريب الحديث وكُتبًا كثيرة. أصله من مرو. وَقَالَ القفطي في "تاريخ النُّحاة": كان رأسًا في الزهد، عارفًا بالمذاهب، بصيرًا بالحديث حافظًا له، له في اللغة كتاب "غريب الحديث"، وَهُوَ من أنفس الكُتُب وأكبرها في هَذَا النَّوع. قَالَ ابن جهضم، وَهُوَ ضعيف: ثَنَا الخلدي، ثنا أحمد بن عبد الله بن ماهان: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق يَقُولُ: أجمع عقلاء كل أمه أَنَّهُ من لم يجر مع القدر لم يتهنَّ بعيشه. وكان يَقُولُ: قميصي أنظف قميص، وإزاري أوسخ إزار. ما حدثت نفسي أن أصلحها، ولا شكوت إلى أهلي وأقاربي حُمى أجدها. لا يغم الرجل نفسه وعياله. ولي عشر سنين أنظر بفرد عين ما أخبرت به أحدًا. وأفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفين، إن جاءتني بهما أمي أَوْ أختي، وإلا بقيت جائعًا إلى الليلة الثانية.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 89"، ميزان الاعتدال "3/ 138"، سير أعلام النبلاء "13/ 356، 372".

وأفنيت ثلاثين سنة برغيف في اليوم والليلة، إن جاءتني امرأتي أَوِ ابنتي به، وإلا بقيت جائعًا. والآن آكل نصف رغيف أَوْ أربعة عشرة تمرة، وقام إفطاري في رمضان هَذَا بدرهمٍ ودانقين ونصف. وَقَالَ أبو الْقَاسِم بن بُكير: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم الحربي يَقُولُ: ما كنا نعرف من هذه الأطبخة شيئًا. كنتُ أجيء من عشي إلى عشي، وقدّمت لي أمي باذنجانة مشويةً، أَوْ لعقة بُنٍّ، أَوْ باقة فجل. وَقَالَ أبو عُمَر الزاهد: سَمِعْتُ ثعلب يَقُولُ غير مرة: ما فقدت إِبْرَاهِيم الحربي من مجلس لغة أَوْ نحو من خمسين سنة. قَالَ الخطيب: أنا محمد بن جَعْفَر بن غيلان: أنا عيسى بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بْن عُمَر بْن عَبْد الملك بْن عبد العزيز بن جُرَيْح الطُّوماري قَالَ: جئت إلى إِبْرَاهِيم الحربي وقد فاتني حديث، فأخذته وجئت به إليه فَقُلْتُ: فاتني هَذَا. قَالَ: ضعه على رأسك. ففعلت، وكان إلى جنبه محمد بن خلف وكيع، فَقَالَ له: يا سيدي، هذا من ولد ابن جريج. فأدناني ثُمَّ قَالَ: أنا محمد بن منصور، أنا عفان، ثُمَّ قَالَ لوكيع: لو قُلْتُ لك: نا عفان من أين كنت تعلم؟ فَقَالَ رجل: يا أبا إِسْحَاق، لو قُلْتُ فيما لم تسمع: سَمِعْتُ، ما حوَّل الله هذه الوجوه إليك. قَالَ محمد بن أيوب العُكْبَري: سَمِعْتُ الحربي يَقُولُ: ما تروّحت ولا رُوّحت قط، ولا أكلت من شيءٍ في يومٍ مرتين. قَالَ أبو الحَسَن بن شمعون: قَالَ أَحْمَد بن سُلَيْمَان القطيعي: أضقت إضاقةً، فأتيت إبراهيم لأبثه، فَقَالَ لي: لا يضيق صدرك، فإن الله من وراء المعونة، فإني أضقت مرة حَتَّى انتهى أمري إلى الإضافة إلى عدم عيالي قوتهم. فَقَالَتِ الزوّجة: هب أني وإياك نصبر، فكيف بالصبيين؟ هات شيئًا من كُتُبك نبيعه أَوْ نرهنه، فضننت بذلك، وَقُلْتُ: أقترض غدًا. فَلَمَّا كان الليل دُقّ الباب فَقُلْتُ: من ذا؟ قَالَ: رجل من الجيران، أطفئ السَّرَّاج حَتَّى أدخل. فكببت شيئًا على السَّرَّاج، فدخل وترك شيئًا، فَإِذَا هُوَ منديل فيه أنواع من المآكل، وكاغد فيه خمسمائة درهم. فأنبهنا الصغار وأكلوا.

ثُمَّ من الغد، إِذَا جمّال يقود جملين، عليهما حملين وُرقًا، وَهُوَ يسأل عن منزلي، فَقَالَ: هذان الجملان أنفذهما لك رجل من خُرَاسَان، واستحلفني أن لا أقول من هُوَ. قلت: إسنادها فيه انقطاع. قَالَ الحَسَن بن فَهْم: لا ترى عيناك مثل الحربي، إمام الدُّنْيَا، لقد رأيت وجالست العلماء، فما رأيت رجلًا أكمل منه. وَقَالَ الحاكم: سَمِعْتُ محمد بن صالح القاضي يَقُولُ: لا نعلم أَنَّ بغداد أخرجت مثل إِبْرَاهِيم الحربي في الأدب، والفقه، والحديث، والزُّهد. قَالَتْ: يريد اجتماع الأربعة علوم. وَقَالَ أبو أيوب سُلَيْمَان بن الخليل: سَمِعْتُ الحربي يَقُولُ: في غريب الحديث ثلاثة وخمسون حديثًا ليس لها أصل. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: أبو إِسْحَاق الحربي إمام مصنف، عالم بكل شيء، بارع في كل علم، صدوق. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: كان يَقُولُ لي أبي: امض إلى إِبْرَاهِيم الحربي حَتَّى يُلقي عليك الفرائض. وَقَالَ أبو بكر الشافعي: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم الحربي يَقُولُ: عندي عن عَليّ بن الْمَدِينِيِّ قِمْطرٌ، ولا أُحدّث عنه بشيء لأني رأيته بالمغرب وبيده نعل مُبادرًا، فَقُلْتُ: إلى أين؟ قَالَ: ألحق الصَّلاة مع أبي عبد الله. قُلْتُ: من أبو عبد الله؟ قال: ابن أبي دؤاد. وقال أبو الحسن العتكي: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم الحربي يَقُولُ لجماعة عنده: من تُعدّون الغريب في زماننا؟ فَقَالَ واحد: الغريب من نأى عن وطنه. وَقَالَ آخر: الغريب من فارق أحبابه. وَقَالَ كل واحدٍ شيئًا، فَقَالَ: الغريب في زماننا رجل عاش بين قومٍ صالحين، إن أمر بالمعروف آزروه، وإن نهى عن منكر أعانوه، وإن احتاج إلى سبب من الدُّنْيَا مانوه، ثُمَّ ماتوا وتركوه.

وَقَالَ أبو الفضل الزُّهري، عن أبيه، عن الحربي قَالَ: ما أنشدتُ بيتًا قط، إِلا قرأت بعده: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ثلاث مرات. قَالَ السُّلمي: سألت الدَّارَقُطْنيّ عن إِبْرَاهِيم الحربي فَقَالَ: كان يُقاس بأحمد بن حَنْبَلٍ في زهده وعلمه وورعه. وَقَالَ غيره: سيَّر المُعْتَضِد إلى إِبْرَاهِيم الحربي عشرة آلاف، فردّها، فَقِيلَ له: فرِّقها. فأبى. ثُمَّ لَمَّا مرض سيَّر إليه المُعْتَضِد ألف دينار، فلم يقبلها. فخاصمته ابنته فَقَالَ: أتخشين إِذَا متُّ الفقر؟ قالت: نعم. وقال في تِلْكَ الزاوية اثنا عشر ألف جزء حديثية ولُغوية وغير ذَلِكَ، كتبتها بخطي، فبيعي منها كل يومٍ جزءًا بدرهم وأنفقيه. تُوُفِّي لسبعٍ بقين من ذي الحجة سنة خمسٍ وثمانين، وصلّى عليه يوسف القاضي. وكانت جنازته مشهودة. 111- إِبْرَاهِيم بن إسْمَاعِيل البغدادي السوطي1. عن: عفان. وعنه: عبد الله بن إِسْحَاق الخُرَاسَانِيّ، وأحمد بن عُثْمَان الآدمي. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وَهُوَ موثّق. 112- إِبْرَاهِيم بن إسْمَاعِيل2. أبو إِسْحَاق الطوسي العَنْبَريّ الحَافِظ الزاهد. ذكره الحاكم فَقَالَ: محدّث عصره بطُوس، وأزهدهم بعد محمد بن أسلم، وأخصهم بصُحبة محمد، وأكثرهم رحلة في الحديث. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَعَلِيَّ بن حُجر، وَمحمد بن

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 23، 24". 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 200، 201".

عَمْرو زُنيْج، وعبد الله القواريري، وهشام بن عمار، وقتيبة بن سَعِيد، وَإِبْرَاهِيم بن يوسف، وأبا مُصْعَب، وحرملة بن يَحْيَى، وخلقًا كثيرًا. قُلْتُ: سَمِعَ بخراسان، والعراق، والشام، والحجاز، ومصر، والجزيرة. روى عنه: أبو النضر الفقيه، وأبو الحَسَن بن زُهير، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وجماعة. قَالَ أبو نضر: كتبت عنه مسنده بخطي في مائتي وبضعة عشر جزءًا. قُلْتُ: هَذَا المُسْند يقرب من "مُسْند الإمام أَحْمَد" في الحجم. وقد ذكر هَذَا الرجل كمالُ الدين في "تاريخ حلب" أَيْضًا. ولا أعلم متى تُوُفِّي. 113- إِبْرَاهِيم بن الحُسَيْن1. أبو إِسْحَاق بن دَيْزيل الكسائي الهمداني الحَافِظ. يُلقب بدابة عفان، للزُومه له. ويُعرف بسيفنَّة، وَهُوَ اسم طائر بمصر، لا يقع على شجرة إِلا أكل ورقها حَتَّى يُعريها، وكذلك كان إبراهيم إِذَا قدم على شيخ لم يفارقه حَتَّى يكتب جميع حديثه، فشبّهوه به. سَمِعَ بالحجاز، والشام، ومصر، والعراق، والجبال. فسمع: أبا مُسهر، وأبا اليمان، وَعَلِيَّ بن عَيَّاش، وآدم بن أبي إياس بالشام وَسَمِعَ: أبا نُعَيْم وعفان ومسلم بن إِبْرَاهِيم وسليمان بن حرب بالعراق. و: نعيم بن حماد، وأصبغ، وطبقتهما بمصر. و: إسماعيل بن أبي أُويس، وعيسى بن مينا قالون بالحجاز. وعنه: أبو عوانة، وَأَحْمَد بن صالح البرجردي، وعمر بن حفص المُسْتَمْلِي، وَأَحْمَد بن هارون الزنجي، وعبد السلام بن عبديل، وعَليُّ بن حَمَّاد النَّيْسَابُوري، وَأَحْمَد بن مروان الدِّينَوَري، وعَليُّ بن إِبْرَاهِيم بن سَلَمَةَ القطان، وعبد الرحمن بن

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 184-192"، لسان الميزان "1/ 48، 49"، البداية والنهاية "11/ 71".

أَحْمَد الجلاب، وَمحمد بن عبد الله بن برزة الروذراوي، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق بن مُجاب الطبسي، وخلق. وكان يصوم يومًا ويُفطر يومًا، رحمه الله. سُئل الحاكم أبو عبد الله عنه، فَقَالَ: ثقة مأمون. وَقَالَ ابن خراش: صدوق اللهجة. وعن إِبْرَاهِيم بن ديْزيل قَالَ: إِذَا كان كتابي بيدي، وأحمد بن حَنْبَلٍ عن يميني، وَيَحْيَى بن معين عن يساري، ما أبالي؛ يعني لضبطه وجودة كُتُبه. وَقَالَ صالح بن أَحْمَد الحَافِظ: سَمِعْتُ أبي: سَمِعْتُ عَليّ بن عيسى يَقُولُ: إن الإسناد الذي يأتي به إبراهيم لو كان فيه أن لا يؤكل الخبز لوجب أن لا يؤكل، لصحة إسناده. وَقَالَ الحاكم: بلغني أَنَّهُ قَالَ: كتبت حديث أبي حمزة، عن ابن عَبَّاس، عن عفان، وسمعته منه أربعمائة مرة. وقال الْقَاسِم بن أبي صالح: سَمِعْتُ إبراهيم بن ديزيل يَقُولُ: قَالَ لي يَحْيَى بن معين: حدثْني بنسخة اللَّيْث، عن ابن عجلان، فإنها فاتتني على أبي صالح. فَقُلْتُ: ليس هَذَا وقته. قَالَ: متى يكون. قُلْتُ: إِذَا متُّ. وَقَالَ الْقَاسِم بن أبي صالح: جاء أيام الحج أبو بكر محمد بن أبي الفضل القُسطاني، وحُريش بن أحمد إلى إِبْرَاهِيم بن الحُسَيْن، فسألاه عن حديث الإفك، رواية الفروي، عن مالك، فحانت منه التفاتة، فَقَالَ له الزَّعْفَرَانِيّ: يا أبا إِسْحَاق تُحدّث الزنادقة؟ وقال: ومن الزنديق؟ قَالَ: هَذَا، قَالَ إن أبا حاتم لا يُحدّث حَتَّى يمتحن. فَقَالَ: أبو حاتم عندنا أمير المؤمنين في الحديث، والامتحان دين الخوارج، من حضر مجلسي فكان من أهل السنة، سَمِعَ ما تقرُّ به عينه؛ ومن كان من أهل البدعة يسمع ما سخن الله عينه.

فقاما، ولم يسمعا. وعن عَليّ بن عيسى قَالَ: وقد طول شيرويه الحَافِظ ترجمة ابن ديزيل وروى فيها بلا إسناد أَنَّهُ قَالَ: كتبت في بعض الليالي، فجلست كثيرًا، وكتبت ما لا أحصيه حَتَّى عييت، ثُمَّ خرجت أتأمل السماء، وكان أول الليل، فعدت إلى بيتي، وكتبت أَيْضًا حَتَّى عييت، ثُمَّ خرجت، فَإِذَا الوقت آخر الليل. فأتممت جُزئي وصليت الصُّبح، ثُمَّ حضرت عند تاجر يكتب حسابًا له، فورّخه يوم السبت. فَقُلْتُ: سبحان الله أليس اليوم الجمعة؟ فضحك وَقَالَ: لعلك لم تحضر أمس الجامع. قَالَ: فراجعت نفسي، فَإِذَا أنا قد كتبت لليلتين ويومًا. وَقَالَ الخليلي في شيوخ ابن سلمة القطان: كان يُسمى سيفنّة، لكثرة ما يكون في كمه من الحديث. قَالَ: كان يكون في كمّي خمسون جزءًا، في كل جزء ألف حديث، إلى أن قَالَ: وَهُوَ مشهور بالمعرفة بهذا الشأن. مات سنة سبعٍ وسبعين ومائتين. هكذا قَالَ قوم. وجاء عن عبد الله بن وهب الدِّينَوَري قَالَ: كنا نذاكر إِبْرَاهِيم بن الحُسَيْن فيذاكرنا بالقمطر، فنذكر حديثًا واحدًا، فيقول: عندي منه، قمطر، يعني طُرُقه وعلله واختلاف ألفاظه. قَالَ عَليّ بن الحُسَيْن الفلكي: تُوُفِّي في آخر شعبان سنة إحدى وثمانين ومائتين. 114- إِبْرَاهِيم بن سعدان الْمَدِينِيُّ الأصبهاني الكاتب1. أبو سَعِيد، آخر أصحاب بكر بْن بكار. وكان صدوقًا مشهورًا. روى عنه: أَحْمَد بن بُنْدَار، ومحمد بن إسحاق بن أيوب، وأبو الشيخ، وآخرون. توفي سنة أربع وثمانين ومائتين.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 186، 187".

إبراهيم بن سويد السامر. في الورقة الأخرى، وَهُوَ أبو محمد. 115- إِبْرَاهِيم بن صالح الشِّيرَازِيّ1. حَدَّثَ بمكة عن: حجاج بن نُصير الفساطيطي. وعنه: الطَّبَرَانيّ. 116- إِبْرَاهِيم بن عبد السلام2. أبو إِسْحَاق البغدادي الوشاء. نزيل مصر. سَمِعَ: أَحْمَد بن عبدة، وأبا كُريب محمد بن العلاء. وعنه: أبو بكر الشافعي، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة اثنتين. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. 117- إِبْرَاهِيم بن عبد العزيز بن صالح الصالحي3. عن: أبي سَعِيد الأشج، وغيره. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. وَهُوَ ثقة. 118- إِبْرَاهِيم بن فهد بن حكيم البَصْرِيّ الساجي4. عن: عُثْمَان بن الهيثم، وقرة بن حبيب، وأبي الوليد الطَّيَالِسِيّ، وأبو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيّ، وطائفة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 82". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 88"، تاريخ بغداد "6/ 136". 3 تاريخ بغداد "6/ 136، 137"، المنتظم "5/ 173، 174". 4 الثقات لابن حبان "8/ 86"، ميزان الاعتدال "1/ 53"، لسان الميزان "1/ 91، 92".

وعنه: أَحْمَد بن إبراهيم بن يوسف الأصبهاني، وعِصْمة الْبُخَارِيُّ، وطائفة. خرّجه ابن عَدِيّ. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 119- إِبْرَاهِيم بن قاسم بن هلال1. أبو إِسْحَاق القيسي الأندلسي القُرْطُبيّ. سَمِعَ: أباه، وسحنون بن سَعِيد، وغير واحد. وكان فقيهًا عابدًا. روى عنه: أَحْمَد بن خالد بن الحُباب، وغيره. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين أَيْضًا. قَالَ ابن يونس: روى عن يَحْيَى بن يَحْيَى. 120- إِبْرَاهِيم بن محمد بن سَلَمَةَ بن أبي فاطمة المرادي. أبو إِسْحَاق بن المحدّث أبي عبد الله المصري. سَمِعَ: عبد الله بن يوسف التِّنِّيسِي، والنضر بن عبد الجبار المرادي. تُوُفِّي في رمضان سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. 121- إِبْرَاهِيم بن محمد بن الصَّنْعَانيّ2. عن: عبد الرزاق. وَهُوَ أحد الأربعة الذين أدركهم الطَّبَرَانيّ من أصحاب عبد الرزاق. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 122- إِبْرَاهِيم بن محمد بن الهيثم3. أبو القاسم القطيعي.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 11"، جذوة المقتبس للحميدي "156". 2 المعجم الصغير "1/ 77". 3 تاريخ بغداد "6/ 154، 155".

عن: منصور بن أبي مزاحم، وَعَمْرو الناقد، وغيره. وعنه: المحاملي، والطَّسْتِيّ، وإسماعيل الخطبي. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 123- إِبْرَاهِيم بن محمد بن بكار بن الريان البغدادي1. عن: أبيه. وعنه: الطَّبَرَانيّ. 124- إِبْرَاهِيم بن محمد بن إسْمَاعِيل2. أبو إِسْحَاق المسمعي البَصْرِيّ. عن: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيم، وَعَمْرو بن مرزوق. وعنه: عبد الصمد الطَّسْتِيّ، وأبو بكر الشافعي. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. 125- إِبْرَاهِيم بن محمد بن سَعِيد بن هلال بن عاصم بن سَعِيد بن مسعود الثقفي الكوفي2. من رؤوس الشيعة. صاحب تصانيف. وجدّه عاصم هُوَ ابن عمّ المختار بن أبي عبيد، ذاك الكذاب، وولده سَعِيد قِيلَ له صحبة، وولي للإمام عَليّ. سكن صاحب الترجمة إصبهان، ويُكنّى أبا إِسْحَاق. بثَّ الرَّفض، وطلبه أهلُ قُمْ ليأخذوا عنه، فامتنع. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. ألَّف في المغازي، وخبر السَّقيفة، وكتاب الرِّدّة، ومقتل عُثْمَان، وكتاب الشورى،

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 479". 2 تاريخ بغداد "6/ 153". 3 معجم الأدباء "1/ 294-296"، لسان الميزان "2/ 102"، الأعلام "1/ 56".

وكتاب الجمل، والحكمين، وسيرة عَليّ، وكتاب المصرع، وكتاب الجامع الكبير في الفقه، وكتاب الإمامة، وكتاب أخبار عُمَر، وكتاب التفسير، وأشياء كثيرة. روى عنه أَحْمَد بن الأسود، وجماعة. 126- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُوَيْد1. أبو إِسْحَاق الشِبامي. وشِبام على مرحلتين من صنعاء اليمن. وُلد سنة تسعين ومائة. وَسَمِعَ من: عبد الرزاق. وعنه: محمد بن محمد بن حمزة البغدادي، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. وله ست وتسعون سنة. 127- إِبْرَاهِيم بن نصر2. أبو إِسْحَاق بن أبرول الجهني القُرْطُبيّ، ثُمَّ السرقسطي الحَافِظ. رحل في الحديث وَسَمِعَ: أبا الطاهر بن السَّرَّاج، والحارث بن مِسكين، وَمحمد بن بشار، ويونس بن عبد الأعلى، وخلْقًا من هذه الطبقة، وكان عالمًا بالحديث وعلله. روى عنه: ثابت بن حزم، وغيره، وَتُوُفِّي سنة سبعْ وثمانين. 128- إدريس بن جَعْفَر بن يزيد3. أبو محمد العطار. حَدَّثَ عن: يزيد بن هارون، وأبي بدر شجاع بن الوليد، وروح بن عُبادة، وغيرهم. وعنه: عُثْمَان بن السَّمَّاك، وَجَعْفَر بن محمد بن الحكم، وَإسْمَاعِيل الخطبي، والطَّبَرَانيّ، وغيرهم.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 79". 2 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 12"، جذوة المقتبس للحميدي "157، 158". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 103"، تاريخ بغداد "7/ 13، 214".

قَالَ الخطيب: حَدَّثَ عن أبي بدر خمسة أحاديث، ولا يعرف أصحابنا البغداديون لإدريس شيئًا مُسْندًا سوى هذه الأحاديث. وقد روى عنه الطَّبَرَانيّ أحاديث عدة. قَالَ: وروى شعبة بن الفضل الثعلبي عن إدريس حديثًا بمصر. قَالَ الخطيب: سألته عَن سنه فَقَالَ: مائة وست سنين. وقَالَ الدارقطني: متروك. قلت: سَمِعَ منه الطبراني فِي سنة ثمان وثمانين ومائتين. 129- إدريس بن يزيد1. أبو سُلَيْمَان البلخي النابلسي الضرير الشاعر. روى عن: أَحْمَد بن عبد العزيز الواسطي، عن عبد الرزاق خبرًا موضوعًا رواه أبو عُمَر بن مهدي، عن إسْمَاعِيل الصَّفَّار، عنه. وقد روى عنه: ابن المَرْزُبان، والصولي، وعمر بن الحَسَن، والأشناني القاضي، وَالحُسَيْن الكواكبي، وغيرهم. وَقَالَ الأشناني: أنشدنا أبو سُلَيْمَان الضرير: إِذَا كملت للمرء ستُّون حجَّة ... فلم يَحْظ بالستين إِلا بسدْسها ألم ترَ أَنَّ النّصف لِلَيْلٍ حاصلٍ ... وتذهب أيّام المقيل بخُمسها وتأخذ ساعات الهموم بحصةٍ ... وساعات أوجاع تُميتُ بحِسها فحاصلُ ما تبقى له سُدس عُمره ... إِذَا ما صدقت النّفسُ عن حُكم حَدْسِها قَالَ المَرْزُباني: تُوُفِّي بعد الثمانين ومائتين. 130- أزهر بن رستة2. أبو عبد الله الأصبهاني.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 340، 341". 2 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 237، 238".

سَمِعَ: محمد بن بكير، وسهل بن عُثْمَان، وسعدويه الأصبهاني. وعنه: أبو الشيخ، وعبد الرحمن بن محمد بن سياه. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 131- أسباط بن محمد بن عُبَيْد بن أسباط بن محمد القرشي الكوفي1. من أولاد الشيوخ. روى عن: أبي هشام الرفاعي، وغيره. ومات سنة إحدى وثمانين ومائتين. 132- إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن محمد بن حازم بن سنين الخُتُّليّ2. أبو الْقَاسِم نزيل بغداد. عن: عَليّ بن الْجَعْد، وأبي نصر التمار، وكامل بن طلحة، وهشام بن عمار، وداود بْن عمرو الضَّبِّيّ، وخلق كثير بالشام، والعراق، والجزيرة. وعنه: أبو جَعْفَر بن البَخْتَرِيّ، وأبو سهل القطان، وأبو عمرو الدقاق، وأبو بكر الشافعي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. قُلْتُ: تُوُفِّي في شوال سنة ثلاث وثمانين. وقد بلغ ثمانين سنة. وقع لنا من تأليفه "كتاب الدَّيباج" في جُزءين. 133- إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم البغدادي3. أبو الْقَاسِم بن الجبُّلي. وجبُّل من سواد العراق. سَمِعَ: منصور بن أبي مزاحم، وطبقته. قَالَ الخطيب: ولم يُحدّث إلا بشيء يسير، وكان يوصف بالحفظ.

_ 1 سنن الدارقطني "1/ 66". 2 تاريخ بغداد "6/ 381"، ميزان الاعتدال "1/ 85"، البداية والنهاية "11/ 74". 3 أخبار القضاة لوكيع "1/ 326"، تاريخ بغداد "6/ 378"، البداية والنهاية "11/ 71".

روى عنه: أبو سهل بن زياد. وَقَالَ ابن المنادي: أبو الْقَاسِم بن الْجَبُّلي كان في أكثر عمره بالجانب الشرقي. وكان بوجهه ويديه وضحٌ. وكان يُفتي النَّاس بالحديث، ويُذاكر ولا يُحدّث إلى أن مات. قَالَ: وكان موته لثمانٍ بقين من ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين، وصلّى عليه إِبْرَاهِيم الحربي. قُلْتُ: عاش سبعين سنة، وروى له الخطيب حديثًا. 134- إِسْحَاق بن إبراهيم الفرغاني1. ولقبه: جيش. حَدَّثَ سنة تسعٍ وثمانين ومائتين بدمشق. عن: محمد بن آدم المِصِّيصِيّ، وعبد الرحمن بن محمد بن سلام. وعنه: أَحْمَد بن محمد بن عمارة، وغيره. 135- إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عبّاد2. أبو يعقوب الدَّبَرِيُّ اليماني الصَّنْعَانيّ. سَمِعَ مصنّفات عبد الرزاق سنة عشرة باعتناء والده إِبْرَاهِيم، وكان صحيح السّماع. ومولده على ما ذكر الخليلي سنة خمسٍ وتسعين ومائة. روى عنه: أبو عوانة في صحيحه، وَخَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسيّ، وَمحمد بن عبد الله التقوي، وَمحمد بن محمد بن حمزة، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وجماعة. وَتُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين بصنعاء. قَالَ ابن عَدِيّ: استصغر في عبد الرزاق، أحضره أبوه عنده وَهُوَ صغير جدًا، فكان يَقُولُ: قرأنا على عبد الرزاق قراءة غيره؛ وحدّث عنه بأحاديث منكرة.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 433". 2 الكامل في الضعفاء لابن عدي "1/ 338"، لسان الميزان "1/ 349"، شذرات الذهب "2/ 190".

قُلْتُ: ساق له حديثًا واحدًا من طريق ابن أنعم الإفريقي يحتمل مثله، فأين الأحاديث الذي ادّعى أنّها له مناكير. والدَّبري صدوق محتجٌّ به في الصحيح. سَمِعَ كُتبًا، فَإِذَا جاء كما سمعها. وَقَالَ الحاكم: سألت الدَّارَقُطْنيّ عن الدَّبري أيدخل في الصحيح؟ قَالَ: أي والله، هُوَ صدوق، ما رأيت فيه خلافًا. 136- إِسْحَاق بن إبراهيم بن يزيد بن أبي عمران الإسفراييني الحَافِظ. الفقيه أبو يعقوب، والد الحَافِظ أبي عوانة. سيأتي عن قريب. 137- إِسْحَاق بن إسْمَاعِيل1. أبو يعقوب الرملي النحاس. دخل إصبهان وحدّث بها بأحاديث من حفظه، عن آدم بن أبي إياس، فأخطأ في بعضها، وعن محمد بن روْح. وكان يَخْضب شَيْبَه. روى عنه: أبو الشيخ، وأخوه عبد الرحمن بن محمد بن جَعْفَر بن حَيَّان، وَأَحْمَد بن بُنْدَار، وأبو أَحْمَد العسال، وجماعة. قال النَّسَائِيُّ: صالح. وَقَالَ مرة: كتبت عنه، ولا أدري ما هُوَ. قُلْتُ: ورَّخوا موته سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 138- إِسْحَاق بن الحَسَن بن ميمون الحربي2. سَمِعَ: هوْذة بن خليفة، وعفان، وأبا نُعَيْم، وأبا حذيفة النَّهدي، وَالحُسَيْن بن محمد المروذي، والقعنبي، وموسى بن داود الضبي، وجماعة.

_ 1 تهذيب الكمال "2/ 407، 408"، ميزان الاعتدال "1/ 184"، تهذيب التهذيب "1/ 225". 2 أخبار القضاة لوكيع "1/ 8، 40"، ميزان الاعتدال "1/ 190"، لسان الميزان "1/ 360".

وعنه: محمد بن مَخْلَد، وأبو بكر النَّجَّاد، وأبو سهل القطان، وأبو عَليّ بن الصواف، وأبو بكر القطيعي، وخلق سواهم. وقد سُئل عنه إِبْرَاهِيم الحربي هل سَمِعَ من حسين المروذي، فَقَالَ: هُوَ أكبر مني بثلاث سنين، وأنا قد لقيت حُسينًا لا يلقاه هُوَ. لو أن الكذب حلال ما كذب إِسْحَاق. وَقَالَ عبد الله بن أَحْمَد: ثقة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: قَالَ لنا أبو بكر الشافعي: سُئل إِبْرَاهِيم الحربي، عن إِسْحَاق بن الحَسَن، فَقَالَ: هُوَ ينبغي أن يُسأل عني. تُوُفِّي في شوال سنة أربعٍ وثمانين. 139- إِسْحَاق بن حُميد المَرْوَزِيّ، ثُمَّ البغدادي1. قَالَ الخطيب: حَدَّثَ عن: عفان أحاديث مستقيمة. روى عنه: عبد الصمد الطَّسْتِيّ، وأبو بكر الشافعي. 140- إِسْحَاق بن مأمون بن إِسْحَاق الطالقاني2. أبو سهل. سكن بغداد، وحدّث عن: سَعِيد بن يعقوب الطالقاني، وَإِسْحَاق الكوْسَج. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وغيرهما. كتبوا عنه كتاب الشافعي، عن الربيع، عنه. وكان كثير الكُتُب. مات سنة خمسٍ وثمانين. 141- إِسْحَاق بن مَعْمر. أبو يعقوب السَّدُوسي البَصْرِيّ. تُوُفِّي بمصر في ذي الحجّة سنة أربع وثمانين.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 377". 2 تاريخ بغداد "6/ 383".

142- إِسْحَاق بن محمد بن أبان النخعي الأحمر. الزِّنْديق الإلحادي، قد تقدًّم. 143- إِسْحَاق بن أبي عمران الإسفراييني الفقيه1. هُوَ إِسْحَاق بن موسى بن عمران، أبو يعقوب الشافعي صاحب المُزَنِيّ. تفقه على: أبي إبراهيم المُزَنِيّ. وَسَمِعَ "المبسوط" من الربيع. وَسَمِعَ من: قُتَيْبَة، وَإِسْحَاق، وعَليَّ بن حُجر، وَإِبْرَاهِيم بن يوسف البلخي، وَمحمد بن بكار بن الريان، وجُبارة بن المُغلّس، ومنصور بن أبي مُزاحم، وأبي مُصْعَب، وهشام بن عمار، وخلق كثير بالشام، والعراق، ومصر. وعنه: مُؤَمَّل بن الحَسَن، وأبو عوانة، وَمحمد بن عبْدَك، وَمحمد بن الأخرم، وجماعة. وكان من كبار الأئمة في الفقه والحديث. توفي بإسفرايين في رمضان سنة أربعٍ وثمانين. قُلْتُ: هُوَ والد الحَافِظ أبو عوانة يعقوب بن إِسْحَاق بن إبراهيم بن يزيد فيما أرى. أظن أن الحاكم وَهِمَ في تسميته أبيه موسى بن عمران. وقد ذُكر أَنَّ أبا عوانة روى عنه، وما بيّن أَنَّهُ ولده، وما ذكر في تاريخه ترجمة أخرى لوالد أبي عوانة، وقد رأيت في "صحيح أبي عوانة" روايته عن أبيه في أماكن، عن عَليّ بن حُجر، وابن راهَوَيْه، وأبي مروان العثماني، وما ظفرت له بروايةٍ عن إِسْحَاق بن أبي عمران، فَهُوَ آخر، والله أعلم. 144- إِسْحَاق بن أبي عمران2. أبو يعقوب اليُحمدي الإستراباذي. هُوَ إِسْحَاق بن موسى بن عبد الرحمن بن عبيد الشافعي، الفقيه أيضًا.

_ 1 الكامل في التاريخ "7/ 489"، سير أعلام النبلاء "13/ 456-458"، البداية والنهاية "11/ 78". 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 453".

سمع: قتيبة، وابن راهويه، وهشام بن عمار، وحرملة، وطبقتهم بخراسان، ومصر، والشام، والعراق. روى عنه: أبو نُعَيْم، وابن عَدِيّ، ووالد عبد الله بن عَدِيّ القطان. ذكره حمزة في تاريخ جُرجان. 145- إسْمَاعِيل بن أَحْمَد بن أسيد الثقفي الأصبهاني الحَافِظ1. له مُسند وتفسير. روى عن: إسْمَاعِيل بن موسى الفزاري، وأبي كريب، وَمحمد بن عاصم، وطبقتهم. وله رحلة أكثر فيها عن العراقيين. روى عنه: عبد الله بن الحُسَيْن بُنْدَار، وغيره. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 146- إسْمَاعِيل بن إِسْحَاق بن إسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن يزيد بن درهم2. القاضي أبو إِسْحَاق الأزدي مولاهم البَصْرِيّ المالكي قاضي بغداد، وشيخ مالكية العراق وعالمهم. وُلد سنة تسعٍ وتسعين ومائة. وَسَمِعَ من: محمد بن عبد الله الأنصاري، وعبد الله بن رجاء، ومسلم بن إبراهيم، والقعنبي، وحجاج بن منهال، ومسدّد بن مُسرهد، وَإسْمَاعِيل بن أبي أُويس، وقالون المقرئ، وخلق. وتفقّه على: أَحْمَد بن المُعَدَّل الفقيه، وأخذ العلل وصناعة الحديث عن عَليّ بن الْمَدِينِيِّ، وبرع في هذين العِلْمين. روى عنه: أبو الْقَاسِم البَغَوِيّ، وَإسْمَاعِيل الصَّفَّار، وأبو بكر النَّجَّاد، وأبو بكر الشافعي، وَالحُسَيْن بن محمد بن كيسان، وأبو بحر محمد بن الحَسَن بن كوثر البَرْبَهَاري، وطائفة سواهم.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 12"، الوافي بالوفيات "9/ 85". 2 الجرح والتعديل "2/ 158"، حلية الأولياء "10/ 25، 251"، سير أعلام النبلاء "13/ 339-342"، البداية والنهاية "11/ 72"، شذرات الذهب "2/ 178".

ومن جلالته أَنَّ النَّسَائِيَّ روى في كتاب "الكنى" عن رجلٍ، عنه، فَقَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيم بن موسى: ثَنَا إسْمَاعِيل بن إِسْحَاق، ثَنَا عَليّ بن الْمَدِينِيِّ، فذكر كنيته. قَالَ أبو سهل القطان: ثَنَا يوسف بن يعقوب القاضي قَالَ: خرج توقيع أمير المؤمنين المُعْتَضِد إلى وزيره: استوص بالشَّيخين الخيّرين الفاضلين خيرًا: إسْمَاعِيل بن إسحاق، وموسى بن إِسْحَاق. فإنهما ممّن إذا أراد الله بأهل الأرض عذابًا صرف عنهم بدُعائهما. وتفقّه عليه خلْق. قَالَ الخطيب: كان عالمًا متقنًا فقيهًا على المذهب مالك. شرح المذهب واحتجَّ له، وصنّف المُسند، وصنّف في علوم القرآن، وجمع حديث أيوب، وحديث مالك. قُلْتُ: وصنّف موطأ، وصنّف كتابًا في الرد على محمد بن الحَسَن نحو مائتي لم يتم. قَالَ الخطيب: واستوطن بغداد، وولي قضاءها إلى أن تُوُفِّي. وتقدّم حَتَّى صار علَمًا، ونشر مذهب مالك بالعراق ما لم يكن في وقت من الأوقات. وله كتاب "أحكام القرآن" لم يُسبق إلى مثله، وكتاب "معاني القرآن" وكتاب "القراءات". قَالَ أبو بكر بن مجاهد: سَمِعْتُ المبّرد يَقُولُ: إسْمَاعِيل القاضي أعلم مني بالتصريف. وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي قَالَ: أَتَيْتُ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ، فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلًا قَالَ: قَدْ جَاءَتِ الْمَدِينَةُ. وَقَالَ نِفْطَوَيْهِ فِي تَارِيخِهِ: كَانَ إسْمَاعِيلُ كَاتِبَ محمد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ فَحَدَّثَنِي قَالَ: قَالَ لِي محمد: أَخْبِرْنِي عَنْ نَقْدِي الْحَدِيثَيْنِ: "أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارون من موسى"؛ و "من كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ"، كَيْفَ إِسْنَادُهُمَا؟ فَقُلْتُ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَالْآخَرُ دُونَهُ. قَالَ نِفْطَوَيْهِ: فَقُلْتُ لإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي: فِيهِ طُرُقٌ، رَوَاهُ الْبَصْرِيُّونَ وَالْكُوفِيُّونَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ مَوْلَاهُ. هَذَا لَفْظُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ محمد بْنُ إِسْحَاقَ النَّدِيمُ: دَعَا النَّاسَ إِلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَاحْتَجَّ لَهُ. وَهُوَ أوّل من عيّن الشهادة ببغداد لقومٍ بأعيانهم، وحظّر على غيرهم.

وَقَالَ: إنَّ النَّاس قد فسدوا، ولا سبيل إلى ضبط الشهادة إِلا بهذا، فاقتصر على بعض، وزكي بعضُهم بعضًا. قُلْتُ: وحديثه "في الغَيْلانيات" يقع عاليًا. وقد ولي قضاء بغداد اثنتين وعشرين سنة، وولي قبل ذَلِكَ بمدة قضاء الجانب الشرقي سنة ستٍّ وأربعين بعد موت سوار العَنْبَريّ، وكان وافر الحُرْمة، ظاهر الجشمة، كبير القدر. تُوُفِّي فجأة في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين ومائتين، رحمه الله تعالى. 147- إسْمَاعِيل بن إِسْحَاق بن إبراهيم بن مِهران1. أبو محمد الثقفي النيسابوري، أخو إبراهيم، ومحمد. سكن ببغداد، وحدّث عن: يَحْيَى بن يَحْيَى، وابن راهَوَيْه، وأحمد بن حَنْبَل، وجُبَارة بن المُغلّس، وجماعة. وكان مختصًا بالإمام أَحْمَد. روى عنه: دعلج، وأبو بكر بن إِسْحَاق الضُّبَعيّ، وابن قانع، وجماعة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. وَقِيلَ: تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. 148- إسْمَاعِيل بن بكر البغدادي السُّكَّري2. عن: عَمْرو بن مرزوق، وخلف البزاز. وعنه: أبو عَليّ الصواف، وعبد الله بن ماسي، وآخرون. وكان صدوقًا. 149- إسْمَاعِيل بن عبد الله بن عمرو بن سعيد3.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 392، 393"، المنتظم "6/ 19". 2 تاريخ بغداد "6/ 293، 293". 3 الوافي بالوفيات "9/ 146"، غاية النهاية "1/ 165".

أبو الحَسَن المصري النّحّاس المقرئ، صاحب الأزرق. قرأ على: أبي يعقوب الأزرق، عن وَرْش. وتصدر بمصر للإقراء. وقرأ عليه خلقٌ منهم: أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن عبد اللَّه بن هلال الأزدي، وحمدان بن عون الخولاني، وَمحمد بن عُمَر بن خيرون المعافري الأندلسي، وأبو الحَسَن بن شنبوذ، وأبو جَعْفَر أَحْمَد بن أُسامة التُّجيبي، وأبو بكر أَحْمَد بن أبي الرخاء، وأحمد بن إِبْرَاهِيم الخياط. وآخر من مات من أصحابه التجيبي، وابن أبي الرخاء شيخا خلف بن خاقان. وكان محققًا مجودا، بصيرًا بقراءة ورش، وعبد القوي بن كمُونة، وهما من أصحاب ورش. ورحل القُراء إليه من البلاد، وكان يُقرئ بمكتبه وبجامع مصر وكُفّ بصره بأخره. وَقَالَ ابن شنبوذ: أخبرني أَنَّهُ قرأ على أبي يعقوب ختمتين. وَقَالَ النقاش: قرأ على عبد الصمد، إلى سورة طه، وعلى ابن كمّونة ختمتين. وَقَالَ بعضهم: إِنَّهُ قرأ على أبي يعقوب سبع عشرة ختمة. 150- إسْمَاعِيل بن الفضل البْلخي1. عن: قُتَيْبَة، وَإسْمَاعِيل بن عيسى العطار، وغيرهما. وعنه: ابن قانع، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وأبو بكر الشافعي. ومات سنة ستٍّ وثمانين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس به. قُلْتُ: هُوَ أخو عبد الصمد البلخي. وقد رحل إلى الشام. وَسَمِعَ من: سُلَيْمَان بن عبد الرحمن، وَإِسْحَاق بن الأركون، والمعافى بن سُلَيْمَان. قَالَ ابن قانع: تُوُفِّي في رجب.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 290، 291"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 19".

151- إسْمَاعِيل بن قُتَيْبَة بن عبد الرحمن1. أبو يعقوب السُّلمي النَّيْسَابُوري الزاهد. سَمِعَ: يَحْيَى بن يحيى، ويزيد بن صالح الفرا، وسعيد بن يزيد الفرا، وعبد الله بن محمد المُسْنِدي. وفي الرحلة: أَحْمَد بن حَنْبَل، وأبا بكر بن أبي شَيْبَة، وزهير بن حرب، وَيَحْيَى الحماني، وخلْقًا. وقرأ المصنّفات كُلّهَا عَلَى ابن أبي شَيْبَة. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيم بن أبي طالب، وأبو بَكْر بن خُزَيْمَة، وأبو حامد بن الشرقي، وَأَبُو بَكْر بن إِسْحَاق الضُّبَعيّ، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وطائفة. وقال الضُّبَعيّ: كَانَ الإنسان إِذَا رآه يذكر السّلف لسَمْته وزُهده وورعه، وَهُوَ أوّل من سَمِعْتُ منه، كنا نختلف إليه إلى قرية بشتنفان، فيخرج إلينا، فيقعد عَلَى حصى النَّهْر، والكتاب بيده، فيحدثنا وَهُوَ يبكي. وَإِذَا قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى قَالَ: رحم الله أبا زكريا. تُوُفِّي في رجب سنة أربعٍ وثمانين، وكانت لَهُ جنازة مشهودة، رحمه الله. 152- إسْمَاعِيل بن محمد بن أبي كثير2. أَبُو يعقوب الفسوي، قاضي المدائن. شيخ ثقة. وروى عن: مكي بن إِبْرَاهِيم. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القطان، وَأَبُو بَكْر الشافعي. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 153- إسْمَاعِيل بن محمود النَّيْسَابُوري3. سَمِعَ: يحيى بن يحيى.

_ 1 طبقات الحنابلة "1/ 106، 107"، سير أعلام النبلاء "13/ 344، 345". 2 تاريخ بغداد "6/ 283"، المنتظم "5/ 153". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 94".

وَعَنْهُ: أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. لم يذكره الحاكم. 154- إسْمَاعِيل بن نُميل1. أَبُو عَليّ الخلال شيخ صدوق. سَمِعَ: أبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، وأحمد بن يونس اليربوعي. وعنه: عبد الصمد الطستي، والطبراني. توفي سنة ثماني وثمانين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. ثَنَا عَنْهُ جماعة. 155- إسْمَاعِيل بن يَحْيَى بن حازم. أَبُو يعقوب السُّلمي النَّيْسَابُوري الأعور. عن: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وعبد الأعلى النَّرْسي، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو الفضل محمد بن إِبْرَاهِيم، وَأبو عبد الله بن الأخرم، وجماعة. توفي سنة تسعين ومائتين. 156- والأفشين بن أبي الساج2. أمير كبير مشهور؛ كَأَنَّهُ مات في ربيع الأول سنة ثمانٍ وثمانين بِأَذْرَبِيجَان. 157- أنس بن السَّلم3. أَبُو عُقيل الخوْلاني الطرطوسي، ثم الدمشقي. عن: إبراهيم بن هاشم بن يَحْيَى الغساني، وَمَخْلَد بن مالك الحَرَّاني، ومعلّل بن بُقيل، وَدُحَيْم، وجماعة كبيرة من الشاميين والحرانيين. وَعَنْهُ: عَليّ بن أبي يعقوب، وابن عدي، والطبراني، وخلق.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 96"، تاريخ بغداد "6/ 291، 292"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 25". 2 تاريخ الطبري "9/ 549، 553"، الكامل في التاريخ "6/ 98"، دول الإسلام "1/ 174". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 105"، مسند الشاميين "1/ 74، 98"، ذكر أخبار أصبهان "2/ 156".

158- أُنيس بن عبد الله1. أَبُو عُمَر البغدادي المقرئ النّخاس، بمعجمة. عن: أبي نصر التَّمَّار، وأبي مَعْمَر الهذلي. وَعَنْهُ: عُثْمَان بن السَّمَّاك، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وجماعة. وَكَانَ موثّقًا. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين، وَقِيلَ: سنة ثمانٍ. "حرف الباء": 159- بدر بن المنذر2. أَبُو بَكْر المَغَازلي العابد، صاحب أَحْمَد بن حَنْبَل. وَهُوَ بكنيته أشهر. قيل: اسمه أحمد وروى عن: معاوية بن عَمْرو الأزدي. وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وأبو بكر الشافعي، وأحمد بن يوسف بن خلاد. وَكَانَ صدوقًا قانعًا باليسير، ثقة. يُعدّ من الأولياء، رحمة الله عَلَيْهِ. تُوُفِّي في جُمَادَى الأولى سنة اثنتين وثمانين. قَالَ أَبُو نُعَيْم: أطبقت الألسنة من الحنبلية، والمحدثين أَنَّهُ كَانَ من الأبدال، لَهُ أحوال عجيبة. وَقَالَ أَبُو بَكْر الخلال: الحنبلي بدر كَانَ أبو عبد الله يقدّمه ويُكرمه. وكنتَ إِذَا رأيته ورأيت منزله وقُعوده، شهدت لَهُ بالصبر والصلاح. وعن أَحْمَد بن حَنْبَل أَنَّهُ كَانَ يتعجب من بدر وَيَقُولُ: منْ مِثل بدرٍ؟ بدرٌ مَلَك لسانه. وَقَالَ أَبُو عبد الرحمن السلمي: قَالَ أَبُو محمد الجريري: كنت عند بدر المغازلي،

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 49، 50"، المنتظم "6/ 28". 2 حلية الأولياء "10/ 305، 306"، تاريخ بغداد "7/ 103".

وكانت امرأته باعت دارًا لها بثلاثين دينارًا، فَقَالَ لها بدر: نفرّق هذه الدنانير في إخواننا، ونأكل رزق يومٍ بيوم. ففعلت -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. 160- بدر1. أَبُو الحَسَن الرُّومي الجصّاص. عن: عاصم، وعَليَّ، وشباب العصفُري. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر النقاش، وإسماعيل الخُطَبي. وَكَانَ يكون ببغداد. 161- بدر2. مولى المُعْتَضِد بالله ومقدَّم جيوشه. وَكَانَ في حرب فارس لَمَّا تُوُفِّي المُعْتَضِد، فعمل الْقَاسِم بن عُبَيْد الله الوزير عَلَيْهِ وغيّر قلب المُكْتَفِي عَلَيْهِ؛ فطلبه المُكْتَفِي فتخوّف واختفى. ثُمَّ أرسل إليه أمانًا وغدَرَ بِهِ بإشارة الْقَاسِم، وَلَمَّا وصل عدَلَ بِهِ في السفينة إلى جزيرة بِشْر. وقُتل صبرًا في رمضان سنة تسع وثمانين. 162- بِشْر بن موسى بن صالح3. شيخ ابن عُميرة. أبو عَليّ الأسدي البغدادي. وُلد سنة تسعين ومائة. وَسَمِعَ من: روح بن عُبادة حديثًا واحدًا. ومن: حفص بن عُمَر العدني، وهوذة بن خليفة، والأصمعي، وَالحَسَن بن موسى الأشيب، وعبد الصمد بن حسان، وَعَمْرو بن حَكّام، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وأبي نعيم، وخلق.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 104، 105". 2 تاريخ بغداد "7/ 105"، وفيات الأعيان "6/ 199"، البداية والنهاية "11/ 95". 3 الجرح والتعديل "2/ 367"، تاريخ بغداد "7/ 86-88"، سير أعلام النبلاء "13/ 352، 354".

وعنه: إسماعيل الصفار، وابن نجيح، وأبو عُمَر الزاهد، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وَأَبُو عَليّ بن الصواف، وأبو بَكْر بن مالك القطيعي، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وخلْق. وَهُوَ بيت حشمة وجلالة. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، أمينًا، حافظًا، عاقلًا، ركينًا. وَقَالَ ابن المقرئ الأصبهاني: ثَنَا محمد بن الحَسَن بن أبي خُبزة: سَمِعْتُ بِشْر بن موسى يَقُولُ: ذهب بي خالي حسّان بن بِشْر الأسدي إلى يَحْيَى بن آدم، وصلّيت خلف عَمْرو الشَّيباني النَّحْوِيّ، فقرأ بسورة السجدة، فسجد. وَقَالَ أَبُو بَكْر الخلال: كَانَ أبو عبد الله يُكْرم بشر بن موسى، وكتب له الحميدي إلى مكة. وقال الدارقطني: ثقة. وقال الخطيب: توفي لأربع بقي ن من ربيع الأول سنة ثمانٍ وثمانين. 163- بَكْر بن الحَبَطي. حَدَّثَ بإصبهان عن: محمد بن سَعِيد بن سابق، وَإِبْرَاهِيم بن موسى الفرّا، وجماعة. تُوُفِّي سنة ثمانٍ أَيْضًا. 164- بَكْر بن سهل بن إسْمَاعِيل1. أَبُو محمد الدمياطي، مولى بني هاشم. عن: عبد الله بن هاشم بن يوسف التِّنِّيسِي، وعبد الله بن صالح كاتب اللَّيْث، وَسُلَيْمَان بن أبي كريمة البيروتي، وَشُعَيْب بن يَحْيَى، ونعيم بن حَمَّاد، وَمحمد بن مَخْلَد الرُّعيني، وصفْوان بن صالح الدِّمَشْقِيّ، وطائفة. وقرأ القرآن عَلَى أصحاب وَرْش. قرأ عَلَيْهِ: ابن شَنَبُوذ، وزكريا بن يَحْيَى الأندلسي. وحمل الحروف عَنْهُ: أَحْمَد بن يعقوب النائب، وَإِبْرَاهِيم بن عبد الرّزّاق في كتابه إليهما.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 345، 346"، لسان الميزان "2/ 51، 52"، شذرات الذهب "2/ 201".

وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر الطَّحاوي، وأبو العَبَّاس الأصم، وَأَحْمَد بن عُتْبة الرّازيّ، وعَليَّ بن محمد الواعظ، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وَأَبُو أَحْمَد العسال، وطائفة. وَكَانَ شيخًا أسمر، مربوعًا، كبير الأُذنين. وُلد سنة ستٍّ وتسعين ومائة. وَقَالَ أَبُو الشيخ: وكان قد جمعوا له بالرملة خمسمائة دينار ليقرأ عليهم التفسير، فامتنع، وقدِم بيتَ المَقْدِس، فجمع لَهُ من الرملة وبيت المَقْدِس ألف دينار، فقرأ عليهم الكتاب. ومات في هذه السنة، أي سنة سبْعٍ وثمانين. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضعيف. وَقَالَ ابن يونس: تُوُفِّي بدِمياط في ربيع الأوّل، سنة تسعٍ وثمانين، وَهَذَا أصحّ. 165- بَكْر بن عبد العزيز بن أبي دُلف العِجلي الأمير1. من بيت إمرة وتقدُّم، خرج عَلَى المُعْتَضِد، فلم يتم أمره. ومات بطَبَرسْتَان. وجاء الخبر، فأعطى المُعْتَضِد البشيرَ ألفَ دينار. مات سنة خمسٍ وثمانين. "حرف التاء": 166- تميم بن محمد بن طمخاج2. الحَافِظ أَبُو عبد الرحمن الطوسي. طوَّف وَسَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَل، وشيبان بن فَرُّوخ، وهدبة بن خالد، وَمحمد بن رُمح، وحرملة، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَسُلَيْمَان بن سَلَمَةَ الخبائري، وطائفة. وعنه: أبو النصر الفقيه، وعلي بن جمشاد، وأبو عبد الله بن الأخرم.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 33، 47، 49". 2 طبقات الحنابلة "1/ 122"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 361".

وروى الحسن بن سفيان مع تقدمه في مسنده عن ولده أبي بَكْر، عن تميم بن محمد. قَالَ الحاكم: وتميم محدّث ثقة، مصنَّف، جمع المُسْند الكبير عَلَى الرجال. قُلْتُ: تُوُفِّي في حدود التسعين ومائتين. "حرف الثاء": 167- ثابت بن قُرة بن مروان بن ثابت بن زكريا الحَرَّاني1. الصابئ الفيلسوف الحاسب، نزيل بغداد، وَكَانَ إِلَيْهِ المُنتهى في علوم الأوائل، حقّها وباطِلِها. صنّف تصانيف كثيرة، وَكَانَ بارعًا في فنّ الهيئة والهندسة، وَلَهُ عقبٌ ببغداد عَلَى دِين الصابئة. وَكَانَ ابنه إِبْرَاهِيم بن ثابت رأسًا في الطب، ترْكنُ النَّفس إلى ما يؤرخه. مات عَلَى كُفره. وأمّا ثابت بن قُرة فأول أمره كَانَ صيرفيًا بحرَّان، ثُمَّ استصحبه محمد بن موسى بن شاكر لَمَّا انصرف من بلد الروم، لِأَنَّهُ رآه فصيحًا ذكيًا. وَيُقَال: إِنَّهُ قدم عَلَى محمد بن موسى، فتعلم عنده، فوصله إلى المُعْتَضِد، وأدخله في جملة المنجمين. فَكَانَ أول ما تجدّد للصابئين من الرئاسة والوجاهة ببغداد. قَالَ ابن أبي أُصيبعة: لم يكن في زمان ثابت بن قُرة الحكيم من يُماثله في الطب، ولا في جميع أنواع الفلسفة. وتصانيفه موصوفة بالجودة. ونال رتبة عالية إلى الغابة عند المُعْتَضِد، وأقطعه ضياعًا جليلة. وَكَانَ يجلس عنده والوزير قائم. وله التّلامذة في الطب عيسى بن أَسيد النَّصراني المشهور. قلت: توفي لا إلى رحمة الله سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 168- ثابت بن نعيم2. أبو معن الهوجي.

_ 1 وفيات الأعيان "1/ 313-315"، سير أعلام النبلاء "13/ 485، 486". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 114".

عن: آدم بن أبي إياس، وَمحمد بن أبي اليُسر العسقلاني. وَعَنْهُ: أَبُو القاسم الطَّبَرَانيّ. وهَوْجة قرية من أعمال عسقلان. "حرف الجيم": 169- جَعْفَر بن أَحْمَد بن فارس1. أبو الفضل الأصبهاني. سَمِعَ: سهل بن عُثْمَان العسكري، وأبا مُصْعَب الزُّهري، وَمحمد بن حُميد الرازي، وطائفة. وَعَنْهُ: ابنه عبد الله بن جَعْفَر مُسْند إصبهان، وأبو الشَّيْخ، وآخرون. وَكَانَ محدِّثًا فاضلًا، لَهُ تصانيف. واتُّفق عَلَى موته بالكرج، وَذَلِكَ في سنة تسع وثمانين. 170- جَعْفَر بن أَحْمَد بن أبي موسى المَوْصِليّ الحذّاء. عن: الحُمَيْدِيّ، وغسان بن الربيع، وغيرهما. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد الأزدي. وذكر يزيد أَنَّهُ مات سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 171- جَعْفَر بن أَحْمَد بن الحَافِظ عَليّ بن الْمَدِينِيِّ. مات بالبصرة في ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين مائتين. 172- جَعْفَر بن حميد بن عبد الكريم الأنصاري الدِّمَشْقِيّ2. روى عن: جَدّه لأمه عِمران بن أبان المُزَنِيّ، عن أنس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وعنه: الطبراني.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 245"، معجم البلدان "1/ 47". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 6".

173- جَعْفَر بن سُلَيْمَان النَّوفلي المدني1. عن: عبد العزيز الأُويسي. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 174- جَعْفَر بن محمد بن أبي عُثْمَان2. أَبُو الفضل الطَّيَالِسِيّ البغدادي الحافظ. سمعك عفان، وَسُلَيْمَان بن حرب، ومسلمة بن إبراهيم، وَمحمد بن الفضل عارم، وَإِسْحَاق بن محمد الفَرْوي، وابن مَعين، وخلْقًا سواهم. وَعَنْهُ: ابن صاعد، وَإسْمَاعِيل الصَّفَّار، وأبو بَكْر النَّجَّاد، وَمحمد بن العَبَّاس بن نجيح، وأبو سهل القطان، وأبو بكر الشافعي، وآخرون. قال الخطيب: كان ثقة ثَبْتًا، صعب الأخذ، حسن الحِفظ. قَالَ ابن المنادي: كَانَ مشهورًا بالإتقان والحِفظ والصدق. تُوُفِّي في رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 175- جَعْفَر بن محمد الخَنْدقي الخباز3. كَانَ يوصف بالحفظ. روى عن: خالد بن خِداش، وسريج بن يونس. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وعبد الله بن محمد بن ياسين. 176- جَعْفَر بن محمد بن حرب العبَّاداني، ثُمَّ البغدادي4. عن: سُلَيْمَان بن حرب، وعبد السلام بن مطهر، وَمحمد بن كثير العبْدي، وسهل بن بكار. وعنه: جعفر الخلدي، والطبراني، وآخرون.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 115". 2 تاريخ بغداد "7/ 188"، سير أعلام النبلاء "13/ 346". 3 تاريخ بغداد "7/ 190". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 122".

177- جَعْفَر بن محمد بن كزال1. أَبُو الفضل السمسار. عن: عفان، وسعد بن سُلَيْمَان سَعْدويه، وَالحَسَن بن بِشْر بن سلم، وَيَحْيَى بن عبدويه، وخالد بن خداش، وَيَحْيَى الحماني، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القطان، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وأبو بَكْر الشافعي، وجماعة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. قلت: توفي في شوال سنة اثتين وثمانين ومائتين. 178- جَعْفَر بن محمد القلانسي الرملي. عن: آدم بن أبي إياس. قد مرّ في الطبقة الماضية. 179- جَعْفَر بن محمد بن بَكْر البالِسي. أَبُو العَبَّاس. عن: النَّجَّاد، وأحمد بن إِسْحَاق الرازي. 180- جَعْفَر بن محمد بن عَليّ2. أَبُو الْقَاسِم البلخي. المُؤَدِّب الوراق. سكن بغداد وحدّث عن: سهل بن عُثْمَان العسكري، وَمحمد بن حُميد. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 181- جَعْفَر بن محمد بن هاشم المُؤَدِّب3.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 189، 190". 2 تاريخ بغداد "7/ 190"، طبقات الحنابلة "1/ 126". 3 تاريخ بغداد "7/ 189".

عن: عفان. وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ. 182- جَعْفَر بن محمد بن إِسْحَاق المصري. المعروف بابن الحمارة. عن يَحْيَى بن بُكير، وغيره. تُوُفِّي في عام أربعٍ وثمانين. 183- جَعْفَر بن محمد بن عَرَفة1. أَبُو الفضل البغدادي الْمُعَدَّلُ. عن: محمد بن شعبة بن جوان. وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ. ومات في آخر سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 184- جَعْفَر بن محمد بن شريك. أَبُو الفضل الأصبهاني. عن: يونس، وعبد الله بن عمران، وَالحُسَيْن بن الفرج. وَعَنْهُ: أَبُو الشَّيْخ، وَأَحْمَد بن بُنْدَار، وأبو أَحْمَد العسال، وَأَحْمَد بن جَعْفَر السمسار. تُوُفِّي سنة ثماني وثمانين. 185- جَعْفَر بن محمد بن عمران بن بريق2، بالراء. أَبُو الفضل المخرمي. عن: سَعِيد بن محمد الجرمي، وخلف بن هشام. وَعَنْهُ: أحمد بن كامل، والطبراني، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 190، 191"، المنتظم "6/ 25". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 117"، تاريخ بغداد "7/ 192، 193".

تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 186- جَعْفَر بن محمد بن اليمان المُؤَدِّب1. ثقة. يروي عن: شريح بن النُّعْمَان، وأبي الوليد الطَّيَالِسِيّ. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القطان، وأبو بَكْر الشافعي. 187- جَعْفَر بن محمد بن سوار2. أَبُو محمد النَّيْسَابُوري. عن: قُتَيْبَة وأبي مروان العماني، وعبد الله بن عمر بن الرماح، وعلي بن حجر، وأبي مُصْعَب، وخلق. وَعَنْهُ: محمد بْن صالح بْن هانئ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وَيَحْيَى بن منصور، وأبو العَبَّاس بن حَمْدَان، وَإسْمَاعِيل بن مجيد، وَمحمد بن العَبَّاس بن نجيح البغدادي. حدث بنيسابور، وبغداد، وَكَانَ من علماء هَذَا الشأن. تُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة ثمانٍ وثمانين. وقع حديثه عاليًا. 188- جَعْفَر بن محمد الخياط3. صاحب أبي ثَوْر الفقيه. روى عن: عبد الصمد بن زيد مردويه. وَعَنْهُ: أبو عَمْرو بن السماك، وغيره. 189- جَعْفَر بن إلياس بن صدقة المصري الكبّاش الحلاب4.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 194، 195". 2 تاريخ بغداد "7/ 191". 3 تاريخ بغداد "7/ 192". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 115".

عن: نُعَيْم بن حَمَّاد، وأصبْغ بن الفرج الفقيه. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في شوال سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 190- جُنَيْد بن حُكيم1. أَبُو بَكْر الأزدي الدّقّاق. بغداديٌّ فيه لِينٌ ما. سَمِعَ: عَليّ بن الْمَدِينِيِّ، وعبادة بن زياد. وتعنه: أبو سهل القطان، ومحمد بن مخلد القطار، وَأَحْمَد بن كامل، وعَليَّ بن حَمَّاد، وأبو بَكْر الشافعي. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. 191- جيش بن خُمَارَوَيْه بن أَحْمَد بن طولون2. أَبُو العساكر الطولوني: تملَّك بعد قتل أَبِيهِ بدمشق: أقام بها ستة أشهر ثُمَّ سار إلى الديار المصرية، فوثب عليه أخوه هارون فقتله، لكونه قتل عمَّيْه. وَذَلِكَ في سنة ثلاثٍ وثمانين، خرج عَلَيْهِ الأمراء فخلعوه في جُمَادَى الآخرة، وسُجن فمات، أَوْ قُتل، في السجن. "حرف الحاء": 192- الحارث بن عبد العزيز. أَبُو ليلى أمير إصبهان. قُتل في سنة أربعٍ وثمانين، وطيف برأسه. 193- الحارث بن محمد بن أبي أسامة داهر3.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 241"، تهذيب دمشق "3/ 435". 2 تاريخ الطبري "10/ 45، 46"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 420، 421"، النجوم الزاهرة "3/ 88". 3 الثقات لابن حبان "8/ 183"، سير أعلام النبلاء "13/ 388، 390"، شذرات الذهب "1/ 252".

المحدّث أَبُو محمد التيمي البغدادي الخطيب مُسْند بغداد في وقته، وُلد سنة ستٍّ وثمانين ومائة. وَسَمِعَ: عبد الوهاب بن عطاء، ويزيد بن هارون، وعَليَّ بن عاصم، وَسَعِيد بن عامر الضُّبَعيّ، وعبد الله بن بَكْر السَّهمي، وهاشم بن الْقَاسِم، وكثير بن هشام، والواقدي، وروح بْن عُبادة، وعثمان بْن عُمَر بْن فارس، وَمحمد بْن عَبْد الله بْن كناسة، وَبِشْر بن عُمَر الزهراني، وأبا عاصم، وأبا بدر شجاع بن الوليد، وَيَحْيَى بن أبي بُكير، وخلقًا كثيرًا. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ، وَمحمد بن مَخْلَد، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْر النَّجَّاد، وَأَبُو بَكْر بن خلاد النَّصيبي، وأبو بَكْر الشافعي، وعبد الله بن الحُسَيْن النَّضري المَرْوَزِيّ، وخلْق. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: صدوق. وذكره ابن حبان في الثقات. وَقَالَ أَبُو الفتح الأزدي الضعيف: الحارث بن أبي أسامة ضعيف، لم أر في شيوخنا من يُحدّث عَنْهُ. قُلْتُ: هذه مجازفة، وليت الأزدي عرف ضَعْف نفسه. وقد أمر الدارقطني البرقاني بإخراج الحارث في الصحيح. وكذا ضعفه محمد بن حزم. قُلْتُ: والحارث ثقة، وربّما أُخذ عَلَى التحديث، ولهذا عمل فيه محمد بن خلف بن المَرْزُبان: أبلغِ الحارثَ المحدِّث قوْلًا ... من أخٍ صادقٍ شديد المحبَّه ويْك قد كنت تعتزي سالف الدهـ ... ـر قديمًا إلى قبائل ضَبَّه كتبتَ الحديثَ عن سائر النْـ ... ـنَاس وحاذيت في اللقاء ابن شَبَّه عن يزيد والواقدي وروحٍ ... وابن سعدٍ وَالْقَعْنَبِيِّ وهُدْبه ثُمَّ صنفت من أحاديث سفيا ... ن وعن مالكٍ ومُسند شعبه

وعن ابن الْمَدِينِيِّ فما زلتَ ... قديمًا تبثُّ في النَّاس كتبه أفعنهم أخذت بيعك ... للعلم وإيثار من يزيدك حَبَّه في أبيات. فَلَمَّا سمعها قَالَ: أدخلوه، فضحني، قاتله الله. وَلَهُ مُسْند كبير، سمعنا منه عدة أجزاء بالاتصال. وَقَالَ محمد بن محمد بن مالك الإسكافي: سألت إِبْرَاهِيم الحربي، عن الحارث بن محمد، وقلت يأخذ الدراهم، فَقَالَ: اسمع منه فإنه ثقة. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ: أنا يُوسُفُ الْحَافِظُ، أَنا خَلِيلُ بْنُ أَبِي الرجاء، أنا أبو علي المقرئ، وأنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ النُّصَيْبِيُّ: ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ، ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ محمد بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ الْخَلْدَ بْنَ سَعْدَانَ حَدَّثَهُ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نَصْرٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ أَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: "إِنَّ هَذِهِ ثِيَابُ الْكُفَّارِ، فَلا تَلْبَسْهُ" 1. صَحِيحٌ غَرِيبٌ. قَالَ غنجار الْبُخَارِيُّ: سَمِعْتُ محمد بن موسى الرازي: سَمِعْتُ الحارث بن أُسَامَةَ يَقُولُ: لي ستّ بنات، أكبرُهنّ بنت سبعين سنة، وأصغرهن بنت ستين سنة. وما زوجت واحدة منهن لأني فقير، وما جاءني إلا الفقير، فكرهت أن أزيد في عيالي. وإني وضعت كفني عَلَى هَذَا الوتد منذ نيِّفٍ وثلاثين سنة، مخافة أن لا يجدوا ما يكفنوني فيه، رواها عَليّ بن محمد الرازي الطبيب، عن محمد بن موسى أيضًا. توفي يوم عرفة سنة اثنتين وثمانين، عن سبعٍ وتسعين سنة. 194- حامد بن شادي الكشي2. حَدَّثَ ببغداد عن: قُتَيْبَة، وعَليَّ بن حجر. وعنه: عبد الباقي بن قانع، وأبو بكر الشافعي، وآخرون.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2077"، النسائي "5322"، أحمد في المسند "2/ 162، 164". 2 تاريخ بغداد "8/ 168".

195- حبشي بن أَحْمَد بن سُلَيْمَان المَوْصِليّ السِّمْسار. عن: الْقَعْنَبِيِّ، وغيره من أهل المَوْصِل. تُوُفِّي سنة ست وثمانين. 196- جيوش بن رزق الله بن سنان1. أَبُو محمد الكلْوَذائي الأصل المصري. عن: عبد الله بن صالح، والنصر بن عبد الجبار، وعبد الله بن يوسف التِّنِّيسِي، وجماعة. وَكَانَ من عُدُولي مصر. روى عَنْهُ: عَليّ بن أَحْمَد بن إِسْحَاق البغدادي، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. 197- حجّاج بن عمران السَّدُوسي2. كاتب الحُكم للقاضي بكار. حَدَّثَ عن: بكار؛ وقبله عن: سُلَيْمَان بن داود الشاذكوني. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في صفر سنة خمسٍ وثمانين. 198- الحَزَنْبَل الأديب. هُوَ: محمد بن عبد الله بن عاصم. أبو عبد الله التَّمِيمِيّ البغدادي الإخباري. روى عن: أبي عبيدة بن الأعرابي، وابن السكيت. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر الصولي، وَمحمد حمَّويه الفَرَضي، وغيرهما.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 154". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 152".

مدح الخلفاء والأمراء، وطال عمره، واشتهر ذكره. 199- الحَسَن بن أَحْمَد بن أبان الرافقي. عن: أبي جَعْفَر النُّفَيْلِيِّ. تُوُفِّي سنة تسعين. 200- الحَسَن بن أَحْمَد بن اللَّيْث1. أَبُو الحَسَن الرازي. سَمِعَ: إِبْرَاهِيم بن موسى الحَافِظ، وعبد الله القواريري، وأقرانهما. وَعَنْهُ: أَبُو الحَسَن القطان، وطائفة. مات سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 201- الحَسَن بن أَحْمَد بن الطبيب الصَّنْعَانيّ. سَمِعَ "الموطأ" من محمد بن عبد الرحيم بن شروس، عن مالك. أخذ عَنْهُ: أَبُو الحَسَن القطان. مات سنة سبعٍ وثمانين، ورّخه الخليلي. 202- الحَسَن بن أيوب بن مُسْلِم القزويني2. عن: عبد العزيز بن عبد الله الأُوَيْسيّ، وأحمد بن يونس. وَعَنْهُ: إِسْحَاق الكيْساني، وأهل قزوين. وَكَانَ أسند من بقي بتلك الديار. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 203- الحَسَن بن جرير3. أَبُو عَليّ الصُّوري الزنبقي.

_ 1 طبقات الحنابلة "1/ 129، 130". 2 الجرح والتعديل "3/ 2". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 124"، مسند الشامين "1/ 153، 159"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 156، 258"، تاريخ "2/ 142"، حلية الأولياء "6/ 145".

عن: عيسى بن مينا قالون، وَسَعِيد بن منصور، وإسماعيل بن أبي أُويس، وَيَحْيَى بن بُكير، وجماعة كثيرة. وَعَنْهُ: عَليّ بن أبي العقب، وَخَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسيّ، وسلامة بن أَحْمَد الصُّوري، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. والزَّنبقي: بالنون. 204- الحَسَن بن إِبْرَاهِيم بن مطروح الخولاني المصري1. عن: يزيد بن سَعِيد الإسكندراني، عن مالك. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. توفي سنة تسع وثمانين بمصر. 205- الحسن بن الجهم. أبو علي التميمي الأصبهاني. عن: الحسين بن الفرج، وحبان بن بشر. وعنه: أحمد بن بندار الشعار. توفي سنة تسعين ومائتين. 206- الحسن بن ليلى الموصلي. عن: غسان بن الربيع، وجبارة بن المغلس، وجماعة. وعنه: يزيد بن محمد في تاريخه وَقَالَ: مات سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 207- الحَسَن بن سهل بن عبد العزيز البَصْرِيّ بن المجوز2. سَمِعَ: أبا عاصم النبيل، وعثمان بن الهيثم. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وعَليَّ بن محمد بن سختويه، وجماعة. ذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 129". 2 الثقات لابن حبان "8/ 181"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 132"، الوافي بالسوقيات "12/ 40، 41".

تُوُفِّي الحَسَن بن سهل بالبصرة في ذي الحجة سنة تسعين ومائتين. 208- الحَسَن بن العَبَّاس بن أبي مهران الرازي الجمال1. أَبُو عَليّ المقرئ المجوِّد، نزيل بغداد. سَمِعَ: ابن عُثْمَان، وعبد المؤمن بن عَليّ الزَّعْفَرَانِيّ، ويعقوب بن حميد بن كاسب. وقرأ القرآن عَلَى: أحمد بن قالون، وَأَحْمَد بن يزيد الْحُلْوَانِيِّ، وَمحمد بن عيسى الأصبهاني، وأحمد بن صالح المصري. وتصدّر للإقراء. وَكَانَ من كبار المحققين للقراءات. قرأ عَلَيْهِ: أبو بَكْر بن مجاهد، وأبو الحَسَن بن شَنَبُوذ، وأبو بَكْر النقاش، وَأَحْمَد بن حَمَّاد صاحب المشطاح. وروى عَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وابن السَّمَّاك، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وابن قانع، وأبو سهل القطان، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. وثّقه الخطيب. وَتُوُفِّي في رمضان سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. 209- الحَسَن بن عبد الأعلى بن إبراهيم بن عُبَيْد الله الأبناوي اليماني البَوْسي2 الصنعاني. وروى عن: عبد الرزاق، وغيره. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. قَالَ أَبُو الْقَاسِم بن منده: تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. والبوسي: بالفتح والإهمال: ضبطه السلفي، وغيره.

_ 1 أخبار القضاة لوكيع "3/ 14"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 126"، تاريخ بغداد "7/ 296"، المنتظم "6/ 36". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 124"، تاريخ جرجان "475، 432"، الوافي بالوفيات "12/ 62، 63".

وروى عَنْهُ: حفيده عبد الأعلى محمد بن الحسن، وأبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي الجمال، وأحمد بن شُعَيْب الأنطاكي، وأبو عوانة الحَافِظ في صحيحه، وأبو الحسن بن سلمة القطان وَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وُلدت سنة اربع وتسعين ومائة، وسمعت من عبد الرزاق نحوًا من خمسين حديثًا. وَتُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. 210- الحَسَن بن عَليّ بن الفرات1. أَبُو عَليّ الكرماني. حَدَّثَ بإصبهان عن: يزيد بن هارون، وأبي نُعَيْم. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن الحَسَن النقاش. وبقي إلى بعد الثمانين. قَالَ أَبُو نُعَيْم الحَافِظ: فيه ضعف. 211- الحَسَن بن عَليّ بن خالد بن زولاق2. أَبُو علي المصري الشيعي. عن: عبد الله بن صالح الكاتب، وَيَحْيَى بن سليمان الجعفري. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في شوال سنة ثلاث وثمانين ومائتين. 212- الحَسَن بن عَليّ بن ياسر3. الفقيه أَبُو عَليّ البغدادي خال الحَافِظ أبي الآذان. حدث عن: محمد بن بكار بن الريان، وطبقته. وَعَنْهُ: علي بن محمد الواعظ، والطبراني.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 264". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 125". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 126"، تاريخ بغداد "7/ 368، 369"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 36".

قَالَ الخطيب: ثقة. تُوُفِّي بمصر سنة تسع وثمانين ومائتين. 213- الحَسَن بن عَليّ بن حجاج الأنصاري البغدادي1. عن: عبد الله بن معاوية الْجُمحي. وَعَنْهُ: الطبراني. 214- الحَسَن بن عَليّ بن خلف الصيلاني الدِّمَشْقِيّ الصرار2. سَمِعَ: سُلَيْمَان بن عبد الرحمن، وإسماعيل بن إبراهيم الترجمان، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو محمد بن زبر القاضي، والطَّبَرَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين أَيْضًا. 215- الحَسَن بن عُلَيْلِ بن الحُسَيْن بن عَليّ بن جيش3. أَبُو عَليّ اللغوي العَنْبَريّ البغدادي. عن: أبي نصر التمار، وَيَحْيَى بن معين، وهُدبة، وخالد. وَعَنْهُ: الحُسَيْن بن الْقَاسِم الكوكبي، وعبد الله بن إِسْحَاق الخُرَاسَانِيّ، وابن قانع، والطَّبَرَانيّ. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا صاحب أدب وأخبار. واسم أَبِيهِ علي. وَقَالَ غيره: لَهُ كتاب "التَّوارد". وَتُوُفِّي في سلخ المحرم سنة تسعين ومائتين. 216- الحَسَن بن عَمْرو بن الجهم4. أبو الحَسَن الشيعي. وقيل: السبيعي.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 131". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 135"، تاريخ جرجان للسهمي "417"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 200". 3 المعجم الصغير "1/ 128"، تاريخ بغداد "7/ 398، 399"، معجم المؤلفين لكحالة "3/ 265". 4 تاريخ بغداد "7/ 396"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 29"، البداية والنهاية "11/ 85".

قَالَ الخطيب: روى عن: عَليّ بن الْمَدِينِيِّ، وَبِشْر الحافي. وعنه: ابن السماك، وأبو بكر الشافعي. وثقه الدارقطني. وصوابه: الشيعي. وكان يَقُولُ ابن السَّمَّاك وحده: السبيعي. تُوُفِّي سنة ثمان وثمانين ومائتين. 217- الحَسَن بن غليب بن سَعِيد الأزدي1. مولاهم المصري. عن: سَعِيد بن أبي مريم، وَسَعِيد بن عفير، ومهدي بن جَعْفَر الرّملي، وجماعة. وعنه: ن. وَقَالَ: ثقة. حكاه أَبُو الْقَاسِم الحَافِظ. وَقَالَ أَبُو الحجاج الحَافِظ: لم أقف عَلَى روايته عَنْهُ. وروى عَنْهُ: محمد بن هارون بن شُعَيْب بن الأنصاري، وعلي بن محمد المصري الواعظ، وأحمد بن مروان الدِّينَوَري، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في ذي الحجة سنة تسعين ومائتين. 218- الحسن بن أَحْمَد بن أبي بِشْر2. أَبُو عَليّ السامُري المقرئ السَّرَّاج. عن: بِشْر بن الوليد الكندي، وأبي صلت الهَرَويّ، وأبي سهم الأنطاكي، وغيرهم. وعنه: عبد الله الخراساني، وابن قانع. تُوُفِّي سنة تسعين أَيْضًا. أرّخه ابن المنادى وَقَالَ: كَانَ من أفضل النَّاس.

_ 1 تهذيب الكمال "6/ 300، 301"، تهذيب التهذيب "2/ 315". 2 تاريخ بغداد "8/ 3"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 39".

219- الحَسَن بْن المتوكل البغدادي1. عن: هَوْذة بن خليفة، وسريج بن النُّعْمَان. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 220- الحُسَيْن بن إِسْحَاق التُّسْتَرِيُّ الدِّمَشْقِيّ2. محدّث رحّال ثقة. سَمِعَ سَعِيد بن منصور، وعَليَّ بن بحر القطان، وحامد بن يَحْيَى البلخي، وَيَحْيَى بن سُلَيْمَان، وشيبان بن فَرُّوخ، وَيَحْيَى الحماني، وخلْقًا. وَعَنْهُ: أبو جَعْفَر العُقيلي، وأبو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وجماعة. قَالَ ابن قانع: تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. 221- الحُسَيْن بن إسْمَاعِيل. أبو عبد الله المهدي البغدادي، ذكره الخليلي في مشيخة أبي الحُسَيْن القطان، وَأَنَّهُ سَمِعَ منه: إبراهيم الرّمادي، وهُدبة بن خالد. مات سنة سبعٍ وثمانين. 222- الحُسَيْن بن بشار3. أبو عَليّ البغدادي الخياط. عن: أبي بلال الأشعري، ونصر بن خراش. وَعَنْهُ: عبد الصمد الطَّسْتِيّ، وأبو بَكْر الشافعي. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 223- الحُسَيْن بن الحكم بن مسلم4.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 125". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 139"، طبقات الحنابلة "1/ 142". 3 تاريخ بغداد "8/ 24، 25"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 21". 4 الإكمال لابن ماكولا "3/ 40، 41"، الأنساب لابن السمعاني "4/ 45".

أبو عبد الله القرشي الكوفي الحِبري الوشاء. عن: إسْمَاعِيل بن أبان الوراق، وحسن بن حسين الأشقر، وأبي غسان مالك بن إسْمَاعِيل. وَعَنْهُ: أبو العَبَّاس بن عقبة، وأحمد بن إسحاق بن هلال، وخثيمة الأَطْرَابُلُسيّ، وآخرون. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين ومائتين. 224- الحسين بن حميد بن الربيع الكوفي الخزار1. عن: أبي نُعَيْم، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وجماعة. وَعَنْهُ: عُمَر بن محمد الكاغدي، وعثمان بن السَّمَّاك، وآخرون. وَهُوَ ضعيف، وقد جمع تاريخًا. تُوُفِّي في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين. ورماه بالكذب مطين. 225- الحُسَيْن بن داود بن مُعاذ2. أَبُو عَليّ البلخي الأديب العلامة، نزيل نيسابور، أحمد المتروكين. حَدَّثَ عن: الفضيل بن عياض، وابن المبارك، وأبي بَكْر بن عَيَّاش، وشقيق البلخي، والنضر بن شميل، وعبد الرزاق، وإبراهيم بن هدبة، وغيرهم. وحدث ببغداد فروى عنه من أهلها: علي بن محمد بن عبيد الحافظ، وعبد الله بن إبراهيم بن هرثمة، وأبو بكر الشافعي. قال الخطيب: ولم يكن ثقة، فإنه روى عن يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس، نسخةً أكثرها موضوعة. وَقَالَ الخلال: أنا يوسف القواس، ثَنَا محمد بن العَبَّاس بن شجاع، ثَنَا الحُسَيْن بن داود، ثنا الفضيل بن عياض.

_ 1 الكامل لابن عدي "2/ 777". 2 تاريخ بغداد "8/ 44، 45"، ميزان الاعتدال "1/ 534"، لسان الميزان "2/ 282، 283".

قُلْتُ: فذكر حديثًا قَالَ فيه الخطيب: موضوع. وَقَالَ الحاكم: لم يُنكر تقدّم حسين بن داود بن معاذ في الأدب والزهد، إلا أنه روى عن جماعة لا يتحمل سنه السماع منهم، مثل الفضيل، وابن المبارك. وقد كثرت المناكير أَيْضًا في رواياته، منها حديث عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "أُوحِيَ إِلَى الدُّنيا أَنِ اخْدُمِي مَنْ خَدَمَنِي، وَأَتْعِبِي مَنْ خَدَمَكِ"1. قَالَ الحاكم: وأخبرونا أَنَّهُ تُوُفِّي بنيسابور سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 226- الحُسَيْن بن السميدع2. أبو بَكْر البجلي الأنطاكي. قدم بغداد، وحدث عن: محمد بن المبارك الصوري، وموسى بن أيوب النصيبي، ومحبوب بن موسى الفراء، وَمحمد بن رُمح المصري، وطائفة. وَعَنْهُ: ابن صاعد، وَمحمد بن مخلد، وإسماعيل الصفار، والطبراني، وآخرون. وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ ومائتين. 227- الحُسَيْن بن عبد الله بن شاكر3. أَبُو عَليّ السَّمَرْقَنْدِيّ، سكن بغداد. وحدّث عن: إبراهيم بن المنذر الحزامي، وَمحمد بن رمح، وجماعة. وعنه: محمد بن مخلد، وأبو بكر الشافعي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف. وَقَالَ ابن المنادى: مات في شوال سنة ثلاث وثمانين.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه الخطيب في تاريخه "8/ 44"، وابن الجوزي في الموضوعات "3/ 136"، وذكره الشيخ الألباني في الضعيفة "808"، وقال: موضوع. 2 مسند الشاميين "1/ 174"، تاريخ بغداد "8/ 51"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 299"، المنتظم "6/ 25، 26". 3 تاريخ بغداد "8/ 58، 59"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 307، 308".

وَقَالَ غيره: كَانَ وراق داود الظاهري. وقد وثقه أبو سَعِيد الإدريسي. 228- الحُسَيْن بن عَليّ1. أبو العلاء الشاشي. عن: علي بن حجر، ونحوه. روى عَنْهُ: أهل الشاش. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ: مَاتَ سنة ثلاث أَيْضًا. 229- الحُسَيْن بن عَليّ بن الفضل الأنصاري الموصلي. عن: محمد بن عبد الله بن عمار، وعثمان بن أبي شيبة، وجماعة. وعنه: يزيد الأزدي، وَقَالَ: ثقة. تُوُفِّي سنة خمس وثمانين ومائتين. 230- الحُسَيْن بن عَليّ بن بِشْر الصوفي2. عن: قطن بن نُسير، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن خُزَيْمَة. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 231- الحُسَيْن بن عَليّ بن مهران الدّقّاق3. شيخ نَيْسَابُور. سَمِعَ: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَعَمْرو بن زرارة. وَعَنْهُ: أَبُو الفضل بن محمد بن إِبْرَاهِيم، وعَليَّ بن عيسى، وجماعة. تُوُفِّي سنة خمسٍ أَيْضًا.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 192". 2 تاريخ بغداد "8/ 96". 3 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 277".

232- الحُسَيْن بن الفضل بن عمير البجلي الكوفي1. أبو عَليّ المفسر الأديب إمام عصره في معاني القرآن. قَالَ الحاكم: أقدمه عبد الله بن طاهر معه نيسابور سنة سبع عشرة ومائتين. واتباع لَهُ الدار المشهورة بِهِ بدار عمه، فسكنها، وبقي يُعلم النَّاس العلم، ويُفتي عنده في تِلْكَ الدار إلى أن تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين، عن مائة وأربع سنين. وقبره مشهور يُزار. سَمِعَ: يزيد بن هارون، وعبد الله بن بَكْر السهمي، وَالحَسَن بن قُتَيْبَة المدائني، وأبا النَّضر، وشبابة، وهوذة بن خليفة. سَمِعْتُ محمد بن أبي الْقَاسِم المذكر يَقُولُ: سَمِعْتُ أبي يَقُولُ: لو كَانَ الحُسَيْن بن الفضل في بني إسرائيل لكان ممن يذكر في عجائبهم. وَسَمِعْتُ محمد بن يعقوب الحَافِظ يَقُولُ: ما رأيت أفصح لسانًا من الحُسَيْن بن الفضل. وَسَمِعْتُ أبا سَعِيد بن أبي حامد: سَمِعْتُ محمد بن يعقوب الكرابيسي، صاحب دار الحسين بن الفضل يَقُولُ: كَانَ الحُسَيْن في آخر عمره يأمرنا أن نبسط لَهُ بحذاء سكة عمار، فكنا نحمله في المحفة. فمر بِهِ جماعة من الفرسان على زي أهل العلم، فرفع حاجبه ثُمَّ قَالَ لي: من هَؤُلاءِ؟ فَقُلْتُ: هَذَا أَبُو بَكْر بن خُزَيْمَة، وجماعة معه. فَقَالَ: يا سُبحان الله! بعد أن كَانَ يزورنا في هذه الدار إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الحنظلي، وَمحمد بن رافع، وَمحمد بن يَحْيَى، يمر بنا ابن خُزَيْمَة، فلا يسلّم أرأيتم أعجب من هَذَا؟ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم بن مضارب بن إِبْرَاهِيم: سَمِعْتُ أبي يَقُولُ: كَانَ علم الحُسَيْن بن الفضل بالمعاني إلهامًا من الله تعالى، فإنه كَانَ تجاوز حد التعليم. وَكَانَ يركع في اليوم والليلة ستمائة ركعة، وَيَقُولُ: لولا الضّعف والسن لم أُطعم بالنهار.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 414-416"، لسان الميزان "2/ 307، 308"، شذرات الذهب "178".

سَمِعْتُ أبا زكريا العَنْبَريّ يَقُولُ لَمَّا قلد المأمون عبد الله بن طاهر خُرَاسَان قَالَ: يا أمير المؤمنين لي حاجة. قَالَ: مقضية. قَالَ: تسعفني بثلاثة: الحُسَيْن بن الفضل البجلي، وأبو سَعِيد الضرير، وأبو إِسْحَاق القرشي. قَالَ: قد أسعفناك. وقد أخليتُ العراق من الأفراد. ثُمَّ ساق لَهُ الحاكم من الأحاديث في الغرائب والأفراد نحو بضعة عشر حديثًا. فيها حديثٌ باطل. قَالُوا: حَدَّثَنَا محمد بْنُ مُصْعَبٍ: ثَنَا الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا: "مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً جَعَلَ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُعْبَتَيْنِ مِنْ نُورٍ عَلَى الصِّرَاطِ يَسْتَضِيءُ بِهِمَا مَنْ لا يُحْصِيهِمْ إِلا رَبُّ الْعِزَّةِ". روى عَنْهُ: محمد بن الأخرم، وَمحمد بن صالح، وَمحمد بن الْقَاسِم العتكي، وعمرو بن محمد منصور، وأحمد بن شُعَيْب الفقيه، وَمحمد بن عَليّ الْمُعَدَّلُ، وأبو الطيب محمد بن عبد الله المبارك، وآخرون. سَمِعْتُ محمد بن صالح يَقُولُ: شهدت جنازة الحُسَيْن، وَتُوُفِّي يوم السبت لخمسٍ بقين من شعبان سنة ثلاث وثمانين، وَهُوَ ابن مائة وأربع سنين، وصلى عَلَيْهِ أبو بَكْر محمد بن النَّضر الجارودي، ودُفن في مقبرة الحُسَيْن بن معاذ، واجتمع لِذَلِكَ اليوم خلقٌ عظيمٌ للصلاة عَلَيْهِ. 233- الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن فهم بن مُحرز1. أَبُو عَليّ البغدادي الحَافِظ، صاحب محمد بن سعد مؤلف "الطبقات". سَمِعَ منه، ومن: مُصْعَب، وخلف بن هشام، وَمحمد بن سلام الجمحي، وَيَحْيَى بن معين، ومحرز بن عون، وأبي خثيمة، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن معروف الخشاب، وَأَحْمَد بن كامل، وَإسْمَاعِيل الخطبي، وَأَبُو عَليّ الطُّوماري.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 427، 428"، تاريخ بغداد "8/ 92، 93"، لسان الميزان "2/ 309".

وَكَانَ لَهُ جلساء من أهل العلم يذاكرهم، وَكَانَ عسرًا في الرواية. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. وَقَالَ الخطبي: ولد سنة إحدى عشر ومائتين، ومات في رجب سنة تسعٍ وثمانين. قَالَ ابن كامل: كَانَ حسن المجلس، مُفنّنًا في العلوم، كثير الحفظ للحديث مسنده وقطوعه، ولأصناف الأخبار، والنسب، والشعر، والمعرفة بالرجال، فصيحًا، متوسطًا في الفقه، ويميل إلى مذهب العراقيين. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: صحبت ابن معين، فأخذت عَنْهُ معرفة الرجال، وصحبتُ مُصْعَب بن عبد الله، فأخذت عَنْهُ معرفة النسب، وصحبت أبا خَيْثَمَة، فأخذت عَنْهُ المُسند، وصحبت الحَسَن بن حَمَّاد سجّادة، فأخذت عَنْهُ الفقه. 234- الحُسَيْن بن محمد بن زياد1. أَبُو عَليّ النَّيْسَابُوري القباني الحَافِظ، أحد أركان الحديث بنيسابور. سَمِعَ إِسْحَاق بن راهويه، وعمرو بن زرارة، وطائفة ببلده. و: سهل بن عُثْمَان العسكري، وَإِبْرَاهِيم بن المنذر الحزامي، ومنصور بن أبي مزاحم، وأبا مُصْعَب، وأبا بَكْر بن أبي شَيْبَة، وسريج بن يونس، وطبقتهم في رحلته. روى عَنْهُ: محمد بن إسماعيل البخاري وهو من شيوخه؛ وقد قال خ. في صحيحه: ثَنَا حسين، ثَنَا أَحْمَد بن منيع، فذكر حديثًا، فَقِيلَ: إِنَّهُ القباني. كذا قاله أَبُو النصر الكلاباذي، وغيره. وَقَالَ بعضهم: هُوَ الحُسَيْن بن يَحْيَى بن جَعْفَر البِيكَنْدِيّ، والأول أشبه، لأن القباني كَانَ عنده مُسند ابن منيع بكماله، ولأنه كَانَ يلزم الْبُخَارِيَّ، ويهوى هواه، لَمَّا وقع للبخاري بنيسابور ما وقع مَعَ الذهلي. وَعَنْهُ أَيْضًا: دعلج، وأبو عبد الله بن الأخرم، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم

_ 1 تهذيب الكمال "6/ 476-478"، سير أعلام النبلاء "13/ 499-502"، تهذيب التهذيب "2/ 368، 369".

الهاشمي، وَيَحْيَى بن محمد العَنْبَريّ، وجماعة كثيرة من شيوخ الحاكم. وَقَالَ فيه الحاكم: أحد أركان الحديث وحُفاظ الدُّنْيَا. رحل وأكثر وصنف المسند، والأبواب، والتاريخ، والكني، ودُونت في الدُّنْيَا. ثُمَّ روى الحاكم بإسناده، عن القباني قَالَ: كَانَ لزياد جدي قبّان، ولم يكن وزانًا، ولم يكن بنيسابور إِذْ ذاك كثير قبان، وَكَانَ النَّاس إِذَا أرادوا أن يزنوا شيئًا، جاءونا، فاستعاروا قبان جدي، فشهر بالقباني، وَكَانَ جدي حمله من بلاد فارس إلى نَيْسَابُور، وَقَالَ أبو عبد الله بن الأخرم: كَانَ أبو علي القباني يجمع أهل الحديث عنده بعد مُسْلِم بن الحجاج. وَقَالَ محمد بن صالح بن هانئ: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن محمد بن زياد، وثنا بحديثٍ عن سريج بن يونس فَقَالَ: هَذَا الحديث كتبه عني محمد بن إسْمَاعِيل الْبُخَارِيُّ، وحدّث بِهِ، ورأيته في كتاب بعض الطلبة، قد سمعه من الْبُخَارِيِّ عني. تُوُفِّي القباني سنة تسع وثمانين ومائتين، رحمه الله تعالى. 235- الحسن بن مُعاذ بن محمد بن منصور. أبو عَليّ النميري النَّيْسَابُوري الضبع. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وابن راهَوَيْه. وبالعراق: سهل بن عُثْمَان، وأبا الربيع الزهراني. وبالحجاز: يعقوب بن حميد، وَمحمد بن زنبور. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر بن عَليّ الرازي الحَافِظ، وَمحمد بْن يعقوب بْن الأخرم، وَمحمد بْن صالح بن هانئ. تُوُفِّي في الخامس والعشرون من رمضان سنة ثلاث وثمانين بنيسابور. 236- الحُسَيْن بن الهيثم بن ماهان1. أَبُو الربيع الرازي الكسائي.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 145"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 369، 370".

سَمِعَ: هشام بن عمار، وَمحمد بن الصباح الْجُرجاني، وحرملة التجيبي، وطبقتهم. وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وابن القطان، وأبو عوانة، وَأَحْمَد بن يوسف بن خلاد، وآخرون. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 237- حُسنُونُ بن الهيثم1. أَبُو عَليّ الدُّويري المقرئ. قرأ عَلَى: هُبَيْرَة التَّمَّار صاحب حفص. وحدث عن: محمد بن كثير القهري، وداود بن رشيد. وأقرأ النَّاس. قرأ عَلَيْهِ: أبو بَكْر الدَّيْبلي شيخٌ لأبي العلاء القاضي الواسطي. وذكر أبو النقاش أَنَّهُ قرأ عَلَيْهِ. وحدث عَنْهُ: عبد الرحمن بن العَبَّاس والد المخلِّص، وأبو بحر البربهاري، وغيرهما، تُوُفِّي سنة تسعين. وقد سَمِعَ منه الحروف: ابن مجاهد. وقرأ عَلَيْهِ: محمد بن أَحْمَد بن هارون الحربي. 238- حفص بن عُمَر سنجة الرَّقِّيّ2. قِيلَ: تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. وقيل: تُوُفِّي سنة ثمانين، وقد ذكر. 239- حمدان بن ذي النون3. وأبو أحمد السلمي.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 288"، غاية النهاية "1/ 234، 235". 2 الإكمال لابن ماكولا "4/ 385"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 373". 3 الثقات لابن حبان "8/ 220".

عن: مكي بن إبراهيم. وَعَنْهُ: عَبْد الله بْن محمد بْن يعقوب الْبُخَارِيُّ الفقيه، وغيره. تُوُفِّي في آخر سنة ... وثمانين. 240- حَمْدَان بن ياسين المَوْصِليّ الفراء. أَبُو أَحْمَد. عن: أبيه، وَمُعَلَّى بن مهدي. وَعَنْهُ: أهل المَوْصِل. وروى يزيد بن محمد في تاريخه، عن رجل، عَنْهُ وَقَالَ: تُوُفِّي بعد الثمانين ومائتين. 241- حمدون بن أَحْمَد بن عمارة بن زياد بن رستم1. أَبُو صالح القصار، شيخ أهل الملامة، ورئيسهم. وأول من أظهر الملامة بنيسابور. كَانَ قليل الكلام كثير الفوائد. قَالَ السلمي: مات بعد الثمانين ومائتين. قُلْتُ: قد مرّ في الطبقة الماضية. 242- حشنام بن إسْمَاعِيل. أَبُو بَكْر النَّيْسَابُوري. عن: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وأبي سَعِيد الأشج، وَإِبْرَاهِيم بن بشار الخُرَاسَانِيّ الصوفي، وغيرهم. وَعَنْهُ: جَعْفَر بن محمد بن سوار، وزنجويه اللباد، وعبد الله بن المبارك الشعيري.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 231" سير أعلام النبلاء "13/ 50"، تقريب التهذيب "1/ 198".

"حرف الخاء": 243- خالد بن يزيد بن وَهْب بن جرير بن حازم الأَزْدِيّ البَصْرِيّ1. رَوَى عَنْهُ عبد الصمد الطَّسْتِيّ حديثًا مُنكرًا. وَتُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا: أَحْمَد بن أبي طاهر، وَمحمد بن خلف بن المَرْزُبان. وَهُوَ ابن يزيد، كذا ضبطه في "تاريخ الخطيب" مرّتين. 244- خَطّاب بن سعد الخير الأَزْدِيّ الحِمْصِيّ2. عن: هشام بن عَمَّار، وأبي نُعَيْم عُبَيْد بن هشام الحلبي. وَعَنْهُ: أَبُو الحسن شَنَبُوذ، والطَّبَرَانيّ، وأبو عَليّ بن هَارُون الأَنْصَارِيّ، وجماعة. ولعله بقي إلى بعد التسعين ومائتين. 245- خَلَفُ بنُ الحَسَن بن جُوان الواسطي3. عن: محمد بن خالد بن عبد الله الطحان، وغيره. وَعَنْهُ: ابن قانع، والطَّسْتِيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 246- خلفُ بنُ المختار المغربي الأَطْرَابُلُسيّ النَّحْوِيّ اللُّغَويّ4. من كبار علماء العربية ببلده. تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 247- خُمَارَوَيْه بن أحمد بن طولون5.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 316، 317"، المنتظم لابن الجوزي "5/ 155". 2 تهذي تاريخ دمشق "5/ 170، 171". 3 تاريخ بغداد "8/ 331". 4 الوافي بالوفيات "13/ 360"، بغية الوعاة للسيوطي "1/ 556". 5 تاريخ الطبري "10/ 87، 18، 30، 42"، الولاة والقضاة للكندي "215، 224"، سير أعلام النبلاء "13/ 446-448".

الملك أَبُو الجيش صاحب مصر وَالشَّام بعد والده سنة خمسين ومائتين. وولي الأمر سنة سبعين. كان جوادًا ممدَّحًا، شجاعًا مبذّرًا بيوت الأموال، ذكر أَبُو الفتح بن مسرور البَلْخِيّ، عن عَليّ بن محمد المَاذَرَائيّ، عن عمّ أَبِيهِ أبي عَليّ الحُسَيْن بن أَحْمَد الكاتب قَالَ: كَانَ أَبُو الجيش خُمَارَوَيْه يتنزه بمرج دمشق بعذْرا، فغنّى له المغني صوتًا أبدل منه كلمة وَهُوَ: قد قُلْتُ لَمَّا هاج قلبي الذكرى ... وأعرضت وسط السماء الشِّعْرى ما أطيب الليل بسُر مرَّأى فَقَالَ: ما أطيب الليل بمرج عذرا. فأمر لَهُ أَبُو الجيش بمائة ألف دينار. فَقُلْتُ: أيها الأمير، تعطي مغنيًا في بَدَلِ كلمة مائة ألف دينار، وتضايق المُعْتَضِد؟ فَقَالَ لي: كيف أعمل وقد أمرت، ولست أرجع؟ فقلت: نجعلها مائة ألف دينار درهم. فقال لي: أطلقها له معجلة، وما بقي "لَهُ" نبسطها في سنين حَتَّى تصل إِلَيْهِ. قَالَ ابن مسرور: وَحَدَّثَنِي أَبُو محمد، عن أَبِيهِ قَالَ: كنت مَعَ أبي الجيش عَلَى نهر ثور، فانحدر من الجبل أعرابي فأخذ بلجامه، فصاح بِهِ الغلمان فَقَالَ: دعوه. قَالَ: أيها الملك اسمع لي. قَالَ: قُل. فَقَالَ: إنَّ السِّنان وحدَّ السيف لو نطقا ... لحَدّثا عنك بين النَّاس بالعَجَبِ أفنيت مالَك تُعطيه وتُنْهبُهُ ... يا آفة الفضّة البيضاءِ والذهب فأعطاه خمسمائة دينار. فَقَالَ: أيها الملك زدني. فَقَالَ للغلمان: اطرحوا سيوفكم ومنَاطقكم.

فَقَالَ: أيها الملك، أثْقَلتني. قَالَ: أعطوه بَغْلا. ونقل غيره واحد أَنَّ محمد بن أبي الساج قصد خُمَارَوَيْه في جيشٍ عظيمٍ من بلاد أرمينية في الجبال، وسار إلى جهة مصر، فالتقاه خُمَارَوَيْه فَهَزَمه خمارويه، وكانت ملحمة مشهورة. ثُمَّ ساق خُمَارَوَيْه حَتَّى بلغ الفُرات ودخل أصحابه الرُّوم، وعاد وقد ملك من الفرات إلى النُّوبة، وَلَمَّا استُخلف المُعْتَضِد بادر خُمَارَوَيْه وبعث إِلَيْهِ بالهدايا والتحف، وسأله أن يُزَوِّج ابنته قطْر النَّدي بولده المُكْتَفِي بالله. فَقَالَ المُعْتَضِد: بل أنا أتزوجها. فتزوج بها في سنة إحدى وثمانين، ودخل بها في آخر العام. وأصْدَقها ألف ألف درهم. فَقِيلَ: إنَّ المُعْتَضِد أراد بزواجها أن يُفقر أباها. وكذا وقع، فَإِنَّهُ جهزها بجهاز عظيم يتجاوز الوصف، حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ أدخل معها ألف هاونٍ من الذَّهَب، والله أعلم بصحة ذَلِكَ. والتزم للمعتضد أن يحمل إِلَيْهِ في السنة مائتي ألف دينار، بعد القيام بمصالح بلاده. قَالَ ابن عساكر: قرأت بخطّ أَبِي الحُسَيْن الرَّازِيّ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بن محمد بن صالح الدِّمَشْقِيّ قَالَ: كان أبو الجيش كثير اللواط مجترئًا عَلَى الله، بلغ من أمره أَنَّهُ دخل الحمام، فأراد من واحدٍ الفاحشة، فأمر أن يدخل في دُبُره يد كرنيب، ففعل بِهِ، فصاح واضطرب في الحمام إلى أن مات، فأبغضه الخَدَم، واستفتوا العُلَمَاء في حدّ اللواطي، فقالوا: حدّه الْقَتْلُ. فتواطئوا عَلَى قتله، فقتلوه في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين في قصر دير مُرّان ظاهر دمشق. وهربوا، فظفر بهم طُفّ بن جُفّ الأمير، فأدخلهم دمشق، ثُمَّ ضرب أعناقهم. وَقِيلَ: إِنَّهُ نُقل إلى مصر، فدُفن عند أَبِيهِ. وَرَوَى عبد الوهاب بن الحَسَن بن الحَسَن الكلابي، عن أَبِيهِ أَنَّهُ ذهب إلى

حمص، قَالَ: عرفني مؤذن الجامع، فأضافني في المأذنة في لَيْلَةٍ مُقمرة، فَلَمَّا كَانَ وقت السَّحر قام يؤذن، فأشْرَفت في المأذنة، فَإِذَا بكلبٍ قد جاء بكلبٍ، فقام إليه فقَالَ: من أين جئت؟ قَالَ: من دمشق، الساعة قتل أبو الحسن بن طُولُون، قتله بعض غلمانه. فَقُلْتُ: للمؤذن: ألا تسمع؟ قَالَ: نعم. وأصبحنا، فورّخت ذَلِكَ، وسرت إلى دمشق، فوجدته صحيحًا. 248- خير بن سَعِيد بن خير. الفقيه أَبُو عبد الرحمن المالكي قاضي الإسكندرية وبرقة. حَدَّثَ عن: محمد بن خلاد، وغيره. وَتُوُفِّي في ربيع الأول سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 249- خير بن عرفة بن عبد الله بن كامل1. أَبُو طاهر المصري. عن: يَحْيَى بن بُكَيْر، وَعُرْوَة بن مروان الرَّقِّيّ، وعبد الله بن صالح، وزيد بن عبد ربه الحمصي، وجماعة. وَعَنْهُ: عَليّ بن محمد الواعظ، وأبو القاسم الطبراني، وأبو طالب الحَافِظ، وآخرون. تُوُفِّي في المحرم سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 250- خير بن مُوَفَّق، أَبُو مُسْلِم المصري. عن: يَحْيَى بن بُكَيْر، ومنصور بن أبي مُزَاحِم، وجماعة. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ ومائتين.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 188، 189"، سير أعلام النبلاء "13/ 413، 414"، لسان الميزان "4/ 164".

"حرف الدال": 251- داود بن إسْمَاعِيل الْجَوْزيّ1. في "تاريخ بغداد" أَنَّهُ حَدَّثَ عن: بِشْر الحافي، ويزيد بن أبي عُمَر بن جَنْزة. وَعَنْهُ: عُبَيْد بن عبد الرحمن، وعثمان بن إسْمَاعِيل السُّكَّريان، ويعقوب الدَّوْرَقِيّ، وجماعة. وَعَنْهُ: عَليّ بن إبراهيم بن سَلَمَةَ القطان، وابن قانع، وغيرهما. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 252- داود بن سُلَيْمَان الساجي2. عن: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيم، وَسُلَيْمَان بن حرب. وَعَنْهُ: محمد بن نجيح، والطَّسْتِيّ. وأحاديثه مستقيمة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 253- دُبيس بن سلام3. أَبُو عَليّ القَصَباني. عن: عَليّ بن عاصم. وَعَنْهُ: عبد الصمد الطَّسْتِيّ. قَالَ الدارقطني: ضعيف. وقال الطستي: ثقة.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 376". 2 تاريخ بغداد "8/ 375، 376". 3 تاريخ بغداد "8/ 387".

"حرف الراء": 254- رَوْح بن الفَرَج القَطَّان1. أَبُو الزنْباع المصري. محدّث مكثر مقبول. سَمِعَ: أبا عاصم صالح كاتب اللَّيْث، وعبد الغفار بن داود، وَسَعِيد بن عُفَيْر، وَيَحْيَى بن سُلَيْمَان الْجُعْفِيّ، ويوسف بن عَدِيّ، وَيَحْيَى بن بُكَيْر. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وعبد الله بن أَحْمَد بن إِسْحَاق، وعَليَّ بن محمد الواعظ، وَأَحْمَد بن الحَسَن بن عُقْبَة الرَّازِيّ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وآخرون. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البزار في مسنده وَقَالَ: يُقَالُ: ليس بمصر أوثق ولا أصدق منه. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: كَانَ من أوثق النَّاس. وَقَالَ ابن قُديد: رفعه الله بالعلم والصدق. تُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 255- روح من الفرج2. أَبُو حاتم البَّغْدَادِيّ المُؤَدِّب. عن: محمد بن زَنْبور. "حرف الزاي": 256- زُرقان الرياق. عن: عبد الله بن صالح العجلي، ومسدّد. وَعَنْهُ: أبو سهل القطان.

_ 1 الولاة والقضاة للكندي "423، 450"، تهذيب الكمال "9/ 250، 251"، تهذيب التهذيب "3/ 297، 298". 2 تاريخ بغداد "8/ 409"، تهذيب الكمال "9/ 251"، تهذيب التهذيب "3/ 298".

توفي في شوال سنة ثلاث وثمانين ومائتين. واسمه محمد بْن عَبْد الله. 257- زكريا بن حمدويه الغدادي الصَّفَّار1. عن: عفان. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة ثمان وثمانين ومائتين. 258- زكريا بن داود بن بَكْر النَّيْسَابُوري2. قَالَ الحاكم أبو عبد الله: هُوَ أَبُو يَحْيَى الخفاف المقدَّم في عصره، صاحب "التفسير" الكبير. سمع: يحيى بن يحيى، ويزيد بن صالح، وعَليَّ بن جعد، وأبا مُصْعَب الزُّهري، وأبا بَكْر بن أبي شَيْبَة، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أبو حامد بن الشَّرقي. وثنا عَنْهُ: الحَسَن بن يعقوب، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وَمحمد بن داود بن سُلَيْمَان، وعَليَّ بن عيسى. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ ومائتين. 259- زكريا بن يَحْيَى بن إياس بن سَلَمَةَ3. أَبُو عبد الرحمن السِّجْزِيُّ الحَافِظ، نزيل دمشق، ويُعرف بخياط السنة. سَمِعَ: قُتَيْبَة، وشيبان بن فَرُّوخ، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَبِشْر بن الوليد، وحكيم بن سيف الرَّقِّيّ، وصفوان بن صالح المؤذن، وطبقتهم. وَعَنْهُ: ن. فأكثر وابن جوصا، وَمحمد بن إِبْرَاهِيم بن دودان، وَأَبُو علي بن هارون، وأبو القاسم الطبراني، وجماعة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 165". 2 تاريخ بغداد "8/ 462، 463"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 21". 3 تهذيب الكمال "9/ 374-378"، سير أعلام النبلاء "3/ 507، 508"، تهذيب التهذيب "3/ 334".

وثّقه النَّسَائِيُّ، وغيره. ومولده سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وَتُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين عن أربعٍ وتسعين سنة. قَالَ الحَافِظ عبد الغني بن سعيد: كان ثقة حافظًا، ثنا عنه إِسْحَاق وأحمد أبناء إبراهيم بن الحداد. 260- زكريا بن يحيى بن عبد الملك البغدادي1. أبو يحيى الناقد، أحد العباد. سمع: خالد بن خداش، وأحمد بن حنبل، وفضيل بن عبد الوهاب. وعنه: أبو بكر الخلال، وأبو سهل القطان، وعبد الصمد الطستي، وأبو بكر الشافعي. قال الدارقطني: ثقة فاضل. قال محمد بن جعفر بن سام: لو قِيلَ لأبي يَحْيَى الناقد: غدًا تموت، ما ازداد في عمله. قُلْتُ: تُوُفِّي في ربيع الآخر سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 261- زياد بن الخليل2. أَبُو سهل التُّسْتَرِيُّ. حَدَّثَ ببغداد عن: مسدد، وَإِبْرَاهِيم بن بشار، والرمادي، وجماعة. وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ، وأبو بَكْر الشافعي. قَالَ الدارقطني: لا بأس بِهِ. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين، وَقِيلَ: سنة تسعين.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 461، 462"، طبقات الحنابلة "1/ 158، 159". 2 تاريخ بغداد "8/ 481، 482"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 22".

"حرف السين": 262- السري بن سهل الْجُنْدَيْسابوري1. عن: عبد الله بن رُشيد. وَعَنْهُ: عبد الصمد الطَّسْتِيّ، والطَّبَرَانيّ، وغيرهما. تُوُفِّي بفارس سنة تسعٍ وثمانين. 263- سَعِيد بن إسرائيل القطيعي البَّغْدَادِيّ2. عن: حبان بن موسى، وَإسْمَاعِيل بن عيسى العطار. وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة ثمان وثمانين. 264- سَعِيد بن الأشعث السِّجِسْتَاني. أخو الإمام أبي داود السِّجِسْتَاني. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. 265- سَعِيد بن أوس3. أَبُو عُثْمَان السُّلمي الدِّمَشْقِيّ الإسكافي. عن: أَحْمَد بن أبي الحواري، وهشام الأزرق. وعنه: عبد الله بن جعفر بن الورد، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وجماعة، وَهُوَ سَعِيد بن الحَكم بن أوْس، نسبوه إلى جَدّه. 266- سَعِيد بن سيار الواسطي4. سمع: عمرو بن عون.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 177". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 169"، تاريخ بغداد "9/ 98". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 169"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 121". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 169".

رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 267- سَعِيد بن عَبْدَوَيْه البَّغْدَادِيّ بن الصَّفَّار1. عن: الربيع بن ثعلب. وَعَنْهُ: ابن قانع، والطَّبَرَانيّ. 268- سَعِيد بن عُثْمَان2. أَبُو سهل الأهوازي. عن: أبي الوليد الطَّيَالِسِيّ، وبكار السٍّيريني، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القَطَّان، وَأَحْمَد بن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر الشافعي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: صدوق. 269- سَعِيد بن محمد بن المغيرة المصري3. عن: سَعِيد بن سُلَيْمَان سَعْدَوَيْه. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 270- سَعِيد بن محمد4. أَبُو عُثْمَان الأنْجُذاني. عن: أبي عَمْرو الحَوْضي، وغيره. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن كامل، والطَّسْتِيّ، وأبو تلا الشافعي. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 271- سَعِيد بن ياسين البَلْخِيّ الوراق5. حدث ببغداد عن: قتيبة، وجماعة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 171". 2 تاريخ بغداد "9/ 97". 3 المعدم الصغير للطبراني "1/ 168". 4 تاريخ بغداد "9/ 96، 97"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 8". 5 تاريخ بغداد "9/ 98، 99".

وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ، وابن قانع، وابن نجيح. قَالَ الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرا. 272- سلامة بن محمد بن ناهض1. وَيُقَال: سلام مخفَّفًا أَيْضًا. أَبُو بَكْر الترياقي الْمَقْدِسِيُّ. سَمِعَ: هشام بن عَمَّار، وصفوان بن صالح، والوليد بن حجر الرَّملي. وَعَنْهُ: جَعْفَر الفِرْيَابِيّ وَهُوَ من أقرانه، وأبو طالب أحمد بن نصر، وأبو القاسم الطَّبَرَانيّ. 273- سُلَيْمَان بن أيوب بن سُلَيْمَان بْن دَاوُد بْن عَبْد اللَّه بْن حَذْلم2. أَبُو أيوب الأسَدي الدِّمَشْقِيّ. عن: أَبِيهِ، عن الوليد بن المسلم. وعن: صفوان بن صالح، وَسُلَيْمَان ابن بنت شُرَحْبِيل، وَدُحَيْم، وجماعة. وَعَنْهُ: ن. 274- سُلَيْمَان بن محمد بن الفضل النَّهْرواني3. أَبُو منصور. عن: محمد بن السَّري العسقلاني، وعبد الوهاب بن الضحاك، وَمحمد بن وَهْب الحَرَّاني. وَعَنْهُ: ابن قانع، وأبو بكر الشافعي. وهو ضعيف، قاله الدَّارَقُطْنيّ. 275- سماعة بن أَحْمَد4. أَبُو بَكْر البَصْرِيّ القاضي.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 174". 2 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 248"، تهذيب الكمال "11/ 367-369"، تهذيب التهذيب "4/ 173". 3 تاريخ جرجان للسهمي "224"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 286". 4 تاريخ بغداد "9/ 222".

عن: بكار بن محمد السيريني. وَعَنْهُ: عبد الباقي بن قانع، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وابن نجيح. وَهُوَ ثقة. 276- سِماك بن عبد الصمد1. أَبُو الْقَاسِم الأَنْصَارِيّ الدِّمَشْقِيّ. عن: خَالِد بن عَمْرو السِّلفي، وأبي مسهر الغسّاني. وَعَنْهُ: أَبُو عوانة، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْر الشافعي. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين بطرسوس. 277- سٍنان بن محمد بن طالب. أَبُو بَكْر التَّمِيمِيّ المَوْصِليّ. عن: أبي نُعَيْم، وعفان، وأبي الجوّاب، وغيرهم. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد الأَزْدِيّ في تاريخه، وقال: توفي سنة إحدى وثمانين ومائتين. 278- السِّندي بن أبان2. أَبُو نصر، غلام خَلَف بن هشام البَزَّار. عن: يَحْيَى الحماني، وغيره. وَعَنْهُ: عبد الصمد الطَّسْتِيّ. تُوُفِّي سنة إحدى أَيْضًا. 279- سهل بن سعد بن نضلة الطائي3. أَبُو الْقَاسِم القزويني. سَمِعَ: عَليّ بن محمد الطنافسي، وأبا مصعب الزهري، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 216، 217". 2 تاريخ بغداد "9/ 234". 3 أخبار قزوين للرافعي "3/ 61، 62".

قَالَ الخليلي في شيوخ القَطَّان: كَانَ ثقة أَيْضًا. وذكر أَنَّهُ كَانَ حيًّا في هَذَا الحين. 280- سهل بن عبد الله التُّسْتَرِيُّ1. الإمام العارف أَبُو محمد شيخ الصوفية. رَوَى عن: خاله محمد بن سوار. وصحبه ذي النون المصري قليلًا، لقيه في الحج. وَعَنْهُ: عُمَر بن واصل، وَأَبُو محمد الحريري، وعباس بن عصام، وَمحمد بن المنذر الهُجَيْمي، وجماعة. وَكَانَ من أعيان الشيوخ في زمانه، يُعدّ مَعَ الْجُنَيْد، وَلَهُ كلام نافع في التصوف والسنة وغير ذَلِكَ، فنقل أَبُو الْقَاسِم التَّمِيمِيّ في الترغيب والترهيب من طريق أبي زُرْعَة الطَّبَرِيّ: سَمِعْتُ ابن درستويه صاحب سهل بن عبد الله يَقُولُ: قَالَ سهل، ورأى أصحاب الحديث فَقَالَ: اجتهدوا أن لا تلاقوا الله إِلا ومعكم المحابر. وفي "ذمّ الكلام"، بإسنادٍ، عن سهل وَقِيلَ لَهُ: إلى متى يكتب الرجل الحديث؟ قَالَ: حَتَّى يموت، ويُصبُّ باقي حبره عَلَى قبره. قرأت على ابن الخلال، أَنَا ابنُ اللَّتي، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا شيخ الإِسْلام عبد الرحمن بنيسابور: سَمِعْتُ الحُسَيْن الدَّقيقي، يَقُولُ: سَمِعْتُ سهل بن عبد الله يَقُولُ: من أراد الدُّنْيَا والآخرة فلْيكتُب الحديث. فإنّ فيه منفعة الدُّنْيَا والآخرة. قُلْتُ: هكذا كَانَ مشايخ الصوفية في حرصهم عَلَى الحديث والسنة، لا كمشايخ عصرنا الْجَهَلة البَطَلة الأكَلَة الكسلة. وبلغنا أَنَّهُ أتى إلى أبي داود السِّجِسْتَاني مصنّف السُّنن، فَقَالَ: أريد أن تُخرج لي لسانك هَذَا الذي حدثت بِهِ أحاديث رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أقبله. فأخرجه له فقبله.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 189-212"، صفة الصفوة "4/ 64-66"، وفيات الأعيان "2/ 429، 430"، سير أعلام النبلاء "13/ 330-333".

ومن كلامه: لا مُعين إِلا الله، ولا دليل إِلا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا زاد إِلا التَّقوى، ولا عمل إِلا الصبر عَلَيْهِ. وَقَالَ: الجاهل ميت، والناسي نائم، والعاصي سكران، والمُصرّ هالك. وَقَالَ: الجوع سرُّ الله في أرضه، لا يُودعه عند من يديعه. وَقَالَ إسْمَاعِيل بن عَليّ الأُبُليّ: سَمِعْتُ سهل بن عبد الله بالبصْرة سنة ثمانين ومائتين يَقُولُ: العقل وحده لا يدلّ عَلَى قديم أَزَلِي فوق عرش مُحدث، نصبه الحقّ دِلالةً وعلما لنا، لتهتدي القلوب به إليه، ولا تُجاوزه، أي بما أثبت الحق فيها من نور الهداية، ولم يكلّفها علم ماهيّة هُويته، فلا كيف للاستواء عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لا يجوز للمؤمن أن يَقُولُ: كيف الاستواء؟ لِمَ خلقَ الاستواء؟ وإنما عَلَيْهِ الرضى والتسليم، لقول النبي -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ: "إِنَّهُ عَلَى عرشه" 1. وإنما سُمي الزنديق زنديقًا، لِأَنَّهُ وزن دق الكلام بمخبول عقله، وقياس هوى طبعه، وترك الأثر والاقتداء بالسنة، وتأول القرآن بالهوى. فعند ذَلِكَ لم يؤمن بأن الله عَلَى عرشه. فسبحان من لا تكفيه الأوهام موجودًا، ولا تمثله الأفكار محدودًا. وَقَالَ أَبُو نُعَيْم: نا أبي، نا أَبُو بَكْر الجوربي: سَمِعْتُ سهل بن عبد الله يَقُولُ: أصولنا ستة أشياء: التّمسّكُ بالقرآن، والاقتداء بالسنة، وأكلُ الحلال، وكف الأذى، والتوبة، وأداء الحقوق. وعن سهل: من تكلم فيما لا يعنيه حُرم الصدق، ومن اشتغل بالفضول حُرم الورع، ومن ظنّ السوء حُرم اليقين، فَإِذَا حُرِم من هذه الثلاثة هلك. وَعَنْهُ قَالَ: من أخلاق الصَّديقين أن لا يُحلفوك بالله، ولا يغتابون، ولا يُغتاب عندهم، ولا يُشبعون بطونهم، وَإِذَا وعدوا لم يُخلفوا، ولا يمزحون أصلًا. وَقَالَ ابن سالم: قَالَ عبد الرحمن بعض تلامذة سهل التُّسْتَرِيِّ لسهل: يا أبا محمد، إني أتوضأ، فيسيل الماء من يدي، فيصير قضبان ذهب.

_ 1 أما المعنى فقد صح ذلك، كما في حديث: "يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس"؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش عند ربها". حديث صحيح متفق عليه. وأما باللفظ كما في حديث: "ثم استوى على العرش". حديث ضعيف. أخرجه الواحدي في أسباب النزول "820" بتحقيقي.

فقال سهل: الصبيان يباركون خشخشاشة. تُوُفِّي سهل -رحمة الله عَلَيْهِ- في المحرّم سنة ثلاث وثمانين، وعاش ثمانين سنة، أَوْ جاوزها. وَيُقَال: مات سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين، والأول أصح. 281- سهل بن عَليّ الدوري1. عن: عَليّ بن الْجَعْد، وغيره. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ. وَكَانَ متَّهمًا بالكذب. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. ورّخه ابن قانع، ولاؤه لآل عَليّ بن أبي طالب. رَوَى عن: سريج بن يونس، والقواريري، وَإِبْرَاهِيم التَّرْجُمَانيّ. قَالَ أَبُو مُزَاحِم الحَافِظ: يُرمى بالكذب. 282- سهل بن المتوكل الْبُخَارِيُّ2. عن: الْقَعْنَبِيِّ، وَمحمد بن سلام البِيكَنْدِيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. قَالَ السليماني: كَانَ من أئمة اللغة، يُكنَّى أبا عُصْفور. "حرف الشين": 283- الشاذ بن نصر بن سيار. أَبُو الحَكَم الدِّمَشْقِيّ. عن: قُتَيْبَة، وهشام بن عَمَّار، وحرْمَلة، وطبقتهم.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 118، 119". 2 الثقات لابن حبان "8/ 294".

وَعَنْهُ: عبد الله بن زَبْر القاضي، وَمحمد بن أَحْمَد الرَّافقي، وعبد الله بن المهتدي بالله. ذكره ابن ماكولا. "حرف الصاد": 284- صالح بن شُعَيْب البَصْرِيّ الزاهد1. عن: بَكْر بن محمد القرشي. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في صفر سنة ستٍّ وثمانين. 285- صالح بن العلاء بن وضاح. أَبُو شُعَيْب المَوْصِليّ. عن: غسان بن الربيع، وأبي هاشم محمد بن عَليّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 286- صالح بن عَليّ بن الفضل النوفلي2. حَدَّثَ ببغداد وغيرها. عن: خَالِد بن يزيد العُمري، وعبد الله بن محمد بن القدامي؟ وَعَنْهُ: ابن جوصا، ومحمود الرافقي، وآخرون. 287- صالح بن عمران3. أَبُو شُعَيْب الدعاء. عن: عبد الْقَاسِم بن سلام، وعفان، وَسُلَيْمَان بن حرب، وطبقتهم. تُوُفِّي سنة خمس وثمانين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 179". 2 طبقات الحنابلة "1/ 177". 3 طبقات الحنابلة "1/ 177"، تاريخ بغداد "9/ 321".

رَوَى عَنْهُ: إسْمَاعِيل الخُطبي، وَأَحْمَد بن كامل، وأبو بكر الشافعي. قال الدارقطني: لا بأس بِهِ. 288- صالح بن محمد بن عبد اللَّه1. أَبُو الفضل الرَّازِيّ. نزل بغداد. عن: عفان، وَسُلَيْمَان بن حرب، وجماعة. وَعَنْهُ: الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وجماعة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ، وَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ تلا أربعة آلاف ختمة. تُوُفِّي في شوال سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 289- صالح بن مقاتل الأعور2. عن: أَبِيهِ. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القَطَّان، وابن قانع. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بقوي. 290- صالح بن يونس. أَبُو شُعَيْب الواسطي الزاهد. كَانَ من سادات الصوفية. وردَ عَنْهُ أَنَّهُ رأى الحقَّ في النوم، وحجَ عَلَى قدميه سبعين حجّة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين بالرملة، كان يعرف بالمقنَّع، والدّعاء عند قبره مُستجاب. وَكَانَ يكون بمصر وَكَانَ يُحرِم من القُدس إلى الرملة. وَيُقَال: رأى مرة كلبًا يلهث عطشًا في البادية، فَقَالَ: من يشتري مني سبعين حجّة بشربةٍ لهذا؟ فأعطاه رجل دمشقي ماءً، فسقي الكلب.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 320". 2 تاريخ بغداد "9/ 321، 322".

291- صدَقَةُ بن موسى1. عن: أبي نُعَيْم، والأصمعي. شيخ مجهول، لم يرو عنه إلا الدارع. الشَّيْخ المتروك صاحب الجن. "حرف الضاد": 292- الضَّحَّاك بن الحُسَيْن الأَزْدِيّ الإستراباذي الفقيه2. عن: إسْمَاعِيل الشالنجي، وهشام بن عَمَّار، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وجماعة. وَعَنْهُ: نُعَيْم بن عبد الملك بن عَدِيّ، وَمحمد بن إِبْرَاهِيم بن أبْرَوَيْه، وَأَحْمَد بن محمد بن مُطرّف، وغيرهم. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين ومائتين. "حرف الطاء": 293- طاهر بن حزم الأندلسي الطَّرْطُوشِيّ3. مولى بني أمية؛ يروي عن: يَحْيَى بن يَحْيَى اللَّيْثي. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 294- طاهر بن محمود النَّسَفِيّ. رحل وَسَمِعَ: هشام بن عَمَّار، وغيره. رَوَى عَنْهُ: عبد المؤمن بن خلف النَّسَفِيّ، وَتُوُفِّي سنة تسع وثمانين. أغفله ابن عساكر. 295- الطيب بن محمد بن غالب. أَبُو عبد الرحمن السَّعدي الْبُخَارِيُّ. عن: محمد بن سلام البِيكَنْدِيّ، وقتيبة بن سَعِيد، وعثمان بن أبي شَيْبَة.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 333، 334". 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 5". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 206، 207".

وَعَنْهُ: محمد بن عبد الرحمن بن الطيب حفيده. تُوُفِّي في صفر سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. "حرف العين": 296- عامر بن المُثَنَّى. أَبُو عَمْرو الكَرْمِيني، من حُفّاظ ما وراء النَّهْر. ذكره السُّليماني فَقَالَ: لزم الْبُخَارِيَّ وتفقه بِهِ. ورحل وَسَمِعَ: عَمْرو بن عَليّ، وَمحمد بن بشار. 297- عُبادة بن محمد بن عبد الله العَدَني1. سَمِعَ: حَفْص بْن عَمْرو العدني الفرج. روى عنه: الطبراني. 298- العباس بن حزم بْن عَبْد الله بْن أشرس2. أَبُو الفضل النَّيْسَابُوري الواعظ، أحد العُلَمَاء والزّهاد في وقته. صحب أَحْمَد بن حرب الزاهد. وَسَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَل، وَسَعِيد بن محمد الجرمي، وقتيبة بن سعيد، وهشام بن عَمَّار، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وخلقًا. وَعَنْهُ: أَبُو العَبَّاس السَّرَّاج، وَإِبْرَاهِيم بن محمد بن سُفْيَان، وسِبطه محمد بن عبد الله، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وآخرون. قَالَ أَبُو الوليد الفقيه: سَمِعْتُ أبي يَقُولُ: كَانَ العَبَّاس بن حمزة مُجاب الدَّعوة. وَقَالَ ابن مُجيد: كَانَ العَبَّاس يصوم النهار ويقوم الليل، وَكَانَ يَقُولُ: لقد لحقتني بركة ذي النون.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 255". 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 224، 225"، طبقات الحنابلة "16/ 659".

وَقَالَ السَّرَّاج: سَمِعْتُ العَبَّاس بن حمزة، وسأله رجلٌ عن الزهد فَقَالَ: تركُ ما يشغلك عن الله أخْذُه، وأخذ ما يُبعدك عن الله تركه. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين، وَكَانَ من علماء الحديث، رحمه الله تعالى. 299- عَبَّاس بن محمد بن عبد اللَّه1. أَبُو الفضل دُبيس البَّغْدَادِيّ البزاز. سَمِعَ: عفان بن مُسْلِم، وسُريج بن النُّعْمَان، وَسُلَيْمَان بن حرب. وَعَنْهُ: ابن السماك، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وَمحمد بن عَليّ بن الهيثم، وآخرون. قَالَ الخطيب: ثقة. رماه الحمار، فعلقت رِجلُه بالرِّكاب، فجره الحمار، فمات في رجب سنة ثلاثٍ أَيْضًا. 300- عبد الله بن أَحْمَد بن حَنْبَل بن هلال2. الحَافِظ أَبُو عبد الرحمن الإمام وأبي عبد الله الذُّهلي الشيباني المَرْوَزِيّ الأصل البَّغْدَادِيّ. وُلد سنة ثلاث عشرة ومائتين، في السنة التي مات فيها عُبَيْد الله بن موسى العبْسي. وَسَمِعَ من أَبِيهِ شيئًا كثيرًا من العلم. وَسَمِعَ من: يَحْيَى بن عَبْدَوَيْه صاحب شعبة. ولم يأذن لَهُ أبوه في السّماع من عَليّ بن الْجَعْد. وَسَمِعَ من: يَحْيَى بن معين، وشيبان بن فَرُّوخ، والهيثم بن خارجة، وَسُوَيْد بن سَعِيد، وعبد الأعلى بن حَمَّاد، وَمحمد بن جَعْفَر الوركاني، وأبي خَيْثَمَة، وأبي بَكْر بن أبي شَيْبَة، وأبي الربيع الزهراني، وَإِبْرَاهِيم بن الحجّاج السامي، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بن عمر القواريري، وخلق كثير.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 148". 2 الجرح والتعديل "5/ 7"، تهذيب الكمال "14/ 285، 292"، سير أعلام النبلاء "13/ 516-526"، تهذيب التهذيب "5/ 141-143".

وَعَنْهُ: ن؛ وعبد الله بن إِسْحَاق المدائني، وأبو القاسم البغوي، وأبو محمد بن صاعد، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وأبو بكر الخلال، ودعلج، وأحمد بن سلمان الفقيه النجاد، وإسحاق الكاذي، وأبو علي الصواف، وأبو القاسم الطبراني، وأبو بكر الشافعي، وأبو الحسن أحمد بن محمد اللنباني، وخلق سواهم. قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ثبتا فهما. وقال ابن المنادي في تاريخه: لم يكن أحد روى في الدنيا عن أَبِيهِ منه، عن أبيه؛ لأنه سمع منه "المسند" وهو ثلاثون ألفًا، و"التفسير" وَهُوَ مائة وعشرون ألفًا. سَمِعَ منه ثمانين ألفًا، والباقي وجادةً. وَسَمِعَ منه: "الناسخ والمنسوخ" و"التاريخ"، و"حديث شعبة"، و"المقدم والمؤخر من كتاب الله"، و"جوابات القرآن"، و"المناسك" الكبير والصغير، وغير ذَلِكَ من التصانيف وحديث الشيوخ. قَالَ ابن المنادي: وما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون لَهُ بمعرفة الرجال وعلل الحديث والأسماء، والمواظبة على الطلب، حتى أَنَّ بعضهم أفرط في تعظيمه إياه بالمعرفة، وزيادة السّماع عَلَى أَبِيهِ. وعن إسْمَاعِيل الخُطبي قَالَ: بلغني عن أبي زُرْعَة قَالَ: قَالَ لي أَحْمَد بن حَنْبَل: ابني عبد الله محفوظ من علم الحديث، لا يذاكرني إِلا بما أحفظ. وَقَالَ عَبَّاس الدوري: قَالَ لي أَحْمَد بن حَنْبَل: يا عَبَّاس، قد، وعى عبدُ الله علمًا كثيرًا. وَقَالَ ابن الصواف: قَالَ عبد الله بن أَحْمَد: كلّ شيء أقول: قَالَ أبي، فقد سَمِعْتُهُ مرّتين وثلاثة، وأقلّهُ مرة. تُوُفِّي عبد الله في جُمَادَى الآخرة سنة تسعين ومائتين، وشيعه خلْق. 301- عبد الله بن أَحْمَد بن إشكاب الأصبهاني الحَافِظ1. طوّف وصنّف "المُسند". وَسَمِعَ: أَحْمَد بن عبدة، وهلال بن بِشْر، وَإسْمَاعِيل بن بهرام، وطبقتهم.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 58".

تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 302- عبد اللَّه بن أَحْمَد بن سوادة1. أَبُو طالب البَّغْدَادِيّ نزيل طَرَسُوس. سَمِعَ: طالوت بن عبّاد، وَمحمد بن بكار، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو العَبَّاس بن عُقدة، وَأَبُو بَكْر القبّاب، وأهل إصبهان. وَكَانَ صدوقًا. تُوُفِّي في سنة خمسٍ وثمانين. وقد حَدَّثَ بدمشق، فروى عَنْهُ: الحُسَيْن بن حبيب، وَأَبُو عَليّ بن هَارُون. 303- عبد الله بن المحدّث أَحْمَد بن سَعِيد الرِّباطي الصُّوفي الزاهد2. صحِب أبا تُراب النخشبي، وسافر معه. وَكَانَ الْجُنَيْد إِذَا ذكره يُثني عَلَيْهِ وَيَقُولُ: هُوَ رأس فتيان خُرَاسَان. قَالَ ابن الْجَوْزيّ في المنتظم: تُوُفِّي سنة تسعين. قُلْتُ: لم يقع لي شيء من كلامه. 304- عبد الله بن أَحْمَد بن زياد3. أَبُو جَعْفَر الهمداني، ويقال لَهُ: الدُّحيمي لكثرة ما سَمِعَ من دُحَيْم. وَسَمِعَ من: بِشْر بن الوليد، والحكم بن موسى، وسُريج بن يونس، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن عُبَيْد، والقاسم بن صالح، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق بن منجاب، وحامد الرّفّاء، وجماعة. قَالَ صالح بن أَحْمَد: ثقة صدوق. 305- عبد الله بن إبراهيم السوسي4.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 373"، تهذيب تاريخ دمشق "7/ 286". 2 المنتظم "6/ 40، 41"، البداية والنهاية "11/ 97". 3 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 286". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 232".

روى عن: محمد بن بكار بن بلال العاملي. وَعَنْهُ الطَّبَرَانيّ. لا أعرفه، ولا ذكره ابن عساكر. 306- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن الأغلب التَّمِيمِيّ الأغلبي1. الأمير أَبُو العَبَّاس أمير المغرب، وابن أمرائها الأغلبيين. عهد إِلَيْهِ أَبُوهُ بالأمر قبل موته في أول سنة تسعٍ وثمانين، ومات أَبُوه في ذي القِعْدَة من العام. وَقِيلَ: كاتب ببيعته المُعْتَضِد أمير المؤمنين، فقدم عَلَى الأمير إِبْرَاهِيم في آخر سنة ثمانٍ رَسُول المُعْتَضِد، فأمره أن يعتزل الإمرة، ثُمَّ يفوضها إلى ولده أبي العَبَّاس، ويصير هُوَ إلى حضرة المُعْتَضِد. وَذَلِكَ لَمَّا بلغ المُعْتَضِد عَنْهُ من أفعاله في مرضه بالسوداء من الْقَتْلِ والجهل، ففعل ما أُمر بِهِ، وأظهر التوبة. وَكَانَ أَبُو العَبَّاس، دينًا صالحًا لينًا، عاقلًا عالمًا فاضلًا، أديبًا شاعرًا، موصوفًا بالشجاعة، محبًا للعدل. وقوي أمرُ أبي عبد الله الشيعي، فندب لحربه أخاه الأحول. ولم يكن أحولًا، وإنما لقب بذلك لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا نظر كَسَر جفنه. فالتقوا عند ملوشة، وقُتل خلْق، وانهزم الأحول، ثُمَّ ثبت في مقاتلته. وكان أَبُو الْعَبَّاس يداري سوء أخلاق أَبِيهِ، وكان يظهر طاعته والتذلل لَهُ، فكان يوجهه لمحاربة الأعادي، فبلغ من ذَلِكَ إلى أكثر من أمله، فبذلك كَانَ يفضله عَلَى إخوته. وولاه صقلية، فأفتتح بِهَا حصونا، وظهرت شجاعته، وَلَمَّا تملك لم يسكن فِي قصر أبيه، بل اشترى دارا سكنها، ورد مظالم كثيرة. فكانت أيامه أيام عدلٍ وخير. ومن شعره، وقد شرب دواء بصقلية. شربت الدواء على غربة ... بعيدا عَن الأهل والمنزل وكنت إذا شربت الدواء ... تطيبت بالمسك والمندل فقد صار شربي بحار الدماء ... ونقع العجاجة والقسطل

_ 1 الوافي بالوفيات "17/ 8".

واتصل بأبي الْعَبَّاس عَن ولده أبي مضر زيادة الله متولي صقلية اعتكافه عَلَى اللهو والخمر، فعزله، وقدم عَلَيْهِ فسجنه، فلما كانت ليلة الأربعاء ليوم بقى من شعبان سنة تسعين قتل الأمير أَبُو الْعَبَّاس، قتله ثلاثة من غلمانه الصقالبة عَلَى فراشه، وأتوا برأسه ابنه زيادة الله؛ وأخرج مِنَ الْحبس، وتملك، وقتل الثلاثة وصلبهم، وهو الَّذِي كَانَ واطأهم. والمثل السائر: سمير الغضب يزول، ووالي الغدر معزول. وكان قتله بمدينة تونس، رحمه الله. 307- عَبْد اللَّه بْن جَابِر بْن عَبْد اللَّه1. أبو محمد الطرسوسي البزار. قال ابن عساكر، وأبو أحمد الحاكم: سمع أبا مسهر، وعبد الله بن يوسف التنيسي، ومحمد بن المبارك الصوري. وعنه: أبو بكر محمد بن أحمد المستنير، وإبراهيم بن جعفر بن سنيد بن داود المصيصيان. قلت: وهما شيخا الحاكم. زاد ابن عساكر فقال: وجعفر الخالدي، وأحمد بن جعفر بن حمدان الطرسوسي، وأبو بكر ابن المقرئ. كذا قال ابن عساكر فوهم؛ وإنما روى ابن المقرئ، عن عبد الله بن جابر بطرسوس، عن عبد الله بن خبيق الأنطاكي، وهو متأخر عن ذا. وَكَذَا قَالَ حَدِيثًا مَوْضُوعًا مَتْنُهُ: "الأُمَنَاءُ ثَلَاثَةٌ: جِبْرِيلُ، وَأَنَا، وَمُعَاوِيَةُ"2. وَهَذَا قَالَ فِيهِ أَبُو أَحْمَدَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 308- عبد الله بن الحسين بن جابر3. أبو محمد البغدادي ثم المصيصي البزار.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 325"، لسان الميزان "3/ 265". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 17". 3 المجروحين لابن حبان "2/ 46، 47"، حلية الأولياء "9/ 303"، لسان الميزان "372، 373".

عن: علي بن عياش الحمصي، وآدم بن أبي إياس، والحسن بن موسى الأشهب، وعفان بن مسلم، وهودة بن خليفة، وطائفة. وعنه: أبو عوانة، وخيثمة الأطرابلسي، وأبو الحسن بن حذلم، وأبو القاسم الطبراني، وجماعة. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ، كان يسرق الحديث. قلت: أظنه الذي قبله. 309- عبد الله بن أبي عطاء الأندلسي1. نزيل القيروان، صالح صدوق صحيح النقل. سمع من: زهير بن عباد، وسحنون بن سعيد الفقيه. روى عنه: محمد بن أحمد التميمي القيرواني. وتوفي سنة "...." وثمانين. 310- عبد الله بن عَبْدَوَيْه بن النضر. أَبُو محمد الْبُخَارِيُّ، نزيل نَسْف. رَوَى عن: هشام بن عَمَّار، وَدُحَيْم، وَأَحْمَد بن صالح المصري، وجماعة. وعنه: عبد المؤمن بن خلف، ومحمد بن محمود بن عنبر، ومحمد بن زكريا النسفيون. وكان إماما فاضلا محدثا. توفي في سنة ست وثمانين ومائتين؛ ولعل أباه عبد ربه. 311- عبدُ الله بْن عيسى بْن عَبْد الله بن شعيب2. أبو موسى القرشي المدني القصير الكاتب نزيل مصر. قرأ على: قالون، وَسَمِعَ منه الحروف.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 218". 2 غاية النهاية "1/ 440".

وَسَمِعَ من: مُطرّف بن عبد الله الفقيه وَكَانَ كاتبه، ويُعرف بالطيارة. رَوَى عَنْهُ القراءة: محمد بن أَحْمَد بن منير الإمام، وَسَمِعَ منه في سنة أربعٍ وثمانين ومائتين، وَلَهُ تسعون سنة إِذْ ذاك. وَسَمِعَ منه عامة المصريين. وَرَوَى عَنْهُ الحروف أَيْضًا: محمد بن أَحْمَد بن شاهين البَّغْدَادِيّ بمصر، شيخ لأبي بَكْر بن مجاهد. 312- عبد الله بن قريش1. أَبُو أَحْمَد الأَسَدي. عن: الحُسَيْن بن حُريث، والوليد بن شُجاع، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن مَخْلَد، والطَّسْتِيّ، وَإسْمَاعِيل الخُطبي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 313- عبد الله الأشعث2. أَبُو الورد الأنطرطوسي. عن: إِبْرَاهِيم بن المنذر الحزِاميّ، وَإِبْرَاهِيم بن محمد الحمصي. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَمحمد بن عبد الرحمن الطَّيئي الأصبهاني. 314- عبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم3. أَبُو بَكْر الْجُمحي، مولاهم المصري. سَمِعَ: جَدّه، وَمحمد بن يوسف الفريابي، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي، وغيرهم. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن الْقَاسِم المالكي، وعَليَّ بن محمد المصري الواعظ، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في رمضان سنة إحدى وثمانين، وقد أضر بأخرة.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 43، 44". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 217". 3 أخبار القضاة لوكيع "3/ 264"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 212".

315- عبد الله بن محمد بن سلام1. أَبُو بَكْر الأصبهاني. عن: أبي توبة بن نافع الحلبي، وَمحمد بن سَعِيد بن سابق. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ الصحاف، والأصبهانيون. تُوُفِّي سنة إحدى أَيْضًا. ومن الرواة عَنْهُ: أَبُو بَكْر القباب، وَأَحْمَد بن جَعْفَر بن مفيد. فيه ضعف. 316- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن النُّعْمَان بْن عبد السلام2. أبو بكر التميمي الأصبهاني الزاهد. سَمِعَ: أباه، وأبا نُعَيْم، وَعَمْرو بن طلحة القتاد، وأبا غسان النَّهدي، وَعَمْرو بن حفص بن غياث، وَمحمد بن سَعِيد بن سابق، وطائفة. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ الصحاف، وَمحمد بن أَحْمَد الكسائي، وعبد الله بن الحَسَن بن بُنْدَار، وَأَحْمَد بن جَعْفَر السمسار، وأبو بكر عبد الله بن محمد القباب، وخلْق من الأصبهانيين. وَكَانَ ثقة صالحًا من أولياء الله تعالى. تُوُفِّي سنة إحدى أَيْضًا. 317- عبد الله بن محمد بن عبيد بن سُفْيَان بن قيس3. الحَافِظ أَبُو بَكْر بن أبي الدُّنْيَا القرشي مولى بني أُمية البَّغْدَادِيّ، صاحب التصانيف المشهورة. وُلد سنة ثمان ومائتين.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 57". 2 الثقات لابن حبان "8/ 369"، أخبار أصبهان "2/ 56، 57". 3 الجرح والتعديل "5/ 163"، سير أعلام النبلاء "13/ 397-404"، تهذيب التهذيب "6/ 12، 13".

وَسَمِعَ: أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم المَوْصِليّ، وأحمد بن جميل المَرْوَزِيّ. ولم يسمع من الإمام أَحْمَد شيئًا. وَسَمِعَ من: سعد بن سُلَيْمَان سَعْدَوَيْه، وهو أقدم شيخ له. ومن: خالد بن خراش، وعَليَّ بن الْجَعْد، وخَلَف بن هشام، وسعد بن محمد العَوْفي، وَسَعِيد بن محمد الحربي، وشُجاع بن أشرس، وعبد الله بن خَيْران صاحب عبد الرحمن المسعودي، وعبد الله بن عَوْن الخزاز، وأبي نصر التَّمَّار، وعبيد الله بن محمد بن عائشة، وخلق كثير. وَعَنْهُ: الحارث بن أبي أُسَامَةَ، وَهُوَ من شيوخه، وابن ماجه في تفسيره، وَأَبُو عَليّ أحمد بن إِبْرَاهِيم الصحاف، وَأَبُو العَبَّاس بن عُقدة، وَأَبُو سهل القَطَّان، وَأَحْمَد بن مروان الدِّينَوَري، وعثمان بن محمد الذهبي، وعيسى بن محمد الطُّوماري، وَأَبُو عَليّ الحُسَيْن بن صفوان، وَهُوَ راويته، وأبو بكر النَّجَّاد، وَأَبُو الحَسَن أَحْمَد بن محمد اللنباني، وعبد الله بن بُريْه الهاشمي، وَأَحْمَد بن خُزَيْمَة، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وجماعة. قَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عَنْهُ مَعَ أبي، وَقَالَ أبي: هُوَ صدوق. وَقَالَ الخطيب: كَانَ يؤدب غير واحد من أولاد الخلفاء. وَقَالَ غيره: كَانَ ابن أبي الدُّنْيَا إِذَا جالس أحدًا، إن شاء أضحكه، وإن شاء أبكاه في آنٍ واحد، لتوسُّعه في العلم والأخبار. قُلْتُ: وقع لنا جملة صالحة من مصنّفاته، وآخر من رَوَى حديثه بعُلُوّ: الشَّيْخ الفخر بن الْبُخَارِيِّ، بينه وبينه أربعة أنفس. تُوُفِّي في جُمَادَى الأولى سنة إحدى وثمانين. وَقَالَ أَحْمَد بن كامل: كَانَ ابن أبي الدُّنْيَا مؤدب المُعْتَضِد. 318- عبد الله بن محمد بن أبي قُريش1. أَبُو عبد الرحمن البصري.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 88، 89".

عن: محمد بن عبد الله الأَنْصَارِيّ. وَعَنْهُ: حبيب القزاز، وخلاد بن عبد الكبير الخطابي، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وغيرهم. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. وَسَمِعَ أَيْضًا من: عُثْمَان بن عُمَر بن فارس، وأبي عاصم، وجماعة. 319- عبد الله بن محمد بن هانئ. أَبُو محمد النَّيْسَابُوري عبدوس الحَافِظ. يروي عن: قُتَيْبَة بن سَعِيد، وَيَحْيَى بن يَحْيَى، وابن أبي الشوارب، وبندار، وجماعة. وَعَنْهُ: محمد بن إِسْحَاق العُصْفري، وَمحمد بن محمد بن نصر المَرْوَزِيّ، وعمر بن محمد بن يَحْيَى، وسهل بن شاذويه، وغيرهم. ومات بسمرقند سنة ثلاثٍ أَيْضًا في شعبان. وَكَانَ من أئمة الحديث. 320- عبد الله بن محمد بن زكريّا1. أَبُو محمد الأصبهاني. ثقة فاضل، مصنف جليل. سَمِعَ: إسْمَاعِيل بن عَمْرو البَجَليَّ، وأبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، وَمحمد بن بَكْر، وسهل بن بكار، وطائفة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن بُنْدَار الشعار، وأحمد بن إِبْرَاهِيم بن يوسف، وَأَبُو الشَّيْخ، وجماعة. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 321- عبد الله بن محمد بن عزيز التميمي الموصلي2.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 61، 62". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 216"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 29".

عن: غسان بن الربيع. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَإسْمَاعِيل الخطبي، وغيرهما. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ. 322- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن منصور الهَرَوي البَزَّار. رحل وطوف وَسَمِعَ: هشام بن عَمَّار، وَسُوَيْد بن سَعِيد، وحرملة بن يَحْيَى. وَعَنْهُ: الحَافِظ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن يونس الحداد. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. 323- عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي1. أَبُو أُسَامَةَ. سَمِعَ: أَبَاه، وحجّاج بن أبي منيع، وَإِسْحَاق بن الأخْيَل. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَمحمد بن محمد بن خليفة، وَأَبُو المنقور بن راشد، وجماعة. 324- عبد الله بن مَسَرَّة بن نجيح بن مرزوق2. أَبُو محمد البربري المغربي، مولى أبي قُرّة. كَانَ من علماء أهل قُرْطُبة، رحل بِهِ أخوه إِبْرَاهِيم التّاجر إلى المشرق. فسمع: بِشْر بن آدم، ونصر بن عَليّ الْجَهْضمي، وَعَمْرو بن عَليّ الفلاس، وبندار، وطبقتهم. ورجع إلى الأندلس، وَكَانَ جليلًا فاضلًا خيّرًا، ولكنه اتُّهم بالقدَر. حمل عَنْهُ: عُثْمَان بن عبد الرحمن، وثابت بن حزم، وَمحمد بن الْقَاسِم، وقاسم بن أصبغ، والأندلسيون. وحجّ في آخر عمره فتُوُفِّي بمكة في ذي الحجّة سنة ستٍّ وثمانين. 325- عبد الله بن موسى الأَنْمَاطِيُّ الدهقان.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 213". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 217، 218".

ويُعرف بابن بلهاء. عن: يَحْيَى بن معين، وَإِبْرَاهِيم بن محمد بن عُرْوَة. وَعَنْهُ: دَعْلَج، وأحمد بن يوسف بن خلاد. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين ومائتين. 326- عبد الأعلى بن وَهْب الأندلسي1. أَبُو وَهْب. رَوَى عن: يَحْيَى بن يَحْيَى اللَّيْثي. ثُمَّ رحل وأدرك أصبغ بن الفرج، فأخذ عَنْهُ. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 327- عبد الرحمن بن عَبْدُوس2. أَبُو الزعراء البَّغْدَادِيّ المقرئ، أحد الحُذاق، وأكبر أصحاب أبي عُمَر الدوري وأضبطهم. قرأ عَلَيْهِ: أَبُو بَكْر بن مجاهد، وعَليَّ بن الحَسَن الرَّقِّيّ، وَمحمد بن مُعَلَّى الشُّونيزي، وَمحمد بن يعقوب الْمُعَدَّلُ، وعمر بن عجلان. قَالَ ابن مجاهد: قرأت عَلَيْهِ لنافع نحوًا من عشرين مرة؛ وقرأ عَلَيْهِ لأبي عُمَر، وحمزة، والكِسائي. ذكره الداني، وغيره. 328- عبد الرحمن بن أَحْمَد3. الأصبهاني المُتَعبَد. رحل وَسَمِعَ: دُحَيْمًا، وعثمان بن أبي شَيْبَة. وعنه: علي بن الصباح، وعبد الله بن محمد الخشاب.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 280". 2 غاية النهاية "1/ 373، 374". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 10".

329- عبد الرحمن بن جابر الطائي الحمصي1. عن: بشر بن شعيب بن أبي حمزة. وعنه: الطبراني. توفي سنة إحدى وثمانين. وروى أيضا عن: عبد العزيز بن موسى اللاحوني. 330- عبد الرحمن بن رَوْح2، أَبُو صفوان السمسار. بَغْدَادِيّ. سَمِعَ: خَالِد بن خِراش. وَعَنْهُ: عيسى الطُّوماري، والطستي. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. 331- عبد الرحمن بن عبد الحميد بن فَضَالَةَ. أَبُو محمد الكتاني الدِّمَشْقِيّ. عن: سُلَيْمَان بن عبد الرحمن، وَمحمد بن أبي السَّرِيّ. وَعَنْهُ: خَيْثَمَة، وَأبو عبد الله بن مروان، وغيرهما. 332- عبد الرحمن بن عَمْرو بن عبد الله بن صَفْوَان بن عَمْرو3. الحَافِظ أَبُو زُرْعَة النَّصْري الدِّمَشْقِيّ، محدَّث الشَّام. رَوَى عن: أَحْمَد بن خَالِد الوَهْبي، وأبي نُعَيْم، وهَوْذَة بن خليفة، وعَليَّ بن عَيَّاش، وأبي مُسْهِر الغساني، وَسُلَيْمَان بن حرب، وأبي بَكْر الحُمَيْدِيّ، وَسَعِيد بن منصور، وعفان، وَسَعِيد بن سُلَيْمَان سَعْدَوَيْه، وأبي اليَمَان الحَكَم بن نافع، وَأَحْمَد بن حَنْبَل، وخلْق كثير.

_ 1 المعجم الصغير "10/ 244". 2 تاريخ بغداد "10/ 279". 3 الجرح والتعديل "5/ 267"، الثقات لابن حبان "8/ 384"، سير أعلام النبلاء "13/ 311-316"، تهذيب التهذيب "6/ 336، 337".

وَعَنْهُ: د. تفسير حديث، ويعقوب الفَسَوي، وابن صاعد، وَأَبُو العَبَّاس الأصمّ، وَأَبُو يعقوب الأذْرَعي، وَأَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وعَليَّ بن العَقِب، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وخلْق كثير. قَالَ أَبُو الميمون بن راشد: سَمِعْتُ أبا زُرْعَة يَقُولُ: أُعجب أَبُو مُسْهِر بمجالستي إياه صغيرًا. وَقَالَ أَبُو حاتم الرَّازِيّ: ذكر أَحْمَد بن أبي الحواري أبا زُرْعَة الدِّمَشْقِيّ. فَقَالَ: هُوَ شيخ الشباب. وَقَالَ أَبُو حاتم: صدوق. وَقَالَ جماعة: تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين في جُمَادَى الآخرة، ومَن قَالَ: سنة ثمانية فقد وَهِم. 333- عبد الرحمن بن معدان بن جُمعة الطائي1. سَمِعَ: مُطَرِّف بن عبد الله الشاري الفقيه، وعبد العزيز بن عبد الله الإدريسي. رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وغيره. ولم يذكره ابن عساكر في تاريخه. 334- عبد الرحمن بن يوسف بن سَعِيد بن خراش2. الحَافِظ أَبُو محمد المَرْوَزِيّ الأصل البَّغْدَادِيّ. سَمِعَ: خَالِد بن يوسف السمتي، وعبد الجبار بن العلاء المكي، وعَليَّ بن حشرم، وأبا مَعْمَر بن النحاس، ويعقوب الدَّوْرَقِيّ، ويونس بن عبد الأعلى، وأبا النقي هشام بن عبد الملك، وَأَحْمَد بن خَالِد الخلال، وأبا حفص الفلاس، ونصر بن علي الجهضمي، ومحمد بن يحيى الذُّهَلِيّ، وخلقًا من طبقتهم. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القَطَّان، وَأَبُو العَبَّاس بن عُقدة، وبكر بن محمد الصيرفي، وآخرون.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 241". 2 أخبار أصبهان "2/ 112"، تاريخ بغداد "10/ 281"، ميزان الاعتدال "2/ 600، 601".

قَالَ بَكْر بن محمد: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: شربت بَوْلِي في هَذَا الشأن، يعني الحديث، خمس مرات. وَقَالَ أَبُو نُعَيْم بن عَدِيّ الجرجاني الحَافِظ: ما رأيت أحفظ من ابن خِراش. قُلْتُ: وَلَهُ كلام في الجرح والتَّعديل، وقد اتُّهم بالرَّفض. تُوُفِّي في خامس رمضان سنة ثلاثٍ وثمانين، ورّخه ابن المنادي. وَقَالَ ابن عَدِيّ: ذُكر بشيء من التَّشيع، وأرجو أَنَّهُ لا يتعمد الكذب. سَمِعْتُ ابن عقدة يَقُولُ: كَانَ ابن خراش عندنا إِذَا كتب شيئًا من التَّشيع يَقُولُ: هَذَا لا ينفق إِلا عندي وعندك. سَمِعْتُ عبدان يَقُولُ: حمَل ابن خراش إلى بُنْدَار عندنا جزءين صنَّفهما في مثالب الشَّيخين، فأجازه بألفي درهم بنى بها حجرة ببغداد ليُحدّث فيها، فمات حين فرغ منها. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ محمد بْنُ يُوسُفَ الْحَافِظُ: أَخْرَجَ ابْنُ خِرَاشٍ مَثَالِبَ الشَّيْخَيْنِ، وَكَانَ رَافِضِيًّا. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ يَقُولُ: قُلْتُ لِابْنِ خِرَاشٍ: حَدِيثَ إِنَّ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ، قَالَ: بَاطِلٌ. أَتَّهِمُ مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ. قَالَ عَبْدَانُ: وَقَدْ حَدَّثَ بِمَرَاسِيلَ وَصَلَهَا وَمَوَاقِيفَ رَفَعَهَا. 335- عبد الرحمن بن محمد بن عقيل. أَبُو الْقَاسِم النَّيْسَابُوري، أكبر الإخوة. سَمِعَ: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وطبقته. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيم بن عِصْمة، وَمحمد بن عبد الله بن المبارك، وغيرهما. 336- عبد الرحيم بْن عبد الله بْن عبد الرحيم الزهري1. مولاهم البرقي أَبُو سَعِيد أخو محمد، وأحمد.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 48، 49".

رَوَى "السيرة" عن عبد الملك بن هشام، عن البكائي، وَكَانَ ثقة. رَوَى عَنْهُ: عبد الله بن جَعْفَر بن الورد، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. لكن الطَّبَرَانيّ سماه أَحْمَد بن عبد الله، فَوَهِم واشتبه عَلَيْهِ اسمه بأخيه. تُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة ستٍّ وثمانين. 337- عبد الرحيم بن الفضل بن موسى بن مسمار بن هانئ. أَبُو يَحْيَى البلخي. سَمِعَ: مكي بن إِبْرَاهِيم المقرئ، وعَليَّ بن محمد المنجوري، وقبيصة، وخالد بن مَخْلَد، وشهاب بن مَعْمَر، وطائفة. وَعَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب الفقيه، وجماعة. قَالَ السليماني: رَوَى عَنْهُ شيوخنا. وَتُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. 338- عبد الصمد بن هَارُون. أَبُو بَكْر النَّيْسَابُوري الملقب بقاتل قُتَيْبَة. سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيد، وَأَحْمَد بن حَنْبَل، وعَليَّ بن الْمَدِينِيِّ. رَوَى عَنْهُ جماعة من شيوخ الحاكم. وَتُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. 339- عبد الملك بن الحَسَن بن بَكْر الشرود الصَّنْعَانيّ. رَوَى جملة عن أَبِيهِ، عن جَدّه بَكْر صاحب الثوري، ومالك. روى عنه جماعة. مات سنة سبع وثمانين ومائتين. 340- عبد الملك بن أيمن بن فرجون1. أبو محمد الأندلسي.

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "281"، بغية الملتمس "375، 376".

روى عن: سحنون بن سَعِيد. ومات سنة سبع وثمانين ومائتين. 341- عبد العزيز بن عمران بن كوشيد1. أَبُو بَكْر الأصبهاني، أحد الرحالة والمصنفين. كتب عن: أَحْمَد بن عبد الرحمن بن وَهْب، وطبقته. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ الصحاف، وعبد الله بن محمد القباب، وغيرهما. 342- عبد العزيز بن معاوية2. أَبُو خَالِد القرشي البَصْرِيّ. عن: أزهر بن سعد السمان، وَجَعْفَر بن عون، وأبي عاصم، وبدل بن المحبر، وأشهل بن حاتم، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر البَخْتَرِيّ، وأبو عمرو بن السماك، وخيثمة. قال الدارقطني: لا بأس بِهِ. تُوُفِّي في أربع وثمانين. وقال أبو أحمد الحاكم: وعن عاصم مالا يتابع عَلَيْهِ. 343- عبد الوارث بن إِبْرَاهِيم3. أَبُو عبيدة العسكري. عن: وَهْب بن محمد البناني، وكثير بن يَحْيَى، ومسدد، وَمحمد بن جامع العطار. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وابن قانع. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين ومائتين.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 396"، أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 125". 2 الثقات لابن حبان "8/ 397"، ميزان الاعتدال "2/ 636"، تهذيب التهذيب "6/ 358، 359". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 251"، تاريخ جرجان للسهمي "200".

344- عَبْدُوس بن دِيزويه الرَّازِيّ1. عن: إِبْرَاهِيم بن المنذر الحزامي، وهشام بن عَمَّار، وعبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم دُحَيْم، وجماعة. وَعَنْهُ أَبُو بَكْر بن خرُوف، والطَّبَرَانيّ، وابن الورد. تُوُفِّي سنة تسعين بمصر. 345- عُبَيْد الله بن أَحْمَد بن منصور الهمذاني الكسائي2. عن: عَليّ بن الطنافسي وابن خَيْثَمَة، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر النجاد، وابن قانع، وجماعة. قَالَ صالح بن أَحْمَد الهمذاني الحَافِظ: محلُّه الصدق. 346- عُبَيْد الله بن سُلَيْمَان3. أَبُو وَهْب الوزير؛ والد الْقَاسِم بن عُبَيْد الله الوزير. ولي الوزارة للمعتضد، وَكَانَ شجاعًا ناهضًا، خبيرًا بالأمور، متمكنًا من مخدومه. تُوُفِّي في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين، عن اثنتين وستين سنة. 347- عُبَيْد الله بن محمد بن يحيى بن المبارك اليزيدي اللُّغَويّ4. أخذ عن: ابن أخي الأصمعي، وغيره. وَعَنْهُ: أحمد بن عُثْمَان الأدمي، والطَّبَرَانيّ. وَكَانَ رأسًا في اللغة والأخبار. تُوُفِّي سنة بضع وثمانين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 254". 2 تاريخ بغداد "10/ 339، 340". 3 المنتظم لابن الجوزي "6/ 55، 56"، سير أعلام النبلاء "13/ 497، 498"، البداية والنهاية "11/ 85". 4 تاريخ بغداد "10/ 338، 339".

وَرَوَى القراءة عن: عمّه إِبْرَاهِيم بن اليزيدي وأخيه أحمد بن محمد. وروى عَنْهُ القراءة: ابن مجاهد، وابن المنادي، وَمحمد بن يعقوب الْمُعَدَّلُ. 348- عُبَيْد بن الحَسَن1. أبو عبد الله الأَنْصَارِيّ الأصبهاني الغزّال الحَافِظ. سَمِعَ: عَمْرو بن مرزوق، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وأبا سَلَمَةَ، وأبا عَمْرو البجلي. وَكَانَ مُفتيًا مُصنفًا عالمًا. رَوَى عَنْهُ: عَليّ بن الصباح، وأحمد بن جَعْفَر السمسار، وأحمد بن بُنْدَار، وَمحمد بن عبد الله بن حَمَّاد، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن يوسف، وغيرهم. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين، ذكره بعضهم في سنة أربع وستين، وَهُوَ غلط. 349- عبيد بن عبد الله الواحد بن شريك2. أَبُو محمد البَّغْدَادِيّ البَزَّار. محدّث رحّال صدوق. سَمِعَ: سَعِيد بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَآدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وأبا الجماهر محمد بن عُثْمَان، ونعيم بن حَمَّاد، وطائفة. وَعَنْهُ: عُثْمَان بن السَّمَّاك، وابن نجيح، وعبد الصمد الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْر النَّجَّاد، والشافعي، وآخرون. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: صدوق. قُلْتُ: تُوُفِّي في رجب سنة خمسٍ وثمانين. وَمِنْ عَوَالِيهِ: أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ سمعوا الرطب بن بحير، عَنِ ابْنِ عَبْدَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّارُ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: ثَنَا الْمَعْمَرِيُّ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْخَنْدَقِ دُقَّ الْبَابُ، فَارْتَاعَ لِذَلِكَ وَوَثَبَ وَثْبَةً مُنْكَرَةً وَخَرَجَ، وَخَرَجْتُ فِي أثره، فإذا رجل

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 137، 138". 2 المنتظم لابن الجوزي "6/ 8، 9"، سير أعلام النبلاء "13/ 385"، لسان الميزان "4/ 120".

عَلَى دَابَّةٍ، وَالنَّبِيُّ مُتَّكِئٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الدَّابَّةِ، فَكَلَّمَهُ، فَرَجَعْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: "ذَاكَ جِبْرِيلُ أَمَرَنِي أَنْ أَمْضِيَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ" 1. 350- عُبَيْد بن محمد بن موسى المؤذن2. أَبُو الْقَاسِم المصري المقرئ. عُرف برجّا. قرأ القرآن عَلَى: داود بن أبي طيبة صاحب ورش. وحدّث عن: يَحْيَى بن بُكَيْر، وغيره. رَوَى عَنْهُ القراءة: أَحْمَد بن محمد بن يَحْيَى الصدفي. رَوَى عَنْهُ الطَّبَرَانيّ فَقَالَ: ثَنَا عُبَيْد بن رجّال، ثَنَا أَحْمَد بن صالح المصري. وَقَالَ ابن ماكولا: هُوَ محمد بن محمد موسى البَزَّار المؤذن يُعرف بعبيد بن رجّال. رَوَى عَنْهُ أَبُو طالب الحَافِظ المصري. 351- عُبَيْد بن محمد بن يَحْيَى بن قضاء الجوهري البَصْرِيّ3. عن: عُمَر بن محمد بن أَحْمَد. رَوَى عن: سُلَيْمَان الشاذكوني، وحكّامة بنت عُثْمَان. وَعَنْهُ: عُمَر بن محمد بن هَارُون العسكري، وعبد الله الخُرَاسَانِيّ. 352- عُبَيْد بن محمد الكَشْوري4. أَبُو محمد الصَّنْعَانيّ. عن: عبد الله بن أبي غسان الصَّنْعَانيّ، وَمحمد بن عُمَر السمسار، وعبد الحميد بن صبيح.

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه البخاري "463، 2813"، ومسلم "1769"، وأحمد في المسند "6/ 56، 31، 141، 280". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 246"، غاية النهاية "1/ 497". 3 تاريخ بغداد "11/ 99". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 246".

ولم يدرك الأخذ عن عبد الرزاق. وَعَنْهُ: خَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسيّ، وَمحمد بن أَحْمَد بن مسعود البرتي، وَمحمد بن محمد بن عبد الله البَّغْدَادِيّ نزيل بُخارى، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين ومائتين، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: "تاريخ اليمن". قَالَ الخليلي: هُوَ عبد الله بن محمد، عالم حافظ لَهُ مصنفات. مات سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 353- عُثْمَان بن سَعِيد الدارمي1. ورّخه الحاكم سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 354- عُثْمَان بن سعد بن بشار2. الفقيه أَبُو القائم البَّغْدَادِيّ الأَنْمَاطِيُّ الشَّافِعِيّ الأحول، شيخ الشَّافِعِيّة ببغداد. تفقه: عَلَى المُزَنِيّ، والربيع بن سُلَيْمَان. وَعَلَيْهِ تفقه: الإمام أَبُو العَبَّاس بن سُرَيْج. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين في شوال ببغداد. قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق: كَانَ هُوَ السبب في نشاط النَّاس ببغداد لكُتُب فقه الشَّافِعِيّ وحفظه. 355- عُثْمَانَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خُرَّزَاذ3. أَبُو عمرو الضرير الأنطاكي الحَافِظ، محدَّث أنطاكية. سَمِعَ: عَفَّان، وَسُلَيْمَان بن حرب، وَعَمْرو بن مرزوق، وأبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، وَسَعِيد بن عُفَيْر، وَصَفْوَان بن صالح المؤذن، وَمحمد بن عائذ، وَسَعِيد بن منصور، وطبقتهم.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 153"، سير أعلام النبلاء "13/ 319-326"، البداية والنهاية "11/ 72، 73". 2 تاريخ بغداد "11/ 292، 293"، سير أعلام النبلاء "13/ 420"، البداية والنهاية "11/ 85". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 191"، سير أعلام النبلاء "13/ 378-381"، تهذيب التهذيب "7/ 131، 132".

وَعَنْهُ: ن. وَقَالَ: ثقة، وَأَبُو حاتم الرَّازِيّ وَهُوَ أكبر منه، وابن جَوْصا، وَأَبُو عَوَانَة، وَخَيْثَمَة، وهشام بن محمد الكِنْدِيّ، وطائفة. ودخل عَلَيْهِ الطَّبَرَانيّ وَهُوَ مريض فأجاز لَهُ. قَالَ محمد بن مَحْمَويه الأهوازي: هُوَ أحفظ من رأيت. وَقَالَ أبو عبد الله الحاكم: ثقة مأمون. وَقَالَ محمد بن بركة: سَمِعْتُ عُثْمَان بن خُرَّزَاذ يَقُولُ: يحتاج صاحب الحديث إلى خمسٍ: عقل جيد، ودينٍ، وضبط، وحِذْق بالصناعة، مَعَ أمانة تُعرف منه. تُوُفِّي في ذي الحجّة سنة إحدى وثمانين ومائتين، وَهُوَ في عشر التسعين. وقد سمي لَهُ صاحب التهذيب مائة واثنتين وثلاثين شيخًا. 356- عُثْمَان بن عُمَر الضَّبِّيّ البَصْرِيّ1. أَبُو عَمْرو. عن: عبد الله بن رجاء الغُداني، وأبي الوليد، وغيرهما. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن إِسْحَاق الضُّبَعيّ الفقيه، وعَليَّ بن جُمشاد، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. قَالَ الحاكم فيه: ثقة مشهور. 357- عزيز بن الأحنف بن الفضل2. أبو عصمة البخاري البيكندي، نزيل جرجان. طوف وَسَمِعَ الكبار: محمد بن الصباح الْجَرْجرائي، وَقُتَيْبَة، وهشام بن عَمَّار، وَأَحْمَد بن صالح المِصْرِيّ، وطبقتهم. وَعَنْهُ: كُميْل بن جَعْفَر، وَأَبُو بَكْر الإسماعيلي، وَأَبُو بَكْر محمد بن أَحْمَد الصرّاميّ، وجماعة. توفي في سنة ثمان وثمانين.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 455"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 189". 2 تاريخ جرجان للسهمي "282، 283".

وبعضهم قَالَ: عزيز بن الفضل الأحنف. 358- العلاء بن أيوب بن رَزين المَوْصِليّ الحَافِظ1. سَمِعَ: محمد بْن عَبْد الله بْن عمار، وعبد الله بن عبد الصمد، وأبي خراش، ويعقوب الدُّورِيّ، وأبا سَعِيد الأشج، وطبقتهم. وصنّف "المُسْنَد"، و"السنن" وغير ذَلِكَ. رَوَى عَنْهُ: يزيد بن محمد الأَزْدِيّ وَقَالَ: كَانَ عابدًا خاشعًا متجنبًا، من أحسن النَّاس صوْتًا بالقرآن. 359- عَليّ بن الحَسَن بن بيان2. أَبُو الحَسَن بن بيان، أَبُو الحَسَن البَّغْدَادِيّ الباقلاني المقرئ. عن: عبد الله بن رجاء، وأبي حُذَيْفة النّهدي. وَعَنْهُ: أَبُو سهل بن زياد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وغيرهما. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. صدوق. 360- عَليّ بن الحَسَن بن عبدة. أَبُو الحَسَن الْبُخَارِيُّ. عن: نصر بن المغيرة، وحفص بن داود، وَمحمد بن المهلب، وَمحمد بن حميد الرَّازِيّ، وعبد الجبار بن العلاء العطار، وطبقتهم. وَعَنْهُ: محمد بن محمد بن محمود، وأحمد بن سهل بن حمدويه، وأهل بُخارى. تُوُفِّي سنة تسعين في ذي الحجة. 361- عَليّ بن الحُسَيْن بن عاصم. أَبُو الحارث البيكندي، الملقب: كندة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 350". 2 تاريخ بغداد "11/ 375".

سَمِعَ: محمد بن سلام البِيكَنْدِيّ، وعَليَّ بن حجر، وجيش بن حرب. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن سُلَيْمَان بن حمدويه، والحسن بن سلمان. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 362- عَليّ بن العَبَّاس بن جُرَيْج1. أَبُو الحَسَن بن الرومي الشاعر المشهور صحب التشبيهات البديعة والأهاجي، وَكَانَ شاعرًا ببغداد في وقته مَعَ البُحْتُريّ. فمن شعره: عدوك من صديقك مُستفاد ... فلا تستكثرن من الصحاب فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أَوِ الشراب وشِعر ابن الرومي كثير سائر مدوّن، وَلَهُ معانٍ مُبتكرة في التشبيهات وغيرها. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 363- عَليّ بن عبد الصَّمَد2. أَبُو الحَسَن الطَّيَالِسِيّ، ويلقب بعلان ما غمَّه. سَمِعَ: مسروق بن المَرْزُبان، وأبا مَعْمَر إسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، والجراح بن مَخْلَد، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن كامل، وابن قانع، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وآخرون، وثّقه الخطيب. ومات سنة تسعٍ وثمانين في شعبان. قاله أَحْمَد بن كامل، وَقَالَ: يُلقّب ما غمَّه. 364- عَليّ بن عبد العزيز بن المَرْزُبان بن سابور3.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 23-26"، سير أعلام النبلاء "13/ 495، 496"، البداية والنهاية "11/ 74، 75". 2 تاريخ بغداد "12/ 28"، طبقات الحنابلة "1/ 228، 229"، سير أعلام النبلاء "13/ 429". 3 الجرح والتعديل "6/ 196"، الثقات لابن حبان "8/ 477"، ميزان الاعتدال "3/ 143"، لسان الميزان "4/ 241".

أَبُو الحَسَن البَغَوِيّ، عم أبي الْقَاسِم البَغَوِيّ. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وعاصم بن على، وعفان، وأبا عبيد، وأحمد بن يونس اليربوعي ومسلم بن إبراهيم والقعنبي وعلى بن الجعد وموسي بن إسماعيل، وخلقا كثيرا. وعنى بهذا الشأن، وصنف "المسند". وكتب القراءات عن أبي عُبَيْد فحملها عَنْهُ سماعًا: إِسْحَاق الْخُزَاعِيُّ، وَأَبُو سَعِيد بن الأعرابي، وَأَبُو إِسْحَاق بن فراس، وَأَحْمَد بن يعقوب السائب، وَإِبْرَاهِيم بن عبد الرزاق، وَمحمد بن عيسى بن رفاعة، وأحمد بن خالد بن الحباب الأندلسيان. وحدّث عَنْهُ: عَليّ بن محمد بن مهرويه القزويني، وَأَبُو عَليّ حامد الرفاء، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وَأَبُو الحَسَن عَليّ بْن إِبْرَاهِيم بْن سَلَمَةَ القَطَّان، وعبد المؤمن بن خلف النَّسَفِيّ، وخلق كثير من المشارقة والمغاربة، فَإِنَّهُ جاور بمكة. وَسَمِعَ منه أُمم، وَكَانَ حسن الحديث وليس بحُجة. تُوُفِّي سنة ست وثمانين، وله نيف وتسعون سنة. وَقِيلَ: تُوُفِّي سنة سبعٍ. وأما الدَّارَقُطْنيّ فَقَالَ: ثقة مأمون. وَقَالَ ابن أبي حاتم: كتب إلينا بحديثٍ أبي عبيدة وَكَانَ صدوقا. وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن السني: سَمِعْتُ النَّسَائِيَّ وسُئل عَنْهُ فَقَالَ: قبّحه الله. فَقِيلَ: أتروي عَنْهُ؟ قَالَ: لا. فَقِيلَ: كَانَ كذّابًا؟ قَالَ: لا، ولكنّ قومًا اجتمعوا ليقرءوا عَلَيْهِ شيئًا وبرُّوه بأسهل، وَكَانَ فيهم غريب لم يبرُّه، فأبى أن يحدّث بحضرته، فذكر الغريب أَنَّهُ ليس معه إِلا قصعة، فأمره بإحضارها، فَلَمَّا أحضرها حَدَّثَ. ثُمَّ قَالَ ابن السني: بلغني أَنَّهُ كَانَ إِذَا عاتبوه عَلَى الأخذ قَالَ: يا قوم أنا بين الأخشبين إِذَا خرج الحاجّ نادي أَبُو قُبيس قُعيقعان يَقُولُ: من بقي؟ فيقول: بقي المجاورون، فيقول: أطبق.

365- عَليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حسنون الأَنْصَارِيّ. مصري. سَمِعَ: محمد بن رَوْح، وحَرْمَلَة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن بهزاد السيرافي، وغيره. تُوُفِّي في رمضان سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 366- عَليّ بن الفضل الواسطي. عن: يزيد بن هَارُون. وَعَنْهُ: أَبُو يَحْيَى محمد بن كوثر البربهاري. لا أعرفه. 367- عَليّ بن محمد بن الحَسَن بن متّويه. أخو إِبْرَاهِيم بن متّوَيْه الأصبهاني، كَانَ زاهد إصبهان في زمانه. حكى عَنْهُ أَبُو الشَّيْخ الحَافِظ وَقَالَ: لم يُدرك في زماننا مثله في زهده وعبادته. ودخلت إِلَيْهِ مَعَ أبي. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 368- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب1. أَبُو الحَسَن الأموي البَصْرِيّ، قاضي القُضاة. سَمِعَ: أبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، وأبا سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيّ، وسهل بن بكار، وأبا عَمْرو الحَوْضي، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن صاعد، وَأَبُو بَكْر النَّجَّاد، وَإِسْحَاق الكاذي، وابن قانع، وَأَبُو بَكْر الشافعي، وآخرون. قال الخطيب: كان ثقة.

_ 1 المنتظم لابن الجوزي "5/ 164، 165"، سير أعلام النبلاء "13/ 412، 413"، البداية والنهاية "11/ 74".

قَالَ طلحة الشاهد: لَمَّا مات إسْمَاعِيل مَكثَتْ بغداد ثلاثة أشهر ونصف بغير قاضٍ، حَتَّى ولي عَليّ بن محمد بن أبي الشوارب، مُضافًا إلى قضاء مَرْو بعد أخيه الحَسَن. قَالَ: وَكَانَ عَليّ بن محمد رجلًا صالحًا، عظيم الخطر، كثير الطَّلب للحديث، ثقة أمينًا، فبقي عَلَى بغداد أشهرًا. تُوُفِّي في شوال سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 369- عَليّ بن محمد بن سَعِيد الثقفي الكوفي. رحل وسَمِعَ: أَحْمَد بن يونس، ومنجاب بن الحارث، وجماعة. وَعَنْهُ: يوسف بن محمد المؤذن، وَمحمد بن محمد والد القبّاب، وابنه أَبُو بَكْر القبّاب، وأحمد بن جَعْفَر بن مُفيد. وَكَانَ قد هجر أخاهُ إِبْرَاهِيم لِميْله للرّفض، وَكَانَ إِبْرَاهِيم هُوَ الأكبر. توفي سنة ثلاثٍ وثمانين. 370- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حَكَم المِصْرِيّ الفقيه. تفقّه عَلَى أَبِيهِ، وَسَمِعَ: محمد بن رمح، ونحوه. وَتُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. 371- عَليّ بن المبارك الصَّنْعَانيّ1. عن: إسْمَاعِيل بن أبي أُويس، وَمحمد بن عبد الرحيم بن شروس. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وغيره. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. وسمّاه الخليلي: عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المبارك، وكنّاه أبا الحَسَن، وزاد أَنَّهُ سَمِعَ من: زيد بن المبارك، وَمحمد بن يوسف، وَأَنَّهُ مات سنة ثمانٍ وثمانين. رَوَى عنه: القطان.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 192".

372- عُمارة بن وثيمة بن موسى1. أَبُو زُرْعَة الفارسي الأصل، المِصْرِيّ، صاحب "التاريخ عَلَى السنين". رَوَى عَنْ: أَبِيهِ. وَعَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وجماعة. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وولده رفاعة، وآخرون. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين في جمادى الأول. 373- عِمران بن عبد الرحيم. أَبُو سَعِيد الباهلي الأصبهاني. عن: بَكْر بن بكار، وعبد الله بن رجاء، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وقُرّة بن حبيب، وقطيعة بن العلاء، وَالحُسَيْن بن حفص، وجماعة من الكبار. وَعَنْهُ: يوسف بن محمد المؤذن، وأحمد بن عَليّ بن الجارود، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيم شيخ لأبي نُعَيْم، وآخرون. قَالَ أَبُو الشَّيْخ: حَدَّثَ بعجائب، ورُمي بالرَّفض. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. وَقَالَ السُّليماني: يُقَالُ إِنَّهُ وضع حديثًا. 374- عُمَر بن إِبْرَاهِيم2. الحَافِظ أَبُو الآذان البَّغْدَادِيّ. عن: محمد بن المُثَنَّى الزَّمِن، وعبد الله بن محمد بن المُسوَّر، وَمحمد بن عَليّ بن خلف العطار، وَإسْمَاعِيل بن مسعود الجحدري، ويحيى بن حكيم المقوم، وخلق. وعنه: ن. وَهُوَ أكبر منه، وابن قانع، وعبد الله بن إسحاق الخُرَاسَانِيّ، ومظفر بن يَحْيَى، والطبراني، وآخرون.

_ 1 المنتظم لابن الجوزي "6/ 37"، وفيات الأعيان "5/ 65"، الأعلام "5/ 194". 2 تاريخ بغداد "11/ 215، 216"، المنتظم "6/ 41"، تهذيب التهذيب "7/ 424، 425".

وثّقه الخطيب. وأثنى عَلَيْهِ أَبُو بَكْر الإسماعيلي. قال البرقاني: الإسماعيلي قَالَ: يُحكى أَنَّ أبا الآذان طالت خصومةٌ بينه وبين يهودي، فَقَالَ لَهُ: أدخِل يدَك ويدي في النار، فمن كَانَ مُحقًا لم تحترق يده، فذكر أَنَّ يده لم تحترق وَأَنَّ يد اليهودي احترقت. رواها الخطيب، عن البَرْقاني. تُوُفِّي سنة تسعين، عن ثلاثٍ وستين سنة. 375- عُمَر بن بحر الأسَدي الأصبهاني1. عن: دُحَيْم، وغيره. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن بُنْدَار، وَأَبُو الشَّيْخ. تُوُفِّي سنة ثمان وثمانين. وصحب ذا النُّون، وابن أبي الحواري. 376- عُمَر بن عبد العزيز بن عمران بن أيوب بن مِقْلاص2. أَبُو حفص الْخُزَاعِيُّ. عن: أَبِيهِ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن الورد، وَأَحْمَد بن الحَسَن بن عُتْبة الرَّازِيّ، والطَّبَرَانيّ. وَكَانَ فقيهًا خيّرًا. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 377- عُمَر بن موسى بن فيروز3. أَبُو حفص التوزي ثم البغدادي.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 215، 216". 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 354". 3 تاريخ بغداد "11/ 214".

عن: عَفَّان بن مسلم، وغيره. وَعَنْهُ: عُمَر بن سلم الخُتُّليّ، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. تُوُفِّي سنة أربعٍ. 378- عَمْرو بن الشَّيْخ أبي الطاهر أَحْمَد بن عَمْرو بن السَّرح المِصْرِيّ1. أبو عبد الله. ثقة زاهد صالح. رَوَى عن: سَعِيد بن أبي مريم، وغيره. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَأَبُو طالب أَحْمَد بن نصر الحَافِظ، وآخرون. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين. وثّقه ابن يونس. 379- عَمْرو بن اللَّيْث الصَّفَّار2. أخو يعقوب بن الليث السجستاني الملكين. كان هو أخوه صفّارَيْن بسجستان يصنعان النحاسٍ. وَقِيلَ: كَانَ عَمْرو مكاري حُمَيْر. قَالَ عُبَيْد الله بن طاهر: عجائب الدُّنْيَا ثلاث: جيش العَبَّاس بن عَمْرو الغنوي، يؤسَر العَبَّاس، ويسلَم وحده، ويُقتل جميع جيشه، وكانوا عشرة آلاف يعني قتلهم القرامطة. وجيش عَمْرو بن اللَّيْث الصَّفَّار، يؤسَر عَمْرو وحده، ويموت في السجن الخليفة ويسل جميع جيشه، وكانوا خمسين ألفًا. وأنا لا أترك بيتي قطّ، وتولى ابني أَبُو العَبَّاس. قُلْتُ: ولي عَمْرو بن اللَّيْث مملكة فارس متغلبًا عليها بعد موت أخيه بالقُولنج سنة خمسٍ وستين. وقد جرت فيها أمور يطول شرحها، وتقلبت بهما أحوال إلى أن بلغَا درجة السلطنة بعد الصنعة في الصفر.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 257". 2 المنتظم لابن الجوزي "5/ 56، 80"، وفيات الأعيان "5/ 62"، الإنباء في تاريخ الخلفاء "11/ 138".

وَكَانَ عَمْرو جميل السيرة في جيوشه، ذكر السلامي أَنَّهُ كَانَ ينفق في الجند في كل ثلاثة أشهر مرة، فيحضر بنفسه، ويقعد عارض الجيش والأموال بين يديه، والْجُنْد بأسرهم حاضرون، فأول ما ينادي إنسان باسم عَمْرو بن اللَّيْث، فيقدم فرسه إلى العارض بجميع آلتها، فيتفقدها، ثم يأمر بوزن ثلاثمائة درهم، فتُحمل إلى الملك عَمْرو في صُرّة، فيقبضها وَيَقُولُ: الحمد لله الذي وفقني لطاعة أمير المؤمنين، حَتَّى استوجبت منه العطاء، ثُمَّ يضعها في خفّه، فيكون لمن ينزع خفّه. ثُمَّ يدعو بعده بالأمراء عَلَى مراتبهم بخيولهم وعددهم وآلتهم، فتُعرض. فمن أخل بشيء من لوازم الْجُنْد حُرم رزْقه. وَقِيلَ: كَانَ في خدمة زوجة عمرو ألف وسبعمائة جارية. وقد دخل في طاعة الخلفاء فولي للمعتضد أمرَ خُرَاسَان، وامتدت أيامه، واتسع سلطانه. وقد سُقنا من أخباره في الحوادث. وحاصل الأمر أَنَّهُ بغى عَلَى إسْمَاعِيل بن أَحْمَد بن أسد مُتولي ما وراء النَّهْر، وأراد أخذ بلاده، فبعث إليه إسْمَاعِيل يَقُولُ: أنا في ثغر وقد قنعت بِهِ، وأنت معك الدُّنْيَا فاتركني. فلم يدعه، وعزم عَلَى حربه، فعبر إسْمَاعِيل نهر جيحون إِلَيْهِ بغتة في الشتاء، فخارت قوى عَمْرو، وأخذ في الهرب في الوحل والبرد. فأحاط بِهِ أصحاب إسْمَاعِيل وأسروه. قَالَ ابن عَرَفَة نِفْطَوَيْه النَّحْوِيّ في تاريخه: حَدَّثَنِي محمد بن أَحْمَد بن حَيَّان الكاتب، وَكَانَ شَخَصَ مَعَ عَبْد الله بن الفتح حين وجّه بِهِ إسْمَاعِيل بن أَحْمَد قَالَ: كَانَ السبب في انهزام عمرو بن الليث وهربه وهرب أصحاب عند عبور إسْمَاعِيل إلى بَلْخ، مقام عَمْرو بها، إِذْ أهلها سئموا مقامه ونزول أصحابه في منازلهم، وإفسادهم أولادهم، ومد أيديهم إلى أموالهم، فوافى إسْمَاعِيل، فأقام عَلَى باب بَلْخ مدّة، ثُمَّ خرج أمير من أمراء إسْمَاعِيل في أربعين رجلًا إلى موضع فيه ثلج عَلَى فرسخِ من بَلْخ؛ ليحمل لإسماعيل الثلج، فصادف رجالًا من أصحاب عَمْرو في الموضع، فأوقع فيهم وقتل، فانهزموا مجروحين إلى البلد، وأنذروا أصحاب عَمْرو، وعرّفوهم أن إسْمَاعِيل قد قدم، فأخذوا في الهزيمة، فركب عسكر إسْمَاعِيل أقفيتهم، وخرج عَمْرو

من البلد هاربًا عندما رأى من هرب من جيشه من غير حرب جَرَت، وتقنطر بعَمْرو الشهري تحته في بُحُورٍ ووحلٍ عَلَى نحو فرسخين، وصادفه غِلمان إسْمَاعِيل الأتراك وَهُوَ قاعد في الموضع والشهري واقفة، فأتوا بِهِ، وضرب إسْمَاعِيل صاحبهم، فقام إليه إسْمَاعِيل وضمّه إلى نفسه وقبّل عينيه وأجلسه إلى جانبه، وَقَالَ: عزَّ والله عَليّ يا أخي ما نالك، وما كنت أحبّ أن يجري هَذَا. وأمر بنزع خلَقِه وثيابه التي استوحل فيها، ودعا بطَسْتٍ وماء وردٍ فغسّل وجهه ورِجليه، وألبسه خلقه، ودعا لَهُ بسكنجبين. وفي خلال ذَلِكَ تمسح إسماعيل وجه عمر بمنديل معه، فامتنع من السكنْجَبيْن، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْر وزير إسْمَاعِيل: اشرب واطمئن. وأخذ إسْمَاعِيل القدح وشرب منه وناوله، ثُمَّ دعا بالطعام وأكلا. وَقَالَ: أيما أحبّ إليك؛ المُقام، أَوِ البعث بك إلى أخي أبي يعقوب متولي سمرقند؟ قال: اخلف أنك لا تغدر بي، ولا تغتالني، ولا تسلّمني. فحلف لَهُ وتوثّق، ثُمَّ بعث بِهِ إلى أخيه. ووافى عبد الله بن الفتح من المُعْتَضِد بالخلع والمال إلى إسْمَاعِيل، وبكتاب المُعْتَضِد يأمره فيه بتسليم عَمْرو إِلَيْهِ، فامتنع وَقَالَ: هَذَا رجل أهل خُرَاسَان، وَالرَّيِّ، وجميع البلدان التي يجتازها، يميلون إِلَيْهِ، وهم كالعبيد له، ومتى سلمته إليك وشخصت به آمن أن تخرج إليكم العساكر من عند طاهر بن محمد بن عَمْرو، فيسلبونه منكم، ويقعون بكم، ولولا أَنَّ الله أظفرني بِهِ بلا حرب لطال أن أظفر به، ومن كنت عنده مَعَ قوة سلطانه؟ والله يا أبا محمد لقد كتب إليَّ من غير تكنُّن يَقُولُ: يا ابن أَحْمَد، والله لو أردت أن أعمل جسرًا عَلَى نهر بَلْخ من دنانير لا من خشبٍ لفعلت وصرت إليك حَتَّى أقبض عليك. فكتبت إِلَيْهِ: الله بيني وبينك، وأنا رجل ثغري مُصافٌّ للتُرْك، لباسي الكُرْدُواني والغليظ، ولا مال لي، ورجالي إنما هُوَ جيش بغير رزق، وقد بغيت عَليّ، والله بيني وبينك. فلم يزل عبد الله يناظره، ويسأله تسليم عَمْرو إِلَيْهِ، فَقَالَ: إني أحببت أن يُحمل رأسه إلى سيدي أمير المؤمنين. فطال الخطاب إلى أن أذعن بحمله معه، فوافى رجال إِسْحَاق بعمرو بن اللَّيْث، وسُلّم إلى عبد الله مُقيدًا وَعَلَيْهِ دُرّاعة خزّ مبطَّنَة بثعلب، ووكّل بِهِ تكين التركي، وأمر أن يُعادله عَلَى الحمارة في قُبة، ومعه سكين طويلة وَقَالَ: متى خرج إليكم أحد يحاربكم فاذبحه في الحال، وبعث معه نحو خمسمائة

نفس، وَكَانَ عَمْرو يدعو الله عَلَى إسْمَاعِيل وَيَقُولُ: غدر بي، خذَلَه الله. ولم يزل صائمًا إلى أن وافي كتاب الوزير عُبَيْد بن سُلَيْمَان إلى عبد الله بن الفتح يأمره بترفيهه وبسط أمله وإكرامه، فأكل ثلاثة أيام، وعاود الصوم، وجرت لَهُ أمور حَتَّى أَنَّهُ اشترى لَهُ فانيذ بثلاثة دراهم، فعرف أَبُو حامد أَحْمَد بن سهل وكبّله بذلك ليشتري لَهُ، فبكى وجعل يتعجب من الدُّنْيَا وَقَالَ: يا أبا الحَسَن، عهدي بِهِ إِذَا سار إلى بلده يحمل فرشه ومطبخه عَلَى ستمائة جمل، وهو اليوم يطلب بدراهم فانيذًا. ورأيت سراويل عَمْرو وقد نزلنا سِجسْتان عَلَى حائط الخان، وقد غسّله غلامه، والريح تلعب بِهِ، وَالنَّاس يتعجبون من ذَلِكَ. وَكَانَ إذا سار معنا يُخرج رأسه من العمارية، وَيَقُولُ لمن يمرّ بِهِ بالفارسية: يا سادتي، أدعو الله لي بالفرج. فَكَانَ النَّاس وأصحاب عبد الله بن الفتح يدعون لَهُ، وَكَانَ يتصدّق بسائر ما يترتب لَهُ من التُّرك. وأما تكين عدِيلُهُ، فَإِنَّهُ أكل جملًا تامًا، فمات فجأة، واستراح عَمْرو منه، وأُركب معه شخص ظريف كَانَ معنا، فَكَانَ عَمْرو يدعو عَلَى إسْمَاعِيل ويَقُولُ: خذله الله، انتقم الله منه كما أسلمني. فَقَالَ لَهُ جَعْفَر عديله: سألتك بالله، لو كنت ظفرت بإسماعيل، أكنت تُقعده في مثل هذه القبة وهذه الفرش، لا والله، ما كنت تحمله إِلا عَلَى قتَبٍ وتُؤذيه، فلمَ تلعنه؟ فلطم وجه نفسه، ونتف لحيته وصاح: يا ويله ويا عوله، بالفارسية. ووجّه إلى عبد الله: اكفني مؤونة هَذَا العيَّار الطَّنبوري وإلا خنقت نفسي. فجاء عبد الله وأصلح بينهما، فَقَالَ عديله: فكم يُبرمني ويلعن صاحبي؟ ومن يصبر عَلَى هَذَا من أحمق قيمته مكاري. والله ما يحسن أن يقرأ الفاتحة ولا كيف يصلي. وَلَهُ أخبار طويلة في مسيرنا بِهِ. وَأَخْبَرَنَا عبد الله بن الفتح أَنَّهُ أمر بتقييده فجزع، وجعل يعد حُسن آثاره وطاعته، ولعمْري، لقد هلك أخوه يعقوب بثلاث سنين، فغلب عَلَى الأهواز، وحمل الأموال إلى السّلطان. وَأَخْبَرَنِي عبد الله أَنَّهُ قَالَ لَهُ حين قيّده: كَانَ في أمس وراء هَذَا ستون ألف مقاتل، ومن الخيل والبغال والأموال كذا وكذا، فما نفعني الله بشيء من ذلك.

وتوجّه إسْمَاعِيل، فافتتح خُرَاسَان وطبرستان، وقتل محمد بن زيد العلوي، وأسَر ابنه، فأنفذ إِلَيْهِ لواء خُرَاسَان، وأُدخل عَمْرو مدينة السلام، وشُهر عَلَى فالج، يُقَالُ: إِنَّهُ أهداه، فرأيته باسطًا يديه يدعو، فرق لَهُ النَّاس، ثُمَّ حبس في موضعٍ لا يراه فيه أحد حَتَّى مات. وَقَالَ غيره: دخل بغداد عَلَى جمل له سنامين، وعليه جبة ديباج وبُرْنس السَّخط، وَعَلَى الجمل الديباج والزينة، فَقِيلَ في ذَلِكَ: وحسبُكَ بالصَّفَّار نُبْلا وعزَّةً ... يروح ويغدو في الجيوش أميرا حباهم بأجمال ولم يدر أنه ... على جمل منها يقاد أسيرا فَلَمَّا أُدخل عَلَى المُعْتَضِد قَالَ: هَذَا ببغيك يا عَمْرو. ولم يزل في حبْسه نحوًا من سنتين، وهلك يوم وفاة المُعْتَضِد. فيقال: إن الْقَاسِم بن عُبَيْد الله الوزير خاف وبادر بقتله خوفًا من المُكْتَفِي بالله أن يُطلقه، فَإِنَّهُ كَانَ محسنًا إلى المكتفي. 380- عَبَّاس بن تميم البَّغْدَادِيّ السكري1. رَوَى عن: مَخْلَد بن مالك. وعنه: محمد بن مخلد، والطبراني. توفي سنة تسعين. وثّقه الخطيب. 381- عون بن محمد الكِنْدِيّ الإخباري2. حَدَّثَ عن: مُصْعَب الزُّبَيْريّ، وجماعة. وَعَنْهُ: الصولي الحكيمي. توفي ببغداد.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 256". 2 تاريخ بغداد "12/ 294".

"حرف الفاء": 382- الفضل بْن عَبْد الله بْن عَبْد الجبّار بْن عون الشكري الماليني الْهَرَويّ. أَبُو العَبَّاس. عن: مالك بن سُلَيْمَان السعدي. وَعَنْهُ: أَبُو النضر محمد بن الطُّوسي، وَأَبُو طاهر محمد بن الحَسَن المحمد أباذي، وحامد الرّفّاء، وجماعة. 383- الفضل بن محمد بن المسيب1. الحَافِظ أَبُو محمد البَيْهَقِيّ الشَّعْرَانِيّ. من ذُرية باذان ملك اليمن الذي أسلم بكتاب النبي -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ. سَمِعَ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صالح، وعيسى بن قالون، وَسُلَيْمَان بن حرب، وأحمد بن يونس اليربوعي، وَإسْمَاعِيل بن أبي أُويس، وَإِسْحَاق الفروي، وأبا ثوبة الحلبي، وأبا جَعْفَر النُّفَيْلِيَّ، وخلقًا بالشام، والحجاز، ومصر، والعراق، وخراسان، والجزيرة. وَعَنْهُ: إمام الأئمة ابن خزيمة، وأبو حامد بن الشرقي، ومحمد بن الْقَاسِم العتكي، وعَليَّ بن حَمَّاد، وَأبو عبد الله محمد بن يعقوب، وحفيده إسْمَاعِيل بن محمد بن الفضل، وخلْق. قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أبا بَكْر بن المؤمل يَقُولُ: كُنَّا نقول: ما بقي في الدُّنْيَا مدينة لم يدخلها الفضل في طلب الحديث، إِلا الأندلس. قَالَ الحاكم: وَكَانَ الفضل أديبًا عابدًا عارفًا بالرّجال. وَكَانَ يرسل شعره، فلقب بالشَّعراني. وَقَالَ ابن ماكولا: كَانَ قد قرأ القرآن عَلَى خلف بن هشام. وَكَانَ عنده "تاريخ أَحْمَد بن حنبل"، عنه، و"تفسير سنيد بن داود"، عنه.

_ 1 الجرح والتعديل "7/ 69"، ميزان الاعتدال "3/ 358"، البداية والنهاية "11/ 73".

قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أبا عبد الله بن الأخرم وسُئل عَنْهُ فَقَالَ: صدوق. إِلا أَنَّهُ كان غالبًا في التَّشيع. قِيلَ لَهُ: فقد حُدّث عَنْهُ في "الصحيح". قَالَ: كَانَ كتاب مُسْلِم ملآن من حديث الشيعة. وَقَالَ أَبُو أَحْمَد الحاكم: سئل عَنْهُ الحُسَيْن القباني، فرماه بالكذب. وَقَالَ ابن أبي حاتم: صدوق. وَقَالَ مسعود السِّجْزِيُّ: سألت أبا عبد الله الحاكم عن الفضل الشَّعْرَانِيّ. فَقَالَ: ثقة مأمون، لم يُطعن في حديثه بحُجّة. قَالَ إسْمَاعِيل حفيده: تُوُفِّي جدي في المحرم سنة اثنتين وثمانين. 384- فضل بن محمد بن رومي البغدادي1. عن: خلف البزاز، وجُبارة بن المغلّس. وَعَنْهُ: عبد الله الخُرَاسَانِيّ، وغيره. قَالَ الخطيب: لم يكن بِهِ بأس. 385- فضل بن الحَسَن2. أَبُو العَبَّاس الأهوازي. عن: سُلَيْمَان الشاذكوني. وَعَنْهُ: ابن السَّمَّاك، وابن نجيح، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين. وثَّقه الخطيب. 376- فُضيل بن محمد بن فضيل3. أبو يحيى الملطي.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 370". 2 تاريخ بغداد "12/ 371". 3 الجرح والتعديل "7/ 76"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 265".

عن: أبي نُعَيْم، وموسى بن داود، وَمحمد بن عيسى بن الطباع، وأبي الوليد الطَّيَالِسِيّ. وَعَنْهُ: أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم بالإجازة، وَكَانَ إمام جامع ملَطْيَة. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. وقد رَوَى عَنْهُ من الكبار أَبُو عروبة الحَافِظ، وأصله خَزَري. "حرف القاف": 387- الْقَاسِم بْن أَحْمَد بْن محمد الخطابي البغدادي1. شيخ حسن الحديث. سَمِعَ: هوذة بن خليفة، وأبا نُعَيْم. وَعَنْهُ: إسْمَاعِيل الخطبي، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وآخرون. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 388- الْقَاسِم بن أَحْمَد بن زياد البَّغْدَادِيّ الشيباني2. عن: عَفَّان بن مُسْلِم. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي قبل التسعين ومائتين. 389- الْقَاسِم بن عبد الرحمن الأنباري3. عن: يَحْيَى بن هاشم السمسار، وأبي جَعْفَر النُّفَيْلِيِّ. وَعَنْهُ: القاضي مكرم، وعثمان بن السماك. توفي سنة أربع.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 438". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 268"، تاريخ بغداد "12/ 438، 439". 3 تاريخ بغداد "12/ 437".

390- الْقَاسِم بن أسد الأصبهاني الحَافِظ1. أحد أئمة السنة بإصبهان. رحل وطوّف وجمع وصنّف. سَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَل، وهشام بن عَمَّار، وأبا مصعب، وعبد الله بن عمر القواريري، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وطبقتهم. رَوَى عَنْهُ: غزوان بن إِسْحَاق الهمداني أحد شيوخ أبي بَكْر الخلال، وَأَحْمَد بن عبد الله بن النُّعْمَان الأصبهاني أحد شيوخ ابن منده، وغيرهما. 391- الْقَاسِم بن محمد بن الصباح الأصبهاني النَّحْوِيّ2. كَانَ رأسًا في العربية. يروى عن: سهل بن عُثْمَان، وعبد الله بن عمران. وعنه: أبو الشيخ وَقَالَ: تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. 392- الْقَاسِم بن محمد الدلال3. أَبُو محمد الكوفي. قَالَ الخليلي: ثقة. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وقُطبة بن العلاء، وأسيد بن زيد، وأبا بلال الأشعري، وَأَحْمَد بن يونس. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابن عُقدة، والطَّبَرَانيّ، والفضلان، وجماعة. قَالَ الخليلي: مات في آخر سنة ستٍّ وثمانين. قُلْتُ: فيه خلاف. 393- قَطْرُ النَّدَى4. بنت السلطان خُمَارَوَيْه بن أَحْمَد بن طُولُون التي تزوج بها المعتضد بالله.

_ 1 أخبار أصبهان "2/ 160"، لأبي نعيم. 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 160". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 266". 4 الكامل في التاريخ "7/ 498، 508"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 26"، البداية والنهاية "11/ 71، 72".

أصدقها المُعْتَضِد ألف ألف درهم. وَيُقَال إنما قصد بتزوجها أن يُفقر أباها، فَإِنَّهُ أدخل معها جهازًا هائلًا، من جملته فيما قِيلَ ألف هاون ذهب. وكانت أَيْضًا بديعة الجمال، عاقلة جليلة. ماتت في تاسع رجب سنة سبعٍ وثمانين ومائتين. "حرف الكاف": 394- ... بن إِبْرَاهِيم الطَّوابيقي المُؤَدِّب. حسنُ الحديث عن عبد الأعلى بن حَمَّاد. وَعَنْهُ: ابن قانع، وغيره. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. 395- كُنيز الفقيه1. أَبُو عَليّ الخادم، مولى المنتصر بالله ابن المتوكل. يروي عن: حَرْمَلَة بن يَحْيَى، والربيع المرادي، والحسن بن محمد الزعفراني. وعنه: أبو علي الحصائري، وأبو القاسم الطبراني. وكان يقرئ الفقه بجامع دمشق على مذهب الشافعي، وكان من أئمة المذهب. قال الحسن بن حبيب الحصائري: سَمِعْتُ أبا عَليّ كُنيز الخادم يَقُولُ: كنت للمنتصر بالله: فَلَمَّا مات خرجت إلى مصر، فكنت أجلس في حلقة ابن عبد الحكيم، وأناظرهم عَلَى مذهب الشَّافِعِيّ، وكانوا مالكيين. فكنت أقيم قيامتهم، فَلَمَّا لم يقْوَوْا عَليّ أتوا أَحْمَد بن طُولُون، وقالوا: هَذَا جاسوس للدولة ها هنا. فحبسني سبع سنين، ثُمَّ لَمَّا مات أُطلقت، فأعدت صلاة سبع سنين، لأن الحبس كَانَ قذرًا. قَالَ الحصائري: كَانَ فقيهًا عليمًا بقول الشَّافِعِيّ. "حرف الميم": 396- محمد بن أَحْمَد بن حميد بن نعيم البغدادي2.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 270"، المشتبه في أسماء الرجال "2/ 545". 2 تاريخ بغداد "1/ 292"، المنتظم لابن الجوزي "5/ 156".

عن: عفان بن مُسْلِم، وَسُلَيْمَان بن حرب، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو سهل أَحْمَد بن محمد. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 397- محمد بن أَحْمَد بن رَوْح الكسائي الصفواني1. عن: محمد بن عباد المكي. وعنه: محمد بن مخلد، والطبراني. توفي سنة ثمانٍ وثمانين ببغداد. 398- محمد بن أَحْمَد بن حُنين العطار2. عن: داود بن رُشيد. وَعَنْهُ: ابن مَخْلَد، والطَّبَرَانيّ أَيْضًا. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 399- محمد بن أَحْمَد بن عنْبَسة البَزَّار3. شيخ. حَدَّثَ عن: محمد بن كثير الصَّنْعَانيّ. رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 400- محمد بن أَحْمَد بن يَحْيَى بن بشير4. المحدّث أَبُو أَحْمَد الشيريني الْجُرْجَانِيّ، الملقب بالمأمون. رَوَى عَنْ: عَليّ بن الْجَعْد، وَيَحْيَى بن بُكَيْر، وطبقتهما. وَعَنْهُ: محمد بن يزداد البكراوي، وَمحمد بن أَحْمَد بن إسْمَاعِيل الصوام، وَأَبُو إِسْحَاق اليزيدي الْجُرْجَانِيّون، وَمحمد بن القاسم العتكي.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 24"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 29، 30". 2 تاريخ بغداد "1/ 292، 293". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 77". 4 تاريخ جرجان للسهمي "386"، الإكمال لابن ماكولا "4/ 487".

401- محمد بن أَحْمَد بن لبيد1. إمام جامع بيروت. سَمِعَ: عَمْرو بن هشام البيروتي، وعبد الحميد بن بكار. وَعَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن مروان، وَأَبُو عَليّ بن هَارُون، والطَّبَرَانيّ. 402- محمد بن أَحْمَد بن سُفْيَان التِّرْمِذِيُّ2. حَدَّثَ ببغداد عن: القواريري. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن كامل، والطَّبَرَانيّ. 403- محمد بن أَحْمَد بن محمد بن مطر3. أَبُو بَكْر الفزاري الخرَّاط الفذائي، وفذايا قرية صغيرة عَلَى باب شرقي من دمشق. سَمِعَ سُلَيْمَان ابن بنت شُرَحْبِيل، وَإِبْرَاهِيم بن المنذر الحِزَامي، وجماعة. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيم بن محمد بن سُفْيَان، وَأَبُو عَليّ بن هَارُون الأَنْصَارِيّ، وغيرها. 404- محمد بن أَحْمَد بن مهدي4. أَبُو عُمارة البَّغْدَادِيّ، أحد المتروكين. رَوَى عن: أبي بَكْر بن أبي شَيْبَة، ولوين محمد بن سليمان. وعنه: أبو سهل القطان، ودعلج، وأبو بكر الشافعي. وهاه الدارقطني. 405- محمد بن أحمد. قاضي القضاه بنيسابور، أبو رجاء الجوزجاني الحنفي. ولي القضاء لعمرو بن الليث الصفار.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 42"، مسند الشاميين "198، 210، 224". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 10"، تاريخ بغداد "1/ 305، 306". 3 معجم البلدان "4/ 241". 4 تاريخ بغداد "1/ 360، 361"، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي، "3/ 38".

وحدث عن: حَوْثَرة المنقري، وَإِسْحَاق الشهيد، وأبي سَعِيد الأشج. وتفقَه عَلَى أبي سُلَيْمَان الْجَوْزَجَانيّ، كذا قَالَ الحاكم. وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر الحيري، ومؤمل بن الحَسَن، وجماعة. مات سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 406- محمد بن إِبْرَاهِيم بن زياد1. الإمام أبو عبد الله ابن المواز الإسكندراني المالكي صاحب التصانيف المشهورة. أخذ المذهب عن: عبد الله بن عبد الحكم، وعبد الملك بن الماجشون، وأصبغ بن الفرج. وكان اعتماده في الفقه على أصبغ. وانتهت إليه رئاسة المذهب والمعرفة بدقائقه وتعريفه، وله مصنف حافل في الفقه، رواه ابن أبي مطر، وابن أبي مُبشّر، عنه. وآخر من روى عنه: ولده بكر بن محمد. وقد قدم دمشق في صحبة الملك أحمد بن طولون. وقيل: إنه انملس إلى بعض الحصون الشامية في آخر عمره، فلزمه إلى أن أدركه أجلهُ. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين والمعوّل بالديار المِصْرِيّة عَلَى قوله. وأما ابن يونس فَقَالَ: تُوُفِّي سنة تسعٍ وستين بدمشق، وحدث عن يَحْيَى بن بُكَيْر. وَقِيلَ: إِنَّهُ رَوَى أَيْضًا عن أشهب. 407- محمد بن إِبْرَاهِيم2. أَبُو عامر الصوري النحوي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 6"، الوافي بالوفيات "1/ 335، 336"، شذرات الذهب "2/ 177". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 79"، حلية الأولياء "4/ 357"، تهذيب التهذيب "5/ 140".

عن: سُلَيْمَان بن عبد، وهشام بن عَمَّار، وَيَحْيَى بن بُكَيْر، وعبد الله بن ذكوان المقرئ. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ بن هَارُون، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وغيرهما. وآخر من رَوَى عَنْهُ: موسى بن عبد الرحمن الصباغ. 408- محمد بن إِبْرَاهِيم بن كثير1. أَبُو الحَسَن الصوري. يروي عن: محمد بن يوسف الفِرْيَابِيّ، ومؤمل بن إسْمَاعِيل، وطبقتهما. وأظنّه مات قبل الثمانين ومائتين. 409- محمد بن إِبْرَاهِيم2. أَبُو بَكْر الصوري. عن: أَحْمَد بن صالح المِصْرِيّ، وأبي نُعَيْم الحلبي. وَعَنْهُ: أَبُو الحَسَن بن حذلم. 410- محمد بْن إدريس. أَبُو بَكْر الأنطاكي. عن: يعقوب بن....، وَمحمد بن عبد الرحمن بن سهم، وَصَفْوَان بن صالح المؤذن. وَعَنْهُ: ابن العقب، وَأَبُو الميمون بن راشد. 411- محمد بن أُسَامَةَ بن صخر3. أَبُو يَحْيَى الحجري السَّرَقُسْطي. حَدَّثَ بالقيروان "بمستخرجة" العتبي، عنه.

_ 1 الثقات لابن حبان "9/ 144"، المغني في الضعفاء "2/ 545"، لسان الميزان "5/ 23، 24". 2 موسوعة علماء المسلمين "4/ 51، 52". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 17، 18".

رَوَى عَنْهُ: أَحْمَد بن نصر، وَأَبُو تميم بن محمد التَّمِيمِيّ. وقتله عامل سَرَقُسْطَة سنة سبع وثمانين. وقد روى عنه: أبي صالح، وَيَحْيَى بن بُكَيْر. 412- محمد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم. أَبُو بَكْر العُقيلي الأصبهاني الفابراني. عن: هشام بن عَمَّار، وعبد الرحمن دُحَيْم. وَعَنْهُ: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وغيره. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 413- محمد بن إِسْحَاق بن أسد الهَرَويّ1. ثُمَّ البَّغْدَادِيّ الخراز. عن: داود بن رُشيد، وَمحمد بن معاوية النَّيْسَابُوري. وَعَنْهُ: ابن مَخْلَد العطار. تُوُفِّي سنة أربعٍ. 414- محمد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن جَوثي. أبو عبد الله الصَّنْعَانيّ. من شيوخ أبي الحَسَن العطار باليمن. ثقة. سَمِعَ: جوير بن المسلم، وابن أبي غسان. مات سنة ثمانٍ وثمانين. 415- محمد بن إِسْحَاق بن الحرير2. أَبُو الحُسَيْن القُرَشِيّ الدِّمَشْقِيّ خَتَنُ هشام بن عَمَّار.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 242". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 58".

سمع: إبراهيم بن هشام الغساني، وعبد الرحمن دُحَيْم، وَسُلَيْمَان بن عبد الرحمن، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ الحصائري، وَأبو عبد الله بن مروان، وعَليَّ بن أبي العَقِب، والطَّبَرَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي في المحرم سنة ثمانٍ وثمانين. 416- محمد بن إسْمَاعِيل. أَبُو حُصين التَّمِيمِيّ الدِّمَشْقِيّ، والد أبي الدحداح. سمع: صفوان بن صالح المؤذن، وغيره. وَعَنْهُ: ابنه، وَمحمد بن إِبْرَاهِيم بن مروان، وَالطَّبَرِيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة تسعين. 417- محمد بن بِشْر بن مروان الصّيرفي البَّغْدَادِيّ1. جيّد الحديث. سَمِعَ: عبد الله بن خَيْران، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ. وَعَنْهُ: ابن صاعد، وعبد الباقي بن قانع. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين. وأمّا: 418- محمد بن بِشْر بن مروان2 أَبُو بَكْر القراطيسي الدِّمَشْقِيّ، فحدث ببغداد سنة عشرين وثلاثمائة عن: يَحْيَى بن نصر، والربيع المُرادي. رَوَى عَنْهُ: الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. 419- محمد بْن جَعْفَر بْن محمد بْن ميسرة3. بغدادي عُرف بابن الرَّازِيّ.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 90، 91"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 30". 2 تاريخ بغداد "1/ 91". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 19"، مسند الشاميين "1/ 32".

عن: أبي همّام السّكُوني، وطبقته. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وغيره. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 420- محمد بن بشر بن مطر1. أبو بكر البغدادي الوارق، أخو خطّاب. سَمِعَ: عاصم بن عَليّ، وشيبان بن فَرُّوخ. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر بن بُرَيْه، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. قُلْتُ: مات في رمضان سنة خمسٍ وثمانين. 421- محمد بن حجة2. أَبُو بَكْر البَزَّار. عن: يَحْيَى الحِمّاني. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن عُبَيْد الصَّفَّار، وغيره. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 422- محمد بن حامد المَوْصِليّ الصائغ. عن: معلى بن مهدي، ومحمد بن عبد الله بن عَمَّار، وجماعة. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد في تاريخه وَقَالَ: مات سنة ستٍّ وثمانين أَوْ سنة سبْع. 423- محمد بن حسن بن دينار3. أَبُو العَبَّاس الأحول: إخباري أديب، له تصانيف منها كتاب "الدواهمي" وكتاب "الأشباه". وكان موثقًا.

_ 1 أخبار القضاة لوكيع "1/ 16"، تاريخ بغداد "2/ 90"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 9". 2 تاريخ بغداد "2/ 296". 3 تاريخ بغداد "2/ 185"، الوافي بالوفيات "2/ 344، 345".

رَوَى عن: محمد بن الأعرابي. وَرَوَى عَنْهُ: نِفْطَوَيْه. 424- محمد بن الحَسَن بن حيدة البَّغْدَادِيّ البَزَّار. الفقيه. عن: مِنْجاب بن الحارث، وغيره. وَعَنْهُ: ابن قانع. 425- محمد بن الحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن زياد الأبهري1. أَبُو الشَّيْخ. عن: محمد بن موسى الحَرَشِيّ، وأبي سَعِيد الأشج. وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَد العسال، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي قبل التسعين. وَكَانَ ثقة عالمًا. وَقِيلَ: تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 426- محمد بن الحُسَيْن بن الدَّسْتبان2. أَبُو جَعْفَر السامُرِّي. عن: الحَسَن بن بِشْر الكوفي. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَأبو عبد الله بن مخرم. وَكَانَ ثقة. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 48"، أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 227، 228"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 22". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 67".

427- محمد بن حَمَّاد بن ماهان الدّباغ1. عن: مسدّد، وعَليَّ بن الْمَدِينِيِّ، وأبي الربيع الزّهْراني. وَعَنْهُ: أَبُو سهل بن زياد، وحمزة الدهقان. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقوي. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 428- محمد بن حُمَيْد بن زياد2. أَبُو المسلم السَّعيدي. عن: محمد بن حُمَيْد، وعبد الجبار بن العلاء، وعباد بن أَحْمَد العزرمي، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن بُنْدَار، وأحمد بن جعفر بن معيد، ومحمد بن عمر الْجَوْرَجيري الأصبهانيون. 429- محمد بن حَيَّان3. أَبُو العَبَّاس المازني البَصْرِيّ. سَمِعَ: عَمْرو بْن مرزوق، وأبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، ومسدد بن مُسَرْهَد، وَسُلَيْمَان بن يزيد الملحمي، وجماعة. وَعَنْهُ: دَعْلَج، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وفاروق الخطابي، وآخرون. 430- محمد بن خلف بن عبد السلام4. أبو عبد الله البَّغْدَادِيّ الأعور. عن: عاصم بن عَليّ، وَيَحْيَى بن هاشم السمسار. وَعَنْهُ: محمد بن العَبَّاس بن نجيح، وأبو بكر الشافعي.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 273"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 9". 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 216". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 30". 4 تاريخ بغداد "5/ 235".

وَكَانَ ثقة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين ومائتين. 431- محمد بن الخطاب العدوي1. مولاهم. رَوَى عن: أبي نُعَيْم. رَوَى عَنْهُ: ابن قانع. تُوُفِّي سنة اربعٍ وثمانين. 432- محمد بن ربح بن سُلَيْمَان2. أَبُو بَكْر البَّغْدَادِيّ البَزَّار. عن: يزيد بن هارون، ويعقوب الحضرمي، وأبي نعيم. وعنه: أبو سهل القطان، ودعلج، وأبو بكر الشافعي. وثقه الخطيب. وتوفي سنة ثلاث وثمانين. 433- محمد بن الربيع بن شاهين3. شيخ بصري صاحب حديث. حَدَّثَ ببغداد عن: أبي الوليد الطَّيَالِسِيّ، وعيسى بن إِبْرَاهِيم البركي، وغيره. رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانيّ في المعاجم، وَأَبُو الحَسَن القزويني القَطَّان. 434- محمد بن زكريا بن دينار4. أبو جعفر الغلابي البصري الإخباري.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 252". 2 تاريخ بغداد "5/ 278"، الإكمال لابن ماكولا "4/ 92". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 11"، تاريخ بغداد "5/ 278، 279". 4 الثقات لابن حبان "9/ 154"، ميزان الاعتدال "3/ 58"، لسان الميزان "5/ 167".

عن: عبد الله بن رجاء الغُداني، وبكار بن محمد السّيريني، وَالعَبَّاس بن بكار، ويعقوب بن جَعْفَر بن سُلَيْمَان العَبَّاسي الأمير، وأبي الوليد الطَّيَالِسِيّ، وَشُعَيْب بن واقد، وأبي زيد الأَنْصَارِيّ النَّحْوِيّ، وطائفة كثيرة. وَعَنْهُ: هلال بن محمد، وفهد بن إِبْرَاهِيم بن فهد، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. وآخرون. وَهُوَ في عداد الضُّعفاء. وأما ابن حيان فذكره في "الثقات" وَقَالَ: يُعتبر بحديثه إِذَا رَوَى عن ثقة. قُلْتُ: كَانَ راوية للأخبار علامة، تُوُفِّي في شوال سنة تسعين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: بصري يضع. وَقَالَ ابن منده: تُكُلّم فيه. 435- محمد بن زكريا بن عبد الله1. أَبُو جَعْفَر القُرَشِيّ الأصبهاني. عن: عبد الله بن رجاء الغُداني أَيْضًا، وعبد الله بن مسلمة الْقَعْنَبِيُّ، وَأَبُو حُذَيْفة النّهدي، وبكار بن محمد السيريني. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر بن أبي داود، وأحمد بن إِبْرَاهِيم بن يوسف، وعبد الرحمن بن محمد بن سياه، وَأَبُو أَحْمَد بن العسال، وَأَبُو الشَّيْخ، وَأَبُو بَكْر القباب، وآخرون. تُوُفِّي بإصبهان في جُمَادَى الأولى سنة تسعين أَيْضًا. وَقَالَ ابن منده: تُكُلّم في سماعه. 436- محمد بن زيدان بن يزيد البجلي الكوفي2. أخو عبد الله بن زيدان. سَمِعَ: سلام بن سليمان المديني، وغيره.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 216، 217". 2 المعجم الصغير للطبراني "6/ 89".

وحدّث بمصر. رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 437- محمد بن زبيد العلوي1. المتغلب عَلَى طَبَرسْتَان. سار لحربه محمد بن هَارُون أحد أمراء أمير خُرَاسَان إسْمَاعِيل بن أَحْمَد، فالتقاه عَلَى باب جُرجان، فكانت الدائرة أولًا عَلَى محمد بن هَارُون، ثُمَّ كرَّ عَلَى العلوي فهزم جيشه، وثبت العلوي وقاتل، وأصيب في وجهه عدّة ضربات مات منها بعد أيام. وأسروا ابنه زيد بن محمد بن زيد، وحاز محمد بن هَارُون عَلَى عسكره وأمواله، واستولى عَلَى طَبَرسْتَان، ودُفن العلوي عَلَى باب جُرجان. وَكَانَ لَهُ مدة قد غلب عَلَى تِلْكَ الممالك، وقد أُسر أخوه الحسن بن زيد سنة سبعين. وقد جرت لهما حروب وخُطُوب. 438- محمد بن سَعِيد بن عبد الرحمن بن زياد. أبو عبد الله الهمداني الشيعي، مولاهم الكوفي النَّحْوِيّ الملقب بعُقدة. والد الحَافِظ أبي العَبَّاس بن عُقدة. كَانَ ديّنًا ورعًا ناسكًا، ولقبّوه بعُقْدة لعلمه بالتصريف والعربية. تُوُفِّي في شوال سنة ثلاثٍ وثمانين. 439- محمد بن سَعِيد الأزرق2. أبو عبد الله. قَالَ ابن عَدِيّ: مات سنة تسعين، يضع الحديث. رَوَى عن: هدبة بن خَالِد، وَسُرَيْج بن يونس.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 41، 44، 63"، المنتظم "5/ 78"، النجوم الزاهرة "3/ 122"، البداية والنهاية "11/ 83". 2 الكامل لابن عدي "6/ 2296".

وعنه: أحمد بن موسى بن سعدويه. ووضعه بارد، فإنه قَالَ: ثَنَا هُدْبَةُ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: "لا شِغَارَ فِي الإِسْلامِ" 1. وَأَبُو عَوَانَة مملوك صبي من جُرجان، أَبُوه كافر، فمن أين له رواية عن أنس؟ 440- محمد بن سُفْيَان بن المنذر الرملي2. عن: محمد بن السَّرِيّ العسقلاني، وَدُحَيْم، وغيرهما. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 441- محمد بن سُلَيْمَان بن الحارث3. أَبُو بَكْر الْبَاغَنْدِيُّ الواسطي: أَبُو الحَافِظ الكبير محمد بْن محمد. سكن بغداد وحدّث عن: عُبَيْد الله بن موسى، وقُبيصة بن عُقْبَة وَمحمد بن عبد الله الأَنْصَارِيّ، وطبقتهم. وَعَنْهُ: ابنه، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وَمحمد بن الحَسَن بْن مقسم، وعبد الخالق بن أبي رويا، وجماعة. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس به. وقال الخطيب: رواياته كُلّهَا مستقيمة. وَقَالَ ابن أبي الفوارس: ضعيف. قُلْتُ: تُوُفِّي آخر سنة ثلاثٍ وثمانين. ولعلّ ابن أبي الفوارس إنما عَنَى بالضَّعف عن ولَده. 442- محمد بن سهل بن زنجلة الرازي4.

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه مسلم "1415"، والترمذي "1124"، وابن ماجه "1883". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 77". 3 الثقات لابن حبان "9/ 149"، سير أعلام النبلاء "13/ 386، 387"، لسان الميزان "5/ 186، 187". 4 الجرح والتعديل "7/ 277، 278"، تاريخ جرجان "443".

رحل بِهِ أَبُوه الحَافِظ أَبُو عَمْرو فسمع: أبا جَعْفَر النُّفَيْلِيَّ، وأبا صالح كاتب اللَّيْث، وَيَحْيَى بن عبد الله بن بُكَيْر، وطائفة. وَعَنْهُ: محمد بن إِسْحَاق السَّرَّاج، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وعَليَّ بن مهدَوَيْه، وَإِسْحَاق بن محمد الكِسائي، وغيرهم. 443- محمد بن سهل بن المهاجر الرَّقِّيّ1. عن: مُؤَمَّل بن إسْمَاعِيل، ومحمد بن مصعب القرقيسائي. ولعله آخر من حَدَّثَ عنهما. رَوَى عَنْهُ الطَّبَرَانيّ. 444- محمد بن أبي سهل شيرزاذ الأصبهاني2. عن: سُلَيْمَان بن حرب، وَالْقَعْنَبِيِّ، وَأَحْمَد بن يونس، وَيَحْيَى الحماني، وطائفة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن يوسف، وعبد الله بن محمد القباب، وآخرون. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 445- محمد بن سُوَيْد3. أَبُو جَعْفَر البَّغْدَادِيّ الطَّحَّان. سَمِعَ: عاصم بن عَليّ، وَإسْمَاعِيل بن أُوَيْس. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن خُزَيْمَة، وابن نَجِيح، وجماعة. وَكَانَ ثقة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. 446- محمد بن شاذان4. أبو بكر البغدادي الجوهري.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 76، 77". 2 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 213". 3 أخبار القصة لوكيع "3/ 18"، تاريخ بغداد "5/ 330". 4 الثقات لابن حبان "9/ 150"، تهذيب التهذيب "9/ 217".

عن: هَوْذَة بن خليفة، وزكريا بن عَدِيّ. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر النجاد، وابن قانع، وجماعة. وثقه الدراقطني. وَتُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين وَهُوَ في عَشر المائة. وكان قد قرأ القرآن عَلَى خَلاد بن خَالِد. قرأ عَلَيْهِ ابن شَنَبُوذ، وغيره. 447- محمد بن شاذان. أَبُو سَعِيد النَّيْسَابُوري الأصمّ. شيخ عالم مُتقن. سَمِعَ: قُتَيْبَة، وإسحاق بْن راهويه، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، وَمحمد بن يَعْقُوب بن الأخرم. تُوُفِّي سنة ستٍّ أَيْضًا. 448- محمد بن صالح الأشج1. شيخ صدوق. سَمِعَ: عبد الصَّمَد بن حسان، وَقُتَيْبَة بن سَعِيد. ويُعرف بحمدان الهَمَدَانيّ. رَوَى عَنْهُ: حامد الرّفّاء، وعَليَّ بن إِبْرَاهِيم القَطَّان، وَمحمد بن عَليّ الصَّنْعَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين بهمدان. 449- محمد بن الضَّوء بن المُنذر2. أبو عبد الله الكَرْمِينيّ، الملقّب خنب. رحل وعُني بالحديث، وَسَمِعَ: عَمْرو بن مرزوق، وأبا الوليد، ومسدّد بن مُسَرْهَد، وأبا عُبَيْد الْقَاسِم بن سلام، وطبقتهم.

_ 1 الثقات لابن حبان "9/ 148". 2 الأنساب لابن السمعاني "10/ 406".

وَعَنْهُ: أَحْمَد بن اللَّيْث، وَعَمْرو بن حفص، والبُخَارِيُّون. وفي أهل بُخَارَى جماعة يُقَالُ لهم خنب. تُوُفِّي في صَفر سنة اثنتين وثمانين. من أعلى أهل بُخَارَى إسنادًا. وَهُوَ صدوق. مولده سنة تسع وتسعين ومائة. 450- محمد بن العَبَّاس بن ماهان المَرْوَزِيّ الكابُلي1. نزيل بغداد. عن: عاصم بن علي، وعبد العزيز بن عبد الله الأُوَيْسيّ. وَعَنْهُ: أَبُو عَمْرو بن السَّمَّاك، وَأَحْمَد بن كامل، وجماعة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 451- محمد بن العَبَّاس المُؤَدِّب2. أبو عبد الله البَّغْدَادِيّ، مولى بني هاشم. سَمِعَ: هَوْذَة بن خليفة، وعبد الله بن صالح العِجْليّ، وعَفَّان بن مُسْلِم، وشُرَيْح بن النُّعْمَان، وجماعة. وَعَنْهُ: عبد الباقي بن قانع، وَأَبُو بَكْر النَّجَّاد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، والطَّبَرَانيّ. وثّقه الخطيب. ومات في ربيع الأول سنة تسعين. 452- محمد بن العَبَّاس بن بسام3. أَبُو عبد الرحمن مولى بني هاشم المقريء الرَّازِيّ. قرأ عَلَى: أَحْمَد بن يزيد الْحُلْوَانِيِّ وَهُوَ من أعيان أصحابه. وحدّث عن: سهل بن عثمان العسكري.

_ 1 أخبار القضاة لوكيع "2/ 11، 119"، تاريخ بغداد "3/ 111، 112". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 3"، تاريخ بغداد "3/ 112". 3 الجرح والتعديل "8/ 48".

رَوَى عَنْهُ الحروف والحديث: الحُسَيْن بن المهلّب المُؤَدِّب، وَمحمد بن عبد الله المقرئ، وَأَبُو الطّيّب أَحْمَد بن عبد الله الدّارميّ. وَسَمِعَ منه: ابن حاتم وَقَالَ: صدوق. 453- محمد بن العَبَّاس بن الوليد1. النَّسَائِيُّ الفقيه أَبُو العَبَّاس صاحب أبي ثَوْر. سَمِعَ: هَوْذَة، وعَفَّان، وطائفة. وَعَنْهُ: عَليّ بن محمد المصري، وعبد الله بن إِسْحَاق الخُرَاسَانِيّ، وجماعة. وثّقه الخطيب. 454- محمد بن عبد الله الزّاهد2. أبو عبد الله بن الدّفّاع القُرْطُبيّ المالكي. سَمِعَ: عبد الملك بن حبيب وغيره. وبمصر: أبا الطّاهر بن السرح، والحارث بن مِسْكين. وَعَنْهُ: محمد بن عُثْمَان، وغيره. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 455- محمد بن عبد الله بن منصور3. أَبُو إسْمَاعِيل الشَّيْبَانِيّ العسْكري الفقيه الحنفي المعروف بالبطّيخيّ. أحد أئمة الحنفية. عن: سُلَيْمَان بن عبد الرحمن ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ العسقلاني. وَعَنْهُ: المحاملي، وعبد الباقي بن قانع، وعبد الله الخراساني.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 110، 111". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 12، 13"، جذوة المقتبس للحميدي "62". 3 تاريخ بغداد "5/ 431".

وَكَانَ فقيهًا ثقة. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. 456- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن حفص. أبو عبد الله الهَمَدَانيّ الذّكوانيّ الأصبهاني. أحد الأشراف والأكابر بإصبهان. وَهُوَ آخر من حَدَّثَ عن أبي سُفْيَان بن صالح بن مِهْرَان، وَمحمد بن بُكَيْر. وقد أتاه كتاب من المستعين بقضاء إصبهان، فهرب منها مدّة، وَهُوَ الذي قام في خلاص أبي بَكْر بن أبي داود السِّجِسْتَاني من المحنة وَالْقَتْلِ لَمَّا تعصبوا عَلَيْهِ بإصبهان، ورموه بسبّ عَليّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَد العسّال، وَمحمد بن أَحْمَد بن الحَسَن، ومحمد بن إسحاق بن أيوب، وأبو الشيخ، وجماعة. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 457- محمد بن عبد الله بن عتّاب1. أَبُو بَكْر الأَنْمَاطِيُّ البَّغْدَادِيّ، مربع. سَمِعَ: عاصم بْنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يونس، وَيَحْيَى بن مَعِين. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن كامل، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وآخرون. وثّقه الخطيب. ومات سنة ستٍّ وثمانين. محمد بن عبد الله بن سُفْيَان الخُصَيب زُرْقان. ذكرناه بلَقَبه. 458- محمد بن عبد الله بن مِهْرَان الدِّينَوَري2. عن: عبد العزيز بن عبد الله الأُوَيْسيّ، وأحمد بن يونس.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 432"، طبقات الحنابلة "1/ 301". 2 تاريخ بغداد "5/ 432، 433".

وَعَنْهُ: ابن قانع، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. وَقَالَ الدارقطني: صدوق. مات سنة ثمان وثمانين ومائتين. 459- محمد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الكَتَانيّ اليافونيّ1. عن: صَفْوَان بن صالح، وإسماعيل بن إِبْرَاهِيم التَّرْجُمَانيّ. وَعَنْهُ: أَبُو عَليّ محمد الْقَاسِم بن معروف، والطَّبَرَانيّ. 460- محمد بن عبد الله بن مَخْلَد2. أَبُو الحُسَيْن الأصبهاني، خال محمد بن عبد الله بن رُسْتَة، ويُعرف بصاحب الشَّافِعِيّ، وبورّاق الربيع بن سُلَيْمَان. نزل مصر وحدَّث عن: قُتَيْبَة، وَمحمد بن أبي بَكْر المُقَدَّميّ، وهاني بن المتوكّل، وكثيِّر بن عُبَيْد، وطائفة. قُلْتُ: ذكرناه في الطبقة الماضية، وإنّما أعدناه لقول أبي نُعَيْم: تُوُفِّي قبل التّسعين. 461- محمد بن عبد البَرّ الكِلابي الأندلسي الفرضي3. روى عن: يحيى بْن يحيى، وعبد الملك بن حبيب. وطال عُمره. وَكَانَ ورعًا فاضلًا وفَرَضيًّا حاسبًا. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 462- محمد بن عبد الرحمن بن عُمارة4. أَبُو قُبَيْصَة البَّغْدَادِيّ الضَّبِّيّ المقرئ. سَمِعَ: عاصم بن عَليّ، وسعدويه، وجماعة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 91". 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 229، 230"، الوافي بالوفيات "3/ 339". 3 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 13". 4 أخبار القضاة لوكيع "3/ 111، 112"، تاريخ بغداد "2/ 314، 315"، المنتظم "5/ 156".

وعنه: عثمان بن السماك، وأبو بكر الشافعي. وَكَانَ سريع التلاوة جدًّا. قَالَ إسْمَاعِيل الخُطَبيّ: سألته عن أكثر ما قرأ قَالَ: قرأت في النهار الطّويل أربع خِتَم، وفي الخامسة إلى سورة براءة، وأذّن المؤذِّن العصر. وَكَانَ من أهل الصّدق. رواها الخطيب، عن الحَسَن بن أبي طالب، ثَنَا يوسف القوّاس، ثَنَا الخُطَبيّ، فذكرها. قَالَ الخُطَبيّ: وَتُوُفِّي في ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بَأْسَ بِهِ. 463- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بن كامل1. أَبُو الإِصبعَ الأَسَدي الفرقانيّ. حدَّث ببغداد عن: أبي جَعْفَر النُّفَيْلِيِّ، وَإِبْرَاهِيم بن المنذر الحِزَاميّ، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن صاعد، وابن السَّمَّاك، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وآخرون. وَكَانَ يَخْضِب بالحِنّاء. وثّقه الخطيب. ومات سنة سبعٍ وثمانين. 464- محمد بن أبي زُرْعَة عبد الرحمن بن عَمْرو البَصْرِيّ الدِّمَشْقِيّ2. عن: هشام بن عَمَّار، وَدُحَيْم، وجماعة. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وغيره. وَلَهُ شعرٌ جيّد. تُوُفِّي بعد أَبِيهِ بقليل. وَلَهُ: إنَّ حظّي ممّن أُحب كفاف ... لا حدود مقصر ولا إنصاف

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 315، 316". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 82".

كُلّما قُلْتُ قد أثابت إليَّ ... الوصل ثناها عمّا أَرُومُ العَفَاف فكأنّي بين الصُّدودِ وبين ... الْوَصْلِ ممّن مكانُه الأَعْراف ومن شِعْره السّائر: لا يلزم مستقصر أَنْتَ ... في البرّ ولكنْ مُسْتَعْطَفٌ مُسْتَزَاد قديمُ الحُسامِ وَهُوَ حُسامٌ ... ويحبُّ الْجَوَاد وَهُوَ جَوَاد 465- محمد بن عبد السلام بن بشّار1. الشَّيْخ أبو عبد الله النَّيْسَابُوري الورّاق الزّاهد. كَانَ يورِّق "التّفسير" لإسحاق بن راهَوَيْه. وَسَمِعَ الكُتُب من: يَحْيَى بن يَحْيَى. وَالمُسْنَد والتّفسير من إِسْحَاق. وَسَمِعَ من: الحَسَن بن عيسى، وَعَمْرو بن زُرَارة، وَمحمد بن رافع. ولم يرحل. رَوَى عَنْهُ: مُؤَمَّل بن الحَسَن، وَأَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، وطائفة. قَالَ ابنه عَبْدان: كَانَ أبي يَقُولُ: نحن في مرحلة، وَكَانَ يصوم النّهار ويقوم اللّيل، وَيَقُولُ: هَذَا ما أوصانا بِهِ يَحْيَى بن يَحْيَى. فائدة: قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أبا زكريا العَنْبَريّ: سَمِعْتُ ابن يوسف المقرئ. سَمِعْتُ الحُسَيْن بن محمد بن زياد القَبَّانيّ يقول: ثَنَا محمد بن بشار، ثنا يحيى، فلما فرغ قَالَ: أتدرون عمّن حدّثتكم؟ قَالُوا: حدَّثْتنا عن بُنْدَار، عن يَحْيَى بن سَعِيد. قَالَ: لا والله. ثَنَا محمد بن عبد السّلام بن بشّار، ثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى. وَتُوُفِّي في رمضان سنة ست وثمانين.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 460، 461".

466- محمد بن عبد السلام بن ثُعْلبة1. أَبُو الحسن الخشبي الأندلسيّ القُرْطُبيّ الحافظ اللُّغَويّ صاحب التّصانيف. أخذ عن: يَحْيَى بن يَحْيَى الليثي. وفي الرحلة عن: محمد بن بشار بندار، ومحمد بن يَحْيَى بْن أبي عُمَر العدني، وسلمة بْن شبيب، والمزني، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أسلم بن عبد العزيز القاضي، وَمحمد بن قاسم بن محمد، وقاسم بن أَصْبَغ، وابنه محمد بن محمد، وآخرون. وَقَالَ: كَانَ ثقةٍ كبير القدْر، أُرِيدَ عَلَى قضاء قُرْطُبة فامتنع. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين وقد شاخ. تُوُفِّي ابنه محمد سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. وجدُّه ثَعْلبة هُوَ ابن زيد بن الحَسَن بن كلب بن أبي ثعلبة الخشبي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ ابن الفَرَضيّ، وغيره: وقد رَوَى الحَافِظ أَبُو الحَسَن بالأندلس عِلْمًا كثيرًا، رحمه الله. 467- محمد بن عبد العزيز بن المبارك الدِّينَوَري2. رحل، وَسَمِعَ: الْقَعْنَبِيَّ، وَعُثْمَان بن الهَيْثَم، وأبا حُذَيْفة النَّهْديّ، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن مروان صاحب المجالد وصاحب ابن رُكَيْن، وَالحُسَيْن بن إسْمَاعِيل الصُّوفيّ، وَمحمد بن إِبْرَاهِيم بن جمك القَزْوِينِيّ، وجماعة. وَكَانَ ضعيفًا بمرّة. تُوُفِّي بالدِّينَوَر سنة إحدى وثمانين. وَقَدْ سَاقَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ مَنَاكِيرَ وَيُقَالُ: لَهُ غير هذا، إنما أنكر عليه.

_ 1 طبقات النحويين واللغويين "268"، سير أعلام النبلاء "13/ 459، 460". 2 الكامل لابن عدي "6/ 2291، 2292"، ميزان الاعتدال "3/ 629"، لسان الميزان "5/ 260".

قُلْتُ: مِنْهَا: "بُدَلَاءُ أُمَّتِي لَمْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِكَثْرَةِ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ، وَلَكِنْ بِنَقَاوَةِ الأَنْفُسِ وَسَلَامَةِ الصِّدْقِ"1. 468- محمد بن عبد العزيز بن أبي رجاء2. أَبُو بَكْر التَّيْمِيّ البَّغْدَادِيّ. عن: هوذة بن خليفة، وَقُبَيْصَة، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وعبد الباقي بن قانع. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. 469- محمد بن عبد الغنيّ بن عبد العزيز. أَبُو الطاهر القُرَشِيّ مولاهم المِصْرِيّ الفقيه. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: كَانَ فقيهًا لا يُدَافَع، رحمه الله. 470- محمد بن عبد بن حُمَيْد بن نصر. أَبُو جَعْفَر الكشّيّ. روى عنه: عبد المؤمن بن خلف النسفي، وغيره. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 471- محمد بن عَبْدة3. أَبُو بَكْر المِصِّيصِيّ. حَدَّثَ عن: محمد بن كثير بن مروان الفِهريّ، وأحمد بن يونس اليَرْبوعيّ، وأبي توبة الرّبيع بن نافع، وجماعة. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وَأَبُو أَحْمَد بن عَدِيّ، وجماعة. قَالَ ابن عَدِيّ: أملي في سنة ثمان وثمانين ومائتين.

_ 1 "حديث منكر": أخرجه ابن أبي الدنيا في الأولياء "58" وفيه صاحب الترجمة. 2 تاريخ بغداد "2/ 352". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 43".

472- محمد بن عُبَيْد بن الفرْطاس الأَنْصَارِيّ المَوْصِليّ. عن: محمد بن عبد الله بن عمار، وأبي مُصْعَب الزُّهري، وأبي كُرَيْب محمد بن العلاء. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 473- محمد بن عُبَيْد بن أبي الأسد البَّغْدَادِيّ1. أَبُو بَكْر. عن: عَمْرو بن مرزوق، وَإسْمَاعِيل بن أبي أُوَيْس، وَالحُمَيْدِيّ. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيم البَخْتَرِيّ، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. وثّقه الخطيب. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 474- محمد بن عُثْمَان بن سَعِيد2. أَبُو عامر الضرير الكوفيّ. يروي عن: أَحْمَد بن يونس، ومِنْجاب بن الحارث. توفي سنة تسع أيضا. روى عنه: الطبراني، وابن سلمة القطان، وغيرهما. 475- محمد بن عاصم بن بلال الضبي. عن: محمد بن نافع، وغيره. توفي سنة أربع وثمانين. وولد سنة مائتين. 476- محمد بن عصمة بن حمزة السعدي الجوزجاني الخراساني. كنيته: أبو المطالع. روى عن: يَحْيَى الحِمّانيّ، وَعَمْرو بن محمد الخريبي، والربيع بن سليمان.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 370". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 21".

وَعَنْهُ: عبد الله بن محمد البَلْخِيّ، وَمحمد بن أَحْمَد بن عُبَيْد بن فيّاض، وزكريا بن حامد البَلْخِيّ. 477- محمد بن عقيل. أَبُو سَعِيد الفِرْيَابِيّ. حَدَّثَ بمصر عن: قُتَيْبَة بن سَعِيد، وداود بن مِخرْاق، وجماعة. وَعَنْهُ: عَليّ بن محمد المِصْرِيّ الواعظ، وَأَبُو محمد بن الورد، وَأَبُو طالب أَحْمَد بن نصر، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. وَكَانَ أحد الفقهاء. تُوُفِّي بمصر في صَفَر سنة خمسٍ وثمانين. 478- محمد بن عَليّ بن الحسين بن بِشْر الزّاهد1. المحدِّث أبو عبد الله الحكيم التِّرْمِذِيُّ المؤذّن، صاحب التّصانيف في التصوُّف والطريق. سَمِعَ الحديث الكثير بخراسان والعراق. وحدَّث عن: أبيه، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيِّ، وصالح بن محمد الترمذي، وعلي بن حجر السعدي، وعتبة بن عبد الله المروزي، ويحيى بن موسى خت، ويعقوب الدورقي، وعباد بن يعقوب الرواجني، وعيسى بن أحمد العسقلاني البلخي، وسفيان بن وكيع، وطبقتهم. روى عنه: يحيى بن منصور القاضي، والحسن بن علي، وغيرهما من علماء نيسابور؛ فإنه حدَّث بها في سنة خمسٍ وثمانين. وقد صَحِبَ من مشايخ الطّريق: يَحْيَى بن الْجَلاء، وَأَحْمَد بن خَضْرَوَيْه، ولقي أبا تُراب النَّخْشَبيّ. ومن كلامه وحِكَمه: ليس في الدُّنْيَا حمْل أثقل من البِرّ، لأن من البِرّ، لأنّ مَنْ بَرَّكَ فقد أوثقك، ومن جفاك فقد أطلقك.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 233-235"، صفة الصفوة "4/ 141"، سير أعلام النبلاء "3/ 439-442".

وَقَالَ: كفى بالمرء عَيْبًا أنْ يَسُرُّه ما يَضُرُّه. وَقَالَ: من جهِل أوصاف العُبُوديّة فَهُوَ بِنُعُوت الرّبّانيّة أجْهَل. وَقَالَ: صلاح خمسة أصناف في خمسة مواطن: صلاح الصِّبْيان في الكُتّاب، وصلاح الفِتْيان في العِلم، وصلاح الْكُهُولِ في المساجد، وصلاح النّساء في البيوت وصلاح القُطّاع في السّجن. وَقَالَ: المؤمن بِشْرُهُ في وجهه، وحُزْنه في قلبه؛ والمنافق حزنه في وجهه، وبِشره في قلبه. وَقَالَ: حقيقةُ مَحَبّةِ الله تعالى دَوَامُ الأُنْس بذِكره. وسُئل عن الخلق فَقَالَ: ضَعْفٌ ظاهر، وَدَعْوَى عريضة. وذكره أَبُو عبد الرحمن السُّلمي فَقَالَ: نفوه من تِرْمذ وأخرجوه منها، وشهدوا عَلَيْهِ بالكفر، وذاك بسبب تصنيفه كتاب ختم الولاية؛ وكتاب "مِلَلِ الشّريعة". وقالوا: إنّه يَقُولُ: إنَّ للأولياء خاتمًا كما أَنَّ للأنبياء خاتمًا. وَأَنَّهُ يفضل الولاية عَلَى النُّبُوة، واحتجّ بقوله عَلَيْهِ السلام: "يَغْبِطُهُم النّبيّون والشُّهَداء". وَقَالَ: لو لم يكونوا أفضل منهم لَمَّا غَبَطُوهم. فجاء إلى بَلْخ، فقبلوه بسبب موافقته إيّاهم عَلَى المذهب. وقد ذكره ابن النَّجَّار، ولم يذكر لَهُ وفاة؛ ولا راويًا، إِلا عَليّ بن محمد بن ينال العُكْبَري. فوهِم لأن العُكْبَري سَمِعَ محمد بن فلان التِّرْمِذِيَّ سنة ثمان عشرة وثلاثمائة. وقال أبو عبد الرحمن السُّلَمي، فيما يروي الْبُخَارِيُّ بإسناده إِلَيْهِ: سَمِعْتُ عَليّ بن بُنْدَار الصَّيْرَفيّ: سَمِعْتُ أَحْمَد بن عيسى الْجَوْزَجَانيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ محمد بن عَليّ التِّرْمِذِيَّ يَقُولُ: ما صنَّفت ممّا صنَّفت حرفًا عن تدبير، ولا لأن يُنْسب إليَّ شيءٌ منه، ولكنْ كَانَ إِذَا اشتدّ عَليّ وقتي كنت أتسلّى بمصنَّفاتي. قَالَ السُّلمي: بَلَغَني أَنَّ أبا عُثْمَان سُئل عن محمد بن عَليّ فَقَالَ: بيِّنوا سِرّي عَنْهُ من غير سبب. وَقَالَ أَيْضًا السُّلَمي: وَقِيلَ: إِنَّهُ هُجِر بتِرْمِذ في آخر عُمره، وَهُوَ من سبب تصنيفه

كتاب "ختم الولاية" و"علل الشّريعة". وليس فيه ما يوجب ذَلِكَ. ولكن لبُعد فَهْمهم عَنْهُ. كذا قَالَ السُّلَميّ. وَقَالَ: لَهُ كتاب "حقائق التَّفسير"، من هَذَا النَّمَط أشياء تُنافي الحقَّ. قول المؤلّف في شطحات الصوفية: فما أدري ما أقول. أسأل الله السّلامة من شَطَحات الصُّوفية، وأعوذ بالله من كُفْريات صوفيّة الفلاسفة الَّذِين تستَّروا في الظّاهر بالإسلام، ويعملوا عَلَى هدْمه في الباطن. وربطوا العَوَالم برُبَط ورُموز الصّوفيّة وإشاراتهم المتشابهة، وعباراتهم العَذْبَة، وسَيْرهم الغريب، وأسلوبهم العجيب، وأذواقهم الجلفة التي تجرُّ إلى الانسلاخ والفَنَاء، والمَحْو والوحدة، وغير ذَلِكَ. قَالَ الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 153] يعني طريق الكتاب والسنة المحمدية. ثُمَّ قَالَ: {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} . والحكيم التِّرْمِذِيُّ، فحاشى الله؛ ما هو مِن هَذَا النَّمَط، فَإِنَّهُ إمامٌ في الحديث، صحيح المتابعة للإشارة، حُلْو العبارة، عَلَيْهِ مؤاخذات قليلة كغيره من الكبار. وكل أحد يأخذ قوله ويُتْرك، إِلا ذاك الصّادق المعصوم رَسُول الله -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ- فيا مسلمين بالله، تعالوا نبْكي عَلَى الكتاب والسنة وأهلها. وقالوا: اللَّهُمَّ أَجِرْنا في مصيبتنا، فقد عاد الإِسْلام والسنة غريبين، فلا قوة إِلا بالله العلي العظيم. 479- محمد بن عَليّ بن بَطْحا1. أَبُو بَكْر البَّغْدَادِيّ التَّمِيمِيّ. ثقة مقبول. رَوَى عن: هَوْذَة، وعَفَّان. وعنه: إسماعيل الخطبي. توفي سنة ست وثمانين ومائتين. 480- محمد بن علي بن حمزة2. أبو عبد الله العلوي الإخباري الشاعر.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 62، 63". 2 الجرح والتعديل "8/ 28"، تاريخ بغداد "3/ 63"، تهذيب التهذيب "9/ 352".

يروي عن: أبي عُثْمَان المازني، وعمر بن شبَّة، وجماعة. وَعَنْهُ: عبد الرحمن بن أبي حاتم ووثَّقه، وَمحمد بن مَخْلَد. تُوُفِّي سنة سبْعٍ وثمانين. 481- محمد بن عَليّ بن عتّاب1. أَبُو بَكْر الإياديّ القمّاط. سَمِعَ: عُبَيْد الله بن غاشم، وداود بن عَمْرو الضَّبِّيّ، وأبا الرّبيع الزّهْرانيّ. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن جَعْفَر بن المنادي، وَإسْمَاعِيل الخُطَبيّ. وثّقه ابن المنادى وَقَالَ: تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 482- محمد بن عَليّ بن الفضل2. أَبُو العَبَّاس البَّغْدَادِيّ، الحَافِظ فُسْتُقَة. سَمِعَ: خَلَف بن هشام، وَقُتَيْبَة، وعَليَّ بن المَدِيَنِيّ، وطبقتهم. وَعَنْهُ: ابن قانع، والطَّبَرَانيّ. ومات سنة تسع أَيْضًا. وثقه الخطيب. 483- محمد بن علي البغدادي3. الحافظ قرطمة. سمع بن حُمَيْد الرَّازِيّ، وأبا سَعِيد الأشجّ، وَمحمد بْن يَحْيَى الذُّهليّ، وَالحَسَن بْن محمد الزَّعْفَرَانِيّ، وطبقتهم بالحجاز، وَالشَّام، وخراسان، والعراق، ومصر. وَكَانَ الوالي في الحفظ، رَوَى شيئًا قليلًا. وذكر أَبُو أَحْمَد الحاكم أَنَّهُ سَمِعَ ابن عقدة قَالَ: سمعت داود بن يحيى بن يمان،

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 65". 2 تاريخ بغداد "3/ 64، 65"، الوافي بالوفيات "4/ 107". 3 تاريخ بغداد "3/ 65، 66".

يَقُولُ النَّاس فيقولون: أَبُو زُرْعَة وَأَبُو حاتم في الحِفْظ، والله ما رأيت أحفظ من قرطمة. قَالَ الخطيب: تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 484- محمد بن عَليّ بن شُعَيْب1. أَبُو بَكْر البَّغْدَادِيّ السمسار. سَمِعَ: عاصم بن عَليّ، وخالد بن خِداش، وعَليَّ بن الْجَعْد، وطبقتهم. وَعَنْهُ: ابن قانع، وأبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الطَّبَرَانيّ، وَأَبُو محمد بن ماسي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: وَكَانَ ثقة. 485- محمد بن عَليّ بن خلف الأطروش الدِّمَشْقِيّ2. عن: هشام بن عَمَّار، وأحمد بن أبي الحواري، وَدُحَيْم. وَعَنْهُ: عبد الله بن الورد المِصْرِيّ، وعبد المؤمن النَّسَفِيّ، والطَّبَرَانيّ. 486- محمد بن عَليّ بن محمد المَرْوَزِيّ3. الحَافِظ أبو عبد الله. عن: عَليّ بن حزم، وإسحاق الكوسج، وَمحمد بن يَحْيَى القَطِيعيّ، وخَلَف بن شاذان، وخلق. وعنه: ابن مَخْلَد، والطَّبَرَانيّ. وَكَانَ ثقة. رَوَى عَنْهُ جماعة من أهل مَرْو. 487- محمد بن عُمَر بن إسْمَاعِيل. أَبُو بَكْر الدُّولابي العسكري.

_ 1 أخبار القضاة لوكيع "3/ 16"، تاريخ بغداد "3/ 66"، طبقات الحنابلة "1/ 308". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 81". 3 أخبار القضاة لوكيع "1/ 24، 82"، العجم الصغير للطبراني "2/ 59"، تاريخ بغداد "3/ 68".

عن: هَوْذَة بن خليفة، وأبي مُسْهِر الغَسَّانِيّ، وابن اليَمَان، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر الخرائطي، وعلي بن محمد المصري الواعظ، وأحمد بن مروان الدِّينَوَري، وآخرون. 488- محمد بن عَمْرو بن الموجّه1. الفَزَاري المَرْوَزِيّ اللُّغَويّ الحَافِظ. سَمِعَ: صدَقَة بن الفضل المَرْوَزِيّ، وَسَعِيد بن منصور، وعَبْدان بن عُثْمَان، وحبان بن موسى، وطبقتهم. ذكره ابن أبي حاتم مختصرًا. وَرَوَى عَنْهُ: الحَسَن بن محمد بن حليم المَرْوَزِيّ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. وَسَمِعَ أَيْضًا: سَعِيد بن هُبَيْرَة، وَسَعِيد بن سُلَيْمَان، وعَليَّ بن الْجَعْد. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 489- محمد بن عَمْرو بن النَّضْر. أَبُو عَليّ الْجُرَشيّ النَّيْسَابُوري، قَشْمرد. سَمِعَ: حفص بن عبد الله السُّلَميّ، وعَبْدان بن عُثْمَان الْقَعْنَبِيَّ، وجماعة. فطال عُمره وتفرّد عن حفص بن عبد الله. وَكَانَ صدوقًا مقبولًا. رَوَى عَنْهُ: محمد بن صالح بن هانئ، وَيَحْيَى بن محمد العَنْبَريّ، وَدَعْلَج البَخْتَرِيّ، وآخرون. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. 490- محمد بن عيسى بن السَّكن بن أبي قماش2. أَبُو بَكْر الواسطيّ. سَمِعَ: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيم، والحارث بن منصور الواسطي.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 35"، سير أعلام النبلاء "13/ 347، 348"، الوافي بالوفيات "4/ 290". 2 أخبار القضاة لوكيع "2/ 89"، المعجم الصغير للطبراني "2/ 26"، تاريخ بغداد "2/ 400، 401".

وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر النَّجَّاد، وَإسْمَاعِيل الخُطَبيّ، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. تُوُفِّي راجعًا من الحجّ سنة سبعٍ أَيْضًا. 491- محمد بن غالب بن حرب1. أَبُو جَعْفَر الضَّبِّيّ المِصْرِيّ تمتام. نزيل بغداد. وُلد سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. سَمِعَ: أبا نُعَيْم، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وعَفَّان، وَالْقَعْنَبِيَّ، وعبد الصَّمَد بن النُّعْمَان، وأبا حُذَيْفة، وطبقتهم. من أصحاب شُعْبَة، والثَّوْري، وَكَانَ مكثرًا ثقة حافظًا. رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَر بْن البَخْتَرِيّ، وإِسْمَاعِيل الصَّفَّار، وعثمان بْن السماك، وأبو سهل بن زياد، وابن كوثر البَرْبَهَاريّ، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وخلْق. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ثقة مأمون، إِلا أَنَّهُ كَانَ يُخطئ. وَقَالَ أَيْضًا في موضع آخر: ثقة مجوّد. سَمِعْتُ أبا سهل بن زياد يَقُولُ: سَمِعْتُ موسى بن هَارُون يَقُولُ في حَدِيثِ محمد بْنِ غَالِبٍ، عَنِ الْوَرْكَانِيِّ، عَنْ حَمَّادِ الأَبَحِّ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "هُودُ وَأَخَوَاتُهَا" 2، إِنَّهُ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ. قَالَ ابن زياد: فحضرنا مجلس إسْمَاعِيل القاضي، وموسى بن هَارُون عنده، والمجلس غاص بأهله. فدخل محمد بن غالب، فَلَمَّا بصُر بِهِ إسْمَاعِيل قَالَ: إليَّ يا أبا جَعْفَر، إليَّ. ووسّع لَهُ معه عَلَى السّرير. فَلَمَّا جلس أخرج كتابًا وَقَالَ: أيها القاضي تأمَّلْه. وعرض عَلَيْهِ الحديث، وَقَالَ: أليس الجزء كله بخط واحد؟ قال: نعم.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 55"، الثقات لابن حبان "9/ 151"، سير أعلام النبلاء "3/ 390-393"، الميزان "3/ 681". 2 "حديث صحيح لغيره": أخرجه الترمذي "3297"، وابن سعد في طبقاته "1/ 435"، وأبو نعيم في الحلية "4/ 350"، والحاكم في المستدرك "2/ 344"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "955".

قَالَ: هل ترى شيئا عَلَى الحاشية؟ قَالَ: لا. قَالَ: أفَتَرْضى هَذَا الأصل؟ قَالَ: إي والله. قَالَ: فلم أُوذَى ويُنْكَر عَليّ؟ فصاح موسى بن هَارُون وَقَالَ: الحديث موضوع. قَالَ: فرواه محمد بن غالب بحضرة القاضي وَهُوَ ساكت، وما زال القاضي يذكر مِن فضل محمد بن غالب وتقدُّمه. قُلْتُ: مات في رمضان سنة ثلاثٍ وثمانين. 492- محمد بن الفَرَج بن محمود الأزرق1. أَبُو بَكْر. عن: أبي النَّضر هاشم بن الْقَاسِم، وحَجّاج بن محمد، والواقدي، وَمحمد بن كُناسة، وعبيد الله بن موسى، وجماعة. وَعَنْهُ: عبد الصَّمَد الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وابن نحيح، وَأَبُو بَكْر بن خَلاد النَّصِيبيّ، وآخرون. قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنيّ يَقُولُ: لا بأس بِهِ، وَهُوَ من أصحاب الكرابيسيّ يُطْعن عَلَيْهِ في اعتقاده. وَقَالَ الخطيب: أمّا أحاديثه فصِحاح. مات في آخر سنة إحدى وثمانين. 493- محمد بن الفرج بن ميسرة الهمداني الحَافِظ2. صاحب المُسْنَد. سَمِعَ من: كامل بن طلحة، وطبقته. وَعَنْهُ: محمد بن محمد الْبَاغَنْدِيُّ، وعبد الباقي بن قانع.

_ 1 الثقات لابن حبان "9/ 144"، ميزان الاعتدال "4/ 4"، تهذيب التهذيب "9/ 399". 2 المنتظم لابن الجوزي "6/ 42".

494- محمد بن الفضل بن جابر الثقفي البَّغْدَادِيّ1. سَمِعَ: سَعِيد بن سُلَيْمَان سَعْدَوَيْه، وأبا بلال الأشعريّ، والليث بن حَمَّاد، وعبد الأعلى بن حَمَّاد، وجماعة. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر بن محمد بن الحَسَن النّقّاش، وَأَبُو بَكْر بن خَلاد العطار، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: صدوق. مات أَبُو جَعْفَر السَّقَطيّ في رمضان سنة ثمانٍ وثمانين. 495- محمد بن الفضل بن موسى2. أَبُو بَكْر القسْطانيّ، الرَّازِيّ. سَمِعَ: طالوت بن عَبّاد، وهُدْبة بن خَالِد، وشيبان بن فَرُّوخ. رَوَى عَنْهُ: ابن أبي حاتم وَقَالَ: صدوق، وَأَبُو سهل بن زياد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. 496- محمد بن فيروز البَّغْدَادِيّ3. نزيل دمشق. عن: عاصم بن عَليّ بن قُتَيْبَة، وعَليَّ بن محمد المصري الواعظ. 497- محمد بن الْقَاسِم بن خَلاد بن ياسر4. أَبُو العَيْنَاء الهاشمي، مولى أبي جَعْفَر المنصور البَصْرِيّ الإخباريّ اللُّغَويّ الضّرير. وُلِد بالأهواز ونشأ بالبصرة. وأخذ عن: أبي عبيدة، والأصمعي، وأبي زيد الأنصاري، وأبي عاصم النبيل. وَكَانَ أحد الموصوفين بالذَّكاء والحِفْظ وسُرْعة الجواب.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 10"، تاريخ بغداد "3/ 153". 2 الجرح والتعديل "8/ 60"، تاريخ بغداد "3/ 152، 153". 3 تاريخ بغداد "3/ 166". 4 أخبار القضاة لوكيع "2/ 31، 32"، سير أعلام النبلاء "13/ 308، 309"، ميزان الاعتدال "4/ 13".

وَعَنْهُ: أبو عبد الله محمد بْن أَحْمَد الحكيمي، وَمحمد بن يَحْيَى الصُّوليّ، وَأَبُو بَكْر الأذْرَعيّ، وَأَحْمَد بن كامل، وَمحمد بن العَبَّاس بن نحيح، وآخرون. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بقويّ في الحديث. وَقِيلَ إنَّ بعضهم سأله: كيف كُنِّيت أبا العيناء؟ فقال: قلت لأبي زيد سعيد بن أَوْس: كيف تُصَغِّر عَيْنًا؟ فَقَالَ: عُيَيْنَا يا أبا العَيْناء. وَقِيلَ إن المتوكل قَالَ: أشتهي أن أنادم أبا العَيْناء، لولا أَنَّهُ ضرير. فَقَالَ: إنَّ أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الهلال ونقْش الخواتيم، فإنّي أصلُح. وَكَانَ قد ذهب بصره وَهُوَ ابن أربعين سنة تقريبًا. ومات سنة اثنتين وثمانين. وَكَانَ قد استوطن بغداد، فخرج نحو البصرة في أواخر عُمره في سفينةٍ فيها ثمانون نفسًا، فغرقت بهم، فما سلم غيرُه فيما قِيلَ. فَلَمَّا صار إلى البصرة مات. وَكَانَ يَخْضِب بالحُمرة، والغالب عَلَى روايته الحكايات. قَالَ أَبُو نُعَيْم الحَافِظ: نا أَحْمَد بن عبد الرحمن الخاركي بالبصرة: سَمِعْتُ أبا العَيْنَاء يُعَزّي جدّي أبا بَكْر عَلَى زوجته، فَقَالَ: إِذَا كَانَ مُسْنَدنا البقيّة ورُفِعت عَنْهُ الرَّزيَّة كانت التَّعْزية تهنئة، والمصيبة نعمة. نحن ومَن في الأرض يَفْديكا لا زلتَ تبقى ونُعَزِّيكا وعن ابن وَثّاب أَنَّهُ قَالَ لأبي العَيْنَاء: واللهِ إنّي أحبّك بِكُلِّيَّتي. فَقَالَ: إِلا عضوًا واحدًا. فبلغ ذَلِكَ ابن أبي دُؤاد، فَقَالَ: لقد وُفِّقَ في التحديد. وسأله المنتصر فَقَالَ: ما أحسن الجواب ما أسكتَ الْمُبْطِلَ، وصبَّر المُحِقّ. قَالَ أَحْمَد بن كامل: تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ وثمانين، ووُلِد سنة إحدى وتسعين ومائة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: مات سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

498- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بن غَزْوان1. أَبُو سَعِيد الهَرَويّ الْجَوْهريّ. عن: خَالِد بن هيّاج. ورَدَ بغداد، وحدَّث. رَوَى عَنْهُ: مُكرم القاضي، وَأَبُو بَكْر الشافعي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 499- محمد بن محمد بن رجاء بن السِّنْدي2. أَبُو بَكْر الإسفرائيني الحَافِظ. مصنّف "الصّحيح" عَلَى شرط مُسْلِم. سَمِعَ: إِسْحَاق بن راهَوَيْه، وعَليَّ بن المَدِينِيّ، وأحمد بن حَنْبَل، وابن نُمَيْر، وَإِبْرَاهِيم بن المنذر الحِزَاميّ، وأبا بَكْر بن أبي شَيْبَة، وأبا الرّبيع الزّهْرَانيّ، وطبقتهم بالحجاز، والعراق، ومصر، وغير ذَلِكَ. وَعَنْهُ: أَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، ومؤمل بن الحَسَن، ومحمد بن صالح بن هانئ، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم، وَأَبُو النَّضْر محمد بن محمد الفقيه، وآخرون. قَالَ الحاكم: كَانَ ثَبْتًا دينًا مقدَّمًا في عصره. سَمِعَ جَدّه، وابن راهَوَيْه، إلى أن قَالَ: وَسَمِعْتُ محمد بن صالح: سَمِعْتُ أبا بَكْر بن رجاء يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بن حَنْبَل من كتابه في ربيع الآخر سنة أربعٍ وثلاثين. بِشْر بن أَحْمَد قَالَ: تُوُفِّي أَبُو بَكْر سنة ستٍّ وثمانين. 500- محمد بن محمد بن حبان3. أَبُو جَعْفَر البَصْرِيّ التَّمَّار. سَمِعَ: الْقَعْنَبِيَّ، وَمحمد بن الصَّلْت التوزي، وأبا الوليد الطيالسي، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 204، 205". 2 الجرح والتعديل "8/ 87"، سير أعلام النبلاء "13/ 492، 493"، شذرات الذهب "2/ 193، 194". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 27".

وَعَنْهُ: أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وغيره. قَالَ دَعْلَج: سَمِعْتُ محمد بن محمد بن حبّان التَّمَّار يَقُولُ: كنت لا أُحدِّث، فرأيت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ رجل: يا رَسُول الله، قل لهذا. فَقَالَ لي: حدِّث. فَقُلْتُ: عمّن أُحدِّث؟ قَالَ: عن الْقَعْنَبِيِّ، وأبي الوليد، وعمر بن مرزوق، وابن كثير. ونحوه أَوْ كما قَالَ. تُوُفِّي سنة تسعٍ وثمانين. 501- محمد بن محمد بن أَحْمَد بن يزيد بن مِهْرَان1. أَبُو أَحْمَد البَّغْدَادِيّ المطرِّز الحافظ. عن داود بن رشيد وغيره. عن: أَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وعبد الله بن إِسْحَاق الخُرَاسَانِيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ. 502- محمد بن مسلمة بن الوليد الواسطي2. أَبُو جَعْفَر الطَّيَالِسِيّ. حدَّث ببغداد عن: يزيد بن هَارُون، وأبي جابر محمد بن عبد الملك، وأبي عبد الرحمن المقرئ. وعنه: أبو جعفر بن البختري، ومحمد بن مخلد، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات". قال الخطيب: له مناكير. إلا أن الحاكم سَمِعَ الدَّارَقُطْنيّ يَقُولُ: لا بأس بِهِ. قَالَ الخطيب: ورأيت أبا الْقَاسِم اللالكائي، وَالحَسَن بن محمد بن الخلال يضعّفانه. وَتُوُفِّي في جُمَادَى الأولى سنة اثنتين وثمانين، وقد نيّف عَلَى المائة. فَإِنَّهُ ذكر أَنَّهُ سَمِعَ من موسى الطّويل مولى أنس بواسط سنة إحدى وتسعين ومائة.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 208". 2 الثقات لابن حبان "9/ 50"، الكامل لابن عدي "6/ 2294"، ميزان الاعتدال "4/ 41، 42"، سير أعلام النبلاء "13/ 395، 396"، لسان الميزان "6/ 381".

قَالَ: وَكَانَ لي ثلاث عشْرة سنة. قُلْتُ: وقد ذكره ابن عَدِيّ في "الكامل"، وَقَالَ: ثَنَا عبد الحميد الورّاق قَالَ: قاطعنا محمد بن مَسْلَمَة عَلَى أجزاء، فقرأنا عَلَيْهِ، وفيها حديث طويل فَقَالَ: ما أحسن هَذَا، والله إنْ سَمِعْتُ بهذا الحديث قطّ إِلا السّاعة. قَالَ: وَقَالَ لَهُ رجل: قل عن هشام بن عُرْوَة، فَقَالَ: بدرهمين صحاح. ثُمَّ ساق لَهُ ابن عَدِيّ مناكير يسيرة. 503- محمد بن المغيرة بن سنان الضَّبِّيّ الهمذانيّ السُّكَّري الحنفيّ1. محدّث همذان ومُسندها وشيخ فقهائها الحنفيّة. رَوَى عن: القاسم بْن الحكم العربيّ، وهشام بْن عَبْد الله بن عُبَيْد الله الرَّازِيّ، ومكي بن إبراهيم، وعبيد الله بن موسى، وطبقتهم. وَعَنْهُ: عَليّ بن إِبْرَاهِيم القَزْوِينِيّ القَطَّان، وحامد الرّفّاء، وجماعة. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. قَالَ السُّليماني: فيه نظر. 504- محمد بن موسى بن الهُذيْل. أَبُو بَكْر النَّسَفِيّ الملقّب: مت. رَوَى عن: أبي محمد الدارمي، وعبد بن حميد. توفي سنة خمس وثمانين. 505- محمد بن موسى النهروي2. أبو عبد الله. صدوق نبيل معظم ثقة. توفي سنة تسع وثمانين ببغداد. 506- محمد بن أبي هارون موسى3. أبو الفضل الوراق البغدادي زريق.

_ 1 الوافي بالوفيات "5/ 50". 2 تاريخ بغداد "3/ 241، 242". 3 تاريخ بغداد "3/ 241".

صالح فاضل واسع العلم. روى عن: خَلف بن هشام، وغيره. وَعَنْهُ: أَبُو الحُسَيْن بن المنادي، وَأَبُو سهل القَطَّان. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 507- محمد بن أبي هَارُون موسى الهمداني. شيخ جليل زاهد عابد، وَكَانَ لسُؤدده يُقَالُ له: صاحب البلد. يروي عن: أبي نُعَيْم، وموسى بن إسْمَاعِيل، وجماعة. وَعَنْهُ: الحُسَيْن بن إِسْحَاق الكرمي، وعَليَّ بن مَهْرَوَيْه القَزْوِينِيّ، وعبد الله بن حمَّويه، وجماعة. 508- محمد بن نصر1. أَبُو بَكْر الأدميّ ويُعرف بابن أبي شجاع. عن: حبيب، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن كامل، وَأَبُو سهل بن زياد. مات سنة 86 ببغداد. 509- محمد بن النَّضْر بن رباح الهَرَويّ. نزيل المَوْصِل. عن: عاصم بن عَليّ، وأبي الصّلْت الهَرَويّ. وغيرهما. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 510- محمد بن أبي النُّعْمَان الأنطاكي2. سَمِعَ: الهَيْثَم بن جميل. وَعَنْهُ: الطبراني.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 315". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 7".

511- محمد بن نُعَيْم بن عبد الله. أَبُو بَكْر النَّيْسَابُوري المَدِينِيّ. سَمِعَ: قُتَيْبَة، وابن راهَوَيْه، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا المصعب، وَمحمد بن أبي الشوارب، وطبقتهم. وَعَنْهُ: محمد بن إِسْحَاق السَّرَّاج، وَأَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، ومكي بن عبدان، وعبد الله بن سعد، وجماعة. توفي سنة تسعين في ذي العقدة. 512- محمد بن نهار1. أَبُو الحَسَن. يروي عَنْهُ: أَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وغيره. ضعّفه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وَهُوَ: محمد بن نهار بن عَمَّار بن أبي المُحيّاه يَحْيَى بن يَعْلَى التَّيْمِيّ. يروي عن: العَبَّاس بن الفَرَج الرياشيّ، وَمحمد بن يزيد الحنفيّ. وَعَنْهُ: محمد بن نجيح أيضًا، وجعفر بن أبي محمد العَلَويّ. 513- محمد بن هَارُون بن محمد بن بكار بن بلال العامليّ الدِّمَشْقِيّ2. عن: أَبِيهِ، وعبد الله بن يزيد بن راشد المقرئ، وصَفْوان بْن صالح، وسُليمان ابن بِنْت شُرَحْبيل، وجماعة. وَعَنْهُ: أبو عبد الله بن مروان، وَأَحْمَد بن حُمَيْد بن أبي العجائز، وَأَبُو عَليّ بن هَارُون، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة تسع وثمانين.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 327، 328". 2 الثقات لابن حبان "9/ 151"، المعجم الصغير للطبراني "2/ 90".

514- محمد بن هشام بن أبي الدُّمَيْك1. أَبُو جعفر المَرْوَزِيّ، ثُمَّ البَّغْدَادِيّ. سَمِعَ: سُلَيْمَان بن حرب، وعَفَّان، وابن المَدِينِيّ، وعاصم بن عَليّ، وَيَحْيَى الحِمّاني، وطائفة. وَعَنْهُ: عُثْمَان بن السَّمَّاك، وَأَبُو عُمَر غلام ثعلب، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، والطَّبَرَانيّ، وآخرون. وثّقه الخطيب. وَكَانَ مستملي الحَسَن بن عَرَفة. تُوُفِّي سنة تسعٍ أَيْضًا. 515- محمد بن هشام2. وَقِيلَ: ابن هاشم بن خَلَف بن هشام البَزَّار. عن: جَدّه، وعَليَّ بن الْجَعْد. وَعَنْهُ: أَبُو سهل بن زياد، وعبد الصَّمَد الطَّسْتِيّ، وغيرهما. 516- محمد بن هاشم. أَبُو صالح العُذْري الْجَسْريّ الغُوطيّ. سَمِعَ: زُهير بن عبّاد، وَمحمد بن أبي السَّرِيّ العسقلاني. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن حذلم، وَأَبُو عَليّ بن هَارُون، وجماعة. 517- محمد بن وضّاح بن بَزيع3. مولى عبد الرحمن بن معاوية الداخل، أبو عبد الله الأموي المروانيّ القُرْطُبيّ الحَافِظ. قَالَ: وُلدت سنة تسعٍ وتسعين ومائة، أَوْ سنة مائتين بقرطبة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 4"، تاريخ بغداد "3/ 361، 362". 2 تاريخ بغداد "3/ 362". 3 ميزان الاعتدال "4/ 59"، سير أعلام النبلاء "13/ 445، 446"، لسان الميزان "5/ 416، 417"، البداية والنهاية "11/ 82"، شذرات الذهب "2/ 194".

وَسَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَمحمد بن خَالِد صاحب ابن الْقَاسِم، وَسَعِيد بن حسان صاحب أشهب، وعبد الملك بن حبيب، وجماعة بالأندلس. قَالَ ابن الفرضيّ: رحل إلى المشرق رحلتين، إحداهما سنة ثمان عشرة ومائتين، لقي فيها: سعيد بن منصور، وآدم بن أبي إياس، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين. ولم يكن مذهبه في رحلته هذه طلب الحديث، وإنما كان شأنه الزهد وطلب العبادة. ولو سَمِعَ في رحلته هذه لكان أرفع أهل وقته درجةً. وَكَانَ قبل رحلة بقيّ بن مَخْلَد. ورحل ثانيةً فسمع: إسْمَاعِيل بن أبي أُوَيْس، وَيَعْقُوب بن حُمَيْد بن كاسب، وَمحمد بن المبارك الصُّوري، وحامد بن يَحْيَى البَلْخِيّ، وَمحمد بن عَمْرو القرني، وزهير بن عباد، وأصبغ بن الفرج، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وَدُحَيْم، وحَرْمَلَة بن يَحْيَى، وسحنون بن سَعِيد الإفريقي، وجماعة كثيرة من البَّغْدَادِيّين، وَالبَصْرِيّين، والمكيين، وَالشَّاميين، وَالمِصْرِيّين، والقَزْوِينِيّين. وعدة شيوخه مائة وستون رجلًا، ولقي ابن مَخْلَد -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وصارت الأندلس دار حديث. قَالَ: وَكَانَ محمد عالمًا بالحديث بصيرًا بطُرقه، متكلمًا عَلَى علله، كثير الحكاية عن العُبّاد، ورعًا زاهدًا، فقيرًا متعففًا، صبورًا عَلَى الإسماع، محتسبًا في نشر علمه. سَمِعَ منه النَّاس كثيرًا، ونفع الله بِهِ أهل الأندلس. وَكَانَ أَحْمَد بن خَالِد بن الحُباب لا يقدِّم عَلَيْهِ أحدًا ممّن أدرك. وَكَانَ يُعظمه جدًّا، ويصف عقله وفضله وورعه. غير أَنَّهُ يُنكر عَلَيْهِ كثرة ردّه في كثير من الأحاديث. قَالَ ابن الفَرَضيّ: وَكَانَ ابن وضّاح كثيرًا ما يَقُولُ: ليس هَذَا من كلام النبي -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ- في شيء. وَهُوَ ثابت من كلامه -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ. وَلَهُ خطأ كثير محفوظ عنه، وأشياء كان يغلظ فيها ويصحّفها. وَكَانَ لا علم لَهُ بالفِقْه ولا بالعربية. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: أَحْمَد بن الحباب، وقاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد الملك بن أعْين، وَأَبُو عُمَر أَحْمَد بن عبادة الرُّعيْنيّ، وَجَعْفَر بن مَزْيَد، وعيسى بن ليث، ومحمد بن المسرور الفقيه، وخلق. تُوُفِّي ليلة السبت لأربعٍ بقين من المحرم سنة سبعٍ وثمانين ومائتين.

وحكى الفقيه إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم التجيبي أن ابن وضاح لما انصرف عقد لسانه سبعة أيام عن الكلام. فدعا الله: إنْ كنتَ تَعْلَم في إطلاق لساني خيرًا فأطْلقه، فأطلَقه الله تَعَالَى، ونشر بالأندلس عِلْمًا كثيرًا. وَكَانَ يرون ذَلِكَ من كراماته. وَقَالَ ابن حزْم في "المُحلي": كَانَ ابن وضّاح يواصل أربعة أيام. قَالَ أَبُو عَمْرو الداني: رَوَى القراءة عَنِ: عبد الصَّمَد بن عبد الرحمن صاحب وَرْش. وصارت عندهم مدوّنة، وقرأ في عشرين يومًا ستين ختْمَة. هكذا نقله عَنْهُ وَهْب بن مسرّة، وَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كلّ من أدركت من فُقهاء الأمصار يقولون: القرآن كلام الله ليس بخالقٍ ولا مخلوق. 518- محمد بن الوليد بن هُبَيْرَة1. أَبُو هُبَيْرَة الهاشميّ الدِّمَشْقِيّ القلانسي. سَمِعَ: أبا مُسْهِر الغَسَّانِيّ، وسلام بن سُلَيْمَان المدائني، وَيَحْيَى بن صالح الوُحاظيّ، وسلامة العُذري، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: د. تفسير حديث، وأبو زرعة الدمشقي وهما من أقرانه، وابن صاعد، وَأَبُو عَوَانَة، وابن جوْصا، وَالحَسَن بن حبيب الحصائري. قَالَ ابن أبي حاتم: صدوق. تُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. 519- محمد بن الوليد الرَّملي. أَبُو بَكْر المعروف بالأمي. سَمِعَ: سُلَيْمَان ابن بنت شُرَحْبِيل، وَمحمد بن السَّرِيّ العسقلاني، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن جَوْصا، وابن الأعرابي. ومات قديمًا.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 113".

- محمد بن الوليد بن أبان القلانسيّ. قد مرّ. 520- محمد بن دينار. أبو عبد الله بن أبي الْبُخَارِيُّ. عن: بجير بن النَّضْر، وأبي قُدامة السَّرْخسيّ، والمسيّب بن إِسْحَاق. تُوُفِّي سنة ثمانية وثمانين. 521- محمد بن ياسر الدِّمَشْقِيّ الحذّاء1. إمام جامع جُبيل. عن: دُحَيْم، وهشام بن عَمَّار. وَعَنْهُ جَعْفَر بن محمد بن عُديْس، والطَّبَرَانيّ، وغيرهما. 522- محمد بن يَحْيَى بن المنذر2. أَبُو سُلَيْمَان البَصْرِيّ القزّاز. عن: سَعِيد بن عاصم الضُّبَعيّ، ويزيد بن بنان العُقَيْلِيّ، وأبي عاصم النبيل، ومسلم بن إِبْرَاهِيم، وجماعة. وتفرّد في زمانه بالرواية عن الضُّبَعيّ، وغيره. رَوَى عَنْهُ: محمد بن عَليّ بن مُسْلِم العُقَيْلِيّ، وفاروق الخطّابيّ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وآخرون. تُوُفِّي في رجب سنة تسعين ومائتين. 523- محمد بن يَحْيَى الكِسائي الصغير3. أبو عبد الله. بغدادي مقرئ.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 75"، الوافي بالوفيات "5/ 181، 182". 2 الثقات لابن حبان "9/ 153"، سير أعلام النبلاء "13/ 418"، شذرات الذهب "2/ 206". 3 تاريخ بغداد "3/ 421"، غاية النهاية "2/ 279".

قرأ عَليّ: اللَّيْث بن خَالِد، وَهُوَ أجلّ أصحابه. قرأ عَلَيْهِ: أَحْمَد بن الحَسَن البطّيّ، وابن مجاهد، وَمحمد بن خلف، ووكيع، وَإِبْرَاهِيم بن زياد، وَأَحْمَد بن عَليّ السِّمْسار. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين. 524- محمد بن يزداد. أبو عبد الله الأستراباذي. عن: إسْمَاعِيل الشّالنْجيّ الفقيه، وَيَحْيَى بن معين. وَعَنْهُ: محمد بن إِبْرَاهِيم بن أَبْرَوَيْه، وَالحَسَن بن حمويه، وغيرهما. مات في ربيع الأول سنة تسع وثمانين. قاله الإدريسي. 525- محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأَزْدِيّ البَصْرِيّ1. أَبُو العَبَّاس المبرَّد، إمام العربية ببغداد. أخذ عن: أبي عُثْمَان المازني، وأبي حاتم السِّجِسْتَاني، وغيرهما. وَعَنْهُ: إسْمَاعِيل الصَّفَّار ولزمه مدّة، وَأَبُو سهل بن زياد، وعيسى الطُّوماريّ، وَأَحْمَد بن مقرويه الدِّينَوَري، وَأَبُو بَكْر الخرائطيّ، وَإِبْرَاهِيم بن محمد نِفْطَوَيْه، وَمحمد بن يَحْيَى الصُّوليّ، وجماعة. وَكَانَ فصيحًا بليغًا مُفَوَّهًا، ثقةً إخباريًا علامة، صاحب نوادر وظرافة. وَكَانَ جميلًا وسيمًا، لا سيّما في صباه، وَلَهُ تصانيف مشهورة. قَالَ أَبُو الفتح بن جِنيّ: إنَّ أبا عُثْمَان المازني لَمَّا صنّف كتاب "الألِف واللام" سأل أبا العَبَّاس عن دقيقه وغامضه، فأحسن الجواب فقال له: قم، فأنت المبرد، أي المثبت للحق. قال أبو العباس: فغير الكوفيون اسمي، فجعلوه بفتح الراء.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 373"، المنتظم "6/ 9-11"، سير أعلام النبلاء "13/ 576، 577" شذرات الذهب "2/ 190".

وقال السيرافي: انتهى علم النحو بعد طبقة الحرمي، والمازني إلى المبرد. هو من ثمالة، قبيلة من الأزد. أخذ عن: الحرميّ، والمازنيّ، وغيرهما. وَكَانَ إسْمَاعِيل القاضي ما رأى المبرّد في معاني القرآن وَقَالَ: لقد فاتني منه علم كثير. وَقِيلَ: إِنَّهُ من ثعلب، والمبرّد منافره. وأكثر الفُضلاء يرجّحونه عَلَى ثعلب. وحكى الخطّابيّ عن الرّفّاء النَّحْوِيّ قَالَ: اجتمع ابن شُرَيْح الفقيه والمبرّد، وَأَبُو بَكْر بن داود الظّاهريّ في طريق، فتقدَّم ابن شُرَيْح وتلاه المبرّد، فَلَمَّا خرجوا إلى الفضاء قَالَ ابن شُرَيْح: الفقه قدَّمني. وقال ابن داود: الأدب أخرني. وقال المبرّد: أخطأتما معًا، إذا صحَّت المودَّة سقط التكلُّف. وَقَالَ الصَّفَّار: سَمِعْتُ المبرّد يَقُولُ: كَانَ فتى يهواني وأنا حَدَث، فاعتلّ علّة كنت سبَبَها فمات، فكبر أسفي عَلَيْهِ، فرأيته في النّوم، فَقُلْتُ: فلان؟ قَالَ: نعم. فبكيت، فأشار يَقُولُ: أتبكي بعد قلْيك لي عليًّا ... ومن قَبل المماتِ تُسيءُ إلَيّا سكبت عليَّ دَمْعَكَ بعد موتي ... فهلا كَانَ ذاك وكنتُ حيّا تجافَ عن البُكاء ولا تَزِدْه ... فإنّي ما أراك صنعت شيّا تُوُفِّي في آخر سنة خمسٍ وثمانين، وَقِيلَ: تُوُفِّي سنة ستٍّ. وللحسن بن بشّار بن العلاف يرثيه: ذهب المبرّدُ وانْقضَتْ أيامُهُ ... ولْيَذْهبنَّ إثْرَ المبرّدِ ثعلبُ فابكوا لِما سَلَب الزَّمانُ ووطِّنوا ... للدَّهر أنفسكم عَلَى ما يسلب وأولى لكم أن تكتبوا أنفاسَهُ ... إن كانتِ الأنفاسُ مما يُكْتَبُ عاش المبرّد خمسًا وسبعين سنة، ولم يُخَلِّف بعدّه في النحو مثله أبدًا.

526- محمد بن يوسف بن معدان الثقفي الأصبهاني1. البناء الزاهد المُجاب الدعوة. جدّ والد أبي نُعَيْم الحَافِظ لأمه. لَهُ مصنّفات حسان في الزُّهد والتصوف. حَدَّثَ عن: عبد الجبار بن العلاء، والنضر بن سلمة، وعبد الله بن محمد الأسدي، وحميد بن مسعدة، وجماعة. وعنه: سبطه عبد الله بن أحمد، وأحمد بن بندار الشعار، وعبد الله بن يحيى المديني الزاهد، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي، وعبد الرحمن بن محمد بن سياه المذكر، وأبو بكر عبد الله بن محمد القباب، وآخرون. وهو أستاذ علي بن سهل الزاهد. ومن تصانيفه كتاب "معاملات القلوب"، وكتاب "الصبر". وممن روى عنه: أبو الشيخ وَقَالَ: كَانَ مستجاب الدعوة. وقال أبو نعيم: كان في علم التصوف. حجّ فسمع: عبد الجبّار بن العلاء، وَمحمد بن منصور، وعبد الله بن عمران العابديّ، وجماعة. وَتُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين. قُلْتُ: وَهُوَ سميُّ: 527- محمد بن يوسف بن معدان الأصبهاني2 عروس الزهاد المذكور في طبقة ابن المبارك. وبينهما نحوٌ من مائة سنة. قَالَ النقاش الأصبهاني: ثَنَا أَبُو عبد الرحمن عبد الله بن يَحْيَى: سَمِعْتُ محمد بن يوسف يَقُولُ: علامة موت القلب طلب الدُّنْيَا بعمل الآخرة. وَقِيلَ: وما بُدُوّاه؟ قَالَ: مرض القلوب، وبُدُوّ مرض القلوب الطّمع في

_ 1 حلية الأولياء "10/ 402، 403"، صفة الصفوة "4/ 15"، المنتظم "6/ 24". 2 حلية الأولياء "8/ 225-237"، صفة الصفوة "4/ 63"، البداية والنهاية "10/ 379".

المخلوقين، وعلامة الطمع في المخلوقين الاشتغال بهم، والتزين باللباس، والادعاء لإقامة الجاه والعَيْش، ومن لا يستغني بالله افتقر إلى النَّاس. ولمحمد بن يوسف البنا -رحمه الله- أشياء نافعة من هَذَا النَّمط، هُوَ أشهر من عروس الزُّهاد. 528- محمد بن يونس بن موسى بن سُلَيْمَان بن عبيدة بن ربيعة بن كُديم1. أَبُو العَبَّاس الشامي الكُدَيْميّ البَصْرِيّ الحَافِظ. أحد الضعفاء. وُلد سنة ثلاث، وَقِيلَ: سنة خمسٍ وثمانين ومائة. وَهُوَ ابن امرأة رَوْح بن عبادة، فسمع نسيبه من خلق كثير. وحدَّث عَنْهُ، وعن: أبي داود الطَّيَالِسِيّ، وعبد الله بن داود الخُرَيْبِيّ، وأزهر بن سعد السمان، والأصمعي، وأبي عاصم النبيل، وعبد الرحمن بن حَمَّاد الشُّعيثي، وأبي زيد الأَنْصَارِيّ، وخلق. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر بن الأنباري، وَإسْمَاعِيل الصَّفَّار، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد بن خَلاد النَّصيبيّ، وَأَبُو بَكْر القَطِيعيّ، وأحمد بن الرَّيان المكيّ، وعمر بن مُسْلِم الخُتُّليّ، وخثيمة الأَطْرَابُلُسيّ، وَعُثْمَان بن سَنَقة، وَأبو عبد الله بن مُحرم، وخلق. قَالَ ابن خَلاد: قَالَ: الكُدَيْميّ: قَالَ لي عَليّ بن المَدِينِيّ: عندك ما ليس عندي. وَقَالَ الكُدَيْميّ: كتبت عن ألفٍ ومائة وستٍّ وثمانين رجلًا من البَصْرِيّين، وحججت سنة ستٍّ وثمانين، فرأيت فيها عبد الرزاق، ولم أسمع منه. وَقَالَ عبد الله بن أَحْمَد: سَمِعْتُ أبي يَقُولُ: كَانَ محمد بن يونس الكُدَيْميّ حَسَن الحديث، حسن المعرفة، ما وجد عليه صُحْبتُه لسليمان الشاذكوني. وَرَوَى حَسَنٌ الصَّائِغُ: ثَنَا الكديمي قال: خرجت أنا وابن المديني والشاذكوني نتنزه، ولم يبق لنا موضع غير بستان الأمير، وكان الأمير قد منع من الخروج إلى الصحراء. فلما قصدناه وافى الأمير فقال: خذوهم. فأخذونا وكنت أصغرهم.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 122"، المجروحين لابن حبان "2/ 312-314"، سير أعلام النبلاء "13/ 302-305"، ميزان الاعتدال "3/ 74-76"، تهذيب التهذيب "9/ 539-544".

فبطحوني، وقعدوا على أكتافي، فقلت: أيها الأمير اسمع مني: ثم قُلْتُ: ثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي قَابُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ" 1. قَالَ: أعده. فأعدْته، فَقَالَ لأولئك: قوموا. قَالَ: أَنْتَ تحفظ مثل هَذَا وتخرج تتنزه، كذا قَالَ ابن عَبَّاس. قَالَ أَبُو أَحْمَد بن عَدِيّ: قد اتُّهم الكُدَيْميّ بوضع الحديث. قال أَبُو حاتم بْن حبان: لعله قد وضع أكثر من ألف حديث. وقال ابن عدي: ادعى الكديمي رؤية قومٍ لم يرهم. ترك عامّة مشايخنا الرّواية عَنْهُ. قَالَ أَبُو عبيد الآجري: رأيت أبا داود يتكلّم في محمد بن سنان، وَمحمد بن يونس، يطلق فيهما الكذب. وَكَانَ موسى بن هَارُون الحَافِظ يَنْهَى النَّاس عن السَّماع من الكُدَيْميّ، وَقَالَ، وَهُوَ متعلق بأستار الكعبة: اللَّهُمَّ إني أشهدك أن الكُدَيْميّ كذاب يضع الحديث. وَقَالَ الْقَاسِم بن زكريا المطرز: أنا أُجاثي الكُدَيْميّ بين يدي الله، وأقول: كَانَ يكذب عَلَى رَسُولك -صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ، وَعَلَى العُلَمَاء. وَقَالَ الدَّارَقُطْنيّ: كَانَ يتّهم بالوضع. وأما إسْمَاعِيل الخطبيّ فَقَالَ: ما رأيت أُناسًا أكثر من مجلسه، وَكَانَ ثقة. تُوُفِّي الكُدَيْميّ في جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وثمانين، وإذا صدق في مولده فقد جاوز المائة. 529- "...." بن محمد بن عَمْرو بن أبي سلمة التِّنِّيسِي. يروي عن جَدّه. تُوُفِّي سنة ثمان وثمانين.

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه أبو داود "4941"، والترمذي "1924"، وأحمد في المسند "2/ 160"، والحميدي في مسنده "269"، وصححه الشيخ الألباني في سنن أبي داود "4941".

530- مُحَمَّود بن الفرج1. أَبُو بَكْر الأصبهاني الزاهد. عن: إسماعيل بن عمرو البخلي، وَبِشْر بن هلال، وأحمد بن عبدة الضبي، وجماعة، وَكَانَ كبير القدر من أولياء الله. رَوَى عَنْهُ: يوسف بن محمد المؤذن، وَأَبُو سهل بن زياد، وأحمد بن جَعْفَر السمسار، وَمحمد بن عبد الله بن جمشاد، وعبد الرحمن بن محمد سياه المذكّر، وسِبطه أَبُو الشَّيْخ ابن حبّان. وَقَالَ أَبُو الشَّيْخ: كَانَ مستجاب الدعاء. قال: وحكي أَنَّهُ رُؤي في النّوم فَقَالَ: كنت من الأبدال ولم أعلم. وخرج إلى طَرَسُوس ثلاث مرات. وقال ابن أبي حاتم: كَانَ ثقة. تُوُفِّي سنة أربعٍ وثمانين. 531- محمود بن محمد بن أبي المضاء2. أَبُو حفص الحلبي. حدَّث ببغداد عن: محبوب بن موسى الأنطاكي، والمسيب بن واضح، وجماعة. وَعَنْهُ: ابن مَخْلَد، وَأَبُو العَبَّاس بن عُقدة. قَالَ الخطيب: ثقة. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين. 532- مسعدة بن سعد العطّار3. أبو الْقَاسِم المكي.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 292"، تاريخ بغداد "13/ 93، 94". 2 أخبار القضاة لوكيع "1/ 13، 35"، تاريخ بغداد "13/ 93". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 117".

عن: سعد بن منصور، إبراهيم بن المنذر الحِزاميّ. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 533- مسلمة بن جابر اللَّخْمي الدِّمَشْقِيّ1. عن: منبّه بن عُثْمَان. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. مجهول الحال. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 534- المسيب بن زهير2. أبو مسلم البغدادي التجر نزيل نَيْسَابُور. سَمِعَ: الْقَعْنَبِيَّ، وَيَحْيَى بن هاشم السمسار. وَعَنْهُ: أَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، وغيره. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 535- مُطَرِّف بن عبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم بن محمد بن قيس3. مولى عبد الرحمن بن معاوية الداخل، أبو سَعِيد الأموي المروانيّ القُرْطُبيّ. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وعبد الملك بن حبيب، وجماعة. وحجّ فسمع من: عبد العزيز بن يَحْيَى المكيّ، وَيَعْقُوب بن كاسب، وأبي مُصْعَب الزُّهري، وَيَحْيَى بن بُكَيْر، وعمر بن خَالِد، ويوسف بن عَدِيّ، وإبراهيم بن المنذر الحِزَاميّ، وسحنون، وطائفة. ذكره ابن الفَرَضيّ وَقَالَ: كَانَ شيخًا نبيلًا بصيرًا باللُّغة والنَّحو والشِّعر، وَكَانَ شاعرًا، سَمِعَ منه الناس كثيرًا، وكان ثقة صالحًا.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 116". 2 تاريخ بغداد "13/ 141". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 135"، جذوة المقتبس "347".

تُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 536- مُطَّلب بن شُعَيْب بن حَيَّان1. أبو محمد الأَزْدِيّ، مولاهم البَصْرِيّ، ثُمَّ المِصْرِيّ. سَمِعَ: عبد الله بن صالح الكاتب، ونعيم بن حَمَّاد، وغيرهم. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. وأما ابن عَدِيّ فَقَالَ: هُوَ شيخ مروزي سكن بمصر، مستقيم الحديث. ثنا عِصْمَةُ الْبُخَارِيُّ، ثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأكْرِمُوهُ" 2. قَالَ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ. 537- معاذ بن المُثَنَّى بن معاذ3. أَبُو المُثَنَّى العَنْبَريّ البَصْرِيّ ثُمَّ البَّغْدَادِيّ. ثقة جليل. سَمِعَ: أباه، وَالْقَعْنَبِيَّ، وَمحمد بن عبد الله الْخُزَاعِيَّ، وَمحمد بن كثير العبدي، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وَجَعْفَر بن الحَكَم المُؤَدِّب، وعمر بن مُسْلِم، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة ثمانٍ وثمانين، ودفن بجنب الكُدَيْميّ، وله ثمانون سنة.

_ 1 الكامل لابن عدي "6/ 2455"، ميزان الاعتدال "4/ 128"، لسان الميزان "6/ 50". 2 "حديث حسن لغيره": أخرجه ابن عدي في الكامل "6/ 2455"، من الطريق الذي أتى به المصنف وفي الباب عن ابن عمر أخرجه ابن ماجه "3712"، البيهقي في السنن الكبرى "8/ 168"، وفي الباب أيضا عن جرير بن عبد الله، جابر بن عبيد الله، ابن عباس، معاذ بن جبل وغيرهم، وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة "1205". 3 أخبار القضاة لوكيع "2/ 57، 58، 155"، المعجم الصغير للطبراني "2/ 114"، تاريخ بغداد "13/ 136، 137"، طبقات الحنابلة "2/ 339".

538- مُعَاذٍ بن نجدة بن العُريان. أَبُو سَلَمَةَ الهَرَويّ. عن: خَلَّاد بن يَحْيَى، وَقُبَيْصَة بن عُقْبَة، وطبقتهما. وَعَنْهُ: الحَافِظ أَبُو إِسْحَاق البزاز، والهرويون. تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة سنة اثنتين وثمانين عن خمسٍ وثمانين سنة. 539- معاوية بن حرب بن محمد. أَبُو سُفْيَان الطائي المَوْصِليّ، أخو علي، وأحمد. سمع: عبيدا، وأبا نُعَيْم، وَقُبَيْصَة، وجماعة. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد الأَزْدِيّ. وَقَالَ: تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين وَلَهُ ثمانون سنة. 540- المفضّل بن سَلَمَةَ بن عاصم1. أَبُو طالب البَّغْدَادِيّ الأديب، لَهُ مصنّفات في الغريب وغير ذَلِكَ. حدث عن: عُمَر بن شَبَّة، وغيره. وَكَانَ ابنه أَبُو الطّيّب من كبار الفُقهاء التّابعة؛ وَكَانَ من أئمة الأدب. رَوَى عن المفضّل الصُّولِيِّ، وغيره، وَلَهُ كتاب "المفاخرة فيما يلحن فيه العامّة"، وكتاب "المقصور والممدود"، وكتاب "ضياء القلوب في الأدب"، وكتاب "البارع في اللغة" كبير جدًّا. 541- مِقْدام بن داود بن عيسى بن تليد2. أَبُو عَمْرو بن الرُّعينيّ المِصْرِيّ. عن: أسد بن موسى السنة، وعبد الله بن محمد بن المغيرة، وخالد بن نزار الأَيْلِيِّ، وَيَحْيَى بن بُكَيْر، وعمه سعيد بن تليد، وطائفة.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 124، 125"، وفيات الأعيان "4/ 205، 206". 2 الجرح والتعديل "8/ 303"، المعجم الصغير للطبراني "2/ 116"، سير أعلام النبلاء "13/ 345، 346"، ميزان الاعتدال "4/ 175، 176"، لسان الميزان "6/ 84، 85".

وَعَنْهُ: عَليّ بن أَحْمَد البَّغْدَادِيّ، وَأَحْمَد بن الحَسَن بن عُتْبة الرَّازِيّ، وَمحمد بن أَحْمَد بن أبي الأَصْبغ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وَأَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ، وجماعة. قَالَ النَّسَائِيُّ في الكُنَى: ليس بثقة. وَقَالَ ابن يونس: تكلَّموا فيه. وَتُوُفِّي في رمضان سنة ثلاثٍ وثمانين. وَقَالَ غيره: كَانَ رحْلة الفقهاء المالكية. قَالَ الكِنْدِيّ: كَانَ فقيهًا مُفْتيًا لم يكن بالمحمود في الرّواية. ضعّفه أَبُو العَبَّاس بن دلْهاث. نا محمد بْنُ نُوحٍ الأَصْبَهَانِيُّ بِمَكَّةَ، نا الطَّبَرَانِيُّ، نا الْمِقْدَامُ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "طَعَامُ الْبَخِيلِ دَاءٌ، وَطَعَامُ السَّخِيِّ شِفَاءٌ". فَهَذَا بِهَذَا الإِسْنَادِ بَاطِلٌ. 542- مُكْرم بن مُحْرز بن مَهْديّ بن عبد الرحمن بن عَمْرو الْخُزَاعِيُّ الحجّار القريريّ1. رَوَى عن أبيه قصة أم معبد. رواها عنه: الحسين بن محمد القبّانيّ، وَيَعْقُوب الفَسَويّ وَهُوَ أكبر منه، وَمحمد بن جرير الطَّبَرِيّ، وابن خُزَيْمَة؛ وآخر من رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بن مالك القَطِيعيّ، قَالَ: حجّ بي أبي وأنا ابن سبْع سِنين، فأدخلني عَلَيْهِ. 543- موسى بن جُمْهُور البَّغْدَادِيّ السِّمْسَار2. عن: هشام بن عَمَّار، والحسن بن عيسى بن ماسرجس. وعنه: أبو طالب أَحْمَد بن نصر الحَافِظ الطَّبَرَانيّ. 544- موسى بن الحسن بن عباد3.

_ 1 الثقات لابن حبان "9/ 207"، الأنساب "11/ 122". 2 تاريخ بغداد "13/ 51، 52". 3 أخبار القضاة لوكيع "2/ 28"، تاريخ بغداد "13/ 49"، سير أعلام النبلاء "13/ 378".

أَبُو السَّرِيّ النَّسَائِيُّ، ثُمَّ البَّغْدَادِيّ الْجَلاجِليّ، لقّبوه بِهِ لحُسْن صوته. سَمِعَ: عبد الله بن بَكْر السَّهْمي، وَرَوْح بن عُبادة، وَمحمد بن مُصْعَب القَرْقِسائيّ، وأبا نُعَيْم، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَر بن البَخْتَرِيّ، وَأَبُو بَكْر النَّجَّاد، وعبد الباقي بن قانع، وعمر بن مُسْلِم الخُتُّليّ، وآخرون. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. وَقَالَ أَبُو الحُسَيْن بن المنادي: قِيلَ إنَّ الْقَعْنَبِيَّ قدَّمه في التَّراويح، فأعجبه صوته. قَالَ: فَقَالَ لي: كَأَنَّ صوتك صوت الجلاجل. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين، وقد قارب المائة. وَكَانَ آخر من حَدَّثَ عن السَّهْميّ، وأقدم شيخٍ لابن قانع. 545- موسى بن عيسى بن المنذر الحمصيّ1. أَبُو عَمْرو السُّلَميّ. عن: أَبِيهِ، وَأَحْمَد بن خَالِد الوهْبيّ، وَمحمد بن المبارك الصُّوريّ، وحَيَّوَة بن شُرَيْح. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ، وغيره. تُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين. قَالَ ابن قانع: وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ليس بثقة. وَرَوَى عَنْهُ: موسى بن العَبَّاس الْجُوَينيّ. 546- موسى بن فَضَالَةَ بن إِبْرَاهِيم الدِّمَشْقِيّ. عن: صَفْوَان بن صالح، وأبي مُصْعَب المَدِينِيّ، وَسُلَيْمَان بن عَبْد الرحمن وجماعة. وَعَنْهُ: ابنه أَبُو عُمَر محمد صاحب "جزء" ابن فَضَالَةَ. سمع منه في سنة تسع وثمانين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 109".

547- موسى بن محمد بن كثير1. أَبُو هَارُون السّرّينيّ. سَمِعَ: عبد الملك بن إِبْرَاهِيم الْجُدّيّ. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 548- موسى بن هَارُون بن حَيَّان القَزْوِينِيّ. سَمِعَ بالعراق من: أبي بَكْر وَعُثْمَان ابني أبي شَيْبَة، وأقرانهما. ورجع. قَالَ الخليل: ثقة كبير، من شيوخ أبي الحَسَن القَطَّان. ومات سنة إحدى وثمانين ومائتين. ويُكنَّى: أبا عِمران. 549- موسى بن محمد السَّامرّيّ الخيّاط2. عن: عبد الأعلى بن حَمَّاد النَّرْسيّ، وَإِبْرَاهِيم بن عبد الله الهَرَويّ. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر بن الأنباري، وابن خَلَّاد النَّصِيبيّ. قَالَ الخطيب: ثقة. 550- موسى بن هَارُون3. أَبُو عيسى الطُّوسيّ، ثُمَّ البَّغْدَادِيّ. عن: حسين بن محمد المَرُّوذي، وَعَمْرو بن حكّام. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وابن نَجِيح، وآخرون. وَكَانَ موثَّقًا. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 551- موسى بن يوسف بن موسى القطان4. أبو عوانة الكوفي.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 109". 2 تاريخ بغداد "13/ 52". 3 تاريخ بغداد "13/ 48، 49". 4 الجرح والتعديل "8/ 167".

عن: أَبِيهِ، وأحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وأبي مَعْمَر القَطِيعيّ. وَعَنْهُ: عبد الرحمن بن أبي حاتم، وَقَالَ: صدوق، وَمحمد بن أَحْمَد بن عَليّ الإسْواريّ، وحامد الرّفّاء. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. "حرف النون": 552- نصر بن محمد بن رباح. أَبُو منصور العبْديّ المَوْصِليّ. عن: غسّان بن الرّبيع، وكامل بن طلحة، وعَليَّ بن الْجَعْد. حَدَّثَ بالموصل. ومات سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين. 553- نصر بن الحَكَم بن سهل المروزي الأحوال1. عن: علي بن حجر، وَمحمد بن بسّام. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، والطَّبَرَانيّ. حَدَّثَ قبل التسعين ومائتين. 554- نصر بن عبد السّلام بن نصر بن قاسم. أَبُو قاسم القَيْسيّ المَوْصِليّ. عن: مُعَلَّى بن مهديّ، وهشام بن عَمَّار، وعبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم، وطائفة. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد وَقَالَ: تُوُفِّي سنة نيِّفٍ وثمانين. 555- نصر بن منصور بن يوسف. أَبُو اللَّيْث الْبُخَارِيُّ النَّحْوِيّ. يروي عن: أبي حذيفة إسحاق بن بشر صاحب "المبتدأ"، وَقُتَيْبَة بن سَعِيد، وَمحمد بن سلام البِيكَنْدِيّ.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 120".

وعنه: خلف بن محمد التمتام. 556- نصر بن هاشم. أبو الفتح المصري، إمام جامع مصر. رَوَى عَنْ: يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْر. وَتُوُفِّي سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. "حرف الهاء": 557- هَارُون بن سُلَيْمَان بن سهل1. أَبُو ذَرّ المِصْرِيّ الجبّان. سَمِعَ: يوسف بن عَدِيّ الكوفيّ. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. وَسَمِعَ أَيْضًا من: يَحْيَى بن سُلَيْمَان الْجُعْفِيّ. رَوَى عَنْهُ: عبد الله بْن جَعْفَر بْن الورد، وَأَحْمَد بْن غالب، وغيرهما. 558- هَارُون بن عبد الصَّمَد بن عَبْدوس النَّيْسَابُوري. أحد العُلَمَاء. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وعَليَّ بن المَدِينِيّ، وهشام بن عَمَّار، وطائفة. وَعَنْهُ: محمد بن عبد الله الشُّعيريّ، وَمحمد بن يَعْقُوب الأخرم، وجماعة. تُوُفِّي سنة خمسٍ أَيْضًا، ولقبه رخى. 559- هَارُون بن عَليّ بن يَحْيَى بن أبي منصور2. أبو عبد الله البَّغْدَادِيّ الإخباريّ النّديم المنجم، مصنف كتاب "البارع في أخبار

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 128". 2 تاريخ بغداد "14/ 230"، وفيات الأعيان "6/ 78، 79"، سير أعلام النبلاء "13/ 404، 405"، شذرات الذهب "2/ 21".

الشُّعراء المُولَدين"، افتتحهم ببشّار بن بُرْد، وهذه الكُتُب: "خريدة العماد الكاتب"، وكتاب "الحظيريّ"، وكتاب الثَّعالبيّ "اليتيمة"؛ وكتاب "الباخَرْزيّ في الشُّعراء" فروع عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ أصْلٌ نسجوا عَلَى مِنْواله. وَكَانَ جَدّه أَبُو منصور مَجُوسيًا، وَكَانَ منجّمًا للمنصور، وَكَانَ يَحْيَى بن أبي منصور منجّم المأمون ونديمه، وأسلم عَلَى يده، وَكَانَ عَليّ بن يَحْيَى مِن أعيان الشُّعراء. تُوُفِّي هَارُون شابًّا في سنة سبْعٍ وثمانين ومائتين. 560- هَارُون بن كامل المِصْرِيّ1. سَمِعَ أبا صالح كاتب اللَّيْث. وَعَنْهُ الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 561- هَارُون بن محمد بن إِسْحَاق بْن موسى بْن عيسى بْن موسى بن محمد2. الأمير أَبُو موسى الهاشميّ العَبَّاسيّ. وَكَانَ ثقة شريفًا نبيلًا، ولي إمرة الحجّ غير مرّة، وسكن مصر، وَلَهُ بها عَقِب. وَتُوُفِّي في مصر سنة ثمانٍ وثمانين. 562- هَارُون بن عيسى3. أَبُو جَعْفَر الهاشميّ المنصوريّ. عن: داود بن عَمْرو الضَّبِّيّ، وغيره. وَعَنْهُ: دَعْلَج، وعبد الخالق بن أبي روبة. قال الدارقطني: ليس بالقوي.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 128". 2 تاريخ الطبري "9/ 541، 548"، جمهرة أنساب العرب "32، 33"، البداية والنهاية "11/ 85". 3 تاريخ بغداد "14/ 28".

وسيأتي أخوه يحيى سنة ثلاثمائة. وَكَانَ ابن أخيه أَحْمَد بن عيسى من فقهاء بغداد، أَخذ عن ابن جرير. 563- هَارُون بن ملّول1. واسم ملول، عيسى بن يَحْيَى التُّجَيْبيّ المِصْرِيّ. عن: عبد الله بن عبد الحَكَم، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وغيرهما. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي في ربيع الآخر سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 563- هَارُون بن أبي الهيذام محمد بن هَارُون. أَبُو يزيد العسقلاني، قيِّم جامع الرَّمْلَةِ. محدَّث حافظ رحّال. سَمِعَ: إسْمَاعِيل بن أبي أُوَيْس، وَقُتَيْبَة، وهُدْبة، وطبقتهم. وَعَنْهُ: محمد بن العباس بن الدورفي، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق بن عُتْبة الرَّازِيّ، وَمحمد بن أَحْمَد بن مَحْمَوَيْه العسكريّ، وآخرون. 565- هاشم بن بكّار المَوْصِليّ. عن: غسان بن الربيع، وَمحمد بن عَليّ بن أبي خِداش، وجماعة. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. 566- هشام بن عَليّ السِّيرافي2. عن: عبد الله بن رجاء، والربيع بن يَحْيَى الأشْنانيّ، ونسف بن مسكين، وجماعة. وَعَنْهُ: أَحْمَد بن عُبَيْد الصَّفَّار، وفاروق الخطّابيّ، وأحمد بن زكريا الساجي، وأهل البصرة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 127"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 15". 2 الثقات لابن حبان "9/ 234".

وَتُوُفِّي في ذي الحجّة سنة أربعٍ وثمانين. قَالَ يَحْيَى بن صاعد: ثَنَا هشام بن عَليّ السَّدُوسِيُّ بالبصرة. 567- هشام بن يونس المِصْرِيّ القصّار1. عن: عبد الله بن صالح الكاتب، ونعيم بن حَمَّاد، وعَليَّ بن مَعْبَد. وَعَنْهُ: أَبُو طالب أَحْمَد بن نصر الحَافِظ، وعَليَّ بن محمد الواعظ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة نيِّفٍ وثمانين. وَرَوَى عن الطَّبَرَانيّ في "معجمه" حديثًا موضوعًا. 568- الهَيْثَم بن خَالِد المِصِّيصِيّ2. عن: محمد بن عيسى بن الطّبّاع، وعبد الكبير بن المُعَافى بن عِمران المَوْصِليّ. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. "حرف الواو": 569- وَرِيزَةُ بنُ محمد3. أَبُو هاشم الغَسَّانِيّ الحمصيّ الشَّاميّ الإخباريّ. عن: هشام بن عَمَّار، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، وَيَعْقُوب الدَّوْرَقِيّ، وَعَمْرو بن عُثْمَان الحمصيّ، وأبي عَمْرو الدَّوْرَقِيّ، وخلْق. وَعَنْهُ: أَبُو الميمون بن راشد، وَمحمد بن جَعْفَر بن ملّاس، وَمحمد بن حُمَيْد الحَوْرانيّ، وجماعة. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 570- وليد بن العَبَّاس المِصْرِيّ4. أَبُو العَبَّاس.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 126". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 129". 3 طبقات الحنابلة "1/ 393"، لسان الميزان "6/ 220". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 124".

سَمِعَ: عبد الغفار بن داود الحَرَّاني. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 571- الوليد بن عُبَيْد بن يَحْيَى بن عُبَيْد بن شملان1. أَبُو عُبادة الطّائيّ البُحْتُريّ الشاعر المشهور صاحب الدّيوان المعروف، من أهل مَنْبج. كَانَ حامل لواء الشعر في زمانه. مع الخلفاء والوزراء والأعيان، وقدِم دمشق في صحبة المتوكّل، ثُمَّ وفدَ عَلَى الملك خُمَارَوَيْه الطُّولونيّ. حكى عَنْهُ. القاضي المَحَامليّ، والصُّوليّ، وَأَبُو الميمون بن راشد، وعبد الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، وجماعة. وُلِد بمنبج سنة ستٍّ ومائتين، ونشأ بها، وقاربَ وَقَالَ الشِّعر البديع. ثُمَّ سار إلى العراق، وجالسَ الأدباء. وأخذ عن: أبي تمّام الطّائيّ. قَالَ الصُّوليّ: حَدَّثَنِي أَبُو الغَوْث بن أبي عُبَادة البُحْتُريّ قَالَ: قَالَ أبي: أنشدتُ أبا تمّام شِعرًا في بعض بني حُمَيْد وصلت بِهِ إلى مالٍ عظيم، فَقَالَ لي أَبُو تمّام: أحسنْتَ، أَنْتَ أمير الشِّعر بعدي. فَكَانَ قوله أحبُّ إليَّ من جميع ما حويته. وَقَالَ أَبُو العَبَّاس المبرّد: أنشَدَنا شاعرُ دَهْره ونسيجُ وحده أَبُو عُبَادة البُحْتُريّ. وَقَالَ الصُّوليّ: سَمِعْتُ عبد الله بن المُعْتَزّ يَقُولُ: لو لم يكن للبُحْتُريّ إِلا قصيدته السّينيّة في وصف إيوان كِسْرى فليس للعرب سِينية مثلها، وقصيدته في وصف البركة، لكان أشْعَرَ النَّاس في زمانه. ونقل الخطيب أن البُحْتُريّ كَانَ في صِباه يمدح بمَنْبِج أصحاب الْبَصَلِ والباذنجان. وَقَالَ البُحْتُريّ: أنشدت أبا تمّام قصيدة فَقَالَ: نَعَيْت إليَّ نفسي. فَقُلْتُ: أعيذك بالله.

_ 1 تاريخ الطبري "6/ 411"، الأغاني "21/ 39-57"، سير أعلام النبلاء "13/ 486، 487"، البداية والنهاية "11/ 76"، النجوم الزاهرة "3/ 99"، شذرات الذهب "2/ 186-190".

فَقَالَ: إنَّ عُمري ليس يطول، وقد ثار مثلك. وَقَالَ أَبُو العَبَّاس بن طُومار: كنت أُنادم المتوكّل ومعنا البُحْتُريّ وَكَانَ بين يديه غلام حَسَن الوجه اسمه: راح. فَقَالَ المتوكّل للفتح: إنَّ البُحْتُريّ يعشق راحًا، فنظر إِلَيْهِ الفتح وأدمن النظر، فلم يره ينظر إليه، فَقَالَ: الفتح: يا أمير المؤمنين أرى البُحْتُريّ في شُغُلٍ عَنْهُ. فَقَالَ: ذاك دليلي عَلَيْهِ، يا راح، قَدَحًا بِلَّوْرًا، فاملأه شرابًا وناوِله. ففعل، فَلَمَّا ناوله بُهِتَ البُحْتُريّ ينظر إِلَيْهِ، فَقَالَ المتوكّل للفتح: كيف ترى؟ ثُمَّ قَالَ: يا بُحْتُريّ، قل في راح بيتَ شِعْرٍ، لا تصرح باسمه. فقال: حار بالورد فتى أمسـ ... ـي رهينًا بك مُدْنَفُ اسم من أهواه في شعـ ... ـري مقلوبٌ مُصَحَّفُ ذِكْر سِينيّة البُحْتُريّ التي أوّلها: صُنْتُ نفسي عمّا يُدنِّسُ نفسي ... وتَرَفَّعت عن جدا كُلِّ جبسِ وَكَأَنَّ الإيوان من عَجَبِ الصنـ ... ـعة جَوْنٌ1 في جَنْبٍ أَرْعَنَ2 جَلْسِ3 يُتَظَنَّى من الكآبة أن يبـ ... ـدو لعَيْني مُصَبِّحٍ أَوْ مُمَسِّي مُزْعجًا بالفِرَاقِ عَن أُنْسِ إلفٍـ ... ـعَزّ أَوْ مُرْهَقًا بِتَطْلِيق عِرْسِ عكست حظه الليالي وبات المـ ... ـشتري فيه وهو كَوْكبُ نَحْسِ فَهُوَ يُبْدي تَجَلُّدًا وَعَلَيْهِ ... كَلْكَلٌ مِن كلاكل الدَّهْر مُرْسي لم يعبه أن بز4 من بسط الديـ ... ـباج واستل من ستور الدمقس5

_ 1 الجون: الجبل الصغير. 2 أرعن: جبل. 3 جلس: طويل. 4 بز: انتزع أو استل. 5 الدمقس: الحرير.

مُشْمَخِرٌّ تَعْلُو لَهُ شُرُفَاتٌ ... رُفِعَتْ في رُؤوس رَضْوَى وقُدْس ليس يُدْرَى أَصُنْعُ إنْسٍ لِجنِّ ... سكنوه أم صنع جن لإنس عير أَنّي أَرَاهُ يشهد أَنْ لَمْ ... يكن بَانِيهِ في الملوك بِنِكْسِ1 وهي طويلة. ومن شعره: دنوت تواضعًا وعلوت مجدًا ... فشأناك انحدارٌ وارتفاعُ كذاك الشمسُ يبعد أنْ تُسَامَى ... ويدنو الضَّوء منها والشُّعَاعُ وَلَهُ: وَإِذَا دَجَتْ أقلامُه ثُمَّ انْتَحَتْ ... برقَت مصابيحُ الدُّجَى في كُتُبه باللَّفْظ يَقْرُب فَهْمُهُ في بُعْدهِ ... منَّا وَيَبْعُدُ نَيْلُه في قُرْبه حكم سَحَابتها خلالَ بَنَانه ... هطَالة قُلَيْبُها في قلبه الرَّوْضُ مختلفٌ بحُمْرة نُورِه ... وبياض زَهْرته وخُضْرة عُشْبه وكأنّها والسّمْعُ معقودٌ بها ... شخصُ الحبيبِ بدا لعينِ مُحِبّه وَقَالَ أَيْضًا: أتاك الرّبيع الطَّلْقُ يختال ضاحكًا ... من الحُسْن حَتَّى كاد أن يتكلّما وقد نبّه النُّورُوز في مجلس الدُّجى ... أوائل وردٍ كَانَ بالأمس نُوَّما وَقَالَ في قصيدةٍ مدح بها المتوكّل: لو أَنَّ مشتاقًا تكلَّف غير ما ... في وُسْعِه لَسَعى إِلَيْهِ المنبر فقال المستعين: لست أقبل من أحدٍ إِلا من قَالَ مثل هَذَا. قَالَ أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بن يَحْيَى البلاذُرِيّ: فأنشدته لي: ولو أَنَّ بُرْدَ المُصْطَفى إِذْ لبسْتُه ... يظنّ لظنّ الْبُرْدُ أنّك صاحبه

_ 1 النكس: المقهور الذليل.

وَقَالَ وقد أُعْطيته ولبِسْته ... نعم هذه أعطافه ومناكبه قَالَ: فأجازني سبعة آلاف دينار. ونقل القاضي شمس الدين بن خلّكان: كَانَ بحلب طاهر بن محمد الهاشميّ، محتشمٌ، خلّف لَهُ أَبُوه نحو مائة ألف دينار، فأنفقها عَلَى الشعراء والزُّوار في سبيل الله، فَقَصَدهُ البُحْتُريّ من العراق، فَلَمَّا وصل إلى حلب، قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ قعد في بيته لديون ركبته، فاغتم البحتري، وبعث بالمدّحة إِلَيْهِ مَعَ غلام. فَلَمَّا وقف عليها طاهرٌ بكى، ودعا بغلامٍ لَهُ فَقَالَ: بعْ داري. فَقَالَ: أتَبِيعُها وتبقى عَلَى رؤوس النَّاس؟ قال: لا بد من بيعها. فباعها بثلاثمائة دينار، فبعث إلى البُحْتُريّ بمائة دينار، وهذه الأبيات: لو يكو الحباء حسب الذي أنـ ... ـت لدينا بِهِ محلّ وأهْلُ لَحُبِيتَ اللُّجَيْنَ والدُّر واليا ... قوت حبيًا وكان ذلك يقل والأديب الأريب يسمع بالعذ ... ر إذا قصر الصديق المقل فلما وصل إلى البُحْتُريّ ردّ الذَّهَب، وكتب إليه: بأبي أَنْتَ للبرِّ أهلُ ... والمساعي بعدٌ وسَعْيُك قبلُ والنوال القليل يكثر إن شا ... ء مُرَجيّك والكثير يقلُّ غير أنّي رددت برَّك إذا كا ... ن ربًا منك والربا لا يحلُّ وَإِذَا ما جزيتّ شعرًا بشعرٍ ... قُضي الحقٌّ والدّنانيرُ فضلُ قَالَ: فحل طاهر الصُّرة وزادها خمسين دينارًا، وحلف أَنَّهُ لا يردّها عليه. فلما وصت إلى البُحْتُريّ أنشأ يَقُولُ: شكرتك إنَّ الشُّكر للبعد نعمةٌ ... ومَن يَشْكُر المعروفَ فالله زائدُهْ لكلّ زمانٍ واحدٌ يُقْتَدى بِهِ ... وَهَذَا زمانٌ أَنْتَ لا شكّ واحدُهْ وَقِيلَ: إن أبا العلاء المَعَرّيّ سُئل: أيُّ الثلاثة أشعر: أَبُو تمّام، أم البُحْتُريّ، أم المتنبيّ؟ فَقَالَ: حكيمان، والشاعر البحتري.

جمع الصُّوليّ شِعْرَ البُحْتُريّ ودوّنه عَلَى ترتيب الحروف، ودوّنه عَليّ بن حمزة عَلَى الأنواع. وقد جمع البُحْتُريّ كتاب "الحماسة" كما فعل أَبُو تمام، وَلَهُ كتاب "معاني الشعر". وعاش ثمانين سنة، وانتقل في أواخر عُمره إلى الشَّام. وَتُوُفِّي بمنبج، وَقِيلَ: بحلب، سنة ثلاثٍ وثمانين، وَقِيلَ: سنة أربعٍ، وَقِيلَ: سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. 572- الوليد بن مروان الحمصيّ1. عن: جنادة بن مروان. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 573- الوليد بن مضاء. أَبُو العَبَّاس المَوْصِليّ الخشّاب الأثطّ. عن: معلى بن مهدي، ومحمد بن عبد الله بن عَمَّار، وأبي كُرَيْب بن محمد الأَزْدِيّ، عن رجلٍ، عَنْهُ. 574- وُهَيْب بن عبد الله بن نصر2. أَبُو بَكْر البَّغْدَادِيّ المُؤَدِّب. سَمِعَ: عاصم بن عَليّ، والهَيْثَم بن خَالِد. وَعَنْهُ: ابن قانع، والطَّبَرَانيّ. تُوُفِّي سنة سبْعٍ وثمانين. وَرَوَى عَنْهُ ابن المنادي أَيْضًا، وَقَالَ: ثقة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 124". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 125"، تاريخ بغداد "13/ 490، 491".

"حرف الياء": 575- يَحْيَى بن أيوب بن بادي "س"1. أبو زكريا العلاف المصري. عن: سَعِيد بن أبي مريم، وَأَحْمَد بن يزيد المكيّ، وعبد الغفّار بن داود الحَرَّاني، ويوسف بن عَدِيّ. وَعَنْهُ: ن، وَمحمد بن جَعْفَر الحضْرميّ، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون. توفي المحرم سنة تسع وثمانين. وكان أعور، شديد الأدمة، ثقة. وفي "المحلى" لابن حزم بإسناد قَالَ: ثَنَا أَحْمَد بن خَالِد، ثَنَا يَحْيَى بن أيوّب العلّاف فقيه أهل مصر. 576- يَحْيَى بن زكريا بن حرب النَّيْسَابُوري. عن: عمّه أَحْمَد بن حرب الزّاهد، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وعمر بن زُرَارة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو العَبَّاس السَّرَّاج، وَهُوَ في درجته. تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 577- يَحْيَى بن زكريا بن يزيد الدّقّاق2. رَوَى عن: أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم المَوْصِليّ، وغيره. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ. 578- يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه بن مَهْرَوَيْه القَرْمَطيّ3. الزِّنْديق الخارجيّ. سمّى نفسه عَليّ بن عبد الله، وَقِيلَ: عَليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه.

_ 1 أخبار القضاة لوكيع "1/ 48، 3/ 86، 113"، ميزان الاعتدال "4/ 362"، سير أعلام النبلاء "13/ 453"، التهذيب "11/ 185"، شذرات الذهب "2/ 202". 2 تاريخ بغداد "14/ 224". 3 تاريخ الطبري "10/ 95، 97، 99، 115"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 43".

وَكَانَ يُعرف بالشيخ، وبالمُبَرْقَع. هلك سنة تسعين. مرت أخباره في الحوادث. 579- يحيى بن عبد الرحمن بن عبد الصَّمَد بن شُعَيْب بن إِسْحَاق1. أَبُو سَعِيد الدِّمَشْقِيّ. حَدَّثَ بمصر عن: أَبِيهِ، ومحمود بن خَالِد السُّلَميّ. وعنه: مكحول البيروتي، وعبد الله بن جعفر بن الورد، وأبو بشر الدولابي، وأبو القاسم الطبراني لكنه قَالَ فيه: يَحْيَى بن عبد الله. قَالَ ابن عَدِيّ: قَالَ ابن حَمَّاد: كَانَ يكذب. وَقَالَ ابن يونس: تُوُفِّي سنة تسعين ومائتين. 580- يحيى بن عبدويه بن شبيب2. أبو زكريا البَّغْدَادِيّ. عن: أبي نُعَيْم. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 581- يَحْيَى بن عُثْمَان بن صالح بن صَفْوَان. أَبُو زكريا السَّهْميّ المِصْرِيّ. عن: أبيه، وَيَحْيَى بن بُكَيْر، ونعيم بن حَمَّاد، وعبد الله بن صالح، وأَصْبَغ بن الفرج، وَإِسْحَاق بن بَكْر بن مُضر، وَسَعِيد بن أبي مريم، وأبي النَّضْر بن عبد الجبّار. وَعَنْهُ: ق، وعبد المؤمن بن خَلَف النَّسَفِيّ، وأبو جعفر محمد بن محمد بن حمزة البغدادي، وعلي بن محمد المصري، ومحمد بن جعفر بن كامل، وعلي بن الحسن بن قديد، وسليمان الطبراني، وآخرون.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 140". 2 الجرح والتعديل "9/ 175"، ميزان الاعتدال "4/ 396"، سير أعلام النبلاء "13/ 354، 355"، التهذيب "11/ 257".

قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وتكلموا فيه. وقال ابن يونس: كان عالما بأخبار مصر وبموت العلماء، وحافظا للحديث. وحدَّث بما لم يوجد عند غيره. وَتُوُفِّي في ذي القِعْدَة سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 582- يَحْيَى بن عُمَر بن يوسف1. أَبُو زكريا الكِنَانيّ الأندلسيّ الفقيه المالكيّ. قَالَ ابن الفَرَضيّ، رحل وَسَمِعَ بإفريقية من: سُحْنُون بن سَعِيد، وأبي زكريا الحُفْريّ، وعَوْن. وبمصر من: يَحْيَى بن بُكَيْر، وابن رُمْح، وحَرْمَلَة. وَسَمِعَ من: أبي مُصْعَب، يعني بالمدينة، وانصرف إلى القَيْرُوَان فاستوطنها. وَكَانَ فقيهًا حافظًا الرأي، ثقة، ضابطًا لكُتُبه. سَمِعَ منه من الأندلُسييّن: أحمد بن خالد، وجماعة. ومن القيراونيين ومَن اتّصل بهم جماعة. وكانت الرّحلة إِلَيْهِ في وقته. وسكن سُوسَة في آخر عُمره، فمات بها في ذي الحجّة سنة تسعٍ وثمانين. وَقَالَ الحُمَيْدِيّ: سنة خمسٍ وثمانين. وَإِنَّهُ كَانَ من موالي بني أميّة. وَإِنَّهُ رَوَى عَنْهُ: سَعِيد بن عُثْمَان العناقيّ، وإبراهيم بن نصر، وَمحمد بن مسرور، وقَمّود بن مُسْلِم القابِسيّ، وعبد الله بن محمد القِرْباط. 583- يَحْيَى بن محمد بن غالب، أَبُو زكريا النَّسَائِيُّ العابد. سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَقُتَيْبَة، ويزيد بن صالح الفرّاء، وأبا مُصْعَب الزُّهْريّ. وَعَنْهُ: أَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، وَأَبُو بَكْر بن عَليّ الرَّازِيّ، وَأبو عبد الله بن يَعْقُوب الأخرم، وَأَبُو الفضل محمد بن إِبْرَاهِيم. حَدَّثَ في سنة ثمان وثمانين.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 462، 463"، لسان الميزان "6/ 270، 272"، الأعلام "9/ 200".

584- يحيى بن محمد بن هامان. أبو زكريا الكرابيسي الهمداني. عن: أَحْمَد بن يونس، وسهل بن عُثْمَان. وَعَنْهُ: عبد الرحمن بن عُبَيْد، وعمر بن سهل الحَافِظ، وعمر بن أَحْمَد بن علّك، والقاسم بن صالح، وأحمد بن عُبَيْد. قَالَ حسين بن صالح: ما رأيت يحدّث لله إِلا أبا زُرْعَة، وَيَحْيَى بن عبد الله الكرابيسيّ. 585- يَحْيَى بن المختار بن المنصور1. أَبُو زكريا النَّيْسَابُوري نزيل بغداد. رَوَى عن أَحْمَد بن حَنْبَل مسائل نافعة. وعن: عيسى الرّمليّ. وَعَنْهُ: محمد بن مَخْلَد، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وجماعة. وَكَانَ صَدُوقًا. تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. 586- يَحْيَى بن منصور2. أَبُو سعد الهَرَويّ الحافظ، شيخ هَرَاة الطَّسْتِيّ. رَوَى عن: حَيَّان بن موسى، وعَليَّ بن المَدِينِيّ، وأحمد بن حَنْبَل، وطبقتهم. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، وَإسْمَاعِيل الخُطَبيّ. قَالَ الخطيب: كان ثقة حافظ صالحًا زاهدًا. تُوُفِّي بهَرَاة سنة سبْعٍ وثمانين. قُلْتُ: الأصحّ موته سنة اثنتين وتسعين، وسيُعاد.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 224، 225"، طبقات الحنابلة "1/ 407، 408"، المنتظم "5/ 169، 170". 2 تاريخ بغداد "14/ 225"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 26".

587- يَحْيَى بن نافع1. أَبُو حبيب المِصْرِيّ. عن: سَعِيد بن أبي مريم. وَعَنْهُ: أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانيّ. 588- يَحْيَى بن عَبْدَوَيْه بن شبيب2. أَبُو زكريّا البَّغْدَادِيّ. رَوَى عن: أبي نُعَيْم، وغيره. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 589- يَحْيَى بن محمد بن أبي بِشْر الدّقّاق3. بغدادي صدوق. عن: سُرَيْج بن يونس، وَعَمْرو النّاقد. وَعَنْهُ: أَبُو عَمْرو بن السماك. 590- يحيى بن يعقوب بن مرادس المباركيّ4. عن: سُوَيْد بن سَعِيد، وغيره. وَعَنْهُ: إسْمَاعِيل الخُطَبيّ، وَأَبُو بَكْر الشَّافِعِيّ، والطَّبَرَانيّ. 591- يزيد بن أحمد5. أبو عمر السلمي الفقيه الدمشقي. روى عن: أبي مسهر، وأبي الجماهر الكفرسوسي.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 138". 2 تقدمت ترجمته برقم "580". 3 تاريخ بغداد "14/ 226". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 139". 5 تاريخ جرجان للسهمي "493".

وَعَنْهُ: أَبُو الميمون بن راشد، وعَليَّ بن أبي العَقِب، وجماعة. وَكَانَ فقيهًا بصيرًا بمذهب الكوفييّن. تُوُفِّي سنة اثنتين وثمانين. 592- يزيد بن خَالِد1. أَبُو مسعود الأَنْصَارِيّ الأصبهاني التّاجر الزّاهد. سَمِعَ: أبا الوليد الطَّيَالِسِيّ، وَإِبْرَاهِيم بن المنذر الحِزَاميّ، وزيد بن الحَسَن، وجماعة. وَعَنْهُ: عبد الله بن محمود، وَأَبُو عَليّ الصّحّاف. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين. 593- يزيد بن خلدون بن جابر الخَوْلانيّ المَوْصِليّ. عن: غسّان بن الربيع، وأبي هاشم محمود بن عَليّ، وجماعة. وَعَنْهُ: يزيد بن محمد في تاريخه وَقَالَ: مات سنة ثمانٍ وثمانين. 594- يزيد بن الهَيْثَم بن طَهْمان البغداديّ الدّقّاق2. أَبُو خَالِد البادا. سَمِعَ: عاصم بن علي، ويحيى بن معين، وعبيد الله بن عائشة. وَعَنْهُ: مُكْرَم القاضي، وعثمان بن السماك، وأبو بكر الشافعي، وأبو سهل بن زياد. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. قُلْتُ: والبادا بالفتح، ومن أولاده داود راوي كتاب "الأموال". أَحْمَد بن عَليّ بن الباداء فَكَانَ يَقُولُ: إنّما جدّي البادي بالباء. وَقَالَ سبب هذه التّسمية أنه ولد وآخر تَوْمًا، وَكَانَ هُوَ الأول، فَقِيلَ لَهُ البادي.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 344، 350". 2 أخبار القضاة لوكيع "1/ 350"، تاريخ بغداد "14/ 349"، البداية والنهاية "11/ 78".

تُوُفِّي يزيد في جُمَادَى الأولى سنة أربعٍ وثمانين. 595- الْيَسَعُ بنُ زيد بن سهل الزَّيْنَبي المكّيّ1. حَدَّث بمكة سنة اثنتين وثمانين. عن: سفيان بن عيينة وَهُوَ آخر من حَدَّثَ في الدُّنْيَا عَنْهُ. وَعَنْهُ: عبد الله بن محمد بن موسى الكعبيّ النيسابوريّ، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن محمد يوسف الْجُرْجَانِيّ، وغيرهما. وأتى بحديث مُنْكر عن سُفْيَان، عن حُمَيْد، عن أنس، أظنّه موضوعًا، رواه جماعة عن الكعبيّ، عَنْهُ، والكعبيّ فقد صحح الحاكم سماعاته وقَالَ: وَهَذَا الزَّيْنَبي لا يُعْتَمَد عَلَيْهِ. وقد ذكره ابن ماكولا وَأَنَّهُ يروي أَيْضًا عن هَوْذَة بن خليفة. سُئل عَنْهُ أبو عبد الله الحاكم فَقَالَ: لا أعرفه بعدالة ولا بجَرْح. 596- يَعْقُوب بن أَحْمَد بن أسد السّامانيّ. الأمير، متولي سَمَرْقَنْد. مات سنة اثنتين وثمانين. 597- يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن تحيّة الواسطيّ2. حَدَّثَ سنة ستٍّ وثمانين ببغداد. عن: يزيد بن هَارُون. رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر بن محمد بن الحَكَم. وَهُوَ ضعيف. 598- يَعْقُوب بن إِسْحَاق المصري. أبو يوسف المواز.

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 445"، لسان الميزان "6/ 298". 2 تاريخ بغداد "14/ 288، 289"، ميزان الاعتدال "4/ 448"، لسان الميزان "6/ 303".

عن: يَحْيَى بن بُكَيْر. تُوُفِّي سنة خمسٍ وثمانين. 599- يَعْقُوب بن إِسْحَاق الضَّبِّيّ المعروف بالبَيْهَسيّ1. عن: عَفَّان بن مُسْلِم، وأبي الوليد. وَعَنْهُ: أَبُو سهل القَطَّان، وَجَعْفَر بن الحكم. تُوُفِّي سنة تسعين. وَهُوَ ضعيف. 600- يَعْقُوب بن إِسْحَاق البَّغْدَادِيّ المُخَرّميّ2. عن: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيم، وَيَحْيَى بن زُهير. وَعَنْهُ: الطَّبَرَانيّ. 601- يَعْقُوب بن إِسْحَاق البَصْرِيّ العطّار. عن: عَمْرو بن مرزوق، وهشام بن عَمَّار، وجماعة. وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيم بن محمد بن صالح القنْطريّ، وعمر بن عَليّ العَتَكيّ، وغيرهما. 602- يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن أبي إسرائيل المَرْوَزِيّ ثُمَّ البَّغْدَادِيّ3. عن: أَبِيهِ، وداود بن رُشَيْد. وَعَنْهُ: عبد الصَّمَد الطَّسْتِيّ، والطَّبَرَانيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 603- يَعْقُوب بن محمد اللَّخْمي البَّغْدَادِيّ4. عن: وَهْب بن بقيّة. وَعَنْهُ: الطبراني.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 290، 291"، ميزان الاعتدال "4/ 449"، لسان الميزان "6/ 303". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 130". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 130"، تاريخ بغداد "14/ 291". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 132".

604- يَعْقُوب بن يوسف بن يعقوب بن عبد الله. أَبُو يوسف الأخرم الشَّيْبَانِيّ النَّيْسَابُوري. والد الحَافِظ أبي عبد الله. سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيد، وَإِسْحَاق بن راهَوَيْه، وَسُوَيْد بن سَعِيد، وعبد الله بن معاوية الْجُمَحيّ، وهشام بن عَمَّار، وَمحمد بن وَهْب بن أبي كريمة الحَرَّاني، وطبقتهم. وَعَنْهُ: ابنه، وَأَبُو حامد بن الشَّرْقِيّ، وعَليَّ بن جُمشْاد، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وَأَبُو النَّضْر محمد بن الفقيه، وآخرون. وَكَانَ لبيبًا نبيلًا فقيهًا، كثير العلم. تُوُفِّي في شَعْبان سنة سبْعٍ وثمانين. 605- يَعْقُوب بن يوسف1. أَبُو بَكْر المطَّوّعيّ. عن: أَحْمَد بْن حنبل، وعليّ بْن المَدِينيّ، وأبو بَكْر الشَّافِعِيّ، وعمر بن مُسْلِم، وجماعة. وَكَانَ ثقة منصفًا. تُوُفِّي سنة سبعٍ أَيْضًا. 606- يَعْقُوب بن يوسف القَزْوِينِيّ. ويُعرف بأخي حسنكا، ذكره الخليلي في شيوخ أبي الحسن القطان، وقال: ثقة. سَمِعَ: الْقَاسِم بن الحَكَم العُرَنيّ، وَمحمد بن سَعِيد بن سابق. مات سنة إحدى وثمانين. 607- يوسف بن يَحْيَى2. الإمام أَبُو عَمْرو الأذري القرطبي المعروف بالمغامي، الفقيه المالكي.

_ 1 أخبار القضاة لوكيع "3/ 57"، تاريخ بغداد "14/ 289، 290"، طبقات الحنابلة "1/ 417". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 336-338"، شذرات الذهب "2/ 198".

وقد ساق بعضهم نسبه فقال: يوسف بن يحيى بن منصور ابن الشيخ الأذري الدَّوسيّ، ثُمَّ الدَّوْسيّ من ولد أبي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه. قال ابن الفَرَضيّ: سَمِعَ من: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَسَعِيد بن حسّان. وَرَوَى عن: عبد الملك بن حبيب مصنَّفاته. ورحل فسمع بمصر من: يوسف بن يزيد القَرَاطيسيّ. وبمكّة من: عَليّ بن عبد العزيز، وبضعًا من أبي يَعْقُوب الدَّبَرِيّ، وانصرف إلى الأندلس. وَكَانَ حافظًا للفقه، نبيلًا فيه، فصيحًا بصيرًا بالعربية. ثُمَّ رحل إلى مصر فسكنها، وَرَوَى بها الواضحة لابن حبيب، وعظُم قَدْرُه هناك. وَرَوَى تميم بن محمد القَيْرَوَانِيّ، عن أبيه قَالَ: كَانَ أَبُو عَمْرو المَغَامي ثقة إمامًا، جامعًا لفنون العِلم، عالمًا بالأدب عن مالك ومذاهب الحجازيّين، فقيه البدن، عاقلا وقورا، قَلَّ ما رأيت مثله في عقله وأدبه وخُلُقه. رحل في الحديث، وَهُوَ شيخ رأيته، وقد جاءته كُتُب كثيرة، نحو المائة كتاب، من أهل مصر، بعضهم يسأله الإجازة، وبعضهم يسأله في كتابه الرُّجوع إليهم. سألته عن مولده فأبى أن يُخْبرني، وَتُوُفِّي عندنا بالقَيْروان في سنة ثمانٍ وثمانين، وصليّنا عَلَيْهِ بباب سَلْم. قُلْتُ: صنَّف أَبُو عَمْرو في الرّدّ عَلَى الشَّافِعِيّ عشرة أجزاء، وصنَّف كتاب "فضائل مالك"، وقد رجع من مصر في آخر عُمره، فأدركه أجَلُه بالقَيْروان. وقد تفقّه بِهِ خلق كثير منهم: سَعِيْد بن فحلون، وَمحمد بن فُطَيْس. وَقِيلَ: مات سنة ثلاثٍ وثمانين، وَقِيلَ: سنة خمس وثمانين ذكرهما الحميدي، وَقَالَ: كنيته أَبُو عُمر، ومُقامُه قرية من أعمال طليطلة. 608- يوسف بن يزيد كامل بن حكيم1.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 133"، سير أعلام النبلاء "13/ 455، 456"، تهذيب التهذيب "11/ 429".

مولى عبد العزيز بن مروان بن الحَكَم، أَبُو يزيد القَراطيسيّ المِصْرِيّ. سَمِعَ: أسد بن موسى السنة، وعبد الله بن صالح كاتب اللَّيْث، وسعد بن أبي مريم، وحَجَّاج بن إِبْرَاهِيم الأزرق، وطبقتهم. وَعَنْهُ: عبد الله بن جَعْفَر بن الورد، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانيّ، وعَليَّ بن محمد المِصْرِيّ، وآخرون. وَقِيلَ: إنَّ النَّسَائِيَّ رَوَى عَنْهُ. تُوُفِّي في ربيع الأول سنة سبعٍ وثمانين عن مائة سنة. وثّقه ابن يونس وَقَالَ: قد رأى الشَّافِعِيّ. وَقَالَ أَحْمَد بن خَالِد الجبَّاب: الحَافِظ أَبُو يزيد القَرَاطيسيّ من أوثق النَّاس، لم أر مثله، ولا لقيت أحدًا إِلا وقد مُسَّ أَوْ تُكلِّمَ فيه، إِلا هُوَ، وَيَحْيَى بن أيّوب العلّاف، ورفع من شأن القَرَاطيسيّ. "الكنى": أَبُو سَعِيد الْخراز. وَهُوَ أَحْمَد بن عيسى. تقدَّم ذكره. أَبُو حمزة الزّاهد العارف. محمد بن إِبْرَاهِيم. قد ذُكِر. 609- أَبُو العَبَّاس السَّرْخَسِيّ1. واسمه أَحْمَد بن الطّيّب عَلَى الصّحيح. وَقَالَ محمد بن إِسْحَاق النّديم: وجدّه اسمه: أَحْمَد بن محمد بن مروان السرخسي النديم. وقال: كان متفننًا في علومٍ كثيرة من علوم القُدماء والعرب، حَسَن المعرفة، جيّد القريحة، بليغ اللسان، مليح التَّصنيف. كَانَ معلّمًا للمعتضد، ثُمَّ نادَمَه وخُصّ به،

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 448، 449"، لسان الميزان "1/ 189-192".

وَكَانَ يفضي إِلَيْهِ بسرّه ويستشيره، وَلَهُ مصنّفات في الفلسفة. وَقَالَ ابن النَّجَّار: وَكَانَ يعرف أيضًا بابن الفرائقي. وَكَانَ تلميذًا ليعقوب بن إِسْحَاق الكِنْدِيّ. رَوَى عَنْهُ: أَحْمَد بن إِسْحَاق قَالَ: كانت الفلاسفة تنكر النَّظر في المرآة تطيُّرًا من طلعة المَشِيب، ويزعمون أَنَّهُ يُورِث البَصَر خوارًا، والجسْمَ ضُمُورًا. ثُمَّ إنَّ المُعْتَضِد قتل السَّرْخَسِيّ لفلسفته وسُوء اعتقاده. قَالَ المَرْزُباني: نا عَليّ بن هَارُون بن عَليّ بن يَحْيَى المنجِّم: أَخْبَرَنِي عُبَيْد الله بن أَحْمَد بن أبي طاهر: حَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَد يَحْيَى بن عَليّ النّديم قال: حضرت أحمد بن الطيب وهو للمعتضد: قد بعتُ دفاتري التي في النُّجُوم والفلسفة والكلام والشِّعر، وتركت ما فيها من الحديث، وما همّي في هَذَا الوقت إِلا الفِقْه والحديث، فَلَمَّا خرج قَالَ المُعْتَضِد: أنا أعلم أَنَّهُ زِنْديق، وَأَنَّ هَذَا الذي فعله كله رِياء. فَلَمَّا خرجت قُلْتُ فيه: يا من يُصَلّي رياءً ... ويُظْهرُ الصَّوم سُمْعَه قد كنت عطّلت دَهْرًا ... فكيف أسلمتَ دُفْعه قل لي أبعد اتباع الـ ... ـكندي تَعْمُرُ رَبْعَه وليس يعبد ربًا ... ولا يدين بشرعه إنْ قُلْتَ قد تبتُ ... فالشَّيْخ لا يفارق طَبْعَه أظْهَرْتَ تَقْوًى وَنُسُكًا ... هيهات في الأمر صَنْعَه رَوَى عَليّ التنوخيّ، عن أَبِيهِ، أَنَّ المعتضد أسرَّ إلى أَحْمَد بن الطّيّب أَنَّهُ قابضٌ عَلَى وزيره عُبَيْد الله بن سليمان، فأفشى ذَلِكَ إليه، فقبض المُعْتَضِد عَلَى أَحْمَد. قَالَ: وَقِيلَ: بل دعا المُعْتَضِد إلى مذهب الفلاسفة، فاستحلّ دَمَه، فأرسل إِلَيْهِ يَقُولُ: أَنْتَ عرَّفْتنا أن الحكماء قَالُوا: لا يجب للملك أن يغضب، فَإِذَا غضب فلا يجب لَهُ أن يرضى، ولولا ذَلِكَ أطلقتك لسالف خدمتك، فاخْتَرْ أيَّ قِتْلَةٍ أقتُلُك، فاختار أن يُطعم اللَّحْم الملَبَّب، وأن يُسقى الخمر حَتَّى يسكر، ويُفْصد في يديه حَتَّى يموت، ففعل بِهِ ذَلِكَ. وظنّ أَحْمَد أَنَّ دمه إِذَا فرغ يموت في الحال بغير ألم، فانعكس

ظنُّه، فَفُصِدَ وبذل جميع دمه، وبقيت فيه حياة، فلم يَمُت، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ الصَّفْراء، فصار كالمجنون، ينطح برأسه الحيطان، ويصيح لفرط الآلام، ويَعْدو ساعاتٍ كثيرة إلى أن مات. ذكر أَبُو الحَسَن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن القوّاس فِي تاريخه أَنَّ المُعْتَضِد غضب عَلَى أَحْمَد بن الطّيّب في سنة ثلاثٍ وثمانين، وضربه مائة سوْط، وسجنه، وَأُهْلِكَ في المحرّم أَوْ صَفَر سنة ستٍّ وثمانين. 610- أَبُو جَعْفَر بن الكرنبيّ الزّاهد1. من كبار صوفيّة بغداد. قَالَ الخطيب: تأدَّب بِهِ خلق. حكى عَنْهُ: الْجُنَيْد، وغيره. وَقَالَ صاحبه أَبُو الحَسَن بن الحُبَاب: أوصى الشَّيْخ لي بمُرَقَّعَتِه، فوزَنْتُ فَرْدَ كُمٍّ منها، فَكَانَ أحد عشر رِطْلًا. 611- أَبُو حمزة الخُرَاسَانِيّ الزّاهد2. شيخ الصوفيّة، مِن أقران الْجُنَيْد. ذكره السلمي وَقَالَ: أظنّ أن أصله من زَوْزَجان. وَقِيلَ: كَانَ نَيْسَابُوريًا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ محمد بن الحَسَن المخرميّ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابن المالكيّ يَقُولُ: قَالَ أَبُو حمزة الخُرَاسَانِيّ: حججتُ فبينا أنا وقعت بئر، فقلتُ: لي الله، لا أستغيث إِلا بالله، فمرّ رجلان فقالا: نسدّ هَذَا البئر في هذه الطريق، فأتوا بقَصَب وبارِيةَ، فهممت أن أَصيح فَقُلْتُ: إلى من هُوَ أقرب إليك منهما. وسكنت. قَالَ: فَإِذَا بشيء قد جاء فكشف البئر، ودلَّى برِجْله في البئر، وكأنه يَقُولُ في هَمْهَمَته: تعلّق بي. فتعلّقت بِهِ، فأخرجني، فَإِذَا بِهِ سَبْعٌ، فهتف بي هاتف: يا أبا حمزة أليس ذا أحسن؟ نجيناك من التلف بالتلف.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 413-415". 2 طبقات الصوفية للسلمي "326-328"، الطبقات الكبرى للشعراني "1/ 120".

تُوُفِّي أَبُو حمزة سنة تسعين ومائتين. قُلْتُ: مرّ مثل هذه الحكاية في ترجمة أبي حمزة البَّغْدَادِيّ، والله أعلم أيّ الرَّجُلَين صاحبها. 612- أبو عبد الله الخلنْجيّ البَّغْدَادِيّ1. أحد مشايخ الصُّوفية، وأولي المعاملات. رَوَى عن: لوين، وغيره. أخذ عنه: أبو سعيد بن الأعرابي. وله كلام في الرياضيات وعيوب النفس. 613- أبو يعقوب الزيات2. أحد زهاد بغداد وفقهائها. ذكره الخطيب مختصرًا فقال: حكى عنه الجنيد.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 404، 405". 2 تاريخ بغداد "14/ 408".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع الطبقة التاسعة والعشرون سنة إحدى وثمانين ومائتين 3 المتوفون هذه السنة 3 فتح طغج لملورية 3 غور المياه بالري وطبرستان 3 تقليد المعتضد للمكتفي بعض البلاد 3 خروج المعتضد لقتال حمدان بن حمدون 4 إيقاع المعتضد بالأعراب والأكراد 4 ظفر المعتضد بحمدان 4 الظفر بشداد الكردي 4 هدم المعتضد دار الندوة سنة اثنتين وثمانين ومائتين 4 المتوفون هذه السنة 5 إبطال المعتضد لما يعمل في النيروز 5 قدوم قطر الندى على المعتضد 5 خروج المعتضد إلى الكرج 5 تفريق المال على العلويين 6 ذبح خمارويه 6 ولاية جيش وقتله 6 ولاية هارون بن خمارويه وعزله 6 قتل المعتضد لابن عمه أحمد

سنة ثلاث وثمانين ومائتين 6 المتوفون هذه السنة 7 الظفر بهارون الخارجي 8 ولاية طغج إمرة الجيش 8 وصول تقادم ابن الليث 8 إطلاق المعتضد لحمدان 8 الأمر بتوريث ذوي الأرحام 9 خروج عمرو بن الليث من نيسابور 9 ذبح جيش بن خمارويه 9 قتل رافع بن هرثمة 10 رواية ابن طولون عن قتل جيش بن خمارويه سنة أربع وثمانين ومائتين 10 المتوفون هذه السنة 10 القدوم برأس ابن هرثمة على المعتضد 10 الوقعة بن النوشري وابن أبي دلف 11 ولاية القضاء لمدينة المنصور 11 إرسال ابن الليث للأموال 11 عزم المعتضد على لعن معاوية 12 ذكر الخادم وظهوره على المعتضد سنة خمس وثمانين ومائتين 13 المتوفون هذه السنة 13 إيقاع الطائي بالحجاج 13 ولاية ابن الليث ما وراء النهر 13 الريح الصفراء بالبصرة 14 استعمال ابن أبي السّاج

14 غزوة راغب في البحر 14 تكريم علي بن المعتضد 14 وفاة أَحْمَد بن عيسى بن الشيخ 14 صلاة ابن المعتمد بالناس سنة ست وثمانين ومائتين 14 المتوفون هذه السنة 15 منازلة المعتضد لآمد 15 قبض المعتضد على راغب الخادم 15 قدوم هدية ابن الليث على المعتضد 15 الحرب بين ابن الصَّفَّار وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد 16 ابن الليث في أسر المعتضد 17 نهاية عمرو بن الليث 17 إنعام المعتضد على إسماعيل 17 ظهور القرمطي بالبحرين سنة سبع وثمانين ومائتين 18 المتوفون هذه السنة 18 واقعة ركب الحاج 18 الوقعة بين ابن اللَّيْث وَإسْمَاعِيل بن أَحْمَد 18 ذكر القرامطة وغلظ أمرهم 18 إطلاق القرمطي للغنوي 19 رواية ابن خلكان عن القرامطة 19 خروج المعتضد إلى الثغور 19 وفاة صاحب طبرستان 19 الإيقاع بالقرامطة

سنة ثمان وثمانين ومائتين 19 المتوفون هذه السنة 20 دخول ابن الليث بغداد أسيرا 20 الزلزلة في دبيل 20 الوباء بأذربيجان 20 موت ابن أبي الساج وأصحابه 20 موت وصيف الخادم في السجن 21 ظهور الشيعي بالمغرب سنة تسع وثمانين ومائتين 21 المتوفون هذه السنة 21 فيضاء ماء البحر على السواحل 21 اعتلال المعتضد 21 خلافة المكتفي 22 أخذ البيعة للمكتفي 22 وفاة المعتضد 22 الأموال التي خلقها المعتضد 22 تحرك الجند ببغداد 22 دخول المكتفي بغداد 23 موت عمرو بن الليث 23 خلع محمد بن هارون الطاعة 23 زلزلة بغداد 23 إمارة ابن بسطام آمد وديار ربيعة 24 ريح بالبصرة 24 خروج القرمطي ومقتله 24 الوقعة بين إسْمَاعِيل بن أَحْمَد وَمحمد بن هارون

24 صاحب إفريقية ينسلخ من الإمارة ويتصوف 25 اشتهار أمر أبي عبد الله الشيعي 26 صلاة المكتفي يوم النحر 26 خبر مقتل بدر المعتضدي 27 ما قِيلَ في ذم القاضي أبي عُمَر سنة تسعين ومائتين 27 المتوفون هذه السنة 28 ظفر القرمطي بغلام طغج 28 حصار القرمطي دمشق 28 صرف المكتفي عن السكن بسامراء 28 إقامة الحُسَيْن مقام أخيه يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه 28 مسير المكتفي إلى الموصل لحرب القرامطة 29 هزيمة القرمطي أمام بدر الحمامي 29 مقتل يحيى بن زكرويه القرمطي

تراجم رجال هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ "حَرْفُ الأَلِفِ" 30 1- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن فيل 30 2- أحمد بن إبراهيم الغسال 30 3- أحمد بن إبراهيم بن فروة 31 4- أحمد بن إبراهيم بن محمد العامري البسري 31 5- أحمد بن ملحان البلخي 31 6- أحمد بن إسحاق بن صالح البغدادي 32 7- أحمد بن إسحاق بن واضح 32 8- أَحْمَد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نُبَيْط 32 9- أحمد بن إسحاق البلدي الخشاب 33 10- أحمد بن إسحاق بن يزيد الرقي 33 11- أحمد بن إسحاق الصدفي المصري 33 12- أحمد بن إسماعيل العدوي البصري 33 13- أحمد بن إسماعيل الوساوسي 33 14- أحمد بن أصرم بن خزيمة 34 15- أحمد بن بحر الدمشقي 34 16- أحمد بن بشر المرثدي 34 17- أحمد بن الحسن بن مكرم البغدادي 34 18- أحمد بن جعفر الدينوري النحوي 35 19- أحمد بن الحسين بن مدرك القصري 35 20- أحمد بن الحسين النيسابوري المستملي 35 21- أحمد بن حماد بن سفيان الفقيه 36 22- أحمد بن حمدون الموصلي الخفاف 36 23- أحمد بن يزيد الآجري

36 24- أحمد بن خالد الدامغاني 36 25- أحمد بن خشنام الأصبهاني 37 26- أحمد بن خطاب الأصبهاني 37 27- أحمد بن خليد الكندي 37 28- أحمد بن داود الدينوري النحوي 38 29- أحمد بن داود بن موسى السدوسي 38 30- أحمد بن داود السمناني 38 31- أحمد بن دبيس الموصلي 38 32- أَحْمَد بن ربيعة بن سُلَيْمَان بن زُفَر 38 33- أحمد بن رضوان بن أحمد البخاري 39 34- أحمد بن رواع الأيدغاني 39 35- أحمد بن روح بن زياد الشعراني 39 36- أحمد بن زياد بن مهران السمسار 39 37- أحمد بن زياد الرقي الحداد 40 38- أحمد بن سلمة بن عبد الله البزاز 40 39- أَحْمَد بن سُلَيْمَان بن أبي الربيع الأندلسي 40 40- أَحْمَد بن سهل بن الربيع بن سُلَيْمَان الجهني 41 41- أحمد بن سهل الإسفرائيني 41 42- أحمد بن سهل البلخي 41 43- أحمد بن سهل بن بحر النيسابوري 41 44- أحمد بن صالح بن عبد الصمد 42 45- أحمد بن الضوء بن المنذر النجدي 42 46- أحمد المعتضد بالله 48 47- أحمد بن عبد العزيز الموصلي شقلاق 48 48- أحمد بن عبد الوهاب الحوطي

48 49- أحمد بن عبد القاهر بن العنبري 48 50- أحمد بن عطية 48 51- أحمد بن عثمان النسائي 49 52- أحمد بن عقبة بن مضرس الأصبهاني 49 53- أحمد بن علي الخزاز 50 - أحمد بن علي الخزاز الدمشقي 50 54- أحمد بن عللة الجوهري 50 55- أحمد بن علي بن سهل المروزي 50 56- أحمد بن علي بن الحسن البربهاري 51 57- أحمد بن علي بن مسلم الأبار 52 58- أَحْمَد بن عَمْرو بن أبي عاصم الضحاك 54 59- أحمد بن عمرو الفارسي الوراق المقعد 54 60- أحمد بن عيسى الخراز البغدادي 56 61- أحمد بن عيسى بن هامان 56 62- أحمد بن عيسى بن الشيخ 56 63- أَحْمَد بن الغمر بن أبي حَمَّاد الحمصي 56 64- أحمد بن فارس البوشنجي 57 65- أحمد بن الليث بن منصور الأنماطي 57 66- أحمد بن محمد البغدادي 57 67- أبو الحسن سبط محمد بن حاتم 57 68- أحمد بن محمد بن حميد المخضوب 58 69- أحمد بن محمد بن سالم السالمي 58 70- أحمد بن محمد بن الشاه البزاز 58 71- أَحْمَد بن محمد بن عبد القادر الإسكندراني 58 72- أحمد بن محمد بن الصلت الضرير

59 73- أَحْمَد بن محمد بن عاصم بن يزيد الرازي 59 74- أحمد بن يحيى بن حمزة البتلهي 59 75- أحمد بن محمد بن بكير النيسابوري 60 76- أَحْمَد بن محمد بن الحَسَن بن جُنَيد 60 77- أحمد بن محمد بن سليمان 60 78- أحمد بن محمد بن صاعد 60 79- أحمد بن محمد بن صعصعة 61 80- أحمد بن محمد بن عمار 61 81- أحمد بن محمد بن الصلت 61 82- أحمد بن محمد بن مظفر 61 83- أحمد بن محمد بن أبي موسى 62 84- أحمد بن المبارك المستملي الزاهد 63 85- أحمد بن مجاهد المديني 63 86- أحمد بن محمود بن مقاتل الهروي 63 87- أحمد بن مروان الأندلسي 64 88- أحمد بن المعلى بن يزيد 64 89- أحمد بن منصور بن حبيب المروذي 64 90- أحمد بن مهران اليزدي 65 91- أحمد بن أبي عمران موسى القنطري 65 92- أحمد بن موسى بن يزيد السامي 65 93- أحمد بن موسى بن إسحاق الحمّار 66 94- أحمد بن ميثم بن أبي نعيم 66 95- أحمد بن نصر بن حميد 66 96- أحمد بن النضر بن بحر 66 97- أحمد بن وازن الصواف

67 98- أَحْمَد بْن حمزة الثقفي الأصبهاني 67 99- أحمد بن يحيى بن نصر العسال 67 100- أحمد بن يزيد السجستاني 67 101- أحمد بن أبي العلاء البغدادي المغني 68 102- أحمد بن يحيى السوطي 68 103- أحمد بن يحيى الخوارزمي 68 104- إبراهيم بن أحمد النقاش 68 105- أحمد بن يحيى بن مهنا الأزدي 69 106- إبراهيم بن أحمد بن الأغلب 74 107- إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي 74 108- إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطي 74 109- إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي 75 110- إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن بشير 78 111- إبراهيم بن إسماعيل البغدادي السوطي 78 112- إبراهيم بن إسماعيل الطوسي العنبري 79 113- إبراهيم بن الحسين الكسائي 81 114- إبراهيم بن سعدان المديني الكاتب 82 - إبراهيم بن سويد السامر 82 115- إبراهيم بن صالح الشيرازي 82 116- إبراهيم بن عبد السلام الوشاء 82 117- إِبْرَاهِيم بن عبد العزيز بن صالح الصالحي 82 118- إبراهيم بن فهد بن حكيم الساجي 83 119- إبراهيم بن قاسم بن هلال الأندلسي 83 120- إبراهيم بن محمد بن سلمة المرادي 83 121- إبراهيم بن محمد بن الصنعاني

83 122- إبراهيم بن محمد بن الهيثم القطيعي 84 123- إبراهيم بن محمد بن بكار البغدادي 84 124- إبراهيم بن محمد بن إسماعيل المسمعي 84 125- إِبْرَاهِيم بن محمد بن سَعِيد بن هلال 85 126- إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سويد 85 127- إبراهيم بن نصر الجهني القرطبي 85 128- إدريس بن جعفر بن يزيد العطار 86 129- إدريس بن يزيد البلخي النابلسي 86 130- أزهر بن رستة الأصبهاني 87 131- أسباط بن محمد بن عُبَيْد بن أسباط 87 132- إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن محمد بن حازم 87 133- إسحاق بن إبراهيم البغدادي الجبلي 88 134- إسحاق بن إبراهيم الفرغاني 88 135- إسحاق بن إبراهيم بن عباد 89 136- إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الإسفراييني 89 137- إسحاق بن إسماعيل 89 138- إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي 90 139- إسحاق بن حميد المروزي 90 140- إسحاق بن مأمون بن إسحاق الطالقاني 90 141- إسحاق بن معمر السدوسي 91 142- إسحاق بن محمد بن أبان النخعي 91 143- إسحاق بن أبي عمران الإسفراييني 91 144- إسحاق بن أبي عمران اليحمدي 92 145- إسماعيل بن أحمد بن أسيد الثقفي 92 146- إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل الأزدي

94 147- إسْمَاعِيل بن إِسْحَاق بن إبراهيم بن مِهران 94 148- إسماعيل بن بكر البغدادي السكري 94 149- إسْمَاعِيل بن عبد الله بن عَمْرو بن سعيد 95 150- إسماعيل بن الفضل البلخي 96 151- إسماعيل بن قتيبة بن عبد الرحمن 96 152- إسماعيل بن محمد بن أبي كثير 96 153- إسماعيل بن محمود النيسابوري 97 154- إسماعيل بن نميل 97 155- إسماعيل بن يحيى بن حازم 97 156- الأفشين بن أبي الساج 97 157- أنس بن السلم 98 158- أنيس بن عبد الله النخاس "حرف الباء" 98 159- بدر بن المنذر المغازلي 99 160- بدر الرومي الجصاص 99 161- بدر مولى المعتضد بالله 99 162- بشر بن موسى بن صالح 100 163- بكر بن الحبطي 100 164- بكر بن سهل بن إسماعيل الدمياطي 101 165- بكر بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي "حرف التاء" 101 166- تميم بن محمد بن طمخاج "حرف الثاء" 102 167- ثابت بن قُرة بن مروان الحراني 102 168- ثابت بن نعيم الهوجي

"حرف الجيم" 103 169- جَعْفَر بن أَحْمَد بن فارس 103 170- جَعْفَر بن أَحْمَد بن أبي موسى المَوْصِليّ 103 171- جعفر بن أحمد بن علي بن المديني 103 172- جعفر بن حميد بن عبد الكريم الدمشقي 104 173- جعفر بن سليمان النوفلي 104 174- جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي 104 175- جعفر بن الخندقي الخباز 104 176- جعفر بن محمد بن حرب العباداني 105 177- جعفر بن محمد بن كزال السمسار 105 178- جعفر بن محمد القلانسي 105 179- جعفر بن محمد بن بكر البالسي 105 180- جعفر بن محمد بن علي المؤدب 105 181- جعفر بن محمد بن هاشم المؤدب 106 182- جعفر بن محمد بن إسحاق المصري 106 183- جفعر بن محمد بن عرفة 106 184- جفعر بن محمد بن شريك 106 185- جعفر بن محمد بن عمران المخرمي 107 186- جعفر بن محمد بن اليمان المؤدب 107 187- جعفر بن محمد بن سوار 107 188- جعفر بن محمد الخياط 107 189- جعفر بن إلياس بن صدقة المصري 108 190- جنيد بن حكيم 108 191- جيش بن خمارويه

"حرف الحاء" 108 192- الحارث بن عبد العزيز أمير أصبهان 108 193- الحارث بن محمد بن أبي أُسَامَةَ داهر 110 194- حامد بن شادي الكشي 111 195- حبشي بن أحمد بن سليمان الموصلي 111 196- جيوش بن رزق الله بن سنان 111 197- حجاج بن عمران السدوسي 111 198- الحزنبل الأديب 112 199- الحسن بن أحمد بن أبان الرافقي 112 200- الحسن بن أحمد بن الليث 112 201- الحسن بن أحمد بن الطبيب 112 202- الحسن بن أيوب بن مسلم القزويني 112 203- الحسن بن جرير الصوري 113 204- الحسن بن إبراهيم بن مطروح 113 205- الحسن بن الجهم 113 206- الحسن بن ليلى الموصلي 113 207- الحسن بن سهل بن عبد العزيز 114 208- الحسن بن العباس بن أبي مهران 114 209- الحسن بن عبد الأعلى بن إبراهيم الأبناوي 115 210- الحسن بن علي بن الفرات الكرماني 115 211- الحَسَن بن عَليّ بن خالد بن زولاق 115 212- الحسن بن علي بن ياسر 116 213- الحسن بن علي بن حجاج 116 214- الحسن بن علي بن خلف الصيلاني 116 215- الحسن بن عليل بن الحسين اللغوي

116 216- الحسن بن عمرو بن الجهم 117 217- الحسن بن غليب بن سعيد الأزدي 117 218- الحسن بن أحمد بن أبي بشر 118 219- الحسن بن المتوكل البغدادي 118 220- الحسين بن إسحاق التستري 118 221- الحسين بن إسماعيل المهدي 118 222- الحسين بن بشار الخياط 118 223- الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري 119 224- الحسين بن حميد بن الربيع الخزار 119 225- الحسين بن داود بن معاذ 120 226- الحسين بن السميدع 120 227- الحسين بن عبد الله بن شاكر 121 228- الحسين بن علي الشاشي 121 229- الحسين بن علي بن الفضل الموصلي 121 230- الحسين بن علي بن بشر الصوفي 121 231- الحسين بن علي بن مهران الدقاق 122 232- الحسين بن الفضل بن عمير البخلي 123 233- الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن فهم 124 234- الحسين بن محمد بن زياد القباني 125 235- الحُسَيْن بن مُعاذ بن محمد بن منصور 125 236- الحسين بن الهيثم بن ماهان 126 237- حسنون بن الهيثم الدويري 126 238- حفص بن عمر سنجة الرقي 126 239- حمدان بن ذي النون 127 240- حمدان بن ياسين الموصلي الفراء

127 241- حمدون بن أحمد بن عمارة 127 242- حشنام بن إسماعيل النيسابوري "حرف الخاء" 128 243- خالد بن يزيد بن وَهْب الأزدي 128 244- خطاب بن سعد الخير الأزدي 128 245- خلف بن الحسن بن جوان 128 246- خلف بن المختار المغربي الأطرابلسي 128 247- خمارويه بن أحمد بن طولون 131 248- خير بن سعيد بن خير المالكي 131 249- خير بن عرفة بن عبد الله بن كامل 131 250- خير بن موفق المصري "حرف الدال" 132 251- داود بن إسماعيل الجوزي 132 252- داود بن سليمان الساجي 132 253- دبيس بن سلام "حرف الراء" 133 254- روح بن الفرج القطان 133 255- روح بن الفرج المؤدب "حرف الزاي" 133 256- زرقان الرياق 134 257- زكريا بن حمدويه البغدادي 134 258- زكريا بن داود بن بكر النيسابوري 134 259- زكريا بن يَحْيَى بن إياس بن سَلَمَةَ 135 260- زكريا بن يحيى بن عبد الملك البغدادي

135 261- زياد بن الخليل التستري "حرف السين" 136 262- السري بن سهل الجنديسابوري 136 263- سعيد بن إسرائيل القطيعي 136 264- سعيد بن الأشعث السجستاني 136 265- سعيد بن أوس السلمي 136 266- سعيد بن سيار الواسطي 137 267- سعيد بن عبدويه البغدادي 137 268- سعيد بن عثمان الأهوازي 137 269- سعيد بن محمد بن المغيرة 137 270- سعيد بن محمد الأنجذاني 137 271- سعيد بن ياسين البلخي الوراق 138 272- سلامة بن محمد بن ناهض 138 273- سليمان بن أيوب بن سليمان 138 274- سليمان بن محمد بن الفضل النهرواني 138 275- سماعة بن أحمد القاضي 139 276- سمالك بن عبد الصمد 139 277- سنان بن محمد بن طالب 139 278- السندي بن أبان 139 279- سهل بن سعد بن نضلة 140 280- سهل بن عبد الله التستري 142 281- سهل بن علي الدوري 142 282- سهل بن المتوكل البخاري "حرف الشين" 142 283- الشاذ بن نصر بن سيار

"حرف الصاد" 143 284- صالح بن شعيب البصري 143 285- صالح بن العلاء بن وضاح 143 286- صالح بن علي بن الفضل النوفلي 143 287- صالح بن عمران 144 288- صالح بن محمد بن عبد الله 144 289- صالح بن مقاتل الأعور 144 290- صالح بن يونس الواسطي 145 291- صدقة بن موسى "حرف الضاد" 145 292- الضحاك بن الحسين الأزدي "حرف الطاء" 145 293- طاهر بن حزم الأندلسي 145 294- طاهر بن محمود النسفي 145 295- الطيب بن محمد بن غالب "حرف العين" 146 296- عامر بن المثنى الكرميني 146 297- عُبادة بن محمد بن عبد الله العَدَني 146 298- العباس بن حزم بن عبد الله بن أشرس 147 299- عباس بن محمد بْن عَبْد اللَّه البزّاز 147 300- عَبْد اللَّه بن أحمد بن حنبل بن هلال 148 301- عبد الله بن أحمد بن أشكاب 149 302- عبد الله بن أحمد بن سوادة 149 303- عبد الله بن المحدّث أَحْمَد بن سَعِيد الرباطي 149 304- عبد الله بن أحمد بن زياد

149 305- عبد الله بن إبراهيم السوسي 150 306- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن الأغلب 151 307- عَبْد اللَّه بْن جَابِر بْن عَبْد اللَّه الطرسوسي 151 308- عبد الله بن الحسين بن جابر المصيصي 152 309- عبد الله بن أبي عطاء الأندلسي 152 310- عبد الله بن عبدويه بن النضر 152 311- عبدُ الله بْن عيسى بْن عَبْد الله بن شعيب 153 312- عبد الله بن قريش الأسدي 153 313- عبد الله الأشعث الأنطرطوسي 153 314- عبد الله بن محمد بن سَعِيد بن أبي مريم 154 315- عبد الله بن محمد بن سلام 154 316- عبد الله بن محمد بن النعمان 154 317- عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان 155 318- عبد الله بن محمد بن أبي قُريش 156 319- عبد الله بن محمد بن هانئ 156 320- عبدُ اللَّه بْن محمد بْن زكريا الإصبهانيّ 156 321- عبد الله بن محمد بن عزيز التَّمِيمِيُّ الموصلي 157 322- عبد الله بن محمد بن منصور الهَرَوي 157 323- عبد الله بن محمد بن أبي أسامة 157 324- عبد الله بن مسرة بن نجيح 157 325- عبد الله بن موسى الأنماطي 158 326- عبد الأعلى بن وهب الأندلسي 158 327- عبد الرحمن بن عبدوس 158 328- عبد الرحمن بن أحمد الأصبهاني 159 329- عبد الرحمن بن جابر الطائي

159 330- عبد الرحمن بن روح السمسار 159 331- عبد الرحمن بن عبد الحميد بن فَضَالَةَ 159 332- عبد الرحمن بن عَمْرو بن عبد الله بن صفوان 160 333- عبد الرحمن بن معدان بن جُمعة الطائي 160 334- عبد الرحمن بن يوسف بن سَعِيد بن خراش 161 335- عبد الرحمن بن محمد بن عقيل 161 336- عبد الرحيم بْن عبد الله بْن عبد الرحيم الزهري 162 337- عبد الرحيم بن الفضل بن موسى بن مسمار 162 338- عبد الصمد بن هارون 162 339- عبد الملك بن الحَسَن بن بَكْر الشرود 162 340- عبد الملك بن أيمن بن فرجون 163 341- عبد العزيز بن عمران بن كوشيد 163 342- عبد العزيز بن معاوية القرشي 163 343- عبد الوارث بن إبراهيم العسكري 164 344- عبدوس بن ديزويه الرازي 164 345- عبيد الله بن أحمد بن منصور 164 346- عبيد الله بن سليمان الوزير 164 347- عبيد الله بن محمد بن يحيى اليزيدي 165 348- عبيد بن الحسن الغزال 165 349- عبيد بن عبد الواحد بن شريك 166 350- عبيد بن محمد بن موسى المؤذن 166 351- عُبَيْد بن محمد بن يَحْيَى بن قضاء 166 352- عبيد بن محمد الكشوري 167 353- عثمان بن سعيد الدارمي 167 354- عثمان بن سعد بن بشار

167 355- عُثْمَانَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خرزاذ 168 356- عثمان بن عمر الضبي البصري 168 357- عزيز بن الأحنف بن الفضل 169 358- العلاء بن أيوب بن رزين 169 359- علي بن الحسن بن بيان 169 360- علي بن الحسن بن عبدة 169 361- علي بن الحسين بن عاصم 170 362- علي بن العباس بن جريج 170 363- علي بن عبد الصمد الطيالسي 170 364- علي بن عبد العزيز بن المرزبان 172 365- عَليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حسنون 172 366- علي بن الفضل الواسطي 172 367- عَليّ بن محمد بن الحَسَن بن متّويه 172 368- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب 173 369- عَليّ بن محمد بن سَعِيد الثقفي الكوفي 173 370- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حكم المصري 173 371- علي بن المبارك الصنعاني 174 372- عمارة بن وثيمة بن موسى 174 373- عمران بن عبد الرحيم الباهلي 174 374- عمر بن إبراهيم أبو الآذان البغدادي 175 375- عمر بن بحر الأسدي الأصبهاني 175 376- عمر بن عبد العزيز بن عمران الخزاعي 175 377- عمر بن موسى بن فيروز 176 378- عَمْرو بن الشَّيْخ أبي الطاهر أَحْمَد بن عمرو 176 379- عمرو بن الليث الصفار

180 380- عباس بن تميم البغدادي السكري 180 381- عون بن محمد الكندي الإخباري "حرف الفاء" 181 382- الفضل بن عبد الله بن عبد الجبار الشكري 181 383- الفضل بن محمد بن المسيب 182 384- فضل بن محمد بن رومي البغدادي 182 385- فضل بن الحسن الأهوازي 182 386- فضيل بن محمد بن فضيل الملطي "حرف القاف" 183 387- الْقَاسِم بْن أَحْمَد بْن محمد الخطابي 183 388- القاسم بن أحمد بن زياد البغدادي 183 389- القاسم بن عبد الرحمن الأنباري 184 390- القاسم بن أسد الأصبهاني 184 391- القاسم بن محمد بن الصباح النحوي 184 392- القاسم بن محمد الدلال 184 393- قطر الندى "حرف الكاف" 185 394- " ... " بن إبراهيم الطوابيقي 185 395- كنيز الفقيه "حرف الميم" 185 396- محمد بن أَحْمَد بن حُمَيْد بن نعيم 186 397- محمد بن أحمد بن روح الكسائي 186 398- محمد بن أحمد بن حنين العطار 186 399- محمد بن أحمد بن عنبسة 186 400- محمد بن أَحْمَد بن يَحْيَى بن بشير

187 401- محمد بن أحمد بن لبيد 187 402- محمد بن أحمد بن سفيان الترمذي 187 403- محمد بن أَحْمَد بن محمد بن مطر 187 404- محمد بن أحمد بن مهدي 187 405- محمد بن أحمد الجوزجاني 188 406- محمد بن إبراهيم بن زياد بن المواز 188 407- محمد بن إبراهيم الصوري النحوي 189 408- محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري 189 409- محمد بن إبراهيم الصوري 189 410- محمد بن إدريس الأنطاكي 189 411- محمد بن أسامة بن صخر 190 412- محمد بن إسحاق بن إبراهيم العقيلي 190 413- محمد بن إسحاق بن أسد الهروي 190 414- محمد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن جَوثي 190 415- محمد بن إسحاق بن الحرير 191 416- محمد بن إسماعيل التميمي 191 417- محمد بن بشر بن مروان الصيرفي 191 418- محمد بن بشر بن مروان القراطيسي 191 419- محمد بن جَعْفَر بن محمد بن ميسرة 192 420- محمد بن بشر بن مطر 192 421- محمد بن حجة 192 422- محمد بن حامد الموصلي 192 423- محمد بن حسن بن دينار الأحول 193 424- محمد بن الحسن بن حيدة 193 425- محمد بن الحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم بن زياد الأبهري

193 426- مُحَمَّد بْن الحُسين بن الدستبان 194 427- محمد بن حماد بن هامان الدباغ 194 428- محمد بن حميد بن زياد 194 429- محمد بن حيان المازني 194 430- محمد بن خلف بن عبد السلام 195 431- محمد بن الخطاب العدوي 195 432- محمد بن ربح بن سليمان 195 433- محمد بن الربيع بن شاهين 195 434- محمد بن زكريا بن دينار 196 435- محمد بن زكريا بن عبد الله القرشي 196 436- محمد بن زيدان بن يزيد البجلي 197 437- محمد بن زيد العلوي 197 438- محمد بن سعيد بن عبد الرحمن 197 439- محمد بن سعيد الأزرق 198 440- محمد بن سفيان بن المنذر الرملي 198 441- محمد بن سليمان بن الحارث 198 442- محمد بن سهل بن زنجلة 199 443- محمد بن سهل بن المهاجر الرقي 199 444- محمد بن أبي سهل شيرزاذ 199 445- محمد بن سويد الطحان 199 446- محمد بن شاذان الجوهري 200 447- محمد بن شاذان النيسابوري 200 448- محمد بن صالح الأشج 200 449- محمد بن الضوء بن المنذر 201 450- محمد بن العباس بن ماهان

201 451- محمد بن العباس المؤدب 201 452- محمد بن العباس بن بسام 202 453- محمد بن العباس بن الوليد 202 454- محمد بن عبد الله الزاهد القرطبي 202 455- محمد بن عبد الله بن منصور 203 456- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن حفص 203 457- محمد بن عبد الله بن عتاب الأنماطي 203 - محمد بن عبد الله بن سُفْيَان الخُصَيب 203 458- محمد بن عبد الله بن مِهْرَان الدِّينَوَري 204 459- محمد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الكَتَانيّ 204 460- محمد بن عبد الله بن مخلد 204 461- محمد بن عبد البر الكلابي 204 462- محمد بن عبد الرحمن بن عمارة 205 463- محمد بن عبد الرحمن بن كامل 205 464- محمد بن أبي زُرْعَة عبد الرحمن بن عمرو 206 465- محمد بن عبد السلام بن بشار 206 - فائدة 207 466- محمد بن عبد السلام بن ثعلبة 207 467- محمد بن عبد العزيز بن المبارك الدِّينَوَري 208 468- محمد بن عبد العزيز بن أبي رجاء 208 469- محمد بن عبد الغنيّ بن عبد العزيز 208 470- محمد بن عبد بن حُمَيْد بن نصر 208 471- محمد بن عبده المصيصي 209 472- محمد بن عبيد بن الفرطاس 209 473- محمد بن عبيد بن أبي الأسد

209 474- محمد بن عثمان بن سعيد الضرير 209 475- محمد بن عاصم بن بلال الضبي 209 476- محمد بن عصمة بن حمزة السعدي 210 477- محمد بن عقيل الفريابي 210 478- محمد بن عَليّ بن الحسين بن بِشْر 212 - قول المؤلف في شطحات الصوفية 212 479- محمد بن علي بن بطحا 212 480- محمد بن علي بن حمزة العلوي 213 481- محمد بن علي بن عتاب 213 482- محمد بن علي بن الفضل 213 483- محمد بن علي البغدادي قرطمة 214 484- محمد بن علي بن شعيب السمسار 214 485- محمد بن علي بن خلف الأطروش 214 486- محمد بن علي بن محمد المروزي 214 487- محمد بن عمر بن إسماعيل الدولابي 215 488- محمد بن عمرو بن الموجه 215 489- محمد بن عمرو بن النضر 215 490- محمد بن عيسى بن السكن 216 491- محمد بن غالب بن حرب 217 492- محمد بن الفرج بن محمود الأزرق 217 493- محمد بن الفرج بن ميسرة 218 494- محمد بن الفضل بن جابر الثقفي 218 495- محمد بن الفضل بن موسى 218 496- محمد بن فيروز البغدادي 218 497- محمد بن القاسم بن خلاد

220 498- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن غَزْوان 220 499- محمد بن محمد بن رجاء بن السندي 220 500- محمد بن محمد بن حبان 221 501- محمد بن محمد بن أحمد بن يزيد 221 502- محمد بن مسلمة بن الوليد 222 503- محمد بن المغيرة بن سنان الضبي 222 504- محمد بن موسى بن الهذيل 222 505- محمد بن موسى النهروي 222 506- محمد بن أبي هارون موسى الوراق 223 507- محمد بن أبي هارون موسى الهمداني 223 508- محمد بن نصر الأدمي 223 509- محمد بن النضر بن رباح الهروي 223 510- محمد بن أبي النعمان الأنطاكي 224 511- محمد بن نعيم بن عبد الله النيسابوري 224 512- محمد بن نهار 224 513- محمد بن هَارُون بن محمد بن بكار 225 514- محمد بن هشام بن أبي الدميك 225 515- محمد بن هشام بن خلف 225 516- محمد بن هاشم العذري الجسري 225 517- محمد بن وضاح بن بزيع 227 518- محمد بن الوليد بن هبيرة 227 519- محمد بن الوليد الرملي 228 - محمد بن الوليد بن أبان القلانسي 228 520- محمد بن دينار البخاري 228 521- محمد بن ياسر الدمشقي الحذاء

228 522- محمد بن يحيى بن المنذر 228 523- محمد بن يحيى الكسائي الصغير 229 524- محمد بن يزداد الأستراباذي 229 525- محمد بن يزيد بن عبد الأكبر 231 526- محمد بن يوسف بن معدان 231 527- محمد بن يوسف بن معدان عروس الزُّهاد 232 528- محمد بن يونس بن موسى الكديمي 233 529- "...." بن محمد بن عَمْرو بن أبي سلمة 234 530- محمود بن الفرج الأصبهاني 234 531- محمود بن محمد بن أبي المضاء 234 532- مسعدة بن سعد العطار 235 533- مسلمة بن جابر اللخمي 235 534- المسيب بن زهير 235 535- مطرف بن عبد الرحمن بن إبراهيم 236 536- مطلب بن شعيب بن حيان 236 537- معاذ بن المثنى بن معاذ 237 538- معاذ بن نجدة بن العريان 237 539- معاوية بن حرب بن محمد الطائي 237 540- المفضل بن سلمة بن عاصم 237 541- مِقْدام بن داود بن عيسى بن تليد 238 542- مكرم بن محرز بن مهدي 238 543- موسى بن جمهوري البغدادي 238 544- موسى بن الحسن بن عباد 239 545- موسى بن عيسى بن المنذر 239 546- موسى بن فضالة الدمشقي

240 547- موسى بن محمد بن كثير 240 548- موسى بن هارون بن حيان 240 549- موسى بن محمد السامري الخياط 240 550- موسى بن هارون الطوسي 240 551- موسى بن يوسف بن موسى القطان "حرف النون" 241 552- نصر بن محمد بن رباح العبدي 241 553- نصر بن الحكم بن سهل المروزي 241 554- نصر بن عبد السلام بن نصر 241 555- نصر بن منصور بن يوسف البخاري 242 556- نصر بن هاشم المصري "حرف الهاء" 242 557- هَارُون بن سُلَيْمَان بن سهل 242 558- هارون بن عبد الصمد بن عبدوس 242 559- هارون بن علي بن يحيى النديم 243 560- هارون بن كامل المصري 243 561- هارون بن محمد بن إسحاق 243 562- هارون بن عيسى الهاشمي 244 563- هارون بن ملول التجيبي 244 563- هارون بن أبي الهيذام 244 565- هاشم بن بكار الموصلي 244 566- هشام بن علي السيرافي 245 567- هشام بن يونس المصري 245 568- الهيثم بن خالد المصيصي

"حرف الواو" 245 569- وريزة بن محمد الغساني 245 570- وليد بن العباس المصري 246 571- الوليد بن عبيد بن يحيى البحتري 250 572- الوليد بن مروان الحمصي 250 573- الوليد بن مضاء 250 574- وهيب بن عبد الله بن نصر "حرف الياء" 251 575- يَحْيَى بن أيوب بن بادي 251 576- يحيى بن زكريا بن حرب 251 577- يحيى بن زكريا بن يزيد الدقاق 251 578- يحيى بن زكرويه بن مهرويه 252 579- يحيى بن عبد الرحمن بن عبد الصمد 252 580- يحيى بن عبدويه بن شبيب 252 581- يحيى بن عثمان بن صالح السهمي 253 582- يحيى بن عمر بن يوسف 253 583- يحيى بن محمد بن غالب 254 584- يحيى بن محمد بن ماهان 254 585- يحيى بن المختار بن المنصور 254 586- يحيى بن منصور الهروي 255 587- يحيى بن نافع المصري 255 588- يحيى بن عبدويه بن شبيب 255 589- يَحْيَى بن محمد بن أبي بِشْر الدّقّاق 255 590- يحيى بن يعقوب بن مرادس 255 591- يزيد بن أحمد السلمي

256 592- يزيد بن خالد الأنصاري التاجر 256 593- يزيد بن خلدون بن جابر 256 594- يزيد بن الهيثم بن طهمان 257 595- اليسع بن زيد بن سهل 257 596- يعقوب بن أحمد بن أسد الساماني 257 597- يعقوب بن إسحاق بن تحية 257 598- يعقوب بن إسحاق المصري 258 599- يعقوب بن إسحاق الضبي 258 600- يعقوب بن إسحاق المخرمي 258 601- يعقوب بن إسحاق البصري 258 602- يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل 258 603- يعقوب بن محمد اللخمي 259 604- يعقوب بن يوسف بن يعقوب 259 605- يعقوب بن يوسف المطوعي 259 606- يعقوب بن يوسف القزويني 259 607- يوسف بن يحيى الأزدي القرطبي 260 608- يوسف بن يزيد بن كامل بن حكيم "الكنى" 261 - أبو سعيد الخراز 261 - أبو حمزة الزاهد 261 609- أبو العباس السرخسي 263 610- أبو جعفر بن الكرنبي الزاهد 263 611- أبو حمزة الخراساني الزاهد 264 612- أبو عبد الله الخلنجي 264 613- أبو يعقوب الزيات 265 فهرس الموضوعات

المجلد الثاني والعشرون

المجلد الثاني والعشرون الطبقة الثلاثون أحداث سنة إحدى وتسعين ومائتين ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة الثلاثون: أحداث سنة إحدى وتسعين ومائتين: تُوفّي فيها: أبو العباس ثَعلب، وعبد الرحمن بن محمد بن سَلْم الرّازي، وقُنْبُل المقرئ، ومحمد بن أحمد بن عبد الله العُبَيْديّ، ومحمد بن أحمد بن النضر ابن بنت معاوية، ومحمد بن إبراهيم البُوشنجيّ الفقيه، ومحمد بن علي الصّائغ المكّيّ، وهارون بن موسى الأخفش المقرئ. مقتل الحسين بن زكرويه: وفيها قُتِل الحسين بن زَكرَوَيْه المدَّعي أنّه أحمد بن عبد الله صاحب الشّامة1. زواج ابن المكتفي: وفيها زوّج المكتفي ولَدَه أبا أحمد بابنة الوزير عُبَيْد الله، وخطب أبو عمر القاضي، وخلع القاسم أربعمائة خَلْعة. وكان الصَّدَاق مائة ألف دينار. خروج الترك إلى بلاد المسلمين: وفيها خرجت الترْك إلى بلاد المسلمين في جيوشٍ عظيمة يقال: كان معهم سبعمائة فرس ولا يركب الفرس إلا الأمير فنادى إسماعيل بن أحمد في خُراسان وسِجِسْتان وطَبَرِستان بالنفير وجهز جيشه فوافو الترك على عدة فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وانهزم من بقي وغنِم المسلمون وعادوا منصورين. وصول الروم إلى الحَدَث: وفيها بعث صاحب الرُّوم جيشًا مبلغه مائة ألف، فوصلوا إلى الحَدَث، فنهبوا وسَبَوْا وأحرقوا2.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "10/ 114"، والكامل لابن الأثير "7/ 530، 531"، والبداية والنهاية "11/ 97"، والنجوم الزاهرة "3/ 131". 2 انظر تاريخ الطبري "10/ 116"، البداية والنهاية "11/ 98"، تاريخ ابن خلدون "3/ 357"، والنجوم الزاهرة "3/ 132".

غزوة غُلام زُرَافة: وفيها غزا غُلام زُرافة من طَرَسُوس إلى الرّوم، فوصل إلى أَنْطَالية، قريبًا من قسطنطينية، فنازلها إلى أن فتحها عَنْوَةً، وقتل نحوًا من خمسة آلاف، وأسر أضعافهم، واستنقذ مِن الأسر أربعة آلاف مسلم، وغنم مِن الأموال ما لا يُحْصَى، بحيث أنّه أصاب سهمُ الفارس ألفَ دينار. مسير محمد بن سليمان إلى الرملة: وفيها جهّز المكتفي محمد بن سليمان في جيشٍ، فسار إلى دمشق، وكان بها بدْر الحَمّاميّ، فتلقّاه فقلّده دمشق، وسار محمد إلى الرَّمْلَةِ1. ذكر ما فعله صاحب الشامة ببلاد الشام: وكان الحسين بن زَكْرَوَيْه صاحب الشّامة قد قويت شوكته، وعَظُمَت أذِيّتُه، فصالحه أهل دمشق على أموال، فانصرف عنها إلى حمص، فمَلَكَها وآمن أهلَها، وتسمّى بالمهديّ. وسار إلى المعرَّة، وحماة، فقتل وسبى النساء، وجاء إلى بَعْلَبَكّ، فقتل عامَّةَ أهلها، وسار إلى سَلَمْيَة، فدخلها بعد مُمَانَعَة، وقَتَلَ مَن بها مِن بني هاشم، وقتل الصّبْيان والدّوابّ، حتّى ما خرج منها وبها عين تَطْرُف2. هزيمة صاحب الشّامة وقتله: ثم إنّ محمد بن سليمان الكاتب -لما سيّره المكتفي- التقى هو وهذا الكلب بقرب حمص، فهزمهم محمد، وأسر منهم خلقًا. وركب صاحب الشامة وابن عمّه المدّثّر وغلامه، واخترق البِّريَّة نحو الكوفة، فمرُّوا على الفُرات بدالِيَّة ابن طوق، فأنكروا زِيَّهم، فتهدّدهم والي ذلك الموضع، فاعترف أنّ صاحب الشّامة خلْف تِلْكَ الرابية، فجاء الوالي فأخذهم، وحملهم إلى المكتفي بالرَّقَّة. ثمّ أُدْخُلُوا إلى بغداد بين يديه، فعذبَّهم، وقطع أيديهم، ثمّ أحرقهم3، ولله الحمد.

_ 1 في الأصل "أنطاكية". 2 انظر تاريخ الطبري "10/ 100"، وتاريخ أخبار القرامطة "20/ 21"، والكامل في التاريخ "7/ 523". 3 تاريخ الطبري "10/ 108-114"، تاريخ أخبار القرامطة "22/ 25"، دول الإسلام "1/ 176".

أحداث سنة اثنتين وتسعين ومائتين

أحداث سنة اثنتين وتسعين ومائتين: تُوُفّي فيها: أحمد بن الحَسَن المصريّ الأيْليّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ بن سعيد قاضي حمص، وأحمد بن عَمْرو أبو بكر البزّار، وأبو مسلم الكَجّيّ، وإدريس بن عبد الكريم المقرئ، وأسلم بن سهل الواسطيّ بَحْشَل، وأبو حامد القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز، وعليّ بن محمد بن عيسى الجكانيّ، وعليّ بن جبلة الأصبهاني. عودة مصر إلى العباسيّين: وفي صَفَر سار محمد بن سليمان إلى مصر، لحرب صاحبها هارون بن خُمَارَوَيْه فجرت بينهما وقعات، ثمّ وقع بين أصحاب هارون اختلاف، فاقتتلوا، فخرج هارون ليُسَكِّنَهم، فرماه بعضُ المغاربة بسهمٍ قتله، وهربوا، فدخل محمد بن سليمان مصر، واحتوى على خزائن آل طولون، وقيَّد منهم بضعة عشر نفْسًا، وحبسهم. وكتب بالفتح إلى المكتفي1. وَرُوِيَ أنّ محمد بن سليمان لما قرُب من مصر، أرسل إلى هارون يقول: إن الخليفة قد ولّاني مصر، ورسم أن تسير إلى بابه إنْ كنت مطيعًا. فشاور قوّاده، فأبوا عليه، فخرج هارون. فصاح: المكتفي يا منصور. فقال القّواد: هذا يريد هَلَاكَنا. فدُّسوا خادمًا، فقتله على فراشه، وأقاموا مكانه شيبان بن أحمد بن طولون. ثمّ خرج شَيبان إلى محمد مستأمنًا. ثمّ سُيِّر آل طولون إلى بغداد، فحُبِسوا بها. قال نِفْطَوَيْه: ظهر من شجاعة محمد بن سليمان، وإقدامه على النَّهْب، وضرب الأعناق، وإباحة الأموال الطُّولونية، ما لم يُرَ مثله. ثمّ اجتبى الخراج. وكان يركب بالسُّيوف المُسلَّلة والسّلاح. القبض على محمد بن سليمان: وفيها وافى طُغْجُ بنُ جُفٍّ وأخوه بدْرُ بغدادَ، ودخل بدْر الحمّاميّ، فوجه يومئذ

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 118، 119"، البداية والنهاية "11/ 99"، النجوم الزاهرة "3/ 136-138"، الكامل في التاريخ "7/ 535، 536".

مائتي جَمّازة إلى عسكر محمد بن سليمان؛ لأن العباس بن الحَسَن الوزير ساء ظنه بمحمد بن سليمان، وخاف أن يغلب على مصر، وبلغه عنه كلام، فكتب إلى القُوّاد الّذين مع محمد بالقبض عليه، ففعل ذلك جماعة منهم وقيَّدوه. زيادة دجلة: وفي جُمادَى الأولى زادت دِجْلة زيادةً لم يُرَ مثلها، حتّى خربت بغداد، وبلغت الزّيادة إحدى وعشرين ذراعًا1. استيلاء الخليجي على مصر: وفيها خرج الخليجيّ القائد بنواحي مصر، فسار من بغداد فاتك المعتضدي لمحاربته، واستولى الخليجيّ على مصر2. تكريم المكتفي لبدر الحمّامي: وفيها قدِم بدر الحمّاميّ على المكتفي، فبالغ في إكرامه وحَبَائه، وتلقّته الدّولة، وطُوِّق وسُوِّر، وجهز مع فاتك في جيشٍ كثيفٍ لحرب الخليجيّ3. وصول تَقَادُم إسماعيل بن أحمد: وفيها وصلت تَقَادُم إسماعيل بن أحمد من خراسان على ثلاثمائة جمل، ومائة مملوك4.

_ 1 المنتظم "6/ 50"، الكامل في التاريخ "7/ 537". 2 تاريخ الطبري "10/ 119"، النجوم الزاهرة "3/ 147"، نهاية الأرب "13/ 17". 3 تاريخ الطبري "10/ 119، 120". 4 النجوم الزاهرة "3/ 156".

أحداث سنة ثلاث وتسعين ومائتين

أحداث سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين: فيها تُوُفي: إبراهيم بن عليّ الذُّهَليّ، وداود بن الحسين البَيْهَقيّ، وعبدان المروزي، وعيسى بن محمد الطهماني المَرْوَزِيّ، والفضل بن العبّاس بن مِهران الأصبهاني، ومحمد بن أسد المَدِينيّ، ومحمد بن عَبْدُوس بن كامل السّرّاج، وهميم بن همّام الطَّبَريّ الأَيْليّ. تغلُّب الخليجيّ على جيش المكتفي: وفي أولها: واقع الخليجيّ المتغلّب على مصر المكتفي على العريش، فهزمهم أقبح هزيمة1. ظهور أخي الحسين بن زكرويه: وفيها ظهر أخو الحسين بن زَكْرَوَيْه، فندب المكتفي لحربه الحسين بن حمدان، وصار ابن زَكْرَوَيْه إلى دمشق، فحارب أهلها، ثم مضى إلى طَبَرّية وحارب مَن بها، ودخلها، فقتل عامّة أهلها الرّجال والنساء، وانصرف إلى البادية. استغواء القرامطة لبعض بطون كلب: وقيل: لمّا قُتِل صاحب الشّامة وكان أبوه حيًّا، نفَّذ رجلًا يقال له أبو غانم عبد الله بن سعيد، كان يؤدِّب الصِّبْيان، فتسمَّى نصرًا ليُعْمي أمرَه فدار على أحياء كلْب يدعوهم إلى رأيه فلم يقبله سوى رجل يُسمَّى المقدام بن الكيّال، فاستغوى له طوائف من بُطُونِ كلْب، وقدم الشّامَ، وعامل دمشق أحمد بن كَيَغْلَغ، وهو بأرض مصر يحارب الخليجيّ. مسير القرمطي ببلاد الشام: فسار عبد الله بن سعيد إلى بُصْرَى وأذْرِعات، فحارب أهلها، ثمّ أمَّنهم وغدر بهم، فقتل وسبى ونهب، وجاء إلى دمشق، فخرج إليه صالح بن الفضل، فقتله القَرْمَطي وهزم جُنْده، ودافَعَه أهلُ دمشق، فلم يقدر عليهم، فمضى إلى طَبَريّة، فقتل عاملها يوسف بن إبراهيم، ونهب وسبى، فَوَرد الحسين بن حَمْدان دمشق والقَرْمَطيُّ بطَبَريّة، فعطفوا نحو السَّمَاوَة، فتبعهم ابن حمدان، فلجَّجُوا في البَرِّيَّة، ووصلوا إلى هِيت في شَعْبان، فقتلوا عامّة أهلها ونهبوها، فجهَّز المكتفي إلى هِيت محمد بن إسحاق بن كُنْداجيق، فهربوا منه2.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 121، 122"، المنتظم "6/ 56"، النجوم الزاهرة "3/ 158". 2 العيوب والحدائق ج4 ق "1/ 191-193".

مقتل أبي غانم القرمطي: ووصل الحسين بن حمدان إلى الرَّحْبَةِ، فلّما أحسّ الكلبيون بالجيش ائتمروا بأبي غانم المذكور، فوثب عليه رجل فقتله، ونهبوا ما معه، وظفرت طلائع ابن كُنْداجيق بالقَرْمَطيّ مقتولًا، فاحتزُّوا رأسه1. مهاجمة القرامطة الكوفة: ثمّ إنّ زَكْرَوَيْه بن مهْرَوَيْه جمع جُموعًا، وتَواعَد هو ومن أطاعه، فصبَّحوا الكوفة يوم النَّحْر، فقاتلهم أهلها عامّة النّهار، وانصرفوا إلى القادسيّة، وقد استعدّ لهم أهل الكوفة، وكتب عاملها إسحاق بن عمران إلى الخليفة يستمدّه، فبعث إليه جيشًا كثيفًا، فنزلوا بقرب القادسيّة، وجاءهم زَكروَيْه، فالتقوا في العشرين من ذي الحجّة. وكمَّن زَكروَيْه كمينًا، فلما انتصف النّهار خرج الكمين، فانهزم أصحاب الخليفة أقبح هزيمة، واستباحتهم القرامطة. وكان معهم القاسم بن أحمد داعي زَكروَيْه، فضربوا عليه قُبَّة وَقَالُوا: هَذَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم هجموا الكوفةَ وهم يصيحون: يا ثارات الحسين. وهي كلمة تفرح بها الرّافضة، والقرامطة إنّما يعنون ابن زَكْرَوَيْه. وأظهروا الأعلام البيض ليَسْتَغْوُوا رُعاع الكوفيّين، فخرج إليهم إسحاق بن عِمران في طائفة، فأخرجوهم عن البلد2. القبض على الخليجيّ: وفيها زحف فاتك المعتضديّ على الخليجيّ، فانهزم إلى مصر، ودخل الفُسْطاط، وقُتِل أكثر أصحابه، وانهزم الباقون، واحتوى فاتك على عسكره، فاستتر الخليجيّ عند رجل من أهل الفسطاط، فدلّ عليه، فأُخِذَ في جماعةٍ من أصحابه، وبعث به فاتك إلى بغداد، فوصلها في نصف شَعْبان، فأُدْخِل هو وأصحابُه على الْجِمال فَحُبِسوا3.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 124"، البداية والنهاية "11/ 100"، تاريخ أخبار القرامطة "26-28". 2 تاريخ الطبري "10/ 122-124"، البداية والنهاية "11/ 100"، تاريخ أخبار القرامطة "28"، المنتظم "6/ 57". 3 تاريخ الطبري "10/ 128، 129"، البداية والنهاية "11/ 100"، النجوم الزاهرة "3/ 154-155".

أحداث سنة أربع وتسعين ومائتين

أحداث سنة أربعٍ وتسعين ومائتين: تُوُفي فيها: الحسن بن المُثَنَّى العنبريّ، وأبو عليّ صالح بن محمد جَزَرَة، وعُبَيْد العِجْل، ومحمد بن إسحاق بن راهويه الفقيه، ومحمد بن أيوب بن الضريس الرازي، ومحمد بن مُعَاذ دران، ومحمد بن نصر الفقيه المَرْوَزِيّ، وموسى بن هارون الحافظ. اعتراض القرامطة قافلة الحاجّ: وفي المحرّم خرج زَكْرَوَيْه القَرْمَطيّ من بلاد القَطيف يريد قافلة الحاجّ، فجاء إلى واقصة، ثمّ اعترض قافلة خُراسان، عند عَقَبَة الشّيطان، فحاربوه وترجلُّوا، فقال لهم: أَمَعَكُم من عساكر السلطان أحد؟ قالوا: لا. قال: فامضُوا لشأنكم فلست أريدكم. فساروا، فأوقع بهم، وقتل الرجال، وسبى الحريم، وحاز على القافلة. وكانت نساء القرامطة يُجْهِزْن على الْجَرْحَى، فيقال: قتلوا عشرين ألفًا، وأخذوا ما قيمته ألف ألف دينار1. وجاء الخبر إلى بغداد، فعظُم ذلك على المكتفي والمسلمين، ووقع النَّوْح والبُكاء، وانتُدِب جيشٌ لقتالهم، فساروا، وسار زَكْرَوَيْه -لعنه الله- إلى زُبَالة فنزلها، وكانت قد تأخرّت القافلة الثّالثة، وهي معظم الحجّاج، فسار زَكْرَوَيْه ينتظرها، وكان في القافلة أعيان أصحاب السّلطان، ومعهم الخزائن والأموال، وشَمْسَة الخليفة، فوصلوا إلى فَيْد، وبلغهم الخبر، فأقاموا ينتظرون عسكر السّلطان، فلم يَرِدْ إليهم أحد، فساروا، فوافاهم الملعون بالهَبِير، وقاتلهم يومًا إلى الليل، ثم عاودهم الحرب في اليوم الثّاني، فعِطشُوا واستسلموا، فوضع فيهم السّيف، فلم يُفْلِت منهم إلا اليسير، وأخذ الحريم والأموال. الحرب بين وصيف والقرمطي: فندب المكتفي لقتاله وَصيف بن صُوارتكين ومعه الجيوش، فكتب إلى بني شيبان أن يُوَافوه، فجاءوا في ألفَيْن ومائتي فارس، فلقيه وصيف يوم السبت رابع ربيع

_ 1 البداية والنهاية "11/ 101"، وفيه "ألفي ألف دينار"، الكامل في التاريخ "7/ 548، 549"، دول الإسلام "1/ 178".

الأوّل، فاقتتلوا حتّى حجز بينهم اللّيل، وأصبحوا على القتال، فنصر الله تعالى وصيفًا، وقتل عامة أصحاب زكرويه فضربه الرّجال والنّساء وخلّصوا النّساء والأموال وخلُص بعضُ الجند إلى زكرويه، وهو مولٍ، على قفاه. ثمّ أسروه، وأسروا خليفته وخواصُه وأقرباءه، وابنه، وكاتبه، وامرأته. وعاش زَكْرَوَيْه خمسة أيّام، ومات في الضّرْبة. فشقُّوا بطنه، وحمل إلى بغداد، فَقُتِل الأسارى وأُحْرِقوا1. وقيل: إنّ الّذي جرح زَكْرَوَيْه وصيفٌ نفسه. وتمزّق أصحابه في البرية، وهلكوا عطشًا2، ولله الحمد.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 130-134"، تاريخ أخبار القرامطة "26-28". 2 النجوم الزاهرة "3/ 161".

أحداث سنة خمس وتسعين ومائتين

أحداث سنة خمسٍ وتسعين ومائتين: تُوُفي فيها: أبو الحسين النوري شيخ الصّوفية أحمد بن محمد، وإبراهيم بن أبي طالب الحافظ، وإبراهيم بن معقل قاضي نسف، والحسن بن علي المعمري، والحكم بن مَعْبَد الخُزاعيّ، وأبو شُعَيْب الحرّانيّ، والمكتفي بالله ابن المتعضد، وأبو جعفر محمد بن أحمد التِّرْمِذِيّ الفقيه. الفِداء بين المسلمين والروم: وفيها كان الفداء بين المسلمين والرُّوم. فكان عدّة من فُودِيَ ثلاثة آلاف نفْس1. خروج خاقان المفلحي لحرب ابن أبي الساج: وبعث المكتفي لحرب يوسف بن أبي السّاج خاقانَ المُفْلِحيّ في أربعة آلاف مقاتل2. وفاة الخليفة المكتفي: ومات المكتفي بالله في ذي القِعْدَة، فبُويع أخوه جعفر المقتدر وهو صبي، وأمه

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 138"، البداية والنهاية "11/ 103"، النجوم الزاهرة "3/ 162". 2 تاريخ الطبري "10/ 138"، النجوم الزاهرة "3/ 162".

روميّة، وقيل: تُرْكية، أخوها غريب المعروف بغريب الخال. أدركت خلافته، وَسُمِّيَتِ السّيّدة1. وُلِد جعفر في رمضان سنة اثنتين وثمانين، وكان معتدل القامة جميلًا، أبيض بحُمْرة، مدوَّر الوجّه، مليحًا2. ولمّا اشتدّت علّة المكتفي سأل عنه، فصحّ عنده أنّه بالِغٌ، فأُحضِر في يوم الجمعة لإحدى عشرةٍ من ذي القَعدة القضاةُ، وأشهدهم أنّه جعل العهدَ إليه3. وتُوُفّي المكتفي ليلة الأحد، لاثنتي عشرة من ذي القعدة4. خلافة المقتدر: ولم يل الخلافةَ قبل المقتدر أصغر منه، فإنّه وَلِيَها وله ثلاث عشرة سنة وأربعون يومًا5. واستوزر وزير أخيه العباس بن الحسن6، ولم يكن مؤنس الخادم حاضرًا؛ لأن المتعضد كان قد أخرجه إلى مكّة مُكْرَهًا، وكان يبغضه. فاستدعاه المقتدر ورفع منزلته. ومات صافي بعد بيعة المقتدر، فاختصّ مؤنس بالأمور كلّها. بيت المال: وكان في بيت المال يوم بويع المقتدر خمسة آلاف عشر ألف ألف دينار7 أموال المعتضد، وزاد المكتفي أمثالها8.

_ 1 المنتظم "6/ 67". 2 المنتظم "6/ 67". 3 المنتظم "6/ 67"، مروج الذهب "4/ 291". 4 تاريخ الطبري "10/ 138"، المنتظم "6/ 67". 5 تاريخ الطبري "10/ 139". 6 البينة والإشراف "1329"، مروج الذهب "4/ 293". 7 تاريخ الطبري "10/ 139"، المنتظم "6/ 67"، البداية والنهاية "11/ 105". 8 النجوم الزاهرة "3/ 162، 163".

أحداث سنة ست وتسعين ومائتين

أحداث سنة ستٍّ وتسعين ومائتين: تُوُفي فيها: أحمد بن حمّاد التُّجَيْبيّ أخو زُغْبَة، وأحمد بن نَجْده الهَرويّ، وأحمد بن يحيى الحُلْوانيّ، وخَلَف بن عَمْرو العُكْبُريّ، وعبد الله بن المُعْتَزّ، وأبو حصين الوداعي محمد بن الحسين، ومَعْمَر بن محمد أبو شِهاب البلْخيّ، ويوسف بن موسى القطّان الصّغير. موت محمد بن المعتضد: قال محمد بن يوسف القاضي: لمّا تمّ أمر المقتدر استصباه الوزير، وكثر خَوْضُ النّاس في صِغَره، فعمِل العبّاس على خلْعه بمحمد بن المعتضد. ثمّ اجتمع محمد بن المعتضد وصاحب الّشرطة في مجلس العبّاس يومًا، فتنازعا، فأربى عليه صاحب الشّرطة في الكلام ولم يدرِ ما قد رُشّح له، ولم يتمكن محمد من الانتصاف منه، فاغتاظ غيظًا عظيمًا كظمه، فَفُلِج في المجلس، فاستدعى العباس عمارية فحمله فيها، فلم يلبث أن مات1. خلع المقتدر وتولية ابن المعتز: ثمّ اتفق جماعة على خلع المقتدر وتولية عبد الله بن المعتزّ، فأجابهم بشرط أن لا يكون فيها دم، فأجابوه، وكان رأسهم محمد بنُ داود بن الجرّاح، وأبو المُثَنَّى أحمد بن يعقوب القاضي، والحسين بن حَمْدان، واتّفقوا على قتْل المقتدر، ووزيره العبّاس، وفاتك2. فلمّا كان يوم العشرين من ربيع الأوّل ركب الحسين بن حمدان والقُوّاد والوزير، فشدّ ابن حمدان على الوزير فقتله، فأنكر عليه فاتك، فعطف على فاتك فقتله3، ثمّ شدّ على المقتدر -وكان يلعب بالصَّوالجة- فسمع الهَيْعَة، فدخل وأُغلقت الأبواب، فعاد ابن حمدان إلى المُخَرَّم، فنزل بدار سليمان بن وهْب، وأرسل إلى ابن المعتزّ فأتاه، وحضر القُوّاد والقُضاة والأعيان، سوى خواصّ المقتدر، وأبي الحسين بن الفُرات، فبايعوه بالخلافة، ولقّبوه بالغالب لله4. وقيل غير ذلك.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 11". 2 وفيات في الأعيان "3/ 426". 3 مروج الذهب "4/ 293"، المنتظم "6/ 80، 81". 4 تاريخ الطبري "10/ 140"، المنتظم "6/ 81"، البداية والنهاية "11/ 107".

وزارة ابن الجراح: واستوزر محمد بن داود بن الجرّاح، وجعل يُمْنَ الخادم حاجِبَه، فغضب سَوْسَن الخادم، وعاد إلى دار المقتدر، ونفذت الكُتُب بخلافة ابن المعتزّ وتمّ أمره ليلة الأحد1. مقتل العبّاس الوزير: قال الصُّوليّ: كان العبّاس الوزير قد دبّر خلْع المقتدر مع الحسين بن حمدان، ومبايعة ابن المعتزّ، ووافَقَهُما وصيف، فبلغ المقتدر، فأصلح حال العبّاس، ودفع إليه أموالًا أرضَتْه، فرجع عن رأيه، فعلم ابن حمدان، فقتله لذلك. قول الطبري في خلافة ابن المعتز: وقال المُعَافي بن زكريّا الجريريّ: حُدِّثت أنّ المقتدر لما خُلِع وبويع ابن المعتزّ، دخلوا على شيخنا محمد بن جرير، فقال: ما الخبر؟ قيل: بويع ابن المعتزّ. فقال: فمن رُشِّح للوزارة؟ قيل: محمد بن داود. قال: فمن ذُكر للقضاء؟ قيل: الحسن بن المُثَنَّى. فأطرق ثمّ قال: هذا أمرٌ لا يتمّ. قيل له: وكيف؟ قال: كلّ واحدٍ ممّن سمّيتم متقدّم في معناه على الرُّتْبة، والزّمان مُدْبِرٌ، والدُّنيا مُوَلِّيَة، وما أرى هذا إلّا اضْمحلال، وما أرى لمدّته طُول2. مهاجمة ابن حمدان دار الخلافة: وبعث ابن المعتزّ إلى المقتدر يأمره بالانصراف إلى دار محمد بن طاهر، لكي ينتقل ابن المعتزّ إلى دار الخلافة، فأجاب، ولم يكن بقي معه غير مؤنس الخادم، وغريب خاله، وجماعة من الخَدَم فباكر الحسين بن حمدان دارَ الخلافة فقاتلها3

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 140"، النجوم الزاهرة "3/ 165"، تاريخ الخلفاء "378". 2 تاريخ الخلفاء "379". 3 تاريخ الطبري "10/ 140"، البداية والنهاية "11/ 107".

فاجتمع الخَدَم، فدفعوه عنها بعد أن حمل ما قدر عليه من المال، وسار إلى المَوْصل، ثمّ قال الّذين عند المقتدر: يا قوم نسلِّم هذا الأمر ولا نجرّب نفوسنا في دفع ما نزل بنا؟ فنزلوا في الشذاءات، وألبسوا جماعة منهم السّلاح، وقصدوا المُخَرَّم، وبه ابن المعتزّ، فلمّا رآهم من حول ابن المعتزّ أوقع الله في قلوبهم الرُّعب، فانصرفوا منهزمين بلا حرب1. وخرج ابن المعتز فركب فرسًا، ومعه وزيره ابن داود، وحاجبه يُمْن، وقد شَهَر سَيفَه وهو ينادي: معاشر العامة، ادْعُوا لخليفتكم. وأشاروا إلى الجيش أن يتبعوهم ألى سامرّاء، ليثبّت أمرهم، فلم يتبعهم أحد من الجيش، فنزل ابن المعتزّ عن دابّته ودخل دارَ ابنِ الْجَصّاص2، واختفى الوزير ابن داود، وأبو المُثَنَّى القاضي، ونُهِبَت دُورُهما، ووقع النَّهْب والقتْل في بغداد، واختفى علّي بن عيسى بن داود، ومحمد بن عَبْدُون في دار بقالٍ، فَبَدَرَتْهُما العامّة، فأخرجوهما إلى حضرة المقتدر3. عودة المقتدر إلى الخلافة: وقبض المقتدر على وصيف، وعلى يُمْن الخادم، وأبي عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبي المُثَنَّى القاضي، وأبي المُثَنَّى أحمد بن يعقوب، ومحمد بن خَلَف القاضي، والفقهاء والأمراء الذين خلعوه، وسُلِّموا إلى مؤنس الخادم فقتلهم، إلا عليّ بن عيسى، وابن عَبْدُون، والقاضيَيْن أبا عمر، ومحمد بن خَلَف، فإنهم سَلِمُوا من القتْل، وكان قَتْلُ الباقين في وسط ربيع الآخر4. وزارة ابن الفرات: واستقام الأمر للمقتدر، فاستوزر أبا الحسن عليّ بن محمد بن الفُرات5.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 15، 16"، ووفيات الأعيان "3/ 426". 2 المنتظم "6/ 81"، البداية والنهاية "11/ 107"، تاريخ الخلفاء "379". 3 تاريخ الطبري "10/ 140"، تاريخ ابن خلدون "3/ 359"، الكامل في التاريخ "8/ 168". 4 تاريخ الطبري "10/ 141"، المنتظم "6/ 81، 82". 5 تاريخ الخلفاء "379"، النجوم الزاهرة "3/ 165"، التنبيه والإشراف "329".

حبْس ابن المعتزّ: ثمّ بعث جماعة فكبسوا دار ابن الجصّاص، وأخذوا ابن المعتزّ، وابنَ الجصّاص، فصُودر ابنُ الجصّاص، وحُبس ابن المعتزّ، ثمّ أُخْرِج فيما بعد ميتًا1. الأمر بعدم استخدام اليهود والنصارى: وفيها أمر المقتدر بأن لا تُسْتَخْدَم اليهود وَالنَّصَارَى، وأن يركبوا بالأُكُف2. تفويض المقتدر الأمر لابن الفرات: وسار ابن الفُرَات أحسن سيرة، وكشف المظالم؛ وحضَّ المقتدر على العدل، ففوَّض إليه الأمور لصغره، واشتغل بالأمر، واطرح الندماء والمغنين، وعاشر النّساء، وغلب أمر الحُرَم والخَدَم على الدولة، وأتلف الخزائن3. تقليد المقتدر لابن حمدان قمّ وقاشان: ثمّ إنّ الحسين بن حمدان قدِم بغداد؛ لأنَّ المقتدر كتب إلى أخيه أبي الهَيْجاء عبد الله بن حمدان في قصْد أخيه، وبعث إليه جيشًا. فالتقى الأَخَوان، فانهزم أبو الهيجاء، فسار أخوهما إبراهيم ألى بغداد، فأصلح أمر الحسين. فكتب له المقتدر أمانًا، فقدِم في جُمَادَى الآخرة، فَقُلِّدَ قُمّ، وقاشان، فسار إليهما مسرعًا4. وقوع الثلج ببغداد: وفي كانون وقع ببغداد ثلج كثير، وأقام أيامًا حتى ذاب5. هرب زيادة الله بن الأغلب من إفريقية إلى مصر: وفيها قدم زيادة الله بن عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب أسير إفريقية إلى الجيزة،

_ 1 المنتظم "6/ 82"، البداية والنهاية "11/ 107"، الكامل في التاريخ "8/ 18". 2 البداية والنهاية "11/ 108"، النجوم الزاهرة "3/ 165". 3 تجارب الأمم "1/ 131". 4 تاريخ الطبري "10/ 141"، تجارب الأمم "1/ 141"، دول الإسلام "1/ 180". 5 تاريخ الطبري "10/ 141"، البداية والنهاية "11/ 107".

هاربًا من المغرب من أبي عبد الله الّداعي. وكانت بين زيادة الله وبين جُنْد مصر هَوْشة، ومنعوه من الدّخول إلى الفسطاط. ثمّ أذنوا له، فدخل مصر وتوجّه إلى العراق1. خروج المهدي عبيد الله من السجن وإظهار أمره: وفيها انصرف أبو عبد الله الدّاعي إلى سِجِلْماسَة، وافتتحها2، وأخرج من الحبس المهديّ عُبَيْد الله ووَلَده من حبس اليَسَع. وأظهر أمره، وأعلم أصحابه أنّه صاحب دعوته، وسلم عليه بالإمامة. وذلك في سابع ذي الحجّة سنة ستِّ. فأقام بسِجِلْماسَةَ أربعين يومًا، ثم قصد إفريقيّة، وأظهر التّواضع والخشوع، والإنعام والعدل، والإحسان إلى النّاس، فانحرف النّاس إليه، ولم يجعل لأبي عبد الله كلامًا. فلامه أبو العبّاس، وعرّفه سابقةَ أبي عبد الله. تخلُّص المهديّ من أبي عبد الله الشيعيّ وأخيه: ثمّ أراد أبو عبد الله استدراك ما فات، فقال على سبيل التنصُّح للمهديّ: أنا أخبر منك بهؤلاء، فاترك مباشرتهم إلي، فإنه أمكن لجبروتك، وأعظم لك. فتوحَّش من كلامه، وساء به ظنه، فحبّب أبو العبّاس نفوس جماعة من الأعيان، وشكَّكهم في المهديّ، حتى جاهره مقدّمهم بذلك فقتله، وتأكدت الوحشة بين المهدي وبين الأَخَوَيْن، وجماعة من كُتَامة، وقصدوا إهلاك المهديّ، فتلطّف حتى فرّقهم في الأعمال، ورتب من يقتل الأَخَوَيْن، فعسكرا بمن معهما وخرجا، فَقُتِلا سنة ثمان وتسعين، وقتل معهما خلق3.

_ 1 تاريخ الخلفاء "379"، دول الإسلام "1/ 180"، العبر "2/ 105". 2 النجوم الزاهرة "3/ 166"، تاريخ ابن خلدون "3/ 364". 3 الكامل في التاريخ "8/ 47-50"، العبر "2/ 37".

أحداث سنة سبع وتسعين ومائتين، أحداث سنة ثمان وتسعين ومائتين

أحداث سنة سبع وتسعين ومائتين، أحداث سنة ثمان وتسعين ومائتين: أحداث سنة سبْعٍ وتسعين ومائتين: تُوُفي فيها: إبراهيم بن هاشم البَغَويّ، وإسماعيل بن محمد بن قيراط، وعبد الرحمن بن القاسم الرّاوي الهاشمي، وعُبَيْد بن غنام، ومحمد بن عبد الله مُطَيَّن، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، ومحمد بن داود الظّاهريّ، ويوسف بن يعقوب القاضي. دخول ابني ابن الليث بغدادَ أسيرين: وفيها دخل طاهر ويعقوب ابنا محمد بن عَمْرو بن الليث الصّفّار بغدادَ أسيرَيْن1. بناء المهديّة بالمغرب: وفيها وصل الخبر إلى العراق بظهور عُبيد الله المسمَّى بالمهديّ؛ وأخرج ابنَ الأغلب وبَنى المَهْدِيّة. وخرجت المغرب عن أمر بني العباس من هذا التاريخ2. إقامة ابن الأغلب بالرّقّة: وهرب ابن الأغلب وقصد العراق، فكتب إليه أن يصير إلى الرَّقَّةِ ويقيم بها3. وفاة النوشَريّ وابن بسطام: وتُوُفي نائبه عيسى النوشَريّ، وعاملُ خَرَاجها أحمد بن محمد بن بِسْطام، فقلّد تكين أبو منصور الخاصّة مصر، فوصلها في ذي الحجّة4، واستعمل على الخراج علي بن أحمد بن بسطام. أحداث سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين: فيها تُوُفي: أبو العبّاس أحمد بن محمد بن مسروق، وبُهْلُول بن إسحاق الأنباريّ، والْجُنَيْد شيّخ الطائفة، والحَسَن بن عَلُّويَة القطّان، وأبو عثمان الحِبَرِيّ الزّاهد سعد بن إسماعيل، وسمنون المُحِب، ومحمد بن عليّ بن طرْخان البلْخيّ الحافظ، ومحمد بن يحيى بن سليمان المَرْوَزِيّ، ومحمد بن طاهر الأمير، ويوسف بن عاصم.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 43"، النجوم الزاهرة "3/ 168". 2 النجوم الزاهرة "3/ 168"، تاريخ ابن خلدون "3/ 364، 365". 3 نهاية الأرب "24/ 152". 4 الكامل في التاريخ "8/ 58، 59"، النجوم الزاهرة "3/ 171، 3/ 195"، نهاية الأرب "23/ 32".

إصابة القاضي ابن أبي الشوارب بالفالج: وفيها فُلِجَ القاضي عبد الله بن عليّ بن أبي الشوارب، وكان على قضاء الجانب الشرقيّ، فأُسْكِت من الفالج، فاستخلف ابنه محمدا1، وبقي إلى سنة إحدى وثلاثمائة. ولاية ابن حمدان ديار بكر وربيعة: وفيها قدِم الحسين بن حمدان من قُمّ، فولّاه المقتدر ديارَ بكْر، وربيعة2. وفاة ابن عمرويه: وفيها تُوُفي محمد بن عَمْرَوَيْه صاحب الشرطة، تُوُفّي بآمد، وحُمِل إلى بغداد. وفاة صافي الحرمي: وفيها توفي صافي الحرمي3، فقلّد مكانه مؤنس الخادم. استتار الخاقاني: وفيها استتر أبو عليّ محمد بن عُبَيْد الله الخاقانيّ، لوصول رُقْعة له إلى المقتدر يطلب فيها الوزارة، فبعث بها إلى ابن الفرات. فاتّهم ابن الفُرات عبد الله بن الحسن بن زوزان بأنّه يسعى لأبي عليّ في الوزارة، فنفاه إلى الرَّقَّةِ. هبوب الريح بالموصل: وفيها أُخِذَ من بغداد أربعةٌ، ذُكِرَ أنهم من أصحاب محمد بن بِشْر، وأنّه يدَّعي الرُّبُوبيّة4. وهبّت بحديثة الموصل ريحٌ حارّة، فمات من حَرِّها جماعة5. قتل المهديّ للداعيين الشيعيين: وفيها كانت وقعة بين أبي محمد عُبَيْد الله المهديّ وبين داعِيَه أبي عبد الله، وأبي العبّاس بإفريقّية في جُمَادى الآخرة، فَقُتِل الدّاعيّان وجُنْدهما، فخالف على المهديّ أهلُ طرابُلُس، فجهز إليهم ابنه أبا القاسم القائم، فأخذها عنوةً في سنة ثلاثمائة، وتمهدت له المغرب6.

_ ــ 1 المنتظم "6/ 97، 98"، البداية والنهاية "11/ 112"، النجوم الزاهرة "3/ 174". 2 دول الإسلام "1/ 181"، العبر "2/ 109". 3 سيأتي في التراجم برقم "221". 4 المنتظم "6/ 98"، البداية والنهاية "11/ 112". 5 المنتظم "6/ 98"، البداية والنهاية "11/ 112"، الكامل في التاريخ " 6 نهاية الأرب "24/ 154"، النجوم الزاهرة "3/ 174"، العبر "2/ 109".

أحداث سنة تسع وتسعين ومائتين

أحداث سنة تسعٍ وتسعين ومائتين: فيها تُوُفي: أحمد بن أنس بن مالك الدِّمشقيّ، وأبو عَمْرو الخفاف الزّاهد أحمد بن نصر الحافظ، والحسين بن عبد الله الخرقي الفقيه والد مصنف الخِرَقيّ، وعليّ بن سعيد بن بشير الرّازيّ، ومحمد بن يزيد بن عبد الصّمد، وجُمشاد الدَّينَورِيّ الزاهد. القبض على الوزير ابن الفرات: وفيها قبض المقتدر على وزيره أبي الحسن بن الفُرات، ونُهِبَتْ دُورُه، وهُتِك حُرَمُه1. وقيل: إنه ادُّعي عليه أنّه كاتَبَ الأعراب أن يكبسوا بغداد. ونهبت بعض بغداد عند قبْضه. وزارة ابن خاقان: واستوزر أبا عليّ محمد بن عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان2. ورود هدايا مصر على المقتدر: وفيها وردت هدايا مصر، فيها خمسمائة ألف دينار، وضلع إنسان عرض شبْر، في طول أربعة عشر شِبْرًا، وتَيْس له ضرْع يحلب لبنًا3. ورود هدايا أمير خُراسان: ووردت هدايا أحمد بن إسماعيل بن أحمد أمير خُراسان، فيها جواهر ويواقيت لا تُقَوَّم4. ورود هدايا ابن أبي السّاج: ووردت هدايا يوسف بن أبي الساج، فكانت خمسمائة رأس من الخيل والبغال، وثمانون ألف دينار، وبساط روميّ طولُه سبعون ذراعًا، في عرض ستّين ذراعًا، نُسِجَ في عشر سنين، وغير ذلك5. الدعوة للمهديّ بالخلافة: وفيها سار المسمّى بالمهديّ إلى المهديّة بالمغرب، وَدُعِيَ له بالخلافة برَقّادة والقيروان وتلك النواحي، وعظم مُلْكُه6، والله أعلم.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 145"، نهاية الأرب "23/ 34"، النجوم الزاهرة "3/ 177". 2 تاريخ الطبري "10/ 145"، البداية والنهاية "11/ 116"، النجوم الزاهرة "3/ 177". 3 المنتظم "6/ 109"، البداية والنهاية "11/ 116"، النجوم الزاهرة "3/ 177". 4 البداية والنهاية "11/ 112-116"، المنتظم "6/ 98". 5 المنتظم "6/ 110"، نهاية الأرب "23/ 36". 6 النجوم الزاهرة "3/ 177".

أحداث سنة ثلاثمائة

أحداث سنة ثلاثمائة: وفيها تُوُفي: أبو العبّاس أحمد بن محمد البراثيّ، وأبو أُمية أحْوَص بن المفضَّل الغَلابي، والحسين بن عمر بن أبي الأَحْوَص، وعليّ بن سعيد العسْكريّ الحافظ، وعبد الله بن عبد الله بن طاهر الأمير، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأمويّ صاحب الأندلس، وعليّ بن طَيْفُور النَّسَويّ، ومحمد بن أحمد بن جعفر أبو العلاء الوَكِيعيّ، ومسدَّد بن قَطَن، ومحمد بن الحَسَن بن سَمَاعَة. مقتل الحسيني بأعمال دمشق: وفيها ظهر محمد بن جعفر بن عليّ الحسينيّ بأعمال دمشق، فخرج إليه أميرها أحمد بن كَيْغَلَغ، فقُتل محمد في المعركة1. الوباء بالعراق: وفيها كان وباء شديد بالعراق، وأهلك الخلق2. سَيْح جبل بالديّنور: وساح جبل بالدينَوَر في الأرض، وخرج من تحته ماء كثير غَرّق القرى3. مصادرة ابن الفرات وأصحابه: وفيها تُتُبِّع أصحاب أبي الحَسَن بن الفُرات وصُودروا، وأُخْرِبت ديارُهم، وضُربوا، وعُذِّب ابن الفُرات حتى كاد يتلف، ثمّ رَفَقُوا به بعد أن أُخِذت أمواله4. وزارة عليّ بن عيسى: ثمّ عزل الخاقاني عن الوزارة، ورُشّح لها عليّ بن عيسى5. ولادة بغلة: ويقال وُلِدت فيها بغلة، فسبحان القادر على كل شيء6.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 180". 2 البداية والنهاية "11/ 118"، النجوم الزاهرة "3/ 180". 3 المنتظم "6/ 115"، البداية والنهاية "11/ 181"، النجوم الزاهرة "3/ 180"، تاريخ الخلفاء "380". 4 النجوم الزاهرة "3/ 179". 5 النجوم الزاهرة "3/ 180"، الكامل في التاريخ "8/ 68". 6 المنتظم "6/ 115".

تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الألف": 1- أحمد بن إبراهيم بن عُبَيْد الله بن كيسان الثقفي المديني1. شادويه. وعن: إسماعيل بن عمرو البجلي. وعنه: الطبراني. قال أبو الشّيخ: ليس بالقويّ. تُوُفي سنة إحدى وتسعين ومائتين. 2- أحمد بن إبراهيم بن الحَكَم أبو دُجَانة القرافيّ، مولاهم. والقرافة بطن من المَعَافر، نزلوا بظاهر مصر. يروي عن: عيسى بن حمّاد، وحَرْمَلَة، وغيرهما. تُوُفي سنة تسعٍ تسعين ومائتين. 3- أحمد بن إبراهيم بن أيّوب أبو بكر الحَوْرانيّ. عن: عثمان بن أبي شَيْبة، وعُقْبة بن مُكْرَم. وعنه: أبو بكر بن أبي دُجَانة، وأخوه أبو زُرْعة بن أبي دُجَانة. وتُوُفي سنة تسعٍ وتسعين. 4- أحمد بن إسحاق الأصبهانيّ ويُعرف بحَمُّوَيْه الثَّقَفيّ الْجَوْهريّ. عن: لُوَيْن، وإسماعيل بن زُرَارة، وأبي مروان العثمانيّ. وعنه: أبو الشيَّخ، والقاضي أبو أحمد العسَّال. توفي سنة ثلاثمائة. 5- أحمد بن أنَس بن مالك أبو الحَسَن الدّمشقيّ المقرئ2. عن: صَفْوان بن صالح، وهشام بن عمّار، ودُحَيْم، ومحمد بن الخليل البلاطيّ، وطائفة. وقرأ القرآن على ابن ذَكْوان. وذكر أبو بكر النّقّاش أنه أخذ عنه حرف ابن ذَكْوان. وروى عنه: ابن جَوْصا، وولده الحَسَن بن أحمد بن جوصا، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، والطَّبَرانيّ، وأبو أحمد بن النّاصح، وجماعة. وكان من ثقات الدمشقيين. توفي سنة تسعٍ وتسعين. 6- أحمد بن بِشْر أبو أيوب الطيالسي3.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 64-65". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 10". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 35"، طبقات الحنابلة "1/ 22" رقم 5.

عن: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين. وعنه: أبو بكر الخلال الخُتُّليّ، وعمر بن مسلم. تُوُفي سنة خمسٍ وتسعين. 7- أحمد بن بِشْر الهَرَويّ. عن: عليّ بن حُجْر، وغيره. تُوُفي سنة ستٍّ. 8- أحمد بن بِشْر بن حبيب الصُّوريّ البيروتيّ المؤدِّب1. عن صَفْوان بن صالح، وعبد الحميد بن بكّار، ومحمد بن مُصَفَّى، وغيرهم. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، وجُمَح بن القاسم، وآخرون. وقد مر: أحمد بن بِشْر بن عبد الوهاب وأحمد بن بِشْر المَرْثَديّ. 9- أحمد بن تميم بن ... 2 المُرُوذِيّ. ومُرْذ: بالضّمّ من قرى مَرْو. وسمع: عليَّ بن حُجْر، وأحمد بن منيع، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة، في صَفَر. 10- أحمد بن حاتم ماهان السّامُرِّيّ الْمُعَدَّلُ3. عن: عبد الأعلى بن حمّاد، ويحيى بن أيّوب العابد، وعدّة. وعنه: عبد الله الخُراساني، والطَّبَرانيّ. 11- أحمد بن الحسن بن أبان بن مُضَر. المصري4 الأَيْليّ5. عن: أبي عاصم النّبيل، وعبد الصمد بن حسّان، وحَجّاج بن منهال، وغيرهم.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 16". 2 بياض في الأصل. 3 تاريخ بغداد "4/ 114"، المعجم الصغير للطبراني "1/ 66". 4 في الأصل "المغري". 5 المعجم الصغير للطبراني "1/ 53"، المجروحين لابن حبان "1/ 49، 150"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي.

وعنه: عبد الباقي بن قانع، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازيّ، والطّبرانيّ، وجماعة. قال ابن حِبّان، وابن الرّبيع: كذّاب. وقال أبو يَعْلَى الخليليّ: كذاب يضع الحديث. قلت: تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. أورد له ابن عديّ حديثين باطلين. 12- أحمد بن الحسين بن نصر1. أبو جعفر البغداديّ الحذّاء. عن: عليّ بن المَدِينيّ، وغيره. وعنه: ابن قانع، وعيسى الرُّخَّجيّ، وآخرون. وثّقه الدّارَقُطْنيّ2. وتوفي سنة تسعٍ وتسعين. 13- أحمد بن الحسين. أبو بكر الباغَنْديّ. عن: محمد بن منصور الجزّار، وعيسى بن يونس الفاخوريّ، والحسين بن حسن المَرْوَزِيّ، ويونس بن عبد الأعلى، وجماعة. روى عنه: يزيد بن محمد الأزْديّ. 14- أحمد بن حفص السَّعْديّ الْجُرْجانيّ3. حَمْدان. محدِّث، عالم، ضعيف. يروي عَنْ: عليّ بْن الْجَعْد، وأحمد بْن حنبل، وطبقتهما. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأهل جُرْجان. تُوُفي سنة ثلاث أو أربعٍ وتسعين. قال ابن عديّ: أحمد بن حفص بن عمر بن حاتم بن النجم بن ماهان أبو محمد السَّعْديّ، تردَّد إلى العراق وأكثر، وحدَّث بأحاديث مناكير لا يُتابَع عليها. وهو عندي ممّن لا يتعمَّد الكذب. وهو ممّن يُشَبَّه عليه فيغلط ويحِّدث من حفظه. قلت: روى له ابن عديّ خمسة أحاديث، كلّها لهشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة مناكير مرة. يسقط حديث الرجل بدونها.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 41"، وتاريخ بغداد "4/ 97، 98". 2 تاريخ بغداد "4/ 98". 3 ميزان الاعتدال "1/ 94"، ولسان الميزان "1/ 162، 163"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 70"، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى "1/ 41".

ثمّ إنّه حدَّث عن سعيد بن عُقْبة الكوفيّ قال: ثنا الأعمش، وثنا جعفر الصّادق. وسأل ابن عديّ الحافظ ابن عُقْدة، عن ابن عُقْبة هذا فقال: لم أسمع به قط. ثمّ إنّ الّذي عن جعفر بن محمد، هو من أبيه، عن جدّه، عن بَحِيرا الراهب في الزَّجْر عن الخمر. فانظر إلى هذا الإفْك المبين، وبَحِيرا لم يُدْرِك المَبْعَث. وما أشكّ أنّ سعيد بن عُقْبة هذا شيء اختلقه أحمد بن حفص. فإنّ مثل هذا يُروى عن جعفر، ويتأخّر إلى حدود سنة ثلاثين ومائتين، ولا يعرفه ابن عُقْدة، هذا معدوم قَطْعًا. 15- أحمد بن حمَاد بن مسلم1. أبو جعفر التُّجَيْبيّ المصريّ بن زُغْبَة. عن: سعيد بن أبي مريم، وسعيد بن عُفَيْر، وأخيه عيسى بن حمَاد، وطائفة. وعنه: ن. وأبو سعيد بن يونس، وعبد المؤمن بن خَلَف النَّسَفيّ، والحسن بن رشيق، والطبراني، وجماعة. وبلغ أربعا وتسعين سنة. توفي بمصر في جمادى الأولى سنة ست وتسعين. 16- أحمد بن حماد بن سفيان2. أبو عبد الرحمن الكوفي. ولي قضاء المصيصة، فتوفي بها. سمع: أبا بلال الأشعري، وأبا كريب. وعنه: عبد الباقي بن قانع، ومحمد بن علي بن حبيش، وجماعة، وأبو عمرو السماك. قال الدّارَقُطْنيّ: لا بأس به. 17- أحمد بن داود بن أبي نصر3. أبو بكر السّمْنانيّ القُومِسيّ. عن: سُفْيان، وهُدْبَة بن خالد، وصَفْوان بن صالح المؤذّن، وخلْق. وعنه: ابن عُقْدَةَ، وإسماعيل بن نُجَيْد، وأبو عَمْرو بن مَطَر. تُوُفي سنة خمسٍ وتسعين. 18- أحمد بن رُسْتَة الأصبهانيّ4.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 21، 22"، وتهذيب التهذيب "1/ 25، 26"، وتقريب التهذيب "1/ 13"، وسير أعلام النبلاء "13/ 533" رقم 265. 2 تاريخ بغداد "4/ 124". 3 تاريخ بغداد "4/ 141". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 63".

عن: جده لأمّه محمد بن المغيرة، وسليمان الشاذكوني، وإبراهيم بن عبد الله الهروي. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيخ، وأبو أحمد الْعَسَّالُ. تُوُفي سنة ثلاثٍ وتسعين. 19- أحمد بن أبي يحيى زُكَيْر الحضْرميّ1. مولاهم المصريّ أبو الحَسَن الملقَّب بيزيد بن أبي حبيب. يروي عن: حَرْمَلَة، وعافية بن أيّوب، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفي سنة ثمانٍ وتسعين. قال ابن يونس: لم يكن بذاك، فيه نُكْرة. 20- أحمد بن زيد بن الحُرَيْش الأهوازيّ2. أبو الفضل. عن: أبيه، وأبي حاتم السجِسْتانيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفي في صفر سنة أربعٍ وتسعين. 21- أحمد بن سعيد بن شاهين البغداديّ3. عن: شَيْبان، ومُصْعَب بن عبد الله. وعنه: دَعْلَج، والطَّبَرانيّ. وكان ثقة. تُوفي سنة ثلاثٍ أيضًا. 22- أحمد بن سعيد. أبو جعفر4 النَّيْسابوريّ الحبريّ5. عن: عليّ بن حُجْر، وأحمد بن صالح المصريّ، وخلْق. وسكن الشاش. وكان حافظًا نبيلًا. تُوُفي بالشّاش في ذي القعدة سنة ثلاثٍ أيضًا. 23- أحمد بن سعيد بن عروة الصفار6.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 49". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 28". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 36"، وتاريخ بغداد "4/ 171". 4 الثقات لابن حبان "8/ 755". 5 في الثقات "الحيري". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 62".

عن: عبد الواحد بن غِياث، وإسحاق بن موسى الخَطْميّ، وأحمد بن عَبْدة. وعنه: أبو الشيخ، والطَّبَرانيُّ. توُفّي سنة خمسٍ. 24- أحمد بن الحافظ سعيد بن مسعود المَرْوَزِيّ1. من كُبراء مَرْو، وأَجِلّائها، وعُقَلائها. عن: أبيه، وعليّ بن حُجْر. وعنه: أبو العبّاس الساريّ، ويحيى العَنْبَريّ. توُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 25- أحمد بن سليمان بن أيوب2. أبو محمد المَدِينيّ الأصبهانيّ الوَشّاء. أحد الأثبات. سمع: الوليد بن شجاع، وسوّار بن عبد الله العَنْبَريّ، والطبقة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيخ، وأبو إسحاق بن حمزة. توفي سنة تسعٍ وتسعين. 26- أحمد بن سهل بن أيّوب3. أبو الفضل الأهوازيّ. عن: عليّ بن بحر القطّان. وعنه: الطَّبَرانيّ، وغيره. تُوُفّي في يوم التَّرْوِية سنة إحدى وتسعين بالأهواز. 27- أحمد بن سهل بن مالك4. أبو بكر النَّيْسابوريّ. عن: أحمد بن حنبل، وابن راهَوَيْه. وعنه: الحافظان ابن عُقْدة، وابن الأخرم. تُوُفّي سنة تسعين. 28- أحمد بن صنا. ويقال: أحمد بن صنا أبو الحَسَن الدّمشقيّ المَرَوِيّ. روى عن: أبي الجماهر الكَفَرْسوسيّ، وغيره. وعنه: أبو الطَّيَّب بن الخَوْلانيّ، وأبو عليّ بن آدم، وأبو عَمْرو بن فضالة.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 62". 2 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 109، 110". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 31". 4 طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى "1/ 47".

29- أحمد بن طاهر بن حَرْمَلةَ بن يحيى التُّجَيْبيّ المصريّ1. عن: جدّه. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأحمد بن عليّ المَدِينيّ. قال ابن عديّ: ضعيف يكذب في الحديث وغيره. سمعت أحمد بن علي يقول: سمعت أحمد بن طاهر يقول: رأيت بالرملة قردا يصوغ، فإذا أراد أن ينفخ أشار إلي رجل حتى ينفخ له. توفي سنة اثنتين وتسعين. 30- أحمد بن العباس بن أشرس2. عن: أحمد بن حنبل، وأبي إبراهيم الترجماني. توفي ببغداد سنة ثلاث وتسعين. 31- أحمد بن العبّاس بن الوليد بْن مُزْيَد. أبو العبّاس العُذْريّ البَيْروتيّ. روى عن: هشام بن عمّار، ولُوَيْن، وحامد بن يحيى البْلخيّ. وعنه: محمد بن يوسف الهَرَويّ، وموسى الصّبّاغ إمام مسجد بيروت، وأبو عبد الله بن مروان، وآخرون. ذكره ابن منده بالفضل والصَّلاح. 32- أحمد بن عَبْدان بن سِنان الزَّعْفرانيّ. عن: عبد الله بن عمر أخو رُسْتَة، وطبقته من الأصبهانيّين. وعنه: أبو الشَّيخ. تُوُفّي سنة ستٍ وتسعين. 33- أحمد بن عبد الله الخُتُّليّ3. عن: أبي بكر بن أبي شَيْبة، وأبي همّام السَّكونيّ، وطبقتهما. وعنه: أبو بكر الجعابي، والإسماعيلي. توفي سنة ثلاثمائة. وثقه الخطيب.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 22"، ولسان الميزان "1/ 189"، وميزان الاعتدال "1/ 105". 2 طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى "1/ 52، 53". 3 في الأصل "أبي بن أبي شيبة".

34- أحمد بن عبد الله القَرْمَطيّ1. صاحب الخال. رأس القرامطة وطاغيتهم. هو سمّى نفسه هكذا. وهو حسين بن زَكْرَوَيْه. بعث المكتفي بالله عسكرًا لحربه في سنة إحدى وتسعين، فالتقوا، فقُتِل خلْق من أصحابه، ثمّ انهزم، فَمُسِكَ وأُتِيَ به، وطِيف به في بغداد في جماعة، ثمّ قُتِل هو وهم تحت العذاب. وكان قد بايعه القرامطة بعد قتل أخيه، ولقَّبوه بالمهدي. وكان شجاعًا فاتكًا شاعرًا. ومن شعره يقول: متى أرى الدنيا بلا كاذبِ ... ولا حَرُوري ولا ناصبي متى أرى السَّيْفَ على كلِّ مَن ... عادى عليَّ بنَ أبي طالبِ ولما قُتِلَ خرج بعده أبوه زَكْرَوَيْه القَرْمَطيّ يأخذ بالثّأر، فاعترض الرّكَب العراقيّ في سنة أربعٍ وتسعين في المحرَّم، فقتلهم قتلًا ذريعًا، وبدَّعَ فيهم. قال أبو الشَّيخ الأصبهانيّ: حزروا أنّ زَكْرَوَيْه القَرْمَطيّ قتل من الحاجّ وغيرهم خمسين ألف رجل، ثمّ لقِيه العسكر بظاهر الكوفة، فهزم العسكر وأخذ سلاحهم وثقلهم، فتقوى بذلك، واستفحل أمره، وأجلبت معه كلْب وأَسَد، ولقَّبوه السيّد، وكان يُدْعى زَكْرَوَيْه. ثمّ سار إليه جيش عظيم، فالتقوه بين البصْرة والكوفة، فكُسِر جيشه وأسر جريحًا، ثمّ مات في ربيع الأول من سنة أربعٍ، وطِيف به ببغداد ميتًا2، لا رحمه الله تعالى. وقد مرّت أخبارهم في الحوادث. قال إسماعيل الخُطَبيّ: خرج بالشّام في خلافة المكتفي رجل يُعرف بابن المهزول، انتمى إلى جعفر بن محمد، فعاث وأفسد. قال المَرْزبانيّ: عليّ بن عبد الله بن المهزول الخارج بالشّام مع أخيه أحمد بن عبد الله صاحب الخال، وهو صاحب الشامة، وكانا ينتميان إلى الطالبيين، ويشك في

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 100-114"، والمنتظم "6/ 43"، وتاريخ أخبار القرامطة "20-25". 2 تاريخ الطبري "10/ 130-134"، والتنبيه والإشراف "325، 326"، تاريخ أخبار القرامطة "28-36"، والمنتظم "6/ 60"، البداية والنهاية "11/ 101".

نَسَبِهما فكانت الرئاسة لعليّ بن عبد الله، فقُتِل، ثمّ قام أخوه إلى أن قُتِل. ولعليّ شِعْر جيّد. قلت: ويُسمى أيضًا يحيى بن زَكْرَوَيْه. قال الخُطَبيّ: ثمّ حاصر ابن المهزول دمشقَ فلم يدخلْها، وتمّت له وقائع مع عسكر مصر، وقُتِل في المعركة. وكان يعرف بصاحب الجمل، فقام بعده أخوه صاحب الخال، وفي اسمه خلف. 35- أحمد بن عبد الرحمن السقطي1. عن: يزيد بن هارون. مجهول. تفرد عنه: محمد بن أحمد المفيد الضعيف وقال: سمعت منه سنة خمسٍ وتسعين. 36- أحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق2. أبو عبد الله بن أبي عَوْف البغداديّ البُزُوريّ. رئيس نبيل صدوق. سمع: سويد بن سعيد، ولُوَيّنًا، وعثمان بن أبي شَيْبة، وجماعة. وعنه: أبو علي بن الصواف، وعبد الله بن إبراهيم الزَّيْنبيّ، ومحمد بن عليّ بن حُبَيْش، وآخرون. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. وثّقه الدارَقُطْنيّ. ومولده سنة أربع عشرة ومائتين3. قال الخطيب: كان ثقة نبيلًا رفيعًا جليلًا، ذا منزلة من السلطان وأموال. قال ابن الحربيّ: هو أحد عجائب الدُّنيا4. 37- أحمد بن عبد الرحمن بن يزيد بن عقال5. أبو الفوارس التميمي الحراني.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 244"، والمنتظم "6/ 90-92"، لسان الميزان "1/ 211، 212". 2 تاريخ بغداد "4/ 245، 246"، وميزان الاعتدال "1/ 116". 3 تاريخ بغداد "4/ 246". 4 تاريخ بغداد "4/ 246"، طبقات الحنابلة "1/ 51". 5 المعجم الصغير للطبراني "1/ 14، 15"، وميزان الاعتدال "1/ 116"، لسان الميزان "1/ 213"، والمغني في الضعفاء "1/ 46".

عن: أبي جعفر النُّفَيليّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن عديّ. قال أبو عَرُوبَة: لم يكن يؤتَمَن على نفسه ولا دينه. وقال ابن عديّ: يُكتَب حديثه. قلت: تُوُفّي سنة ثلاثمائة. 38- أحمد بن عُبَيْد الله بن جرير بن جَبَلَة بن أبي رَوّاد العَتَكيّ البصْريّ القاضي1. عن: أبيه، وغيره. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 39- أحمد بن عُبَيْد. أبو بكر الشّيرازيّ. روى عنه: محمد بن بكّار بن الريان، وداود بن الرشيد. وعنه: أبو بكر عبد العزيز شيخ الحنابلة، وأبو بكر الإسماعيليّ. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 40- أحمد بن على بن إسماعيل القطّان. بغداديّ2. روى عن: أبي مروان العثمانيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. 41- أحمد بن على بن إسماعيل الرّازيّ3. عن: سهل بن عثمان، ومحمد بن مَهران الجمّال، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي في صفر سنة إحدى وتسعين ببغداد. 42- أحمد بن عليّ بن سعيد. القاضي أبو بكر المَرْوَزِيّ مولى بن أُميّة4. ولي نيابة الحُكْم بدمشق، وولي قضاء حمص. وكان محدّثًا ثقة، مُكْثِرًا عالمًا. سمع: عليّ بن الجعد، وسويد بن سعيد، ويحيى بن مَعِين، وكامل بن طلحة، وأبا نصر التّمّار، وخلْقًا من طبقتهم. وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ، وأبو عَوَانة، وابن جَوْصا، وأبو عليّ بن معروف، والطبراني، وأبو أحمد بن الناصح.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 37". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 35"، وتاريخ بغداد "4/ 305". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 27، 28"، تاريخ بغداد "4/ 307". 4 تاريخ بغداد "4/ 304"، وتهذيب التهذيب "1/ 62"، وتقريب التهذيب "1/ 22".

تُوُفّي في نصف ذي الحجّة سنة اثنتين وتسعين. 43- أحمد بن عليّ بن حسن1. أبو الصَّقر التَّميميّ البغداديّ الضّرير. روى عن: عليّ بن عثمان اللّاحقيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. 44- أحمد بن عليّ بن محمد بن الجارود الحافظ2. أبو جعفر الجاروديّ الأصبهانيّ. رحل وطوَّف وصنَّف التّصانيف. وحدَّث عن: أبي سعيد الأشَجّ، وعمر بن رُسْتَة، وهارون بن إسحاق، وخلْق من الأصبهانيين. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو إسحاق بن حمزة، وعبد الرحمن بن محمد بن سياه، وأبو الشيخ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين، وقيل: سنة ثمانٍ. 45- أحمد بن عمرو بن عبد الخالق3. أبو بكر البزار الحافظ، صاحب "المسند" المشهور. سمع: هُدْبَةَ بن خالد، وعبد الأعلى بن حمّاد النَّرْسيّ، والحسن بن عليّ بن راشد، وإبراهيم بن سعيد الْجَوْهريّ، وعبد الله بن معاوية الْجُمحيّ، ومحمد بن يحيى الرُّمّانيّ، وخلْقًا. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيخ، وعُبَيْد الله بن الحَسَن، وأهل أصبهان، فإنّه رحل إليها في آخر عُمره، وروى بها الكثير. قال الدّارَقُطْنيّ: ثقة يخطئ كثيرًا4 ويتّكل على حِفْظه5. قلت: تُوُفّي بالرَّملة في ربيع الأوّل سنة اثنتين وتسعين6. وقد حدَّث ببغداد أيضًا فروى عنه من أهلها: محمد بن العبّاس بن نجيح، وعبد الباقي بن قانع، وأبو بكر الخُتَّليّ، وغيرهم. وحدَّث بمصر وبالحَرَم. وكان يرحل في أواخر عمره، وثبت علمه.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 47"، وتاريخ بغداد "4/ 305، 306". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 63". 3 المنتظم "6/ 50"، والنجوم الزاهرة "3/ 157، 158"، لسان الميزان "1/ 237". 4 إضافة من تاريخ بغداد. 5 تاريخ بغداد "4/ 335". 6 تاريخ بغداد "4/ 335"، ذكر أخبار أصبهان "1/ 104".

46- أحمد بن عَمْرو بن مسلم1. أبو بكر المكّيّ الخلّال. عن: يعقوب بن حُمَيْد بن كاسب، وعبد الله بن عِمران العابديّ، ومحمد بْن يحيى العُرَنيّ، وطائفة. وعنه: الطَّبَراني، وغيره. تُوُفي سنة إحدى وتسعين ومائتين. 47- أحمد بن عَمْرو بن حفص بن عُمَر بن يَمَان بن عبد الرحمن القرمعيّ2. أبو بكر البصْريّ القَطَرانيّ. عن: عمرو بن مرزوق، وسليمان بن حرب، وهُدْبة بن خالد، والقَعْنَبِيّ، وأبي الوليد، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الطاهر الذُّهَليّ قاضي مصر، وآخرون. تُوُفّي في شوّال سنة خمس وتسعين. وذكره ابن حِبّان في "الثّقات". 48- أحمد بن فَيّاض3. أبو جعفر الدّمشقيّ. عن: هشام بن عمّار، ومحمد بن مُصَفَّى. وعنه: أبو عليّ بن شُعَيب، وجماعة. تُوُفّي سنة ستٍ وتسعين. 49- أحمد بن القاسم بن مُسَاوِر البغداديّ4. أبو جعفر الْجَوْهريّ. عن: عفّان، وخالد بن خِداش، وعلى بن الْجَعْد. وعنه: ابن قانع، وأحمد بن كامل، ومحمد بن عليّ بن حُبيَش، والطَّبَرانيّ. وكان ثقة5 صاحب حديث. قال أحمد المُنادي: قال لي إنّه كتب عن عليّ بن الْجَعْد خمسة عشر ألف حديث6. قال: ومات في المحرّم سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 26". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 51"، والثقات لابن حبان "8/ 55". 3 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 439". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 34"، وتاريخ بغداد "4/ 349". 5 تاريخ بغداد "4/ 349". 6 تاريخ بغداد "4/ 350".

50- أحمد بن القاسم السُّلَيمانّيّ الأغرّ1. عن: سَجّادة، وعبد الرحمن بن صالح. وعنه: ابن مَخْلَد، وابن قانع. 51- أحمد بن القاسم بن نصر بن دَوَسْت2. أبو عبد الله البغداديّ. عن: سُوَيْد بن سعيد، وغيره. وعنه: جعفر الخالديّ، وبكّار بن أحمد. قال الخطيب3: كان ثقة صالحًا. مات سنة ستٍ وتسعين. 52- أحمد بن القاسم4. أبو الحَسَن الطّائيّ البِرْتيّ. عن: بِشْر بن الوليد، وأبي بكر بن أبي شَيْبة، وجماعة. وعنه: أحمد بن خُزَيْمة، وابن قانع، والطبراني، وجماعة. وثقه الخطيب5. وتوفي سنة ست أيضا. 53- أحمد بْن محمد بْن الحَسَن بْن بِسْطام. أبو العبّاس البغداديّ الكاتب. أحد الفُضَلاء الأعيان، ولي المناصب الكِبار. وقد أخذ عن: يعقوب بن السِّكّيت. روى عنه: الأخفش الصغير، ومحمد بن هارون المجدَّر. تُوُفّي بمصر في رجب. 54- أحمد بن محمد بن منصور6. أبو بكر البغداديّ الحاسب الضّرير. سمع: عليَّ بْنُ الْجَعْدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ. روى عنه: أبو بكر القطِيعيّ، وأبو بكر بن الْجِعَابي، ومَخْلَد الباقَرْحيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. وثّقه الدّارَقُطْنيّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 55- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن أُسَيْد7. أبو العبّاس الخزاعي الأصبهاني.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 351". 2 تاريخ بغداد "4/ 350". 3 تاريخ بغداد "4/ 350". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 37"، وتاريخ بغداد "4/ 350". 5 تاريخ بغداد "4/ 350". 6 تاريخ بغداد "5/ 97". 7 المعجم الصغير للطبراني "1/ 61"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 106".

عن: مسلم بن إبراهيم، والقَعْنَبِيّ، وَقُرَّةَ بن حبيب، وأبي عمر الحَوْضيّ، وأبي الوليد الطَّيالِسيّ، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو أحمد العسّال، وأبو الشيَّخ بن حبّان، وعبد الرحمن بن سِياه، وجماعة من الأصبهانيّين. وقال أبو الشيَّخ: ثقة مأمون. تُوُفّي في صفر سنة إحدى وتسعين. 56- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن الحَسَن بْن الفُرات1. أبو العبّاس الكاتب. أخو الوزير عليّ، وعمّ ابن خَيْزُران. من بيت الحشمة والوزارة. وكان أَكْتَبَ أهل زمانه وأقومهم للآداب والفضائل والفِقْه، بل مدحه البُحْتُريّ الشاعر. وتُوُفّي سنة إحدى وتسعين ببغداد، ولم يخلِّف بعده مثله في التصرف. 57- أحمد بْن محمد بْن الحَجّاج بْن رِشْدِين بن سعد2. أبو جعفر المِهْريّ المقرئ الحافظ. قرأ القرآن على: أحمد بن صالح الطَّبَريّ. وسمع: سعيد بن عُفَيْر، ويحيى بن سليمان الْجُعْفيّ، وجماعة. وعنه: عبد الله بن جعفر بن الورد، وعمر بن دينار، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وآخرون. قال ابن عدي3: له مناكير ويُكْتَب حديثه. وهو كثير الحديث من الحفّاظ لحديث مصر. قرأ عليه: ابن شَنَبُوذ، وأحمد بن بَهْزاد السِّيرافيّ. وقال ابن يونس: مات في يوم عاشوراء سنة اثنتين وتسعين. قال ابن عديّ: هو، وأبوه، وجدّه، وجدّ أبيه، أربعتهم ضُعفاء. 58- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن صدقة4. أبو بكر البغداديّ الحافظ.

_ 1 تاريخ الطبراني "10/ 23-73"، ومروج الذهب "2987، 2988". 2 الجرح والتعديل "2/ 75"، وتاريخ بغداد "4/ 297". 3 الكامل في الضعفاء "1/ 201". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 34"، وتاريخ بغداد "5/ 40"، سير أعلام النبلاء "14/ 83"، وشذرات الذهب "2/ 215".

سال الإمام أحمد مسائل مدوّنة. وسمع من: إسماعيل بن مسعود الْجُحْدُريّ، ومحمد بن مسكين اليَمَاميّ، ومحمد بن حرب النَّسائيّ، وغيرهم. وعنه: ابن قانع، وأبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ. وكان موصوفًا بالضَّبْط والإتقان. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. وأخذ عنه: أبو بكر الخلّال، وغيره. وروى القراءات عن جماعة. روي عنه: ابن مجاهد. 59- أحمد بن محمد1. أبو العباس المديني الأصبهانيّ البزّار. ثقة فاضل، يروي عن: داود بن رُشَيْد، وعبد الله مُشْكِدَانَة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيخ، وجماعة. تُوُفّي سنة ثلاثٍ أيضًا. 60- أحمد بن محمد بن سعيد2. أبو سعيد الأصبهانيّ المَعينيّ. سمع: سهل بن عثمان، وعقبة بن مُكْرَم، وزيد بن الحَرَميّ، وطبقتهم. وعنه: الطبراني، وأبو أحمد العسال، وأبو الشيخ. وثّقه أبو نُعَيْم الأصبهانيّ. وتوفي سنة خمسٍ وتسعين. 61- أحمد بن محمد بن حرب الْجُرْجانيّ المُلْحَميّ3. عن: عليّ بن الْجَعْد، وأبي مُصْعَب. وعنه: ابن عديّ. وليس بثقة. 62- أحمد بن محمد4. أبو الحسين النوريّ الزَّاهد شيخ الصُّوفية. كان من أعلم العراقيين بلَطَائف القوم5. صحب السَّريّ السَّقطيّ، وغيره. وكان أبو القاسم الْجُنَيْد يعظمه ويحترمه. وأصله خُراسانيّ بَغَويّ. تُوُفّي أبو الحسين النّوريّ سنة خمس أيضًا. وقد قدِم الشّامَ وأخذ عَنْ: أحمد بن أبي الحواري.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 61". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 62". 3 المجروحين لابن حبان "1/ 154"، وميزان الاعتدال "1/ 134". 4 طبقات الصوفية للسلمي "164-169"، وحلية الأولياء "10/ 249-255"، وسير أعلام انبلاء "14/ 70-77"، والبداية والنهاية "11/ 106"، والنجوم الزاهرة "3/ 163". 5 تاريخ بغداد "5/ 130".

حكى ابنُ الأعرابي محنته وغَيبته في أيام محنة غلام خليل، وأنّه أقام بالكوفة مدّة سِنين متخلّيًا عن النّاس، ثمّ عاد إلى بغداد وقد فقد أُناسه وجُلّاسه وأشكاله، فانقبض عن الكلام لضعف قوّته، وضَعْف بَصَره1. قال أبو نُعَيْم: سمعت عمر البنّا بمكة لمّا كانت محنة غلام خليل ونسبوا الصُّوفيّة إلى الزَّنْدَقة، أمر الخليفة بالقبض عليهم، فأُخِذَ في جملتهم النُّوريّ إلى السَّيّاف ليضرب عُنُقَه، فقيل له في ذلك، فقال: آثرتُ حياتهم على نفسي وهذه اللّحظة. فتوقَّف السَّياف، فردَّ الخليفة أمرهم إلى قاضي القُضاة إسماعيل بن إسحاق. فسأل إسماعيل القاضي أبا الحسين النُّوريّ عن مسائل في العبادات، فأجابه، ثمّ قال له: وبعد هذا فلله عِباد يسمعون بالله، وينطقون بالله، ويأكلون بالله. فبكى القاضي، ودخل على الخليفة وقال: إن كان هؤلاء زنادقة فليس في الأرض موحِّد، فأطلقهم2. حكاية نافعة: قال أبو العبّاس بن عطاء: سمعت أبا الحسين النُّوريّ يقول: كان في نفسي من هذه الآيات، فأخذت من الصّبْيان قصبة، ثمّ قمت بين زَوْرقين وقلت: وَعِزَّتِكَ، لئن لم تخرج لي سمكةٌ، فيها ثلاثة أرطال لأُغْرِقَنّ نفسي. قال: فخرجت لي سمكة فيها ثلاثة أرطال. فبلغ: ذلك الْجُنَيْد، فقال: كان حكمه أن تخرج له أَفْعَى فتَلْدَغْه. وعن أبي الحسين قال: سبيل الفانين الفناء في محبوبهم، وسبيل الباقينَ البقاءُ ببقائه. ومن ارتفع عن الفَناء والبَقاء، فحينئذٍ لا فناء ولا بقاء. وعن القنّاد قال: كتبت إلى النُّوريّ وأنا حَدَث: وإذا كان كلّ المرء في الكُلّ فانيًا ... أبنْ لي عن أيِّ الوجودَيْن يُخْبِرُ فأجاب لوقته: إذا كنتَ فيما ليس بالوصف فانيًا ... فوقْتُكَ في الأوصاف عندي تحير

_ 1 حلية الأولياء "10/ 250". 2 طبقات الأولياء لابن الملقن "64، 65".

وقد ذكر ابن الأعرابي أبا الحسين النُّوريّ فقال: مضيت يومًا أنا ورُوَيْم بن أحمد، وأبو بكر العطّار نمشي على شاطئ نهر. فإذا نحن برجلٍ في مسجد بلا سَقْف. فقال رُوَيْم: ما أشبه هذا بأبي الحسين النُّوريّ. فِمِلْنا إليه فإذا هو هو، فسلَّمْنا، وَعَرَفَنَا، وذكر أنّه ضجر من الرَّقَّةِ فانحدر، وأنّه الآن قدِم، ولا يدري أين يتوجَّه. وكان قد غاب عن بغداد أربع عشرة سنة. فعرضنا عليه مسجَدنا، فقال: لا أريد موضعًا فيه الصُّوفيّة، قد ضجرت منهم. فلم يزل يطلب إليه حتّى طابت نفسه، وكان قد غلبت عليه السَّوْداء وحديث النَّفس، ثمّ ضعُف بصرُهُ وانكسر قلبه، وفقد إخْوانه، فاستوحش من كلّ أحد، ثمّ إنّه تأنَّس1. قال أبو نُعَيْم2: سمعت أبا الفَرَج الورثَانيّ: سمعت علي بن عبد الرحيم يقول: دخلت على النُّوريّ، فرأيت رِجْليه منتفخَتْين، فسألته، فقال: طالبتني نفسي بأكْل التَّمْر، فجعلتُ أُدافَعُها، فتأبى عليَّ، فخرجت واشتريت، فلمّا أن أكلت قلت لها: قومي فَصَلِّي. فأبت. فقلت: لله عليَّ إنْ قعدت على الأرض أربعين يومًا؛ فما قعدت3. وقال بعضهم عن النَّوريّ قال: من رأيته يدّعي مع الله حالةً تُخْرِجُ عن الشَّرع، فلا تقتربْ منه4. قال ابن الأعرابي في ترجمة النُّوريّ: فسألنا أبو الحسين عن نصر بن رجاء، وعثمان، وكانا صديقين له، إلّا أنّ نصرًا تنكّر له، فقال: ما أخاف ببغداد إلّا من نصر فعرَّفوه أنّه بخلاف ما فارقه، فجاء معنا إلى نصر. فلمّا دخل مسجده قام نصر، وما أبقى في إكرامه غاية، وبِتْنا عنده، ولمّا كان يوم الجمعة ركبنا مع نصر زورقًا من زوارقه إلى باب خراسان، ثمّ صرْنا إلى الجنيد، فقام القوم وخرجوا، وأقبل عليه الْجُنَيْد يذاكره ويمازحه، فسأله ابن مسروق مسألة، فقال: عليكم بأبي القاسم. فقال الجنيد: أجب يا أبا الحسين أرجو أن يسمعوا جوابك. فقال: أنا قادم، وأنا أحبّ أن أسمع.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 74". 2 الحلية "10/ 251". 3 تاريخ بغداد "5/ 132"، وسير أعلام النبلاء "14/ 71". 4 سير أعلام النبلاء "14/ 72".

فتكلم الْجُنَيْد والجماعة والنُّوريّ ساكت، فعرضوا عليه ليتكلَّم فقال: لقد لقيتم ألقابًا لا أعرفها، وكلامًا غير ما أعهد، فدعوني حتّى أسمع وأقف على مقصودكم. فسألوه عن الفرق الّذي يعد الجمع ما علامته؟ وما الفرق بينه وبين الفرق الأوّل؟ ما أدري سألوه بهذا اللَّفْظ أو بمعناه، وكنت قد لقيته بالرَّقَّة سنة سبعين، فسألني عن الْجُنَيْد، فقلت: إنّهم يشيرون إلى شيء يسمّونه الفرق الثّاني والصَّحْوَ. قال: اذكر لي شيئا منه. فذكرته فضحك وقال: ما يقول ابن الخلنجي؟ قال: ما يجالسهم. قال: فأبوا أحمد القَلانِسيّ؟ قلت: مرّة يخالفهم، ومرّة يوافقهم. قال: فما تقول أنت؟ قلت: ما عسى أن أقول أنا. ثمّ قلت: أحسب أن هذا الذي يسمُّونه فرقًا ثانيًا هو عينٌ من عيون الجمع، يتوهَّمون به أنّهم قد خرجوا عن الجمع. فقال: هو كذلك. أنت إنّما سمعت هذا من أبي أحمد القلانِسيّ. فقلت: لا. فلمّا قدِمت بغدادَ، حدَّثت أبا أحمد بذلك، فأعجبه قول النُّوريّ. وأمّا أبو أحمد فكان ربّما يقول: هو صَحْو وخُرُوج عن الجمع. وربّما قال: بل هو شيءٌ من الجمع. ثمّ أنّ النُّوريّ لمّا شاهدهم قال: ليس هو عينٌ من عيون الجمع، ولا صَحْوٌ من الجمع. ولكنّهم رجعوا إلى ما يعرفونه. ثمّ بعد ذلك ذكر رُوَيْم، وابن عطاء أنّ النُّوريّ يقول الشّيءَ وضده، ولا يعرف هذا إلّا قول سُوفسطاء، ومن قال بقوله. قال ابن الأعرابي: فكان بينهم وبين النُّوريّ وَحشة، وكان يُكثِر منهم التَّعجُّب. وقالوا للجُنَيْد، فأنكر عليهم وقال: لا يقولوا مثل هذا لأبي الحسين، ولكنّه رجل لعلّه قد تغيَّر دماغه. ثمّ إنّه انقبض عن جميعهم، وأظهر لمن لقيه منهم الْجَفَاء، وغلبت عليه العِلّة وَعَمِيَ، ولزم الصَّحارَى والمقابر.

وكانت له في ذلك أحوال يطول شرحُها1. وسمعت جماعة يقولون: من رأي النُّوريّ بعد قدومه من الرَّقَّةِ ولم يكن رآه قبلها، فكأنّه لم يره لتغيُّره، رحمه الله2. قال ابن جهضم: حدَّثني أبو بكر الخلّال قال: كان أبو الحسين النُّوريّ إذا رأي منكرا غيّره، ولو كان فيه تَلَفُه. فنزل يومًا يتوضّأ، فرأى زورقًا فيه ثلاثون دَنًّا. فقال للملاح: ما هذه؟ فقال: ما يلزمك. فألحّ عليه فقال: أنت والله صُوفيّ كثير الفُضُول، هذا خمرٌ للمعتضد. فقال: أَعطِني ذلك الْمِدْرَى، فاغتاط وقال لأَجِيره: ناولْه حتّى أُبْصِر ما يصنع. فأخذه، ولم يزل يكسرها دنًا دَنًّا. فلم يترك إلّا واحدًا، فأخذ النُّوريّ، وأُدْخِل إلى المعتضد، فقال: من أنت ويْلك؟ قال: قلت: محتسب. قال: ومن ولّاك الحِسْبة؟ قلت: الذي ولاك الإمامة يا أمير المؤمنين. فأطرق ثم قال: ما حَمَلَكَ على ما صنعت؟ قلت: شفقة منّي عليك. قال: كيف خلص هذا الدَّنّ؟ فذكر النُّوريّ ما معناه أنّه كان يكسر الدِّنان ونفسه مخلصة، فلمّا وصل إلى هذا الدن أعجبته نفسه، فارتاب في إخلاصه، فترك الدَّنّ3. وعن أبي أحمد المَغَازِليّ قال: ما رأيت أحدًا قطّ أعبد من النُّوريّ. قيل: ولا الْجُنَيْد؟ قال: ولا الْجُنَيْد4. وقيل: أن الْجُنَيْد مرض، فعاده النُّوريّ، فوضع يده عليه، فعُوفي لوقته5. 63- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن رباح. أبو جعفر المصري المؤدب، مولى آل مروان.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 74". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 75". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 76". 4 تاريخ بغداد "5/ 131". 5 صفة الصفوة "2/ 440"، وطبقات الأولياء "66، 67".

سمع: يوسف بن عدي، ويحيى بن بُكَيْر. تُوُفّي في شوال سنة ست وتسعين. روى عنه: الحَسَن بن رشيق، وغيره. ويُعرف بابن الرَّقْراق. 64- أحمد بن محمد بن نافع1. أبو بكر المصريّ الطَّحاويّ الأصمّ. عن: يحيى بن بُكَيْر، وإبراهيم بن المُنذر الحزَاميّ، وأبي مُصْعَب، وأحمد بن صالح، وجماعة. وعنه: حمزة الكِنانيّ، وسليمان الطَّبَرانيّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ستٍّ أيضًا. 65- أحمد بن محمد بن زكريّا2. أبو بكر البغداديّ الحافظ المعروف بأخي ميمون. عن: نصر بن عليّ الْجَهْضميّ، وطبقته. وعنه: الطَّبَرانيّ، وجماعة. تُوُفّي بمصر. 66- أحمد بن محمد بن يزيد بن الأشعث3. أبو حسّان العَنَزِيّ البغداديّ القاضي المقرئ. قرأ على: ابن نَشِيط؛ وعلى: أحمد بن زُرارة صاحب سليم4. قرأ عليه: أبو الحسين بن بُويان5، وابن شَنَبُوذ، وعلى بن سعيد بن الحسين. وكان من أعيان القرّاء. 67- أحمد بن محمد بن الوليد6. أبو بكر المُرِّيّ الدّمشقيّ المقرئ. عن: أبي مُسهِر، وآدم بن أبي إياس، وأبي اليَمَان، وهشام بن عمّار، ومحمود بن خالد، وجماعة. وقيل: في لُقِيّه لأبي مُسْهِر نظر. وكان مُقْرِئًا فاضلًا.

_ 1 المعجم الكبير للطبراني "1/ 22". 2 المعجم الكبير للطبراني "1/ 71"، وتاريخ بغداد "5/ 8"، والبداية والنهاية "11/ 108". 3 غاية النهاية لابن الجوزي "1/ 133". 4 في الأصل "مسلم". 5 في الأصل "ثوبان". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 13"، سير أعلام النبلاء "14/ 81".

روى عنه: الطَّبَرانيّ، وأبو أحمد بن النّاصح، وأبو عمر بن فَضَالَةَ. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 68- أحمد بن محمد بن مسروق1. أبو العبّاس البغداديّ الزّاهد مصنِّف جزء "القناعة". كان من أعيان الصُّوفيّة وعُلمائهم. روى عن: عليّ بن الْجَعْد، وعليّ بن المديني، وخَلَف بن هشام، وأحمد بن حنبل، وغيرهم. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وجعفر الخالديّ تلميذه، وحبيب القزّاز، ومَخْلَد بن جعفر الباقَرْحَيّ، وأبي عُبَيْد العسكريّ. وكان الْجُنيد يحترمه ويعتقد فِيهِ. وقال أبو نُعَيْم الحافظ2: صحِبَ الحارث المُحَاسبيّ، ومحمد بن مَنصور الطُّوسيّ، والسَّريَّ السَّقَطيّ. ومن كلامه: التَّصوُّف خلْو الأسرار ممّا منه بُدّ، وتعلُّقها بما ليس منه بُدّ3. قال الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ4. قلت: تُوُفّي ابن مسروق في صَفَر سنة ثمانٍ وتسعين، وله أربعٌ وثمانون سنة، وهو من كبار شيوخ الإسماعيليّ الّذين أدركهم. وقال له رجل: الضيافة ثلاث، فما زاد فهو صدقة منك عليّ5. 69- أحمد بن محمد بن خالد6. أبو العبّاس البَرَاثي البغداديّ. عن: عليّ بن الْجَعْد، وكامل بن طلحة، وسُرَيْج بن يونس، وغيرهم. وعنه: مَخْلَد الباقَرْحِيّ، وأبو حفص بن الزّيّات، والجعابي، وأحمد بن جعفر بن سلم، وعدة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 100-103"، وميزان الاعتدال "1/ 150"، وشذرات الذهب "2/ 227". 2 حلية الأولياء "10/ 213". 3 حلية الأولياء "10/ 214". 4 تاريخ بغداد "5/ 103"، وزاد "يأتي بالمعضلات". 5 تاريخ بغداد "5/ 100". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 47"، وتاريخ بغداد "5/ 43"، وسير أعلام النبلاء "14/ 92"، والنجوم الزاهرة "3/ 181".

قال الدارقطني: ثقة مأمون1. قلت: توفي سنة ثلاثمائة، وهو من شيوخ الطَّبَرانيّ. وقد قرأ على خَلَف بن هشام، وحدَّث عنه بالقراءة عبد الواحد بن أبي هاشم. 70- أحمد بن محمد بن دِلان2. أبو بكر الخيشي. عن: محمد بن بكّار بن الرّيّان، وعُبَيْد الله القواريريّ، وأبي بكر بن أبي شيبة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وإسحاق النّعاليّ. وكان لا بأس به، ودلان: بالكسر. مات سنة ثلاثمائة. 71- أحمد بن محمد بن ساكن3. أبو عبد الله الزَّنْجانيّ الفقيه. من كبار الأئمّة. رحل إلى العراق ومصر، وتفقّه على: إبراهيم المُزَنيّ، وغيره. وسمع: إسماعيل ابن بنت السُّدِّيّ، وأبا مُصْعَب الزُّهريّ، وأبا كُرَيْب، والحسن بن عليّ الحُلْوانيّ، وطبقتهم. وعنه: عبد الرحمن بن أبي حاتم4، وعلي بن إبراهيم بن سلمة القطان، ويوسف بن القاسم المَيَانِجيّ، وجماعة آخرهم إبراهيم بن أبي حمّاد الأبهريّ. قال أبو يعلي الخليلي: تُوُفّي قبل الثلاثمائة. بقي إلى سنة تسع وتسعين ومائتين. 72- أحمد بن موسى الجنبيّ5. خطيب جُرْجان. سمع: إبراهيم بن موسى الوَزْدُوليّ. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. 73- أحمد بن موسى بن مخلد6. الفقيه أبو العباس الغافقي المالكي.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 3". 2 تاريخ بغداد "5/ 605". 3 الجرح والتعديل "2/ 74"، والإكمال لابن ماكولا "4/ 244". 4 الجرح والتعديل "2/ 75". 5 تاريخ جرجان للسهمي "78" رقم "27". 6 الديباج المذهب "31/ 32".

أخذ عن: سَحْنُون، والبَرْقيّ، وجماعة. وكان ذا دِينٍ ووَرَع. طُلِبَ للقضاء فامتنع، وعاش ثمانيًا وثمانين سنة. وتُوُفي سنة خمسِ وتسعين ومائتين. 74- أحمد بن نَجْدة بن العُرْيان1: أبو الفضل الهروي رحل وسمع سعيد بن المنصور وسعيد بن سليمان الواسطي زجماعة وعنه أبو اسحاق البزار وأبو أحمد المزني المغفلي وكان ثقة معمرًا توفي في بَهَراة سنة ست وتسعين. 75- أحمد بن أبي رجاء نصر بن شاكر2. أبو العبّاس الدّمشقيّ المقرئ المؤدِّب. قرأ القرآن على: الحسين بن عليّ العِجْليّ صاحب يحيى بن آدم. وقرأ بدمشق على الوليد بن عتبة. وقرأ عليه: عليّ بن أبي العَقِب، وأبو الحَسَن بن شَنَبُوذ، وعبد الله بن عَبْدان الدّراوَرْديّ. وقد روى الحديث عن: هشام، وصَفْوان بن صالح المؤذّن، وإبراهيم بن هشام بن يحيى الغسّانيّ، وعبد الرحمن بن إبراهيم دُحَيْم، وخلْق كثير. وعنه: أبو عبد الرحمن النَّسائيّ في الكني، وأبو عليّ الحَصَائريّ، وخيثمة الأَطْرَابُلسيّ، وأبو أحمد عبد الله بن ناصح، وآخرون. تُوُفّي في المحرم سنة اثنتين وتسعين ومائتين. 76- أحمد بن نصر بن إبراهيم3. أبو عمرو النَّيْسابوريّ الخفّاف الحافظ. قال أبو عبد الله الحاكم: هو شيخ وحده جلالةً ورئاسة وَزُهْدًا وعبادةً وسخاء. سمع بنَيْسابور: إسحاق بن راهَوَيْه، وعَمْرو بن زُرَارة، والحسين بن حُرَيْث، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزْمة، وأقرانهم. وببغداد: إبراهيم بن المستمرّ، وأحمد بن منيع، وأبا همّام السَّكُونيّ، وأقرانهم.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 571"، وشذرات الذهب "2/ 224". 2 تهذيب التهذيب "1/ 86"، وتقريب التهذيب "1/ 27"، وتهذيب تاريخ دمشق "1/ 86". 3 الجرح والتعديل "2/ 79"، والتهذيب والنهاية "11/ 117"، المنتظم "6/ 110".

وبالكوفة: أبا كُرَيْب، وعَبّاد بن يعقوب، وجماعة. وبالحجاز: أبا مُصْعَب، ويعقوب بن حُمَيْد بن كاسب، وعبد الله بن عمران العابديّ، وغيرهم. وعنه: محمد بن سليمان بن فارس، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، والشيوخ. وثنا عنه: أبو سعيد أحمد بن أبي بكر الحِيريّ، ومحمد بن أحمد بن حمدون الذُّهَليّ، وأبو بكر الضُّبَعيّ، وأهل نيسابور. وسمعت أبا زكريّا العَنْبريّ يقول: كان ابتداء حال أبي عَمْرو أحمد بن نصر الرئيس الزُّهد والورع وصُحْبة الأبدال، إلى أن بلغ مِن العِلْم والرئاسة والجلالة ما بلغ. ولم يكن يُعْقِب، فلمّا أيس من الولد تصدَّق بأموالٍ، كان يُقال: إنّ قيمتها خمسة آلاف درهم، على الأشراف والموالي والفقراء1. سمعت أبا بكر -يعني الضُّبَعيّ- يقول: كنّا نقول إنّ أبا عَمْرو الخفّاف يفي بمذاكرة مائة ألف حديث2. وصام الدهر نيفًا وثلاثين سنة3. سمعت أبا الطَّيِّب الكرابيسيّ: سمعت ابن خزيمة يقول على رءوس الملأ يوم مات أبو عَمْرو الخفّاف: لم يكن بخراسان أحفظ منه للحديث4. سمعت أبا إسحاق المُزَكّي: سمعت السّرّاج يقول: ما رأيت أحفظ من أبي عَمْرو الخفّاف. كان يسرد الحديث سَرْدًا، حتّى المقاطيع والمراسيل5. سمعت محمد بن المؤمِّل بن الحَسَن: سمعت أبا عَمْرو الخَفّاف، يقول: كان عَمْرو بن اللَّيْث الصّفّار يقول لي: يا عم، متى ما عَمِلت شيئًا لا يوافقك فاضْرِبْ رقبتي، إلى أن أرجع إلى هواك6. سمعت محمد بن حمدون الواعظ يقول: مات أبو عَمْرو الرئيس الذي كنا نقول

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 561". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 561". 3 سير أعلام النبلاء "13/ 561". 4 سير أعلام النبلاء "13/ 562". 5 سير أعلام النبلاء "2 / 88". 6 سير أعلام النبلاء "13/ 562".

عنه زَيْن الأشراف أبو عمرو الخفَاف في شَعْبان سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. 77- أحمد بن النَّضر بن عبد الوهاب1. أبو الفضل النَّيسابوريّ، أحد أركان الحديث. قال الحاكم: كان البخاريّ إذا ورد نيسابور كان ينزل عند الأخَوَيْن: أحمد، ومحمد ابنَيِ النَّضْر. قال: وقد روى عنهما في "الجامع الصّحيح"، وإسنادهما وسماعهما معًا، وهما سِيَّان2. سمع: إسحاق بن راهَوَيْه، وعَمْرو بن زُرارة، وهُدْبَة بن خالد، وعُبَيد الله بن مُعَاذ، وشَيْبان بن فَرُّوخ، وسهل بن عثمان العسكريُّ، وأبا مُصْعَب الزُّهْريّ، وخلْقًا سمّاهم الحاكم. وقال: هو مجَّودٌ في البصْريّين. روى عنه: خ، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، ومحمد بن الأخرم، وأحمد بن إسحاق الصَّيْدلانيّ، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وغيرهم. وروى خ.. حديث الإفك عن الزهرانيّ وثبَّتني أحمد في بعضه، وأحمد هذا هو ابن النَّضْر، وما هو بابن حنبل، والله أعلم. 78- أحمد بن هشام بن عبد الله بن كثير الأسدي الدّمشقيّ3. أبو الحَسَن القارئ. عن: محمد بن مصفّى، ومحمود بن خالد. وعنه: جمح بن القاسم، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، وجماعة. 79- أحمد بن وهب بن عمرو4. أبو العباس المِصِّيصيّ، من ولد عُقْبَة بن أبي معيط.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 564"، وتهذيب التهذيب "1/ 87"، وشذرات الذهب "2/ 205"، وتذكرة الحفاظ "2/ 645". 2 تهذيب الكمال "1/ 516". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 111". 4 تاريخ بغداد "5/ 190".

له عن: حكيم بن سيف الرّقّيّ. وعنه مخلد الباقرمي حدث بغداد. مات سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. 80- أحمد بن يحيى بن يزيد1. أبو العبّاس الشَّيْبانيّ، مولاهم النَّحْويّ ثعلب شيخ العربيّة ببغداد وإمام الكوفيّين في النَّحْو. سمع: إبراهيم بن المنذر الحِزَاميّ، ومحمد بن زياد بن الأعرابي، وعُبَيْد الله القواريريّ، ومحمد بن سلّام الْجُمَحيّ، وعليّ بن المغيرة، وَسَلَمَةَ بن عاصم، والزُّبَير بن بكّار. وعنه: إبراهيم نفطويه، ومحمد بن العبّاس اليزيديّ، وعليّ الأخفش الصَّغير، وأبو بكر بن الأنباريّ، وأحمد بن كامل القاضي، وأبو عمْرو الزّاهد غلام ثعلب، ومحمد بن مُقْسِم، وآخرون. وُلِد سنة مائتين، وكان يقول: طلبت العربيّة سنة ستّ عشرة ومائتين، وابتدأت بالنَّظر وعُمري ثمان2 عشرة سنة، ولمّا بلغت خمسًا وعشرين سنة ما بقي عليّ مسألة للفرّاء إلّا وأنا حفِظْتُها. وسمعت من القواريريّ مائة ألف حديث3. قال الخطيب4، وغيره: كان ثقة حُجّة دَيِّنًا صالحًا مشهورًا بالحِفْظ. وقيل: كان ثعلب لا يتكلَّف إقامة الإعراب في حديثه. وقال إبراهيم الحربيّ: قد تكلم النّاس في الاسم والمسمى، وقد بلغني أن أبا العبّاس أحمد بن يحيى قد كره الكلام في ذلك، وكرهت لكم ما كره العبّاس5. وقال محمد بن عبد الملك التاريخيّ: سمعت المبرِّد يقول: أعلم الكوفيّين ثعلب. فذُكِر له الفراء، فقال: لا يعشره6.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 204"، وسير أعلام النبلاء "14/ 5"، والبداية والنهاية "11/ 98"، وشذرات الذهب "2/ 207"، طبقات الحنابلة "1/ 83"، والمنتظم "6/ 44". 2 تاريخ بغداد "5/ 205". 3 تاريخ بغداد "5/ 205". 4 تاريخ بغداد "5/ 205". 5 تاريخ بغداد "5/ 209". 6 تاريخ بغداد "5/ 210".

وقال ابن مجاهد المقرئ: قال لي ثعلب: أشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، وأشتغل أهل الفِقْه بالفقه ففازوا، واشتغلتُ أنا بزيدٍ وعَمْرو، فليت شعري، ماذا يكون حالي في الآخرة؟ فانصرفت من عنده، فرأيت تلك الليلة النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لي: أَقْرِئ أبا العباس عني السّلام، وقل له: إنّه صاحب العلم المستطيل. قال القفطي: كان ثعلب يدرس كُتُب الكِسائيّ والفراء درسًا، فلم يكن يدري مذهب البصريّين، ولا كان مستخرجًا للقياس، ولا طالبًا له، بل ينقل. فإذا سُئل عن الحُجَّة لم يأتِ بشيء. وعن الرِّياشيّ -وَسُئِلَ لما رجع من بغداد- فقال: ما رأيت أعلم من الغلام المنيز، يعني ثعلبًا. وحكى أبو عليّ الدِّينَوَرِيّ خَتَن ثعلب أنّ المبرِّد كان أعلم بكتاب سِيبَوَيْه من ثعلب؛ لأنّه قرأه على العُلماء، وثعلب قرأه على نفسه. وقيل: إنّ ثعلبًا كان بخيلًا1. وخلف ثلاثة آلاف دينار، ومُلْكًا بثلاثة آلاف دينار. وكان قد صحِب محمد بن عبد الله بن طاهر، وعلَّم ابنه طاهرًا، فرتَّب له ألف درهم في كلّ شهر. وله من الكُتُب: كتاب "الفصيح"؛ كتاب "المصون"؛ كتاب "أخلاق النَّحْويّين"؛ كتاب "معاني القرآن"؛ كتاب "ما يَلْحَن فيه العامّة"؛ كتاب "القراءات" كتاب "معاني الشعر" كتاب التصغير كتاب "ما لا ينصرف"؛ كتاب "الأمثال"؛ كتاب "الوقف والابتداء"؛ كتاب "إعراب القرآن"؛ وأشياء أخرى. وطال عُمره وأصمّ، فرجع يومًا من الجامع مع أصحابه، فصدمته دابّةٌ، فوقع في حُفْرة، فلم يقدر على القيام، وحُمل إلى بيته يتأوّه من رأسه ومات منها في جُمَادَى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين. 81- أحمد بن يحيى بن إسحاق الرَّاوَنْديّ الملحِد2. صاحب الزَّندَقة. كان حيًّا إلى حدود الثلاثمائة. وكان يلازم الرافضة والملحدة،

_ 1 في الأصل "بخيل". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 59"، والبداية والنهاية "11/ 112"، المنتظم "6/ 99-105".

فإذا عُوتب قال: أنا أريد أن أعرف مذاهبهم؛ ثمّ كاشَف وناظر، وصنَّف في الزَّنْدقة1، لعنه الله. قال الإمام أبو الفرج بن الْجَوْزيّ: كنت أسمع عنه بالعظائم، حتّى رأيت له ما لم يخطر مثله على قلب، وَوَقَعَتْ إليَّ كُتُبُه، فمنها كتاب "نَعْت الحكمة"، وكتاب "قضيب الذَّهَب"، وكتاب "الزُّمُرُّدة"، وكتاب "الدّامغ"، الذي نقضه عليه أبو عليّ محمد بن إبراهيم الْجُبَّائيّ؛ ونقض عليه أبو الحسين عبد الرّحيم بن محمد الخيّاط كتاب "الزُّمُرُّدَة". قال ابن عقيل: عجِبْتُ كيف لم يُقتل وقد صنّف "الدّامغ" فدمغ به القرآن "والزُّمُرُّدَة" يُزْري فيه على النُّبُوّات. قال ابن الجوزي: نظرت في "الزُّمُرُّدَة" فرأيت له فيه من الهَذَيان البارد الذي لا يتعلّق بشُبْهة. يقول فيه: إنّ كلام أَكْثَم بن صيفيّ فيه شيء أحسن ممّا في سورة "الكَوْثر". وإنّ الأنبياء وقعوا بطَلْسَمَات. وقد وضع كتابًا2 لليهود والنَّصارى يحتجّ لهم في إبطال نُبُوَّة نبينا -صلى الله عليه وسلم3. وقال أبو عليّ الْجُبّائيّ: كان السّلطان قد طلب أبو عيسى الورّاق، وابن الراوندي، فأمّا الورّاق فحُبس حتى مات، وهرب ابن الراوَنْديّ إلى ابن لاوي اليهوديّ، ووضع له كتاب "الدّامغ" يطعن به على القرآن، وعلى النبي -صلى الله عليه وسلم. ثمّ لم يلبث إلا أيّامًا حتّى مرض ومات إلى اللّعنة4. وعاش أكثر من ثمانين سنة. وكان ابن عقيل عاش ستًّا وثلاثين سنة. قلت: وقد سرد ابن الجوزيّ من زِنْدقيّته أكثر من ثلاث ورقاتٍ، صَدَفَ هذا الكتاب عنها. ثمّ رأيت ترجمته في تاريخه فقال: أبو الحسين بن الرَّاوَنْديّ المتكلم من أهل مَرْوِ الرُّوذ، سكن وكان من متكلّمي المعتزِلة، ثمّ فارقهم وتزندق. وقيل: كان أبوه يهوديا، فأسلم هو، فكان بعض اليهود يقول، لبعض المسلمين:

_ 1 المنتظم "6/ 99". 2 في الأصل "كتاب". 3 المنتظم "6/ 101". 4 المنتظم "6/ 102".

ليفسد هذا عليكم كتابكم كما أفسد أبوه علينا التوراة1. وذكر أحمد بن أحمد القاضي الطَّبَرانيّ أنّ ابن الرّاوَنْديّ كان لا يستقرّ على مذهب، ولا يَثْبُت على انتحال، حتّى صنَّف لليهود كتاب "النُّصْرة على المسلمين" بأربعمائة دِرْهَم كما بَلَغَني، أخذها من يهود سامرّاء، فلمّا أخذ المال رام نَقْضَها، حتى أعطوه مائتي دِرْهَم، فسكت2. قال البلْخيّ في مجالس خُراسان: أحمد بن يحيى الرَّاوَنْديّ المتكلّم، لم يكن في زمانه من نُظرائه أحذق منه في الكلام، ولا أعرفَ بدقيقه وجليله منه، وكان أوّل أمره حسن السيرة، جميل المذهب، كثير الحياء، ثمّ انسلخ من ذلك بأثباتٍ عُرِفت له، ولأن علمه أكثر من عقله. وقد حُكى عن جماعة أنّه تاب عند موته3. وأكثر كُتُبه ألفها أبو عيسى اليهوديّ، وفي منزل أبي عيسى مات. قال ابن النّجّار: ولأبي عليّ الْجُبّائيّ عليه رُدُودٌ كثيرة. ومن قوله في حديث عمّار: "تقتلك الفئة الباغية" قال: المنجمون يقولون مثل هذا4. وقال: في القرآن لحن5. وله كتاب في قدم العالم وبقاء الصانع. وقال في القرآن: لا يأتي أحد بمثله؟ هذا كتاب إقليدس لا يأتي أحدٍ بمثله، وكذلك بطليموس، في أشياء جمعها لم يأت أحدٌ بمثلها6. قلت: هذا ادعاء كاذب. وعن الحسن بن علي الخيشي قال: قلت لأبي الحسين الراوندي: أنت أصدق الناس، فلو اختلفت معنا إلى المبرد. فقال: نبهتني.

_ 1 المنتظم "6/ 99". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 61". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 61". 4 المنتظم "6/ 101". 5 المنتظم "6/ 101". 6 المنتظم "6/ 101".

فكان بعدُ يختلف إلى المبرد، فسمعت أبا العبّاس المبرد يقول: هذا أبو الحسين يختلف إليّ منذ شهر، فلو اختلف سنة احتجت أن أقوم من مجلسي هذا وأجلسه فيه1. قال ابن جميل: أنشدنا أبو الحسين بن يحيى الراوندي: ليس عجبنا بأن امرءًا لطيـ ... ـف الخصام دقيق الكلم يموت وما حصلت نفسه ... سوى علمه ما علم قال ابن النجار: بلغني أن ابن الراوندي هلك في سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين، أبعده الله وأسحقه. 82- أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان2: أبو العباس الرقي ثم المصري الأصفر عن يحبى بن سليمان الجعفي. وعنه الطَّبَرانيّ وغيره تُوُفّي فب ربيع الأول سنة أربعٍ وتسعين ومائتين. 83- أحْمَد بْن يَحْيَى بْن إسحاق3. أبو جعفر البجلي الحلواني ثم البغدادي. عنه: أحمد بن يونس، وسعدويه، وقيض بن وثيق الثقفي، وأحمد بن حنبل، وجماعة. وعنه: أبو عمرو السماك، وأبو بكر النجاد، وأبو سهل القطان، والطَّبَرانيّ، وأبو بكر الآجريّ. قال الخطيب: ثقة. يذكر عنه زهد ونسك وكثرة حديث. تُوُفّي سنة ستٍّ وتسعين، وهو أخو حازم بن يحيى. 84- أحمد بن يحيى بن الإمام يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي4. المعروف بالثائر.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 61". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 23"، وطبقات الحنابلة "1/ 84" وفيه "حيان". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 34"، وتاريخ بغداد "5/ 212"، وطبقات الحنابلة "1/ 83". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 24".

فقيه بارع، وشاعر محسن. تُوُفّي كهلًا، وقد روى عن: أبيه، ومحمد بن وضّاح. ومات سنة سبْعٍ وتسعين. 85- أحمد بن يحيى البلاذُريّ الكاتب1. قد ذكرناه في عشر الثمانين على ما نقله بعضهم من أنه توفي في خلافة المعتمد. ثم وجدت أن أبا أحمد بن عدي قد روى عنه، على ما ذكره الحافظ ابن عساكر، فيجوز هنا. 86- أحمد بن يعقوب2. أبو المثنى البغدادي القاضي. أحد من قام في خلع المقتدر قديمًا. قال أبو عمر محمد بن يوسف القاضي: حبسونا ويئسنا من الحياة، ثم أتوا -يعني أعوان المقتدر- فأضجعوا محمد بن داود بن الجراح، فذبحوه وذهبوا. ثمّ عادوا بعد ساعة، فقالوا لأبي المثنى القاضي: يقول لك أمير المؤمنين بم استحللت، يا عدو الله، نكث بيعتي؟ فقال: لعلمي أنه لا يصلح للأمة. فقالوا: قد أمرنا أن نستتيبك من هذا الكفر، فإن تبت، وإلا قتلناك. فقال: أعوذ بالله من الكفر. فذبحوه وأخذوا رأسه. وأما أنا فاعترفت بالذنب، فصودرت. قال: فأخذت المرآة فنظرت فيها، فإذا قد شابت لحيتي في ليلة. يعني من هول ما ورد عليه. قتل أبو المثنى سنة ست وتسعين في ربيع الآخر. 87- أحمد بن مخلد. أبو الحسين الإصبهاني البزاز.

_ 1 مروج الذهب "9"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 112". 2 تاريخ الطبري "10/ 140"، والمنتظم "6/ 81"، وتجارب الاسم "1/ 7".

عن: محمد بن أبان البلخي، ومحمد بن مهران الجمال، ومحمد بن عمرو زُنَيْج. وعنه: أبو أحمد العسّال، وعبد الله بن محمد بن عمر القاضي، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. وقيل: سنة ثلاثمائة. قال أبو نُعَيْم الأصبهاني: لا بأس به. 88- أحمد بن أحمد. أبو اليسر الشيباني البغدادي اللغوي الإخباري الشاعر المعروف بالرياض، نزيل القيروان. أخذ عنه: ابن قتيبة، والمبرد، وثعلب. ولقي: دعبل بن علي، وابن الجهم، وسعيد بن حميد الكاتب. وأدخل إفريقية مراسيل المحدثين وطرقهم وأشعارهم. وكان كاتبًا مترسلًا، بليغًا، علّامة. له كتاب "لفظ المرجان في الأدب"؛ وكتاب "سراج الهدى في معاني القرآن"؛ وكتب الإنشاء لصاحب إفريقية إبراهيم بن أحمد بن الأغلب، ولأبنه. توفي سنة ثمانٍ وتسعين. 89- إبراهيم بن أحمد1. أبو إسحاق الخوّاص الزّاهد شيخ الصُّوفيّة بالرِّيّ. كان من كبار مشايخ الطريق. أخذ عنه: جعفر الخالدي، وغيره. وله تصانيف في التَّصُّوف. وروى عنه قال: رأيت أسودًا يصلي في يومٍ شديد البرد، وأن العرق يسيل منه. فقلت: يا حبيبي ما هذه الشهرة؟ قال: أتراه يعريني ولا يدفيني. وعنه قال: من أراد الله لله بذل له نفسه وأدناه من قربه. ومن أراد الله لنفسه أشبعه من جنانه، ورواه من رضوانه2.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 7-10"، والمنتظم "6/ 45"، والبداية والنهاية "11/ 120". 2 حلية الأولياء "10/ 327".

وقال جعفر الخالدي: سمعت إبراهيم الخواص يقول: من لم تبك الدنيا عليه لم تضحك الآخرة إليه1. وبت ليلة مع إبراهيم فانتبهت، فإذا هو يناجي إلى الصباح: برح الخفاء2 وفي التلاقي راحة ... هل يشتفي خل بغير خليله؟ وقال أبو نُعَيْم: أنا الخالدي في كتابه: سمعت إبراهيم الخوّاص يقول: سلكت في البادية تسعة عشر طريقا، فيها طريق من ذهب، وطريق من فضة3. وفي "تاريخ الصُّوفيّة": عن عمر بن سنان المنبجي قال: مر بنا إبراهيم الخواص وقال: لقيني الخضر، فسألني الصحبة، فخشيت أن يفسد عليَّ سرَّ توكلي بسكوني إليه، ففارقته. ويروى عن جمشاد الدينوري قال: خرجت فإذا بثلج عظيم يقع، فذهبت إلى تل النوبة، فإذا إنسان قاعد على رأس التل وحوله قدر خيمة، خالٍ من الثلج، فإذا هو إبراهيم الخوّاص، فسلّمت عليه وجلست عنده، فقلت: بمَ نلت هذا؟ قال: بخدمة الفقراء. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين، وقيل: سنة أربعٍ وثمانين4. من نظراء الْجُنَيْد. 90- إبراهيم بن إسحاق الأنصاري البغدادي5. عن: لوين، وأحمد بن منيع، وجماعة. وعنه: أبو حامد بن الشرقي. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 91- إبراهيم بن بندار بن عبدة الأصبهاني القطان6.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 327". 2 في الأصل "الجفا". 3 تاريخ بغداد "6/ 7". 4 تاريخ بغداد "6/ 10". 5 تاريخ بغداد "6/ 40"، والمجروحين لابن حبان "1/ 119". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 83"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 188".

عن: محمد بن يحيى بن أبي عمر العدنيّ، وغيره. وعنه: أبو حامد العسّال، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة ستٍ وتسعين. 92- إبراهيم بن جعفر الأشعري الأصبهاني1. استشهد في وقعة الهبير2. روى عن: حميد بن مسعدة، وأبي عتبة الحمصي، وطائفة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو إسحاق بن حمزة، وأبو الشيخ. 93- إبراهيم بن داود العنبري المصري. عن: عيسى بن زغبة، وعبد الملك بن شعيب بن الليث. تُوُفّي في جمادى الأولى سنة ثمانٍ وتسعين. وثّقه ابن يونس. 94- إبراهيم بن درستويه3. أبو إسحاق الشيرازي. حدث ببغداد عن: لوين، ومحمد بن يحيى العدنيّ، ومحمد بن يحيى الكِنْديّ، والحَجْرِيّ. وعنه: أبو بكر الإسماعيليّ، والطَّبَرانيّ. 95- إبراهيم بن الحسن الهمدانيّ الأرميّ4. ويُعرف بالصيمري. عن: محمد بن حميد، وأبي كريب، وأبي عمار الحسين بن حارث. وعنه: أبو القاسم بن عبيد، وأبو بكر خرجة النهاوندي، وأبو بكر الإسماعيليّ. 96- إبراهيم بن الحسين. أخواه بني ميسرة الهمدانيّ. عن: سهل بن عثمان العسكري، وأبي مصعب، وعبد الحميد بن عصام الجرجاني. وعنه: خرجة النهاوندي، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وآخرون.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 192". 2 هي وقعة القرامطة بقافلة الحج تقدمت "ص8". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 90"، وتاريخ بغداد "6/ 71". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 89".

97- إبراهيم بن سعيد بن مَعْدان الهمدانيّ البزّار. عن: سُوَيْد بن سعيد، ويعقوب بن كاسب. وعنه: أبو بكر خرجة النّهاونديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. تُوُفّي سنة سبعٍ. 98- إبراهيم بن أبي طالب محمد بن نوح بن عَبْدان بن خالد1. أبو إسحاق النَّيْسابوري المُزَكّيّ الزّاهد، إمام عصره بنَيْسَابُور في معرفة الحديث والرجال، قاله الحاكم. ثم قال: جمع الشيوخ والعلل، وسمع بنيسابور: إسحاق بن إبراهيم، وأبا قُدَامة، وعَمْرو بن زُرارة، والحسين بن الضّحّاك، وعبد الله بن الجرّاح، وعبد الله بن عمر بن الرّمّاح، ومحمد بن أبان البلْخيّ، وأقرانهم. وبالرّي: محمد بن مِهْران، ومحمد بن عَمْرو زُنَيْج، ومحمد بن حُمَيْد، وأقرانهم. ودخل على أحمد بن حنبل، وذاكَرَه، واحتال في أخْذ حكايات من لفْظه، ولم يقدر على المسانيد2. وسمع من: داود بن رُشَيْد، وأحمد بن منيع، وأقرانهم. وبواسط من: بِشْر بن آدم، وإسحاق بن شاهين، وجماعة. وبالبصرة: نصر بن عليّ، والفلّاس، وبُنْدار، وغيرهم. وبالكوفة: أبا كُرَيْب، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وعبد الله بن عمر بن أبان، وأقرانهم. وبالمدينة: أبا مُصْعَب، ويحيى بن سليمان بن فضلة، وإسماعيل بن أبي خبزة، وهارون بن موسى الفَرَويّ، وأقرانهم. وبمكة: محمد بن يحيى بن أبي عَمْرو، ومحمد بن عبّاد، وعبد الله بن عِمران، وجماعة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 547-552"، والمنتظم "6/ 76"، والبداية والنهاية "11/ 105". 2 المنتظم "6/ 76"، وتذكرة الحفاظ "2/ 638".

وعنه: أبو يحيى الخفّاف، وابن خُزَيْمَة، وأكثر مشائخنا. سمعت عبد الله بن سعيد يقول: ما رأيت مثل إبراهيم بن أبي طالب، ولا رأى مثل نفسه1. سمعت أبا عليّ النَّيْسابُوريّ الحافظ يقول: كنت أختلف إلى الوليّ بباب مَعْمَر، فقال لي بعض مشائخنا: ألا تحضر مجلس إبراهيم بن أبي طالب، فترى شمائله ومَحَاسِنه، فأحضرني، فرأيت شيخًا لم ترَ عيناي مثله2. سمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول: إنّما أخرجت مدينتنا هذه ثلاثة: محمد بن يحيى، ومسلم بن الحَجّاج، وإبراهيم بن أبي طالب. كنّا نجلس بين يديه، كأنّ على رءوسنا الَّطيْر، بينا نحن بين يديه إذ عَطَسَ أبو زكريّا العَنْبريّ، فأخفى عُطاسه، فقلت له سرًّا: لا تُخْفي، فلسْتَ بين يدي الله تعالى3. سمعت أبا عبد الله بن يعقوب: سمعت أبا حامد بن الشَّرْقيّ يقول: إنّما أخرجت خُراسان من أئمّة الحديث خمسة: محمد بن يحيى، والبخاريّ، والدّارِميّ، ومسلم، وإبراهيم بن أبي طالب4. سمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم: سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: قال لي محمد بن يحيى: مَن أحفظ مَن رأيت بالعراق؟ قلت: لم أر بعد أحمد بن حنبل مثل أبي كُرَيْب. ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ محمد: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ غَيْرَ مَرَّةٍ رَجَاءَ أَنْ آخُذَ عَنْهُ حَدِيثًا، فَقُلْتُ يَوْمًا حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "امْرُؤُ الْقَيْسِ قَائِدُ لِوَاءِ الشُّعَرَاءِ إِلَى النَّارِ". فقال: قيل عن الزُّهْريّ عن أبي سَلِمَة. فقلت: من ذكره عن الزُّهْريّ؟ قال: أبو الْجَهْم. فقلت: من رواه عن أبي الجهْم؟ فسكت. فلمّا عاودته قال: اللهم سلم. فسكت5.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 548". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 549". 3 سير أعلام النبلاء "13/ 548". 4 سير أعلام النبلاء "13/ 550". 5 سير أعلام النبلاء "13/ 549".

قلت: ترك الإمام أحمد التحديث لله لما في النّفس فيه من الحفْظ، فملأ الله البلاد بحديثه، وعاش ولده، وروى عنه شيئًا كثيرًا إلى الغاية، ونفع الله به العلماء والفقهاء والمحدّثين. فلا مانع لِما أعطى، ولا مُعْطي لما منع. قال الحاكم: وكان إبراهيم بن أبي طالب يعيش من كراء حانوت له في الشّهر بسبعة عشر دَرهمًا يتبلَّغ بها1. وقد أملى كتاب "العلل" وغير شيء. وسمعت عبد الله بن سعيد يقول: تُوُفّي في ثاني رجب سنة خمسٍ وتسعين. أَخْبَرَتْنَا زَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ، عَنِ الْمُؤَيَّدِ الطُّوسِيِّ: أَنَا محمد بْنُ الْفَضْلِ، أَنَا عُمَرُ بْنُ مَسْرُورٍ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَلِيُّ سَلِ اللَّهَ الْهِدَايَةَ وَالسَّدَادَ، وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَبِالسَّدَادِ تَسْدِيدَكَ السَّهْمَ". 99- إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز بن المهاجر البصْريّ2. أبو مسلم الكَجّيّ صاحب السُّنَن ومُسْنِد زمانه. وُلِد سنة بضْعٍ وتسعين ومائة. وسمع: أبا عاصم النبيل، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، وعبد الرَّحْمَن بن حمّاد الشُّعَيْثيّ، وعبد الملك الأصمعيّ، ومسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن رجاء، ومُعاذ بن مُعاذ الله، وبدل بن المحبِّر، وحجّاج بن مَنْهال، وسعيد بن سلّام العطّار، وحجّاج بن نصير، وأبا زيد سعيد بن أوس الأنصاريّ، وخلْقًا سواهم. وعنه: إسماعيل الصّفّار، وأبو بكر النّجّاد، وفاروق الخطّابي، وحبيب القزّاز، وسليمان الطَّبَرانيّ، وأحمد بن جعفر الخُتُّليّ، وأحمد بن جعفر القطيعيّ، وأبو محمد بن ماسي، وآخرون. وثَّقَه الدَّارَقُطْنيّ3، وغيره. وكان رئيسًا نبيلًا من سَرَوات بلده وأوُلي العِلم والأمانة، قدِم بغداد وروى الكثير بِهَا.

_ 1 المنتظم "6/ 76". 2 الثقات لابن حبان "8/ 89"، والمنتظم "6/ 50"، وسير أعلام النبلاء "13/ 423-425". 3 تاريخ بغداد "6/ 121".

قال أحمد بن جعفر الخُتُّليّ: لمّا قدِم علينا أبو مسلم الكَجّيّ أملى الحديث في رَحْبة غسّان، وكان في مجلسه سبعة مُسْتَمْلين، يبلِّغ كلُّ واحدٍ صاحبه الّذي يليه. وكتب الناس عنه قيامًا، بأيديهم المحابر، ثم مَسَحْتُ الرَّحْبة، وحُسِب من حضّر محبرةً، فبلغ ذلك نيّفًا وأربعين ألف محبرة، سوى النَّظّارة. هذه حكاية صحيحة رواها الخطيب في تاريخه، عن بِشْر بن الرُّوميّ، قال: سمعت الخُتُّليّ، فذكرها. وقال غُنْجار في "تاريخ بُخَارى": ثنا أبو نصر أحمد بن محمد: سمعت جعفر بن الطَّبسيّ يقول: كنا ببغداد عند أبي مسلم الكَجّيّ، ومعنا عبد الله مُسْتَمْلِي صالح جَزَرَة، فقيل لأبي مسلم: هذا مُسْتَمْلِي صالح. قال: من صالح؟ قال: صالح الْجَزَريّ. فقال: ويحكم ما أهونه عندكم، ألا تقولوا سيّد المسلمين؟ وكنّا في أُخريات النّاس، فقدَّمَنا وقال: كيف أخي وكبيري، ما تريدون؟ قلنا: أحاديث ابن عَرْعَرَة، وحكايات الأصمعيّ. فأملى علينا من ظَهْر قلب. وكان ضريرًا، مخضوب اللّحْية. وعن فاروق الخطابي قال: لمّا فرغنا مِن السُّنَن على أبي مسلم، عمل لنا مأدبة، أنفق فيها ألف دينار. وقد مدحه أبو عُبادة البُحْتُريّ الشّاعر1. وبَلَغَنَا أنّه لمّا حدَّث تصدَّق بعشرة آلاف دِرهم شكرًا لله2. وتُوُفّي ببغداد في سابع محرَّم سنة اثنتين وتسعين، ونقلوه إلى البصْرة، فدُفِن بها. 100- إبراهيم بن عبد الله بن مَعْدان الأصبهانيّ3. عن: محمد بن حُمَيْد الرّازيّ، وأحمد بن سعيد الهمدانيّ، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو إسحاق بن حمزة، وأبو الشّيخ، وآخرون. توفي سنة أربع وتسعين ومائتين.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 123". 2 تاريخ بغداد "6/ 122". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 85".

101- إبراهيم بن عليّ بن محمد بن آدم. أبو إسحاق الذُّهَليّ النَّيسابُوريّ. سمع: يحيى بن يحيى، ويزيد بن صالح، وابن راهَوَيْه، وجماعة. وفي الرّحلة: عليّ بن الجعْد، ويحيى الحِمّانيّ، وأبا مُصْعَب الزُّهْريّ. وعنه: أبو عليّ محمد بن عبد الوهاب الثَّقفيّ، ومحمد بن صالح بن هانئ، وعليّ بن جُمْشاد، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وبِشْر بن أحمد الإسفرائينيّ، وطائفة. قال الحاكم: سألت أبا زكريا العَنْبريّ وعلي بن جُمْشاد، عنه فوثّقاه. تُوُفّي في شعبان سنة ثلاثٍ وتسعين. 102- إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم الدّمشقيّ بن دُحيم1. سمع: أباه، وهشام بن عمار، وجماعة. وعنه: ابن أخيه عَبْد الرَّحْمَن بْن عمرو بن دُحَيْم، والطَّبَرانيّ، وأبو أحمد بن عديّ، وأبو عمرو بن مَطر، وخلْق كثير. وكان ثقة. بقي إلى حدود الثلاثمائة. 103- إبراهيم بن محمد بن الحارث بن ميمون2. أبو إسحاق الأصبهانيّ المعروف بابن نائلة، وهي أمّه. سمع: إسماعيل بن عَمْرو البَجليّ. وفي الرحلة: سعيد بن منصور، وعمّار بن هارون، وسعيد بن فلان، ورَوْح بن عبد المؤمن، ومحمد بن المغيرة الأصبهانيّ. وعنه: أبو أحمد العسّال، والطَّبَرانيّ، وأحمد بن بنْدار، ومحمد بن إسحاق بن أيّوب، وآخرون. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين ومائتين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 84"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 227". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 81".

104- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الهيثم1. أبو القاسم البغدادي صاحب الطّعام. روى عن: محمد بن الصّبّاح الْجَرْجرائيّ. وعنه: الطَّبُرَانيّ. 105- إبراهيم بن محمد بن أبي الشّيوخ الأدميّ2. صدوق. عن: الوليد بن شجاع، وأحمد بن بُهْلُولٍ. وعنه: أحمد بن المُنَادي وقال: تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 106- إبراهيم بن محمود بن حمزة3. أبو إسحاق النَّيْسابُوريّ القطّان المالكيّ الفقيه. رحل فتفقّه على: ابن عبد الحكم. وسمع: أحمد بن منيع، وجماعة. وعنه: حسّان بن محمد الفقيه، وأبو بكر النّقّاش. وكان فقيهًا بارعًا صوامًا قوامًا مجاهدًا. وكان شيخ المالكيّة بنَيْسابور. تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. وقيل: تُوُفّي في سنة تسعٍ وتسعين. قال الحاكم: سمعت محمود بن محمد يقول: قال لي عمّي إبراهيم: قال لي ابن عبد الحكم: ما قدِم علينا خُراسانيّ هو أعرف بطريقة مالك منك، فإذا رجعت فادع النّاس إلى رأي مالك. قال: وكان عمّي يصوم النّهار ويقوم اللّيل، ولا يدع الجهاد في كلّ ثلاثة أعوام. 107- إبراهيم بن معقل بن الحجاج4. أبو إسحاق النَّسَفيّ قاضي نَسْف وعالمها. رحل وكتب الكثير. وسمع: جُنَادة بن الغلس، وُقَتْيبة بن سعيد، وهشام بن عمّار، وأقرانهم.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 82"، وتاريخ بغداد "6/ 154". 2 تاريخ بغداد "6/ 154". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 298". 4 سير أعلام النبلاء "13/ 493"، وبالنجوم الزاهرة "3/ 164"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 300"، وشذرات الذهب "2/ 218".

وروي "الصّحيح" عن أبي عبد الله البخاريّ. وكان فقيه النّفس، عارفًا باختلاف العلماء. روى عنه: ابنه سعيد، وعبد المؤمن بن خَلَف، ومحمد بن زكريّا النَّسَفُّيون، وعليّ بن إبراهيم الطّعّان، وخَلَف بن محمد الخيّام، وخلْق سواهم. صنَّف "المسند" و"التفسير" وغير ذلك. وتُوُفّي في ذي الحجّة سنة خمسٍ وتسعين. 108- إبراهيم بن موسى بن جميل1. أبو إسحاق الأندلسيّ التُّدْمِيريّ مولى بني أمية. رحل وأخذ عن: عمر بن شَبَّة، ومحمد بن عبد الله بن الحكم الفقيه، وأبي بكر بن أبي الدُّنيا، وعبد الله بن مسلم بن قُتَيْبة الدِّينَوَري، وأحمد بن أبي خيثمة، وطائفة. وعنه: قاسم بن أبي الأصبغ، ومحمد بن عبد الملك بن أَعْيَن، وسعيد بن جابر، ومحمد بن قاسم الأندلسيّون، وأبو جعفر الطَّحاويّ، والطَّبَرانيّ، وابن يونس. وقد روى عنه النَّسائيّ شيئًا في "الكنى" عن رجلٍ، عن ابن المَدِينيّ. قال ابن الرفضي: كان كثير الغلط. توفي سنة ثلاثمائة بمصر، وكان قد سكنها. وثّقه ابن يونس. 109- إبراهيم بن هاشم بن الحسين البَغَويّ2. سمع: عليّ بن الْجَعْد، وأحمد بن حنبل، وأُميّة بن بسِطْام، وجماعة. وعنه: أبو بكر الّنجّاد، وابن قانع، وأبو بكر الشّافعيّ، وعليّ بن لؤلؤ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة سبع وتسعين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 88"، والمنتظم "6/ 116"، وميزان الاعتدال "1/ 69". 2 تاريخ بغداد "6/ 203"، والنجوم الزاهرة "3/ 157"، وشذرات الذهب "2/ 210".

في "مجالس الخلّال"، روايته عن عليّ بن الحَسَن بن شقيق. وهذا وهْم، لم يدركه. وكان مولده سنة سبْعٍ ومائتين. 110- إبراهيم بن الفضل بن غسّان. أبو أُميّة الغلابي البغداديّ البزّار القاضي. حدَّث عن: أبيه بالتّاريخ؛ وعن: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، وأحمد بن عَبْده الضَّبِّيِّ، وغيرهما. قال الخطيب: كان بزّازا، فاستتر ابن الفُرات الوزير عنده في نكبةٍ أصابته، فقال: إن وليت الوزارةَ ما تريد أن يفعل بك؟ قال: تُقلّدني شيئًا. فلمّا وَزَرَ أحسن إليه وولّاه قضاء البصْرة والأهواز. وكان قليل العلم. فلمّا عزل ابنُ الفُرات قبض عليه متولّي البصرة وسجنه، إلى أن مات سنة ثلاثمائة. قال الدَّارَقُطْنيّ: ليس به بأس. 111- إدريس بن عبد الكريم1. أبو الحَسَن البغداديّ الحدّاد المقرئ. قرأ على: خلف البزاز. وسمع: عاصم بن عليّ، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعين، ومُصْعَب بن عبد الله الُّزبَيْريّ، وجماعة. قرأ عليه: أبو بكر محمد بن الحَسَن بن مُقْسِم، وأبو الحسين أحمد بن ثوبان، وأبو الحَسَن بن شَنَبُوذ، وأبو عليّ أحمد بن عبد الله بن حمدان بن صالح، وآخر من زعم أنّه قرأ عليه الحسن بن سعيد المطَّوِّعيّ. وروى عنه: ابن مجاهد، وأبو بكر النّجّاد، وإسماعيل الخُطَبيّ، وأبو عَليّ بن الصواف، وأبو بكر القطيعي، وسليمان الطَّبِرانيّ، وخلْق. قال الدَّارقُطْنيّ: ثقة وفوق الثّقة بدرجة2. تُوُفّي في يوم عيد النَّحْر سنة اثنتين وتسعين. وله ثلاثٌ وتسعون سنة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 103"، وتاريخ بغداد "7/ 14"، والنجوم الزاهرة "35/ 157". 2 تاريخ بغداد "7/ 14".

وقد قرأ عليه المُطَّوِّعيّ الكِسائيّ وقَالَ: قرأت عَلَى قُتَيْبَة بْن مهران، وقرأ عليّ الكسائي تابعه ابن شَنَبُوذ. 112- إسحاق بن أحمد بن النضر العبقي الموصلي السماك. عن: إسحاق بن إسرائيل، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وجماعة. وعنه: يزيد بن محمد في تاريخه، وقال: تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 113- إسحاق بن إبراهيم بن جابر1. أبو يعقوب التُّجَيْبيّ المصريّ القطّان. عن: سعيد بن أبي مريم. وعنه: أبو سعيد بن يونس، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وتسعين. وقال ابن يونس: ما علمت إلا خيرًا. 114- إسحاق بن إبراهيم المصريّ الجلّاب. ويُعرف بِفُقَيْقِيعَة. يروي عن: حَرْمَلَة، وغيره. وعنه: أبو سعيد بن يونس وقال: مات سنة ثمانٍ وتسعين. 115- إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن نفيس البغداديّ الهمدانيّ. أبو العبّاس بن النّابتيّ. ولي أبوه قضاء همدان مدّة. وحدَّث عن: أبيه، وابن عمّار الحسين بن حارث، ومحمود بن غَيْلان، وجماعة. وعنه: أبو الشيخ، وأحمد بن بُنْدار، وأهل أصبهان. 116- إسحاق بن إبراهيم بن داود2. أبو يعقوب الأصبهانيّ المؤدِّب. عن: حُمَيْد بن مَسْعَدَة، وسعيد بن يحيى سَعْدُوَيْه. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأحمد بن بُنْدار. 117- إسحاق بن حاجب البغدادي المعدل3.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 98". 2 المعجم الصغير للطبراني "1 220". 3 تاريخ بغداد "6/ 384".

عن: خليفة بن خيّاط، ومحمد بن بكّار بن الريان. وعنه: أبو بكر النجاد، وعبد الصمد الطّسْتيّ، وغيرهما. وتُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. وقيل: سنة سبعٍ. وثّقه أبو بكر الخطيب. 118- إسحاق بن حُنَين بن إسحاق1. أبو يعقوب العبادي، نسبة إلى عِباد الحِيرة وهم من قبائل شتّى من النَّصارى، نزلوا الحِيرة، ولمّا بُنِيت الكوفة خربت الحِيرة. وكان هذا الكلب أوحد عصره في عِلْم الطِّبّ كأبيه. وكان يعرف الكُتُب اليونانية. وكان قد انقطع إلى الوزير أبي القاسم بن عُبَيْد الله، وقد ابتُلي بالفالج في آخر عُمره، وما أغنى عنه بَصَرُه بالطِّبّ، فنسأل الله العافية. مات سنة ثمانٍ وتسعين. 119- إسحاق بن خَالوَيْه2. أبو يعقوب الياسريّ الواسطيّ. روى عن: عليّ بن بحر. وعنه: الطَّبَرانيّ. 120- إسحاق بن موسى3، أبو يعقوب اليحمديّ الفقيه. أوّل من كتب الشّافعيّ إلى بلد استراباذ. وكان صدوقًا عالمًا محدّثًا. سمع: قتيبة، وابن راهويه، وهشام بن عمار، وحَرْمَلَة التُّجَيْبيّ، وخلقًا. وعنه: محمد بن أحمد الغِطْرِيف، وجعفر بن شهرزيل. 121- أسلم بن سهل بن أسلم بن زياد بن حبيب الحَافِظ4. أبو الحَسَن الواسطيّ الرّزّاز بَحْشَل صاحب "تاريخ واسط". سمع: جدّه لأمه وهْب بن بقيّة، وسليمان بن أحمد الواسطيّ، ومحمد بن خالد بن عبد الله، وخلقًا بعد الثّلاثين ومائتين.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 116"، ومروح الذهب "1389". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 98". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 453". 4 سير أعلام النبلا "13/ 553"، وميزان الاعتدال "1/ 211"، وشذرات الذهب "2/ 210".

وكان يفهم ويدري الفنّ. روى عنه: محمد بن عثمان بن سمعان، ومحمد بن عبد الله بن يوسف، وإبراهيم بن يعقوب الهمدانيّ، وعلي بن حميد البزاز، ومحمد بن جعفر بن اللّيث الواسطيّ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين ومائتين. وقال خميس الحَوْزِيّ: بَحْشَل الرّزّاز منسوب إلى محلّة الرّزّازين، ومسجده هناك، ثقة، ثبت، إمام، يصلح للصّحيح. 122- إِسْمَاعِيل بْن أحْمَد بْن أسد بْن سامان بن نوح1. أمير خُراسان أبو إبراهيم، وابن أميرها. كان عالمًا فاضلًا عادلًا حَسَن السّيرة في الرّعيّة، مُكْرِمًا للعلماء، مشهورًا بالشّجاعة والإقدام، ميمون الفَقْه. جرت له واقعة غريبة فقال الحاكم: سمعت ابن قانع ببغداد يقول: سمعت عيسى بن محمد الطَّهْمانيّ يقول: سمعت الأمير إسماعيل بن أحمد يقول: جاءنا أبونا بمؤدِّب يعلِّمُنا الرَّفْض، فنمت، فرأيت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وعُمَر، فقال: لم تَسُبّ صاحبَيَّ؟ فوقفت، فقال لي بيده هكذا، ونفضها في وجهي، فانتبهت فزِعًا أرتعد من الحُمَّى. فمكثت على الفراش سبعة أشهر، وسقط شَعْري، فدخل أخي فقال: أيش قصَّتُك؟ فحدَّثته. فقال: اعتذر إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فاعتذرت وتبت. فما مرّ لي إلا جمعة حتّى نبت شَعْري2. وقال أحمد بن سعيد بن مسعود المَرْوزيّ: لو لم يكن لآل سامان إلّا ما فتحوا من بلاد الكُفْر لَكَفَى؛ فإنّهم فتحوا مسيرة شهر. ولم يفتح بنو العباس منذ وُلُّوا مقدار شَبْر. قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم: ويقال له الأمير الماضي أبو إبراهيم. سمع من الفقيه محمد بن نصر المَرْوزِيّ عامّة تصانيفه.

_ 1 المنتظم "6/ 77"، وسير أعلام النبلاء "14/ 154"، والبداية والنهاية "11/ 106". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 154".

وسمع من ابنه أحمد بن راشد ومن: محمد بن الفضل. أخذ عنه إمام الأئمة ابن خُزَيْمة، وغيره1. وكانت مدّة سلطنته سبْعَ سنين، وقد ظفر بعَمْرو بن اللَّيْث الصّفّار، وأسره وبعث به إلى المعتضد، وكتب له بعهده على إقليم المشرق. وكذلك استعمله المكتفي، وكان يعتمد عليه ويركن إليه لِما يرى من كفاءته ويقول: لن يُخلِّف الدّهْرُ مثلهم أبدًا ... هَيْهات، هَيْهات شأنهم عجبُ تُوُفّي في بُخارى في صفر سنة خمسٍ وتسعين، وولي بعده أبنه أحمد. قال الحاكم: سمعت الأمير إبراهيم بن إبراهيم بن أحمد يقول: كَانَ جَدِّي كثير أصوله كلها عندي. وقَالَ أبو عبد الله البوسنجي: سَمِعْتُ أَبَا إِبْرَاهِيم الأمير يَقُولُ: كنت أتناول أبا بكر وعُمَر، فرأيت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وهو يقول: ما لك ولأصحابي؟ قال: فمرضت سنة، ثم تُبْتُ من ذلك. 123- إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن عَبْدة2. أبو الحَسَن الضَّبّي الأصبهانيّ. أحد الثقات. سمع: محمد بن حُمَيْد، ومحمد بن عَمْرو زُنَيْج، وجماعة. وعنه: أبو الشّيخ، وأبو أحمد العسّال، وآخرون. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 124- إسماعيل بن محمد بن وهب المصريّ3. عن: دُحَيْم، وحَرْمَلَة، ويعقوب بن إسحاق الهاشميّ. وعنه: أبو جعفر العُقَيْليّ، والطَّبَرانيّ، وآخرون. 125- إسماعيل بن محمد بن قيراط4. أبو عليّ العُذْريّ الدّمشقي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 154". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 213". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 95". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 95".

عن: صَفْوان بن صالح المؤذّن، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأحمد بن صالح، وسليمان ابن بنت شُرَحْبِيل، وهشام بن عمّار، وطائفة. وعنه: أبو عَوَانة، وخثيمة، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، والطَّبَرانيّ، وعبد الله بن النّاصح. توفي سنة سبع تسعين ومائتين. 126- إسماعيل بن محمد المُزَنيّ الكوفيّ. أبو محمد. عن: أبي نُعَيْم. وعنه: أبو بكر الإسماعلي، وهو من كبار شيوخه. تُوُفّي في نصف رمضان سنة ثمانٍ وتسعين. ورّخه ابن عُقْدة. "حرف الباء": 127- البَخْتَريّ بن محمد بن صالح البغداديّ1. عن: محمد بن سَمَاعة القاضي، وكامل بن طلحة الْجَحْدريّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. قال الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس به2. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 128- بِشْر بن عبد الملك الخُزَاعيّ3. مولاهم المَوْصِليّ. عن: غسّان بن الربيع، ومحمد بن سليمان لُوَيْن، وجماعة. وكان أحد الصّالحين. تُوُفّي سنة أربع. روى عنه: الطَّبَرانيّ. 129- بُهْلُولُ بن إسحاق4. أبو محمد التَّنُوخيّ الأَنباريّ، قاضي الأنبار وخطيبها المصقع البليغ. وكان ثقة كثير الحديث.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 112"، وتاريخ بغداد "7/ 113". 2 تاريخ بغداد "7/ 113". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 110". 4 المعجم الصغير "1/ 111"، وتاريخ بغداد "7/ 109"، والبداية والنهاية "11/ 117".

سمع: سعد بن منصور، وإسماعيل بن أبي أُوَيْس، وإبراهيم بن حمزة الزُّبَيْريّ، وأحمد بن حاتم الطَّويلَ، ومحمد بن معاوية النَّيْسابوريّ، وجماعة. وعنه: أخوه أحمد بن إسحاق، وابنا أخيه يوسف الأزرق وإسماعيل ابنا يعقوب، وابن أخيه داود بن الهيثم بن إسحاق، وابن أخيه أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق، وأبو بكر الشافعيّ، وأبو القاسم الطَّبِرانيّ، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، وخلْق من الرّحّالة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ1. مولده سنة أربع ومائتين، ومات في شوّال سنة ثمانٍ وتسعين. وكان قاضي الأنبار وخطيبها، وأبوه حافظ كبير. "حرف الجيم": 130- جبرون بن عيسى بن يزيد البَغَويّ المصريّ2. عن: يحيى بن سليمان الحفريّ، وسَحْنُون بن سعيد الفقيه أخذ عنه بالمغرب. وعنه: الطَّبَرانيّ، والمصريّون. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. 131- جَبَلَة بن حمّود. أبو يوسف الصّدفيّ الإفريقي. يروي عن: الفقيه سَحْنُون، وغيره. تُوُفّي بإفريقيّة سنة سبعٍ وتسعين. وكان زاهدًا قُدْوة. 132- جعفر بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن. أَبُو مُحَمَّد النَّيْسابوريّ السَّلماني. تفقّه بمصر على المُزَنيّ. وسمع: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن رافع، وعبد الله بن عِمران العابديّ، وأبا كُرَيْب، وإسماعيل بن موسى الفَزَاريّ، وأحمد بن عَبْدة الضَّبّيّ، ويونس بن عبد الأعلى، وخلقًا كثيرًا.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 110". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 123"، وفيه "المغربي" بدل "البغوي".

عَنْهُ: أبو عبد الله بْن الأخرم، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وأبو الوليد حسّان الفقيه، وآخرون. تُوُفّي في ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين. 133- جعفر بن أحمد بن مُضَر المُضَريّ المصري. قال ابن يونس: هو عريف المؤذِّنين بمصر. تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 134- جعفر بن شُعَيب الشّاشيّ1. أبو محمد. رحل وسمع: عيسى بن زغُبَةَ، ومحمد بن أبي عمر العَدَنيّ، وطبقتهما. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وأبو محمد بن ماسي. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين ببُخَارى2. 135- جعفر بن عبد الله الصّبّاح بن نَهْشَلٍ الأنصاريّ الأصبهانيّ3. المقرئ إمام جامع أصبهان. رحل وقرأ القرآن على أبي عمر الدُّوريّ. وسمع من: إسماعيل بن موسى الفَزَاريّ، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَوِيّ، وجماعة. وقرأ بأصبهان أيضًا على محمد بن عيسى. وكان رأسًا في القرآن وعلومه. روى عنه: أبو أحمد العسّال، والطَّبَرانيّ، وأبو الشيّخ، وجماعة. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. قرأ عليه جماعة منهم: محمد بن أحمد الكِسائيّ، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهّاب. 136- جعفر بن محمد بن الحسين بن عبيد الله بن محمد بن طغان.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 195"، والمنتظم "6/ 61". 2 في الأصل "بخارا". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 119"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 246".

أبو الفضل النَّيْسابوريّ، ويُعرف بالتّرك. قال الحاكم: شيخ عشيرته في عصره، من الثّقات الأثبات، ومن كبار أصحاب يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهَوَيْه. وسمع أيضًا من: عَمْرو بن زُرَارة، ومحمد بن أبان المستملي، وجماعة. وعنه: عبد الله بن سعد، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وأبو حامد بن الشّرقيّ الحافظ، وعدة. تُوُفّي في ثامن عشر شعبان سنة خمسٍ وتسعين. قال أبو الوليد الفقيه: سمعته يقول: كان إسحاق بن إبراهيم الحنظليّ يرفعني على جماعة من الشيوخ في مجلسه ويقول: جدّهم أول من أظهر السنة بخُراسان. 137- جعفر بن محمد بن ماجد البغداديّ1. عن: خلّاد بن أسلم، ومحمد بن عليّ بن شقيق، وجماعة. ويُعرف بابن القتيل. وعنه: حامد الرّفّاء، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة سبعٍ وتسعين. 138- جعفر بن محمد بن الفُرات، أبو عبد الله الكاتب. تُوُفّي سنة سبعٍ أيضًا، وصلى عليه أخوه الوزير ابن الفُرات. وكان أسنّ من الوزير. 139- جعفر بن محمد بن الأزهر البغدادي2. عن: وهب بن بقية، وغيره. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، والإسماعيليّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 140- جعفر بن محمد بن يزيد. أبو الفضل السوسي.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 115"، وتاريخ بغداد "7/ 196". 2 تاريخ بغداد "7/ 197".

عن: عليّ بن بحر القطّان، وسهل بن عثمان العسكريّ، وسليمان بن عبد الرحمن الدّمشقيّ، وأبي الطّاهر بن السَّرْح، وخلقٍ من الشّاميّين، والمصريّين، والرّازّيين. وعنه: أبو جعفر العُقَيْليّ، وأبو سعيد الأعرابي، والحَسَن بن رشيق، وآخرون. وجاور بمكة. قال الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس به. 141- جعفر بن محمد بن اللَّيث1. أبو عبد الله الزّياديّ البصْريّ. عن: مسلم، وعبد الله بن رجاء الغداني، وغسان بن مالك السلمي، وأبو حذيفة النهدي، وجماعة. وعنه: الطبراني، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو أحمد بن عديّ، وآخرون. بقي إلى قريب الثلاثمائة. 142- الْجُنَيْد بن خَلَف2. الفقيه أبو يحيى السَّمَرقنْديّ. سمع: إسحاق بن شاهين، وحَوْثَرَة بن أشرس. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وعليّ بن أبي العَقِب، وأبو أحمد بن النّاصح، وآخرون. حدَّث بدمشق. 143- الْجُنَيْد بن محمد بن الْجُنَيْد3. أبو القاسم النَّهاونديّ الأصل البغداديّ القواريريّ الخزّاز. وقيل كان أبوه قواريريًّا، يعني زَجّاجًا. وكان هو خزازًا. كان شيخ العارفين وقُدْوة السّائرين وعَلَم الأولياء في زمانه، رحمه الله عليه. وُلِد ببغداد بعد العشرين ومائتين، فيما أحسب أو قبلها. وتفقّه على أبي ثور. وسمع من: الحَسَن بن عَرَفَة، وغيره.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 115". 2 تهذيب تاريخ دمشق. 3 حلية الأولياء "10/ 255-287"، المنتظم "6/ 105"، سير أعلام النبلاء "14/ 66-70"، البداية والنهاية "11/ 113-115"، النجوم الزاهرة "3/ 168-170"، تاريخ بغداد "7/ 241-249"، طبقات الحنابلة "1/ 127-129".

واختصّ بصُحبة السريّ السَّقطيّ، والحَرَميّ، وأبي حمزة البغدادي. وأتقن العلم، ثم أقبل على شبابه، واشتغل بما خُلِق له، وحدَّث بشيء يسير. روى عنه: جعفر الخُلْديّ، وأبو محمد الجريريّ، وأبو بكر الشّبليّ، ومحمد بن علي بن حُبَيْش، وعبد الواحد بن علوان، وطائفة من الصُّوفيّة. وكان ممّن برز في العِلم والعمل. قال أحمد بن جعفر بن المنادي في تاريخه: سمع الكثير، وشاهد الصالحين وأهلَ المعرفة، ورزق من الذكاء وصواب الإجابات في فنون العلم ما لم ير في زمانه مثله، عند أحد من أقرانه، ولا ممن أرفع سنا منه، ممن كان منهم ينسب إلى العلم الباطن، والعلم الظاهر في عفاف وعزوف عن الدّنيا وأبنائها. لقد قيل لي إنّه قال ذات يوم: كنت أُفتي في حلقة أبي ثَوْر الكلبيّ ولي عشرون سنة1. قال أحمد بن عطاء الروذباري: كان الْجُنَيْد يتفقّه لأبي ثَوْر، ويفتي في حلقته2. وعن الْجُنَيْد قال: ما أخرج الله إلى الأرض عَلَمًا وجعل للخلْق إليه سبيلًا، وإلا وقد جعل لي فيه حظًّا3. وقيل: إنه كان في سوقه. وكان وِرده كلّ يوم ثلاثمائة ركعة، وكذا ألف تسبيحة4. وقال أبو نُعَيْم: نا عليّ بن هارون ومحمد بن أحمد بن يعقوب قالا: سمعنا الْجُنَيْد غير مرة يقول: علمنا مضبوطٌ بالكتاب والسنة، من لم يحفظ الكتاب، ويكتب الحديث، ولم يتفقّه، لا يُقْتَدى به5. وقال عبد الواحد بن علوان الرَّحْبيّ: سمعته يقول: عِلْمُنا هذا -يعني التصوّف- مشبَّك بحديث رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ6.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 242". 2 تاريخ بغداد "7/ 242". 3 تاريخ بغداد "7/ 242"، وصفة الصفوة "2/ 416". 4 تاريخ بغداد "7/ 242"، والمنتظم "6/ 106"، وصفة الصفوة "2/ 416". 5 تاريخ بغداد "7/ 243"، وحلية الأولياء "10/ 255". 6 تاريخ بغدد "7/ 243".

وعن ابن سُرَيْج أنّه تكلّم يومًا، فأعجب به بعض الحاضرين، فقال ابن سُرَيْج: هذا بَرَكَة مُجالستي لأبي القاسم الْجُنَيْد1. وعن أبي القاسم الكعبي أنه قال يومًا: رأيت لكم شيخًا ببغداد يقال له الْجُنَيْد، ما رأت عيناي مثله؛ كان الكَتَبَةُ يحضرون لألفاظه، والفلاسفة يحضرونه لدِقَّة معانيه، والمتكلّمون يحضرون لتمام عِلْمه، وكلامه باين عن فهمهم وكلامهم وعِلْمهم. وقال الخُلْديّ: لم يُرَ في شيوخنا مَن اجتمع له علمٌ وحالٌ غير الْجُنَيْد، كانت له حالٌ خطيرة وعلمٌ غزير. فإذا رأيت حاله وحجَّته على علمه، وإذا رأيت علمه وحجته على حاله2. وقال أبو سهل الصُّعْلُوكيّ: سمعت أبا محمد المرتعش يقول: قال الْجُنَيْد: كنت بين يدي السَّريّ السَّقطيّ ألعب وأنا ابن سبْع سنين، وبين يديه جماعة يتكلون في الشُّكْر. فقال: يا غلام ما الشُّكْر؟ فقال: أن لا يُعْصَ الله بِنِعَمِهِ. فقال: أخشى أن يكون حظك من الله لسانك. قال الْجُنَيْد: فلا أزال أبكي على هذه الكلمة الّتي قالها لي3. وقال السُّلَميّ: سمعت جدّي إسماعيل بن نُجَيْد يقول: -كان الْجُنَيْد- يجيء فيفتح حانوته، ويسبل الستر، ويصلي أربعمائة ركعة4. وعن الْجُنَيْد قال: أعلى درجة الكِبْر أن ترى نفسَك، وأدناها أن تخطر ببالك5، يعني نفسك. وقال الجريريّ6: سمعته يقول: ما أخذنا التصوّف عن القال والقيل، لكن عن الجوع، وترك الدنيا، وقطع المألوفات.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 243"، وطبقات الأولياء "131". 2 تاريخ بغداد "7/ 244"، صفة الصفوة "2/ 417". 3 تاريخ بغداد "7/ 244"، صفة الصفوة "2/ 417"، وطبقات الأولياء "127". 4 تاريخ بغداد "7/ 245"، وصفة الصفوة "2/ 417". 5 تاريخ بغداد "7/ 245"، حلية الأولياء "10/ 273". 6 في الأصل "الجوهري" وفي تاريخ بغداد "الحريري".

وذكر أبو جعفر الفَرَغانيّ أنه سمع الْجُنَيْد يقول: أقلّ ما في الكلام سقوط هيبة الرّبّ جل جلاله من القلب، والقلب إذا عري من الهيبة عري من الإيمان. ويقال: كان نقش خاتمه: إنْ كنت تَأْمَلْه فلا تَأْمَنْه. وقال: من خالفت إشارته معاملته فهو مدع كذاب. وقال أبو علي الروذباري: قال الْجُنَيْد: سألت الله أن لا يعِّذبني بكلامي، وربّما وقع في نفسي أنّ زعيم القوم أرذلهم1. وعن الخُلْديّ، عن الْجُنَيْد قال: أعطي أهل بغداد الشَّطْح والعبارة وأهل خراسان القلب والسّخاء، وأهل البصرة الزُّهْد والقناعة، وأهل الشّام الحِلْم والسّلامة، وأهل الحجاز الصَّبر والإنابة. وقال إسماعيل بن نُجَيْد: هؤلاء لا رابع لهم: الْجُنَيْد ببغداد، وأبو عثمان بنَيْسابور، وأبو عبد الله بن الجلّاء بالشّام2. وقال أبو بكر العَطَويّ: كنت عند الْجُنَيْد حين احتضر، فختم القرآن. قال: ثم ابتدأ فقرأ من البَقَرة سبعين آية، ثمّ مات3. وقال أبو نُعَيْم: أنا الخُلْدِيّ كتابة قال: رأيت الْجُنَيْد فِي النَّوم فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ قال: طاحت تلك الإشارات، وغابت تلك العبارات، وفنيت تلك العلوم، ونفذت تلك الرُّسوم، وما نَفَعَنا إلا رَكَعات كنّا نركعها في الأسحار4. قال أبو الحسين بن المنادي: مات الْجُنَيْد ليلة النَّيْروز في شوّال سنة ثمان وتسعين ومائتين5.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 263"، وصفة الصفوة "2/ 420". 2 تاريخ بغداد "7/ 246"، وطبقات الصوفية "176". 3 تاريخ بغداد "7/ 248"، وحلية الأولياء "10/ 264". 4 تاريخ بغداد "7/ 248"، وصفة الصفوة "2/ 424". 5 تاريخ بغداد "7/ 248".

قال: فذكر لي أنّهم حزروا الجمْع يومئذٍ الّذي صلّوا عليه نحو ستّين ألف إنسان. وما زالوا يأتون قبره في كلّ يوم نحو الشّهر. ودُفِنَ عند قبر السّريّ السَّقَطيّ1. قلت: ورّخه بعضهم سنة سبْعٍ، فَوَهِم. "حرف الحاء": 144- حامد بن سَعْدان بن يزيد البغداديّ2. عن: أحمد بن صالح المصريّ، وجماعة. وعنه: محمد بن مَخْلَد، ومَخْلَد الباقَرْحِيّ. وثّقه الخطيب. وتُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 145- حامد بن سهل البخاريّ الدّهّان الحافظ. صاحب المُسْنَد. عن: قُتَيْبَة بن سعيد، ودُحَيْم، وحَرْمَلَة، وأبي مُصْعَب، وجماعة. وعنه: سهل بن السَّريّ، وخَلَف الخيّام، وغيرها. تُوُفّي سنة سبْعٍ أيضًا. ثقة. 146- الحرش بن أحمد بن حُرَيْش الرازي. عن: محمد بن حميد، وغيره. توفي سنة ثلاثمائة. 147- حامد بن شاذي. أبو محمد الكشّيّ3. حدَّث ببغداد عن: إبراهيم بن يوسف البلْخيّ، وقُتَيْبَة، وعلي بن حُجْر، وجماعة. مرّ. 148- الحَسَن بن أحمد بن سليمان.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 248"، والمنتظم "6/ 106"، صفة الصفوة "2/ 424". 2 تاريخ بغداد "8/ 168"، والمنتظم "6/ 92". 3 تاريخ بغداد "8/ 168".

أبو علّي بن الصّيقل المصريّ سَحْنُون أخو علّان بن الصَّيقل. روى عن: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ، ومحمد بن رُمْح، وأحمد بن صالح. وعنه: أبو سعيد بن يونس، وحمزة الكِنانيّ، وسليمان الطَّبَرانيّ، وجماعة. تُوُفّي في ربيع الأول سنة تسعٍ وتسعين. 149- الحسن بن أحمد بن حبيب. أبو علي الكرماني نزيل طرسوس. عن: مسدد، وأبي الربيع الزهراني، ومحمد بن عبد الله الرقاشي، وجماعة. وعنه: النسائي في سننه، وأبو بكر الخلال الحنبلي. 150- الحسن بن إبراهيم بن حلقوم. أبو علي الدمشقي المقرئ. روى عن: صفوان بن صالح، وإبراهيم بن هشام الغساني، وهشام بن عمار. وعنه: أحمد بن محمد بن عُمَارة، والحسن بن حبيب الحصائريّ، وأحمد بن حميد بن أبي العجائز، وآخرون. 151- الحسن بن إدريس العسكري1. حدث بأصبهان سنة إحدى وتسعين. عن: أبي نعيم الفضل بن دكين، وأحمد بن حنبل. وعنه: أبو الشيخ، وأحمد بن بندار الشعار، ومحمد بن القاسم المديني. قال ابن مردويه: كان يُحدِّث من حِفْظه ويخطئ. 152- الحَسَن بن تميم2. أبو عليّ الأصبهانيّ الصّفّار النَّحْويّ. عن: عبد الواحد بن غياث، وأبي مروان العثماني، وجماعة. وعنه: أحمد بن إبراهيم بن أَفْرَجَةَ، وعبد الله بن محمد القبّاب. 153- الحَسَن بن سعيد بن مهران3. أبو عليّ المَوْصِليّ الصَّفّار المقرئ. عن: غسّان بن الربيع، وَمُعَلَّى بن مهدي، وإبراهيم بن حبّان. وعنه: أحمد بن

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 263". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 264". 3 تاريخ بغداد "7/ 324"، المنتظم "6/ 52"، غاية النهاية "1/ 215".

الفضل بن خُزَيْمة، وأبو بكر الشّافعيّ، ويزيد بن محمد الأزديّ. وكان قانعًا متعفّفًا. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 154- الحَسَن بن عليّ بن المتوكّل1. أبو محمد مولى بني هاشم. بغداديّ ثقة. سمع: عفان، وعاصم بن عليّ، وشُرَيْح بن النُّعْمان، وجماعة. وعنه: ابن قانع، وإسماعيل الخُطَبيّ، وجعفر بن محمد بن الحَكَم، والطَّبَرانيّ، ونَسَبه إلى جدّه. تُوُفيّ سنة إحدى وتسعين ومائتين. 155- الحَسَن بن عليّ بن شبيب2. الحافظ أبو عليّ المَعْمَريّ البغداديّ. سمع: خَلَف بن هشام، وشيبان بن فَرُّوخ، وهُدْبَة بن خالد، وسعيد بن عبد الجبّار، وسُويْد بن سعيد، وأبا نصر التّمّار وعلي بن المَديِنيّ وجُبَارة بن المغلس وعيسى بن حماد بن زعبة، وعبد الرحمن بن عبد الرحيم، ودُحَيْمًا، وخلْقًا كثيرًا بالعراق والشّام ومصر. وعنه: أبو بكر النّجّاد، وأبو سهل القطّان، وأحمد بن كامل، وأحمد بن عيسى التّمّار، والطَّبَراني، ومحمد بن أحمد المُفيد، وخلْق. قَالَ الخطيب3: كان من أوعية العلم، يذكر بالفهم، ويوسف بالحفظ. وفي حديثه غرائب وأشياء ينفرد بها. وقال الدَّارَقُطنيّ: صدوق حافظ، جَرحه موسى بن هارون، وكانت العداوة بينهما. وكان أنكر عليه أحاديث أخرج أصولَه العُتْق بها، ثمّ ترك روايتها.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 125"، تاريخ بغداد "7/ 369"، المنتظم "6/ 45". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 126"، المنتظم "6/ 78"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 201"، وسير أعلام النبلاء "13/ 510". 3 تاريخ بغداد "7/ 370".

وقال عبدان الأهوازيّ: ما رأيت صاحب حديث في الدّنيا مثل المَعْمَرِيّ1. وقال موسى بن هارون: استَخَرْت الله سنتين حتى تكلَّمت في المَعْمَرِيّ، وذاك أني كتبت معه عن الشّيوخ، وما افترقنا، فلما رأيت تلك الأحاديث قلت: من أين أتى بها؟ رواها أبو عَمْرو بن حمدان، عن أبي طاهر الجنابذيّ، عن موسى. ثمّ قَالَ أبو طاهر: وكان المَعْمَرِيّ يقول: كنت أتولى لهم الانتخاب، فإذا مر حديث غريب قصدت الشَّيخ وحدي، فسألته عنه2. قلت: لا جرم ما انتفع بتلك الغرائب وُجِدت إليه شرًّا. وقال ابن عُرْوَة: سألت عبد الله بن أحمد عن المَعْمَرِيّ فَقَالَ: لا يتعمّد الكذِب، ولكنْ أحسب أنّه صحب قومًا يُوصِلُون3. قَالَ الحاكم: سمعت أبا بكر بن أبي دارم الحافظ يقول: كنت ببغداد لمّا أنكر موسى بن هارون على المَعْمَرِيّ تلك الأحاديث، وأنهى أمرهم إلى يوسف القاضي بعد أن كان إسماعيل القاضي توسَّط بينهما، فَقَالَ موسى بن هارون: هذه أحاديث شاذة عن شيوخ ثقات لا بد من إخراج الأصول بها. فَقَالَ المَعْمَرِيّ: قد عُرِفَ من عادتي أنّي كنت إذا رأيت حديثًا غريبًا عند شيخ ثقة لا أعلم عليه إنما كنت أقرأ من كتاب الشّيخ وأحفظه فلا سبيل إلى إخراج الأصول بها. وقال عليّ بن جُمْشاذ: كنت ببغداد حينئذٍ فأخرج موسى نيفًا وسبعين حديثًا ذكر أنّه لم يشركْه فيها أحد، ورفض المَعْمَرِيّ مجلسه، فصار النّاس حزبين: حزب للمعمري، وحزب لموسى. فكان من حجّة المَعْمَرِيّ أنّ هذه أحاديث حفظتها عن الشّيوخ لم أنسخها. ثمّ اتفقوا بأجمعهم على عدالة المَعْمَرِيِّ وتقدُّمه. وقال ابن عديّ: وكان المَعْمَرِيّ كثير الحديث صاحب حديث بحقه، كما قَالَ عَبْدان إنّه لم يرَ مثله. وما ذُكِرَ عنه أنّه رفع أحاديثَ، وزاد في مُتُون، فإنّ هذا موجود في البغداديّين خاصّة، وفي حديث ثقاتهم؛ وأنّهم يرفعون الموقوف، ويَصِلون المرسل، ويزيدون في الأسانيد.

_ 1 الكامل لابن عدي "2/ 749"، وتاريخ بغداد "7/ 371". 2 تاريخ بغداد "7/ 371". 3 تاريخ بغداد "7/ 371"، الكامل لابن عدي "2/ 750".

وقال أحمد بن كامل القاضي: مات المَعْمَرِيّ إحدى عشرة لَيْلَةٍ بقيت من المحرم سنة خمسٍ وتسعين1. قَالَ: وكان في الحديث وجمْعه وتصنيفه إمامًا ربانيًا. وقد شدّ أسنانه بالذَّهَب ولم يُغيّر شيبه2. وقيل: بلغ اثنتين وثمانين سنة. وقد كان ولي القضاء للبرتي على القصر وأعمالها3. قَالَ: وقيل له المَعْمَرِيّ، بأُمُّه أمّ الحَسَن بنت سُفْيان بن أبي سفيان المَعْمَرِيّ صاحب مَعْمَر بن راشد4. 156- الحَسَن بن عليّ بن الوليد. أبو جعفر الفارسيّ الفَسَويّ نزيل بغداد5. سمع: سَعْدَوَيْه، وعليّ بن الْجَعْد، وفيض بن وثيق البصْري، وإبراهيم بن مهدي المصيصي، وجماعة. وعنه: ابن قانع، وأبو بكر الشّافعيّ، وأبو عليّ بْن الصَّوّاف، ومحمد بْن عليّ بْن حبيش، والطبراني، وآخرون. وقال الدارقطني: لا بأس به. قلت: وُلِدَ سنة اثنتين ومائتين، وتُوُفّي سنة ستٍّ وتسعين. 157- الحَسَن بن عليّ بن شَهْرَيَار6. أبو عليّ الرَّقِّيّ. حدَّث ببغداد عن: محمد بن مُصْعَب القُرْقُساني، وعن: عليّ بن ميمون الرَّقِّيّ، وعامر بن سَيّار الحلبيّ، وغيرهم. وعنه: محمد بن نَجيح، وابن زياد القطان، والطبراني.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 372". 2 تاريخ بغداد "7/ 372". 3 تاريخ بغداد "7/ 372". 4 تاريخ بغداد "7/ 372". 5 تاريخ بغداد "7/ 372". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 130"، وتاريخ بغداد "7/ 273".

قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف1. وقال ابن يونس: تُوُفّي بمصر سنة سبْعٍ وتسعين، يُعْرف ويُنْكَر، ولم يكن بذاك. 158- الحَسَن بن عليّ بن مَخْلَد النَّيْسابوريّ المُطّوّعيّ. عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وعَمْرو بن زُرَارة، وأحمد بن منيع، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وطائفة. وعنه: أبو عبد الله بْن الأخرم، وأبو زكريا العنْبَريّ، والمشايخ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 159- الحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان2. أبو مُحَمَّد بْن عَلُّويَه القطّان، بغداديّ مشهور. سمع: عاصم بن عليّ، وبشار بن موسى، وبشْر بن الوليد الكِنْديّ، وإسماعيل بن عيسى العطار، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، وعبد الله بن محمد العبْسيّ، وجماعة. وعنه: البخاريّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وأحمد بن سِنْديّ الحدّاد، وأبو عليّ بن الصَّواف، وأبو بكر الآجُرّيّ، ومَخْلَد الباقَرْحِيّ، وأبو الحسين الزُّبَيْديّ، وطائفة. وثّقه الخطيب، والدَّارَقُطْنيّ قبله. وُلِدَ سنة خمسٍ ومائتين في شوال. وقال الخُطَبيّ: مات في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 160- الحَسَن بن محمد بن أُسَيْد الثَّقَفيّ الأصبهانيّ3. عن: لُوَيْن، وأبي حفص الفلّاس، وجماعة. وعنه: أبو الشّيخ وقال: مات سنة ثلاث وتسعين.

_ 1 تاريخ بغداد "374". 2 تاريخ بغداد "7/ 375". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 266".

161- الحَسَن بن محمد بن نصر1. أبو سعيد البغدادي النّخّاس، بخاء مُعْجَمَةٍ. عن: عبد الواحد بن غِياث، وَقُرَّةَ بن العلاء. وعنه: عبد الصمد الطَّسْتيّ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وابن مَخْلَد العطّار. 162- الحَسَن بن محمد بن الْجُنَيْد. أبو عليّ الخُتُليّ2. عن: أبي مَعْمَر القَطِيعيّ، وغيره. وعنه: أحمد بن خزيمة، وأبو بكر الشافعي. 163- الحَسَن بْن محمد بْن الحسين. أبو عليّ المصريّ المعروف بالمَدِينيّ. حدَّث عن: يحيى بن بُكَيْرة، وغيره. تُوُفّي في شوّال سنة تسعٍ وتسعين. 164- الحَسَن بن محمد بن سليمان بن هشام3. أبو عليّ البغداديّ الخزّاز ابن بنت مطر. عن: أبيه، وعلي بن المَدِينيّ، وهشام بن عمّار، وجماعة. وعنه: ابن قانع، وأبو عليّ بن الصّوّاف، والطَّبَرانيّ. وثّقه الدَّارَقُطْني. وتُوُفّي سنة سبعٍ وتسعين. 165- الحَسَن بن المُثَنَّى بن مُعَاذ بن مُعَاذ4. أبو محمد العنْبريّ البصْريّ. شيخ نبيل من بيت العِلم والحديث. سمع: أبا حُذَيْفة النَّهْدي، وعفّان بن مسلم. وكان ديِّنًا خيِّرًا ورِعًا، لم يزل ممتنعًا من الرواية حتَّى أُمِر في النوم بالتّحديث، فحدَّث في أواخر عمره. روى عنه: أبو القاسم الطبراني، ويوسف بن يعقوب البجيري، وجماعة. وتُوُفّي في رجب سنة أربعٍ وتسعين عن سنٍّ عالية، فإنّه وُلِد سنة مائتين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 129"، تاريخ بغداد "7/ 411". 2 تاريخ بغداد "7/ 412". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 127". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 134".

166- الحَسَن بن هارون بن سليمان الأصبهانيّ1. عن: أبيه داود بن رُشَيْد، وعُبَيْد الله القواريريّ، وأبي مَعْمَر إسماعيل بن إبراهيم، وطائفة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشّيخ، والطَّبَرانيّ، وآخرون. تُوُفّي في سنة اثنتين وتسعين. 167- الحَسَن بن يزداد. أبو عليّ الهمدانيّ الخشّاب الْجُذُوعيّ. ويقال له حُسَيْنًا. عن: سُوَيْد بن سعيد، وجُبَارة بن المُغَلِّس، وهنّاد بن السَّريّ، وطائفة. وعنه: ابن خرجة النَّهَاوَنْديّ، والفضل بن الفضل الكِنْديّ، وبشْر بن أحمد الإسفرائينيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. وكان صدوقًا عالمًا. 168- الحسين بن موسى بن عيسى الحافظ. أبو عجيبة الحضرميّ، مولاهم المصريّ. روى عن: عبد الملك، وَسَلَمَةَ بن شَبِيب، وطبقتهما. روى عنه: حمزة، وغيره. مات سنة ستٍّ وتسعين. 169- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهْب2. أبو عليّ الآمديّ من بني مالك بن حبيب. عن: محمد بن عبد الرحمن بن سهم، ومحمد بن وهْب الحرّانيّ، وأبي نُعَيْم الحلبيّ، وطائفة. وعنه: الطّسْتيّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وعلي بن محمد بن مُعَلَّى الشُّونِيزيّ. 170- الحسين بن أحمد بن منصور البغدادي سجادة3.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 132"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 262". 2 تاريخ بغداد "8/ 4". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 139"، تاريخ بغداد "8/ 3".

عن: عبيد الله بن عمر القواريري، وعبد الله بن داهر الرّازيّ. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، والإسماعيليّ، والطَّبَرانيّ، وغيرهم. صدوق. 171- الحسين بن أحمد بن جيون الأنصاري الصعيدي. عن: حرملة بن يحيى، وعبد الملك، وابن شبيب، وغيرهما. وعنه: أبو سعيد بن يونس وقال: توفي سنة ثمانٍ وتسعين. 172- الحسين بن أحمد بْن محمد بْن زكريّا1. أبو عبد الله الشِّيعيّ صاحب دعوة عُبَيْد الله المهديّ، والد الخلفاء المصريّين الباطنية. سار من سليمة من عند عُبَيْد الله داعيًا له في البلاد، وتنقّلت به الأحوال إلى أن دخل المغرب، واستجاب له خلْق، فظهر وحارب أمير القيروان، واستفحل أمره. وكان من دُهاة العالم، وأفراد بني آدم دهاءً ومَكْرًا ورأيًا، دخل إفريقيّة وحيدًا غريبًا فقيرًا، فلم يزل يسعى ويتحيّل ويستَحْوِذ على النُّفوس بإظهار الزّهادة، والقيام لله، حتّى تبِعَه خلْقٌ وبايعوه، وحاربوا صاحب إفريقيّة مرّات. وآل أمره إلى أن تملَّكَ القيروان، وهرب صاحبها زيادة الله الأغلبيّ. ولمّا استولى على أكثر المغرب عَلِمَ عُبَيْد الله، فسار متنكّرًا والعيون عليه إلى أن دخل المغرب، وما كاد، ثمّ أحس به صاحب سِجِلْماسة، فقبض عليه وسجنه. فسار أبو عبد الله الشيعي بالجيوش، وحارب اليسع صاحب سجلماسة وهزمه، واستولى على سجلماسة، وجرت له أمور عجيبة، ثم أخرج عُبَيْد الله من السّجن، وقبَّل يده، وسلَّم عليه بإمرة المؤمنين، وقال للأمراء: هذا إمامكم الّذي بايعتم له. وألقى إليه مقاليد الأمور، ووقف في خدمته. ثمّ اجتمع بأبي عبد الله أخو أبو العبّاس ونَدَمه على ما فعل، لأنّ المهديّ أخذ يُزْويه عن الأمور ولا يلتفت إليه. فندم أبو عبد الله وقال للمهديّ: خَلِّ يا أمير المؤمنين الأمورَ إليّ، فأنا خبير بتدبير هذه الجيوش. فتخيّل منه المهديّ، وشرع يعمل الحيلة، ويسهر اللّيل في شأنه. وحاصل الأمر أنّه دسَّ على الأخوين الدّاعيَيْن له من قتلهما في ساعة واحدة، بعد محاربةٍ جرت بينهم، وتم ملْكه. وقُتِلا في نصف جُمَادَى الآخرة سنة ثمانٍ وتسعين بمدينة رَقّادة. وكانا من أهل اليمن، ولهما اعتقاد خبيث.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 58"، البداية والنهاية "11/ 116".

ذكر القفطيّ في "تاريخ بني عُبَيْد" أنّ أبا عبد الله الشِّيعيّ كوفيّ، وأنه رافق كتامة إلى مصر يصلي بهم ويَتَزَهَد، فمالوا إليه، فأظهر أنه يريد أن يقيم بمصر، فاغتنموا لذلك، وسألوه عن سبب إقامته، فَقَالَ: أُعَلِّم الصّبيان. فرغبوه في صُحْبتهم لِيُعلِّم أولادهم، فسارَ معهم إلى جبال كُتَامة، فأخذ في اجتلاب عقولهم ورَبْطها، ثمّ خاطب عُقَلائهم واستكتمهم، فأجابوه. فمن جُملة ما ربطهم قَالَ: نزلت فيكم آية فُغُيِّرت حسدًا لكم. قالوا: وما هي؟ قَالَ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] . قالوا: وَمَنْ غَيَّرها؟ قَالَ: وُلَاةُ أمركم اليوم. قالوا: فكيف السّبيل إلى إظهارها؟ قَالَ: أن تَدِينوا بإمامٍ معصوم يعلم الغيب. قالوا: وَمَنْ لنا به؟ قَالَ: أنا رسولٌ إليكم، إذا طهّرتم له البلاد. فأجابوه. وربط عقولهم بأنّه يعلم أسرار الصلاة والزّكاة والحجّ والصَّوم، وشوّقهم بما أمكنه، فلمّا استجابوا له بأجمعهم، جَيَّش الجيوش، وجرت له خطوب طويلة، ولزِم الوقار والسَّكينة والتَّزَهُّد وعدم الضّحك، ونحو ذلك. قلت: يا ما لقي العلماء والصُّلَحاء بالمغرب من هذا الشِّيعيّ. قبّحه الله ولا رحمه. وقد كان أبو إسحاق بن البردون المالكيّ الّذي ردّ على الحنفية ممّن انتصب لِذَمّ هذا الشّيعيّ، فسَعَوْا به وبأبي بكر بن هُذَيْل، وطائفة. وكانت الشّيعة تميل إلى العراقيّين لأجل موافقتهم لهم في مسألة التّفضيل، فحبس هذين الرَّجُلين، ثمّ أمر الشّيعيّ أن يضرب عنق ابن البرذون وصاحبه. وقيل: إنّ ابن البرذون لما جُرِّدَ للقتل قِيلَ له: ارجع عن مذهبك، فَقَالَ: أرجع عن الإسلام؟ ثم صلب، وكان ذلك في حدود الثمانين ومائتين، أو بعد ذلك. ونادوا أيّام الشيعي أن لا يُفتى بمذهب مالك، وألّا يفتوا إلّا بمذهب جعفر بن محمد وأهل البيت، وبزعمهم بسقوط طَلَاق البَتّة، وتوريث البنت الكُلّ، ونحو ذلك، والله أعلم. 173- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهْب. أبو عليّ الآمديّ المالكيّ الفقيه. عن: هشام بن عمّار، ومحمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكيّ، ويحيى بن أكثم، وطائفة.

وعنه: أبو بكر الشافعي، والإسماعيلي، وجماعة. 174- الحسين بن إبراهيم بن عامر1. أبو عجرم الأنطاكي المقرئ. قرأ عَلَى: أحمد بْن جُبَيْر، عن الكِسائيّ. روى عنه القراءة: محمد بن داود النَّيْسابوريّ، والحسين بن أحمد، وعبد الله بن عليّ. 175- الحسين بن إسحاق التُّسْتَرِيّ الدَّقيقيّ2. شيخ الطَّبَرانيّ. الصَّحيح وفاته في المحرَّم سنة ثلاثٍ وتسعين. وقيل: سنة تسعٍ وثمانين، كما مرّ. 176- الحسين بن جعفر بن حبيب3. أبو عليّ القُرَشيّ الكوفيّ القتات. عن: أحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وغيره. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 177- الحسين بن أحمد بن موسى بن المبارك4. أبو عليّ العكّيّ ثم المصريّ. عن: يحيى بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد، ومحمد بْن هشام بْن أبي خيرة السُّدُوسيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن جعفر بن الورد، وإسحاق بن إبراهيم، وغيرهم. قَالَ ابن يونس: ليس بالقوي. توفي في رجب سنة تسعٍ وتسعين عن اثنتين وتسعين سنة. الحسين بن زكرَوَيْه. ذُكِر في الْأَحْمَدَيْن. 178- الحسين بن شُرَحْبيل. أبو عليّ البَطَلْيُوسيّ الأندلسيّ المالكيّ الفقيه.

_ 1 غاية النهاية "1/ 237". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 139". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 140". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 138" وفيه "الحسين بن حميد".

كان على مدار الفتوى ببطليوس. وتوفي قريب الثلاثمائة. قَالَه القاضي عياض. 179- الحسين بن عبد الله بن أحمد1. الفقيه أبو عليّ البغداديّ الخِرَقيّ الحنبليّ، والد الإمام صاحب المختصر في مذهب أحمد، أبي القاسم عمر بن الحسين. حدَّث عن: أبي عمرو الدُّوريّ، وأبي حفص الفلّاس، ومحمد بن مرداس الأنصاري، وغيرهم. وتفقه على أبي بكر المروزي وبرع في الفقه. روى عنه: ابنه، وأبو علي بن الصواف، وأبو بكر الشافعي، وأبو بكر عبد العزيز بن جعفر، وغيرهم. توفي يوم عيد الفطر سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. وكان يدعى خليفة المروزي للزومه إياه. اتفق أنّه صلى صلاة العيد، ورجع فتغدّى ونام، فوجده أهله ميتًا، رحمه الله تعالى. 180- الحسين بن عبد الله بن أبي زيد. الفقيه أبو عبد الله النَّيْسابوريّ الحنفيّ، من كبار أئمّة أهل الرأي بخُراسان. وكان صاحب حديث أيضًا. سمع: إسحاق بن راهوَيْه، وأحمد بن حنبل، وجماعة. وارتحل ولقي الكبار فسمع: جُبَارة بن المُغَلس، ومحمد بن حُميد الرازيّ، وحدَّث عن: محمد بن شُجاع بن الثَّلْجيّ بالمصنّفات. روى عنه: أبو العبّاس أحمد بن هارون، وأبو عبد الله بن دينار، ومحمد بن أحمد بن سعيد الرازيّ، وغيرهم. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين، نقله الحاكم. 181- الحسين بن عبد الحميد. أبو علي الموصلي الخرقي2.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 59"، المنتظم "6/ 111"، البداية والنهاية "11/ 117". 2 تاريخ بغداد "8/ 60".

عن: مُعَلَّى بن مهديّ، وعبد الله بن معاوية الْجُمَحيّ، وهُدْبة بن عبد الوهاب المَرْوَزِيّ، ويعقوب بن حُمَيْد بن كاسب، وخلق كثير. وعنه: ابن قانع، ويزيد بن محمد الأزديّ. 182- الحسين بن عبيد الله بن الخصيب الأبزاري البغداديّ1. ضعيف، متروك. روى عَنْ: داود بن رشيد، وغيره. وعنه: جعفر بن محمد المؤدّب، وإسماعيل الخُطَبيّ. 183- الحسين بن عليّ بن مُصْعَب2. أبو عليّ النَّخعيّ البغداديّ. عن: داود بن رُشَيْد، وسُوَيْد بن سعيد، وسليمان ابن بنت شُرَحْبيل، وخلْق. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشيَّخ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وآخرون. 184- الحسين بن عليّ بن حمّاد بن مهران الأزرق الجمّال المقرئ3. صاحب أحمد بن يزيد الحُلْوانيّ. كان رفيق الحَسَن بن العبّاس بن مهران الرّازيّ في القراءة على الحلواني. وتصدر للإقراء، وحمل على الناس عَنْه الكثير. سكن قزوين، وكنيته أبو عبد الله. وقرأ أيضًا على محمد بن إدريس الزَّيْدانيّ. قرأ عليه: أبو الحسن محمد بن أحمد بن شَنَبُوذ، وأحمد بن محمد الرازيّ، نزيل الأهواز، وأبو بكر محمد بن الحَسَن النّقّاش، والحَسَن بن سعيد المُطّوِّعيّ، وآخرون. وكان محققًا لقراءة ابن عامر. 185- الحسين بن عمر بن أبي الأحوص4. أبو عبد الله الثَّقفيّ، مولاهم الكوفيّ. عن: أحمد بن يونس، وسعيد بن عمرو الأشعثي. وعنه: أبو بكر القَطيعيّ، وعبد الله بن إبراهيم الزيني، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 56". 2 تاريخ بغداد "8/ 69". 3 غاية النهاية "1/ 244". 4 تاريخ بغداد "8/ 81".

توفي في رمضان سنة ثلاثمائة ببغداد، وله عن: مِنْجاب بن الحارث، وحُبَارة بن المُغلِّس، وثابت بن موسى الضَّبّيّ، وأبو كُرَيْب. وعنه أيضًا: ابن ماسي، وأبو الفَرَج صاحب "الأغاني". وثّقه الخطيب. 186- الحسين بن الكُمَيْت بن بُهْلُولٍ بن عمر1. أبو عليّ المَوْصِليّ. نزل ببغداد، وحدَّث عن: غسّان بن الرّبيع، وَمُعَلَّى بن مهدي، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عمار المَوَاصِلَة، وعليّ بن المَدِينيّ، ومحمد بن زياد بن فَرْوَةَ البلديّ، وجماعة. وعنه: عبد الصَّمد الطَّستيّ، وحبيب القزّاز، وسليمان الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن ماسي، وآخرون. وثّقه الخطيب. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين ومائتين. 187- الحسين بن محمد بن جمعة. أبو جعفر الأَسَديّ الدّمشقيّ2. عن: سعيد بن منصور، لقِيه بمكّة. وعنه: عليّ بن أبي العَقِب، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، وأبو عليّ بن آدم، وأبو زُرْعة محمد بن أبي دُجَانة، وجماعة. 188- الحَكَم بن مَعْبَد بن أحمد3. أبو عبد الله الخُزَاعيّ الأديب، صاحب كتاب "السنة". يروي عن: نصر بن عليّ الْجَهْضَميّ، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العَدَنيّ، ومحمد بن المُثَنَّى الزَّمِن، ومحمد بن حُمَيْد الرازيّ، وخلْق. وحدّث بأصبهان وبها تُوُفّي في سنة خمسٍ وتسعين. روى عنه: أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، والطبراني. وكان من فقهاء الحنفيّة. 189- حُوَيْت بن أحمد بن أبي حكيم4. أبو سليمان القُرَشيّ الدّمشقيّ.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 143"، تاريخ بغداد "8/ 87". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 359". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 157"، وذكر أخبار أصبهان "1/ 298". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 153"، تهذيب تاريخ دمشق "5/ 20".

عن: أبي الجماهر محمد بن عثمان، وزُهَيْر بن عبّاد، ومحمد بن وهْب بن عطيّة، وجماعة. وعنه: ابنه محمد، وأبو عليّ بن هارون، والطَّبَرانيّ، وعبد الله بن النّاصح. "حرف الخاء": 190- خالد بن غسّان بن مالك1. أبو عيسى الدّارميّ البصْريّ. عن: أبيه، وأبوه صدوق، سمع حمّاد بن سَلَمَةَ. وعن: مُعَاذ بن عيسى الضَّبّيّ، عن ابن عَجْلان. وعن: مسلم بن إبراهيم، وأبي عمر الضَّرير. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن عديّ وقال: حدَّث عن أبيه بحديثين باطلين. وكان أهل البصرة يقولون إنّه يسرق الحديث. 191- خشناج بن أبي معروف بشر بن العنْبريّ النَّيسابوري. رحل وسمع: عبد الأعلى بن حماد، وهشام بن عمّار، ومحمد بن رُمْح، وخلْقًا. وعنه: أبو عمر بن مَطَر، وحسّان بن محمد الفقيه. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. قَالَ الحاكم: هو شيخ مفيد حَسَن الصَّوْت إلّا أنه قليل الحديث. 192- خَلَف بن سليمان النَّسَفيّ. عن: دُحَيْم، وهشام بن عمّار. وعنه: محمد بن محمد بن جابر البخاري، وغيره. توفي سنة ثلاثمائة. 193- خلف بن عمرو. أبو محمد العُكْبُريّ2. حجّ فسمع: الحُمَيْديّ، وسعيد بن منصور، وأظنه آخر من حدّث الحُمَيْديّ. وحدَّث أيضًا عن: محمد بن معاوية النَّيْسابوريّ، وحسن بن الربيع.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 160"، وميزان الاعتدال "1/ 637". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 577"، البداية والنهاية "11/ 108"، والمنتظم "6/ 84".

وعنه: جعفر الخالديّ، والطَّسْتيّ، وأبو بكر الآجُرّيّ، وحبيب القزّاز، وسليمان الطَّبَرانيّ، وطائفة آخرهم وفاةً محمد بن عبد الله بن بخيت. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. ونقل الخطيب إنّه كان له ثلاثون خاتمًا، وثلاثون عكّازًا، يلبس كلّ يوم خاتمًا، ويأخذ عكّازًا. وكان مِن ظُرفاء بغداد ومحتشميهم. تُوُفّي سنة ستٍ وتسعين. "حرف الدال": 194- داود بن الحسين بن عُقَيل بن سعيد البَيْهَقيّ الخُسْرُوجِرْديّ1. أبو سليمان. سمع: يحيى بن يحيى، وسعد بن يزيد الفرّاء، وقُتَيْبة، وابن راهوَيْه، وعلي بن حُجْر، وطائفة. وحجّ فسمع في الطّريق من: عبد الله بن معاوية الْجُمَحيّ، وجماعة بالعراق، وأبي مُصْعَب، ويعقوب بن كاسب بالمدينة، ومحمد بن رُمْح، وحَرْمَلَة، وطائفة بمصر، وأبي التُّقى هشام بن عبد الملك، وجماعة بالشّام. وعنه: الحافظ أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو بكر بن عليّ، وعبد الله بن محمد بن مسلم، وبِشْر بن أحمد الإسفرائينيّ، وطائفة. قال: ولدت سنة مائتين؛ ومات سنة ثلاثٍ وتسعين بخُسْرُوجِرْد. 195- داود بن وسيم2. أبو سليمان البوسَنْجيّ. طوّف وصنّف وحدَّث عن: محمد بن هاشم البعلبكيّ، وكثير بن عبد الحمصيّ، وأبي سعيد الأشجّ، وجماعة.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 199". 2 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 218".

وعنه: محمد بن الحَسَن البيذجانيّ، ومنصور بن العبّاس الفقيه شيخان لأبي المعالي، ومحمد بن محمد البوسنجيّ، وأبو بكر النّقّاش المقرئ. "حرف الراء": 196- رباح بن طَيْبان1. قيّده ابن ماكولا. أبو رافع الأزديّ مولاهم المصري الأصفر. عن: سلمة بن شبيب، وموسى بن الفقيه عبد الرحمن بن القاسم. وعنه: أبو سعيد بن يونس وقال: كان فاضلًا أسود اللون. تُوُفّي سنة ثلاثمائة. "حرف الزاي": 197- زكريّا بن دلوَيْه. أبو يحيى النَّيْسابوريّ الواعظ، أحد الزُّهّاد. سمع: ابن راهوَيْه، وأبا مُصْعَب، وطبقتهما. وعنه: أحمد بن هارون الفقيه، وابن هانئ، وجماعة. قَالَ السُّلَميّ: هو من تلامذة أحمد بن حرب، وكان يُفَضَّلُ على شيخه. 198- زكريّا بن عصام الكَرَجِيّ2. حدَّث بأصبهان عن: سهل بن عثمان العسكريّ، ومحمد بن عُبَيْد الهَمْدانيّ. وعنه: أبو الشّيخ، وأبو أحمد العسّال، وجماعة. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين. 199- زكريّا بن يحيى بن الحارث. الإمام أبو يحيى النَّيْسابوريّ المزكي البزاز الفقيه شيخ الحنفيّة بنيسابور. ذكره الحاكم فَقَالَ: شيخ أهل الرأي وعصره. وله مصنّفات كثيرة في الحديث، وكان من العباد.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "4/ 10". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 322".

سمع: إسحاق بن راهويه، والحسن بن عيسى بن ماسرجس، وأيّوب بن الحَسَن وأقرانهم. وبالعراق: أبا الربيع السَّمْتيّ، وعبد الله بن معاوية الْجُمَحيّ، وأبا كُرَيْب، وبِشْر بن آدم، وطائفة. وبالحجاز: أبا مُصْعَب، ومحمد بن يحيى العَدَنيّ، وعبد الجبّار العطّار، وأقرانهم. وعنه: عبد الرحمن بن الحسين القاضي، والمشايخ. وثنا عنه أبو عليّ الحافظ. مات في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وتسعين، وصلى عليه الأمير أبو صالح. 200- زُهْرة بن زُفَر المصريّ. عن: يحيى بن بُكَيْر، ومحمد بن مَخْلَد الرُّعَيْنيّ. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ. "حرف السين": 201- السَّريّ بن مُكْرَم البغداديّ1. من جِلّة المقرئين. قرأ على: أبي أيّوب الخيّاط صاحب اليزيديّ. قرأ عليه: ابن شَنَبُوذ، وأحمد بن يوسف الأهوازيّ، وعليّ بن أحمد السّامريّ، وغيرهم. 202- سعيد بن إسحاق. أبو عثمان الكلْبيّ المغربيّ. مشهور بالصِّدق والصَّلاح. أخذ عن: سَحْنُون، وغيره. وحجّ فأخذ بمصر عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. حمل عنه بِشْر بالقيروان. وعاش بضعًا وثمانين سنة. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين، رحمه الله. 203- سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور2. الأستاذ أبو عثمان الحِيريّ النَّيْسابوريّ الواعظ. شيخ. الصُّوفيّة وعَلَم الأولياء بخُراسان. وُلَد سنة ثلاثٍ ومائتين بالري.

_ 1 غاية النهاية "1/ 302". 2 صفة الصفوة "4/ 103-107"، تاريخ بغداد "9/ 99"، وسير أعلام النبلاء "14/ 62-66".

وسمع بها من: محمد بن مقاتل، وموسى بن نصر، وغيرهما. وبالعراق: حُمَيْد بن الربيع، ومحمد بن إسماعيل الأحْمَسيّ. ولم يزل يسمع الحديث ويكتب إلى آخر شيء. روى عنه: الرئيس أبو عَمْرو أحمد بن نصر، وابناه أبو بكر، وأبو الحَسَن، وأبو عَمْرو بن مَطَر بن نُجَيْد، وطائفة. قَالَ الحاكم: كان وروده نَيْسابور لصُحبَةِ أبي حفص النَّيْسابوريّ الزّاهد، ولم يختلف مشائخنا أنّ أبا عثمان كان مُجاب الدَّعْوة، ومجمع العُبّاد والزُّهّاد، ولم يزل يسمع الحديث، ويُجِلَ العُلماء، ويعظّم قدرهم1. سمع من: أبي جعفر أحمد بن حمدان الزّاهد كتابه المخرج على مسلم، بلفظه من أوّله لآخره. وكان إذا بلغ موضعًا فيه سنة لم يستعلمها وقف عندها، حتّى يستعمل تلك السنة2. قلت: وعن أبي عثمان أخذ صوفيّة نَيْسابور، وهو لهم كالْجُنَيْد للعراقيّين. ومِن كلامه: سرورك بالدُّنيا أذهبَ سرورك بالله عن قلبك. وقال: الْعُجْبُ يتولّد من رؤية النَّفْس وذِكْرها، ورؤية النّاس. وقال ابن نُجَيْد: سمعته يقول: لا تَثِقَنَّ بمودّة مَن لا يحبّك إلّا معصومًا3. قَالَ أبو عَمْرو بن حمدان: سمعته يقول: من أمر السنة على نفسه قولًا وفعلًا نطق بالحكمة، ومن أمرّ الهوى على نفسه نطقَ بالبدعة لقوله تعالي: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54] . وعن أبي عثمان قَالَ: لا يكمل الرّجل حتى يستوي قلبه في المَنْع والعطاء وفي العِزّ والذُّلّ. وقال لأبي جعفر بن حمدان: ألستم تروون أنّ عند ذِكْر الصّالحين تنزل الرحمة؟ قَالَ: بلى.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 63". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 63". 3 تاريخ بغداد "9/ 100"، وصفة الصفوة "4/ 104".

قَالَ: فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسيلة الصّالحين1. قَالَ الحاكم: أخبرني سعيد بن عثمان السَّمَرْقَنْديّ العابد: سمعت أبا عثمان غير مرّة يقول: مَن طلب جِوَاري، ولم يوطّن نفسه على ثلاثة أشياء، فليس له في جواري موضع. أولها: إلقاء العزّ، وَحَمْلُ الذُّلّ. الثاني: سكون قلبه على جوع ثلاثة أيّام. الثالث: أن لا يَغْتَمّ ولا يهتمّ إلا لِدينه أو طلب إصلاح دِينه2. وسمعتُ محمد بْن صالح بْن هانئ يَقُولُ لما قتل يحيى الذُّهَليّ: مُنِعَ النّاس من حضور مجالس الحديث، أشار بهذا على أحمد بن عبد الله الخُجُسْتانيّ: شرويه، والعبّاسان، فلم يجسر أحد أن يحمل محبرةً، إلى أن وَرَدَ السَّرِيّ بن خُزَيْمة الأبيْوَرْديّ، فقام أبو عثمان الحِيريّ الزّاهد، وجمع المحدِّثين في مسجده، وأمرهم أن يُعلِّقوا المحابر في أصابعهم، وعلّق هو محبرةً بيده، وهو يتقدَّمهم إلى أن جاء إلى خان محمش، فأخرج السَّرِيّ، وأجلس المستملي بين يديه، فَحَزَرْنا في مجلسه زيادة على ألف محبرة. فلمّا فرغ قاموا. فقبّلوا رأس أبي عثمان رحمه الله، ونثر النّاس عليهم الدَّرَاهم والسُّكَّر، وذلك في سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين3. قلت: ذكر الحاكم ترجمته في كَرَّاسَيْن ونصف، فأتى بأشياء نفيسة من كلامه، في اليقين وَالتَّوَكُّلِ والرِّضا. قال الحاكم: سمعت أبي يقول: لمّا قتل أحمدُ بنُ عبد الله الخجستاني: حيكان، يعني الذُّهليّ، أخذ في الظُّلْم والحَيْف، فأمر بحربةٍ، فركزت على رأس المربعة، وجمع أعيان التجار وحلف: إن لم تصبوا الدراهم حتى تغيب رأس الحربة، فقد أحلَلْتُم دماءكم. فكانوا يقتسمون الدّراهم فيما بينهم، فخُصّ تاجرٌ بثلاثين ألف درهم، ولم يكن يقدر على ثلاثة آلاف درهم، فحملها إلى أبي عثمان، وقال: أيُّها الشيّخ قد حَلَفَ هذا كما علِمْت، ووالله لا أهتدي إلا إلى هذه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 64". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 64". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 64".

فقال له الشيخ: تأذن أن أفعل فيها ما ينفعك؟ قَالَ: نعم. ففرّقها أبو عثمان، وقال للرجل: امكث عندي. فما زال أبو عثمان يتردَّد بين السّكَّة والمسجد ليلةً حتّى أصبح وأذّن. ثمّ قَالَ للفرغاني خادمه: اذهب إلى السوق، فانظر ما تسمع. فذهب ثم رجع فَقَالَ: لم أرَ شيئًا. قَالَ: اذهب مرّةً أخرى. قَالَ: وأبو عثمان يقول في مناجاته: وحقّك لا أقمت ما لم تُفْرِج عن المكروبين. قَالَ: فأتى الفَرَغانيّ وهو يقول: وكفى الله المؤمنين القتال، شُقَّ بطْنُ أحمد بن عبد الله. فأخذ أبو عثمان في الإقامة1. قَالَ أبو الحَسَن أحمد بن أبي عثمان: توفي أبي ليلة الثلاثاء لعشرٍ بقين من ربيع الآخر سنة ثمانٍ وتسعين: وصلى عليه الأمير أبو صالح. 204- سعيد بن سعد. أبو عثمان النَّيْسابوري. سمع: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن حميد الرازي، وجماعة. وعنه: محمد بن صالح بن هانئ، وأحمد بن إسحاق الصَّيْدلانيّ، وعبد الله بن سعد. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 205- سعيد بن سَلَمة. أبو عَمْرو التَّوَّزِيّ2. حدَّث ببغداد عن: سُوَيْد بن سعيد، وعُبَيْد الله القواريريّ، وعثمان بن أبي شَيْبة. وعنه: أبو عليّ الصّوّاف. ووثّقه الخطيب. 206- سعيد بن سليمان بن داود. أبو عثمان الشَّرْغبيّ. وشَرْغب قرية ببُخَارَى. سمع: يحيى بن جعفر البيكَنْدي، وهانئ بن النَّضر. وعنه: محمد بن نصر بن خَلَف، وخَلَف بن محمد الخيام. توفي سنة ثلاثمائة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 65". 2 تاريخ بغداد "9/ 103".

207- سعيد بن عبد الله بن أبي رجاء بن عُجْب1. أبو عثمان الأنباريّ. رحل إلى الشّام ومصر. وسمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وسُفْيان بن وكيع، وخلْقًا. وعنه: أحمد بن كامل، وأبو القاسم الطَّبرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، ومَخْلَد الباقَرحِيّ، ومحمد بن أحمد المفيد، وطائفة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. وقال ابن عُقْدَةَ: تُوُفّي في جُمادَى الآخرة سنة ثمانٍ وتسعين. 208- سعيد بن عثمان الفندقيّ الصّوُفيّ الخياط. سمع: أحمد بن أبي الحواري، وذا النون المصريّ، وجماعة. وعنه: أبو عَمْرو غلام ثعلب، ومحمد بن حُمَيْد الحَوْرانيّ، وعبد الصمد الطَّسْتيّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. يُقال: كان دمشقيًَّا. 209- سعيد بن عَمْرو بن عمّار2. الحافظ أبو عثمان الأزْديّ البَرْدَعيّ. رحل وطوّف وصنّف، وصحب أبا زرعة الرازي، أخذ عنه هذا الشّأن. وسمع: أبا كُرَيْب، وأبا سعيد الأشجّ، وعَبدة بن عبد الله، ومحمد بن بشّار، وأحمد ابن أخي ابن وهْب، ومحمد بن يحيى الذُّهليّ، وأبا حفص الفلّاس، وإبراهيم بن يعقوب الْجَوْزَجانيّ، وأبا موسى الزَّمِن، وأحمد بن الفُرات، ومسلم بن الحَجَّاج، وابن وَارَةَ، وخلْقًا. وعنه: حفص بن عمر الأَرْدَبِيليّ، وأحمد بن طاهر الميانجي، والحَسَن بن عليّ بن عبّاس، وإبراهيم بن أحمد المَيْمذيّ، وغيرهم. قَالَ ابن عُقْدَةَ: تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 210- سليمان بن أحمد بن الوليد الأصبهانيّ3. عن: لُوَيْن، وسهل بن عثمان. وعنه: أبو الشيخ. وقال: ثقة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 170"، تاريخ بغداد "9/ 102"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 150". 2 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 168". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 335".

211- سليمان بن عزّام المَوْصِليّ الخيّاط. عن: محمد بن عبد الله بن عمار، وعبد الله بن عبد الصّمد، وعبد الغفّار بن عُبَيْد الله. وعنه: يزيد بن محمد بن إياس الأزْديّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين ومائتين. 212- سليمان بن المُعَافَى. أبو أيّوب الرَّسْعَنيّ1. عن: أبيه. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. وكان قاضي رأس العين. قَالَ ابن عديّ: حمله ابن عيسى. 213- سليمان بن يحيى2. أبو أيّوب الضَّبّيّ البغداديّ المقرئ. قرأ على: رجاء بن عيسى، وأبي عمر الدُّوريْ، وتُرْك الحذَّاء، وغيرهم. وروى عَنْ: أَبِي حَمْدُونَ الطَّيِّبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ. روى عنه: أبو بكر الأنباري، وعبد الباقي بن قانع، والطَّبَرانيّ، وآخرون. وكان إمامًا صدوقًا موثقًا. توفي سنة إحدى وتسعين. قرأ علي: النّقّاش، وأحمد بن محمد الآدَميّ. 214- سُمْنُون المحبّ بن حمزة3. أبو القاسم البغداديّ الصُّوفيّ العارف. سمّى نفسه سُمْنُون الكذاب بسبب قوله: فليس لي في سواك حظّ ... فكيف ما شئت فامْتحِنّي فحصر بَوْلَه للوقت، فصار يدور في المكاتب، ويقول للصبيان: ادعوا لعمّكم المبتلَى بلسانه، وكاد يهلك. ثم سمى نفسه: الكذاب.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 175، 176". 2 تاريخ بغداد "9/ 60"، والمنتظم "6/ 46". 3 صفة الصفوة "2/ 426"، وتاريخ بغداد "9/ 234"، والبداية والنهاية "11/ 115".

وله شِعْرٌ طيب. وقد وسوس في الآخرة. وقيل: كان ورده كل يوم خمسمائة رَكْعة. قَالَ أبو أحمد القلانسيّ: فرق رجلٌ على الفقراء أربعين ألف درهم، فَقَالَ لي سُمْنُون: ما ترى ما أنفق هذا وما عمل، ونحن ما نرجع إلى بيتي بنفقة، فامض بنا نصلي كل درهم بركعة. فذهب إلى المدائن، فصلَّينا أربعين ألف رَكْعة1. ومن كلامه: إذا بسط الجليل غدًا بساط المجد دخل ذنوب الأوّلين والآخرين في حاشية من حواشيه. فإذا بدت عينٌ من عيون الْجُود ألحقت المسيءَ بالمحسن. وقال: من تفرَّس في نفسه فعرفها صحّت له الفراسة في غيرها. وكان سُمْنُون من أصحاب سَرِيّ السَّقَطيّ. قَالَ ابن الجوزيّ في "المنتظم": تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 215- سهل بْن شاذويه الباهلي البخاري. عن: أحمد بن نصر السَّمَرْقَنْديّ، ومحمد بن سالم، وسعيد بن هاشم العتَكيّ. وعنه: خَلَف الخيّام، وغيره. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. ذكره السلَيمانيّ فوصفه بالحفظ والتصنيف، وأنه سمع علي بن حشرم، وطائفة سواه. 216- سهل بن أبي سهل الواسطيّ2. عن: بشر بن مُعاذ، وعمرو بن الفلّاس. وحدَّث ببغداد. روى عنه: أبو بكر الشافعي، أبو القاسم الطَّبَرانيّ، وابن لؤلؤ، وآخرون. وثّقه بعضهم. واسم أبيه: أحمد بن عثمان.

_ 1 صفة الصفوة "2/ 426". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 172"، وتاريخ بغداد "9/ 119".

"حرف الشين": 217- شاه بن شجاع1. أبو الفوارس الكِرْمانيّ الزّاهد. قَالَ السُّلَميّ2: كان من أولاد الملوك فتزهَّد، وصحب أبا تُراب النَّخَشبيّ وغيره. ومات قبل الثلاثمائة. وقال أبو نُعَيْم: كان من أبناء الملوك، فتشمّر للسُّلوك. فَعنه قَالَ: من عرف ربّه طمع في عَفْوه، ورجا فَضْله. وقال إسماعيل بن مَخْلَد: كان شاه بن شجاع حادّ الفِراسة، قلّ ما أخطأت فِراستُهُ3. وعنه قَالَ: من نظر إلى الخلق بعينه طالت خصومته معهم. ومن نظر إليهم بعين الله عَذَرهم، وقلَّ اشتغاله بهم4. قلت: كلامه هذا إن صح عنه فغير مسلم إليه، بل ينبغي أن يرحمهم في خصومته، ومخاصمتهم في رحمته. وليس للعباد عُذْرٌ ولا حُجَّة بعد الرُّسُل. قَالَ السُّلَميّ5: لِشاهٍ رسالاتٌ وَكُتُبٌ وكلامٌ كثير. وله كتاب "المثلَّثة" سمّاه "مرآة الحكماء". ويقال: مات بعد السّبعين ومائتين، وقيل: قبل ذلك، فالله أعلم. مات بكِرْمان، وكان يلبس القباء. وقيل: إنه ترك النَّوم مدَّةً، ثمّ نعِس، فرأى الحقّ تعالى، فكان بعد ذلك يقصد النَّوْم. 218- شُعَيب بن عَمران العسكريّ6. يروي عن: عَبْدان بن محمد العسكريّ الوكيل، وغيره.

_ 1 صفة الصفوة "4/ 67"، والمنتظم "6/ 111"، والنجوم الزاهرة "3/ 170". 2 طبقات الصوفية "192". 3 حلية الأولياء "10/ 237"، وصفة الصفوة "4/ 67". 4 حلية الأولياء "10/ 237". 5 طبقات الصوفية "192". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 178".

وروى عنه: الطَّبَرانيّ. وتُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 219- شُرَيْح بن أبي عبد الله بن إسماعيل. أبو النّضر النَّسَفيّ الزّاهد. روى عن: عَبْد بن حُمَيْد، والدَّارِميّ، والبخاريّ، ورجاء بن مُرَجّا. وعنه: محمد بن زكريّا بن حسين، وغيره. تُوُفّي سنة ثلاثمائة. 220- شريح بن عقيل الإسفراييني. عن: إسحاق بن راهوَيْه، وأبي مروان العثمانيّ. وعنه: ابن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. "حرف الصاد": 221- صافي الحُرَميّ1. الأمير صاحب الدولة المكتفوية والمُقْتَدرية. كان إليه دار الخلافة، ولما احتضر أشهد على نفسه أنّه ليس له عند مملوكه قاسم شيء. فلمّا مات، حمل قاسم إلى الوزير ابن الفرات مائة ألف دينار، وسبعمائة حِياصة، وقال: هذا كان له عندي. تُوُفّي صافي ببغداد في شعبان سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 222- صالح بن محمد بن عَمْرو بن حبيب بن حسّان بن المُنْذر بن أبي الأبرش عمّار2. مولى أسَد بن خُزَيْمة الحافظ أبو عليّ الأَسَديّ البغداديّ جَزَرَة. نزيل بُخَارَى. وُلِد سنة خمس ومائتين ببغداد. وسمع: سعيد بن سليمان سَعْدُوَيه، وخالد بن خِداش، وعلي بن الْجَعْد، وعُبَيْد الله بن عائشة، وعبد الله بن محمد بن أسماء، ويحيى الحِمّانيّ، وهشام بن عمار،

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 88"، والبداية والنهاية "11/ 115"، والمنتظم "6/ 34-54، 70-81"، ومروج الذهب "3233". 2 تاريخ بغداد "9/ 324".

ويحيى بن مَعين، والأزرق بن عليّ، وأبا نصر التّمّار، وأحمد بن حنبل، وهُدْبَة بن خالد، ومَنْجاب بن الحارث، وخلْقًا كثيرًا بالشّام، والعراق، وخراسان، ومصر، وما وراء النّهر. وعنه: مسلم بن الحجّاج، وهو أكبر منه، وأحمد بن عليّ الجارود الأصبهانيّ، وأبو النضر محمد الفقيه، وخَلَف بن محمد الخيّام، وأبو أحمد علي بن محمد الحبيبي، وبكر بن محمد الصيرفي، وأحمد بن سهل، والهيثم بن كُلَيْب، ومحمد بن جابر، وآخرون. ودخل بُخَارَى سنة ستٍّ وستين ومائتين، فسكنها لمّا رأى من الإحسان من أمير بخَارى. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: هو من ولد حبيب بن أبي الأشرس. أقام ببخارى وحديثه عندهم. وكان ثقة حافظًا عارفًا. وقال أبو سعيد الإدريسيّ: الحافظ صالح بن محمد جَزَرَة ما أعلم في عصره بالعراق وخُراسان في الحِفْظ مثله. دخل ما وراء النّهر، فحدَّث مدَّة من حِفْظه، وما أعلم أُخِذَ عليه ممّا حدَّث خطأ. ورأيت أبا أحمد بن عديّ يضخّم أمره ويعظّمه. وقال أحمد بن عبد الله الكناني: سمعته يقول: أنا صالح بن محمد بن عَمْرو بن حبيب بن حيان بن المنذر بن أبي الأشرس عمّار الأسَديّ، أَسَد خُزَيْمَة مولاهم. وهكذا ساق نسبه الخطيب وقال: حدَّث من حفظه دهرًا طويلًا ولم يكن يستصحب معه كتابًا. وكان صدوقًا ثبتًا ذا مِزَاحٍ ودُعابة، مشهورًا بذلك1. وقال أبو حامد بن الشَّرْقيّ: كان صالح بن محمد يقرأ على محمد بن يحيى الذُّهَليّ في الزُّهْريّات، فلمّا بلغ حديث عائشة أنّها كانت تسترقي من الْجَزَرة، قَالَ: من الْجَزَرَةِ. فلُقّب به. رواها الحاكم، عن يحيى بن محمد العنْبريّ، عنه. وقال الخطيب: هذا غلط؛ لأنّه لقب بجزرة في حداثته. أخبرنا الماليني، ثنا ابن عديّ: سمعت محمد بن أحمد بن سعدان: سمعت صالح بن محمد يقول: قدِم علينا بعض الشّيوخ في الشّام، وكان عنده عن حُرَيْز بن عثمان، فقرأت عليه:

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 322".

حدَّثكم حُرَيْز قَالَ: كان لأبي أُمامة خَرزَة يرقي بها المريض، فقلت: جَزَرَة. فلُقِّبَ: جَزَرَة1. وقال أحمد بن سهل البخاريّ الفقيه: سمعت أبا عليّ -وَسُئِلَ- لِمَ لُقِّبَ بجَزَرَة؟ فَقَالَ: قدِم عمر بن زُرَارَة الحَدثيّ بغداد، فاجتمع عليه خلْق، فلمّا كان عند فراغ المجلس سُئِلتُ: من أين سمعت؟ فَقَلت: من حديث الْجَزَرَةِ، فبَقِيَتْ عَلَيّ. وقال خَلَف الخيّام: ثنا سهل بن شاذُوَيْه أنّه سمع الأمير خالد بن أحمد يسأل أبا عليّ: لِمَ لُقبَ جَزَرَة، فَقَالَ: قدِم علينا عمر بن زُرَارَة فحدَّثهم حديثًا عن عبد الله بن بِشْر، أنّه كان له خرزَة للمريض، فجئت وقد تقدّم هذا الحديث، فرأيت في كتاب بعضهم، فصحْتُ بالشّيخ: يا أبا حفص، كيف حديث عبد الله أنّه كانت له جَزَرَة يداوي بها المرضى؟ فصاح المجّان، فبقي على حتّى السّاعة. وقال البَرْقانيّ: ثنا أبو حاتم بن أبي الفضل الهروي قال: كان صالح ربّما ينظر. كان ببُخَارى رجل حافظ يُلَقَّب بجَمَل، فكان يمشي مع صالح، فاستقبلهما جَمَلٌ عليه جَزَر فَقَالَ: ما هذا على البعير؟ قَالَ: أنا عليك. هذه حكاية منقطعة، وأصحّ منها ما روى الحاكم: ثنا بكر بن محمد الصَّيْرفيّ: سمعت صالح بن محمد قَالَ: كنت أساير الجمّال الشّاعر بمصر، فاستقبلنا: جمل عليه جَزَر فَقَالَ: يا أبا عليّ، ما هذا؟ قلت: أنا عليك. وقال جعفر المُسْتَغْفِريّ: ثنا أحمد بن عبد العزيز، عن بعض شيوخه قَالَ: كان محمد بن إبراهيم البوسنجي، وصالح جَزَرَة إذا اجتمعا في المذاكرة، كلّما روى البوسنجي، عن يحيى بن بكير، والحمد لله؛ يغيظ بذلك صالحًا لأنّه لم يدركه. فكان إذا روى عنه أحيانًا، ولم يقل الحمد لله، قَالَ صالح: يا شيخ نسيت التحميد. وقال خَلَف الخيّام: سمعته يقول: اختلف إليَّ عليّ بن الْجَعْد أربع سِنين، وكان لا يقرأ إلّا ثلاثة أحاديث كلّ يوم. أو كما قَالَ في رواية: كان يحدِّث لكلّ إنسان بثلاثة أحاديث، عن شعبة.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 323".

وعن جعفر الطَّسْتيّ أنّه سمع أبا مسلم الكَجّيّ يقول، وذُكِر عنده صالح جَزَرَة، فَقَالَ: ويَلَكْم ما أهْوَنَه عليكم، ألا تقولون سيّد المسلمين، سيد الدّنيا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لأَبِي زُرْعَةَ: حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَخَانَا صَالِحَ بْنَ محمد لا يَزَالُ يُضْحِكُنَا شَاهِدًا أَوْ غَائِبًا كَتَبَ إِلَيَّ يَذْكُرُ أنه لما مات بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ أُجْلِسَ لِلتَّحْدِيثِ شَيْخٌ لَهُمْ يُعْرَفُ بِمحمد بْنِ يَزِيدَ مَحْمِشٌ، فَحَدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فِعْلُ الْبَعِيرِ"؟. وَأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا تَصْحَبُ الملائكة رفقةً خُرْسٌ". وروى البَرْقانيّ، عن أبي حاتم بن أبي الفضل الهَرَويّ قَالَ: بلغني أن صالحًا سمع بعض الشيوخ يقول: إنّ السين والصّاد يتعاقبان، فسأل عن كنيته فَقَالَ: أبو صالح. قَالَ: فقلت للشيخ: يا أَبَا سالح، أسْلَحَك الله، هل يجوز أن تقرأ: "نَحُن نقسُّ عليك أحْصَن القَسَس؟ ". فقال لي بعض تلامذته: تواجه الشّيخ بهذا؟ فقلت: فلا يكذب، إنّما يتعاقبان السّين والصّاد في مواضع1. وعن صالح جزرة قال: الأحوال في البيت مبارك، يروي الشّيء شيئين. وقال بكر بن محمد الصَّيْرفيّ: سمعته يقول: كان عبد الله بن عمر بن أبان يمتحن أصحاب الحديث، وكان غاليًا في التَّشَيُّع، فَقَالَ لي: من حفر بئر زمزم؟ قلت: معاوية. قَالَ: فمن نقل تُرابها؟ قلت: عَمْرو بن العاص. فصاح فيَّ وقام2. وقال أبو النَّضْر الفقيه: كنّا نسمع على صالح بن محمد وهو عليل، فبدت عورته، فأشار إليه بعضنا بأن يتغطّى، فقال: رأيته، لا ترمد عينيك أبدًا. وقال أحمد عليّ بن محمد: سمعته يقول: كان هشام بن عمار يأخذ على

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 326". 2 تاريخ بغداد "9/ 326".

الحديث، ولا يُحدّث ما لم يأخذ. فدخلت عليه يومًا فَقَالَ: يا أبا عليّ حدّثْني. فقلت: نا عليّ بن الْجَعْد، نا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أنس، عن أبي العالية قال: عَلِّم مجّانا كما تعلَّمت مَجّانًا. فَقَالَ: تُعرِّض فيَّ؟ فقلت: لا، بل قصدتُك1. وقال الحاكم: سمعت أبا النَّضْر الطُّوسيّ يقول: مرض صالح جَزَرَة، فكان الأطبّاء يختلفون إليه، فلما أعياه الأمر أخذ العسل والشونيز، فزادت حماه، فدخلوا عليه وهو يرتعد ويقول: بأبي يا رسول الله، ما كان أقلّ بصرك بالطِّبّ. قلت: هذا مزاح خبيث لا يجوز. وقال عليّ بن محمد المَرْوَزِيّ: سمعت صالح بن محمد يقول: سمعت عبّاد بن يعقوب يقول: اللَّه أعدل من أن يُدْخِل طلحةَ وَالزُّبَيْرَ الجنَّة. قُلْت: ويْلك، ولِمَ؟ قَالَ: لأنهما قاتلا عليًّا بعد أن بايعاه2. قَالَ ابن عديّ: بَلَغني أنّ صالح بن محمد جَزَرَة وقف خلف أبي الحسين عبد الله بن محمد السمناني وهو يحدث عن بركة الحلبيّ بتلك الأحاديث. فَقَالَ صالح: يا أبا الحسين ليس ذا بَرَكة، ذا نِقْمة. قلت: وبَرَكَة مُتَّهم بالكذِب3. وقال الحاكم: ثنا أحمد بن سهل الفقيه: سمعت أبا عليّ يقول: كان بالبصْرة أبو موسى الزَّمِن في عقله شيء، فكان يقول: ثنا عبد الوهاب، أعني ابن عبد الحميد، نا أيّوب؛ فدخل عليه أبو زُرْعة يومًا، فسأله عن حديثٍ فَقَالَ: ثنا حجّاج. فقلت: يعني ابن المنهال. فَقَالَ أبو زُرْعَة: أيش يعذّب المسكين4؟. وقال: كنا في مجلس أبي علي، فلما قَالَ له رجل من المجلس: يا شيخ ما اسمك؟ قال: واثلة بن الأسقع.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 326". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 29". 3 ميزان الاعتدال "1/ 303". 4 سير أعلام النبلاء "14/ 30".

فكتب الرجل: ثنا واثلة بن الأسقع1. وقال أبو الفضل بن إسحاق: كنت عند صالح بن محمد، ودخل عليه رجل من الرُّسْتاق، فأخذ يساله عن أحوال الشّيوخ، ويكتب جوابه، فَقَالَ: ما تقول في سُفْيان الثَّوريّ؟ فَقَالَ: ليس بثقة. فكتب الرجل، فلُمْتُه، فَقَالَ: ما أعجبك. مَن يسأل مثلي عن سُفيان، لا تبالي، حكى عنّي أو لم يَحْكِ2. وقال أحمد بن سهل: كنت مع صالح، إذ أقبل ابنه، عن يمينه رجل أقصر منه، وعن يساره صبيّ، فَقَالَ لي صالح: يا أبا نصر، تَبَّت3. وقيل: كان ابن صالح مغفَّلًا، قَالَ: فقلت: سألت الله أن يرزقني ولدًا، فرزقني جملًا4. ولأبي علي جزرة نوادر ومُجُون، والله يرحمه. تُوُفّي في شهر ذي الحجة، لثمانٍ بقين منه سنة ثلاثٍ وتسعين، وله بضْعٌ وثمانون سنة. 223- صبّاح بن عبد الرحمن بن الفضل5. أبو الغُصْن العُتَقيّ الأندلسيّ المُرْسِي. شيخ مُعَمَّر عالي الإسناد. قال ابن الفَرَضيّ6: روى عن: يحيى بن يحيى الفقيه، ورحل فلقي بالقَيْروان: سَحْنُون بن سعيد، وبمصر: أصبغ بن الفَرَج، فسمع منه، وأقام عنده زمانًا، ثمّ انصرف. وكان يُرْحل إليه للسماع والتفقه، وعمر عمرًا طويلًا.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 30". 2 تاريخ بغداد "9/ 327". 3 تاريخ بغداد "9/ 327". 4 سير أعلام النبلاء "14/ 31". 5 سير أعلام النبلاء "14/ 12"، وشذرات الذهب "2/ 216". 6 تاريخ علماء الأندلس "1/ 202".

بَلَغَني أنّه تُوُفّي وهو ابن مائة وثمانية عشر عامًا، ومات في عاشر محرَّم سنة أربعٍ وتسعين. قلت: وروى أيضًا عن: يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر. روى عنه: حفص بن محمد بن حفص، وغيره. قِيلَ: بل عاش مائة وخمس سِنين، قَالَه ابن يونس، ومحمد بن الحارث الحشمي. وسمع أيضًا أبا مُصْعَب. "حرف الطاء": 224- طالب بن قُرَّةَ الأَذَنيّ1. رَوى الكثير عن: محمد بن عيسى الطّبّاع. وأكثر عنه الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين بأذنة من ثغرسيس. 225- طاهر بن عيسى بن قيرة2. أبو الحسن المؤدب. عن: سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وأصْبَغ بن الفَرَج. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 226- طُغْجُ بنُ جُفّ الفَرَغاني التُّركيّ3. نائب دمشق لخُمَارَوَيْه ولابنه هارون. امتدت أيّامه، وحاصرته القرامطة بدمشق والتقاهم، ثمّ انصرف وولي بدر الحمامي نيابة دمشق سنة تسعين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 181". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 183". 3 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 61"، وتاريخ أخبار القرامطة "17-19"، والنجوم الزاهرة "2/ 86"، والعبر "2/ 82".

فمضي طُغج إلى مصر، ثمّ سار إلى المكتفي بالله، ومعه ولده الإخشيد محمد الَّذي ملك، فبقي طُغْج بالعراق مدّة يسيرة وهلك. ثم قدِم ولده الإخشيد متوليًا على مصر والشّام كما في ترجمته. "حرف العين": 227- عامر بن محمد بن يزيد البلاطيّ1. روى عن: محمد بن الخليلي البلاطي، ومحمد بن خزر بن الساعي. وعنه: علي بن محمد البلاطي، وأبو علي بن شعيب، ومحمد بن عُمَيْر الرّازيّ، وآخرون. 228- العبّاس بن أحمد بن الحَسَن الوشّاء2. البغداديّ المعروف بالمحبّ. سمع: إبراهيم التَّرْجُمانّ، وغيره. وعنه إسماعيل الخُطَبيّ، وأبو عليّ بن الصّوّاف. مات سنة ثمانٍ وتسعين. 229- العبّاس بن أحمد بن عقيل3. روى عن: منصور بن مُزَاحم، وعبد الأعلى بن حمّاد. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، والطَّبَرانيّ. 230- العبّاس بن حمدان4. أبو الفضل الأصبهانيّ الحنفيّ. سمع: محمد بن عيسى الدّامغانيّ، ويوسف بن محمد بن سابق، وحاتم بن بكر، وخلْقًا. وصنَّف "المُسْنَد"، وكان ثقة ثبتًا صالحًا عابدًا. روى عنه: أحمد بن الْعَسَّالِ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو الشيّخ، وآخرون. ومات سنة أربعٍ وتسعين ومائتين. 231- العبّاس بن الحسن الوزير5.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 197". 2 تاريخ بغداد "12/ 151". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 209". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 211"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 141". 5 سير أعلام النبلاء "14/ 51"، تجارب الأمم "1/ 5"، وتاريخ الخميس "2/ 386".

ولي وزارة المكتفي بالله، ثم وزارة المقتدر، فأقام أشْهُرًا. فلمّا عمل الأمير الحسين وابن حمدان وابن الجرّاح على خلع المقتدر لصغَره، وإقامة ابن المُعْتَزّ، افتتحا، فقُتِل هذا الوزير، فوثب عليه ابن حمدان فضرب عُنقه وهو نازل من الخدمة، وقتل معه الأمير فاتك المُعْتَضديّ، ثمّ ساق إلى الميدان ليفتك بالمقتدر وهو في لعب الكُرة، فأحسّ بالبلاء، فأسرع وأغلق باب القصر. فذهب ابن حمدان والأمراء، وبايعوا ابن المعتز. ثم لم يتم أمره، فقتلوا ابن المُعْتَز1. وذلك في سنة ستٍّ وتسعين ومائتين. 232- العبّاس بن الربيع بن ثعلب البغداديّ2. عن: أبيه. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 233- العبّاس بن أحمد بن عُقَيْل3. عن: عبد الأعلى النَّرْسي، ومنصور بن أبي مُزَاحم. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، والطَّبَرانيّ، وجماعة. وتوفي سنة بضعٍ وتسعين. 234- العبّاس بن محمد بن مُجَاشع. أبو الفضل الأصبهانيّ4. عن: محمد بن يعقوب الكَرْمانيّ. وعنه: ابن العسّال، والطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ. وثَّقه أبو نُعَيْم الحافظ5. 235- عَبَدان بن محمد بن عيسى. الفقيه أبو محمد المَرْوَزِيّ6. زاهد نبيل ثقة، صاحب حديث. سمع: قُتَيْبة بن سعيد، وعبد الله بن منير، وأبا كُرَيْب، وإسماعيل بن مسعود، والْجُحْدريّ، وعبد الجبار بن العلاء، وبُنْدار، وعلي بن حُجْر، والربيع المُراديّ، وطائفة بخُراسان، والعراق، والحجاز.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 107"، وتجارب الأمم "1/ 8"، والعبر "2/ 105". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 209". 3 تقدمت ترجمته رقم "381" ص91. 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 23"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 142". 5 ذكر أخبار أصبهان "2/ 142". 6 المعجم الصغير للطبراني "1/ 234"، وتاريخ بغداد "11/ 135"، والمنتظم "6/ 58".

وعنه: عمر بن علك، وأبو العبّاس الدّغُوليّ، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، وأبو نُعَيْم عبد الرحمن بن محمد الغِفَاريّ، ويحيى بن محمد العنبري، وعلي بن جَمْشاذ، وأحمد بن العسّال، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وآخرون. وكان إليه المرجوع في الفتوى بمَرْو بعد أحمد بن سيّار. وقد رحل أيضًا إلى مصر، وتفقّه على أصحاب الشّافعيّ، وبرع في المذهب. وكان يوصف بالحِفْظ والزُّهْد. وقد صنف "الموطأ"، وغيره. قَالَ أبو نُعَيْم الغِفَاريّ: سمعته يقول: وُلَدْت سنة ثلاثٍ وتسعين. قلت: وكان لقاء الطَّبَرانيّ له بمكّة. قَالَ ابن السَّمْعانيّ في "الأنساب": الْجُنُوجِرْدِيّ نسبة إلى قرية من قرى مَرْو، اسمه عبد الله، وهو أحد من أظهر مذهب الشّافعيّ بخُراسان. وكان المرجوع إليه في الفتاوى والمعضلات بعد أحمد بن سيّار. وكان ابن سيّار قد حمل كُتُب الشّافعيّ إلى مَرْو، وأعجب بها النّاس، فأراد عبدان أن ينسخها، فمنعه ابن سيّار من ذلك. فباع ضيعةً له بجُنُوجِرْد، وسار إلى مصر، ونسخ كُتُب الشّافعيّ على أكثر من وجهٍ، ورجع، فدخل أحمد بن سيّار عليه مسلِّمًا ومهنئًا، واعتذر من منع الكُتُب. فَقَالَ: لا تعتذر فإنّ بك عليَّ مِنَّةٌ في ذلك. فلو دفعتَ الكُتُب إليَّ لَمَّا رحلتُ إلى مصر. 236- عبد الله بن أحمد بن عبد السّلام1. أبو محمد النيسابوري الخفاف الحافظ نزيل مصر. روى عن: محمد بن رافع، وأبي عبد الله البُخَاريّ، وأحمد بن سعيد الرَّباطيّ، وخلْق من طبقتهم. وعنه: أبو عبد الرحمن النَّسائيّ في كتاب "الكنَى"، وأبو محمد عبد الله بن الورد، وأبو جعفر العُقَيْليّ، وطائفة. تُوُفّي بمصر في ربيع الآخر سنة أربعٍ وتسعين، وقد أسنّ. لم يذكره الحاكم في "تاريخ نيسابور".

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 788".

قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: متروك. قلت: مات سنة اثنتين وتسعين1. 241- عبد الله بن بُنْدار بن إبراهيم الضّبّيّ الأصبهانيّ. الباطَرْقانيّ الزَّاهد. سمع: إسماعيل بن عمرو البجلي، وسهل بن عثمان، ومحمد بن المغيرة، وغيرهم. وعنه: أبو أحمد العسال، وأحمد بُنْدار الشّعّار، والطَّبَرانيّ، وأبو الشيّخ، وغيرهم. وكان من عُبّاد أصبهان. قَالَ محمد بن يحيى بن مَنْدَه: ما خلّف بعده مثْلَه. قلت: توفي سنة أربعٍ وتسعين. 242- عبد الله بن جعفر بن خاقان2. أبو محمد السُّلَميّ المَرْوَزِيّ. عن: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن حميد الرازيّ، وعليّ بن حُجْر، وأبي كُرَيْب، وأحمد بن منيع، وخلْق. وعنه: أبو العبّاس الدّغُوليّ، وعمر بن علك الْجَوْهريّ، وأبو زكريّا العنْبريّ، وَمحمد بن صالح بن هانئ، وآخرون. قَالَ فيه الحاكم: محدِّث عصره، قدِم نَيْسابور حاجًّا سنة ثمانٍ وثمانين، فأكثروا عنه. وتُوُفّي في صَفَر سنة ستٍّ. 243- عبد الله بْن الحَسَن بْن أحمد بْن أبي شُعيب الأُمَويّ3. مولاهم الحَرَّانيّ المؤدِّب أبو شُعَيب نزيل بغداد. سمع: جدّه، وأباه، وأحمد بن عبد الملك بن واقد، ويحيى بن عبد الله البابْلُتّيّ، وعفّان بن مسلم، وجماعة. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وعليّ بن الصّوّاف، وأبو بكر الشّافعيّ، والطَّبَرانيّ، وأبو بكر الآجُرِّيّ، والحَسَن بن جعفر الخِرَقيّ، وخلْق.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 227". 2 الكامل في التاريخ "8/ 55". 3 ميزان الاعتدال "3/ 271"، والبداية والنهاية "11/ 107"، وتاريخ بغداد "9/ 435".

قَالَ الهيثم بن خَلَف الدُّوريّ: وكان البابْلُتّيُّ زوجَ أم أبي شُعَيب الحرّانيّ، وكان الأوزاعيّ زوج أمّ البابْلُتّيّ1. وقال أبو سعيد الإدريسيّ: كان مسلم وهو والد أبي شُعَيب عبد الله بن مسلم الحرّانيّ مِن سبْي سَمَرْقَنْد، وقع لعمر بن عبد العزيز فأعتقه. فلمّا وُلد له ولدٌ جاء به إلى عمر، فسمّاه عبد الله، وفرض له في الذُّرّيّة. فعاش مائة وعشرين سنة2. قَالَ أحمد بن كامل: مات أبو شعيب في ذي الحجّة سنة خمسٍ وتسعين ومائتين، وكان يأخذ على الحديث. أخبرني نصر الصّائغ: سألته أن يحدِّثني بحديثٍ عن عفّان. فَقَالَ: أعطِ السّقّاء ثمن الرواية، فأعطيته دانقًا، وحدّثني بالحديث3. قَالَ ابن كامل: ومولده سنة ستٍّ ومائتين. قَالَ الصّوّاف: سماعه سنة ثمان عشرة من البابْلُتّيّ. قلت: سمع في صغَره من زوج أمّه، فلا يُسْتَنْكر ذلك. قَالَ فيه الدّارَقُطْنيّ: ثقة مأمون. 244- عبد الله بن حمدوَيْه النَّهْرَوانيّ4. عن: أبي بكر بن أبي شيبة. وعنه: عبد الصّمد الطَّسْتيّ، وقاضي مصر الطّاهر الذُّهَليّ. 245- عبد الله بن سعيد بن عبد الرحمن الزُّهْريّ المصريّ. سمع: عبد الله بن صالح، ويوسف بن عديّ، وأسد بن موسى السنة. وعنه: أبو أحمد بن عديّ. 246- عبد الله بن سَلَمَةَ بن يزيد القاضي. أبو محمد بن سَلْمُوَيْه النَّيْسابوري الحنفيّ الفقيه. كان أستاذًا في الفرائض وعقد الوثائق.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 435". 2 تاريخ بغداد "9/ 435". 3 تاريخ بغداد "9/ 436". 4 تاريخ بغداد "9/ 435".

قَالَ الحاكم: سمع إسحاق بن راهوَيْه، ومحمد بن رافع. وبالعراق: يحيى بن طلق اليَرْبُوعيّ، ومحمد بن شجاع. روى عنه: أبو سعيد عبد الرحمن بن الحسين، وأحمد بن هارون. وولي قضاء نَيْسابور بإشارة ابن خُزَيْمَة. تُوُفّي في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وتسعين. 247- عبد الله بن الصّبّاح الأصبهانيّ البزّار1. عن: داود بن رُشَيْد، ولُوَيْن، ومحمد بن زَنْبُور، وهاشم بن الوليد الهَرَوِيّ. وعنه: العسّال، وأبو الشيَّخ، وأحمد بن بُنْدار، والطَّبَرانيّ. وكان صدوقًا فيما بَلَغَنَا. تُوُفّي سنة اربعٍ وتسعين. 248- عبد الله بن عبد الحميد بن عصام الْجُرْجانيّ الفقيه. عن: أبيه، وعليّ بن المَدِينيّ، ومحمد بن بكّار، وأبي بكر بن أبي شَيْبة، وطبقتهم. وعنه: مأمون بن يحيى، ومحمد بن عبد الله بن برزة، وآخرون من الهَمْدَانيّين. 249- عبد الله بن عيسى بن حمّاد. أبو محمد بن زُغْبَة المصري. عن: أبيه، ويحيى بن عبد الله بن بُكَيْر2. تُوُفّي في صفر سنة ستٍّ وتسعين. عبد الله بن القاسم بن هلال العَبْسيّ. أبو محمد الأندلُسيّ الفقيه الظّاهريّ، عالم مشهور بالرّحلة، والطَّلَب. أثنى عليه أبو محمد بن حزم فَقَالَ: صحِب داود بن عليّ الأصبهانيّ وأخذ عنه. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين ومائتين. 251- عبد الله بن قريش. أبو أحمد الأسدي البغدادي ثم الهمداني3.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 228". 2 تاريخ علماء الأندلس الفرضي "1/ 219". 3 تاريخ بغداد "10/ 43".

عن: خاله أبي بكر الأثرم، وزيادة بن أيّوب، وأبي هشام الرفاعيّ. وعنه: محمد بن عبد الله بن برزة الروذباني، وأبو بكر الإسماعيليّ. 252- عبد الله بن محمد بن الوليد بن حازم البصْريّ الأصبهانيّ. عن: عليّ بن الْجَعْد، وكامل بن طلحة، وبسّام بن يزيد. وعنه: أحمد بن بُنْدار، والشّعّار، وغيرهم. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين ومائتين. 253- عبد الله بن محمد بن سَلْم الهمدانيّ1. ثقة. حدَّث بأصبهان عن: سهل بن بكّار، ومحمود بن غَيْلان. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشيّخ. تُوُفّي سنة اربعٍ. 254- عبد الله بن محمد. أبو العبّاس النّاشئ المتكلّم الشّاعر المشهور2. أصله من الأنبار، سكن مصر. معدود في طبقة البُحْتُرِيّ، وابن الرُّوميّ في الشُّعراء، وله قصيدة طويلة ألَّفها، فيها فنون من العلم. وكان بصيرًا بالعربيّة قيّمًا، بعلم العَرُوض، كثير التّصانيف. ومنهم من يلقّبه بابن شِرْشير. قَالَ الطَّبَرانيّ أنشده الناشئ بمصر: ليس شيء أحرق مهجة العا ... شق من هذه العيون المراض ورنوّ الْجُفُون والغمز بالحا ... جب وقت الصُّدود والإعراض والخدود المضرَّجات اللّواتي ... شيب جريالها يحسن البياض وطروق الحبيب واللّيل داجٍ ... حين همّ السُّمّار بالإغماض3 تُوُفّي النّاشئ سنة ثلاثٍ وتسعين، وكان من كبار المعتزلة الأَرْعواء. 255- عبد الله بن محمد بن سَلْم الفِرْيابي ثم المقدسي. يأتي بعد الثلاثمائة.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 59". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 40"، والبداية والنهاية "11/ 101"، والمنتظم "6/ 57". 3 تاريخ بغداد "10/ 93".

256-عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن علي البلْخيّ الحافظ. أبو عليّ1. محدِّث مصنِّف نبيل، لم تتصل أخباره بنا كما ينبغي. سمع من: قتيبة، وطبقته. حج فاستشهد يوم الهبير فيمن استشهد على يد القرامطة، لعنهم الله سنة أربعٍ. وقال الحاكم: تُوُفّي ببلْخ سنة خمسٍ وتسعين، وقد حدّث ببغداد، ونَيْسابور عن: قُتَيْبَة، وإبراهيم بن يوسف، وعليّ بن حُجْر، وهُدْبة بن عبد الوهّاب. روى عنه: ابن قانع، وأبو بكر الشّافعيّ، والجِعَابي. صنَّف كتاب "التاريخ" وكتاب "العِلَل". 257- عبد الله بن محمد بن العبّاس. أبو محمد السَّهْميّ الأصبهانيّ2. عن: سهل بن عثمان العسكريّ، ومحمد بن المغيرة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الرحمن بن محمد بن سِياه، وعبد الله بن محمد عمر القاضي، وجماعة. تُوُفِّيَ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ. 258- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن صالح. أبو محمد البكريّ السَّمَرْقَنْديّ الحافظ3. حدّث ببغداد عن: أبي محمد الدّارِميّ، ورجاء بن مُرَجّا. وعنه: ابن قانع، وأبو بكر الشّافعيّ، وغيرهما. تُوُفّيّ سنة ثمانٍ وتسعين، وكان أحد من عُنِيَ بهذا الشّأن. 259- عبد الله بن محمد بن حُمَيْد البغداديّ. الخيّاط المعروف بالإمام4. روي عن: عاصم بن عليّ، وغيره. وعنه: مَخْلَد الباقَرْحَيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، ومحمد بن حميد المخرمي. حدث قبل الثلاثمائة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 529"، والمنتظم "6/ 79"، وتاريخ بغداد "10/ 93". 2 المعجم الصغير للطبراني، وذكر أخبار أصبهان "2/ 62". 3 تاريخ بغداد "10/ 101"، والمنتظم "6/ 108". 4 تاريخ بغداد "10/ 102".

260- عبد الله بن محمد بن أبي كامل الفَزَاريّ البغداديّ1. عن: هَوْذَة، وداود بن رُشَيْد. وعنه: أبو بكر الْجِعابي، وأبو عليّ بن الصّوّاف، وعيسى الرُّخَجيّ. توفي سنة ثلاثمائة. لم يتكلّم فيه ولا في الخيّاط أبو بكر الخطيب بشيء. 261- عبد الله بن محمد بن الْجَعد الأصبهانيّ الفُرْسانيّ2. عن سهل بن عثمان وغيره وعنه أبو أحمد العسّال. 262- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الحَكَم بن هشام بن الداخل عَبْد الرَّحْمَن بْن معاوية بْن هشام بْن عبد الملك3. الأمير أبو محمد الأُمويّ المروانيّ صاحب الأندلس. ولي الأمر بعد أخيه المنذر بن محمد في صفر سنة خمس وسبعين ومائتين، وطالت أيامه، وبقي في الملك خمسا وعشرين سنة، وكان من الأمراء العادلين الذين يعز وجود مثلهم. كان صالحا تقيا، كثير العبادة والتلاوة، رافعا لعلم الجهاد، ملتزما للصلوات في الجامع، وله غزوات مشهودة، منها غزوة "بلي"4 التي يضرب بها المثل. وذلك أنّ ابن حَفْصون حاصر حصن بلي في ثلاثين ألفًا. فخرج الأمير عبد الله من قُرْطُبَة في أربعة عشر ألف مقاتل، فهَزَم ابن حَفْصُون، وتبعه قتْلًا وأسرًا، حتّى قِيلَ: لم ينج من الثّلاثين ألفًا إلّا النّادر. وكان ابن حَفْصُون من الخوارج. وكان عبد الله أديبًا عالمًا. ذكر ابن حزم قَالَ: ثنا محمد بن عبد الأعلى القاضي، وعليّ بن عبد الله الأديب قالا: كان الوزير سليمان بن وانسوس جليلًا أديبًا، من رؤساء البربر، فدخل على الأمير عبد الله بن محمد يومًا، وكان عظيم اللّحْية، فلمّا رآه الأمير مقبلًا أنشد: هِلَّوفة5 كأنّها جوالق ... نكراء لا بارك فيها الخالق

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 103". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 69". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 155"، والنجوم الزاهرة "3/ 181"، وشذرات الذهب "2/ 233". 4 تاريخ ابن خلدون "4/ 135". 5 الهلوفة: اللحية الكثيفة الضخمة.

للعمل في حافاتها نفائق ... فيها لباغي المتّكا مرافقُ وفي احْتدام الصيّف ظلٌّ رائقُ ... إنّ الّذي يحملها لمائقُ ثم قَالَ: اجلس يا بربريّ: فجلس مسالمًا، فَقَالَ: أيّها الأمير، إنما كان النّاس يرغبون في هذه المنزلة ليدفعوا عن أنفسهم الضيم. فأمّا إذا صارت جالبة للذُّلّ فلنا دُورٌ تُغْنينا عنكم، فإن حُلْتُم بيننا وبينها فلنا قبور تَسَعنا. ثم اعتمد على يده وقام ولم يسلِّم. فغضب الأمير وأمر بعزله، وبقي لذلك مدّة. ثمّ وَجَدَ الأمير لفْقده ونصيحته، فقال: لقد وَجَدْتُ لفقْد سليمان تأثيرًا، وإن استعطفته كان ذلك غضاضةً علينا، وَلَوَدِدْتُ أنّه ابتَدَأَنَا بالرَّغْبة. فَقَالَ له الوزير محمد بن الوليد بن غانم: أنا أكلمه. فذهب إليه، فأبطأ إذْنه عليه، ثمّ دخل فوجده قاعدًا لم يتزحزح، فَقَالَ: ما هذا الكِبْر؟ عهدي بك وأنت وزير السّلطان وفي أُبَّهَة رضاه تلقاني وتتزحزح لي في مجلسك. فَقَالَ: نعم، كنت حينئذٍ عبدًا مثلك، وأنا اليوم حُرّ. قَالَ: فيئِس ابن غانم نفسه منه فخرج ولم يكلِّمْه، ورجع فأخبر الأمير بالإرسال إليه، ثم ولّاه1. وروى ابن حزم بسندٍ له أنّ الأمير عبد الله استفتى تقيّ الدّين مَخْلَد في الزِّنْديق، فأفتاه، وذكر خبرًا. تُوُفّيّ عبد الله في غُرّة ربيع الآخر سنة ثلاثمائة، وولي الأندلس بعده حفيده النّاصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد خمسين سنة. 263- عبد الله بن المُعْتَز بالله محمد بن المتوكّلُ عَلَى اللَّه جعْفَر بن المُعْتَصمِ بن الرشيد2. الأمير أبو العباس العباسي الأديب صاحب الشعر البديع والنثر الفائق. أخذ العربية والأدب عن: المبرد، وثعلب.

_ 1 الحلية السيراء "1/ 124". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 42"، والمنتظم "6/ 84-88"، والعبر "2/ 104"، والنجوم الزاهرة "3/ 165"، والبداية والنهاية "11/ 108".

وعن: مؤدِّبه أحمد بن سعيد الدّمشقيّ. وكان مولده في شعبان تسعٍ وأربعين ومائتين. روى عنه: مؤدِّبه أحمد، ومحمد بن يحيى الصُّوليّ، وغيرهما. وقد قامت الدّولة وتوثّبوا على المقتدر، وأقاموا ابن المعتزّ في الخلافة فقال: بشرط أن لا يُقتل بسببي رجلٌ مسلم. وكاد أمره يتم، ثم تفرق عنه جمعه وقبض عليه، وقُتِلَ سِرًّا في ربيع الآخر سنة ستٍّ وتسعين كما ذكرناه في الحوادث. وقد رثاه عليّ بن محمد بن بسّام، فَقَالَ: لله دَرُّك مِن مَلْك بمضْيعة ... ناهيك في العقل والآداب والحَسَب ما فيه لولا ولا ليت فينقصه ... وإنّما أدْرَكَتْه حِرْفَةُ الأدب1 ومن شِعره: مَنْ لي بقلبٍ صِيَغ من صخرةٍ ... في جسدٍ من لؤلؤٍ رطبِ جرحت خدِّيه بلَحْظي فما ... برحت حتّى اقتصّ من قلبي2 ومن شِعره: وإني لَمَعْذُورٌ عَلَى طولِ حُبّها ... لأنَّ لها وجهًا يَدُلّ عَلَى عُذْري إذا ما بَدَتْ والبدْرُ ليلةَ تَمِّهِ ... رأيتَ لها فَضْلا مُبينًا عَلَى البدرِ وتهتزُّ مِن تحت الثّيابِ كأنَّها ... قَضِيبٌ مِنَ الرَّيْحانِ في الورقِ الخضرِ أبى اللَّهُ إلَّا أَنْ أموتَ صَبَابَةً ... بِساحرةِ العينين طيِّبةِ النَّشْرِ وله أيضًا: أترى الجيرةَ الّذين تَدَاعَوْا ... عندَ سَيْرِ الحبيبِ قبل الزَّوَالِ علِموا أنّني مُقِيمٌ وقلبي ... راحلٌ معهم أمام الْجِمَالِ مثل صاعِ العَزِيز في أَرْحُلِ القو ... م ولا يعلمون ما في الرحال

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 101"، والمنتظم "6/ 88". 2 المنتظم "6/ 86".

ما أغر المعشوق ما أهون العاشـ ـشق، ما أقْتلَ الهوى للرّجالِ1# ومن نثره: من تجاوز الكَفَاف لم يُغْنِهِ الإكثار2. وقال: كلّما عَظُمَ قدْر المنافَس، عظُمَت الفجيعةُ به. وقال: ربّما أوردَ الطَّمعُ ولم يصدر. ومن ارتحله الْحِرْصُ، أفضاه الطَّلَب. وقال: الحظّ يأتي من لا يأتيه. وقال: أشقى النّاس أقربهم من الّسّلطان، كما أنّ أقرب الأشياء من النّار أسرعه إلى الاحتراق. وقال: من شارك السُّلطان في عِزِّ الدّنيا، شاركه في ذُلّ الآخرة. وقال: يكفيك للحاسد غَمُّهُ وقتَ سرورك. وقيل: أنّه قَالَ هذه الأبيات عندما سُلِّم لمؤنس ليهلكه: يا نفسُ صَبْرًا لعلّ الخير عُقْبَاكَ ... خانَتْك مِنْ بعد طول الأمن دُنياكِ مرَّت بنا سَحَرًا طيرٌ فقلت لها: ... طُوباك يا ليتني إيّاكِ طوباكِ إن كان قصدُك شَرْقًا فالسَّلامُ على ... شاطئ الصَّراة ابلُغِي إنْ كان مَسْراكِ من موثقٍ بالمنايا لا فكاكَ له ... يبكي الدّماء على إلفٍ له باكي أظنّه آخرَ يومٍ مِنْ عمري ... وأوشك اليوم أن يبكي لي الباكي 264- عبد الحميد بن عبد العزيز. القاضي أبو حازم السَّكُونيّ البصْريّ ثمّ البغدادي الحنفيّ الفقيه3. يروي عن: محمد بن بشّار بُنْدار، ومحمد بن المُثَنّى، وشُعَيب بن أيوب الصيرفي.

_ 1 المنتظم "6/ 87". 2 أشعار أولاد الخلفاء "287". 3 سير أعلام النبلاء "13/ 539"، والبداية والنهاية "11/ 99"، والمنتظم "6/ 52".

روى عنه: مُكْرَم بن أحمد، وأبو محمد بن زَبْر، وغيرهما. وكان ثقة. ولي قضاء الشَّرقيّة. قال طلحة الشّاهد: وكان دَيِّنًا، عالمًا بمذهب أهل العراق وبالفرائض والْجَبْر والمقابلة، وأحذق الناس بعمل المحاضر والسجلات. أخذ عن: هلال الرأي، وبكر العَمِّيّ، ومحمود الأنصاريّ أصحاب محمد بن شجاع البلْخيّ، وغيره. حتّى كان جماعة يفضّلونه على هؤلاء. فأمّا عقله فلا نعلم أنّ أحدًا رآه فَقَالَ إنّه رأى أعقل منه. وقال أبو إسحاق الشّيرازيّ في "طبقات الحنفيّة": ومنهم أبو حازم القاضي أخذ العلم عن شيوخ البصْرة بكر العَمّيّ، وغيره، وولي القضاء بالشّام، وبالكوفة، والكَرْخ من بغداد. قَالَ أبو عليّ التَّنُوخيّ: نا أبو عليّ التُّنُوخيّ، نا أبو بكر بن مروان القاضي: حدَّثني مُكْرَم بن بُكَيْر قَالَ: كنت في مجلس أبي حازم القاضي، فتقدم شيخ ومعه غلام حَدَث. فادَّعى الشّيخ عليه ألف دينار، فأقرَّ بها. فَقَالَ للشيخ: ما تشاء؟ فَقَالَ: حبْسه. فَقَالَ للغلام: قد سمعت، فهل لك أن تُوفيه البعض، وتسأله انتظارَك. فَقَالَ: لا. فَقَالَ الشيّخ: احبسه. فتفرَّس فيهما أبو حازم ساعة ثمّ قَالَ: تَلَازَما حتّى أنظر بينكما. فقلت: لِمَ أخرَ القاضي حبْسه؟ قَالَ: ويحك، إنّي أعرف في أكثر الأحوال وجه المُحِقّ من الْمُبْطِلَ. وقد وقع لي أنّ سماحة هذا بالإقرار عن أمرٍ بعيدٍ من الحقّ، لعله أن ينكشف لي أمرهما. أما رأيت قلّة تَغَاضِيهما في المحاورة وسكوتهما، مع عِظَم المال؟ فبينا نحن كذلك، إذ استأذن تاجر مُوسِر، فأذن له القاضي، فدخل وقال: قد بُلِيتُ بابنٍ لي حَدَث، يُتْلف مالي عند فُلان المُقَبِّن، فإذا منعته مالي احتال بحيلٍ تُلْجئني إلى التزام غُرْمه. وأقْرَبُهُ أنّه قد نَصَّب المُقَبِّن اليوم يطالبه بألف دينار. وبلغني أنّه قدّمه إليك ليحبس، وأقع مع أُمّه في نكدٍ إلى أن أزِنَها عنه.

فتبسَّم القاضي وقال لي: كيف رأيت؟ قلت: لهذا ومثله فضَّل الله القاضي. فَقَالَ: عليَّ بالغلام والشيخ. فأُدْخِلا، فأرهب القاضي الشّيخ، ووعظ الغلام، فأقرَّ الشيخ وأخذ التّاجر بيد ابنه وانصرفوا1. وقال أبو بَرْزَة الحاسب: لا أعرف في الدُّنيا أحسب من أبي حازم القاضي. وقال القاضي أبو طاهر الذُّهَليّ: بَلَغَني أنّ أبا حازم القاضي جلس بالشَّرْقيّة، فأدَّب خصْمًا لأمرِ، فمات. فكتب رُقعةً إلى المعتضد يقول: إنّ دِيَة هذا واجبةٌ في بيت المال، فإنْ رأى أمير المؤمنين أن يأمر بحملها إلى وَرَثَته فعل. فحمل إليه عشرة آلاف درهم، فدفعها إلى ورثته2. قلت: وكان المعتضد يجلّ أبا حازم ويُطيعه في الخير. وبَلَغَنا أنّ أبا حازم لمّا احتضر جعل يبكي ويقول: يا ربّ مِنَ القضاء إلى القبر. وله شِعرٌ رائقٌ، فمنه: أدل فأكرم به من مدلو ... من شادنٍ لدمي مُسْتَحِيلّ إذا ما تعذَّر قابلتُه بذُلّ ... وذلك جَهْد المُقِلّ وأسلمت خَدّي له خاضعًا ... ولولا ملاحَتَه لم أذلّ3 قَالَ محمد بن الفَيْض: لم يزل محمد بن إسماعيل بن عُلَيَّة على قضاء دمشق إلى أن قدِم المعتضد قبل الخلافة لحرب ابن طولون، فخرج أبو حازم معه إلى العراق، وولي بعده أبو زُرْعة محمد بن عثمان. وقال الطَّحاويّ: مات ببغداد في جُمَادى الأولى سنة اثنتين وتسعين ومائتين. وأما: 265- أبو حازم القاضي أحمد بن محمد بن نصر4.

_ 1 تاريخ دمشق "9/ 402". 2 تاريخ دمشق "9/ 402، والمنتظم "6/ 54". 3 تاريخ دمشق "9/ 402". 4 تاريخ بغداد "5/ 108".

فآخر مِن أقرانه، لكنه تأخّرت وفاته إلى سنة ست وعشرين وثلاثمائة. 266- وأبو حازم، بحاء، أحمد بن محمد بن نصر. بغداديّ أكبر منهما، سمع: مَنْجاب بن الحارث، وجُبَارَة بن المُغَلِّس. 267- عبد الرحمن بن أحمد بن يزيد1. أبو صالح الزُّهْريّ الأصبهاني الأعرج، أخو محمد بن أحمد الزُّهْريّ. سمع: أبا كُرَيْب، وحُمَيْد بن مَسْعَدة، ومسلم بن شبيب، وجماعة. وعنه: العسّال، وأبو الشّيخ، وأحمد بن بندار. توفي سنة ثلاثمائة. 268- عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الحميد بن فَضَالَةَ الكِنانيّ الدّمشقيّ. روى عن: سليمان بن عبد الرحمن، ومحمد بن أبي السري العسقلانيّ. وعنه: خَيْثَمة، وابن حَذْلَم، وأبو عبد الله بن مروان. 169- عبد الرحمن بن إسحاق الثّقفي الدّمشقيّ. ويُعرف بابن الغامِديّ. عن: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وجُمَح بن القاسم، وعبد الله بن عديّ، وعدّة. وحدَّث سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. 270- عبد الرحمن بن حاتم. أبو زيد المُرَاديّ المصريّ2. عن: عبد الله بن صالح، وأصبغ بن الفَرَج، وُنَعْيم بن حسّان. وعنه: الطَّبَرانيّ، وغيره. قَالَ ابن يونس: تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. 271- عبد الرحمن بن عبد الوارث. أبو القاسم التُّجَيْبيّ المصريّ. عن: يوسف بن عدي، وغيره.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 113". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 241".

توفي سنة تسعٍ وتسعين تقريبًا. مات في عشر المائة. 272- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. أبو عبد الله المَرْوَزِيّ الشاسجرديّ. سمع: عبد الله بن عثمان بن عَبْدان، وغيره. وعنه: الفقيه محمد بن محمود المَرْوَزِيّ. عاش إلى سنة خمسٍ وتسعين، وهو آخر أصحاب عَبْدان. 273- عبد الرحمن بن عبد الصّمد. أبو هشام السُّلَميّ الدّمشقيّ. عن: هشام بن عمّار، وجُنَادة بن مروان، ومحمد بن عابد، وإبراهيم بن عبد الله بن العلّان. وروى عنه: أحمد بن محمد بن عُمَارة، وأبو عَمْرو بن فَضَالَةَ، وجُمَح، وآخرون. 274- عبد الرحمن بن القاسم بن الفَرَج بن عبد الواحد. أبو بكر الهاشميّ الدّمشقيّ المعروف بابن الرّؤاسيّ. عن: أبي مُسْهِر الغسّانيّ، ويحيى الوحاظي، وزهير بن عباد، وإبراهيم بن هشام الغساني، وطائفة. وعنه: أبو عبد الله محمد بن مروان، وأبو بكر بن أبي دجانة، وأبو عمرو بن فضالة، وأبو عمر محمد بن كوذك، وجمح بن القاسم، وأبو أحمد بن عدي، وعبد الله بن الناصح، والفضل بن جعفر المؤذن، وآخرون. وقال: سمعت من أبي مُسْهِر وأنا ابن إحدى عشرة سنة. قلت: لم يورّخه، وقد بقي إلى سنة بضعٍ وتسعين. وهو آخر من روى عن أبي مسهر، والوحاظي، وله عنهما نسخة آخر من رواها عنه الفضل بن جعفر، سمعناها من خلْق. 275- عبد الرحمن بن محمد بن سَلْم1. أبو يحيى الرازيّ الحافظ، إمام جامع أصبهان. صنف "المسند" و"التفسير"، وغير ذلك. وكان من علماء أصبهان.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 241"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 112".

روى عن: سهل بن عثمان، وعبد العزيز بن يحيى، والحسين بن عيسى الزُّهْريّ، وطائفة. وعنه: القاضي أبو أحمد، وأبو الشَّيخ، وعبد الرحمن بن سِيَاه، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وجماعة. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 276- عبد الرحمن بن معاوية1. أبو القاسم الطَّبَريّ الأُمويّ العُتْبيّ المصريّ. عن: سعيد بن عُفَيْر، ويحيى بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد، وروح بن صلاح، ويوسف بن عدي. وعنه: الطبراني، وابن هارون، وغيرهما. توفي في شعبان سنة اثنتين وتسعين. 277- عبد الرزاق بن الحسن بن عبد الرزاق2. الأنطاكي الوراق المقرئ. روى الحروف عن: أحمد بن حبيب. وعنه: ابنه إبراهيم بن عبد الرزّاق، وأحمد بن يعقوب النّائب، وأبو بكر النّقّاش، ومحمد بن أحمد الدّاجونيّ، وجماعة. وقيل: قرأ على ابن ذَكْوان. 278- عبد السلام بن أحمد بن سُهَيْل بن مالك. أبو بكر البصْريّ نزيل مصر. سمع: هشام بن عمّار، وعيسى بن زُغْبَة، وجماعة. وعنه: حمزة الكِنَانيّ، وجعفر حيزان، وأبو سعيد بن يونس، وجماعة آخرهم موتًا الحسين بن رشيق. قَالَ ابن يونس: كان صالحًا صدوقًا، تُوُفّي في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وتسعين. 279- عبد السّلام بن سهل البغداديّ السُّكَّريّ. نزيل مصر3. سمع: يحيى الحِمّانيّ، ومحمد بن عبد الله الأزديّ. وعنه: ابن شَنَبُوذ المقرئ، والطَّبَرانيّ. وتُوُفّي بمصر في ربيع الآخر أيضًا سنة ثمانٍ أيضًا. فقد اتفقا في أشياء.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 240". 2 غاية النهاية "1/ 384". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 248".

280- عبد السّلام بن العبّاس الحمصيّ1. عن: هشام بن عمّار، وعَمْرو بن عثمان، وطائفة. وعنه: الطبراني، وعبد الصمد بن سعيد الحمصي، وغيرهما. 281- عبد الصمد بن محمد بن أبي عِمران. أبو محمد العَيْنُونيّ المقرئ2. قرأ على عَمْرو بن الصّبّاح صاحب حفص. قرأ عليه: أبو بكر النّقّاش، ونظيف بن عبد الله، وإبراهيم بن عبد الرّزّاق، وصالح بن أحمد، وغيرهم. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين بعَيْنُون. 282- عبد العزيز بن أحمد. أبو القاسم البغداديّ3. عن: أبي كامل الجحدريّ. وعنه: محمد بن مَخْلد، والطَّبَرانيّ. 283- عبد العزيز بن محمد. أبو عَمْرو الحارثيّ الهمدانيّ. عن: محمد بن عُبَيْد الأَسَدي، وهنّاد بن السَّريّ، وَسَلَمَةَ بن شبيب، وطائفة. وعنه: ابن خرجة، ومحمد بن مُعَاذ الشّعْرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، ويُعرف بَعْمرُون. 284- عبد الغفار بن أحمد. أبو الفوارس الحمصيّ4. حدَّث بأصبهان عن: محمد بن مُصَفَّى، والمسيّب بن واضح، وعَمْرو بن عثمان، وطائفة. وعنه: أبو الشيخ، وعبد الله بن محمد بن عمر القاضي، وعبد الله بن محمود بن محمد الأصبهانيّون. 285- عبد الكبير بن محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام بن زيد بن أنس5. أبو عمر الأنصاريّ البخاريّ. الأندلسيّ البصْريّ.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 248". 2 معجم البلدان "3/ 765"، وغاية النهاية "1/ 391". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 254". 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 132". 5 المعجم الصغير للطبراني "1/ 252".

عن: أبيه. وعن: سليمان الشّاذكونيّ. وعنه: الطَّبَراني. توفي سنة إحدى وتسعين. 286- عبد الملك بن يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر المخزوميّ المصري1. عن: أبيه. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي في رمضان سنة سبعٍ وتسعين. 287- عُبَيْد الله بن أحمد بن سليمان. أبو محمد بن الصّنّام القُرَشيّ الرّمْليّ. عن: أبي عُمَيْر عيسى بن النّحّاس، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وجماعة. وعنه: أبو عمر بن فَضَالَةَ، والفضل بن جعفر المؤذّن، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة تسع وتسعين. 288- عُبَيْد الله بن طاهر بن الحسين2. الأمير أبو أحمد الخُزَاعيّ الطّاهريّ الخُراسانيّ. وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. وروى عن: أبي الصَّلْت الهَرَويّ، والزُّبَيْر بن بكّار. وعنه: الصُّوليّ، وعمر بن الحَسَن الأشْنانيّ، والطَّبَرانيّ، وغيرهم. ولم يذكره الحاكم في تاريخه. وكان أديبًا شاعرًا محسنًا فصيحًا. ولي إمرة بغداد مدة، ومات في شوال سنة ثلاثمائة. وهذه الأبيات السّائرة له: وَاحَزَنِي من فراقٍ قومٍ ... هُم المصابيحُ وَالحُصُونُ وَالأُسْدُ وَالْمُزْنُ الرّواسي ... والأَمنُ والحِرْص وَالرُّكُونُ لم تتغيّر بنا اللّيالي ... حتّى تَوَفَّتْهُمُ الْمَنُونُ فكلُّ نارٍ لنا قلوبٌ ... وكلُّ ماءٍ لنا عُيُونُ ومن شعره: سَقَتْني في ليل شبيهٍ بشعـ ... ـرها شبيه بعين رقيب

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 247". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 62"، والبداية والنهاية "11/ 119"، والنجوم الزاهرة "3/ 180".

فما زلت في ليلتي شعر ومن ... دُجى وشمسَيْن ووجه حبيب وله: ألم ترَ أنّ الدَّهر يهدم ما بنى ... ويأخذ ما أعطى ويفسد ما أَسْدى فمن سَرَّه أنْ لا يرى من يَسُؤه ... فلا يتّخذ شيئًا يخاف له فَقْدا وقد ولي الأمير عُبَيْد الله إمرة بغداد مدة. ومات في شوّال سنة ثلاثمائة. 289- عبيد الله بن المستملي أبي مسلم عبد الرحمن بن واقد1. أبو شُبَيْلٍ البغداديّ. عن: أبيه، وإسحاق بن أبي إسرائيل. وعنه: أبو بكر بن الأنباري، وعثمان بن السمّاك، وأحمد بن كامل. وثّقه الخطيب. وتُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 290- عُبَيْد الله بن يحيى بن يحيى بن كثير2. أبو مروان اللَّيْثيّ مولاهم الأندلسيّ القُرْطُبيّ الفقيه. حمل عن أبيه العلم، وسمع منه "الموطأ"، ورحل للحجّ والتّجارة بعد موت والده. وسمع بمصر من: محمد بن عبد الرحيم بن البرقيّ شيئًا يسيرًا. وببغداد من: أبي هشام الرِّفاعيّ. وطال عُمره، تنافس أهل الأندلس في الأخذ عنه. وكان جليلًا نبيلًا كبير الشأن. ذكره ابن الفرض في "تاريخه" فَقَالَ: روى عن أبيه عِلْمه، ولم يسمع بالأندلس من غيره. وكان رجلًا كريمًا عاقلًا، عظيم الجاه والمال، مقدَّمًا في الشُّورَى، منفردًا برئاسة البلد، غير مُدَافَع. روى عنه: أحمد بن خالد، ومحمد بن أعْيَن، وأحمد بن مُطَرِّف، وأحمد بن سعيد بن حزم الصَّدفي لا الأُمويّ، وابن أخيه يحيى بن عبد الله بن يحيى، وكان

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 430". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 531"، والعبر "2/ 111"، وشذرات الذهب "2/ 231".

آخر من حدَّث عنه شيخنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله، يعني ابن أخيه. تُوُفّي في عاشر رمضان سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين، وصلّى عليه ابنه يحيى. وكانت جنازته مشهودة. قَالَ ابن بَشْكُوال في غير "الصِّلَة": كان مولى سمحًا جوادًا، كثير الصداقة والإحسان، كامل المروءة، رأى مرّةً شيخًا ضعيفًا، فأعطاه مائة دينار. ولقد قِيلَ إنّه شوهد يوم موته البواكي عليه من كلّ ضَرْب، حتّي اليهود والنَّصَارى. وما شوهد قطّ مثل جنازته، ولا سُمِع أحدٌ حكى أنَّه شهد بالأندلس مثلَها، رحمه الله. 291- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الرحيم1. أبو القاسم بن البَرْقيّ المصريّ. عن: ابنه، وعبد الرحمن بن يعقوب، ويحيى بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد الحدّانيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي في ربيع الأول سنة إحدى وتسعين. قَالَ النَّسائيّ: صالح؛ ويقال: إنّه روى عنه. 292- عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه2. القاضي أبو بكر العُمَريّ المدنيّ. عن: إسماعيل بن أبي أويس، وإبراهيم بن حمزة الزُّهريّ، وأبي الطاهر بن السَّرح المصريّ، وغيرهم. وعنه: خيثمة، وأبو علي بن هارون، والطَّبَرانيّ، وجماعة. قَالَ النَّسائي: كذاب3. وقال أبو القاسم بن عساكر: ولي قضاء حمص وأنطاكية، وولى قضاء دمشق أيام خُمَارَوَيْه بن طولون. قلت: حدَّث في سنة ثلاثٍ وتسعين. 293- عُبَيْد العِجْل. واسمه حسين بن محمد بن حاتم الحافظ أبو علي البغدادي4.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 236". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 235"، والبداية والنهاية "3/ 29"، وميزان الاعتدال "3/ 15". 3 تاريخ دمشق. 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 140"، وتاريخ بغداد "8/ 93".

عن: داود بن رشيد، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، ومحمد بن عبد الله بن عمار، والوليد بن شجاع السكوني، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وطائفة. وعنه: عبد الصمد الطستي، وأبو بكر الشافعي، وعثمان بن السنة، والطبراني، وآخرون. قال الخطيب: كان متقنا حافظا1. وقال ابن المنادي: كان من المتقدمين في حفظ "المسند" خاصة. وقال ابن قانع: توفي في صفر سنة أربعٍ وتسعين. قلت: وكان من تلامذة ابن مَعين، وهو لقّبَه بعُبَيْد العِجْل. قَالَ ابن عقْدَة، فيما رواه عنه ابن عديّ: كنّا نحضر مع عُبَيْد عند الشيوخ وهو شاب فيتخّير لنا، فإذا أخذ الكتاب بيده طار ما في رأسه، فنكلِّمُه فلا يردّ، فإذا فرغ قلنا: كلّمناك فلم تُجِبْنا. قَالَ: إذا أخذت الكتاب بيدي يطير عنّي ما في رأسي، يمّر بي حديث الصَّحابي، فكيف أجيبكم وأنا أحتاج أن أفكر في مُسْنَد ذلك الصَّحابي من أوله إلى آخره، هل الحديث فيه أم لا؟ أخاف أن أزلّ في الانتخاب، وأنتم شياطين قد قعدتم حولي. 294- عثمان بن عَمْرو. أبو عَمْرو الضَّبّيّ البصْريّ2. عن: الوليد الطَّيالِسيّ، وعبد الله بن رجاء، وعمرو بن مرزوق، وغيرهم. وعنه: الطبراني. 295- علي بن المكتفي بالله3. أمير المؤمنين أبو محمد ابن الخليفة المعتضد بالله أبي العبّاس أحمد بن الموفق أبي أحمد طلحة ابن الخليفة المتوكّلُ عَلَى اللَّه جعْفَر بن المُعْتَصمِ بن الرشيد العبّاسيّ. وُلِد سنة أربعٍ وستّين ومائتين، وكان يُضْرَب المثل بحُسْنه في زمانه. كان معتدل

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 94". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 189". 3 تاريخ بغداد "11/ 316"، والمنتظم "6/ 31"، والبداية والنهاية "11/ 94"، والنجوم الزاهرة "3/ 183"، وشذرات الذهب "2/ 219".

القامة، دُرّيّ اللون، أسود الشَّعر، حَسَن اللّحْية، جميل الصُّورة1. بُويع بالخلافة عند موت والده في جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وثمانين، فكانت أيّامة ستّة أعوام ونصفًا. أخذ له أبوه الْبَيْعَةَ في مرضه، ونهض بأعبائها الوزير أبو الحسن القاسم بن عُبَيْد الله. ومات شابًّا في ذي القعدة سنة خمسٍ وتسعين. بويع من بعده أخوه جعفر المقتدر، وقد دخل في أربع عشرة سنة، بتفويض المكتفي إليه في مرضه، بعد أن سأل وصحّ عنده أنه قد احتلم. وذكر أبو منصور الثَّعالبي قَالَ: حكى إبراهيم بن نوح أنّ الّذي خلّفه المكتفي، مما جمعه هو وأبوه: مائة ألف ألف دينار عَيْن، وأمتعة وعقار وأواني، فكان من تلك الأمتعة، ثلاثٌ وستُّون ألف ثَوْب. 296- عليّ بن أحمد بن الصَبّاح القَزْوينيّ2. الحافظ المعروف بابن أبي طاهر. روى عنه: ابن أبي حاتم بالإجازة في تصانيفه. ثقة، سمع بقزوين: إسماعيل بن توبة. وفي رحلته من: بُنْدار، وطبقته بالعراق. ومن: دُحَيْم، وهشام بن عمّار بالشّام. وثّقه الخليليّ قَالَ: سمعت الحَسَن بن أحمد بن صالح يحكي عن سليمان بن يزيد، أنّ عليّ بن أبي طاهر لمّا دخل الشام وكتب الحديث، جعل كُتُبَه في صندوق وعمله بالقبر، وركب البحر، فاضطّربت السّفينة وماجت بهم، فألقى الصَّنْدوق في البحر ثمّ سكنت السّفينة، فلمّا خرج منها أقام على السّاحل ثلاث ليالٍ يدعو الله، ثم سجد في الليلة الثّالثة، وقال: إنْ كان طلبي ذلك لوجهك وحبّ رسولك فأغِثْني بردّ ذلك. فرفع رأسه، فإذا بالصندوق مُلْقى عنده. قَالَ: فرجع، وأتى على ذلك بُرْهة من الدَّهْر، فقصدوه لسماع الحديث، فامتنع منه.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 318". 2 التدوين في أخبار قزوين للرافعي "3/ 329".

قَالَ: فرأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي منامي، ومعه عليّ -رضي الله عنه، فَقَالَ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- لي: يا عليّ من عامل الله بما عاملك على شطّ البحر، لا يمتنع من رواية أحاديثي. فقلت: قد تبت إلى الله؛ فدعا لي وحثني على الرّواية. ذكرها الخليليّ في مشايخ أبي الحَسَن القطّان. وقال: مات سنة نيِّفٍ وتسعين ومائتين. 397- عليّ بن أحمد بن النَّضر أبو غالب الأزْدي البغداديّ1. أخو محمد. عن: عاصم بن عليّ، وسَعْدُوَيه الواسطيّ، ويحيى بن يوسف الزمن، وعلي بن المديني، وعبيد الله العبْسيّ. وعنه: جعفر الخالديّ، وابن قانع، وأبو بكر الشافعيّ، والطَّبَرانيّ، وطائفة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: ضعيف. وقال أحمد بن كامل: تُوُفّي سنة خمس وتسعين وقال: لا أعلمه ذُمَّ في الحديث. 298- عليّ بن إسحاق بن إبراهيم2. أبو الحَسَن الأصبهانيّ الملقَّب بالوزير. سمع: إسماعيل بن موسى الفرّاء، وأبا كُرَيْب، والحَسَن بن قَزَعَة، وعبد الجبار بن العلاء المكّيّ، وطائفة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأحمد بن بُنْدار، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين، وقيل: سنة ثمانٍ. وقيل له: الوزير؛ لأنه كان يقوم بمصالح أحمد بن الفُرات الحافظ. قَالَ أبو الشّيخ: كان حَسَن الحديث. 299- عليّ بن جَبَلَة بن رُسْتَة بن زيد بن جَبَلَة. أبو الحَسَن التميميّ الأصبهانيّ3. سمع: الحسين بن حفص، وإسماعيل بن أبي أُوَيْس.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 193"، وتاريخ بغداد "11/ 316". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 198"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 11". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 197"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 8".

وعنه: الطَّبَراني، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهّاب، وأبو الشَّيخ، وآخرون. تُوُفّي سنة إحدى أو اثنتين وتسعين على قولين. 300- عليّ بن الحسين بن شَهْرَيار الرّازيّ. نزل نَيْسابُور، وحدَّث عن: سهل بن عثمان، وعبد العزيز بن يحيى المدنّي. وعنه: محمد بن داود بن سليمان، وأبو عبد الله بن الأخرم، ومحمد بن مهران، وأحمد بن منيع، وخلْق. وهو والد الحافظ أبي بكر أحمد بن عليّ الرّازيّ. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين، قاله حفيده أبو الحَسَن. وفي بعض النُّسَخ اسم أبيه: الحَسَن. 301- على بن الحسين بن الْجُنَيْد1. أبو الحسن الرّازيّ الحافظ، ويُعرف ببلده بالمالكيّ، لجَمْعه حديثَ مالك. وكان واسع الرّحلة، بصيرًا بهذا الفنّ، خبيرًا بالرّجال والعِلَل. سمع: أبا جعفر النُّفَيْليّ، والمُعَافَى بن سليمان، وجماعة بالجزيرة. وصفوان بْن صالح، وهشام بْن عمّار، وجماعة بدمشق. وأبا مصعب الزُّهْريّ، وجماعة بالحجاز. وأحمد بن صالح، وطائفة بمصر. ومحمد بن عبد الله بن نُمَير، وغيره بالكوفة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وأَحْمَد بْن إسحاق الضُّبَعيّ الفقيه، ودَعْلَج السّجْزيّ، وأبو أحمد العسّال، وإسماعيل بن نُجَيْد، وأحمد بن الحَسَن بن ماجة، وطائفة. وقع لي حديثه بعُلُوّ، وكان يحفظ حديث مالك وحديث الزُّهْريّ. وتُوُفّي في آخر سنة إحدى وتسعين. قَالَ ابن أبي حاتم: صدوق ثقة. وأرّخه الخليليّ سنة ثمانٍ وثمانين. وقال: هو حافظ علم مالك بن أنس صاحبه. 302- عليّ بن الحسين بن عبد الرّحيم. أبو الحسن النيسابوري2.

_ 1 الجرح والتعديل "6/ 179"، سير أعلام النبلاء "14/ 16"، وشذرات الذهب "2/ 208". 2 تاريخ جرجان للسهمي "423".

حدَّث عن: بِشْر بن الحَكَم، وإسحاق بن راهَوَيْه. وعنه: أبو بكر الإسماعيليّ، وغيره بجُرْجان. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 303- عليّ بن الحسين بن مِهْران. أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ الصّفّار. آخر من مات من أصحاب يحيى بن يحيى التّميميّ. أثنى عليه إبراهيم بن أبي طالب. روى عنه: أبو الفضل محمد بن إبراهيم، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ الحافظ. تُوُفّي في رجب سنة خمس وتسعين. وروى أيضًا عن: إسحاق بن راهوَيْه، وعلي بن حُجْر. 304- عليّ بْن حسنوية البغدادي القطان1. عَنْ: محمد بن زياد الزّياديّ، وحَوْثَرة المقرئ، والحَسَن بن عرفة، وطبقتهم. وعنه: أبو الحسن الزَّيْنبيّ، وعليّ الرزاز. وأرخه الخطيب ووثَّقه. 305- عليّ بن حماد بن هشام العسكريّ الخشّاب2. عن: عليّ بن المدينيّ، وعبد الأعلى الذّمّيّ، وطبقتهما. وعنه: مخْلَد الباقَرْحَيّ، ومحمد بن أحمد العطشي، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة أيضًا. 306- عليّ بن رازح بن رجب الخَوْلانيّ. المصريّ. عن: حَرْمَلَة، ومحمد بن رُمْح. وعنه: أبو سعيد بن يونس وقال: مات سنة سبْعٍ وتسعين. 307- عليّ بن سعيد بن بشير بن مهران3. أبو الحَسَن الرّازيّ الحافظ نزيل مصر.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 421". 2 تاريخ بغداد "11/ 420". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 195"، وسير أعلام النبلاء "14/ 145"، والنجوم الزاهرة "3/ 184"، وشذرات الذهب "2/ 234".

عن: عبد الأعلى بن حمّاد النَّرْسي، وجُبَارَة بن المُغَلِّس، وعبد الرحمن بن خالد بن نجِيح المصريّ، وبِشْر بن مُعَاذ العَقَديّ، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكيّ، ونوح بن عَمْرو السَّكْسكيّ، وخلْق كثير. وعنه: أبو سعيد بن الأَعرابي، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، ومُحَمَّد بن أحمد بن خَرُوف، وسليمان الطَّبَرانيّ، والحَسَن بن رشيق، وآخرون. قَالَ حمزة السَّهْميّ: سألت الدَّارَقُطْنيّ عنه، فَقَالَ: لم يكن في حديثه بذلك. سمعت بمصر أنّه كان والي قرية، وكان يطالبهم بالخراج فَيُمَاطَلُونَه، فجمع الخنازير في المسجد؛ فقلت: كيف هو بالحديث؟ قَالَ: حدَّث بأحاديث لم يُتَابَع عليها. وقال ابن يونس: كان يفهم ويحفظ، ومات في ذي القعدة سنة تسع وتسعين. قلت: وكان يُعرف بعُلَيْك. والعجم إذا أرادوا أن يصغّروا اسمًا زادوه كافًا، فهو علامة التّصغير في لسانهم. 308- عليّ بن سعيد العسكريّ1. الحافظ. صاحب كتاب "السّرائر". سيأتي سنة ثلاث عشر وثلاثمائة. 309- عليّ بن طَيْفور بن غالب النَّشَويّ2. أبو الحَسَن نزيل بغداد. سمع: قُتَيبة بن سعيد. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وأبو بكر القَطِيعيّ، وعمر بن نوح البجلي، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة، في صَفَر. وثّقه أبو بكر الخطيب. 310- عليّ بن عمر بن توبة الخَولانيّ المَوْصليّ. عن: عليّ بن المَدينيّ، وأبي بكر بن أبي شَيْبة، وجماعة. وعنه: يزيد الأزديّ في تاريخه. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 311- عليّ بن غالب بن سلام. أبو الحَسَن السَّكْسكيّ البَتَلْهيّ. عن: عليّ بن المَدِينيّ، وعبد الأعلى النَّرْسيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بن محمد بن فُطَيْس، وأبو عليّ بن آدم، وأبو عليّ بن هارون، وأحمد بن سعيد بن أبي العجائز، وعبد الله بن الناصح، وآخرون.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 463"، وتاريخ جرجان للسهمي "303"، والعبر "2/ 114". 2 تاريخ بغداد "11/ 442"، والمنتظم "6/ 119".

وقع لنا نسخة عليّ بن المَدِينيّ من طريقه، وقد حدَّث ببيت لِهْيا في ذي القعدة سنة إحدى تسعين. 312- عليّ بن القاسم الضّبّيّ البغدادي1. عن: العلاء بن مَسَلْمَة، وحَجّاج بن الشّاعر. وعنه: أبو عمر بن السماك، وأبو علي بن الصّوّاف. مات سنة ستٍّ وتسعين ومائتين. 313- عليّ بن محمد بن عبد الوهّاب بن جَبَلة. أبو أحمد المروزي الكاتب2. حدث بأصبهان في سنة إحدى أيضًا. عن: يحيى بن هاشم السمسار، وعبد الله بن صالح العِجْليّ، وأبي بلال الأشعريّ، والحَسَن بن بشير البَجَليّ. وعنه: أحمد بن بُنْدار الشّعّار، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وجماعة. قَالَ الخطيب: تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 314- عليّ بن محمد بن عيسى3. أبو الحَسَن الخُزَاعيّ الهَرَويّ الْجَكّانيّ. وجَكّان: محّلة على باب هَرَاة. كان مُسْنَد وقته ببلده. رحل وسمع: أبا اليمان، وآدم بن أبي إياس، ويحيى بن صالح الوُحَاظيّ، ومحمد بن وهْب بن عطية، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الرّخّاء، وأبو محمد أحمد بن عبد الله المُزَنيّ، وأبو الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خَمْرُوَيْه، وطائفة. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين وقد وُثِّق. 315- عليّ بن أحمد بن يزيد بن عُلَيْل. أبو الحسن المصريّ. عن: محمد بن رُمْح، وحَرْمَلَة، وجماعة. وعنه: ابن يونس، والمصريون. توفي سنة ثلاثمائة.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 52". 2 تاريخ بغداد "12/ 61"، والمعجم الصغير للطبراني "1/ 197". 3 معجم البلدان "2/ 148".

316- عِمران بن موسى بن حُمَيْد. أبو القاسم المصريّ، ابن الطّبيب. عن: يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد، وجماعة. وعنه: أبو سعيد بن يونس، وأبو بكر النّقّاش صاحب "التّفسير"، وحمزة الكِنانيّ. توفي في شوال سنة خمس. 317- عمر بن أحمد بن بشر1. أبو الحسين، وقيل: أبو بكر بن السني البغدادي. حدث بأصبهان عَنْ: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، وعبد الحميد بن بَيَان، وغيرهما. وعنه: أحمد بن جعفر السمسار، وأبو بكر القبّاب. بقي إلى سنة ستٍّ وتسعين. وقال الخطيب2 أبو بكر: عامة أحاديثه مستقيمة. 318- عمر بن حفص السَّدُوسيّ البصْريّ. أبو بكر3. سمع: عاصم بن عليّ، وكامل بن طلحة، وأبا بلال الأشعريّ. وعنه: جعفر الخُلْديّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وحبيب القزّاز، وسليمان الطّبَرانيّ، وجماعة. وثّقه الخطيب. وتُوُفّي في صفر سنة ثلاثٍ وتسعين. 319- عمر بن حفص الهَمداني البُخاريّ السَّبِيريّ4. نسبة إلى قرية ببُخَارى. سمع: عليّ بن حُجْر، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ. وعنه: محمد بن محمد بن صابر، وغيره. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين في صَفَر، وله مائة سنة. ويُعرف بالرّباطيّ. 320- عَمْرو بن بحر الأَسَديّ الصُّوفيّ. أكْثَرَ من التَّطْواف، وصحِب ذا النون المصري.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 217". 2 تاريخ بغداد "11/ 217". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 185"، وتاريخ بغداد "11/ 216". 4 معجم البلدان "3/ 187"، واللباب "2/ 102".

وسمع من: هشام بن عمّار، ودُحَيْم. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشّيخ، والأصبهانيّون. 321- عَمْرو بن حازم القُرَشيّ. عن: صفوان بن صالح الدّمشقيّ، ومحمد بن رُمْح، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بكر النّقّاش، وأبو عمر بن فَضَالَةَ، وغيرهم. توفي قبل الثلاثمائة. 322- عَمْرو بن الحافظ أبي زُرْعة عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو النَّصْريّ الدّمشقيّ. عن: سليمان ابن بنت شُرَحْبِيل، وهشام بن عمّار، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن النّاصح. حدَّث سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. 323- عَمْرو بن عبد الله بن عبد الوهّاب. أبو الحَسَن الصَّدَفيّ، مولاهم المصريّ. روى عن: أحمد بن صالح المصريّ، وغيره. قَالَ ابن يونس: كان يَغْشَى والدي، وكان صالحًا. تُوُفّي في ذي القعدة سنة " ... "1 وتسعين، وكان مُوَثَّقًا. 324- عَمْرو بن عثمان المكّيّ الزّاهد. شيخ الصُّوفيّة2. قِيلَ: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين، وقيل: غير ذلك. وسيأتي بعد الثلاثمائة. وذكر السُّلميّ أنه مات ببغداد؛ وكان قد قدِم من مكّة. وقد ولي قضاء جَدّة، فما عادهُ الْجُنَيْد في مرضه. 325- عيسى بن خدابنده3. أبو موسى الأزدي. عن: موسى بن عامر، وصالح بن حكيم. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وأبو القاسم بن أبي العقب، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة.

_ 1 بياض في الأصل. 2 صفة الصفوة "2/ 440"، والمنتظم "6/ 93"، وشذرات الذهب "2/ 225". 3 تاريخ بغداد "12/ 224".

326- عيّاش بن محمد بن عيسى البغداديّ الجوهريّ1. عن: سُرَيْج بن النعمان، وأحمد بن حنبل. وعنه: أبو بكر الْجِعابي، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. وثّقه الخطيب. وتُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 327- عيسى بن محمد بن عيسى2. أبو العبّاس الطَّهْمانيّ المَرْوَزِيّ الكاتب اللُّغَويّ، إمام أهل اللُّغَة في زمانه. سمع: إسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر، وعلي بن خَشْرَم، وطائفة. وعنه: أحمد بن الخضر، ويحيى بن محمد العنْبريّ، وعمر بن علك الْجَوهريّ. وكان رئيسًا نبيلًا كثير الفضائل. سمع الحاكم والده يقول: سمعتُ أبا العباس عيسى الطَّهْمانيّ يقول: رأيت بخوارزم امرأة لا تأكل ولا تشرب ولا تَرُوث. وقال: أبو صالح محمد بن عيسى: تُوُفّي في صفر سنة ثلاث وتسعين. قال الحاكم: سمعتُ أبا زكريّا العنْبريّ يقول: سمعتُ أبا العباس، فذكر قصة المرأة التي تأكل ولا تشرب، وأنها عاشت كذلك نيّفًا وعشرين سنة. فَقَالَ: إنّ الله مُظْهِرًا ما شاء من آياته، فيزيد الإسلام بها عزًا وقوّة، وإنّ ممّا أدركنا عَيَانًا، وشاهدناه في زماننا أنْ وردتُ عان مدينةً من مدائن خوارزم، بينها وبين المدينة العظمى نصف يوم، فأُخبرت أنّ بها امرأة من نساء الشُّهداء رأت رؤيا كأنها أطْعمت في منامها شيئًا، فهي لا تأكل ولا تشرب منذ عهد عبد الله بن طاهر؛ ثمّ مررت بها سنة اثنتين وأربعين، فرأيتها وحدَّثتني بحديثها، ثمّ رأيتها بعد عشر سنين مشْيَتُها قوية، وإذا هي امرأة نَصَف، جيدة القامة، حَسنة البِنْية، متورِّدة الخَدين، فسايرتني وأنا راكب. فعرضت عليها مركبًا، فأبت وَبَقِيَتْ تمشي معي. وحضر مجلس محمد بن حَمْدَوَيْه الحارثيّ، وهو فقيه قد كتب عنه موسى بن هارون، وَكَهْلٌ له عبارة وبيان يُسَمّى عبد الله بن عبد الرحمن، وكان قد تخلف

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 256" وتاريخ بغداد "12/ 279". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 571"، وشذرات الذهب "2/ 210"، وتاريخ بغداد "11/ 170".

أصحاب في ناحيته، فسألتهم عنها، فأحسنوا القول فيها، وأثنوا عليها، وقالوا: أمرُها ظاهر، ليس فينا من يختلف فيه. قَالَ عبد الله: أنا أسمع أمرها من أيّام الحداثة، وقد فرَّغْت بالي لها، فلم أر إلّا ستْرًا وعَفَافًا. ولم أعثر على كذب في دعواها. وذكر أنّ من كان يلي خوارزم كانوا يُحْضِرونها الشَّهر والشَّهْرين في بيتٍ، ويُغلقون عليها. قَالَ: فلما تواطأ أهل النّاحية على تصديقها سالتها، فقالت: اسمي رَحْمة بنت إبراهيم، كان لي زوج نجّار يأتيه رزقه يومًا فيومًا. وأنّها ولدت عدّة أولاد. وجاء الأقطع ملك التُّرْك الغَزّيّة، فعبر الوادي عند جموده إلينا في زهاء ثلاثة آلاف فارس. قَالَ الطَّهْمانيّ: والأقطع هذا كان كافرًا عاتيًا، شديد العداوة للمسلمين، قد أثّر على أهل الثُّغور، وألح عن أهل خُوارزم، وكان وُلاةُ خُوارزم يتألّفونه، ويبعثون إليه بمالٍ وأَلْطاف وأنه أقبل مرّةً في خيوله فعاثَ وأفسدَ وقتل فأنهض إليه ابن طاهر أربعةً من القُوّاد. وأنّ وادي جَيْحُون، وهو الّذي في أعلى نهر بلْخ، وهو وادي عظيم، شديد الطُّغْيان، كثير الآفات، وإذا امتدَّ كان عرضه نحوًا من فرسخ، وإذا جمد انطبق، فلم يوصل منه إلى شيء، حتّى يُحْفَر فيه، كما تُحْفر الآبار في الصُّخور. وقد رأيت كثف الْجَمَد عشرة أشبار. فَأخْبِرْتُ أنّه كان فيما خلا يزيد على عشرين شِبْرًا، وإذا هو انطبق صار الجمد جسرًا لأهل البلد، يسير على القوافل وَالْعِجْلِ، وربّما بقي الْجَمَدْ مائةً وعشرين يومًا، وأقلّه سبعون يومًا. قالت المرأة: فعبر الكافر، وصار إلى باب الحُصَيْن، فأراد النّاس الخروجَ لقتاله، فمنعهم العامل دون أن يَتَوَافَى العسكر. فشدّ طائفة من شُبّان الناس، فتقاربوا من السُّور، وحملوا على الكَفَرَة، فتهازموا، واسْتَجَرُّوهم بين البيوت، ثمّ كَرُّوا عليهم، وصار المسلمون في مثل الحَرجَة فحاربوا أشدّ حرب، وثبتوا حتّى تقطّعت الأوتار، وأدركهم اللُّغوب والجوع والعَطَش، وقُتِل عامَّتُهم، وأُثْخِن من بقي. فلمّا جنّ عليهم اللّيل، تحاجز الفريقان. قالت: ورفعت النّيران من المناظر ساعة عُبُور الكافر، فاتّصلت بجُرْجَانية خُوارزم، وكان بها ميكال مولى طاهر في عسكر، فخفّ وركض إلى حصننا في يومٍ وليلة أربعين فرسخًا، وغدا الترْك للفراغ من أمر أولئك، فبينا هم كذلك إذا ارتفعت بهم الأعلام السُّود، وسمعوا الطُّبول، فأفرجوا عن القوم، ووافى ميكال موضعَ

المعركة، فارتَثّ القتلى، وحمل الجرحى، ودخل الحصن عشيئذ زهاء أربعمائة جَنَازة، وارتجَّت الناحية بالبكاء والنَّوْح، ووضع زوجي بين يدي قتيلًا، فأدركني من الجزع والهلع عليه ما يُدرك المرأة الشّابّة المسكينة، على زوج أبي أولاد، وكاسب عيال. فاجتمع النّاس من قراباتي والجيران، وجاء الصِّبْيان، وهم أطفال يطلبون الخُبز، وليس عندي ما أعطيهم، فَضِقْتُ صَدْرًا، فنمت، فرأيت كأنّي في أرض حسناء ذات حجارة وشَوْك، أهيم فيها وَالِهَةً حُزْنًا أطلب زوجي، فناداني رجل: خذي ذات اليمين. فأخذت، فرفعت لي أرض سهلة الثرى، طيّبة العُشْب، وإذا قصور وأبنيةٌ لا أُحْسِنُ أن أصفها، وأنهار تجري من غير أخاديد، فانتهيت إلى قوم جُلُوس حِلَقًا، عليهم ثيابٌ خُضْر، قد علاهم النُّور، فإذا همُ الّذين قُتِلوا، يأكلون على موائد. فجعلت أبغي زوجي، فناداني: يا رَحْمة، يا رَحْمة. فيمَّمْت الصَّوت، فإذا به في مثل حال الشُّهداء، ووجهه مثل القمر ليلة البدْر، وهو يأكل مع رفْقة. فَقَالَ لهم: إنّ هذه البائسة جائعة منذ اليوم، أفتأذنون أن أناولها؟ فأذنوا له، فناولني كِسْرةً أبيضَ من الثّلج، وأحلى من العَسَل، وألْين من الزّبد، فأكلتها. فلمّا استقرّت في جوفي قَالَ: اذهبي. فقد كفاك الله مؤونة الطعام والشراب ما حييت. فانتبهت وأنا من شَبْعَى رَيًّا، لا أحتاج إلى طعام ولا إلى شرابٍ، فما ذقتهما إلى الآن. قَالَ الطَّهْمانيّ: وكانت تحضُرنا، وكنّا نأكل، فتتنحّى، وتأخذ على أنفها، تزعم أنّها تتأذى برائحة الطّعام، فسألتها: هل يخرج منك رِيح؟ قالت: لا. قلت: والحيض؟ أظنها قالت: انقطع. قلت: فهل تحتاجين حاجة النساء إلى الرجّال؟ قالت: أما تستحي منّي، تسألني عن مثل هذا؟ قلت: لعلِّي أحدِّث النّاس عنكِ. قالت: لا أحتاج. قلت: فتنامين؟ قالت: نعم. قلت: فما تَرين في منامك؟ قالت: مثل النّاس. قلت: فتَجِدين لفَقْد الطّعام وَهَنًا في نفسك؟ قالت: ما أحسست بالجوع منذ طَعِمْتُ ذلك الطّعام. وكانت تَقْبل الصَّدَقة، فقلت: ما تصنعين بها؟ قالت: أكتسي وأكسي ولدي. قلت: فهل تجدين البْرد؟ قالت: نعم.

قلت: فهل يدركك اللُّغُوب والإعياء إذا مشيتِ؟ قالت: نعم، ألست من البشر؟ قلت: فتتوضين للصلوات؟ قالت: نعم. قلت: ولِمَ؟ قالت: تأمرني بذلك الفقهاء، معتق للنّوم. وذُكِر أنّ بطنها لاصِق بظهرها، فأمرت امرأةً من نسائنا، فنظَرَتْ، فإذا بطنها كما وصفت، وإذا قد اتخذت كيسًا وشدته على بطنها كي لا ينقصف ظهرها إذا مَشَت. قَالَ: ثمَ لم أزل اختلف إلى هُزَارسْف، يعني تلميذتها، فأعيد مسألتها، وهي تتكلم بلغة أهل خُوارزم، فلا تزيد في الحديث، ولا تنقص منه. فعرضت كلامها كله على عبد الله بن عبد الرحمن الفقيه، قَالَ: أنا أسمع هذا الحديث منذ نشأت، فلا أرى من يدفعه. وأجريت ذِكْرها لأبي العبّاس أحمد بن محمد بن طَلْحة بن طاهر والي خُوارزم في سنة ستِّ وستّين، فَقَالَ: هذا غير كائِن. قلت: فالأمر سهل، والمسافة قريبة. فَأمُر بها، فَتُحْمَلُ إليك، وتمتحنها بنفسك. فأمرني، فكتبت عنه إلى العامل، فَأَشْخَصها على رفق. فأخبرني أبو العبّاس أحمد أنّه وكّل أُمَّه دون النّاس بمُرَاعاتها، وسألها أن تستقصي عليها، وتتفقّدها في ساعات الغَفلات. وأنّها بقيت عند أمّه نحوًا من شهرين، في بيتٍ لا تخرج منه، فلم يروها تأكل ولا تشرب. وكثُر من ذلك تَعَجُّبُه، وقال: لا ينكر الله قدره. وَبَرَّها وصرفها، فلم يأتِ عليها إلّا القليل حتّى ماتت، رحمها الله. قلت: حدّثني غيرُ واحدٍ أثق به، أنّ امرأة كانت بالأندلس مثل هذه كانت في حدود السبعمائة، بقيت نحوًا من عشرين سنة لا تأكل شيئًا، وأمرها مشهور. وذكر علاء الدّين الكِنْديّ في تَذكِرته عن الفاروثيّ مثل ذلك، عند رجل كان بالعراق بعد السّتّمائة1. 328- عيسى بن محمد. ويقال عيسى بن موسى، الأمير أبو موسى النوشري2.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 572". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 46"، والنجوم الزاهرة "3/ 171".

من كبار القُوّاد المشهورين. ولي إمرة أصبهان، وولي شرطة بغداد، وانتُدِبَ لقتال أمير أصبهان أبي ليلى، وغيره. فظهرت شهامته وشجاعته. وولى إمرة مصر للمكتفي بالله بعد السّبعين ومائتين، عند زوال الدّولة الطُّولونيّة، وطال عُمره، وعظُمت حُرْمته. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين في شَعْبان. 329- عيسى بن مسكين بن منصور بن جُرَيْج بن محمد. الفقيه أبو محمد الإفريقيّ1 المغربيّ، عالم إفريقيه وشيخها. أخذ عن: سَحْنُون بن سعيد الفقيه، وغيره. وعنه: تميم بن محمد القَرويّ، وحمدون بن مجاهد الكلبيّ الفقيه، ولُقْمان بن يوسف، وعبد الله بن مسرور بن الحجّام، وطائفة كثيرة. كان إمامًا ورعًا ثقة، متمكّنًا من الفقه والآثار، صاحب خُشُوع وعِبادة، وكان يشبه بسحنون في سمته وهيبته. وقيل: كان مستجاب الدعوة، رحمه الله. بلغنا أن بعض ملوك بني الأغلب قَالَ له: لئن لم تَلِ القضاء لأقتُلنَّك. وأغلَظ له. فتولّى القضاء. ولم يأخذ رِزقًا. وكان يستقي بالْجَرّة، ويركب الحمار، ويترك التّكلُّف. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين. 330- عيسى بن هارون الزّاهد. أبو أحمد الهَمْدانيّ. رحل وكتب العِلم عن: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ، وهَنّاد بن السَّرِيّ، وطائفة. وعنه: الفضل بن الفضل الكِنْديّ، وأبو بكر بن خارجة النَّهَاونْديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وغيرهم. 331- عيسى بن يزيد بن خالد بن " ... "2 المصريّ المَعَافِريّ. أبو عقِب. روى عن: أبيه. وعنه: هارون بن سعيد. كان بالإسكندرية.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 573"، وشذرات الذهب "2/ 220". 2 بياض في الأصل.

"حرف الفاء": 332- فاتك بن عبد الله. مولى المعتضد1. كان من كبار الأمراء. وتَرَقَّت سعادته في أيّام المكتفي. ذكرنا أنّه قُتِلَ مع العباس الوزير. 333- الفضل بن أحمد الأصبهانيّ2. عن: إسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: خَلَطَ، فَتُرِكَ حديثُه. 334- الفضل بن صالح الهاشميّ المنصوريّ3. عن: هُدْبَةَ بن خالد، وعبد الأعلى بن حمّاد النَّرْسيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بكر القَطِيعيّ. وكان ثقة. توفي سنة ثلاثمائة. 335- الفضل بن عبد الله بن مَخْلَد4. أبو نُعَيْم التَّميميّ الْجُرْجانيّ القاضي. رحّال جوّال. سمع: قُتَيْبة بن سعيد، وهشام بن خالد الدّمشقيّ، ومحمد بن مُصَفَّى، وعيسى بن زُغْبَة، وأبا الطاهر بن السَّرْح، وخلْقًا. وعنه: أبو جعفر العُقَيْليّ، والزبير بن عبد الواحد الاستراباذيّ، وأبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وآخرون. قَالَ الإسماعيليّ: صدوق، جليل. وقال حمزة السَّهْميّ: تُوُفّي في ربيع الأول سنة ثلاثٍ وتسعين. 336- الفضل بن العبّاس بن مِهْران. أبو العبّاس5.

_ 1 المنتظم "6/ 80"، وتجارب الأمم "1/ 5"، والتنبيه والإشراف "327". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 263"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 155". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 263"، وتاريخ بغداد "12/ 374". 4 تاريخ جرجان للسهمي "186". 5 ذكر أخبار أصبهان "2/ 152".

عن: ابنُ بُكَيْر، وبشّار بن موسى، وداود بن عمرو الضبي، جماعة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيخ، وآخرون. وتُوُفّي سنة ثلاثٍ أيضًا. قَالَ أبو نُعَيْم: ثقة مأمون. 337- الفضل بن العبّاس بن الوليد البغداديّ البُزُوريّ1. ويقال: السَّقَطيّ. ويقال: "حدّث عن يحيى بن عثمان الحربيّ"2، وسُوَيْد بن سعيد، وداود بن رُشَيْد. وعنه: عبد الباقي بن قانع، والطبراني. وتوفي سنة إحدى وتسعين. 338- الفضل بن محمد. أبو برزة الحاسب. كان حيسوب بغداد3. روى عن: ابن يونس اليَرْبُوعيّ، ويحيى الحِمّانيّ، ومحمد بن سَمَاعَة. وعنه: ابن قانع، وأحمد بن محمد السَّقَطيّ، وأبو محمد بن "ماسي"4. تُوُفّي في صَفَر سنة ثمانٍ وتسعين. وثّقه الخطيب. 339- الفضل بن هارون الفقيه. تلميذ أبي ثَوْر5. حدّث عن: داود بن رُشَيْد، ومحمد بن أبي مَعْشَر، وجماعة. وعنه: أبو نُعَيْم بن عديّ، والطَّبرانيّ. وتُوُفّي سنة نيِّفٍ وتسعين. ذكره الخطيب. 340- الفَيْض بن الخَضِر. أبو الحارث الأَوْلاسيّ الزّاهد. نزيل طَرَسُوس6. حكى عن: عبد الله بن خبيق الأنطاكيّ. وعنه: أبو عَوَانة الإسفرائينيّ، ومحمد بن سهل الفَرَغَانيّ، ومحمد بن المنذر شُكر، وغيرهم. وتُوُفّي بطَرَسوس سنة تسعٍ وتسعين ومائتين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 262"، وتاريخ بغداد "12/ 372". 2 بياض في الأصل. مستدرك من المصدرين السابقين. 3 تاريخ بغداد "12/ 373"، والمنتظم للجوزي "6/ 56". 4 بياض في الأصل. مستدرك من تاريخ بغداد. 5 المعجم الصغير للطبراني "1/ 261"، وتاريخ بغداد "12/ 372". 6 المنتظم "6/ 93"، والكامل في التاريخ "8/ 59"، واللباب "1/ 94".

"حرف القاف": 341- القاسم بن أحمد بن يوسف1. أبو محمد التَّميميّ الكوفيّ المعروف بالخيّاط. شيخ القراء في وقته. قرأ على: أبي جعفر محمد بن حبيب الشموني ختمًا. أخذ عنه: سعد بن أحمد الإسكافي، والحسين بن داود النّقّار، وابن شَنَبُوذ، ومحمد بن أحمد بن الضحاك، وأبو بكر محمد بن الحَسَن النّقّاش، وآخرون. قَالَ النّقّار: قرأت عليه أربعين ختْمه2. وقال النّقّاش: قرأت عليه بمسجده في الكوفة سنة تسعٍ وثمانين. قَالَ النّقّار: سمعت إجماع النّاس على تفضيل قاسم في قراءة عاصم3. قَالَ الدّانيّ: تُوُفّي بعد التّسعين. 342- القاسم بن أبي حرب البصْريّ. أبو سعيد. حدَّث في سنة ثلاثّ وتسعين عن: هُدْبَةَ بن خالد، وعبد الله بن مُعَاذ، وجماعة. 343- القاسم بن خالد بن قَطَن. أبو سهل المَرْوَزِيّ الحافظ محدّث مَرْو4. سمع: حَبّان بن موسى، إسحاق بن راهَوَيْه، وعليّ بن حُجْر، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن المَدِينيّ، ويحيى بن معين، وأبا بكر بن أبي شَيْبة، وابن نُمَيْر، وأبا كامل الْجَحْدَريّ، وأبا مُصْعَب الزُّهْريّ، وعبد الوهّاب بن نَجْدة الحَوْطيّ، ومحمد بن عبد الله بن عمّار، وخلْقًا بالشّام، والعراق، والجزيرة، وخراسان. وعنه: أبو العباس الدغولي، وعمر بن على الْجَوْهريّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ الرّازيّ، وأبو عبد الله بن الأخرم، ومحمد بن صالح بن هانئ، وآخرون. تُوُفّي في شوال سنة سبع وتسعين ومائتين.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 438"، وغاية النهاية "2/ 16". 2 غاية النهاية "2/ 17". 3 غاية النهاية "2/ 17". 4 سير أعلام النبلاء "13/ 544".

344- القاسم بن عاصم المُراديّ الأندلسيّ. التّاجر1. سمع ببغداد من: أحمد بن مُلاعب، وغيره. وعنه: قاسم بن أصبغ. توفي سنة ثلاثمائة. 345- القاسم بن عبد الواحد بن حمزة2. أبو بكر البكري العجلي القُرْطُبيّ. عن: بقيّة بن مَخْلَد، وغيره. وسمع بمكّة من: محمد بن إسماعيل الصّائغ، وابن مَيْسَرة. وببغداد من: أحمد بن خَيْثَمَة، وَجَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي دُلَيْم، وغيره. تُوُفّي سنة بضعٍ وتسعين. 346- القاسم بن عبد الوارث الوراق3. عن: أبي الربيع الزّهْرانيّ، وغيره. وعنه: محمد بن مَخْلَد، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة أربعٍ. 347- القاسم بن عُبَيْد الله بن سليمان بن وهب بن سعيد الحارثي4. البغداديّ الوزير. ولي الوزارة للمعتضد بعد موت والده الوزير عُبَيْد الله سنة ثمانٍ وثمانين. وَنَهَضَ القاسم بأعباء الأمور عند موت المعتضد، فأخذ البيعة للمكتفي. ومات القاسم في تاسع ذي القعدة سنة إحدى وتسعين. فكانت وزارته ثلاث سنين ونصفًا وأيّامًا. وولى بعده العبّاس بن أيّوب الوزير الّذي قُتِل مع ابن المعتزّ. وكان القاسم من ظَلَمَة الوزراء ومُتَموِّليهم. بَلَغَنَا أنه كان يدخله في السنة من أملاكه سبعمائة ألف دينار.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 358". 2 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 358". 3 المعجم الصغير للطبراني "1/ 267". 4 سير أعلام النبلاء "14/ 18"، والبداية والنهاية "11/ 98"، والنجوم الزاهرة "3/ 123".

ولعِزَّة أبيه على المعتضد استوزر وَلَدَه هذا بعده، وكان شابًا غِرًّا بالأمور، قليل التَّقْوَى، وإنما أنفق على المكتفي لأنّه خدمه، وثبّت له الأمور، وكان مع قلّة خبرته سفّاكًا للدّماء، حَمَلَ المكتفي على قتْل بَدْر، وعلى قتل عبد الواحد بن الموفّق ابن عم المكتفي. ولمّا مات أظهر النّاس الشَّماتَةَ بموته. وقال الصُّوليّ: قَالَ أبو الحارث النَّوْفَليّ: كنت أبغض القاسم بن عُبَيْد الله لكُفْره، ولمكْروهٍ نالني منه. قَالَ ابن النّجّار: وأخذ البيعة للمكتفي، وكان غائبًا بالرَّقَّة، وضبط له الخزائن، فعظُم عنده، ولقّبه والي الدولة، فسأل المكتفي أن يزوّج ولده محمد بابنة القاسم، فأجابه، وأمهرها مائة ألف دينار. قَالَ ابن النّجّار: كان جوادًا ممدَّحًا إلّا أنّه كان زِنْديقًا، فاسد الاعتقاد. وكان أبو إسحاق الزّجّاج مؤدّبه، فنال في وزارته منه مالًا جزيلًا. كان يقضي أشغالًا كبارًا عنه، فيأخذ عليها، حتّى حصّل نحوًا من أربعين ألف دينار. وقد أعطاه في دفعة واحدة ثلاثة آلاف دينار. لم يُكمل القاسم ثلاثًا وثلاثين سنة، لا رحمه الله، فقد كان لعينًا قَالَ الصُّوليّ: ثنا شاذي المُغَنّي قَالَ: كنت يومًا عند القاسم بن عُبَيْد الله وهو يشرب، فدخل ابن فِراس، فقرأ عليه شيئًا من عهد أزْدَشير، فأعجب القاسم، فَقَالَ له ابن فِراس: هذا واللهِ، وأومأ إليّ، أَحْسَنُ مِنْ بقرة هؤلاء وآل عِمْرانهم. وجعلا يتضاحكان. وقال الصُّوليّ: نا ابن عَبْدُون: حدَّثني الوزير عبّاس بن الحَسَن قَالَ: كنت عند القاسم بن عُبَيْد الله، فقرأ قارئ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] فَقَالَ ابن فِراس: بنقصان "يا" فوثبت فزِعًا، فرآني الوزير وغَمزه، فسكت. الصُّوليّ: نا عليّ بن العبّاس النُّوبَخْتيّ قَالَ: انصرف ابن الرُّوميّ الشّاعر من عند القاسم بن عُبَيْد الله، فَقَالَ لي: ما رأيت مثل حُجّة أوردها اليوم الوزير في قِدَم العالم. وذكر أبياتًا. قلت: فهذه الأمور دالّة على خِلالِ هذا المغتر.

348- القاسم بن محمد بن حمّاد الكوفيّ الدّلّال1. عن: أبي بلال الأشعريّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، والخالديّ، وابن عُقْدَةَ. وهو ضعيف. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين، وقيل: سنة تسعٍ. ومن شيوخه قُطْبَةُ بن العلاء، ومُخَوّل. 349- قنبل. مُقْرِئ أهل مكّة2. هو أبو عُمَر محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن خالد بن سعيد بن جُرْجة المخزوميّ المكّيّ. وُلِد سنة خمس وتسعين ومائة. وقرأ على: أبي الحَسَن أحمد بن محمد النّبّال القوّاس صاحب أبي الإخريط، وَخَلَفَهُ في الإقراء بعد موته. وله رواية عن: أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي بَرَّة أيضًا. وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالحجاز. قرأ عليه خلق منهم: أبو بكر بن مجاهد، وأبو ربيعة محمد بن إسحاق، وإبراهيم بن عبد الرّزّاق الأنطاكيّ عرض الحروف فقط، وأبو الحَسَن بن شَنَبُوذ، وأبو بكر محمد بن عيسى الجصّاص، وأبو بكر بن موسى الهاشمي النَّرْسي، ونظيف بن عبد الله. وإنّما لُقِّب قُنْبُلًا لاستعمالهِ دواءً يُقال له قُنْبِيل يُسْقى للبقر. فلمّا أكثر من استعماله عُرِف به، ثم خُفِّفَ، وقيل قُنْبُل. وقيل: بل هو من قوم مكّة يقال لهم: القُنابلة. وكان قُنْبُل قد ولي الشرطة وإقامة الحدود بمكّة، وطال عُمره وضعُف، وقطع الإقراء قبل موته بسبعة أعوام.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 266". 2 البداية والنهاية "11/ 99"، غاية النهاية "2/ 165".

تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 350- قيس بن مسلم البخاري الأزرق1. عَنْ: عليّ بْن حُجْر، وعليّ بْن خَشْرَم. وعنه: ابن مَخْلَد، والطَّبَرانيّ، وغيرهما. "حرف اللام": 351- اللَّيْث بن غَشُوم. أبو الحارث المصريّ. روى عن: يحيى بن بُكَيْر، وغيره. وتُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين ومائتين. "حرف الميم": 352- محمد بن أبان. أبو مسلم المَدِينيّ الأصبهانيّ. ثقةُ مكْثِر2. سمع: إسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ، وسليمان الشّاذكونيّ. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ، وجماعة. وكان أحد الفقهاء. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 353- محمد بن إبراهيم بن سعيد3. الإمام أبو عبد الله العَبْديّ، الفقيه المالكيّ البوشَنْجيّ. شيخ أهل الحديث في زمانه بنَيْسابور. رحل وطوّف وصنّف. وسمع: يحيى بن بُكَيْر، ويوسف بن عديّ، ورَوْح بن صلاح، وجماعة بمصر. ومحمد بن سِنان العَوفيّ، وأُمية بن بِسْطام، ومسدِّدًا، وعبد الله بن محمد بن أسماء، ومحمد بن المِنْهال الضّرير، وعُبَيْد الله بن عائشة، وهُدْبة بْن خالد بالبصرة. وإسماعيل بن أُوَيْس، وإبراهيم بن حمزة، وجماعة بالمدينة؛ وسعيد بن منصور

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 270". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 49"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 234". 3 الجرح والتعديل "7/ 187"، والمنتظم "6/ 48"، وتهذيب "9/ 1008"، وتقريب التهذيب "2/ 140".

بمكّة؛ وأحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وجماعة بالكوفة؛ وسليمان ابن بنت شُرَحْبيل، وجماعة بدمشق؛ وأبا نصر التّمّار، وطبقته ببغداد. ذكره السُّليمانيّ فَقَالَ: أحد أئمّة أصحاب مالك، ثمّ سمّى شيوخه. وعنه: محمد بن إسحاق الصَّغانيّ، ومحمد بن إسماعيل البخاريّ وهما أكبر منه، وابن خُزَيْمَة، وأبو العبّاس الدّغُوليّ، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، وأبو بكر أحمد بن إسحاق الصِّبْغيّ، ودَعْلَج، ويحيى بن محمد العَنْبريّ، وإسماعيل بن نُجَيْد، وخلْق كثير آخرهم موتًا أبو الفوارس أحمد بن محمد بن جمعة المُتَوَفَّى سنة ستٍّ وستين وثلاثمائة. قَالَ دَعْلَج: حدَّثني فقيه من أصحاب داود بن عليّ أنّ أبا عبد الله دخل عليهم يومًا، وجلس آخر النّاس. ثمّ إنّه تكلم مع داود، فأُعجب به وقال: لعلّك أبو عبد الله البُوشَنجيّ؟ قَالَ: نعم. فَقَامَ إليه وأجلسه إلى جنبه، وقال لأصحابه: قد حضركم من يُفيد ولا يستفيد. وقال يحيى العَنْبريّ: شهدت جنازة الحسين القَبَّانيّ، فصلى عليه أبو عبد الله البُوشَنْجيّ، فلمّا أراد الانصراف قُدِّمت دابَّته، وأخذ أبو عَمْرو الخَفّاف بِلِجَامه، وأخذ ابن خُزَيْمة برِكابه، وأبو بكر الجاروديّ، وإبراهيم بن أبي طالب يُسَوّيَان عليه ثيابه، فمضى ولم يكلِّم واحدًا منهم. وقال ابن حمدان: سمعت ابن خزَيْمة يقول: لو لم يكن في أبي عبد الله من البُخْل بالعِلم ما كان، ما خرجت إلى مصر. وقال منصور بن الهَرَويّ: صحّ عندي أنّ اليوم الّذي تُوُفّي فيه البوشنجيّ سُئِل ابن خُزَيْمة عن مسألةٍ، فَقَالَ: لا أُفتي حتَّى يُوَارَى أبو عبد الله لَحْدَه. وقال أبو النَّضْر محمد بن محمد الفقيه: سمعت أبا عبد الله البُوشَنجيّ يقول: مَنْ أراد الفِقْه والعِلم بغير أدب، فقد اقتحم أن يكذب على الله ورسوله. قلت: وكان أبو عبد الله إمامًا في اللُّغة وكلام العرب. قَالَ أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبا بكر بن جعفر: سمعت أبا عبد الله البُوشَنْجيّ يقول لِلْمُسْتَمْلي: الزَم لفظي.

وقال: سمعت أبا بكر محمد بن جعفر: سمعت أبا عبد الله البُوشنجيّ يقول: عبد العزيز بن محمد الأندراوَرْديّ. وقال عبد الله بن الأخرم: سمعت أبا عبد الله البُوشَنْجيّ غير مرة يقول: ثنا يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر، وذكر بملء الفم. وقال أبو عبد الله: ثنا أبو جعفر النُّفَيْليّ، ثنا عِكْرِمة بن إبراهيم قاضي الرَّيّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بن طلحة قَالَ: ما رأيت أحدًا أخطب ولا أعرب من عائشة. وقال الحاكم: ثنا محمد بن أحمد بن موسى الأديب: ثنا أبو عبد الله البُوشَنْجيّ: ثنا عبد الله بن يزيد الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: رأيت في المقسلاط صَنَمًا من نُحاس، إذا عطش نزل فشرب. فسمعت البُوشَنْجيّ يقول: ربّما تكلمت العلماء بالكلمة على المعارضة، وعلى سبيل تفقدهم علوم حاضريهم، ومقدار أفهامهم، تأديبًا لهم، وامتحانًا لأوهامهم. هذا عبد الرحمن وهو أحد علماء الشام، وله كُتُب في العلم قال: رأيت على المقسلاط، وهو موضع بدمشق، وهو سوق الرَّقيق، قَالَ: رأيت عليه صَنَمًا، وهو عامود طويل، إذا عطش نزل فشرب، يريد أنّه لا يعطش. ولو عطش نزل، يريد أنّه لا ينزل. فهو ينفي عنه النُّزُولَ والْعَطَشَ. وقال أبو زكريّا العَنْبريّ: سمعت أبا عبد الله البُوشَنْجيّ يقول: محمد بن إسحاق بن سيّار عندنا ثقة. قَالَ الحاكم: كان والد أبي زكريّا قد تكفّل بأسباب أبي عبد الله البُوشَنجيّ، فسمع منه أبو زكريّا الكثير وقال: قَالَ لي مرّة: أحسنت. ثمّ التفت إلى أبي فَقَالَ: قد قلت لابنك أحسنت، ولو قلت هذا لأبي عُبَيْد لَفَرِح. وقال الحَسَن بن يعقوب: كان مُقام أبي عبد الله بنَيْسابور على اللَّيْثيّة، فلمّا انقضت أيّامهم خرج إلى بُخارَى، إلى حضرة إسماعيل الأمير، فالتمس منه بعد أن أقام عنده بُرْهةً أنْ يكتب أرزاقه بنَيْسابور. وقال الحاكم: سمعت الحسين بن الحسن الطُّوسيّ: سمعت أبا عبد الله البوشنجي يقول: أخذت من الليثية سبعمائة ألف درهم.

وقال دعلج: سمعت أبا عبد الله يقول، وأشار إلى أبي بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيْمة فَقَالَ: محمد بن إسحاق كيس، ولا أقول هذا لأبي ثور. وقال محمد بن يعقوب بن الأخرم الحافظ: روى البخاريّ، عن أبي عبد الله البوُشَنْجيّ حديثًا في "الصّحيح". قُلْتُ: فِي "الصَّحِيحِ" لِلْبُخَارِيِّ: ثنا محمد، نا النُّفَيْلِيُّ، فإنْ لَمْ يَكُنْ البُوشَنْجِيَّ وَإِلا فَهُوَ محمد بْنُ يحيى، والأغلب أنه البوشنجي في تفسير سورة البَقَرة. فإن الحديث بعَينه رواه الحاكم عن أبي بكر بن أبي نصر: نا البُوشَنجيّ، نا النُّفَيْليّ: ثنا مسكين بن بُكَيْر: ثنا شُعْبة، عن خالد الخُزَاعيّ الأصغر، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وهو ابن عمر: أنها نسخت {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} [البقرة: 284] الآية. وقال الحاكم: ثنا الأصم، ثنا الصَّغَانيّ: أخبرني محمد بن إبراهيم، ثنا النُّفَيليّ، فذكر حديثًا. ثم قال الحاكم: ثناه محمد بن جعفر، ثنا البُوشَنْجيّ وقال: ثنا عنه بسَرْخَس: عبد الله بن المغيرة المُهَلَّبيّ؛ وبمَرْو: محمد بن أحمد بن حاتم، وجماعة؛ وبِتِرْمِذ: أبو نصر محمد بن محمد؛ وبِبُخارَى: أحمد بن سهل الفقيه؛ وبسَمَرْقَنْد: عبد الله بن محمد الثّقفيّ؛ وبنَسْف: أحمد بن جمعة. قلت: وقد وقع لي حديثه عاليًا: أَخْبَرَنِي محمد بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، وَأَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ كِنْدِيٍّ، قِرَاءَةً عَنِ الْمُؤَيَّدِ الطُّوسِيِّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيَّ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ الْهَرَوِيِّ، أَنَّ تَمِيمًا الْمُؤَدِّبَ أَخْبَرَهُ عَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي الْقَاسِمِ أَخْبَرَهَا قَالَ: أَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ الزَّاهِدُ سنة أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَثَلاثِمِائَةٍ: ثَنَا محمد بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، ثَنَا رَوْحُ بْنُ صَلاحٍ الْمِصْرِيُّ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْحَسَدُ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَقَامَ بِهِ، وَأَحَلَّ حَلالَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا، فَوَصَلَ رَحِمَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ، تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ. وَمَنْ يَكُنْ فِيهِ أَرْبَعٌ فَلا يَضُرُّهُ مَا زَوَى عَنْهُ مِنَ الدُّنْيَا: حُسْنُ خَلِيقَةٍ، وَعَفَافٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحِفْظُ أَمَانَةٍ". تُوُفّي أبو عبد الله في غرّة المُحَرَّم سنة إحدى وتسعين، ودُفِن من الغد؛ ومولده سنة أربعٍ ومائتين.

354- محمد بن إبراهيم بن سعد بن قُطْبَةَ. أبو عبد الله القَيْسيّ النَّيْسابوريّ. سمع: يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهَوَيْه، وجماعة. وعنه: أحمد بن أبي عثمان الحِيريّ، وغيره. تُوُفّي سنة إحدى أيضًا؛ وقد تردَّد أيضًا إلى أحمد بن حرب الزّاهد. 355- محمد بن إبراهيم بن شبيب. أبو عبد الله الأصبهاني العسّال1. سمع: إسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ، وحبّان بن بشْر القاضي، ومحمد بن المغيرة. وعنه: أبو الشَّيْخ، وأبو أحمد العسّال، وأحمد بن بُنْدار، والطَّبَرانيّ، وغيرهم. وكان أحد الثّقات ببلده. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. وَقَالَ أبو عبد الله بْنُ مَنْدَهْ: حَدَّثَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرٍو الْبَجَلِيِّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ". 356- محمد بن إبراهيم بن بُكَيْر بن حبيب الطَّيَالِسيّ2. عن: أبي الوليد الطَّيَالِسيّ، وغيره. وعنه: الحسين بن أحمد السَّرِيّ، والطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. 357- محمد بن إبراهيم بن خليل الفقيه. أبو عبد الله مفتي هَمَدان وعالمها. وروى عن: أحمد بن بُدَيْل، وإبراهيم بن أحمد بن يعيش. وعنه: موسى بن سعيد الفرّاء، وأحمد بن محمد بن صالح، وآخرون. تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 358- محمد بن إبراهيم بن سعيد الأصبهانيّ الوشّاء3. عَنْ: طالوت بْن عَبَّاد، وعبد الواحد بْن غياث، وجماعة. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيخ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين، وهو صدوق.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 51". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 34". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 49".

359- محمد بن أحمد بن البراء1. القاضي أبو الحَسَن العَبْديّ البغداديّ. سمع: عليّ بن المَدِينيّ، وَخَلَفَ بن هشام، والمعَافَى بن سليمان، وجماعة. وعنه: عثمان بن السّمّاك، وابن قانع، والطَّبَرانيّ، وعبد الرحمن والد المخلّص، ومحمد بن إسحاق بن أيّوب، ومحمد بن عليّ بن سهل الأصبهانيان، وآخرون. وقرأ على خَلَف وهشام ختمات؛ وأقرا فَعَرَض عليه: أحمد بن محمد الدّيباجيّ، وعلي بن سعيد، وعثمان بن السّمّاك، وأبو بكر النّقّاش. وثّقه الخطيب. ومات في شوّال سنة إحدى وتسعين ومائتين. 360- محمد بن أحمد بن عياض2. أبو عُلاثَة المصريّ. عن: محمد بن رُمْح، وحَرْمَلة. وعنه: على بن محمد المصريّ، والطَّبَرانيّ، ومحمد بن أحمد الصّفّار، وحُمَيْد بن يونس، وجماعة. وتفرد عن أبيه أبي غسّان أحمد بن عِياض بن أبي طيبة بما يُنْكَر. وروى أيضًا عن: عبد الله بن يحيى بن مَعْبَد المراديّ، ومكّيّ بن عبد الله الرُّعَيْنيّ، ومحمد بن سَلَمة المُراديّ. كنّاه الطَّبَرانيّ، وابن يونس. مات من ضرب الدّولة في رمضان سنة إحدى وتسعين؛ شهد عليه عَوَامُّ بأمورٍ، ثمّ تبيّن أنّه مظلوم. وكان بارعًا في الفرائض. 361- محمد بن أحمد بن النَّضْر3. أبو بكر البغداديّ النَّضْريّ الأزْدي. سمع: جدّه معاوية بن عمرو الأزْديّ، والقَعْنَبيّ، وأبا غسان النهدي، وسَعْدُوَيْه، وابن الأصبهاني. وعنه: ابن صاعد، وأبو بكر النّجّاد، والشّافعيّ، وأبو سهل القطّان، والطَّبَرانيّ، وخلْق. وعاش خمسًا وتسعين سنة. وثّقه عبد الله بن أحمد بن حنبل. ومات في صَفَر سنة إحدى أيضًا.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 13"، وتاريخ بغداد "1/ 281"، والمنتظم "6/ 47". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 554"، ولسان الميزان "5/ 57". 3 تاريخ بغداد "2/ 364"، والمنتظم "6/ 47".

362- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سليمان1. أبو العبّاس الهَرَويّ الفقيه الحافظ. رحل إلى الشّام، وسمع: أبا عُمَيْر عيسى بن النّحّاس، وموسى بن عامر، والهيثم بن مروان، وأبا حفص الفلّاس، وطبقتهم. وعنه: شيوخ أصبهان عبد الرحمن بن سِياه، وأحمد بن بُنْدار، وأبو الشّيخ، ومحمد بن إسحاق بن أيّوب، وغيرهم. وله تصانيف. مات ببَرُوجِرْد سنة اثنتين وتسعين ومائتين. 363- محمد بن أحمد داود2. أبو بكر المؤَدّب. عن: أبي كامل الجحدريّ، وهشام بن عمّار، وجماعة. وعنه: محمد بن مَعْمَر الأصبهانيّ، وأبو القاسم الطبراني. توفي سنة أربع وتسعين. وقال الدّارَقُطْنيّ: لا بأس به. 364- محمد بن إبراهيم بن حمدون3. أبو الحَسَن الكوفيّ الخزّازّ. سمع: أبا كُرَيْب، وعيسى بن الْجَهْم، وجماعة. وعنه: أبو محمد بن ماسي، وعثمان بن أحمد الرّزّاز. تُوُفّي سنة سَبْعٍ وتسعين. 365- محمد بن أحمد بن نصر الفقيه4. أبو جعفر التِّرْمِذيّ، شيخ الشّافعية بالعراق. قَالَ ابن شُرَيْح: رحل وسمع: يحيى بن بُكَيْر، ويوسف بن عديّ، وإبراهيم بن المنذر الحِزَاميّ و" ... "5 إبراهيم بن الطيبي القواريري، وطبقتهم، وتفقه على أصحاب الشافعي، وهو صاحب "ذلك"6 المذهب.

_ 1 العبر "2/ 94"، ومرآة الجنان "2/ 221". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 19"، وتاريخ بغداد "1/ 301". 3 تاريخ بغداد "1/ 399". 4 البداية والنهاية "11/ 107"، وتاريخ بغداد "1/ 365"، والمنتظم "6/ 80". 5 بياض في الأصل. 6 بياض في الأصل.

روى عنه: عبد الباقي بن قانع، وأحمد بن كامل، وأحمد بن يوسف بن خلّاد، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ. وكان إمامًا قُدْوة، زاهدًا ورعًا، قانعًا باليسير، كبير القدر. قال الدارقطني: ثقة مأمون. حكى أبو إسحاق إبراهيم بن السَّرِيّ الزَّجّاج أنّه كان يُجْري عليه في الشَّهْر أربع تمرات. قَالَ: وكان لا يسأل أحدًا شيئًا. وقال محمد بن موسى بن حمّاد: أخبرني أنّه تَقَوَّت بضعة عشر يومًا بخمس حبّاتٍ وقال: لم أكن أملك غيرها، فاشتريت بها لِفْتًا، وكنت "آكل كلَّ يومٍ واحدة"1. وقال الإمام أبو زكريّا النَّوَويّ: أبى أبو2 جعفر الْجَزْم بطهارة شِعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ خالف في هذه المسألة جمهور الأصحاب. قلت: يجب على كلّ مسلم الاعتقاد بطهارة رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ لمّا حلق رأسه "فرّق"3 شَعْرَه "الطاهر"4 المطهَّر على أصحابه، ولم يكن ليفرّق عليهم شيئًا نجِسًا. قَالَ أحمد بن عثمان "السِّمسار والد أبي"5 حفص: حضرت عند أبي جعفر التِّرْمِذيّ، فسُئِل عن حديث "إن الله تعالى ينزل إلى سماء 6 الدُّنيا" فالنُّزول كيف يكون يبقى فوقه عُلُوّ؟ فَقَالَ: النُّزول معقول، والْكَيْفُ مجهولُ، والإيمان به واجب، والسُّؤال عنه بِدْعة. قَالَ أحمد بن كامل: لم يكن للشّافعية بالعراق أرأس منه ولا أورع، ولا أكثر تقللًا.

_ 1 بياض في الأصل. مستدرك من تاريخ بغداد "1/ 366". 2 في الأصل "أبا". 3 في الأصل بياض. 4 في الأصل بياض. 5 في الأصل بياض. مستدرك من تاريخ بغداد "1/ 365". 6 في الأصل بياض. مستدرك من تاريخ بغداد.

توفي أبو جعفر -رحمه الله- في المحرَّم سنة خمسٍ وتسعين، وقد أكمل أربعًا وتسعين سنة. ونُقِل أنّه اختلط بآخره. 366- محمد بن أحمد بن بالويه. أبو العبّاس النَّيْسابوريّ، صدر محشم يُلَقَّب: عصيدة. حدَّث عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وغيره. وروى الحديث عنه جماعة. تُوُفّي سنة ستٍّ وتسعين. 367- محمد بن أحمد بن خُزَيْمة. أبو مَعْمَر البصْريّ. تُوُفّي بمصر سنة ستٍّ أيضًا. وروى عنه: أبو سعيد بن يونس. 368- محمد بن أحمد بن الضّحّاك. أبو بكر الْجَدَليّ إمام جامع دمشق، وابنه إمام جامع دمشق. روى عن: هشام بن عمّار، ومحمد بن رُمْح المصريّ، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بنٍّ هارون، وأبو أحمد بن النّاصح المفسّر. بقي إلى سنة ستٍّ وتسعين. 369- محمد بن أحمد بن أبي خَيْثَمة زُهَيْر بن حرب1. الحافظ أبو عبد الله ابن الحافظ أبي بكر ابن الحافظ أبي خَيْثَمَة النَّسَائيّ ثمّ البغداديّ. سمع: أباه، ونصر بن عليّ الْجَهْضَميّ، وعَبّاد بن يعقوب الرَّوَاجِنيّ، وأبا حفص الفلّاس، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن كامل، وابن مُقْسم، والطَّبَرانيّ، وغيرهم. قَالَ ابن كامل: أربعة كنت أحب بقاءهم: أبو جعفر الطَّبَريّ، ومحمد بن البربريّ، وأبو عبد الله بن أبي خَيْثَمة، والمَعْمَريّ، فما رأيت أحفظ منهم. وقال الخطيب: كان أبوه أبو بكر يستعين به في عمل التّاريخ.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 117"، والمنتظم "6/ 113"، المعجم الصغير للطبراني "2/ 16".

ومات في ذي القعدة سنة سبعٍ وتسعين. 370- محمد بن أحمد بن يحيى بن قضاء، بالقاف. أبو جعفر البصّريّ الْجَوْهريّ. عن: هُدْبة بن خالد، وعبد الواحد بن غياث، وجماعة. وعنه: أبو بكر الإسماعيليّ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو الطَّاهر الذُّهَليّ قاضي مصر. وربّما نسبوه إلى جدّه، فقيل: محمد بن قضاء الْجَوْهريّ الرّاوي عن سليمان الشَّاذكونيّ، وغيره. أمّا: محمد بن فَضاء، بالفاء، فقد مرّ في عَشْر السّتّين ومائة. 371- محمد بن أحمد بن كَيْسان1. أبو الحَسَن البغداديّ النَّحْويّ. أخذ عن: البصْريّ، والكوفيين، وبرع في العربية وصنّف التّصانيف. وكان أبو بكر بن مجاهد المقرئ يقول: هو أنحى من الشيخين، يعني: ثعلبًا، والمبرَّد2. وصنّف كتاب "غريب الحديث"، وكتابًا في القراءات، وكتاب "الوقف والابتداء"، وكتاب "المهذَّب في النَّحْو"، وغير ذلك. وتُوُفّي في ذي القعدة سنة تسعٍ وتسعين. قَالَ ابن بُرْهان: قصدت ابن كَيْسان لأقرا عليه كتاب سِيبَويْه، فقال: اذهب به إلى أهله. يعني الزَّجّاج، وابن السّرّاج. 372- محمد بن أحمد بن جعفر بن أبي جميلة3. أبو العلاء الذُّهَليّ الوَكِيعيّ الكوفيّ. نزل مصر. سمع: عاصم بن عليّ، وعليَّ بنَ الْجَعْد، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن الصباح الدولابي، وعلي بن المديني، وأحمد بن صالح المصري، وطبقتهم.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 117"، والمنتظم "6/ 114"، وتاريخ بغداد "1/ 235". 2 المنتظم "6/ 114". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 138"، وتهذيب التهذيب "9/ 21"، وتقريب التهذيب "2/ 142"، والنجوم الزاهرة "3/ 181".

روى عنه: أبو سعيد بن يونس وقال: كان ثقة ثبتًا، وحمزة الكِنانيّ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، والحسن بن رشيق، وعبد الله بن عديّ الحافظ، والحسين بن الأخضر الأُسْيُوطيّ، ومحمد بن عبد الله بن حيّوَيْه صاحب النَّسائيّ، وأبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعْبان القُرْطُبيّ، وأبو بكر محمد بن عليّ التِّنِّيسيّ، وجماعة. تُوُفّي في جمادى الآخرة سنة ثلاثمائة، وعاش ستًّا وستّين سنة. 373- محمد بن أحمد بن عبد الله العبيدي المصريّ. عُرِف بابن العُرَيْنيّ. عن: زُهير بن عَبّاد. وعنه: حمزة في "مجلس البطاقة". وتُوُفّي في ربيع الآخر سنة ثلاثمائة. 374- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد. أبو عبد الله بن كَيْسان الواسطيّ. سمع: عبد الرحمن بن إبراهيم دُحَيْمًا، وأحمد بن صالح، والعلاء بن مسلم. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ، وأبو محمد بن السّقّا، وأبو بكر الإسماعيليّ، وغيرهم. 375- محمد بن أحمد بن خالد الزُّرَيْقيّ البصْريّ. عن: عبد الله بن مَسْلَمَة القَعْنَبيّ. وعنه: هلال بن محمد، وعبد الله بن عديّ الحافظ. 376- محمد بن أحمد بن مهديّ1. أبو عُمارة البغداديّ. عن: أبي بكر بن أبي شيبة، ولُوَيْن. وفي حديثه مناكير. روى عنه: ابن السّمّاك، وأبو بكر الشّافعيّ، ودَعْلَج. ضعّفه الدّارَقُطْنيّ جدًّا2. 377- محمد بن أحمد بن المُثَنَّى. أبو عبد الله النَّيْسابوريّ الحافظ. سمع: ابن راهَوَيْه، ومحمد بن إبراهيم بن الفُضَيْل، والفلّاس، وعبد الجبّار بن العلاء، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن إسحاق بن إبراهيم.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 360". 2 تاريخ بغداد "1/ 361".

378- محمد بن أحمد بن سُفْيان التِّرْمِذيّ. عن: عُبَيْد الله القواريريّ، وغيره. 379- محمد بن إسحاق بن أَعْيَن1. أبو ربيعة الرّبْعيّ المكّيّ المؤذّن بالمسجد الحرام، المقرئ. قرأ على: البزّيّ، وقُنْبُل. وصنَّف قراءة ابن كثير. وكان من جِلَّة المقرئين. أقرأ في حياة شيخيه. عرض عليه: محمد بن الصّبّاح، ومحمد بن عيسى بُنْدار، وعبد الله بن أحمد البلْخيّ، وإبراهيم بن عبد الرّزّاق، ومحمد بن الحَسَن النّقّاش، وآخرون. وقال ابن بُنْدار: مات في رمضان سنة أربعٍ وتسعين. 380- محمد بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيم الْبَيْهَقِيُّ. أبو العبّاس الزاهد. عن: محمد بن حُمَيْد، وأحمد بن منيع. وعنه: أبو حامد الخطيب، ومحمد بن محمد الْجُرْجانيّ، وجماعة. 381- محمد بن إسحاق المستملي النَّيْسابوريّ. عُرِفَ بالمسوّف. سمع: إسحاق بن أبي شيبة، وطبقته. وعنه محمد بْن صالح بْن هانئ، وأبو الفضل بن إبراهيم. 382- محمد بن إسحاق بن الصّبّاح النَّيْسابوريّ التّاجر. عن: ابن راهَوَيْه، وعَمْرو بن زُرَارة. وعنه: ابن الأخرم، ومحمد بن صالح بن هانئ، وقاسم بن غانم. 383- محمد بن أحمد بن عَبْدُوس2. أبو عبد الملك الربعي، الصوري. عن: إِبْرَاهِيم بْن هشام الغسّانيّ، وصَفْوان بْن صالح، وسُليمان ابن بِنْت شُرَحْبيل. وعنه: أبو علي بن هارون الأنصاري، والطبراني، وابن عدي.

_ 1 غاية النهاية "2/ 99". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 41".

384- محمد بن أسد بن يزيد1. الزَّاهد المُعَمَّر أبو عبد الله المَدِينيّ الأصبهانيّ. سمع: مجلسًا من أبي داود الطَّيَالِسي، وتفرّد في الدُّنيا بالسَّماع منه. وروى حديثًا واحدًا عن هزيمة بن عبد الأعلى. وعاش نحو المائة أو جاوزها، وَأُقْعِدَ. وكان ممّن طال عمره وحسُن عمله. وقيل: كان مُجاب الدَّعوة. روى عنه: أبو أحمد العسّال، والطَّبَرانيّ، وأحمد بن بُنْدار، وأبو الشَّيخ. وتُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. وهو ممّن عاش بعد تاريخ سماعه تسعين سنة، وَهُمْ قليل. قَالَ أبو عبد الله بن مَنْدَه: محمد بن أسد الأصبهانيّ، حدَّث عن الطَّيَالِسيّ بمناكير. 385- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد المَرْوَزِيّ2. القاضي أبو الحَسَن بن راهوَيْه. سمع: أباه، وعلي بن حُجْر وأحمد بن حنبل، وعلي بن المَدِينيّ، وأبا مُصْعَب، وطائفة. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وابن قانع، وأحمد بن خُزَيْمة، وأحمد بن جعفر بن مسلم، وسليمان الطَّبَرانيّ. وكان من الفقهاء والعلماء. ولي قضاء مَرْو. ثم قضاء نَيْسابور. وقد تُوُفّي والده وهو غائب في الرّحلة. قَالَ أبو عبد الله بن الأخرم الحافظ: سمعته يقول: دخلتُ على أحمد بْن حنبل فَقَالَ: أنت ابن أبي يعقوب؟ قلت: نعم. قَالَ: أما إنّك لو لزِمْتَه كان أكثر لفائدتك. فإنك لن ترى مثله. يقول الحاكم إن أبا الحسن تُوُفّي بمَرْو، وهذا وهْم. فإنّ ابن المنادي، وابن قانع قَالَ: قَتَلَتْه القرامطة بطريق مكة سنة أربع وتسعين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 251"، وسير أعلام النبلاء "13/ 534". 2 الجرح والتعديل "7/ 169"، سير أعلام النبلاء "13/ 544"، والبداية والنهاية "11/ 102"، وميزان الاعتدال "3/ 476".

386- محمد بن إسحاق بن مَلَّة1. أبو عبد الله الأصبهانيّ المسوحيّ. سمع الكثير من: لُوَيْن، وطبقته. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشّيخ. 387- ومحمد بن إسحاق المسوحي2. آخر أَقْدَمُ من هذا. سمع: مسلم بن إبراهيم، وأبا الوليد، وعَمْرو بن مرزوق، والقَعْنَبيّ، وأبا سَلَمَةَ التَّبُوذكيّ، وسهل بن عثمان، وعدّة؛ وكان من الحُفّاظ المشهورين. روى عنه: ابن أبي حاتم وقال: هو صَدُوق. 388- محمد بن إسماعيل المقرئ الزّاهد3. أحد مشايخ الصُّوفيّة. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين ومائتين ودُفِن مع شيخه عليّ بن رَزِين الزّاهد الصُّوفيّ على طُور سَيْناء. 389- محمد بن إسماعيل بن مِهْران4. الحافظ أبو بكر الإسماعيليّ النَّيْسابوريّ لا الْجُرْجانيّ. سمع: إسحاق بن راهَوَيْه، وعبد الله بن الجرّاح، وهشام بن عمّار، وطبقتهم. وعنه: عبد الله بن صالح، وأبو عبد الله بن الأخرم، وجماعة. وكان له أحد أركان الحديث بنَيْسابور. له مصنَّفات مُجَوَّدة. قَالَ الحاكم: جمع حديث الزُّهْريّ وجَوَّده، وكذلك حديث مالك، ويحيى بن سعيد، وموسى بن عُقْبة. وبقي مريضًا ستّ سنين. عهِدْتُ مشايخَنا لا يصحّحون سماعَ مَنْ سَمِع منه في المرض، فإنه كان لا يقدر أن يحرِّك لسانه إلّا بلا. فكان إنْ قِيلَ له: كما قرأنا عليك، قَالَ: لا لا لا، ويحرك رأسه بنعم.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 222". 2 الجرح والتعديل "7/ 169". 3 المنتظم "6/ 113"، والبداية والنهاية "11/ 117". 4 سير أعلام النبلاء "14/ 117"، وميزان الاعتدال "3/ 485"، والعبر "2/ 103".

وأمّا عبد الله بن سعد، فحدَّثني أنّه كان ما يقدر أن يحرّك رأسه، وقال: لم يصحّ عنه إلّا حديث واحد، فإنّي قرأته عليه غير مرّة، إلى أن أشار بعينه إشارةً، فهمتها عنه أَنْ نعم. قَالَ الحاكم: تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين فِي ذي الحجة. 390- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عامر1. أبو بكر الرُّقّيّ التّمّار. سكن بغداد، وروى عن: أحمد بن سِنان الواسطي، والسري السقطي. وعنه: أبو عمرو بن السماك. بقي إلى بعد التّسعين ومائتين. 391- محمد بن إسماعيل التَّميمي الأصبهانيّ2. عن: إسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ، وغيره. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 392- محمد بن أسلم3. أبو عبد الله اللّارديّ4 الأندلسيّ. رحل وسمع: يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان الجيزي، ومحمد بن عزيز. تُوُفّي بالأندلس سنة خمسٍ وتسعين. 393- محمد بن أيّوب بن ضُرَيْس5. أبو عبد الله البَجَليّ الرازي. شيخ الري ومسندها. وله في حدود المائتين. وسمع: مسلم بن إبراهيم، والقعنبي، ومحمد بن كثير العَبْديّ، وموسى بن إسماعيل، وأبا الوليد، وطبقتهم. وعنه: ابن أبي حاتم ووثَّقه، وعلى بن شَهْريار، وأحمد بن إسحاق بن مِنْجاب الطّيّبيّ، وإسماعيل بن نُجَيْد، وعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي، وخلْق كثير.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 45". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 275". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 20". 4 في الأصل "الأزدي" هو تصحيف. 5 سير أعلام النبلاء "13/ 449"، والجرح والتعديل "7/ 198".

تُوُفّي في يوم عاشوراء سنة أربعٍ وتسعين بالرّيّ. وله كتاب "فضائل القرآن" في أربعة أجزاء سمعناه. وآخر من روى حديثه عاليًا أبو الرَّوْح الهَرَويّ، وكان ذا معرفة وحِفْظ، وعُلُوّ رواية. وقد أورد ابن عُقْدة وفاته في يوم عاشوراء سنة خمسٍ، والأوّل أصحّ. وثّقه الخليليّ، وقال: هو محدِّث. وجَده يَحْيَى، من أصحاب سُفْيان الثَّوريّ. 394- محمد بن بُنْدار بن سهل الأستراباذيّ. عن: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ. وعنه: أبو بكر الإسماعيليّ. وكان ثقة. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 395- محمد بن جعفر بن أَعْيَن1. أبو بكر البغداديّ. عن: عفّان، وعاصم بن أبي عليّ، وأبي بكر بن أبي شيبة. وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن عبد الله بن حَيَّوَة النَّيسابوريّ، وجماعة من المصريّين. وكان ثقة. قاله الخطيب. وتُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 396- محمد بن جعفر بن محمد2. أبو بكر الأمام الرَّبَعيّ الحنفيّ البغداديّ. نزيل دِمياط. سمع: إسماعيل بن أبي أويس، وأحمد بن يونس اليربوعي، وغيرهما، وعلي المَدِينيّ، وهذه الطبقة. وعنه: ن. وقال: ثقة، وأبو علي بن هارون، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر علي النقاش، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون. توفي سنة ثلاثمائة يوم عيد النحر. 397- محمد بن جعفر. أبو عمر الكوفي القتات3.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 85"، وسير أعلام النبلاء "13/ 566". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 90"، وسير أعلام النبلاء "13/ 568"، وتهذيب التهذيب "9/ 95"، وتقريب التهذيب "2/ 150". 3 سير أعلام النبلاء "13/ 567"، ميزان الاعتدال "3/ 501"، وتاريخ بغداد "2/ 192"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 23".

سمع: أبا نعيم، وأحمد بن يونس، وجماعة. وعنه: أبو بكر الشافعي، ومحمد بن عمر الجعابي، والحسن بن جعفر الخرقي السمسار، وسليمان الطبراني. قَالَ الخطيب: كان ضعيفًا، تكلّموا في سماعه من أبي نُعَيْم. تُوُفّي ببغداد في جمادى الأولى سنة ثلاثمائة. وهو أخو الحسين بن جعفر بن محمد بن حبيب. 398- محمد بن جُنَادة بن عبد الله الإلهانيّ الأندلسيّ الإشْبيليّ1. روى عن: يحيى بن يحيى، وعثمان بن أيّوب. ورحل فسمع من: أبي الطّاهر أحمد بن السَّرْح، وَسَلَمَةَ بن شبيب، ويونس بن عبد الأعلى. وولي قضاء إشبيلية، وطال عمره ورحلوا إليه. روى عنه: محمد بن قاسم، وغيره. تُوُفّي في سنة ستٍّ وتسعين. 399- محمد بن حاتم بن نُعَيْم المَرْوَزِيّ ثم المِصِّيصيّ2. عن: نُعَيْم بن حمّاد، وسُوَيْد بن نصر، وحيّان بن موسى، وإسحاق بن يونس المَرْوَزِيّين، ومحمد بن يحيى العَدَنيّ. وعنه: ن. وَالعَقِيلِيُّ، وابن عَدِيّ، والطبراني، وآخرون. وثقه النسائي. 400- محمد بن حامد بن السري. أبو الحسين المروزي خال السني. قدم دمشق وحدَّث بها عن: نصر بن عليّ الْجَهْضَمي، وأبي حفص الفلّاس، والحسن بن عَرَفة، وطبقتهم. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وعبد الله بن النّاصح. وكان ثقة. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. له كتاب في السنة وَقَعَ لنا.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 21". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 5"، وتاريخ بغداد "2/ 269"، تهذيب التهذيب "9/ 102"، وتقريب التهذيب "2/ 152".

401- محمد بن حبيب1. أبو عبد الله البزاز. عن: أحمد بن حنبل، وشجاع بن مَخْلَد. وعنه: الحَسَن بن أبي العنْبر، وغيره. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. وقد أثنى عليه أبو بكر الخلّال الحنبليّ، وروى عن رجل، عنه. وكان أحد الفقهاء. وآخر من روى عنه أبو جعفر بن ثرية الهاشميّ. 402- محمد بن الحسن. أبو الحسين الخُوارزميّ صاحب الفرس2. حدَّث بالموصل عن: يحيى بن هاشم السمسار، وعليّ بن الْجَعْد. وعنه: مُكْرَم القاضي، ويزيد بن محمد بن إياس وقال: فيه لِين. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. 403- محمد بن الحَسَن بن سماعة الحضرميّ الكوفيّ3. عن: أبي نُعَيْم. وعنه: محمد بن عمر الْجِعابي، وأبو بكر الإسماعيليّ، والحَسَن بن جعفر الرَّقّيّ، وجماعة. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ. قلت: تُوُفّي في جُمادَى الأولى سنة ثلاثمائة. وبينه وبين القبّاب في الوفاة أيّام. وهو أسن من القبّاب. 404- محمد بن الحَسَن بن الفَرَج الهَمْدانيّ4. عن: عبد الحميد بن عاصم، وكامل بن طلحة، وشيبان بن فَرُّوخ، وله مُسْنَد. وعنه: جعفر الخُلْديّ، والجِعَابي، وابن قانع، وعبد الرحمن بن عُبَيْد. وكان حافظًا نبيلًا.

_ 1 طبقات الحنابلة "1/ 293". 2 تاريخ بغداد "2/ 186". 3 تاريخ بغداد "2/ 188". 4 تاريخ بغداد "2/ 188".

405- محمد بن الحسين بن عُمارة النَّيْسابوريّ المقرئ. عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وغيره. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 406- محمد بن الحسين. أبو العبّاس البغدادي الأنماطيّ1. عن: سَعْدُوَيْه، ويحيى بن مَعِين. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وابن خلّاد النَّصِيبيّ، والطَّبَرانيّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 407- محمد بن الحسين بن حبيب القاضي. أبو حُصَيْن الوادعيّ الكوفيّ2. سمع: أحمد بن يونس، وجَنْدل بن وَالق، ويحيى الحِمّانيّ، وعَوْن بن سلّام، وطبقتهم. طال عُمره، وصنّف "المُسْنَد". روى عنه: عثمان بن السّمّاك، وأبو بكر النّجّاد، وجعفر بن محمد بن عَمْرو، وأبو بكر عبد الله الطّلْحيّ، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وطائفة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. ومات بالكوفة في رمضان سنة ستٍّ وتسعين. 408- محمد بن الحسين3. أبو عبد الله الأصبهانيّ الخُشُوعيّ الزّاهد، شيخ الوَرِعين والقرّاء. كتب الكثير من العلم، وروى اليسير. وعنه: أبو مسلم محمد بن بكر الغزّال، وعبد الرحمن بن محمد بن سِياه الواعظ. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: كانت العبادة حِرْفَتُه، والتَّلَذُّذ بالعَبْرة شَهْوَتُه، وله الكلام البليغ في تأديب النساك4.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 9"، وتاريخ بغداد "2/ 227"، والمنتظم "6/ 41". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 21"، وسير أعلام النبلاء "13/ 569"، والبداية والنهاية "11/ 110". 3 ذكر أخبار أصبهان "2 236"، وحلية الأولياء "10/ 406". 4 حلية الأولياء "10/ 406".

تخرَّج به أبو الحَسَن عليّ بن أحمد الأسواريّ، وأبو بكر محمد بن عُبَيْد الله بن المَرْزُبان الواعظ، ومن بعدهما. ثمّ ذكر شيئًا مِن مَوَاعِظه. 409- محمد بن حنيفة بن ماهان1. أبو حنيفة القَصَبيّ الواسطيّ. نزل بغداد وحدَّث. عن: خالد بن يوسف السَّمْتيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، ومحمد الباقَرْحيّ، وجماعة. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ: حدَّث سنة سبْعٍ وتسعين. 410- محمد بن حيان. أبو العبّاس المازنيّ البصْريّ. عن: عَمْرو بن مرزوق، وأبي الوليد، ومسدَّد، وجماعة. وعنه: فاروق الخطابي، ودَعْلَج، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وجماعة. 411- محمد بن خُشْنام. أبو بكر البلْخيّ. عن: قُتَيْبة بن سعيد. تُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 412- محمد بن داود بن بُنْدار. أبو عبد الله الفارسيّ. سمع: قُتَيْبَة بن سعيد، وغيره. وروى بجُرْجان. سمع منه: ابن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، ونُعَيْم بن عبد الملك، وآخرون. حدَّث سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وهو صدوق. 413- محمد بن داود بن الجرّاح2. أبو عبد الله. من سَرَوَات البغداديّين، وهو عمّ الوزير عليّ بن عيسى. كان كاتبًا عارفًا بالأخبار وأيّام النّاس ودُوَل الملوك، لَهُ في ذلك مصنَّفات. روى عن: عَمْر بن شَبَّة، وعُبَيْد الله بن سعْد الزُّهْريّ، وطبقتهما.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 296". 2 تاريخ بغداد "5/ 255"، والبداية والنهاية "11/ 110"، والعبر "2/ 104".

وعنه: عمر بن الحَسَن الأشْنانيّ القاضي، وسليمان الطَّبَرانيّ. وقُتل كما تقدّم مع ابن المعتزّ سنة ستٍّ. 414- محمد بن داود بن عليّ بن خَلَف1. الإمام البارع أبو بكر بن الإمام أبي سليمان الأصبهانيّ، ثمّ البغداديّ الظّاهريّ الفقيه الأديب، مصنِّف كتاب "الزّهْرة". يروى عن: أبيه، وعبّاس الدُّوريّ، وغيرهما. وعنه: نِفْطَوَيْه، والقاضي أبو عَمْرو محمد بن يوسف، وجماعة. وكان من أذكياء العالم. جلس للْفُتْيا بعد والده، وناظَرَ أبا العبّاس بن سُرَيْج. قَالَ القاضي أبو الحَسن الدّاوُديّ: لمّا جلس محمد بن داود للفتوى بعد وفاة والده استصغروه، فدسّوا عليه من سأله عن حَدِّ السُّكْر ما هو؟ ومتى يكون الإنسان سَكْران؟ فَقَالَ: إذا غَرُبَتْ عنه الهُموم، وباحَ بِسِرِّه المكتوم. فَاسْتُحْسِنَ ذلك منه. وقال محمد بن يوسف القاضي: كنت أساير محمد بن داود، فإذا بجارية تغني بشيء من شعره هو: أشكو غليل فؤاد أنت مُتْلِفُهُ ... شكوي عَليلٍ إلى إلفٍ يُعَلِّلُهُ سُقْمي تزيدُ مع الأيامِ كَثْرَتُهُ ... وأنت في عُظم ما أَلْقَى تُقَلِّلُه الله حرَّم قَتْلِي في الهوى سَفَهًا ... وأنت يا قاتِلِي ظُلْمًا تُحَلِّلُهُ2 وعن عبيد الله بن عبد الكريم قَالَ: كان محمد بن داود خصمًا لابن سُرَيْج، وكانا يتناظران ويترادَّان في الكُتُب، فلمّا بلغ ابنَ سُرَيْج موتُ محمد، نحَّى سجّاده وجلس للتعزية وقال: ما آسي إلّا على ترابٍ أكل لسان محمد بن داود3. وقال محمد بن إبراهيم بن سُكَّرَة القاضي: كان محمد بن جامع الصَّيْدلانيّ محبوب محمد بن داود ينفق على محمد بن داود، وما عُرِف معشوق يُنْفِقُ على معشوقه سواه4.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 109-116"، والبداية والنهاية "11/ 110"، والمنتظم "6/ 93". 2 تاريخ بغداد "5/ 258"، والمنتظم "6/ 94"، والبداية والنهاية "11/ 111". 3 تاريخ بغداد "5/ 259". 4 تاريخ بغداد "5/ 260".

ومن شِعره: حملتُ جبال الحبّ فوقي وإنّني ... لأعجز عن حمل القميص وأضعف وما الحبّ من حُسْن ولا من سَمَاجة ... ولكنه شيء به الرّوح تكلف وقال نِفْطَوَيْه النَّحْويّ: دخلت على محمد بن داود في مرضه، فقلت: كيف تجدك؟ قَالَ: حُبَّ من تعلم أورثني ما ترى. فقلت: ما منعك من الاستمتاع به. مع القدرة عليه؟ فَقَالَ: الاستمتاع على وجهين: أحدهما النَّظَر، وهو أورثني ما ترى. والثاني اللّذّة المحظورة، ومنعني منها مَا حَدَّثَنِي بِهِ أَبِي: ثَنَا سُوَيْدٌ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَفَعَهُ قَالَ: "مَنْ عَشِقَ وَكَتَمَ وَعَفَّ وَصَبَرَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ". ثمّ أنشدَنا لنفسه: أنْظُر إلى السِّحْر يجري في لَوَاحِظِه ... وانْظُر إلى دَعَجٍ في طَرَفِه السّاجي وانْظُر إلى شَعَراتٍ فوق عارِضِهِ ... كأنّهنّ نِمالٌ دَبَّ في عاجِ1 قَالَ نِفْطَوَيْه: ومات في ليلته أو في اليوم الثّاني. رواها جماعة عن نِفْطَوَيْه. قَالَ أبو زيد عليّ بن محمد: كنت عند ابن مَعِين، فذكرتُ له حديثًا سمعته عن سُوَيْد بن سعيد، فذكر الحديث المذكور. فَقَالَ: والله لو كان عندي فَرَسٌ لَغَزَوْتُ سُوَيْدًا في هذا الحديث2. تُوُفّي في رمضان سنة سبْعٍ وتسعين كَهْلًا. وقال ابن حزم: تُوُفّي عاشر رمضان، وله ثلاثٌ وأربعون سنة. قَالَ: وكان من أجمل النّاس وأكرمهم خُلُقًا، وأبلغهم لسانًا، وأنظفهم هيئة، مع الدِّين والوَرَع، وكل خلّة محمودة. مُحَبَّبًا إلى النّاس، حفظ القرآن وله سبْع سِنين، وذكر الرّجال بالأدب والشِّعر، وله عشر سِنين. وكان يشاهد في مجلسه أربعمائة محبرة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 262". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 113".

وله من التواليف: كتاب "الإنذار والأعذار"، و"النقض" في الفقه، وكتاب "الإيجاز"، مات ولم يكلمه، وكتاب "الانتصار من محمد بن جرير الطَّبَريّ"، وكتاب "الوصول إلى معرفة الأصول"، وكتاب "اختلاف مصاحب الصّحابة"، وكتاب "الفرائض والمناسك". رحمه الله. وقال أبو عليّ التّنُوخيّ: حدَّثني أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بن عَبْد الله بن البَخْتَريّ الدّاوديّ: حدَّثني أبو الحَسَن بن المُغَلِّس الداودي قال: كان محمد بن السَّرِيّ بن سهل: أبو بكر البزاز السامراني عن بشر بن الوليد وغيره ابن قانع والطبراني وكان ثقة توفي في سنة إحدى وتسعين بسامراء محمد بن داود، وابن سُرَيْج إذا حضرا مجلس أبي عمر القاضي لم يجرِ بين اثنين فيما يتفاوضانه أحسن ممّا يجري بينهما. فسأل أبا بكر حَدَثٌ من الشّافعية عن العَوْد المُوجِب للكَفّارة في الظِّهار، ما هو؟ فَقَالَ: إعادة القول ثانيًا، وهو مذهبه ومذهب أبيه. فطالبه بالدّليل، فشرع فيه. فَقَالَ ابن سُريج: هذا قولُ مَن مِن المسلمين؟ فاستشاط أبو بكر وقال: أتظنّ أنّ من اعتقدت قولهم إجماعًا في هذه المسألة، عندي إجماع؟ أحسنُ أحوالهم أن أعدهم خلافًا. فغضب وقال: أنت بكتاب "الزّهرة" أمهر منك بهذه الطّريقة. قَالَ: والله ما تُحسن تَسْتَتم قراءته، قراءة من يفهم، وإنه لمن أحد المناقب لي إذ أقول فيه: أكرّرُ في رَوْض المحاسن مُقْلَتي ... وأمنع نفْسي أن تنال مُحَرَّمًا وَيَنْطِقُ سِرّي عن مُتَرْجَم خاطري ... فَلَوْلا اخْتلاسي ردَّه لَتَكَلَّما رأيت الهوى دعْوى من النّاس كلِّهِم ... فما إنْ أرى حُبًّا صحيحًا مُسلَّما فَقَالَ ابن سُرَيْج: فأنا الّذي أقول: ومشاهدٍ بالغُنْج من لحَظَاته ... قد بِتُّ أمنعُهُ لَذيذَ سُباتِهِ ضَنًّا بحُسْن حديثه وعِتابِهِ ... وأكرّر اللَّحَظَاتِ في وجَناته حتّى إذا ما الصُّبح لاح عَمُودُهُ ... وَلَّى بخاتم رَبِّه وبراتِهِ فَقَالَ أبو بكر: أيّد الله القاضي، قد أقرّ بحالٍ، ثمّ ادعى البراءة ممّا تُوجبه، فعليه البَيِّنَة.

قَالَ ابن سُرَيْج: مذهبي المُقِرُّ إذا أقرّ بصفة كان إقراره موكلًا إلى صفته1. وقد روى عن ابن البَخْتَريّ المذكور أيضًا: إسماعيل بن عبّاد، وكان قاضيًا عالمًا. 415- محمد بن داود بْن عُثْمَان بْن سعيد2. أَبُو عَبْد الله الصَّدَفيّ، مولاهم المصريّ. عن: أبي شَرِيك يحيى بن يزيد المِراديّ، ومحمد بن رُمْح، وجماعة. وعنه: حمزة الكِنانيّ، وسليمان الطَّبَراني. تُوُفّي في ربيع الأوّل سنة سبْعٍ أيضًا. 416- محمد بن داود بن مالك3. أبو بكر الشُّعَيْريّ الحافظ. عن: عبد الملك بن عبد ربّه، وهارون بن سُفيان المستملي. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وجماعة. مات بطريق مكّة سنة سبْعٍ أيضًا. 417- محمد بن رزين بن جامع4. أبو عبد الله الأمويّ، مولاهم العدْل المصريّ. عن: سعيد بن منصور، والهيثم بن حبيب، وسُفيان بن بِشْر، وإبراهيم بن المنذر الحِزاميّ، وأبي مُصْعَب الزُّهْريّ، وطائفة. وعنه: عليّ بن محمد الواعظ والطَّبَرانيّ، والحَسَن بن رشيق. 418- محمد بن رَوْح بن شِبْل. أبو الفضل المصريّ الْجَوْهريّ الأحوْل. روى عن: محمد بن رمْح، وجماعة. وعنه: ابن يونس وقال: مات في شوال سنة ثلاثمائة. 419- محمد بن السَّرِيّ بن سهل. أبو بكر البزاز السامري. عن: بشر بن الواليد وغيره.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 261". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 82"، وفيه "محمد بن داود بن أسلم". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 18"، وتاريخ بغداد "3/ 307". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 71".

وعنه ابن قانع والطَّبَرانيّ. وكان ثقة. تُوُفّي في سنة إحدى وتسعين بسامرّاء. 420- محمد بن السَّريّ بن سهل. أبو بكر القنطريّ1. عن: محمد بن بكّار بن الرَّيّان، وعثمان بن أبي شيبة. وعنه: أحمد بن جعفر بن سُلَيْم، ومَخْلَد بن جعفر، وجماعة. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 421- محمد بن السَّريّ بن مِهران النّاقد. بغداديّ، ثقة2. سمع: إبراهيم بن زياد، ويوسف بن موسى القطّان. وعنه: ابن قانع، والطَّبَرانيّ، وغيرهما. 422- محمد بن سعد بن مُقَرِّن3. أبو عبد الله الأصبهانيّ الْمُعَدَّلُ. سمع: سليمان الشّاذكُونيّ، وسهل بن عثمان العسكريّ، وأبا الرّبيع الزُّهْرانيّ. وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، ومحمد بن عُبَيْد الله بن المرزبان. حدث سنة ثلاثمائة. 423- محمد بن سعيد الطَّبَريّ الأزرق4. عن: هُدْبَةَ، وسُرَيج بن يونس، وغيرهما. قَالَ ابن عديّ: كان يضع الحديث. مات سنة تسعين. 424- محمد بن سعيد بن غالب الإفريقيّ. يروى عن: سَحْنُون بن سعيد الفقيه، وغيره. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 425- محمد بن سليمان بن حمّاد. أبو نصر الأسْتَرَاباذيّ: شيعيّ صَدُوق. رحل وروى عن: يونس بن عبد الأعلى، وطبقته. وعنه: أبو نُعَيْم بن عديّ، ومحمد بن إبراهيم بن زكرويه. مات سنة تسع وتسعين.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 318"، والمنتظم "6/ 114"، والكامل في التاريخ "8/ 67". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 16"، وتاريخ بغداد "5/ 318". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 250". 4 ميزان الاعتدال "3/ 565"، ولسان الميزان "5/ 177"، والمغني في الضعفاء "2/ 586"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 64".

426- محمد بن سليمان بن خالد النّيْسابوريّ. عن: عليّ بن حُجْر، ومحمد بن زُنْبُور المكّيّ. تُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين. 427- محمد بن سليمان بن تَلِيد1. أبو عبد الله المَعَافِريّ الأندلسيّ الوَشْقيّ. عن: سَحْنُون بن سعيد، ومحمد بن أحمد العُتْبيّ، وابن مَطْرُوح، وجماعة. وكان مُفْتيًا فاضلًا مالكيًا، إلا أنّه كان يذهب في الأشربة مذهب الكوفيّين. وولى قضاء مدّة. تُوُفّي سنة ستٍّ. 428- محمد بن سِنان بن سَرْج، بالجيم2. القاضي أبو جعفر الشَّيْزريّ. عن: عبد الوهّاب بن نَجْدَة، وهشام بن عمّار، وأبي نُعَيْم الحلبيّ، وجماعة. وقرأ بحرف شَيْبة بن نصاح، على عيسى بن سليمان الشّيرازيّ صاحب الكِسائيّ. قرأ عليه: أبو الحسن بن شَنَبُوذ، وإبراهيم بن عبد الرّزّاق الأنطاكيّ، ومحمد بن عبد الله الرّازيّ. وحدَّث عنه: ابنه إسماعيل، وأبو جعفر الطَّحَاويّ، وأبو علي بن هارون، وأبو القاسم الطبراني، وجماعة. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 429- محمد بن شُعَيب الأصبهانيّ التّاجر3. عن: عبد الرحمن بن سَلَمَةَ، وعبّاس بن إسماعيل، وأحمد بن إبراهيم الزَّمعيّ، والثلاثة لا أعرفهم. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو إسحاق بن حمزة، والطَّبَرانيّ، وأبو الشيخ. توفي سنة ثلاثمائة. 430- محمد بن شَيْبَة بن الوليد الدّمشقي. عن: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي دجانة، وجمح بن القاسم المؤذن.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 21". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 44"، وغاية النهاية "2/ 150". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 50"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 252".

431- محمد بن صالح بن يونس النَّيْسابوريّ. عن: إسحاق بن راهويه، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة. 432- محمد بن الصّبّاح النَّيْسابوريّ الخيّاط1. عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وبِشْر بن الحَكَم. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 433- محمد بن طاهر بن الحسين بن مُصْعَب. الأمير أبو عبد الله الخُزَاعيّ الطّاهريّ النَّيْسابوريّ، وقيل: كنيته أبو العبّاس. سمع: إسحاق بن راهَوَيْه، ومحمد بن يحيى. وولى إمرة خراسان بعد والده سنة ثمان وأربعين إلى أن خرج عليه يعقوب بن اللَّيْث الصَّفَّار فحاربه، فظفر به يعقوب سنة تسعٍ وخمسين وأسره. وبقي معه في الأسر إلى سنة اثنتين وستّين. فلمّا كانت وقعة الهَرَوايات نجا محمد بن طاهر، ولم يزل مقيمًا ببغداد خاملًا إلى أن مات سنة ثمانٍ وتسعين. ودُفِنَ بجنب عمه محمد بن عبد الله الأمير2. ولا أعلم للبغداديّين عنه روايةً، ولا لغيرهم. ولعلّه جاوز الثّمانين. 434- محمد بن عاصم بن يحيى3. أبو عبد الله الأصبهانيّ الفقيه الشّافعيّ، وابن وهْب. وعن: عليّ بن حرب، وَسَلَمَةَ بن شبيب. وعنه: أحمد بن بُنْدار، وأبو أحمد العسّال، والطَّبَرانيّ. قَالَ أبو الشّيخ: صنَّف كُتُبًا كثيرة، وتفقه على مذهب الشّافعيّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 435- محمد بن العبّاس بن الوليد4. أبو سعيد الدّمشقيّ الخيّاط، نزيل جرجان.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 111"، والعبر "2/ 112"، والنجوم الزاهرة "2/ 328". 2 تاريخ بغداد "5/ 377". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 52-54"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 233". 4 تاريخ جرجان للسهمي "413".

عن: هشام بن عمّار، وجماعة. وعنه: أبو حاتم بن حبّان، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو أحمد بن عديّ. قَالَ حمزة السَّهْميّ: تُوُفّي بعد التّسعين ومائتين. 436- محمد بن العبّاس الْجُمحيّ البْصريّ. لما عُزِل أبو زُرْعة محمد بن عثمان عن قضاء دمشق، ولى هذا القضاء، وَشُكِرَتْ سيرته. ولما تُوُفّي أعيد إلى القضاء أبا زُرْعة. تُوُفّي الْجُمَحّي سنة سبْعٍ وتسعين. قَالَ ابن عساكر1: بَلَغَني أنّ أبا الحَسَن محمد بن عليّ الماوَرْديّ كتب إلى الْجُمَحّي يُعاتبه بهذه الأبيات: عزيزٌ على مُشفِقٍ أن يراك ... قريبًا لمن لستَ من شَكْلِهِ وأنت الّذي لو تأمَّلْتَهُ ... لأكْبَرْتَ قَدْرك عن مثلهِ فهَبْكَ رَضِيتَ قضاءَ الشّام ... وصرت رئيسًا على أهلهِ ألست تعلم بأنّ الْفَنَاءَ ... على آدم وعلى نَسْلِهِ فماذا تقول إذا ما دُعيتَ ... إلى مَجْمَعٍ ماجَ من حَفْلهِ وقيل: هَلُمُّوا بأشياعكم ... وبالْجُمَحِيّ على رِسْلِهِ 437- محمد بن عبد الله بن مصعب الخطيب الأصبهاني2. أبو عبد الله المقرئ. أحد الموصوفين بحُسْن الصَّوت وتجويد القرآن، وأَمَّ مدّةً بجامع أصبهان. وروى عن: مقرئ أصبهان محمد بن عيسى. وحدَّث عن: عبد الله بن عِمران العابديّ، ومحمد بن يحيى العَدَنيّ، وعبد الجبّار بن العلاء. وعنه: عبد الرحمن بن محمد بن سِياه، وأبو الشيخ. وتوفي سنة إحدى وتسعين.

_ 1 تاريخ دمشق "38/ 155". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 219".

438- محمد بن عبد الله بن سليمان1. الحافظ أبو جعفر الحضرميّ الكوفيّ مُطَيَّن. دخل على أبي نُعَيْم وهو صبيّ، وكان جارهم بالكوفة. وسمع من: أحمد بن يونس الحريريّ، وعلي بن حكيم الأَوْديّ، وسعيد بن عَمْرو الأشعثيّ، وخلْق كثير. وكان أحد أوعية العلم. وعنه: أبو بكر النّجّاد، والطَّبرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وعلي بن عبد الرحمن البكّائي، وعلي بن حسّان الزّمّميّ، وطائفة. سئُل عنه الدّارَقُطْنيّ فَقَالَ: ثقة جَبَل. قلت: تُوُفّي في ربيع الأول سنة سبْعٍ وتسعين. ووُلِد سنة اثنتين ومائتين؛ وقد صنف "المسند" و"التاريخ"، وغير ذلك. قَالَ أبو بكر بن أبي آدم الحافظ: كتبت عن مُطَين مائة ألف حديث. قَالَ الخليليّ، وذكر مُطَيَّنًا في شيوخ القطّان: حافظ ثقة. سمعت جماعة يقولون: سمعنا جعفر بن محمد الخُلْديّ يقول: قلت لأبي جعفر الحضرميّ: لِمَ سُمِّيت "مُطَيِّنًا؟ "2 قَالَ: كنت صبيًا ألعب مع الصّبيان، وكنت أطْوَلَهم، فندخل الماء ونخوض، فيُطَيِّنون ظَهْري. فبصرني يومًا أبو نُعَيْم، فلمّا رآني قَالَ: يا مُطَيِّن، لِم لا تحضر مجلس العلم؟ قَالَ: فاشتهر ذلك. فلمّا اشتغلت بالحديث مات أبو نُعَيْم، ففاتني، ولكنني كتبت عن نحو خمسمائة شيخ. 439- محمد بن عبد الله بن بكّار بن أبي هُرَيرة. أبو بكر السُّلَميّ الدّمشقيّ. عن: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وأبو أحمد عبد الله بن النّاصح. 440- محمد بن عبد الله بن الجعد الهمداني البزي.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 21"، سير أعلام النبلاء "14/ 41"، والنجوم الزاهرة "3/ 171". 2 زيادة على الأصل في سير أعلام النبلاء "14/ 42" "لم لقبت بهذا؟ ".

عنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حمّاد، وعثمان بن أبي شَيْبَة، وسَهْل بن عثمان. وعنه: أحمد بن محمد بن صالح، والهمدانيّون. 441- محمد بن عبد الله القَرْمَطيّ1. عن: يحيى بن سليمان بن نَضْلة، وبكر بن عبد الوهّاب. وعنه: الطَّبَرانيّ، والْجَعابي. 442- محمد بن عبد الله بن الغاز بن قيس2. أَبُو عَبْد اللَّه القُرْطُبيّ. روى عَن: أبيه؛ ورحل فأخذ شيئًا كثيرًا من العربيّة والأخبار عن: أبي حاتم السَّجِسْتاني، وأبي الفضل العبّاس بن الفَرَج الرّياشيّ، وعبد الله بن شبيب الربعي، وجماعة. وجلب إلى الأندلس علما كثيرا من الغرائب والشعر، وقد حج في سنة خمس وتسعين، وتوفي فيها أو بعدها. 443- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن معاوية الكلاعي التميمي. روى عن: إسحاق بن محمد الفَرَويّ. تُوُفّي سنة " ... "3 وتسعين. 444- مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم بْن إِبْرَاهِيم بْن شبيب4. أبو بكر الأصبهانيّ المقرئ. سمع: عثمان بن أبي شيبة، وداود بن رُشَيْد، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأبا هَمَّام السَّكُونيّ، وعبد الله بن عمر مُشْكدانة. وقرأ لِوَرْش على: عامر الحرشيّ، وسليمان ابن أخي الرشديين، وعبد الله بن داود بن أبي طيبة، وجماعة. وتصدَّر للإقراء مدّةً، فقرأ عليه جماعة. وسمع القراءة منه آخرون.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 73-75". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 22". 3 في الأصل بياض. 4 غاية النهاية "2/ 169".

ولقد بالغ في تعظيمه أبو عَمْرو الدّانيّ فَقَالَ: هو إمام عصره في رواية وَرْش. لَم ينازعه في ذلك أحدٌ من نُظَرائه. وحدَّثني فارس بن أحمد: سمعت عبد الباقي بن الحسن يقول: قَالَ محمد بن عبد الرحيم: رحلت إلى مصر ومعي ثمانون ألف درهم، فأنفقتها على ثمانين ألف خَتْمَةٍ. وسمعت القراءة على يونس بن عبد الأعلى. قَالَ الدّانيّ: روى عنه القراءة: ابن مجاهد، وعبد الله بن أحمد البلخي، ومحمد بن يونس، وإبراهيم بن جعفر الباطَرْقانيّ، وإبراهيم بن عبد العزيز الفارسيّ، وعبد الله بن أحمد المطرِّز. قَالَ: ومات ببغداد. قلت: وممّن قرأ عليه هبة الله بن جعفر شيخ الحَمّاميّ. وكان من أئمّة القرّاء بأصبهان. روى عنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشّيخ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب المقرئ. تُوُفّي سنة ستٍّ وتسعين. وقد تقدَّم ذِكر محمد بن إبراهيم بن شبيب الأصبهانيّ، وكان عَمّهُ. 445- محمد بن عبد العزيز بن ربيعة. أبو مُلَيْك الكِلابي الكوفيّ. عن: أبي كُرَيْب، وغيره. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وجماعة. وثّقه الدَّارقُطْنيّ وحده. وهو محمد بن ربيعة مشهور، من طبقة وكيع. روى عن أبي مُلَيْك شيوخ قزوين. 446- محمد بن عبد بن عامر1. أبو بكر التّميميّ السمرقندي. أحد المتروكين.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 386-390"، ميزان الاعتدال "3/ 633"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 73".

روى عن: يحيى بن يحيى، ومحمد بن سلام البيكَنْديّ، وقُتَيْبة، وعصام بن يوسف أحاديث باطلة. روى عنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وجماعة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: كان يكذب ويضع. 447- محمد بن عبد الملك1. أبو بكر التاريخي السراج. كان ذا عناية زائدة بالتّواريخ، وحدَّث عن: الحَسَن الزَّعْفَرانيّ، وأحمد بن منصور الرّماديّ. روى عنه: أبو طاهر الذُّهْليّ قاضي مصر. وسأكرره. 448- محمد بن عَبْدُوس بن كامل2. أبو أحمد السُّلَميّ السّرّاج البغداديّ الحافظ. سمع: عليّ بن الْجَعْد، وداود بن عَمْرو الضَّبّيّ، وأبا بكر بن أبي شيبة، وأبا معمر الهُذَليّ، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، وخلْقًا كثيرًا. وعنه: رفيقه أبو القاسم البَغَويّ، وأبو بكر النّجّاد، وجعفر الخُلْديّ، ودَعْلَج، والطَّبَرانيّ، وابن ماسيّ، وطائفة. قَالَ ابن المنادى: كان كالأخ لعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومن المعدودين في الحفظ أَكْثَرَ عنه النّاس لدقّته وضبطه3. قَالَ: وتُوُفّي في آخر رجب سنة ثلاثٍ وتسعين. 449- محمد بن عُبَيْد الله بن مرزوق4. أبو بكر البغداديّ الخطيب الخلّال القاضي. روى عن: عفّان بن مسلم أحاديث مستقيمة سوى حديثٍ واحد تفرَّد به عن عفّان، وهو موضوع. وعنه: سبطه عمر بن محمد بن حاتم: وإسماعيل الخُطَبيّ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة خمس وتسعين ومائتين.

_ 1 تاريخ دمشق "2/ 348". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 10"، وتاريخ بغداد "2/ 380"، والمنتظم "6/ 48"، وسير أعلام النبلاء "13/ 531". 3 تاريخ بغداد "2/ 382". 4 تاريخ بغداد "2/ 329".

450- محمد بن عُبَيْد الله بن سُرَيْج بن حُجْر1. أبو عُبَيْدة الذُّهَليّ الشَّيْبانيّ البخاريّ. محدِّث رحَّال. سمع: عَبّاد بن يعقوب الرَّواجنيّ، ومحمد بن سهل بن عساكر، ومحمد بن عبد الله المخزومي الحافظ. وعنه: خَلَف الخيّام، وأحمد بن سهل بن حَمْدَوَيْه. وتُوُفّي في سَمَرْقَنْد سنة سبْعٍ وتسعين. وكان أبوه حافظًا يذاكر بأكثر من ثلاثين ألف حديث. قاله ابن ماكولا. 451- محمد بن عبيد الله الحافظ. المعروف بختن أبو الآذان. سمع: أبا زُرْعة الدّمشقيّ، وعثمان بن خُرَّزاذ، وهذه الطبقة. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الجعابي. 452- محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة2. الحافظ أبو جعفر العبْسيّ الكوفيّ، نزيل بغداد. سمع: أباه، وعَميه أبا بكر3، والقاسم، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وعلي بن المَدِينيّ، ويحيى بن عبد الحميد الحِمّانيّ، ويحيى بن مَعِين، وسعيد بن عَمْرو الأشعثيّ، ومِنْجاب بن الحارث، والعلاء بن عَمْرو الحنفيّ، وخلْقًا سواهم. وعنه: ابن صاعد، وعثمان بن السّمّاك، وإسماعيل الخُطَبيّ، وجعفر الخُلْديّ، وأبو بكر الشافعي، وأبو علي بن الصواف، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، والحسين بن عُبَيْد الدّقاق، وسعد النّاقد، وآخرون. وكان محدِّثًا فَهْمًا واسع الرواية، صاحب غرائب، وله تاريخ كبير لم أره. قال صالح بن محمد جزرة: ثقة4.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "4/ 275". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 2"، وتاريخ بغداد "3/ 42-47"، والمنتظم "6/ 124"، والبداية والنهاية "11/ 111"، وسير أعلام النبلاء "13/ 21-23". 3 في الأصل "أبا". 4 تاريخ بغداد "3/ 42".

وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا منكرًا فأذكره، وهو على ما وصفه لي عَبْدان، لا بأس به. وأمّا عبد الله بن أحمد بن حنبل فَقَالَ: كذّاب. وقال عبد الرحمن بن خِرَاش: كان يضع الحديث. وقال مُطَيَّن: هو عصا موسى يَتَلَقَّف ما يأفكون1. وقال الدَارَقُطْنيّ: يقال إنّه أخذ كتاب غير محدِّث2. وقال البرقانيّ: لم أزل أسمع الشيوخ يذكرون أنّه مقدوحٌ فيه3. تُوُفّي في جُمَادى الأولى سنة سبْعٍ وتسعين. 453- محمد بن عثمان بن سعيد بن عبد السلام بن أبي السِّوار. أبو الحسن المصريّ. سمع: عبد الله بن صالح الكاتب. وعنه: حمزة الكِنانيّ، والحَسَن بن رشيق، وأبو سعيد بن يونس. وقال: لم يكن ثقة. تُوُفّي سنة سبْعٍ أيضًا. 454- محمد بن عثمان بن أبي سُوَيْد البصْري الذارع4. عن: عثمان بن الهيثم المؤذنّ، وسعيد بن سلّام العطّار، والقَعْنَبيّ، ومسلم بن إبراهيم السِّيرينيّ، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الطّاهر الذُّهَليّ، وجماعة. كنيته أبو عثمان، وهو من كبار شيوخ أبي أحمد بن عديّ، وقد ضعّفه. وقال: أُصيب بكتبه فكان مشتبه عليه، وأرجو أنّه لا يتعمَّد الكذِب. وكان لا ينكر له.

_ 1 الكامل لابن عدي "6/ 2297". 2 تاريخ بغداد "3/ 46". 3 تاريخ بغداد "3/ 46". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 28"، وميزان الاعتدال "3/ 641"، ولسان الميزان "5/ 279".

455- محمد بن عليّ بن زيد1. أبو عبد الله المكّيّ الصّائغ. سمع: القَعْنَبيّ، وحفص ابن عمّ الحَوْضيّ، وسعيد بن منصور، ومحمد بن معاوية النيسابوري، وطائفة. وعنه: دعلج السجزي، والطبراني، وجماعة كثيرة. توفي بمكة في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين. وكان محدث مكة في وقته، مع الصدق والمعرفة. روى أيضا عن: خالد بن يزيد العمري، وإبراهيم بن المنذر، وابن كاسب. أكثر عن الرحالون. وأرخه الخليليّ سنة سبْعٍ وثمانين، والأوّل أصحّ. 456- محمد بن عليّ بن سهل2. أبو بكر الأنصاريّ. ومن ولد رافع بن خُدَيْج. وُلِد ببغداد، ونشأ بمَرْو، ومات ببُخارَى عن ثلاثٍ وتسعين سنة. حدَّث عن: عمْرو بن مرزوق، وأبي عمر الحَوْضيّ، وعلي بن الحَسَن، ويحيى بن يحيى، ومُسدَّد، وعلي بن الْجَعْد، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن سعيد بن نصر، ومحمد بن يوسف البخاريان، وأبو بكر أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. ضعّفه ابن عديّ، ثمّ قَالَ: أرجو أنّه لا بأس به. قلت: كان إمامًا في التّفسير. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين فيما قِيلَ، وهو غلط؛ فإنّ ابن عديّ قَالَ: قَدِم علينا جُرْجان سنة خمسٍ وتسعين. ثمّ وجدت وفاته في "تاريخ أبي الحسن الزّنْجيّ" في سنة ستٍّ وتسعين ومائتين، وهذا أصحّ من الأول.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 39"، والبداية والنهاية "11/ 99". 2 ميزان الاعتدال "3/ 652"، ولسان الميزان "5/ 295".

457- مُحَمَّد بْن علي بْن حسن1. أبو بكر2 البغداديّ. عن: محمود بن خِداش. وعنه: أحمد بن كامل القاضي، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة. 458- محمد بن عليّ بن عَلُّوَيْه3. الفقيه أبو عبد الله الْجُرْجانيّ الشّافعيّ. أحد الأئمّة. تفقَّه على: المُزَنيّ، وصار من كبار الأئمّة. وحدَّث عن: هشام بن عمّار، وأبي كُرَيْب، وجماعة. وعنه: أبو زكريّا يحيى العَنْبريّ، وأبو عبد الله بن الأخرم، وجماعة. توفي سنة ثلاثمائة. 459- محمد بن عليّ بن طَرْخان بن جبّاش4. كذا ضبطه ابن ماكولا. أبو عبد الله، وأبو بكر البلْخيّ الحافظ، ثمّ البيكَنْديّ. سمع: قُتَيْبة، ولُوَيْنًا، وهشام بن عمّار، وطبقتهم وأكثر التِّرحال. قَالَ ابن ماكولا: كان حافظًا للحديث حَسَن التّصنيف. تُوُفّي في رجب سنة ثمانٍ وتسعين. روى عنه: ابنه أبو بكر، والحَسَن بن عليّ الطُّوسيّ، وأبو حرب محمد بن أحمد الحافظ، وجماعة. 460- محمد بن عمر بن العلاء5. أبو عبد الله الجرجاني الصيرفي.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 68". 2 في الأصل "أبو حرب". 3 تاريخ جرجان للسهمي "389". 4 معجم البلدان "1/ 480"، تذكرة الحفاظ "2/ 694". 5 تاريخ جرجان للسهمي "390".

رحل وسمع: هُدْبَةَ بن خالد، وأبا الرّبيع الزُّهْرانيّ، وجماعة. وعنه: ابن عديّ، والإسماعيليّ. تُوُفّي في ربيع الأول سنة ثلاثٍ وتسعين. 461- محمد بن عمر بن أبان المصريّ. أبو الطّاهر. يروي عن: يحيى بن بُكَيْر. تُوُفّي في شوّال سنة خمسٍ وتسعين. 462- محمد بن عِمران الْجُرْجانيّ1. أبو عبد الله الزّاهد، المعروف بالمَقَابِريّ. سمع: أحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وسعيد بن منصور، ويحيى بن عبد الحميد الحِمّانيّ. وعنه: ابن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. تُوُفّي في صَفَر سنة إحدى وتسعين. 463- محمد بن عَمْرو بن خالد الحَرانيّ2. ثمّ المصريّ، أبو علاثة. عن: أبيه. وعنه: الطَّبرانيّ، وغيره. وتُوُفّي سنة اثنتين وتسعين. 464- محمد بن عُمَيْر بن هشام. أبو بكر الرازي المعروف بالقماطيري الحافظ. سمع: محمد بن مِهران الجمّال، وأحمد بن منيع، وجماعة. وعنه: أبو زكريّا العنْبريّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، والحَسن بن مهديّ. تُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين. 465- محمد بن عيسى3. أبو عليّ الهاشميّ البغداديّ المعروف بالبياضيّ. قتلته القرامطة بطريق الحجّ سنة أربعٍ. روى عنه: محمد بن يحيى القَطِيعيّ. وعنه: أبو بكر بن مقسم في القراءات.

_ 1 تاريخ جرجان للسهمي "97، 139، 205، 304، 326". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 39". 3 تاريخ بغداد "2/ 401"، والمنتظم "6/ 62"، والبداية والنهاية "11/ 102".

466- محمد بن عيسى بن شَيْبة بن الصلت بن عُصْفور السَّدُوسيّ البصْريّ1. نزيل مصر. روى عن: عمِّه يعقوب بن شَيْبة، ومحمد بن وزير الواسطيّ، وسعيد بن يحيى بن سعيد الأُمويّ، ومحمد بن أبي مَعْشَر نَجِيح، وأبي المسكين زكريّا بن يحيى. وعنه: النَّسَائيّ في حديث مالك2، وأبو هُرَيْرَةَ أحمد بْن عَبْد الله بْن أَبِي عصام العَدَويّ، وعبد الله بن عديّ في مُعْجَمه، وسليمان الطَّبَرانيّ، وآخرون. توفي في خامس جمادى الآخرة سنة ثلاثمائة. 467- محمد بن عيسى بن تميم المِصِّيصيّ3. نزيل إخميم. يروي عن: لوين، وغيره. وهو كذاب. توفي سنة ثلاثمائة أيضًا. 468- محمد بن غالب4. أبو عبد الله القُرْطُبيّ الفقيه ابن الصّفّار المالكيّ. أحد الأئمّة. أخذ عن: سَحْنُون، وأحمد بن صالح المصريّ، وأحمد ابن أخي ابن وهب، ويونس بن عبد الأعلى، وجماعة. تُوُفّي في سنة خمسٍ وتسعين. 469- محمد بن الفَرَج بن هاشم. أبو علي السمرقندي. عن: عبد بن حميد، وموسى بن مخارق الحلْوانيّ. وعنه: محمد بن غالب بن جُمْهُور، ومحمد بن أحمد الذَّهَبيّ، وعَمْرو بن محمد الكرابيسيّ السَّمَرْقَنْديّ. 470- محمد بن الفضل بن سلمة. أبو عمر البغدادي الوصيفي5.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 87"، وتهذيب التهذيب "9/ 389"، وتقريب التهذيب "2/ 198"، المعجم المشتمل لابن عساكر "266". 2 المعجم المشتمل "266". 3 المغني في الضعفاء "2/ 622"، ولسان الميزان "5/ 335". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 20". 5 تاريخ بغداد بغداد "3/ 153".

عن: سعيد بن منصور، وأحمد بن يونس، وحبّان بن موسى، وإسماعيل بن أُوَيْس. وعنه: أحمد بن جعفر بن سَلْم. تُوُفّي في رجب. قَالَ الخطيب: ثقة. وروى عنه أيضًا: أبو بكر النّقّاش، وإسماعيل الخُطَبيّ، وآخرون. 471- محمد بن الفضل. أبو عيسى المَوْصِليّ. عن: هشام بن عمّار، ودُحَيْم، ولُوَيْن؛ وسأل أحمد بن حنبل. وعنه: يزيد بن محمد الأزديّ، وغيره. تُوُفّي سنة ستٍّ وتسعين. 472- محمد بن فَوْر بن عبد الله بن مهديّ. أبو بكر العامريّ النَّيْسابوريّ. عن: يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهَوَيْه، وعبد الأعلى بن حمّاد النَّرْسيّ. وعنه: أبو الطَّيّب محمد بن عبد الله الشُّعَيْريّ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة تسعٍ وتسعين. 473- محمد بن القاسم بن هلال الأندلسيّ1. عن: أحمد بن إبراهيم الدَّوْرقيّ، ويونس بن عبد الأعلى. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين. 474- محمد بن اللَّيث2. أبو بكر الجوهريّ. بغداديّ ثقة. عن: جُبَارة بن المُغَلّس، وغيره. وعنه: أبو عليّ الصّوّاف، وأبو بكر القَطِيعيّ. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. 475- محمد بن محمد بن إسماعيل بن شدّاد3. القاضي أبو عبد الله الْجُذُوعيّ الأنصاريّ. عن: مسدَّد، وهُدْبَة بن خالد، ومحمد بن عبد الله بن نُمَيْر، وعلي بن المَدِينيّ، وعُبَيْد الله القواريريّ.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 18، 19". 2 تاريخ بغداد "3/ 196". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 20"، وتاريخ بغداد "3/ 205"، والبداية والنهاية "11/ 98".

وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، ومحمد بن عليّ بن الهيثم المقرئ، والطَّبَرانيّ، وجماعة1. وثّقه الخطيب، وذَكَرَ له حكاية تَمَّت مع المعتمد، وهي في أمالي نصر المقدسيّ. تُوُفّي سنة إحدى وتسعين في جُمَادَى الآخرة. وقد وُلّي قضاءَ واسط، وغيرها. وكان موصوفًا بالورع في أحكامه، رحمه اللَّه. 476- محمد بْن محمد بْن أحمد بن يزيد بن مِهْران. أبو أحمد البغداديّ. سمع: داود بن رُشَيْد، وطبقته. روى عنه: عبد الله بن إسحاق الخُراسانيّ، وأبو بكر الشّافعيّ. قال الدّارَقُطْنيّ: حافظ وليس بالقوي. 477- محمد بن محمد بن داود الشَّطَويّ2. عَنْ: يوسف بْن موسى القطّان، وطبقته. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ. وثّقه أبو بكر الخطيب. 478- محمد بن محمود بن عبد الوهّاب. أبو السَّرِيّ الأصبهانيّ. سمع: حبّان بن بِشْر القاضي، وسَعْدُوَيْه الأصبهانيّ. تُوُفّي سنة أربعٍ. 479- محمد بن محمود بن عديّ الخُراسانيّ. أبو عَمْرو. سمع: على بن خَشْرَم، والكَوْسَج، والطبقة. وعنه: القَطِيعيّ، وعيسى الرُّخَّجيّ. مستقيم الحديث. 480- محمد بن مسكين بن منصور بن جُرَيْج. الإفريقيّ المغربيّ. أخو القاضي عيسى بن مسكين، المذكور في هذه الطبقة. سمع: سَحْنون بن سعيد، ومحمد بن شَجَرَة، والحارث بن مسكين المصريّ. وكان ثقة، فقيهًا، صالحًا، شاعِرًا مجوِّدًا. عاش ثمانين سنة، ومات سنة سبْعٍ وتسعين.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 205". 2 تاريخ بغداد "3/ 208".

481- محمد بن مسلم بن عبد العزيز الأشعريّ الأصبهانيّ1. عن: مُجَاشع بن عَمْرو. وعنه: الطَّبَرانيّ، وغيره. 482- محمد بن المطَّلب. أبو بكر الخُزَاعيّ2. عن: إبراهيم بن المنذر الحزاميّ، وأحمد بن نصر الشّهيد، ويحيى بن أيّوب العابد. وعنه: محمد بن خَلَف بن المَرْزُبان، وابن نَجِيح، والخلدي، وأبو بكر بن غلويه المقرئ، وغيرهم. لا بأس به. 483- محمد بن مالك بن داود. أبو بكر الشُّعَيْريّ3. سمع: منصور بن أبي مُزَاحم، والحكم بن موسى، وطائفة. وعنه: ابن قانع، والإسماعيليّ، وغيرهما. 484- محمد بن مُعَاذ بن سُفيان بن المُسْتَهِلّ بن أبي جامع المصريّ4. ثمّ الحلبيّ. أبو بكر درّان. سمع: مسلم بن إبراهيم، وعبد الله بن رجاء، والقَعْنَبيّ، وعَمْرو بن مرزوق، وأبا سَلَمَةَ التُّبُوذَكيّ، ومحمد بن كثير العبْديّ، وطائفة. وعنه: أبو بكر النّجّاد، ومحمد بن أحمد الرّافقيّ، وعلي بن أحمد المِصِّيصيّ، وأبو القاسم الطبراني، ومحمد بن جعفر بن السقاء الحلبيّ. وكان أسند من بقي بحلب. عُمِّرَ دهرًا. وتُوُفّي سنة أربعٍ وتسعين، وهو في عشر المائة. 485- محمد بن موسى بن حمّاد5. أبو أحمد البربريّ ثمّ البغداديّ الحافظ الإخباريّ.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 88"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 229". 2 تاريخ بغداد "3/ 307". 3 تاريخ بغداد "3/ 307". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 60"، وسير أعلام النبلاء "13/ 536"، ودول الإسلام "1/ 178"، وشذرات الذهب "2/ 216". 5 المعجم الصغير للطبراني "2/ 14"، وتاريخ بغداد "3/ 243".

وُلِد سنة ثلاث عشرة ومائتين. وسمع: عليّ بن الْجَعْد، وعُبَيْد الله بن عمر القواريريّ، وعبد الرحمن بن صالح. وعنه: أحمد بن كامل، وإسماعيل الخطَبيّ، وابن قانع، وآخرون. قَالَ الخطيب: كان إخباريًا، فَهْمًا، ذا معرفة بأيّام النّاس. وكان يَخْضِب بالحُمْرَة. تُوُفّي سنة أربعٍ أيضًا. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس بالقويّ. قلت: أكثر عنه الطَّبَرانيّ. 486- محمد بن موسى بن عاصم1. أبو عبد الله المصريّ. عن: يحيى بن بُكَيْر، وعَمْرو بن خالد، ومهديّ بن جعفر الرَّمْليّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 487- محمد بن نصر المَرْوَزيّ2. الإمام أبو عبد الله أحد الأعلام في العلوم والأعمال. ولد سنة اثنتين ومائتين ببغداد، ونشأ بنَيْسابور، سكن سَمَرْقَنْد وغيرها. وكان أبوه مَرْوزِيًّا. قَالَ الحاكم فيه: إمام الحديث في عصره بلا مُدَافَعَة. سمع بخُراسان: يحيى بن يحيى، وإسحاق، وأبا خالد بن يزيد بن صالح، وعَمْرو بن زُرَارة، وصَدَقَة بن الفضل المَرْوَزِيّ، وعلي بن حُجْر. وبالريّ: محمد بن مِهْران، ومحمد بن مقاتل، ومحمد بن حُميد. وببغداد: محمد بن بكّار، وعبد الله القواريريّ، وجماعة. وبالبصرة: أبّا الرّبيع الزُّهْرانيّ، وهُدْبَة، وشَيَبْان، وعبد الواحد بن غياث، جماعة. وبالكوفة: سعيد بن عَمْرو الأشعثيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وجماعة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 6". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 33-40"، وتهذيب التهذيب "2/ 213"، والنجوم الزاهرة "3/ 161"، وتقريب التهذيب "2/ 213".

وبالحجاز: أبا مصعب، وإبراهيم بن المنذر الحِزَاميّ، وجماعة. وبالشّام: هشام بن عمّار، وجماعة. قلت: وبمصر: يونس بن عبد الأعلى، والربيع المراديّ. وتفقَّه على أصحاب الشّافعيّ. وقال الخطيب: حدَّث عن عَبْدان، وسمّى جماعة وقال: كان من أعلم النّاس باختلاف الصّحابة ومَنْ بعدَهم. قلت: روى عنه أبو العبّاس السّرّاج، ومحمد بن المنذر شكر، وأبو حامد بن الشَّرقيّ، وأبو عبد الله محمد بن الأخرم، وأبو النَّضْر محمد بن محمد الفقيه، وابنه إسماعيل بن محمد بن نصر، ومحمد بن إسحاق السَّمَرْقَنْدِيّ، وخلْق كثير. قَالَ أبو بكر الصَّيْرفيّ: لو لم يصنّف المَرْوَزِيّ إلّا كتاب "القَسَامة" لَكَان من أفقه النّاس1. وقال أبو بكر بن إسحاق الصِّبْغيّ، وقيل له: ألا تنظر إلى تمكُّن أبي عليّ الثّقفيّ في عقله؟ قَالَ: ذاك عقل الصَّحابة والتّابعين من أهل المدينة. قِيلَ: وكيف ذاك؟ قَالَ: إنّ مالك بن أنس كان من أعقل أهل زمانه، وكان يقال إنّه صار إليه عقول مَن جالسَهَم من التابعين، فجالَسَه يحيى بن يحيى النَّيْسابوريّ، فأخذ من عقله وسَمْته، حتّى لم يكن بخُراسان مثله، فكان يُقال: هذا عقل مالك وسمته. ثم جالس يحيى محمد بن نصر سِنِين، حتّى أخذ من سَمْته وعقله، فلم يُرَ بعد يحيى من فُقَهاء خُراسان أعقل منه. ثمّ إنّ أبا عليّ الثَّقَفيّ جالَسَ محمد بن نصر أربع سِنِين، فلم يكن بعده أعقل منه2. وقال عبد الله محمد الإسفرائينيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يقول: كان محمد بن نصر عندنا إمامًا، فكيف بخراسان3؟.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 316". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 34". 3 تاريخ بغداد "3/ 316".

وقال القاضي محمد بن محمد: كان الصّدر الأوّل من مشايخنا يقولون: رجال خُراسان أربعة: ابن المبارك، وإسحاق، ويحيى، ومحمد بن نصر. وقال ابن الأخرم: انصرف محمد بن نصر من الرّحلة الثّانية سنة ستّين ومائتين، فاستوطن نَيْسابور، ولم تزل تجارته بنَيْسابور، أقام مع شريك له مُضَارِب، وهو يشتغل بالعِلم والعِبادة. ثمّ خرج سنة خمسٍ وسبعين إلى سَمَرْقَنْد، فأقام بها، وشريكه بنَيْسابور، وكان وقت مقامه هو المفتي والمقدم، بعد وفاة محمد بن يحيى، فإنّ حَيْكَان -يعني يحيى بن محمد بن يحيى- ومَن بعده أَقَرُّوا له بالفضل والتَّقَدُّم1. قَالَ ابن الأخرم: ثنا إسماعيل بن قُتَيْبة: سمعت محمد بن يحيى غير مرّة، إذا سُئِل عن مسألة يقول: سَلُوا أبا عبد الله المَرْوَزِيّ. وقال أبو بكر الصِّبْغيّ: أدركت إمامين لم أُرْزَق السَّماعَ منهما: أبو حاتم، الرّازيّ، ومحمد بن نصر المَرْوَزِيّ2. وأمّا عبد بن ربيعة، فما رأيت أحسن صلاةً منه. ولقد بَلَغَني أنّ زُنْبُورًا قعد على جبهته، فسال الدّمُ على وجهه ولم يتحرّك. وقال ابن الأخرم: ما رأيت أحسنَ صلاةً من محمد بن نصر. كان الذُّباب يقع على أُذُنِه، فَيَسِيلُ الدّم، ولا يَذُبُّه عن نفسه. ولقد كنّا نتعجّب من حُسْن صلاته وخشوعه، وهيبته للصلاة. كان يضع رقبته على صدره، فتتصلّب كأنّه خَشَبَة منصوبة. وكان من أحسن النّاس، خَلْقًا، كأنما فقئ في وجهه حَبُّ الرُّمّان، وعلى خدَّيه كالورد ولحيته بيضاء3. وقال أحمد بن إسحاق الصَّبْغيّ: سمعت محمد بن عبد الوهّاب الثَّقفيّ يقول: كان إسماعيل بن أحمد والي خُراسان يصل محمد بن نصر في السنة بأربعة آلاف درهم، ويصِلُه أخوه إسحاق بمثلها، ويصله أهل سمرقند بمثلها، فكان ينفقها من السنة إلى السنة من غير أن يكون له عيال. فقيل له: لو ادَّخرتَ لِنَائبةٍ. فَقَالَ: سبحان الله أنا بقيت بمصر كذا وكذا سنة، قوتي وثيابي وكاغدي وحبري،

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 36". 2 سير أعلام النبلاء "14/ 36". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 36، 37".

وجميع ما ينفق على نفسي في السنة عشرين دِرْهمًا، فترى إن ذَهَبَ ذا لا يبقى ذاك؟ 1. وقال السُّليمانيّ: محمد بن نصر إمام الأئمّة الموفَّق من السّماء، سكن سمرقند. سمع: يحيى بن يحيى، وعَبْدان، والمُسْنِديّ، وإسحاق. له كتاب "تعظيم قدْر الصّلاة"، وكتاب "رفع اليدين"، وغيرهما من الكتب المعجزة. ومات وصالح جَزَرة في سنة أربعٍ. أنبأني جماعة قالوا: ثنا أبو اليُمْن، نا أبو منصور، نا أبو بكر الخطيب، أنا الجوهري، أنا ابن حَيَوَيْه، ثنا عفّان بن جعفر الّلّبان: حدّثني محمد بن نصر قَالَ: خرجت من مصر ومعي جارية لي. فركبت البحر أريد مكّة، فغرقت، فذهب منّي ألف جزء، وصرت إلى جزيرة، أنا وجاريتي، فما رأينا فيها أحدًا، وأخذني الْعَطَشُ، فلم أقدر على الماء، فوضعت رأسي على فخَذَ جاريتي مستسلمًا للموت، فإذا رجل قد جاءني ومعه كُوز، فَقَالَ لي: هاه. فشربت وسقَيْتُها، ثم مضى، فما أدري من أين جاء، ولا من أين ذهب2. وقال أبو الفضل محمد بن عُبَيْد الله البَلْعَميّ: سمعت الأمير إسماعيل بن أحمد يقول: كنت بسمرقند، فجلست يوم للمظالم، وجلس أخي إسحاق إلى جنبي، إذ دخل أبو عبد الله محمد بن نصر، فقمت له إجلالًا لعلمه، فلمّا خرج عاتبني أخي وقال: أنت والي خُراسان، تقوم لرجلٍ من الرَّعيّة! هذا ذَهاب السّياسة. فَبِتُّ تلك اللّيلة وأنا مُنْقَسِمُ القلب، فرأيت النّبيّ -صلى الله عليه وسلم، فأخذ بعضُدي، فَقَالَ لي: ثَبتَ ملككَ وملك بنيك بإجلالك محمد بن نصر. وكان محمد بن نصر زوج خنة، بخاء مُعْجَمَةٍ ثمّ نُون، أخت يحيى بن أكثم القاضي. تُوُفّي بسَمَرْقَنْد، في المحرَّم سنة أربعٍ وتسعين.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 317". 2 تاريخ بغداد "3/ 317".

وقال أبو عبد الله بن مَنْدَه في مسألة الإيمان: صرَّح محمد بن نصر في كتاب "الإيمان" بأن الإيمان مخلوق، فإنّ الإقرار والشّهادة، وقراءة القرآن بلفْظه مخلوق. وهَجَرَه على ذلك علماء وقته، وخالَفَه أئمّة أهل خُراسان، والعراق. قلت: لو أننا كلما أخطأ إمام مجتهد في مسألةٍ خطًأ مغفورًا له هَجَرْناه وبدَّعناه، لَما سَلِمَ أحدٌ مِنَ الأئمّة، واللَّهُ الهادي للحقّ، والرّاحم للخلْق. وقال ابن حزم في بعض تَوَاليفه: أعلم النّاس من كان أجمعهم للسُّنَن، وأضبطهم لها، وأذكرهم لمعانيها ولأحوال الصّحابة. ولا نعلم هذه الصّفة أتمّ منها في محمد بن نصر المَرْوَزِيّ، فلو قَالَ قائل: ليس لرسول -صلى الله عليه وسلم- حديث، ولا لأصحابه إلّا وهو عِنْد محمد بن نصر، لَما بَعُدَ عن الصّدْق. 488- محمد بن نصر. أبو جعفر البغداديّ المقرئ الصّائغ1. عن: إسماعيل بن أُوَيْس، وأبي مُصْعَب. وعنه: ابن قانع، وابن علم، وجماعة. وكان مُقْرِئًا. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. وعنه أيضًا: الطَّبَرانيّ، وأحمد بن عثمان الأبهريّ شيخ ابن مَنْدَه. 489- محمد بن نصر بن حُمَيْد البزّاز البغداديّ2. صاحب حديث. روى عن: إسماعيل بن إبراهيم، ويحيى بن أيّوب المَقَابِريّ، ومحمد بن قُدَامة الجوهريّ، ونحوهم. روى عنه: الطَّبَرانيّ، وابن قانع، وغيرهما. 490- محمد بن نصر. أبو جعفر الهمدانيّ حَمُّوَيْه. صدوق رحّال. سمع: عبد الرحمن بن إبراهيم دُحَيْم، ومحمد بن رُمْح، وحرملة، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن إسحاق بن مِنْجاب، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وجماعة، وابن أبي داود مع تقدمه.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 14"، وتاريخ بغداد "3/ 318". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 4"، وتاريخ بغداد "3/ 319".

محمد بن النّضر. هو محمد بن أحمد. 491- محمد بن النَّضْر بن سَلَمَةَ بن الجارود بن يزيد1. الحافظ أبو بكر الجاروديّ النَّيْسابوريّ الفقيه الحنفيّ، قاله الحاكم. كان شيخ وقته حِفْظًا وكمالًا ورئاسة، وأبوه وجدّه كلّهم رأيّيون2. سمع: إسحاق بن راهويه، وعمر بن زُرَارَة، وسُوَيد بن سعيد، ومحمد بن عَبْد الملك بْن أبي الشَّوارب، وأبا كُرَيْب، وإسماعيل ابن سِبْط السَّنْديّ، وطائفة. وعنه: إمام الأئمّة ابن خُزَيْمَة، وأبو عَمْرو الحَيريّ، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، وطائفة. وكان رفيق مسلم في الرحلة. قَالَ ابن أَبِي حاتم: سمعتُ منه بالرّيّ، وهو صدوق3. وقال أبو أحمد الحاكم: كان محمد بن يحيى يستعين بعربيّة أبي بكر الجارودي في مصنفاته، ويبيته عندي. وقال محمد بن يعقوب الأخرم: لما قَتَلَ أحمدُ الخُجُسْتانيّ حَيْكان هَمَّ بقتل الجاروديّ، فلبس الجاروديّ عَباءَة وخرج مع الجمّالين إلى أصبهان4. قلت: ثم رجع بعد إلى بلده. وتُوُفّي في ربيع الأوّل سنة إحدى وتسعين. وكانت له جَنَازة مشهودة. يُقال: إنّ النّسائيّ روى عنه، فَيُحَقَّقْ. 492- محمد بن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري5.

_ 1 الجرح والتعديل "8/ 111"، وتهذيب التهذيب "2/ 213"، وتقريب التهذيب "2/ 213"، وسير أعلام النبلاء "13/ 541-544". 2 الأنساب "3/ 158". 3 الجرح والتعديل "8/ 111". 4 الأنساب "3/ 158". 5 تهذيب التهذيب "9/ 491"، تقريب التهذيب "2/ 213، وسير أعلام النبلاء "13/ 564".

أخو أحمد بن النّضْر، سَمَاعه وسَمَاع أخيه واحد كما في ترجمة أحمد. رَوَيَا عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وعُبَيْد الله بن مُعَاذ، وهذه الطبقة. وقد قَالَ البخاريّ حديثًا عن محمد: ثنا عُبَيْد الله بن معاذ، فذكر حديثًا. قَالَ الحاكم: روى البخاريّ عنهما في "الجامع الصّحيح". ذكره، الحاكم في ترجمة محمد. 493- محمد بن هارون. أبو موسى الأنصاريّ الزُّرَقيّ1. عن: يونس بن عبد الأعلى، وأبي الربيع عُبَيْد الله بن الحارث. وعنه: محمد بن مَخْلَد، والطَّبَرانيّ. وثّقه الخطيب. ومات في سنة ثلاث وتسعين. 494- محمد بن الوليد2. المعروف بابن ولاد التّميميّ النَّحْويّ. صاحب التّصانيف في عِلم العربيّة. أخذ عن: المبّرد، وثعلب. مات كهلًا سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 495- محمد بن ياسين بن النَّضْر. أبو بكر الباهليّ. الفقيه النَّيْسابوريّ. يروي عن: إسحاق بن راهَوَيْه، وعثمان بن أبي شَيْبة. وعنه: محمد بن صالح بن هانئ، وغيره. توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين. 496- محمد بن يحيى بن مالك الضبي الأصبهاني3. عن: أبي عمار الحسين بن حريث، ومحمود بن غيلان. وعنه: أبو أحمد العسال، والطبراني، وأبو الشيخ. توفي في صفر سنة إحدى وتسعين. 497- محمد بن يحيى بن سليمان. أبو بكر المروزي4.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 16". 2 معجم الأدباء "19/ 105". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 56". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 14"، وتاريخ بغداد "3/ 422".

سمع: عاصم بن علي، وأبا عبيد القاسم بن سلام، وخلف بن هشام، وبشر بن الوليد، وعلي بن الجعد، وجماعة. وأكثر عن عاصم. وعنه: أبو بكر النّجّاد، وأبو بكر الشّافعيّ، ومَخْلَد الباقَرْحِيّ، وابن عُبَيْد العسكريّ، وسليمان الطَّبَرانيّ، وطائفة. قَالَ الدَّارَقُطْني: صدوق. قلت: هو من كبار شيوخ الإسماعيليّ. تُوُفّي رحمه الله تعالى ببغداد في شوّال سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 498- محمد بن يحيى بن محمد1. أبو سعيد البغداديّ، حامل أكْفانه. سمع أبا بكر، وعثمان ابني أبي شَيْبة، وأحمد بن مَنِيع، وسَوّار بن عبد الله القاضي، وجماعة. وعنه: أهل دمشق، وأبو علي بن هارون، والفضل بن جعفر، وأبو عُمَر بن فَضَالَةَ، وأبو بكر النّقّاش، وجماعة. تُوُفّي سنة تسعٍ وتسعين. قَالَ الخطيب: بلغني أنّه غُسِّلَ وَكُفِّنَ، فلمّا كان في اللّيل، جاءه نبَّاش فنبشه، فلمّا حَلَّ أكفانه قَعَدَ، فهرب النّبّاش، فقام وأتى منزله حاملًا كفنه، فعاد حُزْن أهله فَرَحًا. ومثله أيضًا سُعَيْر بن الخِمْس. فإنّه لمّا وُضِع في لَحْده اضطّرب، فَحُلَّتْ أكفانه، فقام. ووُلِد له بعد ذلك مالك بن سُعَيْر. 499- محمد بن يعقوب2. أبو بكر البغداديّ. عُرِفَ بابن القلّاس، بالقاف. عن: عليّ بن الْجَعْد، وحمّاد بن إسحاق المَوْصليّ. وعنه: ابن مَخْلَد، وأحمد بن جعفر بن سالم الجيليّ. صدوق. ومات "سنة خمس وتسعين ومائتين"3.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 423"، والمنتظم "6/ 114"، والبداية والنهاية "11/ 118". 2 تاريخ بغداد "3/ 391". 3 في الأصل بياض، مستدرك من تاريخ بغداد.

500- محمد بْن يزيد بْن محمد بْن عَبْد الصّمد1. أبو الحَسَن الدّمشقيّ، مولى بني هاشم. عن: صَفْوان بن صالح المؤذّن، وموسى بن أيّوب النَّصِيبيّ، وسليمان ابن بنت شُرَحْبيل، وأبي نُعَيْم الحلبيّ، وجماعة. وعنه: سبط عديّ بن يعقوب، وجعفر بن محمد الكِنْديّ، وأبو عُمَر بن فَضَالَةَ، وسليمان الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن النّاصح، ومُظَفَّر بن حاجب، وجماعة. تُوُفّي سنة تسع وتسعين. وقع لنا جزء صغير من حديثه يعلو. 501- محمد بن يعقوب بن أبي يعقوب الأصبهانيّ2. عن: عَبّاد بن يعقوب الرَّوَاجِنيّ، وغيره. وعنه: أبو الشّيخ. تُوُفّي سنة ثمانٍ وتسعين. 502- محمد بن يعقوب بن سَوْرة البغداديّ. عن: أبي الوليد الطّيالِسيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ. 503- محمد بن يعقوب البصْري الأعلم3. عن هُدْبة بن خالد، وأبي الرّبيع الزُّهْرانيّ. وعنه: ابن قانع، وأبو بكر الشّافعيّ أحاديث. 504- محمد بن يوسف بن يعقوب4. أبو بكر الرازيّ المقرئ. حدَّث عن: محمد بن حميد الرازي، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكّيّ. روى عنه: محمد بن العبّاس بن نجيح، وحبيب القزاز، وأبو بكر النقاش.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 56"، والعبر "2/ 13أ"، وشذرات الذهب "2/ 232"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 82". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 239". 3 تاريخ بغداد "3/ 388". 4 ميزان الاعتدال "4/ 72"، تاريخ بغداد "3/ 397"، ولسان الميزان "5/ 435".

قَالَ الدَارَقُطْنيّ: دجَّال يضع الحديث والقراءات. وضع من المستندات ما لا يضبط. قدم بغداد قبل الثلاثمائة. 505- محمد بن يوسف. أبو جعفر البارودي الإسكافيّ1. حدَّث ببغداد عن: أبي عُتْبَة الحمصيّ، وطبقته. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وعبد الله بن شهاب العُكْبُريّ. تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين. 506- محمد بن يوسف بن عاصم بن شَرِيك. أبو بكر البخاريّ الحافظ. رحّال، سمع: يعقوب الدَّوْرَقيّ، وبِشْر بن آدم، ويوسف بن موسى القطّان، وعدَّة. 507- محمد بن يوسف2. أبو جعفر التُّرْكيّ الفَرَغانيّ ثمّ البغداديّ. سمع: سُرَيْج بن يونس، وعيسى بن إبراهيم التُّرْكيّ، وعيسى بن سالم الشّاشيّ، ومحمد بن جعفر الوَركانيّ. وعنه: أحمد بن كامل، وعُمَر بن مسلم، والطَّبَرانيّ، وجماعة. وثّقه الخطيب. وتُوُفّي سنة خمسٍ وتسعين ومائتين. 508- مُحَسِّن بن جعفر بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن مُوسَى بن جعفر الصّادق العَلَويّ3. خرج بناحية الشام سنة ثلاثمائة، فحاربه ابن كَيَغْلَغ، فظفر به فقتله، وبعث برأسه إلى بغداد، فنُصِب مع أعلامٍ له مُنَكَّسَةٍ. 509- محمود بن أحمد بن الفَرَج4. أبو حامد الزُّبَيْريّ الأصبهانيّ. عن: إسماعيل بن عَمْرو البَجَليّ، ومحمد بن المنذر البغداديّ. وكان ثقة.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 398". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 12"، وتاريخ بغداد "3/ 395". 3 مقاتل الطالبين لأبي الفرج الأصبهاني "703". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 108"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 315".

روى عنه: أبو الشَّيخ، والطَّبَرانيّ، ومحمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الأصبهانيّ. وهو مَنْ وَلَدِ الزُّبَير بن بكّار. مات سنة ثلاث وتسعين، وقيل: سنة تسعين. 510- محمود بن والان بن موسى. أبو حامد العَدَويّ الأديب. ثقة كثير الحديث. عاش نيِّفًا وتسعين سنة. سمع: قُتَيْبَة، وسُوَيْد بن نصر، وجماعة. ومات سنة ثلاثٍ وتسعين. 511- محمود بن محمد المَرْوَزِيّ1. مشهور. طوّف وسمع: داود بن رُشَيْد، وعلي بن حُجْر، وطبقتهما. وعنه: الطَّسْتيّ، وابن الصَّوّاف، والطَّبَرانيّ. مستقيم الحديث. مات سنة سبْعٍ وتسعين. 512- محمود بن عليّ بن مالك الشَّيْبانيّ2. أبو حامد المدِينيّ البزّاز. عن: محمد بن منصور الجوّاز، وهارون بن موسى الفَرَويّ، ومحمد بن "أحمد بن يعقوب الشيباني"3، والمخزوميّ. وعنه: محمد بن أحمد بن يعقوب الأصبهانيّ، والطَّبَرانيّ، وأبو الشيخ. وثقه أبو نعيم. ومات سنة ثلاثمائة. 513- مسبح بن حاتم بن ماور العكي. بالبصّرة. مات سنة ثمانٍ وتسعين. 514- مسور بن قَطَن بن إبراهيم. أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ. قَالَ الحاكم: كان من مزكي عصره، والمُقَدَّم في الزُّهْد والورع والعقل. سمع: يحيى بن يحيى؛ وتورَّع من الرّواية عنه لصِغَر سِنِّهِ. وسمع: جدّه لأمّه بِشْر بن الحَكَم، وأبا زاهر، وداود بن رشيد. وطوف.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 107"، وتاريخ بغداد "13/ 94". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 108"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 316". 3 في الأصل بياض. مستدرك من ذكر تاريخ أصبهان.

وعنه: ابن الشَّرْقيّ، ومحمد بن صالح، وأبو الوليد الفقيه، وجماعة. مات سنة ثلاثمائة. 515- مسلم بن أحمد بن أبي عُبَيْدة1. أبو عُبَيْدة اللَّيْثيّ القُرْطُبيّ، صاحب القِبلة. رحل سنة ستٍّ وخمسين، فسمع: يونس بن عبد الأعلى، والرّبيع المُرَاديّ، والمُزَنيّ، وابن عبد الحَكَم، وجماعة. قَالَ أحمد بن عبد البَرّ: كان من أصوف أهل زمانه2، وكان مُولَعًا بالفَلك والنُّجوم. وكان إذا صلّى يشرّق قليلًا نحو مدينة قُرْطُبَة. روى عنه: قاسم بن أَصبغ، وعبد الله بن يونس. مات سنة خمسٍ وتسعين ومائتين. 516- مسلم بن سعيد الأشعريّ3. أبو سَلَمَةَ. سمع: مُجَاشِع بن عَمْرو سنة ثلاثين، وبكّار بن الحَسَن. وعنه: أبو الشّيخ، وشيخه مُجَاشع يروي عن: الّليث، وابن قطيعة. مات سنة تسعٍ وتسعين. 517- مسلم بن عبد الله بن مكرم البارودي4. المؤدِّب ببغداد. عن: عَمْرو بن مرزوق، ويحيى بن هاشم. وعنه: إسماعيل الخُطَبيّ، وأبو بكر الشّافعيّ، وابن العلاء الْجَوْزَجانيّ. مات سنة ثلاثٍ وتسعين. 518- مُضارِب بن إبراهيم5. أبو الفضل النَّيْسابوري الأديب، أوحد عصره ببلده في العربيّة. سمع: ابن راهَوَيْه. وعنه: أبو عَمْرو بن مَطَر. مات سنة سبع وتسعين.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 126". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 126". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 323". 4 تاريخ بغداد "13/ 105". 5 بغية الوعاة "2/ 288".

519- معمر بن محمد بْن زيد بْن الأشهب البلخي. سَمِعَ من: شهاب بن معمر العوفي، ومكّيّ بن إبراهيم، وعصام بن يوسف البلخيّين. وطال عُمره. وعنه: عبد الرحمن بن حامد بن مَتُّوَيْه البْلخيّ. مات في جُمَادَى الأولى سنة ستٍّ وتسعين ومائتين. 520- مَمْشَاذُ الدِّيَنَوريّ1. من كبار الصُّوفيّة. صحِب يحيى بن الجلّاء، وغيره. ومن قوله: جماعُ المعرفة صِدْقُ الافتقار إلى الله. وقال فارس الدَّيَنَوريّ: خرج مُمْشاذ من باب الدّار، فنبح كلب فَقَالَ: لا إله إلّا الله، فمات الكلب مكانه2. مات سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. 521- موسى بن إسحاق بن موسى الخطْميّ الأنصاريّ3. أبو بكر الفقيه الشافعيّ، كان قاضيًا على الأهواز. وولى قضاء نَيْسابور. وحدَّث عن: عيسى قالون، وأحمد بن يونس، وعلي بن الْجَعْد. وكان يُضْرَبُ به الْمَثَلُ في ورعه وصيانته في القضاء. وعنه: حبيب القزّاز، وابن ماسي، وعبد الباقي بن قانع. قَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وهو ثقة صدوق. وقد أقرأ النّاسَ القرآن. ويقال: مولده سنة عشرٍ ومائتين. ومات سنة سبْعٍ وتسعين ومائتين. 522- موسى بن أفلح البخاريّ البيقاري4. عن: أبي حُذَيفة إسحاق بن بشر، وأحمد بن حفص، والمسندي.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 353"، وصفة الصفوة "4/ 87"، والنجوم الزاهرة "3/ 179". 2 طبقات الصوفية "317". 3 الجرح والتعديل "8/ 135"، والمنتظم "6/ 96"، وسير أعلام النبلاء "13/ 579"، والعبر "2/ 109"، وشذرات الذهب "2/ 226". 4 الأنساب لابن السمعاني "2/ 373"، واللباب "1/ 199".

وعنه: أحمد بن عدل، وخَلَف الخيّام. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة إحدى وتسعين. وكان شيخًا مُعَمَّرًا. 523- موسى بن خازم بن سيّار1. أبو عِمران الأصبهانيّ. عن: حاتم بن عبد الله النُّمَيْريّ، ومحمد بن بُكَيْر الحضرميّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأحمد بن بُنْدار الشّعّار. مات سنة ثلاثٍ وتسعين. ورّخه أبو نُعَيم. 524- موسى بن عبد الحميد بن عصام الْجُرْجانيّ. أبو يحيى. عن: أبيه، وإسماعيل المُزَنيّ الفقيه؛ وجالسَ داود الظَّاهريّ. وعنه: عبد الله بن محمد بن شَيْبة، وأحمد بن محمد بن صالح الهَمْدانيّ. مات على رأس سنة ثلاثمائة. 525- موسى بن محمد بن موسى الذُّهَليّ الأعْيَن. أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ. سمع: يحيى بن يحيى، وسعد بن يزيد الفرّاء. وعنه: أبو العبّاس بن حمدان، وأبو الوليد الفقيه، وأحمد بن الخضر شيخ الحاكم. مات سنة إحدى وتسعين ومائتين. 526- موسى بن هارون بن عبد الله2. أبو عِمران البزّار. كان إمام عصره في الحِفْظ والإتقان. سمع: قُتَيْبة، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وعلي بن الْجَعْد، وخلْق. وعنه: دَعْلَج، وأبو الطّاهر الذُّهَليّ، وآخرون. قَالَ الصِّبْغيّ: ما رأينا في حفاظ الحديث أهيب ولا أروع من موسى بن هارون. مات في شَعْبان سنة ثلاثٍ وتسعين. قصّر الحاكم في ترجمته. 527- موسى بن هارون بن سعيد الأصبهانيّ3. أبو عِمران، يُعرف بالأصمّ. ربّما التبس بالذي قبله. وهذا يروي عن: سويد بن

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 112"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 312". 2 تاريخ بغداد "13/ 50"، والبداية والنهاية "11/ 103"، والمنتظم "6/ 66". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 312".

سعيد، وأبي خَيْثَمة زُهَير بن حرب، ومُصْعَب بن عبد الله الزُّبَيريّ، وجماعة سواهم. روى عنه: أبو الشّيخ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب المقرئ، ومحمد بن جعفر بن يوسف، وأهل أصبهان. فإذا قَالَ الأصبهانيّ: حَدَّثَنَا موسى بن هارون، فإيّاه يريد. ومات هذا الأصبهانيّ في حدود سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. 528- موسى بن هشام الدَّيَنَوريّ. حدَّث بدمشق. عن: عبد الله بن هانئ، وعليّ بن المبارك الصَّنْعانيّ. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وأحمد بن الرُّوميّ، وأبو أحمد بن عدي، وغيرهم. مات على رأس الثلاثمائة. "حرف النون": 529- نصر بن أحمد1. أبو محمد الكَنْديّ البغداديّ الحافظ. أحد الأئمّة، ويُعرف بنَصْرك. سمع: محمد بن بكار، وعبد الأعلى بن حمّاد، والقواريريّ. وعنه: خَلَف الخيّام، وابن عُقْدَةَ. حمله أمير بُخَارى خالدُ بن أحمر الذُّهَليّ إليه، فأقام عنده، وصنَّف له "المُسْنَد". ومات في سنة ثلاثٍ وتسعين، وعاش سبعين سنة. 530- نصر بن سياد بن فتح. أبو الَّلْيث السَّمَرْقَنْديّ المحدِّث الرّحّال المصنِّف. عن: يونس بن عبد الأعلى، وعبد بن حُمَيْد، والدارِميّ. وعنه: محمد بن إسحاق العُصْفُريّ، وأحمد بن محمد الكرابيسي. مات سنة ثلاثٍ وتسعين. 531- نصر بن عبد الحميد القراطيسيّ. أبو حبيب المصريّ، الرّجل الصّالح. عن: نُعَيْم بن حمّاد، ويحيى بن بكير. مات سنة سبع وتسعين.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 538"، البداية والنهاية "11/ 101"، والمنتظم "6/ 59".

532- نوح بن منصور1. أبو مسلم البغدادي. حدَّث بشيراز. وكانت عنده كُتُب الشّافعيّ. عن: الزَّعْفرانيّ، والرّبيع، ويونس بن عبد الأعلى، والحَسَن بْن عَرَفَة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرّميّ. روى عنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ، ومُطَهَّر بن أحمد شيخ أبي نُعيْم. مات بفارس سنة خمسٍ وتسعين. "حرف الهاء": 533- هارون بن موسى بن شريك الدّمشقيّ المقرئ2. أبو عبد الله الأخفش صاحب ابن ذَكْوان. قرأ عليه، وسمع أبا مُسْهر. قرأ عليه: ابن الأخرم المقرئ، والنّقّاش؛ وروى عنه: الطَّبَرانيّ، وأبو أحمد بن النّاصح. مات سنة ثلاثٍ وتسعين على الصّحيح. وقيل: سنة إحدى. 534- هُبَيْرة بن محمد بن عبد الحميد. أبو أحمد المصريّ. عن: عيسى بن زُغْبَة، وغيره. مات سنة سبْع وتسعين. 535- هُمَيْم بن همّام. أبو العبّاس الطَّبَريّ3. طوّف وسمع: أبا مُصْعَب، ومحمد بن أبي مَعْشَر. وعنه: أبو أحمد الغطْرِيفيّ بن عبد الملك، وأهل جُرْجان. مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. "حرف الواو": 536- وحيد بن عمر بن هارون البخاريّ الفقيه.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 122". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 128". 3 تاريخ جرجان للسهمي "189، 134، 439، 449، 534، 537، 539".

روى عَنْ: إسحاق بن راهَوَيْه، وأبي مُصْعَب الزُّهْريّ، وطبقتهما. وعنه: خَلَف الخيّام، وأبو الأسود أحمد بن إبراهيم، وغيرهما. تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 537- وكيع بن إبراهيم بن عيسى المَوْصِليّ. عن: سُفْيان بن وَكِيع، ولُوَيْن، وأبي عمّار الحسين بن حرث. وكتب عنه النَّسائيّ. وروى عنه: يزيد بن محمد. مات سنة سبْعٍ وتسعين. 538- الوليد بن حمّاد بن جابر الرّمليّ الزّيّات1. سمع: سليمان بن عبد الرحمن، ويزيد بن مَوْهب الرمليّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وجماعة. كان على رأس الثلاثمائة. "حرف الياء": 539- يحيى بن أحمد زياد. أبو منصور السُّفْيانيّ الهَرَويّ. سمع: خالد بن الصّبّاح، ويحيى بن معين، وأحمد بن سعيد الدّارِميّ. وعنه: أبو إسحاق البزّار الحافظ، والفضل بن العبّاس، وأبو الفضل بن حَمْدُوَيْه. مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين. 540- يحيى بن الحسين بن القاسم بن طباطبا العَلَويّ. كان قد غلب على اليمن، وَدُعِيَ له بصنعاء وما والاها عنه. وضُرِبَت السّكّة باسمه. ثمّ خرج من صنعاء بعد غَلَبة القَرَامطة، فصار إلى صُعْدة، وتسمّى بالهادي أبي الحَسَن. وملك نجْران وتلك النّواحي، وَخُطِبَ له بأمير المؤمنين. وكان حَسَن السِّيرة. مات سنة ثمانٍ وتسعين؛ قام بعده ولده محمد، ولُقِّب الْمُرْضَى. 541- يحيى بن زكريّا الثَّقَفيّ القُرْطُبيّ. المعروف بابن السّاق. سمع: يحيى بن إبراهيم بن "....."2، وأبان بن عيسى، ومحمد بن وضاح،

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 123، 124". 2 في الأصل بياض.

وعامر بن معاوية، وطائفة. وحجّ متأخرًا، فسمع من النَّسائيّ. وكان صوّامًا صالحًا عالمًا. أخذ النّاس عنه. ومات في رمضان سنة ثمانٍ وتسعين. 542- يحيى بن عبد الله بن الحُرَيش1. أبو عبد الله. عن: أبي الأشعث العِجْلي، وزياد بن أيّوب. وعنه: أبو الشّيخ. وثَّقه أبو نُعَيْم. وكان أصبهانيّ. مات سنة ستٍّ وتسعين. 543- يحيى بن عبد الله بن حُجْر بْن عَبْد الْجَبَّار بْن وائل الحَضْرَميّ2. عَنْ: عمه محمد بْن حجر، عن أقاربهم. وعنه: الطَّبَرانيّ. مات سنة إحدى وتسعين. 544- يحيى بن عبد الباقي الأَذَنيّ3. محدِّث ثقة. سمع: محمد بن سليمان لُوَيْن، وغيره. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن قانع. مات سنة اثنتين وتسعين في ذي القعدة. 545- يحيى بن عبد العزيز بن المختار القُرْطُبيّ4. ثقة، مفتي. سمع: العبْسي، ويونس بن عبد الأعلى، وجماعة. روى عنه: أحمد بن نصر، وحبيب بن الرَّبيع، ومحمد بن قاسم، وأحمد بن بِشْر. مات سنة تسعٍ وتسعين. 546- يحيى بن علي بن أبي منصور المنَّجم النّديم5. من كبار المُعْتَزِلة ومصنِّفيهم. نادم المعتضد وابنَه المكتفي، وله كتاب في أخبار الشعراء، وله تصانيف في الاعتزال. مات سنة ثلاثمائة، وعاش ستين سنة.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 362". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 143-146". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 45"، تاريخ بغداد "14/ 227"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 146". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 185". 5 سير أعلام النبلاء "13/ 405"، وتاريخ بغداد "14/ 230"، والفهرست لابن النديم "1/ 144".

547- يحيى بن محمد بن البَخْتَرِيّ الحِنّائي1. أبو زكريّا البغداديّ. سمع: طالوت بن عبّاد، وشَيْبان بن فَرُّوخ. وعنه: أبو مسلم الكَجّيّ مع تقدُّمه، وأبي عُبَيْد العسكريّ، والإسماعيليّ. مات سنة تسعٍ وتسعين. 548- يحيى بن محمد بن عِمران الحلبي2. ثم البالسي. عن: هشام بن عمار، ودُحَيْم، وابن مُصفى. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بكر النّقّاش، وابن عديّ، وحمزة الكِنانيّ. 549- يحيى بن المُعَافَى بن يعقوب الكِنْديّ المَوْصِليّ. الفقيه الحنفيّ. أفتى وكتب الشروط. وروى عن: غسّان بن الرّبيع، وسعيد بن منصور، وأحمد بن يونس، وجماعة. وكتب الناس عنه. وولي قضاء ملطية. روى عنه: يزيد بن محمد الأزْديّ، وغيره. مات سنة ثلاث وتسعين. 550- يحيى بن منصور3. أبو سعيد الهَرَويّ الإمام. كان آيةً في العِلْم والزُّهْد، حتّى قِيلَ إنّه لم يَرَ مثل نفسه. روى عن: سُوَيْد بن نصر، وغيره. روى عنه: أحمد بن عيسى الغيزاني. ومات في ذي الحجّة سنة ثلاثٍ وتسعين. 551- يحيى بن نافع بن خالد المصريّ4. أبو حبيب. سمع: ابن أبي مريم. وعنه: الطَّبَرانيّ. مات في ربيع الأوّل سنة إحدى وتسعين. 552- يعقوب بن إسحاق بن يعقوب بن حُمَيْد الطائي الموصلي.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 229". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 142". 3 سير أعلام النبلاء "13/ 570"، المنتظم "6/ 26"، والعبر "2/ 94"، وتاريخ بغداد "14/ 225"، وشذرات الذهب "2/ 213". 4 المعجم الصغير للطبراني "2/ 138".

روى عن: جُبَارة بن المُغَلِّس، وابن عمّار. قَالَ الأَزْديّ: مات سنة سبْعٍ أو ثمان وتسعين. 553- يعقوب بن عليّ بن إسحاق النّاقد. أبو يوسف الكوفيّ. مات بمصر سنة ثلاثٍ وتسعين. 554- يعقوب بن غَيْلان العُمَانيّ1. حدَّث بالبصرة عن: سعيد بن عُرْوة. وعنه: الطَّبَرانيّ. مات سنة ثلاثٍ وتسعين. 555- يعقوب بن الوليد بن محمد بن القاسم. أبو يوسف الأَيْليّ. عن: ابن صالح، ويحيى بن بُكَيْر. مات سنة ثلاثمائة. 556- يعقوب بن يوسف بن الحَكَم الجوباريّ الْجُرْجانيّ2. روى عن: الفلاس ببغداد. وعن: محمد بن خالد بن خداش. وعنه: ابن عديّ، والإسماعيليّ، وغيرهما. مات سنة ثلاثٍ وتسعين. 557- يوسف بن الحَكَم3. أبو عليّ الضّبّيّ البغدادي الخيّاط. صدوق. سمع: بِشْر بن الوليد. وعنه: الطَّبَرانيّ، والجِعَابي. مات سنة تسعٍ وتسعين. 558- يوسف بن عاصم الرّازيّ. أبو يعقوب. ثقة. رحل وسمع: هُدْبة، ومحمد بن عبد الله بن نُمَيْر، وسُوَيْد بن سعيد. وعنه: أبو سعيد الرّازيّ، وعليّ بن أحمد بن صالح، وجماعة. مات سنة ثمانٍ وتسعين. 559- يوسف بن موسى المروروذي القطان4.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 132". 2 تاريخ جرجان للسهمي "488". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 134"، وتاريخ بغداد "14/ 312". 4 تاريخ بغداد "14/ 308"، والمنتظم "9/ 89".

حجّ وحدَّث بالعراق عن: ابن راهويه، وأبي معمر القطيعي، واحمد بن صالح المصري. وعنه: ابن عقدة، وأبو بكر الشافعي، وجماعة من آخرهم أحمد بن يوسف بن خلاد. وثقه الخطيب. ومات سنة ثلاث وتسعين. 560- يوسف بْن يعقوب بْن إسماعيل بْن حمّاد بن زيد بن درهم البصري1. ثم البغدادي. القاضي أبو محمد مولي الأزد. سمع: مسلم بن إبراهيم، وسليمان بن حرب، وجماعة. ولي قضاء البصرة وواسط، وضم إليه قضاء الجانب الشرقي ببغداد. وكان عفيفا مهيبا، ثقة عالما، مصنفا. وعنه: دعلج، وابن ماسي، وعلي بن محمد بن كيسان، وطائفة. مات سنة سبع وتسعين ومائتين. "الكني": 561- أبو جعفر بن ماهان الرازي. سمع: هشام بن عمار، ودحيما. وعنه: أبو الشيخ. كان على رأس الثلاثمائة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 85-87"، وتاريخ بغداد "14/ 310"، والبداية والنهاية "11/ 112"، والنجوم الزاهرة "3/ 171"، والمنتظم "6/ 96".

تراجم أهل هذه الطبقة على الحروف

تراجم أهل هذه الطبقة على الحروف ... وقال العُقَيْليّ: ثنا عبد الله بن أحمد، ثنا البخاريّ قَالَ: قَالَ ابْن عُيَيْنة: سَمِعْت مقاتلًا يَقُولُ: إن لم يخرج الدّجّال الأكبر سنة خمسين ومائة فاعلموا أنّي كذّاب. 237- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هشام بن أبي وَارَةَ. أبو عبد الرحمن. مَرْوَزِيّ له أربعون حديثًا مَرْوِيّة. رواها عنه: عبد الله بن أحمد المَرْوَزِيّ. يروي عنه: سعيد بن سعيد، وعليّ بن حُجْر، وداود بن رُشَيْد، وجُبَارة بن المُغلّس، وطبقتهم. ولا أعلم متى كان، ثمّ ظفرت بموته سنة خمسٍ وتسعين ومائتين. 238- عبد الله بن إبراهيم الأزْديّ الضّرير. عن: الحَسَن بن عليّ الحلْوانيّ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وجماعة. وعنه: بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ. 239- عبد الله بن أبي الخوارزميّ القاضي. عن: أحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وسعيد بن المنصور، وقُتَيْبَة، وابن راهوَيْه، وخلْق. وعنه: أبو عبد الله البخاريّ، ومحمد بن عليّ الحسّانيّ الخوارزميّ، وأبو العبّاس محمد بن أحمد بن حمدان الحِيريّ شيخ البَرْقانيّ. قِيلَ: إنّه الّذي قَالَ البخاريّ في "الصّحيح": ثنا عبد الله، ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدّمشقيّ. وذلك يتوّجه، فإنّه روي في كتاب "الضّعفاء" عدّة أحاديث، عنه، عن سليمان بن عبد الرحمن، وعن غيره. 240- عبد الله بن أيّوب1. أبو محمد البصْريّ القربيّ الضَّرير. عن: أبي الوليد الطَّيالِسيّ، وأُميَّة بن بِسْطام، وأبي نصر التمّار، ويحيى الحِمّانيّ، وسهل بن بكّار، وجماعة. وعنه: أبو سهل القطّان، وحبيب القزاز، والذارع، والطبراني، وآخرون.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 214"، وتاريخ بغداد "9/ 413".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع: الطبقة الثلاثون: "أحداث سنة إحدى وتسعين ومائتين": 3 المتوفون هذه السنة 3 مقتل الحسين بن زكرويه 3 زواج ابن المكتفي 3 خروج الترك إلى بلاد المسلمين 3 وصول الروم إلى الحدث 4 غزوة غلام زرافة 4 مسير محمد بن سليمان إلى الرَّمْلَةِ 4 ذكر ما فعله صاحب الشامة ببلاد الشام 4 هزيمة صاحب الشامة وقتله "أحداث سنة اثنتين وتسعين ومائتين": 5 المتوفون هذه السنة 5 عودة مصر إلى العباسيين 5 القبض على محمد بن سليمان 6 زيادة دجلة 6 استيلاء الخليجيّ على مصر 6 تكريم المكتفي لبدر الحمّامي 6 وصول تقادم إسماعيل أحمد "أحداث سنة ثلاث وتسعين ومائتين": 6 المتوفون هذه السنة 7 تغلب الخليجي على جيش المكتفي 7 ظهور أخي الحسين بن زكرويه

7 استغواء القرامطة لبعض بطون كلب 7 مسير القرمطي ببلاد الشام 8 مقتل أبي غانم القرمطي 8 مهاجمة القرامطة للكوفة 8 القبض على الخليجي "أحداث سنة أربع وتسعين ومائتين": 9 المتوفون هذه السنة 9 اعتراض القرامطة قافلة الحاج 9 الحرب بين وصيف والقرمطي "أحداث سنة خمس وتسعين ومائتين": 10 المتوفون هذه السنة 10 الفداء بين المسلمين والروم 10 خروج خاقان المفلحي لحرب ابن أبي الساج 10 وفاة الخليفة المكتفي 11 خلافة المقتدر 11 بيت المال "أحداث سنة ست وتسعين ومائتين": 11 المتوفون هذه السنة 12 موت محمد بن المعتضد 12 خلع المقتدر وتوليه ابن المعتز 13 وزارة ابن الجراح 13 مقتل العباس الوزير 13 قول الطبري في خلافة ابن المعتز 13 مهاجمة ابن حمدان دار الخلافة 14 عودة المقتدر إلى الخلافة 14 وزارة ابن الفرات 15 حبس ابن المعتز

15 الأمر بعدم استخدام اليهود والنصارى 15 تفويض المقتدر الزمر لابن الفرات 15 تقليد المقتدر لابن حمدان قم وقاشان 15 وقوع الثلج ببغداد 16 خروج المهدي عبيد الله من السجن وإظهار أمره 16 تخلُّص المهديّ من أبي عبد الله الشيعيّ وأخيه "أحداث سنة سبع وتسعين ومائتين": 16 المتوفون هذه السنة 17 دخول ابني ابن الليث بغداد أسيرين 17 بناء المهدية بالمغرب 17 إقامة ابن الأغلب بالرقة 17 وفاة النوشري وابن بسطام "أحداث سنة ثمان وتسعين ومائتين": 17 المتوفون هذه السنة 18 إصابة القاضي ابن أبي الشوارب بالفالج 18 ولاية ابن حمدان ديار بكر وربيعة 18 وفاة ابن عمروية 18 وفاة صافي الحرمي 18 استتار الخاقاني 18 هبوب الريح بالموصل 19 قتل المهدي للداعيين الشيعيين "أحداث سنة تسع وتسعين ومائتين": 19 المتوفون هذه السنة 19 القبض على الوزير ابن الفرات 19 وزارة ابن خاقان 19 ورود هدايا مصر على المقتدر 20 ورود هدايا أمير خراسان

20 ورود هدايا ابن أبي الساج 20 الدعوة للمهدي بالخلافة "أحداث سنة ثلاثمائة": 20 المتوفون هذه السنة 20 مقتل الحسيني بأعمال دمشق 21 الوباء بالعراق 21 سيح جبل بالدينور 21 مصادرة ابن الفرات وأصحابه 21 وزارة علي بن عيسى 21 ولادة بغلة

تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ عَلَى الْحُرُوفِ: "حَرْفُ الألف: 21 1- أحمد بن إبراهيم بن عُبَيْد الله 22 2- أحمد بن إبراهيم بن الحكم 22 3- أحمد بن إبراهيم بن أيوب 22 4- أحمد بن إسحاق الأصبهاني "حمويه" 22 5- أحمد بن أنس بن مالك 22 6- أحمد بن بشر أبو أيوب الطيالسي 23 7- أحمد بن بشر الهروي 23 8- أحمد بن بشر بن حبيب الصوري 23 أحمد بن بشر بن عبد الوهاب 23 أحمد بن بِشْر المَرْثَديّ 23 9- أحمد بن تميم بن " ... " المروذي 23 10- أحمد بن حاتم ماهان السامري 23 11- أحمد بن الحسن بن أبان بن مُضَر 24 12- أحمد بن الحسين بن نصر الحذاء 24 13- أحمد بن الحسين. أبو بكر الباغندي 24 14- أحمد بن حفص السعدي الجرجاني 25 15- أحمد بن حماد بن مسلم التجيبي 25 16- أحمد بن حماد بن سفيان الكوفي 25 17- أحمد بن داود بن أبي نصر 25 18- أحمد بن رستة الأصبهاني 26 19- أحمد بن أبي يحيى زكير الحضرمي 26 20- أحمد بن زيد بن الحريش الأهوازي 26 21- أحمد بن سعيد بن شاهين البغدادي 26 22- أحمد بن سعيد أبو جعفر النيسابوري 26 23- أحمد بن سعيد بن عروة الصفار

27 24- أحمد بن الحافظ سعيد بن مسعود 27 25- أحمد بن سليمان بن أيوب المديني 27 26- أحمد بن سهل بن أيوب الأهوازي 27 27- أحمد بن سهل بن مالك النيسابوري 27 28- أحمد بن صنا الدمشقي المروي 28 29- أحمد بن طاهر بن حرملة التجيبي 28 30- أحمد بن العباس بن أشرس 28 31- أحمد بن العبّاس بن الوليد بن مَزْيَد 28 32- أحمد بن عبدان بن سنان الزعفراني 28 33- أحمد بن عبد الله الختلي 29 34- أحمد بن عبد الله القرمطي 30 35- أحمد بن عبد الرحمن السقطي 30 36- أحمد بن عبد الرحمن بن مرزوق البزوري 30 37- أحمد بن عبد الرحمن بن يزيد بن عقال 31 38- أحمد بن عُبَيْد الله بن جرير بن جبلة العتكي 31 39- أحمد بن عبيد الشيرازي 31 40- أحمد بن علي بن إسماعيل القطان 31 41- أحمد بن علي بن إسماعيل الرازي 31 42- أحمد بن علي بن سعيد المروزي 32 43- أحمد بن علي بن حسن التميمي 32 44- أحمد بن عليّ بن محمد بن الجارود 32 45- أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار 33 46- أحمد بن عمرو بن مسلم المكي الخلال 33 47- أحمد بن عمرو بن حفص القرمعي 33 48- أحمد بن فياض الدمشقي 33 49- أحمد بن القاسم بن مساور البغدادي 34 50- أحمد بن القاسم السليماني الأغر

34 51- أحمد بن القاسم بن نصر بن دَوَسْت 34 52- أحمد بن القاسم الطائي البرتي 34 53- أحمد بن محمد بن الحَسَن بن بِسْطام 34 54- أحمد بن محمد بن منصور البغدادي 34 55- أحمد بن محمد بن عليّ بن أُسَيْد 35 56- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن الحَسَن بْن الفرات 35 57- أحمد بْن محمد بْن الحَجّاج بْن رِشْدِين 35 58- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن صدقة 36 59- أحمد بن محمد المديني الأصبهاني 36 60- أحمد بن محمد بن سعيد الأصبهاني المعيني 36 61- أحمد بن محمد بن حرب الْجُرْجانيّ المُلْحَميّ 36 62- أحمد بن محمد الثوري 37 حكاية نافعة 40 63- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن رباح 41 64- أحمد بن محمد بن نافع المصري الطحاوي 41 65- أحمد بن محمد بن زكريا البغدادي 41 66- أحمد بن محمد بن يزيد بن الأشعث 41 67- أحمد بن محمد بن الوليد المري 42 68- أحمد بن محمد بن مسروق البغدادي 42 69- أحمد بن محمد بن خالد البراثي 43 70- أحمد بن محمد بن دلان الخيشي 43 71- أحمد بن محمد بن ساكن الزنجاني 43 72- أحمد بن موسى الجنبي 43 73- أحمد بن موسى بن مخلد الغافقي 44 74- أحمد بن نجدة بن العريان الهروي 44 75- أحمد بن أبي رجاء نصر بن شاكر 44 76- أحمد بن نصر بن إبراهيم النيسابوري

46 77- أحمد بن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري 46 78- أحمد بن هشام بن عبد الله الأسدي 46 79- أحمد بن وهب بن عمرو المصيصي 47 80- أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني 48 81- أحمد بن يحيى بن إسحاق الرواندي 51 82- أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان الرقي 51 83- أحمد بن يحيى بن إسحاق البجلي الحلواني 51 84- أحمد بن يحيى بن الإمام يحيى بن يحيى الليثي 52 85- أحمد بن يحيى البلاذري الكاتب 52 86- أحمد بن يعقوب البغدادي القاضي 52 87- أحمد بن مخلد الأصبهاني البزاز 53 88- أحمد بن أحمد الشيباني اللغوي 53 89- إبراهيم بن أحمد الخواص الزاهد 54 90- إبراهيم بن إسحاق الأنصاري البغدادي 54 91- إبراهيم بن بندار بن عبدة الأصبهاني 55 92- إبراهيم بن جعفر الأشعري الأصبهاني 55 93- إبراهيم بن داود العنبري المصري 55 94- إبراهيم بن درستويه الشيرازي 55 95- إبراهيم بن الحسن الهمداني الآرمي 55 96- إبراهيم بن الحسين الهمداني. 56 97- إبراهيم بن سعيد بن معدان الهمداني 56 98- إبراهيم بن أبي طالب محمد بن نوح النيسابوري 58 99- إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز الكجي 59 100- إبراهيم بن عبد الله بن مَعْدان الأصبهانيّ 60 101- إبراهيم بن عليّ بن محمد بن آدم 60 102- إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم الدّمشقيّ 60 103- إبراهيم بن محمد بن الحارث بن ميمون

61 104- إبراهيم بن محمد بن الهيثم البغدادي 61 105- إبراهيم بن محمد بن أبي الشّيوخ الأدميّ 61 106- إبراهيم بن محمود بن حمزة النيسابوري 61 107- إبراهيم بن معقل بن الحجاج 62 108- إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي 62 109- إبراهيم بن هاشم بن الحسين البغوي 63 110- إبراهيم بن الفضل بن غسان 63 111- إدريس بن عبد الكريم البغدادي 64 112- إسحاق بن أحمد بن النضر العبقي 64 113- إسحاق بن إبراهيم بن جابر التجيبي 64 114- إسحاق بن إبراهيم المصريّ الجلّاب. ويُعرف بِفُقَيْقِيعَة. 64 115- إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن نفيس 64 116- إسحاق بن إبراهيم بن داود الأصبهاني 64 117- إسحاق بن حاجب البغدادي المعدل 65 118- إسحاق بن حنين بن إسحاق العبادي 65 119- إسحاق بن خالويه الياسري 65 120- إسحاق بن موسى اليحمدي 65 121- أسلم بن سهل بن أسلم "بحشل" 66 122- إِسْمَاعِيل بْن أحْمَد بْن أسد بْن سامان 67 123- إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن عبدة 67 124- إسماعيل بن محمد بن وهب المصري 67 125- إسماعيل بن محمد بن قيراط العذري 68 126- إسماعيل بن محمد المزني الكوفي "حرف الباء": 68 127- البَخْتَريّ بن محمد بن صالح البغدادي 68 128- بشر بن عبد الملك الخزاعي 68 129- بهلول بن إسحاق التنوخي

"حرف الجيم": 69 130- جبرون بن عيسى بن يزيد البغوي البغوي 69 131- جبلة بن حمود 69 132- جعفر بن أحمد بن عبد الرحمن السلماني 70 133- جعفر بن أحمد بن مضر المضري 70 134- جعفر بن شعيب الشاشي 70 135- جعفر بن عبد الله الصّبّاح بن نَهْشَلٍ 70 136- جعفر بن محمد الحسين النيسابوري 71 137- جعفر بن محمد بن ماجد البغدادي 71 138- جعفر بن محمد بن الفرات 71 139- جعفر بن محمد بن الأزهر البغدادي 71 140- جعفر بن محمد بن يزيد السوسي 72 141- جعفر بن محمد بن الليث الزيادي 72 142- الجنيد بن خلف السمرقندي 72 143- الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي "حرف الحاء": 76 144- حامد بن سَعْدان بن يزيد البغدادي 76 145- حامد بن سهل البخاري الدهان 76 146- الحرش بن أحمد بن حريش الرازي 76 147- حامد بن شاذي الكشي 76 148- الحسن بن أحمد بن سليمان "سحنون" 77 149- الحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني 77 150- الحسن بن إبراهيم بن حلقوم 77 151- الحسن بن إدريس العسكري 77 152- الحسن بن تميم الأصبهاني 77 153- الحسن بن سعيد بن مهران 78 154- الحسن بن علي بن المتوكل

78 155- الحسن بن علي بن شبيب المعمري 80 156- الحسن بن علي بن الوليد الفارسي 80 157- الحسن بن علي بن شهريار الرقي 81 158- الحسن بن علي بن مخلد النيسابوري 81 159- الحَسَن بن عليّ بن محمد بن سليمان القطان 81 160- الحسن بن محمد بن أسيد الثقفي 82 161- الحسن بن محمد بن نصر البغدادي النخاس 82 162- الحسن بن محمد بن الجنيد الختلي 82 163- الحسن بن محمد بن الحسين المصري 82 164- الحسن بن محمد بن سليمان الخزاز 82 165- الحسن بن المثني بن معاذ العنبري 83 166- الحسن بن هارون بن سليمان الأصبهاني 83 167- الحسن بن يزداد الهمداني الخشاب 83 168- الحسين بن موسى بن عيسى الحضرمي 83 169- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهب 83 170- الحسين بن أحمد بن منصور "سجادة" 84 171- الحسين بن أحمد بن جيون الأنصاري الصعيدي 84 172- الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريّا الشيعي 85 173- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهب 86 174- الحسين بن إبراهيم بن عامر الأنطاكي 86 175- الحسين بن إسحاق التستري 86 176- الحسين بن جعفر بن حبيب القتات 86 177- الحسين بن أحمد بن موسى بن المبارك العكي 86 الحسين بن زكرويه 86 178- الحسين بن شرحبيل البطليوسي 87 179- الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقي 87 180- الحسين بن عبد الله بن أبي زيد

87 181- الحسين بن عبد الحميد الموصلي 88 182- الحسين بن عبيد الله بن الخصيب 88 183- الحسين بن علي بن مصعب 88 184- الحسين بن علي بن حماد بن مهران 88 185- الحسين بن عمر بن أبي الأحوص 89 186- الحسين بن الكميت بن بهلول 89 187- الحسين بن محمد بن جمعة الأسدي 89 188- الحكم بن معبد بن أحمد الخزاعي 89 189- حويت بن أحمد بن أبي حكيم القرشي "حرف الخاء": 90 190- خالد بن غسّان بن مالك الدارمي 90 191- خشناج بن أبي معروف بشر بن العنبري 90 192- خلف بن سليمان النسفي 90 193- خلف بن عمرو العكبري "حرف الدال": 91 194- داود بن الحسين بن عُقَيل البيهقي 91 195- داود بن وسيم البوشنجي "حرف الراء": 92 196- رباح بن طيبان "حرف الزاي": 92 197- زكريا بن دلويه النيسابوري 92 198- زكريا بن عصام الكرجي 92 199- زكريا بن يحيى بن الحارث 93 200- زهرة بن زفر المصري "حرف السين": 93 201- السري بن مكرم البغدادي 93 202- سعيد بن إسحاق الكلبي

"حرف العين": 108 227- عامر بن محمد بن يزيد البلاطي 108 228- العباس بن أحمد بن الحسن الوشاء 108 229- العباس بن أحمد بن عقيل 108 230- العباس بن حمدان الأصبهاني 109 231- العباس بن الحسن الوزير 109 232- العباس بن الربيع بن ثعلب البغدادي 109 233- العباس بن أحمد بن عقيل 109 234- العباس بن محمد بن مجاشع 109 235- العباس بن محمد بن عيسى المروزي 110 236- عبد الله بن أحمد بن عبد السّلام الخفاف 111 237- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هشام 111 238- عبد الله بن إبراهيم الأزدي 111 239- عبد الله بن أبي الخوارزمي القاضي 111 240- عبد الله بن أيوب البصري 112 241- عبد الله بن بُنْدار بن إبراهيم الضّبّيّ 112 242- عبد الله بن جعفر بن خاقان 112 243- عبد الله بن الحسن بن أحمد الأموي 113 244- عبد الله بن حمدويه النهرواني 114 245- عبد الله بن سعيد بن عبد الرحمن الزهري 114 246- عبد الله بن سَلَمَةَ بن يزيد القاضي 114 247- عبد الله بن الصباح الأصبهاني 114 248- عبد الله بن عبد الحميد بن عصام الجرجاني 114 249- عبد الله بن عيسى بن حماد 114 250- عبد الله بن القاسم بن هلال العَبْسيّ 115 251- عبد الله بن قريش الأسدي 115 252- عبد الله بن محمد بن الوليد بن حازم البصري

115 253- عبد الله بن محمد بن سَلْم الهمدانيّ 115 254- عبد الله بن محمد الناشئ الشاعر 116 255- عبد الله بن محمد بن سَلْم الفِرْيابي 116 256- عبد الله بن محمد بن عليّ البلْخيّ 116 257- عبد الله بن محمد بن العباس السهمي 116 258- عبد الله بن محمد بن صالح البكري 117 259- عبد الله بن محمد بن حميد الخياط 117 260- عبد الله بن محمد بن أبي كامل الفزاري 117 261- عبد الله بن محمد بن الجعد الفرساني 117 262- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الحكم 119 263- عبد الله بن المُعْتَز بالله محمد بن المتوكل 121 264- عبد الحميد بن عبد العزيز السكوني 123 265- أبو حازم القاضي أحمد بن محمد بن نصر 123 266- أبو حازم أحمد بن محمد بن نصر 123 267- عبد الرحمن بن أحمد بن يزيد الزهري 123 268- عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الحميد الكناني 123 269- عبد الرحمن بن إسحاق الثقفي 124 270- عبد الرحمن بن بن حاتم المرادي 124 271- عبد الرحمن بن بن عبد الوارث التجيبي 124 272- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ 124 273- عبد الرحمن بن عبد الصمد السلمي 124 274- عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج 125 275- عبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي 125 276- عبد الرحمن بن معاوية الطبري 125 277- عبد الرازق بن الحسن بن عبد الرزاق 126 278- عبد السلام بن أحمد بن سُهَيْل بن مالك 126 279- عبد السلام بن سهل البغدادي

126 280- عبد السلام بن العباس الحمصي 126 281- عبد الصمد بن محمد بن أبي عِمران العينوني 126 282- عبد العزيز بن أحمد البغدادي 126 283- عبد العزيز بن محمد الحارثي 127 284- عبد الغفار بن أحمد الحمصي 127 285- عبد الكبير بن محمد بن عبد الله بن حفص 127 286- عبد الملك بن يحيى بن عبد الله بن بكير 127 287- عبيد الله بن أحمد بن سليمان القرشي 127 288- عُبَيْد الله بن طاهر بن الحسين الأمير 128 289- عبيد الله بن المستملي أبي مسلم 128 290- عبيد الله بن يحيى بن يحيى بن كثير الليثي 129 291- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البرقي 130 292- عُبَيْد الله بن محمد بن عبد العزيز العمري 130 293- عبيد العجل "حسين بن محمد بن حاتم" 131 294- عثمان بن عمرو الضبي 131 295- علي المكتفي بالله الخليفة 131 296- علي بن أحمد بن الصباح القزويني 132 297- علي بن أحمد بن النضر الأزدي 133 298- علي بن إسحاق بن إبراهيم الأصبهاني 133 299- علي بن جبلة بن رستة التميمي 133 300- علي بن الحسين بن شهريار الرازي 133 301- علي بن الحسين بن الجنيد الرازي 134 302- علي بن الحسين بن عبد الرحيم 134 303- علي بن الحسين بن مهران 135 304- علي بن حسنويه البغدادي 135 305- علي بن حماد بن هشام العسكري 135 306- علي بن رازح بن رجب الخولاني

135 307- عليّ بن سعيد بن بشير بن مهران 136 308- علي بن سعيد العسكري 136 309- علي بن طيفور بن غالب النشوي 136 310- علي بن عمر بن توبة الخولاني 136 311- علي بن غالب بن سلام السكسكي 136 312- علي بن القاسم الضبي البغدادي 136 313- عليّ بن محمد بن عبد الوهّاب بن جبلة 137 314- علي بن محمد بن عيسى الخزاعي 137 315- عليّ بن أحمد بن يزيد بن عُلَيْل 137 316- عمران بن موسى بن حميد المصري 137 317- عمر بن أحمد بن بشر البغدادي 138 318- عمر بن حفص السدوسي 138 319- عمر بن حفص الهمداني البخاري 138 320- عمرو بن بحر الأسدي الصوفي 138 321- عمرو بن حازم القرشي 139 322- عمرو بن الحافظ أبي زرعة النصري 139 323- عَمْرو بن عبد الله بن عبد الوهّاب الصدفي 139 324- عمرو بن عثمان المكي الزاهد 139 325- عيسى بن خدابنده 139 326- عياش بن محمد بن عيسى البغدادي 139 327- عيسى بن محمد بن عيسى الطهماني 143 328- عيسى بن محمد النوشري الأمير 144 329- عيسى بن مسكين بن منصور الإفريقي 144 330- عيسى بن هارون الزاهد الهمداني 144 331- عيسى بن يزيد خالد المصري "حرف الفاء": 144 332- فاتك بن عبد الله

145 333- الفضل بن أحمد الأصبهاني 145 334- الفضل بن صالح الهاشمي المنصوري 145 335- الفضل بن عبد الله بن مخلد التميمي 145 336- الفضل بن العباس بن مهران 146 337- الفضل بن العباس بن الوليد البغدادي 146 338- الفضل بن محمد الحاسب 146 339- الفضل بن هارون الفقيه 146 340- الفضل بن الفيض بن الخضر الأولاسي "حرف القاف": 146 341- القاسم بن أحمد بن يوسف التميمي 147 342- القاسم بن أبي حرب البصري 147 343- القاسم بن خالد بن قطن 147 344- القاسم بن عاصم المرادي الأندلسي 148 345- القاسم بن عبد الواحد بن حمزة البكري 148 346- القاسم بن عبد الوارث الوراق 148 347- القاسم بن عبيد بن سليمان الوزير 149 348- القاسم بن محمد بن حمّاد الكوفيّ الدّلّال 149 349- قنبل "محمد بن عبد الرحمن بن محمد" 150 350- قيس بن مسلم البخاري الأزرق "حرف اللام": 150 351- الليث بن غشوم المصري "حرف الميم": 150 352- محمد بن أبان المديني 150 353- محمد بن إبراهيم بن سعيد المالكي البوشنجي 154 354- محمد بن إبراهيم بن سعد بن قُطْبَةَ القيسي 154 355- محمد بن إبراهيم بن شبيب الأصبهاني 154 356- محمد بن إبراهيم بن بُكَيْر بن حبيب الطيالسي

154 357- محمد بن إبراهيم بن خليل الفقيه 154 358- محمد بن إبراهيم بن سعيد الأصبهانيّ الوشّاء 155 359- محمد بن أحمد بن البراء العبدي 155 360- محمد بن أحمد بن عياض المصري 155 361- محمد بن أحمد بن النضر البغدادي 156 362- محمد بن أحمد بن سليمان الهروي 156 363- محمد بن أحمد بن داود المؤدب 156 364- محمد بن إبراهيم بن حمدون الكوفي 156 365- محمد بن أحمد بن نصر الترمذي 158 366- محمد بن أحمد بن بالويه النيسابوري 158 367- محمد بن أحمد بن خزيمة البصري 158 368- محمد بن أحمد بن الضحاك الجدلي 158 369- محمد بن أحمد بن أبي خَيْثَمة زُهَيْر بن حرب 159 370- محمد بن أحمد بن يحيى بن قضاء البصري 159 محمد بن فضاء 159 371- محمد بن أحمد بن كيسان البغدادي 159 372- محمد بن أحمد بن جعفر بن أبي جميلة 160 373- محمد بن أحمد بن عبد الله العبيدي 160 374- محمد بن أحمد بن سعيد الواسطي 160 375- محمد بن أحمد بن خالد الزريقي 160 376- محمد بن أحمد بن مهدي البغدادي 160 377- محمد بن أحمد بن المثنى النيسابوري 161 378- محمد بن أحمد بن سفيان الترمذي 161 379- محمد بن إسحاق بن أعين 161 380- محمد بن إسحاق بن إبراهيم البيهقي 161 381- محمد بن إسحاق المستملي 161 382- محمد بن إسحاق بن الصباح النيسابوري

161 383- محمد بن أحمد بن عبدوس الربعي 162 384- محمد بن أسد بن يزيد الزاهد 162 385- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد 163 386- محمد بن إسحاق بن ملة 163 387- محمد بن إسحاق المسوحي 163 388- محمد بن إسماعيل المقرئ الزاهد 163 389- محمد بن إسماعيل بن مهران الإسماعيلي 164 390- محمد بن إسماعيل بن عامر الرقي 164 391- محمد بن إسماعيل التميمي 164 392- محمد بن أسلم اللاردي 164 393- محمد بن أيوب بن ضريس 165 394- محمد بن بندار بن سهل الإستراباذي 165 395- محمد بن جعفر بن أعين البغدادي 165 396- محمد بن جعفر بن محمد الربعي 165 397- محمد بن جعفر القتات 166 398- محمد بن جُنَادة بن عبد الله الإلهانيّ 166 399- محمد بن حاتم بن نعيم المروزي 166 400- محمد بن حامد بن السري 167 401- محمد بن حبيب البزار 167 402- محمد بن الحسن الخوارزمي 167 403- محمد بن الحسن بن سماعة 167 404- محمد بن الحسن بن الفرج الهمداني 168 405- محمد بن الحسين بن عمارة 168 406- محمد بن الحسين البغدادي الأنماطي 168 407- محمد بن الحسين بن حبيب الوادعي 168 408- محمد بن الحسين الأصبهاني الخشوعي 169 409- محمد بن حنيفة بن ماهان القصبي

169 410- محمد بن حيان المازني 169 411- محمد بن خشنام البلخي 169 412- محمد بن داود بن بندار الفارسي 169 413- محمد بن داود بن الجراح 170 414- محمد بن داود بن عليّ بن خَلَف 173 415- محمد بن داود بن عثمان الصدفي 173 416- محمد بن داود بن مالك الشعيري 173 417- محمد بن رزين بن جامع الأموي 173 418- محمد بن روح بن شبل المصري 173 419- محمد بن السري بن سهل البزاز 174 420- محمد بن السري بن سهل القنطري 174 421- محمد بن السري بن مهران الناقد 174 422- محمد بن سعد بن مقرن 174 423- محمد بن سعيد الطبري الأزرق 174 424- محمد بن سعيد بن غالب الإفريقي 174 425- محمد بن سليمان بن حماد الإستراباذي 175 426- محمد بن سليمان بن خالد النيسابوري 175 427- محمد بن سليمان بن تليد المعافري 175 428- محمد بن سنان بن سرج الشيزري 175 429- محمد بن شعيب الأصبهاني التاجر 175 430- محمد بن شيبة بن الوليد الدمشقي 176 431- محمد بن صالح بن يونس النيسابوري 176 432- محمد بن الصباح النيسابوري 176 433- محمد بن طاهر بن الحسين بن مُصْعَب 176 434- محمد بن عاصم بن يحيى الأصبهاني 176 435- محمد بن العباس بن الوليد الدمشقي 177 436- محمد بن العباس الجمحي

177 437- محمد بن عبد الله بن مصعب 178 438- محمد بن عبد الله بن سليمان "مطين" 178 439- محمد بن عبد الله بن بكار السلمي 178 440- محمد بن عبد الله بن الْجَعْد الهَمْدانيّ 179 441- محمد بن عبد الله القرمطي 179 442- محمد بن عبد الله بن الغاز القرطبي 179 443- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الكلاعي 179 444- محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم الأصبهاني 180 445- محمد بن عبد العزيز بن ربيعة الكلابي 180 446- محمد بن عبد بن عامر التميمي 181 447- محمد بن عبد الملك التاريخي 181 448- محمد بن عبدوس بن كامل السلمي 181 449- محمد بن عبيد الله بن مرزوق 182 450- محمد بن عبيد الله بن سريج الذهلي 182 451- محمد بن عبيد الله الحافظ "ختن" 182 452- محمد بن عثمان بن أبي شيبة العبسي 183 453- محمد بن عثمان بن سعيد المصري 183 454- محمد بن عثمان بن أبي سُوَيْد البصْري 184 455- محمد بن علي بن زيد المكي 184 456- محمد بن علي بن سهل الأنصاري 185 457- محمد بن علي بن حسن البغدادي 185 458- محمد بن علي بن علويه 185 459- محمد بن عليّ بن طَرْخان بن جبّاش 185 460- محمد بن عمر بن العلاء الجرجاني 186 461- محمد بن عمر بن أبان المصري 186 462- محمد بن عمران الجرجاني 186 463- محمد بن عمرو بن خالد الحراني

93 203- سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور 96 204- سعيد بن سعد النيسابوري 96 205- سعيد بن سلمة التوزي 96 206- سعيد بن سليمان بن داود الشرغبي 97 207- سعيد بن عبد الله بن أبي رجاء بن عجب 97 208- سعيد بن عثمان الفندقي 97 209- سعيد بن عمرو بن عمار 98 210- سليمان بن أحمد بن الوليد الأصبهاني 98 211- سليمان بن عزام الموصلي 98 212- سليمان بن المعافي الرسعني 98 213- سليمان بن يحيى الضبي 98 214- سمنون المحب بن حمزة الصوفي 99 215- سهل بن شاذويه الباهلي 100 216- سهل بن أبي سهل الواسطي "حرف الشين": 100 217- شاه بن شجاع الكرماني 101 218- شعيب بن عمران العسكري 101 219- شُرَيْح بن أبي عبد الله بن إسماعيل 101 220- شريح بن عقيل الإسفرايني "حرف الصاد": 101 221- صافي الحرمي الأمير 101 222- صالح بن محمد بن عَمْرو بن حبيب 106 223- صباح بن عبد الرحمن بن الفضل العتقي "حرف الطاء": 107 224- طالب بن قرة الأذني 107 225- طاهر بن عيسى بن قيرة 107 226- طغج بن جف الفرغاني التركي

196 محمد بن النضر 196 491- محمد بن النضر بن سلمة الجارودي 196 492- محمد بن النضر بن عبد الوهاب 197 493- محمد بن هارون الأنصاري 197 494- محمد بن الوليد التميمي 197 495- محمد بن ياسين بن النضر 197 496- محمد بن يحيى بن مالك الضبي 197 497- محمد بن يحيى بن سليمان المروزي 198 498- محمد بن يحيى بن محمد البغدادي 198 499- محمد بن يعقوب البغدادي 199 500- محمد بن يزيد بن محمد الدمشقي 199 501- محمد بن يعقوب بن أبي يعقوب 199 502- محمد بن يعقوب بن سورة 199 503- محمد بن يعقوب البصري الأعلم 199 504- محمد بن يوسف بن يعقوب الرازي 200 505- محمد بن يوسف البارودي 200 506- محمد بن يوسف بن عاصم البخاري 200 507- محمد بن يوسف التركي 200 508- محسن بن جعفر بن علي العلوي 200 509- محمود بن أحمد بن الفرج الزبيري 201 510- محمود بن والان بن موسى العدوي 201 511- محمود بن محمد المروزي 201 512- محمود بن علي بن مالك 201 513- مسبح بن حاتم بن ماور 201 514- مسور بن قطن بن إبراهيم 202 515- مسلم بن أحمد بن أبي عبيدة 202 516- مسلم بن سعيد الأشعري

202 517- مسلم بن عبد الله بن مكرم 202 518- مضارب بن إبراهيم النيسابوري 203 519- معمر بن محمد بن معمر البلخي 203 520- ممشاذ الدينوري 203 521- موسى بن إسحاق بن موسى الخطمي 203 522- موسى بن أفلح البخاري 204 523- موسى بن خازم بن سيار 204 524- موسى بن عبد الحميد بن عصام الْجُرْجانيّ 204 525- موسى بن محمد بن موسى الذهلي 204 526- موسى بن هارون بن عبد الله البزار 204 527- موسى بن هارون بن سعيد الأصبهاني 205 528- موسى بن هشام الدينوري "حرف النون": 205 529- نصر بن أحمد الكندي 205 530- نصر بن سياد بن فتح 205 531- نصر بن عبد الحميد القراطيسي 206 532- نوح بن منصور البغدادي "حرف الهاء": 206 533- هارون بن موسى بن شريك "الأخفش" 206 534- هبيرة بن محمد بن عبد الحميد 206 535- هميم بن همام الطبري "حرف الواو": 206 536- وحيد بن عمر بن هارون البخاري 207 537- وكيع بن إبراهيم بن عيسى الموصلي 207 538- الوليد بن حماد بن جابر الرملي "حرف الياء": 207 539- يحيى بن أحمد بن زياد السفياني

207 540- يحيى بن الحسين بن القاسم بن طباطبا 207 541- يحيى بن زكريا الثقفي القرطبي 208 542- يحيى بن عبد الله بن الحريش 208 543- يحيى بن عبد الله بن حجر 208 544- يحيى بن عبد الباقي الأذني 208 545- يحيى بن عبد العزيز بن المختار القُرْطُبيّ 208 546- يحيى بن علي بن يحيى المنجم النديم 209 547- يحيى بن محمد بن البختري 209 548- يحيى بن محمد بن عمران الحلبي 209 549- يحيى بن المعافي بن يعقوب الكندي 209 550- يحيى بن منصور الهروي 209 551- يحيى بن نافع بن خالد المصري 209 552- يعقوب بن إسحاق بن يعقوب الطائي 210 553- يعقوب بن علي بن إسحاق الناقد 210 554- يعقوب بن غيلان العماني 210 555- يعقوب بن الوليد بن محمد الأيلي 210 556- يعقوب بن يوسف بن الحكم الجوباري 210 557- يوسف بن الحكم الضبي 210 558- يوسف بن عاصم الرازي 210 559- يوسف بن موسى المروروذي 211 560- يوسف بن يعقوب بن إسماعيل "الكنى": 211 561- أبو جعفر بن ماهان الرازي 213 فهرس الموضوعات

المجلد الثالث والعشرون

المجلد الثالث والعشرون الطبقة الحادية والثلاثون أحداث سنة إحدى وثلاثمائة ... بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم ربنا أفرغ علينا صبرًا الطبقة الحادية والثلاثون: القرن الرابع: وما جرى فيه من الحوادث الكبار من كلام ابن الجوزي، وغيره. أحداث سنة إحدى وثلاثمائة: القبض على الوزير الخاقاني: في أولها قبض المقتدر على وزيره أبي علي الخاقاني، وعلى ابنيه، وأبي الهيثم بن ثوابة1. وكان قد مضى بليق المؤنسي في ثلاثمائة راكب إلى مكة لإحضار عليّ بن عيسى للوزارة، فقدم في عاشر المحرم، فَقُلِّدَ وَسُلِّمَ إليه الخاقاني ومن معه فصادره مصادرةً قريبة، ورفق بهم، وعدل في الرعية، وعفَّ عن المال، وأحسن السّياسة، وأتَّقى الله، وأبطل الخمور2. قاله ثابت بن سنان، فقال: وحدَّثني بعد عزله من الوزارة قال: قال لي ابن الفُرات بعد صرفي وتوليته: أبطلت الرسوم، وهدمتَ الارتفاع. فقلت: أيُّ رسم أبطَلْتَ؟ قال: المكْس بمكّة. فقلت: أهذا وحده أبطَلْتُ؟ وقد أبطلت ما ارتفاعه في العام خمسمائة ألف دينار، ولم أستكثر هذا القدر في جنب ما حَطَطْتَهُ عن أمير المؤمنين من الأوزار. ولكن أنظر مع ما حططت إلى ارتفاعي وارتفاعك. فقدم الخادم قبل أن يجيب. تولية محمد بن يوسف القضاء: وفي صَفَر سألَ عليُّ بنُ عيسى أن يقلّد القضاء أبا عمر محمد بن يوسف، وعرفه

_ 1 راجع النجوم الزاهرة "3/ 182"، وصحيح التوثيق "7/ 358". 2 تاريخ القرامطة لابن سنان "40"، وصحيح التوثيق "7/ 358".

فضله ومحلّه، فقلّده قضاء الجانبين. وبقي على قضاء مدينة المنصور أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البُهْلُول1. ركوب المقتدر إلى الشمّاسية: وفيها ركب المقتدر من داره إلى الشّمّاسّية، وهي أوّل رَكْبه ظهر فيها للعامّة2. محنة الحلاج: وفيها أُدْخلَ حسين بن منصور الحلاج مشهورًا على جَمَلٍ إلى بغداد، وكان قد قُبض عليه بالسوس وحُمِل إلى عليّ بن أحمد الراسبيّ، فأقدمه إلى الحضرة، فَصُلِبَ حيًّا، ونُودي عليه: هذا أحد دُعاة القرامطة فاعرفوه. ثم حُبِس في دار السّلطان. وظهر عنه بالأهواز وببغداد أنّه أدّعى الإلهيّة، وأنّه يقول بحلول اللّاهوت في الأَشراف، وأنّ مكاتباته تُنْبِئ بذلك. وقيل: إن الوزير عليّ بن عيسى أحضره وناظَرَه، فلم يجد عنده شيئًا من القرآن ولا الحديث ولا الفقه، فقال له: تَعَلُّمكَ الوضوء والفرائض أوْلى بك من رسائل لَا تدرى ما فيها -وكانوا قد وَجدوا في منزله رقاعًا فيها رموز- ثم تدَّعي، وَيْلَكَ، الإلهيّة، وتكتب إلى تلاميذك: "من النّور الشَّعشعانيّ"! ما أحْوَجك إلى الأدب. وحبُس. فاستمال بعضَ أهلِ الدّار بإظهار السنة، فصاروا يتبرَّكون به، ويسألونه الدّعاء. وستأتي أخباره فيما بعد3. تقليد ابن المقتدر أعمال مصر والمغرب: وفيها: قُلِّد أبو العبّاس بن المقتدر أعمالَ مصر والمغرب، وله أربعُ سِنين، وأستُخْلِفَ له مؤنس الخادم.

_ 1 مختصر التاريخ "175"، لابن الكازروني، وصحيح التوثيق كما في الموضع السابق. 2 البداية والنهاية "11/ 121"، وتاريخ الخلفاء "380". 3 تاريخ الطبري "10/ 147"، والمنتظم "6/ 122، 123"، ووفيات الأعيان "2/ 140-146"، والنُّجوم الزاهرة "3/ 182".

تقليد عليّ بن المقتدر الريّ: وَقُلِّدَ عليّ بن المقتدر الرِّيَّ ونواحيها، وأسْتُخْلٍفَ له عليها1. اعتقال ابن ثَوَابة الكاتب: ونفذ محمد بن ثَوَابة الكاتب إلى الكوفة، وَسُلِّمَ إلى إسحاق بن عِمَران، فاعتقله حتى مات. مقتل أحمد بن إسماعيل الساماني: وفيه ورد الخبرُ أنّ غلمان أحمد بن إسماعيل قتلوه على نهر بَلْخ، وقام ابنه نصر بن أحمد، فبعثَ إليه المقتدر عهده بولاية خُراسان2. مقتل أبي سعيد الْجَنَّابيّ: وفيها قُتِلَ أبو سعيد الْجَنَّابيّ القَرْمطيّ المتغلّب على هَجَر؛ قتله غلامه الخادم الصِّقْلَبيّ، لكونه أراده على الفاحشة، فلمّا دخل إليه قتله. قال: وما زال يفعل ذلك بواحدٍ واحدٍ حتّى قتل أربعة من الأعيان، ثم دعاء بالخامس، فلمّا رأى القتلى صاح، فصاح النّساء، واجتمعوا على الخادم فقتلوه3، وكان أبو سعيد الْجَنِّابيّ قد هزم جيوش المعتضد ثمّ وَادَعَ المعتضد القتالَ فكفِّ عنه وبقي بهَجَر من ناحية البرّيّة إلى هذا الوقت. قال ثابت: وكان عليّ بن عيسى أشار بمكاتبة أبي سعيد بن بهرام الْجَنَابيّ والإعذار إليه وحضّه على الطّاعة، ووبّخه على ما يُحكى عنه وعن أصحابه مِن ترك الصّلاة والزّكاة واستباحة المحرِّمات؛ ثمّ توعّده وتهدّده. فبلغ الرُّسُلَ وهم بالبصرة مقتلُهُ، فكتبوا إلى الوزير، فكتبَ إليهم: أَنْ سِيروا إلى مَن قامَ بعده. فساروا وأوصلوا الكتابَ إلى أولاده، فكتبوا جوابه، فكانَ: للوزير أبي الحسن مِن إخوته، سلامُ على الوزير، فإنا نَحْمد إليه الله الذّي لَا إله إلى هو، ونسأله أن يصلّي على سيّدنا محمد.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 76"، وتجارب الأمم "1/ 32". 2 العيون والحدائق "4ق1/ 255"، والعبر "2/ 118"، وشذرات الذهب "2/ 237"، والكامل في التاريخ "8/ 77-79". 3 تجارب الأمم "1/ 33"، ونهاية الأرب "25/ 243، 244"، وتاريخ ابن الوردي "1/ 253".

وفيه: فأما ما ذكره عنّا من انفرادنا عن الجماعة، فنحن، أيّدك الله، لم نَنْفرد عن الطّاعة والجماعة، بل أفرِدْنا عنها، وأُخْرِجْنا من ديارنا، واستحلّوا دماءَنا، ونحنُ نشرح للوزير حالنا: كان قديمُ أمرنا أنّا كنّا مستورين مُقْبلين على تجارتنا ومعايشنا، نُنَزَّه أنفسنا عن المعاصي، ونحافظ على الفرائض، فَنَقَمَ علينا سُفهاء النّاس وفُجّارهم ممّن لَا يُعْرَف بِدِين، وأكثروا التَّشنيعَ علينا حتّى جمع النّاس علينا، وتظاهروا وشهدوا علينا بالزُّور، وأنّ نِساءَنا بيننا بالسَّويّة، وأنّا لَا نحرِّم حرامًا، ولا نحلِّل حلالًا، فخرجنا هاربين، ومَن بقيَ منّا جعلوا في رقابهم الحبال والسّلاسل.. إلى أن قال: فأجْلونا إلى جزيرة، فأرسلنا إليهم نطلب أموالنا وحُرمنا، فمنعوناها، وعزموا على حربنا، فحاكمناهم إلى الله، وقال تعالى: {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} [الحج: 60] فنصرنا الله عليهم. وأمّا ما أدُّعى علينا من الْكُفْرِ وترك الصّلاة فنحن تائبون مؤمنون باللَّه. فكتب الوزير يعدهم الإحسان. مسير المهدي صاحب إفريقية إلى لِبْدة: وفيها سار المهديّ صاحب إفريقيّة يريد مصر في أربعين ألفًا من البربر في البر والبحر، ونزل لِبْدَة، وهى من الإسكندريّة على أربعة مراحل. وكان بمصر تَكين الخاصّة، ففجّر النّيل، فحال الماء بينهم وبين مصر1. وقعة برقة: قال المُسَبّحيّ: فيها كانت وقعة بَرْقَةَ، وكان عليها المنصور، فسلّمها وانهزم إلى الإسكندرية2. حرب حَبَاسة الكُتامّي والعباسيّين بمصر: وفيها: سار أبو داود حَبَاسَة بن يوسف الكتاميّ البربريّ في جيشٍ عظيم قاصدًا إلى مصر مقدّمةً بين يدي القائم محمد، فوصل إلى الجيزة، وهَمّ بالدُّخول إلى مصر فغلط المخاضة ونُذِر به، فخرج إليه عسكر، فحالوا بينه وبين الدخول، وأعانهم زيادة

_ 1 المواعظ والاعتبار "1/ 69"، ومرآة الجنان "2/ 238". 2 تاريخ الطبري "10/ 148"، والبيان المغرب "1/ 171".

النيل، فردّ إلى الإسكندرية، فَقَتَلَ وأفسدَ. ثم سار جيش المقتدر إلى بَرْقَةَ، وجرت لحباسة ولهم حروب. وقلَّد المقتدرُ مصرَ أبا عليّ الحسين بن أحمد، وأبا بكر محمد بن عليّ، المادرائيّين، وأضاف إليهما جُنْدَ دمشق وفلسطين، فساروا إلى مصر، فكان بينهم وبين الفاطميّ وقْعات. ثم رجع إلى بَرْقة، وأقام المادرائيّ بمصر. وملك الفاطميّ الإسكندرية والفيّوم، ثم ترك ذلك وردّ1. تقليد ابن بسّام حمص وقنّسرين والعواصم: وقلد المقتدرُ حمصَ وقنّسرين والعواصم أبا القاسم عليّ بن أحمد بن بسّام2. وفاة الراسبيّ: وفيها: تُوُفّي عليّ بن أحمد الرّاسبيّ أمير جُنْدَيْسابور والسُّوس، وكان شجاعًا جوادًا. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وخلف من الذَّهَب ألف ألف دينار، وألف فرس، وألف جَمَلٍ، وغير ذلك3. وفاة القاضي ابن أبي الشوارب: وفيها: تُوُفّي القاضي عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أبي الشوارب. وتُوُفّي بعده بثلاثة وسبعين يومًا ابنه القاضي محمد المعروف بالأحنف.

_ 1 الولاة والقضاة "269"، وشذرات الذهب "2/ 237". 2 وفي زبدة الحلب "1/ 95" قال: "علي بن أحمد بن بسطام". 3 المنتظم "6/ 125"، تكملة تاريخ الطبري "13".

أحداث سنة اثتين وثلاثمائة

أحداث سنة اثتين وثلاثمائة ... أحداث سنة اثنتين وثلاثمائة: تغلُّب نصر بن أحمد الساماني على عمّه: في أوّلها وردَ كتاب نصر بن أحمد أمير إقليم خُراسان أنّه وَاقَعَ عمَّه إسحاق بن إسماعيل وأنّه أسره، فبعث إليه المقتدر بالخِلع واللّواء1. مقتل حَبَاسة الكتامّي: وفيها: عاد المسمّى بالمهديّ الفاطمي إلى الإسكندريّة ومعه صاحبه حَبَاسة، فَجَرَت بينه وبين جيش الخليفة حروب قُتِل فيها حَبَاسة، وعاد مولاه إلى القَيْروان2. طهور أولاد المقتدر: وفيها: طهَّر المقتدر خمسةً من أولاده، فغرمَ على الطُّهور ستّمائة ألف دينار، وطهَّر معهم طائفةً من الأيتام، وأحسنَ إليهم3. القبض على ابن الجصّاص ومصادرته: وفيها: قبضَ المقتدر على أبي عبد الله الحُسَيْن بن عبد الله بن الجصّاص الْجَوْهري وكُبِسَتْ داره، وأخَذَ له من المال والجواهر ما قيمته أربعة آلاف ألف دينار4. وقال أبو الفَرَج بن الْجَوْزيّ: أخذوا منه ما مقداره ستّة عشر ألف ألف دينار عينًا ووَرقًا، وقماشًا وخيْلًا5. وقال غيره: أكثر أموال ابن الجصّاص من قطر النَّدى بنت خمارُوَيْه صاحب مصر، فإنه لمّا حملها من مصر إلى المعتضد كان معها أموال وجواهر عظيمة، فقال لها ابن الجصّاص: الزّمان لَا يدوم ولا يؤمن في حال، دعى عندي بعضَ هذه الجواهر تكون ذخيرةً لك. فأودعته، ثمّ ماتت. فأخذ الجميع. وقال بعضهم: رأيت بين يدى ابن الجصّاص سبائك الذَّهب تُقَبَّن بالقبّان. وقال التَّنُوخيّ: حدَّثني أبو الحسين بن عيّاش أنه سمع جماعةً من ثقات الكتاب يقولوَن: إنهم حضروا ما ارتفعت به مصادرة ابن الجصّاص زمن المقتدر، فكانت ستّة آلاف ألف دينار، هذا سوى ما قُبض من داره، وبعد الذي بقي له من ظاهره.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 148"، وتاريخ بخارى "127"، وصحيح التوثيق "7/ 360". 2 تاريخ الطبري "10/ 149"، والولاة والقضاة "270"، والعبر "2/ 121". 3 البداية والنهاية "11/ 122"، والمنتظم "6/ 127". 4 البداية والنهاية "11/ 122". 5 المنتظم "6/ 127".

خروج الأطروش ودعوته الدَّيلم للإسلام: وفيها: خرج الحسن بن علي العلوي الأطروش، وتقلب بالدّاعي. ودعا الدَّيْلم إلى الله، وكانوا مجوسًا، فاسلموا. وبنى لهم المساجد. وكان فاضلًا عاقلًا له سيرة مدّوَّنة، وأصلحَ الله الدَّيْلَمَ به1. تقليد أبي الهيجاء الموصل والجزيرة: وفيها: قلّد المقتدر أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان المَوْصِل والجزيرة2. بناء المارستان بالحربيّة: وفيها: بنى الوزير عليّ بن عيسى المارسْتان بالحربيّة، وأنفق عليه أمواله. قطع طريق وفد الحجَّاج: وفيها: في الرجعة قطع الطريق على رَكب العراق الحسن بن عمر الحسني مع طيئ وغيرهم، فاستباحوا الوفد، وأسروا مائتين وثمانين امرأة، ومات الخلق بالعطش والْجُوع في البرّيّة3. حرب العبّاسيّين والفاطميّين في مصر: وفيها: وصل إلى مصر القاسم بن سِيما في جيشٍ مَدَدًا لتَكين، ونوديَ في مصر بالنَّفير إلى الغَزَاة، فلم يتخلّف كبيرُ أحدٍ، فقدِم حَبَاسة حتّى نزل الجيزة فكان المُصافُّ في جُمَادَى الآخرة، ثم أصبحوا على القتال، وتعبئوا للحرب، وكثر القتل في الفريقين، ثمّ تراجع حَبَاسة وولّى، فاتَّبعه العامّة حتّى عَدَوْا خليجَ نُزْهة، فكرَّ عليهم حَبَاسة، فيُقال: قتل منهم عشرة آلاف. وخرجوا من اليوم الثالث، فلم يكن قتال4.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 149"، والنجوم الزاهرة "3/ 185". 2 النجوم الزاهرة "3/ 185"، ونهاية الأرب "23/ 41". 3 تاريخ الطبري "10/ 150، 151". 4 ولاة مصر "288"، للكندي، والمختصر في أخبار البشر "2/ 68".

قدوم مؤنس الخادم إلى مصر: وفيها: قِدم مؤنس الخادم إلى مصر مددًا وأميرًا عليها، وخرج عنها تكين الخاصّة. صلاة العيد في جامع مصر: وفيها: صُلِّيَ العيد في جامع مصر، ولم يكن يُصَلَّى فيه العيد قبلَ ذلك فصلى بالنّاس فيه عليّ بن أبي شيحة، وخطب من دفتر نَظَرًا، وكان من غَلَطِه أنْ قال: "اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلّا وَأَنْتُمْ مشركون". نقلها يحيى بن الطحان، عن أبيه، وآخر1.

_ 1 انظر: تاريخ الخلفاء "380، 381"، وصلة تاريخ الطبري "1/ 54-57" لعريب القرطبي، وتكملة تاريخ الطبري "11/ 20" للهمداني، والنجوم الزاهرة "3/ 205-211".

أحداث سنة ثلاث وثلاثمائة

أحداث سنة ثلاث وثلاثمائة: تألف الوزير ابن عيسى للقرامطة: فيها: راسل عليّ بن عيسى الوزير القرامطة وهاداهم، وأطلق لهم ليتألفهم، فنفع ذلك1. ولادة على بن عبد الله بن حمدان: وفي ذي الحجة ولد عليّ بن عبد الله بن حمدان سيف الدّولة2. القبض على أبي الهيجاء بن حمدان: وفيها: خلَع الطّاعة الحُسين بن حمدان، وكان مؤنس مشغولًا بمصر بحرب المغاربة، فندبَ الوزير رائقًا الكبير لمحاربته، فالتقى معه، فهزمه ابن حمدان، فصار إلى مؤنس، فسار مؤنس مُجِدًّا، وجرت له ولابن حمدان خُطوبُ، وراسَلَه واستمالَ جُنده، فتسرَّبوا إلى مؤنس. ثمّ سار وراء الحسين وقاتله، فأسره ونهب أمواله. ودخل

_ 1 تاريخ أخبار القرامطة "37 وما بعدها"، والنجوم الزاهرة "3/ 188". 2 النجوم الزاهرة "3/ 188".

به بغداد وهو على جمل، وأصحابه على الجمال، فحبسهم المقتدر، ثمّ قبض على أبي الهيجاء بن حمدان وإخوته1. ولاية ذكاء الرومي مصر: وفيها: قلد ذكاء الرومي، وعزل مؤنس الخادم2.

_ 1 العبر "2/ 123"، وصحيح التوثيق "7/ 361". 2 حسن المحاضرة "2/ 13"، وبدائع الزهور "1ق1/ 175".

أحداث سنة أربع وثلاثمائة

أحداث سنة أربع وثلاثمائة: حبْس العلويّ: في المحرَّم عادَ نصر الحاجب من الحجّ ومعَه العلويّ الّذي قطع الطّريق على الرَّكْب عام أوّل، فَحُبس في المُطْبق. غزوة مؤنس الخادم بلاد الروم: وفي ربيع الآخر غزا مؤنس الخادم بلاد الروم من ناحية مَلَطْية، فوافاه جنود الأطراف، فافتتح حصونًا وأثَّر أَثَرَةً حسنة1. وفاة ابن كنداجق: وفيها: مات محمد بن إسحاق بن كنداجق بالدَّيَنَور، وكان متقلدها؛ وصادرَ عليّ الوزير وَرَثته، فصالحهم على ستّين ألف دينار مُعَجَّلَة. الخوف ببغداد من حيوان الزبزب: وفيها: وقعَ الخوف ببغداد من حيوان يقال له: الزَّبْزَب، ذكر النّاس أنّهم يَرَونْه بالّليل على الأسطحة، وانّه يأكل الأطفال، ويقطع ثَدْيَ المرأة، فكانوا يتحارسون، ويضربون بالصّواني والطّاسات ليهرب، واتّخذَ النّاس لأطفالهم مكابّ، ودام عدة ليالٍ، فأخذ الأعيان حيوانًا أبلق كأنّه من كلاب الماء. فَذُكِر أنّه الزَّبْزَب، وأنّه صِيد،

_ 1 خبر صحيح: وهو في الكامل في التاريخ "8/ 106"، والنجوم الزاهرة "3/ 190"، والعبر "2/ 127".

فَصُلِبَ على الجسر، فلم يُغْنِ ذلك إلى أن انبسط القمر، وتبيّن للنّاس أنَّ لَا حقيقة لما توهّموه1. القبض على عليّ بن عيسى الوزير: وفى آخرها قبض المقتدر على عليّ بن عيسى الوزير، وكان قد استعفى مِرارًا وضجر من سوء أدب "الحاشية"، فتنكّر المقتدر عليه لذلك. واتَّفق أنّ أم موسى القَهْرَمانة جاءت إليه لتُوَافقَه على ما يطلق في العيد للحُرَم من الضّحايا، فصرفها حاجبه، فغضبت وأغْرت به السَّيِّدة والمقتدر، فَصُرف ولم يتعرّض لشيءٍ من ماله، واعتُقل. إعادة ابن الفرات إلى الوزارة: وأُعيد أبو الحسن بن الفُرات، وخُلع عليه سَبْعُ خلَع يوم التَّرْوية2. وركب مُؤنس والقُوَّاد بين يديه، ورُدَّت عليه ضِياعُه. إطلاق علي بن عيسى ومصادرة أخويه: ثم أطلق ابن عيسى ولكن صودر أخواه إبراهيم وعُبَيْد الله، وأُخذ منهما مائة ألف دينار وعزلا3. عصيان بن أبي الساج وأسْره: وفيها: عصى يوسف بن أبي الساج بأذربيجان، فسار مؤنس، فظفر به وأسره بعد حرب طويل4. وفاة زيادة الله بن الأغلب: وتوفيّ فيها زيادة الله بن عبد الله بن الأغلب الّذي كان صاحب القيروان، وكان هو وأبوه من أمراء القيروان. وردّ زيادة الله منهزمًا من المهديّ الخارجيّ إلى مصر فأْكرم، وقيل: إنّه مات بالرقة، وقيل: بالرملة.

_ 1 تجارب الأمم "1/ 39"، والبداية والنهاية "1/ 126". 2 الوزراء "36" للصابي، والمنتظم "6/ 138". 3 راجع مروج الذهب "4/ 305". 4 تكملة تاريخ الطبري "11/ 210، 211"، والنجوم "3/ 213"، وصحيح التوثيق "7/ 362".

أحداث سنة خمس وثلاثمائة

أحداث سنة خمس وثلاثمائة: قدوم رُسُل ملك الروم بالهدايا: فيها: قدمت رُسُل ملك الروم بهدايا تطلب عقْد هُدنة، فأُشحنت رِحاب دار الخلافة والدّهاليز بالْجُنْد والسّلاح، وفُرشت سائر القصور بأحسَن الفرش، ثمّ أحضر الرَّسولان والمقتدر على سريره، والوزير ومؤنس الخادم قائمان بالقرب منه1. إظهار المقتدر عظمة الخلافة أمام رُسُل الروم: وذكر الصُّوليّ وغيره احتفال المقتدر، فقالوا: أقام المقتدر العساكر، وصفّهم بالسّلاح، وكانوا مائة وستّين ألفًا، وأقامهم من باب الشّمّاسيّة إلى دار الخلافة، وبعدهم الغلمان، وكانوا سبعة آلاف خادم، وسبعمائة حاجب. ثمّ وصف أمرًا مَهُولًا فقال: كانت السُّتْور ثمانية وثلاثين ألف ستر من الدّيباج، ومن البُسُط اثنان وعشرون ألفًا. وكان في الدّار قِطْعان من الوحش تأنَّست، كان فيها مائة سبْعٍ في السّلاسل. ثمّ أُدْخلا دار الشَّجَرَة، وكان في وسطها بِرْكة والشجرة فيها، ولها ثمانية عشر غُصْنًا، عليها الطُّيور مذهّبة ومُفضُّضَة، وورقها مختلف الألوان، وكلّ طائر من هذه الطّيور المصنوعة يصفرّ. ثمّ أُدْخِلا إلى الفردوس، وبها من الفرس ما لَا يُقَوَّم وفي الدهاليز عشرة آلاف جَوْشن مذهَّبة مُعِلَّقة2. ورود هدايا صاحب عُمان: وفيها: وردت هدايا صاحب عُمان، فيها طير أسود يتكلّم بالفارسيّة وبالهنديّة أفصح من البَبّغاء، وظباء سود.

_ 1 تاريخ حلب للعظيمي "281"، والنجوم الزاهرة "3/ 192". 2 تاريخ بغداد "1/ 100"، والبداية والنهاية "11/ 127 وما بعدها".

رضاء المقتدر على أبي الهيجاء وإخوته: وفيها: رضي المقتدر على أبي الهيجاء بن حمدان وإخوته، وخلع عليهم. وفاة الأمير غريب: وفيها: تُوُفّي الأمير غريب خال المقتدر بعلّة الذَّرَب. الحج هذا الموسم: وفيها: حجّ بالنّاس الفضل بن عبد الملك الهاشميّ، وهي تمام ستّ عشرة حجة حجها بالناس1.

_ 1 صحيح التوثيق "7/ 363"، وتاريخ الخلفاء "ص/ 608"، والبداية والنهاية "11/ 127، 128" وغيرهم.

أحداث سنة ست وثلاثمائة

أحداث سنة ست وثلاثمائة: فتح مارستان والدة المقتدر: في أوّلها فُتِح مارستان السيدة والدة المقتدر ببغداد، وكان طبيبه سِنان بن ثابت. وكان مبلغ النَّفقة فيه في العام سبعة آلاف دينار1. وفاة القاضي وكيع: وفي ربيع الأول مات القاضي محمد بن خلف وكيع، فأضيف ما كان يتولاه من قضاء الأهواز إلى أبي جعفر بن الْبُهْلُولِ قاضي مدينة المنصور2. قتل الحسين بن حمدان: وفي جمادى الأولى أمر المقتدر بقتل الحسين بن حمدان، فقُتل في الحبس. القبض على الوزير ابن الفرات: وفيها: قُبِض على الوزير أبي الحسن بن الفرات لكونه أخر أرزاق الجند، واعتل

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 المنتظم "6/ 146"، وصحيح التوثيق "7/ 363".

بضيق الأموال، فقال المقتدر: أين ما ضمنتَ من القيام بأمر الْجُنْد؟ وعزله1. ولاية حامد بن العباس الوزارة: وكتب إلى حامد بن العّباس كاتب واسط، فقدِم في أُبَّهةٍ عظيمةٍ، وخلفه أربعمائة مملوك بالسلاح، فخلع عليه، وجلس في الدّيوان أيّامًا، فظهرَ منه قلّة معرفة وسوء تدبير وحِدَّة؛ فضُمّ معه عليّ بن عيسى في الأمر، فمشى الحال، وبقي الرَّبْط والحَلّ والدَّسْتُ لعَليّ، فعزلَ عليُّ بنُ عيسى عليَّ بنَ أحمد بن بِسْطام مِن جُنْد قِنَّسْرين والعواصم، وقلّد الشام ومصر أبا عليّ الحسن بن أحمد المادرائي، وقرر عليه الخراج على الإقليمين، ثلاثة آلاف ألف دينار، سوى نَفقات الجيوش وغيرهم تُحمل إلى المقتدر2. ازدياد تدخّل النساء في أمور الحكم: وكثُر أمرُ حُرَم الخليفة ونهيهم لركاكته، وآل الأمرُ إلى أن أمرت السّيّدة أمُّ المقتدر على القهْرمانة أن تجلس بتُربتها للمظالم، وتنظر في رقاع النّاس كلّ جمعة. فكانت تجلس وتُحْضِر القُضاة والأعيان، وتبرز التّواقيع وعليها خطّها3. وفاة الفقيه ابن سُرَيج: وفيها: تُوُفّي أبو العبّاس بن سُرَيْج الفقيه. قال الدّارَقُطْنيّ: كان فاضلًا لولا ما أحدثَ في الإسلام من مسألة الدَّور في الطّلاق. استيلاء القائم المهديّ على الإسكندريّة: وفيها: عاد القائم محمد بن عبد الله إلى مصر، فأخذ الإسكندريّة وأكثر الصّعيد، ثمّ رجَع4.

_ 1 صلة تاريخ الطبري "72"، لعريب، والمنتظم "6/ 147". 2 الكامل في التاريخ "8/ 111"، وتكملة تاريخ الطبري "19/ 20"، وصحيح التوثيق "7/ 364". 3 التنبيه والإشراف "328، 329"، والبداية والنهاية "11/ 129"، وتاريخ الخلفاء "381". 4 ولاة مصر "292"، وعيون الأخبار "128"، ومرآة الجنان "2/ 246".

بناء المهدية: وبنى أبوه المهدية وسكنها1.

_ 1 انظر صلة الطبري "11/ 67-71"، تكملة الطبري "11/ 213"، والنجوم "3/ 216-220".

أحداث سنة سبع وثلاثمائة

أحداث سنة سبع وثلاثمائة: وفاة الفضل بن عبد الملك: في صفر تُوُفّي أمير الموسم الفضل بن عبد الملك الهاشميّ ببغداد، فولى ابنه مكانه. ولاية نازوك دمشق: وفيها: خلع المقتدر على نازوك وولاه دمشق، فسارَ إليها1. دخول القرامطة البصرة: وفيها: دخلت القرامطة البصْرة، فقتلوا وسَبَوا ونهبوا2. دخول عسكر القائم المهديّ الإسكندريّة: وفي صفر دخلت مقدّمة القائم الإسكندريّة، فاضطّرب أهل الفُسْطاط ولحِق كثيرُ منهم بالقُلْزُم والحجاز، فتمسّك ذَكَاء أمير مصر بالجيزة، ثمّ إنّه مرِض وتُوُفّي في ربيع الأوّل3. ولاية تكين على مصر للمرّة الثانية: ثمّ قدِم مصرَ تكينُ الخاصّة واليًا عليها الولاية الثّانية، فنزل الجيزة وحَفَر خندقًا4.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 197". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر: زبدة الحلب "1/ 94"، ومآثر الإنافة "1/ 280"، والنجوم الزاهرة "3/ 187، 95، 196".

مسير مؤنس الخادم ومحمد بن طغج إلى مصر: وسار مؤنس الخادم في جيوشه حتّى نزل المنْية. وسار محمد بن طُغْج في عسكرٍ إلى مَنُوف1. اعتلال القائم المهديّ: واعتلّ القائم محمد بن عبد الله بالإسكندريّة علّةً صَعْبَة، وثار المرض في جُنْده، فمات داود بن حباسة ووجوه من القواد2.

_ 1 ولاة مصر "295". 2 الكامل في التاريخ "8/ 114"، والنجوم الزاهرة "3/ 186".

أحداث سنة ثمان وثلاثمائة

أحداث سنة ثمان وثلاثمائة: فتنة الغلاء ببغداد: فيها: غلت الأسعار ببغداد، وشغبت العامّة ووقع النَّهْب، فركبت الْجُنْد فهاوَشَتْهم العامّة. وسببه ضمان حامد بن العبّاس السَّواد وتجديد المظالم، فقصدوا دار حامد، فخرج إليهم غلمانه فحاربوهم، ودام القتال أيامًا، ثم انكشف عن جماعة من القتلى. ثمّ تجمعّ من العامّة عشرة آلاف، فاحرقوا الجسر، وفتحوا السّجون، ونهبوا النّاس، فركب هارون بن غريب الخال في العساكر، وركب حامد في طيّارٍ فرجموه، واخْتلّت أحوال الدّولة العبّاسيّة، وعَلَت الفِتَن، ومُحِقَتِ الخزائن1. استيلاء المهديّ على بلاد المغرب: واستولى عُبَيْد الله الملقّب بالمهديّ على بلاد المغرب. وفاة إبراهيم بن كَيَغْلَغ 2: وتُوُفّي إبراهيم بن كَيَغْلَغ الأمير في ذي القعدة بالجيزة، فعظم ذلك على أهل

_ 1 صلة تاريخ الطبري "84"، والمنتظم "6/ 156"، وغيرهما. 2 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 440"، والوافي بالوفيات "6/ 96".

مصر، وحمل إلى بيت المقدس فدفن فيها1. قتل ابن المديني القاصّ: وفيها: أخذ ابن المَدِينيّ القاصّ في جماعة يدعو إلى المهديّ، فضرب تكين عنقه. فاة بنت المتوكّل: وفيها: ماتت ميمونة بنت المتوكّل عمّة المقتدر. امتلاك القائم المهديّ للفسطاط: وفيها: ملكت جيوش القائم بالجيزة من الفُسْطاط، فاشتدّ قلق أهل مصر وتأهّبوا للهروب وكثُر البكاء، وجرت أمورُ يطول شرحها2. وفاة إمام جامع المنصور: وفيها: تُوُفّي إمام جامع المنصور محمد بن هارون بن العبّاس بن عيسى بن أبي جعفر المنصور، وكان مُعْرِقًا في النَّسَب. أَمَّ بجامع المنصور خمسين سنة. ولى ابنه جعفر بعده، فعاش تسعة أشهر بعد أبيه. والله أعلم.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 196"، ولاة مصر "294". 2 انظر. تاريخ الخلفاء "382"، والنجوم الزاهرة "3/ 196".

أحداث سنة تسع وثلاثمائة

أحداث سنة تسع وثلاثمائة: خلاف الطبريّ المؤرّخ والحنابلة: جري بين أبي جعفر محمد بن جرير الطِّبَريّ وبين الحنابلة كلام، فحضَر أبو جعفر عند عليّ بن عيسى لمناظرتهم، فلم يحضروا1. تلقيب مؤنس الخادم بالمظفّر: وفيها: قدِم مؤنس من حرب صاحب القيروان، فخلع عليه المقتدر، ولقبه بالمظفر2.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 132". 2 الكامل في التاريخ "8/ 114"، وتجارب الأمم "1/ 76".

استرجاع الإسكندرية من المغاربة: وسار ثمل الخادم من طرسُوس في البحر إلى الإسكندريّة، فأخذها من جيش المغاربة. عزل تكين عن مصر وإعادته: وفيها: عُزِل تكين عن مصر بأبي قابوس محمود بن حمك، فأقام ثلاثة أيام، ثمّ عُزِل وأُعيد تَكِين. خروج القادة لقتال عسكر القائم المهديّ: وفيها: عسكر مؤنس وتَكِين والقوّاد وساروا إلى الفيّوم لحرب عساكر القائم، فرجع القائم إلى إفريقيّة مِن غير قتال، وذلك في أوائل السنة. مقتل الحلاج: وفيها: قُتل الحلاج، وقد مرّ من أخباره في سنة إحدى وثلاثمائة؛ وهو أبو عبد الله الحسين بن منصور بن مَحْمِيّ، وقيل: أبو مغيث. وكان محميّ مجوسيًّا فارسيًّا. نشأ الحلاج بواسط، وقيل: بِتُسْتَر، وتتلمذ لسهل بن عبد الله التستري. ثم قدم بغداد وأخذ عن الجنيد والنوري، وابن عطاء، وأخذ في المجاهدة ولبْس المُسُوح. ثمّ كان في وقتٍ يلبس الأقبية، وفي وقت يلبس المصبوغ. وقيل: كان أبوه حلاجًا. وقيل: أنّه تكلَّم على النّاس، فقيل: هذا حلاج الأسرار1. وقيل: إنّه مرَّ على حلاجٍ، فبعثه في شغلٍ له، فلمّا عاد الرجل وجده قد حلجَ كلّ قطنٍ في الدُّكّان. وقد دخل الهند وأكره الأسفار وجاور. قال حَمَدٌ ابْنُه: مولد أبي بطور البيضاء، ومنشأه بِتُسْتَر. ودخل بغداد فكان يلبس المُسُوح، ومرّةً يلبس الدّرّاعة والعمامة، ومرّة القباء، ووقتًا يمشي بخرقتين.

_ 1 راجع: صلة تاريخ الطبري "86"، وتاريخ بغداد "8/ 112"، والمنتظم "6/ 160"، وصحيح التوثيق "7/ 367".

وخرجَ إلى عُمَرو بن عثمان المكّيّ وإلى الْجُنَيْد وصحِبَهما. ثمّ وقع بين الْجُنَيد وبين أبي لأجل مسألة، ونسبه الْجُنَيد إلى أنّه مدَّعي. فرجع بأمّي إلى تُسْتَر، فوقع له بها قَبُولٌ. ولم يزل عُمَرو بن عثمان المكّيّ يكتب الكُتُب فيه بالعظائم، حتّى غضب ورمى بزِيّ الصُّوفيّة ولبس قباءٍ، وصحِبَ أبناء الدّنيا. ثمّ سافر عنّا خمس سِنين، بلغ إلى ما وراء النّهر؛ ثمّ رجع إلى فارس، وأخذ يتكلَّم ويدعو إلى الله. وصنَّف لهم، وتكلَّمَ على الخواطر، ولُقِّبَ حلاج الأسرار1. ثمّ قدِم الأهواز فحُمِلت إليه، ثم خرج إلى البصرة ثمّ إلى مكّة، ولبس المرقَّعَة، وخرج معه خلْق، فتكلّم فيه أبو يعقوب النهْرَجُوريّ وحسده، فقدِم الأهوازَ، وحمل أمّي وجماعة من رؤسائها إلى بغداد، فبقي بها سنة، ثمّ قصدَ الهند وما وراء النهّر ثانيًا، ودعا إلى الله، وصنَّف لهم كُتُبًا، ثمّ رجع، فكانوا يكاتبونه من الهند بالمُغِيث، ومن بلاد تُرْكستان بـ"المُقِيت"، ومن خُراسان، بـ"المميّز"، ومن فارس بـ"أبي عبد الله الزّاهد"، ومن خُوزسْتان بـ"الشّيخ حلاج الأسرار". وكان ببغداد قوم يسمّونه: "المصْطَلِم"، وبالبصرة "المحيّر"2. ثمّ كثُرت الأقاويل عليه بعد رجوعه من هذه السَّفْرة، فحج وجاوَرَ سنتين رجاءً. وتغيّر عمّا كان عليه في الأوّل، واقتنى العقار ببغداد، وبنى دارًا ودعا النّاس إلى معنًى لم أقف عليه، بل على شطر منه، حتّى خرج عليه محمد بن داود وجماعة من أهلِ العلم، وقبَّحوا صورته3. ووقع بين عليّ بن عيسى وبينه لأجل نصر القُشُوريّ، ثمّ وقع بينه وبين الشِّبْليّ وغيره من المشايخ، فقيل: هو ساحر، وقيل: هو مجنون، وقيل: بل له كرامات، حتّى حبسه السّلطان. روى هذا ابن باكُوَيْه الشِّيرازيّ، قال: أخبرني حمد بن الحلاج، فذكره. وقال الحسين بن محمد المذاريّ: سمعت أبا يعقوب النَّهْرَجُوري يقول: دخل الحسين إلى مكّة فجلس في صحن المجلس سنة لَا يبرح من موضعه الّا لطهارةٍ أو

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 113". 2 تاريخ بغداد "8/ 113"، والعبر "2/ 139". 3 المنتظم "6/ 161".

طواف، ولا يُبالي بالشّمس ولا بالمطر، ويُفْطر على أربع عضّات مِن قُرصٍ يؤتَى به، ثم إنه سافر إلى الهند، وتعلَّم السِّحر1. وقال أحمد بن يوسف التّنُوخيّ الأزرق: كان الحلاج يدعو كلّ وقتٍ إلى شيء على حسب ما يَسْتَبْله طائفة. أخبرني جماعة من أصحابه أنّه لمّا افتتن النّاس به بالأهواز، ونواحيها لِما يُخْرجه لهم من الأطعمة في غير حِينها والدّراهم، ويسمّيها "دراهم القُدرة". حُدِّث أبو عليّ الْجُبَّائيّ بذلك فقال: هذه الأشياء تمكن الحِيَل فيها، ولكنْ أدخِلُوه بيتًا من بيوتكم، وكلّفوه أن يُخرج منه خرْزتين شَوْك. فخرج عن الأهواز. وعن محمد بن يحيى الرّازيّ قال: سمعت عُمَرو بن عثمان المكّيّ يلعن الحلاج ويقول: لو قدره عليه لقتلته؛ قرأتُ آيةً فقال: يمكنني أن أؤلف مثله. وقال أبو يعقوب الأقطع: زوّجت بنتي من الحلاج، فبانَ لي بعد مُدَيدة أنّه ساحر محتال. وقال أبو عُمَر بن حَيَّوَيْه: لما أُخْرِج الحلاج لِيُقْتَلَ مَضَيْتُ وزاحَمْتُ حتّى رأيته، فقال لأصحابه: لَا يَهُولَنَّكُم، فإنّي عائد إليكم بعد شهر2. هذه حكاية صحيحة توضح أنّه مُمَخْرِق حتّى عند القتل. وقال أبو بكر الصولي: جالسْت الحلاج، فرأيت جاهلًا يتعاقل، وعييًا يتبالغ، وفاجرًا يتزهد. وكان ظاهره أنّه ناسك، فإذا علم أن أهل بلدته يرون الاعتزال صار معتزليًا، أو يرون التشيع تشيع، أو يرون التسنن تسنن. وكان يعرف الشعبذة والكيمياء والطب. وكان حينًا ينتقل في البلاد، ويدعي الربوبية، ويقول للواحد من أصحابه: أنت آدم؛ ولذا: أنت نوح؛ ولذا: أنت محمد. ويدعي التناسخ، وأن أرواح الأنبياء انتقلت إليه. وروى عليّ بن أحمد الحاسب، عن أبيه قال: وجهني المعتضد إلى الهند، وكان

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 118"، وتاريخ ابن الوردي "256". 2 في تاريخ بغداد "8/ 131"، "فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يومًا"، وانظر نهاية الأرب "23/ 600".

معنا في السفينة رجل يقال له: الحسين بن منصور، قلت: فيم جئت؟ قال: أتعلم السِّحْر، وأدعو الخلق إلى الله1. وقال أبو بكر الصوليّ: قبضَ عليّ بن أحمد الراسبيّ الأمير الحلاج وأدخله بغداد وغلامًا له على جمل مشهورين سنة إحدى وثلاثمائة. وكتب يذكر أن البينة قامت عنده أنه يدعي الربوبية، ويقول بالحلول. فأحضره عليّ بن عيسى الوزير، وأحضر العلماء فناظروه، فأسقط في لفظه، ولم يجده يُحسن من القرآن شيئًا ولا من غيره. ثمَّ حُبِس مدّة. قال الصولي: كان يري الجاهل شيئًا من شعبذته، فإذا وثق به دعاه إلى أنه إله، فدعا فيمن دعا أبا سعيد بن نوبخت، فقال له، وكان أقرع: أَنْبِت في مقدم رأسي شعرًا2. ثم ترقت به الحال، ودافع عنه نصر الحاجب؛ لأنه قيل: إنّه سني، وإنما يريد قتله الرافضة. قال: وكان في كتبه: إني مغرق قوم نوح ومهلك عاد وثمود. وكان حامد بن العبّاس الوزير قد وجد لهُ كتبًا فيها أنّه إذا صام الإنسان وواصل ثلاثة أيّام وأخذ في اليوم الرابع ورقات هنْدباء، فافطر عليها أغناه عن صوم رمضان. وإذا صلّي في لَيْلَةٍ واحدةٍ رَكْعَتَين طول اللّيل أغنته عن الصّلات ما بقي. وإذا تصدَّق في يومٍ بجميع ما يملكه أغناه عن الزّكاة. وإذا بنى بيتًا وصامَ أيامًا وطاف به أغناه عن الحجّ3. فأحضر حامد القضاة وأحضره وقال: أتعرف هذا الكتاب؟ قال: هذا كتاب "السُّنَن" للحَسَن البصْريّ. فقال: ألست تدين بما فيه؟ قال: بلى. هذا كتاب أدين الله بما فيه.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 120"، والمنتظم "6/ 161". 2 تاريخ بغداد "8/ 124"، والمنتظم "6/ 163". 3 راجع: تكملة تاريخ الطبري "24"، ونشوار المحاضرة "1/ 162، 163"، والمنتظم "6/ 163"، وصحيح التوثيق "7/ 368".

فقال له أبو عُمَر القاضي: هذا فيه نقض شرائع الإسلام. ثمّ جاراه في الكلام إلى أن قال له أبو عُمَر: يا حلال الدّم، من أيَّ كتابٍ نقلت هذا؟ قال: من كتاب "الإخلاص" للحَسَن البصْريّ. قال: كذبت يا حلال الدّم، فقد سمعنا الكتاب، وليس فيه شيء من هذا1. فقال حامد لأبي عُمَر القاضي: قد أفتيت أنه حلال الدّم، فضع خطَّك بهذا. فدافعَ ساعةً، فمدّ حامد يده إلى الدَّواة وقدّمها للقاضي وألحّ عليه، فكتب بأنّه حلال الدّم، وكتب الفُقَهاء والعُلماء بذلك خطوطهم، والحلاج يقول: يا قوم، لَا يحلّ لكم إراقةُ دمي. فبعث حامد بخطوطهم إلى المقتدر، وأستأذنه في قتله، فتأخّر عنه الجواب، فخاف أن يبدو للمقتدر فيه رأي لِما قد استمال من الخواصّ بزُهْده، وتعبُّده في الحبْس، فنفَّذ إلي المقتدر أنّه قد ذاع كُفْره وادّعاؤه الرُّبوبيّة، وإنْ لم يقتل افتتن الناس، وتجرأ قومُ على الله تعالى وَالرُّسُلِ. فأذِن المقتدر في قتله. وطلبَ حامدُ صاحبَ الشرطة محمد بن عبد الصَّمد، وأمره أن يضربه ألف سَوط، فإنْ ماتّ وإلّا يقطع يديه ورِجْليه. فلمّا كان يوم الثلاثاء لستِّ بقين من ذي القعدة أُحضِر الحلاج مقيَّدًا إلى باب الطّاق، وهو يتبختر بقيده ويقول: حبيبي غير منسوب ... إلى شيء من الحيفِ سقاني مثل ما يشربُ ... فعلَ الضيف بالضيف فلما دارت الكاسُ ... دعا بالنطع والسيف كذا من يشرب الراح ... مع التِّنِّين في الصيف2 فضُرب ألف سوط، ثم قطعت يده ورجله، ثم حز رأسه وأحرقت جثته3.

_ 1 راجع وفيات الأعيان "2/ 143". 2 ديوان الحلاج "ص/ 73"، والمنتظم "6/ 164". 3 خبر صحيح: أخرجه الخطيب "8/ 120، 127، 138، 139"، كما في التاريخ، ونشوار المحاضرة "6/ 87-91"، وأورد ابن الجوزي "6/ 163، 164"، كما في المنتظم، ووفيات الأعيان "2/ 143-145" لابن خلكان، وشذرات الذهب "2/ 255"، لابن العماد، والفخري "261"، وغيرهم.

وذكر أن حوقل قال: ظهر من إقليم فارس الحسين بن منصور الحلاج، زعم أنه من هذب في الطاعة جسمه، وشغل بالأعمال الصالحة قلبه، وصبر على مفارقة اللذات، ومنع نفسه عن الشهوات يترقى في درج المصافاة حتّى يصفو عن البشرية طبعُه، فإذا صفى حلّ فيه روح الله الذي كان منه إلى عيسى ابن مريم عليه السّلام، فيصير مطاعًا، يقول للشيء: كن فيكون فكان الحلاج يتعاطى ذلك، ويدعو إلى نفسه، حتّى استمال جماعة من الوزراء والأمراء، وملوك الجزيرة والجبال والعامة. وقال أبو الفرج بن الجوزي: قد جمعت كتابًا سمّيته "القاطع لِمُحَال اللّجاج بحال الحلاج"1، وقال: قد كان هذا الرجل يتكلم بكلام الصُّوفيّة، فتندر له كلمات حِسان، ثمّ يخلطها بأشياء لَا تجوز. وكذلك أشعاره، فقال: فمنها: سبحان من أظهر ناسوتُهُ ... سِرَّ سَنا لاهُوتِه الثّاقبِ ثمّ بدا في خلقِه ظاهرًا ... في صورة الآكل والشارب حتّى لقد عايَنَهُ خَلْقُهُ ... كَلَحْظَةِ الحاجِبِ بالحاجِبِ2 قال: ولمّا حبس ببغداد استغوى جماعةً، فكانوا يستنشقون بوله، ويقولون: إنّه يُحيي الموتى. وقال ثابت بن سنان: انتهى إلى حامد بن العبّاس في وزارته أمرُ الحلاج، وأنّه قد موَّه على جماعةٍ من الخَدَم والحَشَم وأصحاب المقتدر، وعلى خَدَم نصر بن الحاجب بأنّه يُحْيِي الموتى، وأنّ الْجِنّ يخدمونه ويُحْضرون إليه ما يريد. وأنّ حَمْد بن محمد الكاتب قال: إنّه مرض فشربَ بَوْلَه، فعُوفي، وكان محبوسًا بدار الخلافة3. وَسُعِيَ إلى حامد برجل يُعرف بالسّمّريّ وبجماعة، فقبض عليهم وناظرهم، فاعترفوا أنّ الحلاج إله وأنّه يُحْيِي الموتى. ووافقوا الحلاج وكاشفوه فأنكر4.

_ 1 المنتظم "6/ 162". 2 ديوان الحلَّاج "41"، والبداية والنهاية "11/ 134". 3 تاريخ بغداد "8/ 132". 4 تاريخ بغداد "8/ 133"، ونهاية الأرب "23/ 59".

وكانت ابنة السمّريّ صاحب الحلاج قد أقامت عنده في دار السّلطان مدّة، وكانت عاقلة حسنة العبارة. فدعاها حامد فسألها عن أمره فقالت: قال لي يومًا: قد زوّجْتُك من سليمان ابني وهو بنَيْسابور، وليس يخلو أن يقع بين المرأة وزوجها "خلاف"، فإنْ جرى منه ما تكرهينه، فصُومي يومك، واصعدي آخر النّهار إلى السطح، وقومي على الرماد، وأَفْطري على المِلْح، وأذكُري ما أنكرتيه منه، فإنّي أسمع وأرى1. قالت: وكنتُ نائمةً لَيْلَةٍ وهو قريب منّي، وابنته عندي، فما حسست به إلّا وقد غشيَني، فانتبهتُ فَزعةً فقلت: ما لك؟ قال: إنّما جئت لأوقظك للصّلاة. وقالت لي بنته يومًا: اسجدي له. فقلت: أويسجد أحدُ لغير الله؟ وهو يسمع كلامنا، فقال: نعم إله في السّماء وإلهُ في الأرض2. وذكر القصّة إلى أن قال: فسلّمه حامد الوزير إلى صاحب الشرطة وقال: اضربه ألف سَوْط، فإنْ ماتَ فحُزّ رأسه وأحرِق جثَّته، وإنْ لم يتلف فاقطع يديه ورجليه، وأحرق جسده، وانصب رأسه على الْجِسْر. فَفُعِلَ به ذلك، وبعث برأسه إلى خُراسان، وطيف به، وأقبل أصحابه يعدّون أربعين يومًا ينتظرون رجوعه3. وزعم بعضهم أنّه لم يُقْتَلْ، وأنّ عدوًا له ألقي عليه شبهة4. وبعضهم ادَّعى أنّه راه في غد ذلك اليوم في طريق النّهْروان راكبًا على حمار وهو يقول: قولوا لهؤلاء البقر الّذين ظنُّوا أنّني أنا الّذي قُتلتُ ما أنا ذاك5. وأحضر حامد الورّاقين واستحلفهم أن لَا يبيعوا شيئًا من كُتُب الحلاج ولا يشترونها. وقيل: إنّ الحلاج لم يتأوه في ضربه.

_ 1 تجارب الأمم "1/ 78". 2 تاريخ بغداد "8/ 135"، ونشوار المحاضرة "6/ 82". 3 انظر المصدر السابق. 4 تاريخ بغداد "8/ 141"، ووفيات الأعيان "2/ 145". 5 تاريخ بغداد "5/ 141"، والكامل في التاريخ "8/ 121".

وقيل: إنّ يده لمّا قطعت كتبَ الدّم على الأرض: الله الله وليس ذلك بصحيح. وسائر مشايخ الصُّوفيّة ذمّوا الحلاج إلّا ابن عطاء، ومحمد بن خفيف الشِّيرازيّ، وإبراهيم بن محمد النَّصْراباذيّ، فصححّوا حاله ودوّنوا كلامه1. ثمّ وقفت على الجزء الّذي جمعه ابن باكُوَيْه في الحلاج فقال: حدَّثني حمد بن الحلاج، وذكر فصلًا قد تقدم قطعة منه، إلى أن قال: حتى أخذه السّلطان وحبَسه، فذهب نصر القُشُوريّ واستأذن الخليفة أن يبني له بيتًا في الحبْس، فبنى له دارًا صغيرة بجنْب الحبْس، وسدّوا باب الدّار، وعملوا حواليه سُورًا، وفتحوا بابه إلى الحبْس، وكان الناس يدخلون عليه سنة، ثمّ مُنِعوا، فبقي خمسة أشهر لَا يدخل عليه أحد، إلا مرة رأيت أبا العباس بن عطاء الأدميّ دخل عليه بالحيلة. ورأيت مرّةً أبا عبد الله عبد الله بن خفيف، وأنا برًّا عند والدي باللّيل والنّهار عنده. ثمّ حبسوني معه شهرين، وعُمَري يومئذٍ ثمانية عشر عامًا. فلمّا كانت اللّيلة الّتي أخرج من صبيحتها، قام فصلّى رَكعات، ثمّ لم يزل يقول: مَكْر مَكْر؛ إلى أن مضى أكثر اللّيل. ثمّ سكت طويلًا ثم قال: حقّ، حقّ. ثمّ قام قائمًا، وتغطّى بإزارٍ، واتّزر بمئزر، ومدّ يديه نحو القِبْلة، وأخذ في المُنَاجاة. وكان خادمه حاضرًا، فحفظْنا بعضها. فكان من مناجاته: نحن شواهدك، نَلُوُذ بَسَنا عِزَّتك، لَتُبْدِي ما شئتَ من شأنك ومشيئتك، أنتَ الّذي في السّماء إله وفي الأرض إله، يا مُدَهّر الدُّهور، ومصوَّر الصُّوَر، يا من ذَلّتْ له الجواهر، وسجدت له الأعراض، وانعقدت بأمره الأجسام، وتصوَّرت عنده الأحكام. يا مَن تجلّى لما شاء، كما شاء، كيف شاء، مثل التجلّي في المشيئة لأحسن الصُّورة. وفي نسخة: مثل تجلّيك في مشيئتك كأحسن صورة. والصّورة هي الرّوح النّاطقة الّتي أفردته بالعِلم والبيان والقُدرة. ثمّ أوعزتَ إلى شاهدك؛ "لأنّي" في ذاتك "الهُويّ" اليسير لمّا أردت بدايتي، وأظهرتني عند عقيب كراتي، ودعوت إلى ذاتي بذاتي، "وأبديت" حقائق علومي ومعجزاتي، صاعدًا في مَعَارجي إلى عُروش أوليائي، عند القول من برياتي، إنّي أحتضر وَأُقْتَلُ وأُصلب وأُحرق، وأُحمل على السّافيات الذاريات. وإن الذرة من

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 128".

"ينجوج" مظَانّ هيكل "متجلّياتي" لأعظم من الرّاسيات1. ثم أنشأ يقول: أنْعى إليك نفوسًا ماج شاهدها ... فيما وراء الغيب وفي شاهد القِدَم أنْعى إليك قلوبًا طالما هَطَلَتْ ... سَحايُب الْوحْيِ لها أو بحر الْحِكَمِ أنْعى إليك لسان الحقّ من زمن ... أوْدَى وتَذْكَارُهُ في الوهْم كالعدم أنْعى إليك بيانًا تستبشر له ... أقوال كل فصح مقول فيهم أنْعى إليك إشارات العُقول معًا ... لم يَبْق مِنْهنّ الّا دارسُ الْعِلْمَ أنْعى وحقَّك أحلامًا لطائفةٍ ... كانت مطاياهم من مكمد الكِظَمِ مضى الجميعُ، فلا عَيْنُ ولا أثرُ ... مُضِيّ عادٍ وفِقْدَانَ الأُولَى إرَم وخلفوا معشرًا يَجْدُون لِبستَهم ... أعمى من البَهْم بل أعمى من النَّعَمِ2 ثم سكت، فقال خادمه أحمد بن فاتك: أوْصِني يا سيّدي. فقال: هي نفسُك إنّ لم تَشْغلْها شَغَلتْك3. فلمّا أصبحنا أُخرج من الحبْس، فرأيته يتبخْترَ في قَيده ويقول: نديمي غير منسوبِ. الأبيات. ثمّ حُمِل وقُطِّعت يداه ورجلاه، بعد أن ضرب خمسمائة سوط، ثم صُلب، فسمعته وهو على الْجِذْع يناجي ويقول: إلهي، أصبحتُ في دار الرّغائب أنظر إلى العجائب، إلهي إنك تتودد إلى مَن يؤذيك، فكيف لَا تتودّد إلى من لَا يؤذَى فيك. ثمّ رأيتُ أبا بكر الشِّبْليّ وقد تقدَّم تحت الْجِذْع، وصاح بأعلى صوته يقول: أَوَلم أَنْهَكَ عن العالَمين؟. ثمّ قال له: ما التَّصوّف؟ قال: أهون مرقاةٍ عندي ما ترى4.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 346 وما بعدها". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 347"، وديوان الحلاج "24، 25". 3 المصدر السابق. 4 المصدر السابق.

قال: فما أعلاه؟ ليس لك إليه سبيل، ولكنْ سترى غدًا ما يجري، فإنّ في الغَيْب ما شهدتَه وغابَ عنك. فلمّا كان بالعِشيّ جاء الإذْن من الخليفة بأن تُضرب رَقَبَتُه، فقالوا: قد أمسينا ويؤخّر إلى الغَداة. فلمّا أصبحنا أُنْزل وقُدِّم لتُضْرب رقبته، فسمعتُه يصيح ويقول بأعلى صوته: حَسْب الواحِد إفرادُ الواحد له. وقرأ هذه الآية: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَق} [الشورى: 18] وهذا آخر كلامه. ثم ضُربت رَقَبَتُه، وعُلِّق في بارية، وصب عليه النِّفْط وأُحْرِق، وحُمل رماده إلى رأس المنارة لتسْفيه الرّياح1. وسمعت أحمد بن فاتك تلميذ والدي يقول بعد ثلاثٍ من قتل والدي، قال: رأيت العزّة في المنام، وكأنّي واقفُ بين يديه قلت: يا رب ما فعلَ الحسين بن منصور؟ قال: كاشفته بمعنى، فدعا الخلْقَ إلى نفسه، أنزلتُ به ما رأيت2. قال ابن باكُوَيْه: سمعتُ أبا القاسم يوسف بن يعقوب النُّعْمَانيّ يقول: سمعت الإمام ابن الإمام أبا بكر محمد بن داود الفقيه الإصبهانيّ يقول: إن كان ما أنزل الله على نيّته حقّ فما يقول الحلاج باطل. وكان شديدًا عليه. قال: وسمعت أبا الفوارس الْجُوزَقانيّ بقَرْمِيسِين: سمعت إبراهيم بن شيبان يقول: من أحب أن ينظر إلى ثمرات الدّعاوى فلْيَنْظُر إلى الحلاج وما جرى عليه. سمعتُ عيسى القَزْوينيّ سأل أبا عبد الله بن خفيف: ما تعتقدون في الحلاج؟ فقال: اعتقد فيه أنّه رجل من المسلمين فقط. فقال له: قد كفّره المشايخ وأكثر المسلمين! فقال: إن كان الّذي رأيته منه في الحبْس لم يكن توحيدًا، فليس في الدّنيا توحيد. قلت: قول ابن خفيف لَا يدّل على شيء، فإنّه لَا يلزم أنّ المبطِل لَا يعمل بالحقّ؛ بل قد يكون سائر عمله حقّ وعلى الحقّ، ويكفر بفِعْلةٍ واحدة، أو بكلمة تحبط عمله.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 140". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 347".

قال ابن باكُوَيْه: سمعت عليّ بن الحسن الفارسيّ بالمَوْصل قال: سمعت أبا بكر بن "أبي" سَعْدان يقول: قال لي الحسين بن منصور: تؤمن بي، حتّى أبعث إليك بعُصْفورة تطرح من ذرَقها وزن حبّةٍ على كذا مَنًّا من نُحاس، فيصير ذَهَبًا؟ قلت: بل أنت تؤمن بيَ حتّى أبعث إليك بفيلٍ يستلقي، فتصير قوائمه في السّماء، فإذا أردت أن تخفيه أخفيته في عينك؟ قال: فبهُت وسكت1. ثم قال ابن "أبي" سعدان: هو مُمَوّه مُشَعْوِذ. سمعت عيسى بن بزول القَزوينيّ، وسأل أبا عبد الله هذه الأبيات: سبحان من أظهر ناسوتُهُ الأبيات الثلاثة، فقال ابن خفيف: على قائلها لعنة الله. فقال عيسى: هي للحلاج. فقال: إن كانت اعتقاده فهو كافر، الّا أنّه لم يصح أنّه له، ربما يكون مَقولًا عليه. سمعتُ محمد بن عليّ الحضرمي بالنّيل يقول: سمعتُ والدي يقول: كنت جالسًا عند الجنيد، إذ ورد شابُّ حَسَن الوجه، عليه خِرْقتان، فسلّم وجلس ساعةً، ثمّ أقبل عليه الْجُنَيْد فقال: سل ما تريد. فقال: ما الذي بائن الخليقة عن رسوم الطَّبْع؟ فقال الْجُنَيْد: أرى في كلامك فضولًا، لِم لَا تسأل عمّا في ضميرك من الخروج والتّقدّم على أبناء جنسك؟ فسكت، وسكت الْجُنَيْد ساعةً، ثمّ أشار إلى أبي محمد الجريريّ أنْ قمْ، فقمنا، وتأخّرنا قليلًا، فأقبل الجنيد يتكلم عليه، وأقبل هو يعارضه، إلى أن قال: أيّ خشبة تُفْسِد؟ فبكى وقام، فتبِعه الجريريّ إلى أن خرج إلى مقبرةٍ وجلس، فقال لي أبو محمد الجريريّ: قلت في نفسي: هو في حدّة شبابه واستوحش منّا، وربّما به فاقة. فقصدتُ صديقًا لي فقلت: اشترِ خُبزا وشِواءً وفالوذج بسُكَّر، واحمله إلى موضع كذا وكذا، مع ثليجة ماء وخلال، وقليل أشنان. وبادرت إليه، فسلّمت وجلست عنده، وكان قد جعل رأسه بين رُكبتيه، فرفع رأسه وانزعج، وجلس بين يديّ، وأخذتُ أُلاطفه وأداريه إلى أن جاء صديقي. ثمّ قلتُ له: تفضّل. فمدّ يده وأكل قليلًا. ثمّ قلت له: من أين القصد ومن أين القصر؟ قال: من البيضاء، إلّا أنيّ رُبيت بخوزسْتان والبصرة. فقلت: ما الاسم؟ قال: الحسين بن منصور.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 126".

وقمتُ وودَّعته، ومضى على هذا خمسُ وأربعون سنة، ثمّ سمعت أنّه صُلِب وفُعِل به ما فُعِل. وقد ذكره السُّلَميّ في تاريخه، ثمّ قال: فهذه أطراف ممّا قال المشايخ فيه من قبولٍ وردٍ، واللَّه أعلم بما كان عليه. وهو إلى الرّدّ أقرب. وقد هتك الخطيب حال الحلاج في "تاريخه الكبير"، وشفى وأوضح أنه كان ساحرًا مموهًا سيئ الاعتقاد. فصل من ألفاظه: عليك بنفسك، إن لم تشغلها بالحقّ، شَغَلَتْكَ عن الحقّ. وقيل: إنه لما صلب، يعني سنة إحدى وثلاثمائة، قال: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَق} [الشورى: 18] . وقال: حجبهم الاسم فعاشوا، ولو أبرز لهم علوم القُدرة لطاشوا، ولو كشف لهم عن الحقائق لماتوا. وقال: علامة العارف أن يكون فارغًا من الدّنيا والآخرة. قيل: هذا كلام نجس؛ لأنّ الله تعالى يقول: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: 9] الآية. وقال: لأَفْضَلُ الأمّة الصّحابة وهم الصّحابة. مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخرة، فهو واللَّه مدّعٍ فشّار وأحمق بطّال، بل مُريد للدّنيا والآخرة. وكتبَ الحلاج مرةً إلى أبي العباس بن عطاء كتابًا فيه من شِعْره: كتبتُ ولم أكتب إليك وإنّما ... كتبتُ إلى روحي بغير كتابِ وذاك لأنّ الروح لَا فَرْق بَيْنَها ... وبين مُحبّيها بفضْل خِطاب فكُّلُّ كتابٍ صادرٍ منكَ واردُ ... إليكَ بلا رَدِّ الجواب جوابي1 وله: مُزِجَتْ روحُك في روحي كما ... تمزج الخمرة بالماء الزلال

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 114، 115"، وديوان الحلاج "42".

فإذا مسّكَ شيءُ مَسَّني ... فإذا أنت أنا في كلّ حال1 وقيل: إنه لما أُخرج ليُقتل، قال: طلبتُ المستقرّ بكلّ أرضٍ ... فلم أرَ لي بأرضٍ مستقرّا أطعتُ مطامعي فاستعبدتني ... ولو أنّي قنعتُ لكنت حُرّا2 وأخباره أكثر من هذا في "تاريخ الخطيب"، وفيما جمع ابن الْجَوزيّ من أخباره، ثمّ إنِّي أفردتها في جزء.

_ 1 ديوان الحلاج "82"، وسير أعلام النبلاء "11/ 331"، وتاريخ بغداد "8/ 115"، بنحوه. 2 تاريخ بغداد "8/ 130"، ووفيات الأعيان "2/ 144"، والفخري "261".

أحداث سنة عشر وثلاثمائة

أحداث سنة عشر وثلاثمائة: القبض على أم موسى القهرمانة: فيها: قبض المقتدر على أمّ موسى القَهْرَمَانة وأهلها وأسبابها؛ لأنّها زوّجت بنت أخيها أبي بكر بمحمد بن إسحاق بن المتوكّل على الله، وكان من سادة بني العبّاس يترشّح للخلافة، فتمكّن أعداؤها من السعي عليها. وكانت قد أسرفت في نثار المال على صهرها. وبلغ المقتدر أنّها تعمل له على الخلافة، فكاشفتها السّيّدة أمّ المقتدر وقالت: قد دبرتِ على ولدي، وصاهرت ابن المتوكّل حتّى تُقعْديه في الخلافة، وجمعت له الأموال. فسلمتها وأخاها وأختها إلى ثمل القهرمانة1. وكانت ثمل موصوفة بالشّرّ وقساوة القلب، فبسطت عليهم العذاب، واستخرجت منهم أموالًا وجواهر، فيقال: إنّه حصل من جهتهم ما مقداره ألف ألف دينار2. عزل ابن البُهلول عن قضاء بغداد: وفيها: عزِل عن قضاء مدينة السّلام أحمد بن إسحاق بن البُهْلُول بعمر بن

_ 1 تجارب الأمم "1/ 83، 84"، والبداية والنهاية "11/ 145"، وصحيح التوثيق "7/ 370". 2 البداية والنهاية "11/ 145".

الحُسين بن الأشنانيّ1. ثمّ عُزِل عُمَر بعد أيام. بغلة يُرْضعها فلْو: وفيها: بعث الحسين بن أحمد المادرائيّ من مصر تَقَادُم، فيها بغلةُ خلفها فلُوُّ يُرْضِعُها فيما قيل. واللَّه أعلم2. بسم الله الرحمن الرحيم {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] .

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 تكملة تاريخ الطبري "30".

وفيات هذه الطبقة

وفيات هذه الطبقة: وفيات سنة إحدى وثلاثمائة: "حرف الألف": 1- أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن أحْمَد بْن أسد بن سامان1: مولى بني العبّاس، أبو نصر سلطان ما وراء النَّهر. قتله غلمانه في جُمَادَى الآخرة مِن السنة، وقام بالأمر بعده ابنه أبو الحسن نصر ثلاثين سنة. وهمُ بيت إمرة وحشّمة، لهم أخبار. وكان أبو نصر حسن السّيرة عظيم الحُرمة. 2- أحمد بن حرب المعدَّل المقرئ2: صاحب أبي عمرو الدوري. قرأ عليه: المطوعي.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 147"، ووفيات الأعيان "6/ 432"، وتاريخ حلب للعظيمي "279"، والعبر "2/ 118". 2 غاية النهاية "1/ 45" "186".

وطريقه في كتاب "المبهج" لأبي محمد. 3- أحمد بن سليمان بن يوسف بن صالح1: أبو جعفر العُقَيليّ الإصبهانيّ الفابِزانيّ، وفابزان من قرى إصبهان. روى عن أبيه، عن النُّعمان بن عبد السّلام، شيخ إصبهان. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأحمد العسّال، وأبو الشَّيْخ. 4- أحمد بن الصَّقْر بن ثوبان2: أبو سعيد الطَّرسُوسيّ، ثمّ البصْريّ. مسُتملي بُنْدار. حدَّث ببغداد عنه، وعن: أبي كامل الجحدريَّ، ومحمد بن موسى الحَرَشيّ. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وأبو الفتح الأزْديّ، وابن لؤلؤ. وثَّقة الخطيب. 5- أحمد بن قُتَيْبة بن سعيد بن قُتَيْبة أبو الفضل الأَسَديّ الكرابيسيّ: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 6- أحمد بن قُدامة3: أبو حامد البلْخيّ. حدَّث ببغداد عن قُتَيْبة. وعنه: أبو بكر القَطِيعيّ، ومَخْلَد الباقَرْحيّ، وأبو الطّاهر الذُّهْليّ القاضي. قال الخطيب: ما علمتُ إلّا خيرًا. وقال: مات سنة ست وثلاثمائة، وضَبَّبَ كما ترى. 7- أحمد بن محمد بن سُرَيج4: أبو العبّاس الفأفاء. ثقة، من شيوخ أصبهان.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 113"، والمعجم الصغير للطبراني "1/ 72". 2 ترجم له الذهبي في السير "11/ 226"، وانظر: تاريخ بغداد "4/ 206"، وغاية النهاية "1/ 63". 3 تاريخ بغداد "4/ 354، 355". 4 ذكر أخبار أصبهان "1/ 127".

سمع بنيسابور من: الحسن بن عيسى بن ماسرجِس، ومحمد بن رافع، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ. وهو أقدَم من الفقيه أبي العبّاس بن سُرَيْج وفاةً وسماعًا. 8- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن الْجَعْد الوشّاء. أبو بكر البغداديّ1: سمع: سُوَيْد بن سعيد، ومحمد بن بكّار، وعبد الأعلى بن حمّاد، وأبا مَعُمَر الهُذْليّ. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وأبو عليّ الصّوّاف، وأبو بكر محمد بن غريب البزّاز. ووقع لنا "مُوَطّأ سُوَيْد" عن مالك، من رواية ابن غريب، عنه. قال الدَّارَقُطْنيّ: لَا بأس به. 9- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب2: الفقيه أبو العبّاس الجمّال الإصبهانيّ. روى عن: عبد الرحمن بن بِشْر بن الحَكَم، وقَطَن بن إبراهيم، وأحمد بن الفُرات. وعنه: الطَّبَرَانيّ، وأبو الشّيخ، وجماعة. 10- أحمد بن محمد بن يوسف بن شاهين: جدّ الحافظ ابن شاهين لأُمّه. كان ثبتًا عارفًا. كتب بمصر والشام والعراق. وروى عن: أبي هَمّام الوليد بن شجاع، وعبد الله بن عُمَر بن أبان، ويعقوب الدَّوْرَقيّ. وعنه: أبو بكر النّجّاد، والباقَرْحيّ في مشيخته، وغيرهما.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 56"، والوافي بالوفيات "8/ 55". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 125".

11- أحمد بن محمود بن صبيح بن مقاتل: أبو الحسن الْهَرَوِيُّ. عن: الحسن بن عليّ الحَلوانيّ، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بن هارون، وقدماء الدّمشقيّين. ومِن أهل هَرَاة: محمد بن عبد الله بن خَمِيرُوَيْه، ومحمد بن أحمد بن حمزة الخيّاط. وكان ثقة صالحًا. 12- أحمد بن هارون بن رَوْح1: أبو بكر البِرْديجيّ البَرْذَعيّ الحافظ، نزيل بغداد. روى عن: أبي سعيد الأشَجّ، وعليّ بن أشكاب، وهارون بن إسحاق، وبحر بن نصر المصريّ، وجماعة. ورحل وصنف. وعنه: أبو بكر الشافعي، وابن لؤلؤ، وابن الصواف، وغيرهم. قال الدارقطني: ثقه، جبل. وقال الحاكم: سمع منه شيخنا أبو عليّ بمكّة سنة ثلاثٍ وثلاثمائة. قلتُ: كأنّ الحاكم وَهِم، فإنّ أبا عليّ حج سنة ثلاثمائة. وكانت وفاة البرديجي ببغداد سنة إحدى وثلاثمائة. قال الحاكم: قدِم على محمد بن يحيى الذُّهْليّ فأفاد واستفاد. وسمع منه: أحمد بن المبارك المستملي، ولا أعرف إمامًا من أئمّة عصره إلّا وعليه انتخاب. قال الخطيب: كان ثقة فَهْمًا حافظًا. قال أحمد بن كامل: مات في رمضان سنة إحدى ببغداد. 13- أحمد بن يعقوب بن إبراهيم2:

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 107"، وتذكرة الحفاظ "2/ 746"، والأعلام "1/ 251"، والنجوم الزاهرة "3/ 184". 2 تاريخ بغداد "5/ 225".

ابن أخي العِرْق، المقرئ. حدَّث عن: محمد بن بكّار، وجُبَارَة بن المغلَّس، وداود بن رُشيد. وعنه: مخلد الباقرحي، والشافعي، وعيسى الرخجي. وكان ثقة مقرئا، توفي في جمادى الأولى. 14- إبراهيم بن أسباط بن السكن البزاز1: كوفي، سمع: عاصم بن عليّ، وبِشْر بن الوليد، ومنصور بن أبي مُزَاحم. وعنه: عبد الباقي بن قانع، والجعابيّ. لَمْ يرو عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ سِوَى حَدِيثَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ" 2. وأبو حفص الزيات، وهو آخر من حدَّث عنه. وثّقة الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفّي سنة إحدى وثلاثمائة، وقيل: سنة اثنتين. 15- إبراهيم بن عاصم بن موسى: مصريّ، ذو مزاح ومُجُون مع ثقة ودِين. روى عن: يونس بن عبد الأعلى، وعيسى بن مثرود. كتب عنه: أبو سعيد بن يونس. وورّخ موته فيها. 16- إبراهيم بن محمد بن الهيثم3: أبو القاسم القَطيعيّ. صاحب الطعام. في جمادى الآخرة.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 44، 45"، وسير أعلام النبلاء "11/ 190". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9291"، ومسلم في المقدمة "4"، وغيرهما. 3 تاريخ بغداد "6/ 154، 155".

17- إبراهيم بن يوسف بن خالد1: أبو إسحاق الرّازيّ الهِسِنْجَانيّ الحافظ. رحّال جوّال. سمع: هشام بن عمّار، وطالوت بن عَبّاد، وعبد الواحد بن غِياث، وهذه الطبقة. وله مسند كبير يزيد على مائة جزء، رواه عنه ميسرة بن عليّ القزوينيّ. وممن روى عنه: أبو عُمَرو بن مطر، والحافظ أبو عليّ النَّيْسابوريّان؛ وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو أحمد بن عديّ الْجُرْجانيان؛ وأبو بكر أحمد بن عليّ الدَّيْلميّ، والعباس بن الحسين الصّفّار وهو آخر من حدَّث عنه بالرِّيّ. قال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: هو ثقة مأمون. ورَّخ أبو الشّيخ وفاته. 18- إبراهيم بن هانئ بن خالد المُهَلَّبيّ2: أبو عُمَران الْجُرْجانيّ الفقيه الشّافعيّ الزّاهد. تفقه عليه جماعة من أهل جرجان كأبي بكر الإسماعيليّ. وقد سمع بسَمَرْقَنْد من: أبي محمد الدّارميّ؛ وببغداد من: أحمد بن منصور الرَّماديّ، وغيره. روى عنه: أبو بكر الإسماعيليّ، وعبد الله بن عَدِيّ، وإبراهيم بن موسى السَّهْميّ، وغيرهم. وكان من جِلّة العلماء. 19- إسحاق بن أحمد بن السّامانيّ3: أبو يعقوب الأمير.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 311"، والعبر "2/ 118"، والبداية والنهاية "11/ 121"، وطبقات الحافظ "300، 301". 2 الأنساب "546 ب"، وتاريخ جرجان "133، 134". 3 تاريخ الطبري "10/ 147، 148"، والكامل في التاريخ "7/ 280-282".

كان على مظالم بُخَارَى في دولة أخيه إسماعيل. وقد روى عن: أبيه، والدّارِميّ. وعنه: صالح بن أبي رُمَيْح، وعبد الله بن يحيى القاضي. تُوُفّي في صفر مسجونًا ببُخَارَى. "حرف الباء": 20- بكر بن أحمد بن مقبل1: ورّخه عبد الرحمن بن مَنْدَه. وولاؤهُ لبنى هاشم. كان من حفاظ أهل البصرة. يروي عن: عبد الله بن معاوية الْجُمَحيّ، وأبي حفص الفلّاس، وعبد الملك بن هَوْذَة بن خليفة، وطائفة. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ، وجماعة. "حرف الجيم": 21- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن المستفاض2: أبو بكر الفِرْيابيّ الواعظ، المصنّف. قاضي الدِّيَنَور، وأحد أوعية العِلم والفهم. طوَّف الدّائرة الإسلاميّة، ورحل من التُّرْك إلى مصر. وحدَّث ببغداد، وغيرها عن: قُتَيْبة، وعليّ بن المَدِينيّ، وإسحاق بن راهَوَيْه، وأبي جعفر عبد الله النفيلي، وهدبة بن خالد، وهشام بن عمار، ومحمد بن الحسن البلخي، وأمم سواهم. وعنه: أبو بكر النجاد، والشافعي، وأبو علي الصواف، وأبو بكر القطيعي، وابن

_ 1 العبر "2/ 118"، وشذرات الذهب "2/ 234". 2 الفهرست لابن النديم "324" والبداية والنهاية "11/ 121، 122"، والأعلام "2/ 123"، والعبر "2/ 119".

عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، والطبراني، وأبو بكر الجعابي، والقاضي أبو الطاهر الذهلي، وأبو الفضل الزهري، وآخرون. وكان ثقة حجة. قال أبو علي الصواف: سمعته يقول: كلّ من لقيته لم أسمع منه الّا مِن لفظه، الّا ما كان مِن شيخين: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ، فإنّه ثَقُل لسانه، وَالْمُعَلَّى بن مهديّ بالمَوْصِل. وكتبت من سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. وعن أبي حفص الزّيّات قال: لمّا ورد الفِرْيابيّ إلى بغداد استقبل بالطيارات والزبازب، ووعد له الناس إلى شارع المنار ليسمعوا منه، فحزر من حضر مجلسه لسماع الحديث، فقيل: كانوا نحو ثلاثين ألفًا. وكان المستملون ثلاثمائة وستة عشر. وقال أبو الفضل الزهري: لما سمعتُ من الفِرْيابيّ كان في مجلسه من أصحاب المحابر مَن يكتب حدود عشرة آلاف إنسان، ما بقي منهم غيري، هذا سوى من لَا يكتب. وقال ابن عديّ: كنّا نشهد مجلس الفِرْيابيّ وفيه عشرة آلاف أو أكثر. وقال أبو بكر الخطيب: والفريابي قاضي الدينور من أوعية العلم، ومن أهل المعرفة والفهم. طوف شرقا وغربا، ولقي الأعلام، وكان ثقة حجة. وقال الدارقطني: قطع الفريابي الحديث في شوال سنة ثلاثمائة. وقال أبو علي النيسابوري: دخلت بغداد والفريابي حي، وقد أمسك عن التّحديث. ودخلنا عليه غير مرةٍ وبكيت بين يديه، وكنّا نراه حسرةً. تُوُفّي رحمه الله في المحرّم سنة إحدى، وولد سنة سبْعٍ ومائتين. وكان الفِرْيابيّ حَفَر لنفسه قبرًا رضيَ الله عنه1. 22- جعفر بن محمد السُّوسيّ: أبو الفضل المجاور بمكّة. عنده عن: عليّ بن بحر بن برّيّ.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 202".

"حرف الحاء": 23- الحسن بن إبراهيم بن بشّار1: أبو عليّ الفابِزانيّ الإصبهانيّ. عن: سليمان الشّاذكُونيّ، وعُبَيْد الله بن عُمَر. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيخ، وأبو مسلم عبد الرحمن بن محمد، والإصبهانيّون. 24- الحَسَن بن الحُباب بن مَخْلَد2: أبو عليّ البغداديّ الدّقاق المقرئ. سمع: لُوَيْنًا، ومحمد بن أبي سمينة، وأحمد بن أبي بزّة المقرئ. وكان من شيوخ المقرئين وثقاتهم. عَرَضَ على: البزّيّ، ومحمد بن غالب الأنماطيّ. أخذ عنه القراءة: ابن مجاهد، وابن الأنباريّ، والنّقّاش، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، وأحمد بْن عبد الرحمن الوليّ، وجماعة. روى عنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، ومحمد بن عُمَر الحنّائيّ، وجماعة. 25- الحسن بن سليمان بن نافع3: أبو مَعْشَر الدّارميّ البصْريّ. نزل بغداد وحدَّث. عن: أبي الربيع الزَّهْرانيّ، وهُدْبَة بن خالد، وجماعة. وعنه: ابن قانع، وعبد الصَّمَد الطّسْتيّ، ومَخْلَد الباقَرْحيّ، وعليّ بن لؤلؤ. ووثّقه الدَّارَقُطْنيّ. مات في جُمَادَى الآخرة.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 261". 2 تاريخ بغداد "7/ 301، 302"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 229". 3 تاريخ بغداد "7/ 327"، والمنتظم "6/ 125".

26- الحسين بن إدريس بن المبارك بن الهيثم1: أبو عليّ الأنصاريّ الهَرَويّ الحافظ. روى عن: سُوَيْد بن سعيد، وهشام بن عمّار، وسعيد بن منصور، وسُوَيْد بن نصر، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وعثمان بن أبي شيبة، وداود بن رشيد، وخالد بن هياج، وخلق سواهم. روى عنه: بشر بن محمد المزني، ومنصور بن العبّاس، ومحمد بن عبد الله بن خميرويه، وأبو حاتم بن حبان، وأبو بكر النقاش المقرئ. وكان أحد مِن عنِي بهذا الشّأن وتعبَ عَليْهِ؛ وله تاريخ صنفه على وضع "تاريخ البخاري". وثقة الدارقطني. وقال أبو الوليد الباجيّ: لَا بأس بِهِ. وذكره ابن أبي حاتم في تاريخه، وقال: هو المعروف بابن خُرّم. كتبَ إليَّ بجزءٍ من حديثه، عن خالد بن هيّاج بن بِسْطام، فيه بواطيل، فلا أدري منه أو من خالد. قتل: خالد له مناكير عن أبيه، والحُسين فثقة حافظ. ورخه أبو النضر الفامي. 27- الحسين بن زكريا بن يحيى: أبو علي المصري التمار. توفي في ربيع الآخر. 28- حماد بن مدرك بن حماد2: أبو الفضل الفسنجاني. قيده ابن ماكولا.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 47"، والثقات "8/ 193"، والميزان "1/ 530". 2 "الأنساب 428 أ"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 419".

حدث بشيراز عن: عُمَرو بن مرزوق، وأبي عُمَر الحَوْضيّ، وطبقتهما. وعنه: محمد بن بدر الحمّاميّ، والزّاهد محمد بن خفيف. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وقد قارب المائة. 29- حمدان بن عمرو: أبو جعفر الموصلي الوزان. يروي عن: غسّان بن الربيع، وَمُعَلَّى. 30- حمدان بن الهيثم التيمي الإصبهاني1: ثقة، دين. يروي عن: عبد الله بن عُمَر الزُّهْريّ. وعنه: أبو الشيخ، وأبو أحمد العسّال، وأبو مسلم عبد الرحمن أخو أبي الشيخ، وعدّة. 31- حميد بن يونس2: أبو غانم الزّيّات. بغداديّ. سمع: يوسف بن موسى القطّان، وغيره. وعنه: مَخْلَد الباقَرْحيّ، ومحمد بن عبد الله الشّافعيّ. وقبلهما محمد بن مَخْلَد، وغيره. وله رحلة إلى مصر. "حرف الخاء": 32- خالد بن غسّان. أبو عَبس السلمي: ورخه ابن منده. لا أعرفه.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 293". 2 تاريخ بغداد "8/ 166".

"حرف السين": 33- سعيد بن خُمَيْر1: أبو عثمان الرَّبْعيّ القُرْطُبيّ. سمع من: أبي زيد، وعبد الله بن خالد، وابن مُزَين. وفي الرحلة من: يونس بن عبد الأعلى، وابن عبد الحَكَم. وكان ذا فضل وعبادة وورع وعَلْم. روى عنه: الأعناقيّ، وابن أيْمَن، وأحمد بن عُبادة. تُوُفّي في صفر. "حرف الصاد": 34- صالح بن الحسين بن الفَرَح. أبو الحُسَين. ذكره ابن مَنْدَه. لا أعرفه. "حرف العين": 35- عامر بن أحمد بن محمد2. أبو الحَسَن الشُّونيزيّ، الشّافعيّ. سكن إصبهان، وحدَّث عن: أحمد بن عبد الجبار، وعبد الله بن محمد بن النُّعمان، وإبراهيم بن فهْد. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ. 36- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بن أبي الشَّوارب3.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 163"، لابن الفرضي. 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 39". 3 تاريخ بغداد "10/ 10"، والبداية والنهاية "11/ 122".

أبو العبّاس الأُمويّ. مولاهم البغداديّ الفقيه. ولي قضاء مدينة المنصور. وكان ذا قدْر وجلالة. 37- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بدرون الأندلسيّ1: من أهل الجزيرة. سمع من: محمد بن أحمد العُتْبيّ. ورحل فسمع من: أحمد بن أخي ابن وهْب، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، وأحمد بن عبد الرحيم البرقي، ومحمد بن سحنون القيرواني. وكان أديبًا لُغَويًّا، فيه زُهْد وورع. 38- عبد الله بن محمد بن ناجية بن نَخْبَة2: أبو محمد البربريّ، ثمّ البغداديّ، الحافظ. سمع: أبا مَعُمَر الهُذْليّ، وسُوَيْد بن سعيد، وعبد الواحد بن غِياث، وأبا بكر بن أبي شيبة، وعبد الأعلى بن حَمّاد، وطبقتهم. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، والجعَابيّ، وأبو القاسم بن النّحّاس، وإسحاق النّعاليّ، ومحمد بن المظفَّر، وعُمَر بن محمد الزيات، وآخرون. وكان ثقة ثبتًا، عارفا ممتعا بإحدى عينيه. تُوُفّي في رمضان عن سن عالية. أقدم ما عنده أصحاب حمّاد بن سَلَمَةَ. وطلبه للحديث بعد الثلاثين ومائتين. وله مسندُ كبير في عدّة مجلّدات.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 219، 220"، لابن الفرضي. 2 تاريخ بغداد "10/ 104، 105"، وتذكرة الحفاظ "2/ 696"، والنجوم الزاهرة "3/ 184"، والرسالة المستطرفة "71".

قال الإمام أبو عُمَر بن عبد البرّ: ناولني خَلَف بن القاسم الحافظ "مُسْنَد ابن ناجيةً"، وهو في مائةٍ واثنتين وثلاثين جُزْءًا، بروايته عن أبي قُتَيْبة سَلّم بن الفضل البغداديّ، عن ابن ناجية، رحمه الله تعالى. 39- عبد الله بن محمد بن حيّان بن فَرُّوخ1: أبو محمد بن مُقَيْر البغداديّ. سمع: محمود بن غَيْلان، وعبد الله بن عُمَر بن أبان، وغيرهما. وعنه: محمد بن مَخْلَد، وإسماعيل الخُطَبيّ، وأبو عليّ بن الصّوّاف، وأبو بكر الإسماعيليّ. وكان ثقة. تُوُفّي في رمضان أيضًا. 40- عبد الله بن الوليد العُكْبَريّ2: عن: محمد بن موسى الحَرَشيّ، وأحمد بن منصور زاج. وعنه: أبو أحمد بن عَدِيّ، والإسماعيليّ، وابن بخيت. وكان ثقة صالحًا. 41- عبد الله بن وُهَيْب الْجُذاميّ الغَزّيّ3: سمع: محمد بن أبي السَّري العسقلانيّ، والعبّاس بن الوليد البَيْروتيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الله بن عَدِيّ، وجماعة. 42- عبد الله بن يحيى بن موسى بن داود بن شيرزاد: أبو محمد السَّرْخَسيّ، قاضي طَبَرِسْتان، ثمّ قاضي نَسْف. روى عن: علي بن حُجْر، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، والحسين بن حريث. وأملى مجالس.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 105"، والوافي بالوفيات "17/ 475". 2 تاريخ بغداد "10/ 182". 3 المعجم الصغير "1/ 215"، للطبراني.

وعنه: حماد بن شاكر، وعبد المؤمن بن خلف النسفي، وأبو عمرو محمد بن محمد بن صابر، وجماعة. 43- علي بن روحان الدقاق1: بغدادي. روى عن: زيد بن أخزم، وغيره. وعنه: الطَّستيّ، والطَّبَرانيّ، وعبد الله بن عَدِيّ. ورّخه الخطيب. 44- عُمَران بن موسى بن يحيى بن جِبارة، بالكسر: أبو القاسم المصريّ الحمراويّ المؤدب. يروي عن: عيسى بن حمّاد زُغبة، وغيره. وعنه: المصرّيون. 45- عُمَرو بن عثمان بن كُرَب بن غُصَص2: أبو عبد الله المكّيّ الصُّوفيّ الزَّاهد. من أئمة القوم. صحب أبا سعيد الخرّاز، ولقى أبا عبد الله النِّباجيّ، وله مصنَّفات كثيرة في عِلم المعاملات والإشارات. سمع من: يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان، وسليمان بن سيف الحرّانيّ. وعنه: أبو الشَّيخ، ومحمد بن أحمد الإصبهانيّان، وجعفر الخلْديّ، وغيرهم. وكان قد قدِم إصبهان زائرًا لعليّ بن سهل. قال أبو نعيم: توفي بعد الثلاثمائة. وقيل: قبل الثلاثمائة.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 426". 2 حلية الأولياء "10/ 291-296"، وتاريخ بغداد "12/ 223-225"، وصفة الصفوة "2/ 440-442".

ومِن كلامه: العلم قائد، والخوف سائق، والنَّفْس حَرُونٌ بين ذلك جموحٌ، خدّاعة، روّاغة، فاحذرها وراعِها بسياسة العِلم، وسُقْها بتهديد الخوف1. وله كلامٌ عالٍ من هذا النَّوع. وقيل: تُوُفّي سنة سبْعٍ وتسعين؛ وقيل: سنة إحدى وتسعين. دكره أبو عبد الرحمن السُّلَميّ وقال: كان ينتسبُ إلى الْجُنَيْد، وكان قريبًا منه في الّسِنّ والعِلْم. وسمعتُ أبا عبد الله الرّازيّ يقول: لما ولي عُمَرو قضاء جَدّة هجَرهٌ الْجُنَيْد، رحمهما الله. 46- عيسى بن إبراهيم بن موسى: أبو عبد الله القُمّيّ. تُوُفّي بمصر فِي ذِي الحجَّة. "حرف القاف": 47- القاسم بْن فُورَك2: أبو محمد الكَنْبَرْكيّ الإصبهانيّ. رحل وسمع: إبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، وعليّ بن سعيد بن مسروق، وعمّار بن خالد الواسطيّ، ونحوهم. وعنه: الطبراني، والعسال، وأبو الشيخ، وأهل بلده. "حرف الكاف": 48- كثير بن نَجِيح: أبو الخير المصريّ. رأى عيسى بن المُنْكَدِر، وعبد الله بن عبد الحكم.

_ 1 صفة الصفوة "2/ 441"، وطبقات الصوفية "203". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 161"، والمعجم الصغير "1/ 269"، للطبراني.

وسأل أصبغ بن الفَرج مسائل. قال ابن يونس: قال لي: ولدتُ سنة أربعٍ ومائتين. مات في رمضان. وكان رجلًا صالحًا قاربَ المائة. "حرف الميم": 49- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أبي بكر المُقَدّميّ1: القاضي أبو عبد الله. سمع: عُمَرو بن عليّ الصَّيْرفيّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ. وعنه: الْجِعَابيّ، والطّحَاويّ، وأبو حفص الزّيّات. وكان ثقة. 50- محمد بن أحمد بن سعيد2: أبو مسلم الإصبهانيّ المكتِّب. عن: أبي سعيد الأشَجّ، وعُمَرو بن عبد الله الأَوْديّ. وعنه: أبو أحمد العسّال، وغيره. 51- محمد بن أحمد بن سيّد حَمْدُوَيْه3: أبو بكر التّميميّ الدّمشقيّ الزّاهد. ويقال: إنّه مولى بني هاشم. له الكرامات والأحوال. صحِب القاسم الجوعيّ، وحدَّث عنه، وعن: مؤمّل بن إهاب، وشُعَيب بن عُمَرو. روى عنه: أبو بَكْر، وأبو زُرْعة ابنا أَبِي دُجَانة، وابن أبي القاسم، وأبو أحمد بن

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 336"، والمنتظم "6/ 126". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 240". 3 سير أعلام النبلاء "14/ 111، 112"، "55".

الناصح، وأبو هاشم المؤدب، وأبو صالح صاحب مسجد أبيّ صالح الّذي هو بظاهر باب شرقيّ، وآخرون. وكانوا يلقّبونه المعلِّم. وقال أبو أحمد بن المفسّر: أقام أبو بكر بن سيّد حَمْدُوَيّه خمسين سنة ما أستند ولا مدّ رِجْله بين يدي الله هيبةً له. وقال أَبُو محمد عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر التميمي: حدَّثني عُمَر بن البُرّيّ أنّ المعلّم ابن سيّد حَمْدَوَيْه أضافَ به قوم فقال لرجل من أصحابه: جئْني بِشواء ورِقاق، فجاءه به، فقدّمه إليهم، فقالوا: يا أبا بكر، ما هذا مِن طعامنا. قال: أيش طعامكم؟ قالوا: الْبَقْلُ. فأحضره لهم فأكلوا، وأكل هو الشّواء، وقاموا يصلّون باللّيل، ونام هو على ظهره، وصلّى بهم صلاة الغَداة وهو على وضوء العشاء، وقال لهم: تخرجون بنا نتفرَّج؟ فخرجوا إلى الحدعشرية عند البُرَيْكة، فأخذ رداءه فألقاه على الماء وصلّى عليه، ثم دفعَ إليَّ الرّداء ولم يُصبْه ماء، ثمّ قال: هذا عمل الشواءِ، فأين عمل البَقْلِ؟. وقال ابن أبي نصر: حدَّثني عُمَر بن سعيد أنّ أبا بكر قال: خرجتُ حاجًا فصرنا إلى مَعَان، وأصابنا شتاء، فجمعتُ نارًا أصطلي، فإذا برجل قائم فقال: يا غلام سِرْ. فقُمتُ وسرتُ وراءه، فاخَذَنا المطر حتّى انتهينا إلى رابية فقال: قد طلع الفجر فَصَلِّ بي. فصلّيتُ به، ثمّ لاحت برقةٌ على جدار فقال: هذه المدينة ادخلها وانتظر أصحابك. فدخلت فأقمت أربعة عشر يومًا حتّى قدِموا. وبه أنّ كلبًا نَبح باللّيل على ابن سيّد حَمْدُوَيْه فأَخْسَأهُ، فمات. تُوُفّي -رضى الله عنه- في صفر سنة إحدى وثلاثمائة. وله كرامات سوى ما ذكرنا. 52- محمد بن بِشر بن يوسف1: أبو الحَسَن القُرَشيّ، مولاهم الدمشقي القزاز. عرف بابن مامويه.

_ 1 تاريخ جرجان "281"، والمعجم الصغير "2/ 80، 81"، للطبراني.

مُكثِر عن: هشام بن عمّار، ودُحَيْم. وقرأ القرآن على: هشام؛ ورحل إلى مصر والعراق. وروى عن: أبي الطاهر بن السرح، وحفص الرّباليّ، وطبقتهما. قال ابن عدي: كان أروى الناس عن هشام بن عمّار. كانت عنده كتبه كلّها. قرأ عليه: أبو بكر محمد الداجوني. وحدَّث عنه: الطَّبَرانيّ، وابن عَدِيّ الْجُرْجانيّ. 53- محمد بن حُبّان بن الأزهر العبْديّ1: أبو بكر القطّان البصْري. حدَّث ببغداد عن: أبي عاصم النّبيل، وعُمَرو بن مرزوق. وعنه: أبو الطاهر الذهلي، وابن عدي، وأبو بكر الجعابي، والإسماعيلي، وعمر بن سبنك. ضعفه الحافظ محمد بن علي الصوري. وكان قد نزل بغداد. قال ابن سبنك: أول ما كتبت سنة ثلاثمائة عن ابن حُبّان. ومات سنة إحدى. قلت: ومن طبقته. 54- محمد بن حُبّان2: بالضّمّ أيضًا، ابن بكر بن عُمَرو الباهليّ البصْريّ. نزل بغداد في المحرّم، وحدَّث عن: أُمَيَّة بن بِسْطام، وكامل بن طلحة، ومحمد بن مِنْهال. روى عنه: الطَّبَرانيّ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ. وهو الأوّل، بناءً على أن الأزهر لقب بكر، أو هو جدٌّ أعلى، أو وَقَعَ وَهْمٌ في نسبه.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 231، 232"، والمنتظم "6/ 126". 2 المعجم الصغير "2/ 18"، للطبراني، وسير أعلام النبلاء "11/ 172".

وقد وَهَمَ عبد الغنيّ المصريّ الحافظ وقيّده بالفتح وقال: ثنا عنه الذُّهْليّ. قال: وبضمّ الحاء، محمد بن حُبَّان، حدَّث عنه أبو قتيبة، مسلم بن الفضل. قال الصُّوريّ: وهما واحدٌ، وهو بالضّمّ1. قلت: ليس عند الطَّبَرانيّ عنه سوى حديثٍ واحد، عن كامل بن طلحة، أورده عنه في معجمه الأصغر والأوسط، وهو ضعيف2. وقال ابن مَنْدَه الحافظ: ليس بذاك. وأمّا ابن ماكولا فقال: محمد بن حَبّان بن الأزهر الباهليّ، بالفتح، عن: أبي عاصم. وعنه: أحمد بن عُبَيْد الله النَّهرِديريّ. ومحمد بن حَبّان أبو بكر، عن: أبي عاصم. ذكره عبد الغني، وهو متقن لَا يخفى عليه أمرُ شيخ شيخه. وكان القاضي أبو طاهر الذُهليّ من المتثبِّتين لَا يخفى عليه أمر شيخه. وقال الصُّوريّ: إنّما هو واحد3. قال ابن ماكولا: ولم يأتِ بشيء، فإنّهما اثنان، والنّسبة تفرّق بينهما. واللَّه أعلم. وجدّ أحدهما الأزهر وجدّ الآخر بكر. قال: فإن كان شيخنا الصوري يقد أتقنه بالضّمّ، فقد غلط في تصوّره أنّهما واحد. وهما اثنان، كلٌّ منهما محمد بن حُبّان. وإن لم يكن أتقنه فالأوّل بالفتح، وهذا بالضّمّ. قلت: لم يَقُلِ الصُّوريّ: هما واحدٌ إلا باعتبار الإثنين المسمَّيْن أمّا باعتبار الرجل الآخر الّذي ذكره الدّارَقُطنيّ فيكونون ثلاثة، فإنّ الدّارَقُطْنيّ قال: محمد بن حُبّان بن بكر بن عمر البصْريّ نزل بغداد في المحرّم وحدَّث عن أُمَيَّة بن بِسْطام، ومحمد بن مِنْهال، وغيرهما4.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 172". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر السابق.

55- محمد بن جعفر الراشديّ1: سمع: عبد الأعلى بن حماد النِّرْسيّ. وعنه: أحمد بن نصر الذّارع، وأبو بكر القَطِيعيّ. وكان ثقة. 56- محمد بن حَجّاج بن يوسف المَوْصِليّ: عن: سَلْم بن جُنَادة الرّماديّ. وعنه: أبو الفتح الأزديّ. 57- محمد بن سعيد بن ميمون: أبو قَبِيل الجيزيّ المصريّ. تُوُفّي في شوّال. 58- محمد بن العبّاس بن أيّوب2: أبو جعفر الإصبهانيّ، ابن الأخرم الحافظ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وقد اختلط قبل موته بسنة. وكان أحد الفقهاء بإصبهان. سمع بعد الأربعين ومائتين: أبا كُرَيْب، وزياد بن يحيى الحسّانيّ، وعمّار بن خالد، وعليّ بن حرب، والمفضّل بن غسّان، والغُلابيّ. وعنه: أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، والطبراني، وعبد الله بن محمد بن عُمَر، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف، وجماعة. وله وصيّة حسنة في كرّاس، منها: ونقول: الله على العرش، وعِلْمه مُحيطٌ بالدنيا والآخرة. ومنها: مَن زعم أنّ لفظ القرآن مخلوق فهو كافر.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 131، 132"، "524". 2 العبر "2/ 120"، ذكر أخبار أصبهان "2/ 224، 225"، والوافي بالوفيات "3/ 190، 191".

59- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب: المعروف بالأحنف. كان يخلُف أباه على القضاء ببغداد، فلم تُحْمَد سيرته. وفيها تُوُفّي أبوه أيضًا. 60- محمد بن عبد الله بن رُسْتَة بن الحسن بن عُمَر بن زيد الضّبّيّ1: أبو عبد الله المَدِينيّ. كتب الكثير. وكان الشاذكُونيّ نازلًا عليهم. سمع: شيبان بن فَرُّوخ، وأبا مَعُمَر، وهُدْبَة، وشَيْبان، ومحمد بن حميد، وغيرهم. وعنه: الطبراني، وإبراهيم بن محمد بن حمزة، وأبو الشيخ، ومحمد بن عُبَيْد الله بن المَرْزُبان، وغيرهم. وهو صدوق، رحّال. 61- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَبُو عبد الله البخاريّ القسّام، الملقّب: خَنْب. سمع: عليّ بن حُجْر، وإسحاق الكَوْسَج، وجماعة. وعنه: محمد بن عُمَر بن شاذَوَيْه، وخَلَف الخيّام، وغيرهما. 62- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن2: أبو عَبْد اللَّه السّاميّ الهَرَويّ. في شهر ذي القعدة. كان من كبار الأئمّة وثقات المحدَّثين. ومنهم من يقول: تُوُفّي في صَفَر سنة اثنتين وثلاثمائة.

_ 1 طبقات المحدثين بأصبهان "ورقة 231"، وسير أعلام النبلاء "11/ 219". 2 تاريخ جرجان "409"، للسهمي، والعبر "2/ 120".

رحل وسمع: أحمد بن يونس اليَرْبُوعيّ، وإبراهيم بن محمد، الشّافعيّ، ومحمد بن مقاتل المَرْوزيّ، وإسماعيل بن أبي أوَيْس، ومحمد بن معاوية النَّيسابوريّ، وأحمد بن حنبل، وخلقًا كثيرًا. وعنه: أبو حاتم بن حبّان، والعبّاس بن الفضل النَّضْرويّ، وبِشْر بن محمد المُزَنيّ، وسائر الهَرَويّين. وهو نظير الحسن بن إدريس الهَرَويّ. 63- محمد بن عَبيدة بن يزيد بن عَبيدة1: أبو عبد الله الجرواآني الإصبهانيّ. ثقة. روى عن: سليمان بن عُمَر الأقطع، ومؤمّل بن إهاب، ويوسف القطّان، وغيرهم. وعنه: أبو الشَّيخ، وأبو إسحاق بن حمزة، وأبو أحمد العسّال. صدوق، رحّال. 64- محمد بن عليّ بن العبّاس2: أبو بكر النَّسائيّ الفقيه. نزيل بغداد. عن: شُرَيْح بن يونس، وعُبَيْد الله القواريريّ، وجماعة. وعنه: الجعابيّ، وعيسى الرُّخَّجِيّ، ومحمد اليَقْطينيّ. وثَّقة بعض الأئمة. 65- محمد بن يحيى بن مَنْده بن الوليد العَنبريّ3: أبو عبد الله الأصبهاني الحافظ.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 238". 2 تاريخ بغداد "3/ 69، 70" "1031". 3 طبقات الحنابلة "1/ 328"، وتذكرة الحفاظ "2/ 741، 742"، والنجوم الزاهرة "3/ 184".

رحل، وسمع: أبا كُرَيْب، وعبد الله بن معاوية الْجُمَحّي، وهَنّاد بن السَّرِيّ، وسُفْيان بن وَكِيع، ولُوَيْنًا، وموسى بن عبد الرحمن بن مهديّ، ومحمد بن عصام. وقال أبو الشيخ: كان أستاذ شيوخنا وإمامهم. روى عنه: أحمد بن عليّ بن الجارود. وكان ينازع أبا مسعود أحمد بن الفُرات في حداثته. وروى عنه أيضًا: أبو أحمد العسّال، وأبو إسحاق بن حمزة، والطَّبَرانيّ، وعبد الله بن أحمد والد أبي نُعَيْم، وأبو الشيخ. وحفظ حديث الثَّوْريّ. واسم مَنْدَه: إبراهيم. وكان محمد بن يحيى من أوعية العلم. 66- مُسَدَّد بن قَطَن بن إبراهيم1: أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ الْمُزَكِّي. كان ثقة مأمونًا زاهدًا عابدًا ورعًا عاقلًا. سمع من: يحيى بن يحيى، وتورَّعَ عن الرواية عنه لِصغَره إذ سمع. سمع من: جدّه لأُمّه بِشْر بن الحَكَم، وإسحاق بن راهَوَيْه، وداود بن رُشَيْد، والصَّلْت بن مسعود، وأبا مُصْعَب، وأقرانهم. وعنه: أبو حامد بن الشَّرْقيّ، ومحمد بن صالح بن هانئ، وعبد الله بن سعْد النَّيْسابوريُّون. 67- موسى بن حمدون العُكْبَريّ2: عن: أبي كُرَيْب، وحَجّاج بن الشّاعر. وعنه: أبو بكر الخلال الحنبليّ، والإسماعيليّ، وابن بَخِيت الدقاق. وثقه أبو بكر الخطيب.

_ 1 تاريخ جرجان "523"، والنجوم الزاهرة "3/ 181". 2 تاريخ بغداد "13/ 55" "7027".

"حرف الهاء": 68- هَنْبَلُ بن محمد1: أبو يحيى الحمصيّ. عاش إلى هذه السنة. وحدَّث عن: عبد الله بن عبد الجبّار الجنائزيّ، ويحيى بن صالح الوُحَاظيّ، ومحمد بن الحسن اليَقْطِينيّ فسمّاه هَنْبَلَ بن يحيى نسبة إلى جدّه السليْحيّ، بحاء مهملة؛ وأبي مُصْعَب الزُّهريّ، وعبد العزيز بن يحيى، وجماعة. روى عنه: أبو أحمد بن عَدِيّ، وغيره. مواليد هذه السنة: وفيها: وُلد أمير المؤمنين المطيع لله. وأبو الحسين بن سمعون الزّاهد. وأبو الفَرَج الشَّنَبُوذيّ المقرئ. وفيات سنة اثنتين وثلاثمائة: "حرف الألف": 69- أحمد بن قُدامة بن محمد بن فَرْقَد2: أبو حامد البلْخيّ. عن: قُتَيْبة، وإبراهيم بن يوسف. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، والقطيعي، ومخلد الباقرحي. قال الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرًا. 70- أحمد بن محمد بن سلام بن عبدويه3:

_ 1 تاريخ جرجان "66". 2 تاريخ بغداد "4/ 354، 355". 3 المنتظم "6/ 28" "187".

أبو بكر البغداديَّ، نزيل مصر. عن: لُوَيْن، ومحمد بن بكّار، وعبد الأعلى بن حمّاد. وعنه: أبو سعيد بن يونس، والحسن بن الخَضِر الأسْيوطيّ. وكان رجلًا فاضلًا صالحًا، قد عَمي. تُوُفّي في جُمَادَى الْآخرة. 71- أَحْمَد بن محمد بن موسى البغداديّ1: أبو عيسى بن العرّاد. سمع: الوليد بن شجاع، وإسحاق بن أبي إسرائيل، ولُوَيْنًا. وعنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، وابن الزّيّات. وثقة الدّارَقُطْنيّ. 72- أحمد بن يحيى بن زكريا: أبو جعفر الحضرميّ الصّوّاف. بمصر في شهر ذي القعدة. سمع من: محمد بن رُمْح، وغيره. وعنه: ابن يونس وقال: ثقة. 73- إبراهيم بن أحمد بن مُعَاذ الشَّعْبانيّ2: الأندلسيّ. بها. 74- إبراهيم بن شَرِيك بن الفضل3: أبو إسحاق الأَسديّ الكوفيّ. نزيل بغداد.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 90" "2486". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 15، 16"، لابن الفرضي. 3 تاريخ بغداد "6/ 102، 103"، والعبر "2/ 122".

عن: أحمد بن يونس، ومنجاب بن الحارث، وغيرهما. وعنه: مخلد الباقَرْحيّ، وعُمَر بن الزّيّات، وأبو الفضل الزُّهْريّ، وأبو الحسن بن لؤلؤ. قال الزّيّات: سمعت ابن عُقْدة يقول: ما دخل عليكم أوثق من إبراهيم بن شَرِيك. ووثَّقه الدّارَقُطْنيّ. مات سنة إحدى. وقيل: سنة اثنتين. وحُمِل إلى الكوفة. 75- إبراهيم بن محمد بن الحَسَن الإصبهانيّ1: الإمام أبو إسحاق بن مَتُّويه إمام جامع إصبهان. كان من العُبّاد والسّادة. يصوم الدَّهْر. وكان حافظًا، ثقة. سمع: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، وبِشْر بن مُعَاذ، وعبد الجبّار بن العلاء، وأحمد بن مَنِيع، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكّيّ، وهشام بن خالد الأزرق. وطوَّف البلاد. روى عنه: أبو عليّ بن شُعيب الدّمشقيّ، وأبو أحمد العسّال، والطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ، وأبو بكر بن المقرئ وقال: هو أوّل من كتبتُ عنه الحديث. وقال أبو الشيخ: كان من معادن الصِّدْق. توفي في جُمَادَى الآخرة. قلت أما: 76- إبراهيم بن محمد بن الحسن الإصبهاني، فشيخ من طبقة ابن مَتُّوَيْه: سمع من: هَنّاد بن السَّرِيّ، وعبد الرحمن بن عُمَر رُسْتَة، وأحمد بن الفُرات. سكن هَمَدَان. وروى عنه من أهلها: أحمد بن إبراهيم بن تركان، ونصر بن حازم، وجبريل بن محمد، وغيرهم.

_ 1 حلية الأولياء "7/ 370"، تهذيب التهذيب "9/ 432".

ويُعرف أيضًا بأبّة، ويُعرف أيضًا بابن فِيّرة الطّيّان. 77- إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسّان الأنماطيّ1. البغداديّ. سمع بدمشق: دُحَيْمًا، وهشامًا، وأحمد بن أبي الحواري. وعنه: عثمان بن السّمّاك، وابن مقسم. وثَّقة الدَّارَقُطْنيّ. 78- إسماعيل بن محمد بن إسحاق2: أبو قُصَيّ العُذْريّ الدّمشقيّ، الأصمّ. عن: أبيه، وعمه عبد الله، وسليمان ابن بنت شرحبيل، وزهير بن عبّاد. وعنه: أبو سعيد أحمد بن محمد الأعرابيّ، وأبو عليّ النيسابوريّ، وأبو عُمَر بن فضالة، وعبد الله بن عديّ، والطبرانيّ. 79- أيوب بن سليمان بن صالح بن هاشم3: أبو صالح المعافريّ الجيانيّ، ثم القرطبيّ. روى عن: محمد بن أحمد العتبيّ، وعبد الله بن خالد، ويحيى بن مزين. وكان إمامًا فِي مذهب مالك، مقدَّمًا فِي الشورى. كانت الفتيا دائرة عليه وعلى محمد بن عُمَر بن لبابة. وكان لغويًا نحويًا بليغًا. توفي إلى رحمة الله في المحرم. روى عنه خلق. "حرف الياء": 80- بدعة المغنّية4: جارية عريب. كانت بديعة الحُسن، فائقة الغنى.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 91"، والمنتظم "9/ 128". 2 تاريخ جرجان "261"، وسير أعلام النبلاء "11/ 234". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 86"، لابن الفرضي، وبغية الملتمس "237" للضبي. 4 تاريخ الطبري "10/ 150"، والأغاني "21/ 55".

توفيت في آخر سنة اثنتين؛ وقد كان إسحاق بن أيوب بذل فيها مائة ألف دينار فيما قيل، فلم تفعل عريب وأعتقتها. وكان لبدعة أموال وضياع وجوار. ولها نظم حسن. غنت للمعتضد وأخذت جوائزه. 81- بسّام بن أحمد بن بسام بن عُمَران: أبو الحسن المعافريّ مولاهم المصريّ قال ابن يونس: ثقة. حدثنا عن: يونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن المقرئ. وتوفي في شوّال. 82- بِشْر بن نصر بن منصور1: الفقيه أبو القاسم الشّافعيّ، المعروف بغلام عرق. توفي بمصر في جُمَادَى الآخرة. وكان بغداديًا. قال ابن يونس: كان متضلعًا من الفقه، دينًا. "حرف الحاء": 83- الحسن بن عليّ بن موسى بن هارون2: أبو عليّ النيسابوريّ النّخّاس، بخاء معجمة. سمع: عبد الأعلى بن حمّاد النَّرْسيّ، وهشام بن عمّار. وعنه: أبو سعيد بن يونس وصدقه، والحسن بن الأخضر الأسيوطيّ، وغيرهما من المصريين، وأبو أحمد بن عَدِيّ. 84- الحسن بن عليّ بن يوسف القتاد بن أبي مسعود: مصريّ، روي عن: حرملة، وأبي شريك المرادي، ومحمد بن سَلَمَةَ المراديّ، وغيرهم. توفي في شوال.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 122"، وتاريخ بغداد "7/ 88". 2 المنتظم "6/ 129" "193".

85- الحسن بن محمد بن أحمد بن العسّال. أبو عليّ المصريّ العابر. لم يكن أحد يدانيه في تعبير الرؤيا. كتب الحديث بعد التّسعين ومائتين. قال ابن يونس: لم أر أحدًا يفسّر الرؤيا مثله، فسألته مِن أين لك هذا؟. قال: كنت أتاجر إلى المغرب، فمات بأقريطش نصرانيّ، فبيعت كتبه وكنت حاضرًا، فاشتريت منها كتابًا في تعبير الرؤيا وعدد الأيام وعلاماتٍ لذلك فحفظته، وجعلت أجرب ما فيه فأجده حقًّا. ثمّ ذكر له ابن يونس تعبير رؤيا الحسّاب. 86- الحسين بن أحمد بن منصور1. أبو عليّ البغداديّ سجادة: توفي بمكة. 87- حمزة بن محمد بن عيسى2. أبو عليّ الكاتب: سمع من نعيم بن حماد جزءًا واحدًا. روى عنه: محمد بن عُمَر الجعابيّ، وأبو حفص بن الزّيّات، وعليّ بن لؤلؤ، وغيرهم. وثقه الخطيب. وتوفي في رجب ببغداد؛ وهو جرجانيّ الأصل. لم يرو إلا عن نعيم. "حرف الخاء": 88- خلف بن أحمد بن خلف3. أبو الوليد السمريّ: عن: سويد بن سعيد، وسليمان بن أبي شيخ.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 3، 4" "4033". 2 تاريخ بغداد "8/ 180"، والعبر "2/ 222"، وشذرات الذهب "2/ 238". 3 تاريخ بغداد "8/ 332، 333".

وعنه: الجعابيّ، وأبو حفص الزّيّات. حدَّث في السنة، ولم يذكروا وفاته. 89- خلف بن أحمد بن عبد الصمد: أبو القاسم المصريّ. عن: سَلَمَةَ بن شبيب، وغيره. قال ابن يونس: كتبتُ عنه، وكان ثقة يؤمّ بمسجد الأقدام. مات في رجب. "حرف الدال": 90- دحمان بن المعافى الإفريقيّ. أبو عبد الرحمن. سمع من يونس بن عبد الأعلى. "حرف السين": 91- سعيد بن محمد بن صبيح: أبو عثمان الحدّاد، المالكيّ المغربيّ. إمام مجتهد كبير الشّأن. قال عِياض: توفي سنة اثنتين هذه، ووُلِد سنة تسع عشرة ومائتين. وكانت له مقامات محمودة في الذَّبّ عن السنة. ناظر أبا العبّاس الشّيعيّ داعي الروافض بني عبيد، وناظر بالقيروان الفراء شيخ المعتزلة. وكان إمامًا في اللغة والعربية والنّظر، إلا أن كان يحطّ على المالكيّة، ويسمّي "المدوّنة": المدوّدة. فسبّه المالكيّة وقاموا عليه، ثمّ اغتفروا له ذلك وأحبّوه لمّا ناظر الشّيعيّ ونَصَر الحقّ. وقد مرت ترجمته في الطبقة الماضية، رحمه الله تعالى. 92- سعيد بن محمد بن سعيد1. أبو همام البكْراويّ بالبصْرة: ورّخه ابن مَنْدَه.

_ 1 العبر "2/ 122"، وشذرات الذهب "2/ 238".

"حرف الصاد": 93- صالح بن محمد1: أبو محمد المُرَاديّ الأندلسيّ الوَشْقيّ. "حرف العين": 94- عبد الله بن الأزهر بن سُهيل المصريّ: روى عن صاحب مالك يزيد بن سعيد الصّبّاحيّ. 95- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخليل التّميميّ: أبو عُمَرو المصريّ. عن: عيسى بن حمّاد، والحارث بن مِسكين، وجماعة. وكان صدوقًا يَخْضب. قاله ابن يونس، وحدَّث عنه. تُوُفّي في المحرّم. 96- عبد الله بن الصقر بن نصر2. أبو العبّاس البغداديّ السُّكّريّ: سمع: إبراهيم بن محمد الشافعيّ، وإبراهيم بن المنذر الحِزَاميّ، وعبد الأعلى بن حمّاد. وعنه: جعفر الخالديّ، وأحمد القطيعيّ، وعُمَر بن الزّيّات، وغيرهم. وثّقه الخطيب، وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 97- عليّ بن إسماعيل الشّعيريّ البغداديّ3: سمع: عبد الأعلى بن حمّاد، وأبا همّام الوليد بن شجاع. وعنه: مَخْلَد الباقَرْحِيّ، والحسن بن أحمد السّبَيعيّ، وعليّ بن لؤلؤ. وثّقه الخطيب.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 201"، لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "240"، للحميدي. 2 تاريخ بغداد "1/ 482، 483"، والمنتظم "6/ 129". 3 تاريخ بغداد "11/ 344"، "6184".

98- علي بن سليمان بن داود الإسكندراني. أبو الحسن. سمع يحيى بن بكير. 99- علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسّام1: أبو الحسن البغداديّ العَبَرْتائيّ، الكاتب الإخباريّ. أحد الشُعراء والبُلغاء، وهو ابن بنت حمدون بن إسماعيل النّديم. وله هجاء خبيث. روى في كُتُبه عن: عُمَر بن شَبة، والزُّبَيْر بن بكار، ويعقوب بن شبة، وحمّاد بن إسحاق، وأحمد بن الحارث الخزّاز، ومحمد بن حبيب، وسليمان بن أبي شيخ. روى عنه: محمد بن يحيى الصُّوليّ، وأبو سهل بن زياد، وزنجيّ الكاتب، وآخرون. وله من الكُتُب: "أخبار عُمَر بن أبي ربيعة"، وكتاب "المعاقرين"، وكتاب " مناقضات الشُّعراء"، وكتاب "أخبار الأحْوص"، وكتاب "ديوان رسائله". وكان يصنع الشعر في الرؤساء وينحله ابن الروميّ. قال المرزبانيّ: استفرغ شعِره في هجاء والده محمد بن نصر، والخلفاء والوزراء. تحسُن مقطعاته وتندرُ أبياته. وكان جدّه نصر على ديوان النفقات زمن المعتصم. قال ابن حمدون النّديم: غرم المعتضد على عمارة البُحيرة ستّين ألف دينار، وكان يخلو فيها مع جواريه، وفيهنّ محبوبته دُريْرة. فعمل البسّاميّ: تَرَكَ الناس بحيره ... وتخلّى في البحيرة قاعدًا يضرب بالطبل ... على حر دريره وبلغت الأبيات المعتضدَ فلم يظهر أنّه سمعها، ثمّ أمر بتخريب تلك العمارات. وقد هجا جماعةً من الوزراء كالقاسم بن عبيد الله، وجعفر بن الفرات.

_ 1 معجم الشعراء للمرزباني "294، 295"، والأمالي للقالي "1/ 100"، والبداية "11/ 125، 126"، والأعلام "5/ 141"، وهدية العارفين "1/ 675".

قال أبو عليّ بن مقلة: كنت أقصد ابن بسّام لهجائه إيّايَ، فخوطب ابن الفُرات في وزارته الأولى في تصريفه، فاعترضتُ في ذلك وقلت: إذا صُرِّف هذا تجسَّر النّاسُ على هجائنا. فامتنع من تصْريفه. فجاءني ابن بسّام وخضع لي، ثمّ لازمني نحو سنة حتّى صار يعاشرني على النّبيذ1. وقال فيَّ: يا زِينةَ الدين والدّنيا وما جَمَعَا ... والأمر والنَّهْيِ والقِرطاسِ والقلمِ إن يُنسِئ الله في عُمَري فسوف ترى ... مِن خِدْمَتي لك ما يُغْنِي عن الخدمِ أبا عليّ لقد طَوَّقْتني منَنًا ... طَوْقَ الحمامة لَا تَبْلى على القِدَم فاسْلَم فليس يُزيلُ الله نِعْمَتَهُ ... عمّن تُبث الأيادي من ذوي النِّعَم2 قال جحظة: كان ابن بسّام يفخر بقوله فيَّ: يا مَن هجوناه فغنانا ... أنت وحق الله أهجانا3 وهذا أخذه ابن الرومي في شنظف: وفي قُبْحها كافٍ لنا من كِيادها ... ولكنّها في فضلها بتبرّدِ ولو عَلِمَتْ ما كايَدَتْنا؛ لأنّها ... بأنفاسها والوجْهِ وَالطَّبْلِ واليَدِ4 الصّوليّ: سمعت ابن بسّام يقول: كنت أتعشّق خادمًا لخالي أحمد بن حمدون، فقمتُ ليلة لأَدُبّ إليه، فلمّا قرُبْتُ منه لَسَعَتْني عقربٌ فصحْتُ، فقال خالي: ما تصنع ههنا؟ فقلت: جئت لأبول. قال: نعم في أسْت غلامي. فقلت لوقتي: ولقد سَرَيْتُ مع الظّلام لموعدٍ ... حصلته من غادر كذاب

_ 1 معجم الأدباء "14/ 148 وفيه: "علي البريد". 2 معجم الأدباء "14/ 148، 149". 3 انظر السابق. 4 انظر السابق.

فإذا على ظهر الطّريق مُغِذَّةٌ ... سوداءُ قد علمت أوَانَ ذَهَابي لا بارَك الرحمنُ فيها إنها ... دبابة دب إلى دَبّابِ1 فقال خالي: قبَّحك الله، لو تركت المُجُون يومًا لتَرَكْتَه في هذه الحال. ثم قال: وداري إذا هجع السّامرون ... تقيمُ الحدودَ بها العقربُ ولابن بسَّام يهجو الكُتّاب: وعَبْدُونُ يحكم في المسلمين ... ومِن مِثْله تُؤْخَذ الجاليه2 ودهقان طي تولى العراق ... وسقي الفرات ورزقانيه وحامدُ يا قومِ لو أمرُهُ ... إليَّ لألزمْتُهُ الزَّاوِيَهْ نَعَمْ، ولأَرْجَعْتُهُ صاغرًا ... إلى بيعِ رُمّانٍ خُسْراوِيَهْ أيا رَبُّ قد ركِبَ الأرذَلُون ... ورِجْلِي من بَينهم ماشِيَهْ فإنْ كنْتُ حامِلَها مِثْلَهُمْ ... وإلا فأرجل بني الزانيه3 وله: وأعرضت عن طلب البطالة والصبَا ... لمّا علانِي للمشيب قِناعُ4 100- عليّ بن سليمان بن داود الإسكندرانيّ: أبو الحسن. سمع يحيى بن بكير. 101- علي بن موسى بن عيسى بن حمّاد زُغْبَة التجيبي: يروي عن جده عيسى زغبة.

_ 1 المصدر السابق. 2 الجالية: هم أهل الذمة الذين أجلاهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من جزيرة العرب. 3 معجم الأدباء "14/ 151، 152". 4 وفيات الأعيان "3/ 363".

"حرف القاف": 102- قاسم بن ثابت بن حزم: سنذكره مع أبيه في سنة ثلاث عشرة. 103- القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب1: أبو محمد. حدّث بدمشق إصبهان. عن: إسحاق بن شاهين، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وطبقتهما. وعنه: عليّ بن أبي العَقِب، وهشام ابن بنت عَدَبَّس، وأبو بكر بن ماهان الإصبهانيّ، وآخرون. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى. "حرف الميم": 104- مُحَمَّد بن حَرِيث بن عبد الرحمن بن حاشد2: أبو بكر الأنصاريّ البخاريّ الحافظ. لقّبه ابن ماكولا: حَمّ، بفتح الحاء، وقال: ثقة، صنف "المسند" و"التفسير" و"التاريخ" و"الوحدان". ولم يُسمِّ أحدًا من شيوخه. قال: وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 105- محمد بن داود بن يزيد: أبو بكر الرّازيّ الخطيب. سمع: محمد بن حُمَيْد، وأبا سعيد الأشجّ، وجماعة. وحدَّث بَنيْسابور في هذه السنة، وتُوُفّي بعد ذلك. 106- محمد بن دلويه النيسابوري. أخو زكريا:

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 159، 160". 2 الإكمال "2/ 540"، لابن ماكولا، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 228".

سمع: محمد بن مقاتل المَرْوِزِيّ، وأحمد بن حرب. وعنه: أبو جعفر الرّازيّ، وأبو عبد الله بن دينار. 107- محمد بن زكريّا بن يحيى بن عبد الله بن ناصح بن عُمَرو بن دينار. قهرمان آل الزُبَيْر، أبو بكر الدّيناريّ البخاريّ الورّاق. عن: هاني بن النّضْر، ومحمد بن المهلّب، وطبقتهما. 108- محمد بن زَنْجَوَيْه بن الهيثم القُشَيْريّ النيْسابوري1: سمع: عبد العزيز بن يحيى، وإسحاق بن راهَوَيْه، وأبا مُصْعَب الزُّهْريّ، وطبقتهم. وعنه: عليّ بن حَمْشَاذ، وعبد الله بن سعد، وجماعة بعدهم. أَخْبَرَنَا محمد بْنُ عَبْدِ السَّلامِ الْحَلَبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ بْنِ محمد الْهَرَوِيِّ: أَنْبَأَ تَمِيمُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ وَزَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ قَالا: أَنَا محمد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَ أَبُو عَمْرٍو محمد بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ: أَنْبَأَ محمد بْنُ زَنْجَوَيْهِ الْقُشَيْرِيُّ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْمَدَنِيُّ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ"2. مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ. وكنْيته أبو بكر. 109- محمد بن سعيد بن عزيز البُوسَنْجيّ. ويُعْرف بالكوفيّ. ورّخه عبد الرحمن بن مَنْدَه. 110- محمد بن عبد الله بن سوّار القُرْطُبيّ3. رحل وسمع: أبا حاتم السجستانيّ، والرِّياشيّ.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 206"، وشذرات الذهب "2/ 239". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 121"، ومسلم "1506"، والنسائي "7/ 306"، وابن ماجه "2747، 2848"، وأحمد في المسند "2/ 9، 79، 107"، والطبراني في الكبير "12/ 448"، وأبو نعيم في الحلية "7/ 331". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 24" "1160".

وشهد دخول الزَّنْج ونهْبهم البصرة. تُوُفّي في ربيع الأول. 111- محمد بن عثمان بن إبراهيم بن زُرْعة الثَّقفيّ1: مولاهم الدّمشقيّ، القاضي أبو زُرْعة. كانت داره بنواحي باب البريد. ولي قضاء مصر سنة أربعٍ وثمانين ومائتين، وولي قضاء دمشق. وكان جدُّه يهوديًّا فأسلم. روى عنه الحسَن الحصائريّ، وغيره. وكان حَسَن المذهب عفيفًا متثبِّتًا. وكان قد نزع الطّاعة، وقام مع ابن طولون، وخلع أبا أحمد الموفّق ووقف عند المنبر يوم الجمعة وقال: أيُّها النّاس أُشْهِدُكم أنّي خلعت أبا أحمق كما يخلع الخاتم من الإصبع، فألَعنُوه. فَعل ذلك أبو زُرْعة بأمر أحمد بن طولون. وكانت قد جَرَت وقعةٌ بين ابن الموفّق وبين خِمارُوَيْه بن أحمد بن طولون في سنة إحدى وسبعين ومائتين، وتُسمّى وقْعة الطّواحين. وانتصر فيها أحمد بن الموفّق، ورجعَ إلى دمشق. وكانت هذه الوقعة بنواحي الرَّمْلَةِ. فقال ابن الموفّق لكاتبه أحمد بن محمد الواسطيّ: أنظُر من كان يبغضنا. قال: فَأُخِذ يزيد بن عبد الصّمد، وأبو زرْعة الدّمشقيّ، والقاضي أبو زُرْعة مقيَّدين، فاستحضرهم يومًا في طريقه إلى بغداد، فقال: أيُّكم القائل: قد نزعت أبا أحمق؟ فربت ألسنتا وآيسنا من الحياة. قال أبو زرعة الدمشقي المحدَّث: فأمّا أنا فأُبْلِسْتُ، وأمّا يزيد فخرِس وكان تمتامًا، وكان أبو زُرْعة محمد بن عثمان أحدَثنا سِنًّا فقال: أصلح الله الأمير. فقال الواسطيّ: قف حتّى يتكلّم أكبر منك.

_ 1 الولاة والقضاة "248"، للكندي، والعبر "2/ 123"، والأعلام "6/ 260".

فقلنا: أصلحك الله، هو يتكلم عنا. فقال: تكلم. قال: واللَّه ما فينا هاشميّ صريح، ولا قرَشيّ صريح، ولا عربيّ فصيح، ولكنّا قومٌ مُلِكْنا، يعني قُهِرْنا؛ ثمّ روى أحاديث في السّمع والطّاعة، وأحاديث في العفْو والإحسان، وكان هو المتكلمّ بالكلمة الّتي نُطَالَب بخِزْيها. وقال: إني أشهدك أيها الأمير أنّ نسائي طَوالق، وعبيدي أحرار، ومالي عليّ حرام، إنّ كان من هؤلاء القوم أحدٌ قال هذه الكلمة. ووراءنا حُرَم وَعِيالُ، وقد تسامَع النّاس بهَلاكِنا، وقد قدِرْتَ، وإنّما العفو بعد القُدرة. فقال للواسطيّ: أَطلِقْهم، لا كثّر الله أمثالهم. فاشتغلت أنا ويزيد بن عبد الصّمد في نزهة أنطاكية، وطِيبها عند عثمان بن خرزاد، وسبق هو إلى حمص. قال ابن زُولاق في "تاريخ قُضَاة مصر": ولي أبو زُرْعة قضاء مصر سنة أربعٍ وثمانين، وكان يذهب إلى قول الشافعيّ، ويوالي عليه ويصانع. وكان عفيفًا، شديد التَّوقُّف في إنفاذ الأحكام. وله مالٌ كثير وضِياع كِبار بالشّام. واختلف في أمره، فقيل: إنّ هارون بن خِمَارُوَيْه مُتَوَلّي مصر كان في عهده أنّ القضاء إليه فولاه القضاء. وقيل: إنّ المعتضد كتب له عهدًا. قال: وكان القاضي يَرْقي من وجع الضَّرْس، ويدفع إلى صاحب الوجع حشيشةً توضع عليه، فيسكن. قال: وكان يزن عن الغُرماء الضّعفاء. وربمّا أراد القوم النّزهة، فيأخذ الواحد بيد الآخر، فيطالبه فيقرّ له، ويبكي فيرحمه ويزن عنه. وسمعت محمد بن أحمد بن الحدّاد الفقيه شيخنا يقول: سمعت منصور بن إسماعيل الفقيه يقول: كنت عند أبي زُرْعة القاضي، فذكر الخلفاء، فقلت له: أيها القاضي، يجوز أن يكون السفيه وكيلًا؟ قال: لا.

قلتُ: فوليًّا لامرأةٍ؟ قال: لَا. قلتُ: فأمينًا؟ قال: لا. قتل: فشاهدًا؟ قال: لَا. قلت: فيكون خليفة؟ قال لي: يا أبا الحسن هذه من مسائل الخوارج1. وكان أبو زُرْعة قد شرط لمن يحفظ "مختصر المُزنيّ" مائة دينار يَهَبها له. وهو ادخل مذهب الشّافعيّ دمشقّ، وحكم به القُضاة. وكان الغالب عليها قول الأوزاعيّ. قال: وكان أبو زُرْعة من الأكَلَة، يأكل سلّ مِشْمش، ويأكل سلّ تِين، وما أشبه ذلك2. وبقي على قضاء مصر ثماني سِنين وشهرين، فَصُرِف وأُعيد إلى القضاء محمد بن عَبْدَة بن حرب، فإنّه ظهر من الاختفاء كما ذكرنا في ترجمته، فولاه محمد بن سليمان الكاتب القضاء3. 112- موسى بن القاسم بْن إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب الهاشميّ الحَسَنيّ. أبو الحسن المدنيّ: بمصر في رمضان. روى عنه ابن يونس. 113- مؤمِّل بن الحسن بن الْيَسع. أبو الحسن البَهْنَسيّ4: سمع: يونس بن عبد الأعلى. "حرف الهاء": 114- هارون بن نصر5. أبو الخيار الأندلسي: بها.

_ 1 الولاة والقضاة "523". 2 الولاة والقضاة "522". 3 المصدر السابق. 4 البهنسي: نسبة إلى مدينة بصعيد مصر تسمى "البهنسا" "معجم البلدان "1/ 516". 5 تاريخ علماء الأندلس "2/ 169"، وجذوة المقتبس "364".

صحِب بَقِيّ بن مَخْلَدَ بضع عشرة سنة فأكثر عنه، ومالَ إلى كُتُب الشافعيّ فحفظها. وكان من أهل النَّظَر والحُجَّة والإمامة. "حرف الياء": 115- يسير بن إبراهيم بن خلف الأندلسي الألُبِيريّ1: وقيل: هو يُسْر، أبو سهل. فقيه ثقة. أخذ عن أبيه، وعن غيره. ذكره ابن يونس. وفيات سنة ثلاث وثلاثمائة: "حرف الألف": 116- أحمد بن الحسين بن إسحاق2: أبو الحسن البغدادي، المعروف بالصوف الصّغير. سمع: أبا إبراهيم التَّرْجُمانيّ، وعبد الله بن عُمَر بن أبان. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وأبو حفص بن الزّيّات. ضعّفه بعضهم، ولم يُترك. وقيل: مات في آخر سنة اثنتين. 117- أحمد بن شعيب بن عليّ بن سِنان بن بحر3: أبو عبد الرحمن النَّسائيّ، القاضي، مُصَنِّف "السُّنَن"، وغيرها من التّصانيف وبقيّة الأعلام.

_ 1 جذوة المقتبس "386" للحميدي. 2 تاريخ بغداد "4/ 98، 99"، "1750"، والميزان للذهبي "1/ 92، 93"، "343". 3 طبقات فقهاء الشافعية "51" للعبادي، والبداية والنهاية "11/ 123، 124"، وتهذيب الكمال "1/ 328-340"، والعبر "2/ 123".

وُلِدَ سنة خمس عشرة ومائتين. وسمع: قُتيبة، وإسحاق بن راهَوَيْه، وهشام بن عمّار، وعيسى بن حمّاد، والحسين بن منصور السُّلَميّ النَّيْسابوريّ، وعُمَرو بن زُرَارة، ومحمد بن النّضْر المَرْوَزِيّ، وسُوَيْد بن نصر، وأبا كُرَيْب، وخلْقًا سواهم بعد الأربعين ومائتين بخراسان، والعراق، والشام، ومصر، والحجاز، والجزيرة. وعنه: أبو بِشْر الدّولابيّ، وأبو عليّ الحسين النَّيْسابوريّ، وحمزة بن محمد الكِنَانيّ، وأبو بكر أحمد بن السُّنّيّ، ومحمد بن عبد الله بن حَيَّوَيْه، وأبو القاسم الطبراني، وخلق سواهم. رحل إلى قُتَيْبة وهو ابن خمس عشرة سنة، وقال: أقمت عنده سنة وشهرين. ورحل إلى مَرْو، ونيسابور، والعراق، والشّام، ومصر، والحجاز، وسكنَ مصر. وكان يسكن بزُقاق القناديل. وكان مليح الوجه، ظاهر الدّم مع كِبَر السِّنّ. وكان يؤثر لباسَ البرود النُّوبيّة الخُضر، ويُكثر الْجِماع، مع صوم يومٍ وإفطار يوم. وكان له أربع زوجات يقسم لهنّ، ولا يخلو مع ذلك من سُرِّيَّة. وكان يكُثر أكل الدّيُوك الكبار تشترى له وتُسَمَّن، فقال بعض الطلبة: ما أظنّ أبا عبد الرحمن إلّا أنّه يشرب النّبيذ للنضرة التي في وجهه1. وقال آخرون: لَيْت شِعْرنا، ما يقول في إتيان النّساء في أدبارهنّ؟ فَسُئِلَ فقال: النّبيذ حرام، ولا يصح في الدُّبُر شيء، ولكن حدَّث محمد بن كعب القُرَظيّ، عن ابن عبّاس قال: إسقِ حَرّثَك من حيث شئت. فلا ينبغي أن يتجاوز قوله هذا الفصل. سمعه الوزير ابن حنزابة، من محمد بن موسى المأمونيّ صاحب النِّسائيّ. وفيه: فسمعتُ قومًا ينكرون عليه كتاب "الخصائص" لعليّ -رضى الله عنه- وتَرْكَه تصْنيف فضائل الشيخين. فذكرت له ذلك فقال: دخلت إلى دمشق والمُنْحَرِف عن عليّ بها كثير، فصنَّفتُ كتاب "الخصائص" رجاء أن يهديهم الله. ثُمَّ صَنَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ "فَضَائِلَ الصَّحَابَةِ"، فَقِيلَ لَهُ وأنا أسمع: ألا تخرج "فضائل معاوية".

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 196".

فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أُخَرِّجُ؟ "اللَّهُمَّ لَا تُشْبِعْ بَطْنَهُ" 1! فَسَكَتَ السَّائِلُ. قُلْتُ: لَعَلَّ هَذِهِ فَضِيلَةٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ مَنْ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْ لَهُ ذَلِكَ زَكَاةً وَرَحْمَةً" 2. قال أبو عليّ النَّيْسابوريّ حافظ خُراسان في زمانه: ثنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النَّسائيّ. وقال أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ: مَن يصبر على ما يصبر عليه النَّسائيّ؟ كان عنده حديث ابن لَهِيعَة ترجمةً ترجمةً، يعني عن قُتَيبة، عنه، فما حدَّث بها3. وقال الدّارَقُطْنيّ: أبو عبد الرحمن مُقَدَّم على كلّ مَن يُذكر بهذا العلم مِن أهلِ عصره4. قال قاضي مصر أبو القاسم عبد الله بْن محمد بْن أبي العَوّام السَعْديّ: ثنا أحمد بن شعيب النَّسائيّ: أنا إسحاق بن راهَوَيْه نا محمد بن أعين قال: قلت لابن المبارك: إنّ فلانًا يقول: مَن زعم أنّ قوله تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} مخلوق فهو كافر. فقال ابن المبارك: صَدَق. قال النَّسائيّ: بهذا أقول. وقال ابن طاهر المقدسي: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل فوثقه، فقلت: قد ضعفه النسائي. فقال: يا بُنيّ إنّ لأبيّ عبد الرحمن شرطًا في الرّجال أشدّ من شرط البخاريّ ومسلم. وقال محمد بن المظفر الحافظ: سمعتُ مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النَّسائيّ في العبادة باللّيل والنّهار، وأنّه خرج إلى الغداء مع أمير مصر، فوُصف من شهامته وإقامته السُّنَن المأثورة في فِداء المسلمين، واحترازه عن مجالس السلطان الّذي خرج معه، والانبساط في المأكل. وأنّه لم يزل ذلك رأيه إلى أن استشهد بدمشق من جهة الخوارج.

_ 1 صحيح: أخرجه مسلم بنحوه "2604". 2 صحيح: أخرجه مسلم "2600". 3 سير أعلام النبلاء "11/ 198". 4 انظر المصدر السابق.

وقال الدّارَقُطْنيّ: كان ابن الحدّاد أبو بكر كثير الحديث، ولم يحدَّث عن غير النَّسائيّ، وقال: رضيتُ بِهِ حُجَّةً بيني وبين الله تعالى1. وقال أبو عبد الرحمن بن مَنْدَه، عن حمزة العَقَبيّ المصريّ وغيره: أنّ النّسائيّ خرج من مصر في آخر عُمَره إلى دمشق، فسُئِل بها عن معاوية وما رُوِيَ في فضائله فقال: لَا يرضى رأسًا برأس حتّى يُفَضَّلَ! قال: فما زالوا يدفعون في حضْنَيْه حتَّى أُخْرِج من المسجد. ثمّ حُمِل إلى الرملة، وتُوُفّي بها، رحمة الله ورضي عنه2. وقال الدَّارَقُطْنيّ: إنّه خرج حاجًا فامتُحِن بدمشق، وأدرك الشّهادة، فقال: احملوني إلى مكّة. فَحُمِل وتوفي بها. وهو مدفون بين الصّفا والمَرْوَة. وكانت وفاته في شعبان سنة ثلاثٍ وثلاثمائة. قال: وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث والرجال. وقال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: كان إمامًا حافظًا، ثبتًا. خرج مِن مصر في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثمائة، وتوفي بفلسطين يوم الإثنين لثلاث عشرة خَلَت من صفر سنة ثلاث وثلاثمائة3. قلت: هذا هو الصحيح، واللَّه أعلم. 118- أحمد بْن علي بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن عيسى بن رستم4. أبو الطَّيِّب المادرائيّ، الكاتب الاعور؛ ويعرف أيضًا بالكوكبيّ. أصغر من أخيه محمد بأربع سِنين. سمع الحديث وقرا الأدب، وتفنّن. وله مدائح في الحسن بن مَخْلَد الوزير. ولي خراج مصر أيام المعتضد والمكتفي لخِمَارُوَيْه، ثم صُرِف، ثم ولي لما قدِم مؤنس. وسعى مؤنس في تَوْلِيته وزارة المقتدر، وعُمِلت له الخلَع، وكُتِب التَّقليد، وطُلِب من دمشق، فإذا به قد مات.

_ 1 تهذيب الكمال "1/ 335". 2 وفيات الأعيان "1/ 77"، والمنتظم "6/ 131". 3 سير أعلام النبلاء "11/ 200". 4 الوافي بالوفيات "7/ 186"، والمنتظم "6/ 132".

روى عنه الخرائطيّ، وغيره شعرًا. وقيل: كانت كتبه ثلاثمائة حِمْلِ جَمَلٍ. تُوُفّي بمصر كَهْلًا. 119- أحمد بن فرح بن جبريل1: أبو جعفر البغداديّ العسكريّ الضّرير المقرئ. قرأ على أبي عُمَر الدُّوريّ، وعلى أبي الحسن أحمد البزّيّ. وكان بصيرًا بالتَّفسير، وولاؤه لبنى هاشم. أقرأَ النّاس مدَّةً. وحدث عن: عليّ بن المَدِينيّ، وأبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة، وأبي الربيع الزَّهْرانيّ. وعنه: أحمد بن جعفر الخُتّليّ، وابن سمعان الرّزّاز. وكان ثقة، عالمًا بالقرآن واللُّغَة، نزل الكوفة وبها تُوُفّي في ذي الحجّة. وقرأ عَلَيْهِ: زيد بْن عَلِيّ بْن أَبِي بلال، وعُمَر بن محمد بن بَيَان الزّاهد، وإبراهيم بن أحمد، وعبد الله بن محرز، والحسن بن سعيد المطّوعيّ، وأبو بكر محمد بن الحسن النقاش، وعبد الواحد بن عُمَر، وعليّ بن سعيد القزّاز، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن المعروف بالوليّ، وغيرهم. 120- أحمد بن محمد بن أبي خالد الإصبهانيّ: أبو جعفر، نزيل نَيْسابور. سمع: حُمَيْد بن مَسْعَدَة، وأحمد بن مَنِيع، والنَّضْر بن سَلَمَةَ. وكان ثقة. روى عنه: أبو حامد بن الشَّرقيّ، وابن الأخرم. 121- أحمد بن عُصْم. أبو العبّاس الضَّبّيّ الهَرَويّ.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 345، 346"، والعبر "2/ 125".

عن: عليّ بن خَشْرَم، وإسحاق الكَوْسَج، وأبي داود السَنْجيّ. تُوُفّي فِي رَمَضَان. 122- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن السّاميّ الهَرَويّ: ثقة من أولاد الشيوخ. روى عن: أبي عمّار الحسين بن حُرَيث. وعنه: الحاكم أبو نصر منصور بن مطرف، وغيره. 123- إبراهيم بن إسحاق1: أبو إسحاق النَّيْسابوريّ، الأنماطيّ، صاحب "التفسير الكبير". حافظ، رحّال، سمع: ابن راهَوَيْه، وعبد الله بن الرّمّاح، ومحمد بن حُمَيْد، ومحمد بن سليمان لُوَيْن، وعثمان بن أبي شيبة، وهارون الحمّال، وطبقتهم. وعنه: أحمد بن محمد الشَّرْقيّ، ومحمد بن يعقوب الأخرم، ويحيى بن العنْبريّ. 124- إبراهيم بن عبد العزيز بن منير: أبو إسحاق المصريّ الفقيه المالكيّ. حدَّث عن: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ. وعنه: أبو سعيد بن يونس. 125- إبراهيم بن عثمان: أبو إسحاق المصريّ الأزرق الخشّاب. في رمضان. سمع من: يونس. 126- إبراهيم بن عُمَرو بن ثَوْر بن عُمَران المُراديّ: مولاهم المصريّ، أبو إسحاق.

_ 1 تذكرة الحفاظ "2/ 701"، وطبقات المفسِّرين "1/ 5، 6"، "7" للداودي.

سمع: يحيى بن بكير، وأحمد بن صالح، وغيرهما. وعنه: ابن يونس، ووثقه وقال: كان يَخْضِب وعَمي. تُوُفّي في شَعْبان. 127- إبراهيم بن موسى الْجَوْزيّ1: أبو إسحاق التُّوزِيّ. سمع: بِشْر بن الوَليد الكِنْديّ، وعبد الأعلى بن حمّاد، وعبد الرحيم الدَّيْبُليّ، ومحمد بن عبد الله بن عمّار. وعنه: أبو عليّ بن الصواف، علي بن لؤلؤ، وعُمَر بن الزّيّات. وهو ثقة. 128- إسحاق بن إبراهيم بن دَلِيلٍ المَوْصِليّ: عن: محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، وعليّ بن الحسين الخوّاص، وغيرهما. وحدَّث ببلده. 129- إسحاق بن إبراهيم بن نصر2: أبو يعقوب النَّيْسابوريّ البُسْتيّ. سمع: قُتَيْبة، وإسحاق، وهشام بن عمّار، وعبد الله بن عُمَران العابديّ، وطائفة. وعنه: محمد بن صالح بن هانئ، ومحمد بن إبراهيم الهاشميّ، وجماعة. وسمع منه: محمد بن أحمد بن يحيى سنة ثلاث وثلاثمائة. وكان ثقة حافظًا صنَّف "المُسْنَد"، وغير ذلك. وذكر ابن ماكولا. 130- إسحاق بن إبراهيم البُشْتيّ، بالمعجمة3: روى عن: إسحاق بن راهَوَيْه. وله مسند.

_ 1 المنتظم "6/ 140" "211"، والأنساب "112 أ". 2 الإكمال لابن ماكولا "1/ 433"، والعبر "2/ 125". 3 توضيح المشتبه "1/ 498".

"حرف الجيم": 131- جعفر بن أحمد بن نصر1: أبو محمد الحافظ النَّيْسابوريّ، المعروف بالحصيريّ. أحد أركان الحديث، ثقة، عابد. سمع: إسحاق بن راهويه، وأبا كريب، وأبا مروان العثمان، وأبا مُصْعب، وجماعة. وعنه: أبو حامد بن الشَّرْقيّ، وأحمد بن الخَضِر الشّافعيّ، ومحمد بن إبراهيم الهاشميّ، وأبو عُمَرو بن حمدان، وغيرهم. قال الحاكم: قال لي أحمد بن محمد السُّكّريّ سِبْط جعفر: كان جدّي قد جزّأ اللّيل ثلاثة أجزاء، يُصلّي ثُلُثه، وينام ثُلُثًا، ويُصنّف ثُلُثًا. وكان مرضه ثلاثة أيام، ولا يفترُ فيها عن قراءة القرآن. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْخَضِرِ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا قَدِمَ أبو عبد الله بْنُ محمد الْبَلْخِيُّ نَيْسَابُورَ عَجَزَ النَّاسُ عَنْ مُذَاكَرَتِهِ، فَذَاكَرَ جَعْفَرَ بْنَ أَحْمَدَ بِأَحَادِيثِ الحج، فكان يسرد، فقال له جعفر: تَحْفَظُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ، عَنْ أَنَسٍ، "أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّى بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا"2؟ فَبُهِتَ وَجَعَلَ يَقُولُ: التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ. فَقَالَ جَعْفَرٌ: ثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، ثنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. 132- جعفر بن أحمد بن سعيد بن صَبِيح. أبو الفضل: تُوُفّي في رمضان. قال ابن يونس: حكى لنا عن: يحيى بن بُكَيْر. 133- جعفر بن محمد بن عليّ: أبو الفضل الحِمْيَريّ قاضي نسف. زاهد ورع.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 188"، والعبر "2/ 126". 2 صحيح: أورده ابن قيم الجوزية في زاد المعاد "2/ 116"، ونسبه للبزار. قلت: وأخرجه مسلم "1251"، وغيره.

روى عن: عَبْدان المَرْوَزي، وإسحاق بن راهَوَيْه، والحسن بن عيسى بن ماسَرْجِس. روى عنه: محمد بن زكريّا الحافظ، وأحمد بن حامد المقري. 134- جعفر بن محمد بن عيسى1: أبو الفضل القبوريّ البغداديّ. وثّقه الخطيب. سمع: سُوَيْد بن سعيد، وغيره. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، والصّوّاف. "حرف الحاء": 135- حاتم بن الحسن الشّاشيّ2: أبو سعيد. حجّ في هذا العام؛ وحدَّث ببغداد عن: عليّ بن خَشرم، وإسحاق الكَوْسَج، وسليمان بن معبد السّنْجيّ. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وعبد العزيز بن الواثق، وعليّ بن عُمَر الحربيّ. 136- الحَسَن بن حُباش3: أبو محمد الدَّهْقان الكوفيّ. عن: جُبَارة بن المُغَلّس، وهنّاد بن السَّري، وإسماعيل ابن بنت السُّدّيّ. وعنه: ابن عُقْدة، وعبد الله بن يحيى الطّلْحيّ، وعبد الباقي بن قانع، وأبو بكر بن أبي دارم. تكلموا فيه.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 202، 203"، "3666"، والمنتظم "6/ 132"، "201". 2 تاريخ بغداد "8/ 247"، "1350". 3 تاريخ بغداد "7/ 302، 303" "3814".

137- الحَسَن بن سُفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النُّعْمان الشّيْبانيّ النَّسَويّ1. أبو العباس الحافظ. مصنّف "المُسْنَد": تفقّه على: أبي ثور إبراهيم بن خالد. وكان يُفتي بمذهبه. وسمع: أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعِين، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وحبان بن موسى، وقتيبة، وعبد الرحمن بن سلام الْجُمَحي، وشَيْبان بن فَرُّوخ، وسهل بن عثمان العسْكريّ، وأُمَمًا سواهم. وسمع تصانيف أبي بكر بن أبي شيبة منه، وأكثر "المُسْنَد" من إسحاق، وكتاب "السُّنَن" من أبي ثَوْر، "والتفسير" من محمد بن أبي بكر المقدمي. وسمع من: سعد بن يزيد الفراء، ويزيد بن صالح. روى عنه: ابن خُزَيْمَة، والقُدماء، وأبو عليّ الحافظ، ويحيى بن منصور القاضي، ومحمد بن إبراهيم الهاشميّ، وأبو عُمَرو بن حمدان، وأبو بكر الإسماعيليّ، وابن حبّان، وحفيده إسحاق بن سعد الفَسويّ، وخلْق كثير. وقال محمد بن جعفر البُسْتيّ: سمعته يقول: لولا اشتغالي بحِبّان بن موسى لَجِئتُكُم بأبي الوليد، وسليمان بن حرب. وقال الحاكم: كان محدِّث خُراسان في عصره، مقدَّمًا في الثبت والكثرة والفهم والأدب. وروى عنه ابن حِبّان فأكثر، وذكره في "الثّقات"، وقال: كان ممّن رَحَلَ وصَنّفَ، وحَدَّثَ على تَيَقُّظ، مع صحة الدّيانة والصّلابة في السنة. مات في قريته بالْوز في شهر رمضان، وحضرت دفَنه. وقال أبو بكر أحمد بن عليّ الرّازيّ في حياة الحَسَن بن سُفيان: ليس للحسن في الدنيا نظير. وقال أبو الوليد الفقيه: كان الحَسَن أديبًا فقيهًا، أخذ الأدب عن أصحاب النَّضْر بن شُمَيْل، والفقه عن أبي ثور.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 16"، والثقات "8/ 871"، وهدية العارفين "1/ 68"، والأعلام "2/ 192".

وقال الحاكم: سمعت محمد بن داود بن سليمان يقول لنا: كنّا عند الحسن بن سفيان، فدخل ابنُ خُزَيْمَة، وأبو عُمَرو، والحِيريّ، وأبو بكر بن عليّ الرّازيّ في جماعة وهم متوجّهون إلى فراوَة، فقال أبو بكر بن عليّ: قد كتبتُ هذا الطَّبَق من حديثك. قال: هات. فأخذ يقرأ، فلما قرأ أحاديث إسنادًا في إسنادٍ، فردّه الحسن، ثمّ بعد ساعة فعل ذلك، فردّه الحَسَن، فلمّا كان الثالثة قال له الحَسَن: ما هذا؟ لقد احتملتك مرَّتين وهذه الثالثة، وأنا ابنُ تسعين سنة. فاتّق الله في المشايخ، فربمّا استُجيبت فيك دعوة. فقال له ابن خُزَيْمة: مَه، لا تؤذي الشّيخ. قال: إنّما أردتُ أن تعلم أنّ أبا العبّاس يعرف حديثه. قلت: بالُوز قرية على ثلاثة فراسخ من نَسا. 138- الحُسَين بن عبد الله بن محمد بن بَشير. أبو عليّ المصريّ: روى عن: يحيى بن بُكَيْر، وغيره. تُوُفّي في شعبان. "حرف الخاء": 139- خليفة بن المبارك1. الأمير أبو الأغرّ: ولاه المعتضد قتال الأعراب بطريق الحجّ، فهزمهم وأسرَ رَأسهم صالح بن مدرك. ثمّ قدِم الشامَ في جيشٍ لحرب آل طولون. تُوُفّي في هذا العام. "حرف الراء": 140- رُوَيْم بن أحمد2، وقيل: ابن محمد، ين يزيد ين رويم بن يزيد.

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 36، 74، 80، 94"، وتجارب الأمم "5/ 35"، والولاة والقضاة "259". 2 حلية الأولياء "10/ 296-302"، والرسالة القشيرية "2/ 21"، والنجوم الزاهرة "3/ 189".

أبو الحَسَن الصُّوفيّ البغداديّ. كان عالمًا بالقرآن ومعانيه، وكان ظاهريّ المذهب. تفقّه لداود بن عليّ. وجدّه الأعلى رُوَيم بن يزيد هو المذكور في طبقة المأمون. قال جعفر الخُلْديّ: سمعته يقول: الإخلاص ارتفاع رؤيتك عن فعلك، والفُتُوَّة أن تَعْذُر إخوانك في زَلَلهم، ولا تعاملهم بما يحوجوك إلى الاعتذار، والصبر ترْك الشَّكْوَى، والرِّضَى استلذاذ البلْوى، واليقين المشاهدة، والتوكُّل إسقاط الوسائل. وقيل: إنّ رُوَيْمًا دَخل في شيء من أمور السّلطان، فلم يتغيّر عن حاله ولا توسَّع، فَلِيم في ذلك فقال: كَذِبُ الصُّوفيّة أحْوَجَني إلى ذلك. وكان له عائلة. قال ابن خفيف: ما رأى حكيمًا في علوم المعارف مثل رُوَيْم. وقال محمد بن عليّ بن حبيش: كان رويم يقول: السُّكُون إلى الأحوال اغترار. وقال: رياء العارفين أفضل من إخلاص المريدين. وقد امْتُحِن رُوَيْم في فتنة الصُّوفيّة لمّا قام عليهم غلام خليل، فذكر السُّلميّ أنّ غلام خليل قال: إنّي سمعته يقول: ليس بيني وبين الله حجابٌ. فأحوجه ذلك إلى الخروج إلى الشام وتغيَّب. تُوُفّي رُوَيْم ببغداد، رحمه الله تعالى. "حرف الزاي": 141- زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل1: عن: أبيه. وعنه: ابن أخيه محمد بن أحمد، وأبو بكر الخلّال، وأبو بكر النّجّاد. وهو ثقة. "حرف العين": 142- عاصم بن رازح بن رحُبْ بن العلاء. أبو الليث الخولاني المصري:

_ 1 المنتظم "6/ 137"، والبداية والنهاية "11/ 125".

سمع: عيسى بن حمّاد، وغيره. وعنه: ابن يونس. تُوُفّي في رمضان. 143- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن يونس1: أبو الحسين السِّمْنانيّ. من أعيان المحدَّثين بخُراسان وثِقاتهم. سمع: إسحاق بن راهَوَيْه، وهشام بن عمّار، وعيسى بن زُغْبة، وأبا كُرَيْب. وعنه: عليّ بن حمْشاد، وأبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم، وأبو عُمَرو بن حمدان، وابن عديّ، والإسماعيليّ، وأبا عُمَرو بن مطر، ومحمد بن صالح بن هانئ، وآخرون. وكان واسع الرحلة، بصيرًا بالآثار. قال أبو النصْر محمد بن محمد بن يوسف: أنشدنا أبو الحسين عبد الله بن محمد السِّمْنانيّ لنفسه: ترى المرءَ يَهْوَى أن تطول حياتُهُ ... وطولُ البقا ما لَيْسَ يشفي له صدُرا ولو كان في طُول البقاءِ صَلاحُنا ... إذا لم يكن إبليسُ أطوَلنا عُمَرا2 144- عبد الله بن محمد بن ياسين3. أبو الحسن الدُّوريّ: سمع: محمد بن بشّار، وعليّ بن الحسين الدِّرْهَميّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، واليَقْطينيّ. وثَّقه الدّارَقُطنيّ. 145- عبد الرحمن بن قُرَيش4. أبو نُعَيْم الهروي الجلاب.

_ 1 العبر "2/ 126"، وطبقات الحفاظ "309". 2 معجم البلدان "3/ 252". 3 تاريخ بغداد "10/ 106، 107". 4 تاريخ بغداد "10/ 282" "5400".

عن: أحمد بن الأزهر، ويحيى بن محمد الذُّهْليّ. وعنه: جعفر الخُلْديّ، ومَخْلَد الباقَرْحيّ. حدَّث ببغداد ودمشق. وله غرائب. 146- عليّ بن رستم بن المطيار: أبو الحسن الظِّهرانيّ. عمّ أبي عليّ بن رستم. يروي عن: لُوَيْن، وأحمد بن معاوية، وعبد الله أخي رستة، والحسن بن علي بن عفان العامري. روى عنه: عبد الله والد أبي نعيم، وأهل خراسان. 147- عمر بن أيوب بن إسماعيل1: أبو حفص السقطي. بغدادي صالح. وثقه الدارقطني. سمع: بشر بن الوليد، ومحمد بن بكار، وسريج بن يونس، وجماعة. وعنه: أبو علي بن الصواف، وعبد العزيز الخرقي، وابن لؤلؤ، ومحمد بن خلف بن حيان. "حرف الفاء": 148- فهد بن أبي هريرة أحمد بن محمد بن صالح المصري: روى عن: يونس بن عبد الأعلى. "حرف الميم": 149- محمد بن إسماعيل بن الفَرَج: أبو العباس المصري البناء.

_ 1 العبر "2/ 126"، وشذرات الذهب "2/ 242".

150- محمد بن حَرْمَلةَ بن سعيد. أبو عمّار الحرشي. مصري، سمع: بكار بن قُتَيْبة. 151- محمد بن الحسن بن العلاء1: أبو عبد الله البغداديّ الخواتيميّ. عن: داود بن رشيد، وأبي بكر بن أبي شيبة. وعنه: عبد العزيز الخِرَقيّ. وثّقه الخطيب. 152- محمد بن الحسن بن نصر الزّيّات: سمع: زُهير بن عبّاد. مصريّ. 153- محمد بن خَوْتك: أبو ثمامة الحَرَسيّ. من أهل الحَرَس، بُلَيْدة بمصر. حدَّث عن: سَلَمَةَ بن شبيب، وغيره. 154- محمد بن سليمان بن سَنْدَلٍ الأندلسيّ2: سمع من: سَحْنُون. وفي الرحلة من: ابن عَبْد الحَكَم. وحدَّث. 155- محمد بن العبّاس بن الوليد بن محمد بن عُمَر بن الدرفس3:

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 189، 190" "610". 2 راجع تاريخ علماء الأندلس "2/ 21"، "1149"، فيمن سمع من سحنون. 3 شذرات الذهب "2/ 242"، والعبر "2/ 126".

أبو عبد الرحمن الغسّانيّ الدّمشقيّ الشيخ الصّالح. روى عن: أبيه، وهشام بن عمّار، وهشام بن خالد، ودُحَيْم، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وجماعة. وعنه: أبو بكر، وأبو زُرْعة ابنا أبي دُجَانة، وجُمَح بن القاسم، والفضل بن جعفر، وأبو عُمَر بن فَضَلَة، وأبو أحمد بن عَدِيّ، والطبراني، وآخرون. 156- محمد بن عبد الوهّاب بن سلّام1: أبو عليّ الْجُبّائيّ البصْريّ. شيخ المعتزلة. كان رأسًا في الفلسفة والكلام. أخذ عن: يعقوب بن عبد الله الشّحّام البصُريّ. وله مقالات مشهورة، وتصانيف. أخذ عنه: ابنه أبو هاشم، والشيخ أبو الحسن الأشعريّ. ثمّ أعرض الأشعري عن طريق الاعتزال وتابَ منه، ووافق أئمّة السنة، إلّا في اليسير. وعاش أبو عليّ ثمانيًا وستّين سنة. وجدت على ظهر كتاب عتيق: سمعت أبا عُمَر يقول: سمعتُ عشرةٍ من أصحاب الْجُبّائيّ يحكون عنه قال: الحديث لأحمد بن حنبل، والفقه لأصحاب أبي حنيفة، والكلام للمعتزلة، والكذِب للرافضة. وقال الأهوازيّ: سمعتُ الحسن بن محمد العسكريّ بالأهواز، وكان من المخلصين في مذهب الأشعريّ، يقول: كان الأشعريّ تلميذًا للجُبّائيّ، يدرس عليه ويتعلَّم منه، ويأخذ عنه. وكان أبو عليّ الْجُبّائيّ صاحب تصنيف وقلم، إذا صنف يأتي بكل ما أراد مستقصي، وإذا حضر المجالس وناظر لم يكن بمرضي. وكان إذا دهمه الحضور في المجالس يبعث الأشعري ينوب عنه. ثم إن الأشعري أظهر توبة، وانتقل عن مذهبه.

_ 1 مقالات الإسلاميين "1/ 236"، والفرق بين الفرق "167-169"، والنجوم الزاهرة "3/ 189".

157- محمد بن عثمان بن سعيد: أبو بكر الدّارِميّ الهَرَويّ. خلَف أباه، وكان عالمًا زاهدًا. سمع: محمد بن بشّار، ومحمد بن المُثَنَّى، وأبا سعيد الأشجّ. روى عنه: أبو إسحاق البزّار الحافظ. 158- محمد بن عليّ بن عُمَرو الحفّار1: أبو بكر البغداديّ الضّرير. سمع: عبد الأعلى بن حمّاد، وداود بن رشيد. وعنه: عُمَر الزّيّات، وعليّ بن عُمَر الحربيّ. حدَّث في هذا العام. 159- محمد بن عيسى بن إبراهيم بن مثرود: أبو بكر الغافقيّ. مصريّ، له ذكر. روى عن: أبيه. وذَكَر أنّه سمع من يحيى بن بُكَيْر؛ قاله عنه ابن يونس. 160- محمد بن محمد بن فُورَك بن عطاء2: أبو عبد الله القبّاب الإصبهانيّ، والد أبي بكر. سمع من: محمد بن عاصم جبّر، وإسحاق بن إبراهيم شاذان. وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو بكر الطّلْحيّ. 161 - محمد بن حمدَوَيْه بن سنجان3. أبو بكر المَرْوَزِيّ:

_ 1 تاريخ بغداد "3، 70"، "1032". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 253". 3 الأنساب "593 ا"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 557".

قال ابن ماكولا: روى عن: كثير بن المبارك، وسُوَيد بن نصر، وعليّ بن حُجْر، والحميدي. روى عنه: محمد بن الحسن النّقّاش، ومحمد بن محمود المَرْوَزيّ الفقيه. مات سنة ثلاث وثلاثمائة. 162- محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان السُّلميّ الهَرَويّ1: أبو عبد الرحمن الحافظ، المعروف بشَكّر. سمع: محمد بن رافع، وعليّ بن خَشرَم، وعُمَر بن شَبّة، والرمّاديّ، ويزيد بن عبد الصّمد، وأحمد بن عيسى المصريّ، وطبقتهم. وأكثَر التَّرْحال، وصنَّفَ. روى عنه: أبو الوليد حسّان بن محمد، وأبو عُمَرو بن مطر، وأبو حامد بن الشَّرْقيّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ الرّازيّ النَّيْسابوريّ. وحدَّث بنواحي خُراسان؛ وتوفي في أحد الربيعين بهَرَاة. وقيل: مات سنة اثنتين. 163- منصور بْن إسماعيل2: أبو الحَسَن التَّميميّ الْمَصْرِيّ الضَّرير، الفقيه الشّافعيّ الشاعر. قال ابن خلّكان: له مصنّفات مليحة في المذهب، وله شِعر سائر. وهو القائل: لي حيلةٌ فيمن يَنِمُّ ... وليس في الكذّاب حيلهْ مَن كان يخلقُ ما يقول ... فحِيلتي فيه قليلهْ3 وقال القُضاعيّ: أصله من رأس عين. وكان فقيهًا متصرِّفًا في كل علم، شاعرًا مجوّدًا، لم يكن في زمانه مثله. توفي سنة ثلاث4.

_ 1 تذكرة الحفاظ "2/ 748، 749"، والعبر "2/ 126". 2 معجم الشعراء "373، 374"، للمرزباني، والأعلام "8/ 235"، وهدية العارفين "2/ 473". 3 وفيات الأعيان "5/ 289، 290". 4 انظر المصدر السابق.

وقال ابن يونس: كان فهمًا حاذِقًا، صنَّفَ مختصرات في اللُّغة في مذهب الشّافعيّ. وكان شاعرًا مجوّدًا، خبيث اللّسان بالهجْو. يظهر في شعرِهِ التَّشيُّع. وكان جُنْديًا قبل أن يعمى. وذكر ابنُ زولاق في ترجمة القاضي أبي عُبَيْد بن حَرْبَوَيْه أنّه كانت له قصّة مع منصور بن إسماعيل الفقيه طالت وعَظُمَت. وذلك أنّه كان خاليًا به، فجرى ذكر المُطَلَّقَة ثلاثًا الحامل، ووجوب نَفَقَتها، فقال أبو عُبَيْد: زعم زاعمٌ أنّ لَا نفقة لها. وأنكر منصور ذلك وقال: أقائل هذا مِن أهلِ القبْلَة؟. ثمّ انصرف منصور، وحدَّث الطّحاوي فأعاده على أبي عُبَيْد، فأنكره أبو عُبَيد فقال منصور: أنا أكذّبه. قال لنا أبو بكر بن الحدّاد: حضر منصور، فتبيَّنت في وجهه النَّدَم على ذلك، فلولا عَجَلَةُ القاضي بالكلام لما تكلَّم منصور، ولكنْ قال القاضي: ما أريد أحدًا يدلّ عليّ، لَا منصور ولا نصّار، يحكون عنّا ما لم نقلْ. فقال منصور: قد علِم اللُّه أنّك قلت. فقال: كذبتَ. فقال: قد علِمَ اللُّه مَن الكاذِب. ونهض1. "حرف الهاء": 164- هارون بن يوسف2: أبو أحمد الشَّطَويّ، ويُعرف بابن مقراض. سمع: محمد بن يحيى العَدَنيّ، والحسن بن عيسى بن ماسرْجِس، وأبا مروان العثمانيّ. وعنه: أبو بكر الْجِعَابيّ، وأبو عبد الله بن العسْكريّ، وابن لؤلؤ، والزّيّات. ووثّقه الإسماعيليّ. تُوُفّي في ذي الحجة.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 تاريخ بغداد "14/ 29" "7366".

"حرف الياء": 165- يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى اللَّيْثيّ1: أبو إسماعيل القُرْطُبيّ. سمع أباه، ورحل فسمع ببغداد من: إسماعيل القاضي. وبرع في العربية واللغة، وشووِر في الأحكام. مات في الرملة. 166- يحيى بن عُبَيْد الله بن يحيى بن يحيى2: أبو عبد الله القُرْطُبيّ؛ ابن عمّ الّذي قبله. كان رئيسًا مُبَجَّلًا يُسَتفْتى. سمع مع والده، ويُشاورَ في الأحكام. 167- يعقوب بن إبراهيم بن حسّان3: أبو الحُسين الأنماطيّ: أخو إسحاق. حدَّث عن: عبد الواحد بن غِياث، وهارون بن حاتم. وعنه: الْجِعَابيّ، ومحمد بن أحمد العَطَشيّ. وكان ثقة. وفيات سنة أربع وثلاثمائة: "حرف الألف": 168- أحمد بن إبراهيم بن يزيد بن عبد الله الباهلي الأصبهاني المكتب. روى عن: نصر بن علي الجهضمي، ومحمد بن يحيى الرُّمّانيّ، وجماعة. وعنه: عبد الله والد أبي نعيم، ومحمد بن جعفر بن يوسف.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 186" "1573"، لابن الفرضي، وبغية الملتمس "498"، "1460"، للضبي. 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 186"، "1572". 3 تاريخ بغداد "14/ 292، 293".

169- أحمد بن الحسن بن عبد الله الإصبهانيّ المعدّل1: سمع: مؤمّل بن إهاب، وأيوب الوزّان، وجماعة. وله رحلة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشّيخ، وآخرون. 170- أحمد بن زنجويه بن موسى2: أبو العبّاس المخرّميّ القطّان. سمع: بِشْر بن الوليد، وداود بن رشيد، ومحمد بن بكّار. وعنه: ابن لؤلؤ، وابن المظفَّر. وكان ثقة. وذكر الخطيب أحمد بن عُمَر بن زَنْجَوَيْه المخرّميّ القطّان، وأنّه تُوُفّي سنة أربعٍ، وفرّق بينه وبين هذا؛ وهما واحدٌ إن شاء الله تعالى. 171- أحمد بن عبد الله بن عُمَران3: أبو حمزة المَرْوَزِيّ. حدَّث ببغداد في هذا العام عن: عليّ بن خَشْرَم، وغيره. وعنه: عليّ بن عُمَر الحربيّ، وغيره. 172- أحمد بن عُمَر بن موسي بن زَنْجَوَيْه القطان4: بغدادي: أحسبه أحمد بن زنجويه المذكور آنفًا، لكن قد فرّق بينهما الخطيب. سمع: إبراهيم بن المنذر الحزامي، ومحمد بن بكّار، ولُوَيْنًا، وهشام بن عمّار. وعنه: ابن المظفر، وعبد الله الزينبي. وكان ثقة.

_ 1 المعجم الصغير "1/ 64" للطبراني. 2 تاريخ بغداد "4/ 164، 165". 3 تاريخ بغداد "4/ 223"، "1923". 4 المعجم الصغير"1/ 42"، وتاريخ بغداد "4/ 170".

وقد ذكره الحافظ بن عساكر، وقال: روى عنه: ابن عدي، وأبو بكر الآجُرّي، والطّبَرَانيّ1. وسمَّى جماعةً. 173- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن السَّكَن2: أَبُو الحسن القُرَشيّ العامريّ الحافظ. حدَّث عن: إبراهيم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن الأنطاكيّ، وإسحاق بن موسى الأنصاريّ، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي دُجَانة، وعليّ بْن أَبِي العَقِب، وأبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيخ، وأحمد بن عَبْدان الشّيرازيّ، وقال: قدِم علينا في سنة أربع وثلاثمائة ولا أُحَدِّث عنه؛ كان ليّنًا. 174- أحمد بن محمد بن رستم3: أبو جعفر الطَّبَريّ النَّحْويّ المقرئ. صاحب نُصير بن يوسف، وهاشم بن عبد العزيز تلميذي الكِسائيّ. روى عنه: أحمد بن جعفر بن سَلْم، وعُمَر بن محمد بن سيف الكاتب. حدَّث في هذه السنة. ذكره الخطيب. 175- أحمد بن محمد الصَّيدلانيّ4: عن: إسحاق بن وهْب، وغيره. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعليّ بن عُمَر السُّكَّريّ. بقي إلى هذا العام. 176- أحمد بن الممتنع5: أبو الطّيّب القُرَشيّ الأَيْليّ.

_ 1 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "1/ 418". 2 تاريخ بغداد "4/ 425"، "2319"، وميزان الاعتدال "1/ 138". 3 غاية النهاية "1/ 114، 115"، وبغية الوعاة "1/ 387"، "753". 4 المعجم الصغير "1/ 38" للطبراني. 5 تاريخ بغداد "5/ 170"، "2616".

حدث عن: أبي الطّاهر بن السَّرْح، وهارون الأَيْليّ. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وابن الزّيّات. قال الدّارَقُطْنيّ: صالح. 177- أحمد بن موسى بن الجوهريّ1: عن: الحُسين بن حُريث، والربيع المُراديّ. وعنه: عيسى الرُّخَّجيّ، والطَّبَرانيّ. وهو ثقة. قاله الخطيب. يُعرف بأخي خَزَريّ. 178- إبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أيّوب المُخَرّميّ البغداديّ2. أبو إسحاق: عن: عُبيد الله القواريريّ، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وجماعة. وعنه: عُمَر بن الزّيّات، وعُبَيد الله الزُّهْريّ، وجماعة. قال الإسماعيليّ: صدوق. وقال الدَّارَقُطْنيّ: حدَّث عن ثقاتٍ بأحاديث باطلة، وليس بثقة. قلت: تُوُفّي في رمضان. 179- إِبْرَاهيمُ بْن مُحَمَّد بْن مالك بن ماهويه الإصبهانيّ3: أبو إسحاق القطّان الفقيه. سمع: لُوَيْنًا، وعُمَر الفلّاس، وأبا الربيع السّمْتيّ، وإسماعيل بن يزيد. وعنه: العسّال، وأبو الشَّيخ، ومحمد بن جعفر بن جعفر بن يوسف. 180- إبراهيم بن موسى الجوزي4:

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 143"، "2576". 2 تاريخ بغداد "6/ 124، 125"، والميزان "1/ 41"، والضعفاء والمتروكين "1/ 41"، لابن الجوزي. 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 191". 4 المنتظم "6/ 140"، "211"، والأنساب "112"، وتاريخ بغداد "6/ 187، 188".

سمع: بِشْر بن الوليد. وقد ذُكِر سنة ثلاث. 181- إسحاق بن إبراهيم بن يونس1: أبو يعقوب المنجنيقيّ الورّاق. بغداديّ حافظ. سكن مصر. عن: محمد بن بكّار، وأبي إبراهيم التَّرْجُمانيّ، وداود بن رشيد، وعبد الأعلى بن حمّاد، وسُوَيد بن سعيد، وحُمَيْد بن مَسْعَدَة. وعنه: النَّسائيّ في "سُنَنهِ" وهو من أقرانه، وانتقى عليه، وقال: هو صدوق؛ وأبو بكر أحمد بن السُّنّيّ، والحسن بن الخضر الأسْيوطيّ، وأبو سعيد بن يونس، وعبد الله بن عَدِيّ، وسليمان الطَّبَرانيّ، وأحمد بن محمد بن سَلَمَةَ الخياش، ومحمد بن محمد بن يعقوب السَّرَّاج، ويحيى بن زكريّا المصريّون، وغيرهم. وكان رجلًا صالحًا، وهو آخر من مات من شيوخ النُّبْل. تُوُفّي لليلتين بقيتا من جُمَادَى الآخرة؛ ولُقِّب بالمنْجَنِيقيّ؛ لأنّه كان يجلس بقرب منْجَنِيقٍ بجامع مصر. وكان فيما ذكر ابن عَدِيّ عن بعض رجاله يمنع النّسائيَّ من المجيء إليه، ويذهب إلى منزل النَّسائيّ حِسْبةً، حتّي سمع منه النَّسائيّ ما انتقاه عليه. وقد قال له النَّسائيّ يومًا: يا أبا يعقوب، لَا تحدّث عن سُفْيان بن وكيع. فقال: اختَرْ لنفسك ما شئت، وأنا فكلّ من كتبت عنه فإنّي أحدِّث عنه2. وثّقه ابن عديّ، والدَّارَقُطْنيّ. 182- إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عرباض: أبو القاسم التنيسي.

_ 1 تاريخ جرجان "442"، وتهذيب الكمال "2/ 392"، والتهذيب "1/ 220". 2 تاريخ بغداد "6/ 386".

روى عن: محمد بن رُمْح، وعبد الجبّار بن العلاء. توفي في رجب بتنيس. 183- أصبغ بن مالك1: أبو القاسم المالكي الزاهد. نزيل قرطبة. أصله من قبره. وصحب ابن وضاح أربعين سنة، وكان ابن واضح يجله ويعظمه. وسمع من: ابن وضاح، وابن القزاز. وكان إماما في قراءة نافع. قرأ على: إبراهيم بن بازي، عن أصحاب وَرْش. "حرف الجيم": 184- جعفر بْن أحمد بْن عَلي بن بيان2. أبو الفضل الغافقيّ المصريّ. رافضيّ كذّاب، زعم أنّه سمع من: عبد الله بن يوسف التِّنّيسيّ، ويحيى بن بُكَيْر. روى عنه: أبو أحمد عبد الله بن عديّ، والحسن بن رشيق. حدَّث في هذه السنة، وعاش بعدها قليلًا، أو ماتَ فيها. قال عبد الله بن عديّ: كتبتُ عنه في الرحلة الأولى بمصر سنة تسعٍ وتسعين، وفي الرحلة الثانية سنة أربع وثلاثمائة، وأظنّ فيها مات. ثنا عن أبي صالح كاتب اللّيث، وعثمان بن صالح كاتب ابن وهب، وسعيد بن

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 79" لابن الفرضي، وبغية الملتمس "241" للضبي. 2 ميزان الاعتدال "1/ 400، 401"، "1485"، والكامل في ضعفاء الرجال "2/ 578-581"، لابن عدي.

عفَيْر، وعبد الله بن يوسف بأحاديث موضوعة، كنّا نتّهمه بوضعها، بل نتيقَّن ذلك. وكان رافضيًّا. 185- جعفر بن حُبَيْش بن عائذ. أبو الفضل المصريّ: سمع: يونس الصَّدَفيّ. "حرف الحاء": 186- حاتم بن روح: أبو الحسن السِّجِسْتانيّ المؤدَّب. في رجب. 187- الحسن بن عليّ الأعسم. أبو عليّ السّامّريّ، نزيل مصر: أرّخه ابن يونس. يروى عن: أشعث بن محمد الكِلابيّ، ونصر بن الفتح، وغيرهما. وعنه: محمد بن أحمد بن خروف، وإبراهيم بن أحمد بن مهران، والحسن بن أبي الحسن العدل. حديثه في "الخلعيّات" يقع. 188- الحسين بن عبد المجيب المَوْصِليّ: شيخ كبير، يروي عن: عليّ بن المَدِينيّ، ومعُلَّى بن مهديّ، وعبد الأعلى بن حمّاد. ورأى أبا الوليد الطيالسي. علق له يزيد بن محمد في تاريخه. "حرف الخاء": 189- خلف بن هاشم1. أبو القاسم الأشعري الأندلسي:

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 134" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "211" للحميدي.

يروي عن: العُتْبيّ الفقيه. وهو مِن أهلِ لُورَقَةَ. "حرف الزاي": 190- زيادة الله بن عبد الله الأغلبيّ1: صاحب القيروان. هو وأبوه. وَهُم الّذين بنوا حُصُونَ القَيْروان. قدِمَ هذا منهزمًا من بني عُبَيد الخارجين بالقيروان إلى مصر، فأُكْرِمَ موردهُ. تُوُفّي غريبًا بالرملة. وله ترجمة طويلة مرت، فتكتب هنا. "حرف الطاء": 191- طريف بن عُبَيْد الله2: أبو الوليد المَوْصليّ. مولى بني هاشم. روى ببغداد عن: عليّ بن الْجَعْد، ويحيى بن بِشْر الحريريّ، ويحيى الحِمّانيّ. وعنه: أبو بكر الْجِعَابيّ، وأبو الفتح الأزْديّ، وعبد الله بن عديّ. ضعّفه الدّارقُطْنيّ. "حرف العين": 192- العبّاس بن إبراهيم3: أبو الفضل القراطيسي. بغدادي، ثقة.

_ 1 وفيات الأعيان "2/ 192-194"، والنجوم الزاهرة "3/ 191". 2 الضعفاء والمتروكين "111"، "307"، للدارقطني، وميزان الاعتدال "2/ 336". 3 المعجم الصغير "1/ 211" للطبراني.

عن: محمد بن المُثَنَّى الغَزَيّ، وإسحاق بن زياد الأُبُلّيّ. وعنه: النّجّاد، والطَّبَرانيّ، ومحمد بن المظفّر. 193- عبّاس بن الوليد بن حفص الأُمويّ: مولاهم المصري. عن: يونس بن عبد الأعلى. 194- عبد الله بن محمد بن عُمَران1: أبو محمد الإصبهانيّ. رئيس جليل، حجّ وسمع من: لُوَيْن، ومحمد بن أبي عُمَر العدنيّ، والحَسَن بن عليّ الحلوانيّ. وعنه: أبو الشَّيخ، والطَّبَرانيّ، وابن المقري. 195- عبد الله بن محمد: أبو القاسم الأكفانيّ الفقيه، صاحب المُزَنّي. وقيل: تُوُفّي في سنة سَبعٍ، كما سيأتي. 196- عبد الله بن مُظَاهِر2: أبو محمد الإصبهانيّ الحافظ. تُوُفّي شابًّا، وكان آيةً في الحفظ. حفظَ المسند كلّه، وشرع في حفظ فتاوى الصّحابة. وسمع: أبا خليفة، وجماعة. ولم يُمَتَّع بشبابه. وحدَّث عن: مُطَيَّن، ويوسف القاضي. وعنه: أبو الشيخ.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 64"، والمعجم الصغير "1/ 227". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 72، 73"، والعبر "2/ 127، 128"، وتذكرة الحفاظ "3/ 889".

197- عبد العزيز بن محمد بن دينار1: الفارسيّ الزّاهد. سمع: داود بن رُشيد، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، ومحمد بن خَلَف الخلّال. وكان ثقة عابدًا كبير القدر. 198- عُبَيْدون بن محمد بن فهد2: أبو الغَمْر الْجُهَنيّ القُرْطُبيّ. رحل مع الأَعْناقيّ، وابن خُمَيْر. فسمع من: يونس بن عبد الأعلى، وابن عبد الحَكَم. وولي قضاء الجماعة بقُرْطُبة يومًا واحدًا. توُفُيّ في شوّال. 199- عُمَران بن أيّوب: أبو عبد الله الخَوْلانيّ، مولاهم المصريّ. روى عن: حَرْمَلَة. "حرف الْقَافِ": 200- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْديّ الإخميميّ3. أبو الطّاهر، قاضي الطِّفّ. روى عن: أبي مُصْعَب الزُّهْريّ. وكان بالصّعيد. روى عنه: أبو أحمد بن عديّ، وابن يونس، والطبراني. فيه ضعف.

_ 1 المنتظم "6/ 140"، "214". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 340"، لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "296"، للحميدي. 3 المعجم الصغير "1/ 267" للطبراني.

201- القاسم بن الليث بن مسرور1: أبو صالح العتابي الرسعني. نزيل تنيس. روي عن: المعافَى بن سليمان، وهشام بن عمّار، وجماعة. وعنه: النِّسائيّ في "الكنَى" ووثقه، وأبو بكر محمد بن عليّ النّقّاش، والمصريّون، وعبد الله بن عدي الحافظ، وأبو الحسن محمد بن عبد اللَّه بن حَيَّوَيْه النَّيْسابوريّ، وأبو عليّ بن هارون. وهو ممّن عاشَ بعد النَّسائيّ مِن شيوخه. 202- القاسم بن محمد بن قاسم الزَّواويّ المغربيّ: من صغار أصحاب سَحْنون. "حرف الميم": 203- محمد بن أحمد بن شيرزاد. أبو بكر البوراني، قاضي تكريت. حدث عن: لُوَيْن، وجماعة. وعنه: محمد بن المظفّر، ومحمد بن زيد بن مروان. وهو صدوق. 204- محمد بن أحمد بن الهيثم الُّدوريّ2: سمع: هارون بن إسحاق، ومحمد بن عبد الملك الدَّقيقيّ. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وابن المظفّر. وثّقه الخطيب. 205- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن سلام بن الزراد القرطبي:

_ 1 العبر "2/ 128"، وشذرات الذهب "2/ 243". 2 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 25، 26".

مولى بني أمية، أبو عبد الله؛ صاحب محمد بن وضّاح. روى عنه، وعن: إبراهيم بن محمد بن باز، وجماعة. وكان زاهدًا صالحًا. وسمع النّاس منه كثيرًا. 206- محمد بن أحمد بن المَرْزَبان: القاضي المَرْزُبانيّ. قُلِّدَ قضاء دمشق بعد أبي زُرْعة من قِبَلِ المقتدر، فبقي أشهرًا، وتُوُفّي سنة أربع. 207- محمد بن جعفر بن حسين العطّار: أبو بكر العسكريّ. سمع: الحَسَن بن عَرَفَة. 208- محمد بن الحسين بن خالد1: أبو الحسن القُنّبيطيّ. عن: إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وطبقتهما. وعنه: ابن بنته عيسى الرُّخَّجيّ، وأبو عليّ بن الّصَوّاف، وابن لؤلؤ. وثّقه الخطيب. تُوُفّي في صفر. 209- محمد بن صالح بن أبي عِصْمة: حدَّث في هذه السنة بمصر عن: هشام بن عمّار، وهشام الأزرق، ومحمد بن يحيى الزماني، ومحمد بن مصفى، وطبقتهم. روى عنه: أبو أحمد بن عدي، وأبو بكر المقري، والخضر السيوطي، وأبو بكر الربعي، وطائفة. وهو دمشقي يكني أبا العباس.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 231، 232"، "685".

210- محمد بن عبد الوهاب بن هشام1: أبو زرعة الأنصاري الجرجاني، الفقيه الحافظ. أحد من جمع بين الفقه والحديث. روى عن: عبد الله بن محمد الزُّهْريّ، وأحمد بن سعيد الدّارميّ، وهارون بن إسحاق الهمْدانيّ، وجماعة. وعنه: ابن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، والغِطْريفيّ. وصاهَر الإسماعيليّ. وعليه تفقّه الإسماعيليّ. تُوُفّي في ذي الحجّة. 211- محمد بن عُمَرو بن سليمان اللّقاباذيّ: أبو بكر التّاجر. نَيْسابوريّ. سمع: محمد بن رافع، وإسحاق الكَوْسَج. وعنه: ابن عُقْدة، وأبو عليّ الحافظان. 212 - محمد بن هَرْثَمَة النَّيْسابوريّ المقرئ: سمع: محمد بن رافع، وابن ماسَرْجِس. وحدَّث. 213- مسلم بن أحمد بن أبي عُبَيْدة2. أبو عُبَيْدة اللَّيْثيّ الأندلسيّ. رحل في طلب العلم سنة تسعٍ وخمسين ومائتين، فكتب ورجع إلى الأندلس. وتُوُفّي في حدود هذه السنة. "حرف الياء": 214- يحيى بن عليّ الكِنْديّ: فيها حدَّث بدمشق عن: أبي نعيم عبيد الكلبي3.

_ 1 تاريخ جرجان "388"، "646" للسهمي. 2 جذوة المقتبس "351"، "822" للحميدي. 3 أخبار البحتري "129"، وجمهرة أنساب العرب "298"، والعبر "2/ 128"، وبغية الوعاة "2/ 353".

215- يَمُوت بن المُزَرِّع بن يموت بن عيسى: أبو بكر العبْديّ البصْريّ الأديب. وُيقال: اسمه محمد، ولقبه: يموت. وكان إخباريًّا علامة سكن طبرية. روى عن: خاله الجاحظ، ومحمد بن حُمَيْد اليَشْكُريّ، وأبي حفص الفلّاس، وأبو حاتم السِجْستانيّ، ونصر بن عليّ الْجَهْضميّ، والرّياشيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر الخرائطيّ، وسهل بن أحمد الدِّيباجيّ، والحَسَن بن رشيق البصْريّ، وجماعة. وما أحسن ما نقل. قال: إنّما مَصُرت أعمار الملوك لكثرة شكاية الخلق إيّاهم إلى الله. تُوُفّي بدمشق. وكان لَا يعود مريضًا لئلّا يتطيَّر باسمه. وكان يروي القراءة عن: محمد بن عُمَر القَصَبيّ صاحب عبد الوارث. وعن: أبي حاتم السجستاني. أخذ عنه: ابنُ مجاهد، وغيره. 216- يوسف بن الحسين الرّازيّ1: أبو يعقوب، شيخ الصوفيّة. صحِب ذا النُّون المصريّ، وغيره. وسمع: قاسمًا الجوعيّ، وأبا تُراب عسكر النَّخْشَبيّ، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن أبي الحواري، ودُحَيْمًا. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو بكر النّقّاش، ومحمد بن أحمد بن شاذان البَجَليّ، وآخرون. قال السُّلَميّ: كان إمام وقته، ولم يكن في المشايخ على طريقته في تذليل النّفس وإسقاط الجاه.

_ 1 طبقات الصوفية "185-191"، للسلمي، والعبر "2/ 128"، وطبقات الأولياء "379-384".

وقال القُشَيْريّ: كان نسيجَ وحْده في إسقاط التَّصَنُّع. يُقال: إنّه كتب إلى الْجُنَيد: لَا أذاقكَ الله طعمَ نفسك، فإنّك إن ذُقْتَها لَا تذوق بعدها خيرًا. ومن قوله: إذا رأيت المُريد يشتغل بالرُّخَص فاعلم أنّه لَا يجيء منه شيء1. وقال عليّ بن محمد بن نَصْرَوَيْه: سمعت يوسف بن الحسين يقول: ما صحِبَني متكبّر قطّ إلّا اعتراني داؤه؛ لأنّه يتكبَّر، فإذا تكبَّر غضِبتُ، فإذا غضِبت أدّاني الغضب إلى الكِبْر. وعنه أنه قال: اللهم إنك تعلم أني نصحب النّاسَ قولًا، وخنتُ نفسي فعلًا، فَهَبْ خيانتي لنصيحتي2. وَرُوِيَ أنّه سمع قولًا: رأيتك تبني دائمًا فِي قَطِيعَتِي ... وَلَوْ كُنْتَ ذَا حَزْمٍ لَهَدَمْتَ ما تبني كأنّي بكم واللّيتُ أفضل قولكم ... ألا ليتنا كنا إذا اللَّيتُ لَا تُغْني3 فبكى كثيرًا، فلمّا سكن ما بهِ قال: يا أخي لَا تَلُمْ أهل الري على أن يسموني زنديقًا، أنا من الغَداة أقرأ في هذا المُصْحف، ما خرجت من عيني دمعة. وقد وقع مني فيما غَنّيت ما رأيت. قال السُّلَميّ: كان مع عِلمه وتمام حاله هجَره أهلُ الرِّيِّ، وتكلّموا فيه بالقبائح، خصوصًا الزُّهّاد، إلى أن أفشوا حديثه وقبائحه، حتّى بَلغني أنّ بعض مشايخ الرّيّ رأى في النَّوم كأنّ براءةً نزلت من السّماء فيها مكتوب: هذه براءة ليوسف بن الحسين ممّا قيل فيه. فسكتوا عنه بعد ذلك. قال الخطيب: سمع منه: أبو بكر النّجّاد. قلت: وهو صاحب حكاية الفأرة لما سأل ذا النّون عن الاسم الأعظم4.

_ 1 الرسالة القشيرية "22". 2 تاريخ بغداد "14/ 319"، والمنتظم "6/ 143"، وصفة الصفوة "4/ 103". 3 حلية الأولياء "10/ 240". 4 تاريخ بغداد "14/ 317"، وطبقات الحنابلة "1/ 420".

وقد راسله الْجُنَيْد وأجابه هو، وطال عُمَره وشاعَ ذكره. وعن أبي الحَسَن الدّرّاج قال: لما وَرَدَ على الْجُنَيْد رسالة يوسف اشتقت إليه، فخرجت إلى الرّيّ، فلمّا دخلتها سألتُ عنه فقالوا: إيش تعمل بذاك الزِّنديق؟ فلم أحضره. فلمّا أردت السفر قلت: لَا بُدّ لي منه. فلمّا وقفت على بابه تغيَّر عليَّ حالي، فلمّا دخلت إذا هو يقرأ في مُصْحَف فقال: لأيشٍ جئت؟ قلت: زائرًا. فقال: أرأيت لو ظهر لك هنا مَن يشتري لك دارًا وجارية ويقوم بكفايتك، اكنت تنقطع بذلك عنّي؟ قلتُ: يا سيّدي، ما ابتلاني الله بذلك. فقال: اقعد، فانت عاقل؛ تُحْسِن تقول شيئًا؟ قلت: نعم. قال: هات. فأنشدَ البيتين المتقدّمين، إلى آخر الحكاية1. وقال أبو بكر الرّازيّ: قال يوسف بن الحسين: بالأدب يُفهم العِلم، وبالعلِم يصحّ لك العمل، وبالعمل تُنال الحكمة، وبالحكمة يُفهم الزُّهْد، وبالزُّهْد تُترك الدّنيا، وبِتَرك الدّنيا يُرْغب في الآخرة، وبالرغبة في الآخرة يُنال رضى الله تعالى. قال السُّلميّ: نا ابن عطاء أنّ يوسف بن الحسين الرازي مات سنة أربع وثلاثمائة. قلت: كان من أبناء التّسعين، رحمه الله تعالى. وفيات سنة خمس وثلاثمائة: "حرف الألف": 217- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه2: أَبُو مُحَمَّد النَّيْسابوريّ. سِبْط القاضي نصْر بن زياد؛ من وجوه خراسان وزعمائها.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 317، 318". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 232".

سمع: جدّه، وإسحاق بن راهَوَيْه وقرأ عليه "المُسْنَد"، ومحمد بن مقاتل، وعُمَرو بن زرارة. وعنه: مؤمل بن الحسن، وأبو عليّ الحافظ، وأحمد بن أبي عثمان. 218- أحمد بن العبّاس بن موسى: أبو عُمَرو العدويّ الأستراباذيّ. روى عن: إسماعيل بن سعد الشالنْجِيّ، وأحمد بن آدم غُنْدر. وعنه: ابن عديّ، وأبو أحمد الغِطْريف، وأبو بكر الإسماعيليّ وقال: صدوق. قال أبو عُمَرو: سمع منّي كتاب "البيان" من أهل طبرستان وحده أربعة آلاف نفْس. 219- أحمد بن عبد الواحد العقيليّ الجوبريّ الدّمشقيّ: عن: صَفْوان بن صالح، وعبد الله بن ذَكوان. وعنه: ابن عديّ، وأبو بكر محمد بن سليمان الرّبْعيّ، وجُمَح بن القاسم. 220- أحمد بن محمد بن إبراهيم1: أبو بكر الكِنْديّ الَّصيْرفيّ. بغدادي، سمع: زيد بن أخزم، وعليّ بن الحسين الدِّرْهميّ. وعنه: ابن السقاء الواسطي، وغيره. يعرف بابن الخنازيري. 221- أحمد بن محمد بن شبيب: أبو محمد الغزال المروزي. عن: علي بن خشرم، وأبي داود السنجي، ومحمد بن كامل المروزيين. وعنه: أبو نصر بن زنك، وغيره. 222- أحمد بن محمد. أبو جعفر الفهري الأندلسي:

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 384"، "2263".

سمع من: سحنون، وغيره. وطلب لقضاء القيروان فامتنع؛ وطال عمره، وبقي إلى هذا العام. 223- أحمد بن هارون. أبو جعفر البخايّ الغزال. رحل، وسمع: عُمَرو بن عثمان الحمصيّ، وأبا عمير عيسى بن النّحّاس. وعنه، أهلُ بُخارى: محمد بن محمد بن محمود، وأحمد بن محمد بن حرب. 224- آدم بن موسى الخواريّ. في رجب. 225- إسماعيل بن إسحاق بن الحصين الرقي1: حدَّث ببغداد عن: أحمد بن حنبل، وحكيم بن سيف. وعنه: محمد بن المظفر، وأبو جعفر بن الميتم، وعمر بن أحمد الوكيل. قيل: إنه مات سنة ست، وذكر تقريبا. "حرف الجيم": 226- جبير بن هارون2. أبو سعيد الجرجاني المعدل: عن: علي بن محمد الطنافسي، ومحمد بن حميد الرازي. وكان ذا قدر ومحل. وروى عنه: والد أبي نعيم، ومحمد بن جعفر بن يوسف، وأبو الشيخ بن حبان. "حرف الحاء": 227- الحسين بن عبد الغفار3. حدث في هذا العام بدمشق:

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 295، 296"، "3328". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 253". 3 ميزان الاعتدال "1/ 540"، والكامل في الضعفاء "2/ 777"، لابن عدي.

وهو متروك، واهٍ. روى عن: هشام بن عمّار، ودحيم، وأبي مصعب الزهري. وعنه: ابن عدي، والحسن بن رشيق، وجماعة. قال ابن عدي: ثنا عن سعيد بن عفير، وجماعة لم يحتمل سنه لقاؤهم. وله مناكير. يُكنى أبا عليّ. "حرف السين": 228- سعيد بن عبد الله. أبو محمد الجوهريّ الحرّانيّ: عن: إبراهيم بن عبد الله الهرويّ، وغيره. 229- سعيد بن عثمان التجيبي الأعناقي1: سمع: ابن مزين، وابن وضاح. ورحل قبل ذلك. كأنه حجّ ورأى يونس بن عبد الأعلى والحارث بن مسكين. وسمع من: نصر بن مرزوق صاحب أسد بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الحكم، وجماعة. وكان ورِعًا زاهدًا حافظًا، بصيرًا بعلل الحديث ورجاله، لَا علم له بالفقه. روى عنه: محمد بن قاسم، وابن أيمن، وخلق. 230- سليمان بن محمد2: أبو موسى النحويّ، المعروف بالحامض. كان إمامًا في نحو الكوفيين. وأخذ عن: ثعلب، وغيره. وخلفه بعد موته وجلس في مجلسه.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 164" لابن الفرضي. 2 النجوم الزاهرة "3/ 193"، وبغية الوعاة "1/ 601" "1274".

صنف "غريب الحديث"، و"خلق الإنسان"، و"الوحوش"، و"النبات". وكان صالحًا خيِّرًا. أخذ عنه: أبو عُمَرو الزاهد، والبغداديّون. "حرف الطاء": 231 - طاهر بن عبد العزيز الرعيني1: أبو الحسن القرطبي. مكثر عن: بقيّ بن مخلد. وحجّ فسمع: عليّ بن عبد العزيز، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ. ورحل إلى اليمن فسمع: إسحاق الدبريّ، وعبيد بن محمد الكشوريّ. وأكثر من السّماع، وحمل النّاسُ عنه في حياة شيوخه. روى عنه: أحمد بن بشر، ومحمد بن خالد، وابن أخي ربيع، وطائفة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. "حرف العين": 232- العبّاس بن محمد بن أحمد الموصلي: عن: محمد بن عبد الله بن عمّار، ومسعود بن جُوَيْرية، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ. حدّث في هذه السّنة. 233- عبد الله بن أحمد بن أبي الحواري: أبو محمد الدّمشقيّ. كان زاهدًا ورعًا، مِن بيتٍ طيّب. سمع: أباه، وأحمد بن صالح المصريّ، وكثير بن عبيد، وأبا عمير بن النحاس.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 206"، لابن الفرضي.

وعنه: محمد بن سليمان الربعيّ، والفضل بن جعفر، وابن عديّ، وجماعة ببلده. 234- عبد الله بن صالح بن عبد الله بن الضحاك1: أبو محمد البغداديّ المعروف بالبخاريّ. سمع: لُوَيْنًا، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وعثمان بن أبي شيبة، وجماعة. وعنه: عبد الله بن إبراهيم الزَّيْنَبيّ، ومحمد بن المظفّر، وابن الزّيّات، وأبو عليّ الحسين النَّيْسابوريّ وقال: ثقة. تُوُفّي في رجب. 235- عبد الله بن صالح بن يونس. أبو محمد الفرائضي النَّيْسابوريّ: سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق بْن منصور الكَوْسَج. وعنه: محمد بن جعفر المزّكيّ، ومحمد بن حمدون المذكِّر، وغيرهما. 236- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن شِيرَوَيْه2 بن أسد بن أَعْيَن بن يزيد بن رُكانة بن عبد يزيد بن المطلَّب بن عبد مَنَاف القُرَشيّ النَّيْسابوريّ: الفقيه أبو محمد بن شِيرَوَيْه. أحد كُبَراء نَيْسابور. له مصنّفات كثيرة تدل على نُبله. سمع "المُسْنَد" من ابن راهَوَيْه. وسمع: خالد بن يوسف السّمْتيّ، وعبد الله بن معاوية الْجُمَحّي. وعُمَرو بن زرارة، وأحمد بن مَنِيع، وأبا كريب. وعنه: ابن خزيمة، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم، والحسين بن عليّ الحافظ، والناس. قال أبو عبد الله العَبْدويّ: سمعت عبد الله بن شِيرَوَيْه يقول: قال لي بُنْدار: أرِني ما كتبته عني.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 472، 781"، "5111"، والمنتظم "6/ 145"، "223". 2 التقييد لابن النقطة "319-321"، وتذكرة الحفاظ "2/ 705، 706"، والعبر "2/ 129".

قال: فجمعت ما كتبته عنه في أسفاط، وحملتها إليه على ظهر جِمال، فنظر فيها وقال: يا ابن شِيرَوَيْه، أفْلسْتَني، وأفلسَك الورّاقون، يعني النُّسَّاخ. وقال الحاكم: سمع بالحجاز كتاب ابن عُيَيْنَة من العدنيّ. وقال إبراهيم بن أبي طالب: كان إسحاق بن راهَوَيْه لَا يُعيد لأحدٍ، وأنا أتعجَّب كيف لم يَفُتْه، يعني ابن شِيرَوَيْه، شيء من "المَسْنَد"1. ثمّ قال: لقد رأيتُ له منزلةً عن إسحاق لمكان أبيه. وقال أحمد بن الخضر الشافعيّ: سمعت ابن خُزَيْمة يقول: كنت أرى عبد الله بن شِيرَوَيْه يناظر وأنا صبيّ، فكنت أقول: تري أتعلَّم مثل ما تعلم ابن شِيرَوَيْه قطّ؟. قلت: ومِن آخر مَن حدَّث عنه: أبو عمرو بن حمدان. وقع لنا حديث عاليًا، ولله الحمد. 237- عبد الله بن هارون الصّوّاف2: عن: مجاهد بن موسى، وعليّ بن مسلم الطُّوسيّ. وعنه: عُمَر بن بِشْران، وعيسى بن حامد، وأبو بكر الإسماعيليّ. 238- عليّ بن أحمد المُريقيّ: بغداديّ، روى عن: عُمَر بن شبة، وعبد الله بن أيوب المخرمي. وعنه: عبد العزيز الخرقي، وأبو القاسم بن النخاس، وحمزة الكِنَانيّ الحافظ. قال حمزة: ثقة حافظ. 239- عليّ بن الحسين بن حبّان بن عمّار3: أبو الحسن المَرْوَزِيّ، ثم البغداديّ. سمع: محمد بن الصّبّاح الجرجرائيّ، ومحمود بن غَيْلان، ومحمد بن بكّار. وعنه: مكرَّم القاضي، ومحمد اليَقْطِينيّ، وعلي بن عمر الحربي. وكان ثقة.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 تاريخ بغداد "10/ 193" "5332". 3 تاريخ بغداد "11/ 395"، "6274".

240- عليّ بن سعيد بن عبد الله العسْكريّ الحافظ1: تُوُفّي بالرِّيّ. رحل في حدود الخمسين ومائتين. كنيته أبو الحَسَن. سمع: الزُّبَيْر بن بكّار، ومحمد بن المُثَنيّ، وأبا حفص الفلّاس، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وجماعة. وعنه: أبو الشّيخ، وأبو بكر القبّاب، وأبو عُمَرو بن حمدان، وأبو عُمَرو بن مطر، وعبد الله، وأبو بكر محمد بن جعفر، وأهل إصبهان ونَيْسابور. وآخر مَن حدَّث عنه مأمون الرّازيّ بالرَّيّ. وقع لنا من تصانيفه. 241- عليّ بن موسى بن يزداد2: أبو الحسن القُمّيّ، الفقيه الحنفيّ، إمام أهل الرأي في عصره بلا مُدافَعَة. له مصنّفات منها: كتاب "أحكام القرآن"، وهو كتاب جليل. وسمع: محمد بن حُمَيْد الرّازيّ، ومحمد بن معاوية بن مالج، ومحمد بن شجاع الثَّلْجيّ. وعنه: أبو بكر أحمد بن سعد بن نصر، وأحمد بن أحيد الكاغِديّ، وآخرون. وتخرَّج به جماعة من الكبار، وأملى بنَيْسابور. وحدَّثَ بمصنَّفاته. 242- عُمَر بن محمد بن نصر3: أبو حفص الكاغِديّ المقرئ. بغداديّ، كبير القدر. قرأ القرآن على: أبي عمر الدوري.

_ 1 الأنساب "391ب"، وشذرات الذهب "2/ 246". 2 الفهرست "292"، لابن النديم، والأنساب "461 ب"، وطبقات المفسرين للداودي "1/ 436". 3 تاريخ بغداد "11/ 220"، وغاية النهاية "1/ 598".

وسمع: عُمَرو بن عليّ الفلّاس، وأحمد بن بُدَيْل، ومحمود بن خراش، وجماعة. روى عنه: الحسن السَّبِيعيّ، وعبد العزيز الخِرَقيّ، وأبو حفص بن الزّيّات. وقرأ عليه القرآن جماعة، منهم: أبو بكر أحمد بن نصر الشّذائيّ. 243- عُمَران بن موسى بن مُجَاشِع1: أبو إسحاق السّخْتيانيّ. محدّث جُرْجان ومُسْندها. كان ثقة ثَبْتًا، كثير التّصنيف. سمع: هُدْبَةَ بن خالد، وإبراهيم بن المنذر الحِزاميّ، وسُوَيْد بن سعيد، وأبا الربيع الزهْرانيّ، وجماعةً. وعنه: إبراهيم بن يوسف الهِسِنْجانيّ وهو مِن أقرانه، وأبو عبد الله بن يعقوب بن الأخرم، وأبو علي النَّيْسابوري. وقدِم نَيْسابور وحدَّث بها، فسمع منه: أبو حامد بن الشَّرْقيّ، والكبار. روى عنه: أبو عُمَرو بن نُجَيْد، وأبو عُمَرو بن حمدان. وتُوُفّي في رجب بجُرْجان، وهو في عَشْر المائة. "حرف الفاء": 244- الفضل بن الحُباب بن محمد بن شعيب2: أبو خليفة الْجُمَحِيّ البصْريّ. رحْلة الآفاق في زمانه. اسم أبيه عُمَرو، ولَقَبُه: الحُباب. سمع أبو خليفة، من كبار شيوخ أبي داود وأبي زُرْعة؛ فسمع: مسلم بن

_ 1 تاريخ جرجان "322، 323"، للسهمي، والعبر "2/ 129، 130"، والبداية "11/ 128". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 151"، وتاريخ جرجان "55، 260، 415"، والميزان "3/ 350".

إبراهيم، والوليد بن هشام القَحْذميّ، وسليمان بن حرب، وحفص بن عُمَر الحَوْضيّ، وشاذّ بن فَيّاض، وأبا الوليد الطَّيَالِسيّ، ومّسَدّدًا، وعُمَرو بن مرزوق، وعثمان بن الهيثم المؤذّن، وجماعة كبيرة. ومولده سنة ستٍ ومائتين. وكان محدّثًا ثقة، مُكثرًا راوية للأخبار والأدب، فصيحًا مفوّهًا. روى عنه: أبو بكر الْجِعَابيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو أحمد الغِطْريفيّ، والطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وإبراهيم بن أحمد الميمونيّ، وعليّ بن عبد الملك بن دَهْثَم الطَّرَسُوسيّ نزيل دمشق، ومحمد بن سعد الأصْطَخْريّ ببغداد، وأحمد بن الحسين العُكْبَريّ، وإبراهيم بن محمد الأبيوَرْديّ نزيل مكة شيخ أبي عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وسهل بن أحمد الدِّيباجيّ، وأحمد بن محمد بن العبّاس البصْريّ، وخلْق سواهم. قال عليّ بن أحمد بن أبي خليفة فيما رواه عنه أبو الحسين بن المَحَامِليّ قال: سمعت أبي يقول: حضرنا يومًا عند خليل أمير البصرة، فجرى بينه وبين أبي خليفة كلام، فقال له: مَن أنتَ أيّها المتكلّم؟. فقال: أيُّها الأمير ما مثلك من جهل مثلي، انا أبو خليفة الفضل بن الحُبَاب، أفهل يُخفى القمر؟ فاعتذر إليه وقضى حاجته. ولمّا خرج سألوه فقال: ما كان إلّا خيرًا، احضرني مأدُبَتَه، فأبَط، وأدَجّ، وأخرج، وفولج، ولَوْذَجَ، ثمّ أتانيّ بالشّراب، فقلت: مُعَاذ الله. فعاهَدنيّ أن آتي مأدبته كلّ يوم. فكان إنسان يأتي كلّ يومٍ، فيحمله إلى دار الأمير. وقال أبو نُعَيْم عبد الملك بن الحسن ابن أخت أبي عَوَانَة: سمعتُ أبي يقول لأبي عليّ الحافظ النَّيْسابوريّ: دخلتُ أنا وأبو عَوَانَة البصْرة، فقيل: أبا خليفة قد هُجِر، وَيُدَّعَى عليه أنّه قال: القرآن مخلوق. فقال لي أبو عَوَانة: يا بُنيّ، لَا بُدَّ أن ندخل عليه. قال: فقال له أبو عَوَانة: ما تقول في القرآن؟ فاحمرَّ وجهه وسكتَ، ثم قال: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومَن قال: مخلوق فهو كافر. أستغفر الله، وأنا تائب إلى الله من كلّ ذنبٍ إلّا الكذِب، فإنّي لم أكذب قطّ.

قال: فقام أبو علي إلى أبي فقبّل رأسه، فقال أبي: قام أبو عَوَانة إليه فقبّل كتفه. تُوُفّي في ربيع الآخر أو جُمَادَى الأولى عن مائة سنة إلا شهرًا. "حرف القاف": 245- القاسم بن زكريّا بن يحيى1: أبو بكر البغداديّ المقرئ، المعروف بالمطّرز. كان مُقْرِئًا نبيلًا مُصَنفًا، مأمونًا، حُجّة. أثنى عليه الدَّارَقُطْنيّ وغيره. قرأ على الدُّوريّ، وعلى أبي حمدون. وأقرأ النّاسَ، فقرأ عليه: عليّ بن الحسين الغضائريّ شيخ الأهوازيّ بالإدغام والإبدال وعدمهما. فادّعى أنّه لِقَيه سنة ثلاث عشرة، فبان بهذا أنّ الغضائريّ غيرُ ثقة. وقد سمع من: سُوَيد بن سعيد، وإسحاق بن موسى، وأبي كُرَيْب، وأبي همّام السَّكُونيّ، ومحمد بن الصّبّاح الْجَرْجَرائيّ، وجماعة. حدَّث عنه: الْجِعَابيّ، وعبد العزيز الخِرقيّ، وابن المظفّر، وأبو حفص الزّيّات، وآخرون. تُوُفّي في صفر. صنَّفَ "المُسْنَد"، والأبواب. 246- القاسم بن محمد بن بشار2. أبو محمد الأنباريّ، والد العلّامة أبي بكر. سكن بغداد. وحدَّث عن: عُمَرو الفلّاس، وعُمَر بن شبّة، والحسن بن عرفة. وقرأ القرآن على عمّه أحمد بن بشّار. وسمع الحروف من: سليمان بن خلّاد، عن اليزيديّ، ومحمد بن الجهم، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 441"، "6910"، والمنتظم "6/ 146"، والأعلام "6/ 10". 2 تاريخ بغداد "12/ 440، 441"، وغاية "2/ 24"، "2602".

وعنه: ابنه محمد، وعليّ بن موسى الرّزاز، وأحمد بن عبد الرحمن المقرئ المعروف بالوليّ. "كان" صدوقًا موثقًا عارفًا بالأدب والغريب، متفننًا حافظًا، رحمه الله. "حرف الميم": 247- محمد بن أبان بن ميمون السّرّاج1: أبو عبد الله. بغداديّ ثقة. سمع: يحيى بن عبد الحميد الحمانيّ، والحكم بن موسى، وعبيد الله القواريريّ، وجماعة. وعنه: ابن لؤلؤ، وأبو حفص الزّيّات، ومحمد بن زيد الأنصاريّ، وغيرهم. وقيل: تُوُفّي سنة ستٍّ. 248- محمد بن إبراهيم بن حَيُّون2: من أهل وادي الحجارة بالأندلس. سمع: محمد بن وضّاح، والخشنيّ، وجماعة. ورحل فسمع: إسحاق الدَّبْريّ باليمن، وعليّ بن عبد العزيز بمكّة، وعبد الله بن الإمام أحمد ببغداد، وخلقًا سواهم. وكان من كبار الحُفّاظ بالأندلس، وفيه تشيُّع. روى عنه: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، وأحمد بن سعيد بن حزم، وخالد بن سعد؛ وقال خالد فيه: لو كان الصّدق إنسانًا لكان ابن حيّون. وقال ابن الفرضي: لم يكن بالأندلس قبله أبصَر بالحديث منه. 249 - محمد بن أحمد بن تميم بن خالد3: أبو بكر الأصبهاني.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 401"، "377". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 26، 27"، وتذكرة الحفاظ "3/ 781". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 245".

عن: لوين، وأحمد بن أبي شُرَيْح، ومحمد بن عليّ بن شقيق، ومحمد بن حميد. وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو الشيخ، ومحمد بن جعفر بن يوسف، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. لا بأس به. 250- محمد بن إبراهيم بن نصْر بن شبيب1: أبو بكر الإصبهانيّ الصّفّار. ثقة. روى عن: أبي ثور إبراهيم بن خالد، وهارون بن عبد الله الحمّال كتبهما. وعنه: أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، ومحمد بن عبد الرحمن بن الفضل، وآخرون. 251- محمد بن الحسين بن شهريار2: أبو بكر القطان البغدادي. عن: بشر بن معاذ، وأبي حفص الفلاس، روى عنه تاريخه. وعنه: محمد بن عمر الجعابي، وابن المظفر، وابن لؤلؤ. قال الدارقطني: ليس به بأس. وقد روى القراءة عن الحسين بن الأسود، عن يحيى بن آدم؛ وأخذها عنه ابن مجاهد، والنّقّاش، وعبد الواحد بن أبي هاشم. 252- محمد بن سليمان3: أبو موسى الحامض البغدادي النحوي.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 240". 2 تاريخ بغداد "2/ 232"، "686". 3 تقدم برقم "230"، من هذا الجزء.

أحد أئمّة اللّسان، وتلميذ ثعلب. وقيل: سليمان بن محمد، كما مرّ آنفًا. 253- محمد بن طاهر بن خالد بن أبي الدميك1: أبو العبّاس البغداديّ. سمع: عبيد الله بن عائشة، وعليّ بن المدينيّ، وإبراهيم سبلان. وعنه: جعفر الخلدي، ومخلد الباقرحيّ، وابن المظفّر. وثّقه الخطيب. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 254- محمد بن العبّاس بن أسلم الأزرق الحمراويّ: سمع: عبد الجبّار بن العلاء. 255- محمد بن عبيد الله القرطبيّ المالكي2: رحل إلى المشرق. وسمع من: إسماعيل القاضي، وموسى بن هارون. وكان فقيهًا نبيلًا استشهد في هذا العام. 256- محمد بن عُمَرو بن مسعدة3: أبو الحارث البيروتيّ. عن: محمد بن وزير، ومحمد بن عقبة بن علقمة، وجماعة. وعنه: عبد الله بن عديّ، وأحمد بن جعفر بن سَلْم، وغيرهما. 257- محمد بن القاسم بن هاشم السِّمْسار4. أبو بكر:

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 377" "2903". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 27، 28"، "1167"، لابن الفرضي. 3 الأنساب لابن السمعاني "99 أ". 4 تاريخ بغداد "3/ 180" "1219".

بغداديّ، سمع: بِشْر بن الوليد، وغيره. وعنه: عليّ بن عُمَر الحربيّ. 258- محمد بن المبارك بن عبد الملك الدباغ: مصري. روى عن: محمد بن رُمْح، ودحيم. 259- محمد بن نصر بن القاسم: أبو بكر الخّواص. في شوّال. سمع من: حرملة؛ وحدَّث. 260- محمد بن نصير بن أبان المديني1: أبو عبد الله القرشيّ. روى عن: إسماعيل بن عُمَرو البجليّ، وسليمان الشاذكونيّ، وجماعة دونهم. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشيخ، وابن المقري، وغيرهم. قال فيه أبو نعيم: ثقة. 261- مالك بن عيسى القفصيّ المالكيّ: ولي قضاء بلده. وسمع: محمد بن سحنون، وشجرة بن عيسى. وبمصر من: يونس بن عبد الأعلى، وابن عبد الحكَم. وكان إمامًا كبيرًا، رحل إليه العلماء من الأندلس. وصنَّف كتبًا. 262- موسى بن هارون التوزي2:

_ 1 العبر "2/ 130"، والمعجم الصغير "2/ 49" للطبراني. 2 تاريخ بغداد "13/ 56" "7028".

روى عن: إسحاق بن أبي إسرائيل، وعبد الوارث بن عبد الصَّمَد، والكنديّ، وعبد الأعلى بن حمّاد، ومحمد بن عبد الله بن عمّار، وطبقتهم. وعنه: عليّ بن لؤلؤ، وغيره. "حرف الهاء": 263- هارون بن عليّ بن الحكم1: أبو موسى المزوّق. بغداديّ. سمع: إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، وأبا عُمَر الدُّوريّ، وزياد بن أيّوب. وعنه: محمد بن حميد المخرميّ، وعثمان المجاشعيّ، وعُمَر بن أحمد الوكيل، وآخرون. وكان ثقة مقرئًا. "حرف الياء": 264- يحيى بن أصبغ بن خليل2: أبو بكر القرطبيّ، سمع: أباه، وببغداد: عبد الله بن أحمد بن حنبل، وجماعة. حدَّث عنه: قاسم بن أصبغ، وثابت بن حزم. وكان فاضلًا. وفيات سنة ست وثلاثمائة: "حرف الألف": 265- أحمد بن حذيفة. أبو الحسن البشتيّ الأديب: سمع: إسحاق الكوسج، ومحمد بن يحيى، والحسن بن محمد الزعفراني. وعنه: يحيى بن محمد العنبريّ، وإسماعيل بن عبد الله بن مكيال.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 30" "7369"، وغاية النهاية "2/ 346"، "3758". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 186، 187"، "1574"، لابن الفرضي.

266- أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار بن راشد. أبو عبد الله الصُّوفيّ. بغداديّ مشهور. وثّقه الخطيب، وغيره. سمع: عليّ بن الجعد، ويحيى بن معين، وأبا نصر التّمّار، وسُوَيْد بن سعيد، وأحمد بن جناب، وجماعة. وعنه: عبد الله بن إبراهيم الزينبي، وأبو حفص بن الزّيّات، وأبو الشيخ الأصفهانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، ومحمد بن المظفّر، وعليّ بن عُمَر الحربيّ. تُوُفّي في رجب. وقع لي حديثه بعُلُوّ. ومات في عشر المائة. 267- أحمد بن داود بن أبي صالح عبد الغفّار بن داود الحرّانيّ، ثم المصريّ: عن: أبي مصعب، ومحمد بن رمُحْ، وحَرْمَلة. طارَت عليه شرارة فاحترق. قال ابن يونس: حدَّث بحديث منْكَر عن أبي مصعب. وقال الدارقطني: كذّاب. 268- أحمد بن سعيد بن عبد الله1: أبو الحسن المؤدب الدمشقي. سكن بغداد، وأدب عبد الله بن المعتز. وروى عن: هشام بن عمّار، ومحمد بن وزير، والزُّبير بن بكّار. وعنه: إسماعيل الصّفّار، وحمزة الكِنَانيّ، ومحمد بن المظفّر. وثَّقه حمزة. 269- أحمد بن عُمَر بن سريج: القاضي أبو العبّاس البغداديّ، إمام أصحاب الشّافعيّ. شرح المذهَب ولخّصه، وصنف التّصانيف، وردّ على المخالفين للنصوص. سَمِعَ: الْحَسَن بْن محمد بْن الصّبّاح الزَّعْفرانيّ، وعليّ بن أشكاب، وأبا داود السجستانيّ، وعبّاس بن محمد الدوري.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 171، 172" "1850".

وعنه: أبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد الغطريفيّ، وأبو الوليد حسّان بن محمد. وتفقّه عليه عدّة أئمة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى من السنة، وله سبع وخمسون سنة وستة أشهر. وقع حديثه بعلو في "جزء الغطريفيّ" لأصحاب ابن طبرزذ. وقال أبو إسحاق الشيرازيّ في "الطبقات": كان يقال له: "الباز الأشهب"؛ ولي القضاء بشيراز. قال: وكان يفضل على جميع أصحاب الشّافعيّ، حتّى على المُزَنيّ؛ وإنّ فهرسْتَ كُتُبِه كان يشتمل على أربعمائة مصنَّف. كان الشيخ أبو حامد الإسفْرائينيّ يقول: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهره الفقه دون دقائقه. تفقّه على أبي القاسم الأنماطيّ، وأخذ عنه خلْق. وعنه انتشر مذهب الشّافعيّ. وقال أبو عليّ بن خَيْران: سمعتُ أبا العبّاس بن سُرَيْج يقول: رأيت كأنّا مطرنًا كبريتًا أحمر، فملأت أكمامي وحِجري، فعبر لي أن أرزق علمًا عزيزًا كعزة الكبريت الأحمر. وقال أبو الوليد الفقيه: سمعت ابن سريج يقول: قل ما رأيت من المتفقهة مَن اشتغل بالكلام فأفلح. يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام. قال الحاكم: سمعت حسّان بن محمد الفقيه يقول: كنّا في مجلس ابن سريج سنة ثلاث وثلاثمائة، فقام إليه شيخ من أهل العلم فقال: أبشر أيها القاضي، فإن الله يبعث عَلَى رَأْسِ كُلِّ مَائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ، يعني للأمة، أمر دينها. والله تعالى بعث على رأس المائة عُمَر بن عبد العزيز، وعلى رأس المائتين أبا عبد الله الشّافعيّ، وبعثك على رأس الثلاثمائة. ثمّ أنشأ يقول: اثنان قد مضيا فبورك فيهما ... عُمَر الخليفة، ثم حلف السؤدد الشّافعيّ الألمعيّ محمد ... إرث النبوة وابن عم محمد أبشر أبا العبّاس إنك ثالث ... من بعدهم سقيًا لتربة أحمد

فصاح أبو العبّاس بن سُريْج وبكي وقال: لقد نَعَى إليَّ نفسي. قال حسّان: فمات القاضي أبو العبّاس في تلك السنة. قلت: وكان على رأس الأربعمائة أبو حامد الإسفراييني، وعلى رأس الخمسمائة الغَزَاليّ، وعلى رأس السّتّمائة الحافظ عبد الغنيّ، وعلى رأس السبعمائة شيخنا ابن دقيق العِيد. على أن بعضَ هؤلاء يخالفني فيهم خلْقٌ من العلماء. والذي أعتقده من الحديث أنَّ لفظ مَن يجدد للجمع لَا للمفرد، واللَّه أعلم. وكان أبو العبّاس على مذهب السَّلَف، يؤمن بها ولا يؤولها، ويميّزها كما جاءت. وهو صاحب مسألة الدَّور في الحَلِف بالطّلاق. وقد روى التنوخيّ في "نشواره" قال: حدَّثني القاضي أبو بكر العنبريّ بالبصْرة، حدثني أبو عبد الله، شيخ من أصحاب ابن سريج كتبت عنه الحديث، قال: قال لنا ابن سريج يومًا: أحسب أن المنية قربت. قلنا: وكيف؟ قال: رأيت البارحة كأن القيامة قد قامت، والناسُ قد حُسروا، وكأنّ مناديًا يناديّ بصوتٍ عظيم: بِمَ أجبتم المرسَلين؟ فقلت: بالإيمان والتّصديق. فقيل: ما سئلتم عن الأقوال، بل سُئلتم عن الأعمال. فقلت: أمّا الكبائر، فقد اجتنبناها، وأما الصغائر، فعوّلنا فيها على عفْو الله ورحمته. قال: وانتبهتُ. فقلنا له: ما في هذا ما يوجب سرعة الموت. فقال: أما سمعتم قوله تعالي: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُم} [الأنبياء: 1] ؟ قال: فمات بعد ثمانية عشر يومًا، رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 270- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سهل بن المبارك1: أبو العبّاس الإصبهانيّ الجيراني المعدّل، ويعرف بممَّجة. سمع: لُوَيْنًا، وحميد بن مسعدة، وعُمَرا الفلاس.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 127".

وعنه: عبد الله بن محمد بن الحجاج الشروطيّ، وعُمَر بن عبد الله بن سهل. وثّقه أبو نعيم. وروى عنه أبو بكر المقري في معجمه. و"جيران": من إصبهان. 271- أحمد بن محمد بن مسقلة1: أبو عليّ التَّيْميّ الواذاريّ. سمع: الزُّبَيْر بن بكّار، وأحمد بن يحيى السُّوسيّ. وعنه: والد أبي نعيم، والطَّبَرانيّ. وهو إصبهانيّ. 272- أحمد بن موسى بن عليّ الصدفيّ2: مولاهم أبو بكر المصريّ. عُرِف بابن الزَّبّاب. قيّده غير ابن ماكولا. سمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وعنه: أبو إسحاق القرطبيّ. 273- أحمد بن يحيى3: أبو عبد الله بن الجلّاء. أحد مشايخ الصُّوفيّة الكبار. صحب أباه، وذا النُّون المصريّ، وأبا تراب النخشبيّ؛ وحكى عنهم. أخذ عنه: أبو بكر الرَّقِّيّ، ومحمد بن سليمان اللّبّاد، ومحمد بن الحسن اليقطينيّ، وغيرهم. وكان يكون بدمشق وبالرملة. وأصله بغدادي.

_ 1 المعجم الصغير "1/ 66"، للطبراني. 2 المشتبه في أسماء الرِّجال "1/ 302". 3 حلية الأولياء "10/ 314، 315"، "585"، والرسالة القشيرية "20".

ويُقال: كان ابن الجلّاء بالشام، والْجُنَيْد ببغداد، وأبو عثمان الجيزيّ بنَيْسابور؛ يعني لَا رابع لهم في عصرهم1. وقال الرقي: ما رأيت أهيب منه، وقد لقيت ثلاثمائة شيخ. وسمعته يقول: ما جلا أبي شيئًا قطّ، ولكنه كان يعظُ النّاس، فيقع كلامه في قلوبهم، فسمِّي جلاء القلوب2. وقال محمد بن عليّ بن الجلندي: سمعت ابن الجلاء -وسئل عن المحبة- فقال: ما لي وللمحبّة، إنّي أريد أن أتعلّم التَّوبة. كانت وفاته في رجب. وقد استوفى ابن عساكر ترجمته. وقيل: اسمه محمد بن يحيى؛ وقيل: أصله بغداديّ. وقال أبو عُمَر الدّمشقيّ: سمعتُ ابن الجلّاء يقول: قلتُ لأبويّ: أحب أن تهباني لله. قالا: قد فعلنا. فغبتُ عنهم مدّةً، ثمّ جئت فدققت الباب فقال أبي: مَن ذا؟ قلتُ: ولدك. قال: قد كان لي ولدٌ وهبناه لله تعالى. وما فتح الباب3. وعن أبي عبد الله بن الجلاء قال: آلةُ الفقير صيانة فقره، وحفظ سِرِّه، وأداء فرْضه. 274- أحمد بن يعقوب بن سراج الموصليّ: سمع: الصلت بن مسعود الجحْدريّ. 275- أحمد بن يوسف بن الضّحّاك4: أبو عبد الله البغداديّ، الفقيه. سمع: أبا كريب، ومحمد بن موسى الحرشيّ. وعنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، ومحمد بن المظفّر. وكان ثقة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 214". 2 تاريخ دمشق "2/ 137 أ". 3 حلية الأولياء "10/ 315"، والمنتظم "6/ 149". 4 تاريخ بغداد "5/ 219"، "2694".

276- إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الحارث1: أبو القاسم الكِلابيّ، الفقيه الشّافعيّ. أظنّه بصْريًّا. سمع من: الحارث بن مسكين، ومحمد بن هشام السَّدُوسيّ. وكان ثقة صالحًا. 277- إبراهيم بن علي بن إبراهيم العُمَريّ المَوْصليّ2: أبو إسحاق. سمع: معلى بن مهدي، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وعدة. وعنه: أبو طاهر بن أبي هاشم المقري، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو بكر النّجّاد الحنبليّ، وأبو بكر بن المقري. وثّقه الخطيب. حدّث ببغداد، ووثّقه الدّارقطنيّ. "حرف الجيم": 278- جبريل بن الفضل السَّمَرقنديّ3: أبو حاتم. حجّ سنة اثنتين وتسعين، فحدَّث عن: قُتَيْبة، وإبراهيم بن يوسف، وغيرهما. وعنه: ابن قانع. وثّقه الخطيب وقال: عاش إلى سنة ستٍّ. 279- جعفر بن سهل4. أبو الفضل النيسابوري الواعظ:

_ 1 البداية والنهاية "11/ 129". 2 تاريخ بغداد "6/ 132، 133"، والمنتظم "6/ 150"، "230". 3 تاريخ بغداد "7/ 264"، "3747"، والمنتظم "6/ 150"، "231". 4 ميزان الاعتدال "1/ 411"، والمغني في الضعفاء "1/ 133" "1146".

سمع: إسحاق بن راهويه، والحسن بن عيسى بن ماسرْجِس، ومحمد بن رافع. وعنه: محمد بن صالح بن هانئ، وأحمد بن يعقوب بن الثَّقَفيّ، وجماعة. وكان له قبول وافر في التّذاكر. وقد حدَّثَ بمناكير. "حرف الحاء": 280- حاجب بن مالك بن أركين1: أبو العبّاس الفرغانيّ التُّرْكيّ الضّرير. حدَّث بالشام وإصبهان عن: أحمد بن إبراهيم الدَّورْقيّ، وأبي عُمَر الدُّوريّ؛ وهذه الطبقة. وعنه: سليمان الطَّبَرانيّ، ويوسف المَيَانِجِيّ، ومحمد بن المظفّر. وله جزءٌ معروف، سمعناه. 281- الحَسَن بن بالَوَيْه بن زيد بن سيّار. أبو عليّ الحِيريّ، النَّيْسابوري: سمع: محمد بن حُمَيْد، ومحمد بن مُقاتل الرازيَّيْن. وعنه: أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان. ورّخه الحاكم. 282- الحسين بن حمدان بن حمدون2: الأمير أبو عبد الله التغلبيّ، عمّ السلطان سيف الدّولة عليّ. قدِم الشّام لقتال الطُّولونيّة في جيشٍ من قِبَلِ المكتفي. وقدِم دمشق لحرب القرامطة أيّام المقتدر. ثمَّ ولّاه ديار ربيعة، فغزا وافتتح حصونًا، وقتل خلقًا من الروم. ثمّ خالفَ فسارَ لحربِهِ رائق، فحاربه وأسَره رائق في سنة ثلاث وثلاثمائة، فسجن ببغداد. ثم قتل سنة ست وثلاثمائة.

_ 1 العبر "2/ 132"، والمنتظم "6/ 150" "233"، وتهذيب تاريخ دمشق "3/ 429، 430". 2 التنبيه والإشراف "324، 327"، والمنتظم "6/ 80، 82"، والنجوم الزاهرة "3/ 194".

"حرف العين": 283- عامر بن إبراهيم بن عامر بْن إبراهيم بْن واقد الأشعريّ1: مولى أبي موسى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَبُو محمد المؤذّن الإصبهانيّ. ثقة، من بيت مشهور. سمع: أباه، وإبراهيم بن محمد بن مروان. وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن جعفر، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهّاب، وغيرهم. 284- عبّاس بن محمد الفزاريّ2. مولاهم المِصريّ الحافظ: روى عن: محمد بن رُمْح، وزكريّا كاتب العمري، وأحمد بن صالح الطبري، وجماعة. كنيته أبو الفضل. روى عنه: ابن يونس فأكثر، والطبراني، وآخرون. وكان يعرف بالبصري. توفي في شعبان. قال ابن يونس: ما رأيت أحدا قط أثبت منه. 285- عبدان بن أحمد بن موسى بن زياد3: أبو محمد الأهوازي الجواليقي الحافظ، واسمه: عبد الله، فخفف. طوف البلاد وصنف التصانيف، وسمع: سهل بن عثمان العسكريّ، وأبا كامل الجحْدريّ، وخليفة بن خيّاط، ومحمد بن بكّار، ووهْب بن بقيّة، وهشام بن عمّار، وأبا بكر وعثمان ابني أبي شيبة، وزيد بن الحُرَيْش، وخلقًا كثيرًا. روى عنه: ابن قانع، وحمزة الكِنَانيّ، والطَّبَرانيّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو عُمَرو بن حمدان، وأبو بكر بن المقري، وآخرون.

_ 1 المعجم الصغير "1/ 260" للطبراني. 2 سير أعلام النبلاء "11/ 263". 3 تاريخ بغداد "9/ 378، 379"، والمنتظم "6/ 150"، وشذرات الذهب "2/ 249".

ورحل الحفّاظ إلى عسكر مكرم للقيه. وكان أحد الحفاظ الأثبات. قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: رأيتُ من أئمّة الحديث أربعة: إبراهيم بن أبي طالب، وابن خزيمة بنيسابور، والنسائي بمصر، وعبدان بالأهواز. فأمّا عبدان فكان يحفظ مائة ألف حديث، ما رأيت في المشايخ أحفظ منه. وقال حمزة الكِنانيّ: سمعت عَبْدان يقول: دخلت البصرة ثمان عشرة مرّة من أجل حديث أيّوب السختيانيّ. وجمعت ما يجمعه أصحاب الحديث، إلا حديث مالك، فإنّه لم يكن عنديّ "الموطَّأ" بعلوّ، وإلّا حديث أبي حصين. وسمعته يقول: جمعت لبِشْر بن المفضّل ستّمائة حديث، مَن شاءَ يزيد عليّ. وقال الحاكم: كان أبو عليّ النَّيْسابوريّ لَا يُسامح في المذاكرة، بل يواجه الرد في الملأ، فوقع بينه وبين عبدان لذلك، فسمعت أبا عليّ يقول: أتيت أبا بكر بن عبدان فقلت: الله الله، تحتال لي في حديث سهل بن عثمان العسكريّ، عن جنادة، عن عبيد الله بن عُمَر! فقال: قد حلف الشيخ أن لا يحدث بهذا الحديث وأنتَ بالأهواز. فأصلحتُ أشيائي للخروج. وودّعتُ الشيخ، وشيعنيّ أصحابنا، ثمّ اختبأت إلى يوم المجلس، ثم حضرت متنكرًا لَا يعرفني أحد. فأملى الحديث وأملى غير ذلك ممّا كان قد امتنع عليّ منها. ثمّ بلغه بعدُ أنّي كنت في المجلس، فتعجّب. وقال أبو حاتم بن حبّان: أنبأ عَبْدان بعسكر مُكْرم وكان عسيرًا نِكدًا. وقال الرّامَهُرْمُزِيّ: كنّا عند عَبْدان فقال: مَن دُعي فلم يُجِبْ فقد عصى الله. بفتح الباء. فقال له ابن سريج: إنْ رأيت أن تقول: يُجبْ. فأبى، وعجب من صواب ابن سريج، كما عجب ابن سريج من خطئه. وقال ابن عديّ: عبدان كبير الاسم. قال لي: جاءني أبو بكر بن أبي غالب فذهب إلى شاذان الفارسيّ، فلم يلحقه، فعطف إلى ابن أبي عاصم بأصبهان، ثمّ جاءني فقال: فاتني شاذان، وذهبتُ إلى ابن أبي عاصم فلم أره مليًّا بحديث البصرة، وجئتك لأكتب حديثهم عنك؛ لأنك مليُّ بهم. فأخرجتُ إليه حديثهم، وقاطعته كلّ يومٍ على مائة حديث.

قال ابن عدي: ثنا عبدان، ثنا محمد بن عُمَرو بن سَلَمَةَ، ثنا ابن وهب، فذكر حديثًا. كذا قال. وإنما هو عمرو بن سواد. وكان عبدان يخطئ فيه، فيقول مرة كما ذكرنا، ومرة يقول: محمد بن عمرو، وإنما هو عمرو بن سواد. قال: وكانت هيبة عبدان تمنعنا أن نقول له. وثنا بحديثٍ فيه أشرس، فقال: رشْرَس. فتوقّفت في الرّدّ عليه. مات عَبْدان -رحمه الله- في آخر سنة ستٍّ، وله تسعون سنة وأشهرُ. 286- عبد الصَّمد بن عبد الله بن أخي يزيد ابني عبد الصَّمد القُرَشيّ1: أبو محمد الدّمشقيّ القاضي. سمع: إسحاق بن موسى الأنصاريّ، وهشام بن عمّار، ونوح بن حبيب، ودُحَيْمًا، وجماعة. وعنه: الفضل بن جعفر المؤذّن، وجمح، وابن عديّ، وأبو عُمَر بن فضالة، والربعيّ. وناب في القضاء لمحمد بن أحمد المَرْزُبانيّ، ولعُمَر بن الْجُنَيد قاضي دمشق. وتُوُفّي في المحرّم من السنة. 287- عليّ بن إبراهيم بن مطر2: أبو الحَسَن البغداديّ السُّكْريّ. سمع: داود بن رشيد، وعبد الله بن معاوية، وهشام بن عمّار. وعنه: عبد الله بن إبراهيم الزَّيْنَبيّ، وعبد العزيز الخِرَقيّ، ويوسف المَيَانجيّ، وابن المقري. وثقه الدارقطني. وتوفي في محرم.

_ 1 غاية النهاية "1/ 390"، "1662". 2 تاريخ بغداد "11/ 337" "6170".

288- عليّ بن إسحاق بن عيسى بن زَاطِيَا1: أبو الحَسَن المُخَرِّميّ. سمع: عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن بكّار بن الرّيّان، وداود بن رشيد. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وابن الزّيّات، وعليّ بن عُمَر الحربيّ. وكُف بصره بآخره. قال أبو بكر بن السُّنّي: لَا بأس به. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 289- عليّ بن الحَسَن بن سليمان بن سُرَيْج2: أبو الحَسَن القافلانيّ البغداديّ. سمع: إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، ومجاهد بن موسى، وطبقتهما. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وحبيب القزّاز، والقَطيعيّ، ومحمد بن المظفّر، وجماعة. وكان أحد الثّقات. 290- عليّ بن هارون بن ملّول المصريّ: من أولاد الشيوخ. سمع: عيسى بن حمّاد، والحارث بن مسكين. وتُوُفّي في شوّال. 291- عُمَر بن الحَسَن3: أبو حفيْص الحلبيّ. سمع: أبا نعيم الحلبيّ، ولُوَيْنًا.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 349"، والميزان "3/ 114". 2 تاريخ بغداد "11/ 377"، "6237". 3 زُبْدَة حَلَب "1/ 94"، وسير أعلام النبلاء "11/ 211".

وعنه: ابن المظفّر، والورّاق، ومَخْلَد بن جعفر. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وسيعاد. 292- عيسى بن إدريس بن عيسى1. أبو موسى البغداديّ: حدَّث بدمشق عن: عثمان بن أبي شيبة، وأحمد بن المقدام، وزياد بن أيّوب، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بن آدم، وجُمَح بن القاسم، وأبو عُمَر بن فَضَالَةَ، وعبد الله بن عديّ، وآخرون. قال الخطيب: صدوق. قيل: مات في ربيع الآخر. "حرف الميم": 293- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الله الإصبهانيّ2: سمع: أباه سَمَّوَيْه، ويونس بن حبيب. وكان جليلًا صالحًا، مفتي البلد. تُوُفّي فجأةً. روى عنه: الطَّبَرانيّ، والعسّال. 294- محمد بْن أصبغ بْن محمد3 بْن يوسف بْن ناصح بن عطاء مولى الوليد بن عبد الملك. قُرْطُبيّ حافظ فقيه، إمام نَحْويّ واسع العِلم. روى عَنْ: بَقيّ بْن مَخْلَد، ومحمد بْن وضّاح، وجماعة. تُوُفّي كهلًا.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 173"، "5879". 2 المعجم الصغير "2/ 53"، للطبراني. 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 28"، "1170"، لابن الفرضي.

295- محمد بن بابْشاذ البصْريّ1: حدّث ببغداد عن: عبيد الله بن معاذ بن مُعَاذ، وسَلَمَةَ بن شبيب، وغيرهما. وعنه: عمر بن بشران، وأبو بكر بن المقري، ومحمد بن خلف الخلّال. تُوُفّي في شوّال. قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عنه فقال: ثقة. قلت: روى حديثًا موضوعًا. 296- محمد بن حرملة بن بهلول المصريّ: سمع: بكار بن قتيبة القاضي. 297- محمد بن حمدويه بن موسى بن طريف2: أبو رجاء السنجيّ الهورقانيّ المروزيّ. سمع: عتبة بن عبد الله، وسويد بن نصر، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، ومحمد بن حميد. وعنه: عبد الله بن أحمد بن الصديق، وأبو عصمة محمد بن أحمد بن عبّاد، وأهل مَرْو. ذكره ابن ماكولا. 298- محمد بن خلف بن حيان بن صدقة3: أبو بكر الضبيّ القاضي، المعروف بوكيع. كان عارفًا بالسير وأيام النّاس. صنف عدة كتب. روى عن: أحمد بن إسماعيل السهمي، والزبير بن بكّار، وابن عرفة، والطبقة.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 488، 489"، والبداية والنهاية "11/ 129". 2 الإكمال لابن ماكولا "2/ 557"، واللباب "3/ 395". 3 الفهرست "166"، لابن النديم، والمنتظم "6/ 152"، والأعلام "6/ 347".

وعنه: ابن الصّوّاف، ومحمد بن عُمَر الجعابيّ، وابن المظفر، وأبوه جعفر بن المتيّم. قال أبو الحسين بن المناديّ: أقل النّاسُ عنه للينٍ شُهِر بهِ. وقال الدَّارَقُطْنيّ. كان فاضلًا نبيلًا فصيحًا، من أهل القرآن والفقه والنحو. له تصانيف كثيرة. وولي قضاء كور الأهواز كلها. وتُوُفّي في ربيع الأول. 299- محمد بن خيرون1: أبو عبد الله المعافريّ. مقرئ القيروان. أخذ القراءة عرْضًا عن: أبي بكر بن سيف، وإسماعيل النّحّاس، وجماعة. وقدم القيروان فسكنها. وقرأ عليه خلق، منهم: ابناه محمد وعلي، وأبو بكر الهواري، وعبد الحكيم بن إبراهيم، وأبو جعفر أحمد بن بكر. وكان صالحا كبير القدر. وقد حدث عن: عيسى بن مسكين، وغيره. تُوُفّي في شعبان. 300- محمد بن سعيد بن عُمَرو2: أبو يحيى الخريمي المري الدّمشقيّ. عن: هشام بن عمّار، ودُحَيْم، والقاسم بن عثمان الجوعيّ، وأحمد بن أبي الحواري. وعنه: جُمح بن القاسم، ومحمد الربعيّ، وعبد الله بن عديّ، وجماعة. تُوُفّي في المحرم. والخريمي: بالراء.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 255". 2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "37/ 548".

301- محمد بن عبد الوهّاب1: أبو عُمَر المروزي. سمع بقزوين: إسماعيل بن توبة؛ وبالرّيّ: محمد بن مقاتل. وعنه: عليّ بن أحمد بن صالح. 302- محمد بن عليّ بن إبراهيم2: الحافظ أبو عبد الله المروزي. رحل وكتب عنه: بُندار، وعليّ بن خشرم، وهذه الطبقة. روى عنه: الطَّبَرانيّ، وابن عقدة، وأبو بكر بن أبي دارم. 303- محمد بن عليّ. أبو بكر القنطريّ: سمع: أحمد بن منيع. وعنه: إبراهيم بن أحمد الخرقي. 304- محمد بن محمد بن سحنون بن سعيد المغربي: أبو سعيد المالكيّ. زاهد خير. سمع أباه؛ وأخذ الفقه عن أصحاب جدّه. 305- محمد بن مسعود بن الحارث3: أبو عبد الله الأسديّ القزوينيّ. ثقة كبير القدر. سمع: عُمَرو بن رافع، وإسماعيل بن توبة، وعبد السلام بن عاصم، ومحمد بن حميد الرّازيّ، وإسماعيل ابن بنت السُّدّيّ، وأبا مصعب، وهنّاد بن السري.

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "1/ 446"، للرافعي. 2 سير أعلام النبلاء "11/ 320". 3 التدوين في أخبار قزوين "2/ 20-22"، وسير أعلام النبلاء "11/ 260".

وعنه: سليمان بن يزيد الفاميّ، وعليّ بن عُمَر الصيدلاني، وعبد العزيز بن مالك، وعليّ بن أحمد بن صالح القزوينيون. لخصت ترجمته من "الإرشاد" والخليليّ. 306- محمد بن هارون بن عبد الرحمن بن الفضل بن عميرة1: أبو هارون العتقيّ الأندلسيّ. رحل وسمع بمصر من أبي يزيد القراطيسيّ، وغيره. ورجع. 307- موسى بن عبد الرحمن بن حبيب2: العلّامة أبو الأسود الإفريقيّ القطّان. يروى عن: محمد بن سحنون، وشجرة بن عيسى، وغيرهما. وعنه: تميم بن أبي العرب، وأبو محمد بن مسرور، وجماعة. وولي قضاء طرابلس المغرب. تُوُفّي في ذي القعدة. وكان من كبار المالكية. مواليد هذه السنة: وفيها ولد: أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنيّ، وأبو الحسين بن جميع، وعبد الوهاب الكلابي. وفيات سنة سبع وثلاثمائة: "حرف الألف": 308- أحمد بن حَمْدَوَيْه3، ويقال: ابن حمديّ، بن أحمد بن بَيَان: أبو عليّ الدقاق.

_ 1 جذوة المقتبس "95" "155"، وتاريخ علماء الأندلس "2/ 29"، "1171"، لابن الفرضي. 2 الديباج المذهب "2/ 335"، ومعالم الإيمان للدباغ "2/ 335-339". 3 تاريخ بغداد "4/ 124"، "1799".

عن: الفلّاس، وزيد بن أخرم. وعنه: عبد العزيز بن جعفر، وغيره. 309- أحمد بن سهل بن الفَيرُزان1: أبو العبّاس الأشْنانيّ. أحد القُراء المجوّدين. قرأ على: عُبَيْد بن الصّبّاح صاحب حفص؛ واشتهر بهذه القراءة لمعرفته بها وعُلُوّ سَنَده فيها. وقد قرأ بعد موت شيخه على جماعةٍ من أصحاب أبي حفص عُمَرو بن الصّبّاح أخي عُبَيْد بن الصّبّاح، حتّى برعَ في التّلاوة. قال ابن غَلْبُون: نا عليّ بن محمد، ثنا أحمد بن سهل قال: قرأت على عُبَيْد بن الصّبّاح، وكان ما علمت من الورعين المتَّقين؛ وقال: قرأت القرآن كلّه وأتقنته على أبي عُمَرو حفص بن سليمان، وليس بيني وبينه أحد. قرأ عليه: أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو العبّاس الحَسَن بن سعيد المطّوّعيّ، وعليّ بن محمد بن صالح الهاشميّ الضّرير البصْريّ، وعليّ بن الحسين بن عثمان الغضائريّ شيخ الأهوازيّ، وإبراهيم بن أحمد الخِرَقيّ، وأبو بكر محمد بن الحَسَن النّقّاش. وأبو أحمد عبد الله بن الحُسين السّامرّيّ. وقد سمع من: بِشْر بن الوليد الكِنْديّ، وعبد الأعلى بن حمّاد. وحدَّث عنه: عبد العزيز الخِرَقيّ، ومحمد بن عليّ بن سُوَيد المؤدَّب. ووثَّقهُ الدَّارَقُطْنيّ. وتُوُفّي في المحرَّم عن سن عالية، رحمه الله تعالى. 310- أحمد بن عليّ بن المُثَنَّى بن يحيى بن عيسى بن هلال التَّميميّ2: أبو يعلى الموصليّ الحافظ. صاحب "المسند".

_ 1 العبر "2/ 133، 134"، وغاية النهاية "1/ 59". 2 الكامل في التاريخ "8/ 122"، والعبر "2/ 134"، والبداية والنهاية "11/ 130".

سمع: عبد الله بن محمد بن أسماء، ومحمد بن المنهال الضّرير، وغسان بن الربيع، وعليّ بن الجعد، ويحيى بن معين، وداود بن عُمَرو الضبيّ، وشيبان بن فروخ، وحوثرة بن أشرس، ويحيى الحمانيّ، وخلقًا كثيرًا. وسماعه ببغداد من أحمد بن حاتم الطّويل في سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. وله تصانيف في الزهد، وغيره. روى عنه: أبو حاتم بن حبّان، وأبو عليّ الحافظ النَّيْسابوريّ، ويوسف الميانجيّ، وحمزة الكناني، وأبو بكر الإسماعيليّ، ومحمد بن النّضْر النّحّاس، ونصر بن أحمد المرجئ، وأبو عُمَرو بن حمدان، وأبو بكر بن المقري. وكان فيما قال يزيد بن محمد الأزديّ من أهل الصَّدق والأمانة والدَّين والحِلْم. غلقت أكثر الأسواق يوم موته، وحضر جنازته من الخلق أمر عظيم. وكان عاقلًا حليمًا صبورًا، حسَن الأدب. وقال أبو عُمَرو بن حمدان وذكر أبا يعلى ففضّله على الحَسَن بن سفيان، فقيل له: كيف تفضله على الحَسَن بن سفيان ومسند الحَسَن أكبر، وشيوخه أعلى؟ قال: لأنّ أبا يعلى كان يحدّث احتسابًا، والحسن كان يحدّث اكتسابًا. ولد أبو يَعْلَى في شوّال سنة عشرٍ ومائتين. ووثّقه ابن حِبّان، ووصفه بالإتقان والدَّين، وقال: بينه وبين النّبيّ صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثة أنفس1. وقال الحاكم: كنتُ أرى أبا عليّ الحافظ معجبًا بأبي يعلى الموصليّ وإتقانه، وحفظه حديث نفسه، حتّى كان لَا يخفى عليه منه إلّا اليسير، رحمه الله. وقال الحاكم: هو ثقة مأمون. سمعت أبا عليّ الحافظ يقول: كان أبو يَعْلَى لَا يخفى عَلَيْهِ من حديثه إلا اليسير، ولو لم يشتغل بسماع كتب أبي يوسف من بِشْر بْن الوليد لأدركَ بالبصرة أَبَا الوليد، وسليمان بن حرب. وقال ابن السَّمعانيّ: سمعتُ إسماعيل بْن محمد بْن الْفَضْلُ الحافظ يقول: قرأت المسانيد مثل "مسند العدنيّ" وأحمد بن منيع، وهي كالأنهار، و"مسند أبي يعلى" كالبحر يكون مجتمع الأنهار.

_ 1 الثقات لابن حبّان "8/ 55".

311- أحمد بْن عيسى1: أبو الطيب الهاشميّ البغداديّ. عن: سعيد بن يحيى الأمويّ. وعنه: مَخْلَد، وعبد الله بن إبراهيم الزَّيْنَبيّ. وثّقه الخطيب. 312- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن صالح بن شيخ بن عميرة الأسديّ2: بغداديّ صاحبُ أخبارٍ. حدَّث عن: لُوَيْن، وجماعة. وعنه: الصُّوليّ، وابن المظفّر، وعليّ بن عُمَر الحربيّ، وأبو بكر بن المقري. وثقه الدارقطني. وروى عن أحمد بن حنبل حديثًا واحدًا. 313- أحمد بن محمد بن صالح3. أبو الحَسَن بن كعب الذّارع: واسطيّ، حدَّث ببغداد عن: إسحاق بن شاهين، ومقدم بن يحيى. وعنه: ابن المظفّر، وعليّ الحربيّ، والطَّبَرانيّ. وكان أحد الحُفّاظ الكِبار. 314- أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن البراء4: أبو محمد الجرجاني الوزان. روى عن: أبي الأشعثِ العجليّ، ومحمود بن خداش، ومحمد بن حميد، وسلْم بن جنادة، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 279"، "2026". 2 طبقات الحنابلة "1/ 65"، "54". 3 تاريخ بغداد "5/ 37"، "2389". 4 تاريخ جرجان "74"، "21" للسَّهمي".

وعنه: ابن عديّ، والإسماعيليّ، وغيرهما. وقال الإسماعيليّ: صدوق. 315- أحمد بن محمد بن عُمَر1: أبو الحسين الجرجانيّ التّاجر. سمع: محمد بن زَنْبُور، وأبا حفص الفلّاس، وَسَلَمَةَ بن شبيب. وكان ثقة. روى عنه: ابن عديّ، والإسماعيليّ، وجماعة. 316- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بن حفص الإصبهانيّ2: أبو الحَسَن. زاهد عابد، يقال: إنه من الأبدال. سمع: حميد بن مسعدة، وَسَلَمَةَ بن شبيب. وعنه: عبد الله بن محمود، ومحمد بن جعفر الإصبهانيّان، والطَّبَرانيّ. 317- أسامة بن أحمد بن أسامة بن عبد الرحمن3: أبو سَلَمَةَ التجيبيّ، مولاهم المصريّ. محدث مكثر، روى عن: أبي الطّاهر بْن السَّرْح، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأحمد بن يحيى بن وزير، والحارث بن مسكين، وعدد كثير من طبقتهم. وعني بالحديث والقراءات. روى عنه: أبو عُمَر محمد بن يوسف الكِنْديّ، وأبو سعيد بن يونس، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وطائفة. تُوُفّي في رمضان. قَالَ أَبُو سَعِيد بْن يونس: لم يكن في الحديث بذاك، تعرف وتنكر.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 125"، والمعجم الصغير "1/ 41"، للطبراني. 3 المعجم الصغير "1/ 104"، للطبراني.

318- إسحاق بن إبراهيم القاضي1: أبو محمد البُسْتيّ. تُوُفّي فيها. وقد مر سنة ثلاثٍ شيخٌ يشبهه. وأمّا هذا فإسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الجبّار أبو محمد. كان متقنًا نبيلًا عاقلًا. روى عن: قُتَيْبة بن سعيد، وعليّ بن حجر. وعنه: أبو حاتم بن حبان البستي. 319- إسحاق بن عبد الله بن إبراهيم بن سلمة الكوفي البزاز2: حدث ببغداد عن: يوسف بن موسى، ومحمد بن زياد الزّياديّ. وعنه: ابن لؤلؤ، وابن المظفّر، ومحمد بن عليّ بن حبيش النّاقد. قال الخطيب: كان ثقة، صنف "المسند"، ورحل إلى مصر والشّام. ومات في شوّال. "حرف الجيم": 320- جعفر بن أحمد بن سِنان الواسطيّ القطّان3: سمع: أباه، وهنَّاد بن السَّريّ، وأبا كُرَيْب، وسليمان الغيلاني. وعنه: أبو بكر بن المقري، وأبو عُمَرو بن حمدان، ويوسف الميانجيّ. 321- جعفر بن أحمد بن عاصم الدّمشقيّ بن الرّوّاس4: أبو محمد البزّاز. عن: هشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، ومحمد بن مصفى الحمصي.

_ 1 الثقات لابن حبان "8/ 122"، وتذكرة الحفاظ "2/ 702". 2 البداية والنهاية "11/ 130، 131"، والمنتظم "6/ 154". 3 تذكرة الحفاظ "2/ 752"، وطبقات الحفاظ "316". 4 تاريخ بغداد "7/ 204"، والمنتظم "6/ 154".

وعنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، وابن ماسي، وأبو بكر الرّبعيّ، وآخرون. حدَّث ببلده وببغداد. ووثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 322- جعفر بن محمد بن موسى النَّيْسابوريّ الأعرج1: أبو محمد الحافظ، ويعرف بجَعْفَرك المفيد. رحل وسمع وروى عن: محمد بن يحيى الذُّهْليّ، والحَسَن بن عَرَفَة، وَأَحْمَدَ بْنَ يُوسُفَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ هَاشِمٍ، وعليّ بن حرب، ومحمد بن عَوْف الحمصيّ، وهذه الطبقة. وعنه: الحافظان أبو عليّ النَّيْسابوريّ وأبو إسحاق بن حمزة الإصبهانيّ، وأبو بكر بن المقري، والإسماعيليّ، وجماعة. تُوُفّي في حلب غريبًا. وثّقه غير واحد، ووصفوه بالحفظ والمعرفة. "حرف الحاء": 323- حبيب بن نصر2. أبو أحمد المهلبيّ: عن: محمد بن أبي مذعور، ومحمد بن مهاجر. وعنه: عبد الله بن موسى الهاشميّ، وأبو الفرج صاحب الأغانيّ، وغيرهما. حدَّث في "هذا" العام. 324- الحَسَن بن إسحاق بن سلّام المصريّ: سمع: الحارث بن مسكين، وغيره. وحدَّث. وهو مولي بني حمار. 325- الحَسَن بن الطّيّب بن حمزة3: أبو علي الشجاعي البلخي.

_ 1 تاريخ جرجان "272"، والمنتظم "6/ 154"، وطبقات الحفاظ "317". 2 تاريخ بغداد "8/ 253". 3 الكامل في ضعفاء الرِّجال "2/ 755، 756"، لابن عدي والمنتظم "6/ 154".

حدث ببغداد عن: قُتَيْبة، وأبو كامل الجحدريّ، وهُدْبَة بن خالد، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وخلْق. وعنه: إسماعيل الخُطبيّ، وأبو بكر القطيعيّ، وابن المظفّر، ومحمد بن إسماعيل الورّاق، وجماعة. قال الدارقطني، لَا يساوي شيئًا؛ لأنّه حدَّث بما لَا يسمع. وقال ابن عديّ: ادّعى كتبَ عمّه الحَسَن بن شجاع. كذا أخبرني عَبْدان. وقال البرقانيّ: هو ذاهب الحديث. وقد تكلم فيه ابن عقدة. طوَّل الخطيب ترجمته. وقال البَرْقانيّ: كان الإسماعيليّ حَسَن الرأي فيه ويقول: لمّا سمعنا منه كان حاله صالحًا. وقال أحمد بن سفيان الحافظ: نا زيد بن عليّ الخلال قال: سمعت بن سعيد يعاتب البَغويّ في البلْخيّ ويقول: أنزلته عليك وأخذتُ عنه. فقال: ما له؟ ما سألته عن شيخ إلّا أعطاني صفته وعلامته ومنزلته. وقال مطين: كذّاب. 326- الحسين بن سعيد بن كامل: أبو عبد الله المصريّ. شيخ معُمَر. سمع: يحيى بن بكير. كتب عنه ابن يونس وقال: تُوُفّي في شعبان. 327- الحسين بن محمد بن الضّحّاك الفارسيّ ثمّ المصريّ: حدَّث عن: أبي مصعب الزُّهْريّ، وطبقته. وتُوُفّي في ذي القعدة.

"حرف الزاي": 328- زكريّا بن يحيى بن عبد الرحمن بن بحر1 بن عديّ بن عبد الرحمن بن الأبيض بن الدَّيْلم بن باسل بن ضبّة الضّبّيّ. أبو يحيى السّاجيّ البصْريّ الحافظ. سمع: عبيد الله بن معاذ العنبري، وبندارًا، ومحمد بن موسى الحرشيّ، وسليمان بن داود المهديّ، وأبا الربيع الزهرانيّ، وطالوت بن عباد، وعبد الواحد بن غياث، وموسى بن عُمَر الحاري، وأبا كامل الفضل بن الحسين الجحدريّ، وابن أبي الشّوارب، وعبد الأعلى بن حمّاد، وأباه يحيى؛ روى له عن طريق جرير بن عبد الحميد. وقد رحل إلى مصر، وإلى الكوفة والحجاز. وسمع: أيضًا من هُدْبَةَ بن خالد. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيلي، وأبو عمرو بن حمدان، ويوسف الميانجيّ، وعبد الله بن محمد بن السّقّاء الواسطيّ، ويوسف بن يعقوب البجيرميّ، وعليّ بن لؤلؤ الورّاق. وكان من الثّقات الأئمة. سمع منه: الأشعريّ وأخذ عنه مذهب أهل الحديث. ولزكريّا السّاجيّ كتابٌ جليلٌ في العِلل يدلّ على تبحره وإمامته. "حرف السين": 329- سليمان بن عيسى2: أبو أيّوب البغداديّ الدّار، البصريّ الأصل، الجوهريّ. عَنْ: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، وعُبَيْد الله بن مُعَاذ. وعنه: ابن المظفر، وابن لؤلؤ.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 601" "2717"، والميزان "2/ 79"، "2897". 2 تاريخ بغداد "9/ 61، 62" "4644".

"حرف العين": 330- عامر بن عُمَران بن الفتح الزولهيّ: نسبة إلى قرية بقرب مَرْو. شيخ ثقة. سمع: محمد بن عليّ بن الحَسَن بن شقيق. 331- عبد الله بن إبراهيم1: أبو القاسم الأسديّ المعدّل. يُعرف بابن الأكفانيّ، الفقيه. عن: أحمد بن عبد الجبّار العطارديّ، وأبي إبراهيم المزنيّ الفقيه، ومحمد بن عُمَرو بن حنان الحمصيّ. وعنه: ابنه محمد، وعبد الله بن العبّاس الشطويّ، وابن المقرئ، وغيرهم. وكان ثقة. 332- عبد الله بن الحسين بن عليّ2: أبو القاسم البجليّ الصّفّار. عن: عبد الأعلى بن حمّاد، وسوّار بن عبد الله القاضي. وعنه: عُمَر بن بِشْران وقال: ثقة؛ وابن الحربيّ، والزّيّات. 333- عبد الله بن عَمْرو بن عبد الله بن عَمْرو بن السَّرْح المصريّ3: مولى بني أمية. سمع: يونس بن عبد الأعلى، ووفاء بن سهيل، وياسين بن عبد الأحد. 334- عبد الله بن مالك بن سيف3. أبو بكر التجيبي المقرئ:

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 4505"، "5010"، والمنتظم "6/ 154". 2 المنتظم "6/ 155"، "248". 3 العبر "2/ 134"، وغاية النهاية "1855".

من كبار قراء مصر. أخذ عن: أبي يعقوب الأزرق صاحب ورش، تلاوةً. وسمع: محمد بن رمح، وجماعة. قرا عليه: أبو عدي عبد العزيز بن عليّ بن مُحَمَّد بن إسحاق بن الإمام، وإبراهيم بن محمد بن مروان، ومحمد بن عبد الرحمن الظّهراويّ، وأبو بَكْر محمد بْن عَبْد الله بْن القاسم الخِرَقيّ شيخ الأهوازيّ. وهو آخر أصحاب الأزرق وَفاةً. تُوُفّي يوم الجمعة سلخ جُمَادَى الآخرة. قرأتُ القرآن بطريقه على أبي القاسم سحنون بالإسكندريّة، عن قراءته على أبي القاسم بن الصَّفْراويّ، عَنِ ابن عطية، عَنِ ابن الفحّام، عن أحمد بن نفيس، عن أبي عديّ. وهذا إسنادٌ عالٍ لنا بهذه القراءة. 335- عبد الله بن عليّ بن الجارود. أبو محمد النَّيْسابوريّ الحافظ: نزيل مكة. سمع: إسحاق بن راهَوَيْه، وعليّ بن حجر. وعنه: ابن أخته يحيى بن منصور القاضي، ومحمد بن نافع المكي الخزاعي، ومحمد بن جبريل العجيفي، وأبو بكر أحمد بن عبد الله بن عبد المؤمن الزّيّات، والحسن بن عبد الله بن مذحج الزبيديّ، وأحمد بن بقيّ. رووا عنه السُّنَن له؛ رأيته، فلم أر فيه عن ابن حجر وإسحاق شيئا، بل أكبرهم أبو سعيد الأشج، والزعفراني. 336- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ العباس: أبو العباس الأسدي الدمشقي، ويعرف بابن الجليد. روى عن: هشام بن عمّار، وصفوان بن صلح المؤذن. وعنه: ابن عدي، وأبو عمر بن فضالة، وأحمد بن أبي دجانة. ورخه ابن زبر.

337- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أبي الحديد. أبو محمد الربعي المالكي المغربي. شيخ صالح فاضل، يقال: أنه آخر مَن مات من أصحاب سحنون. 338- عبد الرحمن بن الحَسَن بن موسى1: أبو محمد الضّرّاب الإصبهانيّ الحافظ. ثقة كبير؛ صنف المُسْنَد والأبواب. سمع: عصام بن الحكم، ويحيى بن ورد، والحسين بن منصور الواسطيّ. وعنه: أبو الشيخ، والعسّال، وجماعة. 339- عُبَيْد الله بن إبراهيم بن مهديّ2: أبو القاسم البغداديّ، ثم الدّمشقيّ؛ المقرئ. روى عن: الفضل الرُّخاميّ، وحفص الرباليّ، وعليّ بن أشكاب. وحدَّث بمصر وبها تُوُفّي في شوال. قال أبو عُمَرو الدانيّ: كان يعرف بالعُمَريّ؛ لأنّه كان مخصوصًا بقراءة أبي عُمَرو، ومعرفتها، أخذها عرضًا عن محمد بن غالب صاحب شجاع البلْخيّ. وسمعها من محمد بن شجاع البلْخيّ، عن اليزيديّ. وله فيها تصنيف حسن. أخذ عنه: ابن شنبوذ، وأحمد بن جعفر بن المناديّ. 340- عليّ بن حبيس بن عابد: أبو الحسن الزوفي. يروي عن: عيسى بن زغبة، وغيره. 341- عليّ بن سهل بن محمد3:

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 114". 2 غاية النهاية "1/ 484" "2010". 3 البداية والنهاية "11/ 131"، والمعجم الصغير "1/ 208" للطبراني.

أبو الحَسَن الإصبهانيّ الزّاهد. أحد أعلام الصوفية. صحب محمد بن يوسف البناء. وسمع: يونس بن حبيب، وأحمد بن مهديّ. وكان يكاتب الجنيد. وله شأن. روى عنه الطَّبَرانيّ. 342- عُمَران بن موسى بن فضالة1: أبو القاسم الموصليّ الشعيريّ الزّاهد. أقام في مسجدٍ دهرًا طويلًا. وروى عن: محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، ومحمد بْن مصفّى، ويونس بن عبد الأعلى، وإسحاق بن شاهين، وبندار، وطائفة. ثمّ فرق أصوله تزهدًا. روى عنه: يزيد بن محمد الأزديّ، وأبو بكر المقرئ. 343- عُمَر بن الحَسَن بن نصر بن محمد طرخان الحلبيّ2. أبو حفص: ولي قضاء دمشق، وحدث عن: محمد بن أبي سمينة، ولُوَيْن. وعنه: الآجريّ، وأبو حفص الزّيّات، وأبو بكر الورّاق، وآخرون. وثَّقه الدَّارَقُطْنيّ. حدث في هذه السنة، وتُوُفّي بعدها. "حرف الفاء": 344- الفضل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحارث الباهليّ3: أبو العباس الأنطاكي العطار الأحدب.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 268"، "6713". 2 تاريخ بغداد "11/ 221"، وتاريخ حلب "4/ 15"، للشهباء. 3 الكامل في الضعفاء "6/ 2043، 2044"، لابن عدي، وميزان الاعتدال "3/ 358".

سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وجماعة. وعنه: عُمَر بن عليّ العتكيّ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وابن عديّ وقال: له أحاديث لَا يتابعه عليها الثّقات. وقال الدَّارَقُطْنيّ: هو كذّاب. وقال ابن عديّ أيضًا: أوصل أحاديث، وزاد في المتون. 345- الفضل بن أحمد بن يعقوب بن أشرس: أبو معقل الضبيّ النسفيّ الضّرير. من أصحاب محمد بن إسماعيل البخاريّ. روى عنه: عبد المؤمن بن خلف، وجماعة. تُوُفّي سنة سبع. "حرف القاف": 346- القاسم بن أحمد بن بشير أبو عامر المصريّ الدّبّاغ: ذكر أنّه سمع من يحيى بن بكير، وزيد بن بِشْر. قال ابن يونس: كتبت عنه، وقد تكلّموا فيه. تُوُفّي في شعبان سنة سبعٍ. 347- القاسم بْن عُبّيْد اللَّه بْن سعَيِد بْن كثير بن عفير المصريّ: أبو محمد. روى عنه ابن يونس، وقال: كان يخضب. وتُوُفّي في شعبان أيضًا. وقال لي: سمعتُ من عيسى بن حمّاد. "حرف الميم": 348- محمد بن بكر1. أبو القاسم القرطبي:

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 29"، "1172".

كان إمامًا مفتيًا مشاورًا، ورعًا نبيلًا. روى عن: محمد بن وضاح، وإبراهيم بن القزّاز، وطبقتهما. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 349- محمد بن جعفر بن محمد بن سعيد1: أبو بكر الأشعريّ الإصبهانيّ الملحميّ القزّاز. ثقة، كثير الحديث. سمع: حميد بن مسعدة، والفلاس، والعبّاس البحرانيّ. وعنه: العسّال، وأبو الشيخ، وابن المقرئ، ومحمد بن جعفر. تُوُفّي في صفر. 350- محمد بن روميّ النَّيْسابوريّ الإخباريّ: سمع: الذهلي، وأحمد بن منصور زاج، وأحمد بن حفص. وعنه: أبو الفضل محمد بن إبراهيم، وجماعة. 351- محمد بن سليمان بن بابويه2: أبو بكر المخرميّ العلّاف. سمع: الربيع بن ثعلب، والوليد بن شجاع. وعنه: أبو بكر القطيعيّ، وغيره. 352- محمد بن صالح بن ذريح3. أبو جعفر العكبريّ: سمع: جبارة بن المغلس، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا ثور الكلبيّ، وأبا مصعب الزهريّ، وجماعة. وعنه: إسحاق النعالي، وابن الزّيّات، ومحمد بن المظفّر، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو بكر ابن المقرئ، وطائفة. وكان ثقة. تُوُفّي سنة ستٍّ. وقيل: سنة سبْعٍ، وقيل: سنة ثمان.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 292". 2 تاريخ بغداد "5/ 300"، "2805". 3 المنتظم "6/ 152"، "239"، والعبر "2/ 134".

353- محمد بن عبد الله بن يوسف بن خرشيد الدَّوِيري1: ويقال: الدُّوَيري، النَّيْسابوريّ، أبو عبد الله. ودوير قرية على فرسخ من البلد. سمع: قُتَيْبة، وإسحاق بن راهَوَيْه، ويحيى بن موسى خَتّ. وعنه: أبو حامد الشرقيّ، وأبو الوليد حسّان الفقيه، وأبو عُمَرو بن حمدان، وجماعة. وقع لي من عواليه. وقد روى الشيرازيّ مصنف "الألقاب" عن يحيى بن زكريّا الدويريّ، عن محمد بن عبد الله الدويريّ. ووالد محمد له رحلة ورواية عن أبي جابر محمد بن عبد الملك الأزديّ، وطبقته. ذكره الحاكم في تاريخه. 354- محمد بن عليّ بن مَخْلَد بن فرقد الداركيّ2: أبو جعفر الإصبهانيّ. شيخ معُمَر، سمع: إسماعيل بن عُمَرو، وسليمان بن داود الشاذكونيّ. وهو آخر من مات من أصحاب إسماعيل. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشيخ، وأبو بكر بن المقرئ، وعدّة. 355- محمد بن عليّ بن سهيل: أبو بكر الصيدلانيّ البكاء. عن: عبد الأعلى بن حمّاد، وعُبَيْد الله القواريريّ. وهو موصليّ فيه جهالة. 356- محمد بن علي3. الخطيب المقرئ:

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 281". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 241، 242"، والعبر"2/ 135". 3 غاية النهاية "2/ 213"، "3294".

قرأ على: البزّيّ. قرأ عليه: الحَسَن المطوعيّ. 357- محمد بن عيسى1: أبو عبد الله القزوينيّ الصّفّار. ثقة. سمع: ابن ماجة، وأبا حاتم الرازيّ، ويحيى بن عَبْدك. وعنه: عليّ بن أحمد بن صالح. 358- محمد بن موسى بن عبد الرحمن الصوريّ المقرئ2: أبو العبّاس. قرأ القرآن على: ابن ذكوان، وعبد الرّزّاق بن الحَسَن الإمام، عن قراءتهما على أيّوب بن تميم. قرأ عليه: أبو بكر بن أحمد الدّاجونيّ واسمه محمد، والحسن بن سعيد المطوعيّ. ورّخ وفاته الخزاعيّ. 359- محمد بن موسى بن هاشم3: أبو عبد الله القرطبيّ، المعروف بالأقشين. من كبار النحاة. رحل، وسمع بمصر "كتاب سيبويه" من أبي جعفر الدينوريّ. وسمع "مسند الفريابيّ" بقيسارية الشّام من عُمَرو بن ثور. توفي في رجب.

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "1/ 486". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 254"، وغاية النهاية "2/ 268"، "3490". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 29 وما بعدها" لابن الفرضي، وبغية الملتمس "127"، للضبي.

360 - محمد بن هارون1. أبو بكر الرويانيّ الحافظ. له مسند مشهور. روى عن: أبي الربيع الزّهرانيّ، وإسحاق بن شاهين، ومحمد بن حميد الرّازيّ، وأبي كريب، وبندار، ومحمد بن المثني، وأبي حفص الفلاس، ويحيى بن المقوم، وأبي زرعة الرازي، وهذه الطبقة. وعنه: جعفر بن عبد الله بن فتاكي، وغيره. وثقه أبو يعلى الخليلي، وذكر أن له تصانيف في الفقه. وعنه أيضًا: أبو بكر الإسماعيليّ، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد القرميسينيّ. قال أحمد بن منصور الشيرازيّ الحافظ: سمعت محمد بن أحمد الصّحّاف السجستانيّ: سمعت أبا العبّاس البكريّ يقول: جمعت الرحلة بين محمد بن جرير، وابن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزيّ، ومحمد بن هارون الرويانيّ بمصر، فأرملوا ولم يبقَ عندهم ما يقوتهم، وأضر بهم الجوع، فاجتمعوا في منزلٍ كانوا يأوون إليه، فاتفق رأيهم على أن يسهموا، فمن خرجت عليه القرعة سأل. فخرجت القرعة على ابن خزيمة فقال: أمهلوني حتّى أصلي. فاندفع في الصلاة، وإذا هم بالشموع، وخصيّ، من قبل والي مصر يدّق الباب، ففتحوا فقال: أيكم محمد بن نصر؟ فقيل: هو ذا. فأخرج صرة فيها خمسون دينارًا، فدفعها إليه. ثمّ قال: أيكم ابن جرير؟ فاعطاه خمسين دينارًا، ثم فعل كذلك بابن خزيمة وبالرويانيّ. ثمّ حدثهم فقال: إنّ الأمير كان قائلًا بالأمس، فرأى في المنام أن المحامد جياع قد طووا، فانفذ إليكم هذه الصرر، وأقسم عليكم إذا نفذت فعرفوني. 361- محمد بن يحيى بن حسين2. أبو بكر العميّ البصريّ: حدث عن: عُبَيْد الله بن عائشة، وسليمان الشاذكوني. وطال عمره.

_ 1 تاريخ جرجان "442"، والعبر "2/ 135"، والبداية والنهاية "11/ 131"، وكشف الظنون "1683". 2 تاريخ بغداد "3/ 426"، "1563".

روى عنه: أبو حفص الزّيّات، ومحمد بن المظفّر. ووثّقه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفّي في المحرَّم. وآخر من روى عنه محمد بن إسماعيل الورّاق. 362- محمد بن يونس بن هارون1: أبو جعفر حمويه، إمام جامع قزوين. سمع: إسماعيل بن توبة، وهارون بن هزاريّ. وفي الرحلة: سلم بن جنادة، والأشجّ، وعبد الجبّار بن العلاء. روى عنه: عليّ بن إبراهيم القطّان، وعليّ بن أحمد بن صالح، والخضر بن أحمد الفقيه، والقزوينيون. 363- محمود بن محمد بن منويه الواسطيّ2: أبو عبد الله، محدَّث كبير. سمع: وهب بن بقيّة، ومحمد بن أبان، والعبّاس بن عبد العظيم، وعدّة. وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن زنجويه القزوينيّ، وأبو الشّيخ، وأبو أحمد بن عديّ. تُوُفّي في رمضان، وأسكت قبل موته بعامين. وقد استوفي ابن نقطة ترجمته في منويه، بالنون. وروى عنه: أبو بكر الإسماعيليّ، والجعابيّ. وحدث ببغداد. وقد قلبه الحافظ عبد الغنيّ فقال: محمد بن محمود بن منويه، نسبه لنا الذهليّ أبو الطّاهر. وقال ابن ماكولا: هو محمد بن محمد بن منويه، أبو عبد الله. يروي عن محمد بن أبان، ومحمد بن الصّبّاح الجرجرائي.

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "2/ 64، 65". 2 المعجم الصغير "2/ 107"، والمشتبه في أسماء الرجال "2/ 570".

فنبه ابن نقطة على خطأهما، لكن اعتذر عن عبد الغنيّ فقال: كان لمحمود ابنان أحمد ومحمد، وكلاهما قد حدَّث. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كتبتُ عن أبي الحسين محمد بن محمود. 364- مسعود بن عُمَر الأمويّ الأندلسيّ التدميريّ1: أبو القاسم. سمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. 365- مفضّل بن محمد. أبو العبّاس المصريّ المؤدّب: عن: يزيد بن سعيد الصّبّاحيّ، ومحمد بن البرقيّ. وكان صالحًا. مات في جُمَادَى الآخرة. 366- موسى بن سهل2. أبو عُمَران الْجَوْنيّ البْصريّ: سمع: عبد الواحد بن غِياث، وهشام بن عمّار، وطالوت بن عبّاد، ومحمد بن رمُح المصريّ، وجماعة. وسكن بغداد. روى عنه: دعْلَج، وعبد الله بن إبراهيم الزَّيْنَبيّ، ومحمد بن المظفّر، وعلي الحربيّ، وابن المقرئ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ: وتُوُفّي في رجب. وكان حافظًا عالي الإسناد، سمع بمصر، والشام، والعراق، وعُمَر. "حرف النون": 367- نهد بن نصر بن خلف النهدي الموصلي: روى عن: مسعود بن جويرية، وعليّ بن الحسين الخوّاص الموصليين. قاله الأزديّ.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 131"، "1425". 2 تاريخ بغداد "13/ 56، 57"، والعبر "2/ 135".

"حرف الهاء": 368- الهيثم بْن خَلَف بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن مجاهد1 أبو محمد الدُّوريّ البغدادي: سمع: إسحاق بن موسى الأنصاريّ، وعُبَيْد الله القواريريّ، وعبد الأعلى بن حمّاد النرسي، وعثمان بن أبي شيبة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وعبد العزيز الخِرَقيّ، وابن لؤلؤ، وأبو بكر الإسماعيلي ووثقه؛ وأبو بكر بن المقرئ وهو آخر مَن روى عنه. وكان كثير الحديث متقنًا ضابطًا. مات -رحمه الله تعالى في أوائل السنة. "حرف الياء": 369- يحيى بن زكريّا النَّيْسابوريّ الأعرج2: أبو زكريّا الحافظ. طوّف البلاد، وسمع: قُتَيْبة بن سعيد، وإسحاق بن راهَوَيْه، فمن بعدهما. وَعَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن زكرّيا بن حَيَّوَيْهِ النيسابوري ثم المصري، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون. ومن القدماء: مكي بن عبدان، وابن عقدة. ودخل مصر على كبر السن، فكان يكتب بها. 370- يحيى بن محمد بن عمروس الفقيه3: أبو زكريا القرشي، مولاهم المصري. آخر من روى عن إسحاق بن إبراهيم بن زبريق.

_ 1 المنتظم "6/ 156". 2 التهذيب "11/ 210"، والعبر "2/ 135"، وتذكرة الحفاظ "2/ 744". 3 الولاة والقضاة للكندي "390، 391، 470، 471".

وروى عن جماعة من كبار المصرييّن، فقيل: إنّه شهدَ عند الحارث بن مسكين وله عشرون سنة. وكان من كبار الشهود. ذكره ابن زُولاق فقال: كان من كبار شهود مصر وقُرّائهم وعُبّادهم. شهدَ عند بكّار بن قُتَيْبة، وكان قد غلب على أمر أبي عُبَيْد الله محمد بن حرب، فشنأه النّاس، ثمّ ولي أبو عُبَيْد بن حربويه، فكان أشدهم تقدّمًا عنده. وكان عاقلًا، كثير التّلاوة، له جلالة في النفوس. وفيات سنة ثمان وثلاثمائة: "حرف الألف": 371- أحمد بن الصَّلْت بن المغلس1. أبو العبّاس الحمانيّ: عن: أبي نُعَيْم الفضل بن دكين، ومسلم بن إبراهيم، وأبي عُبَيْد. أحاديثه باطلة وضعها. روى عنه: الجعابيّ، وعيسى الرخجيّ. وقال ابن قانع: ليس بثقة. وقال: تُوُفّي في شوّال. وقال ابن عديّ: أحمد بن محمد بن الصَّلْت، رأيته ببغداد سنة سبْع وتسعين يحدَّث عن ثابت الزّاهد، وعبد الصَّمد بن النُّعْمان، وغيرهما ممّن مات قبل أن يولد بدهرٍ. ما رأيت في الكذّابين أقلّ حياءً منه. وقد ذكره الخطيب مرَّتين. وقال ابن عديّ أيضًا: قدَّرت أنّ له ستّين سنة أو أكثر. قال ابن عساكر: أحمد بن محمد بن الصَّلْت، ويقال: أحمد بن الصَّلْت. ويقال: أحمد بن عطية الحمانيّ ابن أخي جبارة بن المغلس، حدَّث عن عفان، وأبي نُعَيْم، وهشام بن عمّار، وأحمد بن حنبل. وقال الخطيب: حدَّث ببواطيل، ووضع في مناقب أبي حنيفة.

_ 1 المجروحين "1/ 153"، والمنتظم "6/ 156"، والميزان "1/ 105".

372- أحمد بن محمد بن هلال1: أبو بكر الشطوي. عن: أبي كريب، وأحمد بن منيع. وعنه: ابن المظفَّر، وأبو بكر الورّاق. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وبعضهم سمّاه: محمد بن أحمد بن هلال. 373- إبراهيم بن محمد بن سفيان2: أبو إسحاق النَّيْسابوريّ، الفقيه الزّاهد. أحد أصحاب أيّوب بن الحَسَن الزّاهد. سمع من: مسلم بن الحَجّاج صحيحه؛ ومن: محمد بن رافع، ومحمد بن مقاتل، ومحمد بن أسلم الطوسيّ. وبالعراق من: سفيان بن وكيع، ومحمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ، وعُمَرو بن عبد الله الأوديّ. وعنه: أحمد بن هارون، وعبد الحميد القاضي، وأبو الفضل محمد بن إبراهيم، ومحمد بن عيسى بن عُمَرويْه الجلوديّ، وآخرون. قال محمد بن أحمد بن شعيب: ما كان في مشايخنا أزهد ولا أكثر عبادة من إبراهيم بن محمد بن سفيان. وقال الحاكم: سمعت محمد بن يزيد العدل يقول: كان مُجاب الدعوة. وقال الحاكم: كان من العُبّاد المجتهدين الملازمين لمسْلم. مات في شهر رجب. 374- إدريس بن طهوي القطيعي3:

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 115"، "2525". 2 الكامل في التاريخ "8/ 123"، والوافي بالوفيات "6/ 128"، والبداية والنهاية "11/ 131". 3 تاريخ بغداد "7/ 15"، "3482".

سمع: لوَيْنًا، وأبا بكر بن أبي شيبة. وعنه: محمد بن المظفّر. وقد وثق. 375- إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع1: أبو محمد الخزاعيّ المكّيّ المقرئ. قرأ على أحمد البزّيّ. وسمع: محمد بن يحيى بن أبي عُمَر العدنيّ، ومحمد بن زنبور، وأبا الوليد محمد بن عبد الله الأزرقيّ. وقرأ أيضًا على عبد الوهّاب بن فليح المكّيّ. وعنه: أبو بكر المقرئ وغيره. وقرأ عليه: الحَسَن بن سعيد المطوعيّ، وأبو الحَسَن بن شنبوذ، وإبراهيم بن أحمد بن إبراهيم. وتُوُفّي بمكّة يوم الجمعة ثامن رمضان. وهو راوي "مسند العدني". وكان إمامًا في قراءة المكّيّين. ثقة، حجة؛ له مصنّف في قراءة ابن كثير. وذكر أنّه قرأ على ابن فليح نحوًا من مائة وعشرين ختمة. وذكر أن الصّواب إدخال شبل ومعروف بين ابن كثير وإسماعيل القسْط. هكذا رواه الجماعة. 376- إسحاق بن ديمهر التوزيّ2: سمع: إبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ، وإسحاق بن أبي إسرائيل. وعنه: ابن قانع، ومحمد بن المظفّر، وعليّ الحربيّ. وكان ثقة.

_ 1 العبر "2/ 136، 137"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 227"، وغاية النهاية "1/ 156". 2 تاريخ بغداد "6/ 389"، والمنتظم "6/ 157".

خرّج عنه ابن المقرئ في معجمه. قال الخطيب: من الثقات المأمونين المعدَّلين. "حرف الجيم": 377- جابر بن فتحون الأندلسيّ1: تُوُفّي بالأندلس. وليس بالمشهور. 378- جعفر بن قدامة: الكاتب الأديب. له مصنفات في صنعة الكتابة. وروى عن: أبي العيناء. وعنه: أبو الفرج الإصبهانيّ في "الأغاني". 379- جعفر بن محمد بن جعفر بن الحَسَن بن جعفر بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب2: أبو عبد الله الحسنيّ، والد أبي قيراط يحيى بن جعفر. ولد سنة أربٍع وعشرين ومائتين. وروى عن: أبي حفص الفلّاس، وعيسى بن مهران. وكان شريفًا محتشمًا كوفيًا شيعيًا. روى عنه: أبو بكر الشّافعيّ، ومحمد بن عُمَر الجعابيّ، ومحمد بن أحمد بن أبي الثلج، ومحمد بن العبّاس بن مروان. تُوُفّي في ذي القعدة. "حرف الحاء": 380- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَبْد الصمد. أبو سعيد البصري:

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 102"، لابن الفرضي. 2 تاريخ بغداد "7/ 204"، والمنتظم "6/ 157"، ومجمع الرجال للقهيائي "2/ 37".

عن: صهيب بن محمد، وبحر بن الحكم الكسائيّ. وعنه: محمد بن عُمَر الجعابيّ، ومحمد بن المظفّر. وكان يلقب بالإزميّ. 381- الحَسَن بن عليّ بن يونس بن أبان1: أبو عليّ التيمّيّ الإصبهانيّ. عن: عبد الرحمن بن عُمَر رستة، وغيره. وعن والده عن أبي داود الطيالسيّ. وعنه: أبو الشيخ، وعبد الله بن محمد القاضي، وابن المقرئ، وآخرون. 382- الحَسَن بن محمد بن عنبر بن شاكر2: أبو عليّ الوشّاء بغداديّ مشهور. سمع: عليّ بن الجعد، ومنصور بن أبي مزاحم، وعبد الله بن عون الخراز، وعليّ بن المدينيّ، وجماعة. وعنه: أبو القاسم بن النخاس، وابن الشخير، وعليّ بن عُمَر الحربيّ، وآخرون. ضعفه ابن قانع. وقال الدَّارَقُطْنيّ: تكلموا فيه من جهة سماعه. وأمّا البرقاني فوثقه. 383- حسين بن عياض بن عروة: أبو علي الحرانيّ. سمع: محمد بن وهب الحّرانيّ. "حرف الخاء": 384- خلف بن شاهد النسفي:

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 265". 2 الكامل في الضعفاء "2/ 755"، والمنتظم "6/ 157"، والميزان "1/ 520".

سمع منه بسمرقند صحيح أبي عبد الله البخاريّ جماعة، منهم أبو بكر المكّيّ. وتُوُفّي في رجب منها. "حرف الراء": 385- رفاعة بن عمارة بن وثيمة بن موسى بن الفرات: أبو زرعة المصريّ. "حرف السين": 386- سعد بن مُعاذ بن عثمان بن حسّان1: أبو عُمَرو الثقفيّ القرطبيّ المالكيّ. كان حافظًا للفقه مشاورًا في الأحكام، وله رحلة. سمع: المزنيّ، وبحر بن نصر، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وابن عَبْد الحَكَم المصريّين. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 387- سَلْم بن عصام2: أبو أمية الثّقفيّ، محدّث إصبهان. له غرائب. سمع: أحمد بن ثابت الخجنديّ، وعُبَيْد الله بن الحجاج بن منهال. وعنه: أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ، ومحمد بن عبيد الله بن المرزيان. "حرف الشين": 388- شعيب بن محمد3: أبو الحَسَن الذارع، بغدادي.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 178" لابن الفرضي. 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 337". 3 تاريخ بغداد "9/ 245"، "4822".

سمع: إسحاق بن أبي إسرائيل، وأبا كريب، ويعقوب الدورقيّ. وعنه: ابن المظفّر، وعليّ السُّكّريّ، وأبو حفص بن شاهين. وثّقه الخطيب. "حرف العين": 389- العباس بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى1: أَبُو خبيب ابن القاضي البرتيّ. سمع القراءة من: البزّيّ، وعبد الوهّاب بن مليح. روى عنه الحروف: أبو الفتح بن بدهن، وأحمد بن نصر الشّذائيّ، وعبد الواحد بن أبي هاشم. وقد سمع الحديث من عبد الأعلى النرسي، وسوار بن عبد الله العنبريّ، وأبي بكر بن أبي شيبة. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وعبد العزيز بن أبي صابر، وعُمَر بن شاهين، وابن المقرئ، وآخرون. أثنى عليه بعض الحُفّاظ، ومات في شوّال. 390- عبد الله بن ثابت بن يعقوب العبقسيّ التوزيّ2: أبو محمد المقرئ. نزل بغداد، وروى عن: هنَّاد بن السَّريّ، ومحمد بن أبي ياسمينة، وهارون الحمال، وعمر بن شبة، وهذيل بن حبيب. وعنه: عبد الخالق بن أبي روبا، وأبو عمرو بن السماك، ومحمد بن سليمان الربعي، وآخرون. مات بالرملة.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 152"، "6620"، والمنتظم "6/ 158، 159"، وغاية النهاية "1/ 352". 2 المنتظم "6/ 158"، والبداية والنهاية "11/ 131".

391- عبد الله بن العباس الطيالسي1: أبو محمد. سمع: عبد الله بن معاوية الجمحي، وبشر بن معاذ، ونصر بن علي الجهضمي. وعنه: الآجري، وابن المظفر، وابن لؤلؤ، وآخرون. قال الدارقطني: لَا بأس بهِ. 392- عبد الله بن محمد بن وهْب بن بِشْر2: أبو محمد الدِّيَنَوريّ الحافظ الكبير. طوّف الأقاليم، وسمع: أبا سعيد الأشجّ، وأبا عُمَيْر بن النّحّاس، وأحمد ابن أخي ابن وهْب، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بن الوليد البُسْريّ، وطبقتهم. روى عنه: جعفر الفِرْيابيّ وهو أكبر منه، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، ويوسف المَيَانِجيّ، والقاضي أبو بكر الأبْهَريّ، وعُمَر بن سهل الدِّيَنَوريّ، وعُبَيْد الله بن سعيد البُرُوجِرْديّ، وهو آخر مَن روى عنه. قال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: بلغني أنّ أبا زُرْعة الرّازيّ كان يعجز عن مذاكرة هذا. وقال ابن عديّ: كان ابن وهْب يحفظ. وسمعتُ عُمَر بن سهيل يرميه بالكذِب. وسمعتُ ابن عُقْدة يقول: كتب إلي ابن وهب جزأين من غرائب الثَّوريّ، فلم أعرف منها إلّا حديثين، وكنتُ أتّهمه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: سمعتُ ابن وهْب الدِّيَنَوَريّ يقول: حضرت أبا زُرْعة وخُراسانيّ يلقي عليه الموضوعات وهو يقول: باطل. والرجلُ يضحك ويقول: كل ما لَا تحفظه تقول: باطل. فقلت أنا: يا هذا ما مذهبك؟ قال: حنفيّ. قال: فقلت: ما أسندَ أبو حنيفة عن حمّاد بن أبي سفيان؟ فتحير في الجواب.

_ 1 المنتظم "6/ 158". 2 الضعفاء والمتروكين "116"، للدارقطني، والكامل في الضعفاء "4/ 1579، 1580"، والبداية والنهاية "11/ 131".

فقلت: يا أبا زُرْعة تحفظ عن أبي حنيفة، عن حمّاد؟ فسردَ أحاديث أبي حنيفة، عن حمّادٍ، ومدَّ فيها. فقُلتُ للعِلْج: ألا تستحيي تقصد إمام المسلمين بالموضوعات عند الكذابين، وأنت لَا تحفظ لإمامك حديثًا قطّ؟! فأعجب أبا زُرْعة ذلك وقبّلني. قالَ ابن عديّ: قد قَبِل الدِّينَوَريَّ قومٌ وصدَّقوه. 393- عبد الله بن محمد النُّعَيْميّ: أبو محمد المغربيّ المالكيّ الزّاهد. شيخ إمام صوام قوّام. عُنِي بكُتب أشهب وبالمدوَّنة، وبكُتُب ابن الماجِشُون. وأخذ الفقه عن الْجِلّة من أصحاب سَحْنُون. حُمِل هو وأبو عبد الله الصَدْريّ إلى المَهديّة سنة ثمانٍ وثلاثمائة، فضربا حتّى قُتلا لذمّهما التَّشيُّع، فرضي الله عنهما. 394- عَبْد الكريم بن إبراهيم بن حِبّان1: مُختلَف في كسْر الحاء وفتْحها. أبو عبد الله المصريّ مولى مراد. روى عن: حَرْمَلَة، ومحمد بن رُمْح. قال ابن يونس: كان ثقة عاقلا حلو المجالسة، عالما بإقامة المنطق. كتب الحديث سنة 234. وتوفي في شعبان. 395- عبد الوهاب بن أبي عصمة الشيباني2: عن: أبيه. ومحمد بن عبيد الأسدي. وعنه: ابنه عبد الكريم، وحفيده عبد السميع بن محمد، وعلي الحربي وآخرون. بغدادي. 396- عبيد الله بن محمود: العلامة أبو محمد القيرواني الضرير.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "2/ 312". 2 تاريخ بغداد "11/ 28" "5694".

كان من أعلم خلق الله بالنحو واللغة والأخبار والشعر. أخذ عن: المِهْريّ، وحمدون النَّعْجة. وكان أبرع من حمدون في علم اللسان. وكانت الرحلة إليه من جميع إفريقية وله عدة تصانيف، وكان يحفظ الكتاب من مرتين. ورخه القفطي، رحمه الله تعالى. 397- علي بن أحمد بن الحسين العجلي1: أبو الحسن الكوفي، الفقيه، المقري، المعروف بابن أبي مرية. روى عن: أبي كُرَيْب، وهَنَّاد بن السَّرِيّ، ومحمد بن طريف. وعنه: أبو بكر الإسماعيلي، ومحمد بن زيد بن مروان. 398- علي بن سراج المصري الحافظ2: هو أبو الحسن علي بن أبي الأزهر الحرشي، مولاهم. روى عن: أبي عمير بن النّحّاس، ويوسف بن بحر، وسعيد بن أبي زيدون القَيْسرانيّ، وسعيد بن عُمَرو السَّكُونيّ الحمصيّ، ومحمد بن عَبْد الرَّحْمَن بن الأشعث، وفهد بن سليمان، وأبي زُرْعة البصْريّ، وخلْق كثير بمصر والشّام. وسكن بغداد؛ وجمع وصنَّف. روى عنه: أبو بكر الشّافعيّ، والإسماعيليّ، والعسال، والجِعَابيّ، وأبو عُمَرو بن حمدان، وعليّ بن عُمَر الحربيّ، وآخرون. قال الدَّارَقُطْنيّ: كان يحفظ الحديث. وقال الخطيب: كان عارفًا بأيام النّاس، وأحوالهم؛ حافظًا. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كان يشرب ويسكر. وقال غيره: مات في ربيع الأول.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 333"، "6162". 2 ميزان الاعتدال "3/ 131"، وطبقات الحفاظ "8/ 3".

399- عمر بن عبد الله بن الحسن بن حفص1: أبو حفص الإصبهانيّ الهمْدانيّ. عن: حُمَيْد بن مَسْعَدَة، وعُمَرو بن الفلّاس، وأبي سعيد الأشجّ. وكان رئيس البلد، وصاحب مسائل القاضي. روى عنه: والد أبي نُعَيْم، وأبو الشَّيْخ ابن حيّان، وجماعة. 400- عُمَر بن محمد بن بكّار2: أبو حفص القافلائيّ. بغداديّ. سمع: يعقوب الدَّوْرقيّ، والحسن بن أبي الربيع، وعليّ بن مسلم الطُّوسيّ. وعنه: محمد بن المظفّر، وابن المقرئ. وكان ثقة. "حرف الميم": 401- محمد بْن أحمد بْن أسباط الجرواآني3: ثقة. سمع: مسلم بن جُنَادة، وأحمد بن بُدَيْل. وعنه: أبو الشَّيْخ، وعبد الله بن محمد بن مَنْدَوَيْه، وابن المقرئ. تُوُفّي في رجب. 402- محمد بن إِسْحَاق بن الوليد الثَّقَفيّ الإصبهانيّ4. أبو عبد الله القزّاز. سمع: عبد الله بن عُمَر أخا رُسْتة، وأحمد بن الفرات.

_ 1 راجع: ذكر أخبار أصبهان "1/ 255". 2 تاريخ بغداد "11/ 222"، "5944". 3 الجرواآني: وهي نسبة إلى جرواآن محلة بأصبهان، ويقال لها بالعجمية كرواآن. راجع "الأنساب "3/ 236". 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 252".

وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو الشيخ، وابن المقرئ. 403- محمد بن إسماعيل بن الفَرَج: أبو العبّاس البنّاء المهندس المصريّ، والد أبي بكر أحمد. سمع: إبراهيم بن مرزوق، والحسن بن سليمان بن قبيطة. 404- محمد بن الحَسَن بن هارون بن دنبا1: أبو جعفر الْمَوْصِليُّ. حدَّث ببغداد عن: أبي همّام السَّكُونيّ، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وأحمد بن عبدة، ومحمد بن زنبور. وعنه: أبو بكر القطيعي، وعيسى الرخجي. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس بِهِ. 405- محمد بن الحَسَن بن موسى: أبو جعفر الكندي، مولاهم المصري. روى عن: حَرْمَلَة، وغيره. قال ابن يونس: يُعرف ويُنْكر. تُوُفّي في ذي الحجّة. 406- محمد بن سُفْيَان بن النَّضْر: أبو جعفر النسفي الأمين. روى عن البخاريّ صحيحه. وعن: عيسى بن أحمد العسقلانيّ، وأبي عيسى التِّرْمِذيّ. روى عنه: محمد بن زكريا النسفي، وجماعة. ورخه المستغفري.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 191"، "605".

407- محمد بن صالح بن ذَرِيح العُكْبَريّ1: أبو جعفر. سمع: جُبَارة بن المغلِّس، وعبد الأعلى بن حمّاد، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وأبا ثور الكلبيّ. وعنه: إِسْحَاق النّعاليّ، وابن بَخيت، وعُمَر بن الزّيّات، ومحمد بن المظفّر. وثّقه الخطيب. قال ابن مَخْلَد: تُوُفّي سنة ثمانٍ. ومرّ في سنة سبْعٍ. 408- محمد بن عبد الله بن محمد الخَولانيّ الباجيّ2: نزيل إشبيلية. سمع بقرطبة: محمد بن أحمد العُتْبيّ، وأبان بن عيسى، ويحيى بن إبراهيم بن مزين. ورحل فسمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وأبي أُميّة الطَّرسُوسيّ، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ. وكان عارفًا بمذهب مالك. ثقة، ورعًا، خيّرًا. وكان أعرج، ويُعرف بابن العون. روى عنه: خالد بن سعْد. 409- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن كُلَيْب القُرْطُبيّ: روى عن: محمد بن وضّاح، وإبراهيم بن باز، وجماعة. تُوُفّي في هذه السنة. وقيل: سنة إحدى عشرة وثلاثمائة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 285". 2 جذوة المقتبس للحميدي "62"، "81".

410- محمد بن المفضَّل بن سَلَمَةَ بن عاصم1: أبو الطّيّب الضَّبّيّ البغداديّ الفقيه الشّافعيّ. صاحب ابن شُرَيْح. وكان موصوفًا بفرط الذّكاء. صنَّف كتبًا عدّة. وهو صاحب وجهٍ. وكان يرى تكفير تارك الصّلاة. ومن وجوهه أنّ الوليّ إذا أذِن للسّفيه أنّ يتزوّج لم يصحّ، كالصّبيّ. مات شابًا. وكان أبوه وجدّه من مشاهير أئمة اللغة العربية. 411- محمد بن ياسين بن النّضْر: أبو أحمد النَّيْسابوريّ الفقيه. ولي قضاء بلده. وكذلك ابنه. سمع: محمد بن رافع، وعليّ بن سعْد النَّسَويّ. وعنه: أبو عبد الله الدّيناريّ، وشيوخ نَيْسابور. تُوُفّي في رمضان. وأخوه محمد بن ياسين أبو بكر تُوُفّي سنة ثلاثٍ وتسعين. 412- المُفّضل بن محمد بن إبراهيم2، بن مفضّل بن سعيد بن عامر بن شَرَاحيل الْجَنَدي. أبو سعيد: حدَّث بمكّة عن: الصّامت بن مُعَاذ الْجَنَديّ، ومحمد بن أبي عُمَر العدنيّ، وإبراهيم بن محمد الشّافعيّ، وأبي حُجّة محمد بن يوسف الزَّبِيديّ، وسَلَمة بن شبيب. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو حاتم بن حبّان، وأبو بكر بن المقرئ. وقال أبو جعفر العُقَيليّ: قدمتُ مكّة ولأبي سعيد الْجَنَديّ حَلقه بالمسجد الحرام.

_ 1 طبقات الشافعية للعبادي "72"، والفهرست "214"، وتاريخ بغداد "3/ 308". 2 تاريخ جرجان "134"، والعبر "2/ 137".

قلت: ورّخه أبو القاسم بن مَنْدَه. وقال المقرئ: هو من ولد عامر الشَّعْبيّ. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: هو ثقة. وقد روى حروف القراءات عن جماعة. روى عنه: ابن مجاهد، وابن أبي هاشم. وفيات سنة تسع وثلاثمائة: "حرف الألف": 413- أحمد بن الفضل بن سهْل1: أبو عُمَرو البغداديّ القاضي. سمع: إسماعيل بن موسى الفَزَاريّ، وسفيان بن وكِيع. وعنه: ابن المظفّر، وأبو بكر الورّاق. حدَّث فيها. 414- أحمد بن محمد بن خالد بن مُيَسَّر2: أبو بكر الإسكندرانيّ الفقيه. يروى عن: يزيد بن سعيد الإسكندرانيّ، ومحمد بن الموّاز. وإليه انتهت رئاسة المالكيّة بمصر بعد ابن الموّاز. وهو راوي كتابه، وبه تفقّه. وله تصانيف. تُوُفّي فِي رَمَضَان. 415- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سهل بن عطاء3:

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 446"، "2179". 2 المشتبه في أسماء الرجال "2/ 568"، وحسن المحاضرة "1/ 449". 3 طبقات الصوفية للسلمي "265-272"، وحلية الأولياء "10/ 302-305"، والرسالة القشيرية "23، 24".

أبو العبّاس الأدميّ الصُّوفيّ الزّاهد. كان موصوفًا بالعبادة والاجتهاد. روى اليسير عن: يوسف بن موسى، وغيره. روى عنه: محمد بن عليّ بن حُبيش، وقال: كان له في كلّ يوم ختمة، وفي رمضان في اليوم واللّيلة ثلاث ختمات. وبقي في ختمة يستنبط منها بضع عشرة سنة، إلّا أنّه لم يفهم بطْلان حال الحلّاج، وأخذ ينتصر لما جرى عليه. قال السُّلَميّ: امْتُحِن بسبب الحلّاج حتّى أحضره حامد بن العبّاس وقال له: ما الذي يقول الحلّاج؟ فقال: ما لك ولذاك. عليك بما نُدِبت له مِن أخذ الأموال، وسفْك الدّماء. فأمر بهِ أنّ تفك أسنانه. فَفُعِلَ بهِ ذلك، فقال: قطع الله يديك ورِجْليك. ثمّ مات بعد أربعة عشر يومًا، ثمّ بعد ذلك قُطعت أربعةُ حامد الوزير. قال السُّلَميّ: سمعتُ أبا عُمَرو بن حمدان يذكر هذا. وكان ابن عطاء ينتمي إلى المارستاني إبراهيم. ويزعم أنّه شيخه. وقيل: إنّه فقد عقله ثمانية عشر عامًا، ثمّ صحّ. وذكر عنه أبو الحُسَين بن خاقان أنّه كان ينام في اللّيل والنّهار ساعتين. تُوُفّي فِي ذي القعدة. 416- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الخالق1: أبو بكر البغداديّ الورّاق. سمع: الوليد بن شجاع، ومحمد بن زُنْبُور، والمَرُّوذيّ. وعنه: ابن لؤلؤ، وابن المظفر. وكان ثقة، صالحًا. 417- أحمد بن محمد بن عُمَر الْجُرْجانيّ التاجر:

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 56"، "2422".

عن: بِشْر بن خالد، ومحمد بن زُنْبُور، وَسَلَمَةَ بن شبيب، والحسين بن الحَسَن المَرْوَزِيّ، وجماعة. وعنه: أبو أحمد بن عديّ، وأبو بكر الإسماعيليّ، وأبو بكر الصّرّام. قال الإسماعيليّ: هو صدوق نبيل. 418- إسحاق بن أحمد بن زيرك: أبو يعقوب الفارسيّ. تُوُفّي في رجب. وسمع: أبا كُرَيْب. 419- إسماعيل بن موسى بن المبارك1: أبو أحمد الحاسب. سمع: بِشْر بن الوليد، وجُبارة بن المغلّس، وعبد الله القواريريّ. وعنه: محمد بن المظفّر، ومحمد بن إسماعيل الورّاق، وغيرهما. وكان ثقة مشهورًا. تُوُفّي -رحمه اللَّه- فِي ربيع الأوّل. "حرف الجيم": 420- جعْفَر بْن أحمد بن محمد بن الصباح الجرجرائي2: أبو الفضل. حدَّث ببغداد عن: جدّه، وبِشْر بن مُعَاذ، وأبي مُصْعَب. وعنه: محمد بن المظفّر، وأبو حفص الزّيّات، ومحمد بن عُبَيْد الله بن الشخير. وثقه الدارقطني.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 296، 297"، والمنتظم "6/ 160"، "263". 2 المنتظم "6/ 160"، "264"، والأنساب لابن السمعاني "126 ب".

"حرف الحاء": 421- حامد بن محمد بن شعيب بن زهير1: أبو العبّاس البلْخيّ المؤدب. سكن بغداد، وحدَّث عن: سُرَيْج بن يونس، ومحمد بن بكّار، وعُبَيْد الله بن عَمْر. وعنه: محمد بن عُمَر الْجِعابيّ، وعليّ بن لؤلؤ، وأبو بكر الورّاق، وعليّ بن عُمَر الحربيّ، وآخرون. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وكان مولده سنة ستّ عشرة ومائتين. 422- الحَسَن بن عليّ بن نصر2: أبو عليّ الطُّوسيّ الحافظ. سمع: عُمَر بن شبّة، والزُّبَير بن بكّار، وإسحاق الكَوْسَج. وكتب عنه أئمّة بقَزْوين. أرّخه الخليليّ. وقيل: سنة 312. 423- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن يزيد بْن نافع: أبو عليّ المصريّ الفرّاء. روى عن: الحارث بن مسكين، ومحمد بن سَلَمَةَ، ويونس بن عَبْد الأعلى. حدَّث عنه: ابن يونس. 424- الحُسين بن محمد بن الضّحّاك: أبو عبد الله الفارسي. حدث بمصر عن: أبي مصعب.

_ 1 تاريخ بغداد 8/ 169، 170"، "4280"، والعبر "2/ 144". 2 تاريخ جرجان "427، "428".

425- الحسين بن منصور الحلّاج1: أبو مغيث. وقيل: أبو عبد الله. قتلوه على الكفرِ والحلول والانسلاخ من الدين، نسأل الله العفو. وكان قد صحب الجنيد، وعمرو بن عثمان المكي، وغيرهما. وقد أفرد أبو الفرج بن الجوزي أخباره في تصنيف سماه "القاطع لمحال المحاج بحال الحلاج". قتل في هذه السنة ببغداد، لما أفتى الفقهاء والعلماء بكفره. ومن نظر في مجموع أمره علم أنّ الرجل كَانَ كذّابًا مموّهًا مُمَخْرِقًا حُلُوليًّا، لَهُ كلامٌ حلوٌ يستحوذ بهِ عَلَى نفوس جُهّال العَوام، حتى ادّعوا فيه الرُّبُوبيّة. كتبتُ مِن أخباره في الحوادث. وقد اعتذر أبو حامد الغزاليّ عَنْهُ في كتاب "مشكاة الأنوار"، وتأوّلَ أقواله عَلَى محامل حسنة. قَالَ ابن خلكان: أفتى أكثر علماء عصره بإباحة دمه. وذكره أبو سعيد النّقّاش في "تاريخ الصُّوفيّة"، فقال: منهم مَن نَسبُه إلى الزَّنْدقة، ومنهم من نَسَبه إلى السّحْر والشعوذة. وقال أبو زرعة الطبري: قُتِل الحلّاج لستٍّ بقين من ذي القعدة. وقال أبو بَكْر بْن أَبِي سعد أنّ الحسين الحلّاج مموّه مُمَخْرِق. وعن: عَمْرو بْن عثمان المكّيّ قَالَ: سمع الحلّاج قراءتي فقال: يمكنني أنّ أقول مثله. ففارقتهُ وقلت: إنّ قدرت عَلَيْهِ قتلتك. وقال السُّلميّ في "تاريخ الصُّوفيّة" بإسناده عَنِ الخلْديّ. حدَّثني أبو يعقوب الأقطع، وكان الحلّاج قد تزوج بابنته، وعمرو المكي كانا يقولان: الحلاج كافر خبيث.

_ 1 صلة تاريخ الطبري "79-94"، لعريب، والمنتظم "6/ 160-164"، والعبر "2/ 138-144"، والبداية والنهاية "11/ 132-144".

426- حمزة بن إبراهيم بن أيوب1: أبو يعلى الهاشمي العباسي البغدادي. روى عَنْ: أَبِي عُمَر الدُّوريّ، وخلّاد بْن أسْلَم. قال أبو سعيد بن يونس: كتبنا عنه. وتوفي في آخر السنة. "حرف العين": 427- عباد بن علي بن مرزوق2: أبو يحيى الثقاب السيريني البصري. شيخ معمر؛ سكن بغداد، وحدَّث عَنْ: بكّار بْن محمد الّسِيرينيّ، ومحمد بن جعفر المدائنيّ. وأظنه آخر من حدَّث عنهما. روى عَنْهُ: ابن البَخْتَريّ، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وأبو حفص بْن الزّيّات، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ، وأبو الفتح الْأَزْدِيّ وقال: ضعيف. وقال غيره: كَانَ يَقُولُ: إنّه ولد سنة أربعٍ ومائتين. وروى عَنْهُ أيضًا ابن المقرئ. 428- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَمْرو القيراطيّ النَّيْسابوريّ: أبو بَكْر الواعظ. سمع: الحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس، وأحمد بْن حرب، وإسحاق الكَوْسَج. وعنه: محمد بن إبراهيم الهاشميّ، ومحمد بن أحمد الواعظ. 429- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن غزوان3: أبو بكر الخزاعي المؤدب المقرئ.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 181"، "4302". 2 تاريخ بغداد "11/ 109"، والميزان "2/ 370". 3 الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "2/ 139"، والميزان "2/ 496".

بغدادي، حدَّث عَنْ: عَبْد الله بْن هاشم الطُّوسيّ، ومحمود بْن خداش، ويوسف بْن موسى. وعنه: عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي سَمُرَة، وابن المظفّر، وعليّ الحربيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: متروك، يضع الحديث. 430- عَبْد اللَّه بْن يزيد الدّقيقيّ1: أبو محمد. سمع: محمد بن المُثَنَّى الزَّمِن، ومحمد بن سهل بْن عساكر، وأحمد بْن منصور زاج. وعنه: عَبْد العزيز الخِرَقيّ، وابن المظفّر، وجماعة. وثّقه الخطيب. 431- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحسين بْن خالد2: أبو سعيد النَّيْسابوريّ، القاضي الحنفيّ. سمع: الحسن بن عيسى بن ماسرجس، ومحمد بن رافع، وعليّ بْن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ. روى عَنْهُ: ابنه عَبْد الحميد القاضي، وأحمد بْن هارون الفقيه. وسمع في الرحلة: سعدان بْن نصر، وأبا زرعة الرازي. قال الحاكم: كان إماما أهل الرأي في عصره بلا مُدافعة. قلت: كَانَ بينه وبين ابن خُزَيْمة منافرة بيّنة، فلما مات أظهر السرور وعمل دعوة. 432- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن خالد3: أبو محمد المهلبي الأزدي.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 197"، "5340". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 302". 3 تاريخ جرجان "255، 256"، "415".

سمع: محمد بن زُنْبُور المكّيّ، وعيسى بْن محمد السُّلَميّ، وإبراهيم بْن موسى الوزدولي شيخ يروي عن فُضَيْل بْن عِياض وطبقته؛ وإسماعيل بْن إبراهيم الخرميّ الْجُرْجانيّ، ومحمد بن حميد الرّازيّ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عَديّ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، وأحمد بْن أَبِي عمران الْجُرْجانيّ، وأبو الحَسَن القصْريّ، وآخرون. وكان من أعيان المحدّثين بجُرْجان. وجدُّه خالد من بيت حشمة وإمرة؛ وهو ابن يزيد بْن عَبْد اللَّه بْن المهلّب بْن عُيَيْنَة بْن المهلّب بْن أَبِي صُفْرة. أثنى عَلَى عَبْد الرَّحْمَن أبو بَكْر الإسماعيليّ، وغيره. وكان ممّن جمعَ بين العلم والعمل. وقال ابن ماكولا: كَانَ ثقة يعرف الحديث. وقال: مات في سلْخ المحرّم سنة تسعٍ. 433- عَبْد الملك بْن محمود بْن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن القاسم بْن سُميع1: أبو الوليد القّرَشيّ الدمشقي، الفقيه المحدِّث. رحل، وسمع: عليّ بْن حرب، والصَغانيّ، وهلال بْن العلاء، وإسحاق الدَّبَريّ، وعُبَيْد بْن محمد الكشوريّ، ويوسف بْن يزيد القراطيسيّ، وجماعة. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو بَكْر ابنا أَبِي دُجانة، ومحمد بن سليمان الربعيّ، وحمزة الكِنَانيّ، وأبو حاتم بْن حِبّان، وجماعة. تُوُفّي فِي جُمَادَى الْأولى. 434- عُبَيْد اللَّه بْن جعفر بْن أَعَيُن البزّاز2: في رمضان. سمع: بِشْر بْن الوليد، وإسحاق بن أبي إسرائيل.

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "24/ 466". 2 تاريخ بغداد "10/ 345"، "5483".

وعنه: عَبْد العزيز بْن جعفر، وابن المظفّر، وجماعة. ليّنه الدَّارَقُطْنيّ. 435- عليّ بْن الحَسَن بْن سلْم1: أبو الحَسَن الإصبهانيّ الحافظ. سمع: أحمد بْن الفُرات، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ، وأحمد بْن الأزهر، ويحيى بْن حكيم المقوِّم. وعنه: أبو أحمد العسّال، وابن المقرئ. لَهُ تصانيف. 436- عُمَر بْن إسماعيل بْن أَبِي غَيْلان2. أبو حفص الثَّقَفيّ البغداديّ: سمع: عليّ بْن الْجَعْد، وداود بْن عَمْرو الضّبّيّ، وأبا إبراهيم التَّرْجُمانيّ. وعنه: إِسْحَاق النّعّال، وأبو حفص الزّيّات، ومحمد بن إسماعيل الورّاق، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. وثّقه الخطيب. "حرف الفاء": 437- الفضل بْن محمد بن عقيل بْن خُوَيْلد الخُزاعيّ النَّيْسابوريّ: أبو العبّاس فضلان. سمع: أَبَاهُ، والذُّهْليّ، وعليّ بن حرب، وجماعة. وعنه: أبو علي الحافظ، وابن عُقْدة، ومحمد بن المظفّر. "حرف الميم": 438- محمد بن أحمد بْن راشد بْن مَعْدان3:

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 9". 2 تاريخ بغداد "11/ 224"، "5948"، "2/ 144". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 243، 244"، وتذكرة الحفاظ "339"، وطبقات الحفاظ "339".

أبو بَكْر الثَّقْفيّ، مولاهم الإصبهانيّ. محدِّث ابن محدِّث، كثير التّصانيف. كتبَ بالعراق ومصر. وسمع: أبا السّائب سَلْم بنُ جُنادة، ومحمد بن خالد بْن خَداش، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي رومان الإسكندرانيّ، وإبراهيم بْن سعيد الجوهريّ. وعنه: العسال، وأبو الشيخ، ومحمد بن جعفر بن يوسف، ومحمد بن أحمد بْن عَبْد الوهّاب، وابن المقرئ، وغيرهم. تُوُفّي بكرْمان غريبًا. 439- محمد بن إدريس بْن الأسود التُّجَيْبيّ: مولاهم. جار يونس بْن عَبْد الأعلى، يُعرف بِبَقَرة يونس. وحدَّث عَنْهُ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 440- مُحَمَّد بن الحُسَيْن بْن مُكْرمَ1: أبو بَكْر البغداديّ، نزيل البصرة. سمع: بِشْر بْن الوليد، ومحمد بن بكّار، ومنصور بْن أَبِي مزاحم، وعُبَيْد اللَّه القواريريّ، وطبقتهم. وعنه: محمد بن مَخْلَد، والطَّبَرانيّ، وابن عديّ، والبصريُّون، وغيرهم من الرحّالة. قَالَ إبراهيم بْن فهد: ما قدِم علينا من بغداد أعلم بالحديث منه. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. وروى عنه: الحسن عليّ القطّان. 441- محمد بن خَلَف بْن المَرْزُبان بن بسام2: أبو بكر المحولي الآجري.

_ 1 المنتظم "6/ 165"، والعبر "2/ 144". 2 الأنساب لابن السمعاني "513 أ"، والميزان "3/ 538".

كَانَ إمامًا إخباريًا مصنّفًا صدوقًا. روى عَنْ: الرماديّ، ومحمد بن أَبِي السَّريّ الأزدي لَا العسقلانيّ، والزُّبَير بْن بكّار، وأبي بَكْر بْن أَبِي الدّنيا، وغيرهم. وعنه: أبو بَكْر بْن الأنباريّ، وأبو الفضل بْن المتوكّل، وجماعة آخرهم أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه. وقع لنا قطعة من تواليف ابن المَرْزُبان. وله كتاب "الحاوي في علوم القرآن"، وكتاب "الحماسة"، وكتاب "المتيمين"، وكتاب "الشعراء"، وغير ذَلِكَ. 442- محمد بن عُبَيْد اللَّه بْن الفضل: أبو الحُسين الكَلاعيّ الحمصيّ. عَنْ: محمد بن مصفَّى، وعَمْرو بْن عثمان، وعُقْبة بْن مُكْرَم. وعنه: ابن عديّ، وأبو حاتم بْن حيّان، وأبو بَكْر المَيَانِجيّ. وكان يُعرف بالرّاهب. 443- محمد بن عليّ بْن حسين النَّيْسابوريّ: أبو عبد الله. سمع: محمد بن رافع، وأبا قُدامة عُبَيْد اللَّه السَّرْخَسيّ، وجماعة. أكثر عَنْهُ أبو عليّ الحافظ. 444- محمد بن محمد بن عُقْبة بْن الوليد1: أبو جعفر الشَّيْبانيّ. شيخ الكوفة. كَانَ السّلطان يختاره، والقضاة. وما قَالَ فهو القول. وكان ثقة كثير النّفع. سمع: الحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ، وأبا كريب محمد بن العلاء، وهذه الطبقة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 257".

روى عَنْهُ: الطَّبَرانيّ، وأبو عَمْرو بْن حمدان، وأبو بَكْر بْن المقرئ، ويوسف المَيَانِجيّ، وجماعة. قَالَ محمد بن أحمد بْن حمّاد الكوفيّ الحافظ: كنتُ في حجره وحضرتُ جنازته. ومكثَ النّاس ينتابون قبره نحو السنة. وخُتِم عنده ختمات كثيرة. ووُلِد سنة 225. 445- محمد بن الوليد بْن محمد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد1: أَبُو عَبْد اللَّه القُرْطُبيّ. سمع، فيما زعم، من: العُتْبيّ المالكيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والمُزَنيّ. وكان فقيهًا فصيحًا، لكنّه كذّاب. اتهموه بالوضع. "حرف الياء": 446- يعقوب بْن سليمان: أبو يوسف الإسْفرائينيّ. سمع: محمد بن رافع، وعبد الجبّار بْن العلاء، ونحوهما. وحدَّثَ عَنْهُ: أبو سعيد بْن أَبِي بَكْر، وأبو عليّ الحافظ، وأبو محمد الأزهريّ. 447- يوسف بْن مؤذِّن بن عَيْشون2: أبو عَمْرو المعافريّ الوَشْقيّ. سمع: ابن وضّاح. ورحل، فسمع بمصر: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وإبراهيم بْن مرزوق. وبمكّة: محمد بن إسماعيل الصّائغ. وكان من المنفقين في سبيل اللَّه. قِيلَ: إنّه فكّ نحْوًا من مائة أسير. وعاش خمسًا وثمانين سنة.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 32"، "1180"، لابن الفرضي، وبغية الملتمس "134، 135"، للضبي. 2 جذوة المقتبس "369"، "876"، للحميدي.

وفيات سنة عشر وثلاثمائة: "حرف الألف": 448- أحمد بْن أحمد بْن زياد: صحب ابن عَبْدُوس، وابن سلّام. وله كتاب "أحكام القرآن" في عشرة أجزاء، وكتاب "مواقيت الصّلاة". وكان لَا يرى التّقليد. وكان بصيرًا باللّغة، واسع العلم، صادَرَهُ السّلطان العُبَيْديّ وضُرِبَ وامتُحِن. وعاش سبعين سنة وأكثر. تُوُفّي بالقيروان. 449- أحمد بن خَلَف بْن المَرْزُبان المحوّليّ1: أبو عبد الله، أخو محمد. لَهُ تصانيف أيضًا، وحدَّث عَنْ: ابن أَبِي الدّنيا، ونحوه. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه. 450- أحمد بْن العبّاس بْن حمزة النَّيْسابوريّ الواعظ: سمع: عليّ بْن الحَسَن الأفطس، والحسن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وجماعة. وعنه: أبو عبد الله بْن دينار، ومحمد بن يزيد، وغيرهما. تُوُفّي في صَفَر. 451- أحمد بْن مُحَمَّد بْن زياد بن أيّوب2: بغداديّ. سمع: جده، ومحمد بن منصور الطوسي.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 135" "1814". 2 تاريخ بغداد "5/ 9، 10"، "2358".

وعنه: ابن المظفّر، وأبو بَكْر الورّاق. 452- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن ميمون الطّائيّ الحمصيّ: أبو جعفر. عَنْ: أَبِي التَّقيّ الحمصيّ، وطائفة. وعنه: أبو سعيد بْن يونس ووثّقه. وقال: تُوُفّي بمصر في رجب. 453- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هلال1: أبو جعفر الْأَزْدِيّ المصري المقرئ. أحد أئمّة القرّاء. قرأ عَلَى: أَبِيهِ؛ وعلى: إسماعيل بْن عَبْد الله النّحّاس. وسمع من: بَكْر بْن سهل. وتصدر للإقراء. تلا عليه: المظفّر بْن أَحْمَد، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الأصبغ، وحمدان بْن عَوْنٍ، وسعيد بْن جَابِر الأندلسيّ، وعتيق بْن ما شاء اللَّه. قَالَ ابن يونس: تُوُفيّ في ذي القعدة. 454- أحمد بْن محمود بْن صبيح بْن سهل2: أبو العبّاس الثّقفيّ المديني. ثقة، صاحب أصول. روى عَنْ: عَبْد الله بْن عُمَر الزُّهْرِيّ، والحجّاج بْن يوسف بْن قتيبة، وأحمد بْن الفرات، وسمع منه كتبه.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 272"، وحسن المحاضرة "1/ 488". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 65".

وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن جعفر بْن يوسف. 455- أحمد بن محمد بن يحيى بن جرير: أبو عليّ الهمْداني المصْريّ. كَانَ ثقة، فَهمًا. روى بالإجازة عَنْ: هشام بْن عمّار. وسمع من: الحارث بْن مسكين. وحَدَّث بمصر. 456- أحمد بْن يحيى بْن زهير1: أبو جعفر التُّسْتَريّ الحافظ الزّاهد. سمع: أبا كُرَيْب، ومحمد بن حرب النَّسائيّ، والحسين بْن أَبِي زيد الدَبّاغ، ومحمد بن عمّار الرّازيّ، وعَمروْ بْن عيسى الضبعي، وخلقًا كثيرًا. وعنه: ابن حبّان، وأبو إِسْحَاق بْن حمزة، وأبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، ويوسف المَيَانِجيّ، وطائفة سواهم من الرّحّالين. وكان حجة حافظًا كبير الشأن. قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ جعفر بْن أحمد المُراغيّ يَقُولُ: أنكرَ عَبْدان الأهوازي حديثًا ممّا عرض عَلَيْهِ لابن زهير. فدخل عَلَيْهِ وقال: هذا أصلي، ولكن من أين لك ابن عون، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ سالم؟ فما زال عَبْدان يعتذر إِلَيْهِ ويقول: يا أبا جعفر، إنما استغربت حديثك. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ: ما رأيت في الدّنيا أحفظ من أبي إسحاق بن حمزة، وسمعته يقول: ما رأيت في الدنيا أحفظ من أبي جعفر التُّسْتَريّ. وقال التُّسْتَريّ: ما رأيت في الدنيا أحفظ من أَبي زُرْعة الرّازيّ. وقال أبو زُرْعة: ما رأيت في الدّنيا أحفظَ من أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة. وقال ابن المقرئ: ثنا أبو جعفر تاج المحدّثين، فذكَرَ حديثًا.

_ 1 دول الإسلام "1/ 187"، والعبر "2/ 145"، والنجوم الزاهرة "3/ 205".

457- إبراهيم بْن جَابِر1: أبو إِسْحَاق البغداديّ الفقيه. لَهُ تصنيف مفيد في اختلاف الفقهاء. وكان إمامًا ثقة. حدث عن: الحَسَن بْن أَبِي الربيع، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الفضل عُبَيْد اللَّه الزُّهْرِيّ. عاش خمسًا وسبعين سنة. ولم يذكر الخطيب ما كَانَ مذهبه، فهو مجتهد رحمه الله تعالى. 458- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن محمد بن جميل2: أبو يعقوب الإصبهانيّ. حدَّث عَنْ: أحمد بْن منيع بمسنده. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن المقرئ، وعُبَيْد اللَّه بْن يعقوب بْن إِسْحَاق حفيده، وقال: فيما رواه عَنْهُ ابن مردويه: عاش جدي مائة وسبْع عشرة سنة. وتُوُفّي رحمة اللَّه تعالى في سنة ثلاث عشرة. وقال أبو نعيم: توفي سنة عشر. "حرف الحاء": 459- الحَسَن بْن الحسين بْن عليّ3: أبو عليّ الصوّاف المقرئ. بغداديّ. قرأ القرآن عَلَى: ابن حمدون الطّيّب بْن إسماعيل صاحب يحيى بْن آدم، وعليّ بْن محمد بن غالب صاحب شجاع، وعليّ الدوري، وغيرهم.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 91"، وتاريخ بغداد "6/ 53"، "3079". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 218"، والعبر "2/ 145"، والنجوم الزاهرة "3/ 206". 3 تاريخ بغداد "7/ 297"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 241"، وغاية النهاية "1/ 210".

وأقرأ الناس، فقرأ عليه: بكار بن أحمد، وأبو طاهر بن أبي هاشم. وسمع: أبا سعيد الأشج، وأحمد بن منصور زاج. وروى عنه: أحمد بن جعفر الشعيري، وأبو الفضل الزهوي، ومحمد بن المظفر. وكان ثقة فاضلا محققا عالما عالي السند في القرآن. وممن قرأ عَلَيْهِ: أبو العبّاس المطَّوِّعيّ، وعليّ بْن الحسين الغضائريّ شيخ الأهوازيّ. 460- الحسين بْن عليّ بْن عَبْد الواحد المصريّ: سمع من يونس بْن عَبْد الأعلى يسيرًا. "حرف الخاء": 461- خَالِد بْن محمد بْن خَالِد بْن كُولَخش1: أبو محمد الصّفّار الخُتّليّ. عَنْ: بِشْر بْن الوليد، ويحيى بْن مَعين. وأبي إبراهيم التَّرْجُمانيّ. وعنه: عليّ بْن لؤلؤ، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. وقال الدَّارَقُطْنيّ: صالح. وروى عَنْهُ المفيد محمد بن أحمد الْجَرْجَرائيّ الضّعيف الواهي أنّه سمع تفسير حديث من أَبِي عُبَيْد القاسم بْن سلّام. "حرف الدال": 462- دَاوُد بْن إبراهيم بْن دَاوُد بْن يزيد بْن رُوزبة2: أبو شيبة البغداديّ. سمع: محمد بن بكّار، وعبد الأعلى بْن حمّاد، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 317، 318"، "4413". 2 العبر "2/ 145"، والنجوم الزاهرة "3/ 206".

وعنه: ابن عدي، وأبو بكر بن المقرئ، والفضل بْن جعفر المؤذّن، وأبو بَكْر أحمد بْن محمد المهندس. وقال الدَّارَقُطْنيّ: صالح. قلت: سكن مصر وكان من أسند الشيوخ بها. "حرف السين": 463- سالم بْن عَبْد الله بْن أبا الأندلسي1: يروي عن: العتبي، وابن مزيد المالكيّيْن، وكان مجتهدا عالما. "حرف العين": 464- عافية بن محمد بن عثمان: أبو القاسم الأندلسي. إمام جامع مصر. سمع: ابن رمح، وأبا الطاهر بن السرح، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وابن يونس، وجماعة. مات في رمضان. 465- العباس بن الفضل بن شاذان الرازي2: المقرئ المفسر. قرأ القرآن على أبيه عَنِ الحَلْوانيّ. وسمع: محمد بن حُمَيْد الرّازيّ، ومحمد بن عليّ بْن شقيق، وأحمد بْن أَبِي شُرَيْح الرّازيّ. ومَرَّ بقزوين غازيًا فحدَّث بها سنة عشر. وكان عنده رواية الكِسائيّ، عَنْ أحمد بن أبي شريح.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 193"، "581"، لابن الفرضي. 2 معرفة القراء الكبار "1/ 236"، "135".

أخذ عنه: النقاش، ومحمد بن أحمد الداحولي، وابن مجاهد، وأبو عليّ بْن حبش. قَالَ الخليليّ: أدركت بقزوين من أصحابه ثمانية أَنْفُس. وممّن روى عَنْهُ: أبو عَمْرو بْن حمدان. وقد ذكره الخليليّ في شيوخ أَبِي الحَسَن القطّان، وقال: مات رحمه اللَّه تعالى بالرِّيّ سنة إحدى عشرة. 466- عَبْد الله بْن أحمد بْن أَسِيد1: أبو محمد الإصبهانيّ. سمع: نصر بْن عليّ، وسَلْم بْن جُنَادَةَ، وعبد الرَّحْمَن رُسْتة. وحدَّث بإصبهان، وبغداد. روى عَنْهُ: عثمان بْن السّمّاك، والطَّسْتيّ، وأبو الشّيخ، وأحمد بْن بُنْدار الشّعّار، ومحمد بن أحمد بْن الحَسَن الهَيْسانيّ، وأبو بَكْر الطّلْحيّ، وغيرهم. وصنّف "المُسْنَد"، وروى عَنِ العراقيّين والحجازيّين. 467- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أَسِيد بْن عاصم2: أبو محمد الثَّقْفيّ الإصبهانيّ. مقبول، كثير الحديث. سمع: النَّضْر بْن هشام، ومحمد بن ثَوَاب، وجعفر بْن عَنْبَسَةَ، وبحر بْن نصر الخَوْلانيّ، وإبراهيم بْن عامر، ومحمد بن عصام، وخلْق. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو أحمد العسّال، وزيد بْن عليّ بْن أَبِي بلال الكوفيّ، وابن المظفّر، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ، وغيرهم. سُمِعَ مِنهُ لمّا حجّ. 468- عَبْد الله بْن محمد بن أبي الوليد القرطبي3، أبو محمد الأعرج:

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 380"، "4598". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 227"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 70". 3 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 221"، "665"، وبغية الملتمس "330" للضبي.

سمع: العُتْبيّ؛ ورحل فسمع من: يونس بْن عَبْد الأعلى، وابن عَبْد الحَكَم. وبالقيروان من: محمد بن سَحْنُون؛ وبأطْرابُلُس من: أحمد بْن عَبْد الله العِجْليّ. وكان خاشعًا، بكّاءً ثقة، عالمًا. روى عَنْهُ: خَالِد بْن سعْد، وأحمد بْن سَعِيد بْن حزم، ومحمد بن عُمَر بْن عَبْد العزيز، وسليمان بْن أيّوب. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 469- عَبْد الله بْن أحمد بْن مَسْلمة الفَزَاريّ: عَنْ: عَبّاد الغُبْريّ. وعنه: موسى بْن عيسى السّرّاج، ومحمد بن المظفّر. وكان ثقة. 470- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن هلال1: أبو محمد الْقُرَشِيّ السّاميّ، أبو صخرة الكاتب البغداديّ. مُسْنِد، سمع: عليّ بْن المَدِينيّ، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه الهَرَوِيّ، ولُوَيْنًا ويحيى بْن أكثم. وعنه: أبو بَكْر الورّاق، وابن المظفّر، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. وكتب عَنْهُ ابن صاعد مَعَ تقدُّمِهِ. وكان ثقة. تُوُفّي في شوّال. 471- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن حفص الهَمْدانيّ: جدّ أَبِي بكر بن أبي علي المعدل الأصبهاني.

_ 1 المنتظم "6/ 169"، وتاريخ بغداد "5408".

سمع: عليّ بْن جَبلة. وحدَّثَ. تُوُفّي قبل الكهولة. 472- عليّ بْن أحمد بْن بِسْطام1: أبو الحَسَن الزَّعْفرانيّ. عَنْ: عمّه إبراهيم بْن بِسْطام، وعبد اللَّه بْن معاوية الْجُمَحِيّ، وخلْق. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن حِبّان. 473- عليّ بْن العبّاس بْن الوليد الكوفيّ البَجَليّ المَقَانِعيّ2. أبو الحَسَن: سمع: هشام بْن يونس، وأبا كُرَيْب، وعَبّاد بْن يعقوب. وعنه: ابن المقرئ، ومحمد بن أحمد بْن حمّاد الحافظ، والإسماعيليّ، وأبو الطَّيِّب محمد بن الحسين التّيْمُلّيّ، وأبو بَكْر النّقّاش. 474- عيسى بْن سليمان بْن عَبْد الملك الْقُرَشِيّ3: ورّاق دَاوُد بْن رُشَيْد. سمع: دَاوُد، وأحمد بْن إبراهيم المَوْصِليّ، وأحمد بْن مَنِيع. وعنه: أبو القاسم بْن النّحّاس، ومحمد بن المظفّر، ومحمد بن الشِّخِّير، وعليّ الحربيّ. وكان ثقة. تُوُفّي في شَعْبان. "حرف الفاء": 475- فضل بْن سَلَمَةَ بْن جرير الْجُهَنيّ4. أبو سَلَمَةَ البجّانيّ الأندلسيّ.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 206، 207". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 398". 3 المنتظم "6/ 169"، وتاريخ بغداد "11/ 174". 4 جذوة المقتبس "327"، "757"، للحميدي.

سمع بالقيروان في رحلته من يوسف المَغَامِيّ. وتفقّه عَلَيْهِ وعلى جماعة مِن أصحاب سَحْنُون. وكان من كبار الفُقَهاء المالكيّة. رُحل إِلَيْهِ للتفقّه عنده. أخذ عَنْهُ: أحمد بْن سَعِيد بْن حزم، وغير واحد آخرهم محمد بن أحمد الإِلْبيريّ. "حرف الميم": 476- محمد بن إبراهيم بْن البّطال اليَمَانيّ: نزيل المصّيصة. حدَّثَ في هذه السنة، عَنْ: محمد بن حُمَيْد الرّازيّ، ومحمد بن قُدَامة، ومحمد بن آدم المصِّيصيّ، وإِسْحَاق بْن وهْب العلّاف. وعنه: أبو بَكْر المفيد، ومحمد بن سليمان الرّبعيّ، وحمزة الكِنَانيّ، وحبيب القزّاز. وهو من أهل صَعْدَة. 477- محمد بن إبراهيم بْن آدم1: أبو جعفر الصِّلْحيّ. سكن بغداد، وحدَّثَ عَنْ: بِشْر بْن هلال الصّوَّاف، ومحمد بن الصّبّاح الْجَرْجَرائيّ. وعنه: عُمَر بْن جعفر الْبَصْرِيّ، وعثمان بْن أحمد الرّازيّ، ومحمد بن المظفّر، وآخرون. وكان ثقة يُعرف بابن أَبِي الرجال. 478- محمد بن أحمد بْن حماد بن سعيد بن مسلم2:

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 403، 404"، "383". 2 تاريخ جرجان "379، 438"، والمنتظم "6/ 169".

أبو بِشْر الْأَنْصَارِيّ الدُّولابيّ الحافظ الورَّاق. من أهل الرِّيّ. سمع: أحمد بْن أَبِي سُرَيْج الرّازيّ، ومحمد بن منصور الجوّاز، وموسى بْن عامر المُرِّيّ، وبُندارًا، وزياد بْن أيّوب، وهارون بْن سَعِيد الأَيْليّ، وخلْقًا كثيرًا ببلده، وبالكوفة، والبصرة، وبغداد، ودمشق، والحَرَمين. وصنَّف التّصانيف. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وعَبْد اللَّه بن عدي، والطبراني، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن حَيَّوَيْه النَّيْسابوريّ الْمَصْرِيّ، وأبو بَكْر بْن المهندس، وابن المقرئ. ومولده سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: تكلّموا فيه، وما يتبيّن من أمره إلّا خير. وقال ابن عديّ: ابن حمّاد مُتَّهم فيما يقوله في نُعَيْم بْن حمّاد لصلابته في أهل الرّيّ. قلتُ: رمَى نُعَيْم بْن حمّاد بالكِذب. وقال ابن يونس: كَانَ من أهل الصَّنْعة، وكان يُضَعَّف. تُوُفّي رحمه اللَّه تعالى بين مكّة والمدينة بالعَرج في ذي القعدة من السنة. قلت: وأما: 479- محمد بن أحمد بْن حمّاد الكوفي الحافظ، فمن طبقة أصحاب الدُّولابيّ: 480- محمد بن أحمد بْن عُبَيْد بن فيّاض1: أبو سعيد العثماني الزاهد. دمشق مُسْنِد. سمع: صَفْوان بْن صالح، وهشام بن عمّار، وعيسى بْن زُغْبة، وخلقًا سواهم. وعنه: ابن عديّ، ومحمد بن سليمان الرّبعيّ، وجُمَح بْن القاسم، وابن السُّنّي، وحمزة الكِنَانيّ، وابن المقرئ.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 264".

قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. وقال غيره: تُوُفِيّ فِي ربيع الآخر. 481- محمد بن أَحْمَد بْن أَبِي عَون1: أبو جعفر النَسَويّ. سمع: عليّ بْن حُجْر، ويعقوب بْن حُمَيْد بْن كاسب. وعنه: الإسماعيليّ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وأبو أحمد الغِطْريفيّ. وقيل: تُوُفّي سنة ثلاث عشرة. 482- محمد بن أحمد بْن هلال2: أبو بَكْر الشَّطَويّ. سمع: أبا كُرَيْب، وأحمد بْن مَنِيع، وأبا هشام الرّفاعيّ. وعنه: عَبْد العزيز الخِرَقيّ، وابن المظفّر، والحربيّ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 483- محمد بن أحمد بْن سهل3: أبو عبد الله البركاني، القاضي المالكيّ. حدث عن: بندار، وحوثرة المنقري، ومحمد بن المثنّى، ونصر بْن عليّ، وجماعة. وعنه: أحمد بْن كامل القاضي، والطَّبَرانيّ، ويوسف المَيَانِجيّ، والرَّبعيّ، وحمزة الكِنَانيّ، ومحمد بن عديّ المِنْقَريّ. وولي قضاء دمشق سنة ستٍّ وثلاثمائة بعد عُمَر بْن الْجُنَيْد، ثم عُزل في أوّل السنة سنة عشر، فرجع إلى البصرة، وتوفي بها في سلخ هذه السنة.

_ 1 تاريخ جرجان "450"، للسهمي، والعبر "2/ 157". 2 تاريخ بغداد "1/ 371"، "322"، والمنتظم "9/ 169". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 106".

484- محمد بن أحمد1: أبو عبد الله القرطبي. سمع: بقي من مَخْلَد، ومحمد بن وضّاح. وكان إمامًا في مذهب مالك؛ قد صنَّفَ "مختصر المدوَّنة". 485- محمد بن بُنان بْن معن2: أبو إِسْحَاق الخلّال. بغدادي؛ تُوُفّي في شَعْبان. سمع: محمد بن معاوية بْن مالج، ومحمد بن المُثَنَّى، وهارون بْن إِسْحَاق، ومُهنَّا بْن يحيى الشّاميّ. وعنه: عُمَر بْن أحمد الوكيل، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وعليّ الحربيّ. ولم يكن بهِ بأس. 486- محمد بن جرير بْن يزيد بْن كثير بْن غالب3: أبو جعفر الطَّبَرِيّ. الْإِمَام صاحب التّصانيف. مِن اهلِ آمُل طَبَرِسْتان. طوَّفَ الأقاليم، وسمع: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، وإسماعيل بْن موسى الفَزَاريّ، وأبا كُرَيْب، وهنّاد بْن السَّرِيّ، والوليد بْن شجاع، وأحمد بْن مَنِيع، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وخلقًا سواهم. وقرأ القرآن عَلَى: سليمان بْن عَبْد الرَّحْمَن الطّلْحيّ صاحب خلّاد. وسمع الحروف من: يونس بْن عَبْد الأعلى، وأبي كُرَيْب، وجماعة. وصنَّف كتابًا حسنًا في القراءات، فأخذَ عَنْهُ: ابن مجاهد، ومحمد بن أحمد الداجوائي، وعبد الواحد بن أبي هاشم.

_ 1 اللباب لابن الأثير "1/ 257"، وجذوة المقتبس "39"، للحميدي. 2 تاريخ بغداد "500"، والمنتظم "283". 3 طبقات الفقهاء "93" للشيرازي، والأذكياء لابن الجوزي "84"، والميزان "3/ 498 وما بعدها"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 264"، والعبر "2/ 146".

وروى عَنْهُ: أبو شعيب الحرّانيّ وهو أكبر منه سنًّا وسندًا؛ ومخلد الباقرحي، والطَّبَرانيّ، وعبد الغفار الحُضَيْنيّ، وأبو عَمْرو بْن حمدان، وأحمد بْن كامل، وطائفة سواهم. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: كَانَ ابن جرير أحد الأئمّة، يُحْكَمُ بقوله ويُرْجَعُ إلى رأيه لمعرفته وفضله. جمع مِن العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصرهِ، فكان حافظًا لكتاب اللَّه؛ بصيرًا بالمعاني، فقيهًا في أحكام القرآن، عالمًا بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها، عارفًا بأقوال الصّحابة والتّابعين، بصيرًا بأيّام النّاس وأخبارهم، لَهُ الكتاب المشهور في "تاريخ الأمم"، وكتاب "التّفسير" الّذي لم يصنف مثله، وكتاب "تهذيب الآثار"، لم أرَ مثله في معناه، ولكن لم يتمه. وله في الأصول والفروع كتب كثيرة، واختيار من أقاويل الفُقَهاء. وتفرد بمسائل حُفِظَتْ عَنْهُ. وقال غيره: مولده بآمل سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. قَالَ أبو أحمد الفرغانيّ: كتب إليَّ المراغيّ يذكر أنّ المكتفي قَالَ للحسن بْن العبّاس: إنّي أريد أنّ أوقفُ وقفًا يجتمع أقاويل العلماء عَلَى صحّته، ويَسْلَم مِن الخِلاف. قَالَ: فأحْضِر ابن جرير، فَأَمْلى عليهم كتابًا بذلك. فَأُخْرِجَتْ لَهُ جائزة سنية، فأبى أن يقبلها، فقيل له: لا بد من جائزةٍ أو قضاء حاجة. فقال: نعم. الحاجةُ أسأل أمير المؤمنين أنّ يتقدَّم إلى الشُّرَط أنّ يمنعوا السؤال من دخول المقصورة يوم الجمعة. فتقدَّم بذلك وعظُمَ في نفوسهم. قَالَ أبو محمد الفرغاني صاحب ابن جرير: وأرسل إِلَيْهِ العبّاس بْن الحَسَن الوزير: قد أحببت أن أنظر في الفقه. وساله أنّ يعمل لَهُ مختصرًا. فعمل لَهُ كتاب "الخفيف" وأنفذه إليه. فوجّه إِلَيْهِ بألف دينار فلم يقبلها، فقيل لَهُ: تصَّدقْ بها. فلم يفعل.

وقال الخطيب: سَمِعْتُ عليّ بْن عُبَيْد اللَّه اللُّغَويّ يَقُولُ: مَكَثَ ابن جرير أربعين سنة يكتب كلّ يومٍ أربعين ورقة. وأمّا أبو محمد الفرغاني فقال في "صلة التاريخ" لَهُ: إنّ قومًا من تلامذة أَبِي جعفر الطَّبَريّ حَسبوا لأبي جعفر منذ بلغ الحُلم، إلى أنّ مات، ثمّ قسَّموا عَلَى تِلْكَ المدّة أوراق مصنفاته، فصار لكلّ يوم أربع عشرة ورقة1. وقال الشَّيْخ أبو حامد الإسفرائينيّ شيخ الشافعية: لو سافر رجل إلى الصَّين حتّى يحصّل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيرًا2. وقال حُسَيْنك بْن عليّ النَّيْسابوريّ: أوّل ما سألني ابن خزيمة قَالَ: كتبت عَنْ محمد بن جرير؟ قلت: لَا. قَالَ: ولِمَ؟ قلت: لأنّه كَانَ لَا يظهر. وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه. فقال: بئس ما فعلت، ليتك لم تكتب عَنْ كلّ مَن كتبتَ عَنْهُمْ، وسمعتُ منه3. وقال أبو بَكْر بْن بالوَيْه: سَمِعْتُ إمام الأئمّة ابن خُزَيْمة يَقُولُ: ما أعلم عَلَى أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير. ولقد ظلمتْه الحنابلة. وقال أبو محمد الفرغانيّ: كَانَ محمد بن جرير ممّن لَا تأخذه في اللَّه لَوْمَةُ لائم، مَعَ عظيم ما يلْحقه من الأذى والشّناعات من جاهلٍ وحاسدٍ وملحِد. فأمّا أهلُ الدّين والعِلم فغير منكرين عِلمه وزُهده في الدّنيا ورفضه لها، وقناعته بما كَانَ يرِد عَلَيْهِ من حصّةٍ خلّفها لَهُ أَبُوهُ بطَبَرِسْتان يسيرة. وذكر عُبَيْد اللَّه بْن أحمد السمسار وغيره أنّ أبا جعفر بْن جرير قَالَ لأصحابه: هَلْ تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا؟ قَالُوا: كم قدرُه؟ فذكرَ نحو ثلاثين ألف ورقة. قَالُوا: هذا ممّا تَفْنَى الأعمار قبل تمامِهِ. فقال: إنا لله، ماتت الهِمَم. فأملاه في نحو ثلاثة آلاف ورقة4.

_ 1 معجم الأدباء "18/ 44". 2 تاريخ بغداد "2/ 163". 3 انظر المصدر السابق. 4 انظر: المنتظم "6/ 171".

ولما أراد أنّ يملي التفسير قَالَ لهم كذلك، ثم أملاه بنحوٍ من التاريخ. قَالَ الفَرَغانيّ: وحدَّثني هارون بْن عَبْد العزيز قَالَ: قَالَ لي أبو جعفر الطَّبَريّ: أظهرتُ مذهب الشّافعيّ واقتديت بهِ ببغداد عشر سنين، وتلقّاه مني ابن بشار الأحوال شيخ ابن سُرَيْج. قَالَ الفَرَغانيّ: فلما اتَّسَعَ عِلْمه أدّاه بحثه واجتهاده إلى ما اختاره في كُتُبه. وكتبَ إليَّ المراغيّ أنّ الخاقانيّ لما تقلّد الوزارة وجّه إلى المُرّيّ بمالٍ كثير، فأبى أنّ يقبله، فعرض عَلَيْهِ القضاء فامتنع، فعاتبه أصحابه وقالوا: لك في هذا ثواب، وتحيى سنة قد دَرَسَتْ. وطمعوا في أنّ يقبل ولاية المظالم، فانتهرهم وقال: قد كنتُ أظنّ أنّي لو رغبت في ذَلِكَ لنهيتموني عَنْهُ. وقال محمد بن عليّ بْن سهل الْإِمَام: سَمِعْتُ محمد بن جرير وهو يكلّم ابن صالح الأعلم، فقال: من قَالَ: إنّ أبا بَكْر وعمر ليسا بإماميْ هديً، إيش هُوَ؟ قَالَ ابن صالح: مبتدع! فقال ابن جرير: مبتدع مبتدع، هذا يقتل. قَالَ أبو محمد الفَرَغانيّ: تَمَّ من كتبه كتاب "التفسير"، وتم كتاب "القراءات"، و "العدد"، و"التنزيل"؛ وتَمَّ لَهُ كتاب "اختلاف العلماء"، وتَمَّ كتاب "التاريخ" إلى عصره، وتَمَّ كتاب "تاريخ الرجال من الصّحابة والتّابعين" إلى شيوخه؛ وتَمَّ كتاب "لطيف القول في أدكار شرائع الإسلام"، وهو مذهبه الّذي اختاره وجوّده واحتجّ لَهُ، وهو ثلاثة وثمانون كتابًا. وتَمَّ كتاب "الخفيف" وهو مختصر، وتَمَّ كتاب "التبصير في أصول الدّين"، وابتدأ بتصنيف كتاب "تهذيب الآثار"، وهو من عجائبه، كتبه ابتداءً بما رواه أبو بَكْر الصّدِّيق ممّا صحّ عنده بسنده، وتكلم عَلَى كلّ حديث منه بعلله وطرقه وما فيه من الفقه والسنن واختلاف العلماء وحججهم، وما فيه من المعاني والغريب، فتم منه "مُسْنِد العشرة وأهل البيت والموالي"، ومن "مُسْنِد ابن عَبَّاس" قطعة كبيرة، فمات قبل تمامه. وابتدأ بكتاب "البسيط" فخرج منه كتاب الطّهارة في نحو ألف وخمسمائة ورقة، وخرَّج منه أكثر كتاب الصّلاة، وخرّجَ منه آداب الحكام، وكتاب المحاضر والسِّجِلّات، وغير ذلك1.

_ 1 معجم الأدباء "18/ 44، 45"، وسير أعلام النبلاء "11/ 295".

ولمّا بلغه أن أبا بَكْر بْن أَبِي دَاوُد تكلّم في حديث غدير خُمّ. حمل كتاب الفضائل فبدأ بفضل الخلفاء الراشدين، وتكلّم عَلَى تصحيح حديث غدير خمّ، واحتجّ لتصحيحه1. حكى التّنُوخيّ، عَنْ عثمان بْن محمد السُّلَميّ: حدثني ابن منجو القائد قَالَ: حدَّثني غلامٌ لابن المزوّق قَالَ: اشترى مولاي لي جاريةً وزوجنيها، فأحببتها وأبغضتني، وكانت تنافرني دائما إلى أن أضجرتني، فقلت لها: انتِ طالقٌ ثلاثًا، لَا خاطبتني بشيء إلّا قلتُ لكِ مثله، فكم أحتملك. فقالت في الحال: انتَ طالقٌ ثلاثًا. قَالَ: فأُبْلِسْتُ وحِرْتُ. فَدُلِلْتُ عَلَى محمد بن جرير فقال: أقِمْ معها بعد أنّ تَقُولُ لها: أنت طالقٌ ثلاثًا إنّ طلقتك. قَالَ ابن عقيل: وله جوابٌ آخر أنّ يَقُول كقولها: أنتَ طالقٌ ثلاثًا، بفتح التّاء، فلا يحنث. وقال ابن الجوزيّ: وأيضًا فما كَانَ يلزمه أنّ يَقُولُ لها ذَلِكَ عَلَى الفور، فكان لَهُ أنّ يتمادى إلى قبل الموت2. قلتُ: ولو قَالَ لها: أنتِ طالقٌ ثلاثًا، وعني بالاستفهام، لم تطلق. ولو قَالَ: طالقٌ ثلاثًا، ونوى بهِ الطلق لَا الطّلاق لم تطلق أيضًا في الباطن. وجوابٌ آخر عَلَى قاعدة من يراعي سبب اليمين ونية الحالف أنّه لَيْسَ عَلَيْهِ أنّ يَقُولُ لها كقولها، فإنّ نيّته كانت إذا آذته بكلام أنّ يَقُولُ لها ما يؤذيها، وهذه ما كانت تتأذى بالطلاق؛ لأنها ناشزة مضاجرة؛ ولأنّ الحالف عنده هذه الكلمة مستثناه بقرينة الحال من عموم إطلاقه، كقوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] ، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: 25] فخرج من العموم أشياء بالضرورة، وهذا فصيح في كلام العرب سائغ؛ لأنّ الحالف لم يرده، ولا قصد إدخاله في العموم أصلًا، كما لم يقصد إدخال كلمة الكفر لو كفرت فقالت لَهُ: أنت ولد اللَّه تعالى اللَّه، أو سبّت الأنبياء3.

_ 1 وفي السير "11/ 295"، "واحتج لتصحيحه ولم يتم الكتاب". 2 سير أعلام النبلاء "11/ 298". 3 وفي السير "11/ 299"، قال: ". . . أو سبت الأنبياء فلم يجاوبها بمثل ذلك لأحسن. . . ".

فما كَانَ يحنث بسكوته عَنْ مثل قولها. وجوابٌ آخر عَلَى مذهب الظاهرية كداود، وابن حزم، ومذهب سائر الشيعة إن من حلف على شيء بالطلاق لَا يلزمه طلاق ولا كفارة عَلَيْهِ في حلفه، وهو قول لطاوس. وذهب شيخنا ابن تيمية، وهو من أهل الاجتهاد لاجتماع الشرائط فيه أنّ الحالف عَلَى شيء بالطلاق لم تطلق منه امرأته بهذه اليمين، سواء حنث أو بر. ولكن إذا حنث في يمينه بالطلاق قَالَ: يكفر كفارة يمين. وقال: إنّ كَانَ قصد الحالف حضًا أو منعًا ولم يرد الطلاق فهي يمين. وإنّ قصد بقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، شرطًا وجزاءًا فإنّها تطلق ولا بد. كما إذا قَالَ لها: إنّ أبريتني من الصداق فأنت طالق، وإن زنيت فأنت طالق. وإذا فرغ الشهر فأنت طالق؛ فإنها تطلق منه بالإبراء، والزنا، وفراغ الشهر، ونحو ذَلِكَ. لكن ما علمنا أحدًا سبقه إلى هذا التقسيم ولا إلى القول بالكفارة؛ مَعَ أنّ ابن حزم نقل في كتاب "الإجماع" لَهُ خلافًا في الحالف بالعتاق والطّلاق، هَلْ يكفر كفارة يمين أم لَا؟ ولكنه لم يسم من قَالَ بالكفارة. واللَّه أعلم. والذي عرفناه من مذهب غير واحد من السلف القول بالكفارة في الحلف بالعتق وبالحج، وبصدقة ما يملك. ولم يأتنا نص عَنْ أحدٍ من البشر بكفارة من الحلف بالطلاق. وقد أفتى بالكفارة شيخنا ابن تيمية مدّة أشهر، ثمّ حرَّم الفتوى بها عَلَى نفسه من أجل تكلم الفُقَهاء في عرضه. ثم منع من الفتوى بها مطلقًا. انتهى. وقال الفَرَغانيّ: رحل ابن جرير لمّا ترعرع من آمُل، وسمع لَهُ أَبُوهُ في السفر. وكان طول حياته ينفذ إِلَيْهِ بالشيء بعد الشيء إلى البلدان، فسمعته يقول: أبطأ عني نفقة والدي، واضطررت إلى أنّ فتقت كمي القميص فبعتهما. وقال ابن كامل: تُوُفّي عشية الأحد ليومين بقيا من شوّال سنة عشر، ودفن في داره برحبة يعقوب، ولم يغير شيبه. وكان السّواد في رأسه ولحيته كثيرًا. وكان أسمر إلى الأدَمَة، أعين، نحيف الجسم، مديد القامة، فصيحًا. واجتمع عَلَيْهِ مَن لَا يحصيهم إلّا اللَّه، وصُلّي عَلَى قبره عدّة شهور ليلًا ونهارًا. ورثاه خلق كثير من أهل الدّين والأدب؛ من ذَلِكَ قول ابن سَعِيد ابن الأعرابي:

حدَّثَ مُفظعٌ وخَطْبٌ جليل ... دقَّ عَنْ مِثْلِهِ اصْطِبَارُ الصَّبورِ قامَ ناعِي العلومِ أجمع لمّا ... قامَ ناعِي محمد بْن جريرِ1 وقد رثاه ابن دريد بقصيدة بديعة طويلة، يَقُولُ فيها: إنّ المِنيَّة لم تُتْلفْ بهِ رَجُلًا ... بَلْ أَتْلَفَتْ عَلَمًا للدَّين مَنْصُوبًا كَانَ الزَّمانُ بهِ تصفو مَشَاربُهُ ... والآنَ أصبحَ بالتَّكْدِيرِ مَقْطُوبًا كلَّا وأيَّامُهُ الغُرُّ الّتي جُعِلَتْ ... لِلْعِلْم نورًا ولِلتّقْوَى مَحَارِيبا2 487- محمد بن الحَسَن بْن قُتَيْبة بْن زيادة اللخميّ العسقلاني3: أبو العبّاس. محدث كبير. حدَّثَ في أواخر سنة تسعٍ. وأظنه تُوُفّي في سنة عشر. سمع: إبراهيم بْن هشام بْن يحيى الغسّانيّ، وصَفْوان بْن صالح، وهشام بن عمّار، ويزيد بْن عَبْد اللَّه الرمليّ، ومحمد بن رُمْح، وعيسى بْن حمّاد، ومحمد بن يحيى الرماني، وحَرْمَلَة، وطائفة سواهم. روى عَنْهُ: أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وابن عديّ، وأبو هاشم المؤدب، ويوسف المَيَانِجيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وآخرون. وكان ثقة مشهورًا. أكثر عَنْهُ ابن المقرئ والرحّالون لحفظه وثقته. 488- محمد بن حمدان بْن مهران: أبو بَكْر النَّيْسابوريّ. سمع: أبا عمر بْن حريث، ومحمد بن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج. وعنه: أحمد بْن هارون الفقيه، وجماعة. تُوُفّي في شعبان.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 301"، وتاريخ بغداد "2/ 166"، وفيه زيادة في الشواهد. 2 الأبيات من قصيدة طويلة في سير أعلام النبلاء "11/ 300"، وتاريخ بغداد "2/ 167-169". 3 حلية الأولياء "3/ 168"، وتذكرة الحفاظ "2/ 764، 765"، والعبر "2/ 147".

489- محمد بن حنيف بْن جعفر1: أبو عبد الله الْبُخَارِيّ الخيّاط. سمع: بجير بْن النَّضْر، ويحيى بْن جعفر البيكنديّ، وأسباط بْن اليسع. وعنه: أبو نصر أحمد بْن أحمد الْبُخَارِيّ، وأبو نصر أحمد بْن أَبِي حامد الباهليّ. ذكره ابن ماكولا. ويقال لَهُ: اليسارغيّ، نسبة إلى يسارغ بْن يهوذا بْن يعقوب عَلَيْهِ السلام. 490- محمد بن العبّاس بْن محمد بن يحيى بْن المبارك اليزيديّ البغداديّ2: من بيت علم ولغة. حدث عن: أَبِي الفضل الرياشيّ، وثعلب. وكان صدوقًا، راوية للأخبار. روى عَنْهُ: الصولي، وأبو الطاهر بْن أَبِي هاشم، وعمر بن محمد بن سيف. له تصانيف. مات فِي شوّال. 491- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بشير: أبو بَكْر الهاشميّ. مولاهم الحذاء المصري. حدث عَنْ: دحيم، والشّاميّين. قَالَ ابن يونس في تاريخه: لم يكن بالثقة. مات في سابع المحرَّم. 492- محمد بن عُمَر بْن يوسف بْن عامر3: أبو عبد الله الأندلسي.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "2/ 559". 2 الفهرست لابن النديم "51"، وغاية النهاية "2/ 158"، وبغية الوعاة "1/ 124". 3 جذوة المقتبس "75"، "709"، وبغية الملتمس "111، 112"، "220".

توفي بمصر في شوال. وروى عَنْ: الحارث بْن مسكين. وقيل في أَبِيهِ: عَمْرو. روى عَنْهُ: حمزة بْن محمد الكِنَانيّ. 493- معافى بْن عُمَر بْن حفص: أبو عبد الله الْمَصْرِيّ. أخو سالم وسلامة. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. وتُوُفّي في رجب. كتب ابن يونس عَنِ الثلاثة إخوة. 494- موسى بْن جرير1: أبو عمران الرقي المقرئ النحويّ الضَّرير. تلميذ أَبِي شعيب السُّوسيّ، وأجلّ أصحابه. قرأ عَلَيْهِ: الحسين بْن محمد بن حبش الدِّيَنَوَريّ، والحسن بْن سَعِيد المطَّوِّعيّ، وعَبْد اللَّه بْن الحسين السّامّريّ في قول الداني، عَنْ فارس، عَنْهُ. وتُوُفّي قريبًا من سنة عشر. وقرا عَلَيْهِ أيضًا أبو الحَسَن نظيف بْن عَبْد اللَّه ختمةً بالرقة، وختمةً بحلب لما قدمها. وقرأ عَلَيْهِ: مُسْلِم بْن عَبْد العزيز، وكلاهما من شيوخ عَبْد الباقي بْن الحَسَن؛ وأبو القاسم عَبْد اللَّه بْن اليسع الأنطاكيّ، وآخرون كثيرون. وكان حاذقًا بالقراءة والإدغام الكبير، بصيرًا بالعربية وافر الحرمة. قَالَ أبو الحسين بْن المنادي: لمّا مات أبو شعيب خلفه ابنهُ أبو معصوم وأبو عمران

_ 1 معرفة القراء الكبار "10/ 245، 246"، والنجوم الزاهرة "3/ 206".

موسى بْن جرير الضّرير. وكانت الرئاسة بالرقة في أَبِي عمران، وله بها أصحاب إلى الآن. وقال عَبْد الباقي بْن الحَسَن عَنْ نظيف: قرأتُ عَلَى موسى بْن جرير النحوي الضرير بالرقة سنة خمس وثلاثمائة. ثمّ بعد ذَلِكَ قدم حلب. قَالَ عَبْد الباقي: وكان لأبي عمران اختيارات يخالف فيها قراءاته عَلَى السوسي، وكان يعتمد في ذَلِكَ عَلَى العربية. فممّا كَانَ يختاره ترك الإشارة إلى حركة الحروف مَعَ الإدغام وتفخيم فتحه الراء إذا كَانَ بعدها ياء قد سقطت لساكن. قَالَ الدانيّ: مات أبو عمران حول سنة عشر وثلاثمائة. "حرف النون": 495- نبهان بْن إسحاق البشكاسي1: حدَّثَ عَنْ: الربيع بْن سليمان، والعبّاس البيروتيّ. "حرف الهاء": 496- هاشم بن صالح الأندلسي2: يروي عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. "حرف الواو": 497- الوليد بْن أبان بْن بونة3: أبو العبّاس الحافظ. كثير الترحال، صنف التفاسير، والمسند، وغير ذَلِكَ. وروى عَنْ: أحمد العطارديّ، وعبّاس الدُّوريّ، ويحيى بْن عَبْدك، وأحمد بْن الفُرات، وأسيد بن عاصم، وهذه الطبقة.

_ 1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "5/ 121"، "1739". 2 بغية الملتمس للضبي "484"، "1423". 3 العبر "2/ 147"، والنجوم "3/ 206"، والرسالة المستطرفة "72".

وعنه: أبو الشَّيْخ، والطَّبَرانيّ، وأحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن محمود، ومحمد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن مَخْلَد، وآخرون بإصبهان. "حرف الياء": 498- يوسف بْن محمد بن يوسف1. أبو محمد الإصبهانيّ المؤذّن: عَنْ: محمد بن محمد بن صخْر، وأحمد بْن يحيى المكتِّب، وإبراهيم بْن عامر، وجماعة. وعنه: عبد الله بن محمد بن عُمَر، ومحمد بن أحمد بْن عَبْد الوهّاب، وأحمد بْن محمد بن رُسْتة، وأبو الشَّيْخ وهو مُكْثِر عَنْهُ. "الكنى": 499- أبو عليّ بْن خَيْران: قِيلَ: تُوُفّي في حدود سنة عشر. وسيأتي سنة عشرين. ذِكْرُ من لَمْ أَعْرفُ تاريخ موتِهِ: من أهْل هذه الطبقة كتبته عَلَى التقريب: "حرف الألف": 500- أحمد بْن بَطّة بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن الوليد2: أبو بَكْر المَدِينيّ البزّاز. إصبهانيّ، ثقة. صَحِبَ الزُّهَّاد. روى عَنْ: محمد بن عاصم، وإِسْحَاق بْن إبراهيم بْن الشهيد، ويحيى بْن حكيم، وأحمد بْن الفُرات. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو إِسْحَاق بْن حمزة، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 347". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 72"، وفيه: "نسبة الأصبهاني".

501- أحمد بْن بُنْدار الحبّال الإصبهانيّ1: عَنْ: سَلَمَةَ بْن شبيب. وعنه: أحمد بْن إِسْحَاق، ومحمد بن أحمد بْن يعقوب الشَّيْبانيّ. 502- أحمد بْن حشمرد2: أبو عبد الله الْجُرْجانيّ، نزيل أستراباذ. سمع: حُمَيْد بْن الربيع، وعليّ بْن سَلَمَةَ اللبقيّ، وطبقتهما. وعنه: الإسماعيليّ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ. وهو ثقة. 503- أحمد بْن الحَسَن بْن الْجَعْد3. أبو جعفر: بغداديّ، حدَّثَ سنة أربعً وثلاثمائة عَنْ: أبي بَكْر بْن أَبِي شيبة، ويعقوب بْن كاسب، وجماعة. وعنه: أبو حفص الزّيّات، وابن المظفّر، وعبد العزيز بْن جعفر الخِرَقيّ. وثَّقه الدَّارَقُطْنيّ. 504- أحمد بْن الحسين بْن أَبِي الحَسَن4: أبو جعفر الْأَنْصَارِيّ الإصبهانيّ الكلنكيّ. سمع: عَبْد الجبّار بْن العلاء، وحميد بْن مسعدة، وبُندارًا، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن محمد بن الحجاج، والطَّبَرانيّ، ومحمد بن جعفر بْن يوسف، والعسّال، وجماعة. 505- أحمد بْن الحسين بْن علي5. أبو العباس، مولى بني هاشم.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 151"، وفيه: "أحمد بن بندار الشعار". 2 تاريخ جرجان "30". 3 تاريخ بغداد "4/ 81"، "1716". 4 المعجم الصغير للطبراني "1/ 61". 5 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "1/ 294"، "109".

الدّمشقيّ المعروف بزبيدة. سمع: سليمان بْن عَبْد الرحمن، علي بْن سهل الرمليّ، ومؤمّل بْن إهاب، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وطائفة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وأبو عليّ بْن شعيب، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وآخرون. 506- أحمد بْن أَبِي الأخيل خَالِد بْن عَمْرو السلفي الحمصيّ. أبو عَمْرو: حدَّثَ ببغداد، عَنْ أَبِيهِ عَنْ إسماعيل بْن عياش. وهو ثقة، لكن أَبَاهُ ضعيف. قاله الدارقطني. روى عَنْهُ: أبو محمد بن ماسيّ، وابن المظفّر، وغيرهما. 507- أحمد بْن شهدل بْن المفضل1: أبو جعفر الحنظليّ الإصبهانيّ المؤدّب. ثقة، روى عَنْ: سليمان الشاذكوني، وحيان بْن بِشْر القاضي. وعنه: والد أَبِي نُعَيْم، وأبو الشَّيْخ. 508- أحمد بْن صالح بْن محمد2: أبو العلاء الفارسيّ الْجُرْجانيّ الأثط المؤدب. نزيل صور. سمع: أحمد بْن أَبِي سُرَيْج، ومحمد بْن حُمَيْد الرازيين، وعمار بْن رجاء. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وجُمَح بْن القاسم، وابن عديّ، وابن المقرئ، وجماعة. 509- أحمد بْن عامر بْن عَبْد الواحد البرقعيديّ3: عَنْ: مؤمّل بْن إهاب، وكثير بْن عُبَيْد. وعنه: محمد بن أحمد بْن الحفيد، وعبد الله بن عدي الحافظ.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 118، 119". 2 تاريخ بغداد "6/ 15". 3 معجم البلدان "1/ 318" "بَرْقعَيد".

510- أحمد بن عامر بن المعمر1: أبو العبّاس الْأَزْدِيّ الدّمشقيّ. عَنْ: هشام بْن عمّار، ودُحَيْم، وعيسى زُغْبة. وعنه: عَبْد اللَّه الآبندونيّ، وأبو بَكْر الرّبعيّ، والحسن بْن منير، وأبو هاشم المؤدب، وأبو أحمد بْن عديّ، وجماعة. وهو أحمد بْن محمد بن عامر. 511- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن شجاع البغداديّ2: عَنْ: الزُّبَير بْن بكّار، وأحمد بْن بديل. وعنه: بكّار بْن أحمد المقرئ، وأبو حفص بْن الزّيّات. قَالَ الدارقطني: لَا بأس بهِ. 512- أحمد بْن قُدَامة بْن فرقد3. أبو حامد البلخيّ: نزيل بغداد. حدَّثَ عَنْ: قتيبة بن سعيد. وعنه: القطيعي، والقاضي أبو الطاهر الذُّهْليّ، ومَخْلَد الباقرحي. قَالَ الخطيب: ما علمت إلّا خيرًا. 513- أحمد بْن محمد بن جعفر الإصبهانيّ الجمّال الزّاهد: أحد العبّاد المكثرين مِن الحجّ. وكان يصلّي عند كلّ ميل ركعتين. ويعرف بالشعرانيّ. روى عَنْ: أَبِي مسعود، وابن حاتم الرازيين. وعنه: عمر بن عبد الله التميمي.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 60، 61"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 269، 270". 2 تاريخ بغداد "4/ 222"، "1921". 3 تاريخ بغداد "4/ 354"، "2203".

514- أحمد بن داود الهمداني: أبو الحسن. أصبهاني موثق. سمع: سليمان الشاذكوني، وإبراهيم بن عبد الله الهروي. وعنه: أبو أحمد العسال، وأبو الشيخ. 515- أحمد بن محمد بن عبيدة بن زياد1: أبو بكر النيسابوري المستملي الشعراني الحافظ. سمع: علي بن خشرم. ثم رحل، وسمع: عُمَر بْن شبة، ومحمد بن رافع، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وهذه الطبقة. وعنه: محمد بن الأخرم، ويحيى العنبري، وأحمد بن إسحاق الضبعي، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأهل نيسابور. وثقه الخطيب، وقال: روى عَنْهُ: المحامليّ، وابن الجعابيّ، وعَبْد اللَّه بْن إبراهيم الزَّيني. 516- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى2: أَبُو بَكْر الحمصيّ، نزيل حمص ومؤرخها. وإنّما هُوَ بغداديّ. سمع: أحمد بْن مَنِيع، والحسن بْن عرفة، وإبراهيم بْن يعقوب الجوزجانيّ، ومحمد بن عوف، وإسماعيل بْن أبان، وجماعة. وعنه: بَكْر بْن أحمد الشعرانيّ، ومحمد بن أحمد بْن الأبحّ الحمصي، وجماعة. توفي سنة بضع وثلاثمائة. 517- أحمد بن محمد بن الفضل3:

_ 1 تاريخ جرجان "67"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 64". 2 تاريخ بغداد "5/ 63"، "2432". 3 تاريخ جرجان "75"، "22".

أبو العبّاس الخُزاعيّ المروزي الملقب ميزان. سمع: أبا عمّار الحسين بْن حريث، وعليّ بْن حُجْر، وغيرهما. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن علك، ومحمد بن مالك السعديّ، وأحمد بْن محمد بن سَعِيد الفقيه المروزيون. 518- أحمد بْن محمد بن المؤمّل1: أبو بَكْر الصُّوريّ. عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وجماعة. وعنه: عثمان بْن السّمّاك، وأبو بَكْر الشّافعيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن محمد المُخَرِّميّ. أظنه مات بعد الثلاثمائة. 519- أحمد بْن محمد بن موسى: أبو عيسى العرّاد، بمهملة. عَنْ: محفوظ بْن إبراهيم، ويعقوب بْن شيبة. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، وابن الصّوَّاف، وابن عديّ. 520- أحمد بْن محمد بن يحيى الواسطيّ2: البزّاز. حدَّثَ ببغداد عَنْ: لوين، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل. وعنه: ابن عديّ، ومحمد بن المظفّر. 521- أحمد بْن المساور بْن سهيل3: أبو جعفر الضبي الأصبهاني. ثقة.

_ 1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "1/ 418-420"، "245". 2 تاريخ بغداد "5/ 118"، "2532". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 114".

عَنْ: سهل بْن عثمان، وسعدويه الإصبهانيّ، وعليّ بْن بِشْر. وعنه: أبو إِسْحَاق بْن حمزة، والعسّال. 522- أحمد بْن مُكْرَم البرتيّ البغداديّ1: سمع: عليّ بْن المَدِينيّ. روى عَنْهُ: محمد بن المظفّر، ومحمد بن الورّاق، أحاديث مستقيمة. قاله الخطيب. 523- أحمد بْن موسى، ويقال: أحمد بْن عيسى، الحنوطيّ: عَنْ: عُمَر بْن التلّ، والحسن بْن عرفة. وعنه: عليّ بْن عُمَر السُّكريّ، ومحمد بن الشِّخِّير. 524- أحمد بْن نصر الحذاء: أبو جعفر. بغداديّ. سمع: الصَّلْت بْن مسعود الجحدريّ. 525- أحمد بْن هاشم بْن عَمْرو2: أبو جعفر الحميريّ البعلبكيّ سبط محمد بن هاشم البعلبكيّ. يلقب بُندارًا. سمع من: جَدّه، وأبي أمية الطرسوسيّ. وعنه: ابن عديّ، وأبو بَكْر المقرئ، ومحمد بن إبراهيم الصُّوريّ. 526- إبراهيم بْن دحيم عَبْد الرَّحْمَن بْن إبراهيم بْن ميمون الدّمشقيّ3: حدث عن: أَبِيهِ، وهشام بن عمّار، وسليمان بْن عَبْد الحميد البحرانيّ، وأبي عُمير بن النحاس، وطائفة كبيرة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 170"، "2617". 2 الأنساب "86 أ"، والتهذيب "9/ 494". 3 المعجم الصغير "1/ 84، 85" للطبراني.

وعنه: ابن أخيه عبد الرحمن بن عمرو بْن دحيم، وعليّ بْن أَبِي العقب، وأبو عَمْرو بْن مطر النَّيْسابوريّ، والطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وخلْق من الدمشقيّين والرحّالة. وكان محدثًا مقبولًا. 527- إبراهيم بْن درستويه1: أبو إِسْحَاق الشيرازي. عَنْ: ابن أَبِي عُمَر العدنيّ، ولوين، وطبقتهما. وعنه: أبو بَكْر بْن أَبِي دارم، والطَّبَرانيّ، وابن الصّوَّاف، وأبو بَكْر الإسماعيليّ. وغيرهم. ثقة. 528- إبراهيم بن محمد بن برزج: إصبهاني، ثقة. سمع: لوينا، والفلّاس. وعنه: أبو الشَّيْخ. 529- إسماعيل بْن أحمد الْبَصْرِيّ: وكيل أكثم. عَنْ: ابن أَبِي الشوارب، ونصر بْن عليّ، وعدة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن موسى الهاشميّ، ومحمد بن المظفر، وعلي السُّكريّ. شيخ. 530- إسماعيل بْن إبراهيم2: أبو عليّ الصيرفيّ؛ بغداديّ يلقب بسمعان. عَنْ: أَبِي سَعِيد الأشجّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ. وعنه: ابن عديّ، وأبو عبد الله بن الضرير.

_ 1 المعجم الصغير "1/ 90"، للطبراني. 2 تاريخ بغداد "6/ 297"، "3330".

531- إسماعيل بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن تميم. أبو أحمد الْمَصْرِيّ: سمع: حَرْمَلَة. 532- إسماعيل بْن إِسْحَاق بْن الحصين المعمريّ1، بالتثقيل: عَنْ: عَبْد اللَّه بْن معاوية الجمحي، وأحمد بْن حنبل، وحكيم بْن سيف الرقي، ومحمد بن خلّاد الباهلي، وطبقتهم. وعنه: عبد الله بن محمد بن جعفر، ومحمد بن العبّاس، وعمر بْن أحمد بْن يوسف الوكيل، وابن المظفر، وآخرون. قال ابن ماكولا: نسب إلى معمر بن سليمان، وهو جده لأمه. وقد أكثر أبوه إسحاق بن حصين عَنْ صهره معمر. 533- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن حاتم بْن إسماعيل المَدِينيّ: نزيل عكبرا. ومؤلف كتاب "المنبر في أخبار الأوائل". روى عَنْ: جَدّه لأمه محمد بن المُثَنَّى الزمن، والحسن بْن عرفة، وأبي سَعِيد الأشج، وطبقتهم. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بخيت الدّقّاق. 534- أيّوب بْن محمد بن محمد بن أيّوب2. أبو الميمون الصوري: عَنْ: كثير بْن عُبَيْد، وعليّ بْن معبد، وعطيّة بْن بقيّة، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الحصائري، والطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وغيرهم. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: رأيتُ مِن كذبه شيئًا لَا أخبر بهِ الساعة. "حرف الباء": 535- بُنان بْن أحمد بْن عَلُّويَه3. أبو محمد القطان:

_ 1 المنتظم "6/ 145"، "221". 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 210، 211"، والمعجم الصغير للطبراني "1/ 104". 3 تاريخ بغداد "7/ 100"، "3542".

سمع: دَاوُد بْن رُشَيْد، وعثمان بْن أَبِي شيبة. وعنه: الطَّسْتيّ، وابن سَعِيد الرّزّاز، وابن المظفّر. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لم يكن بهِ بأس. "حرف التاء": 536- تميم بْن يوسف الحمصيّ الصَّيْدلانيّ: عَنْ: الربيع المُرَاديّ. وعنه: إِسْحَاق بْن سعْد، وأبو القاسم الأبندوري. مستقيم الحديث. "حرف الجيم": 537- جعفر بْن أحمد بْن الفَرَج الدُّوريّ1: عَنْ: هارون بْن إِسْحَاق. وعنه: ابن بَخِيت، وابن المظفّر. 538- جعفر بْن محمد بن أسد2: أبو الفضل النَّصِيبيّ الضّرير المقرئ. قرأ عَلَى: أَبِي عُمَر الدُّوريّ، وهو من كبار أصحابه. قرأ عَلَيْهِ: محمد بن عليّ بْن الْجُلُنْديّ، ومحمد بن عليّ بْن حسن العَطُوفيّ، وجماعة بنصِّيبين. حدث سنة سبع وثلاثمائة. 539- جعفر بْن محمد بن عُتَيْب3: أبو القاسم السُكري، بغداديّ. حدث عن: عَبْدة بْن عَبْد اللَّه الصَّفَّار، ومحمد بْن زياد الزّياديّ، ومحمد بن مَعْمَر البَحْرانيّ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عديّ، وابن لؤلؤ، ومحمد بْن المظفّر. 540- جعفر بْن محمد بن سَعِيد4: بغداديّ. سمع: محمود بْن خِداش، ويوسف بْن موسى. وعنه: عليّ بن عمر السكري الحربي، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 212". 2 تاريخ بغداد "7/ 222". 3 تاريخ بغداد "7/ 206". 4 تاريخ بغداد "7/ 209".

541- جعفر بْن محمد بن العبّاس1: أبو القاسم الكَرْخيّ. عَنْ: جُبَارة بْن المغلِّس، وهنّاد بْن السري، وجماعة. وعنه: ابن عدي، وأبو حفص بن شاهين، وعليّ الحربيّ. وهّاهُ الدَّارَقُطْنيّ. 542- جعفر بْن محمد بن أحمد بْن صالح بْن أَبِي هُرَيْرَةَ: أبو القاسم الْمَصْرِيّ. سمع: حَرْمَلَة. 543- جعفر بن محمد ين يعقوب الإصبهانيّ2: التّاجر الأعور. عَنْ: الحَسَن بْن محمد بن الصّبّاح الزَّعْفرانيّ، والحسن بْن عَرَفَة، وجماعة. وعنه: محمد بن جعفر المغازليّ، ووالد أبي نعيم. "حرف الحاء": - الحارث بن محمد بن الحارث، أبو الليث الهروي العابد نزيل دمشق. حدث عن: عمرو بن عثمان، وكثير بن عبيد، وأبي التقي وهشام الحمصيين، وعنه: أبو أحمد بن عدي، وأبو زرعة وأبو بكر ابنا أبي دجانة. 544- الحَسَن بْن بطّة بْن سَعِيد: أبو عليّ الزَّعْفرانيّ. عَنْ: بِشْر بْن مُعَاذ العَقَديّ، وعَبْد اللَّه بْن معاوية الْجُمَحيّ، ولُوَيْن. وهو من مسندي شيوخ أصبهان. توفي بعد ثلاثمائة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 208". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 246".

روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن أحمد والد أَبِي نُعَيْم، ومحمد بن عُبَيْد اللَّه بْن المَرْزُبانيّ، ومحمد بن جعفر. 545- الحَسَن بْن صالح: أبو عليّ البَهْنَسيّ الْمَصْرِيّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. 546- الحَسَن بْن عثمان بْن زياد1: أبو سَعِيد التُّسْتَريّ. عَنْ: محمد بن سهل بْن عسكر، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، ومحمد بن يحيى القطيعيّ، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وآخرون. وكان كذّابًا. قَالَ ابن عديّ: كَانَ عندي أنّه يضع الحديث. سألتُ عَبْدان الأهوازي عَنْهُ، فقال: كذّاب. 547- الحَسَن بْن عليّ بْن يونس: أبو عليّ بْن الإفريقيّ. سمع: محمد بن رُمْح، وحَرْمَلَة. وحَدَّثَ. 548- الحَسَن بْن الفَرَج الغزّيّ2: روى عَنْ: يحيى بْن بُكَير "مُوَطّأ مالك". وعن: يوسف بْن عديّ، وعَمْرو بْن خَالِد الحرّانيّ، وهشام بن عمّار. روى عَنْهُ: الحَسَن بْن مروان القيْسرانيّ، ومحمد بن عليّ النّقّاش التِّنِّيسيّ، وأبو عُمَر بْن فَضَالَةَ، وعليّ بْن أحمد المقدسيّ، وأبو عليّ الحسين بْن محمد النَّيْسابوريّ، ومحمد بن العبّاس بْن وصيف.

_ 1 الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي "2/ 756، 757"، والمغني في الضعفاء "1/ 162"، "1428". 2 تاريخ جرجان "340"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 238".

قَالَ أبو عليّ: قرأ علينا "المُوَطّأ" من أصل كتابه، وما رأينا منه إلّا الخير. قلت: سماع أَبِي عليّ منه سنة ثلاث وثلاثمائة فيما أحسب، واللَّه أعلم. 549- الحَسَن بْن عليّ بْن رَوح بْن عَوَانة1: أبو بَكْر الكفْرَبطْنانيّ. روى عَنْ: قاسم الْجُوعيّ، وهشام الأزرق، ومحمد بن وزير، وجماعة. وعنه: محمد بن سليمان الرّبعيّ، وجُمَح بْن القاسم، وابن زبْر، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وآخرون. وما علمت بهِ بأسًا. 550- الحَسَن بْن عليّ بْن مَحْميّ بْن بِهْرام2: أبو عليّ المُخَرِّميّ البزّاز. سمع: عليّ بْن المَدِينيّ، وسُوَيْد بْن سَعِيد، وعبد الأعلى بْن حمّاد. وعنه: عُمَر بْن سُنْبُك، ومحمد بن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير، وابن عديّ وقال: رأيتهم مجمِعِين عَلَى ضعفه، وأنكرت عَلَيْهِ أحاديث. 551- الحَسَن بْن موسى: أبو محمد النّوَبْخِتيّ البغداديّ، صاحب المصنّفات الكثيرة في الكلام والفلسفة. وهو ابن أخت أَبِي سهل بْن نُوبَخْت. وكان شيعيّا. وله كتاب "الدّيانات" لم يُتِمُّه، وكتاب "الرّدّ عَلَى التّناسخيّة"، وكتاب "حَدَث العالم"، وكتاب "الرد على ابن الهُذَيْل العلّاف في قوله: نعيم الجنّة منقطع"، وكتاب "الرّدّ عَلَى أهل المنطق"، وكتاب "إنكار رؤية اللَّه تعالى"، وأشياء كثيرة. 552- الحَسَن بْن يوسف بْن أَبِي طيبة: القاضي أبو عليّ المصري المديني.

_ 1 معجم البلدان "4/ 468"، وفيه: "الحسين". 2 ميزان الاعتدال "1/ 506"، "1903".

سمع: هشام بْن عمّار، وأحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ. وعنه: محمد بن المظفّر، والمفيد، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. سمعوا منه ببغداد. 553- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهب. أبو عليّ البغداديّ المالكيّ: عَنْ: محمد بن وهْب بْن أَبِي كريمة، وهشام بن عمّار، وعبد الوهّاب بْن الضّحّاك العَرَضيّ، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، وعبد الصَّمد الطَّسْتيّ، وعليّ بْن محمد الشُّونِيزيّ، والمَيَانِجيّ. قَالَ الخطيب: ما علمت منه إلّا خيرًا. 554- الحسين بْن أحمد بْن عصمة. أبو عليّ البغداديّ، الوكيل. عَنْ: حَجّاج بْن الشّاعر، والرَّماديّ. وعنه: أبو محمد بن السّقّاء، وابن المظفّر: 555- الحسين بْن أحمد بْن منصور البغداديّ سجّادة: عَنْ: أَبِي مَعْمَر الهُذليّ، والقواريريّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن عديّ، والإسماعيليّ. لا باس بهِ. 556- الحسين بْن عَبْد اللَّه بْن يزيد القطّان1: أبو عبد الله الرَّقّيّ المالكيّ الجصّاص الأزرق. سمع: إبراهيم بْن هشام الغسّانيّ، وهشام بن عمّار، والوليد بْن عُتْبة، وإِسْحَاق بْن موسى الْأَنْصَارِيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو بكر بْن السُّنّي، وابن عديّ، وأبو حاتم بْن حِبّان، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 557- الحسين بن علي بن حماد بن مهران2:

_ 1 تاريخ جرجان "458"، وسير أعلام النبلاء "11/ 304". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 236"، وغاية النهاية "1/ 244".

أبو عبد الله الرّازيّ المقرئ. قرأ عَلَى: أحمد بْن يزيد الحَلْوانيّ. وأقرأ مدة. قرأ عَلَيْهِ: أبو بَكْر النّقّاش، وعليّ بْن أحمد بْن صالح المقرئ. شيخ الخليليّ. 558- الحسين بْن محمد بن جَابِر التَّميميّ1: بصْريّ. حدث عن: هُدْبة بْن خَالِد. وعنه: ابن عديّ، وأبو بَكْر المقرئ. 559- حِماس بْن مروان بْن سماك2: أبو القاسم الهَمْدانيّ القيرواني القاضي العلّامة. سمع في صغره من سَحْنُون. وكان بارعًا في الفقه، محمود الأحكام. وقيل: كَانَ الاسم في زمانه ليحيى بْن عُمَر والفِقْه لِحماس. وكان يحيى يعظّمه ويُطْريه. وقد رَحَل. 560- حُمَيْد بْن محمد بن نُصَيْر3: أبو الحَسَن التَّميميّ البَعْلَبَكّيّ. إمام جامع بَعْلَبَكّ. روى عَنْ: هشام بْن خَالِد الأزرق، ومحمد بْن مُصَفَّى الحمصيّ، وجماعة. وعنه: أبو السَّرِيّ محمد بن دَاوُد، وأبو عليّ بْن هارون، ومحمد بن سليمان الرّبعيّ.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 95"، "4192". 2 معالم الإيمان "2/ 320-330"، والديباج المذهب "1/ 342-344". 3 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 466"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "2/ 190".

"حرف الخاء": 561- الخِضر بْن الهَيْثَم بْن جَابِر1: أبو القاسم الطوسي المقرئ. شيخ مجهول. قرأ عَلَيْهِ: أحمد بْن محمد العِجْليّ شيخ الأهوازيّ. ذكر أَنَّهُ قرأ عَلَى الطَّيِّب بْن إسماعيل، وعمر بْن شبّة، والسُّوسيّ، وهُبَيْرة التّمّار. قرأ عَلَيْهِ العِجْليّ في سنة عشر وثلاثمائة. وقرأ عَلَيْهِ: أحمد بْن عَبْد اللَّه الْجُبّيّ. "حرف الزاي": 562- زيد بْن عَبْد العزيز: أبو جَابِر المَوْصِليّ. سمع: محمد بن يحيى بْن فَيّاض، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن عمّار. "حرف السين": 563- سَعِيد بْن عَبْد الرحيم2: أبو عثمان البغداديّ الضّرير المؤدّب المقرئ، صاحب الدُّوريّ. تصدَّرَ للإقراء. فقرأ عَلَيْهِ: أبو الفتح بْن بَدْهَن، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، وأبو بَكْر الشّذَائيّ، وأبو العبّاس المطَّوِّعيّ. والغَضَائريّ شيخ الأهوازيّ. كَانَ حَيًّا في حدود سنة عشر وثلاثمائة. 564- سَعِيد بْن يعقوب الْقُرَشِيّ الإصبهانيّ3. أبو عثمان السراج:

_ 1 غاية النهاية "1/ 270، 271"، "1226". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 242، 243"، وتاريخ بغداد "1/ 306، 307". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 330".

عَنْ: محمد بن وزير الواسطيّ، ومحمد بن بشّار، ومحمد بن منصور المّواز. وعنه: أبو الشَّيْخ، ووالد أَبِي نُعَيْم. 565- سلمان بْن إسرائيل الخُجُنْديّ: سمع: عَبْد بْن حُمَيْد. وعنه: عليّ بْن عُمَر الحربيّ، وغيره. "حرف الشين": 566- شعيب بْن محمد بن أحمد بْن شُعيب1: أبو القاسم الدَّبِيليّ. قدِم إصبهان سنة خمس، وحدَّثَ عَنْ عَبْد الرحيم بْن يحيى الدَّبِيليّ، عَنِ الوليد بْن مُسْلِم، وعن سهل بْن سُقَيْر الخِلاطيّ، عَنْ يوسف بْن خَالِد السَّمتيّ. وعنه: أبو أحمد العسّال، ومحمد بن جعفر بْن يوسف. "حرف الصاد": 567- صالح بْن محمد بن صالح2: أبو عليّ البغداديّ الجلّاب. حدَّثَ بدمشق عَنْ: يعقوب الدَّوْرقيّ، وعَمْرو بْن عليّ الفلّاس، وأحمد بْن عَبْدة، وطبقتهم. وعنه: أبو هاشم المؤذِّن، ومحمد بن سليمان الرّبعيّ، وآخرون. "حرف العين": 568- عامر بْن عُقْبة بْن خَالِد: أبو الحَسَن الأسْلَميّ، من ولد أَبِي بَرْزَة رضى الله عنه.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "10/ 344، 345". 2 تاريخ بغداد "9/ 330"، "4868".

ثقة، صدوق. سمع: أَبَاهُ، وَسَلَمَةَ بْن شبيب، وحُمَيْد بْن مَسْعَدَة. وعنه: أبو الشَّيْخ، والعسّال. 569- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن خُزَيْمة الباوَرْديّ1: حدَّثَ ببغداد عَنْ: عليّ بْن حُجْر، وعليّ بْن سَلَمَةَ اللَّبَقيّ. وعنه: أبو بكر الشافعي، والجعابي، وأبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي. 570- عبد الله بن عمران بن موسى المقرئ النجار2: عن: أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وعبد الأعلى بن حماد. وعنه: الجعابي، وابن المقرئ، وجماعة بغداديون. وكان حافظا رحالا. لقيه ابن المقرئ ببغداد في سنة 304. 571- عبد الله بن محمد بن الأشقر: الراوي عَنِ الْبُخَارِيّ. يأتي في الطبقة الأخرى. 572- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سَلْم المقدسيّ: تُوُفّي سنة نيفٍ عشرة. 573- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْد الحميد الواسطيّ القطّان3: أبو بَكْر. نزيل بغداد. حدَّثَ عَنْ: يعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن الْمُثَنَّى، وعليّ بْن الحَسَن الدِّرْهَميّ، وزهير بْن قُمَيْر، وأحمد البزّيّ المقرئ، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 379"، "4956". 2 تاريخ بغداد "10/ 39"، "5159". 3 تاريخ بغداد "10/ 105"، "5224".

وعنه: ابن السّمّاك، وأبو بَكْر الآجُرِّيّ، وعُمَر بْن بِشْران، والحسن بْن أحمد بْن صالح السَّبِيعيّ. وثّقه الخطيب. 574- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سيّار1: أبو محمد الفَرْهَادَانيّ، ويقال فيه: الفَرْهَيَانيّ. ذكره ابن عساكر في "تاريخ دمشق" فقال: سمع: هشام بْن عبّاد، ودُحَيْمًا، وقُتَيْبة بْن سَعِيد، ومحمد بن وزير، وأبا كُرَيْب، وعبد الملك بْن شعيب بْن الَّليْث، وجماعة. روى عَنْهُ: محمد بْن الحَسَن النّقّاش المقرئ، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر الإسماعيلي، وبشر بْن أحمد الإسفرائيني، وأبو عَمْرو بْن حمدان. قَالَ الحافظ ابن عديّ: كَانَ رفيق النَّسائيّ، وكان ذا بَصَرٍ بالرجال. وكان مِن الأثبات. سألته أنّ يُمْلي عليَّ عَنْ حَرْمَلَة، فقال: يا بُنيّ وما تصنع بحَرْمَلَة؟ إنّ حَرْمَلَة ضعيف. ثم أملى علي عَنْهُ ثلاثة أحاديث لم يَزِدْني. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ وَزَيْنَبَ الْكِنْدِيَّةِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَنَّ زَاهِرَ بْنَ طَاهِرٍ أَخْبَرَهُمْ: أَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْكَنْجَرُودِيُّ، أَنَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بْنِ سَيَّارٍ الْفَرْهَادَانِيُّ: ثنا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، ثنا أَبِي: نا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر وقال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رِضَى اللَّهِ فِي رِضَى الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ في سخط الوالد" 2. توفي سنة بضع وثلاثمائة. 575- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى. أَبُو عَبْد الرَّحْمَن المقرئ. كثير الحديث، حسن المعرفة.

_ 1 تذكرة الحفاظ "2/ 716، 717"، وطبقات الحفاظ "308"، وشذرات الذهب "2/ 235". 2 صحيح: أخرجه الترمذي "1899"، وابن ماجه "2089، 3663"، وابن حبان "2026"، في صحيحه، والحاكم في المستدرك "4/ 151".

سمع: أحمد بْن الفراتُ، والحَجّاج بْن يوسف بْن قُتَيْبة. وعنه: أحمد بْن بُنْدار، وأبو الشَّيْخ، ومحمد بن جعفر بْن يوسف. 576- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن طُوَيْط1: أبو الفضل الرَّمْليّ البزّاز الحافظ. سمع: هشام بْن عمار، وابن ذكوان، ودُحَيْمًا، وعبد الجبار بْن العلاء، وعبد الملك بْن شعيب بْن الَّليْث، وطبقتهم. وكان كثير الحديث، واسع الرحلة. روى عَنْهُ: خَيْثَمَة، والطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وأبو عُمَر بْن فَضَالَةَ، وجماعة. 577- عَبْد اللَّه بْن يحيى بْن موسى2: أبو محمد السَّرْخَسيّ، القاضي. عَنْ: عليّ بْن حُجْر، وعليّ بْن خَشْرَم، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والعبّاس بْن الوليد بْن مُزْيَد، وطبقتهم. وعنه: أبو بَكْر الإسماعيليّ، وأبو أحمد بْن عديّ، وأبو الطَّيِّب، ومحمد بن عَبْد اللَّه الشُّعَيْريّ. قَالَ ابن عديّ: متَّهم في روايته عَنْ عليّ بْن حُجْر، وغيره. 578- عَبْد اللَّه بْن هاشم3: أبو محمد الزَّعْفرانيّ المقرئ. ذكر أنّه قرأ القرآن عَلَى خَلَف بْن هشام. وهذا بعيد. وأنّه قرأ عَلَى دُحَيْم صاحب الوليد بْن مُسْلِم، وعلى عَبْد الوهّاب بْن فُلَيْح، وعلى أَبِي هشام الرّفاعيّ، وعلى الدُّوريّ. قَالَ أبو عليّ الأهوازي في غير ما موضع: قرأتُ القرآن عَلَى أبي الحسن علي بن

_ 1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 226"، "915". 2 الميزان "2/ 524"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "2/ 146"، "2139". 3 معرفة القراء الكبار "1/ 253"، وغاية النهاية "1/ 454، 455".

الحسين بْن عثمان الغَضَائريّ. وأخبرني أَنَّهُ قرأ عَلَى الزَّعْفرانيّ. قلت: هُوَ مجهول. ولو كَانَ في هذا الوقت ثمَّ شيخٌ موجود بهذا اللّقاء والإسناد الّذي في السّماء لازْدَحَمَتِ القُرّاء عَلَيْهِ. والعهدة في وجوده عَلَى الغَضَائريّ. ففي النّفس منه. 579- عَبْد المؤمن بْن أحمد بْن حوثرة1: أبو عَمْرو الْجُرْجانيّ العطّار. روى عَنْ: عمّار بْن رجاء، ومحمد بن الجنيد، ومحمد بن زياد بن معروف، وجماعة. وعنه: ابن عديّ، وأبو الحَسَن القصْريّ، وأحمد بْن أَبِي عِمران. 580- عَبْد الرَّحْمَن بْن قريش2: أبو نعيم الهروي. حدث عَنْ: محمد بْن سهل الجوزجاني، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ، وجماعة. وعنه: جعفر الخُلْديّ، ومَخْلَد البَاقّرْحيّ، وجماعة. لم يضعفه أحد. 581- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن المغيرة3: أبو الحَسَن التَّميميّ. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أبان، وأبي كريب. وعنه: أبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ، وعليّ بْن لؤلؤ، والجِعَابيّ. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا. 582- عُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن سليم البغدادي البزاز4:

_ 1 تاريخ جرجان للسهمي "245"، "397". 2 تاريخ جرجان "473". 3 تاريخ بغداد "10/ 283"، "5405". 4 تاريخ بغداد "10/ 349"، وفيه: "عبيد الله بن يحيى بن سليمان".

سمع: الزُّبَير بْن بكّار، وعليّ بْن أشكاب، وعليّ بْن حرب. وعنه: إبراهيم بْن أحمد، وعبد العزيز بْن جعفر الخِرَقيّان. 583- عتيق بْن هاشم بْن جرير: أبو بَكْر المُرَاديّ الْمَصْرِيّ. سمع: أحمد بْن صالح. 584- عليّ بْن إبراهيم بْن الهَيْثَم1: أبو القاسم البلديّ. سمع: محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عمّار، وحدَّثَ. 585- عليّ بْن الحسين بْن ثابت2: أبو الحَسَن الْجُهَنيّ الزُرَءائيّ، من أهل زُرَءا، تُدعى الآن زُرع. روى عَنْ: هشام بن عمار، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وهشام بن خَالِد. وعنه: جُمَح بْن القاسم، وأبو يَعْلَى الصيداوي، وأبو هاشم عَبْد الجبّار المؤدّب، ومحمد بن سليمان الرّبعيّ. 586- عليّ بْن دَاوُد: أبو الحَسَن الحرّانيّ العطّار. عَنْ: عَمْرو بْن هاشم الحرّانيّ. 578- عليّ بْن الصّبّاح بْن عليّ3: أبو الحَسَن الإصبهانيّ الحافظ. عَنْ: محمد بْن عصام، وعامر بْن إبراهيم. وعنه: الطَّبَرانيّ، والعسّال، ومحمد بن جعفر بْن يوسف، وأبو أبي نعيم.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 337"، "6171". 2 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 217" في ترجمة "عبد الله بن محمد بن حمزة الصيداوي". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 10"، وهو يعرف بابن ريذوس.

588- عليّ بْن عَبْد الملك بْن عَبْد ربّه الطّائيّ البغداديّ1: حدث عن: عَبْد الأعلى بْن حمّاد، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ. روى عَنْهُ: أحمد بْن كامل، وعُمَر بْن سُنْبُك، وعليّ بن عمر الحربي. - علي بن المبارك المسروري البغداديّ. حدث عن عَبْد الأعلى بْن حمّاد، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ. روى عَنْهُ: أحمد بْن كامل وعُمَر بْن سُنْبُك وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. 589- عليّ بْن موسى بْن النَّضْر: أبو القاسم الأنباريّ. عَنْ: يعقوب الدَّوْرقيّ، وزياد بْن أيّوب، وطبقتهما. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وابن شاهين، وجماعة. وهو ثقة. 590- عليّ بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن: أبو الحَسَن، مولى قُرَيش. مصريّ يُعرف بابن أَبِي مروان. سمع: عيسى بْن زُغْبة، وعبد الملك بْن شعيب بْن الَّليْث. 591- عليّ بْن الحَسَن بْن الْجُنَيْد2: أبو عبد الله النَّيْسابوريّ، ثمّ البغداديّ البزّاز. حدث عن: لُوَيْن، وعَبْد اللَّه بْن هاشم، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ. وعنه: أبو القاسم بْن النّحّاس، وعبد العزيز الخِرَقيّ، ومحمد بن المظفّر. وثّقه الخطيب. 592- عِمران بْن موسى النيسابوري: أبو الحسن.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 27"، "6391". 2 تاريخ بغداد "11/ 378"، "6241".

سمع: محمد بْن يحيى، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بن عَزيز الأَيْليّ. وعنه: محمد بْن سليمان الرّبعيّ، وابن المقرئ، وابن حَيَّوَيْه النَّيْسابوريّ، والحسن بْن رشيق، وجماعة. حدَّثَ بمصر، ودمشق. 593- عُمَر بْن إسماعيل: أبو حفص السّرّاج الْمَصْرِيّ. سمع: حَرْمَلَة. 594- عَمْرو بْن الْجُنَيْد القاضي: حكَمَ بدمشق. وحدث عن: يعقوب الدَّوْرقيّ، وأحمد بْن المِقْدام. وعنه: الحَسَن بْن منير التّنُوخيّ، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي دُجانة. 595- عُمَر بْن حفص بْن هند الهَمْدانيّ1: أبو حفص، مستملي ابن دِيزِيل. سمع: يحيى بْن نَضْلَة الخُزاعيّ، وإسماعيل بْن موسى الفَزَاريّ، وأبا كُرَيْب، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر محمد بْن يحيى الْإِمَام، والفضل بْن الفضل الكنديّ والإسماعيليّ، وأبو عَمْرو بْن مطر، وجماعة. 596- عُمَر بْن سَعِيد بْن أحمد بْن سعد بْن سنان2: أبو بَكْر الطّائيّ المَنْبِجيّ. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وأبا مُصْعَب، ومحمد بن قدامة، وأحمد بن أبي شعيب الحراني.

_ 1 تاريخ جرجان "88/ 222". 2 معجم البلدان "5/ 27"، واللباب "3/ 259".

وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن حِبّان، وعَبْدان بْن حُمَيْد المَنْبِجيّ، وابن عديّ، وعَبْد اللَّه بْن عَبْد الملك المَنْبِجيّ. وقال أبو حاتم بْن حبّان: كَانَ قد صام النّهار وقام اللّيل ثمانين سنة غازيًا مرابطًا، رحمة اللَّه عَلَيْهِ. أَخْبَرَنا محمد بْنُ عَلِيٍّ: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ، أَنَا جَدِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ سنة تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ محمد الْفَقِيهُ، أَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ بِمَنْبِجَ، ثنا أَبُو إِلْيَاسَ الْبَالِسِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ المَنْبِجِيُّ سنة سِتٍّ وَثَلاثِمَائَةٍ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ محمد يُحَدِّثُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، "أَنَّهُ أَرَاهُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ الرَّأْسِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مَقْدِمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ مَرَّ بِهِمَا حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ الْمَكَانَ الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ"1. قلتُ: القاسم هُوَ ابن محمد بْن أَبِي سُفْيَان الثّقفيّ الدّمشقيّ، مُقِلّ، روى عَنْهُ أيضًا قيس بْن الأحنف. 597- عُمَر بْن سهل2: أبو بَكْر الدينوري الحافظ. حدث بأصبهان عن: أبي الأحواص محمد بْن الهَيْثَم العُكْبَريّ. ومحمد بن صالح الأشجّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيْخ، والحسن بْن إِسْحَاق. 598- عُمَر بْن خَالِد3: أبو حفص الشّعيريّ البغداديّ. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن مُطِيع، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرازي، وجماعة.

_ 1 أخرجه أحمد في مسنده "4/ 94"، وأبو داود في سننه "122، 124". 2 المعجم الصغير "1/ 189"، للطبراني. 3 تاريخ بغداد "11/ 219، 220"، "5936".

وعنه: محمد بْن خَلَف بْن حيان شيخ أَبِي القاسم التّنُوخيّ، وأبو القاسم بْن النّحّاس، وغيرهما. حدث سنة أربع وثلاثمائة. 599- عَمْرو بْن بِشْر1: أبو حفص النَّيْسابوريّ الشاماتيّ. نزيل بغداد وأحد حفّاظ الحديث. حدَّثَ عَنْ: محمد بْن أَبِي سَمِينة، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، والحسن بْن عيسى بْن ماسَرْجس، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، والصّوّاف. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة حافظًا. "حرف الفاء": 600- الفضل بْن أحمد البغداديّ السّرّاج2: عَنْ: عَبْد الأعلى بْن حمّاد النَّرْسيّ. وعنه: عليّ الحربيّ فقط. "حرف القاف": 601- القاسم بْن عُبَيْد اللَّه بْن سَعِيد بْن كثير بْن عُفَيْر: عَنْ: عيسى بْن حماد. 602- القاسم بن منده بن كوشند الإصبهانيّ الضّرير3: سمع: سليمان الشاذكُونيّ، وسعيد بْن يحيى الإصبهانيّ، وسهْل بْن عثمان. وعنه: محمد بن جعفر بن يوسف، وأبو أبي نعيم. اختلط في آخر عمره، وضعفوا أمره.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 225"، "6674". 2 تاريخ بغداد "12/ 376"، "6827". 3 ميزان الاعتدال "3/ 380"، ولسان الميزان "4/ 466"، "1449".

603- القاسم بْن يحيى بْن نصر الثَّقْفيّ1: أبو عَبْد الرَّحْمَن البغداديّ. عَنْ: عمّه سعدان بْن نصر، والربيع بْن ثعلب، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، والصَّلْت بْن مسعود الجحدريّ. وعنه: ابن المظفّر، ومحمد بن الشِّخِّير، وعَبْد اللَّه بْن موسى الهاشميّ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. مات في حدود سنة عشر. 604- قُدَامة بْن جعفر بْن قُدَامة2. أبو الفَرَج الكاتب الإخباريّ. أحد البلغاء الّذي ضربَ الجريريّ بهِ المثلَ في قوله: لو أوتي بلاغة قُدَامة. كَانَ قُدَامة فيلسوفًا نصرانيًا، فأسلم عَلَى يد المكتفي باللَّه. وكان موصوفًا بمعرفة عِلْم المنطق، وله كتاب "الخراج"، وكتاب "نقْد الشِّعْر"، وكتاب "صابون الغَمّ"، وكتاب "السّياسة"، وكتاب "ترياق الفِكْر"، وكتاب "جلاء الحُزْن"، وكتاب "الرّدّ عَلَى ابن المعتزّ"، وكتاب "صناعة الْجَدَل"، وكتاب "نزهة القلب"، وكتاب "الرسالة إلى ابن مُقْلَة"، وغير ذَلِكَ. وكان بغداديًا علّامة. أدرك أبا محمد بْن قُتَيْبة، وثعلبًا، والمبرّد، وأبا سَعِيد السُّكَّريّ. وبرع في فنون الأدب وفي الحساب، وغير فن. وكان أَبُوهُ أيضًا كاتبًا أديبًا، وقد مَرّ. 605- قسطنطين الرُّوميّ3. مولى المعتمد. عَنْ: هشام بن عمّار، وأبي بَكْر، وعثمان ابني أَبِي شَيْبة، وغيرهم. تفرَّدَ عَنْهُ ابن عدي.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 442"، "6912". 2 البداية والنهاية "11/ 220"، والنجوم الزاهرة "3/ 297"، وهدية العارفين "1/ 835". 3 تاريخ بغداد "12/ 478"، "6949".

"حرف الكاف": 606- كَهْمُس بْن مَعْمَر بْن محمد بْن مَعْمَر بْن كَهْمُس الْمَصْرِيّ: سمع: محمد بْن رُمْح، وغيره. "حرف الميم": 607- محمد بْن إبراهيم بْن يحبى بْن الحَكَم بْن الجزّور الثَّقْفيّ1: مولى السّائب بْن الأقرع، أبو جعفر الإصبهانيّ الجزّوريّ المؤدّب. روى عَنْ لُوَيْن نسخةً، وعن: محمد بْن حاتم المؤدِّب. وأبي عُمَر الدُّوريّ، وأحمد ويعقوب ابني الدَّوْرقيّ، وعليّ بْن مُسْلِم الطُّوسيّ. روى عنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشّيخ، وأبو أبي نعيم، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو جعفر بن المرزبان، وسماعه منه سنة خمس وثلاثمائة. 608- محمد بْن أحمد بْن الحُسين الأهوازيّ الْجُرَيْجيّ الحافظ2: جَمَع حديث ابن جُرَيْج، ورحل وطوّف. ولم يكن ثقة. روى عَنْ: يوسف بْن موسى القطّان، ومحمد بن المُثَنَّى، والأشجّ، وطبقتهم. روى عَنْهُ: ابن عديّ وقال: لقيته بتُسْتَر، وكان مقيمًا بها يُحَدِّثُ عمّن لم يَرَهُمْ. وسألتُ عَبْدان عَنْهُ فقال: كذَّاب. كتبَ عنّي حديث ابن جُرَيْج، وادّعاهُ عَنْ شيوخه. 609- محمد بْن أحمد بْن أبان: أبو العبّاس السُّلَميّ الرَّقّيّ الضّرّاب. سمع: لُوَيْنًا، وجماعة. وعنه: محمد بْن المظفّر، وأبو بَكْر بن المقرئ، وأبو الفتح محمد بْن الحُسين الْأَزْدِيّ، وآخرون. 610- محمد بن أحمد بن أزهر الدمشقي:

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 242". 2 الكامل في الضعفاء لابن عدي "6/ 2301، 2302"، وميزان الاعتدال "3/ 460".

عَنْ: أَبِي إِسْحَاق الجوزجانيّ، والعبّاس بْن الوليد بْن مُزْيَد. وعنه: أبو هاشم المؤدّب، وأبو سليمان بْن زبْر الدمشقيّان. 611- محمد بْن أحمد بْن الوليد بْن يزيد1: أبو بَكْر الثَّقْفيّ المَدِينيّ. ثقة أمين، مِن أولاد الملوك. سمع: سعْد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وعصام بْن روّاد العسقلانيّ، ومتوكّل بْن أَبِي سَورَة المصِّيصيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيْخ، وآخرون. 612- محمد بْن أحمد بْن عثمان2: أبو طاهر المَدِينيّ، نزيل مصر. روى عَنْ: يحيى بْن سليمان الْجُعْفيّ، ويحيي بْن دُرُسْت، وحَرْمَلَة بْن يحيى. قَالَ ابن عديّ: كتبت عَنْهُ، وكان يُحمل عَلَى حِفْظه. وقد أُصيب بكُتُبه وحدَّثَ بمناكير. قلت: وروى عَنْهُ ابن يونس. 613- محمد بْن أحمد بْن يزيد الزُّهْرِيّ3: أبو عبد الله الإصبهانيّ الحافظ. طلب في حدود الخمسين ومائتين، وسمع من: سَعِيد بْن عيسى الكُرَيْزيّ، ويحيى بْن واقد الطّائيّ صاحب هُشَيْم، وإسماعيل بْن يزيد القطّان، وأحمد بن الفرات، ومحمد بن عصام جبر، وخلق. وعنه: الطبراني، وأبو الشيخ، وابن المقرئ، وعبد الله والد أبي نعيم، وغيرهم. قال أبو الشيخ: لم يكن بالقوي في الحديث. وهو أخو أبي صالح الأعرج عبد الرحمن، والراوي عَنْ حُمَيْد بْن مَسْعَدَة الّذي مرّ سنة ثلاثمائة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 24". 2 الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 39"، "2872"، وميزان الاعتدال "3/ 460". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 107".

614- محمد بْن أحمد بْن يزيد ورْكشين1: أبو عبد الله البلْخيّ، ويُعرف بالأزرق. حدَّثَ عَنْ: عليّ بْن المَدِينيّ، وهشام بن عمّار. وعنه: أبو بكر الربعي، وعبد الله بن عدي وضعفه. قُلْتُ: ثُمَّ رَوَى عَنْهُ حَدِيثًا بِإِسْنَادِ الصَّحِيحِ مَرْفُوعًا: "إِنَّ اللَّهَ ائْتَمَنَ عَلَى وَحْيِهِ جبريل ومحمد وَمُعَاوِيَةَ". وَهَذَا مِنْ وَضْعِهِ. 615- محمد بْن إبراهيم بْن محمد بْن الوليد: الحافظ أبو عبد الله الأصبهاني الكتاني، ونزيل سمرقنْد. ذكره يحيي بْن مَنْدَه غير مطوَّل فقال: كَانَ من أئمّة الحديث، والمعتمد عَلَيْهِ في معرفة الصّحابة والعِلَل. جالس أبا حاتم الرّازيّ، وأبا زُرْعة، ومسلم بْن الحَجّاج، وصالح بْن محمد جَزَرَة، وأخذ عَنْهُمْ. وسكن سمرقنْد مدّةً طويلة. 616- محمد بْن جَبُّوَيْه بْن بُنْدار2: أبو جعفر الهَمْدانيّ. سمع: محمود بْن غَيْلان، ومحمد بن عبيد الهمذاني، وسَلَمَةَ بْن شبيب. وعنه: محمد بْن محمد الصّفّار، وأحمد بْن محمد بْن صالح، والفضل بْن الفضل، وجبريل بْن محمد الهمذانيُّون. وكان صدوقًا خيّرًا. وهو أخو إبراهيم، وتُوُفّي إبراهيم قبله، وسمع معه من جماعة، منهم محمد عن عُبَيْد. 617- محمد بْن جعفر بْن طُرْخان الإسْتراباذيّ: روى عَنْ: أَبِيهِ، وإسماعيل بْن موسى السُّديّ، وأحمد بن منيع، وابن أبي عمر العدني، وطبقتهم.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 455"، والمغني في الضعفاء "2/ 547"، "5232". 2 راجع الإكمال لابن ماكولا "2/ 364"، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 139".

وعنه: ابن عدي، ومحمد بن إبراهيم، وجماعة. من شيوخ أبي سعد الإدريسي وقال: كَانَ ثقة. 618- محمد بْن جعفر بْن يحيى بْن رَزِين1: أبو بَكْر العُقَيْليّ الحمصيّ العطّار. سمع: هشام بن عمّار، وإِسْحَاق بْن إبراهيم بْن العلاء؛ ووالد هذا إبراهيم بْن العلاء بْن زِبْريق. وعنه: يحيى بْن مِسْعَر المَعَرِّيّ، والقاضي المَيَانِجيّ، وابن المقرئ، والقاضي أَبِي بَكْر الأبْهَريّ، والحسن بْن عَبْد اللَّه الكِنْديّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لَيْسَ بهِ بأس. 619- محمد بْن الحُسن بْن الخليل النَسَويّ: أبو عبد الله. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وعَبْد اللَّه بْن معاوية الْجُمَحيّ، وأبا كُرَيْب. وعنه: ابن نُجَيْد، وأبو حاتم بْن حِبّان، وعليّ بْن عيسى المالينيّ. 620- محمد بْن حصْن بْن خَالِد2: أبو عبد الله الألُوسيّ. حدَّثَ بدمشق عَنْ: نصْر بْن عليّ، ومحمد بن مَعْمَر البَحْرانيّ، ومحمد بن زنبور، وجماعة. وعنه: محمد بن حميد بن معيوف، والطبراني، والمقرئ. 621- محمد بْن سليمان بْن محبوب3: أبو عبد الله البغدادي الحافظ، الملقب بالسخل. حدث عَنْ: محمد بْن عوف الحمصيّ، وطبقته.

_ 1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "4/ 142، 143"، "1356". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 78"، وفيه: "محمد بن حصين الأويسي". 3 تاريخ بغداد "5/ 300"، "2804".

روى عَنْهُ: الْجِعَابيّ، وإِسْحَاق النِّعَاليّ، ومحمد بن المظفّر. 622- محمد بْن صالح بْن عَبْد اللَّه الطَّبَريّ: أبو الحَسَن السَّرَوِيّ. روى عَنْ: عَبْد الجبّار بْن العلاء، وأبي كُرَيْب، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وبندار. وعنه: أحمد بن سعيد المعداني، وعلي بن الحسن بن الربيع الفقيه، وجبريل بن محمد، والهمدانيون. فيه لين. 623- محمد بن سلمة بن قرباء1: أبو عبد الله الربعي البغدادي. نزيل عسقلان. حدث عَنْ: بِشْر بْن الوليد، وأحمد بْن المِقْدام، ومحمود بْن خداش. وعنه: عبد الله بن عدي، وأبو حاتم بن حبان، وأبو بكر بن المقرئ. قال الدارقطني: ليس بالقوي. 624- محمد بن سهل البغدادي العطار2: مولى بني أسد. روى عَنْ: مُضارب بْن نُزَيْك الكلْبيّ، وعُمَر بْن عَبْد الجبّار، وعَبْد اللَّه البَلَويّ، وطائفة مجهولين. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الشّافعيّ، والجِعَابيّ، ومَخْلَد البَاقّرْحيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: متروك. وقال مرّة: كَانَ يضع الحديث. 625- محمد بن صالح بن عبد الرحمن بن حماد3:

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 346"، والميزان "3/ 568". 2 تاريخ بغداد "2829"، وميزان الاعتدال "3/ 576". 3 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "38/ 114".

أبو العبّاس بْن أَبِي عِصْمة التَّميميّ الدّمشقيّ. روى عَنْ: جاره هشام بن عمّار، وهشام بْن خَالِد، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ، وجماعة. وعنه: محمد بْن إِسْحَاق الصّفّار، والخضر الأسْيُوطيّ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وابن المقرئ، وجماعة. 626- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن إبراهيم1: أبو بَكْر الأشْنانيّ العَنْبريّ. حدَّثَ ببغداد عَنْ: عليّ بْن الْجَعْد، وأحمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وهذه الطبقة. وعنه: علي بن الحسن الجراحي، وأبو بكر أحمد بن شاذان. وعنه قَالَ الخطيب: إنّه كَانَ يضع الحديث. وقال الدَّارَقُطْنيّ: دجّال. 627- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن المنتجِع2: أبو عَمْرو المَرْوَزِيّ. ثقة؛ سمع: عليّ بْن خَشْرَم. وعنه: أبو الحُسين بْن المظفّر، وأبو الحَسَن الحربيّ. 628- محمد بْن عَبْد اللَّه3: أبو بَكْر الزقاق. من كبار مشايخ الصُّوفيّة. لَهُ كرامات. 629- محمد بن عبد الله بن يوسف4:

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 439-442"، والميزان "3/ 604". 2 تاريخ بغداد "5/ 436"، "2957". 3 البداية والنهاية "11/ 97"، وطبقات الأولياء "311، 312"، "68"، وفيه: "أبو بكر الزقاق الصغير". 4 تاريخ بغداد "5/ 444"، "2966".

أبو بَكْر المهريّ. عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة. وعنه: أبو بَكْر بْن شاذان. 630- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن بلال الجوهريّ المقرئ1: عَنْ: محمد بْن وزير، وشعيب بْن عَمْرو الدّمشقيَّيْن. وعنه: الفضل بْن جعفر، وأبو هاشم المؤدّب. 631- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام2: أبو جعفر الرَّمْليّ. روى عَنْ: هشام بن عمّار. وعنه: ابن المقرئ. 632- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3: أَبُو الأصْيَد الدّمشقيّ الْأَزْدِيّ الْإِمَام. روى عَنْ: إبراهيم الجوزجانيّ، وأبي أميّة الطَّرَسُوسيّ. وعنه: أبو عليّ بْن منير، وأبو هاشم المؤدب، والفضل بن جعفر الدمشقيين. 633- محمد بْن عُبَيْد اللَّه4: أبو جعفر البغداديّ الحافظ، ختن أَبِي الآذان. حدَّثَ عَنْ: هلال بْن العلاء، وعثمان بْن خُرزَاد، وجعفر بْن أَبِي عثمان الطَّيالِسيّ. وعنه: محمد بْن عُمَر الْجِعَابيّ، وأبو الفتح الْأَزْدِيّ، وابن عديّ. قَالَ الدارقطني: كان مخلطًا.

_ 1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "4/ 238"، "1491". 2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "37/ 482". 3 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية 37/ 465". 4 ميزان الاعتدال "3/ 627"، "7909".

634- محمد بْن عُبَيْد بْن وردان: أبو عَمْرو الدّمشقيّ. سمع: هشام بن عمّار، وابن ذَكْوان، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيه. وعنه: ابن الأعرابيّ، وجُمَح المؤذّن، وأبو أحمد بْن عديّ. 635- محمد بْن عَبْدُوس بْن مالك1: أبو الحَسَن الثَّقْفيّ الطّحّان. فقيه، مناظر كبير مِن أهل إصبهان. سمع: أبا مُصْعَب، وعيسى بْن حمّاد، وأبا شعيب السُّوسيّ؛ ورحل مَعَ إبراهيم بْن مَتُّوَيْه. روى عَنْهُ: محمد بْن جعفر بْن يوسف، ومحمد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن الفضل. 636- محمد بْن عليّ بْن سالم بْن علّك2: أبو جعفر الهَمْدانيّ. سَمِعَ: محمدَ بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي رزمة، ومحمد بن عُبَيْد الأَسَديّ، ومحمود بْن غَيْلان. وعنه: عُمَر بْن خرجة، وعُمَر بْن يحيى الدِّيَنَوَريّ. 637- محمد بْن عُمَيْر بْن عَبْد السّلام الرَّمْليّ: عَنْ: هشام بن عمّار. وعنه: ابن المقرئ. 638- محمد بْن عَون الوحيديّ: عَنْ: هشام أيضًا. وعنه: أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 226". 2 تاريخ بغداد "3/ 66"، "1024".

639- محمد بْن المُعَافَى بْن أحمد بْن أَبِي كريمة1: أبو عبد الله الصَّيْداويّ. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وهشام بْن خَالِد، والقاسم الْجُوعيّ، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وجماعة. وعنه: محمد بْن حُمَيْد بْن مَعْيُوف، وأحمد بْن محمد بْن جُمَيْع ووصفه بالصَّدْق؛ ويوسف بْن القاسم المَيَانِجيّ، وأبو يَعْلَى عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي كريمة، وابن عديّ، وابن المقرئ. وكان ثقة عالمًا، حدَّثَ سنة عشر. 640- محمد بْن هارون بْن مجمّع2: أبو الحَسَن المصِّيصيّ. نزيل بغداد. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، ومحمد بن قُدَامة الجوهريّ. وعنه: عُمَر بْن جعفر الْبَصْرِيّ، ومحمد بن عُمَر الْجِعَابيّ، وابن السّمّاك. قَالَ الخطيب: ثقة صالح، خيّر. 641- محمد بْن هاشم3، ويقال: ابن هشام: أبو صالح العُذْريّ الْجِسْرينيّ الغُوطيّ. سمع: زُهير بْن عَبّاد، ومحمد بن أَبِي السَّرِيّ، والمسيّب بْن واضح. وعنه: أحمد بْن سليمان بْن حَذْلَم، وأبو الطيب أحمد بن عبد الله الدارمي، وأبو عليّ بْن شعيب. 642- محمد بْن يحيى بن داود4: أبو بكر الدمشقي.

_ 1 تاريخ جرجان "416"، وشذرات الذهب "3/ 48". 2 تاريخ بغداد "3/ 357"، "1462". 3 معجم البلدان "2/ 140". 4 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "40/ 210".

مولى بني هاشم. سمع: محمد بْن وزير، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وقاسمًا الْجُوعيّ، ومؤمّل بْن إهاب. وعنه: أبو عليّ بْن أَبِي الرَّمْرام، وأبو هاشم المؤدِّب، ومحمد بن جعفر الصَّيْداويّ. 643- محسن بْن محمد بْن خَالِد بْن عَبْد السّلام الصَّدَفيّ الْمَصْرِيّ. سمع جَدّه خَالِد. 644- محمود بْن محمد بْن الفضل بْن الصّبّاح. أبو العبّاس التَّميميّ الرّافقيّ المقرئ الأديب. سمع: عليّ بْن عثمان النُّفَيْليّ، وأبا شُعيب صالح بْن زياد السُّوسيّ، ويزيد بْن محمد بْن سِنان، وجماعة. وعنه: أبو الحُسين محمد الرّازيّ، وأبو هاشم المؤدِّب، وأحمد بْن عليّ أبو الخير الحمصيّ، وحُمَيْد بْن الحَسَن الورّاق، وجماعة. روى عَنْهُ قراءة السُّوسيّ بسماعه منه أحمد بن إسحاق البارودي، وغيره. 645- مَسْلَمَة بْن الهيصم1: أبو محمد العبْديّ الإصبهانيّ. سمع: خَالِد بْن يوسف السَّمتيّ، ومحمد بن بشّار، وأبا موسى، والعبّاس الرّياشيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن جعفر بْن يوسف. 646- موسى بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه: أبو عيسى الخُتّليّ. عَنْ: دَاوُد بْن رُشَيْد، وعَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أبان، وأبي يَعْلَى المِنْقَريّ، وجماعة.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 323"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 117".

وعنه: ابن الأنباريّ، وابن مُقْسِم، وأبو عليّ بْن الصّوَّاف، والحسن بْن أحمد بْن صالح السَّبِيعيّ، وآخرون. ما بهِ بأس. 647- محمد بْن محمد بْن خَالِد بْن شيرزاد: أبو بَكْر الهورانيّ قاضي تِكْريت. وقيل: اسمه: أحمد. عَنْ: لُوَيْن، والحسين بْن عَبْد الرَّحْمَن الاحتياطيّ. وعنه: القَطِيعيّ، وابن المظفّر، ومحمد بن زيد بْن مروان. 648- ميمون بن عمر بن المغلوب المالكيّ1: أبو عُمَر القاضي، من أهل إفريقية. عمَّر دهرًا، وهو معدود في أصحاب سَحْنُون. وحجَّ وسمع "المُوَطّأ" من أَبِي المُصْعَب الزُّهْرِيّ، وهو آخر مَن حدَّثَ عَنْهُ بالمغرب. قَالَ ابن حارث المالكيّ: أدركته شيخًا كبيرًا زَمِنًا، ولي قضاء القيروان، وقضاء صِقِلّية. "حرف النون": 649- النُّعْمان بْن هارون بْن أَبِي الدِّلْهاث2: الشَّيْبانيّ البَلَديّ. حدَّثَ عَنْ: عيسى بْن أَبِي حرب، وسعيد بْن عَمْرو السَّكُونيّ. وعنه: محمد بْن المظفّر، وعلي الحربيّ. قَالَ الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرًا.

_ 1 معالم الإيمان "2/ 356، 357"، والعبر "2/ 184". 2 تاريخ بغداد "13/ 423"، "7298".

"حرف الهاء": 650- هارون بْن الحُسين، أو ابن الحَسَن1: أبو موسى النّجّاد. بغداديّ مستور. روى عَنْ: زيد بْن أخزم، وطبقته. وعنه: أحمد بْن جعفر الخلّال، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وغيرهما. 651- هارون بْن إبراهيم بْن حمّاد البغداديّ2: عَنْ: عَبَّاس الدُّوريّ. وعنه: سليمان الطَّبَرانيّ. فيه جهالة. 652- هارون بْن عَبْد الرَّحْمَن العُكْبَريّ3: سمع من أحمد بْن حنبل مسالةً، ومن: سعدان بْن نصر، ومحمد بن المُثَنَّى. وعنه: يحيى بْن محمد العُكْبَريّ، وابن بَخِيت. 653- هاشم بْن إِسْحَاق الأندلسيّ: سمع من: يونس بْن عَبْد الأعلى. "حرف الواو": 654- الوليد بْن المطّلب بْن نبيه. أبو العاص السَّهميّ الْمَصْرِيّ. عَنْ: هارون بْن سَعِيد الأَيْليّ. "حرف الياء": 655- يحيى بْن طَالِب. أبو زكريا الأنطاكي، ويقال: الطرسوسي الأكاف:

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 29"، "7367". 2 تاريخ بغداد "14/ 30"، "7368". 3 تاريخ بغداد "14/ 31"، "7370".

سمع: هشام بن عمّار، وأبا نُعَيْم عُبَيْد بْن هشام الحلبيّ. وعنه: محمد بْن عيسى الطَّرَسُوسيّ، وعَبْد اللَّه بْن إبراهيم الآبَنْدُونيّ، وجماعة. 656- يحيى بْن عليّ بْن محمد بْن هاشم بْن مرداس: أبو عبد الله الكِنْديّ الحلبيّ. ويقال: أبو العبّاس. حدث عن عُبَيْد بْن هشام، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وعَبْدة بْن عَبْد الرحيم الدّمشقيّ، وطائفة. وعنه: أبو عليّ بْن شعيب، وابن عديّ، وابن المقرئ، وحمزة الكِنَانيّ، وطائفة سواهم. 657- يحيى بْن محمد بْن عمران الحلبي1، ثم البالسي: عن: هشام بن عمّار، ودُحَيْم، وطبقتهما. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر النّقّاش، وابن عديّ، وحمزة الكِنَانيّ. 658- يُسْر بْن أنس2: أبو الخير البغداديّ البزّاز. سمع: الحُسين بْن حُرَيْث، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وطبقتهما. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، والطَّبَرانيّ، وابن المظفّر، وأبو القاسم بْن النّحّاس، وعبد العزيز الخِرَقيّ. وثّقه الخطيب. 659- يعقوب بْن إِسْحَاق. أبو يوسف العطّار: عَنْ: هشام بن عمّار. وعنه: ابن المقرئ، وعليّ بْن الحُسين الأدميّ. نزل أنطاكية. 660- يعقوب بْن يوسف بن خازم الطحان3:

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 142". 2 تاريخ بغداد "14/ 361"، "7686". 3 تاريخ بغداد "14/ 293"، "7596".

عَنْ: ابن أَبِي مذعور، والزُّبَير بْن بكّار، وأحمد بْن المِقْدام. وعنه: أبو حفص الزّيّات، وعُمَر بْن سُنْبُك، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. وثّقه الخطيب. 661- يوسف بْن يعقوب بْن مِهْران1. أبو عيسى الفقيه. بغداديّ مستور. روى عَنْ: محمد بْن عثمان بْن كرامة، وداود الظّاهريّ. وعنه: الزبير بن عبد الواحد، وابن المظفر، والجراحي. "الكنى": 662- أبو عبد الرحمن اللهبي2، وأبو جعفر اللهبي: مكيان مقرئان. قرءا على أبي الحسن البزي. فقرأ على الأول: هبة الله بن جعفر البغدادي شيخ الحمامي. قال الحمامي: سألت هبة الله عَنِ اسم اللَّهْبيّ فقال: لَا أعرفه. وهو أبو عَبْد الرَّحْمَن عَبْد اللَّه بْن عليّ؛ هاشميّ من ولد عُتْبة بْن أَبِي لَهْب. قلتُ: وأمّا الثاني، فقال أبو عَمْرو الدّانيّ: 663- أبو جعفر محمد بْن عَبْد اللَّه اللَّهْبيّ: أخذ القراءة عَنِ البزّيّ عَرْضًا. روى عَنْهُ القراءة عَرْضًا: علي بن سعيد بن دوابة، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الوليّ. ولهما ثالث وهو: 664- أبو العبّاس أحمد بْن محمد اللَّهْبيّ: قرأ أيضًا عَلَى البزّيّ. قرأ عَلَيْهِ: ابن دوابة.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 319"، "7640". 2 غاية النهاية "1/ 436"، "819".

الطبقة الثانية والثلاثون

الطبقة الثانية والثلاثون أحداث سنة إحدى عشر وثلاثمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثانية والثلاثين: أحداث سنة إحدى عشر وثلاثمائة: ذكر عزل حامد بن العباس عن الوزارة: وفيها: عُزِل عَنِ الوزارة حامد بْن العبّاس، علي بْن عيسى، وقُلَّدها أبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن الفُرات. وهذه ثالث مرّة يُعاد1. ثمّ صُودرَ حامد وعُذب. وكان فيه زُعارة وطَيش فيما قَالَ المسعوديّ. قَالَ: كلّمهُ إنسانٌ، فقلبَ ثيابه عَلَى كتفه ولَكَمَ الرجل. ودخلت عليه أم موسى القهرمانة، وكانت كبيرة المحل، فخاطبته في طلب المال، فقال لها: اضْرِطي والتَقطي، واحسُبي لَا تَغْلطي. فأخجلها. وبلغ المقتدر فضحك، وأمرَ القِيان تغنّي بهِ. وجَرَت له فصول وتجلُّد عَلَى الضَّرْب، وأُحْدِرَ إلى واسط، فمات في الطّريق. وكان قديمًا قد ولي نظر بلاد فارس. ثمّ ولي نظر واسط، والبصرة وكان موسرًا متجملًا، له أربعمائة مملوك كلّهم يحمل السّلاح، وفيهم أُمراء. وَزَرَ للمقتدر سنة ست وثلاثمائة، وكان سمْحًا جوادًا مِعْطَاءً ظالمًا. لَهُ أخبار في الظلم وفي الكرم. ولّما أحدر إلى واسط سُمَّ في الطريق في بيض نيمرشت، فأخذه الإسهال حتّى تلف ومات في رمضان، سامحه الله تعالى. ذكر عزل عليّ بْن عيسى: وسُلِّمَ عليّ بْن عيسى إلى المحسّن بْن أَبِي الحَسَن بْن الفُرات، فقيَّدهُ وأهانه، فقال: واللَّه ما أملك سوى ثلاثة آلاف دينار، وما أَنَا من أهل الخيانة2. وحضر نازوك صاحب شرطة بغداد، والمحسّن قد أحضر عليًا وشرع يشتمه، فقام

_ 1 راجع صلة تاريخ الطبري لعريب القرطبي "97"، وتكملة تاريخ الطبري للهمذاني "1/ 31، 32"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 173"، ونهاية الأرب للنويري "23/ 62"، والنجوم الزاهرة "3/ 207"، وصحيح التوثيق "7/ 372". 2 الكامل في التاريخ "8/ 142"، والمنتظم "6/ 173".

نازوك. فقال لَهُ المحسّن: إلى أَيْنَ؟ فقال: قد قبّلنا يدَ هذا الشَّيْخ سنين كثيرة، فما يطيب لي أنّ أراه عَلَى هذه الحال. ودخلَ عَلَى المقتدر فأخبره فأنكر إنكارًا شديدًا. فبعث ابنُ الفُرات إلى ابنه يشتمه ويسبّه، وبعثَ إلى عليّ بْن عيسى بمالٍ وحمله مُكَرَّمًا إلى داره. فسأل الخروج إلى مكة. فأذنوا له فخرج إليها1. ذكر نكبة ابن مُقْلَة: ونكب ابن الفُرات أبا عليّ بْن مُقْلَة، وكان كاتبًا بين يدي حامد بن العباس. ذكر إخراج مؤنس الخادم إلى الرقّة 2: وقدَمَ مؤنس بغداد، فالتقاه الملأ، فانكر ما جرى عَلَى حامد وابن عيسى فعزَّ عَلَى ابن الفُرات فاجتمع بالمقتدر وأغراه بمؤنس، وقال: قد عزمَ عَلَى التحكم عَلَى الخلافة. فلمّا دخل مؤنس عَلَى المقتدر قَالَ لَهُ: ما شيء أحبّ إليّ من إقامتك ببغداد، ولكن قد قلت: الأموال بالعراق، وعسكرك يحتاجون إلى الأرزاق، ومال مصر والشّام كثير. وأرى أنّ تقيم بالرقة، والأموال تحمل إليك من الجهات، فاخرج3. ذكر تفرُّغ ابن الفُرات لنكبة ابن الحاجب وشفيع المقتدريّ: وعلم مؤنس أنّ هذا من تدبير ابن الفُرات، وكان بينهما عداوة، فخرج بعد أيام مستوحشًا. فتفرّغ ابن الفُرات في نكبة نَصْر بْن الحاجب، وشفيع المقتدري، وكثر عليهما عند المقتدر، فلم يمكنه منهما، فقال: إنّ نصرًا ضيَّع عليك في شأن ابن أَبِي السّاج خمسة آلاف ألف دينار، ولو كانت باقية لأرضيت بها الْجُنْد. فكان المقتدر يشره إلى المال مرّةً، ويراعي خاطر والدته لمدافعتها عَنْ نصر مرةً، وقالت لَهُ: قد أبعدَ ابن الفُرات مؤنسًا وهو سيفك، ويريد أنّ ينكب حاجبك ليتمكّن منك، فيجازيك عَلَى حسب ما عاملته من إزالة نعمته وهتْك حُرَمهِ، فَبِمَن تستعين عَلَى ابن الفُرات، والمحسّن مَعَ ما قد

_ 1 تجارب الأمم "1/ 110-113". 2 الكامل في التاريخ "8/ 142". 3 البداية والنهاية "11/ 148"، والوزراء للصابي "53".

ظهر من شرهما واستحلالهما الدّماء إنّ خَلَعاك؟ واتفق أنه وجد في دلو المقتدر أعجمي دخل مَعَ الصناع، فأخذ وقرر فلم يقر بشيء، ولم يزد عَلَى غَيّ دائم، فصُلب وأحرق. فقيل: إنّ ابن الفُرات قَالَ لنَصْر بحضرة المقتدر: ما أحسبك ترضى لنفسك أنّ يجري في دارك ما جرى في دار أمير المؤمنين وأنت حاجبه، وما تمّ هذا عَلَى أحدٍ من الخلفاء. وكثَّر على نصر، وجرت بينهما منافسة1. ذكر ردّ المواريث: وفي شَعْبان أمَرَ المقتدر بردّ المواريث إلى ما صيّرها المعتضد من توريث ذوي الأرحام2. ذكر دخول الجنابيّ البصرة: وفيها دخل أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي القرمطي البصرة في ربيع الآخر في السَّحَر في ألف وسبعمائة فارس، ونصبَ السِّلالم، وصعدوا عَلَى الأسوار، ونزلوا البلد، ففتحوا الأبواب، ووضع السيف في الناس، وأحرق الجامع ومسجد طلحة، فهرب النّاس ورموا نفوسهم في الماء، فغرق خلق، واستباح الحريم والأموال3. ذكر إشخاص الماذرائيّ إلى بغداد: وفيها: كتب ابن الفُرات بإشخاص الحُسين بْن أحمد الماذرائيّ وأبي بَكْر محمد بْن عليّ من مصر إلى بغداد، وصادرهما، وأخذ منهما مائتي ألف دينار. ذكر ولاية الراشديّ دمشق: وفيها: ولي إمرة دمشق عُمَر الراشديّ الّذي ولي الرملة بعد ذَلِكَ، ومات بها سنة أربع عشرة وثلاثمائة.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "42، 43"، للهمذاني، وتجارب الأمم "1/ 117". 2 صلة تاريخ الطبري "102"، لعُريب، والبداية والنهاية "11/ 148". 3 تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء للأصفهاني "153"، والمنتظم "6/ 173، 174"، والعبر "2/ 147"، والبداية والنهاية "11/ 147".

ذكر صرف ابن حربَوَيْه عَنْ قضاء مصر: وفيها: صرف أبو عُبَيْد بْن حربَوَيْه من قضاء مصر، وتأسف النَّاس عَلَيْهِ، وفرح هُوَ بالعزل وانشرح لَهُ. وولي قضاء مصر بعده أبو يحيي عَبْد اللَّه بْن إبراهيم بْن مُكْرَم فاستنابَ عَنْهُ أبا الذِّكْر محمد بْن يحيى الأسوانيّ المالكيّ. وقدِم بعد شهرين إبراهيم بْن محمد الكُرَيْزيّ، فحكم عَلَى ديار مصر من قبل ابن مكرم. ذكر ظهور شاكر الزّاهد: وفي هذه الحدود أو بعدها ظهر شاكر الزّاهد صاحب الحلّاج، وكان من أهل بغداد1. قَالَ السُّلَميّ في "تاريخ الصُّوفيّة": شاكر خادم الحلّاج كَانَ متهمًا مثله، حكى عَنْهُ حكايات كثيرة، وأخرج كلامه إلى الناس، فضربت عنقه بباب الطاق2.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 207". 2 انظر المصدر السابق.

أحداث سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة

أحداث سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة ... أحداث سنة اثنتي عشرة: ذكر وقوع ركْب العراق في أسر الْجَنَّابي: في ثاني عشر المحرم عارض أبو طاهر بْن أَبِي سَعِيد الْجَنَّابيّ رَكْبَ العراق قريبًا من الهبير، وعمره يومئذ سبْع عشرة سنة، وهو في ألف فارس وألف راجل. وكان في الركب أبو الهيجاء عَبْد اللَّه بْن حمدان، وأحمد بْن بدر عمّ السيّدة، وشقيق الخادم، فأسرهم الْجَنَّابيّ وأخذ الأموال والجِمال والحريم، وسارَ بهم إلى هَجَر، وترك بقيّة الركب، فماتوا جوعًا وعطشًا إلّا القليل. وبلغ الخبر بغداد، فكثر فيها النوح والبكاء1.

_ 1 صلة تاريخ الطبري "103، 104"، لعريب، والوزراء للصابي "57"، والتنبيه والإشراف "330"، ونهاية الأرب "23/ 67"، والعبر "2/ 150، 151"، والبداية والنهاية "11/ 149، 150"، وصحيح التوثيق "7/ 374".

ذكر ضعف أمر ابن الفُرات: وضعُف أمر ابن الفُرات، واستدعى نَصْر الحاجب يستشيره بعدما أساءَ إِلَيْهِ فقال: الآن تستشيرني بعد أنّ عرضت الدولة للزوال بإبعادك مؤنسًا. وأخذ يعنفه، ثم التفت إلى المقتدر وقال: الآن كاتب مؤنسًا ليُسرع إلى الحضرة فكتبَ1. ووثبت العامّة عَلَى ابن الفُرات، ورجمت طيّارته بالآجر وصاحوا عَلَيْهِ: أنت القرمطي الكبير. وامتنع الناس من الصَّلَوات في المساجد. وسار ياقوت الكبير إلى الكوفة ليضبطها، وأنفق في جنده خمسمائة ألف دينار. فقدم مؤنس ودخل عَلَى المقتدر، فلما عاد إلى داره ركب إِلَيْهِ ابن الفُرات للسّلام عَلَيْهِ، ولم تجر بذلك عادة الوزراء قبله. فخرج مؤنس إلى باب داره، وخضع لَهُ وقبّل يده. وكان في حبْس ابنه المحسّن جماعة صادرهم، فخاف العزل، وأن يظهر عَلَيْهِ ما أخذ منهم، فأمر بذبح عَبْد الوهّاب بْن ما شاء اللَّه، ومؤنس خادم حامد، وسم إبراهيم أخا عليّ بْن عيسى، فكثر ضجيج حرم المقتولين على بابه2. ذكر القبض عَلَى ابن الفُرات: ثم إنّ المقتدر قبض عَلَى ابن الفُرات وسلمه إلى مؤنس، فرفعه مؤنس وخاطبه بالجميل وعاتبه، فتذلل لَهُ وخاطبه بالأستاذ فقال: الساعة تخاطبني بالأستاذ، وأمس تخرجني إلى الرَّقَّةِ عَلَى سبيل النَّفْيِ؟! واختفى المحسّن وصاحت العامّة وقالوا: قبض عَلَى القرمطي الكبير، وبقي الصغير. واعتقل ابن الفُرات وآلهُ بدار الخلافة3. وزارة الخاقانيّ: واستوزر عَبْد اللَّه بْن محمد الخاقانيّ. وصاحت العامّة وقالوا: لَا نرضى حتّى يُسَلّم ابن الفُرات إلى شفيع اللؤلؤي. فتسلمه شفيع. وكان الخاقاخني قد استتر أيام ابن الفُرات خوفًا منه. وأمر المقتدر بتسليمه إلى

_ 1 تاريخ أخبار القرامطة "39"، والمنتظم "6/ 188". 2 تجارب الأمم "1/ 123-126"، والعبر "2/ 151". 3 المنتظم "6/ 189"، وتاريخ أخبار القرامطة "40".

الخاقاني، فعذب بني الفُرات، واصطفى أموالهم، فقيل: أخذ منهم ألفي ألف دينار. ثم ظفر بالمحسن وهو في زي امرأة، قد احتضب في يديه ورجليه، فعذب وأخذ خطه بثلاث آلاف ألف دينار. فاتفق مؤنس، وهارون بْن غريب الخال، ونصر الحاجب عَلَى قتل ابن الفُرات وابنه، وكاشفوا المقتدر فقال: دعوني أفكر، فقالوا: نخاف شغب القواد والناس. فاستشار الخاقانيّ، فقال: لَا أدخل في سفك الدّماء، والمصلحة حملهما إلى دار الخلافة، فإذا أمنا أظهرا المال1. ذكر قتل ابن الفُرات وابنه: ثم لم يزالوا بالمقتدر حتّى أمر بقتلهما. فبدأ نازوك بالمحسّن فقتله، وجاء برأسه إلى أَبِيهِ، فارتاع. ثمّ ضرب عنقه2. وعاش ابن الفرات في إحدى وسبعين سنة، وابنه ثلاثًا وثلاثين سنة، وعاشا بعد حامد الوزير ستة أشهر. ذكر إطلاق القرمطيّ لأبي الهيجاء من الأسر: ثم إنّ القَرْمَطيّ أطلق أبا الهيجاء بن حمدان، فقدم بغداد. وبعث القرمطي يطلب من المقتدر البصرة والأهواز. فذكر ابن حمدان أنّ القَرْمَطيّ قتل من الحَجّاج ألفي رَجُل ومائتين، ومن النساء ثلاثمائة، وبقي في أسره بهجر مثلهم3. ذكر فتح فرغانة: وفيها فتحت فرغانة عَلَى يد والي خراسان4: ذكر إطلاق ولدي ابن الفُرات: وأطلق أبو نَصْر وأبو عبد الله ولدا أَبِي الحَسَن بْن الفرات وخلع عليهما.

_ 1 راجع تكملة تاريخ الطبري "45"، وتجارب الأمم "1/ 138". 2 الوزراء للصابي "71"، والمنتظم "6/ 189"، والبداية والنهاية "11/ 150". 3 العيوان والحدائق "4ق1/ 315"، ومرآة الجنان "2/ 265". 4 العبر "2/ 152"، والنجوم الزاهرة "3/ 212".

وقد وزر ابن الفُرات ثلاث مرات، وملك من المال ما يزيد عَلَى عشرة آلاف ألف دينار، وأودعَ المال عند وجوه بغداد. وكان جبّارًا فاتكًا، وفيه كرم وسياسة1.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 212".

أحداث سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة

أحداث سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة: ذكر دخول القَرْمَطيّ الكوفة ونهبها: فيها: سار الحُجّاج من بغداد ومعهم جعفر بْن ورقاء في ألف فارس، فلقيهم القَرْمَطيّ بزبالة، فناوشهم الحرب، ورجع الناس إلى بغداد. ونزل القَرْمَطيّ عَلَى الكوفة فقاتلوه فغلبهم، ودخل البلد ونهبَ ما لَا يُحصى. فندب المقتدر مؤنسًا الخادم لحرب القرمطي، وجهزهم بألف ألف دينار1. ذكر عزل الخاقاني من الوزارة: وفيها: عزل أبو القاسم الخاقاني الوزير، فكانت وزارته، سنة وستة أشهر، واستوزر أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن الخصيب، فسلم إِلَيْهِ الخاقانيّ، فصادره وكتابه، وأخذ أموالهم2. ذكر كثرة الرطب ببغداد: وفيها: كَانَ الرطب كثيرًا ببغداد حتّى أبيع كلّ ثمانية أرطال بحبة3. ذكر كشف مصر: وفيها قدِم مصر عليّ بْن عيسى الوزير من مكّة ليكشفها، وخرج بعد ثلاثة أشهر إلى الرملة4.

_ 1 تاريخ حلب للعظيمي "284"، والمنتظم "6/ 196"، ومرآة الجنان "2/ 266"، والبداية والنهاية "11/ 152". 2 مروج الذهب "4/ 305"، والتنبيه والإشراف "329"، والبداية "11/ 153". 3 المنتظم "6/ 196"، والنجوم الزاهرة "3/ 213". 4 البداية والنهاية "11/ 153"، والنجوم الزاهرة "3/ 213".

ذكر عزل ابن مُكْرَم عَنْ قضاء مصر: وعزل عَنْ قضاء مصر عَبْد اللَّه بْن إبراهيم بْن مُكْرَم بهارون بْن إبراهيم بْن حمّاد القاضي من قبل المقتدر. فورد كتابه عَلَى قاضي مصر نيابة لابن مُكْرَم بأن يسلم القضاء إلى من نص عَلَيْهِ، وهو أبو عليّ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق الجوهريّ، وأحمد بْن عليّ بْن أَبِي الحَسَن الصغير، فتسلما القضاء من إبراهيم بْن محمد الكُرَيْزيّ، ثمّ انفرد بالحكم أبو عليّ الجوهريّ، وكان فقيهًا عاقلًا حاسبًا1.

_ 1 حسن المحاضرة "2/ 119".

أحداث سنة أربع عشرة وثلاثمائة

أحداث سنة أربع عشرة وثلاثمائة: ذكر نزوح أهل مكة: فيها: نزح أهل مكة منها خوفًا من قرب القرمطي. ذكر دخول الروم مَلَطْية: وفيها: دخلت الروم مَلَطْية بالسيف، فقتلوا وسبوا، وبقوا بها أيامًا1. ذكر تجمد دجلة بالموصل: وفيها: جمدت دِجلة بالموصل، وعبرت عليها الدواب، وهذا لم يعهد2. ذكر ثلج بغداد: وسقط ثلوج كثيرة ببغداد3. ذكر امتناع حجّاج خراسان والعراق: وردّ حُجّاج خُراسان خوفًا من القَرْمَطيّ، ولم يحجّ الركب العراقي في هذين العامين4.

_ 1 تجارب الأمم "1/ 147"، والبداية "11/ 153". 2 النجوم الزاهرة "3/ 215"، وتاريخ الخلفاء "382"، والمنتظم "6/ 201". 3 البداية والنهاية "11/ 154". 4 انظر المصدر السابق.

ذكر القبض عَلَى الوزير ابن الخصيب: وفيها: قبض عَلَى الوزير ابن الخصيب لاشتغاله باللهو واختلال الدولة، وأحضر الوزير عليّ بْن عيسى فأعيد إلى الوزارة1. ذكر وفاة ابن خاقان: وفيها: أطلق الوزير أبو القاسم عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عُبَيْد بْن يحيى بْن خاقان من حبس ابن الخصيب الوزير، وحمل إلى منزله، فمات في رجب2. ذكر منازلة الروم مَلَطْية: وفيها: جاشت الروم وأتت إلى مَلَطْية فنازلوها، وخربوا القرى، واشتدّ القتال عليها أيّامًا، ثمّ ترجَّلوا عَنْهَا. فذهب أكابرهم إلى السلطان يطلبون الغوث، فعادوا بغير إغاثة3. ذكر صرف الجوهريّ عَنْ قضاء مصر: وفيها: صُرف عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق الجوهريّ عَنِ القضاء، وولي أبو عثمانٍ أحمد بْن إبراهيم بْن حمّاد بْن إِسْحَاق بْن إسماعيل بْن حماد بْن زيد. ولّاهُ أخوه هارون، وكان إِلَيْهِ قضاء مصر، فبعث أخاه من جهته4.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 تجارب الأمم "1/ 147". 3 انظر المصدر السابق. 4 الولاة والقضاة "483، 484".

أحداث سنة خمس عشرة وثلاثمائة

أحداث سنة خمس عشرة وثلاثمائة ... أحداث سنة خمس عشرة: ذكر إكرام المقتدر لعيسى بْن عليّ: في صَفَر قدِم عليّ بْن عيسى الوزير، فزاد المقتدر في إكرامه، وبعثَ إِلَيْهِ بالخلع وبعشرين ألف دينار. وركب من الغد في الدست، ثم أنشد: ما الناس إلّا مَعَ الدنيا وصاحبها ... فكيف ما انقلبت يومًا به انقلبوا

يعظموا أخا الدنيا فإن وثبت ... يومًا عَلَيْهِ بما لا يشتهي وثبوا1 ذكر انتهاب الروم سُمَيْساط: وفيها: وصلت الروم إلى سُمَيْساط وأخذوا من فيها وما فيها، وضربوا الناقوس في جامعها، فتهيأ مؤنس للخروج2. ذكر امتناع مؤنس من وداع المقتدر: ولمّا أراد وداع المقتدر جاءه خادم من خواصّ المقتدر فقال: إن الخليفة قد حفر لك زُبْيَةً بدار الشَّجرة، وأمر أنّ تفرد إذا دخلت، ويمر بك عَلَى الزُبْيَة، فتكون قبرك. فامتنع من وداع المقتدر. وركب إلى مؤنس الأمراء والغلّْمان كلّهم، ولم يبق بدار الخليفة أحد ولبسوا السّلاح، فقال لَهُ أبو الهيجاء عَبْد اللَّه بْن حمدان: أيها الأستاذ، لا تخف، فلتقاتلن بين يديك حتى تنبت لك لحية3. ذكر قدوم مؤنس عَلَى المقتدر: فبعث لَهُ المقتدر ورقة بخطه يحلف بالأيمان المغلظة عَلَى بطلان ما بلغه، ويعرفه أَنَّهُ يأتي الليلة ليحلف لَهُ مشافهة. فصرف مؤنس القواد إلى دار الخلافة، ولزم أبو الهيجاء باب مؤنس. وبعث المقتدر نصرًا الحاجب، فأحضروا مؤنسًا إلى الحضرة، فقبّل يدي المقتدر، فحلف لَهُ المقتدر أَنَّهُ صافي النية لَهُ وودعه. وسار إلى الثغور فالتقى مع الروم، وقتل منهم خلقًا4. ذكر ظهور الديلم عَلَى الريّ والجبال: وفيها: ظهرت الديلم عَلَى الرّيّ والجِبال، وأوّل من غلب لنكي بْن النُّعْمان فقتل خلقًا وذبح الأطفال5.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 154"، والنجوم الزاهرة "3/ 218"، والمنتظم "6/ 205". 2 العبر "2/ 160"، والبداية والنهاية "11/ 154". 3 تاريخ مختصر الدول "157". 4 الكامل في التاريخ "8/ 170"، والبداية "11/ 155". 5 الخبر في البداية والنهاية "11/ 155"، وتاريخ الخلفاء "382".

ذكر تغلب ابن شِيرُوَيْه عَلَى قزوين: وغلب عَلَى قزوين أسفار بْن شِيرُوَيْه فغشم وظلم وتفرعن، فقتله حاشيته في الحمام. ذكر حرب ابن أبي الساج والقرامطة: وجاء القَرْمَطيّ إلى الكوفة، فجهز المقتدر لحربه يوسف بن أبي الساج فالتقوا، فنظر يوسف إلى القرامطة فاستقبلهم، وقاتلوا قتالًا شديدًا، وجرح من القرامطة بالنشاب المسموم نحو خمسمائة، وأبو طاهر القَرْمَطيّ في عارية حوله مائتا فارس، فنزل وركب فرسًا، وحمل عَلَى يوسف، والتحم القتال، وأُسِرَ في آخر النَّهار يوسف بْن أَبِي السّاج مجروحًا، وقتل من أصحابه عدّة وانهزم جيشه. فداوت القرامطة جراحاته وجاءت الأخبار إلى بغداد، فخاف الناسُ، وعسكر مؤنس بباب الأنبار1. ذكر نزول القرامطة عند الأنبار: وساق القَرْمَطيّ إلى أنّ نزل غربيّ الأنبار، فقطعوا الجسر بينهم وبينه عَلَى الفُرات. وأقام غربيّ الفُرات يتحيل في العُبُور. ثم عَبَر وأوقع بيزك المسلمين، فخرج نَصْر الحاجب والرجالة واهل بغداد إلى مؤنس، فكانوا أربعين ألفًا وأكثر، وخرج أبو الهيجاء بْن حمدان وإخوته أبو اليد، وأبو السرايا، وأبو العلاء. وتقدم نَصْر فنزل عَلَى نهر زبارا عَلَى نحو فرسخين من بغداد، وقطعت القنطرة في ذي القعدة. فلما أصبحوا جاءهم القَرْمَطيّ فحاذاهم، وبعث بين يديه أسود ينظر إلى المخاض، فرموه بالنشاب حتّى سار كالقنفذ، فعاد وأخبر أصحابه بان القنطرة مقطوعة. فأقامت القرامطة يومين، ثمّ ساروا نحو الأنبار، فما جسر أحدٌ يتبعهم، وهذا خذلان من اللَّه تعالى. فإن القَرْمَطيّ كَانَ في ألف فارس وسبعمائة راجل، وجيش العراق في أربعين ألف فارس2. وقال ثابت: إن معظم عسكر المقتدر انهزموا إلى بغداد قبل أن يعاينوا القرمطي لشدة رعبهم.

_ 1 تاريخ ابن خلدون "3/ 278"، وتاريخ القرامطة "46، 47"، والمنتظم "6/ 208، 209". 2 التنبيه والإشراف "331، 332"، والعبر "2/ 161"، والبداية "11/ 155"، والنجوم الزاهرة "3/ 217".

فوصل القرمطي الأنبار، فاعتقد من بها من الجند أنه جاء منهزما فخرجوا وقاتلوه، فقتل منهم مائة فارس، وانهزم الباقون. ذكر قتل ابن أَبِي الساج: ثمّ إنّ القَرْمَطيّ ضرب عُنق ابن أَبِي السّاج، وقتل جماعة من أصحابه. وهرب معظم أهل الجانب الغربيّ إلى الجانب الشرقي1. ذكر فشل القَرْمَطيّ في دخول هيت: وسار القَرْمَطيّ إلى هيت فدخل مؤنس بالعسكر إلى الأنبار، وقدم هارون بْن غريب، وسعيد بْن حمدان في جيش إلى هيت، فسبقا القَرْمَطيّ وصعدا عَلَى سورها، فقويت قلوب أهلها وحصنوها. فعمل القرمطي سلالم وزحف، فلم يقدر على نقبها، وقتلوا من أصحابه جماعة، فرحل عَنْهَا إلى البرية. وتصدق المقتدر وأمه بمال2. ذكر إنفاق المقتدر المال لحرب القرامطة: ولمّا جاء الخبر بقتل ابن أَبِي السّاج دخل عليّ بْن عيسى عَلَى المقتدر وقال: إنّه لَيْسَ في الخزائن شيء، ولم يتمّ عَلَى الإسلام شيء أعظم من هذا الكافر، وقد تمكنت هيبته من القلوب، فاتق اللَّه وخاطب السيدة في مال تنفقه في الجيش، وإلّا فما لك ولأصحابك إلّا أقاصي خُراسان. فدخلَ عَلَى والدته وأخبرها، فأخرجت خمسمائة ألف دينار، وأخرج المقتدر ثلاثمائة ألف دينار. وتجرد ابن عيسى في استخدام العساكر. ذكر الخلْع عَلَى بعض القرامطة: وورد من هيت نَصْر الحاجب ومعه ثلاثة عشر من القرامطة، فأمر المقتدر لهم بخلع وقال: لكونهم خامروا على القرمطي.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري للهمذاني "54"، وتاريخ ابن الوردي "1/ 259"، والبداية والنهاية "11/ 156". 2 تجارب الأمم "1/ 180"، والتنبيه والإشراف "332، 333"، والكامل في التاريخ "8/ 173".

ذكر ولاية أَبِي الهيجاء: وولّى المقتدر أبا الهيجاء الجزيرة والموصل. ذكر شغب الْجُنْد ببغداد: ثمّ إنّ الْجُنْد اجتمعوا فشغبوا عَلَى المقتدر، وطلبوا الزيادة وشتموه ونهبوا القصر الملقب بالثريّا، وصاحوا: أبطلتَ حجنا وأخذت أموالنا وجرأت العدو وتنام نوم الجارية. فبذل لهم المال فسكتوا. وجددت عَلَى بغداد الخنادق وأصلحت الأسوار1. ذكر وفاة الجوهريّ ابن الجصّاص: وفيها: مات الحسين بن عبد الله الجوهري ابن الجصاص. وكان ابن طولون قَالَ: لَا يباع لنا شيء إلّا عَلَى يده2. وعنه قَالَ: كنتُ يومًا جالسًا في الدهليز، فخرجت قَهْرمانة معها مائة حبة جوهر، تساوي الحبة ألف دينار، فقالت: يحتاج هذا إلى خرط ليصغر فأخذته مسرعًا، وجمعت يومي ما قدرت عَلَيْهِ حتّى حصّلت مائة حبّة من النّوع الصغار، وأتيت القهرمانة فقلت: قد خرطنا هذا، وتقومت عليّ بمائة ألف درهم. وقد أسلفنا من أخباره لمّا صودر سنة اثنتين وثلاثمائة. قَالَ التّنُوخيّ: ولما صودر وجد في داره سبعمائة مزمّلة خيزران. وبلغت مصادرته ستة آلاف ألف دينار. وأطلق بعد المصادرة، فلم يبقَ لَهُ إلا ما قيمته سبعمائة ألف دينار. وكان مَعَ هذا فيه نوع بله وغفلة. لَهُ حكايات في المغفلين. مرضَ مرة بالحمى فقيل: كيف أنت؟ قَالَ: الدنيا كلّها محمومة. ونظر في المرآة يومًا فقال لرجل: ترى لحيتي طالت؟ فقال: المرآة في يدك. فقال: الشاهد يرى ما لَا يرى الحاضر.

_ 1 تاريخ سِنيَّ ملوك الأرض "153، 154". 2 البداية والنهاية "11/ 156"، والمنتظم "6/ 211، 212"، ونشوار المحاضرة "2/ 312".

ودخل يومًا عَلَى ابن الفُرات فقال: أيها الوزير، عندنا كلاب ما تدعنا ننام. قَالَ: لعلهم جري. قَالَ: لَا واللَّه، ألا كلُّ كلب مثلي ومثلك. وقيل: كَانَ يدعو ويقول: حسبي اللَّه وأنبياؤه وملائكته. اللهم أعد من بركة دعائنا عَلَى أهل القصور في قصورهم، وعلى أهل الكنائس في كنائسهم. وفرغ مرة من الأكل فقال: الحمد لله الذي لَا يحلف بأعظم منه. ونزل مَعَ الوزير الخاقانيّ في المركب وبيده بطيخة كافور، فبصق في وجه الوزير وألقى البطيخة في دجلة. ثم أخذ يعتذر قَالَ: أردت أنّ أبصق في وجهك والقي البطيخة في الماء، فغلطت. فقال: كذا فعلت يا جاهل. ومع هذا كَانَ سعيدًا متمّولًا محظوظًا. قَالَ أبو عليّ التنوخي في "نشواره": سَمِعْتُ الأمير جعفر بْن ورقاء يَقُولُ: اجتزت بابن الجصّاص، وكان بيننا مصاهرة، فرأيته عَلَى روشن داره وهو حافٍ حاسر، يعدو كالمجنون، فلمّا رآني استحيا، فقلت: ويلك ما لك؟ فقال: يحق لي أنّ يذهب عقلي، وقد أخذوا منّي كذا وكذا أمرا عظيمًا. فقلت مسليًا لَهُ: ما سَلْم لك يكفي. وإنما يقلق هذا القلق من يخاف الحاجة، فأصبر حتّى أواقفك، أنك غنيّ. قَالَ: هات. فقال: أليس دارك هذه بفرشها وآلاتها لك؟ وعقارك بالكرخ وضياعك؟ فما زلت أحاسبه إلى أنّ بلغ قيمة ما بقي له سبعمائة ألف دينار. ثم قلت: وأصدقني عمّا سَلْم لك من الجوهر والعبيد والخيل وغير ذَلِكَ. فحسبنا ذَلِكَ، فإذا هُوَ بقيمة ثلاثمائة ألف دينار أخرى، فقلت: فمن ببغداد مثلك اليوم وجاهك قائم؟! فسجد لله وبكى، وقال: قد أنقذني اللَّه بك. ما عزانيّ أحد أنفع منك، وما أكلت شيئًا منذ ثلاث، وأحب أنّ تقيم عندي لنأكل ونتحدث. فقلت: أفعل. فأقمت يومي عنده1. قَالَ التّنُوخيّ: وكنت اجتمعت مع أبي علي والد أبي عبد الله بن الجصاص

_ 1 راجع البداية والنهاية "11/ 156، 157"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 213، 214".

فسألته عمّا يحكي عَنْ أَبِيهِ من أنّ الْإِمَام قرأ: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فقال: إيْ لعمري؛ بدل آمين1. وإنه أراد أن يقبل رأس الوزير الخاقانيّ، فقال: إنّ فيه دهْنًا. فقال: لو كَانَ فيه خرا لقبلته. ومثل وصفه مصحفًا عتيقًا فقال: كسرويًا. فقال: غالبه كذب، وما كانت فيه سلامة تخرجه إلى هذا. ما كَانَ إلّا من أدهي النَّاس. ولكنه كَانَ يطلق بحضرة الوزير قريبا من ذلك لسلامة طبع كان فيه؛ ولأنه كان يحب أنّ يصور نفسه عندهم بصورة الأبله لتأمنه الوزراء لكثرة خلوته بالخلفاء. فأنا أحدثك عَنْهُ بحديث تعلم أنّه في غاية الحزْم. ثمّ قَالَ: حدَّثني أَبِي أنّ ابن الفُرات لما ولي الوزارة، قَالَ: فقصدني قصدًا قبيحًا لشيء كَانَ في نفسه عليَّ وبالغ، وتلطفت معه بكل طريق. وكان عندي سبعة آلاف ألف دينار عينًا وجوهرًا سوى غيرها. ففكرت في أمري، فوقع لي الرأي في الليل في الثلث الأخير. فركبت في الحال إلى داره، فدققت فقال البوابون: لَيْسَ هذا وقت وصول، والوزير نائم. فقلت: عرفوا الحجاب أني حضرت في مهم. فعرفوهم، فخرج إليَّ أحدهم فقال: إنّه إلى السّاعة لم ينتبه. فقلت: لَا، الأمر أهم من ذَلِكَ فنبهه. فدخل ثمّ خرج فأدخلني إِلَيْهِ وهو عَلَى سرير، وحوله نحو خمسين نفسًا، كأنهم حفظة، وقد قاموا وهو جالس مرتاعًا، ظن أنّ حادثة حدثت، فرفعني وقال: ما الأمر؟ فقلت: خير، ما حَدَث شيء، ولا جئت إلّا في أمر يخصني. فسكن وصرف من حوله، وقال: هات. فقلت: أيها الوزير، إنك قصدتني أقبح قصد، وشرعت في هلاكي بإزالة نعمتي، ولعمري، إني أسأت في خدمتك. وقد كَانَ في بعض هذا التقويم بلاغ عندي. وقد جهلت في استصلاحك، فلم يغن شيء. وليس شيء أضعف من الهر،

_ 1 راجع: نشوار المحاضرة "1/ 29"، والهفوات النادرة للصابي "147"، وانظر فوات الوفيات "1/ 275".

وإذا عاث في دكان الفاميّ فظفر بهِ ولزه وثب عَلَيْهِ وخمشه. ولستُ أضعف من السِّنَّور، وقد جعلت هذا الكلام عذرا. فإن صلحت لي وإلا فعلي وعلي. وعقدت الأيمان لأقصدن الخليفة الآن وأحمل إِلَيْهِ من خزانتي ألفي ألف دينار وأقول: سَلْم ابن الفُرات إلى فلان ووله الوزارة. فيخدمني ويرجع تدبير أموره إليّ، فأسلمك إِلَيْهِ، فيعذبك حتّى يأخذ منك الألفي ألف. وأنت تعلم أنّ حالك يفي بها، ويعظم قدري بعزلي وزيرًا وتقليدي آخر. فلمّا سمع هذا، قَالَ: يا عدوّ اللَّه، وتستحلّ هذا؟ فقلت: إنّ أحوجتني إلى هذا، وإلّا فاحلف لي السّاعة عَلَى معاملتي بكلّ جميل، ولا تبغ لي الغوائل. وقال: وتحلف ليّ أنتَ أيضًا على مثل ذلك، وعلى حسن الطاعة و"المؤازرة". فقلت: أفعل. فقال: لعنك اللَّه، فما أنت إلّا إبليس. واللَّه لقد سحرتني. واستدعى دَواةً، وعملنا نسخة اليمين، وأحلفته بها أولًا، ثمّ حلفت لَهُ. فقال: يا أبا عَبْد اللَّه، لقد عَظُمْتَ في نفسي، واللَّه ما كَانَ المقتدر يفرق بين كفايتي وموقعي، وبين أصغر كتّابي مَعَ الذهب، فاكتم ما جرى. فقلت: سبحان اللَّه. فقال: إذا كَانَ غدًا فتعال لترى ما أعاملك بهِ. فنهضت، فقال: يا غلمان بأسركم بين يدي أَبِي عَبْد اللَّه. فعدتُ إلى داري وما طلع الفجر. ثم قَالَ لي ابنه أبو عليّ: هذا فعل من يحكي عَنْهُ تِلْكَ الحكايات؟ فقلت: لَا. والله أعلم1.

_ 1 راجع: نشوار المحاضرة "1/ 32-35"، وأخبار الحمقى والمغفلين "53-56".

أحداث سنة ست عشرة وثلاثمائة

أحداث سنة ست عشرة وثلاثمائة: ذكر استباحة القَرْمَطيّ الرحبة: في أوّلها دخل أبو طاهر القرمطي الرحبة بالسيف واستباحها. ذكر أمان أهل قرقيسيا: وبعثَ أهلُ قرقيسيا يطلبون الأمان فأمنهم. ذكر ارتداد القَرْمَطيّ عَنِ الرَّقَّةِ: وقصد الرَّقَّةَ وهو في تسعمائة فارس وثلاثمائة راجل، فقتل فيها جماعةً بالربض، ودفعه أهلها عَنْهَا: فسار مؤنس من بغداد إلى الرَّقَّةِ فأتاها بعد انصراف أبي طاهر. ذكر انصراف القَرْمَطيّ عَنِ الكوفة: ثم أتى هيت، فرموه بالحجارة، فقتلوا أبا الرواد من خواص أصحابه، فسار إلى الكوفة، فنهض نَصْر الحاجب بالعساكر ورآه، فمرض نَصْر. فاستخلف أحمد بْن كَيَغْلَغ وبعث معه بالجيش، فانصرف القَرْمَطيّ قبل أنّ يلقاه. ومات نَصْر في رمضان وحمل إلى بغداد. ذكر وزارة ابن مُقْلَة: واستعفى عليّ بْن عيسى من الوزارة، فاستوزر أبو عليّ بْن مُقْلَة الكاتب. ذكر بناء القَرْمَطيّ دار الهجرة والدعوة إلى المهديّ: ورجع القَرْمَطيّ فبني دارًا سمّاها دار الهجرة، ودعا إلى المهديّ، وتفاقم الأمر، وكثر أتباعه، وبث السَّرايا، فهرب عمّال الكوفة عَنْهَا، فسار هارون بْن غريب إلى واسط، فظفر بسرِيّةٍ لهم فقتلهم، وبعث إلى بغداد بأساري وبمائة وسبعين رأسًا وأعلام بيض منكسة عليها مكتوب: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِين} [القصص: 5] . ففرح الناس واطمأنوا. ذكر الوحشة بين المقتدر ومؤنس: وفيها: وقعت الوحشة بين المقتدر ومؤنس، ووقع الكلام بأنّ هارون بن غريب يتولّى إمرة الأمراء، فكتب أخصاء مؤنس إِلَيْهِ إلى الرَّقَّةِ بذلك، فقدم بغداد في آخر السنة ولم يات إلى المقتدر، فبعث إِلَيْهِ ولده والوزير ابن مُقْلَة، فوصفا شوق المقتدر

إِلَيْهِ، فاعتل بعلة، وظهرت الوحشة بينه وبين المقتدر، فأقام هارون منابذًا لمؤنس، وجعلت الرسل تتردد بين المقتدر ومؤنس. ذكر امتناع الحجّ: ولم يحجّ أحدٌ في هذه السنة خوفًا من القرامطة. ذكر دخول الروم خلاط: وأمّا الروم فإن الدمستق لعنه الله، سار في ثلاثمائة ألف على ما قرأت في تاريخ عتيق، فقصد ناحية خلاط وبدليس فقتل وسبى: ثم صالحه أهل خلاط عَلَى قطيعة، وهي عشرة آلاف دينار، وأخرج المنبر من جامعها وجعل مكانه الصليب. فإنّا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون1.

_ 1 انظر: الكامل في التاريخ "8/ 198، 199"، وصلة الطبري "11/ 117"، وتكملة الطبري "11/ 256"، والمنتظم "6/ 215"، والبداية والنهاية "11/ 157"، والنجوم الزاهرة "3/ 248"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 386"، وصحيح التوثيق "7/ 381 وما بعدها".

وذكر فصلًا طويلًا في الخضوع لَهُ، إلى أن قال: "وقبل هذا وبعده فلي في أعناقهم بيعة مؤكدة، ومن بايعني بايع اللَّه، ومن نكث فإنما ينكث عَلَى نفسه، وعهد اللَّه نكث؛ ولي عليكم نعم وصنائع، وآمل أنّ تعترفوا بها لَا تكفروها". فلما وقفوا على الورقة عدلوا إلى مطالبته بإخراج هارون عن بغداد، فأجابهم إلى ذَلِكَ وقلّده الثُّغور، وخرج من يومه. ودخل في عاشر محرَّم مؤنس والجيش، فأُرجف بالمقتدر أراجيف شديدة. ثمّ اتّفق مؤنس وأبو الهيجاء ونازوك عَلَى خلعه، فخرج مؤنس في ثاني عشر محرَّم إلى الشّمّاسيّة في الأمراء والجنود. وفي رابع عشر جاؤوا إلى دار الخلافة، فهرب الحاجب مظفَّر، والوزير ابن مقلة، والحشم، ودخل مؤنس وأبو الهيجاء ونازوك، وحصل الجيش كله في دار الخليفة، وأُخْرج المقتدر بعد العشاء ووالدته وخاله وحُرَمه إلى دار مؤنس. ودخل هارون من قُطْرَبُّل فاختفى ببغداد، فأحضروا محمد بْن المعتضد من الحريم، وكان محبوسًا، فوصل في الثُّلث الأخير، وبايعه مؤنس والأمراء، ولُقَّب بالقاهر باللَّه. وكان عليّ بْن عيسى محبوسًا فأطلق إلى بيته، وقلدوا أبا علي بن مقلة وزارة القاهرة بالله، وقلدوا نازوك الحجابة والشرطة، وقلد أبو الهيجاء إمرة الدينور، وهمدان، ونهاوند، ممّا بيده مِن الجزيرة والموصل. ووقع النَّهْبُ في دار السّلطان وبغداد، ونُهب لأمّ المقتدر ستّمائة ألف دينار، وأشهد المقتدر على نفسه بالخلع، وذلك يوم السبت. ذكر عودة المقتدر إلى الخلافة: وجلسَ القاهر يوم الأحد، وكتب الوزير عَنْهُ إلى البلاد، وعمل النّاسُ الموكب يوم الأثنين، فامتلأت دهاليز الدّار بالعسكر، فطلبوا رزق البَيْعة ورزق سنة. ولم يأت مونس يومئٍذ إلى الدَّار، فارتفعت أصوات الرَّجّالة، فخاف نازوك أن يتم ققتال، فهجم الرجّالة، فلم يكفّهم أحد، فقتلوا نازوك وخادمه عجيبًا وصاحوا: المقتدر يا منصور. فتهاربَ مَن في الدّار حتّى الوزراء والحُجّاب.

وصاروا إلى دار مؤنس يطلبون المقتدر ليردّوه إلى الخلافة، وأغلق بعضهم باب دار الخلافة؛ لأنهّم كانوا كلّهم خَدَم المقتدر، فأراد أبو الهيجاء الخروج، فتعلّق بهِ القاهر وقال: تُسلّمني وتخرج؟ فداخَلتْه الحمية فقال: لَا واللَّه. ورجع معه فدخلا الفِرْدَوْس، وخرجا إلى الرَّحْبَةِ الّتي يُسلك منها إلى باب النُّوبيّ. ونزع أبو الهيجاء وأخذ جبّة صوف، وذهب عَلَى فرسه. فوقف القاهر مَعَ خَدمٍ لَهُ، فعاد إِلَيْهِ أبو الهيجاء، فأخبره بقتل نازوك. مقتل أَبِي الهيجاء بْن حمدان: وسدَّت المسالك عَلَى أَبِي الهيجاء والقاهر فرجعا إلى الدّار يتسلّلون، وبقي من خدم المقتدر جماعة بالسّيوف، فخافهم أبو الهيجاء، فثبتوا فرجع القَهْقَرَى ودخل بيتًا. فجاء خماجور، وشتم أبا الهيجاء الغلمانُ، فغضب وخرج كالجمل الهائج وصاح: يال تغلب، أَأُقْتَلُ بين الحيطان؟ أَيْنَ الكُمَيْت؟ أَيْنَ الدهْماء؟ فرماه خماجور بسهمٍ في ثَدْيه، ثمّ رماه آخر فأصاب تَرْقُوَتَه. وآخر في فخذه، فنزع عَنْهُ الأسهم، وقتل واحدًا منهم. وكان مَعَ خماجور، أسودان فبادرا إلى أَبِي الهيجاء، فحزَّ أحدهما رأسه. وأمّا أولئك فإنهم حملوا المقتدر عَلَى أعناقهم من دار مؤنس إلى قصر الخلافة، فقال: ما فعل أبو الهيجاء؟ فجاءوا براسه إلى المقتدر، فقال: مَن قتله؟ قَالُوا: لَا ندري. فاسترجع وتأسَّف عَلَيْهِ. ثمّ سمع ضجّةً، وجاءه خادم يعدو فقال: هذا محمد القاهر قد أخذ. فجيء بهِ فأجلس بين يديه، فاستدناه وقبّل جبينه، وقال لَهُ: أنتَ واللَّه لَا ذنب بك. هذا والقاهر يبكي ويقول: اللَّه اللَّه يا أمير المؤمنين في نفسي. فقال: واللَّه لَا جرى عليك منّي سوء أبدًا. فطِب نفسًا. وطيف برأس نازوك ورأس أَبِي الهيجاء ببغداد، ونودي: هذا جزاء من عصى مولاه وكفر نعمته. فسكن النّاس. وعاد الوزير فكتب إلى الأقاليم بعَود الخلافة إلى المقتدر. وقيل: إنّ الّذي قتل نازوكًا سَعِيد ومظفّر من شُطّار بغداد. ثمّ أتى مؤنس وبايع المقتدر هُوَ والقوّاد والقضاة.

وقيل: إنّ المقتدر لمّا أُحيط بهِ ورأى الغَلبة نشرَ المُصْحَف وقال: أَنَا فاعلٌ ما فعل عثمان رضى الله عنه، ولا أنزع قميصًا ألبسنيه اللَّه. ولمّا رجع إِلَيْهِ مُلْكه بَذَلَ الأموال في الْجُنْد حتّى أنفذ الخزائن، وباع ضياعًا وأمتعه وتمَّمَ عطاءهم. وبيعت ضياع بُخْتَيْشُوع بالثّمن اليسير. قَالَ ثابت بْن سِنان: كَانَ قد وصل إلى الطّبيب بُخْتَيْشُوع في مدة خدمته للرشيد ستّة وخمسون ألف ألف درهم من الرشيد والبرامكة. ذكر ولاية ابن غريب الجبل: وظهر هارون بْن غريب ودخل عَلَى مؤنس وسلَّمَ عَلَيْهِ وقُلَّدَ الجبل، فخرج إلى عمله. ذكر تقليد ابني رائق شرطة بغداد: وقُلَّدَ المقتدر إبراهيم ومحمد ابني رائق شرطة بغداد. ذكر تقليد ابن ياقوت الحجابة: وقُلَّدَ مظفَّر بْن ياقوت الحجابة. ذكر موت ثَمَل: وفي رجب ماتت ثَمَل القهرمانة. ذكر دخول القَرْمَطيّ مكة واقتلاع الحجر الأسود: وفيها: سيَّر المقتدر الرَّكبَ مَعَ منصور الدَّيْلَمّي، فوصلوا إلى مكّة سالمين، فوافاهم يوم التروية عدو الله أبو طاهر القرمطي، فقتل الحجيج في المسجد الحرام قتلًا ذريعًا، وفي فجاج مكة وفي داخل البيت، وقتل ابن محارب أمير مكة، وعرى البيت، وقلع بابه، واقتلع الحجر الأسود فأخذه. وطرح القتلى في بئر زمزم ورجع إلى بلاد هجر ومعه الحجر الأسود. وامتلأت فجاج مكه بالقَتْلى. وقال أبو بَكْر محمد بْن عليّ بْن القاسم الذَّهبيّ في تاريخه: إنّ أبا طاهر سليمان حسن القَرْمَطيّ صاحب البحرين دخل مكّة في سبعمائة رَجُل، فقتلوا في المسجد

الحرام نحو ألف وسبعمائة من الرجال والنّساء وهم يتعلّقون بأستار الكعبة. وردم منهم ببئر زمزم، وصعد عَلَى باب الكعبة، واستقبل النّاس وهو يَقُولُ: أَنَا بالله وباللَّه أَنَا ... يخلق الخلق وأفنيهم أَنَا وقتل في سكّة مكّة وشعابها زهاء ثلاثين ألفًا، وسبى من النّساء والصّبيان مثل ذَلِكَ. وأقام بمكة ستّة أيام، وأوقع بهم في سابع ذي الحجّة. ولم يقف أحدٌ تِلْكَ السنة وقفة، فرماه اللَّه في جسده وطال عذابه حتّى تقطعت أوصاله. قَالَ محمود الإصبهانيّ: دخل رجلٌ من القرامطة وهو سكران فَصَفَر لفرسه، فبال عند البيت وقتل جماعة. ثمّ ضرب الحجر الأسود بدبّوس فكسره ثمّ قلعه. وأقام القَرْمَطيّ بمكّة أحد عشر يومًا، ثمّ رحلوا وبقي الحجر الأسود عندهم نحو عشرين سنة. وقيل: هلك تحته إلى هَجَر أربعون جملًا. فلمّا أُعيد إلى مكّة حُمِل عَلَى قَعُود هزيل فَسَمِن. وكان بجكم التُّرْكيّ قد دفع فيه خمسين ألف دينار فلم يردّوه وقالوا: أخذناه بأمر ما نردّه إلّا بأمر. وقيل: إنّ الّذي اقتلعه صاح: يا حِمْيَر أنتم قلتم: ومن دخله كَانَ آمنًا. فأين الأمن؟ قَالَ رَجُل: فَلَوَيْتُ رأس فرسه واستسلمت للقتل وقلتُ لَهُ: اسمع إنّ اللَّه أراد ومن دخله فأمنوه. فلوى رأس فرسه وخرج ما كلمني. ذكر رواية السمنانيّ عَنِ القرمطيّ: وقد غلط السّمْنانيّ فقال في تاريخه: الّذي قلع الحجر الأسود أبو سَعِيد الْجَنَّابي. وإنمّا هُوَ ابنه. وكان ابن أَبِي السّاج قبل ذَلِكَ بزمان قد نزل عَلَى أَبِي سَعِيد فأكرمه. فلمّا جاء لقتاله أرسل إليه يقول، أعني ابن أبي ساج: لك عليَّ حق قديم، وأنتَ في قلة وأنا في كثرة، فانصرف راشدًا. وكان مَعَ ابن أَبِي السّاج ثلاثون ألفًا، ومع أَبِي سعيد خمسمائة فارس، وبينهما النّهر. فقال أبو سَعِيد للرسول: كم مَعَ صاحبكم؟ قَالَ: ثلاثون ألفًا. قَالَ: ما معه ولا ثلاثة.

ثمّ دعا بعبدٍ أسود فقال لَهُ: خرَّق بطنك بهذه السِّكَّين. فأتلف نفسه. وقال لآخر: غرِّق نفسك في هذا النّهر ففعل. وقال لآخر: اصعد عَلَى هذا الحائط والق نفسك عَلَى دماغك ففعل. ثمّ قَالَ للرسول: إنّ كَانَ معه مَن يفعل مثل هذا وإلّا فما معه أحد. ثمّ ذكر السِّمْنانيّ خرافات لا تصح. ذكر رواية القليوبي عَنِ الحجر الأسود: ونقل القليوبيّ، وهو ضعيف، أنّ القَرْمَطيّ باعَ الحجر الأسود من المقتدر بثلاثين ألف دينار، ولم يصح هذا ولا وقع. قَالَ: فقال للشهود: من أَيْنَ تعلمون أَنَّهُ الحجر؟ فقال عَبْد اللَّه بْن عليم المسيّب: إن يُشرف عَلَى الماء ولا تسخنه النار. فأحضر الجناني طسْتًا وملأه ماءً ووضع الحجرَ، فطفا عَلَى الماء. وأوقد عَلَيْهِ النّار فلم يَحْمَ بها. فأخذه ابن عليم وقبَّله وقال: أشهد أنه الحجر الأسود. فتعجَّب الْجَنَّابي وقال: هذا دين مضبوط. ثمّ ردّ الحجر إلى مكّة أيّام المقتدر. كذا قَالَ، وغلط. إنمّا رُدَّ إلى مكانه في خلافة المطيع لله. وقال محمد بْن الربيع بْن سليمان: كنت بمكّة سنة القَرْمَطيّ، فصعد رجلٌ ليقلع الميزاب وأنا أراه، فِعيل صبري وقلت: يا ربّ ما أحلمك وتزلزلتُ. قَالَ: فسقط الرجل عَلَى دماغه فمات. ذكر ولاية ابن طُغج دمشق: وفيها: خرج محمد بْن طُغج أمير الْجَوف سِرًا من تكين أمير مصر، فلحِق بالشّام وولي دمشق. وبعث تكين خلفه فلم يلحق. ذكر ولاية ابن يوسف قضاء القضاة: وفيها: خلع المقتدر عَلَى أَبِي عُمَر محمد بْن يوسف القاضي، وقلد قضاء القضاة. ذكر الفتنة في تفسير آية: وهاجت ببغداد فتنة كبرى بسبب قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}

[الإسراء: 79] ، فقالت الحنابلة: معناه يُقْعدهُ اللَّه عَلَى عرشه كما فسره مجاهد. وقال غيرهم من العلماء: بل هِيَ الشّفاعة العُظْمى كما صحَّ في الحديث. ودام الخصام والشَّتْم واقتتلوا، حتّى قُتِل جماعة كبيرة. نقله الملك المؤيدّ، رحمه الله1. ذكر تعظيم ابن محرَّم للحجر الأسود: وقال المراغي: حدَّثني أبو عبد الله بْن محرَّم، وكان رسول المقتدر إلى القَرْمَطيّ، قَالَ: سألت القَرْمَطيّ بعد مناظرات جرت بيني وبينه في استحلاله ما استحلّ من الدّماء وعن الحجر الأسود. فأمر بإحضاره، فأُحضر في سَفَط مبطَّن بالدّيباج. فلمّا برز لي كبَّرتُ وقلت إيمانا وتصديقًا: هذا هو الحجر بكلّ رَيْب. قَالَ: ورأيتهم من تعظيمه وتنزيهه وتشريفه، والتّبريك بهِ عَلَى حالة كبيرة. ذكر الخلاف بين أمير خراسان وإخوته: وفيها: خالف نَصْر بْن أحمد بْن إسماعيل أمير خُراسان إخوتُهُ أبو إِسْحَاق، وأبو زكريّا، وأبو صالح، فأعمل الحيلة حتّى عادوا إلى طاعته ووانسهم ثمّ سقى الأكبر سُمًّا في كوز فقاعٍ فمات، وحبس الآخرين فهرب أحدهما إلى الرِّيّ واستأمن إلى مرداوين فأكرمه، وخنق نَصْر الآخر. ذكر شعر القَرْمَطيّ: وأمّا ما كَانَ من خبر الحُجّاج، فإنه قتل من قتل منهم بمكّة، ولم يتم لهم حَجّ. وتجمع مَن بقي وتوصّلوا إلى مصر. ولم يفلح أبو طاهر القَرْمَطيّ بعدها، وتقطع جسده بالجدري. ومن شعره: أغَرَّكُمُ مِنّي رُجُوعي إلى هَجَرْ ... فعمّا قليلٍ سوف يأتيكُمُ الخَبرْ إذا طلعَ المِرّيخُ مِن أرض بابلٍ ... وقارَنَه كَيْوانُ فالحَذَرَ الحذَرْ فَمَن مُبْلِغُ أهلَ العراقِ رِسالةً ... بأنّي أَنَا المرهوبُ في البدو والحضر

_ 1 المختصر في أخبار البشر "2/ 74، 75"، والبداية والنهاية "11/ 162"، وتاريخ الخلفاء "384".

أَنَا صاحب الأنبار يوم ديارها ... ويوم عقر قوقا فمن منكم حَضَرْ فواللَّه لولا التَّغْلِبيّ ورأيه ... لَغَادَرَكم أمثالَ نخلٍ قد انعَقَرْ فذاك أبو الهيجاء أشجعُ من مشى ... عَلَى الأرضِ أو لاثَ العمائمَ واعتجَرْ وأصبح هذا النّاس كالشّاء ما لَهُم ... زَعيمٌ ولا فيهم لأَنفُسِهم نظَرْ فَيَا وَيْلَهم مِن وقعةٍ بعد وقعةٍ ... يُسَاقون سَوْق الشّاءِ للذِّبْح والبقَرْ سَأَضْربُ خيلي نحو مصرَ وبرقةٍ ... إلى قَيْروانِ التُّرْك والرُّومِ والخزَرْ أَكيلُهُمُ بالسّيف حتّى أُبِيدُهم ... فلا أُبْقِ منهمْ نَسْل أُنْثَى ولا ذكَرْ أَنَا الدّاعي المهديّ لَا شكَّ غيرُه ... أَنَا الضَّيْغَمُ الضِّرُغام والفارس الذكر أعمر حتى يأتي عيسى ابن مريمَ ... فيحمَدُ آثاري وأرضى بما أمَرْ ولكنّه حَتْمٌ علينا مُقَدَّرٌ ... فَنَفْنَى ويَبْقَى خالقُ الخلْق والبشر1 ذكر من قُتل بيد القرامطة: وممن قتلته القرامطة: عبد الرحمن بن عبد الله بن الزُّبَيْر، أبو بَكْر الرهاويّ. روى عَنْ أَبِيهِ، وغيره. وعنه أبو الحُسين الرّازيّ والد تمّام، وغيره. وكان عليّ بْن بابَوَيْه الصُّوفيّ يطوف بالبيت والسّيوف تنوشه وهو يُنْشِد: ترى المحبّين صَرْعَى في ديارهم ... كَفِتْية الكهْفِ لَا يدرون كم لَبِثُوا ذكر نازوك: كَانَ شجاعًا فاتكًا، غلبَ عَلَى الأمر وتصرَّف في الدّولة. وعلم مؤنس الخادم أَنَّهُ حتّى وافقه عَلَى خلع المقتدر زاد تحكُّمه، فأجابه ظاهرًا، وواطأ فيما قِيلَ البرددارية على قتله. وكان له أكثر من ثلاثمائة مملوك. ذكر خوف أهل الثغور من الروم: وأمّا نواحي مملكة الرّوم فكان بها الخوف والوجل ما لا مزيد عليه، وجنح أهل

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 335، 226".

الثغور إلى ملاطفة النّصاري وبذْل الأتاوة لهم، وركنوا إلى تسليم بلد سُمَيْساط وغيرها. فلله الأمر1.

_ 1 انظر: صلة تاريخ الطبري "11/ 117- 126"، وتكملة تاريخ الطبري "11/ 256-264"، والمنتظم "6/ 215-231"، والكامل "8/ 181-213"، والعبر "1/ 163-167"، والبداية "11/ 157-164"، والنجوم "3/ 2438-2256"، وشذرات الذهب "2/ 271-276"، وتاريخ الخلفاء "ص/ 610-612"، وصحيح التوثيق "7/ 382-388".

أحداث سنة سبع عشرة وثلاثمائة

أحداث سنة سبع عشرة وثلاثمائة: ذكر فتنة خلع المقتدر وخلافة القاهر: قَالَ ثابت بْن سِنان: في ثامن المحرم، خرج مؤنس إلي باب الشّمّاسيّة ومعه سائر الجيش، وركب نازوك الوالي في جيشه من داره، وخرج أبو الهيجاء بْن حمدان أيضًا إلى مؤنس، فشحن المقتدر داره ومعه هارون بْن غريب، وأحمد بْن كَيَغْلَغ، وحاشية. فلمّا كَانَ آخر النّهار انفض أكثر من في دار الخلافة من الرجالة إلى مؤنس. وراسل مؤنس المقتدر بأن الجيش عاتب منكر لما يصرف من الذهب إلى الحرم والخدم، وأنهم يطلبون إخراج الحرم والخدم من دار الخلافة وإبعادهم. فكتب إِلَيْهِ رُقْعَةً بخطّه: "أمتعني اللَّه بك، ولا أخلاني منك، ولا أراني فيك سوءًا. إني تأملت الحال فوجدت الأولياء الّذين خرجوا لم يريدوا إلّا صيانة نفسي وإعزاز أمري، فبارك اللَّه عليهم. فأمّا أنت يا أبا الحَسَن المظفر، لا خلوت منك، فشيخي وكبيري".

أحداث سنة ثمان عشرة وثلاثمائة

أحداث سنة ثمان عشرة وثلاثمائة ... أحداث سنة ثمان عشرة: ذكر تقليد ابن ياقوت شرطة بغداد: في المحرَّم صَرف المقتدر ابني رائق عَنِ الشرطة، وقلدها أبا بكر محمد بن ياقوت. ذكر ريح عظيمة ببغداد: وفي ربيع الآخر هبَّت ريح عظيمة حملت رملًا أحمَر قِيلَ: إنّه من جبل زَرُود، فامتلأت بهِ أَزِقَّة بغداد والأسطحة. ذكر القبض عَلَى ابن مُقْلَة: وفيها: قبض المقتدر عَلَى الوزير أَبِي عليّ بْن مُقْلَة، وأحرقت داره، وكانت عظيمة قد ظلم النّاس في عمارتها. وعز عَلَى مؤنس حيث لم يشاوره الخليفة. ذكر وزارة ابن مَخْلَد: ثمّ استوزر سليمان بْن الحَسَن بْن مَخْلَد، فكان لَا يصدر عَنْ أمر حتى يشاور علي بن عيسى. ذكر حجّ ركْب العراق: وفيها: حجّ ركب العراق.

ذكر الوباء المهول: وكان بها وباء مهول. ذكر هزيمة الروم: وفيها: جاءت الأخبار بأنّ الأمير مفلحًا السّاجيّ هزم جيشًا من الروم، وفرح الناس1.

_ 1 انظر: الكامل في التاريخ "8/ 241"، والبداية والنهاية "11/ 163"، والمنتظم "6/ 215-231"، والعبر "1/ 163-167"، ومرآة الجنان "2/ 268-272"، وصحيح التوثيق "7/ 388 وما بعدها".

أحداث سنة تسع عشرة وثلاثمائة

أحداث سنة تسع عشرة وثلاثمائة ... أحداث سنة تسع عشرة: ذكر القبض عَلَى الوزير سليمان بْن الحَسَن: فيها: قبض المقتدر عَلَى الوزير سليمان بْن الحَسَن، وكان قد أضاق إضاقة شديدة. وكانت وزارته سنة وشهرين. ذكر وزارة الكلوذاني: وكان المقتدر يميل إلى وزارة الحسين بن قاسم، فلم يمكنه مؤنس، وأشار بأبي القاسم عُبَيْد اللَّه بْن محمد الكَلَوْذَانيّ. فاستوزره مَعَ مشاورة علي بن عيسى في الأمور. ذكر الوقعة بين ابن غريب ومرداويج: وفيها: كانت وقعة بين هارون بْن غريب وبين مرداويج الدَّيْلَمّي بنواحي همدان. فانهزم هارون، وملك الديلمي الجبل الأسود بأسره إلى حلوان. ذكر وزارة الحُسين بْن القاسم: وفيها: عزل الكَلَوْذَانيّ واستوزر الحُسين بْن القاسم بْن عُبَيْد اللَّه؛ لأنه كتب إلى المقتدر، وهو عَلَى حاجة: أَنَا أقول بالنفقات وزيادة ألف ألف دينار كل سنة. وكانت وزارة الكلوذاني شهرين.

ذكر الوحشة بين مؤنس والمقتدر: وفي ذي الحجّة استوحش مؤنس من المقتدر؛ لأنه بلغه اجتماع الوزير والقُوّاد عَلَى العمل عَلَى مؤنس. فعزم خواصُّه عَلَى كبس الوزير، فعلم، فتغيب عَنْ داره. وطلب مؤنس من المقتدر عزْل الوزير فعزله. فقال: انفيه إلى عُمان. فامتنع المقتدر. وأوقع الوزير في ذهن المقتدر أنّ مؤنسًا يريد أنّ يأخذ الأمير أبا العبّاس من داره، ويذهب بهِ إلى الشّام ومصر، ويعقد لَهُ بالخلافة هناك. ثمّ كتب الحُسين الوزير يستحثّ هارون بْن غريب عَلَى المجيء، وكتب إلى محمد بْن ياقوت، وكان بالأهواز، أنّ يُسرع الحضور. فصحَّ عند مؤنس أنّ الوزير يدبِّر عَلَيْهِ، فخرج إلى الشماسية بأصحابه، وكتب إلى المقتدر: إن مفلحًا الأسود مطابقٌ للحسين، وإن نفسي لَا تسكن حتّى تبعث إليَّ بمفلح فأقلده أجل الأعمال ويخرج إليها. فأجابه المقتدر: إنّ مفلحًا خادمٌ يوثق بخدمته، ولم يدخل فيما توهمت. فلمّا سمع مؤنس هذا، وأن الوزير ينفق في الرجّال، وأن هارون قد قرب من بغداد، أظهر الغضب وخرج إلى الموصل، فلحق بهِ أصحابه، فقبض الوزير عَلَى حواصله وأملاكه. وهنّى النّاس الوزير بذهاب مؤنس، وزاد محلُّه عند المقتدر، ولقبه "عميد الدولة". وكتب ذَلِكَ على الدينار والدرهم. ذكر انتصار مؤنس ودخوله الموِصل: وكتب الوزير إلى داود وسعيد ابن حمدان، والحسن بْن عَبْد اللَّه بْن حمدان بمحاربة مؤنس، فتعبّوا في ثلاثين ألفًا، وكان مؤنس في ثمانمائة، فنصر عليهم وهزمهم، وملك الموصل في صفر سنة عشرين. ذكر هرب أهل الكوفة من القَرْمَطيّ: وفيها: نزل القرمطي الكوفة، فهرب أهلها إلى بغداد. ذكر دخول الديلم الدينور: وفيها: دخلت الديلم فقتلوا وسبوا، فجاء من هرب إلى بغداد ورفعوا

المصاحف عَلَى القُضُب، واستغاثوا يوم الأضحى وساعدهم الغوغاء، وسبّوا المقتدر وأغلقوا الأسواق خوفَا من هجوم القرمطي. ذكر ولاية المعز: وفيها: ولد أبو تميم المعزّ رابع خلفاء مصر الذي بنى القاهرة. ذكر امتناع ركْب العراق: ولم يحجّ في هذه السنة ركب العراق. ذكر غزوة والي طرسوس في الروم: ووردَ الخبر بأنّ ثمل والي طرسوس غزا الروم، فعبروا نهرًا ثمّ وقع عليهم ثلج عظيم. ثمّ التقوا جيش الروم عليهم ستّة بطارقة، فنصروا عليهم، وقتل خمسمائة علج من الروم، وأسر ثلاثة آلاف. ذكر نجدة ابن حمدان لأهل مَلَطْية وسميساط: ثمّ تناخت الملاعين ونالوا من المسلمين، وقتلوا خلقًا وأسروا آخرين. وسار إلى نجدة أهل مَلَطْية وسميساط سَعِيد بْن حمدان، فكشف عَنْهَا ودخل غاربًا في بلاد الروم. ذكر دخول والي طرسوس عمورية: ثمّ سار متولّي طرسوس ونسيم الخادم لغزو الصّائفة في اثني عشر ألف فارس، وعشرة آلاف راجل حتّى بلغوا عمّورية ودخلوها. ثمّ أوغلوا في بلاد الروم، فغنموا وسبوا نحوًا من عشرة آلاف من الرقيق، وقتلوا خلقًا. وأقاموا في الغزاة ثلاثة أشهر. ذكر الوباء ببغداد: وفيها: كَانَ الوباء المفرط ببغداد، حتّى كَانَ يُدْفَن في القبر الواحد جماعة1.

_ 1 انظر: صلة الطبري "11/ 135-141"، والكامل "8/ 225-240"، والبداية والنهاية "11/ 166-168"، وشذرات الذهب "2/ 280-283"، وصحيح التوثيق "7/ 391".

أحداث سنة عشرين وثلاثمائة

أحداث سنة عشرين وثلاثمائة: ذكر وزارة ابن الفُرات: وفيها: عُزِلَ الحُسين بْن القاسم من الوزارة واستوزر أبو الفتح بْن الفرات. ذكر ولاية مرداويج الدَّيْلَمّي: وفيها: بعث العهد واللواء لمرداويج الدَّيْلَمّي عَلَى إمرة أذْرَبَيْجان، وأرمينية، وأرّان، وقُمّ، ونهاوند، وسجستان. ذكر انتهاب الْجُنْد دُور ابن الفُرات: وفيها: نهب الْجُنْد دور الوزير الفضل بْن جعفر بْن الفُرات، فهرب إلى طيّار لَهُ في الشط، فأحرق الجند الطيارات. وصخم الهاشميون وجوههم وصاحوا: الجوع الجوع. وكان قد اشتدّ الغلاء؛ لأنّ القَرْمَطيّ ومؤنسًا منعُوا الغلّات من النّواحي أن تصل. ذكر امتناع ركْب العراق: ولم يحجّ ركْب العراق. ذكر مقتل الخليفة المقتدر: وفي صفر غلب مؤنس عَلَى الموصل فتسلل إِلَيْهِ الْجُنْد والفُرسان مِن بغداد، وأقام بالموصل أشهرًا. ثمّ تهيأ المقتدر وأخرج المخيَّم إلى الشّمّاسيّة، وجعل يزكًا عَلَى سامرّاء ألف فارس مَعَ أَبِي العلاء سَعِيد بْن حمدان. وأقبل مؤنس في جمْعٍ كثير، فلمّا قارب عَكْبُرا اجتهد المقتدر بهارون بْن غريب أنّ يحارب مؤنسًا، فامتنع واحتجّ بأن أصحابه مَعَ مؤنس في الباطن ولا يثق بهم. وقيل: إنّه عسكر هارون وابن ياقوت وابنا رائق وصافي الحُرَميّ ومُفْلح بباب الشّمّاسيّة، وانضموا إلى المقتدر، فقالوا لَهُ: إنّ الرجال لَا يقاتلون إلّا بالمال، وأن أخرجت الأموال أسرع إليك رجال مؤنس وتركوه. وسألوه مائتي ألف دينار، فأمر

بجمع الطّيّارات لينحدر بأولاده وحُرَمهِ وأمّهِ وخاصّته إلى واسط، ويستنجد منها ومن البصرة والأهواز عَلَى مؤنس. فقال لَهُ محمد بْن ياقوت: اتق اللَّه في المسلمين ولا تسلِّم بغداد بلا حرب، وإنك إذا وقفت في المصافّ أحجم رجال مؤنس عَنْ قتالك. فقال: أنتَ رسول إبليس. فلمّا أصبحوا ركبَ في الأمراء والخاصّة وعليه البُرْدة وبيده القضيب، والقّراء حواله، والمصاحف منشورة، وخلْفه الوزير الفضل بْن جعفر، فشقّ بغداد إلى الشّمّاسيّة، والخلق يدعون لَهُ. وأقبل مؤنس في جيشه ووقع القتال. فوقف المقتدرُ على تل، ثمّ جاء إِلَيْهِ ابن ياقوت وأبو العلاء فقالا: تقدّم، فإذا رآك أصحاب مؤنس استأمنوا. فلم يبرح، فألحَّ عَلَيْهِ القُوّاد بالتقدم، فتقدَّم وهم يستدرجونه حتّى أوقعوه في وسط الحرب في طائفة يسيرة، وقد قدِم الجمهور بين يديه يقاتلون، فانكشف أصحابه وأسر منهم جماعة، وأبلى محمد بْن ياقوت وهارون بلاءً حسنًا. وكان معظم جُنْد مؤنس البربر، فبينا المقتدر واقف قد انكشف أصحابه رآه عليّ بْن بليق فعرفه، فترجّل وقال: يا مولاي أمير المؤمنين. وقبّل الأرض، فوافى جماعة من البربر إلى المقتدر فضربه رَجُل منهم من خلفه ضربةٌ سقط إلى الأرض، فقال لَهُ: ويلك أَنَا الخليفة. فقال: أنت المطلوب. وذبحه بالسَّيف وشيل رأسه عَلَى رُمْح، ثمّ سُلب ما عَلَيْهِ، وبقي مكشوف العورة حتّى سُتِر بالحشيش. ثمّ حفر لَهُ في الموضع ودفن وعفي أثره. وبات مؤنس بالشّمّاسيّة. ذكر رواية الصوليّ عَنْ مقتل المقتدر: وقال الصُّوليّ: لمّا كَانَ يوم الأربعاء لثلاثٍ بقين من شوّال ركب المقتدر وعليه قباء فضّي وعمامة سوداء وعلى كتفه البُرْدة، وبيده القضيب والمصاحف منشورة. وكان وزيره قد أخذ لَهُ طالعًا، فقال لَهُ المقتدر: أيّ وقتٍ هُوَ؟ قَالَ: وقت الزوال. فتطير وهم بالرجوع، فأشرقت خيل مؤنس وبليق، ونشبت الحربُ، وتفرق عَنِ المقتدر أصحابه وقتله البربريّ.

وقيل: كَانَ غلامًا لبليق، وكان رجلًا شجاعًا تعجب النّاس منه يومئذ ممّا فعل من صناعات الفروسيّة من اللّعب بالرُمْح والسّيف. ثمّ حمل عَلَى المقتدر وضربه بحربةٍ أخرجها من ظهره، فصاح النّاس عَلَيْهِ، فساق نحو دار الخلافة ليخرج القاهر، فصادفه حمل شوك فزحمه وهو يسوق حمل الشَّوْك إلى قنار لحّام، فعلقه كُلّاب، وخرج الفَرَس في مشواره من تحته فماتَ. فحطّه النّاس وأحرقوه بالحمْل الشَّوك. ذكر إسراف المقتدر: واستخلف المقتدر خمسًا وعشرين سنة إلّا بضعة عشر يومًا. وكان النّساء قد غلبن عَلَيْهِ. وكان سخيًا مبذّرًا يصرف في السنة للحجّ أكثر من ثلاثمائة ألف دينار. وكان في داره أحد عشر ألف غلام خصيان غير الصّقالبة والروم والسُّود. وأخرج جُمَيْع جواهر الخلافة ونفائسها عَلَى النّساء ومحقهُ. وأعطى بعض حظاياه الدُّرَّة اليتيمة وكان وزنها ثلاثة مثاقيل. وأخذت زيدان القهرمانة سبْحة جوهر لم يُرَ مثلها، هذا مَعَ ما ضيّع من الذَّهَب والمسْك والأشياء المفتخرة. قِيلَ: إنّه فرق ستين حبا من الصيني ملاء بالغالية الّتي غرِم عليها ما لَا يحصى. وقال الصُّوليّ: كَانَ المقتدر يفرّق يوم عَرَفَة من الإبل والبقر أربعين ألف رأس، ومن الغنم خمسين ألفًا. ويقال: إنّه أتلف من المال ثمانين ألف ألف دينار. وكان في داره عشرة آلاف خادم من الصَّقالبة؛ وأتلفَ نفسه بيده وبسوء تدبيره. وخلّف من الأولاد محمدًا الراضي، وإبراهيم المتّقي، وإِسْحَاق والد القادر، والمطيع، وعبد الواحد، وعبّاسًا، وهارون، وعليًا، وعيسى، وموسى، وأبا العبّاس. وكان طبيبه ثابت بْن سِنان، وابن بختيشوع. وقال ثابت بن سنان الطيب: إنّ المقتدر أتلف نيّفا وسبعين ألف ألف دينار. وقد وزر للمقتدر، كما قدَّمنا جماعة.

ذكر خلافة القاهر: قَالَ ثابت: لما قُتِل المقتدر انحدر مؤنس ونزل الشّمّاسيّة، فقدم إِلَيْهِ رأس المقتدر، فبكى وقال: قتلتموه؟ واللَّه لنقتلن كلنا، فأقلّ ما يكون أنّ تُظهروا أنّ ذَلِكَ جرى عَنْ غير قصد منكم، وأن تنصبوا في الخلافة ابنه أبا العبّاس. فقال إِسْحَاق بْن إسماعيل النّوَبْخِتيّ: استرحنا ممن لَهُ أمُّ وخاله وحرم، فنعود إلى تِلْكَ الحال؟! وما زال بمؤنس حتّى ثنى رأيه عَنِ ابن المقتدر، وعدل إلى القاهر محمد. فأحضر محمد بْن المكتفي والقاهر محمد، فقال لمحمد بْن المكتفي: تتولّى هذا الأمر؟. فقال: لَا حاجة لي فيه، وعمّي هذا أحقّ بهِ. فكلم القاهر فأجاب. فبايعه واستحلفه لنفسه ولبُليق ولولده عليّ بْن بليق، ولقب بالقاهر باللَّه، كما لقب بهِ في سنة سبْع عشرة. وكان ربعة، أسمر، معتدل الجسم، أصهب الشعر، أقنى الأنف. ذكر تعذيب أمّ المقتدر وموتها: وأوّل ما فعل أنْ صادر آل المقتدر وعذبهم، وأحضر أمّ المقتدر وهي مريضة فضربها بيده ضربًا مبرحًا، فلم تظهر من مالها سوى خمسين ألف دينار. وأحضر القضاة وأشهد عليها ببيع أملاكها بعد أنّ كشفت وجهها ورأوها، فلمّا عاينوا ما بها من الضُرّ بكوا. وما زال يعذبها حتى ماتت معلقةً بحبل. ذكر تعذيب القهرمانة: وضرب أمّ موسى القهرمانة وعذبها، ووجد عندها أبا العبّاس بْن المقتدر فقبض عَلَيْهِ، وبالغ في الإساءة، فنفرت القلوب عَنْهُ. ذكر وزارة ابن مُقْلَة: وكان المقتدر قد نفى ابن مُقْلَة إلى الأهواز، فأحضره القاهر مكرمًا واستوزره. ذكر إهانة مؤنس لشفيع المقتدريّ: وفيها ادّعى مؤنس أنّ شفيعًا المقتدريّ عَلَى ملكه، ونادى عَلَيْهِ إهانةً لَهُ بسبعين

ألف دينار، فاشتري بذلك للقاهر وأعتقه. ذكر الصلاة عَلَى المقتدر: وذكر المسبّحي أنّ العامّة لم تزل تصلّي عَلَى مصرع المقتدر. وبني في ذَلِكَ المكان مسجد1. آخر الوقائع الكائنة في الطبقة الثانية والثلاثين من تاريخ الإسلام، ومن خط مؤلّفه علّقته ولله الحمد والمنّة.

_ 1 انظر: صلة تاريخ الطبري "11/ 142-156"، وتكملة تاريخ الطبري للهمذاني "72"، وتجارب الأمم "1/ 245"، ومرآة الجنان "2/ 178-180"، والبداية والنهاية "11/ 168-170"، والنجوم الزاهرة "3/ 262-267".

المتوفون في الطبقة الثانية والثلاثون

المتوفون في الطبقة الثانية والثلاثون: المتوفّون في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي صالح المَرْوَزِيّ: نزيل نَيْسابور. تُوُفّي هُوَ وابن خُزَيْمة في جمعة. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد الدّارميّ، والذُّهْليّ. وعنه: يحيى العَنْبريّ، ومحمد بن صالح بْن هانئ، وغيرهما. 2- أحمد بْن الحارث بْن مسكين: أبو بَكْر الْمَصْرِيّ.

عَنْ: أَبِيهِ، وأبي الطّاهر بْن السَّرْح. ومولده سنة تسع وثلاثين. وكان الطَّحَاويّ ينكر حديثه عَنْ أَبِيهِ، أي لم يدركه. 3- أحمد بْن حفص بْن يزيد1: أبو بَكْر، نزيل المعافر. مصريّ، سمع: عيسى بْن حمّاد، ومحمد بن سلمة المرادي. وكان فاضلًا. روى عنه: ابن يونس، وقال: تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل. 4- أَحْمَد بْن حمدان بْن عليّ بْن سِنان2: أبو جعفر النَّيْسابوريّ الحيريّ الزّاهد الحافظ، المُجاب الدعوة. سمع: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وعَبْد اللَّه بْن هاشم، وعَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر، وأحمد بْن الأزهر. وفي الرحلة: عَبْد اللَّه بْن أَبِي مسرة، وأحمد بْن أَبِي غَرَزَة الغِفَاريّ، وإسماعيل القاضي، وعثمان بْن سَعِيد الدّارميّ، وخلقًا سواهم. وصنَّف "الصحيح" عَلَى شرط مُسْلِم. روى عَنْهُ: ابناه أبو العبّاس محمد نزيل خوارِزْم شيخ البَرْقانيّ، وأبو عَمْرو محمد شيخ أَبِي سعد الكَنْجَروديّ، وأبو الوليد حسّان بْن محمد الفقيه، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وعبد اللَّه بْن سعد، وأبو عثمان سَعِيد بْن إسماعيل الزّاهد. قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ ابنه أبا عَمْرو يَقُولُ: لمّا بلغ أَبِي من كتاب مُسْلِم إلى حديث محمد بْن عَبّاد، عَنْ سُفْيَان، عَنْ عَمْرو، عَنْ سَعِيد بْن أَبِي بردة، لم يجده عند أحد. فقيل لَهُ: الحديث عند أَبِي يَعْلَى المَوْصِليّ، عَنْ محمد. فخرج إِلَيْهِ قاصدًا من نَيْسابور إلى المَوْصِل. وخرج عَلَى كبر السِّنّ إلى جُرجْان ليسمع من عِمران بْن موسى حديث سُوَيد، عَنْ حفص بْن ميسرة في تحويل القبلة، فسمعته مع أبي. وسمعت أبي

_ 1 المنتظم "6/ 174"، "287". 2 طبقات الصوفية "332-334"، للسلمي، وتاريخ بغداد "4/ 115"، وتذكرة الحفاظ "2/ 761، 762"، والأعلام "1/ 119".

يَقُولُ: كلمّا قَالَ الْبُخَارِيّ: قَالَ لي فلان. فهو عرض ومناولة. وكان يُحْيى اللَّيْلَ، وتُوُفّي قبل ابن خُزَيْمة بأيّام. وقال السُّلَميّ: صحب أبو جعفر أبا حفص، والشّاه بْن شجاع، وكان الْجُنَيْد يكاتبه. وكان أبو عثمان يقول: مَن أحبّ أنّ ينظر إلى سبيل الخائفين، فلينظر إلى أَبِي جعفر بْن حمدان. وكان ولداه زاهدَيْن. وكان ابن بنته الشَّيْخ أبو بِشْر الحَلْوانيّ أوحد وقته وشيخ الحرم، بقي إلى سنة ست وثمانين وثلاثمائة. 5- أحمد بْن أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز البغويّ1: أبو الطَّيِّب. سمع: زياد بْن أيّوب، وعُبَيْد اللَّه بْن سعْد الزُّهْرِيّ. وعنه: أبو بَكْر بْن المقرئ، ومحمد بن إبراهيم العاقوليّ. وكان ثقة. 6- أحمد بْن عَبْد الواحد بْن رُفَيْدة بْن وهْب الْبُخَارِيّ2: أبو بَكْر. عَنْ: نَصْر بْن الحَسَن، وأبي عِصْمة سعد بْن مُعَاذ، والوليد بْن إسماعيل، وطبقتهم. وعنه: إبراهيم بْن محمد بْن هارون بْن حمدين، ومحمد بن بَكْر بْن خَلَف، وداود بْن موسى البخاريون. مات في سلخ رمضان. ومكات أبوه سنة سبع وستين ومائتين.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 223، 224"، "1925". 2 تاريخ جرجان "445" للسهمي "445".

7- أحمد بْن محمد بْن بشّار1: أبو بَكْر البغداديّ، ويُعرف بابن أَبِي العجوز. سمع، لُوَيْنًا، وأبا همّام السَّكُونيّ. وعنه: ابن المظفّر، وغيره. وكان ثقة. 8- أحمد بْن محمد بْن الحُسين2: أبو محمد الْجُريريّ الصُّوفيّ الزّاهد، مختلف في اسمه وفي وفاته. وقد قِيلَ اسمه: الحَسَن بْن محمد، وقيل: عَبْد اللَّه بْن يحيى، وإنّما يُعرف بكنيته. لقي السَّرِيّ السقطي، والكبار. وكان الْجُنَيْد يُجلُّه ويتأدَّب معه؛ وإذا تكلَّم في الحقائق قال: هذا من بابه أبي محمد الْجُريريّ. فلمّا تُوُفّي الْجُنَيْد أجلسوه مكانه، وأخذوا عَنْهُ أخلاق القوم وأنفاسهم. وقد حجّ في هذه السنة واستشهد في الرجوع يوم وقعة الهبير، وطأته الجمال فمات. وذلك في أوائل المحرَّم من سنة اثنتي عشرة. وقال أحمد بْن عطاء الرُّوذَبَاريّ: اجتزتُ بهِ بعد سنةٍ وهو في البرّية مستندٌ ورُكْبَتاه إلى صدره، وهو يُشير بإصبعه إلى اللَّه وقد يبس، رحمة اللَّه عَلَيْهِ. 9- أحمد بْن محمد بْن الصَّلْت3: أبو بَكْر الكاتب. وبعضهم سمّاه محمد بْن أحمد بْن الصَّلْت. سمع: وهْب بن بقية، وطبقته.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 400، 401"، "2299". 2 حلية الأولياء "10/ 347، 348"، والزهد الكبير "187"، للبيهقي، وصفة الصفوة "2/ 447"، وكشف المحجوب "148، 149". 3 تاريخ بغداد "5/ 34"، "2383".

وعنه: الْجِعَابيّ، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ. وكان ثقة. 10- أحمد بْن محمد بْن شَبطون زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن1: أبو القاسم الَّلْخمي المعروف بالحبيب. سمع: محمد بْن وضّاح، وغيره. وكان من أكمل النّاس عقلًا وأدبًا. واسع الحال، كثير المكسب والصَّدقات. ولي القضاء بُقْرطُبة مدةً. 11- أحمد بْن محمد بْن نَصْر2: أبو جعفر الضُّبَعيّ الأحول. عَنْ: محمد بْن أَبِي مَعْشَر الْمَدَنِيّ، ومحمد بن موسى الحرشي. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وعبد اللَّه بْن موسى الهاشميّ. صدوق. 12- أحمد بْن محمد بْن هارون3: أبو بَكْر الخلّال الفقيه. سمع: الحَسَن بْن عَرَفَة، ومحمد بن عوف الحمصيّ، وسَعْدان بْن نَصْر، والمَرْوَزِيّ، وخلقًا كثيرًا. وكان أحدُ مَن صَرَف عِنايته إلى جمْع علوم الْإِمَام أحمد بْن حنبل، وسافر إلى البلاد لأجلها، وسمعها عاليه ونازله. وصنَّف كتاب "الجامع"، وهو في عدة مجلَّدات، وكتاب "السنة"، وكتاب "العِلَل" لأحمد بْن حنبل، وغير ذلك.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 29"، لابن الفرضي، وقضاة قرطبة "98"، "37". 2 تاريخ بغداد "5/ 107"، "2513". 3 تاريخ بغداد "5/ 112"، وطبقات الفقهاء للشيرازي "171"، والعبر "2/ 148"، وكشف الظنون "576".

قَالَ أبو بَكْر بْن شَهْرَيار: كلنا تبعٌ للخلّال؛ لأنّه لم يسبقنا إلى جمْعهِ عِلم أحمد أحدٌ قَبله. روى عَنْهُ: أبو بَكْر عَبْد العزيز بْن جعفر، ومحمد بن المظفَّر، وغيرهما. وتُوُفّي في ربيع الأوَّل وقد نَيَّفَ عَلَى الثّمانين. قَالَ الخطيب: جمع علوم أحمد وطلبها، وسافرَ لأجلها، وكتبها وصنَّفها كُتُبًا. ولم يكن فيمن ينتحل مذهب أحمد أحدٌ أجمع منه لذلك. قَالَ لي أبو يَعْلَى بْن الفّراء: دُفن الخلّال إلى جنْب أَبِي بَكْر المَرُّوذِيّ. 13- إبراهيم بْن السَّرِيّ بْن سهل1: أبو إِسْحَاق الزّجّاج النَّحْويّ. بغداديّ مشهور. لَهُ كتاب "معاني القرآن"، وله كتاب "الاستقامة"، وكتاب "خلْق الإنسان"، وكتاب "الأنواء"، وكتاب "العروض والقوافي" وكتاب "خلق الفرس" وكتاب "فعلت وأفعلت" و"مختصر في النَّحْو"، وغير ذَلِكَ. حكى عَنْهُ أبو محمد بْن دَرَسْتُوَيْه قَالَ: كنتُ أخرط الزُّجاج فاشتهيت النَّحْو، فلزمت المبردّ، وكان لَا يُعَلّم مَجَّانًا، فقال لي: أي شيء صنْعَتُك؟ قلت: زَجّاج، وكسْبي كلّ يوم دِرْهم ونصف، وأريد أنّ تُبالغ في تعليمي، وأعطيك كلّ يومٍ درهمًا، وأشرط أنّي أعطيكه إلى أنّ يفرق بيننا الموتَ. قَالَ: فنصحني. فجاءه كتابٌ من بني مارمة من الصراة يلتمسون نَحْوِيًّا لأولادهم، فخرجت فعلمتهم. وكنت أنفذ إِلَيْهِ في الشهر ثلاثين درهمًا. ثمّ طلب منه عُبَيْد اللَّه بن سليمان مؤدبًا لابنه القاسم. قَالَ: فأدبته، وكان ذَلِكَ سبب غنايّ. وصح لي من جهته أموال كثيرة. وعن الزّجّاج قَالَ: قلتُ للقاسم وأنا أعلمّه النَّحْو: إنّ وليت الوزارة ماذا تصنع بي؟ قال: ما تحب.

_ 1 مروج الذهب "1509، 2932، 3380، 3409"، وتاريخ بغداد "6/ 89-93"، وكشف الظنون "575، 723، 1391، 1399"، والأعلام "1/ 40" ومعجم المؤلفين "1/ 33"، ومعجم الأدباء "1/ 130- 151".

فقلت لَهُ: تعطيني عشرين ألف دينار. فما مضت إلّا سنون حتّى وزر وأنا نديمه، فجعلني أقدم له القصص، فربما قَالَ لي: كم ضمن لك صاحبها؟ فأقول: كذا وكذا. فيقول: غُبنْت. قَالَ: فحصل لي في مدّة شهور عشرون ألف دينار، ثمّ حصل لي ضعفها. ووقع لي مرة من ماله بورقة إلى خازنه بثلاثة آلاف دينار. ثمّ إنّ الزّجّاج نادمَ المعتضد، وكان يسأله عَنِ الأدب. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وقد شاخ. 14- إبراهيم بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد اللَّه1: أبو إِسْحَاق العَنْسيّ الدّمشقيّ. سمع: جَدّه الهَيْثَم بْن مروان، وشُعَيب بْن شُعَيب، وأبا أميَّة الطَّرَسُوسيّ. وعنه: ابنه أبو محرز، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وأبو هاشم المؤدِّب، وأبو بَكْر بْن المقرئ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 15- إبراهيم بْن مطروح: أبو إِسْحَاق الْمَصْرِيّ. مولى خَوْلان. سمع: عيسى بْن حمّاد، وَسَلَمَةَ بْن شبيب. قَالَ أبو يونس: كتبتُ عَنْهُ، وكان صالح الحديث، كتبَ لقاضي مصر. 16- إِسْحَاق بْن إبراهيم المَرْوَزِيّ: أبو يعقوب التّاجر. حدَّثَ بنَيْسابور عَنْ: عليّ بْن حُجْر، وأحمد بْن عَبْد اللَّه الفِرْيابيّ. وعنه: أبو العباس السياري، وأبو عَمْرو بْن حمدان، وجماعة. 17- إسحاق بن محمد بن علي بن سعيد المديني: أبو يعقوب.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 231".

سمع: عمرو بن علي الصيرفي، وحميد بن مسعدة، وعمر بن شبة. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو الشَّيْخ، وغيرهما. 18- إسماعيل بْن عليّ بْن نُوبَخْت1: أبو سهل النّوَبْخِتيّ، الكاتب المعتزليّ. أحد رؤوس الشيعة المتكلمين ببغداد. لَهُ مصنفات في الكلام، وردود على ابن الرَّاوَنْديّ. وكان كاتبًا بليغًا، شاعرا إخباريًا. روى عَنْهُ: الصُّوليّ، وأبو عليّ الكوكبيّ، وابنه عليّ بْن إسماعيل. تُوُفّي فِي شوّال عَنْ أربعٍ وسبعين سنة. "حرف الباء": 19- بدر الحمّاميّ2: الأمير أبو النَّجْم، مولى المعتضد باللَّه. ولى إمرة دمشق سنة تسعين ومائتين. وحدَّثَ عَنْهُ: هلال بْن العلاء، وعُبَيْد اللَّه بْن ماسَرْجس. وولي إمرة إصبهان من سنة خمسٍ وتسعين إلى سنة ثلاثمائة. وكان عادلًا حسن السيرة. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ، كَانَ عبدًا صالحًا مستجاب الدعوة تُوُفّي بشيراز. روى عَنْهُ: ابنه محمد بْن بدر. "حرف الجيم": 20- جعفر بْن محمد بْن بشّار3:

_ 1 هدية العارفين "1/ 208"، والفهرست لابن النديم "251"، والفهرست للطوسي "39، 40". 2 البداية والنهاية "11/ 149"، والمنتظم "6/ 180". 3 تاريخ بغداد "7/ 207، 208".

أبو العبّاس بْن أَبِي العجوز. سمع: محمود بْن خراش، وعَبْد اللَّه بْن هاشم الطُّوسيّ. وعنه: أبو الفضل الزُّهْرِيّ، وابن شاهين. "حرف الحاء": 21- حامد بْن العبّاس الوزير1: كَانَ قديمًا عَلَى نَظَر فارس، ثمّ ولي بعدها نظر واسط والبصرة. وآل أمره إلى وزارة أمير المؤمنين المقتدر. وكان كثير الأموال والحشم، بحيث إن له أربعمائة مملوك يحملون السلاح، وفيهم جماعة أمراء. واستوزره المقتدر في سنة ست وثلاثمائة وعزل ابن الفُرات. فقدم حامد بْن العبّاس من واسط في أبهةٍ عظيمة، فجلس في الدست أيامًا، فظهر منه سوء تدبير، وقلة خبرة بأعباء الوزارة، وشراسة خلق، فضم المقتدر معه. علي ابن عيسى الوزير، فمشت الأحوال. ولكنْ كَانَ الحلّ والعَقْد إلى ابن عيسى. ولهُ أثر صالح في إهلاك الحلّاج يدلّ عَلَى حُسْن إيمانه وعلمه في الجملة. وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. وسمع من: عثمان بْن أَبِي شَيْبة؛ وما حدث. وفي سنة ثمانٍ وثلاثمائة ضمّن حامد سواد الطرق، وجدّد مظالم، وغَلَت الأسعار، فقصدت العامةُ دار حامد وضجّوا وتكلموا، وهمّوا بهِ، فخرج إليهم غلمانه فاقتتلوا، ودام القتال، واشتد الأمر، وعظم الخطب، وقتل جماعة. ثمّ استضرت العامة وأحرقوا جسر بغداد، وركب حامد في طيار فرجموه. وكان مَعَ ظلمه وعسفه وجبروته جوادًا ممدحًا معطاءٍ. قَالَ أبو عليّ التّنُوخيّ: حدَّثني القاضي أبو الحَسَن محمد بْن عَبْد الواحد الهاشمي قَالَ: كَانَ حامد بْن العبّاس من أوسع من رأيناه نفسًا، وأحسنهم مروءة، وأكثرهم نعمة، وأشدهم سخاءً وتفقدًا لمروءته. كَانَ ينصب في داره كلّ يوم عدة موائد، ويطعم كل من حضر حتّى العامة والغلمان. فيكون في بعض الأيّام أربعين مائدة.

_ 1 صلة تاريخ الطبري "213-215"، والمنتظم "6/ 180-184"، والبداية والنهاية "11/ 149".

ورأى يومًا في دهليزه قشر باقلّاء. فأحضر وكيله وقال: ويلك، يؤكل في داري باقلي؟ فقال: هذا فعل البوابين. فقال: أوليست لهم جراية لحم؟ قَالَ: بلى. فسألهم فقالوا: لَا نتهنّأ بأكل اللحم دون عيالنا، فنحن ننفذه إليهم، ونجوع بالغداة، فنأكل الباقلّي. فأمر أنّ يجرى عليهم لحمٌ لعيالاتهم أيضًا. فلمّا كَانَ بعد أيّام رأي قِشْر باقلّاء في الدهليز، فاستشاط، وكان سفيه الّلسان، فشتم وكيله وقال: ألم أضعف الجرايات؟ فقال: إنهم لم يغيروا عادتهم، بل صاروا يجمعون الثانية عند اللَّحَّام. فقال: ليكن ذَلِكَ بحاله، ولتجدد مائدة تنصب لهم غدوة قبل موائدنا. ولئن رأيت بعدها في دهليزي قشرًا لأضربنك وإياهم بالمقارع. قَالَ التّنُوخيّ: وحدثني أبو الحسين عبد الله الجوهري وأبو الحسن بن المأمون الهاشمي أَنَّهُ وجد لحامد في نكبته في بيت مستراح له أربعمائة ألف دينار عينا دلّ عليها لمّا اشتدت بهِ المطالبة. فقيل: إنّه كَانَ يدخل ومعه الكيس، فيه ألف دينار ليقضي حاجة، فيرميه في المرحاض، فتجمع هذا فيه1. وقال غيره: عُزل حامد وابنُ عيسى عَنِ الأمر، وقُلَّدَ أبو الحَسَن بْن الفُرات، وهذه ولايته الثالثة، فصادرَ حامدًا وعذبه. قَالَ المسعودي: كَانَ في حامد طيش وحدة. كلّمه إنسان بشيء، فقلب ثيابة عَلَى كتفه وصاح: ويلكم، عليَّ بهِ. وقال: دخلت عَلَيْهِ أم موسى القهرمانة، وكانت كبير المحلّ، فخاطبته في طلب مال، فقال لها: اضرطي والتقطي، واحسُبي لَا تَغْلطي. فخجلها. وبلغ المقتدر فضحك وكان شابًا لعّابًا، فأمر بقيناته فغنين بذلك. وجرت لحامد فصول، وتجلد عَلَى الضرب، ثمّ أحدر إلى واسط فسم في الطريق في بيض نيمرشت، فتلف بالإسهال في رمضان سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. وذكر الصُّوليّ أنّ أصل حامد من خراسان، ولم يزل يتقلد الأعمال الجليلة من طساسيج2 السَّواد، يتصرف مَعَ العمال حتّى ضمن الخراج، والضياع بالبصرة وكور

_ 1 نشوار المحاضرة "1/ 24"، والمنتظم "6/ 183". 2 طساسيج: مفردها طَسوج: وهو اسم يطلق على الناحية في بلاد فارس.

دجلة مَعَ الأشراف بكسكر وغيرها سنين، في دولة ابن الفُرات. فكان يعمّر ويربح ويحسن إلى الأكارين ويرفع المؤن حتّى صار لهم كالأب. وكثرت صدقاته. وقيل: إنّه وزر وقد علت سنة، ثمّ تحدثّ الأمراء بما في حامد من الحدة وقلة الخبرة بأمور الوزارة، فعاتب المقتدر أبا القاسم بْن الحواري، وكان أشار بهِ. ونقل ابن النّجّار أنّ حامدًا أضيف إِلَيْهِ في الأمور عليّ بْن عيسى. قَالَ الصُّوليّ: فجلس عليّ بْن عيسى في دار سليمان بْن وهْب وفعل كما يفعل الوزراء. واشتغل حامد بمصادرة ابن الفُرات. وقد وقعت بينه وبين ابن عيسى مشاجرات ومناظرات في الأموال، فقيل: أعجبُ مِن كلّ ما تراه ... إنّ وزيرين في بلادِ هذا سوادٌ بلا وزير ... وذا وزيرٌ بلا سوادِ واستخرج حامد من المحسّن ولد أَبِي الحَسَن بْن الفُرات ألف ألف دينار، وعذَّبه. فلمّا فرغ من المصادرة بقي بلا عمل سوى اسم الوزارة والركوب يومي الموكب. وسقطت حرمته عند المقتدر، وبان لَهُ أنّ لَا فائدة منه، فأفرد ابن عيسى بالأمور. واستأذن حامد المقتدر في أنّ يضمن إصبهان والسّواد وبعض المغرب، فأذن لَهُ حتّى قيل في ذَلِكَ: أنظر إلى الدَّهْر ففي عجائبِهْ ... معتبرٌ يُسليك عَنْ نوائبهْ وتُؤيِس العاقلَ عَنْ رغائبِهْ ... حتّى تراه حذرًا من جانبهْ صار الوزيرُ عاملًا لكاتبهْ ... يأملُ أنّ يرفقَ في مطالبهْ ليستدر النفع من مكاسبهْ قَالَ أبو عليّ التّنُوخيّ: حدَّثني أبو عبد الله الصَّيْرفيّ: حدَّثني أبو عليّ القَنَويّ التّاجر قَالَ: ركب حامد بْن العبّاس قبل الوزارة بواسط إلى بستان لَهُ، فرأى شيخًا يُوَلْول وحولهُ نساء وصبيان يبكون، فسأل عَنْ خبرهم، فقيل: احترق منزله وقماشه وافتقر، فرق لَهُ ووَجَمَ لَهُ، وطلب وكيله وقال: أريد منك أنّ تضمن لي أنّ لَا أرجع العشيّة من النُّزهة إلّا وداره كما كانت مجصَّصة، وبها القماش والمتاع والنّحاس أفضل ممّا كَانَ، وكسوة عياله مثل ما كَانَ لهم.

فأسرع في طلب الصُّنّاع، وبادروا في العمل، وصبَّ الدّراهم، وأضعف الأجر، وفرغوا من الجميع بعد العصر. فلمّا ردّ حامد وقت العتْمة شاهدها مفروغةً بآلاتها وأمتعتها الْجُدد، وازدحم الخلْق يتفرجون، وضجوّا لحامد بالدّعاء. ونال التّاجر من المال فوق ما ذهبَ لَهُ، ثمّ زاده بعد ذَلِكَ كلّه خمسة آلاف درهم ليقوى بها في تجارته1. وقيل: إنّ رجلًا دخل واسطًا في شغل، واشترى خبزًا بدينار ليتصدق بهِ، وجلس يراعي فقيرًا يعطيه منه، فقال لَهُ الخباز: إنك لَا تجد أحدًا يأخذه منك؛ لأنّ جُمَيْع ضعفاء البلد في جراية حامد، لكلّ واحدٍ رطْل خبز ودانق فضّة. وقيل: إنّه يقدَّم، وهو وزير، عَلَى موائده بين يدي كل رجل جدي، لَا يشاركه أحد. قَالَ الصُّوليّ: كَانَ حامد قليل الرَّغْبة في استماع الشِّعْر، إلّا أَنَّهُ كَانَ سخيًا، جميل الأخلاق، كثير المزح. وكان إذا خولفَ في أمرٍ يصيح ويَحْرَد. فَمَن داريَ مزاجه انتفع بهِ. قَالَ إبراهيم نِفْطَوَيْه: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قِيلَ لبعض المجانين: في كم يتجنّن الإنسان؟ قَالَ: ذاك إلى صبيان المحلّة. وكان حامد ثالث يوم من وزارة المقتدر قد ناظر ابن الفُرات، وجَبَهَه وأفحش لَهُ، وجذب بلحيته، وعذب أصحابه. فلمّا انعكس الدَّسْت ووَزَر ابن الفُرات تنمَّر لحامد، فليم حامد فقال: إنّ كَانَ ما عملته معكم من الأحوال السيئة بكم أثر لي خيرًا فزيدوا منه، وإن كَانَ قبيحًا، وهو الّذي أصارني إلى التمكُّن منّي، فالسعيد من وعظ بغيره. وبعد أنّ استصفاه دَسَّ مَن سقاه سُمًّا في بيضٍ، فأتلفه إسهالٌ مُفْرِط. نِفْطَوَيْه: نا حامد بْن العبّاس الوزير: حدَّثني سند بْن عليّ، قَالَ: كنتُ بين يدي المأمون، فعطس فلم نُشَمِّتْه. فقال: لِمَ لَمْ تشمِّتَاني؟ قُلْنَا: أجللناك يا أمير المؤمنين. قَالَ: لستُ من الملوك التي تتحال عَنِ الدّعاء. قُلْنَا: يرحمك اللَّه. قَالَ: يغفر الله لكما.

_ 1 انظر: المنتظم "6/ 182، 183".

قال الصولي: سلم حامد إلى المحسن ابن الوزير ابن الفُرات، فعذَّبه بألوان العذاب. وكان إذا شرب أَخْرَجَهُ وألبسه جلْد قرد، فيرقّص ويُصْفع، وفُعِلَ به ما يستحيى من ذكره. ثمّ أحضر إلى واسط فأُهلك. وصلّي الناسُ عَلَى قبره أيّامًا. قَالَ أحمد بْن كامل بْن شَجَرة: تُوُفّي بواسط، ثمّ بعد أيّام ابن الفُرات نُقِل فدُفِنَ ببغداد. وسمعته يَقُولُ: وُلدت سنة ثلاث وعشرين ومائتين. وأبي من الشهاردة. 22- حمّاد بْن شاكر بْن سَوِيّة1: أبو محمد النَّسَفيّ. روى "الصّحيح" عَنِ الْبُخَارِيّ. وروى عَنْ: عيسى بْن أحمد العسقلانيّ، ومحمد بن عيسى التِّرْمِذيّ. وعنه: جماعة. قَالَ جعفر المُسْتَغِفريّ: هُوَ ثقة مأمون. رحل إلى الشام. حدَّثني عَنْهُ بَكْر بْن محمد بْن جامع بـ"صحيح الْبُخَارِيّ"، وأبو أحمد قاضي بخاري. ورخّ وفاته ابن ماكولا. وقيَّد جَدّه: سَوِيّة. "حرف السين": 23- سليمان بْن حامد: أبو أيّوب القُرْطُبيّ الزّاهد. كَانَ يقال: إنّه من الأبدال. وكان مُجاب الدَّعوة، كبير القدر. روى عَنْ: إبراهيم بْن باز، ومحمد بن وضّاح، وجماعة. وكان أعبد أهل زمانه، رحمة اللَّه عَلَيْهِ. 24 - سهل بْن يحيى2: أبو السَّرِيّ الحدّاد.

_ 1 التقييد لابن النقطة "257، 258"، والوافي بالوفيات "13/ 152"، "164"، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 377". 2 تاريخ بغداد "9/ 119"، "4732".

عَنْ: الحَسَن بْن عليّ الحَلْوانيّ. وعنه: أبو بَكْر الأبْهَريّ، وعليّ الحربيّ، وعُمَر بْن شاهين. وبقي إلى بعد هذا العام بيسير. "حرف الشين": 25- شُعَيب بْن إبراهيم: أبو صالح العِجْليّ النَّيْسابوريّ. سمع: محمد بْن رافع، وعليّ بْن حرب، وعُبَيْد اللَّه بْن سعْد الزُّهْرِيّ، وطبقتهم. وعنه: أبو زكريّا يحيى العَنْبريّ، وجماعة. "حرف العين": 26- العبّاس بْن أحمد بْن أَبِي شحمة القَطِيعيّ1: عَنْ: أَبِي هَمّام السَّكُونيّ، ومحمود بْن غَيْلان. وعنه: مَخْلَد بْن جعفر، والجِعَابيّ، ومحمد بن الشِّخِّير. وثّقه الخطيب. 27- عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم2: أبو محمد المدائني الأنْماطيّ. نزيل بغداد. سمع: الصَّلْت بْن مسعود، وعثمان بْن أَبِي شَيْبة، وأبا كامل الجحدريّ، ومحمد بن بكّار. وعنه: الْجِعَابيّ، وابن المظفّر، وأبو بَكْر الورّاق، ومحمد بن الشِّخِّير، وابن حَيَّوَيْه. وثقه الدارقطني.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 153"، "6622". 2 تاريخ جرجان "356"، والمنتظم "6/ 184"، والعبر "2/ 148".

28- عَبْد اللَّه بْن عُرْوَة1: الحافظ أبو محمد الهَرَوِيّ. مصنف كتاب "الأقضية". سمع: أبا سَعِيد الأشج، والحَسَن بْن عَرَفَة، ومحمد بن الوليد البُسْريّ، وخلْقًا سواهم. وعنه: محمد بْن أحمد بن الأزهر، ومحمد بن عَبْد اللَّه السَّيّاريّ، وأبو منصور محمد بْن عَبْد اللَّه البزّاز. 29- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن سليمان2: أبو العبّاس الكوكّبي النَّيْسابوريّ. واسع الرحلة، سمع: عليّ بْن خَشْرَم، وأحمد ابن أخي ابن وهب، ويونس بن عبد الأعلى، وعلي بن حرب، وجماعة. وعنه: أبو علي الحافظ، وإسحاق بن سعد النسوي، وجماعة. وثقه أبو عبد الله الحاكم. 30- عبد الله بن محمود السعدي3: أبو عبد الرحمن المروزي الحافظ. سمع: حبان بن موسى، ومحمود بن غيلان، وعلي بن حجر السعدي. ورحل إلى العراق فأكثر عن: عُمَر بْن شبة، وهذه الطبقة. وعنه: أبو منصور الأزهري، وأحمد بن سعيد المعداني الفقيه، وطائفة. قال الحاكم: ثقة مأمون، وقد سمع منه إمام الأئّمة ابن خُزَيْمة، وهو من أقرانه. 31- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عمرو النصراباذي النيسابوري4:

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 876، 787"، وهدية العارفين "1/ 443"، وشذرات الذهب "2/ 262". 2 الأنساب "10/ 501". 3 العبر"2/ 148"، وتذكرة الحفاظ "2/ 718"، وطبقات الحفاظ "309". 4 الأنساب "12/ 88".

أبو محمد. من محلَّة نصراباذ. سمع: محمد بْن رافع، ومحمد بْن أسلم الطُّوسيّ. وعنه: أحمد بْن هارون، ومحمد بن سَعِيد المؤدِّب. 32- عَبْدان بْن أحمد بْن أَبِي صالح النهدانيّ: بأرَّجان. ورَّخ موته ابن مَنْدَه. 33- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن عِمران الْجُرْجانيّ1: حدَّثَ بحلب، عَنْ: بُنْدار، وأبي حفص الفلّاس، وابن مُثَنَّى. وعنه: أبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو أحمد بْن عديّ، وغيرهما. سكن حلب. 34- عُمَر بْن محمد بْن بُجير بْن حازم بْن راشد الهَمْدانيّ2: أبو حفص السَّمَرْقَنْديّ الحافظ، مصنِّف "الصحيح" و"التفسير". لَهُ الرحلة الواسعة والمعرفة التّامّة، وهو من أبناء المحدثين. فإن أباه رحال كبير روى عَنْ أَبِي الوليد، وعارم، وطبقتهما. وعُمَرُ هذا رحلَ إلى خُراسان، والبصْرة، والكوفة، والشّام، ومصر، والحجاز، وجمع ما لم يجمعه غيره، حتّى أَنَّهُ قَالَ: رحلت إلى بُنْدار ثلاث مرّات، سَمِعْتُ منه ستين ألف حديث أو أكثر. قلت: سمع: محمد بْن معاوية خال الدّارميّ، وعيسى بْن زُغْبة، وبِشْر بْن مُعَاذ العَقَديّ، وعَمْرو بْن عليّ، وبُندارًا، وعبد بْن حُمَيْد، وأحمد بْن عَبْدة، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن صابر، ومحمد بن بَكْر الدهقان، ومحمد بن أحمد بْن عِمران الشّاشيّ، ومحمد بن عليّ المؤدِّب، ومعمر بْن جبريل الكرمينيّ، وأَعْيَن بْن جعفر السَّمَرْقَنْديّ، وعيسى بْن موسى الكِسائيّ، وآخرون.

_ 1 تاريخ جرجان "299، 300" للسهمي. 2 المشبه في أسماء الرجال "1/ 48"، والعبر "2/ 149"، والبداية والنهاية "11/ 149"، والنجوم الزاهرة "3/ 209".

ومولده سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. ورحل سنة بضعٍ وأربعين، وحضر جنازة أحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ؛ وهو صدوق. وَقَدْ رَوَى عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ الْخَلالِ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ محمد، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "إِنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلاةً إِلَى صَلاتِكُمْ هِيَ خَيْرٌ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ، أَلا وَهِيَ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلاةِ الْفَجْرِ" 1 تَفَرَّدَ بِهِ مَرْوَانُ، وَهُوَ ثِقَةٌ. 35- عَمْرو بْن محمد بْن الخليل بْن نُعَيْم العَتَكيّ النّاقد2: عَنْ: نَصْر بْن الحُسين، وسعيد بْن أيّوب، وأحمد بْن زهير، وأبي عَبْد اللَّه بْن أَبِي حفص. وعنه: أحمد بْن القاسم بْن عُمَيْر، وأبو عِصْمة أحمد بْن محمد الجواليقيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن إبراهيم. مات في عاشر جمادى الآخرة. أظنَّه بُخاريّا. ذكره الأمير. "حرف الكاف": 36- كامل بْن مكّيّ بْن محمد بْن وردان: أبو العلاء التَّميميّ الْبُخَارِيّ. كَانَ يورّق عَلَى باب صالح جَزَرَة. وسمع: الربيع المُرَاديّ، ومحمد بن عَوْف الحمصيّ. وعنه: عَبْد اللَّه بن عزير السمرقندي. توفي في شعبان، وقد أسن.

_ 1 ذكره الهندي في كنز العمال "19549"، وأخرجه أبو نعيم في الحلية "9/ 235"، بنحوه والبيهقي في السنن الكبرى "2/ 469". 2 تاريخ جرجان "165" للسهمي، والإكمال لابن ماكولا "7/ 328".

"حرف الميم": 37- محمد بْن أحمد بن الصَّلْت1: أبو بَكْر البغداديّ الكاتب. روى عَنْ: وهْب بْن بقية، ومحمد بن خَالِد الطّحّان، وسوار بن عبد الله العنبري، وطبقتهم. وعنه: الجعابي، ومحمد بن المظفر، وأبو الفضل الزهري، وأبو الحسن الحربي. وقد سماه بعضهم أحمد بن محمد. توفي في المحرم. وقد وثقه عمر البصري. 38- محمد بن إسماعيل بن علي بن النعمان بن راشد2: أبو بكر البصلاني شيخ بغداد. ثقة جليل. روى عَنْ: بُنْدار، وعليّ بْن الحُسين الدِّرْهَميّ. وعنه: عبد العزيز الخرقي، وأبو القاسم بن النحاس، وعلي بن لؤلؤ. مات في شعبان. 39- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمَة بْن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري3: إمام الأئمة أبو بكر الحافظ. سمع: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن حميد الرازي، وما حدَّثَ عَنْهُمَا لصغره، فإنه وُلِد في صَفَر سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين؛ ومحمود بْن غيلان، ومحمد بن أبان

_ 1 انظر: تاريخ جرجان "314" للسهمي، المنتظم "6/ 186، 187". 2 تاريخ بغداد "2/ 46"، "440". 3 الثقات "9/ 156"، والجرح والتعديل "7/ 196"، والعبر "2/ 149، 150"، والبداية والنهاية "11/ 149".

المستملي، وإِسْحَاق بْن موسى الخطْميّ، وعتبة بْن عَبْد اللَّه اليحمدي، وعليّ بْن حُجْر، وأبا قُدَامة السَّرْخَسيّ، وأحمد بْن مَنِيع، وبِشْر بْن مُعَاذ، وأبا كُرَيْب، وعبد الجبار بْن العلاء، ويونس بن عبد الأعلى، وخلقا كثيرا. وعنه: الْبُخَارِيّ، ومسلم في غير "الصحيح"، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم شيخه، وأبو عَمْرو بْن المبارك، وإبراهيم بْن أَبِي طَالِب وَهُم أكبر منه؛ وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وإِسْحَاق بْن سعْد النَسَويّ، وأبو عَمْرو بْن حَمْدان، وأبو حامد أحمد بن محمد بن بالويه، وأبو بَكْر أحمد بْن مِهْران المقرئ، ومحمد بن أحمد بْن عليّ بْن نُصَيْر المعدَّل، وحفيده بْن الفضل بْن محمد بْن إِسْحَاق، وخلْق كثير. قَالَ أبو عثمان سَعِيد بْن إسماعيل الحِيّريّ، قال: ثنا أبو بكر بن خزيمة قال: كنت إذا أردت أن أصنف الشيء دخلت الصلاة مستخيرا حتى يفتح لي فيها، ثم أبتدئ التصنيف. وقال الزاهد أبو عثمان الحيري: إنّ اللَّه لَيْدفع البلاء عَنْ أهل هذه المدينة بمكان أَبِي بَكْر محمد بْن إِسْحَاق. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ محمد بْنُ جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُولُ، وَسُئِلَ: مِنْ أَيْنَ أوتيت العلم؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ" 1. وَإِنِّي لَمَّا شَرِبْتُ مَاءَ زَمْزَمَ سَأَلْتُ اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا. وقال أبو بَكْر بْن بالوَيْه: سَمِعْتُهُ يَقُولُ، وقيل لَهُ: لو حلقت شَعْرك في الحمّام، فقال: لم يَثْبُت عندي أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل حمّامًا قطّ، ولا حلق شعرَه، إنمّا يأخذ شعري جاريةٌ لي بالمِقْراض. وقال محمد بْن الفضل كَانَ جدّي أبو بَكْر لَا يدَّخِر شيئًا جهده، بل يُنْفقه عَلَى أهل العلم. وكان لَا يعرف سنجة الوزن، لا يميز بين العشرة والعشرين. وقال أبو بكر محمد بْن سهل الطُّوسيّ: سَمِعْتُ الربيع بْن سليمان وقال لنا: هَلْ تعرفون ابن خُزَيْمة؟ قُلْنَا: نعم. قَالَ: استفدنا منه أكثر ممّا استفاد منّا.

_ 1 صحيح: أخرجه أحمد في مسنده "3/ 357"، وابن ماجه "3062"، والبيهقي في السنن الكبرى "5/ 202"، والدارقطني في سننه "2/ 9289، وانظر السلسلة الصحيحة "2/ 572" وصحيح الجامع الصغير وزيادته "5502".

وقال محمد بْن إسماعيل السُّكّريّ: سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يَقُولُ: حضرت مجلسَ المُزَنيّ يومًا فسُئل عَنْ شبه العَمْد، فقال السائل: إنّ اللَّه وصَف في كتابه القتل صنفين عمدًا وخطأ. فلِمَ قلتم: إنّه عَلَى ثلاثة أصناف؟ يحتجُّ بعليّ بْن زيد بْن جدْعان. فسكت المُزَنيّ. فقلتُ لمناظرة: قد روى هذا الحديث أيضًا أيّوب وخالد الحذاء. فقال لي: فَمَن عُقْبة بْن أَوْس؟ قلت: بَصْريّ روى عَنْهُ ابن سيرين مَعَ جلالته. فقال للمُزَنيّ: أنتَ تناظر أو هذا؟ فقال: إذا جاء الحديثُ فهو يناظر؛ لأنّه أعلم بالحديث منّي، ثمّ أتكلّم أَنَا. وقال محمد بْن الفضل: سَمِعْتُ جدّي يَقُولُ: استأذنت أَبِي في الخروج إلى قُتَيْبة، فقال: اقرأ القرآن أوّلًا حتّى آذن لك. فاستظهرت القرآن. فقال لي: اسكت حتّى تصلّي بالختْمة. فمكثت. فلمّا عيَّدنا آذن لي، فخرجت إلى مَرْو، وسمعتُ بمَرْو الرُّوذ من محمد بْن هشام، فنُعي إلينا قُتَيْبة. وقال أبو علي الحسين بن محمد الحافظ: لم أرَ مثل محمد بْن إِسْحَاق. وقال ابن سُرَيْج، وذكر لَهُ ابن خُزَيْمة، فقال: يستخرج النُّكَت مِنْ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنّقاش. وقال أبو زكريّا العَنْبريّ: سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يَقُولُ: لَيْسَ لأحدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قولٌ إذا صحّ الخبر عَنْهُ. وقال محمد بْن صالح بْن هانئ: سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يَقُولُ: مَن لم يقرّ بأنّ الله عَلَى عرشه قد استوى فوق سبْعٍ سَمواته فهو كافرٌ حلال الدّم، وكان مالُه فَيْئًا. وقال أبو الوليد الفقيه: سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يَقُولُ: القرآن كلامُ اللَّه، ومن قَالَ: مخلوق فهو كافر يُستتاب، فإن تابَ وإلّا قُتِل، ولا يُدفن في مقابر المسلمين. وقال الحاكم، في علوم الحديث: فضائل ابن خُزَيْمة مجموعة عندي في أوراق كثيرة ومصنفاته تزيد عَلَى مائة وأربعين كتابًا سوى المسائل. والمصنفة أكثر من مائة جزء. وله فقه حديث بُرَيْرة في ثلاثة أجزاء. وقال أحمد بْن عَبْد اللَّه المعدّل: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن خَالِد الإصبهانيّ يَقُولُ: سُئل عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، عَنِ ابن خُزَيْمة فقال: ويحكم، هُوَ يُسأل عنَّا ولا نسأل عَنْهُ. هُوَ إمام يُقتَدَى به.

وقال أبو بَكْر محمد بْن عليّ الفقيه الشّاشيّ: حضرتُ ابن خُزَيْمة، فقال لَهُ أبو بَكْر النَّقاش المقرئ: بلغني أَنَّهُ لما وقع بين المُزَنيّ وابن عَبْد الحَكَم، قِيلَ للمُزَنيّ: إنّه يردّ عَلَى الشّافعيّ، فقال: لَا يُمكنه إلّا بمحمد بْن إِسْحَاق النَّيْسابوريّ. فقال أبو بَكْر: كذا كَانَ. وقال الحاكم: سَمِعْتُ أبا سعد عَبْد الرَّحْمَن بْن المقرئ: سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يَقُولُ: القرآن كلام اللَّه ووحْيه وتنزيله غير مخلوق. ومن قَالَ: إنّ شيئًا من تنزيله ووحيه مخلوق، أو يَقُولُ: إنّ أفعاله تعالى مخلوقه، إنّ القرآن محدث فهو جَهْميّ. ومن نظر في كُتُبي بْان لَهُ أنّ الكلابية كذبة فيما يحكون عنّي، فقد عرف الخلْق أَنَّهُ لم يصنف أحدٌ في التوحيد والقدر وأصول العلم مثل تصنيفي. وقال أبو أحمد حُسَيْنَك: سَمِعْتُ إمام الأئمّة ابن خُزَيْمة يحكي عَنْ عليّ بْن خَشْرَم، عَنْ إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه أنه قَالَ: أحفظ سبعين ألف حديث. فقلت لابن خُزَيْمة: فكم يحفظ الشَّيْخ؟ فضربني عَلَى رأسي، وقال: ما أكثر فضولك. ثمّ قَالَ: يا بُنيّ، ما كتبت سوادًا في بياض إلا وأنا أعرفه. قال: وحكى أبو بِشْر القطّان قَالَ: رأى جارٌ لابن خُزَيْمة من أهل العلم كأنّ لوحًا عَلَيْهِ صورة نبّينا صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن خُزَيْمة يعتقله، فقال المعبّر: هذا رجلٌ يُحْيى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ نقل الحاكم أنّ ابن خُزَيْمة عمل دعوةً عظيمة ببستان، فمرّ في الأسواق يعزم عَلَى التُّجّار، فبادروا معه وخرجوا، ونقل كلّ ما في البلد من المأكل والشِّواء والحلْواء. وكان يومًا مشهودًا بكثرة الخلْق، لم يتهيأ مثله إلّا لسلطان كبير. قَالَ: الْإِمَام أبو عليّ الحافظ: كَانَ ابن خُزَيْمة يحفظ الفِقْهيّات من حديثه، كما يحفظ القارئ السُّورة. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كَانَ ابن خُزَيْمة إمامًا ثَبْتًا معدوم النّظير. تُوُفّي ابن خُزَيْمة في ثاني ذي القعدة. وقد استوعب أخباره الحاكم أبو عبد الله في "تاريخ نَيْسابور"، وفيها أشياء كيّسة وأخبار مفيدة. ذكر ابن حِبّان أَنَّهُ لم يرَ مثل ابن خُزَيْمة في حِفْظ الإسناد والمَتْن، فأخبرنا ابن

الخلّال، أَنْبَأَ ابْنُ اللُّتِّيِّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الأَنْصَارِيُّ، أَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن صالح، نا أَبِي، نا محمد بْن حِبّان التَّميميّ قَالَ: ما رأيتُ عَلَى وجه الأرض مَن يُحسن صناعة السُّنَن ويحفظ ألفاظها الصِّحاح وزياداتها، حتّى كأنّ السُّنَن كلّها بين عينيه إلّا محمد بْن إِسْحَاق فقط. 40- محمد بْن زكريّا الرّازيّ1: الطبيب العلّامة في علم الأوائل، وصاحب المصنّفات المشهورة المنتشرة، أبو بَكْر. تُوُفّي ببغداد، وكان عَلَى مارستان بغداد في زمن المكتفي. وكان في صباه مغنيًا بالعود، ثمّ أقبل عَلَى قراءة كتب الفلسفة والطّبّ، فبلغ فيه الغاية. صنَّف "الحاوي" في نحو ثلاثين مجلدًا في الطب، و"كتاب الجامع" وهو كبير، و "كتاب الأعصاب"، و"المنصوري"، وغير ذَلِكَ. وطال عمره. وقيل: إنّه إنّما اشتغل بعد أنّ صار ابن أربعين سنة، وأضَرَّ في آخر عمره. وكان اشتغاله عَلَى أبي الحسن علي بن زبن الطَّبَريّ صاحب التّصانيف الطّبّيّة. 41- محمد بْن شادَل بْن عليّ2: أبو العبّاس النَّيْسابوريّ. مولى بُنيّ هاشم. كُفّ بصره بعد الثمانين. سمع: إِسْحَاق بن راهويه، وعمر بْن زُرارة، وأبا مُصْعَب، وهَنَّاد بْن السَّرِيّ، ولُوَيْنًا. وعنه: أحمد بْن الخضر، وعَبْد اللَّه بن سعد، ويوسف الميانجي، وأحمد بن سهل الأنصاري، والشيوخ بعدهم.

_ 1 طبقات الحكماء لابن جلجل "77"، ووفيات الأعيان "5/ 157-161"، والأعلام "6/ 130"، وكشف الظنون "577". 2 العبر "2/ 150"، وشذرات الذهب "2/ 263".

وقال طاهر بْن أحمد الورّاق: إنّه نَيَّف عَلَى المائة سنة وتُوُفّي في ربيع الأوّل سنة إحدى عشرة. وإنه كَانَ يختم القرآن في كلّ يوم. وقال غيره: تُوُفّي في صَفَر سنة تسعٍ، فالله أعلم. وقعَ لنا من طريقه جزء إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، رواه عَنْهُ أبو أحمد الحاكم، وقال: كَانَ صحيح الُّأصول، سمع ابن رَاهَوَيْه، ومحمد بن عثمان العثمانيّ. سألنا أبا العبّاس الماسرجسي عَنْهُ، فثبت سماعه من إِسْحَاق. 42- محمد بْن مكّيّ بْن محمد بْن سليمان الخَوْلانيّ: مولاهم الْمَصْرِيّ. عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى. 43- محمد بْن يَزْداد بْن أدين: يُكنّى أبا جعفر. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن عَبْدان الحافظ، ومحمد بن أحمد بْن السَّرِيّ، وهبة اللَّه بْن الحَسَن القاضي، وآخرون. وهو فارسيّ من أهل جُور. سمع: عَبْده الصّفّار، وبِشْر بْن آدم، وجماعة. وحدَّث. 44- مظفر بْن عاصم بْن أَبِي الأغرّ1. أبو القاسم البَجَليّ. كذّاب، حدّث في هذا العام ببغداد، وزعم أَنَّهُ ابن مائة وتسعةٍ وثمانين سنة وأشهر، وأنّه سمع من: حُمَيْد الطويل، ومن مكلبة بخوارزم. وزعم أنّ لمكلبة صحبة. روى عنه من لا يستحيي كعمر بْن محمد بْن إبراهيم، ومحمد بن محمد بْن مُعَاذ، وغيرهما. كذّبه ابن الْجَوْزيّ، وغيره.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 127"، "7112"، والميزان "4/ 131"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 126".

وفيات سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 45- أحمد بْن الحَسَن بْن هارون1: أبو بَكْر الخّراز الكوفيّ، ثمّ البغداديّ الصّبّاحيّ. عَنْ: عَمْرو بْن الفلّاس، ومحمد بن منصور الطُّوسيّ. وعنه: عليّ بْن عُمَر السُّكّريّ، والطَّبَرانيّ، والحَسَن بْن رشيق، وأبو عُمَر بْن فَضَالَةَ، وآخرون. وثفه الخطيب. 46- أحمد بْن الحُسين بْن أحمد2: أبو عبد الله الكَرْخيّ الْمُعَدَّلُ. سمع من حسين الكرابيسيّ تصانيفه؛ ومن: إِسْحَاق بْن موسى، وغير واحد. وعنه: عليّ بْن لؤلؤ، وابن المظفّر، لكنْ سمَّى أَبَاهُ حسينًا. مات في جُمَادَى. أرّخه ابن قانع. 47- أحمد بْن زكريّا3. أبو حامد النَّيْسابوريّ: نزل بغداد، وحدَّثَ عَنِ الذُّهْليّ، وابن وَارَةَ، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ. وعنه: ابن لؤلؤ، ومحمد بن المظفّر. وهو موثَّقٌ نبيل. 48- أحمد بْن عَمْرو الألْبيريّ: الحافظ بالأندلس. فيها، وقد مر.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 87"، والمعجم الصغير للطبراني "1/ 50". 2 تاريخ بغداد "4/ 100"، "1752". 3 تاريخ بغداد "4/ 161"، "1838".

49- أحمد بْن محمد بْن الأزهر بْن حُريث1: أبو العبّاس السِّجْزيّ. سمع: عليّ بْن حُجْر، وسعيد بْن يعقوب الطّالقانيّ، وإِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بن رافع، وأبا حفص الفلاس، وطبقتهم. واتهمه بالكذِب أبو قُرَيْش الحافظ فإنه قَالَ: حججت معه سنة ستٍّ وأربعين ومائتين، فلمّا بلغنا أنّ محمد بْن مُصَفَّى قد حجّ صرْنا إلى رحْلة في منزلة الدّمشقيَّيْن بمِني، فلم نصل، ثمّ قصدناه بمكة فقال: تعالوا غدًا. فبكرت أنا وأبو العباس بْن الأزهر إِلَيْهِ، فإذا بهِ قد رحل من الليل. وقد بلغني الآن أنّ ابن الأزهر يحدّث عَنِ ابن مُصَفَّى. قلت: روى عَنْهُ أبو بَكْر بْن عليّ الحافظ، وعبد العزيز بْن محمد بْن مُسْلِم، وجماعة. 50- أحمد بْن محمد بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن2: أبو القاسم بْن شبطون الَّلخْمي القُرْطُبيّ المالكيّ. من كبار العلماء ذوي الأموال. ولي القضاة مدّة. أخذ عَنِ ابن وضّاح. 51- أحمد بْن محمد بْن عثمان بْن شبيب: أبو بَكْر الرّازيّ. نزيل مصر. قرأ القرآن عَلَى: الفضل بْن شاذان، وأحمد بْن أَبِي شُرَيْح. وسمع: أبا زُرْعة الرّازيّ. سمع منه: الحَسَن بْن رشيق، وأحمد بْن عُمَر الدّاجُونيّ، وأحمد بْن محمد المهندس. توفي في ربيع الأول.

_ 1 المجروحين "1/ 163، 165"، والميزان "1/ 130-132". 2 تقدمت ترجمته في وفيات السنة المتقدمة برقم "10" من هذا الجزء.

52- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الهَيْثَم الدُّوريّ1: أبو بَكْر الدّلّال. بغداديّ، سمع: أحمد بْن مَنِيع، وعبد الرحمن بْن يونس السّرّاج. وعنه: أبو بكر الأبهري، وابن المظفر، وغيرهما. وهو إن شاء الله أحمد بن محمد بن الهيثم الدوري الدقاق حدَّثَ في سنة ثمانٍ هذه عَنْ أحمد بْن مَنِيع، وأحمد بْن عَبْدة، وسلم بْن جُنَادَةَ. وعنه: أبو الفضل الزهري، وابن المظفر، وابن شاهين. صالح الحديث. 53- إبراهيم بن حمش النيسابوري2: أبو إسحاق الزاهد الواعظ. سمع: محمد بن مقاتل الرازي، والحسن بن عيسى بن ماسرجس، ومحمد بن رافع. وعنه: ابنه أبو عبد الله، وجماعة. تُوُفّي فِي رمضان. 54- إِبْرَاهيمُ بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بن جعفر الكندي الصيرفي3: روى عَنْ: الفلّاس، ومحمد بن المُثَنَّى، وعبده الصّفّار. وعنه: أبو عمر بن حَيَّوَيْهِ، ومحمد بن عبد الملك بن الشخير. وثقه الدارقطني. يعرف بابن الخنازيري. 55- إسحاق بن بنان بن معن الأنماطي4:

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 116"، "2527". 2 البداية والنهاية "11/ 151"، وفيه: "إبراهيم بن خميس" والمنتظم "6/ 190" وفيه "خَمش". 3 تاريخ بغداد "6/ 157"، "3201". 4 تاريخ بغداد "6/ 390"، والمنتظم "6/ 190".

بغدادي، سمع: أبا همّام، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل. وعنه: عليّ بْن لؤلؤ، وابن البّواب المقرئ. ووثّقه الدَّارَقُطْنيّ. 56- إِسْحَاق بْن أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه. أبو يعقوب النَّسَفيّ القاضي: عَنْ: عليّ بْن خَشْرَم، ومحمود بْن آدم، وغيرهما. وعنه: عَبْد المؤمن بْن خَلَف الحافظ. 57- إِسْحَاق بْن محمد بْن إبراهيم بْن حكيم الإصبهانيّ1: أخو أَبِي عَمْرو أحمد بْن محمد بْن مَمّك. سمع: محمد بْن عاصم الثَّقْفيّ، وأبا أمية الطَّرَسُوسيّ. وكان يحفظ ويصنّف. روى عَنْهُ: أبو أحمد العسّال. "حرف الحاء": 58- حَزْم بْن وهْب بْن عَبْد الكريم: أبو وهب الأندلسي. توفي في رمضان. 59- الحَسَن بْن عليّ بْن نَصْر2: أبو عليّ الطُّوسيّ. سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بن بشّار، والزُّبَير بْن بكّار، وأبا موسى الزَّمِن، وطائفة سواهم. وعَنْهُ: محمد بْن جعفر البُسْتيّ، وأحمد بْن محمد بْن عَبْدُوس، وأبو سهل محمد الصُّعْلُوكيّ، وجماعة.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 219، 220". 2 تاريخ جرجان "184، 185" للسهمي، والميزان "1/ 509"، وشذرات الذهب "2/ 264".

وكان يُعرف بكَرْدُوش. وحدَّثَ بَقْزوين. قَالَ الخليلي: سَمِعْتُ عَلَى عشرةٍ من أصحابه، وله تصانيف تدلّ عَلَى معرفته. وقد روى عَنْهُ الحافظ أبو حاتم الرّازيّ أحد شيوخه حكايات. وروى عَنْهُ أبو أحمد الحاكم. وقد تكلّموا في روايته كتاب "الأنساب" للزُّبَيْر بْن بكّار. 60- الحَسَن بْن محمد بْن حسين بْن هزاريّ1: أبو عليّ الأشعري الإصبهانيّ. سمع: إسماعيل بْن يزيد القطّان، وأحمد بْن بُدَيْل. وعنه: محمد بْن جعفر، وأبو أحمد العسّال، وابن المقرئ، وأبو بَكْر الطّلْحيّ، وجماعة. 61- الحُسين بْن أحمد بْن حفص بْن عَبْد اللَّه النَّيْسابوريّ. أبو عليّ: سمع: محمد بن رافع، وعلي بن خشرم. وعنه: أبو القاسم بْن المؤمِّل، وأبو عليّ الحافظ. 62- الحُسين بْن إدريس بْن عَبْد الكبير2: أبو عليّ الغَيْفيّ الْمَصْرِيّ. وغَيْفة: من قرى مصر. سمع: سَلَمَةَ بْن شبيب، وغيره. وتُوُفّي بمكّة في شهر رمضان. 63- الحُسين بْن علي بْن حَسَن بْن عليّ بْن عُمَر بْن زين العابدين عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب الحسيني:

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 268". 2 الأنساب "9/ 203"، واللباب "2/ 398".

الكوفيّ المعروف بالزَّيْديّ. قَالَ أبو سَعِيد بْن يونس: كتبت عَنْهُ، وكان ثقة ديِّنًا. قدِم علينا وثنا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حاتم بْن إسماعيل، وأبي ضَمْرَةَ. "حرف السين": 64- سُفْيَان بْن هارون القاضي1: عَنْ: فضل بْن سهل الأعرج، والعبّاس البَحْرانيّ. وعنه: محمد بْن المظفَّر. 65- سليمان بْن عَبْد السّلام القُرْطُبيّ2: خيّر، فاضل. سمع من: محمد بْن أحمد العُتْبيّ، ويحيى بْن إبراهيم بْن مزيّن. وحدَّثَ. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن محمد الباجيّ. "حرف العين": 66- عَبَّاس بْن الفضل النَّيْسابوريّ المحمداباذيّ3: سمع: عليّ بْن الحَسَن الهلاليّ، وأحمد بْن يوسف، وعبّاس الدُّوريّ. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إِسْحَاق المزكي. 67- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن الْحَسَن بْن الفرات4: أبو الحسن الوزير. وزر للمقتدر بالله ثلاث مرات.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 186". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 186"، وجذوة المقتبس "225" للحميدي. 3 الأنساب "10/ 168، 169". 4 تاريخ الطبري "10/ 145"، والتنبيه والإشراف "329"، والنجوم الزاهرة "3/ 207، 208".

الأولى سنة ستٍّ وتسعين ومائتين. ثمّ نُكب ونُهب. ثمّ استغلَّ من أملاكه إلى أنّ أُعيد إلى الوزارة سبعة آلاف ألف دينار؛ لأنه فيما بلغنا كان يستعمل من ضياعه في العام ألفي ألف دينار. وذكروا عَنْهُ أَنَّهُ كتب إلى الأعارب أنّ يكبسوا بغداد، فالله أعلم. ووزر في سنة أربع وثلاثمائة، وخلع عليه سبع خلع، وسُقي في ذَلِكَ اليوم والليلة في داره أربعون ألف رطل ثلج. ثمّ قُبِض عَلَيْهِ بعد سنةٍ ونصف، ثمّ ولي بعد خمس سنين، فقتلَ الوزيرَ الّذي كَانَ قبله حامد بْن العبّاس، وسفك الدّماء وبدّع. ثمّ أُمْسِك بعد سنةٍ في ربيع الأولى في هذه السنة. قَالَ الصُّوليّ: مَدَحته بقصيدةٍ فنالني منه ستّمائة دينار، وكان هُوَ وأخوه أبو العبّاس عُجَبًا في معرفة حساب الدّيوان. وكان أبو الحَسَن يُجري الرِّزقَ عَلَى خمسة آلاف من أهلِ العلم والدّين والفقراء والمستورين، أكثرهم مائة دينار في الشهر، وأقلهم خمسة دراهم. ثمّ تولّّى قتله نازوك صاحب الشُّرطة. قتلهُ هُوَ وابنه المحسّن بْن عليّ في ربيع الآخر. وعاش أبو الحَسَن إحدى وسبعين سنة. 68- عَبْد اللَّه بْن عَبْد السّلام بْن بُنْدار الإصبهانيّ1: أبو محمد الزّاهد. تُوُفّي بالبادية حاجًّا. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، وبحر بْن نَصْر. وعنه: أبو الشَّيْخ، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن مَنْدُوَيْه، وابن المقرئ، وآخرون. 69- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عَبّاد2: أبو محمد الثقفي الهمذاني عبدوس.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 69، 70". 2 تذكرة الحفاظ "2/ 773، 774"، وشذرات الذهب "2/ 265".

عَنْ: محمد بْن عُبَيْد الأَسَديّ، وزياد بْن أيّوب، وحُمَيْد بْن الربيع، وأبي سَعِيد الأشجّ، ويعقوب الدورقي، وطائفة. وعنه: أحمد بن عُبَيْد الأَسَديّ، وجبريل المعدّل، ومحمد بن حَيَّوَيْه بْن المؤمِّل، وأبو أحمد الغِطْريفيّ، ومحمد بن الفَرَج المعدّل. قَالَ صالح بْن أحمد: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ عَبْدُوس ميزان بلدنا في الحديث. تُوُفّي في صفر. 70- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد البغداديّ1: أبو العبّاسّ الصَّيْرفي. سمع: عَبْد الأعلى بْن حمّاد، ومحمد بن سليمان لُوَيْن. وعنه: أبو الحَسَن البّواب، وابن أَبِي سَمُرَة، وأبو الحَسَن الحربيّ. وكان صدوقًا. 71- عُبَيْد اللَّه بْن عليّ بْن إبراهيم العلويّ البغداديّ2: نزيل مصر. ذكره ابن يونس فقال: روى عَنِ البغداديّ. وعلت سنة. ويقال: إنّه عنده عَنْ إبراهيم بْن المنذر الحزاميّ. لم نكتب عنه، وكان عنده كُتُب فِقْه للشيعة يرويها. تُوُفّي في رجب. 72- عليّ بْن الحَسَن بْن خَلَف بْن قُديد3: أبو القاسم الْمَصْرِيّ. محدِّث موثَّق مشهور. سمع: محمد بن رمح، وحرملة، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 346"، والمنتظم "6/ 190". 2 تاريخ بغداد "10/ 346، 347"، "5486". 3 العبر "2/ 153"، وحسن المحاضرة "1/ 367".

تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. ووُلِد سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. روى عَنْهُ: ابن يونس، وأبو بكر بن المقرئ، وخلْق كثير من الرّحّالة. 73- عُمَر بْن أَبِي حسّان عَبْد اللَّه بْن عَمْرو الزّياديّ البغداديّ1: ثقة: سمع: إِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، والمفضل بْن غسّان الغلابيّ، وزيد بْن أخزم. وعنه: زوج الحُرّة محمد بْن جعفر، وابن المظفّر، وعليّ بْن لؤلؤ، وابن شاهين. ويقال: تُوُفّي سنة 14. "حرف الميم": 74- محمد بْن دُبَيْس بْن بكّار المقرئ البُنْدار2: بغداديّ. سمع: الوليد بْن شجاع، وأبا هشام الرّفاعيّ. وعنه: عُمَر بْن بِشْران، وعَبْد اللَّه بْن الحَسَن النّحّاس. 75- محمد بْن سليمان بْن فارس3: أبو أحمد النَّيْسابوريّ الدّلّال. كَانَ ذا ثروة وتجارة واسعة، فذهبت، فاشتغل بالدّلالة. وقد كَانَ أنفق عَلَى طلب العلم أموالًا كثيرة. سمع: محمد بن رافع، والحسين بْن عيسى البِسْطاميّ، وأبا سَعِيد الأشجّ، وعُمَر بْن شَبَّة، وطبقتهم. وعنده نزل أبو عبد الله الْبُخَارِيّ لمّا قدِم نَيْسابور، فقرأ عَلَيْهِ من أول تاريخه إلى ترجمة فضيل.

_ 1 المنتظم "6/ 190"، وتاريخ بغداد "11/ 224". 2 تاريخ بغداد "5/ 270". 3 الأنساب "5/ 386".

روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن سعْد، ومحمد بن صالح بْن هانئ، وطائفة. وسُئل أبو عبد الله بْن الأخرم عَنْهُ فقال: ما أنكرنا إلّا لسانَه فإنه كَانَ فحّاشًا. 76- محمد بْن سُفْيَان بْن عَبْد اللَّه بْن بَيَان النَّيْسابوريّ: أبو عَبْد الرَّحْمَن. سمع: الذُّهْليّ، وعَبْد اللَّه بْن هاشم الطُّوسيّ، وعُمَر بْن شَبَّة، والرَّماديّ، وجماعة. وعنه: أبو الفضل محمد بْن إبراهيم، وعَبْد اللَّه بْن سعْد، وأبو بَكْر بْن جعفر النَّيْسابوريُّون. 77- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قاسم القُرْطُبيّ1: سمع من: بَقِيّ بْن مَخْلَد مسندَه وتفسيرَه. وسمع من: عمه القاسم بْن محمد. روى عَنْهُ: ابن أخي ربيع، وخالد بْن سعْد. وكان فاضلًا فيه زهْد. 78- محمد بن عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان2: الوزير أبو عليّ. كَانَ أكبر ولد أَبِيهِ. أحضره المعتمد عَلَى اللَّه بعد موت أَبِيهِ عُبَيْد اللَّه، فقلّده مكانه. فلم ينهض بالأمور، وعُزل بعد أسبوع، واستوزر الحَسَن بْن مَخْلَد. ثمّ بقي بطّالًا مدّةً طويلة إلى أنّ وزر بعد عزل ابن الفُرات في سنة تسعٍ وتسعين ومائتين. فأقام في الأمر سنة، ثمّ عُزل لعجزه ولينه، وطُلِبَ من مكّة عليّ بْن عيسى، فولي الأمر في عاشر المحرم سنة إحدى وثلاثمائة.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 33" لابن الفرضي. 2 صلة تاريخ الطبري "106"، وتكملة تاريخ الطبري "48"، والكامل في التاريخ "8/ 151".

روى عَنْهُ: محمد بْن يحيى الصُّوليّ. وطال عُمره، وتغيّر ذهنه. تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل. 79- محمد بْن محمد بْن سليمان بْن الحارث1: أبو بَكْر الواسطيّ الحافظ ابن الباغَنْديّ. سمع: عليّ بْن المَدِينيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، وشَيْبان بْن فَرُّوخ، وسُوَيْد بْن سَعِيد، وهشام بن عمّار، والحارث بْن مسكين، وخلقًا كثيرًا بمصر، والشّام، والعراق. وعُني بهذا الشّأن أتمّ عناية. وسكن بغداد. روى عَنْهُ: دَعْلَج، ومحمد بن المظفّر، وعُمَر بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعليّ بْن القاضي المَحَامليّ، وأبو بَكْر أحمد بْن عَبْدان الشِّيرازيّ، وأبو الحَسَن عُبَيْد اللَّه بْن البّواب، وخلْق كثير. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: بلغني أنّ عامّة ما حدَّثَ بهِ كَانَ يرويه من حِفْظِه. وقال أبو بَكْر الأَبْهَريّ، وغيره: سمعنا أبا بَكْر بْن الباغَنْديّ يَقُولُ: أجبتُ في ثلاثمائة ألف مسالة في حديث النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ شاهين: قام أبو بَكْر بْن الباغَنْديّ ليُصَلّي، فكبّر ثمّ قَالَ: ثنا محمد بْن سليمان، فسبّحنا بهِ، فقرأ. وقال أبو بَكْر الإسماعيليّ: لَا أتَّهِمُه بالكذِب، ولكنّه خبيث التّدليس ومصحِّف أيضًا. وقال أبو بَكْر الخطيب: رأيتُ كافّة شيوخنا يحتجّون بهِ ويُخرجونه في الصّحيح. وقال محمد بْن أحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة الحافظ: هُوَ ثقة. لو كَانَ بالمَوْصل لخَرَجْتم إِلَيْهِ؛ ولكنّه ينطرح عليكم.

_ 1 تاريخ جرجان "203، 513"، للسهمي، والضعفاء والمتروكين "3/ 97" لابن الجوزي، والميزان "4/ 26، 27"، "8130"، والأعلام "7/ 19".

وقال أبو القاسم حمزة السَّهْميّ: سألت أحمد بْن عَبْدان عَنِ الباغَنْديّ، فقال: كَانَ يخلِّط وكان يدلِّس. وهو أحفظ من أَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد. وسألت الدَّارَقُطْنيّ عَنْهُ. فقال: كَانَ كثير التّدليس يحدِّث بما لم يسمع. وسمعتُ أحمد بْن عَبْدان: سَمِعْتُ أبا عَمْرو الرّاسبيّ يَقُولُ: دخلت أَنَا وعَبْد اللَّه بْن مُظاهر عَلَى الباغَنْديّ، فأخرج إلينا من تخريجه، فقال لَهُ ابن مُظَاهر: يا أبا بَكْر، اقبل نصيحتي وادفع إليَّ تخريجك أغرّقه، وأُخرج لك ما تصير بهِ أبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة. ثمّ قَالَ لي ابن مُظَاهر: هذا لَا يكذب، ولكنّه شَرِه، يَقُولُ فيما لم يسمعه: أَنْبَأَ. وقال الدَّارَقُطْنيّ في "الضعفاء": هُوَ مدلّس يخلّط ويسمع من بعض أصحابه عَنْ شيخ، ثمّ يُسقط ذِكْر صاحبه. وهو كثير الخطأ. وقال أبو القاسم اللّالكائي: يُذكر أنّ الباغَنْديّ يسرد الحديث من حَفْظِه كَسْرد التّلاوة السريعة حتّى تسقط عمامته. وسمعنا في "مُعْجَم ابن جُمَيْع" قَالَ: ثنا أحمد بْن محمد بالأهواز، قَالَ: كنّا عند إبراهيم بْن موسى الْجَوْزيّ، وعنده أبو بَكْر الباغَنْديّ ينتقي عَلَيْهِ، فقال لَهُ إبراهيم: هُوَ ذا تُضْجِرُني. أنت أكثر حديثًا منّي وأَحْفظ. فقال لَهُ: قد حُبِّبَ إليّ هذا الحديث. حسْبُك إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النّوم، فلم أقل لَهُ: ادْعُ اللَّه لي، وقلت: يا رسول اللَّه أيّما أَثْبَتُ فِي الْحَدِيثِ، مَنْصُورٌ أَوِ الأَعْمَشُ؟ فَقَالَ: منصور منصور1. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إنّه سمع أبا بَكْر الباغَنْديّ أملى عليهم في الجامع في حديث: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض" هُوِيًّا، بياء مشددة، صحفها. تُوُفّي في ذي الحجّة من السنة في العشرين منه. وأوّل سماعه من أَبِيهِ سنة سبعٍ وعشرين ومائتين. 80- محمد بْن هارون بْن حُمَيْد2. أبو بَكْر بن المجدر البغدادي:

_ 1 معجم الشيوخ لابن جُمَيع "178"، والمنتظم "6/ 194". 2 ميزان الاعتدال "4/ 57"، "8278"، والنجوم الزاهرة "3/ 213".

سمع: بشر بن الوليد، وداود بن رشيد، وعبد الأعلى النَّرْسيّ، وأبا الربيع الزَّهْرانّي، ومحمد بن يحيى العَدَنيّ. وعنه: محمد بْن المظفّر، وابن حَيَّوَيْه، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. وكان يُعرف بالانحراف عَنْ عليّ رضى الله عنه. تُوُفّي في سلخ ربيع الآخر. وثّقه الخطيب. 81- موسى بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حمّاد: أبو العبّاس البزّاز الْمَصْرِيّ. مولى قُرَيش. يُنسَب إلى ولاء عثمان رضى الله عنه. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى. وكانت القُضاة تقبله ولم يكن بذاك في الحديث. مات في شوّال سنة اثنتي عشرة. "الكنى": 82- أبو محمد الْجُرِيريّ1. شيخ الصُّوفيّة: تُوُفّي فيها، وقيل: في السنة الماضية كما مر. وهو من كبار مشايخ الصُّوفيّة. واختُلِفَ في اسمه، فذكره الخطيب في تاريخه في الأحمدين، فقال: أحمد بْن محمد بْن الحَسَن أبو محمد الْجُرِيريّ، سمع شيئًا من السَّرِيّ السَّقَطيّ. وقيل: اسمه: الحَسَن بْن محمد؛ وقيل: عَبْد اللَّه بْن يحيى. ولا يكاد يُعرف إلّا بالكنْية. كَانَ الْجُنَيْد يُكْرمه ويُبَجّله. وإذا تكلّم الْجُنَيْد في الحقائق قال: هذا من بابه أبي محمد الجريري. وكان من كبار مشيخة القوم ببغداد. ولما توفي الجنيد أقعدوه في مجلس الجنيد.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 347، 348"، والرسالة القشيرية "23"، والبداية "11/ 148".

وقيل: قعد بإشارة الْجُنَيْد بذلك1. وقال أبو الحسن بْن مُقْسِم: مات الْجَرِيريّ سنة وقْعة الهبير. مات عَطَشًا. بَلَغَنَا أَنَّهُ أُحْضِرَ إِلَيْهِ شَرْبة، فنظر إلى من حوله وقال: كيف أشرب وهؤلاء يلتفون حولي؟ أعطه مَن شئت، فإنْ كَانَ يصحّ في وقتٍ إيثارٌ، ففي مثل هذا الوقت. قال السلمي في تاريخه: سمعن عَبْد اللَّه بْن عليّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الوجيهيّ يَقُولُ: قَالَ أبو عليّ الرُّوذَبَاريّ: قدمت من مكة، فبدأت بالجنيد لكيلا يتغنى، ثمّ مضيت إلى البيت، فلمّا سلّمتُ من الفجر إذا هُوَ خلفي في الصّفْ، فقلت: يا أبا القاسم، إنما جئتك أمس لكيلا تتعنّي. فقال: هذا حقّك، وذاك فضلٌ منك. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: مات أبو محمد في سنة قَطَع ابن الْجَنَّابي عَلَى الوفد في الهَبِير في سنة اثنتي عشرة. زادَ غيره: في المحرَّم. وروى أبو الحَسَن السَّيْروانيّ أنّ أبا محمد الْجَرِيريّ دخل البادية مَعَ أَبِي العبّاس بْن عطاء عام الهَبِير، فلمّا وقعت الفتنة قَالَ لَهُ أبو العبّاس: يا أبا محمد، ادْعُ اللَّه. فقال الْجَرِيريّ: إذا أراد إظهار حُكْم في عبادة قيَّد ألسنة أوليائه حتّى لَا يدعوه، فإنّه يستحيي أنّ يردّهم. وقيل: إنه وطئته الجمال، فمات حين الواقعة. وقال أحمد بْن عطاء الرُّوذَبَاريّ: اجتزتُ بهِ بعد سنة وقد يبس، وهو مُسْنِد رُكْبته إلى صدره، وهو يشير بإصبعه إلى الله تعالى2. وفيات سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة "حرف الألف": 83- أحمد بْن إسماعيل بْن خَالِد3:

_ 1 طبقات الصوفية "259". 2 تاريخ بغداد "4/ 434". 3 تاريخ جرجان "93" للسهمي.

أبو العبّاس الْجُرْجانيّ الفارض، الصّوَّاف. عَنْ: عَبَّاس الدُّوريّ، وأحمد بْن خَالِد الدّامغانيّ. وعنه: ابنه محمد، وأبو بَكْر الإسماعيليّ. 84- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن سابور1: أبو العبّاس الدّقاق. بغداديّ ثِقَة. سمع: أبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، وأبا نُعَيْم عُبَيْد بْن هشام، ونصر بْن عليّ. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، وابن المقرئ. 85- أحمد بْن عَبْدان الهَمْدانيّ المقرئ: الزّاهد. رحل وسمع: إِسْحَاق الدَّبَريّ، وعلي بْن عَبْد العزيز. 86- أحمد بْن محمد بْن بَطّة بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم المَدِينيّ2: ورّخه أبو نُعَيْم في تاريخه، ولم يَزِد. 87- أحمد بْن محمد بْن الحُسين3: أبو العبّاس الماسَرْجسيّ ابن بِنْت الحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس. سمع منه، ومن: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وشَيْبان بْن فَرُّوخ، والربيع بْن ثعلب، ووهْب بْن بقيّة. وعنه: أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو إِسْحَاق المُزكّيّ، وأبو سهل الصُّعْلُوكيّ، وجماعة غيرهم. تُوُفّي في صفر؛ وقد أكثرَ عَنْهُ أبو أحمد الحاكم.

_ 1 العبر "2/ 155"، وشذرات الذهب "2/ 266". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 133". 3 العبر "2/ 155"، والنجوم الزاهرة "3/ 215".

88- إبراهيم بْن السِّنْديّ بْن عليّ بْن بَهْرام1: أبو إِسْحَاق الإصبهانيّ الخصيب. سمع: محمد بْن أَبِي عَبْد اللَّه المقرئ بمكة، ومحمد بن زياد الزِّياديّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن حمزة، وأبو الشَّيْخ، وجماعة. 89- إبراهيم بْن محمد بْن أيّوب البغداديّ2. أبو القاسم الصّائغ. سمع: عليّ بْن أشْكَاب، والحَسَن الزَّعْفرانيّ. وسمع من ابن قُتَيْبة تصانيفه. وعنه: عليّ بْن عُمَر الحربيّ. وثّقه الخطيب. 90- إبراهيم بْن نَجِيح3. أبو القاسم الفقيه. كوفيّ، نزل بغداد. روى عَنْهُ: محمد بْن إِسْحَاق البَكّائيّ. وعنه: محمد بْن المظفّر، وغيره. وقال محمد بْن أحمد بْن حمّاد الحافظ: كَانَ لَا يتقدَّم عَلَيْهِ أحدٌ، وكان من أحفظ النّاس للسُّنَن، وكان فقيه الكوفة. صنَّف كتابًا في السُّنَن، وكان صاحب قرآن وتعبُّد وصِدْق، وله حِفْظ ومعرفة. 91- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن محمد بْن جميل4. راوي "المُسْنَد" عَنِ ابن مَنِيع. يُقال فيها. وقد مَرَّ سنة عشر.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 193". 2 تاريخ بغداد "6/ 157"، والمنتظم "6/ 197"، "306". 3 تاريخ بغداد "6/ 198"، والمنتظم "6/ 197" "307". 4 تقدمت ترجمته في الجزء السابق.

"حرف الثاء": 92- ثابت بْن حَزْم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُطَرِّف العَوْفيّ السَّرَقُسْطيّ1: أبو القاسم. سمع: محمد بْن وضّاح، والخُشَنّي، وعَبْد اللَّه بْن مُرَّة، ورحل مَعَ ابنه قاسم فسمعا بمكّة من: محمد بْن عليّ الجوهريّ. وبمصر من: أحمد بن عمر، والبزاز، والنَّسَائيّ. وكان فيما قاله ابن الفَرَضيّ: مُفْتِيًا، بصيرًا بالحديث، والنّحْو، واللّغَةَ، والغريب، والشِّعْر. وتُوُفّي في رمضان وله خمسٌ وتسعون سنة. قلت: كَانَ يمكنه أن يسمع من عَبْد الملك بْن حبيب وطبقته، وله مصنّفات مفيدة. ولي قضاء بلده. ورّخ ابن يونس وفاته سنة أربع عشرة. وكان ابنه من الأذكياء، مات سنة اثنتين وثلاثمائة. "حرف الجيم": 93- جُماهر بْن محمد بْن أحمد الدّمشقيّ الْأَزْدِيّ2: أبو الأزهر الزّمَلَكانيّ. تُوُفّي في المحرَّم. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وأحمد بْن أَبِي الحواري، ومحمود بْن خَالِد، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وحمزة بْن الكِنَانيّ ووثّقه، وأبو بَكْر بْن السُّنّي، وجُمَح بن القاسم، والربعي.

_ 1 المنتظم "6/ 203"، والديباج المذهب "1/ 319". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 100".

"حرف الخاء": 94- الحَسَن بْن الأزهر بْن الحارث بْن سَكْسَك1: أبو سَعِيد النَّيْسابوريّ السّكسكيّ. سمع: إِسْحَاق، وأيّوب بْن الحَسَن، والذُّهليّ، وعَتِيق بْن محمد. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إِسْحَاق المزكي، وآخرون. 95- الحَسَن بْن عليّ بْن موسى الْمَصْرِيّ. ابن الإبريقيّ. سمع: محمد بْن رُمْح، وحَرْمَلَة. تُوُفّي في ذي الحجة. 96- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُعْبَة2: أبو علي الْأَنْصَارِيّ البغداديّ. سمع: إسحاق بْن شاهين، وحوثرة بْن محمد، والأشجّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، ومحمد بن المظفّر، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وأبو حفص بْن شاهين. وكان موثّقًا. تُوُفّي في ذي القعدة. 97- حفص بْن عُمَر بْن نَجِيح الخَوْلانيّ إلْبِيريّ المالكيّ3: كَانَ مدار الفُتيْا عَلَيْهِ ببلده. سمع: العُتْبيّ، وأبان بْن عيسى. وفي الرحلة من: يونس بْن عَبْد الأعلى، وابن عبد الحكَم، وأحمد بن أخي ابن وهْب. وحدَّثَ عَنْهُ ابنه عُمَر، وغيره.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 393"، والعبر "2/ 155". 2 تاريخ بغداد "7/ 415"، "3968". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 118"، "366"، لابن الفرضي.

"حرف الخاء": 98- الخليل بْن أَبِي رافع1: أبو بَكْر الواسطيّ الطّحّان. أحد المحدِّثين. سمع: تميم بْن المنتصر. وشارك بَحْشَلًا في أكثر شيوخه. وآخر من حدَّث عَنْهُ أبو عبد الله الحُسين العلويّ. ورّخه خميس فيها ظنا. "حرف الزاي": 99- زكريّا بْن محمد بْن بكّار المَيْدانيّ: أبو يحيى. نَيْسابوريّ، صاحب حديث. سمع: يحيى بْن محمد الذُّهْليّ، وإسماعيل بْن قُتَيْبة. وعنه: أبو الحُسين بْن يعقوب، وأبو أحمد حُسَيْنَك. 100- زكريّا بْن يحيى بْن حَوْثرة النَّيْسابوريّ: أبو يحيى الدُّهْقان. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، وعلي بْن الحَسَن الذُّهْليّ. وعنه: عليّ بْن عيسى، وأبو عليّ الحافظ. "حرف السين": 101- سَعِيد بْن سَعْدان2: أبو القاسم الكاتب. بغدادي، صدوق.

_ 1 سؤالات الحافظ السلفي لخميس الجوزي عن جماعة من أهل واسط "ص/ 110"، "96". 2 تاريخ بغداد "9/ 103"، "4695"، والمنتظم "6/ 197".

سمع: ابن أَبِي الشوارب. وعنه: إبراهيم الخِرَقيّ، وابن المظفّر. تُوُفّي في المحرَّم منها. 102- سليمان بْن محمد بن البَخْتَريّ بْن عَبْد الوهّاب: أبو أيّوب الْمَصْرِيّ. سمع: سَلَمَةَ بْن شبيب. "حرف الشين": 103- شيخ بن عمير بْن صالح1: روى عَنْ: الزُّبَيْر بْن بكّار. وعنه: ابن المقرئ، وأحمد بْن جعفر الخلّال. "حرف العين": 104- العبّاس بْن يوسف بْن عديّ الكوفيّ: ثمّ الْمَصْرِيّ، أبو الفضل. قَالَ: مات أبي ولي سنة. قتل: روى عَنْ: بحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: ابن يونس، وأبو بكر بن المقرئ. قَالَ ابن يونس: كَانَ ثقة عطّارًا. مات في ذي الحجَّة. 105- عَبْد اللَّه بْن إسحاق بْن إبراهيم: أبو محمد بْن سَحْنُون المصري. في المحرم. سمع: حرملة.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 267"، "4833".

106- عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق بْن إلياس: أبو القاسم النَّيْسابوريّ. سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج. وعنه؛ عَبْد اللَّه بْن حَمُّوَيْه، وعَبْد الرَّحْمَن المؤذِّن، وغيرهما. 107- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن حُمَيْد بْن مَعْقِل: أبو محمد القَنْطَريّ. ورّخه ابن مَنْدَه. 108- عَبْد اللَّه بْن زَيْدان بْن بُرَيْد بْن رَزين بْن الربيع بْن قَطَن البَجَليّ1: أبو محمد الكوفيّ. أحد الثقات والعُبّاد. سمع: هنّاد بْن السَّرِيّ، وأبا كُرَيْب، ومحمد بن طريف، ومحمد بن عُبَيْد المُحَارِبيّ، وإبراهيم بْن يوسف الصَّيْرَفيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، ويوسف المَيَانِجيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة كثيرة. قَالَ: محمد بْن أحمد بْن حمّاد الحافظ: تُوُفّي يوم جمعة وقت الزّوالَ لثلاث عشرة خَلَت من ربيع الأوّل. وحضره من النّاس أمرٌ عظيم. ووُلِد سنة اثنتين وعشرين ومائتين. قَالَ: وكان ثقة، حُجّة، كثير الصَّمْت. كَانَ أكثر كلامه منذ يقعد إلى أنّ يقوم: يا مقلِّب القلوب ثبّت قلبي عَلَى طاعتك. لم تَرَ عيني مثله. أُخِبرْتُ أَنَّهُ مكثَ ستّين سنة أو نحوها، لم يضع جنبه عَلَى مُضَرَّبة. صاحب صلاة باللّيل؛ وكان حَسَن المذهب، صاحب جماعة. 109- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن مِهْران الإصبهانيّ الخزّاز2: سمع: عُمَر بْن شَبَّة، ومحمد بن سَعِيد بْن غالب العطّار. وعنه: الطَّبَرانيّ، ومحمد بن جعفر بْن يوسف، وابن المقرئ.

_ 1 العبر "2/ 156"، وغاية النهاية "1/ 419"، والنجوم الزاهرة "3/ 215". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 85"، والمعجم الصغير للطبراني "1/ 228".

110- عُبَيْد اللَّه بْن أحمد بْن عُقْبة1: أبو عَمْرو الإصبهانيّ. مُجاب الدَّعْوة. سمع: أحمد بْن بديل، والحسن الزعفراني. وعنه: أبو حمد القاضي، وأحمد بْن عُبَيْد الله بن محمود، وأبو أَبِي نُعَيْم. 111- عُبَيْد اللَّه بْن عثمان2: أبو عُمَر الأُمَويّ العُثْمانيّ. بغداديّ صدوق. سمع: عليّ بْن المَدِينيّ، وعبد الأعلى بْن حمّاد. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، وابن المظفّر، وعُمَر بْن شاهين، وجماعة. 112- عَتِيق بْن عَبْد اللَّه بْن المتوكّل: مصريّ. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وبَحْر الخَوْلانيّ. توفي في ربيع الأول. 113- عثمان بن سهل البغدادي الأدمي3: روى عَنِ: الحسن الزَّعْفرانيّ. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وعَبْد اللَّه بْن موسى. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة. ثمّ ورّخ موته. 114- عليّ بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه4: أبو الحَسَن العسكريّ، بالرِّيّ. يقال: في هذه السنة، ويقال: في سنة خمسٍ كما مَرّ.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 101". 2 تاريخ بغداد "10/ 347، 348"، والمنتظم "6/ 197". 3 تاريخ بغداد "11/ 294"، والمنتظم "6/ 197". 4 الأنساب "391 ب"، وتذكرة الحفاظ "2/ 749".

115- عليّ بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد اللَّه بْن سليمان1: أبو الحَسَن الغَضَائريّ، نزيل حلب. سمع: عَبْد اللَّه بْن معاوية، وبِشْر بْن الوليد، وعبد الأعلى النَّرْسيّ، وأبا إبراهيم التَّرْجُمانيّ، وعُبَيْد اللَّه القواريريّ، وطائفة. وعنه: عَبْد الأعلى بْن عديّ، وعليّ بْن محمد بْن إِسْحَاق الحلبيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة كثيرة. وثّقه الخطيب. وروى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: حججتُ عَلَى رِجلَيَّ ذاهبًا وراجعا من حلب أربعين حَجّة. ومات في شوّال عَنْ سن عالية. 116- عليّ بْن محمد بْن بشّار2. أبو الحَسَن البغداديّ الزّاهد: روى عَنْ: صالح ابن الْإِمَام أحمد مسائل. وعن: أَبِي بَكْر المَرُّوذِيّ. وعنه: أحمد بْن محمد بْن مُقْسِم، وعليّ بْن جعفر البَجَليّ، وعُمَر بْن بدر المغازلي. قَالَ ابن بَطّة: إذا رأيت الرجل البغداديّ يحبّ أبا الحسن بن بشار، وأبا محمد بن البَرْبَهاريّ فاعلم أَنَّهُ صاحب سنة. وروى عَنِ أبي بشّار قَالَ: أعرف رجلًا منذ ثلاثين سنة يشتهي أن يشتهي ليترك الله ما يشتهي، فلا يجد شيئًا يشتهي. كَانَ ابن بشّار من أعيان حنابلة بغداد، وقبره يُزار. 117- عمر بْن محمد بْن حفص: أبو حفص الورّاق. بلْخيّ. يروي عَنْ: إبراهيم بْن يوسف.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 29"، والبداية والنهاية "11/ 153". 2 طبقات الحنابلة "2/ 57-63"، وصفة الصفوة "2/ 447، 449".

"حرف الميم": 118- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي عَوْن1: أبو جعفر النَسَويّ الرَّيّانيّ. وقيده ابن ماكولا: "الرَّيّانيّ" بالتثقيل، وقال: حدَّثَ عَنْ أَبِي مُصْعَب. شيخ ثقة حدَّثَ ببغداد ونَيْسابور. سمع: عليّ بْن حُجْر، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ. روى عَنْهُ: يحيى بْن منصور، وعَبْد اللَّه بْن سعْد، وأبو الفضل محمد بْن إبراهيم، وأبو عَمْرو بْن حَمْدان، وعبد الباقي بْن قانع، وأبو القاسم الطبراني -كذا ذكر الخطيب أنّ الطَّبَرانيّ روى عَنْ أَبِي جعفر، ولم أجد ذَلِكَ، وأبو أحمد بْن عديّ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، والغِطْريفيّ، ومحمد بن محمد بن سَمْعان، وآخرون. وثّقه الخطيب. وقيل فيه: الرَّيّانيّ بالتّشديد، وقيل: الرَّذانيّ وهو أصحّ، والرَّذان من أعمال نسأ. قال الحاكم: سألت ابن ابنه ونحن بالرذان عَنْ وفاة جَدّه، فقال: سنة ثلاث عشرة. 119- محمد بْن أحمد بْن المؤمِّل بْن أبان2: أبو عُبَيْد الصَّيْرفيّ. بغداديّ، سمع: أَبَاهُ، والفضل الرّغاميّ، والقاسم بْن هاشم السِّمسار. وعنه: الْجِعَابيّ، وابن حَيَّوَيْه، وأبو الحَسَن الْجِراحيّ. 120- محمد بْن أحمد بن هشام3: أبو نصر الطالقاني.

_ 1 تاريخ جرجان "450" للسهمي، والأنساب "264 ب"، والعبر "2/ 157". 2 تاريخ بغداد "1/ 361"، "297"، والمنتظم "6/ 200"، "316". 3 تاريخ بغداد "1/ 371"، والمنتظم "6/ 200"، "317".

سمع: محمد بْن يحيى الْأَزْدِيّ، وفتح بْن شَخْرَف. وعنه: عليّ الحربيّ، وأبو حفص بْن شاهين. وثّقه الخطيب. 121- محمد بْن أحمد1: أبو عبد الله القرطبي. سمع: بقيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضّاح، وجماعة. وكان فقيهًا حافظًا للرأي. صنف كتابًا في الأحكام، وما يجب عَلَى الحُكّام عِلْمُه. 122- محمد بْن أحمد بْن خِراش البغداديّ2: عَنْ: بِشْر بْن الوليد. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وأبو الفتح الْأَزْدِيّ. 123- محمد بْن إبراهيم بْن زياد3: أبو عبد الله الرّازيّ الطَّيالِسيّ. كَانَ جوالًا في الآفاق. حدَّثَ ببغداد ومصر. وسكن قرميسين. وعُمَّر دهرًا. وحدث عن: إبراهيم بْن موسى، والمُعَافَى بْن سليمان الرسغني، ويحيى بن معين، وعبيد الله بن عمر القواريري، وغيرهم. وعنه: ابن صاعد، ومكرم القاضي، ومحمد بن عمر الجعابي، وجماعة. قال أبو أحمد الحاكم: لو اقتصر عَلَى سماعه، لكنّه حدَّثَ عَنْ ناسٍ لم يُدركهم. وقال الدَّارَقُطْنيّ: متروك يضع الحديث. بقي إلى سنة ثلاث عشرة هذه.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 33"، لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "39" للحميدي. 2 المنتظم "6/ 20"، "315". 3 الضعفاء والمتروكين للدارقطني "155"، والعبر "2/ 157"، وميزان الاعتدال "3/ 448".

124- محمد بْن إبراهيم1: أبو جعفر البِرْتيّ الأطْروش الكاتب. سمع: يحيى بْن أكثم، ومحمد بن حاتم الزّمّيّ، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن النّحّاس، وابن البوّاب، وعليّ الحربيّ، وجماعة. 125- محمد بْن إدريس بْن إياس2: أبو لَبِيد السّاميّ السَّرْخَسيّ. رحل، وسمع: سُوَيد بْن سَعِيد، وأبا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وأبا كُرَيْب، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، وهناد بْن السَّرِيّ، ومحمود بْن غَيْلان. وعنه: أبو سَعِيد محمد بْن بِشْر الكرابيسيّ الْبَصْرِيّ -وقع لنا جزء عالٍ من حديثه عَنْه، وزاهر بْن أحمد الفقيه، وإبراهيم بْن محمد الهروي الوراق، وآخرون. وسمع منه من القدماء: أحمد بْن سَلَمَةَ، وإمام الأئمّة ابن خُزَيْمة. ورحلَ النّاسُ إِلَيْهِ لسَنَدِهِ وثقته. 126- محمد بْن إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن مِهْران الثَّقْفيّ3: مولاهم النَّيْسابوريّ، أبو العبّاس السّرّاج الحافظ، محدِّث خُراسان ومُسْنِدها. رأى يحيى بْن يحيى النَّيْسابوريّ. وسمع: قُتَيْبة، وإبراهيم بْن يوسف، ومحمد بن إبراهيم البلْخيَّينْ، وإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بن عَمْرو زُنَيْج، وأبا كُرَيْب، ومحمد بن بكّار، وداود بْن رُشَيْد، وخلقًا من طبقتهم، وخلقًا من طبقة أخرى بعدهم. روى عَنْهُ: الْبُخَارِيّ، ومسلم، وأبو حاتم الرّازيّ، وأبو بَكْر بْن أَبِي الدّنيا وهم من شيوخه، وأبو العبّاس بْن عقدة، وأبو حاتم بْن حِبّان، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وأحمد بْن محمد الصُّنْدُوقيّ، وأبو حامد أحمد بْن محمد بْن بالُوَيْه، وأحمد بن

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 404"، والمنتظم "6/ 200". 2 العبر "2/ 157"، والوافي بالوفيات "2/ 181"، والنجوم الزاهرة "3/ 215". 3 الجرح والتعديل "7/ 196"، والعبر "2/ 157، 158"، والبداية والنهاية "11/ 153"، وكشف الظنون "1679"، والأعلام "6/ 29".

محمد البِحيريّ، وأبو الوفا أحمد بْن محمد المُزَكيّ، والحَسَن بْن أحمد المُخَلّديّ، والحسين بْن عليّ التَّميميّ حُسَيْنَك، وأبو عَمْرو بْن حَمْدان، وأبو سهل محمد بْن سليمان الصُّعْلُوكيّ، وأبو بَكْر بْن مِهْران المقرئ، وخلق كثير آخرهم أبو الحسين الخفاف. قال أبو إسحاق المزكي: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ختمت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثنتي عشر ألف ختمة، وضحيت عَنْهُ اثنتي عشرة ألف أُضِحية. وقال محمد بْن أحمد الدّقّاق: رأيتُ السّرّاج يضحّي في كلّ أسبوع أو أسبوعين أُضحية عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم يصيح بأصحاب الحديث فيأكلون. وكان الأستاذ أبو سهل الصُّعْلُوكيّ يَقُولُ: ثنا أبو العبّاس محمد بْن إِسْحَاق الأوحد في فنّه، الأكمل في وزنه. قلت: وكان كثير الأموال والثّروة. قَالَ الحاكم: نا أبو أحمد بْن أَبِي الحَسَن قَالَ: أرسلني ابن خُزَيْمة إلى أَبِي العبّاس السّرّاج فقال: قُلْ لَهُ: أَمْسِك عَنْ ذكر أَبِي حنيفة وأصحابه، فإن أهل البلد قد شوشوا. فأديت الرسالة فَزَبَرني. قَالَ أبو سهل الصُّعْلُوكيّ: كنّا نقول: السّرّاج كالسِّراج. قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أبا سَعِيد بْن أَبِي بَكْر بْن أَبِي عثمان يَقُولُ: لمّا وقع من أمر الكُلابيّة ما وقع بنَيْسابور، كَانَ السَّرّاج يمتحن أولاد النّاس، فلا يحدِّث أولاد الكلابية، فأقامني من المجلس مرة، فقال: قُلْ: أَنَا أبرأ إلى اللَّه مِن الكُلابيّة. فقلت: إنّ قلتُ هذا لَا يطعمني أَبِي الخبز. فضحك وقال: دعوا هذا. قَالَ أبو زكريّا العَنْبريّ: سَمِعْتُ أبا عَمْرو الخفّاف يَقُولُ للسراج: لو دخلت عَلَى الأمير ونصحته. قَالَ: فجاء وعنده أبو عَمْرو فقال: هذا شيخنا وأكبرنا، وقد حضر لينتفع الأمير بكلامه. فقال السّرّاج: أيّها الأمير، إنّ الإقامة كانت فُرادى، وهي كذا بالحَرَمَيْن، وفي

جامعنا مَثْنَى مَثْنَى. وإنّ الدِّين خرج مِن الحَرَمين، فإنْ رأيت أنّ تأمر بالإفراد. قَالَ: فخجل الأمير وأبو عمر والجماعة، إذ كانوا قصدوه في أمر البلد. فلمّا خرج عاتبوه فقال: استحييت من اللَّه أنّ أسأل أمر الدنيا وأدَعَ أمر الدِّين. وقال أبو عبد الله بْن الأخرم: استعان بي السّرّاج في التخريج عَلَى "صحيح مُسْلِم"، فكنت أتحيّر من كثرة حديثه وحُسْن أصوله وكان إذا وجد حديثًا عاليًا في الباب يقول: لا بد من أنّ تكتب هذا. فأقول: لَيْسَ من شرط صاحبنا. فيقول: فشفعني في هذا الحديث الواحد. وقال أبو عَمْرو بْن نُجَيْد: رأيت السّرّاج يركب حماره، وعبّاس المستملي بين يديه، يأمر بالمعروف ويَنْهَى عَنِ المُنْكَر، يَقُولُ: يا عَبَّاس غيّر كذا، اكسِرْ كذا. وقال الحاكم: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لما ورد الزَّعْفرانيّ وأظهر خلق القرآن سَمِعْتُ السّرّاج غير مرّة إذا مرّ بالسُّوق يَقُولُ: الْعَنُوا الزَّعْفرانيّ، فيضجّ النّاس بلعنه، حتّى ضيّقَ عَلَيْهِ نَيْسابور، وخرج إلى بُخَارَى. تُوُفّي السّرّاج إلى رحمة اللَّه في ربيع الآخر، وله سبعٌ وتسعون سنة. 127- محمد بْن تمّام بْن صالح1: أبو بَكْر البَهْرانيّ الحمصيّ. سمع: محمد بْن مُصَفَّى، والمسيّب بْن واضح، ومحمد بن قُدَامة، وعبد اللَّه بْن خبيق، الإنطاكي، نحوهم. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عديّ، والحَسَن بْن منير، والفضل بْن جعفر المؤذِّن، وأبو بَكْر الرّبعيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وآخرون. تُوُفّي في رجب. قَالَ ابن مَنْدَه: حدَّثَ عَنْ محمد بْن آدم المصِّيصيّ بمناكير. 128- محمد بْن جمعة بْن خَلَف القُهُسْتانيّ الأصمّ2. أبو قُرَيْش الحافظ:

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 494"، ولسان الميزان "329". 2 تاريخ بغداد "2/ 169، 170"، والمنتظم "6/ 201"، والعبر "2/ 158"، والنجوم الزاهرة "3/ 215".

صنَّف المُسْنَدَين عَلَى الأبواب، وعلى الرجال. وصنَّف حديث مالك، وشُعْبَة، والثَّوْريّ. وكان متقنًا، يذاكر بحديث هَؤُلَاءِ. سمع: محمد بْن حُمَيْد الرّازيّ، وأحمد بْن مَنِيع، ويحيي بْن حكيم، وعبد الجبّار بْن العلاء، وأبا الأشعث، وأبا كُرَيْب، ومحمد بن زُنْبُور، وطائفة سواهم. وانتشر حديثه بخُراسان. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الشّافعيّ البغداديّ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو سهل الصُّعْلُوكيّ، وأبو العبّاس أحمد بْن محمد بْن بالُوَيْه، وأبو أحمد الحاكم، وأبو حامد أحمد بْن سهل الْأَنْصَارِيّ، وأمثال هَؤُلَاءِ. تُوُفّي بقُهُسْتان في عَشْر التّسعين. 129- محمد بْن حفص بْن محمد بْن يزيد النَّيْسابوريّ الشَّعْرانيّ1: أبو عبد الله. شيخ ثقة، سمع: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، ومحمد بْن رافع، وأبا كُرَيْب، وعبد الجبّار بْن العلاء. وعنه: أبو علي الحافظ، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي عثمان الزّاهد. وزاهر بْن أحمد، وجماعة. وأصله من جُوَيْن. 130- محمد بْن حَمُّوَيْه بْن عَبّاد2: أبو بَكْر النَّيْسابوريّ السّرّاج. ويُعرف أيضًا بالطِّهْمانيّ، لجمْعه حديث إبراهيم بْن طِهْمان. سمع: أحمد بْن حفص، ومحمد بن يحيى، ومحمد بن يزيد النَّيْسابوريّ. وسمع بعد ذَلِكَ بالعراق. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة.

_ 1 الأنساب "14 ب"، وسير أعلام النبلاء "11/ 425".

131- محمد بن حشنام: أبو عَبْد الرَّحْمَن النَّيْسابوريّ. سمع: محمد بْن رافع، وأبا سَعِيد الأشجّ. وأبا عليّ الزَّعْفرانيّ. وعنه: أبو الفضل محمد بن إبراهيم، وجماعة. 132- محمد بْن سلْم بْن يزيد الواسطيّ: أبو جعفر. حدَّثَ ببغداد عَنْ: شُعَيْب الصَّرِيفينيّ، وأحمد بْن سِنان. وعنه: ابن قانع، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ. وكان مؤدَّبًا صالحًا. 133- محمد بْن سهل بْن الصّبّاح1: أبو جعفر الإصبهانيّ الْمُعَدَّلُ. سمع: سَلَمَةَ بْن شبيب، وحُمَيْد بْن مَسْعَدَة، وأبا حفص الفلّاس. وكان أحمد بْن الفُرات يحترمه، ويصحّح سماعه منه بيده. روى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق بْن حمزة، وَأَبُو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو محمد بْن حيّان، وأبو بكر بن المقرئ. تُوُفّي في ذي القعدة. 134- محمد بْن الضحّاك بْن عَمْرو بْن أَبِي عاصم النبيل2: أبو عليّ الشَّيْبانيّ. نشأ بإصبهان، وسكن بغداد. وروى عَنْ: عمّه أَبِي بَكْر، وأسيد بْن عاصم، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن موسى الهاشميّ، وابن المظفّر، وجماعة. تُوُفّي في ربيع الأوَّل.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 255"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 69". 2 تاريخ بغداد "5/ 376"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 237".

135- محمد بْن عَبْدة بْن حَرب1: أبو عُبَيْد الله البصري العباداني القاضي. روى عن: إبراهيم بْن الحَجّاج، وكامل بْن طلحة، وعليّ بْن المَدِينيّ، وهُدْبَة بْن خَالِد، وعبد الأعلى بْن حمّاد، وطائفة كبيرة. وعنه: عَبْد العزيز بْن جعفر، وعليّ بْن لؤلؤ، وأبو حفص بْن الزّيجات، وعليّ الحربيّ. قَالَ الحَسَن بْن إبراهيم بْن زولاق في "تاريخ قضاة مصر": أقامت مصر بعد بكّار بْن قُتَيْبة بغير قاضٍ ثلاث سنين، ثمّ ولى خمارويه أبا عُبَيْد اللَّه محمد بْن عَبْدة المظالم بمصر. فنظر بين النّاس إلى آخر سنة سبْعٍ وسبعين ومائتين، ثمّ ولّاه القضاء، فأخبرنا محمد بن الربيع قَالَ: ثمّ ولي محمد بْن عَبْدة، فاظهر كتابه من قبل المعتمد. وكان جبّارًا متملّكًا سخيًا جوادًا مفضّلًا. وذكر أَنَّهُ كَانَ لَهُ مائة مملوك ما بين خَصِيّ وفحْلٍ، وكان يذهب إلى قول أَبِي حنيفة. وكان عارفًا بالحديث. واستكتب أبا جعفر الطَّحَاويّ، واستخلفه وأغناه. وكان الشهود يرهبون أبا عُبَيْد اللَّه ويخافونه. وابتنى دارًا هائلة، فحكي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أنفقتُ في هذه الدُّوَيْرة مائة ألف دينار سوى الثّمن. ودرهمي دينار. والسّعيدُ من قضى لي حاجة. وكان مهيبًا. وكان خِمَارُوَيْه، يعني السُّلْطان، يعظّمهُ ويجلّهُ، ويُجري عَلَيْهِ في كل شهر ثلاثة آلاف دينار. وكان ينظر في القضاء والمظالم والمواريث والحِسْبة والأحباس. وكان لَهُ مجلس في الفقه، ومجلس في الحديث. وحدث إبراهيم بْن أحمد المعدّل، أنّ أبا عُبَيْد اللَّه وهْب لرجلٍ من أهل مصر اختلّت حاله لَا يعرفه في ساعةٍ واحدة ما بلغه ألف دينار. وكان يُطْعِم النّاس في داره في العيد، فقلّ من يتأخّر عَنْهُ من الكبار.

_ 1 ولاة مصر "261، 271"، للكندي، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي "6/ 2302"، وميزان الاعتدال "3/ 643"، وحسن المحاضرة "2/ 145".

قَالَ: وتأخّر بعضُ الشُّهود عَنْ مجلسه، فأمر بحبسه. وكان الطَّحَاويّ يكتب لَهُ ويُحَلّفه ويقول بحضرته للخصوم: من مذهب القاضي أيّده اللَّه كذا، ومن مذهبه كذا حاملّا عَنْهُ المؤونة وملقنًا لَهُ. قَالَ: وأحسّ أبو عبد الله تِيهًا من الطَّحَاويّ فقال: ما هذا الّذي أنتَ فيه؟ واللَّه لأن أرسلتُ بقصبةٍ في حارتك لَتَرَينَّ النّاس يقولون: هذه قصبة القاضي. وحدَّثَ بمصر وبغداد. وكانت لَهُ ببغداد لَوْثَةٌ مَعَ أصحاب الحديث. إلى أنّ قَالَ ابن زولاق: وكان هذا القاضي قويّ القلب واللّسان. رأى من أَبِي الجيش خِمَارُوَيْه انكسارًا فقال لَهُ: ما الخبر؟ فشكي إِلَيْهِ ضيق المال واستئثار القُوّاد بالضِّياع، فخرج إليهم القاضي وهم في موضع من الدّار، فائق، وصافي، وبدر، وجماعة، فقال: ما هذا الَّذي يلقاه الأمير؟ واللَّه أَشُدُّ السّيفَ والمِنْطقة وأحمل عَنْهُ، ثمّ وافقهم عَلَى أمور رضيها أبو الجيش، وشكره عليها. حدَّثني بذلك سليمان بْن دَاوُد المحدّث. ولم يزل أمر أَبِي عُبَيْد اللَّه يَقْوَى إلى أن زالت أيّامه، وانحرف أهل البلد عَنْ أصحابه وشنَّعوهم. ولم يزل عَلَى حاله حتّى قُتِل أبو الجيش بدمشق، ووصل تابوته إلى مصر، وصلّى عَلَيْهِ أبو عُبَيْد اللَّه القاضي. ثمّ جرت أمور، واختفى القاضي في داره مدّة سنتين، ورضوا منه بالجلوس في داره، فكانت مدّة ولايته سبْع سنين سوى شهر1: ثمّ إنّه ظهر وتغيّرت الدّولة، وتولّى قضاء مصر ثانيًا في سنة اثنتين وتسعين، فحكم شهرين، وتوجّه إلى بغداد. قَالَ البَرْقانيّ: هُوَ من المتروكين. ورماه ابن عديّ بالكذب، وسمع منه بالموصل وبغداد2. 136- محمد بْن يحيى بن خالد بن يزيد بن متى3:

_ 1 الولاة والقضاة "480"، وفيه: "فكان مدة نظره في الحكم إلى أن سجن نفسه ست سنين وسبعة أشهر". 2 تاريخ بغداد "2/ 380". 3 سير أعلام النبلاء "11/ 468"، والأنساب "548 أ".

أبو يزيد المَدِينيّ الخالدي المَرْوَزِيّ الميرماهاني. سمع: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، ومحمد بن عَبْد العزيز بْن أَبِي رزْمة، ومحمود بْن غَيْلان، وأحمد بْن حُمَيْد الرّازيّ، وعليّ بْن حُجْر. وعنه: أبو بكر أحمد بْن عليّ، ومحمد بن صالح بْن هانئ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، ومحمد بن الحُسين الحدّاديّ. تُوُفّي في المحرَّم. وحدَّثَ بنَيْسابور سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. وروى عَنْ إِسْحَاق تفسيره. وعاش ستًّا وثمانين سنة. وحديثه يقع عاليًا في تصانيف مُحيي السنة. أما: 137- محمد بْن يحيى بْن خَالِد بْن مِهْران النَّيْسابوريّ: ابن أخت سَلَمَةَ بْن شبيب، فقد سمع هذا الثاني من: إِسْحَاق، وابن رافع. وحدَّثَ في حدود التسعين ومائتين. "حرف الياء": 138- يحيى بْن محمد بْن محمد بْن زياد الكلّبي البغداديّ1: نزيل دَقَانِيَة، وبيت سَوَا. سمع: أبا حفص الفلّاس، ومحمد بن مثنى. وعنه: أبو سليمان بْن زبْر، وأبو بَكْر الرَّبَعيّ، وغيرهما. 139- يوسف بْن يعقوب الواسطيّ ابن الحُسين2: أبو بَكْر الأصم المقرئ. إمام جامع واسط ومقرئها.

_ 1 تاريخ بغداد: "14/ 231"، "7535"، ومعجم البلدان "1/ 523". 2 غاية النهاية لابن الجزري "2/ 405"، "3944".

قرأ عَلَى: يحيى بْن محمد العُليْميّ، عَنْ أَبِي بَكْر، وحمّاد بْن شُعَيْب، عَنْ عاصم. وقرأ عَلَى شُعَيْب بْن أيّوب الصَّرِيفينيّ. قرأ عَلَيْهِ: أبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن خليع القلانِسيّ، وأبو القاسم يوسف بْن محمد الضّرير شيخ أَبِي العلاء الواسطيّ، وعبد العزيز بْن عصام، وعليّ بْن منصور الشُّعَيْريّ، والحَسَن بْن سَعِيد المطَّوِّعيّ، وعثمان بْن أحمد بْن سمعان المجاشعي، وهما ويوسف شيوخ الكازريني. وقرأ عَلَيْهِ أيضًا: إبراهيم بْن عَبْد الرَّحْمَن البغداديّ، وأبو بَكْر محمد بْن الحَسَن النّقّاش. ورحل القراء من الأمصار للأخْذ عَنْهُ، منهم أبو أحمد السّامُرّيّ. وسمع: محمد بْن خَالِد بْن عَبْد اللَّه الطّحّان. وعنه: ابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم. قَالَ ابن خليع: كَانَ شيخنا حَسَن الأخذ. قرأتُ عَلَيْهِ وله نيّفٌ وتسعون سنة. وقال القصّاع: تُوُفّي في ذي القِعْدة سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وكان مولده في شَعْبان سنة ثمان عشرة ومائتين. كان يَقُولُ: قرأتُ عَلَى يحيى العُليْميّ في سنة أربعين وإحدى وأربعين، وتُوُفّي في سنة ثلاثٍ وأربعين ومائتين وله ثلاثٌ وتسعون سنة. وقد ضُعِّف، قَالَ لنا: قرأتُ عَلَى حمّاد بْن أَبِي زياد شُعَيْب، وكان فاضلًا جليلًا، سنة سبعين ومائة، وقرأ عَلَى عاصم. وقرأتُ بعده عَلَى أَبِي بَكْر بْن عيّاش. 140- يوسف بْن يعقوب. أبو عمرو النيسابوري. وفيات سنة أربع عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 141- أحمد بْن جعفر بْن نَصْر الرّازيّ: أبو العبّاس الحمّال. من بقايا الشيوخ.

قَالَ الخليلي: ثقة. سمع: عَمْرو بْن رافع القَزْوينيّ. ومحمد بن حُمَيْد، وعليّ بْن هاشم بْن مرزوق. ثمّ أرَّخ وفاته. روى عَنْهُ جماعة. واشتهر. 142- أحمد بْن عَبيْد اللَّه بْن عمَّار1: أبو العبّاس الثَّقْفيّ البغداديّ الكاتب المعروف بحمار العزير. شيعيّ، لَهُ مصنّفات في مَقَاتِل الطّالبيّين. روى عن: عثمان بن أبي شيبة، وعمر بن شبة. وعنه: الجعابي، وأبو عمر بْن حَيَّوَيْه، وغيرهما. 143- أحمد بْن عَبْدُوس بْن حَمْدَوَيْه الصّفّار النَّيْسابوريّ: سمع من: إِسْحَاق الكَوْسَج، وأيّوب بْن الحَسَن. وعنه: عليّ بْن عيسى، وأبو إِسْحَاق المزكّيّ، وغيرهما. 144- أحمد بْن محمد بْن حَسَن بْن أَبِي حمزة البلْخيّ2: أبو بَكْر الذَّهبيّ. نزيل نَيْسابور. وبها عِقْبة. سمع: حَجّاج بْن يوسف الشّاعر، وعَمْرو بْن عليّ، ومحمد بن بشّار، وسلم بْن جُنَادَةَ، وأحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الحافظ مَعَ سوء رأيه فيه، ومحمد بن جعفر البُسْتيّ، ومحمد بن أحمد الغِطْريفيّ، وأبو أحمد بْن عديّ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، ومحمد بن عَبْد اللَّه القزاز، وأبو محمد المخلدي، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 252"، ومعجم الأدباء "3/ 232-242". 2 ميزان الاعتدال "1/ 134"، والمغني في الضعفاء "1/ 54"، وتاريخ جرجان للسهمي "75، 76"، "23".

قَالَ الحاكم: وقع إليَّ من كُتُبه بخطّه وفيها عجائب. قلتُ: وقد سكن جُرجْان قليلًا، وسمع منه أهلها. قَالَ الإسماعيليّ: كَانَ مشتهرًا بالشّراب. 145- أَحْمَد بْن محمد بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن محمد بْن المُنْكِدر الْقُرَشِيّ التَّيْميّ1: أبو بَكْر المُنْكَدِريّ. وُلِد بالمدينة ونشأ بالحَرَمَين، وسكن البصْرة، ثمّ إصبهان، ثمّ الرّيّ، ثمّ نَيْسابور. وسمع: عَبْد الجبّار بن العلاء، وهارون بن إسحاق، ويونس بن عبد الأعلى، وعلي بن حرب، وأبا زُرْعة، وخلْق سواهم. وعنه: محمد بْن صالح بْن هانئ، ومحمد بن خَالِد المطَّوِّعيّ ببخاري، ومحمد بن مأمون الحافظ المَرْوَزِيّ، وآخرون كثيرون. وتُوُفّي بمَرْو. قَالَ الحاكم: لَهُ أفراد وعجائب يضعفه بذلك. وممّن روى عَنْهُ: ابنه عَبْد الواحد، ومحمد بن عليّ بْن الشّاه. 146- أحمد بْن محمد بْن الفضل2: أبو الحَسَن السِّجِسْتاني، نزيل دمشق. حدث عن: محمد بْن عَبْد اللَّه المقرئ، وعليّ بْن خَشْرَم، ونصر بْنِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارميّ، وجماعة. وعنه: جُمَح بْن القاسم، ومحمد الرَّبَعِيّ، وأبو حاتم بْن حِبّان، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، وآخرون. وتُوُفّي في جمادى الآخرة، ولا أعلم فيه جرحًا. فخلاف الجرجاني والأيلي سمييه وقرينيه، فإنهما ذاهبان.

_ 1 تاريخ جرجان "433"، للسهمي، وذكر أخبار أصبهان "1/ 115"، وميزان الاعتدال "1/ 147". 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 74"، والميزان "1/ 149"، والمغني في الضعفاء "1/ 57".

147- إبراهيم بْن محمد بْن الضّحّاك: أبو إِسْحَاق الفارسيّ الأعور. نزيل مصر. لَا بأس بهِ. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن سِنْجر. تُوُفّي في رجب. روى عَنْهُ ابن يونس، وغيره. 148- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن الخليل1. أبو يعقوب البغداديّ الجلّاب: سمع: أبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة، والحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس. وعنه: أبو الحُسين بْن البّواب، وابن شاهين، وجماعة. وثّقه الخطيب. "حرف الباء": 149- بَكْر بْن عَمْرو2. أبو القاسم الشِّيرَوانيّ الْبُخَارِيّ: عَنْ: زكريّا بْن يحيى بْن أسد، ومحمد بْن عيسى بْن حيّان المدائنيّ، وهو من قرية شِيرَوان. "حرف الثاء": 150- ثابت بْن حَزْم السَّرَقُسطيّ: مَرَّ في سنة ثلاث عشرة. "حرف الحاء": 151- حاتم بْن أحمد بْن محمود بْن عفان بن خازم3: أبو سعيد الكندي.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 392"، والمنتظم "6/ 202". 2 معجم البلدان "3/ 382"، وفيه "بكر بن عمر". 3 الإكمال لابن ماكولا "2/ 290".

ذكره ابن ماكولا في خازم، بمعجمتين، فقال فيه: الكِنْديّ الصَّيْرفيّ الْبُخَارِيّ. حدث عَنْ: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن حفص بْن عَبْد اللَّه، وأحمد بْن يوسف. وعنه: أبو عَمْرو أحمد بْن محمد المقرئ، ومكّي بْن إِسْحَاق. مات في سابع رمضان من السنة. 152- الحَسَن بْن صاحب بْن حُمَيْد1: أبو عليّ الشّاشيّ الحافظ. طوّاف جوّال. سمع: عليّ بْن خَشْرَم، وعَمْرو بْن عَبْد اللَّه الأَوْديّ، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وأبا زُرْعة الرّازيّ، ومحمد بن عوف. وعنه: الْجِعَابيّ، وأبو بَكْر الورّاق، وابن المظفّر، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفّي بالشاش. أرخه الخطيب ونعته بالحافظ الخليليّ. 153- الحَسَن بْن محمد بْن دَكّه2: أبو عليّ الإصبهانيّ. سمع: لُوَيْنًا، وحُمَيْد بْن مَسْعَدَة، وأبا حفص الفلّاس. وعنه: أبو بَكْر محمد بْن أحمد بْن محمد بْن جِشْنِس المعدّل، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وأحمد بْن يوسف الخشاب، وجماعة. وكان ثقة.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 333"، والمنتظم "6/ 203". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 269".

"حرف السين": 154- سَعِيد النُّوبيّ1: تُوُفّي في صَفَر ببغداد. وكان بوّاب دار الخلافة، وإليه يُنسب باب النُّوبيّ. وولي الباب بعده أخوه يوسف. 155- سَعِيد بْن الحَسَن بْن شداد المِسْمَعيّ2: أبو عثمان النّاجم. من فُحُول الشُّعَراء، صحب ابن الروميّ، وغيره. 156- سعدون بْن طالوت الأندلسيّ3: لَهُ رحلة ورواية. وعُمَّر حتّى جاوز المائة. مات بالأندلس سنة أربع عشرة، قاله أبو سعْد بْن يونس. 157- سَلَمَةُ بْن النَّضْر بْن سوّاد: أبو النَّضْر البُسْتيّ الخلقانيّ. 158- سليمان بْن دَاوُد بْن كثير بْن وَقْدان4: أبو محمد الطُّوسيّ، نزيل بغداد. سمع: أبا همام السَّكُونيّ، وإسماعيل بْن أَبِي كريمة، وسوّار بْن عَبْد اللَّه العَنْبريّ، ولُوَيْنًا. وعنه: محمد بْن إسماعيل الورّاق، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وعُمَر بْن شاهين. وكان صدوقًا.

_ 1 المنتظم "6/ 203"، "324". 2 فوات الوفيات "2/ 51"، "168". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 183" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "235"، للحميدي. 4 تاريخ بغداد "9/ 62، 73"، والمنتظم "6/ 214".

"حرف الطاء": 159- طاهر بن يحيى بن الحسين: أبو القاسم العلويّ الْمَدَنِيّ. عَنْ: أَبِيهِ. وعنه: أبو بَكْر بْن المقرئ. "حرف العين": 160- عامر بْن خُرَيْم بْن محمد المُرِّيّ1: أبو القاسم الدمشقي. سمع: أبا إسحاق الجوزجاني، وإبراهيم بن هشام بْن ملّاس، وأحمد بْن محمد بْن أَبِي الحناجر. وعنه: بَكْر بْن شعيب، ومحمد بن المظفّر، وجُمَح بْن القاسم، وابن المقرئ، وآخرون. قَالَ ابن المقرئ: كَانَ ثقة أمينًا محسِنًا إليَّ. 161- العبّاس بْن يوسف الشَّكَليّ2: أبو الفضل البغداديّ الصُّوفيّ. سمع: سريًّا السَّقَطيّ، وعليّ بْن الموفَّق، وأبا أمية الطَّرَسُوسيّ، وجماعة. وكان من مشاهير الشيوخ. روى عَنْهُ: ابن شاهين، وأبو الفضل محمد بْن عَبْد اللَّه الشَّيْبانيّ، وعبد الله بن عديّ، ومحمد بن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير، وجماعة. وهو مقبول الرواية.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "3/ 134"، والمشتبه في أسماء الرِّجال "1/ 231". 2 تاريخ بغداد "12/ 153، 154"، والمنتظم "6/ 203"، وتهذيب تاريخ دمشق "6/ 273".

162- عَبْد اللَّه بْن محمد الخاقاني ابن الوزير أبي عليّ ابْن الوزير عُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن خاقان1: الوزير الكبير أبو القاسم. وَزَرَ للمقتدر بعد ابن الفُرات نحوًا من سنة، ثمّ قبض عَلَيْهِ في رمضان سنة ثلاث عشرة، ووكل بهِ في منزله، فتعلل شهرًا. مات في رجب. 163- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن دَاوُد: أبو محمد النَّيْسابوريّ الدّهّان. سمع: محمد بْن أسلم الطُّوسيّ، وأحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، والذُّهْليّ. وعنه: أبو سَعِيد بْن أَبِي بَكْر، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ. 164- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن هاشم بْن طِرِمّاح: أبو محمد الطُّوسيّ. كَانَ وجه طوس، ورئيسها ومحدِّثها. وكذلك ابنه أبو القاسم وابن ابنه أبو منصور بْن أَبِي القاسم. سمع: عليّ بْن الحَسَن الهلالي، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء. وعنه: أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وجماعة. 165- عليّ بْن إسماعيل بْن كعب الدّقاق2: روى عَنْ: أبي حفص الفلَّاس، وابن المنادي. وعنه: عُمَر بْن شاهين، ومحمد بن الشخير. وثقه الخطيب.

_ 1 صلة تاريخ الطبري لعُرَيب "39، 41، 43"، والتنبيه والإشراف "329"، والكامل في التاريخ "8/ 167". 2 تاريخ بغداد "11/ 345"، "6187".

- علي بن القاسم العسكري. عن عمر بن شبة، وأحمد بن بديل. وعنه عُمَر بْن شاهين، ومحمد بن الشخِّير. وثّقه الخطيب. 166- عليّ بْن محمد بْن العلاء: أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ القبابيّ. وقباب محلة بنَيْسابور. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، وعَبْد اللَّه بْن هاشم، وأحمد بْن حفص، وعمّار بْن رجاء. وعنه: محمد بْن صالح بْن هانئ، وأبو عليّ الحافظ، وجماعة. 167- عليّ بْن أَبِي مروان بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حمّاد. أبو الحُسين المصري. روى عَنْ: عيسى بْن حمّاد، وعبد الملك بْن شُعَيْب بْن الَّليْث، وغيرهما. تُوُفّي في ذي القعدة. 168- عُلَيْم بْن أحمد بْن عَبْد الأحد بْن الَّليْث. أبو السَّمِيدَع الْمَصْرِيّ القتْبانيّ. "حرف الفاء": 169- الفتح بْن إدريس بْن نَصْر الكاتب: تُوُفّي في المحرَّم. 170- الفضل بْن إمام الأئمّة أَبِي بَكْر بْن خُزَيْمة محمد بْن إِسْحَاق: سمع: أحمد بْن الازهر، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ. وعنه: ابنه محمد، وحسين بْن عليّ التَّميميّ، وجماعة.

"حرف الميم": 171- محمد بْن إبراهيم بْن عامر بْن إبراهيم المَدِينيّ1: المؤذّن أبو بَكْر. مُكِثر عَنْ أَبِيهِ وعمّه محمد بن عامر عَنْ أبيهما. وعنه: أبو الشَّيْخ، والطَّبَرانيّ، وابن المقرئ، ومحمد بن حَسَن بْن مُعَاذ. 172- محمد بْن جعفر بْن بَكْر2: أبو الحُسين بْن الخوارزمي. سمع: عثمان بْن أَبِي شَيْبة، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ. وعنه: محمد بْن جعفر زَوْج الحُرَّةِ، وابن شاهين، وغيرهما. وكان ثقة. 173- محمد بْن حَبَش3: أبو بَكْر البغداديّ الواعظ الضّرير. نزيل مصر. كَانَ يعظ ويقرأ بصوتٍ شَجِيّ يقع في القلوب، ويُصلّي بالنّاس التَّراويح في الجامع. 174- محمد بْن حَبَش بْن مسعود4: أبو بَكْر السّرّاج. عَنْ: لُوَيْن، وخلّاد بْن أسْلَم. وعنه: إبراهيم بْن بِشْران، وأبو محمد بْن معروف القاضي، وابن المقرئ.

_ 1 المعجم الصغير "2/ 53"، وفيه: "محمد بن إبراهيم الأصبهاني". 2 تاريخ بغداد "2/ 134"، والمنتظم "6/ 204"، "327". 3 تاريخ بغداد "2/ 290"، والمنتظم "6/ 204"، "328". 4 تاريخ بغداد "2/ 291".

صدوق، بغداديّ. بَقِيّ إلى هذا العام تقريبًا. 175- محمد بْن حَزْرَه بْن عَبْد الوارث: أبو عبد الله المَهْريّ الصَّعِيديّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. تُوُفّي في شَعْبان. 176- محمد بْن عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد القِتْبانيّ الْمَصْرِيّ: سمع: الربيع بْن سليمان. 177- محمد بْن عليّ بْن حَسَن بْن الخليل: أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ القطّان. سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأبا عُبَيْد اللَّه الوهْبيّ، وعَمْرو بْن عَبْد اللَّه الأَوْديّ. وعنه: أبو بَكْر بْن جعفر، وإسماعيل بْن نُجَيْد، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ. 178- محمد بْن علي بْن حَسَن بْن عليّ بْن حرب1: قاضي طَبَرِيّة. سمع: عُقْبة بْن مُكْرَم، وأيّوب الوزّان، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وجماعة. وعنه: أبو هاشم المؤدِّب، وأبا بَكْر بْن أَبِي دُجَانَة، وابن المقرئ، والأَبْهَريّ، وأبو حفص الزّيّات. كنّاه بعضهم: أبا الفضل، وبعضهم: أبا الحَسَن. مولده سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. وحدث بالشام، والعراق.

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "38/ 518".

179- مُحَمَّد بْن عُمر بْن عَبْد اللَّه بْن حَسَن بْن حفص الهَمْدانيّ الذكواني1: أبو عبد الله الإصبهانيّ الْمُعَدَّلُ الثّقة. سمع: أحمد بْن عصام، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، ويحيى بْن أَبِي طَالِب. وعنه: ابنه عَبْد اللَّه، وحفيده عليّ بْن عَبْد اللَّه، وإبراهيم بْن محمد بْن حمزة الحافظ، والحَسَن بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم، وابن المقرئ. 180- محمد بْن محمد بْن الأشعث2: أبو عليّ الكوفيّ الْمَصْرِيّ. تُوُفّي في جمادى الآخرة. قَالَ ابن عديّ: كتبت عَنْهُ، وحَمَله شدّة ميله إلى التشيُّع عَلَى أنّ أخرج لنا نسخةً عَنْ موسى بْن إسماعيل بْن موسى بْن جعفر الصّادق، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّه، عَنْ أَبِيهِ، نحو ألف حديثٍ، عامّتُها مناكير. وروى عَنْهُ: ابن المقرئ، وغيره. 181- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن النّفّاح بْن بدر3: أبو الحَسَن الباهلي البغداديّ. نزل مصر، وسمع: حفص بْن عُمَر الدُّوريّ، وإسحاق بْن أَبِي إسرائيل وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، وجماعة. وعنه: أبو سَعِيد بْن يونس، وعُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن خَلَف البزّاز، وأحمد بْن محمد المهندس، وأبو الطَّيِّب العبّاس بْن أحمد الهاشميّ، وأبو بكر المقرئ، وآخرون. قَالَ ابن يونس: كَانَ ثقة ثبتًا، صاحب حديث، متقلّلًا من الدّنيا. تُوُفّي في ربيع الآخر. وقال حمزة الكِنَانيّ: سَمِعْتُ محمد بْن محمد الباهليّ يَقُولُ: بِضاعتي قليلة، واللَّه يجعل فيها البركة.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 263، 264". 2 الكامل في الضعفاء "6/ 2303، 2304"، لابن عدي، وميزان الاعتدال "3/ 130". 3 تاريخ بغداد "3/ 214"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 224، 245".

قلت: وقد سمعت من محمود بْن خَالِد بدمشق. وقرأ عَلَى الدُّوريّ القرآن. 182- محمد بْن محمد بْن يوسف الْبُخَارِيّ: أبو ذَرّ القاضي. حدَّثَ بَهَراة وغيرها عَنْ: أحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح، ومحمد بن إسماعيل الْبُخَارِيّ، وجماعة. ولي قضاء خراسان. وكان ينتحل الحديث ويذب عَنِ السنة. أملى، وحضرَ مجلسَه ابن خُزَيْمة، وأبو العبّاس السّرّاج. وهو والد الزّاهد القدوة أَبِي الحَسَن. 183- محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة1: الإمام الكبير أبو عبد الله القُرْطُبيّ. مولى آل عُبَيْد اللَّه بْن عثمان. عَنْ: عَبْد اللَّه بْن خَالِد، وعبد الأعلى بْن وهْب، وأبان بْن عيسى، والعُتْبيّ، وأصْبغ بْن خليل، ومحمد بن وضّاح الأندلسيّين. وكان إمامًا في الفقه، مقدَّمًا عَلَى أهل زمانه في الفتوى، كبير الشأن، حافظًا لأخبار الأندلس، أديبًا وشاعرًا. ولي الصّلاة بُقْرطُبة. وروى عَنْهُ خلْق كثير وتفّقهوا بهِ. ولم يكن لَهُ حذقٌ بالحديث. كَانَ يحدِّث بالمعنى. تُوُفّي في شَعْبان. ومولده سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. 184- محمود بْن عنبر بْن نُعَيْم الْأَزْدِيّ: أبو العبّاس النَّسَفيّ. ثقة جليل.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 34، 35"، وجذوة المقتبس للحميدي "98"، "163".

روى عَنْ: محمد بْن أبان، ومحمود بْن مهدي، وعبد بْن حميد، والبخاري. وعنه: عبد المؤمن بن خلف، ومحمد بن زكريا، وبكر بن محمد، وشاه بن محمد، ومحمد بن عثمان بن إسحاق. ترجمه أبو سعد الإدريسي وقال: حدَّثوني عَنْهُ. "حرف النون": 185- نَصْر بْن القاسم بْن نَصْر1: أبو الَّليْث الفرائضي الحنفيّ البغداديّ. سمع: سُرَيْج بْن يونس، وعبد الأعلى بْن حمّاد، وعُبَيْد اللَّه القواريري، وابن أَبِي شَيْبة. وعنه: أبو الحُسين بْن البّواب، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ، وابن شاهين، وجماعة. وكان ثقة فقيهًا علّامةً، بصيرًا بقراءة أبي عَمْرو. "حرف الياء": 186- يحيى بْن محمد بْن يحيى التَّميميّ النَّيْسابوريّ: من رؤساء البلد. سمع: محمد بْن إبراهيم البُوشَنْجيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن حنبل. قُتِل في محرابه ليلة الجمعة في رمضان. وهو عمّ حُسَيْنَك. 187- يعقوب بْن محمود النَّيْسابوريّ: أبو يوسف. من كبار قراء نَيْسابور. سمع: الذُّهْليّ، وأحمد بْن حفص، وأحمد بْن الأزهر. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة.

_ 1 الأنساب "421 ب"، والعبر "2/ 160"، والبداية والنهاية "11/ 154".

وفيات سنة خمس عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 188- أحمد بْن إبراهيم بْن صالح1: أبو الحُسين النَّيْسابوريّ المَيْدانيّ. سمع: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ. وعنه: أبو الوليد حسّان بْن محمد، وغيره. 189- أحمد بْن حَمْدَوَيْه بْن موسى: أبو حامد النَّيْسابوريّ، المؤذِّن الفاميّ الزّاهد. جاوَرَ بمكّة خمس سنين، ورابَطَ بطَرَسُوس ثلاث سِنين. وكان كثير الغَزْو، محسنًا إلى المحدثين. سمع: إبراهيم بْن عَبْد اللَّه السَّعديّ، وأبا حاتم الرّازيّ، وأبا دَاوُد السِّجِسْتانيّ، وجماعة. وعنه: ابنه أبو سَعِيد، وأبو الطَّيِّب المذكِّر، وغيرهما. 190- أحمد بْن الخضر المَرْوَزِيّ2: عَنْ: محمد بْن عَبْدة المَرْوَزِيّ. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر النّقّاش، وغيرهما. أرّخه الحاكم في هذه السنة. 191- أحمد بْن زكريّا3: أبو بَكْر البغداديّ النّحّاس. ويُعرف بابن الرواس. سمع: أبا هارون الفلّاس، وسعيد بْن يحيى الأموي.

_ 1 الأنساب "11/ 564". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 28، 29"، وتاريخ بغداد "1820". 3 تاريخ بغداد "4/ 162"، "1839".

وعنه: أبو حفص بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن شاذان. 192- أحمد بْن سَعِيد بْن مرابة: أبو بَكْر الخرّاز. سمع: محمد بْن عَبْد الملك الدقيقي، والرّماديّ. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، وابن شاهين. ثقة. 193- أحمد بْن عليّ بْن الحُسين بْن شَهْرَيار1: أبو بَكْر الرّازيّ ثمّ النَّيْسابوريّ الحافظ. صاحب التّصانيف. سكن أبوه نَيْسابور فولد هُوَ بها. وسمع: السَّرِيّ بْن خُزَيْمة، وأبا حاتم الرّازيّ، وعثمان بْن سَعِيد الدّارِميّ، وأبا قلابة عَبْد الملك بْن محمد، والحَسَن بْن سلّام، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه القصّار، وعبد اللَّه بْن أَبِي مَسَرّة، وطبقتهم. وله رحلة واسعة. روى عَنْهُ: أبو عبد الله بْن الأخرم، وأبو علي الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وطائفة سواهم. وقال ابن عُقْدة: ثنا هذا وكان من الحفّاظ. قلت: وعاش أربعًا وخمسين سنة. وكان من كبار أئمّة الحديث بخُراسان. مات بالطّابَرَان من طُوس. 194- أحمد بْن محمد بْن الحَسَن الرَّبَعِيّ الخزّاز2: سمع: عيسى بْن حمّاد زُغْبة. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وابن شاذان، وابن شاهين. وكان ثقة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 631". 2 تاريخ بغداد "4/ 425، 426".

تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة ببغداد. - أحمد بْن نَصْر، أبو عبد الرحمن الواسطي. سمع محمد بن وزير الواسطي، وعنه أبو الفضل الزُّهري. 195- أحمد بْن الوليد1. أبو عبد الله الْأَزْدِيّ: بغدادي، روى عَنْ: محمد بْن حرب النّشاسْتجيّ، وأحمد بْن سِنان القطّان. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو حفص بْن شاهين، وعدّة. صدوق، محدِّث. 196- إبراهيم بْن السَّرِيّ بْن يحيى: أبو القاسم التَّميميّ النَّحْويّ الإخباري المؤدِّب. كوفي، تُوُفّي في صفر، وله ثمان وسبعون سنة. أثنى عَلَيْهِ ابن حمّاد الحافظ. 197- إبراهيم بْن نَصْر بْن عنبر بْن شاهويه: أبو إِسْحَاق الضّبّيّ المَرْوَزِيّ. سمع: عليّ بْن خَشْرَم، وعَبْد اللَّه الدّارميّ، وجماعة. 198- إِسْحَاق بْن أحمد الكاغديّ2: كُتِب تقريبًا. 199- إسماعيل بْن إبراهيم بْن الحارث النَّيْسابوريّ القطّان: أبو إبراهيم. سمع: إِسْحَاق بْن موسى الخطْميّ، ومحمد بن رافع، والحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس. وعنه: أبو الوليد حسّان الفقيه، وعليّ بْن جمْشاد، وأبو عليّ الحافظ. وعُمِّر إحدى وتسعين سنة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 189، 190". 2 تاريخ بغداد "6/ 393"، والمنتظم "6/ 210".

"حرف الحاء": 200- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن إبراهيم1: أبو عليّ الْجُنَابَذِيّ الفقيه المتكلّم. ولي قضاء نَيْسابور، وسمع: عليّ بْن الحَسَن الهلاليّ، وأبا حاتم الرّازيّ، وأبا قِلابة الرّقاشي، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو الوليد الفقيه. وكان من دُهاة النّاس وعُقلائهم. وجنابذ من قرى نَيْسابور، منها جماعة فضلاء. 201- الحَسَن بْن محمد بْن الحَسَن بْن صالح بْن شيخ بْن عميرة الأَسَديّ2: أبو الحُسين. ثقة. سمع: عليّ بْن خَشْرَم، وعيسى بْن أحمد العسقلانيّ، وأبا زُرْعة الرّازيّ، وجماعة. وعنه: أبو حفص بْن شاهين، وعليّ بْن عُمَر الحربيّ. وثّقه الخطيب، وأرّخه ابن قانع. 202- الحُسين بْن سَعِيد بْن غُنْدَر الْقُرَشِيّ3: سمع: هارون بْن إِسْحَاق الهَمْدانيّ، ونحوه. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، وأبو بَكْر أحمد بْن شاذان. 203 - الحُسين بْن محمد بْن مُصْعَب بْن زُرَيْق4: أبو عليّ السِّنْجيّ الحافظ.

_ 1 الأنساب "3/ 306". 2 تاريخ بغداد "7/ 416"، والمنتظم "6/ 211". 3 تاريخ بغداد "8/ 48"، "4107". 4 تاريخ جرجان "198، 307"، وتذكرة الحفاظ "3/ 801، 802"، وطبقات الحفاظ "334".

عَنْ: عليّ بْن خَشْرَم، ويحيى بْن حكيم المقوّم، وخلْق. كَانَ يقال: ما بخُراسان أكثر حديثًا منه. كف بصره، وكان لا يحدِّث أهلَ الرأي إلّا بعد الجهد. وروى عَنْ: ابن قُهْزَاد، وطبقته. وعنه: زاهر السَّرْخَسيّ، وأبو حامد النُّعَيْميّ. 204- الحُسين بْن محمد بْن محمد بْن عُفَيْر1: أبو عبد الله البغداديّ الْأَنْصَارِيّ. سمع: لُوَيْنًا، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي شَيْبة. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين، وجماعة. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ. ومات في صفر. 205- الحُسين بْن عَبْد اللَّه الجوهريّ بْن الجصّاص2: ترجمته في الحوادث. "حرف السين": 206- سَلْم بْن مُعَاذ بْن السلم بْن الفضل3: أبو الَّليْث التَّميميّ الدّمشقيّ القصير. رحل، وسمع من: شُعَيْب الصَّرِيفينيّ، وسَعْدان بْن نَصْر، ومحمد بن عوف الحمصي. وعنه: جمح والفضل والمؤذنان، وأبو أحمد الحاكم. 207- سهل بْن إدريس: شيخ خراسان.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 95"، والمنتظم "6/ 211". 2 ترجم له الذهبي في السير "11/ 425"، والعبر "2/ 121". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "10/ 101".

سمع من: سَلَمَةَ بْن شبيب. وحدَّثَ. "حرف الطاء": 208- طاهر بْن يحيى بْن قُبَيْصة الفِلَقيّ1: سمع بنَيْسابور: أحمد بْن حفص السُّلَميّ. وعنه: ابنه محمد، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ. وفِلق: قرية بقرب نَيْسابور. "حرف العين": 209- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن سَعِيد الجصّاص2: أبو القاسم. بغداديّ، ثقة. سمع: بندارًا، ومحمد بن المُثَنَّى، ومحمد بن زياد الزّياديّ، وعَبْدة بْن عَبْد اللَّه. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين. 210- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن يوسف بْن حيّان: أبو محمد الهَمْذانيّ، مولى بُنيّ هاشم. إمام الجامع. روى عَنْ: إبراهيم بْن ديزيل، وأحمد بْن عُبَيْد اللَّه النَّرْسيّ، وعليّ بْن عَبْد العزيز. وعنه: جبريل بْن محمد، وعبد الرَّحْمَن الأنماطي، وأهل همذان. قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ ثقة، لم يكن بهمذان في وقته أحفظ منه.

_ 1 الأنساب "9/ 328"، واللباب "2/ 439". 2 تاريخ بغداد "9/ 381"، والمنتظم "6/ 214".

211- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين الماسَرْجسيّ: سمع: عليّ بْن الحَسَن الهلالي، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء. وعنه: ابن أخيه الحُسين، وابنه أبو نَصْر. 212- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر1: أَبُو القاسم القَزْوينيّ، الفقيه الشّافعيّ. ولى نيابة الحَكَم بدمشق، ثمّ ولي قضاء الرملة، ثمّ سكن مصر. وحدث عن: يونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن عوف الْجُمَحيّ، والربيع بْن سليمان المُرَاديّ، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن السقا الحافظ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وابن عديّ، ويوسف المَيَانِجيّ، ومحمد بن المظفّر، وجماعة. وقال ابن المقرئ: رأيتهم يضعفونه ويُنْكِرون عَلَيْهِ أشياء. وقال ابن يونس: كان محمودًا فيما يتولّى. وكانت لَهُ حلقة للإشغال بمصر وللرواية. وكان يظهر عبادة وورعًا. وكان قد ثقل سمعه شديدًا. وكان يفهم الحديث ويحفظ، ويجتمع إلى داره الحفاظ، ويُمْلي عليهم. ويجتمع في مجلسه جَمْعٌ عظيم. وقال الحاكم: سألت الدَّارَقُطْنيّ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن محمد القزوينيّ بمصر فقال: كذاب. وضع لعَمْرو بْن الحارث أكثر من مائة حديث. وقال ابن عساكر: قرأتُ بخطّ إبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن حصن الأندلسيّ محتسب دمشق: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنيّ يَقُولُ: عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني كذّاب، ألف "سُنَن الشّافعيّ"، وفيها نحو مائتي حديث لم يحدِّث بها الشّافعيّ. وقال: خلَّط في آخر عُمره، ووضع أحاديث عَلَى متون فافتضح. قلت: وضعفه جماعة، واتهمه آخرون. قَالَ ابن يونس: خُرّقت الكُتُب في وجهه، وتركوا مجلسه. وقال الدارقطني: كذاب.

_ 1 تاريخ جرجان "455"، للسهمي، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "2/ 135"، والعبر "2/ 162".

213- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن صبيح: أبو محمد العُمري النَّيْسابوريّ الجوهريّ. محدِّث، ناسك، مصنف، رحّال. سمع: محمد بْن يحيى، وأحمد بْن الأزهر. وعنه: أبو عَمْرو بْن حَمْدان، وجماعة. 214- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْدان1: أبو مسعود العسْكريّ. إصبهانيّ، سمع: لُوَيْنًا، ومحمد بن عيسى المقرئ، وسلمة بن شبيب. وعنه: أبو الشيخ، وعبد الله بن محمد بن عمر. 215- عبد الرحمن بن الحسن بن أيوب2: أبو محمد الشعيري الضرير. بغدادي، يعرف برنجي. سمع: عبد الأعلى بن حماد، والحسين بن حريث، وأبا هشام الرفاعي. وعنه: علي بن لؤلؤ، وأبو الحسن بن البواب، وعمر بن شاهين. مات ليلة عيد الفطر. 216- عبد الواحد بن حمدون المري الأندلسي3: يروى عَنْ: بَقِيّ بْن مَخْلَد، وغيره. 217 - عليّ بْن سليمان بْن الفضل البغداديّ4: أبو الحَسَن النَّحْويّ الأخفش الصغير. سمع: أبا العيناء، وثعلبًا، والمبرد، والفضل اليزيدي.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 73". 2 تاريخ بغداد "10/ 286"، "5409". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 289" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "291" للحميدي. 4 الفهرست لابن النديم "123"، وتاريخ بغداد "11/ 433"، والمنتظم "6/ 214، 215".

وتصدَّر للإفادة. قَالَ المَرْزُبانيّ: ما علمتُه صنَّف شيئًا، ولا قَالَ شعرًا. وقال "ابن" النّديم: لَهُ "كتاب الأنواء"، و"كتاب التَّثْنية". ولابن الروميّ فيه هجاء. روى عَنْهُ: عليّ بْن هارون القرميسينيّ، والمُعَافَى الجريريّ، وأبو عبد الله المَرْزُبانيّ. وكان ثقة. سافر قبل الثلاثمائة إلى مصر، وحلب. وحصل لَهُ إضاقة في آخر أيّامه، حتّى قِيلَ: إنّه لازم أكل الشّلْجَم1، فقبض عَلَيْهِ قلبه فمات. ولم يكن متسعًا في الأدب. "حرف الفاء": 218- الفتح بْن إدريس الإصبهانيّ الكاتب2: سمع: لُوَيْنًا، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ، وحُمَيْد بْن مَسْعَدَة. وعنه: محمد بْن جعفر بْن يوسف، والحَسَن بْن إِسْحَاق. "حرف الميم": 219- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الإصبهانيّ القطّان3: سمع: إسماعيل بْن يزيد القطّان، وأحمد بْن الفُرات. وعنه: أبو الشَّيْخ، وأحمد بْن عُبَيْد اللَّه، والحَسَن بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم. 220- محمد بْن أحمد بْن عَمْرو بْن هشام4: أبو عبد الله الأصبهاني الأبهري.

_ 1 الشلجم: "وهو المعروف باللِّفْتَ". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 157". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 261"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 107". 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 257"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 104".

سمع: نَصْر بْن عليّ، ويوسف بْن خَالِد السَّمتيّ. وعنه: أبو أحمد القاضي، والطَّبَرانيّ، وابن المقرئ. 221- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين: أبو أحمد الماسَرْجسيّ والد أَبِي عليّ الحُسين. روى عَنْ مُسْلِم كتاب "جُلود السِّباع". وروى عَنْ: الذُّهْليّ، وأحمد بْن يوسف. وعنه: ابنه، وابن أخيه أبو نَصْر. 222- محمد بْن إبراهيم بْن عَمْرو الْقُرَشِيّ السَّهميّ: أبو الحَسَن الْمَصْرِيّ. سمع: بحر بْن نَصْر. ومات فجأةً؛ وهو من أولاد عَمْرو بْن العاص. 223- محمد بْن إبراهيم بْن خَالِد: أبو بَكْر الأُسْوانيّ. سمع من: يونس بْن عَبْد الأعلى. 224- محمد بْن إسماعيل بْن القاسم بْن إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب الحسَنيّ: أبو عبد الله الْمَدَنِيّ. تُوُفّي بمصر في شَعْبان. وأصله من قرية الرَّسّ بنواحي المدينة. وكان يُعرف بابن طباطبا العَلَويّ. ذكره ابن يونس فقال: روى عَنْ آبائه حديثًا. وكان كريمًا سخيًا، لَهُ منزلة عند الدّولة والعامة. قلتُ: وسُمّي جدّهم إبراهيم طباطبا؛ لأنّ أمّه كانت ترقّصه وهو طفل وتقول: طباطبا؛ تعني نام.

وقيل: بل كَانَ إبراهيم يَقُولُ: القاف شبه الطّاء، فطلب مرّة قباءٍ يلبسه أو غير ذَلِكَ، فقيل: نُحْضِر فَرْجيّةً. فقال: لَا، طباطبا. يعني قباء. وقبره بالقرافة يُزار. 225- محمد بْن جعفر1: أبو الحَسَن ابن الكوفي الصَّيْرفيّ. حدَّثَ عن: لوين، وإسحاق بن أبي إسرائيل. وعنه: محمد بن المظفر، وابن شاهين. وتوفي في صفر. 226- محمد بن الحسين بن حفص2: أبو جعفر الخثعمي الكوفي الأشناني. حدث ببغداد عَنْ: أَبِي كُرَيْب، وعَبّاد الرُّواجِنيّ، ومحمد بن عُبَيْد المحاربي. وعنه: الجعابي، وأبو الحسين بن البّواب، ومحمد بن المظفّر، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. مولده سنة إحدى وعشرين ومائتين. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ثقة. وآخر أصحابه محمد بْن جعفر بْن النّجّار الكوفي، بقي إلى عام 403. 227- محمد بْن زكريّا بْن الحَسَن الشَّيْبانيّ النَّيْسابوريّ: سمع: محمد بْن يحيى، ومحمد بن يزيد السُّلَميّ. وعنه: أبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وغيره. 228- محمد بْن عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد القتباني المصري: أبو عبد الله.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 134"، والمنتظم "6/ 215". 2 تاريخ بغداد "2/ 234، 235"، والعبر "2/ 162"، والنجوم الزاهرة "3/ 229".

عَنْ: يونس، والربيع المُرَاديّ. وعنه: ابن يونس. مات فجأةً. 229- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن العَنْبريّ بْن عطاء: أبو عبد الله العَنْبريّ النَّيْسابوريّ الكاتب والد يحيى. كَانَ من رؤساء بلده. سمع: عليّ بْن الحَسَن الهلاليّ، وقَطَنَ بْن إبراهيم، وأبا زُرْعة الرّازيّ، وجماعة. وعنه: ابنه، وغيره. 230- محمد بْن أَبِي عديّ بْن أحمد بْن زحْر بْن السائب: أبو الحَسَن التَّميميّ المِنْقَريّ الْبَصْرِيّ. في ذي القعدة. 231- محمد بْن عَمْرو بْن سلمة النَّيْسابوريّ: سمع: أَحْمَد بْن يوسف السُّلَميّ، وأحمد بْن الأزهر. وعنه: أبو أحمد الحاكم. 232- محمد بْن فَضَالَةَ بْن الصَّقْر بْن فَضَالَةَ الَّلخْمي الدّمشقيّ1: سمع: هشام بن عمّار، ومؤمل بْن إهاب، وجماعة. وعنه: أبو بَكْر الرَّبَعِيّ، وأبو أحمد الحاكم، وجُمَح بْن القاسم، وآخرون. وقال أبو أحمد في الكنى: في حديثه نظر. 233- محمد بن الفيض بن محمد بن الفياض2: أبو الحَسَن الغسّانيّ الدمشقي.

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "39/ 196"، والمغني في الضعفاء "2/ 624". 2 تاريخ دمشق "مخطوطة الظاهرية" "15/ 433 ب"، وشذرات الذهب "2/ 271".

روى عَنْ: جَدّه، وإبراهيم بْن هشام الغسّانيّ، وصفوان بن صالح، ومحمد بن يحيى بن حمزة، وهشام بن عمار، ودحيم، وطائفة. وعنه: موسى بن سهل الرملي وهو أكبر منه، وأبو عمر بن فضالة، وأبو بَكْر الرَّبَعِيّ، وأبو أحمد الحاكم، وابن المقرئ. وتوفي في رمضان وله ست وتسعون سنة. 234- محمد بن القاسم بن سعيد: أبو بكر التجيبي المصري. سمع إسحاق الدَّبَري. 235- محمد بن محمد بن خَلَف بن قُدَيْد، أبو الفضل التجيبي: سمع: الربيع المؤذن. 236- محمد بن مسور الأندلسيّ1: يروي عَنْ: محمد بْن وضّاح، وغيره 237- محمد بْن المسيّب2 بْن إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه النَّيْسابوريّ الأرغِيَاني الإسفنجيّ: الحافظ الجوّال الزّاهد. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بن رافع، وعبد الجبّار بْن العلاء، وأبا سَعِيد الأشجّ، ومحمد بن بشّار، وإِسْحَاق بْن شاهين، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكّيّ، وسعيد بْن رحمة المصِّيصيّ، والحسين بْن سيار الذي روى بحران عَنْ إبراهيم بْن سعْد، والهيثم بن مروان، وخلقا كثيرا. كنيته: أبو عبد الله. روى عنه: إمام الأئمة ابن خزيمة مع جلالته وتقدمهه، وأبو عبد الله بن الأخرم، وأبو علي الحافظ، وأبو إسحاق المزكي، والحسين بن علي التميمي، وزاهر بن أحمد، وأبو عمرو بن حمدان، وأبو أحمد الحاكم، وآخرون.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 44" لابن الفرضي. 2 الرحلة في طلب الحديث "210"، والتهذيب "9/ 455-458".

قال أبو عبد الله الحاكم: كان من العباد المجتهدين. سَمِعْتُ غير واحد من مشايخنا يذكرون عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ما أعلم منبرًا من منابر الإسلام بقي عليَّ لم أدخلْه لسماع الحديث. وسمعتُ أبا إِسْحَاق المُزَكيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ محمد بْن المسيّب يَقُولُ: كنت أمشي في مصر وفي كُمّي مائة جزءٍ، في كلّ جزء ألف حديث. وسمعتُ أبا عليّ الحافظ يَقُولُ: كان محمد بْن المسيّب يمشي بمصر وفي كُمّه مائة ألف حديث، وكان دقيق الخطّ؛ وصار هذا كالمشهور من شأنه. وقال أبو الحُسين الحَجّاجّي: كَانَ ابن المسيّب يقرأ، فإذا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بكى حتّى نرحمه. قَالَ الحاكم: وسمعتُ محمد بْن عليّ الكِلابيّ يَقُولُ: بكى محمد بْن المسيّب حتّى عمي. وقال محمد بْن المسيّب الأرْغِيانيّ: سَمِعْتُ الحَسَن بْن عَرَفَة يَقُولُ: رأيت يزيد بْن هارون بواسط، وهو من أحسن النّاس عينين، ثمّ رأيته بعين واحدة، ثمّ رأيته أعمى. فقلت: يا أبا خَالِد، ما فَعَلَت العَينان الجميلتان؟ قَالَ: ذهبَ بهما بكاءُ الأسحار. قَالَ أبو إِسْحَاق المُزَكيّ: وإنّما هذا مثلٌ لمحمد بْن المسيّب فإنه بكى حتّى عمي، رحمة اللَّه عَلَيْهِ. وتوفي في جُمَادَى الأولى عَنِ اثنتين وتسعين سنة. 238- محمد بْن نَصْر بْن عَيْشون الأندلسيّ1: روى عَنْ: محمد بْن وضّاح الحافظ. 239- محمد بْن يوسف بْن الصّدّيق. أبو جعفر الكَرْمِينيّ. روى عَنْ: سَعِيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن عيسى التِّرْمِذيّ. وعنه: جعفر بْن محمد بْن مكي.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 36" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "93" للحميدي.

"حرف النون": 240- النُّعْمان بْن أحمد بْن نُعَيْم1: أبو الطَّيِّب الواسطيّ، القاضي. عَنْ: إِسْحَاق بْن شاهين، ومحمد بن حرب النَّسائيّ، وأحمد بْن سِنان. وعنه: أبو بَكْر الأَبْهَريّ، وابن شاذان، وعُمَر بْن شاهين. وثّقه الخطيب وورَّخه. "حرف الياء": 241- يحيى بْن زكريّا بْن سليمان بْن فِطْر2: أبو زكريّا القُرْطُبيّ. سمع من: ابن وضّاح، ويوسف بْن يحيى المَغَامِيّ ورحل، فسمع من: عليّ بْن عَبْد العزيز البَغَويّ، وأبو مُسْلِم الكشّيّ. وكان فقيهًا مُفْتِيًا مشاوَرًا، معظَّمًا بين الخاصّة والعامّة. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 242- يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمارة الغُوطيّ الدّقانيّ3: سمع: شُعْبَة بْن إِسْحَاق، وأبا إِسْحَاق الْجُوزَجَانيّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الرَّبَعِيّ. 243- يحيى بْن يحيى القُرْطُبيّ4. الأديب المعتزليّ المتكلّم المعروف ابن السّمينة كَانَ بارعًا في الطّبّ، والحساب، واللّغة، والشِّعْر، والنَّحْو، قادرًا عَلَى الْجَدَل والمناظرة. ذكره صاعد بْن أحمد في "طبقات الأمم".

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 424"، "7299". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 188، 189"، لابن الفرضي. 3 معجم البلدان "2/ 458"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "197، 198". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 188" لابن الفرضي.

244- يوسف بْن عَبْد الأحد بْن سُفْيَان القِمّنيّ1: وقِمَّن: من قُرى مصر. تُوُفّي بها في رجب. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. وعنه: محمد بْن الحُسين الإِبَرِيّ، وابن المقرئ، وغيرهما. ولا أعلم به بأسًا. وفيات سنة ست عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 245- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سيف2: أبو بَكْر السِّجِسْتانيّ الفارض. خليفة أَبِي عُمَر القاضي. سمع: عُمَر بْن شَبَّة، ويونس بْن عَبْد الأعلى. وعنه: دَعْلَج، وابن شاهين، والمخلص. وثّقه الخطيب. مات فِي جُمَادَى الأولى. 246- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد: أبو بَكْر النَّيْسابوريّ. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بن يحيى. وعنه: أبو عليّ الماسَرْجسيّ، وغيره. 247- أحمد بْن نصر البغدادي: أبو حازم القاضي.

_ 1 الأنساب "10/ 226"، ومعجم البلدان "4/ 177". 2 تاريخ جرجان "44"، وتاريخ بغداد "4/ 225، 226".

سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، وأبا حفص الفلّاس. وعنه: عمر بن شاهين، ومحمد ابن زوج الحرّة. وكان ثقة. 248- أحمد بْن هشام بن عمّار بْن نُصَيْر السُّلَميّ1: أبو عبد الله الدّمشقيّ. قرأ القرآن عَلَى أَبِيهِ، وحدَّث عَنْهُ. روى عَنْهُ: أبو هاشم عَبْد الجبار المؤدِّب، والطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وآخرون. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. "حرف الباء": 249- بُنان بْن محمد بْن حَمْدان بْن سَعِيد الواسطيّ2: أبو الحَسَن الزّاهد الكبير. ويُعرف ببُنان الحمّال. نزيل مصر. كَانَ ذا منزلة عند الخاصّ والعامّ، وكانوا يضربون بعبادته المثل. وكان لَا يقبل مِن السّلاطين شيئًا. حدَّثَ عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وحميد بن الربيع. روى عنه: الحسن بن رشيق، والزُّبَير بْن عَبْد الواحد، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. ووثقه أبو سعيد بن يونس. صحب الجنيد، وغيره. وهو أستاذ أبي الحسين النوري ومن أقرانه. ومن كلامه: متى يفلح من يسره ما يضره. وقال: رؤية الأسباب على الدوام قاطعه عَنْ مشاهدة المسبب، والإعراض عَنِ الأسباب جملةً يؤدي بصاحبه إلى ركوب الباطل.

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" 3/ 523، 42/ 556". 2 حلية الأولياء "10/ 324، 325"، وصفة الصفوة "1/ 448-450".

قَالَ أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ في "مِحَن الصُّوفيّة" إنّ بُنانًا الحمّال قام إلى وزير خِمَارُوَيْه فأنزله عَنْ دابّته، وكان نصرانيًّا، وقال: لا تركب الخيل، وغير كما هُوَ مأخوذ عليكم في ذمتكم. فأمَر خِمَارُوَيْه بأن يؤخذ ويُطرح بين يدي سَبُعٍ، فطُرِح، فبقي ليلة، ثم جاؤوا والسَّبُع يلْحسه. فلمّا أصبحوا وجده قاعدًا مستقبل القِبْلة، والسَّبْع بين يديه. فأطلقه واعتذر إِلَيْهِ. وقال الحُسين بْن أحمد الرّازيّ: سَمِعْتُ أبا عليّ الرُّوذَبَاريّ يَقُولُ: كَانَ سبب دخولي مصر حكاية بنان الحمّال، وذاك أَنَّهُ أمر ابن طولون بالمعروف، فأمر أنّ يُلقى بين يدي السَّبُع، فجعل يشمّه ولا يضرّه. فلمّا خرج من بين يدي السَّبُع قِيلَ لَهُ: ما الّذي كَانَ في قلبك حيث شمّك؟ قَالَ: كنت أفكّر في سُؤر السِّباع ولُعابها. ثمّ ضُرِب سبْع دِرَر، فقال لَهُ: حسبك اللَّه بكلّ دِرَّة سنة. فحُبس ابن طولون سبْع سنين. وذكر إبراهيم بْن عَبْد الرَّحْمَن أنّ القاضي أبا عُبَيْد اللَّه احتال عَلَى بُنان حتّى ضربه سبْع دِرَر فقال: حسبك اللَّه بكل دِرَّةٍ سنة. فحبَسه ابن طولون سبْع سِنِين. وقال الزُّبَيْر بْن عَبْد الواحد: سَمِعْتُ بُنانًا يَقُولُ: الحرُّ عبدُ ما طَمِع، والعبدُ حُرٌّ ما قَنَع. ويُروى أَنَّهُ كَانَ لرجل عَلَى رجلٍ دَيْن مائة دينار بوثيقة، قَالَ: فطلبها الرجلُ فلم يجدها، فجاء إلى بُنان ليدعو لَهُ، فقال: أَنَا رجلٌ قد كبِرْت وأحبّ الحلْواء. اذهب إلى عند دار فرج فاشتر لي رِطْل حلْواء، وأتِ بهِ حتّى أدعو لك. ففعل الرجل وجاء. فقال بُنان: افتح ورقة الحلْواء. ففتحها فإذا هِيَ الوثيقة. فقال: هذه وثيقتي. قَالَ: خُذها، وأطْعِم الحلْواء صبيانك. قَالَ ابن يونس: تُوُفّي في رمضان، وخرج في جنازته أكثر أهل مصر. وكان شيئًا عجبًا.

"حرف الحاء": 250- الحُسين بْن محمد بْن مُصْعَب السِّنْجيّ الإسكاف1: سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، ومحمد بن الوليد البُسْريّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع المُرَاديّ. وعنه: أبو حاتم بْن حِبّان، وزاهر السَّرْخَسيّ. وتُوُفّي في رجب. "حرف الدال": 251- دَاوُد بْن الهَيْثَم بْن إِسْحَاق بْن بُهْلُولِ بْن حسّان الأنباريّ2. أبو سعْد: سمع: جَدّه إِسْحَاق، وعُمَر بْن شَبَّة، وزياد بْن يحيى الحساني. وعنه: طلحة بْن محمد، ومحمد بن المظفّر، وأحمد بْن إِسْحَاق الأزرق. وكان فصيحًا نَحْويًا لُغَوِيًّا بارعًا مصنِّفًا، حَسَن المعرفة باستخراج المُعَمَّى. أخذ عَنْ: ثعلب، وغيره. وسمع الخليفةُ المتوكّل بقراءة هذا على جده "فضائل العبّاس". وُلِد سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. "حرف الزاي": 252- الزُّبَيْر بْن محمد بْن أحمد البغداديّ3: أبو عبد الله الحافظ. سمع: أبا ميسرة النَّهَاوَنْديّ، وعبّاسًا الدُّوريّ، وجماعة. عَنْهُ: الطَّسْتيّ، والطَّبَرانيّ، وعليّ بْن الحَسَن الحراجيّ، وأبو حفص بن شاهين. وكان ثقة.

_ 1 تقدمت ترجمته من هذا الجزء برقم "203". 2 تاريخ بغداد "8/ 379، 380"، والمنتظم "6/ 217"، والنجوم الزاهرة "3/ 221". 3 المعجم الصغير "1/ 167"، والمنتظم "6/ 218".

253- - زيد بْن عَبْد العزيز بْن حِبّان: أبو جَابِر المَوْصِليّ. سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن عَبْد الله بن عمار، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ. وعنه: ابن المقرئ، وعليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن طَوْق. سمعنا من طريقه "مُسْنِد المعافي بْن عِمران". "حرف الصاد": 254- صالح بْن أَبِي مقاتل أحمد بْن يونس البغداديّ القِيراطيّ1: أبو الحسين البزّاز. سمع: محمد بْن معاوية بْن مالج، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بن يحيى بْن أَبِي حَزم القطعيّ، وجماعة. وعنه: أبو عليّ بْن الصّوَّاف، وابن المظفّر، وأبو حفص بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن شاذان. وكان حافظًا كثير المناكير. وقال السُّلَميّ: سألت الدَّارَقُطْنيّ عَنْهُ، فقال: كذاب. "حرف العين": 255- عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد سليمان بْن الأشعث بْن إِسْحَاق بْن بشير2: أبو بَكْر الْأَزْدِيّ السِّجِسْتانيّ الحافظ. وُلِد بسِجِسْتان، ونشأ بنَيْسابور وبغداد. وسمع بهما، وبالحرمين، ومصر، والشام، والثُّغور، والعراق. سمع: أحمد بْن صالح الْمَصْرِيّ، وعيسى بْن حماد، وأبا الطاهر بن السرح،

_ 1 الضعفاء والمتروكين للدارقطني "107"، وتاريخ بغداد "9/ 329"، والميزان "2/ 287". 2 تاريخ جرجان "164، 258"، والعبر "2/ 164، 165"، والميزان "2/ 433-436".

وإِسْحَاق الكَوْسَج، ومحمد بن أسلم، وعليّ بْن خَشْرَم. وَسَلَمَةَ بْن شبيب، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ، والمسيب بْن واضح، وأبا سَعِيد الأشجّ، وأُمَمًا سواهم. روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وأبو بَكْر بْن مجاهد، ودَعْلَج، ومحمد بن المظفّر، والدارقطني، وأبو عُمَر بْن حيويه، وأبو حفص بن شاهين، وأبو بكر الورّاق، وأبو الحُسين بْن سَمْعُون، وأبو أحمد الحاكم، وأبو القاسم بْن حَبَابَة، وأبو طاهر المخلّص، وعيسى بْن الجرّاح، ومحمد بن زُنْبُور، وأبو مُسْلِم الكاتب، وخلْق كثير. وُلِد سنة ثلاثين ومائتين؛ وقال: رأيتُ جنازة إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه سنة ثمان وثلاثين. وأوّل ما سَمِعْتُ من محمد بْن أسلم الطُّوسيّ في سنة إحدى وأربعين، وكان بطُوس، وكان رجلًا صالحًا، فسُرَّ أَبِي لمّا كتبت عَنْهُ، وقال: أوّل ما كتبت عَنْ رَجُلٍ صالح. وقال: دخلت الكوفة ومعي درهم واحد، فاشتريت بهِ ثلاثين مُدّ باقِلّاء، فكنتُ آكل منه مدًّا، وأكتب عَنِ الأشجّ ألف حديث، فكتبتُ عَنْهُ في الشّهر ثلاثين ألف حديث، ما بين مقطوع ومُرسل. وقال أبو بَكْر بْن شاذان: قدِم ابن أَبِي دَاوُد سِجِسْتان، فسألوه أنّ يحدِّثهم فقال: ما معي أصْل. فقالوا: ابن أَبِي دَاوُد وأصول؟! قَالَ: فأثاروني، فأمليت عليهم ثلاثين ألف حديث من حفظي. فلمّا قدِمْتُ بغداد قَالَ البغداديون: مضى ابن أَبِي دَاوُد إلي سِجِسْتان ولِعبَ بالنّاس. ثمّ فيَّجُوا فَيْجًا أكثروه بستة دينانير إلى سِجِسْتان ليكتب لهم النّسخة. فكتبت لهم وجيء بها، وعرضت على الحفاظ، فخطؤني في ستة أحاديث منها، حدَّثتُ بها كما حُدِّثت، وثلاثة أخطأت فيها. رواها الخطيب عَنْ أَبِي القاسم الأزهريّ، عَنِ ابن شاذان. ورواها غير الازهريّ، عَنِ ابن شاذان، فذكر أنّ ذَلِكَ الإملاء كَانَ بإصبهان. وكذا روى أبو عليّ النَّيْسابوريّ، عَنِ ابن أَبِي دَاوُد، وهو المعروف، فكأنّ الأزهري غلط وقال: سِجِسْتان، عِوَض إصبهان. وقال الخطيب: سمعتُ أبا محمد الخلّال يَقُولُ: كَانَ أبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد أحفظ من أَبِيهِ.

وقال أبو القاسم بْن النّحّاس: سَمِعْتُ ابن أَبِي دَاوُد يَقُولُ: رأيت أبا هُرَيْرَةَ في النَّوم، وأنا بسِجِسْتان أصنِّف حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، كثّ اللّحْية، رَبْعَةٌ أسمر، عَلَيْهِ ثياب غِلاظ. فقلت: إنّي لاحبّك يا أبا هُرَيْرَةَ. فقال: أنا أول صاحب حديثٍ كَانَ في الدّنيا. فقلت: كم من رجلٍ أسندَ عَنْ أَبِي صالح، عنك؟ قَالَ: مائة رَجُل. قَالَ ابن أَبِي دَاوُد: فنظرتُ فإذا عندي نحوها. وقال صالح بْن أحمد الهَمْدانيّ: الحافظ أبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد إمام العراق ومَن نصب لَهُ السّلطان المنبر. وقد كَانَ في وقته بالعراق مشايخ أسند منه، ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هُوَ. وقال أبو ذرّ الهَرَوِيّ: ثنا أبو حفص بْن شاهين قَالَ: أملى علينا ابن أَبِي دَاوُد زمانًا ما رأيت بيده كتابًا، إنّما كَانَ يُملي حفظًا. وكان يقعد عَلَى المنبر بعد ما عمي، ويقعد تحته بدرجة ابنه أبو مَعْمَر، وبيده كتاب يَقُولُ لَهُ: حديث كذا. فيسرد من حفظه حتّى يأتي عَلَى المجلس. وقرأ علينا يومًا حديث القنوت من حفظه، فقام أبو تمام الزينبي وقال: لله درك، ما رأيت مثلك إلّا أنّ يكون إبراهيم الحربيّ. فقال: كلّ ما كَانَ يحفظ إبراهيم أَنَا أحفظه، وأنا أعرف النُّجوم وما كَانَ يعرفها. وقال ابن شاهين: لما أراد علي بن عيسى الوزير أنّ يُصلح بين ابن صاعد وابن أبي دَاوُد جمعهما عنده، وحضر أبو عُمَر القاضي، فقال الوزير: يا أبا بَكْر، أبو محمد أكبر منك، فلو قمتَ إِلَيْهِ. فقال: لَا أفعل. فقال يعني الوزير: أنت شيخ زيف. فقال ابن أبي دَاوُد: الشَّيْخ الزّيف الكذّاب عَلَى رسول اللَّه. فقال الوزير: مَن الكذابُ عَلَى رسول اللَّه؟ قَالَ: هذا. ثمّ قام وقال: تتوهّم أنّي أذلُّ لك لأجل أنّ رزقي يصلُ إليَّ عَلَى يديك. واللَّه لَا أخذتُ من يدك شيئًا أبدًا.

فكان المقتدر يزن رزقه بيده، ويبعث بهِ في طبقٍ عَلَى يد الخادم. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: قُلْتُ لأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: أَلْقِ عَلَيَّ حَدِيثًا غَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ. فَأَلْقَى عَلَيَّ هَذَا، يَعْنِي حَدِيثَ مَالِكٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَسْمَاءَ: "لا تُحْصِي فيُحْصِي اللَّهُ عَلَيْكَ" 1. ألقاهُ عليَّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن شَيْبة المَدِينيّ، وهو ضعيف. فقلت لَهُ: تحبّ أنّ تكتبه عنّي، عَنْ أحمد بْن صالح، عَنْ عَبْد اللَّه بْن نافع، عَنْ مالك؟. فغضب وشكاني إلى أَبِي وقال: أنظر ما يَقُولُ لي أبو بَكْر. قَالَ يوسف بْن الحَسَن الزّنْجانيّ التَّفَكُّريّ: سَمِعْتُ الحَسَن بْن عليّ بْن بُنْدار الزّنْجانيّ يَقُولُ: كَانَ أحمد بْن صالح يمتنع عَلَى المُرْد من التّحديث تورُّعًا. وكان أبو دَاوُد يسمع منه، وكان لَهُ ابنٌ أمرد، فاحتال بأن شدَّ عَلَى وجهه قطعةً من الشَّعْر، ثمّ أحضره وسمع. فأُخبر الشَّيْخ بذلك فقال: أَمِثْلي يُعمل معه هذا؟ فقال أبو دَاوُد: لَا تُنكر عليّ، واجمع ابني مَعَ شيوخ الرُّوَاة، فإن لم يقاومهم بمعرفته فاحرمْه السَّماع. هذه حكاية منقطعة. وقال السُّلَميّ: سألت الدَّارَقُطْنيّ عَنِ ابن أَبِي دَاوُد، فقال: ثقة، كثير الخطأ في الكلام عَلَى الحديث2. وقال أبو نُعَيْم الحافظ: تُوُفّي محمد بْن عَبْد اللَّه بْن حفص الهَمْدانيّ سنة خمسٍ وثمانين ومائتين. حدَّثَ عَنْ صالح بْن مِهْران، والنّاس. عُرِضَ عَلَيْهِ قضاء إصبهان فهربَ إلى قَاشان، وهو سِبْط أمير إصبهان خَالِد بْن الأزهر، وهو السّاعي في خلاص عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد لمّا أمر أبو ليلى الحارث بْن عَبْد العزيز الأمير بضرب عُنقه لما تَقَوَّلُوا عَلَيْهِ. وذلك أَنَّهُ حسده جماعةٌ لمّا قدِم إصبهان، لتبحُّره في الحفظ، وأجرى يومًا في مذاكرته ما قالته النّاحبة في عليّ، فنسبوا إِلَيْهِ الحكاية، وتقولوا عليه، وأقاموا بعض

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "1434"، ومسلم "1029"، والنسائي "5/ 73". 2 تاريخ بغداد "9/ 468".

العلويّة خصْمًا، فاحضروه مجلسَ أَبِي ليلى، وأقاموا عَلَيْهِ الشهادة فيما ذكر محمد بْن يحيى بن منده، وأحمد بن علي بن الجارود، ومحمد بن العبّاس الأخرم، فأمر بقتله، فاتصل الخبر بمحمد بْن عَبْد اللَّه، فأتى وجرّحَ الشّهود، ونسبَ ابنَ مَنْدَه إلى العقوق لوالديه، ونسب ابن الجارود إلى أنه يأكل الرِّبا ويوكله النّاس، ونَسب الآخر إلى أَنَّهُ مُفْتَر غير صدوق. وأخذ بيد ابن أَبِي دَاوُد فأخرجه وخلصه من القتل، فكان يدعو لَهُ طولَ حياته، ويدعو عَلَى الذين شهِدوا لَهُ. فاستجيب لَهُ فيهم، فمنهم من احترق، ومنهم من خلط وفقد عقله1. قلت: وقُتِل أبو ليلى الأمير في سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. قَالَ أبو الشَّيْخ: رأيتُ يُدار برأسه. وقال أحمد بْن يوسف الأزرق: سَمِعْتُ ابن أَبِي دَاوُد غير مرّة يَقُولُ: كُلّ من بيني وبينه شيء فهو في حِلّ، إلّا من رماني ببُغْض عليّ رضى الله عنه. قَالَ ابن عديّ: سَمِعْتُ عليّ بْن عَبْد اللَّه الدّاهريّ: سألت ابن أَبِي دَاوُد عَنْ حديث الطير، فقال: إن صح حديث الطير فُنبوة النَّبِيّ صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باطل؛ لأنه حكي عَنْ حاجب النَّبِيّ صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يعني أنس، خيانة، وحاجب النَّبِيّ لَا يكون خائنًا. قَالَ: وَسَمِعْتُ محمد بْنَ الضَّحَّاكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ يَقُولُ: أَشْهَدُ عَلَى محمد بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي داود بين يدي الله أَنَّهُ قَالَ: رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَتْ حَفِيَتْ أَظَافِيرُ عَلِيٍّ مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يَتَسَلَّقُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. قَالَ الذَّهبيّ: هذه حكايةٌ باطلة، لعلّها من كذب النّواصب، قبحّهم اللَّه. وقال ابن عديّ: لولا أنّا شَرَطْنا أنّ كلّ من تكلّم فيه ذكرناه لما ذكرتُ ابن أَبِي دَاوُد، وقد تكلَّم فيه أَبُوهُ وإبراهيم الإصبهانيّ، يعني ابن أُورمه. ونُسِب في الابتداء إلى شيء من النصب، ونفاه ابن الفُرات من بغداد إلى واسط، وردّه عليّ بْن عيسى. وحدَّثَ وأظهر فضائل عليّ، ثمّ تحَنْبل، فصار شيخًا فيهم وهو مقبول عند أصحاب

_ 1 راجع: ذكر أخبار أصبهان "2/ 210، 211". 2 راجع قول ابن عدي في الكامل "4/ 1577"، وفي ذكر أخبار أصبهان "2/ 211" في ترجمة "مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن حفص".

الحديث. وأمّا كلام أَبِيهِ فيه فلا أدري إيش تبيَّن لَهُ منه. وسمعتُ عَبْدان يَقُولُ: سَمِعْتُ أبا دَاوُد السِّجِسْتانيّ يَقُولُ: ومن البلاء أنّ عَبْد اللَّه يطلب القضاء. وسمعتُ عليّ بْن عَبْد اللَّه الداهري يَقُولُ: سَمِعْتُ محمد بْن أحمد بْن عَمْرو: يَقُولُ: ابني عَبْد اللَّه كذاب1. قَالَ ابن عديّ: وكان ابن صاعد يَقُولُ: كفانا ما قَالَ أَبُوهُ فيه. وقال محمد بْن عَبْد اللَّه القطّان: كنت عند محمد بن جرير الطبري فقال لَهُ رَجُل: إنّ ابن أَبِي دَاوُد يقرأ عَلَى النّاس فضائل عليّ، فقال: تكبيرة من حارس. قلتُ: لَا يسمع قول ابن صاعد، ولا قول ابن جرير في عَبْد اللَّه؛ لأنّه كَانَ معاديهما، وبينهم شَنَآن. ولعلّ قول أَبِي دَاوُد لَا يصحّ سَنَدُه، أو كذاب في غير الحديث. وقال محمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير: إنّه كَانَ زاهدًا ناسكًا، صلى عليه نحو ثلاثمائة ألف إنسان وأكثر. وتُوُفّي في ذي الحجة. وقال عَبْد الأعلى ابنه: خَلَف أَبِي أبا داود محمدًا، وأنا، وأبا مَعْمَر عُبَيْد اللَّه، وخمس بنات. وتُوُفّي أَبِي وله ستٍّ وثمانون سنة وأشهر. وصُلّيَ عَلَيْهِ ثمانين مرة2. 256- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُمَر: أَبُو محمد القَنْطريّ النَّيْسابوريّ. قد سمع: أحمد بْن حفص بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ. روى عَنْهُ: أبو عليّ الحافظ، والمشايخ. 257- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن الفَرَج3. أبو الحَسَن الزَّطَّنّي، نزيل مكة. سمع: بحر بن نصر الخولاني. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وغيره.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 تاريخ بغداد "9/ 468". 3 الأنساب "5/ 277".

258- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حُرَيْث: أبو أحمد الْبُخَارِيّ. سمع من: جَدّه حُرَيْث بْن عَبْد الرَّحْمَن، وسعيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، ويحيى بْن أَبِي طَالِب. وعنه: ابنه حُرَيْث، وغيره. 259- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن زُهَيْر1: أبو سَعِيد الْقُرَشِيّ الْجُرْجانيّ. روى عَنْ: أَبِيهِ، وسَعْدان بْن نَصْر، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، ومحمد بن زياد بن معروف، ومحمد بن الجنيد الجرجاني، وطائفة كبيرة. روى عنه: ابن عدي، والإسماعيلي، وغيرهما. 260- علي بن محمد البجلي الإفريقي: روى عَنْ: أَبِي إبراهيم المُزَنيّ. تُوُفّي بالقيروان. 261- عُمَر بْن حفص بْن غالب الثَّقْفيّ الصّابونيّ2: أبو حفص القُرْطُبيّ، عرف بابن أَبِي تمّام. سمع في رحلته سنة ستين: محمد بن عزيز الأَيْليّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وأخاه سعدًا، وأحمد بْن البَرْقيّ، وبحر بْن نَصْر، وإبراهيم بْن مرزوق، وأبا أمية الطَّرَسُوسيّ. وكان فقيهًا ثبتًا. سمع منه النّاس كثيرًا. وروى عَنْهُ: عَبْد اللَّه ابن أخي ربيع، ووهب بن مسرة، وآخرون.

_ 1 تاريخ جرجان للسهمي "418". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 321، 322"، لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "300، 301" للحميدي.

"حرف القاف": 262- القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن الأنباريّ1: عَنْ: يعقوب الدَّوْرقيّ، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ. وعنه: ابن المظفّر، وطلحة الشاهد. وثّقه الخطيب. 263- قُتَيْبة بْن أحمد بْن شُرَيْح2: أبو حفص الْبُخَارِيّ القاصّ، صاحب "التّفسير". سكن نَسَف وحدَّث عَنْ: سَعِيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، وأبي يحيى بْن أبي مسرة. سمَع منه: نَصوح بْن واصل. كَانَ شيعيًّا. "حرف الميم": 264- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن زياد3: أبو الفضل النَّيْسابوريّ الزّوْرَابَذِيّ. سمع: الذُّهْليّ، وأبا سَعِيد الأشج، وهارون بْن إِسْحَاق. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة. 265- محمد بْن أحمد بْن سُليمان بْن بُرْدة: أبو بَكْر الْمَصْرِيّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. 266- محمد بْن جعفر بْن محمد بن ثوابة4:

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 437". 2 هدية العارفين "1/ 835"، ومعجم المؤلفين "8/ 127". 3 الأنساب "6/ 320"، ومعجم البلدان "3/ 157". 4 معجم الأدباء "8/ 96-98"، "19".

أبو الحَسَن بْن أَبِي الحُسين الكاتب. من البُلَغاء. كَانَ صاحب ديوان الإنشاء. مات في شوّال سنة 316. 267- محمد بْن جعفر بْن محمد بْن المهلب1: أبو الطَّيِّب الدِّيباجيّ. سمع: يعقوب، الدَّوْرقيّ، وأحمد بْن المِقْدام. وعنه: أبو بَكْر الشّافعيّ، ومحمد بن المظفّر. وثّقه الخطيب. 268- محمد بْن حامد بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ2: مولاهم الدّمشقيّ. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وأبا حفص الفلّاس، ونصر بْن عليّ. وعنه: أبو سليمان بْن زبْر، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، والرَّبَعيّ، وابن المقرئ، وأبو هاشم المؤدِّب. قَالَ أبو أحمد الحاكم: فيه نظر. 269- محمد بْن الحُسين بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن حفص الهَمْدانيّ الإصبهانيّ3: أبو بَكْر الْمُعَدَّلُ. سمع: أحمد بْن عصام، وأسيد بْن عاصم، وسهل بْن الفَرُّخان، وجماعة. وعنه: أحمد بْن محمد بْن جِشْنِس، والطَّبَرانيّ، وعَبْد اللَّه بْن محمد بن الحجاج.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 135"، والمنتظم "6/ 219". 2 مختصر تاريخ دمشق "22/ 78، 79". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 264".

270- محمد بْن الحُسين بْن حفص1: أبو بَكْر الكاتب. بغداديّ مشهور. حدَّثَ في هذه السنة بمجلس ابن صاعد. روى عَنْ: محمد بْن سِنان القزّاز، وأحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، وأبو الفضل الزُّهْرِيّ. 271 - محمد بْن خُرَيْم بْن محمد بْن عَبْد الملك بْن مروان2: أبو بَكْر العُقَيْليّ الدّمشقيّ. سمع: هشام بْن دَاوُد، ودُحَيْمًا، وأحمد بْن أَبِي الحواري، ومحمد بن يحيى الزّمّانيّ، وجماعة. وعنه: أحمد بْن عُتْبة بْن مكين، وحُمَيْد بْن الحَسَن الورّاق، ومحمد بن موسى السِّمسار، وعليّ بن الحسين الأنطاكي، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، وخلْق آخرهم عَبْد الوهّاب الكلابيّ. تُوُفّي لست بقين من جُمَادَى الآخرة. وهو صدوق مشهور. 272- محمد بْن السَّرِيّ البغداديّ النَّحْويّ3: أبو بَكْر السّرّاج، صاحب المبرد. لَهُ كتاب "الأصول في العربية" وهو مصنف نفيس، وكتاب "شرح سِيبَوَيْه"، وكتاب "احتجاج الفَرّاء"، وكتاب "الهواء والنار"، وكتاب "الْجُمل"، وكتاب "الموجز"، وكتاب "الاشتقاق"، وكتاب "الشِّعْر والشعراء". وكان يلثغ بالرّاء غَيْنًا. أخذ عَنْهُ: أبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن الزجاجي، وأبو سَعِيد السِّيرافيّ، وعليّ بْن عيسى الرُّمّانيّ، وغيرهم.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 235"، "691". 2 تاريخ جرجان "281، 426"، والنجوم الزاهرة "3/ 222"، وشذرات الذهب "2/ 273". 3 طبقات النحويين واللغويين "112-114"، والمنتظم "6/ 220"، والبداية "11/ 157".

وثّقه الخطيب. وكان أديبًا شاعرًا، إمامًا في النَّحْو، مقبلًا عَلَى الطرب والموسيقى، وعشق ابن يانس المغني وغيره؛ لَهُ أخبار وهنات. تُوُفّي في ذي الحجة ببغداد، ولم يخلق في النَّحْو مثله. مات كهلًا، واللَّه يغفر لَهُ ويرحمه. 273- محمد بْن عقيل بْن الأزهر بْن عقيل1: أبو عبد الله البلْخيّ الحافظ. محدث بلخ وعالمها. صنف "المسند"، "والتاريخ"، و"الأبواب"، ورحل، وسمع: عليّ بْن خَشْرَم، وحُم بن نوح، وعُبّاد بْن الوليد الغَبْريّ، وعلي بن أشكاب، وجماعة. وعنه: محمد بن عبد الله الهندواني، وعبد الرحمن بن أبي شريح، وطائفة. تُوُفي فِي شوّال. 274- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الربيع بْن سليمان المرادي: عن: جده. مات فجأة. روى عنه: ابن يونس وكناه أبا إسماعيل. 275- محمد بن معاذ بن الفرة الماليني2: أبو جعفر الهروي. روى عَنْ: الحُسين بْن الحَسَن المَرْوَزِيّ، ومحمد بن مقاتل الرّازيّ الفقيه، وأبي دَاوُد السِّنْجيّ، وأحمد بْن حكيم، ومحمد بن حفص بْن ميسرة الهَرَوِيّ. وعنه: أحمد بْن بشر المُزَنيّ، ومحمد بن محمد بْن داود التاجر.

_ 1 تاريخ جرجان "406"، والعبر "2/ 165"، والبداية والنهاية "11/ 159"، والنجوم الزاهرة "3/ 222". 2 المشتبه في أسماء الرجال "2/ 527"، والإكمال لابن ماكولا "7/ 112".

روى عنه أنه قال سنة ثلاثمائة: إنّه في ثمانين سنة. تُوُفّي في رجب. وروى عَنْهُ أيضًا: عَبْد اللَّه بْن يحيى الطّلْحيّ، وأبو بَكْر المفيد، وزاهر بْن أحمد، والخليل بْن أحمد. "حرف النون": 276- نَصْر بْن الفتح بْن يزيد1: أبو منصور العَتَكيّ السَّمَرْقَنْديّ الفاميّ. سمع: رجاء بْن مرجا، وأبا محمد الدّارميّ، وجماعة. وله رحلة إلى العراق. "حرف الياء": 277- إلياس بْن رجاء النَّيْسابوريّ: أبو إِسْحَاق الدّهّان. سمع: إِسْحَاق الكَوْسَج، وأحمد زاج. وعنه: أبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وعبد اللَّه بْن سعْد، وغيرهما. 278- يعقوب بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن يزيد2: أبو عَوَانة النَّيْسابوريّ، ثمّ الإسفرائينّي الحافظ. صاحب "المُسْنَد الصحيح" المخرَّج عَلَى "كتاب مُسْلِم". سمع بخُراسان، والعراق، والحجاز، واليمن، والشّام، والثُّغُور، والجزيرة، وفارس، وإصبهان، ومصر. سمع: محمد بْن يحيى، ومسلم بْن الحَجّاج، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وعُمَر بْن شَبَّة، وأحمد ابن أخي ابن وهْب، وشُعَيب بْن عَمْرو الضُّبَعيّ، وعليّ بن حرب،

_ 1 تاريخ جرجان "123" للسهمي. 2 التقييد لابن النقطة "493، 494"، ووفيات الأعيان "6/ 393، 394"، والبداية والنهاية "11/ 159".

وعليّ بْن أشكاب، وسَعْدان بْن نَصْر، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، والربيع المُرَاديّ، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وخلقًا سواهم. وعنه: أحمد بْن عليّ الرّازيّ الحافظ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، ويحيى بْن منصور، وعبد اللَّه بْن عديّ، والطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، وحُسَيْنَك بْن عليّ التَّميميّ، وابنه أبو مُصْعَب محمد بْن يعقوب. وآخر من روى عَنْهُ ابن ابن أخته أبو نُعَيْم عَبْد الملك بْن الحَسَن الإسفرائينيّ، ودَخَلَ دمشق مرات. قَالَ الحاكم: وأبو عَوَانة من علماء الحديث وأثباتهم. سَمِعْتُ ابنه محمد يقول: إنّه تُوُفّي سنة ستٍّ عشرة. وقال غيره: عَلَى قبر أَبِي عَوَانة مشهد بإسفرائين يُزار، وهو بداخل البلد، رحمة اللَّه عَلَيْهِ. وكان أول من أدخل مذهب الشّافعيّ وتصانيفه إلى إسفرائين. أخذ ذَلِكَ عَنْ: إبراهيم المُزَنيّ، والربيع. وفيات سنة سبع عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 279- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن حاجب: أبو سَعِيد النَّيْسابوريّ الحاجب، المعروف بحمدان. سمع: محمد بْن يحيى، وأحمد بْن منصور زاج، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر، وأبا الأزهر. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وجماعة. محلّه الصِّدْق. 280- أحمد بْن جعفر بْن محمد بْن سَعِيد الإصبهانيّ1. أبو حامد الأشعريّ. لَهُ إلى العراق بضع عشرة رحلة، كأنه كان تاجرًا.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 65"، "1685".

روى عَنْ: إبراهيم بْن سَلْم، والمنذر بْن الوليد. وعنه: محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، والحسن بن إسحاق، ونسبه أبو الشيخ إلى الضعف. ويقال له: الملحمي. أدرك لوينا. أخذ عنه أيضا: أبو إسحاق بن حمزة. وقال ابن مردويه في تاريخه: كان يدعي ما لم يسمعه. ثم ورخ وفاته. 281- أحمد بن الحسن بن العباس بن شقير البغدادي1: أبو بكر النحوي. روى عَنْ أحمد بْن عُبَيْد بْن ناصح تصانيف الواقديّ. وعنه: إبراهيم الخِرَقيّ، وأبو بَكْر بْن شاذان. 282- أحمد بْن الحُسين2: أبو سَعِيد البَرْذَعيّ. شيخ الحنفيّة ببغداد. أخذ عَنْ: أَبِي عليّ الدّقّاق، وموسى بْن نَصْر. وكان فقيهًا مناظرًا، بارعًا، إلّا أَنَّهُ كَانَ معتزليًا. تفقه بهِ: أبو الحَسَن الكَرْخيّ، وأبو عَمْرو الطَّبَريّ، وأبو طاهر الدَّبّاس، وغيرهم. ناظر مرّةً دَاوُد الظّاهريّ فقطعَ دَاوُد. قُتِل مَعَ الحاجّ شهيدًا إنّ شاء اللَّه، واللَّه أعلم بِطَوِيَّتهِ، في عشر ذي الحجّة بمكة. وقتلت القرامطة حولَ البيت خلائق، واقتلعوا الحجر الأسود وأخذوه، فبقي عندهم بالبادية سِنين عديدة. 283- أحمد بن عقيل بن الأزهر البلخي3:

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 89"، والكامل في التاريخ "8/ 215". 2 تاريخ بغداد 4/ 99"، ومرآة الجنان "2/ 274"، والعبر "2/ 168". 3 مشايخ بلخ في الحنفية "1/ 69، 147".

أبو الفضل، أخو محمد بْن عقيل. فِي شَعْبان. 284- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حفص بْن سَلْم بْن يزيد النَّيْسابوريّ1: أبو عمرو الحِيّريّ. شيخ العدالة بنَيْسابور، وسبط أحمد بْن عَمْرو الحَرَشِيّ. سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وعَبْد اللَّه بْن هاشم، وعيسى بْن أحمد البلْخيّ، وموسى بْن نَصْر، وأبا زُرْعة، ومحمد بْن مُسْلِم بْن وَارَةَ، والرَّماديّ، وبحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ صادفه في الحجّ وطائفة سواهم. سمع منه: أحمد بْن المبارك المستملي أحد شيوخه، وأبو عليّ الحافظ، ودَعْلَج، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، وآخرون آخرهم موتًا أبو الحُسين الخفّاف، ومحمد بن أحمد بْن عَبْدُوس. وكان من أهل الثّروة والجلالة بالبلد. تُوُفّي فِي ذي القعدة. 285- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن أَبِي خُمِيصَة2: أبو عبد الله الْمَكِّيّ. نزيل بغداد. هُوَ حَرَميّ بْن أَبِي العلاء، كاتب أَبِي عُمَر القاضي. روى عَنْ: الزُّبَيْر بْن بكّار كتاب "النَسَب". وروى عَنْ: محمد بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، وغيره. وسيأتي في الحاء. 286- أحمد بْن محمد بْن إسماعيل3: أبو بكر الهيتي.

_ 1 المنتظم "6/ 225"، والعبر "2/ 169"، وتذكرة الحفاظ "3/ 789، 799". 2 تاريخ بغداد "4/ 390، 391". 3 تاريخ بغداد "4/ 388".

حدَّثَ في هذا العام ببغداد، عَنْ: يعيش بن الجهم، وابن عرفة، والزيادي. وعنه: الدارقطني، وأبو بَكْر بْن شاذان. وُثُّق. 287- أحمد بْن محمد بْن يحيى الرّازيّ: أبو العبّاس الشحام. ثقة، سمع: عن بْن عَبْد المؤمن الزَّعْفرانيّ، وسليمان بْن دَاوُد القزّاز. وعنه: جماعة. 288- أحمد بْن محمد بْن شبيب البغداديّ البزّاز: أبو بَكْر بْن أَبِي شَيْبة. سمع: عَبْد اللَّه بْن هشام الطُّوسيّ، وأبا حفص الفلّاس، ومحمد بن عَمْرو بْن حيان. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْهِ، وأبو حفص بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن شاذان. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى، ووثَّقه الدَّارَقُطْنيّ. وولد سنة ثلاثين. 289- أحمد بْن نُصَيْر بْن زياد1: أبو جعفر الهواري المالكيّ. أخذ عَنْ: ابن عبدوس، وابن سحنون، والمغامي. وكان حاذقًا بالمناظرة، عارفًا بالمذهب. عاش ثمانين سنة. 290- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الكُرَيْزيّ القاضي2: أبو محمد، من وُلِد الأمير عَبْد اللَّه بْن عامر بْن كُرَيْز ولي قضاء الديار المصرية

_ 1 الديباج المذهَّب "34". 2 الولاة والقضاة "482، 532-536" للكندي.

بعد ابن عُبَيْد بْن حربَوَيْه، فحكم بها من صفر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة. ولي سنة وشهرًا وعُزِلَ. وكان قليل العلم. وكان موته سنة سبْعٍ عشرة بحلب. 291- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن عمّار: أبو يعقوب الْأَنْصَارِيّ النَّيْسابوريّ. شيخ رئيس، وجيه، عدل. سمع: محمد بْن رافع، والكَوْسَج، وعُمَر بْن شَبَّة، وأبا زُرْعة الرّازيّ، وجماعة. وعنه: إبراهيم بْن عَبْدُوس، ومحمد بن شريك الإسفرائينيّ. "حرف الباء": 292- بدر بْن الهَيْثَم بْن خَلَف1: أبو القاسم الَّلخْمي الكوفي القاضي المعمَّر، نزيل بغداد. سمع: أبا كُرَيْب، وهارون بْن إِسْحَاق الهَمْدانيّ، وهشام بْن يونس، وعَمْرو بْن عَبْد اللَّه الأَوْديّ، وأبا سَعِيد الأشجّ. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعُمَر بْن شاهين، وعيسى ابن الوزير. وسمع الحديث وقد صار ابن أربعين سنة. قَالَ ابن شاهين: بلغني أَنَّهُ بلغ مائة وستّ عشرة سنة. وقال الدَّارَقُطْنيّ: إنّه عاش مائةً وسبع عشرة سنة. قَالَ: وكان ثقة، نبيلًا. أدرك أبا نُعَيْم الفضل بْن دُكَيْن. قَالَ: ودخل عَلَى الوزير عليّ بْن عيسى فقال لَهُ: كم سِنّ القاضي؟ قَالَ: ما أدري، لكن ظهر بالكوفة أعجوبة، فركبت مَعَ أبي سنة خمس عشرة ومائتين؛ زاد

_ 1 تاريخ جرجان "180"، والمنتظم "6/ 226"، والعبر"2/ 169".

بعضهم فيها: فركبت مَعَ أَبِي إلى عامل المأمون؛ وركبت الآن إلى حضرة الوزير، وبين الركبتين مائة سنة. وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيهِ. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ: أَخْبَرَكَ الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد الْبَزَّازُ، ثنا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ إِمْلاءً قَالَ: قُرِئَ عَلَى بَدْرِ بْنِ الْهَيْثَمِ وَأَنَا أَسْمَعُ: حَدَّثَكُمْ أَبُو كُرَيْبٍ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إن فِي الْجَنَّةِ سُوقًا مَا فِيهَا بَيْعٌ وَلا شِرَاءٌ إِلا الصُّوَرَ مِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ. فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا"1. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ لَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بَدْرٌ: هَذَا الْحَدِيثُ رَفَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ. وَثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا محمد بْنُ فُضَيْلٍ مَوْقُوفًا. تُوُفّي في شوّال. وهو ممّن جزمتُ بأنه جاوز المائة. "حرف الجيم": 293- جعفر بْن أحمد بْن عَمْرو النَّيْسابوريّ: أبو محمد جعفرك الغازي، أستاذ أَبِي بَكْر أحمد بْن إِسْحَاق في الفُرُوسيّة. سمع: أحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن يوسف. وعنه: جماعة. 294- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن مُجَاشع2: أبو محمد الخُتّليّ. حدَّثَ عَنْ: محمد بْن أشْكاب، وعُبَيْد اللَّه بْن جرير بْن جَبَلَة، ومحمد بن الحَجّاج الضّبّيّ، وجماعة. وعنه: أبو الفضل الزهري، وعمر بن شاهين. ووثق.

_ 1 إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي في الجامع "2550"، وأحمد في مسنده "1/ 156". 2 تاريخ بغداد "7/ 209"، "3680".

295- جعْفر بْن محمد بْن إبراهيم1: أبو بَكْر بْن أَبِي الصَّعْو البغداديّ الصَّيْدلانيّ. سمع: محمد بْن المُثَنَّى، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بن منصور الطُّوسيّ. وعنه: ابن شاهين، وعليّ الحربيّ. وثّقه الدارقطني. 296- جعفر بن محمد بن أحمد بن بحر2: أبو محمد التَّميميّ النَّيْسابوريّ. سمع: أحمد بْن يوسف، ومحمد بن يزيد السَّلمينيّ، وسهل بْن عمّار. وعنه: أبو عليّ، وأبو أحمد الحاكم الحافظان. "حرف الحاء": 297- حَرَمّي بْن أَبِي العلاء: أبو عبد الله. حدَّثَ ببغداد عَنْ: أَبِي عُبَيْد اللَّه سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزوميّ، ومحمد بن منصور الجوّاز، ويحيى بْن الربيع المكّيَّيْن، ومحمد بن عُزَيْز الأَيْليّ. وحدَّثَ بكتاب "النسب" عَنْ مصنِّفه الزُّبَيْر بْن بكّار. وعنه: أبو عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبو حفص بن شاهين، وعُبَيْد اللَّه بْن حَبَابَة، وغيرهم. مات في جُمَادَى الآخرة. وقد وثّقه الخطيب، وغيره. وقد تقدَّم أنّ اسمه أحمد بْن محمد بْن إِسْحَاق. وكان كاتب القاضي أَبِي عُمَر محمد بن يوسف.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 210"، والمنتظم "6/ 226". 2 تاريخ جرجان "142" للسهمي.

298- الحَسَن بْن إسماعيل الغسّاني الْمَصْرِيّ الفارض: سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. 299- الحَسَن بْن عليّ العدويّ1: أحد الكذّابين. قِيلَ: تُوُفّي فيها، وهو في سنة تسع عشرة. 300- الحَسَن بْن محمد بْن الحَسَن بْن زياد الإصبهانيّ2: أبو عليّ الدّارَكيّ. ثقة، صاحب كتاب. سمع: صالح بْن مِسْمار، ومحمد بن عبد العزيز أَبِي رزْمة، ومحمد بن حُمَيْد الرّازيّ، والحسين بْن حُرَيْث، وسعيد بْن عَنْبَسَةَ، ومحمد بن إسماعيل الْبُخَارِيّ. وعنه: أبو أحمد العسّال، وأبو بَكْر محمد بْن جِشْنِس، وأهل إصبهان. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 301- الحَسَن بْن محمد بْن سِنان: أبو عليّ القنطري السّوّاق. سمع: أحمد بْن يوسف، ومحمد بْن يحيى3. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وغيره من النَّيْسابوريِّين. 302- الحَسَن بْن محمد بْن يحيى: أبو أحمد العُقَيْليّ، قاضي شمشاط. سمع: حميد بن الربيع، وغيره.

_ 1 المجروحين "1/ 241"، والميزان "1/ 506-509". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 268"، والعبر"2/ 170". 3 تاريخ بغداد "7/ 416"، "3970".

وعنه: يوسف القوّاس الزّاهد، وأبو بَكْر بْن شاذان حدَّثَ في هذا العام، ولم نعرف وفاته. 303- الحُسين بْن محمد بْن غُوَيْث1: أبو عبد الله التّنُوخيّ الدّمشقيّ. رحل وسمع من: يونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بن عُزَيز الأَيْليّ، والمُزَنيّ، والربيع المُرَاديّ، وخلق. روى عَنْهُ: أبو سليمان بْن زبْر، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. "حرف الدال": 304- دَاوُد بْن سليمان بْن خُزَيْمة: أبو محمد الكَرْمِينيّ القطّان. روى التفسير عَنْ: عَبْد بْن حُمَيْد. وروى عَنْ: الدّارميّ، ورجاء بْن مُرَجّا. وعنه: أبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم، وعبد الكريم بْن محمد الطّواويسيّ. "حرف الزاي": 305- الزُّبَيْر بْن أحمد بْن سليمان بْن عَبْد اللَّه بْن عاصم بْن المنذر بْن الزُّبَيْر بْن العوام الأَسَديّ الزُّبَيْريّ الْبَصْرِيّ2: الفقيه الشافعي الضرير. له تصانيف في الفقه كـ"الكافي"، وغيره. وحدث عَنْ: محمد بْن سِنان القزّاز، وغيره. وعنه: أبو بَكْر النّقّاش، وعُمَر بْن بِشْران، وعليّ بن لؤلؤ، ومحمد بن بخيت.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 359". 2 تاريخ بغداد "8/ 47، 472"، والوافي بالوفيات "14/ 186"، والأعلام "3/ 84".

وكان ثقة إمامًا مُقرئًا. عرض عَلَى: رَوْح بْن قُرّة، ورُوَيْس، ومحمد بن يحيى القطعيّ، ولم يختم عَلَيْهِ. قرأ عَلَيْهِ: أبو بَكْر النّقّاش، وغيره. "حرف الطاء": 306- طاهر بْن عليّ بْن عَبْدُوس1: أبو الطَّيِّب الطَّبَرانيّ القطّان القاضي. مولى بُنيّ هاشم. روى عَنْ: نوح بْن حبيب، وعصام بْن رَوَّاد، وحمّاد بْن نَجِيج، وجماعة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وأبو زُرْعة محمد بْن إبراهيم الْجُرْجانيّ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. "حرف العين": 307- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إبراهيم2: أبو العبّاس البغداديّ المارستاني الضّرير. سمع: رزق اللَّه بْن موسى، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ، ومُهَنّا الشّاميّ. وعنه: أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وعُمَر بْن إبراهيم الكِنَانيّ، وأبو طاهر المخلّص. قَالَ ابن قانع: تُكِلِّم فيه. 308- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن نَصْر: أبو محمد النَّيْسابوريّ العابد. سمع: جدَّيه أحمد بْن نَصْر المقرئ، ومحمد بْن عَقِيل الخُزَاعيّ، والذُّهْليّ. وعنه: عُبَيْد اللَّه بْن سعْد، وأبو إسحاق المزكي، وجماعة.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 184". 2 تاريخ بغداد "9/ 371".

309- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن المَرْزُبان بْن سابور1: أبو القاسم البَغَويّ الأصل البغداديّ. مُسْنِد الدّنيا وبقيّة الحُفّاظ ابن بنت أحمد بْن مَنِيع. وُلِد ببغداد في أول رمضان سنة أربع عشرة، ومائتين، وسمع: عليّ بْن الْجَعْد، وخلف بْن هشام، وأبا نَصْر التّمّار، ويحيى الحماني، وعلي بْن المَدِينيّ، وأحمد بْن حنبل، وشَيْبان بْن فَرُّوخ، وسُوَيْد بْن سَعِيد، وداود بْن عَمْرو الضَّبّيّ، وخلّقًا كثيرًا أزيد من ثلاثمائة. وعنه: ابن صاعد، والجِعَابيّ، وأبو بَكْر القَطِيعيّ، وأبو حفص الزّيّات، وابن المظفّر، والدارقطني، وأبو حفص بْن شاهين، وعُمَر الكِنَانيّ، وأبو القاسم بْن حَبَابَة، وأبو طاهر المخلّص، وعَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي شُرَيْح الهَرَوِيّ، وأبو مُسْلِم محمد بْن أحمد الكاتب، وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُ. وروى عَنْهُ خلْق لَا يُحصيهم إلّا اللَّه تعالى؛ لأنّه طال عمره، وتفرد في الدنيا بعلو السند. قَالَ: رأيت أبا عُبَيْد ورأيت جنازته. وأول ما كتبتُ الحديث سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. وحضرت مَعَ عمّي عليٍّ مجلس عاصم بْن عليّ. وقال أحمد بْن عَبْدان الحافظ: سَمِعْتُ البَغَويّ يَقُولُ: كنتُ يومًا ضيّق الصّدْر، فخرجتُ إلى الشّطّ، وقعدتُ وفي يدي جُزْءٌ عَنْ يحيى بْن مَعِين أنظر فيه، فإذا بموسى بْن هارون فقال: أيش معك؟ قلت: جزء عَنْ يحيى. فأخذه من يدي فرماه في دِجْلة وقال: تريد أنّ تجمع بين أحمد بْن حنبل، ويحيى بْن مَعِين، وعليّ بْن المَدِينيّ؟! وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم: أبو القاسم البَغَويّ يدخل في الصحيح. وقال الدَّارَقُطْنيّ: كَانَ البَغَويّ قَلّ أنّ يتكلّم عَلَى الحديث. فإذا تكلّم كَانَ كلامه كالمسمار في الساج.

_ 1 الفوائد العوالي "84"، للتنوخي، والكامل في ضعفاء الرِّجال "4/ 1578، 1579"، لابن عدي، والمنتظم "6/ 227"، والأعلام "4/ 119"، والبداية والنهاية "11/ 163، 164".

وقال ابن عديّ: كَانَ صاحب حديث، وكان وراقًا، من ابتدأ أمره يورق على جده وعمه، وغيرهما. وكان يبيع أهل نفسه في كل وقت. ووافيت العراق سنة سبعٍ وتسعين ومائتين وأهل العلم والمشايخ منهم مجتمعين على ضعفه، وكانوا زاهدين في حضور مجلسه. وما رأيت في مجلسه قط في ذلك الوقت إلا دون العشرة غرباء، بعد أنّ يسأل بنوه الغرباء مرةً بعد مرّة حضور مجلس أبيهم، فيقرأ عليهم لفظًا. وكان مُجّانهم يقولون: ابن مَنِيع شجرة تحمل داود بن عمر الضَّبّيّ، أي من كثرة ما يروي عَنْهُ. وما علمت أحدًا حدَّثَ عَنْ عليّ بْن الْجَعْد أكثر مما حدَّثَ هُوَ. وسمعه قاسم المطرّز يَقُولُ: ثنا عُبَيْد اللَّه العَيْشيّ. فقال القاسم: في حُرِّمّ من يكذب. وتكلّم قومٌ فيه عند عَبْد الحميد الورّاق، ونسبوه إلى الكذب فقال: هُوَ أنغش من أنّ يكذب، يعني ما يُحْسِن. قَالَ: وكان بذيء اللّسان، يتكلّم في الثّقات. وسمعته يَقُولُ يوم مات المَرْوَزِيّ محمد بْن يحيى: أَنَا قد ذهبَ بي عمّي إلى أَبِي عُبَيْد، وعاصم بْن عليّ، وسمعتُ منهما. ولمّا مات أصحابه احتمله النّاسُ واجتمعوا عَلَيْهِ، ونفق عندهم، ومع نَفاقه وإسناده كَانَ مجلس ابن صاعد أضعاف مجلسه. قلت: قد بالغ ابن عديّ من الحطّ عَلَى البَغَويّ، ولم يقدر يُخرّج لَهُ ممّا غلط فيه سِوَى حديثين. ثمّ قَالَ: والبغوي كَانَ معه طرف من معرفة الحديث ومن معرفة التصانيف. وطال عمره، واحتاجوا إِلَيْهِ، وقَبِله النّاس. ولولا أنّي شرطت أن كلَّ من تَكلَّم فيه متكلمٌ ذكرته، وإلّا كنتُ لَا أذكره. وقال الحافظ عَبْد الغني الْمَصْرِيّ: سألت أبا بَكْر محمد بْن عليّ النّقّاش: تحفظ شيئًا ممّا أخذ عَلَى ابن بنت مَنِيع؟. قَالَ: غلط في حديث، عَنْ محمد بْن عَبْد الوهّاب، عَنْ أَبِي شهاب، عَنْ أَبِي إِسْحَاق الشَّيْبانيّ، رواه عَنْ محمد، وإنّما سمعه من إبراهيم بْن هانئ، عَنْهُ. فأخذه عَبْد الحميد الورّاق بلسانه ودارَ عَلَى أصحاب الحديث. فبلغ ذَلِكَ ابن بنت مَنِيع، فخرج إلينا، وعرفنا أَنَّهُ غلط، وأنّه أراد أنّ يكتب: ثنا إبراهيم بْن هانئ، فمرّت يده عَلَى العادة، ورجع عَنْهُ. ورأيتُ فيه الانكسار والغَمّ. وكان رحمه اللَّه ثقة.

وقال غير واحد: تُوُفّي ليلة عيد الفِطْر، وعاش مائة وثلاث سنين وشهرًا. قلتُ: آخر من روى حديثه عاليًا أبو المُنجّا بْن اللُّتّيّ. وأعرف لَهُ حديثًا مُنْكرًا في الأوَّل من حديث ابن أخي ميمي، وفي جزء بيْبي. وقد احتجّ بهِ عامّة من خرج الصحيح كالدارقطني، والإسماعيلي، والبرقانيّ. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة ثبتًا فهمًا عارفًا. قلتُ: وله كتاب "مُعْجَم الصحابة" في مجلدين، يدّل عَلَى سعة حفْظه وتبحُّره. وكذلك تأليفه للجعْديّات؛ أحسن ترتيبها وأجاد تأليفها. قال الدارقطني: لم يرو البَغَويّ عَنْ يحيى بْن مَعِين غير حكاية. وقال: أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ: سألت الدَّارَقُطْنيّ، عَنْ أَبِي القاسم البَغَويّ فقال: ثقة، جبل، إمام، أقلّ المشايخ خطأ، وكلامه في الحديث أحسن من كلام ابن صاعد. قَالَ الخليليّ: أبو القاسم البَغَويّ من المعمرين العلماء. سمع: دَاوُد بْن رُشَيْد، والحكم بْن موسى، وطالوت بْن عَبّاد، وابني أَبِي شَيْبة، ونُعَيْم بْن الهَيْصَم، والقواريريّ. ثمّ قَالَ: وعنده مائة شيخ لم يشاركه أحدٌ في آخر عمره فيهم. ثمّ نزل إلى الشيوخ، وهو حافظ عارف. صنف مُسْنِد عمّه عليّ بْن عَبْد العزيز. وقد حسدوه في آخر عمره، فتكلموا فيه بشيء لَا يقدح فيه. وقد سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد: سَمِعْتُ أبا أحمد الحاكم: سَمِعْتُ البَغَويّ يَقُولُ: ورّقت لألف شيخ. 310- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْدُوس البغداديّ1: أبو القاسم العَطَشيّ المقرئ. سمع: عليّ بْن حرب، وحمّاد بْن عَنْبَسَةَ، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن الْجُنَيْد. وعنه: ابن شاهين، والآجُرّيّ. 311- عَبْد اللَّه بْن مَعْمَر بْن العمركي2: شيخ بلْخيّ، قدِم بغداد في هذا العام.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 117". 2 تاريخ بغداد "10/ 180".

وحدَّثَ عَنْ: عَبْد الصَّمد بْن الفضل، وإسماعيل بْن بِشْر. روى عنه: الدارقطني، وابن شاهين، وجماعة. قال الخطيب: لَا بأس بهِ. 312- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن: أبو القاسم الدِّمْياطيّ اللّوّاز. ثقة، سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، ويزيد بْن سِنان القزّاز. وكان عَدْلًا مقبولًا. تُوُفّي فِي شوّال. 313- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر: أبو بَكْر الرّهاويّ. سمع: أَبَاهُ، ومحمد بن المُسْتَهِلّ الْبَصْرِيّ. وعنه: ابن عديّ، وابن المقرئ. عُدم بمكّة لما دخلتها القرامطة. 314- عُفَيْر بْن مسعود بْن عُفَيْر بْن بِشْر الغسّانيّ1: أبو الحرم. من أهل مورور، سكن قُرْطُبَة. صحِب محمد بْن عَبْد السّلام الخشنيّ. وعاش 97 سنة. وكان حافظًا للّغة والسِّيَر، إخباريًا. 315- عليّ بْن الحَسَن بْن سعْد بْن المختار2: أبو الحَسَن الهَمْدانيّ البزّاز. سمع: هارون بْن إِسْحَاق الهَمْدانيّ، ومحمد بْن وزير، وحُمَيْد بْن زَنْجَوَيه، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتة، ومحمد بْن عُبَيْد، ومحمد بْن عليّ بْن الحَسَن بن شقيق، وأحمد بن بديل.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 343" لابن الفرضي. 2 تاريخ جرجان "251".

وعنه: صالح بْن أحمد، وأحمد بْن محمد بْن رُوزَبَة، وجبريل العدْل، وآخرون. قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ ثقة خيرًا. تُوُفّي في شهر رمضان. 316- عليّ بْن الحسن بْن المغيرة1: أبو أحمد البغداديّ الدّقاق. سمع: إِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، والحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس. وعنه: عُمَر بْن بِشْران ووثقه، وأبو بَكْر بْن شاذان، وجماعة. 317- عليّ بْن أحمد بْن سليمان بْن ربيعة2: أبو الحسن بن الصقيل الْمَصْرِيّ، المعروف بعلّان. سمع: محمد بْن رُمْح، وعَمْرو بْن سواد، ومحمد بْن هشام بْن أَبِي خيْرة، وَسَلَمَةَ بْن شبيب، وخلْقًا. وعنه: أبو سَعِيد بْن يونس، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي غالب البزّاز، ومحمد بْن أحمد الإخميميّ، وطائفة سواهم. وقال ابن يونس: كَانَ ثقة كثير الحديث. وُلِد فيما حَدَّثَنَا سنة عشرين ومائتين، وكتب سنة أربعين. وكان أحد كبراء عُدُول البلد. وفي خُلُقه زعارة. تُوُفّي في شوّال. 318- عليّ بْن محمد بْن يحيى بْن خَالِد المَرْوَزِيّ. أبو الحَسَن الخالديّ. سمع: عليّ بْن خَشْرَم، ومحمد بْن عَبْدة المَرْوَزِيّ. وعنه: أبو علي النيسابوري، وأبو العباس السياري، وجماعة.

_ 1 المنتظم "6/ 230"، "362". 2 العبر "2/ 170، 171"، وحسن المحاضرة "1/ 367".

319- عِمران بْن عثمان بْن يونس الأندلسيّ1: أبو محمد. سمع: عليّ بْن عَبْد العزيز بمكّة، وغيره. 320- عُمَر بْن حفص بْن غالب بْن أبي التمام الأندلسي2. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. "حرف الفاء": 321- الفضل بْن أحمد بْن منصور بْن ذيّال الزُّبَيْديّ3: بغداديّ يكني أبا العبّاس. سمع: أحمد بْن حنبل، وعبد الأعلى بْن حمّاد النَّرْسيّ، وغيرهما. وعنه: أبو الفتح القوّاس، ومحمد بْن جعفر النّجّار، وابن معروف القاضي، وأبو الحسن الدارقطني وقال: ثقة مأمون. وقال القوّاس: ثنا إملاءً سنة سبْع عشرة. قلت: لم يُوَرِّخوا وفاته. وقد روى القواسُ عَنْهُ، عَنْ عَبْد الأعلى حديث أَبِي العُشراء الدّارميّ. "حرف الميم": 322- محمد بْن أحمد بْن زُهَيْر بْن طِهْمان القَيْسيّ4: أبو الحَسَن الطُّوسيّ. محدِّث مصنِّف. سمع: عَبْد اللَّه بْن هاشم، وإِسْحَاق الكَوْسَج، وعَبْد الرَّحْمَن بن بشر بن الحكم، والذهلي.

_ 1 تاريخ الأندلس "1/ 327"، لابن الفرضي. 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 321، 322". 3 الأنساب "241ب" وتاريخ بغداد "12/ 2377". 4 العبر "2/ 171"، والوافي بالوفيات "2/ 36"، وشذرات الذهب "2/ 276".

وعنه: أبو الوليد حسّان الفقيه، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأحمد بْن منصور الحافظ، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وزاهر بْن أحمد الفقيه. وتُوُفّي بنُوقان. 323- محمد بن إبراهيم بن فوزان النَّيْسابوريّ: سمع: الذهلي، وسهل بن عمار. وحدث. 324- محمد بْن إدريس بْن وهْب الأعور1: بغداديّ. حدَّثَ بمصر عَنْ: سَعْدان بْن نَصْر، وطبقته. مات في جُمَادَى الأولى. 325- محمد بْن جَابِر بْن سِنان الحرّانيّ البِتّانيّ2: أبو عبد الله المنجّم الحاسب. صاحب الزّيج، الصّابئ. لَهُ أعمال عجيبة. وابتدأ بالرَّصْد من سنة أربعٍ وستين ومائتين إلى سنة ست وثلاثمائة. وكان بارعًا في فنّه. وشرح مقالات بطليموس. وبِتّان: مِن أعمال حَرّان. 326- مُحَمَّد بْن أَبِي الحُسين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمّار بْن محمد بن حازم بن المعلّى بْن الجارود3: أبو الفضل الهَرَوِيّ، الحافظ الشهيد.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 78"، "457". 2 طبقات الأمم لصاعد "31"، ومعجم البلدان "1/ 334"، وشذرات الذهب "2/ 276". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 794، 795"، والمنتظم "6/ 230"، والوافي بالوفيات "2/ 37".

إمام كبير، عارف بعلل الحديث. لَهُ جزء فيه بضعة وثلاثون حديثًا من الأحاديث الّتي بيّن عللها، قد أخرجها مُسْلِم في صحيحه. سمع: أحمد بْن نَجْدة، والحسين بْن إدريس، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن إبراهيم الْأَنْصَارِيّ، ومُعَاذ بْن المُثَنَّى، وأحمد بْن إبراهيم بْن مِلْحان، وطبقتهم. ورحل وطوّف، ودخل نَيْسابور فسمع من: السّرّاج. روى عَنْهُ: أبو عليّ الحافظ، وأبو الحُسين الحَجّاجّي، وعَبْد اللَّه بْن سعْد النَّيْسابوريّون، ومحمد بْن أحمد بْن حمّاد الكوفي، ومحمد بْن المظفّر. وقال الحاكم: سَمِعْتُ بَكْر بْن أحمد الحدّاد بمكّة يَقُولُ: كأنّي أنظر إلى الحافظ أبي الفضل بْن أَبِي الحُسين، وقد أخذته السيوف، وهو متعلّق بيديه جميعًا بحلقَتَيِ الباب حتّى سقط رأسه عَلَى عَتَبة الكعبة سنة ثلاثٍ وعشرين. كذا قَالَ؛ وإنمّا كَانَ ذَلِكَ سنة سبْعٍ عشرة. ورّخه غير واحد. قَتَلَتْه القرامطة، لعنهم اللَّه. وهو سِبْط أَبِي سعْد يحيى بْن منصور الزّاهد الهَرَوِيّ. وقتل معه أخوه أبو نَصْر أحمد بْن أَبِي الحُسين. سمع من جَدّه أَبِي سعْد، وابن خُزَيْمة. روى عَنْهُ عليّ بْن الحَسَن السَّرْخَسيّ، وغيره. وقد خرّج صحيحًا عَلَى رسْم مُسْلِم، ولم يتكهّل. 327- محمد بْن خَالِد بْن يزيد البرذعيّ: ممّن قتلته القرامطة بمكّة، رحمه اللَّه. 328- محمد بْن زبّان بْن حبيب1: أبو بَكْر الحضرميّ الْمَصْرِيّ. سمع: أَبَاهُ، ومحمد بْن رُمْح، وأبا الطّاهر بْن السرح، وزكريّا بْن يحيى كاتب العمري، والحارث بن مسكين، وطبقتهم.

_ 1 المنتظم "6/ 230"، والعبر "2/ 171"، وحسن المحاضرة "1/ 368".

وعنه: أبو يونس، وقال: قال لي: ولدت سنة خمسٍ وعشرين؛ وأبو بكر بن المقرئ، وإبراهيم بن أحمد رئيس المؤذنين بمصر، وطاهر بن أحمد الخلّال، وأبو عديّ عَبْد العزيز ابن الْإِمَام القارئ، ومحمد بْن يحيى بْن عمار الدِّمْياطيّ، ومحمد بْن أحمد بْن العبّاس الإخميميّ، وخلْق سواهم. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. قَالَ ابن يونس: كَانَ رجلًا صالحًا، ثقة، ثبتًا، متقلِّلًا فقيرًا، لم يكن يقبل من أحدٍ شيئًا. 329- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد1: أبو بَكْر الإصبهانيّ. حدَّثَ ببغداد عَنْ: أسيد بْن عاصم، وأحمد بْن عصام. وعنه: ابن شاهين الواعظ، وأبو بَكْر بْن شاذان. 330- محمد بْن عَبْد الحميد: أبو جعفر الفَرَغانيّ العسْكريّ الضّرير. نزيل دمشق. سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، والحَسَن بْن عَرَفَة، وعُمَر بْن شَبَّة، وطبقتهم. وعنه: أبو هاشم عَبْد الجبار المؤدِّب، وأبو بَكْر أحمد بْن السُّنّي، وأبو أحمد الحاكم، ومحمد بْن المظفّر. 331- محمد بْن عَبْد السّلام بْن عثمان2: أبو بَكْر الفَزَاريّ الدّمشقيّ. سمع: أبا أمية الطَّرَسُوسيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم، وحنبل بْن إِسْحَاق، وأحمد بْن شَيْبان الرَّمْليّ. وعنه: أبو سليمان بْن زبْر، وأبو بَكْر الرَّبَعِيّ، وأبو أحمد الحاكم ومحمد بن المظفر.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 272". 2 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "4/ 229"، "1476".

332- محمد بْن عَبْد الصَّمد بْن هشام الصَّدَفيّ: أبو بَكْر الْمَصْرِيّ. عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وياسين بْن عَبْد الأحد. وعنه: ابن يونس. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 333- محمد بْن عُبَيْد بْن أيّوب1: أبو عبد الله القُرْطُبيّ الدّبّاج. رحل وسمع من: إسماعيل القاضي. وكان يعاني عمل الديباج. وسمع من: أحمد بْن زُهَيْر. وحدَّثَ، وكان ثقة. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن عثمان، وعُمَر بْن يوسف. 334- محمد بْن الفضل بْن العبّاس2: أبو عبد الله البلْخيّ الزاهد. الحَبْر الواعظ. كَانَ سيدًا عارفًا؛ نزل سمرقنْد وتلك الدّيار ويقال: إنّه وعظ مرةً فمات في ذَلِكَ المجلس أربعة أنفس. صحب أحمد بْن خَضْرُوَيْه البلْخيّ، وغيره. وقال أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ: ثنا عليّ بْن القاسم الخطّابيّ الواعظ بِمَرْوَ إملاءً: ثنا محمد بْن الفضل البلْخيّ الزّاهد الصُّوفيّ بسمرقند، ثنا قُتَيْبة بْن سَعِيد، ثنا الَّليْث، فذكر حديثًا. وقال السُّلَميّ: تُوُفّي سنة سبْع عشرة. وسمعتُ محمد بْن عليّ الحِيّريّ: سَمِعْتُ أبا عثمان الحِيّريّ يَقُولُ: لو وجدت من نفسي قوة لرحلتُ إلى أخي محمد بْن الفضل، فاستروح بروايته.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 37، 38". 2 حلية الأولياء "10/ 232، 233"، والعبر "2/ 176"، والبداية والنهاية "11/ 167"، وكشف الظنون "2079، 5765".

وسمع منه: أبو بَكْر محمد بن عَبْد اللَّه الرّازيّ، وغيره. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن المقرئ إجازة. ولعله آخر من حدَّثَ عَنْ قُتَيْبة. وروى عَنْ أَبِي بِشْر محمد بن المهدي، عَنْ محمد بْن السّمّاك. ومن الرُّواة عَنْهُ: إسماعيل بْن نُجَيْد، وإبراهيم بْن محمد بْن عَمْروَيْه، ومحمد بْن مكّيّ النَّيْسابوريّ، وعَبْد اللَّه بْن محمد الصَّيْدلانيّ البلْخيّ شيخ لأبي ذرّ الهَرَوِيّ. وقال أبو نُعَيْم: سمع الكثير من قُتَيْبة. وسمعتُ محمد بْن عَبْد اللَّه الرّازيّ بنَيْسابور: سَمِعْتُ محمد بْن الفضل يَقُولُ: ذهاب الإسلام من أربعة: أوّلها: لَا يعملون بما يعلمون. الثّاني: يعملون بما لَا يعلمون. الثالث: لَا يتعلّمون ما لَا يعلمون. الرابع: يمنعون النّاس من التّعليم1. وقال: الدنيا بطنك، فبقدر زهدك في بطنك زُهدُك في الدنيا. قَالَ السُّلَميّ في "محن الصُّوفيّة": لمّا تكلّم محمد بْن الفضل ببلخ في فهم القرآن وأحوال الأئمّة، أنكر عَلَيْهِ فقهاء بلْخ وعلماؤها، وقالوا: مبتدع. وإنّما ذاك لسبب اعتقاده مذهب أهل الحديث. فقال: لَا أخرجُ حتى يخرجوني ويطوفوا لي في الأسواق، ويقولوا: مبتدع. ففعلوا بهِ ذَلِك: فقال: نزع اللَّه من قلوبكم محبتّه ومعرفته. فقيل: لم يخرج بها صوفيّ من أهلها. فأتى سمرقنْد. فبالغوا في إكرامه. 335- محمد بْن القاسم بْن جعفر2: أبو الطَّيِّب الكوكبي. أخو الحسين. سمع: عمر بن شبة، وقَعْنَب بْن المحرّر، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه بن الجنيد.

_ 1 طبقات الصوفية "214"، وحلية الأولياء "10/ 233". 2 تاريخ بغداد "3/ 181"، والأنساب "10/ 499، 500".

وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، والدارقطني، والمخلّص. وكان ثقة، بغداديًا. 336- محمد بْن يزيد بْن أبي خَالِد الأندلسيّ1: سمع: محمد بْن وضّاح. وحدَّثَ. 337- محمد بْن هارون بْن منصور: أبو سَعِيد النَّيْسابوريّ المسبكيّ. محدِّث محتشم رئيس. سمع: الذُّهْليّ، وأحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن يوسف، والعبّاس الدُّوريّ، والصَّغَانيّ، وابن أَبِي مسرة، وإِسْحَاق الدَّبَريّ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وآخرون. مات في المحرَّم. 338- محمد بْن محمد بْن خَالِد: أبو القاسم القَيْسيّ الطُّوَيْريّ. سمع من: محمد بْن سَحْنُون كثيرًا. وولي مظالم بلد القيروان لعيسى بْن مسكين. ثمّ ولي قضاء قشطيلة. قَالَ ابن حارث الحافظ: صحبناه وقد هرم. وقرأنا عَلَيْهِ بعض كتاب ابن سَحْنُون في خفيةٍ وتوارٍ لما كُنَّا فيه، يعني خوفًا من الدّولة. وَهُم بنو عُبَيْد الرافضة. قَالَ: وكان قليل ذات اليد، مات ولم يكن لَهُ كَفَن. وامتحن -رحمه اللَّه- عَلَى يد محمد بْن عُمَر المَرْوَزِيّ، قاضي الشيّعة. ضَرَبه في الجامع وحبَسه. فعل ذَلِكَ بهِ وبجماعة من الفُقَهاء والغزاة، وكان البلاء عظيمًا ببني عُبَيْد الباطنيّة. 339- محمد بْن أَبِي خَالِد الأندلسي البَجّانيّ2:

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 36"، لابن الفرضي. 2 انظر السابق.

رحل وسمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وسمع بالقيروان من أصحاب سَحْنُون. وسمع من: أَبِي مُصْعَب أحمد بْن سليمان الإِلْبيريّ. وحدَّثَ. تُوُفّي في شَعْبان. 340- مُنْثَيل بْن عفيف: أبو وهْب المُرَاديّ الوّشْقيّ. سمع من: يحيى بْن عَبْد العزيز، وغيره. ورحل فسمع: أبا يحيى بْن أَبِي مَسَرّة، وإِسْحَاق الدَّبَريّ، وإبراهيم بْن بَرّة الصَّنعانيّ. روى عَنْهُ: زكريّا بْن يحيى، وغيره. تُوُفّي في رمضان. "حرف الهاء": 341- هشام بْن الوليد بْن محمد بْن عَبْد الجبّار1: أبو الوليد الغافقيّ القُرْطُبيّ. سمع من: بَقِيّ بْن مَخْلَد، ومحمد بْن وضّاح. وكان نَحْويًّا عَرُوضيًّا، أَدَّب أمير المؤمنين الناصر وولده المستنصر. وتُوُفّي فِي ربيع الأوَّل. "حرف الياء": 342- يحيى بْن محمود بْن عُبَيْد اللَّه بن أسد النيسابوري: أبو زكريا.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 174"، لابن الفرضي، وجذوة المقتبس "365"، للحميدي.

سمع: عتيق بْن محمد، وعليّ بْن الحَسَن الأفطس، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة. وفيات سنة ثمان عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 343- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عاصم1: أبو بَكْر اللُّؤلُؤيّ القَيْروانيّ، النَّحْويّ الشاعر اللغوي. إمام بارع في الحديث والفقه والعربية. مات كهلًا؛ وهو القائل هذه الأبيات. أيَا طَلَلَ الحيّ الّذين تحمّلوا ... بوادي الْغَضَا كيف الأَحِبّةُ والحالُ وكيف قضيبُ البانِ والقمرُ الّذي ... بوجْنَتهِ ماءُ المَلَاحةِ مُختالُ ولمّا استقلَّتْ ظَعْنُهم وحُدُوجُهُمْ ... دعوتُ وَدَمْعُ العينِ منّي هطّالُ سُقيتُ نقيعٌ السُّمّ إنّ كَانَ ذا الّذي ... أتاكِ بهِ الواشون عنّي كما قَالُوا 344- أحمد بن إسحاق بن بهلول بن حسان التنوخي2: أبو جعفر الأنباري الحنفيّ الفقيه. ترجمة أبو بَكْر الخطيب فقال: ولى قضاء مدينة المنصور عشرين سنة. وسمع: أبا كُرَيْب، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، ومحمد بْن زُنْبُور، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ووالده. وعنه: محمد الورّاق، وعُمَر بْن شاهين، والدارقطني، وأبو طاهر المخلّص. وكان ثقة، عظيم القدر واسع الأدب، تامّ المروءة، فقيهًا حنفيًا، بارعًا في العربية.

_ 1 طبقات النحويين "265"، ومعجم الأدباء "2/ 218-225". 2 تاريخ بغداد "4/ 30-34"، والمنتظم "6/ 231-234"، والعبر "2/ 171"، والبداية والنهاية "11/ 165".

وُلِد سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وصُرِف عَنِ القضاء قبل موته بعام. وله مصنف في نحو الكوفيين، وكان قيمًا بهِ. وكان شاعرًا بليغًا فصيحًا مفوهًا متقنًا. قَالَ ابن الأنباري: ما رأيت صاحب طيلسان أنحى منه. وكان أبوه من حفاظ الحديث، أدرك ابن عُيَيْنَة. 345- أحمد بْن جعفر: أبو بَكْر الفِهْريّ الْمَصْرِيّ. سَمِعَ: يونس بْن عَبْد الأعلى. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وغيره. ذكر وفاته أبو سَعِيد بْن يونس. تُوُفّي في ذي الحجة. 346- أحمد بْن علي بْن عُبَيْد اللَّه: أبو عليّ الْأَنْصَارِيّ. حدَّثَ بنَيْسابور عَنْ: أحمد بْن حنبل، وأبي الصلت الهروي. وزعم أَنَّهُ سمع سنة إحدى وثلاثين ومائتين. قَالَ الحاكم: غريب طير طريّ علينا، يضعّفه بذلك، وتُوُفّي عندنا في المحرَّم. وسمعوا منه. 347- أحمد بْن محمد بْن حكيم: أبو بَكْر الصَّدَفيّ الْمَصْرِيّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى. 348- أحمد بْن محمد بْن سليمان بْن حبش الكاتب: عَنْ: أَبِي هشام الرّفاعيّ. وعنه: ابن شاهين.

349- أحمد بْن محمد بْن المغلِّس البغداديّ1: أبو عبد الله البزّاز. أخو جعفر. سمع: لُوَيْنًا، والوليد بْن شجاع، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل. وعنه: يوسف القواس، وأبو حفص بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن شاذان. وكان ثقة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى قبل ابن صاعد بنحوٍ من شهر. وكان في عشر المائة. أكثر عَنْ لُوَيْن، وكان من بقايا أصحابه. 350- أحمد بْن يعقوب2: أبو عبد الله البغداديّ العطّار الخصيب. سمع: أحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ. وعنه: محمد بْن أحمد بْن المفيد، وأبو حفص بْن شاهين، وهو أخو محمد. 351- إسماعيل بْن إبراهيم بْن عمّار الْأَنْصَارِيّ الخزرجي النَّيْسابوريّ: أخو إِسْحَاق من ولد سعد بْن عُبَادة. وكان من رؤساء نَيْسابور. وحدَّثَ. 352- إسماعيل بْن دَاوُد بْن وردان3: أبو العبّاس الْمَصْرِيّ البزّاز. سمع: زُغْبة، ومحمد بْن رُمْح، وزكريّا كاتب العُمَريّ، وعبيد الله ... سنة ست وعشرين ومائتين.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 104، 105"، والعبر "2/ 172". 2 تاريخ بغداد "5/ 226". 3 العبر "2/ 172"، وحسن المحاضرة "1/ 368".

وعنه: ابن يونس، وأبو بَكْر بْن المقرئ، ومحمد بْن أحمد الإخميميّ. تُوُفّي في ربيع الآخر. 353- إسماعيل بْن سليمان: أبو مَعْمَر البزّاز. بغداديّ، ثقة. سمع: عَبْد اللَّه بْن محمد بْن المِسْوَر، ومحمد بْن الوليد، ومحمد بْن المُثَنَّى. وعنه: ابن المظفّر، وأبو بَكْر بْن شاذان، وعُمَر بْن شاهين. 354- إِسْحَاق بْن حَمْدان بْن العبّاس: أبو يعقوب البلْخيّ الْمُعَدَّلُ. في جُمَادَى الآخرة. "حرف الثاء": 355- ثابت بْن بدير القُرْطُبيّ المالكيّ المفتي1: مصنف كتاب "الجهاد". سمع: محمد بْن عَبْد السّلام الخُشَنّي، ومحمد بْن وضاح، وجماعة. وكان مائلًا إلى الحديث. "حرف الجيم": 356- جعفر بن محمد بن يعقوب2: أبو الفضل الصَّنْدليّ. ثقة، بغداديّ، زاهد. قَالَ القوّاس: كان يقال: إنه من الأبدال.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 100"، لابن الفرضي، وكشف الظنون "1410". 2 تاريخ بغداد "7/ 211"، والمنتظم "6/ 234".

سمع: إبراهيم بْن مجشر، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، ومحمد بْن إسماعيل الحسّانيّ، وعليّ بْن حرب. وعنه: عَبْد العزيز بْن جعفر الفقيه، وأبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، ويوسف القوّاس. "حرف الحاء": 357- الحسن بْن حمدون بْن الوليد: أبو عليّ النَّيْسابوريّ. سمع: محمد بْن رافع، وإِسْحَاق بْن منصور، والذُّهْليّ. وعنه: أبو محمد الشَّيْبانيّ، وإسماعيل بْن نُجَيْد، وغيرهما. 358- حَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن مذحج بْن محمد: أبو القاسم الزبيدي الإشبيليّ. سمع: محمد بْن جُنَادَةَ، وطاهر بْن عَبْد العزيز، وعُبَيْد اللَّه بْن يحيى. وحجّ فسمع جماعةً بعد الثلاثمائة. ولم يكن لَهُ بَصَرٌ بالحديث. 359- الحَسَن بْن عليّ بْن أحمد بْن بشّار البغداديّ1: أبو بَكْر بْن العلّاف المقرئ الشاعر. قرأ القرآن عَلَى أَبِي عُمَر الدُّوريّ. وسمع منه، ومن: حُمَيْد بْن مسعده، ونصْر الْجَهْضميّ. قرأ عَلَيْهِ: أبو فرج الشَّنَبوذيّ، والشّذائيّ. وحدَّثَ عَنْهُ: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو حفص بْن شاهين، وجماعة. وكان ظريفًا أديبًا، من نُدماء المعتضد. وعاش نيّفًا وتسعين سنة. وكان ضريرًا. وهو صاحب القصيدة المشهورة: يا هرُّ فارَقْتَنَا ولم تَعُدِ ... وكنتَ منا بمنزل الولد

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 378"، والعبر "2/ 172"، والبداية والنهاية "11/ 166".

360- الحُسين بْن الحَسَن بْن سُفْيَان بْن زياد: أبو العبّاس الفَسَويّ التّاجر. نزيل بُخَارَى. سمع: محمد بْن رافع، والحسين بْن حُرَيْث الخُزاعيّ، وجماعة. وعنه: خَلَف الخيّام. 361- الحُسين بْن محمد بْن مودود1: أبو عَرُوبَة بْن أَبِي مَعْشَر الحرّانيّ السُّلَميّ الحافظ. أحد أئمّة هذا الشأن. أول سماعه وطلبه سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. سمع: مَخْلَد بْن مالك السَلْمِسينيّ، ومحمد بْن الحارث الرّافقيّ، ومحمد بْن وهْب الحرّانيّ، وإسماعيل بْن موسى السُّديّ، وعبد الوهّاب بْن الضّحّاك، ومحمد بْن المصفي الحمصيّ، والمسيب بْن واضح، وعبد الجبار بْن العلاء، وخلْقًا سواهم. وكان ثقة نبيلًا. روى عَنْهُ: أبو حاتم بْن حِبّان، وعَبْد اللَّه بْن عديّ، وابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، ومحمد بْن المظفّر، وعُمَر بْن عليّ القطّان، والقاضي أبو بَكْر الأَبْهَريّ، وطائفة سواه. رحلوا إِلَيْهِ إلى حرّان. قَالَ ابن عديّ: كَانَ عارفًا بالحديث والرجال، وكان مَعَ ذَلِكَ مفتي أهل حرّان، شفاني حيث سألته عَنْ قوم. وقال أبو أحمد في "الكنَى": أبو عَرُوبَة الحُسين بْن محمد بْن مودود بْن حمّاد السُّلَميّ سمع: أبا عثمان عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو البَجَليّ، وأبا وهْب الوليد بْن عَبْد الملك بْن مسرّح. كَانَ من أثبت من أدركناه وأحسنهم حفظًا. يرجع إلى حسن المعرفة بالحديث والفقه والكلام. وذكره ابن عساكر في ترجمة معاوية، فقال: كَانَ أبو عَرُوبَة غاليًا في التشيُّع، شديد المَيْل على بني أمية.

_ 1 العبر "2/ 172، 173"، وهدية العارفين "1/ 305"، والأعلام "2/ 253".

قلت: كلّ من أحبّ الشيخين فليس بغالٍ في التشيُّع. ومن تكلَّم فيهما فهو غالٍ رافضيّ. ورّخ موته القرَّاب. 362- الحُسين بْن يوسف بْن يعقوب الأسوانيّ الفحّام: سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، وبحر بْن نَصْر، والربيع المُرَاديّ. وكان ثقة. مات في ذي القعدة. "حرف الزاي": 363- زَنْجَوَيه بْن محمد بْن الحَسَن الزّاهد1: أبو محمد النَّيْسابوريّ اللّبّاد. كَانَ أحد المجتهدين في العبادة. سمع: محمد بْن رافع، ومحمد بْن أسلم، والحسين بْن عيسى البسْطاميّ، وحُمَيْد بْن الربيع، والرَّماديّ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو الفضل بْن إبراهيم الهاشمي، وأبو محمد المُخَلّديّ، وآخرون. "حرف السين": 364- سَعِيد بْن عَبْد العزيز بْن مروان2: أبو عثمان الحلبيّ الزّاهد، نزيل دمشق. سمع: عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه الحلبيّ، وأبا نُعَيْم عُبَيْد بْن هشام، والقاسم الْجُوعيّ، وأحمد بْن أَبِي الحواري، ومحمد بْن مُصَفَّى الحمصيّ، وجماعة. وعنه: أبو الحُسين محمد بْن عَبْد اللَّه الرّازيّ وورّخه سنة سبع عشرة، وأبو

_ 1 الأنساب "493 ب". 2 طبقات الصوفية "100"، وحلية الأولياء "10/ 366"، والنجوم الزاهرة "3/ 227".

سليمان بْن زَبْر، وورّخه سنة ثمان عشرة، وعليّ بْن الحُسين الأَذَنيّ، وأبو أحمد الحاكم، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، وطائفة. وقال أبو أحمد الحاكم: كَانَ من عَبّاد اللَّه الصالحين. وقال السُّلَميّ: صحب سريًّا السَّقَطيّ، وهو من جلة مشايخ الشام وعلمائهم. وقال أبو نُعَيْم: تخرج بهِ إبراهيم بْن المولد، وغيره. وهو ملازم للشّرع، متبع لَهُ. رحمه اللَّه. 365- سليمان بْن أَبِي الشريف القُضاعيّ الْمَصْرِيّ: روى عَنْهُ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. وعنه: ابن يونس وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. "حرف الصاد": 366- صهيب بْن مَنِيع1: أبو القاسم القُرْطُبيّ. سمع كثيرًا من بَقِيّ بْن مَخْلَد، وابن وضّاح، وجماعة. وولي قضاء إشبيلية. وتُوُفّي في رجب. "حرف العين": 367- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عتاب العبْديّ2: عَنْ: الرَّماديّ، ومحمد بن عتاب بْن حِبّان. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وابن شاهين. وثّقه الخطيب، وورخه في المحرَّم.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 202" لابن الفرضي. 2 تاريخ بغداد "9/ 382".

368- عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق بْن سيامُرْد: أبو عَبْد الرَّحْمَن النَّهَاوَنْديّ. حدَّثَ في هذا العام بهمذان عَنْ: محمد بْن عُزَيز الأَيْليّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وحرب بْن إسماعيل الكَرْمانيّ، وأبي عُتْبة الحمصيّ، وطائفة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن الأنماطي، وصالح بن أحمد الهمذاني. وكان ثقة حافظًا. قاله الحافظ شِيرُوَيْه. 369- عَبْد اللَّه بْن جعفر بْن أحمد بْن خُشَيْش البغداديّ الصَّيْرفيّ1: أبو العبّاس. سمع: يعقوب الدَّوْرقيّ، وأبا شعث العِجْليّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ ووثَّقهُ، وابن شاهين. 370- عَبْد اللَّه بْن حَمُّوَيْه بْن إبراهيم الهَمْذانيّ: أبو بَكْر بْن أبْرك. سمع: يحيى بْن جعفر، والحنينيّ، والحسين بْن محمد بْن أَبِي مَعْشَر. وعنه: صالح بْن أحمد الحافظ. وكان ثقة. 371- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن مُسْلِم2: أبو بَكْر الإسْفَرائينيّ الحافظ. أحد المجوّدين الأثبات الطّوّافين في الأرض. سمع: محمد بْن يَحْيَى الذُّهليّ، وَالحَسَن بْن محمد الزَّعْفَرَانِيّ، وأبا زُرْعة الرّازيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وحاجب بْن سليمان، والعبّاس بْن الوليد بْن مُزْيَد. وعنه: أبو عبد الله بن الأخرم، وأبو علي الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وابن

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 428"، والمنتظم "6/ 234". 2 معجم البلدان "2/ 180"، وطبقات الحفاظ "331".

عديّ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، ومحمد بْن الفضل بْن خُزَيْمة، وآخرون. وُلِد سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين. ذكره ابن عساكر. 372- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن حَسَن1: أبو محمد الكلاعي، مولاهم القُرْطُبيّ، يُعرف بابن أخي ربيع الصائغ. سمع: عُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن يحيى، والأعناقيّ. وكان حافظًا بصيرًا بعلل الحديث ورجاله. اختصر "مُسْنِد بَقِيّ بْن مَخْلَد" وتفسيره. وكان ثقة. 373- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن حنين القُرْطُبيّ2: الحافظ أبو محمد ابْن أخي ربيع. سمع: عُبَيْد اللَّه بْن يحيى اللَّيْثيّ. فمن بعده. وحجَّ متأخرًا فسمع محمد بْن زبّان. أخذ عنه: أبو سَعِيد بْن يونس بمصر، وجماعة من كبار الحفاظ. 374- عَبْد الحَكَم بْن محمد بن سلّام3: أبو عثمان الصَّدَفيّ، مولاهم الْمَصْرِيّ. روى عَنْ: عيسى زُغْبة، وأبي الطاهر بْن السَّرْح، وذي النون الْمَصْرِيّ، وغيرهم. قَالَ ابن يونس: كَانَ صدوقًا إلّا إنّه انقطع من أوائل أصوله شيء، ولم يكن ممّن يميز، فحدث بما لم يسمع، فثبتّناه ورجَع. وكان كثير الحديث. قَالَ لي: وُلِدتُ سنة تسعٍ وعشرين ومائتين. قلتُ: روى عَنْهُ: ابن يونس، وأبو بكر بن المقري، وجماعة. 375- عَبْد الحميد بْن محمد بْن الحُسين:

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 223، 224"، لابن الفرضي. 2 انظر السابق. 3 سير أعلام النبلاء "11/ 461".

أبو أحمد البغداديّ السِّمْسار. ويُعرف بغلام ابن دَرَسْتُوَيْه. بلْخيّ الأصل. سمع: لُوَيْنًا، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ. وعنه: عُمَر بْن سُنْبُك، ويوسف القّواس. أحاديثه مستقيمة. 376- عَبْد العليم بْن محمد: أبو الحَسَن الدِّمْياطيّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، ويزيد بْن سِنان القزّاز، وغيرهما. ومات في ذي الحجّة. وكان مقبولًا عند الحُكّام، ويُعرف باللّوّاز. 377- عَبْد الملك بْن أحمد بْن نَصْر البغداديّ1: أبو الحُسين الحنّاط. سمع: زُهَيْر بْن قُمَيْر، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وجماعة في الرحلة. وعنه: أبو القاسم عَبْد اللَّه بْن النّحّاس، ويوسف القوّاس، وابن شاهين. وثّقه الخطيب. 378- عَبْد الواحد بْن محمد المهتديّ باللَّه بْن هارون الواثق بْن المعتصم2: أبو أحمد العباسيّ البغداديّ. سمع: يحيى بْن أَبِي طَالِب، وجعفر بْن شاكر، والحسين بْن محمد بْن أَبِي مَعْشَر. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص بْن شاهين، وأبو طاهر المخلّص. قَالَ أبو بَكْر الورّاق: كَانَ راهب بُنيّ هاشم صلاحًا وورعًا.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 427"، والمنتظم "6/ 234". 2 تاريخ بغداد "11/ 6، 7"، والمنتظم "6/ 235".

قلتُ: وأبوه أفقهُ الخلفاء. حديثه في جزئي. 379- عُرْوَة بْن حسين بْن عِيَاض: أبو الذّكر الْمَصْرِيّ. سمع: أحمد بْن أخي ابن وهْب. 380- عَمْرو بْن يوسف بْن مساور1: أبو بَكْر المعافريّ القُرْطُبيّ. روى عَنْ: محمد بْن وضّاح. وحجّ فلقي: عِمران بْن موسى بْن حُمَيْد. روى عَنْهُ: أحمد بْن بِشْر، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن عثمان، وغيرهما. تُوُفّي في شوّال. 381- عيسى بْن محمد الموسقنديّ الرّازيّ: والد محمد بْن عيسى. ثقة: سمع أبا زُرْعة، وجماعة. "حرف الفاء": 382- فَرج بْن إِسْحَاق القِتْبانيّ الْمَصْرِيّ: قَالَ ابن يونس: حكى لنا عَنِ الحارث بْن مسكين، وغيره. "حرف الميم": 383- محمد بْن إبراهيم بْن نيروز2: أبو بَكْر البغداديّ الأنماطي.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 319". 2 الفوائد العوالي المؤرخة "154"، وتاريخ بغداد "1/ 408"، وتاريخ حلب للعظيمي "285".

سمع: أبا حفص الفلّاس، ومحمد بْن المُثَنَّى، ومحمد بْن عوف الحمصيّ، وخلّاد بْن أسلم. وعنه: محمد بْن إبراهيم العاقوليّ، ومحمد بْن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القّواس ووثَّقهُ. أَخْبَرَنَا أبو المعالي المصري، أَنَا الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ، أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، ثَنَا عِيسَى بْنُ الْوَزِيرِ، أَنَا محمد بْن إبراهيم الأنماطيّ، ثنا الحسين بن مهدي، ثنا عبد الرزاق: سَمِعْتُ سُفْيَان الثَّوريّ يَقُولُ: مَا اسْتَوْدَعْتُ قَلْبِي شَيْئًا قَطُّ فَخَانَنِي. 384- محمد بْن أحمد بْن حمّاد زُغْبة بْن مُسْلِم: أبو عبد الله التُّجَيْبيّ الْمَصْرِيّ. يروي عَنْ: عمّه عيسى بْن حمّاد. وعنه: المصريون، وأبو بَكْر بْن المقرئ. توفي في ربيع الأول. 385- محمد بن أحمد بْن سهل بْن أَبِي زيد: أبو بَكْر الإخميميّ. سمع: الربيع، وبحر بْن نَصْر، وإبراهيم بْن مرزوق. تُوُفّي في صَفَر. قَالَ ابن يونس: كتبتُ عَنْهُ. 386- محمد بْن إبراهيم بْن المنذر1: الْإِمَام أبو بَكْر النَّيْسابوريّ الفقيه. صاحب التصانيف، نزل مكّة. صنَّف كُتُبًا لم يُصنَّف مثلها في الفقه، وغيره.

_ 1 طبقات فقهاء الشافعية للعبَّادي "267"، وطبقات الفقهاء للشيرازي "108"، والميزان "3/ 1450، 451"، والأعلام "6/ 184".

لَهُ كتابٌ "المبسوط في الفقه" وهو كتاب جليل، وكتاب "الإشراق في اختلاف العلماء" وهو مشهور، وكتاب "الإجماع" وكان عَلَى نهايةٍ من معرفة الحديث والاختلاف. وكان مجتهدًا لَا يُقَلِّد أحدًا. سمع: محمد بْن ميمون، ومحمد بْن إسماعيل الصائغ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن المقرئ، ومحمد بْن يحيى بْن عمّار الدِّمْياطيّ شيخ الطَّلَمَنْكيّ، والحَسَن بْن عليّ بْن شَعْبان، وأخوه الحُسين، وآخرون. قَالَ أبو إِسْحَاق الشِّيرازيّ: تُوُفّي سنة تسعٍ أو عشر. وهذا لَيْسَ بشيءٍ، فإن ابن عمّار لِقيه سنة عشرة. ووجدت ابن القطّان نقل وفاته في هذه السنة فلْيُعْتَمَد. 387- محمد بْن أحمد بْن مَعْمَر: أبو عيسى الحربيّ. سمع: عليّ بْن أشكاب، وأبا بَكْر الصَّغانيّ، وإبراهيم بْن هانئ. روى عَنْهُ: أبو حفص بْن شاهين أحاديث مستقيمة. 388- محمد بْن إبراهيم بْن مسرور1: أبو عبد الله بْن الحبّاب القُرْطُبيّ. روى عن: بَقيّ بن مَخْلَد ومحمد بن وضاح وكان بصيرًا بمذهب مالك وبالأحكام. لَهُ رئاسة وقدْر. تُوُفّي في رمضان. 389- محمد بْن إسماعيل بْن الفَرَج: المهندس أبو العبّاس. عَنْ: إبراهيم بْن مرزوق، والحَسَن بْن سليمان قُبَيْطة. وعنه: ابنه. وثقه ابن يونس.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 38"، "1201".

390- محمد بْن بَكْر بْن بكّار: أبو عبد الله الملائي العابد. في ذي القعدة. 391- محمد بْن الْحُسَيْن بْن حميد بْن الرَّبِيع اللخمي1: أبو الطيب الكوفي. من بيت علم. روى عَنْ: جَدّه، وأبي سَعِيد الأشج، وهارون بْن إِسْحَاق، والخضر بْن أبان الهاشْميّ. وعنه: أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو حفص بن الزيات، وابن المظفر، وأبو حفص الكناني. وكان ثقة يأمر بالمعروف وينهي عَنِ المُنْكَر. وُلِد سنة أربعين. 392- محمد بْن حَمْدان بن سفيان الطرائفي البغدادي2: فيها. حدث بهمذان عَنْ: عليّ بْن مُسْلِم الطُّوسيّ، وابن عَرَفَة، وأبي زُرْعة الرّازيّ. روى عَنْهُ: صالح بْن أحمد، وأبو عليّ بْن بشّار الهمْدانيّانّ، وابن المظفّر. 393- محمد بْن زُهَيْر بْن الفضل3: أبو يعلى الأبلي. سمع: بُنْدارًا محمد بْن بشّار، ونصْر بْن عليّ الْجَهْضميّ، وأزهر بْن جميل، وأحمد بْن عبدة الضبي.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 236"، والمنتظم "6/ 235". 2 تاريخ بغداد "2/ 286"، "761". 3 تاريخ جرجان "138"، للسهمي، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 28".

وعنه: الطَّبَرانيّ، وزاهر بْن أحمد السَّرْخَسيّ، وجماعة. وبَلَغَنا أَنَّهُ اختلط قبل موته بسنتين. 394- محمد بْن سَعِيد بْن محمد المَرْوَزِيّ1: أبو عبد الله البُورَقيّ. حدَّثَ ببغداد ونيسابور عَنْ: محمد بْن عليّ بْن شقيق، وأحمد بْن عَبْد اللَّه الفرْيانانيّ. وعنه: عيسى الرخجي، وغيره. وهو كذاب. قَالَ الْحَاكِمُ: مِنْ أَفْحَشِ مَا وَضَعَ، رِوَايَتُهُ عَنْ شَيْخٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي، وَيَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: محمد بْنُ إِدْرِيسَ فِتْنَتُهُ أَضَرُّ مِنْ فِتْنَةِ إِبْلِيسَ"2. تُوُفّي المُعَثَّر بمَرْو. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الشّافعيّ. وقال الخطيب في ترجمته: نا علي بن محمد الدينوري: حدثني حمزة السهي، قَالَ: محمد بْن سَعِيد البُورقيّ كذّاب، حدَّث بغير حديث وَضَعه. وقال الحاكم: قد وضع ما لَا يُحْصَى. وقال الخطيب: ما كَانَ أجرأه عَلَى الكذِب. قُلْتُ: وَمِمَّا وَضَعَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مَرْفُوعًا: "مَنْ تَرَكَ دِرْهَمَ مشبهةٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ. وَمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ". 395- محمد بْن الطَّيِّب: أبو نَصْر الكشي الزاهد. أجد الفقهاء العباد الرحالة في الحديث.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 308"، والميزان "3/ 566". 2 موضوع: ذُكر في المجروحين "3/ 46"، وميزان الاعتدال "421"، وفي جامع مسانيد أبي حنيفة "1/ 14"، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات "2/ 49" بنحوه.

سمع: محمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن أيوب الرازي، ويوسف القاضي، والموجودين قبل الثلاثمائة. وعنه: أبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وأبو الوليد حسّان بْن محمد، وأبو سَعِيد بْن أَبِي عثمان. قَالَ الحاكم: وكان حُسَيْنَك التَّميميّ سلّمهُ أبو موالي أَبِي نَصْر حتّى حجَّ بهِ وسمعه ببغداد. فسمعت حُسَيْنَك يذكر من اجتهاده وعبادته وورعه وصومه عجائب. 396- محمد بْن محمد بْن الربيع بْن سليمان المُرَاديّ: أبو سليمان. سمع: جَدّه، وبكار بْن قُتَيْبة. مات في ذي الحجّة. وعنه ابن يونس. 397- محمد بْن موسى بْن محمد بْن سُليمان بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله بْن عَبَّاس الهاشمي1: أبو بكر الزينبي المقرئ. قرأ عليّ قُنْبُل، وغيره. قرأ عَلَيْهِ: أبو بَكْر أحمد بْن محمد الشّارب، وأبو بَكْر أحمد بْن نَصْر الشّذَائيّ، وعليّ بْن محمد بْن خُشْنام المالكيّ، وأبو الفَرَج الشَّنَبوذيّ، وأحمد بْن محمد العِجْليّ شيخ الأهوازي، وآخرون. 398- محمد بْن يوسف بْن حمّاد2: أبو بَكْر الأَسْترَاباذيّ. ذكره حمزة في "تاريخ جُرْجان" فقال: كَانَ عنده كُتْب أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبة عَنْهُ. ومات بجُرْجان في رمضان سنة ثمان عشرة.

_ 1 غاية النهاية "2/ 267، 268"، "3489". 2 تاريخ جرجان "408"، والوافي بالوفيات "5/ 244".

قلت: وروى أيضًا عَنْ: عَبْد الأعلى بْن حمّاد، ومحمد بْن حُمَيْد، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو نُعَيْم بْن عديّ، ومحمد بْن الحَسَن بْن حَمُّوَيْه، وغيرهما. وكذا ورّخه ابن مَنْدَه. 399- مكحول بْن الفضل1: أبو مطيع النَّسَفيّ. عالم مصنف. سمع: أبا عيسى التِّرْمِذيّ، ومحمد بن أيّوب الرّازيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن حنبل. روى عَنْهُ: أحمد بْن محمد النَّسَفيّ. وكان من غلاة أصحاب الرأي. لَهُ كتابٌ في الحطَّ عَلَى الشّافعيّ. 400- موسى بْن هارون بْن كامل: أبو القامس الْمَصْرِيّ. في صَفَر. ووُلِد سنة ستٍّ وثلاثين ومائتين. "حرف الهاء": 401- هشام بْن الوليد الغافقيّ الأندلسيّ2: يروي عن: بَقيّ بْن مَخْلَد، ومحمد بْن وضّاح. وأخذ عَنْهُ جماعة. "حرف الواو": 402- الوليد بْن المُطَّلِب السَّهمي. عَنْ: هارون بْن سَعِيد الأَيْليّ. ورّخه ابن يونس.

_ 1 كشف الظنون "1430"، ومعجم المؤلفين "12/ 319". 2 تقدمت ترجمته برقم "341".

"حرف الياء": 403- يحيى بْن زكريّا1: أبو عليّ الرّازيّ حيّكَويْه. سمع: يحيى بْن عَبْدك القَزْوينيّ، ومحمد بْن عَبْد العزيز الدِّيَنَوَريّ. قَالَ الخليلي: أدركت جماعة من أصحابه. 404- يحيى بْن محمد بْن صاعد بْن مكاتب2: مولى أَبِي جعفر المنصور الهاشمي، أبو محمد البغداديّ الحافظ. سمع: محمد بْن سليمان لُوَيْن، والحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس، وسوّار بْن عَبْد اللَّه القاضي، وأحمد بْن مَنِيع، ويحيى بْن سليمان بْن نَضْلَة، والحَسَن بْن حمّاد سجّادة، وهارون بْن عَبْد اللَّه الحمّال، وأبا همام السكوني، وأبا عمار الحسين بن حريث المروزي، وعبد الله بن عِمران العابديّ، ومحمد بْن زُنْبُور الْمَكِّيّ، وخلْقًا سواهم بالحجاز، والعراق، والشام، ومصر. وعنه: أبو القاسم البَغَويّ مَعَ تقدُّمِهِ، ومحمد بْن عُمَر الْجِعَابيّ، وابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو القاسم بْن حَبَابَة، وأبو طاهر المخلّص، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي شُرَيْح، وأبو مُسْلِم الكاتب، وخلق كثير. ورواية البَغَويّ عَنْهُ في ترجمة ابن صاعد من "تاريخ دمشق" قَالَ ابن صاعد: ولدت سنة ثمان وعشرين، وكتبتُ الحديث عَنِ ابن ماسَرْجس سنة تسعٍ وثلاثين. وكان لابن صاعد أَخَوان: يوسف، وأحمد، وعمّ اسمه عَبْد اللَّه بْن صاعد. سُئل الدَّارَقُطْنيّ عَنْ يحيى فقال: ثقة، ثبتٌ، حافظ. وقال أحمد بْن عَبْدان الشِّيرازيّ: هُوَ أكثر حديثًا من ابن الباغَنْديّ، ولا يتقدمه أحدٌ في الدّراية. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: لم يكن بالعراق في أقران ابن صاعد أحدٌ في فهمه،

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "4/ 208". 2 تاريخ بغداد "14/ 231"، والمنتظم "6/ 235، 236"، والبداية "11/ 166"، وهدية العارفين "2/ 517".

والفهْم عندنا أجلّ من الحفظ. وهو فوق ابن أَبِي دَاوُد في الفهم والحفظ. وسُئل الْجِعَابيّ: أكان ابن صاعد يحفظ؟ فتبسم وقال: لَا يقال لأبي محمد يحفظ، كَانَ يدري. وقال البَرْقانيّ: قَالَ لي الفقيه أبو بَكْر الأَبْهَريّ: كنتُ عند ابن صاعد، فجاءته امرأة فقالت: ما تَقُولُ في بئر سقطت فيها دجاجة فماتت، هَلِ الماء طاهر أو نجس؟ فقال: ويْحَكِ، وكيف وقعت؟ ألّا غطَّيتيه. فقلتُ: يا هذه إنّ لم يكن الماء تغير فهو طاهر. قَالَ أبو بَكْر الخطيب. قد كان ابن صاعد ذا محل من العِلْم، وله تصانيف في السُّنَن والأحكام. ولعله لم يُجب المرأة ورعًا. فإنّ المسألة فيها خلاف. وتُوُفّي في ذي القعدة. قلتُ: وله كلام متين في الجرح والتّعديل والعِلَل، يدّل عَلَى تبحُّره وسعة عِلْمُه. وحديثه عند ابن اللُّتّيّ في غاية العلو. وقد أَنْبَأَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ محمد، عَنِ الْقَاسِمِ بْن عَلِيٍّ: أَنَا أَبِي، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أنا ابن الأبنوسي، أنا عيسى ابن الوزير: أنبا الْبَغَوِيِّ: ثنا يَحْيَى بْنُ محمد بْنِ صَاعِدٍ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ثِقَةٌ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرَكٍ ثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُسَيْرٍ، رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "لا يَأْتِيكَ مِنَ الْحَيَاءِ إِلا خَيْرٌ" 1. وَقَدْ حَدَّثَ ابْنُ صَاعِدٍ بِحَدِيثٍ اسْتَغْرَبُوهُ. قَالَ ابن المظفَّر: ثمّ وجدناه عند حُسين الصّفّار، فجئتُ ابن صاعد أَعْدو أَبَشِّره، فقال: يا صبيّ، أَنَا أحتاج إلى متابعة الصّفّار؟ فخجلتُ وقمتُ. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ الحافظ: سَمِعْتُ ابن صاعد يقول: كنت أسمع مشايخنا

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري بنحوه "6117"، وابن سعد في الطبقات "7/ 67، 68"، وذكره الخطيب في التاريخ "11/ 295"، وابن حجر في الإصابة "1/ 50".

يتجنبون أحاديث الضّعفاء وأصحاب الأهواء، ويقولون: إنّا إذا أجلسنا الأخيار مجالس الصّيادلة، وجلسنا مجالس النُّقّاد، ودَلَلْنا عَلَى موضع الثّقة والاعتماد، وهجرنا المغموز ودللنا عَلَى عُواره، وكشفنا عَنْ قناعِه، كُنَّا في ذَلِكَ كمن قمع المبتدعة وأحيى السنة. وفيات سنة تسع عشرة وثلاثمائة: "حرف الألف": 405- أَحْمَد بْن الحُسين بْن أَحْمَد بْن طلاب بْن كثير الدّمشقيّ1: أبو الْجَهْم المَشْغَرانيّ. أصله من بيت لهيا، وكان يؤدب بها. ثمّ انتقل إلى قرية مشغرا فصار خطيبها. وكان يتردد إلى دمشق فمات بها. قَالَ ابن زَبْر: سقط من دابته فمات لوقته. سمع: هشام بن عمّار، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وهشام بن خَالِد الأزرق، وعليّ بْن سهل الرَّمْليّ، وجماعة. وعنه: أبو الحُسين والد تمام الرّازيّ، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وآخرون. 406- أحمد بْن عليّ بْن مَعْبَد الشُّعَيْريّ2: سمع: الحَسَن بْن عَرَفَة، وأحمد بْن منصور زاج. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن أخي ميمي. قَالَ الخطيب: صدوق. 407- أحمد بْن محمد بْن إِسْحَاق: أبو جعفر العنزي.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 375"، العبر "2/ 175"، والتهذيب "6/ 449". 2 تاريخ بغداد "4/ 308".

روى عَنْهُ: عليّ بْن حُجْر، وغيره. وعنه: زاهر بْن أحمد السَّرْخَسيّ، وأبو حامد أحمد بْن عَبْد اللَّه النُّعَيْميّ. تُوُفّي في شهر ذي القعدة. وقع لنا حديثه. 408- إبراهيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ1: أَبُو إِسْحَاقَ الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ الحافظ. ويقال: إنّه أُمَوي. سمع: أحمد بْن إبراهيم بْن ملّاس، ومحمد بْن سَعِيد بْن أَبِي قفيز، وموسى بْن عامر المُرِّيّ، وشُعَيب بْن شُعَيْب، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وابن عَبْد الحَكَم، وجماعة. وعنه: ابنهُ محمد، وأبو سليمان بْن زَبْر، وابن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وحُمَيْد بْن الحَسَن الورّاق، وجماعة. وتُوُفّي في رجب. سمع بمصر، والشّام. 409- إبراهيم بْن محمد بْن بُقَيْرة، بموحدة، البغدادي2: أبو إسحاق البزاز. روى عنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وعليّ بْن الحُسين الدرهمي، ولوين، ويحيى بن أكثم. وعنه: أبو بكر بن شاذان، والدارقطني وقال: ضعيف. أرّخه ابن قانع. وأمّا أبو القاسم بْن الثّلّاج فقال: مات سنة 323. 410- إِسْحَاق بْن محمد الكيساني القَزْوينيّ3: الحافظ.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 225"، ومرآة الجنان "2/ 278". 2 تاريخ بغداد "5/ 158". 3 التدوين في أخبار قزوين "2/ 280، 281".

رَحل وسمع: عليّ بْن حرب، وأبا زُرْعة، ومحمد بْن مُسْلِم بْن وَارَةَ. 411- أسلم بْن عَبْد العزيز بْن هشام بْن خَالِد الأمويّ1: من وُلِد أبان مولى عثمان بْن عفان، أبو الْجَعْد الأندلسيّ الفقيه المالكيّ. كَانَ عظيم القدر، كبير الشّأن بعيد الصَّيت، وافر الجلالة، إمامًا فقيهًا، محدِّثًا رئيسًا نبيلًا. صحب بَقِيّ بْن مَخْلَد زمانًا. ورحل سنة ستين ومائتين، فلقي إبراهيم المُزَنيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عَبْد الله بن عبد الحكم. وعاد إلى الأندلس، وولي قضاء الجماعة للنّاصر لدين اللَّه أمير الأندلس. وكان محمود السّيرة. وكف بصره في الآخر وعجز عَنِ الحكم. وكان شديدًا عَلَى الشُّهُود. تُوُفّي في رجب. أرّخه ابن يونس. وهو أخو هاشم. 412- أوس بْن الحارث بْن إبراهيم بْن سهيل: أبو شَيْبة الصَّدَفيّ. في ذي الحجّة. روى عَنْ يونس الصَّدَفيّ. "حرف الجيم": 413- جعفر بْن محمد بْن المغلِّس البغداديّ2: أخو أحمد. سمع: حَوْثرة المِنْقَريّ، وأبا سَعِيد الأشجّ، وأحمد بْن سِنان القطّان. وعنه: ابن شاهين، وأبو حفص الكِنَانيّ. وثّقه الدَّارَقُطْنيّ.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 89"، لابن الفرضي، والمنتظم "6/ 237". 2 تاريخ بغداد "7/ 211، 212"، والمنتظم "6/ 237".

"حرف الحاء": 414- الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ صَالِحٍ1: أبو سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ الْعَدَوِيُّ الْمُلَقَّبُ بِالذِّئْبِ. نَزِيلُ بَغْدَادَ. حَدَّثَ بِافْتِرَائِهِ عَنْ: عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ، وَمُسَدَّدٍ، وَطَالُوتِ بْنِ عَبَّادٍ، وَكَامِلِ بْنِ طَلْحَةَ، وَخِرَاشِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ، وَعُمَرُ الْكَتَّانِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ شَاذَانَ، وَآخَرُونَ. وَزَعَمَ أَنَّهُ وُلِدَ سنة عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. قُلْتُ: جَرِيءٌ عَلَى وَضْعِ الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ. وَمِنْ مَوْضُوعَاتِهِ: "عَلَيْكُمْ بِالْوُجُوهِ الْمِلاحِ وَالْحَدَثِ السُّودِ". تُوُفّي في ربيع الأوَّل. 415- الحُسين بْن الحُسين2: أبو عبد الله الأنطاكي قاضي الثغور. سمع: سعْد بْن محمد البَيْروتيّ، ومحمد بْن أصْبغ بْن الفَرَج الْمَصْرِيّ، وغيرهما. روى عَنْهُ: الدَّارَقُطْنيّ، ومحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير، ويوسف القّواص، وأبو حفص بْن شاهين، والمعافي بْن زكريّا. وقد وثّقه الدَّارَقُطْنيّ والخطيب. وتُوُفّي ببغداد.

_ 1 المجروحين "1/ 241"، وتاريخ بغداد "7/ 381-384"، وميزان الاعتدال "1/ 506-509". 2 تاريخ بغداد "8/ 39"، والمنتظم "6/ 238"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 291".

"حرف الراء": 416- راغب بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيَاض الْمَصْرِيّ: أبو عَوَانة. سمع: بحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ. كُتُب عَنْهُ: أبو سَعِيد بْن يونس. "حرف السين": 417- سُفْيَان بْن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يحيى بْن مَنْدَه العبْديّ: أبو سَعِيد، أخو إِسْحَاق وإبراهيم. سمع: أحمد بْن يونس، وغيره. وعنه: أبو الشَّيْخ. 418- سليمان بْن محمد بْن إسماعيل1: أبو أيّوب الخُزاعيّ الدّمشقيّ. سمع: القاسم الْجُوعيّ، وهشام بْن خَالِد، ومحمد بْن وزير، وموسى بْن عامر المُرِّيّ. وعنه: أبو بَكْر، وأبو زُرْعة ابنا أَبِي دُجَانَة، وأحمد بْن محمد بْن مَعْيُوف، وابن عديّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وآخرون. تُوُفّي في ذي القعدة. 419- سلامة بْن عُمَر بْن حفص: أبو عُمَر الْمَصْرِيّ. عَنْ: أَبِيهِ، وغيره.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "10/ 186"، "88".

وعنه: ابن يونس، وقال: كتبتُ عَنْهُ، وأمره مستقيم ثمّ خلّط وحدَّثَ بما لم يسمع. قَالَ لي: إنّه وُلِد سنة تسعٍ وثلاثين ومائتين. ومات في سادس عشر ربيع الأوَّل. "حرف الطاء": 420- طاهر بْن محمد بْن الحَكَم1. أبو العبّاس التَّميميّ الدّمشقيّ المؤدِّب البزّاز. إمام مسجد سوق الأحد. سمع: هشام بن عمّار. وعنه: عليّ بْن عَمْرو الحريريّ، وأبو الحُسين الرّازيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. قَالَ ابن زَبْر: تُوُفّي سنة تسع عشرة. وقال أبو الحُسين الرّازيّ: تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. "حرف العين": 421- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمود2: أبو القاسم الكَعْبيّ البلْخيّ. رأس المعتزلة في زمانة وداعيتهم. قَالَ جعفر المُسْتَغِفريّ: لَا أستجيز الرواية عَنْ أمثاله. وقال غيره: أخذ الكَعْبيّ عَنْ أَبِي الحَسَن بْن أَبِي عَمْرو الخيّاط شيخ المعتزلة. وكان الكَعْبيّ يَقُولُ: إرادة اللَّه تعالي ليستا من صفات ذاته، ولا هِيَ قائمة بهِ، ولا هِيَ حادثة في محل ولا لَا في محلّ.

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "18/ 269". 2 الفرق بين الفرق للبغدادي "165-167"، وتاريخ بغداد "9/ 284"، والبداية "11/ 174".

ويقول: الله مريد لأفعاله، بمعني أَنَّهُ خالق لها عَلَى وفق عِلْمُه. روى عَنْهُ: محمد بْن زكريّا. ودخل نسف فأكرموا مورده، إلّا الحافظ عَبْد المؤمن بْن خَلَف، فإنه ما سَلْم عَلَيْهِ وكان يكفره. فسأل الكَعْبيّ عَنْهُ، فقالوا: لَا يدخل عليّ أحد. فقال: نَحْنُ نأتيه. فاتاه، فلمّا دخل عَلَيْهِ لم يقم لَهُ، ولم يلتفت إِلَيْهِ من محرابه. فعلم الكَعْبيّ، وحلف من بعيد: باللَّه عليك يا شيخ، أي لَا تَقُم؛ ودعا لَهُ قائمًا وانصرف، ودفع الخجل من نفسه. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة من السنة. 422- عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن هارون: أبو القاسم السَّمَرْقَنْديّ، ثمّ التِّنِّيسيَّ. روى عَنْ: عَبْد الغني بْن أَبِي عَقِيل، وجعفر بْن مسافر، وجماعة. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ تسع عشرة. 423- عُبَيْد اللَّه بْن ثابت بْن أحمد بْن خازم1: أبو الحَسَن الكوفيّ الحريريّ. سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، وعليّ بْن المنذر الطّريقيّ. وعنه: عَبْد العزيز الحرْقيّ، ومحمد بْن المظفّر، وأبو حفص بْن شاهين. وكان ثقة، صاحب حديث. نزل بغداد. 424- عَبْد الوهّاب بْن عيسى بْن أَبِي حيّة2: ورّاق الجاحظ. سمع: محمد بْن معاوية بْن مالج، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل. وعنه: ابن حَيَّوَيْه، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص الكتّانيّ.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 349"، "5494"، والمنتظم "6/ 238". 2 تاريخ بغداد "11/ 28، 29"، "5695".

قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: كَانَ ثقة، يُرمى بالوقف. قلتُ: تُوُفّي في شَعْبان. 425- عليّ بْن الحُسين بْن مَعْدان1: أبو الحَسَن الفارسيّ الفَسَويّ. سمع: إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وأبا عمار الحُسين بْن حُرَيْث. روى عَنْهُ: الحَسَن بْن أحمد أبو عليّ الفارسي النَّحْويّ جزءًا عند أَبِي محمد الجوهريّ. وروى عَنْهُ: أبو بَكْر محمد بْن أحمد الإصبهانيّ السِّمسار شيخ لأبي نُعَيْم، ومحمد بْن القاسم بْن بِشْر الفارسيّ شيخ ابن باكوَيْه. توفي في ربيع الأول. قال أبو القاسم بْن مَنْدَه. 426- عليّ بْن الحُسين بْن حرب بْن عيسى البغداديّ2: القاضي أبو عُبَيْد بْن حربَوَيْه. سمع: أحمد بْن المِقْدام العِجْليّ، ويوسف بْن موسى، والحَسَن بْن عَرَفَة، وزيد بن أخزم، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعُمَر بْن شاهين، وجماعة. قَالَ البَرْقانيّ: ذكرته للدارقطني فذكر من جلالته وفضله وقال: حدث عَنْهُ النَّسائيّ في "الصحيح". لم يحصل لي عَنْهُ حرف. وقد مات بعد أنّ كتبتُ بخمس سنين. قلت: ولى قضاء مصر ثماني عشرة سنة، فسار إليها في سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

_ 1 تاريخ جرجان "540"، وسير أعلام النبلاء "11/ 459". 2 الولاة والقضاة "482، 491"، للكندي، وتاريخ بغداد "11/ 395-398"، والبداية والنهاية "11/ 167".

قَالَ ابن زولاق: كَانَ عالمًا بالاختلاف والمعاني والقياس، عارفًا بعلم القرآن والحديث. فصيحًا عاقلًا عفيفًا، قوّالًا بالحقّ سمحًا متعصبًا. ثمّ ذكر ابن زولاق احترام أمير مصر تكين لَهُ. وأنّه كَانَ يأتي مجلسه، ولا يدعه يقوم له. وإذا هُوَ إلى مجلس تكين مشى تكين وتلقّاه. ولم يكن في زِيّه ولا منظره بذاك. وكان بوجهه جُدَرِيّ، ولكنه كَانَ من فُحُول العلماء. قَالَ الفقيه أبو بَكْر بْن الحدّاد: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد القاضي يَقُولُ: ما لي وللقضاء. لو اقتصرتُ عَلَى الوُراقة، ما كَانَ خطّي بالرديء. وكان رزقه في الشهر مائة وعشرين دينارًا. قَالَ ابن زولاق: قَالَ أبو عُبَيْد القاضي: ما تقلّد إلّا عصبي أو غبي. قال: فجمع أحكامه بمصر باختباره. وكان أولًا يذهب إلى قول أَبِي ثور. قَالَ: وكان يورث ذوي الأرحام. وقد ولي قضاء واسط قبل مصر. قَالَ: وأبو عُبَيْد آخر قاضٍ ركب إِلَيْهِ الأمراء بمصر. وقد تَسَرّى بمصر بجارية، فتجنت عَلَيْهِ وطلبت البيع. وكان بهِ فتْق. وذكر ابن زولاق حكايات عدة تدل عَلَى وقاره وكمال عقله وإمامته وعدله وورعه التام وقال: حدث عنه في سنة ثلاثمائة النسائي. وقال أبو زكريا النووي: كان من أصحاب الوجوه. تكرر ذكره في "المهذب" و"الروضة". وقال أبو سَعِيد بْن يونس الصَّدَفيّ: هُوَ قاضي مصر. أقام بها طويلًا. وكان شيئًا عجبًا، ما رأينا مثله لَا قبله ولا بعده. وكان يتفقه عَلَى مذهب أَبِي ثور، وعُزِل عَنِ القضاء سنة إحدى عشرة؛ لأنّه كُتُب يستعفي من القضاء، ووجّه رسولًا إلى بغداد يسأل في عزله، وأغلق بابه وامتنع من الحَكَم فاعفي. فحدَّث حين جاء عزله وأملى مجالس؛ ورجع إلى بغداد. وكان ثقة، ثَبْتًا، حدَّثَ عَنْ: زيد بْن أخزم، وأحمد بْن المِقْدام، وطبقتهما.

وروى الخطيب في تاريخه: أنّ ابن حربَوَيْه تُوُفّي في صَفَر، وصلّى عَلَيْهِ أبو سَعِيد الأصْطَخريّ. فأمّا: - أبو عُبَيْد اللَّه محمد بْن عَبْدة بْن حرب القاضي فقد مر سنة 313. "حرف الفاء": 427- الفضل بْن الخصيب بْن العبّاس بْن نَصْر1: أبو العبّاس الإصبهانيّ الزَّعْفرانيّ. سمع: أحمد بْن عَبْد اللَّه البزّيّ المقرئ، والنضر بْن سَلَمَةَ، وهارون الفَرَوِيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرّميّ. روى عَنْهُ: والد أَبِي نُعَيْم، وأبو أحمد العسّال، وأبو بكر بن المقرئ، والحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد، وغيرهم. وتُوُفّي في رمضان. قَالَ ابن مَرْدَوَيْه في تاريخه: كَانَ يذكر عَنْ أَبِي كُرَيْب حديثين، ثمّ زاد وكان يقرأ عَلَيْهِ من كُتُب أَبِي مسعود كلّ ما يُحمل إِلَيْهِ. "حرف اللام": 428- لُقمان بْن يوسف القَيْروانيّ2: سمع: يحيى بْن عُمَر، وابن مسكين صاحبَيْ سَحْنُون. وحج فأخذ عَنْ: عليّ بْن عَبْد العزيز، وغيره. وكان حافظًا صوّامًا قَوّامًا، عارفًا بمذهب مالك، بصيرًا باللّغة. ذهب بصرهُ مدّةً ثمّ أبْصر. وتوفي بتونس.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 154"، وسير أعلام النبلاء "11/ 479". 2 مدرسة الحديث في القيروان "2/ 691"، للحسين بن محمد شواط.

"حرف الميم": 429- محمد بْن جعفر بْن حيان الإصبهانيّ1: أبو عبد الله الضّرير. سمع: أحمد بْن عصام، ويونس بْن حبيب، وأحمد بْن يونس. روى عَنْهُ: ابنه أبو الشَّيْخ. 430- محمد بْن زيد بن أبي خَالِد البجّانيّ المالكيّ2: نزيل إلْبيرة بالأندلس. دارت عَلَيْهِ الفُتْيَا والأحكام. وقد أخذ عَنْهُ محمد بْن سَحْنُون. وفي الرحلة من ابن عَبْد الحَكَم. وطال عُمره، وحملوا عَنْهُ. 431- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن حَمْدَوَيْه بْن الحَكَم بْن ورق: أبو بَكْر الشّمّاخي الْبُخَارِيّ. عَنْ: سَعِيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن عيسى الطَّرَسُوسيّ، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وأبي حاتم الرّازيّ. وعنه: خَلَف الخيام، وأبو نَصْر محمد بْن سَعِيد التّاجر. 432- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن مَسَرّة الأندلسيّ3: رحل وسمع من: عُبَيْد اللَّه بْن يحيى اللَّيْثيّ، ومحمد بْن وضّاح، والخُشَنّي، ووالده عَبْد اللَّه بْن مَسَرّة. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: قَالَ لي خطّاب بْن مَسْلَمَة: اتُّهم بالزندقة فخرج فارًا، وتردد

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "271". 2 تقدمت ترجمته برقم "339". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 39" لابن الفرضي، وجذوة المقتبس للحميدي "63".

في المشرق مدة، فاشتغل بملاحات أهل الجدل وأصحاب الكلام والمعتزلة. ثمّ رجع إلى الأندلس، فأظهر نسكًا وورعًا، واغتر النّاس بظاهره، فاختلفوا إِلَيْهِ وسمعوا منه. ثمّ ظهر النّاس عليّ سوء معتقده وقبح مذهبه فانقبض عنه أولوا الفَهْم. وكان يَقُولُ بالقدر، ويحرف التأويل في كثير من القرآن. وله كلام عذب في التصوف والعرفان. ومات كهلا. 433- محمد بن عبد الصمد البغدادي1: أبو الطيب الدّقاق، ابن خالة البغوي. عن: حماد بن الحسن بن عنبسة، وطبقته. وعنه: أبو حفص بن شاهين، وابن أخي ميمي. 434- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عيسى بْن حماد زُغْبَة التُّجَيْبيّ: أَبُو الحسن المصري. يروى عَنْ: بحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، وغيره. 435- محمد بْن فطيس بْن واصل2: أبو عبد الله الغافقي الأندلسي إلبيري. محدِّث مُسْنِد بتلك الدّيار. روى عَنْ: محمد بْن أحمد العُتْبيّ الفقيه، وأبان بْن عيسى، وابن مزين. ورحل فسمع بمصر: أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وهْب، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن أصبغ، وأبا إبراهيم المُزَنيّ. وبإفريقية من: شجرة بْن عيسى، وابن عَون واسمه يحيى. وصنف كتاب "الروع والأهوال"، وكتاب "الدعاء".

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 377"، "887". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 40-42"، "1205"، وجذوة المقتبس للحميدي "84".

وكان عارفًا بمذهب مالك، وكانت رحلته إلى الشرق في سنة سبْعٍ وخمسين، فأكثرَ عَنْ أهل مكّة، ومصر، والقيروان. وسمع بأطرابلس من أحمد بْن عبد الله بن صالح الحافظ. وقال: ولقيتُ في رحلتي مائتي شيخ، ما رأيت فيهم مثل مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: كَانَ ابن فُطَيْس ضابطًا نبيلًا صدوقًا. وكانت الرحلة إِلَيْهِ. ثنا عَنْهُ غير واحد. تُوُفّي في شوّال، وهو ابن تسعين سنة. 436- محمد بْن موسى بْن سهل1 أبو بَكْر العطّار البَرْبَهاريّ: سمع: الحَسَن بْن عَرَفَة، وإِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ. وعنه: أبو الحَسَن عليّ الْجِراحيّ، والدَّارَقُطْنيّ. وثَّقوه. 437- محمد بْن المؤمِّل بْن أحمد بْن الحارث2: أبو جعفر الْقُرَشِيّ العَدَويّ. المجاور بمكّة. سمع: محمد بْن إسماعيل بْن عُلَيَّة بدمشق، والزُّبَير بْن بكّار، وجماعة. وعنه: جعفر الخُلْديّ، وأبو هاشم المؤدِّب، وأبو بَكْر بْن المقرئ. وكان ثقة نحويًا متقنًا. 438- المؤمِّل بْن الحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجس3: أبو الوفا النَّيْسابوريّ الماسَرْجسيّ شيخ نَيْسابور في عصره أُبُوَّةً وثروةً، حتّى كَانَ يضرب بهِ المثل في ذَلِكَ. وكان أَبُوهُ من بيت حشمة في النصاري، فأسلم عَلَى يد ابن المبارك. وهو من شيوخ النُّبْل. ولم يسمع المؤمِّل من أبيه لصغره.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 245"، "1331". 2 العقد الثمين "2/ 377"، وبغية الوعاة "1/ 253"، "469". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 803".

وسمع من: إِسْحَاق بْن منصور، ومحمد بْن يحيى الذُّهْليّ. وبالعراق من: الحَسَن بْن محمد بن الصباح، والرمادي، وطبقتهم. روى عنه: ابناه أبو بكر محمد، وأبو القاسم علي، وأبو إسحاق المزكي، وأبو محمد المُخَلّديّ، وأبو الحَسَن محمد بْن عليّ بْن سهل الماسَرْجسيّ الشّافعيّ، وجماعة. قَالَ أبو عليّ النَّيْسابوريّ: نظرت للمؤمل في ألف جزء من أصوله، وخرجت لَهُ عشرة أجزاء، فما رأيت أحسن أصولًا منه. فلمّا فرغتُ بعث إليَّ بأثوابٍ ومائة دينار. وقال الحاكم: سمعتُ محمد بْن المؤمِّل يَقُولُ: حجّ جدّي وهو ابن نيفٍ وسبعين سنة. فدعا اللَّه أن يرزقه ولدًا؛ فلما رزق أبي فسماه المؤمل لتحقيق ما أمله، وكناه أبو الوفا ليفي لله بالنذور، ووفاها. ويروى أنّ ابن طاهر أمير خراسان اقترض من ابن ماسَرْجس ألف ألف درهم. تُوُفّي المؤمِّل سنة تسع عشرة في ربيع الآخر. وقد روى من بيته غير واحد. "حرف الفاء مكرَّر": 439- فاطمة الأندلسية1: أخت يوسف بْن يحيى بْن يوسف المَغَامِيّ الفقيه. كانت فقيهة، عالمة، زاهدة، صالحة لها ذكر. - تُوُفّيت بُقْرطُبة سنة تسع عشرة. "حرف الهاء": 440- هاشم بْن القاسم بن هاشم2: أبو العباس الهاشمي.

_ 1 بغية الملتمس "547" للضبي. 2 تاريخ بغداد "4/ 68".

عَنْ: الزُّبَيْر بْن بكّار، والعبّاس بْن يزيد البَحْرانيّ. وعنه: أبو بَكْر بْن شاذان، ويوسف القوّاس. وثّقه الخطيب. وقال القوّاس: كَانَ يقال: إنّه راهب بُنيّ هاشم. "حرف الياء": 441- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن موسى الفارسيّ1: ثقة، صدوق. روى عَنْ: الربيع المؤذِّن، وطبقته. وكان تاجرًا موسرًا بمصر. مات في جُمَادَى الآخرة. قاله ابن يونس. وفيات سنة عشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 442- أحمد بْن جعفر2: أبو بَكْر النّاقد. سمع: الحَسَن بْن عَرَفَة، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، وغيرهما. وعنه: محمد بْن إِسْحَاق القَطِيعيّ، ويوسف القوّاس. بَقِيّ إلى هذا الوقت. 443- أحمد بْن الحَسَن بْن عزون بْن أَبِي الْجَعْد: أبو عَمْرو الطاهريّ. سمع من إبراهيم بن أحمد بن يعيش مسنده.

_ 1 المنتظم "6/ 240"، "389". 2 تاريخ بغداد "4/ 65"، "1686".

وعن: أحمد بْن بُدَيْل الكوفي، وعليّ بْن حرب، وحمدويه بْن عَبّاد. وعنه: صالح بْن أحمد، وعبد الرَّحْمَن بْن أحمد الأنماطي، وأهل همدان. 444- أحمد بن داود بن سليمان بن جوين: أبو بَكْر ابن القربيّ. مصري، ثقة. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع المُرَاديّ. 445- أحمد بن سعيد1: أبو الحارث الدمشقي. عن: الحسن بن أبي ربيع، وسعدان بن نصر، ويونس بن عبد الأعلى، وطائفة. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وابن المقرئ، وعبد الوهاب الكلابي. ويعرف بابن أم سَعِيد. 446- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد2: أبو جعفر ابن النِيريّ البزّاز. بغداديّ صدوق. سمع: أبا سَعِيد الأشجّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين، ويوسف القوّاس. 447- أحمد بْن عُمَيْر بْن يوسف بْن موسى بْن جوصا3: أبو الحَسَن، مولى بُنيّ هاشم. ويقال: مولى محمد بْن صالح، الكِلابيّ الدّمشقيّ حافظ الشام. سمع: موسى بْن عامر، ومحمد بْن وزير، ومحمد بْن هاشم البَعْلَبَكّيّ، وعمرو

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "19/ 567". 2 تاريخ بغداد "4/ 226"، "1930". 3 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 420"، والمنتظم "6/ 242"، والعبر "2/ 180، 181"، والبداية والنهاية "11/ 171".

ابن عثمان، وكثير بْن عُبَيْد، وأبا التقيّ هشام بْن عَبْد الملك، ومحمد بْن ميمون الإسكندرانيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وخلقًا بمصر والشام. وَصَنَّفَ وَتَكَلَّمَ عَلَى الْعِلَلِ وَالرِّجَالِ. وَأَعْلَى مَا وَقَعَ لَهُ مَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كَامِلِهِ. قَالَ: ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّحَبِيُّ: سَمِعْتُ حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: $"كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعْرَاتٌ بِيضٌ"1. قُلْتُ: وَحَدَّثَهُ أَيْضًا شَيْخٌ، عَنْ مَعْرُوفٍ الْخَيَّاطِ الَّذِي رَأَى وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ. روى عَنْهُ: حمزة الكِنَانيّ، وابن عديّ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، والطَّبَرانيّ، والزُّبَير بْن عَبْد الواحد، وأبو بَكْر بْن السُّنّي، وأبو أحمد الحاكم الحفاظ، وخلق آخرهم عَبْد الوهّاب الكِلابيّ. وثّقه الطَّبَرانيّ. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ: سمعتُ ابن جوصا يَقُولُ، وكان ركنًا من أركان الحديث: إسناد خمسين سنة من موت الشَّيْخ إسناد علو. وقال أبو ذرّ الهَرَوِيّ: سَمِعْتُ أبا مسعود الدّمشقيّ يَقُولُ: جاء رَجُل بغداديّ يحفظ إلى ابن جوصا، فقال لَهُ ابن جوصا: كلما أغربت عليَّ حديثًا من حديث الشّام أعطيتك درهمًا. فلم يزل الرجُل يُلقي عَلَيْهِ ما شاء اللَّه ولا يُغرب عَلَيْهِ، فاغتم لذلك الرجل، فقال للرجل: لَا تجزع. وأعطاه بكلّ حديث ذاكره بهِ درهمًا. وكان ابن جوصا ذا مالٍ كثير. وقال الحافظ عَبْد الغني الْمَصْرِيّ: سَمِعْتُ محمد بْن إبراهيم الكُرْجيّ يَقُولُ: ابن جَوْصا بالشّام كابن عُقْدة بالكوفة. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: أجمع أهل الكوفة عَلَى أَنَّهُ لم يُرَ من زمان ابن مسعود رضى الله عنه إلى زمان ابن عُقْدة أحفظ من ابن عُقْدة. قَالَ أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ الصّغير: نزلنا خانًا بدمشق العصر، ونحن عَلَى أنّ نبكر إلى ابن جَوْصا، فإذا الخانيّ يعدو ويقول: أَيْنَ أبو عليّ الحافظ؟ فقلت: ههنا.

_ 1 صحيح: أخرجه البخاري "3546".

قَالَ: قد حضره الشَّيْخ زائرًا. فإذا بابن جَوْصا عَلَى بغلةٍ، فنزل عليها، ثمّ صعد إلى غرفتنا، وسلَّمَ عَلَى أَبِي عليّ ورحَّبَ بهِ، وأخذ في المذاكرة معه إلى قرب العتمة. ثمّ قَالَ: يا أبا عليّ، جمعت حديث عَبْد اللَّه بْن دينار؟. قَالَ: نعم. قَالَ: أَخْرَجَهُ إليَّ. فأخرجه، فأخذه في كمه وقام. فلمّا أصبحنا جاءنا رسوله وحملنا إلى منزله، فذاكره أبو عليّ، وانتخب عَلَيْهِ إلى المساء. ثمّ انصرفنا إلى رحلنا، وجماعة من الرحالة ينتظرون أبا عليّ. فسلموا عَلَيْهِ، ثمّ ذكروا شأن ابن جَوْصا، وما نقموا عَلَيْهِ من الأحاديث الّتي أنكروها، وأبو عليّ يسكتهم ويقول: لَا تفعلوا. هذا إمام من أئمّة المسلمين، وقد جاز القنطرة. وقال حمزة الكِنَانيّ: عندي عَنِ ابن جَوْصا مائتي جزء، واليتها كانت بياضًا. وترك حمزة الرواية عَنْهُ أصلًا. وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدّارَقُطْنيّ عن ابن جَوْصا، فقال تفرَّد بأحاديث، ولم يكن بالقوي. قلت: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وهو ثقة، لَهُ غرائب كغيره من مبادرة الحديث، فما للضعف عَلَيْهِ مدخل. وقد روى عَنْهُ جماعة. قَالَ: أَنْبَأَ أَبُو التَّقِيِّ: نا بَقِيَّةُ، نا ورقاء وَابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا صَلاةَ إِلا الْمَكْتُوبَةُ" 1. فَأُنْكِرَ عَلَى ابْنِ جَوْصَا ذِكْرُ ابْنِ ثَوْبَانَ فِيهِ. وَالْخَطْبُ يَسِيرٌ. فَلَوْ كَانَ وَهْمًا لَمَا ضَرَّ، وَلَعَلَّهُ حفظه.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "710"، وأبو داود "1266"، والترمذي "421"، والنسائي "865"، وابن ماجه "1151"، والطبراني في معجمه الصغير "1/ 16، 192"، وغيره.

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ جَوْصَا، وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ ابْنُ الْمُقْرِئِ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ بَقِيِّ بْنِ أَبِي التَّقِيِّ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ جَدِّهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا قَالَ ابْنُ جَوْصَا. وَرَوَاهُ ثِقَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ محمد بْنِ عَنْبَسَةَ الْحِمْصِيِّ: ثنا أَبُو التَّقِيِّ، فَذَكَرَهُ كَذَلِكَ. فَبَرِئَ عَرْضُ ابْنِ جَوْصَا مِنَ الْحَدِيثِ. وَصَحَّ أَنَّ أَبَا التَّقِيِّ، وهو ثبت رواه عن بقية، عن وَرْقَاءَ، وَابْنِ ثَوْبَانَ. وَقَالَ ابْنُ عَنْبَسَةَ: مَا أَوْضَحَ ذَلِكَ. وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ عِنْدَ أَبِي التَّقِيِّ فِي مَوْضِعَيْنِ. مَوْضِعٍ عَنْ وَرْقَاءَ، وَمَوْضِعٍ عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، فَجَمَعَهُمَا. قُلْتُ: قَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ كَثِيرًا مَا يُحَدِّثُ بالحديث عن بقية، عن ورقاء وحده. فلهذه وَقَعَ الْكَلَامُ فِيهِ. قَالَ حمزة الكِنَانيّ: سَمِعْتُ ابن جَوْصا يَقُولُ: كُنَّا ببغداد، فتذاكروا حديث أيّوب وأشباهه، فقلت: إيش أسند جُنَادَةُ عَنْ عبادة؟ فسكتوا. ثمّ قلت: أي شيء أسند عُمَر بْن عَمْرو الأحموسي؟ فلم يجيبوا بشيء. وقال أبو عليّ النَّيْسابوريّ الحافظ: إنّما حدثونا عَنْ أَبِي التقي رواية ابن ثوبان، وهي عَنْ بقية، عَنِ ابن ثوبان، عَنْ عطاء بْن يسار، لَيْسَ فيه عَمْرو بْن دينار. وذكر حكاية طويلة. 448- أحمد بْن القاسم بْن نصر1: أبو بكر، أخو أبي الَّليْث الفرائضيّ. سمع: لُوَيْنًا، وإِسْحَاق بْن أَبِي إسرائيل، والحَسَن بْن حمّاد سجادة، وأبا همام السَّكُونيّ. وعنه: أبو حفص بْن شاهين، والكناني.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 352"، والعبر "2/ 181"، وشذرات الذهب "2/ 285".

وثّقه الخطيب وعمِّر ثمانيًا وتسعين سنة، فإنه وُلِد سنة اثنتين وعشرين ومائتين، وتُوُفّي في ذي الحجّة من هذه السّنة. 449- أحمد بْن محمد بْن أُسَيْد المَدِينيّ1: أبو أُسَيْد. رحل، وسمع من بحر بن نَصْر، وابن أَبِي مَسَرّة، ومحمد بْن إسماعيل الأُحْمُسيّ، ومحمد بْن ثُواب الهبّاريّ، وأحمد بْن الفُرات الرّازيّ. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُمَر القاضي، وأبو بَكْر أحمد بْن محمد بْن إبراهيم القطّان، وسليمان بْن أحمد الطَّبَرانيّ، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن الحَجّاج. تُوُفّي فِي رَمَضَان. 450- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سهل: أبو بَكْر البلْخيّ القاضي. من جِلّة علماء بلده. 451- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم2: أَبُو إِسْحَاق العُمَريّ الكوفي. عَنْ: أَبِي كُرَيْب، وسَلْم بْن جُنَادَةَ، وابن عَرَفَة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ومحمد بْن المظفّر. حدَّثَ ببغداد، وتكلّموا فيه ولم يُتْرَك. وكان أحد الشُّهُود. 452- إبراهيم بْن محمد بْن يحيى بْن مَنْدَه العبْديّ الأصبهاني3: الحافظ ابن الحافظ أبو إِسْحَاق. تامّ العناية بالحديث. صنَّف الشيوخ، وروى عَنْ أحمد بْن خُشْنام، وإبراهيم بن

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 66". 2 تاريخ بغداد "6/ 158"، "3203". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 197، 198".

سَعْدان، وعليّ بْن محمد بْن عَبْد الوهّاب المَرْوَزِيّ، وعبد الله بن محمد بن النعمان. وعنه: أبو الشَّيخ، وأبو إسحاق بن حمزة، وعبد الله بن محمد بن الحجاج. توفي في رمضان. 453- إسحاق بن موسى بن سعيد الرملي1: سكن بغداد. وحدث عَنْ: محمد بْن عَوْف، والعبّاس البَيْروتيّ. وروى عَنْ أَبِي دَاوُد السُّنَن. روى عَنْهُ: المُعَافَى بْن زكريّا الْجَرِيريّ، ويوسف القواس، وعمر بن شاهين. وثقه الدارقطني. 454- إسماعيل بن عباد2: أبو علي القطان. سمع: عباد بن يعقوب الرواجني، وأحمد بن المقدام. وعنه: عمر بن شاهين، وأبو بكر بن شاذان، وأبو الفتح القواس. محله الصدق. 455- أيوب بن سليمان بن نصر المري الأندلسي المالكي3: كان مفتي مدينة البيرة في وقته. وروى عن: بَقيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضاح، وابنه سليمان. "حرف الباء": 456- بُرْد بْن عَبْد الله: مولى جعفر الفهري.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 395"، والمنتظم "6/ 242"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 453". 2 تاريخ بغداد "6/ 298"، "3334". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 86" لابن الفرضي، وبغية الملتمس "238" للضبي.

يروى عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وبحر بْن نَصْر. وكان ثقة. غرق في بحر عَيْذاب. 457- بُكَيْر الشراك: الزّاهد. من مشايخ الطّريق. سكن الشُّونِيزيّة. ورّخهُ السُّلَميّ. "حرف الجيم": 458- جعفر أبو الفضل المقتدر باللَّه1: أمير المؤمنين ابن المعتضد باللَّه أَبِي العبّاس أحمد بْن أَبِي أحمد طلحة بْن المتوكل عَلَى اللَّه العبّاسيّ. بُويع بعد أخيه المكتفي باللَّه عليّ في سنة خمس وتسعين ومائتين، وسِنُّه ثلاث عشرة سنة، ولم يَلِ أمرَ الأَمّة قبله أحدٌ أصغر منه. ولهذا انخرم النظام في أيّامه، وجرت أشياء قد ذكرنا بعضها في الوقائع. وقُتل في شوّال من السنة كما شرحنا. وقد خُلِع في أوائل خلافته لعبد اللَّه بْن المعتزّ، فلم يتم الأمر، وقُتِل ابن المعتّز، وأُعيدَ إلى الخلافة. ثمّ خُلِعَ في سنة سبْعٍ عشرة، وكتب خطّه لهم بخلع نفسه، وبايعوا أخاه القاهر بالله محمدًا. ثمّ بعد ثلاثة أيّام أُعيد المقتدر، وجددت لَهُ البيعة. وكان ربعة جميل الوجه، أبيض، مشربًا حُمْرة. قد عاجَلَه الشَّيْب بعارضيه. وكان لَهُ يوم قُتِل ثمان وثلاثون سنة. قَالَ المحسّن التّنُوخيّ: كَانَ جيّد العقل، صحيح الرّأي، ولكنّه مُؤْثِرًا للشَّهوات. لقد سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليّ بْن عيسى يَقُولُ: ما هو إلّا أن يترك هذا الرجل، يعني

_ 1 تاريخ الطبري "10/ 42، 139-147"، والتنبيه والإشراف "326-336"، والعبر "2/ 181، 182"، والبداية والنهاية "11/ 169"، والوافي بالوفيات "11/ 94، 95".

المقتدر، النبيذ خمسة أيّام، فكان ربّما يكون في أصالة الرأي كالمأمون والمعتضد. وكان قتله في شوّال، رماه بربريُّ بحربةٍ فقتله في موكبه. وقد ولي الخلافة من أولاده ثلاثة: الراضي، والمتقي، والمطيع. وهكذا اتفق للمتوكل؛ قتل وولي الخلافة من أولاده ثلاثة: المنتصر، والمعتّز، والمعتمد. وفي أولاد الرشيد ثلاثة وُلّوا الأمرَ: الأمين، والمأمون، والمعتصم. وأمّا عَبْد الملك فولي الأمر من أولاده أربعة. ولا نظير لذلك إلّا في الملوك. فإن الملك العادل ولي السّلطنَة من أولاده بدمشق أربعة وهم: المعظَّم، والأشرف، والكامل، والصالح إسماعيل. "حرف الحاء": 459- حديد بْن موسى: أبو القاسم الْمَصْرِيّ الخيّاش. سمع: أبا أمية الطَّرَسُوسيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الحَكَم. وثّقه ابن يونس، وكتب عَنْهُ. 460- الحُرّ بْن محمد بْن الحُسين بْن أشكاب1: سمع: أَبَاهُ وعمه عليًّا، وإبراهيم بْن مجشر، والزُّبَير بْن بكّار. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين، ومحمد بْن إسماعيل الورّاق. وثّقه الخطيب وورّخه. 461- الحَسَن بْن محمد بْن عُمَر بْن سِنان2: أبو عليّ. نَيْسابوريّ. حجّ وحدَّثَ ببغداد عَنْ: أحمد بْن يوسف السُّلَميّ، ومحمد بْن يحيى. وعنه: أبو الحُسين بْن البّواب، ويوسف القوّاس. وكان ثقة. تُوُفّي ببغداد.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 288"، "4490". 2 تاريخ بغداد "7/ 417"، "3971".

462- الحُسين بْن صالح بْن خَيْران: أبو عليّ. في الكنى. يأتي آخر السنة. "حرف الزاي": 463- الزُّبَيْر بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان1: أَبُو عَبْد اللَّه الزبيري الفقيه الشّافعيّ. تُوُفّي في صَفَر بالبصرة. وصلّى عَلَيْهِ ابنُه أبو عاصم. وقد تقدَّم ذِكره. لَهُ مصنَّفات. "حرف السين": 464- سليمان بْن دَاوُد النَّيْسابوريّ: سمع: محمد بْن يحيى، ويزيد بْن عَبْد الصَّمد الدّمشقيّ، وأبا قِلابة الرقاشي. وعنه: يحيى العَنْبريّ، وغيره. "حرف العين": 465- العبّاس بْن بِشْر بْن عيسى بْن الأشعث2: أبو الفضل الرُّخَّجيّ. بغداديّ نبيل. حدث عن: يعقوب الدَّوْرقيّ، وأبي حذافة السَّهميّ، وطبقتهما. وعنه: ابن شاهين، ويوسف القواس، وزوج الحرة. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ليس به بأس.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 471"، ووفيات الأعيان "2/ 69"، ونكت الهميان "153". 2 المنتظم "6" 246"، "401".

466- العبّاس بْن الوليد بْن شجاع1: أبو الفضل الإصبهانيّ. روى عَنْ: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، وأحمد بْن منصور زاج. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الشَّيْخ، وحسين بْن محمد بْن عليّ، وابن المقرئ. 467- عَبْد اللَّه بْن حمشاد بْن جَنْدَل: أبو عَبْد الرَّحْمَن النَّيْسابوريّ المطَّوِّعيّ. سمع: محمد بْن يزيد، وسهل بْن عمار النَّيْسابوريَّيْن، وأبا قلابة، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي مَسَرّة. وعنه: ابنه أبو بَكْر، وأبو عليّ الماسَرْجسيّ، وغيرهما. 468- عَبْد اللَّه بْن عتّاب بْن أحمد بْن كثير الْبَصْرِيّ الأصل الدّمشقيّ2: أبو العبّاس بْن الزّفْتيّ. سمع: هشام بن عمّار، ودُحَيْمًا، وأحمد بْن أَبِي الحواري، وعيسى بْن حمّاد، وهارون بْن سَعِيد الأَيْليّ. وعنه: عليّ بْن عَمْرو الحريريّ، وأبو سليمان بْن زَبْر، وشافع بْن محمد الإسْفَرائينيّ، وأبو أحمد الحاكم، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وجماعة. وُلِد سنة أربعٍ وعشرين ومائتين. قَالَ أبو أحمد الحاكم: رأيناه ثبتًا. قلت: كَانَ أسند من بقي بالشّام. عمّر ستًّا وتسعين سنة. ومات في رجب. وله مزرعة قِبْليّ المُصَلِّي. 469- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْد الكريم بْن يزيد بْن فَرُّوخ بْن دَاوُد3: أبو القاسم الرّازيّ ابن أخي الحافظ أبي زرعة. ولاؤهم لبني مخزوم.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 142". 2 تاريخ جرجان "138"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 194، 195". 3 العبر "12/ 183"، والوافي بالوفيات "17/ 480"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 76، 77".

ويروى عَنْ: عمّه، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، ويوسف بن سعيد بن مسلم، ومحمد بن عيسى بن حيان المدائني، والعراقيين، والرازيين، والمصريين. روى عنه: والد أبي نعيم، والحَسَن بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم، وابن المقرئ، وأبو بكر محمد بن عبيد الله الذكواني، وأحمد بن أبي أحمد العسال، وخلق سواهم. وكان صاحب أصول، ثقة. قاله أبو نُعَيْم، وقال: تُوُفّي عندنا بإصبهان. 470- عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق بْن محمد بن معمر بن حبيب الجوهري السامري1: أبو علي القاضي. محدِّث، رحّال مُكْثِر. روى عَنْ: عليّ بْن حرب، والربيع المُرَاديّ، ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن عبد الحكم. قال ابن يونس: ناب في القضاء بمصر، وكان ثقة. توفّي في ربيع الآخر. قلت: روى عنه: ابن المقرئ، والطبراني، وغيرهما. وكان مولده في سنة إحدى وخمسين ومائتين. قلت: عمل قضاء ديار مصر وحده؛ لأن الذي استنابه كان ببغداد؛ وهو هارون بن إبراهيم بن حماد. قال ابن زولاق: كان عاقلا فقيها حاسبا خبيرا بالدور. له حلقة بالجامع. حدث عَنْ عليّ بْن حرب بنحو خمسين جزءًا، وعن الربيع بأكثر كُتَب الشّافعيّ. وكان يتأدَّب مَعَ الطَّحَاويّ كثيرًا، وكان يقول: هو أسن منّي بإحدى عشرة سنة، ولو أنها إحدى عشرة ساعة. والقضاء أقلّ من أنّ أفخر بهِ عَلَى أَبِي جعفر. وكانت ولايته سنة وشهرين، وعزل. - عبد الرحمن بن الخليل أبو زيد التونسي المقرئ. يروي عن شجرة بن عيسى.

_ 1 الولاة والقضاة "450، 482، 483، 535-537" للكندي، وحسن المحاضرة "2/ 145".

471- عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن مَنْدَه العبْديّ1: أبو محمد الإصبهانيّ، أخو محمد. سمع: عَقِيل بْن يحيى، وأحمد بْن الفُرات، ويحيى بْن حاتم. وعنه: أبو الشَّيْخ، وابن المقرئ، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه الحافظ، وعَبْد اللَّه بْن محمد بْن الحَجّاج. 472- عثمان بْن سَعِيد الكِنَانيّ الْجَيَّانيّ: أبو سَعِيد. يُعرف بحُرْقُوص. سمع: بَقِيّ بْن مَخْلَد، وكان من كبار أصحابه وكان بارعًا في الأدب. تُوُفّي قريبًا من سنة عشرين. 473- علوان بْن الحُسين2: أبو اليسير المالكيّ البغداديّ. رحل، وسمع من: إِسْحَاق الدَّبَريّ، وطائفة. وعنه: ابن شاهين، والقوّاس. 474- عليّ بْن محمد بْن عليّ ابن الخُرَاسَانيّ: أبو الحَسَن الْأَزْدِيّ القطّان. دمشقي، سمع: محمد بْن عَوْف، ويونس بْن عَبْد الأعلى، وجماعة. وعنه: أبو هاشم المؤدِّب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 475- عيسى بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو3: أبو حسان البغداديّ العُثْمانيّ. شيخ. حدَّثَ بما وراء النهر بالعجائب.

_ 1 الولاة والقضاة "536". 2 تاريخ بغداد "12/ 318"، "6762". 3 ميزان الاعتدال "3/ 317"، المغني في الضعفاء "2/ 499".

عن: علي بن حُجْر، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب، والفلاس. روى عنه: عبد المؤمن، ومحمد بن زكريا، وأهل نسف. وادعى أنه سمع من آمنة بنت أنس بْن مالك. وهذا يكفيه في الفضيحة. قاله المستغفريّ. "حرف القاف": 476- القاسم بْن بَكْر الطَّيالِسيّ1: بغداديّ، ثقة، نبيل. سمع: الرَّماديّ، وأحمد بْن شَيْبان، وبكّار بْن قُتَيْبة. وعنه: ابن المظفّر، وابن حَيَّوَيْهِ، ويوسف القوّاس. "حرف الميم": 477- محمد بْن إبراهيم بْن حفص بْن شاهين البغداديّ البزاز2: سمع: محمد بْن الوليد البُسْريّ، والحَسَن بْن أَبِي الربيع، ويوسف بْن موسى. وعنه: أبو بَكْر الورّاق، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص الكِنَانيّ. ومات فجأة في رمضان. 478- محمد بْن حَسَن بْن أزهر3: أبو بَكْر القَطَائعيّ الأصمّ الدّعّاء. حدَّثَ عَنْ: عُمَر بْن شَبَّة، وقَعْنَب بْن المحرّر، وجماعة. روى عَنْهُ: محمد بْن بَخِيت، وأبو حفص الكِنَانيّ. روى عَنْهُ ابن السّمّاك كتاب "الحِيدَة". قَالَ الخطيب: كَانَ غير ثقة، يروي الموضوعات.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 445". 2 المنتظم "6/ 246". 3 تاريخ بغداد "2/ 193"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 51"، "2943"، والميزان "3/ 517، 518".

479- محمد بْن حمدون بْن خَالِد النَّيْسابوريّ. أبو بَكْر. أحد الثقات الرّحّالين. سمع: محمد بْن يحيى، وأبا زُرْعة، وابن وارة، والربيع بْن سليمان، وسليمان بْن سيف الحرّانيّ، وأبا أمية الطَّرَسُوسيّ، وعبّاسًا الدُّوريّ. وعنه: محمد بْن صالح بْن هانئ، وأبو عليّ الحافظ، والحَسَن بْن أحمد المُخَلّديّ، وأبو طاهر بْن خُزَيْمة، وأبو بَكْر بْن مِهْران المقرئ، وطائفة. عاش سبْعًا وثمانين سنة. تُوُفّي في ربيع الآخر. قَالَ الحاكم: كَانَ من الثّقات الأثبات الجوّالين في أقطار الأرض، رحمه اللَّه تعالى. 480- محمد بْن زكريّا بْن إبراهيم الدّقاق1: بغداديّ. روى عَنْ: شُعَيْب الصَّرِيفينيّ، وعليّ بْن حرب. وعنه: أبو الفتح الْأَزْدِيّ، ويوسف القواس مما صح. 481- محمد بْن سَعِيد بْن حاتم2: أبو جعفر الْبُخَارِيّ الزَّنْدَنيّ. من قَرْية زَنْدَنَة. سمع: سَعِيد بْن مسعود المَرْوَزِيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن واصل، وأبا صَفْوان إِسْحَاق بْن أحمد. وعنه: محمد بْن حمّ بْن ثابت، وأهل بُخَارَى. 482- محمد بْن سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن: أبو عبد الله التستري الزاهد.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 287". 2 الأنساب "6/ 315"، ومعجم البلدان "3/ 154".

حدَّثَ بمصر عَنْ: أَبِي يوسف القُلُوسيّ، وأحمد بْن أَبِي غَرَزَة، والمسلم بْن محمد بْن المسلم اليَمَانيّ صاحب عَبْد الرّزّاق. قَالَ ابن يونس: كتبنا عنه، وكان من أهل الورع. ثقة. مات بمصر في رمضان. 483- محمد بْن موسى: أبو عليّ الواسطيّ، قاضي الرملة. قَالَ ابن يونس: كَانَ عالمًا باللغة والتفسير، وتفقه عَلَى مذهب أهل الظّاهر. وقد رُمي بالقدر. تُوُفّي في ربيع الأوّل. 484- محمد بْن هارون بْن محمد بْن إِسْحَاق العبّاسيّ: أبو عبد الله، خطيب مصر. ولد بمكة؛ وروى عَنْ: محمد بْن إسماعيل الصّائغ، وابن أَبِي مَسَرّة. وكان نبيلًا صدوقًا. تُوُفّي بمصر. وقد حدَّثَ عَنْ أَبِيهِ بكتاب "أخبار دولة بُنيّ العبّاس". 485- محمد بْن هارون بْن الحَجّاج1: أبو بَكْر القَزْوينيّ. إمام جامع قزوين. سمع: أَبَاهُ، وإسماعيل بْن توبة، ويحيى بْن عبدك، وأبا زُرْعة الرّازيّ، وسَعْدان بْن نَصْر، ومحمد بْن عَبْد الملك الدقيقي. وطائفة. وكان ثقة، أكثرَ عَنْ أَبِي زُرْعة. روى عَنْهُ أهلُ بلده.

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "2/ 42".

486- محمد بْن يوسف بْن مطر بْن صالح بْن بِشْر1. أبو عبد الله الفِرَبْرِيّ. سمع "الصَّحيح" من أَبِي عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ بفِربْر في ثلاث سنين. وسمع من عليّ بْن خَشْرَم لمّا قدِم فِرَبْر مرابطًا. قَالَ ابن السمعانيّ في أماليه: كَانَ ثقة، ورعًا. وُلِد سنة إحدى وثلاثين ومائتين. قلت: أخطأ من قَالَ: إنّه سمع من قُتَيْبة. روى عَنْهُ الصحيح: أبو زيد المَرْوَزِيّ الفقيه، ومحمد بْن عُمَر الشّبويّ، وأبو محمد بْن حَمُّوَيْه، وأبو الهَيْثَم الكُشْمَيهنيّ، وأبو إِسْحَاق المُسْتملي، وأبو حامد أحمد بْن عَبْد اللَّه النُّعَيْميّ، وإسماعيل بْن حاجب الكُشَانيّ وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُ. وقد علَّى في "صحيح الْبُخَارِيّ" حديث رحلة موسى إلى الخضر2 فقال: ثناه عليّ بْن خَشْرَم، ثنا سُفْيَان، فذكره. تُوُفّي في شوّال من السنة لعشر بقين منه. وسماعه للصّحيح سنة ثمانٍ وأربعين ومائتين. وأيضًا مرةً أخرى سنة اثنتين وخمسين ومائتين. وكانت رحلة المستملي إليه في سنة أربع عشرة وثلاثمائة وسمع منه الحمويّ في سنة خمس عشرة، وست عشرة. وقال أبو زيد: رحلت إلى الفِرَبْرِيّ سنة ثماني عشرة. وقال أبو الهَيْثَم: سَمِعْتُ منه "الصّحيح" بفِرَبْر في ربيع الأوّل سنة عشرين. وحدَّثَ عَنِ الفِرَبْرِيّ بالصّحيح: أبو عليّ سَعِيد بْن السَّكَن الحافظ بمصر في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة. فهو أوّل من حدَّثَ بالكتاب عَنِ الفِرَبْرِيّ، وأعلمهم بالحديث. وروى عَنِ الفِرَبْرِيّ أَنَّهُ قَالَ: سمع الصحيح من الْبُخَارِيّ تسعون ألف رَجُل، فما بقي أحد يرويه غيري.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "7/ 84"، والأنساب "9/ 260، 261"، ومعجم البلدان "4/ 246"، والأعلام "7/ 148". 2 أخرجه البخاري في أكثر من موضع فراجعه في: "4725، 4726، 4727".

والفِرَبْرِيّ بكسر الفاء وفتْحها، نسبةً إلى قرية فِرَبْر من قرى بُخَارَى. ذكر الوجهين عِيَاض، وابن قُرْقُول، والحازميّ، وقال: الفتح أشهر. وما ذكر ابن ماكولا غير الفتح. 487- محمد بْن يوسف بْن يعقوب بْن إسماعيل بْن حمّاد بْن زيد الْأَزْدِيّ1: مولاهم أبو عُمَر البغداديّ القاضي. سمع: الحَسَن بْن أَبِي الربيع، وزيد بْن أخزم، ومحمد بْن الوليد البُسْريّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو بَكْر الأَبْهَريّ، وأبو القاسم بْن حَبَابَة، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وآخرون. مولده بالبصرة سنة ثلاثٍ وأربعين ومائتين. وولي قضاء مدينة المنصور سنة أربع وثمانين. وكان لَا نظير لَهُ في الحكام عقلًا وحِلْمًا وذكاء، حتّى أنّ الرجل كَانَ إذا بالغ في وصف الشخص قَالَ: كأنه أبو عُمَر القاضي. وقلده المقتدر قضاء الجانب الشرقي وعدة نواح، ثمّ قلده قضاء القضاة سنة سبْعٍ عشرة وثلاثمائة. وحمل النّاس عَنْهُ علمًا واسعًا من الحديث والفقه. ولم يرَ الناسُ ببغداد أحسن من مجلسه. كَانَ يجلس للحديث، والبَغَويّ عَنْ يمينه، وابن صاعد عَنْ يساره، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ بين يديه. وكان يذكر أنّ جَدّه لقنه حديثًا وهو ابن أربع سنين، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الحَسَن. قَالَ: "لَا بأس بالكُحل للصّائم" 2. قَالَ الخطيب: هُوَ ممّن لَا نظير لَهُ في الأحكام عقلًا وذكاءً واستيفاءً للمعاني

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 401"، والعبر "2/ 183"، والبداية والنهاية "11/ 171"، وتاريخ الخلفاء "386". 2 أخرجه عبد الرزاق "7516"، في مصنفه.

الكثيرة بالألفاظ اليسيرة. وكان الإنسان إذا امتلأ غيظًا قَالَ: لو أنّي أبو عُمَر القاضي ما صبرتُ. استخلف ولده عَلَى قضاء الجانب الشرقي. قَالَ الخطيب: وحمل النّاس عَنْهُ علمًا واسعًا، وكتب الفقه لإسماعيل القاضي، وقطعةً من التفسير. وعمل مُسْنَدًا كبيرًا قرأ أكثره عَلَى الناس. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْمَعَالِي الأَبْرقُوهِيِّ: أَخْبَرَكُمُ الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ الْكَاتِبُ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ النَّقُّورِ، ثنا عِيسَى بْنُ الْجَرَّاحِ: قُرِئَ عَلَى أَبِي عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ الْقَاضِي، وَأَنَا أَسْمَعُ، سنة تِسْعِ عَشْرَةَ: حَدَّثَكُمُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: " فُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ خَمْسِينَ صَلاةً: ثُمَّ نَقَصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْسًا. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ لَكَ بِالْخَمْسِ خَمْسِينَ، الْحَسنة بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا"1. تُوُفّي في رمضان. "حرف النون": 488- نَصْر بْن ببروَيْه. أبو القاسم الشِّيرازيّ: عَنْ: الحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وإسماعيل بْن أَبِي الحارث. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وعُمَر الكِنَانيّ، وغيرهم. 489- نَصْر بْن الفتح: أبو القاسم الْمَصْرِيّ، إمام مسجد صَنْدَل. حدَّثَ عَنْ: الربيع، بْن سليمان المُرَاديّ، وطائفة. وثّقه ابن يونس، وقال: مات نحو سنة عشرين وثلاثمائة. "حرف الهاء": 490- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن بندار. أبو القاسم الفارسي. بفارس.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3207"، ومسلم "162"، والترمذي "213" وغيرهم.

"الكنى": 491- أبو عليّ بْن خَيْران1: هُوَ الحُسين بْن صالح بْن خَيْران الفقيه الشّافعيّ. من كبار الأئمّة ببغداد. قَالَ أبو الطَّيِّب الطَّبَريّ: كَانَ أبو عليّ بْن خَيْران يعاتب ابن سُرَيْج عَلَى ولاية القضاء، ويقول: هذا الأمر لم يكن في أصحابنا، إنّما كَانَ في أصحاب أَبِي حنيفة. وقال أبو إِسْحَاق الشِّيرازيّ في ترجمة ابن خَيْران: عرض عَلَيْهِ القضاء فلم يتقلد. وكان بعض وزراء المقتدر وُكِّلَ بداره ليتقلَّد القضاء، فلم يتقلَّد. وخوطب الوزير في ذَلِكَ فقال: إنّما قصدنا ليقال في زماننا: مَن وكل بداره ليتقلد القضاء فلم يفعل. قلت: تخرج بأبي عليّ بْن خَيْران جماعةٌ ببغداد. وقيل: إنّ وفاته سنة عشرين وهم، وإنّما تُوُفّي في حدود سنة عشر. والأول أظهر، فأنّ أبا بَكْر محمد بْن أحمد الحدّاد الفقيه سافر من مصر إلى بغداد يسعى لأبي عُبَيْد بْن حربَوَيْه القاضي في أنّ يعُفَى من قضاء مصر. فقال ابن زولاق في "تاريخ قضاة مصر": وشاهد ابن الحدّاد ببغداد في شوّال سنة عشر باب أَبِي عليّ بْن خَيْران الفقيه الشّافعيّ مسمورًا لامتناعه من القضاء، وقد استتر. قَالَ: فكان النّاس يأتون بأولادهم الصِّغار، فيقولون لهم: انظروا حتّى تُحَدِّثوا بهذا. قَالَ أبو عَبْد الله الحُسين بْن محمد العسْكريّ: تُوُفّي لثلاث عشرة ليلةٍ بقيت من ذي الحجّة سنة عشرين. امتنع من القضاء، فوكّل الوزير ابن عيسى ببابه، فشاهدت الموكَّلين عَلَى بابه حتّى كُلِّم فاعفاه. وقال: ختم الباب بضعة عشر يومًا. قلت: لم يبلغنا عَلَى من اشتغل ولا مَن أخذ عَنْهُ. وأظنّه مات كهلًا، ولم يسمع شيئًا فيما أعلم.

_ 1 المنتظم "5/ 244"، ووفيات الأعيان "2/ 133"، والعبر "2/ 184".

492- أبو عَمْرو الدّمشقيّ الصُّوفيّ1: قَالَ السُّلَميّ: كَانَ من كبار مشايخ الشام وعلمائهم، ومن ذوي المقامات المعروفة والكرامات المشهورة. يحكى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بالشواهد والصِّفات. وهذا مذهبٌ لأهلِ الشّام، ربمّا تكلّموا في أشياء تدق في مسائل الأرواح وغيرها، وهذا مكذوب عَلَى أَبِي عمر؛ لأنه أحد مشايخ العلماء. وقد ورد عَلَى الحلولية وأصحاب الشواهد والصّفات مقالاتهم. حكى أبو عَمْرو عَنْ: ابن الجلّاء، وغيره. حكى عَنْهُ: أحمد بْن عليّ الإصْطَخْريّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الرّازيّ، وأبو سَعِيد الدّمشقيّ، وجماعة. قَالَ أبو القاسم الدّمشقيّ: سألت أبا عَمْرو: أيّ الخلق أَعْجَز؟ قَالَ: مَن عجز عَنْ سياسة نفسه! قلت: فأيّ الخلق أقوى؟ قَالَ: مَن قوي عَلَى مخالفة هواه! قَالَ: فقلتُ: أيّ الخلق أعقل؟ قَالَ: مَن ترك المكوَّناتِ وأقبل عليّ مكوِّنها! وقال محمد بْن عَبْد اللَّه الرّازيّ: سَمِعْتُ أبا عُمَر الدّمشقيّ يَقُولُ: كما فرضَ اللَّه عليّ الأنبياء إظهار المعجزات ليؤمنوا بها، كذلك فرضَ عَلَى الأولياء كتمان الكرامات لئلّا يفتنوا بها. قَالَ السُّلَميّ: تُوُفّي سنة عشرين. وقال ابن زَبْر: في سنة أربع وعشرين. ذكر مَن لم أعرف وفاته: من رجال هذه الطبقة الثانية والثلاثين عَلَى ترتيب المعجم: "حرف الألف": 493- أحمد بْن أيّوب بْن مُطَير الَّلخْمي: أبو سليمان الطَّبَرانيّ. سمع: دحيمًا، وغيره.

_ 1 طبقات الصوفية للسلمي "277-279"، وحلية الأولياء "10/ 346، 347"، والنجوم الزاهرة "3/ 235".

ورحل بابنه إلى اليمن، فسمع من الدَّبَريّ. روى عَنْهُ: ابنه، وابن المقرئ. حدَّثَ في سنة خمس عشرة وثلاثمائة، وكان قد نيّف عَلَى الثمانين. تُوُفّي بإصبهان. 494- أحمد بْن عَبْد اللَّه: أبو بَكْر البغداديّ. سمع: سُرَيْج بْن يونس. وعنه: أبو الفتح الحافظ. 495- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين: أَبُو بَكْر السُّحَيْميّ، قاضي همدان. كَانَ حافظًا، ثقة، واسع العلم. سمع: إبراهيم بْن الهَيْثَم البَلَديّ، وجعفر بْن محمد بْن شاكر، وإسماعيل القاضي، ويحيى بْن عثمان بْن صالح الْمَصْرِيّ. روى عَنْهُ: المُعَافَى بْن زكريّا، وابن الثّلّاج، وآخرون. 496- إبراهيم بْن خُزَيْم بْن قُمَيْر بْن خاقان1: أبو إسحاق الشاشي. راوية عَبْد بْن حُمَيْد. شيخ مستور، مقبول. روى عَنْ عبدٍ تفسيره ومسنده الكبير. وحدث بخراسان. روى عنه: أبو محمد بن حمويه السرخسي، وغيره. ولم يبلغني وفاته رحمه الله.

_ 1 التقييد لابن النقطة "189"، والإكمال لابن ماكولا "1/ 134".

وقد سمع منه ابن حَمُّوَيْه بالشاش في سنة ثماني عشرة وثلاثمائة في شَعْبان، وقال: كَانَ أصل أجداده من مَرْو، وأن سَماعَه من عَبْد في سنة تسعٍ وأربعين ومائتين. وحدَّثَ عَنْهُ: أبو حاتم بْن حِبّان. 497- إبراهيم بْن عَبْد اللَّه1: أبو إِسْحَاق العسْكريّ الزَّبيبيّ. حدَّثَ بعسكر مُكْرَم عَنْ: أَبِي حفص الفلّاس، ومحمد بْن عَبْد الأعلى الصَّغانيّ. ومحمد بن بشار، وغيرهم. وعنه: عمر بن شاهين، وزاهر بن أحمد، وأبو بكر بن المقرئ، وغيرهم. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ عَبْدِ الْمُعِزِّ، أنا زاهر، أنا سعيد البحيري، أنا زاهر السَّرْخَسِيُّ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزَّبِيبِيُّ بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ، ثنا بُنْدَارٌ، ثنا محمد، ثنا شُعْبَةُ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يُؤْمِنُ أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" 2. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ بُنْدَارٍ. 498- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن محمد بْن غالب الأنباريّ. أبو القاسم المؤدِّب. حدَّثَ ببغداد عَنْ: إبراهيم بْن عَبْد اللَّه الهَرَوِيّ، وسوار بْن عَبْد اللَّه العَنْبريّ، وعَمْرو بْن عليّ، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو الحَسَن الْجِراحيّ. وكان ثقة. 499- أحمد بْن جعفر بْن نَصْر. أبو العباس الرازي الجمال.

_ 1 الأنساب "6/ 246"، واللباب "2/ 60". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "13"، ومسلم "45"، والترمذي "2515"، والنسائي "5031، 5032"، وابن ماجه "66".

سمع: أحمد بْن أَبِي سُرَيْج، ومحمد بْن حُمَيْد، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو أحمد الحاكم، وأهلُ بلده. 500- أحمد بْن عليّ البغداديّ1: أبو عليّ السِّمسار. أخذ القراءة عرْضًا وتلقينًا عَنْ: محمد بن يحيى الكسائي الصغير وهو أميز أصحابه. وروى عَنْ: محمد بْن الْجَهْم. روى عَنْهُ القراءة: بكّار بْن أحمد، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، وزيد بْن أَبِي بلال، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الوليُّ. 501- أحمد بْن عيسى زُغْبة: روى عَنْ: محمد بْن أحمد بْن إبراهيم بْن أحمد الحدّاد الْمَصْرِيّ. يُنظر من تاريخ ابن يونس. 502- أحمد بن موسى: أبو زُرْعة الْمَكِّيّ التَّميميّ. عَنْ: أحمد بْن أَبِي رَوْح، وغيره. وعنه: أبو محمد بْن السّقّاء، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وغيرهما. مستور. 503- أحمد بْن سَعِيد2: أبو بكر الطّائيّ الْمَصْرِيّ الكاتب. نزل دمشق، وحدَّثَ بآثارٍ عَنْ جماعة. روى عَنْهُ: محمد بْن يحيى الصُّوليّ، والحسين بْن إبراهيم بْن أَبِي الرَّمْرام، ومحمد بْن عمران المرزباني.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 272"، وغاية النهاية "1/ 90"، "405". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 88"، "110".

قال أبو سليمان بْن زَبْر: اجتمعتُ أَنَا وعشرة فيهم أبو بَكْر الطّائيّ يقرأ فضائل عليّ رضى الله عنه في الجامع بدمشق. قلت: هذا كان بعد الثلاثمائة، إذ العوامّ بدمشق نواصب قَالَ: فوثب إلينا نحو المائة من أهل الجامع يريدون ضربنا. وأخذ شخصٌ بلحيتي، فجاء بعض الشيوخ، وكان قاضيًا، في الوقت فخلصني وعلقوا أبا بَكْر فضربوه، وعملوا عليّ سَوْقِهِ إلى الوالي في الخضراء، فقال لهم أبو بَكْر: يا سادة، إنّما في كتابي فضائل عليّ، وأنا أُخرج لكم غدًا فضائل معاوية أمير المؤمنين. واسمعوا هذه الأبيات الّتي قلتها الآن: حُبُّ عليّ كلّه ضَرْبُ ... يرجُف مِن خيفتهِ القلبُ فمذهبي حبُّ إمام الهُدَى ... يزيد والدّينُ هُوَ النَّصْبُ مَن غير هذا قَالَ فهو امرؤٌ ... مخالفٌ لَيْسَ لَهُ لُبُّ والنّاسُ مَن يَنْقَدْ لأهوائهم ... يَسْلَم وإلّا فالقفا نَهبُ بقي الطّائيّ هذا إلى سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة. 504- أحمد بْن محمد بْن عَبْد الجبّار. أبو جعفر الرَّيّانيّ. راوي كتاب "الترغيب" عَنْ مؤلفه حُمَيْد بْن زَنْجَوَيه. روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سُرَيْج. وهو مخفف: ذكره ابن نقطة بعد محمد بْن أحمد بْن عَون. 505- أسامة بْن محمد1. أبو بَكْر الكَرْخيّ الدّقاق. عَنْ: حفص الرّباليّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القوّاس، وجماعة. 506- إِسْحَاق بْن حَمْدان2: أبو يعقوب النَّيْسابوريّ، نزيل بلخ.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 52". 2 تاريخ بغداد "6/ 392"، "3436".

يروي عَنْ: حمّ بْن نوح، ومحمد بْن رافع، وإِسْحَاق الكَوْسَج. عنده عجائب عَنْ حمّ. روى عنه: أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عليّ الرّازيّ، وأبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ. وحجّ سنة سبع وثلاثمائة. 507- إبراهيم بن كيغلغ1: الأمير أبو إِسْحَاق. ولاه المقتدر ساحل الشام، فقدمها سنة ست عشرة وثلاثمائة. وكان شاعرًا محسنًا جوادًا ممدحًا. فمن شعره: قُمْ يا غلامُ أدِرْ مُدامكْ ... واحثُث عَلَى النُدْمان جَامَكْ تدعي غلامي ظاهرًا ... وأظلُّ في سر علامك اللَّه يعلم أنني ... أهوى عناقك والتزامك 508- إسحاق بن سليمان2: الطبيب المعروف بالإسرائيليّ. أستاذ مصنف، مشهور بالحذق والبراعة في الطّبّ. وهو مصريّ سكن القيروان، ولازم إِسْحَاق بْن عِمران البغداديّ نزيل إفريقية الملقَّب بسمّ ساعة. أخذ عَنْهُ وتتلمذ لَهُ، وخدم أبا محمد المهديّ صاحب إفريقية، وكان طبيبه. وطال عمره وأسنّ، ولم يتزوج قطّ، فقال له بعضهم: أيسرك أن لك ولدًا؟ قال: أما إذا صار لي كتاب "الحُميّات" فلا. وقال: لي أربع كُتُب تحيى ذكري، وهي: كتاب "الحُمّيات"، وكتاب "الأغذية والأدوية"، وكتاب "البول"، وكتاب "الأسطقصات".

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 441"، وفوات الوفيات "1/ 42، 43". 2 معجم المؤلفين "2/ 234"، وعيون الأنباء "32، 37"، وكشف الظنون "243"، 1390 وما بعدها".

وللإسرائيلي كُتُب أُخَر في الطّبّ والمنطق. وتُوُفّي قريبًا من سنة عشرين وثلاثمائة. "حرف الجيم": 509- جعفر بْن أحمد بْن مروان. أبو محمد الحلبي الوزّان الكبير. سمع: أيّوب بْن محمد الوزّان، وهشام بْن خَالِد الأزرق. وعن: ابن المقرئ، وعليّ بْن محمد الحلبيّ، وغيرهما. 510- جعفر بْن حَمْدان المَوْصِليّ الشحام1: روى عَنْ: يوسف بْن موسى القطّان، وطبقته. وعنه: محمد بْن المظفّر، وعُمَر بْن شاهين. 511- جعفر بْن حَمْدان بْن مالك القَطِيعيّ2: أبو الفضل. سمع: الهَيْثَم بْن سهل التُّسْتَريّ، وغيره. وعنه: ابنه أبو بَكْر أحمد، وأحمد بْن حفص الكِنَانيّ. 512- جُبَيْر بْن محمد بْن أحمد3: أبو عيسى الواسطيّ. حدَّثَ عَنْ: سَعْدان بْن نَصْر، وشُعَيب بْن أيّوب الصَّرِيفينيّ. وعنه: ابن المظفر، وابن شاهين، وابن المقرئ. وهو ثقة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 211"، "3687". 2 تاريخ بغداد "7/ 219"، "3694". 3 تاريخ بغداد "7/ 265"، "3748".

"حرف الحاء": 513- الحسن بن إسماعيل بن سليمان: أبو علي الفارسي. حدث بخراسان عَنْ: أحمد بْن المِقْدم، ويعقوب الفَسَويّ. وعنه: محمد بْن الحَسَن بْن منصور، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وغير واحد. وأظنه نزل بُخَارَى. 514- الحَسَن بْن أحمد بْن إبراهيم بْن فيل الأَسَديّ1: أبو طاهر البالِسيّ الْإِمَام بمدينة أنطاكية، وصاحب الجزء المعروف. رحل وطوّف بعد الأربعين ومائتين. وسمع: أبا كُرَيْب، وعبد الجبار بْن العلاء، وعُقْبة بْن مُكْرَم، والحسين بْن الحَسَن المَرْوَزِيّ. ومحمد بْن مُصَفَّى، ويحيى بْن عثمان، وأحمد بْن عَبْد اللَّه البزّيّ، ومؤمل بْن إهاب، وسفيان بْن وكيع، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وكثير بْن عُبَيْد، وإِسْحَاق بْن موسى الْأَنْصَارِيّ، ومحمد بْن قُدَامة، وغيرهم. وعنه: أبو القاسم الطَّبَرانيّ، وأبو بكر بن المقرئ، وعلي بْن الحُسين بْن بُنْدار قاضي أَذَنَه، وشاكر بْن عَبْد اللَّه المصِّيصيّ، وجماعة. وهو صدوق، ما عرفت فيه جرحًا. 515- الحُسين بْن إبراهيم بْن عامر بْن أَبِي عَجْرم2: الْإِمَام أبو عيسى الأنطاكي المقرئ. قرأ عَلَى: أحمد بْن جُبَيْر الأنطاكيّ المقرئ. وطال عمره واشتهر ذِكره. وقرأ عَلَيْهِ: عَبْد اللَّه بْن اليَسَع الأنطاكيّ، وعلي بن الحسين الغضائري.

_ 1 الأنساب "62"، والرسالة المستطرفة "89". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 266"، وغاية النهاية "1/ 237".

"حرف السين": 516- سَعِيد بْن هاشم بْن مرثد1: أبو عثمان الطَّبَرانيّ. سمع: أَبَاهُ، ودُحَيْمًا، وإبراهيم بْن الوليد بْن سَلَمَةَ الطَّبَرانيّ. وعنه: أبو حاتم بْن حِبّان، ومحمد بْن بَكْر بْن مطروح الْمَصْرِيّ، والفضل بْن جعفر المؤذِّن، والطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ. وقال ابن حِبّان: صدوق. روى عَنْهُ: ابن المظفّر، عَنْ مؤمل بْن شهاب. "حرف الصاد": 517- صدقة بْن منصور بْن عديّ: أبو الأزهر الكِنْديّ الحرّانيّ. عَنْ: محمد بْن بكّار بْن الريان، وأبي مَعْمَر إسماعيل بْن إبراهيم الهُذليّ، ويحيى بْن أكثم. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. قَالَ أبو أحمد: كَانَ أبو عَرُوبَة يُسيءُ الرأيَ فيه. "حرف العين": 518- العبّاس بْن الخليل بْن جَابِر2: أبو الخليل الطّائيّ الحمصيّ. عَنْ: كثير بْن عُبَيْد، ويحيى بْن عثمان، وَسَلَمَةَ بْن الخليل. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وابن المقرئ. قَالَ أبو أحمد: فيه نظر.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 171، 172". 2 الأسامي والكنى للحاكم "مخطوطة محمد عبده بدار الكتب المصرية" "1/ ورقة 179 أ".

519- العبّاس بْن عليّ بْن العبّاس بْن واضح النَّسائيّ1: بغداديّ، ثقة. روى عَنْ: عيسى بْن أَبِي حرب، والرَّماديّ، وطبقتهما. وعنه: محمد بْن المظفّر، وابن البّواب، وإِسْحَاق النِّعَاليّ، وغيرهم. 520- عَبْد اللَّه بْن جَابِر الطَّرَسُوسيّ2: سمع: زُهَيْر بْن قُمَيْر، وعَبْد اللَّه بْن خَبِيق الأنطاكي، ويمان بن سعيد اليحصبي، وجماعة. وعنه: ابن حيان، وأبو بكر بن المقرئ. 521- عبد الله بن جامع بْن زياد الحَلْوانيّ3: سمع: عليّ بْن حرب، والربيع المُرَاديّ. وعنه: أبو أحمد الغِطْريفيّ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة. 522- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن الخليل4: أبو القاسم بْن الأشقر. راوي "تاريخ الْبُخَارِيّ" المختصر عَنْ مصنفه. سمع: لُوَيْنًا، والحسين بْن مهدي، ورجاء بْن مُرَجّا، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ. وعنه: محمد بْن المظفّر، وجبريل بْن محمد الهَمْذاني، وأبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو حفص بْن شاهين، ومحمد بْن جعفر بْن يوسف، وغيرهم. وكان عَلَى قضاء كرخ بغداد. وحدَّثَ بهمذان وإصبهان. روى عَنْهُ أهل تلك الديار.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 162"، "6649". 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 322"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 173". 3 ديوان الإمام الشافعي "194"، تهذيب تاريخ دمشق "7/ 333". 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 72"، والأنساب "39 ب".

523- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سَلْم بْن حبيب1: أبو محمد المقدسيّ الفِرْيابيّ. سمع: هشام بن عمّار، وعَبْد اللَّه بْن ذَكْوان، ودُحَيْمًا، ومحمد بْن رُمْح، وحَرْمَلَة، وجماعة. وعنه: أبو حاتم بْن حِبّان ووثَّقهُ، والحَسَن بْن رشيق، ويوسف المَيَانِجيّ، وابن عديّ. ووصفه أبو بَكْر بْن المقرئ بالصلاح والدين، وروى عَنْهُ. وله رحلة. 524- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن النَّضْر2: أبو محمد الْبَصْرِيّ الجرار الكواز. سمع حديثًا واحدًا من هُدْبَةَ بْن خَالِد عَنِ الحمادين. روى عَنْهُ: محمد بْن حُمَيْد المُخَرِّميّ، وعُمَر بْن سنبك، وأبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه. حدَّثَ ببغداد سنة اثنتي عشرة. 525- عَبْد الرَّحْمَن بْن دَاوُد بْن منصور الفارسيّ3: رحّال، سمع: هلال بْن عَبْد العلاء، وأحمد بْن عَبْد الوهّاب الحَوْطيّ، وعثمان بْن خرزاذ. وعنه: الإصبهانيّون أبو الشَّيْخ، والعسال، والحَسَن بْن عَبْد اللَّه العسْكريّ. وكان فقيهًا كثير الحديث. 526- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه4 بْن عَبْد العزيز بن الفضل الهاشمي العباسي الحلبي:

_ 1 الأنساب "426 ب"، وسير أعلام النبلاء "11/ 317". 2 تاريخ بغداد "10/ 109"، "5236". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 115". 4 تاريخ دمشق "مخطوطة الظاهرية "10/ 20 ب"، سير أعلام النبلاء "11/ 318".

ابن أخي الْإِمَام. سمع: عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه الأَسَديّ الحلبي ابن أخي الْإِمَام، وهو سميه وأكبر شيخ لَهُ. ولعله هُوَ آخر من روى عَنْهُ. وسمع أيضًا: محمد بْن قُدَامة المصِّيصيّ، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وبركة بْن محمد الحلبي، وجماعة. وعنه: أبو أحمد بْن عديّ، ومحمد بْن سليمان. 527- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه بْن أحمد الأَسَديّ1: أبو محمد ابن أخي الْإِمَام الحلبيّ الصّغير المعدل. عنه: إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، ومحمد بْن قُدَامة المصِّيصيّ، وأحمد بْن حرب المَوْصِليّ. وعنه: أبو أحمد بْن عديّ الحافظ، ومحمد بْن المظفّر الحافظ، وأبو أحمد الحاكم الحافظ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو طاهر محمد بْن سليمان بْن أحمد بْن ذَكْوان. وهو صدوق أيضًا فقد اشترك في اسمه وكنيته وعرفه هُوَ والذي قبله. وكذلك اشتركا في الرواية عَنْ جماعة من الشيوخ، وهذا من غريب الاتفاق. وأمّا: 528- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه ابن أخي الْإِمَام الحلبيّ الكبير: فقد مر في طبقة أحمد بْن حنبل؛ واللَّه أعلم. 529- عَبْد الرَّحْمَن بْن عيسى الهمذانيّ الكاتب2. كاتب رسائل الأمير بَكْر بْن عَبْد العزيز ابن الأمير أَبِي دُلَف العِجْليّ. وقد ولي هذا إمرة همدان للمعتضد في سنة إحدى وثمانين ومائتين.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 318". 2 معجم المؤلفين "5/ 164"، وإنباه الرواة "2/ 165، 166".

وعاش عبد الرحمن بعد ذَلِكَ مدة، وبقي إلى بعد الثلاثمائة. وله كتاب "الألفاظ"، الكتاب المشهور الّذي قَالَ فيه الصاحب بْن عَبّاد: لو أدركت عَبْد الرَّحْمَن مصنف كتاب "الألفاظ" لأمرتُ بقطع لسانه ويده. فسئل عَنْ سبب ذَلِكَ، فقال: لأنه جمع شذور العربية الجزلة المعروفة في أوراق يسيرة، فأضاعها في أفواه صبيان المكاتب. ورفع عَنِ المتأدِّبين تعب الدروس والحفظ الكثير، والمطالعة الدائمة. وقال ابن فارس اللغوي: أنشدني أَبِي، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن كاتب بَكْر: ما ودني أحد إلّا بذلت لَهُ ... من المودة ما يبقى عَلَى الأبد ولا قلاني وإن كنت المحب لَهُ ... إلّا دعوت لَهُ الرَّحْمَن بالرشد ولا ائتمنت عَلَى سر فبحت له ... ولا مددت إلى غير الجميل يدي ولا أقول نعم يومًا فأتبعها ... بلا ولو ذهبت بالمال والولد1 530- عليّ بْن أحمد بْن محفوظ2 أبو الحَسَن المحفوظيّ النَّيْسابوريّ: سمع: عَبْد اللَّه بْن هاشم، وأحمد بْن سَعِيد الدّارميّ، وجماعة. وعنه: أبو علي الحافظ، وعَبْد اللَّه بْن سعْد، ومحمد بْن أحمد بْن عَبْدُوس. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْح: أَنَا زَاهِرٌ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبُحَيْرِيُّ، أَنَا محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدُوسٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْفُوظِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، ثنا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، ثنا محمد بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَشْكَرَ النَّاسِ لَهُ أَشْكَرُهُمْ لِلنَّاسِ" 3. عَبْدُ اللَّهِ تَكَلَّمَ فيه لكونه من شيعة المختار الكذاب.

_ 1 إنباه الرواة "2/ 166". 2 الأنساب "11/ 164". 3 أخرجه أحمد في مسنده "5/ 212"، وقال المنذري في الترغيب "2/ 77"، رواه أحمد ورواته ثقات وأفاد الهيثمي قول المنذري كما في المجمع "8/ 180".

531- عَبْد الرَّحْمَن بْن زاذان، أبو عيسى الرّزّاز1: روى عَنْ: أحمد بْن حنبل حديثًا واحدًا. رواه عَنْهُ: أبو محمد بْن السّقّاء، وأبو بكر بن شاذان، وأبو القاسم بن الثّلاج. مولده سنة إحدى وعشرين ومائتين. وبقي إلى سنة خمس عشرة وثلاثمائة. 532- عليّ بْن إسماعيل بْن حمّاد البغداديّ البزّاز2: سمع: يعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن المُثَنَّى، وطبقتهما. روى عَنْهُ: ابن لؤلؤ، وابن المظفّر. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا فهمًا. جمع حديث شُعْبَة واختلط آخر عمره. 533- عليّ بْن سليم بْن إِسْحَاق المقرئ البزّاز الخصيب3: بغداديّ. سمع: أبا عُمَر الدُّوريّ، وقرأ عَلَيْهِ أيضًا. وسمع أيضًا من: الحَسَن بْن عَرَفَة، ومحمد بْن حسان الأزرق. وعنه: أبو القاسم عَبْد اللَّه بْن النّحّاس، ومحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير، وإبراهيم بْن أحمد الخِرَقيّ. وقرأ عَلَيْهِ القرآن: أبو بَكْر أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الوليّ، وأخبر أَنَّهُ قرأ عَلَى الدُّوريّ. 534- عليّ بْن الحُسين4: أبو الحَسَن بْن الرَّقّيّ الوزان المقرئ. شيخ بغداديّ، لَا يُعَرف إلّا من جهة أبي أحمد السامري. ذكره الداني فقال:

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 287". 2 تاريخ بغداد "11/ 346". 3 تاريخ بغداد "11/ 433"، وغاية النهاية "1/ 544". 4 معرفة القراء الكبار "1/ 426"، وغاية النهاية "1/ 534، 535".

أخذ القراءة عرضًا عَنْ: أَبِي شبيب السدوسي، وقُنْبل، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْدُوس، وأحمد بْن عليّ الخزاز، وإسحاق الخزاعي. مشهور ثقة. روى عنه القراء عرضا: عبد الله بن الحسين، يعني السامري. نسبه لنا فارس بن أحمد، عنه. 535- علي بن الفتح1: أبو الحسن العسكري الرومي. روى حديثا عَنِ: الحُسين بْن عَرَفَة. رواه: الدَّارَقُطْنيّ، والقاضي أبو بَكْر الأَبْهَريّ، وابن شاهين. 536- عليّ بْن محمد بْن حاتم2: أبو الحُسين القومسيّ، نزيل قزوين. حدَّثَ ببغداد عَنْ: محمد بْن عُزَيز الأَيْليّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الورّاق، والحربيّ. 537- عليّ بْن المبارك3: أبو الحَسَن المسروريّ. سمع: عَبْد الأعلى بْن حمّاد، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ، وجماعة. وعنه: أبو أحمد الحاكم. 538- عليّ بْن موسى بْن محمد بن النضر: أبو القاسم الأنباري.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 49". 2 تاريخ بغداد "12/ 65"، والتدوين في أخبار قزوين "3/ 400". 3 تاريخ بغداد "12/ 105".

حدَّثَ ببغداد عَنْ: محمد بْن وزير، وزياد بْن أيّوب، ويعقوب الدَّوْرقيّ، وجماعة. وعنه: أبو القاسم بن النحاس، وأبو عمير بن حَيَّوَيْهِ، وعمر بن شاهين. وثقه ابن النحاس. 539- علي بن الحسن بن الحارث بن غيلان1: أبو القاسم المروذي البغدادي. عن: زياد بن أيوب، ومحمد بن سهل بن عسكر، وابن عرفة، وعدة. وعنه: أبو الفضل الزهري، وعلي بن عمر السكري، وعمر بن نوح. وثقه الخطيب. 540- عمر بن عثمان بن الحارث بن ميسرة الرغيثي الحمصي: روى عَنْ: عطية بْن بقية بْن الوليد، وأبي سَعِيد الأشجّ. وعنه: الحُسين بْن أحمد بْن عتاب، وابن المقرئ. 541- عُمَر بْن محمد بْن شُعَيْب الصابوني2: حدث عَنْ: عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وحنبل، وجماعة. وعنه: عُبَيْد اللَّه الزُّهْرِيّ، وابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وجماعة. وثّقه الخطيب. 542- عُمَر بْن محمد بْن عيسى الجوهريّ السذابيّ3: شيخ بغداديّ. سمع: محمود بن خداش، والحسن بن عرفة، والأثرم.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 380". 2 تاريخ بغداد "11/ 226". 3 تاريخ بغداد "11/ 325".

وعنه: الشّافعيّ، وابن بَخِيت، ومحمد بْن الشِّخِّير، وغيرهم. قَالَ الخطيب: في حديثه نكرة. 543- عيسى بْن عُمَر بْن العبّاس بْن حمزة بْن عَمْرو بْن أعين1: أبو عِمران السَّمَرْقَنْديّ، صاحب أَبِي محمد الدّارميّ. شيخ مستور مقبول. روى عَنْهُ: أبو الحُسين محمد بْن عَبْد اللَّه الكاغدي، وعبد الله بن أحمد بن حَمُّوَيْه السَّرْخَسِيّ، وغيرهما. لا أعلم متى توفي، إلا أَنَّهُ كَانَ في هذا العصر حيًا. "حرف الفاء": 544- الفضل بْن إسماعيل البغداديّ الغلفي2: أبو غانم. عَنْ: الحَسَن الزَّعْفرانيّ، والرَّماديّ، وطبقتهما. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، ويوسف القوّاس. 545- الفضل بْن محمد بْن حمّاد السُّلَميّ الحرّانيّ: أبو مَعْشَر بْن أَبِي مَعْشَر، أخو أَبِي عَرُوبَة. شيخ مسنّ كأخيه. سمع: عَبْد السّلام بْن عَبْد الحميد الْإِمَام، وجده عَمْرو بْن أَبِي عَمْرو سعيد بن زاذان، والزبير بن بكار. وعنه: ابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 437". 2 تاريخ بغداد "12/ 376".

"حرف القاف": 546- القاسم بْن عيسى1: أبو بَكْر العصّار، دمشقيّ مشهور، ثقة. سمع: مؤمّل بْن إهاب، وإبراهيم بْن يعقوب الْجُوزَجَانيّ، وعبد السّلام بْن عتيق، وموسى بْن عامر المُرِّيّ، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن حُمَيْد بْن معتوق، وأبو هاشم عَبْد الجبّار، ومحمد بْن المظفّر، وأبو بَكْر الرَّبَعِيّ، وأبو أحمد الحاكم، وابن المقرئ. 547- القاسم بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن: أبو الحَسَن الجدّيّ، ثمّ الْمَكِّيّ البزّار. سمع: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، والحَسَن الحَلْوانيّ، والحسين بْن الحَسَن المَرْوَزِيّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم. "حرف الميم": 548- محمد بْن أحمد بْن حَمْدان2: أبو الطَّيِّب المَرْوَرُّوذِيّ ثمّ الرَّسْعَنّي الورّاق. يروي عَنْ: الربيع بْن سليمان، وأبي عُتْبة الحمصيّ، وإِسْحَاق بْن شاهين، وأبي هشام الرّفاعيّ، وطائفة كثيرة. وعنه: بُكَيْر الطَّرَسُوسيّ، وعَبْد اللَّه بْن عديّ ورماه بوضع الحديث، وأبو أحمد الحاكم. وقال أبو عروبة الحراني: ما رأيت في الكذابين أصفق وجهًا منه.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "21، 33، 34". 2 ميزان الاعتدال "3/ 458"، والكامل في الضعفاء لابن عدي "6/ 2299".

549- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن سَلْم: أبو العبّاس الرَّقّيّ الضراب، نزيل حران. سمع: محمد بْن سليمان لُوَيْن، وسليمان بْن عُمَر الأقطع، وإِسْحَاق بْن موسى الْأَنْصَارِيّ، وجماعة. وعنه: ابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم. 550- محمد بْن أحمد بن عمر الرملي الضرير المقرئ1: أبو بكر الدّاجُونيّ الكبير. من شيوخ القراءة. تلا عَلَى: العباس بن الفضل الرازي، ومحمد بن موسى الصوري، وهارون بْن موسى الأخفش الدّمشقيّ، وجماعة بعدّه روايات. وكان كثير التطواف. قرأ عَلَيْهِ: عَبْد اللَّه بْن محمد بْن فورك القباب، وأبو بكر بن مجاهد، وأحمد العجلي شيخ أبي علي الأهوازي، وزيد بن أبي بلال، وأبو بَكْر الشّذَائيّ، والعبّاس بْن محمد الدّاجُونيّ الصغير، ومحمد بن أحمد الباهلي. 551- محمد بن إبراهيم بْن شُعَيْب الغازي2: أبو الحُسين الحافظ الْجُرْجانيّ. ثقة مشهور. سمع: أبا حفص الفلّاس، وابن أَبِي الشوارب، ومحمد بْن عَبْد الملك بْن زَنْجَوَيه، والذُّهْليّ، وأبا زُرْعة الرّازيّ، والبخاريّ. روى عَنْهُ: ابن عديّ، والإسماعيليّ، وأبو أحمد الحاكم.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 268"، والأنساب "5/ 241"، ومختصر تاريخ دمشق "21/ 293". 2 تذكرة الحفاظ "1/ 760، 761"، وشذرات الذهب "2/ 262".

552- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْجُحَيْم1: أبو كثير الشَّيْبانيّ الْبَصْرِيّ. حدَّثَ ببغداد عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع بْن سليمان، ومحمد بْن إسماعيل الصائغ، وطبقتهم. روى عنه: محمد بن المظفر، وابن حَيَّوَيْهِ، وابن شاهين. قال حمزة السهمي: سألت عنه أبا محمد غلام الزهري فوثقه. 553- محمد بن أيوب بن مشكان: أبو عبد الله النيسابوري. حدث عَنْ: المُنْسَجِر بْن الصَّلْت القَزْوينيّ، وأبي عُتْبة الحمصيّ، ومحمد بْن عُمَر بْن أَبِي السَّمْح. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن أَبِي دُجَانَة، وأبو هاشم المؤدِّب، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وجماعة. 554- محمد بْن حصْن بْن خَالِد2: أبو عبد الله البغداديّ الألُوسيّ. سمع: محمد بْن مَعْمَر البَحْرانيّ، ومحمد بْن زُنْبُور المكي، ومحمد بن زياد الزيادي، وعلي بْن الحُسين الدِّرْهَميّ، وجماعة. وحدَّثَ بدمشق. وعنه: محمد بْن حُمَيْد بْن مَعْيُوف، وأحمد بْن جعفر بْن حَمْدان الطَّرَسُوسيّ، والطَّبَرانيّ، وأبو بَكْر المقرئ، وجماعة.

_ 1 تاريخ جرجان "492". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 78"، وفيه: "محمد بن حصين بن خالد الأويسي"، وهو تصحيف وتحريف.

555- محمد بْن سَعِيد بْن محمد1: أبو بَكْر التَّرْخُميّ الحمصيّ الحافظ، وقيل: اسمه محمد بْن جعفر بْن سَعِيد. سمع: أَبَاهُ، والحَسَن بْن عليّ بمعان، وأبا أمية الطَّرَسُوسيّ، وسعيد بْن عَمْرو السَّكُونيّ، وطائفة. وعنه: محمد بْن المظفّر، وأبو الفضل محمد بْن عَبْد اللَّه الشَّيْبانيّ، وأبو الخير أحمد بْن عليّ الحمصيّ الحافظ، وأبو الفضل جعفر بْن الفُرات، وآخرون. وترْخُم بطنٌ من يحصب. 556- محمد بْن الحَسَن2: أبو بَكْر العِجْليّ الكاراتيّ. روى عَنْ: سَعْدان بْن نصر، وطبقته. روى عنه: أبو عمر بْن السّمّاك، وأبو بَكْر بْن شاذان. 557- محمد بْن سليمان بْن محبوب: أبو عبد الله الحافظ المعروف بالسخل. روى عَنْ: محمد بْن عَوْف الحمصيّ، وجماعة. وعنه: الْجِعَابيّ، وابن المظفّر، وجماعة. 558- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أعين الطّائيّ3: الحمصيّ، أبو بَكْر. سمع: محمد بْن عَوْف، والعبّاس بْن الوليد بْن مُزْيَد، ويزيد بْن عَبْد الصمد، وجماعة.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "1/ 416"، واللباب "1/ 211". 2 الأنساب "10/ 313". 3 مختصر تاريخ دمشق "22/ 319".

وعنه: أبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم، والحَسَن بْن عَبْد اللَّه الكِنْديّ. والطَّبَرانيّ، وغيرهم. 559- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد: أبو الحَسَن المهرانيّ. سمع: محمد بْن الوليد البُسْريّ، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، ومحمد بْن بشّار. وعنه: محمد بْن أحمد الإخميميّ. 560- محمد بْن سُفْيَان بْن موسى المصِّيصيّ: أبو يوسف الصّفّار. روى عَنْ: محمد بْن آدم المصِّيصيّ، ومحمد بْن قُدَامة، وسعيد بْن رحمة. وعنه: ابن المقرئ، وأبو أحمد الحاكم. 561- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن ثابت1: أبو بَكْر الأشْنانيّ. كذاب. روى عَنْ: عليّ بْن الْجَعْد، وأحمد بْن حنبل. وعنه: أبو بَكْر بْن شاذان، وغيره. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: هُوَ دجال. 562- محمد بْن المبارك بْن عَبْد الملك المعافريّ الْمَصْرِيّ: حدَّثَ عَنْهُ: دُحَيْم، وغيره. وعنه: ابن يونس. وتُوُفّي سنة بضع عشرة.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 604"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 79".

563- محمد بْن عليّ القاضي1: أبو عبد الله المَرْوَزِيّ الزّاهد العابد، الملقب بالخياط؛ لأنّه كَانَ يخيط عَلَى الأيتام والمساكين حسْبةً. ولي قضاء نيسابور سنة ثمانٍ وثلاثمائة، إلى أنّ استعفى سنة إحدى عشرة. وردَّ خريطة الحَكَم ابتداء منه إلى الرئيس أَبِي الفضل البَلْعَميّ، فلم يشرب لأحدٍ ماءً، ولا عُثِر عَلَيْهِ في الدين والدُّنيا عَلَى زلّة. وكان لَا يدع سماع الحديث وهو عليّ القضاء، ولا يتخلف عَنْ مجالس أَبِي العبّاس السّرّاج. وقد كان سمع منه: عليّ بْن خَشْرَم، ومحمود بْن آدم، وأحمد بْن سيّار، والمشايخ. وسُئل أنّ يحدّث فلم يحدِّث إلّا في المذاكرة بالشيء بعد الشيء. قاله الحاكم. وقد سَمِعْتُ أبا الوليد الفقيه يَقُولُ: مررتُ أَنَا وأبو الحَسَن الصباغ عَلَى باب مسجد رجاء، ومحمد بْن عليّ الخياط جالس وكاتبه بحذائه، وليس معهما أحد. فقلت: أنحتسب ونتقدم إِلَيْهِ، ويدعي أحدنا عَلَى الآخر؟. فتقدمنا وجلسنا، فادعيت أَنَا أو هُوَ أنّي سَمِعْتُ في كتابه، وليس يعيرني سماعي. فسكت ساعة ثمّ قَالَ: بإذنك سمَّع في كتابك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فأعِرْه سماعه. وقال الحاكم: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ محمد بْن عليّ الحاكم المَرْوَزِيّ طول أيامه يسكن دار ابن حمدون بحذاء دارنا، وكنتُ أعرفه يخيط بالليل، وعند فراغه بالنهار، للأيتام والضعفاء، ويعدها صدقة. سَمِعْتُ محمد بْن عَبْدان خادم الجامع يَقُولُ: كَانَ محمد بْن عليّ الحاكم يجيء في كل أسبوع ليلة إلى الجامع، فيتعبَّد إلى الصّبّاح من حيث لَا يعرف غيري. فصادفته ليلةً وهو يتلو: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون}

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 564، 565".

[المائدة: 44] و {الْفَاسِقُون} [المائدة: 54] و {الظَّالِمُون} [المائدة: 47] فكلّما تلا آيةً منها ضربَ بيده عَلَى صدره ضربةً، أسمع صوتَ الضّربة من شدته. قلت: ولم يورخ لَهُ موتًا. 564- محمد بْن السَّرِيّ بْن عثمان1: أبو بَكْر البغداديّ التّمّار. عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة، والرَّماديّ، وعباس الدُّوريّ، وعدّة. وعنه: ابن نجيب، والدَّارَقُطْنيّ، وابن زُنْبُور الورّاق، وغيرهم. وكذا ذكره الخطيب، ولم يورخه. 565- محمد بْن صالح بْن رغيل الْبَصْرِيّ التّمّار: شيخ معمَّر. روى عَنْ: طالوت بْن عَبَّاد، وعبد الواحد بْن غياث. أدركه أبو حفص بن شاهين بالبصرة وروى عنه. 566- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف2: أبو بكر المهري. سمع: الحسن بن عرفة، وطبقته. وعنه: أبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو بَكْر بن شاذان. وكان ثقة. 567- محمد بن عبد الملك التاريخي البغدادي3: أبو بكر السراج. روى عَنْ: الحَسَن بن محمد الزعفراني، والرمادي، وهذه الطبقة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 319"، "2841". 2 تاريخ بغداد "5/ 444". 3 تاريخ بغداد "2/ 348".

روى عَنْهُ: القاضي أبو الطاهر الذُّهْليّ فقط. ولقب بالتاريخي لاعتنائه التام بالتّواريخ. قَالَ الخطيب: كَانَ فاضلًا أديبًا حَسَن الأخبار. 568- محمد بْن عُمَر بْن حفص1: أبو بَكْر القبلي الثَّغْريّ. عَنْ: هلال بْن العلاء، وغيره. وعنه: ابن شاهين، وأبو بَكْر بْن شاذان، والمعافى الْجُرِيريّ. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: ضعيف جدًا. 569- محمد بْن عليّ بْن الحُسين بْن يزيد: أبو بَكْر الهَمْذانيّ الصَّيْدلانيّ. سمع: أحمد بْن بُدَيْل، وأحمد بْن محمد التبعي، وأحمد بْن عصام الإصبهانيّ. وعنه: ابنه أحمد، وصالح بْن أحمد الحافظ، والحَسَن بْن عليّ بْن أحمد بْن سُليمان البغداديّ الإصبهانيّ. وكان سمحًا سهلًا صالحًا صدوقًا. قاله شِيرُوَيْه في الطّبقات. 570- محمد بْن عليّ: أبو سهل الزَّعْفرانيّ. سمع: أحمد بْن سِنان القطّان، وشُعَيب الصَّرِيفينيّ. وعنه: أبو بَكْر بْن شاذان، وأبو حفص بْن شاهين. 571- محمد بْن محمد بْن سليمان الباغَنْديّ2: أخو الحافظ أَبِي بَكْر. أبو عبد الله.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 24"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 87"، والميزان "3/ 669". 2 تاريخ بغداد "3/ 213".

روى عَنْ: شُعَيْب بْن أيّوب الصَّرِيفينيّ بالموصل. وعنه: محمد بْن المظفّر. 572- محمد بْن محمد بن عمرو1: أبو الحسن الجارودي البصري. حدَّثَ ببغداد عَنْ: محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، ونصر بْن عليّ. روى عَنْهُ: ابن بَخِيت الدّقّاق، وابن شاهين، وعليّ بْن الحَسَن الْجِراحيّ. وهو من جملة من تجاوز مائة سنة. قَالَ الخطيب: روايته مستقيمة. حدث في سنة عشرين وثلاثمائة، وقد وُلِد سنة ثمان عشرة ومائتين. 573- محمد بْن هارون بْن نافع التَّمَار2. أبو بَكْر بْن المقرئ. بصري نزل بغداد. وقرأ عَلَى محمد بْن المتوكّل رُوَيْس. وهو أجلّ أصحابه وأضبطهم لقراءة يعقوب. قرأ عَلَيْهِ: أحمد بْن محمد اليَقْطِينيّ، وأبو بَكْر النّقّاش، وأبو بَكْر بْن الأنباريّ، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، وعُبَيْد اللَّه بْن سليمان النّحّاس، وأحمد بْن محمد الشَّنَبوذيّ، وأبو الحَسَن الغَضَائريّ، ومحمد بْن محمد بْن فيروز الكُرْجيّ، وعَبْد اللَّه بْن الحُسين السّامُرّيّ، وآخرون. قَالَ أبو بَكْر محمد بْن الحَسَن بْن الْجُلُنْديّ: قرأت عَلَى أَبِي بَكْر محمد بْن هارون التّمّار، وأخذ مني ثمانية عشر درهمًا. وأخبرني أَنَّهُ قرأ عَلَى رُوَيْس أربعًا وعشرين ختْمةً. قلت: تُوُفّي سنة بضع عشرة وثلاثمائة. 574- معروف بن محمد بن زياد الجرجاني3:

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 214". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 266، 267". 3 تاريخ جرجان "472" للسهمي.

حدَّثَ ببغداد عَنْ: الحَسَن بْن عليّ بْن عفان، وإِسْحَاق بْن مِهْران الرّازيّ، ويحيى بْن أَبِي طَالِب. وعنه: أبو بَكْر الأَبْهَريّ، ومحمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الشِّخِّير، وآخرون. 575- المفجَّع1: هُوَ محمد بْن عَبْد اللَّه الْبَصْرِيّ النَّحْويّ. من كبار النُّحاة. يُكَنَّى أبا عَبْد اللَّه، وهو مشهور بلَقَبِه. أخذ عَنْهُ: ثعلب، وغيره. وكان شاعرًا مفلْقًا وشيعيًا متحرقًا، وبينه وبين ابن دُرَيْد مهاجر. صنف كتاب "الترجمان"، وكتاب "عرائس المجالس"، وكتاب "المتقدمين في الإيمان"، وغير ذَلِكَ. ذكره القفطي في تاريخه. 576- منصور بْن إسماعيل: أبو الحَسَن التَّميميّ الْمَصْرِيّ. الفقيه الشّافعيّ الضّرير. مصنف كتاب "الهداية"، وكتاب "الواجب"، وغير ذَلِكَ. تفقّه عَلَى أصحاب الشّافعيّ. وتُوُفّي قبل العشرين وثلاثمائة، يمكن سنة 306. 577- موسى بن أنس: أبو التهيان الْأَنْصَارِيّ. عَنْ: نَصْر بْن عليّ الْجَهْضميّ. وعنه: ابن شاهين، ومحمد بن المظفر، وغيرهما.

_ 1 معجم الشعراء للمرزباني "464، 465"، وكشف الظنون "104، 397، 1131، 1869"، وهدية العارفين "2/ 31"، ومعجم الأدباء "17/ 90-205".

"حرف الواو": 578- وصيف بْن عَبْد اللَّه1: أبو عليّ الرُّوميّ الأنطاكيّ الأشْرُوسنيّ الحافظ. عُني بالحديث ورحَلَ فيه. وروى عَنْ: أحمد بن حرب الطائي، وعلي بن سراج، وحاجب بن سليمان المنبجي، وسليمان بن سيف الحراني، وطبقتهم. وعنه: أبو زُرْعة، وأبو بَكْر، ابنا أَبِي دجانة، وابن عدي الجرجاني، وحمزة الكناني، والطبراني، وأبو جعفر محمد بن اليقطيني. بقى إلى سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 443"، والمعجم الصغير للطبراني "2/ 125".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع -القرن الرابع- "أحداث سنة إحدى وثلاثمائة". 3 القبض على الوزير الخاقاني. 3 تولية محمد بن يوسف القضاء. 4 ركوب المقتدر إلى الشماسية. 4 محنة الحلاج. 4 تقليد ابن المقتدر أعمال مصر والمغرب. 5 تقليد علي بن المقتدر الري. 5 اعتقال بن ثوابة الكاتب. 5 مقتل أحمد بن إسماعيل الساماني. 5 مقتل أبي سعيد الجنابي. 6 مسير المهدي صاحب إفريقية إلى لبدة. 6 وقعة برقة. 6 حرب حَبَاسة الكُتَاميّ والعباسيين بمصر 7 تقليد ابن بسام حمص وقنسرين والعواصم. 7 وفاة الراسبي. 7 وفاة القاضي ابن أبي الشوارب. "أحداث سنة اثنتين وثلاثمائة" 7 تغلُّب نصر بن أحمد الساماني على عمّه. 8 مقتل حباسة الكتامي. 8 طهور أولاد المقتدر. 8 القبض على ابن الجصاص ومصادرته. 9 خروج الأطروش ودعوته الديلم للإسلام. 9 تقليد أبي الهيجاء الموصل والجزيرة.

9 بناء المارستان بالحربية. 9 قطع طريق وفد الحجاج. 9 حرب العباسيين والفاطميين في مصر. 10 قدوم مؤنس الخادم إلى مصر. 10 صلاة العيد في جامع مصر. "أحداث سنة ثلاث وثلاثمائة" 10 تألف الوزير بن عيسى للقرامطة. 10 ولادة على بن عبد الله بن حمدان. 10 القبض على أبي الهيجاء بن حمدان. 11 ولاية ذكاء الرومي مصر. "أحداث سنة أربع وثلاثمائة" 11 حبس العلوي. 11 غزوة مؤنس الخادم بلاد الروم. 11 وفاة ابن كنداجق. 11 الخوف ببغداد من حيوان الزبزب 12 القبض على علي بن عيسى الوزير. 12 إعادة ابن الفرات إلى الوزارة. 12 إطلاق علي بن عيسى ومصادرة أخويه. 12 عصيان بن أبي الساج وأسره. 12 وفاة زيادة الله بن الأغلب. "أحداث سنة خمس وثلاثمائة" 13 قدوم رُسُل ملك الروم بالهدايا. 13 إظهار المقتدر عظمة الخلافة أمام رُسُل الروم. 13 ورود هدايا صاحب عمان. 14 رضاء المقتدر على أبي الهيجاء وإخوته. 14 وفاة الأمير غريب. 14 الحج هذا الموسم.

"أحداث سنة ست وثلاثمائة" 14 فتح مارستان والدة المقتدر. 14 وفاة القاضي وكيع. 14 قتل الحسين بن حمدان. 14 القبض على الوزير ابن الفرات. 15 ولاية حامد بن العباس الوزارة. 15 ازدياد تدخل النساء في أمور الحكم. 15 وفاة الفقيه ابن سُرَيج. 15 استيلاء القائم المهدي على الإسكندرية. 15 بناء المهدية. "أحداث سنة سبع وثلاثمائة" 16 وفاة الفضل بن عبد الملك. 16 ولاية نازوك دمشق. 16 دخول القرامطة البصرة. 16 دخول عسكر القائم المهديّ الإسكندرية. 16 ولاية تكين شعلى مصر للمرة الثانية. 17 مسير مؤنس الخادم ومحمد بن طغج إلى مصر. 17 اعتلال القائم المهديّ. "أحداث سنة ثمان وثلاثمائة" 17 فتنة الغلاء ببغداد. 17 استيلاء المهدي على بلاد المغرب. 17 وفاة إبراهيم بن كَيْغَلَغ. 18 قتل ابن المديني القاص. 18 وفاة بنت المتوكل. 18 امتلاك القائم المهدي للفسطاط. 18 وفاة إمام جامع المنصور. "أحداث سنة تسع وثلاثمائة" 18 خلاف الطبري المؤرخ والحنابلة.

18 تلقيب مؤنس الخادم بالمظفّر. 19 استرجاع الإسكندرية من المغاربة. 19 عزل تكين عن مصر وإعادته. 19 خروج القادة لقتال عسكر القائم المهدي. 19 مقتل الحلاج. 30 فصل من ألفاظه. "أحداث سنة عشر وثلاثمائة" 31 القبض على أم موسى القهرمانة. 31 عزل ابن البُهْلول عن قضاء بغداد. 32 بغلة يرضعها فلْو.

- الطبقة الحادية والثلاثون- "وفيات سنة إحدى وثلاثمائة" "حرف الألف" 32 1- أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن أحْمَد بْن أسد بن سامان. 32 2- أحمد بن حرب المعدل المقرئ. 33 3- أحمد بن سليمان بن يوسف بن صالح. 33 4- أحمد بن الصقر بن ثوبان. 33 5- أحمد بن قُتَيْبة بن سعيد بن قُتَيْبة. 33 6- أحمد بن قدامة. 33 7- أحمد بن محمد بن سريج. 34 8- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن الجعد الوشاء. 34 9- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مصعب. 34 10- أحمد بن محمد بن يوسف بن شاهين. 35 11- أحمد بن محمود بن صبيح بن مقاتل. 35 12- أحمد بن هارون بن رَوْح. 35 13- أحمد بن يعقوب بن إبراهيم. 36 14- إبراهيم بن أسباط بن السكن البزاز. 36 15- إبراهيم بن عاصم بن موسى. 36 16- إبراهيم بن محمد بن الهيثم. 37 17- إبراهيم بن يوسف بن خالد. 37 18- إبراهيم بن هانئ بن خالد المهلبي. 37 19- إسحاق بن أحمد بن الساماني. "حرف الباء" 38 20- بكر بن أحمد بن مقبل. "حرف الجيم" 38 21- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن المستفاض. 39 22- جعفر بن محمد السوسي.

"حرف الحاء" 40 23- الحسن بن إبراهيم بن بشّار. 40 24- الحسن بن الحباب بن مخلد. 40 25- الحسن بن سليمان بن نافع. 41 26- الحسين بن إدريس بن المبارك بن الهيثم. 41 27- الحسين بن زكريا بن يحيى التمار. 41 28- حماد بن مدرك بن حماد. 42 29- حمدان بن عمر. 42 30- حمدان بن الهيثم التيمي الأصبهاني. 42 31- حميد بن يونس. "حرف الخاء" 42 32- خالد بن غسان. "حرف السين" 43 33- سعيد بن خُمَيْر. "حرف الصاد" 43 34- صالح بن الحسين بن الفَرَح. "حرف العين" 43 35- عامر بن أحمد بن محمد الشونيزي. 43 36- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بن أبي الشَّوارب. 44 37- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بدرون الأندلسي 44 38- عبد الله بن محمد بن ناجية بن نخبة. 45 39- عبد الله بن محمد بن حيّان بن فروخ. 45 40- عبد الله بن الوليد العكبري. 45 41- عبد الله بن وهيب الجذامي. 45 42- عبد الله بن يحيى بن موسى بن داود بن شيرازد. 46 43- علي بن روحان الدقاق. 46 44- عُمَران بن موسى بن يحيى بن جِبارة. 46 45- عُمَرو بن عثمان بن كُرَب بن غَصَص.

47 46- عيسى بن إبراهيم بن موسى. "حرف القاف" 47 47- القاسم بن فورك. "حرف الكاف" 47 48- كثير بن نجيح. "حرف الميم" 48 49- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أبي بكر المقدمي. 48 50- محمد بن أحمد بن سعيد. 48 51- محمد بن أحمد بن سيد حمدويه. 49 52- محمد بن بشر بن يوسف القرشي. 50 53- محمد بن حُبَّان بن الأزهر العبدي. 50 54- محمد بن حبان الباهلي. 52 55- محمد بن جعفر الراشدي. 52 56- محمد بن حجاج بن يوسف الموصلي. 52 57- محمد بن سعيد بن ميمون. 52 58- محمد بن العباس بن أيوب. 53 59- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن أبي الشّوارب. 53 60- محمد بن عبد الله بن رستة بن الحسن الضبي. 53 61- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البخاري. 54 62- محمد بن عبد الرحمن السامي الهَرَويّ. 54 63- محمد بن عَبيدة بن يزيد بن عبيدة. 54 64- محمد بن علي بن العباس النسائي. 54 65- محمد بن يحيى بن مَنْده بن الوليد العنبري. 55 66- مسدد بن قطن بن إبراهيم النيسابوري. 55 67- موسى بن حمدون العُكبري. "حرف الهاء" 56 68- هنبل بن محمد الحمصي.

"وفيات سنة اثنتين وثلاثمائة" "حرف الألف" 56 69- أحمد بن قُدامة بن محمد بن فرقد. 56 70- أحمد بن محمد بن سلام بن عبدُوَيْه. 57 71- أحمد بن محمد بن موسى البغدادي. 57 72- أحمد بن يحيى بن زكريا الحضرمي. 57 73- إبراهيم بن أحمد بن معاذ الشعباني. 57 74- إبراهيم بن شريك بن الفضل الأسدي. 58 75- إبراهيم بن محمد بن الحسن الأصبهاني "ابن متوية". 58 76- إبراهيم بن محمد بن الحسن الأصبهاني. 59 77- إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسّان الأنماطيّ. 59 78- إسماعيل بن محمد بن إسحاق العذري. 59 79- أيوب بن سليمان بن صالح بن هاشم المعافري. "حرف الباء" 59 80- بدعة المغنية. 60 81- بسّام بن أحمد بن بسام بن عُمَران. 60 82- بشر بن نصر بن منصور الشافعي. "حرف الحاء" 60 83- الحسن بن عليّ بن موسى بن هارون النخاس. 60 84- الحسن بن علي بن يوسف القتاد. 61 85- الحسن بن محمد بن أحمد بن العسّال. 61 86- الحسين بن أحمد بن منصور سجادة. 61 87- حمزة بن محمد بن عيسى الكاتب. "حرف الخاء" 61 88- خلف بن أحمد بن خلف السُّمَّري. 62 89- خلف بن أحمد بن عبد الصمد المصري. "حرف الدال" 62 90- دحمان بن المعافى الإفريقي.

"حرف السين" 62 91- سعيد بن محمد بن صبيح الحداد. 62 92- سعيد بن محمد بن سعيد البكراوي. "حرف الصاد" 63 93- صالح بن محمد المرادي الأندلسي. "حرف العين" 63 94- عبد الله بن الأزهر بن سهيل المصري. 63 95- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخليل التميمي. 63 96- عبد الله بن الصقر بن نصر. 63 97- علي بن إسماعيل الشعيري البغدادي. 64 98- علي بن سليمان بن داود الإسكندراني. 64 99- عليّ بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام. 66 100- علي بن سليمان بن داود الإسكندراني. 66 101- عليّ بن موسى بن عيسى بن حمّاد زُغْبة. "حرف القاف" 67 102- قاسم بن ثابت بن حزم. 67 103- القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب. "حرف الميم" 67 104- محمد بن حَرِيث بن عبد الرحمن بن حاشد. 67 105- محمد بن داود بن يزيد الرازي. 67 106- محمد بن دلُّوَيْه النيسابوري. 68 107- محمد بن زكريّا بن يحيى بن عبد الله الديناري. 68 108- محمد بن زنجويه بن الهيثم القشيري. 68 109- محمد بن سعيد بن عزيز البوشنجي. 68 110- محمد بن عبد الله بن سوّار القُرْطُبيّ. 69 111- محمد بن عثمان بن إبراهيم بن زُرْعة الثقفي. 71 112- موسى بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل المدني. 71 113- مؤمل بن الحسن بن اليسع البهنسي.

"حرف الهاء" 71 114- هارون بن نصر الأندلسي. "حرف الياء" 72 115- يُسَيْر بن إبراهيم بن خَلَف الأندلسي. "وفيات سنة ثلاث وثلاثمائة" "حرف الألف": 72 116- أحمد بن الحسين بن إسحاق البغدادي. 72 117- أحمد بن شعيب بن عليّ بن سِنان بن بحر. 75 118- أحمد بن عليّ بن أحمد بن الحسين المادرائي. 76 119- أحمد بن فرح بن جبريل البغدادي العسكري. 76 120- أحمد بن محمد بن أبي خالد الإصبهانيّ. 76 121- أحمد بن عصم الضبي. 77 122- أحمد بن محمد بن عبد الرحمن السّاميّ الهروي. 77 123- إبراهيم بن إسحاق النيسابوري الأنماطي. 77 124- إبراهيم بن عبد العزيز بن منير المصري. 77 125- إبراهيم بن عثمان المصري الأزرق. 77 126- إبراهيم بن عُمَرو بن ثَوْر بن عُمَران المرادي. 78 127- إبراهيم بن موسى الجوزي. 78 128- إسحاق بن إبراهيم بن دليل الموصلي. 78 129- إسحاق بن إبراهيم بن نصر النيسابوري. 78 130- إسحاق بن إبراهيم البشتي. "حرف الجيم" 79 131- جعفر بن أحمد بن نصر النيسابوري. 79 132- جعفر بن أحمد بن سعيد بن صَبِيح. 79 133- جعفر بن محمد بن علي الحِمْيَري. 80 134- جعفر بن محمد بن عيسى القبوري. "حرف الحاء" 80 135- حاتم بن الحسن الشاشي.

80 136- الحسن بن حباش الدهقان. 81 137- الحسن بن سفيان بن عامر الشيباني. 82 138- الحُسَين بن عبد الله بن محمد بن بشير. "حرف الخاء" 82 139- خليفة بن المبارك. "حرف الراء" 82 140- رُوَيم بن أحمد بن يزيد ين رويم الصوفي. "حرف الزاي" 83 141- زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل. "حرف العين" 83 142- عاصم بن رازح بن رحُبْ بن العلاء. 84 143- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن يونس السمناني. 84 144- عبد الله بن محمد بن ياسين الدوري. 84 145- عبد الرحمن بن قريش الهروي الجلاب. 85 146- علي بن رستم بن المطيار الظهراني. 85 147- عمر بن أيوب بن إسماعيل السقطي. "حرف الفاء" 85 148- فهد بن أبي هريرة أحمد بن محمد المصري. "حرف الميم" 85 149- محمد بن إسماعيل بن الفَرَج المصري. 86 150- محمد بن حرملة بن سعيد الحرشي. 86 151- محمد بن الحسن بن العلاء الخواتيمي. 86 152- محمد بن الحسن بن نصر الزيات. 86 153- محمد بن خوتك الحرسي. 86 154- محمد بن سليمان بن سندل الأندلسي. 86 155- محمد بن العبّاس بن الوليد بن محمد بن عمر بن الدرفس. 87 156- محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي. 88 157- محمد بن عثمان بن سعيد الدارمي.

88 158- محمد بن علي بن عمرو الحفار البغدادي. 88 159- محمد بن عيسى بن إبراهيم بن مثرود. 88 160- محمد بن محمد بن فُورَك بن عطاء القبّاب. 88 161- محمد بن حمدويه بن سنجان المروزي. 89 162- محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان السلمي. 89 163- منصور بن إسماعيل التميمي المصري. "حرف الهاء" 90 164- هارون بن يوسف الشطوي. "حرف الياء" 91 165- يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى الليثي. 91 166- يحيى بن عُبَيْد الله بن يحيى بن يحيى القرطبي. 91 167- يعقوب بن إبراهيم بن حسان الأنماطي. "وفيات سنة أربع وثلاثمائة" "حرف الألف" 91 168- أحمد بن إبراهيم بن يزيد بن عبد الله الباهلي. 92 169- أحمد بن الحسن بن عبد الله الإصبهانيّ المعدل. 92 170- أحمد بن زنجويه بن موسى المخرمي. 92 171- أحمد بن عبد الله بن عمران المروزي. 92 172- أحمد بن عُمَر بن موسي بن زَنْجَوَيْه القطان. 93 173- أحمد بن محمد بن الحسن بن السكن. 93 174- أحمد بن محمد بن رستم الطبري النحوي. 93 175- أحمد بن محمد الصيدلاني. 93 176- أحمد بن الممتنع القرشي الأيلي. 94 177- أحمد بن موسى بن الجوهري. 94 178- إبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المخرمي. 94 179- إبراهيم بن محمد بن مالك بن ماهويه. 94 180- إبراهيم بن موسى الجوزي. 95 181- إسحاق بن إبراهيم بن يونس المنجنيقي.

95 182- إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عرباض. 96 183- أصبغ بن مالك المالكي. "حرف الجيم" 96 184- جعفر بْن أحمد بْن عَلي بن بيان الغافقي. 97 185- جعفر بن حبيش بن عائذ المصري. "حرف الحاء" 97 186- حاتم بن روح السجستاني. 97 187- الحسن بن علي الأعسم السامري. 97 188- الحسين بن عبد المجيب الموصلي. "حرف الخاء" 97 189- خلف بن هاشم الأشعري. "حرف الزاي" 98 190- زيادة الله بن عبد الله الأغلبي. "حرف الطاء" 98 191- طريف بن عبيد الله الموصلي. "حرف العين" 98 192- العباس بن إبراهيم القراطيسي. 99 193- عباس بن الوليد بن حفص الأموي. 99 194- عبد الله بن محمد بن عمران الأصبهاني. 99 195- عبد الله بن محمد الأكفاني. 99 196- عبد الله بن مظاهر الأصبهاني. 100 197- عبد العزيز بن محمد بن دينار الفارسيّ. 100 198- عبيدون بن محمد بن فهد الجهني. 100 199- عمران بن أيوب الخولاني. "حرف الْقَافِ" 100 200- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مهدي الإخميمي. 101 201- القاسم بن الليث بن مسرور. 101 202- القاسم بن محمد بن قاسم الزواوي.

"حرف الميم" 101 203- محمد بن أحمد بن شيرزاد. 101 204- محمد بن أحمد بن الهيثم الدوري. 101 205- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن سلام بن الزراد. 102 206- محمد بن أحمد بن المرزبان. 102 207- محمد بن جعفر بن حسين العطار. 102 208- محمد بن الحسين بن خالد القنبيطي. 102 209- محمد بن صالح بن أبي عصمة. 103 210- محمد بن عبد الوهاب بن هشام. 103 211- محمد بن عمرو بن سليمان اللقاباذي. 103 212- محمد بن هرثمة النيسابوري. 103 213- مسلم بن أحمد بن أبي عبيدة. "حرف الياء" 103 214- يحيى بن علي الكِنْدي. 104 215- يَمُوت بن المُزَرِّع بن يموت بن عيسى. 104 216- يوسف بن الحسين الرازي. "وفيات سنة خمس وثلاثمائة" 106 "حرف الألف" 107 217- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله النيسابوري. 107 218- أحمد بن العباس بن موسى العدوي. 107 219- أحمد بن عبد الواحد العقيلي الجوبري. 107 220- أحمد بن محمد بن إبراهيم الكندي. 107 221- أحمد بن محمد بن شبيب الغزال. 107 222- أحمد بن محمد الفهري. 108 223- أحمد بن هارون البخاري. 108 224- آدم بن موسى الخواري. 108 225- إسماعيل بن إسحاق بن الحصين الرقي.

"حرف الجيم" 108 226- جبير بن هارون. "حرف الحاء" 108 227- الحسين بن عبد الغفار. "حرف السين" 109 228- سعيد بن عبد الله الجوهري. 109 229- سعيد بن عثمان التجيبي الأعناقي. 109 230- سليمان بن محمد النحوي. "حرف الطاء" 110 231- طاهر بن عبد العزيز الرُعَيْني. "حرف العين" 110 232- العبّاس بن محمد بن أحمد الموصلي. 110 233- عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي الحواريّ. 111 234- عبد الله بن صالح بن عبد الله بن الضحاك. 111 235- عبد الله بن صالح بن يونس الفرائضي. 111 236- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن شيرويه. 112 237- عبد الله بن هارون الصواف. 112 238- علي بن أحمد المريقي. 112 239- عليّ بن الحسين بن حبّان بن عمّار. 113 240- عليّ بن سعيد بن عبد الله العسْكريّ. 113 241- علي بن موسى بن يزداد القمي. 113 242- عمر بن محمد بن نصر الكاغدي. 114 243- عمران بن موسى بن مجاشع. "حرف الفاء" 114 244- الفضل بن الحُباب بن محمد بن شعيب الجمحي. "حرف القاف" 116 245- القاسم بن زكريّا بن يحيى البغدادي. 116 246- القاسم بن محمد بن بشار الأنباري.

"حرف الميم" 117 247- محمد بن أبان بن ميمون السراج. 117 248- محمد بن إبراهيم بن حيون. 117 249- محمد بن أحمد بن تميم بن خالد الأصبهاني. 118 250- محمد بن إبراهيم بن نصْر بن شبيب. 118 251- محمد بن الحسين بن شهريار. 118 252- محمد بن سليمان الحامض. 119 253- محمد بن طاهر بن خالد بن أبي الدُمَيْك. 119 254- محمد بن العباس بن أسلم الأزرق. 119 255- محمد بن عبيد الله القرطبي. 119 256- محمد بن عمرو بن مَسْعَدَة. 119 257- محمد بن القاسم بن هاشم السمسار. 120 258- محمد بن المبارك بن عبد الملك الدّبّاغ. 120 259- محمد بن نصر بن القاسم الخواص. 120 260- محمد بن نصير بن أبان المديني. 120 261- مالك بن عيسى القفصي. 120 262- موسى بن هارون التوزي. "حرف الهاء" 121 263- هارون بن عليّ بن الحكم المزوق. "حرف الياء" 121 264- يحيى بن أصبغ بن خليل القرطبي. "وفيات سنة ست وثلاثمائة" "حرف الألف" 121 265- أحمد بن حذيفة البُشْتي. 122 266- أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار بن راشد. 122 267- أحمد بن داود بن أبي صالح الحراني. 122 268- أحمد بن سعيد بن عبد الله المؤدب. 122 269- أحمد بن عمر بن سريج البغدادي.

124 270- أَحْمَد بْن سهل بن المبارك الجيراني. 125 271- أحمد بن محمد بن مسقلة التيمي. 125 272- أحمد بن موسى بن علي الصدفي. 125 273- أحمد بن يحيى بن الجلاء. 126 274- أحمد بن يعقوب بن سراج الموصلي. 126 275- أحمد بن يوسف بن الضحاك. 127 276- إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الحارث الكلابي. 127 277- إبراهيم بن علي بن إبراهيم العُمَريّ المَوْصليّ. "حرف الجيم" 127 278- جبريل بن الفضل السمرقندي. 127 279- جعفر بن سهل النيسابوري. "حرف الحاء" 128 280- حاجب بن مالك بن أركين الفرغاني. 128 281- الحَسَن بن بالَوَيْه بن زيد بن سيّار الحيري. 128 282- الحسين بن حمدان بن حمدون الأمير. "حرف العين" 129 283- عامر بن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم الأشعري. 129 284- عباس بن محمد الفزاري. 129 285- عبدان بن أحمد بن موسى بن زياد الأهوازي. 131 286- عبد الصمد بن عبد الله القرشي. 131 287- علي بن إبراهيم بن مطر السكري. 132 288- عليّ بن إسحاق بن عيسى بن زَاطِيَا. 132 289- عليّ بن الحَسَن بن سليمان بن سُرَيْج. 132 290- علي بن هارون بن ملول المصري. 132 291- عمر بن الحسن الحلبي. 133 292- عيسى بن إدريس بن عيسى البغدادي. "حرف الميم" 133 293- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الله الأصبهاني.

133 294- محمد بن أصبغ بن محمد بن يوسف القرطبي. 134 295- محمد بن بابشاذ البصري. 134 296- محمد بن حرملة بن بهلول المصري. 134 297- محمد بن حمدويه بن موسى بن طريف السنجي. 134 298- محمد بن خلف بن حيان بن صدقة الضبي. 135 299- محمد بن خيرون المعافري. 135 300- محمد بن سعيد بن عمرو الخريمي. 136 301- محمد بن عبد الوهاب المروزي. 136 302- محمد بن علي بن إبراهيم المروزي. 136 303- محمد بن علي القنطري. 136 304- محمد بن محمد بن سحنون المغربي. 136 305- محمد بن مسعود بن الحارث الأسدي. 137 306- محمد بن هارون بن عبد الرحمن العتقي. 137 307- موسى بن عبد الرحمن بن حبيب الإفريقي. "وفيات سنة سبع وثلاثمائة" "حرف الألف" 137 308- أحمد بن حمدويه الدقاق. 138 309- أحمد بن سهل بن الفيرُزان. 138 310- أحمد بن علي بن المثنى الموصلي. 140 311- أحمد بن عيسى الهاشمي. 140 312- أحمد بن محمد بن عبد الله الأسدي. 140 313- أحمد بن محمد بن صالح الذارع. 140 314- أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن البراء الجرجاني. 141 315- أحمد بن محمد بن عمر الجرجاني. 141 316- أحمد بن محمد بن عبد الله الأصبهاني. 141 317- أسامة بن أحمد بن أسامة التجيبي. 142 318- إسحاق بن إبراهيم القاضي البستي. 142 319- إسحاق بن عبد الله بن إبراهيم بن سلمة الكوفي البزاز.

"حرف الجيم" 142 320- جعفر بن أحمد بن سِنان الواسطي. 142 321- جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي. 143 322- جعفر بن محمد بن موسى النيسابوري. "حرف الحاء" 143 323- حبيب بن نصر المهلبي. 143 324- الحسن بن إسحاق بن سلام المصري. 143 325- الحسن بن الطيب بن حمزة الشجاعي. 144 326- الحسين بن سعيد بن كامل المصري. 144 327- الحسين بن محمد بن الضحاك الفارسي. "حرف الزاي" 145 328- زكريّا بن يحيى بن عبد الرحمن الضبي. "حرف السين" 145 329- سليمان بن عيسى البغدادي. "حرف العين" 146 330- عامر بن عُمَران بن الفتح الزولهي. 146 331- عبد الله بن إبراهيم الأسدي. 146 332- عبد الله بن الحسين بن علي البجلي. 146 333- عبد الله بن عَمْرو بن عبد الله بن عَمْرو بن السرح. 146 334- عبد الله بن مالك بن سيف التجيبي. 147 335- عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري. 147 336- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ العباس الأسدي. 148 337- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أبي الحديد. 148 338- عبد الرحمن بن الحسن بن موسى الضراب. 148 339- عبيد الله بن إبراهيم بن مهدي البغدادي. 148 340- علي بن حبيس بن عابد الزوفي. 148 341- علي بن سهل بن محمد الأصبهاني. 149 342- عمران بن موسى بن فضالة الموصلي.

149 343- عمر بن الحسن بن نصر الحلبي. "حرف الفاء" 149 344- الفضل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحارث الباهلي. 150 345- الفضل بن أحمد بن يعقوب بن أشرس. "حرف القاف" 150 346- القاسم بن أحمد بن بشير المصري. 150 347- القاسم بن عبيد الله بن سعيد المصري. "حرف الميم" 150 348- محمد بن بكر القرطبي. 151 349- محمد بن جعفر بن محمد بن سعيد الأشعري. 151 350- محمد بن رومي النيسابوري الإخباري. 151 351- محمد بن سليمان بن بابويه. 151 352- محمد بن صالح بن ذريح العكبري. 152 353- محمد بن عبد الله بن يوسف بن خرشيد الدويري. 152 354- محمد بن عليّ بن مَخْلَد بن فرقد الداركي. 152 355- محمد بن علي بن سهيل الصيدلاني. 152 356- محمد بن علي الخطيب المقرئ. 153 357- محمد بن عيسى القزويني الصفار. 153 358- محمد بن موسى بن عبد الرحمن الصوريّ المقرئ. 153 359- محمد بن موسى بن هاشم القرطبي "الأقشين". 154 360- محمد بن هارون الروياني. 154 361- محمد بن يحيى بن حسين العمي البصري. 155 362- محمد بن يونس بن هارون حمُّوَيْه. 155 363- محمود بن محمد بن منُّوَيْه الواسطي. 156 364- مسعود بن عمر الأموي الأندلسي. 156 365- مفضل بن محمد المصري المؤدب. 156 366- موسى بن سهل الجوني.

"حرف النون" 156 367- نهد بن نصر بن خلف النهدي الموصلي. "حرف الهاء" 157 368- الهيثم بن خلف بن محمد الدوري. "حرف الياء" 157 369- يحيى بن زكريّا النَّيْسابوريّ الأعرج. 157 370- يحيى بن محمد بن عمروس الفقيه. "وفيات سنة ثمان وثلاثمائة" "حرف الألف" 158 371- أحمد بن الصَّلْت بن المغلس الحماني. 159 372- أحمد بن محمد بن هلال الشطوي. 159 373- إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري. 159 374- إدريس بن طهوي القطيعي. 160 375- إسحاق بن أحمد بن إسحاق الخزاعي. 160 376- إسحاق بن ديمهر التوزي. "حرف الجيم" 161 377- جابر بن فتحون الأندلسي. 161 378- جعفر بن قدامة الكاتب. 161 379- جعفر بن محمد بن جعفر بن الحَسَن الحسني. "حرف الحاء" 161 380- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَبْد الصمد البصري. 162 381- الحَسَن بن عليّ بن يونس بن أبان. 162 382- الحَسَن بن محمد بن عنبر بن شاكر الوشاء. 162 383- حسين بن عياض بن عروة الحّرانيّ. "حرف الخاء" 162 384- خَلَف بن شاهد النسفيّ. "حرف الراء" 163 385- رفاعة بن عمارة بن وثيمة المصري.

"حرف السين" 163 386- سعد بن مُعاذ بن عثمان بن حسان الثقفي. 163 387- سلم بن عصام الثقفي. "حرف الشين" 163 388- شعيب بن محمد الذراع. "حرف العين" 164 389- العباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البرتي. 164 390- عبد الله بن ثابت بن يعقوب العبقسيّ. 165 391- عبد الله بن العباس الطيالسي. 165 392- عبد الله بن محمد بن وهْب بن بشر الدينوري. 166 393- عبد الله بن محمد النعيمي. 166 394- عبد الكريم بن إبراهيم بن حبان. 166 395- عبد الوهاب بن أبي عصمة الشيباني. 166 396- عبيد الله بن محمود القيرواني. 167 397- علي بن أحمد بن الحسين العجلي. 167 398- علي بن سراج المصري الحافظ. 168 399- عمر بن عبد الله بن الحسن بن حفص الأصبهاني. 168 400- عمر بن محمد بن بكار القافلائي. "حرف الميم" 168 401- محمد بن أحمد بن أسباط الجرواآني. 168 402- محمد بن إسحاق بن الوليد الثقفي. 169 403- محمد بن إسماعيل بن الفرج البناء. 169 404- محمد بن الحَسَن بن هارون بن دنبا. 169 405- محمد بن الحسن بن موسى الكندي. 169 406- محمد بن سفيان بن النضر النسفي. 170 407- محمد بن صالح بن ذَرِيح العُكْبَري. 170 408- محمد بن عبد الله بن محمد الخَولانيّ الباجي. 170 409- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد القرطبي.

171 410- محمد بن المفضَّل بن سَلَمَةَ بن عاصم الضبي. 171 411- محمد بن ياسين بن النضر النيسابوري. 171 412- المفضل بن محمد بن إبراهيم الجَنَدي. "وفيات سنة تسع وثلاثمائة" "حرف الألف" 172 413- أحمد بن الفضل بن سهْل البغدادي. 172 414- أحمد بن محمد بن خالد بن ميسَّر الإسكندراني. 172 415- أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء الأدمي. 173 416- أحمد بن محمد بن عبد الخالق البغدادي. 173 417- أحمد بن محمد بن عُمَر الْجُرْجانيّ التّاجر. 174 418- إسحاق بن أحمد بن زيرك الفارسي. 174 419- إسماعيل بن موسى بن المبارك الحاسب. "حرف الجيم" 174 420- جعفر بن أحمد بن محمد بن الصباح الجرجرائي. "حرف الحاء" 175 421- حامد بن محمد بن شعيب بن زهير البلخي. 175 422- الحسن بن علي بن نصر الطوسي. 175 423- الحسين بن عليّ بن يزيد بن نافع المصري. 175 424- الحسين بن محمد بن الضحاك الفارسي. 176 425- الحسين بن منصور الحلاج. 176 426- حمزة بن إبراهيم بن أيوب الهاشمي. "حرف العين" 177 427- عباد بن علي بن مرزوق الثقاب. 177 428- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَمْرو القيراطيّ. 177 429- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن غزوان الخزاعي. 178 430- عبد الله بن يزيد الدقيقي. 178 431- عبد الرحمن بن الحسين بن خالد النيسابوري. 178 432- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن خالد المهلبي.

179 433- عبد الملك بن محمود بن إبراهيم القرشي. 179 434- عُبَيْد اللَّه بْن جعفر بْن أَعَيُن البزّاز. 180 435- علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني. 180 436- عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان. "حرف الفاء" 180 437- الفضل بْن محمد بن عقيل بن خويلد الخزاعي. "حرف الميم" 180 438- محمد بن أحمد بْن راشد بن معدان الثقفي. 181 439- محمد بن إدريس بن الأسود التجيبي. 181 440- محمد بن الحسين بن مكرم البغدادي. 181 441- محمد بن خَلَف بْن المَرْزُبان بْن بسّام المحولي. 182 442- محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي. 182 443- محمد بن علي بن حسين النيسابوري. 182 444- محمد بن محمد بن عُقْبة بْن الوليد الشيباني. 183 445- محمد بن الوليد بْن محمد بن محمد بن عبيد القرطبي. "حرف الياء" 183 446- يعقوب بن سليمان الإسفرائيني. 183 447- يوسف بن مؤذن بن عيشون المعافري. "وفيات سنة عشر وثلاثمائة" "حرف الألف" 184 448- أحمد بْن أحمد بْن زياد. 184 449- أحمد بن خلف بن المرزبان المحولي. 184 450- أحمد بن العباس بن حمزة النيسابوري. 185 451- أحمد بْن محمد بن زياد بن أيّوب. 185 452- أحمد بن محمد بن عبد الواحد الطائي. 185 453- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هلال الأزدي. 185 454- أحمد بْن محمود بْن صبيح بْن سهل.

186 455- أحمد بن محمد بن يحيى بن جرير الهمداني. 186 456- أحمد بن يحيى بن زهير التستري. 187 457- إبراهيم بن جابر البغدادي. 187 458- إسحاق بن إبراهيم بن محمد الأصبهاني. "حرف الحاء" 187 459- الحَسَن بْن الحسين بْن عليّ الصواف. 188 460- الحسين بْن عليّ بْن عَبْد الواحد المصريّ. "حرف الخاء" 188 461- خَالِد بْن محمد بْن خَالِد بن كولخش. "حرف الدال" 188 462- دَاوُد بْن إبراهيم بْن دَاوُد بن يزيد. "حرف السين" 189 463- سالم بْن عَبْد الله بْن أبّا الأندلسي. "حرف العين" 189 464- عافية بن محمد بن عثمان الأندلسي. 189 465- العباس بن الفضل بن شاذان. 190 466- عبد الله بن أحمد بن أسيد الأصبهاني. 190 467- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أسيد الثقفي. 190 468- عَبْد الله بْن محمد بن أَبِي الوليد القرطبي. 191 469- عَبْد الله بْن أحمد بْن مَسْلمة الفَزَاريّ. 191 470- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن القرشي. 191 471- عبد الرحمن بن محمد بن عمر الهمداني. 192 472- علي بن أحمد بن بسطام الزعفراني. 192 473- علي بن العباس بن الوليد الكوفي. 192 474- عيسى بْن سليمان بْن عَبْد الملك الْقُرَشِيّ. "حرف الفاء" 192 475- فضل بْن سَلَمَةَ بْن جرير الجهني.

"حرف الميم" 193 476- محمد بن إبراهيم بْن البّطال اليماني. 193 477- محمد بن إبراهيم بن آدم الصلحي. 193 478- محمد بن أحمد بْن حمّاد بْن سَعِيد الأنصاري. 194 479- محمد بن أحمد بن حماد الكوفي. 194 480- محمد بن أحمد بْن عُبَيْد بْن فَيّاض العثماني. 195 481- محمد بن أحمد بن أبي عون النسوي. 195 482- محمد بن أحمد بن هلال الشطوي. 195 483- محمد بن أحمد بن سهل البركاني. 196 484- محمد بن أحمد القرطبي. 196 485- محمد بن بنان بن معن الخلال. 196 486- محمد بن جرير بْن يزيد بْن كثير الطبري. 202 487- محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي. 202 488- محمد بن حمدان بن مهران النيسابوري. 303 489- محمد بن حنيف بن جعفر البخاري. 203 490- محمد بن العباس بن محمد اليزيدي. 203 491- محمد بن عبد الله بن بشير الهاشمي. 203 492- محمد بن عُمَر بْن يوسف بْن عامر الأندلسي. 204 493- معافى بن عمر بن حفص المصري. 204 494- موسى بن جرير الرقي. "حرف النون" 205 495- نبهان بن إسحاق البشكاسي. "حرف الهاء" 205 496- هاشم بن صالح الأندلسي. "حرف الواو" 205 497- الوليد بْن أبان بْن بونة. "حرف الياء" 206 498- يوسف بْن محمد بن يوسف.

"الكنى" 206 499- أبو علي بن خيران. "ذِكْرُ من لَمْ أَعْرفُ تاريخ موتِهِ من أهْل هذه الطبقة كتبته عَلَى التقريب" "حرف الألف" 206 500- أحمد بن بطة بن إسحاق المديني. 207 501- أحمد بن بندار الحبال الأصبهاني. 207 502- أحمد بن حشمرد الجرجاني. 207 503- أحمد بن الحسن بن الجعد. 207 504- أحمد بن الحسين بن أبي الحسن الأنصاري. 207 505- أحمد بن الحسين بن علي الدمشقي. 208 506- أحمد بْن أَبِي الأخيل خَالِد بْن عَمْرو السلفي. 208 507- أحمد بن شهدل بن المفضل الحنظلي. 208 508- أحمد بن صالح بن محمد الفارسي. 208 509- أحمد بْن عامر بْن عَبْد الواحد البرقعيديّ. 209 510- أحمد بن عامر بن المعمر الأزدي. 209 511- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن شجاع البغداديّ. 209 512- أحمد بن قدامة بن فرقد البلخي. 209 513- أحمد بن محمد بن جعفر الأصبهاني. 210 514- أحمد بن داود الهمداني. 210 515- أحمد بن محمد بن عبيدة بن زياد. 210 516- أحمد بن محمد بن عيسى الحمصي. 210 517- أحمد بن محمد بن الفضل الخزاعي. 211 518- أحمد بن محمد بن المؤمل الصوري. 211 519- أحمد بن محمد بن موسى العراد. 211 520- أحمد بن محمد بن يحيى الواسطي. 211 521- أحمد بن المساور بن سهيل الضبي. 212 522- أحمد بن مكرم البرتي البغدادي.

212 523- أحمد بن موسى الحوطي. 212 524- أحمد بن نصر الحذَّاء. 212 525- أحمد بن هاشم بن عمرو البعلبكي. 212 526- إبراهيم بن دحيم عبد الرحمن الدمشقي. 213 527- إبراهيم بن دُرُسْتويه. 213 528- إبراهيم بن محمد بن بزرج. 213 529- إسماعيل بن أحمد البصري. 213 530- إسماعيل بن إبراهيم الصيرفي. 214 531- إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم المصري. 214 532- إسماعيل بن إسحاق بن الحصين المعمري. 214 533- إسحاق بن إبراهيم بن حاتم المديني. 214 534- أيّوب بْن محمد بن محمد بن أيّوب الصوري. "حرف الباء" 214 535- بنان بن أحمد علويه. "حرف التاء" 215 536- تميم بْن يوسف الحمصيّ الصَّيْدلانيّ. "حرف الجيم" 215 537- جعفر بْن أحمد بْن الفَرَج الدوري. 215 538- جعفر بن محمد بن أسد النصيبي. 215 539- جعفر بن محمد بن عتيب السكري. 215 540- جعفر بن محمد بن سعيد البغدادي. 216 541- جعفر بن محمد بن العباس الكرخي. 216 542- جعفر بْن محمد بن أحمد بْن صالح المصري. 216 543- جعفر بن محمد ين يعقوب الأصبهاني. "حرف الحاء" 216 - الحارث بن محمد بن الحارث. 216 544- الحسن بن بطة بن سعيد الزعفراني. 217 545- الحسن بن صالح البهنسي.

217 546- الحسن بن عثمان بن زياد التستري. 217 547- الحسن بن علي بن يونس الإفريقي. 217 548- الحسن بن الفرج الغزي. 218 549- الحَسَن بْن عليّ بْن رَوح بْن عَوَانة. 218 550- الحَسَن بْن عليّ بْن مَحْميّ بْن بِهْرام. 218 551- الحسن بن موسى النوبختي. 218 552- الحسن بن يوسف بن أبي طيبة المصري. 219 553- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهب البغدادي. 219 554- الحسين بن أحمد بن عصمة البغدادي. 219 55- الحسين بن أحمد بن منصور البغدادي. 219 556- الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان. 219 557- الحسين بن علي بن حماد بن مهران الرازي. 220 558- الحسين بن محمد بن جابر التميمي. 220 559- حماس بن مروان بن سماك الهمداني. 220 560- حميد بن محمد بن نصير البعلبكي. "حرف الخاء" 221 561- الخِضر بْن الهَيْثَم بْن جَابِر الطوسي. "حرف الزاي" 221 562- زيد بن عبد العزيز الموصلي. "حرف السين" 221 563- سعيد بن عبد الرحيم البغدادي. 221 564- سعيد بن يعقوب القرشي الأصبهاني. 222 565- سلمان بن إسرائيل الخُجُنْدي. "حرف الشين" 222 566- شعيب بْن محمد بن أحمد بن شعيب الدبيلي. "حرف الصاد" 222 567- صالح بْن محمد بن صالح البغدادي الجلاب.

"حرف العين" 222 568- عامر بْن عُقْبة بْن خَالِد الأسلمي. 223 569- عبد الله بن أحمد بن خُزَيمة البارودي. 223 570- عبد الله بن عمران بن موسى المقرئ النجار. 223 571- عبد الله بن محمد بن الأشقر. 223 572- عبد الله بن محمد بن سَلْم المقدسي. 223 573- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْد الحميد الواسطي. 224 574- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بْنِ سَيَّارٍ الْفَرْهَادَانِيُّ. 224 575- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْمُقْرِئُ. 225 576- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن طُوَيْط الرملي. 225 577- عبد الله بن يحيى بن موسى السرخسي. 225 578- عبد الله بن هاشم الزعفراني. 226 579- عبد المؤمن بن أحمد بن حوثرة. 226 580- عبد الرحمن بن قريش الهروي. 226 581- عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة التميمي. 226 582- عُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن سليم البغداديّ. 227 583- عتيق بن هاشم بن جرير المرادي. 227 584- علي بن إبراهيم بن الهيثم البلدي. 227 585- علي بن الحسين بن ثابت الجهني. 227 586- علي بن داود الحراني. 227 587- علي بن الصباح بن علي الأصبهاني. 227 588- عليّ بْن عَبْد الملك بْن عَبْد ربّه الطائي. 228 589- علي بن موسى بن النضر الأنباري. 228 590- عليّ بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن مولى قريش. 228 591- علي بن الحسن بن الجنيد النيسابوري. 228 592- عمران بن موسى النيسابوري. 229 593- عمر بن إسماعيل السراج. 229 594- عمرو بن الجنيد القاضي.

229 595- عمر بن حفص بن هند الهمداني. 229 596- عُمَر بْن سَعِيد بْن أحمد بْن سعد الطائي. 230 597- عمر بن سهل الدينوري. 230 598- عمر بن خالد الشعيري. 231 599- عمر بن بشر النيسابوري. "حرف الفاء" 231 600- الفضل بْن أحمد البغداديّ السّرّاج. "حرف القاف" 231 601- القاسم بْن عُبَيْد اللَّه بْن سعَيِد بْن كثير بن عُفَير. 231 602- القاسم بن مَنْدَه بن كوشند الأصبهاني. 232 603- القاسم بن يحيى بن نصر الثقفي. 232 604- قدامة بن جعفر بن قدامة الكاتب. 232 605- قسطنطين الرومي. "حرف الكاف" 233 606- كَهْمُس بْن مَعْمَر بْن محمد بن معمر. "حرف الميم" 233 607- محمد بْن إبراهيم بْن يحيى بن الحكم الثقفي. 233 608- محمد بْن أحمد بْن الحُسين الأهوازيّ الْجُرَيْجيّ. 233 609- محمد بن أحمد بن أبان السلمي. 233 610- محمد بن أحمد بن أزهر الدمشقي. 234 611- محمد بْن أحمد بْن الوليد بْن يزيد الثقفي. 234 612- محمد بن أحمد بن عثمان المديني. 234 613- محمد بن أحمد بن يزيد الزُّهْريّ. 235 614- محمد بن أحمد بن يزيد بن وركشين. 235 615- محمد بْن إبراهيم بْن محمد بْن الوليد الأصبهاني. 235 616- محمد بن جبُّوَيه بن بندار الهمذاني. 235 617- محمد بن جعفر بن طرخان الاستراباذي. 236 618- محمد بْن جعفر بْن يحيى بْن رَزِين العقيلي.

236 619- محمد بن الحسن بن الخليل النسوي. 236 620- محمد بن حصن بن خالد الألوسي 236 621- محمد بن سليمان بن محبوب "السخل". 237 622- محمد بْن صالح بْن عَبْد اللَّه الطَّبَريّ. 237 623- محمد بن سلمة بن قرباء الربعي. 237 624- محمد بن سهل البغدادي العطار. 237 625- محمد بن صالح بن عبد الرحمن بن حماد التميمي. 238 626- محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأشناني. 238 627- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن المنتجع. 238 628- محمد بن عبد الله الزقاق. 238 629- محمد بن عبد الله بن يوسف المهري. 239 630- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن بلال الجوهريّ. 239 631- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام الرملي. 239 632- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدمشقي. 240 633- محمد بن عبيد الله البغدادي. 240 634- محمد بن عبيد بن وردان الدمشقي. 240 635- محمد بن عبدوس بن مالك الثقفي. 240 636- محمد بْن عليّ بْن سالم بْن علّك الهمداني. 240 637- محمد بْن عُمَيْر بْن عَبْد السّلام الرَّمْليّ. 240 638- محمد بن عون الوحيدي. 241 639- محمد بْن المُعَافَى بْن أحمد بْن أَبِي كريمة الصيداوي. 241 640- محمد بن هارون بن مجمع المصيصي. 241 641- محمد بن هاشم العذري الجسريني. 241 642- محمد بن يحيى بن داود الدمشقي. 242 643- محسن بْن محمد بْن خَالِد بْن عَبْد السلام. 242 644- محمود بْن محمد بْن الفضل بْن الصّبّاح التميمي. 242 645- مسلمة بن الهيصم العبدي. 242 646- موسى بن علي بن عبد الله الختلي.

243 647- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن خَالِد بْن شيرزاد. 243 648- ميمون بن عمر بن المغلوب المالكي. "حرف النون" 243 649- النُّعْمان بْن هارون بْن أَبِي الدلهاث. "حرف الهاء" 244 650- هارون بن الحسين النجاد. 244 651- هارون بن إبراهيم بن حماد البغدادي. 244 652- هارون بن عبد الرحمن العكبري. 244 653- هاشم بن إسحاق الأندلسي. "حرف الواو" 244 654- الوليد بْن المطّلب بْن نبيه السهمي. "حرف الياء" 244 655- يحيى بن طالب الأنطاكي. 245 656- يحيى بْن عليّ بْن محمد بْن هاشم بن مرداس الكندي. 245 657- يحيى بن محمد بن عمران الحلبي البالسي. 245 658- يسر بن أنس البغدادي. 245 659- يعقوب بن إسحاق العطار. 246 660- يعقوب بن يوسف بن خازم الطحان. 246 661- يوسف بن يعقوب بن مهران الفقيه. "الكنى" 246 662- أبو عبد الرحمن اللهبي. 246 663- أبو جعفر محمد بْن عَبْد اللَّه اللَّهْبيّ. 246 664- أبو العباس أحمد بن محمد اللهبي.

وقائع الطبقة الثانية والثلاثين "أحداث سنة إحدى عشر وثلاثمائة" 247 ذكر عزل حامد بن العباس عن الوزارة. 247 ذكر عزل علي بن عيسى. 248 ذكر نكبة ابن مقلة. 248 ذكر إخراج مؤنس الخادم إلى الرقة. 248 ذكر تفرُّغ ابن الفُرات لنكبة ابن الحاجب وشفيع المقتدري. 249 ذكر رد المواريث. 249 ذكر دخول الجنابي البصرة. 249 ذكر إشخاص الماذرائي إلى بغداد. 249 ذكر ولاية الراشدي دمشق. 250 ذكر صرف ابن حربويه عن قضاء مصر. 250 ذكر ظهور شاكر الزاهد. "أحداث سنة اثنتي عشرة" 250 ذكر وقوع ركب العراق في أسر الجنابي. 251 ذكر ضعف أمر ابن الفرات. 251 ذكر القبض على ابن الفرات. 251 وزارة الخاقاني. 252 ذكر قتل ابن الفرات وابنه. 252 ذكر إطلاق القرمطي لأبي الهيجاء من الأسر. 252 ذكر فتح فرغانة. 252 ذكر إطلاق ولدي ابن الفرات "أحداث سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة" 253 ذكر دخول القرمطي الكوفة ونهبها. 253 ذكر عزل الخاقاني من الوزارة. 253 ذكر كثرة الرطب ببغداد.

253 ذكر كشف مصر. 254 ذكر عزل ابن مكرم عن قضاء مصر. "أحداث سنة أربع عشرة وثلاثمائة" 254 ذكر نزوح أهل مكة. 254 ذكر دخول الروم ملطية. 254 ذكر تجمد دجلة بالموصل. 254 ذكر ثلج بغداد. 254 ذكر امتناع حجاج خراسان والعراق. 255 ذكر القبض على الوزير ابن الخصيب. 255 ذكر وفاة ابن خاقان. 255 ذكر منازلة الروم ملطية. 255 ذكر صرف الجوهري عن قضاء مصر. "أحداث سنة خمس عشرة" 255 ذكر إكرام المقتدر لعيسى بن علي. 256 ذكر انتهاب الروم سميساط. 256 ذكر امتناع مؤنس من وداع المقتدر. 256 ذكر قدوم مؤنس على المقتدر. 256 ذكر ظهور الديلم على الري والجبال. 257 ذكر تغلب ابن شيرويه على قزوين. 257 ذكر حرب ابن أبي الساج والقرامطة. 257 ذكر نزول القرامطة عند الأنبار. 258 ذكر قتل ابن أبي الساج. 258 ذكر فشل القرمطي في دخول هيت. 258 ذكر إنفاق المقتدر المال لحرب القرامطة. 258 ذكر الخلع على بعض القرامطة. 259 ذكر ولاية أبي الهيجاء.

259 ذكر شغب الجند ببغداد. 259 ذكر وفاة الجوهري ابن الجصاص. "أحداث سنة ست عشرة وثلاثمائة" 262 ذكر استباحة القرمطي الرحبة. 263 ذكر أمان أهل قرقيسيا. 263 ذكر ارتداد القرمطي عن الرقة. 263 ذكر انصراف القرمطي عن الكوفة. 263 ذكر وزارة ابن مقلة. 263 ذكر بناء القَرْمَطيّ دار الهجرة والدعوة إلى المهديّ. 263 ذكر الوحشة بين المقتدر ومؤنس. 264 ذكر امتناع الحج. 264 ذكر دخول الروم خلاط. "أحداث سنة سبع عشرة وثلاثمائة" 264 ذكر فتنة خلع المقتدر وخلافة القاهرة. 265 ذكر عودة المقتدر إلى الخلافة. 266 مقتل أبي الهيجاء بن حمدان. 267 ذكر ولاية ابن غريب الجبل. 267 ذكر تقليد ابني رائق شرطة بغداد. 267 ذكر تقليد ابن ياقوت الحجابة. 267 ذكر موت ثمل. 267 ذكر دخول القرمطي مكة واقتلاع الحجر الأسود. 268 ذكر رواية السمناني عن القرمطي. 269 ذكر رواية القليوبي عن الحجر الأسود. 269 ذكر ولاية ابن طغج دمشق. 269 ذكر ولاية ابن يوسف قضاء القضاة. 269 ذكر الفتنة في تفسير آية.

270 ذكر تعظيم ابن محرم للحجر الأسود. 270 ذكر الخلاف بين أمير خراسان وإخوته. 270 ذكر شعر القرمطي. 271 ذكر من قتل بيد القرامطة. 271 ذكر نازوك. 271 ذكر خوف أهل الثغور من الروم. "أحداث سنة ثمان عشرة" 272 ذكر تقليد ابن ياقوت شرطة بغداد. 272 ذكر ريح عظيمة ببغداد. 272 ذكر القبض على ابن مقلة. 272 ذكر وزارة ابن مخلد. 272 ذكر حج ركب العراق. 273 ذكر الوباء المهول. 273 ذكر هزيمة الروم. "أحداث سنة تسع عشرة" 273 ذكر القبض على الوزير سليمان بن الحسن. 273 ذكر وزارة الكلوذاني. 273 ذكر الوقعة بين ابن غريب ومرداويج. 273 ذكر وزارة الحسين بن القاسم. 274 ذكر الوحشة بين مؤنس والمقتدر. 274 ذكر انتصار مؤنس ودخوله الموصل. 274 ذكر هرب أهل الكوفة من القرمطي. 274 ذكر دخولهم الديلم الدينور. 275 ذكر ولاية المعز. 275 ذكر امتناع ركب العراق. 275 ذكر غزوة والي طرسوس في الروم.

275 ذكر نجدة ابن حمدان لأهل ملطية وسميساط. 275 ذكر دخول والي طرسوس عمورية. 275 ذكر الوباء ببغداد. "أحداث سنة عشرين وثلاثمائة" 276 ذكر وزارة ابن الفرات. 276 ذكر ولاية مردوج الديلمي. 276 ذكر انتهاب الجند دور ابن الفرات. 276 ذكر امتناع ركب العراق. 276 ذكر مقتل الخليفة المقتدر. 277 ذكر رواية الصولي عن مقتل المقتدر. 278 ذكر إسراف المقتدر. 279 ذكر خلافة القاهر. 279 ذكر تعذيب أم المقتدر وموتها. 279 ذكر تعذيب القهرمانة. 279 ذكر وزارة ابن مقلة. 279 ذكر إهانة مؤنس لشفيع المقتدري. 280 ذكر الصلاة على المقتدر.

"الطبقة الثانية والثلاثون" المتوفّون في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة "حرف الألف" 280 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي صالح المروزي. 280 2- أحمد بن الحارث بن مسكين. 281 3- أحمد بن حفص بن يزيد. 281 4- أحمد بْن حمدان بْن عليّ بْن سِنان. 282 5- أحمد بْن أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز البغوي. 282 6- أحمد بْن عَبْد الواحد بْن رُفَيْدة بْن وهب البخاري. 283 7- أحمد بن محمد بن بشار البغدادي. 283 8- أحمد بن محمد بن الحسين الجريري الصوفي. 283 9- أحمد بن محمد بن الصلت الكاتب. 284 10- أحمد بْن محمد بْن شَبطون زياد بْن عبد الرحمن. 284 11- أحمد بن محمد بن نصر الضُبَعي الأحول. 284 12- أحمد بن محمد بن هارون الخلال. 285 13- إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج. 286 14- إبراهيم بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد اللَّه العنسي. 286 15- إبراهيم بن مطروح المصري. 286 16- إسحاق بن إبراهيم المروزي التاجر. 286 17- إسحاق بن محمد بن علي بن سعيد المديني. 287 18- إسماعيل بن علي بن نوبخت المعتزلي. "حرف الباء" 287 19- بدر الحمامي الأمير. "حرف الجيم" 287 20- جعفر بْن محمد بْن بشّار.

"حرف الحاء" 288 21- حامد بن العباس الوزير. 292 22- حماد بن شاكر بن سوية. "حرف السين" 292 23- سليمان بن حامد القرطبي. 292 24- سهل بن يحيى الحداد. "حرف الشين" 293 25- شعيب بن إبراهيم العجلي. "حرف العين" 293 26- العبّاس بْن أحمد بْن أَبِي شحمة القطيعي. 293 27- عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم المدائني. 294 28- عبد الله بن عروة الهروي. 294 29- عبد الله بن عمر بن سليمان الكوكبي. 294 30- عبد الله بن محمود السعدي المروزي. 294 31- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَمْرو النَّصْراباذيّ. 295 32- عَبْدان بْن أحمد بْن أَبِي صالح النهدانيّ. 295 33- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن عِمران الجرجاني. 295 34- عُمَر بْن محمد بْن بُجير بْن حازم بن راشد الهمداني. 296 35- عَمْرو بْن محمد بْن الخليل بْن نُعَيْم العتكي الناقد. "حرف الكاف" 296 36- كامل بْن مكّيّ بْن محمد بن وردان التميمي. "حرف الميم" 297 37- محمد بْن أحمد بن الصَّلْت البغدادي. 297 38- محمد بن إسماعيل بن علي بن النعمان بن راشد. 297 39- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمَة بْن المغيرة السلمي. 301 40- محمد بن زكريا الرازي الطبيب.

301 41- محمد بن شادل بن علي النيسابوري. 302 42- محمد بْن مكّيّ بْن محمد بْن سليمان الخولاني. 302 43- محمد بن يزداد بن أدين. 302 44- مظفر بن عاصم بن أبي الأغر البجلي. "وفيات سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 303 45- أحمد بْن الحَسَن بْن هارون الخراز. 303 46- أحمد بن الحسين بن أحمد الكرجي. 303 47- أحمد بن زكريا النيسابوري. 303 48- أحمد بن عمرو الألبيري. 304 49- أحمد بْن محمد بْن الأزهر بْن حُريث. 304 50- أحمد بْن محمد بْن زياد بْن عَبْد الرحمن. 304 51- أحمد بْن محمد بْن عثمان بْن شبيب الرازي. 305 52- أحمد بن محمد بن الهيثم الدوري. 305 53- إبراهيم بن حمش النيسابوري. 305 54- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن جعفر الكندي. 305 55- إسحاق بن بنان بن معن الأنماطي. 306 56- إِسْحَاق بْن أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله النسفي. 306 57- إِسْحَاق بْن محمد بْن إبراهيم بْن حكيم الأصبهاني. "حرف الحاء" 306 58- حَزْم بْن وهْب بْن عَبْد الكريم. 306 59- الحسن بن علي بن نصر الطوسي. 307 60- الحَسَن بْن محمد بْن حسين بْن هزاريّ. 307 61- الحُسين بْن أحمد بْن حفص بْن عَبْد الله النيسابوري. 307 62- الحسين بن إدريس بن عبد الكبير الغيفي. 307 63- الحُسين بْن علي بْن حَسَن بْن عليّ بْن عمر الحسيني.

"حرف السين" 308 64- سفيان بن هارون القاضي. 308 65- سليمان بن عبد السلام القرطبي. "حرف العين" 308 66- عَبَّاس بْن الفضل النَّيْسابوريّ المحمداباذيّ. 308 67- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن الحَسَن بْن الفرات الوزير. 309 68- عَبْد اللَّه بْن عَبْد السّلام بْن بُنْدار الأصبهاني. 309 69- عبد الرحمن بن أحمد بن عبّاد. 310 70- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد البغدادي. 310 71- عُبَيْد اللَّه بْن عليّ بْن إبراهيم العلويّ البغدادي. 310 72- عليّ بْن الحَسَن بْن خَلَف بْن قُديد المصري. 311 73- عُمَر بْن أَبِي حسّان عَبْد اللَّه بْن عمرو الزيادي. "حرف الميم" 311 74- محمد بْن دُبَيْس بْن بكّار المقرئ البندار. 311 75- محمد بن سليمان بن فارس النيسابوري. 312 76- محمد بْن سُفْيَان بْن عَبْد اللَّه بْن بيان النيسابوري. 312 77- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قاسم القرطبي. 312 78- محمد بن عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان الوزير. 313 79- محمد بْن محمد بْن سليمان بْن الحارث الواسطي. 314 80- محمد بن هارون بن حميد البغدادي. 315 81- موسى بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن بن حماد. "الكنى" 315 82- أبو محمد الجريري. "وفيات سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 316 83- أحمد بْن إسماعيل بْن خَالِد الجرجاني.

317 84- أحمد بن عبد الله بن سابور الدقاق. 317 85- أحمد بن عبدان الهمداني المقرئ. 317 86- أحمد بْن محمد بْن بَطّة بْن إِسْحَاق المديني. 317 87- أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي. 318 88- إبراهيم بْن السِّنْديّ بْن عليّ بْن بَهْرام. 318 89- إبراهيم بن محمد بن أيوب البغدادي الصائغ. 318 90- إبراهيم بن نجيح الفقيه. 318 91- إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن جميل. "حرف الثاء" 318 92- ثابت بْن حَزْم بْن عَبْد الرحمن بن مطرف العوفي. "حرف الجيم" 318 93- جُماهر بْن محمد بْن أحمد الدمشقي الأزدي. "حرف الحاء" 320 94- الحَسَن بْن الأزهر بْن الحارث بن سكسك. 320 95- الحسن بن علي بن موسى المصري. 320 96- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شعبة. 320 97- حفص بْن عُمَر بْن نَجِيح الخَوْلانيّ إلْبِيريّ. "حرف الخاء" 321 98- الخليل بن أبي رافع الواسطي الطحان. "حرف الزاي" 321 99- زكريّا بْن محمد بْن بكّار الميداني. 321 100- زكريا بن يحيى بن حوثرة النيسابوري. "حرف السين" 321 101- سعيد بن سعدان الكاتب. 322 102- سليمان بْن محمد بن البَخْتَري بْن عَبْد الوهاب.

"حرف الشين" 322 103- شيخ بن عمير بن صالح. "حرف العين" 322 104- العبّاس بْن يوسف بْن عديّ الكوفي. 322 105- عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم المصري. 323 106- عبد الله بن إسحاق بن إلياس النيسابوري. 323 107- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن حُمَيْد بْن معقل القنطري. 323 108- عَبْد اللَّه بْن زَيْدان بْن بُرَيْد بْن رزين بن الربيع. 323 109- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن مهران. 323 110- عبيد الله بن أحمد بن علية الأصبهاني. 324 111- عبيد الله بن عثمان الأموي. 324 112- عتيق بن عبد الله بن المتوكل. 324 113- عثمان بن سهل البغدادي الأدمي. 324 114- عليّ بن سعيد بن عبد الله العسْكريّ. 325 115- عليّ بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد اللَّه بْن سليمان الغضائري. 325 116- علي بن محمد بن بشار البغدادي. 325 117- عمر بن محمد بن حفص الوراق. "حرف الميم" 326 118- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي عون النسوي. 326 119- محمد بْن أحمد بْن المؤمِّل بْن أبان. 326 120- محمد بن أحمد بن هشام الطالقاني. 327 121- محمد بن أحمد القرطبي. 327 122- محمد بن أحمد بن خراش البغدادي. 327 123- محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي الطيالسي. 328 124- محمد بن إبراهيم البرتي الأطروش الكاتب. 328 125- محمد بن إدريس بن إياس السامي.

328 126- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مِهْران الثقفي. 330 127- محمد بن تمام بن صالح البهراني. 330 128- محمد بن جمعة بن خلف القهستاني. 331 129- محمد بْن حفص بْن محمد بْن يزيد النيسابوري الشعراني. 331 130- محمد بن حمويه بن عباد النيسابوري السرّاج. 332 131- محمد بن حشنام النيسابوري. 332 132- محمد بن سلم بن يزيد الواسطي. 332 133- محمد بن سهل بن الصباح الأصبهاني. 332 134- محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم النبيل. 333 135- محمد بن عبدة بن حرب البصري العباداني. 334 136- محمد بْن يحيى بْن خَالِد بْن يزيد بن متى. 335 137- محمد بْن يحيى بْن خَالِد بْن مِهْران النيسابوري. "حرف الياء" 335 138- يحيى بْن محمد بْن محمد بن زياد الكلبي. 335 139- يوسف بن يعقوب الواسطي الأصم. 336 140- يوسف بن يعقوب النيسابوري. "وفيات سنة أربع عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 336 141- أحمد بْن جعفر بْن نَصْر الرازي. 337 142- أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي. 337 143- أحمد بن عبدوس بن حمدويه الصفار. 337 144- أحمد بْن محمد بْن حَسَن بْن أَبِي حمزة البلخي. 338 145- أَحْمَد بْن محمد بْن عُمَر بْن عَبْد الرحمن القرشي التيمي. 338 146- محمد بن محمد بن الفضل السجستاني. 339 147- إبراهيم بن محمد بن الضحاك الفارسي الأعور. 339 148- إسحاق بن إبراهيم بن الخليل البغدادي.

"حرف الباء" 339 149- بكر بن عمرو الشيرواني. "حرف الثاء" 339 150- ثابت بن حزم السرقسطي. "حرف الحاء" 339 151- حاتم بْن أحمد بْن محمود بن عفان بن خازم. 340 152- الحسن بن صاحب بن حميد. 340 153- الحسن بن محمد بن دكه الأصبهاني. "حرف السين" 341 154- سعيد النوبي. 341 155- سعيد بن الحسن بن شداد المسمعي. 341 156- سعدون بن طالوت الأندلسي. 341 157- سلمة بن النضر بن سواد البستي. 341 158- سليمان بْن دَاوُد بْن كثير بْن وَقْدان. "حرف الطاء" 342 159- طاهر بن يحيى بن الحسين العلوي. "حرف العين" 342 160- عامر بْن خُرَيْم بْن محمد المري الدمشقي. 342 161- العباس بن يوسف الشكلي. 343 162- عَبْد اللَّه بْن محمد الخاقاني ابن الوزير أبي علي. 343 163- عبد الله بن محمد بن داود النيسابوري. 343 164- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن هاشم بْن طرماح الطوسي. 343 165- علي بن إسماعيل بن كعب الدقاق. 344 - علي بن القاسم العسكري. 344 166- علي بن محمد بن العلاء النيسابوري. 344 167- عليّ بْن أَبِي مروان بْن عَبْد الملك المصري.

344 168- عُلَيْم بْن أحمد بْن عَبْد الأحد بْن الليث. "حرف الفاء" 344 169- الفتح بْن إدريس بْن نَصْر الكاتب. 344 170- الفضل بْن إمام الأئمّة أَبِي بَكْر بْن خزيمة. "حرف الميم" 345 171- محمد بْن إبراهيم بْن عامر بن إبراهيم المديني. 345 172- محمد بن جعفر بن بكر. 345 173- محمد بن حبش البغدادي الواعظ. 345 174- محمد بن حبش بن مسعود السراج. 346 175- محمد بن حزْرَة بن عبد الوارث المهري. 346 176- محمد بْن عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد القتباني. 346 177- محمد بْن عليّ بْن حَسَن بْن الخليل النيسابوري. 346 178- محمد بْن علي بْن حَسَن بْن عليّ بْن حرب. 347 179- مُحَمَّد بْن عُمر بْن عَبْد اللَّه بْن حسن بن حفص الذكواني. 347 180- محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي. 347 181- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن النفاح بن بدر الباهلي. 348 182- محمد بن محمد بن يوسف البخاري. 348 183- محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة القرطبي. 348 184- محمود بن عنبر بن نعيم الأزدي. "حرف النون" 349 185- نَصْر بْن القاسم بْن نَصْر الفرائضي. "حرف الياء" 349 186- يحيى بْن محمد بْن يحيى التميمي النيسابوري. 349 187- يعقوب بن محمود النيسابوري.

"وفيات سنة خمس عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 350 188- أحمد بْن إبراهيم بْن صالح النيسابوري. 350 189- أحمد بن حمدويه بن موسى. 350 190- أحمد بن الخضر المروزي. 350 191- أحمد بن زكريا البغدادي النحاس. 351 192- أحمد بن سعيد بن مرابة الخراز. 351 193- أحمد بْن عليّ بْن الحُسين بْن شَهْرَيار. 351 194- أحمد بْن محمد بْن الحَسَن الرَّبَعِيّ الخزّاز. 352 - أحمد بن نصر الواسطي. 352 195- أحمد بن الوليد الأزدي. 352 196- إبراهيم بن السري بن يحيى التميمي. 352 197- إبراهيم بْن نَصْر بْن عنبر بْن شاهويه. 352 198- إسحاق بن أحمد الكاغدي. 352 199- إسماعيل بن إبراهيم بن الحارث النيسابوري. "حرف الحاء" 353 200- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن إبراهيم الجُنَابَذي. 353 201- الحَسَن بْن محمد بْن الحَسَن بْن صالح بن شيخ. 353 202- الحسين بن سعيد بن غندر القرشي. 353 203- الحُسين بْن محمد بْن مُصْعَب بْن زُرَيْق. 354 204- الحُسين بْن محمد بْن محمد بْن عُفَيْر البغدادي. 354 205- الحُسين بْن عَبْد اللَّه الجوهريّ بْن الجصّاص. "حرف السين" 354 206- سَلْم بْن مُعَاذ بْن السلم بن الفضل. 354 207- سهل بن إدريس.

"حرف الطاء" 355 208- طاهر بْن يحيى بْن قُبَيْصة الفلقي. "حرف العين" 355 209- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن سعيد الجصاص. 355 210- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن يوسف بْن حيان. 355 211- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسين الماسرجسي. 356 212- عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني. 356 213- عبد الله بن محمد بن صبحي العمري. 357 214- عبد الله بن محمد بن عبدان العسكري. 357 215- عبد الرحمن بن الحسن بن أيوب الشعيري. 357 216- عبد الواحد بن حمدون المُرّي الأندلسي. 357 217- علي بن سليمان بن الفضل البغدادي النحوي. "حرف الفاء" 358 218- الفتح بْن إدريس الإصبهانيّ الكاتب. "حرف الميم" 358 219- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الأصبهاني. 358 220- محمد بْن أحمد بْن عَمْرو بْن هشام الأبهري. 359 221- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين الماسرجسي. 359 222- محمد بْن إبراهيم بْن عَمْرو الْقُرَشِيّ السَّهميّ. 359 223- محمد بن إبراهيم بن خالد الأسواني. 359 224- محمد بْن إسماعيل بْن القاسم بْن إبراهيم الحسني. 360 225- محمد بن جعفر بن الصيرفي. 360 226- محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي. 360 227- محمد بن زكريا بن الحسن الشيباني. 360 228- محمد بْن عاصم بْن ياسين بْن عَبْد الأحد القتباني. 361 229- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن العَنْبريّ بْن عطاء.

361 230- محمد بْن أَبِي عديّ بْن أحمد بْن زحر بن السائب. 361 231- محمد بن عمرو بن سلمة النيسابوري. 361 232- محمد بْن فَضَالَةَ بْن الصَّقْر بْن فَضَالَةَ اللخمي. 361 233- محمد بن الفيض بن محمد بن الفياض. 362 234- محمد بن القاسم بن سعيد التجيبي. 362 235- محمد بن محمد بن خلف بن قديد. 362 236- محمد بن مسور الأندلسي. 362 237- محمد بْن المسيّب بْن إِسْحَاق بْن عَبْد الله. 363 238- محمد بن نصر بن عيشون الأندلسي. 363 239- محمد بن يوسف بن الصديق الكرميني. "حرف النون" 364 240- النُّعْمان بْن أحمد بْن نُعَيْم الواسطي. "حرف الياء" 364 241- يحيى بْن زكريّا بْن سليمان بن فطر القرطبي. 364 242- يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمارة الغُوطيّ. 364 243- يحيى بن يحيى القرطبي. 365 244- يوسف بْن عَبْد الأحد بْن سُفْيَان القِمّنيّ. "وفيات سنة ست عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 365 245- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سيف السجستاني. 365 246- أحمد بن محمد بن سعيد النيسابوري. 365 247- أحمد بن نصر البغدادي القاضي. 366 248- أحمد بْن هشام بن عمّار بْن نُصَيْر. "حرف الباء" 366 249- بُنان بْن محمد بْن حَمْدان بن سعيد الواسطي.

"حرف الحاء" 368 250- الحُسين بْن محمد بْن مُصْعَب السنجي. "حرف الدال" 368 251- دَاوُد بْن الهَيْثَم بْن إِسْحَاق بن بهلول. "حرف الزاي" 368 252- الزُّبَيْر بْن محمد بْن أحمد البغدادي. 369 253- زيد بن عبد العزيز بن حيان الموصلي. "حرف الصاد" 369 254- صالح بْن أَبِي مقاتل أحمد بن يونس البغدادي. "حرف العين" 369 255- عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد سليمان بن الأشعث. 374 256- عبد الله بن محمد بن عمر القنطري. 374 257- عبد الله بن محمد بن الفرج الزطني. 375 258- عبد الرحمن بن محمد بن حريث البخاري. 375 259- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن زهير القرشي. 375 260- علي بن محمد البجلي الإفريقي. 375 261- عُمَر بْن حفص بْن غالب الثَّقْفيّ الصّابونيّ. "حرف القاف" 376 262- القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن الأنباريّ. 376 263- قتيبة بن أحمد بن شريح البخاري. "حرف الميم" 376 264- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن زياد النيسابوري. 376 265- محمد بْن أحمد بْن سُليمان بْن بُرْدة. 376 266- محمد بْن جعفر بْن محمد بْن ثوابة الكاتب. 377 267- محمد بْن جعفر بْن محمد بْن المهلب الديباجي. 377 268- محمد بْن حامد بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ.

377 269- محمد بْن الحُسين بْن أحْمَد بْن محمد بن الحسين. 378 270- محمد بن الحسين بن حفص الكاتب. 378 271- محمد بْن خُرَيْم بْن محمد بْن عَبْد الملك العقيلي. 378 272- محمد بن السري البغدادي النحوي. 379 273- محمد بْن عقيل بْن الأزهر بْن عقيل البلخي. 379 274- محمد بْن محمد بْن الربيع بْن سليمان المرادي. 379 275- محمد بن معاذ بن الفرة الماليني. "حرف النون" 380 276- نَصْر بْن الفتح بْن يزيد العتكي السمرقندي. "حرف الياء" 380 277- إلياس بن رجاء النيسابوري الدهان. 380 278- يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد. "وفيات سنة سبع عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 381 279- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بن حاجب النيسابوري. 381 280- أحمد بْن جعفر بْن محمد بْن سَعِيد الأصبهاني. 382 281- أحمد بن الحسن بن العباس بن شقير البغدادي. 382 282- أحمد بن الحسين البرذعي. 382 283- أحمد بن عقيل بن الأزهر البلخي. 383 284- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن حفص بن سلم الحيري. 383 285- أحمد بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن أَبِي خميصة. 383 286- أحمد بن محمد بن إسماعيل الهيتي. 384 287- أحمد بن محمد بن يحيى الرازي الشحام. 384 288- أحمد بْن محمد بْن شبيب البغداديّ البزّاز. 384 289- أحمد بن نصير بن زياد الهواري المالكي. 384 290- إبراهيم بْن محمد بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الكُرَيزي.

385 291- إسحاق بن إبراهيم بن عمار الأنصاري. "حرف الباء" 385 292- بدر بْن الهَيْثَم بْن خَلَف اللخمي. 386 293- جعفر بن أحمد بن عمرو النيسابوري. 386 294- جعفر بن عبد الله بن مجاشع الختلي. 387 295- جعفر بن محمد بن إبراهيم البغدادي. 387 296- جعفر بْن محمد بْن أحمد بْن بحر التميمي. "حرف الحاء" 387 297- حَرَميّ بن أبي العلاء. 388 298- الحسن بن إسماعيل الغساني المصري. 388 299- الحسن بن علي العدوي. 388 300- الحَسَن بْن محمد بْن الحَسَن بْن زياد الأصبهاني. 388 301- الحسن بن محمد بن سنان القنطري. 388 302- الحسن بن محمد بن يحيى العقيلي. 389 303- الحسين بن محمد بن غويث التنوخي. "حرف الدال" 389 304- دَاوُد بْن سليمان بْن خُزَيْمة الكرميني. "حرف الزاي" 389 305- الزُّبَيْر بْن أحمد بْن سليمان بن عبد الله بن عاصم الزبيري. "حرف الطاء" 389 306- طاهر بْن عليّ بْن عَبْدُوس الطبراني. "حرف العين" 390 307- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إبراهيم البغدادي المارستاني. 390 308- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن نصر النيسابوري. 391 309- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بن المرزبان بن سابور البغوي. 393 310- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عَبْدُوس البغداديّ العطشي.

393 311- عبد الله بن معمر بن العمركي. 394 312- عبد الرحمن بن الحسن الدمياطي. 394 313- عبد الرحمن بن عبد الله بن الزبير الرهاوي. 394 314- عُفَيْر بْن مسعود بْن عُفَيْر بْن بِشْر الغساني. 394 315- عليّ بْن الحَسَن بْن سعْد بْن المختار الهمداني. 395 316- علي بن الحسن بن المغيرة البغدادي الدقاق. 395 317- عليّ بْن أحمد بْن سليمان بْن ربيعة المصري. 395 318- عليّ بْن محمد بْن يحيى بْن خَالِد المروزي. 396 319- عمران بن عثمان بن يونس الأندلسي. 396 320- عُمَر بْن حفص بْن غالب بْن أَبِي التمام الأندلسي. "حرف الفاء" 396 321- الفضل بْن أحمد بْن منصور بن ذيال الزبيدي. "حرف الميم" 396 322- محمد بْن أحمد بْن زُهَيْر بن طهمان القيسي. 397 323- محمد بن إبراهيم بن فوزان النيسابوري. 397 324- محمد بن إدريس بن وهب الأعور. 397 325- محمد بْن جَابِر بْن سِنان الحرّانيّ البِتّانيّ. 397 326- مُحَمَّد بْن أَبِي الحُسين أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عمار الهروي. 398 327- محمد بن خالد بن يزيد البرذعي. 398 328- محمد بن زبان بن حبيب الحضرمي. 399 329- محمد بن عبد الله بن سعيد الأصبهاني. 399 330- محمد بن عبد الحميد الفرغاني العسكري. 399 331- محمد بن عبد السلام بن عثمان الفزاري. 400 332- محمد بْن عَبْد الصَّمد بْن هشام الصَّدَفيّ. 400 333- محمد بن عبيد بن أيوب القرطبي الدباج. 400 334- محمد بن الفضل بن العباس البلخي.

401 335- محمد بن القاسم بن جعفر الكوكبي. 402 336- محمد بْن يزيد بْن أبي خَالِد الأندلسيّ. 402 337- محمد بن هارون بن منصور النيسابوري. 402 338- محمد بن محمد بن خالد القيسي الطويري. 402 339- محمد بن أبي خالد الأندلسي البجاني. 403 340- منثيل بن عفيف المرادي. "حرف الهاء" 403 341- هشام بْن الوليد بْن محمد بن عبد الجبار الغافقي. "حرف الياء" 403 342- يحيى بْن محمود بْن عُبَيْد الله بن أسد النيسابوري. "وفيات سنة ثمان عشر وثلاثمائة" "حرف الألف" 404 343- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عاصم اللؤلؤي. 404 344- أحمد بن إسحاق بن بهلول بن حسان التنوخي. 405 345- أحمد بن جعفر الفهري. 405 346- أحمد بن علي بن عبيد الله الأنصاري. 405 347- أحمد بن محمد بن حكيم الصدفي. 405 348- أحمد بْن محمد بْن سليمان بْن حبش الكاتب. 406 349- أحمد بن محمد بن المغلس البغدادي. 406 350- أحمد بن يعقوب البغدادي العطار. 406 351- إسماعيل بن إبراهيم بن عمار الأنصاري. 406 352- إسماعيل بن داود بن وردان المصري. 407 353- إسماعيل بن سليمان البزاز. 407 354- إسحاق بن حمدان بن العباس البلخي. "حرف الثاء" 407 355- ثابت بْن بدير القُرْطُبيّ المالكيّ المفتي.

"حرف الجيم" 407 356- جعفر بن محمد بن يعقوب الصندلي. "حرف الحاء" 408 357- الحسن بن حمدون بن الوليد النيسابوري. 408 358- حَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن مذحج بْن محمد. 408 359- الحَسَن بْن عليّ بْن أحمد بْن بشّار البغدادي. 409 360- الحُسين بْن الحَسَن بْن سُفْيَان بْن زياد الفسوي. 409 361- الحسين بن محمد بن مودود الحراني. 410 362- الحسين بن يوسف بن يعقوب الأسواني. "حرف الزاي" 410 363- زَنْجَوَيه بْن محمد بْن الحَسَن الزاهد. "حرف السين" 410 364- سَعِيد بْن عَبْد العزيز بْن مروان الحلبي. 411 365- سليمان بن أبي الشريف القضاعي. "حرف الصاد" 411 366- صهيب بن منيع القرطبي. "حرف العين" 411 367- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عتاب العبدي. 412 368- عبد الله ابن إسحاق بن سيامرد النهاوندي. 412 369- عبد الله بن جعفر بن أحمد بن خشيش البغدادي. 412 370- عَبْد اللَّه بْن حَمُّوَيْه بْن إبراهيم الهَمْذانيّ. 412 371- عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفرائيني. 413 372- عبد الله بن محمد بن حسن الكلاعي. 413 373- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن حنين القُرْطُبيّ. 413 374- عبد الحكم بن محمد بن سلام الصدفي. 413 375- عبد الحميد بن محمد بن الحسين البغدادي.

414 376- عبد العليم بن محمد الدمياطي. 414 377- عَبْد الملك بْن أحمد بْن نَصْر البغداديّ. 414 378- عَبْد الواحد بْن محمد المهتديّ باللَّه بْن هارون. 415 379- عروة بن حسين بن عياش المصري. 415 380- عمرو بن يوسف بن مساور المعافري. 415 381- عيسى بن محمد الموسقندي الرازي. "حرف الفاء" 415 382- فرج بن إسحاق القتابي المصري. "حرف الميم" 415 383- محمد بْن إبراهيم بْن نيروز البغدادي. 416 384- محمد بن أحمد بن حماد زغبة بن مسلم التجيبي. 416 385- محمد بْن أحمد بْن سهل بْن أَبِي زيد. 416 386- محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري. 417 387- محمد بن أحمد بن معمر الحربي. 417 388- محمد بن إبراهيم بن مسرور القرطبي. 417 389- محمد بن إسماعيل بن الفرج المهندس. 418 390- محمد بن بكر بن بكار الملائي. 418 391- محمد بْن الْحُسَيْن بْن حميد بْن الرَّبِيع اللخمي. 418 392- محمد بن حمدان بن سفيان الطرائفي. 418 393- محمد بن زهير بن الفضل الأبلي. 419 394- محمد بن سعيد بن محمد المروزي. 419 395- محمد بن الطيب الكشي. 420 396- محمد بْن محمد بْن الربيع بْن سليمان المرادي. 420 397- محمد بن موسى بن محمد بن سليمان الزينبي. 420 398- محمد بن يوسف بن حماد الأستراباذي. 421 399- مكحول بن الفضل النسفي.

421 400- موسى بن هارون بن كامل المصري. "حرف الهاء" 421 401- هشام بْن الوليد الغافقيّ الأندلسيّ. "حرف الواو" 421 402- الوليد بن المطلب السهمي. "حرف الياء" 422 403- يحيى بن زكريا الرازي. 422 404- يحيى بْن محمد بْن صاعد بْن مكاتب. "وفيات سنة تسع عشرة وثلاثمائة" "حرف الألف" 424 405- أَحْمَد بْن الحُسين بْن أَحْمَد بن طلاب الدمشقي. 424 406- أحمد بن علي بن معبد الشعيري. 424 407- أحمد بن محمد بن إسحاق العنزي. 425 408- إبراهيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الملك القرشي. 425 409- إبراهيم بن محمد بن بقيرة البغدادي. 425 410- إسحاق بن محمد الكيساني القزويني. 426 411- أسلم بْن عَبْد العزيز بْن هشام بْن خالد الأموي. 426 412- أوس بْن الحارث بْن إبراهيم بْن سهيل. "حرف الجيم" 426 413- جعفر بْن محمد بْن المغلِّس البغدادي. "حرف الحاء" 427 414- الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا بن صالح البصري العدوي. 427 415- الحسين بن الحسين الأنطاكي. "حرف الراء" 428 416- راغب بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عياض المصري.

"حرف السين" 428 417- سُفْيَان بْن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يحيى بْن مَنْدَه العبْديّ. 428 418- سليمان بن محمد بن إسماعيل الخزاعي. 428 419- سلامة بن عمر بن حفص المصري. "حرف الطاء" 429 420- طاهر بْن محمد بْن الحَكَم التميمي الدمشقي. "حرف العين" 429 421- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمود الكعبي البلخي. 430 422- عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن هارون السمرقندي. 430 423- عُبَيْد اللَّه بْن ثابت بْن أحمد بْن خازم الكوفي الحريري. 430 424- عَبْد الوهّاب بْن عيسى بْن أَبِي حيّة. 431 425- علي بن الحسين بن معدان الفارسي. 431 426- عليّ بْن الحُسين بْن حرب بْن عيسى البغدادي. 433 - أبو عُبَيْد اللَّه محمد بْن عَبْدة بْن حرب القاضي. "حرف الفاء" 433 427- الفضل بْن الخصيب بْن العبّاس بن نصر الأصبهاني. "حرف اللام" 433 428- لقمان بن يوسف القيرواني. "حرف الميم" 434 429- محمد بْن جعفر بْن حيان الأصبهاني. 434 430- محمد بْن زيد بن أبي خَالِد البجّانيّ المالكي. 434 431- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن حَمْدَوَيْه بْن الحكم بن ورق. 434 432- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن مَسَرّة الأندلسيّ. 435 433- محمد بن عبد الصمد البغدادي الدقاق. 435 434- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عيسى بْن حماد التجيبي. 435 435- محمد بن فطيس بن واصل الغافقي.

436 436- محمد بن موسى بن سهل العطار البربهاري. 436 437- محمد بْن المؤمِّل بْن أحمد بْن الحارث القرشي العدوي. 436 438- المؤمّل بْن الحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجِس. "حرف الفاء" مكرّر 437 439- فاطمة الأندلسية. "حرف الهاء" 437 440- هاشم بْن القاسم بْن هاشم الهاشمي. "حرف الياء" 438 441- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن موسى الفارسي. "وفيات سنة عشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 438 442- أحمد بن جعفر الناقد. 438 443- أحمد بْن الحَسَن بْن عزون بْن أَبِي الجعد الطاهري. 439 444- أحمد بن داود بن سليمان بن جوين. 439 445- أحمد بن سعيد الدمشقي. 439 446- أحمد بن عبد الله بن أحمد النيري البزاز. 439 447- أحمد بْن عُمَيْر بْن يوسف بْن موسى بن جوصا. 442 448- أحمد بن القاسم بن نصر. 443 449- أحمد بن محمد بن أسيد المديني. 443 450- أحمد بن محمد بن سهل البلخي. 443 451- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم العمري. 443 452- إبراهيم بْن محمد بْن يحيى بْن مَنْدَه العبدي. 444 453- إسحاق بن موسى بن سعيد الرملي. 444 454- إسماعيل بن عباد القطان. 444 455- أيوب بن سليمان بن نصر المري الأندلسي.

"حرف الباء" 444 456- برد بن عبد الله الفهري. 445 457- بكير الشراك. "حرف الجيم" 445 458- جعفر أبو الفضل المقتدر باللَّه. "حرف الحاء" 446 459- حديد بن موسى المصري الخياش. 446 460- الحُرّ بْن محمد بْن الحُسين بْن أشكاب. 446 461- الحَسَن بْن محمد بْن عُمَر بْن سِنان. 447 462- الحسين بن صالح بن خيران. "حرف الزاي" 447 463- الزُّبَيْر بْن أحمد بْن سليمان الزبيري. "حرف السين" 447 464- سليمان بن داود النيسابوري. "حرف العين" 447 465- العبّاس بْن بِشْر بْن عيسى بن الأشعث الرخجي. 448 466- العباس بن الوليد بن شجاع الأصبهاني. 448 467- عبد الله بن حمشاد بن جندل المطوعي. 448 468- عَبْد اللَّه بْن عتّاب بْن أحمد بْن كثير البصري. 448 469- عبد الله بن محمد بْن عَبْد الكريم بْن يزيد بْن فَرُّوخ بن داود. 449 470- عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق بْن محمد بْن معمر بن حبيب. 449 - عبد الرحمن بن الخليل أبو زيد التونسي المقرئ. 450 471- عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن مَنْدَه العبْديّ. 450 472- عثمان بن سعيد الكناني الجياني. 450 473- علوان بن الحسين المالكي. 450 474- عليّ بْن محمد بْن عليّ ابن الخُرَاسَانيّ.

450 475- عيسى بن عبد الله بن عمرو البغدادي. "حرف القاف" 451 476- القاسم بن بكر الطيالسي. "حرف الجيم" 451 477- محمد بْن إبراهيم بْن حفص بْن شاهين. 451 478- محمد بن حسن بن أزهر القطائعي. 452 479- محمد بن حمدون بن خالد النيسابوري. 452 480- محمد بن زكريا بن إبراهيم الدقاق. 452 481- محمد بن سعيد بن حاتم البخاري الزَّنْدَني. 452 482- محمد بن سعيد بن عبد الرحمن التُسْتَري. 453 483- محمد بن موسى الواسطي. 453 484- محمد بْن هارون بْن محمد بْن إِسْحَاق العباسي. 453 485- محمد بن هارون بن الحجاج القزويني. 454 486- محمد بْن يوسف بْن مطر بْن صالح بن بشر الفِرَبْري. 455 487- محمد بْن يوسف بْن يعقوب بْن إسماعيل بن حماد. "حرف النون" 456 488- نصر بن ببرويه الشيرازي. 456 489- نصر بن الفتح المصري. "حرف الهاء" 456 490- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن بندار الفارسي. "الكنى" 457 491- أبو علي بن خيران "الحسين بن صالح بن خيران". 458 492- أبو عمرو الدمشقي الصوفي.

"ذكر مَن لم أعرف وفاته من رجال هذه الطبقة الثانية والثلاثين عَلَى ترتيب المعجم" "حرف الألف" 458 493- أحمد بْن أيّوب بْن مُطَير اللخمي الطبراني. 459 494- أحمد بن عبد الله البغدادي. 459 495- أحمد بن محمد بن الحسين السحيمي. 459 496- أحمد بن خزيم بن قمير بن خاقان الشاشي. 460 497- إبراهيم بن عبد الله العسكري الزبيبي. 460 498- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن محمد بْن غالب الأنباري. 460 499- أحمد بن جعفر بن نصر الرازي الجمال. 461 500- أحمد بن علي البغدادي السمسار. 461 501- أحمد بن عيسى زغبة. 461 502- أحمد بن موسى المكي التميمي. 461 503- أحمد بن سعيد الطائي المصري الكاتب. 462 504- أحمد بن محمد بن عبد الجبار الرياني. 462 505- أسامة بن محمد الكرخي الدقاق. 462 506- إسحاق بن حمدان النيسابوري. 463 507- إبراهيم بن كيغلغ الأمير. 463 508- إسحاق بن سليمان الطبيب الإسرائيلي. "حرف الجيم" 464 509- جعفر بْن أحمد بْن مروان الحلبي الوزان. 464 510- جعفر بن حمدان الموصلي الشحام. 464 511- جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي. 464 512- جبير بن محمد بن أحمد الواسطي. "حرف الحاء" 465 513- الحسن بن إسماعيل بن سليمان الفارسي.

465 514- الحَسَن بْن أحمد بْن إبراهيم بْن فيل الأسدي. 465 515- الحُسين بْن إبراهيم بْن عامر بْن أَبِي عجرم الأنطاكي. "حرف السين" 466 516- سَعِيد بْن هاشم بْن مرثد الطبراني. "حرف الصاد" 466 517- صدقة بْن منصور بْن عديّ. "حرف العين" 466 518- العبّاس بْن الخليل بْن جَابِر الطائي. 467 519- العبّاس بْن عليّ بْن العبّاس بْن واضح النسائي. 467 520- عبد الله بن جابر الطرسوسي. 467 521- عَبْد اللَّه بْن جامع بْن زياد الحَلْوانيّ. 467 522- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الخليل. 468 523- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن سَلْم بْن حبيب المقدسي. 468 524- عبد الله بن محمد بن النضر البصري الحرار. 468 525- عَبْد الرَّحْمَن بْن دَاوُد بْن منصور الفارسيّ. 468 526- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد العزيز الهاشمي. 469 527- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه بْن أحمد الأسدي. 469 528- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه ابن أخي الإمام الحلبي. 469 529- عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني الكاتب. 470 530- علي بن أحمد بن محفوظ المحفوظي. 471 531- عبد الرحمن بن زاذان الرزاز. 471 532- علي بن إسماعيل بن حماد البغدادي. 471 533- عليّ بْن سليم بْن إِسْحَاق المقرئ البزّاز. 471 534- علي بن الحسين الوزان. 472 535- علي بن الفتح العسكري الرومي. 472 536- علي بن محمد بن حاتم القومسي.

472 537- علي بن المبارك المسروري. 472 538- عليّ بْن موسى بْن محمد بْن النَّضْر الأنباري. 473 539- علي بن الحسن بن الحارث بن غيلان المروذي. 473 540- عمر بن عثمان بن الحارث بن ميسرة الرغيثي. 473 541- عمر بن محمد بن شعيب الصابوني. 473 542- عُمَر بْن محمد بْن عيسى الجوهريّ السذابيّ. 474 543- عيسى بْن عُمَر بْن العبّاس بْن حمزة بن عمرو. "حرف الفاء" 474 544- الفضل بْن إسماعيل البغداديّ الغلفي. 474 545- الفضل بْن محمد بْن حمّاد السُّلَميّ الحرّانيّ. "حرف القاف" 475 546- القاسم بن عيسى العصار. 475 547- القاسم بن محمد بن عبد الرحمن الجدي. "حرف الميم" 475 548- محمد بْن أحمد بْن حَمْدان المروروذي. 476 549- محمد بن أحمد بن سلم الرقي الضراب. 476 550- محمد بن أحمد بن عمر الرملي الضرير. 476 551- محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي. 477 552- محمد بن إبراهيم بن أبي الجُحَيْم الشيباني. 477 553- محمدبن أيوب بن مشكان النيسابوري. 477 554- محمد بن حصن بن خالد البغدادي الألوسي. 478 555- محمد بن سعيد بن محمد الترخمي الحمصي. 478 556- محمد بن الحسن العجلي الكاراتي. 478 557- محمد بن سليمان بن محبوب "السخل". 478 558- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أعين الطائي. 479 559- محمد بن عبد الله بن سعيد المهراني.

479 560- محمد بن سفيان بن موسى المصيصي. 479 561- محمد بن عبد الله بن ثابت الأشناني. 479 562- محمد بْن المبارك بْن عَبْد الملك المعافريّ. 480 563- محمد بن علي القاضي المروزي الزاهد. 481 564- محمد بن السري بن عثمان البغدادي. 481 565- محمد بْن صالح بْن رغيل الْبَصْرِيّ التّمّار. 481 566- محمد بن عبد الله بن يوسف المهري. 481 567- محمد بن عبد الملك التاريخي البغدادي. 482 568- محمد بن عمر بن حفص القَبَلي الثغري. 482 569- محمد بْن عليّ بْن الحُسين بْن يزيد الهمذاني. 482 570- محمد بن علي الزعفراني. 482 571- محمد بن محمد بن سليمان الباغندي. 483 572- محمد بن محمد بن عمرو الجارودي البصري. 483 573- محمد بن هارون بن نافع التمار. 483 574- معروف بن محمد بن زياد الجرجاني. 484 575- المفجع "محمد بن عبد الله البصري النحوي". 484 576- منصور بن إسماعيل التميمي المصري. 484 577- موسى بن أنس الأنصاري. "حرف الواو" 485 578- وصيف بن عبد الله الرومي الأنطاكي. 487 فهرس الموضوعات.

المجلد الرابع والعشرون

المجلد الرابع والعشرون الطبقة الثالثة والثلاثون أحداث سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم: الطبقة الثالثة والثلاثون: أحداث سنة إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ: شغب الْجُنْد على القاهر: فيها: شغب الجُنْد على القاهر بالله، وهجموا الدّار، فنزل في طيّار إلى دار مُؤنس فشكا إليه. فصبّرهم مُؤنس عشرة أيّام. وكان ابن مُقْلَة منحرفًا عن محمد بن ياقوت، فنقل إلى مُؤنس أنّ ابن ياقوت يدبّر عليهم. فبعث مُؤنس غلمان عليّ بنُ بُلَيْق إلى دار الخلافة يطلبون عيسى الطّبيب لأنّه آتُّهم بالفضول. فهجموا إلى أنّ أخذوه من حضرة القاهر فنفاه موْنس إلى الموصل1. التضييق على القاهر: واتَّفق ابن مُقْلَة وموْنس وبُلَيْق وابنه على الإيقاع بابن ياقوت، فعلم فاستتر وتفرّق رجاله. وجاء عليّ بن بُلَيْق إلى دار الخلافة، فوكلّ بها أحمد بن زَيْرك، وأمره بالتّضييق على القاهر وتفتيش مَن يدخل2. وطالب ابن بُلَيْق القاهرَ بما كان عنده مِن أثاث أمّ المقتدر، فأعطاه إيّاه، فبيع وجُعِل في بيت المّال، وصُرِفَ إلى الجُنْد3. موت أم المقتدر: ونقل ابن بُلَيْق أم المقتدر إلى عند أمّهِ، فبقيت عندها مكرّمة عشرة أيّام، وماتت في سادس جُمَادَى الآخرة4.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 250"، النجوم الزاهرة "3/ 238". 2 المنتظم "6/ 249"، الكامل في التاريخ "8/ 251"، النجوم الزاهرة "3/ 238". 3 المنتظم "6/ 249"، النجوم الزاهرة "3/ 238". 4 المنتظم "6/ 249"، الكامل في التاريخ "8/ 251"، البداية والنهاية "11/ 175، 176".

الإرجاف بسبّ معاوية: وفيها: وقع الإرجاف بأنّ عليّ بن بُلَيْق وكاتبه الحسن بن هارون عَزَما على سبّ معاوية على المنابر، فارتجّت بغداد. استتار البربهاريّ: ونقدم ابن بُلَيْق بالقبض على رئيس الحنابلة أبي محمد البَرْبهاريّ فاستتر، فَنُفِيَ جماعة من أصحابه إلى البصرة1. القبض على ابن بُليق: وبقي تحيُّل القاهر في الباطن على موْنس وابن مُقْلَة، فبلغهم فعملوا على خلْعهِ وتولية ابن المكتفي. فدبَّر ابن مُقْلَة تدبيرًا انعكس عليه. أشاعَ بأنّ القَرْمَطِيّ قد غلب على الكوفة، وأرسل إلى القاهر: المصلحة خروج ابن بُلَيْق إلى قتاله. ليدخل ابن بُلَيْق يقبّل يده، فيقبض عليه. ففهِمها القاهر، وكرَّر ابن مُقْلَة الطّلب بأن يدخل ابن بُلَيْق ليقبّل يده ويسير. فاسترابَ القاهرُ، وراسل الغلمّان الحجريّة وفرَّقهم على الدّركاه، وراح ابن بُلَيْق إلى القاهر في عددٍ يسير، فقام إليه السّاجيّة وشتموه، فهرب واستتر، واضّطرب النّاسُ، وأصبحوا في مُسْتَهَلّ شعبان قلقين2. القبض على مُؤنس: وجاء بُلَيْق إلى دار الخليفة ليعتذر عن ابنِه، فقُبِضَ عليه وعلى أحمد بن زَيْرك، وعلى يُمْن المؤنسي صاحب شرطة بغداد وحُبِسوا وصار الجيش كله في دار الخليفة، فراسل مؤنسًا وقال: أنتَ عندي كالوالد، فأْتِني تُشير عليّ. فاعتذرَ بثقل الحركة. ثم أشاروا عليه بالإتيَان، فلمّا حصَل في دار الخلافة قُبِض عليه، فاختفى ابن مُقْلة. فاستوزرَ القاهر أبا جعفر محمد بن القاسم بن عُبَيْد الله3.

_ 1 المنتظم "6/ 249". 2 الكامل في التاريخ "8/ 252- 254"، البداية والنهاية "11/ 172"، النجوم الزاهرة "3/ 238". 3 الكامل في التاريخ "8/ 256"، النجوم الزاهرة "3/ 238".

إحراق دار ابن مقلة: وأُحْرِقت دار ابن مقلة، كما أُحْرِقت قبلَ هذه المرّة1. هرب ابن ياقوت إلى فارس: وهرب محمد بن ياقوت إلى فارس، فكتب إليه بعهده على أصبهان. حجابة الطولوني: وقلَّدَ سلامة الطولوني الحُجّابة. القبض على ابن المكتفي: وقبضَ على أبي أحمد بن المكتفي وطيّن عليه بن حيطتين، ونهبَ القاهر دُور المخالفين2. ذبح بُليق ومؤنس: ثمّ إنّه ظَفَرَ بعليّ بن بُلَيْق بعد جمعة، فحبسه بعد الضَّرْب، فاضطّرب رجال مؤْنس وشغبوا، وقصدوا دار الوزير محمد بن القاسم وأحرقوا بعض داره في ثامن عشر شعبان. فدخل القاهر إلى مؤْنس وبُلَيْق وابنه، فأمر بذبح بُلَيْق وابنه، وذَبَح بعدهما مؤنسًا، وأُخرجت رؤوسهم إلى النّاس وطِيْفَ بها3. وكان على مؤْنس دماغٌ هائل. ذْبح يُمْن وابن زيرك: ثمْ ذُبح يُمن وابن زَيْرك. ثمّ أطلقت أرزاق الجُنْد فسكنوا. تلقيب القاهر بالمنتقم: واستقامت الأمور للقاهر، وعظم في القلوب، وزيد في ألقابه: " المنتقم مِن أعداء دين الله". ونقش ذلك على السّكّة

_ 1 المنتظم "6/ 250"، النجوم الزاهرة "3/ 238". 2 الكامل في التاريخ "8/ 260"، البداية والنهاية "11/ 173". 3 البداية والنهاية "11/ 173"، النجوم الزاهرة "3/ 238".

ثمَ أحضر عيسى الطبيب مِن الموصل. وأمَرَ أنْ لا يركب في طيار سوى الوزير والحاجب، والقاضي، وعيسى الطّبيب. تقليد ابن كيغلغ مصر: وفيها خلع القاهر على أحمد بن كَيْغَلَغ، وقلَّدَه مصرَ. تحريم الخمر والقِيان: وفيها أمَرَ القاهر بتحريم القِيان والخمر، وقبضَ على المغنّين، ونفى المخانيث، وكسر آلات اللهو. وأمَرَ ببيع المغنّيات من الجواري على أنّهم سواذج. وكان مع ذلك يشرب المطبوخ والسّلاف، ولايكاد يصحو مِن السُّكر، ويختار القَيْنات ويسمعهنّ1. وزارة ابن الخصيب: وفيها: عزل القاهر الوزير محمدًا، واستوزر أبا العبّاس بن الخصيب2. الحجّ هذا الموسم: وحجّ بالنّاس مُؤنس الورقانيّ. وفاة الطَّحاويّ: وفيها: تُوُفّي أبو جعفر الطَّحاويّ شيخ الحنفيّة. وفاة الأمير تكين: وفي ربيع الأوّل تُوُفّي أمير مصر أبو منصور تكين الخاصّة بمصر وحُمِلَ إلى بيت المقدس، وقام بعده بالأمر ابنه محمد يسيرًا. ولاية ابن طُغْج: ثمّ ولي محمد بن طغج.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 273"، البداية والنهاية "11/ 172"، النجوم الزاهرة "3/ 239". 2 الكامل في التاريخ "8/ 262"، البداية والنهاية "11/ 173"، النجوم الزاهرة "3/ 239".

ولاية ابن كيغلغ: وعُزِل بابن كَيْغَلَغ بعد اثنتين وثلاثين يومًا. القضاء في مصر: وقدِم على قضاء مصر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قُتيبة، ثم، صُرِفَ بعد شهرين ونصف. وفاة أمّ المقتدر: وفيها: تُوُفّيت شغب أمّ المقتدر كما قدَّمنا. وكان دخْل مُغَلِّها في العام ألف ألف دينار، فتتصدّق بها، وتُخرج مِن عندها مثلها. وكانت صالحة. ولمّا قُتِل ابنها كانت مريضه، فعظُم جَزَعُها، وامتنعت من الأكل حتّى كادت تهلك. ثمّ عذّبها القاهرُ، فحلفت أنّه ما عندها مال، فقيل: ماتت في العذاب معلّقة، وقيل: لا. ولم يظهر لها إلّا ما قيمته مائه وثلاثون ألف دينار لا غير. وكان لها الأمر والنَّهْي في دولة ابنها1. ترجمة مُؤنس الخادم: وقد ذكرنا قُتِل مُؤنس الخادم الملقَّب بالمظفّر، وكان شجاعًا فاتكًا مَهِيبًا، عاش تسعين سنة، منها ستّون سنة أميرًا. وكان كلّ ما له في عُلُوٍّ ورِفْعة. كان قد أبعده المعتضد إلى مكّة، ولمّا بُويع المقتدر أحضره وفوَّض إليه الأمور. وقد مَرّ مِن أخباره2. تغلُّب الرّوم على الرساتيق: وفيها: غلبت الرُّوم على رساتيق مَلَطْية وسُمَيْساط، وصار أكثر البلد في أيديهم.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 237، 238، 239". 2 النجوم الزاهرة "2/ 239".

أحداث سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة

أحداث سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة: ظهور الدَّيْلم: فيها: ظهرت الدَّيْلم، وذاك لأنّ أصحاب مرداويخ دخلوا أصبهان، وكان من قُوّاده عليّ بن بُوَيْه. فاقتطع مالًا جليلًا وانفرد عن مخدومه. ثمّ التقي هو ومحمد بن ياقوت، فهزم محمدًا واستولى على فارس1. وكان بُوَيْه فقيرًا صُعْلُوكًا يَصِيد السمك، رأى أنّه بالَ، فخرج من ذَكَره عمود نار. ثمّ تشعَّب العمود حتّى ملأ الدّنيا. فقصَّ رؤياه على معبّر، فقال: لا أعبّرها إلا بألف درهم. فقال: والله ما رأيتُ عُشْرها، وإنّما أنا صيّاد. ثمّ مضى وصادَ سمكه فأعطاه إيّاها، فقال له: ألكَ أولاد؟ قال: نعم. قال: أبشِرْ فأنّهم يملكون الدّنيا، ويبلغ سلطانهم على قدر ما احتوت النار الّتي رأيتَها2. وكان معه أولاده عليّ, والحسن، وأحمد. ثمّ مَضَتْ السُّنُون، وخرج بولده إلى خُراسان، فخدموا مرداويخ بن زيار الدَّيْلَمِي، إلى أنّ صار عليّ قائدًا، فأرسله يستخرج له مالًا من الكُرْجِ، فاستخرج خمسمائة ألف درهم، فأخذ المّال وأتى همدان ليملكها، فغلق أهلها في وجهه الأبواب، فقاتلهم وفتحها عَنْوةً وقتل خلقًا. ثم صار إلى أصبهان وبها المظفّر بن ياقوت، فلم يحاربه وسارَ إلى أبيه بشيراز. ثم صار إلى أَرَّجان، فأخذ الأموال، وتنقّل في النواحي، وانضم إليه خلْق، وصارت خزائنه خمسمائة ألف دينار. فجاء إلى شيراز وبها ابن ياقوت، فخرج إليه في بضع عشر ألفًا، وكان علي بن بُوَيْه في ألف رجل، فهابهُ عليّ وسأله أنّ يُفْرِج له عن الطّريق لينَصْرف، فأبى عليه، فالتقوا فانكسر عليّ، ثم أنّهزم ابن ياقوت، ودخل عليّ شيراز.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 244". 2 المنتظم "6/ 268"، الكامل في التاريخ "8/ 266"، البداية والنهاية "11/ 173، 174"، النجوم الزاهرة "1/ 245".

ثمّ أنّه قلّ ما عنده فنام على ظهره، فخرجت حيّة من سقف المجلس، فأمر بنقْضه، فخرجت صناديق ملأى ذَهَبًا، فأنفقها في جُنْده1. وضاق مرّةً فطلب خيّاطًا يخيط له، وكان أَطْروشًا، فظنّ أنه قد سُعيَ به، فقال: والله ما عندي سوى اثني عشر صندوقًا، لا أعلم ما فيها. فأمرَ عليّ بإحضارها، فوجد فيها مالًا عظيمًا فأخذه. وركب يومًا، فَسَاحَتْ قوائم فرسه، فحفروه فوجد فيه كنزًا. واستولى على البلاد، وخرجت خُراسان وفارس عن حُكْم الخلافة. وسيأتي من أخبار هؤلاء الثلاثة الإخوة، وأنّ المستكفي بالله لقّب عليًّا " عماد الدّولة". أبا شجاع، ولقّب الحسن " رُكْن الدّولة"، ولقّب أحمد " معز الدّولة". وملكوا الدنيا سنين2. قُتِل أبي السرايا والنوبختي: وفيها: قَتَلَ القاهرُ أبا السرايا نَصْر بن حمدان وإسحاق بن إسماعيل النُّوبَخْتيّ الّذي كان قد أشار بخلافة القاهر، ألقاهما على رؤوسهما في بئر وطُمّت وكان ذنْبهما أنّهما فيما قيل زايَدَا القاهرَ قبل الخلافة في جاريتين واشترياهما، فحقد عليهما3. وفاة الورقانيّ: ومات مُؤنس الورقانيّ الّذي حج بالنّاس4. رواية ابن سنان عن القاهر: وقال ثابت بن سنان: كان أبو عليّ بن مُقْلة في اختفائه يُراسل السّاجيّة والحُجَريّة ويُضَرّبهم على القاهر ويُوحشهم منه. وكان الحسن بن هارون كاتب بُلَيْق يخرج بالليل في زيّ المُكدّيّين أو النساء فيسعى إلى أنّ اجتمعت كلمتهم على الفتك بالقاهر. وكان

_ 1 المنتظم "6/ 281"، البداية والنهاية "11/ 177". 2 المنتظم "6/ 270". 3 الكامل في التاريخ "8/ 261"، البداية والنهاية "11/ 177، 178"، النجوم الزاهرة "3/ 245". 4 النجوم الزاهرة "3/ 245".

يقول لهم: قد بنى لكم المطامير ليحبسكم. وألزموا منجم سيما حتّى كان يقول له: أنّ القاهر يقبض عليك. وهاجت الحُجَريّة وقالوا: أتريد أن تحبسنا في المطامير؟ فحلف القاهرُ أنّه لم يفعل، وإنّما هذه حمّامات للحُرَم. وحضر الوزير ابن خصيب وعيسى المتطبّب عند القاهر، فقال لسلامة الحاجب: اخرج فاحلف لهم. ففعل، فسكنوا. القبض على القاهر: ثم بكّروا على الشرّ إلى دار القاهر، وكان نائمًا سكرانًا إلى أنّ طلعت الشمس، ونبهوه فلم ينتبه لشدة سُكْرِه، وهرب الوزير في زيّ امرأة، وكذا سلامة الحاجب. فدخلوا بالسّيوف على القَاهر، فأفاق مِن سُكْرِه، وهربَ إلى سطح حمّام فاستتر، فأتوا مجلسَ القاهر وفيه عيسى الطّبيب، وزَيْرك الخادم، واختيار القَهْرَمانة، فسألوهم، فقالوا: ما نعرف له خبرًا. فرسّموا عليهم. ووقع في أيديهم خادم له فضربوه، فدلّهم عليه، فجاؤوه وهو على السّطْح وبيده سيف مسلول، فقالوا: انزل. فامتنع، فقالوا: نحن عُبَيْدك فلِمَ تستوحش منا؟ فلم ينزل ففوّق واحدٌ منهم سهمًا وقال: انزل وإلَّا قتلتُك. فنزل إليهم، فقبضوا عليه في سادس جُمَادى الآخرة1. خلافة الرّاضي: وأخرجوا أبا العبّاس محمد بن عبد المقتدر وأمّه، وبايعوه بالخلافة ولقّبوه الرّاضي بالله، فأحضر عليّ بن عيسى وأخاه عبد الرحمن واعتمد على رأيهما2، وأدخل عليّ بن عيسى، والقاضي أبو الحُسين عمر بن محمد بن يوسف، والقاضي أبو محمد الحسن بن عبد الله بن أبي الشّوارب، والقاضي أبو طالب بن البُهْلُول على القاهر، فقال له طريف اليَشْكُرِيّ: ما تقول؟ قال: أنا أبو منصور محمد بن المعتضد، لي في أعناقكم بَيعة وفي أعناق النَاس، ولست أُبَرِّئكم ولا أُحَلّكم منها، فقوموا فقاموا، فلمّا بُعدوا قال القاضي لطريف:

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 279- 281"، البداية والنهاية "11/ 178". 2 الكامل في التاريخ "8/ 282".

وأيّ شيء كان مجيئنا إلى رجلٍ هذا اعتقادُه؟ فقطّب عليّ بن عيسى وقال: يُخلع ولا يُفكَّر فيه. أفعاله مشهورة. قال القاضي أبو الحُسين: فدخلتُ على الرّاضي وأعدتُ ما جرى سرًا، وأعلمته بأنّي أرى إمامته فَرْضًا. فقال: انَصْرف ودعني وإيّاه. وأشار سِيما مقدّم الحُجَرّية على الرّاضي بِسَمْلِه. فأرسلَ سيما وطريفًا إلى البيت الّذي فيه القاهر، فَكُحِّل بمِسمار مُحَمَّى1. وزارة ابن مقلة: ثمّ طلب الرّاضي من عليّ بن عيسى أن يلي الوزارة، فامتنع، فقال: يتولّى أخوك عبد الرحمن. فقال: لا. فاستوزر ابن مُقْلَة بعد أنّ كتب له أمانًا2. سبب خلع القاهر: وقال محمود الإصبهانيّ: كان سبب خلع القاهر سوء سيرته وسفْكه الدّماء. فامتنع عليهم من الخلع فَسَمَلوا عينيه حتّى سالتا على خدَّيْه. وكانت خلافته سنة ونصفًا وأسبوعًا. وقال الصُّوليّ: كان أهْوَج، سفّاكًا للدّماء، قبيح السّيرة، كثيرة التَّلوُّن والاستحالة، مُدمن الخمر. ولولا جَوْدة حاجبة "سلامة" لأهلك الحْرث والنَّسْل. وكان قد صنع حربة يحملها فلا يطرحها حتّى يقتل بها إنسانًا. سؤال القاهر عن خلفاء بني العبّاس: وقال محمد بن عليّ الخراساني: أحضرني القاهر يومًا والحَرْبةُ بين يديه، فقال: قد علمتَ حالي إذا وضعت هذه.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 245". 2 الكامل في التاريخ "8/ 283".

فقلت: الأمان. فقال: على الصِّدْق. قلت: نعم. قال: أسألك عن خلفاء بني العبّاس في أخلاقهم وسيمتهم. قلت: أما السفاح، فكان مسارعًا إلى سفْك الدّماء. سفك ألف دم. واتَّبعه عُمّاله على ذلك، مثل محمد بن الأشعث بالمغرب، وعمّه صالح بن عليّ بمصر، وخازم بن خُزَيْمَة، وحُمَيْد بن قَحْطَبَة. وكان مع ذلك سمْحًا بحرًا، وَصولًا بالمّال. قال: فالمنصور؟ قلت: كان أوّل مَن أوقع الفُرْقة بين ولد العبّاس وولد أبي طالب. وكانوا قبله متفقين. وهو أوّل خليفة قرّب المنجمين وعمل بقَولهم. وكان عنده نُوبَخْت المنجّم، وعليّ بن عيسى الإصْطرلابيّ. وهو أوّل خليفة تُرْجِمت له الكُتُب السُّرْيانيّة والأعجميّة ككتاب " كليلة ودِمْنَة"، وكتاب "أرسطاطاليس في المنطق"، وإقليدس، وكُتُب اليونان. فنظر النّاس فيها وتعلّقوا بها. فلمّا رأى ذلك محمد بن إسحاق جمع المغازي والسّيَر. والمنصور أول من استعمل مواليه وقدّمهم على العرب. قال: فما تقول في المهديّ؟ قلت: كان جوادًا عادلًا منصِفًا. ردَّ ما أخذ أبوه مِن أموال النّاس غصْبًا، وبالغ في إتلاف الزّنادقة وأحرق كُتُبهم لمّا أظهروا المعتقدات الفاسدة كابن دَيْصان، وماني، وابن المقفّع، وحمّاد عَجْرَد. وبنى المسجدَ الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد بيت المقدس. قال: فالهادي؟ قلت: كان جبّارًا متكبرًا، فسلك عُمّاله طريقَه على قِصَر أيّامه. قال: فالرّشيد؟ قلت: كان مواظبًا على الجهاد والحجَ، وعَمَّر القصور والبِرَك بطريق مكّه، وبنى الثغور كأَذَنَة، وطَرَسُوس، والمَصِيصة، وعين زَربة، والحَدَث، ومَرْعَش. وعَمّ النّاس إحسانُه. وكان في أيّامه البرامكة وما اشتهر من كرمهم. وهو أوّل خليفة لعب بالصوالجة ورمى النّشّاب في البر جاس، ولعبَ الشَّطَرَنْج من بني العبّاس. وكانت زوجته بنت عمّه أمّ جعفر زُبَيْدة بنت جعفر بن المنصور من أكمل النّساء. وَقَفَت الأوقاف وعملت المصانع والبِرَك، وفعلت وفعلت. قال: فالأمين؟ قلت: كان جوادًا، إلّا أنّه انهمك في لذّاته ففسدت الأمور.

قال: فالمّأمون؟ قلت: غلبَ عليه الفضْل بن سهْل، فاشتغل بالنّجوم، وجالسَ العلمّاء. وكان حليمًا جوادًا. قال: فالمعتصم؟ قلت: سلكَ طريقه، وغلبَ عليه حُب الفُرُوسيّة، والتّشبُّه بملوك الأعاجم، واشتغل بالغزو والفتوح. قال: فالواثق؟ قلت: سلك طريقة أبيه. قال: فالمتوكلّ؟ قلت: خالفَ ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق مِن الاعتقادات، ونهى عن الجَدَل والمناظرات في الأهواء، وعاقب عليها. وأمرَ بقراءة الحديث وسماعه، ونهى عن القول بخلق القرآن، فأحبّهُ النّاسُ. ثمّ سأل عن باقي الخلفاء، وأنا أُجيبه بما فيهم، فقال لي: قد سمعت كلامك وكأني مشاهد القوم. وقام على أثري والحَرْبة بيده، فاستسلمت للقتل، فعطف على دُور الحُرَم. رواية المسعودي عن القاهر: وقال المسعوديّ: أخذ القاهر من مُؤنس وأصحابه أموالًا كثيرة، فلمّا خُلِعَ وسُمِلَ طُولِب بها، فَعُذِّبَ بأنواع العذاب، فلم يُقرّ بشيء. فأخذه الرّاضي بالله فقرّبه وأدناه وقال له: قد ترى مطالبة الجُنْد بالمّال، وليس عندي شيء، والّذي عندك ليس بنافعٍ لك، فاعترف به. فقال: أمّا إذا فعلتَ هذا فالمّال مدفون في البستان، وكان قد أنشا بستانًا فيه أصناف الشّجر حُمِلت إليه من البلاد، وزَخرفه وعمل فيه قصرًا، وكان الرّاضي مُغْرمًا بالبستان والقصر، فقال: وفي أيّ مكان المّال منه؟ فقال: أنا مكفوف لا أهتدي إلى مكان، فاحفر البستان تجدْه. فحفر الرّاضي البستان وأساسات القصر، وقلع الشجر، فلم يجد شيئًا. فقال له: وأين المّال؟ فقال: وهل عندي مال، وإنّما كان حسرتي في جلوسك في البستان وتنعّمك، فأردتُ أنّ أفجعك فيه. فندم الرّاضي وأبعدهُ وحبسه. فأقام إلى سنة ثلاثٍ وثلاثين.

ثم أُخرج إلى دار ابن طاهر، فكان تارةً يُحبس، وتارة يُطلق، فوقف يومًا بجامع المنصور بين الصُّفوف وعليه مُبطنّة بيضاء وقال: تصدَّقوا عليَّ، فأنا مَن قد عرفتم. وكان مقصوده أنّ يشنّع على المستكفي، فقام إليه أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي، فأعطاه خمسمائة درهم. وقيل: ألف درهم، ثم مُنع من الخروج، وعاش إلى سنة تسعٍ وثلاثين خاملًا. وعاش ثلاثًا وخمسين سنة. وكان له من الولد عبد الصّمد، وأبو القاسم، وأبو الفضل، وعبد العزيز1. ووزر له ابن مُقْلَة، ثمّ محمد بن القاسم بن عُبَيد الله، فكان جبّارًا ظالمًا، ثم الخصيبيّ. صفة الرّاضي: وكان الرّاضي بالله أبو العبّاس محمد بن المقتدر مربوعًا، خفيف الجسم، أسمر، وأمّه ظَلُوم الروميّة. بويع يوم خُلع القاهر، وكان هو وأخوه في حبْس القاهر، وقد عزمَ على قتلهما. فأخرجهما الغلمّان ورأسهم سِيما المناخليّ، وعاش سيما بعد البيعة مائة يوم. إمرة ابن رائق الجيش: وولّى الرّاضي أتابكه محمد بن رائق إمارة الجيش ببغداد. مثالب القاهر في كتاب: ثمّ أمر ابن مُقْلة عبد الله بن ثُوابَة أنّ يكتب كتابًا فيه مثالب القاهر ويُقرأ على النّاس. مصادرة عيسى المتطبب: وصودر عيسى المتطبّب على مائتي ألف دينار.

_ 1 تاريخ الخلفاء "390".

قُتِل مرداويخ الدَّيْلَميّ: وفيها: مات مرداويخ، مُقَدَّم الدَّيْلَم بإصبهان. وكان قد عظُم أمرُه، وتحدَّثوا أنّه يريد قصْد بغداد. وأنّه مسالمٌ لصاحب المجوس. وكان يقول: أنا أردّ دولة العجم وأَمْحق دولة العرب. ثم إنّه أساء إلى أصحابه، فتواطأوا على قتْله في حمّام1. مقاطعة ابن بُوَيْه للراضي إلى البلاد: وفيها: بعث عليّ بن بُوَيْه إلى الرّاضي يُقاطعه على البلاد الّتي استولى عليها بثمانٍية آلاف ألف درهم كلّ سنة. فبعث له لواء وخِلَعًا. ثمّ أخذ ابن بُوَيْه يماطل بحمل المّال2. وفاة المهديّ صاحب المغرب: وفيها: في نصف ربيع الأوّل مات المهديّ عُبَيْد الله صاحب المغرب عن اثنتين وستّين سنه. وكانت أيّامه خمسًا وعشرين سنة وأشهُرًا وقام بالأمر بعده ابنه القائم بأمر الله أبو القاسم محمد، فبقى إلى سنة أربعٍ وثلاثين3. نسب المهديّ: وقال القاضي عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن عَبْد الجبّار البصْريّ: اسم جدّ الخلفاء المصريّين سعيد، ويلقب بالمصري. وكان أبوه يهوديًّا حدّادًا بسَلَمّية. زعم سعيد هذا أنّه ابن ابن الحُسين بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن ميمون القدّاح. وأهل الدّعوة أبو القاسم بن الأبيض العلويّ، وغيره يزعمون أنّ سعيدًا إنما هو ابن امرأة الحُسين المذكور. وأنّ الحُسين ربّاه وعلّمه أسرار الدّعوة، وزوّجه ببنت أبي الشَّلَغْلَغ فجاءه ابن سمّاه عبد الرحمن، فلمّا دخل المغرب وأخذ سِجِلْماسة تسمّى بعُبَيد وتكنى بأبي محمد، وسمَّى ابنَه الحسن.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 298 - 303"، النجوم الزاهرة "3/ 245، 246". 2 النجوم الزاهرة "3/ 246". 3 البداية والنهاية "11/ 179"، 180"، النجوم الزاهرة "3/ 246".

وزعمت المغاربة أنّه يتيم ربّاه، وليس بابنه، وكناه أبا القاسم، وجعله ولي عهده. وقتل عُبَيد خلقًا من العساكر والعُلماء، وبث دُعاته في الأرض. وكانت طائفة تزعم أنّه الخالق الرّازق، وطائفة تزعم أنّه نبيّ، وطائفة تزعم أنّه المهديّ حقيقة. قول الباقلّانيّ في القدّاح: وقال القاضي أبو بكر بن الباقلّانيّ: إنّ القدّاح جدّ عُبَيد الله كان مجوسيًّا. ودخل عُبَيد الله المغرب، وأدّعى أنّه علويّ، ولم يعرفهُ أحد من علمّاء النَّسَب، وكان باطنّيًا خبيثًا، حريصًا على إزالة مِلّة الإسلام. أَعْدَمَ العلمّاء والفقهاء ليتمكّن مِن إِغواء الخلْق. وجاء أولاده على أُسلوبه. أباحوا الخُمور والفُرُوج، وأشاعوا الرَّفْض، وبثُّوا دُعاةً، فأفسدوا عقائد خلقٍ من جبال الشّام كالنُّصَيْريّة والدَّرزيّة. وكان القدّاح كاذبًا مُمَخْرقًا. وهو أصل دُعاة القرامطة. وقال أيضًا في كتاب "كشف أسرار الباطنيّة". أوّل من وضع هذه الدّعوى طائفة من المجوس وأبناء الأكاسرة. فذكر فَصلًا، ثمّ قال: ثمّ اتّفقوا على عبد الله بن عَمْرو بن ميمون القدّاح الأهوازيّ وأمدّوه بالأموال في سنة ثلاثين ومائتين أو قبلها، وكان مُشَعْوِذًا مُمَخْرِقًا يُظْهِر الزُّهْد، ويزعم أنّ الأرض تُطْوَى له. وجدُّ القدّاح هو دَيْصَان أحد الثَّنَوِيّة. وجاء ابن القدّاح على أسلوب أبيه، وكذا ابنه، وابن ابنه سعيد بْن حُسَيْنِ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه. وهو الّذي يقال له عُبَيد الله. يُلقَّب بالمهديّ صاحب القيروان، وجدّ بني عُبَيد الّذين تسمّيهم جَهَلَةُ النّاس الخلفاء الفاطمّيين. قول ابن خلّكان في نسب المهديّ: قال ابن خَلِّكان: اختُلِف في نَسَبه، فقال صاحب "تاريخ القيروان": هو عُبَيْد الله بن الْحَسَن بْن علي بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفرالصّادق. وقال غيره: هو عُبَيْد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصّادق. وقيل: هو عليّ بن الحُسين بن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بن زين العابدين عليّ بن الحُسين.

وإنّما سمّى نفسه عُبَيد الله استتارًا. وهذا على قول مَن يصحِّح نَسَبَه. وأهل العلم بالأنساب والمحقّقين يُنكِرون دعواه في النَّسبِ ويقولون: اسمه سعيد، ولَقَبه عُبَيد الله، وزوج أمّه الحُسين بن أحمد القدّاح. وكان كحالًا يقدح العين. وقيل: إن عُبَيد الله لمّا سار من الشّام وتوصّل إلى سجلماسة أحسن به ملكُها ألْيَسع آخر ملوك بني مِدْرار وأعلم بأنه الذي يدعو إليه أبو عبد الله الشيعي بالقيروان فيسجنه فجمع الشيعي جيشًا من كتامة وقصد سلجماسة، فلمّا قُربوا قتله الْيسع في السّجن، وهرب. فلمّا دخل الشّيعيّ السّجن وجده مقتولًا، وخاف أنّ ينتقض عليه الأمر، وكان عنده رجلٌ من أصحابه يخدمه، فأخرجه إلى الجُنْد، وقال: هذا المهديّ. قلت: وهذا قولٌ منكر. بل أخرج عُبَيدَ الله وبايَع النّاس له، وسلّم إليه الأمر، ثمّ ندم، ووقعت الوحشة بينهما كما قدَّمنا قبل هذا في موضعه من هذا الكتاب. آخر الأمر أنّ المهديّ قَتَلَ أبا عبد الله الشّيعي وأخاه، ودانت له المغرب، وبنى مدينة المهديّة، والله أعلم. ظهور الشلمغاني: وفيها: ظهر محمد بن عليّ الشلْمغانيّ المعروف بابن أبي العَزاقر. وكان مستترًا ببغداد، وقد أشاع أنّه يدّعي الأُلُوهيّة، وأنّه يُحْيي الموتى وله أصحاب. فتعصَّب له أبو عليّ بن مُقْلَة، فأحضره عند الرّاضي، فسمع كلامه وأنكر ما قيل عنه، وقال: إنْ لم تنزل العقوبة على الّذي باهلَنَي بعد ثلاثة أيّام وأكثره تسعة أيام، وإلا فَدَمي حلال. قال: فضُرب ثمانٍين سوطًا، ثمّ قُتِل وصُلب1. قُتِل وزير المقتدر: وقُتل بسببه الحُسين بن القاسم بن عُبَيْد الله بن سليمان بن وهْب وزير المقتدر، وكان زِنديقًا متَّهمًا بالشَّلْمغانيّ، وفي نفس الرّاضي منه لكَونه أذاه عند المقتدر بالله.

_ 1 المنتظم "6/ 271"، الكامل في التاريخ "8/ 290، 292".

قُتِل الأنباري: وقُتل معه أيضًا أبو إسحاق إبراهيم بن أبي عَوْن أحمد بن هلال الأنباريّ الكاتب، صاحب كتاب الأجوبة المسكتة"، وكتاب "التّشبيهات"، وكتاب "بيت المال السّرور". وكان قد مَرَق من الإسلام وصحِب ابن أبي العَزاقِر، وصار مِن المتغالين في حبّه، وصرَّح بإلهِيّته، تعالى الله عما يقول عُلوًّا كبيرًا. قتل ابن أبي عون: فلمّا تتّبعوا أصحاب ابن أبي العزاقِر قالوا لإبراهيم بن أبي عون: سُبّه وابصُقْ عليه. فامتنع وأرعد وأظهر الخوف، فضُربَ بالسّياط، فلم يرجع، فَضُرِبت عُنقه، وأحْرِق في أوّل ذي القعدة1. قُتِل ابن غريب الخال: وفيها: قُتِل هارون بن غريب الخال، كان مقيمًا بالدّينَوَر، فلمّا ولي الرّاضي كاتَب قوّاد بغداد بأنّه أحقّ بالحضرة ورئاسة الجيش، فأجابوه، فسارَ إلى بغداد حتّى بقي بينه وبينها يوم. فعُظم ذلك على ابن مُقْلة الوزير ومحمد بن ياقوت والحُجَريّة، وخاطبوا الرّاضي فعرّفهم كراهيته له، وأمرَ بممانعته، فأرسل ابن مُقْلَة إليه بأنّ يرجع، فقال: قد أنضمّ إليَّ جُنْدٌ لا يكفيهم عملي. فأرسل إليه الرّاضي ابن ياقوت القراريطيّ بأنّ قد قلَّدَوك أعمال طريق خُراسان، فقال للقراريطيّ: أنّ جُنْدي لا يقنعون بهذا، ومَن أحقّ منّي بخدمة الخليفة؟ فقال: لو كنت تراعي أمير المؤمنين ما عصيته. فأغلظ له، فقام مِن عنده وأدّى الرسالة إلى الخليفة. وشَخَص إلى هارون مُعْظم جُنْد بغداد، فبعث إليه محمد بن ياقوت يتلطّف به، فلم يلتفت. ووقعت طلائعه على طلائع ابن ياقوت، فظهر عليها، ثمّ تقدَّم إلى قنطرة نهربين، واشتبكت الحرب، فعبر هارون القنطرة، وأنفردَ عن أصحابة على شاطئ النّهر، وهو يظنّ أنّه يظفر بمحمد بن ياقوت، فتقنطر به فرسه، وبادره مملوك ابن

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 291، 292".

ياقوت فقتله، ومزّق جيشه، ونهبهم عسكر ابن ياقوت، وذلك في جُمادَى الآخرة1. وفاة السِّجْزِيّ: وفيها: تُوُفّي أبو جعفر السَّجْزِيّ أحد الحُجّاب. قيل: بلغ من العمر أربعين ومائة سنة. وكان يركب وحده وحواسُّه جيّده. القبض على الخصِيبيّ وابن مَخْلد: وفيها: قبض ابن مُقْلَة على أبي العبّاس الخصِيبيّ، والحسن بن مَخْلَد ونفاهما إلى عُمان، فرجعا إلى بغداد مختَفِيَيْن. وفاة ابن المقتدر: وفيها: تُوُفّي موسى بن المقتدر. توقّف الحجّ: ولم يحجّ النّاس إلى سنة سبْعٍ وعشرين من بغداد2. والله أعلم

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 288، 289". 2 تاريخ الخلفاء "391".

أحداث سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة

أحداث سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة: تقليد ولدي الرّاضي المشرق والمغرب: فيها: تمكَّن الرّاضي بالله وقلَّدَ ابنَيْه المشرقَ والمغربَ، وهما أبو جعفر وأبو الفضل. واستكتب لهما أبا الحُسين عليّ بن محمد بن مُقْلَة1. القبض على ابن شَنَبُوذ المقرئ وضرْبه: وفيها: بلغ الوزير أبا عليّ بن مُقْلَة أنْ ابن شَنَبُوذ المقريء يغيّر حروفًا مِن القرآن،

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 311"، النجوم الزاهرة "3/ 248".

ويقرأ بخلاف ما أُنْزِل. فأَحضره، وأحضر عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبا بكر بن مجاهد، وجماعة من القُرّاء، ونُوظِرَ، فأغلظ للوزير في الخطاب وللقاضي ولابن مجاهد، ونَسَبَهم إلى الجهل، وأنّهم ما سافروا في طلب العلم كما سافر. فأمرَ الوزير بضربه، فنُصب بين الهِنبازَيْن وضُرِب سبْع دِرَر، وهو يدعو على الوزير بأن تُقْطَع يده، ويشتّت شمله1. ثمّ أوقف على الحروف الّتي قيل إنّه يقرأ بها، فأهْدِرَ منها ما كان شنيعًا، وتوّبوه غصْبًا. وكتب عنه الوزير محضرًا. ومّما أُخِذَ عليه: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} وكان (أمامهم) {مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ} صالحة {غَصْبًا} [الكهف: 9] .. {وَتَكُونُ الْجِبَالُ} كالصّوف {الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 5] . {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} َوقد {وَتَبّ} [المسد: 1] . {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ} الإنسُ أنّ {الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ} لَما {لَبِثُوا} حَوْلًا {فِي الْعَذَابِ الْمُهِين} [سبأ: 14] . و {الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [الليل: 3] . فاعترفَ بها2. ولا ريبَ أنّها قد رُويت ولم يخترعْها الرّجلُ من عنده. وقيل: أنّه نُفي إلى البصرة. وقيل: إلى الأهواز. وكان إمامًا في القراءة. شغب الجُنْد على محمد بن ياقوت: وفي ربيع الأوّل شغب الجُنْد، وصاروا إلى دار محمد بن ياقوت، وطلبوا أرزاقهم، فأغلظ لهم، فغضبوا وهمّوا به، فدافع عنه غلمّانّه، وقام إلى دار الحُرَم. فجاء الوزير وسكّنهم. ثمّ عادوا في اليوم الثّاني وخرجوا إلى الصّحراء، وعاونتهم العامّة. فعبَروا إلى

_ 1 المنتظم "6/ 275"، البداية والنهاية "11/ 181"، النجوم الزاهرة "3/ 248، 249". 2 المنتظم "6/ 275"، البداية والنهاية "11/ 181"، النجوم الزاهرة "3/ 248، 249"، تاريخ الخلفاء "391".

الجانب الغربيّ، وفتحوا السّجون والمُطْبق، وأخرجوا مَن بها، وعظُمت الفتنة، وشرع القتال، ونُهِبت الأسواق. وركب بدر الخَرشنيّ ليكُفَّهُم، فرموه بالنشاب. واتَّفقَ الحُجَريّة والسّاجيّة، وقصدوا دار الخليفة فمنعهم الحُجّاب، فكاشفوا محمد بن ياقوت وقالوا: لا نرضى أنّ تكون كبير الجيش. وحاصَروا دار الخليفة أيّامًا، ثمّ أرضاهم، فسكنوا. القبض على ابن ياقوت والقراريطيّ: وفيها: قبض الرّاضي على محمد بن ياقوت، وأخيه المظفّر، وأبي إسحاق القراريطيّ، وأخذ خطّ القراريطيّ بخمسمائة ألف دينار1. ازدياد شأنِ ابن مُقْلة: وعظُم شأن الوزير ابن مُقْلَة، واستقلَ بالدّولة2. ثمّ شَغَبَ الجُنْد عليه ونهبوا داره، فأرضاهم بمال. فتح جنوة: وفيها: أخرجَ المنصور إسماعيل العُبَيْدي يعقوب بن إسحاق في أُسطول من المهديّة عدّته ثلاثون حربيًّا إلى ناحية إفرنجة، ففتح مدينة جَنَوَة، ومرّوا بمدينة سَرْدَانية، فأوقعوا بأهلها وسَبوا وأحرقوا عدّة مراكب، وقتلوا رجالها، وأسرعوا بالخروج إلى جنة، وحرّقوا مراكب قرسقة، ونقبوا أسوار جَنَوة، واستولوا على المدينة، وأسروا ألف امرأة، وقدِموا بالغنائم إلى المهديّة3. فتنة البربهاريّ وأصحابه: وفي جُمَادى الأوّلى جرت فتنة عظيمة من البَرْبهاريّ الحنبليّ وأصحابه، فنوديَ أن لا يجتمع أحدٌ من أصحاب البَرْبهاريّ. وحُبِس منهم جماعة واستتر الشيخ4.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 305"، النجوم الزاهرة "3/ 249". 2 النجوم الزاهرة "3/ 249". 3 الكامل في التاريخ "8/ 285، 310"، البداية والنهاية "11/ 182"، النجوم الزاهرة "3/ 249". 4 المنتظم "6/ 276"، البداية والنهاية "11/ 181، 182".

فقيل: إنهم صاروا يكبسون دُور الأمراء والكُبراء، فإنّ رأوا نبيذًا أراقوه، وإنّ صادفوا مغنيةً ضربوها، وكسروا آلة الملاهي، وأنكروا في بيع النّاس وشرائهم، وفي مشْي الرجال مع الصّبيان. فَنَهاهُم متولّي الشرطة، فما التفتوا عليه: فكتب الرّاضي توقيعًا يزجُرُهم ويوبّخهم باعتقادهم: وأنّكم تزعمون أنّ الله على صُوَركم الوحشة، وتذكرون أنّه يصعد وينزل. وأُقسم: إنْ لم تنتهوا لأقتلنَّ فيكم ولأُحَرّقنّ دُوركم1. هبوب الريح ببغداد: وفي الشّهر هبّت ريح عظيمة ببغداد، واسودَّت الدنيا وأظلمت من العصر إلى المغرب برعدٍ وبَرْق2. شغب الجنْد بابن مُقْلَة: وفيه: شَغَب الجُنْد بابن مُقْلة وهمّوا بالشّرّ3. قتل سعيد بن حمدان: وكان سعيد بن حمدان قد ضمِن المَوْصل وغيرها سِرًّا من ابن أخيه الحسن بن عبد الله بن حمدان، وخلع عليه ببغداد، فخرج سعيد في صورة أنّه يساعد ابنُ أخيه في الضّمان في خمسين فارسًا، فدخل الموصل، فخرج ابنُ أخيه مظهِرًا لتَلَقِّيه. ومضى العمّ إلى دار ابن أخيه فنزلها، وسأل عنه فقيل: خرج لتَلَقّيك. فجلس ينتظره. فلمّا علم الحسن بأنّ عمّه في داره وجّه غلمّانَه فقبضوا عليه وقيَّدوه، ثمّ قتله بعد أيام4. خروج ابن مقلة لحرب الحسن بن حمدان: وتألَّم له الرّاضي، وأمرَ أبا عليّ بن مُقْلَة بالخروج إلى الموصل، والإيقاع بالحَسَن. فخرج في جميع الجيش واستخلَف ابنَه ابا الحُسين موضعه. فلمّا قرُب من المَوْصل نزح عنها الحسن في شعبان، فتبِعَه ابن مُقْلَة، فصعِد الجبل ودخل بلد

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 307 - 309". 2 المنتظم "6/ 276"، النجوم الزاهرة "3/ 249"، تاريخ الخلفاء "392". 3 المنتظم "6/ 276"، الكامل في التاريخ "8/ 321"، البداية والنهاية "11/ 182". 4 الكامل في التاريخ "8/ 309"، البداية والنهاية "11/ 182".

الزّوزانّ، فاستقرّ ابن مُقْلَة بالموصل يستخرج أموالًا، ويستسلف من التُّجّار على غلّات البلد، فاجتمع له أربعمائة ألف دينار. فاحتال سهل بن هاشم كاتب الحسن، وكان مقيمًا ببغداد، فبذل لولد ابن مُقْلَة عشرة آلاف دينار حتّى يكتب إلى أبيه بأنّ الأمور بالحضرة مضطّربة، فانزعج الوزير وسار إلى بغداد، فدخل في ذي القعدة. القبض على جعفر بن المكتفي: وفيها: وقعوا برجلٍ قد أخذ البيعة لجعفر بن المكتفي، وبذل أموالًا عظيمة، فقُبِض عليه وعلى جعفر، ونُهب منزل جَعْفَر. عَوْد الحسن بن حمدان إلى الموصل: وعاد الحسن بن عبد الله بن حمدان إلى الموصل بعد حرب تمّ له مع جيش الخليفة وهزمهم، وكتب إلى الخليفة يعتذر1. مهاجمة القَرْمَطِيّ لِركْب الحُجّاج: وخرج الرَّكْبُ العراقيّ ومعهم لؤلؤ يَخْفُرُهم، فاعترضهم أبو طاهر القَرْمَطِيّ، فانهزم لؤلؤ وبه ضربات. فقتل القَرْمطيُّ الحاجّ وسبى الحُرَم، والتجأ الباقون إلى القادسيّة، وتسلّلوا إلى الكوفة2. موت الأمير ابن ياقوت: وفي ذي الحِجّة مات الأمير أبو بكر محمد بن ياقوت في الحبْس حتْف أنفه. الغلاء ببغداد: وفيها غلا السِّعْر ببغداد حتّى أبيع كَرّ القمح بمائةٍ وعشرين دينارًا. استمالة ابن رائق للدَّيلم: وفيها: قدِم غلمّان مرداويخ الدَّيْلَميّ إلى بغداد، وفيهم بَجْكم، فخافت الحُجَريّة منهم. ثمّ إنّ محمد بن رائق أمير واسط ونواحيها كاتَبَهم، فأتوا إليه، فأكرمهم وقدَّم عليهم بَجْكَم، وأفرط في الإحسان إليه، وأمره بمكاتبة جُنْد الجبال ليَقْدَمُوا عليه. ففعلوا، فصار عنده عدّة كبيرة، وتمكّن وجبى الخراج.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 182، 183". 2 المنتظم "6/ 276"، الكامل في التاريخ "8/ 311"، البداية والنهاية "11/ 182".

أحداث سنة أربع وعشرين

أحداث سنة أربع وعشرين: وفاة هارون بن المقتدر: تُوُفّي هارون بن المقتدر، وحزن عليه أخوه الخليفة، واغتمّ له، وأمرَ بِنَفْيِ الطّبيب بُخْتيشوع بن يحيى، وأتَّهمه بتعمُّد الخطأ في علاجه1. تقليد ابن طُغْج عملًا في مصر: وفيها: قلَّدَ ابن مقلة أبا بكر محمد بن طُغْج أعمال المعاون بمصر مُضافًا إلى ما بيده مِن الشّام2. قطْع ابن رائق الحمْل عن بغداد: وفيها: قطع الحمل عن بغداد محمد بن رائق، واحتجَّ بكثرة كلْفة الجيش عنده، وقطع حمْل الأهواز، وطمع غيرهم. إطلاق المظفّر بن ياقوت من الحبْس: وفي ربيع الأوّل أطلق من الحبس المظفَّر بن ياقوت، وحلف للوزير على المُصافاة، وفي نفسه الحقْد عليه لأنّه نكبه، ونكب أخاه محمدًا. ثمّ أخذ يسعى في هلاكه ويشغب عليه الحُجَريّة. فعلم الوزير فاعتضد بالأمير بدر صاحب الشّرطة ليوقع بالمظفَّر، فانحدر بدر وأصحابه بالسّلاح إلى دار الخليفة، ومنعوا الحُجَريّة من دخولها فضعُفت نفس المظفّر، وأشار على الحُجَريّة بالتّذلُّل لابن مقلة، وأظهر له المظفّر أنّه على أيْمانه، فاغتر بذلك وصرف بدرًا والْجُنْد من دار الخلافة. فمشى الغلمّان بعضهم إلى بعض وأوحشوا نفوس الْجُنْد من ابن مقلة ومن بدر، وتحالفوا وصارت

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 257". 2 البداية والنهاية "11/ 185"، النجوم الزاهرة "3/ 257".

كلمتهم واحدة. ثمّ صاروا إلى دار الخلافة فأحْدَقوا بها وصار الرّاضي في أيديهم كالأسير، وطالبوه أنّ يخرج معهم إلى الجامع فيصلّى بالنّاس ليعلموا إنّه من حزبهم. فخرج يوم الجمعة سادس جمادى الأولى، فصلّى بالنّاس، وقال في خطبته: اللهُمّ إنّ هؤلاء الغلمّان بطانتي وظهارتي، فمن أرادهم بخير فأزِدْه، ومن كادَهم فَكِده. إمرة بدر الخَرْشَنيّ على دمشق: وأمر بدرًا الخَرْشَنيّ بالمسير على إمرة دمشق مسرعًا1. تدبير ابن مقلة للإيقاع بابن رائق: ثمّ أخذ ابن مقلة يُشير على الراضي سرًا أن يخرج بنفسه ليدفع محمد بن رائق عن واسط والبصرة. ثمّ بعث ابن مقلة بمقدَّم من الحُجَريّة، وآخر من السّاجيّة برسالة إلى ابن رائق يطلب المحاسبة. فأحسَن ابن رائق إليهما، وحمّلهما رسالة إلى الراضي سرًا بأنه إن استُدعى إلى الحضرة قام بتدبير الخلافة، وكَفَى أمير المؤمنين كلّ مهمّ. فقدِما. فلم يلتفت الرّاضي إلى الرسالة. ولمّا رأى ابن مقلة امتناع ابن رائق عليه عمل على خروج الرّاضي إلى الأهواز، وأنّ يرسل القاضي برسالة إلى ابن رائق لئلّا يستوحش2. إخراج ابن مقلة من الوزارة: فبَيْنا ابن مقلة في الدِّهليز شغب الغلمّان ومعهم المظفّر، وأظهروا المطالبة بالأرزاق، وقبضوا على الوزير، وبعثوا إلى الرّاضي يعرفونه ليستوزر غيره، فبعث إليهم يستصوب رأيهم، ثمّ قال: سمّوا من شئتم حتّى استوزره. فسمّوا عليّ بن عيسى، وقالوا: هو مأمون كافي. فاستحضره وخاطبه بالوزارة فامتنع، فخاطبه ثانية وثالثة فامتنع، فقال: أشر بمن ترى. فأومأ إلى أخيه عبد الرحمن بن عيسى. فبعث الرّاضي إليه المظفّر بن ياقوت، فأحضره وقلَّدَه، وركب

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 279". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94".

الجيش بين يديه1، وأحرقت دار ابن مقلة، وهذه المرّة الثالثة2. وكان قد أحرق دار سليمان بن الحسن. فكتبوا على داره: أحسَنْتَ ظنَّك بالأيّام إذ حَسُنَتْ ... ولم تَخَفْ سوءَ ما يأتي به القدرُ وسالَمَتْك اللّيالي فاغْتَرَرْت بها ... وعند صَفْوِ اللَّيَالِي يحدُث الكَدَر واختفى الوزير وأعوانّه. ظهور الخصيبي وسليمان بن الحسن: وظهر أبو العبّاس الخصيبيّ، وسليمان بن الحسن، وصارا يدخلان مع الوزير عبد الرحمن وأخيه عليّ، ويدخل معهم أبو جعفر محمد بن القاسم والأعيان3. تعذيب ابن مقلة: وأُخِذَ ابن مقلة فتسلّمه عبد الرحمن الوزير، وضُرِب بالمقارع، وأُخذ خطُّه بألف ألف دينار. ثمّ سُلِّمَ إلى أبي العبّاس الخصيبيّ، فجرى عليه من المكاره والتّعليق والضَّرْب عجائب. رواية ثابت بن سنان عن تعذيب ابن مقلة: قال ثابت: كلّفني الخصيبيّ الدُّخول إليه يومًا وقال: إنّ كان يحتاج إلى الفَصْد فليُفْصَد بحضرتك. فدخلتُ فوجدته مطرَوْحًا على حصيرٍ، وتحت رأسهِ مخدّة وسِخَة، وهو عُرْيان في وسطه سراويل، ورأيتُ بدَنَه من رأسِه إلى أطراف رِجْلَيه كالباذنجان، وبهِ ضيق نفسٍ شديد. وكان الّذي تولّى عذابه ودَهَق صَدْره الدَّسْتُوائيّ. فقلت: يريد الفصد. فقال الخصيبي: وكيف نعمل، ولابد من تعذيبه كل يوم؟ فقلت: فيتلف. قال: افصده.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94"، المنتظم "6/ 281"، الكامل في التاريخ "8/ 314". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94"، المنتظم "6/ 281". 3 المنتظم "6/ 281".

ففصدته ورفّهتُه ذلك اليوم. واتَّفق أنّ الخصيبيّ استتر ذلك اليوم، فاطمان ابن مقلة وتصلّح. وحضَر أبو بكر بن قرابة، وضمن ما عليه وتسلَمه1. القبض على المظفّر بن ياقوت وهدم داره: وفي جُمَادَى الأولى قبض الرّاضي على المظفّر بن ياقوت وهدم داره، ثمّ أطلقه بعد جمعه وأصدره إلى أبيه ياقوت. عُزِل الخَرْشَنيّ عن الشرطة: وعزل بدر الخَرْشَنيّ عن الشّرطة، ووليها كاجوا2. تقليد الخَرْشَنيّ أعمال أصبهان وفارس: وقلد الخَرْشَنيّ أعمال أصبهان وفارس. وزارة الكرْخي: وعجز الوزير عبد الرحمن عن النفقات، وضاق المّال. فاستعفى. فقبض عليه الرّاضي في رجب وعلى أخيه، واستوزر أبا جعفر محمد بن القاسم الكرْخي، وسلم ابني عيسى إلى الكرْخي، فصادرهما برفق، فأدى كلّ واحد سبعين ألف دينار، وانَصْرفا إلى منازلهما3. قتل ياقوت الأمير: وفي رمضان قُتِل ياقوت الأميرُ بعسكر مُكْرَم، فأراد الحُجَريّة قُتِل أبي الحُسين البريديّ ببغداد، وكان يخلف أخاه في الكتابة لياقوت، فاختفى. وكان ياقوت قد سار بجموعه لحرب عليّ بن ابن بُوَيْه، فالتقيا بباب أرَّجان، فهزمه ابن بُوَيْه، فعاد إلى الأهواز، وتواترت الأخبار بأن بويه وافى إلى رامهرمز مقتفيًا

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 94، 95". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 95"، الكامل في التاريخ "8/ 314". 3 تكملة تاريخ الطبري "1/ 95"، الكامل في التاريخ "8/ 315"، البداية والنهاية "11/ 184".

آثار ياقوت. فعبر ياقوت إلى عسكر مُكَرم وقطع الجسرَ. وأقام ابن بُوَيْه أيامًا برامَهُرْمُز إلى أنّ وقع الصُّلح بينه وبين الخليفة، وجرت فصول. وضعُف أمرُ ياقوت، وجاع عسكره، وتفرَّقت رجاله، وتمَّت له حروب مع كاتبه أبي عبد الله البريدي، ثم انهزم وأوى إلى قريةٍ، فظفروا به وقتلوه، وكان قد شاخ1. ثمّ طغى البريديّ وأظهر العصيانّ. وزارة سليمان بن الحسن: وفيها: استوزر الرّاضي أبا القاسم سليمان بن الحسن. وسببه أنّ ابن رائق تغلَّب على ناحيته، وابن بويه تغلب على فارس. وضاقت الدنيا على الوزير الكْرخيّ، وكان غير ناهض بالأمور، فعزل في شوّال. وقُلّد سليمان، فكان في العجز بحال الكْرخيّ وزيادةً2. عودة ابن رائق إلى بغداد: فَدَعَتِ الضّرورة إلى أنّ كاتب الرّاضي محمد بن رائق يلاطفه مع كاجوا، فأصغى وأسرع، فأرسل إليه الرّاضي بالخِلَع واللّواء. فانحدر إليه أعيانّ السّاجيّة، فقيّدهم وحبسهم، فاستوحش الحُجَريّة ببغداد، وأحدقوا بباب دار الخليفة. فوصل ابن رائق في جيشه إلى بغداد في ذي الحجّة، ودخل على الرّاضي في قواده3. ثمّ أنّه أمر الحُجَريّة بقلْع خيامهم وذهابهم إلى منازلهم، فلم يفعلوا، وبطُل حينئذٍ أمر الوزارة والدّواوين وبقي الاسم لا غير، وتولّى الجميعَ محمد بن رائق وكُتّابه، وصارت الأموال تُحمل إليه، وبطُلت بيوت المّال. وحكم ابن رائق على البلاد وبقيَ الرّاضي معه صورةً4. الوباء والغلاء بأصبهانّ وبغداد: وفيها: وقع الوباء العظيم بأصبهان وبغداد، وغلت الأسعار.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 97"، الكامل في التاريخ "8/ 315، 321". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 98"، المنتظم "6/ 281"، البداية والنهاية "11/ 184". 3 البداية والنهاية "11/ 184"، الكامل في التاريخ "8/ 322، 323". 4 تكملة تاريخ الطبري "1/ 99"، البداية والنهاية "11/ 184"، النجوم الزاهرة "3/ 258".

الغزوة الأولى لعليّ بن حمدان: وفيها: سار الدّمُسْتُق في جيوش الرّوم إلى أرض آمد وسُمَيْساط فسارَ عليّ بن عبد الله بن حمدان، وهو شابّ، وهذه من أوَّل مَغَازية، إلى آمد، وبعث الأقوات إلى سُمَيْساط، فاختلف عليه بعض أمرائه، ثمّ حاربه فظفر به، ثمّ عفا عنه. تغلُّب الحسن بن حمدان على الموصل: وكان الحسن بن عبد الله بن حمدان أخوه قد غلب على الموصل، فسارَ إليه خلقٌ من السّاجيّة والحُجَريّة، وهم خاصكية الخليفة، هربوا من محمد بن رائق، فأحسنَ الحسن إليهم. محاربة اليشكري للساجي وانهزامه: وسارَ من عنده نظيف السّاجيّ متقلَّدًا آَذْرَبْيجانّ، فحاربه اليشكري، فانهزم نظيف واستُبيح عسكره، وغلب اليَشْكُري على آَذْرَبْيجانّ، فسارَ لحربه دَيْسَم وابن الدَّيْلَميّ وطائفة، فهزموه ونهبوا وسبوا، وفعلوا القبائح. استيلاء الرّوم على سُمَيْساط: وفيها: استولت الرّوم على سُمَيْساط ودَكَوُّها، وأمَّن الدُّمُسْتُق أهلها, ووصّلهم إلى مأمنهم. غارات بني نُمَير وقُشَيْر: وفيها: عاثت العرب من بني نُمَير وقُشَيْر وملكوا ديار ربيعة ومُضَر، وشنّوا الغارات، وسبوا وقطعوا السُّبُل، وخَلَت المدائن من الأقوات، فسار لحربهم علي بن عبد الله بن حمدان، فأوقع بهم وهزمهم بَسُروج وطردهم إلى ناحية سنِجْار وهِيت1. خلعه الملك لصاحب الموصل: ونفد الراضي بالله خلع المُلْكَ إلى صاحب الموصل الحسن بن عبد الله، فبعث على آذَرْبَيْجانّ ابن عمه حسين بن سعيد بن حمدان. وكان على ديار بكر أخوه عليّ.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 258".

أحداث سنة خمس وعشرين وثلاثمائة

أحداث سنة خمس وعشرين وثلاثمائة: محاربة ابن رائق للحُجَريّة والسّاجيّة: فيها: أشار محمد بن رائق على الرّاضي بأنّ ينحدر معه إلى واسط، فخرج أول السنة منحدرًا، فوصل واسط في عاشر المحرَّم. واستخلف بالحضرة أبا محمد الصّلْحِيّ، فاضطّربت الحُجَريّة وقالوا: هذه حيلة علينا ليعمل بنا مثل ما عمل بالسّاجيّة. فأقام بعضهم ثمّ انحدروا. واستخدم ابن رائق ستين حاجبًا، وأسقط الباقين، وكانوا أربعمائة وثمانٍين. ونقّص أرزاق الحَشَم، فثاروا وحاربوا ابن رائق، وجرى بينهم قتالٌ شديد، وانّهزم من بقى من السّاجيّة إلى بغداد1 ولم يَبْقَ من الحجرية إلاّ قليل، مثل صافي الخازن، والحسن بن هارون، فأطلقا. ولمّا فرغ ابن رائق من الحُجَريّة والسّاجيّة أشار على الرّاضي بالله بالتقدُّم إلى الأهواز، فأخرج المضارب2. رسالة الرّاضي إلى البريديّ: وبعث ابن رائق أبا جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد، والحسن بن إسماعيل الإسكافيّ إلى أبي عبد الله البريديّ برسالة من الرّاضي، مضمونها أنّه قد أخّر الأموال وأفسد الجيوش. وأنّه ليس طالبيًّا فينازع الأمر، ولا جُنْديًا فينازع الإمارة، ولا ممّن يحمل السّلاح، فيؤهّل لفتح البلاد. وأنّه كان كاتبًا صغيرًا، فرُفع فَطَغى وكَفَر النِّعْمَة فإن راجع سومح عن المّاضي. فأجاب إلى أنّه يحمل مالًا عيَّنه، وأنّ الجيش الّذي عنده لا يقوم بهم مال الحضرة، فسيوجّههم إلى فارس لحرب مَن بها. فبعث إليه الرّاضي بالعهد فما حمل المّال ولا جهّز الجيش3.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 99"، الكامل في التاريخ "8/ 329"، البداية والنهاية "11/ 187". 2 الكامل في التاريخ "8/ 329". 3 تكملة تاريخ الطبري "1/ 99، 100"، الكامل في التاريخ "8/ 329- 331"، البداية والنهاية "11/ 187".

ضمان البريديّ البلاد: وكان أبو الحُسين البريديّ ببغداد، فجهّزه ابن رائق إلى أخيه أبي عبد الله، ثمّ ضمن البريديّ البلاد. تقلّدَ بَجْكَم الشرطة: ورجع الرّاضي إلى بغداد، وتقلَّد الشّرطة بجْكَم. خروج الحُجَريّة من بغداد: وخرج من بَقِي من الحُجَريّة من بغداد إلى الأهواز، فقبلهم البريدي، وأجرى أرزاقهم، وَرَثَى لهم. تفرق البلدان عن الخلافة: وصارت البلدان بين خارجيّ قد تغلب عليها، أو عامل لا يحمل مالًا، وصاروا مثل ملوك الطّوائف، ولم يبقَ بيد الرّاضي غير بغداد والسواد، مع كون يد ابن رائق عليه1. الوحشة بين ابن رائق والبريديّ: وفيها: ظهرت الوحشة بين محمد بن رائق وبين أبي عبد الله البريديّ. دخول القَرْمَطِيّ الكوفة: ووافى أبو طاهر القَرْمَطِيّ إلى الكوفة فدخلها في ربيع الآخر، فخرج ابن رائق في جُمَادَى الأولى، وعسكر بظاهر بغداد. وسيَّر رسالة إلى القَرْمَطِيّ فلم تُغْنِ شيئًا، ثمّ إنّ القَرْمَطِيّ ردّ إلى بلده. وزارة ابن الفُرات: وفيها: استوزر الرّاضي أبا الفتح الفضل بن جعفر بن الفُرات بمشورة ابن رائق. وكان ابن الفُرات بالشّام فأحضروه.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "6/ 288"، الكامل في التاريخ "8/ 323".

انهزام جيش ابن رائق: ومضى ابن رائق إلى واسط وراسل البريديّ، فلم يلتفت وأخذ يماطله. وبعث جيشًا إلى البصرة يحفظها من ابن رائق، وطيّب قلوب أهلها، فقلق ابن رائق، وبعث إلى البصرة جيشًا، فالتقوا فانهزم جيش ابن رائق غير مرّة1. محاربة ابن رائق للبصرة وعصيان أهلها عليه: ثمّ قدِم بدر الخَرْشَنيّ من مصر، فأكرمه ابنُ رائق، ثم نفده وبجكمًا إلى الأهواز، فجهز إليهما البريديّ أبا جعفر الجمّال في ألف نفس، فالتقوا على السوس، فهزمهم الخرشني، وساق وراءهم، فخرج البريديّ وأخوه في طيّار، وحملوا معهم ثلاثمائة ألف دينار، فغرق بهم الطّيار، فأخرجهم الغواصون، واستخرجوا بعض الذَّهَب لبَجْكَم، ووافوا البصرة، ودخل بَجْكَم الأهواز، وكتب إلى ابن رائق بالفتح. ودخل البريدّيون البصرة واطمأنّوا، فساقَ ابن رائق بنفسه إلى البصرة في نصف شوّال. فهرب البريديّ إلى جزيرة أُوال، ووافاه بَجْكَم. وسار ابن رائق وجيشه ليدخلوا البصرة، فقاتلهم أهلُها ومنعوهم لظُلمهم. وذهبَ البريديّ إلى فارس، واستجار بعلي بن بُوَيْه فأجاره، وأنفذ معه أخاه وأبا الحسين أحمد بن بُوَيْه لفتح الأهواز. وبلغ ابن رائق ذلك، فجهَّز بَجْكَم إلى الأهواز، فقال: لست أحارب هؤلاء إلّا بعد أنّ تحصل لي إمارتها وخراجها. فقال ابن رائق: نعم. وأمضى له ذلك على مائة وثلاثين ألف دينار في السنة2. ودام أهلُ البصرة على عصيان ابن رائق لسوء سيرته، فحلف أنْ تمكن من البصرة ليجعلها رمادًا. فازدادا غَيْظُهم منه. ولاية بُدَير لدمشق: وفيها: ولي إمرة دمشق بُدَيْر مولى محمد بن طُغْج، فأقام بها إلى سنة سبع وعشرين.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 102، 103". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 103 - 105"، الكامل في التاريخ "8/ 334 - 337".

قدوم ابن رائق إلى دمشق: وقدِم محمد بن رائق دمشق، فأقام بها، وزعم أنّ المتّقي ولّاه إيّاها، وأخرج بُدَيْرًا. عودة الولاية لبُدَير: ثمّ ولي بُدَيْر دمشق بعد ذلك مِن قِبَل كافور الإخشيدي. اختلاف البريديّين: وأمّا البريديّون فهم ثلاثة من الكتّاب: أبو عبد الله، وأبو الحُسين، وأبو يوسف. كان أبوهم كاتبًا على البريد بالبصرة، فغلبوا على الأهواز وجرت لهم قصص، ثمّ اختلفوا وتمزَّقوا. تغلُّب ابن حمدان على مُضَر: وفيها: سار عليّ بن عبد الله بن حمدان إلى مُضَر، فتغلَّب عليها لمّا خرج عنها بدْر الخَرْشَنيّ إلى العراق. امتناع الحج: ولم يجْسر أحدٌ أن يحجّ هذا العام1. تأسيس مدينة الزهراء بالأندلس: وفيها: أسَّس أمير الأندلس النّاصر لدين الله الأمويّ مدينة الزَّهراء. وكان منتهى الإنفاق في بنائها كلّ يوم ما لا يُحدّ، يدخل فيها كلّ يوم من الصّخر المنحوت ستّة آلاف صخرة، سوى التّبليط. وجُلِب إليها الرخام من أقطار المغرب، ودخل فيها أربعة آلاف وثلاثمائة سارية، منها ثلاث وعشرون سارية ملوَّنة. وأهدى له ملك الإفرنج أربعين سارية رخام. وأما الوردي والأخضر فمن إفريقية والحوض المذهب جلب من القسطنطينية، والحوض الصغير عليه صورة أسد، وصورة غزال، وصورة عقاب، وصورة ثعبان، وغير ذلك.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 260".

كلّ ذلك ذَهَبٌ مرصَّع بالجوهر. وبَقَوْا في بنائها ستّ عشرة سنة. وكان يُنفق عليها ثُلْث دَخْل الأندلس. وكان دَخْل الأندلس يومئذٍ خمسة آلاف ألف وأربعمائة ألف وثمانٍون ألف درهم. وعمل في الزَّهراء قصر المملكة. غرِم عليه من الأموال ما لا يعلمه إلّا الله. وبين الزَّهراء وبين قُرْطُبة أربعة أميال، وطولها ألف وستّمائة ذراع، وعرضها ألف وسبعون ذراعًا. ولم يُبْن في الإسلام أحسن منها، لكنّها صغيرة بالنّسبة إلى المدائن كما ترى؛ لا بل هي متوسّطة المقدار. وكانت من عجائب الدنيا. وسورها ثلاثمائة برج، وكل شرافة حجر واحد. وعمل ثُلثُها قصور الخلافة، وثلثها للخدم، وكانوا اثنى عشر ألف مملوك، وثُلثها الثالث بساتين. وقيل: إنّه عمل فيها بُحَيْرة ملأها بالزِّئبق. وقيل: كان يعمل فيها ألف صانع، مع كلّ صانع اثنا عشر أجيرًا. وقد أحرقت وهدمت في حدود سنة أربعمائة، وبقيت رسومُها وسورُها1. فسبحان الباقي بلا زوال.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 260، 261".

أحداث سنة ست وعشرين وثلاثمائة

أحداث سنة ست وعشرين وثلاثمائة ... أحداث سنة ست وعشرون وثلاثمائة: انتصار البريديّ على بَجْكَم: فيها: سار أبو عبد الله البريديّ لمحاربة بَجْكَم. وأقبل في مددٍ من ابن بُوَيْه، فخرج بَجْكَم لحربه، وعاد منهزما بعد ثلاثٍ، لأنّ الأمطار عطّلت نشّاب أصحابه وقِسِيَّهم، فقبض على وجوه أهل الأهواز، وحملهم معه، وسار إلى واسط1. ازدياد قوّة أحمد بن بُوَيْه: وأقام البريديّ وأحمد بن بُوَيْه بالأهواز أياما. ثمّ هرب البريديّ في المّاء، ثم أخذ

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 105، 106"، النجوم الزاهرة "3/ 262".

يراوغ أحمد بن بُوَيْه، وجَرَت له فصول. وقوي ابن بُوَيْه. وبَجْكَم مقيم بواسط ينازع إلى الملك ببغداد. وقد جمع ابن رائق أطرافه وأقام ببغداد، والبريدي هارب في أسفل الأهواز. المصاهرة بين ابن رائق والوزير أبي الفتح: ولمّا رأى الوزير أبو الفتح الفضل اختلاف الحضرة، واستيلاء المخالفين على البلاد، أطمع ابن رائق في أنّ يحمل إليه الأموال من الشّام ومصر. وأنّ ذلك لا يتم مَعَ بعده. وصاهره فزوج ابنه بابنة محمد بن رائق، وزوج مزاحم بن رائق ببنت محمد بن طُغْج. محاربة البريديّ لبَجْكَم: ثمّ خرج الوزير أبو الفتح إلى الشّام على البرّيّة، وقد استخلف على الحضرة عبد الله بن عليّ النُّقْريّ. وسار ابن شيرزاد بين البريديّ وابن رائق في الصُّلْح، فكتبوا للبريدي بالعهد على البصرة، وأنّ يجتهد في أخذ الأهواز من أحمد بن بُوَيْه، وأنّ يحارب بَجْكَم. فواقعَ عسكر البريديّ عسكر بَجْكَم فهزمه، فسُرَّ بذلك ابن رائق. ثمّ أرسل بَجْكَم إلى البريدي: أنت قد أنفقت مع ابن رائق عليّ وقد عفوتُ عنك، وأنا أعاهدك إن ملكتُ الحضرة أنّ أقلَّدَك واسطًا. فسجد البريديّ شكرًا لله وحلف له واتّفقا1. قطْع يد ابن مقلة: وفيها: قُطِعت يد ابن مقلة. وسببه أنّ محمد بن رائق لمّا صار إليه تدبير المملكة قَبَضَ على ضياع ابن مقلة وابنه، فسأله ابن مقلة إطلاقَها، فوَعده ومَطَلهُ. فأخذ ابن مقلة في السَّعْي عليه من كلّ وجهٍ، وكتب إلى بَجْكَم يُطْمِعه في الحضرة، وكتب إلى الرّاضي يشير عليه بالقبض على ابن رائق، ويضمن له إذا فعلَ ذلك وأعاده إلى

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 108، 109"، الكامل في التاريخ "8/ 343، 344".

الوزارة أنّه يستخلص له منه ثلاثة آلاف ألف دينار. وأشار باستدعاء بَجْكَم ونصبه في بغداد. فأصغى إليه، فكتب ابن مقلة إلى بَجْكَم يخبره ويحثّه على القدوم. واتّفق معهم أنّ ابن مقلة ينحدر سرًّا إلى الرّاضي ويقيم عنده، فركب من داره، وعليه طَيْلَسان، في رمضان في الليل. فلمّا وصل إلى دار الخليفة لم يُمَكَّن، وعُدِلَ به إلى حُجْرة فحُبِس بها. وبعث الرّاضي إلى ابن رائق فأخبره. فتردَّد الرُّسُل بينهما أسبوعين، ثمّ أظهر الخليفة أمره، واستفتى القُضاة في أمرِه، وأفشى ما أشار به ابن مقلة من مجيء بجكم وقبض ابن رائق. فيقال: أنّ القضاة، أفْتوا بقطع يده، ولم يصحّ. ثمّ أخرجه الرّاضي إلى الدِّهْليز، فقطعت يدُه بحضرة الأمراء1. رواية ابن سِنان عن ابن مقلة: قال ثابت بن سِنان: فاستدعاني الرّاضي وأمرني بالدّخول عليه وعلاجه، فدخلت، فإذا به جالس يبكي، ولونه مثل الرصاص، فشكا ضَرَبَان ساعِده. فطلبتُ كافورًا، وطليتُ به ساعدَه فسَكَن. وكنتُ أتردد عليه، فعرضَتْ له عِلّه النُّقْرُس في رِجْلهِ. ثمّ لمّا قرُب بَجْكَم من بغداد قطع ابن رائق لسان ابن مقلة، وبقي في الحبْس مدة، ثمّ لحِقَه ذِرب وشقي إلى أنّ مات بدار الخلافة. وقد وَزَرَ ثلاث مرّات لثلاثة من الخلفاء. ومات سنة ثمانٍ وعشرين، وهو صاحب الخطّ المنسوب. دخول بَجْكَم بغداد وتلقيبه: أمير الأمراء: ثمّ أقبل بَجْكَم في جيوشه وضعُفَ عنه محمد بن رائق، فاستتر ببغداد، ودخلها

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 109" المنتظم "6/ 293"، البداية والنهاية "11/ 188"، الكامل في التاريخ "8/ 345".

بَجْكَم في ذي القعدة، فأكرمه الرّاضي ورفع منزلته، ولقّبه "أمير الأمراء"، وانقضت أيّام محمد بن رائق1. كتاب ملك الرّوم إلى الخليفة بالهدنة: وفيها: ورد كتابٌ من ملك الرّوم. والكتابة بالذَّهب، وترجمتها بالعربيّة بالفضّة؛ وهو: "من رومانس وقسطنطين وإسطانوس عظماء ملوك الرّوم، إلى الشّريف البهيّ ضابط سُلْطان المسلمين. "بسم الأب والابن وروح القُدُس الإله الواحد، الحمد لله ذي الفضل العظيم، الرؤوف بعباده، الّذي جعل الصلحَ أفضل الفضائل، إذ هو محمود العاقبة في السّماء والأرض. ولمّا بَلَغنا ما رُزقته أيّها الأخ الشريف الجليل من وفور العقل وتمام الأدب، واجتماع الفضائل أكثر ممّن تقدَّمكَ من الخلفاء، حَمَدْنا الله.. " وذكر كلامًا يتضَّمن طلب الهُدْنَة والفِداء. وقدَّموا تقدمةً سنّية. فكتب إليهم الرّاضي بإنشاء أحمد بن محمد بن ثُوَابة، بعدَ البَسملة: " مِن عبد الله أبي العبّاس الإمام الرّاضي بالله أمير المؤمنين إلى رومانس وقسطنطين وإسطانوس رؤساء الرّوم. سلامٌ على من اتَّبَعَ الهُدى وتمسَّك بالعُروة الوُثْقى وسلكَ سبيل النّجاة، والزُّلفى". وأجابهم إلى ما طلبوا2. تقلد بَجْكَم إمارة بغداد وخراسان: وفيها قلَّدَ الرّاضي بَجْكَم إمارة بغداد وخُراسان. وابن رائق مستتر. امتناع الحجّ: ولم يحجّ أحد. انتصار ابن حمدان على الدّمُسْتُق: وفيها: كانت ملحمة عظيمة بين الحسن بن عبد الله بن حمدان وبين الدّمُسْتُق، ونَصْر الله الإسلام، وهربَ الدّمُسْتُق. وقُتِل من النَصارى خلائق، وأخذ سرير الدمستق وصليبه3.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 110"، الكامل في التاريخ "8/ 346"، البداية والنهاية "11/ 188". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 111"، الكامل في التاريخ "8/ 352"، البداية والنهاية "11/ 888". 3 النجوم الزاهرة "3/ 263".

أحداث سنة سبع وعشرين وثلاثمائة

أحداث سنة سبع وعشرين وثلاثمائة: الحرب بين بَجْكَم وابن حمدان: فيها: سافَرَ الرّاضي وبَجْكَم لمحاربة الحسن بن عبد الله بن حمدان، وكان قد أخّر الحمل عن ما ضمنه من الموصل والجزيرة. فأقام القاضي بتكريت، ثمّ التقى بَجْكَم وابن حمدان، فانهزم أصحاب بَجْكَم وأُسرَ بعضهم فَحقّق بَجْكَم الحملَة بنفسه، فانهزم أصحاب ابن حمدان. واتبعه بَجْكَم إلى أنّ بلغ نصّيبين فأقام بها، وهرب ابن حمدان إلى آمِد، وسار الرّاضي إلى الموصل1. انضمام القرامطة إلى ابن رائق: وكان في جُنْد بَجْكَم طائفة من القرامطة، وبقوا مع الراضي، فلحقتم الطّائفة بتكريت، فذهبوا مغاضبين إلى بغداد. وظهر محمد بن رائق من استتاره فانضمّوا إليه، وكانوا ألف رجل. وقيل: إنّ الرّاضي إنما سارع إلى الموصل خوفًا منهم، فدخلها في صفر، فاستناب بَجْكَم قوادَة على نصيبين وديار ربيعة، وعاد إلى الموصل وهو قلِق مِن أمر ابن رائق2. الفتنة بين أهل الموصل وجُنْد بَجْكَم: وبعد أيّام وقعت فتنة بين المواصلة وجُنْد الأمير بَجْكَم، فركب بَجْكَم ووضع السّيف في أهلِ الموصل، وأحرق فيها أماكن. مسير ابن حمدان إلى نصيبين: وسار ابن حمدان إلى نصيبين فهربَ عُمّال بَجْكَم عنها، وأخذ أصحابه يتسللون إلى ابن رائق.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 111"، المنتظم "6/ 295، 296"، الكامل في التاريخ "8/ 353، 354". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 112"، المنتظم "6/ 296"، البداية والنهاية "11/ 189".

ثمّ طلب ابنُ حمدان من بَجْكَم الصُّلح، فما صدَّق به، وبعث إليه بعهده. تقلُّد ابن رائق الفُرات وجُنْد قِنَّسرين: وأما ابن رائق فهرَّبَ أصحاب السُّلطان ببغداد وهزمهم، وراسَل والدَه الرّاضي وحُرَمه رسالةً جميلة، وراسل الرّاضي وبَجْكَم يلتمس الصُّلح وأنّ يُقلَّد الفُرات وجُنْد قِنَّسرين ويخرج إليها. فأجِيبَ إلى ذلك، فسارَ ابن رائق إلى الشّام1. إهلاك عبد الصّمد بن المكتفي: وفيها: أُهلِكَ عبد الصّمد بن المكتفيّ لكونه راسَلَ ابن رائق في ظهوره أن يقلد الخلافة. مصاهرة بَجْكَم لابن حمدان: وفيها: صاهر بَجْكَم الحسن بن عبد الله بن حمدان. موت ابن الفُرات: وفيها: مات الوزير أبو الفتح الفضل بن الفُرات بالرملة. مصالحة البريديّ وبَجْكَم: وفيها: وقع الصُّلح على أنّ يضمن البريديّ من بجكم واسطة في السنة بستّمائة ألف دينار. وزارة البريديّ: وفيها: استوزر الرّاضي أبا عبد الله أحمد بن محمد البريديّ. أشارَ عليه بذلك ابن شيرزاد، وقال: نكتفي شرّه. فبعث الرّاضي قاضي القضاة أبا الحسن عمر بن محمد بن يوسف القاضي إليه بالخِلَع والتّقليد2. إطلاق الطريق للحجّاج: وفيها: كتب أبو عليّ عمر بن يحيى العلويّ إلى القَرْمَطِيّ، وكان يحبّه، أن يطّلِق طريق الحاجّ، ويعطيه عن كلّ جمل خمسة دنانير. فأذِن، وحجَّ النّاس؛ وهي أولُ سنة أخذ فيها المكس من الحجاج3.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 112"، الكامل في التاريخ "8/ 354". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 113"، الكامل في التاريخ "8/ 355"، النجوم الزاهرة "3/ 264". 3 المنتظم "6/ 296"، البداية والنهاية "11/ 189"، النجوم الزاهرة "3/ 264".

أحداث سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة

أحداث سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة: انهزام الدّمُسْتُق: في أوّلها وَرَدَ الخبر بأنّ عليّ بن عبد الله بن حمدان لقي الدّمُسْتُق، فهزمَهُ عليّ. زواج بَجْكَم ببنت البريديّ: وفيها: تزَّوج بَجْكَم بسارة بنت الوزير أبي عبد الله البريديّ. وفاة قاضي القضاة ابن يوسف: وفي شعبان تُوُفّي قاضي القضاة، أبو الحُسَين عمر بن محمد بن يوسف، وقُلَّدَ مكانه ابنه القاضي أبو نَصْر يوسف. وزارة ابن مَخْلَد: وفيها: سارَ بَجْكَم إلى الجبل وعاد، وفسد الحالُ بينه وبين الوزير البريديّ لأمورٍ، فَعَزل بَجْكَم الوزيرَ، واستوزر أبا القاسم سليمان بن مَخْلَد. وخرج بَجْكَم إلى واسط1. انهزام ابن رائق أمام الإخشيد: وفي رمضان ملك محمد بن رائق حمص، ودمشق، والرملة، وإلى العريش، ولقِيه محمد بن طُغْج الإخشيد فانهزم الإخشيد، ووقع جُنْد ابن رائق في النّهب، فخرجَ عليهم كمين ابن طُغْج فهزمهم، ونجا ابن رائق إلى دمشق في سبعين رجلًا.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 116"، البداية والنهاية "11/ 191".

موت ابن مقلة والخصيبي: وفي شوّال مات أبو علي ابن مقلة، وأبو العبّاس أحمد بن عُبَيْد الله الخُصيبيّ اللَّذَين وزرا. مصالحة الإخشيد لابن رائق بعد مقتل ابنه: وفيها: واقع محمد بن رائق أبا نَصْر بن طُغْج في أرض اللَّجُون، فانهزم أصحاب ابن طُغْج، واستؤسر وجوه قُوّاده، وقُتِل في المعركة. فعزَّ ذلك على ابن رائق وكفَّنه، وأنفذ معه ابنه مزاحمًا إلى الإخشيد محمد بن طُغْج يعزّيه في أخيه، ويحلف أنّه ما أراد قتله، وأنّه أنفد إليه ولده مزاحمًا ليقيّده به. فشكره وخلع على مزاحم وردّه، واصطلحا على أنّ يُفرج ابن رائق عن الرّملة للإخشيد، ويحمل إليه الإخشيد في السنة مائة وأربعين ألف دينار1. غَرَق بغداد: وفي شعبان غرقت بغداد غرقا عظيمًا، حتّى بلغت زيادة المّاء تسعة عشر ذراعًا. وغرق النّاس والبهائم، وانْهَدَمت الدُّور، فلِلّهِ الأمر2. غزوة ابن حمدان بلاد الرّوم: وفيها: غزا سيف الدولة عليّ بن حمدان بلاد الرّوم، وجَرَت له مع الدمستق واقعات ينصر الله فيها المؤمنين، وله الحمد. أحداث سنة تسع وعشرين وثلاثمائة: عُزِل بَجْكَم لابنّ شيرزاد ومصادرته: فيها: عزْل بَجْكَم ابن شيرزاد عن كتابته، وصادره على مائة وخمسين ألف دينار،

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 116، 117"، الكامل في التاريخ "8/ 363، 364"، البداية والنهاية "11/ 192". 2 المنتظم "6/ 315، 316"، البداية والنهاية "11/ 191"، النجوم الزاهرة "3/ 266".

وفاة الرّاضي بالله: وفي ربيع الأوّل اشتدّت عِلّة الرّاضي بالله، وقَاءَ في يومين أرطالًا من دم، وماتَ. وبويع المتّقي لله أخوه. وكان الرّاضي سَمحا كريمًا أديبًا شاعرًا فصيحًا، محبًا للعلمّاء. سمع مِن البَغَويّ، وله شِعُر مدوَّن. قال الصُّولِيُّ: سُئِل الرّاضي أنّ يخطب يومَ الجمعة، فصعِدَ المِنْبر بسُرَّ من رأى، فحضرت أنا وإسحاق بن المعتمد. فلمّا خطب شنَّف الإسماعَ وبالَغَ في الموعظة. ثمّ نزل فصلّى بالنّاس. وقيل: إنّ الرّاضي استسقى وأصابَه ذِرب عظيم. وكان من أعظم آفاتِه كثْرة الْجِماع. تُوُفّي في منتصف ربيع الآخر وله إحدى وثلاثون سنة ونصف. ودُفِن بالرَّصافة. وهو آخر خليفة جالس النُّدماء. خِلافَة المتَّقي: وقال الصُّوليّ: لمّا مات الرّاضي، كان بَجْكَم بواسط، وبلغه الخبر، فكتب إلى كاتبه أبي عبد الله أحمد بن عليّ الكوفيّ يأمره أنّ يجمع القُضاة والأعيان بحضرة وزير الرّاضي أبي القاسم سليمان بن الحسن ويشاورهم فيمن يصلُح. وبعث الحُسين بن الفضل بن المّأمون إلى الكوفيّ بعشرة آلاف دينار له، وبأربعين ألف دينار ليفرِّقها في الْجُنْد إنّ ولّاه الخلافة، فلم ينفع. ثمّ إنّهم اتّفقوا على أبي إسحاق إبراهيم بن المقتدر، فأحدروه من داره إلى دار الخلافة لعشرٍ بقين مِن الشهر، فَبَايعوه وهو ابن أربعٍ وثلاثين سنة. وأُمُّهُ أمةٌ اسمها خَلُوب، أَدْرَكَتْ خلافته. وكان حس الوجه، معتدل الخَلْق بحُمْره، أَشْهل العين، كَثّ اللحية. فصلى ركعتين وصعد إلى السّرير، وبايعوه، ولم يغيّر شيئًا قط، ولم يَتَسَرَّ على جاريته الّتي له. وكان كثير الصوم والتعبد، لم يشرب نبيذًا قط. وكان يقول: لا أريد نديمًا غير المصحف1.

_ 1 المنتظم "6/ 316"، البداية والنهاية "11/ 198".

إقرار سليمان بن الحسن في الوزارة: وأقرَّ في الوزارة، على ما قال ثابتٌ، الوزيرَ سليمان بن الحسن1. وإنما كان له الاسم، والتّدبير للكوفيّ، كاتب بَجْكَم. حجابه الطولونيّ: واستحجبَ المتّقي سلامة الطِّولونيّ. ولاية المظالم: وولّى عليَّ بن عيسى المظالم. سقوط القبة الخضراء بمدينة المنصور: وفي سابع جُمَادَى الآخرة سقطت القُبّة الخضراء بمدينة المنصور، وكانت تاج بغداد ومَأْثرة بني العبّاس. فذكر الخطيب في "تاريخه" أنّ المنصور بناها ارتفاع ثمانٍين ذراعًا، وأنّ تحتها إيوانًا طوله عشرون ذراعًا في مثلها. وقيل: كان عليها تمثال فارس في يده رمُحْ. فإذا استقبل جهةً عُلمَ أنّ خارجيًّا يظهر من تلك الجهة. فسقط رأسُ هذه القبّة في لَيْلَةٍ ذات مطر ورعد2. الغلاء والوباء ببغداد: وكان فيها غلاء مُفْرط ووباء عظيم ببغداد، وخرج النّاسُ يستسقون وما في السّماء غَيم، فرجعوا يخوضون الوحل. واستسقى بهم أحمد بن الفضل الهاشمي3.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 119"، الكامل في التاريخ "8/ 369". 2 تاريخ بغداد "1/ 73"، البداية والنهاية "11/ 200"، النجوم الزاهرة "3/ 270"، تاريخ الخلفاء "394". 3 تكملة تاريخ الطبري "1/ 120"، المنتظم "6/ 318، 319"، النجوم الزاهرة "3/ 270".

وزارة ابن ميمون الكاتب: وفيها: عُزِل المتّقي لله الوزيرَ سليمانَ واستوزَرَ أبا الحُسين أحمد بن محمد بن ميمون الكاتب. وزارة البريديّ: وقدِم أبو عبد الله البريديّ مِن البصرة، فطلب الوزارة، فأجابه المتقي. وصار إليه ابن ميمون فأكرمه. وكانت وزارة ابن ميمون شهرًا، فشَغَب الْجُنْد على أبي عبد الله يطلبون أرزاقهم، فهرب من بغداد بعد أربعة وعشرين يومًا1. وزارة القراريطيّ: فاستوزَر المتّقي أبا إسحاق محمد بن أحمد الإسكافيّ المعروف بالقراريطيّ، وعُزِل بعد ثلاثة وأربعين يومًا2. وزارة الكْرخيّ: وقُلِّدَ ابن القاسم الكْرخيّ، وعُزِل بعد ثلاثة وخمسين يوما. تقليد كورتكين إمرة الأمراء: وفيها: قلَّدَ المتقي إمرة الأمراء كورتكين الديلمي. تقليد بدر الحُجّابة: وقلَّدَ بدرًا الخَرْشَنيّ الحُجّابة. مقتل بَجْكَم التّرْكيّ: وفيها: قُتِل بَجْكَم التّرْكيّ أبو الخير. وكان قد استوطن واسطًا، وقرَّر مع الرّاضي أنه يحمل إليه في العام ثمانمائة ألف دينار. وأظهرَ العدلَ وبنى دار الضّيافة للضعفاء

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 124"، الكامل في التاريخ "8/ 374". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 124، 125"، الكامل في التاريخ "8/ 377"، النجوم الزاهرة "3/ 272".

بواسط. وكان ذا أموالٍ عظيمة. وكان يُخْرجها في الصّناديق، ويخرج الرجال في صناديق أُخَر على الحمال إلى البرّ، ثمّ يفتح عليهم فيحضرون ويدفن المّال، ثمّ يعيدهم إلى الصّناديق، فلا يدرون أين دفنوا، ويقول: إنما أفعل هذا لأنيّ أخاف أنّ يُحال بيني وبين داري. فَضَاعت بموته الدّفائن. قال ثابت بن سِنان: لمّا مات الرّاضي استدعى بَجْكَم والدي إلى واسط، فقال: إني أريد أنّ أعتمد عليك في تدبير بَدَني، وفي أمرٍ آخر أهمّ من بدني، وهم تهذيب أخلاقي. فقد غَلَبَ عليّ الغضب وسوء الخلق، حتى أخرج إلى ما ندم عليه من قتلٍ وضَرْب. فقال: سمعًا وطاعة. فحَّدثه بكلامٍ جيد في مُداراة نفسه بالتأني إذا غضب، وحضّه على العفو. وكان جيش البريدي قد وصل إلى المذار، فأنفد بَجْكَم كورتكين وتوزون للقائم، فالتقوا على المذار في رجب، فانكسر أصحاب بَجْكَم وراسلوه يستمدّونه، فخرج من واسط. فأتاه كتابٌ بنَصْر أصحابه، فتصيدا عند نهر جور، وهناك قو أكراد مياسير، فَشَره إلى أخذ أموالهم، وقَصَدهم في عَدَدٍ يسيرٍ من غلمّانه وهو متخفٍّ. فهرب الأكراد منه، وبقي منهم غلام أسود، فطعنه برمح، وهو لا يعلم أنّه بَجْكَم، قتله لتسعٍ بقين من رجب1. وخامرَ معظم جُنْده إلى البريديّ، وأخذ المتّقي من داره ببغداد حواصله، فحصَل له مِن ماله ما يزيد على ألفي ألف دينار. فصار توزون وكورتكين وغيرها من كبار أصحابه إلى الموصل، ثمّ إلى الشام، إلى محمد بن رائق. واستدعاء المتّقي إلى الحضرة. مسير ابن رائق إلى بغداد: فسارَ ابنُ رائق من دمشق في رمضان، واستخلف على الشّام أحمد بن عليّ بن مقاتل. فلمّا قرُب من المَوْصل كتب كورتكين إلى القائد أصبهان ابن أخيه بأنّ يصعد من واسط، فصعَد ودخل بغداد، فخلع عليه المتقي وطوقه وسوره.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 121، 122"، المنتظم "6/ 320"، الكامل في التاريخ "8/ 371"، البداية والنهاية "11/ 200".

وحَمَل الحسن بن عبد الله بن حمدان إلى ابن رائق مائة ألف دينار من غير أنّ يجتمع به. فانْحَدر ابنُ رائق إلى بغداد1. خطبة البريديّ لابن رائق: وخطب البريديّ بواسط والبصرة لابن رائق وكتب اسمه على أعلامه وترسه. الحرب بين ابن رائق وكورتكين: ثمّ وقع الحرب بين ابن رائق وكورتكين على بغداد أيّامًا، في جميعها الدّبُرة على ابن رائق. وجرت الأمور. ثم قوي ابن رائق، ثمّ دخل بغداد، وأقام كورتكين بعُكْبرا، وذلك في ذي الحجّة، ودخل على المتّقي لله، فلمّا تنصف النهار وثب كورتكين على بغداد بجيشه وهم في غايةِ التهاون بابن رائق، يسمون جيشه القافلة، وكان نازلًا بغربيّ بغداد، فعزم على العَود إلى الشام. ثم تثبت فعبرَ في سفينه إلى الجانب الشرقيّ ومعه بعض الأتراك، فاقتتلوا، فبينما هم كذلك أخذتهم زعقات العامّة من ورائهم، ورموهم بالآجُرّ، فانهزم كورتكين واختفى، وقُتِل أصحابُه في الطُّرُقات. وظهر الكوفيّ، فاستكتبه ابن رائق2. أسر قادة الدَّيْلَم: واستأسرَ ابنُ رائق من قوّاد الدَّيْلَم بضعة عشرة، فضرَب أعناقهم وهربَ الباقون، ولم يبقَ ببغداد من الدَّيْلَم أحد. وكانوا قد أكثروا الأذِيّة. إمرة الأمراء لأبنّ رائق: وقُلَّدَ ابنُ رائق إمرة الأمراء، وعظم شأنه.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 199". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 125"، البداية والنهاية "11/ 199".

أحداث سنة ثلاثين وثلاثمائة

أحداث سنة ثلاثين وثلاثمائة: حبْس كورتكين في دار ابن رائق: في المحرَّم وُجِدَ كورتكين الدَّيْلَميّ في درب، فأُحضر إلى دار ابن رائق وحُبِس. الغلاء العظيم ببغداد: وفيها: كان الغلاء العظيم ببغداد، وأبيع كرّ القمح بمائتي دينار وعشرة دنانير، وأكلوا الميتة، وكثُر الأموات على الطُرُق، وعمَّ البلاء1. انتشار الجوع: وفي ربيع الآخر خرجَ الحُرَم من قصر الرصّافة يستغيثون في الطُّرُقات: الجوع الجوع. خروج الأتراك إلى البريديّ: وخرج الأتراك وتوزون، فساقوا إلى عند البريديّ إلى واسط. وصول الرّوم إلى حلب: وفيها: وصلت الرّوم إلى بلد حلب إلى صوّص، وهي على ست فراسخ من حلب، فخربوا وأحرقوا، وسبوا عشرة آلاف نسمة2. وزارة البريديّ: وفيها: استوزر المتّقي أبا عبد الله البريديّ، برأي ابن رائق لمّا رأى انضمام الأتراك إليه، فاحتاج إلى مداراته. تقلَّدَ الخِرقيّ القضاء: وفيها: تقلَّدَ قضاء الجانبين ومدينة أبي جعفر أبو الحسن أحمد بن عبد الله ابن إسحاق الخِرقيّ التّاجر، وتعجَّب النّاسُ من تقليد مثله.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 127"، الكامل في التاريخ "8/ 377"، البداية والنهاية "11/ 201". 2 الكامل في التاريخ "8/ 392"، النجوم الزاهرة "3/ 274".

تقليد القراريطيّ الوزارة: وفيها: عُزِل البريديّ، وقُلَّدَ القراريطيّ الوزارة. خروج المتّقي لقتال البريديّ: وفي حادي عشر جُمَادَى الأولى ركب المتّقي ومعه ابنه أبو منصور، ومحمد بن رائق، والوزير القراريطيّ، والجيش، وساروا وبين أيديهم القُرّاء في المصاحف لقتال البريديّ. ثمّ انحدر من الشّمّاسيّة في دجلة إلى داره، واجتمع الخلْق على كرسيّ الجسر، فثقل بهم وانخسف، فغرق خلقٌ. وأمر ابن رائق بلعن البريديّ على المنابر1. دخول البريديّ بغداد وانتهابها: وأقبل أبو الحُسين عليّ بن محمد أخو البريديّ إلى بغداد وقاربَ المتّقي وابن رائق، فهزمهما، وكان معه الترك والد يلم والقرامطة، وكثر النّهْبُ ببغداد. وتحصّن ابن رائق، فزحفَ أبو الحُسين البريديّ على الدّار، واستفحل الشّرّ. ودخل طائفة من الدَّيْلَم دار الخلافة، فقتلوا جماعة، وخرجَ المتّقي وابنه هاربين إلى الموصل ومعهما ابن رائق. واستتر القراريطيّ. ونهبت دار الخلافة، ودُخِل على الحُرم. ووجدوا في السّجن كورتكين الدَّيْلَميّ، وأبا الْحَسَن بن سنجلا، وعليّ بن يعقوب. فجيء بهم إلى أبي الحسين، فقيَّد كورتكين، وبعث به إلى أخيه إلى البصرة، فكان آخر العهد به، وأطلق الآخران2. ثم نزل أبو الحسين بدار ابن رائق، وقلَّدَ توزون الشّرطة، وأبا منصور تورتكين الشرطة بالجانب الغربي.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 126"، الكامل في التاريخ "8/ 379"، النجوم الزاهرة "3/ 274". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 127"، الكامل في التاريخ "8/ 380"، البداية والنهاية "11/ 202"، النجوم الزاهرة "3/ 274".

انتهاب بغداد والغلاء بها: ونُهبت بغداد، وهُجِّجَ أهلُها من دُورهم. واشتدّ القحط حتّى أبيع ببغداد كر الحنطة بثلاثمائة وستة عشر دينارًا، وهلك الخلْق. وكان قحطًا لم يُعْهَد ببغداد مثله أبدا. هذا والبريديّ يصادر النّاس1. وقعة الأتراك والقرامطة: ثمّ وقعت وقعة بين الأتراك والقرامطة، فانهزم القرامطة. ازدياد دجلة: وزادت دجلة حتّى بلغت في نَيْسان عشرين ذراعًا، وغرقت النّاس. محاربة أهل بغداد للدَّيْلَم: ثمّ تناخى أهلُ بغداد لِمَا تمّ عليهم من جُور الد يلم، ووقع بينهم وبينهم الحرب. الحرب بين الأتراك والبريديّ: ثمّ اتّفق توزون وتورتكين والأتراك على كبس البريديّ. ثمّ غدر تورتكين فبلغ البريديّ الخبرُ فاحترز. وقصد توزون الدّار في رمضان، ووقع الحرب، وخَذَله تورتكين، فانَصْرف توزون في خلقٍ من الأتراك إلى الموصل. فبعث البريديّ خلفه جيشًا ففاتهم. فلمّا وصل توزون إلى الموصل قوي قلب ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن حمدان، وعزم على أنّ ينحدر إلى بغداد بالمتّقي، فتهيأ أبو الحُسين البريديّ2. وكان لمّا وصل المتّقي وابن رائق تكريت وجدا هناك سيف الدّولة أبا الحسن عليّ بن عبد الله بن حمدان، وكان ابن رائق قد كتب إلى الحسن بن عبد الله بن حمدان أنّ يبعث إليه نجدةً لقتال البريديّ، فنفّد أخاه سيف الدّولة هذا، فإذا معَه الإقامات

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 127"، الكامل في التاريخ "8/ 381، 391"، البداية والنهاية "11/ 202". 2 تكملة تاريخ الطبري "1/ 128".

والميرة، وسارَ الكُلّ إلى الموصل، فلم يحضر الحسن، وتردّدت الرُّسُل بينه وبين ابن رائق إلى أنّ توثَّق كُلّ منهم بالعهود والأيْمان. فجاء الحِسُن واجتمع بابن رائق وبأبي منصور ابن الخليفة في رجب، وذلك بمخيَّم الحسن. فلمّا أراد الانصراف ركب ابن المتّقي وقُدِّم فرس ابن رائق ليركب، فتعلَّق به الحسن وقال: تقيم اليوم عندي نتحدَّث. فقال: ما يحسُن بي أنّ أتخلَّف عن ابن أمير المؤمنين. فألحَّ عليه حتّى استرابَ محمد بن رائق وجذَب كمَّه من يده فَتَخرَّق. هذا ورِجله في الرّكاب ليركب، فَشَبَّ به الفرس فوقع، فصاح الحسن بغلمانه: لايفوتنكم، اقتلوه. فنزلوا عليه بالسيوف، فاضطرَب أصحابُه خارج المخيَم، وجاء مطرٌ فتفرّقوا، فَدُفِن وعُفى قبره ونُهبت داره الّتي بالموصل1. فنقل ابن المحسِّن التنوخي، عن عبد الواحد بن محمد المَوْصلي قال: حدَّثني رجلٌ أن النّاسَ نهبوا دار ابن رائق، فدخلتُ فأجدُ كيسًا فيه ألف دينار أو أكثر، فقلت: إنّ خرجت به أخذَه مني الْجُنْد. فطفت في الدّار فمررتُ بالمطبخ، فأخذتُ قدْر سكباج ملأى، فرميتُ فيها الكيس وحملتها على رأسي، فكلّ مَن رآني يظنّ أنّي جائع، فذهبتُ بها إلى منزلي. تلقيب ابني حمدان ناصر الدّولة وسيف الدّولة: وبعث الحسن إلى المتّقي: إنّ ابن رائق أراد أن يغتالني. فأمره بالمَصير إليه. فجاء إليه فقلَّدَه مكان ابن رائق ولقبه " ناصر الدّولة "؛ وخلعَ على أخيه ولقّبه "سيف الدّولة". وعاد إلى بغداد وهُم معه. هرب البريديّ إلى واسط: فهرب البريديّ إلى واسط. فكانت مدّة إقامته ببغداد ثلاثة أشهر وعشرين يومًا. ودخل المتّقي بغداد في شوّال، وعُمِلت القباب.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 128"، الكامل في التاريخ "8/ 382"، النجوم الزاهرة "3/ 275".

وفاة الخَرْشَنيّ: وقلَّدَ المتّقي بدرًا الخَرْشَنيّ طريق الفُرات. فسارَ إليها، ثمّ سار إلى مصر، فأكرمه الإخشيد واستعمله على دمشق، فمات بها. انهزام البريديّ أمام ناصر الدّولة الحمداني: وفي ذي القعدة جاء الخبر بأنّ البريديّ يريد بغداد، فاضطّربَ النّاسُ وخرج المتّقي ليكون مع ناصر الدّولة، وهرب وجوه أهل بغداد. ثمّ سار سيف الدّولة أبو الحسن للقاء البريديّ فكانت بينهما وقعة هائلة بقرب المدائن. فكان البريدي أبو الحسين في الد يلم وابن حمدان في الأتراك واقتتلوا يوم الخميس ويوم الجمعة، فكانت أولًا على بني حمدان وانهزم أصحابهم، وكان ناصر الدّولة على المدائن فردَّهم، ثمّ كانت الهزيمة على البريديّ، وقتل جماعة من قوادة، وأسر طائفةٌ، فعاد بالويل إلى واسط. وساق سيف الدّولة إلى واسط، فانهزم البريديّ بين يديه إلى البصرة، فأقام سيف الدولة بواسط ومعه جميع الأتراك والد يلم1. وفاة النهرجوري: وفيها: توفي العارف أبو يعقوب النهرجوري شيخ الصُّوفيّة إسحاق بن محمد بمكّة، وقد صحب سهل بن عبد الله، والْجُنَيْد. وفاة المحاملي: وفيها: تُوُفّي المَحَامِليّ صاحب "الدّعاء" وغيره. وفاة أبي صالح الزاهد: والزّاهد أبو صالح الدّمشقيّ مفلح بن عبد الله، وإليه يُنْسَب مسجد أبي صالح خارج باب شرقيّ. والله أعلم.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 129"، الكامل في التاريخ "8/ 395".

ذكر رجال الطبقة الثالثة والثلاثون

ذكر رجال الطبقة الثالثة والثلاثون: مُرَتَّبَة كل سنة على حروف المعجم: سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ومَن تُوُفّي فيها: "حرف الألف": 1 - أحمد بن إسماعيل بن عامر. أبو بَكْر السَّمَرْقَنْدِيّ. رئيس كبير، حدَّث " بجامع " أبي عيسى التّرمذيّ، عن مصنّفه وتُوُفّي بِبُخارى. قاله جعفر المستغفريّ. 2 - أحمد بن الحُسين بن محمد بن عبد الله بن بكر. أبو حامد الدّقاق. ورّخه ابن مَنْدَه. 3 - أحمد بن حمدون بن أحمد بن رستم1. أبو حامد النَّيسابوريّ، ولقبه أبو تُراب، الأعمشيّ الحافظ. كان قد جمع حديث الأعمش كلّه وحفِظه. سمع: محمد بن رافع، وإسحاق الكَوْسَج، وعلي بن خشرم، وعمار بن رجاء الجرجاني، وأبا زرعه، والحسن بن محمد الزعفراني، وأبا سعيد الأشج، ويحيى بن حكيم المقوم، وطبقتهم. روى عنه: أبو الوليد الفقيه، وأبو علي الحافظ، وأبو إسحاق المزكي، وأبو سهل الصعلوكي، وأبو أحمد الحاكم. قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبا عليّ يقول: ثنا أحمد بن حمدون، إنْ حلّت الرواية عنه. فقلت: هذا الّذي تذكره في أبي تُراب من جهة المُجُون والسُّخْف الّذي كان، أو لشيءٍ أنكرته منه في الحديث؟ قال: بل من جهة الحديث.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 805 - 807".

قلت: فما أنكرت عليه؟ قال: حديث عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الفضل. قلت: قد حدَّث به غيره. فأخذ يذكر أحاديث حدَّث بها غيره. فقلت: أبو تراب مظلوم في كل ما ذكرته. ثمّ حدثت أبا الحسين الحجاجي بهذا القول، فرضي كلامي فيه، وقال: القول ما قلته. ثمّ تأملت أجزاء كثيرة بخطه، فلم أجد فيها حديثًا يكون الحمل فيه عليه، وأحاديثه كلها مستقيمة. وسمعت أبا أحمد الحافظ يقول: حضرت ابن خزيمة يسأل أبا حامد الأعمشي: كم روى الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد؟ فأخذ أبو حامد يسرد الترجمة حتى فرغ منها، وابن خزيمة يتعجب من مذاكرته. سمعت محمد بن حامد البزاز يقول: دخلنا على أبي حامد الأعمشي وهو عليل فقلنا: كيف تجدك؟ قال: بخير، لولا هذا الجار، يعني أبا حامد الجلودي، يدعي أنه محدث عالم، ولا يحفظ إلا ثلاث كتب: كتاب عمى القلب، وكتاب النسيان، وكتاب الجهل. دخل عليّ أمس فقال: يا أبا حامد أعلمت أن زنجويه قد مات؟ قلت: رحمه الله. فقال: دخلت اليوم على المؤمل بن الحسن وهو في النزع ثمّ قال: يا أبا حامد ابن كم أنت؟ قلت: أنا في السادس والثمانٍين. قال: فأنت إذا أكبر من أبيك يوم مات. فقلت: أنا بحمد الله في عافية، وجامعت البارحة مرتين، واليوم فعلت كذا. فقام خجلًا. تُوُفّي الأعمشي في ربيع الأول. 4 - أحمد بن داود بن سليمان بن جوين. أبو بكر بن القِرَبيّ. مصريّ ثقة.

سمع: يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان، وابن مَثْرُود. روى عنه: ابن يونس، وغيره. 5 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن ذكوان1. الدمشقي المقريء. قرأ على أبيه، وسمع منه. قرأ عليه: أبو هاشم عبد الجبّار المؤدّب. وروى عنه: ابن عدي، لكن سماه محمدًا فوهم، وأبو بكر الربعي، وابن المقريء، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وآخرون. قال الدَّارَقُطْنيّ: لا بأس به. وورَّخ وفاته ابن زَبْر. 6 - أحمد بن عبد الوارث بن جرير2. أبو بكر الأسوانيّ العسّال. سمع: عيسى بن حمّاد، ومحمد بن رُمْح، وجماعة. وهو آخر من حدَّثَ عن ابن رُمْح. روى عنه: أبو سعيد بن يونس الحافظ ووثَّقه، والطَّبَرَانيّ، وابن المقرئ، وعبد الكريم بن أبي جدار، وميمون بن حمزة العلويّ، وعليّ بن محمد الحضْرميّ الطحان والد الحافظ يحيى، وخلْق. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وقد جاوز التّسعين، وولاؤه لعثمانٍ بن عفان -رضي الله عنه. 7 - أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنِ سَلَامَةَ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ3. أَبُو جَعْفَرٍ الْأَزْدِيُّ الْحَجْرِيُّ الْمَصْرِيُّ الطَّحَاوِيُّ الْفَقِيهُ الحنفي، المحدث الحافظ. أحد الأعلام.

_ 1 غاية النهاية "1/ 71". 2 الإكمال لابن ماكولا "7/ 47"، سير أعلام النبلاء "15/ 24"، شذرات الذهب "2/ 288". 3 المنتظم "6/ 250"، سير أعلام النبلاء "15/ 27 - 33"، الوافي بالوفيات "8، 9، 10"، لسان الميزان "1/ 274 - 282".

سَمِعَ: هَارُونَ بْنَ سَعِيدٍ الأَيْلِيَّ، وَعَبْدَ الْغَنِيِّ بْنَ رِفَاعَةَ، وَيُونُسَ بْن عَبْد الْأَعْلَى، وَمحمد بْن عَبْد الله بن الحكم، وعيسى بن مثرود، وبحر من نَصْرٍ، وَطَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ وَهْبٍ، وَغَيْرِهِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَنِ الإِخْمِيمِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ القاسم الخشاب، وأبو بكر بن المقريء، وَالْمَيَانِجيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ الزَّجَّاجُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ محمد الْجَوْهَرِيُّ قَاضِي الصَّعِيدِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَمحمد بْنُ بَكْرِ بْنِ مَطْرُوحٌ. وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ سنة ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، فَلَقِيَ قَاضِيهَا أَبَا خَازِمٍ فَتَفَقَّهَ بِهِ وَبِغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وُلِدَ سنة تسعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَتُوُفِّيَ فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْقِعْدَةِ. قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتًا، فَقِيهًا عَاقِلًا. لَمْ يَخلّف مِثْله. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ: انْتَهَتْ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ رِئَاسَةُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ بِمِصْرَ. أَخَذَ الْعِلْمَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ. وَأَبِي خازم، وَغَيْرِهِمَا. وَكَانَ شَافِعِيًّا يَقْرَأُ عَلَى الْمُزَنِيِّ، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا: وَاللَّهِ لَا جَاءَ مِنْكَ شَيْءٌ. فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ، وَانْتَقَلَ إِلَى ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ. فَلَمَّا صَنَّفَ مُخْتَصَرَهُ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ، لَوْ كَانَ حَيًّا لَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ. وَمَنْ نَظَرَ فِي تَصَانِيفَ أَبِي جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلِمَ مَحلَّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَسَعَةِ مَعْرِفَتِهِ. وَقَدْ نَابَ فِي الْقَضَاءِ عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ محمد بْنِ عَبْدَةَ قَاضِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ سنة نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَتَرَقَّت حالهُ فَحَدَّثَ أَنَّهُ حَضَرَ رجلٌ معتبرٌ عِنْدَ الْقَاضِي محمد بْنِ عَبْدَةَ فَقَالَ: أَيْش رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَبِيهِ؟ فَقُلْتُ أَنَا: حَدَّثَنَا بَكَّارُ عن قتيبة: نا أبو أحمد الزبيري، اثنا سفيان، عن عبد الأعلى التغلبي، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إن الله ليغار للمؤمن فليغر" 1.

_ 1 [حديث صحيح لغيره] : أخرجه أبو يعلي والطبراني في الأوسط كما في المجمع "4/ 327"، وقال الهيثمي: فيه عبد الأعلى بن عامر الثعلبي وهو ضعيف. وللحديث شاهد من حديث ابن مسعود أيضا أخرجه البخاري "4634"، ومسلم "2760"، والترمذي "3530"، وأحمد في المسند "1/ 381، 425".

وَثَنَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ دَاوُدَ: ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُفْيَانَ مَوْقُوفًا. فَقَالَ لِي الرَّجُلُ: تَدْرِي مَا تَقُولُ؟ تَدْرِي مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: مَا الْخَبَرُ؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ الْعَشِيَّةَ مَعَ الْفُقَهَاءِ فِي مَيْدَانِهِمْ، وَرَأَيْتُكَ الْآنَ فِي مَيْدَانِ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَقَلَّ مَنْ يَجْمَعُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ: هَذَا مِنْ فَضْلِ الله وإنعامه. صنف رحمه الله "الآثار"، و" معاني الآثار"، و" اختلاف العلماء"، و" الشروط"، "وَأَحْكَامَ الْقُرْآنِ". وَكَانَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَدْ قَدِمَ مِنَ الْعِرَاقِ قَاضِيًا عَلَى مِصْرَ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلَيْهِ تَخَرَّجَ الطَّحَاوِيُّ. وَالْمُزَنِيُّ هُوَ خَالِ الطَّحَاوِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. 8 - أحمد بْن محمد بْن عليّ بْن رَزِين. أبو عليّ الباشانيّ الهَرَويّ. سمع: عليّ بن خَشْرَم، وأحمد بن عبد الله الفاريابيّ، وأبا الحُسين الحنفيّ، وسُفْيان بن وُكِيع، وهذه الطبقة. وعنه: أبو عبد الله بن أبي ذُهل، وأبو بكر بن أبي إسحاق القراب، وزاهر بن محمد السرخسي، ومحمد بن محمد بن جعفر المّالينيّ. وكان ثقة. أحمد بن مُحَمَّد بن عيسى بن مُحَمَّد بن القاسم بن حسن بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. 9 - أَحْمَد بن مُحَمَّد بن موسى البغداديّ1 أبو بكر، ويُعرف بابن أبي حامد. صاحب بيت المال. سمع: حمدون الفرغاني، والعباس الدوري. وعنه: الدارقطني، والقواس.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 91، 93"، البداية والنهاية "11/ 174، 175".

وكان ثقة، جوادًا، كريمًا. قاله الخطيب. 10 - أحمد بن محمد بن يزيد الفقيه أبو العبّاس الكُرْجيّ1. ثقة، سمع: يوسف بن سعيد بن مُسَلّم، وأحمد بن الفُرات. روى عنه: عليّ بن لؤلؤ، وابن المظفّر. حدَّث ببغداد. ومات في جُمَادَى الأولى. 11 - أحمد بن محمود أبو عيسى اللَّخميّ الأنباريّ2. عن: علي بن حرب، وأبي عُتْبَة الحجازيّ، وجماعة. وعنه: ابن شاهين، وإبراهيم بن سعيد الجوهريّ. أرخه الخطيب. 12 - أحمد بن نَصْر بن سَنْدَوَيْه أبو بكر البغداديّ حَبْشُون3. سمع: الحسن بن عَرَفه، ويوسف بن موسى القطّان، ومحمد بن هارون أبا نشيط. وعنه: ابن شاهين، والدارقطني. وقال: ثقة. 13 - إبراهيم بن عمروس بن محمد أبو إسحاق الفساطيطيّ. من فقهاء همدان. سمع: محمد بن عُبَيْد الأسَديّ، وحميد بن زَنْجَوَيْه، وأحمد بن بُدَيْل، وموسى بن نَصْر، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر بْن الحَكَم، ومحمد بن عليّ بن شقيق، وعبد الحميد بن عصام الْجُرجانيّ، وجماعة. وعنه: صالح بْن أحمد، وأحمد بْن محمد بن رُوزَبَة، والحسن بن بشّار وعبد الرحمن بن محمد بن خَيْران الفقيه، وآخرون. وثقه بعضهم ووصفوه بالصدق.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 120". 2 تاريخ بغداد "5/ 156، 157". 3 تاريخ بغداد "5/ 182".

14 - إبراهيم بن الفضل بن حيّان الحَلوانيّ1 قاضي سامرّاء. سمع: العُطَارِديّ، وغيره. وعنه: المُعَافَى الْجَريريّ. 15 - أحْيَد بن محمد بن الحسن بن شجاع. المعروف بدينار. تُوُفّي في ربيع الأوّل. 16 - إسحاق بن محمد بن أحمد القاضي2. أبو يعقوب الحلبيّ. قدِم بغداد، وروى عن: سليمان بن سيف الحرّانيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القوّاس، وحفيده عليّ بن محمد. حدَّث فيها، وبقي بعدها. "حرف الباء": 17 - بَكر بن المرزبان السَّمَرْقَنديّ. حدَّث في هذه السنة في صَفَر، عن عبد بن حُمَيْد بتفسيره. "حرف التاء": 18 - تِكين الخاصّة3. الأمير أبو منصور المعتَضِديّ. ولي نيابة دمشق غير مرّة، وولي أيضًا مصرَ للمقتدر، وبها تُوُفّي في ربيع الأوّل، وحُمِل في تابوت إلى بيت المقدس.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 140". 2 تاريخ بغداد "6/ 395". 3 تكملة تاريخ الطبري "1/ 85 - 103".، الكامل في التاريخ "8/ 273"، سير أعلام النبلاء "15/ 95، 96".

روى عنه: يوسف القاضي. روى عنه: عليّ بن محمد بن رستم. قال ابن النجاد: تكين الخزري، ولي نيابة مصر سنة سبعٍ وتسعين، ثمّ عزل سنة اثنتين وثلاثمائة فولي إمرة دمشق. ثمّ بعد خمس سنين أعيد إلى مصر، فبقي عليها إلى أن مات زمن القاهر بالله. وكان من كبار الملوك، سامحه الله. "حرف الجيم": 19 - جامع بن إبراهيم بن محمد بن جامع. أبو القاسم السُّكّريّ. بِمصر 20 - جعفر بن محمد بن بكر بن بكّار بن يوسف البلْخيّ. في شوّال. "حرف الخاء": 21 - حاتم بن محبوب أبو يزيد القُرَشيّ السّاميّ الهَرَوِيّ. سمع: سَلَمَةَ بن شبيب، وأحمد بن سعيد الرِّباطيّ، وابن زنْبُور، وغيرهم. وعنه: الرئيس أبو عبد الله العُصميّ، ومحمد بن أحمد الإسفزاريّ، وأحمد بن محمد المُزَنيّ، وآخرون. وكان ثقة، صالحًا. أخبرنا أَحْمَدَ بْنَ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ: أنا محمد بن إسماعيل، أنا أبو عمر المليحيّ، أنا محمد بن عمر بن حَفْصَويْه السَّرْخَسِيّ سنة خمس وثمانٍين، أنا حاتم بن محبوب، ثنا سَلَمَةُ بن شبيب، اثنا الحسن بن محمد، يعني ابن أعين، اثنا زُهير قال: دخلت البصرة فقلت: لا أكتب الحديث إلا بِنِيّة، فما كتبت فيها إلا حديثًا واحدًا. زُهير هو ابن معاوية، مشهور.

22 - الحسن بن محمد بن النَّضْر بن أبي هريرة1. أبو عليّ الأصبهانيّ. سمع: إسماعيل بن يزيد القطّان، وعبد الله بن عُمَر أخا رُسْتة، وأحمد بن الفُرات، وسعيد بن عيسى البصْريّ. وعنه: أبو الشيخ، والحسين بن أحمد، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، وآخرون. أخبرنا محمد بن يوسف: أنبا كرَيْمة، عن مسعود الثقفي، أنا عبد الوهاب بن محمد، أنا أبي الحافظ أبو عبد الله، أنا الحسن بن محمد بن النضر، اثنا إسماعيل بن يزيد، اثنا الوليد بن مسلم، بحديثٍ ذكره. 23 - حمدون بن مجاهد الكلبيّ. الفقيه المالكيّ صاحب عيسى بن مسكين. سمع من: محمد بن سَحْنون. وأكثر عن عيسى. وكان من جلة علمّاء القيروان. "حرف الزاي": 24 - زاهر بن عبد الله. أبو غالب السغديّ. روى عن عبدٍ تفسيره. 25 - زيد بن الحُسن بن محمد الكنديّ الكوفيّ. ابن بطة الصائغ. قَالَ محمد بْن أحمد بْن حمّاد الحافظ: سمعت منه، وكان ثقة قليل الحديث. "حرف السين": 26 - سعيد بن محمد بن أَحْمَد2.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 270". 2 تاريخ بغداد "9/ 106"، المنتظم "6/ 252"، سير أعلام النبلاء "15/ 23".

أبو عثمانٍ البغداديّ البيّع. أخو زُبَير الحافظ. سمع: إسحاق بن أبي إسرائيل، وعقبة بن مكرم، وعبد الرحمن بن يونس السراج. وعنه: عمر بن شاهين، والدارقطني، وأبو الفضل بن المأمون، ويوسف القواس وقال: ثقة. "حرف العين": 27 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن شبيب الفارسي. تُوُفّي ببلخ في المحرَّم. وهو ابن أخت يعقوب بن سفيان. 28 - عبد الرحمن بن الفيض بن سندة بن ظهر1. أبو الأسود. أحد ثقاة الأصبهانيين. سمع: عقيل بن يحيى، وأبا غسان أحمد بن محمد ختن رجاء، وإبراهيم بن ناصح صاحب النضر بن شُمَيْل. وعنه: أبو الشّيخ، وأخو أبي الشّيخ عبد الرحمن، والحسين بن محمد بن علي، وابن المقريء. وله أُرْجُوزة في السنة. 29 - عبد السلام بن محمد بن عبد الوهّاب2. أبو هاشم بن أبي عليّ البصّريّ الْجُبّائيّ، نسبةً إلى قرية من قرى البصرة. هو وأبوه من رؤوس المعتزلة. وكتبُ الكلام مشحونة بمذاهبهما. تُوُفّي هذا في شعبان ببغداد.

_ 1 أخبار أصبهان "2/ 116". 2 تاريخ بغداد "11/ 55، 56"، المنتظم "6/ 261"، الكامل في التاريخ "8/ 273"، 274"، سير أعلام النبلاء "15/ 63، 64"، ميزان الاعتدال "2/ 131"، لسان الميزان "4/ 16".

قال ابن دَرَسْتَوَيْه النحوي: اجتمعت مع أبي هاشم، فألقى عليَّ ثمانٍين مسألة من غريب النحو ما كنت أحفظ لها جواب. ولأبي هاشم تصانيف وتلامذة. وكان يصرح بخلق القرآن كأبيه، ويقول بخلود النّاس في النار. وأنّ التوبة لا تصح مع الإصرار عليها، وكذا لا تصح مع العجز عن الفعل. فقال: من كذب ثمّ خرس، أو من زنا ثمّ جب ذكره ثمّ تابا لم تصح توبتهما. وأنكر كرامات الأولياء. تُوُفّي في ثامن عشر شعبان هو وابن دريد في يوم واحد، ودفنا بمقبرة الخيزران. 30 - عُبَيْد الله بن جعفر البغداديّ1. أبو عليّ بن الرازي. عن: الحسن بن عليّ العامري، وعباس الدوري، وطبقتهما. وعنه: ابن البواب، ومحمد بن الشخير، وأبو القاسم بن الثّلّاج. وثقه الخطيب. 31 - عليّ بن أحمد بن مروان السامري المقريء2. أبو الحسن. عرف بابن نقيش. سمع: الحُسين بن عبد الرحمن الأقساطيّ، والحسن بن عَرَفَة، وعمر بن شبه، وطائفة. وعنه: ابن عديّ، وشافع بن محمد الإسفرائينيّ، وابن المظفّر. وثقه الخطيب. وأرخه ابن قانع. 32 - عليّ بن أحمد بن كرديّ. أبو الحسن الفسويّ، قاضي شيراز.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 350". 2 تاريخ بغداد "11/ 319".

سمع: يحيى بن أبي طالب، وجماعة. وكان يتقلب في مرضه ويقول: من القضاء إلى القبر. 33 - عمر بن محمد بن المسيب البغداديّ1. عن: الحسن بن عَرَفَة، وإبراهيم بن مجشر. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وجماعة. وكان ثقة. "حرف الْقَافِ": 34 - الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبراهيم. أبو العبّاس الكلاعيّ الدّمشقيّ. عن: عليّ بن معبد، ويونس بن عبد الأعلى، والربيع. وعنه: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وأحمد بن عبد الله البراميّ، وغيرهما. "حرف الميم": 35 - محمد بن أحمد بن الوليد2 بن أبي هشام أبو بكر القنبيطي الدّمشقيّ. عن: شعيب بن عمرو الضبعيّ ومحمد بن إسماعيل بن علية. وعنه: الطَّبَرانيّ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وأبو سليمان بن زَبْر وهو ورخه في هذه السّنة. 36 - محمد بْن الحَسَن بْن دريد بن عتاهية3. أبو بكر الأزدي البصري.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 226". 2 المعجم الصغير للطبراني "2/ 55". 3 تاريخ بغداد "2/ 95 - 197"، المنتظم "6/ 261، 262"، ميزان الاعتدال "4/ 323- 329"، سير أعلام النبلاء "15/ 96، 98".

نزيل البصرة. تنقل في جزائر البحر وفارس، وطلب الأدب واللغة. وكان أبوه من رؤساء زمانه. وكان أبو بكر رأسًا في العربية وأشعار العرب. وله شعر كثير وتصانيف مشهورة. حدث عن: أبي حاتم السَّجِسْتاني، وأبي الفضل العبّاس الرياشي، وابن أخي الأصمعي. روى عنه: أبو سعيد السيرافي، وأبو بكر بن شاذان، وأبو الفرج صاحب " الأغاني"، وأبو عبيد الله المرزباني، وأبو العباس إسماعيل بن ميكال، وغيرهم. وعاش بضعا وتسعين سنة. فإن مولده في سنة ثلاث وعشرين ومائتين. قال أحمد بن يوسف الأزرق: ما رأيت أحفظ من ابن دريد. وما رأيته قرئ عليه ديوان قطّ إلا وهو يسابق إلى روايته لحفظه له. وقال أبو حفص بن شاهين: كنا ندخل على ابن دريد فنستحيّ مما نرى من العيدان المعلقة والشراب. وقد جاوز التسعين. وقال أبو منصور الأزهريّ: دخلت عليه فرأيته سكران، فلم أعد إليه. ولابن دريد كتاب "الجمهرة"، وكتاب "الأمالي"، وكتاب "اشتقاق أسماء القبائل"، وكتاب "المجتبى"، وهو صغير سمعناه بعلو، وكتاب "الخيل"، وكتاب "السلاح"، وكتاب "غريب القرآن"، ولم يتم، وكتاب "أدب الكاتب"، وكتاب " فعلت وفعلت"، وكتاب " المطر"، وغير ذلك. وحكى الخطيب عن أبي بكر الأسديّ قال: كان يُقال ابن دريد أعلم الشعراء وأشعر العلماء. وقال ابن يوسف الأزرق: كان ابن دريد واسع الحفظ جدًا، وله قصيده طنانة يمدح بها الشافعيّ رحمه الله ويذكر علومه. دُفِنَ هو وأبو هاشم الْجُبّائيّ في يوم واحد في مقبرة الخيزران لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان، فقيل: مات الكلام واللغة جميعًا. وأول شعر قاله:

ثوبُ الشبابِ عليَّ اليوم بهَجُتُه ... فسوف تنزعه عنّي يدُ الكِبَرِ أنا ابنُ عشرين لا زادتْ ولا نقصت ... إن ابن عشرين من شيبٍ على خَطرِ وكان عبد الله بن ميكال على إمرة الأهواز للمقتدر، فأحضر ابن دريد لتأديب ولده إسماعيل، فقال فيهما مقصورته المشهورة الّتي يقول فيها: إنَ ابن ميكال الأمير انتاشني ... من بعد ما قد كنت كالشيء اللقا ومد ضبعي أبو العباس من ... بعد انقباض الذّرع والباع الوَرا نفسي الفِداء لأميريّ ومَن ... تحت السّماءِ لأميريّ الفِدا فَوَصَلَه بجوائز منها ثلاثمائة دينار من خاصّة الصّبيّ وحده. ذكره أبو الحسن الدَّارَقُطْنيّ فقال: تكلّموا فيه. قلت: ووقع لنا مِن عواليه في " أمالي الوزير". 37 - محمد بن الحسن سُلَيْم بن يحيى القلعيّ البلْخيّ الحريريّ. في جُمَادَى الآخرة. 38 - محمد بن حمزة بن عُمارة بن حمزة بن يسار الإصبهانيّ1. الفقيه أبو عبد الله والد الحافظ أبي إسحاق. سمع: أحمد بن الفُرات، ويعقوب الفَسَويّ، ويزيد المبارك الفَسَويّ، وابن عفّان العامريّ، وعبّاس الدُّوريّ. وعنه: ابنه إبراهيم، والحسن بن إسحاق بن إبراهيم، وابن المقري، وابن منده، وغيرهم. تُوُفّي في المحرَّم. 39 - محمد بن رمضان بن شاكر. أبو بكر الجيشانيّ، مولاهم المصريّ الفقيه المالكي أحد الأئمة. أخذ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وغيره.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 269".

وجلسَ في موضع ابن عبد الحَكَم. وروى كُتُب الربيع بن سليمان المراديّ. وما علِمت إلا خيرًا. قاله ابن يونس. تُوُفّي في المحرَّم. 40 - محمد بن صالح بن خَلَف1. أبو بكر البغداديّ الجواربيّ. حدَّث عن: عمرو بن عليّ الصيرفيّ، وحميد بن زَنْجَوْيه، وأحمد بن المقدام. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ. وكان صدوقًا. 41 - محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد. أبو الحَسَن المهرانيّ البصْريّ الإخباريّ. عن: بُنْدار، وأبي حاتم السِّجسْتانيّ، والرياشيّ. وثقه ابن يونس. 42 - محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد السّلام بن أبي أيّوب البيروتيّ2. مكحول. الحافظ أبو عبد الرحمن. سمع: أبا عُمَيْر بن النَّحّاس، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكيّ، ومحمد بن إسماعيل بن عُلَيَّة، وأحمد بن حرب المَوْصِليّ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، وأحمد بن سليمان الرّهاويّ، وسليمان بن سيف، وهذه الطبقة الّتي بعد الخمسين ومائتين. وعنه: أبو سليمان بن زَبْر، وأبو محمد بن ذَكْوان البَعْلَبَكيّ، وعلي بن الحُسين قاضي أَذَنَة، وأبو أحمد الحاكم، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وابن المقريء، وخلق سواهم.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 362". 2 حلية الأولياء "7/ 25"، الإكمال لابن ماكولا "1/ 33"، سير أعلام النبلاء "15/ 33، 34".

وكان من الثّقات المشهورين. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 43 - محمد بْن عليّ المكتفي بالله بن أحمد المعتضد بالله1. قال ثابت بن سِنان: قبض المقتدر على أبي أحمد بن المكتفي واعتقله لأّنه بلغه أن جماعةً سعوا في خلافته، وأنه أحضر بعد قُتِل المقتدر مع عمّه محمد بن المعتضد، وخاطبه مُؤنس بولاية الخلافة فامتنع وقال: عمي أحقّ بها. فحينئذٍ بويع محمد ولُقِّبَ بالقاهر بالله. روى محمد بن المكتفي عن جدّه، وعن: عبد الله بن المعتزّ. روى عنه: ولده أحمد شيخ أبي الحسين بن المهتدي بالله. وذكر الصولي أن القاهر قتل أبا أحمد بن المكتفي في ذي الحِجّة. ضَرَبه ضربًا مبرحًا يقِّرره على المّال فما دفع إليه شيئًا. ثمّ أمر به فَلُفَّ في بساطٍ إلى أن مات رحمه الله. 44 - محمد بن عمران بن موسى2. أبو بكر الهْمدانيّ الخرّاز. قدِم بغداد، وروى عن: عليّ بن إبراهيم الواسطيّ، وجعفر الطَّيَالِسيّ. وعنه: ابنُ عُقْدة، وابن المظفّر. 45 - محمد بن الغمر. أبو بكر الطّائيّ الغُوطيّ. من بيت أرانس. سمع: محمد بن إسحاق بن يزيد الصِّينيّ، وهاشم بن بِشْر. وعنه: محمد بن زُهير، وعبد الوهّاب الكِلابيّان. 46 - محمد بن القاسم بن عُبَيْد الله بن سليمان بن وهب3.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "71"، الإنباء في تاريخ الخلفاء "161". 2 تاريخ بغداد "3/ 133". 3 الفرج بعد الشدة "1/ 277، 279"، تجارب الأمم "1/ 212، 261، 261، 264، 272".

الوزير أبو جعفر البغداديّ. صدر نبيل مُعْرِق في الوزارة. وَزَرَ للقاهر بالله في شعبان من هذه السنة، ثمّ عُزِل بعد ثلاثة أشهر. وكان سيئ السيرة ظالمًا، فلم يلبث بعد عزله إلّا عشرة أيام حتّى هلك بالقولَنْج وله ست وثلاثون سنة. 47 - محمد بن موسى بن عيسى. أبو بكر الحضرميّ، مولاهم. مصريّ حافظ. عن: يونس بن عبد الأعلى، وغيره. ذكره ابن يونس فقال: كان حافظ الحديث، وهو أخو أبي عجينة الحسن بن موسى. مات في رمضان. يقال: إنه كان يحفظ نحْوًا من مائة ألف حديث. أخذ ذلك عن إبراهيم بن داود البُرُلُّسيّ، وكان إبراهيم أحد الحُفّاظ. ثمّ دخل العراق وكتب عن عبد الله بن أحمد، ونحوه. وحدَّث عن يونس بكتاب سُفْيان بن عُيَيْنَة، ثمّ أخرج أيضًا كتبًا كثيرة فَتُكُلِّمَ فيه واسْتُصْغر وأُنِكَر أن يكون سمع على صِغرِ سنة هذه الكُتُب الكثيرة. 48 - محمد بن نوح1. أبو الحسن الْجُنْديسابوريّ الفارسيّ. نزيل بغداد. سمع: هارون بن إسحاق، وشعيب الصريفيني، وابن عرفة. وعنه: الدارقطني، وأبو بكر شاذان، وابن شاهين، وآخرون. وثقه الدَّارَقُطْنيّ. تُوُفّي في ذي القعدة.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 324"، سير أعلام النبلاء "15/ 34، 35"، تذكرة الحفاظ "3/ 826، 827".

أخبرنا الأبرقوهيّ، أنا الفتح، أنا ابن أبي شَرِيك، أنا ابن النَّقُّور، أنا ابن الجرّاح، نا محمد بن نوح، فذكر الحديث. وقد حدَّث بدمشق، وبمصر. قال ابن يونس: ثقة حافظ. وقال الدَّارَقُطْنيّ أيضًا مأمون. ما رأيت كُتُبًا أصح من كُتُبه وأحسن. 49 - محمد بن هارون بن عبد الله بن حميد1. أبو حامد الحضرميّ. بغداديّ. وثقه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. سمع: أبا همّام السَّكُونيّ، وإسحاق بن أبي إسرائيل، ونصر بن علي الجهضمي، وغيرهم. وعنه: أبو بكر الورّاق، والدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القوّاس، وابن شاهين، وخلق كثير. توفي في أول السنة عن نيف وتسعين سنة. 50 - مونس الخادم2. الملقّب بالمظَّفر. قُتِل في هذه السنة. وكان قد بلغ درجة الملوك، وحارب المقتدر فقُتِل المقتدر يوم الوقعة. ولا أعلم أحدًا من الخَدَم بلغ من الرفعة ونفوذ الأمر ما بلغه مونس وكافور الإخشيديّ صاحب مصر. وقد مرَّت أخبار مونس في الحوادث. ذكره ابن عساكر في تاريخه مختصرًا وقال: كان أحد قُوّاد بني العبّاس. ولّاه المقتدر حرب المغاربة. وقدم الشّام سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. قلت: مونس مخفف بسكون الواو.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 358، 359". 2 المنتظم "6/ 131"، الكامل في التاريخ "13/ 366"، وفيات الأعيان "3/ 77".

"حرف اللام": 51 - لؤلؤ الخادم1. مولى أبي الجيش، خُمَارَوَيْه صاحب الشّام ومصر. قدِم لؤلؤ دمشق، وحدَّث عن المُزَنيّ. قال الربيع المراديّ: وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو الحُسين الرازيّ. "حرف الياء": 52 - يوسف بن يعقوب2. أبو عمرو النيسابوري، نزيل بغداد. رماه أَبُو علي النَّيْسابوريّ بالكذب. روى عن: محمد بن بكّار بن الرّيَّان، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن عَبْدَة الضبيّ. وعنه: عليّ بن لؤلؤ، والمُعَافى الْجَريريّ، وأبو بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو الحسن بن الْجَنَديّ. توفي فيها أو في سنة اثنتين. قال الحاكم: حدَّث عن كلّ من شاء من أهل الحجاز والعراق. قال: وسمعتُ أبا عليّ الحافظ يقول: ما رأيتُ في رحلتي في أقطار الأرض نيسابوريًا يكذب غير أبي عَمْرو النَّيْسابوريّ هذا. وفيات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 53 - أحمد بن إبراهيم بن عَجَنَّس بن أسباط.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "1/ 271". 2 تاريخ بغداد "14/ 320"، ميزان الاعتدال "4/ 275"، لسان الميزان "6/ 329".

أبو الفضل الأندلسيّ الزباديّ، زباد بن كعب بن حجر الكَلاعيّ. وهو أخو عبد الرحمن. حدَّث عن: أبيه. 54 - أحمد بن خالد بن يزيد1. أبو عمر بن الْجَبَّاب الأندلسيّ القُرْطُبيّ الحافظ الكبير. منسوب إلى بيع الجباب. سمع: قاسم بن محمد، ومحمد بن وضّاح، وبَقِيّ بن مَخْلَد. ورحل إلى الحجاز واليمن، فسمع: إسحاق الدَّبَريّ، وعليّ بن عبد العزيز البغوي، وهذه الطبقة. روى عنه: ابنه محمد، ومحمد بن محمد بن أبي دُلَيْم، وعبد الله بْن محمد بْن عليّ الباجيّ، وغيرهم. ووُلِد سنة ستٍّ وأربعين ومائتين. قال القاضي عِياض: كان إمامًا في وقته في الفقه في مذهب مالك، وفي الحديث لا يُنازَع. سمع منه خلْق، وصنَّف " مُسْنَد مالك"، وكتاب " الصلاة"، وكتاب " الإيمان"، وكتاب "قصص الأنبياء". تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 55 - أحمد بن سليمان بن داود2. أبو عبد الله الطُّوسيّ. حدَّث ببغداد بالنَّسَب عن: الزُّبَيْر بن بكّار. وروى عن: ابن المقرئ محمد بن عبد الله. وعنه: أبو بكر بن شاذان، وابن شاهين، والمخلص، وكان صدوقًا.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 31"، جذوة المقتبس للحميدي "121، 122"، تذكرة الحفاظ "3/ 34". 2 تاريخ بغداد "4/ 177".

ولد سنة أربعين، وتوفي في صَفَر. 56 - أحمد بن سعيد بن ميسرة الغِفاريّ الطّرْطُوشيّ. حجَّ وسمع: محمد بن إسماعيل الصّائغ، وعليّ بن عبد العزيز. وروى عنه: يحيى بن مالك. 57 - أحمد بن العبّاس بن أحمد1. أبو الحسن البَغَويّ الصُّوفيّ. سمع: عمر بن شبّة، وعبّاد بن الوليد الغُبْريّ، والحسن بن عَرَفَة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص بن شاهين. وكان ثقة. قال يوسف القوّاس: كان يقال: إنّه من الأبدال. تُوُفّي في ذي القعدة ببغداد. 58 - أحمد بن العبّاس. أبو الطّيّب الشَّيْبانيّ. عن: الربيع المُراديّ، وغيره. ولقبه: طنجير. حمل عنه: ابن يُونُس. وورّخه فيها. 59 - أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَكَم. أبو جعفر اليوانيّ، بفتح الياء الخفيفة. من محدِّثي أصبهان. سمع: أحمد بن عصام، ويحيى بن أبي يحيى طالب البغداديّ. وعنه: ابن المقريء، وعبد الله بن أحمد بن فادويه.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 328".

مات سنة اثنتين وعشرين. ورّخه ابن نقطة في "الاستدراك". 60 - أحمد بن عَبْد الله بْن مُسْلِم بْن قُتَيْبَةَ1. أبو جعفر الكاتب البغداديّ. روى عن: أبيه كتبَه. روى عنه: عبد الرحمن بن إسحاق الزَّجّاجيّ، وابنه عبد الواحد. وولي قضاء مصر فأدركه بها أجَلُه. وذكر يوسف بن يعقوب بن خرزاذ أن أبا جعفر حدَّث بكتب أبيه كلّها بمصر من حفظه، ولم يكن معه كتاب. وتُوُفّي في ربيع الأوّل. وبقي في القضاء أربعة وسبعين يومًا، وعُزِل لأنّه وَثَبت به الرعية وشتموه. وكان قبله عبد العزيز عبد الله بن زبر، وولي بعده أحمد بن إبراهيم بن حمّاد. قال المسبَّحي في تاريخه: كان أبو جعفر يحفظ كتب أبيه كلّها بالنُّقَط والشَّكْل كما يحفظ القرآن، وهي أحد وعشرون مُصَنفًا، فلمّا سمع بذلك أهل العلم والأدب جاءوه، فجاءه أحمد بن محمد بن ولاد، وأبو جعفر أحمد بن النَّحّاس، وأبو غانم المظفّر بن أحمد، والنحاة والملوك وأولادهم فأخذوا عنه. وذكره ابن زولاق فقال: كان مالكيًا شيخًا جادًا أتيناه لنسمع منه فقال: ما معي حديث، لكن معي كُتُب أبي وأنا أحفظها وأقرأها عليكم، وهي أحد وعشرون كتابًا. فكان يحفظها كلّها. وهي: كتاب "المشكل"، كتاب "معاني القرآن"، كتاب "غريب الحديث"، كتاب "مختلف الحديث"، كتاب "الفقه"، كتاب "المعارف"، كتاب "عيون الأخبار"، كتاب "أعلام النبي -صلى الله عليه وسلم"، كتاب "الرؤية"، كتاب "الأشربة"، كتاب "العرب والمعجم"، كتاب "الأنواء"، كتاب "الميسر"، كتاب "طبقات الشعراء"، كتاب "معاني الشعر",

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 229"، المنتظم "6/ 272"، سير أعلام النبلاء "14/ 565، 566"، البداية والنهاية "11/ 180".

"كتاب "إصلاح الغلط"، كتاب "أدب الكاتب" كتاب "الأبنية"، كتاب "النحو"، كتاب "المسائل"، كتاب " القراءات". وكان يردّ النّقطة. ذَكَر أن أباه حفَّظه إيّاها في اللَّوح. 61 - أحمد بن عبد الله بن نَصْر بن بجير الذهلي1. أبو العبّاس، والد أبي الطاهر. ولي قضاء البصرة وواسط؛ وسمع: يعقوب الدَّوْرَقيّ، ومحمود بن خداش. وعنه: المُعَافَى الجريريّ، والدَّارَقُطْنيّ، والمخلّص، وغيرهم. وثقه الخطيب. 62 - أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاهمرد2. الفقيه أبو عَمْرو الصَّيْرَفيّ. حدَّث بدمشق في هذا العام عن: أبي داود السِّجسْتانيّ، ومحمد بن عُبَيْد الله بن المنادي، وأحمد بن الوليد الفحّام، وعبد الله بن محمد بن شاكر. وعنه: أحمد بن عتبة، وأبو هاشم المؤدب، ونصر بن أحمد المرجي، والميانجي، وعبد الوهاب الكلابي. 63 - أحمد بن محمد بن إسماعيل بن السوطي3. بغدادي، ثقة. 64 - أحمد بن محمد بن الجليل، بجيم، بن خالد بن حريث4. أبو الخير العبقسي البخاري البزاز. روى كتاب "الأدب" عن مؤلّفه أبي عبد الله البخاريّ في هذا العام ببخارى، فسمعه منه أبو نصر أحمد بن محمد بن حسن بن النَّيَازِكي البخاريّ شيخ القاضي أبي العلاء الواسطي.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 229". 2 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 402، 403". 3 تاريخ بغداد "4/ 389". 4 الإكمال لابن ماكولا "3/ 179"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 268".

فأمّا: الجليل، فبالجيم. قيده غير واحد آخرهم عليّ بن المفضل الحافظ. قال ابن ماكولا: روى عن: البخاريّ، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبَّويْه المَرْوزِيّ، وعجيف بن آدم، ومحمد بن الضو الشيباني. روى عنه: النيازكي، ومحمد بن خالد المطوعي. 65 - أحمد بن محمد بن الحارث. أبو الحسن القباب. مصري يفهم هذا الشأن. روى عن: بحر بن نَصْر الخَوْلانيّ، وطبقته. وعنه: ابن المقريء، وابن يونس. أحمد. هو أبو عليّ الروذباريّ. يأتي بكنيته في آخر هذه السنة. 66 - أحمد بن محمد بن عيسى المكي1. أبو بَكْر. إخباريّ، موثق. حدَّث ببغداد عن: أبي العيناء، وإبراهيم بن فهد. وعنه: ابن حَيُّوَيْه، والدَّارَقُطْنيّ. 67 - أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن يزيد2. أبو طلحة الفزاريّ الوساوسيّ. سمع: عبد الله بن خبيق الأنطاكيّ، ونَصْر بن عليّ الجهضميّ، وزيد بن أخزم، ومحمد بن الوليد البسري، والربيع بن سليمان، وسعد بن محمد البيروتي.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 64". 2 تاريخ بغداد "5/ 75"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 64".

وعنه: أبو بكر الأبهريّ، وأبو الفضل الزهريّ، وأبو سليمان بن زَبْر، والدَّارَقُطْنيّ، وعمر بن شاهين. وثقه البرقاني. وتوفي بالمحرَّم في العراق. 68 - أحمد بن معروف بن بِشْر الخشاب1. أبو الحسن. سمع: أبا البَخْتَرِيّ عَبْد الله بْن محمد بْن شاكر، وجماعة. وعنه: أبو عمر بن حَيُّوَيْه، وأبو الحسن بن الْجُنْديّ. وكان ثقة بغداديًا. 69 - أحمد بن موسى بن إسحاق بن موسى الأنصاريّ2. بغدادي، يكنى أبا عبد الله. عن: أبيه، وسهل بن بحر، وأبي يوسف القلوسيّ. وعنه: ابن شاهين، والمُعافى الجريريّ. قال الخطيب: ثقة. تقلَّدَ قضاء البصرة. ولد سنة 243 ومات في شعبان سنة 322. 70 - إبراهيم بن أحمد هلال3. أبو إسحاق الإنباريّ ابن أبي عون. إخباري علامة، صاحب ابن ربيعة له تصانيف. انسلخ من الدين وصحب الشلمغانيّ الزنديق وادعى فيه الألهية. ضربت عنقه وأحرق في ذي القعدة منها.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 160". 2 تاريخ بغداد " 5/ 144". 3 معجم الأدباء "1/ 34- 253"، كشف الظنون "609"، معجم المؤلفين "1/ 9، 10".

71 - إسحاق بن محمد بن الفضل بن جابر1. أبو العبّاس الزيات. سمع: يعقوب الدورقيّ، وسلم بن جنادة. وعنه: ابن شاهين، والدَّارَقُطْنيّ، والقواس. "حرف الجيم": 72 - جعفر بن أحمد بن شهزيل. أبو محمد الأستراباذيّ الفقيه الزاهد. سمع: عمار بن رجاء، وإسحاق الطلقيّ، ومحمد بن عبد الله بن المقريء، وسعيد بن عبد الرحمن المخزوميّ المكّيّ. وعنه: عبد الله بن عدي، وجماعة من أهل بلده. 73 - جعفر بن أحمد بن يحيى السراج المصريّ. ثقة صالح. روى عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. "حرف الحاء": 74 - حسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن ربيعة2. أبو علي بن الناعس الهمداني الدمشقي المقريء. سمع: هلال بن العلاء، و"يزيد بْن محمد " بْن عبد الصّمد، ومحمد بْن عبد الله السوسيّ، وجماعة. روى عنه: أبو سليمان بن زَبْر، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 75 - الحسن بن أحمد بن غطفان3.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 396". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 149". 3 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 153".

أبو عليّ الفزاري الدّمشقيّ. عن: العبّاس بن الوليد البيروتيّ، وأحمد بن الفرج الحمصيّ، وجماعة. وعنه: ابن زَبْر، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 76 - الحسن بن عليّ بن الحُسين بن الحارث بن مرداس1. أبو عبد الله التميميّ الهمذانيّ المعروف بابن أبي الحناء. سمع: محمد بن عُبَيْد الأسدي، والعبّاس بن يزيد البصريّ، وأحمد بن بديل، وعُبَيْد الله بن سعد الزهريّ، ومحمد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن شقيق، وأبا زرعة، وطائفة. سواهم. وعنه: صالح بن أحمد، وأبو عليّ بن بشار، وأبو سعيد خيران، وآخرون. قال شيرويه: صدوق. "حرف الخاء": 77 - خير بن عبد الله النساج الزاهد2. أبو الحسن. بغدادي مشهور، اسمه محمد بن إسماعيل. كانت له حلقة يتكلم فيها. صحب أبا حمزة محمد بن إبراهيم الصوفيّ، والجنيد. وعمر أكثر من مائة سنة فيما قيل. حكى عنه: أحمد بن عطاء الروذباريّ، ومحمد بن عبد الله الرازيّ، وغيّرهما. وقيل: إنه أدرك السريّ السقطيّ وصحبه. وكان خير أسود، فقيل إنه حج مرة، فلمّا أتي الكوفة أخذه رجل فقال: أنت عبدي وأسمك خير. فلم يكلمه وانقاد معه، فاستعمله سنين في نسج الخز. ثمّ بعد مدة قال: ما أنت

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 78". 2 حلية الأولياء "10/ 307"، تاريخ بغداد "1/ 345"، 347"، المنتظم "6/ 274"، سير أعلام النبلاء "15/ 269، 270".

عبدي. وأطلقه وكان اسمه محمد بن إسماعيل، فقيل له: ألا ترجع إلى اسمك؟ فقال: لا أغير اسمًا سماني به رجل مسلم. وقيل: ألقي عليه شبه عبد ذلك الرجل، ثم زال عنه الشبه بعد مدة. وله كرامات وأحوال. وكان ممن يحضر سماع القوم. وقد أخبر أنه يموت غدًا المغرب، فكان كذلك. وقال السلميّ: عاش مائة وعشرين سنة، وتاب في مجلسه إبراهيم الخواص، والشبليّ. "حرف الزاي": 78 - زيدان بن محمد البرتيّ الكاتب1. سمع: زياد بن أيوب، وأحمد زاج. وحدَّث في هذه السنة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن الثلاج، وأبو الحسن بن الْجُنْدي. أحاديثه مستقيمة. "حرف السين": 79 - سعيد بن أحمد بن ذكريا. أبو محمد القضاعيّ المصريّ. سمع: جدّه لأمّه زكريّا كاتب العمريّ، والحارث بن مسكين. وعنه: أبو بكر بن المقرئ. قال ابن يونس عنه: يعرف وينكر. 80 - سليمان بن حسن بن عليّ بن الجعد2. أبو الطيب أخو عمر.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 487". 2 تاريخ بغداد "9/ 63".

سمع: أحمد بن المقدام العجليّ، وسليمان الأقطع. وعنه: عَبْد اللَّه بْن موسى الهاشميّ، وابن شاهين. أحاديثه مستقيمة. قاله الخطيب. "حرف الصاد": 81 - صالح بن أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن صالح بْن مسلم العجليّ1. أبو مسلم الأطرابلسيّ المغربي. روى عن: أبيه كتابه في "الجرح والتعديل". وهو مصنف جليل في بابه. رواه عن صالح: عليّ بن أحمد بن زكريّا الهاشميّ. تُوُفّي في هذا العام. "حرف العين": 82 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَجّاج بْن مهاجر. أبو الليث الرعينيّ. سمع من يونس عبد الأعلى، وغيره. وتُوُفّي فِي ربيع الأول. 83 - عبد اللَّه بْن مُحَمَّد بن حنين2. أبو محمد الأندلسيّ مولى بني أمية. 84 - عبد الرحمن بن إسماعيل بن عليّ بن كردم3. أبو محمد الرقيّ. حدَّث عن: عليّ بن سهل الرمليّ، والحسن بن عَرَفَة، وعليّ بن حرب، ويونس بن عبد الأعلى، وجماعة كثيرة.

_ 1 مقدمة تاريخ الثقات للعجلي "33". 2 بغية الملتمس للضبي "330". 3 تاريخ دمشق "22/ 327".

وسكن دمشق. وعنه: أبو محمد بن عدي، وأبو أحمد الحاكم، وابن المقرئ، وأبو أحمد بن الناصح، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. تُوُفّي في شهر جُمَادَى الآخرة. 85 - عُبَيْد الله المهديّ1. أبو محمد، أول خلفاء الباطنية بني عُبَيْد أصحاب مصر والمغرب وهو دعي كذَّاب أدعى أنه من وَلد الحسن بن عليّ. والمحققون متفقون على أنه ليس بُحسَيْني. وما أحسن ما قال المعز صاحب القاهرة وقد سأله ابن طباطبا العلويّ عن نسبهم، فجذب سيفه من الغمد وقال: هذا نسبي. ونثر على الحاضرين والأمراء الذهب وقال: وهذا حَسَبي. تُوُفّي عُبَيْد الله في ربيع الأوّل بالمغرب. وقد ذكرنا من أخباره في حوادث هذه السنة، فلا رحم الله فيه مغرز إبرة. قال أبو حسن القابسيّ صاحب "المخلص" رحمه الله: إنّ الّذين قتلهم عُبَيْد الله وبنوه أربعة آلاف رجل في دار النحر في العذاب، ما بين عابدٍ وعالمٍ ليردهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت. وفي ذلك يقول سهل في قصيدته: وأحَلَّ دار النحر في أغلاله ... مَن كان ذا تقوى وذا صلوات ودفن جميعَهم في المُنَسْتِير وحولها. والمُنَسْتِير بلسان الفرنج: المعبد الكبير، وبها قبور كبارهم. وكانت دولة عُبَيْد الله بضعًا وعشرين سنة. ويا حبذا لو كان رافضيا، ولكنه زنديق. وحكى الوزير القفطيّ في سيرة بني عبيد قال: كان أبو عبيد الشّيعيّ أحد الدواهيّ. وذلك أنه جمع مشايخ كتامة وقال: إنّ الإمام كان بسلمية قد نزل عند يهوديّ عطار يُعرف بعبيد، فقام به وكتم أمره. ثم مات عبد الله عن ولدين فأسلمّا وأُّمُّهُما على يد الإمام وتزوج بها، وبقي مستترًا والأخوان في دكان العطر. فولدت للإمام ابنين فعند اجتماعي به سألت: أي الابنين إمامي بعدك؟ فقال: من أتاك منهما فهو إمامك.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 24"، سير أعلام النبلاء "15/ 41- 151"، البداية والنهاية "11/ 179، 180".

فسيرت أخي لإحضارهما، فوجدت أباهما قد مات هو وأحد الولدين ووجد هذا فأتي به. وقد خفت أن يكون هذا أحد ابني عُبَيْد. فقالوا: وما أنكرت منه؟ قال: إنّ الإمام يعلم الكاينات قبل وقوعها. وهذا قد دخل معه بولدين ونص الأمر في الصغير بعده، ومات بعد عشرين يومًا. ولو كان إماما لعلم بموته. قالوا: ثمّ ماذا؟ قال: والإمام لا يلبس الحرير ولا الذَّهَب وقد لبِسهما. وليس له أن يطأ إلا ما تحقق أمره، وهذا قد وطئ نساء زيادة الله. فتشككت كُتَامَة في أمره، وقالوا: ما ترى؟ قال: قبضه ونسير من يكشف لنا عن أولاد الإمام على الحقيقة. فأجمعوا أمرهم. وخفَّ هارون بن يوسف كبير كُتامة فواجَه المهديّ. وقال: قد شككْنا فيك فَأْتِ بآية. فأجابه بأجوبةٍ قبلها عقلُه، وقال: إنّكم تيقَّنتم واليقين لا يزول بالشك. وإن الطفل لم يمت وإنه أمامك. وإنما الأئمة ينتقلون. وقد انتقل لإصلاح جهة أخرى. فقال: آمنت. فلبْسك الحرير؟ قال: أنا نائب للمشرع أُحَلِّل لنفسي ما أريد، وكلّ الأموال لي. وزيادة الله كان غاصبًا. وأمّا أبو عبد الله وأخوه فأخذا يخبّبان عليه فرتب من قتلهما. ثمّ خرج عليه جماعة من كُتَامة فظفر بهم وقتلهم. وخالف أهل طرابلس، فوجّه ولده القائم فافتتحها عَنْوةً، ثمّ بَرْقَةَ فافتتحها، ثمّ صِقلِّية فأخذها، واستقر مُلكه. وجهز ولده القائم لأخذ مصر مرتين ويرجع مهزومًا. وبنى المهدية ونزلها سنة ثمانٍ وثلاثمائة. وعاش ثلاثا وستين سنة، وخلف ثلاثة عشر ولدًا، منهم ستة بنين، آخرهم موتًا أبو علي أحمد في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. 86 - عثمان بن حديد بد حميد الكلابي1. أبو سعيد الأندلسي الإلبيري.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 303، 304"، جذوة المقتبس للحميدي "305".

محدَّث رحّال. روى عن: العُتْبِيّ الفقيه، ويونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عَبْد الله بن الحَكَم، وأحمد بْن عَبْد الله بْن صالح العِجْلي نزيل أطرابلس المغرب، ومحمد بن سَحْنُون الإفريقيّ، وبَقِيّ بن مَخْلَد. وكان فقيهًا عارفًا لرأي مالك. روى عنه: خالد بن سعْد، وعبد الله بن محمد الباجيّ، وغيّرهما. تُوُفّي سنة تسع عشرة، ففي وفاته ثلاثة أقوال. 87 - عليّ بن عبد الله بن عبد البَرِّ الفَرَغانيّ التّرْكيّ1. عن: أبي حاتم الرازيّ. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين. ثقة. 88 - عليّ بن محمد بن حاتم بن دينار2. أبو الحسن القُرَشيّ الحدّاديّ. وحدّادة: قرية بقرب بسْطام. سمع: محمد بن عزيز الأيلي، والربيع بن سليمان، ومحمد بن حماد الظّهْرانيّ، وزكريّا بن دُوَيْد الكِنْديّ. وعنه: أبو بكر الإسماعيليّ في صحيحه، وابن عديّ، وعلي بن عمر الحربيّ، وجماعة. ومات في رمضان. 89 - عليّ بن محمد بن عيسى. أبو الحَسَن المراديّ المعروف بابن العَسْراء الخيّاط. بَصْريّ، نزل مصر وحدَّث عن: محمد بن هشام بن أبي خيرة، وطبقته. قال ابن يونس: ليس بشيءٍ. لا يجوز لأحد الرواية عنه.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 4". 2 تاريخ جرجان للسهمي "301"، معجم البلدان "2/ 226".

90 - عبد الوهّاب بن سعيد بن عثمان1. أبو الحديد الحمراويّ المصريّ. مولى القُرَشيّين. قال ابن يونس: وُلِد سنة أربع وخمسين ومائتين، وقال لي: كتبتُ الحديث سنة سبعين. وكان أحد المجودين الثقاة. صالحًا متواضعًا حسن الهَدْي. مات في المحرَّم. وقال ابن ماكولا: مشهور بالجمع، كثير الكتابة. روى عن: يحيى بن عثمان بن صالح وغيره. روى عنه ابن يونس. حرف الميم: 91 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الثَّلْج2. أبو بكر الكاتب. بغداديّ، ثقة. سمع: عمر بن شبّة، وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، ويوسف القوّاس. 92 - محمد بن أحمد بن أبي يوسف3. أبو بكر المصريّ ابن الخلّال الفقيه. دَرَسَ وأقرأ، وصنَّف كتابًا في أربعين جزءًا في نصوص قول مالك. أخذ عن محمد بن أصبع، عن أبيه. 93 - محمد بن أحمد بن إبراهيم4. أبو عبيد الله المادرائي الأطروش.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "2/ 54". 2 تاريخ بغداد "1/ 279". 3 الديباج المذهب "244"، معجم المؤلفين "9/ 29". 4 تاريخ بغداد "4/ 385".

نزيل مصر. روى عن: الزُّبَيْر بن بكّار، وعُبَيْد الله بن سعد الزُّهْريّ، وعمر بن شبة. روى عنه: ابنه عثمان، وأبو أحمد بن أبي الطيب المادرائي، وأبو الطيب أحمد بن سليمان الحريري، وعبيد الله بن محمد البزاز. وكان له تجارة وأملاك. وكان ثقة. وهم الخطيب فسماه: أحمد بن محمد بن إبراهيم. قاله ابن النجار. 94 - مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن الفضل1. أبو جعفر الديبلي، نسبه إلى بلدة من الهند، ثم المكي. سمع: محمد بن زُنْبُور، وسعيد بن عبد الرحمن المخزوميّ، والحسين بن الحَسَن المَرْوَزِيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وأحمد بن إبراهيم بن فراس، ومحمد بن يحيى بن عمار الدمياطي، وأبو أحمد الحاكم، وخلق كثير من الحجاج. وكان صدوقا مقبولا. توفي في جمادى الأولى. وقع لنا حديثه بعلو. 95 - محمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسيد بن عاصم الثقفي. أبو مسلم الإصبهاني. سمع: أسيد بن عاصم، وأخاه محمد بن عاصم. وعنه: أبو الشيخ، وغيره. 96 - محمد بن الحسن بن المهلب. أبو صالح المديني. أكثر عن أحمد بن الفُرات، وحمل عنه تصنيفه. وعنه: أبو الشيخ، وأبو بكر بن المقرئ.

_ 1 الأنساب لابن السمعاني "5/ 393"، سير أعلام النبلاء "15/ 9، 10"، شذرات الذهب "2/ 295".

97 - محمد بن زكريا بن محمد بن جعفر اللخمي1. أبو عبد الله القرطبي. سمع: محمد بن وضاح. ورحل مع قاسم بن أصبع، وابن أيمن, فسمع: محمد بن إسماعيل الصائغ، وأحمد بن أبي خيثمة، وإسماعيل القاضي، وطبقتهم. وكان ثقة زاهدًا، صاحب ليل وعبادة. سمع النّاس منه "تاريخ ابن أبي خَيْثَمة". روى عنه: أبو محمد الباجيّ، وغيره. 98 - محمد بن سليمان بن محمد2. أبو جعفر الباهليّ النُعمانيّ. من بلد النعمانية، وهي بين بغداد وواسط. سمع: أحمد بن بديل، ومحمد بن عبد الله المخرميّ الحافظ، وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ ووثقه. تُوُفّي فِي ذي الحجّة. 99 - مُحَمَّد بن عَبْد الله بن غيلان3. أبو بكر السُّوسيّ الخزّاز؛ من ثقات البغداديّين ومُسنديهم. سمع: سوار بن عبد الله القاضي، وأحمد بن منيع، والحسن بن الصّبّاح البزّاز. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو بكر بن شاذان، وابن شاهين، وعدة. 100 - محمد بن عبد الرحمن بن زياد4. أبو جعفر الأرزناني الحافظ.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "2/ 43". 2 تاريخ بغداد "5/ 302". 3 تاريخ بغداد "5/ 445". 4 أخبار أصبهان "2/ 629"، الأنساب "1/ 182"، سير أعلام النبلاء "15/ 270، 271".

سمع بالشّام والعراق وإصبهان. سمع: إسماعيل بن عبد الله سمُّوَيْه، ومحمد بن غالب تمتام، وعليّ بن عبد العزيز، وطبقتهم. وعنه: أبو الشيخ، وأبو أحمد الحاكم، وأحمد بن يوسف الخشاب، وأبو بكر أحمد بن مهران المقرئ. قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت محمد بن العبّاس الشهيد يقول: ما قدِم علينا مثل: أبي جعفر الأرزناني زهدًا وورعًا وحفظًا وإتقانًا. وقال أبو نعيم: تُوُفّي سنة اثنتين وعشرين. 101 - محمد بن عليّ1. أبو جعفر بن أبي العزاقر الشَّلمغانيّ الزِّنْديق. أحدَثَ مذهبًا في الرفض ببغداد، ثمّ قال بالَتناسخ وحلول الألُوهيّة، ومخرق على الناس فضل به جماعة، وأظهر أمره أبو القاسم الحسين بن روح الذي تسميه الرافضة: الباب، تعني به أحد الأبواب إلى صاحب الزمان. فطلب الشلمغاني فاختفى وهرب إلى الموصل فأقام سنين، ثمّ رد إلى بغداد. وظهر عنه أنه يدعى الربوبية. وقيل: إنّ الوزير الحُسين بن القاسم بن عُبَيْد الله بن وهب وزير المقتدر، وابني بسطام، وإبراهيم بن أحمد بن أبي عون، وغيرهم اتبعوه، وطلبوا فتغيبوا، وذلك في أيام وزارة ابن مقلة للمقتدر. فلمّا كان في شوّال سنة اثنتين وعشرين ظهر الشَّلْمغانيّ فقَبض عليه ابن مقلة وسجنه وكبس داره فوجد فيها رقعا وكتبًا مما يدعي عليه وفيها يخاطبونه بما لا يُخاطب به البَشَر. وعُرضَت على الشَّلْمغانيّ، فأقر أنها خطوطهم، وأنكر مذهبَه، وتبرَّأ مما يقال فيه. وأصرَّ على الإنكار بعض أتباعه. ومد ابن عبدوس يَدَه فصفَعَه. وأما ابنُ أبي عون فَمَدَّ يده إلى لحيته ورأسه وارتعدت يده وقبّل لحية الشَّلْمغانيّ ورأٍسه وقال: إلهي وسيدي ورازقي.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 290- 294"، سير أعلام النبلاء "14/ 566- 569"، الوافي بالوفيات "4/ 107، 108".

فقال له الخليفة الرّاضي بالله، وكان ذلك بحضرته: قد زعمت أنك لا تدعي الإلهيّة، فما هذا؟ قال: وما عليّ من قول ابن أبي عون، والله يعلم أنني ما قلت له إنني إله قط. فقال ابن عبدوس: إنه لم يدَّع إلهية قطّ، إنما أدّعى أنّه الباب إلى الإمام المنتظر. ثمّ أُحضروا مرات ومعهم الفُقهاء والقُضاة. وفي الآخر أفتى العلمّاء بإباحة دمه، فأُحرق بالنّار في ذي القعدة من السنة. وضُرِبَ ابن أبي عون بالسّياط، ثمّ ضُرِبت عُنقه، ثمّ أحرق. ولابن أبي عون المعثر تصانيف مليحه منها: " التّشبيهات"، والأجوبة المُسكِتَة، وكان من أعيان الكُتّاب. وشَلْمَغَان: قرية بنواحي واسط. 102 - محمد بن عليّ بن جعفر1. أبو بكر الكتّانيّ الصُّوفيّ. من كبار الشيوخ البغداديين. حكى عن: أبي سعيد الخراز، وإبراهيم الخواص. حكى عنه: الخلدي، ومحمد بن أحمد النجاد، ومحمد بن علي التكريتي، وجماعة. وجاور بمكة وبها توفي في هذا العام. قال محمد بن عبد الله بن شاذان: يقال: إن الكتاني ختم في الطواف اثنى عشر ألف خاتمة. وقال أبو القاسم البصري: سمعت الكتّانيّ يقول: مَن يدخل في هذه المفازة يحتاج إلى أربعة أشياء: حالًا يحميه، وعلمًا يسوسه، وورعًا يحجزه، وذكرًا يؤنسه.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 357، 358"، تاريخ بغداد "3/ 74، 76"، سير أعلام النبلاء "14/ 533- 535".

وقال: من حكم المريد أن يكون نومه غَلَبه، وأكله فاقة، وكلامه ضرورة. وقيل: إنه توفي سنة ثمان وعشرين. 103 - محمد بن عمر بن حمّاد1. أبو جعفر العُقَيْليّ الحافظ. له مصنَّف جليل في الضعفاء. وعداده في الحجازيين. قال مسَلَمَة بن القاسم: كان العُقيليّ جليل القدر، عظيم الخطر، ما رأيتُ مثله. وكان كثير التصنيف. فكان من أتاه من المحدثين قال: اقرأ من كتابك. ولا يُخْرج أصله. فتكلّمنا في ذلك وقلنا: إمّا أن يكون من أحفظ النّاس، وأمّا أن يكون من أكذب النّاس. فاجتمعنا واتّفقنا على أن نكتب له أحاديث من أحاديثه ونزيد فيها وننقص لنمتحنه. وأتيناه بها، فقال لي: اقرأ. فقرأتها عليه فلمّا أتيتُ بالزّيادة والنَّقْص فطِن لذلك، فأخذ مني الكتاب وأخذ القلم فأصلحها من حفظه وألحق النقصان وصححها كما كانت. فانصرفنا من عِنده وقد طابت أنفسنا وعلمنا أنه من أحفظ النّاس. قلت: وقال أبو الحسن بن القطان: أبو جعفر مكي الثقة، جليل القدر، عالم بالحديث، مقدم في الحفظ. تُوُفّي سنة 322. سمع: جدّه يزيد بن محمد بن حمّاد العُقيليّ، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وإسحاق بن إبراهيم الدَّبَريّ، وعَليُّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وَمحمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، ومحمد بن موسى البلْخيّ صاحب عُبَيْد الله بن موسى، ومحمد بن أيوب بن الضريس، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وجماعة. وعنه: يوسف بن أحمد بن الدخيل المصريّ، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو الحسن محمد بن نافع الخزاعي، وآخرون. وكان مقيمًا بالحجاز. تُوُفّي بمكة في شهر ربيع الأول.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 236"، 239، تذكرة الحفاظ "3/ 833، 834"، الوافي بالوفيات "4/ 291".

104 - مسرة المتوكلي1. أبو شاكر الخادم. روى عن: الحسن بن عَرَفَة، وأبي زرعة، وغيّرهما. وعنه: عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو بكر بن شاذان، والمُعَافَى النَّهروانيّ. قال الخطيب: كان غير ثقة، وضع على أبي زُرْعة. 105 - موسى بن إبراهيم بن شاهك2. أبو عِمران. بغدادي سكن بلخ. وحدث عن: العطارديّ، والحسن بن عَرَفة. روى عنه: إبراهيم بن أحمد المستملي البلخي وقال: مات في المحرَّم. حرف الهاء: 106 - الهذيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الهذيل3. أبو زفر الضَّبّيّ. تُوُفّي في شعبان. وسكن قرية جيران من أصبهان. سمع: أحمد بن يونس الضَّبّيّ. وعنه: أبو الشيخ، وعبد الله بن محمد بن الحجاج، وابن المقرئ. حرف الياء: 107 - يعقوب بن إبراهيم4. أبو بكر البغداديّ البزاز. عرف بالجراب، بفتح الجيم وتخفيف الراء. سمع: عليّ بن مسلم الطوسيّ، والحسن بن عَرَفة، ورزق الله بن موسى.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 271"، ميزان الاعتدال "4/ 96"، لسان الميزان "6/ 20". 2 تاريخ بغداد "13/ 38". 3 أخبار أصبهان "2/ 339". 4 تاريخ بغداد "14/ 263".

وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وعلي بن محمد الحلبي، وجماعة. وثقه الدَّارَقُطْنيّ. "الكنى": 108 - أبو ذهل بن أبي العبّاس بن محمد بن عصم بن بلال بن عصم الضَّبّيّ العصميّ. واسمه العبّاس بن أحمد بن محمد. وهو والد الحافظ محمد بن أبي ذهل. 109 - أبو عليّ الروذباريّ1. شيخ الصُّوفيّة. قيل: اسمه أحمد بن محمد بن القاسم بن منصور البغداديّ. وقيل: اسمه حسن بن هارون. وهو خال أحمد بن عطاء الروذباري. أخذ عنه: ابن أخته، ومحمد بن عبد الله بن شاذان الرازيّ، وأحمد بن عليّ الوجيهيّ، ومعروف الزنجانيّ، وآخرون. ورّخ وفاته أبو سعيد النّقّاش. وقد سكن مصر، وصار شيخها. صحب أبا القاسم الجنيد، وأبا الحُسين النوريّ، وأبا حمزة، وطبقتهم من البغداديّين. وصحب بالشّام أبا عبد الله بن الجلاء. وكان فقيهًا عالمًا محدثًا. روى عن: مسعود الرمليّ، وغيره.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 356، 357"، صفة الصفوة "2/ 454، 455"، سير أعلام النبلاء "14/ 535"، 536"، البداية والنهاية "11/ 180، 181"، النجوم الزاهرة "3/ 246".

وسئل عمن يسمع الملاهي ويقول: هي لي حلال لأني قد وصلت إلى درجة لا يؤثر فيَّ اختلاف الأحوال، فقال: نعم، قد وصل لعمري، ولكن إلى سقر. وقال: أنفع اليقين ما عظم الحق في عينك، وصغر ما دونه عندك، وأثبت الرجاء والخوف في قلبك. وقال أبو عليّ الكاتب: ما رأيتُ أحدًا أجمع لعلم الشريعة والحقيقة من أبي علي الروذباري. وقال أحمد بن عطاء: كان خالي يتفقه بالحديث، ويفتي بالمقاطيع. وعن أبي عليّ قال: أستاذي في التصوف الْجُنَيْد، وأستاذيّ في الحديث إبراهيم الحربيّ، وأستاذيّ في الفقه أبو العبّاس بن سريج، وأستاذيّ في الأدب ثعلب. وعن الجعابيّ قال: رحلت إلى عَبْدان فأتيت مسجده فوجدت شيخًا فكلمته، فذاكرنيّ بأكثر من مائتي حديث في الأبواب. وكنت قد سلبت في الطريق فأعطانيّ الّذي عليه. فلمّا دخل عَبْدان اعتنقه وبش به، فقلت لهم: من هذا؟ قالوا: أبو عليّ الروذباريّ. ثمّ كلمته بعد فرايته حافظًا. رحمه الله ورضي عنه. 110 - أبو نعيم بن عديّ. هو عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجانيّ. تُوُفّي سنة اثنتين في قول عليّ بن محمد بن شعيب الأستراباذيّ. وقال غيره سنة ثلاث كما يأتي. وفيات سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة: حرف الألف: 111 - أحمد بن عيسى بن السكين1. أبو العباس الشيباني البلدي.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 280".

حدث ببغداد عن: سليمان بن سيف، وهاشم بن قاسم الحرانيين. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وعمر بن شاهين، ويوسف بن مسرور القواس، ومحمد بن إبراهيم بن حمدان العاقوليّ. قال الخطيب: خرج إلى واسط في حاجة، فمات بها. وكان ثقة رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 112 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمرو1. أبو بِشْر الكندي المصعبيّ المَرْوَزِيّ. حدَّث ببغداد عن: محمود بن آدم، وغيره. وعنه: أبو الفتح الأزديّ، وابن المظفّر. قال الدَّارَقُطْنيّ: كان حافظًا عذب اللسان مجردًا في السنة والرد على المبتدعة، لكنه كان يضع الأحاديث. وقال ابن حبان: هو أحمد بن محمد بن مصعب بن بِشْر بن فضالة، كان ممن يضع المتون ويقلب الأسانيد، لعله قد قلب على الثقات أكثر من عشرة آلاف حديث كتبت أنا منها أكثر من ثلاثة آلاف حديث مما لم أشك أنه قلبها. ثمّ في آخر عمره جعل يدعي شيوخًا لم يرهم، لأني سألته قلت: أقدم من كتبت عنه بمرو من؟ قال: أحمد بن سيار. ثمّ لمّا امتحن بتلك المحنة وحمل إلى بخارى حدَّث عن عليّ بن خشرم. فأرسلت أنكر عليه، فكتب يعتذر إليَّ. سرد له ابن حبان عدة أحاديث، وقال: على أنه كان من أصلب أهل زمانه في السنة، وأنصرهم لها، وأذبهم لحريمها، وأقمعهم لمن خالفها. فنسأل الله الستر. تُوُفّي في ذي القعدة. 113 - أحمد بن نصر بن طالب2.

_ 1 المجروحين لابن حبان "1/ 156 - 163"، الكامل لابن عدي "1/ 209، 210"، ميزان الاعتدال "1/ 49"، لسان الميزان "1/ 290". 2 تاريخ بغداد "5/ 182، 183"، سير أعلام النبلاء "15/ 68"، الوافي بالوفيات "8/ 212".

أبو طالب البغداديّ الحافظ. سمع: عباس بن محمد الدوريّ، ويحيى بن عثمانٍ بن صالح المصريّ، وإسحاق الدبريّ، وإبراهيم بن برة، وهذه الطبقة. وعنه: أبو عمر بن حَيَّوَيْهِ، وابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ. وكان الدَّارَقُطْنيّ يقول: أبو طالب الحافظ أستاذيّ. قلت: تُوُفّي في رمضان. وآخر من حدَّث عنه المخلّص. وقال الخطيب: كان ثقة ثبتًا. روى عنه عبد الله بن زيدان البجليّ وهو أكبر منه. قلت: كان حافظ بغداد في زمانه. 114 - إبراهيم بْن حماد بْن إِسْحَاق بْن إسماعيل بن حماد بن يزيد1. أبو إسحاق الأزديّ العابد. سمع: عليّ بن مسلم الطوسيّ، والحسن بن عَرَفَة، وعلي بن حرب. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، والمخلّص، وأبو حفص بن شاهين. قال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة، جبل. وقال أبو حسن الجراحي: ما جئته إلا وجدته يقرأ أو يصلي. وقال أبو بكر النَّيْسابوريّ: ما رأيت أعبد منه. قلت: قد ولي ولده هارون بن إبراهيم قضاء الديار المصرية في حياة أبيه بعد أبي عُبَيْد بن حربويه، واستناب على الإقليم أخاه أبا عثمان. ثمّ عُزِل هارون سنة ست عشرة. تُوُفّي إبراهيم في سادس صفر عن نيّفٍ وثمانٍين سنة. 115 - إبراهيم بن محمد بن عَرَفَة بن سليمان العتكّيّ الواسطي2. أبو عبد الله نفطويه النحوي.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 61، 62"، المنتظم "6/ 278"، سير أعلام النبلاء "15/ 35، 36". 2 تاريخ بغداد "6/ 159، 161"، المنتظم "6/ 277، 278"، سير أعلام النبلاء "15/ 75- 77"، ميزان الاعتدال "1/ 64".

قيل: إنه من ولد المهلَّب بن أبي صُفرة. سكن بغداد، وصنَّف التصانيف. قال الخطيب: إبراهيم بن محمد بن عَرَفَة بن سليمان بن المغيرة بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي العتكي. روى عن إسحاق بن وهب العلاف، ومحمد بن عبد الملك الدّقيقيّ، وشعيب بن أيوب، وأحمد بن عبد الجبار العطارديّ، وطبقتهم. روى عنه: المُعَافَى الجريريّ، وأبو بكر بن شاذان، وأبن حَيُّوَيْه، وأبو بكر ابن المقرئ، وغيرهم. مولده سنة أربعٍ وأربعين، وكان متفننًا في العلوم. ينكر الاشتقاق ويحيله. وكان يحفظ نقائض جرير والفرزدق، وشعر ذي الرمة. وأخذ العربية عن: ثعلب، والمبرد، ومحمد بن الجهم. وخلط نحو الكوفيّين بنحو البصريين. وتفقه على مذهب، "أهل الظاهر"، ورأس فيه. وكان دينًا، ذا سنةٍ، ومروءة، وفتوة، وكيسٍ، وحسن خلق. صنف: "غريب القرآن"، و "المقنع في النحو"، و "كتاب البارع " وغير ذلك. وله شعر رائق. تُوُفّي قبل الّذي قبله بيوم واحد في صفر، كلاهما ببغداد. وله "تاريخ الخلفاء" في مجلدتين. 116 - إبراهيم بن محمد بن القاسم بن هلال القيسي الأندلسيّ1. بها. تُوُفّي في هذه السنة أو في سنة ثمانٍ وعشرين. من أهل قُرْطُبة. متعبد، فاضل، عالم. سمع من: الخشنيّ، ومحمد بن وضّاح، ومن عمه إبراهيم بن القاسم.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 11"، جذوة المقتبس "150".

117 - أسامة بن عليّ بن سعيد بن بشير. أبو رافع الرازي. ولد بسامراء، سنة خمسين ومائتين. وقدمت به أمّه على والده عليك الرازي فأسمعه الكثير، وعنى به. وكان حسن الحديث ثبتًا. تُوُفّي بمصر في ذي الحجّة. قاله ابن يونس. قلت: سمع مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وطبقته. وعنه: أبو بكر بن المقرئ. 118 - إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مِهْرَانَ1. أَبُو عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ. وُلِدَ سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَسَمِعَ: الْحَسَنَ بْنَ عَرَفَةَ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ بَكَّارٍ، وَعَلِيَّ بْنَ حَرْبٍ، وَطَائِفَةً. وَعَنْهُ: ابْنُهُ محمد، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْمخلّصُ، وَعِيسَى بْنُ الْوَزِيرِ. وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ رَاجِعًا مِنَ الْحَجِّ. قَرَأْتُ عَلَى الأَبَرْقُوهِيِّ: أَنَا الْفَتْحُ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ، أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، ثَنَا عِيسَى، أَنَا إِسْمَاعِيلُ الْوَرَّاقُ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنِي الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ محمد عن عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أعمار أمتّي ما بين السّتّين إِلَى السّبعين وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ" 2. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عالٍ. 119 - إسماعيل بن يونس البغدادي الشيعي3.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 300"، المنتظم "6/ 378"، سير أعلام النبلاء "15/ 74". 2 [حديث صحيح] : أخرجه الترمذي "2331"، وابن ماجه "4236"، وابن حبان في صحيحه "2980"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "757". 3 تاريخ بغداد "6/ 299".

عَنْ: إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، وَعَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ، وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ: ابْنُ الثَّلَّاجِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ. "حرف الباء": 120 - بندار بن إبراهيم بن عيسى. أبو محمد الأستراباذيّ، قاضي أستراباذ. ثقة، خيّر. سمع: عمار بن رجاء، وحامد بن سهل الثَّغْريّ، والحارث بن أبي أسامة. وعنه: أحمد بن محمد بن بُنْدار، وعبد الله بن عَدِيّ. "حرف الجيم": 121 - جعفر بن عبد الجبّار. ويقال: ابن عبد الرزاق القراطيسيّ. روى عن: أبي زُرْعة الدّمشقيّ، وجماعة. وعنه: أبو هاشم بن عبد الجبّار، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. "حرف الحاء": 122 - الحسن بن سعيد1. أبو القاسم البغداديّ الورّاق، ابن الهرش. سمع: محمد بن عبد الملك بن زَنْجَوَيْه، وإسحاق بن إبراهيم البَغَويّ لؤلؤ، وإبراهيم بن هانئ. وعنه: عمر بن شاهين، والدَّارَقُطْنيّ، وابن الثّلّاج. وثقه الخطيب.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 326".

123 - الحسن بن صالح البَهْنَسيّ. في رجب. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، وبحر بن نصر بن سابق، وجماعة. وتُوُفّي بالبَهْنَسا. 124 - الحسن بن عليّ بن سواده الفَهْميّ. مولاهم المصريّ. فِي رمضان. سمع: ابن يونس. 125 - الحسن بن يوسف بن يعقوب1. أبو سعيد الطَّرْميسيّ العلويّ. مولى الحُسين بن عليّ بن أبي طالب. روى عن: هشام بن عَمَّار، وغيره. رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عبد الغفار بن ذكوان، ومحمد بن مسلم ابن السمط، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. وطَرْمِيس: من قرى دمشق. تُوُفّي سنة 323. حرف الدال: 126 - داود بن نَصْر بن سُهيل. أبو سليمان البَزْدَويّ. أحد علمّاء مدينة نَسْف. سمع: عيسى بن أحمد العسقلانيّ، وأحمد بن مَحْمَوَيْه، ومكتوم بن أحمد، والتِّرْمِذيّ. روى عنه للمستغفريّ: أحمد بن عبد العزيز، ومحمد بن الفضل النسفيان.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 284".

حرف العين: 127 - العبّاس بن الفضل بن العبّاس1. أبو الفضل الدينوري بن فَضْلَوَيْه. سكن الشّام، وحدَّث عن: أبي زُرْعة الدّمشقيّ، ووريزة بن محمد، والقاسم بن موسى الأشيب. وعنه: أبو سليمان بن زبر، وأبو هاشم المؤدب، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وآخرون. وتُوُفّي في آخر السنة. 128 - عبد الله بن محمد بن سعيد2. أبو محمد المقرئ بن الجمال. بغدادي، سمع: يعقوب الدورقيّ، وعمر بن شَبَّة، وجماعة. وعنه: الجعابي، والدَّارَقُطْنيّ ووثقه، وابن شاهين. 129 - عَبْد الملك بْن سلمان الوراق. روى عَنْ: شعيب الصريفني. وعنه: أَبُو بَكْر الوراق، والدارقطني، وابن شاهين. وثقه الخطيب وأرخه. 130 - عبد الملك بن محمد بن عدي3. أبو نعيم الجرجاني الأستراباذي الْفَقِيهُ الْحَافِظُ الرَّحَّالُ. سَمِعَ: عُمَرَ بْنَ شَبَّةَ، وَعَلِيَّ بْنَ حَرْبٍ، وَالرَّمَادِيَّ، وَيَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ سَيْفٍ, وَالرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، وعمار بن رجاء، ومحمد بن عيسى

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 255". 2 تاريخ بغداد "10/ 120". 3 تاريخ بغداد "10/ 428، 429"، المنتظم "6/ 245"، سير أعلام النبلاء "14/ 541، 547". النجوم الزاهرة "3/ 251".

الدَّامَغَانِيَّ، وَمحمد بْنَ عَوْفٍ، وَأَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، وَأَبَا حَاتِمٍ، وَطَبَقَتَهُمْ بِالْعِرَاقِ، وَمِصْرَ، وَالشَّامِ، وَالْجَزِيرَةِ، وَالْحِجَازِ، وَخُرَاسَانَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، وَأَبُو محمد الْمَخْلَدِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المزكي، وأبو بكر الجوزقي، وأبو سعد عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ محمد الإِدْرِيسِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ. قَالَ الْحَاكِمُ: كَانَ مِنْ أَئِمَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَرَدَ نَيْسَابُورَ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى بُخَارَى فَرَوَى عَنْهُ الحافظ. وسمعت الأستاذ أبا وليد حسان بن محمد يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِنَا مِنَ الْفُقَهَاءِ أَحْفَظُ لِلْفِقْهِيَّاتِ وَأَقَاوِيلَ الصَّحَابَةِ بِخُرَاسَانَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْجُرْجَانِيِّ، وَلَا بِالْعِرَاقِ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيِّ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَافِظَ يَقُولُ: كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ الْجُرْجَانِيُّ أَحَدَ الْأَئِمَةِ، مَا رَأَيْتُ بِخُرَاسَانَ بَعْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ مِثْلَهُ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ. كَانَ يَحْفَظُ الْمَوْقُوفَاتِ وَالْمَرَاسِيلَ كَمَا نَحْفَظُ نَحْنُ الْمَسَانِيدَ. وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيسِيُّ: مَا أَعْلَمُ نَشَأَ بِأُسْتَرَابَاذَ مِثْلُهُ فِي حِفْظِهِ وَعِلْمِهِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ أَحَدَ الْأَئِمَةِ، وَمِنَ الْحُفَّاظِ لِشَرَائِعِ الدِّينِ مَعَ صدقٍ وَتَيَقُّظٍ وَوَرَعٍ. وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: كَانَ مُقَدَّمًا فِي الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ. وَكَانَتِ الرِّحْلَةُ إليه. وُلِدَ سنة اثْنتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَسَاكِرَ، عَنِ الْمُؤَيَّدِ الطُّوسِيِّ: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ سهل المساجدي، أنا يعقوب بن أحمد الْفَقِيهِ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَخْلَدِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو نُعَيْمِ بْنُ عَدِيٍّ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ"1. تُوُفِّيَ في آخر السنة. ورخه الحاكم سنة اثنتين وعشرين.

_ 1 [حديث صحيح] : أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "605"، وَمُسْلِمٌ "378"، وَأَبُو داود "508"، وَالتِّرْمِذِيُّ "193"، وَالنَّسَائِيُّ "627"، وأحمد في المسند "2/ 85، 87"، والدارمي "1194"، وابن خزيمة في صحيحه "374 - 376"، وابن حبان في صحيحه "1675"، والحاكم في المستدرك "1/ 198".

131 - عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد السكريّ1. أبو محمد. بغدادي، ثقة. سمع: زكريا المنقريّ، وعبد الله بن مسلم بن قُتَيْبة. وعنه: ابن حيويه، والدارقطني، وأبو بكر بن شاذان، والمخلص. 132 - عُبَيْد الله بن عبد الصّمد بن المهديّ بالله2. أبو عبد الله العبّاسي، حفيد الخلفاء. حدَّث عن: إسحاق بن سنين الختليّ، وسيار بن نَصْر الحلبيّ، وأحمد بن خُلَيْد الحلبيّ، وبكر بن سهل الدمياطيّ، ونحوهم. وكان ثقة فقيهًا شافعيًا ببغداد. روى عَنْهُ: عبد العزيز الخِرقيّ، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وجماعة. تُوُفّي في رمضان. أخبرنا ابن الظافريّ وطائفة، عن ابن اللتي، عن أبي الوقت، عن أبي عاصم الفضيليّ، عن عبد الرحمن بن أبي شريح، عنه بأحاديث. 133 - عثمانٍ بن أحمد بن الخصيب3. أبو عمرو البغداديّ. عن: حنبل بن إسحاق، وابن أبي العوام، وجماعة. وعنه: أبو الفتح الأزديّ، ومحمد بن جعفر بن النجار، وابن الثّلّاج. 134 - عثمانٍ بن أحمد بن عثمان. أبو عَمْرو المصريّ الدّبّاغ. سمع من: عُبَيْد الله بن سعيد بن عُفيْر، وطبقته. فال ابن يونس: مات في صَفَر. كتبتُ عنه، وكان ثقة ثبتًا.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 351". 2 تاريخ بغداد "10/ 351". 3 تاريخ بغداد "11/ 301".

135 - عليّ بن الحسن بن قَحْطَبة البغداديّ الصَّيْقل1. روى عن: محمود بن خداش، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، ومجاهد بن موسى. وعنه: الدارقطني، وابن شاهين، ويوسف القواس، وعبد الله بن عثمان الصفار. ثقة. 136 - علي بن الحسن بن سلام الشرغي. وشرغ: قرية ببخارى. سمع من: عبد الصمد بن الفضل البلخي، وسهل بن خلف، وسهل بن المتوكل البخاري، وعلي بن العزيز البغوي. ورحل إلى مصر وغيرها. وعنه: محمد بن نصر بن خلف، وغيره. 137 - علي بن الفضل البلخي الحافظ2. رحال جواد ثبت. روى عن: أحمد بن سيّار المَرْوَزِيّ، وأبي حاتم، وأبي قِلابة الرقّاشيّ، وطبقتهم. روى عنه: ابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين. مات ببغداد. 138 - عليّ بن محمد بن عمر3. أبو القاسم بن الشَّرِيحيّ البزاز. بغداديّ. روى عن: عليّ بن حرب، وحميد بن الربيع، وعمر بن شبة.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 382". 2 تاريخ بغداد "12/ 47، 48"، المنتظم "6/ 280"، سير أعلام النبلاء "15/ 69، 70"، البداية والنهاية "11/ 183". 3 تاريخ بغداد "12/ 68".

وعنه: ابن شاهين، والدارقطني، وجماعة. 139 - علي بن محمد بن هارون1. أبو الحسن الحميري، الكوفي الفقيه. حدث ببغداد عن: أبي كُرَيْب، وأبي سعيد الأشجّ، وهارون بن إسحاق. روى عنه: أبو بكر الوراق وأثنى عليه، ومحمد بن أحمد بن حماد الحافظ وقال: كان يحفظ عامّة حديثه، وكان ثقة. سمعته يقول: ولدت سنة إحدى وثلاثين ومائتين. وتُوُفّي سنة ثلاث وعشرين. وقيل: هو آخر من روى عن أبي كُرَيِب، وآخر من حدَّث عنه محمد بن عبد الله الْجُعْفيّ الهَرَوانيّ. وولي قضاء الكوفة. وقع لنا جزء من حديثه. وعنه أيضًا محمد بن محمد الكِنْديّ الطّحّان. 140 - عمر بن الحسن بن عليّ بن الْجَعْد الجوهريّ البغداديّ2. أبو عاصم. روى عن: أبي الأشعث، وزيد بن أخرمَ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن شاذان، وابن شاهين. وثقه الخطيب. حرف القاف: 141 - القاسم بن إسماعيل بن محمد بن أبان3. أبو عُبَيْد المَحَامليّ، أخو القاضي أبي عبد الله المحاملي.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 68". 2 تاريخ بغداد "11/ 226". 3 تاريخ بغداد "12/ 447، 448"، سير أعلام النبلاء "15/ 263"، شذرات الذهب "2/ 300".

سمع: الفلّاس، ومحمد بن المثنى، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وطبقتهم. وعنه: ابن المظفر، والدارقطني، وعيسى بن الجراح، وطائفة. وكان ثقة. 142 - القاسم بن إبراهيم الملطي1. حدث ببغداد عن: لُوَيْن. روى عنه: عليّ بن لؤلؤ، وعلي الحربيّ. قال الخطيب: كان كذابًا أفاكًا. ثمّ ورَّخ وفاته. حرف الميم: 143 - محمد بن أحمد بن أسد2. أبو بكر الحافظ، ويُعرف بابن البُسْتَنْبان، ويُلَقَّب كزاز. سمع: الزُّبَيْر بن بكّار، وعيسى بن أبي حرب، وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، والمُعافَى الْجَريريّ. وثّقه الخطيب. وعاش اثنتين وثمانٍين سنة. 144 - محمد بن أحمد بن عُمارة3. أبو الحسن الدّمشقيّ العطّار. وُلد سنة سبعٍ وعشرين ومائتين. وسمع: أبا هاشم الرفاعيّ، والمسيب بن واضح، وعَبْده بن عبد الرحيم المَرْوَزِيّ، وزياد بن أيّوب. وعنه: محمد بن موسى السمسار، وأبو بكر المقرئ، وابن زَبْر وقال: تُوُفّي في رمضان، وأبو عليّ بن مُهَنّا، وعبد الوهّاب الكلابي.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 446"، ميزان الاعتدال "3/ 367، 368"، لسان الميزان "4/ 456، 457". 2 تاريخ بغداد "1/ 279، 280"، البداية والنهاية "11/ 183". 3 تاريخ دمشق "36/ 346".

145 - محمد إبراهيم بن عَبْدَوَيْه بن سَدُوس1. أبو عبد الله الهُذَليّ العَبْديّ النَّيْسابوريّ الحافظ. سمع: أبا عبد الله البُوسَنْجيّ، وأحمد بن نجده الهَرَوِيّ، وأبا خليفة. ورحل إلى الشّام، ومصر. روى عنه: الحُسين المّاسرجسيّ، وأبو إسحاق المزكيّ، وأحمد بن حَسْكَوَيْه. 146 - محمد بن إسماعيل بن محمد بن سلّام2. أبو بكر الخشنيّ. مولاهم الدمشقي المعدل، المعروف بابن البصّال. أصلهم من خراسان، وكان نائب أبي محمد بن زَبْر القاضي على قضاء دمشق. روى عن: شعيب بن عَمْرو، وصالح بن أحمد بن حنبل، وبكار بن قُتَيْبة، وجماعة. وعنه: محمد وأحمد ابنا موسى السَّمْسار، وأبو هاشم المؤدب، وعبد الوهّاب الكلابي. 147 - محمد بن الحسن بن محمد بن قُديد. أبو منصور السعديّ البخاريّ. روى عن: أبي عبد الله البخاريّ. وعنه: ابنه أبو حرب. تُوُفّي في ربيع الآخر. 148 - محمد بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ موسى السعدي3. أبو التريك الحمصي، نزيل طرابلس. سَمِعَ: محمد بْنَ عَوْفٍ، وَأَبَا عُتْبَةَ أَحْمَدَ بْنَ الْفَرَجِ، وَأَحْمَدَ بْنَ مَيْمُونٍ الصَّنْعَانِيَّ، وَعَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ بَكْرِ بْنِ الشَّرُودِ. فَإِنَّهُ دَخَلَ اليمن.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 313". 2 تاريخ دمشق "37/ 166". 3 الإكمال لابن ماكولا "1/ 506"، المشتبه في أسماء الرجال "2/ 589"، تذكرة الحفاظ "3/ 805".

وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُطَرِّزِ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بْنُ زَبْرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، لَقِيَهُ بِمَكَّةَ، وَابْنُ جميع فقال: اثنا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سنة ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْقَوَّاسِ: أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيِّ حُضُورًا: أَنَا جمال الْإِسلَام، أَنَا ابن طلاب، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ جُمَيْعٍ، ثَنَا أَبُو التُّرَيْكِ محمد بْنُ الْحُسَيْنِ، ثَنَا أَبُو عُتْبَةَ، ثَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ سَبْعَ خَنَادِقَ، كُلُّ خندقٍ كَمَا بَيْنَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ وَسَبْعِ أَرَضِينَ" 1. 149 - محمد بن عُبَيْد الله بن محمد2. أبو سَلَمة الْجُمَحيّ الدّمشقيّ. سمع: موسى بن عامر، وبكار بن قُتَيْبة، وجماعة. وعنه: عمر بن عليّ العَتَكيّ، وعبد الوهّاب الكلابيّ، وابن زَبْر. 150 - مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن بلبل الهَمَدانيّ الزَّعفرانيّ3. سمع: الحسن بن أبي ربيع، وعلي بن أشكاب، وأبا زرعة الرازي، وكتب عنه خمسين ألف حديث. وعنه: الدارقطني، وأبو علي بن البغدادي الأصبهاني، وأهل أصبهان. رُوِيَ عنه قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نيفًا وتسعين مرة. وجده هو ابن زياد بن يزيد بن هارون الواسطيّ. وأخوه قاسم سيُذكر قريبًا. 151 - محمد بن عبد الأعلى بن محمد.4 أبو هاشم الأنصاريّ. مولاهم الدّمشقيّ. ويعرف بابن عُليل كان إمام جامع دمشق.

_ 1 [حديث صحيح لغيره] : أخرجه الترمذي "1624"، والطبراني في الكبير "8/ 281"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "563". 2 تاريخ دمشق "38، 270". 3 تاريخ بغداد "5/ 446، 447"، المنتظم "6/ 281"، سير أعلام النبلاء "15/ 234، 235". 4 تاريخ دمشق "38/ 203".

روى عن: هشام بن عمّار، وقاسم بن عثمانٍ الجوَعيّ، وغيرهما. وعنه: ابنه إبراهيم، وأبو محمد بن ذكوان، وأبو هاشم عبد الجبار، وأبو سليمان بن زبر، وعبد الوهاب الكلابي، وعبد الله بن محمد الرازي. وكان يخضب بالحمرة. توفي في ربيع الآخر. وقع لنا من عواليه. 152 - محمد بن علي بن حمزة بن أبي هريرة الأنطاكي1. أبو بكر. سمع: أبا أُميّة الطَّرسوسيّ، ويزيد بن عبد الصّمد، وعنه: ابن شاهين، والمُعَافَى الْجَرِيريّ، والدَّارَقُطْنيّ. وكان ثقة. تُوُفّي في رمضان. 153 - محمد بن يوسف2. أبو عليّ التُّرْبانيّ السَّمَرْقَنديّ. رحل وسمع: محمد بن إسحاق الصَّغَانيّ. وعنه: محمد بن جعفر بن جابر. وتُرْبان: من قرى سمرقند. 154 - مُوسَى بْنُ الْعَبَّاسِ3. أَبُو عِمْرَانَ الْجُوَيْنِيُّ الْحَافِظُ. سَمِعَ: أَحْمَدَ بْنَ الْأَزْهَرِ، وَالذُّهْلِيَّ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ هَاشِمٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ يُوسُفَ السَّلَمِيَّ، وَيُونُسَ بْنَ عبد الأعلى، والرمادي، وخلقًا من طبقتهم.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 77"، تهذيب التهذيب "9/ 353". 2 الأنساب لابن السمعاني "3/ 38". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 818، 819"، سير أعلام النبلاء "15/ 235، 236"، شذرات الذهب "2/ 300".

وَعَنْهُ: الْحُسَيْنُ بْنُ سُفْيَانَ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ، وَأَبُو أحمد الحاكم، وأبو محمد المخلدي، وجماعة كثيرة. وَتُوُفِّيَ بِجُوَيْنَ. وَكَانَ حَافِظًا نَبِيلًا. قَالَ أبو عبد الله الْحَاكِمُ: هُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ بِمَرَّةٍ، صنف عَلَى "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" صَحِيحًا، وَصَحِبَ أَبَا زَكَرِيَّا الأَعْرَجَ بِمِصْرَ وَالشَّامِ. وَسَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ الْمزكّيّ يَقُولُ: كَانَ أَبُو عِمْرَانَ الْجُوَيْنِيُّ نَازِلٌ فِي دَارِنَا. وَكَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، وَيُصَلِّي وَيَبْكِي طَوِيلًا. أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْح: أَنَا زَاهِرٌ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ، أَنْبَا موسى بن العباس، اثنا عبد الله بن هاشم، اثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَضَ مَوْتِهِ قَالَ: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" 1. أحداث سنة أربع وعشرين وثلاثمائة: حرف الألف: 155 - أحمد بن إبراهيم بن كمّونة. أبو جعفر المَعَافِريّ المصريّ. روى عن: عليّ بن مَعْبَد، ويونس بن عبد الأعلى. وثقه ابن يونس، وحدَّث عنه. 156 - أحمد بن إبراهيم بن حبيب الهَمَدانيّ البغداديّ2. سمع: عليّ بن حرب، وجماعة.

_ 1 [حديث صحيح] : أخرجه البخاري "664، 712، 713"، مسلم "418"، وابن ماجه "1232"، أحمد في المسند "6/ 210"، وابن حبان في صحيحه "2120". 2 تاريخ بغداد "4/ 13".

وعنه ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وعبد الوهّاب الكلابيّ. ووثقه الدَّارَقُطْنيّ. 157 - أحمد بن بقيّ بن مَخْلَد الأندلسي1. أبو عُمَر. سمع كتب أبيه بسّ. وكان حليمًا وقورًا عاقلًا إلى الغاية، كثير التّلاوة قويّ المعرفة بالقضاء. ولي الحُكم عشرة أعوام وكان يثّبت في أحكامه. وكان أمير الأندلس النّاصر لدين الله يحترمه ويجلّه. وسمع النّاسُ منه كثيرًا. مات رحمه الله في جُمَادَى الأولى، وكان من أوعية العلم. 158 - أحمد بن جعفر بن موسى بْن يحيى بْن خَالِد بْن بَرْمَك2. أبو الحسن البرمكيّ جحظة النديم. كان أديبًا بارعًا إخباريًا متصرفًا في فنون العلم. وكان مقدَّمًا في صناعة الغناء. له أخبار ونوادر. وعاش مائة سنة، والأصحّ أنه عاش ستّا وتسعين سنة. جمَع أبو نَصْر بن المَرْزُبان أخباره وأشعاره. له: أصبحتُ بين معاشر هجروا النَّدى ... وتقبّلوا الأخلاقَ مِن أسلافهمْ قوم أحاول بذْلهم فكأنّما ... حاولتُ نَتْفَ الشَّعْر من آنافهم هات اسقنيها بالكبير وغَنِّني ... "ذَهب الّذين يُعاش في أكنافِهمْ"

_ 1 المنتظم "6/ 283"، سير أعلام النبلاء "15/ 83، 84"، الوافي بالوفيات "6/ 266"، وشذرات الذهب "2/ 201". 2 تاريخ بغداد "4/ 65- 69"، الأنساب "2/ 170، 171"، وسير أعلام النبلاء "15/ 221"، ولسان الميزان "1/ 146".

وكان جحظة مشَّوها فعمل فيه ابن الرّوميّ: نُبِئت جَحْظَة يستعيرُ جُحوظهُ ... من فيل شطرنجٍ ومن سَرطان وَارَحْمَتا لمُنادِمِيه تَحَمَّلوا ... أَلَمَ العيونِ للذَّة الآذان وقال الخطيب: أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو فرج الأصبهاني، والمعافي بْن زكريّا، وأبو عُمَر بْن حَيَّوَيْهِ، وغيرهم. وما أحسبُه روى شيئًا من المُسْنَد سامحه الله. ومن جيّد شعره: وَلَيْلٍ في كواكبه حِرانٌ ... فليس لطُول مُدّتِه انقضاءُ عدمتُ محاسنَ الإصباح فيه ... كأنّ الصبُّح جُودٌ أو وفاء قال أبو فرج صاحب " الأغاني": كان جحظة متصرّفًا في فنون كثيرة، عارفًا بصناعة النّجوم، كثير الإصابة في أحكامها. مليح الشّعر، حلْو الطبْع. حاضر النادرة، بارعًا في لعب النَّرْد، حاذقًا بالطَّبْخ له فيه مصنَّف. عالمًا بابنيات الملوك وزيّهم في مجالسهم. وكان ليَ وادًّا مخلصًا. ولي آنسًا متحققًا. ولم يكن أحدٌ يتقدمه في صنعة الغناء وأكثرها مِن شِعره، فيقال: ما رأي مثل نفسه. فحدَّثني أنّه دخل على المعتمد على الله فغناه طرب وأمر له بخمسمائة دينار "فكانت أول خمسمائة دينار رأيتها عندي جملة". وأخباره كثيرة. 159 - أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن الجنيد1. أبو عبد الله الدّقاق. بغداديّ، صدوق. سمع: زياد بن أيّوب، وأحمد بن المقدام. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وغيّرهما. 160 - أحمد بن خالد بن الخليل البخاري.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 100، 101".

عن: أحمد بْن زهير، وأبي عَبْد اللَّه بْن أَبِي حفصة. وعنه: خَلَف الخيّام. 161 - أحمد بن السرِيّ بن سهل. أبو حامد النَّيْسابوريّ الجلّاب. سمع: محمد بن يزيد السُّلميّ، وسهل بن عمّار، وطبقتهما. وعنه: محمد بن الفضل المذكَّر، وأبو محمد الشَّيْبانيّ. 162 - أحمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى بن كثير الليثي القرطبي اللغوي. روى عن: عمّ أبيه عُبَيْد الله. وقُتِل شهيدًا رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 163 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الجرّاح الضّرّاب1. سمع: الزَّعْفرانيّ، وسعْدان بن نَصْر، ومحمد بن سعيد العطّار. بغداديّ، ثقة. روى عنه: الدارقطني، وابن شاهين، والقواس. 164 - أحمد بن موسى بن العبّاس بن مجاهد2. أبو بكر البغداديّ. شيخ القرّاء في عصره، ومصنف السبعة. سمع: الرمادي، وسعدان بن نَصْر، ومحمد بن عبد الله المخرّميّ، وأبا بكر الصَّغانيّ، وجماعة. قرأ القرآن على: قُنْبُل، وأبي الزَّعْراء بن عَبْدُوس، وغيّرهما. وسمع الحروف من جماعة سمّاهم في كتاب " القراءات " له.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 418". 2 تاريخ بغداد "5/ 144- 148"، المنتظم "6/ 282، 283"، سير أعلام النبلاء "15/ 272، 274"، الوافي بالوفيات "8/ 200"، شذرات الذهب "2/ 302"، الأعلام "1/ 261".

وقال الخطيب بإسنادٍ ذكره إلى ثعلب أنّه قال في سنة ست وثمانٍين ومائتين. ما بقي في عَصْرنا أعلم بكتاب الله من ابن مجاهد. وكان من أهل الظُرْف. جاء عنه في ذلك أشياء. قال مرّةً: من قرأ لأبي عَمْرو، وتمذهب للشّافعيّ، وأتَّجرَ في البَزّ، وروى شعر ابن المعتز، فقد كمل ظرفه. وعن عُبَيْد الله الزهري قال: انتبَهَ أبي فقال: رأيتُ يا بُنَيّ كأنّ من يقول: مات مقوم وحي الله. فلمّا أصبحنا إذا بابن مجاهد قد مات. قرأ عليه خلق كثير، منهم: عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو عيسى بكّار بن أحمد، والحسن بن سعيد المطوعي، وأبو فرج الشَّنَبوذيّ، وأبو بكر الشذائيّ، وأبو أحمد السامرّيّ، وأحمد بن محمد العجلي، والحسين بن حبش الدينوري، وأبو الحسن عليّ بن الحُسين الغضائريّ، وأبو الحُسين عُبَيْد الله بن البوّاب، وطلحة بن محمد بن جعفر، وأبو الحسن منصور بن محمد بن عثمان المجاهدي الضرير عاش إلى سنة أربعمائة. وكان يأخذ على الإنسان الخاتمة بدينار، أعني المجاهديّ. وممن حدَّث عن ابن مجاهد: أبو حفص بن شاهين، وعمر الكتّانيّ، وأبو بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو مسلم الكاتب. وكان ثقة مأمونًا. وُلد سنة خمسٍ وأربعين ومائتين، وتُوُفّي في شعبان من هذا العام. قرأت كتابه في السّبعة على أبي حفص بن القّواس: أنبأنا الكِنْديّ، أنا أبو الحسن بن توبة، أنبا أبو محمد الصّرِيفينيّ، أنبا أبو حفص الكتّانيّ، أنا المصنّف رحمه الله. قال أبو عَمْرو الدّانيّ: فاقَ ابن مجاهد في عصرِه سائر نظائره من أهل صناعته مع اتِّساع علمه وبراعة فهمه وصدْق لهجته وظهور نُسُكه. ثمّ سمى الداني خلقًا كثيرًا ممّن قرأ عليه، وأنّه تصدَّر للإقراء في حياة محمد بن يحيى الكِسائيّ. وقال عبد الواحد بن أبي هاشم: سأل رجل ابن مجاهد: لِمَ لا تختار لنفسك

حرفًا يُحمل عنك؟ قال: نحنُ إلى أن نعمل أنفسنا في حفظ ما مضى عليه أئمّتنا أحوج منّا إلى اختيار حرفٍ يَقرأ به مَن بعدنا. وسمعت فارس بن أحمد يقول: انفرد ابنُ مجاهد عن قُنْبل بعشرة أحرف لم يُتَابَع عليها. وقال عليّ بن عمر المقرئ: كان لابن مجاهد في حلقته أربعة وثمانٍون خليفة يأخذون على النّاس. وقال عبد الباقي بن الحسن: كان في حلقته خمسة عشر ضريرًا يتلقنون لعاصم. وقيل: كان ابن مجاهد يجيد الغناء والموسيقى، وفيه ظُرف البغاددة مع الدِّين والخير. 165 - أحمد بن محمد بن عَلُّويْه الْجُرْجانيّ الرّزّاز1. عن: محمد بن سليمان الباغَنْديّ، وإسماعيل القاضي، وطبقتهما. وعنه: إسماعيل بن سعيد الْجُرْجانيّ الحافظ، وأحمد بن أبي عمران. تُوُفّي في ربيع الآخر، رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 166 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى2. الفقيه أبو بكر الْجُرْجانيّ. روى عن: أبي حاتم الرّازيّ، وعبد اللَّه بن رَوْح المدائنيّ، وجعفر الصّائغ. "حرف الجيم": جحظة. مرَّ. 167 - جعفر بن عبد الكريم3. أبو الحسين الجرجاني العطار.

_ 1 تاريخ جرجان السهمي "76". 2 تاريخ جرجان "98". 3 تاريخ جرجان "175".

سمع: عمّار بن رجاء، وأبا حاتم. تُوُفّي في جُمَادَى الْأولى. "حرف الحاء": 168 - الحَسَن بن عليّ بن موسى العدّاس. المصري الإخباريّ. ورّخه ابن يُونُس. 169 - الحسن بن محمد بن أحمد بن هشام1. أبو القاسم بن برغوث السُّلميّ الدّمشقيّ. عن: العبّاس بن الوليد، ويزيد بن عبد الصّمد، وجماعة. وعنه: أبو هاشم المؤدَّب، وعبد الوهّاب الكلابي، وآخرون. "حرف الراء": 170 - رضوان بن أحمد بن إسحاق بن عطيّة الصَّيْدلانيّ2. ابن جالينوس. سمع: الحسن بن عَرَفَة، والرمادي، وأحمد بن عبد الجبّار العُطَارِديّ. وروى عنه المغازي. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، والمخلّص، وغيرهم. وكان ثقة. "حرف الصاد": 171 - صاعد بن عبد الرحمن بن صاعد بن عبد السلام3.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 240". 2 تاريخ بغداد "8/ 432". 3 تاريخ دمشق "17/ 344"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 361".

أبو القاسم التّميميّ. ويقال: النَّصْريّ النّحّاس، ويُعرف بابن البرّاد الدّمشقيّ. سمع: شعيب بن عَمْرو، وشعيب بن شعيب، ومحمد بن سليمان بن بنت مطر، والربيع المراديّ، وبكّار بن قُتَيْبة. وعنه: عبد الجبّار المؤدّب، وأبو محمد عبد الله بن ذَكْوان البَعْلَبَكّيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. وحدَّث بمصر. وثّقه ابن يونس. وتُوُفّي في ربيع الأوّل. 172 - صالح بن محمد بن شاذان. أبو الفضل الكرديّ الإصبهانيّ. سمع بمكّة: عليّ بن عبد العزيز، وأحمد بن مهران بأصبهان. وعنه: أبو الشيخ، وابن المقرئ. "حرف العين": 173 - عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عامر. أبو القاسم الطّائيّ. عن أبيه عن عليّ بن موسى الرّضا بنسخةٍ. وعنه: أبو بكر بن شاذان، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسن الجنيدي وأحسبُه واضع تلك النّسخة، والحسن بن عليّ الزُّهْريّ. 174 - عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المغلس البغدادي1. أبو الحسن الفقيه الداوودي الظّاهريّ أحد أئمّة الظّاهر. له مصنَّفات في مذهبه.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 385"، المنتظم "6/ 286"، سير أعلام النبلاء "15/ 77، 78".

روى عن: جدّه، وجعفر بن محمد بن شاكر، وأبي قلابة الرَّقاشيّ، وإسماعيل القاضي. روى عنه: أبو الفضل الشيباني، وغيره. أخذ عن محمد بن داوود الظاهري. انتشر عنه مذهب أهل الظاهر في البلاد. وكان ثقة إمامًا، واسع العلم، كبير المحلّ. خَلَفه في حلقته تلميذه حيدرة بن عمر. وممن تفقّه به: عبد الله بن محمد بن أخت وليد الّذي ولي قضاء مصر، وعلي بن خالد البصريّ، وغير واحدٍ. وله من التّصانيف: كتاب "أحكام القرآن"، وكتاب "الموضح في الفقه"، وكتاب "المبهج"، وكتاب "الدامغ" في الرد على من خالفه، وغير ذلك. 175 - عبد الله بن محمد بن زياد بْنِ وَاصِلِ بْنِ مَيْمُونٍ1. أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْحَافِظُ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، مَوْلَى آلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. سَمِعَ: محمد بْنَ يَحْيَى، وَأَحْمَدَ بْنَ يُوسُفَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ هَاشِمٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ الْأَزْهَرِ بِبَلَدِهِ، وَيُونُسَ، وَالرَّبِيعَ، وأحمد بن أخي بن وَهْبٍ، وَأَبَا إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيَّ الْمِصْرِيَّيْنِ، وَأَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، وَالْعَبَّاسَ بْنَ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيَّ، وَالْحَسَنَ بْنَ محمد الزَّعْفَرَانِيَّ، وَالرَّمَادِيَّ، وَعَلِيَّ بْنَ حَرْبٍ، وَمحمد بْنَ عَوْفٍ، وَهَذِهِ الطبقة. وَعَنْهُ: ابْنُ عُقْدَةَ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ، وَحَمْزَةُ الْكَتَّانِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ الْإِصْبَهَانِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ الْمُظَفَّرِ حُفَّاظُ الدُّنْيَا، وَأَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْه، وَأَبُو حَفْصٍ الْكَتَّانِيُّ، وَابْنُ شَاهِينَ، وَالْمُخَلِّصُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَّشِيدَ قَوْلَهُ، وَآخَرُونَ. قَالَ الْحَاكِمُ: كَانَ إِمَامَ عَصْرِهِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْعِرَاقِ، وَمِنْ أَحْفَظَ النَّاسِ لِلْفِقْهِيَّاتِ وَاخْتِلافِ الصَّحَابَةِ.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 120 - 122"، المنتظم "6/ 286، 287"، سير أعلام النبلاء "5/ 65 - 68"، تهذيب التهذيب "5/ 132".

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْهُ. وَكَانَ يَعْرِفُ زِيَادَاتِ الأَلْفَاظِ فِي الْمُتُونِ. وَلَمَّا قَعَدَ لِلتَّحْدِيثِ قَالُوا: حَدِّثْ. قَالَ: بَلْ سَلوا. فَسُئِلَ عَنْ أَحَادِيثَ أَجَابَ فِيهَا وَأَمْلَاهَا. وَكَانَ ثَنَا عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ ابن جريج، عن أبي زبير، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا" 1. ثُمَّ سَمِعْتُ صَوَابَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ مُرْسَلًا. وَقَالَ يُوسُفُ الْقَوَّاسُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: نعرف مَنْ أَقَامَ أَرْبَعِينَ سنة لَمْ يَنَمِ الليل وَيَتَقَوَّت كُلَّ يَوْمٍ بِخَمْسِ حَبَّاتٍ. يُصَلِّي صَلَاةَ الْغَدَاةِ عَلَى طَهَارَةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ. ثُمَّ قَالَ: أَنَا هُوَ. وَهَذَا كُلُّهُ قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ أُمَّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِمَنْ زَوَّجَنِي. ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَادَ إِلَّا الْخَيْرَ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كُنَّا فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَبُو طَالِبٍ الْحَافِظُ، وَالْجِعَابِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، فَجَاءَ فَقِيهٌ فَسَأَلَ: مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا" 2؟ فَلَمْ يُجِيبُوهُ. ثُمَّ ذَكَرُوا وَقَامُوا فَسَأَلُوا أَبَا بَكْرِ بْنَ زِيَادٍ فَقَالَ: نَعَمْ، ثَنَا فُلَانٌ. ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ مَنْ حَفِظَهُ. وَالْحَدِيثُ في مسلم. قال ابن نَافِعٍ: تُوُفِّيَ فِي رَابِعِ رَبِيعٍ الْآخَرِ. قُلْتُ: وولد سنة ثمانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنَا أَبُو الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد، نَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد النَّيْسَابُورِيُّ إِمْلَاءً: ثَنَا محمد بْنُ يَحْيَى، ثَنَا محمد بْنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنِي الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،

_ 1 "حديث صحيح لغيره" أخرجه البخاري "5109"، ومسلم "1408"، وأبو داود "2066"، الترمذي "1126"، والنسائي "6/ 98"، وابن ماجه "1929"، أحمد في المسند "2/ 432 - 474"، وابن حبان في صحيحه "4068" كلهم من طريق أبي هريرة. 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "522"، أحمد في المسند "5/ 383"، وابن خزيمة في صحيحه "264"، وابن حبان في صحيحه "1697، 6400"، وغيرهم.

عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "نَهَى أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ فِي نعلٍ وَاحِدَةٍ" 1. 176 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حُسين2. أَبُو محمد بن عرّة الحذّاء. سمع جزءًا من إسحاق الفارسيّ شاذان. روى عنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وعمر بن إبراهيم الكتّانيّ. 177 - عبد الله بن محمد نصير. أبو محمد المدينيّ. عن: أحمد بن مهديّ. وعنه: ابنُه أبو مسلم. 178 - عبد الرحمن بن سعيد بن هارون3. أبو صالح الإصبهانيّ. حدَّث ببغداد عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتَة، وأحمد بْن الفُرات، وعبّاس الدُّوريّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبو العبّاس بن مكرم، وأبو الحسن الجراحيّ. وثقه الخطيب. 179 - عبد الرحمن بن محمد بن الحسين الخراساني. أبو القاسم الواعظ البارع، الأديب. سمع: السريّ بن خُزَيْمَة، والحسين بن الفضل، وموسى بن هارون. وعنه: ابُنه أبو الحُسين، وأبو إسحاق المزكي، وجماعة. وعاش إحدى وستين سنة.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "5856"، ومسلم "2097"، أبو داود "4136"، والترمذي "1774"، وابن ماجه "3617"، وابن حبان في صحيحه "5460". 2 تاريخ بغداد "10/ 122". 3 أخبار أصبهان "2/ 113"، تاريخ بغداد "10/ 288".

قال الحاكم: سمعتُ أبي يقول: سمعت ابن خُزَيْمَة وحضر مجلس أبي القاسم، فلمّا فرغ من الوعظ قال ابن خُزَيْمَة: ما رأينا مثل أبي القاسم ولا رأي مثل نفسه. قال أبو سهل الصُّعْلُوكيّ: ما رأيتُ مثل أبي القاسم مذكّرًا، ولا مثل السّرّاج محدِّثًا، ولا مثل أبي سَلمة أديبًا. 180 - عبد الصّمد بن سعيد بن عبد الله بن سعيد1. أبو القاسم الكِنْديّ القاضي الحمصيّ، قاضيها. سمع: محمد بن عَوْف، وسليمان بن عبد الحميد البَهْرانيّ، وعمران بن بكّار، وأحمد بن عبد الوهّاب الحَوْطيّ، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر، وجماعة. وله تاريخ لطيف في ذِكر من نزل حمص من الصّحابة. سمع منه: ابن جَوْصا وهو أكبر منه. وروى عنه: جُمَح بن القاسم، وأبو سليمان بن زَبْر، وأبو بكر الأبْهريّ، والحسن بن عبد الله بن سعيد الكِنْديّ، وعليّ بن محمد بن إسحاق الحلبيّ، وآخرون. 181 - عتيق بن أحمد بن حامد بن سعْدان. أبو منصور البخاريّ الكْرمينيّ. سمع: عُبَيْد الله بن واصل، والفضل بن عُمَيْر. وعنه: النضر بن موسى بن هارون الأديب، وغيره. تقريبًا 182 - عتيق بن عامر بن المنتجع. أبو بكر الأسديّ البخاريّ. عن: صالح بن محمد الرازيّ، والبخاريّ. وعنه: محمد بن نَصْر المَيْدانيّ، وأحمد بن عُرْوة البخاريّان. تُوُفّي فيها.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 266، 267"، شذرات الذهب "2/ 302، 303".

183- عليّ بن إسماعيل بن أبي بِشْر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بُرْدَة بْنِ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الأشعري1. أبو الحسن البصْريّ المتكلّم صاحب التّصانيف في الكلام والأصول والمِلَل والنِّحَل. وُلِد سنة ستّين ومائتين، وقيل: سنة سبعين. أخذ عن: أبي عليّ الْجُبّائيّ الكلام. وسمع من: زكريّا السّاجيّ، وأبي خليفة الْجُمَحيّ، وسهل بن نوح، ومحمد بن يعقوب المقرئ، وعبد الرحمن بن خَلَف الضّبيّ البصْريّين. وروى عنهم في تفسيره كثيرًا. وكان معتزليًا، ثمّ تابَ مِن الاعتزال. وصعِد يوم الجمعة كُرْسيًّا بجامع البصرة ونادى بأعلى صوته: مَن عرفني فقد عرفني، ومَن لم يعرفني فأنا فلان ابن فلان، كنت أقول بخلْق القرآن، وأنّ الله لا يرى بالأبصار، وأنّ أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائبٌ معتقد الرّدّ على المعتزِلة، مُبيّنٌ لفضائحهم. قال الأهوازيّ: سمعتُ أبا عبد الله الجمرانيّ يقول: لم نشعر يوم الجمعة وإذا بالأشعريّ قد طلع على منبر الجامع بالبصرة بعد الصّلاة ومعه شريط، فشده إلى وسطه ثمّ قطعه وقال: اشهدوا عليّ أنّي كنتُ على غير دين الإسلام وإنّي أسلمتُ السّاعة، وإنيّ تائب من الاعتزال. ثمّ نزل. قال أبو عَمْرو الزّجاجي: سمعت أبا سهل الصُّعْلُوكيّ يقول: حضرنا مع الأشعريّ مجلس علويّ بالبصرة، فناظر أبو الحسن المعتزلة، وكانوا كثيرًا، حتّى أتى على الكُلّ فهزمهم، كلّ ما انقطع واحدٌ أخذ الآخر حتّى انقطعوا، فَعُدْنا في المجلس الثاني، فما عاد أحد فقال بين يدي العلويّ: يا غلام اكتب على الباب: فرّوا. وقال أبو الحسن عليّ بن محمد بن يزيد الحلبي: سمعت أبا بكر الصيرفي يقول: كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله الأشعري فحجرهم في أقماع السمسم.

_ 1 المنتظم "6/ 332، 333"، سير أعلام النبلاء "15/ 85 - 90"، البداية والنهاية "11/ 187".

ابن الصَّيْرفي هذا من كبار الأئمّة الشّافعيّة. وقال ابن الباقلاني: سمعتُ أبا عبد الله بن خفيف يقول: دخلت البصرة، وكنت أطلب أبا الحسن فإذا هو في مجلس يناظر، وثمَّ جماعة من المعتزلة، فكانوا يتكلّمون، فإذا سكتوا وأنهوا كلامهم قال: كذا قلتَ وكذا وكذا، والجواب كذا وكذا. إلى أن يجيب الكُلّ. فلمّا قام تبِعْتُه فقلت: كم لسانٌ لك، وكم أذن لك، وكم عين لك؟ فضحك وقال: من أين أنت؟ قلت: من شيراز. وكنت أصحبه مع ذلك. وقال ابن باكوَيْه: سمعت ابن خفيف، فذكر حكايةً وفيها: فحملني أبو الحسن إلى دارٍ لهم تُسمّى دار المّاورديّ، فاجتمع به جماعةٌ من مخالفيه، فقلت له: تسألهم مسألة؟ فقال: السؤال بدعة لأنيّ أظهرت بدعةً أنقض بها كُفْرهم، وإنمّا هم يسألوني عن مُنْكَرهم فيلزمني رد بطلهم إلزامًا. فسألوه، فتعجّبت من حسن كلام أبي الحسن لما أجاب. ولم يكن في القوم مَن يوازيه في النَّظَر. قال ابن عساكر: قرأتُ بخط عليّ بن نقا المصريّ المحدّث في رسالة كتب بها أبو محمد بن أبي زيد القيروانيّ المّالكي جوابًا لعليّ بن أحمد بن إسماعيل البغداديّ المعتزليّ حين ذكر الأشعريّ ونسبه إلى ما هو من بريء. فقال ابن أبي يزيد في حقّ الأشعريّ: هو رجل مشهور إنّه يردّ على أهلِ البِدَع وعلى القَدَريّة والْجَهْميّة. متمسِّك بالسّنَن. قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائينيّ: كنت في جِنْب أبي الحسن الباهليّ كقطرةٍ في البحر. وسمعتُ الباهلي يقول: كنت أنا في جَنْب الأشعريّ رحِمَه الله كقطْره فِي جَنْب البحر. وعن ابن الباقلانيّ قال: أفضل أحوالي أنْ أفهم كلام أبي الحسن الأشعريّ. وقال بُنْدار خادم الأشعريّ: كانت غلّة أبي الحسن من ضيعةٍ وقَفَها جدّهم بلال بن أبي بُرْدَه على عقِبِه، فكانت نفقته في السنة سبعة عشر درهمًا. وقال أبو بكر بن الصيرفي: كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله الأشعري فجحرهم في أقماع السِّمْسم.

وذكر الحافظ أبو محمد بن حزم أن لأبي الحسن خمسة وخمسين تصنيفًا، وأنه تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين. وكذا قال أبو بكر بن فُورك، والقَرّاب. وقال غيرهم: سنة ثلاثين. وقيل: سنة نيفٍ وثلاثين. أخذ عنه: زاهر بن أحمد السَّرخسيّ، وأبو عبد الله بن مجاهد، وغير واحد. وله كتاب "الإبانة"، عامّتُه في عقود أهل السنة، وهو مشهور؛ وكتاب "جُمل المقلات"، وكتاب "اللمع"، وكتاب " الموجز"، وكتاب "فرَق الإسلاميّين واختلاف المُصَلِّين". ومَن نظر في هذه الكتب عرف محله. ومن أراد أن يتبحّر في معرفة الأشعريّ فلْيطالع كتاب "تبيين كذِب المفتري "تأليف أبي القاسم بن عساكر. اللَّهُمّ توفَّنا على السنة وأدخِلْنا الجنّة، واجعل أنفسنا بك مطمئنة، نحب فيك أولياءك ونبغض فيك أعداءك، ونستغفر للعُصاة من عبادك، ونعمل بمحكم كتابك ونؤمن بمتشابه. ونصفك بما وصفت فيه نفسك، ونصدّق بما جاءَ به رسولك. إنّك سميع الدعاء، آمين. قيل: إنّ الأشعريّ سأل أبا علي الجبائي عن ثلاثة إخوة مؤمن تقيّ, وكافر وصبيّ ماتوا، ما حالهم؟ قال: المؤمن في الجنّة، والكافر في النّار، والصّغير من أهل السّلامة. فقال: إن أراد الصّغير أن يرقى إلى دَرَجة التّقّي هل يأذن له؟ قال: لا. يُقال له إنّ أخاك إنما نال هذه الدرجة بطاعته وليس لك مثلها. قال: فإن قال: التقصير ليس منّي، فلو أحييتني حتّى كنتُ أطعتك. قال: يقول الله له: كنت أعلم أنك لو بقيت لعصيت ولعوقبت فراعيت مصلحتك. فقال أبو الحسن: فلو قال الأخ الكافر: يا ربّ علمتَ حاله كما علمتَ حالي فهلا راعيتَ مصلحتي مثله. فانقطع الْجُبّائيّ، فسبحان من لا يُسأل عمّا يَفعل. قال القُشَيْريّ: سمعتُ أبا عليّ الدّقّاق: سمعت زاهر بن أحمد الفقيه يقول: مات الأشعري ورأسه في حجري، وكان يقول شيئًا في حال نزاعة من داخل حلقه. فأدنيت له رأسي، فكان يقول: لعن الله المعتزلة، موّهوا ومخرقوا.

وقال أبو حازم العَبْدَويّ: سمعتُ زاهر بن أحمد يقول: لمّا قَرُب حضور أَجَل أبي الحسن الأشعريّ في داري ببغداد أتيته فقال: اشهد عليَّ أني لا أُكفِّر أحدًا من أهل القِبْلة، لأنّ الكُلّ يشيرون إلى معبودٍ واحد، وإنّما هذا كلّه اختلاف العبارات. وممّن أخذ عن الأشعريّ: ابن مجاهد، وزاهر، وأبو الحسن الباهليّ، وأبو الحسن عبد العزيز بن محمد بن إسحاق الطّبريّ، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن مهديّ الطّبريّ، وأبو جعفر الأشعريّ النّقّاش، وبُنْدار بن الحُسين الصُّوفي. قال أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم القراب في تاريخه: تُوُفّي أبو الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعري سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. وكذا ورّخه أبو بكر بن فُورك الإصبهانيّ، وغيره. 184 - عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ1. أَبُو الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ. سَمِعَ: عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ بَيَانٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ سِنَانٍ الْقَطَّانَ، وَمحمد بْنَ حرب البشاستجي، وَعَمَّارَ بْنَ خَالِدٍ التَّمَّارَ، وَمحمد بْنَ مُثَنَّى، وَجَمَاعَةً. وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ، وَزَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ وَآخَرُونَ. وَهُوَ أَحَدُ الشُّيُوخِ الْكِبَارِ، ثِقَةٌ. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ بْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ: أنا زاهر، أنا سعيد البحيري، أنا زاهر، أنا علي بن عبد الله، اثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، نَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ حُصَاصٌ" 2. 185 - عَلِيُّ بْنُ محمد بن الحسن3.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 25، 26"، شذرات الذهب "2/ 305". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1231"، مسلم "389"، أبو داود "516، 1030"، الترمذي "397"، والنسائي "2/ 21، 22"، "3/ 31"، وأحمد في المسند "2/ 522"، وابن حبان في صحيحه "16، 1663". 3 تاريخ بغداد "12/ 70".

أَبُو الْقَاسِمِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ الْفَقِيهُ الْحَنَفِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ كَاسٍ. وَلِيَ قَضَاءَ الشَّامِ وَغَيْرِهَا. وَكَانَ إِمَامًا فِي الْفِقْهِ كَبِيرَ الْقَدْرِ مِنْ وَلَدِ الأشتر النخعي. سَمِعَ: الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيَّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَصَّارَ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي الْعَنْبَسِ، وَالْحَسَنَ بْنَ مُكرمٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ أَبِي غَرَزَة، وَأَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى الأَوْدِيَّ، وَمحمد بْنَ الْحُسَيْنِ الْحُنَيْنِيَّ. وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيِّ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو بَكْرٍ الرَّبَعيُّ، وَابْنُ زَبْرٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا، وَأَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْكِلَابِيُّ. غَرِقَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَأُخْرِجَ مِنَ الْمَاءِ وَفِيهِ حَيَاةٌ ثُمَّ مَاتَ. وَلَهُ كِتَابٌ يغضُّ فِيهِ مِنَ الشَّافِعِيِّ. وَرَدَّ عَلَيْهِ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ. 186 - عمر بن يوسف بن عَمْروس1. أبو حفص الأندلسيّ الأستجيّ. سمع: محمد بن وضاح، وإبراهيم بن باز. وكان عارفًا بمذهب مالك، شروطيًا. حدَّث عنه: ابنه محمد، وحسّان بن عبد الله، ومحمد بن أصبغ، وغيرهم. تُوُفّي فِي رمضان. "حرف الميم": 187 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن صالح الأزديّ2. أبو بكر السّامريّ. سمع: الزُّبَيْر بْن بكّار، والحسن بْن عرفة، وأحمد بْن بديل. وعنه: ابن شاهين، والدارقطني، ووثقه، والمخلص.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 321". 2 تاريخ بغداد "1/ 308".

188 - محمد بن أحمد بن عمر الرملي الضرير المقرئ1. أبو بَكْر الدّاجُونيّ الكبير. من شيوخ القراءة. تلا على: العباس بن الفضل الرازي، ومحمد بن موسى الضرير، وهارون بْن موسى الأخفش الدّمشقيّ، وجماعة بعدّه رواياتٍ. وكان كثير الطواف. قرأ عليه: عبد الله بن محمد بن فورك القباب، وأبو بَكْر بْن مجاهد، وأحمد العجلي شيخ أبي علي الأهوازي، وزيد بن أبي بلال، وأبو بكر الشذائي، والعباس بن محمد الرملي الداجوني الصغير، ومحمد بْن أَحْمَد الباهلي. 189 - محمد بْن إِسْمَاعِيل بن عِيسَى. أبو عبد الله الجرجاني المستملي على ابن خُزَيْمَة، وعلى ابن الشرقي. سمع: مسدد بْن قطن، وعمران بْن موسى بن مجاشع. روى عَنْهُ: أَبُو الْحُسَيْن الحجاجي، وغيره. 190 - محمد بْن جَعْفَر بْن محمد بْن خازم2. أَبُو جعفر الخازمي الجرجاني الفقية الشافعي صاحب ابن سريج. أحد الأئمة. 191 - محمد بن حلبس بن أحمد بن مزاحم. أبو بكر الْبُخَارِيّ. سمع: سهل بْن المتوكل، وحمدويه بْن الخطاب، ومحمد بْن الضو، وعبيد اللَّه بْن واصل، وهذه الطبقة. وعنه: خلف الخيام، والحسن بْن أَحْمَد الماشي، وجماعة. مات فِي شعبان. 192 - محمد بْن الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان بْن دَاوُد الجيزي المصري. أبو عبيد الله.

_ 1 غاية النهاية "2/ 77". 2 تاريخ جرجان للسهمي "437".

ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين، وسمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وغيره. وقد سمع من: أَبِيهِ، وهارون الأيلي. وعنه: إِبْرَاهِيم بْن علي التمار، وعلي بْن محمد الحلبي، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وغيرهم. توفي فِي ربيع الأول. 193 - محمد بْن زكريّا. أَبُو بَكْر الكاغدي المزكي. سمع: الْحُسَيْن بْن الفضل، وإبراهيم بن ديزل، وغيرهما. 194 - محمد بْن شُعَيْب بْن إِبْرَاهِيم العجلي. أَبُو الْحَسَن البيهقي، مفتي الشافعية، وأحد المذكورين بالفصاحة والبراعة. تفقَّه على ابن سريج. وسمع: داود بن الحسين البيهقي، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم البوسنجي. أَخَذَ عَنْهُ الأستاذ أَبُو الْوَلِيد حسّان. 195 - مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أيوب الكندي1. أبو عبد الله الرهاوي المعروف بالمنجم. حدَّث بدمشق عن: الربيع بن سليمان، ومحمد بن عليّ الصائغ، وصالح بن بشْر، وجماعة. وعنه: محمد وأحمد ابنا موسى السَّمْسار، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 196 - محمد بْن عَبْد اللَّه بْن إبراهيم. أبو عبد الله الْجُرْجانيّ الشّافعيّ. قال جعفر المستغفريّ: كان كَبْش الشّافعيّة في وقته، فقيه، مناظر.

_ 1 تاريخ دمشق "38/ 251".

197 - محمد بن عبدوس بن العلاء. أبو بكر النَّيْسابوريّ. سمع: محمد بْن يحيى، ومحمد بن يزيد، وإسحاق بن رزين. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وعَبْد اللَّه بْن سعد. 198 - محمد بن عَمْرو بن هشام. أبو أحمد النَّيْسابوريّ البزّاز. سمع: عبد الرحمن بن بِشْر، والذُّهليّ، وسعدان بن نَصْر، وجماعة. وعنه: أبو الوليد، وأبو عليّ الحافظ، والشيوخ. 199 - محمد بن الفضل بن عبد الله بن مَخْلَد1. أبو ذَرّ التّميميّ الْجُرْجانيّ الفقيه، رئيس جُرْجان في زمانه كانت داره مجمع الفضلاء. رحل وسمع: أبا إسماعيل التِّرْمِذيّ، وحفص بن عَمْر سنْجه، والحسن بن جرير الصُّوريّ، وبكر بن سهل الدِّمياطيّ، وأحمد بن عبد الرحمن الحَوْطيّ، وآخرين. روى عنه: أحمد بن أبي عمران الوكيل، وإبراهيم بن محمد بن سهل، وأسهم بن عمّ حمزة السَّهْميّ، وغيرهم. 200 - محمد بن محمد بن سعيد بن بالَوَيْه. أبو العبّاس النَّيْسابوريّ البَحيريّ. سمع: محمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وعثمانٍ الدّارِميّ. وعنه: أبو سعيد بن أبي بكر، وغيره. 201 - محمد بن محمد بن يحيى. أبو عليّ الهَرَويّ القّراب. سمع: عثمانٍ بن سعيد الدّارِميّ، وغيره, وعنه: أبو عبد الله بن أبي ذهل.

_ 1 تاريخ جرجان "418"، البداية والنهاية "11/ 187".

202 - محمد بن هارون. أبو جعفر الإصبهانيّ. سمع بمصر من: الربيع بن سليمان المراديّ. وعنه: أبو الشّيخ، وغيره. لقبه: مَمَّا. 203 - محمد بن همّام. أبو العبّاس النَّيْسابوريّ الزّاهد، المجاب الدّعوة. سمع: أحمد بن الأزهر، وقَطَن بن إبراهيم. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو إسحاق المزكي، وأبو الحسن بن منصور. وكان كبير القدّر ببلده، كثير الحجّ، رحمه الله. 204 - مطرِّف بن عبد الرحمن بن هاشم القُرْطُبيّ المشاط1. سمع: محمد بن وضّاح، ومطرِّف بن قيس، ومحمد بن يوسف بن مطرَوْح. وكان رجلًا صالحًا عالمًا، رحمه الله تعالى. 205 - معاوية بن سعيد الأندلسيّ2. يروي عَنْ: محمد بْن وضّاح، وغيره. 206 - موسى بن العبّاس الآزاذياريّ3. عن إبراهيم بن عتيق عن مروان الطّاطَريّ. روى عنه: عبد الله بن عديّ، والإسماعيليّ، وأبو زُرْعة الكشّيّ، ويوسف والد حمزة الحافظ، وجماعة غير من ذكرنا. وتوفي في صفر بجرجان.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 136". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 141". 3 تاريخ جرجان "470".

"الكنى": 207 - أبو عَمْر الدّمشقيّ. الزّاهد. تُوُفّي فيها. قاله ابنُ زَبْر. مر سنة عشرين. 208 - أبو عِمران الطّبَريّ. من كبار الصُّوفيّة والزُّهّاد. وصحِب ابن الجلّاء، وأبا عبد الله العرْجيّ، وسكن القدس. حكى عنه: أحمد بن محمد الآمُليّ، وعلي بن عبدك القزويني. وفيات سنة خمس وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 209 - أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي أيّوب المصريّ. سمع: بحر بن نَصْر، والربيع بن سليمان المؤذن، وبكار بن قتيبة. كتبت عنه وتُوُفّي في المحرَّم، قاله ابن يُونُس. 210 - أحمد بن عبد الله. أبو بكر النّحّاس. وكيل أبي صخرة، بغداديّ ثقة. سمع: أبا حفص الفلّاس، وزيد بن أخزم، وأحمد بن بُديل. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وعمر بن إبراهيم الكتّانيّ، وآخرون. 211 - أحمد بن محمد بن حسن1.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 426، 427"، المنتظم "6/ 289"، سير أعلام النبلاء "15/ 37"، الميزان "1/ 156".

أبو حامد بن الشَّرْقيّ النَّيْسابوريّ الحجّة الحافظ، تلميذ مسلم. سمع: محمد بن يحيى، وأحمد بن يوسف، وأحمد بْن الأزهر، وأحمد بْن حفص بْن عبد الله، وعبد الله بن بِشر، وأبا حاتم، ومحمد بن إسحاق الصَّاغانيّ، وعبد الله بن محمد بن شاكر، وأحمد بن أبي عُرْوة، وعبد الله بن أبي مَسَرّة، وخلقًا. وصنف "الصّحيح". وكان واحد عصره حفظًا وثقه ومعرفة. حجّ مرّات. قال السلمي: سألت الدارالقطني عن أبي حامد فقال: ثقة مأمون إمام. قلت: ممّ تكلّم فيه ابن عقدة؟ فقال: سبُحان الله، تُرى يؤثّر فيه مثلُ كلامه؟ ولو كان بدل ابن عقدة يحيى بن مَعِين. قلت: وأبو عليّ؟ قال: ومَن أبو عليّ حتّى يُسمع كلامُه فيِه. وقال الخطيب: أبو حامد ثبت حافظ متقن. وقال حمزة السَّهْميّ: سألت أبا بكر بن عَبْدان عن أبي عُقْدة إذا نقل حديثًا في الجرْح والتّعديل هل يقبل قوله؟ قال: لا يُقبل. نظر إليه ابنُ خُزَيْمَة فقال: حياة أبي حامد تحجز بين النّاس وبين الكذب عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. روى عنه: أبو بكر محمد بن محمد الباغَنْديّ، وأبو العبّاس بن عُقْدة، وأبو أحمد العسّال، وأبو أحمد بن عدي، وأبو علي الحافظ، وزاهر بن أحمد، والحسن بن أحمد المخلّديّ، وأبو بكر محمد بن عبد الله الْجَوْزقيّ، وغيرهم. وُلِد سنة أربعين ومائتين، وتُوُفّي في رمضان. وصلًى عليه أخوه عبد الله. 212 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه1. أَبُو الحسن التّمّار المقرئ. حدَّث عن: يحيى بن مَعِين، وعثمان بن أبي شَيْبَة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 52، 53"، ميزان الاعتدال "1/ 142"، لسان الميزان "1/ 274".

وعنه: ابن شاذان، وعمر الكتاني. وكان غير ثقة. قال الخطيب: بقي إلى هذا العام، وزعم أنه وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. 213 - أحمد بن محمد بن موسى بن أبي عطاء1. أبو بَكْر القرشي، مولاهم الدّمشقيّ المفسر. روى عن: بكار بْن قتيبة، وعبد الله بن الحُسين المَصّيصيّ، ووريزة بن محمد. وعنه: أبو هاشم المؤدّب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وغيّرهما. 214 - أحمد بن محمد بن يزيد2. أبو الحسن الزعفراني. بغدادي ثقة. روى عن: أحمد بن محمد بن سعيد التّبعيّ، ومحمود بن علْقمة المَرْوَزِيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين. 215 - إبراهيم، يُعرف بنهشل، بن دارم3. أبو إسحاق. بغداديّ، ثقة. سمع: عَمْر بن شَبّة، وعليّ بن حرب. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وعمر الكتّانيّ، وغيرهم. 216 - إبراهيم بن محمد بن يعقوب4. أبو إسحاق الهمداني البزار الأنماطي الحافظ بن ممّوس. سمع: أزهر بن ديزيل، ويحيى بن أبي طالب، وأبا قلابة، وخلقًا كثيرًا.

_ 1 طبقات المفسرين للسيوطي "6". 2 تاريخ بغداد "5/ 121". 3 تاريخ بغداد "6/ 71". 4 تذكرة الحفاظ "3/ 838".

روى عنه: صالح بن أحمد الحافظ، وأبو حاتم بن حبّان، وأحمد بن إبراهيم العَبْقسيّ، وآخرون. وكان ثقة واسع الرحلة. رحل إلى الحجاز، والشّام، والعراق، ومصر، واليمن. وله أفراد وغرائب. تُوُفّي في هذا العام. 217 - إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله بْن عَبَّاس الهاشمي1. أبو إسحاق البغداديّ راوي "الموطأ" عن أبي مُصْعَب. سمع: أبا مُصْعَب الزُّهْريّ بالمدينة، وأبا سعيد الأشجّ، والحسين بن الحسن المَرْوَزِيّ، ومحمد بن الوليد البُسْريّ، وعُبَيْد بن أبي أسباط، وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وابن المقرئ، وطائفة آخرهم ابن الصَّلْت المجبّر شيخ البانياسيّ. وكان أبوه أمير الحاجّ في زمان المتوكّل غير مرّة، فأخذ معه إبراهيم وأسمعه من أبي مُصْعَب. قال الدَّارَقُطْنيّ: سمعتُ القاضي محمد بن عليّ ابن أم شيبان يقول: رأيت على ظهر "الموطأ" المسموع من أبي مُصْعَب فرأيت السَّماعَ على ظهره سماعًا صحيحًا قديمًا: سمع الأمير عبد الصّمد بن موسى الهاشميّ وابنه إبراهيم. وقال حمزة السهمي: سمعتُ أبا الحسن بن لؤلؤ يقول: رحلت إلى سامرّاء، إلى إبراهيم عن عبد الصّمد لأسمع "الموطأ" فلم أرَ له أصلًا صحيحًا، فتركت ولم أسمع. تُوُفّي بسامرّاء في أوّل المحرَّم هذه السنة. 218 - إسماعيل بن عبد الواحد2.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 137، 138"، سير أعلام النبلاء "15/ 71 - 73"، ميزان الاعتدال "1/ 46". 2 الولاة والقضاة للكندي "484، 485".

أبو هاشم الرَّبعيّ المقدسيّ الشّافعيّ القاضي. ولي قضاء مصر نحوًا من شهرين في سنة إحدى وعشرين، ثمّ أصابه فالج وتحوَّل إلى الرملة فمات بها في هذا العام. وكان من كبار الشّافعيّة، وكان جبّارًا ظلومًا، ولم تَطُل ولايته. "حرف الجيم": 219 - جعفر بن محمد1. أبو الفضل القافلائيّ. عن: أحمد بن الوليد الفحّام، ومحمد بن إسحاق الصَّغانيّ. وعنه: ابن المظفّر، وابن شاهين، والقّواس. ثقة. 220 - جعفر بن محمد بن عبدويه البرائي2. عن: محمد بن الوليد البُسْريّ، وحفص الرّباليّ، وجماعة. وعنه: ابن شاهين، والمُعَافَى بن زكريّا، وعبد الله بن عثمانٍ الصّفّار. وكان ثقة. "حرف الحاء": 221 - الحسن بن آدم. أبو القاسم العسقلانيّ نزيل مصر. روى عن: أحمد بن أبي الخناجر. قال ابن يونس: كان ثقة، يتولّى عملات مصر. وتُوُفّي بالفيوم في شوّال منها.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 219". 2 تاريخ بغداد "7/ 220".

222- الحسن بن عليّ بن زيد بن حُمَيْد العبّاسيّ1. مولاهم. عن: الفلّاس، وحَجّاج الشّاعر. من أهل سامراء. وروى عن: أبي هاشم الرفاعي، وطبقتهم. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن بَطّة، وأبو القاسم بن الثّلّاج. محله الصِّدق. مات في المحرَّم؛ وقيل: مات سنة ستٍّ. 223 - الحُسين بن محمد بن زنجيّ2. أبو عبد الله البغداديّ الدّباغ. حدَّث عن: سَلْم بن جُنَادة، وأبي عتبة الحمصيّ، والحسين بن أبي زيد الدباغ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين. تُوُفّي في رجب. قال أبو القاسم الأبندوني: لا بأس به. "حرف الخاء": 224 - الخضر بن محمد بن غَوْث3. المدعو بغُويث. أبو بكر التنوخي الدمشقي، نزيل عكا. روى عن: الربيع المراديّ، وبحر بن نَصْر، وإبراهيم بن مرزوق. وعنه: أبو سليمان بن زَبْر، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وابن جُمَيْع، وآخرون. توفي في ذي القعدة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 384". 2 تاريخ بغداد "8/ 97". 3 الأنساب "1396"، تاريخ دمشق "5/ 168".

"حرف السين": 225 - سعيد بن جابر بن موسى1. أبو عثمانٍ الكَلاعيّ الإشبيليّ. سمع: محمد بن جُنَادة بإشبيلية، وعُبَيْد الله بن يحيى بقُرْطُبة، وأحمد بن شعيب النَّسائي بمصر فأكثر عنه، وأبي يعقوب إسحاق المنجنيقيّ، وعبد الله بْن محمد بْن عليّ الباجيّ، وأحمد بن عُبادة. وكان يُنسب إلى الكذب. قال ابن الفَرَضيّ: ولم يكن إن شاء الله كذّابًا. رأيت كثيرًا من أصوله تدلّ على صِدْقه وورعه في السَّماع. وكان محمد بن قاسم بن محمد يُثْني عليه. 226 - سعدون بن أحمد2. أبو عثمانٍ الخَولانيّ المغربيّ الرّجل الصّالح. أدرك الفقيه سُحْنُون. ثمّ سمع من الفقيه محمد بن سُحْنُون، وصحِب الصُّلحاء ورابطَ مدّة بقصر المنسْتِير. قال القاضي عِياض: عاش مائة سنة. 227 - سيّد أبيه بن العاص3. أبو عَمْر المراديّ الإشبيليّ الزاهد. سمع من: عبيد الله بن يحيى، وسعيد بن حِميَر، ومحمد بن جُنَاده. وكان الأغلب عليه علم القرآن وعبارة الرؤيا. وكان أحد العُبّاد المتبتّلين، منقطع القرين في وقته. عالي الصيت.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 166". 2 ترتيب المدارك "100، 102". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 193".

يقال: كان مُجاب الدَّعوة. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ، وغيره. قاله الفَرَضيّ. "حرف العين": 228 - عبد الله بن السَّريّ. أبو عبد الرحمن الأسْتراباذيّ. ثقة نبيل. يروي عن: عمّار بن رجاء، والكَدِيميّ، وغيّرهما. روى عنه: أبو جعفر المستغفريّ، وعبد الله بن عديّ. وروى عنه أنّه حدَّث مرّةً بقول شُعبة: مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ حَدِيثًا فَأَنَا لَهُ عَبْدٌ. فقال أبو عبد الرحمن: وأنا أقول مَن كَتب عني حديثًا فأنا له عبْدٌ. 229 - عبد الله بن محمد بن سفيان1. أبو الحسن النَّحويّ الخزّاز. له مصنَّفات في علوم القرآن. وصحِب إسماعيل القاضي. وأخذ عن: المبرّد، وثعلب. روى عنه: عيسى بن الجرّاح. وورّخه الخطيب ووثقه. 230 - عبد الله بن محمود بن الفَرَج. أبو عبد الرحمن الأصبهاني، خال أبي الشيخ. حدث عن: أبي حاتم، وهلال بن العلاء، ومحمد بن النَّضْر بن حبيب الإصبهانيّ. وعنه: أبو الشيخ، والحسين بن إسحاق بن إبراهيم، وابن المقرئ.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 123"، الكامل في التاريخ "8/ 339"، البداية والنهاية "11/ 188".

231 - عَبْد الرَّحْمَن بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي هاشم. أبو عمرو البخاري. سمع: جده محمد بن أبي هاشم، وسعيد بن مسعود المروزي. وعنه: محمد بن سعيد. 232 - عبد الرحمن بن القاسم بن حبيش التجيبي. أبو القاسم المصري المالكي. عارف باختلاف أشهب. توفي في صفر. وروى عن: مالك بن يحيى السُّوسيّ. 233 - عبد الرحمن بن محمد بن العبّاس1. أبو بكر بن الدَّرَفْس الغسّانيّ الدّمشقيّ. سمع: أباه، والعبّاس بن الوليد البيروتيّ، وأحمد بن مسعود المقدسيّ، وأبا زُرْعة النَّضْريّ. وعنه: عليّ بن الحُسين الأَذَنيّ، وأبو سليمان بْن زبْر، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وأبو عليّ بن مُهَنّا الدّارانيّ، وآخرون. 234 - عبد الرحمن بن معْمر بن محمد. أبو عَمْر الجوهريّ المصريّ، أخو كَهْمَس. ثقة، سمع: يونس بن عبد الأعلى، وطبقته. وتُوُفّي في المحرَّم. 235 - عُبيدون بن محمد بن فهد بن الحسن بن عليّ بن أٍسد الْجُهَنيّ2. أبو الغمر الأندلسي.

_ 1 تاريخ دمشق "3/ 132". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 340".

ولي قضاء الأندلس بقُرْطُبة يومًا واحدًا. وكان عالي الإسناد بناحيته. يروي عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. 236 - عثمانٍ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحميد بْن يزيد1. أبو عَمْرو القُرْطُبيّ، مولي بني أُمّية. أكثر أيضًا عن: بقيّ بن مَخْلَد، وعن: إبراهيم بن قاسم، وكان فقيهًا مشاورًا متحريًا فاضلًا وقورًا. وروى عنه: محمد بن محمد بن أبي دُلَيْم، وعبد الله بن محمد بن عليّ ووثَّقاه، وخالد بن سعْد. ويُعرف بابن أبي زيد، وبابن بُرَيْر أيضًا، فإنّ جدَّه يزيد بن بُرَيْر. 237 - عدنان ابن الأمير أحمد بن طولون. أبو معد. روى عن: الربيع بن سليمان، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ. وعنه: أبو هاشم المؤدب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، ومحمد بن أحمد المفيد. 238 - عليّ بْن عَبْد الله بْن مبِشْر الواسطيّ. في جُمَادَى الأولى. ورّخه ابن قانع. وهذا أصح. 239 - عليّ بن عبد القادر بن أبي شيبة الكلاعيّ. الأندلسيّ. سمع: بقيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضاح. وكان فقيهًا بصيرًا بالفتيا، مالكيًا. ورخه عِياض. 240 - عَمْر بن أحمد بن عليّ بن علك الجوهري2.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 304، 305". 2 تاريخ بغداد "11/ 227"، سير أعلام النبلاء "15/ 243، 245"، شذرات الذهب "2/ 307".

أبو حفص. سمع: سعيد بن مسعود المَرْوَزِيّ، وأحمد بن سيّار، وعبّاس الدُّوريّ، وخلقًا بَمْرو. وحدَّث ببغداد. وعنه: ابن المظفّر، وعيسى، وابن شاهين، والدَّارَقُطْنيّ. وكان فقيهًا متقنًا. "حرف الميم": 241 - محمد بن أحمد بن هارون العسكريّ1. أبو بكر الفقيه. كان يتفقّه لأبي ثور. روى عن: الحُسين بن عَرَفَة، وإبراهيم بن الْجُنَيْد. وعنه: أبو بكر الآجُرّيّ، والدَّارَقُطْنيّ، ووثقه، والمَرْزُبانيّ. مات في شوال. 242 - محمد بن أحمد بن قَطَن بن خالد البغداديّ2. أبو عيسى السَّمْسار. سمع: الحسن بن عَرَفَة، وحميد بن الربيع، وعلي بن حرب. وعنه: أبو الحسن الجراحيّ، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص الكتّانيّ، وأبو مسلم الكاتب. وتوفي في ربيع الآخر. وقد سمع منه ابن مجاهد مع تقدُّمه قراءة أبي عَمْرو -رضي الله عنه. وقد روى عنه ابن جميع، لقيه بحلب.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 369". 2 تاريخ بغداد "1/ 334".

243 - محمد بن أحمد بن يوسف1. أبو يوسف الْجَريريّ. روى كتب المدائنيّ، عن أحمد بن الحارث، عنه. روى عنه: ابن حَيُّوَيْه، وأبو بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وعمر الكتّانيّ، وتُوُفّي في المحرَّم. وهو شيخ من ولد جرير بْن عَبْد اللَّه -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. 244 - محمد بن أحمد بن محمد بن نافع. أبو الحسن المصريّ الطّحّان. يروي عن: يونس الصَّدَفيّ، ويزيد بن سنان القزاز. وكان أعرج. تُوُفّي في ربيع الآخر. 245 - محمد بن أَحْمَد بن يحيى2. أبو عبد الله القرطبي المعرف بالإشبيليّ، الزّاهد الزُّهري المؤدِّب. روى عن: محمد بن وضّاح، وإبراهيم بن باز، وقاسم بن محمد. وكان وقورًا دينا، حسن السَّمْت. 246 - محمد بن الحُسين بن مُعاذ الأستراباذيّ3. كان ثقة بارعًا في الأدب، سمع من ابن قُتَيْبة أكثر تصانيفه. ومن: عمّار بن رجاء، وأحمد بن مُلاعب البغداديّ، وابن عَوْف البُزُوريّ. 247 - محمد بن سهيل بن الفُضَيل الكاتب4. سمع: الزُّبَيْر بن بكّار، وعمر بن شبة.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 376". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 44، 45". 3 تاريخ جرجان "437". 4 تاريخ بغداد "5/ 316".

وعنه الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. وثقه الخطيب. 248- محمد بن عبد الرحمن بن محمد1. أبو العبّاس الدّغُوليّ السَّرْخَسيّ الفقيه الحافظ. إمام وقته بخُراسان. سمع: الذُّهْليّ، وعبد الرحمن بن بِشْر، ومحمد بن إسماعيل الأحمسيّ، وطبقتهم بنيسابور، والعراق. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو بكر الجوزقيّ، وجماعة. قال أبو الوليد الفقيه: قيل لأبي العبّاس الدَّغُوليّ: لم لا تقنت في صلاة الفجر؟ فقال: لراحة الجسد، ومداراة الأهل والولد، وسنة أَهْل البلد. وعن أبي أَحْمَد بْن عدي قَالَ: ما رَأَيْت مثل أبي الْعَبَّاس الدغولي. وقال أبو بكر أحمد بن عليّ بن الحُسين الحافظ: خرجنا مع ابن خُزَيْمَة إلى سمرقند لتهنئة الأمير الشّهيد والتّعزية عن الأمير المّاضي أبي إبراهيم. فلمّا انَصْرفنا قلت لمحمد بن إسحاق: ما رأينا في سفرنا مثل أبي العبّاس الدَّغُوليّ. فقال أبو بكر: ما رأيت أنا مثل أبي العبّاس. وقال محمد بن العبّاس: قال الدَّغُوليّ: أربع مجلّدات لا تفارقني في السفر والحضر "كتاب المزني" و "كتاب العين" و "التاريخ" للبخاري و "كليلة ودِمْنَة". 249 - محمد بن الزّاهد أبي عثمانٍ سعيد بن إسماعيل الحِيريّ2. أبو بكر النَّيْسابوريّ الحافظ الأديب الزّاهد الفقيه. سمع: عليّ بْن الحَسَن الهلالي، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن غالب تمتام، وبكر بن سهل الدمياطي، وأبو بكر أحمد الحاكم، وابنه أبو سعيد.

_ 1 سير أعلام النبلاء "14/ 557، 562"، تذكرة الحفاظ "3/ 823"، الوافي بالوفيات "3/ 226". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 258".

وكان من المجاهدين في سبيل الله بالثَّغْر وبطَرَسوس. تُوُفّي في المحرَّم. 250 - محمد بن عليّ بن الجارود1. أبو بكر الإصبهانيّ. محدَّث، ثقة، مكِثر. سمع: يونس بن حبيب، وأحمد بن معاوية. وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو بكر بن المقرئ، ومحمد بن عبد الرحمن بن مَخْلَد. وروى عن: يحيى بن النَّضْر، عن أبي داود الطَّيالسيّ. 251 - محمد بن عِمران بن مهيار2. أبو أحمد الصَّيْرفيّ. سمع: حُميد بن الربيع، وعبد الله بن علي بن المديني. وعنه: ابن حيويه، وعبد الله بن عثمان الصفار. وثقه الدَّارَقُطْنيّ. 252 - محمد بن محمد بن إسحاق بن يحيى3. العلامة أبو الطيب ابن الوشاء، البغدادي النحوي الإخباري. أخذ عن: ثعلب، والمبرّد. وبرع في فنون الأدب. وألف كُتُبًا كثيرة منها: "الجامع في النحو"، وكتاب "المذكر والمؤنث"، وكتاب "خلق الإنسان"، وكتاب "السلوان"، وكتاب "سلسلة الذَّهَب"، وكتاب "حدود الظرف"، وغير ذلك. توفي هذا العام.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 249". 2 تاريخ بغداد "3/ 134". 3 تاريخ بغداد "1/ 253، 254"، المنتظم "6/ 290، 291"، البداية والنهاية "11/ 188".

253 - محمد بن المسور بن عَمْر بن محمد الأندلسي1. مولى بني هاشم. يروي عن: محمد بن وضاح، ومحمد الخشني. وكان ثقة حافظا للفقه، مشاورا في الأحكام، زاهدا. 254- محمد بن المعلى الشونيزي2. أبو عبد الله. سمع: يعقوب الدورقي، وجماعة. وعنه: أبو حفص الزيات، وأبو بكر بن شاذان. وقد قرأ على محمد بن غالب صاحب شجاع البلخي. قرأ عليه: أحمد بن محمد العجلي، وعبد الغفار الحُصَينيّ، وأبو بكر الشذائي، وغيرهم. 255- محمد بن هاشم بن محمد بن عَمْر. العلّامة أبو الفضل القُرْطُبيّ، مولى آل العبّاس. ثقة ضابط. يروي عن: ابن وضّاح، وابن باز. وكان فقيهًا بصيرًا بالأقضية. 256 - مسرور بن يعقوب القلوسيّ. عن: عليّ بن حرب، وغيره. وعن محمد بْن جعفر زَوْج الحُرَّةِ، وابن شاهين. وكان صدوقًا.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 44". 2 تاريخ بغداد "3/ 309".

257 - محمد بن أبي الأزهر مزيد بن محمود1. أبو بكر الخُزَاعيّ البغداديّ. حدَّث عن: لُوَيْن، وأبي كُرَيِب، وإسحاق بن أبي إسرائيل، والزّبير بن بكّار. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو بكر بن شاذان، والمُعَافَى الجريريّ، وغيرهم. قال محمد بن عِمران المَرْزُبانيّ: كان كذابًا. كذّبه أصحاب الحديث. 258 - مكّيّ بن عَبْدان بن محمد بن بكر بن مسلم2. أبو حاتم التّميميّ النَّيْسابوريّ. سمع: عبد الله بن هاشم، ومحمد بن يحيى، وأحمد بْن حفص بْن عَبْد اللَّه، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، وعمار بن رجاء، ومسلم بن الحَجّاج. وعنه: أبو عليّ بن الصّوّاف، وعليّ بن عَمْر الحربِيّ، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بكر محمد بن عبد الله الْجَوْزقيّ، وآخرون مِن أهل نيْسابور وبغداد. قال أبو عليّ الحافظ: هو ثقة مأمون مقَدَّم على أقرانه المشايخ. وقال الحاكم: مولده سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة خمسٍ. وصلّى عليه أبو حامد بن الشّرقيّ. وقد حدَّث عنه ابن عُقْده الحافظ إجازة. أخبرنا ابن أبي عصرون، أنا أبو رَوْح، أنا زاهر، أنبا عبد الرحمن بن عليّ التّاجر، أنبا أبو زكريّا يحيى بن إسماعيل سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، أنبا مكي بن عَبدان، ثنا أحمد بن الأزهر، ثنا أبو أُسامه، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: كنّا نصليّ مع عبد الله الجمعة ثمّ نرجع نقيل. 259 - موسى بن عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان3. أبو مزاحم المقرئ المحدث ابن وزير المتوكل.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 288"، ميزان الاعتدال "4/ 35"، لسان الميزان "5/ 377، 378". 2 تاريخ بغداد "13/ 119، 120"، سير أعلام النبلاء "15/ 70، 71"، شذرات الذهب "2/ 307". 3 تاريخ بغداد "13/ 59"، سير أعلام النبلاء "15/ 94، 95"، النجوم الزاهرة "3/ 261".

سمع: عباس بن محمد الدوري، وأبو بكر المَرُّوذيّ، وأبا قِلابة الرَّقاشيّ، وغيرهم. وعنه: أبو بكر الآجُرِّيّ، وعبد الواحد بن أبي هاشم المقرئ، والمُعَافَى الْجَريريّ، وأبو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وأبو حفص بْن شاهين. وكان متبحّرًا في حرف الكِسائيّ، تلا به على: الحسن بن عبد الوهّاب صاحب الدُّوريّ. قرأ عليه الكبار: أَحْمَد بْن نصر الشّذَائيّ، ومحمد بْن أَحْمَد الشَّنَبُوذيّ، وغيّرهما. وكان من جلّة العلمّاء. قال الخطيب: كان ثقة من أهل السنة. مات رحمه الله في ذي الحجّة. قلت: سمعتُ قصيدته في التّجويد بعُلُوّ. "حرف النون": 260- نهشل بن دارم1. عن: علي بن حرب. وعنه: ابن شاهين، وعمر الكتّانيّ. وثقه الخطيب. "حرف الياء": 261 - يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى بن إبراهيم البغداديّ2. أبو القاسم العطّار. سمع: محمد بن أبي مذْعُور، والحسن بن عَرَفَة، والزعفراني.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 455". 2 تاريخ بغداد "14/ 234".

وعنه: يوسف القوّاس، وعمر بن شاهين، وغيّرهما. وثقه الخطيب. "الكنى": 262 - أبو حامد بن الشرقيّ1. هو أحمد بن محمد بن الحسن. تقدَّم. وفيات سنة ست وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 263 - أحمد بن حَمّ2. أبو القاسم البلْخيّ الصّفّار. في شوّال. كان مِن أئمة الحنفيّة. عاش سبْعًا وثمانٍين سنة. 264- أحمد بن زياد بن محمد بن زياد3. اللَّخْميّ القُرْطُبيّ أبو القاسم. سمع: ابن الوضاح، وكان مختصًّا به، وإبراهيم بن باز. وكان فاضلًا زاهدًا، تضعّف لقلّته رحمه الله. 265 - أحمد بن صالح. أبو جعفر الخَولانيّ المصريّ. نزيل دمياط.

_ 1 تقدم برقم "211". 2 تاريخ بغداد "2/ 55"، الطبقات السنية "1/ 454". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 32، 33".

يروي عَنْ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. تُوُفّي في صفر. 266 - أحمد بن عامر بن محمد بن يعقوب1. أبو الحسن الطّائيّ الدّمشقيّ. روى عن: أبيه، والربيع بن سليمان، والنَّضْر بن عبد الله الحلوائي، وجماعة. وعنه: أبو الحسن الرازي، وعبد الوهاب الكلابي. 267 - أحمد بن علي بن بيغجور2. أبو بكر بن الإخشيد المتكلم المعتزلي. روى في مصنفاته عن: أبي مسلم الكَجّيّ، وموسى بن إسحاق الْأَنْصَارِيّ، ومات كهلا في هذا العام. قال الوزير أبو محمد بن حزم: رأيت لأبي بكر أحمد بن علي بن بيغجور المعروف بابن الإخشيد، أحد أركان المعتزلة، وكان أبوه من أبناء الملوك فرغانة الأتراك. وقد ولي أبوه الثغور، وكان أبو بكر يتفقه للشافعي، فرأيت له في بعض كتبه يقول: التّوبة هي الندم فقط وإن لم يَنْوِ مع ذلك ترك المراجعة لتلك الكبيرة. وهذا أشنع ما يكون من قول المرجئة. لأن كلّ مسلم نادم على ما يفعله من الكبائر. قلت: ومن تلامذة أبي بكر هذا القاضي أبو الحسن محمد بن محمد بن عَمْرو النَّيْسابوريّ المعتزليّ الملقّب بالبِيض. ورأيتُ له كتابًا حافلًا في نقل القرآن. وقد روى فيه عن جماعة وبحثَ فيه بحوثًا جيّدة. عاش ستًا وخمسين سنة، أرّخه الخطيب. وقد ارتحل إلى أبي خليفة الْجُمَحيّ. 268 - أحمد بن محمد بن حسن بن قريش.

_ 1 الوافي بالوفيات "5/ 182". 2 تاريخ بغداد "4/ 309"، سير أعلام النبلاء "15/ 217، 218"، لسان الميزان "1/ 231".

أبو نَصْر المّاهينانيّ المَرْوَزِيّ. في ربيع الأوَّل. 269 - أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الفضل1. أبو الفتح الهاشميّ العبّاسي. حدَّث في هذا العام عن: ابن عَرَفَة، وعَبّاد بن الوليد العَنَزِيّ. وعنه: ابن الثلاج، وأبو القاسم بن الصيدلاني. 270 - أحمد بن محمد بن عبد الواحد2. أبو الحسن المصري الكتاني، بتاء مثقلة. روى عن: يونس بن عبد الأعلى، وعليّ بن زيد الفرائضي. ورخه ابن يونس: وقال: لم يكن بذاك. 271 - أحمد بْن محمد بْن محمد بْن سليمان بْن الحارث3. أبو ذَرّ الباغَنْديّ، واسطيّ الأصل بغداديّ الدّار. سمع: عَمْر بن شَبَّة، وعُبَيْد الله بن سعْد الزُّهْريّ، وعليّ بن إشكاب، وسعْدان بن نَصْر. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، والمُعَافَى، وأبو حَفْص بن شاهين. قال فيه الدَّارَقُطْنيّ: ما علمتُ إلا خيرًا وأصحابنا يُؤْثرونه على أبيه. 272 - أحمد بن موسى بن حمّاد. أبو حامد النَّيْسابوريّ. تُوُفّي في شعبان، وله مائة وسبع سنين أو نحو ذلك. وهو آخر من سمع من محمد بن رافع، لكنه حلف أن لا يحدث.

_ 1 تاريخ بغداد "5، 43، 44". 2 المغني في الضعفاء "1/ 56، ميزان الاعتدال "1/ 151". 3 تاريخ بغداد "5/ 86"، سير أعلام النبلاء "15/ 268"، الوافي بالوفيات "8/ 125".

273 - أحمد بن موسى. أبو جعفر التُّونسيّ التّمّار. فقيهٌ مناظر. سمع: يحيى بن عَمْرو الفَرّان. 274 - إبراهيم بن داود القصّار1. أبو إسحاق الرِّقّيّ الزّاهد. من مشايخ الشّام. عُمّر زمانًا، وصحب الكبار. حكى عنه: إبراهيم بن المولّد، وغيره. ومن كلامه: ما دام لأعراض الكَوْن في قلبك خطر فاعلم أنّه لا خطر لك عند الله. وقال: التوكُّل السُّكُون إلى مضمون الحق. 275 - إبراهيم بن عبدوس. وهو ابن عبد الله بن أحمد بن حفص الحرسيّ النَّيْسابوريّ الحِيريّ. أبو إسحاق العدل. سمع: محمد بْن يحيى، وأحمد بْن الأزهر، وعثمانٍ الدّارِميّ، وطائفة. وعنه: أبو عليّ النَّيْسابوريّ، وأبو الطيب ربيع بن محمد الحاتميّ، وجماعة. وهو من بيت العلم والجلالة. ملت في جُمَادَى الأولى. 276 - أيّوب بن سليمان بن حَكَم بن عبد الله بن بلكايش بن آليان القوطي القرطبي2.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 354". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 86، 87".

أبو سليمان. صحِب بقيّ بنَ مَخْلَد وأكثر عنه. ورحل إلى العراق، فسمع من: إسماعيل بن إسحاق القاضي. وكان مجتهدًا لا يرى التقليد. وكان مع علمه شريفًا. وعلى يد جدّه أليان دخل الإسلام الأندلس. روى عنه: ابنه سليمان. "حرف الباء": 277 - بكر بن محمد بن إبراهيم بن زياد بن المواز. الإسكندرانيّ، المالكي. سمع أباه. "حرف الجيم": 278 - جبلة بن محمد بن كُرَيْز بن سعيد بن قَتَادة الصَدَفيّ. أبو قُمَامة. رأى أبا شريك المَعَافِريّ. وحدَّث عن: يونس، وعيسى بن مَثْرُود، وبحر بن نَصْر. قال ابن يونس: سمعنا منه، وكان صدوقًا. مات في شوّال. 279 - جعفر بن أحمد بن عبد السّلام. أبو الفضل البزّاز. يروي عن: يونس بْن عَبْد الأعلى، ويزيد بْن سِنان. قال ابن يونس: ما علمت عليه إلا خيرًا.

"حرف الحاء": 280 - الحسين بن روح بن بحر1. أبو القاسم القيني أو القسي. وكذا صورته في "تاريخ يحيى بن أبي طي الغساني"، وخطه معلق سقيم. ثم قال: هو الشّيخ الصالح أحد الأبواب لصاحب الأمر. نصّ عليه بالنيابة أبو جعفر محمد بن عثمانٍ بن سعيد العمري عنه، وجعله من أول من يدخل عليه حين جعل الشيعة طبقات. وقد خرج على يديه تواقيع كثيرة. فلمّا مات أبو جَعْفَر صارت النيابة إلى أبي القاسم. وجلس في الدّار ببغداد، وجلس حوله الشيعة، وخرج ذكاء الخادم ومعه عكّازه ومَدْرح وحُقّه، وقال: إنّ مولانا قال: إذا دفنني أبو القاسم وجلس، فسلَّمْ هذا إليه. وإذا في الحُقّ خواتيمُ الأئمة. ثمّ قام في آخر اليوم ومعه طائفة. فدخل دار أبي جعفر محمد بن عليّ الشَّلْمَغَانيّ، وكثرت غاشيته، حتّى كان الأمراء يركبون إليه والوزراء والمعزولون عن الوزارة والأعيان. وتوصف النّاس عقله وفهمه، فقال عليّ بن محمد الإياديّ، عن أبيه قَالَ: شاهدته يومًا وقد دخل عليه أبو عَمْر القاضي، فقال له أبو القاسم: صوابُ الرأي عند المشغف عبْرة عند المتورط، فلا يفعل القاضي ما عزم عليه. فرأيتُ أبا عَمْر قد نظر إليه ثم قال: من أين لك هذا؟ قال له: إن كنت قلت لك ما عرفته، فمسألتي من أين لي؟ فضولٌ، وإن كنت لم تعرفه، فقد ظَفِرت بي. فقبض أبو عَمْر على يديه وقال: لا، بل والله أؤخّرك ليومي ولِغَدي. فلمّا خرج أبو عَمْر قال أبو القاسم: ما رأيت محجوجًا قطّ يلقى البرهان بنفاقٍ مثل هذا، لقد كاشفته بما لم أكاشفْ به أمثاله أبدًا. ولم يزل أبو القاسم على مثل هذه الحال مدَّةً وافر الحُرْمة إلى أن ولي الوزارة حامد بن العبّاس، فَجَرت له معه خطوب يطول شرحها.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 222- 224"، الوافي بالوفيات "12/ 366، 367"، لسان الميزان "2/ 283، 284".

قيل: ثمّ ذكر ترجمته في ستّ ورقات، وكيف قُبِض عليه وسُجن خمسة أعوام، وكيف أُطْلِق لمّا خلعوا المقتدر من الحبس، فلمّا أُعيد إلى الخلافة شاوروه فيه فقال: دعوه، فبخطيّته جرى علينا ما جرى. وبقيتْ حُرْمُته على ما كانت إلى أن توفيت في هذه السنة. وقد كاد أمره أن يظهر ويستفحل، ولكنْ وَقَى الله شره. ومما رموه به أنّه يكاتب القرامطة ليَقْدَمُوا ويحاصروا بغداد، وأنّ الأموال تُجْبَى إليه، وقد تلطّف في الذّبّ عن نفسه بعباراتٍ تدلُّ على رَزَانته ووفور عقله ودهائه وعلمه. وكان يُفتي الشّيعة ويفيدهم. وله رتبة عظيمة بينهم. 281 - الحسن بن الضّحّاك بن مطر1. سمع: عُجَيْف بن آدم، وعليّ بن النَّضْر الطَّواويسيّ. وعنه: أبو بكر سليمان بن عثمانٍ، وغيره من أهل بُخَارى. 282 - الحسن بن عبد الله بن محمد. أبو عبد الملك الأندلسيّ زونان. سمع: عُبَيْد الله، وابن وضّاح. وأمَّ بجامع قُرْطُبة رحمه اللَّه تعالى. 283 - الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن زيد2. أبو محمد السّامريّ. سمع: حَجّاج بن الشّاعر، ومحمد بن المُثَّني، وأبا حفص الفلّاس. وعنه: أبو عبد الله بن بطّة، وأبو القاسم بن الثّلّاج، والدَّارَقُطْنيّ. مستقيم الحديث. مات سنة خمسٍ، وقيل: سنة ست وعشرين.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 11". 2 تاريخ بغداد "7/ 384".

284 - حُميد بن محمد الشَّيْبانيّ. أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ. رئيس نبيل. سمع: السَّريّ بن خُزَيْمَة، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، وإسماعيل القاضي. وعنه: أبو سعيد بن أبي بكر، وعمر بن أحمد الزّاهد، وغيّرهما. "حرف الشين": 285 - شعيب بن محمد بن عُبَيْد الله1. أبو الفضل البغداديّ الكاتب. سمع: عمر بن شبة، وعلي بن حرب. وعنه: الدارقطني، وأبو الطاهر الذَّهَبيّ، وغيّرهما. وكان ثقة. "حرف العين": 286 - عبّاس بن أحمد بن محمد بن ربيعة2. أبو الفضل بن الصّبّاغ السُّلَميّ الدّمشقيّ. سمع: عِمران بن موسى الطرسوسي، والعباس البيروتي، وأحمد بن أصرم المعقلي. وعنه: أبو هاشم عبد الجبار المؤدب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 287 - عبّاس بن منصور بن العبّاس بن شداد3. أبو الفضل الفرنداباذي. وفرنداباذ: قرية على باب نَيْسابور. كان فقيهًا حنفيًا.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 246". 2 تاريخ دمشق "19/ 357، 358". 3 الأنساب لابن السمعاني "9/ 283".

سمع: عتيق بن محمد، وأيّوب بن الحسن بن زاهد، وأحمد بن يوسف السُّلَميّ، والذُّهْليّ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو إسحاق المُزَكّيّ، والشيوخ. 288 - عبد الله بن العبّاس الشَّمْعيّ1. أبو محمد الورّاق. بغداديّ، يروي عن: عليّ بن حرب، وأحمد بن ملاعب. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القّواس، وابن شاهين. 289 - عبد الله بن محمد بن الحسن الكاتب. عن: عليّ بن المَدِينيّ. وعنه: أبو القاسم عبد الله بن الثّلّاج وحده، ولكنّ أبا القاسم متَّهم. 290 - عبد الله بن الهيثم بن خالد2. أبو محمد الطّينيّ الخيّاط. سمع: الحسن بن عَرَفَة، وأبا عُتْبَة أحمد بن الفَرَج الحمصيّ. وعنه: يوسف القّواس، والدَّارَقُطْنيّ ووثقه. 291 - عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحَجّاج بْن رِشْدِين المِهْريّ3. أبو محمد مصريّ ثقة. كان ينسخ للنّاس. روى عن: سَلَمَةَ بن شبيب، والحارث بن مسكين، وأبي الطّاهر بن السَّرْح، والقدماء. روى عنه: ابن يونس، والطَّبَرانيّ، وأبو بكر بن المقرئ، وأهل مصر والغرباء. وكان أسند من بقي. تُوُفّي في الحرم من السنة عن سن عالية.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 37". 2 تاريخ بغداد "10/ 195". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 239، 240"، شذرات الذهب "2/ 308".

292 -عبد العزيز بن جعفر1. أبو شَيبة الخوارزميّ ثمّ البغداديّ. عن: الحسن بْن عَرَفَة، ومحمد بْن عَبْد اللَّه المُخَرِّميّ، وحُمَيْد بن الربيع. وعنه: القاضي الجراحيّ، وأبو الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وجماعة. ورّخه الخطيب ووثَّقه. 293 - عَبْد بن محمد بن محمود بن مجاهد. أبو بكر النَّسَفيّ المؤذّن الزّاهد. سمع: عيسى بن أحمد العسقلانيّ، وأبا عيسى التِّرْمِذيّ، وطُفَيْل بن زيد. وعنه: عبد المؤمن بن خَلَف، ومحمد بن زكريّا، وأهل نَسَف. 294 - عثمانٍ بن أبي الزِّنْباع رَوْح بن الفَرَج. أبو عَمْرو. يروي عن: والده، وجماعة. تُوُفّي بدِمْياط في أول السنة. قال ابن يونس: كتبتُ عنه، وكان ثقة صالحًا. 295 - عليّ بن جعفر بن مسافر التِّنيسيّ. عن: أبيه. وكان صحيح السَّماع. 296 - عليّ بن محمد بن أحمد بن الْجَهْم2. أبو طالب الكاتب. بغداديّ، ثقة، مشهور، أَضَرّ في آخر عمره، وكان أحد العلمّاء. سمع: الحسن بن عَرَفَة، ومحمد بن المُثَنَّى، وعلي بن حرب.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 454". 2 تاريخ بغداد "12/ 71".

وعنه: محمد بن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص بن شاهين. تُوُفّي في آخر السنة، وله تسعون عامًا. "حرف الميم": 297 - مَبْرمان النَّحْويّ1. هو محمد بن عليّ بن إسماعيل، أبو بكر العسكريّ مصنِّف "شرح سِيبَوَيْه" ولم يُتمّه. لقَّبة المبرّد: مبَرْمان، لكثرة سؤاله وملازمته له. أفاد النّاس بالأهواز مدّة، وكان دنيّ النفس مَهِينًا، يلحّ في الطَّلب من تلامذته. وكان إذا أراد أن يذهب إلى منزله أحضر حمال طبليّة وقعد فيها وحمله، من غير عجزٍ به. وربّما بال على الحمّال، فيصيح ذاك الحمّال، فيقول: احسب أنّك حملت رأس غنم. وربّما كان يتنقل بالتّمر، ويحدف النّاس من الطَّبليّة بالنوى. أخذ عنه الكبار: كأبي سعيد السيرافيّ، وأبي عليّ الفارسيّ. وله كتاب "العيون"، وكتاب "علل النحو". 298 - محمد بن جعفر بن رُمَيْس القصْريّ2. بغداديّ، وثقه الدَّارَقُطْنيّ وروى عنه. يروي عن: الحسن بن محمد الزَّعْفرانيّ، وجماعة. 299 - محمد بن جعفر بن بشير. أبو عبد الله البلخي. توفي في رجب ببلخ.

_ 1 معجم الأدباء "18/ 254 - 257"، الوافي بالوفيات "4/ 108، 109"، بغية الوعاة "2/ 74، 75". 2 تاريخ بغداد "2/ 139".

300 - محمد بن شريك بن محمد1. أبو بكر الإسفرائينيّ. سمع: الحارث بن أبي أُسامة. 301 - محمد بن عبد الله بن الحسين2. أبو بكر البغداديّ العلّاف، المعروف بالمستعينيّ. حدَّث عن: الحُسين بن عرفة، وعلي بن حرب. وعنه: الدارقطني، والقواس، وعبد الله بن عثمان الصفار. وقال الخطيب: ثقة. توفي سنة خمسٍ، وقيل: سنة ستٍّ وعشرين. 302 - محمد بن القاسم بن زكريا3. أبو عبد الله المحاربي الكوفي السوداني. يروي عن: أبي كُرَيِب محمد بن العلاء، وهشام بن يونس، وحسين بن نَصْر بن مزاحم، وسُفْيان بن وكيع. قال أبو الحسن بن حماد الحافظ: توفي في صفر. ما رؤي له أصل قط. وحضرت مجلسه، وكان ابن سعيد يقرأ عليه كتاب النهي، عن حسين بن نصر بن مزاحم. قال: وكان يؤمن بالرَّجعَة. قلت: روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْجُعْفيّ، وأبو الحسن الدَّارَقُطْنيّ. 303 - محمد بن محمد بن إسحاق بن راهَوَيْهِ الحنظليّ4. سكن بغداد، وتولّى بها القضاء نيابة في هذه السنة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 355". 2 تاريخ بغداد "5/ 447". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 73"، ميزان الاعتدال "4/ 14"، لسان الميزان "5/ 347". 4 تاريخ بغداد "3/ 215".

وكان إمامًا عارفًا بمذهب مالك. روى عن: محمد بن المغيرة الهَمَدانيّ. وعنه: أبو الفضل الشَّيْبانيّ. "حرف الهاء": 304 - هاني بن المنذر. أبو ثُمامة الصَّدَفيّ الْمَصْرِيّ. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، وعيسى بن إبراهيم بن مَثْرُود. وعنه: المصريّون. وقد رأى أبا شريك يحيى بن يزيد. "حرف الواو": 305 - الوليد بن محمد بن العبّاس بن الوليد بن الدَّرَفْس1. سمع: أباه، وأبا أُميّة، الطَّرَسُوسيّ، والربيع بن سليمان. وعنه: أبو سليمان بن زبر، وأبو هاشم المؤدب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وهو من بيت علم. كنيته أبو العباس الدمشقي. وفيات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 306 - أحمد بن إبراهيم بن الخليل القزويني2. جد أبي يعلى الخليلي.

_ 1 تاريخ دمشق "3/ 134". 2 التدوين في أخبار قزوين "2/ 134".

سمع: محمد بن ماجة، وإبراهيم بن ديزيل. وكتب "السُّنَن" عن ابن ماجة بيده. 307 - أحمد بن بِشْر بن محمد بن إسماعيل بن بِشْر التُّجَيْبيّ1. أبو عَمْر الأندلسي ابن الأغبس القُرْطُبيّ اللُّغَويّ. روى عن: محمد بن وضّاح، ومطرِّف بن قيس، والخشنيّ. وكان شافعيّ المذهب، يميل إلى النّظَر والحُجّة رحمه الله. روى عنه جماعة. وكان بارعًا في اللُّغة، ثقة. 308 - أحمد بن سعيد بن مسعدة لأندلسي2. من أهل مدينة وادي الحجارة. تُوُفّي في ذي الحجّة كهلًا. يروي عن: أحمد بن خالد الحبّاب، والمتأخّرين. 309 - أحمد بن عَبْد اللَّه بن أَبِي طَالِب3. أَبُو عَمْر الأصبحيّ الأندلسي الفقيه، القاضي بالأندلس. ولي قضاء قُرْطُبة بعد أحمد بن بَقِي. قاله ابن الفرَضيّ مختصرًا. 310 - أحمد بن عثمانٍ بن أحمد4. أبو الطَّيّب السَّمْسار. هو والد أبي حفص بن شاهين. سمع: الرمادي، وعباسًا الدوري، وجماعة.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 33". 2 جذوة النفس للحميدي "125". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 34"، جذوة المقتبس "128". 4 تاريخ بغداد "4/ 298".

وعنه: ولده، وابن سمعون. وثقه الخطيب. مات في رجب. 311 - أحمد بن عليّ بن عيسى بن مالك1. أبو عبد الله الرّازيّ. عن: موسى بن نَصْر، وأبي حاتم، ويحيى بن عَبْدك. وعنه: أبو حفص الزيات، ويوسف القوّاس، وأبو القاسم بن الصيدلانيّ، وجماعة. لا أعلم موته، لكنه حدَّث ببغداد في السّنة. 312 - أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن سَلْم2. أبو الحسن المخرّميّ الكاتب. سمع: الزُّبَيْر بن بكّار، والحسن بن محمد بن الصّبّاح، وعليّ بن حرب. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو الحُسين بن سمعون الواعظ. وكان ثقة. 313 - أحمد بن محمد بن سعيد بن موسى بن حُدير. أبو عَمْر القُرْطُبيّ. سمع: محمد بن وضّاح، وعبد الله بن مسرة. وحجَّ سنة خمسٍ وسبعين ومائتين؛ وولي الوزارة والمظالم فَحُمِد. 314 - أحمد بن عثمانٍ بن أحمد بن شاهين البغداديّ3. أبو عَمْر.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 309". 2 تاريخ بغداد "4/ 362". 3 تقدم برقم "310".

روى عن: عباس الدوريّ، وأحمد بن منصور الرماديّ. وعنه: ولده الحافظ أبو حفص بن شاهين، وأبو الحُسين بن سمعون. وثقه الخطيب. 315- أحمد بْن محمد بْن إسماعيل1. أبو بَكْر الآدمي المقرئ. المعمر المعروف بالحمزي، لأنه أقرأ النّاس دهرًا بحرف حمزة في جامع المدينة. وحمل النّاس عنه لضبطه وزُهده وخيره، وهو أجلّ أصحاب أبي أيّوب سليمان بن يحيى الضَّبّيّ. روى القراءة عنه عرضًا: محمد بن أشتة، وعبد الله بن الصَّقْر، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، وعبد الله بن الحسين. وقد سمع: الحسن بن عَرَفَة، والفضل بن سهْل الأعرج. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين. وكان صالحًا ثقة عالمًا. مات في ربيع الآخر وله تسعون سنة رحمه اللَّه. 316 - أحمد بْن محمد بْن الحُسين. أبو الحُسين الخداشيّ النَّيْسابوريّ. سمع: أحمد بن يوسف السُّلَميّ، والرّماديّ، وسعدان بن نَصْر، وأبا زُرْعة الحافظ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو الحُسين بن يعقوب الحَجّاجيّ. 317 - أَحْمَد بن أبي إدريس. أبو بكر الإمام بحلب. "تُوُفّي" في شهر صفر.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 389، 390"، تذكرة الحفاظ "3/ 831"، غاية النهاية "1/ 106".

318 - أحمد بن يحيى بن عليّ بن يحيى بن المنجّم1. أبو الحسن. من كبار المعتزلة، ببغداد رأسًا فيهم. عمِّرَ؛ يقال: جاوز التّسعين. حدث عن: أبيه، وعمَّيه أحمد وهارون. 319 - إبراهيم بن داود القُرْطُبيّ2. سمع: محمد بن وضّاح، والخشنيّ. تُوُفّي في غَزاة الخندق سنة سبعٍ وعشرين. 320 - إسحاق بن إبراهيم بن بيان، وقيل: بنان، النَّضْريّ الجوهريّ3. سكن دمشق، وحدَّث عن: أبي أُميَّة، وسليمان بن سيف الحرّانيّ، والربيع بن سليمان المُراديّ. وعنه: عليّ بن أَحْمَد بن ثابت، وأبو محمد بن ذَكْوان، وعبد الوهاب الكلابي، وآخرون. 321 - إسماعيل بن محمد الحَكَميّ. عن: حنبل بن إسحاق. وعنه: أبو أحمد بن عدي. مات بأستراباذ في ربيع الأوّل. "حرف الجيم": 322 - جحاف بن يُمْن الأندلسي الفقيه4. قاضي بلنسية. قُتِل في غزاة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 215". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 16". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 409". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 103، 104".

"حرف الحاء": 323 - حَجّاج بن أحمد بن حَجّاج. أبو يزيد المَعَافِريّ الإسكندريّ. سمع: محمد بن حمّاد الظّهرانيّ، وغيره. تُوُفّي في شوّال. 324 - الحسن بن القاسم بن دُحَيْم عبد الرحمن بن إبراهيم الدّمشقيّ1. القاضي أبو عليّ. حدث عن: أبي أُميّة الطَّرَسُوسيّ، والعبّاس بن الوليد البيروتيّ، وجماعة. وعنه: ابن المظفر، وأبو بكر بن المقرئ، وآخرون. وكان إخباريًا علامة. توفي بمصر في المحرم. 325 - الحُسين بن القاسم بن جعفر2. أبو عليّ الكوكبي الكاتب، الإخباري، الأديب. سمع: أبا بكر بن أبي الدُّنيا، وأحمد بن أبي خَيثْمة، وأبا العيناء. وعنه: المُعَافَى الجريريّ، والدَّارَقُطْنيّ، وإسماعيل بن سُوَيْد. قال الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرًا. 326 - الحسين ابن القاضي أبي زُرْعة محمد بن عثمانٍ الدّمشقيّ3. أبو عبد الله قاضي دمشق وابن قاضيها. ولي قضاء ديار مصر سنة أربعٍ وعشرين، وتُوُفّي يوم عيد الأضحى سنة سبعٍ بمصر. هذا ما قال فيه ابن عساكر.

_ 1تهذيب تاريخ دمشق "4/ 239"، سير أعلام النبلاء "11/ 190"، الوافي بالوفيات "12/ 203". 2 تاريخ بغداد "8/ 86". 3 الولاة والقضاة للكندي "487، 488".

ولمّا غلب الإخشيد على ديار مصر أقامَ الحُسين في القضاء. وكان قضاء مصر إلى ابن أبي الشّوارب، وهو مقيم ببغداد فيستخلف من شاء. فكتبَ بالعهد إلى الحُسين، وركب بالسواد وقرء عهده. واستناب الإمام أبا بكر بن الحداد شيخ ديار مصر. وكان الحُسين كبير القدْر معظمًا، نقيبته بسيف ومِنطقة. وكان ينفق على مائدته في الشهر أربعمائة دينار. واتسعت ولايته، وجُمع له القضاء بمصر والشّام، فحكم على مصر، ودمشق، وحمص، والرملة، وكثرت نوابه. ولكن لم تمتد أيامه، وعاش ثلاثًا وأربعين سنة. وكان كريمًا جوادًا عارفًا بالقضاء، منفذًا للأحكام. "حرف الزاي": 327 - زريق بن عبد الله بن نصر1. أبو أحمد المخرّميّ الدّلال. سمع: عباسًا الدّوريّ، ومحمد بن عبد النور المقرئ، وأحمد بن عبد الجبّار العُطارِديّ. وعنه: أبو القاسم بن الثّلّاج، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو الحسن بن الجندي. قال الدَّارَقُطْنيّ: لم يكن به بأس. قيل: مات في رمضان. "حرف السين": 328 - سُفيان بن محمد بن حاجب. أبو الفضل النَّيْسابوريّ الجوهريّ. سمع: أحمد بْن يوسف، ومحمد بن يزيد، وقَطَن بن إبراهيم النيسابوريّين، وأبا حاتم الرّازيّ، وأبا قلابة الرقاشي.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 496".

وعنه: أبو عليّ الحافظ وانتقى له فوائد، وأبو بكر الْجَوْزقيّ، وأبو يَعْلَى حمزة بن عبد العزيز المهلبي، وآخرون. "حرف العين": 329 - عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمود1. رأس المعتزلة أبو القاسم الكعبيّ. 330 - عبد الله بن محمد الفارسي التّاجر. حدَّث بأستراباذ عن: يعقوب بن سفيان الحافظ، وغيره. وعنه: أبو جعغر المستغفريّ، وغيره. 331 - عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن بن أبي صالح عبد الغفّار بن داود. أبو مسلم الحرانيّ ثمّ المصريّ. سمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وبحر بن نَصْر بن سابق، وإبراهيم بن مرزوق، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ بمكّة. وعُنِي بالحديث. تُوُفّي في شوّال. وقلّ ما روى لأنه كان يمتنع. 332 - عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بْن إدريس بْن المُنْذِر بْن دَاوُد بن مهران2. أبو محمد التّميميّ الحنّظليّ، وقيل: بل الحنظليّ فقط. وهي نسبة إلى درب حنظلة بالري، كان يسكنه والده. هو الإمام ابن الإمام حافظ الرّيّ وابن حافظها. رحَلَ مع أبيه صغيرًا وبنفسه كبيرًا.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 384". 2 الكامل في التاريخ "8/ 358"، سير أعلام النبلاء "13/ 263- 269"، ميزان الاعتدال "2/ 587"، لسان الميزان "3/ 432".

وسمع: أباه، وابن وَارة، وأبا زُرْعة، والحسين بن عَرَفَة، وأحمد بن سنان القطّان، وأبا سعيد الأشجّ، وعليّ بن المنذر الطّريقيّ، ويونس بن عبد الأعلى، وخلقًا كثيرًا بالحجاز، والشّام، ومصر، والعراق، والجبال، والجزيرة. روى عنه: الحُسين بن عليّ حُسَينْك التّميميّ، ويوسف المَيَانجيّ، وأبو الشّيخ، وعليّ بن عبد العزيز بن مَرْدَك، وأحمد بن محمد بن الحُسين البصير، وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن أسد الفقيه، وأبو علي حمد بن عبد الله الإصبهانيّ، وإبراهيم وأحمد ابنا محمد بن عبد الله بن يزداد، وإبراهيم بن محمد النّصراباذيّ، وأبو سعيد عبد الله بن محمد الرازي، وعليّ بن محمد القصّار، وآخرون. قال أبو يَعْلَى الخليليّ: أخذ علم أبيه وأبي زُرْعة، وكان بحرًا في العلوم ومعرفة الرّجال. صنف في الفقه واختلاف الصّحابة والتّابعين وعُلمّاء الأمصار. قال: وكان زاهدًا يُعدّ من الأبدال. وقال يحيى بن منده: صنّف ابن أبي حاتم "المسند" في ألف جزء، وكتاب "الزهد"، وكتاب " الكنى"، و "الفوائد الكثيرة"، و "فوائد الرازيين"، وكتاب "مقدمة الجرح والتعديل"، وأشياء. قلت: وله كتاب في "الجرح والتعديل" في عدة مجلدات تدل على سعة حفظ الرجل وإمامته. وله كتاب في "الرد على الجهمية" في مجلد كبير يدلّ على تبحره في السنة. وله تفسير كبير سائره آثار مسنده في أربع مجلدات كبار، قل أن يوجد مثله. وقد صنف أبو الحُسين عليّ بن إبراهيم الرازي الخطيب المجاور بمكّة لأبي محمد ترجمة قال فيها: سمعتُ عليّ بن الحسن المصريّ ونحن في جنازة ابن أبي حاتم يقول: قلنسوة عبد الرحمن من السّماء. وما هو بعجبٍ، رجل منذ ثمانٍين سنة على وتيرةٍ واحدة، لم ينحرف عن الطّريق. وسمعت عليّ بن أحمد الفرضي يقول: ما رأيت أحدًا ممن عرف عبد الرحمن بن أبي حاتم ذكر عنه جهالةً قط. وسمعت عبّاس بن أحمد يقول: بلغني أن أبا حاتم قال: ومَن يَقّوَى على عبادة عبد الرحمن. لا أعرف لعبد الرحمن ذنبًا. سمعتُ ابن أبي حاتم يقول: لم يدعني

أبي أشتغل في الحديث حتّى قرأت القرآن على الفضل بن شاذان الرازيّ ثمّ كتبت الحديث. قال أبو الحسن: وكان عبد الرحمن قد كساه الله بهاء ونورًا يسر به من نظر إليه. سمعته يقول: أخرجني أبي، يعني رحلَ بي، سنة خمس وخمسين ومائتين وما احتلمت بعد، فلمّا أن بلغنا الليلة الّتي خرجنا فيها من المدينة نريد ذا الحلَيْفة احتلمتُ فحكيتُ لأبي، فَسُرّ بذلك رحمه الله، وحمدَ الله حيث أدركت حُجّة الإسلام. وسمع عبد الرحمن في هذه السنة من محمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ صاحب ابن عُيَيْنَة. قال: وسمعت عليّ بن أحمد الخوارزميّ يقول: سمعتُ عبد الرحمن يقول: كنّا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مَرَقَةً، كلّ نهارنا مقسَّم لمجالس الشيوخ، وبالليل للنسخ والمقابلة. فأتينا يومًا أنا ورفيق لي شيخًا فقالوا: هو عليل. فرأينا في طريقنا سمكةً أعجبتنا. قال: فاشتريناه، فلمّا صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشّيوخ ولم يُمكننا إصلاحه ومضينا إلى المجلس. فلم نزل حتّى أتى عليه ثلاثة أيام وكاد أن يتغير، فأكلناه نيًا، ولم يكن لنا فراغ أن نعطيه لمن يشويه. ثمّ قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد. قال أبو الحسن: كان له ثلاث رحلات: رحلة مع أبيه سنة خمسٍ والسنة التي بعدها. ثمّ إنه حج مع محمد بن حماد الظهراني في الستين ومائتين. ثمّ رحل بنفسه إلى السواحل، والشّام، ومصر، في سنة اثنتين وستين ومائتين. ثمّ إنه رحل إلى أصبهان، فأدرك يونس بن حبيب ونحوه في سنة أربعٍ وستّين. سمعتُ أبا عبد الله القَزْوينيّ الواعظ يقول: إذا صليت مع عبد الرحمن فسلّم نفسك إليه يعمل بها ما يشاء. ودخلنا يومًا على أبي محمد يغلّس في مرض موته، فكان على الفراش قائمًا يُصلّى، وركع فأطال الركوع. وقال عَمْر بن إبراهيم الهَرَوِيّ الزّاهد: ثنا الحُسين بن أحمد الصّفّار: سمعتُ عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: وقع عندنا الغلاء، فأنفذ بعض أصدقائي حبوبًا من

أصبهان، فبعته بعشرين ألف درهم، وسألني أن أشتري له دارًا عندنا، فإذا نزل عندنا نزل فيها. فأنفقتها على الفقراء. فكتب إليّ: ما فعلت؟ قلت: اشتريت لك بها قصرًا في الجنّة. قال: رضيتُ إن ضمِنْتَ ذلك لي، فتكتب على نفسك صَكًّا. قال: ففعلتُ، فأريت في المنام، قد وَفَينا بما ضمْنَت، ولا تَعُد لمثل هذا. وقال أبو الوليد سليمان بن خَلَف الباجي: عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثقة حافظ. وقال أبو الربيع: محمد بن الفضل البلْخيّ: سمعتُ أبا بكر محمد بن مَهْرَوَيْه الرّازيّ: سمعتُ عليّ بْن الحُسين بْن الْجُنَيْد: سمعتُ يَحْيَى بن معين يقول: إن لَنَطْعن على أقوامٍ لعلهم حطوا رحالهم في الجنّة منذ أكثر من مائتي سنة. قال ابن مهرويه: فدخلت على ابن أبي حاتم وهو يقرأ على النّاس كتاب "الجرح والتعديل" فحدثته بهذا، فبكى وارتعدت يداه حتّى سقط الكتاب. وجعل يبكي ويستعيدني الحكاية. تُوُفّي رحمه الله في المحرَّم في عَشْر التسعين. 333 - عبد الرحمن محمد بن عصام أو عُصَيْم1. أبو القاسم الْقُرَشِيّ، مولاهم الدّمشقيّ. سمع: هشام بن عمّار. وكان يسكن بباب الجابية. روى عنه: أبو الحسين الرازيّ، ومحمد بن موسى السَّمْسار، وعبد المحسن بن عَمْر الصّفّار. 334 - عبد الرحيم بن محمد بن عبد الله بن مَخْلَد. أَبُو القاسم المخلّديّ. في ذي القعدة. 335 - عبد المؤمن بن حسن بن كردوس.

_ 1 تاريخ دمشق "23/ 352".

أبو بكر المصريّ. رجل صالح. روى عن: الربيع المُراديّ، وغيره. قاله ابن يونس. 336 - عبد الواحد بن محمد بن سعيد. أبو أحمد الأرغِيانيّ. سمع: عبد الرحمن بن بِشْر بن الحَكَم، وأحمد بن سعيد الدّارميّ. وبالعراق: محمد بن إسماعيل الأحْمُسيّ، والرَّماديّ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو إسحاق المُزَكّيّ، وشيوخ نَيْسابور. وقَعَ لي حديثه من رواية أبي بكر بن مِهران المقرئ، ومن رواية أبي بكر الْجَوْزَقيّ، عنه. 337 - عثمانٍ بن خطّاب بن عبد الله بن عوّام1. أبو عَمْرو البَلَويّ المغربيّ الأشجّ المعروف بأبي الدّنيا الّذي ادعى أنّه سمع من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وأنّه، مُعَمَّر، وحدَّث عنه ببغداد. فكتب عنه: محمد بن أحمد المفيد أحد الضُّعفاء، والحسن ابن أخي طاهر، وغيّرهما. ليس بثقة والله ولا صادق. وعلى قوله يكون قد عاش ثلاثمائة سنة أو أكثر. 338 - عليّ بن العبّاس النُّوبَخْتيّ الأديب2. أحد مشايخ الكُتّاب الأعيان بمدينة السلام. أخذ عن: البحتري، وابن الرومي. وله شعر رائق. تُوُفّي سنة سبعٍ عن سن عالية.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 297"، ميزان الاعتدال "3/ 33"، لسان الميزان "4/ 134 - 140". 2 معجم الأدباء "13/ 267، 268".

339 - عليّ بن العبّاس الهَرَويّ ثمّ البغداديّ1. سمع: الحسن بن محمد الزعفراني، وأحمد بن منصور الرماديّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القّواس. 340 - عَمْر بن أحمد الدُّرِّيّ2. بغداديّ. سمع: الحسن بن عَرَفَة، ومحمد بن الوليد البسريّ، ومحمد بْن عثمانٍ بن كرامة، ومحمد بن إسماعيل الحساني. وعنه: ابن زنبور، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين. وكان ثقة. تُوُفّي في ذي الحجّة. 341 - عَمْر بن حفص بن أحلُم بن مينا3. أبو حفص البخاريَ. روى عن: سهل بن المتوكّل، وحَمْدَوَيْه بن الخطّاب، ومحمد بن الضوء. وعبد الله بن عافية، وغيرهم. وعنه: محمد بن بكر بن خَلَف، وسهل بن عثمانٍ بن سعيد. ورّخه الأمير. وأحلُم: بضم اللام. "حرف الفاء": 342 - الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الفُرات4. أبو الفتح بن حِنْزابة الكاتب. وحِنْزابة جارية رومية، وهي أُمّه، كان كاتبًا مجوّدًا ديِّنًا متألهًا.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 260". 2 تاريخ بغداد "11/ 229". 3 الإكمال لابن ماكولا "1/ 32، 33"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 13". 4 تكملة تاريخ الطبري "1/ 113"، الكامل في التاريخ "8/ 354"، سير أعلام النبلاء "14/ 479".

وزر سنة عشرين وثلاثمائة للمقتدر، ثمّ ولاه الرّاضي جميع الشّام فسارَ إليها. ثمّ قلّده الرّاضي الوزارة، فقدم بغداد فرأى اضطراب الأمور واستيلاء محمد بن رائق على الدست. فأطمع ابن رائق في أن يحمل إليه أموالًا من مصر والشّام. وشخص إلى هناك، فمات بغزة كهلًا. وتُوُفّي ابنه الوزير جعفر سنة إحدى وتسعين. 343- الفضل بْن الحسين. أبو العبّاس الهَمَدانيّ الحافظ، ويُعرف بابن تازي. ثقة. أملى عن: إبراهيم بن ديزيل، ويحيى بن عبد الله الكرابيسيّ. وعنه: صالح بن أحمد، والحسن بن علي بن بشار، والهمدانيون. "حرف الميم": 344 - مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن بن عاصم. أبو جعفر البوسنجي العاصمي. في شهر ذي القعدة. 345 - محمد بن إبراهيم بن حمك القزويني الرزاز1. سمع: أبا حاتم، ويحيى بن عبدك. وكان ثقة. روى عنه: جماعة ببلده. 346 - محمد بن بركة بن إبراهيم بن مرداج2. أبو بكر اليحصبي القنسريني الحافظ، المعروف ببرداعس. سكن حلب، وروى بها عن: أحمد بن شيبان الرمليّ، ومحمد بن عوف، ويوسف بن سعيد ابن مسلم، وأبي أُميّة، وهلال بن العلاء، وجماعة كثيرة.

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "1/ 141". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 81 - 83"، ميزان الاعتدال "3/ 489"، لسان الميزان "5/ 96".

ورحل وأكثر. روى عنه: عثمانٍ بن خُرَّزاذ وهو من شيوخه، وأبو بكر الرَّبَعيّ، وأبو سليمان بن زَبْر، وعبد الله بن عديّ، ويوسف المَيَانِجِيّ، وأبو بكر بن المقرئ، وعليّ بن محمد بن إسحاق الحلبي، وطائفة آخرها موتًا أبو بكر محمد بن أبي الحديد. قال أبو أحمد الحاكم: رأيته حسن الحِفْظ. وقال ابن ماكولا: كان حافظًا. وأمّا حمزة السهمي فروى عن الدَّارَقُطْنيّ أنه ضعيف. 347- مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ بن البَتْلَهِيّ1. الدّمشقيّ. سمع من: جدّه. روى عنه: أبو الحسين الرازي، وعبد الوهاب الكلابي. 348 - محمد بن جعفر بن محمد بن سهْل بن شاكر2. أبو بكر السامرّيّ الخرائطيّ. مصنِّف "مكارم الأخلاق"، وغيرها. سمع: عَمْر بن شَبَّة، والحسن بن عَرَفَة، وسعدان بن نَصْر، وسعدان بن يزيد، وحُمَيْد بن الربيع، وعليّ بن حرب، والرمادي، وأحمد بن بُدَيْل، وشعيب بن أيوب، وطبقتهم. وعنه: أبو سليمان بن زَبرْ، وأبو عليّ بن مُهَنّا الدّارانيّ، ومحمد وأحمد ابنا موسى السَّمْسار، ويوسف المَيَانِجيّ، والكِلابيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن عثمانٍ بْن أَبِي الحديد، وآخرون. قدِم دمشق سنة خمسٍ وعشرين، وتُوُفّي بعسقلان. قال ابن ماكولا: صنف الكثير، وكان من الأعيان الثقات.

_ 1 تاريخ دمشق "37/ 243". 2 تاريخ بغداد "2/ 139، 140"، سير أعلام النبلاء "15/ 267، 268"، البداية والنهاية "11/ 190".

قيل: تُوُفّي بيافا في ربيع الأوّل. قال الخطيب: كان حسان الأخبار، مليح التصانيف. 349 - محمد بن جعفر بن نوح1. أبو نعيم البغداديّ الحافظ. نزل الرملة، وحدَّث بها عن: محمد بن شداد المسمعي، ومحمد بن يوسف الطّبّاع، وتَمْتام، وخلْق. وعنه: محمد بن المظفّر، وابن المقرئ، وغيّرهما من الرّحّالة. 350 - محمد بن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِيّ2. قال الخطيب: قال الحاكم: تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين. قال الخطيب: والصحيح سنة تسعٍ وعشرين. 351 - محمد بن صالح بن محمد الخَولانيّ المصريّ. عن: الربيع، ويحيى بن نَصْر، وجماعة. وكان ثقة من الصالحين. 352 - محمد بن عبد الله بن خليفة بن الجارود3. أبو أحمد النَّيْسابوريّ الأحنف. كان كثير الحديث والتصنيف، إلّا أنّ حُفّاظ نيسابور ليَّنة بعضهم. سمع: محمد بن أشرس، والسريّ بن خُزَيْمَة. وعنه: أبو أحمد الحاكم وكان يوثقه. وله حديث منكر تفرد به كأنه موضوع. 353 - محمد بن عليّ. أبو بكر المصري العسكري الفقيه الشّافعيّ، مفتي عسكر مصر وعينهم.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 140". 2 تاريخ بغداد "5/ 232". 3 المغني في الضعفاء "2/ 602"، لسان الميزان "5/ 239".

تفقه للشافعي وروى كُتُبه عن الربيع. وحدَّث أيضًا عن: يونس بن عبد الأعلى، وطبقته. مات في ربيع الأوّل. قاله أبو سعيد بن يونس. 354 - محمد بن عيسى بن موسى ين بلبل1. أبو بكر السَّمْسار. بغداديّ ثقة. سمع: الحسن بن عَرَفَة، وزيد بن أخرم، ومحمد بن المثنى العَنَزِيّ. وعنه: أبو حفص بن شاهين، وأبو الفضل الجوهريّ. 355 - محمد بن قاسم بْن محمد بن قاسم بْن محمد بْن سيار الأمويّ2. مولاهم القُرْطُبيّ البيانيّ أبو عبد الله الحافظ. سمع من: أبيه، وبقي بن مخلد، ومحمد بن وضاح، وجماعة. ورحل سنة أربعٍ وتسعين ومائتين، فسمع بالكوفة من: محمد بن عبد الله مُطَيَّن، ومحمد بن عثمانٍ بن أبي شَيْبَة. وببغداد من: يوسف بن يعقوب القاضي. وبالبصرة من: أبي الخليفة، وزكريا الساجي. وبمصر من: النسائي، وطائفة. قال أبو محمد الباجيّ: لم أدرك بقُرْطُبة من الشيوخ أكره حديثًا منه، وكان عالمًا ثقة، بارعًا في علم الوثائق. تُوُفّي في ذي الحجّة من السنة. وقد روى عنه خلق. وسيعاد في سنة ثمانٍ.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 402". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 46، 47".

356 - محمد بن محمد بن مهديّ. أبو الحُسين النَّيْسابوريّ، الصيدلاني المعدل. سمع: قَطَن بن إبراهيم، ومحمد بن الْجَهْم السّمرّيّ، وعبد الله بن أبي مسرة، وإسحاق الدَّبَرِيّ، وطائفة. وعنه: أبو عَمْرو بن حمدان، وأبو أحمد الحاكم. تُوُفّي في رمضان. 357 - معاوية بن محمد بن قنينية الأزْديّ1. أبو عبد الرحمن. سكن الشّام، وسمع: أبا زُرْعة الدّمشقيّ، والحسن بن جرير الصُّوريّ، وجماعة. وعنه: أبو هاشم المؤدب، وجماعة. "حرف الياء": 358 - يزداد بن عبد الرحمن بن محمد المَرْوَزِيّ2. ثمّ البغداديّ. الكاتب أبو محمد. سمع: أبا سعيد الأشج، ومحمد بن المُثَنَّى. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، ويوسف القوّاس. وكان ثقة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 359 - يحيى بن زكريّا بن الشامة الأمويّ الأندلسيّ3. المحدّث. روى عن: خاله إبراهيم بن قاسم، ويحيى بن مزين.

_ 1 تاريخ دمشق "52/ 540، 541". 2 تاريخ بغداد "14/ 355". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 189"، جذوة المقتبس "376".

وعنه: أحمد بن مطرِّف، وغيره. ولهم آخر اسمه: 360 - يحيى بن زكريّا بن عبد الملك الثَّقفيّ1. ويُعرف بابن الشّامة. مات قبل هذا. توفي سنة 274. وفيات سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 361 - أحمد بن إسحاق بن إبراهيم2. أبو بكر الخزاعي الملْحميّ البغداديّ القاضي. سمع بدمشق من: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ. وبالعراق من: الكُدَيْميّ، وطبقته. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وعمر الكتّانيّ، وجماعة من البغداديّين. 362 - أحمد بن بِشْر بن محمد بن إسماعيل3. الإمام أبو الأعمش التُّجَيْبيّ القُرْطُبيّ. سمع: ابن وضّاح، وطبقته. وكان فقيهًا مجتهدًا علّامة رأسًا في اللُّغة والنَّحْو. أرّخه عِياض. 363 - أحمد بن عُبَيْد الله4. أبو العباس الخصيبي الوزير.

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "376". 2 تاريخ بغداد "4/ 34". 3 تقدم برقم "307". 4 تكملة تاريخ الطيري "1/ 47، 49، 50"، سير أعلام النبلاء "15/ 292، 293".

تُوُفّي هو والوزير أبو عليّ بن مقلة في شوّال. وقد ذكرنا من أخبارهما في حوادث السنين، سامحهما الله. وقد وزر جدّه أحمد بن الخصيب للمنتصر. وكان هو أديبًا رئيسًا عاقلًا مليح الخطّ. 364 - أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْعَلَاءِ1. أبو عبد الله الْجُوزْجَانِيُّ. وُلِدَ سنة خمسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَسَمِعَ: أَحْمَدَ بْنَ الْمِقْدَامِ، وَزِيَادَ بْنَ أَيُّوبَ، وَغَيْرَهُمَا. وَعَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ شَاهِينَ، وَعُمَرُ الْكَتَّانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا، بَكَّاءً، ثِقَةً. تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ الْقَوَّاسُ، أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيِّ، أَنَا جَمَالُ الْإِسْلَامِ، وَأَنَا ابْنُ طَلَّابٍ، أَنَا ابْنُ جُمَيْعٍ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ، بْنُ أَبِي السَّفَرِ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْرَدَ الْحَجَّ"2. 365- أحمد بن محمد بن بِشْر بن يوسف بن مامَوَيْه3. أبو الميمون القرشي الدّمشقيّ. سمع: محمد بن إسماعيل بن عُلَيَّه بدمشق، والربيع المرادي بمصر. وعنه: جماعة آخرها أبو بكر بن أبي الحديد. مات في رجب رحمه الله.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 309، 310"، سير أعلام النبلاء "15/ 248، 249". 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "1211"، وأبو داود "1777"، والترمذي "820"، والنسائي "2714"، وابن ماجه "2964"، والدارمي "1812"، وابن حبان في صحيحه "3934، 3935". 3 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 454".

366 - أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يحيى بن يزيد1. أبو الدّحْداح التّميميّ الدّمشقيّ. سمع: أباه، وموسى بن عامر، ومحمود بن خالد، ومحمد بن هاشم البَعْلَبَكّيّ، وعبد الوهّاب بن عبد الرحيم الأشجعيّ، وجماعة كبيرة. وعنه: الطَّبَرانيّ، وأبو بكر الرَّبعيّ وأبو بكر الأبْهريّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهاب الكِلابيّ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وجماعة. وكان يسكن بطرف العقيبة. قال الخطيب: كان مليئًا بحديث الوليد بن مسلم، روى عن جماعة من أصحابه. قلت: وقع لنا أجزاء من حديثه. تُوُفّي في المحرَّم، وقيل: فِي ذي القعدة. 367 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد ربّه بن حبيب بن حُدير2. أبو عمر الأُمويّ، مولى هشام ابن الدّاخل عبد الرحمن بن معاوية الأندلسي القُرْطُبيّ. صاحب كتاب "العِقْد" في الأخبار والآداب. سمع: بَقِيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضّاح. روى عنه: العائذيّ، وغيره. وُلِد سنة ستٍّ وأربعين ومائتين. وكان أديب الأندلس وفصيحها. مدح ملوكَ الأندلس. وكان صدوقًا ثقة، متصونًا، ديِّنًا، رئيسًا. وهو القائل: الجسمُ في بلدٍ، والروحُ في بلدٍ ... يا وحشة الرَوْح، بل يا غربة الجسد إن تبك عيناك لي يا من كلفت به ... من رحمةٍ فهما سهمان في كبدي

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "3/ 217"، سير أعلام النبلاء "15/ 268، 269"، تهذيب التهذيب "5/ 132". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 38"، سير أعلام النبلاء "15/ 283"، البداية والنهاية "11/ 193، 194".

وله قصائد زهديات نظمها في آخر أيامه، ومنها: ألا إنما الدنيا غضارة أيكةٍ ... إذا أخضر منها جانب جف جانب هي الدار ما الآمال إلا فجائع ... عليها، ولا اللذات إلا مصائبُ فكم سخنت بالأمس عين قريرة ... وقرت عيون دمعها اليوم ساكب فلا تكتحل عيناك فيها بعبرةٍ ... على ذاهب منها فإنك ذاهب وله: وحاملة راحا على راحة اليد ... موردةٍ تسعى بلونٍ مورد متى ما ترى الإبريق للكاس راكعا ... تصلى له من غير طهرٍ وتسجد على ياسمين كاللجين ونرجسٍ ... كإفراط در في قضيب زبرجد بتلك وهذه فاله يومك كله ... وعنها فسل لا تسأل النّاس عن غد ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... وياتيك بالأخبار من لم تزود وله: يا ليلة ليس في ظلمّاتها نورٌ ... إلا وجوهٌ تضاهيها الدنانير حور سقتني كأس الموت أعينها ... ماذا سقتني تلك الأعين الحور إذا ابتسمن فدر الثغر منتظمٌ ... وإن نطقن فدر اللفظ منثور خل الصبي عنك واختم بالتقى عملًا ... فإن خاتمة الأعمال تكفير وله: بيضاء مضمومة مقرطقة ... ينقد عن نهدها قراطقها كأنما بات ناعما جذلا ... في جنة الخلد من يعانقها أي شيء ألذ من أملٍ ... نالته معشوقةٌ وعاشقها دعني أمت من هوى مخدرةٍ ... تعلق نفسي بها علائقها من لم يمت غبطة يمت هرمًا ... للموت كاسٌ المرء ذائقها تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.

368 - أحمد بن محمد بن الحسن1. أبو بكر الدَّيَنَوِريّ الضّرّاب. حدَّث ببغداد عن: عَبْد الله بْن محمد بْن سِنان الرَّوْحيّ، ومحمد بن عبد العزيز الدَّيَنَوِريّ. وعنه: عَمْر بن الزّيّات، وابن شاهين، ويوسف القّواس. وثقه الخطيب. 369 - أحمد بن محمد بن عمار2. أبو بكر البغداديّ القطّان سَبَنْك. هو جدّ عُمَر بن محمد بن سنبك لأُمّهِ. سمع: الحسن بن عَرَفَة، وشعيب بن أيّوب. وعنه: سِبْطُه عُمر، والدَّارَقُطْنيّ ووثقه. 370 - أحمد بن معاوية. أبو الحسين الكاغدي الرازيّ. سمع: أبا زُرْعة، وسليمان بن داود القزّاز. روى عنه: جماعة. 371 - أحمد بن محمد بن موسى. أبو حامد النَّيْسابوريّ القلانِسيّ. سمع: محمد بن يزيد، وإسحاق بن عبد الله بن رزين. وعنه: عليّ بن عُمر النَّيْسابوريّ، وغيره. 372 - إبراهيم بْن محمد بْن إبراهيم بْن خلاد3.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 427". 2 تاريخ بغداد "5/ 75". 3 تاريخ بغداد "6/ 163".

أبو إسحاق الأنماطي الهمداني. عن: ابن ديزل. وعنه: أبو القاسم بن الثّلّاج، وابن جُمَيْع، وغيّرهما. حدَّث فِي هذه السنة، وانقطع خبره. 373 - إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن قاسم بن هلال القُرْطُبيّ1. سمع: عمه: إبراهيم بن قاسم، ومحمد بن وضّاح. وكان متعبدًا، رحمه الله تعالى. 374 - إبراهيم بن ميمون بن إبراهيم. أبو إسحاق الصّوّاف. سمع: عليّ بن معْبد بن نوح الّذي روى النسائيّ، عن رجلٍ، عنه، ومحمد بن عَمْرو السُّوسيّ، وغير واحد. 375 - إسحاق بن محمد بن إسحاق2. أبو عيسى النّاقد. من أهل بغداد. سمع من: الحسن بن عَرَفَة. روى عنه: أبو الحسن الجراحي، ويوسف الثّلّاج. "حرف الحاء": 376 - حامد بن أحمد3. أحمد المَرْوَزِيّ الحافظ، ويعرف بالزّيْديّ لجَمْعِه حديث زيد بن أبي أنيسة. سكن طَرَسُوس، وانتقى على خَيْثَمَة. وحدَّث عن: محمد بن حمدون المَرْوَزِيّ المتوفّي بعده بسنة.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 16". 2 تاريخ بغداد "6/ 397". 3 تاريخ بغداد "8/ 171، 172"، تذكرة الحفاظ "273، 274".

روى عنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع، وجماعة. مات وله نيّفٍ وأربعون سنة. 377- حامد بْن أَحْمَد1. أبو الحسين البزّاز. عن: الرمادي. مات سنة ثمانٍ أيضًا. 378 - حامد بن بلال بن حسن2. أبو أحمد البخاريّ. راوي نسخة عيسى بن غُنْجار. سمع: عيسى بن أحمد العسقلانيّ، وأسباط بن اليَسَع. وعنه: أبو بكر الشّافعيّ، وعليّ بن عَمْر الحربيّ، وأبو حفص بن شاهين. تُوُفّي في رجب. فالحوامد الثلاثة في سنة. 379 - الحسن بن أحمد بن يزيد3. أبو سعيد الإصْطَخْريّ شيخ الشّافعيّة. سمع ببغداد: سعْدان بن نَصْر، وحفص بن عَمْرو الرباليّ، والرماديّ، وحنبل بن إسحاق. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبو الحسن بن الْجُنْديّ، وغيرهم. قال أبو إسحاق المَرْوَزِيّ: لمّا دخلت بغداد لم يكن بها من يستحق أن نَدْرُس عليه إلا ابن سُرَيْج وأبو سعيد الإصطَخريّ. وقال الخطيب: ولي قضاء قُمّ. وقد ولي حسبه بغداد، فأحرق مكان الملاهي،

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 170". 2 تاريخ بغداد "8/ 170". 3 المنتظم "6/ 312"، سير أعلام النبلاء "15/ 250- 252"، البداية والنهاية "11/ 193".

وكان ورِعًا زاهدًا متقلّلًا من الدّنيَا. وله تصانيف مفيده منها: كتاب "أدب القضاء" ليس لأحد مثله. قلت: وكان من أصحاب الوجوه في المذهب. وقيل: إنّ قميصه وعمامته وطيلسانه وسراويله كان من شقَّةٍ واحدة. وعاش نيفًا وثمانٍين سنة. وقد استقضاه المقتدر على سِجِسْتان. وقد استفتاه المقتدر في الصابئين، فأفتاه بقتلهم لأنّهم يعبدون الكواكب. فعزمَ الخليفة على ذلك، حتّى جمعوا له مالًا كثيرًا. مات الإصْطَخْريّ في جُمَادَى الآخرة، رحمه الله. 380 - الحسن بن إبراهيم1. أبو محمد البغداديّ المقرئ ابن أخت أَبِي الآذان. سمع: محمد بن أحمد بن أبي المثنى، وإبراهيم بن جبلة. وروى عنه: الدَّارَقُطْنيّ ووثقه. 381 - الحسن بن يزيد بن يعقوب بن راشد. أبو عليّ الهمْذانيّ الدّقاق. سمع: إبراهيم بن ديزيل، ويحيى بن عبدك، وعليّ بن عبد العزيز البغويّ، وجماعة. ويعرف في بلده بعبدان. روى عنه: صالح بن أحمد الحافظ، وأبو بكر بن المقرئ، وأبو بكر أحمد بن عليّ بن لال، وجماعة. وكان صدوقًا. له ترجمة في "طبقات شِيرِوَيْه" هذا منها. 382 - الحسين بن محمد بن سعيد2.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 282". 2 معجم الشيوخ "254، 255"، تاريخ بغداد "8/ 97، 98".

أبو عبد الله بن المُطبقيّ. بغداديّ مُوثَّق. سمع: خلاد بن أسلم، ومحمد بن منصور الطوسي، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، والربيع بن سليمان المرادي. ويقال: إنه كان علويا لم يظهر نسبه. قرأت على أبي حفص الطائي: أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيُّ حُضُورًا، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُسْلِمِ، أنا أَبُو نَصْرِ بْنُ طَلابٍ، أنا محمد بن أحمد قال: تُوُفّي الحُسين بن سعيد، يعني المطبقي، ليومين بقيا من شوّال سنة 328. 383 - الحسين بن يزيد بن أسد بْن سعَيِد بْن كثير بْن عُفَيْر. أبو علي المصري. تُوُفّي في شوّال. 384 - حمزة بن الحُسين بن عَمْر1. أبو عيسى السَّمْسار. بغداديّ، ثقة. سمع: محمد بن أشكاب، والدقيقي، وابن وارة، وأحمد بن منصور الرمادي. وعنه: أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق، وابن شاهين، وأبو الحُسين بن جميع. وثقه الخطيب. وقيل: إنما اسمه عَمْرو، ولقبه حمزة. وقع لي حديثه بعُلُوّ. "حرف الخاء": 385 - خير. أبو صالح. مولى عبد الله بن يحيى التغلبي.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 181".

سمع من: بكّار بن قُتَيْبة، وجماعة. وكان أسود مَخْصِيًّا، ثقة، تقبله القضاة. كتب عنه: ابن يونس ووثقه، وقال: تُوُفّي في رمضان. "حرف الطاء": 386- الطيب بن العبّاس بن محمد بن المغيرة. أبو الحُسين البغداديّ الجوهريّ. سمع: الحسن بن محمد الزَّعْفرانيّ، وصالح بن أحمد بن حنبل، وعُبَيْد الله بن سعد بن إبراهيم. وعنه: أبو عَمْر بن حَيُّوَيْه، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، والمَرْزبانيّ. وكان ثقة. تُوُفّي في رجب. روى عنه ابن جميع. "حرف العين": 387 - عَبْد اللَّه بن سُلَيْمَان بن عيسى1. أبو محمد الوراق الفامي. بغداديّ، ثقة. سمع: محمد بن مسلم بن وَارَةَ، وإبراهيم بن هانئ، وأحمد بن مُلاعِب، والعُطَارِديّ، وجماعة. وعنه: يوسف القوّاس، وابن شاهين، وعبد الله بن عثمانٍ، وأبو الحسن بن جُمَيْع. تُوُفّي فِي شوال. 388- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن. أَبُو مُحَمَّد بْن الشرقي، أخو أبي حامد.

_ 1 معجم الشيوخ لابن جميع "302".

كان أسن من أبي حامد. سمع: الذُّهْليّ، وعَبْد اللَّه بْن هاشم، وعَبْد الرَّحْمَن بن بِشْر، وأحمد بن الأزهر، وأحمد بن يوسف، وأحمد بن منصور زاج. وعنه: أحمد بن إسحاق الضُّبَعيّ، وأبو عليّ الحافظ، ويحيى بن إسماعيل الحربيّ، وعبد الله بن حامد الواعظ، وأبو الحسن المّاسرجسيّ، ومحمد بن أحمد بن عبدوس، ومحمد بن الحُسين الحسني. قال الحاكم: تُوُفّي في ربيع الآخر، وله اثنتان وتسعون سنة. وقد رأيته: شيخ طُوال، أسمر، وله أُذُنان كأنهما مرَوْحتان، وأصحاب المحابر بين يديه، ولم أرزق السماع منه. وكان أوحد وقته في معرفة الطّبّ. ولم يدع الشرب إلى أن مات. فذلك الّذي نقموا عليه. وكان أخوه لا يرى لهم السماع منه بذلك. 389 - عبد الله بن وهبان1. أبو محمد البغداديّ. حدَّث بمصر عن: عبد الله المخرّميّ، وأحمد بن الخليل البرجلاني، وعنه: الحسن بن زولاق، ومحمد بن الحُسين اليمني، وكان ثقة. 390 - عبد الرحمن بن إبراهيم. أبو طاهر الحراني. سمع: يزيد بن عبد الصّمد. وعنه: أبو هاشم المؤدب. 391 - عَبْد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَهَّاب بن العبّاس بن ناصح الأندلسي2. كان حافظًا لمذهب مالك، متصرفًا في اللغات والعربية، شاعرًا ماهرًا.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 182". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 284".

392- عثمانٍ بن عَبْدَوَيْه بن عَمْرو1. أبو عَمْرو البغداديّ البزاز الكيشي. سمع: عليّ بن شعيب السَّمْسار، وابن المنادي، والحسن بن عليّ بن عفّان. وعنه: عليّ بن أحمد بن عون، وغيره. وثقه الخطيب. 393- عليّ بن أحمد بن الهيثم2. أبو الحسن البغداديّ البزاز. عن: عليّ بن حرب، وعباس الترقفيّ وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، ويوسف القوّاس، وابن الثّلّاج. ووثقه القوّاس. 394 - عليّ بن الحسن بن العبدة3. أبو الحسن الوراق، صاحب أبي داود السِّجسْتانيّ، وراوي كتابه. روى عنه: الدَّارَقُطْنيّ، والحسين بن محمد الكاتب، وابن الثّلّاج. ورّخه ابن شاهين. 395 - عليّ بن شيبان بن بنان الجوهري. نزيل دمشق. روى عن: محمد بن عُبَيْد الله بن المنادي. وعنه: أبو سليمان بن زبر، وأحمد بن عُتْبَة الْجَوْبَريّ. 396 - عليّ بن محمد بن عَمْر بن أبان. أبو الحسن الطّبريّ. قاضي أصبهان.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 299". 2 تاريخ بغداد "11/ 320". 3 تاريخ بغداد "11/ 382".

كان رأسا في الفقه والحديث والتصوف. خرج في آخر عمره فمات ببلاد الجبل. يروي عن: محمد بن أيوب الرازيّ، وأبي خليفة، والقاسم بن الليث الرَّسْعَنيّ، وابن سلم المقدسي. روى عنه: والد أبي نعيم، ومحمد بن أحمد بن حشنس، وأبو بكر بن المقرئ. 397 - عمر بن عصام الجراح البغداديّ1. أبو حفص الحافظ. روى يسيرًا عن: أحمد بن محمد القابوسيّ. روى عنه ابن الثّلّاج. 398 - عُمَر ابن القاضي أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الأزديّ2. القاضي أبو الحُسين. نابَ في القضاء عن أبيه، فلمّا تُوُفّي أبوه أقرَّ على القضاء. وكان إمامًا بارعًا في العلوم الإسلامية، كبير القدر عارفًا بمذهب مالك. صنَّف مسندًا متقنًا. وسمع من جدّه أحاديث. وقال إسماعيل بن سعيد المعدل: كان أبو عمر القاضي يقول: مازلت مُرَوَّعًا من مسألة تجيئني من السلطان، حتّى نشأ أبو الحسين. تُوُفّي في شعبان. "حرف الغين": 399 - غَيْلان بن زُفَر. الفقيه أبو الهيذام المّازنيّ الشّافعيّ. كانت له حلقة إشغال بدمشق. كتب عنه والد تمام الرازي.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 229". 2 الكامل في التاريخ "8/ 364"، البداية والنهاية "11/ 194".

"حرف القاف": 400 - القاسم بن أحمد بن الحارث بن شهاب. أبو محمد المرادي المصريّ. فِي صفر. "حرف الميم": 401 - مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بن أيّوب بن الصَّلَت بن شَنَبُوذ1. أبو الحسن المقرئ المشهور. قرأ على: أبي حسان محمد بن أحمد العنزيّ، وإسماعيل بن عبد الله النَّحّاس، والُّزَبْير بن محمد بن عبد الله العمري المدني. صاحب: قالون، وأحمد بن إسحاق الخزاعي، وقُنْبُل، وموسى بن جمهور، وهارون بن موسى الأخفش، وإدريس بن عبد الكريم، وأحمد بن محمد بن رشدين، وبكر بن سهل الدّمياطيّ، ومحمد بن شاذان الجوهريّ، ومحمد بن يحيى الكسائيّ الصّغير، وغيرهم. وكان أسند من ابن مجاهد. وقد سمع الحديث من: عبد الرحمن بن منصور الحارثي، وإسحاق الدبري، وبِشْر بن موسى، ومحمد بن الحُسين الحُنَيْنيّ، وجماعة. وطوّف الأقاليم في طلب الكتاب والسنة، وحدَّث وأقرأ النّاس ببغداد واستقرّ بها. فقرأ عليه: المُعَافَى بن زكريّا الْجَريريّ، وأبو بكر أحمد بن نَصْر الشّذائيّ، وأبو الفرج محمد بن أحمد الشنبوذيّ، وعليّ بن الحُسين الغضائريّ، وأبو الحُسين أحمد بن عبد الله. وروى عنه: أبو الشّيخ، وأحمد بن الخضر الشّافعيّ، وأبو بكر بن الشاذان، وأبو حفص بن شاهين، وأبو سعد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري.

_ 1 أخبار أصبهان "1536"، تاريخ بغداد "1/ 280، 281"، سير أعلام النبلاء "15/ 264 - 266".

وكان قد تخيَّر لنفسه شواذّ قراءات كان يقرأ بها في المحراب. ممّا يُروَى عن ابن مسعود وأُبَيّ بن كعب حتى فحش أمره. قال إسماعيل الخطبي: فأنكر ذلك الناس فقبض عليه السلطان في سنة ثلاثٍ وعشرين، وحمل إلى دار الوزير ابن مقلة، وأحضر القضاة والفقهاء، فناظروه، فنصر فعله، فاستتر له الوزير عن ذلك، فأبى. فأنكر عليه جميعُ من حضَر، وأشاروا بعقوبته إلى أن يرجع. فأمر الوزير بتجريده وإقامته بين الهنبازَيْن، وضُرِب بالدِّرَّة نحو العشر ضربًا شديدًا، فاستغاث وأذَعَنَ بالرُّجوع والتَّوبة. فكُتِب عليه محضر بتوبته. تُوُفّي رحمه الله في صفر. قلت: وهو موثق النَّقْل. وقد احتج به أبو عُمَرو الدّانيّ، وأبو عليّ الأهوازيّ، وسائر المصنفين في القراءات. وإنما نُقم عليه رأيُه لا روايته. وهو مجتهدٌ فِي ذلك مخطئ، والله يعفو عنه ويسامحه. وقد فعل ما يسوغ فيه الاجتهاد. وذلك رواية عن مالك، وعن أحمد بن حنبل. وكان رحمه الله يحطّ على ابن مجاهد ويقول: هذا العطشي لم تغبر قدماه في هذا العِلْم. وقال محمد بن يوسف الحافظ: كان ابن شَنَبوذ إذا أتاه رجل يقرأ عليه قال: هل قرأت على ابن مجاهد؟ فإن قال: نعم. لم يُقْرِئْه. قلت: هذا خلق مذموم يرتكبه بعض العلمّاء الْجُفاة. ذكره ابن شنبوذ الحاكم في تاريخه، وأنه سمع من: الحسن بن عَرَفَة، وعليّ بن حرب، ومحمد بن عَوْف الطائيّ. كذا قال الحاكم. وما أحسبه أدرك هؤلاء. فلعلّ الحاكم وهِم في قوله إنّه سمع منهم. 402 - محمد بن إبراهيم بن عيسى1. أبو بكر الكنانيّ القُرْطُبيّ، المعروف بابن حيونه. سمع: محمد بن وضّاح، وإبراهيم بن باز، وقاسم بن محمد. وكان حافظًا للفقه، مشاورًا، عظيم الوجاهة.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "47، 48".

403 - محمد بن جعفر بن أحمد بن سليمّان بن إسحاق بن بكر بن مُضَر المصريّ. مؤذن جامع مصر. يروي عن: الربيع، وبكّار بن قُتَيْبة. 404 - محمد بن جعفر بن محمد بن هشام بن قسيم بن ملاس النُمَيْريّ1. مولاهم، أبو العبّاس الدّمشقيّ المحدِّث. روى عن: جدّه، وموسى بن عامر المُرِّيّ، ومحمد بن إسماعيل بن عليه، وشعيب بن شعيب بن إسحاق، وأبي إسحاق الجوزجاني، وخلق كثير من الشاميين. روى عنه: أبو القاسم الطبراني، والحسن بن منير، وأبو علي بن مهنا، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وآخرون. وكان أبو هـ وجده وأخو جده وابن عمّ أبيه وجماعة من أهل بيتهم محدثين. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 405 - محمد بن حامد بن إدريس. أبو حفص الكرابيسيّ البخاريّ. سمع من: عبد الصّمد بن الفضل البلْخيّ، وحمدان بن ذي النُّون. وعنه: أحمد بن إبراهيم البلخي الحافظ. 406 - محمد بن الحسين بن محمد بن حاتم2. أبو الحسين البغدادي، عرف أبوه بعبيد العجل. روى عن: زكريّا بن يحيى المَرْوَزِيّ، وموسى بن هارون الطُّوسيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو بكر بن شاذان. فيه لين.

_ 1 المعجم الصغير للطبراني "2/ 70"، تهذيب التهذيب "5/ 131". 2 تاريخ بغداد "2/ 240".

407 -محمد بن سهْل بن هارون1. أبو بكر العسكري. سمع: حُمَيْد بن الربيع، والحسن بن عَرَفَة. وعنه: أبو الحسن الجراحيّ، وطالب الأزدي، وأبو الحُسين بن جُمَيْع. وكان ثقة. عاش تسعين سنة. وقع لي من عواليه من طريق ابن جُمَيْع. تُوُفّي في رجب. 408 - محمد بن صابر بن كاتب. أبو بكر البخاري المؤذن. سمع: محمد بن الحُسين، ومُعاذ بن عبد الله الصرام، وجماعة. وعنه: ابنه محمد، وإسحاق بن محمد بن حمدان الخطيب. 409 - محمد بن عبد الله2. أبو جعفر البقلي. بغداديّ، ثقة. سمع: عليّ بن أشكاب، وأخاه محمدًا. وعنه: ابن المظفّر، وأبو بكر الأبهريّ، والمُعَافَى الجريريّ، وغيرهم. 410 - محمد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن خالد3. أبو عَمْرو الأزديّ المهلبي الجرجاني. محدث ابن محمد.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 316"، تاريخ دمشق "22/ 302". 2 تاريخ بغداد "5/ 449". 3 تاريخ جرجان للسهمي "398".

رحل إلى مصر وسمع من: يحيى بن عثمانٍ بن صالح، ويحيى بن أيوب، وجماعة من مشايخ مصر والشّام والعراق. روى عنه: أبو بكر الإسماعيليّ، وغيره. 411 - محمد بن عبد الوهّاب بن عبد الرحمن بن عبد الوهّاب1. أبو عليّ الثقفيّ النَّيْسابوريّ الزّاهد، الواعظ، الفقيه، من ولد الحَجّاج بن يوسف. وُلد بقهستان سنة أربعٍ وأربعين ومائتين. وسمع في كِبَره: محمد بن عبد الوهّاب الفرّاء، وموسى بن نَصْر الرّازيّ، وأحمد بن ملاعب البغداديّ، ومحمد بن الجهْم، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن إسحاق الصّبْغيّ، وأبو الوليد حسان بن محمد، وهما من طبقته، وأبو عليّ الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، وجماعة. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. قال الحاكم: شهدت جنازته فلا أذكر أنّي رأيت بنيسابور مثل ذلك الجمع. وحضرتُ مجلس وعْظه وسمعته يقول: إنك أنت الوهّاب. وقال شيخنا أبو بكر أحمد بن إسحاق: شمائل الصّحابة والتّابعين أخذها الإمام مالك عنهم، يعني، وأخذها عن مالك يحيى بن يحيى، وأخذها عنه محمد بن نصر المروزي، وأخذها عنه أبو عليّ الثقفيّ. سمعتُ أبا الوليد الفقيه يقول: دخلت على ابن سُرَيْج ببغداد فسألني على مَن درست فقه الشّافعيّ؟ قلت: على أبي عليّ الثّقفيّ. قال: لعلّك تعنى الحجّاجيّ الأزرق؟ قلت: بلى. قال: ما جاءنا من خراسان أفقه منه. سمعتُ أبا العبّاس الزاهد يقول: كان أبو عليّ الثقفيّ في عصره حُجّة الله على خلقه.

_ 1 الأنساب "3/ 135 - 137"، سير أعلام النبلاء "15/ 280 - 283"، شذرات الذهب "2/ 315".

سمعتُ أبا بكر الصِّبْغيّ يقول: ما عرفنا الجدلّ والنَّظَر حتّى وَرَدَ أبو عليّ الثقفي من العراق. وقال السلمي، لقي أبو عليّ أبا حفص النَّيْسابوريّ حمدون القصّار. قال: وكان إمامًا في أكثر علوم الشَّرْع، مقدمًا في كل فنّ منه. عطل أكثر علومه واشتغل بعلم الصوفية، وقعد وتكلم عليهم أحسن الكلام في عيوب النفس وآفات الأفعال. ومع علمه وكماله خالف الإمام ابن خُزَيْمَة في مسائل منها: مسألة التّوفيق والخذلان، ومسألة الإيمان، ومسألة اللفظ بالقرآن. فأُلزم البيت. ولم يخرج منه إلى أن مات، وأصابه في ذلك الجلوس محن. قال السلمي: وكان يقول: يا مَن باع كلّ شيء بلا شيء، واشترى لا شيء بكلّ شيء. وقال: أفٍّ مِن أشغال الدّنيا إذا أقبلت، وأفٍّ من حَسَراتها إذا أَدْبرت. العاقل لا يركن إلى شيء، إن أقبل كان شغلًا، وإن أَدْبَر كان حسرةً. وقال أبو بكر الرّازيّ: سمعت أبا علي يقول: هو ذا أنظر إلى طريق نجاتي مثل ما أنظر إلى الشّمس، وليس أخطو خطوة. وكان أبو علي كثيرًا ما يتكلم في رؤية عيب الأفعال. 412 - محمد بن عليّ بن الحسن بن مقلة1. أبو عليّ الوزير، صاحب الخطّ المنسوب. ولي بعض أعمال فارس، وتنقلت به الأحوال حتّى وَزَرَ للمقتدر سنة ستّ عشرة، ثمّ قبض عليه بعد عامين وصادره وعاقبه ونفاه إلى فارس. قال ابن النّجار: فأول تصرفٍ كان له وسنه إذ ذاك ستّ عشرة سنة، وذلك في سنة 288. وقرَّر له كل شهر محمد بن داود بن الجرّاح ستة دنانير، ولمّا استعفى عليّ بن عيسى من الوزارة أشارَ على المقتدر بأبي عليّ، فوزر له، ثمّ نُفِي وسُجِن بشيراز.

_ 1 وفيات الأعيان "5/ 113"، سير أعلام النبلاء "15/ 224 - 230"، شذرات الذهب "2/ 310، 312".

وقد حدَّث عن: أبي العبّاس ثعلب، وعن: ابن دُرَيْد. روى عنه: ولده أحمد، وعمر بن محمد بن سيف، وأبو الفضل محمد بن الحسن بن المأمون، وعبد الله بن علي بن عيسى بن الجراح، ومحمد بن ثابت. قال الصولي: ما رأيت وزيرًا منذ تُوُفّي القاسم بن عُبَيْد الله أحسن حركةً، ولا أظرف إشارةً، ولا أملح خطًا، ولا أكثر حِفظًا، ولا أسلط قلمًا، ولا أقصد بلاغة، ولا أأخذ بقلوب الخلفاء من محمد بن عليّ. وله بعد هذا كلَه عِلمٌ بالإعراب وحِفْظ للُّغة. قلت: روى ابن مقلة عن ثعلب: إذا ما تعيب النّاسَ عابوا فأكثروا ... عليك وأبدوا منك ما كنت تسترُ فلا تَعْبنَ خلْقًا بما فيك مثله ... وكيف يعيب العُورَ مَن هو أعور وقال أبو الفضل بن المأمون: أنشدنا أبو عليّ بن مقلة لنفسه: إذا أتى الموتُ لميقاتِهِ ... فخلّ عن قول الأطبّاءِ وإن مضى من أنت صبّ به ... فالصبر من فعْل الألِبّاء ما مر شيءٌ ببني آدَمَ ... أمرُّ من فقد الأحِباءِ وقال محمد بن إسماعيل الكاتب المعروف بزنجيّ قال: لمّا نكبَ أبو الحسن بن الفُرات أبا عليّ بن مقلة لم أدخل إليه إلى الحبْس ولا كاتبته خوفًا من ابن الفُرات، فلمّا طال أمره كتب إليَّ: تُرى حُرّمتَ كُتُبُ الأخلّاء بينهم ... ابن لي، أمِ القِرْطاس أصبح غاليا؟ فما كان لو ساءلتنا كيفَ حالُنا ... وقد دَهَمَتْنا نكبةٌ هيَ ماهيا صديقُك من راعاك عند مصيبةٍ ... وكُلٌّ تراهُ في الرّخاء مراعيا فَهَبْكَ عدوّي لا صديقي، فربّما ... تكاد الأعادي يرحمون الأعاديا وأنفذ في طيّ الورقة ورقةً إلى الوزير، فكانت: أمسكتُ أطال الله بقاء الوزير، عن الشَّكْوى حتّى تناهت البَلْوى، في النّفس والمّالْ، والجسم والحالْ، إلى ما فيه شفاء

للمنتقمْ، وتقويم للمجترمْ، وحتّى أفضيت إلى الحيرة والتَّبَلَّدْ، وعيالي إلى الهتكَة والتَّلَدُّدْ1. ولا أقول إنّ حالًا أتاها الوزير، أيده الله، في أمري، إلا بحق واجب، وظنٍّ غير كاذب، وعلى كل حال، فلي ذِمام وحُرْمة، وصُحْبة وخدْمة. إن كانت الإساءة أضاعتها، فرعاية الوزير، أيدّه الله، تحفظها ولا مَفْزَعٌ إلّا إلى الله ولُطْفهْ، ثمّ كَنَف الوزير وعَطْفه. فإن رأى أطال الله بقاءه أن يَلْحَظَ عبده بعين رأفته، وينعم بإحياء مُهْجته، وتخليصها من العذاب الشّديد، والْجَهْد الجهيد ويجعل له من معروفه نصيبًا، ومن البَلْوَى فرجًا قريبًا، فَعَلَ إن شاءَ الله. ومن شعره: لستُ ذا ذلةٍ إذا عضّني الده ... ر ولا شامخًا إذا واتاني أنا نارٌ في مرتقى نفس الحا ... سد ماءٌ جارٍ مع الأخوانٍ وروى الحُسين بن الحسن الواثقيّ، وكان يخدم في دار ابن مقلة مع حاجبه، أنّ فاكهة ابن مقلة لما ولي الوزارة الأولى كانت تُشْتَرى له في كلّ يوم جُمعة بخمسمائة دينار. وكان لابد له أن يشرب بعد الصّلاة من يوم الجمعة، ويصطبح يوم السبت. وحكى أنّه رأى الشبكة التي كان أخرج فيها ابن مقلة الطيور الغريبة، قال: فعمد إلى مربع عظيم، فيه بستان عظيم عدّة جرْبان شجر بلا نخل، فقطع منه قطعة من زاوية كالشابورة، فكان مقدار ذلك جربين بشِباك إبْريسَم2 وعمل في الحائط بيوتًا تأوي إليها الطيور وتفرخ فيها، ثمّ أطلق فيها القماريّ، والدّباسيّ، والنقارط، والنوبيات، والشُّحْرور، والزِّرْياب، والهزار الببَّغ، والفواخت، والطيور التي من أقاصي البلاد من المصوتة، ومن المليحة الرّيش ممّا لا يَكسر بعضه بعضًا. فتوالدت ووقعَ بعضها على بعض. وتولدت بينها أجناس. ثمّ عمد إلى باقي الصحن فطرحَ فيه الطيور التي لا تطير، كالطواويس، والحجل، والبط، وعمل منطقة أقفاص فيها فاخر الطيور. وجعل من خلف البستان الغزلان، والنَّعام، والأَيْل، وحُمْر الوحش. ولكلّ صحن أبواب تنفتح إلى الصحن الآخر، فيرى من مجلسه سائر ذلك.

_ 1 التلدد: التلفت يمينا وشمالا من الحيرة. 2 الإبريسم: الحرير.

وقال محمد بْن عَبْد المُلْك الهمْدانيّ في تاريخه إن أبا عليّ بن مقلة حين شرع في بناء داره، التي من جملتها البستان المعروف بالزاهر، على دجلة، جمع ستين منجمًا حتّى اختاروا له وقتًا لبنائه. فكتب إليه شاعرٌ: قل لابن مقلة مهلًا لا تكن عجلًا ... واصبر فإنك في أضغاث أحلام تبني بأنقاض دور النّاس مجتهدًا ... دارا ستهدم أيضًا بعد أيام ما زلت تختار سعد المشتري لها ... فلم توق به من نحس بهرام إن القرآن وبطليموس ما اجتمعا ... في حال نقضٍ ولا في حال إبرام قال: فأحرقت هذه الدار بعد ستة أشهر، فلم يبق فيها جدار. وعن الحسن بن عليّ بن مقلة قال: كان أمر أخي قد استقام مع الراضي وابن رائق، وأمرا برد ضياعه. وكان الكوفيّ يكتب لابن رائق، وكان خادمَ أبي عليّ قديمًا. وكان ابن مقاتل مستوليًا على أمر ابن رائق، وأبو عليّ يراه بصورته الأولى، وكانا يكرهان أن ترد ضياع أبي عليّ ويدافعان. وكان الكوفيّ يريد من أبي عليّ أن يخضع له، وأبو علي يتحامق. فكنا نشير إليه بالمُداراة وهو يقول: والله لا فعلت، ومَن هذا الكلب أوَضَعَنيُ الزمان هكذا بمرّة؟! فاتّفق أنّهما أتياه يومًا، فما قامَ لهما ولا احترمهما، وشرعَ يخاطبهما بإدلالٍ زائد. ثمّ أخذ يتهدَّد ويتوعدَّ كأنه في وزارته. فكان ذلك سببًا في قطْع يده وسجنه. وقال محمد بن جنّي صاحب أبي عليّ قال: كنتُ معه في الليلة التي عزم فيها على الاجتماع بالراضي بالله وعنده أنه يريد أن يستوزره. قال: فلبس ثيابه وجاءوه بعمامة، وقد كانوا اختاروا له طالعًا ليمضي فيه إلى الدّار، فلمّا تعَّمم اسْتَطْولها خوفًا من فوات وقت اختيار المنجّمين له فقطعها بيده وغرزها، فتطيرت من ذلك عليه. ثمّ انحدرنا إلى ذلك الحاجب ليلًا، فصعدتُ إليه، واستأذنتُ له، فقال: قل له: أنت تعلم أنيّ صنيعتك، وأنّك استحجبتني لمولاي، ومن حقوقك أن أنصحك. قل له: انَصْرف ولا تدخل. فعدتُ فأخبرته، فاضطّربَ وقال لابن غيث النَّصْرانيّ، وكان معه في السُّميريّة: ما ترى؟ فقال له: يا سيّدي ذكيُّ عاقل، وهو لك صنيعة، وما قال هذا إلّا وقد أحس بشيء، فارجع.

فسكت ثمّ قال: هذا مُحالٌ، وهذه عصبية منه لابن رائق. وهذه رقاع الخليفة عندي بخطه، يحلف لي فيها بالأَيمان الغليظة كيف يخفرني. ارجع وقل له يستأذن. فرجعتُ فأعلمته، فحرّك رأسَه وقال: ويحك يتّهمني؟ قل له: والله لا استأذنتُ لك أبدًا، ولا كان هذا الأمرُ بمعاونتي عليك. فجئتُ فحدّثته، فقام في نفسه أنّ هذا عصبية من ذكيّ لابن رائق وقال: لو عَدَلْنا إلى باب المطبخ. فَعَدَلنا له وقال: اصعَد واستدْع لي فُلانًا الخادم. فأتيته، فَعَدا مسرعًا يستأذن له، فجئته فأخبرته فقال: ارجع وقِفْ في موضعك لئلا يخرج فلا يجدك. فرجعتُ فخرج إليَّ وجاء معي إلى السُّميريّة، وسلم عليه، ولم يقبل يده وقال: قم يا سيّدي. فأنكر ذلك ابن مقلة وقال لي سرًا: ويحك ما هذا؟ قلت: ما قال لك ذكيّ. قال: فما نعمل؟ قلت: فات الرأي. فأخذ يكرر الدّعاء والاستخارة، وقال: إن طلعت الشمّس ولم تَرَوْا لي خبرًا فانجُوا بأنفُسِكم. قال: ومضى، وغلق الخادم البابَ غلقًا استربتُ منه. ووقفنا إلى أن كادت الشمسُ أن تطلع فقلنا: في أي شيء وقوفنا، والله لا خرج الله بنا أبدًا. فانَصْرفنا وكان آخر العهد به. فلمّا بلغنا منازلنا قيل: قد قُبِضَ على ابن مقلة، وقطعت يده من يومه بحضرة الملأ من النّاس. وقال إبراهيم بن الحسن الديناريّ: سمعتُ الحسن ابن الوزير ابن مقلة يحدث أنّ الرّاضي بالله قطع لسان أبيه قبل موته وقتله بالجوع. قال: وكان سبب ذلك أنّ الرّاضي تندَّم على قطع يده، واستدعاه من الحبس واعتذر إليه. وكان بعد ذلك يشاوره في الأمر بعد الأمر، ويعمل برأيه ويخلو به، ورفهه في محبسه، ونادمه سرًا على النبيذ، وأنس به ونبُل في نفسه، وزاد ندمه على قطع يده. فبلغ ابن رائق، فقامت قيامته، فدس إلى الخليفة من أشار عليه بأن لا يدنيه،

وقال له: إن الخلفاء كانت إذا غضبت لم ترض، وهذا قد أوحشته فلا تأمنه على نفسك. فقال: هذا مُحال، فهو قد بطل عن أن يصلُح لشيء، وإنّما تريدون أن تحرموني الأنس به. فقيل له: ليس الأمر كما يقع لك، وهو لو طمع في أنك تستوزره لكلمك، فإن شئت فاطمعه في الأمر حتّى ترى فقد كان أبي يتعاطى أن يكتب باليسُرى، فجاء خطّه أحسن من كل خطّ، لا يكاد أن يفرق بينه وبين خطه باليمين، وجاءتني رقعه مرات من الحبس باليسرى، فما أنكرته. قال: وتوصّل ابن رائق إلى قومٍ من الخَدَم بأن يقولوا لابن مقلة إنّ الخليفة قد صحّ رأيه على استيزارك، وسيخاطبك على هذا، وبشرناك بهذا لنستحق البشارة عليك. فلم يشكّ في الأمر وقالوا هم للراضي: جرِّبه وخاطبْه بالوزارة لترى ما يجيبك به. فخاطبه بذلك، فأراه أبي نفورًا شديدًا وقصورًا عنه. فأخذ الرّاضي يحلف له على صحة ما في نفسه من تقليده ولو عِلم أنّ فيه بقية لذلك وقيامًا به. فقال: يا أمير المؤمنين إذا كان الأمرُ هكذا فلا يغمّك الله بأمر يدي، فإنّ مثلي لا يُراد منه إلا لسانه ورأيه وهما باقيان. وأمّا الكتابة فلو كنتُ باطلًا منها لمّا ضرني ذلكَ، وكان كاتب ينوب عني. ولست أخلو من القدرة على تعليم العلامات باليُسْرَى. ولو أنها ذهبت اليسرى أيضًا حتّى أحتاج أن أشد قلمًا على اليمنى لكنت أحسن خطًا. فلمّا سمع ذلك تعجب واستدعى دواةً فكتب باليسرى خطًا لا يشك أنه خطه القديم، ثم شد على يمينه بالقلم. فكتب به في غاية الحُسْن. فقامت قيامة الرّاضي واشتد خوفه منه. فلمّا قام إلى محبسه أمرَ أن تنزع ثيابه عنه، وأن يُقْطع لسانه ويلبس جبة صوف، ولا يترك معه في الحبس إلا دورق يشرب منه، ووكل به خادمًا صبيًا أعجميًا، فكان لا يفهم عنه ولا يخدمه. ثمّ فرق بينه وبين الخادم، وبقي وحده. فكان الخدم يقولون لي بعد ذلك إنهم كانوا يرونه من شقوق الباب يستقي بفيه ويده الصحيحة من البئر للوضوء والشرب. ثمّ أمر الرّاضي أن يقطع عنه الخبز، فقطع عنه أيامًا ومات. وكان مولده في سنة 272.

وقال غيره: استوزره القاهر بالله ثمّ نكبوه. ثمّ وزر للراضي بالله قليلًا، ثمّ مسك سنة أربعٍ وعشرين وضُرَب وعُلِق وصودر، وأُخِذ خطه بألف ألف دينار، ثمّ تخلص. ثمّ إنّ أبا بكر محمد بن رائق لمّا استولى على الأمور وعظُم عند الرّاضي احتاط على ضياع ابن مقلة وأملاكه. فأخذ في السعي بابن رائق وألَّب عليه، وكتب إلى الرّاضي يشير عليه بإمساكه، وضمن له إنْ فعل ذلك وقلده الوزارة استخرج له ثلاثة آلاف ألف دينار. وسعى بالرسالة عليّ بن هارون المنجم، فأطمعه الرّاضي بالإجابة. فلمّا حضر حبسه، وعرَّف ابن رائق بما جرى، وذلك في سنة ستٍّ وعشرين. فطلب ابن رائق من الرّاضي قطْع يد ابن مقلة. فقطعت وحُبِس. ثمّ ندم الرّاضي وداواه حتّى برئ. فكان ذلك لعلّ بدعاء ابن شَنَبُوذ المقرئ عليه بقطع اليد. فكان ينوح ويبكي على يده ويقول: كتبتُ بها القرآن وخدمتُ بها الخلفاء. ثمّ أخذ يراسل الرّاضي ويُطْمعه في الأموال. وكان يشدّ القلم على زنْده ويكتب. فلمّا قرب بَجْكَم التّرْكيّ، أحد خواص ابن رائق، من بغداد، أمر ابن رائق بقطع لسان ابن مقلة فقطع. ولحقه ذَرَب، وقاسى الذل، ومات في السجن وله ستون سنة. ومن شعره قوله: قد سئمت الحياة لمّا توثّقت ... بأَيْمانهم فبانت يميني بعت ديني لهم بدنياي حتّى ... حرموني دنياهم بعد ديني ولقد حطتُ ما استطعتُ بجهدي ... حفظَ أرواحهم فما حفظوني ليس بعدَ اليمينِ لذّةُ عيشٍ ... يا حياتي! بانت يميني فبيني 413- محمد بن القاسم بن محمد بن بشّار1. أبو بكر بن الأنباري النحوي اللغوي العلامة.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 181- 186"، الأنساب "1/ 355"، وفيات الأعيان "4/ 341، 343"، النجوم الزهرة "3/ 269".

وُلِد سنة إحدى وسبعين ومائتين. وسمع بإفادة أبيه من: محمد بن يونس الكُدَيْميّ، وثعلب، وإسماعيل القاضي، وأحمد بن الهيثم البزاز، وأبيه. قال الخطيب: كان صدوقًا ديِّنًا من أهل السنة. صنف في القراءات، والغريب والمُشْكل، والوقف، والابتداء. روى عنه: أبو عَمْر بن حَيُّوَيْه، وأحمد بن نَصْر الشذائيّ، وأبو الفتح بْن بَدْهَن، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، والدَّارَقُطْنيّ، ومحمد بن أخي ميمي، وأحمد بن محمد بن الجراح. وقال أبو عليّ القالي تلميذه: كان أبو بكر يحفظ فيما قيل ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن. وقال أبو عليّ التنوخيّ: كان ابن الأنباري يُمْلي من حفظه، وما أملى قط من دفتر. وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كان ابن الأنباريّ زاهدًا متواضعًا. حكى الدَّارَقُطْنيّ أنه حضره في مجلسٍ يوم جمعة فصحف اسمًا فعظمت له وهْمَهُ وهِبْته. فلما انقضى المجلس عَرَّف مستمليه، فلمّا حضرتُ الجمعة الثانية قال ابن الأنباري للمستملي: عرِّف الجماعة أنّا صحَّفنا الاسم الفلاني ونبّهنا ذلك الشاب على الصواب. وقال محمد بن جعفر التّميميّ: ما رأيت أحفظ من الأنباريّ ولا أغزر بحرًا من علمه. وحدَّثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقًا. وحدَّثني أبو الحسن العَرَوضيّ أنه اجتمع هو وابن الأنباري عند الرّاضي بالله، وكان قد عرف الطباخ ما يأكل ابن الأنباري، فسّوى له قلية يابسة فأكلنا من ألوان الطعام وهو يعالج تلك القلية فلمته، فضحك الرّاضي وقال: لِم تفعل هذا؟ قال: أبقي على حفظي. قلت: كم تحفظ؟ قال: ثلاثة عشر صندوقًا. قال التّميميّ: وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. فِحُدِّثتُ أنه كان يحفظ عشرين ومائة تفسير بأسانيدها.

وقال لي أبو الحسن العروضيّ، قال: كان ابن الأنباري يتردد إلى أولاد الرّاضي بالله فَسَألَتْهُ جارية عن تفسير رؤيا فقال: أنا حاقن، ومضى. فلمّا عاد مِن الغد عاد وقد صار عابرًا. مضى من يومه فدرس كتاب الكرمانيّ، وقيل: إنّه أملى كتاب "غريب الحديث" في خمسة وأربعين ألف ورقه. وله كتاب "شرح الكافي" في ألف ورقه، وكتاب "الأضداد" وما رأيتُ أكبر منه، وكتاب "الجاهليات" في سبعمائة ورقة. وله تصانيف سوى هذا معروفة. وكان إمامًا في نحو الكوفيّين. وكان أبوه أديبًا لغويا له مصنفات. ولأبي بكر كتاب "المذكر والمؤنث" ما عمل أحد أتم منه. تُوُفّي ليلة النحر ببغداد. 414 - محمد بن القاسم بن محمد البياني1. أبو عبد الله. بالأندلس في المحرَّم. وقد مر والده في سنة 276. يكنى أبا عبد الله البياني. روى عن: أبيه، وبقي، ومحمد بن وضاح، والعبّاس بن الفضل البصْريّ، ومالك بن عيسى القتبي، ومحمد بن عبد السلام الخشنيّ. روى عنه: ابنه محمد بن أحمد، وخالد بن سعد، وسليمان بن أيوب، وآخرون. مات بالأندلس، وكان صدوقًا. وقد مر في العام المّاضي، فإنّه مات في آخره فيُضم أحدهما إلى الآخر. 415 - محمد بن مهلهل2. أبو عبد الله القرطبي الزاهد.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 254، 255"، تذكرة الحفاظ "349، 350". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 48".

سمع من: عبيد الله بن يحيى الليثي، وغيره. وكان منقطعًا إلى الله، مقبلًا على شأنِه مجتهدًا في العبادة حسن الاستنباط. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 416 - محمد بن يعقوب1. أبو جعفر الكُلِينيّ الرازيّ. شيخ فاضل شهير، من رؤوس الشيعة وفقهائهم المصنفين في مذاهبهم الرذلة. روى عنه: أحمد بن إبراهيم الصَّيْمَريّ، وغيره. وكان ببغداد وبها مات. وقبره ظاهر عليه لوح. والكُلِينيّ: بضم الكاف وإمالة اللام والياء ثمّ بنون. قيده الأمير. 417 - موسى بن جعفر بن قرين2. أبو الحسن العثماني الكوفيّ. عن: محمد بن عبد الملك الدّقيقيّ، والربيع بن سليمان، وابن حِبّان المدائنيّ، وطبقتهم بالعراق، والشّام، والجزيرة، ومصر. وعنه: أبو بكر الأبهريّ، والدَّارَقُطْنيّ، وجماعة. وثقه الخطيب وقال: جاوز ثمانٍين سنة. "الكنى": 418- أبو الحسن المزين3. من مشايخ الصُّوفيّة. بغداديّ، اسمه فيما قيل عليّ بن محمد. قال السلمي: صَحِب الْجُنَيْد، وسهل بن عبد الله.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 280"، لسان الميزان "5/ 433"، الوافي بالوفيات "5/ 226". 2 تاريخ بغداد "13/ 60". 3 الأنساب "527، 528"، سير أعلام النبلاء "15/ 232"، النجوم الزاهرة "3/ 269".

وأقام بمكة مجاورًا حتّى مات. وكان من أورع المشايخ وأحسنهم حالًا. سمعتُ أبا بكر الرازي يقول: سمعتُ أبا الحسن المزيّن يقول: الذّنب بعد الذّنب عقوبة الذّنب. والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة. وحكى أيضًا عنه محمد بن أحمد النجار، وغيره. ومن كلامه: أحسن العبيد حالًا من كان محمولًا في أفعاله وأحواله، لا يشاهد غير واحد، ولا يأنس إلا به، ولا يشتاق إلا إليه. وهذا هو أبو الحسن المزيّن الصغير. فأما: أبو الحسن المزين الكبير. فبغدادي أيضًا، له ترجمة في "تاريخ السلمي"، مختصرة، وأنه جاور بمكة سنين ومات بها. واسمه عليّ بن محمد. * أبو سعيد الإصْطَخْريّ1. هو حسن بن أحمد. نقدم. 419- أبو محمد المرتعش الزّاهد2 هو عبد الله بن محمد. نيسابوريّ، من محلة الحيرة. صحب أبا حفص، وأبا عثمانٍ ببلده، والجنيد. وأقام ببغداد وصار أحد مشايخ العراق. قال أبو الله عبد الرازي: كان مشايخ العراق يقولون: عجائب بغداد في التصوف ثلاثة: إشارات الشبليّ، ونكت أبي محمد المرتعش، وحكايات جعفر الخلدي.

_ 1 وفيات الأعيان "2/ 74 - 85"، سير أعلام النبلاء "15/ 250 - 252". 2 حلية الأولياء "10/ 355"، سير أعلام النبلاء "15/ 230، 231"، البداية والنهاية "11/ 192".

وكان المرتعش بمسجد الشُّونَيْزِيّه. قلت: وحكى عنه محمد بن عبد الله الرازي، وأحمد بن عطاء الروذباريّ، وأحمد بن عليّ بن جعفر. وسئل بماذا ينال العبد المحبة؟ قال: بموالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه. وقيل له: إنّ فلانًا يمشي على المّاء. فقال: عندي إنّ من مكنه الله من مخالفة هواه، أعظم من المشي على المّاء. وسُئِل: أي الأعمال أفضل؟ قال: رؤية فضل الله. وسمّاه الخطيب جعفرًا، وقال: كان من ذوي الأموال فتخلّى عنها، وسافر الكثير. ثمّ سكن بغداد. وحُكي عنه أنّه قال: جعلتُ سياحتي أن أمشي كلّ سنة ألف فرسخ حافيًا حاسرًا. 420- أمّ عيسى1. بنت الإمام إبراهيم بن إسحاق الحربيّ. كانت عالمة تفتي، فيما قيل. تُوُفّيت في هذه السنة ببغداد. وفيات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة: "حرف الألف": 421 - أحمد بْن إبراهيم بْن حمّاد بْن إِسْحَاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد2. أبو عثمانٍ الأزديّ القاضي. ولي قضاء مصر، وتُوُفّي بها فِي رمضان. روى عن: إِسْمَاعِيل القاضي وطبقته.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 196". 2 الولاة والقضاة للكندي "483 - 485 - 535 - 540".

وكان ثقة، كريمًا، جوادًا. ولي قضاء ديار مصر ثلاث مرّات. المرّتين الأولتين مِن قِبَل أخيه هارون بن إبراهيم، والثالثة مِن قِبَل الخليفة القاهر. وذلك في رمضان سنة إحدى وعشرين. وكان يتردّد إلى الطّحاويّ، ويسمع منه. وكان ذا حياءٍ مُفْرِط، لا يكاد يُسمع حديثه بحيث يُضرب بِهِ المثل. قيل: إنّه حجّ، فلبى بأخفض صوت يكون، حتّى كان النساء يرفعن أصواتهن أكثر منه. ثمّ عُزِل بعد خمسة أشهر. ومات فقيرًا. إنّما كفنه محمد بن عليّ المّادرائي. 422 - أحمد بن إبراهيم بن مُعاذ. أبو عليّ السيروانيّ. نزيل نَسَف. سمع: إسحاق الدبري، وعبيدًا الكَشْوَرِيّ، وعليّ بن عبد العزيز البغويّ. وحدَّث بنسف. 423- أحمد بن محمد بن حمدان1. أبو عليّ. عُرف بالبربهاري. روى عن: أحمد بن الوليد الفحام، وابن أبي العوام. وعنه: عبد الله بن عدي، وأبو القاسم بن الثّلّاج. 424 - أحمد بن محمد بن يونس2. أبو إسحاق الهَرَوِيّ البزّاز الحافظ. صنَّف تاريخًا لهراة. وكان ثقة مأمونًا. يروي عن: عثمانٍ بن سعيد الدارمي، ومن بعده. وعنه: الرئيس أبو عبد الله بن أبي ذهل، ومنصور بن عبد الله الخالدي، وجماعة. تُوُفّي في شعبان.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 438". 2 تاريخ بغداد "5/ 126".

425 - إسحاق بن إبراهيم بن موسى الفقيه1. أبو القاسم الغزال. عن: ابن عَرَفَة، وعليّ بن إشكاب. وعنه: يوسف القوّاس، وعبد الله بن عثمانٍ الصّفّار، وجماعة. "حرف الباء": 426 - بُجْكم الأمير. ذكر في الحوادث. 427 - بختيشوع بن يحيى الطبيب2. ببغداد. كان بارعًا في الطب، له ذكرٌ. "حرف الجيم": 428 - جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن عبد العزيز بن وزير. أبو القاسم الْجَرَوي المصريّ. ثمّ البغداديّ. روى عن: أحمد بن المقدام العجليّ، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وغيّرهما ببغداد. فيما أرى، وبمصر. وعنه: محمد بن الحسن الفارسي شيخ اللالكائي، وأبو الحسن أحمد بن عبد الله بن حميد بن زريق المخزومي، وغيّرهما. تُوُفّي بتنيس في شعبان. وهو آخر من حدَّث بديار مصر عن المذكورين. وكان قد سكن تنيس. وكان من كبراء الناس.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 398". 2 الكامل في التاريخ "8/ 378".

سمع أيضًا: أبا هاشم الرفاعيّ، وعمر بن محمد بن التل. وعاش أزيد من تسعين سنة. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن علي التنيسي الحذاء، وأحمد بن محمد الأزهر. ومحله الصدق. 429 - جعفر بن محمد بن سعيد الدّمشقيّ. عن: أبي زُرْعة النَصْري، وغير واحدٍ. روى عَنْهُ: أبو هاشم عَبْد الجبار المؤدِّب، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 430 - جعفر بن أحمد1. أبو محمد القارئ، بغداديّ يُعرف بالبارد. سمع: السريّ بن يحيى، وموسى بن هارون. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وغيّرهما. "حرف الحاء": 431 - الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاوي2. سمع من: جدّه، وجماعة. مقبول. روى عنه: ابن المظفّر، والدارقطني، وابن شاهين. وتُوُفّي بالرها. 432- الحسن بن أحمد بن الربيع3. أبو محمد الأنماطيّ. سمع: عَمْر بن شَبَّة، والحسن بن عَرَفَة، وعليّ بن إشكاب، وحميد بن الربيع.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 222". 2 تاريخ بغداد "7/ 270". 3 تاريخ بغداد "7/ 272".

وعنه: أبو بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، ويوسف القوّاس، وابن جُمَيْع. مات في ذي القعدة. 433 - الحسن بن إدريس1. أبو القاسم القافلانيّ. عن: عبد الله بن أيوب مولى بني هاشم، وعيسى بن أبي حرب. وعنه: ابن حَيُّوَيْه، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو القاسم بن الثّلّاج، وابن جُمَيْع في مُعْجَمه. وهو الحسن بن إدريس بن محمد بن شاذان. أرخه ابن قانع. 434 - الحسن بن عليّ بن خَلَف2. أبو محمد البَرْبَهاريّ الفقيه العابد. شيخ الحنابلة بالعراق. وكان شديدًا على المبتدعة، له صيت عند السلطان وجلالة، وكان عارفًا بالمذهب أصولًا وفروعًا. أخذ عن المرُّوذِيّ، وصَحِب سهل بن عبد الله التستري. وحكى أبو عليّ الأهوازيّ أنّه سمع أبا عبد الله الحمرائي يقول: لمّا دخل الأشعريّ بغداد جاء إلى البَرْبَهاريّ فجعل يقول: رددت على الجبائي وعلى النصارى والمجوس، وقلتُ وقالوا. فقال البَرْبَهاريّ: ما أدري مما قلت قليلًا ولا كثيرًا، ولا نعرف إلّا ما قاله أبو عبد الله أحمد بن حنبل. قال: فخرج من عنده وصنف كتاب "الإبانة"، فلم يقبله منه. وقد صنف أبو محمد البربهاري مصنفات، منها: "شرح السنة"، يقول فيه: واحذر صغار المحدثات من الأمور، فإنّ صِغار البِدَع تعود كبارًا. والكلام في الرب

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 288"، المنتظم "6/ 323". 2 طبقات الحنابلة "2/ 18 - 45"، سير أعلام النبلاء "15/ 90 - 93" الأعلام "2/ 210"، شذرات الذهب "2/ 319".

تعالى مُحْدَث وبدْعة وضلالة، فلا تتكلم في الرب إلا بما وصف به نفسه. ولا تقول في صفاته: لم، ولا كيف. والقرآن كلام الله وتنزيله ونوره، ليس مخلوقًا، لأن القرآن من الله وما كان فيه فليس بمخلوق والمراء فيه كفرٌ. وقال أبو عبد الله بن بطه: سمعتُ أبا محمد البربهاريّ يقول: المجالسة للمناصحة فتحُ باب الفائدة، والمجالسة للمناظرة، غلْق باب الفائدة. وسمعته لمّا أخذ الحاج يقول: يا قوم، إن كان من يحتاج إلى معونة بمائة ألف دينار ومائة ألف دينار خمس مرات عاونته. قال ابن بطة: لو أرادها حصّلها من النّاس. وقال أبو الحُسين بن الفراء: كان للبربهاري مجالدات ومقامات في الدين كبيرة، وكان المخالفون يغيظون قلب السّلطان عليه. ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة أرادوا حبْسه، فاستتر وقُبض على جماعة من كبار أصحابه، وحُملوا إلى البصرة، فعاقبَ الله الوزير ابن مقلة وسخط عليه الخليفة وأحرق داره، ثمّ سُمِلت عينا الخليفة في جُمَادَى الآخرة سنة اثنتين وعشرين. وأعاد الله البربهاري إلى حشمته وزادت، حتّى أنه لمّا حضر جنازة نِفْطَويْه النَّحْويّ تقدّم في الصلاة عليه، وعظُم جاهه، وكثر أصحابه، فبلغنا أنه اجتاز بالجانب الغربي، فعطس، فشمَّته أصحابه، فارتفعت صيحتهم حتّى سمعها الخليفة وهو في رَوْشن فسأل: ماذا؟ فأخبر بالحال، فاستهولها. ثم لم تزل المبتدعة يوحشوا قلب الرّاضي بالله عليه إلى أن نودي في بغداد أن لا يجتمع من أصحاب البَرْبهاريّ نَفَسان. فاختفى البَرْبهاريّ إلى أن توفي مستترًا في رجب من هذه السنة، وُدفِن بدار أخت توزون مختفيًا. فقيل إنه لمّا كُفِّن وعنده الخادم صلى عليه وحده، فنظرت من الروشن ست الخادم، فرأت البيتَ ملآن رجالًا بثياب بيضٍ، يُصلُّون عليه. فخافت وطلبت الخادم تهدده، كيف أذن للناس. فحلف أنً الباب لم يُفْتح. ويقال: إنّه تنزه عن ميراث أبيه لم يأخذه، وكان سبعين ألفًا. قال ابن النّجّار: روى عنه: أبو بكر محمد بن محمد بن عثمانٍ المغربيّ، وأبو الحُسين بن سمعون، وابن بطة.

فعنٍ ابن سمعون أنه سمع البَرْبهاريّ يقول: رأيتُ بالشّام صومعةً بها راهب منقطع، وحولها رُهْبان يستلمونها ويتمسحون بها لأجل الرّاهب، فقلت لحدثٍ منهم: بأي شيء أعطي هذا فقال: سبحان الله، رأيتَ الله تعالى يعطي شيئًا على شيء!؟ ومن شعر البَرْبهاريّ: من قنعت نفسه ببلغتها ... أضحى غنيًا وظل متبعا لله در القنوع من خلقٍ ... كم من وضيعٍ به ارتفعا تضيق نفس الفتى إذا افتقرت ... ولو تعزى بربه اتسعا في تاريخ محمد بن أحمد بن مهديّ أن في سنة ثلاثٍ وعشرين أُوقِع بأصحاب البَرْبهاريّ، فاستتر وتُتبِّع أصحابه، ونُهبت منازلهم. ولم يظهر إلى أن مات. وعاش سبعًا وسبعين سنة. وكان في آخر عمره قد تزوج بجاريةٍ بكْر، رحمه اللَّه تعالى. 435 - الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن سوار. أبو عليّ المصريّ الحريريّ. قال ابن يونس: حدث عن محمد بن هلال، ويونس بن عبد الأعلى، وعيسى بن مَثْرُود. كتبتُ عنه وما علمتُ عليه إلا خيرًا. توفي رحمه الله في جُمَادَى الآخرة. 436- الحَسَن بْن محمد بْن أبي الشوك الزيات1. بغداديّ، ثقة. سمع: العطاردي، وأبا فروة الرّهاويّ، وهلال بن العلاء. وعنه: أبو بكر الوراق، والدَّارَقُطْنيّ، وعمر بن شاهين، وأبو أحمد الفرضي. وكان ثقة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 419".

"حرف السين": 437- سعيد بن سفيان الأندلسيّ البَجَّانيّ1. رحل إلى المشرق، وسمع من: يونس بن عبد الأعلى، وعليّ بن عبد العزيز البَغَوِيّ، وإسحاق الدَّبَريّ. 438- سلمّان بن قُرَيْش الأندلسي. يروى عن: عليّ بن عبد العزيز، ومحمد بن وضّاح. وولي قضاء مدينة ماردة. وسمع النّاسُ منه بقُرْطُبة في هذا العام في أوله. وتُوُفّي في المحرَّم منه. وكان فصيحًا بليغًا، ثقة. وولي قضاء بَطَلْيُوس. "حرف العين": 439- العبّاس بن عليّ بن الفضل الهاشميّ. أبو الفضل الخاطب. دمشقيّ. سمع: عليّ بن حرب، وأبا أُميّة الطَّرَسُوسيّ. وعنه: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وموسى بن محمد، وغيّرهما. 440 - عباس بن محمد بن عبد العظيم2. أبو القاسم السُّلَيحيّ الإشبِيليّ. سمع: محمد بن جُنادة، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وجماعة. وكان ذا ديانة وفضل. روى عنه: عبّاس بن أصبغ، وغيره. 441 - العباس أخو محمد وعُبَيْد الله بنو القاضي موسى بن إسحاق بن موسى الأنصاري الخطمي3.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 167". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 297، 298". 3 تاريخ بغداد "12/ 158".

روى عن: الكُدَيْميّ، وجماعة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن الثّلّاج. 442- عبد الله بن أحمد بن ثابت بن سلام1. أبو القاسم البغداديّ البزّاز. سمع: حفصًا الرّباليّ، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وابن أبي مذعور، وسعدان بن نَصْر. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، ويوسف القوّاس، وابن جُمَيْع. وكان ثقة مسنا. 443- عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن سليمان بن زَبْر الرَّبَعَيّ القاضي2. أبو محمد. بغداديّ مشهور. وُلِد سنة خمسٍ وخمسين ومائتين. وسمع: عبّاسًا الدوريّ، وأبا بكر الصَّغَانّي، وأبا داود السّخْتيانيّ، وحنبل بن إسحاق، ويوسف بن مسلّم، وعبد الله بن محمد بن شاكر، وهذه الطبقة التي على رأس السبعين ومائتين. روى عنه: ابنه أبو سليمان محمد، والدَّارَقُطْنيّ، وأحمد بن القاضي المَيَانِجيّ، وأبو حفص بْن شاهين، وأبو بَكْر بْن أبي حديد. ولي قضاء مصر سنة ست عشرة وثلاثمائة، وعُزل سنة سبع عشرة وأعيد هارون بن حمّاد، واستخلف أخاه أحمد. ثمّ وليَها سنة عشرين، وعُزل سنة إحدى وعشرين، ثمّ وليها سنة تسع وعشرين، وتُوُفّي بعد شهر. قلت: توفي في ربيع الأول. وقال الخطيب: وكان غير ثقة.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 387، 388". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 315، 316"، ميزان الاعتدال "2/ 391"، لسان الميزان "3/ 253، 254"، النجوم الزاهرة "2/ 296"، شذرات الذهب "2/ 323".

وقال محمد بن عُبَيْد الله المسبّحيّ: تقلد ابن زَبْر، وكان من سكان دمشق، القضاء على مصر. وكان شيخًا ضابطًا من الدهاة، ممشيًا لأموره. وكان عارفًا بالأخبار والكتب والسير. صنف في الحديث كُتُبًا، وعمل كتاب "تشريف الفقر على الغنى". وعن يحيى بن مكّي العدل قال: لو كان أبو محمد بن زَبْر عادلًا ما عدلتُ به قاضيًا. قال أبو عَمْر محمد بن يوسف الكنديّ: أخبرني علي بن محمد المصري أنّه رأى القاضي ابن زَبْر بدمشق اجتاز بسوق الأساكفة فشغبوا عليه ودقّوا بشفارهم على تُخُوتهم قائلين كلامًا قبيحا وهو يسلّم عليهم ويتطارش، ويُظهر أنّهم يدعون له. وقال عبد الغني بن سعيد: سمعت الدَّارَقُطْنيّ يقول: دخلتُ على أبي محمد بن زَبْر وأنا حَدَث، وهو يملي الحديث من جزء والمتن من جزء، فظن أني لا أتنبه على هذا. قال ابن زولاق: استناب على الحكم أبا بكر بن الحدّاد الفقيه وولاه وقف المرستان، وقرر له في الشهر ثلاثين دينارًا. وكان يصول على الشُهود بأقبح قَوْل. وبَسَط يده في الأموال. واعترض في التركات والوصايا. وألف سيرة في الدولتين، وألف في الحديث كُتُبًا. قال لنا أبو عَمْر محمد بن يوسف الكندي: أخذ من محمد بن بدر على قبوله وتزكيته ألف دينار. وكان قوي النفس واسع الحيلة. جاءه أبو جعفر الطَّحاويّ فأدى عنده شهادة، فقام وأجلسه معه وانحرف إليه وقال: حديث كتبته عن رجلٍ عنك منذ ثلاثين سنة. قال: فأملاه عليه. وقيل إنه بذل على القضاء ألف دينار لمحمد بن طُغْج. 444 - عَبْد الله بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن يزيد1.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 124"، سير أعلام النبلاء "15/ 287، 288"، النجوم الزاهرة "3/ 273".

أبو القاسم المَرْوَزِيّ الأصل، والبغداديّ المعروف بحامض رأسه، وبالحامض. سمع: الحسن بن أبي الربيع، وسعدان بن نَصْر، وأبا يحيى العطّار، وأبا أُميّة الطَّرَسُوسيّ وغيرهم. وعنه: أبو عَمْر بن حَيُّوَيْه، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو بكر الأبهري، والمعافى الجريري، وعمر بن أحمد الواعظ، وأبو الحُسين بن جُمَيْع. وكان ثقة، تُوُفّي في رمضان. 445 - عبد الملك بن يحيى الزَّعْفرانيّ العطّار. بغداديّ. سمع: عبد الرحمن بن محمد بن مَنْصُور. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو القاسم بن الثّلّاج. وكان ثقة. 446 - عُبَيْد الله بن إبراهيم بن بالويه. أبو القاسم النَّيْسابوريّ المُزَكّيّ. سمع: أحمد بْن يوسف، ومحمد بن يزيد، وإسحاق بن عبد الله السُّلمِيّين. وعنه: أبو بكر بن إسحاق الصّبغيّ، وأبو عليّ الحافظ، فمن بعدهما. وعاش أربعًا وثمانٍين سنة. 447 - عُبَيْد الله بن موسى بن إسحاق الأنصاريّ الخطميّ1. أبو الأسود. أخو أحمد والعبّاس. سمع: إبراهيم بن عبد الله العبسيّ، ومحمد بن سعّد العوفيّ. وعنه: ابن المظفر، والدارقطني، وأبو حفص بن شاهين. وكان ثقة. تُوُفّي في رجب.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 352".

448 - علي بْن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن موسى. أبو الحسن الخولانيّ المصريّ. ثقة، صالح. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بن عبد الحَكَم. تُوُفّي في رجب. 449 - عمّار بن خُرَز بن عَمْرو العُذْريّ1. أبو القاسم الجسريني قاضي الغُوطة. حدَّث عن: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يزيد البَعْلَبَكيّ، وعطية بن أحمد الْجُهَنيّ، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة. وعنه: أبو الحُسين الرازيّ، وأحمد بن عُتْبَة، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 450- عَمْر بن محمد بن رجاء2. أبو حفص العكبري. روى عن: عبد الله بن الإمام أحمد، وموسى بن حمدون العُكْبريّ. وعنه: أبو عبد الله بن بطة. وكان عبدًا صالحًا ديِّنًا، ثقة، كبير القدر، من أئمة الحنابلة. قال ابن بطّة: إذا رأيت الرجل العُكْبريّ يحب أبا حفص بن رجاء، فأعلم أنه صاحب سنة. ولنا رجلان من أئمة الحنابلة بعد الثمانين وثلاثمائة كل منهما يكنى أبا حفصٍ العُكْبريّ. "حرف الميم": 451 - متى بن يونس3. رأس الفلسفة.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "2/ 456، 457". 2 تاريخ بغداد "11/ 239"، طبقات الحنابلة "2/ 56، 57". 3 الكامل في التاريخ "8/ 338".

أخذ عنه الفارابيّ. أرّخه المؤيد. 452 - محمد بْن أحمد بْن عبد الواحد بْن صالح. أبو المغيث الأمويّ، مولاهم الدّمشقيّ الصّفّار. سمع: بكّار بن قُتَيْبة، وجماعة. وعنه: أبو الحُسين الرازي، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. 453 - محمد بن أحمد بن دلُّوَيْه. أبو بكر الدّقاق. نَيسابوريّ صدوق. سمع: أحمد بن حفص، ومحمد بن يزيد السُّلميّين، ومحمد بن إسماعيل البخاري. وعنه: عبد الله بن سعد، وأبو عليّ الحافظ، ومحمد بن الحُسين العَلَويّ، وحمزة المهلبيّ، وآخرون. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 454 - محمد بن أيّوب بن المُعَافَى1. أبو بكر العُكْبريّ. سمع: الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم الحربيّ، وجماعة. وعنه: ابن بطة. وكان صالحًا زاهدًا ثقة. قال ابن بَطّة: ما رأيت أفضل منه. مات في رمضان. قلتُ: آخر مَن روى عَنْهُ أبو الطّيّب محمد بن أحمد بن خاقان العكبري.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 84".

455- محمد، وقيل أحمد، أبو إسحاق أمير المؤمنين الرّاضي بالله1 بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد بالله أحمد بن أبي أحمد الموفّق وليّ العهد بن المتوكّل. وُلِد سنة 297. وأُمُّهُ أمةٌ روميّة. وكان قصيرًا أسمر نحيفًا، في وجهه طول. بويع بالأمر بعد عمه القاهر لما سملوا القاهر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. قال الخطيب أبو بكر: وللراضي فضائل منها أنه آخر خليفة له شعرٌ مدون، وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش، وآخر خليفة خطب يوم الجمعة، وآخر خليفة جالس الندماء، وكانت جوائزه وأموره على ترتيب المتقدمين منهم. ومن شعره: كل صفوٍ إلى كدر ... كل أمرٍ إلى حذر ومصير الشباب للمو ... ت فيها أو الكبر در در المشيب من ... واعظٍ ينذر البشر أيها الآمل الذي ... تاه في لجة الغرر أين من كان قبلنا ... ذهب الشخص والأثر رب فاغفر لي الخطي ... ئة يا خير من غفر توفي في ربيع الأول، وله 32 سنة. 456 - محمد بن أبي جعفر2. الأستاذ أبو الفضل المنذري الهروي اللغوي الأديب. روى عن: عثمان بن سعيد الدارمي، وغيره. ورحل فأخذ العربية، عن: ثعلب، والمبرد.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري للهمذاني "89 - 95"، سير أعلام النبلاء "15/ 103، 104"، شذرات الذهب "2/ 324". 2 الوافي بالوفيات "2/ 297"، بغية الوعاة "1/ 29".

وله عدة مصنفات منها: كتاب "نظم الجمان"، وكتاب "الملتقط"، وكتاب "الفاخر"، وكتاب "الشامل". روى عنه: أبو منصور الأزهري فأكثر، وحامد بن محمد الماليني، والعباس القرشي. وقد ملأ الأزهري "التهذيب" بالرواية عنه. توفي في هذه السنة في رجب. 457- محمد بن حسين بن زيد. أبو جعفر التنيسي. حدث عن: يونس بن عبد الأعلى، وغيره. وطال عمره. قال ابن يونس: ثقة، عاقل. كان له بتنيس منزلة جليلة ومحل ويسار. توفي بتنيس في شعبان. 458- محمد بْنُ حَمْدَوَيْهِ بْنِ سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ1. أَبُو نَصْرٍ الْغَازِيُّ الْمُطَّوِّعِيُّ. قَدِمَ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ عَنْ: سُلَيْمَانَ بْنِ مَعْبَدٍ السِّنْجِيِّ، وَمَحْمُودِ بْنِ آدَمَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْخُوَارَزْمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْه، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَيُوسُفُ الْقَوَّاسُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْمُزَكِّيُّ، وَمحمد بْنُ أَحْمَدَ السّليطيّ، وَآخَرُونَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ حَافِظٌ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، أَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ كِتَابَةً، أَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ، أَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَا محمد بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ، أَنَا أَبُو نَصْرٍ محمد بْنُ حَمْدَوَيْهِ الْغَزِّيُّ: ثَنَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ لعبد الله: عكوفًا بين دارك ودار

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 232"، سير أعلام النبلاء "15/ 80، 81"، تذكرة الحفاظ "872".

أَبِي مُوسَى، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ" 1. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَعَلَّكَ نَسِيتَ وَحَفِظُوا، وَأَخْطَأْتَ فَأَصَابُوا. 459- محمد بن خالد بن وهب2. أبو بكر التيمي القُرْطُبيّ الفقيه. قاضي أكشونية. سمع من أبيه، ومن: ابن وضّاح، وسعيد بن حمْيرَ. 460 - محمد بن سعيد بن حمّاد البغداديّ3. أبو سالم الْجُلُوديّ. سمع: الحسن بن عَرَفَة، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وأبا جعفر بن المنادي، وروى "السنن" لأبي داود، عنه. روى عنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبو الفتح القوّاس ووثقه. 461 - محمد بن سليمان بن أحمد بن حبيب بن الوليد بن عَمْر الأمويّ. المروانيّ الأندلسيّ. بالأندلس. لم يذكره ابن الفَرَضيّ. قال ابن يونس: يُعرف بالحَبيبيّ، روى عن أهل بلده. 462 - محمد بن العبّاس بن شجاع4. أبو مقاتل المروزي، ثم البغدادي.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "4/ 316"، والطحاوي في مشكل الآثار "4/ 20"، وعبد الرزاق في المصنف "8016" موقوفا، والطبراني في الكبير "9511/ 9" موقوفا أيضا، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة "2786". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 49". 3 تاريخ بغداد "5/ 311". 4 تاريخ بغداد "3/ 115".

حدث عن: أحمد العُطارِديّ، وابن أبي الدّنيا. وعنه: يوسف القواس، وغيره. 463- محمد بن العباس بن مهران المستملي1. عن: محمد بن عيسى المدائني، وابن أبي العوام. وعنه: الدارقطني، وابن شاهين. توفي في شعبان ببغداد. 464 - محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن العلاء البغدادي2. أبو جعفر الكاتب. سمع: أحمد بن بديل اليامي، وعلي بن حرب. وعنه: الدارقطني، وأبو الحسن الجراحي، وإسماعيل بن الحسن الصرصري، وابن جميع. وقع لي حديثًا عاليا. توفي في جمادى الأولى. قال الدارقطني: ثقة، مأمون. 465 - محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن رجاء3. الوزير أبو الفضل البلعمي التميمي البخاري. واحد عصره في العقل والرأي. سمع: أبا الموجه محمد بن عمرو، والإمام محمد بن نصر المروزيين. وله كتاب "تلقيح البلاغة"، وكتاب "المقالات"، وغير ذلك. ثم إن الحاكم بعد أن قال أكثر من هذا روى أحاديث، عن جماعة، عنه. وهو وزير صاحب ما وراء النهر وخراسان إسماعيل بن أحمد.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 116". 2 تاريخ بغداد "2/ 331". 3 الكامل في التاريخ 8/ 378"، سير أعلام النبلاء "15/ 292"، الوافي بالوفيات "4/ 5".

وكان جده الأعلى قد استوى على بلعم، وهي من بلاد الروم، حين دخلها مسلمة بن عبد الملك. فأقام بها وكثر نسله بها، فنسبوا إليها. سمع أكثر الكتب من محمد بن نصر. وكان يتنحل مذهبه، وله يد طولى في الإنشاء والبلاغة. مات في صفر. 466- محمد بن علي بن إسماعيل1. أبو عبد الله الأيلي. سمع: إسحاق الدبري، ومقدام بن داود الرعيني، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة بالشام، ومصر، واليمن. وعنه: الدارقطني، وابن أخي ميمي، ومحمد بن الحسن بْن المأمون، وآخرون. وثقه الخطيب. وتُوُفيّ فِي شوال. 467 - مُحَمَّد بْن عليّ بْن الفياض البغدادي الكاتب. أملى بدمشق عن: الكديمي. وعنه: أبو بكر بن أبي الحديد. 468- محمد بن القاسم بن محمد2. أبو عبد الله الأزدي ابن بنت كعب. بغدادي، ثقة صالح. سمع: الحسن بن عرفة، والهيثم بن سهل، وعلي بن حرب. وعنه: الدارقطني، ويوسف القواس، وأبو القاسم بن الثلاج. وتوفي في ربيع الآخر عن سنٍّ عالية.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 77". 2 تاريخ بغداد "3/ 186".

469 - محمد بن منير بن محمد بن عنبسة. أبو جعفر المصري. عن: يونس بن عبد الأعلى. وعنه: أبو الحسين الرازي، وأبو بكر بن أبي الحديد. 470 - منصور بن محمد بن عليّ بن قَرِينة بن سوِيّة1. وضبطه ابن ماكولا "قرينة"، وقال غيره، "مزينة". كذا فِي نسخة صحيحة "بتاريخ نسف" للمستغفري، وكذا فِي نسخة "بصحيح البخاري". أبو طلحة البزدوي النسفي الدِّهْقان. ويقال فيه: البزديّ. دِهْقان قرية بَزْدَة. وثقه ابن ماكولا وقال: كان آخر من حدَّث "بالجامع الصحيح" عن البخاريّ. قال جعفر المستغفريّ: يضعفون روايته من جهة صِغَره حين سمع. ويقولون: وُجد سماعه بخطّ جعفر بن محمد مولى أمير المؤمنين دِهْقان توين. وقرأوا كلّ الكبار من أصل حماد بن شاكر. وسمع منه أهل بلده، وصارت إليه الرحلة في أيّامه. ثمّ قال المستغفريّ: ثنا عنه أَحْمَد بن عبد العزيز المقرئ، ومحمد بن عليّ بن الحُسين. ومات سنة تسعٍ وعشرين. 471 - موسى بن عيسى بن مهديّ. أبو القاسم الدّبّاغ. سمع: أبا أُميّه الطَّرَسُوسيّ. مات في شوّال بمصر. "حرف الياء": 472 - يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البُهْلُول التَّنُوخيّ الأزرق2.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "7/ 243"، سير أعلام النبلاء "15/ 279، 280"، لسان الميزان "6/ 100". 2 تاريخ بغداد "14/ 321، 322"، المنتظم "6/ 325"، سير أعلام النبلاء "15/ 289"، البداية والنهاية "11/ 201".

الكاتب. بغدادي الدّار، أنباريّ المولد. وُلِد سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين. وسمع: جدّه، والزبير بن بكّار، وبِشْر بن مطر، ويعقوب بن شيبة السَّدُوسيّ، والحسن بن عَرَفَة، وجماعة. وعنه: ابن المظفّر، والدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع، وأبو الحُسين بن المتيمّ، وإبراهيم بن عبد الله بن خُرْشِيد قوله، وآخرون. قال أحمد بن يوسف الأزرق: سمعتُ أبي يقول: خرج عن يدي إلى سنة خمس عشرة وثلاثمائة نيفٌ وخمسون ألف دينار في أبواب البِر. قال أبو القاسم التَّنُوخيّ: كان كاتبًا جليلًا، متصرفًا. وكان متخشّنًا في دِينه، أمارًا بالمعروف. تُوُفّي في آخر السنة. قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْحَافِظِ بْنِ بَدْرَانَ: أَخْبَرَكُمْ أبو محمد المقدسيّ سنة خَمْسِ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنَا عَلِيُّ بن محمد، ثنا عُبَيْد الله بن أبي مسلم، ثنا يوسف بن يعقوب الأزرق، ثنا بِشْر بن مطر، ثنا سفيان، عن أبي نجيح، عن إبراهيم بن أبي بكر، عن مجاهد، في قوله عز وجل: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148] . قال: ذلك في الضيافة. إذا أتيت رجلًا فلم يُضِفْك، فقد رُخص لك أن تقول. وفيات سنة ثلاثين وثلاثمائة: "حرف الألف": 473 - أحمد بن إبراهيم بن سعد الخير الأزدي. عن: أبيه، وعمّه خطّاب. وعنه: أبو هاشم المؤدب، وغيره بدمشق.

474 - أحمد بن أَحَيْد بن فَرِينام. أبو محمد الورّاق. سمع: أبا عيسى التِّرْمِذيّ، وعُبَيْد الله بن واصل البخاريّ. وعنه: أهل ما وراء النهر. 475- أحمد بن سليمان بن فَرِينام البخاريّ. عن: أبي صفوان إسحاق بن أحمد السلميّ، وعُبَيْد الله بن واصل، وجماعة. وعنه: حفيده عبد الرحمن بن محمد، وسهل بن عثمانٍ السُّلَميّ. 476- أحمد بن عُبادة بن عَلْكَدَة1. أبو عَمْر الرُّعَيْنيّ القُرْطُبيّ. سمع: محمد بن وضّاح، والخشنيّ. وحج فسمع من ابن المنذر كتابة في الاختلاف. تُوُفّي في رجب. 477 - أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل النَّيْسابوريّ. أبو حامد الْجُلُوديّ. سمع: أيّوب بن الحسن، ونحوه. وعنه: أبو سَعِيد بْن أَبِي بَكْر، وأبو عبد الله العلويّ. 478 - أحمد بن ماجد بن عَمْرَوَيْه. أبو حامد البخاري المتكلّم. روى عن: سُفْيان بن عبد الحكيم، وغيره. وعنه: سهل بن عثمانٍ السُّلَميّ البخاريّ. 479 - أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الرجال الصلحي2.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 34"، جذوة المقتبس "140". 2 تاريخ بغداد "4/ 385، 386".

أبو عبد الله. عن: أبي أُميّة، ويزيد بن محمد الرُّهاويّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وعمر الكتّانيّ، وجماعة. عاش إحدى وثمانٍين سنة. 480 - أحمد بن محمد بن ميمون بن هارون بن مَخْلَد1. أبو الحُسين البغداديّ الكاتب. ولي الوزارة للمتقي لله ابن المقتدر سنة تسعٍ وعشرين وثلاثمائة، فبقي شهرًا وعُزِل، فنُصب أبو عبد الله البريديّ. ومات بعد أشهر في المحرَّم مسجونًا، وله خمسون سنة. 481 - أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال2. أبو حامد النَّيْسابوريّ، ويُعرف بالخشاب لسكناه بالخشابين. سمع: الذُهْليّ، وعبد الرحمن بن بِشْر، وأحمد بن يوسف. وبالحجاز: الحسن بن محمد الزَّعْفرانيّ، وبحر بن نَصْر الخَوْلانيّ، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، وعاصم بن يحيى الزّاهد، والحسين بن محمد الستوري، وطائفة سواهم. تُوُفّي يوم عيد الأضحى. وقد رآه أبو عبد الله الحاكم ولم يسمع منه. 482- أحمد بن محمود بن طالب بن حيت3، بحاء مهملة وياء ساكنة ثمّ تاء مثناة، ابن موسى. أبو حامد البخاري الصّرّام. حدَّث عن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي حفص، ويعقوب بن عرمل.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 122"، الكامل في التاريخ "8/ 372، 373". 2 الأنساب "5/ 120"، سير أعلام النبلاء "15/ 284، 285"، البداية والنهاية "11/ 204". 3 المشتبه في أسماء الرجال "1/ 180، 273".

توفي بعد الثلاثين وثلاثمائة وكتب هنا سهوا. روى عنه: سهل بن عثمان السلمي. عاش مائة وخمسين سنة. 483- إسحاق بن محمد1. أبو يعقوب النهرجوري الصوفي، أحد المشايخ. صحب الجنيد، وعمرو بن عثمان المكي، وجاور بمكة مدة، وبها مات. قال أبو عثمان المغربي: ما رأيت في مشايخنا أنور من النهرجوري. قَالَ السُّلَميّ: سمعتُ محمد بْن عَبْد الله الرازي: سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول في الفناء والبقاء: هو فناء رؤية قيام العبد لله، وبقاء رؤية قيام الله في الأحكام. وعنه قال: الصدق موافقة الحقّ في السّرّ والعلانيّة، وحقيقة الصدق القول بالحقّ في مواطن الهلكة. وقال إبراهيم بن فاتك: سمعتُ أبا يعقوب يقول: الدنيا بحرٌ، والأخرة ساحل، والمركب التقوى، والناس سَفّرٌ. وعنه قال: اليقين مشاهدة الإيمان بالغيب. أرّخ موته أبو عثمانٍ المغربيّ. "حرف الباء": 484 - بدر الخَرْشَنيّ. الأمير، حاجب المتّقي لله2. هرب إلى الشّام لمّا غلب محمد بن رائق على بغداد فأكرمه الإخشيد وولاه إمرة دمشق فَوَلِيَهَا في هذه السنة شهرين، ومات، فولي بعده الحسين بن لؤلؤ.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 356"، سير أعلام النبلاء "15/ 232، 233"، الوافي بالوفيات "8/ 423، 424". 2 تجارب الأمم "1/ 322، 333، 335"، الكامل في التاريخ "8/ 283، 307، 314".

"حرف التاء": 485 - تَبُوك بن أحمد بن تَبُوك بن خالد1. أبو محمد السُّلميّ، مولاهم الدّمشقيّ. سمع: أباه، وهشام بن عمّار. وعنه: أبو الحُسين محمد بن عبد الله الرازي، والحسن بن محمد بن دَرَسْتَوَيْه. وورّخ موته الرازيّ. وروى الأهوازيّ عن ابن دَرَسْتَوَيْه عَنْهُ. "حرف الجيم": 486- جعفر بن عليّ بن سهل2. أبو محمد الدّقاق الحافظ. بغداديّ. روى عن: محمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، ومحمد بن زكريّا الغلابيّ، وإبراهيم الحربيّ. وعنه: أبو محمد بن ماسي، وأبو أحمد الغِطْريفيّ، والدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع الصَّيداويّ. وقع لنا حديثه بعُلُوّ. قال أبو زُرْعة: محمد بن يوسف الْجُرْجانيّ كان فاسقًا كذابًا. "حرف الحاء": 487- الحسن بن الحُسين بن منصور. أبو محمد النيسابوري النصراباذي السمسار.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 338"، سير أعلام النبلاء "15/ 60"، شذرات الذهب "2/ 326". 2 معجم الشيوخ لابن جميع "240".

أحد العُباد المشهورين بطلب العلم، المنفقين مالهم على الحديث. سمع: محمد بن عبد الوهّاب الفراء، وأحمد بن يوسف السُّلميّ. وعنه: ابنه أبو الحسن، وأبو عليّ الحافظ. 488- الحُسين بن أحمد بن صدقة1. أبو القاسم الفارسيّ، ثمّ البغداديّ الفرائضيّ الأزرق. سمع: محمد بن حمزة الطوسي، وزكريا المروزي، وعباس بن محمد الدوري، وأحمد بن الوليد الفحام، ومحمد بن المنادى؛ وكان عنده "تاريخ أحمد بن أبي خيثمة" عَنْهُ. روى عنه: أبو حفص بن شاهين، وأبو الحُسين بن جُمَيْع، وابن الصّلْت الأهوازيّ. قال الخطيب: كان ثقة. 489- الحُسين بْن إسماعيل بْن محمد بْن إسماعيل بْن سعيد بن أبان2. أبو عبد الله الضّبّيّ البغداديّ المَحَامليّ القاضي. وُلِد في أول سنة خمسٍ وثلاثين. وأول سماعة سنة أربعٍ وأربعين ومائتين. سمع: أبا هشام الرفاعيّ، وعمرو بن عليّ الفلاس، وعبد الرحمن بن يونس السّرّاج، وزياد بن أيوب، ويعقوب الدَّوْرَقيّ، وأحمد بن المقدام، وأحمد بن إسماعيل السهمي، وخلقًا كثيرًا. وروى عنه: دَعْلَج، والدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع، وإبراهيم بن خرشيد قولة، وابن الصلت الأهوازيّ، وأبو عمر بن مهديّ، وأبو محمد بن البَيِّع. قال الخطيب: كان فاضلًا ديِّنًا صادقًا، شهد عند القضاة، وله عشرون سنة. وولي قضاء الكوفة ستين سنة. وقال ابن جُمَيْع: عند المَحَامليّ سبعون رجلًا من أصحاب ابن عيينة.

_ 1 معجم الشيوخ لابن جميع "257"، تاريخ بغداد "8/ 6، 7". 2 تاريخ بغداد "8/ 19 - 23"، سير أعلام النبلاء "15/ 258، 263"، الوافي بالوفيات "12/ 341".

وقال أبو بكر الداوودي: كان يحضر مجلس المحاملي عشرة الآلف رجل. استعفى من القضاء قبل سنة عشرين وثلاثمائة، وكان محمودًا في ولايته. عقد سنة سبعين ومائتين في داره مجلسًا للفقه، فلم يزل أهل العلم والنظر يختلفون إليه. وقال محمد بن الحُسين الإسكاف: رأيتُ في النوم كأنَ قائلًا يقول: إنّ الله ليدفع عن أهل بغداد البلاء بالمَحَامليّ. آخر من روى عن المحاملي عاليًا سبط السفلي، وبالإجازة ابن عبد الدائم. ولعله قد تفرد بالرواية عن مائة شيخ. ومن شيوخه: البخاريّ، وأبو حاتم، والحسن بن الصباح البزار، والحسن الزعفراني، ومحمد بن المُثنى الزَّمِن، ومحمد بن الوليد البُسريّ، ومحمد بن عبد الله المخرَّميّ، وطبقتهم. وأوّل سماعه في سنة أربعٍ وأربعين ومائتين. قال حمزة بن محمد بن طاهر: سمعتُ ابن شاهين يقول: حضَر معنا ابن المظفّر مجلس المَحَامليّ، فقال لي: يا أبا حفص، ما عدمنا من أبي محمد بن صاعد إلا عينيه. يريد أن المَحَامليّ في طبقة ابن صاعد. أملى المَحَامليّ مجلسًا في ثاني عشر ربيع الآخر من السنة، ثمّ مات بعد ذلك المجلس بأحد عشر يومًا رحمه الله. حديثه بعُلُوٍّ عن سِبْط السَّلَفيّ. 490- الحُسين بْن محمد بْن إبراهيم1. أبو عَبْد الله التّميميّ البقال الدّمشقيّ. روى عن: أبي زُرْعة الدّمشقيّ، وزكريا خياط السنة. روى عنه: أبو الحسين الرازي، وأبو سليمان بن زبر. "حرف الخاء": 491- خليل بن إبراهيم الأندلسي2.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 358". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 140".

يروي عن: عبيد الله بن يحيى ين يحيى، وغيره. وكان عبدًا صالحًا. "حرف الزاي": 492- زكريا بن أحمد ابن المحدث يحيى بن موسى ختّ1. أبو يحيى البلْخيّ. ولي قضاء دمشق أيّام المقتدر. وحدَّث عن: يحيى بن أبي طالب، وأبي حاتم الرازيّ، وعبد الرحمن بن مرزوق البزوري، وعبد الصّمد بن الفضل البلْخيّ، ومحمد بن الفضل البخاري، ومحمد بن سعد العوفيّ، وجماعة. وعنه: أبو الحسين الرازي، وأبو بكر وأبو زرعة ابنا أبي دجانة، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهاب الكِلابيّ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وخلق كثير. وكان من كبار الشّافعيّة وأصحاب الوجوه. تكرر ذكره في "المهذب" و "الوسيط". فمن غرائبه: أنّ القاضي إذا أراد نكاح مَن لا وليّ لها لهُ أن يتولّى طرَفيّ العقد. قال الرّافعيّ: يقال إنّه لمّا كان قاضيًا بدمشق تزوَّج امرأة ولّي أمرها لنفسه. ومن غرائبه قال: لو شرط في القراض أن يعمل ربُّ المّال مع العامل جاز. حكاه عنه العّباديّ في الرقم له. "حرف العين": 493- عبد الله بن باذان2. أبو محمد الإصبهاني المقرئ.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 293، 294"، البداية والنهاية "11/ 131، 204"، شذرات الذهب "2/ 326، 327". 2 غاية النهاية "1/ 410، 411".

قرأ على: محمد بن عبد الرّحيم. وحدَّث عن: جعفر بن الصّبّاح، وغيره. وعنه: أبو سنم بن شهدل. تُوُفّي في شعبان. 494- عبد الله بن يونس بن محمد بن عُبَيْد الله1. أبو محمد القبْريّ الأندلسيّ المُراكشيّ. أصله من قَبْره. سمع الكثير من: بَقِيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن عبد السّلام الخشنيّ، وجماعة. وسمع الناس عنه كثيرًا. قال ابن الفرضي: ثنا عنه جماعة، وتُوُفّي في رمضان عن 77 سَنَة. 495- عبد الرحمن بْن عبد الله بْن هاشم2. أبو عيسى الأنباريّ. عن: إسحاق بن سيّار النَّصِيُبيّ، وإسحاق بن خالد البالسيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، والجراحيّ، وابن الثّلّاج. 496- عبد الغافر بن سلامة بن أحمد بن عبد الغافر3. أبو هاشم الحضْرميّ الحمصيّ. حدَّث في عدّة مدن عن: كثير بن عبيد، ويحيى بن عثمان، ومحمد بن عَوْف الحمصيَّينْ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وأبو حفص بن شاهين، وابن جامع الدّهّان، وابن الصلت الأهوازيّ، وأبو عَمْر الهاشمي، وابن جُمَيْع الغسانيّ. قال الخطيب: كان ثقة، مات بالبصرة فيما بلغني، وله بضعٌ وتسعون سنة.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 226"، جذوة المقتبس للحميدي "266، 267". 2 تاريخ بغداد "10/ 289". 3 تاريخ بغداد "11/ 136 - 138"، سير أعلام النبلاء "15/ 294"، البداية والنهاية "11/ 402".

497- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيُّ1. أَبُو الْعَبَّاسِ الزَّيَّاتُ. سَمِعَ: الْحَسَنَ بْنَ عَرَفَةَ، وَالْحَسَنَ بْنَ أَبِي الرَّبِيعِ، وَحَفْصَ بْنَ عَمْرٍو الرَّبَالِيَّ، وَغَيْرَهُمْ. وَعَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ، وَأَبُو الْفَضْلِ محمد بْنُ الْمَأْمُونِ، وَمحمد بْنُ نَجَاحٍ، وَمحمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جُمَيْعٍ. وَثَّقَهُ الْخَطِيبُ. وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى. أخبرنا ابن الْقَوَّاسِ: أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيِّ حُضُورًا، أَنَا جَمَالُ الْإِسْلَامِ، أَنَا أَبُو نَصْرٍ الْخَطِيبُ، أَنَا ابْنُ جُمَيْعٍ: ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو الرَّبَالِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عن عكرمة، عَنِ ابْنِ الْعَبَّاسِ: " أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ"2. 498 - عبد الملك بن محمد بن بكر السعدي الأندلسي3. سمع الكثير من: ابن لُبانة الأندلسي، وغيره. وارتحل إلى المشرق، فسمع من: يحيى بن صاعد، وطبقته. وصنَّف في نصرة مالك. ومات كهلًا. 499- عليّ بن الحسن بن سليمّان بن شعيب الكيسانيّ. روى عن: جدّه، وغيره.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 429، 430"، شذرات الذهب "2/ 327". 2 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "3728"، والترمذي "1888"، وابن ماجه "3288"، وأحمد في المسند "1/ 220"، والدارمي في سننه "2134"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود "3728". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 273".

وكان ثقة، فقيرًا مؤدبًا. مات في شعبان. قاله ابن يونس. 500 - عليّ بن محمد بن عُبَيْد بن عبد الله بن حساب1. أبو الحسن البغداديّ البزاز الحافظ. سمع: عبّاسًا الدوريّ، والحنينيّ، وأحمد بن أبي غَرْزَةَ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع. وأبو الحُسين بن المتيم، وغيرهم. قال الخطيب: كان ثقة عارفًا. تُوُفّي في شوال. وقد ولد سنة اثنتين وخمسين ومائتين. وروى عن خلقٍ سوى مَن ذكرنا. 501 - عَمْر بن سهل بن إسماعيل2. أبو بكر القرمِيسينيّ الدّيَنَوريّ الحافظ. سمع: الحسن بن سلّام السّوّاق، وإبراهيم بن أبي العنبس، وأبا قلابة الرَّقاشي. وعنه: صالح بن أحمد الهمذانيّ، وابن تركان، والهمدانيّون. وكان ثقة عارفًا بالفن. "حرف الميم": 502- محمد بن أحمد بن صالح بْن أَحْمَد بْن محمد بْن حنبل3. أبو جعفر الذهلي الشيبانيّ. سمع: أباه، وعمه زهيرًا، وإبراهيم بن خالد الهسنجانيّ. وعنه: أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم الأبندونيّ، وأبو بكر الورّاق، والدَّارَقُطْنيّ.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 73، 74"، سير أعلام النبلاء "15/ 386"، شذرات الذهب "2/ 327". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 879". 3 تاريخ بغداد "1/ 309".

503- محمد بن أحمد بن عَمْرَوَيْه1. أبو عبد الله النَّيْسابوريّ البيليّ، بباءٍ موحدَّة، المعدّل. سمع: عليّ بن الحسن الدرابجردي، ومحمد بن عَبْد الوهّاب الفرّاء. وعنه: أبو أحمد محمد بن الفضل، وغيره. 504 - محمد بن إبراهيم بن عليّ العلويّ الحسينيّ أبو جعفر. حدث عن النسائي وغيره بمصر. 505 - محمد بن بدر بن عبد العزيز المصري2. قاضيها. روى عن: عليّ بن عبد العزيز البغويّ. وولي قضاء مصر. كتب عنه: أبو الحُسين الرازي، وأبو سعيد بن يونس. وكان أبوه روميًّا صَيْرفيًّا. وتفقّه على مذهب أبي حنيفة. وأخذ عن: الطَّحاويّ. وكان ثقة. روى "غريب الحديث" لأبي عُبَيْد، عن عليّ، عنه. وحَّدث بدمشق، وولي قضاء مصر ثلاث مرات. أخباره في آخر الطبقة. 506- محمد بن خالد بن وهْب بن الصغير3. أبو بكر السهميّ القُرْطُبيّ. سمع: أباه، ومحمد بن وضّاح. وكان حافظا للفقه، يعتمد على قول ابن الماجشون.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 326"، الإكمال لابن ماكولا "1/ 402"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 108". 2 الولاة والقضاة الكبرى "486، 488 - 490"، حسن المحاضرة "2/ 90". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 49".

507- محمد بن رائق1. أبو بكر الأمير ابن الأمير أبي مسلم المعتضديّ. كان بطلًا شجاعًا مقدامًا، وافر الحُرْمة، عظيم السَطْوة، عالي الهمّة. قدِم دمشق، وأخرج عنها بدرًا الإخشيديّ، فأقام أشهرًا، ثمّ توجّه إلى مصر، فالتقى هو ومحمد بن طُغْج الإخشيد صاحب مصر، فهزمه الإخشيد، ورجع ابن رائق فأقم بدمشق أشهُرًا، ثمّ سار إلى الموْصِل قاصدًا بغداد، فدخلها وخلع عليه المتّقي لله خلعة الإمارة وألبسه الطَّوْق والسوار، وقلده الأمور. ثمّ خرج مع المتّقي لله إلى المَوْصل لحرب ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن حمدان. وجَرَت له أمور طويله. وقُتِل بالموصل كما ذكرنا في الحوادث. قال الصوليّ: أنشدنا الأمير محمد بن رائق في فتاه مشرِق: يَصْفَرُّ لوْني إذا بصُرْتُ به ... خوفًا ويحمرّ وجهه خجلًا حتّى كأنّ الّذي بوجنته ... من دم قلبي إليه قد نقلا 508- محمد بن عبد الله بن قرن2. أبو عبد الله الفَرَغانيّ الورّاق. المعروف بأخي أرغل. سكن دمشق، وحدَّث عن: عليّ بن حرب، وعبّاس الترقفيّ، وعباس الدوري، وأبي قلابة. وعنه: أبو هاشم المؤدب، وعبد الله بن محمد بن أيوب الحافظ، وشافع بن محمد الإسفرائينيّ، وعبد المحسن بن عَمْر الصّفّار، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، تُوُفّي في ذي القعدة بدمشق. 509- محمد بن عبد الله3. أبو بكر الصيرفي البغدادي.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 382، 383"، سير أعلام النبلاء "15/ 325، 326"، الوافي بالوفيات "3/ 285". 2 تاريخ دمشق "37/ 242". 3 تاريخ بغداد "5/ 449، 450"، الكامل في التاريخ "8/ 392"، شذرات الذهب "2/ 325".

تفقه على ابن سُرَيْج. قيل: كان أعلم النّاس بالأصول بعد الشّافعيّ. وله كتاب في الشروط في غاية الحُسن. وله مصنَّفات في أصول المذهب وفروعه. وكان صاحب وجه. سمع: أحمد بن منصور الرّماديّ. روى عنه: عليّ بن محمد الحلبيّ، وسمع منه بمصر. وتُوُفّي في رجب. ومن غرائب وجوهه إيجاب الحدّ على مَن وطئ في النكاح بلا وليّ إذا كان يعتقد تحريم ذلك. 510- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْم1. أبو بكر الحِمْيرَيّ. مولاهم المصريّ النَّحويّ المعروف بالمَلَطيّ. إمام جامع عمرو بن العاص. روى عن: بكّار بن قُتَيْبة، وإبراهيم بن مرزوق، وجماعة. وكان ربّما تمنّع من الرواية. وكان يُعلم أولاد الملوك النَّحْو. تُوُفّي في ربيع الآخر. قاله ابن يونس. 511- محمد بن المحدَّث عبد الصّمد بن الفضل البلْخيّ. أبو ذَرّ. وُجِد مقتولًا بنهر بلْخ في شوّال. 512- محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج2. أبو عبد الله القُرْطُبيّ.

_ 1 بغية الوعاة "1/ 143، 144". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 50"، سير أعلام النبلاء "15/ 241، 343"، الوافي بالوفيات "4/ 37".

سمع: محمد بن وضاح، وعبد الله بن خالد، ويحيى بن هلال. ورحل سنة أربعٍ وسبعين مع قاسم بن أصْبغ فسمع: أحمد بن أبي خَيْثَمة، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن الْجَهْم السّمري، ومحمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وجعفر بن محمد بن شاكر، وعليّ بن عبد العزيز البغوي، والمطلب بن شعيب المصريّ، وجماعة. وكان مفتيًا، فقيهًا، مشاورًا، مالكيًا، حافظًا، ثقة. صنف كتابًا على "سُنَن أبي داود" كما فعل ابن اصبغ. وذهب بصره في أواخر أيامه. مولده سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وتُوُفّي في منتصف شوّال. روى عنه: عباس بن أصبغ الحجازيّ، وابنه أحمد بن محمد، وطائفة بالأندلس. اشتهر ذكره، وولي الصلاة بقُرْطُبة بعد أحمد بن بَقِيّ. 513 - محمد بن عُبَيْد الله بن زياد البغداديّ1. أبو أحمد، يُعرف بابن زبورا. سمع: أبا بكر بن أبي الدنيا، وتمتام، وجعفر بن محمد بن كزال. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وغيره. 514- محمد بن عَمْر بن حفص2. أبو جعفر الْجُورجيري الإصبهانيّ. سمع: إسحاق بن إبراهيم بن شاذان، وإسحاق بن الفيض، ومسعود بن يزيد القطّان، ومحمد بن عاصم الثقفي، وحجاج بن يوسف بن قُتَيْبة، وإبراهيم بن عبد الله الجمحي. وعنه: الحافظ ابن إِسْحَاق بْن حمزة، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو عبد الله بن منده، وعثمان البرجمي، وآخرون.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 332". 2 أخبار أصبهان "2/ 272"، سير أعلام النبلاء "15/ 271، 272"، شذرات الذهب "2/ 328".

تُوُفّي في ربيع الأوّل. يقع حديثة عاليًا في "الثقفيّات". 515- محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة1. أبو عبد الله القُرْطُبيّ. سمع من: عمّه محمد بن عَمْر الحافظ. ورحل، فسمع من: حماس بن مروان بالقيروان. وكان عارفًا بمذهب مالك، حافظًا له. ولي قضاء البيرة، وله مصنَّف في الفقه. وكان جاهلًا بالآثار عايبًا لأهلها. لم يكن بالمرضيّ. 516- محمد بن يوسف بن بِشْر بن النَّضْر بن مِرداس2. أبو عبد الله الهَرَوِيّ الحافظ، الفقيه الشّافعيّ. أحد الرحّالين في العلم. سمع: محمد بن حمّاد الطِّهْرانيّ، والربيع المُراديّ، وأحمد بن البَرْقيّ، ومحمد بن عَوف الحمصي، والحسن بن مُكْرم، والعبّاس بن الوليد البيروتيّ، وخلقًا سواهم. وعنه: الطَّبَرانيّ، والزبير بن عبد الواحد الأسداباذيّ، وعبد الواحد بن أبي هاشم المقرئ، وأبو بكر الأبْهَريّ، وآخرون. تُوُفي في رمضان، وقد كمّل المّائة وتجاوزها بأشهر. وآخر من حدَّث عنه: أبو بكر بن أبي الحديد. وثقه الخطيب.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 51، 52". 2 تاريخ بغداد "3/ 405، 406"، سير أعلام النبلاء "15/ 252، 254"، البداية والنهاية "11/ 204".

"حرف الهاء": 517- هارون بن عبد الملك بن عبد الله القَيْسي الأندلسي. يروي عن: بَقيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضّاح، وجماعة. وكان رجلًا صالحًا. مذكورٌ في "تاريخ ابن الفَرَضّي". وهو قُرْطُبيّ. أرّخه ابن يونس أيضًا. "الكنى": 518 -أبو صالح العابد1. وإليه يُنْسَب مسجد أبي صالح الّذي بين الجسر الغيديّ والفواخير. صحِبَ: أبا بكر بن سيّد حَمْدَوَيْه. حكى عنه: الموحّد بن إسحاق، وعليّ بن القجّة، وأبو بكر محمد بن داود الدُقّيّ، وغيرهم. واسمه مفلح بن عبد الله. ساح في جبل لبنان في طلب العباد. قال: رأيتُ في جبل اللُّكّام رجلًا عليه مُرَقَّعة جالسًا على حجر، فقلتُ: يا شيخ ما تصنع ههنا؟ قال: أنظُر وأرعى. قلت: ما أرى بين يديك إلا الحجارة، فما تنظر وترعى؟! فتغير وقال: أنظر خواطر قلبي، وأرعى أوامر ربيّ. فبحقّ الّذي أظهركَ عليَّ إلا جُزت عنّي. فقلت له: كلمني بشيء أنتفع به حتّى أمضي. قال: مَن لزم الباب أثبت في الخدم، ومن أكثر الذنوب أكثر النَّدم، ومَن استغنى بالله أمِن العدم. وروى عنه الدُّقيّ قال: الجسم لباس القلب، والقلب لباس الفؤاد، والفؤاد لباس الضمير، والضمير لباس السّرّ، والسّرّ لباس المعرفة. ورخ موته ابن زبر.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 84، 85"، البداية والنهاية "11/ 204، 205"، النجوم الزاهرة "3/ 275".

أبو يعقوب النَّهْرجُوريّ. اسمه إسحاق. مرَّ. من كان حيًا في هذا الوقت ولم أعرف تاريخ وفاتِه فكتبتهم تخمينًا لا يقينًا: "حرف الألف": 519 - أحمد بن جعفر بن عبد ربه الكاتب1. حدَّث في سنة ثلاثين عن: عَمْر بن شَبَّة. روى عنه: أبو القاسم بن الثّلّاج، وأبو الفتح بن مسرور. 520 - أحمد بن خالد بن مُصْعَب الحزَوَّريّ. آخر من حدَّث بالرّيّ عن محمد بن حُمَيْد الرازيّ. وسمع بنيسابور محمد بن يحيى الذهليّ. آخر من حدَّث عنه علي بن عَمْر الفقيه بالرّيّ. 521 - أحمد بن كَيْغَلَغ الأمير2. وليَ نيابة دمشق. ثمّ وليَ سنة إحدى وعشرين نيابة. وجَرَت بينه وبين محمد بن تكين حروب. وله شعرٌ جيّد. 522- أحمد بْن مطرف البُسْتيّ القاضي3. روى عن: أحمد بن عُبَيْد الله النَرْسيّ، وعبد الله بن أبي مسرة.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 69". 2 الوافي بالوفيات "7/ 301، 302"، وفيات الأعيان "5/ 62، 63"، الكامل في التاريخ "7/ 540، 541". 3 تاريخ بغداد "5/ 171".

وعنه: عليّ بن أحمد الرفاء السّامريّ. 523- أحمد بن يعقوب1. التّائب المقرئ، المحقّق أبو الطّيّب الأنطاكيّ. رأى أحمد بن جُبَيْر، وقرأ على أصحابه. واعتمد على أبي المغيرة عُبَيْد الله بن صدقة، فقرأ عليه بخمس روايات. ثمّ قرأ على محمد بن حفص الخشّاب صاحب السُوسي. وسمع من: أبي أُميّة الطرسوسي، وعثمان بن خرزاذ، وعدة. قال الدّانيّ: له كتاب حسنٌ في القراءات السَّبْع، وهو إمام في هذه الصناعة. ضابط بصير بالعربية. روى عنه القراءة: عليّ بن محمد بن بِشْر، وعُبَيْد الله بن عَمْر البغداديّ، ومبارك بن عليّ. نا أحمد بن أبي عبد الملك، نا عليّ بن محمد، نا أحمد بن يعقوب التّائب برواية وَرْش. وقال بعض أصحابه: لم يكن بعد ابن مجاهد أحفظ منه لحروف القرآن وعلمه. كان إمام أهل الشّام في زمانه في القراءة. وقد ذكر التائب في كتابه أنه أدرك أحمد بن جُبَيْر وسِنُّه نحو العشرين، ولم أقرأ عليه. 524- أحمد بن يونس الضبي الإصبهانيّ2. عن: سميّة أحمد بن يُونُس. وعنه: ابن المظفر، والدارقطني. شيخ، محله الصدق.

_ 1 غاية النهاية "1/ 151". 2 تاريخ بغداد "5/ 224".

525- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله1. أبو عيسى الصَّيْرفيّ. عن: أحمد بن مُلاعِب، وعبد الله بن رَوْح المدائنيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع. 526 - أحمد بن عليّ بن عيسى2. أبو عبد الله الرّازيّ. قدِم بغداد، وحدَّث عن: موسى بن نَصْر، وأبي حاتم محمد بن إدريس الرّازيَّيْن. وعنه: عَمْر الزيات، ومحمد بن إسماعيل الورّاق، وأبو القاسم عُبَيْد الله الصيدلانيّ. بَقِي إلى سنة سبعٍ وعشرين. 527 - إبراهيم بن محمد بن عُبَيْد بن جُهَيْنَة3. أبو إسحاق الشَّهْرَزُوريّ الحافظ. سمع: أبا زُرْعة بالرّيّ، والحسن بن محمد الزعفراني ببغداد، وعمرو بن عبد الله الأوْديّ بالكوفة. ومحمد بن أبي عبد الرحمن المقرئ بمكّة، ومحمد بن عَوْف بحمص، والعبّاس بن الوليد ببيروت، والربيع بن سليمان بمصر، وخلقًا كبيرًا. وكان من العالمين المكثرين. روى عنه: أهل الرّيّ، وقزوين أحمد بن عليّ بن حُبَيْش الرازيّ، وأبو بكر بن يحيى الفقيه، وعليّ بن أحمد، وأحمد بن الحسن القزوينيان، وعمر بن أحمد بن شجاع وغيرهم.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 44". 2 تاريخ بغداد "4/ 309". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 287"، سير أعلام النبلاء "15/ 249، 250"، تذكرة الحفاظ "3/ 846".

528 - إبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن أبي الدرداء1. أبو إسحاق الأنصاري الصَّرَفْنديّ. سمع: بكّار بن قُتَيْبة، وأبا أُميّة الطَّرَسُوسيّ، وجماعة. وعنه: شهاب الصُّوريّ، وابن جُمَيْع، وعبد الله بن علي بن أبي العجائز. وصرفنده: حصنٌ بالساحل. 529 - إبراهيم بن نَصْر بن عنبر الضّبي السَّمَرْقَنديّ. سمع: عليّ بن خَشْرم، ومحمد بن علي بن حسن بن شقيق. وعنه: أبو سعيد بن رُمْح النسويّ، ومحمد بن أحمد بن مُتّ الأشتيخنيّ، وإسماعيل بن حاجب الكشّانيّ. تُوُفّي في حدود العشرين أو بعدها. 530 - إسماعيل بن محمد بن أحمد بن صالح2. أبو إسحاق بن الحَكَميّ الأسْتِرَابَاذيّ. عن: أحمد بن منصور الرماديّ، وسعدان بن نَصْر. وعنه: محمد بن جعفر المستغفريّ، وأبو أحمد بن عديّ. قال جعفر المستغفريّ: متهم بالكذب، لا يُحْتَجّ بحديثه. 531 - إسماعيل بن هارون البزاز3. عن: الحسن بن أبي الربيع، وجماعة. وعنه: الدارقطني، ومحمد بن أحمد بن عبدان. "حرف الثاء": 532 - ثواب بن يزيد ين ثواب4.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 198"، معجم البلدان "3/ 402"، سير أعلام النبلاء "15/ 560، 561". 2 الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 119"، ميزان الاعتدال "1/ 247"، لسان الميزان "1/ 434". 3 تاريخ بغداد "6/ 301". 4 تاريخ بغداد "7/ 148".

أبو بكر الموصليّ. عن: محمد بن أحمد بن المُثَنّى، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وأبي يَعْلَى. وعنه: ابن عديّ، وابن المقرئ، وأبو بكر بن شاذان. وحدَّث بمصر، ومكّة. "حرف الجيم": 533 - جعفر بن سليمان. أبو أحمد المشحلائيّ الحلبيّ. سمع الحروف من أبي شعيب السُّوسيّ. وهو آخر أصحابه وفاةً. روى عنه القراءة: أبو الطّيّب عبد المنعم بن غلْبُون، وعبد الله بن مبارك. وهو من قرية مشحلايا. 534- جعفر بن محمد بن عليّ الهمدانيّ1. المعروف بالمليح. روى عن: أبي حاتم الرازيّ، وهلال بن العلاء، وابن ديزيل، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وخلق كثير. روى عنه: أبو يعلى عبد الله بن محمد الصَّيْداويّ، وأحمد بن عُتْبَة الْجَوْبريّ، وابن جُمَيْع الصَّيْداويّ. "حرف الحاء": 535- الحسن بن محمد بن سعدان2. أبو عليّ العرزميّ. كوفيّ. سمع: الحسن بن علي بن عفان.

_ 1 معجم الشيوخ لابن جميع "239، 240". 2 تاريخ بغداد "7/ 418".

وعنه: عَمْر الكتانيّ، وابن الْجُنْديّ، والدَّارَقُطْنيّ في سُننِه، وجماعة. 536- الحسن بن عليّ بن يحيى1. أبو عليّ البَجَليّ الشعرانيّ الطَّبَرانيّ المقرئ. عن: أحمد بن شيبان الرّمليّ، ومحمد بن خَلَف العسقلانيّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر المقرئ، وأبو بكر بن أبي الحديد السُّلميّ، وآخرون. 537- الحسن بن الوليد بن موسى الكِلابيّ2. الدّمشقيّ المعدّل المعروف بابن الأبرش. روى عن: بكّار بن قُتَيْبة القاضي، وأبي زُرْعة الدّمشقيّ، وجماعة. روى عنه: ابنه عبد الوهّاب الكِلابيّ، وصالح بن عبد الله المستملي. 538 - الحُسين بن عيسى العرقيّ3. أبو الرّضا. روى عن: يوسف بن بحر، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ، وجماعة. روى عنه: أبو الحسين بن جميع، وأبو بكر بن شاذان، وعلي بن محمد بن إسحاق الحلبي. 539- الحسين بن محمد بن إبراهيم الدمشقي4. ابن البقال، أبو عبد الله. روى عن: أبي زرعة البصري. وعنه: أبو سليمان بن زبر، وغيره. 540- الحسين بن محمد بن أحمد5.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 236". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 255". 3 الإكمال لابن ماكولا "6/ 317"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 349". 4 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 358". 5 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 351".

أبو عبد الله قاضي طرابلس. روى عن: أنس بن السَلْم، وغيره. روى عنه: أبو بكر بن شاذان، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. وقد روى عن عبد الرحمن بن جبير، عن سفيان بن عُيَيْنَة. وحدَّث في سنة ثمانٍ وعشرين. 541 - الحُسين بن محمد بن عبد الله بن عبادة. أبو القاسم العِجْلي الواسطي. حدَّث ببغداد عن: هلال بن العلاء، وأحمد بن عبد الوهّاب الحَوْطيّ، وأبي أسامة الحلبي، وغيرهم. وعنه: أبو حفص الكتاني، ويوسف القواس. ثقة. "حرف الدال": 542 - دينار بن بنان بن دينار الرملي الجوهري1. الشاهد. حدث عن: جعفر بن سليمان النَّوفليّ، والحسن بن جرير الصُّوريّ، وغيّرهما. وعنه: عَمْر بن عبد الله الرّمليّ، وأبو الحُسين الكَرْخيّ. وبنان: بنون ثقيلة، من "الإكمال"، وغيره. "حرف السين": 543- سعيد بن الحُسين الدّرّاج الزّاهد2. كان كبير القدر.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "1/ 366"، تاريخ دمشق "13/ 184". 2 تاريخ بغداد "9/ 105".

صحِب إبراهيم الخوّاص. وبَقِيّ إلي بعد العشرين وثلاثمائة. "حرف العين": 544- العبّاس بن الفضل بن حبيب1. أبو الفضل السّامرّيّ الحافظ، ويعرف بالدّبّاج. أكثر التطواف، وحدَّث عن: محمد بن إسماعيل التِّرْمِذيّ، والكُدَيْميّ، وطبقتهما. روى عنه: محمد بن عبد الله الشَّيْبانيّ، ومحمد بن موسى السَّمْسار، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وابن جُمَيْع الصَّيْداويّ، وآخرون. قال أبو الحُسين الرازيّ: هو شيخ حافظ، كتبت عنه بدمشق. 545 - العبّاس بن عبد الله بن محمد بن عصام2. أبو الفضل المُزَنيّ البغداديّ الفقيه الشّافعيّ. عن: هلال بن العلاء، وعبّاس الدّوريّ، وعبد الكريم الدَّيْرَعاقوليّ، وبكر بن سهل الدِّمْياطيّ، وخلق. وعنه: عبد الله بن إبراهيم الأبَنْدُونيّ، وأبو زُرْعة أحمد بن الحُسين، وجماعة. قال عبد الرحمن بن أحمد الأنماطيّ: كان كذابًا أفّاكًا. اسْتُعْدِيَ عليه بقزوين، وقدِم علينا همدان سنة خمسٍ وعشرين وثلاثمائة. وقال الخطيب: لم يكن ثقة. 546- عبد الله بن أحمد بن وُهَيْب الدّمشقيّ3. أبو العبّاس بن عدبس.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 153"، تهذيب تاريخ دمشق "7/ 254، 255"، سير أعلام النبلاء "15/ 295". 2 تاريخ بغداد "12/ 155". 3 تاريخ بغداد "9/ 384، 385"، الإكمال لابن ماكولا "6/ 151" تهذيب تاريخ دمشق "7/ 291".

عن: أبي أُميّة الطَّرَسُوسيّ، وابن إِسْحَاق الجوزجانيّ، والعبّاس بْن الوليد بْن مُزْيَد. 547 - عبد الله بن عليّ1. أبو بكر الخلال. حدَّث ببغداد عن: عبّاس التَّرْقُفيّ، ومحمد بن عبد الملك الدقيقيّ، وأحمد بن مُلاعب. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وعمر الكتّانيّ، وجماعه. 548- عبد الله بن الفضل بن جعفر2. أبو محمد الوراق، ورّاق الدَّيْرعاقوليّ. عن: الحُسين بن محمد بن أبي معشر، ويحيى بن أبي طالب، وعبد الله بن محمد بن شاكر. وعنه: موسى السّرّاج، وأحمد بن الفَرَج، وأبو القاسم بن الثّلاج. مستقيم الحديث. 549- عبد الله بن المغلِّس الأندلسيّ الدّمشقيّ الزّاهد. كان عالمًا عابدًا مُجاب الدّعوة. بِهِ يضرب المثل في الفضل والعبادة ببلده. وله ذُرّيّة بوَشّقة. 550- عبد العزيز بن موسى3. أبو القاسم البغداديّ بدُهْن. سمع: عليّ بن حرب، وأبا عُتْبَة الحمصي، وقعنب بن المحرر. وعنه: ابنه أحمد، وابن الشخير، والدَّارَقُطْنيّ، والقوّاس. وثقه الخطيب.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 11، 12". 2 تاريخ بغداد "10/ 43". 3 تاريخ بغداد "10/ 455".

551- عُبَيْد الله بن أحمد بن يعقوب بن نَصْر1. أبو طالب الأنباريّ. أحد شيوخ الشيعة. ويعرف بابن أبي زيد. كان إخباريًّا علامة. صنف كتاب "الخط والقلم". وروى عن: إسحاق بن موسى الرملي، ومحمد بن حنيفة بن ماهان، وثعلب، ويوسف القاضي. وعنه: محمد بن زُهير بن أخطل، وعليّ بن عبد الرحيم بن دينار الواسطيّ، وأبو الحسن أحمد بن الْجُنْديّ. 552- عثمانٍ بن جعفر بن محمد بن حاتم2. أبو عمرو بن اللبان الأحوال. بغداديّ، ثقة. سمع: محمد بن الوليد البُسْريّ، وحفص بن عَمْرو الرّباليّ، وعباد بن الوليد العنْبريّ، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، وعمر بن شَبّة. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبو حفص الكتّانيّ، وأبو الحسن بن الْجُنْديّ، ومحمد بن جُمَيْع الغسانيّ. وقع لي حديثه بعُلُوّ. وقد أرّخ ابن قانع موته سنة 324. 553- عثمانٍ بن مروان3. أبو القاسم النهاونديّ شيخ الصُّوفيّة. أكثر السياحة، وصحب أبا سعيد الخراز أربع عشرة سنة. والْجُنَيْد وسمنون. أخذ عنه: أبو بكر النّقّاش، وابن مِقْسَم، وأبو عبد الله البروجردي، وعمر بن زمبل. ودخل الشام.

_ 1 لسان الميزان "4/ 95، 96"، معجم المؤلفين "6/ 237". 2 تاريخ بغداد "11/ 297"، المنتظم "6/ 287". 3 تاريخ دمشق "27، 238".

روى المّاليني، عن الحارث بن عديّ، عنه. وقال قيس بن عبد العزيز: ورد عليّ بن مردان، فاجتمع عليه جماعة من الصُّوفيّة ومعهم قوّال، فاستأذنوه، فأذن لهم. فأنشد القوّال قصيدة فتواجدوا، ولم يتحرّك ابن مردان رحمه الله تعالى. 554- عُرْس بن فهْد1. أبو جابر الأزدي الموصلي. عن: علي بن حرب، والحسن بن عرفة، ومحمد بن أحمد بن أبي المثنى. وعنه: أبو الفضل الشيبانيّ، وأبو بكر بن أبي موسى الهاشميّ، وعيسى بن الوزير، وابن جُمَيْع الصَّيْداويّ. وثقه الخطيب. 555 - عليّ بن الحسن بن هارون السقطي2. بغداديّ. سمع: ابن عَرَفَة، والحسن الزَّعْفرانيّ. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وجماعة. حدَّث سنة إحدى وعشرين. وكان ثقة. 556 - عليّ بن محمد بن سختويه بن نَصْر. الحافظ أبو الحسن النَّيْسابوريّ. سمع: تَمْتَام، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن أيوب بن الضُّريْس، وطبقتهم. أكثر عنه أبو أحمد الحاكم. 557- عليّ بن محمد بن أبي سليمان أيّوب بن حجْر3. أبو الطّيّب الرّقّيّ ثم الصوري.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "6/ 83"، المشتبه في أسماء الرجال "2/ 254". 2 تاريخ بغداد "11/ 381". 3 تاريخ بغداد "3/ 331"، الإكمال لابن ماكولا "7/ 250"، تهذيب التهذيب "9/ 432".

سمع: أباه، ومؤمّل بْن إهاب، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والرّبيع المؤذّن، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، وطبقتهم. وعنه: محمد بن أحمد المَلَطيّ، وأحمد بن محمد بن هارون البَرْدَعيّ، وعبد الله بن محمد بن أيوب القطّان، وأحمد بن محمد بن مزاحم الصُّوريّ، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسن بن جُمَيْع، وجماعة. وثقه ابن عساكر. 558- عليّ بن محمد بن أحمد بن فور. أبو الحسن النَّيْسابوريّ الورّاق. سمع: أحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر، وطبقتهما. وعنه: بِشْر بن محمد القاضي، ومحمد بن حامد البزاز. قيل: تُوُفّي سنة عشرين، وقيل: سنة أربعٍ وعشرين وثلاثمائة. 559 - عَمْر بن يوسف الزَّعْفرانيّ1. حدَّثَ عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة، والحَسَن بْن محمد بن الصّبّاح، وسعدان بن نَصْر. وعنه: يوسف القوّاس، وأبو حفص بن الزيات. وكان ثقة. تأخر موته. 560- عَمْرو بن عُصَيْم بن يحيى الصُّوريّ2. سمع: مؤمّل بن إهاب، ومحمد بن إبراهيم الصُّوريّ، والحسن بن اللَّيث. وعنه: أحمد بن عُتْبَة الْجَوْبريّ، وأبو يعلى بن أبي كريمة، وأبو المفضّل محمد الشَّيْبانيّ، وأبو الحُسين بن جُمَيْع. مولده سنة 239.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 228". 2 معجم الشيوخ "356"، تاريخ دمشق "33/ 40".

"حرف الْقَافِ": 561 - الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُلْبُل الزَّعْفرانيّ1. عن: أبي زُرْعة، وعبّاس الدُّوريّ، وطبقتهما. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، والقوّاس، وصالح بن أحمد الحافظ، وقال: صدوق. "حرف الميم": 562 - محمد بْن إبراهيم بْن الفضل. أبو بكر النَّيْسابوريّ المعمّريّ الفحّام. سمع: محمد بن يحيى الذُّهْليّ. وعنه: محمد بن محمد بن محمش. 563 - مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي خنْبَش2. أبو بكر البَعْلَبَكّيّ القاضي. سمع: عبد الله بن الحُسين المصّيصيّ، ويحيى بن أيوب العلّاف المصريّ. وعنه: أبو محمد بن ذَكْوان البَعْلَبَكّيّ، وأبو بكر أَحْمَد بن الحسين بن مِهران المقرئ، وغيّرهما. 564- محمد بن أحمد بن أبي مهزول3. أبو الحسن المصّيصيّ المعدّل. سمع: يوسف بن مسلّم. وعنه: أبو أحمد الحاكم، وابن جُمَيْع. 565 - محمد بن أحمد بن محمد بن شيبان4.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 446". 2 الإكمال لابن ماكولا "2/ 342". 3 معجم الشيوخ لابن جميع "61". 4 تاريخ دمشق "36/ 385".

أبو جعفر الرمليّ الخلّال. سمع: أحمد بن عبد الله بن البَرْقيّ، وأبا أُميّة، ومحمد بن حماد الظهرانيّ. وعنه: أبو حفص بن شاهين، وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وأبو الحُسين بن جُمَيْع، وآخرون. 566- محمد بن أحمد بن محمد بن الصلت البغداديّ1. أبو الحسن الصّفّار. حدَّث بدمشق عن: أبي قِلابة الرَّقاشيّ، والكُدَيْميّ. وعنه: أبو بكر الرَّبَعَيّ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وغيّرهما. ولم يذكره الخطيب في تاريخه. 567 - محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن فروخ2. أبو بكر المُزَنيّ البغداديّ، نزيل الرَّقَّةِ. حدث عن: أبي حفص الفلّاس، وأحمد بن المقدام، وطبقتهما. وعنه: الطَّبرانيّ، ومحمد بن المظفّر، وعليّ بن لؤلؤ الورّاق، قال الخطيب: تُوُفّي بعد العشرين وثلاثمائة. 568 - محمد بن إسماعيل بن إبراهيم. أبو الحسن المَرْوَزِيّ. سمع: عليّ بن حُجْر. روى عنه: أبو أحمد محمد بن محمد بن مكي الْجُرْجانيّ، وطاهر بن محمد بن سَهْلَوَيْه النَّيْسابوريّ، والحسن بن أحمد المخلّديّ، ومحمد بن الحُسين العلويّ، وهذا أعلى سندٍ عند البَيْهقيّ. 569 - محمد بن إسماعيل بن سلمة الأصبهاني3.

_ 1 تاريخ دمشق "36/ 385". 2 تاريخ بغداد "1/ 254". 3 أخبار أصبهان "2/ 262".

سمع: عَمْرو بن عليّ الفلّاس، وغيره. وهو من كبار شيوخ أبي عبد الله بن مَنْدَه. 570- محمد بن بَدْر1. القاضي أبو بكر، مولى يحيى بن حكيم، الكتّانيّ، المصريّ، والفقيه الحنفيّ، كان أبوه روميًا صَيرفيًا مُوسرًا، خلف لمحمد مائة ألف دينار سوى الأملاك، ولمحمد يومئذٍ عشرون سنة. فكتب الحديث والفقه، ولازم الطَّحاويّ، وتعلم الفروسية ولزِم الرباط. وسمع من: عليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وأبي الزِّنْباع روْح بن الفَرَج، وأبي يزيد القراطيسيّ. وكان من محبته للقضاء قد جلس قاضيًا في بستان وعدَّل جماعة، ووقف عن قوم على سبيل النُّزْهة، وخدم القضاه مدّةً. ثمّ رامَ الشهادة أيام الكُرَيْزيّ إبراهيم بن محمد، وأيّام أبي عثمانٍ، فتعذرت عليه. وكانت له تجارة ببغداد، فكتب إلى من يثق به يسعى له في القضاء في سنة ستّ عشرة وثلاثمائة. فعلم بذلك أبو عثمانٍ، فكتب إلى أخيه يستنجد به، وكتب محضرًا يتضمَّن القدْح في محمد بن بدْر، فكتب فيه كبارًا وأئمّة، وفيه أنهم لا يعلمون أباه خرج من الرِّقّ إلى أن مات. وأطلق في محمد بن بدْر كلّ قول، وأسجله أبو عثمانٍ أحمد بن إبراهيم عليه وحكم بفسقه. واستتر حينئذٍ محمد بن بدر. فقام معه القاضي أبو هاشم المقدسي، وأخذه ليلًا إلى تكين أمير مصر، وحدثه بأمره، فطلب المحاضر والسجلات، فستر بعضها. وكان تكين سيئ الرأي في أبي عثمانٍ. ثمّ تمشَّت حال ابن بدر، وولي قضاء ابن زَبْر، فداخَلَه وعدّله عنده الفقيه أبو بكر بن الحدّاد. وبذل جملةً من الذَّهَب. وكان ذا هيبة جميلة وتجمل وافر وغلمان.

_ 1 الولاة والقضاة للكندي "486، 488، 490"، حسن المحاضرة "2/ 90".

ولمّا قدِم ابن قُتَيْبة على القضاء قام ابن بدر بأمره، وفرش له الدّار الّتي يسكنها، فكتب قُتَيْبة إلى محمد بن الحسن بن أبي الشوارب يشكره. وكان قُتَيْبة حاكمًا من قِبل محمد ومحمد مقلّد من جهة الخليفة الرّاضي بالله. ثمّ إن ابن أبي الشوارب هذا كتب بالعهد عل قضاء مصر إلى محمد بن بدر، فجاء العهد وأمر مصر إلى وزيرها محمد بن عليّ المادرائيّ، وأميرها أحمد بن كَيَغْلَغ. وأحمد من تحت أمر المادرائيّ ونهيه. فامتنع المادرائيّ من قبول الكتاب، فذهب إليه أبو عبد الله بن الطَّحاويّ وقال: لو كان أبي حيًا لجاءَك في أمره. فأذن له، فتأخر عنه طائفة من كبار العدُول، فعدل خلقًا في عدتهم، واستقامت أحواله. وكان مبالغًا في إكرام الأيتام والنّظر لهم. وكان لا يتأخر عن قضاء حقوق الشُهود الّذين تأخروا عنه. يعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم. فلمّا استولى الإخشيد على مصر تلقاه محمد بن بدر، ثمّ عُزِل، ثمّ ولي، ثمّ عُزل ثمّ ولي ثالثًا. وكان مليح الخطّ، عارفًا بالقضاء، كثير السّلام على النّاس في الطُرُق. مات سنة ثلاثين وله 66 سنة. وقد مرَّ من أخباره. 571 - محمد بن بِشْر بن موسى بن مروان1. أبو بكر القراطيسيّ الأنطاكيّ. حدَّث بدمشق، وبغداد عَنْ: الحَسَن بْن عَرَفَة، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، والربيع المرادي، وبحر بن نصر الخولاني، وعنه: الدارقطني، وأبو الفتح القواس، والكلابي. مات بعد العشرين بيسير. 572 - محمد بن ثابت بن أحمد2. أبو بكر الواسطي.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 90". 2 تاريخ بغداد "1/ 284"، "7/ 80".

حدث ببغداد عن: شعيب الصريفينيّ، ومحمد بن عبد الملك الدّقيقيّ. وعنه: ابن شاهين، وابن جميع، والكتاني. وكان ثقة. 573- محمد بن جعفر بن رباح الأشجعيّ الكوفيّ. سمع: عليّ بن المنذر الطريقيّ. وعنه: محمد بن عبد الله الْجُعْفيّ. 574- محمد بن الحسن بن أحمد بن الصّبّاح1. أبو بكر بن أبي الذَّيّال الثّقفيّ الإصبهاني الزّاهد. إمام مسجد سوق الصاغة بدمشق. ثمّ سكن بيت المقدس. سمع: إبراهيم بن فهد، وعثمانٍ بن خُرَّزَاذ، والحسن بن جرير الصُّوريّ. وعنه: محمد بن أحمد بن يوسف الْجُندريّ، وعَمْر بن داود بن سَلَمُون، وأبو بكر بن أبي الحديد. صحِب سهل بن عبد الله الإصبهانيّ ببلده. 575- محمد بن الحُسين2. أبو جعفر الْجُهَنيّ الهَمَدانيّ الطّيان. رحل وسمع: محمد بن الْجَهْم، ويحيى بن أبي طالب. وكتب الكثير. وعنه: ابن المظفّر، وأحمد بن إبراهيم بن فراس المكّيّ، والدَّارَقُطْنيّ، وأبو الحُسين بن البوّاب، وغيرهم. وثقه الدَّارَقُطْنيّ. وأما حمزة السَّهْميّ فقال: سألت أبا محمد بن غلام الزُّهْريّ، وأبا بكر بن عدي

_ 1 تاريخ دمشق "37/ 347 - 350". 2 المغني في الضعفاء "2/ 571"، ميزان الاعتدال "3/ 522"، لسان الميزان "5/ 138، 139".

المنقري عنه فقالا: ليس بالمرضي. وحكيا عنه أنه قال: كان عندنا بهمدان بَرْد شديد، وكان على سطحنا مُري في آنية فانكسرت الآنية وانصب المرق، فجمد حتّى صار مثل الجلْد، فقطعت منه خفين ولبستهما وركبت إلى السلطان. قال حمزة: ورأت له أحاديث مُنَكرة الإسناد والمتن لا أصل لها. 576- محمد بن خالد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن حمزة. أبو عليّ قاضي بيت لَهْيا. سمع: جدّه لأمّه أحمد بن محمد بن يحيى، ونوح بن عَمْرو بن جويّ. وعنه: عليّ بن عَمْرو الحريريّ، وشافع بن محمد الإسفرائينيّ، وأبو محمد بن ذَكْوان، وأبو بكر بن المقرئ مات بعد العشرين. 577- محمد بن داود بن بنّوس1. أبو السّريّ الفارسيّ ثمّ البَعْلَبَكّيّ. حدَّث عن: أبي المضاء محمد بن الحسن بن ذَكْوان البَعْلَبَكّيّ، وعليّ بن عبد العزيز البَغَويّ، وجماعة. وعنه: أبو محمد بن ذَكْوان البَعْلَبَكّيّ، وأحمد بن جَحّاف الأزديّ. وبَقِي إلى بعد سنة عشرين وثلاثمائة. 578- محمد بن سليمان بن أيّوب. أبو عليّ البصْريّ المّالكيّ، شيخ الدَّارَقُطْنيّ. سمع: أحمد بن عبده، وأبا الأشعث العجلي، وطبقتهما. ورحل النّاس إليه. وعنه: الدَّارَقُطْنيّ، وزاهر السَّرخسيّ، وعبد الواحد بن شاه، وجماعة. وكان صدوقًا. 579- محمد بن العبّاس بن سُهيل الخصيب الضرير2.

_ 1 تاريخ دمشق "11/ 599"، معجم البلدان "5/ 287". 2 تاريخ بغداد "3/ 113"، ميزان الاعتدال "3/ 590"، المغني في الضعفاء "2/ 596"، لسان الميزان "5/ 214".

روى عن: لُوَيْن، وأبي هشام الرفاعيّ، وجماعة. وعنه: أبو القاسم بن الثّلّاج. وكان غير ثقة، يضع الحديث. بَقِي إلى بعد العشرين وثلاثمائة ببغداد. 580 - محمد بن العبّاس بن عَبْدة1. أبو بكر الأصبهاني. نزل بغداد، وحدَّث عن: يونس بن حبيب. وعنه: محمد بن المظفّر، وعمر بن بِشران. وثقه بعض الحُفّاظ. 581 - محمد بن العبّاس بن مهدي2. أبو بكر الصائغ. سمع: عبّاسًا الدُّوريّ، وطبقته. روى عنه: عبد الله بن عثمان الصفار، وابن جُمَيْع. وثقه الخطيب. وتُوُفّي قبل الثلاثين. 582 - مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس بْن محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب3. الأمويّ. مولاهم أبو الفضل الفقيه. ولي القضاء ببغداد في خلافة المتّقي لله. 583 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم4.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 114". 2 تاريخ بغداد "3/ 115". 3 تاريخ بغداد "5/ 449". 4 تاريخ بغداد "5/ 450".

أبو بكر الأسَديّ الأكفانيّ. بغداديّ نبيل، ثقة. سمع: أحمد بن عبد الجبّار العُطَارِديّ. وعنه: ابنه القاضي أبو محمد عبد الله، وغيره. وقد روى أيضًا عن فُوران صاحب الإمام أحمد. محمد بن عبد الملك التّاريخيّ. في الطبقة المّاضية. 584- محمد بن عثمانٍ بن سمعان. أبو بكر الواسطي المعدّل. كان محدثًا حافظًا. سمع من بحشل "تاريخ واسط". روى عنه: أحمد بن بيريّ، وعليّ بن الحسن الصِّلْحيّ. 585 - محمد بن عُزَيْر1. أبو بكر السِّجِسْتانيّ. مصنّف "غريب القرآن". وهو كتابٌ نفيس قد أجاد فيه. قيل: إنه كان يقرأه على أبي بكر بن الأنباريّ ويُصلح له فيه. ويقال: إنه صنفه في خمس عشرة سنة. وكان رجلًا صالحًا فاضلًا. روى عنه هذا الكتاب: أبو عُبَيْد الله بن بُطَّة. وعثمانٍ بن أحمد بن سمعان الرّزّاز، وأبو أحمد عبد الله بن الحُسين السّامّريّ المقرئ، وغيرهم. وكان ببغداد.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "7/ 5"، سير أعلام النبلاء "15/ 216، 217"، الوافي بالوفيات "4/ 95".

ذكره ابن النّجّار وما ذكر له وفاةً، وقال: لا أدري قدِم إلى سِجِسْتان أو أصله منها. والصحيح في اسم أبيه عُزيْر. هكذا رأيته براء بخطّ ابن ناصر الحافظ، وذكَرَ أنّه شاهده بخط يده، وبخطّ غير واحدٍ من الّذين كتبوا كتابه عنه، وكانوا متقنين. قال: وذكر لي شيخنا أبو محمد بن الأخضر أنّه رأى نسخةً بغريب القرآن بخطّ مصنفه وفي آخرها: وكتب محمد بن عُزيْر، بالرّاء المهملة. وحكى أبو منصور بن الجواليقيّ، عن أبي زكريا التّبريزيّ قال: رأيتُ بخط ابن عُزيْر، وعليه علامة الرّاء غير المعجمة. وقال الحافظ عبد الغنيّ في "المختلف": محمد بن عُزيْز بمعجمتين. قلت: والأول أصحّ، والثاني تصحيف لا يكاد يعرف النّاسُ سواه. وقيل: كان أبوه يُسمَّى عُزَيْرًا وعزيزًا، فالله أعلم. وقال ابن ناصر. ملكت نسخة "بكتاب الملاحن"، وقد كتبها عن ابن دُرَيْد في سنة عشرٍ وثلاثمائة، وكتب في آخرها: وكتب محمد بن عُزيْر، بالراء، السّجِسْتانيّ. قال ابن ناصر: وقد كتب نسخة عن المصنف، وفيه الترجمة تأليف محمد بن عُزيْر بالراء غير مُعْجَمَةٍ. وكذلك رأيت نسخة بخطّ محمد بن نَجْدَة، وكان في غاية الإتقان، خطّه حُجَّة، محمد بن عُزير السِّجستانيّ، الأخيرة راء غير معجمة. قلت: إنّما جسر الدَّهْماء على النُّطق بالزاي تقييده الدَّارَقُطْنيّ، وعبد الغنيّ، والخطيب، والأمير، له بزاي مكرَّرة. 586- محمد بن عليّ بن الحُسين1. أبو جعفر، وأبو عيسى التُّخَاريّ بنقطتين. سمع: أحمد بن ملاعب، وغيره. وكتب عنه: الدَّارَقُطْنيّ. 587- محمد بن عيسى بن محمد2. أبو حاتم الوسقندي الرازي.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 78"، الإكمال لابن ماكولا "1/ 449"، الأنساب "3/ 27". 2 معجم البلدان "5/ 376".

وثقه الخليليّ في "الإرشاد" وقال: سمع: أبا حاتم الرّازيّ، ومحمد بن أيّوب، والحارث بن أبي أسامه، ومحمد بن غالب، وعليّ بن عبد العزيز البغويّ. وعنه: عليّ بن عَمْر الفقيه، ومحمد بن إسحاق الكَيْسانيّ، وغيّرهما. 588 - محمد بن قارن بن العبّاس. أبو بكر الرّازيّ. سمع: أبا زُرْعة، والمنذر بن شاذان، وأحمد بن منصور الرّماديّ. وله تصانيف. 589 - محمد بن القاسم بن كوفيّ الكرّانيّ الإصبهانيّ. من كبار شيوخ ابن مَنْدَه. سمع من: يحيى بن واقد الطائيّ النَّحْويّ، ومحمد بن عاصم الثقفيّ. 590- محمد بن موسى1. الأستاذ أبو بكر الفَرَغانيّ الزّاهد، شيخ الصُّوفيّة. نشأ بواسط، واستوطن مرْو. وكان من أكابر تلامذة الْجُنَيْد والنُّوريّ. قيل: لم يتكلم أحد في أول التّصوّف قبله. وكان عالمًا لشريعة الإسلام، وله كلام نافع. ومن كلامه: قد ابتُلينا بزمان ليس فيه آداب الإسلام، ولا أخلاق الجاهلية، ولا أحلام ذوي المروءات. 591- محمد بن موسى بن إسحاق2. الفقيه أبو عبد الله السَّرْخسيّ الحنفيّ. ولاه القاهر بالله قضاء الديار المصرية فسارَ إليها وأقام بها. قدِم في سنة اثنتين وعشرين، وعُزِل أبو عثمانٍ أحمد بْن إبراهيم بْن حماد. قال ابن زولاق: كان حافظًا لقول ابن حنيفة، عفيفًا عن الأموال ستيرًا. وقف

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 244". 2 الولاة والقضاة الكندي "486، 548، 550"، حسن المحاضرة "2/ 90".

عن قبول الجماعة، وعن كثير من الأحكام. حُدِّثت أنه قال للشهود: كم هذا المجيء في كل يوم، أما لكم معايش؟ سبيلكم أن لا تجيئوا إلا لحاجةٍ أو شهادة. وكان يحب المذاكرة بالعلم؛ وكان ذا صلاح وورع. وحُفظ عنه أنه قال: ما وصلتُ إلى مصر حتّى علمت أنّي مصروف لأنيّ لا أصلح للذي وُلِّيُته. وكانت ولايته سبعة أشهر وأيّام. ورجع إلى بغداد، وولي بعده ابن بدر. 592- محمد بن يعقوب بن الحَجّاج التَّيْميّ1. أبو العبّاس البصريّ المعدّل المقرئ. قرأ على: محمد بن وهْب الثّقفيّ، وأبي الزَّعْراء عبد الرحمن بن عَبْدوس، وغيّرهما. وحدَّث عن: أبي داود السِّجسْتانيّ. قرأ عليه: محمد بن عبد الله بن أشته، وعليّ بْن محمد بْن خُشْنام المالكيّ، وأبو أحمد السّامريّ، وآخرون. وانفرد بالإقامة في بلده. وكان بصيرًا بقراءة يعقوب، عدلًا حُجّةً مشهورًا. 593 - محمود بن محمد. أبو العبّاس الرافقيّ. كان يسكن مدينة بُغراص من الثّغر. سمع: أحمد بن عبد الرحمن الكُزْبُرانيّ، وعبد الله بن الهيثم العبديّ. "حرف النون": 594- نَصْر بن أحمد2. أبو القاسم البصري، الشاعر المعروف بالخبزرزي.

_ 1 غاية النهاية "2/ 282". 2 تاريخ بغداد "13/ 296"، الأنساب "5/ 40- 42"، أمالي المرتضى "1/ 575".

قرء عليه ديوانه ببغداد. روى عنه: المُعَافَى الجريريّ، وأبو الحسين بن الْجُنْديّ، وجماعة. "حرف الهاء": 595 - هارون بْن إبراهيم بْن حماد بْن إِسْحَاق بْن إسماعيل الأزْديّ القاضي1. من بيت العلم والقضاء ببغداد. ولي ببغداد قضاء الديار المصرية، فبعث إلى مصر كتابه باستنابه أبي عليّ عبد الرحمن بن إسحاق الجوهريّ، فحكم على الدّيار المصرية من جهته نحوًا من سنة، ثمّ صرفه وبعث من جهته أخاه أبا عثمانٍ أحمد بن إبراهيم بن حمّاد، وذلك في حياة والدهما. فدخل أبو عثمانٍ مصر في ربيع الآخر سنة 314، وقريء عهده بالجامع، وقريء عهد أخيه من قِبَل المقتدر. وأكرمه متوليّ مصر تكين لأُبُوَّته، فنظر في القضاء والأوقاف والمواريث. وكان كثير الحياء. والخجل، قليل الكلام جميل الصُّورة. وقد حدَّث بمصر عن: إبراهيم الحربيّ، وإسماعيل القاضي، وطبقتهما. ولم يزل يتولّى القضاء إلى آخر سنة ست عشرة وثلاثمائة فعُزِل أخوه بابن زَبْر. وقد حدَّث أخوه هارون، صاحب التّرجمة، عن: عباس الدّوريّ، وطبقته. روى عنه: الطّبرانيّ. ومات أبوهما سنة 23. كما ذكرنا. "الكنى": 596 - أبو بكر بن أبي سَعْدان الزّاهد2. شيخ الصُّوفيّة محمد بن أحمد. ويقال: أحمد بن محمد بن أبي سعْدان البغداديّ، العارف. ذكره السُّلميّ في تاريخه مختصرًا وقال: لم يكن في زمانه أعلم بعلوم هذه الطائفة منه.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 20"، حسن المحاضرة "2/ 90". 2 حلية الأولياء "10/ 377"، تاريخ بغداد "4/ 361"، طبقات الصوفية للسلمي "420 - 423".

وكان أستاذ شيخنا أبي القاسم الرّازيّ. سمعتُ أبا القاسم يقول: سمعتُ ابن صُديق وأبا العبّاس الفَرَغانيّ يقولان: لم يبقَ في هذا الزمان لهذه الطائفة إلّا رجلان: أبو عليّ الرُّوذَبَاريّ، وأبو بكر بن أبي سعْدان. وأبو بكر أفهمهما. 597- أبو بكر بن طاهر الأبْهريّ1. هو محمد، وقيل: عبد الله بن طاهر الطّائيّ، أوحد مشايخ أبهر. كان في أيّام الشّبْليّ، ويتكلّم على علم الظّاهر وعلم الحقيقة، وكان مقبولًا على جميع الألسنة. كتب الحديث الكثير ورواه. قال ذلك فيه السُّلميّ. ثم قال: سمعتُ محمد بْن عَبْد الله بْن شاذان يقول: سمعتُ أبا بكر بن طاهر يقول، وسُئِل عن السّماع، فقال: لذةٌ كسائر الّلّذات. قال مهديّ بن أحمد: ما نفعني صُحبة شيخٍ كما نفعني صحبة أبي بكر عبد الله بن طاهر الأبْهريّ. سمعتُ منصور بن عبد الله: سمعتُ ابن طاهر يقول: عطاياه لا تحمل إلّا مطاياه. وقيل: سُئِل ابن طاهر عن الحقيقة، فقال: كلّها عِلم. فسُئِل عن العلم، فقال: كله حقيقة. وقال إبراهيم بن شيبان: ما رأى ابن طاهر مثل نفسه.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 351، 352"، المنتظم "7/ 324".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع الطبقة الثالثة والثلاثين: "321-330هـ" "أحداث سنة إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ": 3 شغب الْجُنْد على القاهر 3 التضييق على القاهر 3 موت أم المقتدر 4 الإرجاف بسب معاوية 4 استتار البربهاري 4 القبض على ابن بليق 4 القبض على مؤنس 5 إحراق دار ابن مقلة 5 هرب ابن ياقوت إلى فارس 5 حجابة الطولوني 5 القبض على ابن المكتفي 5 ذبح بليق ومؤنس 5 ذبح يمن وابن زيرك 5 تلقيب القاهر بالمنتقم 6 تقليد ابن كيغلغ مصر 6 تحريم الخمر والقيان 6 وزارة ابن الخصيب 6 الحج هذا الموسم 6 وفاة الطحاوي

6 وفاة الأمير تكين 6 ولاية ابن طغج 7 ولاية ابن كيغلغ 7 القضاء في مصر 7 وفاة أم المقتدر 7 ترجمة مؤنس الخادم 7 تغلب الروم على الرساتيق "أحداث سنة اثنتين وعشرين" 8 ظهور الديلم 9 قتل أبي السرايا والنوبختي 9 وفاة الورقاني 9 رواية ابن سنان عن القاهر 10 القبض على القاهر 10 خلافة الراضي 11 وزارة ابن مقلة 11 سبب خلف القاهر 11 سؤال القاهر عن خلفاء بني العباس 13 رواية المسعودي عن القاهر 14 صفة الراضي 14 إمرة ابن رائق الجيش 14 مثالب القاهر في كتاب 14 مصادرة عيسى المتطبب 15 قتل مرداويخ الديلمي 15 مقاطعة ابن بويه للراضي على البلاد 15 وفاة المهدي صاحب المغرب 15 نسب المهدي

16 قول الباقلاني في القداح 16 قول ابن خلكان في نسب المهدي 17 ظهور الشلمغاني 17 قتل وزير المقتدر 18 قتل الأنباري 18 قتل ابن أبي عون 18 قتل ابن غريب الخال 19 وفاة السجزي 19 القبض على الخصيبي وابن مخلد 19 وفاة ابن المقتدر 19 توقف الحج "أحداث سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة" 19 تقليد ولدي الراضي المشرق والمغرب 19 القبض على ابن شنبوذ المقريء وضربه 20 شغب الجند على محمد بن ياقوت 21 القبض على ابن ياقوت والقراريطي 21 ازدياد شأن ابن مقلة 21 فتح جنوة 21 فتنة البربهاري وأصحابه 22 هبوب الريح ببغداد 22 شغب الجند بابن مقلة 22 قتل سعيد بن حمدان 22 خروج ابن مقلة لحرب الحسن بن حمدان 23 القبض على جعفر بن المكتفي 23 عود الحسن بن حمدان إلى الموصل 23 مهاجمة القرمطي لركب الحجاج

23 موت الأمير ابن ياقوت 23 الغلاء ببغداد 23 استمالة ابن رائق الديلم "أحداث سنة أربع وعشرين وثلاثمائة" 24 وفاة هارون بن المقتدر 24 تقليد ابن طغج عملا في مصر 24 قطع ابن رائق الحمل عن بغداد 24 إطلاق المظفر بن ياقوت من الحبس 25 إمرة بدر الخرشني على دمشق 25 تدبير ابن مقلة للإيقاع بابن رائق 25 إخراج ابن مقلة من الوزارة 26 ظهور الخصيبي وسليمان بن الحسن 26 تعذيب ابن مقلة 26 رواية ثابت بن سنان عن تعذيب ابن مقلة 27 القبض على المظفّر بن ياقوت وهدم داره 27 عزل الخرشني عن الشرطة 27 تقليد الخرشني أعمال أصبهان وفارس 27 وزارة الكرخي 27 قتل ياقوت الأمير 28 وزارة سليمان بن الحسن 28 عودة ابن رائق إلى بغداد 28 الوباء والغلاء بأصبهان وبغداد 29 الغزوة الأولى لعلي بن حمدان 29 تغلب الحسن بن حمدان على الموصل 29 محاربة اليشكري 29 استيلاء الروم على سميساط

29 غارات بني نمير وقشير 29 خلعة الملك لصاحب الموصل "أحداث سنة خمس وعشرين وثلاثمائة" 30 محاربة ابن رائق للحجرية والساجية 30 رسالة الراضي إلى البريدي 31 ضمان البريدي البلاد 31 تقلد بجكم الشرطة 31 خروج الحجرية من بغداد 31 تفرق البلدان عن الخلافة 31 الوحشة بين ابن رائق والبريدي 31 دخول القرمطي الكوفة 31 وزارة ابن الفرات 32 انهزام جيش ابن رائق 32 محاربة ابن رائق للبصرة وعصيان أهلها عليه 32 ولاية بدير لدمشق 32 قدوم ابن رائق إلى دمشق 33 عودة الولاية لبدير 33 اختلاف البريديين 33 تغلب ابن حمدان على مضر 33 امتناع الحج 33 تأسيس مدينة الزهراء بالأندلس "أحداث سنة ست وعشرين وثلاثمائة": 34 انتصار البريدي على بجكم 34 ازدياد قوة أحمد بن بويه 35 المصاهرة بين ابن رائق والوزير أبي الفتح 35 محاربة البريدي لبجكم

35 قطع يد ابن مقلة 36 رواية ابن سنان عن ابن مقلة 36 دخول بجكم بغداد وتلقيبه: أمير الأمراء 37 كتاب ملك الروم إلى الخليفة بالهدنة 37 تقلد بجكم إمارة بغداد بخراسان 37 امتناع الحج 37 انتصار ابن حمدان على الدمستق "أحداث سنة سبع وعشرين وثلاثمائة" 38 الحرب بين بجكم وابن حمدان 38 انضمام القرامطة إلى ابن رائق 38 الفتنة بين أهل الموصل وجُنْد بجكم 38 مسير ابن حمدان إلى نصيبين 39 تقلد ابن رائق الفرات وجند قنسرين 39 إهلاك عبد الصمد بن المكتفي 39 مصاهرة بجكم لابن حمدان 39 موت ابن الفرات 39 مصالحة البريدي وبجكم 39 وزارة البريدي 40 إطلاق الطريق للحجاج "أحداث سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة" 40 انهزام الدمستق 40 زواج بجكم بنت البريدي 40 وفاة قاضي القضاة ابن يوسف 40 وزارة ابن مخلد 40 انهزام ابن رائق أمام الإخشيد 41 موت ابن مقلة والخصيبي

41 مصالحة الإخشيد لابن رائق بعد مقتل ابنه 41 غرق بغداد 41 غزوة ابن حمدان بلاد الروم "أحداث سنة تسع وعشرين وثلاثمائة" 41 عزل بجكم لابن شيرزاد ومصادرته 42 وفاة الراضي بالله 42 خلافة المتقي 43 إقرار سليمان بن الحسن في الوزارة 43 حجابة الطولوني 43 ولاية المظالم 43 سقوط القبة الخضراء بمدينة المنصور 43 الغلاء والوباء ببغداد 44 وزارة ابن ميمون الكاتب 44 وزارة البريدي 44 وزارة القراريطي 44 وزارة الكرخي 44 تقليد كورتكين إمرة الأمراء 44 تقليد بدر الحجابة 44 مقتل بجكم التركي 45 مسير ابنُ رائق إلى بغداد 46 خطبة البريديّ لابن رائق 46 الحرب بين ابن رائق وكورتكين 46 أسر قادة الديلم 46 إمرة الأمراء لابن رائق "أحداث سنة ثلاثين وثلاثمائة" 47 حبس كورتكين في دار ابن رائق

47 الغلاء العظيم ببغداد 47 انتشار الجوع 47 خروج الأتراك إلى البريدي 47 وصول الروم إلى حلب 47 وزارة البريدي 47 تقلد الخرقي القضاء 48 تقليد القراريطي الوزارة 48 خروج المتقي لقتال البريدي 48 دخول البريدي بغداد وانتهابها 49 انتهاب بغداد والغلاء بها 49 وقعة الأتراك والقرامطة 49 ازدياد دجلة 49 محاربة أهل بغداد للديلم 49 الحرب بين الأتراك والبريدي 50 تلقيب ابني حمدان: ناصر الدّولة وسيف الدّولة 50 هرب البريدي إلى واسط 51 وفاة الخرشني 51 انهزام البريدي أمام ناصر الدولة الحمداني 51 وفاة النهرجوري 51 وفاة المحاملي 51 وفاة أبي صالح الزاهد

ذكر رجال الطبقة الثالثة والثلاثون مرتبة كل سنة على حروب المعجم سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ومن توفي بها: "حرف الألف" 52 1- أحمد بن إسماعيل بن عامر السمرقندي 52 2- أحمد بن الحُسين بن محمد بن عبد الله بن بكر الدقاق 52 3- أحمد بن حمدون بن أحمد بن رستم النيسابوري 53 4- أحمد بن داود بن سليمان بن جوين القربي 54 5- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن ذكوان الدمشقي 54 6- أحمد بن عبد الوارث بن جرير الأسواني 54 7- أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنِ سَلَامَةَ بْنِ سَلَمَةَ بن عبد الملك 56 8- أحمد بْن محمد بْن عليّ بْن رَزِين 56 أحمد بن مُحَمَّد بن عيسى بن مُحَمَّد بن القاسم بن حسن 56 9- أحمد بن محمد بن موسى البغدادي 57 10- أحمد بن محمد بن يزيد الكرجي 57 11- أحمد بن محمود اللخمي الأنباري 57 12- أحمد بن نصر بن سندويه البغدادي 57 13- إبراهيم بن عمروس بن محمد الفساطيطي 58 14- إبراهيم بن الفضل بن حيان الحلواني 58 15- أحْيَد بن محمد بن الحسن بن شجاع 58 16- إسحاق بن محمد بن أحمد القاضي الحلبي "حرف الباء" 58 17- بكر بن المرزبان السمرقندي "حرف التاء" 58 18- تكين الخاصة

"حرف الجيم" 59 19- جامع بن إبراهيم بن محمد بن جامع السكري 59 20- جعفر بن محمد بن بكر بن بكّار بن يوسف البلخي "حرف الحاء" 59 21- حاتم بن محبوب القرشي السامي الهروي 60 22- الحسن بن محمد بن النَّضْر بن أبي هريرة 60 23- حمدون بن مجاهد الكلبي "حرف الزاي" 60 24- زاهر بن عبد الله السغدي 60 25- زيد بن الحُسن بن محمد الكنديّ الكوفيّ "حرف السين" 60 26- سعيد بن محمد بن أَحْمَد البغدادي البيع "حرف العين" 61 27- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن شبيب الفارسي 61 28- عبد الرحمن بن الفيض بن سندة بن ظهر 61 29- عبد السلام بن محمد بن عبد الوهّاب البصري 62 30- عبيد الله بن جعفر البغدادي 62 31- علي بن أحمد بن مروان السامري المقريء 63 32- علي بن أحمد بن كردي 63 33- عمر بن محمد بن المسيب البغدادي "حرف الْقَافِ" 63 34- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبراهيم الكلاعي "حرف الميم" 63 35- محمد بن أحمد بن الوليد بن أبي هشام 63 36- محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية 65 37- محمد بن الحسن بن سليم بن يحيى القلعي

65 38- محمد بن حمزة بن عمارة الأصبهاني 65 39- محمد بن رمضان بن شاكر 66 40- محمد بن صالح بن خلف البغدادي الجواربي 66 41- محمد بن عبد الله بن سعيد المهراني 66 42- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام بن أبي أيوب البيروتي 67 43- محمد بن علي بن المكتفي بالله بن أحمد المعتضد بالله 67 44- محمد بن عمران بن موسى الهمداني الخراز 67 45- محمد الغمر الطائي الغوطي 67 46- محمد بن القاسم بن عُبَيْد الله بن سليمان بن وهب 68 47- محمد بن موسى بن عيسى الحضرمي 68 48- محمد بن نوح الجنديسابوري الفارسي 69 49- محمد بن هارون بن عبد الله بن حميد 69 50- مؤنس الخادم "حرف اللام" 70 51- لؤلؤ الخادم "حرف الياء" 70 52- يوسف بن يعقوب النيسابوري "وفيات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 70 53- أحمد بن إبراهيم بن عَجَنَّس بن أسباط 71 54- أحمد بن خالد بن يزيد الأندلسي القرطبي 71 55- أحمد بن سليمان بن داود الطوسي 72 56- أحمد بن سعيد بن ميسرة الغِفاريّ الطّرْطُوشيّ 72 57- أحمد بن العباس بن أحمد البغوي الصوفي 72 58- أحمد بن العباس الشيباني 72 59- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحكم اليواني

73 60- أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكاتب 74 61- أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير الذهلي 74 62- أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاهمرد الفقيه 74 63- أحمد بن محمد بن إسماعيل بن السوطي 74 64- أحمد بن محمد بن الجليل بن خالد بن حريث العبقسي 75 65- أحمد بن محمد بن الحارث القباب 75 أحمد، أبو علي الروذباري 75 66- أحمد بن محمد بن عيسى المكي 75 67- أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن يزيد الفزاري 76 68- أحمد بن معروف بن بشر الخشاب 76 69- أحمد بن موسى بن إسحاق بن موسى الأنصاري 76 70- إبراهيم بن أحمد بن هلال 77 71- إسحاق بن محمد بن الفضل بن جابر الزيات "حرف الجيم" 77 72- جعفر بن أحمد بن شهزيل الإستراباذي 77 73- جعفر بن أحمد بن يحيى السراج المصريّ "حرف الحاء" 77 74- حسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن ربيعة 77 75- الحسن بن أحمد بن غطفان الفزاري 78 76- الحسن بن عليّ بن الحُسين بن الحارث بن مرداس "حرف الخاء" 78 77- خير بن عبد الله النساج الزاهد "حرف الزاي" 79 78- زيدان بن محمد البهرتي الكاتب "حرف السين" 79 79- سعيد بن أحمد بن زكريّا القضاعي المصري

79 80- سليمان بن حسن بن عليّ بن الجعد "حرف الصاد" 80 81- صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي "حرف العين" 80 82- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَجّاج بْن مهاجر الرعيني 80 83- عبد الله بن محمد بن حنين الأندلسي 80 84- عبد الرحمن بن إسماعيل بن عليّ بن كردم الرقي 81 85- عبيد الله المهدي 82 86- عثمان بن حديد بن حميد الكلابي الإلبيري 83 87- عليّ بن عبد الله بن عبد البَرِّ الفرغاني التركي 83 88- عليّ بن محمد بن حاتم بن دينار القرشي 83 89- علي بن محمد بن عيسى المرادي 84 90- عبد الوهاب بن سعيد بن عثمان الحمراوي "حرف الميم" 84 91- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الثلج الكاتب 84 92- محمد بن أحمد بن أبي يوسف المصري 84 93- محمد بن أحمد بن إبراهيم المادرائي الأطروش 85 94- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن الفضل 85 95- محمد بن إسماعيل بن أحمد بن أسيد بن عاصم الثقفي 85 96- محمد بن الحسن بن المهلب المديني 86 97- محمد بن زكريا بن محمد بن جعفر اللخمي القرطبي 86 98- محمد بن سليمان بن محمد الباهلي النعماني 86 99- محمد بن عبد الله بن غيلان السوسي الخزاز 86 100- محمد بن عبد الرحمن بن زياد الأرزناني 87 101- محمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني 88 102- محمد بن علي بن جعفر الكتاني الصوفي

89 103- محمد بن عمرو بن حماد العقيلي 90 104- مسرة المتوكلي 90 105- موسى بن إبراهيم بن شاهك "حرف الهاء" 90 106- الهذيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الهذيل الضبي "حرف الياء" 90 107- يعقوب بن إبراهيم البغدادي البزاز الجراب "الكنى" 91 108- أبو ذهل بن أبي العباس محمد بن عصم الضبي العصمي 91 109- أبو علي الروذباري 92 110- أبو نعيم بن عدي "عبد الملك بن محمد بن عدي" "وفيات سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 92 111- أحمد بن عيسى بن السكين الشيباني البلدي 93 112- أحمد بن محمد بن عمرو الكندي المصعبي المروزي 93 113- أحمد بن نصر بن طالب البغدادي 94 114- إبراهيم بْن حماد بْن إِسْحَاق بْن إسماعيل الأزدي 94 115- إبراهيم بن محمد بن عَرَفَة بن سليمان العتكي 95 116- إبراهيم بن محمد بن القاسم بن هلال القيسي 96 117- أسامة بن عليّ بن سعيد بن بشير الرازي 96 118- إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مِهْرَانَ الوراق 96 119- إسماعيل بن يونس البغدادي الشيعي "حرف الباء" 97 120- بندار بن إبراهيم بن عيسى الأستراباذي "حرف الجيم" 97 121- جعفر بن عبد الجبار القراطيسي

"حرف الحاء" 97 122- الحسن بن سعيد البغدادي الوراق 98 123- الحسن بن صالح البهنسي 98 124- الحسن بن علي بن سوادة الفهمي 98 125- الحسن بن يوسف بن يعقوب الطرميسي "حرف الدال" 98 126- داود بن نَصْر بن سُهيل البزدوي "حرف العين" 99 127- العبّاس بن الفضل بن العبّاس الدينوري 99 128- عبد الله بن محمد بن سعيد المقريء بن الجمال 99 129- عبد الملك بن سلمان الوراق 101 130- عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجانيّ الأستراباذي 101 131- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد السكري 101 132- عُبَيْد الله بن عبد الصّمد بن المهديّ بالله العباسي 101 133- عثمان بن أحمد بن الخصيب البغدادي 101 134- عثمان بن أحمد بن عثمان المصري الدباغ 102 135- عليّ بن الحسن بن قَحْطَبة البغداديّ الصَّيْقل 102 136- علي بن الحسن بن سلام الشرغي 102 137- علي بن الفضل البلخي الحافظ 102 138- علي بن محمد بن عمر البزاز 103 139- علي بن محمد بن هارون الحميري 103 140- عمر بن الحسن بن عليّ بن الْجَعْد الجوهري البغدادي "حرف القاف" 103 141- القاسم بن إسماعيل بن محمد بن أبان المحاملي 104 142- القاسم بن إبراهيم الملطي

"حرف الميم" 104 143- محمد بن أحمد بن أسد الحافظ "كزاز" 104 144- محمد بن أحمد بن عمارة الدمشقي العطاء 105 145- محمد بن إبراهيم بن عبدويه بن سدوس الهذلي 105 146- محمد بن إسماعيل بن محمد بن سلّام الخشني 105 147- محمد بن الحسن بن محمد بن قُديد السعدي 105 148- محمد بن الحسين بن موسى السعدي الحمصي 106 149- محمد بن عبيد الله بن محمد الجمحي الدمشقي 106 150- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن بلبل الهمداني 106 151- محمد بن عبد الأعلى بن محمد الأنصاري الدمشقي 107 152- محمد بن علي بن حمزة بن أبي هريرة الأنطاكي 107 153- محمد بن يوسف الترباني السمرقندي 107 154- موسى بن العباس الجويني الحافظ "وفيات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 108 155- أحمد بن إبراهيم بن كمّونة المعافري 108 156- أحمد بن إبراهيم بن حبيب الهَمَدانيّ البغداديّ 109 157- أحمد بن بقي بن مخلد الأندلسي 109 158- أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد البرمكي 110 159- أحمد بن الحسين بن الجنيد الدقاق 110 160- أحمد بن خالد بن الخليل البخاري 111 161- أحمد بن السري بن سهل النيسابوري 111 162- أحمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى بن كثير الليثي 111 163- أحمد بن محمد بن الجراح الضراب 111 164- أحمد بن موسى بن العبّاس بن مجاهد البغدادي 113 165- أحمد بن محمد بن عَلُّويْه الْجُرْجانيّ الرّزّاز

113 166- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن موسى الجرجاني "حرف الجيم" 113 جحظة 113 167- جعفر بن عبد الكريم الجرجاني العطار "حرف الحاء" 114 168- الحسن بن عليّ بن موسى العداس 114 169- الحسن بن محمد بن أحمد بن هشام السلمي "حرف الراء" 114 170- رضوان بن أحمد بن إسحاق بن عطية "حرف الصاد" 114 171- صاعد بن عبد الرحمن بن صاعد بن عبد السلام التميمي 115 172- صالح بن محمد بن شاذان الكردي الأصبهاني "حرف العين" 115 173- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عامر الطائي 115 174- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المغلس البغدادي 116 175- عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون النيسابوري 118 176- عبد الله بن محمد بن حسين الحذاء 118 177- عبد الله بن محمد بن نصير المديني 118 178- عبد الرحمن بن سعيد بن هارون الأصبهاني 118 179- عبد الرحمن بن محمد بن الحسين الخراساني 119 180- عبد الصّمد بن سعيد بن عبد الله بن سعيد الكندي القاضي 119 181- عتيق بن أحمد بن حامد بن سعْدان البخاري الكرميني 119 182- عتيق بن عامر بن المنتجع الأسدي البخاري 120 183- عليّ بن إسماعيل بن أبي بِشْر إسحاق بن سالم الأشعري 123 184- عليّ بْن عَبْد الله بْن مبشّر الواسطيّ 123 185- علي بن محمد بن الحسن النخعي الكوفي

124 186- عُمَر بْن يوسف بْن عمروس الأندلس الأستجي "حرف الميم" 124 187- محمد بن أحمد بن صالح الأزدي 125 188- محمد بن أحمد بن عمر الرملي الضرير المقريء 125 189- محمد بن إسماعيل بن عيسى الجرجاني المستملي 125 190- محمد بْن جعفر بْن محمد بْن خازم الخازمي الجرجاني 125 191- محمد بن حلبس بن أحمد بن مزاحم 125 192- محمد بْن الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان بْن دَاوُد الجيزي 126 193- محمد بن زكريا الكاغدي المزكي 126 194- محمد بن شعيب بن إبراهيم العجلي 126 195- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أيوب الكندي 126 196- محمد بن عبد الله بن إبراهيم الجرجاني الشافعي 127 197- محمد بن عبدوس بن العلاء النيسابوري 127 198- محمد بن عمرو بن هشام النيسابوري البزاز 127 199- محمد بن الفضل بن عبد الله بن مخلد التميمي الجرجاني 127 200- محمد بن محمد بن سعيد بن بالَوَيْه النيسابوري البحيري 127 201- محمد بن محمد بن يحيى الهروي القراب 128 202- محمد بن هارون الأصبهاني 128 203- محمد بن همام النيسابوري 128 204- مطرِّف بن عبد الرحمن بن هاشم القُرْطُبيّ المشاط 128 205- معاوية بن سعيد الأندلسي 128 206- موسى بن العباس الأزاذياري "الكنى" 129 207- أبو عمر الدمشقي الزاهد 129 208- أبو عمران الطبري

"وفيات خمس وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 129 209- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي أيوب المصري 129 210- أحمد بن عبد الله بن النحاس 129 211- أحمد بن محمد بن حسن الشرقي النيسابوري 130 212- أحمد بن محمد بن عبيد الله التمار المقريء 131 213- أحمد بن محمد بن موسى بن أبي عطاء القرشي 131 214- أحمد بن محمد بن يزيد الزعفراني 131 215- إبراهيم بن دارم "نهشل" 131 216- إبراهيم بن محمد بن يعقوب الهمداني البزار الأنماطي 132 217- إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى بْنِ محمد الهاشميّ 132 218- إسماعيل بن عبد الواحد الربعي المقدسي "حرف الجيم" 133 219- جعفر بن محمد بن القافلائي 133 220- جعفر بن محمد بن عبدويه البراثي "حرف الحاء" 133 221- الحسن بن آدم العسقلاني 134 222- الحسن بن عليّ بن زيد بن حُمَيْد العباسي 134 223- الحسين بن محمد بن زنجي البغدادي الدباغ "حرف الخاء" 134 224- الخضر بن محمد بن غَوْث التنوخي الدمشقي "غويث" "حرف السين" 135 225- سعيد بن جابر بن موسى الكلاعي الإشبيلي 135 226- سعدون بن أحمد الخولاني المغربي 135 227- سيد أبيه بن العاص المرادي الإشبيلي

"حرف العين" 136 228- عبد الله بن السري الأستراباذي 136 229- عبد الله بن محمد بن سفيان النحوي الخزاز 136 230- عبد الله بن محمود بن الفرج الأصبهاني 137 231- عَبْد الرَّحْمَن بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي هاشم البخاري 137 232- عبد الرحمن بن القاسم بن حبيش التجيبي 137 233- عبد الرحمن بن محمد بن العباس الغساني الدمشقي 137 234- عبد الرحمن بن معمر بن محمد الجوهري المصري 137 235- عُبيدون بن محمد بن فهد بن الحسن بن علي الجهني 138 236- عثمانٍ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحميد بْن يزيد القرطبي 138 237- عدنان بن أحمد بن طولون 138 238- عليّ بْن عَبْد الله بْن مبشّر الواسطيّ 138 239- علي بن عبد القادر بن شيبة الكلاعي 138 240- عَمْر بن أحمد بن عليّ بن عَلكَّ الجوهري "حرف الميم" 139 241- محمد بن أحمد بن هارون العسكري 139 242- محمد بن أحمد بن قَطَن بن خالد البغدادي السمسار 140 243- محمد بن أحمد بن يوسف الجريري 140 244- محمد بن أحمد بن محمد بن نافع 140 245- محمد بن أحمد بن يحيى القرطبي المعروف بالإشبيلي 140 246- محمد بن الحسين بن معاذ الأستراباذي 140 247- محمد بن سهل بن الفضيل الكاتب 141 248- محمد بن عبد الرحمن بن محمد الدغولي السرخسي 141 249- محمد بن سعيد بن إسماعيل الحيري النيسابوري 142 250- محمد بن علي بن الجارود الأصبهاني 142 251- محمد بن عمران بن مهيار الصيرفي

142 252- محمد بن محمد بن إسحاق بن يحيى البغدادي النحوي 143 253- محمد بن المسور بن عَمْر بن محمد الأندلسي 143 254- محمد بن المعلي الشونيزي 143 255- محمد بن هاشم بن محمد بن عَمْر القرطبي 143 256- مسرور بن يعقوب القلوسي 144 257- محمد بن مزيد بن محمود الخزاعي البغدادي 144 258- مكّيّ بن عَبْدان بن محمد بن بكر بن مسلم التميمي 144 259- موسى بن عُبَيْد الله بن يحيى بن خاقان المقريء "حرف النون" 145 260- نهشل بن دارم "حرف الياء" 145 261- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى بن إبراهيم البغدادي "الكنى" 146 262- أبو حامد بن الشرقي "وفيات سنة ست وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 146 263- أحمد بن حم البلخي الصفار 146 264- أحمد بن زياد بن محمد بن زياد اللخمي القرطبي 146 265- أحمد بن صالح الخولاني المصري 147 266- أحمد بن عامر بن محمد بن يعقوب الطائي الدمشقي 147 267- أحمد بن علي بن بيغجور المتكلم المعتزلي 147 268- أحمد بن محمد بن حسن بن قريش الماهيناني 148 269- أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الفضل الهاشمي 148 270- أحمد بن محمد بن عبد الواحد المصري الكتاني 148 271- أحمد بْن محمد بْن محمد بْن سليمان بْن الحارث الباغندي 148 272- أحمد بن موسى بن حماد النيسابوري

149 273- أحمد بن موسى التونسي التمار 149 274- إبراهيم بن داود القصار الرقي الزاهد 149 275- إبراهيم بن عبدوس الحرسي النيسابوري 149 276- أيّوب بن سليمان بن حَكَم بن عبد الله القوطي "حرف الباء" 150 277- بكر بن محمد بن إبراهيم بن زياد بن المواز "حرف الجيم" 150 278- جبلة بن محمد بن كُرَيْز بن سعيد بن قتادة الصدفي 150 279- جعفر بن أحمد بن عبد السلام البزاز "حرف الحاء" 151 280- الحسين بن روح بن بحر القيني أو القسي 152 281- الحسن بن الضحاك بن مطر 152 282- الحسن بن عبد الله بن محمد الأندلسي 152 283- الحسن بن علي بن زيد السامري 153 284- حميد بن محمد الشيباني "حرف الشين" 153 285- شعيب بن محمد بن عُبَيْد الله البغدادي الكاتب "حرف العين" 153 286- عبّاس بن أحمد بن محمد بن ربيعة السلمي الدمشقي 153 287- عبّاس بن منصور بن العبّاس بن شداد الفرنداباذي 154 288- عبد الله بن العباس الشمعي الوراق 154 289- عبد الله بن محمد بن الحسن الكاتب 154 290- عبد الله بن الهيثم بن خالد الطيني الخياط 154 291- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحَجّاج بْن رِشْدِين المهري 155 292- عبد العزيز بن جعفر الخوارزمي البغدادي 155 293- عَبْد بن محمد بن محمود بن مجاهد النسفي المؤذن

155 294- عثمان بن روح بن الفرج 155 295- علي بن جعفر بن مسافر التنيسي 155 296- عليّ بن محمد بن أحمد بن الْجَهْم الكاتب "حرف الميم" 156 297- مبرمان النحوي "محمد بن علي بن إسماعيل" 156 298- محمد بن جعفر بن رميس القصري 156 299- محمد بن جعفر بن بشر البلخي 157 300- محمد بن شريك بن محمد الإسفرائيني 157 301- محمد بن عبد الله بن الحسين البغدادي العلاف 157 302- محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي السوداني 157 303- محمد بن محمد بن إسحاق بن راهَوَيْهِ الحنظلي "حرف الهاء" 158 304- هاني بن المنذر "حرف الواو" 158 305- الوليد بن محمد بن العبّاس بن الوليد بن الدرفس "وفيات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف" 158 306- أحمد بن إبراهيم بن الخليل القزويني 159 307- أحمد بن بِشْر بن محمد بن إسماعيل بن بشر التجيبي 159 308- أحمد بن سعيد بن مسعدة الأندلسي 159 309- أحمد بن عبد الله بن أبي طالب الأصبحي الأندلسي 159 310- أحمد بن عثمان بن أحمد السمسار 160 311- أحمد بن عليّ بن عيسى بن مالك الرازي 160 312- أحمد بن محمد بن أحمد بن سَلْم المخرمي الكاتب 160 313- أحمد بن محمد بن سعيد بن موسى بن حدير 160 314- أحمد بن عثمانٍ بن أحمد بن شاهين البغدادي

161 315- أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي المقريء 161 316- أحمد بن محمد بن الحسين الخداشي النيسابوري 161 317- أحمد بن أبي إدريس 162 318- أحمد بن يحيى بن عليّ بن يحيى بن المنجم 162 319- إبراهيم بن داود القرطبي 162 320- إسحاق بن إبراهيم بن بيان النضري الجوهري 162 321- إسماعيل بن محمد الحكمي "حرف الجيم" 162 322- جحاف بن يُمْن الأندلسي الفقيه "حرف الحاء" 163 323- حَجّاج بن أحمد بن حَجّاج المعافري الإسكندري 163 324- الحسن بن القاسم بن دُحَيْم عبد الرحمن الدمشقي 163 325- الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي الكاتب 163 326- الحسن بن محمد بن عثمان الدمشقي بن أبي زرعة "حرف الزاي" 164 327- زريق بن عبد الله بن نصر المخرمي الدلال "حرف السين" 164 328- سُفيان بن محمد بن حاجب النيسابوري الجوهري "حرف العين" 165 329- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمود الكعبيّ 165 330- عبد الله بن محمد الفارسي التّاجر 165 331- عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الرحمن الحراني المصري 165 332- عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي 168 333- عبد الرحمن بن محمد بن عصام القرشي 168 334- عبد الرحيم بن محمد بن عبد الله بن مخلد 168 335- عبد المؤمن بن الحسن بن كردوس المصري

169 336- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن سعيد الأرغياني 169 337- عثمانٍ بن خطّاب بن عبد الله بن عوام البلوي المغربي 169 338- علي بن العباس النوبختي الأديب 170 339- علي بن العباس الهروي 170 340- عمر بن أحمد الدري 170 341- عَمْر بن حفص بن أحلُم بن مينا "حرف الفاء" 170 342- الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الفرات الكاتب 171 343- الفضل بن الحسين الهمداني الحافظ "حرف الميم" 171 344- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن بن عاصم البوسنجي 171 345- محمد بن إبراهيم بن حمك القزويني الرزاز 171 346- محمد بن بن بركة بن إبراهيم بن مرداج اليحصبي 172 347- مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ البتهلي 172 348- محمد بن جعفر بن محمد بن سهْل بن شاكر السامري 173 349- محمد بن جعفر بن نوح البغدادي الحافظ 173 350- محمد بن حمدويه المروزي 173 351- محمد بن صالح بن محمد الخَولانيّ المصريّ 173 352- محمد بن عبد الله بن خليفة بن الجارود النيسابوري 173 353- محمد بن علي المصري العسكري الفقيه 174 354- محمد بن عيسى بن موسى بن بليل السمسار 174 355- محمد بن قاسم بْن محمد بن قاسم بْن محمد بْن سيار الأموي 175 356- محمد بن محمد بن مهدي النيسابوري الصيدلاني 175 357- معاوية بن محمد بن قنينية الأزدي "حرف الياء" 175 358- يزداد بن عبد الرحمن بن محمد المروزي البغدادي

175 359- يحيى بن زكريا بن الشامة الأموي الأندلسي 176 360- يحيى بن زكريّا بن عبد الملك الثَّقفيّ "وفيات سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة": "حرف الألف": 176 361- أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن الخزاعي اللحمي 176 362- أحمد بن بِشْر بن محمد بن إسماعيل التجيبي 176 363- أحمد بن عبيد الله الخصيبي الوزير 177 364- أحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني 177 365- أحمد بن محمد بن بِشْر بن يوسف بن مامويه القرشي 178 366- أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يحيى بن يزيد التميمي 178 367- أحمد بن محمد بن عبد ربّه بن حبيب بن حدير الأموي 180 368- أحمد بن محمد بن الحسن الدينوري الضراب 180 369- أحمد بن محمد بن عمار البغدادي القطان سبنك 180 370- أحمد بن معاوية الكاغدي الرازي 180 371- أحمد بن محمد بن موسى النيسابوري القلانسي 180 372- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن خلاد الأنماطي 181 373- إبراهيم بْن محمد بْن قاسم بن هلال القُرْطُبيّ 181 374- إبراهيم بن ميمون بن إبراهيم الصواف 181 375- إسحاق بن محمد بن إسحاق الناقد "حرف الحاء": 181 376- حامد بن أحمد المَرْوَزِيّ الحافظ الزيدي 182 377- حامد بن أحمد البزاز 182 378- حامد بن بلال بن حسن البخاري 182 379- الحسن بن أحمد بن يزيد الإصطخري 183 380- الحسن بن إبراهيم البغدادي المقريء 183 381- الحسن بن يزيد بن يعقوب

183 382- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن المطبقي 184 383- الحسين بن يزيد بن أسد بْن سعَيِد بْن كثير بْن عُفَيْر 184 384- حمزة بن الحسين بن عمر السمسار "حرف الخاء": 184 385- خير مولى عبد الله بن يحيى التغلبي "حرف الطاء" 185 386- الطيب بن العباس بن محمد بن المغيرة البغدادي الجوهري "حرف العين": 185 387- عَبْد اللَّه بن سُلَيْمَان بن عيسى الوراق الفامي 185 388- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن الشرقي 186 389- عبد الله بن وهبان البغدادي 186 390- عبد الرحمن بن إبراهيم الجراني 186 391- عَبْد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَهَّاب بن العباس الأندلسي 187 392- عثمان بن عبدويه بن عمرو البغدادي البزاز 187 393- علي بن أحمد بن الهيثم 187 394- علي بن الحسن بن العبدة الوراق 187 395- علي بن شيبان بن بنان الجوهري 187 396- عليّ بن محمد بن عَمْر بن أبان الطبري 188 397- عمر بن عصام بن الجراح البغدادي 188 398- عمر بن محمد بن يوسف بن يعقوب الأزدي "حرف الغين": 188 399- غيلان بن زفر المازني "حرف القاف": 189 400- القاسم بن أحمد بن الحارث بن شهاب المرادي "حرف الميم" 189 401- محمد بن أحمد بن أيّوب بن الصلت بن شنبوذ المقريء

190 402- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عيسى الكناني القرطبي 191 403- محمد بن جعفر بن أحمد بن سليمّان بن إسحاق المصري 191 404- محمد بن جعفر بن محمد بن هشام بن قسيم بن ملاس النميري 191 405- محمد بن حامد بن إدريس الكرابيسي 191 406- محمد بن الحسين بن محمد بن حاتم البغدادي 192 407- محمد بن سهل بن هارون العسكري 192 408- محمد بن صابر بن كاتب البخاري المؤذن 192 409- محمد بن عبد الله البقلي 192 410- محمد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن خالد الأزدي 193 411- محمد بن عبد الوهّاب بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب 194 412- محمد بن عليّ بن الحسن بن مقلة الوزير 200 413- محمد بن القاسم بن محمد بن بشّار الأنباري 202 414- محمد بن القاسم بن محمد البياني 202 415- محمد بن مهلهل القرطبي الزاهد 203 416- محمد بن يعقوب الكليني الرازي 203 417- موسى بن جعفر بن قرين العثماني الكوفي "الكنى": 203 418- أبو الحسن المزين 204 أبو الحسن المزين الكبير 204 أبو سعيد الإصطخري 204 419- أبو محمد المرتعش الزاهد 205 420- أم عيسى "وفيات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة" "حرف الألف": 205 421- أحمد بْن إبراهيم بْن حمّاد بْن إِسْحَاق بن إسماعيل الأزدي 206 422- أحمد بن إبراهيم بن معاذ السيرواني

206 423- أحمد بن محمد بن حمدان البربهاري 206 424- أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنِ يُونُسَ الْهَرَوِيُّ الْبَزَّازُ الحافظ 207 425- إسحاق بن إبراهيم بن موسى الفقيه الغزال "حرف الباء": 207 426- بجكم الأمير 207 427- بختيشوع بن يحيى الطبيب "حرف الجيم": 207 428- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن عبد العزيز بن وزير الجروي 208 429- جعفر بن محمد بن سعيد الدمشقي 208 430- جعفر بن أحمد القاريء البغدادي البارد "حرف الحاء": 208 431- الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاوي 208 432- الحسن بن أحمد بن الربيع الأنماطي 209 433- الحسن بن إدريس القافلاني 209 434- الحسن بن علي بن خلف البربهاري الفقيه 211 435- الحسن بن علي بن سوار المصري الحريري 211 436- الحسن بن محمد بن أبي الشوك الزيات "حرف السين": 212 437- سعيد بن سفيان الأندلسيّ البَجَّانيّ 212 438- سلمان بن قريش الأندلسي "حرف العين": 212 439- العبّاس بن عليّ بن الفضل الهاشمي 212 440- عباس بن محمد بن عبد العظيم السليحي 212 441- العباس بن موسى بن إسحاق بن موسى الأنصاريّ 213 442- عبد الله بن أحمد بن ثابت بن سلام 213 443- عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن سليمان بن زبر الربعي

214 444- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق بن يزيد المروزي 215 445- عبد الملك بن يحيى الزعفراني العطار 215 446- عبيد الله بن إبراهيم بن بالويه النيسابوري 215 447- عُبَيْد الله بن موسى بن إسحاق الأنصاريّ الخطمي 216 448- علي بْن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن موسى الخولاني 216 449- عمار بن خرز بن عمرو العذري 216 450- عمر بن محمد بن رجاء العكبري "حرف الميم": 216 451- متى بن يونس 217 452- محمد بْن أحمد بْن عبد الواحد بْن صالح الأموي 217 453- محمد بن أحمد بن دلويه 217 454- محمد بن أيوب بن المعافى العكبري 218 455- محمد "وقيل أحمد" الراضي بالله بن المقتدر بالله 218 456- محمد بن أبي جعفر المنذري الهروي 219 457- محمد بن حسين بن زيد التنيسي 219 458- محمد بن حمدويه بن سهل المروزي 220 459- محمد بن خالد بن وهب التيمي القرطبي 220 460- محمد بن سعيد بن حماد البغدادي 220 461- محمد بن سليمان بن أحمد بن حبيب بن الوليد الأموي 220 462- محمد بن العباس بن شجاع المروزي 221 463- محمد بن العباس بن مهران المستملي 221 464- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن العلاء البغدادي 221 465- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن رجاء البلعمي التميمي البخاري 222 466- محمد بن علي بن إسماعيل الأيلي 222 467- محمد بن علي بن الفياض البغدادي الكاتب 222 468- محمد بن القاسم بن محمد الأزدي

223 469- محمد بن منير بن محمد بن عنبسة 223 470- منصور بن محمد بن عليّ بن قَرِينة بن سوية 223 471- موسى بن عيسى بن مهدي الدباغ "حرف الياء": 223 472- يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي "وفيات سنة ثلاثين وثلاثمائة": "حرف الألف": 224 473- أحمد بن إبراهيم بن سعد الخير الأزدي 225 474- أحمد بن أحيد بن فرينام الوراق 225 475- أحمد بن سليمان بن فرينام البخاري 225 476- أحمد بن عبادة بن علكدة الرخيني القرطبي 225 477- أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل النَّيْسابوريّ 225 478- أحمد بن ماجد بن عمرويه البخاري المتكلم 225 479- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الرجال الصلحي 226 480- أحمد بن محمد بن ميمون بن هارون بن مخلد البغدادي 226 481- أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال النيسابوري 226 482- أحمد بن محمود بن طالب بن حيت بن موسى البخاري 227 483- إسحاق بن محمد النهرجوري الصوفي "حرف الباء": 227 484- بدر الخرشني الأمير "حرف التاء": 228 485- تبوك بن أحمد تبوك بن خالد "حرف الجيم": 228 486- جعفر بن عليّ بن سهل الدقاق "حرف الحاء": 228 487- الحسن بن الحُسين بن منصور النيسابوري

229 488- الحسين بن أحمد بن صدفة الفارسي الفرائضي 229 489- الحُسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الضبي المحاملي 230 490- الحسين بن محمد بن إبراهيم التميمي البقال "حرف الخاء": 230 491- خليل بن إبراهيم الأندلسي "حرف الزاي": 231 492- زكريا بن أحمد بن يحيى بن موسى خت البخلي "حرف العين": 231 493- عبد الله بن باذان الأصبهاني المقريء 232 494- عبد الله بن يونس بن محمد بن عبيد الله القبري 232 495- عبد الرحمن بن عبد الله بن هاشم الأنباري 232 496- عبد الغافر بن سلامة بن أحمد بن عبد الغافر الحضرمي 233 497- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ البغدادي 233 498- عبد الملك بن محمد بن بكر السعدي الأندلسي 233 499- عليّ بن الحسن بن سليمّان بن شعيب الكيساني 234 500- عليّ بْن مُحَمَّد بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حساب البغدادي 234 501- عمر بن سهل بن إسماعيل القرميسيني الدينوري "حرف الميم": 234 502- محمد بن أحمد بن صالح بْن أَحْمَد بْن محمد بْن حنبل 235 503- محمد بن أحمد بن عمرويه النيسابوري البيلي 235 504- محمد بن إبراهيم بن عليّ العلويّ الحسينيّ 235 505- محمد بن بدر بن عبد العزيز المصري 235 506- محمد بن خالد بن وهب الصغير السهمي القرطبي 236 507- محمد بن رائق الأمير 236 508- محمد بن عبد الله بن قرن الفرغاني الوراق 236 509- محمد بن عبد الله الصيرفي البغدادي

237 510- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سلم الحميري 237 511- محمد بن عبد الصمد بن الفضل البلخي 237 512- محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج القرطبي 238 513- محمد بن عُبَيْد الله بن زياد البغداديّ 238 514- محمد بن عمر بن حفص الجورجيري 239 515- محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة القرطبي 239 516- محمد بن يوسف بن بشر بن النضر بن مرداس الهروي "حرف الهاء": 240 517- هارون بن عبد الملك بن عبد الله القيسي الأندلسي "الكنى": 240 518- أبو صالح العابد 241 أبو يعقوب النهرجوري "من كان حيًا في هذا الوقت ولم أعرف تاريخ وفاتِه فكتبتهم تخمينًا لا يقينًا "حرف الألف": 241 519- أحمد بن جعفر بن عبد ربه الكاتب 241 520- أحمد بن خالد بن مصعب الحزوري 241 521- أحمد بن كيغلغ الأمير 241 522- أحمد بن مطرف البستي القاضي 242 523- أحمد بن يعقوب التائب المقريء 242 524- أحمد بن يونس الضبي الأصبهاني 243 525- أحمد بن محمد بن عبد الله الصيرفي 243 526- أحمد بن علي بن عيسى الرازي 243 527- إبراهيم بن محمد بن عُبَيْد بن جُهَيْنَة الشهرزوري 244 528- إبراهيم بن إسحاق بن أبي الدرداء الصرفندي 244 529- إبراهيم بن نَصْر بن عنبر الضّبي السَّمَرْقَنديّ

244 530- إسماعيل بن محمد بن أحمد بن صالح الحكمي الأستراباذي. 244 531- إسماعيل بن هارون البزاز. "حرف الثاء": 244 532- ثواب بن يزيد بن ثواب الموصلي. "حرف الجيم": 245 533- جعفر بن سليمان المشحلائي الحلبي. 245 534- جعفر بن محمد بن علي الهمداني. "حرف الحاء": 245 535- الحسن بن محمد بن سعدان العرزمي. 246 536- الحسن بن علي بن يحيى البجلي الشعراني الطبراني. 246 537- الحسن بن الوليد بن موسى الكِلابيّ الدّمشقيّ. 246 538- الحسين بن عيسى العرقي. 246 539- الحسين بن محمد بن إبراهيم الدمشقي. 246 540- الحسين بن محمد بن أحمد قاضي طرابلس. 247 541- الحُسين بن محمد بن عبد الله بن عبادة العجلي الواسطي. "حرف الدال": 247 542- دينار بن بنان بن دينار الرملي الجوهري. "حرف السين": 247 543- سعيد بن الحُسين الدّرّاج الزّاهد. "حرف العين": 248 544- العبّاس بن الفضل بن حبيب السامري الدباج. 248 545- العبّاس بن عبد الله بن محمد بن عصام المزني. 248 546- عبد الله بن أحمد بن وُهَيْب الدّمشقيّ. 249 547- عبد الله بن علي الخلال. 249 548- عبد الله بن الفضل بن جعفر الوراق. 249 549- عبد الله بن المغلِّس الأندلسيّ الدّمشقيّ الزّاهد.

249 550- عبد العزيز بن موسى البغدادي "بدهن". 250 551- عُبَيْد الله بن أحمد بن يعقوب بن نصر الأنباري. 250 552- عثمانٍ بن جعفر بن محمد بن حاتم اللبان الأحول. 250 553- عثمان بن مروان النهاوندي شيخ الصوفية. 251 554- عرس بن فهد الأزدي الموصلي. 251 555- علي بن الحسن بن هارون السقطي. 251 556- عليّ بن محمد بن سختويه بن نَصْر النيسابوري. 251 557- علي بن محمد بن حجر الرقي الصوري. 252 558- عليّ بن محمد بن أحمد بن فور النيسابوري الوراق. 252 559- عمر بن يوسف الزعفراني. 252 560- عمرو بن عصيم بن يحيى الصوري. "حرف الْقَافِ": 253 561- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بلبل الزعفراني. "حرف الميم": 253 562- محمد بن إبراهيم بن الفضل النيسابوري المعمري الفحام. 253 563- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي خنبش البعلبكي. 253 564- محمد بن أحمد بن أبي مهزول. 253 565- محمد بن أحمد بن محمد بن شيبان الرملي الخلال. 254 566- محمد بن أحمد بن محمد بن الصلت البغدادي. 254 567- محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن فروخ المزني. 254 568- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم المروزي. 254 569- محمد بن إسماعيل بن سلمة الأصبهاني. 255 570- محمد بن بدر الكتاني المصري. 256 571- محمد بن بِشْر بن موسى بن مروان القراطيسي. 256 572- محمد بن ثابت بن أحمد الواسطي. 257 573- محمد بن جعفر بن رباح الأشجعيّ الكوفيّ.

257 574- محمد بن الحسن بن أحمد بن الصّبّاح الثقفي الزاهد. 575- محمد بن الحسين الجهني الهمداني الطيان. 257 576- محمد بن خالد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن حمزة. 258 577- محمد بن داود بن بنوس الفارسي البعلبكي. 258 578- محمد بن سليمان بن أيوب البصري المالكي. 258 579- محمد بن العبّاس بن سُهيل الخصيب الضّرير. 259 580- محمد بن العباس بن عبدة الأصبهاني. 259 581- محمد بن العباس بن مهدي الصائغ. 259 582- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس بْن محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب الأموي. 259 583- محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأسدي الأكفاني. 260 - محمد بن عبد الملك التاريخي. 260 584- محمد بن عثمان بن سمعان الواسطي المعدل. 260 585- محمد بن عزير السجستاني. 261 586- محمد بن علي بن الحسين التخاري. 261 587- محمد بن عيسى بن محمد الوسقندي الرازي. 262 588- محمد بن قارن بن العباس الرازي. 262 589- محمد بن القاسم بن كوفيّ الكرّانيّ الإصبهانيّ. 262 590- محمد بن موسى الفرغاني الزاهد. 262 591- محمد بن موسى بن إسحاق السرخسي الحنفي. 263 592- محمد بن يعقوب بن الحجاج التيمي. 263 593- محمود بن محمد الرافقي. "حرف النون": 263 594- نصر بن أحمد البصري الشاعر الخبزرزي. "حرف الهاء": 264 595- هارون بن إبراهيم بن حماد بن إسحاق الأزدي.

"الكنى": 264 596- أبو بكر بن أبي سَعْدان الزّاهد. 265 597- أبو بكر بن طاهر الأبهري. 267 فهرس الموضوعات.

المجلد الخامس والعشرون

المجلد الخامس والعشرون الطبقة الرابعة والثلاثون أحداث سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الرابعة والثلاثون: أحداث سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة: زواج ابن المتّقي ببنت ناصر الدّولة الحمدانيّ: في المحرّم كُتب كتاب أبي منصور إسحاق بن المتّقي على بنت الأمير ناصر الدّولة بن حمدان، والصَّداق مائتا ألف دينار، وقيل: مائة ألف دينار وخمسمائة ألف درهم. وولي العقد عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشمي، ولم يحضر أبوها1. غزو الروم إلى أَرْزن وغيرها: وفي صفر وصلت الروم إلى أرزان، وميافارقين، ونصيبين، فقتلوا وسبوا، وثم طلبوا منديلًا في كنيسة الرُّها يزعمون أنّ المسيح مسح به وجهه فارتسمت صورته فيه، علي أنّهم يُطلقون جميعَ مَن سَبوا، فأُرسِل إليهم وأطلقوا الأسرى2. تضيق ناصر الدّولة على المتّقي: وفيها ضيّق الأمير ناصر الدّولة على المتّقي في نفقاته، وأخذ ضياعه، وصادر الدّواوين، وأخذ الأموال، وكرِهَهُ النّاسُ3. استئمان الديْلَم لأبن بُوَيْه: وفيها وافى الأمير أحمد بن بُوَيْه يقصد قتال البريديّ، فاستأمنَ إليه جماعةٌ مِن الدَّيْلم. هروب سيف الدّولة وأخيه: وفيها هاج الأمراء على سيف الّدولة بواسط، فهرب في البرية يريد بغداد. ثم

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 404"، البداية والنهاية "11/ 205"، النجوم الزاهرة "3/ 278". 2 المنتظم "6/ 331"، البداية والنهاية "11/ 205، 206"، النجوم الزاهرة "3/ 278". 3 النجوم الزاهرة "3/ 278".

سار إلى المَوْصِل ناصرُ الدّولة خائفًا، لهروب أخيه، ونُهبت داره1. نزوح البغدادّيين إلى الشام ومصر: وفيها نزحَ خلق كثير مِن بغداد مع الحُجّاج إلى الشّام، ومصر، خوفًا من اتّصال الفِتَن ببغداد2. خِلْعة المتّقي لابن بُوَيْه: وفيها بعث المتقّي إلى أحمد بْن بُوَيْه بخلعٍ، فَسُرَّ بها ولبسَها3. ولادة مولود للقرمطيّ: وفيها وُلَد لأبي طاهر القَرَمِطّي ولدٌ، فأهدي إليه أبو عبد الله البَريِديّ هدايا عظيمة، فيها مَهْد ذهب مجوهر4. الحجّ هذا الموسم: وحجَّ بالنّاس القَرْمِطيّ على مالٍ أخذه منهم. وزارة علي بن مُقْلَة: واستوزر المتقّي أبا الحسين علي بن أبي مُقْلَة. دخول توزون بغداد وإمرته: وسار من واسط توزون، فقصد بغداد، وقد هربَ منه سيف الدّولة، فدخلَ توزون بغداد في رمضان، فانهزم سيف الدّولة إلي الموصل أيضًا، فخلعَ المتقي على توزون ولقبه أمير الأمراء.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري للهمداني "1/ 132، 134"، النجوم الزاهرة "3/ 278". 2 النجوم الزاهرة "3/ 278". 3 البداية والنهاية "11/ 206". 4 البداية والنهاية "11/ 206"، النجوم الزاهرة "3/ 279".

الوحشي بين المتقي وتوزون: وفيها وقعت الوحشية بين المتقّي وتوزون، فَعَاد إلى واسط. عزل ابن مُقْلَة: وفيها عَزَلَ المتقّي ولد ابن مُقْلَة وأخذ منه مائة ألف دينار، ثمّ استوزره. وفاة بدر الخَرْشَنيّ: وفيها هلك بدمشق بدْر الخَرْشنيّ. وكان قد جرت له أمور ببغداد، ثمّ صار إلى الإخشيد محمد بن طُغْج، فولّاه إمرة دمشق، فوليها شهرين ومات. وفاة سنان بن ثابت: وفي ذي القعدة مات أبو سعيد سِنان بن ثابت المتطبِّب والد مصنِّف التاريخ ثابت1. وقد أسلم سِنان على يد القاهر بالله. وقد طبَّب جماعةً مِن الخلفاء وكان متفنّنًا. وفاة ابن عبدوس الجهشياريّ: وفيها مات محمد بن عُبْدُوس مصنّف كتاب "الوزراء" ببغداد. وكان من الرّؤساء2. وزارة الأصبهانيّ: وفي حدودها استوزر المتّقي غير وزيرٍ من هؤلاء الخاملين، ويعزله، فاستوزر أبا العبّاس الكاتب الأصبهاني وكان ساقط الهِمّة بحيث أنّه كان يركب وبين يديه اثنان؛ وما ذاك إلا لضَعْفِ دَسْت الخلافة ووهن دولة بني العباس.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 405"، البداية والنهاية "11/ 206". 2 الكامل في التاريخ "8/ 405"، النجوم الزاهرة "3/ 279".

أحداث سنة اثنتين وثلاثين

أحداث سنة اثنتين وثلاثين: الحرب بين توزون والمتّقي: فيها قدّم أبو جعفر بن شيرزاد من واسط من قبل توزون إلى بغداد، فحكم على بغداد وأمّر ونهي. فكاتب المتّقي بني حمدان بالقدوم عليه، فقدِم أبو عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان في جيشٍ كثيف في صَفَر، ونزل بباب حرب، فخرجَ إليه المتقّي وأولاده والوزير. واستتر ابن شيرزاد. وسار المتقي بآله إلى تكريت ظنًا منه أن ناصر الدولة في الطّريق ويعودون معًا إلى بغداد. فظهرَ ابن شيرزاد فأمرَ ونهي، فقدِم سيف الدّولة على المتقّي بتكريت، فأشار عليه بأن يصعد إلى المَوْصل ليتّفقوا على رأي، فقال: ما على هذا عاهدتموني. فتفلّل أصحاب المتقّي إلى الموصل، وبقي في عددٍ يسير مع ابن حمدان. فقِدم توزون بغداد واستعدّ للحرب. فجمع ناصر عددًا كثيرًا من الأعراب والأكراد، وسارَ بهم إلى تكريت. وكان الملتَقَى بينه وبين توزون بُعكبرا، واقتتلوا أيّامًا، ثمّ انهزم بنو حمدان والمتقّي إلى الموصل. وراسل ناصر الدّولة توزون في الصّلح على يد أبي عبد الله بن أبي موسى الهاشميّ، وكان توزون على تِكْريت، فتسلل بعض أصحابه إلي ابن حمدان، وردّ توزون إلي بغداد. وجاء سيف الدّولة إلى تكريت فردّ إليه توزون، فالتقوا في شعبان على حرْبَى1، فانهزم سيف الدّولة إلى الموصل، وتبِعه توزون، ففرّ بنو حمدان والخليفة إلى نصّيبين، فدخل توزون الموصل ومعه ابن شيرزاد، فاستخلص من أهلها مائة ألف دينار. مصالحة المتّقي وتوزون: وراسل المتّقي توزون في الصُّلح وقال: ما خرجت من بغداد بأهلي إلا بلغني أنّك اتفقت مع البَريديّ عليَّ. والآن آثَرْت رضاي فصالح ابني حمدان، وأنا أرجع إلى دارى. وأشار ابن شيرزاد على توزون بالصّلح. وتواترت الأخبار أنَّ أحمد بن

_ 1 البداية والنهاية "11/ 207".

بُوَيْه نزل واسطًا وهو يريد بغداد. فأجاب توزون إلى الصّلح، ورجع إلى بغداد1. وكان السّفير بينهم يحيى بن سعيد السُّوسيّ، فحصل له مائة ألف دينار. عقد البلد لناصر الدولة: وعقد توزون للبلد على ناصر الدّولة ثلاث سنين بثلاثة آلاف ألف درهم. موت البريديّ: وفيها قَتَلَ أبو عبد الله البَريديّ أخاه أبا يوسف، ثمّ مات بعده بيسير2. ولاية ابن لؤلؤ إمرة دمشق: وفيها ولّى الإخشيد الحسين بن لؤلؤ إمرة دمشق، فبقي عليها سنة وأشهرًا. إمرة المؤنسيّ على دمشق: ثمّ نقله إلى حمص، وأمَّرَ عليها يانس المؤنسيّ. ولاية الحسين بن حمدان قنّسرين والعواصم: وفيها ولّى ناصر الدّولة ابن عمه الحسين بن سعيد بن حمدان قنّسرين والعواصم، فسارَ إلى حلب3. وصول الإخشيد إلى المتقّي: وفيها كتبّ المتقّي إلى صاحب مصر الإخشيد أن يحضر إليه، فخرج من مصر وسار إلى الرَّقَّةِ، وبها الخليفة، فلم يُمكن من دخولها لأجل سيف الدّولة، فإنهّ كان مُبَاينًا له. فمضى إلى حرّان، وأصطلح مع سيف الدّولة، وبانَ للمتقّي من بني حمدان الملل والضّجر منه، فراسلَ توزون واستوثق منه. واجتمع الإخشيد بالمتقّي على الرَّقّة، وأهدي إليه تُحَفًا وأموالًا. وبلغه مراسلته لتوزون فقال: يا أمير المؤمنين أنا عبدك وابن عبدك، وقد عرفت الأتراك وغّدْرهم وفجورهم، فالله الله في نفسكَ. سِرْ

_ 1 البداية والنهاية "11/ 207"، النجوم الزاهرة "3/ 287". 2 الكامل في التاريخ "8/ 410". 3 النجوم الزاهرة "3/ 280".

معي إلى الشّام ومصر، فهي لك وتأمنَ على نفسك. فلم يقبل. فقال: أقم ههنا وأمدّك بالأموال والرجال. فلم يقبل1. فعدل الإخشيد إلى الوزير ابن مُقْلَة وقال: سِرْ معي. فلم يفعل مراعَاة للمتقّي. فكان ابن مُقْلَة يقول: يا ليتني قِبلت نُصْح الإخشيد. ورجع الإخشيد إلى بلاده. مقتل حمْدي اللّصّ: وفيها قُتل حَمْدي اللّصّ، وكان فاتكًا. ضمنّه ابن شيرزاد اللُّصوصيّة ببغداد في الشهر بخمسة وعشرين ألف دينار. فكان يكبس بيوت النّاس بالمِشعَل والشّمع، ويأخذ الأموال. وكان أسكورَج الدَّيْلمّي قد ولي شرطة بغداد، فأخذه ووسّطه2. دخول ابن بُوَيْه واسط: وفيها دخل أحمد بن بُوَيْه واسطًا، وهرب أصحاب البَريديّ إلى البصرة3. إصابة توزون بالصرع: وفي شوّال كان توزون ببغداد على سرير المُلك، فعرضَ له صرعٌ، فوثب ابن شيرزاد فأرخى بينه وبين القوّاد ستْرًا وقال: قد حدثت للأمير حُمّى. امتناع الحجّ: ولم يحجّ في هذه السنة أحدٌ لموت القَرمَطيّ. ترجمة أبي طاهر القرمطيّ: وهو أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجّنابيّ بهجَر في رمضان بالْجُدَريّ. وهو الّذي قتل الحجيج وأشياخهم مرّات، واقتلع الحجر الأسود، وبقي بعده أبو القاسم سعيد4.

_ 1 الولاة والقضاة "292"، البداية والنهاية "11/ 210"، النجوم الزاهرة "3/ 254، 255". 2 النجوم الزاهرة "3/ 281". 3 الكامل في التاريخ "8/ 417"، النجوم الزاهرة "3/ 281". 4 المنتظم "6/ 336".

تتمة أخبار القرمطي كما أثبتها الناسخ استجابة لأمر المؤلف الذهبي: هذه تتمة أخبار أبي طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي القرمطي ذكرها المصنف في غير موضعها وأمر أن تُلحق هنا، فألحقتها حسب مرسومه. الناسخ. قال: وكان أبوه يحّبه ويرجّحه للأمر من بعده، وأوصى: إن حَدَث بي موتٌ، فالأمرُ إلي ابني سعيد إلى أن يكُبر أبو طاهر، فيُعيد سعيد إليه الأمر. وكان أبو سعيد قد عَتا وتمرّد، وأخاف العباد، وهزم الجيوش، وكان قد أسرَ فيمن أسرَ خادمًا، فحُسنت منزلته عنده حتّى صار على طعامه وشرابه. وكان الخادم ينطوي على إسلام، قلم يَرَ أبا سعيد يصلّي صلاةً، ولا صام شهر رمضان. فأبغَضه وأضمر قتله، فخلاه وقد دخل حمّامًا في الدّار ووثب عليه بخنجر فذبحه، ثمّ خرج ودعا بعضَ قُوّاد أبي سعيد فقال له: كلّم أبا سعيد. فلّما حصل ذبحه. ثمّ استدعى آخر، ففعل به كذلك حتى فعل بجماعة من الكبار، وكان شجاعًا قوّيًا جلْدًا. ثمّ استدعي في الآخِر رجلا، فدخل في أوّل الحّمام، فإذا الدّماء تجري، فأدبر مسرعًا وصاح، فتجمّع النّاس. وقد مرّ ذلك في سنة إحدى وثلاثمائة. وأخذ سعيد ذلك الخادم، فقرض لحمه بالمقاريض إلى أن مات. فلما كان سنة خمس وثلاثمائة سلّم سعيد الأمرَ إلى أخيه أبي طاهر، فاستجاب لأبي طاهر خلق وافتتنوا به، بسبب أنّه دلّهم على كنوز كان والده أطلعه عليها وحده، فوقع لهم أنّه عِلْم غَيْب، وتخيَّر موضعًا من الصّحراء وقال: أريد أن أحفر ههنا عَيْنًا. فقيل له: هنا لا ينبع ماء. فخالفهم وحفر فنبع الماء فازدادت فتنتهم به. ثمّ استباح البصرة، وأخذ الحجيج، وفعل العظائم، وأرعَبَ الخلائق وكُثرت جموعه، وتزلزل له الخليفة. وزعم بعض أصحابه به أنّه إله المسيح، ومنهم مَن قالَ هو نبيّ. وقيل: هو المهديّ، وقيل: هو الممهّد للمهديّ. وقد هزم جيش الخليفة المقتدي غير مرّة، ثمّ إنّه قصد بغداد ليأخذها فدفع الله شرّه. وقد قَتَلَ بحَرَم الله تعالى مقتلة عظيمة لم يتمّ مثلها قطّ في الحَرَم. وأخذ الحجر

الأسود. ثمّ لم يُمهله الله بعد ذلك. فلما أشفى على التلف سلم مكة إلى أبي الفضل بن زكريا المجوسيّ العجميّ. قال محمد بن عليّ بن رِزام الكوفيّ: قال لي ابن حمدان الطّبيب: أقمتُ بالَقطِيف أعالج مريضًا فقال لي الرجل: أنظر ما يقول النّاس. يقولون إنّ ربّهم قد ظهر. فخرجتُ، فإذا النّاس يُهرعون، إلى أن أتينا دارَ أبي طاهر سليمان القَرْمِطيًّ، فإذا بغلامٍ حسن الوجه، دُرّيّ اللّون، خفيف العارضين، له نحو عشرين سنة، وعليه عمامة صفراء تعميم العَجَم، وعليه ثوب أصفر، وفي وسطه منديل وهو راكب فرسًا شهبًا، والناس قيام، وأبو طاهر القّرْمطيّ وإخوته حوله. فصاح أبو طاهر بأعلى صوته: يا معشر النّاس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو طاهر سُلَيْمَان بْن الْحَسَن. اعلموا أَنَا كُنَّا وإياكم حمير، وقد من اللَّه علينا بهذا، وأشار إِلَى الغلام؛ هَذَا ربي وربكم، وإلهي وإلهكم، وكلنا عباده والأمر إليه، وهو يملكنا كلنا. ثُمَّ أَخَذَ هُوَ والجماعة التراب، ووضعوه عَلَى رءوسهم؛ ثُمَّ قالَ أبو طاهر: اعلموا يا معشر الناس، إنّ الدّين قد ظهر، وهو دين أبينا آدم، وكلًّ دين كنّا عليه فهو باطل. وجميع ما توصَّلتْ به الدُّعاة إليكم فهو باطل وزُور من ذكْر موسى، وعيسى، ومحمد. إنّما الدّين دين آدم الأوّل، وهؤلاء كلّهم دجالون محتالون فالعنوهم. فلعنهم الناس. وكان أبو الفضل المجوسيّ، يعني: الغلام الأمرد، قد سَنَّ لهم الّلواط ونكاح الأخوات، وأمرّ بقتل الأمرد الممتنع. وكان أبو طاهر يطوف هو والناس عُراةً به ويقولون: إلهنا عزًّ وجلّ. قال ابن حمدان الطّبيب: أُدخلت على أبي الفضل فوجدتُ بين يديه أطباقًا عليها رءوس جماعة، فسجدتُ له كعادتهم والنّاسُ حوله قيام وفيهم أبو طاهر، فقال لأبي طاهر: إنّ الملوك لم تزل تُعدّ الرءوس في خَزائنها فسَلُوه، وأشارَ إليَّ، كيف الحيلة في بقائها بغير تغيير؟ فسألني أبو طاهر فقلت: إلهُنا أعلم، ويعلم أنّ هذا الأمر ما علمته. ولكن أقول على التقدير إنّ جملة الإنسان إذا مات يحتاج إلى كذا وكذا صبَر وكافور. والرّأس جزءٌ من الإنسان، فيؤخذ بحسابه. فقال أبو الفضل: ما أحسن ما قال. قال ابن حمدان: وما زلت أسمع النّاسُ تلك الأيام يلعنون إبراهيم، وموسى، ومحمدًا -صلى الله عليه وسلم، وعليًا، وأولاده، ورأيت المصحف يُمسح به الغائط. وقال أبو الفضل

لكاتبه ابن سَنْبر: اكتب كتابًا إلى الخليفة فصلِّ لهم على محمد، وكِل لهم من جراب النِّوْرة. قال ابن سَنْبر: والله ما تنبسط يدي لذلك. وكان لأبي طاهر أخت فاقتنصها أبو الفضل، وذبح أبنًا لها في حجْرها، وقتل زوجها، ثمّ عزم علي قتل أبي طاهر، فبلغ ذلك أبا طاهر، فأجمع رأيه ورأي ابن سَنْبر ووالدة أبي طاهر على أن يمتحنوه ويقتلوه. فأتياه فقالا: يا إلهنا، إنّ مُرْجة أمّ أبي طاهر قد ماتت، ونشتهي أن تحضر لنشقّ جوفها ونحشوه جمْرًا، وكان قد شرع لهم ذلك. فمضى معهما، فوجد مرجة مُسَجاة، فأمر بشقّ بطنها. فقال أبو طاهر: يا إلهي أنا أشتهي أن تُحييها لي. قال: ما تستحق فإنها كافرة. فعاوده مرارًا، فاسترابَ وأحسَّ بتغّيرهما عليه، فقال: لا تعجلا علي ودعاني أخدم دوابّكما إلى أن يأتي أبي، فإني سرقت منه العلامة، فيري فيَّ رأيَه. فقال له ابنُ سنبر: ويْلَك هتكتَ أستارنا وحريمنا، وكشفتَ أمرنا، ونحن نُرتّب هذه الدّعوة من ستين سنة، لا يُعلم ما نحن فيه. فأنت لو رآك أبوك علي هذه الحالة لقتلك، قُم يا أبا طاهر فاقتله. قال: أخشى أن يمسخني. فقام إليه سعيد أخو أبي طاهر فقتله وأخرج كبده، فأكلتها أخت أبي طاهر. ثمّ جمع ابن سنبر النّاس وذكر حَقه فيهم، لأنه كان شيخُهم، وقال لهم: إن الغلام وَرَدَ بكذبٍ سرَقه مِن معدن حقّ، وعلامةٍ موّه بها، فأطعناه لذلك. وإنا وجَدَنا فوقه غلامًا ينكحه فقتلناه. وقد كنا نسمع أنه لا بُدّ للمؤمنين من فتنةٍ عظيمة يظهر بعدها الحقّ، وهذه هِيَ. فارجعوا عن نكاح المُحَرمات، وأطفئوا بيوت النيران، واتركوا اتّخاذ الغلمان، وعظموا الأنبياء عليهم السّلام. فضج النّاس بالصّياح وقالوا: كل يومٍ تقولون لنا قولًا. فأنفق أبو طاهر أموالًا، كان جمعها أبو الفضل، في أعيان الناس فسكتوا. قال ابن حمدان الطّبيب: وبعد قتل أبي الفضل اتصلتً بخدمة أبي طاهر، فأخرج إلي يومًا الحجر الأسود وقال: هذا الذي كان المسلمون يعبدونهَ. قلتُ: ما كانوا يعبدونه. قال: بلي. فقلت: أنت أعلم. وأخرجه إلي يومًا وهو ملفوف بثياب ديبقيّ، وقد طيّبه بالمسك، فعرفنا أنه معظم له. ثمّ إنّه جرت بين أبي طاهر وبين المسلمين حروب وأمور، وضعف جانبه، وقُتل من أصحابه في تلك الوقعات خلْق وقَلُوا، فطلب من المسلمين الأمان على أن يردّ

الحجر الأسود وأن لا يتعرض للحجاج أبدًا. وأن يأخذ على كلّ حاجّ دينارًا ويخفرهم. فطابت قلوب الناس وحجوا آمنين. حصل له أضعاف ما كان ينتهبه من الحاجّ. وقد كان هذا الملعون بلاءً عظيمًا على الإسلام وأهله، وطالت أيّامُه. ومنهم مَن يقول إنّه هلك عقيب أخْذه الحجر الأسود. والّظاهر خلاف ذلك. تسمية أمير الأندلس بأمير المؤمنين: فلمّا ضعُف أمرُ الأمّة، ووَهَت أركان الدّولة العبّاسية، وتغلبت القرامطة والمبتدَعة على الأقاليم، قويت همة صاحب الأندلس الأمير عبد الرحمن بن محمد الأمويّ المَروانيّ، وقال: أنا أوْلى النّاس بالخلافة. وتسمّى بأمير المؤمنين. وكان خليقًا بذلك. فإنه صاحب غزوٍ وجهاد وهَيبة زائدة استولى على أكثر الأندلس، ودانت له أقطار الجزيرة. "انتهى ما ألحقه المؤلف بخطه من أخبار أبي طاهر القرمطي في غير موضعه فألحقته هنا. ولا قوة إلا بالله، ففي كتابة مثل هذا مضض. ونسأل الله العفو والسلامة". الناسخ. سبب قتل البريديّ لأخيه: فأمّا أبو يوسف البَريديّ فكان يتكبرّ على أخيه أبي عبد الله، ويُطلق لسانه فيه، ويُعامل عليه أحمد بن بُوَيْه وتوزون، وينسبه إلى الغدْر والظُلم والجبن والبخل، فاستدعاه أخوه عبد الله إلى الدّار بالبصرة، وأقعد له جماعة في الدَّهْليز ليقتلوه. فلّما دخل ضربوه بالسّكاكين، فلامه بعض إخوته فقال: اسكت وإلا ألحقتك به1. ثمّ مات بعده بثمانية أشهر؛ ووُجد له ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار، وعشرة الألف ألف درهم. ومِن الفرش وغيرها ما قيمته ألف ألف دينار وألف. وألف رطْل نَدّ، وألفا رِطْل هنديّ، وعشرون ألف رطل عو. وقد تقدَّم مِن أخباره. وسيُذكر في العام الآتي.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 208".

أحداث سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة

أحداث سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة: قتل المتّقي: قد ذُكر أنّ توزون حَلفَ وبالغ في الأيمان للمتقّي، فلمّا كان رابع محرَّم توجّه المتقّي من الرقَّة إلى بغداد، فأقام بهيت، وبعث القاضي أبا الحسين الخِرَقيّ إلى توزون وابن شيرزاد، فأعاد الأْيمان عليهما. وخرج توزون وتقدمه ابن شيرزاد، فالتقى المتقّي بين الأنبار وهِيت1. رواية المسعودي عن مقتل المتقّي: وقال المسعودي: لمّا التقى توزون بالمتقّي ترجّل وقبّل الأرض، فأمره بالركوب، فلم يفعل، ومشى بين يديه إلى المخيّم الذي ضربه له. فلمّا نزل قبض عليه ابن مقلة ومن معه. ثمّ كحّله، فصاح المتقّي، وصاح النساء، فأمر توزون بضرب الدَّبادب2 حول المخيم. وأُدخل بغداد مسمول العينين، وقد أخذ منه الخاتم والبُرْدة والقضيب. وبلغ القاهر فقال: صِرنا اثنين، ونحتاج إلى ثالث، يُعرض بالمستكفي، فكان كما قال، سُمل بعد قليل. خلافة المستكفي: وقال ثابت: أحضر توزون عبد الله بن المكتفي وبايعه بالخلافة، ولقّبه بالمستكفي بالله، ثمّ بايعه المتقي لله المسمول، وأشهد على نفسه بالخلْع لعشرٍ بقين من المحرَّم سنة ثلاثٍ وثلاثين. ثمّ أُخرج المتقّي إلي جزيرة مقابل السِّنْديّة، وسُمل حتّى سالت عيناه. وقيل: إنما خُلع لعشرٍ بقين من صفر. ولم يحل الحَوْل على توزون حتّى مات3. صفة المستكفي بالله: وكنيةُ المستكفي: أبو القاسم، من أمّ ولد. بويع وعمره إحدى وأربعون سنة. وكان مليحًا، رَبْعةً، معتدل الجسم، أبيض بحُمْرة، خفيف العارضين. وعاش المتقّي لله بعد خلعه خمسًا وعشرين سنة.

_ 1 المنتظم "6/ 338، 339"، الكامل في التاريخ "8/ 411، 412". 2 الدبادب: الطبول. البداية والنهاية "11/ 210"، النجوم الزاهرة "3/ 282". 3 المنتظم "6/ 339"، النجوم الزاهرة "3/ 282".

الحرب بين ابن بُوَيْه وتوْزُون: وفيها استولى أحمد بن بُوَيْه على الأهواز، والبصرة، وواسط، فخرج إليه توزون فالتقيا، ودام الحربُ بينهما أشهرًا، وهي كلّها على توزون، والصَّرْع يعتريه. فقطع الجسر الذي بينه وبين أحمد بن بُوَيْه عند ديالى، وضاق بابن بُوَيْه الحال وقلت الأقوات، فرجع إلى الأهواز. وصُرع توزون يومئذٍ، وعاد إلى بغداد مشغولًا بنفسه1. وزارة أبي الفرج السامرّيّ ومصادرته: وفي صفر استوزر المستكفي أبا الفَرَج محمد بن عليّ السّامرّيّ، ثمّ عزله توزون بعد أربعين يومًا، وصادره وأخذ منه ثلاثمائة ألف دينار2. وزارة ابن شيرزاد: ثم استوزر أبا جعفر بن شيرزاد بإشارة توزون. الحرب بين سيف الدّولة والإخشيد: وفيها سار سيفُ الدّولة بن حمدان إلى حلب فملكها، وهربَ أميرها يانس المؤنسي إلي مصر، فجهّز الإخشيد جيشًا إلي سيف الدّولة، فالتقوا على الرَّسْتن، فهزمهم سيف الدّولة وأسر منهم ألف رجل، وفتح الرَّستْن. ثمّ سار إلى دمشق فملكها. فجاء الإخشيد ونزل طبريّة، فتسلّل أكثر أصحاب سيف الدّولة إلي الإخشيد، فخرج سيف الدّولة إلى حلب وجمع القبائل وحشد. وسار إليه الإخشيد، فالتقوا على قنَّسرين، فهزمه الإخشيد، فهربَ إلي الرقَّة، ودخل الإخشيد حلب3. الغلاء والجوع ببغداد: وفيها عظم الغلاء ببغداد حتّى هرب الناس وبقي النساء.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 208"، النجوم الزاهرة "3/ 283". 2 الكامل في التاريخ "8/ 447". 3 الكامل في التاريخ "8/ 445، 446".

فكُنَّ المخدرات يخرجن عشرين عشرين من بيوتهنّ، مُمْسكات بعضهنّ بعضًا، يَصحْن: الجوع الجوع. وتسقط الواحدة منهنّ بعد الأخرى ميتَة من الجوع. فإنا لله وإنا إليه راجعون. قيام أبي الحسين البريديّ مكان أخيه: وكان أبو عبد الله البَريديّ قد استولى على الأهواز والبصرة. ووزر للمتقّي كما ذكرنا. وكان قد قتل أخاه لكونه يذكر عيوبَه، فلم يُمتَّع بعده، وأخذته الحُمّى أسبوعًا، فهلك في اليوم الثّامن من شوّال. وقام أخوه أبو الحسين البَريديّ مقامه. وكان يانس مقدّم جيوشه يبغض أبا الحسين. النزاع بين البريديّ وأخيه: ثم إنّ أبا الحسين أساء العشرة على التُّرْك والدّيْلم، وحطّ من أقدارهم، فشَكَوْه إلى يانس، فقال لأبي القاسم ولد أبي عبد الله: إن كان عندك مال عقدتُ لك الرئاسة على عمك. فقال: هذه ثلاثمائة ألف دينار. فأخذها يانس، فأصلح بها قلوب الْجُنْد، وعقد لأبي القاسم. فهرب أبو الحسين ليلًا ماشيًا متنكرًا إلي هجر، فاستجار بالقرامطة، فأجاروه، وبعثوا معه جيشاَ إلي البصرة فنازلوها حتّى ضجروا. ثمّ أصلحوا بينه وبين ابن أخيه، ثمّ مضى إلى بغداد. قتل يانس: ثم إن يانس طمع في الملك، فوطأ الديْلَم على قتل أبي القاسم. وعلم أبو القاسم فاحتال حتى قبض على يانس، وأخذ منه مائة ألف دينار وقتله، واستقام له الدَّسْت. غزوة سيف الدّولة في الروم: وفيها غزا سيف الدّولة بلاد الروم، وردّ سالمًا بعد أن بدَّع في العدّو. وسبب هذه الغزاة أنّه بلغ الدُّمُستُق ما فيه سيف الدّولة من الشُّغْل بحرب أضداده، فسار في جيشٍ عظيم، وأوقع بأهلِ بغراس ومَرْعش، وقتل وأسر. فأسرع سيف الدّولة إلى مضيق وشِعاب، فأوقع بجيش الدُّمسْتُق وبيّتهم، واستنقذ الأسارى والغنيمة، وانهزم الروم

أقبح هزيمة1. ثمّ بلغ سيف الدّولة أنّ مدينةً للروم قد تهدَّم بعض سورها، وذلك في الشتاء، فاغتنم سيف الدّولة الفرصة، وبادرَ فأناخ عليهم، وقتل وسبى، لكن أُصيب بعض جيشه2.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 211"، النجوم الزاهرة "3/ 283، 284". 2 النجوم الزاهرة "3/ 284".

أحداث سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة

أحداث سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة: وفاة توزون وطمع ابن شيرزاد بالإمارة: في المحرم توفي التُرْكيّ بهيت، وكان معه كاتبه أبو جعفر بن شيرزاد، فطمع في المملكة وحلّف العساكر لنفسه، وجاء فنزل بباب حرب، فخرج إليه الدَّيْلم وباقي الْجُنْد، وبعث إليه المستكفي بالإقامات وبخلع بيض. ولم يكن معه مال، وضاق ما بيده، فشرَع في مصادرات التّجّار والكُتاب، وانقطع الجلب عنها فخربت1. زواج سيف الدّولة ببنت الإخشيد: وفيها تزوج سيف الدّولة بن حمدان ببنت أخي الإخشيد، واصطلح مع الإخشيد على أن يكون لسيف الدّولة حلب، وأنطاكّية، وحمص. تلقُّب المستكفي بإمام الحقّ: وفيها لُقب المستكفي نفسَه "إمام الحقّ" وضرب ذلك على السّكّة2. دخول ابن بُوَيْه بغداد ومبايعته الخليفة: وفيها قصد مُعزّ الدّوله أَحْمَد بن بُوَيْه بغداد، فلمّا نزل باجِسْرى استتر المستكفي وابن شيرزاد، وتسلّل الأتراك إلى الموصل، وبقي الدَّيْلم ببغداد، وظهر الخليفة. فنزل معز الدّولة بباب الشماسيّة، وبعث إليه الحليفة الإقامات والتُحف. فبعث مُعز الدّولة يسأله في ابن شيرزاد، وأن يأذن له في استكتابه. ودخل في جمادى الأولى دار

_ 1 الوافي بالوفيات "10/ 448"، البداية والنهاية "11/ 211"، النجوم الزاهرة "3/ 284". 2 البداية والنهاية "11/ 211"، النجوم الزاهرة "3/ 284".

الخلافة، فوقف بين يدي الخليفة، وأُخذت عليه البَيْعة بمحضر الأعيان. ثمّ خلع الخليفة عليه، ولقبة "مُعِزّ الدّولة"، ولقّب أخاه علّيًا "عماد الدّولة" وأخاهما الحسن "رُكْن الدّولة". وضُربت ألقابهم على السّكّة1. ثمّ ظهر ابن شيرزاد واجتمع بمُعزّ الدّولة، وقرر معه أشياء منها: كلّ يوم برسم النَّفقة للخليفة خمسة آلاف درهم فقط. عناية ابن بُوَيْه بالشباب: وهو أوّل مَن ملك العراق من الدَّيْلم. وهو أوّل من أظهر السُعاة ببغداد ليجعلهم فُيوجًا بينه وبين أخيه رُكنِ الدّولة إلى الرِّي. وكان له ركائبيان: فضل، وموعوش، فكان كل واحد يمشي في اليوم ستة وثلاثين فرسخًا، فغزى بذلك شبابُ بغداد وانهمكوا فيه. وكان يُحضر المصارعين بين يديه في الميدان ويأذن للعوّام، فمن غلب خَلعَ عليه. وشرع في تعليم السّباحة، حتى صار السّبّاح يسبح وعلى يده كانون فوق قِدْره، فيسبح حتّى ينضج اللحم2. ولاية عُتبة قضاء الجانب الشرقيّ: وفيها ولي قضاء الجانب الشرقي أبو السائب عُتْبة بن عُبيَد الله. خلْع المستكفي بالله: وفيها خُلع المستكفي وسُمِل. وسبب ذلك أنّ عَلَمَ القهرمانة كانت واصلةً عند الخليفة وتأمر وتنهى، فعملت دعوةً عظيمة حضرها خُرشيد الديلم مقدَّم الدَّيْلَم، وجماعة من القُواد. فاتهمها مُعزّ الدّولة، وخاف أن تفعل كما فعلت مع توزون وتُحلِّف الدّيلم للمستكفي، فتزول رئاسة مُعِزّ الدّولة. وكان إصْفَهد الديْلم قد شفع إلي الخليفة في رجل شيعي يثير الفتَن، فلم يقبل الخليفة شفاعته، فحقد على الخليفة وقال لِمُعزّ الدّولة: إنّ الخليفة يراسلني في أمرك لألقاك في الليل. فقوي سوء ظن معُزّ الدّولة. فلمّا كان في جُمَادى الآخرة دخل على الخليفة، فوقف والناس وقوف على مراتبهم، فتقدم اثنان من الديلم فطلبا من الخليفة

_ 1 المنتظم "6/ 340"، البداية والنهاية "11/ 212"، النجوم الزاهرة "2/ 284، 285". 2 المنتظم "6/ 341"، البداية والنهاية "11/ 213"، النجوم الزاهرة "3/ 285".

الرزق، فمد يده إليهما ظنًا منه أنهما يريدان تقبيلها، فجذباه من السرّير طرحاه على الأرض، وجرّاة بعمامته. وهجم الديلم دار الخلافة إلى الحُرم. ونهبوا وقبضوا على القهرمانة وخواص الخليفة. ومضى معز الدّولة إلى منزله، وساقوا المستكفي ماشيًا أليه، ولم يبق في دار الخلافة شيء1. خلع المستكفي، وسُملت يومئذٍ عيناه2. وكانت خلافته سنة وأربعة أشهر ويومين. وتوفي بعد ذلك في سنة ثمانٍ وثلاثين وعمره ست وأربعين سنة. خلافة المطيع لله: ثمّ إنهم أحضروا أبا القاسم الفضل بن المقتدر جعفر وبايعوه بالخلافة، ولقبّوه المطيع لله، وسنُّه يومئذٍ في أربع وثلاثين سنة. ثمّ قدموا ابن عمّه المستكفي، فسَّلم عليه بالخلافة، وأشهد على نفسه بالخلع قبل أن يُسمل3. ثم صارد المطيع خواصّ المستكفي، وأخذ منهم أموالًا كثيرة، ووصَلَ العباسّيين والعلويّين في يوم، مع إضاقته، بنيفٍ وثلاثين ألف دينار4. وقَّرر له معُزِ الدّولة كل يوم مائة دينار ليس إلًا نفقة. الغلاء ببغداد: وعظمُ الغلاء ببغداد في شعبان، وأكلوا الِجيَف والرَّوْث، وماتوا على الطُرقُ، وأكلت الكلاب لحومهم، وبيعَ العقار بالرُّغفان، وُوجدت الصّغار مشوية مع المساكين، وهربَ الناس إلي البصرة وواسط، فمات خلق في الّطِرقَات5. وذكر ابن الْجَوْزيّ أنه أشُتري لمُعزّ الدّولة كُرّ دقيق بعشرين ألف درهم. قلتُ: الكُرّ سبعة عشر قنطارًا بالدمشقي لأنًّ الكُرّ أربعٌ وثلاثون كارة. والكارة خمسون رطلًا بالدمشقي6.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 450، 451"، البداية والنهاية "11/ 212"، النجوم الزاهرة "3/ 285، 286". 2 البداية النهاية "11/ 212". 3 المنتظم "6/ 344". 4 المنتظم "6/ 344"، البداية والنهاية "11/ 213"، النجوم الزاهرة "3/ 289"، وشذرات الذهب "2/ 335". 5 الكامل في التاريخ "8/ 465"، شذرات الذهب "2/ 335"، البداية والنهاية "11/ 213". 6 النجوم الزاهرة "3/ 286"، المنتظم لابن الجوزي "8/ 345".

الحرب بين ناصر الدّولة ومعز الدّولة بن بُوَيْه: ووقعَ ما بين مُعّز الدّولة وبين ناصر الدّولة بْن حمدان، فجمع ناصر الدولة وجاء فنزل سامراء، فخرج إليه معز الدولة ومعه المطيع في شعبان، وابتدأت الحرب بينهم بُعكبرا. وكان معُزّ الدّولة قد تغيّر علي ابن شيرزاد واستخانه في الأموال، فأحفظه ذلك، ووقع القتال، فاندفع معُز الدّولة والمطيع بين يديه، فجاء ناصر الدولة فنزل بغداد، من الجانب الشرقي فملكها، وجاء مُعزّ الدّولة ومعه المطيع كالأسير، فنزل في الجانب الغربي، وبقي في شدّة غلاء حتّى اشتُري له كر حنطة بعشرة آلاف درهم أو بأكثر. وعزم على المسير إلى الأهواز فقال: روِّزوا لنا الشّطّ، فإنْ قدرنا على العبور كان أهوَن علينا. فلمّا عبرت الدّيالمة اضطّرب عسكر ناصر الدّولة وانهزموا، وهرب ناصر الدّولة فعبر مُعّز الدّولة إلي الجانب الشرقيّ، وأحرق الدّيْلم سوق يحيى، ووضعوا السيَّف في النّاس وسَبَوا الحريم، وهربَ النساء إلى عُكبرا، ومات منهنّ جماعة مِن العطش1. امتناع الحجّ: ولم يحجّ أحدُ من أهل العراق. وفاة القاضي الخِرَقيّ: وفيها تُوُفيّ القاضي أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق الخرقي قاضي قضاة المتقّي لله بدمشق. وفاة الخِرَقيّ الحنبليّ: وأبو القاسم عمر بن الحسين الخرقيّ الحنبليّ مصنفّ "مختصر دمشق". وفاة توزون: وتوزون الّذي غلب على العراق وسَمَلَ المتقي لله.

_ 1 المنتظم "6/ 349"، النجوم الزاهرة "3/ 286، 287".

وفاة الإخشيد: وصاحب مصر والشام الإخشيد محمد بن طُغج الفَرَغانيّ أبو بكر. ويقال: إنّ جدّه جُف ابن ملك فَرغانة. وكل من ملك فرَغَانة سُمّي الإخشيد، أي ملك الملوك وهي من كبار مُدن التُّرْك. كما أنّ الإصبَهبَذ لَقَب ملك طَبَرسْتان، وصول ملك جُرجان، وخاقان ملك التُّرْك، والأفشين ملك أشرُسونة، وسامان ملك سَمَرْقنْد. وكان مولد محمد الإخشيد ببغداد، وكان شجاعًا مَهيبًا فارسًا، ولي دمشق، ثمّ ولي مصر مِن قِبل القاهر سنة إحدى وعشرين. وبدمشق تُوُفي في آخر السنة بحُمّى حادّة وله ستون سنة، ودُفِنَ في القدس. وكان له ثمانية آلاف مملوك. وقيل: إنّ عدة جيشه بلغت أربعمائة ألف رجل. وقام بعده ابنه أبو القاسم أنوجور مع غَلَبَة كافور على الأمور1. وفاة أبي القاسم صاحب المغرب: وفيها مات أبو القاسم محمد بن عُبَيد الله صاحب المغرب. وكان مولده بسَلَمية سنة ثمانٍ وسبعين. ودخلَ مع أبيه في زيّ التجار، فآل بهم الأمر إلى ما آل. وبويع هذا سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة عند موت أبيه. وقد خرج عليه سنة اثنين وثلاثين مَخلَد بن كيداد. وكانت بينهما وقائع مشهورة. وحصَره مَخْلَد بالمَهديّة وضيقَّ عليه واستولى على بلاده، فعرض للقائم وسواس فاختلط عقله، ومات في تلك الحال في شوّال، وله خمسٌُ وخمسون سنة. وستُرت وفاته سنة ونصفًا. وقام بعده وليّ عهده المنصور بالله أبو الطاهر إسماعيل ولده. وكان القائم شرًّا من أبيه المهديّ، زنْديقًا ملعونًا. مقاتلة ابن كَيْداد لأبي القاسم: ذكر القاضي عبد الجّبار أنّه أظهر سبّ الأنبياء عليهم السلام، وكان مناديه ينادي: العنوا الغار وما حوى، وقتلَ خلقًا من العلماء. وكان يراسل أبا طاهر القَرْمَطيّ إلى البحرين وهَجَر، ويأمره بإحراق المساجد والمصاحف. ولما كثر فجوره اجتمع أهل

_ 1 الولاة والقضاة للكندي "293"، سير أعلام النبلاء "15/ 365، 366"، البداية والنهاية "11/ 213، 215".

الجبال على رجل من الإباضيّة يقال له مَخُلْد بن كيدْاد، وكان شيخًا لا يقدر على ركُوُب الخيل، فركب حمارًا. وكان وزيره أعمى، فاجتمع معه خلائق، فسار فحصرَ القائم بالمَهْديّة. وكان مَخْلَد أعرج يُكنى أبا يزيد، وهو من زَنَاتة، قبيلة كبيرة من البربر، وكان يتنسَّك ويقصر دلقة الصُّوف، ويركب حمارًا، ولا يثبت على الخيل. وكان نافذ الأمر في البربر، زاهدًا، دَيِّنًا، خارجيًا. قام على بني عُبَيْد، والنّاس على فاقة وحاجةٍ لذلك. فقاموا معه وأَتوه أفواجًا، ففتح البلاد، ودخل القيروان. وتحيز منه المنصور وتحصّن بالمهديّة التي بناها جدّه. ونَفَر مع مَخْلَد الخلْق والعلماء والصُلحاء، منهم الإمام أبو الفضل التنيسي العبّاس بن عيسى الفقيه، وأبو سليمان ربيع القّطان، وأبو العرب، وإبراهيم بن محمد. قال القاضي عياض في ترجمة العّباس بن عيسى هذا: وركب أبو العرب وتقلَّد مُصحَفًا، وركب الفقُهاء في السّلاح، وشقوا القيروان وهم يُعلنون التّكبير والصّلاة على النبّي -صلى الله عليه وسلم- والترضي على الصّحابة. وركّزوا بُنُودهم عند باب الجامع. وهي سبعة بُنُود حُمْر فيها: لا إله إلا اللَّه، ولا حُكْم إلّا لله وهو خير الحاكمين؛ وبندان أصفر لربيع القّطان فيهما: نصرٌ من الله وفتح قريب؛ وبنَد مَخْلَد فيه: الّلهم أنصر وليَّك على من سبّ نبيّك؛ وبَندْ أبي العرب فيه: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله، وبَنْد أصفر لابن نصرون الزّاهد فيه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} [التوبة: 14] ؛ وبند أبيض فِيهِ: مُحَمَّد رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، أَبُو بكر الصّدّيق، عمر الفاروق، وبَنْد أبيض لإبراهيم بن محمد المعروف بالعَشّاء فيه {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: 40] الآية. وحضرت الجمعة فخطبهم أحمد بن أبي الوليد، وحضّ على الجهاد. ثمّ ساروا ونازلوا المهديّة. فلمّا التقوا وأيقن مخلد بالنصر غلب عليه ما عنده من الخارجية، فقال لأصحابه: انكشفوا عن أهل القيروان حتى ينال منهم عدوّهم. ففعلوا ذلك، فاستشهد خمسةٌ وثمانون رجلًا من العلماء والزهاد، منهم ربيع القطان، والتنيسي، والعشّاء. الإباضيّة: والإباضية فرقة من الخوارج، رأسهم عبد الله بن يحيى بن إباض، خرج في أيّام مروان الحمار. وانتشر مذهبه بالمغرب، ومذهبه أنّ أفعالنا مخلوقة لنا. ويكفٍّر

بالكبائر، وأنهّ ليس في القرآن خصوص. ومّن خالفه كفر وحلّ له دمه وماله. وفاة الشبّليّ: وفيها توُفّي الزّاهد أبو بكر الشبَّليّ بالعراق. وفاة الوزير عليّ بن عيسى: وفي آخرها توفي الوزير علي بن عيسى1.

_ 1 تكملة تاريخ الطبري "1/ 153"، تجارب الأمم "2/ 104"، الكامل في التاريخ "8/ 465".

أحداث سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة

أحداث سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة: عودة المطيع إلي دار الخلافة: ولمّا انهزم سيف الدّولة بن حمدان إلى الموصل جدَّد مُعزّ الدّولة أحمد بن بويه الأيمان بينه وبين المطيع، وأزال عَنْهُ التوكيل، وأعاده إلى دار الخلافة. صرْف ابن أبي الشوارب عن القضاء: وصرف القاضي محمد بن الحسن بن أبي الشوارب عن القضاء بالجانب الغربيّ وقُلد قضاء الجانبين أبو الحسن محمد بن صالح، ويُعرف بابن أمّ شيبان1. امتلاك سيف الدّولة دمشق: ولمّا مات الإخشيد بدمشق، سار سيف الدّولة من حلب فملك دمشق، واستأمن إليه يانس المؤنسيّ. ثم سار سيف الدّولة فنزل الرملة. وجاء من مصر أنوجور بن الإخشيد بالجيوش، والقائم على أمره كافور الخادم. فرد سيف الدولة إِلَى دمشق، وسار وراءه المصريون، فانهزم إِلَى حلب، فساروا خلفه، فانهزم إلى الرقَّة. ثمّ تصالحوا على أن يعود سيف الدّولة إلى ما كان بيده2. قال المسبّحي: وكان بين سيف الدّولة وبين أبي المظفّر حسن بن طُغج، وهو أخو الإخشيد، وقعة عظيمة بالّلجون، فانكسر ابن حمدان ووصل إلى دمشق بعد شدةٍ

_ 1 المنتظم لابن الجوزي "6/ 350". 2 الكامل في التاريخ "8/ 164"، النجوم الزاهرة "3/ 291، 292".

وتشتُت. وكانت أمّه بدمشق. فنزل المرج خائفًا، وأخرج حواصله، وسار نحو حمص على طريق قارا. وسار أخو الإخشيد وكافور الإخشيديّ إلى دمشق. ثمّ سار إلى حلب في آخر السنة واستقرّ أمرهم1. مصالحة معزّ الدّولة وناصر الدولة: وفيها اصطلح معز الدولة وناصر الدولة على أن يكون لناصر الدّولة من تكريت إلى الشّام. وكان ناصر الدّولة قد عاد فنزل عُكبرًا. قيادة تكين الشيرازي للُترك: فلمّا علم التُّرك الّذين مع ناصر الدّولة بالمصالحة جاءوا إليه ليقتلوه، فانهزم إلى الموصل، فقدموا عليهم تكين الشيرازيّ. وكانوا خمسة آلاف. وساقوا وراء ناصر الدّولة2. حبْس ابن شيرزاد: وكان أبو جعفر بن شيرزاد قد هرب من معزّ الدّولة إلى ناصر الدّولة، فلّما قُرب من الموصل سَمَلَه وحبسه. هزيمة التُرْك: وبعث ناصر الدّولة إلي أخيه سيف الدّولة يستنجده، وتقهقر إلى سنجار ونزل الحُديثة والتُرك وراءه. ثمّ إنّ مُعزّ الدّولة جهَّز له نجدة، وجاءه عسكر حلب، فالتقوا على الحُديثة، فانهزم التُرْك وقُتلوا وأُسروا، ورجع ناصر الدّولة إلى الموصل3. استيلاء ابن بويه على الرِّيّ والجبال: وفيها استولى ركن الدولة بن بويه عَلَى الري والجبال. امتناع الحجّ: ولم يحج أحد.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 292". 2 المنتظم "6/ 349"، البداية والنهاية "11/ 213". 3 الكامل في التاريخ "8/ 466، 467".

وثوب غلبون على مصر: وفيها في غيبة الإخشيد عن مصر، وثب عليها غَلْبون متولّي الرّيف في جُموُع، ووقع النَّهْب في مصر، فلم يستقر أمره حتّى لَطَف الله، وقدم الجيش فهرب فاتبعه طائفة فقُتل1. وزارة ابن الفرات بمصر: وفيها استوزر بمصر لولد الإخشيد أبو القاسم جعفر بن الفضل بن الفُرات. الدعوة لسيف الدّولة بطرسوس: وفيها أقُيمت الدّعوة لسيف الدّولة، فنفَّد لهم الخِلع والذَّهب، ونفدّ ثمانية ألف دينار للفداء2.

_ 1 الولاة والقضاة للكندي "295، 296"، النجوم الزاهرة "3/ 292". 2 البداية والنهاية "11/ 216"، النجوم الزاهرة "3/ 293، 294".

أحداث سنة ست وثلاثين وثلاثمائة

أحداث سنة ست وثلاثين وثلاثمائة: خروج المطيع لمحاربة البريدي: فيها خرج المطيع ومُعّز الدّولة من بغداد إلى البصرة لمحاربة أبي القاسم عبد الله بن البريديّ، فسلكوا البرية، فلمّا قاربوها استأمن إِلَى مُعز الدّولة جيش البريديّ، وهرب هو إلى القرامطة. وملك معز الدّولة البصرة، وأقطع المطيع منها ضياعًا1. قدوم عماد الدّولة على أخيه معز الدّولة: وفيها وصل عماد الدّولة عليّ بن بويه إلى الأهواز، فبادر أخوه معز الدّولة إلى خدمته، وجاء فقَّبل الأرض وتأدَّب معه. ثمّ بعد أيّام ودّعه، وعاد معز الدّولة وقد أخذ واسطًا والبصرة. تكحيل صاحب خراسان أخويه وعمه: وفيها وردت الأخبار بأنّ نوحًا صاحب خُراسان كحّل أخوَيْه وعمّه إبراهيم.

_ 1 المنتظم "6/ 356، 357"، البداية والنهاية "11/ 219"، النجوم الزاهرة "3/ 295".

ظفر صاحب المغرب بابن كيَدْاد: وفيها ظفر المنصور صاحب المغرب بمَخَلْد بن كَيْداد، وقتل قوّاده، ومزّق جيشه. وفاة الصوليّ: وفيها تُوُفيّ أبو بكر محمد بن يحيى الصُوليّ النديم الإخباريّ العلامة صاحب الهندسة والبراعة في الشَطَرنْج. وقع لنا جزءٌ من حديثه بعُلو. غارة الروم على أطراف الشام: وفيها أغارت الروم -لعنهم الله- على أطراف الشّام، فسبوا وأسروا، فسَاقَ وراءهم سيف الدّولة ولِحقَهم، فقتل منهم مقتلة، واستردّ ما أخذوا ثمّ أخذ حصْن بَرْزَيَة من الأكراد بعد أن نازله مدّةً، ثم افتتحه في سنة سبع1.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 295".

أحداث سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة

أحداث سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة: غرق بغداد: فيها كان الغرق ببغداد. زادت دجلة إحدى وعشرين ذراعًا وهرب النّاس، ووقعت الدّور، ومات تحت الهْدم خلْق. استئمان أبي القاسم البريديّ: وفيها دخل بغداد أبو القاسم بْن البريدي بأمانٍ من معز الدّولة، وأقطعه قرى. اختلاف معز الدّولة وناصر الدّولة وصُلْحهما: وفيها اختلف معز الدّولة وناصر الدّولة، وسار معز الدّولة إِلَى الموصل، فتأخر ناصر الدّولة إلى نصيبين خائفًا. ثمّ صالحه كلّ سنة على ثمانية آلاف ألف درهم. امتلاك الروم مرعش: وفيها خرجت الروم، فالتقاهُم سيف الدّولة على مرَعْشَ، فهزموه وملكوا مَرْعَش. امتناع الحجّ: ولم يحجّ أحد. ولاية أبي المظفر دمشق: وفيها ولى إمرة دمشق أبو المظفر الحسن بن طُغج نيابةً لأخيه الإخشيد. وقد وليها مدّة في أيام القاهر1.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 297".

أحداث سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة

أحداث سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة: ولاية عُتبة قضاء القضاة: فيها تقلّد أبو السائب عتبة بن عبد الله الهمْدانيّ قضاء القُضاة ببغداد. وصول تقادُم أنوجور إلي معز الدّولة: وفيها وصلت تقادُم أنور بن الإخشيد من مصر، ويسأل معز الدّولة أن يكون أخوه عليا مشاركًا له في الأمر، ويكون من بعده، فأجابه. تحرُّك القرامطة: وفيها تحرّكت القرامطة. امتناع الحج: ولم يحجّ أحدٌ من العراق. بناء المنصورية بالمغرب: وعمَّر المنصور إسماعيل صاحب المغرب مدينة المنصوريّة. وفاة المستكفي بالله: وتُوُفيّ المستكفي بالله عبد الله بن المكتفي عليّ معتقلًا في دار معز الدّولة بنفث الدم. وله ست وأربعون سنة.

وفاة عماد الدّولة الدّيلميّ: وفيها تُوُفيّ السّلطان عماد الدّولة أبو الحسن عليّ بن بويه بن فنّاخسرو الدَّيْلميّ. وقد ذكرنا مبدأهم في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. وكان قد ملك بلاد فارس. وكان عاقلًا شجاعًا مَهيبًا، اعتلّ بقرحةٍ في الكُلا أنهكت جسمَه، وتُوُفيّ بشيراز وله تسعٌ وخمسون سنة. وأقام المطيع لله مقامَه أخاه أبا عليّ ركُنِ الدّولة والد السلطان عضُد الدّولة. وكان معز الدّولة يحبّ أخاه عماد الدّولة ويحترمه ويكاتبه بالعُبُودية1. ولاية شعلة إمرة دمشق: وفيها ولي إمرة دمشق شعُلة بن بدر الإخشيدي من قبَل ولد الإخشيد، وكان أحد الأبطال الموصوفين، وفيه ظلم.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 482-484"، البداية والنهاية "11/ 221، 222".

أحداث سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة

أحداث سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة: استيلاء قراتكين على الرّيّ والجبال: فيها استولى قراتكيِن على الرَّيّ والجبال، ودفع عنها عسكر رُكْن الدّولة. غزوة سيف الدّولة وانهزامه: وفيها غزا سيف الدّولة بن حمدان بلادَ الروم في ثلاثين ألفًا، ففتح حصونًا وَقَتل وسبى وغنم، فأخذ عليه الروم الدرب عند خروجه، فاستولى على عسكره قتلًا وأسرًا، واسترّدوا جميع ما أخذ، وأخذوا جميع خزائنه، وهرب في عددٍ يسير1. رد الحجر الأسود: وفيها رُد الحج الأسود إلي موضعه. بعث به القَرْمَطّي مع محمد بن سنَبْر إلى المطيع. وكان بجَكَم قد دفع قبل هذا خمسين ألف دينار وما أجابوا، وقالوا: أخذناه بأمرٍ وما نردّه إلا بأمر. فلمّا ردّوه في هذه السنة قالوا: رددناه بأمرِ من أخذناه بأمره. وكذبوا، فإنّ الله سبحانه وتعالى قال: {فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا

_ 1 المنتظم "6/ 367"، الكامل في التاريخ "8/ 485، 486"، النجوم الزاهرة "3/ 301".

وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا} [الأعراف: 28] ، فكذبهم الله بقوله: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [الأعراف: 28] وإن عَنَوْا بالأمر القدَرَ، فليس ذلك حُجة لهم، فإنّ الله تعالى قدَّر عليهم الضّلال والمُرُوقَ مِن الدين، وقدَّر عليهم أنه يدخلهم النار، فلا ينفعهم قولُهم: أخذناه بأمر. وقد أعطاهم المطيع مالًا، وبقي الحجر عندهم اثنين وعشرين سنة. وفيها -قاله المسّبحيّ- وافى سُنْبُر بن الحَسَن إلى مكة ومعه الحجر الأسود، وأمير مكّة معه، فلمّا صار بفناء البيت أظهر الحجر من سفط وعليه ضباب فضة قد عُملت من طوله وعرضه، فضبط شقوقا حدثت عليه بعد انقلاعه، وأحضر له صانعا معه جص يشده. فوضع سنبر بْن الْحَسَن بْن سنبر الحجر بيده، وشدّه الصّانع بالجصّ، وقال لمّا ردّه: أخذناه بقُدره الله ورددناه بمشيئة الله1. وفاة الصيمري الكاتب: وفيها تزوج محمد بن أحمد الصَّيْمريّ كاتب معز الدّولة ووزيره. تقليد المهلّبيّ الكتابة: فقلّد مكانه أبا محمد الحسن بن محمد المهلّبيّ الوزير. مقتل عبد الله ابن الناصر لدين الله الأموي: وفي عيد الأضحى قَتَل النّاصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد الأمويّ صاحب الأندلس ولدَه عبد الله، وكان قد خاف من خروجه عليه، وكان من كبار العُلماء، روى عن: محمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بن أَصْبَغ. وله تصانيف منها مجلَّد في "مناقب بقَيّ بن مخلد"، رواه عنه: مَسلَمَة بن قاسم. غزوة سيف الدّولة وإيغاله في الروم: وفيها غزا سيف الدّولة كما قدمنا، فسار في ربيع الأول، ووافاه عسكر طَرَسوُس في أربعة آلاف، عليهم القاضي أبو حُصيْن. فسار إلى قيسارية، ثمّ إلى " ... " ووغل في بلاد الروم، وفتح عدّة حصون، وسبى وقتل، ثم سار إلى سمندو، ثمّ إلي خَرْشَنَة يقتل ويسبى، ثمّ إلى بلد صارخة وبينها وبين قسطنطينية سبعة أيّام. فلما نزل

_ 1 المنتظم "6/ 367"، الكامل في التاريخ "8/ 486"، البداية والنهاية "11/ 223"، النجوم الزاهرة "3/ 301، 302".

عليها واقعَ الدُّمُسْتقُ مقدّمته، فظهرت عليه، فلجأ إلى الحصن وخاف على نفسه. ثمّ جمع والتقى سيف الدّولة، فهزمه الله أقبح هزيمة، وأُسرت بطارقته، وكانت غزوة مشهورة. وغنم المسلمون ما لا يوصف، وبَقَوْا في الغزو أشهُرًا1. ثمّ إنّ الطرسوسيين قفَلوا، ورجع العُربْان، ورجع سيف الدّولة في مضيق صعب، فأخذت الرّوم عليه الدّروب، وحالوا بينه وبين المقدّمة، وقطعوا الشجر، وسدّوا به الطُّرُق، ودهدهوا الصخورَ في المضائق على النّاس. والرّوم وراء النّاس مع الدُّمُسْتقُ يقتلون ويأسرون، ولا منَفَذَ لسيف الدّولة. وكان معه أربعمائة أسير من وجوه الروم فضربَ أعناقهم، وعقر جماله وكثيرًا من دوابه، وحَرَقَ الثِّقل، وقاتل قتال الموت، ونجا في نفر يسير2. واستباح الدُّمُسْتُق أكثر الجيش، وأسر أمراء وقضاة. ووصل سيف الدّولة إلى حلب، ولم يكد. ثمّ مالت الروم فعاثوا وسبوا، وتزلزل النّاس، ثمّ لطفَ الله تعالى، وأرسل الدمستق إلى سيف الدّولة يطلب الهدنة، فلم يُجِبْ سيف الدّولة، وبعث يتهدّده. ثمّ جهَّز جيشًا فدخلوا بلاد الروم من ناحية حران، فغنموا وأسروا خلقًا. وغزا أهل طرسوس أيضًا في البرّ والبحر. ثمّ سار سيف الدّولة من حلب إلى آمِد، فحارب الروم وخرب الضياع، وانصرف سالمًا. وأمّا الروم، فإنهم احتالوا على أخذ آمد، وسعي لهم في ذلك نصْرانيّ على أن ينقبَ لهم نقَبَا من مسافة أربعة أميالٍ حتى وصل إلى سورها. ففعل ذلك، وكان نقيًا واسعًا، فوصل إلى البلد من تحت السّور. ثمّ عرفَ به أهلُها، فقتلوا النصْراني، وأحكموا ما نقبه وسَدُّوه. ومعني الدُّمُسْتُق نائب البلاد في شرقي قسطيطينية.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 303". 2 المنتظم "6/ 367"، الكامل في التاريخ "8/ 485"، البداية والنهاية "11/ 223"، النجوم الزاهرة "3/ 301".

أحداث سنة أربعين وثلاثمائة

أحداث سنة أربعين وثلاثمائة: مهاجمة صاحب عُمان البصرة: فيها قصد صاحبُ عُمان البصرة، وساعده أبو يعقوب القرمطّي، فسار إليهم أبو محمد المهلّبّي في الدَّيْلم فالتقوا، فانهزم المهلّبي واستباح عسكرهم، وعاد إلى بغداد بالأسارى والمراكب1.

_ 1 المنتظم "6/ 368، 369"، البداية والنهاية "11/ 224"، النجوم الزاهرة "3/ 304، 305".

إيغال سيف الدولة في بلاد الروم: وفيها جمع سيفُ الدّولة بن حمدان جيوش الموصل، والجزيرة، والشام، والأعراب، ووغل في بلاد الّروم، فقتل وسبى شيئًا كثيرًا، وعاد إلى حلب سالمًا1. الحج هذه السنة: وحجّ النّاس في هذه السنة. إصلاح الحجر الأسود وتمكينه في الكعبة: وفيها قلع حَجَبةَ الكعبة الحجرَ الذي نصبه سنبر صاحب الجنابّي وجعلوه في الكعبة، وأحبّوا أن يجعلوا له طَوقًا من فضةٍ فيُشدّ به كما كان قديمًا لمّا عمله عبد الله بن الزُبير. وأخذ في إصلاحه صائغان حاذقان فأحكماه. قال أبو الحسن محمد بن نافع الخزاعي: فدخلتُ الكعبة فيمن دخلها، فتأملتُ الحجر، فإذا السّواد في رأسه دون سائره، وسائره أبيض. وكان مقدار طوله فيما حرزت مقدار عُظم الذراع. قال: ومبلغ ما عليه من الفضة فيما قيل ثلاثة آلاف وسبعمائة وسبعة وتسعون درهمًا ونصف2. وفاة الكرخيّ شيخ الحنفيّة: وفيها تُوُفيّ شيخ الحنفية أبو الحسن الكرْخي عَبْد الله بن الحسين بن لال، وله ثمانون سنة، ببغداد. الزلازل بحلب والعواصم: وفيها كثُرت الزلازل بحلب والعواصم، ودامت أربعين يومًا، وهلك خلق كثير تحت الهدم. وتهَّدم حصن رَغْبان ودُلُوك وتلّ حامد، وسقط من سور دلوك ثلاثة أبرجة3. ولله الأمر.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 305". 2 النجوم الزاهرة "3/ 305". 3 النجوم الزاهرة "3/ 305".

ذكر من مات في هذه الطبقة الرابعة والثلاثون مرتبا كل سنة على حروف المعجم

ذكر من مات في هذه الطبقة الرابعة والثلاثون مرتبًا كل سنة على حروف المعجم وفيات سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة: "حرف الألف": 1- أحمد بن عمران1: أَبُو جعفر اللّيْموسكّي الأَسْتَرَاباذيّ الفقيه الحنفيّ. ولْيُموسْك: علي فرسخ من أسْتَراباذ. سمع: الحسن بن سلام السّوّاق، ومحمد بن سعد العّوْفيّ، وأحمد بن أبي غَرزة. سمع منه في هذه السنة: أبو جعفر المستغْفرِيّ. 2- أحمد بن محمد بن بكر2: أبو رَوْق الهِزّانيّ البْصريّ. سمع: أبا حفص الفلاس، ومحمد بن النعمان بن شبل الباهلي، وميمون بن مِهران، ومحمد بن الوليد البُسْريّ، وأحمد بن رَوْح، وطائفة سواهم. وأوّل سماعه سنة سبعْ وأربعين ومائتين. روى عنه: ابن أخيه أبو عمرو محمد بن محمد بن محمد الهزانيّ، وأحمد بن محمد بن عمران بن الجنْديّ، وأبو الحسين بن جُميْع، وعليّ بن القاسم الشاهد، وأبو بكر بن المقرئ، لكن ذكر أنّ سماعه منه في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة. ووقع لنا حديثه بُعلُوٍّ في "معجم ابن جُميَعْ". 3- أحمد بن محمد بن الربيع بن سُليمان المراديّ المصريّ: أبو بكر. في شَوال. قال ابن ماكولا: ليس هو حفيد الربيع صاحب الشافعيّ. قلت: ذكره ابن يونس مختصرًا، وقال فيه: سليمان بن أيوب بن سنان. وصاحب الشافعيّ هو الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد الجبار بْن كامل. 4- أحمد بن يزيد بن ورْكشين3: أبو حفص البلْخيّ المؤدِّب. سكن دمشق.

_ 1 الأنساب لابن السمعاني "11/ 51". 2 ميزان الاعتدال "1/ 132، 133"، سير أعلام النبلاء "15/ 285، 286"، لسان الميزان "1/ 256". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 5، 6".

وحدَّث عن: الحَسَن بن عَرَفَة، وحماد بن المؤمل. وعنه: أبو الحسين الّرازيّ، وأبو بكر الرَّبَعيّ. وهذا الرجل أول ترجمةٍ في "تاريخ دمشق" لابن عساكر. 5- إبراهيم بن أحمد العِجْلي1: رحل وسمع: يحيى بن أبي طالب، ومحمد بن الهجم، وغيرهما. ثمّ وضع أحاديث فافتضح، وتُرك. 6- إبراهيم بن أحمد بن سهل: أبو إسحاق الْجُهَنيّ. سمع: بكّار بن قتيبَة. تُوُفيّ في رجب بمصر. 7- إسماعيل بن يقعوب بن بُهْلُولٍ الأنباريّ: حدَّث عن: الحارث بن أبي أسامة، وجعفر بن محمد بن شاكر، وطبقتهما. وعنه: ابن أخيه أحمد بن يوسف. وكان عالمًا نسَّابة، ثقة. عاش ثمانين سنة. "حرف الباء": 8- بكر بن أحمد بن حفص2: أبو محمد التنيسي الشَّعْرانيّ. سمع: يونس بن عبد الأعلى، وابن عبد الحكَم، وعمران بن بكار، ومحمد بن عَوْف الطائي، ويزيد بن عبد الصمد، وجماعة. وعنه: أبو سعيد بن يونس، والميمون بن حمزة الحُسَيْنيّ، وأحمد بن عبد الله بن رزيق البغدادي، ومحمد بن المظفر، وأحمد بن عبد الله بن حميد، وآخرون. قال ابن يونس: كان ثقة حسن الحديث. توُفيّ في ربيع الآخر. "حرف الجيم": 9- جعفر بن محمد بن يعقوب3: أبو الفضل البغدادي الشيرجي الوارق. سمع: عليّ بن إشكاب. وعنه: أبو الفضل الزُّهريّ، وابن شاهين. حدَّث في هذا العام.

_ 1 المغني في الضعفاء "1/ 8"، ميزان الاعتدال "1/ 17"، لسان الميزان "1/ 28". 2 الإكمال لابن ماكولا "7/ 365"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 286". 3 تاريخ بغداد "7/ 223"، الأنساب لابن السمعاني "7/ 455".

"حرف الحاء": 10- حبان بن موسى بن حبان الكلابيّ: عن: زكريا بن يحيى خياط السنة. وعنه: أبو الحسين الرّازيّ، والعبّاس بن محمد بن حبان حفيده. 11- حَبْشون بن موسى بن أيوب1: أبو نصر البغداديّ الخلال. سمع: الحسن بن عَرَفَه، وعلي بْن سعَيِد الرّمليّ، وعلي بن إشكاب، وحنبل بن إسحاق، وغيرهم. وعنه: الدارقطني، وابن شاهين، وأبو بكر بن شاذان، وأحمد بن الفرج بن الحجاج. ثقة. مولده سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين، وتوفي في شعبان. أَخْبَرَنَا ابْنُ الْقَوَّاسِ: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَاكِمُ وَأَنَا حَاضِرٌ: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْفَقِيهُ، أَنَا أَبُو نَصْرٍ الْخَطِيبُ، أَنَا ابْنُ جُمَيْعٍ، أَنَا حَبْشُونُ بْنُ مُوسَى: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ الرَّبَابِ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "صَدَقَتُكَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَصَدَقَتُكَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ صدقةٌ وَصِلَةٌ" 2. 12- حسن بن سعد بن إدريس بن خَلَف3: أبو عليّ الكتَاميّ القُرْطبي الحافظ. سمع من بقيّ بن مُخلَد مُسنَدَه. ورحل، فسمع بمكّة من: عليّ بن عبد العزيز. وباليمن من: إسحاق الدَّبريّ، وعبيد الكشوريّ، وبمصر من: أبي يزيد القراطيسي. وسمع من: أبي مسلم الكجي. قال ابن الْفَرَضيّ: وكان يذهب إلي ترك التقليد، ويميل إلي قول الشافعي. وكان يحضر الشُّورى، فلمّا رأى الفُتيا دائرةً على المالكيّة ترك شهُودَها. وسمع الناس منه الكثير.

_ 1 المنتظم "6/ 331، 332"، سير أعلام النبلاء "15/ 316، 317"، شذرات الذهب "2/ 379". 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "658"، والنسائي "5/ 92"، وابن ماجه "1844"، وأحمد في المسند "4/ 17، 18، 214"، والدارمي "1680"، والحميدي "823"، وابن حبان في صحيحه "3344"، وابن خزيمة في صحيحه "2385"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي "658". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 870"، سير أعلام النبلاء "15/ 435، 436"، شذرات الذهب "2/ 359".

وكان شيخا صالحًا، لم يكن بالضّابط جدًّا. تُوفيّ يوم الجمعة، يوم عَرَفة. وكان مولده سنة ثمانٍ وأربعين. "حرف العين": 13- العبّاس بن عبد الله السميع بن هارون بن سليمان بن الخليفة المنصور1: أبو الفضل الهاشميّ. عن أحمد بن الخليل البرجلاني، وابن أبي العوام، وغيرها. وعنه: الدارقطني، وابن شاهين، ويوسف القواس. وثقه الخطيب. 14- عَبْد الله بْن الحسين بْن محمد بْن جُمْعة2: أبو محمد السُّلميّ الدمشقي. سمع: أباه، وشعيب بن عمرو، والربيع بن سليمان، وأحمد بن سليمان الرمليّ، وأبا أمية. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وأبو الحسين بن المظفر، وأحمد بن الميانجي، وأبو بكر بن أبي الحديد. مات في ذي القعدة. 15- عبد الله بن محمد بن يحيى3: أبو الطيب البغدادي البزاز. عن: إسحاق الختليّ، وعبد الملك بن محمد الرقاشي. وعنه: الدارقطني، وعبد الله بن عثمان الصّفّار، وأبو القاسم بن الثلاج. توُفيّ بالموصل. قال الدّارَقُطْنيّ: حافظ، ثقة. 16- عبد الله بن محمد بن منازل4: أبو محمد النَّيسْابوري الزّاهد، المجرد على الصِّحّة والحقيقة. وقيل: كنيته أبو محمد. سمع: السريّ بن خزيمة، والحسين بن الفضل، وجماعة. وحدَّث عن: أحمد بن سلمة بالمسند الصّحيح. روي عنه: عليّ بن مفلح القزويني، ومحمد بن حَمْدون، ووالد أبي عبد الرحمن السّلميّ. وقال السلميّ: له طريقة يتفرد بها. صحبَ هارون القصار، وكان عالمًا بعلوم الظاهر.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 158". 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 371". 3 تاريخ بغداد "10/ 125". 4 المنتظم "6/ 332"، شذرات الذهب "2/ 330".

سمعت محمد بْن عَبْد الله بْن شاذان يقول: سمعت ابن منازل يقول: لا خير فيمن لم يَذُقْ ذُل المكاسب، وذُلّ السؤال، وذُلّ الرّدّ. وسمعت عبد الله بن محمد بن فضْلوَيه المعلّم يقول: سمعتُ عبد الله بن محمد يقول: التفويض مع الكسبْ خيرٌ من خُلوه عنه. وسأله إنسان عن مسالة فأجاب، فقال له: أعِدْ عليّ. قال: أنا في ندامةٍ ما جرى. وسمعته يقول لبعض أصحابه: قد عشقت نفسك، وعشقت من يعشقك، وقال الحاكم: حُملت إليه، يعني ابن المنازل، غيره مرةً متبرِّكًا به، وصورته نصُبْ عيني. توُفي رحمه الله في ربيع الأول. وكان أعرج. 17- عليّ بن عبد الله بن البازيار: سمع: إبراهيم بن عبد الله القصّار، ونجيح بن إبراهيم. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وأحمد بن الفَرَج بن الحَجّاج. بقي هذا العام. 18- علي بن محمد بْن سهل1: أَبُو الْحَسَن الدِّينَوَرِيّ الصّائغ الزّاهد. أحد مشايخ القوم. سمع: محمد بن عبد العزيز الدَّيَنَوريّ، وغيره. وكان يتكلَّم على النّاس. له كشف وكرامات. روى عنه: عبد الملك بن حِبّان المرَاديّ، وأبو بكر بن المهلب. قال علي بن عثمان القرافي: لايجوز لأحدٍ أن يتكلَّمَ عَلَى النَّاسِ إِلا مَنْ يَكُونُ حَالُهُ مِثْلُ حَالِ أَبِي الْحَسَنِ الدَّينُورِيِّ، فَإِنَّ الْخَلْقَ كَانُوا مُكَشَّفِينَ بَيْنَ يَدْيَهِ. وَمِنْ كَلامِهِ قَالَ: مَنْ أَيْقَنَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْخَلَ بِنَفْسِهِ. قَالَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ الحسين بن أحمد يقول: قال حمشاذ: رَأَيْتُ نِسْرًا وَاقِفًا فِي الْهَوَاءِ لا يَتَحَرَّكُ. فَمَشَيْتُ فَإِذَا أنا بِأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الصَّائِغِ يُصَلِّي، وَالنِّسْرُ يُظِلُّهُ. وسمعت أبا عثمان المغربيّ يقول: ما رأيتُ في المشايخ أهيْب من أبي الحسن الدَّيَنَوريّ بمصر. وقال أبو الحسن الطحان: كان أبو الحسن بن الصائغ من الصديقين. وتوفي في نصف رجب بمصر. 19- عيسى بن محمد بن أبي يزيد البلْخيّ: أبو بَكْر. روي عن: عيسى بن أحمد العسقلانيّ البلخي، وعبد الصّمد بن الفضل. "حرف الميم": 20- محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة السدوسي2: أبو بكر البغدادي.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 353"، صفة الصفوة "4/ 60"، المنتظم "6/ 328". 2 تاريخ بغداد "1/ 373-375"، المنتظم "6/ 333، 334"، سير أعلام النبلاء "15/ 312، 313".

سمع: جده، ومحمد بن شجاع الثلجي، وعليّ بن حرب الطائي، وعبيد الله بن جرير بن جَبَلَة، والرماديّ. وعنه: عبد الواحد بن أبي هاشم، وطلحة الشاهد، وعبد الرحمن بن عمر الخلال، وأبو عمر بن مهديّ، وآخرون. وثقه الخطيب، وقال: أنا البرَقْاني، أنا عبد الرحمن بن عُمَر قال محمد: سمعت "المسند" من جدّي في سنة ستين، وسنة إحدى وستين بسامراء، فسمع أبو مسلم الكَجيّ من جدّي، وبقي عليه شيء سمعه أبو مسلم مني. ومات جدّي وهو يقرأ عليّ. والذي سمعت منه مُسنَدَ العشرة، وابن عبّاس، وبعض الموالي، ولي دون العشر. ولدت في أول سنة أربع وخمسين. قلت: وخلفَ له أموالًا عظيمة فضيعها وافتقر. قال أبو سَعد السمعاني في "الأنساب": ذكر أبو بكر بن يعقوب قال: لمّا ولّدتُ دخل أبي على أمي فقال: إنّ المنجمين قد أخذوا مولد هذا الصّبيّ، فإذا هو يعيش كذا وكذا. وقد حَسَبتها أيامًا، وقد عزمت أن أُعد لكلّ يوم دينارًا، فإنّ ذلك يكفي المتوسط. فأعدَّ لي حبا في الأرض وملأه دنانير. ثُمَّ قالَ لها: أعدي له حُبًا آخر. فجعل فِيهِ مثل ذلك استظهارا، ثُمَّ استدعى حبا آخر وملأه ودفنهم. قال أبو بكر: وما نفعني ذلك مع حوادث الزّمان، وقد احتجُت إلى ما ترون. قال أبو بكر بن السقطي: رأينا فقيرًا يجيئنا بلا إزار، ونسمع عليه ويبرّ بالشيء بعد الشيء. قلت: وتُوفيّ في ربيع الآخر. أَخْبَرَنِي الْحَافِظُ أَبُو محمد بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَلَفٍ، أَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي السُّعُودِ: أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ، أنا أبو عَبْدُ اللَّهِ النِّعَالِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ. ثَنَا جَدِّي: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ سُئل عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عَمَّارٍ: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" 1. فَقَالَ: هُوَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتَلَتْهُ الفئة الْبَاغِيَةُ. وَقَالَ: فِي هَذَا غَيْرَ حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَرِهَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا بِأَكْثَرِ مِنْ هَذَا. 21- محمد بن إبراهيم بن نُومرد: أبو بكر الدّامَغانيّ. سمع: عَمار بن رجاء الْجُرْجانيّ، ويحيى بن أبي طالب. وقبلهما أحمد بن منصور زاج. وعنه: الحسين بن محمد بن قيصر الدّامغانيّ، وعبد الله بن محمد الدروقي، وعبد الرحمن بن أبي عبد الرحمن القاضي، وغيرهم. توفي في جمادى الآخرة.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "447، 2812"، مسلم "2915"، وأحمد في المسند "3/ 5، 90، 91"، وابن حبان في صحيحه "7079".

22- محمد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم1: أَبُو بَكْر البغداديّ المقرئ. سمع: محمد بن حمزة الطّوسيّ، ومحمد بن عُبيْد الله المناديّ. وعنه: عبد الواحد بن مسرور البلْخيّ، وابن جُمَيْع، وعبد الله بن أحمد خُجْنُج النَّحويّ. وكان صدوقًا. بقي إلى هذه السنة. 23- محمد بن إسماعيل2: أبو بكر الفَرْغانيّ الصّوفيّ، أستاذ أبي بكر الدّقيّ. كان من المجتهدين في العبادة. قال الدقّيّ: ما رأيت أحسن منه ممّن يُظْهر الغِنى في الفقر. كان يلبس قميصين أبيضين ورداءً وسراويل ونعْلًا نظيفًا وعمامة. وفي يده مفتاح، وليس له بيت. ينطرح في المساجد ويطوي الخمسَ والستَّ. وقال أحمد بن عليّ الرُّسْتُميّ: كان يسيحُ ومعه كوزٌ فيه قميص نظيف رقيق، فإذا اشتهي دُخول بلدٍ تنظَّف ولبس القميص، ومعه مفتاح منقوش، فُيصلّي ويطرحه بين يديه، يوهم أنُه تاجر. وقال عبد الواحد بن بكر: سمعت الدّقّيّ: سمعت الفرغاني محمد بن إسماعيل يقول: دخلتُ الدَّير الذي بطور سيناء فأتاني مطرانهم بأقوامٍ كأنهم نُشروا من القبور فقال: هؤلاء يأكل أحدهم في الأسبوع أكلة يفخرون بذلكً. فقلتُ لهم: كم صبر مِسيحيُّكم هذا؟ قالوا: ثلاثين يومًا. وكنتُ قاعدًا في وسطَ الدَّيْرِ، فلم أزل جالسًا أربعين يومًا لم آكل ولم أشرب، فخرج إليّ مطرانهم قال: يا هذا، قُم فَقَدْ أفسدت قلوبَ كلّ من في الدَّيْرِ. فقلت: حتّى أُتِمّ ستّين يومًا. فألحوا عليَّ فخرجتُ. 24- محمد بن إسماعيل القُرطبيّ النَّحْويّ3: ويُعرف بالحكيم. سمع: محمد بن وضاح، وعبد الله بن مسَرَّة، ومحمد بن عبد السّلام الخُشنيّ، ومطرف بن قيس. وكان عالما بالنحو والحساب، لطيف النظر، مثيرا للمعاني. عاش ثمانين سنة، وتخرج به أئمة كبار. 25- محمد بن حكم الزيات القرطبي4: أبو القاسم. توفي في هذا الحد. روى عن: محمد بن وضاح، وإبراهيم ابن باز، ومطرف بْن قَيْس. روى عنه: عبد

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 256، 257"، المنتظم "6/ 355". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 290، 291"، النجوم الزاهرة "3/ 279، 280"، شذرات الذهب "2/ 329". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 52"، بغية الوعاة "1/ 55". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 52".

الله بن محمد بن عثمان، ويحيى بن هلال، وخلَف بن محمد الخَوْلانيّ، وغيرهم. 26- محمد بن الحسين بن ماقولة: أبو جعفر المَدينيًّ مستملي أحمد بن مهديّ. 27- محمد بن العبّاس بن يونس1: أبو بكر المحاربيّ الدمشقيّ، ويعرف بابن زلْزَل. كان جدُّهم قسيسًا بجوبر. سمع بكّار بن قُتيبة، وأبا زُرْعَة النَّصريّ، وجماعة. وعنه: أبو العبّاس السمِّسار، وعبد الوّهاب الكِلابيّ. 28- محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحديد الصَّدَفيّ الْمَصْرِيّ: سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، ووفاء بن سُهيل، والرّبيع بن سليمان، وابن عبد الحكم، والقاضي بكار. قال ابن يونس: كان ثقة، يُكنّى أبا الحسين مولى الصَّدَف. وكان فقيهًا على مذهب أبي حنيفة، فرضيًّا عاقلًا. توُفيّ في جُمادى الأولى. 29- محمد بن عُمير الْجُهنيّ2: مولاهم الدّمشقيّ، سبط محمد بن هشام بن ملاس. روى عن: محمد بن سليمان بن مطر، ويونس بن عبد الأعلى. وعنه: عبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر بن أبي الحديد السلمي، وأحمد بن عبد الله بن زُريق البغدادي ثم المصري. 30- محمد بن مخلد بن حفص3: أبو عبد الله الدوري العطار. سمع: يعقوب الدَّورقيّ، والفضل بن سهل، وأصْبغ بن إسماعيل السّهميّ، والحسن بن عرفة، ومحمد بن عثمان بن كرامة، ومسلم بن الحجاج القشيري، وخلقا كثيرا. وعنه: أبو بكر الآجري، والجعابي، والدارقطني، وأبو الحسن بن الجندي، وابن الصلت الأهوازي، وأبو عمر ابن مهدي، وطائفة سواهم. وكان موصوفا بالصدق والثقة والصلاح. ولد سنة أربع وثلاثين ومائتين أو سنة ثلاثٍ. سُئل عنه الدارقطني فقال: ثقة مأمون. قلتُ: وله تصانيف وتخاريج. تُوفيّ في جُمادى الآخرة رحمه الله تعالى. 31- مُحَمَّد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة الأندلسي4: بالأندلُس.

_ 1 تاريخ دمشق "38/ 162، 163". 2 تاريخ دمشق "39/ 152، 153". 3 المنتظم "6/ 334"، سير أعلام النبلاء "15/ 256، 257"، تاريخ بغداد "3/ 310، 311". 4 تقدمت ترجمته في الطبقة الماضية برقم "515".

يُقال: توفيّ فيها. وقد تقدمَّ ذكره. له رواية عن عمّه محمد بن عمر. "حرف النون": 32- نصْر بن أحمد بن إسماعيل1 بن أسد بن سامان: الملك أبو الْحَسَن صاحب ما وراء النّهر، وابن ملوكها. كان ملكا رفيع العماد، وروى الزّناد، زكيّ المرَاد، ملك البلاد، ودانت له العباد. وكان قد قُتل أبوه سنة إحدى وثلاثمائة، وبقي نَصر في الملك ثلاثين سنة وثلاثين يومًا. وقام بعده ولده أبو محمد نوح. "حرف الهاء": 33- هارون بن يوسف بْن هارون بن ناصح: أبو عليّ الأُسوانيّ. سمع: بحر بن نصْر الخولانيّ، وابن عبد الحكمَ. وكانت القُضاة تقبله. وتوفيّ في ربيع الأوّل. قال ابن يونس: سمع منه معي ابني عليّ. 34- هُنَاد بن السَّريّ بن يحيى2 أخي هنَاد بن السَّريّ التّميميّ الكوفيّ: أبو السرَّيّ. كان ثقة، عسرًا في الرّواية، ويعُرف بُهنَاد الصغير. سمع: أبا سعيد الأشجّ، وأباه السريّ بن يحيى. وعنه: محمد بن عبد الله الْجُعفيّ القاضي، وأبو بكر بن أبي درام الحافظ، وأبو حازم محمد بن عليّ الوشّاء، ومحمد بن عمر الْعَلَويّ الكوفيّون. "حرف الواو": 35- وثيمَة بن عمارة بن وثيمَةَ بن موسى بن الفُرات: أبو حُذيفَة. مصريّ، توفيّ في شعبان. وأصله فارسيّ. سمع من: أبيه، وجماعة. ذكره ابن يونس.

_ 1 وفيات الأعيان "6/ 424"، شذرات الذهب "2/ 331". 2 العبر "2/ 227".

"حرف الياء": 36- يزيد بْن الْحَسَن بْن يزيد1: أبو الطّيبّ بن المُسلمة. بغداديّ كبير. سمع: الحَسن الزَّعفرانيّ، والحَسنَ بن عرفة، وابن وارة. وعنه: الدارقطني، وابن شاهين. وكان ثقة. 37- يعقوب بْن عَبْد الرحمن بْن أَحْمَد بْن يعقوب2: أبو يوسف البغداديّ الجّصاص الدّعّاء. سمع: أبا حُذافة أحمد ابن إسماعيل السهميّ، وحفص بن عمرو الرِّباليّ، وحميد بن الرَّبِيع، وعليّ بن إشكاب، وجماعة. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وإسماعيل بن زنجيّ، وعبد الله بن محمد الحنائيّ، وابن جُميْع، وغيرهم. قَالَ الْخَطِيبُ: فِي حَدِيثِهِ وهمٌ كَثِيرٌ. قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ غَدِيرٍ، عَنِ ابْنِ الْحَرَسْتَانِيِّ حُضُورًا: أَنَا أبو الْحَسَنُ الْفَقِيهُ، أَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ طَلَّابٍ، أَنَا محمد بْنُ أَحْمَدَ: ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاعِظُ، ثنا حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ. عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "اقْرَأْ عَلَيَّ سُورَةَ النِّسَاءِ". قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنزل؟! قَالَ: "إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي". فَقَرَأْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْلِهِ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] . قَالَ: فَسَالَتْ عَيْنَاهُ فَسَكَتُّ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَعْلَى مَا وَقَعَ لِي عَنِ الْجَصَّاصِ. 38- يُونُسُ بْنُ أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي: أبو سهل المصريّ الزاهد. سمع: عبد الله بن محمد ابن سعيد بن أبي مريم، وأبا عبد الرحمن النسائي. وعنه: أخوه الحافظ أبو سعيد عبد الرحمن وقال: كان أفضل أهلِ زمانه، يعني في العبادة. روى عنه: عبد الملك بن حبان، وغيره. ذكره الماليني في أربعي الصوفية، له.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 349". 2 تاريخ بغداد "14/ 294"، ميزان الاعتدال "4/ 453"، سير أعلام النبلاء "15/ 296، 297". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4582، 5055"، مسلم "800"، أبو داود "3668"، الترمذي "3024".

وفيات سنة اثتنين وثلاثين وثلاثمائة: "حرف الألف": 39- أحمد بن إشكاب بن محمد1: أبو بكر الأصبهانيّ. سمع: عُبيْد بن الحَسَن، وأبا طالب بن سوادَة. ذكره أبو عبد الله بن منَده، وأحسبه روى عنه. 40- أحمد بن عامر بن بِشْر2: أبو حامد المَرْورُّوذيّ الفقيه الشافعيّ. تفقّه على: أبي إسحاق المروزيّ، وصنَّف "الجامع" في الفقه، وشرح "مختصر المُزنيّ"، وصنَّف في أصول الفقه. وكان إمامًا لا يُشقُ غُبارُه. نزل البصرة، وعنه أخذ فقهاؤها. 41- أحمد بن عُبادة بن علَكدة بن نوح3: أبو عمر الرعيني المالكيّ، إمام جامع قُرطُبة. سمع: محمد بن وضّاح، ومحمد بن عبد السّلام الخُشنيّ. توفي في رجب. وكان زاهدا فاضلا، قُلد الشورى فلم يتقلدها. وحج فسمع من: العقيلي. 42- أحمد بن عبيد الله بن الحريص البغدادي4: سمع: العبّاس التُّرقفي، ومحمد بن عبد الملك الدّقيقيّ. وعنه: الدَّارقطنيّ، وابن شاهين، وعمر الكتّانيّ. 43- أحمد بن عيسى5: أبو بكر الخواص. سمع: عليّ بن حرب، وجماعة. وعنه: ابن نحيب، وابن شاهين، والدّارقطنيّ ووثَّقة. عاش بضعًا وثمانين سنة. 44- أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن6: مولى بني هاشم، أبو العبّاس الكوفيّ الحافظ المعروف بابن عُقْدة، وهو لقبُ أبيه. سمع: أبا الجعفر بن المنادي، والحسن بن عليّ بن عفّان، وأحمد بن عبد الحميد الحارثي، والحسن بن

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 149". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 166، 167"، البداية والنهاية "11/ 209"، الوافي بالوفيات "6/ 265". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 34". 4 تاريخ بغداد "4/ 253". 5 تاريخ بغداد "4/ 282". 6 تاريخ بغداد "5/ 14-22"، سير أعلام النبلاء "15/ 340، 55"، ميزان الاعتدال "1/ 136-138".

مُكرمَ، وعليّ بن داود القنطريّ، وعبد الله بن أبي مَسَرة المكيّ، وإبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وعبد الله ابن أسامة لكلبي، ويحيى بن أبي طالب، ومحمد بن الحسين الحُنينيّ، وخلقًا كثيرًا حتّى سمع من أقرانه، وأصغر منه. وكان حافظًا كبيرًا، جَمَعَ الأبواب والتراجم. روي عنه: الجعابيّ، وابن عديّ، والطبرانيّ، والدّارقطنيّ، وعمر الكتانيّ، وابن جُميعْ، وإبراهيم بن خُرشيد قولة، وأبو عمر بن مهديّ، وابن الصلت، وأبو الْحُسَيْن بْن المتيم، وخلق سواهم. وكان أبو عقُدَة إمامًا في النَّحو والتَّصريف، ورعًا خيِّرًا. أنبأني ابن علان، ومؤمل بن محمد البالسي قلا: ثنا الكنديّ، أنا القزاز، نا أبو بكر الخطيب: أنا أبو الحسين أحمد بن محمد الواعظ نا ابن عقدة سنة ثلاثة إملاءً: نا عبد الله بن الحسين بن الحسن الأشقر: سمعتُ عثام بن عليّ: سمعتُ سُفيان يقول: لا يجتمع حُبّ عليّ وعثمان إلا فِي قلوب نبلاء الرجال. قلتُ: ما يملي ابن عقدة مثل هذا وإلا وأمره في التشيع متوسطّ. قال الوزير أبو الفضل بن حنزابة: سمعت الدّارَقُطْنيّ يقول: أجمعَ أهل الكوفة أنّه لم يُرَ بالكوفة من زمن ابن مسعود -رضي الله عنه- إلى زمن أبي العبّاس ابن عُقْدة أحفظ منه. أبو أحمد الحاكم قال: قال لي ابن عقدة: دخل البرديجيّ الكوفَة، فزعم أنّه أحفظ مني. فقلت: لا تطول، نتقدم إِلَى دكان وراق، ونضع القبان، ونزن من الكتب ما شئت. ثمّ يُلقى علينا فنذكره. قال: فبقي. قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: ما رأيت أحفظ لحديث الكوفييّن من ابن عقدة. وعن ابن عقدة قال: أنا أُجيب في ثلاثمائة ألف حديث من حديث أهل البيت وبني هاشم. وروى هذا أيضًا الدّارَقُطْنيّ. وعن ابن عقدة قال: أحفظ مائة ألف حديث بالإسناد والمتن، وأُذاكر بثلاثمائة ألف حديث. وقال عبد الغنيّ: سمعت الدّارَقُطْنيّ قال: كان ابن عقدة يعلم ما عند الناس، ولا يعلم الناس ما عنده. وقال أبو سعد المالينيّ: أراد ابن عقدة أن ينتقل، فكانت كتبه ستمائة حملة. قلتُ: وكلّ أحدٍ يخضع لحفظ ابن عقدة، ولكنه ضعيف. قال أبو أحمد بن عديّ: كان أبو العباس صاحب معرفة وحفظ، ومقدم في هذه الصنعة، إلا أنيّ رأيت مشايخ بغداد يسيئون الثّناء عليه، ورأيت فيه مجازفات، حتى كان يقول: حدَّثني فلانة قالت: هذا كتاب فلان قرأت فيه: ثنا فلان. وهذا

مجازفة. وكان مقَّدمًا في الشّيعة. ولولا اشتراطي أن أذكر كلّ من تُكلِّم فيه لما ذكرته للفضل الذي فيه. وقال البرقانيّ: قلت للدارقطني: إيش أكثر ما في نفسك من ابن عقدة؟ قال: الإكثار بالمناكير. وقال السُّلمي: سألتُ الدّارَقُطْنيّ عَنْهُ فقال: حافظ محدث، ولم يكن في الدّين بقوي، ولا أزيد عَلَى هذا. وقال حمزة بن محمد ابن طاهر: سمعتُ الدَّارَقُطْنِيّ يقول: ابن عقدة رجل سوء. وقال أبو عمر بن حيويْه: كان ابن عقدة يُمْلِي مثالبَ الصّحابة، أو قال: الشيخين، فتركتُ حديثه. وقال عبدان الأهوازيّ: ابن عقدة خرج عن معاني أصحاب الحديث، ولا يُذكر معهم. يعني لما كان يُظهْر من الكثرة. وتكلَّم فيه مُطين. وقال ابن عديّ: سمعت أبا بكر بن أبي غالب يقول: ابن عقدة لا يتدين بالحديث لأنّه كان يحمل شيوخًا بالكوفة على الكذب، يسوي لهم نسخًا ويأمرهم أن يرووها، ثمّ يرويها عنهم. قد تبينا ذلك منه في غير شيخ. وسمعت محمد بن محمد الباغنديّ يحكي فيه شبيهًا بهذا، وقال: كتب إلينا أنهّ قد خرج من الكوفة شيخ عنده نُسخ فقدمنا عليه، وقصدنا الشَّيْخَ وطالبناه بأصول ما يرويه. فقال: ليس عندي أصلٌ، إنما جاءني ابن عقدة بهذه النسّخ، وقال: اروه يكُن لك فيه ذِكر، ويُرْحل إليك. مَوْلِدُ ابْنِ عُقْدَةَ فِي سنة تسعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَتُوُفِّيَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ. وَوَقَعَ لِي حَدِيثُهُ بِعُلُوٍّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ غَدِيرٍ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، أَنَا أَبُو نَصْرٍ، أَنَا ابْنُ جُمَيْعٍ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنِ سَعِيدٍ الْحَافِظُ بِالْكُوفَةِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ شَيْبَانَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَيْفِ عُمَيْرَةَ: حَدَّثَنِي أَبِي: حَدَّثَنِي العباس ابن الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثَعْلَبَةَ أَبِي بحرٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: اسْتَضْحَكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "عَجِبْتُ لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْضِي لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ" 1. 45- أحمد بن محمد بن أبي سعيد: أبو بكر البزاز. سمع: أحمد بن أبي غرزة. وعنه: يوسف القواس وقال: ثقة.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أحمد في المسند "3/ 117، 184"، وعبد الله بن أحمد في مسنده أبيه "5/ 24"، ابن حبان في صحيحه "728"، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة "148"، وفي الباب عن صهيب أخرجه مسلم "2999".

46- أحمد بن محمد بن عمر بن أبان1: أبو الحسن العبديّ اللنبانيّ الأصبهاني. سمع ببغداد من أبي بكر بن أبي الدنيا جملة من تصانيفه. وسمع "المسند" كله من عبد الله بن أحمد بن حنبل. وعنه: الحسن بن محمد ابن أريوه، وأبو عبد الله بْن منده، وأبو عمر عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب السُّلمي، وغيرهم. تُوُفّي فِي ربيع الآخر. 47- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الوليد2: أبو العباس التميميّ، ابن ولاد المصريّ. هو من كبار النحاة، وكذا أبو وجده. سافر إلى العراق، وأخذ عن أبي إسحاق الزّجاج، وطبقته ورجع. صنَّف كتاب "الانتصار لسيبويه على المبرّد" وهو من أحسن الكتب. وله: "المقصود والممدود". وكان هو وأبو جعفر النّحّاس شيخيْ مصر في زمانهما. وقيل هو بغداديّ سكن مصر. وقد روى عن المبرد أيضًا. حدَّث عنه: عبد الله بن محمد بن سعيد المصريّ الشّاعر. 48- أَحْمَد بن محمد بن يعقوب3: أبو عبد الله البَصريّ، المعروف بالبريديّ. أحد الأعيان والمتموّلين، وأُولي الدَّهاء والإقدام. ولي وزارة الراضي بالله محمد بن المقتدر سنة سبعٍ وعشرين، وخلفَه بالحضرة أبو بكر النَّفريّ؛ لأنّه كان بواسط، ثمّ عُزل عن الوزارة بعد سنة وأشُهر. ثمّ وَزرَ للمتقيّ بالله إبراهيم بن المقتدر في سنة تسعٍ وعشرين، ثمّ اختلف عليه الجند وحاربوه وهزموه، فانحدر إلى واسط بعد أيّام من وزارته. ثمّ وزر سنة ثلاثين شهرًا، ثمّ عُزل وصودر مَرَّاتٍ. وقد مرَّ في الحوادث من أخباره. توفي بالبصرة من شوّال. 49- إبراهيم بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم4: أبو إِسْحَاق الحنبلي الفقيه، صاحب المروذي. سمه منه، ومن: عباس الدُّوريّ، ويحيى بن أبي طالب. وصنف في المذهب. روى عنه: الدّارَقُطْنيّ.

_ 1 أخبار أصبهان "1/ 137"، سير أعلام النبلاء "5/ 311، 312". 2 معجم الأدباء "4/ 201-203"، شذرات الذهب "2/ 332". 3 الكامل في التاريخ "8/ 410"، البداية والنهاية "11/ 208". 4 تاريخ بغداد "6/ 41"، طبقات الحنابلة "2/ 16".

50- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن علي بن بَطحاء التميميّ البغداديّ1 المحتسب: سمع: أبا، وعلي بن حرب، والعطاردي، وعباسًا الدوري، وطبقتهم. وعنه: الدارقطني، ويوسف القواس، وعبيد الله بن أبي مسلم الفرضي. ولد سنة خمسين ومائتين. ومات في صفر. قال الدّارَقُطْنيّ: ثقة، فاضل. 51- إسماعيل بن عمر بن الوليد القُرطُبيّ2 الفقيه: أبو الأصبغ. كان مشاورًا في الأحكام، مُفتيًا، نبيلًا. سمع: محمد بن وضّاح، وابن مطروح. أرّخه القاضي عيِاض. 52- أيّوب بن صالح بن سليمان بن صالح3 بن هشام بن غريب: أبو صالح المعافريّ، القُرطبيّ المالكيّ. روي عن: العُتْبيّ الفقيه، وأبي زيد، وعبد الله بن خالد، وابن مُزَين. وقال ابن الفَرضيّ: كان إمامًا في مذهب مالك. دارت عليه الفتوى في وقته وعلى محمد بن لُبابَة. وكان متصرِّفًا في علم النَّحو والبلاغة والشِّعْر. وكان مجانبًا للدولة، لكنّه ولي الحسْبة فأحسن السّيرة. وتُوُفّي فِي المحرَّم. "حرف الحاء": 53- الْحَسَن بْن سعد بن إدريس بن خَلَف4: أبو عليّ الكُتاميّ البربريّ. سمع: بقيّ بن مخلد الحافظ. وباليمن من: إسحاق الدَّبَريّ. وكُتامة قبيلة من البربر. 54- الحسن بن يوسف بن يعقوب بن ميمون5: أبو عليّ الحدّاديّ، إمام جامع مصر. يروي عن: يونس بْن عَبْد الأعلى، وبحر بْن نَصْر، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بن الحكم، وغيرهم. وعنه: ابن مَنْدَه أبو عبد الله؟ 55- الحسين بن الحسن بن أحمد بن النّضْر بن حليم6: أبو عبد الله النضري

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 164". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 65". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 86"، سير أعلام النبلاء "15/ 330"، الوافي بالوفيات "10/ 52". 4 تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي "1/ 110". 5 المنتظم لابن الجوزي "6/ 337، 338". 6 الإكمال لابن ماكولا "7/ 354".

المَرْوزِيّ، والد عبد الله بن الحسين البصريّ. امتنع من التحديث، فيما أخبار ابن ماكولا، إلي أن أنفذ إليه الحاكم أبو الفضل ابنه، فحدَّث بكتب ابن أبي الدُّنيا، "وسُنَن أبي داود"، "وفوائد عبّاس الدُّوريّ"، عنهم. وحدَّث بكتاب "معاني القرآن" للفرّاء، عن السّريّ، عنه. "حرف السين": 56- سعيد بن محمد بن نصر: أبو عمرو بن ممّوس القّطان. سمع: أباه، وعليّ بن عبد العزيز البغَويّ، وأبا يزيد القراطيسي. وعنه: أحمد بن فارس اللغوي، والقاسم بن محمد السراج، وجماعة. توفي بجرجان. 57- سليمان بن أبي سعيد الجنابي القرمطي1: زعيم قومه، هلك بالجدري في رمضان، فلا رحمه الله. وقد مرت أخباره في سنة سبع عشرة في الحوادث. "حرف العين": 58- العباس بن محمد بن قوهيار2: أبو الفضل النيسابوري. سمع: إسحاق بْن عَبْد الله بْن رَزِين، وعليّ بْن الحَسَن الهلالي، ومحمد بن عَبْد الوهّاب. وانتخب عليه أبو علي الحافظ. قال الحاكم: سمعتُ وُلده يذكرون أنّه دخل الحمّام، فحلق القيّم رأسَهُ، والقيم سكران، فأرسل الموسى في دماغه. فأخرجوه مِن الحمام فمات في ربيع الآخر. روى عن: ابن محمِش، ومحمد بن المظفَّر الحافظ، وأبو الحسن العلويّ، وآخرون. قيل: اسم جدّه قُوهيار مُعاذ. 59- عبد الله بن إسحاق3: أبو محمد المصريّ الجوهريّ. حدَّث ببغداد عن: الربيع بن سليمان، وبكار القاضي، وإبراهيم بن مرزوق، وأبي زرعة الدمشقي. وعنه: الدارقطني، وابن شاهين، وابن جميع، وأبو أحمد الفرضي، وأبو عمر بن مهدي، ومحمد بن عثمان النفري. مات في ربيع الأول. وحدَّث عنه أبو يَعلَى عثمان بن المحسن الطوسي، وقال: ثقة.

_ 1 المنتظم "6/ 336"، الكامل في التاريخ "8/ 415". 2 تاريخ بغداد "12/ 157"، سير أعلام النبلاء "15/ 331". 3 تاريخ بغداد "9/ 388"، المنتظم "6/ 338".

60- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي سعيد1: أبو بكر البزاز. خال ابن الجعابيّ. سمع: الزَّعفرانيّ، وعليّ بن إشكاب، وجماعة. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وابن شاهين وعبد الله الصَّفّار. وكان ثقة. 61- عَبْد الرَّحْمَن بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عبد الرحمن بن عبد الله بن يزيد: المقرئ المالكيّ. سمع من: جدّه. روى عنه ابن جُميْع بالإجازة. 62- عبد العزيز بن أحمد بن الفرج: أبو محمد الغافقيّ، مولاهم المصري. كان يخضب بالحناء، فقيل له: الأحمريّ. قال ابن يونس: ثقة، ثبْت. روى عن: محمد بن زيدان الكوفيّ، وبكّار بن قُتيبة، وإبراهيم بن مرزوق. توفي في جمادى الأول من السنة. 63- عبد العزيز بن قيس: أبو زيد البصري، ثمّ المصريّ. روى عن: بكار بن قُتيبة، ويزيد بن سنان القزاز. قال ابن يونس: كان ثقة. لم يكن من أهل المعرفة بالحديث. توفي في ربيع الأوّل سنة 332. 64- عُبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عمْرو النصريّ3: أبو محمد الدمشقيّ. ورى عن: جدّه لأمه أبي زُرعة. وعنه: عبد الوهاب الكلابي، ومحمد ب جعفر الصَّيداويّ. 65- عمرو بن صالح4: أبو حفص المُريًّ الجديانيّ. حدَّث بقرية جَديا من الغُوطة، عن: إبراهيم الجوزجاني، وبكر ابن حفص. وعنه: عبد الوهّاب الكلابيّ، ووالد تمتام. "حرف القاف": 66- القاسم بن داود بن سليمان بن مردانشاه5: أبو ذَرّ الكاتب. بغداديّ، ثقة، نبيل. روى عن: سعدان بن نصْر، وعباس الترقفي، وأحمد بن منصور

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 225، 226"، والمنتظم "6/ 338". 2 معجم الشيوخ لابن جميع "310". 3 تاريخ دمشق "25/ 234". 4 الإكمال لابن ماكولا "3/ 22"، الأنساب "3/ 205". 5 تاريخ بغداد "12/ 448، 449".

الرمادي، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن شاذان، والمعافى بن زكريا، وابن جميع، وآخرون. ورَّخه الخطيب. "حرف الميم": 67- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي سعيد1: أبو بكر البغدادي، البزاز. روى عن: أحمد بن أبي غَرزَة الغفَاريّ. وعنه: يوسف القّواس، وعبيد الله بن أحمد المقرئ. وثَّقه القوّاس. 68- محمد بْن إبراهيم بْن عَمْرو الْقُرَشِيّ السَّهميّ: أبو الحسين. مصريّ، روى عن: عُبيْد الله بن سعيد بن عُفير، وخيْر بن موفَّق. 69- محمد بن بِشْر بن بطريق2: أبو بكر الزُّبيري العَكريّ. في شوّال. سمع: بحر بن نصر الخولاني، وابن عبد الحكم الفقيه، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وعبد الرحمن عمر النّحاس. وقال يحيى بن عليّ بن الطّحّان: عند كثير مِن أهل العمل أنهّ مصريّ، لأنّه دخل مصر صغيرًا. ووُلد بسامّراء سنة ثمانٍ وأربعين. قال ابن يونس: هو مولى عتيق بن مَسلَمة الزُبيريّ. والزُبيري ضبطه الصّوريّ. 70- محمد بن بكّار بن يزيد بن المَرْزبان3: أبو الْحَسَن السَّكْسكيّ، قاضي بيت لِهْيا. سمع: محمد بن إسماعيل بن عُليَّة، وشعيب بن شعيب بن إِسْحَاق، وبكّار بن قُتيبة، وجماعة. وعنه: أبو محمد بن ذكوان البعلبكي، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهاب الكِلابيّ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وابن ابنه الحسين بن أحمد بن محمد بن بكّار. توفي ببيت لَهْيا. 71- محمد بن الحسن بن يونس4: أبو العباس الهُذليّ، النحَّوي، الكوفيّ. قرأ القرآن وتلقَّنه على أبي الحسن عليّ بن الحسن بن عبد الرحمن التيمي الْمُقْرِئ. قرأ عليه: القاضي محمد بْن عَبْد اللَّه الهرواني الجعفي، وأبو الْحَسَن محمد بْن جعفر التميمي النجار.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 306". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 413"، لسان الميزان "5/ 93، 94". 3 تاريخ دمشق "37/ 216، 217". 4 الوافي بالوفيات "2/ 436"، غاية النهاية "2/ 125، 126"، بغية الوعاة "1/ 90".

72- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن الخليل1: أبو بكر النيسابوري القطان، الشيخ صالح، مسُندِ نيسابور. سمع: أحمد بن منصور، وأحمد بن الأزهر، وأحمد بن يوسف، وعبد الرحمن بن بِشْر، والذُّهليّ، وهذه الطبقة. روى عنه: أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، وأبو علي الحافظ، وابن منده، ومحمد بن محمد بن مَحْمِش، ومحمد بن الحسين العلوي. قال أبو عبد الله الحاكم: أحضروني مجلسَه غير مَرَّةٍ، ولم يصحّ لي عنه شيء. توفي في شوّال، وأظنّه جاوز التسعين. 73- محمد بن زُفر: الفقيه أبو بكر المازنيّ. سمع: عبد الملك بن عبد الحميد الميمونيّ الفقيه، وأبا زُرعة الدّمشقيّ، وعبد الله بن الحسين المصيصيّ، وجماعة. وعنه: أبو الحسين الرازيّ، وأحمد بن البراميّ. 74- محمد بن سهل بن اسود الجمليّ: مصريّ. عن: أبي الزِّنْباع رَوْح بن الفرج، وطبقته. 75- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم بن ثابت2: أبو بكر بن شَلْحويْه الدمشقيّ. سمع: شُعيب بن عمرو، وأبا إسحاق الجوزجانيّ، وإسماعيل بن عُبيد الله العجليّ. وعنه: أبو سليمان بن زبر، وأبو هشام المؤدِّب، وأبو حفص بن شاهين. 76- محمد بن علي بن روبة: سمع: العطارديّ. وعنه: الدّارَقُطْنيّ. وكان ثقة. 77- محمد بن عمار العجلي العطار3: أبو جعفر. كوفي حافظ، عاش خمسا وثمانين سنة. قال ابن حمّاد الحافظ: كان ابن عقدة يتكَّلم فِيهِ، وهو يتكلم في ابن عقدة. 78- محمد بن عمران بن موسى4: أبو جعفر الشَّرْمَغُولي. وشرمغول بها

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 318، 319"، الوافي بالوفيات "2/ 372"، شذرات الذهب "2/ 332". 2 تاريخ دمشق "38/ 228". 3 لسان الميزان "5/ 317، 318". 4 الأنساب "7/ 323".

قلعة، وهي علي أربع فراسخ مِن نَسَا. سمع ببغداد: موسى الوشّاء، ومحمد بن يوسف بن الطباع، وأحمد بن أبي خيثمة، جماعة. وسمع منه "تاريخ ابن أبي خيثمة" جماعةً منهم: أبو عليّ الحافظ، وأبو أحمد الحاكم. 79- محمد بن محمد بن أبي حُذيفَةَ الدّمشقيّ1: أبو عليّ واسم أبي حذيفة: القاسم بن عبد الغني. سمع: محمد بن هشام بن ملاس، والوليد بن مروان، وربيعة بن الحارث الحمصي، وبكار بن قتيبة، وأبو أمية الطرسوسي، وجماعة. وعنه: أبو الحسين بن شمعون، وأبو حفص بن شاهين، وأبو عبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وجماعة. 80- محمد بن يزداد الشهرزوري الأمير2: ولي إمرة دمشق من قبل محمد بن رائق، إذ غلب على دمشق سنة ثمان وعشرين. فلما قتل ابن رائق وجاء الإخشيد صاحب مصر، استأمنَ إليه محمد بن يزداد. وبلغنا أنه توفي في مصر وهو على شرطة الإخشيد في هذا العام. 81- محمد بن يونس بن إبراهيم بن النَّضر: أبو عبد الله الّنَيْسابوري الشَّعراني المقرئ. قال الحاكم: كان من أئمّة القراء والعُباد. رأيته يرّسل شعره الأبيض. سمع: السرَّيّ بن خُزَيْمَة، والحسين بن الفضل. وبالعراق: أبا مسلم الكَجّيّ، وطبقته. روى عنه: يحيى العنبريّ، وأبو عليّ الحافظ. 82- محمود بن إسحاق البخاري القواس: سمع من: محمد بن إسماعيل البخاريّ، ومحمد بن الحسن بن جعفر صاحب يزيد بن هارون. وحدَّث، وعُمِّر دهرا. أرخه الخليلي، وقال: ثنا عنه محمد بن أحمد الملاحميّ. "حرف الهاء": 83- هشام بن أحمد بن هشام بن عبد الله بن كثير3: أبو الوليد الدّمشقيّ المقرئ.

_ 1 تاريخ دمشق "39/ 313". 2 أمراء دمشق في الإسلام "80". 3 المعجم الصغير للطبراني "2/ 127"، تاريخ دمشق "19/ 579".

سمع: العباس بن الوليد البيروتيّ، وأبا زُرعَة، وهلال بن العلاء، والكُديميّ، وجماعة. وعنه: أحمد بن عُتْبة الجوبري، والطَّبرانيّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وأبو حفص بن شاهين، وآخرون. "حرف الياء": 84- يعقوب بن إسحاق: أبو الفضل الْهَرَويّ الحافظ. سمع: عثمان بن سعيد الدارمي، ومن بعده. وصنف جزءًا في الرّدّ على اللَّفْظية. روى عَنْهُ: عبد الرحمن بن أبي حاتم بالإجازة وهو أكبر منه، وأهل بلده. 85- يوسف بن عبد الله التميميّ القفصيّ المالكيّ1: كان مِن أفقه أهلِ زمانه، وله شعرٌ جَيِّدٌ. ذكره القاضي عياض، وعظمه. وفيات سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة: "حرف الألف": 86- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الوهّاب الشيَّبانيّ الدّمشقيّ2: أبو الّطّيب، المعروف بابن عَبَادِلَ. سمع: أبا أمَيَّة، والعباس بن الوليد البيروتيّ، وبحر بن نصر الخولانيّ، وإبراهيم بن مُنقْذ، وخلقًا كثيرًا. روى عنه: أبو هاشم المؤدَّب، والطَّبراني، وأبو بكر بن أبي الحديد، وعبد الوهّاب الكلابيّ، وجماعة. وثِّق. 87- أحمد بن إسماعيل بن جبريل بن الفيل: أبو حامد الصّرّام. روى كُتب الفقه والتفسير ببلْخ أو بخاري. وسمع: يوسف بن بلال، وغيره. وجاوز ثمانين سنة. 88- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن المبارك بن حبيب الأُمويّ المروانيّ الأندلسي3: من بيت حشمة وشرف.

_ 1 ترتيب المدارك "4/ 356". 2 المعجم الصغير للطبراني "1/ 73، 74"، سير أعلام النبلاء "15/ 332". 3 جذوة المقتبس للحميدي "128".

يروي عن: بقيّ بن مخلد، وغيره، ومحمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني. وكان مائلا إلى الأخبار والآداب. روى عنه: عبد الله الباجي، وسليمان بن أيوب، ومحمد بن أحمد بن مفرج. توفي في صفر. 89- أحمد بن علي بن رازح: أبو بكر الخولاني المصري. يروي عن: أبي يزيد يوسف القراطيسيّ، وغيره. 90- أحمد بن عمرو بن جابر1: أبو بكر الّطّحان الحافظ، نزيل الرملة. سمع: سليمان بن سيف الحراني، ومحمد ابن عوف الحمصيّ، وأبا زُرْعة الدّمشقيّ، والعباس بن الوليد البيروتي، وبكّار بن قُتيبة، والحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم بن عبد الله العبسّي، وطبقتهم. وعنه: أبو سليمان بْن زبْر، وأبو بَكْر بن المقرئ، ومحمد بن المظفرّ، وعمر بن عليّ الأنطاكيّ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وابن جُميع، وآخرون كثيرون. وقع لنا حديثه عاليًا. 91- أحمد بْن محمد بْن إبراهيم بْن حَكِيم2: أبو عمرو بن ممّك المَدينيّ، رحل، وسمع: ابن وارة، وأبا حاتم بالريّ، ويحيى بن أبي طالب ببغداد، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر بأطرابُلس، وأبا أسامة بحلب. وعنه: أبو الشيخ، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، وعليّ بن مَيلَة الزّاهد، وعبد الله بن أحمد بن جُولَة، وأحمد بن مَرْدَوَيْه شيوخ أبي عبد الله الثقفيّ. وكان أديبًا، فاضلًا حسن المعرفة بالحديث. تُوُفّي في جُمَادَى الْآخرة. 92- أَحْمَد بن محمد بن عاصم3: أبو بَكْر بن أبي سهل الحُلوانيّ. عن: يحيى بن أبي طالب، وأبي قلابة، وجماعة. وعنه ابن حيُّويْه، وأبو حفص الكتّانيّ، وأبو الحسن بن الْجُنديّ. وثقه الخطيب. وكان إخباريًا، علامة، نسَّابة. 93- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله4: أبو بكر الجوهري. بغدادي، مستور.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 419"، سير أعلام النبلاء "15/ 461-463"، شذرات الذهب "2/ 334". 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 122"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 451"، سير أعلام النبلاء "15/ 306، 307". 3 تاريخ بغداد "5/ 76". 4 تاريخ بغداد "5/ 44".

حدث في هذا العام عن: محمد بن يوسف الّطبّاع، وأحمد بن الهيثم البّزاز، وطبقتهم. وعنه: أبو عبد الله المرزبانيّ، وابن الصلْت المجبِّر، وغيرهما. 94- أحمد بن مسعود بن عمرو بن إدريس1: أبو بكر الزَّنبريّ الْمَصْريّ. سمع: الربيع بن سليمان بن عبد الجبّار المُراديّ، وبحر بْن نَصْر الخَوْلانيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بن عبد الحَكَم. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وابن يونس، وأبو حفص بن شاهين، وغيرهم من الرحّالة. توفي في ثالث رمضان. وقع لنا حديثه. ولا ذكرَ ابن ماكولا في الزَّنبري سواه. 95- إبراهيم بن جعفر بن أحمد2: أمير المؤمنين المتَّقي لله أبو إسحاق بن المقتدر الهاشمي العباسيّ. ولُد سنة سبعٍ وتسعين ومائتين، واستخلف سنة تسعٍ وعشرين وثلاثمائة بعد أخيه الراضي بالله. فولي الخلافة إلى هذه السنة. ثمّ إنهم خلعوه وَسَمُلوا عينيه، وبقي في قيد الحياة إلى أن مات في شعبان سنة سبعٍ وخمسين وثلاثمائة. وكان حَسَن الجسم، أبيض مُشْربًا حُمْرة. أشقر الشَّعر بجُعُودة، أشهل العينين، كثّ اللحْية. وكان فيه دين وصلات وكَثْرة صلاة، وصيام. ولا يشرب الخمر. تقدم ذِكر الراضي. "حرف الحاء": 96- حاتم بن عَقيل بن المهتدي المراري3: أبو سعيد اللؤلؤي. سمع: عبد الله بن حمّاد الآمُليّ، وغير واحد. وعنه: القاسم بن محمد بن الخليل. 97- الحسين بن محمد: أبو عبد الله الخُزاعيّ الزّيّات. كوفيّ ثقة. كان ابن عقدة يفيد عنه ويكتب عنه. توفي هذا العام.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "4/ 242"، سير أعلام النبلاء "15/ 333، 334". 2 تاريخ بغداد "6/ 51، 52"، الولاة والقضاة للكندي "290"، سير أعلام النبلاء "15/ 104-111". 3 الأنساب "11/ 222".

"حرف العين": 98- عُبيْد الله بْن محمد بْن يعقوب بن الحارث: أبو الفضل البخاريّ. أخو الفقيه عبد الله. سمع: سهل بن المتوكّل، وصالح بن محمد الحافظ. وعنه: أهل بخارى. مات في رمضان. 99- عبيد الله بن يعقوب بن يوسف1: أبو القاسم الرازي الواعظ، نزيل نيسابور. ختن أبي العباس بن سريج. رحل، وسمع: هلال بن العلاء الرَّقَّيّ، ويزيد بن عبد الصمد الدّمشقيّ، وأبا إسماعيل الترمذيّ، وجماعة كثيرة. وعنه: يحيى العنبريّ، ومحمد بن أبي بكر الإسماعيليّ. قال أبو عليّ الحافظ: كان يكذب. وقال الحاكم: كان أوحد أهل خُراسان في مجالس التّذكير. حضرتُ مجلسه. 100- عليّ بن أحمد بن نوكرد الأسْترَاباذيّ: سمع بمكّة: عليّ بن عبد العزيز. 101- عليّ بن إبراهيم بن معاوية: أبو الحسن النيَّسابوريّ المعدّل، الصّالح. سمع: أبا زُرْعة، وابن وَارَةَ، وأحمد ابن عبد الجبارالعطاردي، وأبا حاتم. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو الحسين الحجاجيّ، وأبو عبد الله الحاكم لكن ذهبَ سماعَه منه. 102- عليّ بن الحسن بن أحمد بن فروخ2: أبو الحسين الحراني بن الكلاس. قدم بغداد وحدَّث بها، عن: سليمان بن سيف، وهلال بن العلاء، وطبقتهما. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبو حفص الكتانيّ. قال الدّارَقُطْنيّ: لم يكن قويًا. وقال أبو الفتح القواس: كان حيًّا في هذه السّنة. 103- عليّ بْن محمد بْن منصور بن قُريْش: أبو الحسن السُّنيّ البخاريّ. سمع: محمد بن عيسى الطرسوسيّ، وعُبيد الله بن واصل، ومحمد بن إسماعيل الميداني. وعنه: أهل بلده.

_ 1 المغني في الضعفاء "2/ 418"، ميزان الاعتدال "3/ 18"، لسان الميزان "4/ 116، 117". 2 تاريخ بغداد "11/ 382، 383".

104- عليّ بن محمد بن المَرْزُبان1: أبو الحسن الأسواريّ الأصبهاني العابد. سمع: أحمد بن مهديّ، وابن النعُمان. وصِحبَ أبا عبد الله الخُشوعيّ. قال أبو نُعيمْ: لم يُخرِّج حديثه. 105- عمرو بن عُبيْد: أبو عليّ البلْخيّ الصَّيْدَلَانِيُّ. توفي ببلْخ فِي ذي القعْدة. "حرف الميم": 106- مُحَمَّد بْن أحمد بن تميم بن تمّام2: أبو العَرَب الإفريقيّ. كان جدّه من أمراء إفريقية. وسمع محمد من أصحاب سَحنوُن، وكان حافظًا لمذهب مالك، مفتيًا. غلبَ عليه علم الحديث والرّجال، وله تصنيف منها كتاب "مِحَن العلماء"، وكتاب "طبقات أهل إفريقيّة"، وكتاب "فضائل مكّة"، وكتاب "فضائل سَحْنُون"، وكتاب "عُبّاد إفريقية"، وغير ذلك. وَتُوُفِّي فِي ذي القِعْدَة. 107- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عمرو3: أبو علي اللُّؤلُؤيّ. بصري مشهور ثقة. سمع: أبا داود السجستاني، ويعقوب ابن إسحاق القلّوسي، والحسن بن عليّ بن بحر، والقاسم بن نصر، وعليّ بن عبد الحميد القزوينيّ. وعنه: الحسن بن عليّ الْجِيليّ، وأبو عمر القاسم بن جعفر الهاشميّ، وأبو الحسين الفسويّ، ومحمد بن أحمد بن جُمَيع الغسانيّ. وقال أبو عمر الهاشمي: كان أبا عليّ اللؤلؤي قد قرأ كتاب السُّنن على أبي داود عشرين سنة، وكان يسّمى وراقه. والورّاق عندهم القارئ للناس. قال: والزيادات التي في رواية ابن داسة حَذَفها أبو داود آخرًا لشيءٍ رابهُ في الإسناد. أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ: أَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ محمد حُضُورًا، أنا عَلِيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ، أنا أَبُو نَصْرِ بْنُ طَلابٍ، نا محمد بْنُ أَحْمَدَ: ثنا أَبُو عَلِيٍّ محمد بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَبُو الْهَيْثَمِ بِشْرُ بْنُ فَأْفَاءٍ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا شُعْبَةُ، مَرْوَانُ الأَصْغَرُ قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ: أَقَنَتَ عُمَرُ؟ قَالَ: خيرٌ من عمر.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 15". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 394، 395"، تذكرة الحفاظ "3/ 889، 890". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 307"، شذرات الذهب "2/ 334"، الوافي بالوفيات "2/ 39".

108- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن يَعْقُوب بن زُوزان1: الحافظ أبو بكر الأنطاكيّ. كان حَيًّا في هذا الوقت، ولم أر له تاريخ وفاة. وجدّه قيّده الأمير بمعجمتين. وقال: ورى عن: محمد بن إبراهيم بن كثير الصُّوريّ، وأبي الوليد بن بُرد، وأبي يزيد القراطيسيّ، وأبي علاثة محمد بن عَمْرو بن خالد، وأحمد بن يحيى الرّقّيّ، وبشر بن موسى. قلت: وزكريّا خيّاط السُّنة، وهذه الطبقة. روي عنه: محمد بن عبد الله الدّهّان، وأبو محمد بن ذَكْوان، وفرَج بن إبراهيم النّصيبيّ، وأبو الحسين بن جُميْع. قال الأمير ابن ماكولا: له رحلةٌ في الحديث. كتب بالشام، والعراق، ومصر. قلت: وتوفي سنة نيفٍ وثلاثين وثلاثمائة. 109- محمد بن إسحاق بن عيسى2: أبو بكر بن حضرون التّمّار: بغداديّ، ثقة. سمع: عليّ بن حرب، والعباس التّرْقفيّ. وعنه: أبو بكر الوارق، ومحمد بن سليم البزاز. 110- محمد بن حامد بن أحمد بن حمدويه: أبو بكر البخاري الوزان. سمع: سهل بن المتوكلّ، ومحمد بن عبد الله السَّعديّ، وجماعة. وعاش سبعين سنة. 111- محمد بن أبي الفتح3: أبو بكر القلانسيّ. بغداديّ، ثقة. سمع: عبّاس التُّرقفيّ، وعبد الرحمن بن محمد ابن منصور. وعنه: ابن المظفر، والدارقطني، وأحمد بن الفرج، وابن جُميَعْ. 112- محمد بن محمد بن عبد السلام بن ثُعْلبة4: أَبُو الحسن الخُشنيّ الأندلسيّ. سمع أباه فأكثر عنه. وكان فقيهًا مُشاوِرًا في الأحكام، قليل الفقه، رحمه اللَّه تَعَالَى. 113- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن وشَاح5: أبو بكر بن اللباد اللخمي. مولاهم

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "4/ 193"، تهذيب تاريخ دمشق "70/ 288". 2 تاريخ بغداد "1/ 257". 3 تاريخ بغداد "3/ 167". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 53". 5 سير أعلام النبلاء "15/ 360"، الوافي بالوفيات "1/ 130".

الفقيه الإفريقيّ المالكيّ. من أصحاب يحيى بن عمر الفقيه. صنَّف "فضائل مالك"، وكتاب "عصمة النّبييّن"، وكتاب "الطّهارة". وتوفي في صفر. وعليه تفقه أبو محمد بن أبي زيد. 114- محمد بن محمد بن يونس الأبهريّ الأصبهانيّ1: سمع: يونس بن حبيب، وأحمد بن عصام، وأَسِيد بن عاصم، وإبراهيم بن فهد. وعنه: ابن مَنْدَه، وعليّ بن مُقْلَة. توفيّ في ربيع الآخر. 115- مذكور بن جعفر بن أحمد: أبو زيد البلوي المؤذن المصري. روى حديثًا واحدًا عن بكّار بن قُتيْبة. وتوفي في المحرم. 116- مظفَّر بن أحمد بن حمدان2: أبو غانم المصريّ النَّحويّ المقرئ. من جلّة المقرئين بمصر. قرأ عَلَى: أَحْمَد بن عبد اللَّه بن هلال. قرأ عليه: محمد بن علي الأدفوني، ومحمد بن خُراسان الِّصقِليّ، وعامّة أهل مصر. قال ابن خُراسان: توفي في ربيع الأول سنة 333. 117- مغيرة بن راشد، أبو اليمان، قاضي القلزم. ورخه أبو سعيد بن يونس. "حرف الياء": 118- يعقوب بن محمد بن عبد الوهّاب3: أبو عيسى الدُّوريّ. حدَّث عن: الَحَسن بن عَرَفَة، وحفص الرَّباليّ، ويحيى بن حبيب الجمّال. وعنه: أبو الفتح القوّاس، وأبو الحسن الْجُنديّ، ومحمد بن أحمد بن جُمَيْع الصَّيْدَاويّ لكنّه سمّاه يعقوب بن عبد الرحمن. وذاك وهمٌ منه. قال الخطيب: كان صدوقًا.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 270". 2 غاية النهاية "2/ 301". 3 تاريخ بغداد "14/ 295".

وفيات سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة: "حرف الألف": 119- أحمد بن حامد بن مخلد البغدادي1: أبو عبد الله القطّان المقرئ. سمع: إبراهيم بن عبد الله القّصار، وأحمد بن أبي خثيمة. وعنه: ابن شاهين، وأبو القاسم بن الثّلاج، وأبو الحسن بن الصّلْت الأهوازيّ. وثَّقه الخطيب. 120- أحمد بن عبد الله بن إسحاق2: أبو الحسن الخرقيّ. تقلّد القضاء بواسط، ثمّ بمصر والمغرب. ثمّ ولي قضاء بغداد سنة ثلاثين وكان هو وأبوه وعمومته من التُّجار يشهدون على القضاء. وكان المتقّي لله يرعى له خدمته. فلمّا أفضت الخلافة إليه أحبّ أن ينّوه باسمه، ويبلغه إلى حال لم يبلغها أحد من أهله فقّلده القضاء. ولم يكن له خدمة للعلم ولا مجالسة لأهله، فتعجّب النّاس. لكن ظهرت منه رُجلة وكفاءة وعفة ونزاهة. وانقطع خبره في هذا العام لأنّه ترحّل إلي الشام ومات هناك. 121- أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن أبي قماش3: أبو عيسى الأنماطيّ. سمع: الزَّعفرانيّ، وسعدان بن نصْر، وجماعة. وعنه: أبو أحمد بن الفرضيّ، وإسماعيل بن الحسن الصَّرْصريّ. وثَّقه الخطيب. مات في ربيع الآخر. 122- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن نصر بن هلال4: أبو الفضل السُّلميّ. سمع: أباه، وموسى بن عامر المري، ومحمد بن إسماعيل بن علية، ومؤمل بن إهاب، وأبا إسحاق الجوزجاني، وغيرهم. وكان أسند من بقي بدمشق. روى عنه: أبو حفص بن شاهين، وعبد الوهاب الكلابي، ومحمد بن علي الإسفرائيني الحافظ، وأبو بكر بن أبي حديد، وعمران بن الحسن. توفي في جمادى الأولى عن بضع وتسعين سنة.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 121". 2 تاريخ بغداد "4/ 232"، الولاة والقضاة للكندي "489، 566". 3 تاريخ بغداد "4/ 34، 35". 4 سير أعلام النبلاء "15/ 310، 311"، شذرات الذهب "2/ 335".

123- أحمد بن عليّ بن سعيد: أبو عبد الله الكوفيّ الكاتب الوزير. خدم سيف الدولة بن حمدان. 124- أحمد بن محمد بن أَوس1: أبو عبد الله الهمَدانيّ المقرئ. مسُند مُعمَّر. روى عن: إبراهيم بن أحمد بن يعيش، وأحمد بن بدُيَلٍ الياميّ، وجماعة. وعنه: صالح بن أحمد الحافظ، وأبو بكر بن لال، وشعيب بن علي القاضي. وأهل همدان. وهو صدوق. 125- أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار2: أبو بكر الضبي الحلبي المعروف بالصنوبري. الشاعر المشهور، روى عنه من شعره: أبو الحسن الأديب، وأبو الحسين بن جميع، وغيرهما. فمن شعره السائر: لا النَّومُ أَدرِي به ولا الأَرقُ ... يدري بهاذَين مَن به رَمَقُ إنّ دموعي مِن طول ما استبقْت ... كلَّتْ فما تستطيعُ تستبقُ ولي مليكٌ لم تبدُ صورتُهُ ... مُذْ كان إلا صلَّت له الحَدقُ نويتُ تقبيل نارْ وجنتهِ ... وخفْتُ أدنو منها فأحترقُ وحكي الصنَّوْبرَيّ أنّ جدّه الحسن كان صاحب بيت حكمةٍ من بيوت حكم المأمون، فتكلم بين يديه فأعجبه كلمه ومزاحُه فقال: إنّك لصنوْبريُّ الشكل، يعني الذكّاء، فلقبوا جدِّي الّصنوبريّ. 126- أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهانيّ3: أبو عليّ الصّحّاف. سمع: إسماعيل بن عبد الله سمويه، وأحمد ابن عبيد الله النَّرسيّ، وموسى بن سهل الوشّاء. وعنه: ابنُ منده.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 388"، غاية النهاية "1/ 107". 2 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 456"، النجوم الزاهرة "3/ 334"، شذرات الذهب "2/ 335". 3 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 161".

127- أحمد بن محمد بن عصام1: أبو بكر القزوينيّ. ثقة، سمع: هارون بن هزاريّ، ويحيى بن عَبْدَك. روى عنه جماعة. 128- أحمد بن محمد بن ياسين2: أبو إسحاق الْهَرَويّ الحداديّ. مؤرخَّ هَرَاة. سمع: موسى بن أحمد الفريابيّ، وعثمان بن سعيد الدرامي، ومعَاذ بن المُثَنَّى، ومحمد بن إبراهيم، وجماعة يكثر عددهم. رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه بْن أَبِي ذُهل، وأبو عليّ منصور الخالديّ، ومحمد بن عليّ بن الحسن. لا يوثق به. حطّ عليه الدّارَقُطْنيّ والنّاس. روى أيضًا عن الفضل بن عبد الله اليشَكْرُيّ. قالَ أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ: سَأَلت الدّارَقُطْنِيّ عَنْهُ فقال: هُوَ شرٌ من أَبِي بشر المَرْوَزِيّ وكذبهما. وقال أبو سعد الإدريسي: سمعت أهل بلده يطعنون فيه ولا يرضونه. وكان يحفظ الحديث ويعرف، ويقع في حديثه مناكير أرجو أنّها لا تقع من جهته. وتوفي في ذي القعدة من سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. "حرف الباء": 129- بَصير بن صابر بن داود: أبو محمد البخاريّ. سمع: أسْباط بن الْيَسَع، وأبا عبد الله بن أبي حفص، والبخاريّين. وعنه: أحمد بن محمد بن عمر، وسهل بن عثمان. "حرف الحاء": 130- حَسَّان بن عبد الله بن حَسَّان3: أبو عليّ الأندلسيّ، من أهل أسْتجة. كان نبيلًا في الفقه، مُعتنيًا بالحديث، متصّرفًا في اللُّغة والآداب، ولم يكن بأستجة مثله. روى عن: عُبَيْد الله بن يحيى، والأعناقيّ، وعبد الله بن الوليد، وجماعة. 131- الحسن بن أحمد بن يعقوب4: أبو محمد الهمْدانيّ اليمنيّ، المعروف بابن الحائك. اللغويّ النَّحويّ الإخباريّ الطّبيب، صاحب التَّصانيف. كان نادرة زمانه، وواحد أوانه. وكان جَدُّه يعُرف بذي الدُمينة الحائك. وعند أهل اليمن الشاعر

_ 1 التدوين في تاريخ قزوين "2/ 242". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 339، 340"، ميزان الاعتدال "1/ 149، 150"، لسان الميزان "1/ 291". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 116". 4 أخبار الحكماء "113"، بغية الوعاة "1/ 498".

وهو الحائك لأنّه يحوكُ الكلام. ولأبي محمد شعر ومدائح في ملوك اليمن. وله كتاب كبير في عجائب اليمن، وكتاب في الطّبّ، وكتاب "المسالك والممالك". وشعْرُه سائر. ولمّا دخل الحسين بن خالُوُيْه اليمن جَمَع ديوان هذا الرجل. ومات بصنعاء في السجن في هذا السنة. 132- الحسن بن بويه: أمير أصبهان. 133- الحسن بن محمد بن هارون: أبو عليّ الفرميّ. سمع: أحمد بن داود المكّيّ، ويحيى بن أيّوب العلّاف، والمصريين. وكان موثقًا خيِّرًا. مات في ذي القعدة. 134- الحسين بن يحيى بن عياش1: أبو عبد الله المَتُّوثيّ البغداديّ القطّان الأعور. سمع: أحمد بن المقدام العجليّ، والحسن بن أبي الربيع، والحسن بن عرفة، وإبراهيم بن مُجَشِّر، وجماعة. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، والقواس ووثَّقه، وأبو الحُسين بن جُمَيْع، وهلال الحفّار، وأبو عمر بن مهديّ، وإبراهيم بن مخلد، وأبو عمر الهاشميّ. توفي في جُمَادَى الآخرة. ومولده في سنة تسع وثلاثين ومائتين. عواليه في "الثقّفيّات". وكان صاحب حديث كثير الرّواية. "حرف السين": 135- سليمان بن إسحاق الجلاب2: سمع: إسحاق الحربيّ، وغيره. وعنه: أبو عمر بن حَيُّويه، وأبو القاسم بن الثّلاج. وثَّقه الخطيب. "حرف العين": 136- عَبَّاد بن العبّاس بن عباد: أبو الحسن الطّالقانيّ. 137- عبد الله أمير المؤمنين الخليفة المستكفي بالله: ابن الخليفة المكتفي بالله عليّ بن المعتضد أحمد بن الموَّفق العّباسيّ3. أبو القاسم.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 148"، سير أعلام النبلاء "15/ 319، 320"، شذرات الذهب "2/ 335". 2 تاريخ بغداد "9/ 63"، المنتظم "6/ 345". 3 الكامل في التاريخ "8/ 420، 450، 451"، سير أعلام النبلاء "15/ 111-113".

بُويع عند خلع المَّتقيّ لله في صفر سنة ثلاثٍ وثلاثين. وقُبض عليه في جُمَادى الآخرة هذه السنة، سنة أربعٍ. وسُملت عيناه، وسُجن. وتوفيّ بعد ذلك في سنة ثمانٍ وثلاثين في السجن عن ستّ وأربعين سنة. وكان أبيض جميلًا، ربعةً من الرجال، خفيف العارضين، أكحل، أقنى، ابن أمةٍ. وبايعوه بعد المطيع لله الفضل بن المقتدر بالله. 138- عبد الملك بن بحر بن شاذان1: أبو مروان الجلاب المكي: ثقة، مُكْثر. قاله ابن يونس. حدَّث بمصر عن: محمد بن إسماعيل الصائغ، وعبد الله بن أبي مَسَرّة. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وعبد الرحمن بن عمر النّحّاس. 139- عبُيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بكير2: أبو القاسم التّميميّ. سمع: يحيى بن أبي طالب، وعبد الله ابن قتيبة، حمدان الورّاق، وعلي بن عبد العزيز البَغَويّ، وطائفة. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وأبو حفص عمر الآجُرّيّ، ومحمد بن عبد الرحيم المازنيّ. وثقّه الخطيب، وغيره. توفيّ ببغداد. 140- عَبْدُوس بن الحسين بن منصور: أبو الفضل النيَّسابوريّ النصراباذيّ. أخو الحسن. سمع: أبا حاتم، وأَبَا أحمد محمد بن عبد الوهّاب، وأبا إسماعيل الترمذيّ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو إسحاق المزكيّ. توفي في رمضان. 141- عثمان بن محمد بن علان بن أحمد بن جعفر البغداديّ3: أبو الحسين الذَّهبيّ. حدَّث بمصر، ودمشق. عن: أبي بكر بن أبي الدنيا، والحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم الحربّي، وطبقتهم. وعنه: أبو هاشم المؤّدب، وابن الضّرّاب المصريّ، وأحمد بن الميانجيّ، وأبو محمد عبد الوهّاب الكلابي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأحمد بن عمر الجيزيّ شيخ الدانيّ، وآخرون. وثقه الخطيب. توفيّ بحلب. 142- عليّ بن إسحاق بن البختريّ4: أبو الحسن المادرائي البصري. محدث

_ 1 معجم الشيوخ لابن جميع "315". 2 تاريخ بغداد "10/ 353"، المنتظم "6/ 346". 3 تاريخ بغداد "11/ 301، 302". 4 المنتظم لابن الجوزي "6/ 227"، سير أعلام النبلاء "15/ 334، 335"، النجوم الزاهرة "3/ 290".

مشهور ثقة. سمع: عليّ بن حرب، وأبا قلابة الرقاشيّ، ويوسف بن صاعد، وطائفة. وعنه: أبو الحسين بن جميع، وأبو القاسم بن جعفر الهاشميّ، وجماعة. ورحل إليه أبو عبد الله بن منده فبلغَتْهُ وفاته، فرد من الطرق ولم يدخل البصْرة. 143- عليّ بن حَسَن المرُيّ البجانيّ الأندلسي1: سمع من: يوسف المغاميّ، وطاهر بن عبد العزيز. وحدَّث. وسمع من أحمد بن موسى بن جرير. حدَّث عنه: أحمد بن سعيد بن حزم، وأحمد بن عون الله، وعليّ بن عمر بن نجيح. توفي ببجّانة. 144- عليّ بن عيسى بن داود بن الجرّاح2: أبو الحسن البغدادي الكاتب الوزير. وَزَرَ للمقتدر وللقاهر. وحدَّث عن: أحمد بن بُدَيل الياميّ، والحَسَن بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وحُمَيْد بن الربيع، وعمر بن شبَّة. روى عنه: ابنه عيسى، والطبرانيّ وأبو الطاهر الذُّهليّ. وكان صدوقًا، ديِّنًا، خيَّرًا، صالحًا عالمًا من خيار الوزراء، ومن صُلحاء الكُبَراء. وكان على الحقيقة غنّيًا شاكرًا، ولما نزل به صابرًا. وما أحسن قوله إذْ عزَّى ولدي القاضي عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف بأبيهما: مصيبةٌ قد وَجَبَ أجرُها، خيرٌ من نعمةٍ لا يؤدّى شُكْرُها. وصدق والله. وكان كثير البر والمعروف، والصّلاة والصّيام، ومجالسة العلماء. حكى أبو سهل بن زياد القطّان أنّه كان معه لما نفي إلى مكة. وقال: فطاب يومًا، وجاء فرمي بنفسه وقال: أشتهي على الله شُرْبة ماءٍ مثلوج. فنشأت بعد ساعةٍ سحابةٌ ورعدت، وجاء بردٌ كثير، وجمع الغلمان منه جرارًا، وكان الوزير صائمًا، فلمّا كان الإفطار جاءته أقداحٌ مملوءة من أصناف الأسوقة فأقبل يسقي المجاورين، ثم شرب وحمد اللَّه، وقال: ليتني تمنّيت المغفرة. وكان متواضعًا، قال: ما لبست ثوبًا بأكثر من سبعة دنانير. وقال أحمد بن كامل القاضي: سمعتُ علي بن عيسى الوزير يقول: كسبت سبعمائة ألف دينار، أخرجت منها في وجُوُه البّر ستمائة وثمانين ألفًا. توفي في آخر

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 312". 2 المنتظم "6/ 351-355"، الكامل في التاريخ "8/ 174، 183"، سير أعلام النبلاء "15/ 298-301".

السنة، وله تسعون سنة. وقد ذكرناه في الحوادث. ووقع لي من حديثه بعلُوُ في أمالي ابنه عيسى. وله كتاب "جامع الدُّعاء"، وكتاب "معاني القرآن وتفسيره"، وأعانه عليه أبو بكر بن مجاهد، وأبو الحسين الواسطي، وكتاب ترسّلاته. وزَر أولًا سنة إحدى وثلاثمائة، وعُزل بعد أربع سنين. ثمّ وزر في سنة خمس عشرة. قال الصوليّ: لا أعلم أنَّه وزر لبني العباس وزير يُشبهه في عفّته وزُهده، وحفظه للقرآن وعلمه بمعانيه. وكان يصوم نهاره ويقوم ليله. ولا أعلم أنّني خاطبتُ أحدًا أعرف منه بالشِّعر. وكان يجلس للمظالم وينصف الناس. ولم يروا أعفّ بطْنًا ولسانًا وفَرجًا منه. ولمّا عٌزل ثانيًا لم يقنع ابن الفرات حتى أخرجه عن بغداد، فجاوره بمكّة. وقال في نكبته: ومَن يكُ عنّي سائلًا لشماتةٍ ... لِما نابني أو شامتًا غير سائلِ فقد أبرزتْ مني الخطوبُ ابن حرةٍ ... صبورًا على أحوال تلك الزلازلِ إذا سُرَّ لم يبطر وليس لنكبةٍ ... إذا نزلت بالخاشع المتضائلِ وأشار علي المقتدر فوقف ما مُغله في العام تسعون ألف دينار على الحَرَميْن والثَّغر. وأفرد لهذه الوقوف ديوانًا سمّاه "ديوان البر". 145- عمر بن الحسين به عبد الله1: أبو القاسم البغداديّ الخَرِقيّ الحنبليّ، صاحب "المختصر في الفقه". روى عنه: عبد الله بن عثمان الصّفّار حكايَة، وكان من كبار الأئمة. قال أبو يعَلى بن الفرّاء: كانت لأبي القاسم مصنفات كثيرة لم تظهر لأنّه خرج عن بغداد لمّا ظهر بها سبّ الصّحابة، وأودع كَتَبُه في دار، فاحترقت تلك الدار. قلت: قدم دمشق وبها مات. وقبره بباب الصغير. قال أبو بكر الخطيب: زُرتُ قبرهَ. قلت: وكان أبوه من أئّمة الحنابلة رحمه الله تعالي. 146- عمرو بن عبد الله بن دِرهم2: أبو عثمان النيَّسْابوري الزاهد المطوعي،

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 234، 235"، المنتظم "6/ 346"، سير أعلام النبلاء "15/ 363، 364". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 364، 365".

والمعروف بالبصريّ. سمع: محمد بن عبد الوهاب الفراء، وأحمد بن معاذ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو إسحاق المزكيّ، وأبو عبد الله بن منده، والحسن بن عليّ بن المؤمّل، ومحمد بن محمش، وغيرهم. قال الحاكم: لم أُرزق السَّماع منه، على أنّه كان يحضر منزلنا وأنبسط إليه. قال أبي: صحبْتُهُ إلى رباطٍ فراوة، وما رأيت مثل اجتهاده حضرا وسفرًا. توفي في شعبان، وقد جاوز الثّمانين. "حرف الفاء": 147- فياض بن القاسم بن حُريْش1: أبو علي الدّمشقيّ. سمع: شعيب بن عمرو الضبعيّ. ثن من: أبي عبد الملك البُسريّ، وغيره. وعنه: جُمح بن القاسم المؤذّن، وأحمد بن الميانجيّ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وغيرهم. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة. "حرف الميم": 148- مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي صبيح2: أبو عبد الله المغربيّ الخراط. شيخ صالح، حسن. له رحلة قديمة. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بن الحكم، وأصحاب سحنون. ذكر عياض في الفقهاء المالكيّة. 149- محمد بن سَعِيد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى بن مرزوق القُشيري3: أبو عليّ الحرانيّ الحافظ، نزيل الرقّة ومؤرخها. سمع: سليمان بن سيف الحرانيّ، وعليّ بن عثمان النفيليّ، وأبا الحسن عبد الملك بن عبد المجيد الميمونيّ، ومحمد بن علي ين ميمون العطّار، وهلال بن العلاء، وعبد الحميد بن محمد ابن المستام، وجماعة. وعنه: أبو أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن جامع الدّهّان، ومحمد بن جعفر البغداديّ غُنْدر، وأبو الحسين بن جميع، وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب. عاش إلى هذه السنة.

_ 1 تاريخ دمشق "35/ 27". 2 ترتيب المدارك "4/ 357". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 335"، الوافي بالوفيات "3/ 95"، شذرات الذهب "2/ 337".

والمعروف بالبصريّ. سمع: محمد بن عبد الوهاب الفراء، وأحمد بن معاذ. وعنه: أبو عليّ الحافظ، وأبو إسحاق المزكيّ، وأبو عبد الله بن منده، والحسن بن عليّ بن المؤمّل، ومحمد بن محمش، وغيرهم. قال الحاكم: لم أُرزق السَّماع منه، على أنّه كان يحضر منزلنا وأنبسط إليه. قال أبي: صحبْتُهُ إلى رباطٍ فراوة، وما رأيت مثل اجتهاده حضرا وسفرًا. توفي في شعبان، وقد جاوز الثّمانين. "حرف الفاء": 147- فياض بن القاسم بن حُريْش1: أبو علي الدّمشقيّ. سمع: شعيب بن عمرو الضبعيّ. ثن من: أبي عبد الملك البُسريّ، وغيره. وعنه: جُمح بن القاسم المؤذّن، وأحمد بن الميانجيّ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وغيرهم. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة. "حرف الميم": 148- مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي صبيح2: أبو عبد الله المغربيّ الخراط. شيخ صالح، حسن. له رحلة قديمة. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بن الحكم، وأصحاب سحنون. ذكر عياض في الفقهاء المالكيّة. 149- محمد بن سَعِيد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى بن مرزوق القُشيري3: أبو عليّ الحرانيّ الحافظ، نزيل الرقّة ومؤرخها. سمع: سليمان بن سيف الحرانيّ، وعليّ بن عثمان النفيليّ، وأبا الحسن عبد الملك بن عبد المجيد الميمونيّ، ومحمد بن علي ين ميمون العطّار، وهلال بن العلاء، وعبد الحميد بن محمد ابن المستام، وجماعة. وعنه: أبو أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن جامع الدّهّان، ومحمد بن جعفر البغداديّ غُنْدر، وأبو الحسين بن جميع، وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب. عاش إلى هذه السنة.

_ 1 تاريخ دمشق "35/ 27". 2 ترتيب المدارك "4/ 357". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 335"، الوافي بالوفيات "3/ 95"، شذرات الذهب "2/ 337".

152- محمد بن عيسى1 الفقيه الحنفيّ أبو عبد الله بن أبي موسى الضرير. ولي قضاء بغداد زمن المتقيّ وزمن المستكفي. وكان ثقة مشهورًا بالفقه والتصوف لا مطعن عليه. قتلته اللصوص بداره فِي ربيع الأوَّل. 153- محمد بْن محمد بْن أَحْمَد الحاكم2: أَبُو الفضل السُّلَميّ المروزيّ الحنفيّ، الوزير الشهّيد. كان عالم مَرْو، وشيخ الحنفية. ولي قضاء بخاري، واختلف إلى الأمير الحميد، فأقرأه العلم، فلمّا تملك الحميد قلّده أزمّة الأمور كلّها. وكان يمتنع عن اسم الوزارة، فلم يزل به الأمير الحميد حتى تقلّدها. سمع أبا رجاء محمد بن حَمْدَوَيْه، ويحيى بن ساسويه الذهلي، والهيثم بن خلف الدوريّ، وطبقتهم بخُراسان، والعراق، ومصر، والحجاز، فأكثر؛ وكان يحفظ الفقيهات، ويتكلم على الحديث. ويصوم الإثنين والخميس، ويقوم اللّيل. ومناقبه جَمّة. وكان لا ينهض بأعباء الوزارة، بل نهمته في العلم وفي الطلبة الفقراء. قُتل ساجدًا. من الأنساب. 154- محمد بن محمد بن عَبّاد النَّحْويّ: ذكره القفطيّ. 155- محمد بن مطهّر بن عُبيد3: أبو النَّجا المصريّ الضرير. أحد الأئمة المالكية الأعلام. وكان رأسًا في الفرائض. له مصنفات في الفرائض والمذهب. 156- محمد بن مُعاذ بن فَهْد الشعَّرانيّ4: أبو بكر النهاونديّ. روى عن: إبراهيم بن ديزيل، تمتام، والكُدَيميّ، وطائفة وعنه: أبو بكر بن بلال، ومنصور بن جعفر النهاوندي، وغيرهما. وهو متروك واهٍ. "حرف النون": 157- نزار5: واسمه محمد القائم بأمر الله، أبو القاسم ابن الملَّقب بالمهْديّ

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 403، 404"، المنتظم "6/ 346"، الكامل في التاريخ "8/ 465". 2 المنتظم "6/ 346"، البداية والنهاية "11/ 215". 3 المنتظم "6/ 363"، البداية والنهاية "11/ 221". 4 ميزان الاعتدال "4/ 44"، سير أعلام النبلاء "15/ 387، 388"، لسان الميزان "5/ 384، 385". 5 سير أعلام النبلاء "15/ 152-156"، البداية والنهاية "11/ 210، 211"، النجوم الزاهرة "3/ 287".

عُبيد الله، الذي توثب على الأمر، وادّعى أنّه عَلَويّ فاطميّ. بايع أبا القاسم والده بولاية العهد من بعده بإفريقية، وجهزهُ في جيشٍ عظيم إلى مصر مرتين ليأخذها. المرة الأولى في سنة إحدى وثلاثمائة، فوصل إلى الإسكندرية، فملكها وملك الفيّوم، وصار في يده أكثر خراج مصر، وضيّق على أهلها. ثم رجع. ثم قدمها في سنة سبعٍ وثلاثمائة، فنزح عاملُ المقتدر عن مصر ودخلها. ثمّ خرج إلى الجيزة في جحفلٍ عظيم، فبلغ المقتدر، فجَّهز مؤنسًا الخادم إلى حربه، فجدّ في السَّير وقدم مصر، والقائم مالك الجيزة والأشمونين وأكثر بلاد الصعيد، فالتقي الْجَمْعان وجرت بينهما حروب لا توصف. ووقع في جيش القائم الوباء والغلاء، فمات الناس وخيلهم. فتقهقر إلي إفريقية، وتبعه عسكر المسلمين إلى أن بَعُدَ عنهم ودخل المهديّة، وهي المدينة التي بناها أبوه. وفي أيامه خرج عليه أبو يزيد مخلد بن كيداد، وخرج معه خلق كثير من المسلمين الصلحاء ابتغاء وجه الله تعالي لِما رأوا من إظهاره للبدْعة وإماتته للسنة. وجرت له مع هؤلاء أمور. وبخروج هذا الرجل الصالح وأمثاله على بني عُبيد، أحسنوا السيرة مع الرعيّة، وتهذبوا وطووا ما يرومونه من إظهار مذهبهم الخبيث، وساسوا مُلكهم، وقنعوا بإظهار الرفص والتشيع. توفي القائم بالمهديّة في شوّال سنة أربعٍ هذه، ومخلد المذكور محاصرًا له. وقيل: إن مخلد كان على رأي الخوارج. وكان مولد القائم بسليمة في حدود الثمانين ومائتين. وقام بعده في الحال ولده المنصور إِسْمَاعِيل. وكتم موت أَبِيهِ. وبذل الأموال، وجدّ في قتال مخلد. وقد ورد عن القائم عظائم، منها ما نقله القاضي عياض، وغيره، قال: لمّا أظهر بنو عُبيد أمرهم نصبوا حسن الأعمى السباب، لعنه الله، في الأسواق للسبّ بأسجاع لُقنها، منها: العنوا الغار وما وعي ... والكساء وما حوى. وغير ذلك. 158- نصر بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز1: أبو القَاسِم البغداديّ الدّلال سمع الحسن بن محمد الزعفراني، وأحمد ابن منصور الرمادي. وعنه: أبو الحسن بن الْجُنديّ، وابن جميع في "معجمه".

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 299، 300".

"الكنى": 159- أبو بكر الشِّبْلِيُّ1: الصوفيّ المشهور، صاحب الأحوال. اسمه دُلف بن جَحدر، وقيل جعفر بن يونس، وقيل: جعفر بن دُلف، وقيل غير ذلك. أصله من الشِّبْلِيَّةِ، وهي قرية، ومولده بسرَّ من رَأَى. ولي خالُه إمرة الإسكندرية، وولي أبوه حجابة الحُجاب، وولي هو حجابة الموفقَّ. فلما عُزل الموفَّق من ولاية العهد، حضر الشبلي يوما مجلسٍ خيرٍ النساج وتاب فيه، وصحب الْجُنيد ومن في عصره. وصار أوحد الوقت حالًا وقالًا، في حال صحوه لا في حال غيبته. وكان فقيها، مالكيّ المذهب. وسمع الحديث. حكي عنه: محمد بن عبد الله الرازي، ومنصور بْن عبد اللَّه الهَرَويّ، ومحمد بْن الْحَسَن الْبَغْدَادِيّ، وأبو القاسم عَبْد الله بن محمد الدمشقيّ، ومحمد بن أحمد الغسانيّ، وجماعة. وله كلام مشهور، وفي الكتب مسطور. فعن الشبلي في قوله تعالي: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا} [الكهف: 18] . قال: لو أطَلعت على الكُلّ لوليَّت منهم فرارًا إلينا. وقال مرّةً: آه. فقيل: من إيّ شيء؟ قال: من كلّ شيء. وقيل: إنّ ابن مجاهد قال للشبليّ: أين في العلم إفساد ما ينتفع به؟ قال له: فأين قوله: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: 33] ؟ ولكن أين معك يا مقُرئ القرآن. إنّ المُحبّ لا يعذب حبيبه. فسكت. قال: قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18] . وقال: ما قلت: الله، قطّ، إلا واستغفرت الله من قولي الله. قال جعفر الخُلْديّ: أحسن أحوال الشبليّ أن يقال فِيهِ مجنون، يُريد أنّه كثير الشطح، والمجنون رُفع عنه القلم. وقال السُّلميّ: سمعت أبا بكر الأبهري يقول: سمعت الشبلي يقول: الانبساط بالقول مع الله تَرْك الأدب، وترك الأدب يوجب الطرد. وقال أحمد بن عطاء: سمعت الشبلي قال: كتبت الحديث عشرين سنة، وجالست الفقهاء عشرين سنة. وكان يتفقه لمالك. وكان له يوم الجمعة صيحة، فصاحَ يومًا فتشوَّش الخلْق، فحرد أبو عمران الأشيب والفقهاء، فقام الشبليّ وجاء إليهم، فلمّا رآه أبو عمران

_ 1 حلية الأولياء "10/ 366-375"، سير أعلام النبلاء "15/ 367-369"، صفة الصفوة "456-461".

أجلسه بجنبه، فأراد بعضُ أصحابه أن يُرِيَ الناس أن الشبليّ جاهل فقال: يا أبا بكر، إذا اشتبه على المرأة دَم الحيض بدم الاستحاضة كيف تصنع؟ فأجاب الشبليّ بثمانية عشر جوابًا. فقام أبو عمران وقبل رأسه وقال: مِن الأجوبة ستة ما كنتُ أعرفها. رواها أبو عبد الرحمن السلمي عن أحمد بن محمد بن زكريا، عن أحمد بن عطاء. وقيل: إنه أنشد: يقول خليلي: كيف صبرُكَ عنهم؟ ... فقلتُ: وهل صبرٌ فيسأل عن كيف بقلبي جَوَيً أذْكَى من النّار حَرُّهُ ... وأصلى من التقوى وأمضى من السيف وقيل: إنه سأله سائل: هل يتحقَّق العارف بما يبدو له؟ فقال: كيف يتحقق بما لا يثبت، وكيف يطمئنّ إلى ما لا يظهر، وكيف يأنس بما لا يخفى. فهو الظاهر الباطن الظّاهر. ثم أنشد: فمن كان في طول الهوى ذاق سلوة ... فإني من ليلى لها غير ذائق وأكبر شيءٍ نلتهُ من نوالها ... أماني لم تصدق كلمحَةِ بارق وكان رحمه الله لهجًا بالغزال والمحبّة، فمن شعره: تغني العودُ فاشتقنا ... إلى الأحباب إذ غنّا أزور الدَّير سكرانًا ... وأغدوا حاملًا دنّا وكنا حيثُ ما كانوا ... وكانوا حيث ما كنا أحبرنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ: أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيُّ، أنا علي بن مسلم، أنا ابن طلاب، أَنَا ابن جُمَيْعٍ: أنشدنا الشبليّ: خرجنا السنَّ نستنّ ... ومعَنا من تري منّ فلما جننا الليل ... بذلنا بيننا دنّ وكان للشبليّ في ابتدائه مجاهدات فوق الحدّ. قال أبو علي الدقاق: بلغني أنه كحل عينيه بكذا وكذا من الملح ليعتاد السَّهر. ويروى أنّ أباه خلف له ستين ألف دينار سوي الأملاك، فأنفق الجميع، ثمّ قعد مع الفقراء. وقال أبو عبد الله الرازيّ: لم أر في الصوفيّة أعلم من الشبليّ. قال السلمي:

سمعت محمد بن الحسن البغدادي: سمعت الشبليّ يقول: أعرفُ من لم يدخل في هذا الشأن حتّى أنفقَ جميع مُلْكه، وغرَّق في دجلة سبعين قمطرًا بخطه، وحفظ "الموطّأ"، وقرأ كذا وكذا قراءة. يعني نفسه. وقال حسن الفرغاني: سألت الشبلي: ما علاقة العارف؟ فقال: صدرُه مشروح، وقلبه مجروح، وجسمه مطروح. وقد تغيّر مزاج الشَّبليّ مدّة، وجف دماغه، وتوفي ببغداد في آخر سنة أربعٍ وثلاثين، وله سبعٌ وثمانون سنة. وفيات سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة "حرف الألف": 160- أحمد بن محمد بن أبي سعيد الدوري1: أبو العباس البزاز. قال الجعاني: حدَّث عن: أبي حُذافة السَّهميّ، والحسن بن محمد الزعفرانيّ، وعليّ بن إشكاب. وعنه: يوسف القواس وقال: ثقة، وأبو الحسين ابن خمة الخلال، وابن البواب المقرئ، وأبو عبد الله بن دوست. تُوُفّي فِي رَمَضَان. 161- أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يعقوب2: مولي الداخل عبد الرحمن بن معاوية الأموي، أبو عمر الحذاء القرطبي. سمع: محمد بن وضّاح، وأبان بن عيسى، ومحمد بن يوسف بن مطروح. وأمَّ بالأمير عبد الله ابن محمد الأمويّ، وبالناصر عبد الرحمن بن محمد. وحدَّث وتوفي في ذي الحجة. 162- أحمد بن أبي أحمد الطبري3: أبو العباس بن القاصّ الشّافعيّ، صاحب أبي العباس بن سريج. إمامٌ كبير صنَّف في المذاهب كتاب "المفتاح" و"أدب القاضي"، و"المواقيت"، و"التلخيص" الذي شرحه أبو عبد الله ختن الإسماعيلي. تفقه عليه أهل طبرستان. وكانت وفاته بطرسوس. وقد شرح حديث أبى عمير. وحدث عن: أبي خليفة، وغيره. 163- أحمد بن الوليد بن عيسى: أبو بشر الأسيوطيّ. في سنة خمسٍ أو سنة ستّ وثلاثين توفي. سمع: أبا الزنباع روح بن الفرج.

_ 1 تقدمت ترجمته برقم "45". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 34، 35". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 371، 372"، البداية والنهاية "11/ 219"، النجوم الزاهرة "3/ 294".

164- إبراهيم بن محمد بن خَلَف بن قُديد: أبو إسحاق المصريّ، مولي الأزد. سمع: الربيع بن سليمان، وغيره. قَالَ أَبُو سَعِيد بْن يونس: لم يكن بذلك. "حرف الحاء": 165- الحسن بن حَمُّوَيْه1: قاضي أسْتَرَاباذ. روي عن: محمد بن يزداد، وإبراهيم بن عليّ النيَّسابوري، وجماعة. 166- حمزة بن القاسم بن عبد العزيز2: أبو عمر الهاشمي البغدادي، إمام جامع المنصور. سمع: سعدان بن نصر، وعيسى بن أبي حرب، وعبّاس بن عبد الله الترقفي، وعباس بن محمد الدُّوريّ. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وأبو الحُسين بن المتّيم، وإبراهيم بن مخلد، وجماعة. قال الخطيب: كان ثقة، مشهورًا بالصّلاح. استسقى للّناس فقال: اللهم إنّ عمرًا استسقى بشيبة العباس وهو أبي، وأنا استسقي به. قال: فجاء المطر وهو على المنبر. وُلِدَ سنة 249. "حرف السين": 167- سعيد بن مروان3: أبو عثمان الحضرميّ الأندلسيّ. رحل، وحج، وسمع من: عليّ بن عبد العزيز، ويحيى ابن عمر الفقيه. سمع منه: حَكَم بن إبراهيم المراديّ كتاب "الفضائل" لأبي عُبْيد. وكان شيخًا فاضلًا، ومشهورًا بالعلم. رحمه الله. 168- سليمان بن عبد الله بن المبارك4: أبو أيّوب القرطبيّ. عُرف بابن المشتري. سمع: محمد بن وضّاح، وأبا صالح أيّوب بن سليمان، وعبيد الله بن يحيى. وكان عالمًا متعبّدًا مجتهدًا فقيهًا. روى عنه: محمد بن أحمد بن مفرّج، وغيره. وقيل: بل توفي سنة سبعٍ وثلاثين.

_ 1 المنتظم "6/ 350"، البداية والنهاية "11/ 216، 217". 2 تاريخ بغداد "8/ 181"، المنتظم "6/ 350، 351"، سير أعلام النبلاء "15/ 374، 375". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 167". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 187".

169- سُلَيْمَان بْن عَبْد الملك: أبو أيّوب القُرْطبيّ: سمع: محمد بن وضّاح، وأبا صالح. وصنّف. وكان عابدًا مجتهدًا، مشاورًا في الأحكام. توفي فيها أو بعدها. "حرف الشين": 170- شقيق بن محمد بن عبد الله: أبو دُجانة الأنصاريّ المصريّ. وثّقه أبو سعيد بن يُونُس وقال: روى عن إبراهيم بن مرزوق. توفي سنة خمسٍ وثلاثين. "حرف العين": 171- عبّاد بن العبّاس بن عَبَّاد بن أحمد بن إدريس1: الوزير أبو الحسن. والد الصاحب إسماعيل بن عَبَّاد. ولي الوزارة للحسن بن بويه. وحدَّث عن: محمد بن حَبّان المازنيّ، ومحمد بن يحيى المروزيّ، وأبي خليفة. وعنه: أبو الشيخ، وأبو بكر بن المقرئ. 172- عبد الله بن الحسن2: أبو محمد الأندلسيّ الوشقيّ، يُعرف بابن الهنديّ. سمع بالقيروان: يحيى بن عمر. وولي قضاء بلده. وتوفي في هذا العام. 173- عبد الله بن حوثرة بن العباس الأمويّ المروانيّ القُرْطُبي3: أبو محمد. روى عن: بقيٌ بن مخلد. وذكره ابن الفرضيّ مختصرًا. 174- علقمة بن يحيى بن علقمة: أبو سُليم المصريّ الجوهريّ. روى عن: أبيه، وبكّار بن قتيبة. وكتب الكثير. وثقه ابن يونس وورخه. 175- علي بن محمد بن مهرويه4: أبو الحسن القزويني. شيخ مسن نيف على المائة. سمع: يحيى بن عَبْدك القزويني، وعبّاسًا الدوريّ ببغداد، والحسن بن عليّ بن عفان، وإبراهيم بن بُرّة باليمن. ورحل إلى العراق مرَّتين: وكتب ما لا يُحصى. وانتخب عليه أبو العبّاس بن عقدة، مع تقدمه، ثلاثة أجزاء.

_ 1 وفيات الأعيان "1/ 229، 232". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 227، 228". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 228". 4 تاريخ بغداد "12/ 69، 70"، سير أعلام النبلاء "15/ 396، 397"، لسان الميزان "4/ 257، 258".

روى عنه: أبو طالب عليّ بن عبد الملك النَّحْويّ، وعليّ بن الحسن بن سَعِيد، ومحمد بن أحمد بن عثمان الزُّبيريّ، وولده الزبير بن محمد، وجماهة. ومن أهل جُرجان: ابن عديّ، وأبو بكر الإسماعيلي، وغيرهما. وأحمد بن علي الآبندونيّ. وسكن جُرْجان. وكانت وفاته بقزوين. وروى عنه: صالح بن أحمد الهمداني وقال: كان صُويْلحًا. وكان يأخذ على نسخة عليّ بن موسى الرّضا. وقال شيرُوَيْه الهمدانيّ: قال عبد الرحمن: روى نسخة الرّضا ظاهرًا وباطنًا. فما رواه سرًا لم أسمعه. وكان يأخذ عليه. وتكلَّموا فيه. قلت: كأنه كان شيعيًّا. روى عنه من البغداديّين: عمر بن سنبك، أبو بكر الأبهري، وأبو حامد بن شاهين. وقال صالح الحافظ: محلّه الصِّدْق. أخبرنا محفوظ بن معتوق التّاجر سنة 693، أنبا عبد اللّطيف بن محمد، أنا طاهر بن محمد، أنا محمد بن الحسين المقوِّميّ، أنا الزبير بن محمد، أنا عليّ بن محمد بن مِهْرَوَيْهِ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا أَبُو عُبيد، ثنا هُشيم، أنا أَبُو هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بن عُباد، عن أبي سعيد الْجُندي قال: من قرأ سورةَ الكهف يوم الجمعة أضاءَ له من النوّر ما بينه وبين البيت العتيق. 176- عليّ بن محمد بن موسى1: أبو القاسم البغداديّ، المعروف بابن صُغدان الأنباريّ المُلقَّب حُسْنُس. سمع: عبّاسًا الدوريّ، ويحيى بن أبي طالب، وهلال بن العلاء. وحدّث في هذا العام عن جماعة، وانقطع ذكره. روى عنه: أبو الفضل الشَّيبانيّ، وأبو الحُسين بن جُمَيْع، وأبو بكر الهيتي. وقع لي حديثه عاليًا. وقد رواه الخطيب عن ابن عيّاض، عن ابن جُمَيْع، عنه. وروى الخطيب أيضًا عن محمد بن عبد الله الهَيتيّ، إملاءً عَنْهُ. "حرف الميم": 177- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله: أبو الفضل المروزيّ الحاكم. قُتل بمروْ. 178- محمد بن أحمد بن الربيع بن سليمان بن أبي مريم2: أبو رجاء الأسوانيّ المصريّ الشّاعر. صاحب القصيدة التّي ما أعلم في الوجود أطول منها.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 74"، الإكمال لابن ماكولا "3/ 156". 2 المنتظم "6/ 358"، الوافي بالوفيات "2/ 36"، النجوم الزاهرة "3/ 294".

ذكره ابن يونس، وأنّه مات في ذي القعدة. وأنّه سمع من عليّ بن عبد العزيز البغويّ. وأنّه كان أديبًا وفقيهًا على مذهب الشافعي. له قصيدة نظم فيها أخبار العالم، فذكر قصص الأنبياء نبّيًا نبّيًا عليهم السّلام. قال: وبلغني أنّه سُئل قبل موته بسنتين: كم بلغت قصيدتك إلى الآن؟ فقال: ثلاثين ومائة ألف بيت، وقد بقي عليّ فيها أشياء. ونظَم فيها الفقه، ونظم كتاب المزنيّ فيها، وكتاب طبّ، وكُتُب الفلسفة. وكان فيه سكون ووقار. وكان حسن الصيانة. توفيّ في ذيّ الحجّة. قلت: كذا أعاد وفاته بعد أن قدَّم أنّها في ذي القعدة. ثمّ روى عنه حديثًا. 179- محمد بن أحمد بن سليمان القوّاس1: بغداديّ. يروي عن: إسحاق الخُتليّ. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وغيره. 180- محمد بن إسماعيل بن إسحاق بن بحر2: أبو عبد الله الفارسيّ. بغداديّ الدّار، ثقة. فقيه على مذهب الشّافعي. روى عن: أبي زُرعَة الدّمشقيّ، وعثمان بن خرزاذ، وإسحاق بن إبراهيم الدَّبريّ، وبكر بن سهل الدمياطي. روي عنه: الدارقطني فأكثر، وإبراهيم بن خرشيد قوله، وأبو عمر بن مهدي. ومولده سنة تسعٍ وأربعين ومائتين. 181- محمد بن جعفر بن أحمد بن يزيد البغدادي3: الصيرفي أبو بكر المطيري. من مطيرة سامراء. نزل بغداد، وحدَّث بها عن: الحَسَن بن عرفة، وعليّ بن حرب، وعبّاس الدوريّ، وابن عفان العامري. وعنه: الدارقطني، وابن شاهين، وأبو الحسين بن جميع، وأبو الحسن بن الصلت. قال الدّارَقُطْنيّ: هو ثقة مأمون. 182- محمد بن الحسين بن عليّ: أبو العبّاس النيَّسابوري. سمع: الحسين بن الفضل، وغيره. توفي في رمضان. 183- محمد بن حيّان بن حمدويه: أبو بكر النيسابوري. الصوفي الزاهد.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 306"، المنتظم "6/ 355". 2 المنتظم "6/ 355"، الكامل في التاريخ "8/ 468"، البداية والنهاية "11/ 218". 3 تاريخ بغداد "2/ 145، 146"، المنتظم "6/ 355"، سير أعلام النبلاء "15/ 301"، النجوم الزاهرة "3/ 194".

قال السلميّ: كان يذهب مذهب الحسين بن الفضل، وهو من كبار فتيان أصحاب أبي عثمان. قَعَدَ في حلقة الشبليّ، وقد حلق ووضع رأسه على رُكبتيه، فصفَعه الشبليّ، فلم يرفع رأسه وقال: لبيِّك. فأخذ الشبلي يعتذر إليه. فقال: هو لا ذا ولا ذاك. فقال الشبلي: وردَ علينا مَن أرانا قيمتنا. قال الحاكم: هو من كبار مشايخ الصوفية، ومّمن جري له ببغداد مع الشبلي مناظراتٌ كثيرة. وكان يغشانا أيام والدي، وكان يحفظ حديثًا قرأه عليَّ مرات، سمعه من محمد بن منده، عن بكر بن بكّار. توفي في جمادى الآخرة. وقد صحب أبا عثمان الحيِريّ. 184- محمد بن عمر بن حفص النيسابوري1: لا الْجُورْجِيريّ، ذاك تقدَّم ذكره سنة ثلاثين. أبو بكر السمسار الزاهد. كان لا يشتغل إلى بالصّلاة والتّلاوة، والصّلاة على الجنائز. سمع: إسحاق بن عبد الله بن رُزَيْق، وسهل بن عمّار. روى عنه: أبو الحسين الحَجّاجيّ، وأبو إسحاق المزكيّ، وابن مَحْمِش، وأبو عبد الله بن منده. تُوُفّي في شوّال، وله اثنتان وتسعون سنة. وشيّعه خلق كجمْع العيد. وكان في مكسب عظيم فَتَرَكه. 185- محمد بن يحيى بْن عَبْد الله بْن العبّاس بْن محمد بن صُول2: أبو بكر الصُّوليّ البغداديّ. أحد الأدباء المتفنّنين في الآداب والأخبار والشِّعر والتّواريخ. حدَّث عن: أبي داود السَّجِسْتانيّ، والكُدَيْميّ، والمبرّد، وثعلب، وأبي العَيْناء. وكان حاذقًا بتصنيف الكتب. نادم عدةً من الخلفاء، وصنف أحبار الخلفاء وأخبار الشّعراء والوزراء. وكان حَسن الاعتقاد، مقبول القَوْل. وكان جدّه صول مِن ملوك جُرْجان. روى عنه: أبو عمر بن حَيُّوَيْه، والدارقطني، وأبو بكر بن شاذان، وأبو الحسن بن الْجُنْديّ، وأبو الحسين بن جُمَيْع، وعُبَيْد الله بن أبي مُسلم الفَرَضيّ، وعليّ بن القاسم، والحُسين الغضائريّ. وله شعرٌ كثير سائر. خرج عن بغداد لإضاقةٍ لحِقَتْه. وحديثه بعلوٍّ عند أصحاب السلفي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 376". 2 المنتظم "6/ 359-361"، الكامل في التاريخ "8/ 468"، سير أعلام النبلاء "15/ 301"، النجوم الزاهرة "3/ 286".

"حرف الهاء": 186- هارون بن محمد بن هارون1: أبو جعفر الضّبيّ. أحد الأشراف، من أهل عُمان. سكن بغداد. روى عَنْهُ: ابنه القاضي أبو عَبْد اللَّه الحسين الضَّبّيّ في أماليه. يروي عن: صالح بن محمد بن مهران الأيليّ، وغيره. ذكره الدّارَقُطْنيّ فقال: ساد بعُمان في حَدَاثته، ثمّ خَرَج عنها فلقي عُلماء مكة والعراق، ودخل بغداد سنة خمسٍ وثلاثمائة، فارتفع قدره عند السّلطان، وانتشرت مكارمه، وأكثر الشعراء مدائحه، وأنفق الأموال في برّ العلماء، وفي الصِّلات. وكان مبرزا في اللغة والنحو ومعاني القرآن. وكانت داره مجمع العلماء إلي أن مات. 187- الهيثم بن كُلَيْب بن سُرَيْج بن مَعْقِل2: أبو سعيد الشّاشيّ الحافظ. مصنَّف "المُسَنْد" سمع: عيسى بن أحمد العسقلانيّ البلْخيّ، ومحمد بن عيسى الترمذي، وزكريا بن يحيى المروزي، ومحمد بن عُبيد الله بن المنادي، وعباس بن محمد الدوري، ويحيى بن أبي طالب. روى عَنْهُ: أبو عبد الله بن منده، ورحل إليه إلى الشّاش، وعليّ بن أحمد الخزاعي، ومنصور بن نصر الكاغديّ، وأهل ما وراء النهر. وفيات سنة ست وثلاثين وثلاثمائة "حرف الألف": 188- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بن معاوية بن أبي السّوّار: أبو الحسن المصريّ. وثَّقه ابن يُونُس وقال: روى عن أبي يزيد القراطيسيّ، وأحمد بن حمّاد زُغْبة. 189- أحمد بن جعفر ابن المحدِّث أبي جعفر محمد بن عُبَيْد الله بن المنادي3: أبو الحسين البغداديّ الحافظ. سمع: جدّه، ومحمد بن عبد الملك

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 33"، المنتظم "6/ 356"، البداية والنهاية "11/ 218". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 359، 360"، شذرات الذهب "2/ 342". 3 تاريخ بغداد "4/ 69، 70"، المنتظم "6/ 357، 358"، النجوم الزاهرة "3/ 295"، سير أعلام النبلاء "15/ 361".

الدقيقي، ومحمد بن إسحاق الصغاني، وأبا داود السجستاني، وخلقا سواهم. روى عنه: أبو عمر بن حَيَّوَيْهِ، وجماعة آخرهم محمد بن فارس الغوري. قال الخطيب: كان صلْب الدين، شرس الأخلق، فلذلك لم تنتشر عنه الرّواية. وقد صنَّف أشياء وجمع. وكان مولده سنة سبعٍ وخمسين ومائتين تقريبًا، وتوفي في المحرم من هذا العام. قلتُ: وكان من جلّة القُرّاء. فإنّه قد ذكر الدّانيّ فقال: أخذ القراءة عرْضًا، وروى الحروف سماعًا عن: الحسن بن العبّاس، وأبي أيّوب الضّبّيّ، وإدريس الحدّاد، والفضل بن مخلد الدقاق. وسمي جماعة، ثم قال: مُقرئ جليل، غاية في الإتقان، فصيح اللّسان، عالمِ بالآثار، نهاية في علم العربيّة. صاحب سنة، ثقة مأمون. قرأ عليه: أحمد بن نصر الشدائي، وعبد الرحمن بن أبي هاشم، وجماعة منهم أحمد بن عبد الرحمن شيخ عبد الباقي بن الحسن. ومِن شيوخه: زكريّا بن يحيى المروزي، وعبّاس الدوري. 190- أحمد بن الحسين بن داناج: أبو العبّاس الأصطخري الزاهد. نزيل مصر. سمع: علي بن عبد العزيز البغوي، والحسن بن سهل المجوّز، وإسحاق الدبري، ومُطَّينًا، وجماعة بالشّام وبغداد. روى عنه: أبو بكر بن جابر التنيسي، والحسن بن إسماعيل الضّرّاب، وعبد الرحمن بن النّحّاس. وكان ممتعًا بعين واحدة. تُوُفّي فِي شوال. 191- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بن مفرج1: أبو القاسم القرطبي، والد الحافظ أبي عبد الله. روى عن: محمد ابن وضّاح، وجماعة. روى عنه: ابنه. وهو مولى الإمام عبد الرحمن بن الحكم. 192- أحمد بن يوسف بن حجاج بن عمير بن جبيب2: أبو عمرو الإشبيليّ الأديب. كان حافظًا للَّنحْو، مدققًا؛ شاعرًا عروضيًا.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 35". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 35".

"حرف الحاء": 193- حاجب بن أحمد بن يرحم بن سُفْيان1: أبو محمد الطوسيّ. حدَّث عن: محمد بن رافع، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ، ومحمد بن حماد الأبيوري، وأبي عبد الرحمن المروزي، وجماعة. وكان يزعم أنّه ابن مائة وثمانين سنين في سنة خمسٍ وثلاثين. قال الحاكم: بلغني أنّ شيخنا أبا محمد البلاذري كان يشهد له بلُقيّ هؤلاء الشيوخ. وحضرت أنا دار السنة بعد فراغ أبي العبّاس من الإملاء، وحُمِل حاجب فوُضع على الدّكة. وقرأ عليه أبو أحمد الورّاق ثلاثة أجزاء، وفيها عن عبد الله بن هاشم، وعبد الرحيم بن منُيب. ولم أظفر بذلك السّماع. وتُوُفّي سنة ستٍّ فجأة. قال مسعود بن عليّ السِّجْزِيّ: سألت الحاكم عن حاجب الطُّوسيّ فقال: لم يسمع حديثًا قطّ، لكنه كان له عمّ قد سمع الحديث، فجاء البلاذري إليه. فقال: هل كنتَ مع عمّك في المجلس؟ قال: بلى. فانتخب له من كُتُب عمّه تلك الأجزاء الخمسة. قلت: روى عنه: منصور بن عبد الله الخالدي، وأحمد بن محمد البصير الرازي، وعلي بن إبراهيم المزكي، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني، وأبو عبد الله بن منده، وأبو بكر أحمد بن الحسن الحيريّ، ومحمد بن محمد بن مَحْمِش. وقال أبو نصر بن ماشاذة: قلت للحافظ أبي عبد الله بن منده: ما تقول في حاجب بن أحمد؟ فقال: هو ثقة ثقة. 194- حسن بْن عُبيد الله بْن محمد بْن عَبْد الملك2: أبو عبد الملك القرطبي. سمع: محمد بن وضاح، وعبيد الله بن يحيى اللَّيْثيّ. وكان مشاورا في الأحكام. توفي في رجب. "حرف الزاي": 195- زند بن محمد بن خلف الشامي المصري: أبو عمرو. شيخ معمر، حدَّث عن يونس بن عبد الأعلى، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب بشيءٍ يسير. قال ابن يونس: ليس بالقويّ في الحديث. تُوُفّي في ذي القعدة. قلت: روى عنه: عبد

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 336، 337"، ميزان الاعتدال "1/ 429"، لسان الميزان "2/ 146". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 11".

الرحمن بن عمر بن النّحّاس، ولكن سمّاه زيد بن خَلَف بْن زيد بن مالك القُرشيّ. وقد وقع لنا حديثه عاليًا في "الخُلعيات". "حرف العين": 196- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن سَعْد بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد الزهري العَوْفيّ1: أبو محمد البغداديّ. والد عُبيد الله. سمع: عبّاس بن محمد الدوري، وجعفرًا الصّائغ، ومحمد بن غالب. وعنه: أبو عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبو حفص بن شاهين، وعبد الله بن عثمان الصّفّار. وثقه الخطيب، وقال: توفي سنة ستٍّ. وموِلده سنة سبعٍ وخمسين ومائتين. 197- عُبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله بن الحسن بن حفص الهمدانيّ2: الأصبهاني المعدّل. قال الحسين بن محمد الزعفراني في "معجمه": ثنا قال: ثنا عبد الله بن محمد التَّيمّي. 198- عليّ بن الحسن بن عليّ الأصبهاني3: أبو الحسن المظالمي، قاضي البلد. والمظالميّ مَن يرفع الظّلامات إلى السّلطان. يروى عن: أبي حاتم، والحارث بن أبي أسامة، وجعفر بن محمد بن شاكر، ومحمد بن غالب تمتام، وطبقتهم. وعنه: أبو الشيخ، والحسين بن عليّ بن بكر، وعليّ بن محمد القمّاط، وأبو بكر بن المقرئ. 199- عيسى بن محمد بن عيسى: أبو بكر البلخي. يروي عن: محمد بن مسلمة الواسطيّ. 200- عيسى بْن مُكْرم الغافقيّ القرطبي4: سمع: محمد بن وضّاح. ولم يكن بالنّافذ في العلم. أرّخه عياض.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 289"، المنتظم "6/ 358". 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 102". 3 أخبار أصبهان "2/ 15". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 334".

"حرف الفاء": 201- الفضل بن محمد بن محفوظ المروروذي: نزيل بُخَارَى. سمع: يوسف بن يعقوب القاضي، والفريابي. ومات في الكهولة. "حرف الميم": 202- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بن حماد بن إبراهيم1: أبو العبّاس البغدادي المقرئ الأثرم. كذا نسبه الدّارَقُطْنيّ وجماعة. سمع: الحسن بن عَرَفَة، وعمرو بن شبَّة، وحُمَيْد بن الرّبيع، وبِشْر بن مطر، وعليّ بن حرب، وعبّاسًا الترقفي. وانتقى عليه الحافظ عمر البصري. وحدَّث عنه: الدّارَقُطْنيّ، وابن المظفّر، عمر الكتّانيّ، وأبو الحسين بن جميع، والحسن بن عليّ النيسابوري، وأبو عُمَر القاسم الهاشميّ، وعليّ بن القاسم النجاد. وسكن البصرة بأخرة. وكان مولده بسامرّاء سنة أربعين ومائتين. أَنْبَأَنَا ابْنُ عِلَّانَ، أَنَا الْكِنْدِيُّ، أَنَا السَّيْبَانِيُّ، أَنَا الْخَطِيبُ، أَنَا أَبُو عُمَرَ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَثْرَمُ سنة ثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، نَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى السُّوسِيُّ سنة 259، نَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ خَالِدٍ وَهِشَامٍ، عَنِ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَلَقَّوُا الْجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَّى جَلَبًا فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إِذَا دَخَلَ السُّوقَ" 2. 203- محمد بْن أحمد بْن إبراهيم بن قريش الحكيميّ3: أبو عبد الله البغداديّ الكاتب. سمع: زكريّا بن يحيى المروزي، ومحمد بن عبد النور، ومحمد بن عُبيد الله بن المنادي، والدوري، والصغاني، والحسن بن مكرم، وجماعة. وعنه: الدارقطني، والمرزباني، وابن جُمَيْع الصيداويّ، وإبراهيم بن مخلد، وأحمد بن محمد بن دُوَسْت. وثقه البرَقْانيّ وقال: إلا أنّه يروي مناكير. قال الخطيب: وهو بلخي الأصل. مات في ذي الحجة.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 263-265"، المنتظم "6/ 359"، سير أعلام النبلاء "15/ 303، 304". 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "1519"، والنسائي "4513"، وابن ماجه "2178"، وأحمد في المسند "2/ 284، 403". 3 تاريخ بغداد "217-219"، المنتظم "6/ 359"، النجوم الزاهرة "2/ 296".

204- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مَعْقِل1: أبو عليّ النيسابوري الميداني، من محلّة ميدان زياد. سمع من محمد بن يحيى الذهلي جزءًا هو عند سبط السلفي في السماء. روى عَنْهُ: أبو سعيد بْن أَبِي بَكْر، وأبو عبد الله بن منده، ومحمد بن محمد بن محمش، وأبو بكر أحمد بن الحسن الحيريّ. روى أبو عبد الله الحاكم حديثين عن الحيريّ عنه. وقال: توفي في رجب فجأةً. 205- محمد بن الحسن2: أبو طاهر النيسابوري المحمدآباذي ومحمدآباذ: محلةٌ بظاهر نيسابور. كان من كبار الثّقات العالمين بمعاني القرآن والأدب. سمع: أحمد بن يوسف السلمي، وعليّ بن الحسن الهلاليّ، وحامد بن محمود، وعبّاس بن محمد الدوري، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ويحيى بن أبي طالب. وكان كثير الحديث. روى عنه: أبو بكر أحمد بن إسحاق، وأبو عليّ الحافظ، وعبد الله بن سعْد، وأبو عبد الله بن منده، وابن محمش، ومحمد بن إبراهيم الجوزجاني، وجماعة. وقال الحاكم: اختلفتُ إليه أكثر من سنة، ولم أصل إلى حرف من سماعاتي منه. وقد سمعتُ منه الكثير. سمعت أبا النضر الفقيه بقول: كان ابن خزيمة إذا شكّ في اللّغة لا يرجع فيها إلا إِلَى أبي طاهر المحمداباذيّ. قلتُ: حديثه بعُلُوِّ عند الِّسلَفيّ. 206- محمد بن الحسن بن يزيد بن أبي خُبزَة3: أبو بكر الرَّقّيّ. يروي عن: هلال بن العلاء، وجماعة. وعنه: الدّارَقُطْنيّ. وبقي إلى هذه السنة، وانقطع خبره. 207- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أَسِيد: أبو عبد الله المدينيّ. سمعّه أبوه من العراقيين وغيرهم. من: جعفر الصائغ، وتمتام. ومن: عُبَيد بن شرِيك، ومحمد بن عليّ الصائغ، وعبد الله بن أيوب القربيّ، وعليّ بن أحمد بن النَّضْر. وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو الشيخ، وعلي بن محمود، وأبو بكر المقرئ، وأبو عبد الله بن منده، وعليّ بن ميلة. وثقه ابن مردويه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 390، 391"، شذرات الذهب "2/ 343". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 304، 305"، الوافي بالوفيات "2/ 373"، شذرات الذهب "2/ 343". 3 تاريخ بغداد "2/ 198"، المنتظم "6/ 363".

208- محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة1: أبو عبد الله الأندلسي، الملقب بالبرجون. جُلّ سماعه من عمّه محمد بن عمر. ورحل فسمع بالقيروان من: حماس، وغيره. وكان من أحفظ أهلِ زمانه. ولي قضاء البيرة فلم تُحمد سيرته فعُزل. وله في مذهب مالك كتاب "المنتخب"، وكتاب "الوثائق". وكان بارعًا في الشروط. توفي في ذي الحجّة. 209- محمد بن يوسف بن ديزويه: أبو بكر الدينوريّ، يُلقّب سقَلاب. سمع: أحمد بن محمد بن سليمان البرذعي. وتوفي في شعبان. 210- مكّيّ بن عُجَيف بن نُصَير: أبو بكر النّسَفيّ الواعظ. سمع: عبد الصّمد بن الفضل، وحمدان بن ذي النُّون. وعنه: عيسى بن الحسين بن الربيع. 211- موسى بن أحمد السوسي المغربي: الفقيه. يروي عن: يحيى بن عمر، وابن مسكين. من كبار المالكية. وفيات سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة "حرف الألف": 212- أحمد بن إسحاق بن إبراهيم: أبو بكر الصَّيدلانيّ النيسابوري المعدل الطبيب. سمع: الفضل بن محمد الشعراني، والحسين بن الفضل البَجَليّ، وطبقتهما. وعنه: أبو أحمد الحافظ، والحسين الماسرجسيّ، والحاكم بن البيّع وقال: توفي في رمضان. 213- أحمد بن إسماعيل بن القاسم بن عاصم2: أبو جعفر، ويقال أبو بكر الصَّدفيّ المصريّ العطار. سمع: أبا زرعة الدمشقي، ويحيى بن عثمان بن صالح، وروحًا أبا الزِّنْباع، وعبد الله بن أحمد بن حنبل. ورحل وحصَّل. روى عنه: الحسن بن إسماعيل الضّرّاب، والقاسم بن عُبيْد الله الوّراق، ونصر بن أبي نصر الطوسيّ، وعبد الرحمن بن عمر النحاس، والمغاربة.

_ 1 تقدمت ترجمته في الطبقة الماضية برقم "515"، وتقدمت ترجمته في هذه الطبقة برقم "31". 2 المنتظم "6/ 362".

214- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن دليل1: أبو الحُسَين الأصبهاني القاضي. سمع: أحمد بن يونس الضّبّيّ. وعنه: ابن مردويه. 215- أحمد بن عبد الله بن زكريّا: أبو الحسين الجرجاني الفقيه. تلميذ ابن سُريج. سمع: مُطيَّنًا، وأبا خليفة، وطبقتهما. وعنه: الحاكم، وغيره. 216- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الحافظ2: أَبُو الطّيب الحنفيّ الصُّعْلوكيّ النيسابوري، عمّ الأستاذ أبي سهل. كان إمامًا مقَّدمًا في معرفة الفقه واللُغة. أدرك الأسانيد العالية، وصنَّف في الحديث، وأمسك عن الرواية بعد أن عُمِّر. قال الحاكم: وكنّا نراه حسرةً. سمع: يحيى بن الذهلي، وعليّ بن الحسن بن أبي عيسى الدارابجردي، ومحمد بن عبد الوهاب. وبالري: علي بن الجنيد، ومحمد بن أيوب. وببغداد: عبد الله بن أحمد. روى عنه: أبو سهل الأستاذ، والحافظ أبو عبد الله بن الأخرم. وسمعتُ منه حديثًا في المذاكرة. توفي في رجب. وكان إمامًا في الشافعية. 217- أحمد بن نزار المغربيّ المالكيّ3: روى عن: حمديس القطّان. روى عَنْهُ: اللّبيديّ، وغيره. وكان فقيهًا عابدًا، متبتلًا خائفًا رحمة الله عليه. 218- إبراهيم بن شيبان4: أبو إسحاق القِرْميسِينيّ الصوفيّ. شيخ الْجَبَل في زمانه. صحب إبراهيم لخواص، ومحمد بن إسماعيل المغربيّ، ومحمد بن عبد الله الرازي، ومحمد بن ثوابة، وغيرهم. وساح بالشّام، وغيرها. سُئل عبد الله بن مُنازل عن إبراهيم بن شَيْبَان فقال: إبراهيم حجّة الله على الفقراء، وأهل الآداب والمعاملات. وعن إِبْرَاهِيم قال: من أراد أن يتعطّل ويتبطّل فليلزم الرُّخص. وقال: علم الفناء والبقاء يدور على إخلاص الوحدانية وصحة العبودية. وما كان غير هذا. فهو من المغاليط والزندقة. وقال: الخوف إذا سكن القلب أحرق مواضع الشهوات فيه، وطرد عنه رغبة الدُّنيا. وقال: الشرف في التواضع، والعزّ في التقوى،

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 153". 2 تاريخ جرجان "99". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 391"، الوافي بالوفيات "7/ 396". 4 حلية الأولياء "10/ 361"، الزهد للبيهقي "314"، سير أعلام النبلاء "15/ 392-394".

والحرِّيَّة في القناعة. قال السلمي: توفي سنة سبعٍ وثلاثين. وقال أبو زيد المروزي: سمعت إبراهيم بن شيبان يقول: الخلق محلّ آلافات، وأكثر آفة منهم من سكنوا إليهم. 219- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن هشام1: أبو إسحاق البخاريّ الفقيه الأمين. قدِم في هذا العام نيسابور، وقيل توفي فيه. روى عن: صالح جَزَرَة، وأبي الموجّه المروزي، وسهل بن شادويه. وعنه: أبو عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبو عبد الله الحاكم. وكان فقيه أهل النظر في عصره. روى عنه: الأستاذ أبو الوليد الفقيه في صحيحه. 220- إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن يوسف البحريّ الْجُرجانيّ2: المحدَّث المُسنِد. كان رحلة جرجان في وقته. سمع: محمد بن بسام، والحارث بن أبي أسامة، وعبد الله بن أبي مَسَّرة، وهلال بن العلاء، وإسحاق الدَّبَريّ، وجماعة. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عَديّ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، وابن الإسماعيليّ أبو نصر، والنعمان بن محمد الجرجاني، وأبو بكر السّبّاك، وغيرهم. "حرف الباء": 221- بدر الخَرْشَنيّ3: الأمير. ولاه أستاذه الإخشيد دمشق سنة خمسٍ وعشرين وثلاثمائة، فبقي عليها عامين. فلمّا قدِم محمد بن رائق من بغداد زعم أنّ المتقيّ لله ولاه الشّام، فهرب بدر بعد وقعةٍ كبيرة بينهما. ثم ولي بدر دمشق سنة ستٍّ وثلاثين وثلاثمائة من قبل كافور الإخشيدي. فلما ولى الحسن بن الإخشيد قبض على بدر، ثم أُهلك سنة 337.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 520". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 471، 472"، شذرات الذهب "2/ 345". 3 النجوم الزاهرة "3/ 279".

"حرف الحاء": 222- حبيب بن أحمد بن إبراهيم المعلم1: أبو إسماعيل القُرْطُبيّ. روى عن: محمد بن وضّاح، وإبراهيم بن باز، والخشني. حدَّث عنه: أحمد بن عَوْن الله، وغيره. توفي في رجب. 223- الحسن بن حمشاد بن سختويه التميمي: أبو محمد النيسابوري، أخو عليّ. سمع: السريّ بن خُزيمة، وأبا إسماعيل الترمذي، وإبراهيم بن عبد الله القصار، وأحمد بن أبي خيثمة. وتوفي في جُمَادَى الآخرة عن خمسٍ وثمانين سنة. عنه: أبو عبد الله الحاكم. "حرف الزاي": 224- زكريّا بن خطّاب بن إسماعيل2: أبو يحيى الأندلسيّ. حجّ سنة ثلاثٍ وتسعين، وسمع "الموطّأ " من إبراهيم بن سعْد الحّذاء، عن أبي مُصْعَب، عن مالك. وسمع من جماعة. سمع منه: المستنصر بالله، وجماعة. وكان ثقة، فقيهًا، مفتيًا. توفي في رمضان، وولي القضاء ببعض مدُن الأندلس. "حرف العين": 225- عبد الله بن الفضل بْن محمد بن عقيل بْن خُوَيْلد: أبو بكر النيسابوري. سمع: أبا المُثَنَّى العنْبريّ، وأبا مسلم الكشّيّ. وعنه: أبو سعيد بن حمشاد. وهو من بيت حديث. 226- عبد الفغار بن محمد: أبو نصر السائح. سمع: الربيع بن سليمان المراديّ. 227- عَديّ بن أحمد بن عبد الباقي3: أبو عُمير الأذني. سمع: عمّه يحيى، ويوسف القاضي. وعنه: عبد المنعم بن غلبون المقرئ، وأحمد بن عبد الكريم الحلبيّ، وعمر بن عليّ الأنطاكيّ، وابن جُمَيْع الغسّاني.

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "198". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 149، 150"، جذوة المقتبس للحميدي "218". 2 مروج الذهب "739، 860-863"، تجارب الأمم "1/ 53، 54".

228- عمر بن يوسف بن موسى بن فهد1: أبو حفص ابن الإمام الأموي، مولاهم الأندلسيّ. من أهل تُطَيْلَة. ولي قضاءها، وامتُحن بالأسر هو وابنه وأخوه، فافتدوا بخمسة عشر ألف دينار. وتوفي في رجب، وله ثلاثٌ وتسعون. لا نعلمه روى. 229- عيسى بن زيد بن عيسى: أبو الحسن الهاشميّ الطالبّيّ العُقَيليّ النيسابوري الشافعيّ. سمع بمكة من: عليّ بن عبد العزيز وطبقته. قال الحاكم: فلم يقتصر، وارتقى إلى قومٍ لم يدركهم، فحدَّثنا عَنْ الحَسَن بْن عَرَفَة، ويونس بْن عَبْد الأعلى. فقلت له: فمتى دخلت مصر؟ قال: سنة اثنتين وسبعين ومائتين. ومولدي سنة إحدى وأربعين ومائتين. وكنتُ أتورَّع عن الرواية عن هذا وأمثاله. قلتُ: روى عنه ابن منده. "حرف الميم": 230- محمد بن إبراهيم بن نافع: أبو عبد الله السِّجْزيّ: حدَّث بِهَراة عن: موسى بن هارون، وأبي شُعيب الحرانيّ. روى عنه: محمد بن عليّ السيّاوشائيّ، وغيره. 231- محمد بن الحُسين بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد2: أَبُو عَبْد اللَّه الواسطي الزعفراني، راوي "التاريخ الكبير" عن أحمد بن أبي خَيْثَمَة. وروى عن: أحمد بن الخليل البرجلانيّ، ومحمد بن زكريّا الغُلابيّ، وابن أبي الدّنيا. وعنه: أبو عمر الهاشميّ، وعليّ بن محمد بن خَزَفَة الصيدلانيّ، وغيرهم. وكان متمَّولًا، أكرم صاحب الزنج، فلمّا ظفر بواسط واستباحها حمي محلّته. 232- محمد بن عبد الله بن سُفَيان3: أبو بكر البغداديّ المَعْمريّ. سمع: محمد بن الفَرج الأزرق، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وأبو عمر الهاشمي. وهو ثقة.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 323"، جذوة المقتبس "303". 2 تاريخ بغداد "2/ 240". 3 تاريخ بغداد "5/ 451".

233- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن حفص الأصبهاني1: أبو صالح الْجُلكيّ. سمع: أحمد بن عصام. وعنه: أحمد بن موسى بن مردويه، سمع منه في هذه السنة. وثقه أبو نُعَيْم. 234- محمد بن عليّ بن عمر2. أبو عليّ المذكرّ النيسابوري البرنوذي. كان أبوه ثقة، فسمَّعه من: أحمد بن الأزهر، ومحمد بن يزيد السلمي، وإسحاق بن عبد الله بن رزين. ولو اقتصر على هؤلاء أبو علي لصار محدَّث عصره. ولكنّه حدَّث عن شيوخ أبيه: محمد بن رافع، وعليّ بن سَلَمَةَ اللبقيّ، وعتيق بن محمد. قال الحاكم: والَّشَرهُ يحملنا على الرواية عن أمثاله. وتوفي في شعبان وله مائة وسبع سنين. قلتُ: روى عنه: أبو إسحاق المزكيّ، والحاكم، وابن منده، وغيرهم. 235- محمد بن عيسى بن رفاعة3. أبو عبد الله الخولاني، المعروف بابن الفلاس الأندلسيّ. من أهل ريّة بسكن قُرْطُبة. وكان قد رحل وسمع من: عليّ بن عبد العزيز البغويّ، وبكر بن سهل الدِّمياطيّ، وجماعة. وكان يُنسب إلى الكذب. كان محمد بن أحمد بن يحيى وأحمد بن عوْن الله قد أسقطا روايتهما عَنْهُ. وقال عَبْد الله بْن محمد بْن عليّ الباجيّ: كان يكذب.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 280". 2 البداية والنهاية "11/ 221"، المنتظم "6/ 363". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 55، 56"، المغني في الضعفاء "2/ 622"، ميزان الاعتدال "3/ 679".

236- محمد بن أبي المنظور عبد الله بن حسّان الأندلسيّ. أبو عبد الله، شيخ قديم الرحلة. سمع ببغداد من ابن قُتيبة بعض تصانيفه، ومن: إسماعيل القاضي، وسكن القيروان، واشتغل بالتجرُّد. ولم ينتصب للتحديث. ولاه أبو القاسم العُبيديّ القضاء، وأراد بتوليته تسكين نفوس العامّة والسنة. وشاخ وعمر. روى أيضًا عن: إسحاق الدبري، والحارث بن أبي أسامة. روى عنه: عبد الله بن أبي هاشم، وابن التبان الفقيه. توفي في محرم. وفيات سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة "حرف الألف": 237- أحمد بن إبراهيم: أبو سعيد الرازي الزاهد. عن الكجّيّ، وابن الضُّريْس. وعنه: الحاكم أبو عبد الله. 238- أحمد بن دحيم، أو رحيم، بن خليل1. أبو عبد الله القرطبي. سمع: عُبيَد الله بن يحيى، والأعْناقيّ. ورحل، وسمع ببغداد. وكان فقيهًا، ثقة، جامعًا للسُّنن. ولي قضاء طُلَيْطلة، وغيرها. وتوفي في الطاعون سنة ثمانٍ وثلاثين. سمع من: البغويّ.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 35، 36"، جذوة المقتبس للحميدي "122".

239- أحمد بن سليمان بن زَبّان1. أبو بكر الكندي الدمشقي الضّرير المعروف بابن أبي هريرة. ذكر أنّه قرأ القرآن على: أحمد بن يزيد الحُلْوانيّ. وأنّه سمع من: هشام بن عمّار، وأحمد بن أبي الحواري، وإبراهيم بن أيوب. قرأ عليه: أحمد بن عبد الله بن زُرَيْق البغداديّ. وروى عنه: أبو الحسين بن شمعون، وأبو بكر بن شاذان، وأبو حفص بن شاهين، وعبد الله بن ذكوان البعلبكي. وروى عنه: تمام الرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصْر ثمّ تركا الرواية عنه. قال أبو الفتح عبد الواحد بن مَسْرور: سألت أبا بكر أحمد بن سليمان بن إسحاق بن زبان الكنديّ من ولد الأشعث بن قيس عن مولده، فقال: ولدتُ سنة خمسٍ وعشرين ومائتين. وقال عبد الغني المصري: كان غيرد ثقة. وقال الأمير ابن ماكولا: آخر مَن روى عَنْهُ عَبْد الرحمن بْن عثمان بن القاسم ثمّ ترك الحديث عنه لسببٍ حكاهُ لي أبو محمد الكتاني لا يكون جَرْحًا في ابن زَبّان. وقال جمال الإسلام: قال لنا عبد العزيز الكتّانيّ: لمّا قرأنا على أبي محمد بن أبي نصر بعض الجزء، قلت: قد تكلّموا في ابن زَبّان. فقطع عليَّ أبو محمد القراءة وامتنع من الرواية عنه. قلتُ: صدق ابن ماكولا، مثُل هذا لا يوجب ترْك الرجل. قال الكتّانيّ: وكان يُعرف ابن زَبّان بالعابد لزُهده وورعه، وحديثه بعلو عند الكندي، وأنا فأتهمته في لُقيّ مثل هشام. فالله أعلم. 240- أحمد بن شاذان بن إبراهيم بن الحكم: أبو الحسين البلْخي. له رواية. 241- أحمد بن محمد بن إسماعيل2: أبو جعفر بن النّحّاس المصريّ

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 378"، ميزان الاعتدال "1/ 103"، لسان الميزان "1/ 181، 182". 2 المنتظم "6/ 364"، سير أعلام النبلاء "5/ 401، 402"، البداية والنهاية "11/ 222".

النحويّ اللُّغويّ. رحل إلي الشّام، وأخذ عن الزجّاج. وكان ينظر بابن الأنباري ونَفْطَوَيْه ببلده. له كتاب "إعراب القرآن"، وكتاب "المعاني"، وكتاب "اشتقاق الأسماء الحُسنْي"، وكتاب "تفسير أبيات سِيبَوَيْه"، و"الكافي" المؤلف النحو. وفسره عشرة دواوين وأملاها. وروى كثيراُ عن: عليّ بن سليمان الأخفش الصّغير. وكان حاذقًا، بارعًا، كبير الشأن. سمع الحديث من: الحسن بن علي، ونحوه. وقيل: كان شديد التقتير على نفسه. ربَّما وهبوه العمامة، فيقطّعها ثلاث عمائم. وروى أيضًا عن: محمد بن جعفر بن أَعيَن، وأحمد بن شُعيب النسائيّ، وبكر بن سهل الدمياطي، وجعفر الفريابي، وعمر بن أبي غيلان، ومحمد بن الحسن بن سماعة الكوفي، وإبراهيم بن السري الزجاج. وغلط ابن النجار في قوله: إنه سمع من المبرّد، فإنّه لم يُدْركه. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن علي الأدفُويّ مصنفاته. ووصفه بمعرفة النَّحو أَبُو سعَيِد بْن يونس، وقال: تُوُفّي فِي ذي الحجّة. وقيل: إنّه جلس على دَرَج مِقْياس نيل مصر يقطّع لبعض الطلبة بيتًا من الشِّعرِ، فسمعه جاهلٌ فقال: هذا يسحر النيّل حتّى لا يزيد. فدفعه برِجلْهِ فألقاه في النيل، فعُدِم. 242- أحمد بن محمد بن شعيب: أبو حامد النيسابوري الشعبي، الفقيه الصالح العابد. سمع: يحيى بن محمد ين يحيى الذهلي، وسهل بن عمّار. وعنه: ابن أخيه أبو أحمد الشاهد، وأحمد بن هارون الفقيه، وأبو عبد الله الحاكم، وجماعة. تُوُفّي فِي ذي القعدة. 243- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد البرّ بن يحيى1: أبو عبد الملك القرطبي الأموي. صاحب تاريخ الفقهاء والقُضاة. وكان ممّن طلب العلم كثيرًا، وبحث عنه. وأخذ عن شيوخ الأندلس، وعّول على محمد بن لُبابة، وأسلم بن عبد العزيز. ومات كهْلًا. 244- إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم: أبو إسحاق النيسابوري العابد المعروف بإبراهيمك. القارئ. سمع: يحيى بن الذهلي، والسريّ بن خزيمة، وعثمان بن سعيد الدّارميّ. توفي في ربيع الآخر. روى عنه: الحاكم. وعاش ثلاثًا وتسعين سنة.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 38، 39".

245- إبراهيم بن عبد الرزاق بن الحسن الأنطاكي1: المقرئ أبو إسحاق. فقيه، مقرئ كبير. قرأ على: هارون ابن موسى الأخفش، وأحمد بن أبي رجاء، وقُنبُل، وعثمان بن خُرَّزاذّ، وغيرهم. وعلى والده. وصنَّف كتابًا في القراءات الثَّمان. وسمع: أبا أُمية الطرسوسيّ، ومحمد بن إبراهيم الصُّوريّ، ويزيد بن عبد الصمد، وعليّ بن عبد العزيز البغويّ. قرأ عليه: أبو الحسن بن بِشْر، وأبو عليّ بن حَبَش الدينوري، وأبو طاهر محمد بن الحسن الأنطاكي، وعلي ابن إسماعيل البصري، وأبو الطّيّب عبد المنعم بن غلبُون. وكان مقرئ الشّام في زمانه. روى عنه الحديث: شهاب بن محمد الصوريّ، وأبو أحمد محمد بن جامع الدّهّان، ومحمد بن أحمد المَلَطيّ، وأبو الحسين بن جُمَيْع، وآخرون. توفي سنة ثمانٍ. قاله فارس بن أحمد. وقال غيره: في شعبان سنة تسعٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ غَدِيرٍ، أَنَا ابْنُ الْحَرَسْتَانِيِّ وَأَنَا فِي الرَّابِعَةِ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُسْلِمِ، أَنَا ابْنُ طَلَّابٍ: أنبا ابْنُ جُمَيْعٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِأَنْطَاكِيَّةَ: ثَنَا محمد بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصُّورِيُّ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْن الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ" 2. 246- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت3: أبو إسحاق العبسي السامري، نزيل دمشق، ونائب الحكم بها. وصاحب الجزء العالي الذي تفردت به كريمة. سمع: الحسن بن عَرَفَة، وسعدان بن نصر، وزكريّا بن يحيى المروزي، والربيع بن سليمان المراديّ، وإبراهيم بن مرزوق، ومحمد بن عوف الحمصّي، ويزيد بن عبد الصّمد، وجماعة. وعنه: عبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر الأبهري، وابن جميع،

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 227"، سير أعلام النبلاء "15/ 384، 385"، النجوم الزاهرة "3/ 300". 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "2318"، وأحمد في المسند "1/ 201"، ومالك في الموطأ "1604"، والطبراني في الكبير "6886"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي "2318". 3 تاريخ بغداد "6/ 165"، المنتظم "6/ 164"، سير أعلام النبلاء "15/ 460، 461".

وأبو مُسْلِم الكاتب، وعبد الرحمن بْن عُمَر بن نصر، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وجماعة. وتوفي في ربيع الآخر رحمه الله. وثقه الخطيب. وقيل: كان تاجرًا رئيسًا، كثير الفضائل. قال أبو الحسين الرازي: كان بدمشق يُسأل عن المعدّلين، وأصلُه من العراق. تاجر نبيل. "حرف الباء": 247- بقاء بن سلامة بن محمد: أبو القاسم المصريّ. ثمّ سمّى نفسه: عبد الله. قال ابن يونس: كان يفهم الحديث. كتب عن النَّسائيّ، ومَن بعده. وتوفي في شوال. 248- بكار بن أحمد بن بكار بن سعيد السُّلميّ: أبو القاسم المصريّ. حدث عن: الربيع، وبكّار بن قُتيبة، وإبراهيم بن منقذ. وعنه. "حرف الجيم": 249- جعفر بن أحمد بن الحارث بن شهاب المراديّ: أخو عليّ والقاسم. توفي بمصر. وهو أصغر الإخْوة. "حرف الحاء": 250- الحسن بن حبيب بن عبد الملك الدّمشقيّ1: الفقيه أبو عليّ الشّافعيّ الحصائريّ. حدَّث بكتاب "الأمّ" للشّافعيّ عن أصحابه. سمع: الربيع بن سليمان المؤذّن، وبكّار بن قُتَيْبة، ومحمد بن إسماعيل الصّائغ، والعبّاس بن الوليد البيروتيّ، وصالح بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبد اللَّه بن عبد الحَكَم، وأبا أُمَيّة الطرسوسي. وقرأ على: هارون بن موسى الأخفش. روى عنه: عبد المنعم بن غَلْبُون، وابن جميع، وابن المقرئ، وأبو حفص ابن شاهين، وتمّام الرّازيّ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وعبد الرحمن بن عمر بن نَصر، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وخلق

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 159"، سير أعلام النبلاء "15/ 383، 348"، تهذيب التهذيب "5/ 132".

سواهم. وقال: وُلدِت سنة 242. وقال عبد العزيز الكتّانيّ: هو ثقة، نبيل، حافظ لمذهب الشّافعيّ. ومات في ذي القعدة. وقال ابن عساكر: كان إمام مسجد باب الجابية. 251- الحسن بن عليّ بن الحسن بن مُقْلَة1: الكاتب البارع، أخو الوزير أبي عليّ محمد. كان أوّل من نقل، الطريقة المنسوبة في الكتابة من القلم الكوفي، هو وأخوه الوزير على خلاف في ذلك. توفي الحسن في ربيع الآخر، وله سبعون سنة. ذكره ابن النّجّار فسمّي جدّه عبد اللَّه بدل الحسن. وكان أديبًا شاعرًا، وفَدَ على سيف الدّولة بن حمدان، وكتبَ له مجلَّدات عديدة. عنه: أبو الفضل بن مأمون، وأبو عبد الله الحسين النَّمرّي. مات بالشّام، فيقال نُقِل إلي بغداد. توفي في ربيع الآخر من السنة. "حرف السين": 252- سليمان بن داود بن سليمان بن أيّوب2: أبو القاسم المصريّ العساكريّ، عساكر فُسطاط مصر. سمع: الرّبيع المراديّ، وأبا غسان مالك بن يحيى، ومحمد بن خُزَيْمَة البصري. وثقه أَبُو سعَيِد بْن يُونُس وقال: تُوُفّي فِي ذي الحجّة. روي عنه ابن جميع. "حرف العين": 253- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن أحمد العبّاسي3: الخليفة المستكفي بالله ابن المكتفي. مات في السجن. وقد ذكرناه في سنة أربعٍ، سنة خلعوه وسلموه، نسأل اللَّه العافية. 254- العبّاس بن أَحْمَد بن محمد بن الفُرات4: أبو الخطّاب، والد المحدِّث أبي الحسن. كان صدرًا نبيلًا أُريد على الوزارة فامتنع تديُّنًا. وقد حدَّث عن: أحمد بن فرح المقرئ، وغيره.

_ 1 الأذكياء لابن الجوزي "48"، سير أعلام النبلاء "15/ 229، 230". 2 معجم الشيوخ لابن جميع "281، 282". 3 تقدمت برقم "137". 4 تاريخ بغداد "12/ 159".

255- عليّ بن أحمد بن الوليد1: أبو الحسن المُرّيّ الدّمشقيّ المقرئ: قرأ علي: هارون الأخفش. وأقرأ الناس. روى عنه: تمام الرّازيّ، وغيره، وأبو بكر محمد بن أحمد السلمي الجبني، وسلامة بن الربيع المطرِّز. وقد حدَّث عن: أخْطَل بن الحَكَم. شيخ روى عن الوليد بن مسلم. وفي سنة وفاته سمع منه تمام. 256- عليّ بن بويه بن فناخسرو بن تمام، بالتخفيف، بن كوهي2: السّلطان عِماد الدولة أبو الحسن الدَّيلميّ، صاحب بلاد فارس. أخو معُزّ الدولة، ورُكْن الدولة أبي علي. كان هَذَا أول من ملك من بني بويه. وكان بويه صيادا للسمك، ثُمَّ آل أمر بنيه إِلَى ملك البلاد العراقين والأهواز وفارس. ثُمَّ ملك ابن أخيه عضد الدولة ابن ركن الدولة. وكانت أيّام عماد الدولة ستَّ عشرة سنة، وعاش بْضعًا وخمسين سنة. وقد ذكرنا مِن أخبارهم في الحوادث طَرَفًا صالحًا. 257- عليّ بن الحسين بن أحمد بن السَّفْر3: أبو الغُنْم الْجُرَشي الدّمشقيّ البزّاز. قرأ القرآن على هارون الأخفش. وروى عن: بكّار بن قُتَيْبة، وأحمد بن عبد اللَّه بن البَرْقيّ، ويزيد بن عيد الصّمد، وجماعة. وعنه: تمّام الرازيّ، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو سهل المقرئ، وغيرهم. ورّخه المَيْدانيّ. وقرأ عليه محمد بن أحمد بن الْجُبْنيّ. 258- عليّ بن داود بن أحمد: أبو الحسن الأذْرَبيْجانيّ المؤدّب. سكن المِزّة، وصنَّف بالنَّيْرَب في شوّال سنة ثمانٍ عن: تمتام، وأبي بكر بن أبي الدنيا، وحامد بن سهل الثغري، وجماعة. وعنه: عمران الخفاف، والمظفر ابن أحمد المقرئ، وعبد الرحمن بن عمر. 259- علي بن محمد بن أحمد بن حسن المصري4: أبو الحسن الواعظ. بغدادي، أقام بمصر مدة ورجع. سمع: أحمد بن عُبّيْد بن ناصح، وأبا إسماعيل

_ 1 مقدمة الروض البسام "1/ 30". 2 المنتظم "6/ 365"، سير أعلام النبلاء "15/ 402، 403"، البداية والنهاية "11/ 221، 222". 3 غاية النهاية "1/ 532". 4 تاريخ بغداد "12/ 75"، المنتظم "6/ 365"، سير أعلام النبلاء "15/ 381"، البداية والنهاية "11/ 222".

الترمذي، وأبن أبي العَوّام. وبمصر: عبد اللَّه بن أبي مريم، وأبا يزيد القراطيسيّ، ورَوْح بن الفَرَج القّطان، وطبقتهم. وعنه: ابن المظفَّر، وابن شاهين، ومحمد بن فارس الغُوريّ، وابن دُوَسْت، ومحمد بن أحمد بن رزْقَوَيْه، وهلال الحفّار، وأبو الْحُسَيْن بن بشران. قال الخطيب وكان ثقة عارفًا: جمع حديث الليث، وابن لهيعة، وصنف في الزهد كتبا كثيرة. وله مجلس وعظ. حَدَّثَنِي الأزهريّ أنّ أبا الحسن المصري كان يحضر مجلسَ وعْظه رجالٌ ونساء، فكان يجعل على وجهه بُرقعًا تخوُّفًا أن يفتتن به النّاسُ من حُسْنِ وجهه. قال الزُّهْريّ: فحُدِّثت أنّ أبا بكر النّقّاش المقرئ حضر مجلسَه متخفيًّا، فلمّا سمع كلامه قام وشهر نفسه وقال: أيُّها الشيخ، القَصَصُ بعدك حرام. قال الخطيب: مات فِي ذي القعِدة وله نَيف وثمانون سنة. قلتُ: عند سِبْط السِّلَفيّ جزءٌ عالٍ من حديثه. 260- عليّ بن حَمشاذ بن سَخْتَوَيْه بن نصر1: أبو الحسن النيسابوري المعدّل الإمام. واسم حَمشاذ محمد. قال الحاكم: كان من أتقن مشايخنا وأكثرهم تصنيفًا. سمع: الحسين بن الفضل، والفضل بن محمد الشعراني. وحج سنة سبعٍ وسبعين، فسمع: محمد بن منده بالري، وإبراهيم بن ديزل بهمذان، والحارث التميمي ببغداد، وعلي بن عبد العزيز بمكة، وطائفة كبيرة. وصنف "المسند الكبير" في أربعمائة جزء، وعمل الأبواب في مائتين وستين جزءا، والتفسير في مائتين وثلاثين جزءا. ومات فجأة في الحمام يوم الجمعة. ولما صلينا عليه قال أبو العبّاس الأصمّ: كنتُ أقول: إذا متُّ إنّما يكون السُّوق في التحديث لعلي بن حمشاذ. وسنعت أبا بكر أحمد بن إسحاق يقول: صِحّبتُ عليَّ بن حَمْشاذ في الحَضَر والسَّفَر، فما أعلم أنّ الملائكة كتبت عليه خطيئة. وسمعت أبا أحمد الحاكم يقول: ما رأيت في مشايخنا أثبت في الرّواية والتّصنيف من عليّ بن حَمْشاذ. قال: ووُلِد سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين، وتوفي في شَوال. قلتُ: روي عنه: ابن مَنْدَه، وأبو الحسن بن محمد بن الحسين العلوي، وطائفة كبيرة.

_ 1 المنتظم "6/ 364، 365"، سير أعلام النبلاء "15/ 398-400"، البداية والنهاية "11/ 222".

261- عليّ بن محمد بن عامر: أبو الحسن إمام جامع نهاوند. حَدث في هذا العام عن: سعد بن محمد البيروتيّ، وإسحاق الدَّبّريّ. وعنه: ابن لال، وعلي بن جهضم، وأبو الحسن محمد بن علي الحسني الهَمَذَانيّ، وأبو غانم مظفر بن حسين، وآخرون. وكان واسع الرحلة عالي الهمّة. وثقهُ الخليلي وقال: مات بنهاوند سنة 383. "حرف القاف": 262- القاسم بن أبي صالح بُنْدار بن إسحاق1: أبو أحمد الهمْدانيّ الأديب ابن الرّزّاز. سمع: إبراهيم بن دِيزيل، وأبا حاتم الرّازيّ، وجماعة. وعنه: شعيب بن علي القاضي، وأحمد ابن لال، وأبو زُرْعة أحمد بن الحسين الحافظ، وطائفة. وكان صدوقًا. "حرف الميم": 263- محمد بن إبراهيم بن حبيش البغدادي المعدل2: روى عن: محمد بن شجاع البْلخيّ، وعبّاس الدُّوريّ، وإبراهيم بن عبد اللَّه القصّار. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وأحمد بن الفَرَج بن الحَجّاج، وعبد الرحمن بن عمر الخلال. وعاش ستًّا وثمانين سنة. 264- محمد بن عبد اللَّه بن دينار3: أبو عبد الله النَّيْسابوريّ الزاهد المعّدل الفقيه الحنفيّ. سمع: السري بن خزيمة، ومحمد بن أشرس، والحسين بن الفضل، وأحمد بن سَلَمَةَ، وجماعة كثيرة. وعنه: الحاكم، وقال: كان يصوم النّهار ويقوم الّليل ويصبر على الفَقْر. ما رأيت في مشايخ أصحاب الرأي أعبد منه. كان يحجّ ويغزو. وكان عارفًا بمذهب أبي حنيفة. خرج للحجّ فتوفي غريبًا ببغداد. قال الخطيب: ثقة. توفي في غُرّة صَفَر. وسمع منه ابن شاهين. وكان قد رغب عن الفتوى لاشتغاله بالعبادة مع صبر على الفقر.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 388، 389"، لسان الميزان "4/ 460". 2 تاريخ بغداد "1/ 410"، المنتظم "6/ 361". 3 تاريخ بغداد "5/ 451، 452"، المنتظم "6/ 365، 366"، سير أعلام النبلاء "15/ 382، 383".

وكان يأكل من عمل يده ويتصدَّق ويُؤْثر على نفسه. 265- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد المَلِك بْن أبي دُلَيْم1: أبو عبد الملك القُرْطُبيّ. سمع: محمد بن وضّاح، ومحمد بن عبد السّلام الخُشَنيّ، وعبيد الله بن يحيى، ومطرف بن قيس. وكان منقبضا عن الحكَّام، متشّبهًا بابن وضّاح. حدَّث عنه أهلُ الأندلس: أحمد بن القاسم التّاهَرْتيّ، وابن الباجيّ. وتوفي في رمضان. 266- محمد بن المسيّب: أبو الحسين. عن أبي الزِّنْباع رَوْح بن الفَرَج. 267- محمد بن يحيى بن زكريّا2: أبو الحسين الرّازيّ القاضي الحافظ. من كبار الأئمّة. سمع ببغداد من: أبي شعيب الحرانيّ. وبالكوفة من: مطين. وتفقه بابن سُرَيْجٍ. وصنَّف في الفقه والأصول. ومات شهيدًا. "حرف الهاء": 268- هارون بن عبد العزيز بن الخليفة المعتمد على اللَّه أحمد بن المتوكّل: أبو محمد الهاشميّ النَّحْويّ. سكن مصر، وأملي بها عن: أبي العَينْاء، والمبرّد، وثعلب، والكُدَيميّ. وحدَّث في هذه السنة. روى عنه: جعفر ابن حنْزابَة الوزير. "حرف الياء": 269- يحيى بْن محمد بْن يحيى: أبو سلمة المَرْوزِيّ. سمع: أبا مسلم الكجي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وجماعة. ووُجِد مقتولًا في مُصَلاه ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان. وفيات سنة تسعٍ وثلاثين وثلاثمائة: "حرف الألف": 270- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ3: أبو الحسين المصريّ الناقد. سمع: بكّار بن قُتَيْبة، والربيع بن سليمان، وعبد اللَّه بن أبي مريم. وعنه: عبد الرحمن بن

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 56، 57"، لابن الفرضي. 2 سير أعلام النبلاء "15/ 379". 3 المنتظم "6/ 167".

النحاس، وجماعة. قال ابن يونس: كان ثقة طريفًا. توفي في صفر. وعنه أيضًا: ابن جُمَيْع وعليّ بن محمد الحلبيّ. 271- أحمد بن محمد بن إبراهيم الطوسيّ الحافظ1: أبو محمد البلاذري الواعظ. قال الحاكم: كان واحد عصره في الحفظ والوعظ. كان شيخنا أبو عليّ الحافظ ومشايخنا يحضرون مجلسَه، ويفرحون بما يذكره على رءوس الملأ من الأسانيد. ولم أرهم قطّ غمزوه في إسناده أو اسم أو حديث. سمع: تميم بن محمد الحافظ، ومحمد بن أيّوب الرّازيّ، وعبد اللَّه بن محمد بن شِيرُويْه، وجماعة كثيرة بالعراق، وخُراسان. وخرج صحيحًا على وضع كتاب مسلم. واستُشْهد بالّطابران، وهي مُرَيْحَلة من نَيْسابور. 272- أحمد بن محمد بن داود2: الفقيه النّسّاج النَّحْويّ الزّاهد. قزوينّي كبير السِّنّ. حج، وسمع بمكَّةَ: محمد ابن إسماعيل الصائغ، وعبد الله بن أبي مسرة، وحدث. 273- أحمد بن محمد عاصم3: أبو عليّ الكّرانيّ الأصبهانيّ الحافظ. ثقة، يفهم ويذاكر. سمع: عبد اللَّه بن محمد النعمان، ومحمد بن إبراهيم الحيراني، وعمران ابن عبد الرّحيم، وأبا بكر بن أبي عاصم، وطبقتهم. وعنه: أبو إسحاق بن حمزة، وأبو بكر المقرئ، وأبو بكر بن مَرْدُوَيْه الحفّاظ، وعليّ بن مَيْلَة. توفي في ربيع الأوّل. وكَرّان: محلَّة بأصبهان. قال ابن مَرْدُوَيْه: ثقة، مأمون، مُكِثر. 274- أحمد بن محمد بن فَضَالَةَ بن غَيْلان4: أبو عليّ الهمداني الحمصيّ الصّفّار المعروف بالسُّوسيّ. سمع: أبا زُرْعَة الدّمشقيّ، ويزيد بن عبد الصّمد، وبحر بْن نصر الخَوْلانيّ، والربيع بْن سليمان، وبكّار بن قُتَيْبة، ومحمد بن عَوْف الطّائيّ، وخلقًا من المصريّين والشّاميين. وعنه: شجاع بن محمد العسكريّ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وأبو محمد بن النّحّاس، وتّمام الرازي.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 101، 102"، شذرات الذهب "2/ 349". 2 التدوين في أخبار قزوين "2/ 233-235". 3 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 103، 104"، سير أعلام النبلاء "15/ 403، 404". 4 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 74"، سير أعلام النبلاء "15/ 404".

قال أبو سعيد بن يونس: كان ثقة، وكانت كُتُبُه جيادًا. قدِم مصر وتوفي في رمضان. 275- أحمد بن هارون: أبو العبّاس التّبَّان الفقيه. في رجب. كان شيخ الحنفية ومفتيهم بَنْيسابور. سمع: الفضل بن محمد الشعراني، وبشر بن موسى، وطبقتهما. وعنه: الحاكم. 276- إبراهيم بن أبان بن رُسْته المَدِينيّ: أبو إسحاق. سمع: محمد بن الصّائغ المكّيّ، وأبا مُسْلِم الكشي، واحمد بن يحيى بن خالد الرَّقّيّ. تُوُفّي فِي جُمادى الأولى. "حرف الجيم": 277- جَعْفَر بن أبي داود بن حمدان بن سليمان1: أبو الفضل النّيْسابوريّ المقرئ، المؤدِّب. نزيل دمشق. قرأ علي: هارون الأخفش، وكان من جِلّة أصحابه. قرأ عليه: عبد الله بن عطيّة، وأبو بكر محمد بن أحمد الْجُبْنيّ، والمظفرّ بن عبد اللَّه، ومحمد بن الحُسَيْن الدَّبِيليّ، وجماعة. وتوفي في صفر. "حرف الحاء": 278- الْحَسَن بْن عَبْد الرَّحمن بْن إسحاق: أبو محمد المصريّ الجوهريّ الفقيه. تقلَّد فضاء مصر هو وأبوه. وكان رئيسًا متصوّنًا، من بيت حشمة وعلم. قال ابن يونس: كتب كثيرًا وكتبتُ عنه. وتوفي في جُمَادَى الآخرة. 279- الحسن بن عبد اللَّه بن عيّاش: أبو عليّ. رحل وسمعٍ: محمد بن يونس الكُدَيْميّ، وعليّ بن سهل بن المغيرة. وكان حافظًا أظنّه من أَرْدَبيل. 280- الحسن بن محمد2: أبو الطَّيِّب المصريّ الرّيّاش. شيخ مُعَمَّر. حدَّث في هذا العام عن: عبد الملك بن شعيب بن اللَّيْث. وهو آخر من حدَّث عَنْهُ. روى عَنْهُ: عبد الرحمن بن عمر النحاس. وقال الحبّال: لم يكن عند النّحّاس من حديث عبد الملك بعلوٍّ غير حديث واحد.

_ 1 غاية النهاية "1/ 191". 2 الإكمال لابن ماكولا "3/ 360، 361".

وروى أيضًا يونس بن عبد الأعلى. وقع لي حديثه عاليًا في الرابع من "الخِلَعيّات". وهو الحسن بن محمد بن إبراهيم البرمكيّ. وذكره ابن ماكولا فقال: روى عن: أبي أُمّية الطرسوسي، وابن عبد الحَكَم، والربيع الجيزي، وبحر بن نصر. وسمي جماعة. روى عنه ابن النحاس. ولم يزد. قلتُ: وحديثه عن عبد الملك رواه ابن طاهر المقدسي، عن الحبّال، عن النّحّاس، عنه. 281- الحسين بن أحمد بن النّاصر1: أبو عبد الله العلويّ الكوفيّ. أحد وجوه السّادة. كان ورعًا، زاهدًا، ثقة. روى عن: أبيه، وإسحاق الحِمْيَريّ. وعنه: أبو عمر بن حيويه. 282- الحسن بن إسماعيل الفارسي: حدث ببخارى عن: سهل بْن المتوكل. وثقه أبو زُرْعَة أحمد الحافظ. 283- حفص بن عمر الأرْدُبِيليّ2: الحافظ أبو القاسم. سمع: أبا حاتم الرزاي، ويحيى بن أبي طالب، وأبا قلابة عبد الملك الرّياشيّ، وإبراهيم بن دِيزِيل. وله تصانيف وفوائد. وكان ثقة، عارفًا. روى عنه: أحمد بن طاهر المَيَانِجِيّ، وأحمد بن عليّ بن لال، وجماعة. "حرف السين": 284- سليمان بن يزيد3: أبو داود القَزْوِينيّ الفاميّ. ارتحل مع أبي الحسن القطان باليمن. وسمع: أبا حاتم الرّازيّ، والمُنْسجِر بن الصَّلْت، ومحمد بن ماجة، وإسحاق الدَّبَريّ. وعنه: أبو الحسين أحمد الفارس، وسليمان ابن أحمد النّسّاج. "حرف العين": 285- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حمدوَيْه بن نُعَيْم بن الحَكَم الضبي: أبو محمد النيسابوري البيع المؤذن.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 7"، المنتظم "6/ 368". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 433، 434"، تذكرة الحفاظ "3/ 850، 851"، شذرات الذهب "2/ 349". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 405، 406".

قال الحاكم: هو الّذي أذّنَ ثلاثًا وستّين سنة محتسبًا، وحجّ ثلاث حجج، وغزا اثنتين وعشرين غزوة. وما ترك قيام اللّيل. وأنفق على العلماء والزُّهّاد أكثر من مائة ألف. توفي سنة تسعٍ وثلاثين. 286- عبد الرحمن بن سَلْمَوَيْه: أبو بكر الرّازيّ الفقيه الشّافعيّ. نزيل مصر. روى عن: أبي شعيب الحّرانيّ، وغيره. وعنه: أبو محمد النّحّاس. قال ابن يونس: كان ثقة، له حلقة بجامع مصر للعلم كتبَ الكثير عن أهلِ بلده، وغيرهم. 287- عليّ بن عبد اللَّه بن يزيد بن أبي مطر المَعَافريّ: أبو الحسن الإسكندرانيّ الفقيه. قاضي الإسكندرية، وله مائة سنة. سمع: محمد بن عبد اللَّه بن ميمون صاحب الوليد بن مسلم، وأحمد بن محمد بن عبد ربّه صاحب سُفْيان بن عيينة، ومحمد بن المواز المالكي. وكان الرحلة إليه. سمع منه القاضي أبو الحسن التِّلْبانيّ، ودرس بن إسماعيل، وعبد الرحمن بن عمر النّحّاس، ومنير بن أحمد الحسّاب. 288- عليّ بن محمد بن عامر النهّاونديّ1: سمع: بكر بن سهل الدِّمْياطيّ، وأحمد بن محمد بن رِشْدين. وعنه: ابن لال، وابن رُوزَبة، والهمدانيون. 289- عمر بن الحسن بن عليّ بن مالك الشَّيْبانيّ البغداديّ2: أبو الحسن بن الأُشْنانيّ القاضي. سمع: أباه، ومحمد بن عيسى بن حيان المدائني، ومحمد بْن شداد المسمعي، وموسى بْن سهل الوشاء، وابن أبي الدنيا. وعنه: أبو العباس بن عقدة مع تقدمه، وابن المظفر، والدارقطني، والمعافى بن زكريا، وأبو الحسن بن بشران، وأبو الحسن بن مخلد وهو آخر من حدَّث عنه. ولي القضاء بنواحي الشام. وقد روى حروف عاصم عن محمد ابن الْجَهْم السِّمَّريّ. سمعها منه أبو طاهر بن أبي هاشم، وأحمد بن نَصْر الشّذائيّ. وقال الحاكم: قلت للدارقطني: سمعت أبا عليّ الحافظ يوثّق عمر بن الأُشْنانيّ. فقال: بئس ما قال شيخنا أبو عليّ: دخلتُ عليه وبين يديه كتاب "الشفعة"، وفيه:

_ 1 تقدمت ترجمته برقم "260". 2 تاريخ بغداد "11/ 236-239"، ميزان الاعتدال "3/ 185"، سير أعلام النبلاء "15/ 406، 407"، لسان الميزان "4/ 290".

عن أبي إسماعيل الترمذي، عن عمر أبي صالح، عن عبد العزيز بن الماجشون، عن مالك، عن الزُّهْريّ. فقلت: قطع اللَّه يد مَن كتب هذا ومن يحُدث به. ما حدث به إسماعيل ولا أبو صالح ولا ابن الماجِشُون. قال: فما زال يُداريني حتّى أخذ الكتاب منّي وأنصرفت. فلما أصبحت دقّ غلامه الباب، فخرجتُ إليه فإذا القاضي، فما زال يتلافى ذلك بأنواعٍ من البِرّ. ورأيت مرّةً في كتابه: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْحَمَّالِ، عَنْ قُبيصة، عن سفيان ابن عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ". وكان يكذب. وقد ولي القضاء ببغداد ثلاثة أيّام، وعُزِل. وقد حدَّث في أيّام الحربيّ إبراهيم بن إسحاق سنة نيفٍ وثمانين. ومولده سنة ستيّن ومائتين. قال أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ: سألت الدَّارَقُطْنيّ عَنْ عمر بن الأُشْنانيّ فقال: سعيد. توفي في ذي الحِجَّة. 290- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن منير1: أبو بكر بن أبي الأصبغ الحراني، إمام عَمْرو بن العاص، ونزيل مصر. قرأ القرآن على: أحمد بن هلال. وسمع قراءة نافع من عبد اللَّه بن عيسى عن عيسى بن مينا المدني قالون. وحدث، ودرس مذهب مالك. روى عنه: أحمد بن عمر القاضي، ومحمد بن مُفَرِّج القاضي الأندلسيّ القُرْطُبيّ، وغيرهما. توفي في شوّال. قاله الدّانيّ. وروى عن: محمد بْن سُلَيْمَان المنقري. وعنه: منير الخشّاب، وابن النّحّاس. وكان يروي المسائل الأسديّة، وكان قيّمًا بها، عن أبي الزِّنْبَاع القطّان، عن أبي زيد بن أبي الغَمْر، عن ابن القاسم. مات في شوّال. 291- محمد بن الحافظ أحمد بن عَمْرو العَتَكيّ البزّار2: سمع: أبا الأحْوَص محمد بن الهيثم، وأبا علاثة المصري. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وابن جُمَيْع. 292- محمد بن القاهر بالله3: أمير المؤمنين أبو المنصور بن المعتضد بالله أحمد بن طلحة بن المتوكّل على اللَّه. استُخْلِف سنة عشرين عند قتل المقتدر، وخلعوه في جُمَادَى الأوّلى سنة اثنتين وعشرين، وسملت عيناه فسالتا.

_ 1 غاية النهاية "2/ 68". 2 تاريخ بغداد "1/ 327، 328"، المنتظم "6/ 368". 3 تاريخ بغداد "1/ 339، 340"، المنتظم "6/ 368"، سير أعلام النبلاء "15/ 98-103".

وحَبسوه مدّةً ثمّ أهملوه وسيبّوه. ومات فِي هَذَا العام فِي جُمَادَى الآخرة. وكان ربعَةً أسمرًا، أصْهب الشَّعْر، طويل الأنف. ذكرتُ من سيرته في الحوادث. 293- محمد بن إبراهيم بن حَمْدَوَيْه البخاري الفرائضي الحساب: روى عنه: صالح جرزة، وموسى بن أفلح. 294- محمد بن بكر بن العوّام: أبو بكر الشَّيْبانيّ المصريّ. روي عن: أبي يزيد القراطيسيّ، وبكر بن سهل. وتوفي في رجب. 295- محمد بن حاتم بن خُزَيْمَة1: أبو جعفر الأسامي الكَشّيّ المُعَمَّر. من ولد أسامة بن زيد الحُباب. قال الحاكم: قدِم علينا سنة تسعٍ وثلاثين ليحُجّ، فحدَّثنا عن عبد حُمَيْد، والفتح بن عَمْرو. وذكر أنّه ابن مائة وثمان سنين. وعرضتُ كُتُبُه على شيخنا أبي بكر الصِّبْغيّ، فأمرنا بالسّماع منه. توفي بهمَدَان في شَوال من السنة. وقال ابن الصّلاح في النّوع السّتّين: روينا عن الحاكم أنّه قال: لمّا قدِم علينا محمد بن حاتم وحدَّث عن عبدٍ سألته عن مولده، فقال: سنة ستين ومائتين. قلتُ: فظهر كِذبُه. 296- محمد بن الحسين بن عليّ أبو الحسين بن محمد بن أبي مُعَاذ البلْخيّ: أبو جعفر. 297- محمد بن طالب بن عليّ: أبو الحسين النَّسَفيّ الفقيه، إمام الشّافعيّة بتلك الدّيار. كان فقيهًا عارفًا باختلاف العلماء. نقيّ الحديث، صحيحه. ما كتبَ إلا عن الثّقات. وكذا قال جعفر المستغفريّ. سمع: علي بن عبد العزيز بمكّة، وموسى بن هارون، وطائفة، توفي في رجب بنَسف. 298- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد2: أَبُو عبد الله الأصبهانيّ الصّفّار: قال الحاكم: هو محدَّث عصره. وكان مجَاب الدَّعوة، لم يرفع رأسًه إلى السماء، كما بلغنا، نيفًا وأربعين سنة. سمع ببلده: أحمد بن عصام، وأُسَيْد بن عاصم، وأحمد بن رستم، وعبيدًا

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 503"، سير أعلام النبلاء "15/ 380، 381"، لسان الميزان "5/ 110". 2 المنتظم لابن الجوزي "6/ 368"، سير أعلام النبلاء "15/ 437، 438"، الوافي بالوفيات "3/ 416".

الغزّال، وجماعة في سنة ثلاثٍ وستين ومائتين. وبفارس: أحمد بن مهران بن خالد. وببغداد: أحمد بن عبيد الله النرسي، ومحمد بن الفرج الأزرق. والتصانيف من: أبي بكر بن أبي الدِّنيا. وبمكّة: عليّ بن عبد العزيز، وجماعة. وصنِّف في الزُّهْديّات. وورد نيسابور قبل الثلاثمائة فسكنها. وكان قد سمع "المُسْنَد" من عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل. وكتب مصنّفات إسماعيل القاضي. وصحب العُبّاد، ورحل إلى الحَسَن بن سفُيْان. وحصَّل "المُسْنَد" ومصنَّفات ابن أبي شَيْبَة. قال الحاكم: كان وراقه أبو العباس المصريّ خانه واختزل عيون كُتُبه، وأكثر من خمسمائة جزء من أصوله، فكان يجامله أبو عبد الله جاهدًا في استرجاعها منه، فلم ينجع فيه شيء. وكان كبير المحّل في الصَّنعة، فذهبَ علمه بدُعاء الشيخ عليه. روى عنه: أبو عليّ الحافظ، وأكثر مشايخنا. وتُوُفّي في ذي القعدة سنة تسعٍ وثلاثين، وله ثمانٍ وتسعون سنة. قلت: روي عَنْهُ الحاكم بن البيَّع، ومحمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ، ومحمد بن موسى الصَّيْرفيّ، وأبو الحسين الحَجّاجيّ، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، وآخرون. 299- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى بْن يحيى بن يحيى بن كثير اللَّيْثيّ1: مولاهم القُرْطُبيّ القاضي أبو عبد الله بن أبي عيسى. سمع من: عمّ أبيه عُبّيْد اللَّه، وأحمد بن خالد، ومحمد بن لُبابة، وحج، فسمع: محمد بن إبراهيم بن المنذر، ومحمد بن عَمْرو العُقَيْليّ. وقيل: لم يكن في قضَاة الأندلس أكثر شِعرًا منه. وكان فصيحًا مفوَّهًا، صارمًا في القضاء. وسمع أيضًا بمصر من: محمد بن محمد الباهلي، وابن زَبّان. وكان حافظًا للفقه، جامعًا للسُّنن. ولي قضاء الجماعة للنّاصر. 300- محمد بْن عَمْرو بْن البَخْتَرِيّ بْن مُدْرِك البغداديّ2: أَبُو جعْفَر الرّزّاز. وُلِد سنة إحدى وخمسين ومائتين. وسمع: سعْدان بْن نصر، ومحمد بْن عَبْد الملك الدَّقيقيّ، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وعباس بن محمد الدوري، وطبقتهم. وانتخب عليه عمر البغوي. قَالَ الحاكم: كَانَ ثقة مأمونًا. وقَالَ الخطيب: كان ثقة ثَبْتًا.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 58، 59"، جذوة المقتبس للحميدي "63". 2 تاريخ بغداد "3/ 132"، سير أعلام النبلاء "15/ 385، 386"، الوافي بالوفيات "4/ 291".

رَوَى عَنْهُ: ابن رزْقَوَيْه، وأبو الْحُسَيْن بْن بِشْران، وهلال الحفار، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، وأبو نصر بْن حَسْنُونٍ النَّرْسِيّ، وأبو الحسن بن محمد بْن محمد بْن مخلد، وخلق سواهم. آخر من روى حديثه بعُلُو ابن شاتيل، ونصر اللَّه القزاز. 301- محمد بْن محمد بْن طَرْخَان بْن أَوْزَلَغ1: أَبُو نصْر التُّرْكيّ الفارابيّ الحكيم. صاحب الفلسفة. كَانَ بارعًا فِي الكلام والنطق والموسيقى، وله تصانيف مشهورة، مَن ابتغَى الهُدى منها أضلّهُ اللَّه. وبكُتُبه تخَّرج أبو عليّ بْن سينا. قِدم أَبُو نصْر بغداد، فأتقنّ بها اللغة، وأدرك بها متَّى بْن يونس الفيلسوف المنطقيّ، فأخذ عَنْهُ. وسار إلى حرّان فلزِم يوحنّا بْن جيلان النَّصرانيّ فأخذ عَنْهُ، وسار إلى دمشق، وإلى مصر، ثمّ رجع إلى دمشق. وكان مفرطًا في الذكاء. وقيل: إنّه دخل بدمشق عَلَى سيف الدّولة بْن حمدان وهو بزي الترك -وكان زيُّه دائمًا. وكان يعرِف فيما زعموا، سبعين لسانًا. وكان أَبُوهُ قائد جيش فيما بَلَغَنا- فقعد فِي الصَّدْر وأخذ يتكلم مع علماء المجلس في كل فن، ولم يزل كلامه يعلو وكلامهم يسفل حَتَّى صمت الكُلّ. ثُم إنّه خلا بِهِ، فإذا بِهِ أبرع من يوجد فِي لِعب العُود. فأخرج عودًا من خريطة، وركّبه ولِعب بِهِ، فضحك كلّ من فِي المجلس طربًا. ثمّ غيّر تركيَبه وحرّكه فنام كلُّ من فِي المجلس، حتّى البّواب، فتركهم وراح. ويقال: إنّ القانون هُوَ أوّل من اخترعه. وكان منفردًا لا يُعاشر أحدًا. وكان يقعد بدمشق فِي المواضع النَّزِهَة، ويُصنّف ويُشغل. وقَلَّما بيّض من تصانيفه. وسألوه: مَن أعلم أنتَ أو أرسطو؟ فقال: لو أدركته لكنتُ أكبر تلاميذه. وقد ذكر أَبُو العبّاس أَحْمَد بْن أَبِي أُصيبعة فِي ترجمة أَبِي نصر: لَهُ شِعرًا جيّدًا، وأدعية مليحة عَلَى اصطلاح الفلاسفة وعباراتهم. وسَرد أسماء مصنَّفاته، وهي كثيرة منها: مقالة فِي إثبات الكيمياء والرّدّ عَلَى مُبطلها. وكلّ مصنفَّاته فِي الرّياضيّ والإلهيّ. وكان زاهدًا كزُهْد الفلاسفة، لا يحتفل بملبسٍ ولا مسكن. أجرى عَلَيْهِ سيف الدولة كلّ يوم أربعة دراهم. وبدمشق تُوُفّي، وصلّى عَلَيْهِ سيف الدولة. وعاش نحوًا من ثمانين سنة. ومات فِي رجب، ودفن بمقبرة باب الصّغير.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 491"، سير أعلام النبلاء "15/ 416-418"، البداية والنهاية "11/ 224".

302- محمد بن مروان بن زريق1: أبو عبد الله البَطَلْيُوسيّ. سَمِعَ ببلده من: منذر بْن حزْم، ومحمد بْن سُوَيْد. ورحل، فأكثر عَنْ: البَغَوِيّ، وابن أَبِي دَاوُد، وابن زبان المصري. حدث بقرطية. وفيات سنة أربعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 303- أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان بن عبدويه: أو نصر العَبْدويّ النسائي الرّئيس. سَمِعَ: محمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء، والسَّريّ بْن خُزَيْمَة، وطبقتهما. وقد سَمِعَ منه الحاكم حكايات، وقال: امتنع من التَّحديث. 304- أَحْمَد بْن سعد بْن عَبْد الرّحيم: أَبُو نصر الشّاشيّ. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى. 305- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زياد بْن بِشْر بْن دِرْهَم العَنَزِيّ2: الْإمَام أَبُو سَعِيد بن الأعرابيّ البصْريّ. نزيل مكّة. سَمِعَ: الْحَسَن بْن محمد بْن الصّبّاح الزَّعْفرانيّ، وسعْدان بْن نصْر، وعبد اللَّه بْن أيّوب المُخَرِّميّ، ومحمد بْن عبد الملك الدقيقي، وأبا جعفر بن المنادي. وجمع وصنَّف وطال عمره. روى عَنْهُ: أَبُو بكر المقرئ، وابن منده، عبد اللَّه بْن يوسف، وعبد اللَّه بْن محمد القطّان الدّمشقيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن جُمَيْع، وعبد الرحمن بن عمر النحاس، ومحمد بن أحمد بْن مفرج القُرْطُبي، وعبد الوهّاب بْن منير، وأبو الفتح محمد بْن إبراهيم الطّرُسوسيّ، وصَدَقة بْن محمد بْن الدّلم الدّمشقيّ، وخلق كثير من الحُجاج. وكان شيخ الحرم فِي وقته سَنَدًا وعلمًا وزُهدًا وعبادة "وتسليكا". فإنّه صَحِب الْجُنَيْد، وعَمْرو بْن عثمان المكّيّ، وأبا أَحْمَد القلانِسيّ، وأبا الْحُسَيْن النُّوريّ. وجمع كتاب "طبقات النُّسَّاك"، وكتاب "تاريخ البصرة". وما أحسن ما قَالَ فِي "طبقات النُّسَّاك" فِي ترجمة النوري أنه مات وهم عنده

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 57، 58". 2 حلية الأولياء "10/ 375، 376"، المنتظم "6/ 371"، سير أعلام النبلاء "15/ 407-412"، لسان الميزان "1/ 308، 309".

يتكلّمون فِي شيءٍ سُكوتهم عَنْهُ أَوْلَى، لأنّه شيء يتكَّهنون فِيهِ ويتعسّفون بظُنونهم. فإذا كَانَ أولئك كذلك، فكيف بمَن حدَّث بعدهم؟ إلى أن قَالَ ابن الأعرابّي: وإنّما كانوا يقولون جمعٌ، وصورة الجمع عند كلّ واحدٍ بخلافها عند الآخر. وكذلك صعدة الفناء. فكانوا يتَّفقون فِي الأسماء ويختلفون فِي معناها؛ لأنّ ما تحت الاسم غير محصور؛ لأّنها من المعارف، وكذلك علم المعرفة غير محصور، ولا نهاية لَهُ، ولا لوجوده، ولا لذوقه. إلى أن قَالَ: فإذا سمعتَ الرجل يسأل عَنِ الجمع أو الفناء أو يجيب فيهما، فاعلم أنّه فارغ لَيْسَ من أهلها؛ لأنّ أهلها لا يسألون عنها، لعلمهم بأنّها لا تُدرك وصفًا. وكذلك المجيب فيها إن كان من أهلها علم أنّ السّائل عنها لَيْسَ من أهلها، فمحالٌ إجابته، كما هُوَ مُحال سؤال مَن أهلها. فإذا رَأَيْت سائلًا عَنْ ذَلِكَ فاعلم فراغه وعاميّته. قلت: وصنَّف فِي شرف الفقر، وفي الّتصّوف. وكان ثقة ثبتًا. ومن كلامه: أخسَر الخاسرين من أبرز للنّاس صالح أعماله، وبارز بالقبيح مَن هُوَ أقرب إِلَيْهِ من حبل الوريد. وقال السُّلَميّ: سمعتُ أَبَا بَكْر محمد بْن عَبْد اللَّه الرّازيّ: سَمِعْتُ ابن الأعرابيّ يَقُولُ: إنّ اللَّه طيبَ الدّنيا للعارفين بالخروج منها، وطيّب الجنّة لأهلها بالخلود فيها. وسمعته يقول: ثبتَ الوعْد والوعيد عَنِ اللَّه تعالى، فإذا كَانَ الوعْد قبل الوعيد فالوعيد تهديد، وإذا كَانَ الوعيد قبل الوعد فالوعيد منسوخ. وإذا كَانَ معًا، فالغَلَبة والثَّبات للوعد، لأنّ الوعد حقّ العبد، والوعيد حقّ اللَّه عز وجل والكريم يتغافل عَنْ حقّه. وقال السُّلَميّ: سَمِعْتُ محمد بْن الْحَسَن الخشّاب: سَمِعْتُ ابن الأعرابيّ يَقُولُ: المعرفة كلّها الاعتراف بالجهل، والتّصّوف كلّه ترك الفضول، والزهد كله أخذ ما لا بد منه، والمعاملة كلّها استعمال الأَوْلى بالأَوْلى، والرّضا كلّه ترك الاعتراض، والعافية كلّها سقوط التّكلُّف بلا تكُّلف. وذكر أَبُو عُمَر الطَّلِمَنْكيّ، عَنْ شيخه أَبِي عَبْد الرَّحْمَن بْن مُفَرِّج قَالَ: لقيت بمكة أبا سعيد بن الأعرابي المعنزي، وتوفي يوم السّابع والعشرين من ذي القعدة سنة أربعين، وصلَّينا عَلَيْهِ. ومولده سنة ستٍّ وأربعين ومائتين. وقال عَبْد اللَّه بْن يوسف بْن باموَيْه: حضرت

موته فِي ذي القعدة سنة أربعين. آخر مَن روى لنا حديث ابن الأعرابيّ بعُلُوّ: محمد بْن أَبِي العزّ فِي "الخِلَعّيات". 306- أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن مهران: أَبُو الْحَسَن الإسماعيليّ النَّيسابوريّ العدْل. سَمِعَ: أَبَاهُ، ومحمد بْن إبْرَاهِيم الْبُوشَنْجيِ. وعنه: الحاكم. 307- أحمد بن يعقوب بن أحمد بن مهران: أبو سعيد الثقفي النيسابوري الزاهد العابد، نسيب أبي العباس السراج. سَمِعَ: محمد بْن إبْرَاهِيم البوشجي، ومحمد بن عمرو، والحرشي، وأبا مسلم الكجي، ومحمد بن بن عثمان ابن أَبِي شيبة، ومحمد بْن أيّوب الرّازيّ، وطبقتهم. وعنه: أَبُو عليّ الحافظ، والحاكم أبو عبد الله، وجماعة. تُوُفّي فِي رمضان، وقد شاخ. 308- إبْرَاهِيم بْن أَحْمَد1: أَبُو إِسْحَاق المَرْوزِيّ، الشّافعيّ. شيخ المذهب، وشيخ أَبِي زَيْدُ المَرْوزِيّ الزّاهد. أحد أعلام المذهب. أقام ببغداد مدّة طويلة يُفتى ويدرّس. وأنجب من أصحابه خلقٌ كثير. شرح المذهب ولخَصه. وتفقّه عَلَى أَبِي العبّاس بْن سُرَيْج. وصنَّف كُتُبًا كثيرة، وانتهت إِلَيْهِ رئاسة المذهب بعد ابن سُرَيْج. وانتقل فِي آخر عمره إلى مصر. وإليه يُنْسَبُ درب المَرْوزِيّ الّذي فِي قطيعة الرّبيع. ومن جملة أصحابه أَبُو حامد أَحْمَد بْن بِشْر المَرْوَرُّوِذيّ عالِم أهلِ البصرة ومفتيهمِ وصاحب المصنَّفات الْمُتَوَفَّى سنة 362، وسيأتي. تُوُفّي أَبُو إِسْحَاق بمصر فِي تاسع رجب، وقيل: فِي حادي عشره من السنة، وُدِفن عند ضريح الشّافعيّ رحمه اللَّه. 309- أسباط بْن إبْرَاهِيم المدينيّ المعدّل: روى عَنْ: أَحْمَد بْن خشْنام، وإبراهيم بْن سعْدان، وابن أَبِي عاصم. روى عنه مثل ابن منده. 310- إسحاق بن إبراهيم بن زيد سلمة2: أبو عثمان التيمي الأصبهاني المعدل: ثقة مأمون، سَمِعَ: عِمران بْن عَبْد الرّحيم، وإسماعيل بْن بحر سمعان، ومُطَيَّنًا، وعبد اللَّه بْن النُّعمان. وعنه: أَبُو إِسْحَاق بْن حمزة، وأبو الحسن بن ميلة، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 1"، سير أعلام النبلاء "15/ 429، 430"، شذرات الذهب "2/ 355، 356". 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "1/ 220".

"حرف الحاء": 311- الحَسَن بْن يوسف بْن مُليح الطّرائفيّ الْمَصْريّ1: تُوُفّي فِي رجب. سَمِعَ: بحر بن نصر الخولاني، ويزيد ابن سِنان البصْريّ، وغير واحد. وهو ثقة إن شاء اللَّه. وعنه: أَبُو بَكْر بْن الْمُقْرِئ، وابْن مَنْدَه، وعبد الرَّحْمَن بْن النّحّاس. 312- الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن أيّوب2: أبو عبد الله الطُّوسيّ الأديب. كَانَ من كبار المحدّثين وثقاتهم. رحل إلى أَبِي حاتم فأقام عَلَيْهِ مدّة، وجاور فسمع مُسْنَد أَبِي يحيى بْن أَبِي مَسَرّة منه، وكُتبَ أَبِي عُبّيْد من عَلِيّ البَغَوِيّ. وقال: سَمِعْتُ ابن أَبِي مَسَرَّة يَقُولُ: أَنَا أفتي بمكّة منذ سبعين سنة. رُوِيَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيّ الحافظ، وأبو إِسْحَاق المُزَكيّ، وأبو الحسين الحجاجي، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو عَلِيّ الرُّوذَبَارِيّ، وآخرون. 313- الْحُسَيْن بْن صفوان بْن إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم3: أَبُو عَلِيّ البرذعيّ. سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن أَبِي الدّنيا، ومحمد بْن شدّاد المِسْمَعيّ، ومحمد بْن الفَرَج الأزرق، والبِرْتيّ. تُوُفّي فِي شعبان. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا رحمه اللَّه تعالي. "حرف السين": 314- سُلَيْمَان بْن محمد بْن سُلَيْمَان بْن خَالِد العَبْدي النَّيْسَابوريّ المَيْدانيّ: سمَّعه أَبُوهُ من: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، ويحيى بْن الذُّهْليّ. وكانت سماعاته عَنْد ابن أخته. قال الحاكم: فقصدنا غير مرّة فلم يُخرج سماعَه لنا، وقال هُوَ رَجُل أمّيٌ لا يليق بِهِ التَّحديث. ثم وجدنا مجالس ليحيى بن الذُّهْليّ، فقرأناها عَلَيْهِ. "حرف العين": 314- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن الحارثي بن الخليل4: أبو محمد

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 418، 419"، لسان الميزان "2/ 260". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 358، 359". 3 تاريخ بغداد "8/ 54"، سير أعلام النبلاء "15/ 442"، شذرات الذهب "2/ 356". 4 تاريخ بغداد "10/ 126، 127"، ميزان الاعتدال "2/ 496، 497"، لسان الميزان "3/ 348، 349".

الحارث الكَلابَاذيّ الْبُخَارِيّ الفقيه، شيخ الحنفيّة بما وراء النَّهر، ويعُرف بعبد اللَّه الأستاذ. كَانَ كبير الشّأن كثير الحديث، إمامًا فِي الفقه. روى عَنْ: عُبّيْد اللَّه بْن واصل، وعبد الصمد بن الفضل، وحمدان بن ذي النون، أحمد بن الضوء، وأبي الموجه المروزي، ومحمد بن علي الصائغ المكي، موسى بن هارون الحافظ، وخالد بن تمام الأسدي، والفضل بن محمد الشعراني، وأبي بكر بن أبي عبد الله بن أبي حفص الكبير، وأبي معشر حمدويه بن خطاب، وعمران بن فرينام، ومحمد بن الليث السرخسي، وأبي همام محمد بن خلف النسفي. وعاش ثمانين سنة أو أكثر. وصنف كتاب "الكشف عَنْ وهم الطائفة الظالمة أَبَا حنيفة". وعنه: أَبُو الطَّيّب عَبْد اللَّه بْن محمد، ومحمد بْن الْحَسَن بن منصور النيسابوريان، وأحمد بْن يعقوب الفارسيّ، وطائفة. ومِن القُدماء: أَبُو العبّاس بْن عُقْدَةَ. ومِن المتأخرين: أبو عبد الله بْن منده. وكان حسنُ الرّأي فِيهِ. قَالَ حمزة السَّهميّ: سَأَلت عَنْهُ أَبَا زُرْعَة أحمد بن الحسين الرّازيّ فقال: ضعيف. وقال الحاكم: هُوَ صاحب عجائب عَنِ الثقات. وقال الخطيب: لا يُحتج بِهِ. وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين، وتوفي فِي شوال. قلت: وقد جمع "مُسْنَد أبي حنيفة". 316- عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق النهاوندي1: أَبُو القاسم الزّجّاجيّ النَّحْويّ، صاحب "الْجُمَل". أصله من صَيمر، نزل بغداد ولزِم أَبَا إِسْحَاق الزّجّاج حتى برعَ فِي النَّحْو. ثم نزل حلب، ثمّ دمشق. وأملى عَنْ: محمد بْن العبّاس اليزيديّ، وعليّ بْن سُليمان الأخفش، وابن دُرَيْد، وغيرهم. روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن عليّ الحلبيّ، وأبو محمد بْن أَبِي نصر التميمي، وعبد الرَّحْمَن بْن عمر بن نصر، وأحمد بن محمد بن سرّام النَّحْويّ. قَالَ الكتانيّ: تُوُفّي بطبرية فِي رمضان سنة أربعين. وبلغنا أنّه صنَّف "الجمل" بمكّة. وكان إذا فرغ البابَ طاف بِهِ أسبوعًا، ودعا بالمغفرة. وللنُّحاة عليه في هذا الكتاب مؤاخذات معروفة، وقد انتفع به خلقٌ من المشارقة والمغاربة.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 491"، سير أعلام النبلاء "15/ 475، 476"، البداية والنهاية "11/ 225".

317- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي العوام الرّياحيّ1: سَمِعَ: أَبَاهُ. وعنه: أَبُو حفص بن شاهين، والكَتّانيّ. وثقه الخطيب. "حرف القاف": 318- القاسم بْن أصبغ بْن محمد بْن يوسف بْن واضح2: أَبُو محمد الأندلسيّ القُرْطُبيّ. مولي الوليد بْن عَبْد الملك الأمويّ البَيّانيّ. وبيّانه محلّة من قُرْطُبة. هذا مُسْنَد العصر بالأندلس وحافظها ومحدّثها الَّذِي من أخذَ عَنْهُ فقد استراح من الرّحلة. فإنَه سَمِعَ: بقي بْن مخلد، ومحمد بْن وضّاح، وأَصبْغ بْن خليل، ومحمد بن عبد السلام الخشني. ورحل إلى المشرق سنة 274، هو ابن بضعٍ وعشرين سنة، فسمع: محمد بن إسماعيل الصائغ، وجماعة بمكة. وأبا محمد بن قتيبة، ومحمد بن الجهم السمري، والكديمي، وجعفر بن محمد بن شاكر، والحارث بن أبي أسامة، وأبا بكر أبي الدنيا، وأبا إسماعيل الترمذي، وأحمد بن أبي خيثمة وسمع منه تاريخه، وإسماعيل القاضي، ونحوهم ببغداد. وإبراهيم بْن أَبِي العيش القاضي، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه العبسي القصار صاحب وكيع. وكان رفيقه فِي الرحلة محمد بْن عَبْد الملك بْن أَيْمن. وصنَّف كتاب "السُّنن" علو وضع "سُنَن أَبِي دَاوُد" لكونه فاته السماع منه. وصنف "مسند مالك"، وكتاب "بر الوالدين"، وغير ذلك. وكان بصيرًا بالحديث والرجال، نبيلًا فِي النَّحْو والغريب والشِّعْر، مشاوَرًا فِي الأحكام. وُلِد فِي ذي الحجّة سنة سبعٍ وأربعين ومائتين، وكان ممتعًا بذهنه، لا بنكر منه شيء إلا النسيان، خاصةً إلى آخر سنة سبعٍ وثلاثين، فتغّير ذهنه إلى أن مات في رابع عشر جُمَادَى الأولى سنة أربعين. ومن مصنفاته: كتاب "المنتقى" وهو كصحيح مسلم فِي الصّحّة، وكتاب "المنتقى في السنن"، و"آثار التابعين". وله مصنف في الأنساب في غاية الحُسْن. وقيل: ترك التحديث قبل موته بعامين. روى عَنْهُ: حفيده قاسم بْن محمد، وعبد اللَّه بْن محمد الباجيّ الحافظ، وعبد الوارث بْن سُلَيْمَان، وعبد اللَّه بْن نصْر، وأبو بَكْر محمد بْن أَحْمَد بْن مُفَرِّج، وأحمد بْن القاسم التَّاهْرتيّ، وقاسم بْن محمد بْن غسلون، وأبو

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 76". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 472-474"، تذكرة الحفاظ "3/ 853-855"، لسان الميزان "4/ 458".

عُمَر أَحْمَد بْن الْجَسُور، وأبو عثمان سَعِيد بن نصر، وخلق غيرهم. وتوفي في قرطبة فِي جُمَادَى الأولى. 319- القاسم بْن فهْد بْن أَحْمَد بْن أَبِي هُريرة الْمَصْريّ: يروي عَنْ: النَّسائيّ، وعُليك الرّازيّ. تُوُفّي فِي رجب. "حرف الميم": 320- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم: أبو بكر بن السقاء الهروي، مفيد أهل هراة. يروي عَنْ: محمد بْن أَبِي عَلِيّ الخلاديّ، والحسن بْن سُفْيَان. وعنه: عَبْد اللَّه بْن يوسف الأصبهانيّ. 321- محمد بْن أَحْمَد بْن بالُوَيْه: أَبُو بَكْر النيسابوري الجلاب. من أعيان المحدّثين والرؤساء ببلده. رحل بِهِ أَبُوهُ وسمّعه من: محمد بْن غالب تمتام، ومحمد بْن رُمْح البزّار، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وبِشْر بْن مُوسَى، وموسى بْن الْحَسَن النَّسائيّ البغداديين. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، وغير واحد. قَالَ الحاكم: سمعته يَقُولُ: قَالَ لي أَبُو بَكْر بْن خُزَيْمَة: بلغني أنّك كتبت عَنْ محمد بْن جرير تفسيره. قلت: نعم، كتبته عَنْهُ كلّه إملاءً من سنة 283 إلى سنة 95. فاستعاره ابن خزيمة مني. قال الحاكم: وسمعته يَقُولُ: كتبتُ عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل ثلاثمائة جزء. تُوُفّي فِي رجب سنة 340. 322- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زيد1: أَبُو عَلِيّ بْن حيَكْان المعّدل النيسابوري. ثقة. قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ الأستاذ أَبَا الوليد الفقيه يذكر فضل أَبِي عليّ وتقدُّمه فِي العدالة. وقال: خطب محمد بن يحيى الذهلي في تزويجه بنت ابنه يحيى الشهيد: وثنا أَبُو عَلِيّ، عَنْ أَحْمَد بْن الأزهر، فذكر حديثًا. قلتُ: مات في عشر المائة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 420".

323- محمد بْن إبْرَاهِيم بْن محمد بْن الْحُسَن1: أبو عبد الله بْن متَّوَيْه الأصبهانيّ. إمام الجامع وابن إمامه. كَانَ معدّلًا فاضلًا. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن محمد بْن النُّعمان، والَهَرويّ، والطبقة. وحدَّث. قَالَ أَبُو نعيم الحافظ: مسحَ رأسي وأعطاني حلواء. 324- محمد بْن جعْفَر بْن إبْرَاهِيم: أَبُو بَكْر المَنَاسِكيّ. سَمِعَ: عثمان بْن سَعِيد الدّارِميّ، ومحمد بْن إبْرَاهِيم البوشنجي. وعنه: أبو عبد الله الحاكم. 325- محمد بْن حمزة بْن أيوب اللَّخميّ: مولاهم الْمَصْريّ، وأبو الْحَسَن. روى عَنْ: يحيى بْن أيّوب، وطبقته. تُوُفّي في رجب. 326- محمد بن سعيد دَاوُد المدينيّ: سَمِعَ: عَلِيّ بْن محمد الثَّقفيّ الأصبهاني. وعنه: محمد بن عبد الرحمن اين سهل. 327- محمد بْن عُبّيْد اللَّه: أَبُو الفضل الحَوْتَكيّ الحصّار، مصريّ جليل. روى عَنْ: يحيى بْن عثمان بْن صالح، وأحمد بْن دَاوُد المكّيّ، وطبقتهما. قَالَ ابن يونس: كَانَ ثقة. مات فِي صَفَر رحِمَه اللَّه. 328- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بالُوَيْه بْن زيد الشّاماتيّ: أَبُو جعْفَر النيسابوري. قَالَ الحاكم: صدوق صاحب كتاب سمع: الحسين بن الفضل، وأحمد بن نصر. كتبت عنه. 329- محمد بن عيسى بن بندار2: أبو بكر البغدادي الجصاص. قرأ عَلَى: إِسْحَاق الخُزَاعيّ، وأبي ربيعة الرَّبَعيّ، وسعدان بْن كثير. قرأ عَلَيْهِ: عَلِيّ بْن مجاهد الحجازيّ. 330- محمد بْن ملاق بْن نصر: أَبُو العبّاس الأمويّ، مولاهم الْمَصْريّ. روى عَنْ: رَوْح بْن الفَرَج، وخَيْر بْن عَرَفَة. وتوفي فِي شهر رمضان.

_ 1 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 282". 2 غاية النهاية "2/ 224".

331- محمد بْن يحيى الطّائيّ المَوْصليّ1: قدِم بغداد، وحدث بها عن: جد أبيه، وجده، أحمد بْن إِسْحَاق الخشّاب. وعنه: محمد بْن أَحْمَد بْن رِزْقَوَيْه، وأبو الْحُسَيْن محمد بْن الْحُسَيْن بْن الفضل، وعمر بْن أَحْمَد العُكْبريّ، وغيرهم. قَالَ أَبُو حازم العَبْدَويّ: لا أعلمه إلا ثقة. وحسّن أبي بَكْر البَرْقانيّ أمره. تُوُفّي ببغداد فِي رمضان. وعند سُبْط السِّلَفيّ من حديثه جزءان فِي السّماء عُلُوًّا. 332- محمد بْن يحيى بْن مهديّ: أَبُو الذّكْر الْمَصْريّ الأسوانيّ التّمّار. قاضي مصر. كَانَ من كبار فقهاء المالكيّة. لَهُ حلقة. وحضر جنازته خلقٌ لا يُحصَى عددهم. وقد أطنب فِي ذِكره وأسهبَ فِي أمره أَبُو سَعِيد بْن يُونُس فقال: كَانَ لَهُ بمصر قدرٌ ومنزلة جليلة. وكان تسلم القضاء من أَبِي عُبّيْد عليّ بْن الحُسَين. وكان جلْدًا. وكان فتيا أهل مصر فِي وقته إِلَيْهِ. حدَّث بيسير، ونيفّ على الثمانين. توفي في يوم عيد الفطر. قلت: لك يذكر ابن يونس أَبَا عُبّيْد هذا فِي تاريخه. وكان لأبي الذّكْر قدمٌ فِي العبادة رحمه اللَّه تعالي. "الكنى": 333- أَبُو الْحَسَن الكَرخي2: شيخ الحنيفة بالعراق. اسمه عبيد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن دلال. سمع ببغداد: إسماعيل القاضي. وسمع: محمد بن عبد الله الحضرمي مطين. روى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن حَيَّوَيْهِ، وابن شاهين، وعبد اللَّه بْن محمد الأكفانيّ القاضي. وكان علامة كبير الشّأن، بارعًا. انتهت إِلَيْهِ رئاسة الأصحاب، وانتشر تلامذته فِي البلاد. وكان عظيم العبادة والصلاة والصوم، صبورًا عَلَى الفقر والحاجة. قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب: حدثني الصيمري: حدثني أيو القاسم بْن علان الواسطيّ قَالَ: لمّا أصاب أَبَا الْحَسَن الكَرْخيّ الفالج فِي آخر عمره حضرته وحضر أصحابه أبو

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 432، 433"، سير أعلام النبلاء "15/ 357، 358"، لسان الميزان "5/ 428، 429". 2 تاريخ بغداد "10/ 353-354"، المنتظم "6/ 369، 370"، سير أعلام النبلاء "15/ 426، 427".

بَكْر الدّامغانيّ، وأبو عَلَى الشّاشيّ، وأبو عبد الله البصْريّ فقالوا: هذا مرضَ يحتاج إلى نفقة وعلاج، والشيّخ مُقلّ. ولا ينبغي أن نبذله للناس. فكتبوا إلى سيف الدولة ابن حمدان. فأحسّ أَبُو الْحَسَن بما هُمْ فِيهِ، فبكي وقال: اللهُمّ لا تجعل رزْقي إلا من حيث عوَّدتني. فمات قبل أن يُحمل إِلَيْهِ شيء. ثمّ ورد من سيف الدولة عشرة آلاف درهم قتُصدق بها. تُوُفّي وله ثمانون سنة. وأخذ عَنْهُ الفقه الذين ذكرناهم، والإمام أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عليّ الرّازيّ، وأبو القاسم عَلِيّ بْن محمد التنوخي. 334- أبو عمر الطَّبَريّ الفقيه1: كَانَ يدرّس ببغداد مذهب أَبِي حنيفة هُوَ، والكَرْخيّ، فماتا فِي عامٍ واحد. ولهذا شرْح الجامَعْين. ومن المتوفّين تقريبًا "حرف الألف": 335- أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل العسكريّ الْمَصْريّ: سَمِعَ: يونس بن الأعلى. وعنه: ابن مَنْدَه. 336- أَحْمَد بْن محمود بْن طَالِب بْن حيت2. بحاء مهملةٍ مكسورة: وذلك مستفاد من خَنْب. أبُو حامد الْبُخَارِيّ الصرام. ذكره ابن ماكولا، وأبو حِيت فردٌ، قَالَ: حدَّث أَبُو حامد عَنْ: عبد الله بن أبي حفص، ويعقوب بن غرمل. وعنه: سهل بن عثمان. مات بعد الثلاثين وثلاثمائة، وقد أتى عَلَيْهِ مائة وخمس وستّون. 337- أَحْمَد بْن مروان3: أَبُو بَكْر الدِّينَوَرِيّ المالكي، ومصنف "المجالسة". سمع: محمد بْن عَبْد الْعَزِيز الدينوري، وأبا بَكْر بْن أَبِي الدنيا، وأبا قِلابة الرَّقَاشيّ، وعبد اللَّه بْن مُسلْمِ بْن قُتَيْبة، والكُدَيْميّ، والنَّضْر بْن عَبْد اللَّه الحُلْوانيّ، وعبّاس بن محمد الدوري، وإبراهيم بن ديزل، وعبد الرَّحْمَن بْن مرزوق البُزُورِيّ، وخلْقًا سواهم. وعنه: الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل الضّرّاب، وإبراهيم بْن علي بن غالب التمار،

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 429". 2 الإكمال لابن ماكولا "2/ 157، 158"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 180، 273". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 427، 428"، ميزان الاعتدال "1/ 156"، لسان الميزان "1/ 309، 310".

والقاضي أَبُو بكر الأبْهريّ. وله: "فضائل مالك"، وكتاب "الرّدّ عَلَى الشّافعيّ". وله يدٌ فِي المذهب. ضعّفه الدّارَقُطْنيّ واتهمه. قَالَ ابن زولاق فِي "قُضاة مصر". كَانَ أَحْمَد بْن مروان قد قدِم مصر وحدَّث بها بكُتُب ابن قُتَيْبة وغيرها. ثمّ سافر إلى أسوان لقضائها، فأقام بها سنين كثيرة. فحدّثني أَحْمَد بْن مروان قَالَ: ولي ابن قُتَيْبة، قضاء مصر، يعني أَبَا جعْفَر، فجاءني كتابُ أَبِي الذّكر محمد بْن يحيى يَقُولُ فِيهِ: خاطبت القاضي فِي أمرك، فوعدني بإنفاذ العهد إليك. فلمّا ذكرتُ لَهُ أنّك تروي كتُبُ أَبِيهِ، وقفَ وبدا لَهُ، وقال: أنا أعرف كلّ من سَمِعَ من أَبِي وما أعرف هذا الرجل. فإنْ كَانَ عندك علامة فاكتب إليَّ بها، فكتبتُ إِلَيْهِ بعلامات يعرفها، فكتب لي يعتذر، وبعث بعهدي. 338- أَحْمَد بْن يحيى بْن سعْد: أَبُو حامد النيسابوري. سَمِعَ: محمد بْن يحيى. وعنه: ابن منده. 339- أحمد بن محمد بن أَبِي يعقوب بْن الخليفة هارون الرشيد: أَبُو الْحَسَن الرشيديّ. سَمِعَ: الْحَسَن بْن عَرَفَة، والعبّاس الترقفي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وجماعة. وعنه: عُمَر بْن عَلِيّ الأنطاكيّ، ومنصور بْن عبد اللَّه الخالديّ الذُّهْليّ، ويعقوب بْن مسدَّد القلوسيّ، وغيرهم. 340- أَحْمَد بْن هشام بْن حُمَيْد الحصريّ1: أَبُو بَكْر. عَنْ: العُطَارِديّ، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، ومحمد بْن الْجَهْم. وعنه: القاضي أبو عُمَر الهاشميّ، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أشتافنّا. "حرف الجيم": 341- جعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن2: أبو عبد الله الأصبهاني، ونزيل سِيراف. حدَّث عَنْ: هارون بْن سُلَيْمَان، وحذيفة بْن غياث، وجماعة. روى عَنْهُ: مَسْلَمَة بْن القاسم الأندلسيّ، وأبو الْحُسَيْن بْن جُمَيْع. وقع لنا حديثه عاليًا.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 198، 199". 2 أخبار أصبهان "1/ 257".

"حرف الحاء": 342- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق1: أَبُو عَلِيّ بْن شيرزاد. بغداديّ، يروي عَنْ: عبّاس الدُّوريّ، والْحَسَن بْن مُكْرَم. وعنه: ابن رزقَوَيْه، وغيره. وثقه الخطيب. 343- الْحَسَن بْن محمد بن عثمان الفسوي2: أبو علي. حدث بالبصرة عَنْ: يعقوب الفَسَويّ: وعنه: ابن جُمَيْع. 344- الْحَسَن بْن محمد بْن يزيد بْن محمد بْن عَبْد الصمد3: أَبُو عليّ الدّمشقيّ. روى عَنْ: جده. وعنه: أَبُو هاشم المؤدِّب. قَالَ أَبُو الْحَسَين الرّازيّ: اختلط فِي سنة 332. 345- حمدان بْن عَوْن: أَبُو جعْفَر الخولانيّ الْمَصْريّ المقرئ. أَحد الحُذَّاق. قرأ عَلَى: إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه النّحّاس. قرأ عَلَيْهِ: عُمَر بْن محمد بْن عِراك؛ فقال عُمَر بْن محمد: قَالَ لي حمدان بن عَوْن بْن حكيم فِي سنة إحدى وثلاثين: قرأت على أحمد بن هلال ثلاثمائة ختمة، ثمّ أتي بي إلى النّحّاس فقال لَهُ: هذا تلميذي وقد قرأ عَليّ وجوَّد، فخذ عليه. فأخذ علي ختمتين. قال الداني: توفي حمدان حول سنة 340. "حرف الخاء": 346- خالد بن محمد بن عبيد الدمياطي: الفقيه المالكي. ويعرف بابن عين الغزال. كانت له حلقة بدمياط في الجامع. روى عَنْ: عُبّيْد بْن أَبِي جعْفَر الدِّمياطيّ، وبكر بْن سهل، وجماعة. وثّقه ابن يونس، وقال: تُوُفّي سنة نيفٍ وثلاثين وثلاثمائة. "حرف العين": 347- عبّاد بْن عبّاس بْن عبّاد4: أبو الحسن الطالقاني، والد الصاحب

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 385، 386". 2 معجم الشيوخ لابن جميع "245". 3 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 251". 4 تقدمت ترجمته برقم "160".

إِسْمَاعِيل بْن عبّاد. سَمِعَ: أَبَا خليفة الْجُمَحيّ، وجعفر الفِرْيابيّ. وعنه: أَبُو الشّيخ. تُوُفّي سنة أربعٍ أو خمسٍ وثلاثين. 348- عَبْد اللَّه بْن يعقوب بْن إِسْحَاق الكِرمْانيّ1: حدَّث بنيسابور عَنْ: يحيى بْن بحر، ومحمد بْن أَبِي يعقوب الكرمانيين وعنه: أبو أحمد الحاكم، وأبو طاهر بن محمش، وأبو عبد الله بن منده. وحديثة بعلوٍّ في بلد أصبهان من أربعين السلفي لكنه ضعيف. قال أبو علي الحافظ: قلتُ لَهُ: فِي أيّ سنةٍ ولدت؟ قَالَ: سنة خمسين ومائتين. فقلت لَهُ: مات ابن أبي يعقوب قبل أن تولد بِسَبْعِ سِنين فاعلمه. وقال الحاكم: كَانَ فِي أيّامي، ولم أسمع منه. 349- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد البغداديّ2: أبو عبد الله بْن الخُتُّليّ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وإسماعيل القاضي. وابن أبي الدنيا، وأبا إسماعيل السلمي، والبرتي، وهذه الطبقة. وعنه: الدارقطني، وأبو الحسن بن البواب، وأبو القاسم بن الثلاج، وأبو عمر الهاشمي. وكان ثقة حافظا عارفا. سكن البصرة. قَالَ المحسِّن التّنوخيُ: دخل إلينا أبو عبد الله الخُتّليّ البصرة وليس مَعَه كُتُبه، فحدَّث شهورًا إلى أن لحِقَتْه كُتُبُه، فسمعته يَقُولُ: حدَّثت بخمسين ألف حديث مِن حفظي إلى أن لحِقَتْني كُتُبي. 350- عَلِيّ بْن سعَيِد بْن الْحَسَن البغداديّ3: القّزاز المقرئ أَبُو الْحَسَن، المعروف بابن ذُؤابة. كَانَ من جِلّة أهل الأداء، مشهور ضابط محقِّق. قرأ عَلَى: إِسْحَاق بْن أَحْمَد الخُزَاعيّ، وأبي عَبْد الرَّحْمَن الّلْهبيّ، وأحمد بن فَرَج الضّرير، وابن مجاهد، وطائفة. وأقرأ القرآن مدّة. قرأ عَلَيْهِ: أَبُو الْحَسَن الدّارَقُطْنيّ، وصالح بْن إدريس، وعامة أهل بغداد. قَالَ أبو عَمْرو الدّانيّ: مشهور بالضَّبط والإتقان، ثقة مأمون. 351- عَلِيّ بْن محمد4: أَبُو الْحَسَين المُرّيّ الدّمشقيّ المقرئ. قرأ على:

_ 1 ميزان الاعتدال "2/ 527"، سير أعلام النبلاء "15/ 364"، لسان الميزان "3/ 279". 2 تاريخ بغداد "10/ 290، 291"، المنتظم "6/ 351"، سير أعلام النبلاء "15/ 436، 437". 3 غاية النهاية "1/ 543، 544". 4 أخبار أصبهان "2/ 16".

هارون بْن مُوسَى الأخفش، وعلى: أبيه محمد بْن أَحْمَد المُرّيّ. وقرأ عَلَيْهِ: سلامة بْن الربيع المطرز، ومحمد ابن أَحْمَد بْن الْجُبنيّ. ووالده هُوَ محمد بْن عُمَر بْن أبان بْن الوليد القاضي أَبُو الْحَسَن الطَّبريّ. ولي قضاء أصبهان مدّة. وحدَّث عَنْ: محمد بْن أيّوب بْن الضُّرَيْس، وأبي خليفة، والحسن بْن سُفْيَان، وخلق لقِيَهم بالشّام ومصر والعجم. وعنه: والد أبي نُعيم، ومحمد بْن أَحْمَد بْن محمد، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وغيرهم. قَالَ أَبُو نعيم الحافظ: كَانَ رأسًا فِي الفقه والحديث والتّصّوف. خرج فتولى بلاد لجبل، رحمه اللَّه تعالي. 352- عُمَر بْن أَحْمَد بْن مهديّ1: والد الدّارَقُطْنيّ. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة. روى عَنْ: إبراهيم بْن شريك، وجعفر الفريابي. روى عنه: ابنه. 353- عمر بن سعد القراطيسي2: روى عن: أبي بكر بن أبي الدّنيا. وعنه: الآجُرّيّ، وابن حَيَّوَيْهِ، والمرزباني. وثقه الخطيب. 354- عيسى بْن محمد بْن حبيب: أبو عبد اللَّه الأندلسيّ. روى بمصر والشّام عَنْ: ياسين بن محمد البجانيّ، وأحمد بْن هارون الإسكندرانيّ، ومحمد بن أحمد بن حماد زغبة. روى عنه: أبو سعيد بن يونس، وأبو الحسين الرازي والد تمام. وهما أكبر منه؛ ومحمد بن إبراهيم الطرسوسي، وأبو الحسين بن جميع. "حرف الميم": 355- محمد بن أحمد بن مخزوم3: أبو الحسين البغدادي المقرئ. يروي عَنْ: إِسْحَاق بْن سُنين، وإبراهيم بْن الهيثم البلديّ. وعنه: أبو بكر الأبهري. 356- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن يَعْقُوب بن زوزان4: أبو بكر

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 239". 2 تاريخ بغداد "11/ 233". 3 تاريخ بغداد "1/ 322". 4 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 288"، سير أعلام النبلاء "15/ 334".

الأنطاكي. قيل: أصله بغدادي. سَمِعَ بمصر من: يوسف بْن يزيد القراطيسيّ، وأبي عُلاثة محمد بْن عَمْرو. وبالشّام من: محمد بْن إبْرَاهِيم بْن كثير الصُّوريّ، وزكريّا خيّاط السنة، ومحمد بْن يحيى حامل كَفَنِه، وطائفة. وببغداد: بِشْر بْن مُوسَى، وجماعة. روى عَنْه: أَبُو أَحْمَد محمد بن عبد الله الدهان، وأبو محمد بْن ذَكْوان، وأبو الْحُسَيْن بْن جُمَيْع، وأحمد بْن عَلِيّ الحلبيّ، وأبو الفَرَج بْن إبْرَاهِيم النَّصِيبيّ. وحدَّث بأنطاكيَة، وغيرها. وزُوزَان بمعجمتين. 357- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن صَفْوة1: أَبُو الْحَسَن المَصّيصيّ. روى عَنْ: يوسف بْن مُسَلّم، وغيره. وعنه: عليّ بْن محمد بْن إِسْحَاق الحلبيّ، وأحمد بْن محمد بْن عَلِيّ النَّسَويّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن يعقوب الهاشميّ، وابن جُمَيْع الغسّانيّ. محلّه الصِّدق. 358- محمد بْن سَعِيد بْن إِسْحَاق الأصبهاني القطان2: سَمِعَ: يحيى بْن أَبِي طَالِب، والحسن بْن مُكْرَم ببغداد، وأحمد بْن عصام، وجماعة. وعنه: الحافظ أَبُو أسحاق بْن حمزة، وأحمد بْن عُبّيْد الله القصّار، وأبو بَكْر المقرئ، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، وعبد اللَّه بْن محمد بْن منده، ومحمد بن أحمد بن جعْفَر الأبَحّ. ووصفه ابن المقرئ بالصّلاح. 359- محمد بْن عَبْد اللَّه الشُّعَيْريّ: أَبُو الطّّيّب النيسابوري. شيخ الحاكم. 360- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن جُبْلَة البغداديّ3: أَبُو بَكْر المُضَريّ الطَّرَسُوسيّ. حدَّث بدمشق عَنْ: الْحَسَن بْن عَرَفَة، وصالح بْن أَحْمَد بْن حنبل، وهشام بن عَلِيّ السيرافيّ. وعنه: عَلَى بْن أَحْمَد الشَّرابيّ، وتّمام الرّازيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر. وقال عَبْد العزيز الكتاني: حدث عَنْ يوسف بْن مُسلْمِ، وأحمد بْن شيبان. وكان شيخًا فيه نظر.

_ 1 المشتبه في أسماء الرجال "2/ 411". 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 274". 3 تاريخ بغداد "5/ 452"، ميزان الاعتدال "3/ 605"، لسان الميزان "5/ 227".

361- محمد بْن الْحَسَن بْن يونس1: الأمام أَبُو العبّاس الكوفي المقرئ النَّحْويّ. قرأ القرآن عَلَى: إِسْمَاعِيل القاضي، والحسن بْن عمران الشّحّام صاحبيّ قالون. وعلى: عَلِيّ بْن الْحَسَن التميميّ صاحب محمد بْن غالب الصَّيْرفيّ. وتصدّر بالكوفة. قرأ عَلَيْهِ: عَبْد الغفار بن عُبّيْد اللَّه الخصيبي، ومحمد بْن محمد بْن فيروز الكُرْجيّ. وعلى محمد الشّاهد، والقاضي أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْجُعْفيّ الهروانيّ، وأبو الْحَسَن محمد ابن جعْفَر التميميّ النَّحْويّ ابن النّجّار، وغيرهم. 362- محمد بْن جعْفَر بْن محمد بْن المُسْتَفاض2: أَبُو الْحَسَن بْن الفِرْيابيّ. عداده فِي البغدادّيين، ثمّ نزل حلب. وحدَّث عَنْ: عبّاس الدُّوريّ، وإسحاق بْن سيار النَّصِيبيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن الجنيد، وإسماعيل القاضي ورى عَنْهُ رواية قالون. حدَّث عَنْهُ: عبد المنعم بْن غَلْبُون، وعليّ بْن محمد بْن إِسْحَاق الحلبيّ، وأبو حفص بْن شاهين، وعمر بْن إبْرَاهِيم الكتّاني، وآخرون. وعاش دهرًا. فإنّه وُلد سنة 247. وثقة أَبُو بَكْر الخطيب. وآخر من حدَّث عَنْهُ ابن جُمَيْع الغسانيّ. 363- محمد بْن جعفر بن محمد بن عصام الأنصاريّ النَّسفيّ: شيخ مُعَمَّر. روى عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ أربعة عشر حديثًا. قَالَ جعفر المستغفريّ: وهو آخر من رُوِي عَنْهُ فيما أعلم. 364- محمد بْن إِسْمَاعِيل3: أبو الْحَسَن الرازي المؤدب. نزل بغداد. روى عَنْ: أبي حاتم مُوسَى بْن نصر، وإبراهيم الحربي. وعنه: ابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان. يؤخر. 365- محمد بن عبد الله الحربي4: المقرئ أبو عبد الله. وقيل: محمد بن جعفر. قرأ عَلَى: أَحْمَد بْن سهل الأُشْنانيّ، وأبي جعفر أحمد بْن عليّ البزّاز. وكان من جِلّة أصحابهما. مجِّودًا لحرف عاصم. قرأ عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيّ، فقال وحدُه: محمد بْن عَبْد اللَّه. وقرأ عليه: أَحْمَد بْن نصر الشّذَائيّ، ومحمد بْن أَحْمَد الشّنَبُوذيّ، وعمر بن إبْرَاهِيم الكتّانيّ فقالوا: محمد بْن جعْفَر. وكان من صُلَحاء المقرئين.

_ 1 الوافي بالوفيات "2/ 436"، غاية النهاية "2/ 125"، بغية الوعاة "1/ 90". 2 تاريخ بغداد "2/ 141"، المنتظم "6/ 299"، غاية النهاية "2/ 11". 3 تاريخ بغداد "2/ 50". 4 غاية النهاية "2/ 11".

366- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بن محمد: أبو بكر النيسابوري. سَمِعَ: عيسى بْن أَحْمَد العسقلانيّ. وعنه: أبو عبد الله بْن مَنْدَه. "حرف الياء": 367- يزيد بْن إِسْمَاعِيل1: أَبُو بَكْر الخلال. سَمِعَ: عبد الله بن أبو المخّرميّ، وأحمد بْن منصور الرماديّ، والترقفيّ. وعنه: أيوب عُمَر الهاشميّ القاضي، وعلي بْن القاسم النّجّاد، وعلي بن أحمد البّزاز البصْريّون، شيوخ الخطيب. قَالَ الخطيب: ثقة سكن البصرة. 368- يزيد بْن محمد بْن إياس2: أَبُو زكريّا الأزْديّ الحافظ. مؤرِّخ الموصل وقاضيها. سمع: إسحاق الحربي، ومحمد ابن أَحْمَد بن أَبِي المثُنى، وعُبَيْد بْن عثّام، ومطينًا، وخلقًا سواهم. وولي قضاء الموصل. وكان يُعرف بابن زُكْرة. روى عَنْهُ: المظفر بْن محمد الطوسيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن جُمَيْع، ونصْر بْن أبي نصر الطوسي العطار. وقع لنا حديثه بعلوّ.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 350". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 386، 387"، طبقات الحفاظ "366".

الطبقة الخامسة والثلاثون

الطبقة الخامسة والثلاثون أحداث سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الخامسة والثلاثين: أحداث سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة تعزير القائلين بالتناسخ: فيها اطّلع أَبُو محمد المهلَّبيّ عَلَى قومٍ من التّناسُخِيّة فيهم شابٌ يزعم أنّ روح عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عنه- انتقلت إِلَيْهِ. وفيهم امْرَأَة تزعم أنّ روح فاطمة عليها السّلام انتقلت إليها. وفيهم آخر يدعي أنه جبريل، فضربوا فتعزروا بالانتماء إلى أهل البيت، فأمر مُعِزّ الدولة، بإطلاقهم لمَيْله إلى أهل البيت1. وهذا كان من أفعاله الملعونة. أخْذُ الروم سَرُوج: وفيها أخذت الروم سَروج، فقتلوا وسبوا وأخربوا البلد. الحجّ هذه الموسم: وحجّ بالنّاس أَحْمَد بْن عُمَر بْن يحيى العلويّ. وفاة المنصور إِسْمَاعِيل بْن القائم: وفي آخر شوّال مات المنصور أَبُو الطاهر ابن القائم محمد بْن عُبّيْد صاحب المغرب بالمنصورية التي مصَّرها. وصلّى عَلَيْهِ وليُّ عهده أَبُو تميم مَعَدّ بْن المنصور الملقب بالمعزّ لدين اللَّه. وكان بعيد الغَوْر، حادّ الذِّهْن، سريع الجواب عاش أربعين سنة، وبقي فِي السَّلْطَنَة سبعة أعوام وأيّام، وخلّف خمسة بنين وخمس بنات. وكان فصيحًا مُفوّهًا يخترع الخطبة. حارب ابن كَيْداد ولم يزل حتى أسره، ومات فِي حبْسه فسلخ جلدّه وحشاه تِبْنًا، ثمّ صلبه وأحرّقه. وأحسن السيّرة وأبطل مظالم أَبِيهِ. وقام بعده ابنُه المُعِزّ فأحسن السيرة فأحبّه الناس، وصفت لَهُ المغرب، وافتتح مصر وبني القاهرة2. وفاة أَبِي الخير التيناتي: وفيها أو قريبًا منها تُوُفّي العابد القُدْوة أَبُو الخير التّيناتيّ الأقطع صاحب الكراماتِ. وستأتي ترجمته رحمه الله تعالى.

_ 1 المنتظم "6/ 371"، تاريخ الخلفاء "399"، النجوم الزاهرة "3/ 307"، شذرات الذهب "2/ 258". 2 الكامل في التاريخ "8/ 497-499"، النجوم الزاهرة "3/ 308".

أحداث سنة اثنين وأربعين وثلاثمائة

أحداث سنة اثنين وأربعين وثلاثمائة: أسر سيف الدولة لابن الدمستق: وفيها عاد سيف الدولة من الرّوم سالمًا مؤيَّدًا غانمًا قد أسرَ قسطنطين بْن الدُمُسْتُق. محاربة ابن محتاج لابن بُوَيْه: وفيها جاء صاحب خُراسان ابن محتاج إلى الرّيّ محاربًا لابن بُوَيْه، وجرت بينهما حروب. وعاد إلى خُراسان. محنة ابن بهزاد السّيرافي: وفيها كانت بمصر محنة أحمد بْن بُهْزاد بْن مهران السيرافيّ المحدِّث. أقام يُملي بمصر زمانًا. فأملى فِي داره حديث الشّاكّ الَّذِي جاء إلى عَلِيّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فقال: إني شككتُ فِي شيء. فقال: سَلْ. وأجابه. فقام جماعةٌ من المالكيّة وشَكَوه إلى أَبِي المِسْك كافور الإخشيديّ، فردَّ الأمر إلى الوزير أَبِي الفضل بْن حنزابه. فحضر عند القُضاة والفقهاء فَكتبوا كلّهم أنَّ مَن حدَّث بهذا الحديث فليس بثقةٍ أن يؤخذ عَنْهُ. فامتنع أبو بكر بن الحداد أن يُفنى بذلك. وعُنِّف ابن بُهْزاد ومُنع من الحديث. وقال أَبُو جعْفَر أَحْمَد بْن عون اللَّه القُرْطُبيّ: قَرَصَ لي عثمان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وأشار إلى ما لا يحلّ اعتقاده، فتركته. وقال أَبُو عُمَر الطَّلِمْنِكيّ: أملى عَلَى أهل الحديث حديثًا مُنْكَرا متضمّنًا مخالفةَ الجماعة، فقال: أجيفوا البابَ ما أمْلَيتُه من ثلاثين سنة. فاستشعر القوم، فقاموا عَلَيْهِ لمّا أملاه، ومُنِع من التَّحديث. ثمّ إنّه تعصَّب لَهُ قومٌ من الفُرْس، فأُذن لَهُ بالحديث. وقد وثَّقه جماعةٌ. وروى عَنِ الرّبيع المراديّ. وتوفي فِي شعبان سنة ست وأربعين. حديثه بعُلُوِّ فِي "الخلعيات".

أسْرُ ابن الدمستق: وأسَر سيف الدولة ابن الدمستق، كما ذكرنا، فِي وقعٍه كانت بينه وبين أَبِيهِ. وكان الَّذِي أسره ثواب العُقَيْليّ، فدخل سيف الدولة حلب، وابن الدمستق بين يديه. وكان مليح الصورة، فبقي عنده مكرما حتي مات1. وفاة الْحَسَن بْن طُغج: وفيها تُوُفّي الحسن بْن طُغْج أَبُو المظفَّر أخو الإخشيد. ولي إمرة دمشق مرَّتين، ثمّ ولي إمرة الرملة، وبها مات.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 508"، النجوم الزاهرة "3/ 309"، شذرات الذهب "2/ 361".

أحداث سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة

أحداث سنة ثلاثٍ وأربعين وثلاثمائة وقعة سيف الدولة والدمستق: فيها كانت وقعة عظيمة بين سيف الدولة وبين الدمستق عَلَى الحدث. وكان الدمستق قد جمع أممًا من التُّرْك والرّوس والبُلْغار والخَزَر، فكانت الدَّبُرة عَلَيْهِ، وقُتِل معظم بطارقته، وهربَ هُوَ وأسِر صهرُه وجماعة من بطارقته. وأمّا القتلى فلا يُحْصون. وغنم سيف الدولة عسكرهم بما فِيهِ1. خطبة ابن محتاج للمطيع: وفيها خطب أَبُو عَلِيّ بْن محتاج صاحب خُراسان للمطيع، ولم يكن خطب لَهُ قبل ذَلِكَ. وبعث لَهُ المطيع اللّواء والخِلَع. مرض مُعِز الدولة: وفيها مرضَ مُعِزّ الدولة بعْلَة الإنعاظ2 الدّائم، وأُرجف بموته وأضطّربت بغداد. فركب بكُلْفة ليسكِّن الناس. الوحشة بين أنوجور وكافور: وفيها وقعت الوحشة بين أنوجور بن الأخشيد وبين كافور، وسببه: أنّ قومًا

_ 1 المنتظم "6/ 375"، البداية والنهاية "11/ 227، 228"، النجوم الزاهرة "3/ 311". 2 الإنعاظ: داء يصيب الرجل في مذاكيره.

كلّموا ابن الإخشيد وقالوا: قد احتوى كافور عَلَى الأموال، وتفرَّد بتدبير الجيوش، واقتطع أموال أبيك، وأنتَ معَه مقهور. وزَيَّنُوا لَهُ الكَيْد، وحملوه عَلَى التنكُّر لَهُ، ولزِم الصَّيد والتَّباعد فِيهِ إلى المحلّة وغيرها، والجلوس إذا رجع فِي بستانه منهمكًا فِي اللّعب واللَّهو. فلمّا كَانَ فِي حادي عشر المحرَّم علمت والدة أَبِي القاسم أنوجور أنّ ابنها الليلة عَلَى المسير إلى الرّملة، فقلِقت لذلك، وأرسلت أَبَا المِسْك كافور بالمُضيّ إليه فلم يفعل، بل أرسل إِلَيْهِ برسالات بليغة، وبعثت أمُّه إِلَيْهِ تخوّفه الفتنة وتنصحه. ثمّ طابت نفسه واصطلحوا. وفاة نوح بْن نصر الساماني: وفيها تُوُفّي الأمير نوح بْن نصر ببُخَارَى فِي جُمَادَى الأولى.

أحداث سنة أربع وأربعين وثلاثمائة

أحداث سنة أربع وأربعين وثلاثمائة: انعقاد إمرة الأمراء لبختيار: فِي المحَّرم عقد معِزّ الدولة إمرة الأمراء لابنه أَبِي منصور بختيار. مهاجمة صاحب خراسان لركن الدولة: وفيها تحَّرك صاحبُ خُراسان عَلَى رُكْن الدولة فنَجده أخوه بجيش من العراق. دخول ابن ماكان الدّيلميّ أصبهان واعتقاله: وفيها دخل ابن ماكان الدَّيْلَميّ، أحد قوَّاد صاحب خُراسان، إلى أصبهان، فنزح عَنْها أَبُو منصور بْن رُكْن الدولة، فتبعه ابن ماكان فأخذ خزائنه. وعارضه أَبُو الفضل بن العميد وزير الدولة ومعه القرامطة، فأوقعوا بِهِ وأثخنوه بالجراح، وأسروا قوّاده، وحملوه إلى القلعة. وصارَ ابنُ العميد إلى أصبهان فأوقع بمن فيها من أصحابه ورجع إليها أبو منصور بويه1.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 511"، النجوم الزاهرة "3/ 312".

الوباء بالريّ: وفيها وقع وباء عظيم بالرِّيّ. وكان أَبُو عليّ بْن محتاج صاحب خُراسان قد نازلها فمات فِي الوباء. إصابة ابن مُقْلَة بالفالج: وفيها فُلج أَبُو الْحُسَيْن عَلِيّ بْن أَبِي عَلِيّ بْن مُقْلَة وأُسكت وله تسعٌ وثلاثون سنة. عهد المطيع ولواؤه لصاحب خراسان: وفيها ورد رسول أَبِي الفوارس عَبْد الملك بْن نوح صاحب خُراسان، فبعث إِلَيْهِ المطيع بالعهد واللّواء. الزلزلة فِي مصر: وفيها زُلزلت مصر زلزله صَعْبة هدمت البيوت، ودامت مقدار ثلاث ساعات زمانيّة، وفزع الناس إلى الله بالدعاء1.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 313"، تاريخ الخلفاء للسيوطي "399"، حسن المحاضرة "2/ 149".

أحداث سنة خمس وأربعين وثلاثمائة

أحداث سنة خمس وأربعين وثلاثمائة: زيادة إقطاع الوزير المهلّبيّ: وفيها زاد الملك مُعِزّ الدولة فِي إقطاع الوزير أبي محمد المهلَّبيّ وعظم قدره عنده. إيقاع الروم بأهل طَرَسوس: وفيها أوقع أهل الروم بأهل طَرَسُوس وقتلوا وسَبوا، وأحرقوا قُراها. خروج روزبهان الدَّيْلَميّ عَلَى مُعِز الدولة: وفيها خرج روزبهان الدَّيْلَميّ عَلَى مُعِز الدولة وأنحاز المهلّبيّ بمن معه، فخرج مُعِزّ الدولة لقتال رُوزْبَهان. وانحدر بعده المطيع لله. ثم ظفر معُزّ الدولة برُوزْبَهان في

المصافّ وَبِهِ ضَرَبات، وأسَرَ قوّاده. وقدم بغداد وروزبهان عَلَى جَمَل، ثم غُرِّق1. غزوة سيف الدولة للروم: وفيها غزا سيف الدولة بلاد الروم، وافتتح حصونًا وسبي وغنم، وعاد إلى حلب2. غارة الروم عَلَى نواحي ميّافارقين: ثمّ أغارت الروم عَلَى نواحي مَيّافارِقين. وفاة أمّ المطيع لله: وفيها تُوُفّيت أمّ المطيع لله بعلة الاستسقاء.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 514-516"، البداية والنهاية "11/ 230"، النجوم الزاهرة "3/ 314، 315". 2 الكامل في التاريخ "8/ 517"، البداية والنهاية "11/ 230"، النجوم الزاهرة "3/ 315".

أحداث سنة ست وأربعين وثلاثمائة

أحداث سنة ست وأربعين وثلاثمائة: ظهور جبال وجُزُر فِي البحر: فيها نقصَ البحر ثمانين ذراعًا، وظهر فِيهِ جبال وجزائر لم تُعهد. وكان العام قليل المطر جدًّا1. الزلازل بالري: وكان بالرّيّ ونواحيها زلازل عظيمة2. الانخساف بالطالقان: وخُسف ببلد الطَّالَقان فِي ذي الحجّة، ولم يُفلت من أهلها إلا نحو ثلاثين

_ 1 البداية والنهاية "11/ 232"، المنتظم "6/ 384"، النجوم الزاهرة "3/ 317"، شذرات الذهب "2/ 369". 2 المنتظم "6/ 384"، البداية والنهاية "11/ 232".

رجلًا. وخُسِف بخمسين ومائة قرية من قُرَى الرّيّ، واتصل الأمر إلى حُلوان فخُسِف بأكثرها. وقذفتِ الأرضُ عظام الموتي، وتفَّجرت منها المياه. وتقطّع بالّريّ جبل. وعُلِّقت قريةٌ بين السماء والأرض بمن فيها نصف نهار، ثم خُسِف بها. وانخرقت الأرض خروقًا عظيمة، وخرج منها مياه منتنة ودخان عظيم1. هكذا نقل ابن الجوزيّ فالله أعلم. وفاة أَبِي العباس الأصمّ: وفيها تُوُفّي أَبُو الْعَبَّاس الأصمّ مُحَدَّث خُراسان في ربيع الأول، وقد ناهز المائة.

_ 1 مرآة الجنان "2/ 339، 340"، النجوم الزاهرة "3/ 317"، تاريخ الخلفاء "399، 400".

أحداث سنة سبع وأربعين وثلاثمائة

أحداث سنة سبع وأربعين وثلاثمائة: عودة الزلازل بحُلوان: وفيها عادت الزّلازل بحُلوان وقِمَم الجبال، فأتلفت خلقًا عظيمًا، وهدمت الحصون1. هجوم الجراد: وجاء جرادٌ طَبقَ الدُّنيا، فأتي عَلَى جميع الغلات والأشجار2. خروج الروم إلى آمد وغيرها: وفي ربيع الأول خرجت الروم إلى آمد وأرْزَن ومَيافارقين، ففتحوا حصونًا كثيرة، وقتلوا خلائق، وهدموا سُمَيْسَاط. شغب الترك والدّيلم عَلَى ناصر الدولة: وفي ربيع الآخر شَغَب الترك والديلم بالموصل على ناصر الدولة، أحاطوا بداره.

_ 1 المنتظم "6/ 387"، البداية والنهاية "11/ 232، 233"، النجوم الزاهرة "3/ 319"، تاريخ الخلفاء "400". 2 المنتظم "6/ 387"، النجوم الزاهرة "3/ 319"، البداية والنهاية "11/ 233".

فحاربهم بغلمانه وبالعامة، فظفر وقتل جماعة، ومسك جماعة، وهربوا إِلَى بغداد. الوقعة بين الروم وسيف الدولة وهربه: وَفِي شعبان كَانَتْ وقعة عظيمة بنواحي حلب بين الروم وسيف الدولة، فقتلوا معظم رجاله وغلمانه، وأسروا أهله، وهرب في عددٍ يسير. دخول معز الدولة الموصل: وفيها سار معز الدولة إلى الموصل ودخلها، فنزح عنها ناصر الدوله بْن حمدان إلى نصيبين. فَسَار ناصر الدولة إلى ميافارقين، واستأمن عسكره إلى معز الدولة، فهرب إلى حلب مستجيرًا بأخيه سيف الدولة، فأكرم مورده، وبالغ فِي خدمته1. وجَرَت فصول، ثم قدم فِي الرسلية أَبُو محمد الفياضي، كاتب سيف الدولة، إِلَى الموصل. فقرر الأمر عَلَى أن تكون الموصل وديار ربيعة والرحبة عَلَى سيف الدولة؛ لأن معز الدولة لم يثق بناصر الدولة، فإنّه غَدَر بِهِ مرارًا ومنَعَه الحَمْل. فقال معز الدولة: أنتَ عندي الثقة. وأن يُقَدِّم ألف ألف درهم. ثم انحدر معز الدولة إلى بغداد. وتأخر الوزير المهلبيّ والحاجب سبكُتْكين بالموصل إلى أن يحُمل مالُ التّعجيل2. وفاة القاضي ابن حذلم: وفيها تُوُفّي قاضي دمشق أَبُو الْحَسَن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن أيّوب بْن حَذْلَم. وكان إمامًا فقيهًا عَلَى مذهب الأوزاعيّ، له حلقة بالجامع.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 522، 523، 524"، البداية والنهاية "11/ 233"، النجوم الزاهرة "3/ 319، 320". 2 النجوم الزاهرة "3/ 320".

أحداث سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة

أحداث سنة ثمانٍ وأربعين وثلاثمائة: خلعة السلطنة لبختيار: فيها خَلع المطيع عَلَى بختيار بْن معز الدولة خِلع السلطنة، وعقد لَهُ لواء، ولقَّبه عزّ الدّولة أمير الأمراء. سرية محمد بْن ناصر الدولة وأسره: وفيها خرج محمد بْن ناصر الدولة بْن حمدان فِي سرية نحو بلاد الروم، فأسرته الرّوم بمن معه. وقوع أَبِي الهيثم ابن القاضي أَبِي حصين فِي أسر الروم: وفيها وصلت الروم إلى الرُّها وحَرّان، فأسروا أَبَا الهيثم ابن القاضي أَبِي حصين، وسبوا وقتلوا. غرق زوارق الحجّاج: وفي سابع ذي القعدة غرق من الحُجاج الواردين من الموصل إلى بغداد، فِي دجلة، بضعة عشر زَوْرقًا فيها من الرجال والنساء نحو ستمائة نفس1. موت ملك الروم: وفيها مات ملك الروم وطاغيتهم الأكبر بالقسطنطينة، وأُقعد ابنه مكانه. ثم قُتِل ونُصب غيره. دخول الروم طرسوس والهارونية: ووصلت الروم لعنهم اللَّه، إلى طَرَسوُس فقتلوا جماعةً وفتحوا حصن الهارونية وخربوا الحصن وقتلوا أهله. خُطب ابن نُباتة الجهادية: ثمّ كرَّت الروم إلى ديار بَكْر، ووصلوا ميافارقين، فعمل الخطيب عَبْد الرحيم بْن نُباتة الخُطب الجهادية. هرب ابن المطيع: وفيها هرب بْن عَبْد الواحد بْن المطيع لله من بغداد إلى دمشق.

_ 1 المنتظم "6/ 390"، الكامل في التاريخ "8/ 527"، البداية والنهاية "11/ 234"، النجوم الزاهرة "3/ 322".

وفاة جماعة من الأعلام: وفيها تُوُفّي: الوزير عَبْد الرَّحْمَن بْن عيسى بْن الجراح، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الفقيه النّجّاد شيخ الحنابلة، وجعفر بْن محمد بْن نُصْير الخُلْديّ الزاهد المحدث، وأبو بكر محمد جعْفَر الأدميّ المحدِّث. محاصرة جوهر المعزّي لفاس: وسار جوهر المعزي إلى آخر المغرب وحاصر فاس، فافتتحها عنوةً، وأخذها من الملك أَحْمَد بْن بَكْر فِي رمضان

أحداث سنة تسع وأربعين وثلاثمائة

أحداث سنة تسع وأربعين وثلاثمائة: إيقاع نجا غلام سيف الدولة بالروم: فيها أوقع نجا، غلام سيف الدولة، بالروم فقتل وأسر. الفتنة بين السُّنة والشيعة ببغداد: وفيها جرت وقعة هائلة ببغداد فِي شعبان بين السنة والشيعة، وتعطلت الصلوات فِي الجوامع سوى جامع براثا الَّذِي يأوي إِلَيْهِ الرّافضة. وكان جماعة بْني هاشم أثاروا الفتنة، فاعتقلهم معز الدولة، فسكنت الفتنة1. ظهور أمر المستجير بالله ومقتله: وفيها ظهر ابنٌ لعيسى بْن المكتفي بالله بناحية أرمينية، وتلقب بالمستجير بالله يدعو إلى الرِّضَى من آلِ رسول اللَّه -صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وليس الصّوف وأمَر بالمعروف. ومضى إلى جبال الديلم فاستنصر بهم، وهم سنة، فخرج معه جماعة منهم وساروا إلي أَذْرَبَيْجَان. فاستولى المستجير بالله عَلَى عدة بلدان، وبعضها كَانَ فِي يد سالار الدَّيْلَميّ. فسارَ إِلَيْهِ سالار فهزمه، ويقال قتله2.

_ 1 المنتظم "6/ 394، 395"، الكامل في التاريخ "8/ 533"، البداية والنهاية "11/ 234". 2 المنتظم "6/ 395"، البداية والنهاية "11/ 235، 236"، النجوم الزاهرة "3/ 323".

مرض مُعزّ الدولة: وفي شوال عرض للملك معز الدولة مرض فِي كُلاه فبال الدّم، ثم احتبس بوله، ثم رمى حصًا صغارًا ورملًا. وأرجفوا بموته. غزوة سيف الدولة فِي بلاد الروم وكثرتهم عَلَيْهِ: وفيها جمع سيف الدولة جموعًا كثيرًا وغزا بلاد الروم، فأسر وقتل وسبى، فثارت الروم وكثروا عليه، فعاد في ثلاثمائة من خواصة، وذهب جميع ما كَانَ معه، وقتل أعيان قواده، وخرج من ناحية طرسوس1. وفاة ابن ثوابه الكاتب: وفيها تُوُفّي أَحْمَد بن محمد بن ثوابة كاتب الرّسائل لمُعزّ الدّولة، فقُلد مكانه أَبُو إِسْحَاق إبْرَاهِيم بْن هلال الصّابئ. وفاة أنوجور بْن الإخشيد: وفي آخر السنة مات السلطان أنُوجُور الأخشيد، وتقلَّد أخوه عَلِيّ مكانه. ونائُب المملكة أَبُو المِسْك كافور. إسلام التُّرك: وفيها أسلم من الترك مائتا ألف خَرْكاه. كذا ذكر أبو المظفر ابن الجوزي. بذل الهاشميّ المال لتقلُّده القضاء: وفيها بذل القاضي الْحَسَن بْن محمد الهاشميّ مائتي ألف درهم على أن يقلد قضاة البصرة. فأُخذ المال منه، ولم يقلَّد. وفاة الإمام حسان شيخ خراسان: وفيها تُوُفّي الْإمَام أَبُو الوليد حسان بْن محمد الفقيه شيخ أهل الحديث والفقه بخُراسان عَنِ اثنتين وسبعين سنة. وفاة النيسابوري: ومحدِّث نيسابور وحافظها الكبير أَبُو عَلِيّ الْحُسَيْن بْن عَلَى بْن يزيد النيسابوري الصائغ.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 531، 532"، البداية والنهاية "11/ 236"، النجوم الزاهرة "3/ 321، 324".

أحداث سنة خمسين وثلاثمائة

أحداث سنة خمسين وثلاثمائة: بناء معُزّ الدولة للدار الهائلة فِي بغداد: فيها شرع معز الدولة لمّا تعافى فِي بناء دارٍ هائلة عظيمة ببغداد، أخرب لأجلها دُورًا وقصورًا، وقلع أبواب الحديد التي عَلَى باب مدينة المنصور. وألزم الناس ببيع أملاكهم ليُدخلها فِي البناء، ونزل فِي الأساسات ستة وثلاثين ذراعًا. فحاصله أنّه لزِمه من الغرامات عليها إلى أنّ مات ثلاثة عشر ألف ألف درهم. وصادرَ الدّواوين وغيرهم. وجعل كلّ ما صحَّ لَهُ شيء أخرجه فِي بنائها. وقد درست من قبل سنة ستمائة، ولم يبقَ لها أثر. وبقي مكانها دَحْلَة يأوي إليها الوحوش، وشيء من الأساس يعتبر بِهِ من يراه1. تقليد ابن أَبِي الشوارب قضاء القضاة: وفيها قُلِّد قضاء القُضاة أَبُو الْعَبَّاس عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن أَبِي الشوارب، وركب بالخِلَع مِن دار معز الدولة، وبين يدية الدّبادب والبوُقات، وفي خدمته الجيش. وشرطَ عَلَى نفسه أن يحمل فِي كلّ سنة إلى خزانة معز الدولة مائتي ألف درهم. وكتب عليه سجلا بِذَلِك. فانظر إِلَى هَذِهِ المصيبة. وامتنع المطيع من تقليده ومن دخوله عَلَيْهِ، وأمر أن لا يُمكن من الدخول عَلَيْهِ أبدًا2. ضمان معز الدولة للحسبة والشرطة: وفيها ضمن معز الدولة الحسبة ببغداد والشرطة، فلا كان الله عافاه.

_ 1 المنتظم "7/ 2"، الكامل في التاريخ "8/ 534"، البداية والنهاية "11/ 237"، النجوم الزاهرة "3/ 327، 328". 2 الكامل في التاريخ "1/ 536، 537"، المنتظم "7/ 2"، البداية والنهاية "11/ 237".

وفاة ابن مقاتل بمصر: وفي شعبان ماتَ بمصر متوليّ ديوان الخراج بها، وهو أَبُو بكر محمد بْن عليّ بْن مقاتل. فوجدوا في داره ثلاثمائة ألف دينار مدفونة. غزوة نجا غلام سيف الدولة لبلاد الروم: وفيها دخل نجا، غلام سيف الدولة بْن حمدان، إلى بلاد الروم فسبى ألف نفس، وغنم أموالًا، وأسر خمسمائة. انتزاع الروم لجزيرة أقريطش: وفيها أخذ ملط الروم أرمانوس بْن قسطنطين من المسلمين جزيرة أقريطش فلا حولة ولا قوة إلا بالله. وكان الَّذِي افتتح أقريطش عُمَر بْن شُعيب الغليظ البلُّوطيّ، غزاها فافتتحها فِي حدود الثلاثين ومائتين، وصارت فِي يد أولاده إلى هذا الوقت1. وفاة القطان مُحَدَّث بغداد: وفيها تُوُفّي مُحَدَّث بغداد أَبُو سهل أَحْمَد بْن محمد بْن زياد القطّان في شعبان. وكان صوامًا قوامً، روى الكثير. وفاة الخُطَبيّ: وفيها تُوُفّي أبو محمد إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن عَلِيّ الخُطبي. وكان عالمًا إخباريًا محدثًا يرتجل الخُطب. وفاة الهاشمي خطيب جامع المنصور: وفيها تُوُفّي أَبُو جعْفَر عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل الهاشميّ خطيب جامع المنصور. وكان ذا قُعْدُد فِي الأبَّوه، فإنه فِي طبقة الواثق، إذ هُوَ عَبْد الله بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بن عيسى بن المنصور أبي جعفر.

_ 1 النجوم الزاهرة "3/ 327"، تاريخ الخلفاء "400".

وفاة عتبة الهمذاني: وفيها تُوُفّي، فِي ربيع الآخر، القاضي أَبُو السائب عُتْبة بْن عُبّيْد اللَّه بْن مُوسَى الهمذاني. ولد بها سنة أربعٍ وستين ومائتين، وكان أَبُوهُ تاجرًا. ولي أولًا قضاء أذْرَبَيْجان، ثم قضاء همدان، ثمّ آل بِهِ الأمر إلى أن تقلَّد قضاء القُضاة. وفاة فاتك المجنون: وفيها تُوُفّي فاتك المجنون أَبُو شجاع، أكبر مماليك الإخشيد. ولي إمرة دمشق. وكان فارسًا شجاعًا. وقد رثاه المتنبيّ. وفاة الناصر لدين اللَّه صاحب الأندلس: وفيها تُوُفّي صاحب الأندلس الناصر لدين اللَّه أَبُو المطرف عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن الحَكَم بن هشام ابن الداخل إلى الأندلس عند زوال ملُكْ بْني أمية عَبْد الرَّحْمَن بْن معاوية الأمويّ. ولي الإمرة سنة ثلاثمائة وطالت أيّامه. ولمّا ضعُف شأن الخلافة ببغداد من أيّام المقتدر تلقَّب هذا بأمير المؤمنين. وكذا تلقَّب عُبّيْد اللَّه المهدي وبنوه بالقيروان. وكان هذا شجاعًا شهمًا محمود السّيرة. لم يزل يستأصل المتغلّبين حتى تم أمره بالأندلس. واجتمع فِي دولته من العلماء والفُضلاء ما لم يجتمع فِي دولة غيره. وله غزوات عظيمة ووقائع مشهورة. قَالَ ابن عَبْد ربه: قد نظمتُ أرجوزة ذكرتُ فِيها غزواته. قَالَ: وافتتح سبعين حصنًا من أعظم الحصون، ومدحه الشعراء. وتوفي فِي رمضان من السنة. وكانت إمرتُه خمسين سنة، وقام بعده ولده الحكم.

وفيات الطبقة الخامسة والثلاثون

وفيات الطبقة الخامسة والثلاثون: وفيات سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 369- أَحْمَد بْن أحْيَد الكرابيسيّ الْبُخَارِيّ1: سَمِعَ: صالح بْن محمد جَزَرَة، وسهل بْن المتوكل. توفي في جمادى الآخرة.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "1/ 24".

370- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الفَرَج1: أَبُو بَكْر بْن البَرِاميّ الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ. روى عَنْ: أبي قصي إِسْمَاعِيل العُذْريّ، وأحمد بْن عَلِيّ بْن سعَيِد القاضي، وجماعة. وعنه: تمّام الرّازيّ، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وغيرهم. 371- أَحْمَد بْن محمد بْن جعْفَر بْن حَمُّوَيْه2: أَبُو الْحُسَيْن الْجَوْزيّ. بغداديّ، ثقة. سمع: أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وأبا جعْفَر بْن المنادي، وابن أَبِي الدُّنيا. روى عن: أَبُو الحسن بْن بِشْران. تُوُفّي فِي ربيع الآخر. وثقه الخطيب. وعنه أيضًا: أَبُو إِسْحَاق الطَّبَريّ، وغيره. 372- أَحْمَد بْن محمد بْن عَمْرو3: أَبُو الطاهر المَدِينيّ الحامي. شيخ مصريّ صدوق. سمع: يونس بْن عَبْد الأعلى، وبحر بْن نصر، وغيرهما. وعنه: ابن مَنْدَه، ومنير بْن أَحْمَد الخشّاب، ومحمد بْن أَحْمَد بْن جُمَيْع، وأبو محمد بْن النّحّاس. وحديثه من عوالي "الخلعيات". وتوفي فِي ذي الحجّة وله ثلاثٌ وتسعون سنة. وكان قد عدّله القاضي عَبْد اللَّه بْن وليد الداوودي. فلمّا عُزِل أسقطه القاضي الَّذِي بعده فِي جماعة. فَاجْتَمَعُوا وَدَخَلُوا عَلَى كَافُورٍ الْخَادِمِ، وَفِيهِمْ أَبُو الطَّاهِرِ هَذَا، فَقَالَ: أَيُّهَا الأُسْتَاذُ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، نَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. وَلَا يَحِلُّ لمسلمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ"4. وهؤلاء القوم قاطعونا وهاجَرُونا، وقد صار لمخالفة حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُصاة غير مقبولين. فلانَ لهم كافور ووعدهم بخير. 373- إسحاق بن عد الكريم5: أَبُو يعقوب الّصّواف الفقيه. مصريّ مُحَدَّث. سَمِعَ: أَبَا عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ، وأبا العلاء الكوفي. وحدث.

_ 1 الروض البسام "المقدمة" "15". 2 تاريخ بغداد "4/ 407، 408"، سير أعلام النبلاء "15/ 397، 398". 3 الولاة والقضاة للكندي "506، 576"، سير أعلام النبلاء "15/ 430-432". 4 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6065"، ومسلم "2559"، والترمذي "1935"، وأحمد في المسند "3/ 110، 165". 5 المنتظم لابن الجوزي "6/ 372".

374- إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده1: أَبُو يعقوب الأصبهاني. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن محمد بْن النُّعْمان، وأحمد بْن عَمْرو البزّار، وأحمد بن عمرو بن أبي عاصم. وعنه: محمد بن عبد الرحمن بن مخلد، وابنه أبو عبد الله الحافظ. وقال أَبُو نُعَيْم: رَأَيْته. 375- إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن صالح البغداديّ2: أَبُو عَلِيّ الصّفّار النَّحْويّ المُلحيّ، صاحب المبرّد. سَمِعَ: الْحَسَن بْن عَرَفَة، وزكريّا بْن يحيى المَرْوزِيّ، والمخرمي، وأحمد بن منصور الرمادي، وسعدان بن نصر، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وطائفة سواهم. وعنه: الدارقطني، وابن المظفر، وعبيد الله بن محمد السقطي، وأبو عمر بن مهدي، وابن رزقويه، وأبو الحسين ابن بشران، وعبد الله بن يحيى السكوني، ومحمد بن محمد بن مخلد، وطائفة كبيرة. وثقه الدارقطني وقال: كَانَ متعصبًا للسنة. قلت: وعاش دهرًا، وصار مسُنْد العراق. وُلِدَ سنة سبعٍ وأربعين ومائتين، وتوفي فِي رابع عشر محرَّم سنة إحدى وأربعين. وكان نحوّيًا إخباريًا، لَهُ شعر قليل. 376- إِسْمَاعِيل المنصور3: أَبُو الطّاهر بن القائم بن المهديّ العُبَيْديّ. خليفة إفريقّية، وأحد خلفاء الباطنيّة. بايعوه يوم تُوُفّي أَبُوهُ القائم. وكان أَبُوهُ قد ولاه محاربة أَبِي يزيد مَخْلَد بْن كَيْداد الخارجيّ الإباضيّ. وكان أَبُو يزيد مَعَ كونه سيئ الاعتقاد زاهدًا. قام غضبًا لمَّا انتهك هؤلاء من المُحرمات وقلبوا الدين. وكان يركب حمارًا ويلبس الصَّوف. فقام معه خلْق كثير، فحارب القائم مرات، واستولى عَلَى جميع مُدُن القيروان. ولم يبق للقائم إلا المهديّة. فنازلها أَبُو يزيد وحاصرها، فهلك القائم فِي الحصار. وقام المنصور وأخفى موت أَبِيهِ، ونهض لنفسه وصابَر أَبَا يزيد حتّى رحل عَنِ المهديّة، ونزل عَلَى سوسة يحاصرها. فخرج إِلَيْهِ المنصور من المهديّة والتقيا، فانهزم أَبُو يزيد، وساقوا وراءه فأسروه فِي سنة ستٍّ وثلاثين، فمات

_ 1 أخبار أصبهان "1/ 221، 222". 2 تاريخ بغداد "6/ 302-304"، سير أعلام النبلاء "15/ 440، 441"، الوافي بالوفيات "9/ 204، 205". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 156-159"، الوافي بالوفيات "9/ 203، 204"، تاريخ الخلفاء "399".

بعد أسره بأربعة أيّام من الجراحات، فأمر بسلْخه وحشا جلْده قُطْنًا وصلبه، وبني مدينةً في موضع الوقعة وسماها المنصورية واستوطنها. وكان شجاعًا قويّ الجأش، فصيحًا مفوَّهًا، يرتجل الخطبة. خرجّ فِي رمضان سنة إحدى وأربعين إلى مدينة جلولا للتنزُّه، فأصابه مطر وبرد وريح عظيمة، فأثَّر فِيهِ ومرض، ومات خلْق ممّن معه. مات هُوَ فِي سَلخ شوّال، وله تسعٌ وثلاثون سنة. وقد كَانَ فِي سنة أربعين جهَّز جيشه فِي البحر إلى صِقلّية، فالتقوا الروم ونُصروا عَلَيْهم، وقتِل من الرّوم ثلاثون ألفًا، وأسِرَ منهم خلق. وغنم البربر ما لا يوصف. ذكر شيوخ القيروان أنّهم ما رأوا فتحًا مثله قطّ. ومن عجيب أخباره أنّه جمع فِي قصره مِن أولاد جُنْدَه ورعيّته عشرة آلاف صبيّ، وأمر لهم بكسوة فاخرة، وعمل لهم وليمة لم يُرَ مثلها، وختنهم فِي آن واحد، بعد أن وهب للصّبيّ مائة دينار أو خمسين دينارًا على أقدارهم. وبقي الخِتان أيامًا عديدة حتى فرغوا من ختانهم. وكان يرجع إلى إسلامٍ ودِين فِي الجملة بخلاف أَبِيهِ وجدْه. "حرف الباء": 377- بِشْر بْن عَلِيّ بْن عُبّيْد: الْإمَام أَبُو الْحَسَن الطّلَيْطِليّ. أخذ عَنْ: عُبّيْد اللَّه بْن يحيى، وسعد بْن عثمان، وجماعة. ورحل إلى المشرق. تكلَّم فِيهِ أَبُو عمران الفاسيّ. وقيل: حَدَّث عَنِ الأعرابيّ وما سَمِعَ منه. "حرف الجيم": 378- جعْفَر بْن محمد بْن إبْرَاهِيم: شيخ مُقِلّ، حدَّث عن: أبي حاتم الرّازيّ. "حرف الحاء": 379- الْحَسَن بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زَرَنْك1: أَبُو محمد الْبُخَارِيّ. عَنْ: أَبِي مَعْشَر حَمْدَوَيْه بْن خطاب، وسهل بْن المتوكّل، وصالح بْن محمد جزرة، وطبقتهم. روى عنه أهل بلده. وتوفي في شوال.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "4/ 181"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 337".

380- الحسين بن يحيى بن جزلان الدمشقي1: أبو عبد الله. حدَّث عَنْ: أَبِي زُرْعَة النصريّ، ويزيد بْن عَبْد الصّمد، وخالد بْن رَوْح. روى عَنْه: أَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر وقال: تُوُفّي فِي المحرم. وقال الكتّانيّ: لم أسمع فِيهِ شيئًا. قلت: لم يذكر ابن عساكر أحدًا روى عَنْهُ سوى ابن أَبِي نصر. "حرف الزاي": 381- زيد بْن محمد بْن جعْفَر2: المعروف بابن أَبِي اليابس العامريّ، أَبُو الْحُسَيْن الكوفي. حدَّث ببغداد عَنْ: إبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه القصّار، وداود بْن يحيى الدهقان، والحسين بن الحكم الحبري، وأحمد بْن مُوسَى الحمّار. وعنه: ابن المظَّفر، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسن بن رزْقَوَيْه. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا. "حرف السين": 382- سعيد بن إبراهيم بن معقل بن الحجاج3: أَبُو عثمان النَّسَفيّ. رئيس أصحاب الحديث ببلده. سَمِعَ: أَبَاهُ، ومعمّر بْن محمد البلْخيّ. وبمكة: علي بن عبد العزيز، وغير واحد. وعنه: ابنه عبد الملك. وكان نقمة على القرامطة. "حرف الشين": 383- شعبة بن الفضل بن سعيد4: أبو الحسن التغلبي. سَمِعَ: إدريس بْن جعْفَر العطّار، وبِشْر بْن مُوسَى، ومحمد بْن عثمان بْن أَبِي شيبة. وعنه: أَبُو الفتح بْن مسرور لكن سمّاه سعيدًا، وقال: لَقَبُه شُعْبة؛ وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّحّاس، وآخرون. وثقه الخطيب أَبُو بَكْر. وحدث بمصر، وبها مات. "حرف العين": 384- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن حمّاد5: الفقيه أَبُو العبّاس

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 370". 2 تاريخ بغداد "8/ 449". 3 الأنساب "12/ 81". 4 تاريخ بغداد "9/ 266"، المنتظم "6/ 372". 5 تاريخ بغداد "10/ 33".

العسكريّ. سَمِعَ: محمد بْن عُبّيْد اللَّه المنادي، وأبا دَاوُد السِّجِسْتانّي، وأحمد بْن مُلاعب، وجماعة. وعنه: ابن المظفر، والدارقطني، وأبن رزْقَوَيْه، وآخرون. تُوُفّي فِي ربيع الْأَوَّل. 385- عَبْد الرَّحْمَن بن عُمَر بن سعيد البَلَويّ الإسكندرانيّ1: ابن العلاف. 386- عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن إِسْحَاق التُّسْترِيّ: الدّقيقيّ. تُوُفّي فِي صفر. 387- عَلِيّ بْن محمد بْن أَحْمَد دَلُّويْه: أَبُو الْحَسَن النيسابوري المذكّر، من كبار مشايخ الكرّاميّة. كان يلقب نفسه بالعاصي على رءوس الناس. سَمِعَ: العبّاس بْن حمزة، وجماعة. وعنه: الحاكم، وغيره. 388- عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان بْن مطر العطار2: أبو عبد الله، شيخ بغداديّ. ذكر أَبُو القاسم بْن الثّلاج أنّه سَمِعَ منه فِي هذا العام. حدَّث عَنْ: عَلِيّ بْن حرب، وعباس الدُّوريّ. روى عَنْهُ: ابن الثّلاج، وعبيد اللَّه بْن عثمان الدّقّاق. 389- عُمَر بْن عَبْد العزيز بْن محمد بْن دينار3: أَبُو القاسم الفارسيّ. سَمِعَ: محمد بْن رُمْح البزّاز، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي العوّام، وأبا يزيد يوسف القراطيسيّ، والحسين بْن السِميدّع الأنطاكيّ. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه. وثقه الخطيب. 390- عَمْرو بْن محمد بْن يحيى4: أَبُو سعَيِد الدِّينَوَرِيّ. ورّاق محمد بْن جرير الطَّبَريّ. سَمِعَ منه ومن: مُطَيَّن، وأبي شُعيب الحَرّانيّ، وجماعة. وعَنْهُ: تمام الرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصر. وتوفي فِي ربيع الأول. قَالَ عَبْد العزيز الكتانيّ: حدَّث بدمشق بتفسير ابن جرير، وهو ثقة مأمون. "حرف الميم": 391- محمد بْن أَحْمَد: أَبُو نصر النيسابوري الخفّاف، الشيخ الصّالح. سَمِعَ:

_ 1 الأنساب لابن السمعاني "2/ 201". 2 تاريخ بغداد "12/ 5". 3 تاريخ بغداد "11/ 239". 4 الروض البسام "المقدمة" "33".

أَحْمَد بْن سَلَمَةَ، ومحمد بْن عَمْرو الحرشيّ، والحسين بن محمد القباني. وعنه: الحاكم، وولده أبو الحسين أحمد بن محمد القنطري. 392- محمد بن أحمد بن الحسن1: أبو الطيب النيسابوري المناديلي المؤذن. أحد الصالحين. سَمِعَ: محمد بْن عَبْد الوهّاب، والفَرّاء، وأحمد بْن مُعاذ السلمي، وأبا يحيى بْن أَبِي مَسَّرة المكّيّ، وإسماعيل القاضي. وعنه: الحاكم، وابن مَنْدَه. مات فِي رمضان. 393- محمد بْن أيوّب بْن حبيب الرَّقّيّ الصموت2: أبو الحسن. نزيل. سمع: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، وهلال بْن العلاء، وصالح بْن عَلِيّ النَّوْفليّ، وجماعة. عَنْهُ: مَسْلَمة بْن القاسم الأندلُسيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن جُمَيْع، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، والحسن بْن إِسْمَاعِيل الضّرّاب، ومحمد بْن أَحْمَد بْن عُثْمَان بْن أَبِي الحديد، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّحّاس. تُوُفّي فِي ربيع الآخر. 394- محمد بْن جعْفَر بْن محمد بْن كامل الحضرميّ: أَبُو العبّاس. فِي ربيع الأول بمصر. ويُعرف بابن الدّهّان. 395- محمد بْن الْحُسَيْن الزَّعْفَرانيّ3: بواسط. يقال: تُوُفّي فيها. وقد تقَّدم. 396- محمد بْن حُمَيْد بْن محمد بْن سُلَيْمَان بْن معاوية الكِلابيّ4: أبو الطَّيْب الحَوْرَانيّ. عَنْ: عبّاد بْن الوليد الغُبَريّ، وأحمد بْن منصور الرَّماديّ، وعبّاس الترقفي، وأبي حاتم الرّازيّ، وابن أَبِي الدنيا، وإسحاق بْن سيّار النّصيبيّ، وجماعة. وعنه: تمّام الرّازيّ، ويوسف المَيَانِجيّ، وأبو سُلَيْمَان بْن زَبرْ، وعبد الوهّاب الكلابيّ، وغيرهم. مولده بسامرّاء. وتوفي فيما أحسب بدمشق. 397- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد البَرّ5: أبو عبد الله التُّجَيْبيّ القُرْطُبيّ سَمِعَ: عبد اللَّه بْن يحيى بْن يحيى بْن يحيى، وأسلم بْن عَبْد العزيز، ومحمد بن عمر بن لبابة

_ 1 الأنساب "11/ 480، 481". 2 معجم الشيوخ "88، 89"، جذوة المقتبس للحميدي "40" شذرات الذهب "2/ 361". 3 تقدمت ترجمته في الطبقة السابقة. 4 سير أعلام النبلاء "15/ 432، 433"، شذرات الذهب "2/ 361". 5 تاريخ علماء الأندلس "1/ 356، 357"، سير أعلام النبلاء "15/ 498، 499".

الأندلُسيّين. وبمصر: محمد بْن محمد الباهليّ، وسعيد بْن هاشم الطَّبَرانيّ. رُوِيَ عَنْهُ: عُمَر بْن نمارة الأندلسيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّحّاس. ورحل ثانيًا فمات بأطربلس الشّام. وكان حافظًا كبير القدر. 398- محمد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن بَكْر بْن هانئ: أَبُو الْحَسَن النيسابوري. سَمِعَ: جدَّه لأمّه إبْرَاهِيم بْن محمد بْن هانئ، والحسين بْن الفضل البَجَليّ، والكُدَيْميّ، وطبقتهم. وعنه: الحاكم، وجماعة. مات فِي شَعْبان. 399- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمان: أَبُو الْعَبَّاس الإسْفَرَائينيّ. سَمِعَ: الكديمي، وبشر بن موسى، وأحمد بت سهل. وعنه: الحاكم. 400- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الوزير1: أبو عبد الرحمن الجحافي التاجر. شيخ صالح. سمع: أبا حاتم الرازي، والسري بن خزيمة. وعنه: الحاكم. وعاش تسعين سنة. 401- محمد بن عبد الواحد بن شاذان2: أبو عبد الله الهمذاني البزاز. روى عَنْ: إبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن، وعليّ بْن عَبْد العزيز، وإسحاق الدَّبَرِيّ، وأهل الحجاز، واليمن. وعنه: أبو بكر بن لال، وشعيب بن علي، وخلف بن عمر الحافظ، وأبو عبد الله بن منده، وعبد الجبار بن أحمد الإستراباذي. قَالَ صالح بْن أَحْمَد: كتبنا عَنْهُ وتركنا الرواية عَنْهُ. وكان شيخًا لا بأس بِهِ. لم يكن الحديث من شأنه. أفسده قومٌ لم يعرفوا الحديث، ولا كَانَ من صناعتهم. 402- محمد بْن عيسى بْن محمد3: أَبُو حاتم الوَسْقَنْدِيّ. سَمِعَ: أَبَا حاتم الرّازيّ، وعليّ بْن عَبْد العزيز بمكّة. والحارث بْن أَبِي إسامة، وتمتامًا ببغداد. وعنه: محمد بْن إِسْحَاق الكَيْسانيّ، وعليّ بْن عُمَر بْن العبّاس الفقيه. وثقَّه أَبُو يَعْلَى الخليليّ. 403- محمد بْن عُمَر بن سعد بن عبد الله بن الحَكَم: الْمَصْريّ. 404- محمد بْن قُرَيش بْن سُلَيْمَان: أبو أحمد المرورذي. في رمضان.

_ 1 الأنساب لابن السمعاني "3/ 192، 193". 2 لسان الميزان "5/ 270". 3 معجم البلدان "5/ 376".

405- محمد بْن النَّضْر بْن مُرّ بْن الحُرّ1: أَبُو الْحَسَن بْن الأخْرَم الَّربَعِيّ الدّمشقيّ المقرئ. صاحب هارون بن الأخفش. قرأ عَلَى: الأخفش، وجعفر بْن أَحْمَد بْن كرّاز. وانتهى إِلَيْهِ رئاسة الإقراء بدمشق. قرأ عَلَيْهِ: علي بن داود الداراني الخطيب، وأبو بَكْر محمد بْن أَحْمَد السُّلَميّ الْجُبْنيّ، وسلامة بْن الربيع المطرِّز، وعبد اللَّه بن عطية المفسر، وأبو بكر أمد بْن الْحُسَيْن بْن مِهْران، وأحمد بْن إبْرَاهِيم بْن برهان، وجماعة. وطال عمره، وارتحل النّاسُ إِلَيْهِ. وكان عارفا بعِلل القراءات، بصيرًا بالتفّسير والعربيّة، متواضعًا، حسن الأخلاق، كبير الشأن. قَالَ محمد بْن عَلِيّ السُّلَميّ: قمتُ ليلة الأذان الكبير لأخْذ النَّوْبة عَلَى ابن الأخرم، فوجدتُ قد سبقني ثلاثون قارئًا، ولم تُدركْني النَّوبَة إلى العصر. وذكر بعضهم أنّ ابن الأخرم رحل إلى بغداد وحضر حلقة ابن مجاهد، فأمرَ ابنُ مجاهدٍ أصحابَه أن يقرأوا عَلَى ابن الأخرم. قَالَ أَبُو عَلِيّ أحمد بن محمد الأصبهاني: توفي أبو الحسن بْن الأخرم الرَّبَعيّ سنة إحدى وأربعين. وقال غيره: سنة أثنتين. 406- محمد بْن هِمْيان بْن محمد بْن عَبْد الحميد البغداديّ الوكيل2: ولَقَبُه: زَنْبَيْلَوْيه. قدِم دمشق سنة أربعين، وحدَّث عَنْ: علي بن مسلم الطوسي، والحسن بن عرفة. وعنه: أَحْمَد بْن إبْرَاهِيم السَّكْسكيّ المقرئ، وعبد اللَّه بْن الْحَسَن بْن المطبوع، وتمّام الرّازيّ. تُوُفّي فِي ثامن ربيع الأوّل. وقال عَبْد العزيز الكتانيّ: تكلّموا فِيهِ. وقال لي أَبُو محمد بْن أَبِي نصْر: إنّ ابن هِميان كتب لَهُ الجزء الّذي عنده. قَالَ: وجاء بِهِ إليَّ، فلم يتَّفق لي سماعه. أَنْبَأَنَا الفخر عليّ، أَنَا ابن الحّرَسْتانيّ، أَنَا عَبْد الكريم بن حمزة، أَنَا الكتاني، نا تمّام الرّازيّ، نا أَبُو الْحُسَيْن محمد بْن هِميان البغداديّ، نا الْحَسَن بْن عَرَفَة، نا ابن عُلَيَّة، عَنِ الْجُرَيْريّ، عَنْ أَبِي نصرة قَالَ: كَانَ المسلمون يرون أنَّ مِن شُكر النِّعم أن يُحدَّثَ بها. 407- محمد بْن يحيى بْن أَحْمَد بْن عُبّيْد اللَّه: أَبُو عُمَر القَيْروانيّ. تُوُفّي بدمشق فِي ربيع الآخر. ولم يذكره ابن عساكر الحافظ.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 564-566"، الوافي بالوفيات "5/ 31"، شذرات الذهب "2/ 361". 2 تاريخ بغداد "3/ 371"، ميزان الاعتدال "4/ 58"، لسان الميزان "5/ 416".

408- مَعْبَد بْن جمعة1: أَبُو شافع الطَّبَريّ الرُّويانيّ المطّوّعيّ. سَمِعَ: يوسف القاضي ببغداد، ومُطَيَّنًا بالكوفة، وأبا خليفة بالبصرة، وأبا يَعْلَى بالموصل، ومحمد بْن أيوب بالريّ، والنَّسائيّ بمصر. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو بَكْر بْن عَلِيّ الدهّان. قَالَ أَبُو زُرْعَة محمد بْن يوسف الكشي فِيهِ: ثقة، إلا أنّه كَانَ يشرب المُسْكِر. 409- منُجْح الأمير2: كَانَ من كبار الإخشيدّية. ولي نيابة طرسوس والثغر. وكانت أيّامه طيّبة برخْص الأسعار. وغزا فافتتح أماكن. وكان الناس فِي أمْن. وحُمِل تابوته إلى بيت المقدس بعد أن صَلَّى عَلَيْهِ الملك ابن الإخشيد. 410- مُوسَى بْن هارون بْن جعْفَر: أَبُو عمران الإسْتِرَابَاذيّ. يروي عَنْ: أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أبان الْمَصْريّ. رَأَى مُسلْمِ الكّجيّ. وعنه: جماعة. وفيات سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 411- أَحْمَد بْن إبْرَاهِيم الأندلْسي: ثمّ الْمَصْريّ. المالكيّ الفقيه. كَانَ إمامًا فصيحًا رئيسًا، متموّلًا وجيهًا. كتبّ إلى بغداد يطلب قضاء مصر، فجاء العهد بعد موته بأربعة أيّام، وتعجَّب الناس. وكان قد بذل مالًا كثيرًا. فسُرَّ ابنُ الخصيب قاضي مصر بموته سامحه اللَّه. ذكره ابن زولاق. 412- أَحْمَد بْن أسامة بن أحمد بن أسامة بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّمْح التُّجْيبيّ3: مولاهم الْمَصْريّ المقرئ أَبُو جعْفَر بْن أَبِي سَلَمَةَ. قرأ القرآن

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 140"، لسان الميزان "6/ 59". 2 لم أجده في المصادر المتوفرة. 3 غاية النهاية "1/ 38"، حسن المحاضرة "1/ 488".

لورْش عَلَى إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه النّحّاس. وسمع: أَبَاهُ. روى عَنْهُ القراءة: محمد بْن النعمان، وخلف بن قاسم، وعبد الرحمن بن يونس. قَالَ خَلَف بْن إبْرَاهِيم: تُوُفّي سنة أثنتين وأربعين، وقد نيّف عَلَى المائة. وأما يحيى بْن عليّ الطّحّان فسمع منه وقال: توفي سنة ستٍّ وخمسين وثلاثمائة. وهذا أصحّ، وسيعاد. 413- أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن أيّوب بْن يزيد1: أَبُو بَكْر النيسابوري الشّافعيّ الفقيه المعروف بالصبغي. رأى يحيى ابن الذُّهْليّ، وأبا حاتم الرّازيّ. وسمع: الفضل بْن محمد الشّعْرانيّ، وإسماعيل بْن قُتَيْبة، ويعقوب بْن يوسف القَزْوِينيّ، ومحمد بْن أيّوب. وببغداد: الحارث بْن أَبِي أسامة، وإسماعيل القاضي. وبالبصرة: هشام بْن عَلِيّ؛ وبمكّة: عَلِيّ بْن عَبْد العزيز. وعنه: حمزة بْن محمد الزَّيْديّ، وأبو عَلِيّ الحافظ، وأبو بَكْر الإسماعيليّ، وأبو أحمد الحاكم، وأبو عبد الله الحاكم، ومحمد بن إبْرَاهِيم الْجُرْجانيّ، وخلق كثير. وُلد سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين، وتوفي فِي شعبان. وكان فِي صباه قد اشتغل بعلم الفُرُوسُية، فما سَمِعَ إلى سنة ثمانين. وكان إمامًا فِي الفقه. قَالَ الحاكم: أقام يُفْتي نَيِّفًا وخمسين سنة، لم يؤخذ عَلَيْهِ فِي فتاويه مسألة وهِم فيها. وله الكتب المطولة مثل: "الطهارة"، و"الصلاة"، و"الزكاة"، ثمّ كذلك إلى آخر كتاب "المبسوط" وله كتاب "الاسماء والصّفات"، وكتاب "الْإِيمَان والقدر"، وكتاب "فضل الخلفاء الأربعة"، وكتاب "الرُّؤية"، وكتاب "الأحكام"، وكتاب "الإمامة"؛ وكان يخلف ابن خزيمة في الفتوى بضع وعشرة سنة فِي الجامع وغيره. وسمعته وهو يخاطب فقيهًا فقال: حدَّثونا عَنْ سُلَيْمَان بْن حرب. فقال ذَلِكَ الفقيه: دعنا من حَدَّثَنَا إلى متي حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا. فقال الصِّبْغيّ: يا هذا، لستُ أشمّ من كلامك رائحة الْإِيمَان، ولا يحلُ لك أن تدخل داري. ثمّ هَجَره حتى مات. وسمعت محمد بْن حمدون يَقُولُ: صحبت أبا بَكْر الصِّبْغيّ سِنين، فما رَأَيْته قطّ ترك قيام اللّيل، لا فِي سفرٍ ولا فِي حَضَر. قَالَ الحاكم: وسمعتُ أَبَا بَكْر غير مرّة إذا أنشدّ بيتًا يفسّره ويغيّره، يقصد ذَلِكَ، وكان يُضرب المّثّل بعقله ورأيه. سُئل عَنِ الرجل يدرك الركوع ولم يقرأ الفاتحة. فقال: يُعيد الرَّكْعة. ثمّ صنَّف هذه المسألة: روي عن أبي هريرة وعن جماعة من

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 483-489"، الوافي بالوفيات "6/ 239"، تاريخ الخلفاء "405".

التّابعين قَالُوا: يعيد الركعة. ورأيتُه غير مرّة إذا أذّن المؤذن يدعو بين الأذان والإقامة ثم بكي، وربّما كَانَ يضرب برأسه الحائط، حتى خشيت يومًا أن يُدمي راسه. وما رَأَيْت فِي جميع مشايخنا أحسن صلاةً منه. وكان لا يدع أحدًا يغتاب فِي مجلسه. وثنا قَالَ: ثنا يعقوب القَزْوِينيّ، فذكرَ حديثًا. ثمّ قَالَ الحاكم: كتبه عنيّ الدّارَقُطْنيّ، وقال: ما كتبته عَنْ أحدٍ قطّ. وسمعت أَبَا بَكْر الصِّبْغيّ يَقُولُ: حُمِلْتُ إلى الرّيّ وأبو حاتم حيٌّ، وسألته عَنْ مسألةٍ فِي ميراث أبي. ثمّ انصرفنا إلى نيسابور. وسمعتُ أَبَا بَكْر يقول: خرجنا من مجلس إبْرَاهِيم الحربيّ ومعنا رجلٌ كثير المجُون، فرأى أمردًا فتقدَّم فقال: السّلام عليك، وصافحه وقبَّل عينيه وخدّه، ثمّ قَالَ: ثنا الدَّبَرِيُّ بِصَنْعَاءَ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ" 1. قَالَ: فقلت لَه: ألا تستحي، تلوط وتكذب فِي الحديث. يعني أنّه ركب الإسناد. 414- أَحْمَد بْن جعْفَر البغداديّ2: أَبُو الْحَسَن الصَّيْدلانيّ. حدَّث بدمشق عَنْ: أَبِي شُعَيب الحرانيّ، ومحمد بْن سُلَيْمَان الباغَنْديّ، ومحمد بْن عثمان بْن أَبِي شَيْبَة، وأحمد بْن عَلِيّ الأبّار، وجماعة. وعنه: تمّام، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، وغيرهما. تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. 415- أحمد بن عبيد بن إبراهيم الأسدي الهمذاني3: أبو جعفر. سَمِعَ: إبْرَاهِيم بْن دَيْزيل، وإبراهيم الحربيّ، والسري بن سهل الجنديسابوري، وغيرهم. وكان صدوقا حافظا مكثرا. روى عنه: أبو بكر بن لال، وابن منده، والحاكم أبو عبد الله، والقاضي عبد الجبار المتكلم، وأحمد بن فارس اللغوي، وآخرون بهمذان. وتوفي في أول جمادى الآخرة.

_ 1 "حديث صحيح لغيره": أخرجه البخاري في الأدب المفرد "542"، وأبو داود "5124"، وأحمد في المسند "4/ 130"، وابن حبان في صحيحه "570"، والحاكم في المستدرك "4/ 71"، والترمذي "2393"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود "5124". 2 تاريخ بغداد "4/ 70، 71". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 380"، شذرات الذهب "2/ 361، 362".

416- أحمد بْن علي بن أحمد بْن علي بْن حاتم1: أبو عبد الله التميمي الكوفي. حدَّث فِي هذه السنة، وانقطع خبره. عَنْ: إبراهيم بن أبي العنبس، وإبراهيم بن عبد اللَّه القصّار. وعنه: أَبُو الْحَسين بْن بِشْران، وأبو أَحْمَد الفَرَضِيّ. أحاديثه مستقيمة. 417- إبْرَاهِيم بْن المولّد2: هُوَ إبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن المولّد، أبو الْحَسَن الرَّقّيّ الزّاهد، الصُّوفيّ الواعظ. روى عَنْ: الْجُنَيْد بْن محمد القواريريّ، وأحمد بْن عَبْد اللَّه الْمَصْريّ النّاقد، وإبراهيم بْن السَّرِيّ السقطي، والحسين ابن عَبْد اللَّه القطّان، وعبد اللَّه بْن جَابرِ المَصّيصيّ. وعنه: أبو عبد الله بْن بَطّة العُكْبَريّ، والحسن الضّرّاب، وتّمام الرّازيّ، وابن جُمَيْع، وعلي بْن محمد بْن إِسْحَاق الحلبيّ. قَالَ عُمَر بْن عِراك: ما رأيتُ أحدًا أحسن كلامًا من إبْرَاهِيم المولّد، ولا رأيتُ أحسن صمتًا من أخيه أبي الْحَسَن. وقال عبد اللَّه بْن يحيى الصوفيّ: سَمِعْتُ إبْرَاهِيم بْن المولّد يَقُولُ: السّياحة بالنّفس للآداب الظّواهر علمًا وشرعًا وخلقًا. والسياحة بالقلب للآداب البواطن حالًا ووجدا وكشْفًا. وعنه قَالَ: الفترة بعد المجاهدة من فساد الابتداء، والحجب بعد الكشف من السّكون إلى الأحوال. وأنشد ابن المولّد متمثّلًا: لولا مدامعُ عشاقٍ ولَوْعَتُهُمْ ... لبان في الناس عر الماء والنّار فكُلُّ نارٍ فَمِنْ أَنْفاسِهم قُدِحَتْ ... وَكُلُّ ماءٍ فمن عينْ لهم جاري ذكره السُّلَميّ وقال: مِن كبار مشايخ الرقة وفتْيانهم صِحب أَبَا عَبْد اللَّه بْن الجلاء الدّمشقيّ، وإبراهيم بْن دَاوُد القصّار الرَّقّيّ. وكان من أفتى المشايخ وأحسنهم سيرة، رحمه اللَّه. 418- إبْرَاهِيم بْن عصْمة بْن إبْرَاهِيم: أَبُو إِسْحَاق النيسابوري العدْل. سَمِعَ: أباه، والسَّرِيّ بْن خُزَيْمَة، والحسين ابن دَاوُد، والمسَّيب بْن زُهَير. وعنه: الحاكم، وقال: أدركته وقد هرِم. وأصُوله صحيحة ولكن زاد فيها بعض الوراقين أحاديث. ولم يكن الحديث مِن شأن إبْرَاهِيم. تُوُفّي فِي ذي القعدة، وله أربعٌ وتسعون سنة.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 311". 2 حلية الأولياء "10/ 364"، شذرات الذهب "2/ 362".

419- إبراهيم بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن فِراس العَبْقسيّ المكّيّ1: شيخ صدوق. يروي عَنْ: عَلِيّ بْن عَبْد العزيز البَغَوِيّ، ومحمد بن علي بن الصّائغ. تُوُفّي سنة اثنتين وأربعين. 420- إبْرَاهِيم بْن محمد بْن إبْرَاهِيم بْن حاتم2: أَبُو إِسْحَاق النيسابوري الحِيريّ العابد. قَالَ الحاكم: قلَّ مَن رأيتُ فِي الزّهّاد مثله. تُوُفّي فِي شوّال. وعاش نَيّفًا وتسعين سنة، عَلَى الورع والزُّهْد. وكان يختفي من الناس، ويصُلّي الظُّهْر فِي موضعٍ لا يُعرف من الجامع. ثمّ يتعبَّد إلى العصر؛ ويصوم الدَّهْر. وهو من أكابر أصحاب أَبِي عثمان الحِيريّ. وهو معروف بأبي إِسْحَاق الزّاهد. سمع: محمد بْن عَبْد الوهّاب العبدي، وترك الرواية عَنْهُ لصِغَره؛ وَالسَّرِيَّ بْن خُزَيْمَة، والفضل بْن محمد الشّعْرانيّ. وباليمن: إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم الدبري. وعنه: الحاكم. "حرف الحاء": 421- الْحَسَن بن طُغْج بْن جُفّ3: أَبُو المظفَّر الفرغانيّ. ولي إمرة دمشق نيابَةً عَنْ أخيه الإخشيد محمد، ثمّ ولّي الرملة، لابن ابنه أَبِي القاسم بْن الإخشيد. 422- الْحَسَن بْن محمد بْن مُوسَى بْن إِسْحَاق بْن مُوسَى4: أبو عَلِيّ الْأَنْصَارِيّ. سَمِعَ: جده موسى، وابن أَبِي الدنيا، والمّبرد، وغيرهم. وعنه: القاضي أَبُو القاسم بن أبي عمرو، ومحمد بن أحمد بْن أَبِي عُون شيخا الخطيب. وثقَّه الخطيب، وقال: تُوُفّي فِي ذي الحجّة. 423- الْحَسَن بْن يعقوب بْن يوسف5: أَبُو الفضل الْبُخَارِيّ العّدْل. ثمّ النيسابوري. كَانَ أَبُوهُ وهو من ذوي اليسار والثّروة. لَهُ بنيسابور خطّة ومسجد وبساتين فأنفق الأموال عَلَى العلماء والصّالحين، وبقي يأوي إلى المسجد. سمع: محمد بن

_ 1 الأنساب "8/ 370". 2 الأنساب لابن السمعاني "4/ 290، 291". 3 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 189"، النجوم الزاهرة "4/ 189". 4 تاريخ بغداد "7/ 419"، المنتظم "6/ 372". 5 سير أعلام النبلاء "15/ 433"، شذرات الذهب "2/ 362".

عَبْد الوهّاب الفرّاء، وأبا حاتم الرّازيّ، ويحيى بْن أبي طَالِب، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه القصّار. وبمكّة: أَبَا يحيى بْن أَبِي مُرّة، وجاوَرَ بِهَا سنة. وعنه: أَبُو عَلِيّ الحافظ، وأبو إسحاق المزكيّ، وأبو عبد الله الحاكم، وابن مَنْدَه، ويحيى بْن أَبِي إِسْحَاق المزكّيّ. "حرف الراء": 424- الربيع بْن محمد بْن الربيع بْن سليمان الْجِيزي الْمَصْريّ: سَمِعَ: عُبّيْد اللَّه بْن سعَيِد بْن عُفّيْر، وعبد اللَّه بْن أَبِي مريم. وعنه: أَبُو محمد بْن النّحّاس، وغيره. قَالَ ابْن يونس: لم يكن يشبه أهل العلم. "حرف السّين": 425- سُلَيْمَان بْن أَحْمَد بْن محمد بْن الوليد الرّهاوي: وله ست وثمانون سنة. "حرف الشين": 426- شيْطان الطّاق المتكلم1: اسمه عُبّيْد اللَّه بْن الفضل بْن محمد بْن هلال بْن جعْفَر الأنباريّ. أَبُو عِيسَى. وفي عصر الثَّوريّ شيطان الطّاق آخر. "حرف العين": 427- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن شَوْذبَ2: أَبُو محمد الواسطيّ المقرئ، المحدّث. سَمِعَ: شُعيب بْن أيوّب الصَّريفيِنيّ، ومحمد بْن عَبْد الملك الدّقيقيّ، وصالح بْن الهيثم، وجعفر بْن محمد الواسطيين. وكان مولده فِي سنة تسعٍ وأربعين ومائتين. قَالَ أَبُو بَكْر أحمد بْن بيِريّ: ما رأيت أقرأ منه لكتاب اللَّه. قَالَ: وتوفي يوم الجمعة لإحدى عشر بقيت من ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة. قلت: روى

_ 1 لسان الميزان "5/ 108، 109"، "5/ 300، 301". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 466"، غاية النهاية "1/ 437"، شذرات الذهب "2/ 362".

عَنْهُ ابنه عُمَر، وأبو عَلِيّ منصور بْن عَبْد اللَّه الخالديّ، وأبو بَكْر بْن لال الهَمَدانيّ، وابن مَنْدَه، وابن جُمَيْع فِي مُعْجمه، وأبو عَلِيّ الْحُسَيْن الرُّوذَبَارِيّ شيخ البَيْهقيّ. 428- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن قُدَامة1: الفقيه أَبُو محمد الأصبهانيّ. كَانَ ينوبُ فِي القضاء عَنْ عبد الله بن محمد ابن عُمَر القاضي. وروى عَنْ: عَبَّاس بْن مُجَاشِع، وغيره. 429- عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان بْن المَرْزُبان الهَمَذَانيّ2: أَبُو محمد الجلاب الجزّار. أحد أركان السُّنة بهَمَذان. سَمِعَ: أَبَا حاتم الرّازيّ، وإبراهيم بْن دِيزِيل، وإبراهيم بن نصر، وهلال بْن العلاء، وأبا بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وتمتامًا. قَالَ شِيرُوَيُه: كَانَ صدوقًا قُدْوة، لَهُ أتباع. روى عنه: صالح بْن أَحْمَد، وعبد الرَّحْمَن الأنماطيّ، وابن منده، والحاكم، وأبو الحسين بن فارس اللغوي، وعبد البجار المعتزلي، وأبو الْحَسَن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن جهضم، وغيرهم. 430- عبد العزيز بن أحمد الوارق: أبو أحمد النيسابوري. سَمِعَ: الفضل الشّعْرانيّ، ومحمد بن عمر، والحرشي. وعنه: الحاكم. 431- عَلِيّ بْن محمد بْن أبي الفهم دَاوُد3 بْن إبْرَاهِيم: أَبُو القاسم التَّنُوخيّ القاضي. مات بالبصرة فِي ربيع الأوّل. ووُلِد بانطاكية سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين. وقدِم بغداد، وتفقّهَ عَلي مذهب أبي حنيفة. وسمع: أَحْمَد بْن خُلَيْد الحلبيّ، وعمر بْن أبي غَيْلان، وحامد بْن شعيب، والحسن بْن حبيب الرّاوي عَنْ مُسدّد. وكان عارفًا بأقوال المعتزلة وبالنجوم. وله ديوان شِعر. وولي قضاء الأهواز. روى عَنْهُ: أَبُو حفص الآجُرِّيّ، وأبو القاسم بْن الثّلاج، وابنُه المحّسن بْن عَلِيّ. وكان حافظًا للشِعّر، مِن الأذكياء. حكي عَنْهُ ابنُه أنّه حفظ ستّمائة بيت شِعْر، وهي قصيدة لدِعْبل، وفي يوم وليلة؛ أنه حفظ لأبي تمام

_ 1 أخبار أصبهان "2/ 86". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 477"، شذرات الذهب "2/ 357". 3 المنتظم "6/ 372، 373"، تاريخ بغداد "12/ 77-79"، ميزان الاعتدال "3/ 153"، سير أعلام النبلاء "15/ 449".

وللبُحْتُريّ مائتي قصيدة، غير ما يحفظ لغيرهما. وله كتاب فِي العَرُوض بديع. وولي القضاء بعدّة بلدان. وكان المطيع قد عوّل عَلى صرفْ أَبِي السّائب عَنْ قضاء القُضاة وتقليده إياه، فأفسد عَلَيْهِ بعضُ أعدائه. ولما مات بالبصرة صلّى عَلَيْهِ الوزير المهلّبّي وقضى ديونَه، وهي خمسون ألف درهم. وكان موصوفًا بالْجُود والأفضال. قَالَ ولدُه أَبُو عَلِيّ: كَانَ أَبِي يحفظ للطّالبيّين سبعمائة قصيدة، وكان يحفظ من النَّحْو واللُّغة شيئًا عظيمًا. وكان فِي الفقه والشّروط والمحاضر بارعًا، مَعَ التّقدُّم فِي الهيئة والهندسة والمنطق وعلم الكلام. قَالَ: وكان مَعَ ذَلِكَ يحفظ ويُجيب فِي فوق من عشرين ألف حديث. ما رأيت أحد أحفظ منه، ولولا أنّ حِفْظه تفرَّق فِي علومٍ عدّة لكان أمرًا هائلا. وقال أَبُو منصور الثّعالبيّ: هُوَ من أعيان أهل العلم والأدب. كَانَ المهلّبي وغيره من الرّؤساء يميلون إِلَيْهِ جدًا، ويعدّونَه رَيْحانة النُّدماء وتاريخ الظُّرَفاء. قال: وبلغني أنّه كَانَ لَهُ غلام يسمّي نسيمًا فِي نهاية الملاحة، كَانَ يُؤْثره عَلِيّ سائر غلمانه. وفيه يقول شاعر: عَلَى مَن لامُهُ مدْغمه ... لاضطّرار الشِّعر فِي ميم نسيم؟ وكان شاعرًا محسنًا خليعا معاشرًا، يحضر المجالس المذمومة، والله يسامحه. ومن شعره: وراح مِن الشّمس مخلوقةٍ ... بدت لك فِي قدحٍ من نهارِ هواءٌ ولكنه جامدٌ ... وماءٌ ولكنه غير جاري 432- عيسى بْن محمد بْن مُوسَى بْن سقْلاب: أَبُو أَحْمَد الْمَصْريّ. سَمِعَ: أحمد بن زغبة. "حرف القاف": 433- القاسم بْن القاسم بْن مهديّ1: الزّاهد أَبُو الْعَبَّاس المَرْوزِيّ السّيّاريّ، ابن بِنْت الحافظ أَحْمَد بْن سيّار المَرْوزِيّ. كَانَ شيخ أهل مَرْو فِي زمانه فِي الحديث والتَّصَوُّف. وأول من تكلم عندهم في الأحوال.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 380"، المنتظم "6/ 374"، سير أعلام النبلاء "15/ 500، 501".

وكان فقيهًا إمامًا محدِّثًا. صحِب أَبَا بَكْر محمد بْن مُوسَى الفرغانيّ الواسطيّ. وسمع: أَبَا الموجِّه محمد بْن عُمَرو بْن الموجِّه، وأحمد بْن عبّاد، وغيرهما. وعنه: عَبْد الواحد بْن عَلِيّ السّيّاريّ، وأبو عبد الله الحاكم، وجماعة من شيوخ خُراسان. ومن قوله: ما التذّ عاقل بمشاهدةٍ قطّ؛ لأنّ مشاهدة الحقّ فناءٌ لَيْسَ فِيهِ لذة ولا حظ ولا التذاذ. وقال: مَن حفظ قلبَه مَعَ اللَّه بالصّدق أجري اللَّه عَلِيّ لسانه الحِكَم. وقال: الخطرة للأنبياء، والوَسْوَسَة للأولياء، والفِكْرة للعوامّ، والعزم للفتيان. وقال: قِيلَ لبعض الحكماء: من أَيْنَ معاشك؟ فقال: من عند من ضيَّق المعاش عَلَى مَن شاء بغير علّة، ووسّع عَلَى مَن شاء مِن غير علّة. 434- القاسم بن هبة الله بن المقدام بن جعفر الْمَصْريّ: سَمِعَ: النَّسائيّ، وغيرُه. "حرف الميم": 435- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن علي بن سابور1: أَبُو الْحُسَيْن الأسْوارِيّ، بفتح الهمزة. ثقة، مُسْنِد. من كبار شيوخ أصبهان. وأسوارى من قري أصبهان. رحل، وسمع: إبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه القّصار، وأبا حاتم الرّازيّ، والفضل بْن محمد الشّعْرانيّ، وعبد اللَّه بْن أَبِي مَسَرّة، ومحمد بْن غالب تمتام، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل التِّرْمِذيّ. وعنه: أَبُو إِسْحَاق بْن حمزة، وأبو الشَّيْخ، والحسين بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد، وأبو بَكْر بْن مَرْدُوَيْه، وعلي بْن مَيْلَة، وأبو بَكْر بْن المقرئ. وحديثه بعلوٍّ في "الثقيفات"، وغيرهما. تُوُفّي فِي شعبان. 436- محمد بْن دَاوُد بْن سُلَيْمَان النيسابوري2: الزّاهد، شيخ الصُّوفيّة أَبُو بكر. أحد الأئمة في الحديث والتصوف.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 279، 280"، سير أعلام النبلاء "15/ 477، 478"، الوافي بالوفيات "2/ 40". 2 تاريخ بغداد "5/ 265"، المنتظم "6/ 375"، سير أعلام النبلاء "15/ 420، 422"، الوافي بالوفيات "3/ 63".

سمع: محمد بن إبراهيم البوشنجي، محمد بْن عَمْرو الحَرَشيّ. وبِهَراة: الْحُسَيْن بْن إدريس، ومحمد بن بد الرَّحْمَن، وبمَرْو: حمّادًا القاضي؛ وبالرّيّ: محمد بْن أيّوب؛ وبَنَسا: الْحَسَن بْن سُفْيَان؛ وبجُرْجان: عمران بْن مُوسَى؛ وبالبصرة: أَبَا خليفة؛ وبمكّة: المفضّل الجنديّ؛ وببغداد: الفِرْيابيّ؛ وبالأهواز: عَبْدان؛ وبالكوفة: محمد ابن جعْفَر القَتّات؛ وبمصر: النَّسائيّ؛ وبالشّام: الفضل الأنطاكيّ؛ وبالمَوْصل: أَبَا يَعْلَى. وصنَّف الشيوخ والأبواب، والزُّهْديّات. وعقد مجلس الإملاء. وعنه من الكبار: أبو بَكْر بْن دَاوُد، وابن صاعد، وابن عُقْدة؛ ثمّ أبو عبد الله الحاكم، وابن مَنْدَه، وطائفة. وكان صدوقًا مقبولًا واسع العلم حسن الحفْظ. تُوُفّي فِي ربيع الأوّل بنَيْسابور. وممّن رَوَى عَنْه: ابن جُمَيْع، ويحيى بْن إبْرَاهِيم المزكّيّ. وقال يوسف القوّاس: سَمِعْتُ منه، وكان يُقَالُ إنّه من الأولياء. وسئل الدّارَقُطْنيّ عَنْهُ فقال: فاضل ثقة. وقال عَبْد الرحمن بْن أبي إسحاق المزكي: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر بْن دَاوُد الزّاهد يَقُولُ: كنتُ بالبصرة أيّام القحط، فلم آكُل فِي أربعين يومًا إلا رغيفًا واحدًا. كنتُ إذا جعُتْ قرأتُ "يس" عَلِيّ نيّة الشَّبَع، فكفاني اللَّه الجوع. 437- محمد بْن ربيعة بْن محمد بْن ربيعة بْن الْوَلِيد: أبو عبد الله الْمَصْريّ. قَالَ ابن يونس: سَمِعَ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وغيره. وكتبتُ عَنْهُ. تُوُفّي فِي شعْبان سنة 342. 438- محمد بْن محمود بْن عنبر بْن نُعَيْم: أَبُو الفضل النَّسَفيّ. روى عَنْ: أبي عيسى الترمذي. وعنه: أحمد ابن يعقوب النَّسفيّ، وغيره. 439- محمد بْن مُوسَى بْن يعقوب بْن عَبْد اللَّه المأمون بْن هارون الرشيد1: أَبُو بَكْر الْعَبَّاسي. تُوُفّي بمصر فِي ذي الحجة. وكان فقيهًا شافعيًا. قد ولي مكّة فِي شبيبته وعُمّر دهرًا. وكان ذا عقلٍ ورأيٍ وتودُّد. وعمي بآخرة. روى "الموطأ" عَنْ: عَلِيّ بْن عَبْد العزيز، عَنِ القَعْنَبيّ. وحدَّث أيضًا عَنِ النَّسائيّ. وكان ثقة مأمونًا.

_ 1 المنتظم "6/ 375"، البداية والنهاية "11/ 227".

440- محمد بْن طلحة بْن منصور: أبو عبد الله النيسابوري القطّان. سَمِعَ: إبْرَاهِيم بْن الحارث البغداديّ. ثمّ من طائفة بعده. وعنه: الحاكم. مات فِي المحرّم. وأثنى عَلَيْهِ فقال: كَانَ من الصّالحين، عاش 87 سنة. "حرف النون": 441- نصر بْن محمد بْن يعقوب: أَبُو القاسم التَّغْلبيّ المَوْصليّ. سمع: بِشْر بْن مُوسَى الأسَديّ. وعنه: عبد الرحمن بن النحاس. توفي بمصر. وفيات سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة "حرف الألف": 442- أَحْمَد بْن بالويْه النيسابوري العَفْصيّ1: أَبُو حامد. سَمِعَ: بِشْر بْن مُوسَى، وأحمد بْن سَلَمَةَ، وابن الضُّرَيْسِ. وعنه: الحاكم، وغيره. 443- أَحْمَد بْن زكريّا بْن يحيى2: أبو محمد بْن الشّامة الأندلُسي. سَمِعَ: محمد بْن وضّاح، ولم يرو له شيئًا، لكونه سَمِعَ منه صغيرًا، ومن غيره. وكان زاهدًا متبتلا ناسكًا منقطعًا. وقد حدَّث، وكان عارفًا باللغة. تُوُفّي فِي شعبان. 444- أَحْمَد بن الزاهد أبي عثمان سعيد بن إسماعيل3: أَبُو الْحَسَن الحِيريّ النيسابوري. الزّاهد ابن الزّاهد. عاش نيفًا وثمانين سنة. لم يشتغل بشيء مِن أسباب الدّنيا، بل كَانَ يكّد فِي طلب العلم. وربّما كَانَ يعِظ. سَمِعَ: محمد بن إبراهيم البوشنجي، ومحمد بن عمرو الحرشي، والمسيبّ بْن زهير. وعنه: ابن أخيه أَبُو سعيد بن أبي بكر، وأبو عبد الله الحاكم. وكان أَبُوهُ يَقُولُ: أَحْمَد مِن الأبدال. 445- أَحْمَد بْن سهل بْن نُوح الشَّطَويّ4: أَبُو حاتم. عن: العطاردي. وعنه: ابن الثلاج.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "1/ 166". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 38". 3 طبقات الأولياء لابن الملقن "424". 4 تاريخ بغداد "4/ 185".

446- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سعَيِد: أَبُو الْعَبَّاس الدَّبِيلي النَّيْسابوريّ. زاهد رحّال. سَمِعَ: أَبَا خليفة، والفرياني، وابن جَوْصا، وأبا عَرُوبة. وعنه: أبو عبد الله الحاكم. 447- إبراهيم بن مجبب العَبْديّ النيسابوري: سَمِعَ من: محمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ، وجعفر بْن سوّار، وطبقتهما. وعنه: الحاكم. "حرف الحاء": 448- الْحَسَن بْن إبْرَاهِيم: أَبُو محمد الأسلميّ الفارسيّ القطّان. الرجل الصّالح. نزل نيسابور، وحدِّث عَنْ: حَمَّاد بْن مدرك، وجعفر بْن درستويه، وابن ناجية، وطبقتهم. عنه: الحاكم. 449- الْحَسَن بْن الْحُسَيْن: أَبُو عَلِيّ النيسابوري العابد المقرئ. سَمِعَ: خاله محمد أشرس، وأحمد بْن سَلَمَةَ. وعنه: الحاكم. 450- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن إبْرَاهِيم بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب: الهاشميّ الحسنيّ، المعروف بابن طَبَاطَبَا. توفي بمصر في المحرم عن سنٍّ عالية. وحضر جنازته الملك أبو القاسم بن الإخشيد، وأتابكه كافور أيضًا، عامة الأعيان. كنيته أَبُو محمد. وكان سيدًا جليلًا مُعَظَّمًا. 451- الْحَسَن بْن عمران الحنْظَليّ: أَبُو محمد، القاضي بَهَراة. سَمِعَ: عبد الرَّحْمَن بْن يوسف الحنفيّ صاحب يَعْلَى بْن عُبّيْد، وأبا حاتم عبد الجليل بن عَبْد الرَّحْمَن صاحب عُبّيْد اللَّه بْن مُوسَى: وعنه: أبو منصور محمد الأزديّ، وعبد اللَّه بْن يوسف بْن بابُوَيه. "حرف الخاء": 452- خيْثَمَة بْن سُلَيْمَان بْن حَيْدرة1: أَبُو الْحَسَن الْقُرَشِيّ الأطْرَابُلُسيّ، أحد الثّقات المشهورين. حدث عن: أبي عتبة الحمصي، والعباس البيروتي، والحسين بن

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 310، 415"، الإكمال لابن ماكولا "1/ 244، 484"، حلية الأولياء "2/ 23، 196"، سير أعلام النبلاء "15/ 412-416"، ميزان الاعتدال "2/ 432"، لسان الميزان "2/ 411، 412".

محمد بْن أَبِي مَعْشَر السِّنْديّ، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه القصار، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، ومحمد بْن عيسى بْن حيّان المدائنيّ، وأبي قلابة الرقاشي، وأبي يحيى بن أبي مَسَرة وإسحاق الدَّبريّ، وعُبَيْد الكَشْوَريّ، وخلْق كثير. روى عنه: ابن جميع، وتمام، وابن مَنْدَه، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، وأبو نصر بْن هارون، وأبو عبد الله بن أبي كامل، وخلق. وذكر ابن كامل أنّ خَيْثَمَة وُلِد سنة خمسين ومائتين. وقال عُبّيْد بْن أَحْمَد بْن فُطَيْس: تُوُفّي فِي ذي القعدة سنة ثلاث، ثمّ ذكر أنّه سأله عَنْ مولده فقال: سنة سبْع عشرة ومائتين. وقال الخطيب: هُوَ ثقة ثقة، قد جمع فضائل الصّحابة. وقال ابن أَبِي كامل: سَمِعْتُ خَيْثَمَة يَقُولُ: ركبتُ البحر وقصدتُ جَبَلَة لأسمع من يوسف بْن بحر، وخرجتُ منها أريد أنطاكيَة لأسمع من يوسف "بْن سعَيِد بْن المسلم" فلقينا مركب "من مراكب العدُو" فقاتلناهم، ثمّ ثَلَمَ المركبَ قومٌ من مُقَدَّمه، فأخذوني ثمّ ضربوني وكتبوا أسماء الأسري فقالوا: ما اسمك؟ قلتُ: خيثمة بْن سُلَيْمَان. فقالوا: اكتب حمار بْن حمار. ولما ضربت سكِرتُ ونمتُ، فرأيت كأنيّ أنظر إلى الجنّة وعلي بابها جماعة من الحُور يلعبن، فقالت إحداهنّ: يا شقيّ، ما فاتك. فقالت أخري: إيش فاته؟ قَالَتْ: لو كَانَ قُتِل كَانَ فِي الجنّة مَعَ الحُور. فقالت لها: لأن يرزقُهُ اللَّه الشّهادة فِي عزّ "من" الْإِسلْام وذل من الشرك خير له. ثم انتبهت. قَالَ: ورأيت فِي منامي مرَّةً كأنّ قائلًا يَقُولُ لي: اقرأ "بَرَاءَةَ": فقرأت إلى قوله: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] فانتهيت، فعددت من ليلة الرؤيا أربعة أشهر، فقلت اللَّه أسريّ. قلت: آخر من روى حديث خيثمة بعلوٍّ: مكرم بن أبي الصقر. قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي كَامِلٍ الأَطْرَابُلُسِيُّ: سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ الْأَطْرَابُلْسِيَّ يَقُولُ: كُنْتُ بِدِمَشْقَ، فَرَوَيْتُ حَدِيثَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اطْلُبُوا الْخَيْرَ عَنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ"1. فأنكر القاضي البلْخيّ يعني: زكريّا بْن أَحْمَد هذا الحديث وبعثَ فَيْجًا قاصدًا إلى الكوفة، ليسأل ابن عقدة عنه. فكتب عليه: وقد كَانَ السَّريّ بْن يحيى حدَّث بهذا الحديث في تاريخ كذا وكذا.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه العقيلي في الضعفاء "325"، وأبو نعيم في أخبار أصبهان "2/ 59"، وذكره الشيخ الألباني في الضعيفة "2855"، وقال: موضوع.

فإن هذا الشّيخ قد حضر فِي ذَلِكَ الوقت فقد سمعه. فأنفذ إليَّ البلْخيّ: أن أنفذ إليَّ الأصل. فأنفذته إِلَيْهِ، فوافق ما قَالَ ابن عُقْدة من التاريخ. فاستحلّني البلْخيّ فلم أحِلّه. رَوَاهُ السَّريّ، عَنْ قِبيْصة، عَنْهُ. "حرف السين": 453- سعَيِد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد: أَبُو عثمان السَّمرْقَنْديّ، الزّاهد العابد. صحِب أَبَا عثمان الحِيريّ، وخَدَمه. قَالَ الحاكم: ما رأينا أعبد منه. صلّى حتّى أُقعد، وقال: كانت لي سماعات كثيرة بسَمَرْقَنْد والعراق، فضاعت. "حرف الطاء": 454- طاهر بْن أَحْمَد: أَبُو الطَّيْب البَيْهقيّ. سَمِعَ من: خاله الفضل بْن محمد الشّعْرانيّ. وعنه: الحاكم. "حرف العين": 455- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَبِي خلاد الطّرائفيّ1: حدَّث بمصر عَنْ: جعْفَر الفِرْيابيّ. وعنه: أَبُو محمد بْن النّحّاس، وغيره. وثقَّه الخطيب. 456- عَبْد الرحيم بْن محمد بْن مُسلْمِ2: أَبُو عَلِيّ المَدِينيّ الأصبهانيّ. عَنْ: إبْرَاهِيم بْن سعدان، وإبراهيم بْن نائلة. وعنه: الْحُسَيْن بْن محمد بْن عَلِيّ، وأبو بَكْر بْن مَرْدُوَيْه، وجماعة. 457- عثمان بْن شعبان بْن محمد بْن ربيعة بْن سليمان بْن دَاوُد بْن أيّوب بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ ياسر: أَبُو عمر. 458- عَلِيّ بْن سُلَيْمَان3: أَبُو الْحَسَن السُّلَميّ الخِرَقيّ. بغداديّ، صدوق. روى عَنْ: أَبِي قِلابة، والكُدَيْميّ. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وأبو عبد الله بْن البياض.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 128". 2 أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 129". 3 تاريخ بغداد "11/ 433".

459- عَلِيّ بْن عُمَر بْن يزيد الصَّيْدنانيّ1: أَبُو القاسم القزويني. ثقة، معمر. رحل وسمع: إِسْحَاق الدَّبَريّ، وعلي بْن عَبْد العزيز، والطبقة. 460- علي بْن الفضل بْن إدريس السُّتُوريّ2: أَبُو الْحَسَن السّامرّيّ. حدَّث بأحاديث يسيرة عن: الحسن بْن عَرَفَة. وعنه: يوسف القّواس، وابن حَسْنُونٍ النَّرْسيّ، والحسين بْن برهان. قَالَ الخطيب: وسمعت العَتِيقيّ يوثّقه، وقال: ما سَمِعْتُ شيوخنا يذكرونه إلا بجميل. قلت: وله جزء عَن ابن عَرَفَة، رَوَاهُ ابن التّّنّ، عَنْ جدِّه، عَنْ أبي العلاء، عن محمد بْن الرُّوزبهان ببغداد، عَنْهُ. 461- عَلِيّ بْن محمد بْن محمد بْن عُقْبَة بْن همّام3: أَبُو الْحَسَن الشَّيْبانيّ الكوفيّ. قدِم بغداد وحدَّث عَنْ: الخَضِر بْن أبان، وإبراهيم بْن أَبِي العنبس، وسليمان بْن الربيع النَّهْديّ، ومُطَيَّن. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع الصَّيْداويّ، وأبو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه. وقال الخطيب: كَانَ ثقة أمينًا. قَالَ: شهدتُ سنة سبعين ومائتين عَنْد إبْرَاهِيم بْن أبي العَنْبس القاضي. وقال ابن حمّاد الحافظ: كَانَ شيخ المِصر، والمنظور إِلَيْهِ، ومختار السّلطان والقُضاة. صاحب جماعة وفِقْه وتلاوة. تُوُفّي فِي رمضان يوم الجمعة لسبعٍ بقين منه. وكان ابن عُقْدة يفيد عَنْهُ ويحضر عنده كثيرًا. وكان صاحب صلاةٍ كثيرة رضوان اللَّه عَلَيْهِ. 462- عَمْرو بْن محمد بن منصور4: أبو سعيد النسابوري الجنزروذيّ، الزّاهد المعدّل. خَتَن أَبِي بَكْر بْن خُزَيْمَة. قَالَ الحاكم: صار فِي أواخر عمره من الأبدال. سَمِعَ: السَّرِيّ بْن خُزَيْمَة، والحسين بْن الفضل، والفضل الشّعْرانيّ، وإسماعيل القاضي، وتمتاما، وعلي بن عبد العزيز. وعنه: أبو علي الحافظ، وأبو علي الماسرجسي، وأبو عبد الله لحاكم. وتوفي في شوال. وأضر بأخرة.

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "3/ 389، 390". 2 تاريخ بغداد "12/ 48"، سير أعلام النبلاء "15/ 442، 443"، شذرات الذهب "2/ 365". 3 تاريخ بغداد "12/ 79-81"، المنتظم "6/ 376"، سير أعلام النبلاء "15/ 443، 444". 4 الأنساب "10/ 479".

"حرف الميم": 463- محمد بن أحمد بن هارون بن بندار بن الحريش1: أبو أحمد الإستراباذي. أخو هارون. سَمِعَ: شعيب الحراني ببغداد. وعنه: ابنه أَحْمَد بْن محمد. 364- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن وهْب بْن عَبَّاس الْمَصْريّ الفقيه: مات عَنْ ستٍّ وثمانين سنة، وقد كُفّ بصره. كتبَ الحديث ورواه. وأخذ عَنِ المُزنيّ قليلًا. 465- محمد بْن حامد بْن الحارث2: أَبُو رجاء البغداديّ المقرئ، المعروف بالسّرّاج. نزيل مكّة، وبها تُوُفّي. حدَّث عَنْ: محمد بْن الْجَهْم، وعبد اللَّه بْن مُسلْمِ بْن قُتَيْبة، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة. وعنه: محمد بْن أَحْمَد بْن مفرِّج قاضي قُرْطُبَة، وأحمد بْن عَوْن اللَّه، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن النّحّاس. وثّقه أَبُو عُمَرو الدّاني، فروى عَنْهُ ابن النّحّاس حديثين رواهما عَنِ الْحَسَن بْن عَرَفَة وقال: ما سمعتُ عَنِ ابن عَرَفَة سواهما. قَالَ ابن النحاس: سمعتها منه بمكّة سنة أربعين. نا الْحَسَنُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى، ثنا عَلِيُّ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. رَفَعَ الْحَدِيثَيْنِ بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَهُمَا -وَاللَّهِ الْعَظِيمِ- مَوْضُوعَانِ مَتْنُ أَحَدِهِمَا: "يَا عَلِيُّ خُلِقْتُ أنا وَأَنْتَ مِنْ نُورِ اللَّهِ وَشِيعَتُنَا مِنْ نُورِنَا"3. وَالآخَرُ: "تَخَتَّمْ يَا عَلِيُّ بِالْعَقِيقِ، فَإِنَّهُ أَقَرَّ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَلَكَ بِالإِمَامَةِ"4. قلتُ: ميسرة كَانَ يضع الحديث، والآفة منه. قَالَ ابْن النّحّاس: ذكرّ محمد بْن حامد أنّه وُلِد سنة خمسٍ واربعين ومائتين، ومات فِي ذي الحجّة سنة أربعين. وقال ابن مُفَرِّج: تُوُفّي سنة ثلاثٍ وأربعين.

_ 1 تاريخ جرجان للسهمي "438، 439"، الأنساب "1/ 217". 2 تاريخ بغداد "2/ 289"، ميزان الاعتدال "3/ 506"، لسان الميزان "5/ 112". 3 "حديث موضوع": كما قال الذهبي والآفة عن ميسرة. 4 "حديث موضوع": كما قال الذهبي والآفة من ميسرة كما تقدم.

466- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن محمد بن أبي عبد الرحمن1: المقرئ المكّيّ. روى عَنْ: عَلِيّ بْن عَبْد العزيز، وغيره. وعنه: أَحْمَد بْن عَوْن اللَّه القُرْطُبيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن النّحّاس، ومحمد بْن أشتة. وقد قرأ عَلى: إِسْحَاق الخُزَاعيّ. وأقرأ. وقيل: مات سنة أربعٍ وأربعين. 467- محمد بْن عَبْد الرَّءوف بْن محمد الْأَزْدِيّ2: مولاهم القُرْطُبيّ أبو عبد الله. سَمِعَ: أَحْمَد بْن بِشْر، وقاسم ابن أَصْبغ، وجماعة. وكان كاتبًا بليغًا إخباريًا علامة جمعَ كتابًا فِي شُعراء الأندلس بلغ فِيهِ الغاية. وكان يطُعَن عَلَيْهِ فِي دينه. 468- محمد بْن عَلِيّ3: أَبُو بَكْر العَطُوفي. عَنْ: محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ويوسف القاضي. وعنه: تمّام الرّازيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق بْن منده، وعبد الرَّحْمَن بْن النّحّاس. حدَّث سنة ثلاث. 469- محمد بْن القاسم بْن محمد4: أَبُو جعْفَر الكَرْخيّ. الوزير. ولي وزارة الرّاضي بالله سنة أربعٍ وعشرين وثلاثمائة بعد عزل عَبْد الرَّحْمَن بْن عيسى بْن الجرّاح. فكانت دولته ثلاثة أشهر ونصفًا. ثمّ استتر لفساد أمر الرّاضي وضعف خلافته وجُرْاة الأمراء وقلّة المال. فوكّلوا بداره ونُهِب ما فيها. ثمّ إنّه وَزَر للمتقيّ لله سنة تسعٍ وعشرين شهرًا واحدًا وأيّامًا، فاضطّربت الأمور، فلزِم منزله. وكان بطيء الكتابة والقراءة. وفيه كرم ومروءة وحشمة نفْس. تُوُفّي فِي شوّال عَنْ سبعٍ وسبعين سنة. من كَرْخ البصْرة. 470- مُوسَى بْن محمد بْن هارون5: أَبُو هارون الأنصاريّ الزُّرَقيّ. سَمِعَ: أحمد بْن مُلاعب، ومحمد بْن الْحُسَيْن الحنينيّ، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي، وأبا قلابة. وهو بغدادي ثقة. روى عنه: ابن الصلت المجبر، وعبد القاهر بن عقدة. وتغرب عَنْ بغداد.

_ 1 غاية النهاية "2/ 163". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 62". 3 تاريخ بغداد "3/ 79"، الأنساب "479". 4 الكامل في التاريخ "8/ 509"، تاريخ الخلفاء "405"، حسن المحاضرة "2/ 114". 5 تاريخ بغداد "13/ 61".

"حرف النون": 471- نوح بْن نصر بْن أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل السّامانيّ1: الأمير. من بيت ملوك بُخَارَى. تُوُفّي فِي ربيع الآخر. وبقي فِي الإمرة اثنتي عشرة سنة وثلاثة أشهر. وهو الملك الحميد، عثرت بِهِ فرسه فقتلته. وكان مشكور السيرة. وفيات سنة أربع وأربعين وثلاثمائة "حرف الألف": 472- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد2: أبو عبد الله الأصبهانيّ، الكيّال المؤدِّب. 473- أَحْمَد بْن الخَضِر بْن أَحْمَد3: الفقيه أَبُو الْحُسَن النيسابوري الشّافعيّ، الحافظ. سَمِعَ: إبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الذُّهْليّ، وأحمد بْن النَّضْر بْن عَبْد الوهّاب، وأبا عَبْد اللَّه البوسَنجيّ. وعنه: أَبُو الوليد الفقيه، وأبو عَلِيّ الحافظ، وأبو عبد الله الحافظ. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة. 474- أَحْمَد بْن سعْد4: أَبُو الْحَسَن البغداديّ، نزيل مصر. وتوفي بتِنيس. سَمِعَ: أَبَا مُسلْمِ الكجّيّ، ومحمد بْن عَبْدوس بْن كامل. وكان حافظًا صدوقًا. روى عَنْهُ: أَبُو محمد بْن النّحّاس. 475- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْدك الْجُرْجانيّ العَدَسيّ5: الورّاق. رحل، وسمع: إِسْحَاق الدَّبَريّ، وعلي بْن عَبْد العزيز. وعنه: أَحْمَد بْن مُوسَى المستملي، والنُّعْمان بْن محمد بجُرْجان. 476- أَحْمَد بْن عثمان بْن بويان6: أبو الحسين البغدادي القطان. المقرئ

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 403، 415"، البداية والنهاية "11/ 228". 2 أخبار أصبهان "1/ 165". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 501". 4 تاريخ بغداد "4/ 183". 5 تاريخ جرجان للسهمي "105"، الأنساب لابن السمعاني "8/ 406". 6 تاريخ بغداد "4/ 298"، الوافي بالوفيات "7/ 176"، النجوم الزاهرة "3/ 314".

المجوّد لحرف قالون. قرأ عَلَى: أَحْمَد بْن محمد بْن الأشعث؛ وعلي: إدريس بْن عَبْد الكريم الحدّاد، ومحمد بْن أَحْمَد بْن واصل، وأبي عيسى الزَّيْنبيّ. وتصدَّر للإقراء. فقرأ عَلَيْهِ: إبْرَاهِيم بْن عُمَر البغداديّ شيخ عَبْد الباقي ابن الحسن، وأبو الحسن عَلِيّ بْن محمد بْن العلاف، وإبراهيم بْن أَحْمَد الطَّبَريّ، وأحمد بن نصر الشّذائيّ، وعبيد اللَّه بْن أَبِي مُسلْمِ الفَرَضيّ، ومحمد بْن يوسف بن نهار الحرتكي البصريّ، وعلي بْن عُمَر أَبُو الْحَسَن الدّارَقُطْنيّ، وغيرهم. وحدَّث عَنْ: حمدان بْن عَلِيّ الورّاق، وإدريس بْن عَبْد الكريم، وموسي بْن هارون. روى عَنْهُ: أَبُو نصر بْن حَسْنُونٍ، وابن رزْقَوَيْه، ومحمد بْن الْحُسَيْن القطّان. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، مولده سنة ستيّن ومائتين. وقال الدّانيّ: هُوَ ثقة، حافظ، ضابط، مشهور. 477- أَحْمَد بْن عيسى بْن جمهور1: البغداديّ. أَبُو عيسى الخشّاب. حدَّث عَنْ عُمَر بْن شَبَّة بأحاديث فِي بعضها غرائب. قَالَ الخطيب: ثنا عَنْهُ أَبُو الْحُسَن بْن رزْقَوَيْه وقال: قَالَ لنا: سمعتُ من عُمَر بْن شَبَّة وأنا غلام كبير، ورأيت الْحَسَن بْن عَرَفَة. وقد أتى عَلِيّ نحو المائة سنة. قَالَ ابن رزْقَوَيْه: شهد عندي ابن الأزرق السَّقطيّ أنّ جدِّه وثَّقَ هذا. 478- أَحْمَد بْن محمد بْن إبْرَاهِيم بْن مطِّرف: أَبُو الْحُسَيْن الإسْتِرَابَاذيّ. زاهد، عابد، كثير التّلاوة، معمَّر. سَمِعَ: عمّار بْن رجاء، والضّحّاك بْن الْحُسَيْن، ومحمد بْن يزداد، ومحمد بن حاتم الأستراباذي. وعنه: عبد الله بن الحسن الإستراباذي، ومطرف بن الحسين، والحسن بن منصور. وقال أَبُو سعد عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد الإدريسيّ: تُوُفّي بعد خروجنا من إسْتِراباذ سنة أربعٍ وأربعين. وقد لقِيتُه. 479- أَحْمَد بْن محمد بْن إِسْحَاق2: أَبُو عَلِيّ الفقيه الشّاشيّ. شيخ الحنفيّة ببغداد، ورأسهم بعد شيخه أَبِي الْحَسَن الكرخي. وكان كبير القدر، عارفًا بالمذهب.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 281". 2 تاريخ بغداد "4/ 392".

480- أَحْمَد بْن محمد بْن مِسْوَر بْن عُمَر القُرْطُبيّ1: من موالي الفضل بْن الْعَبَّاس بْن عَبْد المطلب. سَمِعَ: أَبَاهُ، ومحمد بْن وضّاح، وأيّوب بْن سُلَيْمَان، وعني بالفقه على مذهب مالك. روى عنه: سعيد بن أحمد بن حدير. 481- أحمد بن محمد بن موسى بن بسير الكناني الرازي2: ثم القرطبي. وفد أبوه على صاحب الأندلس، فُولِدَ لَهُ أَحْمَد بها، فسمع منه: أَحْمَد بن خَالِد بْن الحُبَاب، وجماعة. وله مصنَّفات كبيرة فِي أخبار الأندلس ودُوَلها. وكان أديبًا بليغًا شاعرًا إخباريًّا. عاش سبعين سنة. 482- أَحْمَد بْن محمد بْن الْحَسَن بْن باباج3: أَبُو نصر الْبُخَارِيّ الدِّهْقان. عَنْ: سهل بْن المتوكّل، وصالح جزرة. وفي الرحلة من: بشر بن موسى، وأبي مسلم الكجي، ومطين، وابن الضريس. وعنه: أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الغنجار. مات في رمضان. 483- أحمد بن محمد بن نصير بن عبد الله بن أبان بن جشنس4: أبو الحسن المديني. سمع: أباه، وأحمد بن عصام، وأيد بن عاصم. وعنه: أَبُو بَكْر بْن المقرئ. تُوُفّي وله ثمان وثمانون سنة. 484- أَحْمَد بْن المطلب بْن عَبْد اللَّه بْن الواثق بْن المعتصم بْن الرشيد العّباسيّ الهاشميّ5: سَمِعَ: أَبَا مُسلْمِ الكَجّيّ، والفرياني. وعنه: الدارقطني، وإبراهيم بن مخلد الباقرحي. وكان ثقة، صالحًا، ورِعًا، بغداديًا، شريفًا. 485- أَحْمَد بْن موسي الرّازيّ6: ثمّ الأندلسي النَّحْويّ الأديب. كَانَ إخباريًا، فاضلًا. صنف كتابًا فِي أخبار الأندلس ودولهم.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 39"، بغية الملتمس للضبي "165". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 42"، جذوة المقتبس "104". 3 الإكمال لابن ماكولا "1/ 180". 4 الإكمال لابن ماكولا "3/ 156"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 265، 266". 5 تاربخ بغداد "5/ 171". 6 تقدم برقم "480".

486- إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن فِراس العَبْقَسيّ: أَبُو إِسْحَاق المكّيّ. من بْني عَبْد القَيْس. كَانَ ثقة مستورًا، مقبول القول. عنده كتب سعَيِد بْن منصور، عَنْ محمد بْن عَلِيّ الصّائغ، عَنْهُ. تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. كتبَ عَنْهُ الرّحّالة. 487- إبْرَاهِيم بْن مُضَارب: أَبُو إِسْحَاق النيسابوري. سَمِعَ: أَبَا عَبْد اللَّه البُوشَنْجيّ، وجعفر التّرك. وعنه: الحاكم، وغيره. 488- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن هاشم1: أَبُو يعقوب النَّهْديّ الأذْرعيّ. ثقة، عابد، ومحدِّث عارف. سَمِعَ بمصر: يحيى بْن أيّوب العلاف، ومِقْدام بْن دَاوُد، وأبا يزيد القَرَاطِيسيّ، والنَّسائيّ، وأبا زُرْعَة الدّمشقيّ، وموسى بْن عيسى الحمصيّ، وعبد اللَّه بْن جعْفَر الرّافِقيّ، وجماعة كبيرة. وعنه: ابن جُمَيْع، وتمّام، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر، وأبو عبد الله بْن أَبِي كامل الأطْرَابُلُسيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، وخلق سواهم. قَالَ: عَبْد القاهر بْن عَبْد العزيز الصّائغ: سمعتُ أبا يعقوب الأّذرعيّ يَقُولُ: سألتُ اللَّه أن يقبض بَصَري فعميتُ، فتضرّرت فِي الطّهارة، فسألتُ اللَّه تعالى إعادة بصري، فأعاده تفضُّلًا منه. وقال أبو الْحَسَن الرّازيّ: كَانَ مِن جلّة أهل دمشق وعُبّادها وعُلمائها. قرأتُ عَلَى ابن القّواس: أخبرك ابن الحَرَسْتانيّ حضورًا، أَنَا ابن المسلَّم، أَنَا ابن طلّاب، نا ابن جُمَيْع، ثنا إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم الأَذْرَعيّ: ثنا محمد بْن عَلِيّ، ثنا أحمد بْن أبي الحَوَاري، ثنا زهير بْن عَبّاد ثنا منصور بْن عمّار قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان بْن دَاوُد: "إنَّ الغالب لِهَوَاه أشدُّ مِن الَّذِي يفتح المدينة وحْده". تُوُفّي يوم عيد الأضحى، وله نيِّف وتسعون سنة بدمشق. 489- إِسْحَاق بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سعَيِد بْن تميم. أبو يعقوب المصري. في شوال.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 427"، سير أعلام النبلاء "15/ 478، 479"، البداية والنهاية "11/ 230".

"حرف الباء": 490- بَكْر بْن محمد بْن العلاء1: أَبُو الفضل البصْريّ، القُشَيْريّ، الفقيه المالكيّ. ولي القضاء بناحية العراق. وصنَّف فِي المذهب كُتُبًا جليلة. وسمع "موطَّأ القَعْنَبيّ" من أَحْمَد بْن مُوسَى السّامرّيّ. وسمع: أَبَا مُسلْمِ الكَجّيّ. وحكي عَنْ: سهل بْن عَبْد اللَّه التُّسْتَرِيّ. صنَّف كتابًا فِي الأحكام، وكتابًا فِي الرّدّ عَلِيّ المُزَنيّ وكتاب "الأشرِبة"، ورد فِيهِ عَلَى الطّحاويّ؛ وكتابًا فِي أصول الفقه، وكتاب "الرّدّ عَلِيّ القَدَرِيّة"، وكتاب "الرّدّ عَلَى الشّافعيّ"، وغير ذَلِكَ. وسكن مصر. روى عَنْه: الْحَسَن بْن رشيق، وعبد اللَّه بْن محمد بْن أسد الأندلُسيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّحّاس. وتوفي بمصر فِي ربيع الأول. "حرف الجيم": 491- جعْفَر بْن مُحَمَّد بْن محمد بْن زراع: أَبُو سعَيِد الطَبَسيّ المعلّم. سَمِعَ: سهل بْن المتوكّل، وأبا مَعْشَر حَمْدَوَيْه، وأبا مُسلْمِ الكَجّيّ، وجماعة. تُوُفّي فِي رجب. 492- جعْفَر بْن هارون2: أَبُو محمد الدِّينَوَرِيّ النَّحْويّ. حدَّث فِي هذا العام ببغداد. عن: عبد الله بن محمد بن سنان، وإسحاق بْن صدقة الدِّينَوَرِيّ. قَالَ الخطيب: ثنا عنه: الحسين بن الحسن، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان. "حرف الحاء": 493- الْحُسَن بْن زَيْدِ بْن الْحَسَن3: أَبُو مُحَمَّد الجعفريّ. من وادي القُرَى؛ قدِم بغداد. وحدَّث عَنْ: جعْفَر بْن محمد القلانسِيّ، وعبيد اللَّه بْن رماحس. وعنه: أَبُو الْحُسَن بْن رزْقَوَيْه. وعاش ثلاثًا وتسعين سنة. فإنه وُلِد فِي ما زعم سنة إحدى وخمسين ومائتين. وهو ابن زيد بْن الْحَسَن بْن محمد بْن حمزة بْن إِسْحَاق بْن عَلِيّ ابن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الهاشمي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 537، 538"، الوافي بالوفيات "10/ 217"، شذرات الذهب "2/ 366". 2 تاريخ بغداد "7/ 225"، بغية الوعاة "212". 3 تاريخ بغداد "7/ 309"، المنتظم "6/ 377، 378".

494- الْحَسَن بْن وصّاف: رئيس المؤذّنين بمصر. فِي ذي القعدة. ثمّ عرف عليهم من بعده بُكَيْر بْن عافية. "حرف العين": 495- عَبْد اللَّه بْن إبْرَاهِيم بْن هَرْثَمَة1: أَبُو محمد الهَرَوِيّ. سَمِعَ: الْحُسَيْن بْن دَاوُد البلْخيّ، والحارث بْن أبي أسامة، والكُدَيْميّ، وإسحاق بْن سُنيَن. وعنه: يوسف القوّاس، وأبو أَحْمَد الفَرَضيّ، وأبو الْحُسَن بْن رزْقَوَيْه. وكان ثقة. 496- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مَحْمُوَيْه: أَبُو عباد الطَّهْمانيّ النيسابوري السراج. سَمِعَ: إِسْمَاعِيل بْن قُتَيْبة، والكجي، وطبقتهما. وعنه: الحاكم، ووهاه. 497- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هارون السمرقندي: ثم التنيسي. أخو عبد الجبار. ولي قضاء تنيس. وحدَّث عَنْ: محمد بْن جعْفَر الْإمَام، وإسماعيل بْن عِرْباض، والطبقة. مات بتِنيس فِي شوال. 498- عَبْد الكريم بْن أَحْمَد بْن شُعَيب2: أَبُو موسي بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ. وُلِد بمصر سنة سبعٍ وسبعين ومائتين. وبها تُوُفّي فِي شهر شَعبان. سَمِعَ أَبَاهُ. 499- عُبّيْد اللَّه بْن إدريس بْن عُبّيْد اللَّه بْن يحيى بْن خَالِد3: مولي بني أميّة، الأندلسيّ. أدرك محمد بْن وضّاح، وسمع: عُبّيْد اللَّه بْن يحيى، ويحيى بْن عَبْد العزيز، ومحمد بْن عُمَر بْن نُبَاتة. روى عَنْهُ: ابن عائذ، وغيره. وكان مُعْتنِيًا بالآثار والسُّنَن، بصيرًا بالأقضية، مالكيًّا علامة. 500- عثمان بْن أَحْمَد بْن عبد الله بن زيد البغدادي4: أبو عمر بْن السّمّاك الدّقّاق. سَمِعَ: محمد بْن عُبّيْد الله ابن المنادي، وحنبل بْن إِسْحَاق، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن مَنْصُور الحارثيّ، والحَسَن بْن مُكْرَم، ويحيى بْن أَبِي طَالِب، والحسين بن أبي معشر، والحنيني، وطائفة.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 406، 407"، المنتظم "6/ 378". 2 الأنساب "12/ 77". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 251". 4 تاريخ بغداد "11/ 302، 303" المنتظم "6/ 378"، ميزان الاعتدال "3/ 31"، سير أعلام النبلاء "15/ 444".

وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وابن منده، وأبو عمر بن مهدي، وأبن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان، وغير واحد. قال الخطيب: وكان ثقة ثبتا. سَمِعْتُ ابن رزْقَوَيْه يَقُولُ: ثنا الباز الأبيض أَبُو عُمَرو بْن السّمّاك. وقال الدّارَقُطْنيّ: شيخنا ابن السّمّاك كتب عَنِ العُطَارِديّ ومَن بعده، وكتب الكُتُب الطِّوال المصنفات بخطّه. وكان من الثقات. قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ: أَنَا أَبُو الحسن الدارقطني قال: سمعت أبا عمرو بت السّمّاك يَقُولُ: وجَّه إليَّ الْحُسَيْن النُّوبَخْتِيّ، وقد كنتُ قضيتُ لَهُ حاجةً، فقال: أبعث إلى القاضي أَبِي الْحُسَيْن بْن أبي عُمَر ليقبل شهادتك. فقلتُ: لا أنشط لذلك، أَنَا أشهد عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحدي فتُقبل شهادتي. لا أحبّ أن أشهد عَلَى العامّة ومعي آخر. تُوُفّي ابن السّمّاك فِي ربيع الأوّل، وشيعّه نحو خمسين ألف إنسان. وصلّى عَلَيْهِ ابنُه محمد. قلت: ابنه يروي عَنِ البَغَوِيّ، وأسنّ وحدَّث رحمهما اللَّه تعالي. 501- عَلِيّ بْن عيسى الورّاق الهَرَويّ: سَمِعَ: أَحْمَد بْن نَجْدَة، ومحمد بْن عَمْرو الحَرَشيّ، وطبقتهما. وصنف التصانيف، وعاش خمسا وثمانين سنة. وعنه: أبو عبد الله الحاكم. 502- عمرو بن إسحاق بن السكن: أبو محمد الأسدي البخاري الحافظ. سَمِعَ: صالح بْن محمد، وسهل بْن شاذُوَيْه، والبَغَوِيّ، وخلائق. وعنه: الحاكم وغيرُه. "حرف الميم": 503- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن بُطَّة1: أبو عبد الله بأصبهان. نزيل نَيْسابور. حدَّث عَنْ: أبيه، وعمه عبد الله بن محمد ابن زكريّا، وطبقتهم. وعنه: الحاكم، وابن مَنْدَه، وطائفة. ثمّ رجع إلى بلده، وبها مات. وبُطة: بالضَّمّ. 504- محمد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن جعفر2: أبو بكر بن الحداد المصري،

_ 1 أخبار أصبهان "2/ 282"، المنتظم "6/ 378"، البداية والنهاية "11/ 229". 2 المنتظم "6/ 379"، سير أعلام النبلاء "15/ 445-451"، الوافي بالوفيات "2/ 69".

الفقيه الشافعي شيخ المصريين. وُلِد يوم وفاة الْمُزَنيّ. وسمع من: النَّسائيّ، وغيره. وجالسّ الْإمَام أبا إِسْحَاق المَرْوزِيّ لمّا قدِم عليهم، ودخل بغداد فِي سنة عشر. ودخل عَلَى ابن جرير الطَّبَريّ وأخذ عَنْهُ. وسمع من: رَوْح بن الفَرَج، ومحمد بْن جعفر ابن الْإمَام، وخلْق. وصنّف كتاب الفروع فِي المذهب، وهو صغير الحجم، دقَّق مسائله. شرحه القفّال المَرْوزِيّ، وأبو الطَّيْب الطَّبَريّ، وأبو عَلِيّ السنجي. وكان أَبُو بَكْر غوّاصًا عَلَى المعاني، محقِّقًا كبير القدر، لَهُ وجه فِي المذهب. ولي القضاء والتّدريس بمصر. وكانت الملوك تعظّمه وتحترمه. وكان متصرّفًا فِي علومٍ كثيرة. قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ: سَمِعْتُ الدّارَقُطْنيّ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاق إبْرَاهِيم بْن محمد النَّسَويّ المعدّل بمصر: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر بْن الحدّاد، وذكره بالفضل والدِّين والاجتهاد، يَقُولُ: أخذت نفسي بما رَوَاهُ الرّبيع، عَنِ الشّافعيّ، أنّه كَانَ يختم فِي رمضان ستّين ختمة. سوى ما يقرأ فِي الصّلاة فأكثر ما قدرت عَلَيْهِ تسعًا وخمسين ختْمة وأتيتُ فِي عيد رمضان بثلاثين ختمة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: كَانَ ابن الحدّاد كثير الحديث، لم يُحدِّثَ عَنْ غير أَبِي عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ، وقال: رضيتُ بِهِ حُجَّةً بيني وبين اللَّه. وذكر غيره أنّ الْإمَام أبا بَكْر بْن الحدّاد حدَّث عَنْ: محمد بْن عَقِيل الفريابي الفقيه، وأبي يزيد القراطيسي، وعمرو بْن مِقْلاص، والنَّسائيّ، وغيرهم. قاله ابن يونس. ثمّ قَالَ: كَانَ يحسن النحو والفرائض، ويدخل عَلَى السّلاطين. وكان حافظًا للفقه عَلَى مذهب الشّافعيّ. وكان كثير الصلاة متعبدًا. ولي القضاء بمصر نيابةً لابن هروان الرّملّي. وقال غيره: حجّ ومرض فِي الرُّجُوع، فلمّا وصل إلى الْجُبّ تُوُفّي عند البئر والْجُمَّيزة يوم الثلاثاء لأربعٍ بقين من المحرَّم سنة أربع. وهو يوم دخول الحاجّ إلى مصر. وعاش تسعًا وسبعين سنة وشهورًا. ورّخه المسبّحيّ، وقال: كَانَ فقيهًا عالمًا كثير الصّلاة والصّيام. يصوم يومًا ويفطر يوما، ويختم القرآن فِي كلّ يوم وليلة، قائمًا مُصَلِّيًا. قَالَ: وصُلِّيَ عَلَيْهِ يوم الأربعاء، ودُفِن بسفح المقطَّم عند قبر والدته، وحضر جنازته أَبُو القاسم بْن الإخشيد، وأبو المِسْك كافور، والأعيان.

وكان نسيج وحده فِي حفظ القرآن واللغة والتَّوسُّع فِي عِلم الفقه. وكانت لَهُ حلقة من سنين كثيرة يغشاها المسلمون. وكان جَدًّا كلّه رحمه اللَّه، فما خلّف بمصر بعده مثَلَه. وكان عالمًا أيضًا بالحديث، والأسماء، والرّجال، والتّاريخ. قَالَ ابن زُولاق فِي كتاب "قضاة مصر": ولّما كَانَ فِي شوّال سنة أربعٍ وعشرين وثلاثمائة سلّم محمد بْن طُغْج الأخشيد قضاءَ مصر إلى أَبِي بَكْر الحدّاد. وكان أيضًا ينظر فِي المظالم ويوقّع فِيها، ونظر فِي الحكم خلافةً عَنِ الْحُسَيْن بْن محمد بْن أَبِي زُرْعَة محمد بْن عثمان الدّمشقيّ، وهو لا ينظر؛ وكان يجلس فِي الجامع وفي داره. وربّما جلس فِي دار ابن أبي زُرْعَة ووقع فِي الأحكام، وكاتبَ خلفاءَ النّواحي. وذكرَ من أوصافه الجميلة ما تقدَّم. وأنّه كَانَ حسن الثياب رفيعها، حسن المركوب، فصيحًا غير مطعونٍ عَلَيْهِ فِي لفظٍ ولا فضل، ثقة فِي اليد والفَرْج واللّسان، مُجْتَمعًا عَلَى صيانته وطهارته. كَانَ من محاسن مصر، حاذِقًا، يعلم القضاء. أخذ ذَلِكَ عَنْ أبي عُبّيْد القاضي. إلى أن قَالَ: وكلُّ من وَقَفَ عَلَى ما ذكرناه يَقُولُ: صدقت. وُلِد فِي رمضان سنة أربعٍ وستين ومائتين، وكتب عَنْ طائفة، وعوّل عَلَى النَّسائيّ وأخذ عَنْهُ علم الحديث. وأخذ الفقه عَنْ أَبِي سعيد محمد بن عقيل الفرياني، وعن بِشْر بْن نصر غلام عرف، وعن منصور بْن إِسْمَاعِيل، وابن بحر. وأخذ العربيّة عَنْ: محمد بْن ولاد. وكان لمحبتّه للحديث لا يَدَع المذاكرة. وكان ينقطع إِلَيْهِ أَبُو منصور محمد بْن سعْد الباروديّ الحافظ، فأكثر عَنْهُ فِي مصنَّفاته. فذاكَرَه يومًا بأحاديث فاستحسنها أَبُو بَكْر وقال: اكتبُها لي. فكتبها لَهُ، فقال: يا أبا منصور اجلس فِي الصُّفّة. ففعل فقام أَبُو بَكْر وجلس بين يديه وسمعها منه وقال: هكذا يؤخذ العلم. فاستحسَن النّاسُ ذَلِكَ منه. وكانت ألفاظه تُتَّبَع، وأحكامه تُجمع. ورُميت لَهُ رقعة فيها: قوُلوا لحدّادنا الفقيِه ... والعالم الماهرِ الوجيهِ ولِيت حُكْمًا بغير عقدٍ ... وغير عهدٍ نظرات فيه ثم أبحث الفُرُوجَ لمّا ... وقَّعْت فيها عَلَى البديهِ

فِي أبيات. يعني أنَّ مادة ولايته من الإخشيد لا من الخليفة. وله كتاب "أدب القاضي" في أربعين جزءًا، وكتاب "الماهر فِي الفقه" فِي نحو مائه جزء، وكتاب "جامع الفقه"، وكتاب "المسائل المولَّدات". وفيه يَقُولُ أَحْمَد بْن محمد الكحّال فِي قصيدة: الشّافعيّ تفَقهًا والأصمعيّ ... تَفَهُّمًا والتّابعين تَزَهُّدًا ثمّ أخذ ابن زولاق يذكر عَنِ ابن الحدّاد ما يدلُّ عَنْ تشيعه، قال: فحدثنا بكتاب خصائص علي -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، عن النسائي، فبلغه عن بعضهم شيءٌ في علي، فقال: لقد هممت أن أُملي الكتابَ فِي الجامع. وحدثني علي بْن حسن قَالَ: سمعتُ ابن الحدّاد يَقُولُ: كنتُ فِي مجلس ابن الإخشيد، فلمّا قمنا أمسكني وحدي فقال: أيّما أفضل أَبُو بَكْر أو عُمَر أو عَلِيّ؟. فقلت: اثنين حذاء واحد. قَالَ: فأيمّا أفضل أَبُو بَكْر أو عَلِيّ. قلت: إن كَانَ عندك فعليٌّ، وإن كَانَ بَرًّا فأبو بكر. فضحك وقال: هذا يشبه ما بلغني عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أنّه سأله رَجُل: أيّما أفضل أَبُو بَكْر أم عَلِيّ؟. فقال: عُدّ إليَّ بعد ثلاث. فجاءَه، فقال: تقدمني إلى مؤخر الجامع. فتقدمه، فنهض ابن عَبْد الحَكَم واستعفاه، فأبي، فقال: أفضلُ النّاس بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى، وبالله لئن أَخْبَرتَ بهذا عني لأقولنّ للأمير أَحْمَد بْن طولون فيضربك بالسِّياط. قَالَ: ثمّ بعد ستّة أشهرٍ وَرَدَ العهد بالقضاء من ابن أَبِي الشّوارب لابن أبي زُرْعَة، فركبَ بالسّواد إلى الجامع، وقرُئ عهده عَلَى المنِبر، وله يومئذٍ أربعون سنة. وكان عارِفًا بالأحكام منفذًا، ثمّ جمع لَهُ قضاء دمشق، وحمص، والرملة، وغير ذَلِكَ. وكان حاجبُه بسيف ومِنطقة. ولم يزل ابن الحدّاد يخلقه إلى آخر أيّامه. وكان الْحُسَيْن بْن أَبِي زُرْعَة يتأدَّب معه ويعُظِّمه، ولا يخالفه فِي شيء. ثمّ عُزل من بغداد ابن أَبِي الشوارب بأبي نصر يوسف بْن عُمَر القاضي فبعث العهد إلى ابن أَبِي زُرْعَة باستمراره. 505- محمد بن أحمد بن سعيد: أو جعْفَر الرّازيّ المُكْتِب. سَمِعَ: أَبَا زُرْعَة الرّازيّ، ومحمد بْن مُسلْمِ بْن وَارة. وعاش ثمانيًا وتسعين سنة. روى عَنْهُ: أبو عَبْد الله الحاكم، وأبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ.

506- محمد بْن إبْرَاهِيم بْن عُبّيْد اللَّه بْن سعَيِد بْن كثير بْن عُفَيْر: أَبُو الْعَبَّاس الْمَصْريّ. من بيت علم. وله 65 سنة. 507- محمد بْن إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم الْقُرَشِيّ الهَرَويّ: عَنْ: عثمان الدّارميّ. وعنه: القاضي أَبُو منصور محمد بْن محمد الأزْديّ. 508- محمد بْن حامد بْن مُجّ1: أَبُو بَكْر القواريريّ الْبُخَارِيّ. سَمِعَ: حامد بْن سهل، وجبريل بْن مُجّاع، وجماعة. وتُوُفِّي فِي جُمَادَى الآخرة. 509- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن ماهِيار2: أَبُو الْحُسَيْن الْجُرْجانيّ، الأديب المتكلّم. سَمِعَ: إِسْمَاعِيل القاضي، وإسحاق الدَّبَريّ، وتَمْتَامًا، وطبقتهم. وعنه: الحاكم وقال: مات ببُخَاري فِي دار الحليميّ. 510- محمد بْن زكريّا بْن الْحُسَيْن3: أَبُو بَكْر النَّسَفيّ الصُّكُوكيّ الحافظ. رحل، وسمع: صالح بْن محمد جَزَرَة، ومحمد بْن نصر المَرْوزِيّ، ومحمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ. وكان إمامًا مصنّفًا فِي الأبواب، وغيرها. مات فِي جُمَادَى الأولى، رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 511- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَتّاب4: أَبُو بَكْر العبْديّ، البغدادي. سَمِعَ: يحيى بْن أَبِي طَالِب، والحسن ابن سلام، وابن أَبِي العوّام، ومحمد بْن غالب. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وأبو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه، ومحمد بن الحسين ابن الفضل. وكان ثقة. تُوُفّي فِي المحرَّم. 512- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يوسف5: أَبُو بَكْر النيسابوري الحنفيّ، سبْط الْعَبَّاس بْن حمزة. كَانَ مُحَدَّث أصحاب الرّأي فِي عصره، لولا مجونٌ كَانَ فِيهِ. سَمِعَ: الْحُسَيْن بْن الفضل، وجدّه، وبشر بْن موسى، والكُدَيْميّ، ومحمد بْن زكريًا الغُلابيّ. وسافر في الآخر إلى مرو وإلى بخاري، ثم رجع إلى هراة، وله بها قصص وعجائب، وبها توفي. روى عنه: أهل هذه النواحي، وأبو عبد الله الحاكم.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "7/ 215". 2 تاريخ جرجان "445"، سير أعلام النبلاء "15/ 502". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 930"، شذرات الذهب "2/ 369". 4 تاريخ بغداد "5/ 452". 5 الجواهر المضيئة "2/ 289".

513- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحسين1: الفقيه أبو بكر الصبغي النيسابوري الشافعي. من كبار أئمة المذهب. قَالَ الحاكم: كَانَ حانوته مَجْمَع الحفاظ والمحدثين. سَمِعَ بخُراسان: أَبَا حامد بْن الشرقيّ، وطبقته؛ وبالرِّيّ: أَبَا محمد بْن أَبِي حاتم؛ وببغداد: ابن مَخْلَد، والمَحَامليّ. وجمع عَلَى "صحيح مُسلْمِ". مات فِي ذي الحجّة كَهْلًا. 514- محمد بْن عَبْد اللَّه بن هشام الْمَصْريّ: سَمِعَ: بكّار بْن قُتَيْبة؛ وحدَّث. 515- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن محمد بن أبي عبد الرحمن2: المقرئ المكي. ذُكر فِي العام الماضي. 516- محمد بْن عثمان بْن ثابت3: أَبُو بَكْر الصَّيْدلانيّ، بغدادي ثقة. سمع: محمد بن ربح، وعبيد الله بْن شرِيك. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وابن الفضل القطّان. 517- محمد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَن: أَبُو الفَرَج السّامرّيّ الوزير. تُوُفّي بالشّام، فِي رجب. وقد ولي الوزارة للمستكفي بالله عَبْد اللَّه بْن المكتفي سنة 333. فكانت مدّة وزارته اثنتين وأربعين يومًا، وعزِل. وبعده ضَعُف أمر وزارة الخلافة، وانتقلت الوزارة إلى ملوك الدَّيْلمِ، فمن وَزَرَ لهم فهو الوزير، ودام ذَلِكَ دهرًا. 518- محمد بْن عيسى بْن الْحَسَن التّميميّ4. أبو عبد الله البغداديّ العلاف. حدَّث بحلب، وبمصر عن: أحمد ابن عُبّيْد اللَّه النَّرْسيّ، والحارث بْن أَبِي أسامة، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، ومحمد بْن سُلَيْمَان الباغَنْديّ. وعنه: عَبْد الغنيّ الحافظ، وأبو محمد بْن النّحّاس. وآخر من روى عَنْهُ: أَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن الطَّيْب السّرّاج شيخ الفقيه نصر المقدسيّ. مات فجأة فِي جُمَادَى الآخرة. قلت: لَهُ حديث منُكْرَ فِي "مسلسل العيد" للسلفي. قال الصوري:

_ 1 الأنساب "8/ 36". 2 تقدم برقم "465". 3 تاريخ بغداد "3/ 48، 49". 4 تاريخ بغداد "2/ 405"، سير أعلام النبلاء "15/ 520، 521"، ميزان الاعتدال "3/ 680".

دخل العلاف إلى مصر، روى بِها مجلسًا واحدًا يوم جمعة، ومات فِي إثر ذَلِكَ فجأة. ذكر ذَلِكَ لنا ابن النّحّاس، وغيره. قلتُ: وقع لي من طريقه حديثان بعلوٍ إليه. 519- محمد بْن محمد بْن يوسف بْن الحَجّاج1: أَبُو النَّضْر الطُّوسيّ، الفقيه الشّافعيّ. سَمِعَ: تميم بْن محمد، وإبراهيم بْن إسماعيل ببلده؛ والحسين بْن محمد القبّانيّ، ومحمد بْن عَمْرو الحرشي، وأحمد بن سلمة بنيسابور؛ ويحيى بن ساسويه بمرو؛ وعثمان بن سعيد الدارمي، ومعاذ بن نجدة بهراة؛ ومحمد بن أيوب بالري؛ وإسماعيل القاضي، والحارث بن أبي أسامة ببغداد؛ وعلي بن عبد العزيز بمكة؛ وبسمرقند مصنفات محمد بن نصر الفقيه أكثر عنه. وبالكوفة: أحمد بن موسى بن إسحاق فأكثر. قَالَ الحاكم: رحلتُ إِلَيْهِ مرتين، وسمعتُ كتابه المخرَّج عَلَى مُسلْمِ، وسألت: متَى تتفرغ للتصنيف مَعَ هذه الفتاوى؟ فقال: قد جزّأت اللّيل ثلاثه أجزاء. جزءًا للتصنيف، وجزءًا لقراءة القرآن، وجزءًا للنّوم. وكان إمامًا عابدًا بارع الأدب، ما رَأَيْت فِي مشايخي أحسن صلاةً منه. كَانَ يصوم النهار ويقوم الليل، ويتصدَّق بما فَضَل من قُوتِه. ويأمر بالمعروف وينهى عَنِ المُنْكَر. سَمِعْتُ أَحْمَد بْن منصور الحافظ يَقُولُ: أَبُو النَّضْر يُفتي من نحو سبعين سنة، ما أُخذ عَلَيْهِ فِي الفتوى قط. وقال الحاكم: دخلت طُوس وأبو أَحْمَد الحافظ عَلَى قضائها، فقال لي: ما رَأَيْت قط فِي بلد من بلاد الْإِسلْام مثل أَبِي النَّضْر. تُوُفّي أَبُو النَّضْر فِي شعَبْان. 520- محمد بْن يعقوب بْن يوسف الشَّيْبانيّ الحافظ2: أبو عبد الله بْن الأخرم النيسابوري، ويعرف أَبُوهُ بابن الكِرمانيّ. قَالَ الحاكم: كَانَ أبو عبد الله صدر أهل الحديث ببلدنا بعد أَبِي حامد بن الشرقي. كَانَ يحفظ ويفهم؛ صنَّف عَلَى صحيحيّ الْبُخَارِيّ ومسلم، وصنف "المُسْنَد الكبير". وسأله أَبُو الْعَبَّاس السّرّاج أن يخرج لَهُ عَلَى "صحيح مُسلْمِ"، ففعل.

_ 1 المنتظم "6/ 379"، سير أعلام النبلاء "15/ 490-492"، الوافي بالوفيات "1/ 210"، البداية والنهاية "11/ 229". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 466-470" البداية والنهاية "11/ 232"، النجوم الزاهرة "3/ 313".

قَالَ الحاكم: سَمِعْتُ الحافظ أَبَا عَبْد اللَّه بْن الأخرم غير مرّة يَقُولُ: ذهب عمري فِي جمع هذا الكتاب، يعني كتاب مسلم؛ وسمعته يندم عَلَى تصنيفه "المختصر" فيما اتّفق عَلَيْهِ الْبُخَارِيّ ومسلم. ويقول: من حّقنا أن نجهد فِي زيادة الصّحيح. قَالَ الحاكم: وكان من أنْحَى الناس، ما أخذ عَلَيْهِ لحنٌ قط. سمع: إبراهيم بن عبد الله السعدي، وعليّ بْن الْحَسَن الهلاليّ، وخُشْنَام بْن الصِّدِّيق، ويحيى بْن الذُّهْليّ، ومحمد بْن عَبْد الوهّاب، وحامد بن أبي حامد. ثم كتب عَنْ طبقتين بعد هؤلاء. ولم يسمع إلا بنيسابور. وله كلام حسن فِي العِللِ والرجال. رَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر الصِّبْغيّ، وأبو الوليد الفقيه والحاكم، ويحيى ين إبْرَاهِيم المُزَكّيّ، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، وآخرون. وتوفي فِي جُمَادَى الآخرة وله أربعٌ وتسعون سنة. وصلى على محمد ابن يحيى وله ثمان سنين. سَمِعْتُ: محمد بْن صالح بْن هانئ يَقُولُ: كَانَ ابن خُزَيْمَة يقدِّم أَبَا عَبْد اللَّه بْن يعقوب عَلى كافّة أقرانِه، ويعتمد قوله فيما يردُ عَلَيْهِ. وإذا شكِّ فِي شيءٍ عرضه عَلَيْهِ. 521- مُسلْمِ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عيسى بن حمّاد زُغْبة1: أَبُو القاسم التُّجَيْبيّ الْمَصْريّ. سَمِعَ: جدِّه، وعم جدِّه أَحْمَد بْن حمّاد. وحدَّث. تُوُفّي فِي شوّال. "حرف الهاء": 522- هارون بْن عَبْد العزيز2: أَبُو عَلِيّ الأَوارجيّ، الكاتب. عاش ستًا وستين سنة، وكان قد ولي أعمالًا جليلة من الخراج، وكتب الحديث، وصحِب الصوفية؛ وخالط الحَلاج، ولما وقف عَلَى اعتقاده أظهر أمره وأطْلَع عَلَيْهِ أَبَا بَكْر بْن مجاهد، وعلى بْن عيسى الوزير. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى. "حرف النون": 523- نوح بْن خَلَفٍ البَجَليّ3: عَنْ: أَبِي مُسلْمِ الكَجّيّ. روى عَنْهُ: أَبُو الحسن بن رزقويه. وثقه الخطيب.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "4/ 81، 82". 2 وفيات الأعيان "2/ 172". 3 تاريخ بغداد "13/ 321".

"حرف الياء": 534- يحيى بْن محمد القَصَبَانيّ1: بغداديّ، ثقة. حدث عَنْ: محمد بْن عَبْد الرحيم الأصبهانيّ، ومحمد بْن مُوسَى البربريّ. وعنه: عُمَر بْن شاهين، وجماعة. 525- يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن العنبر بْن عطاء السُّلَميّ2: مولاهم أَبُو بكر زكريًا العنبريَ النيسابوري العدل، المفسر الأديب الأوحد. سَمِعَ: إبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب، ومحمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ، والحسين بْن محمد القبّانيّ، ومحمد بْن عَمْرو الحَرَشيّ، وطائفة. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن عَبْدَش، وأبو عَلِيّ الحافظ وهما من أقرانه؛ وأبو الْحُسَيْن الحجّاجي، والحاكم أبو عبد الله فمن بعدهم. وتوفي فِي شوّال عَنْ ستٍّ وسبعين سنة، ولم يرحل. قَالَ أَبُو عَلِيّ الحافظ: أَبُو زكريا يحفظ من العلوم ما لو كلّفنا حِفظ شيءٍ منها لعجزنا عَنْهُ. وما أعلم أني رأيت مثله. وقال الحاكم: اعتزل أَبُو زكريّا الناس، وقعد عَنْ حضور المحافل بضع عشرة سنة. سمعته يقول: للعالم الْمُخْتَار أن يرجع إلى حُسْن حالْ، فيأكل الطَّيِّبَ والحلال، ولا يكسب بعلمه المال، ويكون علمه لَهُ جمال، وماله من اللَّه المُتْعال منٌّ عَلَيْهِ وإفضال. "الكنى": 526- أَبُو القاسم بْن أبي الفوارس: رَجُل صالح عابد قانع بكسْب يده بمصر. كانت لَهُ بضاعة بدون الألف دينار، فلم يزل يتصدَّق منها حتى فرغت، فأقبل عَلَى عمل المناديل يتقوَّت منها هُوَ وأمُّه. وكانت أمَةً صالحة زاهدة. 527- أَبُو وهْب الزاهد3: أحد المشهورين بالأندلس. جمع أبو القاسم بن

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 234"، المنتظم "6/ 379". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 533، 534"، النجوم الزاهرة "4/ 314"، شذرات الذهب "2/ 369". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 506، 507"، النجوم الزاهرة "3/ 330".

بَشْكُوال جزءًا فِي أخباره، فمن ذلك قال أَبُو جعْفَر أَحْمَد بْن عون اللَّه: سَمِعْتُ أَبَا وهْب يَقُولُ: والله لا عانق الأبكارَ فِي جنات النعيم والناس فِي الحساب إلا من عانق الذُّل وضاجع الصَّبر، وخرج منها كما دخل فيها. وسمعته يَقُولُ: ما رزق امرء مثل عافيةٍ، ولا تصدّق بمثل موعظة، ولا سَأَلَ مثل مغفرة. وروى عَبْد الوارث بْن سُفْيَان، عَنْ خَالِد بْن سعد أنّ أَبَا وهْب قِيلَ: إنّه من وُلِد الْعَبَّاس. وكان لا ينتسب. وكان صاحب عزلةٍ، باع ماعُونَه قبل موته، فقيل لَهُ: ما هذا. قَالَ: أريد سفرًا. فمات إلى أيامٍ يسيرة. وقال يونس بْن عَبْد اللَّه القاضي: أخبرني يحيى بْن فرحون الخبّاز، قَالَ: أخبرني أَبُو سعَيِد بْن حفصون الرجل الصالح، قَالَ: دخلت عَلَى أَبِي وهْب فقلتُ: لي إليك حاجة أحبّ أن تُسعِفَني بها. قَالَ: وما هِيَ؟ قلت: أنت تعلم أنّ داري تُراث قديم وفيها سَعَة، أريد أن تسكنها معي، وأتولّي خدمتك بنفسي، وأشاركك فِي الحُلْو والمرّ. قَالَ: لا أفعل، لأنيّ قد طلّقت الدُّنيا بالأمس، أفأُراجِعُهَا اليوم. ولأنّ المطلِّق إنّما يطلّق المرأة بعد أن يعرف سوء أخلاقها، وقد خَبرِهَا. وليس من العقل أن يرجع إلى ما قد عرف من المكروه. وَفِي الْحَدِيثِ: "لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جحرٍ مَرَّتَيْنِ". قَالَ القاضي يونس: وأخبرني ثقة من أخواني، عَنْ رجلِ كَانَ يَصْحبُه أنّه قَالَ: بتُّ عنده فِي مسجدٍ كَانَ كثيرًا ما يأوي إِلَيْهِ بقرب حوانيت ابن نُصَيْر بقُرْطُبة. فلمّا كَانَ الليل تذكر صديقًا لَهُ من الصالحين فقال: ودِدْتُ أن نكون معه اللّيلة. فقلت: وما يمنعنا من ذَلِكَ؟ ليست علينا كسْوة نخاف عليها، وإنما هي هذه الجبيبات، فاخرج بنا نحوه. فقال لي: وأين العلم، وهل لنا أن نمشي ليلًا ونحن نعلم أنّ الْإمَام الَّذِي ملكه اللَّه أمر المسلمين فِي هذه البلدة قد منع من المشي ليلًا، وطاعته لنا لازمةٌ؟ ففي هذا نقص للطاعة وخروج عمّا يلزم جماعة المسلمين. فعجْبتُ من فقهه فِي ذَلِكَ. قَالَ القاضي يونس بْن عَبْد اللَّه: كَانَ أَبُو وهْب رحمه الله جليلًا في الخير والزهد. طرأ إلى قرطبة وبقي بها إلى أن مات. ولم يدر أحدٌ من أَيْنَ هُوَ، ولا إلى من ينتمي. وكان يُقَالُ: إنّه من بني الْعَبَّاس، إلا أنّ ذَلِكَ لم يُعرف من قبله. وكان يقصده أهل الإرادة عندنا بُقرْطُبة ويألفونه ويأنس إلى من عرف منهم بطول الترُّدد. وإذا أتاه من ينكر من الناس تباله وأوهمه أنهُ مدخول العقل. ولم يكن يخبر أحدًا

باسمه، وإنّما صاح صائحٌ إلى غيره: يا أَبَا وهبٍ؛ فالتفت هُوَ فعُرِفت كنْيته. وكان إذا قِيلَ لَهُ: ابنٌ مَن أنت؟ يَقُولُ: أَنَا ابن آدم؛ ولا يزيد. وأخبرني بعضُ من صحبه أنّه كَانَ يُفضي منه جليسه إلى علمٍ وحلمٍ وتفنن فِي العلم والفقه والحديث واللّغة. قَالَ القاضي: تُوُفّي فِي شعبان سنة أربعٍ وثلاثمائة. وعن أَبِي جعْفَر الكِنْديّ الزّاهد قَالَ: كَانَ يوجد تحت حُصر المسجد الَّذِي يأوي إِلَيْهِ أَبُو وهْب مِن حبّ الحبريول مرارًا. وربمًا كَانَ قُوتُه منه. وربمّا خرج فِي أوقات الغُبيراء والسَّعْتر، فيجلب منه ما يبيعه ويقتات بثمنه. قَالَ ابن بشْكُوال: وأخبرتُ عَنِ الفقيه أَبِي الوليد هشام بْن أَحْمَد قَالَ: كَانَ أَبُو وهْب إذا اشتهر أمره وهمَّ أقوامٌ بمجالسته يركب قصبةً ويعدو، فإذا رأي أحدًا قَالَ: إيّاك المهر يرُكضُك. وقبره مشهور يُزار، رحمه الله ورضي عنه. وفيات سنة خمس وأربعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 528- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أيوب بْن هارون1: أَبُو الْحَسَن الأصبهانيّ النقاش. ثقة، صاحب أصول. سَمِعَ: عمران بْن عَبْد الرحيم، وعبد اللَّه بْن سلام، ومحمد بْن أَحْمَد بْن الْبَرَاء. قَالَ أَبُو نُعَيْم: حضرته ولا أعرف سماعي منه، وثنا عَنْهُ أَبُو بَكْر بْن المقرئ. تُوُفّي فِي شهر ذي الحجة. 529- أَحْمَد بْن سَلَمَةَ بْن الضّحّاك: أَبُو عَمْرو الهلاليّ الْمَصْريّ. سَمِعَ أبا الزِّنْباع، وغيره، وعنه: أَبُو محمد بْن النّحّاس، ونحوه. وثقة ابن يونس ووصفه بالصّلاح. مات فِي شَعْبان. 530- أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن أيّوب بْن إِسْحَاق بْن عبدة2: أبو بكر العباداني.

_ 1 أخبار أصبهان "1/ 153". 2 تاريخ بغداد "4/ 178، 179"، سير أعلام النبلاء "15/ 479، 480"، ميزان الاعتدال "1/ 101، 102"، لسان الميزان "1/ 182".

قدم بغداد، وروى عَنْ: الْحَسَن بْن محمد الزَّعْفَرانيّ، وعلي بْن حرب، والرَّماديّ، وعباس الَّتْرُقفيّ، ومحمد بْن عَبْد الملك الدّقيقيّ، وهلال بْن العلاء. وعنه: أَبُو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه، والحسين بْن عُمَر بْن برهان، وأبو عَلِيّ بْن شاذان. قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب: رَأَيْت أصحابنا يَغْمِزُونه بلا حجّة، فإنّ أحاديثه كلّها مستقيمة، خلا حديث واحد خلط في إسناده، روه عَنْ: عَلِيّ بْن حرب عَنْ حفص بْن غِياث؛ وإنما هو عَنْ حفص بْن عُمَر بْن حكيم. وسماعه من عَلِيّ بْن حرب بسامراء سنة أربعٍ وستين. قَالَ ابن رزْقَوَيْه: سمعته يَقُولُ: ولدتُ سنة ثمانٍ وأربعين ومائتين، وحملني غلامٌ لأبي إلى الْحَسَن بْن عرفة سنة ست وخمسين وعنده جماعة، وهو قاعد في محفة. فحول وجهه إلى أصحاب الحديث فقال: خذوا عنيّ: ثنا المحاربيّ، ونسيت الباقي. وقال محمد بْن يوسف القطّان: هُوَ صدوق غير أنّه سَمِعَ وهو صغير. قلت: حدَّث فِي هذه السنة وانقطع خبره. وآخر من رُوِيَ حديثه بعُلُوٍ سِبط السِّلَفيّ. 531- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سعَيِد: أَبُو عَمْرو الأندلسي ابن القطّان. ويعرف بصاحب الوردة. روى عَنْ: محمد بْن وضّاح. وكان فقيها مالكيًا لَهُ أخبار ونوادر فِي كثرة الأكل. وكان موصوفًا بذلك. قاله عياض رحمه اللَّه تعالي. 532- أَحْمَد بْن عَبْدَش: أَبُو حامد الّصّرام النيسابوري. مُحَدَّث متقن، رحّال. سَمِعَ: أَحْمَد بْن سلمة، ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وجماعة. عنه: الحاكم. 533- أَحْمَد بْن عثمان بْن الفضل بْن بَكْر الرَّبَعيّ1: البغداديّ. أَبُو بَكْر الْمُقْرِئ المعروف بغلام السّبّاك. قرأ عَلَى: الْحَسَن بْن الحُبَاب، والحسن بْن الحُسين الصّوّاف صاحب الدُّوريّ. وأقرأ بدمشق. تلا عَلَيْهِ: تمّام الرّازيّ، وأبو الْحَسَن علي بن داود الداراني، وعبد القاهر الجوهريّ، وعبد الرحمن بْن أَبِي نصر. قال عبد العزيز الكتاني: سَمِعْتُ عَبْد القاهر الصائغ يَقُولُ: سَمِعْتُ غلام السّبّاك يَقُولُ: ثَقُل سمعي وكان شخص يقرأ علي، وكان جميلًا، فكنت أنظر إلى فمِه

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 299"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 393"، النجوم الزاهرة "3/ 316".

ولسانه مُراعاةً لقراءته، وكان الناس يقفون ينظرون إلى جماله، فاتُّهمتٌ فِيهِ، فساءني ذَلِكَ، فسألت اللَّه ان يرد علي سمعي، فرد عَلِيّ. 534- أَحْمَد بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن نُعَيْم: أَبُو حامد الطُّوسيّ الفقيه المفتي. تلميذ ابن سُرَيْج. سَمِعَ: ابن الضريس، ومُطَينًّا، وطبقتهما. وعنه: الحاكم. 535- أَحْمَد بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إبراهيم طَبَاطَبا بْن إِسْمَاعِيل بْن إبْرَاهِيم بْنِ حَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب العلوي الرسي1: أبو القاسم المصري، نقيب الطالبين بمصر. لَهُ شعْر جيّد فِي الزُّهْد وفي الغزل مدون. فمنه قوله: قالت: أراك سترت الشيب قلتُ لها: ... سترته عنك يا سَمْعي ويا بَصَري فاستضحكَتْ، ثمّ قَالَتْ من تعجُّبها: ... تَكَاثَرَ الغِشّ حتّى صار فِي الشَّعْرِ ومن شعره، وقيل ذاك لذي القرنين ابن حمدان ولم يصح: قَالَتْ لِطَيْف خيال زارها ومضى ... بالله صِفْهُ ولا تُنْقِصْ ولا تَزِدِ فقال: أبصرتُهُ لو مات من ظَمأ ... وقلت: قِفْ عَنْ ورود لماء لم يرد قال: صدقت الوفا في الحب عادته ... يا يرد ذاكّ الَّذِي قَالَتْ عَلَى كِبديّ وله: خليليَّ إنّي للثُّرَيّا لَحَاسدٌ ... وإنّي عَلَى رَيْب الزّمانِ لَوَاجِدُ أَيبقي جميعًا شملُها وَهْيَ سبعهٌ ... وأفقِدٌ من أَحْبَبْتَهُ وهو واحدُ؟ ولُقْب إبْرَاهِيم بطَبَاطَبا لأنّه كَانَ يلثغ بالقاف طاء. فطلب يومًا ثيابه فقال الغلام: أجيء بُدرَّاعة؟ فقال: لا، طَبَاطَبا؛ يعني قباء قباء. فلُقبَّ بذلك. 536- أَحْمَد بْن محمد بْن حكيم2: أَبُو الْحُسَن الشيرازيّ، قاضي شيراز. رحل، وسَمِعَ: محمد بْن غالب تمتام، وهشام بْن عَلِيّ السيرافي. وعنه: ابن جميع، وجماعة.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 231، 232"، الوافي بالوفيات "7/ 364، 365". 2 معجم الشيوخ لابن جميع "177، 178".

537- أَحْمَد بْن محمد بْن زكريّا بْن هلال: أَبُو الْحُسَيْن الْمَصْريّ. يروي عَنْ: أَبِي يزيد القَرَاطِيسيّ. 538- أَحْمَد بْن محمد بْن هشام بْن خلف القيسي1: أبو عمر القرطبي، الأعرج النحوي. كان وقورا مهيبا في تعليم النحو. أفاد الناس مدة. وسمع من: أسلم بْن عَبْد العزيز، وأحمد بْن خَالِد. 539- أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى الصَّدَفيّ الْمَصْريّ2: سَمِعَ: أَبَا يزيد القَرَاطِيسيّ، ويحيى بْن أيّوب العلاف. وقرأ القرآن عَلَى: عُبّيْد بْن محمد، عَنْ دَاوُد بْن أَبِي طيبة صاحب وَرْش. روى عَنْهُ القراءة: عُمَر بْن محمد بْن عراك، وخَلَف بْن قاسم الأندلسي. كنيته: أَبُو الْحُسَيْن، ويُعرف بابن عاربة. 540- أَحْمَد بن منصور بن شهريار: أبو مُزاحِم الشيرازي الصُّوفيّ. 541- أَحْمَد بْن منصور بْن عيسى الحافظ3: أَبُو حامد الطُّوسيّ الأديب الفقيه الشّافعيّ، ذو الفنون والفضائل سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن شِيرُوَيُه، وإسحاق بْن إبْرَاهِيم الأنماطيّ، وطبقتهما. وعنه: الحاكم، وغيره. قَالَ أَبُو النَّضْر الفقيه: ما رَأَيْت بكورِتنا مثله. وقال غيره: كَانَ يحفظ ويذكّر. 542- إِسْحَاق بْن إبراهيم النعماني4: سَمِعَ: إِسْحَاق الحربيّ. وعنه: ابن رزْقَوَيْه. قَالَ الخطيب: لا بأس بِهِ. 543- إِسْمَاعِيل بْن يعقوب بْن إبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن عيسى بْن الْجِراب5: أَبُو القاسم البغداديّ البزّاز. وُلِد سنة اثنتين وستين ومائتين. بسامرّاء. وسمع: جعْفَر بْن محمد بْن شاكر، وابن أَبِي الدنيا، وموسى بن سهل الوشاء، والبرتي، وإسماعيل القاضي، وعبد الله بن روح المدائني. وعنه: عبد الرحمن بن عمر النحاس، وعبد الله بن سعيد أخو الحافظ عبد الغني، والحسين بن ميمون الصفار، والحافظ عبد الغني

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 42، 43"، بغية الوعاة "1/ 385". 2 غاية النهاية "1/ 133". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 536"، تذكرة الحفاظ "3/ 912". 4 تاريخ بغداد "6/ 399". 5 تاريخ بغداد "6/ 304"، المنتظم لابن الجوزي "6/ 380"، سير أعلام النبلاء "15/ 497، 498".

أيضا، ومحمد بن جميع الغساني. وثقه الخطيب. وتوفي في رمضان. أخبرنا يحيى بن أحمد المقرئ، أنبا محمد بن عماد سنة عشرين وستمائة، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا عَلِيُّ بْن الْحَسَن الشّافعيّ: أنبا الْحَسَن بْن محمد بْن زُرَيْق المخزومي الكوفي بمصر، أَنَا إِسْمَاعِيل بْن يعقوب بْن الجراب إملاءً: ثنا محمد بْن غالب بْن حرب، ثنا عمّار بْن زَرَبيّ، ثنا بِشْر بْن منصور السليميّ، عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هند، عَنْ وهْب بْن منبّه قَالَ: قرأتُ فِي بعض الكُتُب التي أُنزلت أنّ اللَّه قَالَ لموسى: أتدري لأيّ شيء كلّمتُك؟ قَالَ: لأيّ شيء؟ قَالَ: لأني اطلعت في قلوب العبد، فلم أر قلبًا اشد حبًا لي من قلبك. "حرف الباء": 544- بَكْر بْن محمد بْن حمدان1: أَبُو أحمد المَرْوزِيّ الصَّيْرفيّ الدُّخَمْسينيّ. لُقِّب بذلك لأنّه كَانَ يَقُولُ: زِدْ خمسين. فبنوه من ذَلِكَ. قَالَ الحاكم: كَانَ مُحَدَّث خُراسان. وما أظنّه جلس فِي حانوتٍ قطّ؛ فإنّه كَانَ يُنادم آل سامان لأدبه وفصاحته وتقدُّمه. سَمِعَ: عَبْد العزيز بْن حاتم، وأبا الموجّه بَمرْو، وعبد الصمد بْن الفضل ببلْخ، وأبا حاتم بالرّيّ، لكن عُدِم سماعه منه، وأبا قلابة، وأحمد بْن عُبّيْد اللَّه النَّرْسيّ. سَمِعَ منه: الحاكم، وغيره بمرو. وروى عَنْهُ: هُوَ وعبد اللَّه بْن عديّ، وابن مَنْدَه، ومحمد بْن أَحْمَد الغُنْجار، والحسين بْن محمد الماسرجِسيّ، وأبو الفصل منصور الكاغديّ، وخرج إلى سَمَرْقند لميراثٍ لَهُ من غلامه، فمات ببُخَارى سنة خمسٍ وأربعين. كذا ورّخه الحاكم. وقال ابن السَّمْعانيّ وغيره: بل تُوُفّي سنة ثمانٍ وأربعين. "حرف الحاء": 545- الْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي هُرَيْرَةَ2: أَبُو عَلِيّ الفقيه الشّافعيّ القاضي بغداديّ، إمام مشهور.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 554، 555"، الوافي بالوفيات "10/ 216، 217"، شذرات الذهب "2/ 369". 2 تاريخ بغداد "7/ 198"، والبداية والنهاية "11/ 304"، شذرات الذهب 2/ 370".

صاحب وجهٍ فِي المذهب. تفقّه عَلَى: أَبِي الْعَبَّاس بْن سُرَيْج، وعلي أَبِي إِسْحَاق المروزي. وصنف "شرح المُزَنيّ". علّق عَنْهُ الشَّرْح: أَبُو عَلِيّ الطَّبَريّ، وغيره. وأخذ عَنْهُ الدّارَقُطْنيّ. ترجمته صغيرة عند الخطيب. "حرف السين": 546- سعَيِد بْن عثمان بْن مُنازل1: أَبُو عثمان بْن الشّقّاق البَجّانيّ الأندلسيّ. سَمِعَ: عُبّيْد اللَّه بْن يحيى، ووَهْب بْن سَلَمَةَ، وأحمد بْن عَمْرو بْن منصور. وكان فقيها مبررا حافظًا. ولي قضاء بَجَّانَهَ مدّةً، وحدَّث. تُوُفّي فِي المحرَّم. "حرف الشين": 547- شُعْلة بْن بدر2: الأمير أَبُو الْعَبَّاس الإخشيدي. كَانَ بطلًا شجاعًا كثير الاحتكار. غَلَت الأسعار فِي أيّامه. ولي دمشق أيّام المطيع لأبي القاسم بْن الإخشيد. وقتل فِي نواحي طَبَريَّة فِي حربٍ بينه وبين متولّيها مُلْهَم العُقَيْليّ فِي ربيع الأول. "حرف الصاد": 548- صالح بْن إدريس3: أَبُو سهل البغداديّ المقرئ المحقِّق. قرأ عَلَى ابن مجاهد لعاصم. وسمع من: ابن صاعد، وجماعة. وعُنِي بالقراءات وبَرَع فيها، وأخذها عَنْ جِلّة القُرّاء. وتصدَّر للإقْراء بدمشق، فقرأ عَلَيْهِ: عَبْد المنعم بن غلبون، وعلي بن محمد بن بشر، وعلي بْن دَاوُد الدارانيّ، وطائفة. وكان صالحًا ناسكًا ورِعًا قانعًا. تُوُفّي شابًّا في جُمَادَى الأوّلى سنة خمسٍ وأربعين. نقله الدّارَانيّ. "حرف العين": 549- عَبْد اللَّه بْن إبْرَاهِيم بْن واضح4: أبو بكر المديني الأصبهاني الصوفي

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "6/ 186". 2 الوافي بالوفيات "16/ 159"، النجوم الزاهرة "3/ 313". 3 تاريخ بغداد "9/ 331"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 367"، غاية النهاية "1/ 332". 4 أخبار أصبهان "2/ 87"، طبقات الأولياء "256".

ابن أَبْرَوَيْه. روى عَنْ: محمد بْن الْعَبَّاس الأخرم، وعبد اللَّه بْن بُنْدار. وتوفي فِي جُمَادَى الآخره. روى عَنْهُ: أَبُو سعَيِد النّقّاش وقال: كَانَ من العلم بمكان. 550- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عيسى المَدِينيّ الخشّاب1: شيخ مُسْنِد. سَمِعَ: أَحْمَد بْن عَدِيّ، وابن النُّعْمان، وهشام بْن عَلِيّ السِّيَرافيّ، وأبا خَالِد الْقُرَشِيّ، والحسين بْن مُعَاذ. تُوُفّي فِي شوّال. روى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مَيْلَة، وأهل أصبهان. 551- عثمان بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هارون بْن وردان الحذّاء2: أَبُو عَمْرو السَّمرْقَنْديّ. حدَّث بمصر عَنْ: أحمد بْن شيبان الرمليّ، وأبي أميّة الطَّرَسُوسيّ، ومحمد بْن حماد الطّهْرانيّ، ومحمد بن عبد الحكيم القطري، وعدة. وعنه: أبو عبد اله بْن مَنْدَه، وأبو الْحُسَيْن بْن جُمَيْع، والحافظ عَبْد الغنيّ بْن سعَيِد، والخصيب بْن عَبْد اللَّه، وعبد الرحمن بْن عُمَر النّحّاس، وسِبْطه محمد بْن ذَكْوان التِّنِّيسيّ شيخ الحبّال، وأحمد بْن محمد بْن الحاجّ الإشبيليّ، وآخرون. وُلِد سنة خمسين ومائتين. حديثه يعلو فِي "الخِلَعيّات". تُوُفّي فِي شعبان. وقد روى أيضًا بالإجازة عَنْ أَحْمَد بْن شَيْبان. قَالَ ابن يونس: ثقة لَهُ سماعات صحاح فِي كُتُب أَبِيهِ. 552- عَلِيّ بْن إبْرَاهِيم بْن سَلَمَةَ بْن بحر3: أَبُو الْحُسَن القَزْوِينيّ الحافظ القطّان. قَالَ فِيهِ الخليليّ: عالم بجميع العلوم والتّفسير والفقه والنَّحْو واللُّغة. ارتحل، وسمع: أَبَا حاتم الرّازيّ، وإبراهيم بْن دِيزِيل، ومحمد بْن الفَرَج الأزرق، والقاسم بْن محمد الدّلال، والحارث بْن أَبِي أسامة، وأحمد بْن مُوسَى الحمّار، وعلي بْن عَبْد العزيز، وإسحاق الدَّبَريّ، والحسن بْن عبد الأعلى البوسي، وخلقا سواهم. قلتُ: وسمع "السُّنَن" من ابن ماجة. وُلِد سنة أربعٍ وخمسين ومائتين. روى عَنْهُ: الزُّبَيْر بْن عَبْد الواحد، وأبو الْحَسَن النَّحْويّ، وأحمد بن علي بن

_ 1 الأنساب "5/ 121". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 422، 423"، شذرات الذهب "2/ 370". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 463-466"، النجوم الزاهرة "3/ 315"، شذرات الذهب "2/ 370".

لال، والقاسم بْن أَبِي المنذر الخطيب، وأبو سعَيِد عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد القَزْوِينيّ، وآخرون، وأبو الْحُسَيْن أَحْمَد بْن فارس. وانتهت إِلَيْهِ رئاسة العلم وعُلُوّ السَّنَد بتلك الدّيار. وقال ابن فارس فِي بعض أماليه: سَمِعْتُ أَبَا الحسن القطان بعدما علت سنه قول: كنت حين رحلت أحفظ مائة ألف حديث. وأنا اليوم لا أقوم على خفظ مائة حديث. قَالَ: وسمعته يَقُولُ: أُصِبْتُ ببصري، وأظن أنّي عوقبتُ بكثرة بكائي أيّام الرحلة. قلت: وكان لَهُ بنون ثلاثة: محمد، وحسن، وحسين، ماتوا شبابًا. قَالَ الخليليّ: سَمِعْتُ جماعةً من شيوخ قزوين يقولون: لم يَر أَبُو الحسن مثله في الفضل، الزهد، أدام الصّيام ثلاثين سنة، وكان ينظر إلى الخبز والملح. قَالَ: وفضائله أكثر من أن تُعَدّ. قلتُ: قد عَلا فِي "سُنَن ابن ماجة" أماكن. 553- عليّ بْن جعْفَر بْن مُوسَى بْن الأشعث: أَبُو القاسم الْمَصْريّ الكاتب. عَنْ إحدى وثمانين سنة. "حرف الفاء": 554- فَرج بْن سَلَمَةَ بْن زُهير البَلَويّ القُرْطُبيّ1: سَمِعَ: محمد بْن لُبَابَة، وبالقَيْروان محمد بْن محمد بْن اللّبّاد. وولي الصّلاة والقضاء بمدينة وادي الحجارة. رحمه اللَّه تعالى. "حرف الميم": 555- محمد بْن أَحْمَد2: أَبُو بَكْر بْن الحدّاد الفقيه. قِيلَ: تُوُفّي فيها، وقيل: سنة أربع. 556- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو3: العلامة أبو عبد الله المالكيّ التُّسْتَرِيّ. كَانَ من كبار فقهاء العراق.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 350". 2 تقدم برقم "503". 3 شجرة النور الزكية "79".

تفقّه عَلَى إبْرَاهِيم بْن حمّاد، وكان بارعًا فِي النَّحْو، شديد النُّصْرَة لمذهب مالك، ألفّ مناقب إمامه فِي عشرة أجزاء، وألفّ "فضائل المدينة". وولي قضاء البصرة، وكان ينَاظر المعتزلة ويؤذيهم. مات ببغداد. أرّخه عِيَاض. 557- محمد بْن أَحْمَد بْن يوسف1 بْن بُرَيْد: أَبُو بَكْر الطائي الخرّاز. حدَّث بدمشق عَنْ: عُبّيْد بْن غنّام، ومُطَيَّن، وأحمد بْن خُلَيْد الحلبيّ. وعنه: أبو الحسن بن رزقويه؛ وتمام الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر. ووثقه الخطيب. 558- محمد بن جعفر بن محمد2: أبو الحسن العلوي، نقيب العلويين ببغداد، ويعرف بأبي قيراط. حدث عَنْ: أَبِيهِ، وسليمان بْن عَلِيّ الكاتب. وعنه: أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق. 559- محمد بن الحسن بن حمويه بن حسين3: أبو نعيم الإستراباذي، نزيل سمرقند، ثم بخاري. أملى عَنْ: الْحَسَن بْن عَلِيّ الذُّهْليّ. وعنه: أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن محمد الإدريسي الحافظ. وقال: هو قال: والدي ثنا بسمرقند. ومات فِي آخر العام. 560- محمد بْن حفص بْن عَمْرو الَّنْيسابوريّ: سَمِعَ: البُوشَنْجيّ. وعنه: الحاكم. 561- محمد بْن الْعَبَّاس بْن نَجِيح4: أَبُو بَكْر البغداديّ البزّاز. وُلِد سنة ثلاثٍ وستين ومائتين. وسمع: يحيى بْن أَبِي طَالِب، وأبا قِلابة الرَّقَاشيّ، ومحمد بْن الفَرَج، وأبا العَيْناء، وعيسى بْن عَبْد اللَّه رغاث. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، ووصفه بالحِفْظ؛ وابن الفضل القطّان، وأبو عَلِيّ بْن شاذان. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة. 562- محمد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم البغداديّ5: أَبُو عُمَر الزّاهد، غلام ثعلب اللُّغَويّ المشهور، سَمِعَ: مُوسَى بْن سهل الوشّاء، ومحمد بْن يونس

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 376، 377". 2 تاريخ بغداد "2/ 146"، المنتظم "6/ 382، 383". 3 تاريخ جرجان "415". 4 تاريخ بغداد "3/ 118، 119"، سير أعلام النبلاء "15/ 513، 514"، شذرات الذهب "2/ 370". 5 تاريخ بغداد "2/ 356-359"، المنتظم "6/ 380-382"، سير أعلام النبلاء "15/ 508-513".

الكديمي؛ وأحمد بْن عُبّيْد اللَّه النَّرْسيّ، وإبراهيم بْن الهيثم البلْديّ، وأحمد بْن سعَيِد الجمّال، وجماعة. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه، وأبو الْحُسَيْن بْن بِشْران، وأحمد بْن عبد الله المحاملي، وأبو علي بن شاذان وهو آخر من حدث عنه. قال الخطيب: سَمِعْتُ غير واحد يحكي أنّ الأشراف والكُتْاب وأهل الأدب كانوا يحضرون عند أبي عمر الزاهد ليسمعوا منه كتب ثعلب وغيرها. وكان له جزء جمع فيه فضائل معاوية، فلا يقرئهم شيئا حتى يبتدئ بقراءة ذلك الجزء. وكان جميع شيوخنا يوثقونه في الحديث. وقال أبو علي التنوخي: من الرواة الذين لم ير قط أحفظ منهم أبو عمر غلام ثعلب، أملى من حفظه ثلاثين ألف ورقة فيما بلغني، حتى أتهموه لسعة حفظه: فكان يسأل عَنِ الشيء الَّذِي يظنّ السائلُ أنّه قد وضعه فيُجيب عَنْهُ، ثمّ يسأله غيره عَنْهُ بعد سنة فيجيب بذلك الجواب. وقال رئيس الرّؤساء عَلِيّ بْن الْحُسَن: قد رَأَيْت أشياء ممّا أنكروا عَلَيْهِ مدوّنهً فِي كُتُب أهل العلم. وقال عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن برهان: لم يتكلَّم فِي اللُّغة أحدٌ أحسن من كلام أَبِي عُمَر الزّاهد. قَالَ: وله كتاب "غريب الحديث"، صنفه عَلَى "مُسْنَد أَحْمَد". ونقل القفْطيّ أنّ صناعة أَبِي عُمَر الزّاهد كانت التّطريز، وكان أشتغاله بالعلوم قد منعه من التّكسُّب، فلم يزل مَضيَّقًا عَلَيْهِ. وكان إبْرَاهِيم بْن ماسيّ يَصِلُه. وكان آيةً فِي حفظ الأدب. وكان في شبيبته يؤدب ولد القاضي عُمَر بْن يوسف. وله من التّصانيف: "غريب الحديث"، "كتاب الياقوتة"، "فائت الفصيح"، "العشرات"، و"الشوري"، "تفسير أسماء الشُّعراء"، "كتاب القبائل"، "النَّوادر"، "كتاب يوم وليلة"، وغير ذَلِكَ. وفيه يَقُولُ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد اليَشْكُرِيّ: أَبُو عُمَر أَوْفَى من العلم مرتقى ... يذلك مُسَامِيهِ ويَرْدِي مُطَاولُهْ فلو أَنّني أَقْسَمْتُ ما كنت كاذبا ... بأن لم تر الراؤون بحرا يعادله إذا قلن شارَفْنَا أواخرَ عِلْمِه ... تفجّر حتّى قلتُ: هذا أوائلُهْ تُوُفّي رحمه اللَّه فِي ثالث عشر ذي القعدة سنة خمسٍ وأربعين.

563- محمد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن رُستْم1: أَبُو بَكْر البغداديّ المادّرائيّ. الكاتب الوزير. وزر لخماروَيْه صاحب مصر، وولي أَبُوهُ خراج مصر. مولده سنة 257. سَمِعَ الكثير، واحترق أكثر كُتُبه وبقي عنده جزءان سمعهما من أَحْمَد بْن عَبْد الجبّار العُطَارِديّ. وتوفي بمصر فِي شوّال. رَوَى عَنْهُ: ابنه عَلِيّ، وأبو مُسلْمِ الكاتب. كَانَ رئيسًا نبيلًا معظَّمًا، كثير المعروف إلى أولاد النّعم وأهل الحَرَمَيْن. ولم يكن بقي أحد من الأكابر الجلة يرتفع عَن الْوقوف ببابه. وقد حجّ إحدى وعشرين حجّة، وكان كثير الصيّام، ملازم للصّلاة فِي المساجد القديمة. وفيه يَقُولُ أَبُو الْعَبَّاس اليَشْكُريّ: عزَّ أمرٌ عَلَى البريّة عزّا ... تَرك الصّبر طائرا مستنفزا بأبي بكرٍ المصيبةُ عَمَّت ... كلَّ شخصٍ تراه فِيهِ مُعزَّا وكان الوزير أَبُو الفتح الفضلٍ بْن جعْفَر صادَرَ محمد بْن عَلِيّ المادرائيّ مرة على ألف ألف دينار، وأقام متقلا خمس سنين بالرملة حتّى تُوُفّي أَبُو الفتح، فراسله الإخشيد بالمسير إِلَيْهِ وبإطلاقه، فقِدم فأظهر إكرامه ولم يزل عارفًا بحقوقه إلى أن توفي وصلى علي بالمُصَلَّى أَبُو القاسم الإخشيد ونائب المملكة كافور، ودُفِن بداره. قَالَ ذَلِكَ المسبَّحيّ. وقال: يقال إنّ ديوان أَبِي بَكْر محمد بْن عَلِيّ أطبق عَلَى ستين ألفًا ممّن يجري عَلَيْهِم الرَزْق. وكان بمصر ممّن يجري عَلَيْهِم الرّزق فِي كلّ شهر مائة ألف رطل عَلَى ما حكاه الحسن بن إسماعيل الضراب عَنْ بعض الطّحّانين. قَالَ: وأطبق ديوانه عَلَى مائة ألف عَبْد أعتقهم فِي طول عمره. وكان لَهُ المعروف وعمارة المساجد ما لا يوقف عَلَيْهِ كثرة. وُلِد بنصّيبين، ونشأ بالعراق، وقد مصر شابًا عَلَى واحدة هُوَ وأخوه أَبُو الطَّيْب أَحْمَد. ولم يكن لأبي بكر بلاغَة الكُتَّاب المنتسبين، ولا مبالغة فِي النَّحْو، لكنّه كَانَ ذكيًا صاحب بديهة. ولي الخراج استقلالا، وله ثلاث وعشرون سنة. وقد وزر أيضا لأبي الجيش خمارويه، فلما قتل أبو الجيش وأجلس في مكانه ابنه هارون بن أبي الجيش استوزر أبا بكر. فلما قتل هارون قدم محمد بن سليمان الكاتب مصر من قبل المكتفي، فأزال دولة الطولونية وخرب ديارهم، وحمل أبا بكر إلى

_ 1 المنتظم "6/ 383، 384"، سير أعلام النبلاء "15/ 334، 335"، البداية والنهاية "11/ 231".

بغداد. ثم إنه وافي مصر مع مؤنس والعساكر في نوبة حباسة، وأمر أَبُو بَكْر ونهي ودبرَّ البلد. وكان أبو بكر على ما قيل يختم كل يوم وليلة ختمة في المصحف، وقد ملك بمصر من القرى الكبار ما لم يملكه أحد قبله حتى بلغ ارتفاع أملاكه في كل سنة أربعمائة ألف دينار سوى الخراج. وكان يقال: إنه أنفق في كل حجة حجها مائة ألف دينار. ذكر هذا كله المسبحي، وذكر عدة قصائد مليحة، ما رثاه بها الشعراء رحمه الله تعالى. 564- محمد بن الحافظ عمر بن محمد بن بجير السمرقندي البجيري1: رحل، وسمع: عَلِيّ بْن عَبْد العزيز البغوي، وإسحاق الدَّبَريّ، وبشر بْن مُوسَى، وأبا مُسلْمِ الكَجّيّ، وجماعة. تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل. 565- محمد بْن معن بْن هشام2: أبو بَكْر الفارسيّ. سَمِعَ: مُعَاذ بْن المثني، ومحمد بن محمد بْن حبان التمار. وعنه: أَبُو حفص الكتانيّ، وأبو أَحْمَد الفَرَضيّ. وثقَّه الخطيب. 566- مكرم بْن أَحْمَد بْن مُكْرم3: أَبُو بَكْر البغداديّ القاضي البزّاز. سَمِعَ: يحيى بْن أَبِي طَالِب، ومحمد بْن الْحُسَيْن الحُنَيْنيّ، ومحمد بْن عيسى بْن حبّان المدائنيّ، وعبد الكريم الدَّيْرعَاقُوليّ، وتَمْتَامًا، وغيرهم. وعنه: الحاكم أبو عبد الله، وأبو الحسين بْن رزْقَوَيْه، وابن الفضل القّطان، وأبو عَلِيّ بْن شاذان. وتوفي فِي جمادى الأولى. وثقَّه الخطيب. وحديثه بعُلُو عَنْد نصر اللَّه القزّاز، وطبقته. 567- مُوسَى ابن العلامة إِسْمَاعِيل القاضي بْن إِسْحَاق الأزْديّ4: سَمِعَ: أَبَاهُ، والكديمي، وبشر بْن مُوسَى. وعنه: أَبُو بَكْر الأبْهريّ، وإبراهيم بْن محمد الطَّبَريّ، وأبو الْحَسَن الهاشمي العَيْسويّ. تُوُفّي في آخر السنة.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "1/ 195"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 49". 2 تاريخ بغداد "3/ 311". 3 تاريخ بغداد "13/ 221"، سير أعلام النبلاء "15/ 517، 518"، تذكرة الحفاظ "3/ 857". 4 تاريخ بغداد "13/ 62، 63".

"حرف الواو": 568- وهْب بْن جعْفَر بْن إلياس بن صدق الكناس الْمَصْريّ سَمِعَ: جدِّه. 569- المسعودي1: صاحب التواريخ. فِي جُمَادَى الآخرة. قاله المسبّحيّ. قلت: وهو صاحب "مروج الذَّهب" أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن الحسين عَلِيّ. قِيلَ: إنّه من ذرّية ابن مَسْعُود -رضي اللَّه عَنْهُ. عداده فِي البغداديين، وأقام بمصر مدّة. وكان إخباريًا علامة صاحب غرائب، ومُلَح، ونوادر. لَهُ كتاب "مروج الذَّهب فِي تُحَف الأشراف والملوك"، وكتاب "ذخائر العلوم"، وكتاب "التاريخ فِي أخبار الأمم"، وكتاب "المقالات فِي أصول الديانات"، وكتاب "أخبار الخورج"، وغير ذَلِكَ من الكتب. ذكره ياقوت فِي "تاريخ الأدباء"، ولكن قَالَ: تُوُفّي سنة ست وأربعين، والأول أصحّ. وقد سَمِعَ: ابن عَرَفَة نِفْطَويه، وابن زَبْر القاضي، وغيرهما. ولم يطل عمره حتى يسمعوا منه. وكان معتزلا. فإنّه ذكر غير واحدٍ من المعتزلة ويقول فِيهِ: كَانَ من أهلِ العدلِ. وله رحلة إلى البصرة لقي فِيهَا أبا خليفة الجّمَحيّ. وقد ذكره ابنُ النّجّار مختصرًا، فقال: عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ أَبُو الْحَسَن المسعوديّ من وُلِد عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود، كَانَ كثير التصّانيف فِي التواريخ وأيّام النّاس وعجائب البلاد والبحار. ذكر أنّه من أهل بغداد، وأنه تغرب عنها. فمن مصنَّفاته: "مروج الذَّهب فِي أخبار الدّنيا"، وكتاب "ذخائر العلوم وما كَانَ فِي سالف الدهر"، كتاب "الاستذكار لما مر في الأعصار"، وكتب "التّاريخ فِي أخبار الأمم". ولم يورّخه ابن النجار. وفيات سنة ست وأربعين وثلاثمائة "حرف الألف": 570- أَحْمَد بْن بُهْزاد بْن مِهْران2: أَبُو الحسن الفارسيّ السِّيرافيّ، نزيل مصر هُوَ أو أبوه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 569"، لسان الميزان "4/ 224، 225"، تاريخ الخلفاء "405". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 518، 519"، الوافي بالوفيات "6/ 278"، شذرات الذهب "2/ 372".

سَمِعَ أَبُو الْحَسَن هذا من: الربيع بْن سُلَيْمَان، وبحر بْن نصر بْن سابق، وبكّار القاضي، وإبراهيم بْن فهْد. وعنه: محمد بْن أَحْمَد بْن مفرج القُرْطُبيّ، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، وعبد الرَّحْمَن بْن النّحّاس، وجماعة. قَالَ الطَّلَمَنْكيّ: سمع منه أَبُو جعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وتركهُ. مُنِع من التحديث وقتًا، فذكر ابن عَوْن أنّه قرص لَهُ عثمان، ثمّ إنّه أملى عَلَى المحدثين حديثًا يتضمّن مخالفة الجماعة، فقال: أجيفوا الباب ما أمليته منذ ثلاثين سنة. فاستشعر القوم، ولو سكن لمرَّ عَلَيْهِم. فقاموا عَلَيْهِ ومُنِع من الرّواية، فكان يجلس منفردًا إلى أن تعصَّب لَهُ قوم م الفرس فأذن له بالرواية. وكان ابن مفرج القُرْطُبيّ يَقُولُ: سألتُ قومًا من أهل الحديث عَنْهُ فقالوا: ما علِمْنا عَلَيْهِ إلا خيرًا. قَالَ المسبحيّ، وغيره: تُوُفّي فِي شَعْبان. 571- أَحْمَد بْن جعْفَر بْن أَحْمَد بْن مَعْبَد1: أبو جعْفَر الأصبهانيّ السِّمْسار. سَمِعَ: أَحْمَد بْن عصام، وأحمد بْن مهديّ، وعبيدًا الغزّال، وكبار الإصبهانّيين. وعنه: ابن مَنْدَه، وابن مَرْدُوَيْه، وأبو نُعَيْم، وغيرهم. وكان صادقا. توي فِي رمضان. 572- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن2: أَبُو هُرَيْرَةَ بْن أَبِي عصام العدويّ الْمَصْريّ، سَمِعَ: أَبَا يزيد القَرَاطِيسيّ، وأبا مسلم الكَجّيّ. وعنه: أَبُو محمد بْن النّحّاس، وغيره. وكان ثقة يستملي عَلَى الشيوخ. مات فِي ربيع الآخر. 573- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْدُوس بْن سَلَمَةَ3: أبو الْحَسَن العَنَزِيّ الطَّرَائفيّ الَّنْيسابوريّ. سمع: السري بن خزيمة، ومحمد بن أشرس السُّلَميّ، وعثمان بْن سعَيِد الدّارِميّ، وجماعة. وكان فيما قال الحاكم: صدوقا؛ سمعته يَقُولُ: أَقَمْتُ ببغداد سنة أربعٍ وثمانين عَلَى التجارة، فلم أسمع بها شيئًا. روى عَنْهُ: أبو عَلِيّ الحافظ وانتخب عَلَيْهِ، وأبو الْحُسَيْن الحجاجي، وابن محمش

_ 1 أخبار أصبهان "1/ 149، 150"، سير أعلام النبلاء "15/ 519". 2 المنتظم "6/ 384، 385"، البداية والنهاية "11/ 232". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 519، 520"، الوافي بالوفيات "8/ 45".

الزياديّ، والحاكم، وأبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وآخرون، تُوُفّي فِي رمضان، وصلّى عَلَيْهِ أَبُو الوليد الفقيه. 574- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد اللَّه الهَرَويّ: أخو حامد الرّفّاء، وأحمد الأسنّ. سَمِعَ من: عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف الحنفيّ صاحب يعلى بن عبيد. وعنه: حاتم بْن محمد، وجماعة. 575- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز: أَبُو مُحَمَّد بالبلخي المؤذّن. فِي شعبان. 576- إبْرَاهِيم بْن عثمان القَيْروانيّ النَّحْويّ1: أَبُو القاسم بْن الوزّان. شيخ تِلْكَ الدّيار فِي النَّحْو، واللغة. كَانَ ذا صدق وتواضُع وتضلُّع من علم العربيّة. قَالَ القِفْطيّ: حفظ كتاب "العين" للخليل، و"المصنف الغريب" لأبي عبيد، و"إصلاح المنطق" لابن "السِّكِّيت" وكتاب "سِيبَوَيْه"، وأشياء كثيرة حتى قَالَ فِيهِ بعضهم: لو قِيلَ إنّه أعلم من المبرّد وثعلب لصَدَق القائل. وكان يستخرج ابن الوزّان هذا من العربية ما لم يستخرجه أحد. وكان عجبًا فِي استخراج المُعَمَّى. تُوُفّي يوم عاشوراء من سنة ست وأربعين بالمغرب. 577- إبْرَاهِيم بْن محمد بْن هشام2: الأمين أَبُو إِسْحَاق. سَمِعَ: صالحًا جَزَرَة، وأبا الموجّه محمد بْن عَمْرو، وسهل بْن شاذُوَيْه. وحجّ، وحدث. روى عنه: بو عُمَر بْن حَيّوَيْه، وعبد اللَّه بْن عثمان الدّقّاق. قَالَ الحاكم: هُوَ فقيه أهل النَّظر فِي عصره. كتبنا عَنْهُ. وورّخ وفاته غُنْجار. 578- إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن محمد بْن إبْرَاهِيم3: أبو الحسين الكاذيّ. سَمِعَ: الكُدَيْميّ، ومحمد بْن يوسف بْن الطّبّاع، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد. وعنه: أبو الحسن بْن رزْقَوَيْه، وأبو الْحُسَيْن بْن بِشْران. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة زاهدًا. كَانَ يَقْدَم من قريته كاذَة إلى بغداد فيحدث ويرجع.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 539، 540"، الوافي بالوفيات "6/ 50، 51"، بغية الوعاة "1/ 183". 2 المنتظم "6 385"، الكامل في التاريخ "8/ 520"، سير أعلام النبلاء "15/ 517". 3 تاريخ بغداد "6/ 399".

أخبرنا أبو الفهم السُّلَميّ، أَنَا أَبُو محمد بْن قُدامة سنة 617، أَنَا أَبُو الفتح بْن البطّيّ، أَنَا مالك بْن أَحْمَد، ثنا عَلِيّ بن محمد المعدل إملاء، نا إِسْحَاق بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: وجدتُ في كتاب أَبِي: ثنا أَبُو معاوية الغُلابيّ: حدثني عامر، عَنْ عوف الأعرابيّ أنّه كَانَ يَقُولُ لجُلَسائه: أما والله ما نُعَلِّمُكُم من جَهَالة، ولكن نذكِّركم بعض ما تعرفون، لعلّ اللَّه أن ينفعكم بِهِ. "حرف الباء": 579- بُنْدار بْن يعقوب بْن إِسْحَاق: أَبُو الخير الشّيرازيّ، السّرّاج، المالكيّ. "حرف التاء": 580- تميم بن خيران: أبو محمد القيراواني. من كِبار المالكيّة. بالقيروان. "حرف الجيم": 581- جعْفَر بْن محمد بْن أَحْمَد1: أَبُو الفضل البغدادي. سَمِعَ: بِشْر بْن مُوسَى، ومُطَيَّن. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وجماعة. "حرف الحاء": 582- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن الأزهر2: أَبُو محمد الإسْفَرَائينيّ، ابن أخت أَبِي عَوَانَة. رحل بِهِ خاله بعد أن سمّعه من أَبِي بكر بن رجاء، وأحمد بن سهل بإسفرايين. فسمع بالرّيّ: محمد بْن أيّوب؛ وببغداد: أَبَا مسلم الكَجّيّ، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد؛ وبالبصرة: أبا خليفة. وجمع لَهُ خاله حديث مالك. روى عَنْهُ الحاكم وقال: كَانَ مُحَدَّث عصره، ومن أجود النّاس أُصُولًا. تُوُفّي فِي شعبان. وعنه أيضا: علي بن محمد الإسفرائيني، عبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن بالُوَيْه المزكيّ، وجماعة. 583- الْحُسَيْن بْن أيّوب3: أبو عبد الله الهاشميّ. بغدادي، ثقة. حدث

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 225". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 535، 536"، الوافي بالوفيات "12/ 265"، شذرات الذهب "2/ 2، 3". 3 تاريخ بغداد "8/ 23"، المنتظم "6/ 385".

عَنْ: صالح بْن عمران الدعاء، ومحمد بْن عثمان بْن أَبِي شَيْبة، والحَسَن بْن أَحْمَد بْن فيل. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وابن رزْقَوَيْه، وغيرهما. "حرف السين": 584- سعَيِد بْن فَحْلُون1: أبو عثمان إلْبِيريّ الأندلُسيّ. آخرَ من روى عَنْ يوسف المَغاميّ، وجماعة. روى "الواضحة" لابن حبيب أَبُو عَلِيّ الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه البجّانيّ شيخ ابن عَبْد البَرّ وغيره، عَنِ ابن فَحْلُون، عَن المَغَاميّ، عَنِ ابْن حبيب. وسمع: ابن فَحْلُون بقُرْطُبة من: بَقِيّ بْن مَخْلَد، ومحمد بْن وضّاح، وإبراهيم بْن قاسم، ومطرِّف بْن قيس. ورحل فسمع من: أَحْمَد بْن محمد بْن رِشْدين الْمَصْريّ، وأبي عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ، وطائفة. وكان صدوقًا فِي أخلاقه زعارة. روى عَنه جماعة منهم: يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي عيسى اللَّيْثيّ. وتوفي في رجب فِي ثانيه. ومولده سنة 252 رحمه اللَّه. "حرف العين": 585- عَبْد اللَّه بْن إبْرَاهِيم بْن واضح2: أَبُو بَكْر الأصبهانيّ أحد العُبّاد المذكورين. يقال: إنّه رَأَى الحقّ تعالى فِي النّوم مرَّتين. جاء ذَلِكَ عَنْهُ من وجهين. 586- عَبْد اللَّه بْن جعْفَر بْن أَحْمَد بْن فارس3: أَبُو محمد الأصبهانيّ، سَمِعَ: يونس بْن حبيب، ومحمد بْن عاصم الثَّقفيّ، وأحمد بْن يونس الضّبّيّ، وهارون بْن سُلَيْمَان، وأحمد بْن عصام، والكبار. وكان ثقة عابدًا. روى عَنْهُ: أبو عبد الله بْن مَنْدَه، وأبو بَكْر محمد بْن أَبِي عَلِيّ الذكوانيّ، وأبو ذَرّ بْن الطَّبَريّ، وأبو بَكْر بْن فُورَك، والحسين بْن إبْرَاهِيم الجمّال، ومحمد بْن عَلِيّ بْن مُصْعَب التّاجر، وأبو علي بْن يزداد غلام محسن، وأبو نُعَيْم الحافظ، وطائفة

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 168، 169"، جذوة المقتبس للحميدي "232، 233". 2 أخبار أصبهان "2/ 87". 3 أخبار أصبهان "2/ 80"، سير أعلام النبلاء "15/ 553، 554"، الوافي بالوفيات "17/ 105".

سواهم. وهو آخر من حدَّث عَن الْمسمين، وعن إِسْمَاعِيل سَمُّوَيْه، ومحمد بْن عُمَر أخي رسْتَه، ويحيى بْن حاتم العسكريّ، وغيرهم. وُلِد سنة 248. وقال ابن المقرئ: رَأَيْته يُحدَّثَ بمكّة من أيّام الفضل الجندي، وإسحاق الخُزَاعيّ. وقال أبو عبد الله بْن مَنْدَه: كَانَ شيوخ الدّنيا خمسة: عبد اللَّه بْن جعْفَر بأصبهان، والأصمّ بنيسابور، وابن الأعرابيّ بمكّة، وخيثمة بأطْرابُلُس، وإسماعيل الصّفّار ببغداد. وقال أَبُو بَكْر بْن مَرْدُوَيْه وأبو القاسم عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد السوذرجاني في تاريخهما إصبهان: كان ثقة. وقال أبو الشيخ: حكى أبو الخياط لنا قَالَ: حضرتُ موت عَبْد اللَّه بْن جعْفَر وكنّا جلوسًا عنده فقال: هذا مَلَك الموت قد جاء. وقال بالفارسيّة: اقبض روحي كما تقبض روح رجل يقول تسعن سنة أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّه. وقال أَبُو الشَّيْخ: سَمِعْتُ أَبَا عُمَر القطّان يَقُولُ: رَأَيْت عَبْد اللَّه بْن جعْفَر فِي النَّوم فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي، وأنزلني منازلّ الأنبياء. تُوُفّي رحمه اللَّه تعالى فِي شهر شوّال. 587- عَبْد اللَّه بْن فارس1: أَبُو ظُهَيْر العُمريّ البلْخيّ. تُوُفّي بالرّيّ فِي رمضان، وهو آخر من روى فِي الدُّنيا عَنِ: محمد بْن إِسْمَاعِيل البخاريّ. وكان قدِم فِي هذه السنة إلى نيسابور، وحدَّث بها فِي غيبة الحاكم عن: معمر ابن محمد العَوْفيّ، وعبد الصّمد بْن الفضل. وضبط السِّلفيّ كنيته بالضم. قال الحاكم: وكتب لي فِي الإجازة أنّه سَمِعَ من محمد بْن إِسْمَاعِيل البخاريّ. قلت: لَهُ حديث فِي مجلس ابن بالُوَيْه. روى عَنْهُ: ابن بالُوَيْه، وأبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، فقال: أَنَا عَبْد اللَّه بْن فارس بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابن يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن سالم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. 588- عَبْد اللَّه بْن مسرور بْن الحجّام المالكيّ المغربيّ: سَمِعَ: عيسى بْن مسكين، وابن أَبِي سُلَيْمَان، وغيرهما.

_ 1 المشتبه في أسماء الرجال "1/ 426".

أخذ عنه: أبو محمد بن أبي زيد الفقيه. كَانَ من أئمّة المالكيّة. 589- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سيان1: أَبُو مُسلْمِ الأصبهانيّ المذكّر. سَمِعَ: إبْرَاهِيم بْن زُهَير الحُلْوانيّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي عاصم، وأحمد بْن عَمْرو البزار. وعنه: أَبُو نُعَيْم، وجماعة. 590- عَبْد الصمد بْن عَلِيّ بْن محمد بْن مكرم2: أبو الحسين الطستي الوكيل، بغداد ثقة مشهور. سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن أَبِي الدنيا، وأحمد بْن عُبّيْد اللَّه النَّرْسيّ، ودُبَيْس بْن سلام القَصَبانيّ، وحامد بْن سهل، وإبراهيم الحربيّ، وطبقتهم. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وأبو الحسين بْن بِشْران، وعلي بْن دَاوُد الرّزّاز، وأبو عَلِيّ بْن شاذان. تُوُفّي فِي شعبان وله ثمانون سنة. وله جزء مشهور عَنْد جعْفَر. 591- عَبْد المؤمن بْن خَلَف بْن طُفَيْلِ بْن زيد بْن طُفَيْلٍ3: الحافظ أَبُو يَعْلَى التّميميّ النَّسَفيّ. وُلِد سنة تسعٍ وخمسين ومائتين. وسمع: جدّه، وجماعة. ثمّ رحل، وسمع: أَبَا حاتم الرّازيّ، وعبد الله بْن أَبِي مَسَرَّة، وعلي ابن عَبْد العزيز، وإسحاق الدَّبَريّ، وأبا الزِّنْباع رَوْح بْن الفَرَج، ويحيى بْن أيّوب، وخلقًا سواهم. وعنه: عبد الملك بْن مروان المَيْدانيّ، وأحمد بْن عمّار بْن عصمة، ويعقوب بْن إِسْحَاق النَّسَفيّون، وأبو عَلِيّ منصور بْن عَبْد اللَّه الخالديّ الهَرَويّ، وأبو نصر أَحْمَد بْن محمد الكلاباذي الحافظ، وآخرون. وكان أثرياء سُنّيًا ظاهريّ المذهب، شديدًا عَلَى أهلِ القياس، يتبع كثيرًا أَحْمَد بْن حنبل، وإسحاق بْن راهُوَيْه. وأخذ عَنْ أَبِي بَكْر محمد بْن دَاوُد الظاهري مصنّفاته، وكان خيرًا ناسكًا. دخل أبو القاسم عبد الله بْن أَحْمَد الكعْبي المعتزليّ نسف، فأكرموه إلا الحافظ عَبْد المؤمن فإنّه لم يمضِ إِلَيْهِ، فقال الكعبيّ: نَحْنُ نأتيه. فلمّا دخل عَلَيْهِ لم يقُم ولم يلتفت من محرابه، فكسّر الكعبِيّ خَجَله بأن قَالَ: بالله عليك أيّها الشَّيْخ. يعني لا تقم، ودعا لَهُ قائمًا وانصرف.

_ 1 أخبار أصبهان "2/ 119". 2 تاريخ بغداد "11/ 41"، المنتظم "6/ 385"، سير أعلام النبلاء "15/ 555، 556". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 480-483"، النجوم الزاهرة "3/ 318".

قال أبو جعفر محمد بن بْن عَلِيّ النَّسَفيّ: شهدت جنازة الشَّيْخ أَبَا يَعْلَى بالمُصَلّى إذ غشِينَا أصواتُ الطُّبول مثل ما كون من العساكر، حتى ظنّ أجمعُنا أنّ جيشًا قدِم. وكنّا نقول: ليتنا صلَّينا قبل أن يغشانا هذا. فلمّا اجتمع الناس وقاموا للصّلاة وأنصتوا هدأت الأصوات كأن لم يكن. ثمّ إنيّ كنتُ رَأَيْت فِي النّوم فِي أيّام أَبِي يَعْلَى كأنّ شخصًا واقفًا عَلَى رأس درب أَبِي يَعْلَى بْن خَلَف وهو يقول: أيها الناس من أراد منكم الطّريق المستقيم فعليه بأبي يَعْلَى. أو كلامًا نحو هذا. رواها جعْفَر بْن محمد بْن المستغفري الحافظ، عَنْ أَبِي جعْفَر هذا. تُوُفّي أَبُو يَعْلَى رحمه اللَّه فِي جُمَادَى الآخرة. 592- عَبْيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن البلْخيّ1: أَبُو القاسم. سَمِعَ: أَبَا إِسْمَاعِيل التِّرْمِذيّ، وبشر بْن موسى، ومحمد ابن أيّوب الرّازيّ. وعنه: الدّارَقُطْنيّ ووثقة، وابن رزْقَوَيْه. 593- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن الخليل بْن شاذُوَيْه2: أَبُو الْحَسَن القَهَنْدزِيّ الْبُخَارِيّ. سَمِعَ: محمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ، وإسرائيل بْن السَّمِيدَع، وسهل بْن المتوكًّل. وحدَّث. مات فِي جُمَادَى الآخرة. 594- عُمَر بْن الْحَسَن بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عياش3: القاضي أَبُو جعْفَر الهاشميّ العباسي، أمير الموسم، وقاضي الديار الْمَصْرية. كَانَ ورِعًا فِي القضاء، حميد السيرة، وافر الدين. استغفي غير مرة في القضاء وناب عَنْهُ أَبُو بَكْر بْن الحداد. وكان إذا حجّ يسدّ المنصب عَنْهُ ابنُ الحدّاد. ثمّ صُرف بعد ثلاث سنين ونصف من ولايته فِي آخر سنة تسعٍ وثلاثين وثلاثمائة، وبقي إلى هذا العام فمات فِي صفر، وولي بعده ابن الخصيب. 595- عُمَر بْن زكريّا البزّاز4: سَمِعَ: يوسف بْن يعقوب القاضي، وعنه: أبو الحسن بن رزقويه. وثقه الخطيب.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 355، 356". 2 الأنساب "10/ 275". 3 الولاة والقضاة للكندي "492"، حسن المحاضرة "2/ 90". 4 تاريخ بغداد "11/ 240".

596- عُمَر بْن محمد بْن أَحْمَد بْن الحدّاد1: العطّار. بغداديّ، ثقة. سكن مصر، وروي عَنْ: تمتام، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، واحمد بْن محمد البرتي، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي العوام. روى عَنْهُ عامّة المصريين: أَبُو محمد بْن النّحّاس، وعبد الغنيّ الحافظ، والحسين بْن أحمد المادرائي، ومحمد بْن عَلِيّ الأنباري. "حرف الميم": 597- محمد بْن أَحْمَد بْن محبوب بْن فُضَيْل2: أَبُو الْعَبَّاس المَرْوزِيّ المحبوبي. مُحَدَّث مَرْو. سَمِعَ: سعَيِد بْن مَسْعُود المَرْوزِيّ، والفضل بْن عَبْد الجبّار الباهليّ، ومحمد بْن عيسى التِّرْمِذيّ، وجماعة. وعنه: أبو عبد الله بْن مَنْدَه، وأبو عبد الله الحاكم، وعبد الجبّار الجرّاحيّ، وإسماعيل بْن يَنَال المحبوبيّ. وكان الرّحلة إِلَيْهِ فِي سماع التِّرْمِذيّ، وغيره. كَانَ شيخ مَرْو ثروةً وإفضالًا، وسماعاته مضبوطة بخطّ خاله أَبِي بَكْر الأحول. وُلِد سنة 249، وتوفي فِي رمضان سنة ست. ورحل إلى تِرْمِذ سنة خمسٍ وستين فيما بلغني. قَالَ الحاكم: سماعه صحيح. 598- محمد بْن إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم: أَبُو تُراب المَوْصِليّ. مِن ساكني هَرَاة. حدَّث بها عَنْ: عُمَيْر بْن مِرْداس النَّهَاوَنْديّ، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد الرّازيّ، وعلي بْن محمد بْن عيسى الماليني. وعنه: أَبُو منصور محمد بْن محمد الأزديّ، وأبو القاسم الداوودي القاضي. 599- محمد بْن بَكْر بْن محمد بْن عَبْد الرّزّاق3: أَبُو بَكْر بْن داسة البصْريّ التّمّار. راوي السُّنَن. سَمِعَ: أَبَا دَاوُد السجستاني، وأبا جعْفَر محمد بْن الْحَسَن بْن يونس الشّيرازيّ، وإبراهيم بْن فهد، وغيرهم. وعنه: أَبُو سُلَيْمَان الخطّابيّ، وأبو بَكْر محمد بْن إبْرَاهِيم بْن المقرئ، وابن جُمَيْع، وأبو بَكْر بْن لال، وأبو عَلِيّ الْحُسَيْن بْن محمد الرُّوذَبَارِيّ، وغيرهم.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 242". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 537"، الوافي بالوفيات "2/ 40، 41"، شذرات الذهب "2/ 373. 3 سير أعلام النبلاء "15/ 538، 539"، الوافي بالوفيات "2/ 255"، النجوم الزاهرة "3/ 318".

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ غَدِيرٍ: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْحَرَسْتَانِيِّ، أَنَا جَمَالُ الْإِسلَام، أَنَا ابْنُ طلَاب، أَنَا ابن جميع، أما محمد ابن بَكْرٍ بِالْبَصْرَةِ: ثنا أَبُو جعْفَرٍ محمد بْنُ الْحَسَنِ، نا الْحَسَنُ بْنُ مَالِكٍ، ثنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "نَهَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ الْقَزَعِ"1. 600- محمد بْن سُهيل بْن بسّام: أَبُو بَكْر الْبُخَارِيّ اللّبّاد. سَمِعَ: سهل بْن المتوكلّ، وصالح بن محمد جَزَرَة. وحدَّث. 601- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن إبْرَاهِيم: أَبُو سعَيِد الزّاهد. أحد العُبّاد المجتهدين بَمْرو. قدِم نيسابور، وحدَّث عَنْ: حمّاد بْن أَحْمَد القاضي، ويحيى بْن ساسُوَيْه. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وغيره. 602- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد بْن مطرِّف المدنيّ: أَبُو ميمون الأديب، نزيل عسقلان. قدِم فِي هذه السنة مصر، فحدث عَنْ: ثابت بْن نُعَيْم الهرجيّ، وبكر الدِّمْياطيّ، وجماعة. وكان إخباريًا علامة. 603- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زياد: أَبُو بَكْر الَّنْيسابوريّ، نزيل مَرْو الرُّوذ. سَمِعَ: جدِّه لأمْه الْعَبَّاس بْن حمزة. والسري بْن خُزَيْمَة، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وبِشْر بْن مُوسَى. ويعُرْف بالعُمانيّ. 604- محمد بْن عُبّيْد اللَّه بْن أَبِي الورد2: حدَّث فِي هذه السنة، وانقطع خبره. سَمِعَ: الحارث بْن أبي أسامه. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وغيره. وهو أَبُو بَكْر البغداديّ. 605- مُحَمَّد بْن القَاسِم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن قاسم بْن منصور3: أَبُو منصور الَّنْيسابوريّ العتكيّ. أوّل سماعاته سنة ثلاثٍ وسبعين. سَمِعَ: السريّ بْن خُزَيْمَة، ومحمد بْن أشرس، والحسين بْن الفضل، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أنس، والحسن بن عَبْد الصّمد، وإسماعيل بن قتيبة، وأحمد بن سلمة.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "5920"، ومسلم "2130"، وأبو داود "4193، 4194"، وأحمد في المسند "2/ 101"، وابن حبان في صحيحه "5507". 2 تاريخ بغداد "2/ 332". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 295"، الإعلام بوفيات الأعلام "147".

وعنه: أبو عبد الله الحاكم وقال: شيخ متيقّظ فَهْم صدوق جيّد القراءة صحيح الأصول. تُوُفّي فِي آخر سنة ستّ. 606- محمد بْن القاسم بْن هارون: أَبُو بَكْر الْمَصْريّ الخبّاز. عَنْ: أَبِي يزيد القراطيسيّ، ونحوه. وثقَّه ابن يونس. 607- محمد بْن محمد بْن حامد1: أَبُو نصر التِّرْمِذيّ. حدَّث ببغداد عَنْ: محمد بْن حبّال الصَّغَاني. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وأبو الْحُسن الحماميّ المقرئ. وكان زاهدًا صالحًا. 608- محمد بْن محمد بْن الْحَسَن الكارِزِيّ2: أَبُو الْحُسَن المعدّل. سمع كتابي "الأموال"، و"غريب الحديث" لأبي عُبّيْد، من عَلِيّ بْن عَبْد العزيز. 609- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حمزة بْن جَميل3: أَبُو جعْفَر البغداديّ الجمّال المحدِّث. سكن سَمَرْقند، وحدَّث عَنْ: أبي بَكْر بْن أَبِي الدنيا، وأحمد بْن عُبّيْد اللَّه النَّرْسيّ، وجعفر بْن محمد بْن شاكر، وعبد الكريم الدَّيْرعَاقُوليّ. ورحل فسمع: عُبّيْد بْن محمد الكشْوَريّ، وأبا عُلاثَة محمد بْن عُمَرو، ويحيى بْن عثمان الْمَصْريّ، وأبا زُرْعَة الدّمشقيّ، وخير بْن عَرَفَة، وطبقتهم بالحجاز، واليمن، والشّام، وبغداد. وعنه: ابن مَنْدَه، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو سعْد الإدريسيّ، ومحمد بْن إبْرَاهِيم الْجُرْجانيّ. وانتخب عَلَيْهِ أَبُو عَلِيّ الحافظ. وكان تاجرًا سفارًا فحدث بأماكن. قَالَ الحاكم: هُوَ مُحَدَّث عصره بخراسان، وأكثر رحلةً وأثبتهم أصولًا. وأتَّجر إلى الرّيّ وسكنها مدّة، فقيل لَهُ: الرّازيّ. وكان صاحب جمال، فقيل لَهُ: الجمّال. انتقى عَلَيْهِ أَبُو عَلِيّ الَّنْيسابوريّ أربعين جزءًا. وتوفي فِي ذي الحجّة بَسَمرْقَنْد. 610- محمد بْن يعقوب بن يوسف بن عقل بن سنان4: أبو العباس

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 281". 2 الإكمال لابن ماكولا "7/ 182"، المشتبه في أسماء الرجال "2/ 539". 3 تاريخ بغداد "3/ 217، 218"، المنتظم "6/ 386"، سير أعلام النبلاء "15/ 546، 547". 4 المنتظم "6/ 386، 387"، الكامل في التاريخ "8/ 520"، سير أعلام النبلاء "15/ 452-560".

الأموي، مولى بْني أمَيّة، الَّنْيسابوريّ الأصمّ. وكان يكره أن يُقال لَهُ الأصم. فكان أَبُو بَكْر بْن إِسْحَاق الصِّبْغيّ يَقُولُ فِيهِ: المَعْقِليّ. قَالَ الحاكم: إنّما ظهر بِهِ الصَّمَم بعد انصرافه من الرحلة، فاستحكم فِيهِ حتّى بقي لا يسمع نهيق الحمار. وكان مُحَدَّث عصره بلا مدافعة. حدَّث فِي الْإِسلْام ستًا وسبعين سنة ولم يختلف فِي صدقه، وصحّة سماعاته، وضبط والده يعقبو الوراق لها. أذن سبعين سنة فيما بلغني فِي مسجده، وكان حسن الخُلُق، سخيّ النّفس، وربّما كَانَ يحتاج فيورِّق ويأكل من أُجرته، وكان يكره الأخْذ عَلَى التحديث. وكان ورّاقه وابنه أَبُو سعَيِد يطالبان الناس ويعلم هُوَ فيكره ذَلِكَ ولا يقدر عَلَى مخالفتهما. سمع منه الآباء والأبناء والأحفاد. سَمِعَ منه الْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن منصور كتاب "الرّسالة"، ثمّ سمعها منه ابنه أبو الْحَسَن، ثمّ ابنه عُمَر. وما رأيتُ الرّحّالة فِي بلدٍ أكثر منهم إِلَيْهِ. رأيتُ جماعة من الأندلس والقيروان، ومن أهل فارس وخوزستان على بابه. وسمعته يَقُولُ: ولدتُ سنة سبْعٍ وأربعين ومائتين. ورأي محمد بْن يحيى الذُّهْليّ؛ وسمع: أَحْمَد بْن يوسف السُّلَميّ، وأحمد بْن الأزهر، ففقد سماعة منهما عند رجوعه مِن مصر، ورحل بِهِ أَبُوهُ سنة خمسٍ وستين عَلَى طريق أصبهان، فسمع بِهَا: هارون بْن سُلَيْمَان، وأسيد بْن عاصم. ولم يسمع بالأهواز، ولا بالبصرة. وسمع بمكّة من أَحْمَد بْن شَيْبان الرّمليّ فقط. ودخل مصر فسمع: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الفقيه، وبكّار بْن قُتَيْبة، والربيع بْن سُلَيْمَان، وبحر بْن نصر، وإبراهيم بْن مُنْقِذ. وسمع بعسقلان: أَحْمَد بْن الفضل الصّائغ وببيت المقدس من غير واحد؛ وببيروت: العباس بن الوليد سمع منه مسائل الأوزاعي. وبدمشق: ابن ملاس النُّمَيريّ، ويزيد بْن عَبْد الصمد. وبحمص: محمد بْن عَوْف. وبطَرَسُوس: أَبَا أمية فأكثر. وبالرقة: محمد بن عبي بْن ميمون. وبالكوفة: الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عفان، وسعيد ابن محمد الحجوائي شيخ ثقة سَمِعَ ابن عُيَيْنَة، ووكيعا. وسمع المغازي وغيرها من أحمد بْن عَبْد الجبّار العُطَارِديّ؛ وبعض "المسند" ممن أَحْمَد بْن أَبِي غَرْزَةَ الغِفَاريّ. ثمّ دخل بغداد فسمع: محمد بْن إِسْحَاق الصَّغانيّ، وعباس بْن محمد الدُّوريّ، ومحمد بْن عُبَيد اللَّه بْن المنادي، ويحيى بْن جعْفَر، وحنبل بْن إسحاق، وأكثر

عَنْهُمَا. خرج علينا فِي ربيع الأوّل سنة أربعٍ وأربعين، فلمّا نظر إلى كثرة النّاس والغُرباء وقد امتلأت السّكّة بهم، وقد قاموا يُطرّقون لَهُ ويحملونه عَلَى عواتقهم من داره إلى مسجده. فجاس على جدار المسجد وبكى، ثم نظر إلى المستلمي فقال: اكتب. سَمِعْتُ الصَّغانيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الأشجّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن إدريس يَقُولُ: أتيت بابَ الأعمش بعد موتِه فدققْت الباب، فأجابتني امرأة: هاي هاي، تبكي يعني، وقالت: يا عبد اللَّه ما فعل جماهير العرب التي كانت تأتي هذا الباب؟ ثمّ بكى الكثير، ثمّ قَالَ: كأني بهذه السّكّة ولا يدخلها أحد منكم فإنيّ لا أسمع، وقد ضَعُف البصر، وحان الرحيل، وانقضى الأجل. فما كَانَ بعد شهر أو أقل حتي كُفَّ بصرُه وانقطعت الرحلة، ورجع أمره إلى أنّه كَانَ ينَاوَل قلمًا فإذا أخذه بيده علم أنهم يطلبون الروايه فيقول: ثنا الرَّبَيع بْن سُلَيْمَان، ويسرد أحاديث يحفظها وهي أربعة عشر حديثًا وسْبع حكايات. وصار بأسوأ حال. وتوفي فِي ربيع الآخر سنة ست وأربعين. وقد ثنا عَنْهُ: أبو عبد الله محمد بْن يعقوب الأخرم، وأبو بَكْر بْن إِسْحَاق، ويحيى العنبريّ، وعبد اللَّه بْن سعْد، وأبو الوليد حسّان بْن محمد، وأبو عَلِيّ الحافظ. وحدث عنه جماعة لم أدركهم: أبو عمرو الحِيريّ، ومؤمَّل بْن الْحَسَن، وأبو عَلِيّ محمد بْن عَبْد الوهّاب الثَّقفيّ. قلتُ: وروى عَنْهُ: الحاكم فأكثر عَنْهُ، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، وأبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبو بَكْر الحيري، وأبو سعيد الصَّيْرفيّ، وأبو صادق محمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الفوارس العطّار، ومحمد بْن إبْرَاهِيم المزكيّ، ومحمد بْن إبْرَاهِيم الْجُرْجانيّ، وأبو بَكْر محمد بْن محمد بْن رجاء، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن بالُوَيْه، وابن محْمِش الفقيه، وأبو زيد عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حبيب القاضي، ومحمد بن محمد بْن بالُوَيْه، والحسين بْن عبدان التّاجر، وأبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن السّرّاج، وأبو بَكْر محمد بْن أَحْمَد النَّوْقانيّ، وأبو نصر محمد بْن عَلِيّ الفقيه، وأحمد بْن محمد الشّاذْياخِيّ، وأبو سعَد أَحْمَد بْن محمد بْن مزاحم الصَّفّار، وإبراهيم بن محمد الطوسيّ الفقيه، وإسحاق بْن محمد السُّوسيّ، وعبد اللَّه بْن يوسف الأصبهانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حامد المقرئ، وأحمد بْن عَبْد الله المهرجاني، أبو نصر أَحْمَد بْن محمد البَالوِيّ، وعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن سختويه، وعلي ابن محمد

الطّرّازيّ، وأبو بَكْر محمد بْن عَلِيّ بْن حِيد، وأحمد بْن محمد بْن الْحُسَيْن السَّليطي النَّحْويّ، والحسين بْن أَحْمَد المُعَاذِي، ومنصور بْن الْحُسَيْن بْن محمد الَّنْيسابوريّ وتوفي هُوَ والطرازي فِي سنة، وهما آخر من سَمِعَ منه. وآخر من رَوَى عَنْهُ فِي الأرض أبو نُعَيْم الحافظ كتابةً. وقال الحاكم: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاس يَقُولُ: حدثت بكتاب "معاني القرآن" للفرّاء سنة نَيِّفٍ وسبعين ومائتين. وسمعت محمد بْن حامد يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حامد الأعمشيّ يَقُولُ: كتبنا عَنْ أَبِي الْعَبَّاس بْن يعقوب الورّاق سنة خمسٍ وسبعين فِي مجلس محمد بْن عَبْد الوهّاب الفرّاء. سَمِعْتُ محمد بْن الفضل: سَمِعْتُ جدي أَبَا بَكْر بْن خُزَيْمَة وسُئل عن سماع كتاب "المبسوط" تأليف الشافعي، من الأصم فقال: اسمعوا منه فإنّه ثقة، رَأَيْته يسمع بمصر. وقال: سمعتُ أَبَا أَحْمَد الحافظ: سَمِعْتُ عبد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم يَقُولُ: ما بقي لكتاب "المبسوط" راوٍ غير أَبِي الْعَبَّاس الورّاق. وبَلَغَنا أنّه ثقة صدوق. قَالَ الذّهبيّ: وقع لنا جملة من طريق الأصمّ. من ذَلِكَ "مُسْند الشّافعيّ" فِي مجلّد. وهو المُسْنَد لم يفُردْه الشّافعيّ رحمه الله، بل خرّجه أَبُو جعْفَر محمد بْن جعْفَر بْن مطر لأبي الْعَبَّاس الأصمّ ممّا كَانَ يروي عَنِ الربيع، عن الشافعي، من كتاب "الأم"، وغيره. قَالَ الحاكم: قرأتُ بخطّ أَبِي عَلِيّ الحافظ يحثّ الأصمّ عَلَى الرجوع عَنْ أحاديث أدْخلوها عَلَيْهِ، منها حديث الصَّغانيّ، وعن علي بن حكيم في قبض العلْم وحديث أَحْمَد بْن شَيْبان، عَنْ سُفْيَان، عَنِ الزُّهْريّ، عَنْ سالم، عَنْ أَبِيهِ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سريه. فوقّع الأصمّ: كُلُّ من روى عنّي هذا فهوَ كذّاب، وليس هذا فِي كتابي. فَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بِمِصْرَ: أنبا نصْرُ بن جرو. "ح" وأنا جماعة قالوا: نا جَعْفَرٌ الْهَمَذَانِيُّ. "ح"، وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا أَبُو الْمَفَاخِرِ محمد بْنُ محمد بْنِ سَعْدٍ الْمَأْمُونِيُّ، وَأنا عَلِيُّ بْنُ الْقَيِّمِ، أَنَا الْجُوَّجَانِيُّ وَحْدَهُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الصُّوفِيِّ:

وابن رواج، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ فَقَطْ قَالا: ثنا محمد بْنُ يَعْقُوبَ الأُمَوِيُّ. "ح" وَقَرَأْتُ عَلَى محمد بْنِ حُسَيْنٍ الْفَوِّيِّ: أَخْبَرَكُمْ محمد بْنُ عَمَّارٍ، ونا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْخِلَعِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَر البزّاز، أنا أبو عمرو عُثْمَانُ بْنُ محمد السَّمَرْقَنْدِيُّ سنة ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ بِمِصْرَ قَالا: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ الرَّمْلِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سريه إلى نَجْدٍ فَبَلَغَ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنَفَّلَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعِيرًا بَعِيرًا"1. وَهِمَ فِيهِ أَحْمَد بْن شَيْبان؛ وصوابه ما رَوَاهُ الحميدي، عَنْ سُفْيَان فقال: عَنْ أيّوب بدل الزُّهْريّ. فأمّا الَّذِي أنكره أَبُو عَلِيّ الحافظ عَلَى الأصمّ، ورجع الأصمّ كونه وهِمَ فِيهِ عَلَى أَحْمَد بْن شَيْبان فقال: سالم، بدل نافع. وقال الحاكم: قرأت بخطّ أَبِي عمرو أحمد بْن المبارك المستملي: حدثني محمد بْن يعقوب بْن يوسف أَبُو الْعَبَّاس الورّاق: ثنا الربيع بْن سُلَيْمَان، نا بِشْر بْن بَكْر، فذكر حديثين. قلتُ: بين وفاة أَحْمَد بْن المبارك هذا، وهو حافظ مشهور سمع من قُتَيْبة وطبقته، وبين وفاة أبي نعيم الذي يروي بالإجازة عَنِ الْأصمّ مائة وأربعون سنة وستّ سنين. قالَ الحاكم: حضرتُ أَبَا العباس يوما خرج ليؤذن للعصر، فوقف وقال بصوتٍ عال: أنبا الربيع بْن سُلَيْمَان قَالَ: أنبا الشّافعيّ، ثمّ ضحِك وضحِك النّاس، ثمّ أذَّن. وسمعتُ أَبَا الْعَبَّاس يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبِي فِي المنام فقال لي: عليك بكتاب البُوَيْطيّ، فليس فِي كُتُب الشّافعيّ كتابٌ أقلّ خطًأ منه. رحمه اللَّه تعالى. "حرف الواو": 611- وَهْبُ بْن مَسَرَّة بْن مُفّرج بْن بَكْر2: أبو الحزم التميمي الأندلسي الحجازي.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3134، 4338"، ومسلم "1749"، وأحمد في المسند "2/ 62". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 556-558"، لسان الميزان "6/ 231".

سَمِعَ بقُرْطُبة: محمد بْن وضّاح، وعُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن يحيى، وأحمد بْن الراضي، والأعناقيّ. وببلده من: أَبِي وَهْبُ بْن أَبِي نُخَيْلة، ومحمد بْن عَزْرَة. وكان حافظًا للفقه، بصيرًا بِهِ وبالحديث والعِلَل والرّجال مَعَ ورع وفضل. دارت عَلَيْهِ الفُتْيا بموضعه، وله أوضاع حسنة. واستقدام إلى قرطبة وأخرجت إِلَيْهِ أصول ابن وضّاح التي سَمِعَ منها، فسُمِعت منه. وسمع منه عالم عظيم. أخذ عَنْهُ: أَبُو محمد القَلَعيّ، وأحمد بْن العجوز والد الشَّيْخ عَبْد الرّحيم، ومحمد بن علي ابن الشَّيْخ السَّبْتيّ، وأبو عُمَر أَحْمَد بْن محمد بْن الْجَسُور، وأحمد بْن القاسم التَّاهرْتيّ، وأخرون. وتوفي في ببلده بعد رجوعه من قُرْطُبَة فِي نصف شعبان، وسمع منه الإمامان: أَبُو محمد بْن حزم، وابن عَبْد البَرّ من أصحابه. وحدَّث بمُسْنَد ابن أَبِي شَيْبة. وقد كانت منه هفوة فِي المعتقد فِي القَدَر، نسأل اللَّه السّلامة فِي الدّين. قَالَ ابن الفَرَضيّ: محمد بن المفرج القرطبي تُرِك لأنّه كَانَ يدعو إلى بدْعة وَهْبُ بن مسرة. وفيات سنة سبع وأربعين وثلاثمائة "حرف الألف": 612- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد بْن جامع الْمَصْريّ السُّكّريّ1: أَبُو الْعَبَّاس. سَمِعَ من: مِقْدام بْن دَاوُد الرُّعْينيّ، وأحمد بْن محمد بن رشدين، وعلي بن عبد العزيز البَغَوِيّ، وروح بْن الفَرَج القطّان، وطائفة. وعنه: ابن مَنْدَه، وعبد الرحمن بْن النّحّاس، واحمد بْن محمد بْن الحاجّ الإشبيليّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن جُمَيْع الغسّانيّ. وثقَّه ابن يونس؛ ومحمد بن علي الأدفوي، ومحمد بن الحضْرميّ، وأحمد بْن عُمَر الجيزيّ شيخ الدّانيّ، وعمر بْن محمد المقرئ. وحدَّث: قرأ نافع عَنْ بَكْر بْن سهْل الدِّمْياطيّ، عَنْ أبي الأزهر، عَنْ ورش، عَنْ نافع. تُوُفّي سابع المحرَّم. 613- أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن أيّوب بْن دَاوُد بْن عَبْد اللَّه بْن حَذْلم2: أَبُو الحسن الأسدي الدمشقي القاضي الفقيه.

_ 1 المنتظم "6/ 387"، سير أعلام النبلاء "15/ 529"، حسن المحاضرة "1/ 156". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 514، 515"، النجوم الزاهرة "3/ 320"، شذرات الذهب "2/ 274".

الأوزاعيّ المذهب. سَمِعَ: أَبَاه، وأبا زُرْعَة، ويزيد بْن عَبْد الصمد، وبكّار بْن قُتَيْبة، وأحمد بْن محمد بْن يحيى بْن حمزة، وجماعة. وعنه: تمام الرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وابن مَنْدَه، وأبو الْحُسَيْن بْن مُعَاذ الداراني، وأبو عبد الله بْن أَبِي كامل. وناب في القضاء عَنْ أَبِي الطّاهر الذُّهْليّ، وغيره بدمشق. وكان حَذْلَم نصرانيًا فأسلم. وقال أَبُو الْحُسَيْن الرّازيّ: هو آخر من حدَّث. فكانت لَهُ حلقة بجامع دمشق يدرِّس فيها مذهب الأوزاعيّ. وقال الكتانيّ: كَانَ ثقة مأمونًا نبيلًا. قلت: وقع لي حديثه بعُلُوّ. 614- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الجبّار بْن جَبْرُوَيْه1: أَبُو سهل. بغدادي، صدوق. سَمِعَ: يحيى بْن جعْفَر، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وعنه: ابن رزقويه، وأبو الحسن الحمّاميّ. 615- أَحْمَد بْن الفضل بْن الْعَبَّاس بْن خُزَيْمَة2: أَبُو عَلِيّ. سَمِعَ: أَبَا قِلابة الرَّقَاشيّ، وعبد اللَّه بْن رَوْح المدائني، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل التِّرْمِذيّ، وأحمد بْن سعَيِد الجمّال. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وابن رزْقَوَيْه، وأبو الْحُسَيْن ابنا محمد بْن عَبْد اللَّه بْن بِشْران. وهو ثقة. وُلِد سنة ثلاثٍ وستين، وتوفي فِي صفر. قَالَ أَبُو الفتح محمد بْن أَبِي الفوارس: هذا أول شيخٍ سَمِعْتُ منه. 616- أَحْمَد بْن محمد بن عبد الملك بن أيمن الأندلس3: سَمِعَ: أَبَاهُ، وأحمد بْن خَالِد، وابن لُبَابَة. وكان فقيهًا، بصيرًا بالنَّحْو، بارعًا فِي الشِّعْر، مِن كبار العلماء. تُوُفّي فِي ذي القعدة كهْلًا. 617- إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن الفضل بْن محمد بْن المسيّب الَّنيْسابوريّ4: أَبُو الْحَسَن الشّعْرانيّ. سَمِعَ: جدّه، وأباه، ومحمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ، والطبقة.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 312". 2 تاريخ بغداد "4 347، 348"، سير أعلام النبلاء "15/ 515، 516"، شذرات الذهب "2/ 347". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 42"، بغية الوعاة "1/ 372". 4 الأنساب "7/ 343، 344".

وخرج لنفسه الفوائد. كان مجتهدًا فِي العبادة، تُوُفّي فِي رجب. روى عَنْهُ الحاكم وقال: لم أرْتَبْ فِي شيء من أمره إلا روايته عَنْ عُمَيْر بْن مِرْداس، فالله أعلم. وسألتهُ: أَيْنَ كتبت عَنْ عُمَيْر؟ قَالَ: لمّا رحلت إلى مصر بْن أيّوب؛ فلعلّه كما قَالَ. "حرف الجيم": 618- جعْفَر بْن محمد بْن هشام1: أبو عبد الله الكندي ابن بنت عدبس، والدمشقي. روى عَنْ: أَبِي زُرْعَة، ويزيد بْن عَبْد الصمد، وعبد الباري الْجِسْرينيّ، وأحمد بن إبراهيم بن فيل، وخلق كثير. وعنه: ابن منده، وتمام، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي نصر، وعبد الله بن أحمد بن معاذ الداراني. توفي في ربيع الآخر. قال الكتاني: ثقة، مأمون. "حرف الحاء": 619- الحُسَيْن بْن أحمد بْن يحيى بْن الحُسَيْن: أبو عبد الله العلوي. حدث في هذه السنة عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه بكتاب "الردُّ عَلَى من زعم أنّ القرآن قد ذهبَ منه". روى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن حَيَّوَيْه، وعَبْد اللَّه بْن الثّلاج، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر الدّمشقيّ، وغيرهم. 620- حمزة بْن محمد بْن الْعَبَّاس2: أَبُو أحمد الدِّهقان العَقَبيّ. بغداديّ، ثقة، يسكن بالعَقَبَة التي بقرب دِجْلة. سَمِعَ: أحمد بْن عَبْد الجبار العُطَارِديّ، ومحمد بْن عيسى المدائنيّ، والعباس الدُّوريّ، وابن أَبِي الدُّنيا، وعبد الكريم الدَّيْرعَاقُوليّ. وعنه: الحاكم، وابن رزْقَوَيْه، وأبو القاسم الْجَرْميّ، وأبو الْحُسَيْن بْن بِشْران، وأبو عَلِيّ بْن شاذان. وآخر من روى عَنْهُ عَبْد الملك بْن بشران.

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 507"، الوافي بالوفيات "5/ 182". 2 تاريخ بغداد "8/ 182"، الأنساب "9/ 14"، سير أعلام النبلاء "15/ 416"، شذرات الذهب "2/ 375".

"حرف الزاي": 621- الزُّبَيْر بْن عَبْد الواحد بْن محمد بْن زكريّا1: أبو عبد الله الأسَدَاباذيّ؛ وقيل: أَحْمَد بدل محمد. سَمِعَ: محمد بْن نُصَير الأصبهاني، وأبا خليفة الْجُمحيّ، والحسن بْن سُفْيَان، وعبدان الأهوازيّ، وعبد اللَّه بْن ناجية، وابن قُتَيْبة العسقلانيّ، وأبا يَعْلَى المَوْصِليّ، وأبا الْعَبَّاس السّرّاج، وابن جَوْصا. وطوَّف وكان حافظًا متقنا. سمع الدارقطني، من محمد بْن مَخْلَد العطّار، عَنْهُ. وقال الحاكم: كَانَ من الصالحين "المستورين" الثّقات الحُفّاظ. صنَّف الأبواب والشيوخ. قلت: روى عَنْهُ: الحاكم أبو عبد الله، وأبو بَكْر الْجَوْزَقيّ، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، ويحيى بْن إبْرَاهِيم المزِكّيّ، والقاضي عَبْد الجبّار بْن أَحْمَد الهَمَذَانيّ. تُوُفّي بأسَدَاباذ فِي ذي الحجّة. "حرف الضاد": 622- الضّحّاك بْن يزيد2: أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السَّكْسكيّ البَتَلْهيّ. روى عَنْ: أَبِي زُرْعَة الدّمشقيّ، ووَزِيرة الغسّانيّ. وعنه: تمام الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر. توفي في أول السنة. "حرف الطاء": 623- طاهر بن محمد بن عبد الله بن خالد: أبو أحمد المزني المغفلي. من ولد عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه. هروي جليل. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن أَبِي سُفْيَان المَوْصِليّ، وعبد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن السُّكّريّ، وأبي صخرة الكاتب. وعنه: أَبُو منصور محمد بن محمد الأزدي، وغيره.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 472، 473"، الأنساب "1/ 224"، تذكرة الحفاظ "3/ 900، 901"، سير أعلام النبلاء "15/ 570". 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 32".

"حرف العين": 624- عَبْد الأعلى بْن أَحْمَد بْن يونس بْن عَبْد الْأعلى: الصَّدفيّ، الْمَصْرِيّ، أَبُو سَلَمَةَ الفقيه الحنفيّ، صاحب الطَّحاويّ. تُوُفّي عَنْ ثلاثٍ وسبعين سنة بمصر، وهو أخو الحافظ أَبِي سعَيِد عَبْد الرَّحْمَن. 625- عَبْد اللَّه بْن بِشْران بْن محمد بْن بِشْر1: أَبُو الطَّيْب الأُمَويّ، جد أَبِي الْحُسَيْن بْن بِشْران وأخيه. روى عَنْ: بِشْر بْن مُوسَى، ويوسف القاضي. وعنه: ابنه محمد، وأخوه عمر. قال الخطيب: كان ثقة، يتولى القضاء بنواحي حلب. 626- عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان2: أبو محمد الفارسي النحوي، صاحب المبرّد. سَمِعَ: يعقوب بْن سُفْيَان الفَسَويّ، وأحمد بْن الحُبَاب، وعباس بن محمد الدوري، ويحيى بن أبي طَالِب، ومحمد بْن الْحُسَيْن الحُنَيْنيّ، وأبا محمد بْن قُتَيْبة، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن منصور. قدِم من فَسَا فِي صِباه، فسمع ببغداد واستوطنها. وبرعَ فِي العربيّة، وصنَّف التّصانيف. مولده سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين. روى عَنْهُ: الدّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وابن منده الحافظون، وابن رزقويه، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان، وغيرهم. وصنَّف كتاب "الإرشاد فِي النَّحْو"، "وتفسير كتاب الْجَرْميّ"، وكتاب "الهجاء" وهو من أحسن كتبه، و"معاني الشعر"، و"شرح الفصيح"، و"غرب الحديث"، و"الرد عَلِيّ ثعلب"، وكتاب "أدب الكاتب"، وكتاب "المذَّكر والمؤنَّث"، وكتاب "المقصور والممدود"، وكتاب "المعاني فِي القراءات". وكان شيديد الانتصار للبصْرييّن فِي اللُّغة والنحو. وثقَّه ابن مَنْدَه، والحسين بْن عثمان الشّيرازيّ. وتُوُفّي في صفر. وضعّفه هبة اللَّه اللالكائيّ وقال: بلغني عنّه أنّه قِيلَ لَهُ: حدَّث عَنْ عَبَّاس الدُّوريّ حديثًا ونُعطيك درهمًا. ففعل، ولم يكن سَمِعَ منه. قَالَ الخطيب: سَمِعْتُ هبه اللَّه يَقُولُ ذَلِكَ. وهذه الحكاية باطلة؛ لأنّ ابن

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 425"، المنتظم "6/ 388". 2 المنتظم "7/ 388"، وفيات الأعيان "3/ 44"، ميزان الاعتدال "2/ 400، 401"، سير أعلام النبلاء "15/ 531"، لسان الميزان "3/ 267، 268".

دستوريه كان أرفع من أن يكذب. وقد ثنا ابن رزْقَوَيْه، عنه بأمالي فيها أحادث عَنْ عَبَّاس الدُّوريّ. وسألتُ البَرْقانيّ عَنْهُ فقال: ضعّفوه بروايته تاريخ يعقوب عَنْهُ، وقالوا: إنمّا حدث بِهِ قديمًا، فمتي سمعه منه؟ قَالَ الخطيب؛ وفي هذا نظر؛ لأن جعْفَر بْن دَرَسْتَوَيه كَانَ من كبار المحدثين، سَمِعَ عَلِيّ بْن المدينيّ، وطبقته. فلا يُستنكر أن يكون بكَّرَ بابنه فِي السَّماع، مَعَ أن أَبَا القاسم الأزهريّ قد حدثني، قَالَ: رأيتُ أصل كتاب ابن دَرَسْتَوَيه بتاريخ يعقوب بْن سُفْيَان، ووجدتُ سماعَهُ فيه صحيحًا. قلتُ: وُلِد بفَسَا، وأدرك من حياة يعقوب ثمانية عشر عامًا. 627- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن شهاب1: أَبُو طَالِب العُكْبَريّ. سَمِعَ: خَلَف بْن عمرو العكبري، ومحمد ابن أَحْمَد بْن البَرَاء، وأبا شعيب الحرّانيّ، ويوسف القاضي. وعنه: يوسف القواس، ومحمود بْن عُمَر العُكْبَريّ، وغيرهما. وكان ثقة. 628- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْن راشد2: أَبُو الميمون البَجَليّ الدّمشقيّ. سَمِعَ: بكّار بْن قُتَيْبة، ويزيد بْن عَبْد الصمد، وأبا زُرْعَة، وأحمد بْن محمد بْن يحيى بْن حمزة، وخلقًا كثيرًا. روى عَنْهُ: ابن مَنْدَه، وتّمام، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر، وأبو عَلِيّ بْن مُهَنَّى، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر. وكان أديبًا شاعرًا، ثقة، مأمونًا. بلغ خمسًا وتسعين سنة. 629- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن يونُس بْن عَبْد الأعلى3: الصَّدَفيّ الْمَصْريّ الحافظ أبو سعَيِد. مؤرّخ ديار مصر. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة، وله ستُّ وستّون سنة؛ لأنّه وُلِد سنة إحدى وثمانين ومائتين. وسمع: أَبَاهُ، وأحمد بْن حمّاد زُغْبة، وعليّ بْن سعَيِد الرازي، وعبد الملك بن

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 128"، المنتظم "6/ 388". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 533"، شذرات الذهب "2/ 375". 3 وفيات الأعيان "3/ 137، 138"، تذكرة الحفاظ "3/ 898، 899"، سير أعلام النبلاء "15/ 978"، شذرات الذهب "2/ 375".

يحيى بْن بُكَيْر، وأحمد بْن شُعيب النَّسائيّ، وعبد السّلام بْن سهل البغداديّ، وخلقًا سواهم. ولم يرحل، لكن كَانَ إمامًا فِي هذا الشّأن. روى عَنْهُ: أبو عبد الله بْن مَنْدَه، وأبو محمد بْن النّحّاس، وعبد الواحد بْن محمد البلْخيّ، وجماعة من الرّحّالة والمغاربة. وله كلام فِي الجرح والتّعديل يدلّ عَلَى بصره بالّرجال ومعرفته بالعِلَل. 630- عَلِيّ بْن إبْرَاهِيم بْن عقّار الْبُخَارِيّ: سَمِعَ: أَبَا شهاب مُعَمَّر بْن محمد البلْخيّ، وصالح جَزَرَة الحافظ. وحدَّث. 631- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن سهل1: ويقال عَلِيّ بْن إبْرَاهِيم أَبُو الْحَسَن البُوشَنْجيّ الزّاهد، شيخ الصُّوفيّة. صحِب: أَبَا عُمَر الدّمشقيّ، وأبا الْعَبَّاس بْن عطاء. وسمع بهراة: محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الشّاميّ، والحسين بْن إدريس. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو الْحَسَن العَلَويّ، وعبد اللَّه بْن يوسف الأصبهاني. وقد صحِب بنيسابور أَبَا عثمان الحِيريّ. واستوطن نيسابور سنة أربعين، فبني بها دارًا للصّوفيّة، ولزِم المسجد إلى أن تُوُفّي بها. قَالَ السُّلَميّ: هُوَ أحد فتيان خُرَاسان، بل واحدُها، لَهُ شأنٌ عظيم فِي الخُلق والفُتُوَّة. وله معرفة بعلومٍ عدّة، وكان أكثر الخُراسانيّين تلامذته. وكان عارفًا بعلوم القوم. قَالَ الحاكم: سمعته يَقُولُ وسُئل: ما التوحيد؟ قَالَ: أن لا تكون تشبّه الذّات، ولا تنفي الصّفات. وَسَمِعْتُهُ سُئِلَ عَنِ الْفُتُوَّةِ فَقَالَ: الْفُتُوَّةُ عِنْدَكُمْ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] . وَفِي خَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحبَّ لِأَخِيهِ ما لا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" 2. فَمَنِ اجْتَمَعَا فِيهِ فَلَهُ الْفُتُوَّةُ.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 379"، المنتظم "6/ 390"، النجوم الزاهرة "3 320". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "13"، مسلم "45"، الترمذي "3515"، والنسائي "8/ 125"، وابن ماجه "66"، وأحمد في المسند "3/ 176، 272"، وابن حبان في صحيحه "234"، وغيرهم.

وقال البُوشَنْجيّ: النَّظَر فخُّ إبليس نصبَه للصّوفيّة، وبكى. قَالَ الحاكم: سمعته غير مرّة يُعاتب فِي ترْك الجمعة فيقول: إن كانت الفضيلة فِي الجماعة فإنّ السّلامة فِي العُزْلة. قلتُ: هذا عذرٌ غير مقبول منه، ولا رُخْصَةَ فِي ترك الجمعة لأجل سلامة العُزْلة. وهذا بالإجماع. 632- عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن1 بْن عيسى بْن زيد بْن مأتي، بالفتح: الكاتب أَبُو الحسين الكوفيّ. مولى زيد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الحسيني الزَّيْديّ. حدَّث ببغداد عَنْ: إبْرَاهِيم بْن أبي العنبس، وإبراهيم بن عبد الله القصار، أحمد بن حزم الغِفَاريّ. والحسين بْن الحَكَم. وعنه: أَبُو الْحُسَيْن بن رزقويه، ومحمد بن الحسين القطن، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان. قَالَ الخطيب: ثقة. تُوُفّي فِي ربيع الأول وله ثمان وتسعون سنة. "حرف القاف": 633- القاسم بْن سعْدان بْن إبْرَاهِيم بْن عَبْد الوارث بْن محمد بْن يزيد2: مولى عَبْد الرَّحْمَن بن معاوية الداخل، أبو محمد الأندلسيّ. من أهل رَيَّة، نزل قُرْطُبَة. وسمع: عُبّيْد اللَّه بْن يحيى، وطاهر بْن عَبْد العزيز، وجماعة كبيرة. وكان متقنًا ضابطًا، محدِّثا بصيرًا بالنَّحْو والشِّعر واللغة. قَالَ ابن الفرضيّ: لا أعلم بالأندلس أحدًا عُنِي بالكُتُب عنايَته، ولم يتفرَّغ أن يحدثَ. 634- القاسم بْن عَبْد الله بن شهريار: سبط أبي علي بالروذباي. سكن مصر، وحدَّث عَنْ: إِسْحَاق بْن الْحُسَن الحربيّ. وكان شيخ الصُّوفيّة. قَالَ أَبُو الفتح بْن مسرور: كتبتُ عَنْهُ، وكان ثقة. 635- القاسم بْن محمد بْن محمد بْن عَبْدُوَيْه: أَبُو أَحْمَد الهَمَذَانيّ الصَّيْرفيّ السّرّاج. عَنْ: الحارث بْن أَبِي أسامة، وجماعة. وعنه: أَبُو بَكْر بْن لال، وأبو سهل بْن زَيْرَك، وأحمد بْن تركان. وكان أحد الصالحين يتبرك بقبره.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 32، 33"، المنتظم "6/ 389"، سير أعلام النبلاء "15/ 566، 567". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 367، 368"، بغية الوعاة "2/ 254".

"حرف الميم": 436- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن عُمَر بْن بشير بْن الفَرُّخَان الثَّقفيّ1: مولاهم الأصبهانيّ الكسائيّ أبو عبد الله المقرئ. روى عَنْ: أَبِي خَالِد عَبْد العزيز بْن معاوية الْقُرَشِيّ، وعبد اللَّه بْن محمد بْن النعمان، وأحمد ابن يحيى بْن حمزة، وأبي بَكْر بْن أَبِي عاصم، وعنه: أَبُو إِسْحَاق بْن حمزة الحافظ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وأبو بَكْر محمد بْن أَبِي عَلِيّ الذّكْوانيّ، ومحمد بْن عَلِيّ بْن مُصْعَب، وجماعة. سمعنا جزءًا من حديثه. وكان قد قرأ عَلَى: محمد بْن عَبْد اللَّه بْن شاكر، وجعفر بْن عَبْد اللَّه بْن الصّبّاح الأصبهانيّ صاحب أَبِي عُمَر الدُّوريّ. قرأ عليه: محمد بن عبد الله بن أشْتَه، وغيره. 637- محمد بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن مُصْلِحٍ: أَبُو بَكْر الرّازيّ، قاضي الرِّيّ. 638- محمد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن سهل2: أبو الفضل النيسابوري، ثم البغدادي الصيرافي. عَنْ: أَبِي مُسلْمِ الكَجّيّ. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وغيره. وثقَّه الخطيب. 639- محمد بْن إبْرَاهِيم بْن الفضل الهاشميّ3: أَبُو الفضل. مِن أكابر شيوخ نَيْسابور، وممّن زكّاه إبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب، ومن المكثرين من كتابة الحديث. سَمِعَ: محمد بْن عُمَرو الحَرَشيّ، ومحمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ، والحسين بن محمد القباني. وبالري: محمد ابن أيّوب. وببغداد: أَبَا مُسلْمِ الكَجّيّ، وموسى بْن هارون. وبالكوفة: محمد بْن عبد اللَّه الحضْرميّ مُطَيَّنًا. وخلْقًا سواهم. وعنه: الحاكم، ويحيى بْن إبْرَاهِيم المزكّيّ، وابن مَنْدَه، وآخرون. وكان ثقة، تُوُفّي فِي شوّال. 640- محمد بْن جعْفَر بْن محمود: أَبُو سعْد الهَرَويّ الصَّيْرفيّ. روى عَنْ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان الحضْرميّ، وأقرانه. وعنه: أبو عبد الله الحاكم،

_ 1 ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم "2/ 282". 2 تاريخ بغداد "1/ 340"، المنتظم "6/ 389". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 572".

والسّيّد أَبُو الْحسَن العلويّ. وكان حنبليًّا صالحًا. سَمِعَ أَحْمَد بْن نجدة، وعبد اللَّه بْن محمود. 641- مُحَمَّد بْن الْحُسَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أَبِي الشَّوارب1: الفقيه القاضي أَبُو الْحَسَن البغداديّ. ولي قضاء بغداد. وحدَّث عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس بْن مسروق. وعنه: الْحُسَيْن بْن محمد الكاتب. وكان أحد الأجواد. وكان قبيح الذّكر فيما تولاه، قد شاع ذَلِكَ. تُوُفّي فِي رمضان عَنْ نَيِّفٍ وسبعين سنة. وكان هُوَ يولّي قضاء مصر من يختار، ويكتب إِلَيْهِ بعهده، وكذا إلى ما دون مصر كدمشق وغيرها. وقد عُزل عَنِ الْقضاء قبل موته بمدّة. وكان جدِّه قاضي مدينة أَبِي جعْفَر المنصور؛ وهو من بيت الحشمة والقضاء. 642- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عبد الله بْن الْجُنَيْد2: الحافظ أَبُو الْحُسَيْن الرّازيّ. نزيل دمشق. سَمِعَ: محمد بْن حفص المِهْرقانيّ، ومحمد بْن أيّوب، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد، وعبد الوهاب بن مسلم ابن وَارَةَ، وجماعة ببلده، ومحمد بْن جعْفَر الفَتّات بالكوفة؛ والحسن بْن سُفْيَان بنَسَا؛ والفرْيابيّ ببغداد؛ وأصحاب هشام بْن عمّار بدمشق؛ وخلقًا سواهم. وعنه: ابنه تمّام، وعقيل بْن عُبّيْد اللَّه بْن عَبْدان، وأبو الْحَسَن بْن جَهْضَم، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر. قَالَ الكتانيّ: كَانَ ثقة نبيلًا مصنّفا. 643- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَرو القَرْطميّ الأصبهانيّ3: متعبّد صالح. سمع: عبد الله بن محمد بن النعمان، وأحمد بن عمرو البزاز. عنه: أَبُو نُعَيْم. 644- محمد بْن القاسم بْن معروف بْن حبيب بْن أبان4: أَبُو عَلِيّ الدّمشقيّ. سَمِعَ: أَحْمَد بْن عَلِيّ المَرْوزِيّ القاضي، وأبا حامد محمد بْن هارون الحضرميّ، وأبا عُمَر محمد بْن يوسف القاضي، وزكريّا بْن أَحْمَد البلخي، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 200"، المنتظم "6/ 389، 390"، الكامل في التاريخ "8/ 526". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 17، 18"، النجوم الزاهرة "3/ 320"، شذرات الذهب "2/ 376". 3 أخبار أصبهان "2/ 283، 284". 4 سير أعلام النبلاء "15/ 572، 573"، ميزان الاعتدال "4/ 14"، لسان الميزان "5/ 347".

وعنه: ابن أخيه عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن أَبِي نصر، والحافظ عبد الغنيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّحّاس، وعبيد اللَّه بْن الْحَسَن الوراق، وآخرون. قَالَ الكتانيّ: تُوُفّي سنة سبْعٍ وأربعين وقال غيره: سنة تسعٍ. قَالَ الكتانيّ: حدَّث عَنْ أَحْمَد بْن عَلِيّ بأكثر كتبه، وأنهم فِي ذَلِكَ. وقيل: إنّ أكثرها إجازة. وكان يحبّ الحديث وأهله ويُكرمهم. وكان صاحب دُنيا. وصنَّف كتُبًا فِي الأخبار. وقال عُبّيْد بْن قُطيش: ثنا أَبُو عَلِيّ بْن معروف أنّه وُلِد سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين، وأنه سَمِعَ من أَحْمَد بْن عَلِيّ القاضي سنة اثنتين وتسعين. قلت: وقع لنا حديثه بعُلُوّ. 645- محمد بْن محمد بْن أحْيَد بْن مجاهد1: أَبُو بَكْر البلْخيّ الفقيه. سَمِعَ: مُعَمِّر بْن محمد العوفي، وإسحاق ابن هَيّاج. وعنه: المُعَافى الْجُرَيْريّ، وابن رزْقَوَيْه. وكان ثقة صالحًا. حدَّث ببغداد. وتوفي ببلْخ. 646- محمد بْن هشام بْن عَدَبسَّ2: أبو عبد الله الكنديّ الدّمشقيّ. سَمِعَ: أَبَا زُرْعَة، ويزيد بْن عَبْد الصمد. وعنه: تمام الرازي، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر. هُوَ إن شاء اللَّه جعْفَر بْن محمد بْن عَدَبسَّ. 647- محمد بْن أَبِي زكريّا يحيى بْن النُّعْمان3: أَبُو بَكْر الهَمَذاني الفقيه الشّافعيّ. صاحب ابن سُرَيْج. كَانَ أوحد زمانه بالفقه، وله كتاب "السُّنَن"، لم يسبق إلي مثله. سَمِعَ: مُوسَى بْن إِسْحَاق الْأَنْصَارِيّ، وأبا خليفة، وجماعة. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو بَكْر بْن لال، والقاضي عَبْد الجبّار المتكلِّم. تُوُفّي فِي ذي الحجة. ترجمه شيرويه.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 218". 2 تقدم برقم "617". 3 طبقات الشافعية للإسنوي "2/ 525".

"حرف الْيَاءِ": 648- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُرَيْج1: أَبُو زكريّا الْبُخَارِيّ المؤذّن. عَنْ: سهل بْن المتوكّل، وصالح جَزَرَة، وغيرهما. قيده ابن ماكولا فِي سُرَيْج بالجيم. "الكنى": 649- أَبُو محمد بْن عَبْدك البصْريّ2: الحنفيّ. إمام كبير، صنَّف "شرح الجامعين"، وغير ذلك. ودرس وأقرأ المذهب. وفيات سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة "حرف الألف": 650- أحمد بْن سلْمان بْن الْحَسَن بْن إسرائيل بْن يونس الفقيه3: أَبُو بَكْر البغداديّ النّجّاد الحنبليّ. سَمِعَ: يحيى بْن أَبِي طالب، والحسن بْن مَكْرَم، وأبا دَاوُد السِّجِسْتانيّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وأحمد بْن مُلاعِب، وهلال بْن العلاء، وأحمد بْن محمد البِرْتيّ، وإسماعيل القاضي، وخلقًا سواهم بعدهم. قَالَ الخطيب: وكان صدوقًا عارفًا، صنَّف كتابًا كبيرًا فِي السُّنَن، وكان له فِي جامع المنصور يوم الجمعة حلقتان، حلقة قبل الصّلاة للْفَتْوَى، "فِي الفقه عَلَى مذهب أَحْمَد بْن حنبل" وأخرى بعد الصلة للإملاء. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر القَطِيعيّ مَعَ تقدُّمه، والدّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، والحاكم، وأبو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه، وأبو الْحَسَن بْن بشران، وأخوه أبو القاسم بن بشران، وابن الفضل القطَّان، وأبو الْحَسَن الحَمّاميّ، ومحمد بْن فارس الغوريّ، وأبو عَلَى بْن شاذان، وابن عقيل البارودي وأبو بَكْر بْن مَرْدُوَيْه، وآخرون. وكان ابن رزْقَوَيْه يَقُولُ: أَبُو بَكْر النّجّاد ابن صاعدنا. وقال أَبُو إِسْحَاق الطَّبَريّ: كَانَ النّجّاد يصوم الدهر، ويفطر كل ليلة على رغيف

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "4/ 277". 2 معجم المؤلفين "10/ 272". 3 تاريخ بغداد "4/ 189-192".

ويترك منه لقمة، فإذا كان ليلة الجمعة تصدّق بذلك الرّغيف وأكل تِلْكَ اللقم. ولد النجاد سنة ثلاث وخمسن ومائتين. ومات فِي ذي الحجّة. قَالَ الدّارَقُطْنيّ: قد حدَّث النّجّاد مِن كتاب غيره بما لم يكن فِي أصُوله. قَالَ الخطيب: كَانَ النّجّاد قد أَضرّ، فلعلّ بعضٌ قرأ عَلَيْهِ ما ذكره الدّارَقُطْنيّ. قلت: والنّجّاد من كبار أئمة الحنابلة، وقد صنَّف كتابًا فِي الخلاف. وحديثه كثير. 651- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد1: أَبُو بَكْر اللُّؤْلُؤيّ القُرْطُبيّ. سَمِعَ: أيّوب بْن سُلَيْمَان، وطاهر بْن عَبْد العزيز. وكان إمامًا فِي مذهب مالك، مقدَّمًا فِي الفُتْيا. تُوُفّي فِي ثالث جمادى الأولى. 652- أَحْمَد بْن عُمَر بْن حاتم2: أَبُو بَكْر. عَنْ: أَحْمَد بْن عَلِيّ الأَبّار، وعبد اللَّه بْن الْعَبَّاس الطَّيَالِسيّ. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وإبراهيم بْن مَخْلَد الدّقّاق. 653- أَحْمَد بْن القاسم بْن معروف بْن أَبِي نصر بْن حبيب3: أَبُو بَكْر التّميميّ. وُلِد ببلد سامرّاء، وقدِم مَعَ أَبِيهِ دمشق ومع خيه فسكنوها. سَمِعَ: أَبَا زُرْعَة الدّمشقيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الكتّانيّ، وعبد الواحد بْن عَبْد الجبّار الْإمَام. وفيهما جهالة. وعنه: أخوه أَبُو عَلِيّ محمد، وابن أخيه عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان المعدل، وأبو عبد الله بْن منده، وتمّام الرّازيّ، وغيرهم. قَالَ الكتانيّ: حدَّث عَنْ أَبِي زُرْعَة بثلاثة أجزاء، وكان ثقة مأمونًا. وقال غيره: تُوُفّي فِي شَعبان. 654- أَحْمَد بْن محمد4: أَبُو حامد الخارْزَنْجِيّ البُشْتيّ النَّحْويّ. كَانَ إمام أهلِ الأدب فِي خُراسان فِي وقته بلا مدافعة. حج وشهد مشايخ العراق بالتقدُّم. وثنا عَنْ: محمد بْن إبراهيم البوشنجي. قال الحاكم. قَالَ القِفْطيّ: قد حطّ عَلَيْهِ الأزهريّ وخطأه في مواضع من كتابه الذي يماه "التكملة". توفي في شهر رجب.

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "128". 2 تاريخ بغداد "4/ 291، 292". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 43". 4 الأنساب لابن السمعاني "5/ 12، 13"، بغية الوعاة "1/ 169، 170"، معجم المؤلفين "2/ 85".

655- إبْرَاهِيم بْن محمد بْن بُنْدار الطَّبَريّ1: أَبُو إِسْحَاق. نزل بغداد، وحدَّث عَنْ: خَالِد بْن النضر النضري، وسهل ابن أَبِي سهل الواسطيّ. وطائفة. وعنه: ابن رزْقَوَيْه. أخذ عَنْهُ فِي هذه السنة فِي مجلس النّجّاد. "حرف الباء": 656- بَكْر بْن محمد بْن حمدان2: أَبُو أَحْمَد المَرْوزِيّ الصَّيْرفيّ الدُّخَمْسِينيّ. تُوُفّي فِي هذه السنة عَلى الصحيح. وقد ذكرنا ترجمته فِي سنة خمسٍ وأربعين عَلَى ما ورّخ الحاكم. 657- بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَصْريّ البهنسي3: يروي عن: عمارة بن وثيمة. "حرف الجيم": 658- جعْفَر بْن محمد بْن نُصَير بْن قاسم4: أَبُو محمد البغداديّ الخُلْديّ الخوّاص بشيخ الصُّوفيّة وكبيرهم ومحدثهم. سَمِعَ: الحارث بْن أَبِي أسامة، وبشر بْن مُوسَى، وعليّ بْن عَبْد العزيز البَغَوِيّ، وعمر بْن حفص السَّدُوسيّ، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه الكَجّيّ، وأبا الْعَبَّاس بْن مسروق. وصحب: الْجُنَيْد، وأبا الْحُسَيْن النوري، وأبا محمد الْجُرَيْريّ. وكان المرجع إليه فِي علم القوم وتصانيفهم وحكاياتهم. قَالَ: عندي مائة ونيف وثلاثون ديوانًا مِن دواوين الصُّوفيّة. وعنه: يوسف القوّاس، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو الْحَسَن بْن الصَّلْت، وعبد العزيز السُّتُوريّ، والحسين بْن الْحَسَن، وابن رزْقَوَيْه، وابن الفضل القطّان، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان. ووثقه الخطيب. وقال إبْرَاهِيم بْن أحمد الطَّبَريّ: سمعت الخلدي يقول: مضيت إلى عباس

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 166". 2 تقدم برقم "543". 3 الأنساب لابن السمعاني "2/ 347". 4 حلية الأولياء "10/ 381"، تاريخ بغداد "7/ 226-231"، المنتظم "6/ 391"، سير أعلام النبلاء "15/ 558".

الدُّوريّ وأنا حَدَث، فكتبتُ عَنْهُ مجلسًا، وخرَجت فلقِينيَ بعض الصُّوفيّة فقال: إيش هذا؟ فأريْتُه، فقال: ويْحك؛ تدع عِلْم الخِرَق وتأخذ عِلْم الوَرَق!! ثمّ خرق الأوراق. فدخل كلامه فِي قلبي فلم أعد إلى عَبَّاس. ووقفت بعرفة ستًا وخمسين وقفة. وقيل: عجائب بغداد فِي الصوفية ثلاث: نكت المرتعش، وإشارات الشلبي، وحكايات الخُلْديّ. وقال أَبُو الفتح القوّاس: سمعتُ الخُلْديّ يَقُولُ: لا يجدُ العبد لذّة المعاملة مَعَ لذّة النَّفس؛ لأنّ أهل الحقّ قطعوا العلائق الّتي تقطعهم عَنِ الْحقّ قبل أن تقطعهم العلائق. وسُئِل الخُلْديّ عَنِ الزّهْد، فقال: من أراد أن يزيد فليزهد ولا فِي الرّئاسة، ثمّ لِيَزْهَدْ فِي قدر نصيب نفسه ومُراداتها. ورأى امرأةً ثَكْلَى تبكي عَلَى ولدها، فأنشد: يقولون: ثَكْلَى، ومن لم يَذُقْ ... فراق الأحبة لم يَثْكَل لقد جرَعتْني ليالي الفِراقِ ... شرابًا أَمَرَّ مِن الحنْظلِ "حرف العين": 659- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن ذيزويه1: أَبُو عُمَر الدّمشقيّ. رحل، وسمع: أَبَا يَعْلَى، والبَغَوِيّ، والحسن بْن فيِل البالِسيّ، وحدَّث بمصر، ودمشق. روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّحّاس، ومحمد بْن أَحْمَد بْن سدْرة المصريّان، ومحمد بْن مُفَرِّد القُرْطُبيّ، ومحمد بْن الْحَسَن الدّقّاق. 660- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن علي بْن الْحَسَن بْن إبْرَاهِيم بْن طَبَاطَبَا بْن إِسْمَاعِيل بْن إبراهيم بْن الحَسَن بْن الحَسَن ابن الْإمَام عَلي2: الحسني، أَبُو محمد الْمَصْريّ. صدرٌ كبير، صاحب رِباع وضِياع وثروة، وخدم وحاشية. كان عنده رَجُل يكسر اللّوز دائمًا فِي الشّهر بدينارين برسم عمل الحلْو التي ينفّدها إلى كافور الإخشيدي فمن دونه. وكان كثير الإفصال، محبَّبًا إلى النّاس. وقبره مشهور بالقرافة بالدّعاء عنده. تُوُفّي فِي رابع رجب، وله قريب من ستين سنة.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 280". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 496، 497"، البداية والنهاية "11/ 235".

661- عَبْد اللَّه بْن زكريّا بْن يحيى: أَبُو محمد القُهُنْدُزِيّ. تُوُفّي فِي ذي القِعْدة. 662- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن الخصيب بن القصر1: أَبُو بَكْر الأصبهانيّ الشّافعيّ. ولي قضاء دمشق سنة إحدى وثلاثين. ثمّ ولي قضاء مصر، ثمّ ولي قضاء دمشق سنة نيّف وأربعين من جهة الخليفة المطيع. وحدَّث عَنْ: أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الطَّيَالِسيّ، وبُهْلُول بْن إِسْحَاق، ومحمد بْن يحيى المَرْوزِيّ، وإبراهيم بْن أسباط، وأبي شُعيب الحرّانيّ، ويوسف القاضي، ومحمد بْن عثمان بْن أَبِي شَيْبة، وطبقتهم. وصنَّف كتابًا فِي الفقه سمّاه "المسائل المجالسيّة". روى عَنْهُ: ابنه أَبُو الْحَسَن بْن الخصيب بْن عَبْد اللَّه، ومنير بْن أَحْمَد الخَلال، والحافظ عَبْد الغنيّ، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبد الرَّحْمَن بْن النّحّاس. تُوُفّي فِي المحرَّم بمصر. قِيلَ: ابنه القاضي محمد الَّذِي ولي القضاء بعده بأشهِر. وحديثه فِي "الخِلَعيّات"، وغيرها. وكان توليته القضاء من جهة محمد صالح بْن أمّ شَيْبان. فركبَ بالسواد فِي آخر سنة تسع وثلاثين إلى دار ابن الإخشيد. وكان قد امتنع أن يخلُف ابن أمّ شَيْبان، فقيل لَهُ: فيكون ابنك محمد خليفة وأنت النّاظر. ففعل ذَلِكَ، فنظر فِي أمر مصر وبعث نواب الحَكَم إلى النواحي، ونظر فِي الأوقاف وتصدَّر للأحكام، وشاور العلماء، وحُمِدت سيرته. ثمّ قدِم أَبُو طاهر الذُّهْليّ قاضي دمشق، فركب الخصيب وابنه إِلَيْهِ فلم يجداه. ثمّ علم فلم يكافئهما، فصارت عداوة. ثمّ حجّ أَبُو طاهر وعاد، وردّ إلى دمشق، وفَسَد ما بين أَبِي طاهر وبين أهل دمشق، فاستحضره كافور إلى مصر، فعمل فِيهِ أهل دمشق محضرًا وعاونهم ابن الخصيب، وهيّأ جماعة يذمّون أَبَا طاهر عند كافور، فعُزل عَنْ دمشق ووليها الخصيبيّ، فاستحلف عليها ابن حذلم. ثم وقع بين الخصيبي وبين ولده وأراد الأبن أن يستبدّ بالقضاء، وعاند الأب. ووقع بينهما وبين أَبِي بَكْر بْن الحدّاد الفقيه. ثمّ استقل الأبُ بالقضاء. وله تصانيف، وردّ عَلَى محمد بْن جرير. 663- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عُمَر بْن يحيى2: أَبُو مُسلْمِ القرمطي

_ 1 سير أعلام النبلاء "15/ 540، 541"، الولاة والقضاة للكندي "492، 549، 553، 554". 2 أخبار أصبهان "2/ 119".

المؤذّن. أصبهانيّ معروف، تُوُفّي فِي ذي الحجّة. وقد سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن محمد بْن النُّعْمان، وأبا طَالِب بْن سَوَادة، وغيرهما. وعنه: أَبُو نُعَيْم الحافظ. 664- عُبّيْد اللَّه بْن محمد بْن جعْفَر1: أَبُو القاسم الْأَزْدِيّ البغداديّ النَّحْويّ. سَمِعَ: محمد بْن الجهم السمري، وأبا محمد بْن قُتَيْبة، وأبا بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، ومسلم بْن عيسى الصّفّار. وعنه: المعافي الْجُرَيْريّ، وإبراهيم بْن مَخْلَد الباقرحيّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن رزْقَوَيْه. 665- عثمان بْن القاسم بْن أبي نصر بن معروف بْن حبيب التّميميّ2: والد أَبِي محمد العفيف. كَانَ أمير الغُزاة المطّوَّعة من أهل دمشق. سَمِعَ: محمد بْن المُعَافَى الصَّيْداويّ. وعنه: ابنه عبد الرحمن. 666- علي بن محمد الزويني بادُوَيْه3: حدَّث ببغداد هذا العام، عَنْ: محمد بْن أيّوب بْن الضُّرَيْس، ويوسف بْن عاصم. روى عَنْهُ: ابن رزْقَوَيْه، وعثمان بْن دُوَستْ، وعلي بْن دَاوُد الرّزّاز. وثقَّه الخطيب. 667- عَلِيّ بْن محمد بْن الزُّبَيْر4: أَبُو الْحَسَن الْقُرَشِيّ الكوفي حدث ببغداد عن: الحسن ومحمد بن علي بن عفان، وإبراهيم بْن أَبِي العَنْبَس، ومحمد بْن الْحُسَيْن الحُنَيْنيّ، وإبراهيم القصّار. وعنه: أَبُو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه، وأبو نصر بْن حَسْنُونٍ، وأحمد بْن كثير البيِّع، وعلي بْن دَاوُد الرّزّاز، وأبو عَلِيّ بْن شاذان، وجماعة. وثقَّه الخطيب. وتوفي فِي ذي القعدة وله أربعٌ وتسعون سنة. وكان أديبًا مليح الكتابة، بديع الوراقة، موصوفًا بالإتقان وكثرة الضَّبْط. نسخ شيئًا كثيرًا. وكان من جملة أصحاب ثعلب.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 358". 2 تاريخ دمشق "27/ 229". 3 التدوين في أخبار قزوين "3/ 333"، تاريخ بغداد "11/ 322". 4 تاريخ بغداد "12/ 80"، المنتظم "6/ 391"، سير أعلام النبلاء "15/ 56"، شذرات الذهب "2/ 379".

668- عُمَر بْن حفص بْن عَمْرو بْن نجيح الخَوْلانيّ إلْبِيريّ: أَبُو حفص. سَمِعَ: أَبَاهُ، وعُبَيْد اللَّه بْن يحيى اللَّيثيّ. روى عَنْهُ: ابنه عَلِيّ بْن عُمَر أحد شيوخ ابن الفَرَضيّ. "حرف الفاء": 69- فارس بْن محمد الغوريّ1: أبو القاسم الواعظ. عَنْ: حامد بْن شعيب، والباغَنْديْ، وطبقتهما. وعنه: ابنه محمد بْن فارس، وابن رزْقَوَيْه، وعبد العزيز السُّتُوريّ. وثقَّه الخطيب وورّخه. "حرف القاف": 670- القاسم بْن سالم2: أَبُو صالح الإخباريّ الَّذِي روى كتاب "الجمل" عند مؤلّفه عَبْد اللَّه بْن الْإمَام أَحْمَد. روى عَنْهُ: الدّارَقُطْنيّ، وابن رزْقَوَيْه، وابن بِشْران. ورّخه الخطيب. "حرف الميم": 671- محمد بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن بُهْلُولٍ3: أَبُو طَالِب الأنباريّ. سَمِعَ: بِشْر بْن مُوسَى، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه الكَجّيّ، وأحمد بن محمد مسروق. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وعُبَيْد الخفّاف. وكان ينوب عَنْ أَبِيهِ فِي قضاء مدينة المنصور، وكان ثقة إمامًا. 672- محمد بْن أَحْمَد بْن تميم القنْطَريّ البغداديّ4: أَبُو الْحَسَين الخيّاط. سَمِعَ: أحمد بن عبيد الله النرسي، ومحمد بن سعد العَوْفيّ، وعبد الملك بْن محمد الرَّقَاشيّ. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وأبو الْحَسَن الحماميّ، وابن دُوما. تُوُفّي فِي شعبان، وقد قارب التسعين.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 391". 2 تاريخ بغداد "12/ 449". 3 تاريخ بغداد "1/ 287"، المنتظم "6/ 392". 3 تاريخ بغداد "1/ 283"، المنتظم "6/ 392".

673- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن جرادة الحافظ1: سمع: البغوي، وابن جوصا. وروى من حفظه: ثلاثين ألف حديث فيما قيل. 674- محمد بن أحمد بن عيسى بن عبدك2: أبو بكر الرازي. سمع: محمد بن أيوب، والحسين بن إسحاق التستري. وثقة الخطيب وقال: ثنا عَنْهُ ابن رزْقَوَيْه، وابن الفضل. 675- محمد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى بْن زِيرَك3: أَبُو حفص التميمي البخاري. رحل، وسمع: صلح بْن محمد جَزَرَة، وإبراهيم بْن عَلِيّ الذُّهْليّ، ومُطَيَّنًا. 676- محمد بْن أَحْمَد بْن مِنْهال: أَبُو بَكْر الحنفيّ. بمصر. سَمِعَ: أَحْمَد بْن زُغْبَة، وغيره. 677- محمد بْن إبْرَاهِيم بْن يوسف4: أَبُو عمر الَّنيْسابوريّ الزَّجّاجيّ الزّاهد. نزيل الحَرَم. كَانَ أوحد مشايخ وقته. صحب الجنيدي، وأبا الْحُسَيْن النُّوريّ. وبقي شيخ الحرم مدّةً. وحجّ بضْعًا وخمسين حَجَّة. وله كلام جليل في التصرف. قَالَ ابن الْجَوْزيّ: صحب النُّوريّ والخوّاص وصار شيخ الحرم. وقال غيره صحب الْجُنَيْد، وصحِبه الأستاذ أَبُو عثمان المغربيّ سعَيِد بْن سلام نزيل نَيْسابور. ولم يَبُلْ فِي الحرم أربعين سنة، كَانَ يخرج إلى الحِلّ. 678- محمد بْن جعْفَر بْن محمد بْن فضالة5: البغداديّ أَبُو بكر الأدمي القارئ الشاهد. صاحب الألحان الصوت الطّيّب المطرب. سَمِعَ: الحارث بْن أَبِي أسامة، وأحمد بن عبيد اللَّه النَّرْسيّ، وأحمد بْن عُبّيْد بْن ناصح. وعنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن أَحْمَد الحماميّ، وأبو عَلِيّ بْن شاذان. قِيلَ: إنّه خلّط قُبَيْلَ موته. 679- محمد بْن جعْفَر بْن أَحْمَد بْن مُوسَى: أَبُو بَكْر البُسْتيّ الفقيه الأديب المزكيّ. كَانَ من أعيان المشايخ أبوة ودينا وورعا.

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "1/ 188". 2 تاريخ بغداد "1/ 317". 3 الإكمال لابن ماكولا "4/ 198". 4 حلية الأولياء "10/ 376"، المنتظم "6/ 390، 391"، الوافي بالوفيات "1/ 246". 5 تاريخ بغداد "2/ 147-149"، المنتظم "6/ 392، 394"، البداية والنهاية "11/ 235".

سَمِعَ: محمد بْن أيّوب الرّازيّ، ومحمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ، وأبا مُسلْمِ الكَجّيّ، والحسين بْن محمد القبانيّ، والحسن بْن سُفْيَان، وجماعة. وجمع "الصحيح" المخرّج عَلَى مُسلْمِ. قَالَ الحاكم: قرأ علينا "الموطّأ" عَنِ البُوشَنْجيّ. تُوُفّي فِي ذي الحجّة. 680- محمد بْن الحارث بْن أبيض بْن الأسود: أَبُو بَكْر. حدَّث بمصر عَنْ: زكريّا بْن يحيى السّاجيّ، وغيره. وعنه: أَبُو محمد بْن النّحّاس، وغيره. وكان عريقًا فِي الَّنسب، فإنّه محمد بْن الحارث بْن أبيض بْن الأسود بْن نافع بْن أَبِي عُبّيْد بْن الأمير عُقْبة بْن نافع بْن عَبْد القَيْس بْن لُقَيْط بْن عامر بْن الضّرب بْن الحارث بْن فِهْر بْن مالك. فذلك إلى فهر ثلاث عشر رجلًا. ومن طبقته إلى فِهْر الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفين بْن حرب بْنِ أُمَيَّةَ بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد مَناف بْن قُصَيِّ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ بْن غالب بن فهر. وبينهما في الموت ثلاثمائة سنة إلا خمسة عشر عامًا. 681- محمد بْن حامد بْن محمود1: أَبُو الْعَبَّاس الَّنيْسابوريّ القطان الشّاماتيّ. سَمِعَ: السَّرِيّ بْن خُزَيْمَة، والحسين بْن الفضل، ومحمد بْن أيّوب الرّازيّ، وأبا مُسلْمِ الكَجّيّ. وقد حدَّث فِي آخر عمره عَنْ محمد بن أحمد ابن أَبِي العوام، وأقرانه. روى عَنْهُ: الحاكم. 682- محمد بْن حمدون بْن بُخار2: الْبُخَارِيّ نسبةُ إلى الجدّ. وأمّا بلده فهو بِيسارّى، من شيوخ الحاكم. سَمِعَ: محمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ، وإبراهيم بْن أَبِي طَالِب. 683- محمد بْن سُلَيْمَان بْن محمد3: أَبُو جعْفَر الَّنيْسابوريّ الأَبْزَاريّ الكراميّ الواعظ. عن: جعفر بن طرخان الْجُرْجانيّ، ومحمد بْن أشرس، والسَّرِيّ بْن خُزَيْمَة، وابن أبي الدنيا.

_ 1 الأنساب لابن السمعاني "7/ 264". 2 الإكمال لابن ماكولا "1/ 449"، الأنساب "2/ 101". 3 الأنساب "1/ 119".

قَالَ الحاكم: خرجت إلى قريته أَبْزار وبُعْدُها فرسخا. كتبتُ عَنْهُ عجائب. تُوُفّي فِي صفر. 684- محمد بْن سمعان بْن إِسْمَاعِيل: الفقيه أَبُو الْعَبَّاس السَّمرْقَنْديّ. سَمِعَ: سهل بْن المتوكّل، ومحمد بْن الضّوء الكرمينيّ. وكان صاحب نوادر ومزاح. 685- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن ممشاذ1: أَبُو بَكْر الأصبهاني القارئ. ويعرف بالقِنْديل. قَالَ أَبُو نُعَيْم: مُجاب الدّعوة. يروي عن: عبيد بن الحسن الغزالي، وابن النُّعْمان. وصحِب جدي محمد بْن يوسف البّناء. قلت: روى عَنْهُ: أَبُو نُعَيْم، وأبو بكر بن أبي علي، أهل أصبهان. 686- محمد بْن محمد بْن الْحَسَن: أَبُو أحمد الشيباني. ناشك، صالح، صحيح السَّماع. سَمِعَ: محمد بْن عُمَرو الحَرَشيّ، ومحمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ. وبمصر: أَحْمَد بْن حمّاد زُغْبَة. روى عَنْهُ: أَبُو عَلِيّ الحافظ، وأبو عبد الله الحاكم. وتوفي فِي شوّال بنيسابور. 687- المظفّر بْن يحيى2: أبو الْحَسَن بْن الشَّرابيّ. عَنْ: أَحْمَد بْن يحيى الحُلْوانيّ، والحسين بْن عليل. وعنه: إبْرَاهِيم بْن مَخْلَد، وابن رزقويه. وثقه الخطيب. وفيات سنة تسع وأربعين وثلاثمائة "حرف الألف": 688- أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن نِيخَاب3: أَبُو الْحَسَن الطِّيبيّ. حدَّث فِي هذا العام ببغداد عَنْ: محمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي العوام، وإبرهيم بْن الْحُسَيْن بْن دِيزِيل، وبشر بْن مُوسَى، والكجي.

_ 1 أخبار أصبهان "2/ 286". 2 تاريخ بغداد "13/ 129"، الأنساب "7/ 305". 3 تاريخ بغداد "4/ 35، 36"، الإكمال لابن ماكولا "7/ 438"، سير أعلام النبلاء "15/ 530".

وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وأبو الْحُسَيْن عَلِيّ، وأبو القاسم عَبْد الملك ابنا ابن بِشْران، وأبو عَلِيّ الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن شاذان. قَالَ الخطيب: لم أسمع فِيهِ إلا خيرًا. 689- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن ماجة القَزْوِينيّ1: ابن أخي محمد بْن ماجة. سَمِعَ: محمد بْن أيّوب الرّازيّ، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد، ويعقوب بْن يوسف القَزْوِينيّ صاحب القاسم بْن الحَكَم العُرَنيّ، ومحمد بْن مَنْدَه الأصبهانيّ. وعنه: أَبُو منصور القُومسانيّ، وأحمد بْن عَلِيّ بْن لال، وأبو عبد الله بْن منجُوَيْه، وغيرهم. قَالَ شِيرُوَيُه: كَانَ صدوقًا. 690- أَحْمَد بْن عثمان بْن يحيى بْن عَمْرو البغدادي2: أَبُو الْحُسَيْن العَطَشيّ الأَدَميّ. سَمِعَ: أَحْمَد بْن عَبْد الجبّار العُطَارِديّ، وعباس بْن محمد الدُّوريّ، والحنيني، ومحمد بْن ماهان زَنْبَقَة. وعنه: هلال الحفار، وابن رزْقَوَيْه، وأبو عَلِيّ بْن شاذان، وأبو عبد الله الحاكم، وطلحة بن الصقر، وخلق. كَانَ البَرْقانيّ يوثقه. وقال الخطيب: ثقة، تُوُفّي فِي ربيع الآخر وله أربعٌ وتسعون سنة. 691- أحمد بن الفضل3: أبو بَكْر البَهْراميّ الدِّينَوَرِيّ المطّوّعيّ. تُوُفّي بالأندلُس غريبًا. وقد حدَّث بها عَنْ: أَبِي خليفة، وجعفر الفِرْيابيّ. وعنه: خلف بن هانئ، وأهل قرطبة. ومن آخر من حدَّث عَنْهُ أَبُو الفضل التاهرتي، وأبو عمر بن الجسور؛ وأدخل إلى الأندلس جملةً من تصانيف محمد بْن جرير، رواها عَنْهُ وخدمه مدّةً. وكان ضعيف الخطّ لَيْسَ بالمتقِن، وعنده مناكير، وإنّما طلب العلم عَلِيّ كبر السن. 692- أَحْمَد بْن كردوس بْن مَسْعُود التِّنِّيسيّ: أَبُو جعْفَر. سَمِعَ: بَكْر بْن سهل الدمياطي.

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "2/ 157، 158". 2 تاريخ بغداد "4/ 299، 300"، سير أعلام النبلاء "15/ 568"، شذرات الذهب "2/ 389". 3 جذوة المقتبس للحميد "140، 141"، ميزان الاعتدال "1/ 128"، لسان الميزان "1/ 246".

693- أحمد بن محمد بن جعفر بن ثوابة1: الكاتب صاحب ديوان الإنشاء للمقتدر، ولغيره. كَانَ بليغًا مُفَوَّهًا علامة. تُوُفّي فِي رمضان. قَالَ أَبُو عَلِيّ التَّنُوخيّ: حدثني عَلِيّ بْن هشام الكاتب أنّه سَمِعَ عَلِيّ بْن عيسى الوزير يَقُولُ لأبي عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن محمد بْن جعْفَر بْن ثوابة: ما قَالَ أحدٌ عَلَى وجه الأرض: أمّا بعد، أَكْتبُ من جدّك، وكان أبوك أَكْتب منه، وأنت أكتب من أبيك. قَالَ أَبُو عَلِيّ: قد رَأَيْت أَبَا عَبْد اللَّه، وكان إِلَيْهِ ديوان الرسائل، وكان نهايةً فِي حُسن الكلام. 694- أَحْمَد بْن محمد بْن الْحُسَيْن بْن السّنْديّ2: أَبُو الفوارس الصابونيّ. مصريّ معمّر. عَالِي الْإِسْنَادِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أُدْخِلَ عَلَيْهِ حَدِيثٌ فَرَوَاهُ عَنِ الظِّهْرَانِيِّ، ثِقَةٍ مَشْهُورٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ عَلِيٍّ عِبَادَةٌ"3، أَخرْجَةُ السّمّان فِي كتاب "الموافقة"، عَنِ ابْن الحاجّ، وأبي عَلِيّ بْن مهديّ الرّازيّ، بسماعهما منه. سَمِعَ: يونس بْن عَبْد الأعلى، وبحر بْن نصر، والرّبيع بْن سُلَيْمَان، والمزني، وإبراهيم بْن مرزوق، وفهد بْن سُلَيْمَان، وجماعة. وَعَنْهُ: أبو عبد الله محمد بْن أَحْمَد التّميميّ الخطيب، وأبو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن محمد الإشبيلي، وعبد الرحمن ابن عُمَر بْن النّحّاس، ومحمد بْن نظيف الفرّاء، وطائفة سواهم. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أنا الْحَسَنُ بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن الأَسَدِيّ، أَنَا جدّي الْحُسَيْن، أَنَا أبو القاسم الْمَصْريّ، أَنَا محمد بْن الفضل بْن نظيف قَالَ: قال لنا أبو الفوارس أحمد بن محمد بْن السّنْديّ: ولدتُ فِي المحرَّم سنة 345. وأول ما سَمِعْتُ الحديث ولي عشر سنين. قلت: وتوفي في شوال سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وله مائةٌ وخمس سنين. وحديثه يقع عاليًا في "الثقفيات"، وفي "الخلعيات".

_ 1 الفرج بعد الشدة "2/ 51"، معجم الأدباء "2/ 80"، النجوم الزاهرة "3/ 324". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 541-543"، ميزان الاعتدال "1/ 152"، لسان الميزان "1/ 296". 3 "حديث موضوع": أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/ 85"، وابن الجوزي في الموضوعات "1/ 359، 360"، من طرق كلها موضوعة.

695- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى1: أبو عبد الله الأصبهانيّ القصّار. سَمِعَ: أَحْمَد بْن مهديّ، وأحمد بْن عصام، وصالح بْن أَحْمَد بْن حنبل، وأَسيِد بْن عاصم. وعاش سبْعًا وسبعين سنة. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر محمد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الذّكْوانيّ، وأبو نُعَيْم الحافظ، وغيرهما. 696- أبان بْن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن الغافقيّ الأندلسيّ: سَمِعَ: عُبّيْد اللَّه بْن يحيى بْن يحيى، وغيره. وحدَّث. وهو من كبار المالكيّة. 697- إبْرَاهِيم بْن محمد بْن صالح بْن سِنان2: أَبُو إِسْحَاق الْقُرَشِيّ المخزومي، مولي خَالِد بْن الوليد. وإلى جدّه تُنْسَبُ قنطرة سنان التي بباب توما. سَمِعَ: محمد بْن سُلَيْمَان ابن بِنْت مطر، وأبا زُرْعَة الدّمشقيّ، وأحمد بْن محمد بْن يحيى بْن حمزة، وحمزة ابن عَبْد اللَّه الكَفْر بطْنانيّ، وعبد الباري بْن عَبْد الملك الْجِسْرينيّ، وجعفر بْن محمد الفِرْيابيّ، وجماعة كثيرة. وعنه: ابنه أَحْمَد، وابن مَنْدَه، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وتمّام الرّازيّ، وعبد الرَّحْمَن بن محمد بن ياسر، وآخرون، توفي ربيع الآخر. ووثقه الكتاني. 698- أزهر بْن أَحْمَد3: أبو غانم الخرقي. بغداد ثقة. روى عَنْ: أَبِي قَلابة الرَّقَاشيّ، ومحمد بْن عَبْد السَّمرْقَنْديّ. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وابن رزْقَوَيْه، وأبو الْحَسَن الحمّاميّ، وغيرهم. "حرف الحاء": 699- حسّان بْن محمد4 بْن أَحْمَد بْن هارون بْن حسّان بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيد بْن الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عبد مناف.

_ 1 أخبار أصبهان "1/ 51"، سير أعلام النبلاء "15/ 568، 569". 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 260"، سير أعلام النبلاء "15/ 534، 535". 3 تاريخ بغداد "7/ 52"، المنتظم "6/ 395". 4 المنتظم "6/ 396"، سير أعلام النبلاء "15/ 492-496"، النجوم الزاهرة "3/ 324".

الْقُرَشِيّ، الأُمَويّ. الأستاذ أَبُو الوليد الفقيه الشّافعيّ. قَالَ فِيهِ الحاكم: إمام أهل الحديث بخُراسان. وأَزْهد من رَأَيْت من العلماء وأَعْبَدهم. درس عَلَى ابن سُرَيْج، وسمع أَحْمَد بْن الْحَسَن الصُّوفيّ، وغيره ببغداد، ومحمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ، ومحمد بْن نُعَيْم بَنْيسابور؛ والحسن بْن سُفْيَان بنسا. وخلقا سواهم. ورى عَنْهُ: أبو عبد الله الحاكم، والقاضي أَبُو بَكْر الحِيريّ، وأبو طاهر بْن محمش، وأبو الفضل أَحْمَد بْن محمد السّهليّ الصّفّار، وآخرون. وهو صاحب وجهٍ فِي المذهب، فمن غرائبه أنَّ المصلّي إذا كرَّر الفاتحة مرَّتين بطُلَت صلاته. وهو خلاف نصّ الشّافعيّ، وحكاه أَبُو حامد الإسفرايينيّ فِي تعليقه عَنِ الْقديم. ومن غرائب أَبِي الوليد أنّ الحجامة تُفطِر الحاجمَ والمحجوم، وادّعى أنّه المذهب لصحَة الحديث. وذلك غلط لأنّ الشّافعيّ قَالَ: الحديث منسوخ. وصنَّف الأستاذ أبو الوليد المخرج عَلَى مذهب الشّافعيّ والمخرّج عَلَى "صحيح مُسلْمِ". وقال أَبُو سعَيِد الأديب: سَأَلت أَبَا علي الثَّقفيّ قلت: من نَسْأل بعدك؟ قَالَ: أَبَا الوليد. وقال الحاكم: سَمِعْتُ أَبَا الوليد: سَمِعْتُ الْحَسَن بْن سُفْيَان سَمِعْتُ حَرْمَلَة يَقُولُ: سُئل الشافعي عن رجل وضع في قبره تمرة وقال لامرأته: إن أكلتُها فأنتِ طالق، وإن طرحتُها فأنت طالق. فقال الشّافعيّ: يأكل نصفها ويطرح نصفها قَالَ أَبُو الوليد: سَمِعَ منيّ أَبُو الْعَبَّاس بْن سُرَيْج هذه والحكاية، وبني عليها باقي تفريعات الطّلاق. وقال الحاكم: نا أَبُو الْوَلِيد قَالَ: قَالَ أَبِي: أيّ كتابٍ تجمع؟ قلت: أُخرّج عَلَى كتاب الْبُخَارِيّ. قَالَ: عليك بكتاب مُسلْمِ فإنّه أكثر بركة، فإنّ الْبُخَارِيّ كَانَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ اللفظ. قَالَ الحاكم: أرانا أَبُو الوليد حسّان بْن محمد نقش خاتمه: "اللَّه ثقة حسّان بْن محمد". وقال: أرانا عَبْد الملك بْن محمد بْن عديّ نقش خاتمه: "الله ثقة عَبْد الملك بْن محمد". وقال: أرانا الرّبيع نقش خاتمه: "اللَّه ثقة الربيع بْن سُلَيْمَان". وقال كَانَ نقش خاتم الشّافعيّ: "اللَّه ثقة محمد بْن إدريس". وساق الحاكم قصيدة لابن مَحْمِش الزّياديّ نيف وستوت بيتًا يرثي بها الْإمَام أَبَا الوليد. تُوُفّي أَبُو الوليد رحمه اللَّه فِي ربيع الأوّل عَنِ اثْنتين وسبعين سنة.

700- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن يزيد بْن دَاوُد1: الحافظ أَبُو عَلِيّ الَّنيْسابوريّ. قَالَ الحاكم: هُوَ واحد عصره فِي الحفظ والإتقان والورع والمذاكرة والتّصنيف. سَمِعَ: إبْرَاهِيم بْن أَبِي طَالِب، وعلي بْن الْحُسَيْن، وعبد اللَّه بْن شِيرُوَيُه، وجعفر بْن أَحْمَد الحافظ. وبهَرَاة: الْحُسَيْن بْن إدريس، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن؛ وبَنَسا: الْحَسَن بْن سُفْيَان؛ وبجُرْجان: عِمران بْن مُوسَى؛ وببغداد: عَبْد اللَّه بْن ناجية، والقاسم المطّرز؛ وبالكوفة: محمد بْن جعْفَر القتّات؛ وبالبصرة: أَبَا خليفة؛ وبواسط: جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن سنان؛ وبالأهواز: عَبْدان؛ وبإصبهان: محمد بْن نُصَيْر؛ وبالمَوْصِل؛ أَبَا يَعْلَى؛ وبمصر: أَبَا عَبْد الرَّحْمَن إبْرَاهِيم بْن العلاء، والمعافي بْن سُلَيْمَان. وُلِد سنة 277، وتوفي فِي جُمَادَى الأولى. وأوّل سماعه سنة 294. وكان يشتغل بالصّياغة، فنصحه بعض العلماء وأشار عَلَيْهِ بالعلم، قَالَ: خرجتُ إلى هراة سنة خمسٍ وتسعين، وحضرتُ أبا خليفة وهو يهدّد وكيلًا لَهُ يَقُولُ: تعود يا لُكَع. فقال: لا أصْلَحَك اللَّه. فقال: بل أنت لا أصلحك اللَّه. قُمْ عنيّ. قَالَ الحاكم: وكنتُ أرى أَبَا عَلِيّ معجبًا بأبي يَعْلَى المَوْصِليّ، وإتقانه. قَالَ: لَا يخفى عَلَيْهِ من حديثه إلا اليسير، ولولا اشتغاله بسَماع كُتُب أَبِي يوسف بْن بِشْر بْن الوليد لأدركَ بالبصرة أَبَا الوليد وسليمان بْن حرب. قَالَ الحاكم: كَانَ أبو عَلِيّ باقعةً فِي الحِفظْ، لا تُطاق مذاكرته ولا يفي بمذاكرته أحد من أحفظ حُفّاظنا. خرج إلى بغداد سنة عشر ثانيًا، وقد صنَّف وجمع، فأقام ببغداد وما بها أحفظ منه. وسمعتُ أَبَا عَلِيّ يَقُولُ: كُتُب عنيّ أَبُو محمد بْن صاعد غير حديثٍ فِي المذاكرة، وكتب عنيّ ابنُ جَوْصا جملةً. قلت: وروى عنه: أبو بكر أحمد بن إِسْحَاق الصِّبْغيّ، وأبو الوليد الفقيه وهما أكبر منه؛ وابن مَنْدَة، والحاكم، وابن مَحْمِش، والسُّلَميّ،

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 71، 72"، المنتظم "6/ 396"، سير أعلام النبلاء "16/ 51-59"، البداية والنهاية "11/ 236".

والمشايخ. وقال أَبُو بَكْر بْن أَبِي دارم الحافظ: ما رَأَيْت ابن عُقْدَةَ يتواضع لأحدٍ من الحفاظ كتواضعه لأبي عَلِيّ الَّنيْسابوريّ. وقال الحاكم: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ يَقُولُ: اجتمعتُ ببغداد مَعَ أَبِي أَحْمَد العسّال، وإبراهيم بْن حمزة، وأبي طَالِب بْن نصر، وأبي بَكْر الْجِعابيّ فقالوا: أَمِلّ علينا من حديث نَيْسابور مجلسًا، فامتنعتُ، فما زالوا بي حتّى أمليت عَلَيْهِم ثلاثين حديثًا، ما أجاب واحدٌ منهم فِي حديث منها إلا ابن حمزة فِي حديثٍ واحد. قَالَ الحاكم: وكان أَبُو عَلِيّ يَقُولُ: ما رأينا في أصحابنا منثل الْجِعابيّ، حيرنيّ حِفْظُه. قَالَ الحاكم: فحكيتُ ذَلِكَ لأبي بَكْر الجعابيّ، فقال: يَقُولُ أَبُو عَلِيّ هذا وهو أستاذي عَلَى الحقيقة. قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ: سألت الدَّارَقُطْنيّ عَنْ أَبِي عَلِيّ الَّنيْسابوريّ فقال: إمام مهذّب. أَنْبَأَنَا المسلّم بْن علان، عَنِ الْقاسم بْن عساكر، أَنَا أَبِي قَالَ: ثنا أخي أَبُو الْحُسَيْن: سمعتُ أَبَا طاهر السِّلفيّ: سَمِعْتُ غانم بْن أَحْمَد: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن الفضل الباطِرْقانيّ، سَمِعْتُ ابن مَنْدَه يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ الَّنيْسابوريّ، وما رَأَيْت أحفظ منه، قَالَ: ما تحت أديم السّماء أصحّ من كتاب مُسلْمِ. وقال عَبْد الرَّحْمَن بْن منده: سَمِعْتُ أَبِي أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: ما رَأَيْت فِي اختلاف الحديث والإتقان أحفظ من أبي عَلِيّ الَّنيْسابوريّ. وقال القاضي أَبُو بَكْر الأبْهريّ: سَمِعْتُ أبا بكر بن أبي دَاوُد يَقُولُ لأبي عَلِيّ الَّنيْسابوريّ: إبْرَاهِيم، عَنْ إبْرَاهِيم، عَنْ إبْرَاهِيم، مَن هُمْ؟ فقال إبراهيم بْن طهْمان، عَنْ إبْرَاهِيم بْن عامر البَجَليّ، عَنْ إبْرَاهِيم النَّخعيّ! فقال: أحسنْتَ يا أَبَا عَلِيّ. "حرف السين": 701- سعَيِد بْن محمد بْن أَحْمَد الذُّهْليّ: نزل بُخاري، وحدَّث بالعجائب عَنْ جعْفَر بْن شاكر، وإسماعيل القاضي. وعنه: منصور بن عبد الله الخالدي.

"حرف العين": 702- العباس بن محمد بن إسرائيل1: أبو محمد الجوهري. روى عَنْ: البَغَوِيّ، وأبي عَرُوبة، والطبقة بَنْيسابور. وعنه: الحاكم، وغيره. وكان يعرف ويفهم. مات ببُخَارى. 703- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن سعد2: أَبُو محمد الَّنيْسابوريّ البزّاز الحاجبيّ الحافظ. أحد الأثبات. كَتَب الكثير، وجمع الشيّوخ والأبواب والمُلَح، ولم يرحل. سَمِعَ: محمد بْن إبْرَاهِيم البُوشَنْجيّ، وأحمد بْن النَّضْر، وإبراهيم ابن أبي طالب، وطبقتهم. ثم كتب عَنْ أربع طبقات بعدهم. روى عَنْه الحاكم، وقال: سأته عَنْ عَبْد اللَّه بْن شِيرُوَيُه فقال: ثقة مأمون. قَالَ الحاكم: تُوُفّي فجأة، وهو فِي عَشْر الثّمانين. 704- عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق الخراساني3: وهو ابن إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن عَبْد العزيز البَغَوِيّ، أَبُو محمد المعدّل. وأبوه ابن عمّ أَبِي القاسم البَغَوِيّ. سَمِعَ: يحيى بْن جعْفَر، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن منصور، وأحمد بْن عُبّيْد بْن ناصح، وأبا قِلابة، وأحمد بْن مُلاعب، وخلقًا سواهم. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، والحاكم، وابن رزْقَوَيْه، وعثمان بْن دُوَستْ، ويحيى بْن إبْرَاهِيم المزكيّ، وأبو عَلِيّ بْن شاذان. وسأل حمزةُ السَّهْميّ الدّارَقُطْنيّ عَنْهُ فقال: فِيهِ لِين. تُوُفّي فِي شهر رجب. 705- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن كعب4: أَبُو محمد الكعبيّ الَّنيْسابوريّ: قَالَ الحاكم: مُحَدَّث كثير الرحلة والسمّاع. سمع: إِسْمَاعِيل بْن قُتَيْبة، والفضل بْن محمد الشّعْرانيّ، وعلي بْن عَبْد العزيز، واليَسَع بْن زيد الراوي عَنْ سُفيان بْن عُيَيْنَة، ومحمد بن غالب تمتاما. وعنه: الحاكم،

_ 1 المنتظم "6/ 389". 2 الأنساب "4/ 12". 3 تاريخ بغداد "9/ 414، 415"، سير أعلام النبلاء "15/ 543"، ميزان الاعتدال "2/ 392". 4 سير أعلام النبلاء "15/ 530، 531"، الأنساب "10/ 444".

وأبو نصر بْن قَتَادة، وأبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، ومحمد بْن محمد بْن أَبِي صادق نزيل مصر، وآخرون. 706- عَبْد الواحد بْن عُمَر بْن محمد بْن أَبِي هاشم1: أَبُو طاهر البغداديّ، شيخ القرّاء ببغداد. كَانَ أعلم الناس بالقراءات وطُرُقها وعِللها، لَهُ فِي ذَلِكَ تصانيف. روى عَنْ: محمد بْن جعْفَر القتات، ووكيع القاضي، وأحمد بْن فرج الضرير، وعبد الله بْن الصِّقر السُّكّريّ، وإسحاق بْن أَحْمَد الخزاعيّ، والحسن بْن الحُبَاب، وطائفة سواهم. وقرأ عَلَى: أَبِي بكر بْن مجاهد، وأحمد بْن سهل الأشْنانيّ، وأبي عثمان سعيد بن عبد الرحمن الضّرير، قرأ عَلَيْهِ إِلَى "التَّغابُن". وأقرأ الناس، فقرأ عَلَيْهِ: أَبُو القاسم عَبْد العزيز بْن جعْفَر الفارسيّ، وأبو الْحَسَن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عُمَر الحمّاميّ، وأبو الْحَسَن عَلِيّ بْن محمد الجوهريّ، وأبو الْحَسَن عَلِيّ بْن العلاف، وأبو الفَرَج عُبّيْد اللَّه بْن عُمَر المصاحفيّ، وأبو الْحُسَيْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه السَّوسَنْجِرْديّ، وغيرهم. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة أمينًا، مات فِي شوّال. قلت: ويقال مولده سنة ثمانين ومائتين. وقد طوّل الدّانيّ ترجمته، وعظَّمه. قَالَ: ولم يكن بعد ابن مجاهد مثل ابن طاهر فِي علمه وفهمه مَعَ صدق لهجته واستقامة طريقته. قرأ عَلَيْهِ خلقٌ كثير، وكان ينتحِل فِي النَّحْو مذهب الكوفيين. وكان من أهل العلم بالعربيّة. سَمِعْتُ عَبْد العزيز الفارسي يَقُولُ: لمّا تُوُفّي ابن مجاهد، وأذكر يوم موته، أجمعوا عَلَى أن يقدّموا شيخنا أَبَا طاهر. فتصدَّر للإقراء فِي مجلسه، وقصده الأكابر فتحلّقوا عنده. وكان قد خالف أصحابه فِي إمالة النّاس لأبي عَمْرو. وكانوا ينُكرون عَلَيْهِ ذَلِكَ. 707- عَلِيّ بْن إبْرَاهِيم الطَّغاميّ الْبُخَارِيّ2: سَمِعَ: صالح بْن محمد جَزَرَة. 708- عَلِيّ بْن عُمَر: أَبُو الْحُسَن البغدادي الدقاق الحافظ3.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 7، 8"، المنتظم "6/ 397"، سير أعلام النبلاء "16/ 21، 22"، البداية والنهاية "11/ 237". 2 الإكمال لابن ماكولا "6/ 222"، الأنساب "8/ 242". 3 تاريخ بغداد "12/ 33".

رحال جمال. روى عَنْ: البَغَوِيّ، وعِلان بْن الصَّيْقَل، وأبي عروبة، وطبقتهم. وعنه: الحاكم أبو عبد الله وقال: تُوُفّي بمرو الرُّوذ فِي السنة. 709- عَلِيّ بن المؤمل بن الحسن بن عسى بْن ماسَرْجِس الَّنيْسابوريّ1: أَبُو القاسم. كَانَ يُضرب بِهِ المثل فِي العقل والورع. سَمِعَ: الفضل بْن محمد الشّعْرانيّ، وتميم بْن محمد الطُّوسيّ، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، ومحمد بْن أيّوب الرّازيّ، وجماعة. وعنه: أهل نَيْسابور، والحاكم. "حرف الميم": 710- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إبْرَاهِيم بْن سُلَيْمَان2: أَبُو أَحْمَد الأصبهانيّ القاضي، المعروف بالعّسال. سمع: محد بْن أيوب الرّازيّ، وأبا مُسلْمِ الكَجّيّ، وإبراهيم بْن زُهير الحُلْوانيّ، والحسن بْن عَلِيّ السّرِيّ، وأبا بَكْر بْن أبي عاصم، ومحمد بْن عثمان بْن أَبِي شَيْبة، ومحمد بْن أسد المدينيّ، وأباه أَحْمَد بْن إبْرَاهِيم وهو اقدم شيوخة فإنّه تُوُفّي سنة اثنتين وثمانين ومائتين. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن عديّ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وابن مَنْدَه، وأبو بَكْر بْن مَرْدُوَيْه، وأبو بَكْر الذّكْوانيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الرباطيّ، وأحمد بْن إبْرَاهِيم القصّار، وأحمد بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن ماجة المؤدّب، وطائفة آخرهم أبو نُعَيْم وقال: كان من كبار الحفاظ. وقال أبو عَبْد اللَّه بْن منده: كتبت عن ألف شيخ لم أر فيهم أتقن من أبي أَحْمَد العسال. قلت: تُوُفّي فِي رمضان. وكان رحمه اللَّه تعالي قاضي أصبهان وعالمها. 711- محمد بْن أَحْمَد بْن خَالِد3: أبو عبد الله الْمَصْريّ الإعْداليّ. حدَّث بدمشق عَنِ: النَّسائيّ بسُنَنه؛ وعن: أَبِي يعقوب الْمنْجَنِيقيّ، وبكر بْن سهل الدمياطي.

_ 1 المنتظم "6/ 397". 2 أخبار أصبهان "2/ 283"، تاريخ بغداد "1/ 270"، المنتظم "6/ 398"، سير أعلام النبلاء "16/ 506". 3 الروض البسام المقدمة "35".

وعنه: عَبْد اللَّه بْن بكُيْر الطَّبَرانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر، وتمّام، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر. وتوفي بدمشق فِي جُمَادَى الآخرة. 712- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حَمْدَوَيْه: أَبُو الْحَسَن الصّفّار العدل الَّنيْسابوريّ. سمع: البُوشَنْجيّ، وإبراهيم بْن عَلِيّ الذُّهْليّ. وعنه: الحاكم، وغيره. 713- محمد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ1: أَبُو يعقوب البغداديّ النَّحْويّ. حدَّث بتَدْمُر ومصر عَنْ: أَبِي مُسلْمِ الكَجّيّ. وعنه: أَبُو الفتح بْن مسرور. 714- محمد بْن عَبْد اللَّه بن عمرويه البغدادي2: أبو عبد الله، ويقال أبو بكر الصفار، المعروف بابن علم. سَمِعَ: محمد بْن إِسْحَاق الصغانيّ، وأحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة وعبد اللَّه بْن أَحْمَد، ومحمد بْن نصر. وعنه: هلال الحفّار، وابن رزْقَوَيْه، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان. قَالَ الخطيب: جميع ما عنده جزء عَنِ الْمذكورين، ولم أسمع أحدًا يَقُولُ فِيهِ إلا خيرًا. ومات فِي شعبان. يُقال: أتي عَلَيْهِ مائة سنة وسنة. قلتُ: وقع لنا جزؤه بعُلُوّ. 715- محمد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن3: أَبُو بَكْر الدِّينَوَرِيّ الزّاهد. ثقة، ورع. يذْكر عَنْهُ كرامات. حدث بغداد فِي هذه السنة عَنْ: إبْرَاهِيم بْن زُهَير الحُلْوائيّ، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه الكَجّيّ. وعنه: ابن رزقويه، وعلي بن أحمد الرّزّاز، وأبو الْحَسَن الحمّاميّ، وغيرهم. 716- محمود4: وهو أنُوجُور بْن الإخشيد التُّرْكيّ صاحب مصر وابن صاحبها. مات شابًّا كما سيأتي فِي ترجمة كافور الإخشيدي.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 320"، بغية الوعاة "1/ 34". 2 تاريخ بغداد "5/ 454"، سير أعلام النبلاء "15/ 544". 3 تاريخ بغداد "3/ 82، 83". 4 الكامل في التاريخ "8/ 533"، البداية والنهاية "11/ 236"، النجوم الزاهرة "3/ 293".

وفيات سنة خمسين وثلاثمائة "حرف الألف": 717- أَحْمَد بْن الْحُسَيْن1: أبو عَلِيّ البصريّ الحافظ الملقّب شُعْبَة. يروي عَنْ: محمد بن زكريا الغلابي، وهشام ابن عَلِيّ، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه الكَجّيّ. وثقَّه الخطيب ولم يُسَمِّ عَنْهُ راويًا سوى أَبِي الحسن بن الجنيدي. وقال كَانَ أحد الحفاظ المذكورين. مات بعد الخمسين. 718- أَحْمَد بْن سعَيِد بْن حزْم بْن يونس2: أَبُو عُمَر الصَّدَفيّ الأندلسيّ، بها، فِي جُمَادَى الآخرة بقُرْطُبة. كَانَ أحد من عُني بالسنن والآثار. سَمِعَ من: عُبّيْد اللَّه بْن يحيى، وسعيد الأعْناقيّ، وسعيد بْن الزراد، ومحمد بْن أَبِي الوليد الأعرج، ومحمد بْن عُمَر بْن لُبَابَة. ورحل سنة إحدى عشرة، فسمع بمكّة من: ابن المنذر، وأبي جعْفَر الدَّبِيليّ. وبمصر من: محمد بْن زبّان، ومحمد بْن التّفّاح. وبالقيروان من: أَحْمَد بْن نصر، ومحمد بْن محمد بْن اللّبّاد. ورجع إلى الأندلس فصنَّف تاريخًا فِي المحدّثين بلغ فِيهِ الغاية، ولم يزل يُحدَّثَ إلى أن مات. روى عَنْهُ جماعة كثيرة. وستأتي ترجمة سميُّه الوزير ابن حزْم والد الفقيه أَبِي محمد. 719- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شاذان3: أَبُو حامد بْن حسنويه الَّنيْسابوريّ التّاجر. سَمِعَ: أَبَا عيسى التِّرْمِذيّ، وأبا حاتم الرّازيّ، والسري بْن خُزَيْمَة، والحارث بْن أَبِي أسامة، ومحمد بْن عَبْد الوهاب الفَرّاء، وطبقتهم. قَالَ الحاكم: كَانَ من المجتهدين فِي العبادة اللَّيْلَ والنّهار، ولو اقتصر عَلَى سماعه الصّحيح يعني من المُسمّين، لكان أَوْلَى بِهِ. لكنّه حدَّث عَنْ جماعة أشهدُ بالله أنّه لم يسمع منهم. وقد سَأَلْتُهُ سنة ثمانٍ وثلاثين عَنْ سنه فقال لي: ست وثمانون سنة. وأُدْخِلت الشّام وأنا ابن اثنتي عشرة سنة. وسمعته يَقُولُ: أخَرجتُ فِي مشايخي من اسمه أَحْمَد، فخرج مائة وعشرون شيخا.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 106". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 43، 44"، سير أعلام النبلاء "6/ 104، 105"، الوافي بالوفيات "6/ 389". 3 سير أعلام النبلاء "15/ 548-551"، ميزان الاعتدال "1/ 121"، لسان الميزان "1/ 223، 224".

دخلتُ عَلَيْهِ سنة تسعٍ وثلاثين فقال: قد حلفتُ أن لا أحدِّث أحدًا. ثمّ بعد ساعة قَالَ: ثنا أَبُو سعَيِد، نا محمد، فذكر حكاية. ولا أعلم أن أَبَا حامد وضَعَ حديثًا أو أدخل إسنادًا فِي إسناد. إنّما المُنْكَر روايته عَنْ قوم تقدم موتهم، والنفسُ تأبي ترك مثله، والله المستعان. وقال ابن عساكر فِي "تاريخه": روى عَنْ: أَحْمَد بْن شَيْبان الرَّمليّ، وأحمد بن يوسف السلمي، وعيسى بْن أَحْمَد العسقلانيّ البلْخيّ، ومسلم بْن الحَجّاج، وإسحاق الدَّبَريّ؛ وسمّي طائفةً. وعنه: الحاكم، وأبو أَحْمَد بْن عديّ، ومنصور بْن عَبْد اللَّه الخالديّ، وأبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأحمد بْن أَبِي عمران الهَرَويّ، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، وعلي بْن محمد الطرازيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد السّرّاج. قَالَ الْحَاكِمُ: قَدْ حَدَّثَ قَدِيمًا، فَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ محمد السَّكُونِيُّ ثِقَةٌ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْبَارِيُّ بْنُ عَجَبٍ، ثَنَا محمد بْنُ مُعَاذٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ، ثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ، ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ" 1. قَالَ: ودخلتُ يومًا عَلَيْهِ فقال: ألا تراقبون الله في توقير المشايخ؟ ما لكم حَياء يحجزكم؟ فسألته ما أصابه، فقال: جاءني أَبُو علي المعروف بالحافظ وأنكَر عَلِيّ روايتي عَنْ أحمد بْن أَبِي رجاء المَصِّيصيّ. وهذا كتابي وسماعي منه. ثمّ قَالَ: رأيتُ والله أكبَر من أَحْمَد بْن أَبِي رجاء، فقد كتبتُ عَنْ ثلاثة، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ. وعن ثلاثة عَنْ مروان بْن معاويه، وهذا حفيدي، وأشار إلى كَهْلٍ واقفٍ. وقال حمزة السَّهْميّ: سُئل ابن مَنْدَه بحضرتي عَنْ أحمد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن الْمُقْرِئ فقال: كَانَ شيخًا أتي عَلَيْهِ مائةٌ وعشر سِنين. وقال حمزة: وسألت أَبَا زُرْعَة محمد بْن يوسف الْجُرْجانيّ عَنْهُ فقال: هُوَ كذاب. وقال الحاكم: سَمِعْتُ أَبَا حامد الحَسْنُويّ يَقُولُ: ما رأيت أعجب من أمر هذا الأصمّ، كان يختلف معنا إلى الربيع ابن سليمان، وكان منزل ياسين القتباني لزيق

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "877، 894"، ومسلم "844"، والترمذي "492"، والنسائي "3/ 93"، وابن ماجه "1088"، وأحمد في المسند "2/ 3، 41، 42، 64"، وعبد الرزاق في المصنف "5290، 5291"، والحميدي "610"، وابن خزيمة "1750، 1751"، وابن حبان في صحيحه "1224".

منزل الرّبيع ولم يسمع منه الأصمّ. فكتبتُ قوله هذا وناولته أَبَا الْعَبَّاس الأصمّ، فصاح: يا معشر المسلمين، بلغني أنّ ابن حَسْنَوَيْه يروي عَنِ الرّبيع وابن عَبْد الحَكَم، ويذكر أنّه كَانَ معي بمصر، والله ما التقينا ولا عرفته إلا بعد رجوعي من مصر. وسمعتُ محمد بْن صالح بْن هانئ يَقُولُ: كَانَ ابن حَسْنَوَيْه يديم الاختلاف معنا إلى السّرِيّ بْن خُزَيْمَة وأقرانه، ثمّ شيعّناه يوم خروجه إلى أَبِي حاتم. وقال أَبُو القاسم بْن مَنْدَه: تُوُفّي فِي شهر رمضان سنة خمسين. 720- أَحْمَد بْن الفضل بْن شبابة1: أَبُو الصَّقْر الهَمَدانيّ الكاتب الأديب. سَمِعَ من: إبْرَاهِيم بن ديزيل، ومحمد ابن يزيد المبردّ، وأبي الْعَبَّاس ثعلب، وأبي خليفة. وعنه: أَبُو بَكْر بْن لال، وخَلَف بْن محمد الخيّاط، والهَمَدانيّون. 721- أَحْمَد بْن كامل بْن خَلَف بْن شَجَرَة2: أَبُو بَكْر البغداديّ. القاضي، تلميذ محمد بْن جرير. تقلَّد قضاء الكوفة من قبل أَبِي عُمَر محمد بْن يوسف القاضي. وحدَّث عَنْ: محمد بْن الجهم، ومحمد بْن سعْد العَوْفيّ، ومحمد بْن مَسْلَمَة الواسطي، وأبي قلابة الرَّقَاشيّ، والحسن بْن سلام، وطبقتهم. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وأبو العلاء محمد بْن الْحَسَن الورّاق، ويحيى بْن إبْرَاهِيم المزكّيّ، وابن رزْقَوَيْه، وأبو الْحَسَن الحمامي، وآخرون. قالَ ابن رزقويه: لم تَرَ عيناي مثله. سمعته يَقُولُ: وُلِدتُ سنة ستّين ومائتين. وقال الخطيب: كَانَ من العلماء بالأحكام وعلوم القرآن والنحو والشعر التواريخ، وله فِي ذَلِكَ مصنّفات. وقال الدّارَقُطْنيّ: كَانَ متساهلًا. ربّما حدث من حفظه بما لَيْسَ فِي كتابه. وأهلكه العُجْب. كَانَ يختار لنفسه ولا يقلّد أحدًا. تُوُفّي رحمه اللَّه تعالي فِي شهر المحرَّم. وكان لا يعدّ لأحد وزنًا من الفقهاء وغيرهم؛ أملي كتابًا فِي السنن، وتكلم على الأخبار.

_ 1 معجم الأدباء "4/ 98-100". 2 الكامل في التاريخ "8/ 537"، سير أعلام النبلاء "15/ 544-546"، ميزان الاعتدال "1/ 120".

722- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن زياد بْن عبّاد المحدّث1: أبو سهل القطان، بغدادي مشهور. سمع: محمد ابن عبيد الله المنادي، ومحمد بْن عيسى المدائنيّ، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، ويحيى بن أبي طالب، ومحمد بن الجهم السمري، ومحمد بن الحسين الحنيني، وإسماعيل القاضي، وطائفة. وعنه: الدارقطني، والحاكم، وابن منده، وابن رزقويه، وأبو الحسين، وأبو القاسم ابنا بشران، وأبو الحسن الحمامي، وأبو علي بن شاذان، وآخرون. قال الخطيب: كان صدوقا، أديبا، شاعرا، راوية للأدب عَنْ ثعلب والمبرِّد، وكان يميل إلى التَّشيُّع. وقال أبو عبد الله بْن بِشْر القطّان: ما رَأَيْت أحسن انتزاعًا لمَا أراد من آي القرآن من أَبِي سهل بْن زياد، وكان جارنا. وكان يديم صلاة اللّيل والتّلاوة، فلكثرة درسه صار القرآن كأنه بين عينيه. وقال الخطيب: كَانَ فِي أَبِي سهل مُزاح ودُعابة. سمعت البرقاني يَقُولُ: كرهوه لمُزاحٍ فِيهِ. وهو صدوق. وقال الصوري: سمعت علي بن نصر الصّبّاح بمصر يَقُولُ: كنّا يومًا بين يدي أَبِي سهل بْن زياد، فأخذ شخصٌ سِكّينًا بين يديه ينظر فيها، فقال: ما لك ولها، أتريد أن تسرقها كما سرقُتها أَنَا؟ هذه سكّين البَغَوِيّ سرقُتها. وُلِد ابن زياد سنة 259، توفي فِي شعبان. وقع لنا جملة من حديثه. 723- أَحْمَد بْن محمد بْن فُطَيْس الْقُرَشِيّ2: حدَّث بدمشق بكتاب "الجمل" و"صفين" عَنْ: أَبِي عَبْد الملك البُسْريّ، عَنِ ابْن عائذ. وكان يكتب خطًّا منسوبًا. وروى أيضًا عَنْ: عَلِيّ بْن غالب السَّكْسكيّ، وأحمد بْن علي ابن سعَيِد القاضي، وهذه الطبقة. روى عَنْهُ: تمّام، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي نصر، وآخرون. وكان ثقة. تُوُفّي فِي شوال. 724- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبدان3 بْن فضال الأَسَدِيّ: أَبُو الطَّيْب الصّفّار. عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن محمد الفَسَويّ، وأحمد بْن عَلِيّ الخزّاز. وعنه: عَبْد اللَّه بْن عثمان الصّفّار، وأبو أحمد الفرضي. وثقه الخطيب.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 45، 46"، المنتظم "7/ 3"، سير أعلام النبلاء "15/ 521، 522"، البداية والنهاية "11/ 238". 2 البداية والنهاية "11/ 238". 3 تاريخ بغداد "5/ 85".

725- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إبْرَاهِيم1 بْن إِسْحَاق بْن عيسى بْن أصْبغ: أَبُو إِسْحَاق الباجيّ. سَمِعَ: محمد بْن عُمَر بْن لُبَابَة، وأحمد بْن خَالِد الحُباب، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن القوق. وكان فصيحًا، بليغًا، شاعرًا، لُغَويًّا، فقيهًا، صاحب صلاة باجة. عاش ثلاثًا وستين سنة. 726- إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى2: أَبُو محمد البغداديّ الخُطَبيّ. سَمِعَ: الحارث بْن أَبِي أسامة، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وبِشْر بن موسى، وجماعة. وعنه: أَبُو حفص بْن شاهين، والدّارَقُطْنيّ، وابن رزْقَوَيْه، وأبو الْحَسَن الحّماميّ، وأبو عَلِيّ بْن شاذان، وغيرهم. وُلِد فِي أوّل سنة 269. وقال الخطيب: كَانَ فاضلًا عارفًا بأيّام النّاس، وأخبارهم وخلفائهم. وصنف تاريخًا كبيرًا عَلَى السنين. ووثقه الدّارَقُطْنيّ. وذكر أَبُو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه، عَنْ إِسْمَاعِيل الخُطَبيّ، قال: وجه إليَّ الرّاضي بالله ليلة الفِطْر، فحُملت إليه راكبًا، فدخلت وهو جالس فِي الشموع، فقال لي: يا إِسْمَاعِيل، قد عزمتُ فِي غدٍ عَلَى الصّلاة بالنّاس، فما الَّذِي أقول إذا انتهيت إلى الدّعاء لنفسي؟ فأطرقتُ ساعة، ثمّ قلت: يا أمير المؤمنين: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} [النمل: 19] الآية. قال لي: حسبك. ثم تبعني خادم فأعطاني أربعمائة دينار. تُوُفّي الخطبي فِي جُمَادَى الآخرة، وكان يرتجل الخُطَب، وله فضائل. قَالَ محمد بْن العباس بْن العراب: كَانَ الخطبي ركينًا عاقَلًا مقدَّمًا عند كبار الهاشميين، وغيرهم من أهل الفِقْه والأدب وأيّام النّاس. قلّ من رَأَيْت مثله. 727- إِسْمَاعِيل بْن شُعيب النَّهَاوَنْديّ3: أَبُو عَلِيّ المقرئ. نزيل بغداد. روى عَنْ أَحْمَد بْن محمد بْن سَلْمُوَيْه الأصبهانيّ كتاب "قراءة الكِسائيّ لقتيبة بْن مهِران". روى عَنْهُ: إبْرَاهِيم بْن مَخْلَد الباقرحي، وغيره.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 16، 17". 2 تاريخ بغداد "6/ 304-306"، سير أعلام النبلاء "15/ 522"، البداية والنهاية "11/ 238". 3 تاريخ بغداد "6/ 306"، غاية النهاية "1/ 164، 165".

"حرف التاء": 728- تمّام بْن محمد بْن سُلَيْمَان1: أَبُو بَكْر الهاشميّ البغداديّ. عَنْ: محمد بْن عثمان بْن أَبِي شَيْبة، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل. وعنه: أَبُو الْحَسَن بْن رزقويه. توي فِي ذي القعدة. "حرف الثاء": 729- ثبات بْن عَمْرو بْن ميمون البَجَليّ البغداديّ2: أَبُو الْعَبَّاس القطّان. سَمِعَ: محمد بْن غالب تَمْتَام، ومحمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وبِشْر بْن مُوسَى، وَعُبَيْدًا العِجْل. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وطلحة الكتانيّ، وغيرهما، قَالَ الخطيب: صدوق، لم يبلغني موته. بل حدث فِي هذه السنة. "حرف الحاء": 730- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عُبّيْد3: أَبُو أَحْمَد البغداديّ الخلال، يُعرف بابن الكَوْسَج. سَمِعَ: أَبَا شعيب الحرّانيّ، والحسن بْن عَلِيّ المعمري، وجماعة. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، والمعافي الْجُرَيْريّ، وغيرهما. مات فِي جُمَادَى الأولى. 731- الْحَسَن بْن القاسم4: أَبُو عَلِيّ الطَّبَريّ الفقيه. مصنِّف "المحرَّرَ" فِي النَّظر. وهو أوّل من جرّد الخلاف وصنَّفه، وصنَّف كتاب "الإفصاح". ودرّس مذهب الشّافعيّ ببغداد بعد شيخه أَبِي عَلَى بْن أَبِي هُرَيْرَةَ. وأخذ عَنْهُ الفقهاء، وهو صاحب وجه فِي المذهب وصنّف كتاب "العدة"، وكتاب "المحرّر"، وله مصنّفاتٌ فِي الأصول. 732- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ: أَبُو بَكْر الزّيّات5. بغداد. سَمِعَ: بِشْر بْن مُوسَى، وأبا شعيب الحرّانيّ. وعنه: ابن رزقويه، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 139"، المنتظم "7/ 4"، البداية والنهاية "11/ 238". 2 تاريخ بغداد "7/ 145"، الإكمال لابن ماكولا "1/ 553". 3 تاريخ بغداد "7/ 386"، المنتظم "7/ 4". 4 تاريخ بغداد "8/ 87"، المنتظم "7/ 5"، سير أعلام النبلاء "16/ 62، 63"، النجوم الزاهرة "3/ 328". 5 تاريخ بغداد "8/ 72".

"حرف السين": 733- سَلم بْن الفضْل بْن سَهْل1: أَبُو قُتَيْبة الأدمي. بغداديّ، سكن مصر. وحدَّث عَنْ: محمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وموسى بْن هارون، والحَسَن بْن عَلِيّ المَعمري، وجعفر الفِرْيابيّ. وعنه: عبد الغني بْن سعَيِد الحافظ، وأبو محمد بن النحاس، ومحمد بن نظيف، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، وآخرون. وهو صدوق. 734- سُلَيْمَان بْن محمد بْن ناجية: أَبُو القاسم الَّنيْسابوريّ. كانت لَهُ أُصول بخطّ أَبِيهِ صحيحة. سَمِعَ: أَحْمَد بْن المبارك المستملي، وأحمد بْن سلمة، وبشر بن موسى السدي، وأبا المثني العنبري، وطبقتهم. وعنه: الحاكم، وغيره. "حرف العين": 735- عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بن عيسى ابن الخليفة أَبِي جعْفَر المنصور الهاشميّ2: إمام الجامع أَبُو جعْفَر بْن بُرَيْه. بغداديّ، شريف نبيل، ذا قُعْدُد فِي النسب. سَمِعَ: أَحْمَد بْن عَبْد الجّبار العُطَارِديّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وجماعة. وعنه: أَبُو الْحُسَن بْن رزْقَوَيْه، وأبو القاسم بْن المنذر، وأحمد بْن عَلِيّ الباديّ، وأبو عَلِيّ بْن شاذان. وكان يقول: رقي هذا المنبر الواثق وأنا، وكلانا فِي درجةٍ فِي النَّسب إلى المنصور. وُلِد سنة 263، وتوفي فِي صفر سنة خمسين. وثقَّه الخطيب. وقد عاش بعد الواثق مائة وثمانين عشرة سنة. 736- عَبْد الرَّحْمَن بْن سَيما بْن عَبْد الرَّحْمَن3: أَبُو الْحُسَيْن البغداديّ المجبر، مولي بني هاشم. حدَّث عَنْ: البرتيّ، ومحمد بْن غالب بن تمتام، ومحمد بن يونس الكديمي. وعنه: أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو علي بن شاذان. وثقه الخطيب. وتوفي في جمادى الأولى.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 148". 2 تاريخ بغداد "9/ 410، 411"، المنتظم "7/ 5"، سير أعلام النبلاء "15/ 551-553". 3 تاريخ بغداد "10/ 292"، الأنساب "11/ 137".

737- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن الداخل عبد الرحمن بن معاوية الأموي المرواني1. الناصر لدين الله أبو المطرف صاحب الأندلس، الملقَّب أمير المؤمنين بالأندلس. بقي فِي الإمرة خمسين سنة، وقام بعده ولده الحَكَم. وقد ذكرنا من أخباره فِي الحوادث. وكان أَبُوهُ قد قتله أخوه المُطَرِّف فِي صدر دولة أبيهما. وخلف ابنه عَبْد الرَّحْمَن هذا ابن عشرين يومًا. وتوفي جدّه عبد الله الأمير في سنة ثلاثمائة، فولي عَبْد الرَّحْمَن الأمرَ بعده جدُّه، وكان ذَلِكَ من غرائب الوجود؛ لأنّه كَانَ شابًّا وبالحضرة أكابر من أعمامه وأعمام أَبِيهِ. وتقدَّم هُوَ، وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، فاستقام لَهُ الأمر، وابتني مدينة الزَّهْراء وقسم الخراج أثلاثًا، ثلثا للجند، وثُلُثًا يدّخره فِي النوائب، وثُلُثًا للنَّفقة فِي الزهراء. فجاءت من أحسن مدينة على وجه الأرض. واتخذ لسطح العُليّة الصغرى التي عَلَى الصرح قراميد ذهب وفضة، وأنفق عليها أموالًا هائلة، وجعل سقفها صفراء فاقعةً إلى بيضاء ناصعة، تَسلُب الأبصار بلَمَعَانها، وجلس فِيهَا مسرورًا فرحًا، فدخل عَلِيّه القاضي أَبُو الحَكَم منذر بْن سعَيِد البلوطي، رحمه اللَّه، حزينًا، فقال: هَلْ رأيتَ ملكًا قبلي فَعَل مثل هذا؟ فبكي القاضي وقال: والله ما ظننتُ أنّ الشّيطان يبلغ منك هذا مَعَ ما آتاك اللَّه من الفضل، حتى أنزلك منازل الكافرين. فاقشعر من قوله، وقال: وكيف أنزلني منازل الكافرين؟ قَالَ: ألَيْسَ اللَّه يَقُولُ: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ} [الزخرف: 33] وتلا الآية كلَّها. فوجم عَبْد الرَّحْمَن ونكس رأسًه مليا ودموعُه تسيل عَلِيّ لِحْيته خشوعًا لله تعالى وقال: جزاك اللَّه خيرًا، فالذي قلته الحقّ. وقام يستغفر اللَّه، وأمر بنقض السَّقْف الَّذِي للقُبّة. وكان كَلِفًا بعمارة بلاده، وإقامة معالمها، وإنباط مياهما، وتخليد الآثار الغربية الدّالّة عَلَى قوة مُلْكة. وقد استفرغ الوسعَ فِي إتقان قصور الزهراء وزخرفتها. وقد أصابهم قحطٌ، وأراد النّاس الاستسقاء، فجاء عَبْد الرَّحْمَن الناصر رسول

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 73، 74"، سير أعلام النبلاء "15/ 562-564"، البداية والنهاية "11/ 238"، النجوم الزاهرة "3/ 330".

من القاضي منذر بْن سعَيِد، رحمه الله، يحركه للخروج، فقال الرَّسُول لبعض الخدم: يا ليت شِعْري ما الَّذِي يصنعه الأمير؟ فقال: ما رَأَيْته أخشع لله منه فِي يومنا هذا، وأنه منفرد بنفسه، لابس أخشن ثيابه، يبكي ويعترف بذنوبه، وهو يَقُولُ: هذه ناصيتي بيدك، أتراك تعُذّب الرّعيّة من أجلي وأنت أحكم الحاكمين، لن يفوتك شيء منّي. فتهلّل وجه القاضي لمّا بلغه هذا، وقال: يا غلام أحمل الممْطَر معك، فقد إذِن اللَّه بسُقْيانا. إذا خشع جبار الأرض رحم جبّار السّماء. فخرج، وكان كما قَالَ. وكان عبد الرحمن يرجع إلى دين متين وحسن خلق. وكان فِيهِ دُعابة. وكان مَهيبًا شجاعًا صارمًا، ولم يتسمَّ أحدٌ بأمير المؤمنين من أجداده. إنّما يُخطب لَهُم بالإمارة فقط. فلمّا كَانَ سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وبلغه ضعف الخلافة بالعراق، وظهور الشيعة بالقيروان، وهم بنو عُبّيْد الباطنية، تسميّ بأمير المؤمنين. توفي في أوائل رمضان، وكان حشمته وأُبَّهَتُهُ أعظم بكثيرٍ من خلفاء زمانه الذين بالعراق. وكان الوزير أَبُو مروان أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن شُهيد الأشجعي الأندلُسيّ مَعَ جلالته وزيره. ولقد نقل بعض المؤرخين -أظنه أَبَا مروان بْن حيّان- أنّ ابن شُهَيْد قدَّم مرّةً للخليفة الناصر تقدمة تتجاوز الوصف. وهي هذه: من المال خمسمائة ألف دينار، ومن التبر أربعمائة رطل برطْلهم، ومن سبائك الفضة مائتا بدرة، ومن العود الهندي اثنا عشر رطلًا، ومن العود الصنفي مائة وثمانون رطلًا، ومن العود الأشباه مائة رطل، ومن المسك مائة أُوقية، ومن الكافور ثلاثمائة أُوقيّة، ومن الثّياب ثلاثون شُقَّة، ومن الفراء عشرة من جلود الفنك، وستة سُرادقات عراقية، وثمانية وأربعون ملحفةً بغدادية لزينة الخيل من الحرير المرقوم بالذهب، وثلاثون شُقَّة لسُرُوج الهيئات، وعشرة قناطير سمّور، وأربعة آلاف رطل حرير مغزول، وألف رطل حرير بلا غزل، وثلاثون بساطًا، البساط عشرون ذراعًا، وخمسة عشر نخًا من معمول الخز، وألف ترس سلطانية، وثمانمائة من تخافيف التّزّيين يوم العرض، ومائة ألف سهم، وخمسة عشر فَرَسًا فائقة، وعشرون بغلًا مسرجة بمراكب الخلاف. ومن الخيل العتاق مائة رأس، ومن الغلمان أربعون وصيفًا وعشرون جارية.

ومن التقدمة كتاب ضيعتين من خيار ملكه، ومن الخشب عشرون ألف عود تساوي خمسين ألف دينار. فولاه الوزارة، ولقّبه ذا الوزارتين. وابتدأ الناصر فِي إنشاء مدينة الزهراء فِي سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، فأنفق عليها من الأموال ما لا يحصى، وأصعَد الماء إلى دورتها، ومات ولم يُتمها، فأتمّها ابنه المستنصر. وجامعُها من أحسن المساجد لَهُ منارة عظيمة لا نظير لها، ومنبره من أعظم المنابر، لم يعمل مثله فِي الآفاق. وعدّة أبواب قصر الزَّهراء المصفّحة بالنحاس والحديد المنقوش، عَلَى ما نقل ابن حيّان، خمسة عشر ألف باب، والعهدة عَلَيْهِ. 738- عَبْد الملك بْن نوح بْن نصر بن أحمد بن إسماعيل الساماني1: الأمير أَبُو الفوارس متولّي بُخاري وسمرقند. تُوُفّي فِي شوال. وهو من بيت إمرة. 739- عُتْبَة بْن عُبّيْد الله بْن مُوسَى بْن عُبّيْد اللَّه الهَمَذَانيّ2: القاضي أَبُو السّائب. كَانَ أَبُوهُ تاجرًا يؤم بمسجد بهمذان، فاشتغل هُوَ بالعِلْم، وغلب عَلَيْهِ فِي الابتداء التصوف. وسافرَ فلقي الْجُنَيْد والعلماء. وعُني بفهم القرآن وكتب الحديث، وتفقَّه للشافعي. ثمّ دخل مراغة، واتصل بأبي القاسم بْن أَبِي الساج، وتولي قضاء مراغة، ثمّ تقلد قضاء أذْرَبَيَجْان كلّها. ثمّ تقلَّد قضاء همدان. ثم سكن بغداد واتصل بالدولة، وعظم شأنه إلى أن ولي قضاء القضاة بالعراق فِي سنة ثمانٍ وثلاثين. وتوفي فِي ربيع الآخر وله ستٌّ وثمانون سنة. وقد سَمِعَ فِي الكُهُولةِ. وحدَّث عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم الرّازيّ. وهو أوّل مِن ولي قضاء القُضاة بالعراق من الشّافعيّة. 740- عُمَر بْن أحمد بْن أَبِي مُعَمِّر الدُّوريّ الصّفّار3: أَبُو بَكْر. روى عَنْ: أَحْمَد بْن يحيى الحلواني، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، والفريابي، روى عَنْهُ: الحماميّ، وابن دُوما النعاليّ. "حرف الفاء": 741- فاتك المجنون4: الأمير أبو شجاع الرومي. أخذه الإخشيد صاحب

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 535"، البداية والنهاية "11/ 238". 2 تاريخ بغداد "12/ 320-322"، المنتظم "7/ 5"، سير أعلام النبلاء "16/ 47". 3 تاريخ بغداد "11/ 242". 4 الولاة والقضاة "570"، وفيات الأعيان "4/ 21-23"، النجوم الزاهرة "3/ 329".

مصر من أستاذه بالرملة كرهًا، فأعتقه مولاه. وكان كبير الهمّة شجاعًا جريئًا، وعظُم عند الْإخشيد، وكان رفيق الأستاذ كافور. فلما مات الإخشيد تقرر كافور مدبرا لولده الإخشيد، فأنف فاتك المجنون من الإقامة بمصر كيلا يكون كافورا أعلى مرتبةً منه. وانتقل إِلَى أقطاعه، وهي بلاد الفيُّوم، فلم يصحّ مزِاجه بِهَا لوَخَمها، وكان كافور يخافه ويكُرْمه، فمرض وقدِم مصر ليتدواى، وبها المتنبيّ، فسمع بعظمة فاتك وبكَرمه، ولم يجسر أن يمدحه خوفًا من كافور. وكان فاتك يراسله بالسّلام ويسأل عَنْهُ: فاتفق اجتماعهما يومًا بالصّحراء، وجرت بينهما مفاوضات، فلما رجع فاتك إلى داره بعث إلى المتنبيّ هديةً بقيمة ألف دينار، ثمّ أتْبعَها بهدايا بعدها فاستأذن المتنبيّ كافورًا فِي مدْحه، فأذِنَ لَهُ، فمدحه بقصيدته التي أولها: لا خَيلَ عندك تُهْديها ولا مالُ، ... فلْيُسْعِد النُّطْقُ إن لم تُسْعِد الحالُ إلى أن قَالَ فِيهَا: كفاتك ودخول الكاف منْقَصَةٌ ... كالشّمس قلتُ: وما للشّمس أمثالُ قلتُ: وليس هُوَ بفاتك الخَزْنَدَار الإخشيدي الّذي ولي إمرة دمشق سنة خمسٍ وأربعين. تُوُفّي فاتك المجنون فِي شوّال بمصر، ورثاه المتنبيّ. "حرف الميم": 742- محمد بْن أَحْمَد بْن الخطّاب2: أَبُو الْحَسَن البغداديّ البزّار. سَمِعَ: أَحْمَد بْن عَلِيّ البربهَاريّ، وموسى بْن هارون. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وأبو الحسن الحمّاميّ. وثقَّه الخطيب. 743- محمد بْن أَحْمَد بْن خَنْب2: أَبُو بَكْر البغداديّ الدَّهْقان. نزيل بُخارى ومُسْندُها. سمع: يحيى بْن أَبِي طَالِب، والحسن بْن مُكْرَم، وابن أبي الدنيا، وجعفر الصّائغ، وموسى بْن سهْل الوشاء، وأبا قِلابة.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 341". 2 تاريخ بغداد "1/ 296"، المنتظم "77"، سير أعلام النبلاء "15/ 523، 524"، البداية والنهاية "11/ 239".

وأبوه أَحْمَد بُخاري سكن بغداد، وولد لَهُ محمد هذا، ونشأ بها ثمّ رجع إلى محتده وهو ابن عشرين سنة وروى. وكان شافعيّ المذهب محدثًا فاضلًا. وُلِد سنة 266. روى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَد الحاكم، وإسماعيل بْن الْحُسَيْن الزّاهد، ومحمد بْن أَحْمَد الغُنْجار، وعلي بْن القاسم بْن شاذان الرّازيّ، وأحمد بْن الوليد الزّوَزنيّ شيخ البَيْهقيّ، وأبو نصر أَحْمَد بْن محمد بْن إبْرَاهِيم البخاريّ، وعامةُ أهل ما وراء النهر. قَالَ أَبُو كامل البصيري: سَمِعْتُ بعض مشايخي يَقُولُ: كُنَّا فِي مجلس ابن خنْب فأملي فِي فضائل عَلِيّ بعد فراغه من فضائل أَبِي بَكْر وعمر وعثمان، إذ قام أَبُو الفضل السُّلَيمانيّ وصاح: أيّها النّاس، إنّ هذا دجّال فلا تكتبوا عَنْهُ. وخرج من المجلس لأنّه ما سَمِعَ فضائل الثلاثة. وتوفي فِي غُرّة رجب. 744- محمد بْن أَحْمَد أَبُو بَكْر القُرْطُبيّ اللُّؤْلُؤيّ، الفقيه المالكيّ. كَانَ أفقه أهل الأندلس بعد موت ابن أيمن. وله بَصَر بالشعِّر والوثائق واللغة. قَالَ ابن عفيف: كَانَ أفقه أهل عصره وأبصرهم بالفُتْيا. وعليه كَانَ مدار العلم فِي زمانه، وعليه نفقه ابن زرب. وكان أخفش العينين. 745- محمد بْن حَيْكان بْن عَبْد اللَّه1: أَبُو الْحَسَن السّنْجوريّ البزاز. سَمِعَ: الْحُسَيْن بْن الفضل، وأحمد بْن مخلد اللّبّاد. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وقال: كَانَ صالحًا أمينًا يديم الاختلاف إلى الأستاذ أَبِي الوليد. تُوُفّي رحمه الله بَنْيسابور. 746- محمد بْن زكريّا2 بْن يحيى بْن دَاوُد بْن مسبّح البغداديّ: سَمِعَ: أَبَا شعيب الحرّانيّ، ويوسف القاضي. وولي مظالم خراسان. وحدَّث هناك. 747- محمد بن علي بن الهيثم بن علوان3: البغداديّ، البزّاز، المقرئ. سَمِعَ: ابن أَبِي الدُّنيا، ومحمد بْن يونس، والحارث بْن أبي أسامة، ومحمد بْن غالب بْن حرب. وعنه: أَبُو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه، وأبو الْحَسَن الحمّاميّ، وأحمد بن علي البادي، وأبو علي بن شاذان.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "2/ 586". 2 تاريخ بغداد "5/ 287". 3 تاريخ بغداد "3/ 83"، غاية النهاية "2/ 212".

وقال أَبُو عَلِيّ: كَانَ ثقة صالحًا. عاش تسعين سنة، وعرض القرآن عَلَى والده صاحب ابن حمدون الطّيبّ بْن إِسْمَاعِيل. قَرَأْتُ عَلَى عِيسَى بْنِ يَحْيَى الصُّوفِيِّ: أَخْبَرَكُمْ عَبْدُ الرَّحِيمِ بن يوسف، نا أحمد بن محمد السلفي، أنا محمد ابن عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَسَدِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفَانيذِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ السَّمْنَانِيُّ قَالُوا: أَنَا الحسن ابن أَحْمَدَ، أَنَا محمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْهَيْثَمِ؛ ثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثَنَا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "ثَلَاثَةٌ يدعون الله عز وجل فلا يستجب لَهُمْ: رَجُلٌ كَانَ لَهُ دَيْنٌ فَلَمْ يُشْهِدْ، وَرَجُلٌ أَعْطَى سَفِيهًا مَالَهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عزل وَجَلَّ: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا" 1. 748- محمد بْن المؤمّل بْن الحَسَن بْن عيسى بْن ماسرجس الَّنيْسابوريّ2: أَبُو بَكْر الماسرجسي. أحد رؤساء خُراسان وأفصحهم، وأحسنهم بيانًا. لم يكن يتكلم بالفارسية إلا من لا يُحسن. كنت معه فِي الحجّ سنة إحدى وأربعين، يَقُولُ الحاكم، فكانوا يتعجبون من فصاحته. سمع: الْحُسَيْن بْن الفضل، والفضل بْن محمد الشّعْرانيّ. وأكثر سماعه قبل الثمانين، وبعدها. تُوُفّي ليلة عيد الفطر، وله تسعٌ وثمانون سنة. وقد بنى بَنْيسابور دارًا لأهل الحديث، وكان يجُري عليهم الأرزاق. وكان أَبُو عَلِيّ الحافظ يتولّى قراءة التّاريخ لأحمد بْن حنبل عَلَيْهِ. قلتُ: روى عَنْهُ: الحاكم، وأبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وسعيد بْن محمد بْن محمد بْن عَبْدان. 749- محمد بْن يوسف بْن يعقوب بْن حفص3 بْن يوسف بْن نَصَيْر: أَبُو عُمَر الكنديّ، مصنّف "تاريخ مصر". تُوُفّي فِي شوّال، وله سبْعٌ وستون سنة. 750- مَعْبَد بْن جُمعة بْن خاقان4: أَبُو شافع الشّاعر الأديب المطوعي.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه الحاكم "2/ 302"، والبيهقي في السنن الكبرى "10/ 146"، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة "1805". 2 الأنساب "11/ 82" سير أعلام النبلاء "16/ 23، 24". 3 حسن المحاضرة "1/ 319"، الأعلام "8/ 21". 4 تاريخ جرجان للسهمي "475، 476".

كَانَ من أهل طبرستان. سكن جُرْجان، ثمّ نَيْسابور. وحدَّث عَنْ: محمد بْن أيّوب العِجْليّ، ومُطَيَّن، ويوسف القاضي، وأبي خليفة، وأبي عَبْد الرحمن النسائي. وعنه: الحاكم ويقال: يخالفَ فِي بعض حديثه. وقال: تُوُفّي سنة 341. وقال ابن مَنْدَه: تُوُفّي سنة خمسين. فالله أعلم. "حرف الهاء": 751- هبة اللَّه بْن جعْفَر البغداديّ المقرئ1: تُوُفّي فِي صَفَر سنة خمسين. يحوَّل إلى هنا من الطبقة الآتية. 752- هبة اللَّه بْن محمد بْن حَبشَ2: أَبُو الْحُسَيْن البغدايد الفراء. سَمِعَ: محمد بْن يونس الكُدَيْميّ، وإبراهيم الحربيّ، وأحمد بْن عَلِيّ الحرّار، وأحمد بْن عَلِيّ الأبّار. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وعبد الواحد بْن محمد القاضي. وثقَّه الخطيب. وروى عَنْهُ: الحاكم، وقال إنّه مقرئ. المتوفون فِي هذه الحدود تقريبًا "حرف الألف": 753- أَحْمَد بْن إبْرَاهِيم بْن غالب3: أَبُو الْعَبَّاس الْإمَام البَلَديّ. سَمِعَ من: عَلي بن حرب، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه العبسيّ. وعنه: أَبُو منصور محمد، وأبو عبد الله أحمد ابنا الحسن بْن سهل البلديّ، وعبد اللَّه بْن إبْرَاهِيم القاضي، وابن جُمَيْع الغسّاني، ومحمد بْن عُمَر بن عيسى البلدي الحطراني، وأبو الْحَسَن بْن المُثنَّى. الأصبهانيّ. 754- أَحْمَد بْن إِسْحَاق4: أَبُو جعْفَر الحلبيّ الحنفيّ، الملقَّب بالْجُرَذ. ولي قضاء حلب لسيف الدولة. وحدث عَنْ: أحمد بْن خليل، وعمر بْن سِنان المنْبِجيّ، ومحمد بن معاذ بن المستهل، وطائفة.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 69". 2 تاريخ بغداد "14/ 69"، الإكمال لابن ماكولا "2/ 354". 3 الأنساب لابن السمعاني "2/ 286". 4 الروض البسام المقدمة "13".

وعنه: ابن أخيه أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق، وتمام الرازي، وابن نظيف. ويحتمل أن تُوُفّي بعد الخمسين. وعنه أيضًا أَبُو محمد بْن النّحّاس، حدَّث بمصر. 755- أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن محمد بْن الفضل1 بْن جَابرِ السَّقَطيّ: أبو الحسين. سَمِعَ: الكُدَيْميّ، وبشر بْن مُوسَى، وجماعة. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وهلال الحفّار. صدوق. 756- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن سهل2: أَبُو بَكْر الفارسيّ، صحاب ابن سُرَيْج. فقيه إمام، لَهُ المصنَّفات الباهرة فِي مذهب الشّافعيّ. ومن وجوهه: أنّ الكلب الأسود لا يحلّ صيده، كمذهب أَحْمَد. 757- أَحْمَد بْن حُميّد بْن أَبِي العجائز سعَيِد بْن خَالِد بْن حُمَيْد بْن صُهَيْب الْأَزْدِيّ3: أَبُو الْحَسَن الدّمشقيّ. روى عَنْ: عَبْد الله بْن الْحُسَيْن المَصِّيصيّ، وعلي بْن غالب السَّكْسكيّ، وأحمد بْن إبْرَاهِيم البُسْريّ، وجماعة. وعنه: أَبُو هاشم المؤدب، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وآخرون. 758- أحمد بن خلف السابح4: بباء موحد. سَمِعَ: عَبْد الكريم الدَّيْرعَاقُوليّ. وعنه: محمد بْن أَحْمَد بْن رزْقَوَيْه. 759- أَحْمَد بْن زكريّا بْن يحيى بْن يعقوب5: أَبُو الحسن المقدسيّ. سَمِعَ: أحمد بن شيبان الرملي، ومحمد ابن حمّاد الطَّبَرانيّ. وعنه: أَبُو الْحُسَيْن بْن جُمَيْع، وتمّام الرّازيّ، وأبو عبد الله بْن مَنْدَه، وعلي بن محمد الحلبيّ. 760- أَحْمَد بْن صالح6: أَبُو بَكْر البغداديّ المقرئ. صاحب أبي بكر بن

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 35". 2 الوافي بالوفيات "6/ 335"، معجم المؤلفين "1/ 192". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 60". 4 تاريخ بغداد "4/ 135". 5 معجم الشيوخ لابن جميع "192". 6 تاريخ بغداد "4/ 205"، غاية النهاية "1/ 62".

مجاهد. قرأ على: ابن مجاهد، والحسن بن الحباب؛ وسمع من: أبي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد. أخذ عَنْهُ: خلف بْن القاسم الأندلسيّ، وعبد المنعم بْن غلْبُون، وعَبْد الباقي بْن الْحَسَن. قال أبو عمرو الدانيّ: كَانَ ثقة ضابطًا مشهورًا. 761- أَحْمَد بْن عبيد الله بْن إِسْمَاعِيل1: أَبُو الْحَسَن الحافظ، الصّفّار الْبَصْرِيّ. مُحَدَّث مشهور. حدَّث ببغداد وبالأهواز عَنْ: الكُدَيْميّ، ومحمد بْن الفَرَج الأزرق، وتمتام، وخلق. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وابن جُمَيْع، وعلي بْن أَحْمَد بْن عبدان الشّيرازيّ. وخلق. سَمِعَ منه ابن عبدان سنة إحدى وأربعين، وقد صنَّف المُسْنَد وجوّده. وقيل: إنُه ابن امْرَأَة الكُدَيْميّ. قَالَ الخطيب: ثقة، ثبت. 762- أَحْمَد بْن عُبّيْد بْن أَحْمَد بْن عُبّيْد بْن سعَيِد الرُّعَيْنيّ: الحمصيّ، الصّفّار أَبُو بَكْر. يأتي فِي سنة 352. 763- أَحْمَد بْن عبيد الله بن حمدان بن صالح2: بو عَلِيّ البغداديّ المقرئ. تلقَّن القرآن فِي ثلاثة أعوام عَلَى إدريس بْن عَبْد الكريم. وعرض أيضًا عَلَى: الْحَسَن بْن الحُباب. قرأ عَلَيْهِ: عبد الباقي بن حسن، وغيره. 764- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن علي بْن حاتم3: أبو عبد الله التميمي الكوفي البزاز. حدَّث عَنْ: إبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه القصّار، وإبراهيم بْن أَبِي العَنْبس، وكان أحد الشُّهود. روى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَد الفَرَضيّ، وأبو الحسين بْن بِشْران. قَالَ الخطيب: مستقيم الحديث. 765- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الجبّار4: أَبُو سهل البغداديّ ابن جَبْرُوَيْه. حَدَّث عَنْ: يحيى بْن جعفر بن الزبرقان، والكديمي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "1/ 438-440"، تاريخ بغداد "4/ 261"، تذكرة الحفاظ "3/ 876، 877". 2 غاية النهاية "1/ 78، 79". 3 تاريخ بغداد "4/ 311". 4 تاريخ بغداد "4/ 312"، الإكمال لابن ماكولا "2/ 352"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 134".

روى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن الثّلاج، وعلي بْن أَحْمَد الرّزّاز، وأبو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه، وأبو الْحَسَن الحمّاميّ. تُوُفّي بعد سنة سبعٍ وأربعين وثلاثمائة. 766- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عُمَر بْن حُبَيْش1: أَبُو سعَيِد الرّازيّ. من ذُرّية أَبِي مُوسَى الأشعري -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بْنِ أيّوب بْن الضُّرَيْس، وغيره. روى عَنْهُ: الدّارَقُطْنيّ، وأبو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه. وثقَّه الخطيب. 767- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن صالح بْن عبد الله بن قيس بن الهذيل بن يزيد بن العباس بن الأحنف بْن قيس2: أَبُو الْحُسَيْن التّميميّ البزاز الحافظ الهمذاني، المعروف بابن الكوملاذي، والد صالح بن أحمد الحافظ. روى الكثير عَنْ: محمد بْن صالح الطَّبَريّ، والحسن بْن يزداد، وحمزة بْن محمد الكاتب، ومحمد بْن حُبَاب الباهليّ، وحامد بْن شُعَيب البلْخيّ، وخلق سواهم. وعنه: ابنه، وطاهر بْن عَبْد اللَّه بْن ماهلة، وابن تركان، وعلي بْن عَبْد اللَّه بْن جَهْضَم. وكان ثقة عارفًا. قَالَ ابنه صالح: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن محمد الصّفّار يَقُولُ: كنّا نشبّه أباك أيّام كنّا نسمع بأحمد بْن حنبل لسكونه ووقاره وما كَانَ عَلَيْهِ. 768- أَحْمَد بْن محمد بْن سهل3: أَبُو بَكْر البغداديّ. حدَّث عَنْ: أَبِي مسلم الكَجّيّ، وغيره. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وتمام الرّازيّ، وغيرهما. 769- أَحْمَد بْن محمد بْن شجاع: أَبُو بَكْر البغداديّ المقرئ الضراب. روى عَنْ: ابن أَبِي الدُّنيا، وبشر بْن مُوسَى. وعنه: أَبُو عَلِيّ منصور الخالديّ، والحسن بْن أَحْمَد بْن الليث الشّيرازيّ، وطلحة بْن خَلَف. ذكره بن النّجّار. 770- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن هلال4: أَبُو الْحَسَن السُّلَميّ المقرئ، الْجُبنّيّ. إمام مسجد سوق الْجُبْن. قرأ عَلَى: هارون الأخفش. قرأ عَلَيْهِ: ابنه أَبُو بَكْر محمد. ذكره ابن عساكر.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 11". 2 الأنساب "10/ 503". 3 تاريخ بغداد "5/ 30"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 57". 4 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 61"، غاية النهاية "1/ 121".

771- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الصمد بْن يزيد1: أَبُو الْعَبَّاس الرّازيّ المقرئ، نزيل الأهواز. قرأ القرآن عَلَى: أَبِي الْعَبَّاس الفضل بْن شاذان الرّازيّ. قرأ عَلَيْهِ: أَبُو بَكْر أَحْمَد بن نصر الشذائي، وأحمد بْن محمد بْن عُبّيْد اللَّه العجلي، وأبو الفَرَج الشَّنَبُوذيّ. 772- أَحْمَد بْن محمد ابن المحدث أبي زُرْعة عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو النَّصْريّ الدّمشقيّ2: أَبُو الطَّيْب. سَمِعَ: وزيرة بْن محمد الغساني، وأحمد بن علي المروزي، وأحسن بْن الفَرَج الغزّيّ. وعنه: تمّام الرّازيّ، وغيره. 773- أَحْمَد بْن محمد الطَّبَرِسْتانيّ3: حدَّث بدمشق. عَنْ: محمد بْن أيّوب، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد، ومطين. وعنه: تمّام، وأبو نصر المُرِّيّ، وغيرهما. 774- أَحْمَد بْن محمد الواشقي الهَرَويّ: أَبُو يَعْلَى. يُحَرَّر أمره. ففي "ذمّ الكلام" أنّه روى عَنْ عثمان بْن سعَيِد الدّارِميّ. وعنه: محمد بْن أَحْمَد الجاروديّ، ويحيى بْن عمّار، ومحمد بْن جبريل. ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الدّباس شيوخ شيخ الْإِسلْام. 775- أَحْمَد بْن مكحول محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام4: أَبُو عَلِيّ البيروتي. سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا يزيد القَرَاطِيسيّ، وأحمد بْن نبيط، وجماعة. وعنه: ابن جُمَيْع، وأبو عبد الله بْن منده، وتمّام الرّازيّ. 776- إبْرَاهِيم بْن حاتم بْن مَهْديّ5: أَبُو إِسْحَاق التُّسْتَرِيّ، الزّاهد المعروف بالَبلُّوطيّ. نزل الشّام، وسكن بيت لِهْيا. وحدَّث عَنْ جماعة من أهل تُسْتَر. روى عَنْهُ: زيد بْن عَبْد اللَّه البلوطي، وأبو نصر بْن هارون، وعبد اللَّه بْن بَكْر الطَّبَرانيّ. وكان صاحب أحوال وكرامات ومجاهدات. ذكر عَنْ نفسه أنّه طوى سبعين يوما.

_ 1 غاية النهاية "1/ 118". 2 الروض البسام المقدمة "17، 18"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 179". 3 الروض البسام "المقدمة" "17"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 61". 4 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 58، 59". 5 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 203، 204".

777- إبراهيم بن عبد الله بْن إِسْحَاق أَبُو الْحَسَن الورّاق1: حدَّث بطرابُلُس عن: محمد بن يزيد بن عبد الصمد، وأحمد بْن الْمُعَلَّى. وعنه: أبو عبد الله بْن مَنْدَه، وفَرَج بْن إبْرَاهِيم النَّصِيبّي. 778- إبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد2: أَبُو محمد البصْريّ، المعروف بالجنائي. سمع: أبا مسلم الكجي، والحسن ابن المُثَنَّى، وأبا خليفة. وبدمشق فِي الكهولة من الحصائريّ. وعنه: شهاب بْن محمد الصُّوريّ، وعبد اللَّه بْن عَلِيّ الأبزونيّ، وجماعة. 779- إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم الفارابيّ اللُّغَويّ3: أَبُو إبْرَاهِيم صاحب "ديوان الأدب فِي اللُّغة". سكن اليمن مدّةً، وبها صنَّف هذا الكتاب. وهو خال صاحب "الصّحاح" الجوهريّ. 780- إِسْحَاق بْن محمد بْن عَلِيّ بْن خَالِد الكوفيّ: أَبُو أَحْمَد المقرئ. سَمِعَ: إبْرَاهِيم بْن أَبِي العَنْبَس الزُّهْريّ. وعنه: ابن مَرْدُوَيْه. وسمع: الحسين بن الحكم الحبري. 781- إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل الرّازيّ: سَمِعَ: الكُدَيْميّ. قَالَ الخليليّ: ثنا عَنْهُ الكهول من شيوخنا. 782- إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن محفوظ: أَبُو محمد بْن السُّنّيّ. دمشقيّ، سكن مصر. وحدَّث عَنْ: زكريّا خياط السنة، وأحمد بْن يحيى بْن حمزة، وأحمد بْن عَلِيّ القاضي، وأحمد بْن إبْرَاهِيم البُسْريّ. وعنه: عَلِيّ بْن محمد بْن إِسْحَاق الحلبيّ، وابن مَنْدَه، والحسن بْن إِسْمَاعِيل الضّرّاب، والحسن بْن نَظِيف. "حرف الباء": 783- بَكْر بْن أَحْمَد4: أَبُو عُمَرو النّحّاس. عن: إسحاق الدبري.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 221". 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 233، 234". 3 الأنساب "2/ 415"، بغية الوعاة "1/ 191"، كشف الظنون "48، 774". 4 تاريخ بغداد "7/ 95".

روى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن الحمّاميّ وحده. 784- بلال بْن المبارك الحقْليّ: من أهل حقل أَيْلَة. سَمِعَ: محمد بْن عَبْد العزيز الأَيْليّ. روى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن محمد بْن عَلِيّ العلويّ الهَمَدانيّ، والحافظ أبو عبد الله بْن مَنْدَه. ومات فِي عَشْر المائة. "حرف الجيم": 785- جعْفَر بْن محمد بْن قَضاء البصْريّ1: سَمِعَ أَبَا مُسلْمِ الكَجّيّ، والحسن بْن المُثَنَّى العنبريّ. "حرف الحاء": 786- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن عُمَيْر بْن جَوْصا2: روى عَنْ: أَبِيهِ، وأحمد بْن أنس بْن مالك، وهارون الأخفش. وعنه: أبو عبد الله بن منده، وتمام. 787- الحسن بن داود3: أبو علي الكوفي النحو المقرئ، المعروف بالنقار. أخذ قراءة عاصم عَنِ: القاسم بن أحمد الخياط. وأخذ قراءة حمزة، عن محمد الوزّان، عَنْ محمد بْن لاحق، عَنْ سُلَيْم. وأقرأ النّاس دَهرًا. قرأ عَلَيْهِ: زيد بْن عَلِيّ بْن أَبِي بلال، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، وأحمد بْن نصْر الشَّذَائيّ، ومحمد بْن جعْفَر التّميميّ، وعلي بْن يوسف العلاف، وآخرون. وكان ثقة بارعًا فِي معرفة رواية عاصم. قَالَ أَبُو أَحْمَد السّامريّ: نا أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن دَاوُد بْن الْحَسَن بْن عَوْن بْن منذر بْن صُبَيْح مولى معاوية بْن أبي سُفْيَان فِي ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة أنّه قرأ عَلَى القاسم الحنّاط أربعين ختْمة. وقرأ قاسم ابن أَحْمَد: عَلَى أَبِي جعْفَر السَّمُّوئيّ. 788- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق بْن شيرزاذ4: أَبُو عَلِيّ البغدادي

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "7/ 68". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 154، 155". 3 غاية النهاية "1/ 212". 4 تاريخ بغداد "7/ 385".

الشِّيرَزَاذِيّ: عَنْ: عَبَّاس الدُّوريّ، والحسن بْن مَكْرَم، وعلي بْن دَاوُد القّنْطَريّ، وطائفة. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، ثنا عَنْهُ ابن رزْقَوَيْه. 789- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن الوثّاق1: أَبُو القاسم النَّصِيبيّ الحافظ. رحل وسمع: أَبَا خليفة الجّمَحيّ، وجعفر بْن محمد الفِرْيابيّ، وأبا يَعْلَى. وعنه: ابن مَنْدَه، وتّمام الرّازيّ. 790- الْحُسَيْن بْن محمد بْن سنان2: أبو معمر الأطْرَابُلُسيّ الضّرير. سَمِعَ: أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي الخناجر، وغيره. وعنه: ابن مَنْدَه، وأبو عبد الله بْن أَبِي كامل. "حرف الخاء": 791- خَالِد بْن محمد بْن خَالِد بْن يحيى بْن محمد يحيى بْن حمزة3: أَبُو القاسم الحضْرميّ البَتَلْهيّ. روى عَنْ: جده لأمّه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ. وعنه: ابن مَنْدَه، وتمّام الرّازيّ، وعبد اللَّه بْن بَكْر الطَّبَرانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، وغيرهم. "حرف العين": 792- عَبْد اللَّه بْن خَالِد بْن محمد بْن رُسْتُم الرّاذانيّ الخانيّ: روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن أَبِي مَسَرَّة المكّيّ، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل التِّرْمِذيّ، والصّائغ. روى عَنْهُ بالإجازة أَبُو نُعَيْم الحافظ. 793- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن أَبِي كامل الأطْرَابُلُسيّ4: سَمِعَ: عَلِيّ بن عبد العزيز البغوي، ومحمد ابن عَلِيّ الصّائغ. وعنه: ابنه أبو عبد الله، وابن منده.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 236". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 357". 3 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 89". 4 معجم البلدان "1/ 217".

794- عَبْد الرَّحْمَن بْن جَيْش1: أَبُو محمد الفَرغانيّ، ثمّ الدّمشقيّ الشّاغوريّ. روى عَنْ: زكريّا خيّاط السنة، وأحمد بْن عَلِيّ بْن سعَيِد المَرْوزِيّ، وإبراهيم بْن زُهَير الحُلْوانيّ، ومحمد بْن يحيى المَرْوزِيّ، وجعْفَر الفِرْيابيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: تمّام، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر. وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر، وغيرهم. جَيْش: بالجيم والياء والمثلَّثة. 795- عَبْد الرَّحْمَن بْن القاسم: أَبُو الْحُسَيْن الفَسَويّ. حدَّث بشِيراز سنة نيِّفٍ وأربعين. عَنْ يعقوب بْن سُفْيَان. 796- عديّ بْن يعقوب2: أَبُو حاتم الطّائيّ الدّمشقيّ، خطيب قرية الحِمْيريَين. حدَّث عَنْ: جدّه لأمّه محمد بْن يزيد بْن عَبْد الصّمد، وجعفر بْن أَحْمَد بن عاصم. وعنه: ابن مَنْدَه، وتّمام، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصْر، وغيرهم. 797- عَرَفَة بْن محمد بن الغمر الغسائي: أَبُو عَلِيّ الضّرّاب، مصريّ حافظ. عَنْ: أَحْمَد بن داود المكي، نحوه. قَالَ ابن يونس: كَانَ ثقة ثَبْتًا. تُوُفّي بعد الأربعين. 798- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق: أَبُو الْحَسَن البغداديّ الأصل، الْمَصْريّ. سَمِعَ: مِقْدَام بْن دَاوُد، وحبوس بْن رزق اللَّه، وغيرهما. وعنه: منير بْن أَحْمَد الخشّاب، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّحّاس. 799- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن محمد الهَمَذَانيّ التّمّار: ويعُرف بابن قرموز. سَمِعَ: إبْرَاهِيم بْن دِيزِيل، ومحمد بْن معاذ دُران، وعمر بْن حفص السَّدُوسيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: صالح بن أحمد الهَمَذَانيّ، وأبو بَكْر بْن لال، وأبو عبد الله الحاكم، والقاضي عَبْد الجبّار، وآخرون. لَهُ رحلة. 800- عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه البغداديّ العطّار: صاحب الحاكم. سَمِعَ: عَلِيّ بْن حرب المَوْصِليّ. وعنه: الحاكم.

_ 1 مقدمة الروض البسام "27، 28"، الإكمال لابن ماكولا "2/ 355، 356". 2 مقدمة الروض البسام "30".

801- عَليّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حبيب1: أَبُو أَحْمَد الحَبِيبيّ المَرْوزِيّ. سمع: سعيد بن مسعود، وعمار بن عبد الجبّار، ومحمد بْن الفضل البخاريّ، وجماعة. وكان له معرفة وحفظ، ولكنه يروي المناكير. قال الخليليّ: ثنا عَنْهُ أبو عبد الله الحاكم، وسألته عَنْهُ: فقال: هُوَ أشهر فِي اللِّين عَنْ أن تَسْألني عَنْهُ. تُوُفّي سنة نَيِّفٍ وأربعين. قلت: بل تُوُفّي سنة إحدى وخمسين. 802- عَلِيّ بْن محمد2: أَبُو الحسن القزويني الحافظ، ويعرف بالمقبري. كَتَب بالشام، والعراق، وأصبهان. سَمِعَ: أَبَا خليفة، وطبقته. 803- عُمَر بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن شهاب العُكْبَريّ3:روى عَنْ: أَبِي الأحوص محمد بْن الهيثم. وعنه: ابن بُطَّة، ومحمود بْن عُمَر العُكْبَرِيّان. وثقَّه الخطيب. 804- عُمَرو بْن إِسْحَاق الْقُرَشِيّ الْبُخَارِيّ4: ولَقَبُهُ: مرس. حدَّث ببغداد عَنْ: صالح بْن محمد جَزَرَة، ومحمد بْن حُرَيْث. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وأبو بَكْر الورّاق وجماعة. 805- عَمْرو بْن محمد5: أَبُو الْعَبَّاس الفَزَاريّ المؤدِّب. دمشقي. سَمِعَ: يزيد بْن عَبْد الصمد، وأحمد بْن إبْرَاهِيم البُسْرِيّ. وعنه: تمّام الرّازيّ، وعبد الوهاب المَيْدانيّ. "حرف الميم": 806- محمد بْن أَحْمَد بْن بِشْر6: أَبُو سعَيِد الهَمَذَانيّ. حدَّث بدمشق عَنْ: أَبِي خليفة، وعَبْدان، وجعفر الفِرْيابيّ، وأبي يعلى الموصلي. وعنه الْحَسَين الرّازيّ وهو أكبر منه، وابنه تمّام الرازي. وتوفي بالرملة بعد الأربعين.

_ 1 الأنساب "4/ 53"، ميزان الاعتدال "3/ 155"، لسان الميزان "4/ 258، 259". 2 التدوين في أخبار قزوين "3/ 402". 3 تاريخ بغداد "11/ 240". 4 تاريخ بغداد "12/ 226". 5 تاريخ دمشق "23/ 189". 6 مقدمة الروض البسام "35".

807- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن أَبِي جُحُوش الخُرَيْميّ المُرّيّ1: أَبُو جُحُوش، خطيب دمشق. سمع: أَحْمَد بْن أنس، ومحمد بْن يزيد بْن عَبْد الصمد؛ وبنيسابور من: ابن خزيمة، والسراج. وعنه تمام الرازي، وعبد الواهب المَيْدانيّ. 808- محمد بْن أَحْمَد بْن عَرْفَجة2: أَبُو بكر القرشي الدمشقي. سمع. با زُرْعَة، ويزيد بْن عَبْد الصمد. وعنه: أبو عبد الله بْن مَنْدَه، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر، وتمّام. 809- محمد بْن أَحْمَد بْن مَحْمُوَيْه3: أَبُو بَكْر العسكريّ. سَمِعَ: أَبَا زُرْعَة الدّمشقيّ، ومحمد بْن خَالِد بْن خليّ، وعبيد اللَّه بْن رُمَاحس، وأحمد بْن بِشْر الصُّوريّ. وعنه: عَبْد الواحد بْن محمد بْن شاه، وأبو الحسن بْن جُمَيْع، وعلي بْن أَحْمَد بْن عَبْدان، وأبو علي الحسين ابن محمد الرُّوذَبَارِيّ، وغيرهم. 810- محمد بْن أَحْمَد بْن مرشد4: أَبُو بَكْر بْن الزَّرِز الدّمشقيّ المقرئ. قرأ عَلي: هارون الأخفش. قرأ عَلَيْهِ: عَبْد الباقي بْن السّقّا ثلاث خِتَم وقال: كَانَ من كبار خيار المسلمين، صابرًا عَلَى صيام الدّهر ولُزُوم الجماعة. قرأ عَلَى الأخفش قبل التسعين ومائتين رحمه اللَّه. 811- محمد بْن إبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن مِهْران الثَّقْفيّ السّرّاج5: ابن أخي أَبِي الْعَبَّاس السّرّاج. وُلِد ببغداد، فسمع: محمد بن يونس الكديمي، والحارث بن أبي أسامة. وسكن بيت المقدس. وعنه: تمّام الرّازيّ، وابن أَبِي كامل الأطْرَابُلُسيّ وكان صدوقًا. 812- محمد بْن إبْرَاهِيم بْن سهل بْن حيّة6: أَبُو بكر الدمشقي البزاز،

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "3/ 243"، الأنساب "5/ 100"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 231". 2 مقدمة الروض البسام "36". 3 تاريخ بغداد "2/ 385"، الوافي بالوفيات "1/ 309". 4 غاية النهاية "2/ 88". 5 تاريخ بغداد "1/ 411". 6 الإكمال لابن ماكولا "2/ 327"، مقدمة الروض البسام "34".

سَمِعَ: أَبَا زُرْعَة الدّمشقيّ، وإسماعيل بْن قيِراط، وعبد الرَّحْمَن بْن الرّوّاس، وعلي بْن غالب السَّكْسكيّ. وعنه: تمّام، وعبد اللَّه بْن بَكْر الطَّبَرانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر. 813- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن يَعْقُوب بْن زُوزَان1: قيده ابن ماكولا بِزايَين؛ أَبُو بَكْر الأنطاكيّ. مُحَدَّث رحّال، سَمِعَ: بِشْر بْن مُوسَى الأَسَدِيّ، ويوسف بْن يزيد القَرَاطِيسيّ، وزكريّا بْن يحيى خَياط السنة، وطبقتهم. وعنه: أَبُو أَحْمَد محمد بْن عَبْد اللَّه الدّهّان، وأبو محمد بن ذكوان، وابن جُمَيْع، وغيرهم. 814- محمد بْن إِسْحَاق السُّوسيّ2: حدَّث ببغداد. عَنْ الْحَسَين بْن إِسْحَاق التُّسْتَرِيّ، وغيره. وعنه: الدّارَقُطْنيّ، وابن رزْقَوَيْه، وأبو الْحُسَيْن بْن الفضل. وأحاديثه مستقيمة. 815- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى الرّازيّ3: سَمِعَ: أَبَا حاتم الرّازيّ. وعنه: عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن دَاوُد الرّزّاز البغداديّ. وهو آخر من حدَّث عَنْ أَبِي حاتم. عاش بعد الخمسين، وقد سكن بغداد، وكان يؤدِّب. كُنيته أبو الحسين. وهو كذات ادَّعي لُقيّ مُوسَى بْن نصر صاحب جرير بْن عَبْد الحميد. وقال: وُلِدتُ سنة سَبْعٍ وستين ومائتين؛ فأنكر أَبُو القاسم اللالكائيّ وغيره ذَلِكَ. وقال مُوسَى: شيخ قديم. قلتُ: روى عنه ابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان. قَالَ الخطيب: كَانَ غير ثقة، روى الأباطيل. ثمّ ساق لَهُ الخطيب ستّة أحاديث باطلة بأسانيد الصِّحاح. قَالَ: وذكر أنّه سَمِعَ من مُوسَى سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين. 816- محمد بْن جعفر بن هشام.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "4/ 193"، تهذيب تاريخ دمشق "7/ 288"، السير "15/ 334". 2 تاريخ بغداد "1/ 258". 3 تاريخ بغداد "2/ 50-53"، ميزان الاعتدال "3/ 484، 485"، لسان الميزان "5/ 80، 81".

أَبُو الْحَسَن بْن السّقّا الحلبيّ. سَمِعَ: محمد بْن مُعَاذ دُران، وسليمان بْن المُعَافَى. وعنه: عبد الرحمن بْن الطُّبَيْر السّرّاج. قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْحَافِظِ بْنِ بَدْرَانَ: أَخْبَرَكُمْ أَحْمَدُ بْنُ الخَضِر الطاووسي، أنا حمزة بن أحمد السلمي سة خمس وَخَمْسِمِائَةٍ، أَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ بِدِمَشْقَ، أَنَا محمد بْنُ جَعْفَرِ بْنِ السَّقَّا بِحَلَبٍ: ثَنَا محمد بْنُ مُعَاذٍ، ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا هِشَامٌ وَأَبَانٌ قَالَا: ثنا يَحْيَى، هُوَ: ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: "ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُستجابات لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ" 1. قَالَ أبان فِي حديثه: "دعوة الوالد عَلَى ولده". وَأَخْبَرَنَا بِهِ أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ بْن محمد، وزينب الشّعريّة قالا: أَنَا زاهر بْن طاهر، أَنَا إِسْحَاق بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ: ثنا مُسْلِمُ بْن إبْرَاهِيم، فذكر الحديث. أخرجه أَبُو دَاوُد، عَنْ مُسلْمِ، فوافقناه بعُلُوّ. وأبو جعْفَر أنصاريّ من أهل المدينة. 817- محمد بْن الْحَسَن بْن الفَرَج2. أَبُو بَكْر المقرئ الأنباريّ. سَمِعَ: أَحْمَد بْن عُبّيْد اللَّه النَّرْسيّ، وإبراهيم بْن الهيثم البَلَدِيّ، وعبد اللَّه بْن الْحَسَن الهاشميّ. وعنه: أَبُو بَكْر بْن مردويه، وأبو بكر الوراق، وأحمد بن الفرج بن حجاج،

_ 1 "حديث حسن": أخرجه البخاري في الأدب المفرد "32"، وأبو داود "1536"، والترمذي "1905"، وابن ماجه "3862"، وأحمد في المسند "2/ 258"، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود "1536". 2 غاية النهاية "2/ 118، 119".

وعلي بْن القاسم النّجّاد، والحسن بْن عَلِيّ الشابوريّ، وأبو عُمَر بْن أشتافنّا القاضي. سكن البصرة بأخرة. حديثه فِي "الثَّقَفِيّات". 818- محمد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ الدّقّاق1. أَبُو بَكْر البغداديّ. سَمِعَ: أَبَا مُسلْمِ الكَجّيّ، وأحمد بْن عَلِيّ الأبّار. وكان ثقة. وعنه: أَبُو الْحَسَن بْن رزْقَوَيْه، وغيره. 819- محمد بْن الْحَسَن بْن مَسْعُود2. حدَّث ببغداد عَنِ: الكُدَيْميّ. وعنه: ابن رزْقَوَيْه أيضًا. 820- محمد بْن سُلَيْمَان بْن حَيْدَرة3. أَبُو عَلِيّ الأطْرَابُلُسيّ، أخو خَيْثَمَة. سَمِعَ: يوسف بْن بحر القاضي، والعبّاس بْن الوليد البيروتيّ، وإسماعيل بْن حصْن، وجماعة. وعنه: شهاب بْن محمد الصُّوريّ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر، وأبو محمد بْن ذَكْوان البَعْلَبكِّيّ. وتُوُفّي بعد الأربعين أو قبلها. 821- محمد بن العباس بن الفضيل4. أَبُو بكر البزاز. نزل حلب، وحدَّث بها عَنْ: إِسْمَاعِيل القاضي، ومحمد بْن عثمان بْن أَبِي شَيْبة. قَالَ الخطيب: حدَّث عَنْهُ غير واحد من الغرباء بأحاديث مستقيمة.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 208". 2 تاريخ بغداد "2/ 205". 3 تاريخ بغداد "14/ 305"، الأنساب "1/ 300". 4 تاريخ بغداد "3/ 116".

وتوفي بعد سنة أربعين. وعنه: عَلِيّ بْن محمد الحلبيّ. 822- محمد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن1. أبو بَكْر من الْجُلَنْدَيّ المَوْصِليّ المقرئ. قرأ عَلَى: جعْفَر بْن أَحْمَد بْن أسد النصيبيّ، والحسن بْن الْحُسَيْن الصّوافّ، وأحمد بْن سهل الأُشْنانيّ، ومحمد بْن إسماعيل القرشي صاحب السوسي، والفضل بْن أَحْمَد الزُّبَيْدِيّ صاحب خَلَف البزّاز، ومحمد بْن هارون التّمّار، وغيرهم. واشتهر بالضبط والإتقان. قرأ عليه: عَبْد الباقي بْن الْحَسَن بْن السّقّا، وغيره. وله ذِكْر في "التيسير". وقد صحب الجنيدي. وسمع من: محمد بْن زكريّا الغُلابيّ، وأبي يَعْلَى المَوْصِليّ. روى عَنْهُ: عبد الواحد بْن بَكْر الوَرَثَانيّ، وأحمد بْن منصور الشّيرازيّ الحافظ. وكان يكون بطرسوس. 823- محمد بْن عيسى بْن أحمد2. أبو عمر القزيني الحافظ. قدم دمشق، القَزْوِينيّ الحافظ. قدِم دمشق، وسكن بيت لِهْيا. ودخل مصر، وحدَّث عَنْ: إدريس بْن جعْفَر العطّار، ومحمد بْن أيّوب بْن الضُّرَيْس، ومعاذ بْن المُثَنَّى، وأَبِي عَبْد الرَّحْمَن النَّسائيّ، وجماعة. وعنه: تمّام الرّازيّ، وعَبْد الرَّحْمَن النّحّاس، ومنير بن أحمد. ووثقه تمام.

_ 1 غاية النهاية "2/ 201". 2 سير أعلام النبلاء "15/ 580، 581"، تذكرة الحفاظ "3/ 890، 891".

824- محمد بن محمد بن جعفر1. أبو الحَسَن بْن لَنْكك البصري النَّحْويّ الشاعر. أخذ عَنْهُ: أَبُو الفتح عُبّيْد اللَّه بْن أَحْمَد النَّحْويّ، والحسن بن علي بن بشار السابوري، وأحمد بن الْحَسَن القَزْوِينيّ. فمن شِعره: لا تخدعْنك اللِّحَى ولا الصُّوَرُ ... تسعةُ أعشارِ مَن تري بَقَرٌ فِي شَجَرِ السَّرْوِ منهم شَبَهٌ ... لَهُ وراء وما لهُ ثَمَرٌ 825- محمد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ. أَبُو عَبْد اللَّه الهَرَويّ، نزيل مكّة. سمع: إساق الدَّبَريّ. وعنه: أَبُو منصور محمد بْن محمد الأَوْدِيّ. 826- محمود بْن زيد. أَبُو عَلِيّ الهَمَذَانيّ. سَمِعَ: إِسْحَاق الدَّبَريّ، وعلي بْن عَبْد العزيز البَغَوِيّ، وعُبَيْد بْن محمد الكَشْوَرِيَّ. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن الأنماطيّ، وأبو بَكْر بْن لال، وجماعة. 827- مُزَاحم بْن عَبْد الوارث بْن إِسْمَاعِيل2. أَبُو الْحَسَن البصريّ العطّار. حدَّث بدمشق عَنْ: محمد بْن زكريّا الغُلابيّ، وإبراهيم بْن فهد، وأبي مُسلْمِ الكَجّيّ، والحسين بْن حُمَيْد بْن الرّبيع. وعنه: تمام الرازي، وصدقة بن الدلم، وأبو الخير أحمد بن علي الحمصي.

_ 1 الفرج بعد الشدة "1/ 2، 4/ 411"، وفيات الأعيان "5/ 382". 2 مقدمة الروض البسام "46".

828- مُوسَى بْن سعَيِد الحنْظَليّ الهَمَذَانيّ1. سَمِعَ: يحيى الكرابيسيّ، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل الصّائغ، وبشْر بْن مُوسَى. وعنه: صالح بْن أَحْمَد الحافظ، وأبو بَكْر بْن المقرئ، وابن مَنْدَه، والحاكم. وكان يفهم هذا الشأن. "حرف النون": 829- نظيف بْن عَبْد اللَّه2. أَبُو الْحَسَن الحلبيّ المقرئ. من جِلَّة المقرئين وكبارهم. قرأ عَلَى: عَبْد الصمد بْن محمد العَيْنُونيّ سنة تسعين ومائتين ولم يكمل عَلَيْهِ، وسمع منه كتاب عَمْرو بْن الصّبّاح، عَنْ حفص. وقرأ عَلَى: مُوسَى بْن جرير الرَّقّيّ، وأحمد بْن محمد اليَقْطِينيّ. أخذ عَنْهُ: عَبْد الباقي بْن الْحَسَن، وعبد المنعم بْن غلْبُون، قاله الدّانيّ. "حرف الياء": 830- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن الحارث3. أَبُو بَكْر بْن الزّجّاج الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ الكاتب. سَمِعَ: زكريّا خيّاط السنة، وأنس بْن السلم، وجماعة. وعنه: ابن مَنْدَه، وتمّام، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن ياسر. "الكنى": 831- أَبُو بَكْر الطَّمَسْتانيّ الفارسيّ4.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 59". 2 ميزان الاعتدال "4/ 264، 265"، غاية النهاية "2/ 341، 342"، لسان الميزان "6/ 166". 3 مقدمة الروض البسام "48". 4 حلية الأولياء "10/ 382"، طبقات الأولياء "353، 354".

من أعيان مشايخ الطريق. قَالَ السُّلَميّ: كَانَ منفردًا بحاله ووقته لا يشاركه فِيهِ أحد من المشايخ، ولا يُدانيه. وكان الشّبْليّ يُجلُّهُ ويعرف لَهُ محلَّهُ. صحِب إبْرَاهِيم الدّبّاغ، وغيره من مشايخ الفُرْس. ورد نَيْسابور وتُوُفّي بها بعد سنة أربعين. ومن كلامه: كلّ من استعمل الصّدق بينه وبين ربّه شغلهُ صدقُه مَعَ اللَّه عَنِ الْفراغ إلى خلْق اللَّه. وقال: من فضّل الفقر عَلَى الغِنَى أو الغِنَى عَلَى الفقر فهو مربوطٌ بهما، وهما محلّ عِلَل. وقال: النَّفْس كالنار إذا طُفيّ من جانب تأجَّج من جانب، وكذلك النَّفْس. 832- أَبُو الْعَبَّاس الدِّينَوَرِيّ1. واسمه أَحْمَد بْن محمد. صحِبَ يوسف بْن الْحُسَيْن، وعبد اللَّه الخّراز، وأبا محمد الْجَريريّ. وهو مِن أفتى المشايخ. أقام بَنْيسابور يعِظ ويتكلّم بأحسن كلام. وتوفي بسمرقند بعد الأربعين. ومن كلم أَبِي الْعَبَّاس: أدني الذِّكْر أن تنسى ما دونه، ونهاية الذِّكْر أن يغيب الذّاكر فِي الذكر عَنِ الذّكر، ويستغرق بمذكوره عَنِ الرّجوع إلى مقام الذّكْر. وهذا حالُ فناءِ الفناء. 833- أَبُو الخير التيناتيّ الأقطع2. صاحب الكرامات رضي الله تعالى عنه.

_ 1 حلية الأولياء "10/ 383"، طبقات الأولياء "79، 80". 2 حلية الأولياء "10/ 377، 378"، المنتظم "6/ 376، 377"، صفة الصفوة "4/ 206"، سير أعلام النبلاء "16/ 22، 23"، طبقات الأوليا "190-195".

وهو من أهل المغرب. نزل تينات من أعمال حلب. وكان أسود اللون، سيّدًا من سادات الكَوْن. قِيلَ: اسمه حمّاد بْن عَبْد اللَّه. صحِب أَبَا عَبْد اللَّه بْن الجلاء؛ وسكن جيل لُبنان مدّةً. حكى عَنْهُ: محمد بْن عبد اللَّه الرّازيّ، وأحمد بْن الْحَسَن، ومنصور بْن عَبْد اللَّه، الأصبهانيّ، وغيرهم. قَالَ السُّلَميّ: كَانَ ينسج الخُوص بإحدى يديه لا يُدرى كيف ينسجه وله آيات وكرامات، تأوي السّباع إِلَيْهِ وتأنس بِهِ. وقال القُشَيْريّ: كَانَ كثير الشّأن، له كرامات وفراسة جادة. الشّأن، لَهُ كرامات وفراسة جادّة. قَالَ القُشَيْريّ: قَالَ أَبُو الْحُسَيْن القَيْروانيّ: زرتُ أَبَا الخير التّيناتيّ، فلمّا ودعته خرج معي إلى بَابِ المسجد فقال: يا أَبَا الْحُسَيْن أَنَا أعلم أنك لا تحمل معك معلومًا، ولكن احمل معك هاتين التُّفّاحتين. قَالَ: فأخذتهما ووضعتهما فِي جيبي وسرتُ، فلم يفتح لي بشيء ثلاثة أيّام، فأخرجتُ واحدةً وأكلتها، ثم أردتُ أن أخرج الثّانية فإذا هما فِي جيبي. فكنتُ كلّما أكلت واحدة وجدتهما بحالهما إلى أن وصلت باب الموصل، فقلت فِي نفسي إنّهما يفسدان عَلِيّ حال توكُّلي، فأخرجتهما من جيبي فنظرتُ، فإذا فقير مكفوف فِي عباءة يَقُولُ: أشتهي تفاحة. فناولته إيّاهما. فلمّا عبرتُ وقع لي أنّ الشَّيْخ إنّما بعثهما إليه فرجعتُ فلم أجد الفقير. وقال أَبُو نُعَيْم الحافظ: ثنا غير واحد ممّن لقي أَبَا الخير يَقُولُ: أن سبب قطع يده أنّه كَانَ عاهد اللَّه أن لا يتناول لشهوة نفسه شيئًا، فرأى يوما بجبل لكام شجرة زعرور، فأخذت منها غصنًا قطعه وأكل من الزَّعرُور، فذكر عهده فرماه. ثمّ كَانَ يَقُولُ: قطعتُ عضوًا من شجرة فقطع مني عضوًا. وقال أَبُو ذَرٍّ عَبْد بْن أَحْمَد الحافظ: سَمِعْتُ ابن أَبِي الخير الأقطع بمصر يَقُولُ،

وكان صالحًا، وسألته: لِمَ كَانَ أَبُوهُ أقطع؟ فذكر أنّه كَانَ عبدًا أسود قَالَ: فضاق صدْري، فدعوتُ اللَّه فأُعْتِقتُ، فكنتُ أجيء إلى الإسكندريّة فأحتطب وأتقوَّت بثمنه. وكنتُ أدخل المسجد وأقف على الحق. فسهَّل اللَّه تعالي عَلَى لسانهم ما كنتُ أريد أن أسأل عَنْهُ فأحفظه وأعمل بِهِ فسمعتُ مرّةً حكاية يحيى بْن زكريّا -عَليْه السَّلَامُ- وما عملوا بِهِ، فقلت فِي نفسي: إن اللَّه أبتلاني بشيءٍ فِي يدي صبرتُ. ثمّ خرجت إلى ثغر طَرَسُوس، وكنتُ آكل المباحات، معي جحفة وسيف. وكنتُ أقاتل العدوَّ مَعَ النّاس، فآواني الليل غلى غارٍ، فقلتُ فِي نفسي: إنيّ أزاحم الطير في أكل المُبَاحات. فنويت أن لا آكل. فمررتُ بعد ذَلِكَ بشجرة، فقطعت منها شيئًا، فلمّا أردتُ أن آكلها ذكرتُ فرميته. ثمّ دخلت المغارة، فإذا قومٌ لصوص، فلم نلبث أن جاء صاحب الشرطة، فدخل الغار فأخذهم وأخذني معهم. قَالَ: ثمّ إنهم قدموني بعد أن قطعوا أيديهم، فلمّا قدُمت قَالَ اللّصوص: لم يكن هذا الأسود معنا. وكان أهل الثغر يعرفوني. فغطى الله تعالى عنهم أمري حتى قطعوا يدي. فلما مدّوا رِجْلي قلت: يا ربّ، هذه يدي قُطِعَتْ لعقدٍ عقَدْتُه، فما بال رِجْلي؟ قَالَ: فكأنّه كشف عَنْهُمْ فقالوا: هذا أَبُو الخير. واغتموا لي. فلمّا أرادوا أن يغمسوا يدي فِي الزَّيت امتنعت وخرجت، وبت بليلة عظيمة، ونمت قرأيت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ: يَا رسول اللَّه فعلوا بي وفعلوا. فأخذ يدي المقطوع فقبّلها، فأصبحتُ لا أجدُ ألم الجرح. صَلَّى أَبُو الخير بأصحابه يومًا، فلمّا سلَّم قَالَ رجلٌ: لَحَنَ الشّيخ. فلمّا كَانَ نصف اللّيل خرج الرّجل ليبوّل، فرأي أسدًا والشّيخ يطعمه، فغُشيِ عَلَى الرجل. فقال الشَّيْخ: منهم من يكون لحْنُه فِي قلبه، ومنهم من يَلْحَن بلسانه. رواها أَبُو سعْد السّمّان الحافظ عَنْ جماعة من شيوخه. ورواها الحاكم عَنْ أَبِي عثمان المغربيّ، وذكرها أَبُو القاسم القُشَيْريّ فِي الرسالة. وقال أَبُو ذر الحافظ: سَأَلت عيسى كيف حديث السَّبُع؟ فقال: كَانَ أَبِي يخرج خارج الحصن وثم آجام كثير وسِباع. وكان أبي يضربٌ السَّبع ويقول: لا تؤذي أصحابي.

فلمّا كَانَ ذات يومٍ قَالَ لي: ادخل القرية فأتنا بعَيْش فتركتُ ما أمرني بِهِ واشتغلت باللَّعِب مَعَ الصبيان وجئته العشاء، فغضب وقال: لأُبَيِّتَنَّك فِي الأَجَمَة. فأخذني تحت إبطه وحملني إلى أجمةٍ بعيدة لا أهتدي للطّريق منها، ورماني ورجع. فلم أزل أبكي وأصيح، ثمّ أخذني النّوم فانتبهتُ سحرا، فإذا أَنَا بالسَّبُع إلى جنْبي وأبي قائمٌ يصلي. فلمّا فرغ قَالَ للسَّبُع: قُمْ فإنّ رزقك عَلَى الساحل. فمضي السَّبُع. وقال السُّلَميّ: سَمِعْتُ منصور بْن عَبْد اللَّه الأصبهاني يَقُولُ: سمعتُ أَبَا الخير الأقطع يَقُولُ: دخلُت مدينة الرَّسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسَلَّمَ- وأنا بفاقة، فأقمتُ خمسة أيّام ما ذقتُ ذواقا، فتقدَّمت إلى القبر، وسلمتُ عَلَى النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعلى أَبِي بَكْر وعمر وقلتُ: أَنَا ضيفك اللّيلة يا رسول اللَّه. قَالَ: ونمتُ خلف المنبر، فرأيت فِي المنام رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ وَعُمَرُ عَنْ شِمَالِهِ، وعليّ بين يديه. فحرَكني عَلِيّ وقال: قم قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقمتُ إِلَيْهِ وقبّلتٌ بين عينيه، فدَفع إلي رغيفًا فأكلت نصفه، وانتبهتُ، فإذا فِي يدي نصف رغيف. قَالَ السُّلَميّ: سَمِعْتُ جدّي إِسْمَاعِيل بْن بُجيْر يَقُولُ: دخل عَلَى أَبِي الخير الأقطع بعضُ البغداديين وقعدوا يتكلّمون بشطْحهم فضاقَ صدره، فخرج. فلمّا خرج جاء السَّبُع فدخل البيت فسكتوا، وانضمّ بعضهم إلي بعض، فدخل أَبُو الخير فقال: أَيْنَ تِلْكَ الدَّعاوي؟ وعن أَبِي الْحُسَيْن بْن زيد قَالَ: ما كنّا ندخل عَلَى أَبِي الخير وفي قلبنا سؤال إلا تكلَّم علينا فِي ذَلِكَ الموضع. ومن كلامه -رضي اللَّه عَنْهُ- قَالَ: ما بلغ احدٌ إلى حالة شريفة إلا بملازمة الموافقة، ومعانقة الأدب وأداء الفرائض، وصُحْبة الصّالحين، وخدمة الفقراء الصّادقين. وقال: حرام عَلَى قلبٍ مأسور بحبّ الدّنيا أن يسيح فِي رَوْح الغيوب. وقال السُّلَميّ: سمعتُ أَبَا الأزهر يَقُولُ: عاش أبو الخير مائة وعشرين سنة، ومات سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، أو قريب من ذلك، رحمه الله ورضي عنه.

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع الطبقة الرابعة والثلاثون "331-340هـ" "أحداث سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة" 3 زواج ابن المتّقي ببنت ناصر الدّولة الحمدانيّ. 3 غزو الروم إلى أرزن وغيرها. 3 تضيق ناصر الدولة على المتقي. 3 استئمان الديلم لابن بويه. 3 هروب سيف الدولة وأخيه. 4 نزوح البغداديين إلى الشام ومصر. 4 خلعة المتقي لابن بويه. 4 ولادة مولود للقرمطي. 4 الحج هذا الموسم. 4 وزارة علي بن مقلة. 4 دخول توزون بغداد وإمرته. 5 الوحشي بين المتقي وتوزون. 5 عزل ابن مقلة. 5 وفاة بدر الخرشني. 5 وفاة سنان بن ثابت. 5 وفاة ابن عبدوس الجهشياري. 5 وزارة الإصبهاني. "أحداث سنة اثنتين وثلاثين" 6 الحرب بين توزون والمتّقي. 6 مصالحة المتقي وتوزون. 7 عقد البلد لناصر الدولة.

7 موت البريديّ. 7 ولاية ابن لؤلؤ إمرة دمشق. 7 إمرة المؤنسي على دمشق. 7 ولاية الحسين بن حمدان قنسرين والعواصم. 7 وصول الإخشيد إلى المتقي. 8 مقتل حمدي اللص. 8 دخول ابن بويه واسط. 8 إصابة توزون بالصرع. 8 امتناع الحج. 8 ترجمة أبي طاهر القرمطي. 9 تتمة أخبار القرمطي كما أثبتها الناسخ استجابة لأمر المؤلف الذهبي. 12 تسمية أمير الأندلس بأمير المؤمنين. 12 سبب قتل البريدي لأخيه. "أحداث سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة" 12 قتل المتقي. 13 رواية المسعودي عن مقتل المتقي. 13 خلافة المستكفي. 13 صفة المستكفي بالله. 14 الحرب بين ابن بويه وتوزون. 14 وزارة أبي الفرج السامري ومصادرته. 14 وزارة ابن شيرزاد. 14 الحرب بين سيف الدولة والإخشيد. 14 الغلاء والجوع ببغداد. 15 قيام أبي الحسين البريدي مكان أخيه. 15 النزاع بين البريدي وأخيه. 15 قتل يانس. 15 غزوة سيف الدولة في الروم.

"أحداث سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة" 16 وفاة توزون وطمع ابن شيرزاد بالإمارة. 16 زواج سيف الدولة ببنت أخي الإخشيد. 16 تلقب المستكفي بإمام الحق. 16 دخول ابن بويه بغداد ومبايعته الخليفة. 17 عناية ابن بويه بالشباب. 17 ولاية عتبة قضاء الجانب الشرقي. 17 خلع المستكفي بالله. 18 خلافة المطيع لله. 18 الغلاء ببغداد. 19 الحرب بين ناصر الدّولة ومعز الدّولة بن بويه. 19 امتناع الحج. 19 وفاة القاضي الخرقيّ. 19 وفاة الخرقيّ الحنبليّ. 19 وفاة توزون. 20 وفاة الإخشيد. 20 وفاة أبي القاسم صاحب المغرب. 20 مقاتلة ابن كيداد لأبي القاسم. 21 الإباضيّة. 22 وفاة الشبليّ. 22 وفاة الوزير علي بن عيسى. "أحداث سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة" 22 عودة المطيع إلى دار الخلافة. 22 صرْف ابن أبي الشوارب عن القضاء. 22 امتلاك سيف الدولة دمشق. 23 مصالحة معزّ الدولة وناصر الدولة. 23 قيادة تكين الشيرازي للترك. 23 حبس ابن شيرزاد.

23 هزيمة الترك. 23 استيلاء ابن بويه على الري والجبال. 23 امتناع الحج. 24 وثوب غلبون على مصر. 24 وزارة ابن الفرات بمصر. 24 الدعوة لسيف الدولة بطرسوس. "أحداث سنة ست وثلاثين وثلاثمائة" 24 خروج المطيع لمحاربة البريديّ. 24 قدوم عماد الدّولة على أخيه معز الدّولة. 24 تكحيل صاحب خراسان أخويه وعمه. 25 ظفر صاحب المغرب بابن كيداد. 25 وفاة الصولي. 25 غارة الروم على أطراف الشام. "أحداث سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة" 25 غرق بغداد. 25 استئمان أبي القاسم البريدي. 25 اختلاف معز الدولة وناصر الدولة وصلحهما. 25 امتلاك الروم مرعش. 26 امتناع الحج. 26 ولاية أبي المظفر دمشق. "أحداث سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة" 26 ولاية عتبة قضاء القضاة. 26 وصول تقادم أنوجور إلى معز الدولة. 26 تحرك القرامطة. 26 امتناع الحج. 26 بناء المنصورية بالمغرب. 26 وفاة المستكفي بالله. 27 وفاة عماد الدولة الديلمي.

27 ولاية شعلة إمرة دمشق. "أحداث سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة" 27 استيلاء قراتكين على الري والجبال. 27 غزوة سيف الدولة وانهزامه. 27 رد الحجر الأسود. 28 وفاة الصيمري الكاتب. 28 تقليد المهلبي الكتابة. 28 مقتل عبد الله ابن الناصر لدين الله الأموي. 28 غزوة سيف الدولة وإيغاله في الروم. "أحداث سنة أربعين وثلاثمائة" 29 مهاجمة صاحب عُمان البصرة. 30 إيغال سيف الدولة في بلاد الروم. 30 الحج هذه السنة. 30 إصلاح الحجر الأسود وتمكينه في الكعبة. 30 وفاة الكرخي شيخ الحنفية. 30 الزلازل بحلب والعواصم.

ذكر من مات في هذه الطبقة الرابعة والثلاثين مرتبًا كل سنة على حروف المعجم "سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة" "حرف الألف" 31 1- أحمد بن عمران الليموسكي. 31 2- أحمد بن محمد بن بكر الهزاني. 31 3- أحمد بن محمد بن الربيع بن سُليمان المرادي. 31 4- أحمد بن يزيد بن وركشين. 32 5- إبراهيم بن أحمد العجلي. 32 6- إبراهيم بن أحمد بن سهل. 32 7- إسماعيل بن يعقوب بن بهلول الأنباري. "حرف ابلاء" 32 8- بكر بن أحمد بن حفص التنيسي الشعراني. "حرف الجيم" 32 9- جعفر بن محمد بن يعقوب الشيرجي. "حرف الحاء" 33 10- حبان بن موسى بن حبان الكلابي. 33 1- حبشون بن موسى بن أيوب. 33 12- حسن بن سعد بن إدريس بن خَلَف الكتامي. "حرف العين" 34 13- العباس بن عبد الله السميع بن هارون الهاشمي. 34 14- عَبْد الله بْن الحسين بْن محمد بْن جمعة. 34 5- عبد الله بن محمد بن يحيى البغدادي. 34 6- عبد الله بن محمد بن منازل النيسابوري. 35 17- علي بن عبد الله بن البازيار. 35 8- علي بن محمد بن سهل الدينوري. 35 19- عيسى بن محمد بن أبي يزيد البلْخيّ.

"حرف الميم" 35 20- محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة السدوسي. 36 21- محمد بن إبراهيم بن نومرد الدامغاني. 37 22- محمد بن إسحاق بن إبراهيم البغدادي. 37 23- محمد بن إسماعيل الفرغاني. 37 24- محمد بن إسماعيل القرطبي النحوي. 37 25- محمد بن حكم الزيات القرطبي. 38 26- محمد بن الحسين بن ماقولة المديني. 38 27- محمد بن العباس بن يونس المحاربي. 38 28- محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحديد الصدفي. 38 29- محمد بن عمير الجهني. 38 30- محمد بن مخلد بن حفص الدوري. 38 31- محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة الأندلسي. "حرف النون" 39 32- نصْر بن أحمد بن إسماعيل بن أسد بن سامان. "حرف الهاء" 39 33- هارون بن يوسف بْن هارون بن ناصح الأسواني. 39 34- هناد بن السري بن يحيى التميمي. "حرف الواو" 39 35- وثيمَة بن عمارة بن وثيمَةَ بن موسى بن الفرات. "حرف الياء" 40 36- يزيد بْن الْحَسَن بْن يزيد. 40 37- يعقوب بن عبد الرحمن بن أحمد الْجَصَّاصِ. 40 38- يُونُسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ بْنِ عبد الأعلى الصدفي. "وفيات سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة" "حرف الألف" 41 39- أحمد بن إشكاب بن محمد الأصبهاني. 41 40- أحمد بن عامر بن بشر المروروذي.

41 41- أحمد بن عُبادة بن علَكدة بن نوح الرعيني. 41 42- أحمد بن عبيد الله بن الحريص البغدادي. 41 43- أحمد بن عيسى الخواص. 41 44- أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الكوفي. 42 45- أحمد بن محمد بن أبي سعيد الزاز. 44 46- أحمد بن محمد بن عمر بن أبان العبدي. 44 47- أحمد بن محمد بن الوليد التميمي. 44 48- أحمد بن محمد بن يعقوب البصري. 44 49- إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحنبلي. 45 50- إبراهيم بن محمد بن علي بن بَطحاء التميمي. 45 51- إسماعيل بن عمر بن الوليد القرطبي. 45 52- أيوب بن صالح بن سليمان المعافري. "حرف الحاء" 45 53- الحسن بن سعد بن إدريس بن خلف الكتامي. 45 54- الحسن بن يوسف بن يعقوب بن ميمون الحدادي. 45 55- الحسين بن الحسن بن أحمد بن النضر بن حليم. "حرف السين" 46 56- سعيد بن محمد بن نصر القطان. 46 57- سليمان بن أبي سعيد الجنابي القرمطي. "حرف العين" 46 58- العباس بن محمد بن قوهيار. 46 59- عبد الله بن إسحاق المصري الجوهري. 47 60- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي سعيد البزاز. 47 61- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله بْن مُحَمَّد المقرئ المالكي. 47 62- عبد العزيز بن أحمد بن الفرج الغافقي. 47 63- عبد العزيز بن قيس البصري. 47 64- عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عمرو النصري. 47 65- عمرو بن صالح.

"حرف القاف" 47 66- القاسم بن داود بن سليمان بن مردانشاه. "حرف الميم" 48 67- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي سعيد البغدادي. 48 68- محمد بْن إبراهيم بْن عَمْرو الْقُرَشِيّ السَّهميّ. 48 69- محمد بن بشر بن بطريق الزبيري. 48 70- محمد بن بكّار بن يزيد بن المَرْزبان. 48 71- محمد بن الحس بن يونس الهذلي. 49 72- محمد بن الحسين بن الحسن بن خليل القطان. 49 73- محمد بن زُفر المازني. 49 74- محمد بن سهل بن أسود الجملي. 49 75- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم بن ثابت الدمشقي. 49 76- محمد بن علي بن روبة. 49 77- محمد بن عمار العجلي العطار. 49 78- محمد بن عمران بن موسى الشرمغولي. 50 79- محمد بن محمد بن أبي حُذيفَةَ الدّمشقيّ. 50 80- محمد بن يزداد الشهرزوري الأمير. 50 81- محمد بن يونس بن إبراهيم بن النَّضر. 50 82- محمود بن إسحاق البخاري القواس. "حرف الهاء" 50 83- هشام بن أحمد بن هشام بن عبد الله بن كثير الدمشقي. "حرف الياء" 51 84- يعقوب بن إسحاق الهروي. 51 85- يوسف بن عبد الله التميميّ القفصيّ المالكيّ. "وفيات سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة" "حرف الألف" 51 86- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الوهاب الشيباني. 51 87- أحمد بن إسماعيل بن جبريل بن الفيل.

51 88- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن المبارك الأموي. 52 89- أحمد بن علي بن رازح الخولاني. 52 90- أحمد بن عمرو بن جابر الطحان. 52 91- أحمد بْن محمد بْن إبراهيم بْن حَكِيم المديني. 52 92- أحمد بن محمد بن عاصم الحلواني. 52 93- أحمد بن محمد بن عبد الله الجوهري. 53 94- أحمد بن مسعود بن عمرو بن إدريس. 53 95- إبراهيم بن جعفر بن أحمد المتقي لله. "حرف الحاء" 53 96- حاتم بن عَقيل بن المهتدي المراري. 53 97- الحسين بن محمد الخزاعي الزيات. "حرف العين" 54 98- عُبيْد الله بْن محمد بْن يعقوب البخاري. 54 99- عبيد الله بن يعقوب بن يوسف الرازي. 54 100- علي بن أحمد بن نوكرد الأستراباذي. 54 101- علي بن إبراهيم بن معاوية النيسابوري. 54 102- عليّ بن الحسن بن أحمد بن فَرُّوخ الحراني. 54 103- عليّ بن محمد بن منصور بن قُريْش السني. 55 104- علي بن محمد بن المرزبان. 55 105- عمرو بن عبيد البلخي الصيدلاني. "حرف الميم" 55 106- محمد بن أحمد بن تميم بن تمام الإفريقي. 55 107- محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي. 56 108- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن يَعْقُوب بن زوزان الأنطاكي. 56 109- محمد بن إسحاق بن عيسى التمار. 56 110- محمد بن حامد بن أحمد بن حمدويه. 56 111- محمد بن أبي الفتح القلانسي. 56 112- محمد بن محمد بن عبد السلام بن ثعلبة الخشني.

56 113- محمد بن محمد بن وشاح اللخمي. 57 114- محمد بن محمد بن يونس الأبهري. 57 115- مذكور بن جعفر بن أحمد البلوي المؤذن. 57 116- مظفر بن أحمد بن حمدان المصري النحوي. 57 117- مغيرة بن راشد. "حرف الياء" 57 118- يعقوب بن محمد بن عبد الوهاب الدوري. "وفيات سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة" "حرف الألف" 58 119- أحمد بن حامد بن مخلد البغدادي. 58 120- أحمد بن عبد الله بن إسحاق الخرقي. 58 121- أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن أبي قماش. 58 122- أحمد بن عبد الله بن نصر بن هلال السلمي. 59 123- أحمد بن ععلي بن سعيد الكوفي كاتب الوزير. 59 124- أحمد بن محمد بن أوس الهمداني. 59 125- أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الّصنوبريّ. 59 126- أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهانيّ الصحاف. 60 127- أحمد بن محمد بن عصام القزويني. 60 128- أحمد بن محمد بن ياسين الهروي الحدادي. "حرف الباء" 60 129- بَصير بن صابر بن داود البخاري. "حرف الحاء" 60 130- حَسَّان بن عبد الله بن حسان الأندلسي. 60 131- الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني اليمني. 61 132- الحسن بن بويه أمير أصبهان. 61 133- الحسن بن محمد بن هارون الفرمي. 61 134- الحسين بن يحيى بن عياش المتوثي.

"حرف السين" 61 135- سليمان بن إسحاق الجلاب. "حرف العين" 61 136- عباد بن العباس بن عباد الطّالقانيّ. 61 137- عبد الله أمير المؤمنين الخليفة المستكفي بالله. 62 138- عبد الملك بن بحر بن شاذان الجلاب. 62 139- عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بكير التميمي. 62 140- عبدوس بن الحسين بن منصور النيسابوري. 62 141- عثمان بن محمد بن علان بن أحمد الذهبي. 62 142- علي بن إسحاق بن البختري المادرائي. 63 143- علي بن حسن المري البجاني الأندلسي. 63 144- عليّ بن عيسى بن داود بن الجرّاح البغدادي. 63 145- عمر بن الحسين به عبد الله البغدادي الخرقي. 63 146- عمرو بن عبد الله بن درهم النيسابوري المطوعي. "حرف الفاء" 65 147- فياض بن القاسم بن حُريْش الدمشقي. "حرف الميم" 65 148- محمد بن إِبْرَاهِيم بن أبي صبيح المغربي. 65 149- محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري. 65 150- محمد بن طُغج بن جُف بن يلَتْكين بن فوران. 66 151- محمد بن عبد الله بن معاذ التيمي. 66 152- محمد بن عيسى الفقيه الحنفي. 67 153- محمد بن محمد بن أحمد الحاكم السلمي المروزي. 67 154- محمد بن محمد بن عباد النحوي. 67 155- محمد بن مطهر بن عبيد المصري. 67 156- محمد بن معاذ بن فهد الشعراني. "حرف النون" 67 157- نزار محمد القائم بأمر الله.

68 158- نصر بن محمد بن عبد العزيز الدلال. "الكنى" 69 159- أبو بكر الشبلي. "وفيات سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة" "حرف الألف" 71 160- أحمد بن محمد بن أبي سعيد الدوري البزاز. 71 161- أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يعقوب. 71 162- أحمد بن أبي أحمد الطبري. 71 163- أحمد بن الوليد بن عيسى الأسيوطي. 72 164- إبراهيم بن محمد بن خَلَف بن قُديد المصري. "حرف الحاء" 72 165- الحسن بن حمويه. 72 166- حمزة بن القاسم بن عبد العزيز الهاشمي. "حرف السين" 72 167- سعيد بن مروان الحضرمي الأندلسي. 72 168- سليمان بن عبد الله بن المبارك القرطبي. 72 169- سليمان بن عبد الملك القرطبي. "حرف الشين" 73 170- شقيق بن محمد بن عبد الله الأنصاري. "حرف العين" 73 171- عباد بن العباس بن عباد بن أحمد الوزير. 73 172- عبد الله بن الحسن الأندلسي الوشقي. 73 173- عبد الله بن حوثرة بن العباس الأمويّ. 73 174- علقمة بن يحيى بن علقمة المصري الجوهري. 73 175- علي بن محمد بن مهرويه القزويني. 74 176- علي بن محمد بن موسى البغدادي الأنباري. "حرف الميم" 74 177- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله المروزي.

74 178- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الربيع بن سليمان الأسواني الشاعر. 75 179- محمد بن أحمد بن سليمان القواس. 75 180- محمد بن إسماعيل بن إسحاق بن بحر الفارسي. 75 181- محمد بن جعفر بن أحمد بن يزيد البغدادي المطيري. 75 182- محمد بن الحسين بن علي النيسابوري. 75 183- محمد بن حيان بن حمدويه. 76 184- محمد بن عمر بن حفص النيسابوري. 76 185- محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس الصولي. "حرف الهاء" 77 186- هارون بن محمد بن هارون الضبي. 77 187- الهيثم بن كليب بن سريج الشاشي. "وفيات سنة ست وثلاثين وثلاثمائة" "حرف الألف" 77 188- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بن معاوية. 77 189- أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن المنادي. 78 190- أحمد بن الحسين بن داناج. 78 191- أحمد بن محمد بن يحيى بن مفرج القرطبي. 78 192- أحمد بن يوسف بن حَجّاج بن عُمَيْر الإشبيلي. "حرف الحاء" 79 193- حاجب بن أحمد بن يرحم بن سفيان الطوسي. 79 194- حسن بْن عُبيد الله بْن محمد بْن عَبْد الملك القرطبي. "حرف الزاي" 79 195- زند بن محمد بن خلف الشامي المصري. "حرف العين" 80 196- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله الزهري. 80 197- عُبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله الهمداني. 80 198- علي بن الحسن بن علي الإصبهاني المظالمي. 80 199- عيسى بن محمد بن عيسى البلخي.

80 200- عيسى بن مكرم الغافقي القرطبي. "حرف الفاء" 81 201- الفضل بن محمد بن محفوظ المروروذي. "حرف الميم" 81 202- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بن حماد الأثرم. 81 203- محمد بْن أحمد بْن إبراهيم بن قريش الحكيمي. 82 204- محمد بن أحمد بن محمد بن مَعْقِل الميداني. 82 205- محمد بن الحسن النيسابوري المحمداباذي. 82 206- محمد بن الحسن بن يزيد بن أبي خبزة. 82 207- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أسيد المديني. 83 208- محمد بْن يحيى بْن عُمَر بْن لُبَابة الأندلسي. 83 209- محمد بن يوسف بن ديزويه الدينوري. 83 210- مكي بن عجيف بن نصير النسفي. 83 211- موسى بن أحمد السوسي المغربي. "وفيات سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة" "حرف الألف" 83 212- أحمد بن إسحاق بن إبراهيم الصيدلاني. 83 213- أحمد بن إسماعيل بن القاسم بن عاصم الصدفي. 84 214- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن دليل الأصبهاني. 84 215- أحمد بن عبد الله بن زكريا الجرجاني. 84 216- أحمد بن محمد بن سليمان الحنفي الصعلوكي. 84 217- أحمد بن نزار المغربي المالكي. 84 218- إبراهيم بن شيبان القرميسيني. 85 219- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن هشام البخاري. 85 220- إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن يوسف البحري. "حرف الباء" 85 221- بدر الخرشني الأمير.

"حرف الحاء" 86 222- حبيب بن أحمد بن إبراهيم المعلم. 86 223- الحسن بن حمشاد بن سختويه التميمي. "حرف الزاي" 86 224- زكريّا بن خطّاب بن إسماعيل الأندلسي. "حرف العين" 86 225- عبد الله بن الفضل بْن محمد بن عقيل بْن خُوَيْلد. 86 226- عبد الغفار بن محمد السائح. 86 227- عدي بن أحمد بن عبد الباقي الأذني. 87 228- عمر بن يوسف بن موسى بن فهد الأندلسي. 87 229- عيسى بن زيد بن عيسى الهاشمي الطالبي. "حرف الميم" 87 230- محمد بن إبراهيم بن نافع السجزي. 87 231- محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد الواسطي. 87 232- محمد بن عبد الله بن سفيان المعمري. 88 233- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الإصبهاني. 88 234- محمد بن علي بن عمر المذكر النيسابوري. 88 235- محمد بن عيسى بن رفاعة الخولاني. 89 236- محمد بن أبي المنظور عبد الله بن حسان الأندلسي. "وفيات سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة" "حرف الألف" 89 237- أحمد بن إبراهيم الرازي الزاهد. 89 238- أحمد بن دحيم أو رحيم بن خليل القرطبي. 90 239- أحمد بن سليمان بن زبان الكندي. 90 240- أحمد بن شاذان بن إبراهيم بن الحكم البلخي. 90 241- أحمد بن محمد بن إسماعيل المصري النحوي. 91 242- أحمد بن محمد بن شعيب النيسابوري الشعبي. 91 243- أحمد بن محمد بن عبد البرّ بن يحيى القرطبي.

91 244- إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم =إبراهيمك. 92 245- إبراهيم بن عبد الرزاق بن الحسن الأنطاكي. 92 246- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت العبسي. "حرف الباء" 93 247- بقاء بن سلامة بن محمد المصري. 93 248- بكار بن أحمد بن بكار بن سعيد السلمي. "حرف الجيم" 93 249- جعفر بن أحمد بن الحارث بن شهاب المرادي. "حرف الحاء" 93 250- الحسن بن حبيب بن عبد الملك الدمشقي. 94 251- الحسن بن عليّ بن الحسن بن مُقْلَة. "حرف السين" 94 252- سليمان بن داود بن سليمان بن أيوب. "حرف العين" 94 253- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن أحمد العباسي. 94 254- العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات. 95 255- علي بن أحمد بن الوليد المري الدمشقي. 95 256- عليّ بن بُوَيْه بن فَنّاخْسُرو بن تَمَام. 95 257- عليّ بن الحسين بن أحمد بن السَّفْر الجرشي. 95 258- علي بن داود بن أحمد الأذربيجاني المؤدب. 95 259- علي بن محمد بن أحمد بن حسن المصري. 96 260- عليّ بن حَمشاذ بن سَخْتَوَيْه بن نصر. 97 261- علي بن محمد بن عامر إمام جامع نهاوند. "حرف القاف" 97 262- القاسم بن أبي صالح بُنْدار بن إسحاق. "حرف الميم" 97 263- محمد بن إبراهيم بن حُبَيْش البغدادي المعدل. 97 264- محمد بن عبد الله بن دينار النيسابوري.

98 265- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الملك بن أبي دليم. 98 266- محمد بن المسيب. 98 267- محمد بن يحيى بن زكريا الرازي القاضي. "حرف الهاء" 98 268- هارون بن عبد العزيز بن الخليفة المعتمد على الله. "حرف الياء" 98 269- يحيى بْن محمد بْن يحيى المروزي. "وفيات سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة" "حرف الألف" 98 270- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن علي المصري الناقد. 99 271- أحمد بن محمد بن إبراهيم الطوسي البلاذري. 99 272- أحمد بن محمد بن داود الفقيه النّسّاج. 99 273- أحمد بن محمد بن عاصم الكراني. 99 274- أحمد بن محمد بن فَضَالَةَ بن غَيْلان الهمداني الحمصي. 100 275- أحمد بن هارون التبان الفقيه. 100 276- إبراهيم بن أبان بن رستة المديني. "حرف الجيم" 100 277- جعفر بن أبي داود بن حمدان بن سليمان. "حرف الحاء" 100 278- الْحَسَن بْن عَبْد الرَّحمن بْن إسحاق المصري. 100 279- الحسن بن عبد الله بن عياش. 100 280- الحسن بن محمد المصري الرياش. 101 281- الحسين بن أحمد بن الناصر العلوي. 101 282- الحسن بن إسماعيل الفارسي. 101 283- حفص بن عمر الأردبيلي. "حرف السين" 101 284- سليمان بن يزيد القزويني.

"حرف العين" 101 285- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حمدويه بن نعيم بن الحكم. 102 286- عبد الرحمن بن سلمويه الرازي الفقيه. 102 287- عليّ بن عبد اللَّه بن يزيد بن أبي مطر المعافري. 102 288- علي بن محمد بن عامر النهاوندي. 102 289- عمر بن الحسن بن عليّ بن مالك الشيباني. "حرف الميم" 103 290- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بن منير الحراني. 103 291- محمد بن الحافظ أحمد بن عَمْرو العَتَكيّ البزار. 103 292- محمد القاهر بالله. 104 293- محمد بن إبراهيم بن حَمْدَوَيْه البخاريّ الفرائضيّ. 104 294- محمد بن بكر بن العوام الشيباني. 104 295- محمد بن حاتم بن خزيمة الأسامي الكشي. 104 296- محمد بن الحسين بن علي البلخي. 104 297- محمد بن طالب بن علي النسفي. 104 298- محمد بْن عَبْد الله بْن أحمد الإصبهانيّ الصّفّار. 105 299- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى بْن يحيى بن يحيى الليثي. 105 300- محمد بْن عَمْرو بْن البَخْتَرِيّ بْن مُدْرِك. 106 301- محمد بْن محمد بْن طَرْخَان بْن أَوْزَلَغ التركي. 107 302- محمد بن مروان بن زريق البطليوسي. "وفيات سنة أربعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 107 303- أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان بن عبدويه. 107 304- أحمد بن سعد بن عبد الرحيم الشاشي. 107 305- أَحْمَد بْن محمد بْن زياد بْن بِشْر بن درهم العنزي. 109 306- أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر محمد بْن إِسْمَاعِيل بن مهران. 109 307- أحمد بن يعقوب بن أحمد بن مهران. 109 308- إبراهيم بن أحمد المروزي الشافعي.

109 309- أسباط بن إبراهيم المديني المعدل. 109 310- إسحاق بن إبراهيم بن زيد سلمة التيمي. "حرف الحاء" 110 311- الْحَسَن بْن يوسف بْن مُليح الطرائفي. 110 312- الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي. 110 313- الحسين بن صفوان بن إسحاق البرذعي. "حرف السين" 110 314- سُلَيْمَان بْن محمد بْن سُلَيْمَان بن خالد العبدي. "حرف العين" 110 314- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن الحارثي. 111 316- عبد الرحمن بن إسحاق النهاوندي. 112 317- علي بن محمد بن أمد بن أبي العوام الرياحي. "حرف القاف" 112 318- القاسم بْن أصبغ بْن محمد بن يوسف الأندلسي. 113 319- القاسم بْن فهْد بْن أَحْمَد بْن أَبِي هريرة المصري. "حرف الميم" 113 320- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الهروي. 113 321- محمد بن أحمد بن بالويه النيسابوري. 113 322- محمد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن زيد المعدل. 114 323- محمد بْن إبْرَاهِيم بْن محمد بْن الْحُسَن الأصبهاني. 114 324- محمد بن جعفر بن إبراهيم المناسكي. 114 325- محمد بن حمزة بن أيوب اللخمي المصري. 114 326- محمد بن سعيد داود المديني. 114 327- محمد بن عبيد الله الحوتكي الحصار. 114 328- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن بالُوَيْه بْن زيد الشاماتي. 114 329- محمد بن عيسى بن بندار البغدادي الجصاص. 114 330- محمد بن ملاق بن نصر الأموي. 115 331- محمد بن يحيى الطائي الموصلي.

115 332- محمد بن يحيى بن مهدي المصري الأسواني. "الكنى" 115 333- أبو الحسن الكرخي. 116 334- أبو عمر الطبري الفقيه. "ومن المتوفّين تقريبًا" "حرف الألف" 116 335- أَحْمَد بْن إسماعيل العسكري المصري. 116 336- أحمد بن محمود بن طالب بن حيت. 116 337- أحمد بن مروان الدينوري المالكي. 117 338- أحمد بن يحيى بن سعد النيسابوري. 117 339- أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي يعقوب بْن الخليفة هارون. 117 340- أحمد بن هشام بن حميد الحصري. "حرف الجيم" 117 341- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن الأصبهاني. "حرف الحاء" 118 342- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق. 118 343- الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي. 118 344- الْحَسَن بْن محمد بْن يزيد بْن محمد بن عبد الصمد الدمشقي. 118 345- حمدان بن عون الخولاني. "حرف الخاء" 118 346- خالد بن محمد بن عبيد الدمياطي. "حرف العين" 118 347- عبّاد بْن عبّاس بْن عبّاد الطالقاني. 119 348- عَبْد اللَّه بْن يعقوب بْن إِسْحَاق الكِرمْانيّ. 119 349- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن محمد البغدادي. 119 350- عَلِيّ بْن سعَيِد بْن الْحَسَن البغداديّ القّزاز. 119 351- علي بن محمد المري الدمشقي. 120 352- عمر بن أحمد بن مهدي والدارقطني.

120 353- عمر بن سعد القراطيس. 120 354- عيسى بن محمد بن حبيب الأندلسي. "حرف الميم" 120 355- محمد بن أحمد بن مخزوم البغدادي. 120 356- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن يَعْقُوب بن زوزان. 121 357- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن صفوة المصيصي. 121 358- محمد بْن سَعِيد بْن إِسْحَاق الأصبهاني القطان. 121 359- محمد بن عبد الله الشعيري النيسابوري. 121 360- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن جُبْلَة البغداديّ. 122 361- محمد بن الحسن بن يونس الكوفي المقرئ. 122 362- محمد بْن جعْفَر بْن محمد بْن المُسْتَفاض. 122 363- محمد بن جعفر بن محمد بن عصام الأنصاري. 122 364- محمد بن إسماعيل الرازي المؤدب. 122 365- محمد بن عبد الله الحربي المقرئ. 123 366- محمد بن علي بن محمد النيسابوري. "حرف الياء" 123 367- يزيد بن إسماعيل الخلال. 123 368- يزيد بن محمد بن إياس.

"الوقائع الكائنة في الطبقة الخامسة والثلاثين" ""أحداث سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة" 125 تعزيز القائلين بالتناسخ. 125 أخذ الروم سروج. 125 الحج هذه الموسم. 125 وفاة المنصور إسماعيل بن القائم. 126 وفاة أبي الخير التيناتي. "أحداث سنة اثنين وأربعين وثلاثمائة" 126 أسر سيف الدولة لابن الدمستق. 126 محاربة ابن محتاج لابن بويه. 126 محنة ابن بهزاد السيرافي. 127 أسر ابن الدمستق. 127 وفاة الحسن بن طغج. "أحداث سنة ثلاثٍ وأربعين وثلاثمائة" 127 وقعة سيف الدولة والدمستق. 127 خطبة ابن محتاج للمطيع. 127 مرض معز الدولة. 127 الوحشة بين أنوجور وكافور. 128 وفاة نوح بن نصر الساماني. "أحداث سنة أربع وأربعين وثلاثمائة" 128 انعقاد إمرة الأمراء لبختيار. 128 مهاجمة صاحب خراسان لركن الدولة. 128 دخول ابن ماكان الديلمي إصبهان واعتقاله. 129 الوباء بالري. 129 إصابة ابن مقلة بالفالج. 129 عهد المطيع ولواؤه لصاحب خراسان.

129 الزلزلة في مصر. "أحداث سنة خمس وأربعين وثلاثمائة" 129 زيادة اقطاع الوزير المهلبي. 129 إيقاع الروم بأهل طرسوس. 129 خروج روزبهان الديلمي على معز الدولة. 130 غزوة سيف الدولة للروم. 130 غارة الروم عَلَى نواحي مَيّافارِقين. 130 وفاة أمّ المطيع لله. "أحداث سنة ستٍّ وأربعين وثلاثمائة" 130 ظهور جبال وجزر في البحر. 130 الزلازل بالري. 130 الإنخساف بالطالقان. 131 وفاة أبي العباس الأصم. "أحداث سنة سبع وأربعين وثلاثمائة" 131 عودة الزلازل بحلوان. 131 هجوم الجراد. 131 خروج الروم إلى آمد وغيرها. 131 شغب الترك والديلم على ناصر الدولة. 132 الوقعة بين الروم وسيف الدولة وهربه. 132 دخول معز الدولة الموصل. 132 وفاة القاضي ابن حذلم. "أحداث سنة ثمانٍ وأربعين وثلاثمائة" 132 خلعة السلطنة لبختيار. 133 سرية محمد بن ناصر الدولة وأسره. 133 وقوع أَبِي الهيثم ابن القاضي أَبِي حصين في أسر الروم.

133 غرق زوارق الحجاج. 133 موت ملك الروم. 133 دخول الروم طرسوس والهارونية. 133 خطب ابن نباتة الجهادية. 133 هرب ابن المطيع. 134 وفاة جماعة من الأعلام. 134 محاصرة جوهر المعزي لفاس. "أحداث سنة تسع وأربعين وثلاثمائة" 134 إيقاع نجا غلام سيف الدولة بالروم. 134 الفتنة بين السُّنة والشيعة ببغداد. 134 ظهور أمر المستجير بالله ومقتله. 135 مرض معز الدولة. 135 غزوة سيف الدولة فِي بلاد الروم وكثرتهم عليه. 135 وفاة ابن ثوابة الكاتب. 135 وفاة أنوجور بن الإخشيد. 135 إسلام الترك. 135 بذل الهاشمي المال لتقلده القضاء. 135 وفاة الإمام حسان شيخ خراسان. 136 وفاة النيسابوري. "أحداث سنة خمسين وثلاثمائة" 136 بناء معُزّ الدولة للدار الهائلة فِي بغداد. 136 تقليد ابن أبي الشوارب قضاء القضاة. 136 ضمان معز الدولة للحسبة والشرطة. 137 وفاة ابن مقاتل بمصر. 137 غزوة نجا غلام سيف الدولة لبلاد الروم. 137 انتزاع الروم أقريطش.

137 وفاة القطان محدث بغداد. 137 وفاة الخطبي. 137 وفاة الهاشمي خطيب جامع المنصور. 138 وفاة عتبة الهمذاني. 138 وفاة فاتك المجنون. 138 وفاة الناصر لدين الله صاحب الأندلس.

"المتوفون في سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 138 369- أَحْمَد بْن أحْيَد الكرابيسيّ الْبُخَارِيّ. 139 370- أحمد بن عبد الله بن الفرج البرامي القرشي. 139 371- أَحْمَد بْن محمد بْن جعْفَر بْن حَمُّوَيْه الجوزي. 139 372- أحمد بن محمد بن عمرو المديني الحامي. 139 373- إسحاق بن عد الكريم الصواف. 140 374- إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده. 140 375- إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن صالح البغدادي. 140 376- إسماعيل المنصور خليفة إفريقية. "حرف الباء" 141 377- بِشْر بْن عَلِيّ بْن عُبّيْد بن عبيد الطليطلي. "حرف الجيم" 141 378- جعْفَر بْن محمد بْن إبْرَاهِيم. "حرف الحاء" 141 379- الْحَسَن بْن محمد بْن عَبْد الرحمن بن زرنك البخاري. 142 380- الحسين بن يحيى بن جزلان الدمشقي. "حرف الزاي" 142 381- زيد بْن محمد بْن جعْفَر العامري. "حرف السين" 142 382- سعَيِد بْن إبْرَاهِيم بْن مَعْقِل بن الحجاج. "حرف الشين" 142 383- شعبة بن الفضل بن سعيد التغلبي. "حرف العين" 142 384- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بن حماد العسكري. 143 385- عبد الرحمن بن عمر بن سعيد البلوي الإسكندراني. 143 386- علي بن الحسين بن إسحاق التستري.

143 387- علي بن محمد بن أحمد دلويه النيسابوري. 143 388- عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان بْن مطر العطار. 143 389- عُمَر بْن عَبْد العزيز بْن محمد بْن دينار الفارسيّ 143 390- عمرو بن محمد بن يحيى الدينوري. "حرف الميم" 143 391- محمد بن أحمد النيسابوري الخفاف. 144 392- محمد بن أحمد بن الحسن المناديلي. 144 393- محمد بْن أيوّب بْن حبيب الرَّقّيّ الصَّمُوت. 144 394- محمد بْن جعْفَر بْن محمد بْن كامل الحضرمي. 144 395- محمد بن الحسين الزعفراني. 144 396- محمد بْن حُمَيْد بْن محمد بْن سُلَيْمَان بن معاوية الكلابي. 144 397- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد البَرّ التجيبي القرطبي. 145 398- محمد بن الحسن بن علي بن بكر بن هانئ النيسابوري. 1415 399- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النعمان الإسفرائيني. 145 400- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الوزير الجحافي. 145 401- محمد بن عبد الواحد بن شاذان الهمذاني البزاز. 145 402- محمد بن عيسى بن محمد الوسقندي. 145 403- محمد بْن عُمَر بْن سعْد بْن عَبْد الله بن الحَكَم الْمَصْريّ. 145 404- محمد بْن قُرَيش بْن سُلَيْمَان المروروذي. 146 405- محمد بْن النَّضْر بْن مُرّ بْن الحُرّ. 146 406- محمد بْن هِمْيان بْن محمد بْن عَبْد الحميد البغدادي الوكيل. 146 407- محمد بْن يحيى بْن أَحْمَد بْن عُبّيْد اللَّه القيرواني. 147 408- معبد بن جمعة الطبري الروياني. 147 409- منجح الأمير. 147 410- موسى بن هارون بن جعفر الأستراباذي. "وفيات سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 147 411- أحمد بن إبراهيم الأندلسي.

147 412- أحمد بن أسامة بن أحمد التجيبي. 148 413- أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن أيّوب بْن يزيد الصبغي. 149 414- أحمد بن جعفر البغدادي الصيدلاني. 149 415- أحمد بن عبيد بن إبراهيم الأسدي الهمذاني. 150 416- أحمد بْن علي بن أحمد بْن علي بْن حاتم التميمي. 150 417- إبراهيم بن المولد الرقي الزاهد. 150 418- إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم النيسابوري. 151 419- إبراهيم بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن فراس العبقسي. 151 420- إبْرَاهِيم بْن محمد بْن إبْرَاهِيم بْن حاتم الحيري. "حرف الحاء" 151 421- الْحَسَن بن طُغْج بْن جُفّ الفرغاني. 151 422- الْحَسَن بْن محمد بْن مُوسَى بْن إِسْحَاق بن موسى. 151 423- الحسن بن يعقوب بن يوسف البخاري. "حرف الراء" 152 424- الربيع بْن محمد بْن الربيع بن سليمان الجيزي. "حرف السّين" 152 425- سُلَيْمَان بْن أَحْمَد بْن محمد بن الوليد الرهاوي. "حرف الشين" 152 426- شيطان الطاق المتكلم. "حرف العين" 152 427- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن شَوْذبَ. 153 428- عبد الله بن محمد بن قدامة الأصبهاني. 153 429- عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان بْن المَرْزُبان الهَمَذَانيّ. 153 430- عبد العزيز بن أحمد الوارق النيسابوري. 153 431- عَلِيّ بْن محمد بْن أبي الفهم دَاوُد بن إبراهيم التنوخي. 154 432- عيسى بْن محمد بْن مُوسَى بْن سقْلاب المصري. "حرف القاف" 154 433- القاسم بْن القاسم بْن مهديّ المروزي السياري.

155 434- القاسم بْن هبة اللَّه بْن المقدام بْن جبر المصري. "حرف الميم" 155 435- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن علي بن سابور الأسواري. 155 436- محمد بْن دَاوُد بْن سُلَيْمَان النيسابوري الزّاهد. 156 437- محمد بْن ربيعة بْن محمد بْن ربيعة بن الوليد. 156 438- محمد بْن محمود بْن عنبر بْن نُعَيْم النسفي. 156 439- محمد بْن مُوسَى بْن يعقوب بْن عَبْد الله المأمون. 157 440- محمد بن طلحة بن منصور النيسابوري القطان. "حرف النون" 157 441- نصر بْن محمد بْن يعقوب التغلبي الموصلي. "وفيات سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 157 442- أَحْمَد بْن بالويْه النيسابوري العَفْصيّ. 157 43- أحمد بن زكريا بن يحيى الأندلسي. 157 44- أَحْمَد بْن الزّاهد أبي عثمان سعَيِد بْن إسماعيل الحيري. 157 445- أحمد بن سهل بن نوح الشطوي. 158 446- أحمد بن عبد الله بن سعيد الدبيلي. 158 447- إبراهيم بن مجبب العبدي النيسابوري. "حرف الحاء" 158 448- الحسن بن إبراهيم الأسلمي الفارسي. 158 449- الحسن بن الحسين النيسابوري العابد. 158 450- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن إبْرَاهِيم الهاشمي الحسني. 158 451- الحسن بن عمران الحنظلي. "حرف الخاء" 158 452- خيْثَمَة بْن سُلَيْمَان بْن حَيْدرة الأطرابلسي. "حرف السين" 160 453- سعَيِد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد السمرقندي.

"حرف الطاء" 160 454- طاهر بن أحمد البيهقي. "حرف العين" 160 455- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أبي خلاد الطرائفي. 160 456- عبد الرحيم بن محمد بن مسلم المديني. 160 457- عثمان بْن شعبان بْن محمد بْن ربيعة. 160 458- علي بن سليمان السلمي الخررفي. 161 459- علي بن عمر بن يزيد الصيدناني القزويني. 161 460- علي بن الفضل بن إدريس الستوري. 161 461- عَلِيّ بْن محمد بْن محمد بْن عُقْبَة بن همام الشيباني. 161 462- عمرو بن محمد بن منصور النيسابوري. "حرف الميم" 162 463- محمد بن أحمد بن هارون بن بندار بن الحريش. 162 464- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن وهْب بْن عَبَّاس المصري. 162 465- محمد بن حامد بن الحارث البغدادي السراج. 163 466- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن محمد المقرئ. 163 467- محمد بن عبد الرؤوف بن محمد الأزدي القرطبي. 163 468- محمد بن علي العطوفي. 163 469- محمد بن القاسم بن محمد الكرخي الوزير. 163 470- موسى بن محمد بن هارون الأنصاري الزرقي. "حرف النون" 164 471- نوح بْن نصر بْن أَحْمَد بن إسماعيل الساماني. "وفيات سنة أربع وأربعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 164 472- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد الأصبهاني الكيال. 164 473- أحمد بن الخضر بن أحمد النيسابوري. 164 474- أحمد بن سعد البغدادي. 164 475- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْدك الْجُرْجانيّ العدسي.

164 476- أحمد بن عثمان بن بويان البغدادي القطان. 165 477- أحمد بن عيسى بن جمهور البغدادي الخشاب. 165 478- أَحْمَد بْن محمد بْن إبْرَاهِيم بْن مطِّرف الإستراباذي. 165 479- أحمد بن محمد بن إسحاق الشاشي. 166 480- أَحْمَد بْن محمد بْن مِسْوَر بْن عُمَر القرطبي. 166 481- أحمد بن محمد بن موسى بن بسير الكناني. 166 482- أَحْمَد بْن محمد بْن الْحَسَن بْن باباج البخاري. 166 483- أحمد بن محمد بن نصير بن عبد الله بن أبان. 166 484- أَحْمَد بْن المطلب بْن عَبْد اللَّه بْن الواثق بن المعتصم. 166 485- أحمد بن موسى الرازي الأندلسي. 167 486- إبراهيم بن أحمد بن فراس العبقسي. 167 487- إبراهيم بن مضارب النيسابوري. 167 488- إسحاق بن إبراهيم بن هاشم. 167 489- إِسْحَاق بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سعَيِد بْن تميم المصري. "حرف الباء" 168 490- بَكْر بْن محمد بْن العلاء البصري القشيري. "حرف الجيم" 168 491- جعْفَر بْن محمد بْن محمد بن زراع. 168 492- جعفر بن هارون الدينوري النحوي. "حرف الحاء" 168 493- الْحُسَن بْن زيد بْن الْحَسَن الجعفري. 169 494- الحسن بن وصاف. "حرف العين" 169 495- عبد الله بن إبراهيم بن هرثمة الهروي. 169 496- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمويه الطهماني. 169 497- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هارون السمرقندي. 169 498- عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي. 169 499- عُبّيْد اللَّه بْن إدريس بْن عُبّيْد اللَّه بن يحيى الأندلسي.

169 500- عثمان بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن زيد البغدادي السماك. 170 501- علي بن عيسى الوراق الهروي. 170 502- عمرو بن إسحاق بن السكن الأسدي. "حرف الميم" 170 503- محمد بْن أَحْمَد بْن بُطَّة. 170 504- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن جعفر الحداد. 173 505- محمد بن أحمد بن سعيد الرازي المكتب. 174 506- محمد بْن إبْرَاهِيم بْن عُبّيْد اللَّه بْن سعيد بن كثير المصري. 174 507- محمد بْن إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم الْقُرَشِيّ الهَرَويّ. 174 508- محمد بن حامد بن مج القواريري. 174 509- محمد بْن الْحُسَيْن بْن محمد بْن ماهِيار الجرجاني. 174 510- محمد بن زكريا بن الحسين النسفي. 174 511- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عتاب العبدي. 174 512- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يوسف النيسابوري. 175 513- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحسين الصبغي. 175 514- محمد بن عبد الله بن هشام المصري. 175 515- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن محمد المقرئ. 175 516- محمد بن عثمان بن ثابت الصيدلاني. 175 517- محمد بن علي بن الحسن السامري الوزير. 175 518- محمد بن عيسى بن الحسن التميمي البغدادي العلاف. 176 519- محمد بْن محمد بْن يوسف بْن الحَجّاج الطوسي. 176 520- محمد بْن يعقوب بْن يوسف الشَّيْبانيّ الحافظ. 177 521- مُسلْمِ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عيسى بن حماد. "حرف الهاء" 177 522- هارون بن عبد العزيز الأوراجي. "حرف النون" 177 523- نوح بن خلف البجلي.

"حرف الياء" 178 524- يحيى بن محمد القصباني. 178 525- يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن العنبر بن عطاء السلمي. "الكنى" 178 526- أبو القاسم بن أبى الفوارس. 178 527- أبو وهب الزاهد. "وفيات سنة خمس وأربعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 180 528- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أيوب بن هارون النقاش. 180 529- أحمد بن سلمة بن الضحاك الهلالي. 180 530- أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن أيّوب بْن إِسْحَاق بن عبدة. 181 531- أحمد بن عبد الله بن سعيد الأندلسي. 181 532- أحمد بن عبدش الصرام. 181 533- أَحْمَد بْن عثمان بْن الفضل بْن بَكْر الربعي. 182 534- أَحْمَد بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن نُعَيْم الطوسي. 182 535- أحمد بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم طباطبا. 182 536- أحمد بن محمد بن حكيم الشيرازي. 183 537- أَحْمَد بْن محمد بْن زكريّا بْن هلال المصري. 183 538- أَحْمَد بْن محمد بْن هشام بْن خَلَف القيسي. 183 539- أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى الصَّدَفيّ الْمَصْريّ. 183 540- أحمد بن منصور بن شهريار. 183 541- أحمد بن منصور بن عيسى الحافظ. 183 542- إسحاق بن إبراهيم النعماني. 183 543- إسماعيل بن يعقوب بن إبراهيم البغدادي البزاز. "حرف الباء" 184 544- بَكْر بْن محمد بْن حمدان. "حرف الحاء" 184 545- الْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي هريرة.

"حرف السين" 185 546- سعَيِد بْن عثمان بْن مُنازل. "حرف الشين" 185 547- شعلة بن بدر الإخشيدي. "حرف الصاد" 185 548- صالح بن إدريس البغدادي. "حرف العين" 185 549- عبد الله بن إبراهيم بن واضح المديني. 186 550- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عيسى المَدِينيّ الخشاب. 186 551- عثمان بْن محمد بْن أَحْمَد بْن محمد الحذاء. 186 552- عَلِيّ بْن إبْرَاهِيم بْن سَلَمَةَ بْن بحر القزويني. 187 553- عليّ بْن جعْفَر بْن مُوسَى بْن الأشعث المصري. "حرف الفاء" 187 554- فَرج بْن سَلَمَةَ بْن زُهير البلوي القرطبي. "حرف الميم" 187 55- محمد بن أحمد الحداد. 187 56- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو المالكي التستري. 188 557- محمد بْن أَحْمَد بْن يوسف بْن بُرَيْد الطائي. 188 58- محمد بن جعفر بن محمد بن العلوي. 188 59- محمد بن الحسن بن حمويه بن حسين. 188 560- محمد بن حفص بن عمرو النيسابوري. 188 561- محمد بن العباس بن نجيح البغدادي البزاز. 188 562- محمد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم البغدادي. 190 563- محمد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن رُستْم البغدادي المادرائي. 191 564- محمد بن الحافظ عمر بن محمد بن بجير السمرقندي. 191 565- محمد بن معن بن هشام الفارسي. 191 566- مكرم بن أحمد بن مكرم البغدادي البزاز. 191 567- مُوسَى ابن العلامة إِسْمَاعِيل القاضي بْن إِسْحَاق الأزدي.

"حرف الواو" 192 568- وهْب بْن جعْفَر بْن إلياس بن صدق. 192 569- المسعودي علي بن الحسين بن علي. "وفيات سنة ست وأربعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 192 570- أَحْمَد بْن بُهْزاد بْن مِهْران الفارسي السيرافي. 193 571- أَحْمَد بْن جعْفَر بْن أَحْمَد بْن مَعْبَد الأصبهاني. 193 572- أحمد بن عبد الله بن الحسن العدوي. 193 573- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْدُوس بْن سَلَمَةَ العنزي. 194 574- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد اللَّه الهَرَويّ. 194 575- أحمد بن محمد بن عبد العزيز البلخي. 194 576- إبراهيم بن عثمان القيرواني. 194 577- إبراهيم بن محمد بن هشام البخاري. 194 578- إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن محمد بْن إبْرَاهِيم البكاذي. "حرف الباء" 195 579- بُنْدار بْن يعقوب بْن إِسْحَاق الشيرازي. "حرف التاء" 195 580- تميم بن خيران. "حرف الجيم" 195 581- جعْفَر بْن محمد بْن أَحْمَد. "حرف الحاء" 195 582- الْحَسَن بْن محمد بْن إِسْحَاق بن الأزهر الإسفرائيني 195 583- الحسين بن أيوب الهاشمي. "حرف السين" 196 584- سعيد بن فحلوان إلبيري. "حرف العين" 196 585- عبد الله بن إبراهيم بن واضح الأصبهاني. 196 586- عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهاني.

197 587- عبد الله بن فارس العمري البلخي. 197 588- عبد الله بن مسرور الحجام المالكي. 198 589- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سيان الأصبهاني. 198 590- عَبْد الصمد بْن عَلِيّ بْن محمد بْن مكرم الطستي. 198 591- عَبْد المؤمن بْن خَلَف بْن طُفَيْلِ بْن زيد التميمي. 199 592- عبيد الله بن أحمد بن البلخي. 199 593- علي بن الحسين بن الخليل بن شاذويه. 199 594- عُمَر بْن الْحَسَن بْن عَبْد العزيز بْن عبد الله الهاشمي. 199 595- عمر بن زكريا البزاز. 200 596- عُمَر بْن محمد بْن أَحْمَد بْن الحدّاد العطار. "حرف الميم" 200 597- محمد بْن أَحْمَد بْن محبوب بْن فُضَيْل المروزي. 200 598- محمد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي. 200 599- محمد بْن بَكْر بْن محمد بْن عَبْد الرزاق البصري التمار. 201 600- محمد بن سهيل بن بسام البخاري. 201 601- محمد بن عبد الله بن إبراهيم الزاهد. 201 602- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد بن مطرف المدني. 201 603- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زياد النيسابوري. 201 604- محمد بْن عُبّيْد اللَّه بْن أَبِي الورد. 201 605- مُحَمَّد بْن القَاسِم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن قاسم النيسابوري. 202 606- محمد بن القاسم بن هارون المصري الخباز. 202 607- محمد بن محمد بن حامد الترمذي. 202 608- محمد بن محمد بن الحسن الكارزي. 202 609- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حمزة بن جميل البغدادي. 202 610- محمد بن يعقوب بن يوسف بن عقل بن سنان. "حرف الواو" 206 611- وَهْبُ بْن مَسَرَّة بْن مُفّرج بن بكر التميمي.

"وفيات سنة سبع وأربعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 207 612- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد بن جامع المصري السكري. 207 613- أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن أيّوب بْن دَاوُد الأسدي الدمشقي. 208 614- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الجبّار بْن جبرويه. 208 615- أَحْمَد بْن الفضل بْن الْعَبَّاس بْن خُزَيْمَة. 208 616- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الملك بْن أيمن الأندلس. 208 617- إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن الفضل بْن محمد بن المسيب النيسابوري. "حرف الجيم" 209 618- جعفر بن هشام الكندي. "حرف الحاء" 209 619- الحُسَيْن بْن أحمد بْن يحيى بْن الحُسَيْن العلوي. 209 620- حمزة بن محمد بن العباس الدهقان. "حرف الزاي" 210 621- الزُّبَيْر بْن عَبْد الواحد بْن محمد بن زكريا الأسداباذي. "حرف الضاد" 210 622- الضحاك بن يزيد السكسكي. "حرف الطاء" 210 623- طاهر بن محمد بن عبد الله بن خالد المزني. "حرف العين" 211 624- عَبْد الأعلى بْن أَحْمَد بْن يونس بن عبد الأعلى الصدفي. 211 625- عَبْد اللَّه بْن بِشْران بْن محمد بْن بشر الأموي. 211 626- عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان. 212 627- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن شهاب العكبري. 212 628- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بن راشد البجلي. 212 629- عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي. 213 630- علي بن إبراهيم بن عقار البخاري. 213 631- علي بن أحمد بن سهل البوشنجي.

214 632- عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عيسى بْن زيد بن مأتى. "حرف القاف" 214 633- القاسم بْن سعْدان بْن إبْرَاهِيم بن عبد الوارث. 214 634- القاسم بن عبد الله بن شهريار. 214 635- القاسم بْن محمد بْن محمد بْن عَبْدُوَيْه. "حرف الميم" 215 636- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن عُمَر بْن بشير بْن الفَرُّخَان الثَّقفيّ. 215 637- محمد بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن مُصْلِحٍ. 215 638- محمد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن سهل النيسابوري. 215 639- محمد بن إبراهيم بن الفضل الهاشمي. 215 640- محمد بن جعفر بن محمود الهروي. 216 641- مُحَمَّد بْن الْحُسَن بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بن أبي الشوارب. 216 642- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عبد الله بن الجنيد. 216 643- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَرو القَرْطميّ الأصبهاني. 216 644- محمد بْن القاسم بْن معروف بْن حبيب بن أبان. 217 645- محمد بْن محمد بْن أحْيَد بْن مجاهد البلخي. 17 646- محمد بن هشام بن عدبس الكندي. 217 647- محمد بْن أَبِي زكريّا يحيى بْن النُّعْمان الهمذاني. "حرف الْيَاءِ" 218 648- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سريج البخاري. "الكنى" 218 649- أَبُو محمد بْن عَبْدك البصْريّ الحنفيّ. "وفيات سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 218 650- أحمد بْن سلْمان بْن الْحَسَن بن إسرائيل البغدادي. 219 651- أحمد بن عبد الله بن أحمد اللؤلؤي القرطبي. 219 652- أحمد بن عمر بن حاتم. 219 653- أَحْمَد بْن القاسم بْن معروف بْن أَبِي نصر التميمي.

219 654- أحمد بن محمد الخارزنجي البستي. 220 655- إبراهيم بن محمد بن بندار الطبري. "حرف الباء" 220 656- بَكْر بْن محمد بْن حمدان المروزي الصيرفي. 220 657- بكر بن عبد الرحمن المصري البهنسي. "حرف الجيم" 220 658- جعْفَر بْن محمد بْن نُصَير بن قاسم البغدادي. "حرف العين" 221 659- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن ذيزويه الدمشقي. 221 660- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن علي بْن الحسن بن إبراهيم. 222 661- عبد الله بن زكريا بن يحيى القهندزي. 222 62- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن الخصيب بن الصقر. 222 663- عبد الرحمن بنمحمد بن عمر بن يحيى القرمطي. 223 664- عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي البغدادي. 223 665- عثمان بن القاسم بن أبي نصر بن معروف بن حبيب. 223 66- علي بن محمد الزويني بادويه. 223 67- علي بن محمد بن الزبير القرشي. 224 668- عُمَر بْن حفص بْن عَمْرو بْن نجيح الخولاني. "حرف الفاء" 224 69- فارس بن محمد الغوري. "حرف القف" 224 670- القاسم بن سالم الإخباري. "حرف الميم" 224 671- محمد بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق بن بهلول الأنباري. 224 672- محمد بْن أَحْمَد بْن تميم القنْطَريّ البغداديّ. 225 673- محمد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن جرادة الحافظ. 225 674- محمد بن أحمد بن عيسى بن عبدك الرازي. 225 675- محمد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى بْن زِيرَك التميمي.

225 676- محمد بن أحمد بن منهال الحنفي. 225 677- محمد بن إبراهيم بن يوسف النيسابوري الزجاجي. 225 678- محمد بْن جعْفَر بْن محمد بْن فضالة البغدادي الأدمي. 225 679- محمد بْن جعْفَر بْن أَحْمَد بْن مُوسَى البستي. 226 680- محمد بْن الحارث بْن أبيض بْن الأسود. 226 681- محمد بن حامد بن محمود النيسابوري القطان الشاماتي. 226 682- محمد بن حمدون بن بخار البخاري. 226 683- محمد بن سليمان بن محمد النيسابوري الأبزاري. 227 684- محمد بن سمعان بن إسماعيل السمرقندي. 227 685- محمد بن عبد الله بن ممشاذ الأصبهاني القارئ. 227 686- محمد بن محمد بن الحسن الشيباني. 227 687- المظفر بن يحيى. "وفيات سنة تسع وأربعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 227 688- أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن نِيخَاب الطيبي. 228 689- أحمد بن الحسن بن ماجة القزويني. 228 690- أَحْمَد بْن عثمان بْن يحيى بْن عَمْرو البغدادي. 228 691- أحمد بن الفضل البهرامي الدينوري المطوعي. 228 692- أحمد بن كردوس بن مسعود التنيسي. 229 693- أحمد بن محمد بن جعفر بن ثوابة. 229 694- أَحْمَد بْن محمد بْن الْحُسَيْن بْن السّنْديّ. 230 695- أحمد بن محمد بن يحيى بن الأصبهاني القصار. 230 696- أبان بْن عيسى بْن محمد بْن عَبْد الرحيم الغافقي. 230 697- إبْرَاهِيم بْن محمد بْن صالح بْن سِنان القرشي. 230 698- أزهر بن أحمد الخرقي. "حرف الحاء" 230 699- حسّان بْن محمد بْن أَحْمَد بن هارون القرشي. 232 700- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن يزيد بْن دَاوُد النيسابوري.

"حرف السين" 233 701- سعيد بن محمد بن أَحْمَد الذهلي. "حرف العين" 234 702- العباس بن محمد بن إسرائيل الجوهري. 234 703- عبد الله بن أحمد بن سعد النيسابوري البزاز. 234 704- عبد الله بن إسحاق الخراساني. 234 705- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن كعب الكعبي. 235 706- عَبْد الواحد بْن عُمَر بْن محمد بْن أبي هاشم البغدادي. 235 707- علي بن إبراهيم الطغامي. 235 708- علي بن عمر البغدادي الدقاق. 236 709- علي بن المؤمل بن الحسن بن عسى بن ماسرجس. "حرف الميم" 236 710- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن سليمان الأصبهاني. 236 711- محمد بن أحمد بن خالد المصري الإعدالي. 237 712- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حمدويه الصفار. 237 713- محمد بن أحمد بن علي البغدادي النحوي. 237 714- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرويْه البغداديّ. 237 715- محمد بن علي بن الحسين الدينوري الزاهد. 237 716- محمود= أنوجور بن الإخشيد. "وفيات سنة خمسين وثلاثمائة" "حرف الألف" 238 717- أحمد بن الحسين البصري الحافظ "شعبة". 238 718- أَحْمَد بْن سعَيِد بْن حزْم بْن يونس الصدفي. 238 719- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شاذان النيسابوري. 240 720- أحمد بن الفضل بن شبابة الهمداني الكاتب. 240 721- أَحْمَد بْن كامل بْن خَلَف بْن شَجَرَة. 241 722- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن زياد بن عباد القطان. 241 723- أحمد بن محمد بن فطيس القرشي.

241 724- أَحْمَد بْن محمد بْن عبدان بْن فضال الأسدي. 242 725- إبْرَاهِيم بْن محمد بْن إبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بن عيسى الباجي. 242 726- إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى البغدادي الخطبي. 242 727- إسماعيل بن شعيب النهاوندي. "حرف التاء" 243 728- تمّام بْن محمد بْن سُلَيْمَان الهاشمي. "حرف الثاء" 243 729- ثبات بْن عَمْرو بْن ميمون البجلي البغدادي. "حرف الحاء" 243 730- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عُبّيْد البغدادي الخلال. 243 731- الحسن بن القاسم الطبري. 243 732- الحسين بن علي الزيات. "حرف السين" 244 733- سَلم بْن الفضْل بْن سَهْل الأدمي. 244 734- سليمان بن محمد بن ناجية النيسابوري. 244 735- عَبْد الله بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بن عيسى. 244 736- عَبْد الرَّحْمَن بْن سَيما بْن عَبْد الرَّحْمَن المجبر. 245 737- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُحَمَّد الأموي المرواني. 247 738- عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن إسماعيل. 247 739- عُتْبَة بْن عُبّيْد الله بْن مُوسَى بْن عبيد الله الهمذاني. 247 740- عُمَر بْن أحمد بْن أَبِي مُعَمِّر الدُّوريّ الصفار. "حرف الفاء" 247 741- فاتك المجنون الرومي. "حرف الميم" 248 742- محمد بْن أَحْمَد بْن الخطّاب البغدادي البزار. 248 743- محمد بن أحمد بن خنب البغدادي الدهقان. 249 744- محمد بْن أَحْمَد أَبُو بَكْر القُرْطُبيّ اللُّؤْلُؤيّ. 249 745- محمد بن حيكان بن عبد الله السنجوري.

249 746- محمد بْن زكريّا بْن يحيى بْن دَاوُد بن مسبح البغدادي. 249 747- محمد بن علي بن الهيثم بن علوان. 250 748- محمد بْن المؤمّل بْن الحَسَن بْن عيسى بْن ماسرجس. 250 749- محمد بْن يوسف بْن يعقوب بْن حفص بن يوسف الكندي. 250 750- معبد بن جمعة بن خاقان. "حرف الهاء" 251 751- هبة الله بن جعفر البغدايد المقرئ. 251 752- هبة الله بن محمد بن حبش البغدادي الفراء. "المتوفون فِي هذه الحدود تقريبًا" "حرف الألف" 251 753- أحمد بن إبراهيم بن غالب البلدي. 251 754- أحمد بن إسحاق الحلبي الحنفي. 252 755- أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن محمد بْن الفضل بن جابر السقطي. 252 756- أحمد بن الحسن بن سهل الفارسي. 252 757- أحمد بن حيد بن أبي العجائز سعيد الأزدي. 252 758- أحمد بن خلف السابح. 252 759- أَحْمَد بْن زكريّا بْن يحيى بْن يعقوب المقدسي. 252 760- أحمد بن صالح البغدادي المقرئ. 253 761- أحمد بن عبيد الله بن إسماعيل الصفار. 253 762- أَحْمَد بْن عُبّيْد بْن أَحْمَد بْن عُبّيْد بن سعيد الرعيني. 253 763- أَحْمَد بْن عُبّيْد اللَّه بْن حمدان بْن صالح البغدادي. 253 764- أحمد بْن علي بن أحمد بْن علي بْن حاتم التميمي. 253 765- أحمد بن علي بن عبد الجبار البغدادي. 254 766- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عُمَر بْن حُبَيْش الرازي. 254 767- أحمد بن محم بن أحمد بن صالح التميمي البزاز. 254 768- أحمد بن محمد بن سهل البغدادي. 254 769- أحمد بن محمد بن شجاع البغدادي الضراب. 254 770- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن هلال السلمي.

255 771- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الصّمد بْن يزيد الرازي. 255 772- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عمرو النصري. 255 773- أحمد بن محمد الطبرستاني. 255 774- أحمد بن محمد الواشقي الهروي. 255 775- أَحْمَد بْن مكحول محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد السّلام البيروتي. 255 776- إبراهيم بن حاتم بن مهدي التستري البلوطي. 256 777- إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق الوراق. 256 778- إبراهيم بن علي بن أحمد البصري الحنائي. 256 779- إسحاق بن إبراهيم الفارابي اللغوي. 256 780- إِسْحَاق بْن محمد بْن عَلِيّ بْن خَالِد الكوفيّ. 256 781- إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الرازي. 256 782- إسماعيل بن محمد بن محفوظ. "حرف الباء" 256 783- بكر بن أحمد النحاس. 257 784- بلال بن المبارك الحقلي. "حرف الجيم" 257 785- جعْفَر بْن محمد بْن قَضاء البصري. "حرف الحاء" 257 786- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن عُمَيْر بن جوصا. 257 787- الحسن بن داود الكوفي النحوي النقار. 257 788- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق بْن شيرزاذ. 258 789- الحسن بن علي بن الوثاق. 258 790- الحسين بن محمد بن سنان الأطرابلسي الضرير. "حرف الخاء" 258 791- خَالِد بْن محمد بْن خَالِد بن يحيى الحضرمي البتهلي. "حرف العين" 258 792- عَبْد اللَّه بْن خَالِد بْن محمد بن رستم الراذاني الخاني. 259 793- عَبْد الله بْن محمد بْن إِسْحَاق بْن أبي كامل الأطرابلسي.

259 794- عَبْد الرَّحْمَن بْن جيش الفرغاني الشاغوري. 259 795- عبد الرحمن بن القاسم الفسوي. 259 796- عدي بن يعقوب الطائي الدمشقي. 259 797- عرفة بن محمد بن الغمر الغساني. 259 798- علي بن أحمد بن إسحاق البغدادي. 259 799- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن محمد الهَمَذَانيّ التّمّار. 259 800- علي بن عبد الله البغدادي العطار. 260 801- عَليّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حبيب الحبيبي. 260 802- علي بن محمد القزويني المقبري. 260 803- عُمَر بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن شهاب العكبري. 260 804- عمرو بن إسحاق القرشي البخاري. 260 805- عمرو بن محمد الفزاري المؤدب. "حرف الميم" 260 806- محمد بْن أَحْمَد بْن بِشْر الهمذاني. 261 807- محمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي جُحُوش الخُرَيْميّ. 261 808- محمد بن أحمد بن عرفجة القرشي الدمشقي. 261 809- محمد بن أحمد بن محمويه العسكري. 261 810- محمد بن أحمد بن مرشد الدمشقي. 261 811- محمد بْن إبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن مِهْران الثَّقْفيّ. 261 812- محمد بْن إبْرَاهِيم بْن سهل بْن حيّة الدمشقي. 262 813- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن يَعْقُوب بن زوزان. 262 814- محمد بن إسحاق السوسي. 262 815- محمد بن إسماعيل بن موسى الرازي. 262 816- محمد بن جعفر بن هشام الحلبي. 263 817- محمد بن الحسن بن الفرج المقرئ الأنباري. 264 818- محمد بن الحسن بن علي الدقاق. 264 819- محمد بن الحسن بن مسعود. 264 820- محمد بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي.

264 821- محمد بن العباس بن الفضيل البزاز. 265 822- محمد بن علي بن الحسن الموصلي. 265 823- محمد بن عيسى بن أحمد القزويني. 266 824- محمد بن محمد بن جعفر البصري النحوي الشاعر ابن لنكك. 266 825- محمد بن محمد بن علي الهروي. 266 826- محمود بن زيد الهمذاني. 266 827- مزاحم بن عبد الوارث بن إسماعيل. 267 828- موسى بن سعيد الحنظلي الهمذاني. "حرف النون" 267 829- نظيف بن عبد الله الحلبي. "حرف الياء" 267 830- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن الحارث القرشي الدمشقي. "الكنى" 268 831- أبو بكر الطمستاني الفارسي. 268 832- أبو العباس الدينوري. 268 833- أبو الخير التيناتي الأقطع. 273 فهر الموضوعات.

المجلد السادس والعشرون

المجلد السادس والعشرون الطبقة السادسة والثلاثون أحداث سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة السادسة والثلاثون: أحداث سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة: فيها: نقلت سنة خمسين وثلاثمائة من حَيث المُغَلات في سنة إحدى وخمسين الخراجية. وكتب "الصّابي" كتابًا عن "المطيع" في المعنى، فمنه: إنّ السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يومًا وربع بالتقريب، وأنّ الهلالية ثلاثمائة وأربعة وخمسين يومًا وكسْر، وما زالت الأمم السالفة تكبس زيادات السنين على اختلاف مذاهبها. وفي كتاب الله شهادة بذلك، قال الله تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: 25] ، فكانت هذه الزيادة بإزاء ذلك. فأمّا الفُرْس فإنّهم أجروا معاملاتهم على السنة المعتدلة التي شهورها اثني عشر شهرًا، وأيامها ثلاثمائة وستون يومًا، ولقّبوا الشهور اثني عشر لقبًا، وسمّوا الأيام بأسامي، وأفردوا الأيام الخمسة الزايدة وسمّوا المشرقة، وكسبوا الربع في كل مائة وعشرين سنة شهرًا، فلما انقرض مُلكهم بطل ذلك. وذكر كلامًا طويلًا حاصله تعجيل الخراج وحساب أيام الكسر. دخول الروم عين زربة: قال ثابت بن سنان: ودخلت الروم عين زَربه1 مع الدُّمُسْتُق في مائة وستين ألفًا، وهي في سفح جبل مُطِلٍّ عليها، فصعد بعض جيشه الجبل، ونزل هو على بابها، وأخذوا في نقب الصُّور، فطلبوا الأمان فأمَّنهم، وفتحوا له، فدخلها وقدّم جيشًا منهم، ونادى بأن يخرج جميع من في البلد إلى الجامع، فلمَّا أصبح بثّ رجاله وكانوا ستين ألفًا، فكلّ من وجدوه في منزله قتلوه، فقتلوا عالمًا لا يُحْصَى، وأخذوا جميع ما كان فيها، وكان من جملة ما أخذوا أربعون ألف رمح، وقطع -لعنه الله- من حوالي البلد أربعين ألف نخلة، وهدم البيوت وأحرقها، ونادى: مَن كان في الجامع فلْيذْهب حيث شاء، ومن أمسى فيه قُتل، فازدحم الناس في أبوابه، ومات جماعة ومرّوا على وجوههم حُفاةً عُراةً لا يدرون أين يذهبون، فماتوا في الطرقات

_ 1 بلد من نواحي المصيصة.

جوعًا وعطشًا، وأخرب السُّور والجامع، وهدم حولها أربعة وخمسين حصنًا، أخذ منها بالأمان جملة ومنها بالسيف. انتهى قول ثابت. ولما عاد إلى بلاده أعاد سيف الدولة عينَ زَربه إلى بعض ما كانت، وظنّ أنّ الدُمُسْتق لا يعود إلى البلاد في العام، فلم يستعدّ، فبينا هو غافل، وإذا بالدُمُسْتُق قد دَهَمه ونازل حلب، ومعه ابن أخت الملك، فخرج إليه وحاربه، والدُمُسْتُق في مائتي ألفٍ بالرَّجَّالة وأهل إحصار، فلم يَقْوَ به سيف الدولة وانهزم في نفر يسير. دخول الروم حلب: وكانت داره بظاهر حلب، فنزلها الدُمُسْتُق وأخذ منها ثلاثمائة وتسعين بدْرَة دراهم، وألفًا وأربع مائة بغْل، ومن السلاح ما لا يُحْصَى، فنهبها ثم أحرقها، وملك رَبَض حلب، وقاتله أهل حلب من وراء السور، فقتلوا جماعة من الروم، فسقطت ثُلمة من السور على جماعة من أهل حلب فقتلتهم، فأَكبّت الروم على تلك الثُلمة، فدافع المسلمون عنها، فلما كان الليل بنوها، ولما أصبحوا صعدوا عليها وكبّروا، فعدل الروم عنها إلى جبل جَوْشَن1 فنزلوا به، ومضى رَجّالة الشُّرط بحلب إلى بيوت الناس فنهبوها، فقيل لمن على السُّور: الحقوا منازلكم، فنزلوا وأَخْلُوا السُّور، فسوَّرته الروم ونزلوا ففتحوا الأبواب ودخلوها، فوضعوا السيف في الناس حتى كلّوا وملّوا، وسبوا أهلها، وأخذوا ما لا يُحصى، وأخربوا الجامع، وأحرقوا ما عجزوا عن حمله، ولم يَنْجُ إلَّا من صعد القلعة. ثم ألحّ ابن أخت الملك في أخذ القلعة، حتى إنَّه أخذ سيفًا وترسًا وأتى إلى القلعة، ومَسْلَكُها ضيّق لا يحمل أكثر من واحد، فصعد وصعدوا خلفه، وكان في القلعة جماعة من الدَّيْلَم، فتركوه حتى قَرُب من الباب وأرسلوا عليه حجرًا أهلكه، فانصرف به خواصُّه إلى الدُمُسْتُق، وكان قد أسر من أعيان حلب ألفًا ومائتين، فضرب أعناقهم بأسرهم، وردّ إلى أرض الروم ولم يردّ أهل القرى، وقال لهم: ازرعوا فهذا بلدنا، وبعد قليل نعود إليكم2. الشيعة يلعنون معاوية: وفيها كتبت الشيعة ببغداد على أبواب المساجد: لعنة معاوية ولعنة من غضب

_ 1 جبل مطل على حلب. 2 انظر: البداية والنهاية لابن كثير "11/ 239".

فاطمةَ حقَّها من فَدَك1، ومَن منع الحَسَن أن يُدفن مع جدّه، ولعنة من نفي أبا ذَرٍّ، ثم إنّ ذلك مُحِي في الليل، فأراد مُعِزُّ الدولة إعادته، فأشار عليه الوزير المهلّبي أن يُكتَب مكان ما مُحي: لعن الله الظالمين لآل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصرَّحوا بلعنة معاوية فقط2. الروم يأسرون أبا فراس الحمداني: وفيها أسرت الروم أبا فراس بن سعيد بن حمدان من مَنْبِج3 وكان واليها. الوفيات: وفيها تُوُفّي الوزير أبو محمد الحسن بن محمد بن هارون المُهَلَّبي، من بني المهلّب بن أبي صُفْرة. أقام في وزارة معزّ الدولة ثلاث عشرة سنة. وكان فاضلًا شاعرًا فصيحًا نبيلًا سمْحًا جوادًا حليمًا ذا مروءة وأناة. عاش أربعًا وستّين سنة، وصادر معزُّ الدولة أولاده من بعده، ثم استوزر أبا الفضل العبّاس بن الحسن الشيرازي. وفيها تُوُفّي المحدّث أبو محمد دَعْلَج بن أحمد بن دَعْلَج السِّجِسْتانيّ المعدّل نزيل بغداد. والشيخ أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقّاش المقرئ صاحب التفسير. وشيخ وقته أبو بكر محمد بن داود الدّقي الدينوري الزاهد نزيل الشام.

_ 1 قرية بالحجاز أفاءها الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم. 2 الكامل في التاريخ "8/ 542". 3 مدينة كبيرة قريبة من حلب.

أحداث سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة

أحداث سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة: الاحتفال بعاشوراء: يوم عاشوراء، قال ثابت: ألزم معزّ الدولة الناسَ بغلْق الأسواق ومنْع الهرَّاسين والطبّاخين من الطبيخ، ونصبوا القباب في الأسواق، وعلّقوا عليها المُسُوح، وأخرجوا نساءً منشَّرات الشعور مضجّات يلطمن في الشوارع، ويُقِمْن المآتمَ على الحسين -عليه السلام، وهذا أول يوم نيح عليه ببغداد1. تقليد القضاء لابن أكثم: وفيها: قُلِّد القضاءَ بالعراق أبو البِشْر عمر بن أكثم على أن لا يأخذ رِزْقًا، وصُرِف ابن أبي الشوارب2. مقتل ملك الروم نقفور: وفيها: قُتِلَ ملك الروم، وصار الدُمُسْتُق هو الملك، واسمه نقفور. إصابة سيف الدولة بالفالج: وفيها: أصاب سيفَ الدولة فالجٌ3 في يده ورِجْله، وكان دخل الرومَ ووصل إلى قريب، ثم عاد، وكان هبة الله ابن أخيه ناصر الدولة عنده بحلب، ثم إنَّه قتل رجلًا من أعيان النصارى، وساق إلى أبيه إلى الموصل. الاحتفال بعيد غدير خم: وفي ثامن عشر ذي الحجّة عُمل عيد غدير خُم4 وضُربت الدبادب، وأصبح الناس إلى مقابر قريش للصلاة هناك، وإلى مشهد الشيعة. رجلان ملتصقان: قال ثابت بن سنان: وأنفذ بعض بطارقة الأرمن إلى ناصر الدولة بن حمدان رجلين ملتصقين عمرهما خمس وعشرون سنة ومعهما أبوهما، والالتصاق كان في معدة الجنب، ولهما بطنان وسُرَّتان ومَعِدَتان، ويختلف أوقات جوعهما وعطشهما وبَوْلهِما، ولكلّ واحدٍ كتِفان وذِراعان ويَدان وفَخذان وساقان وإحليل، وكان أحدهما يميل إلى النساء والآخر إلى المُرْد. قال القاضي التنوخي: ومات أحدهما وبقي أيامًا فأنْتَنَ، وأخوه حيّ، وجمع ناصر الدولة الأطبّاء على أن يقدروا على فصلهما فلم يمكن، ثم مرض الحيّ من رائحة الميت فمات5. الوفيات: وفيها: توفِّيت خَوْلَةُ أخت سيف الدولة بحلب، وهي التي رثاها المتنبي بقوله: يا أخت خير أخٍ يا بنت خير أبِ ... كناية بهما عن أشرف النَّسبِ

_ 1 انظر المنتظم "7/ 15". 2 انظر المنتظم "7/ 16"، والكامل في التاريخ "8/ 549". 3 مرض يصيب الجسم بالشلل طولًا. 4 مكان آخى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَلِيٍّ -رضي الله عنه. 5 انظر المنتظم لابن الجوزي "7/ 16".

أحداث سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة

أحداث سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة: الاحتفال بعاشوراء: عُمل ببغداد يوم عاشوراء كعام أوّل إلى الضحى، فوقعت فتنة عظيمة بن السنّة والرافضة، وجرح جماعة ونهب الناس. نزول الدمستق على المصيصة: وفيها: نزل الدُمُسْتُق على المَصِّيصَة في جيش ضخم، فأقام أسبوعًا، ونقب السُّور في أماكن، وقاتَلَه أهلُها، فضاقت بهم الأسعار، ثمّ رحل عنها بعد أن أهلك الضياع، وإنّما رحل لشدّة الغلاء، فإنّ القحط كان بالشام والثغور1. سيف الدولة يرسل حديدًا للقرامطة: وفيها بعثت القرامطة إلى سيف الدولة يستهدونه حديدًا، فاشترى لهم شيئًا كثيرًا منه أبواب الرَّقَّةِ، وحمل إليهم في الفرات، ثم في البريّة إلى هجر2. دخول ناصر الدولة إلى الموصل: وفيها: خرج مُعِزّ الدولة إلى المَوْصِل غضبانًا على ناصر الدولة، فلمَّا وصل في الماء إلى بلدٍ كان قد لحقه برد شديد، فخلَّف بالموصل جماعة من الأتراك لِحفّظ البلد، وقصد نصيبين، فسار ناصر الدولة إلى3 ميّافارقين، فساق وراءه طائفة فخرج عن ميَّافارقين، ولا يُدْرَى أين ذهب، فرجعت الطائفة إلى مُعِزّ الدولة. ثم جاء ناصر الدولة إلى الموصل واقتتل مع من فيها، فظهر وانتصر، فاستأمن إليه الدَّيْلَم، واستأسر جميع التُرْك، وأخذ حواصل مُعِزّ الدولة ونقله، فسار مُعِزّ الدولة يريد الموصل، وجرت لهم فصول ثم اصطلحوا، وعاد مُعِزّ الدولة إلى بغداد خائبًا4.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 19"، والبداية والنهاية "31/ 254". 2 مدينة بالبحرين. 3 من أشهر المدن في ديار بكر. 4 انظر دول الإسلام "2/ 219".

الدمستق يهدي سيف الدولة: وفيها جاء الدُمُسْتُق إلى طَرَسُوس وأهدى هدايا إلى سيف الدولة، فاحتفل وجلس على سرير وعلى رأسه تاج. عمل خيمة لسيف الدولة: وفيها: عُمِلَ لسيف الدولة خيمة عظيمة، ارتفاع عمودها خمسون ذراعًا. الوَفَيَات: وفيها: توفي بُنْدار بن الحسين الشيرازي الزاهد العارف بأزَّجان1، وأبو بكر محمد بن أحمد بن خروف المحدّث بمصر، والحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة الأصبهانيّ بها، والحافظ أبو عليّ سعيد بن عثمان بن السَكَن البغداديّ بمصر، والمحدّث أبو القاسم عليّ بن يعقوب بن أبي الغوث الدمشقيّ بها، وأبو على محمد بن هارون بن شُعيب الأنصاري بدمشق، وأبو عيسى بكار بن أحمد، أحد القُرَّاء المُتْقِنين ببغداد.

_ 1 مدينة كبيرة بين حدِّ فارس والأهواز.

أحداث سنة أربع وخمسين وثلاثمائة

أحداث سنة أربع وخمسين وثلاثمائة: الاحتفال بعاشوراء: فيها: عُمِلَ يوم عاشوراء ببغداد مأَتَمُ الحسين كالعام الماضي1: وثوب غلمان سيف الدولة على غلامه: وفيها: وثبت غلمان سيف الدولة على غلامه نجا الكبير وضربوه بالسيوف، وكان أكبر غلمانه ومقدّم جيشه. سيف الدولة يملك خلاط: وسار سيف الدولة إلى خِلاط2 فملكها وكانت لنجا.

_ 1 المنتظم "7/ 23". 2 وهي قصبة أرمينية الوسطى.

وفاة أخت معز الدولة: وفيها: تُوُفِّيت أخت مُعِزّ الدولة ببغداد، فنزل المطيع في طيّارة إلى دار مُعِزّ الدولة يعزّيه، فخرج إليه معزّ الدولة ولم يكلّفه الصعودَ من الطيّارة، وقبّل الأرض مَرات، ورجع الخليفة إلى داره1. بناء ملك الروم لقيسارية: وفيها: بنى نقفور ملك الروم قَيْساريّة، بناها قريبًا من بلاد المسلمين، وسكنها ليُغِيرَ كلَّ وقت، وترك أبناءه بالقسطنطينية، فبعث أهل طرسوس والمصيصة إليه يسألوه أن يقبل منهم حِمْلًا كل سنة، ويُنْفِذ إليهم نايبًا له يقيم عندهم، فأجابهم، ثم رأي أنّ أهل البلاد قد ضَعُفوا جدًّا، وأنّهم لا ناصر لهم، وأنّهم من القحط قد أكلوا الميتة والكلاب، وأنّه يخرج كل يوم من طرسوس ثلاثمائة جنازة، فبدا له في الإجابة، ثم أحضر رسولهم وقال: مَثَلُكُمْ مِثْل الحّية في الشتاء إذا لحقها البرد ضعُفَتْ وذبلت حتى يظنّ الظانّ أنّها ميّتة، فإذا أخذها إنسان وأحسن إليها ودفّاها انتعشت فلذعته وقتلته، وأنا إنْ أترككم حتى تستقيم أحوالكم تأذَّيت بكم، ثم أحرق الكتاب على رأس الرسول فاحترقت لحيته، وقال: قم، ما لهم عندي إلّا السيف. ثم سار بنفسه إلى المَصِّيصة ففتحها بالسسيف في رجب، وقتل وسبى وأسر ما لا يُحصَى، ثم سار إلى طَرَسوس فحاصرها، فطلب أهلُها أمانًا، فأعطاهم، ففتحوا له، فدخلها، ولقي أهلَها بالجميل، وأمرهم بالخروج منها، وأن يحمل كل واحد من ماله وسلاحه ما أطاق، ففعلوا، وبعث من يَخْفُرُهم إلى أنطاكية، وجعل الجامع إصطَبْلًا لدوابّه، وعمل فيها وفي المَصِّيصة جيشًا يحفظونهما، وأمر بتحصينهما. وقيل: رجع جماعة من أهل المَصِّيصة إليها وتنصّروا2. وكان السبب في فتح المَصّيصة أنهّم هدموا سُورها بالثقوب، فأشار عليهم رجل بحيث أن يُخْرِجوا الأسارى؛ ليعطف عليهم الملك نقفور، فأخرجوهم، فعَّرفه الأسارى بعدم الأقوات، وأطمعوه في فتحها، فزحف عليها، ولقد قاتل أهلها في الشوارع حتى أبادوا من الروم أربعة آلاف، ثم غلبوهم بالكثرة وقتلوهم، وأخذوا من أعيانهم

_ 1 انظر المنتظم "7/ 23". 2 انظر الكامل "8/ 560".

مائة ضربوا رقابهم بإزاء طرسوس، فأخرج أهل طَرَسُوس مَن عندهم من الأسرى فضربوا أعناقهم على باب البلد، وكانوا ثلاثة آلاف1. خروج ركب الحج: وفيها: حجّ الركب من بغداد. وفاة أبي الطيب المتنبي: وفيها: تُوُفّي شاعر زمانه أبو الطيّب أحمد بن الحسين الجعفي المتنّبي، عن نيّف وخمسين سنة، قُتِلَ بين شيراز وبغداد، وأُخِذَ ما معه من الذهب. اشتداد الحصار على أهل طرسوس وسقوطها: ومن بقايا سنة أربع اشتدّ الحصار كما ذكرنا على مدينة طَرَسُوس، وتكاثرت عليهم جموع الروم، وضعُفَتْ عزائمهم بأخذ المَصِّيصة، وبما هم عليه من القِلّة والغلاء، وعجز سيف الدولة عن نجدتهم، وانقطعت الموادّ عنهم، وطال الحصار وخُذِلوا، فراسلوا نقفور ملك الروم في أن يُسلّموا إليه البلد بالأمان على أنفسهم وأموالهم، واستوثقوا منه بأيمان وشرائط. ودخل طائفة من وكلاء الروم فاشتروا منهم من البَزّ الفاخر والأواني المخروطة، واشتروا من الروم دوابَّ كثيرة تحملهم، لأنه لم يبق عندهم دابّة إلا أكلوها، وخرجوا بحريمهم وسلاحهم وأموالهم، فوافى فتح الثمليّ من مصر في البحر في مراكب، واتّصل بملك الروم خبرُهُ، فقال لأهل طَرَسوُس: غدرتم! فقالوا: لا والله، لو جاءت جيوش الإسلام كلها، فبعث إلى الثمليّ: يا هذا لا تُفْسِد على القوم أمرهم، فانصرف، ثم عمل نقفور دعوة لكبار أهل البلد وخلع عليهم، وأعطاهم جملة، وَخَفرهم بجيشه حتى حصّلوا ببغراس، وحصل منهم خمسة آلاف بأنطاكية، فأكرمهم أهلها، ثم دخلت الروم مدينة طَرَسُوس فأحرقوا المنبر وجعلوا المسجد إِصْطَبْلًا2. غزو سيف الدولة في بلاد الروم: وأما سيف الدولة فإنه سار إلى أرْزَن3 وأرمينية، وحاصر بَدْلِيس وخلاط، وبها أَخَوَا نجا غلامه عَصَيَا عليه، فتملّك المواضع ورَدَّ إلى مَيّافارقين. وعمد أهل أنطاكية وطردوا نائب سيف الدولة عنهم، وقالوا: نُداري ببيت المال ملكَ الروم، أو ننزح عن أنطاكية، فلا مُقام لنا بعد طَرَسُوس، ثمّ إنّهم أمَّروا عليهم رشيق النَّسَيْمِيّ الذي كان على طَرَسوس، فكاتب ملك الروم على حمل الخراج إليه عن أنطاكية، فتقرّر الأمر على حمل أربعمائة ألف درهم في السنة، وجعل على كل رأس من المسلمين والنصارى ثلاثين درهمًا، والأمر لله.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 24". 2 انظر المنتظم "7/ 24". 3 مدينة قرب خلاط من أعمر نواحي أرمينية.

ومن سنة خمس وخمسين وثلاثمائة

ومن سنة خمس وخمسين وثلاثمائة: قدوم أبي الفوارس من الأسر: قَدِمَ أبو الفوارس محمد بن ناصر الدولة من الأسر إلى ميّافارقين1، أخذته أخت الملك لتفادي به، فجاء ستة آلاف فنقّذ سيف الدولة أخاها في ثلاثمائة إلى حصن الهَتَّاخ، فلما شاهد بعضهم بعضًا سرّح المسلمون أسيرهم في خمسة فوارس، وسرّح الروم أسيرهم أبا الفوارس في خمسة، فالتقيا في وسط الطريق وتعانقا، ثم صار كل واحد إلى أصحابه، فترجّلوا له وقبّلوا الأرض، ثم احتفل سيف الدولة لابن أخيه، وعمل الخيل والمماليك والعْدَد التامّة، فمن ذلك مائة مملوك بمناطقهم وسيوفهم وخيولهم. قتل رشيقة النسيمي: وفيها: قُتِلَ رشيق النُّسَيْميّ، ويقال: لم يُقتل به، أصابته هَيْضَة وضَعْفٌ، وتَجَرَّى عليه غلام له فأمسك بعنانه، فسقط من الفرس ميتًا وقُطع رأسه وحُمل إلى قرغُوَيْه. وتغلّب على أنطاكية وزير الدَّيْلَمي وحارب قرغُوَيْه. وطال مقام سيف الدولة بميافارقين، فأنفق في سنة وثلاثة أشهر نيّفًا وعشرين ألف ألف درهم ومائتين وستين ألف دينار. الفداء بين المسلمين والروم: وتمّ الفٍداء في رجب، فخلّص من الأسر من بين أمير إلى راجل ثلاثة آلاف

_ 1 بلد من نواحي أرمينية.

ومائتان وسبعون نفسًا، وتقرّر أمر أربعة أعوام، وأرسل أبو القاسم الحسين بن علي المغربي لتقرير ذلك، ومعه هديّة بعشرة آلاف دينار منها ثلاثمائة مثقال مِسْك، وأنفق سيف الدولة على الفِداء ثلاثمائة ألف دينار، ثم قدم حلب وقد عزم دِزْبَر صاحب أنطاكية على منازلة حلب، فقصده سيف الدولة ثم حمل عليه، فهرب دِزْبَر، وقاتل رجّالته أعظم قتال، وسيف الدولة قد شَهَرَ سيفَه يصيح في الناس، فانتصر وأسر طائفة، وغنِمَ جُنْدُه شيئًا كثيرًا، وردّ إلى حلب، وصادر أعيان الأسرى الأنطاكيّين، وأخذ خطوطهم بأموال عظيمة، وهرب دِزْبَر الدَّيْلَمي إلى بني كلاب فأسلموه، فوسَّطه سيف الدولة وأحرقه، وقتل وزراءه وأعوانه، وقطع أيدي جماعة، حتى قيل: إنّه قتل نحو الخمسة آلاف رجل. القتال بين سيف الدولة ودزبر: ثم كتب سيف الدولة يبشّر ولَدَه أبا المعالي بنصره على دِزْبَر يقول: وقد أنجز الله وعده، وأعزّ جُنْدَهُ ونصر عبده، وأظفر ممن كان استشرى بالشام أمره، وغمر أهله غشمه وظلمه، دزبر الدَّيْلَميّ، ومحمد بن أحمد الأهوازي، وقد استوليا على مدن الشام وكاتبا الديلم من كل صقع، وتجمّع لهما عدد كثير من العرب وخلق من الثغريّين، وجبى الأموال واستغلب بأمر الفداء مدّة حتى لم يبق بأيدي الكفرة أسير، ولله الحمد. ثم عبرت الفرات ونظرت في التقويم، فوجدت الكسوف فتأمّلته على حسب ما أوجبه علم النجوم والمولد، فكان نحسًا على أعدائنا، فقصدتهم وهم على مرحلة من حلب بالناعورة، إلى ذكر هزيمتهم، ثم قال: ولا شهدت عسكرًا على كثرة مشاهدتي للحرب استولى على جميع رؤسائه وأتباعه مثْل هؤلاء، ولا غنم من عسكر مثل ما غنم منهم، وقد كنت ناديت بأن من جاء بدِزْبَر والأَهوازي فله كذا وكذا، فتعاقد طوائف على ذلك وجعلوهما وكْدَهُم فأسروهما، وقُيِّدا، إلى أن قال: ولا شكّ عندي في أنّ ما أنفق على الفداء نحو ثلاثمائة ألف دينار، فكّ الله بها ثلاثة آلاف وخمسمائة إنسان. الفتنة بين ركن الدولة والخراسانية: وفيها جرت بالرِّيّ فتنة هائلة بين ركن الدولة وبين الخُراسانية الغُزاة فقُتل من

الفريقين نحو ثلاثة آلاف، وانتهب أهل الرِّيّ من الغزاة ألْفَيْ جملٍ محمَّلةٍ أمتعة، ثم ظفرت الغزاة ودخَلوا الرّيّ وضربوا جوانبها بالنّار، ثم طلب خلق منهم بالموصل، وذهب خلق منهم فوق العشرين ألفًا إلى خُوَيّ1 وسَلَمَاس2. خروج طاغية الروم إلى الشام: وفيها: سار طاغية الروم بجيوشه إلى بلد الشام فعاث وأفسد، وأقام به نحو خمسين يومًا، فبعث سيف الدولة يستنجد أخاه ناصر الدولة يقول: إن نقفور قد عَسْكَرَ بالدَّرب ومنع رسولنا المغربيّ أن يكتب بشيء وقال: لا أجيب سيف الدولة إلّا من أنطاكية، ليذهبْ من الشام، فإنّه لنا، ويمضي إلى بلده ويهادن عنه، وإنّ أهل أنطاكية راسلوا نقفور وبذلوا له الطاعة، وأن يحملوا إليه مالًا، وإنّه التمس منهم يد يحيى بن زكريا -عليهما السلام- والكرسيّ، وأن يدخل بيعة أنطاكية ليُصَلِّي فيها، ويسير إلى بيت المقدس. وكان الذي جرّ خروجه وأحنقه إحراق بيعة القدس في هذا العام. وكان البَتْرَك كتب إلى كافور صاحب مصر يشكو قُصُورَ يده عن استيفاء حقوق البيعة، فكاتب متولّي القدس بالشدّ على يده، فجاءه من الناس ما لم يطق رفعه، فقتلوا البترك وحَرَّقُوا البَيْعَةَ وأخذوا زينتها، فراسل كافورُ طاغية الروم بأن يردّ البَيْعَةَ إلى أفضل ما كانت، فقال: بل أنا أبنيها بالسيف. وأمَّا ناصر الدولة فكتب إلى أخيه: إنْ أحبَّ مسيرَه إليه سار، وإنْ أحبّ حِفْظَه ديارَ بكر سار إليها، وبثّ سراياه، وأصعد سيف الدولة الناس إلى قلعة حلب وشحنها، وانجفل الناس وعَظُم الغضبُ، وأَخْلِيتْ نَصٍيبّين. ثم نزل عظيم الروم بجيوشه إلى منبج، وحرق الربض، وخرج إليه أهلها فأقرّهم ولم يؤذهم، ثم سار إلى وادي بطنان3. مسير سيف الدولة إلى قنسرين: وسار سيف الدولة متأخّرًا إلى قنسرين، ورجاله والأعراب قد ضيّقوا الخناق على

_ 1 بلد مشهور من أعمال أذربيجان. 2 بلد مشهور في أذربيجان. 3 وهي بين منبح وحلب.

الروم، فلا يتركون لهم علُوفة تخرج إلّا أوقعوا بها، وأخذت الروم أربعة ضياع بما حَوَتْ، فراسل سيفُ الدولة ملكَ الروم وبذل له مالًا يعطيه إيّاه في ثلاثة أقساط، فقال: لا أجيبه إلّا أن يُعْطيني نصفَ الشام، فإنّ طريقي إلى ناحية الموصل على الشام، فقال سيف الدولة: والله لا أعطيه ولا حجرًا واحدًا. ثم جالت الروم بأعمال حلب، وتأخّر سيف الدولة إلى ناحية شيزر، وانكبّ العربان في الروم غير مرّة، وكسبوا ما لا يوصف، ونزل عظيم الروم على أنطاكية فحاصرها ثمانية أيّام ليلًا ونهارًا، وبذل الأمان لأهلها فأبوا، فقال: أنتم كاتبتموني ووعدتموني بالطاعة، فأجابوا: إنّما كاتبنا الملك حيث كان سيف الدولة بأرمينية بعيدًا عنّا، وظنُّنا أنّه لا حاجة له في البلد، وكان السيف بين أَظْهُرِنا، فلما عاد سيف الدولة لم نُؤْثِر على ضبط أدياننا وبلدنا شيئًا، فناجَزَهُمُ الحربً من جوانبها، فحاربوه أشدّ حربٍ، وكان عسكره مُعْوِزًا من العلوفة. ثم بعث نائب أنطاكية محمد بن موسى إلى قرغويه متولّي نيابة حلب بتفاصيل الأمور، وبثبات الناس على القتال، وأنّا قد قتلنا جملةً من الروم، وأنَّ المسلمين قد أثّروا في الروم وتشجعوا وشطوا للقتال، وأنا ليلي نهاري في الحرب لا أستقرّ ساعة، وأنّ اللعين قد ترحّل عنّا وترك الجسر. الإيقاع بسرية الروم: وفيها: أوقع تقي السيفي بسريّة للروم فاصطلموها، ثم خرج الطاغية من الدروب وذهب. ثم جاء الخبر بأنّ نائب أنطاكية محمد بن موسى الصُّلَحيّ أخذ الأموال التي في الخزائن في أنطاكية مُعَدَّة، وخرج بها كأنّه متوجّه إلى سيف الدولة، فدخل بلَدَ الروم مرتدًّا، فقيل: كان عزم على تسليم أنطاكية للملك، فلم يُمكن لاجتماع أهل البلد على ضبطه، فخشي أن يُنَمَّ خبرُه إلى سيف الدولة فيتلفه، فهرب بالأموال. قدوم الغزاة ميافارقين: وفيه قدم الغُزاة الخراسانية ميّافارِقين فتلقّاهم أبو المعالي بن سيف الدولة، وبالغ في إكرامهم بالأطعمة والعلوفات، ورئيسهم أبو بكر محمد بن عيسى.

ومن سنة ست وخمسين وثلاثمائة

ومن سنة ست وخمسين وثلاثمائة: الخراسانية يغزون بلد ابن مسلمة: دخلت الخراسانية فغزوا بلد ابن مَسْلَمَة وخرجوا بالسلامة والغنائم، وتصدّر أهل نَصِيبّين إلى ناصر الدولة بمصادرة العمّال، فأزال ضررهم وردّ إليهم كثيرًا من أموالهم، حتى قيل: إنّه قال لهم: قد أبحت لكم دماء من ظلمكم. عودة الخراسانية إلى بلادهم: وفيها رجع غزاة خُراسان إلى بلادهم، ودخل سيف الدولة إلى حلب ومعه قوم من الخراسانية، ومعهم فيل، فمات الفيل بعد أيام، فاتّهموا أنّ النّصارى سمّته. موت سيف الدولة: ومات سيف الدولة في صفر، وبُعِثَ بتابوته إلى عند قبر أمّه. وكان تُقَى مولى سيف الدولة أكبر الأمراء، وكان قد أخذ من أنطاكية مالًا كثيرًا، حتى ضجّ الناس منه، وشكوه إلى قرغُوَيْه الحاجب نائب حلب، فاجتاز بعده عن الشام، فرفق به حتى جاء إلى حلب، ونفّذه مع التابوت المذكور في سبعمائة فارس وراجل، وقال له: أقِمْ بديار بكر، فإنّها مملكة مفتقرة إلى مثلك. فأجمع رأي أبي المعالي بن سيف الدولة على المجيء إلى حلب فلمَّا وصل تُقي بالتابوت إلى ميَافارقين خرج أبو المعالي منها لتلقّيه، فصَعُب على تُقي كون القاضي وابن سهل الكاتب وابن حلبة لم يترجّلوا له، فلمّا نزل قبض عليهم، فاضطرب لذلك البلد، فجهّزت والدة أبي المعالي إلى كبار الغلمان ولاطفتهم، ففرَّقَتْهم عن تقي، قالوا: ما جئنا لنخرق بابن مولانا ولا لنقاتله، واجتمعوا على مخالفة تُقى، فلمَّا أحسّ بذلك سار في حاشيته إلى ناحية أَرْزن، فلم يمكنه عبور النهر لزيادته، فرجع وتذلّل، فقبض عليه أبو المعالي وقيّده واعتقله بحصن كافا، وأخذ منه سبعة وعشرين ألف دينار وثلاثمائة ألف درهم كانت معه. تغلب يقبض على ملك أبيه: وفيها: قبض على الملك ناصر الدولة بن حمدان ولدُهُ تغلب؛ لأن أخلاقه ساءت، وظلم وعسف وقتل جماعة، وشتم أولاده، وتزايد أمره، فقبض عليه ابنه

بمشورة الدولة في جُمادى الأول، ونفَّذه إلى قلعة، ورتب له كل ما يحتاج إليه، ووسّع عليه وقال: هذا قد اختلّ مزاجه. دخول أبي المعالي حلب: وفي رجب دخل أبو المعالي حلب وفرح الناس به. نزول الروم علي رعبان: وفي هذه الأيام نزلت الروم على رَعْبان1، فسار عسكر حلب للكشف عنها، فدخل ملك الروم، ثم سار عسكر حلب فنزلوا على حصن سرجون فافتتحوه بعد أيام بالسيف بعد حرب عظيم، فأخذوا منه ما لا يوصف، وحصل من السبي خمسة آلاف آدميّ، ثم نازلوا حصن سنّ الحمرا فافتتحوه، وسبوا منه نحو ألف، وأسروا ثلاثمائة عِلْج2، وأسروا سرجون لعنه الله، وهو الذي كان أسر أبا فراس بن حمدان، فلله الحمد. وغَزَتِ الْخراسانية مع لؤلؤ الجراحي من أنطاكية إلى ناحية المَصّيصة، فالتقاهم ثلاثة آلاف فارس من الروم، فنصر الله وقتلوا ألفًا من الروم، وأسروا خلقًا، وردّوا بالغنائم إلى أنطاكية، ثم عادوا غزوا فأصلبوا. وسار نحو ألفي فارس من التُرْك إلى مصر؛ لأنّ كافورًا راسلهم. ودخل الثغر محمد بن عيسى رئيس الخراسانية ومعه ابن شاكر الطرسوسي، فظفروا3 وغنموا وردّوا بالغنائم، وتأخّر في السقاة محمد بن عيسى وابن شاكر في نحو ثمانمائة فارس، فدَهَمهُمْ جموع الروم، فقال ابن عيسى: ما أستحل أن أُوَلّيهم الدُّبُرَ بعد أن قَرُبُوا. وسار ابن شاكر يكشفهم، فإذا هم فيما يقال في ثلاثين ألفًا، فرجع وقال: لا طاقة لك بهؤلاء، فلم يقبل، والتقاهم وقاتلوا أشدّ قتال، وأنْكَوا في الروم نكاية عظيمة، واستُشْهِد عامّة المسلمين. وبقي محمد بن عيسى في مائة وخمسين فارسًا، فقال له ابن شاكر: لا تُلْقي بيدك إلى التَهْلُكة، فقال له فقيه معه: إن وَلَّيْتَ الدُّبُرَ لحِقُوك وقتلوك وأنت فارَّ، فقاتَلَ حتى قتل أكثر أصحابه، ثم أُسِر محمد بن عيسى وابن شاكر، ثم ورد الخبر بأن ابن عيسى اشترى نفسه بمائة ألف درهم وبمائة وعشرين عِلْجًا4 كانوا بأنطاكية، وبرطل فصوص فيروزج، وإنّه بعد ذلك غزا العدوّ وظفر.

_ 1 مدينة بين حلب وسميساط. 2 علج أي: كل جاف شديد من الرجال. 3 ظفر أي: غنم. 4 علج: أي كل جافٍ شديد من الرجال.

أحداث سنة سبع وخمسين وثلاثمائة

أحداث سنة سبع وخمسين وثلاثمائة: مقتل أبي فراس: فيها مات ناصر الدولة، وقُتِلَ أبو فِراس الحارث بن سعيد بن حمدان، وكان قد طمع في تملّك الشام، وجاء إليه خلقٌ من غلمان سيف الدولة، وأطمعوه، فصادر أهل حمص وغيرهم، وقتل قاضيهم أبا عمّار، فأخذ من داره ستمائة ألف درهم، فلمَّا أحسّ بأنّ أبا المعالي بن سيف الدولة يقصده سار فنَزل على بني كلاب، وخلع عليهم وأعطاهم الأموال، ونفَّذ حُرُمَه معهم إلى البّريّة، ثم سار أبو المعالي وقرغوَيه الحاجب إلى سَلَمْيَة1، فاستأمن إلى أبي المعالي جماعة من بني عقيل، وتأخّر أبو فِراس وقال: قد أخْلَيْتُ لهم البلد، ثم سار قرغُوَيْه وأحاط به فقاتل أشدّ قتال، وما زال يقاتل وهم يتبعونه إلى ناحية جبل سنير2، فتقنطر به فرسه بعد العصر، فقتلوه، وله شعر رايق في الدُّرَر. موت كافور صاحب مصر: ومات الخادم كافور صاحب مصر، ورُدَّ أمرُها إلى الملك أبي الفوارس حسين بن علي بن طغج الإخشيدي، فوقع الخلف بن الكافورية وبينه، وتحاربوا وعظم البلاء، وقُتِلَ بينهم خلق، ثم هزمت الإخشيديةُ الكافوريةَ وطردوهم عن مصر، فصاروا إلى الرملة وفيهم ابن محمد بن رائق، وأبو منخل، وفنّك، وفاتك الهندي، فقَدِموا على صاحب الرملة الحسن بن عبد الله بن طُغج، فلم يُقْبِل عليهم، وقال: لا أحارب برغمتي، ثم ضاق بنفقاتهم، فتوجّهوا إلى دمشق ومتولّيها فاتك الإخشيدي، فتمّ بينهم قتال وبلاء. نقفور ينازل أنطاكية: وفي ذي القِعدة أقبل عظيم الروم نقفور بجيوشه إلى الشام، فخرج من الدَّرب ونازل أنطاكية، فلم يلتفتوا عليه، فهدّدهم وقال: أرحل وأَخرّب الشام كلّه، وأعود إليكم من الساحل، ورحل في اليوم الثالث، ونازل مَعَرَّة مَصْرِين3، فأخذها وغدر بهم، وأسر منها أربعة آلاف ومائتي نسمة.

_ 1 سلمية: بلد صغيرة في ناحية البرية من أعمال حماة. 2 هو جبل بين حمص وبعلبك. 3 بلدة بنواحي حلب.

ثم نزل على مَعَرَّة النُّعمان1 فأحرق جامعها، وكان الناس قد هربوا في كلّ وجهٍ إلى الحصون والبراري والجبال المنيعة، ثم سار إلى كفر طاب2، وشيزر، ثم إلى حماة وحمص، فخرج من تبقّى فيها، فأمّنهم ودخلها، فصلّى في البيعة، وأخذ منها رأس يحيى بن زكريا، وأحرق الجامع، ثم سار إلى عِرْقَة3 فافتتحها. ثم سار إلى طرابلس، فأخذ بعضها، وأقام في الشام أكثر من شهرين ورُبْع، فأرضاه أهلُ أنطاكية بمال عظيم4.

_ 1 مدينة كبيرة بين حماة وحلب. 2 بلدة بين المصرة وحلب. 3 بلدة في شرقي طرابلس. 4 انظر البداية والنهاية "11/ 268".

عود إلى حوادث سنة خمس وخمسين وثلاثمائة الاحتفال بعاشوراء

عود إلى حوادث سنة خمس وخمسين وثلاثمائة الاحتفال بعاشوراء: أقيم المأتم يوم عاشوراء ببغداد على العادة. مهلك ركب الشام ومصر والمغرب: وفيها ورد الخبر بأنَّ ركْب الشام ومصر والمغرب أَخِذوا وهلك أكثرهم، ووصل الأقلّ إلى مصر، وتمزّق الناس كلَّ ممزَّق، فلا حول ولا قوة إلّا بالله، أخذ تهم بنو سُليم، وكان ركبًا عظيمًا يمدّه نحو عشرين ألف جمل، معهم الأمتعة والذهب، فما أخذ لقاضي طَرَسُوس المعروف بالخواتيمي عشرون ألف دينار1. وفيها سار جيش من خراسان بضعة عشر ألفًا إلى غزو الروم، فأتوا الرّيّ، فبعث إليهم ركن الدولة إقامات كثيرة، فلما كان في يوم من الأيام ركب هؤلاء الغزاة إلى منازل قوّاد ركن الدولة، فقتلوا من وجدوا من الدَّيْلم، ونهبوا دار أبي الفضل بن العميد وزير ركن الدولة، فظفر بهم، وقتل منهم نحو ألف وخمسمائة، فانهزموا على طريق أذربَيْجان، ثم قدموا الموصل إلى الشام فغزوا في الروم2.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 33"، والبداية والنهاية "11/ 260". 2 انظر المنتظم "7/ 33"، والبداية والنهاية "11/ 260".

أحداث سنة ست وخمسين وثلاثمائة الاحتفال بعاشوراء

أحداث سنة ست وخمسين وثلاثمائة الاحتفال بعاشوراء: عملت الرافضة يوم عاشوراء ببغداد وناحت. موت معز الدولة بن بويه: وفيها: مات مُعِزّ الدولة بن بُوَيْه، وولي إمرة العراق ابنه عزّ الدولة بختيار بن أحمد بن بُوَيْه. قال القاسم التنوخي: حدّثني الحسين بن عثمان الفارقي الحنبلي، قال: كنت بالرملة في سنة خمس وخمسين، فقدِمَها أبو علي القرمطيّ القصير الثياب، يعني: الذي ملك الشام، فقرّبني، فكنت ليلة عنده، فقال بديهًا: ومَجْدُولَةٍ مثل صدْر القناة ... تعرَّت وباطنها مكتسي لها مُقْلَةٌ هي روحٌ لها ... وتاج على هيئة البُرْنُسِ إذا غازَلْتهَا الصَّبا حرّكت ... لسانًا من الذَّهب الأملسِ فنحن من النور في أسعدٍ ... وتلك من النار في أنحسِ وفي المجلس أبو نصر بن كُشَاجم، فقبّل الأرض وزاد فيها. وليلتنا هذه لَيْلَةٌ ... تشاكل أشكال إقليدس فيا ربّة العود غنّي الغنا ... ويا حامل الكاس لا تنعس

أحداث سنة سبع وخسمين وثلاثمائة الاحتفال بعاشوراء

أحداث سنة سبع وخسمين وثلاثمائة الاحتفال بعاشوراء ... أحداث سنة سبع وخمسين وثلاثمائة الاحتفال بعاشوراء: عملت الرافضة يوم عاشوراء بالنّوح وتعليق المسوح، وعيّدوا يوم الغدير، وبالغوا في الفرح. امتناع الحج من الشام ومصر: ولم يحجّ أحد من الشّام ولا مصر. فتنة الأمير ابن المستكفي: وفيها: كانت فتنة الأمير أبي الحسن محمد بن المستكفي بالله عبد الله بن المكتفي بالله على ابن المعتضد العبّاسي لما خُلِع أبوه المستكفي وسَمِل1، وهرب هو ودخل الشام ومصر، وأقام هناك عند كافور الإخشيدي، فلاذ به جماعة وأطمعوه في الأمر وقالوا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "المهدي من بعدي يواطيء اسمُه اسمي، واسمُ أبيه اسم أبي" 2، وإنْ أنت قدمت بغدادَ بايعك الدَّيْلَم، فتوجّه إلى بغداد ثم دخلها سرًا، وبايعه جماعة من الدَّيْلم في هذه السنة، فاطَلع الملك عزّ الدولة بختيار ابن معزّ الدولة على ذلك، وكان قد ادّعى أنّ والده نصّبه للخلافة من بعده، فصحبه من أهل بغداد خلق كثير من رؤسائها وأعيانها وبايعوه سرًا، منهم: أبو القاسم إسماعيل بن محمد المعروف بزنجي، وترتب له وزيرًا، فقبض عليه عزّ الدولة ثم جدع أنفه وقطع شفته

_ 1 أي: قدحت عيناه. 2 حديث حسن لغيره: أخرجه الخطيب "5/ 391" في تاريخ بغداد، وله شواهد كثيرة.

العليا وشحمتي أُذُنيه، وسُجِنَ بدار الخلافة، وكان معه أخوه علي، وانّهما هربا من الدار في يوم عيد، واختلطا بالنّاس، ومضيا إلى ما وراء النهر. وروي المتنبي من شعره، وله شعر وأدب، ومات بخراسان خاملًا. دخول ملك الروم حمص: ووصل ملك الروم -لعنهم الله- إلى حمص وملكوها بالأمان، وخافهم صاحب حلب أبو المعالي بن سيف الدولة، فتأخّر عن حلب إلى بالس1، وأقام بها الأمير قرغُوَيْه، ثم ذهب أبو المعالي إلى ميَافارقين لما تفرّق عنه جنده، وصاروا إلى ابن عمّه صاحب الموصل أبي تغلب، فبالغ في إكرامهم، ثم ورد أبو المعالي إلى حلب فلم يُمكَّن من دخولها واستضعفوه، وتشاغل بحبّ جارية، فردّ إلى سَرُوج فلم يفتحوها له، ثم إلى حَرّان فلم يفتحوا له أيضًا، واستنصر بابن عمّه أبي تغلب، فكتب إليه يعرض عليه المقام بنصيبين، ثم صار إلى ميَافارقين في ثلاثمائة فارس وقلّ ما بيده. ووافت الروم إلى ناحية ميَافارقين وأَرزن يعبثون ويقتلون، وأقاموا ببلد الأسلام خمسة عشر يومًا، ورجعوا بما لا يحصى. صعوبة الحج: وكان الحجّ في هذا العام صعبًا إلى الغاية لِمَا لَحِقهم من العطش والقتْل، مات من حجّاج خراسان فوق الخمسة آلاف، وقيل: بل ثلاثة آلاف بالعطش، فلمَّا حصلوا بمكة خرج عليهم الطلحيّون والبكريّون فوضعوا في الحجيج السيف، وأخذوا الركْبَ بما حوى، ولم يحجّ من مصر ولا الشام أحد، وكان حجّاج المغرب خلقًا، فرجع معهم خلق من التُّجّار فأَخِذوا، فيقال: إنّه أَخِذ لتاجرٍ فيها متاع بنحو مائتي ألف دينار، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. القرامطة في دمشق: وفي آخر العام جاءت القرامطة من البّريّة وتوثّبوا على دمشق فملكوها، وساروا إلى الرملة، فالتقاهم الحسن بن عبد الله الإخشيدي فهزموه، ثم قاتلوا أهل الرملة أشدّ قتال، واستباحوها بعد يومين، ثم إنّ أهلها دافعوا عن نفوسهم بمائة وعشرين ألف دينار، وسبوا من أعمال الرملة عشرة آلاف نسمة، وعزموا على قصْد مصر ليملكوها، فجاء العُبَيْدِيّون فأخذوها، وقامت دولة الرفض في الأقاليم: المغرب ومصر والعراق وغير ذلك.

_ 1 بلد بين حلب والرقة.

أحداث سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة

أحداث سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة: الاحتفال بعاشوراء: أقامت الرافضة الشعار الجاهليّ يوم عاشوراء ويوم الغدير1. القحط ببغداد: وكان ببغداد قَحْط واسعٌ، الكرٌ بتسعين دينارًا، وأغارت الروم بالشامْ فقتلوا وسبوا، وبدّعوا في حمص والثغور، وقتلوا خلائق. جوهر يملك مصر: وفيها ملك جوهر القائد ديار مصر، وخطب لبني عبيد2: والد المرتضى يحج بالناس: وحجّ بالناس من العراق أبو أحمد الموسوي والد المرتضى. وفيها: ولي إمرة دمشق الحسن بن عبد الله بن طُغج الإخشيدي، فأقام شهرًا، ورحل في شعبان، فأستناب بها شمّول الكافوري، ثم سار إلى الرملة فالتقى العُبَيْديّين في ذي الحجّة بالرملة، فانهزم جيشه وأخذ أسيرًا، وحُمل إلى المغرب إلى المعزّ. وأمّا ابن سيف الدولة فإنّ جُنْد حلب عَصَوْهُ، فجاء من ميَافارقين ونازل حلب، وبقي القتال عليها مدّة. الروم يستولون على أنطاكية: واستولى على أنطاكية الرغيليّ، رجل شاطر، فجاءت الروم فنزلوا على أنطاكية، وأخذوها في ليلة، وهرب الرُّعيلي من باب البحر هو وخمسة آلاف إنسان، فنجوا إلى الشام، وكان أخْذها في ذي الحجّة، وأَسر أهلها، وقتل جماعة من أكابرها3. جعفر بن فلاح يتملك دمشق: وفيها: جاء القائد جعفر بن فلاح إلى دمشق، فحاربه أميرها ابن أبي يعلى الشريف، فانهزم الشريف، ثم أسره جعفر وتملّك دمشق4.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 47"، والكامل "8/ 600". 2 انظر المنتظم "7/ 47". 3 انظر البداية والنهاية "11/ 267". 4 انظر السابق.

أحداث سنة تسع وخمسين وثلاثمائة الاحتفال بعاشوراء

أحداث سنة تسع وخمسين وثلاثمائة الاحتفال بعاشوراء: أقامت الشيعة ببغداد مأتم عاشوراء1. سقوط أنطاكية: وجاء الخبر في المحرَّم أنّ الروم -لعنهم الله- وردوا مع نقفور، فأحاطوا بأنطاكية، وملكوها بالأمان فيما أحسب، فأخرجوا أهلها، فأطلعوا العجائز والشيوخ والأطفال وقالوا: أُمْضُوا حيث شئتم. وأخذوا الشباب والصَّبايا والغلمان سبيًا، فكانوا أكثر من عشرين ألفًا2. مقتل نقفور: وكان نفقور قد عتا وتجَبَّر وقهر البلاد وعظمت هيبته، وتزوّج امرأة الملك الذي قبله على كُرْهٍ منها، وكان لها ولدان، فأراد أن يخصيهما ويهديهما للبيعة ويستريح منهما لئلَّا يُمَلَّكا، فعلمت زوجته بذلك، فأرسلت إلى الدُّمُسْتُق ليأتي إليها في زيَّ النساء ومعه جماعة في زيّ النساء، فجاءوا وباتوا عندها ليلة الميلاد فقتلوه، وأجلس في الملك ولدها الأكبر3. انقضاض كوكب عظيم: وفي ذي الحجّة أنقضّ بالعراق كوكب عظيم أضاءت منه الدنيا حتى صار كأنّه شعاع الشمس، وسُمع بعد انقضاضه صوتٌ كالرَّعد الشديد4. وحجّ بالناس من بغداد أبو أحمد النقيب والد المرتضي والرّضيّ.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 51". 2 انظر السابق. 3 انظر المنتظم "7/ 51"، والبداية والنهاية "11/ 267". 4 انظر المنتظم "7/ 51، 52"، والبداية والنهاية "11/ 267".

أحداث سنة ستين وثلاثمائة

أحداث سنة ستين وثلاثمائة: الاحتفال بعاشوراء: أقامت الرافضة رسم يوم عاشوراء من النّوْح واللَّطم والبكاء وتعليق المُسوح وغلْق الأسواق، وعملوا العيد والفرح يوم الغدير، وهو ثامن عشر ذي الحجّة1. مرض المطيع: وفي أول صفر لحق بالمطيع لله سَكْنةٌ، آل الأمُر فيها إلى استرخاء جانبه الأيمن وثقل لسانه2. ابن معروف يتقلد القضاء: وفيها: تقلَّد قضاء القضاة أبو أحمد بن معروف، وقبل شهادة أبي سعيد الحسن بن عبد الله السَّيرافي، ولاه القضاء على الجانب الشرقيّ من بغداد. ووثبت العامّة بالمطهَّر بن سليمان، ونسبوه إلى القول بخلق القرآن3. موت جعفر بن فلاح: وفي صفر أعلن المؤذّنون بدمشق بحيّ على خير العمل، بأمر جعفر بن فلاح نائب دمشق للمعزّ بالله، ولم يجسر أحد على مخالفته، وفي جمادى الآخرة أمرهم بذلك في الإقامة، فتألّم الناس لذلك، فهلك لعامِهِ، والله أعلم.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 35". 2 انظر المنتظم "7/ 53"، والنجوم "4/ 57". 3 انظر المنتظم "7/ 54".

وفيات الطبقة السادسة والثلاثون

وفيات الطبقة السادسة والثلاثون: وفيَّات سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة: حرف الألف: 1- أحمد بن إبراهيم بن جامع أبو العباس المصري السكَّري1: سمع: مقداد بن داود الرعيني، ويحيى بن عثمان بن صالح، وأحمد بن محمد بن رشدين، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وجماعة من طبقتهم. وعنه: ابن مَنْدَه، وأبو محمد بن النّحَاس، وأحمد بن محمد الحاجّ الإشبيليّ، ومحمد بن إبراهيم بن غالب التمار، والحسين بن ميمون الصّفّار. 2- أحمد بن محمد بن خليع البغدادي نزيل مصر2: سمع: بِشْرَ بن موسى الأسديّ، وغيره. قال الخطيب: كان ثقة مجَّودا. 3- أحمد بن محمد بن أبي دارم، أبو بكر التميمي الكوفي، تُوُفِّي في المحرَّم3. سمع: إبراهيم القصّار، وأحمد بن موسى الحمّاد، وموسى بن هارون وخلقًا. رافضيّ، وعنه: الحاكم، وابن مردويه، ويحيى المزنيّ، والحيريّ. 4- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الموْت4 أبو بكر المكيّ: سمع: علي بن عبد العزيز، ويوسف بن يزيد القراطيسي، والقاسم بن الليث الرسعني، وأحمد بن زغبة، ومحمد بن على الصايغ. وعنه: أبو محمد بن النّحَاس، ومحمد بن نظيف، وأبو العباس أحمد بن الحاجّ، وآخرون. تُوُفّي في ربيع الآخر، وله تسعون سنة بمصر.

_ 1 انظر العبر "2/ 290"، وشذرات الذهب "3/ 7". 2 يراجع تاريخ بغداد، فقد وثقه الخطيب هنالك. 3 يراجع "طبقات الشيعة" و"طبقات المعتزلة" لابن المرتضي. 4 انظر العبر "2/ 290"، وميزان الاعتدال "1/ 152"، وسير أعلام النبلاء "16/ 52".

5- أحمد بن محمد بن عبد الله1 القاضي، أبو الحسين النيسابوري الحنفي، قاضي الحَرَمَين، وشيخ الحنفية في زمانه. ولي قضاء الحرمين بضع عشرة سنة، ثم قدم نيسابور وتقلّد قضاءها، وبِها تُوفّي وله سبعون سنة. تفقّه على: أبي الحسن الْكَرْخِي، وأبي طاهر بن الدّبّاس، وبرع في المذهب، وسمع: أبا خليفة، والحسن بن سفيان، وولي أيضًا قضاء الموصل، وقضاء الرملة. روي عنه أبو عبد الله الحاكم. وقال أبو إسحاق الشيرازي به وبأبي سهل الزجَّاجي تفقّه فقهاء نيسابور من أصحاب أبي حنيفة. وقال الحاكم: سمعت أبا بكر الأبهريّ المالكي شيخ الفقهاء ببغداد بلا مدافعة يقول: ما قدم عليها من الخراسانيين أفقه من أبي الحسين النيسابوري. 6- إبراهيم بن علي بن عبد الله الأعلى أبو إسحاق الهُجَيُمي البصري2: تُوُفِّيَ في آخر السنة. سمع: جعفر بن محمد بن شاكر، وعبد الرحيم بن دنوقا، والحسن بن محمد بن أبي معشر، وعُبَيْد بن عبد الواحد، ومحمد بن يونس، وجماعة. وعنه: طلحة بن يوسف المؤذّن، وأبو بكر محمد بن الفضل البابَسِيري، وأبو سعيد محمد بن على النقّاش، وجماعة. وكان معْمرًا من أبناء المائة، وهو مقبول الحديث. قال الرازي في مشيخته: سمعت عبد الرحيم بن أحمد البخاري يقول: رأي أبو إسحاق الهُجَيْمي أنّه تعمّم، فدوّر على رأسه مائة وثلاث دورات، فعبّر له أنّه يعيش

_ 1 انظر الوافي بالوفيات "8/ 35"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "16/ 25". 2 انظر العبر "2/ 291"، والمنتظم "7/ 23"، وسير أعلام النبلاء "15/ 525، 526".

مائة وثلاث سنين، فلم يحدّث حتى بلغ المائة، ثم حدّث فقرأ القارئ وأراد أن يختبر عقله: إنّ الجبان حتفه من فوقه ... كالكلب يحمي جلدهُ برَوقِه1 فقال الهجيمي: كالثور، فإنّ الكِلب لا رَوق2 له، ففرحوا بصحّة عقله. 7- إسماعيل بن بدر بن إسماعيل بن زياد أبو بكر القرطبي3، سمع: بقيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن وضّاح، ومطرّف بن قيس، والخشنيّ، وعبد الله بن مسرّة. إلّا أنّ صناعة الشعر غلبت عليه وطارت باسمه وكانت به أَلصَق، وطال عمره إلى أن سمع بعض الناس منه وتسهّلوا فيه، ووُلِّي أحكام السوق فحمدوا أمره فيها، وتُوُفّي في هذه السنة، قاله ابن الفرضي. قلت: هو آخر من روى في الدنيا عن بقيّ. حرف الحاء: 8- الحسن بن إسحاق بن يليل أبو سعيد المغربي القاضي4، سمع بدمشق: محمد بن عون، ومحمد بن خريم، وببغداد: يوسف القاضي، وبمصر: أبا عبد الرحمن الشامي السنائي. روى عنه: عليّ بن المهذَّب التنوخي، وجماعة. بقي إلى هذا العام. 9- الحسن بن علي بن الفضل أبو بكر المعافري ابن كبّه5. 10- الحسن بن محمد بن هارون، الوزير أبو محمد المهلّبي6،

_ 1 انظر الإصابة للحافظ "4/ 14، 15". 2 أي: الكلب. 3 انظر بغية الملتمس "230"، وسير أعلام النبلاء "16/ 26". 4 في عداد المستورين، وهو لا بأس به في الاحتجاج. 5 في عداد المجهولين. 6 انظر السابق.

توفي سنة إحدى، وقيل سنة أثنتين وخمسين. وقد ذكرته سنة اثنتين وخمسين. 11- الحسن بن محمد بن يحيى بن حسن بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن زين العابدين علي بن الحسين الحسيني1، حدّث ببغداد في هذا العام عن جدّه يحيى بكتاب الأنساب، وكان شريفًا كبير القدر جليلًا. 12 الحسين بن الفتح، أبو عليّ النيسابوريّ الفقيه الشافعي2، سمع: الفريابي وغيره. وعنه: يوسف الميانجي، وابن جميع، وأبو محمد بن النّحَاس المصري. حرف الدال: 13- دَعْلَج بن أحمد بن دَعْلَج3، أبو محمد السِجْزي الفقيه المعدّل، وُلِد سنة ستين ومائتين أو قبلها، وسمع بعد الثمانين من: على بن عبد العزيز بمكة، وهشام بن على السِّيرافي، وعبد العزيز بن معاوية بالبصرة، ومحمد بن أيّوب، وابن الْجُنَيْد بالرّيّ، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي وقشمرد، ومحمد بن عمرو الحَرَشيّ، وطائفة بنيسابور، وعثمان بن سعيد الدارميّ وغيره بهراة، ومحمد بن غالب، ومحمد بن رمح البزّاز، ومحمد بن سليمان الياغندي، وخلقًا ببغداد وغيرها. وعنه: الدارقُطْني، والحاكم ابن رزقويه، وأبو عليّ بن شاذان، وأبو إسحاق الإسفرائيني، وعبد الملك بن بشران، وخلق. وقال الحاكم: أخذ عن ابن خُزَيمة المصنّفات، وكان يُفْتي بمذهبه، وكان شيخ أهل الحديث، له صَدَقَات جارية على أهل الحديث بمكة والعراق وسجستان. سمعته

_ 1 انظر تاريخ بغداد "7/ 421". 2 في عداد المستورين. 3 انظر تاريخ بغداد "8/ 387- 392"، والكامل في التاريخ "8/ 545"، والمنتظم "7/ 10"، والبداية والنهاية "9/ 241، 242".

يقول: تقدّم ليلة إليّ بمكة ثلاثة فقالوا: أخٌ لك بخراسان قتل أخانا ونحن نقتلك به. فقلت: اتّقُوا الله، فإنّ خُراسان ليست بمدينة واحدة، فلم أزل أداريهم إلى أن اجتمع الناس وخلّوا عنّي، فهذا سبب انتقالي من مكة إلى بغداد1. وقال الحاكم: سمعت الدارَقُطْنيّ يقول: صنَّفت لدَعْلَج الْمُسْنَدَ الكبير، فكان إذا شكّ في حديث ضرب عليه، ولم أر في مشايخنا أثْبَتَ منه وسمعت عمر البَصْري يقول: ما رأيت ببغداد فيمن انتخبت عليهم أصحَّ كتبًا ولا أحسن سماعًا من دَعْلَج. قال الحاكم: اشتري دَعْلَج بمكة دار العبّاسية بثلاثين ألف دينار. قال: ويقال لم يكن في الدنيا من التّجار أيسر من دَعْلَج. وقال الخطيب: بلغني أنه بعث بالمُسْنَد إلى ابن عُقدَة لينظر فيه، وجعل في الأجزاء بين كل ورقتين دينارًا. وقال ابن حَيُّوَيْه: أدخلني دَعْلَجُ دارَه وأراني بدَرًا من المال مُعَبَّأةً، وقال لي: يا أبا عمر، خذ من هذا ما شئت، فشكرت له وقلت: أنا في كفاية وغِنّى عنها. توفِّي دَعْلَجُ في جُمادى الآخرة، وله نيّف وتسعون سنة. وقال أبو ذَرّ الهَرَوِيّ: بلغني أن معزّ الدولة قال: أوّل مال من المواريث أخذ مال دعلج، خلّف ثلاثمائة ألف دينار. وقال أبو العلاء الواسطي: كان دَعْلَجُ يقول: ليس في الدنيا مثل داري؛ لأنّه ليس في الدنيا مثل بغداد، ولا ببغداد مثل القطيعة؛ ولأنّها مثل درب أبي خلف، ولا في الدرْب مثل داري. ونقل الخطيب أنّ رجلًا صلّى الجمعة فرأى رجلًا ناسكًا لم يصلّ، وكلّمه فقال: استر عليّ، عليّ لدَعْلَجُ خمسة آلاف درهم، فلمَّا رأيته أحدثت في ثيابي، فبلغ دَعْلَجُ فطلب الرجل إلى منزله وأبرأه منها، ووصله بخمسة آلاف لكونه رَوَّعه. وقال أحمد بن الحسن الواعظ: أَوْدَعَ أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم فأنفقها، فلما كَبُرَ الصَّبي أمر السلطان بدفع المال إليه، قال ابن أبي موسى: فضاقت عليّ الدنيا فبكّرت على بغلتي إلى الكَرْخ، فوقفت على باب مسجد

_ 1 انظر تاريخ بغداد "8/ 389".

دَعْلَجُ، فصلَّيت خلفه الفجر، فلمَّا انْفَتَل رحّب بي، ودخلنا داره، فقدّم هريسة فأكلنا وقصّرت، فقال: أراك منقبضًا! فأخبرته، فقال حاجتك مقضيّة، فلمَّا فرغنا وزن لي عشرة آلاف دينار، وقمت أطير فرحًا، ثم أعطيت الصبيّ المال، وعظَّم ثناءُ الناس عليّ، فاستدعاني أمير من أولاد الخليفة، فقال: قد رغبت في معاملتك وضَمَّنتك أملاكي، فضمنت منه، فربحت ربحًا مُفْرِطًا حتى كسبت في ثلاثة أعوام ثلاثين ألف دينار، فحملت إلى دَعْلَجُ ذَهَبَهُ، فقال: ما خَرَجَت والله الدنانير عن يدي، ونويت أن آخذ عِوَضها، صِلْ بها الصبيان، فقال: أيّها الشيخ، أيّ شيء أصل هذا المال حتى تهب لي منه عشرة آلاف دينار؟ فقال: نشأت وحفظت القرآن وطلبت الحديث وتاجرت، فوافاني تاجر فقال: أنت دَعْلَجُ؟ قلت: نعم، قال: قد رغبت في تسليم مالي إليك مُضارَبَةً، وسلَّم إليّ بارنامجات ألف ألف درهم، وقال لي: ابسط يدك فيه ولا تعلم موضِعًا تنفقه إلا حملت منه إليه، ولم يزل يتردّد إليّ سنة بعد سنة يحمل إليّ مثل هذا، والمال ينمَّى، فلمَّا كان في آخر سنة اجتمعنا، قال لي: أنا كثير الأسفار في البحر، فإنْ قضى الله علْيَ قضاءً فهذا المال كلّه لك، على أنْ تتصدّق منه وتبني المساجد. قال دَعْلَجُ: فأنا أفعل مثل هذا، وقد ثَمَّر الله المال في يدي، فاكْتُم عليّ ما عِشْتَ. رواها الخطيب عن أبي منصور محمد بن محمد العسكري، حدّثني أحمد بن الحسين فذكرها. - سَلْم بن الفضل أبو قتيبة1، قد تقدّم. وقيل: توفّي فيها. حرف العين: 14- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن مسعود2: أبو بكر الأصبهاني المقرئ المطّرز3, سمع: عليّ بن جبلة، ومحمد بن العباس الأخرم، وإبراهيم بن ناملة. روي عنه: أبو بكر الذكواني، وغيره، وبالإجازة أبو نعيم.

_ 1 تقدمت ترجمته. 2 انظر تاريخ بغداد "8/ 390-392". 3 في عداد المستورين.

15- عبد الله بن أحمد بن الحسين1 بن رجا أبو القاسم الخرقي، بغداديّ مستقيم الحديث. روى عن: عبد الله بن رَوْح المدايني، وتمتام، ومحمد بن يونس الكديمي. وعنه: علي بن أحمد الرّزاز، تُوُفِّي في رجب. 16- عبد الله بن جعفر بن محمد2 بن الورْد بن زَنْجُوَيْه، أبو محمد البغدادي ثم المصري. سمع السيرة من عَبْد الرحيم بْن عَبْد الله بْن البَرْقي، وسمع: يحيى بن أيّوب العلاق، وأبا يزيد القراطيسي، وابن رشدين، وغيرهم. وعنه: ابن منده، وعبد الغني بن سعيد، وإبراهيم بن علي الغازي، وأبو محمد بن أبي زيد المالكي، وأبو محمد بن النحّاس، وابن نظيف، وجماعة. وكان من الصالحين المُسْندِين. تُوُفّي في رمضان، وهو في تاريخ ابن النجار أخصَر من هذا. 17- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ3 بن أبي دليم، أبو محمد القُرْطبي من أولاد شيوخ الأندلس. يروي عن: أسلم، وابن أبي تمام، وغيرهما. وولي قضاء بجانة4 وألبيرة5، وولي الشرطة بقرطبة، وصنّف كتاب "طبقات الرواة" عن مالك، وتُوُفّي فجأة بقصر الزهراء. وكان نبيلًا في الحديث، ضابطًا محقّقًا. 18- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن شاذان6 البغدادي أبو الحسين البزّاز.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "9/ 389". 2 انظر العبر "2/ 292"، والوافي بالوفيات "17/ 106". 3 انظر تاريخ الأندلس "1/ 231، 232". 4 مدينة في الأندلس. 5 مدينة متصلة بأراضي كورة قبرة بين القبلة والشرق من قرطبة. 6 انظر تاريخ بغداد "10/ 128"، والمنتظم "7/ 14".

سمع أحمد بن عبد الله النُرسي، والكديمي، والحارث بن أبي أسامة وجماعة. وعنه: الدارقطني، وأبو حفص الكّتاني، وابن رزقويه، ومحمد بن الحنّائي، ووثّقه الخطيب. 19- عَبْد الله بْن محمد بْن أحمد أبو القاسم الدمياطي1. تُوُفّي في ذي الحجة. 20- عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق أبو الحسين2 الأموي، مولاهم البغدادي الحافظ. سمع الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وإبراهيم الحربي، وإسحاق بن الحسن الحربي، ومحمد بن مَسْلَمَة الواسطي، وإسماعيل بن الفضل البلّخي، وخلقًا سواهم. وعنه: الدارقُطْني، وابن رزقوَيْه، وابن الفضل القطّان، وأحمد بن علي البادا، وأبو عليّ بْن شاذان، وعبد المُلْك بْن بِشْران، وغيرهم. صنّف "مُعْجَم الصّحابة" ووقع لنا بعُلوّ. قال البرقاني: أمّا البغداديون فيُوَثَّقُونه، وهو عندي ضعيف. قال الدارقُطْني: كان يحفظ، ولكنّه كان يخطئ ويصرّ على الخطأ. وقال الخطيب: حدّثني الأزهري عن أبي الحسن بن الفرات قال: كان ابن قانع قد حدث به اختلاط قبل أن يموت بنحوٍ من سنتين، فتركنا السماع منه، وسمع منه قوم في اختلاطه. قال الخطيب: وُلد سنة خمس وستين ومائتين، وتوفي شوّال سنة إحدى. 21- عبد الرحمن بن إدريس بن الربيع بن فروة، أبو القاسم المؤدّب3، مصري.

_ 1 لم يذكر في كتب السير والتراجم. 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 88"، والمنتظم "7/ 14"، وميزان الاعتدال "2/ 532"، وسير أعلام النبلاء "15/ 526". 3 يراجع "طبقات المصريين".

22- عبد العزيز بن محمد بن سهل1 البغدادي اللؤلؤي بن قماشُوَيه. روى عن: إسحاق الدَّبري، عن عبد الرزّاق كتاب الحدود والرِّضاع. وعنه: أبو عليّ بن شاذان. قال الخطيب: لم أسمع فيه إلّا خيرًا، يُكَنَّى أبا الطيّب. قال لي ابن شاذان: توفِّي في نصف شعبان سنة إحدى وخمسين. 23- عبد العزيز بن إبراهيم بن بيان2، الرئيس أبو الحسين بن النُّعمان الكاتب البغدادي. قال الخطيب: كان أحد الكُتّاب الحُذّاق، مأمون الدواوين، وله تواليف في الهزْل، مات في رمضان. 24- علي ابن الإمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي3 المصري أبو الحسن. حدّث عن النّسائيّ وغيره. 25- علي بن جعْفَر بن أَحْمَد بن عَلِيّ أَبُو الحسن الفريابي4: توفِّي في شعبان، وكان يعرف بابن ممَّك. روى بمصر عن: أبي مسلم الكجّي، ومحمد بن جعفر القَتَّات، والفريابي. روى عنه محمد بن نظيف، وغيره. ووثُقه الخطيب. 26- على بن رُكَيْن، أبو الحسن المصري5. سمع أحمد بن حمّاد، وغيره.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 456". 2 انظر تاريخ بغداد "10/ 456". 3 هو ابن الإمام الطحاوي صاحب "المشكل" و "شرح المعاني"، في عداد المستورين. 4 انظر تاريخ بغداد "11/ 370". 5 في عداد المجهولين.

22- عَليّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ1 بْنِ حبيب، أبو أحمد الحسني المَرْوَزِي. سمع: سعيد بن مسعود، وعمار بن عبد الْجَبّار، ومحمد بن الفضل البخاري، وعبد العزيز بن حاتم، وسهل بن المتوكّل، وجماعة. وحدّث ببخارى وبمرو، وفيه لِين، ولمّا حدّث عن سهل بن المتوكَل أنكروا عليه وقالوا: كيف لقيته وما علامته؟ قال: كان إذا وضع كفّه على وجهه غطّاه من عرض يده، فصدّقوه. روى عنه: أبو عبد الله بن منده، والحاكم، ومحمد بن أحمد غُنْجار، ومنصور بن عبد الله الذُّهْلي، وغيرهم. وتوفِّي بَمرْو في رجب من السنة. قال الخليليّ: سألت الحاكم عنه فقال: هو أشهر في اللَّين من أن تسألني عنه. قلت: هو أَسَدُّ من كان بمَرْو في زمانه. وقال الحاكم: كان يكذب مثل السكر؛ والحسنوي أحسن حالًا منه. حرف الميم: 28- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى، أبو حبيب2 النيسابوري المَصَاحفيّ النّاسخ، جاور بالجامع خمسين سنة. وحدّث عن: سهل بن عمّار، وزكريّا بن داود الخفّاف. عنه: الحاكم، وقال: عاش ثلاثًا وتسعين سنة. 29- محمد بن الحسن بن محمد3 بن زياد بن هارون الموصلي ثم البغدادي، أبو بكر النّقاش المقرئ المفسّر.

_ 1 انظر العبر "2/ 292". 1 انظر الأنساب "3/ 176، 11/ 337". 3 انظر المنتظم "7/ 14"، وتاريخ بغداد "2/ 201"، والكامل في التاريخ "8/ 545"، وسير أعلام النبلاء "15/ 573-576".

كان إمام أهل العراق في القراءات والتفسير. روى عن: إسحاق بن سُنَين الختلي، وأبي مسلم الكجّي، ومطّين، وإبراهيم بن زهير الحلواني، ومحمد بن عبد الرحمن النسائي، والحسن بن سفيان، والحسين بن إدريس الهروي، ومحمد بن علي الصائغ. وقرأ القرآن على: الحسن بن العباس بن أبي مهران، وعلى الحسن بن الحُباب ببغداد، وعلى أحمد بن أنس بن مالك، وهارون بن موسى الأخفش بدمشق، وعلى ابن أبي ربيعة محمد بن إسحاق بن أعين، وعلي ابن أبي محمد الخيّاط، وعلي بن أحمد البزّار، وجماعة سواهم. وذكر أنّ قراءته كانت على ابن أبي مهران في سنة خمس وثمانين. قرأ عليه: أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران، وعبد العزيز بن جعفر الفارسي، وأبو الحسن الحمّامي، والقاضي أحمد بن محمد بن عبدون الشافعي، وإبراهيم ابن أحمد الطبري، وعلي بن محمد العلاف المقرئ، وأبو الفرج عبد الملك النّهرواني، وأبو الفرج الشّنبوذي، وعلى جعفر السعيدي، والحسن بن محمد الفحّام، وأبو القاسم علي بن محمد الزيدي الحرّاني الشريف، وهو آخر مَن قرأ فِي الدنيا عَليْهِ، والحسن بن علي بن بشّار النيسابوري، وطائفة سواهم. وروى عنه: أبو بكر بن مجاهد، أحد شيوخه، وجعفر الخلدي وهو من أقرانه، والدارقُطْني، وأبو حفص بن شاهين، وأبو أحمد عبد الله بن أبي مسلم الفرضي، وأبو علي بن شاذان، وأبو القاسم الحُرفي، وآخرون. وصنّف التفسير وسمّاه "شفاء الصدور"، وصنّف في القراءات، وأكثر التطواف من مصر إلى ما وراء النهر في لقاءالمشايخ، وله كتاب "الإشارة في غريب القرآن"، و"الموضّح في القرآن ومعانيه"، و"صدأ العقل"، و"المناسك"، و"أخبار القصّاص"، و"ذمّ الحسد"، و"دلائل النبوّة"، و"المعجم الأوسط"، و"المعجم الأصغر"، و"كتاب معجم الأكبر في أسماء القرّاء وقراءاتها"، وكتاب "القراءات بعللها"، وكتاب "السبعة الأوسط"، وآخر لطيف، وغير ذلك. وذكر ابن أبي الفوارس أنّ مولده سنة ستّ وستّين ومائتين. قلت: الذي وضُح لي أنّ هذا الرجل مع جلالته ونُبله متروك ليس بثقة، وأجود ما قيل فيه قول أبي عمرو الدّاني، قال: والنقّاش مقبول الشهادة، على أنّه قد قال ابن

فارس بن أحمد: سمعت عبد الله بن الحسين، سمعت ابن شنبوذ يقول: خرجت من دمشق إلى بغداد وقد فرغت من القراءة على هارون الأخفش، فإذا بقافلة مقبلة فيها أبو بكر النقّاش وبيده رغيف، فقال لي: ما فعل الأخفش؟ قلت: توفِّي. ثم انصرف النقّاش وقال: قرأت على الأخفش. وقال طلحة بْن محمد بْن جعفر: كَانَ النقّاش يكذب في الحديث، قال: والغالب عليه القَصَص. وقال البرقاني: كلّ حديث النقّاش مُنْكَر. وقال هبة الله اللالكائي الحافظ: تفسير النقّاش لشفاء الصدور ليس بشفاء الصدور. وقال الخطيب: في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة. قلت: وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ أَنَّ أَبَا غَالِبِ ابْنِ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو حَدَّثَهُ، قَالَ: ثنا جَدِّي، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ دُعَاءَ حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ"1. قال الدارقطني: قلت للنقّاش: هذا حديث موضوع، فرجع عنه. قال الخطيب: قد رواه أبو علي الكوكبي عن أبي غالب. وقال الدارقطني في كتاب "المصحّفين" له: إنّ النقّاش قال مرّة: كسرى "أبو" شروان، جعلها كنية، وقال: كان يدعو فيقول: لا رجعت يدٌ قصَدَتْكَ "صفراءَ" من إعطائك -بفتحٍ وبمدّ، وصوابه صفرًا. وقال الخطيب: سمعت أبا الحسين بن الفضل القطّان يقول: حضرتُ أبا بكر النقّاش وهو يجود بنفسه في ثالث شوّال سنة إحدى وخمسين، فجعل يحرّك شفتيه، ثم نادى بأعلى صوته: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} يردّدها ثلاثًا، ثمّ خرجت نفسُه2. قلت: قد اعتمد صاحب "التيسير" على رواياته.

_ 1 حديث منكر: وانظر كشف الخفاء "1/ 486" 2 انظر تاريخ بغداد "2/ 205".

30- محمد بن سعيد أبو بكر الحربي الزاهد1، بغدادي، وثّقه الخطيب. روى عن: إبراهيم بن نصر المنصوري، وغيره. وعنه: ابن رزقوَيْه. 31- محمد بن الشبل بن بكر القيسي2 أبو بكر الأندلسي. سمع بقرطبة من يوسف بن يحيى المقامي، ورحل سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فسمع بالقيروان من يحيى بن عمر، ويحيى بن عَوْن، وعمر بن يوسف. وسمع بسوسه3 من آدم بن مالك وطائفة، وطال عمره. ورحلوا للسماع منه. ومات سنة ثلاث وخمسين. 32- محمد بن علي بن الحسين، أبو حرب المَرْوَزِيّ الفقيه4. - محمد بن علي بن دُحَيْم، أبو جعفر الشيباني الكوفي5. سمع: إبراهيم بن عبد الله العبسي القصّار، وإبراهيم بن أبي العنبس القاضي، وأحمد بن حازم ابن أبي غَرْزَةَ، وجماعة. وعنه: الحاكم، وأبو بكر أحمد بن الحسين الحيري، وأبو بكر أحمد بن موسى بن مَرْدويه، وجناح بن نذير المحاربي، ومحمد بن علي بن خشيش التميمي الكوفي، وأبو منصور المظفَّر بن محمد العلوي، وزيد بن أبي هاشم العلوي، وغيرهم. حديثه في "الثقفيّات" وغيرها، وكان ثقة صدوقًا، حدّث في هذه السنة، وما أدري هل تُوُفّي فيها أو بعدها. 33- محمد بن القاسم بن محمد بن سِياه6، أبو بكر العسّال الأصبهاني. يروي عن: عبد الله بن محمد بن النعمان، وعبيد بن الحسن الغزال.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 310"، والمنتظم "7/ 15"، والبداية والنهاية "11/ 243". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 65". 3 مدينة صغيرة بنواحي إفريقية. 4 في عداد المجهولين. 5 سير أعلام النبلاء "16/ 36، 37"، والنجوم الزاهرة "3/ 334". 6 في عداد المستورين.

وعنه: أبو بكر بن أبي على المعدل، وأبو نعيم الحافظ. 340- محمد بن راهب، أبو بكر الكشي1. يروي عن حامد بن شادي الْكشّي، والربيع بن حسّان، ومُطَيّن، وأبي عمر القتّات. 35- محمد بن مؤمن، أبو بكر الكِنْدي المصري النَّحْوي2 المحدّث. كان فاضلًا صالحًا، عاش قريبًا من ثمانين سنة. 36- ميمون بن إسحاق، أبو محمد البغدادي3 الصوّاف، مولى محمد بن الحنفية. سمع: أحمد بن عبد الجبار العُطارِدِيّ، والحسن بن السَمْح، وأحمد ابن هارون البرديجي. روي عنه: ابن رزقويه، والحمّامي، وابن الفضل القطان، وأبو علي بن شاذان. قال الخطيب: كان صدوقًا، مولده سنة ستين ومائتين. حرف الهاء: 37- هَمّام بن أحمد بن محمد بن مسلم، أبو عمر4 القاضي. يروي عن: أبيه، وعن إبراهيم بن محمد بن متُّوَيْه، وإسحاق بن جميل. وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر بن أبي عليّ المعدل. حرف الياء: 38- يحيى بن منصور بن يحيى5 بن عبد الملك القاضي، أبو محمد النيسابوري.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر السابق. 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "13/ 211". 4 انظر أخبار أصبهان "2/ 341". 5 انظر العبر "2/ 293".

وُلِّيَ قضاء نيسابور بضع عشرة سنة، ثم عُزل بأبي أحمد الحنيفي سنة تسع وثلاثين، وحُمدت ولايته، وكان محدّث نَيْسابور في وقته. روى عن: محمد بن عمرو قشمرد، وأحمد بن سلمة، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وأبي مسلم الكجّي، وطبقتهم. وكان يحضر مجلسه أبو عبد الله بْن الأخرم، وأبو علي الحافظ. روى عنه: الحاكم، ويحيى بن إبراهيم المزكّي، والزاهد أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الحركوشي، وسِبْطُه عنبر بن الطّيّب بن محمد العنبري، وآخرون. وفيَّات سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة: حرف الألف: 39- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله1 بن راشد، أبو جعفر المَدِيني الأصبهاني الزاهد: سمع: علي بن سعيد العَسْكَري، وأحمد بن الحسن بن عبد الملك. ويُذكَر عنه أنّه كان مُجاب الدعوة. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم الحافظ. توفي في شهر ربيع الأول. 40- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد2 بْن سَلَمة، أبو العباس البغدادي نزيل مكة. حدّث عن البرقي ... 41- أحمد بن عبيد بن أحمد، أبو بكر الحمصي3 الصّفّار. توفِّي فيها في حمص، وذكرناه في الطبقة الماضية. روى عنه: عبد الغني المصري، وابن منده، وعدّة.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "1/ 160". 2 انظر تاريخ بغداد "4/ 255". 3 تقدم ذكره.

42- أحمد بن محمد بن السِّريّ1 بن يحيى بن السّريّ، هو الحافظ أبو بكر بن أبي دارم الكوفي. تُوُفّي بالكوفة في أوّلها، وكان رافضيًّا، يروي في ثَلْب2 الصحابة المناكير، واتُّهِم بالوضْع. حدّث عن موسى بن هارون الحمّال، وقد مرّ في العام الماضي. 43- أحمد بن محمد بن سهلويه، أبو الحسن المزكّي النيسابوري3 سِبْط أبي يحيى البزّاز. سمع: محمد بن إبراهيم البوسنجي، والكجّي، وطبقتهما. روى عنه جدّه في تصنيفه، وقرأه على النّاس، وروى عنه الحاكم. قَالَ الْحَاكِمُ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ الْكَرَابِيسِيُّ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْبَزَّازِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ محمد اللَّبَّادِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي كِنَانَةَ، عَنِ ابْنِ عَمَّتِهِ مَرْفُوعًا: "إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ" 4 الحديث. 44- أحمد بن محمود بن أحمد بن خليد5، أبو الحسين الشمعي، بغداديّ معروف صَدُوق. سمع: الكديمي، وبِشْر بن موسى، وجماعة. وعنه: أبو محمد النّحّاس، وأبو عبد الله بن نظيف. 45- أحمد بن مُطْرَف بن عبد الرحمن6 بن قاسم بن علقمة الأزدي. توفِّي أبوه سنة أربع وعشرين.

_ 1 انظر شذرات الذهب "3/ 11"، ولسان الميزان "1/ 268". 2 ثلب فلانًا: أي عابه وتنقصه. 3 لا بأس به، في عداد المستورين. 4 انظر السابق. 5 انظر تاريخ بغداد "5/ 157". 6 انظر تاريخ علماء الأندلس "44"، وبغية الملتمس "207".

روى أحمد عن: عبيد الله بن يحيى اللَّيْثي، وابن لُبَابة، والأَعْناقي. وولي الصلاة بقرطبة، وكان ذا وسواس في الطهارة، وكان من فقهاء المالكية الأعيان، ويُعرف بأبي عمر بن المشّاط، وكان مُعْتنيًا بالسُّنن زاهدًا ورِعًا. حدّث عنه: أحمد بن الْجَسُور، ومحمد بن إبراهيم، وسمع الناس منه كثيرًا. وتُوُفّي في ذي القعدة -رحمه الله. 46- أحمد بن نصر الله بن محمد1 بن أشكاب، أبو نصر البخاري الزّعفراني، قدم بغداد وانتخب عليه الدارقُطْني، قال الخطيب: يروي عنه ابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان، وحدّث في هذه السنة ببغداد. 47- إسحاق بن إبراهيم التُّجْيبي2 مولاهم الطُّلَيْطِلي، أبو إبراهيم المالكي، العلَّامة مصنّف كتاب "النصائح". كان فاضلًا ورِعًا مشاوَرًا في الأحكام، يُقرئ الفقه بحانوته بسوق الكتّاب بقُرْطُبَة. وحدّث عن: أحمد بن خالد، ومحمد بن عمر بن لُبابة. 48- إسماعيل بن علي بن علي3 بن رَزين، أبو القاسم الخزاعيّ ابن أخي دعبل الشاعر. قيل: إنّه وُلِدَ سنة تسع وخمسين ومائتين. وحدّث عن: عبّاس الدُّوري، ومحمد بن يونس الكديمي، ومحمد بن غالب تمتام، وإسحاق بن إبراهيم الديري. وعنه: أبو سليمان محمد بن عبد اللَّه بن زَبْر، والدارَقطْني، وأبو الحسين ابن جُمَيْع، وهلال الحفّار. قال الخطيب: كان غير ثقة، وتوفّي بواسط، حديثه في الثقفيّات. قال الخطيب: روى عن أبيه، عن أخيه دعبل أحاديث مسندة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 183". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "72"، وبغية الملتمس "235". 3 تاريخ بغداد "6/ 306"، والوافي بالوفيات "9/ 156".

حرف الجيم: 49- جعفر بن ورقاء بن محمد بن ورقاء، أبو محمد الشيباني الأمير1. من كبار عرب الشام، وكان فارسًا شجاعًا عارفًا باللغة، وكان خِصّيصًا بسيف الدولة، عاش ستًّا وثمانين سنة، وأخوه عبد الله شاعر مجوّد. حرف الحاء: 50- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ2 بْنِ هارون الوزير، أبو محمد الْمُهَلَّبِي الأزْدي، من ولد قبيصة بن المهلَّب بن أبي صُفْرة. وزر لِمُعِزّ الدولة بن بُوَيْه، وكان كبير القدْر عالي الهمّة كامل الرئاسة والعقل، مُحبّا للفُضَلاء مُقْبِلًا عليهم. كان في أوائل شأنه قد أصابته فاقة، حتى سافر واشتهى اللحم، فلم يقدر عليه فقال: ألا مَوْتٌ يُباعُ فأشتريه ... فهذا العيشُ ما لا خير فيه ألا موت لذيذ الطَّعْمِ هاني ... يخلّصُني من العيش الكريه إذا أَبْصَرتُ قبرًا من بعيدِ ... ودِدْتُ لوَ أنَّني قد صرت فيهِ ألا رَحِم الْمُهَيْمِنُ نفْسَ حرّ ... تصدّق بالوفاة على أخيه فلمَّا سمعه اشترى له لحمًا بدرهم وطَبَخَه وأطعمه، ثمّ تقلَّبت الأحوال ووُزَّر المُهَلَّبِي، وضاقت الحال بذاك الرجل فقصد المهلَّبي وكتب إليه: ألا قُلْ للوزير فَدَتْه نفْسي ... مَقَالَةَ مُذْكِرٍ ما قد نَسيهِ أَتَذْكُر إذ تقول لضَنْكِ عَيْشٍ ... ألا موتٌ يُباع فأشتريه فلما وقف عليها أمر له في الحال بسبعمائة درهم، ووقّع في ورقته: {مَثَلِ الَّذِين

_ 1 أحد أمراء الشام، يراجع "تاريخ دمشق" لابن عساكر. 2 انظر المنتظم "7/ 9"، والفهرست "200"، والكامل في التاريخ "8/ 546"، ودول الإسلام "1/ 219".

يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ} [البقرة: 261] ، ثم دعا به فخلع عليه وولاه عملًا يرتفق به. وللوزير المُهَلَّبي أخبار وشعر رائق. وتُوُفّي في طريق واسط، وحُمل إلى بغداد، ومن شِعْره: قال لي مَنْ أحبّ والبين قد جـ ... دّ وفي مِهجتي لهيبُ الحريق ما الذي في الطريق تَصْنَعُ بَعْدي؟ ... قلت: أبكي عَلَيك طُولَ الطَّرِيقِ تُوُفّي المهلَّبي لثالثِ من شعبان عن نَيَّف وستّين سنة. ولابن الحجّاج من أبيات يرثيه: مات الذي أَمْسَى الثَّناءُ وراءه ... والْعَفْوُ عفو الله بين يديه هدم الزمان بموته الحصنَ ... الذي كُنّا نفرّ من الزَّمان إليهِ وللوزير المهلَّبي: أراني الله وجهَكَ كلَّ يوم ... صباحًا للتيمّن والسّرور وأمتع ناظريَّ بصفْحَتَيْهِ ... لأَقرا الْحُسْنَ من تلك السُّطُور ولابن عبد الله بن الحجّاج يرثي الوزير المهلَّبي: يا مَعْشَرَ الشعراءِ دَعْوَةَ مُوجَعٍ ... لا يُرْتَجَى فرَجُ السُّلُوِّ لَدَيْهِ عَزُّوا الْقَوافِيَ بالوزيرِ فإِنّها ... تبكي دَمًا بَعْدَ الدُّمُوعِ عليهِ مات الذي أمسى الثناء وراءه ... والعفو عفو الله بين يديه هدم الزمان بموته الحصن الذي ... كنا نفرّ من الزَّمان إليهِ فَلْيَعْلَمَنَّ بَنُو بُوَيْه أَنَّه ... فُجعتْ به أَيّام آلِ بُوَيْهِ 51- الحسن بن محمد بن رمضان بن شاكر، أبو علي الحِمْيَرِي1. أظُنُّه مَصْريًّا، تُوُفّي في ربيع الأول.

_ 1 في عداد المجهولين.

52- حمدون بن محمد بن حمدون بن هشام، أبو الحسن السِجستاني1. توفِّي في صفر، من شيوخ الحاكم. حرف الخاء: 530- خالد بن سعد، أبو القاسم الأندلسي2. سمع: محمد بن فُطَيْس، وسليمان بن قريشِ، وسعيد بن عثمان الأعناقي، وطاهر بن عبد العزيز، وخَلْقًا سواهم. وله كتاب في رجال الأندلس، وكان إمامًا في الحديث حافظًا بصيرًا بالعِلل، مُتَقدَّمًا على أهل زمانه بقرطبة، وكان أحد الأذكياء. قيل: أنّه حفظ من سمعةٍ واحدةٍ عشرين حديثًا. وبَلَغَنَا أنّ المُستَنْصِر بالله كان يقول: إذا فاخَرَنا أهلُ المشرق بيحيى بن مَعِين فاخَرْناهم بخالد بن سعد. وقيل: كان خالد بذيء اللسان ينال من أَعْراض النّاس. حرف العين: 54- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إبراهيم، أبو العباس اليونسي3 المعروف بالأبياني التميمي. تفقّه على: يحيى بن عمر، والمغامي يوسف، وأحمد بن أبي سليمان. وعنه: أبو محمد بن أبي زيد، وأبو محمد عبد الله الأصيلي. وكان فقيه إفريقية، وكان يميل إلى مذهب الشافعي وهو بمذهب مالك أقصد. 55- عبد الله بن محمد بن مُغيث4، أبو محمد الأنصاري القرطبي الصفّار، والد قاضي الجماعة أبي الوليد يونس.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "13"، والعبر "2/ 295"، وشذرات الذهب "3/ 11". 3 لا بأس به، في عداد المستورين. 4 انظر بغية الملتمس "332"، والوافي بالوفيات "17/ 484".

روى عن: خَالِد بْن سعْد، وأحمد بْن سَعِيد بْن حزم، وإسماعيل بن بدر، وجماعة. وكان أديبًا شاعرًا بارعًا بليغا كاتبًا مع العبادة والتواضع والفضْل، وزُهدٍ في الدنيا في آخر عمره، وتوفي في شوّال وله ثمان وستّون سنة. قال يونس بن عبد الله بن مغيث: سمعت أبي يقول: أوْثَقُ عملي في نفسي سلامةُ صَدْري أنّي آوي إلى فراشي ولا يأوي صدري غائلة لمسلم. وقد صنّف للحكم المستنصر كتاب "شعراء بني أُمَيّة" فأجاد، وجاء في مجلّد. ومن شعره: أتوا حسبة أن قيل جدّ نُحُولُهُ ... فلم يبق من لحم عليه ولا عظْم فعادوا قميصًا في فراش فلم يروا ... ولا لمسوا شيئًا يدلّ على جسْم طواه الهوى في ثوب سَقْم من الضّنى ... فليس بمحسوس بعين ولا وَهْم 56- عبيد الله بن يحيى بن إدريس القرطبي1. سمع عبيد الله بن يحيى الليثي، وسعيد بن عثمان الأعناقي، وأسلم بن عبد العزيز. وكان متقدّمًا في ضروب العلم، وكان شاعرًا مُحسِنًا بارعًا مع معرفته الآثار والسُّنَن، وكان متواضعًا نبيلًا، وُلِّيَ الوزارة فما زاده ذلك إلا فضْلًا، وكان يؤذّن في مسجده وهو وزير. وكان ثِقَةَ، أخذ الناس عنه كثيرًا، وتوفي في ذي القعدة. تَرجَمَه ابن الفَرَضي. كنيته: أبو عثمان. 57- عبد الرحمن بْن الحَسَن بْن أَحْمَد2 بْن مُحَمَّد بْن عبيد الأسدي، أبو القاسم الهمداني. روى عن: إبراهيم بن ديزيل، ويحيى بن عبد الله الكرابيسي، ومحمد بن

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "251"، وبغية الملتمس "355". 2 انظر تاريخ بغداد "10/ 292-294".

الضّرير، وعلى بن الحسين بن الْجُنَيْد، وتكلّموا في سماعه من ابن ديزيل. وعنه: ابن منده، والحاكم، وأحمد بن موسى بن مردَوَيْه، وأبو بكر بن لال، ومحمد بن أحمد بن الحسين المحاملي، وأبو الحسن علي بن أحمد الحمّامي، وأبو علي بن شاذان، وعبد الرحمن بن محمد بن شبانة الهمداني، وأخرون سنة سبعين ومائتين. رماه بالكذب القاسمي بن أبي صالح، وقال صالح بن أحمد الهمداني: ضعيف، ادّعى الرواية عن إبراهيم بن الحسين فذهب عليه. 58- عبيد الله بن آدم بن عبيد الله بن خالد، أبو محمد الدمياطي1. يروي عن بكر بن سهل الدمياطي وغيره. 59- علي بن أحمد بن أبي قيس، أبو الحسن البغدادي الرّفَاء2 المعرّي. حدّث عن ابن أبي الدنيا، وقيل: كان زوج أمّه. روى عنه: أبو الحسن علي بن أحمد الحمّامي. وكان يفسّر المنامات ويقرئ القرآن في داره. قال ابن أبي الفوارس: كان ضعيفًا جدًّا. توفِّي في جُمادى الآخرة. 60- على بن إسحاق بن خَلَف، أبو القاسم3 البغدادي المعروف بالزّاهي. مُجِيد، مدح سيف الدولة بن حمدان والوزير المهلَّبي، وكان قطّانًا لم يتكهّل. شاعر وهو القائل: صُدُودك في الهوى هَتَك استتاري ... وعاونه البكاء على اشتهاري ولم أخلع عِذاري فيك إلّا ... لما عاينت من حُسن العذارِ وكم أبصرتُ من حُسْنٍ ولكنْ ... عليك لشقوتي وقع اختياري

_ 1 يُرَاجع "تاريخ علماء الأندلس". 2 شذرات الذهب "3/ 11". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 350"، والمنتظم "6/ 59"، وسير أعلام النبلاء "16/ 111"، والبداية والنهاية "11/ 272".

وله: سفرْن بُدُورًا وانْتَقَبْن أَهِلَّةً ... ومِسْنَ غُصُونًا والتَفَتْنَ جَاذِرا وأَطْلَعْن في الأجياد بالدرّ أنْجُمًا ... جُعلْن لحبّات الثغور ضَرَائرا 61- علي بْن الْحُسَيْن بْن علي، أَبُو الْحَسَن العبسي المصري1 الفرّاء، صاحب التاريخ. كذا ذكره أبو القاسم بن منده. 62- عليّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو القاسم الحلاب2. يروي عن بكر بن سهل الدمياطي. توفِّي في رجب. 63- عَليّ بن هَارُون بن عَليّ3 بن يَحْيَى بن أبي منصور بن المنجّم، أبو الحسن البغدادي: وُلد سنة وسبعين ومائتين بعد وفاة جدّه بسنة. وروى عن: بِشْر بن موسى، ومحمد بن العبّاس البريدي، وجماعة. وعنه: ابنه أحمد، والحسن بن يحيى النوبختي، والمرزباني. وكان أديبًا إخباريًا شاعرًا مُحٍسنًا، فمن شعره: بيني وبين الدهر فيك عتابُ ... هل يُرتَجَى من غَيْبَتَيكَ إيابُ لولا التَّعَلُّل بالرجاء تقطّعت ... نفسٌ عليك شِعارُها الأَوْصابُ لا يأس من فرجِ الإله فربَّما ... يصلُ القَطوعُ ويقدِم الغيابُ ومن شعره: كيف نال العثارُ من لم يزل من ... هـ مُقيلًا في كل خَطْب جسيمْ أو ترقّى الأذى إلى قدمٍ لم ... يَخْطُ إلّا إلى مقام كريم

_ 1 في عداد المجهولين. 2 يراجع "تاريخ بغداد". 3 انظر تاريخ بغداد "12/ 19"، والفهرست "144"، والوافي بالوفيات "22/ 276-278".

قال الخطيب: توفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. 64- على بن يعقوب بن إسحاق المؤذّن1. سمع: محمد بن العباس الأخرم، وأحمد بن علي بن الجارود، والحسن بن هارون بن سليمان. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم. توفّي في شهر رمضان. حرف الميم: 65- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إسحاق2 بن إبراهيم النيسابوري، أبو عمرو النَّحْوي المعروف بأبي عمرو، والصغير رفيق أبي علي النيسابوري في الرحلة. سمع: عبد الله بن شذونة، وأبا القاسم البغوي، وابن جوصا، وأبا عروفة الحرّاني، وابن قتيبة العسقلاني، وطبقتهم. وعنه: الحاكم، وقال: كان كبيرًا في العلوم. 66- محمد بن أحمد بن قاسم3 بن هلال، أبو عبد الله القيسي القُرْطُبِي. سمع من عبيد الله بن يحيى، وسعيد بن عثمان الأعناقي، وجماعة. وكان مُفْتِيًا أكثر النّاسُ عنه. 67- محمد بن إسحاق بن مهران شاموخ4 المقرئ. روى عن: أحمد البراثي، والحسن بن الحُباب. روى عنه: يوسف القوّاس، وأبو الحسن بن رزقويه. قال الخطيب: كثير المناكير.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "2/ 17". 2 انظر تاريخ بغداد "1/ 277"، والوافي بالوفيات "2/ 31". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 66". 4 انظر تاريخ بغداد "1/ 258"، والمنتظم "7/ 18".

68- محمد بْن أحمد بْن موسى1 بْن هارون الصَّلْت الأهوازي أبو الطيّب. سكن بغداد، وحَدّث عن أبي خليفة، ومحمد بن جعفر القتّات، وإبراهيم بن شريك. وعنه: ابنه أحمد، وعبد الرحمن الحربي، ومن القدماء الدارقُطْني وغيره. قال الخطيب: كان صدوقًا. 69- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن حسين، أبو الحسين المُعاذي2 النيسابوري الأديب، شيخ عشيرته المعاذية. سمع: أبا عبد الله البوسنجي، وإبراهيم بن علي، وإبراهيم بن أبي طالب. وعنه: الحاكم وغيره، وقال: مات في رجب سنة ستين، وله ثلاث وثمانون سنة. 70- محمد بْن أحمد بْن الحُسَيْن، أبو طاهر النيسابوري3. سمع: أبا عبد الله البوسنجي، وطبقته. وعنه: الحاكم. توفِّي فِي ذِي القِعْدَة. 71- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن دحَيْم4 بن كيسان، أبو جعفر الصائغ الشيباني. من سنة إحدى، فيُحَوَّل. أرَّخه هنا ابن حمّاد الكوفي فقال: حدّث في سنة اثنتين وخمسين، قال: وكان شيخًا صالحًا صدوقًا قليل المعرفة بالحديث، كان سماعه في كتب أبيه، وكان أبوه قد شرط على جزء من مُسْنَد ابن أبي غَرَزَة، ما كان في هذا الكتاب عليه إجازة واحدة، فلم يسمعه منّي محمد وحسن وحسين، وما كان عليه خرجتان فقد سمعوه منّي، وما عليه ثلاث خرجات فقد سمعوه مرّتين، فلم يضبط هذا الشرط كثير من الناس، واحتجّ من أخذ عنه ما كان أبو ذرّ ابن المنذر قرأه عليه.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "1/ 358"، والمنتظم "7/ 18". 2 انظر الأنساب "11/ 380". 3 انظر الأنساب "11/ 379". 4 انظر العبر "2/ 293"، وسير أعلام النبلاء "16/ 36، 37".

72- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ1 بْنِ بشر، أبو عبد الله المُزَني المغفلي الهروي. سمع: أحمد بن نجدة، وعلي بن محمد الجكاني. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو علي بن شاذان، وأبو الحسن بن رزقويه. ووثقه الخطيب. وتوفِّي بنَيسابور. 73- محمد بن علي بن حسن، أبو بكر الشرابي2 الرّمّاني. سمع: محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ويوسف القاضي. وعنه: تمام الرّازي، وعبد الرحمن بن عمر بن النحّاس، وعقيل وحسين ابنا عبد الله بن عَبَدان. قال أبو الفتح بن مسرور: فيه لين. 74- مُحَمَّد بْن عمر بْن الْحَسَن بْن عُبَيْد3، أبو جعفر بن المسلمة: بغدادي، ثقة. سمع: محمد بن جرير الطَّبَري، وأبا عمر محمد بن يوسف القاضي. وعنه: ابنه أبو الفرج. 75- محمد بْن محمد بْن أحمد بْن مالك4 أبو بكر الإسكافي. سمع: موسى بن سهل الوشّاء، وجعفر بن محمد الصائغ، وأبا الأحوص العُكْبَرِي، والحارث بن أبي أسامة. وعنه: الدارقُطْني، وابن رزقويه، وأحمد بن عبد الله المحاملي، وأبو علي بن شاذان. قال الخطيب: سمعت البرقاني يثني عليه، وأمرنا أن نكتب حديثه.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 455". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 84". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 25". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 219".

وتوفي في ذي القعدة. قلت: له جزء معروف به. 76- محمد بن وسيم1، أبو بكر القيسي الطُّلَيْطِلي الضّرير. سمع بقرطبة من أحمد بن خالد، ومحمد بن أيمن، وقاسم بن أَصْبَغ. وكان بصيرًا بالحديث حافظًا للفقه، نحويًّا شاعرًا من الأذكياء. توفِّي في ذي القعدة. حرف النّون: 77- نَصْر بن جعفر بن علي2 بن حسن بن منصور بن خالد بن يزيد بن المهلَّب ابن أبي صُفْرة، الإمام أبو منصور المهلَّبي الأزدي السمرقندي، مفتي الحنفيّة وعالمهم بسمرقند. انتهى إليه معرفة المذهب ودقائقه، وروى عن: أحمد بن يحيى، وفارس بن محمد، وأحمد ابن عم الكلبيّين. أخذ عنه: الفقيه عبد الكريم بن محمد، وطائفة من الأنساب. علَّقه ابن ناصر المصري. حرف الواو: 78- الوليد بن عيسى بن حارث3، أبو العباس الأندلسي مولى بني أُمَيّة. كان بصيرًا بالشٍعْر والأدب في شرح ديوان أبي تمّام الطّائي وشِعْر مسلم بن الوليد، وكان بعيد الصَّيت في تعليم أبناء الملوك. تُوُفّي في شوّال.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 67". 2 انظر اللباب "3/ 276"، وسير أعلام النبلاء "16/ 198، 199". 3 انظر تاريخ الأندلس "2/ 162".

وفيات سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة: حرف الألف: 79- أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن يزيد بن بُنْدار التَّيْمي1، مولاهم الأصبهاني أبو جعفر. سمع: عِمْران بن عبد الرحيم، وسَهْل بن عبد الله الأصبهاني الزاهد، وإبراهيم بن فَهْد، وإبراهيم بن الحسين الحربي، وغيرهم. وعنه: علي بن عبدكويه، وأبو نُعَيم الحافظ، والحسن بن محمد بن خشوَيْه الكاتب، وجماعة. ويعرف بابن أَفْرَجه. 80- أحمد بن ثابت بن أحمد2 بن بقية الواسطي الكاتب. حدّث ببغدادِ فِي هذا العام عن: محمد بن مسلمة الواسطي، وأحمد بن أَبِي عوف البزوري، ومطيّن. وعنه: ابن رزقويه، وعبد الله بن يحيى السّكّري، وطلحة بن الصفراء. 81- أحمد بن قاج بن عبد الله3، أبو الحسين الورّاق. كان من أكثر الناس سماعًا ببغداد. سمع: إبراهيم بن هاشم، ومحمد بن جرير، ومحمد بن محمد بن الباغندي، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي. وعنه: الدارقُطْني، وابن رزقويه، وأبو طالب محمد بن محمد بن غيلان. وكان ثقة. توفِّي يوم عيد الفطر. ذكر الخطيب أنَّه ورث سبعمائة دينار، فاشترى بجميعها كاغدًا في صفقة، ومكث دهرًا يكتب فيه الحديث، رحمه الله.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "1/ 150". 2 انظر تاريخ بغداد "4/ 58". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "4/ 355".

82- أحمد بن أبي بكر محمد1 بن الزاهد الكبير أبي عثمان سعيد بن إسماعيل، أبو سعيد الحِيريّ النَّيْسابوري الشهيد الحافظ. سمع: أبا عمرو الخفّاف، وعبد الله بن سرفعة، والحسن بْن سُفْيَان، والهيثم بْن خَلَف الدُّوريّ، وحامد بن شعيب، والقاسم بن الفضل الرازي، وخلقًا سواهم. وصنّف "التفسير الكبير" و"الصحيح المخرَّج على صحيح مسلم" والأبواب، وغير ذلك، ولما خرج إلى بغداد خرج بعسكر كبير وأموال، واجتمع عليه ببغداد خلق كثير، واستشهد بَطرَسُوس، وله خمس وستون سنة. روى عنه الحاكم. 83- إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عُمارة2، أبو إسحاق بن حمزة الحافظ الأصبهاني. قال أبو نُعَيْم فيه: أوحد زمانه في الحفظ، لم ير عبد الله بن طاهر في الحفظ مثله، جمع الشيوخ والسند، وعوفي في سابع رمضان، وعمارة جدّهم هو ابن حمزة بن يسّار بن عبد الرحمن بن حفص، وحفص هو أخو أبي مسلم الخُرَاساني صاحب الدولة العباسية. سمع: أبا جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي مُطَيّنًا، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبا شعيب الحرّاني، وأبا خليفة، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وطائفة سواهم. وعنه: أبو عبد الله بن منده، وقال: لم أر أحفظ منه، وأبو الحسن علي بن عبدكويه، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نُعَيم أحمد بن عبد الله، وأبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، وأهل أصْبَهان. قال أبو جعفر بن أبي السّريّ: سمعت أبا العباس بن عُقْدَةَ يقول: قلَّ ما رأيت مثل إبراهيم بن محمد بن حمزة في الحفظة3.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 23"، وطبقات الشافعية "3/ 43"، وسير أعلام النبلاء "16/ 29". 2 انظر أخبار أصبهان "1/ 199"، والعبر "2/ 296"، والوافي بالوفيات "6/ 117"، وسير أعلام النبلاء "16/ 83-88". 3 الحفظة أي: أهل الحفظة والإتقان كالحفاظ.

وقال أبو عبد الله الحاكم: قد كان في عصرنا جماعة بَلَغَ المُسْنَدُ المصنّف على التراجم لكلّ واحدٍ منهم ألف جُزْءٍ، منهم: إبراهيم بن محمد بن حمزة الأصبهاني، وأبو علي الحسين بن محمد الماسرجي. قُلْتُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ كِتَابَةً، عَنْ مسعود بن أبي منصور، أنا أبو علي، أنا أبو نعيم، أنا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيُّ إِمْلاءً، أنا عُبَادَةُ بْنُ زِيَادٍ، أنا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورَ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْم الْقِيَامَةِ إِلا سَبَبِي وَنَسَبِي" 1. وَقَعَ لَنَا مِنْ عَالِي حَدِيثِهِ وَمِنْ عَالِي حَدِيثِ أَبِيهِ. حرف الباء: 84- بكّار بن أحمد بن بكّار2 بن بُنان، أبو عيسى المقرئ، بغدادي مشهور بالإقراء، أقرأ ستين سنة. قرأ على: عبد الله بن الصَّقر السُّكْري، وأبي علي الحسن بن الحسين الصوّاف صاحب أبي حمدون، وأحمد بن يعقوب بن أخي العرق، وأبي بكر بن مجاهد، وسمع الحديث من أحمد بن علي الأَبّار، وعبد الله بن أحمد بن حنبل. قرأ عليه: أبو حفض الكتّاني، والحسن بن محمد الفحّام، وأبو الحسن علي بن أحمد الحمّامي. وحدّث عنه: هو وابن أبي الفوارس، وأبو العلاء محمد بن الحسن الورّاق. قال الخطيب: ثقة، وُلد سنة خمس وسبعين ومائتين، وتُوُفّي في ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين. قال أبو عمرو الدّاني: ضابط3 مشهور ثقة. 85- بُكَيْر بن الحسين بن عبد الله بن مسلمة، أبو القاسم الرازي الدرهمي4.

_ 1 حديث حسن لغيره، وأخرجه أحمد "4/ 323"، وله شواهد عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 134"، والوافي بالوفيات "10/ 186"، والمنتظم "7/ 21". 3 وهي من الضبط وهو نوعان: ضبط صدور وضبط كتاب، انظر في كتب أصول الحديث مثل: الباعث الحثيث للحافظ ابن كثير. 4 في عداد المستورين، لا بأس به.

وُلد سنة أربع وستين ومائتين. سمع بمصر: بكّار بن قُتَيْبَة، وعبد الله بن أبي مريم، وغيرهما. وعنه: عبد الرحمن بن النحّاس. 86- بُنْدار بن الحسين الشّيرازي1، أبو الحسين الزاهد، نزيل أَرّجان2. له لسان مشهور في علم الحقائق، وكان الشِّبْلِيُّ يعظِّمه. روى عنه: عبد الواحد بن محمد الأصبهاني، وغيره. قال السُّلمي: كان بندار بن الحسين عالمًا بالأصول، ردّ على محمد بن خفيف في مسألة الإعانة وغيرها. قلت: وقد روى عن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي حديثًا واحدًا، وكان ذا أموال كثيرة فأنفقها وزَهِد. وقال محمد بن عبد الله الرازي: أنشدني بندار بن الحسين: نوائب الدهر أدَّبتني ... وإنّما يُوعَظُ الأديبُ قد ذُقْتُ حُلْوًا وذقت مرًّا ... كذاك عَيْشُ الفتَى ضُرُوبُ ما مرَّ بوسٌ ولا نعيم ... إلّا ولي فيهما نصيب قال السُّلمي: قال عبد الواحد بن محمد بن شعيب: "سمعت بندارًا يقول: دخلت على الشّبلي ومعي تجارة بأربعين ألف دينار، فنظر في المرآة فقال: المرآة تقول: إنّ ثمَّ سببًا، قلت: صدقت المرآة، فحملت إليه ستَّ بِدَرٍ، ثم لزِمْتُه حتى حملت جميع مالي إليه، فنظر مرّةً في المرآة وقال: المرآة تقول: ليس ثمّ سبب، فقلت: صدقت. حرف الجيم: 87- جعْفَر بْن محمد بْن أَحْمَد3 بن الحكم الواسطي المؤدب.

_ 1 انظر حلية الأولياء "10/ 384"، والوافي بالوفيات "10/ 292"، وسير أعلام النبلاء "16/ 108، 109". 2 مدينة برية بحرية بين شيراز والأهواز. 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 241"، والمنتظم "7/ 21"، وسير أعلام النبلاء "16/ 30".

سمع: إدريس بن جعفر العطار، ومحمد بن سليمان الباغندي، ومحمد بن يونس الكُدَيْميّ، وبِشْر بن موسى، وجماعة. وعنه: ابن رزقويه، وطلحة الكتّاني، وأبو على بن شاذان. وثّقه الخطيب. حرف السين: 88- سعيد بن عثمان بن سعيد1 بن السَّكَن، أبو علي البغدادي ثم المصري البزاز الحافظ. وُلد سنة أربع وتسعين ومائتين، وسمع بمصر والشام والجزيرة والعراق وخُراسان وما وراء النهر، وكان كبير الشأن مُكْثِرًا مُتْقِنًا مصنِّفًا بعيد الصيت، له تجارة في البَزِّ. سمع: محمد بن محمد بن بدر الباهلي، وسعيد بن هاشم الطبراني، وعلى بن أحمد علان، وأبا جعفر الطحاوي، وأبا القاسم البَغَوي، وابن صاعد، ومحمد بن يوسف الفَربْري، وأبا حَامد بن الشرقي، ومكّي بن عبدان، وأبا عروبة الحّراني، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وابن جَوْصا. وعنه: أبو سليمان بن زَبْر، وابن مَنْدَه، والحافظ عبد الغني بن سعيد، وعلي بن محمد الدّقّاق، وعبد الله بن محمد بن أسد القرطبي، وجماعة من الأندلسيّين والمصرييّن. وقع كتابه "المنتقى الصحيح" إلى أهل الأندلس وهو كبير. توفِّي في المحرّم. وقد روى عنه صحيح البخاري ابن أسد الْجُهَني، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يحيى بن مفرّج، وأبو جعفر بن عون الله. حرف الشين: 89- شجاع بن جعفر، أبو الفوارس البغدادي الورّاق الواعظ2.

_ 1 انظر الوافي بالوفيات "15/ 242"، والعبر"2/ 297"، وسير أعلام النبلاء "16/ 117". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 253"، وسير أعلام النبلاء "16/ 37، 38"، والعبر "2/ 298".

سمع: أبا جعفر ابن المُنَادي، وأبا بكر الصّاغاني، وعبّاس بن محمد الدُّوري، وأحمد بن عبد الجبّار العُطاردي، وعبد الله بن شبيب المدني، وأحمد بن ملاعب. وعنه: أبو حفص الكتّاني، وهلال الحفّار، وعلى بن داود الرزاز، وأبو علي ابن شاذان، وغيرهم. وكان أَسْنَد من بقيِ ببغداد، وحدّث بعلوٍّ في آخر مُسْنَد عمر النّجّاد. حرف العين: 90- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن بُنْدار1 بن ناجية بن سَدوس بن محمد المَديني الأصبهاني. سمع: أَسِيد بن عاصم، وأحمد بن مَهْدِيّ بأصبهان، ومحمد بن إسماعيل الصائغ بمكة. وعنه: علي بن عبدكويه، وأبو أحمد عبد الله بن عمر السّكّري، وأبو بكر بن أبي علي المعدّل، وأبو نُعَيم الحافظ. 91- عبد الله بن عمر بن إسحاق، أبو جعفر2 المصري: يروي عن: ابن علاثة وغيره. 92- عبد الله بن محمد بن العبّاس، أبو محمد3 المكّي الفاكهي. سمع: أبا يحيى عبد الله بن أبي مَسَرَّة وغيره. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأحمد بن أحمد بن حسن البزاز شيخ البَيْهَقِيّ، وأبو القاسم عبد الملك بن بِشْران، وأبو محمد بن النحّاس، وجماعة. وكان أَسْنَدَ من بقي بمكّة، وله كتاب "أخبار مكة" في مجلَّدَتَين عند صاحبنا ابن حبّه من الحافظ.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "2/ 86"، وسير أعلام النبلاء "16/ 44"، والعبر "2/ 298". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر العبر "2/ 298"، وشذرات الذهب "3/ 13".

93- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1، أبو محمد الحيري، ويُعرف بالرازي الزاهد، من كُتَّاب مشايخ الصوفية: سمع: محمد بن إبراهيم البوشنجي، وجعفر بن محمد التركي، وأحمد بن نجدة الهَرَوي، ويوسف القاضي، وغيرهم. وكان من أكابر أصحاب الزاهد أبي عثمان الحيري. قال السُّلمي: صَاحَبَ الْجُنَيْدَ، وأبا عمران الكبير، ومحمد بن الفضل، ورويم، وسمنون، وأبا علي الجوزجاني، ومحمد بن حامد. وكان أبو عثمان يكرمه ويبجّله، وهو من أَجَلّ مشايخ نَيْسَابُور في وقته، له من الرّياضيات ما يعجز عن سماعها إلّا أهلها، وكان عالمًا بعلوم هذه الطّائفة، وكتب الحديث الكثير، وكان ثقة. قلت: وروي عنه أبو عبد الرحمن السُّلميّ، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو علي بن حُمْشاد الصائغ. قال السُّلَمي: سمعته يقول: قيل لبعض العارفين: ما الذي حَبَّبَ إليك الخلوة ونفى عنك الغفلة؟ قال: وثبة الأكياس من مخّ الدنيا. وقال السُّلمي: هو أَجَلُّ شيخٍ رأيناه من القوم وأقدَمُهُم، وقد صحب محمد بن علي التِّرْمِذِي والكبار، ويرجع إلى فنون من العلم، وكتب الحديث الكثير، وله رياضات واجتهادات يطول ذكرها. وقد امتُحِن في آخر عمره بحَدَث من أهل نَيْسَابور، كشفت تلك المحنة عن جلالته وعِظَمِ شأنه. سمعته يقول: إذا رأيت المريد يحبُّ السَّماع فاعْلَمْ أنَّ فيه بقيّةَ من البطالة. 94- عبد الصمد بن الحسين بن يوسف بن يعقوب الأّزْدي2 القاضي. بغداديُّ يُكنَّى أبا الحسين، من بيتِ عِلْمٍ. حدَّث بمصر عن محمد بن جعفر القتات.

_ 1 انظر طبقات الصوفية "288"، وسير أعلام النبلاء للمصنف "16/ 65، 66"، والرسالة القشيرية "31". 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 41".

وعنه: عبد الواحد بن مسرور، ووثّقه. 95- عبد الملك بن محمد، أبو مروان المدني1، قاضي المدينة. 96- عبد الملك بن هذيل بن إسماعيل2، أبو مروان التميمي القرطبي. سمع أحمد بن خالد الخشّاب، وابن أيمن، وبمكّة ابن الأّعْرابي، ولزم العُزْلَة والزُّهْد، وكان من الراسخين في العِلْم، رضي الله عنه. وهو أخو يحيى بن هزيل الشاعر، سيأتي سنة إحدى وسبعين. 97- عبد الواحد بن أحمد بن علي بن أبي الخصيب، أبو علي3. توفِّي بتنّيس في المحرَّم. 98- عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم4 بن الواثق بن المعتصم، أبو محمد العباسي الهاشمي البغدادي. سمع: أبا مسلم الكّجي، وأبا شعيب الحّراني، وموسى بن هارون، ويوسف بن يعقوب القاضي، وخَلَف بن عَمرو العُكْبَرِي. وعنه: الدارَقُطْنيّ، وأبو الحسن بن رزقويه، وابن ابنه أحمد بن عمر بن عبد العزيز، وغيرهم. وثَّقه الخطيب. 99- علي بن إبراهيم أبو الحسن المُسْتَمْلِي5 النجّاد: سمع السّرّاج، وإمام الأئمة ابن خُزَيْمة الباغَنْدي. وعنه: ابن رزقويه، وابن الفضل القطان. 100- عليّ بن الحسن بن دليل.

_ 1 يراجع "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" للفاسي. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 275". 3 في عداد المجهولين. 4 انظر: تاريخ بغداد للخطيب "10/ 457". 5 انظر تاريخ بغداد "11/ 338".

روي عن: يوسف القاضي، وغيره. روى عنه: الدارقطني، وابن رزقويه، وغيرهما. وثّقه الخطيب. 101- علي بن يعقوب بن إبراهيم بن شاكر بن زامل1 أحد محدّثي الشام الثقات. سمع: أبا زُرْعة البصْري، والقاسم بن موسى بن الأشيب، وأحمد بن المعلَّى، والحسن بن جريرالصوري، وأنس بن السلم، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، سمع منه في الحج، وقرأ بحرف عاصم على: أحمد بن نصر بن شاكر، عن الحسين العجلي، عن يحيى بن آدم. وقرأ عليه: مظفَّر بن أحمد الدَّينوَرِي، وحدَّث عنه: تمَّام الرّازي، وأبو نصر بن هارون، وعبد الرحمن بن ياسر الجويري، وعبد الواحد بن مشماش، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، وناقلته عَبْد الرَّحْمَن بْن الحسين بْن الحَسَن بن علي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وأبو العبّاس بن الحاج الإشبيلي. وآخر من روى عنه أبو الحسن بن السمسار. مولده سنة إحدى وستّين ومائتين، وله شِعْر حَسَن، وكانت وفاته في ذي الحجّة من السنة. حرف القاف: 102- قاسم بن محمد بن قاسم2 بْن سيّار، مَوْلَى الْوَلِيد بْن عَبْد الملك الأموري القرطبي، من بيت علم وجلالة، يُكنَّى أبا محمد. سمع من: عبيد الله بن يحيى، والأعناقي، وغيرهما، وكان عارفًا بمذهب مالك. ولي قضاءَ أستِجَة3 وقَبْرَة4 وإشبيلية، وحُمِدَتْ سيرتُه. وكانت وفاته فجأة.

_ 1 انظر العبر "2/ 298"، وشذرات الذهب "3/ 13". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 355"، وبغية الملتمس "432". 3 اسم لكورة بالأندلس متصةل بأعمال رية بين القبلة والمغرب من قرطبة. 4 كورة من أعمال الأندلس تتصل بأعمال قرطبة من قبلها.

حرف الميم: 103- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد1 بن خروف، أبو بكر المدني، ثم المصري. سمع: محمد بن علي الصائغ، وموسى بن هارون الجمّال، والحسن بن علي بن موسى، وأحمد بن علي بن سهل المروزي. وقع لنا جزء من حديثه. روى عنه: أبو عبد الله بن نظيف، وأبو محمد بن النحّاس، وجماعة. توفِّي فِي ذي الحِجَّة. 104- مُحَمَّد بن أحمد بْن أَبِي القاسم2 عَبْد اللَّه بْن محمد البَغَوي أبو الفتح. سمع: مُعْجَم الصّحابة من جدّه، وروى عنه وعن بِشْر بن موسى. وعنه: ابن رزقويه، وعبد الرحمن بن عمر النحّاس. قال الخطيب: لم يبلغني من حاله إلّا خَيْر. 105- محمد بن أحمد بن عقبة القاضي3، أبو محمد المروزي الحنفي، من كِبارِ الأئمة. وُلِّيَ قضاء نَيْسَابُور سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة بعد يحيى بن منصور القاضي، فحكم نحوًا من سبع سنين، ثم عُزِل بقاضي الحرمين، ثم وُلِّيَ قضاءَ بُخارى حتى مات في سنة ثلاثٍ هذه. حدّث عن: عبد الله بن محمود المروزي. وعنه: الحاكم وأثنى عليه. 106- محمد بن إبراهيم بن حسن4، أبو عبد الله النَّيْسَابُوري نزيل نَسًا. سمع البوشنجي، وإبراهيم بن أبي طالب، وخرّج لنفسه فخلَّط وبان جهلُه. روى عنه الحاكم وغيره.

_ 1 انظر النجوم الزاهرة "3/ 339". 2 انظر تاريخ بغداد "1/ 312"، والمنتظم "22". 3 لا بأس به، في عداد المستورين. 4 في عداد الضعفاء.

107- محمد بن إسحاق بن أيوب1 بن كُوشيذ، أبو بكر الأصبهاني المقرئ. سمع: إبراهيم بن سَعْدَان، وأبا مسلم الكجّي، وجماعة: وعنه: علي بن عبد لوين، وأبو بكر بن أبي علي المعدّل، وأبو نُعَيم أحمد بن عبد الله. 108- محمد بن الحسن بن عمر القرَشي2 مولاهم، أبو بكر الدمشقي ويُعرف بابن مزاريب. روى عن: أبي زُرْعَة الدمشقي، وغيره. وعنه: تمّام الرازي، وعبد الواحد بن بكر، وعبد الرحمن بن محمد بن نصر. مات في شوَّال. 109- محمد بن عُبَيْد اللَّه3 بن المَرْزُبان بن سوار الأصبهاني، أبو بكر الواعظ. سمع: محمد بن يحيى بن منْدَه، وإبراهيم بن متَّوَيْه، وعبد الله بن زيدان الكوفي، وأبا القاسم البَغَوِي. وكان وَرِعًا صالحًا. صَاحَبَ أبا عبد الله الخشوعي. وعنه: أبو نُعَيْم. 110- مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن سعيد، أَبُو عَبْد الله الأندلسي4. حدّث عن أبي خليفة في هذا العام. 111- محمد بن مالك بن الحسن بن مالك، أبو صخر السعدي5 المَرْوَزي. نزيل بلْخ. 112- محمد بن محمد بن يحيى، أبو الفضل القرّاب6 الهوري.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "2/ 284". 2 لا بأس به، في عداد المستورين. 3 انظر أخبار أصبهان "2/ 290". 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 82". 5 في عداد المجهولين. 6 انظر السابق.

توفي بسمرقند في شوّال، وحُمِل إلى هَرَاة1. حدَّث عن: محمد بن يوسف الفربري، ومحمد بن نوح الْجُنْدَيْسَابُوري. وعنه: أبو الحسن الديناري. 113- محمد بن النعمان بن نصر2، أبو بكر العنسي، إمام الجامع بصُور. سمع: محمد بن على بن حرب الرقّي، وجعفر بن محمد الهمداني، وعبد الجبّار بن محمد بن كوثر. وعنه: تمّام الرازي، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، وشهاب بن محمد الصُّوري. حدّث في هذا العام. 114- محمد بن هارون بن شُعَيْب3 بن عبد الله بن عبد الواحد. ويقال: بعد شعيب: بن عَلْقمة بن سعد، ويقال: بن عبد الله بن ثمامة، من ولد أنس بن مالك، ويقال: بن حِبان بن حكيم، أبو علي الأنصاري الدمشقي، من سكان قرية قَيْنِيَة4 غربيّ الْمُعَلَّى. سمع بالشام ومصر والعراق وأصبهان، وصنفّ وخرّج. سمع: عبد الرحمن بن حاتم المرادي، وأبا علاثة محمد بن عمرو، وبكر بن سهل، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم البُسري، وزكريا بن يحيى حفَّاظ السنة، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأحمد بن خُلَيْد الحلبي، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، والفِرْيابي، وأبا خليفة، وعَبْدان، وطائفة. وعنه: أبو بكر بن المقرئ، وابن مَندَه، وتمَّام، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر التميمي، وعبد الوهاب المَيْداني. ووُلد في رمضان سنة ست ومائتين، قال عبد العزيز الكتّاني: كان يتَّهم.

_ 1 من أمهات خراسان. 2 انظر الأنساب "357". 3 انظر الوافي بالوفيات "5/ 147"، وشذرات الذهب "3/ 13". 4 قرية كانت مقابل مدينة دمشق.

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يُونُسَ، وَمحمد بْنُ يُوسُفَ الذَّهَبِيُّ. قَالُوا: أنا مُكْرَمُ بْنُ محمد بْنِ حَمْزَةَ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ السُّوسِيُّ سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، أنا أبو علي بن محمد بْنُ هَارُونَ، أنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أنا رَوْحُ بن عبادة قالا: أنا حَمَّادِ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ محمد بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَخْمَ1 الرَّأْسِ، عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ، أَزْهَرَ2 اللَّوْنِ، كَثَّ3 اللِّحْيَةِ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ4 وَالْقَدَمَيْنِ، هَدْبَ الأَشْفَارِ، مُشْرَبَ الْعيَنيْنِ حُمْرَةٌ، إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ5 كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صُعُدٍ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا6 -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ7. قال المَيْداني وغيره: توفِّي سنة ثلاثٍ وخمسين. 115- محمد بن هارون الطَّرزي، أبو سهل نزيل طَرَسُوس8. سمع: محمد بن يونس الكديمي. 116- محرز بن جعفر الرازي، أبو الحسن الصُّوفي الزاهد. له حكايات. 117- مَسْلَمَة بن القاسم بن إبراهيم، أبو القاسم9 القُرْطُبي. سمع: محمد بن عمر بن لُبَابة، وأحمد بن خالد، وجماعة، ورحل إلى المشرق فسمع بالقيروان من أحمد بن موسى، وعبد الله بن محمد بن فُطَيْس، وبأطرابلس من صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ الكوفي، وبإقريطش من أحمد بن محمد بن خَلَف، وبمصر من محمد بن زيان، وأبي جعفر الطحاوي، وبمكة من الديبلي،

_ 1 أي: عظيم. 2 الأزهر: كل أبيض صاف مشرف مضيء. 3 أي: كثير. 4 أي: من الغلظة. 5 الهدب: شعر أشفار العين. 6 كأنما ينزل من أعلى بجسمه كله. 7 يأبى هو وأمي والخبر صحيح. أخرجه البخاري "6/ 415"، ومسلم "2347"، والترمذي "6637"، وأحمد "1/ 96". 8 في عداد الصوفية. 9 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 128".

وبواسط من علي بن عبد الله بن مبشّر، وبالبصرة من أبي رَوْق الهزّاني، وببغداد من أبي بكر بن زياد النَّيْسَابُوري، وبسيراف واليمن والشام، ورجع إلى اندلس بعلم كثير، ثم كُفَّ بَصَره، وأكثر عنه الناس. قال ابن الفَرَضيّ: وسمعتُ مَنْ نَسَبَه إلى الكذِب. وقال لي محمد بن يحي بن مفرّج: لم يكن كذَّابًا، وكان ضعيف العقل، وحُفِظ عليه كلام سوء في التشبيه. 118- معلَّى بن سعيد، أبو خازم التنوخي1، بغدادي سكن مصر. وحدّث عن: بِشْر بن موسى، وأبي خليفة، ومحمد بن جرير الطَّبَريّ، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن شاذان، وأبو القاسم بن الثّلاج، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وقال: كتبنا عنه، وما كان ممن يُفْرَح به. قلت: وهو الذي تفرَّد بحكاية الهميان عن ابن جرير، وفي النفس من ثُبُوتها شيء، ويُعرف بالشَّيْبي. 119- مكّي بن إسحاق بن إبراهيم، أبو القاسم البخاري2 قاضي بلْخ. توفي ببخارى في ربيع الأول. 120- مَيْسَرة بن علي القزْويني، أبو سعيد3، من كبار المحدَّثين ببلده. سمع محمد بن أيوب الرّازي وغيره، وروى الكثير. يقال: إنّه كتب ثلاثة آلاف جزء. الكُنَى: - أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان4 الحِيري. مرّ في: أحمد بن محمد.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "13/ 190". 2 في عداد المجهولين. 3 لا بأس به، في عداد المستورين. 4 سبق الترجمة له.

وفيات سنة أربع وخمسين وثلاثمائة: حرف الألف: 121- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بن عطيّة1، أبو بكر بن الحداد البغدادي، مولى بني الزُّبَيْر بن العَوَّام. سمع: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، وعبد الرحمن بن الروّاس، وأَنَس بن المسلم بدمشق، وبكر بن سهْل الدَّمْياطي بدِمْياط، ويوسف القاضي، وجماعة. وعنه: الحافظ عبد الغني، وعلي بن عبد الله بن جَهْضَم، وعبد الرحمن بن عمر النحّاس، ومحمد بن نظيف. ووثّقه الخطيب. توفِّي بتنّيس، وحُمِل فيما قيل إلى بغداد. عاش أربعًا وثمانين سنة. 122- أحمد بن إبراهيم بن حَوْصَل الكوفي ثم البخاري، أبو الأسد. سمع: صالح بن محمد جَزَرَة، وحامد بن سهل، وإبراهيم بن معقل. تُوُفّي فِي ذي القَعْدَةِ. 123- أَحْمَد بن الْحُسَيْن بن الحسن2 بن عبد الصمد، أبو الطيّب الْجُعفيُّ الكوفيِ المتنّبي الشاعر. ولد سنة ثلاث وثلاثمائة، وأَكْثَرَ المقامَ بالبادية لاقْتباس اللغة، ونظر في فنون الأدب والأخبار وأيّام الناس، وتعاطى قوْلَ الشعر في صِغَره حتى طُبع فيه للغاية، وفاق أهلَ عصره، ومدح الملوك، وسار شعره في الدنيا. مدح سيفَ الدولة أبا الحسن بن حمدان بالشام، والأستاذ كافور الإخشيدي بمصر، وحدّث ببغداد بديوانه.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "4/ 17"، والوافي بالوفيات "6/ 213"، وشذرات الذهب "3/ 13". 2 انظر تاريخ بغداد "4/ 102"، والمنتظم "7/ 24"، والأنساب "2/ 506"، والكامل في التاريخ "8/ 186"، ودول الإسلام "1/ 220".

رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن أحمد المَحَامليّ، وعلي بن أيوب القمّي، وأبو عبد الله بن باكويه الشّيرازي، وأبو القاسم بن حبيش الحمصي، وكامل بن أحمد العزايمي، والحسن بن علي العلوي، وعنهم رَوَوْا عنه من شعره، وكان أبوه سقّاءً بالكوفة يلقَّب بعُبَيْدان. قال أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي: حدّثني كُتُبيُّ كان يجلس إليه المتنّبي قال: ما رأيت أحْفَظَ من هذا الفتى ابن عبيدان، كان اليوم عندي وقد أَحضر رجلٌ كتابًا من كُتُب الأصمعيّ نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلًا، فقال له الرجل: يا هذا أريد أن أبيعه، فإن كنت تريد حفظه فهذا يكون بعد شهر، فقال له ابن عُبَيدان: فإنْ كنتُ قد حفظته فما لي عليك؟ قال: أَهَبُهُ لك. قال: فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يقرأ عليّ إلى آخره، ثم استلبه فجعله في كمه وقام، فغلق به صاحبُهُ وطالبه بالثمن، فمنعناه منه، وقلنا: أنت شَرَطْت عَلى نفسك1. قال أبو الحسن العلوي: كان عُبَيدان يذكر أنّه جعْفِيّ. قال أبو القاسم التّنُوخيّ: كان المتنبّي خرج إلى حلب وأقام فيهم وادّعى أنّه عولي، ثم ادّعَى بعد ذلك النُّبوَّة، إلى أن شُهِد عليه بالكذِب في الدعوتين، وحُبس دهرًا، وأشرف على القتل، ثم استتابوه وأطلقوه. قال التنوخي: حدّثني أُبَيّ بن أبي علي بن أبي حامد: سمعنًا خلْقًا بحلب يحكون والمتنّبي بها إذ ذاك أنَّه تنبّأ في بادية السماوة، قال: فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قِبَل الإخشيديّة فأسره بعد أن قاتل المتنّبي ومَن معه، وهرب مَن كان اجتمع عليه من حلب، وحبسه دهرًا، فاعتلّ وكاد أن يتلف، ثم استُتِيب بمكتوبٍ. وكان قد قرأ على البَوَادي كلامًا ذكر أنّه قرآن أُنْزِل عليه، نَسَخْتُ منه سورة فضاعَتْ، وبقي أوَّلُها في حِفْظي وهو: والنّجْمِ السَّيّار، والفلكِ الدّوّار، واللّيل والنّهار، إنّ الكافر لَفِي أخطار، امْضِ على سُنَنِك، واقْفُ أَثَرَ من كان قَبْلَكَ من المرسلين، وإنّ الله قامِع زَيْغَ مَن أَلْحَدَ في الدّين، وضلَّ عن السبيل. قال: وهي طويلة. قال: وكان المتنّبي كان إذا شُوغِبِ في مجلس سيف الدولة -ونحن إذ ذاك بحلب- يُذكر له هذا القرآن فينكره ويجحده.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "4/ 103".

وقال له ابن خالَوَيْه النحويّ يومًا في مجلس سيف الدولة: لولا أنّ الآخر جاهلٌ لما رضي أن يُدعى المتنبي؛ لأن متنبيء معناه كاذب، فقال: إنّي لم أرض أنْ أُدْعَ به. ومن قوله مما رواه عنه ابن باكويه، سمع منه بشيراز: وما أنا بالباغي على الحبّ رشْوَةً ... قبيحٌ هوًى يُرجَى عليه ثوابُ إذا نِلْتُ منك الوُدَّ فالمال هيِّنٌ ... وكلُ الذي فوق الترابِ تُرابُ وله: وبعين مفتقر إليك رأيَتني ... فهَجَرْتَني ورَمَيْتَ بي من حالِقِ لَسْتَ المَلُومَ أنا المَلُومُ لأنني ... أَنزلت حاجاتي بغير الخالِق وله شعر بالسَّنَدِ المتَّصل مما ليس في ديوانه، وما خرج من مصر حتى أساء إلى كافور وهجاه، كما ذلك مشهور. قال المختار محمد بن عبد الله المسبّحي: لمَّا هرب المتنبّي من مصر وصار إلى الكوفة، ثم صار إلى ابن العميد ومدحه، فقيل: إنه وصل إليه منه ثلاثون ألف دينار، وفارَقَه ومضى إلى عَضُد الدَّولة إلى شيراز فمدحه، فوصله بثلاثين ألف دينار، ففارقه على أن يمضي إلى الكوفة يحمل عياله ويجيء، فسار حتى وصل إلى النُّعمانية بإزاء قرية، فوجد أثر خيلٍ هناك، فتنسّم خَبَرَها، فإذا هي خيل قد كمنت له لأنّه قصدها، فواقَعُوه فطُعن، فوقع عن فرسه، فنزلوا فاحْتزُّوا رأسه، وأخذوا الذهب الذي معه، وقُتل معه ابنه فخشد وغلامه، وكان معه خمسة غلمان، وذلك لخمسٍ بَقِين من رمضان سنة أربعٍ وخمسين. وقال الفرغاني: لما رحل المتنبّي من المنزلة جاءه خُفَراءُ فطلبوا منه خمسين درهمًا ليسيروا معه، فمنعه الشُّحُّ والكِبْرُ، فقدّموه، فكان من أمره ما كان. ورثاه أبو القاسم مظفَّر بن علي الزَّوْزَنيّ بقوله: لا رَعَى الله سِرْبَ هذا الزمانِ ... إذْ دهانا في مثل ذاك اللّسانِ ما رأي الناسُ ثانيَ المتنبّي ... أيُّ ثانٍ يرى لبكر الزّمان

_ 1 بلدة صغيرة بين واسط وبغداد.

كان في نفسه الكبير في جي ... ش وفي كِبْرياءٍ ذي سُلطْان كان في شعره نبيًّا ولكنْ ... ظهرت مُعجزاتُه في المعاني وقيل: إنه قال شيئًا في عَضُدِ الدولة، فدسّ عليه من قتله؛ لأنّه لمَّا وفد عليه وصله بثلاثة آلاف دينار وثلاثة أخراس مسرَّجة محلّاة، ونياب مُفْتَخَرة، ثم دسّ عليه من سأله: أين هذا العطاء من عطاء سيف الدولة؟ فقال: هذا أجْزَل إلّا أنّه عطاءُ مُتَكَلَّفٍ، وسيف الدولة كان يُعطي طبْعًا، فغضب عَضُدُ الدولة، فلمَّا انصرف جهَّز عليه قومًا من بني ضبّة، فقتلوه بعد أن قاتل قتالًا شديدًا، ثم أنهزم، فقال له غلامه: أين قولك: الخَيْلُ واللَّيْلُ والبَيْدَاءُ تعرِفُنيِ ... والحربُ والضَرْبُ والقِرْطَاسُ والقَلَمُ فقال: قتلتني قاتلك الله، ثم قاتل حتى قُتل. وقال ضياء الدين نصر الله بن الأثير: سافرت إلى مصر ورأيت الناس يشتغلون بشعر المتنبّي، فسألت القاضي الفاضل فقال: إنّ أبا الطيّب ينطق عن خواطر الناس. وقال صاحب اليتيمة: استنشد سيفُ الدولة أبا الطيّبِ قصيدَتَه الميميّة وكانت تعجبه، فلما قال له: وقفت وما في الموت شكُّ لِوَاقِف ... كأنَّك في جفْن الرَّدَى وهو نائمُ تمرُّ بك الأبطالُ كَلْمَى هَزِيمةً ... ووجْهُك وضّاحٌ وثغْرُك باسِمُ فقال: قد انتقدنا عليك من البيتين كما انْتُقِد على أمرئ القَيْس قوله: كأنّي لم راكب جوادًا ولم أَقُلْ ... لخيلي كرّي كَرَّةً بعد إجفالٍ ولم أسبأ الزّقَّ الرَّوِيَّ للذَّةٍ ... ولم أتبَطّن كاعِبًا ذات خلخالٍ ولك أن تقول الشطر الثاني من البيت الثاني مع الشطر الأول، وشطره مع الثاني. فقال: أيَّدك الله إنْ صح أنّ الذي استَدْرَكَ على امرئ القَيْس أعلمُ بالشِعْر منه، فقد أخطأ امرؤ القيس، وأنا ومولانا يعرف أنّ الثوب لا يعرفه البزّاز معرفة الحائك؛ لأنّ البزاز يعرف جملته، والحائك يعرف جملته وتفاريقه؛ لأنْه هو الذي أخرجه من الغزْل إلى الثوبيّة، وإنّما قرن امرؤ القيس لذَّةَ النساء بلذَة الركُوب إلى الصَّيْد، وقرن السماحة في شراء الخمر للأضياف بالشجاعة في منازلة الأعداء. وأنا لمَّا ذكرت الموتَ

في أول البيت أتْبَعْتُه بذِكْر الردَّى وهو الموت لتَجَانُسِه، ولما كان وجه المنهزِم لا يخلو من أن يكون عَبُوسًا، وعينه من أن تكون باكية. قلت: ووجهُك وضّاح وثغْرُك باسِمُ؛ لأجمع بين الأضداد في المعنى، وإنْ لم يتَّسع اللفْظُ لجمعِها، فأُعجِب سيفُ الدولة بقوله، ووصله بخمسمائة دينار. وكان المتنبّي آيةٌ في اللغة وغريبها، يقال: إنّ أبا عليّ الفارسيّ سأله فقال: كم لنا من الجموع على وزن فَعْلَى؟ فقال لوقته: جحلى وظِرْبَى. قال أبو علي: فطالعت كُتُب اللغة ثلاث ليالٍ على أن أجد لهذين الجمعين ثالثًا فلم أجد، وجحلى جمع جحل، وهو طائر معروف، وظربى جمع ظربان، وهي دُوَيبة منتنة الرّيح. ومن قوله الفائق: رماني الدهْرُ بالأرْزاء حتّى ... فؤادِي في غشاء من نِبَالِ فصرْتُ إذا أصابتني سهام ... تكسّرتِ النِّصالُ على النِّصالِ وله في سيف الدولة: كلّ يومٍ لك ارْتحالٌ جديدٌ ... ومَسيرٌ للمجد فيه مُقَامُ وإذا كانت النُّفُوسُ كِبارًا ... تعِبَتْ في مُرادِها الأَجَسامُ وله: نَهَبْتَ من الأعمار ما لو حَوَيْتَها ... لَهُنِّئتِ الدُّنيا بأنَّك خالِدُ ومن شعره: قد شَرَّف الله أرْضًا أنتَ ساكِنُها ... وشرَّفَ النَّاسَ إذْ سَوَّاك إنسانا وله: أزُورُهُم وسَوَادُ اللَّيْلِ يشفعُ لي ... وأنْثَني وبياضُ الصُّبْحِ يُغْرِي بي وله: لولا المَشَقَّة ساد النَّاس كلّهم ... الْجُودُ يُفْقِرُ والإِقْدَامُ قَتَّالُ ويُحْكَى عن بعض الفُضلاء قال: وقفت على أكثر من أربعين شرحًا لديوان المتنّبي ما بين مطوَّلٍ ومختصر.

وقال أبو الفتح بن جِني: قرأت ديوانه عليه، فلما بلغت إلى قوله في كافور: ألا ليت شعري هل أقول قصيدة ... ولا أشتكي فيها ولا أَتَعَتَّب وبي ما يَذُود الشِعْر عنّي أقلّه ... ولكنّ قلبي يا ابْنَة القومٍ قُلَّب فقلت له: يعزّ عليّ كيف هذا الشعر في غير سيف الدولة، فقال: حذّرناه وأنذرناه فما نفع، ألست القائل فيه: "أخا الجودِ أعطى الناسُ ما أنت مالك، ولا يعطى مالنا الناس"، فهو الذي أعطاني كافورًا بسوء تدبيره وقلّة تمييزه، ما أنا قائل. وبَلَغَنَا أنّ المُعْتَمِد بن عَبّاد صاحب الأندلس أنشد يومًا بيتًا للمتنّبي قوله: إذا ظَفِرتْ مِنك العيونُ بنظرةٍ ... أثاب بها مُعيي المطيّ ورازمه فجعل المُعْتَمِد يردّده استحسانًا له، فارتجل عبد الجليل بن وهبون وقال: لَئنَ جاد شِعْرُ ابن الحُسَين فإنّما ... تجيد العطايا واللُّهَى تفتح اللَّهَى تَنَبَّأ عُجْبًا بالقَرِيضِ ولو درى ... بأنّك تروي شعره لَتَأَلَّها 124- أحمد بن محمد بن إبراهيم1، أبو بكر الأصبهاني المؤدب، عُرف بابن دقّ الأديب. يروي عن: إسحاق بن إبراهيم بن جميل. وعنه: أبو نُعَيم، وابن أبي علي. 125- أحمد بن محمد بن أحمد2 بن الصباح، أبو العباس الكبشي البغدادي. سمع: أحمد بن محمد البرتي، وإبراهيم الحربي، ومُعاذ بن المُثنّى. قال الخطيب: كان ثقة. روى عنه هلال الحفّار. 126- أحمد بن يعقوب3، أبو جعفر النحوي البغدادي، يُعرف ببرزَوَيهِ غلام نِفطَويْه، أصله من أصبهان. يروي عن: محمد بن نُصَير، ومحمد بن يحيى بن منده، وأبي خليفة.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "1/ 161"، والوافي بالوفيات "7/ 318". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "4/ 364". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 226".

وعنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو علي بن شاذان. تُوُفّي في رجب. 127- إبراهيم بن محمد بن سهل، أبو إسحاق1التّراب. قتلته الباطنّية بَهَرَاة لإنكاره للمُنْكَر، وصلّى عليه ابنه أبو بكر. سمع: أبا خليفة الْجُمَحِي، وأبا علي المَوْصِلّي. وعنه: الجارودي، وغيره. 128- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن بسام2، أبو إسحاق الهاشمي العباسي الرشيدي. يروي عن: بكر بن سهل الدمياطي، وغيره. لا أعرفه. حرف الباء: 129- بَكر بن شُعيْب بن بكر3 بن محمد، أبو الوليد القُرَشي. سمع: أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وجماعة. وعنه: ابن مَنْدَه، وتمّام الحافظ، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأحمد بن عون الله القرطبي، وهو دمشقي. حرف التاء: 130- تميم بن أحمد بن تميم4 بن ثابت، أبو الحسين البُوَيْطي المصري. توفِّي في رجب، ومولده ببُوَيْط5 سنة تِسْعٍ وسبعين. قال الحسين البويطي الطحّان: حدّثونا عنه.

_ 1 لا بأس به، في عداد المستورين. 2 في عداد المجهولين. 3 انظر تهذيب ابن عساكر "3/ 289". 4 انظر الأنساب "2 /339". 5 قرية بصعيد مصر.

حرف الشين: 131- شاكر بن عبد الله المَصّيصي1، أبو الحسن. حدّث ببغداد عن: محمد بن موسى النهرتيري، وعمرو بن سعد المنبجي، والحسن بن فيل. وعنه: ابن رزقويه، ومحمد بن طلحة بن عبد الله السُّكّري. قال الخطيب: ما علمت من حاله إلا خيرًا. حرف الميم: 132- محمد بْن أحمد بْن عثمان2 بن عنبر المروزي. حدّث في هذه سنة ببغداد عن: أبي العبّاس السرّاج، وابن خُزَيْمة. وعنه: الدارقُطْني مع جلالته، وأبو الحسن الحمامي، وعبد الله بن يحيى السُّكّري. وثّقه الخطيب. 133- محمد بن أحمد بن محمد3 بن قريش البزّاز المجهزّ. سمع: محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، ومحمد بن يحيى المروزي. وعنه: ابن رزقويه بن داود الرازي، وطلحة الكتّاني. تُوُفّي في رجب ببغداد، وكان ثقة. قاله الخطيب. 134- محمد بن أَبان بن سيد4 بن أبان، أبو عبد الله اللخمي القُرْطُبي. كان عارفًا باللغة العربية والنَّسَب والأخبار، مصنَّفًا مكِينًا عند الحَكَم المُسْتَنصِر بالله. أخذ عن أبي علي القالي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "9/ 300". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "1/ 318". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "1/ 342". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 67".

135- محمد بن إيراهيم، أبو بكر الْجَوْزي1 الأديب المسند، أحد الأئمة. سمع: حمّاد بن مدرك، وجعفر بن أحمد متُّويه. وعنه: الحاكم، وغيره. مات بفارس. 136- محمد بن إسحاق بن أيوب2، أبو العباس النَّيّسابوري، أخو الإمام أبي بكر الضَّبعيّ، ومحمد الأّسَنّ. قال الحاكم: لزم الفُتُوَّة إلى عمره، وكان أخوه ينهانا عنه لِما كان يتعاطاه، لا لجَرحٍ في سَماعه. سمع: إبراهيم بن عبد الله السعدي، ويحيى بن محمد الذهلي، وسهل بن عمّار، ومحمد بن أيّوب بن الضريس. وعاش مائة سنة وزيادة أربع سنين، وعُقِد له مجلس الإملاء بعد وفاة أخيه. قلت: روى عنه الحاكم. 137- محمد بن حبّان بن أحمد3 بن حبّان بن مُعَاذ بن مَعْبَد بن شهيد بن هُدْبة بن مُرَّة بن سعد بن يزيد بن مُرَّة بن زيد بن عبد الله بن دارم بن حَنْظَلة بن مالك بن زيد بن مَنَاة بن تميم، أبو حاتم التميمي البُسْتي الحافظ العلامة، صاحب التصانيف. سمع: الحسين بن إدريس الهَرَوي، وأبا خليفة، وأبا عبد الرحمن النَّسائي، وعِمران بن موسى، وأبا يَعْلَى، والحسن بن سُفْيان، وابن قُتَيْبة العَسْقَلاني، والحسين بن عبد الله القطّان، وجعفر بن أحمد الدمشقي، وحاجب بن أرْكين، وأحمد بن الحسن الصوفي، وابن خُزَيْمة، والسرّاج، وهذه الطبقة بالشام والعراق ومصر والجزيرة وخراسان والحجاز. وعنه: الحاكم، ومنصور بن عبد الله الخالدي، وأبو معاذ عبد الرحمن بن محمد

_ 1 لا بأس به، في عداد المستورين. 2 انظر السابق. 3 انظر الكامل في التاريخ "8/ 566"، وطبقات السبكي "2/ 141"، والوافي بالوفيات "2/ 317".

ابن رزق الله السِجِسْتاني، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن هارون الزَّوزني، ومحمد بن أحمد بن منصور النَّوقاني، وجماعة. قال أبو سعيد الإدريسي: كان على قضاء سمرقند زمانًا، وكان من فقهاء الدّين وحُفّاظ الآثار، عالمًا بالطبّ والنجوم وفنون العلم. ألَّفَ "المسند الصّحيح"، و"التاريخ"، و"الضعفاء"، وفقّه الناس بسمرقند. وقال الحاكم: كان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال. قَدِمَ نَيْسابور فسمع من عبد الله بن شيرَوَيْه، ورحل إلى بخارى فلقي عمر بن محمد بن بجير، ثم ورد نَيْسابور سنة أربعٍ وثلاثين، ثم خرج إلى قضاء نَسَا، ثم انصرف سنة سبعٍ وثلاثين فأقام بنيسابور، وبنى الخانكاه، وقُرِئَ عليه جملة من مُصَنْفاته، ثم خرج من نيسابور سنة أربعين إلى وطنه. وكانت الرحلة إليه لسماع مصنّفاته، وقال: كان ثقة نبيلا فَهْمًا. وقد ذكره ابن الصّلاح في طبقات الشافعية وقال: غلط الغَلَط الفاحش في تصرُّفِهِ. وقال ابن حبّان في كتاب "الأنواع والتقاسيم": ولعلّنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ. وقال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري: سِألت يحيى بن عمّار عن أبي حاتم بن حبّان: هل رأيته؟ قال: وكيف لم أره ونحن أخرجناه من سِجِسْتان، كان له عِلْم كبير ولم يكن له كثيرُ دِين، قَدِمَ علينا فأنكر الحمد لله، فأخرجناه. قلت: إنكار الحمد وإثباته مما لم يبتّ به نصّ، والكلام حكم فضول، ومن حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ، والأيمان بأنّ الله تعالى ليس كمثله شيء من قواعد العقائد، وكذلك الإيمان بأنّ الله بائن من خلقه، متميّزة ذاته المقدّسة من ذوات مخلوقاته. وقال أبو إسماعيل الأنصاري: سمعت عبد الصمد محمد بن محمد سمعت أبي يقول: أنكروا على ابن حبّان قوله: النّبوّة العِلْم والعمل، فحكموا عليه بالزندقة وهُجر، وكُتِب فيه إلى الخليفة فكتب بقتله. وسمعت غيره يقول: لذلك أخرج إلى سمرقند.

وقال الحاكم: سمعت أحمد بن محمد الطيّبي يقول: تُوُفّي أبو حاتم ليلة الجمعة لثمانٍ بَقَيْن من شوّال سنة أربعٍ وخمسين بمدينة بُسْت. قلت: قوله: النّبُوّة العلم والعمل، كقوله -عليه السلام: "الحجّ عَرفَة" 1، وفي ذلك أحاديث. ومعلوم أنّ الرّجل لو وقف بَعَرفَة فقط ما صار بذلك حاجًّا، وإنّما ذكر أشهر أركان الحجّ، وكذلك قول ابن حِبّان، فذكر أكمل نُعُوت النبيّ، ولا يكون العبد نبيًّا إلَّا أن يكون عالمًا عاملًا، ولو كان عالمًا فقط لما عُدّ نبيًّا أبدًا، فلا حيلة لبشر في اكتساب النبوّة. 138- محمد بن الحسن بن يعقوب2 بن مُقَسّم، أبو بكر البغدادي المقرئ العطّار. وُلد سنة خمسٍ وستّين ومائتين. وسمع: أبا مسلم الكجّي، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، ومحمد بن يحيى المروزي، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وغيرهم، وقرأ القرآن على إدريس بن عبد الكريم بن خلف، وطال عمره وأقرأ النّاس رواية حمزة. وقرأ عليه: إبراهيم بن أحمد الطّبري، وأبو الفرج عبد الملك بن بكران النَّهرواني، وأبو الحسن الحمامي، وعلي بْن أحمد بْن محمد بْن دَاوُد الرّزّاز المحدّث، شيخ عبد السيّد بن عتّاب في التّلاوة، وغيرهم. وحدّث عنه أبو الحسن بن رزقويه، وابن داود الرزّاز، وأبو علي بن شاذان، وغيرهم. وهو راوي أمالي ثعلب عنه، هو من عوالي ما وقع من طريقه، أعلى من الجزء المنسوب إليه بدرجة. قال الخطيب: كان ثقة، وكان من أحفظ الناس لنحو الكوفيّين وأعرفهم بالقرآن كتبًا، قال: وطُعن عليه بأن عمد إلى حروفٍ من القرآن تخالف الإجماع، فأقرأ بها، فأنكِر عليه، وارتفع أمرُه إلى الدولة، فاستُتِيب بحضرة الفقهاء والقرّاء، وكُتب عليه محضر بتوبته، وقيل: إنّه لم ينزع فيما بعد عن ذلك، بل كان يقرئ بها.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 339"، وأبو نعيم "7/ 120"، في الحلية، وبنحوه ابن الجارود "468"، في المنتقى، والترمذي "2985"، والدارمي "2/ 59"، في سننه. 2 انظر تاريخ بغداد "2/ 206"، والمنتظم "7/ 30"، والوافي بالوفيات "2/ 337"، وميزان الاعتدال "3/ 44".

وقال أبو طاهر بن أبي هاشم في كتاب "البيان": وقد نبغ في عصرنا نابغ، فزعم أنَّ كل ما صحّ عنده وجهٌ في العربية لحرف موافق خطّ المصحف، فقراءته جائزة في الصلاة. وقال أبو أحمد الفَرَضي راتب المسجد: صلّى مع الناس، وكان ابن مُقَسّم قد ولَّى ظهره القبلة، وهو يصلّي مُسْتَدبِرَها، فأوّلْتُ ذلك ما اختاره لنفسه من القراءات. تُوُفّي ابن مُقَسّم في ربيع الآخر. - محمد بن سليمان، أبو طاهر بن ذكوان. قيل: توفي فيها، وقيل: سنة ستين كما سيأتي. 139- محمد بن عبد الله بن إبراهيم1 بن عَبْدُوَيْه، أبو بكر الشافعي البزّاز المحدّث. مولده بجَبُّل2 في جُمادى الأولى أو الآخرة سنة ستين ومائتين. وسكن ببغداد، فسمع: محمد بن الجهم السّمَّري، ومحمد بْن شدّاد المِسمعي، وموسى بْن سهل الوشّاء، وأبا قلابة، وعبد اللَّه بْن رَوْح المدائني، ومحمد بْن إسماعيل الترمذي، ومحمد بن الفرج الأزرق، ومحمد بن غالب تمتام، وإسماعيل القاضي وجماعة يطول ذكرهم. وعنه: الدارقطني، وابن شاهين، وأحمد بن عبد الله المحاملي، وأبو علي بن شاذان، وخلق كثير آخرهم أبو طالب بن غيلان. قال الخطيب: كان ثقة ثَبْتًا حسن التصنيف، جمع أبوابًا وشيوخًا. حدّثني ابن مَخْلَد أنّه رأي مجلسًا كُتِب عن الشافعي سنة ثماني عشرة وأربعمائة، ولما مَنَعَت الدّيْلَمُ -يعني بني بُوَيْه- الناسَ عن ذِكر فضائل الصحابة، وكتبوا سَبّ السّلَف على أبواب المساجد، كان أبو بكر الشافعي يتعمّد إملاء الفضائل في الجامع، ويفعل "ذلك" حسبة وقربة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 456"، والمنتظم "7/ 32"، والوافي بالوفيات "3/ 347"، وسير أعلام النبلاء "16/ 39-44". 2 بلد صغيرة بين النعمانية ووواسط.

وقال حمزة السّهْمي: سُئِل الدارقُطْني عن محمد بن عبد الله الشافعي فقال: ثقة جَبَل ما كان في ذلك الوقت أوثق منه. وقال الدارقُطْني أيضًا: هو الثقة المأمون الذي لم يُغْمَز بحالٍ. وقال ابن رزقويه: توفِّي في ذي الحجّة سنة أربع. قلت: و"الغيلانيات" هي أعلى ما يُروى في الدُّنيا من حديثه، وأعلى ما كان عند ابن الحُصَين شيخ ابن طَبَرزَد. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، وَالْمُسْلِمُ بْنُ محمد، وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً قَالُوا: أنا عُمَرُ بْنُ طَبَرْزَدَ، أنا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أنا محمد بْنُ محمد، أنا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثنا أَبُو يَعلَى محمد بْنُ شَدَّادٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ" 1. قلت: غير الشافعي أعلى إسنادًا منه، فإنّه ليس بين سماعه وموته إلّا ثمانية وسبعون عامًا، ومثل هذا كثير الوجود، وإنّما على حديثه تأخّر صاحبه ابن غيلان، وصاحب صاحبه ابن الحصَين، فإنّ كلّ واحدٍ منهما عاش بعد ما سمع ثمانيًا وثمانين سنة، والله أعلم. 140- محمد بن محرز بن مساور2 الفقيه، أبو الحسن البغدادي الأدمي. سمع: محمد بن عبيد الله مرزوق، ومُطَيَّنًا، والعمري. وعنه: أبو علي بن شاذان، ومحمد بن طلحة المدني. وثّقه ابن أبي الفوارس وقال: رأيته. 141- محمد بن عُمَر بن إسْمَاعِيل، أَبُو بَكْر المقرئ3 الحطّاب. سمع: يحيى بن أيّوب العلاف.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "10/ 368"، ومسلم "2319"، والترمذي، وأحمد "3/ 40، 4/ 358". 2 انظر تاريخ بغداد "3/ 287". 3 في عداد المجهولين.

142- محمد بن القاسم بن عبد الرحمن1 الكِنْدي المصري، أبو الحسن الحذّاء. سمع: بكر بن سهل الدِمياطي. 143- محمد بن مكي بن أحمد2 بن سعدويه، أبو بكر البردعي. طوَّف وسمع: البغوي، وابن صاعد، وأبا عَروُبة الحرّاني، وأبا جعفر الطّحاوي، وابن جَوصا. وعنه: أبو الوليد حسّان بن محمد، وهو أكبر منه، ونصر بن محمد الطُّوسي العطّار، وأبو عبد الله الحاكم، وقال: توفّي بالشّاش. حرف النون: 144- نعَيْم بن عبد الملك بن محمد3 بن عَدِيّ، أبو الحسن الإستراباذي. فاضل ثقة رئيس. رحل به أبوه وسمَّعه من: أبي مسلم الكَجّي، وعبد اللَّه بْن أحمد، وأحمد بْن الحسن، وبكر بن سهل الدمياطي، وسمع "الجامع الصحيح" من الفزبري. وتوفِّي سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وخمسين. روى عنه: الفتى أبو بكر محمد بن يوسف الشّالنجي الْجُرْجاني، وأبو زُرْعَة محمد بن يوسف الحافظ، وحفيدة عبد الملك بن أحمد بن نُعَيم قاضي جُرْجان، وآخرون. وَفَيَات سنة خمس وخمسين وثلاثمائة: حرف الألف: 145- أحمد بن شعيب بن صالح، أبو منصور4 البخاري الورّاق.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر المنتظم "7/ 32". 3 انظر تاريخ جرجان "479، 480". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "4/ 193".

سمع: صالح بن محمد بن جزرة، وحامد بن سهل، ومحمد بن حُرَيْث، وأبا خليفة الْجُمَحي، وزكريا السّاجي، وعمر بن أبي غيلان. وعنه: أبو الحسن بن رزقويه، ومحمد بن طلحة النّعالي، وعبد الغفّار المؤدّب. حدّث ببغداد. وقال خطيب: كان صالحًا ثبتًا. 146- أحمد بن العبّاس بن عُبَيد الله1، أبو بكر البغدادي، ويُعرف بابن الإمام: قرأ القرآن على الأشناني، وأبي بكر بن مجاهد، وكان مُجَوَّدًا حاذقًا. انتقل إلى خراسان وأقرأ هناك، وتوفّي بالرّيّ. روى عنه الحاكم، وقرأ عليه لأبي عمرو، وقال: كان أوحد وقته في القراءات، دخل مَرْو وبُخارَى، وسمعتهم يذكرون أنَّ نُوح بن نصر الأمير قرأ عليه ختمة، ووَصَله بأموال، ثم إنّه سافر إلى فَرغانة، وكان خليعًا يُضيّع ما يحصل له، وكان لا يُخْلي لياليه من اجتماع الصوفية والقَوَّالين. وسمعته يقول: سمعت من عبد الله بن ناحية، ومن الفِريابي، وسمعته يقول يوم وفاته: أما سمعت جواريه يَصِحْن: واسيّداه، من يكفن الغريب، فبلغني أنّه مات لم يُكَفَّن. وممّن قرأ عليه: عيسى أبو بكر الحِيري. 147- أحمد بن عبد الله بن حمشاذ، أبو نصر النيسابوري الغازي التاجر. أحد الأسخياء المفضلين على الفقراء. سمع: عبد الله الشرقي وجماعة، ومات كهلًا. وعنه: الحاكم وغيره. توفِّي سنة خمس. 148- أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل2، أبو بكر العجلي البغدادي الدّقّاق المقرئ المعروف بالوليّ. سمع: أحمد بن يحيى الحلواني، وعبيد الله بن ناجية، ومحمد بن الليث الجوهري.

_ 1 انظر معرفة القراء "1/ 250". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "4/ 249"، وغاية النهاية "1/ 66/ 67".

وعنه: علي بن داود الرّزّاز، وغيره. وقد قرأ على أبي جعفر أحمد بن فرح، وعلي بن سُلَيْم بن إسحاق الخطيب، وأحمد بن سهل الأشناني، وأبي عبد الرحمن اللهبيّ، وأبي عثمان سعيد بن عبد الرّحيم الضرير، من أصحاب الدُّوري. قرأ عليه: إبراهيم بن أحمد الطّبري، وإسناد تلاوته في كتاب "المستنير"، وأبو الحسن الحمامي، وجماعة. تُوُفّي في رجب لثمانٍ بقَيْن منه ببغداد. 149- أحمد بن قانع بن مرزوق1، القاضي أبو عبد الله البغدادي الفَرَضيّ، أخو عبد الباقي. سمع: الحسين بن المثنَّى بن معاذ، وخليفة بن عمرو العُكْبَري، وأبا خليفة. وعنه: علي بن داود الرزّاز، وأحمد بن علي البادي. ووثّقه الخطيب. 150- أحمد بن محمد بن الحسين، أبو حامد الخسروجرد2 بن الخطيب الأديب. سمع: داود بن الحسين البَيّهَقي، وابن الضُّرَيْس، وطبقتهما. وعنه: الحاكم. تُوُفّي في ربيع الأول. س151- أحمد بن محمد3 بن شارك، أبو حامد الهَرَوي، الفقيه الشافعي، مفتي هَرَاة وعالمها ونَحْوِيُّها. سمع: محمد بن عبد الرحمن النّامي، والحسن بن سفيان، وأبو يعلى، وطبقتهم.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "4/ 355". 2 لا بأس به، في عداد المستورين. 3 انظر طبقات الشافعية للإسنوي "2/ 525، 526".

أخذ عنه: الحاكم أبو عبد الله، وأهل هَرَاة، وبها مات. وسيأتي في أواخر الطبقة الاختلاف في وفاته. 152- أحمد بن محمد بن رزمة1، أبو الحسين القزويني. سمع: الحسين بن علي بن محمد الطّنافسي، وموسى بن هارون بن حِبّان، ومحمد بن أيّوب بن الضُّرَيس. وعاش مائة سنة. حرف الحاء: 153- الحَسَن بْن محمد بْن عبّاس2، أبو علي الرّازي الفلاس. حدّث بهَمَذان سنة خمسٍ وخمسين عن: محمد بن أيُّوب بن الضُّرَيس، وإبراهيم بن يوسف. روى عنه: ابن خانجان، وأبو طاهر بن سلمة. 154- الحسن بن داوود بن علي3 بن عيسى بْن محمد بْن القاسم بْن الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أبو عبد الله العلوي النَّيْسَابُوري. قال الحاكم في ترجمته: شيخ آل رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عصره بخُراسان، وكان من أكثر الناس صِلَة ومحبّة وصدقة لأصحاب رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عصره، صَحِبْتُه بُرْهَةً من الدَّهْر فما سمعته ذكر عثمان إلا قال: الشهيد، وبكى، وما سمعته يذكر عائشة إلّا قال: الصّدّيقة بنت الصّدّيق حبيبة حبيب رسول الله، وبكى. وسمع: جعفر بن أحمد الحافظ، وابن شيروَيْه، وابن خُزَيْمة. وكان جدّه علي بن عيسى أزهد العلويّة في عصره وأكثرهم اجتهادًا، وكان عيسى يلقَّب الفيَّاض لكثرة عطائه وجُوده، وكان محمد بن القاسم ينادم الرشيد والمأمون، وكان القاسم راهب آل محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان أبوه أمير المدينة وأحد من روى عنه مالك في "الموطّأ"، قاله الحاكم.

_ 1 لا بأس به، في عداد المستورين. 2 انظر السابق. 3 انظر تاريخ بغداد "7/ 306"، والمنتظم "7/ 34"، والبداية والنهاية "11/ 261".

155- الحسين بن أيّوب العلامة، أبو علي1 الصَّيْرَفي شيخ المالكية بمصر. مات في ذي الحجّة. قال عياض: وشيَّعه كافور صاحب مصر. حرف العين: 156- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن حامد بن مَتُّوِيه، أبو القاسم2 البلْخي الزَّاهد. سَمِعَ: مُعَمِّر بْن محمد العَوْفيّ، وإسحاق بْن هيّاج، وعلي بن مكرم، وحدّث ببغداد بانتخاب محمد بن المُظَفَّر. روى عنه: ابن رزقويه، وأبو الحسن الحمامي، وابن مردُوَيْه، وعلي بن داود الرزّاز. وثّقه الخطيب. وروى عنه الحاكم وقال: قلَّ ما رأيتَ في المحدّثين أودَعَ منه، وكان محدّث بلْخ في وقته، وقد حجّ سنة خمسين فحدّث بَنْيَسابور وبغداد. 157- علي بن الإخشيد صاحب مصر. مات شابا في هذه السنة كما هو مذكور في ترجمة كافور3. 158- علي بن الحسن بن علّان4 الحرّاني، أبو الحسن الحافظ، مؤلّف "تاريخ الجزيرة". وسمع: أبا عُرُوبة، وأبا يَعْلَى المَوصِلِيَّ، وعبد الله بن زيدان، ومحمد بن جرير الطّبري، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، وسعيد بن هاشم الطّبراني، وجماعة. ورحل وطوَّف وصنّف. وعنه: ابن مَنْده، وتمَّام، وأحمد بن محمد بن الحاجّ الأشبيلي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الطّبّيز، وأبو العباس محمد بن السمسار، غيرهم.

_ 1 يراجع "ترتيب المدارك" للقاضي عياض. 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "10/ 294"، والمنتظم 7/ 35". 3 ستأتي ترجمته. 4 انظر شذرات الذهب "3/ 17".

قال عبد العزيز الكتّاني: كان ثقة حافظًا نبيلًا، توفي يوم الأضحى. حرف الميم: 159- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الوهاب1 بن داود بن بَهْرام، أبو بكر السُّلَمي الأصبهاني المقرئ الضَّرير. روى عن: علي بن جَبَلَة، وموسى بن هارون، ومحمد بن إبراهيم بن نصر، ومحمد بن عبد الرحيم بن شبيب الأصبهاني، وقرأ القرآن على أبي الحسن الطَّرسُوسي صاحب أبي عمر الدُّورِي، ولا أعرفه، وهو علي بن أحمد بن محمد بن زياد المكي. وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر بن أبي علي. وقال أبو نُعَيم: قرأت عليه ختمة. قلت: وقرأ عليه محمد بن عبد الرحمن الخلقاني، وأحمد بن محمد بن عبدُوَيْه القطّان، وأبو عمر الخرقي. وحدّث عنه: محمد بن إيراهيم بن مُصْعَب التاجر ختمةً قراءة عاصم. 160- محمد بن أحمد بن بِشْر2 المزكّي الحنفي، أبو عبد الله الفقيه. ذكره الحاكم فقال: شيخ أهل الرأي في عصره، وكان من الصالحين، فتعجّبنا من خشوعه واجتهاده. سمع: محمد بن إبراهيم البوسنجي، وإبراهيم بن علي الذُهَلي، وطبقتهما، وكنت أحثُّ البغداديين على السماع منه، وقد يعرف بابن بشرويه. 161- محمد بن الحسن بن الحسين3 بن منصور، أبو الحسن النَّيْسَابُوري التاجر المعدّل، من أحد مشايخ العلم هو وأبوه وعمّه عبدوس. سمع: محمد بن عمرو الحَرَشي، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، ومحمد بن أيّوب الرازي، وأبا عمر القتّات ويوسف القاضي، وطائفة.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "2/ 289". 2 انظر تاريخ بغداد "1/ 282". 3 انظر شذرات الذهب "3/ 17".

وكتب ما لم يكتبه غيره، وكان صَدُوقًا متفنّنًا حافظًا. وُلِدَ سنة أربع وسبعين ومائتين، وأكثر الإتقان على العلماء والشيوخ. انتخب عليه أبو علي الحافظ مع تقدُمه مائتي جزء، وصنّف الكتب على رسم ابن خُزَيمة. قال الحاكم: سمعته يقول: عندي عن عبد الله بن ناحية، وقاسم المطرّز ألف جزء وزيادة، وخرجت إلى بخارى سنة خمس عشرة فكتبوا عنّي، وقد سمعِ منّي أبي وعمّي ورَوَيَا عنِّي. وقال عبد الله بن سعد الحافظ: كتبت عن أبي الحسن بن منصور أكثر من ثلاثة آلاف حديث استفدتها. وقال الحاكم: رأيت مشايخنا يتعجّبون من حُسْن قراءة أبي الحسن للحديث، وكُفَّ بَصَرُهُ سنة تسعٍ وأربعين. 162- محمد بن أحمد بن زكريا1، أَبُو الحسن النَّيْسَابُوري العابد. سمع: الحسين بن محمد القباني، وأحمد بن النضر بن عبد الوهاب، وإبراهيم بن علي الذهلي، وأبا بكر الجارودي. قال الحاكم: كان من أفاضل شيوخنا وأكثرهم صحبة، وصار في آخر عمره من العُبّاد المجتهدين، وألِفَ العُزْلَة، وعاش تسعين سنة. 163- محمد بن الحسن بن الوليد الكلابي2، أخو تبوك وعبد الوهاب. دمشقي. حدّث في هذا العام عن: أبي عبد الرحمن النَّسائي، والقاسم بن الليث الرسعني. وعنه: محمد بن عوف المُزني، وغيره. 164- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن علي3، أبو عَبْد الله الأنباري الوضاحي الشاعر المشهور، نزيل نيسابور.

_ 1 لا بأس به، في عداد المستورين. 2 انظر السابق. 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 241"، والمنتظم "7/ 35"، والكامل في التاريخ "80/ 574".

سمع: أبا عبد الله المحامليّ، وأبا روق الهزاني. روى عنه الحاكم وقال: كان أشعر أهل وقته، فمن شعره: لأخْمَصَيَّ على هَامِ العُلَى قَدَمُ ... وقَطْر كَفّي فِي ضرْب الطَّلَى دِيَمُ فلَسْتُ أملِكُ مالًا لأَجُود به ... ولسْتُ أشْرب ما ليس فيه دَمُ يَسْتَأْنِسُ اللَّيْلُ بي من كلّ مُوحشةٍ ... تُخْشَى ويعرفُ شَخْصِي الغَوْرُ والأكَمُ سَلِ الصّحائفَ عنّي والصّفَاحَ مَعًا ... تُنْبي الكُلُومُ بما تُنْبي به الكَلِمُ 165- محمد بن صالح، أبو عبد الله1 البُسْتي الكاتب. سمع أبا عبد الله البوسنجي وغيره. 166- محمد بن محمد بن عبدان2، أبو سهل النَّيْسَابُوري الفقيه الشافعي الصُّوفي. حجّ وطوَّف وجاور. مات غريقًا في طريق فُراء في رجب. 167- محمد بن عمر بن محمد3 بن مسلم، أبو بكر بن الْجِعابي التميمي البغدادي الحافظ، قاضي المَوْصِل. سمع: عبد الله بن محمد البلْخي، ويحيى بن محمد الحنّائي، ومحمد بن الحسن بن سماعة الحَضْرَميّ، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي، ويوسف القاضي، وأبا خليفة، وجعفر الفريابي، وخلقًا كثيرًا. وكان حافظ زمانه. صحب أبا العبّاس بن عُقْدة، وصنّف في الأبواب والشيوخ والتاريخ. وتشيُّعه مشهور. روى عنه: الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، وابن رزقويه، وابن الفضل

_ 1 في عداد المجهولين. 2 في عداد المستورين. 3 انظر تاريخ بغداد "3/ 26"، والكامل في التاريخ "8/ 574"، والمنتظم "7/ 36"، وميزان الاعتدال للمصنف "3/ 670".

القطّان، والحاكم أبو عبد الله، وأبو عمر الهاشمي، وآخرون، آخرهم وفاة أبو نُعَيم الحافظ. مولده في صفر سنة أربعٍ وثمانين ومائتين. قال أبو علي الحافظ النَّيْسَابُوري: ما رأيت في المشايخ أحفظ من عَبْدان، ولا رأيت في أصحابنا أحفظ من أبي بكر الْجِعابي، وذاك أني حَسِبْتُهُ من البغداديين الذين يحفظون شيخًا واحدًا أو ترجمة واحدة أو بابًا واحدًا، فقال لي أبو إسحاق بن حمزة يومًا: يا أبا علي، لا تغلط في ابن الْجِعابي، فإنّه يحفظ حديثًا كثيرًا. قال: فخرجنا يومًا من عند ابن صاعد فقلت له: يا أبا بكر، أيش أسْنَدَ الثّوْريّ عن منصور، فمرّ في الترجمة، فقلت: أيش عند أيّوب عن الحسن، فمرّ في الترجمة، فما زلت أجرُّه من حديث مِصر إلى حديث الشام إلى العراق إلى أفراد الخُراسانيّين وهو يُجيب، فقلت: أيش روى الأعمش عن أبي صالح، عن أبي سعيد، وأبي هُرَيْرَةَ بالشركة، فذكر بضعة عشر حديثًا، فحيّرني حِفْظُه1. رواها الحاكم عن أبي علي. وقال محمد بن الحسين بن الفضل: سمعت ابن الجعابي يقول: دخلت الرّقّة، وكان لي ثَمَّ قِمْطَران كُتُبٍ، فأنْفَذْتُ غُلامي إلى الذي عنده كُتُبي، فرجع مغمومًا وقال: ضاعت الكتب، فقلت: يا بُنَيّ لا تغتّمِ، فإنَّ فيها مائتي ألف حديثٍ لا يُشْكَلُ عليّ حديث منها لا إسنادًا ولا مَتْنًا. وقال أبو علي التنوخي: ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر بن الْجِعابي، وسمعت من يقول: إنّه يحفظ مائتي ألف حديث ويُجيب في مثلها، إلّا أنّه كان يفضِّل الحفاظ بأنّه كان يَسُوق المُتُون بألفاظها، وأكثر الحُفّاظ يتسمَّحون في ذلك، وكان إمامًا في المعرفة بعلل الحديث وثقات الرجال ومواليدهم ووفياتهم، وما يُطعن على كل واحدٍ منهم، ولم يبق في زمانه من يتقدّمه في الدين. قال أبو ذرّ الهَرَوي: سمعت أبا بكر بن عبدان الحافظ يقول: وقع إليّ جزء من حديث الْجِعابي، فحفظت منه خمسة أحاديث، فأجابني فيها، ثم قال: من أين لك هذا؟ قلت: من جزء لك. قال: إن شئت ألق عليَّ المتن وأجيبك في الإسناد، أو ألْقِ عَليّ الإسناد وأُجيبك في المتن.

_ 1 انظر: تاريخ بغداد للخطيب "3/ 27".

وقال أبو الحسن بن رزقويه، مما سمعه من الخطيب: كان ابن الْجِعابي يُملي مجلسَه، وتمتليء السّكّة التي يُملي فيها والطريق، ويحضره ابن المظفّر والدارقُطني، ويُملي الأحاديث بطُرُقها من حِفْظه. قال أبو علي النَّيْسَابُوري: قلت لأبن الْجِعابي: قد وصلت إلى الدَّيَنَور، فهلَّا جئت نَيْسابور؟ قال: هممت به، ثم قلت: أَذْهَبُ إلى عَجَمٍ لا يفهمون عنِّي ولا أفهم عنهم. وقال الحاكم: قلت للدارقُطْني: يبلغني عن الْجِعابي أنّه تغيِّر عمَّا عهِدْناه، فقال: وأيّ تَغَيّر؟ قلت بالله: هل اتّهَمْتَه؟ قال: أيْ والله، ثم ذكر أشياء، فقلت: وصحّ لك أنّه خلط في الحديث؟ قال: أي والله. قلت: حتى خفت أنّه ترك المذهب، قال: ترك الصلاة والدين. وقال محمد بن عبد الله السبحي: كان ابن الْجِعابي المحدّث قد صحِب قومًا من المتكلّمين فسقط عند كثير من الحديث، وأمر قبل موته أن تُحرق دفاتره بالنّار، فأَنْكِر عليه واستُقْبح ذلك منه، وقد كان وصل إلى مصر ودخل إلى الإخشيد، ثم مضى إلى دمشق فوقفوا على مذهبه فشرّدوه، فخرج هاربًا. وقال أبو حفص بن شاهين: دخلت أنا وابن المُظفّر والدارقُطْني على الْجِعابي وهو مريض، فقلت له: من أنا؟ فقال: سُبْحانَ الله ألستم فلان وفلان، وسمّانّا، فدَعَوْنا وخرجنا فمشينا خطوات، وسمعنا الصائح بموته، فرجعنا إلى داره فرأينا كُتُبَه تَلَّ رَمَاد. وقال الأزهريّ: كانت تبكيه نائحة الرافضة تنوح مع جنازته. قال أبو نعيم: قَدِمَ علينا الجعابي أصبهان سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. ولأبي الحسن محمد بن سُكّرة في ابن الجعابي: ابن الجعابي ذو سجايا ... محمودةٌ منه مُسْتَطَابَهْ رأي الرّيا والنّفاقَ حظًا ... في ذي العصابة وذي العصابةِ يعطي الإماميّ ما اشْتَهاه ... ويثبت الأمرَ في القرابهْ حتى إذا غاب عنه أنمى ... يثبت الأمر في الصحابة وإنْ خلا الشيخُ بالنّصَارَى ... رأيت سمعان أو مرابهْ

قد فطن الشيخ للمعاني ... فالغَرُّ مَن لامه وعابه أنبأ المسلّم بن علان، والمؤمّل بن محمد، ويوسف بن يعقوب، أن أبا اليُمْن الكِنْدي أخبرهم: أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، حدّثني الحسن بن محمد الأشتر، سمعت أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشم غير مرة يقول: سمعت ابن الْجِعابي يقول: أحفظ أربعمائة ألف حديث وأذاكر بستمائة ألف حديث. وبه قال الخطِيب: حدّثني الأزهريّ، ثنا أبو عبد الله بن بُكَيْر عن بعض أصحاب الحديث وأظنّه -ابن درّان- قال: رآني أبن الْجِعابي وقد جئت من مجلس المظفّر فقال: كم أمْلَى؟ فسميت، فقال: أيّما أحبّ إليك، تذكر أسانيد الأحاديث وأذكر مُتُونها، أو تذكر المتونَ وأذكر أسانيدها؟ فقلت: بل المتون. فجعلت أقول: روى حديثًا سنة كذا وكذا، فيقول: حدّثكم به عن فلان بن فلان، فلم يُخطئ في جميعها. وبه سمعت التنوخي يقول: تقلّد ابن الْجِعابي قضاء الموصل، فلم يُحمد في ولايته. وذكر الخطيب عن رجاله أنّ ابن الجعابي كان يشرب في مجلس ابن العميد. قلت: لم يُبَيَّن ما كان يشرب هل هو نبيذ أو خمر. وقال السّلمي: سألت عنه الدارقطني، فقال: خلّط، وذكر مذهبه في التشيّع. وكذا ذكر الحاكم عن الدارقُطْني وذكر عنه، فقال: قال لي الثقة من أصحابنا ممّن كان يعاشر ابن الْجِعابي: إنّه كان نائمًا فكتبت على رِجْله، فكنت أراه ثلاثة أيام لم يمسّه الماء. وبالإسناد المذكور إلى الخطيب: ثنا الأزهري أنّ ابن الْجِعابي لما مات أوصى بأن تُحرق كُتُبْه، فكان معها كتب للناس، فحدّثني أبو الحسين بن البوّاب أنَّه كان له عنده مائة وخمسون جزءًا، فَذَهَبَتْ في جملة ما أُحْرِق. وقال مسعود السِجْزي: سمعت الحاكم، سمعت الدارقُطْني يقول: أخْبرْتُ بعِلّة أبي بكر الْجِعابيّ، فقمت إليه في الوقت، فأتيته فرأيته يحرِق كُتُبَهُ بالنّار، فأقمت عنده حتى ما بقي منه بيّنة، ثم مات من ليلته. قرأت على إسحاق الأسدي: أخبرك يوسف الحافظ، أنا أبو المكارم المعدّل، وأنا أحمد بن سلامة وغيره إجازةً، عن أبي المكارم، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ، أَنَا أَبُو

نُعَيم، ثنا محمد بن عمر بن مسلّم، ثنا محمد بن النُّعْمان السّلمي، ثنا هديّة، ثنا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: بئس الرّفيق الدّينار والدّرهم، لا ينفعان حتى يفارقاك. 168- محمد بن القاسم بن شعبان بن محمد1 بن ربيعة، الفقيه أبو إسحاق المصري المالكي صاحب التصانيف. قال القاضي عِياض: هو من ولد عمَّار بن ياسر -رضي الله عنه، ويعرف أيضًا بابن القرطي، نسبة إلى بيع القُرْط, كان رأس المالكية بمصر، وأحفظهم للمذهب، مع التَفَنُّن من التاريخ والأدب مع الدّين والورع، ومع فنونه لم يكن له بصر بالنّحْو، وكان واسع الرواية. له كتاب "الزاهي الشعباني في الفقه" وهو مشهور، وكتاب "أحكام القرآن"، وكتاب "مناقب مالك"، وكتاب "المنسك". روى عنه: محمد بن أحمد بن الخلاص التّجاني، وخَلَف بن القاسم بن سهلون، وعبد الرحمن بن يحيى العّطار، وطائفة. تُوُفّي لأربع عشرة بقيت من جُمادى الأولى. قلت: وكان ابن شعبان صاحب سنة كغيره من أئمة الفقه في ذلك العصر، فإنّي وقفت على تأليفه في تسمية الرواة عن مالك، قال في أوّله: "بديت فيه بحمد الله الحميد، ذي الرّشد والتسديد، الحمد لله أحقّ ما بُدئ، وأَولَى مَن شُكِر، الصّمَد الواحد ليس له صاحبة ولا ولد، جلَّ عن المثل، فلا شبيه له ولا عدْل عادل، فهو دان بعلمه، أحاط عِلْمُهُ بالأمور، ونفذ حُكْمُهُ في سائر المقدور"، وذكر باقي الخطبة، ولم يكن بالمُتْقِن للأثر مع سعة علمه. روى ابن حزم له في "المحلَّى" قال: ثنا أحمد بن إسماعيل الحضرمي، ثنا محمد بن أحمد بن الخلاص، ثنا محمد بن القاسم بن شعبان المصري، حدّثني إبراهيم بن عثمان بن سعيد، فذكر حديثًا ساقطًا، ثم قال ابن حزْم: ابن شعبان في المالكية نظير عبد الباقي بن قانع في الحنفيّين، قد تأمّلنا حديثهما فوجدنا فيه البلاء المبين والكَذِب البَحْت والوضع، فإمّا تغيّر حفظهما وإما اختلطت كتبهما.

_ 1 سير أعلام النبلاء "10/ 163"، والديباج المذهب "248"، وإيضاح المكنون "2/ 300".

169- محمد بن محمد بن عُبيد اللَّه1 بن عمرو، أبو عبد الله الْجُرْجاني الواعظ المقرئ، وقيل: كنيته أبو الحسين، ويُلقّب بفضله. كان كثير الأسفار. سمع: محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، وحامد بن شعيب، وعِمران بن موسى، وأبا بكر بن خُزَيْمة، والحسن بن سفيان، وعبد الله بن شيروَيْه، وابن جَوْصا الدمشقي. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو بَكْر بن أبي علي الذكواني، وأبو نُعَيْم. وقال: أخرج عنه أبو الشيخ. وتُوُفّي سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. وَهِمَ الحاكمُ في قوله: توفِّي سنة أربعٍ وأربعين. 170- محمد بن مَعْمَر بن ناصح2، أبو مسلم الذُّهلي الأصبهاني الأديب. سمع أبا بكر بن عاصم، وأبا شعيب الحرّاني، ويوسف بن يعقوب القاضي، وموسى بن هارون. وعنه: علي بن عبد ربّه، وأبو بكر الذّكواني، وأبو نُعَيم الحافظ، وأهل أصبهان. 171- منذر بن سعيد بْن عَبْد اللَّه3 بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو الحاكم البَلُّوطي الكُزْني، وكُزنة فخذ من البربر، قاضي القضاة بقرطبة. سمع من: عبيد الله بن يحيى الليثي، وحجّ سنة ثمان وثلاثمائة، فأخذ عن أبي المنذر كتاب "الأَشراف"، وأخذ العربية عن ابن النحّاس. كان يميل إلى رأي داود الظاهريّ ويحتجّ له، ووُلّي القضاء في الثغور الشرقية، ثم وُلّي قضاء الجماعة سنة تسعٍ وثلاثين، وطالت أيامه وحُمدت سيرته، وكان بصيرًا بالْجَدَل والنظر والكلام، فَطِينًا بليغًا متفوّهًا شاعرًا، وله مُصَنَّفات في القرآن والفِقْه، أخذ النّاس عنه.

_ 1 انظر تاريخ جرجان "423". 2 انظر أخبار أصبهان "2/ 284"، وشذرات الذهب "3/ 17". 3 انظر العبر "2/ 302"، وشذرات الذهب "3/ 17"، والكامل في التاريخ "8/ 674، 675"، واللباب "1/ 176".

تُوُفّي فِي ذي القعدة، وله اثنتان وثمانون سنة، وقد ولي الصلاة بالمدينة الزهراء، وكان قوَّالًا بالحق لا يخاف لومة لائم، وكان كثير الإنكار على الناصر لدين الله عبد الرحمن، بليغ الموعظة كبير الشأن. قيل: إنَّ أول معرفته بالنّاصر أنَّ النّاصر احتفل لدخول رسول ملك الروم صاحب قسطنطينية بقصر قُرْطُبَة الاحتفال الذي اشتهر، فأحبَّ أن يقوم الشعراء والخطباء بين يديه، فقدَّموا لذلك أبا علي القالي رصيف الدولة، فقام وحَمَد الله تعالى وأثنى عليه، ثم أترج عليه وبُهِت وسكت، فلمَّا رأي ذلك منذر القاضي قام دونه بدرجة، ووصل افتتاح القالي بكلام عجيب بهر العقول جزالةً، وملأ الأسماع جلالةً، فقال: أمّا بعد، فإنَّ لكل حادثة مقامًا، ولكلّ مقامٍ مقالًا، وليس بعد الحقّ إلّا الضلال، وإنّي قد قمت في مقامٍ كريم بين يدي ملك عظيم، فاصْغوا لي بأسماعكم، إنّ من الحقّ أنْ يُقال للمُحِقّ: صدَقت، وللمُبِطْلِ: كَذَبتَ، وإنّ الجليل تعالى في سمائه، وتَقدّس بأسمائه، أمر كَلِيمَه موسى أن يذكّر قومه بنعم الله عندهم، وأنا أذكّركم نِعَمَ الله عليكم، وتلافيه لكم بولاية أميركم التي آمَنَتْ سربكم، ورفعت خوفكم، وكنتم قليلًا فكثّركم، ومُسْتَضْعَفِينَ فقوّاكم، ومُسْتَذَلّين فنصركم، ولاه الله أيّامًا ضربت الفتنة سُرادقها على الآفاق، وأحاطت بكل شُعَلُ النفاق، حتى صرتم مثل حدقة البعير، مع ضيق الحال والتغيير، فاستُبْدِلتم من الشدّة بالرخاء. فناشدتُكُمُ اللَّهَ أَلم تكن الدماء مسفوكةً فَحَقَنها، والسُبُلُ مَخُوفَةً فأَمَّنها، والأموال مُنتَهَبَةً فأحرزها، والبلاد خرابًا فعمّرها، والثغور مهتَضَمَة فحماها ونصرها؟ فاذكروا آلاء الله عليكم1. وذكر كلامًا طويلًا وشعرًا، فقطب "العِلْج"، وصلّب وتعجّب الأمير عبد الرحمن منه، وولاه خَطابة الزّهراء، ثم قضاء الجماعة بمملكته، ولم يُحفظ له قضية جَوْر، وقد استعفى غير مرّة فلم يُعف، والله أعلم. وَفَيَات سنة ست وخمسين وثلاثمائة: حرف الألف: 172- أحمد بن أسامة بن أحمد2 بن أسامة بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

_ 1 انظر معجم الأدباء "19/ 175". 2 انظر معرفة القراء "1/ 240"، وغاية النهاية "1/ 38"، وحسن المحاضرة "1/ 488".

السّمْح بن أسامة، أبو جعفر التّجَيبي، مولاهم المصري المقرئ. قرأ القرآن على إسماعيل بن عبد الله النّحاس، عن أبي أيّوب الأزرق صاحب ورش. وتصدَّر للإقراء، فقرأ عليه خَلَفُ بن إبراهيم بن خاقان، شيخ أبي عمرو الدّاني وغيره. وسمع الحديث من بكر بن سهْل الدِمياطي، وغيره. روى عنه: أبو القاسم يحيى بن علي بن الطّحان في تاريخه، وقال: تُوُفّي في شهر رجب سنة اثنتين وأربعين، وقيل: ستٍ وخمسين. وأمّا أبو عمرو الدّاني فروى عن خَلَف بن إبراهيم وفاته سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، وأنّه نَيّفَ على المائة. قال أبو عمرو: روى عنه القراءة محمد بن النعمان، وخلف بن قاسم، وعبد الرحمن بن يونس. 173- أحمد بن بُوَيْه الدَّيْلمي1، السلطان مُعِزّ الدولة أبو الحسين بن فناخسرو بن تمَّام بن كوفي بن شيرزيل بن شيركوه بن شيرزيل بن شيران بن شيرفنة بن شبستان شاه بن سَسَن فرو بن شروزيل بن سَسْناد بن بهْرامَ جُور. أحد ملوك بني ساسان، كذا ساق نَسَبَه القاضي شمس الدين، وَعَدَّ ما بينه وبين بهْرام ثلاثة عشر أبًا، وقابلته على نسختين. كان بُوَيْه يصطاد ويحترف، وكان ولده أحمد هذا رُبَّما احتطب، فآل أمره إلى المُلْك، وكان قدومه إلى بغداد سنة أربعٍ وثلاثين، وكان موته بالبَطَن، فَعَهِد إلى ولده عزّ الدولة أبي منصور بَخْتيار بن أحمد. وقيل: إنّه لمَّا احتضر استحضر بعض العلماء فتاب على يده، كلّما حضر وقت الصلاة خرج العالم إلى مسجد، فقال معزّ الدولة: لم لا تُصلّي هنا؟ قال: إن الصلاة في هذه الدار لا تصحّ، وسأله عن الصحابة، فذكر له سوابقهم، وأنّ عليًا زوّج بنته من فاطمة بعمر -رضي الله عنه، فاستعظم وقال: ما علمت بهذا، وتصدق بأموال عظيمة، وأعتق

_ 1 انظر المنتظم "7/ 38"، والكامل "8/ 573-580"، وسير أعلام النبلاء "16/ 189، 190".

غلمانه، وأراق الخمور، وردَّ كثيرًا من المظالم، وكان الرفض في أواخر أيامه ظاهرًا ببغداد، وكان يقال: إنه بكى حتى غشي عليه، وندم على الظلم. توفِّي في سابع عشر ربيع الآخر عن ثلاث وخمسين سنة، ومات بعلة الذرب. وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة، وكان قد ردَّ المواريث إلى ذوي الأرحام. ويقال: إنه من ذرية سابور ذي الأكتاف، وهو أخو ركن الدولة وعماد الدولة، وعمّ عضد الدولة. وكان يقال لمعز الدولة: الأقطع؛ لأنه كان تبعًا لأخيه عماد الدولة، فتوجَّه إلى كرمان بإشارة أخيه، فلمَّا وردها سمع صاحبها به فرحل عنها وتركها، فملكها معز الدولة، وكان بتلك الجبال طائفة من الأكراد يحملون لصاحب كرمان حملًا، بشرط أن لا يطأوا بساطه، فلما ملك هذا هادنهم، ثم غدر بهم وبيَّتهم، فعلموا وقعدوا له على مضيق، فلما دخله أحاطوا به وبجيشه قتلًا وأسرًًا، ووقع في معز الدولة عدة ضربات، وطارت يساره في حرب، وطارت بعض اليمنى، وسقط بين القتلى ثم نجا، وتملّك بغداد بلا كلفة، ودانت له الأمم، وكان في الابتداء تَبَعًا لأخيه الملك عماد الدولة. مات فِي ربيع الآخر سنة ستًّ وخمسين وثلاث مائة، وله ثلاث وخمسون سنة. وقد أنشأ دارًا غرِم عليها أربعين ألف ألف درهم، فبقيت إلى بعد الأربعمائة ونُقِضت، فاشتروا جردَ ما في سقوفها من الذهب بثمانية آلاف دينار. 174- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، أبو محمد المزني المغفلي الهروي. قال الحاكم: كان إمام أهل خراسان بلا مدافعة، سمع علي بن محمد الجكاني، وأحمد بن نجدة بن العريان، وجماعة بهراة، وإبراهيم بن أبي طالب بنيسابور، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني، وعمران بْن مُوسَى بْن مُجاشِع، والحسن بْن سُفْيَان، ويوسف القاضي، وأبا خليفة، ومطينًا، وعبدان، وعبيد غنام، وعلي بن أحمد علَّان المصري، وطائفة سواهم بالشام ومصر والعراق. وعنه من شيوخه: أبو العباس بن عقدة، وعمرو بن الربيع بن سليمان، ومن هو أكبر منه، أبو بكر بن إسحاق الصبغي. وروى عنه الحاكم، وأبو بكر القفال، وأبو عبد الله الخازن.

قال الحاكم: وقد حج بالناس، وخطب بمكة، وقدم إليه المقام وهو قاعد في جوف الكعبة، ولقد سمعتهم بمكة يذكرون أنَّ هذه الولاية لم تكن قط لغيره، ومن شعره: نزلنا مكرهين بها فلما ... ألفناها خرجنا كارهينا وما أحب الديار بنا ولكن ... أمر العيش فرقة من هوينا وذكر الحاكم من عظمة أبي محمد المزني أنَّه كان فوق الوزراء، وأنهم كانوا يصدون عن رأيه، وجاور مرة بمكة، قال: وكنت ببخارى أستملي له، فذكر أنه حصل له وجد وشيء من غشي بسبب إملاء حكاية وأبيات، وتوفِّي بعد جمعة في سابع عشر رمضان سنة ست وخمسين، ورأيت الوزير أبا على البلعمي وقد حَمَلَ في تابوته، وأحضر إلى باب السلطان، يعني ببخارى، للصلاة عليه، ثم حمل تابوته إلى هراة فدفن بها، فسمعت ابنه بشرًا يقول: آخر كلمة تكلم بها: أن قبض على لحيته ورفع يده اليمنى إلى السماء وقال: ارحم شيبة شيخ جاءك بتوفيقك على الفطرة. قال الحاكم: وسمعت أبا الفضل السليماني، وكان صالحًا، يقول: رأيت أبا محمد المزني في المنام بعد وفاته بليلتين وهو يتبختر في مشيته ويقول بصوت عالٍ: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص: 60] . وقال أبو النَّضر عبد الرحمن بن عبد الجبّار الفامي في "تاريخ هراة": أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن محمد بن بشر بن مغفل بن حسان بن عبد الله بن مغفل المزني الملقب بالباز الأبيض. كان إمام عصره بلا مدافعة في أنواع العلوم، مع رتبة الوزراة، وعلوّ القدر عند السلطان. لم يذكر له مولدًا، ولعله في حدود السبعين ومائتين. 175- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بن عبد الله بن صفوان، أبو بكر بن أبي دجانة النصري الدمشقي العدل. سمع أباه، وعبد الملك بن محمود بن سميع، وإبراهيم بن دُحَيْم، وعبد الرحمن بن القاسم الرواس، والحسن بن الفرج الغزي، وابن سلم المقدسي، ومحمد بن النفاح الباهلي، ومحمد بن زبان، وطائفة كبيرة بمصر والشام، وعنه تمام، وعبد الوهاب الميداني، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعلي بن موسى السمسمار، وانتقى عليه الحافظ ابن منده سعبة أجزاء.

ومولده سنة ثمانين ومائتين. وأبو زرعة هو عم أبيه. قال الكتاني: كان ثقة مأمونًا، توفِّي في رمضان كالذي قبله. 176- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الجارود، الحافظ أبو بكر الرقي، نزيل عسكر مكرم. كذَّاب، زعم أنه سمع هشام بن عمار، ويونس بن عبد الأعلى، وعلي بن حرب، والحسن بن عرفة، وعيسى بن أحمد البلخي، وأبا إبراهيم المزني، ومحمد بن عوف الحمصي، والحسن بن محمد الزعفراني، وحدَّث عنهم؛ فروى عنه إبراهيم بن أحمد الطبري، وعلي بن الحسن الإستراباذي، وأبو عَلِيّ منصور بْن عَبْد اللَّه الخالديّ، ومحمد بن أحمد الأندلسي، وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ. سمع منه في هذا العام فانقطع خبره. كذَّبه أبو بكر الخطيب. وقال ابن طاهر المقدسي: كان يضع الحديث ويركبه على الأسانيد المعروفة. وقال أبو نعيم: حدثنا ابن الجارود وفي القلب منه. 177- أحمد بن محمد بن إبراهيم بن صالح السمرقندي، أبو يحيى الكرابيسي، راوية محمد بن نصر المروزي. وسمع أيضًا يحيى بن أفلح، والليث بن حبروية، وعنه الحاكم وأهل بخارى. توفي في شوال. 178- أحمد بن محمود بن زكريا1 بن خرّزاذ، القاضي أبو بكر الأهوازي. سمع: أبا مسلم الكجّي، وأبا جعفر الحضرمي مُطَيّنًا، ونحوهما. توفِّي فِي ذي القعدة. 179- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن خَلَف2 بن أبي حُجَيْرة، أبو بكر القُرْطُبّي. سمع من: أحمد بن خالد بن الحباب، وجماعة، ودخل فسمع بمصر من محمد بن جعفر بن أعين.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "8/ 157". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 48".

وكان زاهدًا متبتّلًا فقيهًا. توفِّي في جُمادى الأولى. 180- إبراهيم بن محمد بن شهاب1، أبو علي العطّار الحنفي، كان من متكلّمي المعتزلة. روى عن: محمد بن يونس الكديمي، وأبي مسلّم الكجّي. وعنه محمد بن طلحة النّعاليّ. عِدادُهُ في البغداديين. عاش بِضْعًا وثمانين سنة. 181- إسماعيل بن القاسم بن هارون2 بن عَيذون، العلَّامة أبو علي الغدادي القالي. سألوه عن هذه النسبة فقال: إنه وُلد بمَنَازِكِرْد3، فلما انحدرنا إلى بغداد كان رفقته فيها جماعة من أهل قالي قَلاء، فكانوا يحافظون لمكانهم من الشعر، فلمَّا دخلت بغداد انتسبت إلى قالي قَلا، وهي قرية من قرى منازكرد من أرمينية، ورجوت أن انتفع بذلك عند العلماء، فمضى عليَّ القالي. وقيل: إنّ مولده سنة ثمانين ومائتين. أخذ العربية واللغة عن ابن دُرَيْد، وابن أَبِي بكر بن الأنباري، وابن دَرَسْتَوَيْه، وسمع من أبي يعلى الموصلي، وأبي القاسم البَغَوِي، وأبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد، وابن عرفة نفْطَوَيْه، وعلي بن سليمان الأخفش، وقرأ بحرف أبي عمرو بن أبي بكر بن مجاهد، وأوّل دخوله إلى بغداد سنة خمس وثلاثمائة. حكى هارون النّحْويّ قال: كنَّا نختلف إلى أبي علي بجامع الزهراء، فأخذني المطر، فدخلت وثيابي مُبْتَلّة، وحوله أعلام أهل قرطبة، فقال لي: مهلًا يا أبا نصر، هذا هيِّن وتبدّله بثياب أُخَر، فلقد عرض لي ما أبقى بجسمي نُدُوبًا. كنت أختلف إلى ابن مجاهد فأدْلَجْتُ، فلما انتهيت إلى الدرب رأيته مغلقًا، فقلت: أبكر هذا البكور

_ 1 انظر تاريخ بغداد "6/ 167". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 69"، والأنساب "10/ 33"، وسير أعلام النبلاء "16/ 45-47". 3 بلد بين خلاط وبلاد الروم.

وتفوتني النّوُبَة، فنظرت إلى سَرَبٍ هناك فاقتحمته، فلما أنْ توسّطْتُه ضاق بي، ونشبت فاقتحمته أشدَّ اقتحام، فنجوت بعد أن تخرّقَت ثيابي وتزلَّع جِلْدي حتى انكشف العَظْم، فأين أنت ممّا عرض لي. ثم أنشد: ثَبَتَّ للمجد والسَّاعونَ قد بلغوا ... جَهْدَ النُّفُوس وألقوا دونه الأزرا فكابَدُوا المجِدَ حتى مَلَّ أَكْثَرهُم ... وعانق المجدَ مَن أوفى ومَن صَبَرا لا تَحْسِبِ المجدَ تمرًا أنت آكَلُه ... لن تَبْلُغَ المجدَ حتى تَلْعَقَ الصَّبْرا قال: ودخل الأندلس في سنة ثلاثين، فقصد صاحبَها عبدَ الرحمن النّاصر لديَن الله فأكرمه، وصنَّف لولده الحَكَم تصانيف، وبثَّ علومه هناك، وكان قد بحث على ابن دَرَسْتَويْه الفارسي كتاب سيبَويه، ودقّق النظر وانتصر للبصْرِيّين، وأملى أشياء من حفظه ككتاب "النوادر"، وكتاب "الأمالي" الذي اشتُهر اسمه، وكتاب "المقصور والممدود"، وله كتاب "الإبل"، وكتاب "الخيل"، وله كتاب "البارع في اللغة"، نحو خمسة آلاف ورقة، لم يؤلف أحد مثله في الإحاطة والجمع، لكن لم يتممّه. وولاؤه لعبد الملك بن مروان، ولهذا قصد بني أمَيّة ملوك الأندلس، فَعَظُم عندهم وكانت كتبه على غاية الاتقان. أخذ عنه: عبد الله بن الربيع التميمي، وهو آخر من حدّث عنه، وأحمد بن أبان بن سيد، وأبو بكر محمد بن الحسن الزّبِيدي اللّغَوي، وغيرهم. توفِّي أبو علي بقرطبة في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاثمائة. حرف الجيم: 182- جعفر بن محمد بن الحارث، أبو محمد المراغي1. طوَّف الأقاليم وسمع محمد بن يحيى المروزي، وأبا عبد الرحمن النّسَائي، وأبا خليفة، والفِرْيابي، وعبد الله بن ناجية، وأبا يَعْلَى الموصلي، وطائفة بعد الثلاثمائة، وعاش نيفًا وثمانين سنة.

_ 1 لا بأس به في عداد المستورين.

روى عنه الحاكم وقال: كان من أصدق الناس في الحديث، وأبو عبد الرحمن السّلمي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السرّاج، وآخرون. 183- جعفر بن مطر النَّيْسَابُوري1. رحل وسمع محمد بن أيوب بن الضريس، وأبا خليفة. وعنه الحاكم وغيره. حرف الحاء: 184- حامد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ2 بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ معاذ، أبو علي الرفا الهوري المحدِّث الواعظ. سمع: الفضل بن عبد الله اليشكري، وعثمان بن سعيد الدّارمي، والحسين بن إدريس، ومحمد بن عبد الرحمن بهَرَاة، وبهَمَذَان محمد بن المغيرة السُّكّري، ومحمد بن صالح الأشجّ، وعلي بن عبد العزيز بمكة، ومحمد بن يونس الكديمي، وإبراهيم الحربي، وبِشْر بن موسى ببغداد، وسمع أيضًا بَنْيسابور داود بن الحسين البَيْهَقي، وخليفة، وسمع محمد بن أيّوب البجلي بالرّيّ وبالكوفة. وعنه: الحاكم، وأبو منصور محمد بن محمد الأزدي، وأبو علي بن شاذان، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وسعيد بن عثمان بن عمّار، ومحمد بن عبد الرحمن الدّبّاس، وأبو عثمان سعيد بن العبّاس القرشي، وهو آخر من حدَّث عنه. عاش إلى سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وحدَّث أبو علي ببغداد بانتخاب الدارقُطْني. وثَّقَه الخطيب وغيره، وكان موته بَهَراة في رمضان. أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الخلَّال، أنا أَبُو الْمِنْخَالِ اللُّتِّيِّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد الأَنْصَارِيُّ، أنا محمد بْنُ يُوسُفَ، أنا حَامِدُ بْنُ محمد، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن

_ 1 انظر السابق. 2 انظر تاريخ بغداد "8/ 172"، والمنتظم "7/ 39"، والأنساب "6/ 141، 142"، وسير أعلام النبلاء "16/ 16".

مَسْلَمَةَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَى كَلِمَةِ الْعَدْلِ وَالْهُدَى وَالصَّوَابِ، وَقِوَامِ الْكِتَابِ، هَادِينَ مَهْدِيِّينَ، رَاضِينَ مرضيين، غير ضالين ولا مضلين. حرف السّين: 185- سعيد بن أحمد بن محمد1 بن عبد ربّه، أبو عثمان الفقيه ابن شاعر الأندلس. سمع: محمد بن عمر بن لُبَابة، وأسلم بن عبد العزيز، وجماعة. وكان مقدَّمًا في الفتوى، ثقة عالمًا، أخذ الناس عنه. حرف العين: 186- العبَّاس بن محمد بن نصر2 بن السّرِيّ، أبو الفضل الرافضي. سمع: هلال بن العلاء، وسعيد بن يحيى بن يزيد صاحب مُصْعَب الزُّبَيْري، ومحمد بن الخَضِر بن علي، وحفص بن عمر بن سنجة، ومحمد بن محمد الجذوعي القاضي، وصباح بن محمد بن صباح صاحب المعافى بن سليمان، وغيره. ولعلَّه آخر من روى عن هلال بن العلاء. روى عنه: عبد الرحمن بن عمر النّحاس، وأبو عبد الله بن نظيف، وأحمد بن محمد بن الحاجّ، وجماعة. وتوفِّي بمصر، قال يحيى بن علي الطحاوي: تكلموا فيه. 187- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد3 بْن حبان، أبو الطيب قاضي طوس. قال الحاكم: روى عن مسدَّد بن قطن، ومحمد بن إسماعيل بن مهران، وجماعة. وخُرّجت له الفوائد، وكان من أعيان أصحاب أبي علي الثقفي. توفِّي سنة ست وخمسين.

_ 1 انظر تاريخ الأندلس "1/ 170"، وبغية الملتمس "307". 2 انظر شذرات الذهب "3/ 19"، وميزان الاعتدال "3/ 245". 3 لا بأس به، في عداد المستورين.

188- عبد الخالق بن الحسن بن محمد1 بن نصر بن أبي رُوبا السقطي العدّل ببغداد. سمع: محمد بن سليمان الباغندي، ومحمد بن غالب تمام، وإسحاق بن الحسن الحربي، وأبا شعيب الحراني. وعنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن داود الرّزّاز، وعبد الله بن يحيى السُّكّري، وطلحة الكتّاني، وأبو علي بن شاذان، ومحمد بن طلحة النّعالي. وثَّقه البَرْقاني. 189- عثمان بن محمد بن بشر، أبو عمرو2 السَّقَطي البغدادي، سَنَقه. سمع: محمد بن يونس الكديمي، وإسماعيل القاضي، وإبراهيم الحربي، وأحمد بن علي البربهاري، وغيرهم. وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني، وأثنى عليه البرقاني ووثَّقه. روى عن: ابن رزقويه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وعبد الله السُّكّري، وطلحة بن الصقر، ومحمد بن طلحة النّعالي. توفِّي في ذي الحجّة، وله سبع وثمانين سنة. 190- علي بن إبراهيم بن حمّاد3 بن إسحاق، أبو الحسن الأزدي البغدادي القاضي. سمع: محمد بن يوسف الكديمي، وبِشْر بن موسى، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وانتخب عليه الدارقطني. وعنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن داود الرّزّاز. وثَّقه الخطيب، قال: ولي قضاء الأهواز.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "11/ 124"، والمنتظم "7/ 40"، وسير أعلام النبلاء"16/ 81". 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 304"، والمنتظم "7/ 40"، وسير أعلام النبلاء "16/ 81". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 339".

191- عليّ بْن الحُسَيْن بْن مُحَمَّد1 بن أحمد بن الهيثم، أبو الفرج الأصبهاني، الكاتب، مصنِّف كتاب "الأغاني". سمع: محمد بن عبد الله بن سليمان الحضْرمي، ومحمد بن جعفر القتّات، والحسين بن أبي الأحوص، وعلي بن العبّاس المقانعي الكوفيّين، وأبا خُبيب بن البرتي، فمن بعدهم. والهيثم هو ابن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الله بن مروان الحمار بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ. روي عنه: الدارقُطْني، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وعلي بن أحمد الرّزّاز، وآخرون. واستوطن بغداد من صباه، كان من أعيان أدبائها وأفراد مصنّفيها، روى عن طائفة كثيرة، وكان إخباريًّا نَسَّابةً شاعرًا، ظاهر التشيُّع. قال أبو علي التنوخيّ: كان أبو الفرج يحفظ من الشعر والأغاني والأخبار والمُسْنَدات والأنساب ما لم أر قطّ من يحفظ مثله، ويحفظ سوى ذلك من علوم أُخَر، منها: اللغة والنحو والمغازي والسّير، وله تصانيف عديدة، وحصل له ببلاد كُتُب صنّفها لبني أُمَيّة ملوك الأندلس أقاربه، سيَّرَها إليهم سِرًّا، وجاءه الإنعام سرا، فمن ذلك: "نسب بني عبد شمس"، وكتاب "أيام العرب ألف وستمائة يوم"، وكتاب "جَمْهرة النَّسَب"، وكتاب "نسب بني شَيْبان"، وكتاب "نسب المهالبة"؛ لكونه كان منقطعًا إلى الوزير المُهَلّبي، وله فيه مدائح، وله كتاب "أخبار الشواعر"، وكتاب "مقاتل الطالبيّين"، وكتاب "الزّيارات"، وهذا عجيب إذ هو مروانيّ يتشيّع. قال ابن أبي الفوارس: قد خلّط قبل أن يموت. قال: وتُوُفّي في ذي الحجّة، وكان مولده سنة أربع وثمانين ومائتين. قلت: رأيت شيخنا ابن تيمية يضعّفه ويتّهمه في نقله، ويستهول ما يأتي به، وما علمتُ فيه جرحًا إلّا قول ابن أبي الفوارس: خلّط قبل أن يموت، وقد أثنى على كتابه "الأغاني" جماعة من جلية الأدباء. ومن تواليفه كتاب "أخبار الطفيلين"، وكتاب "أخبار جحظة"، كتاب "أدب السماع"، كتاب "الخمّارين".

_ 1 انظر تاريخ بغداد "11/ 398"، والمنتظم "7/ 40"، وميزان الاعتدال "3/ 123"، والكامل "8/ 581".

قال هلال بن المحسّن الصّابي، كان أبو الفرج صاحب "الأغاني" من نُدماء الوزير المهلَّبي، وكان وسِخًا قذِرًا لم يُغْسَلْ له ثوب أبدًا منذ فصّله إلى أنْ يتقطّع، وشِعْره جيّد لكنّه في الهجاء أبلغ، وكانوا يتّقون لسانه ويصبرون على مجالسته ومشاربته. ذكر ابن الصابي أنَّ أبا القاسم الْجُهَني مُحتِسب البصْرة كان من نُدَماء المهلّبي، وكان يُورِد الطّامّات من الحكايات المُنْكَرة، فجرى مرّة حديث النَّعْنَع فقال: في البلد الفُلاني نعنع يطُول حتى يصير شجرًا، ويُعمل من شجره سلالم، فثار منه أبو الفرج الأصبهاني وقال: نعم، عجائب الدنيا كثيرة ولا يُنكَر هذا، والقدرة صالحة، أنا عندي ما هو أغرب من هذا، زَوْج حمام يبيض بيضتين، فآخذهما وأضع تحتهما سنجة مائة وسنجة خمَسين، فإذا فرغ زمان الحضان انفقست النسجتان عن طشْت وأبريق، فضحك أهل المجلس، وفطن الْجُهَنيّ لِما قصد أبو الفرج من الطنز به، وانقبض عن كثير من حكاياته. ومن نظْم أبي الفرج وكتب به إلى صديق وأجاد: أبا محمد المحمود يا حسن الإ ... حسان والْجُودِ يا بحرَ النّدى الطّامي حاشاك من عَوْدِ عُوّادٍ إليك ومن ... دواء داءٍ ومن إلمام آلام 192- علي بن عبد الله بن حمدان1 بن حمدون بن الحارث بن لقمان بن راشد، الأمير سيف الدولة أبو الحسن التغلبي الجْزري صاحب حلب وغيرها، وأخو ناصر الدولة الحسن. كان مقصد الوفود، ومطلع الجود، وكعبه الأمال، ومحط الرحال، وكان أديبًا شاعرًا. ويقال: إنه لم يجتمع بباب ملك بعد الخلفاء ما اجتمع ببابه من الشعراء، وكان عطاء الشعراء من فرائض الأمراء، وكان كلٌّ من عبد الله بن الفيّاض الكاتب، وأبي الحسن علي الشمشاطي، قد اختار من مدائح الشعراء في سيف الدولة عشرة آلاف بيت. ملك مدينة حلب سنة ثلاث وثلاثين، انتزعها من أحمد بن سعيد الكلابي نائب الإخشيد، وكان قبلها قد استولى على واسط ونواحيها، وتقلّبت به الأحوال، وملك

_ 1 انظر المنتظم "7/ 41"، وسير أعلام النبلاء "16/ 187- 189"، والكامل في التاريخ "8/ 580".

دمشق أيضًا، وكثيرًا من بلاد الشام والجزيرة، وجرت له حروب، وذلك أنَّه توجَّه من حلب إلى حمص، فلقيه جيش الإخشيد وعليهم كافور الإخشيد المتوفَّى أيضًا في هذه السنة، فكان الظّفَر لسيف الدولة، وجاء فنازل دمشق فلم يفتحوا له، فرجع، وكان الإخشيد قد خرج بالجيوش من مصر، فالتقى هو وهو بنواحي قِنَّسرين، فلما ظفر أحدهما بالآخر تقهقر سيف الدولة إلى الجزيرة، ورد الإخشيد إلى دمشق، ثم ردّ سيف الدولة فدخل حلب، ومات الإخشيد بدمشق في آخر سنة أربع وثلاثين، وسار كافور بالعساكر إلى مصر، فقصد سيف الدولة دمشق وملكها وأقام بها، فذكروا أنّه كان يساير الشريف العقيقي فقال: ما تصلح هذه الغوطة إلّا لرجلٍ واحدٍ، فقال له العقيقي: هي لأقوام كثير، لئن أخذتها القوانين ليتبرّأون منها، فأعلم العقيقي أهل دمشق بهذا القول، فكاتبوا كافور فجاءهم وأخرجوا سيف الدولة بعد سنة، ودخلها كافور. وُلد سيف الدولة سنة إحدى، ويقال: سنة ثلاث وثلاثمائة، ومدحه الخالديّان بقصيدة أولها: تَصُدُّ ودارُها صدَدُ ... وتُوعدُه ولا تعِدُ وقد قتلته ظالمَةً ... ولا عقل ولا قَوْدُ بوجهٍ كلّه قمرٌ ... وسائر جسمه اسَدُ وكان موصوفًا بالشجاعة، له غزوات مشهورة مع الروم، وكان مثاغرًا لهم، ومن شعره. وساقٍ صَبيح للصّبُوح دعوتُه ... فقام وفي أجفانه سنة الغُمْضِ يطوف بكاساتِ العُقار كأنْجُم ... فمِنْ بين مُنْقَضٍّ علينا مُنْقَضِ وقد نَشَرَت أيدي الجنوب مَطارفًا ... على الجوّدُ كنَّا والحواشي على الأرض يطرِّزها قوسُ السحاب بأصفَرٍ ... على أحمرٍ في أخضر إثر مُبْيَضِّ كأذيال خَوْدٍ أقبلت في غَلائلٍ ... مُصَبَّغةٍ، والبعضُ أقصَرُ من بعضِ وله: أُقَبِّلهُ على جَزعٍ ... كشُرْب الطائر الفزع

رأى ماء فأطمعه ... وأخاف عواقب الطمعِ ومما نُسِبَ إليه: قد جرى في دمعه دمُه ... فإلى كم أنتَ تَظْلِمُهُ ردّ عنه الطّرفَ منك فقد ... جَرَحَتْه منكَ أسهمه كيف يستطيع التَّجَلُّدَ من ... خَطَرَاتُ الوَهْم تؤلِمُهُ؟ وبقلبي من هوى رشاء ... تائه ما الله يعلمه ما دوَائي غير ريقته ... خمرة لتُقلب مرهَمُهُ يقال: إنّه مات بالفالج1، وقيل: بعُسْر البَوْل، بحلب في عاشر صفر، وحمل إلى ميافراقين فدُفن عند أمّه، وكان قد جُمع من نقض الغُبار الذي يتجمَّع عليه أيام غزواته ما جاء من لَبِنة بقَدْر الكَفّ، وأوصى أن يوضع خدُّه عليها في لَحده، ففُعِل ذلك به، وملك بعده حلبَ ابنُه سعيد الدولة، وهلك سنة إحدى وثمانين كما يأتي. فذكر ابن محمد الشمشاطي في تاريخه قال: ورد سيف الدولة إلى حلب عليلًا، فأمسك كلامه ثلاثة أيام، ثم جمع قرغويه الحاجب وظفر الخادم والكبار، فأخذ عليهم الأَيْمان لولده أبي المعالي بالأمر بعده، ومات على أربع ساعاتٍ من يوم الجمعة لخمس بقين من صفر الموافق ثامن شباط، وتولَّى أمرَه القاضي أبو الهيثم بن أبي حُصَين، وغسّله عبد الرحمن بن سهل المالكي قاضي الكوفة، وغسله بالبدر ثم الصَّنْدل، ثم بالذّريرة، ثم بالعنبر والكافور، ثم بماء ورد، ثم بالماء، ونُشَّف بثوب دبيقيّ بنيّف وخمسين دينارًا، أخذه الغاسل وجميع ما عليه وتحته، وصبَّره بصبر ومُرّ ومَنٍّ من كافور، وجعل على وجهه وبَخْره مائة مِثْقال غالية، وكفِّن في سبعة أثواب تساوي ألفَ دينار، وجُعل في التابوت مُضَرَّبة ومخدَّتان، وصلّى عليه أبو عبد الله العلوي الكوفي الأقساسي فكبَّر خمسًا. وعاش أربعًا وخمسين سنة شمسية. وخرج أبو فراس بن حمدان في الليل إلى حمص، ولما بلغ معزّ الدولة خبرُ موته جزع عليه وقال: أنا أعلم أن أيّامي لا تطول بعده، وكذا كان.

_ 1 مرض يصيب الجسم بالشلل طولًا.

وذكر النّجار أنَّ سيف الدولة حضر عيد النحر، ففرّق على أرباب دولته ضحايا، وكانوا ألوفًا، فبعث إليهم ما يُضَحُّون به، فأكثر مَن ماله مائة رأس وأقلّهم شاة، قال: ولزمه في فداء الأسارى سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ستّمائة ألف دينار، وفي ذلك يقول البَبَّغَاء: كانوا عبيد نَدَاك ثم شريتهم ... فَغَدوا عبيدك نعمة وشراء وكان سيف الدولة شيعيًّا متظاهرًا مِفْضالًا على الشيعة والعلويّين. 193- علي بن محمد بن خُلَيع1، أبو الحسن البغدادي الخيّاط المقرئ، أحد القرّاء، أخذ القراءة عن: يوسف بن يعقوب الواسطي، وزرعان بن أحمد. تصدَّر للإقراء ببغداد. قرا عليه الحمامي، وعبد الباقي بن الحسن، وأحمد بن عبد الله بن الخضر السوسنجردي، ومحمد بن أحمد الحربي، وآخرون، ويُعرف بابن بنت القَلانسي. قال الداني: سمعت فارس بن أحمد يقول: قال لي عبد الباقي: بَلَغْت على أبي الحسن ابن بنت القلانسي إلى "الكوثر" فقال لي: اخْتِمْ، فختمت، ثم إنّه سقط ذلك اليوم من سُلّم فكُسِر ومات، وذلك في ذي القعدة وهو في عُشْر الثّمانين، رحمة الله. 194- عُمَر بن جعفر بن محمد بن سَلْم، أبو الفتح الختلي البغدادي، أخو أحمد. سَمِعَ الحارث بْن أَبِي أسامة، ومحمد بْن يونس الكديمي، وإبراهيم الحربي، وبِشْر بن موسى، ومعاذ بن المثنَّى. وعنه: ابن رزقويه، وأبو نصر بن حسنون، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وطلحة الكناني، وعبد العزيز الستوري. قال الخطيب: كان ثقة صالحًا، مولده سنة إحدى وسبعين ومائتين. حرف الكاف: 195- كافور الخادم الأسود الحبشي2.

_ 1 انظر معرفة القراء "1/ 313"، وغاية النهاية "1/ 566". 2 انظر المنتظم "7/ 50، 51"، وسير أعلام النبلاء "16/ 190-193"، والكامل في التاريخ "8/ 581".

الأستاذ أبو المِسْك الإخشِيدي السلطان، اشتراه الإخشيدي من بعض رؤساء المصريين، وكان أسود بصّاصًا1، فيقال: أنه اُبْتِيع بثمانية عشر دينارًا، ثم إنه تقدَّم عند الإخشيد صاحب مصر لعقله ورأيه وسَعْده، إلى أن كان من كبار القوّاد، وجهّزه في جيش لحرب سيف الدولة، ثمّ إنَّه لما مات أستاذه صار أتابك2 ولده أبي القاسم أَنُوجُور وكيله صبيًّا، فَغَلَبَ كافورُ على الأمور وبقي الاسمُ لأبي القاسم، والدَّسْت3 لكافور، حتى قال وكيله: خدمت كافور وراتبه كل يوم ثلاث عشر جراية، وتوفِّي وقد بلغت على يدي كل يوم ثلاثة عشر ألف جراية. وأَنُوجُور معناه بالعربي محمود، ولي مملكة مصر والشام إلّا اليسير منها بعقد الراضي بالله، والمدبِّر له كافور. مات في سنة تسع وأربعين وثلاثمائة عن ثلاثين سنة، وأُقيم مكانه أخوه أبو الحسن عليّ، فأخذت الروم في أيّامه حلب وطَرَسُوس والمَصّيصة، وذلك الصقْع. ومات علي في أول سنة خمس وخمسين عن إحدى وثلاثين، فاستقلَّ كافور بالأمر، فأشاروا عليه بإقامة الدعوة لولد لعليّ المذكور، فاحتجّ بصِغَره، وركب في الدَّسْت بخلعٍ أظهر أنّها جاءته من الخليفة وتَقَليده، وذلك في صفر سنة خمس وخمسين، وتمَّ له الأمر. وكان وزيره أبا الفضل جعفر بن الفرات، وكان راغبًا في الخير وأهله، ولم يبلُغْ أحدٌ من الخُدّام ما بلغ كافور، وكان ذكيًا له نظرٌ في العربيّة والأدب والعِلم، وممن كان في خدمته أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله النجيرمي النَّحوي صاحب الزجَّاج، فدخل يومًا على كافور أبو الفضل بن عيّاش فقال: أدام الله أيّامِ سيّدنا -بخفض أيّام، فتبسَّم كافور ونظر إلى النجيرمي وقال ارتجالًا: ومثل سيّدنا حالتْ مهابَتُه ... بين البليغ وبين القول بالحَصَرِ فإنْ يكن خَفَضَ الأيام من دَهَشٍ ... وشدّة الخوف لا من قلّة البَصَر فقد تَفَاءَلْتُ في هذا لسيدنا ... والفأل مأثورة عن سيّد البَشَر فأمر له بثلاثمائة دينار.

_ 1 أي يلمع. 2 أي الولد الأمير. 3 لفظ فارسي من معانيه: صدر المجلس.

وكان كافور يُدْني الشعراء ويُجِيزُهُم، وكان يُقرأ عنده كل ليلة السيَّر وأخبار الدولة الأموّية والعبّاسية، وله نُدَماء، وكان عظيم الحِمّيَة يمتنع من الأسواق، وعنده جَوَارٍ مُغَنّيات، وله من الغلمان الرُّوم والسُّود ما يتجاوز الوصف، زاد ملكه على ملك مولاه الإخشيد، وكان كريمًا كثير الخِلَع والهِبات، خبيرًا بالسياسة، فطِنًا ذكيًّا جيّد العقل داهيةً، كان يُهادي المُعِزّ صاحب المغرب ويُظْهِر مَيْلَه إليه، وكذا يُذْعن بطاعة بني العباس ويُداري ويخدع هؤلاء وهؤلاء. ولما فارق المتنّبي سيفَ الدولة مُغَاضِبًا له سار إلى كافور وقال: قواصدَ كافورٍ تَوَارِكَ غيرِهِ ... ومن قصد البحرَ استقَلَّ السَّوَاقيا فجاءت بنا أنسانَ عين زمانه ... وخلّت بياضًا خلفها ومآقيا فأقام عنده أربع سنين يأخذ جوائزه، وله فيه مدائح، وفارقه سنة خمسين، وهجاه بقوله: مَن علَّم الأسودَ المَخْصِيّ مَكرُمَةً ... أَقَومُه البيضُ أَمْ آباؤُه الصيد وذاك أنّ الفُحُولَ البِيض عاجزةٌ ... عن الجميل فكيف الخصْية السُّود وهرب ولم يسلك الدّرْبَ، ووُضِعت عليه العيون والخيل فلم يُدْرِكوه، وسار على البّرّية ودخل بغداد، ثم مضى إلى شيراز فمدح عَضُدَ الدولة. وكانت أيام كافور سديدة جميلة، وكان يُدْعى له على المنابر بالحجاز ومصر والشام والثغور وطروسوس والمَصَّيصة، واستقلَّ بمُلك مصر سنتين وأربعة أشهر. قرأت في تاريخ إبراهيم بن إسماعيل إمام مسجد الزبير، كان حيًّا في سنة بِضعٍ وخمسين وخمسمائة، قال: كان كافور شديد السَّاعد لا يكاد واحد يمدّ قوسه، فإذا جاءوه بِرَام دعا قومه، فإذا أظهر العجز ضحك وقدَّمه وأثبته، وإنْ قوى على مدّه واستهان به عَبس، ونقصت منزلتُه عنده، ثم ذكر له حكايات تدل على أنَّه مُغْرًى بالرَّمْي، قال: وكان يداوم الجلوسَ للناس غدوة وعشيّة، وقيل: كان يتهجّد ثم يمرّغ وجهه ساجدًا ويقول: اللهمّ لا تسلّط عليَّ مخلوقًا. تُوُفّي في جُمادى الأولى سنة ستَّ، وقيل: سنة سبعٍ وخمسين، عاش بِضعًا وستّين سنة.

ويقال: إنّه وُجِد على ضريحه منقورًا: ما بالُ قبرِكَ يا كافور مُنْفَرِدًا ... بالصّحصح المَرْت1 بعد العسكر اللجب تدوس قبرك أفناء الرجاء وقد ... كانت أُسُودُ الثَّرى تخشاك في الكُتُب حرف الميم: 196- مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل بن إسحاق2، أبو بكر المُعيْطي، من ولد عُقبة بن أبي مُعَيط. شاعر مشهور، عاش أربعًا وسبعين سنة. 197- محمد بن أحمد بن حمدان3 بن عليّ، أبو العبّاس الزاهد، أخو أبي عمرو ومحمد. نزل خوارزم. سمع: محمد بن أيّوب بن الضريس، ومحمد بن إبراهيم البوسنجي، ومحمد بن عمرو قشمرد، والحسين بن أحمد القبّاني، والحسن بن السَّريّ صاحب سَعْدَوَيْه الواسطي. وحدَّث سنة ثلاثٍ وخمسين بخوارزم وغيرها، وكان من الثّقات. مات في صفر سنة ستًّ. 198- محمد بن إبراهيم بن محمد4 بن الشيرجي المروزي ثم البغدادي. سمع: إبراهيم بن شريك، وجعفر الفِرْيابي، ومحمد بن جرير. وعنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وابن رزقويه. وكان ثقة.

_ 1 أي مفازة لا نبات فيها. 2 أحد الشعراء، لم نقف عليه. 3 لا بأس به، في عداد المجهولين. 4 انظر تاريخ بغداد "1/ 412"، والمنتظم "7/ 41".

199- محمد بن علي بن حسين البلْخي1: سمع إسحاق بن هياج، وأهلَ تِرمَذ. 200- موسى بن مَرْدَوَيْه بن فُورَك2، أبو عِمران الأصبهاني والد الحافظ أحمد. روى عن: إبراهيم بن متّوَيه. وعنه: ابنه أبو بكر أحمد. حرف الياء: 201- يوسف بن عمر بْن محمد3 بْن يوسف بْن يعقوب، أبو نصر القاضي ابن قاضي بغداد. وُلّي القضاء في حياة أبيه ببغداد، واستقلَّ به بعد أبيه، وكان عفيفًا جميلًا متوسّطًا في الفقه، حاذقًا بالقضايا، بارعًا في الأدب، واسع العلم باللغة والشعر، تامَّ الهيبة، ولا نعلم ممن تقلّد القضاء أعرف في القضاء منه ومن أخيه الحسين، وكان يعقوب جدَّهم قاضي المدينة أيام الراضي بالله. وذكر ابن حَزْم أنَّ أبا نصر كان مالكيًا، ثم رجع عن ذلك إلى مذهب داود بن علي الظاهري. وله في ذلك تواليف كثيرة واحتجاجات، وكان فصيحًا بليغًا شاعرًا ولي القضاء وله عشرون سنة، فكُتِبَ العَهْدُ بالقضاء على الديار المصرية بيده إلى قاضي مصر والشام من قَبله الحسين بن أبي زُرْعَة الدمشقي، فولي القضاء أربع سنين، ثم صرفه الراضي بالله سنة تسعٍ بأخيه الحسين، وأقرّه على قضاء الجانب الشرقي، ثم مات الراضي في العام، ثم عُزل عن القضاء من الجانب الشرقي، ومن شعره: يا محنة الله كُفّي ... إن لم تكفي فخفي

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر أخبار أصبهان "2/ 314". 3 انظر تاريخ بغداد "14/ 322"، والمنتظم "7/ 42".

ما آن أنْ ترحمينا ... ... من طُولِ هذا التَشَفّي ذهبتُ أطلبُ بَخْتي ... وَجَدْتُهُ قد تُوُفّي ومن قوله الذي في رسالته التي يذكر فيها رجوعه عن مذهب مالك إلى مذهب داود: "لسنا نجعل من تصديره في كتبه ورسائله، بِقَوْل سعيد بن المسيّب والزُّهْري وزمعة، كمن تصديره في كتبه ومسائله بقول الله ورسوله وإجماع الأئمة، هَيْهَات هَيْهَات". - سيف الدولة بن حمدان1، قد تقدَّم قريبًا. وَفَيَات سنة سبع وخمسين وثلاثمائة: حرف الألف: 202- أحمد بن الحسن بن إسحاق2 بن عُتْبَة، أبو العبّاس الرّازي ثم المصري. سمع: مقدام بن داود، وأبا الزّنْباع رَوح بن الفرج، ويحيى بن عثمان بن صالح، ويحيى بن أيّوب، وطبقتهم. وعنه: عبد الغني المصري، وعبد الرحمن بن عمر البزّاز بن النحاس، وشعيب بن عبد الله بن المنهال، ومحمد بن الفضل بن نظيف الفرّاء، وآخرون. وُلد سنة ثمانٍ وستّين ومائتين، وأوَّل سماعه سنة ثمانين، وتوفي في جمادى الآخرة بمصر، وكان صدوقًا. 203- أحمد بن سعيد بن نصر3 بن بكّار، أبو بكر البخاري الفقيه الزاهد. قَدِمَ بغداد وحدَّث عن صالح جزرة، وحامد بن سهل. وعنه: ابن رزقويه، والحاكم، وغيرهما.

_ 1 تقدم. 2 انظر العبر "2/ 307"، وشذرات الذهب "3/ 22". 3 انظر تاريخ بغداد "4/ 184".

204- أحمد بن القاسم بن كثير1 بن صدقة بن الريّان، أبو الحسن المصري اللُّكّي2. حدَّث بالبصرة في هذه السنة عَنْ أحمد بْن محمد بن البرتي، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، والحارث بن أسامة، وعبد الله بن محمد، وسعيد بن أبي مريم، ومحمد بن غالب تمتام، ومحمد بن يونس الكديمي. وعنه: علي بن عبدكويه، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نُعَيم، وغيرهم. وقال ابن ماكولا: فيه ضعف. قلت: له جزء سمعناه، وفيه ما يُنكر، وقد ذكره الدارقُطْني وقال: ضعيف. 205- أحمد بن محبوب3، أبو الحسن البغدادي الرملي الفقيه المعروف بغلام أبي الأديان. سمع: أبا مسلم الكجّي، وأبا عقيل أنس بن المسلم. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وابن الحاج الإشبيلي، وجاور بمكة. قال الخطيب: ثقة. 206- أحمد بن محمد بن رميح4 ن عصمة، أبو سعيد النخعي الفَسَوي، ثم المَرْوَزي الحافظ. طوَّف وسمع الكثير وصنَّف، وحدَّث عن: أبي خليفة، وعمر بن أبي غيلان، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبي العبّاس السرّاج، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وعبد الله بن شيروَيْه، وعبد الله بن محمود المَرْوَزي، وعمر بن محمد بن بُجَيْر، ومحمد بن الفضل السمرقندي، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني، ومَكْحول البيروتي، وابن قنيبر، وعلي بن أحمد علان، وطبقتهم، وصنّف وجمع وأكثر الترحال. قال الحاكم: قَدِمَ نيسابور سنة خمس، فَعَقَدْتُ له المجلس وقرأت عليه صحيح

_ 1 أحد الضعفاء، ضعَّفَه الدارقطني وغيره. 2 بلدة من بلاد ولاية بين الإسكندرية وأطرابلس المغرب. 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 172"، والتهذيب للحافظ "2/ 86". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 6"، وشذرات الذهب "3/ 22"، والعبر "2/ 207".

البخاري، وقد أقام بصَعْدَة باليمن مدّة، ثم خرج من عندنا إلى بغداد، وقبله الناس وأكْثَرُوا عنه، وما المُقِلّ فيه إلّا كما قال عباس العشيري: سألت يحيى بن مَعين عن عبد الرزّاق فقال: يا عباس، والله لو تهوَّد عبد الرزاق لما تركنا حديثه. سألت أبا سعيد المقام بنيسابور فقال: على مَنْ أقيم، فو الله لو قدرت لم أفارق سُدَّتَك، ثم قال: ما النّاس بخُراسان اليوم إلّا كما أنشدني بعضهم: كَفَى حُزْنًا أنَّ المُرُوءةَ عُطِّلَتْ ... وأَنَّ ذَوي الألباب في النّاس ضُيَّعُ وأنّ مُلوكًا ليس يُحظَى لديهم ... من النّاس إلّا من يغنّي ويُصْفَعُ روى عنه: الحاكم، والدارقُطني قبله، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو علي بن درما، وأبو عبد الرحمن السّلمي، وأبو القاسم السرّاج، واستدعاه أمير صعدة من بغداد، فأدركتْه المنَّيةُ بالبادية، فتُوُفّي بالْجُحْفَة. وثَّقه الحاكم، وأبو الفتح بن أبي الفوارس. وقال أبو زُرْعة محمد بن يوسف الكشّي، وأبو نُعَيم أحمد بن عبد الله: كان ضعيفًا. وقال الخطيب: والأمر عندنا بخلاف ذلك، فإنّ ابن رُمَيْح كان ثقةً ثبتًا لم يختلف شيوخنا الذين لقوه في ذلك. 207- أحمد بن أبي موسى بن عيسى الجرجاني، أبو الحسن1 الفَرَضي. عن: عمران بن موسى بن مجاشع، وطبقته. 208- إبراهيم بن المقتدر2 بالله جعفر بن المعتضد أحمد بن الموفّق المتّقي لله أمير المؤمنين أبو إسحاق. توفي في السجن في شعبان، وقد ذكرناه في سنة ثلاثٍ وثلاثين عامَ خلعوه وسَمَلُوا عينيه، وبقي إلى هذا العام كالميت. 209- إبراهيم بن عبد الله، أبو إسحاق الزبيدي3 الإفريقي المعروف بالقلانسي.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر المنتظم "7/ 43"، وسير أعلام النبلاء "15/ 104"، والكامل في التاريخ "8/ 588"، والبداية والنهاية "11/ 265". 3 لا بأس به في عداد المستورين.

كان فاضلًا صالحًا عابدًا عارفًا بمذهب مالك، صنَّف تصنيفًا في الإمامة والرَّدِّ على الرافضة، فامتُحن على يد أبي القاسم الرافضي العُبَيْدي الملقب بالقائم، ضربه سبعمائة سوط وحبسه أربعة عشر شهرًا بسبب هذا التصنيف. توفِّي سنة سبعٍ وخمسين. 210- إبراهيم بن محمد بن الحسين بن الحسن1 القطّان النَّيْسَابُوري، أبو إسحاق العابد. سمع: محمد بن إبراهيم البوسنجي، وجماعة. حرف الباء: 211- بكَّار بن بكر بن أحمد، أبو قُتيْبة السّدُوسي العراقي2. حدَّث بمصر، وبها وُلد سنة اثنتين وثمانين ومائتين. حرف الحاء: 212- الحارث بن سعيد بن حمدان، الأميري3 أبو فراس التغلبي الشاعر المشهور. كان شجاعًا كامل الأدب بارع الشعر، حتى كان الصاحب بن عبَّاد يقول: بُدِئَ الشِعر بملك وخُتِمَ بملك، يعني بهما أمرأ القيس، وأبا فراس، وقد أسرته الروم في وقعة وهو جريح في سنة ثمانٍ وأربعين، وأخذته إلى القسطنطينية، وفداه ابن عمّه سيف الدولة منهم بعد سنين، وكانت مَنبِج إقطاعًا له. وعاش سبعًا وثلاثين سنة، وله ديوان مشهور. قُتل في هذه السنة ببرّيّة تَدْمُر، وكان خرج على إثر أخيه صاحب حلب. قال أبو علي التَّنُوخيّ: كان أبو فِراس قد برع في كل فضيلة، وحُسْن خُلُق وخَلْق، وفروسية تامّة، وشجاعة كاملة، وكرم مُسْتَفيض، وترسُّل، وشعْر في غاية الْجَوْدة، وديوانه كبير. تملك حمص.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر السابق. 3 انظر المنتظم "7/ 68"، ووفيات الأعيان "2/ 58"، والبداية والنهاية لابن كثير.

213- الحسن بن محمد بن حليم، أبو محمد1 المروزي. عن أبي الموجّه محمد بن عمرو، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وجماعة. وتوفِّي في المحرّم. 214- الحسين بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد2 بْن أبي ثابت، أبو عبد الله البغدادي. أملى بدمشق بعد موت عمّه إبراهيم، عن زكريّا بن يحيى خيّاط السنة، وغيره، وسمع أحمد بن علي المروزي، وأنسًا بن السَّلم. وكان ثقة. روى عنه: تمّام، وجماعة. 215- الحسين أحمد بن عتّاب، أبو عبد الله السَّقطيَّ3. سمع: الحسين بن عبد الله القطّان الرّقّي، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني، والحسين بن إبراهيم بن أبي عجرم الأنطاكي، ويحيى بن علي بن أبي سكينة. وعنه: الدارقُطني، وأبو القاسم الثّلاج. وثّقه الخطيب. 216- حمزة بن محمد بن عليّ4 بن العبّاس، أبو القاسم الكتاني المِصري الحافظ. سمع: أبا عبد الرحمن النّسَائي، والحسن بن أحمد بن الصَّيْقَل، وعِمران بن موسى الطبيب، ومحمد بن سعيد السرّاج، وسعيد بن عثمان الحرّاني، وعبدان بن أحمد الأهوازي، وأبا يعلى الموصلي، ومحمد بن داود بن عثمان الصدقي، وجماعة كثيرة. ورحل وطوّف وجمع وصنف.

_ 1 لا بأس به في عداد المستورين. 2 يراجع "تاريخ دمشق" لابن عساكر. 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "8/8". 4 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 179-181"، وشذرات الذهب "3/ 23".

وعنه: ابن مَنْدَه، والدارَقُطْنيّ، والحافظ عبد الغني، ومحمد بن عمر بن الخطاب، والحسين الموّاس، والفقيه أبو الحسن علي بن أحمد القابسي، وأحمد بن الحاج الإشبيلي، وطائفة آخرهم علي بن عمر بن حِمَّصَة الحّراني. وقال أبو القاسم يحيى بن علي بن الطحان: تُوُفّي في ذي الحجة وسمعت منه. قلت: وكان حافظ ديار مصر بعد أبي سعيد بن يونس، وكان ثقةً ثبْتًا صالحًا ديَّنًا. وقال أبو عبد الله الحاكم: حمزة المصري كان على تقدّمه في معرفة الحديث أحد مَن يذكر بالزُّهد والوَرَع والعبادة. سمع أبا خليفة والنَّسَائي وأقرانهما. وقال الحافظ عبد الغني: كل شيء لحمزة في سنة خمس، وُلد في سنة خمسٍ وسبعين ومائتين، وأول ما سمع سنة خمس وتسعين، ورحل سنة خمس وثلاثمائة. قال الصُّوري: كان حمزة -رحمه الله- ثبْتًا حافظًا. قال ابن عساكر: أنا هبة الله بن الأكْفاني، أنا سهل بن بِشْر، سمعت علي بن عمر الحراني، سمعت حمزة بن محمد الحافظ، وجاءه غريب، فقال: إنّ عسكر المعزّ المغاربة قد وصلوا إلى الإسكندرية، فقال: اللَّهُمّ لا تُحْيِني حتى تُرِيني الرّايات الصُّفْر، فمات حمزة، ودخل عسكرهم بعد موته بثلاثة أيام. قال ابن زُولاق: حدّثني حمزة الحافظ قال: رحلت سنة خمس وثلاثمائة، فدخلت حلب وقاضيها أبو عبد الله محمد بن عبده، فكتبت عنه، فكان يقول: لو عرفتك بمصر لَمَلأتُ ركائبك ذَهَبًا. قلت: يعني كان على قضاء مصر، فقيل: أنّه أعطى حمزة الحافظ مائتي دينار تَرَحَّلَ بها إلى العراق. وقال ابن منده: سمعت حمزة بن محمد الحافظ يقول: كنت أكتب الحديث فلا أكتب: "وسلّم"، "بعد صلّى الله عليه"، فرأيت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنَامِ فقال لي: أما تختم الصلاة عليّ في كتابك"؟ 1.

_ 1 خبر صحيح: إلى ابن منده.

حرف الدال: 217- دَرّاس بن إسماعيل، أبو ميمونة الفاسي. سمع ببلده وبإفريقية من ابن اللّباد، ورحل فسمع من ابن مطر كتاب ابن الموّاز، قلت: إنَّ مطر هو علي بن عبد الله بن مطر الإسكندرانيّ، وكان أبو ميمونة فقيهًا عارفًا بنصوص مالك. أخذ عنه: أبو محمد بن أبي زيد، وأبو الحسن القابسي، وأبو الفرج بن عبدوس، وخلف بن أبي جعفر، وأبو عبد الله بن شيخ السبتي. وكان رجلًا صالحًا، دخل الأندلس مجاهدًا، وتردَّد إلى الثغور -رحمه الله، وتوفِّي في ذي الحجة بفاس، قاله عياض. حرف العين: 218- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن الحسن1 بن أحمد بن النَّضر بن حكيم القاضي، أبو العباس المَرْوَزِي النضري، نسبة إلى جدّه النضر. وَلِيَ قضاء مرو، وكان أسند المحدّثين بها، فإنّه سمع ببغداد في صباه: الحارث بن أبي أسامة، وأبا إسماعيل الترمذي، وغيرهما. مولده في حدود الستّين ومائتين، وكان أبوه قد سمع من أبي داود صاحب السُنَن، ومن عبّاس الدُّوري، وحدّث. روى عن عبد الله: أبو عبد الله الحاكم، وأبو تمّام الكراعي المَرْوَزي، وعاش سبعًا وتسعين سنة، ومات في شعبان. 219- عبد الحميد بن الإمام أبي سعيد عبد الرحمن بن الحسين القاضي أبو الحسين النَّيْسَابُوري، أحد رجال الدهر علمًا ورياسة وسؤددًا2. قال الحاكم: كان من أفراد زمانه في العلم والحلم والعقل والمروءة، أطال المقام بالرّيّ وبأصبهان وبغداد، وعرض عليه المطيع قضاء بغداد فامتنع، وراسله غير مرة فلم يجب.

_ 1 انظر شذرات الذهب "3/ 24"، وسير أعلام النبلاء "16/ 60". 2 لا بأس به، في عداد المستورين.

مدحته الشعراء، وفيه يقول بعضهم: كان عبدُ الحميد يدعى أديبًا ... فانمحى ذكْرُهُ بعبد الحميدِ ولَشَتّانَ بين ذاك وهذا ... إنْ تأَمَّلْتَ في النَّدَى والْجُودِ 220- عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن العبّاس1 بن زكريّا البغدادي، المعروف بأبي القاسم بن الفامي والد المخلص. سمع الكديمي، وإبراهيم الحربي، وابن سُنَيْن الخُتَّلي، وأبا شُعَيب الحّراني. وعنه: ابن رزقويه، وأبو الحسن الحمامي، وعبد الله بن حمدويه، وأبو نُعَيم وهو آخر من روى عنه، وكان أصمّ أطرشًا. وثَّقه ابن أبي الفوارس، وورَّخ موته في رمضان. 221- عبد العزيز بن محمد بن زياد2 بن أبي رافع العبدي بن البغدادي. نزل مصر وحدّث عن: إسماعيل القاضي، وإبراهيم الحربي، وتُوُفّي في هذه السنة عن تسعين سنة. وثَّقه محمد بن علي الصُّوري، وأثنى عليه الحافظ عبد الغني بن سعيد. 222- علي بن بندار بن الحسين، أبو الحسن3 الصُّوفي العابد، ويُعرف بالصَّيرفي. صحب مشايخ خراسان، وأبا عثمان الحربي، ومحمد بن الفضل السَّمرْقَنْدي، وصحِب ببغداد الْجُنَيْد، ورُؤيْم بن أحمد، وسمع محمد بن إبراهيم البوسنجي، وأبا خليفة الجمحي. روى عنه: الحاكم وقال: من الثقات في الرواية، أملى مدّة، ومات غريقًا شهيدًا. وقيل: مات سنة تسع.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 295"، والمنتظم "7/ 44". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "10/ 457". 3 انظر المنتظم "7/ 52"، وسير أعلام النبلاء "16/ 109، 110".

223- علي بن الفضل بْن محمد1 بن عقيل بْن خُوَيْلد، أبو الحسن الخُزَاعي النَّيْسَابُوري. سمع ببغداد أبا شعِيب الحرّاني، ومُطَيّنًا، وجماعة. وعنه: الحاكم أبو عبد الله. 224- عمر بن أكثم بن أحمد2 بن حيّان بن بِشْر الأسدي القاضي، من بيت قضاء ورئاسة ببغداد. ولي القضاء في أيام المطيع لله نيابةً، ثم ولي قضاء القضاة، وكان فقيهًا شافعيّ المذهب. قال الخطيب: لم يل القضاء ببغداد من الشافعية أحد قبله غير أبي السائب القاضي. توفِّي أبو بِشْر في عشر الثمانين، وولي قضاء العراق بعده أبو محمد عبيد الله بن معروف. 225- عمر بن جعفر بن عبد الله بن أبي السريي3 البصْرِي الحافظ الورّاق، أبو حفص. كتب الناس بإفادته الكثير، وانتخب على جماعة شيوخ ببغداد، وحدّث عن: الحسن بن المثنَّى، وأبي خليفة، وعَبْدان الأهوازي، ومحمد بن جرير الطّبري. وعنه: ابن رزقويه، وعلي بن أحمد الرزّاز، وغيرهما. قال أبو عبد الله الحاكم: سمعت عمر بن جعفر البصري ببيت عبدان عقده، فأخذ يذاكرني بشيء لا أهتدي إليه، فقلت: يا أبا العبّاس، أيش عند أيّوب عن الحَسَن؟ فذكر حديثين، فَقُلْتُ: يُحْفَظُ عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ رَجُلا أَغْلَظَ لأَبِي بَكْرٍ فَقَالَ عُمَرُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ الله، دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَقَالَ: "مَهٍ مَا كَانَتْ لأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"4، فَبَقِيَ وَكَبَّرْتُ وَسَكَتُّ، فَقَالَ: اذْكُرْ لِي

_ 1 لا بأس به في عداد المستورين. 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "11/ 249"، والمنتظم "7/ 17، 18"، وسير أعلام النبلاء "16/ 111". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "11/ 244"، والمنتظم "7/ 44"، وسير أعلام النبلاء "16/ 172". 4 خبر صحيح: إلى الحاكم.

سَمَاعَكَ، فَقُلْتُ: ثنا عَبْدَانُ، ثنا محمد بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّانٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَيُّوبَ. وَكَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ يتَّبع خُطَى عُمَرَ البصري فيما انْتَقَاهُ عَلَى أَبِي الشَّافِعِيِّ خَاصَّةً، وَعَمِلَ فِيهِ رِسَالَةً. وقد كان أبو محمد الحسن السّبيعي يقول: هو كذّاب، وقال: مولده سنة ثمانين ومائتين. قال: وحدَّث بشيء يسير، وكانت كتبهَ رديّة. حرف الفاء: 226- الفضل بن محمد بن العبّاس1، أبو العبّاس الْهَرَوِيُّ الواعظ الصالح. سمع: عثمان بن سعيد الدارمي، وعاش زمانًا ولم يحدِّث لاختلاف عقله. 227- فنك الخادم2، مولى الأستاذ كافور ملك مصر. خرج من مصر بعد موت مولاه في هذه السنة إلى الرملة، فبعثه الحسن بن عبد الله بن طُغْج أمير الرملة أميرًا على دمشق فدخلها وأقام بها، فلمَّا اتصل به علم أنّ الروم -لعنهم الله- أخذوا حمص يوم عيد الأضحى، نادى في البلد النفير إلى ثَنِيّة3 العُقاب، فخرج الجيش والمُطَوَّعة وغيرهم، وانتشروا إلى دُومة4 وحَرَسْتا5، وأنتهز هو الفرصة في خلو البلد، فرحل بثقله نحو عَقَبة دُمَّر6، وسار بعسكره وخواصّه، وطلب نحو الساحل، فطمع الناس فيه ونهبوا بعض أثقاله، وقتلوا من تأخَّر من رجاله، وذلك في آخر السنة. حرف الكاف: 228- كافور الأستاذ7 أبو المِسْك الأخشيدي أمير مصر والشام.

_ 1 لا بأس به، في عداد المستورين. 2 انظر أمراء دمشق "66". 3 ثنية مشرفة على غوطة دمشق. 4 من قرى غوطة دمشق. 5 قرية كبيرة عامرة وسط بساتين دمشق. 6 قرية مشرفة على غوطة دمشق في طريق بعلبك. 7 سبق ذكره.

قيل: توفِّي فيها، وقيل: في الماضية كما ذكرناه، والله أعلم، ثم رأيت في تاريخ علي بن محمد الشمشاطي وفاته في سنة سبع في ثامن عشر جُمَادَى الأولى. حرف الميم: 229- مُحَمَّد بْن أَحْمَد1 بن حاجب، أبو نصر الكشّاني. روى عن عمر بن محمد بن بجير، والفربري، ومحمد بن إبراهيم الرازي. وهو ولد إسماعيل الكشّاني المشهور. 230- محمد بن أحمد بن إبراهيم2 بن عبد المؤمن بن إسحاق الإسكافي، الكاتب المعروف بالقراريطي الوزير. كان كاتبًا لمحمد بن رائق الأمير وزير المتّقي لله سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، بعد أبي عبد الله البريدي، ثم عزل بعد تسعة وثلاثين يومًا، وأخذ منه مائتان وأربعون ألف دينار "ثم وزَرَ بعد أشهُر، وقُبض عليه بعد ثمانية أشهر، فنزح إلى الشام، وكتب لصاحبها سيف الدولة ابن حمدان، ثم قدم بغداد في وزارة المُهَلّبي فأكرمه ووصَلَه. وقد روى عن علي بن سليمان الأخفش، وغيره. روى عنه: محمد بن أحمد المفيد، وأبو الحسن علي بن الحسن الجراحي، وغيرهما آثارًا. وكان ظالمًا عسوفًا3، توفِّي فِي المحرَّم وله ستُّ وسبعون سنة. 231- محمد بن أحمد بن عليّ4 بن مَخْلَد، أبو عبد الله البغدادي الجوهري، المحتسِب المعروف بابن مُحْرِم الفقيه، أحد تلامذة محمد بن جرير. سمع: محمد بن يوسف بن الطبّاع، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، والحارث بن أبي أسامة، والكديمي، وأبو إسماعيل التّرْمِذي، وكان أسند من بقي.

_ 1 لا بأس به، في عداد المستورين. 2 انظر الوافي بالوفيات "2/ 41"، والكامل في التاريخ "8/ 249"، وسير أعلام النبلاء "16/ 111". 3 عسف فلان: أخذه بالعنف والقوة وظلمه. 4 انظر تاريخ بغداد "1/ 320"، والمنتظم "7/ 45"، وسير أعلام النبلاء "16/ 60"، وميزان الاعتدال "3/ 462".

روى عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن داود الرزاز، وأبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم الحافظ، وغيرهم. وقال عبيد الله بن عمر بن النّعال: تزوَّج شيخنا ابن المُحْرِم قال: فجلست على العادة أكتب، فجاءت أمّ الزوجة في بعض الأيام فرمت بالمحبرة كسرتها، وقالت: بئس هذه شرّ على بنتي من ثلاثمائة ضرة1. قال ابن أبي الفوراس: لم يكن عندهم بذاك. وقال البرقاني: لا بأس به. توفِّي في ربيع الآخر من السنة، وله ثلاثٌ وتسعون سنة. قلت: وحديثه بعلوٍّ عند أبي جعفر الصيدلاني. 232- محمد بن أحمد بن شعيب2 بن هارون، أبو أحمد الشُّعَيْبي النَّيْسَابُوري العدل الفقيه. سمع: البوشنجي، وإبراهيم الذُهَلي، ومحمد بن عبد الرحمن الشامي الهروي، وطبقتهم، وجمع كتاب "الزهد" في أربعين جزءًا، و" فضل أبي حنيفة" في مُجَلَّدٍ، وكان على مذهبه. مات فِي ربيع الآخر وله اثنتان وثمانون سنة. 233- محمد بن الحسين بن علي3 بن سليمان الحرّاني نزيل بغداد. روى: عن أبي خليفة، وعبدان الأهوازي، وابن قتيبة العسقلاني، وأبي يعلى الموصلي، وجماعة. انتخب عليه: الدارقُطْني، وروى عنه أبو الحسن الحمامي، ومكّي بن علي الجريري، وأبو علي بن شاذان، وجماعة. قال ابن أبي الفوارس: كان ثقةً، حَسَنَ المذهب. تُوُفّي في رمضان. قلت: وَقَعَ لنا الجزءُ الثالث من حديثه.

_ 1 وهكذا أهل العلم. العلم عندهم أولى من كل شيء نسأل الله أن نكون منهم. 2 انظر معجم المؤلفين "8/ 269"، والأنساب "7/ 347". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 242"، والمنتظم "7/ 46"، وشذرات الذهب "3/ 26".

234- محمد بن علي بن محمد1 بن سهل، أبو بكر البغدادي، ويُعرف بابن الإمام. حدَّث عن: محمد بن عثمان بن أبي شيبة، والحسن المعمري، وأحمد بن علي الأبَّار، وجماعة. روى عنه: ابن رزقويه، وأبو نُعَيم الأصبهاني، وتوفِّي في شعبان. قال الخطيب: كان فيه تساهل. 235- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد2 بْن خالد بن إسحاق بن آدم، أبو علي الفزاري الدمشقي، القاضي العدْل، مولى يزيد بن عمر بن هُبَيْرة الفَزَاري. سمع: أحمد بن علي المَرْوَزي القاضي، وأحمد بن أنس بن مالك، وعلي بن غالب السّكْسكي، ومحمد بن يحيى بن حامل كَفَنِه، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، وإسماعيل بن قيراط، وإبراهيم بن دُحَيْم، وطبقتهم بدمشق. وعنه: عبد الوهاب الكلابي، وعلي بن بِشْر بن العطّار، وعبد الوهاب المَيْداني، ومحمد بن رزق الله المُتَنَبّي، وأبو الحسن علي بن السّمسار، وهو آخر من حدَّث عنه. تُوُفّي في جُمادى الآخرة. قال عبد العزيز الكتّاني: كان ثقة. 236- محمد بن محمد بن الحسن3 بْن العبّاس بْن محمد بْن عليّ بْن الرشيد هارون بن المهديّ، أبو العبّاس الهاشمي العبّاسي البغدادي. حدّث ببُخارى وسَمَرْقند، وقد كتب الكثير. سمع: البَغَوِي، ومحمد بن جرير، وأبا بكر بن أبي داود، وأبا عَرُوبة الحرّاني. قال أبو عبد الله غُنْجار: توفي بفرغانة سنة سبع وخمسين.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 58". 2 انظر العبر "2/ 310"، وشذرات الذهب "3/ 26". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 220".

237- محمد بن نصر1، أبو صادق الطّبري. حدَّث في هذه السّنة عن أبي القاسم البَغَوي، وأبي عَرُوبة الحرّاني، وطائفة. وعنه: السّكَنُ بن جُمَيْع. 238- مُطرَّف بن عيسى بن لبيب2، أبو القاسم الغسّاني، إلبِيري نزيل غرناطة. سمع ببجانة من: فضل بن سلمة، ومحمد بن خالد. وكان لغويًّا إخباريًّا مؤرِّخًا مصنفًا. حرف الهاء: 239- هارون بن محمد بن هارون بن أحمد، أبو موسى العنزي الطحَّان الدمشقي، ويُعرف بالمَوْصِلي. سمع: عبد الرحمن بن الرَّوَّاسّ، وأحمد بن أنس بن مالك، وأبا عليّ إسماعيل بن قيراط، وإبراهيم بن دُحَيْم. وعنه: تمّام، وابن مَنْدَه، والحافظ عبد الغني، وعبد الوهاب المَيْداني، وجماعة. وفيَّات سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة: حرف الألف: 240- أحمد بن إسماعيل بن يحيى3 بن خازم أبو الفضل الإسماعيلي النَّيْسَابُوري: سمع: عبد الله بن شيرويه، وعمر بن محمد بن بجير. وعنه: أبو حازم العبدوي. 241- أحمد بن حسن بن منده4، أبو عمرو الأصبهاني الورّاق، نزيل نيسابور.

_ 1 انظر تاريخ دمشق "40/ 114". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 137". 3 لا بأس به في عداد المستورين. 4 انظر السابق.

سمع: أبا القاسم البَغَوي، والوليد بن أبان، وطبقتهما، وكان ممّن يُضْربَ المثل بخطّه. 242- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن1 بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الحسين بن حفص الهمداني الذكواني، أبو علي المعدّل الأصبهاني. كان صاحب سنة وصلابة في دينه. حدّث عن: أبي مسعود عبد الله بن محمد بن عبدان العسكري صاحب لُوين. وعنه: ابنه أبو بكر محمد بن أبي علي، وأبو نُعَيم الحافظ. 243- أحمد بن القاسم، أبو بكر2 محمد بن أبي السمّاك البغدادي الدّقّاق المعدّل. روى عن: الهيثم بن خلف، ومحمد بن المجذّر. وعليه: أبو سعيد النقّاش، وأبو الفتح بن أبي الفوارس. قال طلحة الشاهد: توفِّي في سلخ ذي الحجّة. 224- أحمد بن محمد بن3 سهل الفقيه، أبو الحسين الطَّبَسِي4 الشافعي، أحد الأعلام، صاحب أبي إسحاق المَرْوَزي. سمع: ابن خُزَيْمة، وابن صاعد، وله تعليقة عظيمة في المذهب في نحو ألف جزء. توفِّي بالطَّبَسين. روى عنه الحاكم. 245- أحمد بن يعقوب بن أحمد5 بن المهرجان البغدادي المعدّل. حدّث عن: الحسن بن علوية القطان، ومحمد بن يحيى المروزي.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "1/ 155". 2 لا بأس به، في عداد المستورين. 3 انظر أخبار أصبهان "1/ 127"، والإكمال "5/ 266"، والأنساب "8/ 210". 4 مدينة في برية بين نيسابور وأصبهان وكرمان. 5 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 227".

وعنه: ابن رزقويه، وأبو نُعَيم الحافظ. 246- إبراهيم بن أحمد بن الحسن1، أبو أسحاق القِرمِيسِيني2 المقرئ، طوَّف شرقًا وغربًا وكتب بعدّة أقاليم. سمع: محمد بن يونس الكديمي، وبِشْر بن موسى، وعبد الرحمن بن القاسم بن الروّاس، وأبا عبد الرحمن النسائي. وعنه: الدارقطني، والحسن بن الحسن بن المنذر، وأبو الحسن الحمامي، وغيرهم، وتوفِّي بالموصل. قال الخطيب: كان ثقة صالحًا. 247- إسحاق بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب3، أَبُو الفضل الهَرَوي الْجَوزَقي الحافظ. سمع: عبد الله بن عروة الفقيه، وحاتم بن محبوب، وببغداد من البَغَوي، ويحيى بن صاعد. وكان ثقة عدْلًا من جَوْزَق هَرَاة، نزل سمرقند وحدّث بها. حرف الثاء: 248- ثوابه بن أحمد بن عيسى4 بن ثوابة، أبو الحسين الموصلي. سمع: أحمد بن عبد الله بن ذكوان بدمشق، وأبا يَعلَى بالموصل، ومحمد بن إسماعيل بن نباتة. وعنه: الدارقُطْني، وأبو الحسن بن رزقويه، وطلحة بن الصقر، وأبو محمد بن النحاس، واحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي. تُوُفّي بمصر. قال الخطيب: كان صدوقًا.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "6/ 14". 2 مدينة بجبال العراق. 3 انظر اللباب "1/ 309"، والأنساب "3/ 366". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 149".

حرف الجيم: 249- جعفر بن محمد الجوهري1. سمع أحمد بن زغبة، والنسائي. كأنَّه مصري. حرف الحاء: 250- الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله2 بن حمدان بن حمدون بن الحارث، الأمير ناصر الدولة أبو محمد التغلبي صاحب الموصل ونواحيها. كان أكبر من أخيه سيف الدولة، وأرفع منزلة عند الخلفاء، وكان سيف الدولة كثير التأدّب معه، وكان هو شديد المحبّة لسيف الدولة، فلمَّا توفِّي سيف الدولة تغيَّرت أحواله وساءت أخلاقه وضَعُف عقلُه، إلى أن لم يبق له حزم عند أولاده، فقبض عليه ولده أبو تغلب الغضنفر بالموصل، وحبسه مُكْرَمًا في حصن في سنة ست وخمسين، فلم يزل محبوسًا حتى تُوُفّي في ربيع الأول سنة ثمانٍ وخمسين. وكتب إليه سيف الدولة مرة: رضيتُ لك العَلْيا وقد كنتَ أهلَها ... فقلت لهم بيني وبين أخي فَرْقُ ولم يكُ بي عنها نكولٌ وإنّما ... تجافيتُ عن حقي فتمّ لك الحقُّ ولا بدَّ لي من أن أكون مصلّيًا ... إذا كنت أرضى أن يكون لك السَّبْقُ 251- الحسن بن علان3، أبو علي البغدادي القاضي الخطّابي. سمع: جعفر الفريابي، وأبا خليفة. وعنه: أبو نُعَيم الحافظ، وأبو الفتح بن أبي الفوارس وقال: كتبنا عنه أشياء، وكان ثقة، وتُوُفّي في ذي الحجّة.

_ 1 لا بأس به، في عداد المستورين. 2 انظر الكامل في التاريخ "8/ 593"، والوافي بالوفيات "12/ 89، 90"، وسير أعلام النبلاء "16/ 186". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 399"، والمنتظم "7/ 49".

252- الحَسَن بن مُحَمَّد بن أَحْمَد1 بن كَيْسان، أبو محمد الحربي النّحوي، أخو علي. سمع: إسماعيل القاضي، وبِشْر بن موسى، وموسى بن هارون. وعنه: أبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم، وغيرهما، وكان ثقة من كبار شيوخ أبي نُعَيم. تُوُفّي فِي شوال. 253- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى2 بْنِ الْحَسَنِ بْن جعفر بن عبد الله بن الحسين بْن زين العابدين بْن عليّ بْن الْحُسَيْن، أبو محمد ابن أخي أبي طاهر العلوي. سمع: إسحاق الدَّبَري وغيره من أهل اليمن: وعنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وابن رزقويه، وابن شاذان وقال: إنّه وُلِدَ سنة ستّين ومائتين. روى حديثًا موضوعًا عن إسحاق، عن عبد الرزاق، عن سفيان، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ قَالَ: "عليٌّ خير البشر فمن أبَى فقد كفر"3. وهذا ممّا اتُّهِم بوضعه أبو محمد هذا، وكان نسّابة شيعيًّا. 254- الحسن بن أحمد، أبو علي4 الفارسي. سمع البوشنجي، وحمزة الكاتب، وابن ناجية. وعُمّر تسعين سنة. 255- حيدرة بن عمر، أبو الحسن5 الزندوردي، الفقيه الظاهريّ.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 422"، والمنتظم "7/ 49"، وسير أعلام النبلاء "6/ 136". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 421"، وميزان الاعتدال "1/ 521"، ولسان الميزان "2/ 252، 253". 3 حديث موضوع: أخرجه الخطيب "7/ 275"، برقم "3763"، في تاريخ بغداد، وقال الخطيب: هذا حديث منكر، لا أعلم رواه سوى العلوي بهذا الإسناد، وليس بثابت. 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "7/ 275". 5 انظر تاريخ بغداد للخطيب "8/ 273"، والمنتظم "7/ 50"، والأنساب "6/ 338"، والفهرست "1/ 219".

أخذ عن عبد الله بن الغلس الظاهري. تفقّه به البغداديون. 256- الخليل بن أحمد، أبو القاسم1 الشاعر. تُوُفّي في جُمادى الأولى. حرف الزاي: 257- زيد بن علي بن أحمد2 بن محمد بن عمران بن أبي بلال العجْلي الكوفي، أبو القاسم المقرئ المجوَّد نزيل بغداد. قرأ القرآن على: أحمد بن فرج بن جبريل، وابن مجاهد، ومحمد بن أحمد الدّاجوني، وعبد الله بن جعفر السوّاق، وسمع محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، وعلي بن العبّاس، وعبد الله بن زيدان، وغيرهم. قرأ عليه القرآن جماعة، منهم: الحسن بن علي الصَّقْر الكاتب، وبكر بن شاذان الواعظ، وعلي بن محمد بن موسى الصّابوني من شيوخ الهَرّاس، وعبد الباقي بن الحسن. وحدّث عنه الحمامي، وأبو نُعَيم. قال الخطيب: كان صدوقًا توفِّي في جمادى الأولى. حرف السين: 258- سِيَبَوَيْه المصري3، الملقَّب أيضًا بالفصيح، اسمه: أبو بكر محمد بن موسى بن عبد العزيز الكِنْدي الصَّيْرفي المعروف بابن الْجُبّي. وُلِدَ سنة أربع وثمانين ومائتين، وسمع من: المنجنيقي، والنّسَائي، والطّحاوي، وتفقّه للشافعي، وجالس أبا بكر بن الحدّاد وتلمذ له في الفقه، وكان معتزليًا متظاهرًا به، ويتكلّم في الزَّهْد وفي عبادات الصُّوفّية بعبادة خلوة، وله شِعْر وفضائل. مات في شهر صفر، قاله ابن ماكولا.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "8/ 449"، والعبر "2/ 311"، وشذرات الذهب "3/ 37". 3 انظر معجم الأدباء "19/61"، والوافي بالوفيات "5/ 90".

حرف العين: 259- عبد الملك بن علي1، أبو عمر الكازَرُوني2، الزاهد المُجاب الدّعوة، كان يُعدّ من الأبدال. سمع: أبا مسلم الكجّي وغيره، ورُحِل إليه لتفرُّده بكازَرُون. روى عنه: أبو القاسم الدهّان، وأحمد بن محمد بن عبدون النسائي، وكان ثقة. 260- عبد الوهاب بن محمد بن سهل بن منصور، أبو الحسين النصيبي الملطي البزّار. تُوُفّي بدمياط. 261- علي بن عبد الله بن علي3 الفارسي. عن: عبد الله بن ناجية، وزكريّا السّاجي. وعنه: ابنه محمد. وكان ثقة فَرَضِيًّا. 262- علي بن إبراهيم بن الفضل4 الكُشَاني5. سمع: عمر البحتري، وإبراهيم بن نصر بن عنترة. 263- علي بن عبد الله6 بن معنّ الفارسي الفرضي. سمع: عبد الله بن ناجية، وزكريّا السّاجي. وعنه: ابنه محمد. وثقه الخطيب.

_ 1 انظر الأنساب "10/ 318"، واللباب "3/ 74". 2 إحدى بلاد فارس. 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 6". 4 انظر الإكمال "7/ 185". 5 بلدة بنواحي سمرقند. 6 تقدمت ترجمته.

264- علي بن الفضل بن شَهْريار1، أبو الحسن التاجر الأصبهاني المُعَدَّل. سمع: محمد بن أيّوب الرازي. وعنه أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم، وقال: ثقة. 265- علي بن محمد بن أحمد بن حمَّاد زُغْبة2 بن مسلم، أبو الحسن التجيبي، مصري. حرف الميم: 266- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأبْرِيسَم3، أبو بكر النَّيْسَابُوري التّاجر. سمع: أبا عبد الله البوسنجي وغيره، ولم يحدّث. قال: قصدناه غير مرّة فلم يحدّثنا. 267- محمد بن أحمد بن إسماعيل4 بن خالد، أبو بكر الصَّرّام السَّخْتِياني. جُرْجانّي عالي الرواية. روى عن: محمد بن أيّوب الرازي، وهُمَيْم، وابن مجاشع. روى عنه: حمزة السهمي وغيره. توفِّي في ربيع الآخر. 268- محمد بن أَحْمَد بن الحسن، أبو عمر الضبي5 الهيستاني. سمع: عبد الله بن محمد بن النعمان الأصبهاني، وغيره. وتوفِّي في عشر التسعين. وعنه: أبو بكر بن أبي علي.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "2/ 18". 2 انظر الإكمال "4/ 81". 3 انظر اللباب "1/ 25". 4 انظر الأنساب "8/ 55". 5 انظر الأنساب "8/ 144".

269- مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن1 بْن عَبْد الملك بْن مروان القُرَشي الدمشقي، أبو عبد الله، محدّث دمشق في وقته. سمع: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، وأحمد بن إبراهيم بن البسري، وإسماعيل بن قيراط، وزكريّا خيّاط السنة، وأبا عُلاثة المصري، وأنس بن السَّلم، وجماعة. وعنه: تمّام، وابن مَنْدَه، وعبد الوهاب الميداني، والخصيب بن عبد الله القاضي، وحُوَيّ بن علي السَّكْسكي، وآخر من حدَّث عَنْهُ أَبُو الْحَسَن بْن السمسار، وانتقى عليه أبو عبد الله بن مَنْدَه ثلاثين جزءًا، وأملى مدّةً بجامع دمشق. قال عبد العزيز الكتّاني: كان ثقة مأمونًا جوادًا، توفِّي في شوّال وهو في عشر التّسعين. 270- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه2 بْن هارون الحَضْرَميّ المصري، جَدّ الحافظ يحيى بن علي بن الطّحّان. يروي عن: أبي بكر بن سهل الدّمياطي، وأحمد بن شعيب النّسائي. توفِّي في المحرَّم. 271- محمد بن إسماعيل3، أبو بكر البغدادي القاضي. سمع: أحمد بن الحسن الصوفي. وعنه: أبو نُعَيم وغيره. 272- محمد بن جعفر بن دُرّان، أبو الطيب المصري غُنْدَر4. روى عن: أبي خليفة المصري، وأبي يعلى الموصلي، وجماعة. وعنه: الدَارقُطْنيّ، وابن جُمَيع، وأحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي. ويقال: توفي في العام الماضي.

_ 1 انظر شذرات الذهب "3/ 27"، وسير أعلام النبلاء "16/ 59"، والوافي بالوفيات "1/ 342". 2 لا بأس به، في عداد المستورين. 3 انظر السابق. 4 انظر المغني في أسماء الرجال "191".

273- محمد بن الحسين بن مهران1 النَّيْسَابُوري الكاتب، أخو الأستاذ أبي بكر. سمع: عبد الله بن شيرويه، وابن خُزَيمة. وعنه: الحاكم، وقال: كان يصحب الملوك والوزراء. وعاش نيّفًا وثمانين سنة. 274- محمد بن العباس بن الوليد2 بن كُوذَك، أبو عمر مولى القعقاع بن خُلَيّد العنسي الدمشقي. سمع: محمد بن العبّاس بن الدرَفس، وأحمد بن بِشْر الصُّوري، وعبد الرحمن بن القاسم الروّاس، وجعفر بن أحمد الروّاس، وإبراهيم بن دُحَيّم، والمفضل بن محمد الْجُنْدي. وعنه: تمَّام، وأبو نصر بن هارون، وعبد الوهاب الميداني، والخصيب بن عبد الله بن محمد، وأبو الحسن بن السمسار. توفِّي في آخر العام. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمحمد بْنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَنْبَلِيُّونَ قِرَاءَةً، قَالُوا: أنا محمد بْنُ السَّيِّدِ بْنِ فَارِسٍ، أنا الْخَضِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدَانَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وخمسمائة، أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ محمد الْمِصِّيصِيُّ، أنا أَبُو نَصْرٍ محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ، أنا أَبُو عُمَرَ محمد بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ كُوذَكَ، ثنا عِيسَى بْنُ إِدْرِيسَ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ذِيبٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ" 3. 275- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد، أبو علي العسكري4 نزيل أصبهان.

_ 1 لا بأس به، في عداد المستورين. 2 انظر الوافي بالوفيات "3/ 191". 3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "2/ 164، 194، 212، 388"، وأبو داود "الأقضية/ 4"، والترمذي "الأحكام/ 9". 4 لا بأس به، في عداد المستورين.

سمع: عبدان، وأبا بكر بن أبي داود، وأبا علي محمد بن سليمان المالكي، ومحمد بن محمد الباغندي. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم. 276- محمد بن عديّ بن حَمْدَوَيْه1 السَّجْزي الصّابوني. سمع ابن إدريس وغيره، وهو جدّ أبي عثمان الصّابوني لأمّه. وعنه: يحيى بن عمّار وغيره. تُوُفّي في ذي القعدة، وكنيته أبو عبد الله، وهو أخو عبد الله الذي يأتي. 277- محمد بن محمد بن إسحاق2، أبو عمرو السّرّاج الحاكم. توفِّي بالشاش في جمادى الأخرة، وحمل إلى هراة فدُفن بها. 278- محمد بن معاوية بن عبد الرحمن3 بن معاوية بن إسحاق بن عبد الله بْن معاوية بْن هشام بْن عَبْد الملك بْن مروان، أبو بكر الأموي القرطبي المعروف بابن الأحمر. سمع: عبيد الله بن يحيى الليثي، وسعيد بن حِمْيَر، ورحل إلى المشرق سنة خمسٍ وتسعين ومائتين، فسمع من النّسائي، وأسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، وابن المنذر، وجعفر الفِريابي، ومحمد بن يحيى المَروَزي، وإبراهيم بن شريك الكوفي، وأبي خليفة الْجُمحي، والبَغَوي، وطائفة. ورحل إلى أرض الهند تاجرًا، وكان يقول: خرجت من أرض الهند وأنا أقدر على ثلاثين ألف دينار، فلما قاربت أرض الأسلام غرقت وما نجوت إلّا سِباحةً لا شيء معي، ورجع إلى الأندلس، وحمل الناس عنه الكثير، وكان شيخًا جميلًا ثقة، وكان معمّرًا. توفِّي في رجب. روى عنه خلق منهم: محمد بن إبراهيم بن سعيد، ومحمد بن عبد الله بن حكم شيخًا ابن عبد البَّرّ، وآخر من روى عنه: يونس بن عبد الله بن مغيث، وعبد الله بن الربيع.

_ 1 انظر السابق. 2 في عداد المجهولين. 3 انظر تاريخ الأندلس "2/ 67"، وسير أعلام النبلاء "16/ 68"، وشذرات الذهب "3/ 27".

279- محمد بن يحيى بن عبد السلام1 الأزدي الأندلسي النّحوي المعروف بالرباحي. سمع من: قاسم بن أصبغ، وبمكّة من ابن الأعرابي، وأخذ كتاب سِيبَوَيْه عن أبي جعفر بن النّحاس. وكان عارفًا بالعربية حاذقًا ذكيًّا فقيهًا عالمًا، أدَّب المغيرة بن النّاصر لدين الله. توفِّي في رمضان. 280- محمد بن موسى بن عبد العزيز2، أبو بكر الكِنْدي الصَّيّرفي المصري الفقيه الملقَّب سِيبَوَيْه. مرَّ، ويُعْرف بابن الْجُبّي. سمع: أبا عبد الله النَّسائي، وأبا يعقوب المنجنيقي، وكان فقيهًا شافعيًا يُرْمَى بالاعتزال. تفقَّه عَلَى أَبِي بَكْر محمد بْن أحمد بْن الحدّاد. 281- موسى بن إبراهيم بن النّضْر3، أبو القاسم العطّار المقرئ. سمع: أبا مسلم الكجّي، وغيره. وعنه: أبو نُعَيم الحافظ، وأبو الحسن بن رزقويه. قال الخطيب: ما علمت من حاله إلّا خيرًا. 282- منصور بن محمد بن منصور4 بن بحر، مولى بني هاشم. أصبهانيّ، سكن بغداد، وحدَّث عن: حمّاد بن مدرك، وإسحاق بن زيرك. وعنه: ابن أبي الفوارس، ومحمد بن علّان.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 69"، وبغية الملتمس "144". 2 تقدمت ترجمته. 3 انظر تاريخ بغداد "13/ 63". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "13/ 83".

وفيَّات تسع وخمسين وثلاثمائة: حرف الألف: 283- أحمد بن بُنْدار بن إسحاق1، أبو عبد الله الأصبهاني الشعَّار الفقيه. سمع: إبراهيم بن سَعْدان، وعبيد بن الحسن الغزّال، ومحمد بن زكريا، وأبا بكر بن أبي عاصم، وأكابر أهل أصبهان، مثل عُمَير بن مرداس وغيرهم. وعنه: ابن مردويه، وعلي بن جعفر العبدكوي، وأبو بكر بن أبي علي، والحافظ أبو نُعَيم، وجماعة آخرهم موتًا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصفار. وكان شيخ أصبهان ومسنده. قال أبو نُعَيم: درس المذهب على أبي بكر بن أبي عاصم، وسمع كتبه، وكان ثقة ظاهريّ المذهب. قلت: وكان أبو بكر شيخه ظاهريّ المذهب مجتهدًا من طبقة داود بن علي، وتأخّر عنه قليلًا. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ الْجَمَّالِ، وَقَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنَ محمد الْكُرْدِيِّ، أَخْبَرَكُمْ يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ، أنا مَسْعُودٌ، أنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْحَدَّادِ، أنا أَبُو نُعَيم، ثنا أَحْمَدُ بْنُ بُنْدَارٍ، ثنا محمد بْنُ زَكَرِيَّا، ثنا سُلَيْمَانُ بْنَ كَرَّازٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ صُهْبَانَ الأَسْلَمِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اطْلُبُوا الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ"2. توفِّي في ذي القعدة عن بضعٍ وتسعين سنة. 284- أحمد بن جعفر3 بن بلال، أبو جعفر الأصبحي المصري. روى عن النسائي.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "1/ 151"، والوافي بالوفيات "6/ 7-27". 2 حديث ضعيف: أخرجه أبو نعيم "3/ 156"، في الحلية، وقال: غريب من حديث جابر، لم نكتبه إلّا من حديث سليمان عن عمر. 3 في عداد المجهولين.

285- أحمد بن السّندي بن1 حسن، أبو بكر البغدادي الحذّاء. سمع: الحسن بن علوية، وموسى بن هارون. وعنه: أبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم، وانتخب عليه الدَارقُطْنيّ. قال الخطيب: كان ثقة فاضلًا. وقال أبو نُعَيم. كان يُعَدّ من الأبدال. 286- أحمد بن طاهر، أبو علي2 النَّيْسَابُوري. سمع ابن جَوْصا، ومكحول البيروتي، وابن خزيمة، والبغوي، وطبقتهم. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وورَّخ موته. 287- أحمد بن عبد العزيز3 بن بُدْهين المقرئ البغدادي نزيل مصر. حدّث عن: إبراهيم بن عبد الله المُخَرَّمي، وغيره، كنيته أبو الفتح. أخذ القرآن عَرْضًا عن أحمد بن سهل الأشناني، وسعيد بن عبد الرحيم الضّرير، ومحمد بن موسى، وأبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن الأخرم الدمشقي، وسمع الحروف من أبي حبيب بن البرتي وغيره. روى عنه: عبد المنعم بن غلبون، وابنه طاهر بن غلبون، وكان من أحسن النّاس صوتًا بالقرآن، وأصحّهم إذا أقرأ الناس بمصر، وكان يصلي بالوزير جعفر بن الفرات. قال الدّاني: ثنا عنه محمد بن علي بن محمد المالكي، والحسن بن سليمان، وغيرهما. 288- أحمد بن محمد بن القطّان4، أبو الحسين البغدادي الفقيه الشافعي، تلميذ ابن سُرَيج، عمَّر وشاخ ودرّس وأفتى، وله وجه في المذهب. وعليه تفقّه علي بن أحمد بن المرزبان البغدادي وغيره، وله مصنّفات كثيرة. توفي في جمادى الأولى.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "4/ 187"، وشذرات الذهب "3/ 28". 2 لا بأس به في عداد المستورين. 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "4/ 257". 4 انظر تاريخ بغداد للخطيب "4/ 365"، والوافي بالوفيات "7/ 321".

289- أحمد بن محمد بن يحيى1، أبو بكر النَّيْسَابُوري الأشقر، شيخ أهل الكلام في عصره بنيسابور. قال الحاكم: صدوق في الحديث، سمع إبراهيم بن أبي طالب، وجعفر بن سوار، ويوسف بن موسى المَرْوَزي، وأقرانهم، وتوفِّي في آخر سنة تسع وخمسين. قلت: روى صحيح مسلم عن أحمد بن علي القلانسي عنه. روى عنه: الحاكم، وأبو العلاء عبد الوهاب بن ماهان، وغيرهما. 290- أحمد بن يوسف بن خلاد2 بن منصور، أبو بكر النّصيبي ثم البغدادي العطّار. رجل قليل الفضيلة، لكنّه عالي الإسناد، رحَّالة بغداد. سمع: محمد بن الفرج الأزرق، والكديمي، ومحمد بن غالب بن حرب، وإبراهيم الحربي، والحارث بن أبي أسامة، وتفرَّد بالرواية عن غير واحد. روى عنه: الدَارقُطْنيّ، وابن رزقويه، وهلال الحفّار، وأبو علي بن شاذان، ومحمد بن عبد الواحد بن زُرْعة، وأبو نُعَيم. قال الخطيب: كان لا يعرف شيئًا من العلم غير أنّ سماعه صحيح. سأل الدَارقُطْنيّ فقال: أيّما أكبر الصّاع أو المُدّ؟ فقال للطلبة، أنظروا إلى شيخكم الذي تسمعون منه. قال أبو نُعَيم: كان ثقة، وكذا وثّقه ابن أبي الفوارس. قال: تُوُفّي في صفر، ولم يكن يعرف من الحديث شيئًا. 291- أحمد بن يوسف، أبو حامد3 النيسابوري الصوفي الأشقر. جاور بمكة زمانًا، ويروي عن ناجية، والحسن بن شعبان. وعنه الحاكم، وتوفي بمكة.

_ 1 انظر الإكمال "1/ 95". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 220"، وسير أعلام النبلاء "16/ 69، 70". 3 لا بأس به.

حرف الحاء: 292- حبيب بن الحسن بن داود1 بن محمد، أبو القاسم القزّاز، بغداديّ صَدُوق. سمع: أبا مسلم الكجّي، ومحمد بن عثمان العبسي، وخلف بن عمرو العكبري، والحسن بن علوية. وعنه: الدَارقُطْنيّ، وابن رزقويه، والحمامي، وأبو القاسم الحربي، وأبو نُعَيم. وثّقه ابن أبي الفوارس، وأبو نُعَيم، والخطيب. وكان رجلًا صالحًا. وضعّفه البرقاني. قال الخطيب: ما أدري ما حجّته في تضعيفه، تُوُفّي في جُمادي الأولى وهو عندنا من الثّقات الصُّلَحاء. 293- الحسن بن أحمد بن الحسن2، القاضي أبو علي البيهقي الأديب، قاضي نَسَا. سمع: ابن خُزَيمة، وابن صاعد، وطبقتهما. وعنه: الحاكم وغيره. حرف الشين: 294- شمول3 أبو الحسين الأمير، مولى صاحب كافور. ولي نيابة دمشق في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، فلما بلغه مسير جعفر بن فلاح من قِبَل جوهر المُعِزّي إلى الشام ليملكها استخلف غلامه إقبال، وتوجَّه لقتال جعفر منحازًا إلى الأمير حسن بن عبيد الله بن طُغْج الإخشيدية، والتقى الجمعان، فانهزم حسن وجنوده، وانضمَّ في الحال شمول إلى جعفر بن فلاح مخامرًا. ويقال: إنّه كان كاتَبَه فأمَّنه واستعمله على دمشق، وبقي ينوب عنه غلامه إقبال

_ 1 انظر: تاريخ بغداد للخطيب "8/ 253"، والمنتظم "7/ 52"، وشذرات الذهب "3/ 28". 2 لا بأس به. 3 انظر أمراء دمشق "14"، والنجوم الزاهرة "4/ 26".

بها، فلما كان في آخر هذه السنة سنة تسعٍ غلب على البلد أبو القاسم بن أبي يعلى الهاشميّ، وردَّ دعوة بني العبّاس، وهرب إقبال، ثم لم يدم ذلك. حرف الصاد: 295- صالح بن عمر العُقَيلي1 الأمير. وُلّي دمشق نيابة للحسن بن عبيد الله بن طُغج في سنة سبعْ وخمسين حين انهزم عنها فنك الكافوري، فبعث إليه عند ذلك شيوخ دمشق، وهو يومئذ متولّي حَوْران، فجاءهم وضبط البلد، فجاء ظالم بن موهوب العُقَيْلي ليأخذ منه البلد فمنعه أهل دمشق. ثم بعد ذلك غلب على الشام الحسن بن أحمد القرمطي واختفى صالح، وولي دمشق للقرامطةُ وشاح السّلمي، وسار صالح إلى الرملة، فلمَّا رجع القرمطي إلى الإحساء وفارق الشام في صفر سنة ثمانٍ وخمسين، رجع صالح إلى دمشق، وتعصّب معه شبابها، وأخرجوا وُشاحًا، ثم جمع ظالم العُقَيلي جموعًا، ونزل داريًا، وحاصر داريًا خمسين يومًا، فلما بلغه مجيء الحسن بن عبيد الله الإخشيذي سار عن البلد. قال ابن عساكر الحافظ: بلغني أنّ صالحًا تُوُفّي بِنَوا سنة تسعٍ وخمسين. حرف الطاء: 296- طلحة بن محمد2 بن إسحاق، أخو سعد الصَّيرفي. قال الخطيب: سمع العمري ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة. نا عنه أبو نُعَيم، وكان صدوقًا. أرَّخه ابن الثلاج. حرف العين: 297- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إسحاق3، أبو محمد الأصبهاني الفقيه. توفِّي في رمضان.

_ 1 انظر أمراء دمشق "43"، والنجوم الزاهرة "4/ 56". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "9/ 350". 3 في عداد المجهولين.

298- عبد الرحمن بن أحمد1 بن سعي، أبو بكر المَرْوَزي الأنماطي. قدم حاجًّا وحدَّث ببغداد عن: يحيى بن ماسويه، ومحمد بن شاذان. وعنه: ابن حيّويه، والحسن بن الحسن بن المنذر. قال الخطيب: كان ثقة حافظًا. 299- عبد الرحمن بن محمد بن جَعْفَر2 بن الأصبهاني، أبو مسلم المؤدّب، أخو أبي الشيخ الحافظ. سمع: محمد بن زكريا البزّاز الحافظ، وأحمد بن علي الخُزاعي. وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر بن مردويه، والحفّاظ. توفِّي فجأة. 300- عبد الصمد بن محمد بن حيّويه3، الحافظ أبو محمد البخاري الأديب. أحد الرّحّالة. جمع صحيح البخاري على عمر بن ملك المَرْوَزي، وكتب ببغداد وبنيسابور. روى عنه الحاكم وقال: توفِّي في رمضان. 301- علي بن بُنْدار4 شيخ الصوفية. ذكرته في سنة سبع، وقيل: توفِّي في هذه السنة، وكأنّه الأصحّ. وقد روى عنه: أبو يعلى حمزة المهلبي، وأبو سعد عبد الملك بن محمد، وكامل بن أحمد العزائمي. قال الحاكم: ما رأيت في مشايخنا أصبر على الفقر منه، وقد أملى سنين، وكان من الثقات. قال السُّلمي: وكان ابنه أبو القاسم أوحد وقته في طريقته، سمعته يقول: سمعت

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "10/ 296". 2 انظر أخبار أصبهان "2/ 120". 3 لا بأس به. 4 انظر المنتظم "7/ 52".

الوالد يقول: يا بُنيّ إيّاك والخلاف على الخلق، فمن رضي الله به لنفسه عبدًا فارْض به أخًا. قد ذكرنا أنّه صِحب الْجُنَيْد وطبقته، وأكثر من الحديث. 302- علي بن محمد سيبويه1 بن مسرور بن الحسن الفقيه المالكي القيرواني الدّبّاغ. سمع من أحمد بن أبي سليمان وعوّل عليه. أخذ عنه: أبو الحسن القابسي، وعبد الرحمن بن محمد الربعي، وجماعة كثيرة من المالكية. وكان إمامًا عبَّادًا عاقلًا كثير الحياء. 303- عَليّ بن مُحَمَّد بن سَعيد، أَبُو الحَسَن2 الموصلي نزيل بغداد. روى: عن الحسن بن فيل، وأبي يعلى، وشاهين بن السّمِيدع، وعدّة. وعنه: علي بن أحمد الرزّاز، وأبو نُعَيم، وقال: هو كذّاب. وقال ابن الفرات: مخلّط غير محمود، مات في جمادى الآخرة. حرف الفاء: 304- الفتح بن عبد الله الفقيه3، أبو نصر الهَرَوي العابد. سمع: الحسين بن إدريس، والحسن بن شيبان، وغيرهما. وعنه: أبو عبد الله الحاكم وقال: عاش خمسًا وثمانين سنة. قرأ الفقه والكلام على أبي علي الثقفي، إلى أن صار من مشايخ المتكلّمين. حدّثني بعضهم أنَّه رآه ليلة بكى إلى الصياح.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/ 82". 3 ابن العميد، من الكتاب الأدباء، في عهد الدولة البويهية.

حرف الميم: 305- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سهل1، أبو عبد الله الإستراباذي، خال أبي الحسن المطرفي. روى عن: الحسن بن سفيان، والحسن بن الطيّب البلْخي. 306- محمد بن أحمد بن الحسن2 بن إسحاق، أبو علي بن الصّوافّ، محدّث بغداد. سمع: محمد بن إسماعيل التِرْمذِي، وإسحاق الحربي، وبِشْر بن موسى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وطائفة. وعنه: ابن رزقويه، ومحمد بن أبي الفوارس، وأبو الحسين وعبد الملك ابنا بِشْران، وأبو بكر البرقاني، وأبو نُعَيم، وجماعة. قال الدارقطني: ما رأت عيناي مثل أبي علي الصّوّاف، وآخر بمصر نسيه ابن أبي الفوارس. وقال ابن أبي الفوارس: كان أبو علي ثقة مأمونًا، ما رأيت مثله في التّحدُّث. تُوُفّي في شعبان وله تسعٌ وثمانون سنة. قلت: آخر من روى حديثه بعلوٍّ عفيفة الفارِقانّية، سمعت من الأشجّ آخر أصحاب أبي نُعَيم. 307- محمد بن أحمد بن حمدون3 بن الحسن الذُّهْلي، أبو الطّيّب النَّيْسَابُوري المذكّر. صحيح السماع كثير الكتب، وكان يُوَرَّق. سمع: إبراهيم بن أبي طالب، ومسدَّد بن قُطْن، وصنَّف تصانيف. وعنه: الحاكم، وقال: عندي بخطّه زيادة على ثلاثمائة جزء، وعاش أربعًا وثمانين سنة.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "1/ 289"، والمنتظم "7/ 52"، وسير أعلام النبلاء "16/ 184". 3 لا بأس به.

308- محمد بن الحسين الوزير الكبير1، أبو الفضل بن العميد. وزير ركن الدولة الحسن بن بُوَيه، وكان أحد بُلَغاء الرجال ونُبلائهم، توفِّي سنة 36. 309- محمد بن حاتم بن زنجويه2، أبو بكر الفقيه الفرَضي، حدَّث بدمشق عن: محمد بن أحمد بن صفوة المَصّيصي، ويعقوب بن محمد بن ثوابة، وجماعة. وعنه: تمَّام، وأبو نصر بْن هارون، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن ياسر، وغيرهم. تُوُفّي في ذي القعدة، وكان إمامًا في السنة. 310- محمد بن طاهر بن علي، أبو يعلى3 الأصبهاني. سمع: الوليد بن أبان، وبكر بن أحمد الشعراني، وأبا القاسم البَغَوي، وأبا عَرُوبة. وعنه: الحاكم بن البيع، وأبو عبد الرحمن السّلمي، وأبو الفضل محمد بن أحمد الجارودي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السرّاج. قال الحاكم: كان يحفظ سؤالات الشيوخ، وتوفِّي بنَيْسَابُور. 311- محمد بن عبد العزيز بن حسنون4، أبو طاهر الإسكندراني الفقيه الشافعي، شيخ جليل معمَّر. حدَّث بدمشق عن: مقدام بن داود الرّعيني، وأبي بكر بن سهل الدَّمياطي، وصالح بن شعيب، وجعفر الفريابي، وجماعة. وعنه: تمَّام، وعبد الوهاب الميداني، والهيثم بن أحمد الصباغ، ومحمد بن عبد الله المنيني، وغيرهم. توفِّي في شهر رجب.

_ 1 في بعض المراجع زيرك بالزاي، والصواب ما أثبتناه كما في تاريخ بغداد "2/ 405". 2 نسبة إلى بلدة بين همذان والكرج، كما في معجم البلدان "1/ 404". 3 لا بأس به. 4 انظر السابق.

312- محمد بن علي بن حُبَيْش1، أبو الحسن الناقد، بغداديّ جليل. سمع: أبا شعيب الحرّاني، وأحمد بن يحيى الحلواني، ومحمد بن عبد الله مُطَيَّنًا، والهيثم بن خَلَف الدُّوري، وجماعة. وعنه: ابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم. وقال أبو نُعَيم: ثقة، وكذا وثَّقه ابن أبي الفوارس وورَّخ موته. 313- محمد بن عيسى بن ديزك2، العلامة أبو عبد الله البَرُوجِرْدي3 النحوي. نزيل بغداد ومعلّم ابن الخليفة. سمع: عمر بن مرداس، ومحمد بن إبراهيم بن زياد الرازي، وانتحب عليه ابن المظَفَّر. روى عنه: سلامة بن عمر النَّصيبي، وأبو نُعَيم وغيرهما. وثَّقه أبو نُعَيم. ويقال: إنَّ أبا سعيد السّيرافي درس عليه الأدب. قال أبو الحسن بن الفرات: كان ثقة مستورًا جميل المذهب. مات في جُمادى الآخرة. 314- محمد بن موسى بن أزهر4، أبو بكر الأندلسي الأسِتجي. روى عن أبيه، وعبيد الله بن يحيى، وكان فقيهًا شروطيًّا. توفِّي في جُمادى الآخرة. 315- المنذر بن محمد بن المنذر5، أبو سعيد السّلمي الهَرَوِي. روى عَنْ أبي جعفر أحمد بن عبد الرحمن الشامي. وعنه أبو الفضل الجارودي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "3/ 86"، وشذرات الذهب "3/ 28". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "2/ 405". 3 نسبة إلى بلد بين همذان وبين الكرج. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 70". 5 لا بأس به.

316- المؤمَّل بن يحيى، أبو الحسن1 المصري المعدّل. سمع أبا الرقراق. 317- هاشم بن أحمد بن غانم2، أبو خالد الغافقي القُرْطُبي. كان فقيهًا مشاوَرًا، نظر الأحباس أيام منذر القاضي، وكان نحويًّا شاعرًا. وفيَّات ستين وثلاثمائة: حرف الألف: 318- أحمد بن طاهر النَّيْسَابُوري3: سمع ابن خُزَيْمة، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبا القاسم البَغَوي، وأبا عَرُوبة، وعلي بن أحمد بن علان المصري، والهيثم بن كلب الشاشي. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وقال: كان من الرَّحَّالة المجوَّدين. 319- أحمد بن محمد بن أبي الفتح4 بن خاقان، أبو العباس بن النّجاد الدمشقي، إمام جامع دمشق وأحد الصالحين. قرأ القرآن على هارون بن موسى الأخفش. ولعلَّه آخر من قرأ عليه عبد القاهر الصائغ، وبقي إلى سنة عشر وأربعمائة. 320- أحمد بن ثابت بن الزُّبَير5، أبو عمر التَّغْلِبِيُّ القُرْطُبِي. سمع من عبيد الله بن يحيى، وحدّث عنه بالموطأ، وسمع من سعيد بن عثمان الأعناقي، وطاهر بن عبد العزيز، وجماعة. روى عنه جماعة، وكان صالحًا ثقة، توفِّي في ذي القعدة.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لا بأس به. 3 انظر السابق. 4 انظر البداية والنهاية "11/ 271". 5 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 45".

321- إبراهيم بن يحيى1 الطُلَيْطِليّ، أبو إسحاق. سمع أحمد بن خالد بن الحباب، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وولي قضاء طليطلة. روى عنه خَلَف بن قاسم، وعبد الرحمن بن عبيد الله. توفِّي حدود الستين أو قبلها. 322- إبراهيم بن هارون بن خلف2 بن الزُّبير المصمودي: سمع بقرطبة من أبن أيمن، وقاسم بن أصبغ. وحدَّث. توفِّي سنة ستّين. 323- أسد بن حيون بن منصور3 الجذامي، أبو القاسم الأسِتِجي الأندلسي. سمع: محمد بن عبد الملك بن أيمن، ورحل فسمع من أبي القاسم البغوي ببغداد، ومن أبي جعفر الديلي بمكة. وكان بصيرًا بالطّبّ. روى عنه إسماعيل. 324- أسهم بن إبراهيم بن موسى4، أبو نصر القُرَشي السَّهْمي الزّاهد الْجُرْجاني، عمّ الحافظ حمزة بن يوسف. روى عن: أبي نُعَيم عبد الملك بن عدي، وموسى بن العباس الأزدواري. وعنه: أبو بكر محمد بن يوسف الشالنجي. حرف الجيم: 325- جعفر بن فلاح5، الأمير الذي ولي دمشق للمُعِزّ العُبَيّدي، وهو أوّل أمير وليها لبني عبيد.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 17". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 17". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 74". 4 انظر تاريخ جرجان "168". 5 انظر الكامل في التاريخ "8/ 615"، ووفيات الأعيان "1/ 361"، والبداية والنهاية "11/ 270".

وكان قد خرج مع القائد جَوْهَر، وافتتح معه مصر، ثم سار فغلب على الرملة سنة ثمان وخمسين، وبعد أيامٍ غلب على دمشق بعد أن قاتل أهلها أيّامًا، واستقرَّ بها، ثم في سنة ستيّن هذه سار لحربه الحسن بن أحمد القرمطي، وكان مريضًا على نهر يزيد، فظفر به القرمطي وقتله، وقتل من خواصِّه خلقًا، وذلك في ذي القعدة. حرف الحاء: 326- الحَسَن بن علي ابن الإمام أبي1 جعفر. سمع: أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي. حرف الزاي: 327- زيري بن مناد الحِمْيَري2 الصَّنْهاجي جدّ العزيز بن باديس. أوّل من ملك من بيتهم، وهو الذي بنى أَشِير وحصَّنها، وأعطاه المنصور تاهرت، وكان شجاعًا حَسَن السيرة. جرت بينه وبين جعفر بن علي الأندلسي حرب، قُتِل زِيري في المصافّ في رمضان، وكانت مدّة إمرته ستًا وعشرين سنة. حرف السين: 328- سعيد بن عميرة، أبو عثمان الهَرَوي. يروي عن جعفر الفريابي. 329- سليمان بن أحمد بن أيّوب3 بن مطير، أبو القاسم اللخمي الطّبَراني، الحافظ المشهور مُسْنَد الدَّنيا. سمع: هاشم بن مرثد الطبراني، وأبا زُرْعة الدمشقي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحَوْطي، وأبا زيد أحمد بن عبد الرحيم بن يزيد الحوطي، وأحمد بن مسعود المقدسي، وأحمد بن إسحاق البلدي الخشاب، وأحمد بن خُلَيد الحلبي، وأحمد بن شعيب النسائي، وإبراهيم بن برة

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر الكامل في التاريخ "8/ 524"، والوافي بالوفيات "15/ 59". 3 انظر المنتظم "11/ 54"، والبداية والنهاية "11/ 270"، وسير أعلام النبلاء"16/ 119-130".

الصّنَعاني، وإسحاق بن إبراهيم الدّبري، وإبراهيم بن إبراهيم الشَّباي، وإدريس بن جعفر العطّار صاحب يزيد بن هارون، وبِشْر بن موسى الأسدي، والحسن بن سهل المجوّز، وحفص بن عمر سنجه، وحَبُّوش بن رزق الله، وخير بن عرفة، وأبا الزنْباع رَوْح بن الفرج، وعلي بن عبد العزيز البَغَويّ، وعبد الله بن محمد بن سعيد ابن أبي مريم، وعبد الله بن الحسين المَصّيصي، وعمارة بن وثيمة، وعبيد الله بن رماحس، وعمرو بن ثور الجذامي، ومحمد بن حيّان المازني، ومحمد بن حيّان الباهلي، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزّاز، ومحمد بن زكريّا الغلابي، ومحمد بن أسد الأصبهاني، وموسى بن عيسى بن المنذر الحمصي، ومقدام بن داود الرّعيني، وهارون بن مَلّول، ويوسف بن يزيد القراطيسي، ويحيى بن أيّوب العلاف وغيرهم، وأوّل سماعه بطبريَّة سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين، وله ثلاث عشرة سنة. سمّعه أبوه ورحل به؛ لأنّه كان له ماسَّة بالحديث، وقد سمع من دُحَيْم لما قَدِمَ عليهم طبريّة، وزار به أبوه القدس سنة أربع وسبعين فسمَّعه من أحمد بن مسعود الخياط، حدثه عن عمرو بن أبي سَلَمَةَ التنّيسي، ثم رحل إلى قيسارية فسمع من إبراهيم بن أبي سفيان، وعمرو بن ثور أصحاب الفريابي، وسمع بعكَّا من أحمد اللحياني صاحب آدم بن أبي إياس، ثم إنّه رحل سنة ثمانٍ وسبعين إلى حلب، وسمع بحمص وجَبَلة ودمشق والشام في هذا القُرْب، ثم حجّ ودخل اليمن مع أبيه في نحو من سنة ثمانين، فسمع كُتُب عبد الرزّاق، وسمع بمصر في رجوعه فيما أحسب أو في ذهابه من محدّثيها، وسمع بعد ذلك من أهل بغداد والبصرة والكوفة، وأصبهان، وغير ذلك. وكان مولده بعكّا في صفر سنة ستّين ومائتين، وكانت أمّه من عكّا. وصنّف مُعَجَم شيوخه وهو مجلد مروي، و"المعجم الكبير" في عدَّة مجلَّدات على أسماء الصّحابة، و"المعجم الأوسط" وفيه الأحاديث الأفراد والغرائب، صنَّفه على ترتيب أسماء شيوخه، وصنَّف كتاب "الدعاء"، وكتاب "عشرة النساء"، وكتاب "حديث الشاميّين"، وكتاب "المناسك"، وكتاب "الأوائل"، وكتاب "السنة"، وكتاب "الطوالات"، وكتاب "الرمي"، وكتاب "النوادر"، مجلّد، "ومُسْنَد أبي هريرة" كبير

وكتاب "التفسير"، وكتاب "دلائل النُّبُوَّة"، وكتاب "مسند شُعْبَة"، وكتاب "مسند سفيان"، ومسانيد طائفة، وغير ذلك مما غاب عنّي ذكره ولم أعرف به. روى عنه: أبو خليفة الفضل بن الحُباب، وأبو العبّاس بن عُقْدة، وأحمد بن محمد الصحَّاف وهو من شيوخه، وأبو بكر بن مردويه، وأبو عمرو محمد بن الحسين بن محمد البسطامي فقيه نيسابور، والحسين بن أحمد بن المرزبان، وأبو بكر بن أبي عَليّ الذكواني، وأبو الفضلّ أحمد بن محمد الجارودي، وأبو نُعَيم الحافظ، وأبو الحسين بن فاذشاه، ومحمد بن عبيد الله بن شهريار، وأبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد الصفّار، وآخر من حدَّث عنه بالسماع أبو بكر بن رِيذَة، وبقي بعده بسنتين عبد الرحمن بن أبي بكر الذَّكْواني يروي عنه بالإجازة. قال أبو بكر بن أبي علي: سأل والدي أبو القاسم الطبراني عن كثرة حديثه فقال: كنت أنام على البواري1 ثلاثين سنة. وقال أبو نعيم: قدم الطبراني أصبهان سنة تسعين ومائتين، وخرج ثم قدمها فأقام بها محدّثًا ستّين سنة. وذكر الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصبهاني أنَّ أبا أحمد العسّال قاضي أصبهان قال: أنا سمعت من الطبراني عشرين ألف حديث، وسمع منه إبراهيم بن محمد بن حمزة ثلاثين ألفًا، وسمع منه أبو الفتح أربعين ألف حديث كملنا. قلت: وهؤلاء من شيوخ أصبهان في أيام الطبراني. وقال أبو نُعَيم: سمعت أحمد بن بُنْدار يقول: دخلت العسكر سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين، فحضرت مجلس عبدان، وخرج ليُمْلي، فجعل المستملي يقول له: إن رأيت أن تملي عليَّ فيقول: حتى يحضر الطبراني، قال: فأقبل أبو القاسم بعد ساعة متَّزرًا بإزار مرتديًا بآخر، ومعه أجزاء، وقد تبعه نحو عشرين نفسًا من الغرباء من بلدانٍ شتَّى حتى يفيدهم الحديث. وقال أبو بكر بن مَرْدَوَيْه في تاريخه: لما قدم الطبراني قِدْمَتَه الثانية سنة عشرٍ وثلاثمائة إلى أصبهان قبَّله أبو علي أحمد بن محمد بن رستم العامل، وضمَّه إليه،

_ 1 أي: الحصير المنسوج.

وأنزله المدينة وأحسن معونته، وجعل له معلومًا من دار الخراج، فكان يقبضه إلى أن مات، وقد كنَّى ولده محمدًا أبا ذَرّ، وهي كنية والده. وقال أبو زكريا يحيى بن مَنْدَه الحافظ: سمعت مشايخنا ممّن يُعُتمد عليهم يقولون: أملى أبو القاسم الطّبراني حديث عِكّرمة في الرؤية، فأنكر عليه ابن طَبَاطَبَا العلويّ، ورماه بدواة كانت بين يديه، فلمَّا رأى الطبراني واجهه بكلام اختصرته، وقال في أثناء كلامه: ما تسكتون وتشتغلون بما أنتم فيه حتى لا نذكر ما جرى يوم الحَرَة، فلما سمع ذلك ابن طباطبا قام واعتذر إليه وندم. وقال ابن مَنْده المذكور: وبلغني أنه كان حسن المشاهدة طيب المحاضرة، قرأ عليه يومًا أبو طاهر ابن لوقا حديث "كان يغسل حصى جماره " فصحَّفه وقال: " يغسل خُصى حماره "، فقال: وما أراد بذلك يا أبا طاهر؟ فقال: التواضع. وكان أبو طاهر هذا كالمغفّل. قال له الطبراني يومًا: أنت ولدي يا أبا طاهر، فقال: وإيّاك يا أبا القاسم، يعني: وأنت. وقال ابن مَنْده: وجدت عن أحمد بن جعفر الفقيه، أنا أبو عمر بن عبد الوهاب السّلمي فقال: سمعت الطبراني يقول: لما قدم أبو علي بن رستم من فارس دخلت عليه، فدخل عليه بعض الكُتّاب، فصبَّ على رِجْله بخمسمائة درهم، فلمَّا خرج الكاتب قال لي أبو علي: ارفع هذا يا أبا القاسم، فرفعتها، فلمَّا دخلت أمّ عدنان صبّت على رِجْله خمسمائة، فقمت، فقال لي: إلى أين؟ فقلت: قمت لئلَّا يقول: جلست لهذا، فقال: ارفع هذه أيضًا، فلما كان آخر أمره تكلَّم في أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- ببعض الشيء، فخرجت ولم أعد إليه بعد. وقال أحمد بن جعفر الفقيه: سمعت أبا عبد الله بن حمدان، وأبا الحسن المَدِيني، وغيرهما، يقولون: سمعنا الطبراني يقول: هذا الكتاب روحي، يعني "المُعْجَم الأوسط". وقال أبو الحسين ابن فارس اللغوي: سمعت الأستاذ ابن العميد يقول: ما كنت أظنّ أنّ في الدنيا حلاوة ألذّ من الرئاسة والوزارة التي أنا فيها، حتى شاهدت مذاكرة الطبراني، وأبي بكر الْجِعابي بحضرتي، فكان الطبراني يغلبه بكثرة حفظه، وكان الجعابي يغلب بفطنته وذكائه، حتى ارتفعت مراتبهما، ولا يكاد أحدهما يغلب صاحبه، فقال الجعابي: عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي، فقال: هات، فقال:

ثنا أبو خليفة، أنا سليمان بن أيوب، وحدَّث بحديث، فقال الطبراني: أنا سليمان بن أيّوب ومنّي سمعه أبو خليفة، فاسمع منّي حتى يعلوَ فيه إسنادك، فخجل الجعابيّ، فوددت أنّ الوزارة لم تكن، وكنت1 أبنًا للطبراني وفرحت لفرحه أو كما قال. أنبئت عن اللّبان، عن غانم البرجي، أنّه سمع عمر بن محمد بن الهيثم يقول: سمعت أبا جعفر بن أبي السّريّ قال: لقيت ابن عُقْدَةَ بالكوفة، فسألته يومًا أن يعيد لي فَوْتًا، فامتنع، فشدّدت عليه، فقال: من أيّ بلد أنت؟ قلت: من أصبهان. فقال: ناصبةً ينصِبُونَ العداوة لأهل البيت، فقلت: لا تقُلْ هذا، فإنّه فيهم متفقّهة وفُضلاء ومتشيّعة، فقال: شيعة معاوية؟ قلت: لا والله، بل شيعة عليّ، وما فيهم أحد إلّا وعليّ أعزّ عليه من عينه وأهله، فأعاد عليَّ ما فاتني، ثم قال لي: سمعت من سليمان بن أحمد اللخمي، فقلت: لا أعرفه، فقال: يا سبحان الله! أبو القاسم ببلدكم وأنت لا تسمع منه، وتؤذيني هذا الأذى، بالكوفة ما أعرف لأبي القاسم نظيرًا، قد سمعت منه وسمع منّي، ثم قال: أَسَمعِت "مُسْنَدَ أبي داود"؟ فقلت: لا، قال: ضيّعت الحزم؛ لأن منبعه من أصبهان، وقال: أتعرف إبراهيم بن محمد بن حمزة؟ قلت: نعم، قال: قلَّ ما رأيت مثله في الحفظ. قال الحاكم: وجدت أبا عليّ الحافظ سيّء الرأي في أبي القاسم اللّخْمي، فسألته عن السبب، فقال: أجتمعنا على باب أبي خليفة، فذكرت طرف حديث: "أُمِرْت أن أسجد على سبعة أعضاء" 2 فقلت له: يحفظ شعبة عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس قال: بلى، رواه غندر، وابن أبي عَدِي، فقلت: من عنهما؟ قال: حدّثناه عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عنهما، فاتهمته إذ ذاك، فإنّه ما حدَّث به غير عثمان بن عمر، عن شعبة. قال الحافظ ضياء الدين: هذا وَهِمَ فيه الطبراني في المذاكرة، أمّا في جمعه حديث شعبة، فلم يروه إلّا من طريق عثمان بن عمر، ولو كان كل من وَهَمَ في حديث واحد اتُّهِم لكان هذا لا يسلم منه أحد. وقَالَ أبو عبد الله بْن مَنْدَه الحافظ: الطبراني أحد الحفاظ المذكورين، حدَّث عن

_ 1 وفي رواية "أنا" وهكذا العلم يرفع به الله أقوامًا ويجعلهم رؤساء بغير وزارة، نسأل الله أن يجعلنا منهم. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "2/ 245، 246"، ومسلم "490".

أحمد بن عبد الرحيم البرقي، ولم يحتمل سنُّه لُقِيّه. تُوُفّي أحمد بن عبد الرحيم بمصر سنة ستٍ وستين ومائتين. قلت: كذا ورّخَه ابن يونس في موضع، وقال: في موضع آخر: توفِّي سنة سبعين في رمضان، وعلى كلّ تقدير فلم يلقه، والذي ظهر لي أنّه سمع من ابن البرقي بلا شك، لكن من عبد الرحيم أخي أحمد المذكور، فاعتقد أنّه هو أحمد، وغلط في اسم الرجل، ويؤيّد هذا أنَّ الطبراني لم يُخَرّج عن أحمد عن كبار شيوخه مثل عمرو بن أبي سَلَمَةَ ونحوه، إنّما روى عنه عن مثل عبد الملك بن هشام راوي السيرة. وأخرى أنَّ الطبراني لم يسمّ عبد الرحيم ولا ذكره في معجمه، وقد أدركه سفيان لما دخل مصر وسمع منه، لكنَّه سمّاه باسم أخيه وهمًا منه، ولهما أخٌ حافظ، توفِّي سنة تسعٍ وأربعين ومائتين من شيوخ النّبْل، وهذا وَهْم، وحسن من الطبراني قد تكرّر في كثير من معجمه قوله: نا أحمد بن عبد الله البرقي، وقد تُوُفّي عبد الرحيم بن البرقي سنة ستَّ وثمانين. وسئل أبو العبّاس أحمد بن منصور الشيرازي الحافظ عن الطبراني فقال: كتبت عنه ثلاثمائة ألف حديث، وهو ثقة، إلّا أنّه كتب عن شيخ بمصر، وكان أخوين وغلط في اسمه "يعني: ابني البرقي". وقال أبو بكر بن مردويه: دخلت بغداد، وتطلّبت حديث إدريس بن جعفر العطّار، عن يزيد بن هارون، ورَوْح بن عبادة، فلم أجد إلّا أحاديث معدودة، وقد روى الطبراني، عن إدريس، عن يزيد كثيرًا. قالت: هذا لا يدلّ على شيء، فإنّ الطبراني لما وقع له هذا الشيخ، اغتنمه وأكثر عنه واعتنى به، ولم يعتن به أهل بلده. وقال أحمد الباطرقاني: دخل ابن مردويه بيت الطبراني وأنا معه، وذلك بعد وفاة ابنه أبي ذَرّ لبيع كتب الطبراني، فرأى أجزاء لا أوائل لها، فاغتمَّ لذلك وسبّ الطبراني. قال الباطرقاني: وكان ابن مردويه سيّء الرأي فيه. قال سليمان بن إبراهيم الحافظ: كان ابن مردويه في قلبه شيء على الطبراني، فتلفَّظ بكلام، فقال له أبو نعيم: كم كتبت عنه؟ فأشار إلى حزمٍ، فقال أبو نُعَيم: ومن رأيت مثله؟ فلم يقل شيئًا.

قال الحافظ الضياء: ذكر ابن مردويه في تاريخ أصبهان جماعة وضعَّفهم، وذكر الطبراني فلم يضعّفه، ولو كان عنده ضعيفًا لضعفّه. وقال أبو بكر محمد بن أبي علي المعدّل: الطبراني أشهر من أن يدلّ على فضله وعلمه، وكان واسع العلم كثير التصانيف، وقيل ذهبت "عيناه في آخر" أيّامه، فكان يقول: الزنادقة سحروني، فقال له يومًا حسن العطّار تلميذه يمتحن بصره: كم عدد الجذوع التي في السّقْف؟ فقال: لا أدري، لكنّ نقش خاتمي "سليمان بن أحمد". قلت: هذا على سبيل البسْط. وقال له مرّة أخرى: من هذا الآتي؟ قال: أبو ذَرّ، يعني ابنه، وليس بالغِفَاريّ. قال أبو نُعَيم: توفِّي لليلتين بقِيتا من ذي القعدة سنة ستّين وصلّيت عليه. قلت: عاش الطبراني مائة سنة وعشرة أشهر، وآخر من روى حديثه عاليًا بالإجازة عندنا الزاهد القدوة أبو إسحاق الواسطي، أجاز له أصحاب فاطمة الجوزدانية، التي تفرّدت بالرواية عن ابن زهرة صاحب الطبراني. 330- سهل بن أحمد بن عيسى، أبو الفضل المؤدِّب، هَرَوِيٌّ معمّر. تُوُفّي يوم عرفة، وصلّى عيه الخليل بن أحمد القاضي، وله مائة سنة. قاله ابن منده. حرف العين: 331- عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى بْن معاوية1، أبو بكر التيمي الطلحي الكوفي. سمع عبيد بن غنّام، ومُطَيَّنًا، وجماعة. وثّقه الحافظ محمد بن أحمد بن حمّاد. وروى عنه أبو نُعَيم الحافظ وغيره. 332- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَحْمَد2 بْن محمد، أبو القاسم البغدادي الفقيه الشافعي، ويُعرف بعُبَيْد الفقيه، نزيل قرطبة.

_ 1 أحد الحفاظ الثقات. 2 انظر علماء الأندلس "1/ 253".

قال أبو الوليد الفَرَضي: قدِمَ الأندلس، وكان قد تفقَّه وناظر عند أبي سعيد الأصطخري، والقاضي أبي عبد الله المحاملي، وقرأ القرآن على ابن مجاهد، وعلى أبي الحسن بن شنَّبوذ، وسمع من أبي جعفر محمد بن إبراهيم الدّيلي، وأبي جعفر الطّحاوي، وأبي القاسم البَغَوي، وعبد الله بن أبي داود الدّحداح الدمشقي، وابن صاعد. وكان عالمًا بالأصول والفروع، إمامًا في القراءات، صنَّف في الفقه والقراءات والفرائض. قال: وقد ضعَّفه بعضهم برواية ما لم يسمع عن بعض الدمشقيين. وُلد سنة خمسٍ وتسعين ومائتين، وكان المستنصر صاحب الأندلس قد أكرمه، وتوفِّي في ذي الحجّة بقرطبة. قلت: لم يسمّ أحدًا روى عنه. قال الفَرَضي: سمعت محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرِّج ينسبه إلى الكذب، ووقفت على بعض ذلك. 333- عمارة بن رفاعة بن عمارة1 بن وثيمة بن موسى، أبو العبّاس المصري. تُوُفّي في ربيع الأوّل. 334- عمر بن أَحْمَد بن محمد2 بن ممّه الخلال، أبو حفص البغدادي المعدّل. سمع: الحسين بن الأحوص، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي. وعنه: ابن رزقويه، ومحمد بن طلحة. وثّقه الخطيب، مات في ذي الحجّة، وهو والد عبد الرحمن شيخ ابن المهتدي بالله. 335- عيسى بن محمد بن أحمد البغدادي3، أبو علي الطوماري من ولد ابن جريج.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 250"، والمنتظم "7/ 54". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 176"، وميزان الاعتدال "3/ 322".

حدَّث عن: الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، وبِشْر بْن موسى، ومحمد بْن أحمد بْن البراء، ومحمد بن يونس الكديمي، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي، وجماعة. وعنه: أبو الحسن بن رزقويه، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وابن داود الرزَّاز، وأبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم، وكان قد شُهِر بصحبة ابن طومار الهاشمي. قال ابن الفرات: لم يكن بذاك، حدَّث من غير أصول في آخر أمره. وقال ابن أبي الفوارس: كان يذكر أنَّ عنده تاريخ ابن أبي خيثمة، وكُتُب ابن أبي الدنيا، ولم تكن له أصول، وكان يحفظ حكايات. وذكر أنّه قرئ عليه كتاب "الكامل" للمبّرد من غير كتابه، وذكر أنّ مولده في المحرّم سنة اثنتين وستين ومائتين، ومات في صفر. قلت: تفرَّد بالسماع من غير واحد. 336- الفضل بن الفضل بن العبّاس1 الكنْدي، إمام جامع همدان. سمع الكثير من: عيسى بن هارون، وأبي خليفة، وزكريّا السّاجي، وأبي يعلى الموصلي، وجماعة. وعنه: الحسين بن منجويه، وأبو طاهر بن سلمة، وعبد الرحمن بن شبانة، وجماعة. وكان صدوقًا. قاله شيرويه، وقال: مات في ربيع الآخر. قلت: وقع لنا حديثه في الثاني من حديث ابن شبانة. حرف الميم: 337- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، أبو علي2 بن زُبَارة العلوي النَّيْسَابُوري، شيخ الأشراف. سمع: الحسين بن الفضل، وغيره. وعنه: الحاكم، وعاش مائة سنة سوى شهرين.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر الإكمال "4/ 197".

338- محمد بن إبراهيم الأصبهاني1: سمع محمد بن علي الفرقدي، وجماعة. وعنه: أبو نُعَيم، ووثَّقه، ومحمد بن أحمد الصابوني، وعلي بن أحمد ابن داود الرّزّاز. 339- محمد بن جعفر2 بن إبراهيم الفسوي، الفقيه أبو جعفر. سمع: الحسن بن سفيان، وعبد الله بن الفرهاد، ومحمد بن جرير، والباغَنْدي، وأبا عَرُوبة، والمفضّل الجندي، وعلان بن الصَّيْقل، وابن جَوْصا، فطوَّف وأكثر التّرحال. روى عنه الحاكم وقال: توفِّي في رجب. 340- محمد بن جعفر بن محمد3 بن مطر النَّيْسَابُوري، أبو عمرو بن مطر المعدّل الزاهد. شيخ العدالة ببلده، ومعدن الورع، معروف بالسماع والرحلة والإتقان، كذا قال فيه الحاكم. سمع: أبا عمرو، وأحمد المُسْتَملي، وإبراهيم بن أبي طالب، وإبراهيم بن علي الذُّهلي، ومحمد بن أيّوب الرازي، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي، ثم البغدادي، والفريابي، وأبا خليفة، ومحمد بن جعفر بن حبيب الكوفي. وعنه: أبو علي الحافظ مع تقدّمه، وأبو الحسين الحجّاجي، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي المشّاط، وأبو نصر عمر بن قتادة، وآخرون. وقد روى عنه أبو العباس بن عُقْدَةَ، وهو من صغار شيوخه. قال الحاكم: وأعجب من ذلك ما: ثنا محمد بْن صالح بن هاني، نا أَبُو الحسن الشافعي، عن أبي عمرو بن مطر، وقد ماتا قبله بدهر، وهو الذي انتقى الفوائد على أبي العباس فأحيا به علم الأصم بتلك الفوائد، فإنَّ الأصم أخذ أصوله واعتمد على كتاب أبي عمرو بن مطر.

_ 1 أخبار أصبهان "2/ 298". 2 لا بأس به. 3 انظر المنتظم "7/ 56"، وسير أعلام النبلاء "16/ 163".

قال الحاكم: وحدّثني أبو زيد بالكوفة، نا أبو عمرو محمد بن جعفر النَّيْسَابُوري بالكوفة سنة ستَّ وثلاثمائة، ثنا سليمان بن سلام فذكر حديثًا. قال الحاكم: قلَّ ما رأيت أصبرَ على الفقر من أبي عمرو، فإنّه يتجمَّل بدَسْت ثياب الجمعة وحضور المجلس، ويلبس في بيته فروًا ضعيفة، ويأكل رغيفًا وبصلة أو جزرة، وبلغني انّه كان يُحْيى الليل، وكان يأمر بالمعروف، وينهى عن المُنْكَر، ويضرب اللّبِنَ لقبور الفقراء، ولم أر في مشايخنا له في الاجتهاد نظيرًا، وتوفِّي في جمادي الآخرة سنة ستّين وهو ابن خمس وتسعين سنة -رضي الله عنه. 341- محمد بن أحمد بن موسى، القاضي1 أبو عبيد الله الرازي الخلال ابن أخي علي بن موسى القُمّي. فقيه أهل الرّيّ وشيخ الحنفية. سمع: محمد بن أيّوب بن الضُّريْس، وإبراهيم بن يوسف. وعنه: الحاكم، وقال: وكان من أفصح من رأينا وأَدْيَنِهم، ولي قضاء سمرقند وفرغانة، وكان والد قاضي الريّ. قال الحاكم: انتقيت على أبي عبد الله عشرين جزءًا، ومات بفرغانة في رمضان وهو على قضائها. 342- محمد بن جعفر بن محمد2 بن الهَيْثَم بن عِمْران، أبو بكر الأنباري البُنْدار، ويُعرف بابن أبي أحمد. سمع: أحمد بن الخليل البُرْجُلاني، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الْعَوَّام، ومحمد بن إسماعيل التَّرْمِذي، وجعفر بن محمد الصائغ، وهو آخر من حدَّث عنهم. روى عنه: ابن سُمَيكة، وأبو بكر البرقاني، وأبو علي بن شاذان، وبِشْر بن الفاتني، وعلي بن داود الرّزّاز، ومحمد بن أبي إسحاق إبراهيم المزكّي، وأبو نُعَيم الحافظ، وآخرون، ومولده في شوّال سنة سبعٍ وستين ومائتين. قال الخطيب: سألت البرقاني عنه فقال: كان سماعه صحيحًا بخطّ ابنه.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ بغداد "2/ 150"، والمنتظم "7/ 55"، وسير أعلام النبلاء "16/ 63، 64".

قال ابن أبي الفوارس: توفِّي فجأة يوم عاشوراء. قال: وانتقى عليه عمر البصري، وكان قريب الأمر فيه بعض الشيء، وكانت له أصول جياد بخطّ ابنه. 343- محمد بن جعفر بن محمد بن كنانة، أبو بكر1 البغدادي المؤدَّب. حدَّث عن: محمد بن يونس الكُدَيْمي، وأبي مسلم الكَجّي، ومحمد بن سهل العطّار. وعنه: علي بن أحمد الرّزّاز، وبِشر بن عبد الله الفاتني، وغيرهما. قال ابن أبي الفوارس: كان فيه تساهل. وقال محمد بن العبّاس بن الفرات: كان قريب الأمر، وتوفي في جُمادي الأولى. وقال ابن أبي الفوارس: توفِّي سنة ستّ وستيّن. 344- محمد بن الحسين بن محمد2، أبو الفضل بن العميد الكاتب، وزير الملك ركن الدولة الحسن بن بُوَيْه الدَّيْلميّ، كان آية في الترسُّل والإنشاء، وكان متفلسفًا متَّهمًا برأي الأوائل، حتى كان يسمَّى الجاحظ الثاني، وكان يُقَالُ: بُدِئَت الكتابة بعبد الحميد وخُتمت بابن العميد. وقد مدحه المتنّبي وغيره، وأعطى المتنبي ثلاثة آلاف دينار. وقيل: كان مع فنونه لا يدري الشَّرْع، فإذا تكلَّم أحد بحضرته في أمر الدين شقَّ عليه وخنس، ثم قطع على المتكلّم فيه. وكان قد ألَّف كتابًا سماه "الخَلْق والخُلُق" فلم يُبَيّضه، ولم يكن الكتاب بذاك، ولكن جعس الروساء خُبيص وصُنان الأغنياء نَدّ. وتوفِّي بالرّيّ. وكان الصّاحب بن عبَّاد يلزمه ويصحبه، فلذلك قيل له: الصاحب، وأقام في الوزارة ابنه بعده سنة ستّين وهو الوزير أبو الفتح ذو الكفايتين.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "2/ 151"، والعبر "2/ 317". 2 انظر تاريخ بغداد "5/ 266"، والمنتظم "7/ 56"، وسير أعلام النبلاء "6/ 274-282".

345- محمد بن الحسين بن عبد الله1، أبو بكر الآجُرّي، مصنِّف "الشريعة" في مجلّدين. سمع: أبا مسلم الكجي، وأبا شعيب الحرَّاني، وخلف بن عمرو العكبري، وحفص بن محمد الفريابي، وأحمد بن يحيى الحلواني، وجماعة. وعنه: أبو الحسن الحمامي، وأبو محمد عبد الرحمن بن عمر النّحاس، وأبو الحسين بن بشران، وأخوه أبو القاسم عبد الملك، وأبو نُعَيم، وجماعة كبيرة من حجّاج المشارقة والمغاربة؛ لأنّه جاور بمكة مدّة، وله تصانيف حسنة، وكان من الأئمة. قال الخطيب: كان ثقة دَيِّنًا له تصانيف، توفِّي بمكة في المحرّم. قلت: رفع لنا جماعة أجزاء من جمعه. 346- محمد بن داود، أبو بكر الدُّقّي2 الدَّيَنَوري الزّاهد، شيخ الصوفية بالشام. قرأ القرآن على: أبي بكر بن مجاهد، وحدَّث عن الخرائطي، وصحِب جماعة وحكى عنهم، منهم: أبو بكر محمد بن الحسن الدّقّاق، وأبو محمد الجريري، وأبو عبد الله بن الجلاء؛ وسعيد بن عبد العزيز الحلبي. حكى عنه: عبد الوهاب الميداني، وبكر بن محمد، وأبو الحسن بن جهضم، وعبدان المنبجي، وعبد الواحد بن بكر، وطائفة كبيرة. ذكره أبو عبد الرحمن السّلمي فقال: عمَّر فوق مائة سنة، وكان من أجَلِّ مشايخ وقته، وأحسنهم حالًا، كان من أقران الرُّوذَباري، سمعت عبد الواحد الوَرثاني يقول: سمعت الدُّقّي يقول: من ألِفَ الاتّصال ثم ظهر له عين الانفصال تنقَّص عيشه، وامتحق وقته، وصار متأنّسًا في محل الوحشة، وأنشأ يقول: لو أنَّ الليالي عذبت بفراقنا ... محا دمع عين اللَّيْلِ نورُ الكواكب ولو جُرّع الأيّامُ كأسَ فراقنا ... لأصبحت الأيام شيب الذوايب وقال أَبُو نصر عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ السّراج الصُّوفي: حكى أبو بكر الدُّقّي قال: كنت بالبادية فوافيت قبيلة، فأضافني رجل، فرأيت غلامًا أسود مقيدًا هناك، ورأيت

_ 1 انظر المنتظم "7/ 55"، والكامل في التاريخ "8/ 617". 2 انظر تاريخ بغداد "5/ 266"، والمنتظم "7/ 56"، وسير أعلام النبلاء "16/ 138، 139".

جِمالًا ميْتةً ثَمَّ، فقال الغلام: اشفَعْ لي فإنّه لا يردّك، قلت: لا آكل حتى تحلّه، فقال: إنّه قد أفقرني. قلت: ما فعل؟ قال: له صوت طيّب فَحَدَا لهذه الجمال وهي مُثْقَلَةٌ، حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في يوم، فلمَّا حُطَّ عنها ماتتِ كلّها، ولكن قد وهبته لك، فلمَّا أصبحنا أحببت أن أسمع صوته فسألته، وكان هناك جمل يُسْتَقَى عليه، فحدا، فهام الجمل على وجهه وقطع حباله، ولم أظنّ أني سمعت صوتًا أطيب منه، ووقعت لوجهي. قال الميداني: توفِّي الدُّقّي في سابع جُمادي الأولى سنة ستّين. 347- محمد بن سليمان بن أحمد بن محمد1 بن ذِكْوان، أبو طاهر البعلبكي المؤدِّب نزيل صيدا. قرأ القرآن على: هارون بن موسى بن شريك الأخفش، وسمع أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، وزكريّا خيّاط السنة، وأحمد بن إبراهيم البسري، والحسين بن محمد بن جمعة، وغيرهم. قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن بن السّقّا، وجعفر بن أحمد بن الفضل. وروى عنه: أبو الحسين بن جُمَيْع، وابنه السّكَن، وابن مَنْدَه، وعليّ بن جَهْضَم، وصالح بن أحمد الميانجي، وآخرون. وُلد سنة أربعٍ وستّين ومائتين، وتوفِّي سنة ستين وثلاثمائة. قال ابن عساكر: وقيل: مات سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمائة. قال أبو طاهر: قرأت على الأخفش بعد الثمانين ومائتين، وكان أبو طاهر يعلّم بجامع صيدا، فعل ذلك قبل موته بعامين لأنه احتاج. 348- محمد بن صالح2 بن علي، أبو الحارث الهاشمي البغدادي المالكي، قاضي نَسَا، وأخو قاضي بغداد أبي الحسن محمد بن صالح بن أمّ شَيْبان. سمع: عبد الله بن زيدان البجلي، وأبا محمد بن صاعد، وجماعة. وعنه: أبو عبد الله الحاكم.

_ 1 انظر الأنساب "357"، الوافي بالوفيات " 3/ 125". 2 انظر تاريخ بغداد "5/ 362"، والمنتظم "7/ 56".

349- محمد بن طاهر1 بن محمد، أبو طاهر النَّيْسَابُوري الصَّيْرفي الزاهد الصالح. سمع: ابن خُزَيْمة، وأبا العبّاس السّرّاج. وعنه الحاكم وقال: كان من العُبَّاد الصابرين على الفاقة. 350- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ2 بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أشْتَة، أبو بكر الأصبهاني المقرئ النّحوي، أحد الأعلام. قرأ القرآن على: ابن مجاهد، ومحمد بن يعقوب المعدّل، وأبي بكر النقاش، وقرأ بأصبهان على محمد بن أحمد بن الحسن الكسائي، وطائفة، وبرع في القرآن وصنَّف التصانيف. قال أبو عمرو صاعد: مشهور، ثقة، عالم بالعربية، بصير بالمعاني، حسن التصنيف، صاحب سنة. روى عنه جماعة من شيوخنا، وسمع منه: عبد المنعم بن غلبون، وخَلَف بن إبراهيم، وعبد الله بن محمد بن راشد الأندلسي، وتوفي في مصر سنة ستّين. 351- محمد بن الفُرُّخان3 بن روزبه، أبو الطَّيّب الدُّوري. حدَّث ببغداد عن أبيه، والفضل بن الحُباب أحاديث مُنْكَرَة. وعنه: يوسف القوّاس، وابن السّوطي، وكان غير ثقة، وكان يحكي عن الجنيد وغيره. توفِّي سنة ستين وثلاثمائة أو قريبًا منه. الكنى: 352- أبو القاسم بن أبي يعلى4 الشريف الهاشمي، قام بدمشق وقام معه خلق من الشباب وأهل الغوطة، وقطع دعوة المصريين، ولبس السواد، ودعا للمطيع

_ 1 لا بأس به. 2 انظر الوافي بالوفيات "3/ 340"، وطبقات المفسرين "2/ 157". 3 انظر تاريخ بغداد "3/ 167"، والمنتظم "7/ 56". 4 انظر العبر "2/ 319"، وشذرات الذهب "3/ 35".

لله، وذلك في ذي الحجّة سنة تسعٍ وخمسين، واستفحل أمره، ونفى عن دمشق أميرها إقبال نايب شمَّول الكافوري، فلم يلبث إلّا أيامًا حتى جاء عسكر المصريين وقاتلوا أهل دمشق، وقُتل منهم جماعة، ثم هرب أبو القاسم الشريف في الليل، فصالح أهل البلد، وطلب أبو القاسم البرّيّة يريد بغداد، فلحقه ابن عليان العدوي فأسره عند تَدْمُر وجاء به، فَشَهَّرَه جعفر بن فلاح في عسكره على جمل، وذلك في المحرَّم سنة ستّين، وسيّره إلى مصر. قال ابن عساكر: قرأت بخط عبد الوهاب أنَّ أبا جعفر بن فلاح وعد لمن جاء بالشريف ابن أبي يَعْلى بمائة ألف دِرْهم، فجيء به، ففرح، وطيف به على جمل، وعلى رأسه قَلَنْسُوَة يَهُوديّ، وفي لِحْيَيْه ريش، وبيده قصبة، ثمّ لان له ابن فلاح وقال: لأَكاتِبَنَّ مولانا بما يَسُرُّك، وأيش حَمَلّكَ على الخروج عن الطّاعة؟ قال: القضاء والقدر، وأغلظ لبني عدِيّ الذين جاءوا به، وقال: غدرتم بالرجل، ففرح أكثر الناس بهذا، ودعوا بالخلاص لابن أبي يعلى لحِلْمه وَكَرَمِهِ وجُوده. من لم يُحفظ وفاته وله شهرة كتبنا تقريبًا: حرف الألف: 353- أَحْمَد بْن إبْرَاهِيم بْن جعفر، أبو بكر العطّار1، شيخ معمَّر. سمع: محمد بن يونس الكُدَيْمي، وغيره. وعنه: أبو نُعَيم الحافظ. 354- أحمد بْن إبراهيم بْن محمد2، أبو العبّاس الكِنْدي البغدادي، نزيل مكة. حدّث عن: يوسف القاضي، ومحمد بن جرير الطّبري، والخرائطي. وعنه: أبو الحسين بن بشُران، وأخوه عبد الملك، وأبو نُعَيم. وثَّقه الخطيب.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ بغداد "4/ 18".

355- أحمد بن إسحاق بن محمد1 بن شَيْبان، أبو محمد الهَرَوي الضّرير، بغداديّ الأصل. سمع سنة بِضْعٍ وسبعين ومائتين من مُعاذ بن نجدة عمّ والدته، ومن علي بن محمد الْجِعابي. روى عنه: إسحاق بن إبراهيم بن الفرات، وأحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وأبو عثمان سعيد بن العباس القرشي، وهو من كبار شيوخ ابن الفرات. توفِّي في حدود الستين وثلاثمائة، وله ترجمة في كتاب ابن النجّار، وهو المُعَاد في سنة تسعٍ وستّين. - أحمد بن إسحاق: مر في الطبقة الماضية، ويلقَّب بالجرذ. 356- أحمد بن الحسن2 بن محمد بن سهل، أبو الفتح المالكي الواعظ، ويُعرف بابن الحمصي. حدَّث ببغداد عن: أبي جعفر الطحاوي، وجعفر الطّيالسي. وعنه: أبو نُعَيم الحافظ، وغيره. 367- أحمد بن صالح3 بن عمر، أبو بكر المقرئ، بغداديّ نزل الرملة. قرأ على: الحسن بن الخُباب، والحسن بن الحسين الصّوّاف، ومحمد بن هارون التمَّار، وابن مجاهد. وعنه: عبد الباقي بن الحسن، وعبد المنعم بن غَلْبُون، وعلي بن محمد بن بِشْر الأنطاكي، وخَلَف بن قاسم، وآخرون، بعضُهم تلاوةً. وصفه أبو عمرو الدّاني بالثقة والضبط، وقال: مات بعد الخمسين. 358- أحمد بن علي4 بن الحسين، أبو بكر الفارسي البيضاوي النخاس.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ بغداد "4/ 90". 3 انظر تاريخ بغداد "4/ 205"، وشذرات الذهب "3/ 35".

حدّث عن: محمد بن هارون بن المجّدر، وعبد الله بن سعيد القُرَشي. وعنه عمر بن أحمد البرمكي، وأبو سعيد النقّاش، والحافظ أبو نُعَيم. 359- أحمد بن القاسم1 بن كثير بن صدقة بن الرّيّان المالكي، أبو الحسن المصري، نزيل البَصْرة، شيخ معمّر. يروي عن: محمد بن يونس الكديمي، والحارث بن أبي أسامة، وإسحاق بن إبراهيم الدّبري، وأحمد بن محمد البِرْتي، وعبد الله بن أبي مريم، وأبي عبد الرحمن النّسائي، ومحمد بن غالب تمتام، وأحمد بن إسحاق بن سبط، وغيرهم. وعنه: علي بن عبدكويه، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبو نُعَيم، وغيرهم. قال ابن ماكولا: فيه ضَعْف. وقال حمزة السَّهْمي: سمعت أبا محمد الحسن بن علي البصْري مولى أحمد بن محمد بن القاسم بن الرَّيّان، ليس بالمَرْضِيّ، سمعت منه. قلت: مرَّ في سنة سبع وخمسين، وهو راوي نسخة نُبْيط. 360- أحمد بن طاهر2 بن النّجْم، أبو عبد الله المَيَانَجي الحافظ. محدِّث رحَّال. سمع: أبا مسلم الكجّي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ويحيى بن محمد البحتري الحِنّائي، وأحمد بن هارون البرديجي الحافظ، وجماعة، وأخذ هذا الشأن وتخرَّج بسعيد بن عمرو البردعي. روى عنه: عبد الله بن أبي زُرْعَة القزْويني، ويعقوب بن يوسف الأردبيلي، وجماعة، وآخر من بقي من أصحابه أحمد بن الحسين بن علي التَّرَّاسي بالمراغة. وقال سعيد بن علي الرَّيْحاني: ومن شيوخ أبي الحسين أحمد بن فارس اللَّغوي: أحمد بن طاهر بن المنجم، فكان يقول عنه: إنّه ما رأي مثل نفسه، يعني ابن المنجم. قال ابن فارس: وما رأيت مثله. قال الخليلي في "الإرشاد": توفي بعد الخمسين وثلاثمائة.

_ 1 انظر العبر "2/ 319"، والإكمال "4/ 112". 2 انظر العبر "2/ 320"، وشذرات الذهب "3/ 36".

361- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد1 بْن سهل، أبو بكر البغدادي المعروف ببُكَيْر الحدّاد: جاور بمكّة، وحدّث عن: محمد بن يونس الكُدَيْمي، وبِشْر بن موسى، والكَجّي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم. وعنه: الدَارقُطْنيّ، وأبو محمد بن النّحّاس، وجماعة. وثّقه الخطيب وقال: تُوُفّي بعد الخمسين. 362- أحمد بن محمد2 بن بِشْر، أبو بكر بن الشارب المقرئ، خُرَاسَانيّ نزل بغداد وأدَّب بها، وقرأ بها على أبي بكر الزَّيْنبيّ، وهو من أثبت أصحابه وأنبلهم. قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن، وعلي بن عمر الحمامي، وأبو بكر بن شاذان الواعظ، وغيرهم. 363- أحمد بن محمد بن أحمد3 بن السّدّيّ، أبو الطَيّب الدُّوري ابن أخت الهيثم بن خلف. سمع: الكُدَيْمي، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، ومحمد بن إسحاق بن راهَوَيْه، والحسن بن مَنْدَه، والحسن بن أبي المنذر. ووثّقه الخطيب. توفِّي سنة نَيِّفٍ وخمسين. 364- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن صالح بْن عبد الله بن قيس، أبو الحسين التميمي الأحنفي الهمذاني الكوملاذي البزاز، والد صالح بن أحمد الحافظ. سمع الكثير بهمذان، ورحل إلى بغداد فسمع من محمد بن حبان الباهلي، وحمزة بن محمد الكاتب، وعلي بن طيفور النسوي، وحامد بن شعيب، وطائفة في حدود الثلاث مائة. روى عنه ابنه، وطاهر بْن عَبْد اللَّه بْن ماهلة، وأحمد بن تركان، وأبو الحسن بن جهضم.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "4/ 364". 2 انظر تاريخ بغداد "4/ 401". 3 انظر تاريخ بغداد "4/ 365".

وكان محدثًا صدوقًا؛ قَالَ ابنه صالح: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن محمد الصّفّار يَقُولُ: كنَّا نشبِّه أباك أيّام كنّا نسمع بأحمد بْن حنبل لسكونه ووقاره، وما كان عليه -رحمه الله. 365- أحمد بن محمد1 بن منصور، أبو بكر الأنصاري الدّامغاني، الفقيه الحنفي، صاحب الطّحاوي. تفقَّه على الطّحاوي، ولازَمَ ببغداد حلقة أبي الحسن الكَرْخي، فلمَّا فُلِجَ جعل الفتوى إليه، وكان كبير الشأن إمامًا ورِعًا، وُلّي مرَّة قضاء واسِط لِدُيونٍ رَكِبَته. روى عنه: أبو محمد عبد الله بن الأكفاني، وغيره، وتفقَّه به جماعة. 366- أحمد بن محمد2 بن أحمد، أبو حامد السّرَخْسِي. سمع: محمد بن إبراهيم البوسَنْجي، وغيره. وعنه: محمد بن جبريل بن ماج. 367- أحمد بن محمد بن حسنوية، أبو الحسين النيسابوري اللباد التاجر. ثقة حجة، يروي عن محمد بن محمد الباغندي، والحسين بن إدريس، وابن خزيمة. وعنده كتاب "الجرح والتعديل" عن ابن أبي حاتم. روى عنه أبو بكر البرقاني، وغيره. 368- أحمد بن محمد3 بن سالم، أبو الحسن البصري الصوفي ابن الصّوفي المتكلّم، صاحب مقالة السّالمية. له أحوال ومُجَاهَدة وأتباع ومُجُون، وهو شيخ أهل البصرة في زمانه، عُمَّر دهْرًا، وأدرك سهل بن عبد الله التُسْتَرِيّ وأخذ عنه، لأنّ والده كان من تلامذة سهل، وبقي إلى قريب الستين وثلاث مائة، وكان من أبناء التسعين.

_ اانظر تاريخ بغداد "5/ 97". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر الحلية "10/ 378".

قال أبو سعيد محمد بن النَقّاش الحافظ: رأيته وسمعت كلامه، ولم أكتب عنه شيئًا. قلت: وكان دخول النقّاش البصْرة سنة نيّفٍ وخمسين وثلاثمائة. روى عن أبي الحسن بن سالم: أبو طالب المكّي صاحب "القوت" وصَحِبَه، وأبو بكر بن شاذان الرّازي، وأبو مسلم محمد بن علي بن عوف المرجّي الأصبهاني، وأبو نصر الطوسي الصّوُفي، ومنصور بن عبد الله الصُّوفي، ومعروف الرَّيْحاني. وذكره أبو نُعَيم في الحلْية فقال: ومنهم أبو عبد الله محمد بْن أَحْمَد بْن سالم البصري، صاحب سهل التُسْتَريّ وحافظ كلامه، أدركناه وله أصحاب يُنْسَبُون إليه. قلت: هكذا سمّاه وكناه في الحلية. قال السَّلَمي في تاريخ الصوفيّة: محمد بن أحمد بن سالم، أبو عبد الله البصْري، والد أبي الحسن بن سالم، روى كلام سهل، وهو من كبار أصحابه، أقام بالبصرة، وله بها أصحاب يُسَمّون السالميّة، هجرهم النّاسُ لألفاظٍ هُجْنة أطلقوها وذكروها. قال أبو بكر الرازي: سمعت ابن سالم يَقُولُ: سَمِعْتُ سهل بن عبد الله يَقُولُ: لا يستقيم قلب عبدٍ حتى يقطع كلّ حيلة وكلُ سببٍ غير الله. وقال: قال سهل: ما اطَّلَع الله على قلبٍ فرأى فيه همّ الدنيا إلّا مَقَتَه، والمَقْتُ أن يتركه ونفسه. وقال أبو نصر الطُّوسي: سألت ابن سالم عن الوجل، فقال: انتصاب القلب بين يدي الله. وسألته عن العُجْب قال: أن يستحسن العبد عمله وترى طاعته. قلت: كيف يتهيّأ للعبد أنْ لا يستحسن صلاته وصومه وعبادته؟ قال: إذا علم تقصيره فيها والآفات التي تدخُلُها فلا يستحسنه. وسمعته يقول: متى تنكسر النفس بترك الطعام هبها هبها، فسألته: بِمَ أستعين على قوة نفسي؟ قال: أن تجعل حيث موضع نظر الله، إن مددت يدك قلت لِمَ، وإن مددت رجلك قلت لِمَ، وإن نطقت تقول: لِمَ. هذا حبس النفس التي تنكسر به قوته، وتزول سُرْبته، لا لترك الطعام والشراب. قلت: السنة لهم نِحْلَة لا أحقّقها.

369- أحمد بن محمد بن شارَك1، الفقيه أبو حامد الهروي الشافعي. مفتي هَرَاة وأديبها وعالمها ومفسّرها ومحدّثها في زمانه. سمع: محمد بن عبد الرحمن السَّامي، والحسن بن سفيان الفَسَوي النيسبابوري، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأحمد بن الحسن الصُّوفي، وأبا يعلى الموصلي. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو إبراهيم النصر أبادي. وقال الحاكم: كان حسن الحديث. توفِّي بَهَراة سنة خمسٍ وخمسين. وكذلك قال أبو النضر الفامي، وذكره مرة أخرى قال: تُوُفّي في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وخمسين. 370- أحمد بن مطرف النصري2 المغربي، له ديوان تكلم فيه عن كثير من شيوخه في اللغة. توفِّي بعد الخمسين ظنًّا، قاله السلفي. 371- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله3 بْن أبي العزائم، أبو إسحاق الكوفي. آخر من حدّث عن أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرْزَةَ الْغِفَارِيُّ، وعن الخضِر بن أبان. يروي عنه: أبو نُعَيم الحافظ، ومحمد بن أحمد الجواليتي الكوفي المتوفَّى بمصر سنة إحدى وثلاثين، وغيرُهما. 372- إبراهيم بن محمد4 بن الخصيب الأصبهاني العَسَّال. سمع ببغداد من يوسف بن يعقوب القاضي. وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر بن أبي علي. 473- إبراهيم بن محمد5 بن إبراهيم الورّاق الأصبهاني.

_ 1 انظر طبقات الشافعية "2/ 98"، وسير أعلام النبلاء "16/ 273". 2 أحد الأدباء، وعلماء اللغة. 3 انظر العبر "2/ 321"، وشذرات الذهب "3/ 36". 4 انظر أخبار أصبهان "1/ 200". 5 انظر أخبار أصبهان "1/ 200".

سمع محمد بن العبّاس الأخرم. وعنه: أبو نعيم. حرف الحاء: 374- الحَسَن بْن عَبْد اللَّه1 بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الكاتب البغدادي المقرئ. محقّق ضابط مشهور من كبار أصحاب ابن مجاهد. قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن، وعلي بن محمد الحذّاء. 375- الحسن بن عبد الله النجاد2، الفقيه البغدادي، من كبار الحنابلة ببغداد، صنَّف في الأصول والفروع عن أبي محمد البربَهاري، وأبي الحسن بن بشّار. تفقّه به عبد العزيز غلام الزّجّاج، وأبو عبد الله بن حامد وجماعة. وكان في هذا الزمان موجودًا. 376- الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد3، أبو محمد الرامَهُرْمُزِي الحافظ القاضي، صاحب كتاب "المحدّث الفاصل بين الراوي والواعي" حافظ مُتِقن واسع الرحلة. سمع أباه محمد بن عبد الله الحضرمي مُطَيّنًا، وقاضي الكوفة أبا الحُصَيْن الوادعي، ومحمد بن حيّان المازني، وعُبَيد بن غنّام، وأبا خليفة الْجُمَحي، ويوسف بن يعقوب القاضي، والحسن بن المثنّى العنبري، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، والفريابي، وعبدان الأهوازي، وموسى بن هارون، وأبا شعيب الحرّاني. وأوّل سماعه بفارس سنة تسعين ومائتين، وأوّل رحلته سنة بضعٍ وتسعين، وهؤلاء هم كبار من روى عنه من أهل فارس، ووقع لنا من تصنيفه كتاب "الأمثال". روى عنه: القاضي أبو عبد الله أحمد بن إسحاق النَّهاوندي، وأحمد بن موسى بن مردَوَيْه، والشيخ أبو الحسين محمد بن أحمد بن جُمَيْع الغسّاني في مُعْجَمِه، وطائفة من أهل رامَهُرْمُز وشِيرَاز.

_ 1 انظر الوافي بالوفيات "2/ 90". 2 انظر العبر "2/ 321"، وطبقات الحنابلة "2/ 140". 3 انظر العبر "2/ 321"، والمنتظم "6/ 228"، وسير أعلام النبلاء "16/ 73-75".

قال أبو القاسم بن مَنْدَه في الوَفَيَات له: عاش إلى قريب الستين وثلاثمائة برامَهُرْمُز. 377- الحسن بن عبيد الله1 بن طُغج بن جُفّ، أبو محمد. وُلّي إمرة دمشق سنة ثمانٍ وخمسين، فرحل بعد أشهر، واستخلف مكانه شموَّل الإخشيدي، ثم سار إلى الرملة، فالتقي هو وجعفر بن فلاح في آخر السنة، فانهزم جيشه، وأخذ الحسن أسيرًا، وحُمل إلى المغرب إلى المُعِزّ بن إسماعيل العُبيْدي الخليفة الخارجي، وولت دولة الإخشيذية، ولعله قتل سرًّا. حرف السين: 378- سعد بن محمد بن إبراهيم2 الناقدي الصيرفي. عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وعنه أبو نعيم. 379- سهل بن إسماعيل بن سهل، أبو صالح الطرسوسي الجوهري قاضي سهلان. سمع عبد الرحمن بن الرَّوَّاس، وأنس بن السَّلْم بدمشق، ومحمد بن نصير بأصبهان، وأبا خليفة بالبصرة، وغيرهم. وعنه: أبو أحمد عبيد الله الفرضي، وعبد الله بن يحيى السكري، وأبو القاسم بن بشران، وأبو الحسين بن جميع، ومحمد بن طلحة النعالي، وغيرهم. وثَّقه الخطيب، وتوفِّي بعد الخمسين فيما أحسب. حرف الصاد: 380- صِدَّيق بن سعيد، أبو الفضل3 الصُّوناخي، وصُوناخ قرية من عمل إسبيجاب. قَدِمَ سمرقند، وسمع الكُتُب عن محمد بن نصر المَرْوَزي الفقيه، وببخارى عن

_ 1 انظر الكامل "8/ 59"، والوافي بالوفيات"12/ 97"، وسير أعلام النبلاء "16/ 223". 2 لا بأس به. 3 انظر الأنساب "8/ 112"، وميزان الاعتدال "2/ 314"، وسير أعلام النبلاء "16/ 132".

سهل بن شاذويه، وحامد بن سهل، وصالح بن محمد. مات بفرياب بعد الخمسين وثلاثمائة، قاله ابن السَّمْعانيّ. حرف العين: 381- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن ديزويه الفقيه، أبو عمر الدمشقي الحنبلي. حدَّث بمصر ودمشق عن أبي يعلى الموصلي، والبغوي، وابن فيل البالسي. وعنه: أحمد بن محمد بن سدرة، ومحمد بْن أحمد بْن مفرج القُرْطُبي، وعبد الرحمن ابن عمر النحاس، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر. 352- عبد الله بن جعفر بن إسحاق بن علي بن جابر بن الهيثم بن رشيد الجابري الموصلي. سمع محمد بن أحمد بن أبي المثنى، وعبد الله بن المعتز، وهو آخر من حدَّث عنهما، عمِّر دهرًا. وعنه: أبو نعيم الحافظ؛ سمع منه بالبصرة في أول سنة سبع وخمسين. 383- عَبْد الله بْن عُبَيد الله بْن يحيى1، أبو القاسم العسكري، المقرئ البزّار. روى عن: أحمد بن بِشْر الطيالسي، ومحمد بن إسحاق بن راهويه، وعليّ بن داود الرّزّاز. 384- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَحْمَد بْن علك، أبو عبد الرحمن المروزي الجوهري، مسند مرو في حدود الستين وثلاث مائة، ومحدثها. رحل وسمع محمد بن أيوب البجلي، ومحمد بْن إبراهيم البُوشَنْجيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بن حنبل، والفضل بْن محمد الشّعْرانيّ، وعبد اللَّه بْن ناجية، وجماعة كثيرة. وعنه: أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشّيرازي، وأبو بكر البرقاني، وطائفة. 385- عبد الله بن محمد2 بن حمزة بن أبي كريمة، أبو يعلى الصيداوي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 39". 2 انظر معجم الشيوخ "129، 130"، لابن جميع.

سمع أباه، ومحمد بن المُعَافَى الصيداوي، ومحمد بن الحسن بن قُتَيْبة. ووُلّي قضاء بيت المقدس. وعنه: ابن مَنْدَه، وتمَّام الرّازي، ومُعَاذ بن محمد الصَّيداوي، وأبن جُمَيْع، وابنه السّكَن. 386- عبيد الله بن جعفر1 بن أحمد بن عاصم بن الرَّوَّاس الدمشقي. روى عن أبيه والحسن بن الفرج الغزّي، وإسحاق المنجنيقي. وعنه: تمَّام، ومحمد بن موسى السَّمْسار. 387- عثمان بن أحمد2 بن شَنْبك، أبو سعيد الدَّيْنَوَرِي، ورَّاق خَيْثَمَة ونزيل طرابلس. روى عنه: ابن صاعد، والبغوي، وابن ذَرِيح العُكْبُري، وأبو علي محمد بن سعيد الحمصي، ومحمد بن الربيع الجيزي. وعنه: أبو الحسن بن جهضم، وتمَّام، وأبو محمد بن ذكوان، وابن جُمَيْع، وعبد المنعم بن أحمد. بقي إلى سنة خمسٍ وخمسين. 388- عثمان بن حسين البغدادي3. عن: جعفر الفريابي، وقاسم المطّرز، والباغَنْدي، وخلق. وعنه: تمَّام، وأبو نصر بن الجندي، وأبو نصر بن الحبّان، ومحمد بن عوف الدمشقيّون. وكان ثقة عارفًا بالحديث. حدَّث سنة سبعٍ وخمسين. 389- عثمان بن محمد4 بن إبراهيم بن رستم، أبو عمر الماذرائي، ويعرف بابن الأطروش.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر الإكمال "4/ 262"، والتهذيب "2/ 58". 3 لا بأس به. 4 لا بأس به.

حدَّث بمصر عن أبيه، وأبي شُعَيْب الحرّاني، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وجماعة. روى عنه: عبد الرحمن بن عمر النّحّاس، وإبراهيم بن علي الغازي، وابن نظيف، وآخرون. 390- عتيق بن ما شاء الله1 بن محمد، أبو بكر المصري المقرئ العسال. قرأ عَلَى أَحْمَد بن عبد اللَّه بن هلال المصري. روى عنه الحروف: أبو الطّيّب بن غلبون، وابنه طاهر، وذكر أنّه سمع من ابن هلال سنة خمسٍ وتسعين ومائتين، وتوفِّي في عَشْر الستّين. 391- علي بن الحسن2 بن عبد العزيز الهاشمي. عن: محمد بن يحيى المَرْوَزي، وجعفر الفِرْيابي. وعنه: أبو الفضل بن داود، وأبو نُعَيم الحافظ. 392- علي بن حمد الواسطي3. سمع بِشْر بن موسى. وعنه: أبو نُعَيم. 393- عمر بن علي بن الحسن4، أبو حفص العتكي5 الأنطاكي. سمع الحسن بن فيل، وأبا جعفر العُقَيْلي، وابن جَوْصا، ومحمد بن يوسف الهروي، والحسن بن علي بن روح الكَفْربطناوي، وطائفة كثيرة. وقَدِمَ دمشق مستنفرًا لنجدة أهل أنطاكية في سنة سبع وخمسين وثلاثمائة. وعنه: الحافظ عبد الغني، وابن نظيف الفرّاء، وعبد الوهاب الميداني، والمسدّد الأملوكي. ولا أحسبه إلّا بقي إلى أيّام الطبقة الآتية، فإنَّ الأملوكي متأخر السماع.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "11/ 383". 3 لا بأس به. 4 انظر العبر "2/ 322"، وشذرات الذهب "3/ 38". 5 نسبة إلى بطن من الأزد.

حرف الكاف: 394- كَشَاجَم1، أحد فحول الشعراء في عصر المتنبّي، اسمه: أبو نصر محمود بن الحسين. قدم دمشق، وروى عنه الحسين بن عثمان الخِرَقي وغيره. ومن شعره وهو القائل: يقولون تُبْ والكأس في كفّ أغيد ... وصوت المثاني والمَثَالِثِ عالي فقلت لهم: لو كنت أضْمَرْتُ تَوْبَةً ... وأبصرت هذا كله لبدا لي وله في كافور: أكافور قُبِّحْتَ من خادِمٍ ... ولاقَتْكَ مسرِعَة جائحَه حيث سَمِيّك في برده ... وأخطأك اللون والرائحة وشِعْرُ كشاجم سائر مُتَدَاول. حرف الميم: 395- مُحَمَّد بْن أَحْمَد2 بْن مُحَمَّد بن يعقوب، أبو بكر الشَّيْباني الأصبهاني القَمّاط، ثقة، صاحب أصول. سمع: أبا بكر بن أبي عاصم، وإبراهيم بن نائلة، وغيرهما. وعنه: أبو بكر بن أبي علي وأبو نعيم الأصبهانيّان. 396- محمد بن أحمد3 بن أبي مطيع الهَرَوي. سمع: عثمان بن سعيد الدّارمي. وعنه: أبو الفضل الجاروي، وغيره.

_ 1 انظر العبر "2/ 322"، وسير أعلام النبلاء "16/ 285، 286". 2 انظر العبر "2/ 323"، وشذرات الذهب "3/ 38". 3 لا بأس به.

397- محمد بن أحمد بن يوسف1، أبو الطّيّب البغدادي المقرئ، صاحب ابن شنبوذ. تغرَّب وجال، وتحدّث بجُرْجَان وأصبهان عن: إدريس بن عبد الكريم الحدّاد، وغيره. روى عنه: أبو نصر الإسماعيلي، وأبو نُعَيم الحافظ. قال أبو نعيم: قَدِمَ علينا سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. 398- محمد بن إبراهيم2 الفروي. سمع أبا مسلم الكجّي. وعنه أبو نُعَيم، ووثَّقه. 399- محمد بن إسماعيل بن موسى3 الرّازي. آخر من حدَّث عن أبي حاتم الرّازي. وعنه: علي بن أحمد بن داود الرّزّاز، وتوفِّي بعد الخمسين وثلاثمائة. 400- محمد بن الحسن بن الوليد4 بن موسى، أبو العبّاس الكلابي الدمشقيّ، أخو تبوك وعبد الوهاب. سمع: القاسم بن اللَّيْث الرَّسْعَني، وإسحاق بن أحمد القطّان، وأبا عبد الرحمن النَّسَائي. وعنه: شُعَيب بن عبد الرحمن بن عمر بن نصر، ومكّي بن محمد، ومكّي بن عوف المُزَنيّ. سمع منه عبد الوهاب الميداني في سنة خمسٍ وخمسين. 401- محمد بن صبيح5 بن رجا، أبو طالب المصفى.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "1/ 377"، وأخبار أصبهان "2/ 288". 2 أحد العلماء المشايخ، لا بأس به. 3 لا بأس به. 4 انظر السابق. 5 السابق.

سمع: محمد بن عبد الله الحضرمي مطينا، وأحمد بن إبراهيم السري، وأحمد بن أنس بن مالك، وأحمد بن علي بن سعيد المروزي، وغيرهم. وعنه: أبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، ومحمد بن موسى السمسار. وهو دمشقيّ. 402- محمد بن عبد الله بن1 بَرّزَة، أبو جعفر الروذراوي الدَاوُودي. حدَّث بهَمَذان سنة سبعٍ وخمسين عن: إسماعيل القاضي، وعُبَيْد بن شَرِيك بن دِيزيل. قال صالح بن أحمد الحافظ: ولم يثبت في ابن ديزيل، وهو شيخ حَضَرْتُهُ، ولم أحمد أَمْرَه. قلت: روى عنه ابن لال، وأبو طاهر بن سلمة، وابن فنجويه، وابن جهضم، وأحمد بن الحسن الإمام، وطائفة كثيرة. حدّث في سنة سبعٍ وخمسين بَهَمَذَان. 403- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد2 اللَّه بْن أبي دَجَانَة عمرو بن عبد الله بن صَفْوَان البَصْري، أبو زُرْعَة الدمشقي، ابن أخي أبي زُرُعَة الكبير، وأخو أحمد. يروي عن: الحسين بن جمعة، وإبراهيم بن دحيم، وجماعة، بعد سنة ثلاثمائة. روى عنه: تمّام، وأبو علي بن مهنّا. 404- محمد بن علي بن مسلم3 العَقِيليّ، بصريّ. سمع محمد بن يحيى بن المنذر القزّاز. وعنه أبو نُعَيم. 405- محمد بن حامد4 الماليني.

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 165"، والعبر "2/ 323"، وشذرات الذهب "3/ 38". 2 انظر تذكرة الحفاظ "3/ 1001". 3 انظر الأنساب "9/ 21". 4 في عداد المجهولين.

عن عثمان الدارمي. وعنه: ابن منصور محمد بن جبريل الهَرَوِي. 406- محمد بن عمر بن سلمة1 اللخمي القُرْطُبي، المعروف بابن سرّاج. سمع: محمد بن عمر بن لُبَابة، وطبقته، ورحل فسمع بمصر من أحمد بن مسعود الزُّبَيْري، وجماعة. سمع منه: محمد بن عبد الله بن سعيد البَلَوِي، وخَلَف بن القاسم وكان مُغَفَّلًا قليل الفهم. توفِّي في حدود الستّين وثلاثمائة. 407- محمد بن عمر بن عفّان الدُّوري2، نزيل مصر. سمع محمد بن جرير، وحامد بن شعيب. وعنه ابن نظيف. وثَّقه الخطيب. 408- محمد بن عليّ بن محمد3، الحافظ أبو أحمد الكَرْخي القصّاب، أحد الأئمة، فيقال: إنّما قيل القصَّاب لكثرة ما أهرق من دماء الكفّار. وله تصانيف، منها: كتاب "ثواب الأعمال"، وكتاب "عقاب الأعمال السّيّئة"، وكتاب "شرح السّيئَّة"، وكتاب "تأديب الأئمة". وكان أبوه مِمَّن رحل وسمع من علي بن حرب، والرَّمادي. وروى أيضًا أبو أحمد عن: محمد بن إبراهيم الطّيالِسي، وعبد الرحمن بن محمد بن سَلْم الرّازي، وجعفر بن أحمد بن فارس، ومحمد بن العبّاس بن أيّوب الأخرم، ومحمد بن أحمد الثقفي، والحسن بن يزيد الدقاق، وطائفة.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 71". 2 انظر تاريخ بغداد "3/ 31". 3 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 213"، وتذكرة الحفاظ "3/ 938"، 939"، والوافي بالوفيات "4/ 114".

روى عنه ابناه أبو الحسن علي وأبو الفرج عمّار، وأبو منصور المُظَفّري محمد بن الحسين البروجردي، وغيرهم. 409- محمد بن عيسى1 بن عبد الكريم بن حُبَيْش، أبو بكر التميمي الطْرَسُوسي، المعروف ببُكَيْر الخَزّاز. روى عن: أبي القاسم البَغَوي، وعمر بن سنان المنبجي، ومحمد بن الفيْض الغسّاني، وأبي الطّيّب أحمد بن عبد الله الدّارمي، وجماعة. ورحل وصنَّف. روى عنه: تمام، وابن جميع، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي نصر، وعلي بن بِشْر بن العطّار. وسمع منه أبو نصر بن الجندي في سنة تسعٍ وخمسين، وهو آخر العهد به. 410- محمد بن محمد2 بن أحمد بن حرانة بن مرادة، الفقيه أبو بكر الإبريْسَمِي السمرقنْدي الشّافعي. روى عن: محمد بن صالح الكرابيسي، وأحمد بن الفضل البكري، ومحمد الأرزقاني، وجماعة. وعنه: أبو سعيد الإدريسي، وورَّخه قبل الستّين. 411- محمد بن محمد3 الهَرَوي، نزيل مكة، شيخ مُسِنٌّ يروي عن إسحاق الدَّبري. وعنه: أبو منصور، ومحمد بن محمد بن الأزدي القاضي. 412- محمد بن محمد، أبو جعفر4 البغدادي المقرئ، نزيل البصرة. روى عن: أبي شُعَيّب الحرّاني، وخَلَف بن عمر العكبري، وغيرهما. وعنه: أبو نعيم.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "2/ 405". 2 لا بأس به. 3 انظر السابق. 4 انظر تاريخ بغداد "3/ 221".

413- محمد بن هارون، أبو الحسين1 الثقفي الزّنْجاني. شيخ مُعَمّر، رحل وسمع علي بن عبد العزيز البَغَوي، وبِشْر بن موسى، ومحمد بن شاذان الجوهري، وغيرهم. روى عنه الحسن الفلاكي. حديثه بعلوٍّ عند جعفر الهَمَداني. 414- محمد بن وصيف الفامي2 الهَرَوي. روى عنه: محمد بن سهل العتكي، صاحب خلاد بن يحيى. وعنه: البوسنجي. 415- المُطّلِب بن يوسف بن3 ميزغة، أبو محمد الهَرَوي العقبي. سمع عثمان بن سعيد الدارمي. وعنه: أبو منصور بن ساج، وأحمد بن محمد البِشْري. 416- مهلهل بن أحمد، أبو4 الحسين الرزَّاز المقري، غلام ابن مجاهد. نسخ الكثير على طريقة ابن مُقْلة، وحدّث عن موسى بن هارون، والفِرْيابي. روى عنه: أبو سعيد النقّاش، وأبو نُعَيم الحافظ، وغيرهما. حرف الياء: 417- يعقوب بن مُسَدد5 القُلُوسِيُّ البصْري، نزيل طرابلس الشام. روى عن: أبيه، وأبي يعلى الموصلي. وعنه: ابن مَنْدَه، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، والحافظ عبد الغني المصري. 418- يوسف بن معروف بن جُبَيْر6 النَّسَفي. سمع: محمد بن إبراهيم البوسنجي، وإبراهيم بن معقل النّسَفي وجماعة. ومات بكس7 قبل الستين بقليل.

_ 1 لا بأس به. 2 في عداد المجهولين. 3 انظر السابق. 4 لا بأس به. 5 انظر تاريخ بغداد "14/ 295"، الأنساب "461"، ومعجم البلدان "1/ 416". 6 لا بأس به. 7 مدينة تقارب سمرقند.

تراجم المتوفين في هذه الطبقة أيضا

تراجم المتوفين في هذه الطبقة أيضًا: حرف الألف: 419- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي خالد1، أبو جعفر القيرواني، الطبيب المعروف بابن الجزار، صاحب التصانيف الطبيّة. صحب إسحاق بن سليمان الإسرائيلي، وأخذ عنه بعد الثلاثمائة، وطال عمره، وكان دَيّنًا متجملًا منصوبًا، خلَّف أموالًا طائلة، وكان صديق أبي طالب عمّ المُعِزّ العُبَيْدِي. وله: كتاب "زاد المسافر في علاج الأمراض"، و"كتاب في الأدوية المفردة"، وكتاب في الأدوية المركَّبة يعرف "بالبغية"، وكتاب "العدة" هو كتاب مُطَوّل في الطّبّ، ورسالة "النّفس وأقوال الأوائل فيها"، وكتاب "طبّ الفقراء"، ورسالة في "التحذير من إخراج الدّم لغير حاجة"، وكتاب "الأسباب المولدة للوباء في مصر وطريق الحيلة في دفع ذلك"، وكتاب "المدخل إلى الطّبّ" سمّاه: "الوصول إلى الأصول"، وكتاب "أخبار الدولة وظهور المهدي بالمغرب". وبقي إلى أيام المُعِزّ بالله، ويجوز أن يكون تُوُفّي قبل الخمسين وثلاثمائة، وله مصنفات كثيرة. 420- أحمد بن محمد بن فرج2، أبو عمرو الْجَياني الأندلسي الأديب الشاعر الإخباريّ، أحد الأئمّة.

_ 1 انظر عيون الأنباء "2/ 37"، ومعجم البلدان "2/ 136"، والوافي بالوفيات "6/ 208". 2 انظر معجم الأدباء "4/ 236"، وطبقات الأطباء "2/ 14".

قيل: مات في حبس المُسْتَنْصِر الأموي. صنَّف كتاب "الحدائق" على نمط كتاب "الزهرة" لابن داود، وهو فَرْدُ في معناه، وله كتاب "القائمين بالأندلس". ومن شعره: بأيّهما أنا في السُّكر بادي ... بِسُكْرٍ الطّيْفِ أم سكُر الرُّقاد سرى وأرادني أملي ولكن ... عَفَفْتُ فلم أنلْ منه مُرَادي وما في النّوم من حرجٍ ولكن ... جريت من العفاف على اعتيادي حرف العين: 421- علي بن الحسين بن محمد1 بن هاشم البغدادي، أبو الحسن الورَّاق، نزيل دمشق. عن: أحمد بن الحسن الصّوفي، وقاسم المطّرز، وابن المجدّر، وطبقتهم. وعنه: عبد الوهاب الكلابي، وتمّام الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر. 422- عمرو بن أحمد2 بن رشيد، أبو سعيد المذحجي الطّبراني. روى عن عبد الرحمن بن القاسم بن الروَّاس، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وجماعة. وعنه: عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبد الواحد بن بكر الرّازي، وأحمد بن محمد بن الحاجّ الإشبيلي. 423- عبد الله بن علي القاضي3، العلامة أبو محمد الطّبري الشّافعي. المعروف بالعراقي، وبين أهل جُرْجان بالمنجنيقي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "11/ 400". 2 لا بأس به. 3 انظر الأنساب "543"، واللباب "3/ 182".

وُلّي قضاء جُرْجان، وكان فقيهًا إمامًا فصيحًا بليغًا على مذهب الأشعريّ في النظر، وَرَدَ نيسابور سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وتوفِّي بُترَب دال ببُخَارى. وقد روى عن: عمران بن موسى بن مجاشع، ويحيى بن صاعد. وعنه أبو عبد الله الحاكم. حرف الميم: 424- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد العزيز1، أبو عبد الله السّوسي ثم البصْري الشاعر. كان ظريفًا ماجنًا، ذكر أنّه ورث مالًا جزيلًا من أبيه، فأنفقه في اللهو واللّعِب والعِشرة، وافتقر، وله القصيدة السائرة: الحمد الله ليس لي بُخْتُ ... ولا ثِياب يَضُمُّها تَخْتُ يصف فيها أنواع الخِراف والتَّهَتُّك، وقد كان بالموصل في سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وبعدها. 425- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد2 بن الحكم، أبو الحسين، ويقال: أبو سعد القزّي. شاميّ حدَّث عن أبيه، والعبَّاس بن الفضل الدَبّاج. وعنه: الموحّد بن البرّي، وتمَّام الحافظ، وغيرهما. ذكر ابن عساكر حديثين ساقطين، أحدهما هو عن أبيه، عن دُحَيْم، عن الوليد. وعن أبيه، عن عمر بن عبد الواحد، عن الأوزاعي، بإسناد الصّحيحين مرفوعًا3 قال: عَجّ حَجَرٌ إلى الله فقال: عبدتُك سنين ثم جعلتني أساس كنيف! فقال: أما

_ 1 في عداد المجهولين. 2 اتهم بالكذب. 3 حديث موضوع: أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق".

ترضى أنّي عَدَلْتُ بك عن مجالس القُضاة! هذا وضعه هذا أو أبوه بيقين، رواه عنه تمام. الكُنَى: 426- أبو الحسن البلياني القاضي1، شيخ المالكية بالمغرب، واسمه: علي بن جعفر بن أحمد. روى عن ابن مطر الإسكندرانّي. أخذ عنه أبو الحسن القابسي، وغيره. وقع في أسر النّصَارَى، وحمل إلى قسطنطينية، وعرفوا محلّه من العلم، وناظره طاغية الروم. ذكره القاضي عياض، وما أرَّخ موته. ولله الحمد. آخر الطبقة.

الطبقة السابعة والثلاثون

بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة السابعة والثلاثون: أحداث سنة إحدى وستين وثلاثمائة: الاحتفال بعاشوراء: أقامت الشيعة بدعة عاشوراء ببغداد. وفي صفر انقضَّ كوكب هائل له دوي كدوي الرعد1. موت أبي القاسم: وفي جُمادي الأخرة مات أبو القاسم سعيد بن أبي سعيد الجنابي القرمطي بهَجَر2، وقام بالأمر بعده أخوه يوسف، ولم يبق من أولاد أبي سعيد الجنابي غيره، وعقد له القرامطة من بعد يوسف لستة نفر شركة بينهم. بنو هلال يعترضون الحجّاج: وجاءت كتب الحجَّاج بأنّ بني هلال اعترضوهم، فقتلوا خلقًا كثيرًا، وبطل الحجّ، ولم يَسْلَم إلا من مضى مع الشريف أبي أحمد الْمُوسَوِي والد المُرْتَضَى، مضوا على طريق المدينة وحجوا، ولم يكادوا3. الصلح بين ركن الدولة وصاحب خراسان: وتمَّ فيها الصلح بين ركن الدولة ابن بُوَيْه، وبين صاحب خُراسان ابن نوح السّاماني، على أن يحمل إليه ركن الدولة مائة وخمسين ألف دينار، ويزوّج ابن نوح ببنت عضد الدولة4.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 57"، والكامل "8/ 126". 2 مدينة هي قاعدة البحرين. 3 انظر العبر"2/ 324". 4 انظر البداية والنهاية "11/ 272".

أحداث سنة اثنتين وستين وثلاثمائة

أحداث سنة اثنتين وستين وثلاثمائة: الروم يستبيحون نصيبين: فيها: حشدت الروم -لعنها الله- وأقبلوا في عدد وعُدَّةٍ، فأخذوا نصيبيّن واستباحوا، وقتلوا، وأسروا. منع الخطبة ببغداد: وقَدِمَ بغداد من نجا منهم، فاستنفروا الناس في الجوامع وكسروا المنابر، ومنعوا الخطبة، وحاولوا الهجوم على الخليفة المطيع، واقتلعوا بعض شبابيك دار الخلافة حتى غلِّقت أبوابها، ورماهم الغلمان بالنَّشّاب من الرّواشِن، وخاطبوا الخليفة بالتعنيف، وبأنّه عاجز عمَّا أوجبه الله عليه من حماية حَوْزَة الإسلام، وأفحشوا القول. وافق ذلك غيبة الملك عزّ الدولة في الكوفة للزيارة، فخرج إليه أهل العقل والدين من بغداد، وفيهم الإمام أبو بكر الرازي الفقيه، وأبو الحسن علي بن عيسى النحوي، وأبو القاسم الداركي، وابن الدقّاق الفقيه، وشكوا إليه ما دَهَمَ الإسلام من هذه الحادثة العُظْمى، فوعدهم بالغزو، ونادى بالنّفير في الناس، فخرج من العَوامّ خلقٌ عدد الرمل، ثم جهَّز جيشًا، وغزوا فهزموا الروم، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة، وأسروا أميرهم وجماعة من بطارقته، وأنفذت رءوس القتلى إلى بغداد، وفرح المسلمون بنصر الله1. مصادرة بختيار: وصادروا بختيار بن بُوَيْه وزير المطيع فقال: أنا ليس لي غير الخطبة، فإن أحببتم اعتزلتُ، فشدُّوا عليه حتى باع قماشه، وحمل أربعمائة ألف درهم، فأنفقها ابن بُوَيْه في أغراضه، وأهمل الغزو، وشاع في الألسنة أنّ الخليفة صُودِر، كما شاع قبله أن القاهر كُدِّي يوم جمعة، فانظر إلى تقلبات الدهر2. إحراق النحاسين: وفي شهر رمضان قُتِلَ رجل من أعوان الوالي في بغداد، فبعث الرئيس أبو الفضل الشيرازي -وكان قد أقامه عزّ الدولة على الوزارة- من طرح الناس من النحّاسين إلى السمّاكين، فاحترق حريق عظيم لم يشهد مثله، وأحرقت أموال عظيمة وجماعة كثيرة من النساء، والرجال، والصبيان، والأطفال في الدّور وفي الحمّامات، فأحصى ما أحرق من بغداد فكان سبعة عشر ألفًا وثلاثمائة دكان، وثلاثمائة وعشرين دارًا، أجرة ذلك في الشهر ثلاثة وأربعون ألفًا، ودخل في الجملة ثلاثون مسجدًا.

_ 1 انظر تاريخ الطبري "1/ 210"، والمنتظم "7/ 60". 2 انظر الكامل "8/ 619".

فقال رجل لأبي الفضل الشيرازي: أيُها الوزير، أرينا قدرتك، ونحن نأمل من الله أن يرينا قدرته فيك، فلم يُجِبْه، وكَثُرَ الدَّعاء عليه، ثم إنَّ عزّ الدولة قبض عليه وسلَّمه إلى الشريف أبي الحسن محمد بن عمر العلوي، فأنفذه إلى الكوفة، وسُقي ذراريح1، فتقرَّحت مثانته، فهلك في ذي الحجّة من هذه السنة، لا رحمه الله2. دخول المعز مصر: وفي يوم الجمعة ثامن رمضان دخل المعزّ أبو تميم مَعدّ بن إسماعيل العُبَيدي مصر، ومعه توابيت آبائه، وكان قد مهَّد له مُلْكَ الدّيار المصرية مولاه جَوْهَر، وبنى له القاهرة، وأقام بها دارًا للإمرة، ويُعرف بالقصرين. وقوع الدمستق في الأسر: وفيها أقبل الدُّمُسْتُق في جيوشه إلى ناحية مَيّافارقين، فالتقاه ولد ناصر الدولة حمدان، وهزم الروم ولله الحمد، وأسر الدُّمُسْتُق الخبيث، وبقي في السجن حتى هلك. الوزارة في بغداد: وفيها: وزر ببغداد أبو طاهر بن بقيّة، ولُقِّب بالنّاصح، وكان سمحا كريمًا، له راتب كل يوم من الملح ألف رطل، وراتبه من الشمع ألف مَنّ. وكان عزّ الدولة قد استوزر ذاك المُدْبِر أبا الفضل الشيرازي، واسمه: العبّاس بن الحسن، صهر الوزير المهلّبي، ثم عزله بعد عامين من وزارته بأبي الفرج محمد بن العبّاس فسانجس، ثم عزل أبا الفرج بعد سنة، وأعاد الشيرازي إلى الوزارة، فصارد الناس وأحرق الكّرخ، وكان أبو طاهر من صغار الكُتّاب، يكتب على المطبخ لعزّ الدولة، فآل أمره إلى الوزارة، فقال الناس: من الغضاوة إلى الوزارة. وكان كريمًا جوادًا، فغطَّى كرمُهُ عيوبه، فوزر لعزّ الدولة أربعة أعوام، ثم قتله عضد الدولة وصلبه3.

أحداث سنة ثلاث وستين وثلاثمائة

أحداث سنة ثلاث وستين وثلاثمائة: تقليد ابن أم شيبان القضاء: فيها: تقلّد قضاء القضاة أبو الحسن محمد بن أمّ شيبان الهاشمي، وعُزل ابن معروف بحكومة ابتغى فيها وجَه الله، وسأل مع ذلك الإعفاء من القضاء، فخُوطِب أبو الحسن فامتنع، فأُلزٍم، فأجاب وشرط لنفسه شروطًا، منها: أنّه لا يرتزق على القضاء، ولا يخلع عليه، ولا يُسام ما لا يوجبه، ولا يشفع إليه في إنفاق حق، أو فِعْل ما لا يقتضيه شرع. وقرَّر لكاتبه في كل شهر ثلاثمائة درهم، ولحاجبه مائة وخمسون درهمًا، وللفارض على بابه مائة درهم، ولخازن ديوان الحكم والأعوان ستمائة درهم. وركب إلى المطيع لله حتى سلَّم إليه عهده، فركب من الغد إلى الجامع، فقُرئ عهده، وتولَّى إنشاءه أبو منصور أحمد بن عبيد الله الشيرازي، صاحب ديوان الرسائل، وهو: "هذا ما عهده عبد الله الفضل المطيع لله أمير المؤمنين إلى محمد بن صالح الهاشمي، حين دعاه إلى ما يتولاه من القضاء بين أهل مدينة السلام مدينة المنصور، والمدينة الشرقية من الجانب الشرقي، والجانب الغربي، والكوفة، وسقي الفرات، وواسط، وكرخي، وطريق الفرات، ودجلة، وطريق خراسان، وحلوان، وقرميسين، وديار مُضَر، وديار ربيعة، وديار بكر، والموصل، والحرمين، واليمن، ودمشق، وحمص، وجند قِنَّسرين، والعواصم، ومصر والإسكندرية، وجُنْدي فلسطين، والأردن، وأعمال ذلك كلها، وما يجري من ذلك من الإشراف على من يختاره لنقابة من العباسيين بالكوفة، وسقْي الفرات، وأعمال ذلك، وما قلّده إيّاه من قضاء القضاة، وتصفح أحوال الحكام، والاستشراف على ما يجري عليه أمر الأحكام في سائر النواحي والأمصار التي تشتمل عليها المملكة، وتنتهي إليها الدعوة، وإقرار من يحمد هَدْيَه وطريقته، والاستبدال بمن يذم سمته وسجيته، نظرًا لنجبة مكانه، واحتياطًا للخاصة والعامة، وحُنُوًّا على الملّة والذمّة عن علم بأنّه المقدّم في بيته وشرفه، المبرَّز في عفافه وظلفه، المزكَّى في دينه وأمانته، الموصوف في روعه ونزاهته، المشار إليه بالعلم والحِجى، المجتمع عليه في الحلم والنُّهَى، والبعيد من الأدناس، اللّبَاس من التُّقَى أجمل لباس، النقيّ الجيب، المخبور بصفاء الغيب، العالم بمصالح الدنيا، العارف بما يفيد سلامة العُقْبَى، آمره بتقوى الله فإنها الْجُنّة الواقية، وليجعل كتاب الله في كل ما يعمل في رويته، ويترتّب عليه حكمه وقضيّته، إمَامَه الذي يفزع إليه، وعماده الذي يعتمد عليه، وأنْ يتّخذ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منارًا يقصده، ومثالًا يتبعه، وأن يُراعي الإجماع، وأن يقتدي بالأئمة الراشدين، وأن يُعْمِل اجتهاده فيما لا يوجد فيه كتاب ولا سنة ولا إجماع، وأن يُحْضِر مجلسًه من يستظهر بعلمه ورأيه، وأن يسوّي بين الخصمين إذا تقدَّما إليه في لَحْظهِ وَلَفْظِهِ، ويُوَفّي كُلا منهما من إنصافه

وعدله، حتى يأمن الضعيف من حَيْفه، وييأس القوسُ من ميله، وآمره أن يشرف على أعوانه وأصحابه، ومن يعتمد عليه من أمنائه وأسبابه، إشرافًا يمنع من التخطّي إلى السيرة المحظورة، وتدفع عن الإسفاف إلى المكاسب المحجورة". وذكر من هذا الجنس كلامًا طويلًا1. نقابة العباسيين: وفيها: قُلَّد أبو محمد عبد الواحد بن الفضل بن عبد الملك الهاشمي نقابة العباسيين، وعزل أبو تمام الزينبي. المطيع لله يخلع نفسه: وفيها: ظهر ما كان المطيع لله يستره من مرضه، وتعذُّر الحركة عليه، وثِقَل لسانه بالفالج2، فدعاه حاجب عزّ الدولة سبكتكين إلى خلع نفسه، وتسليم الأمر إلى ولده الطايع لله، ففعل ذلك، وعقد له الأمر في يوم الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة، فكانت مدّة خلافة المطيع تسعًا وعشرين سنة وأربعة أشهر وأربعة وعشرين يومًا. وأثبت خلْعه على القاضي أبي الحسن بن أمّ شيبان بشهادة أحمد بن حامد بن محمد، وعمر بن محمد، وطلحة بن محمد بن جعفر الشاهد. وقال أبو منصور بن عبد العزيز العُكْبري: كان المطيع لله بعد أن خُلع يسمَّى الشيخ الفاضل. قلت: وكان هو وابنه مستضعفين مع بني بُوَيْه، ولم يزل أمر الخلفاء في ضَعْفٍ إلى أن استخلف المقتفي لله، فانصلح أمر الخلافة قليلًا. وكان دسْت الخلافة لبني عُبيد الرافضة بمصر أمتن، وكلمتهم أنفذ، ومملكتهم تناطح مملكة العبّاسيين في وقتهم، والحمد لله على انقطاع دعوتهم. ركب الحجاج: وفيها بل ركب العراق سَمِيراء3، فرأوا هلال ذي الحجّة، وعرفوا أن لا ماء في الطريق بين فَيْد4 إلى مكة إلّا ما لا يكفيهم، فعدلوا مساكين إلى بطن نخل يطلبون مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم، فدخلوها يوم الجمعة سادس ذي الحجّة مجهودين، فعرفوا5 في

_ 1 انظر المنتظم "7/ 64، 65". 2 مرض يصيب الجسم بالشلل طولًا. 3 منزل بطريق مكة. 4 منزل بطريق مكة. 5 أي وقفوا وقوف عرفة.

مسجد رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان أميرهم أبو منصور محمد بن عمر بن يحيى العلوي، وقَدِمَ الركب الكوفة في أول المحرّم سنة أربعٍ، فأقاموا بالكوفة أيامًا لفساد الطريق، ثم جمعوا لمن خفرهم1. الدعوة للمعز في البلاد: وأمَّا مكة والمدينة فأقيمت الخطبة والدعوة بالبلدين لأبي تميم المُعٍزّ العُبَيْدي، وقُطِعت خطبة الطائع لله في هذا العام من الحجاز ومصر والشام والمغرب، وكان الرفض ظاهرًا قائمًا في هذه الأيام، وفي العراق، والسنة خاملة مغمورة، لكنها ظاهرة بخراسان وأصبهان، فالأمر لله. الحرب بين الأعراب والقرامطة: وفيها كان الحرب شديدًا بينهم وبين الأعراب القرامطة الذين ملكوا الشام، وحاصروا المعزّ بمصر مدة، ثم ترحلوا شبه منهزمين حتى دخلوا إلى بلاد الحسا2 والقطيف3. قدوم المعز إلى الشام: وقدم إلى الشام نائب المعزّ، والله أعلم.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 74". 2 مدينة بالبحرين. 3 انظر الكامل "8/ 639".

أحداث سنة أربع وستين وثلاثمائة

أحداث سنة أربع وستين وثلاثمائة: حريق الخشابين: في المحرَّم أوقع العيّارون حريقًا بالخشّابين مبدأه من باب الشعير، فاحترق أكثر هذا السوق، وهلك شيء كثير، واستفحل أمر العيّارين ببغداد حتى ركبوا الخيل، وتلقّبوا بالقوّاد، وغلبوا على الأمور، وأخذوا الخفارة من الأسواق والدروب، وكان فيهم أسود الزند كان يأوي قنطرة الزَّبَد وشحذ وهو عريان، فلما كثُر الفساد رأى هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ السيف، فطلب الأسود سيفًا ونهب وأغار، وحفّ به طائفة وتقوَّى، وأخذ الأموال، واشترى جارية بألف دينار، ثم راودها فتمنَّعت، فقال: ما تكرهين منّي؟ قالت: أكرهك كلّك، قال: ما تحبين؟ قالت: تبيعني. قال: أوخيرًا من ذلك؟ فحملها إلى القاضي وأعتقها، ووهبها ألف دينار، فتعجَّب الناس من سماحته، ثم خرج إلى الشام فهلك هناك.

قطع الخطبة للطائع لله: وقطعت خطبة الطائع لله وغيرها من يوم العشرين من جمادى الأولى، إلى أن أعيدت في عاشر رجب، فلم يُخطب في هذه الجمع في البلاد، وذلك لأجل تشغّب وقع بينه وبين عَضُد الدولة. وكان عضد الدولة قد قَدِمَ العراق فأعجبه مُلُكُها، فعمل عليها، واستمال الجند، فتشغّبوا على عزّ الدولة، فأغلق بابه، وكتب عضد الدولة عن الطائع باستقرار الأمر لعضد الدولة على محمد بن بقية وزير عزّ الدولة، ثم اضطربت الأمور على عَضُد الدولة، ولم يبق بيده غير بغداد، فنفّذ إلى والده ركن الدولة يُعْلِمُهُ أنّه قد خاطر بنفسه وجُنْده، وقد هذّب مملكة العراق واستعاد الطائع إلى داره، وأن عزّ الدولة عاصٍ لا يقيم دولة، فلمّا بلغه غَضِب، وقال للرسول: قل له: خرجت في نُصْرة ابن أخي أو في الطمع في مملكته؟ فأفرج عضد الدولة عن عزّ الدولة بختيار، ثم خرج إلى فارس1. انعدام الأقوات: وفيها: عُدِمَت الأقوات حتى أُبيع كرّ الدّقيق بمائة وسبعين دينار، والتمر ثلاثة أرطال بدرهم، ولم يخرج وفد من بغداد بل خرجت طائفة من الخراسانية مخاطرة فلحقتهم شدة. عزل ابن أم شيبان: وفي سلح ذي القعدة عُزل قاضي القضاة أبو الحسن محمد بن أمّ شيبان، ووُلّي أبو محمد بن معروف. وفي هذه السنين وبعدها كان الرفض يغلي ويفور بمصر والشام، والمغرب، والمشرق، لا سيما العُبَيْدية الباطنية، قاتلهم الله. قال مشرف بن مرجا القُدسي: أخبرنا الشيخ أبو بكر محمد بن الحسن قال: حدّثني الشيخ الصالح أبو القاسم الواسطي قال: كنت مجاورًا ببيت المقدس، فأمروا في أول رمضان بقطع التراويح، صحت أنا وعبد الله الخادم: وا إسلاماه وا محمداه، فأخذني الأعوان وحُبِست، ثم جاء الكتاب من مصر بقطع لساني فقُطِع، فبعد أسبوع رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَفَلَ في فمي، فانتبهت بَبرْد ريق رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ زال عنّي الألم، فتوضّأت وصلّيت وعمدت إلى المأذنة فأذّنت "الصلاة خير من النوم"، فأخذوني

_ 1 انظر المنتظم "7/ 75، 76"، والعبر "2/ 332"، ودول الإسلام "2/ 225".

وحُبِست وقُيّدُت، وكتبوا فيّ إلى مصر، فورد الكتاب بقطع لساني، وبضربي خمسمائة سَوْطٍ، وبصَلْبي، ففُعل بي، فرأيت لساني على البلاط مثل الرّيّة، وكان البرد والجليد، وصلّيت واشتدّ عليّ الجليد، فبعد ثلاثة أيام عهدي بالحدّائين يقولون: نعرّف الوالي أنَّ هذا قد مات، فأتوه، وكان الوالي جيش بن الصمصامة فقال: أَنْزِلوه، فألقوني على باب داود، فقوم يترحّمون عليّ وآخرون يلعنوني، فلمَّا كان بعد العشاء جاءني أربعة فحملوني على نعش ومضوا بي ليغسّلوني في دار، فوجدوني حيًّا، فكانوا يصلحون لي خزيرة بلَوْز وسُكّر أسبوعًا. ثم رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المنام ومعه أصحابه العشرة، فقال: يا أبا بكر، ترى ما قد جرى على صاحبك، قال: يا رسول الله، فما أصنع به؟ قال: اتْفُلْ في فيه، فتفل في فيَّ، ومسح النبي -صلى الله عليه وسلم- صدري، فزال عنّي الألم، وانتبهت ببرد ريق أبي بكر، فناديت، فقام إليَّ رجل، فأخبرته، وأسخن لي ماء، فتوضّأت به، وجاءني بثياب ونفقة وقال: هذا فتوح، فقمت. فقال: أين تمر؟ الله الله، فجئت المأذنة وأذَّنت الصُّبح: "الصلاة خير من النوم"، ثم قلت قصيدة في الصحابة، فأخذت إلى الوالي فقال: يا هذا، اذهب ولا تُقِم ببلدي، فإنّي أخاف من أصحاب الأخبار، وأدخل فيك جهنّم، فخرجت وأتيت عُمان، فاكتريت مع عرب الكوفة، فأتيت واسط، فوجدت أمّي تبكي عليّ، وأنا كل سنة أحجّ وأسأل عن القدس لعلَّ تزول دولتهم، فرأيته طلق اللسان ألثغ. ولاية دمشق: وفي المحرَّم ولي إمرة دمشق بدر الشمولي الكافوري، ولي نحوًا من شهرين من قِبَل أبي محمود الكتامي نائب الشام للمعزّ، ثم عُزل بأبي الثريَّا الكردي، ثم ولي دمشق ريَّان الخادم المعزّي، ثم عُزل أيضًا بعد أيام بسبكتكين التركي.

أحداث سنة خمس وستين وثلاثمائة، أحداث سنة ست وستين وثلاثمائة

أحداث سنة خمس وستين وثلاثمائة، أحداث سنة ست وستين وثلاثمائة: أحداث سنة خمس وستين وثلاثمائة: تقسيم الممالك بين أولاد ركن الدولة: فيها: كتب ركن الدولة أبو علي بن بُويْه إلى ولده عَضُد الدولة أبي شجاع أنَّه قد سنّ وأنّه يؤثر مشاهدته، فاجتمعا، فقسم ركن الدولة الممالك بين أولاده، فجعل لعضد الدولة فارس وكرمان "وأَرّجان"، ولمُؤيّد الدولة الري وأصبهان، ولفخر الدولة همذان والدّيَنَور، وجعل ولده أبا العباس في كنف عضد الدولة. مجلس الحكم في دار عز الدولة: وفي رجب عُمِلَ مجلس الحكم في دار السلطان عزِّ الدولة، وجلس ابن معروف؛ لأنّ عزّ الدولة التمس ذلك ليشاهد مجلس حكمه كيف هو1. الحرب بين هفتكين وجوهر: وفيها وفي التي تليها كانت الحرب تَسْتَعِر بين هفتكين وبين جوهر المعزّي بأعمال دمشق، وعدّة الوقائع بينهما اثنتا عشرة وقعة، منها: وقعة الشاغور2 التي كاد يتلف فيها جوهر، ثم كان بينهما عدّة وقعات بعد ذلك. أحداث سنة ست وستين وثلاثمائة: زفاف بنت عز الدولة: في جمادى الأولى زُفَّت بنت عز الدولة إلى الطائع لله. القرامطة يسقطون الدعوة لعزالدولة: وفيها جاء أبو بكر محمد بن علي بن شَاهَوَيْه صاحب القرامطة، ومعه ألف رجل منهم إلى الكوفة، وأقام الدعوة بها لعَضُد الدولة، وأسقط خطبة عزّ الدولة، وكان ورد عنها معونة من القرامطة لعضد الدولة. الوقعة بين عز الدولة وعضد الدولة: وفيها كانت وقعة بين عزّ الدولة وعضد الدولة، أُسِرَ فيها غلام تركي لعزّ الدولة، فجُنَّ عليه واشتدَّ حُزْنُه، وتسلَّى عن كل شيء إلّا عنه، وامتنع عن الأكل، وأخذ في البكاء، واحتجب عن الناس، وحرَّم على نفسه الجلوس في الدّسّت، وكتب إلى عَضُد الدولة يسأله ردَّ الغلام إليه، ويتذلّل، فصار ضحكة بين الناس، وعوتب فما ارْعَوَى، وبذل في فداء الغلام جاريتين عوديّتين، كان قد بذل في الواحدة "مائة ألف درهم"، فأبي أن يبيعها، وقال للرسول: إن توقف عيك في ردّه فزِد ما رأيت، وقد رضيت أن آخذه وأذهب إلى أقصى الأرض، فردَّه عضد الدولة عليه3. وحج بالناس من العراق أبو عبد الله أحمد بن أبي الحسين العلوي.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 80". 2 محلة بالباب الصغير من دمشق. 3 انظر المنتظم "7/ 83"، والعبر "8/ 673".

جميلة بنت ناصر الدولة تحج وتنفق: وحجَّت جميلة بنت ناصر الدولة ابن حمدان، ومعها أَخَواها إبراهيم وهبة الله، فضُرِب بحجّتها المثل، فإنها استصحبت أربعمائة جمل، وكان معها عدّة محامل لم يُعْلَم في أيها كانت، وكست المجاورين، ونثرت على الكعبة لما رأتها عشر آلاف دينار، وسقت جميع أهل الموسم السّويق بالسُّكّر والثلج. كذا قال أبو منصور الثعالبي، فمن أين لها ثلج؟ وقُتل أخوها "هبة الله" في الطريق، وأعتقت ثلاثمائة عبد ومائتي جارية، وأغنت المجاورين بالأموال. قال أبو منصور الثعالبي: خلعت على طبقات خمسين ألف ثوب، وكان معها أربعمائة عمادية لا يُدْرَى في أيّها كانت، ثم ضرب الدهر ضرباته، واستولى عَضُدُ الدولة على أموالها وحصونها وممالك أهل بيتها، وأفضت بها الحال إلى كلِّ قلّة وذِلّة، وتكشّفت عن فقر مُدْقِع. وقد كان عَضُد الدولة خطبها، فامتنعت ترفُّعًا عليه، فحقد عليها، وما زال يعتسف بها حتى عرّاها وهتكها، ثم ألزمها أن تختلف إلى دار القحب فتتكسَّب ما تؤدّيه في المصادرة، فلمَّا ضاق بها الأمر أغرقت نفسها في دجلة.

أحداث سنة سبع وستين وثلاثمائة

أحداث سنة سبع وستين وثلاثمائة: هلاك أبي يعقوب القرمطي: فيها: جاء الخبر بهلاك أبي يعقوب يوسف بن الجنابي القُرْمُطيّ صاحب هجر، فأُغلِقَت أسواق الكوفة ثلاثة أيام، وكان موازرًا لعَضُد الدولة. مقتل عز الدولة: وفيها: عَبَر عزّ الدولة إلى الجانب الغربي على جسر عمله، ودخل إلى قُطْرَبّل1، وتفرّق عنه الديلم، ودخل أوائل أصحاب عَضُد الدولة بغداد، وخرج يتلقّاه، وضُربت له القباب المزيَّنة، ودخل البلد، ثم إنّه خرج لقتال عزّ الدولة، فالتقوا، فأخِذ عزّ الدولة أسيرًا، وقتله بعد ذلك. الطائع يخلع على عضد الدولة: وخلع الطائع على عَضُد الدولة خلعَ السلطنة وتَوَّجَه بتاج مجوهر، وطوَّقه، وسوَّره، وقلَّده سيفًا، وعقد له لواءين بيده، أحدهما مفضَّض على رسم الأمراء،

_ 1 اسم قرية بين بغداد وعكبرا.

والآخر مذَهَّب على رسم وُلاةِ العهود، ولم يعقد هذا اللواء الثاني لغيرة قبله، ولقَّبه تاج المِلّة، وكُتب له عهد بحضرته وقرئ بحضرته، ولم تجر العادة بذلك، إنّما كان يدفع العهد إلى الوُلاة بحضرة أمير المؤمنين، فإذا أخذه قال أمير المؤمنين: هذا عهدي إليك فاعْمل به، وبعث إليه الطائع هدايا كثيرة، فبعث هو إلى الطائع تقادُمَ من جملتها خمسون ألف دينار، وألف ألف درهم، وبغال، ومسك، وعنبر. زيادة دجلة: وفيها زادت دجلة ببغداد حتى بلغت إحدى وعشرين ذراعًا، وكادت بغداد تغرق، وغرقت أماكن. الزلزال بسيراف: وفي ذي القعدة زُلْزلَت سِيراف، وسقطت الشُّرّف، وهلك أكثر من مائتي إنسان تحتها. القتال بين هفتكين والعبيديين: وفيها: تمَّت عدة مصافات بين هفتكين وبين العُبَيْديين، قُتل فيها خلق كثير، وطار صيت هفتكين بالشجاعة والإقدام، ولم يكن معه عسكر كثير. ثم سار إليه الحسن بن أحمد القُرْمُطي وعاضَدَه، وتحالفا، وأعانهما أحداث دمشق، وقصدوا جوهرًا، فتقهقر إلى الرملة وتحصَّن بها، ثم تحوَّل إلى عسقلان، وحاصروه حتى آكل عسكرُهُ الْجِيَفَ، ثم خرج بهم جوهر بذمامٍ أعطاه هفتكين، ومضوا إلى مصر، فتأهَّب العزيز وسار بجيوشه، فالتقاه هفتكين بالرملة، فقال العزيز لجوهر: أرني هفتكين، فأراه إيّاه وهو يجول بين الصّفّين على فرس أدهم، وعليه كذاغند أصفر، يطعن بالرمح تارة ويضرب باللّتّ، فبعث العزيز إليه رسولًا يقول: يا هفتكين، أنا العزيز، وقد أزعجتني من سرير ملكي، وأخرجتني لمباشرة الحرب بنفسي، وأنا طالب الصلح معك، ولك يد الله على أن أصطفيك وأقدّمك على عسكري، وأهب لك الشام بأسره، فنزل وقبّل الأرض، ثم اعتدل وقال: أمَّا الآن فما يمكنني إلّا الحرب، ولو تقدَّم هذا لأمكن، ثم حمل على الميسرة فهزمها، فحمل العزيز بنفسه، فحملت معه ميمنته، فانهزم هفتكين، والحسن القُرْمُطي، وقُتل من عسكرهما نحو عشرين ألفًا، ثم بذل العزيز لمن أتاه بهفتكين مائة ألف دينار. وكان هفتكين تحت مفرّج بن دغفل بن جَرّاح، وكان مليحًا في العرب، فانهزم نحو الساحل ومعه ثلاثة، وبه جراح، وقد عطش، فصادفه مفرّج في الخيل فأكرمه،

وسقاه، وحمله إلى أهله، ثم غدر به وسلَّمه إلى العزيز لأجل المال، فبالغ العزيز في إكرامه وإجلاله، وأعاده إلى رتبة الإمرة مثل ما كان. فحكى القفطي في تاريخه أنَّ العزيز أمر له بضرب سُرادق، وفرس، وآلات، وإحضار كل من حصل في أسره من جُنْد هفتكين وحاشيته، فكساهم وأعطاهم، ورتَّب كل واحد منهم في منزلته، وركب الجيش فتلقّى هفتكين، وسار لإحضاره جوهر القائد، فلم يشكّ هفتكين أنّه مقتول، فلمَّا وصل رأى من الكرامة ما بهره، ثم نزل في المخيّم فشاهد أصحابه وحاشيته على ما كانوا عليه، فرمى بنفسه إلى الأرض، وعفَّر وجهه وبكى بكاءًا شديدًا، ثم اجتمع به العزيز وآنسه، وجعله من أكبر قوّاده، ثم سمَّه بَعْدُ ابنُ كِلّس الوزير، فحزن عليه العزيز، فدارى ابن كلس بخمسمائة ألف دينار1.

_ 1 انظر الكامل "8/ 658-661"، والبداية والنهاية "11/ 281، 282".

أحداث سنة ثمان وستين وثلاثمائة، أحداث سنة تسع وستين وثلاثمائة

أحداث سنة ثمان وستين وثلاثمائة، أحداث سنة تسع وستين وثلاثمائة: الخطبة لعضد الدولة: فيها: أمر الطائع لله بأن يُضرب على باب عَضُد الدولة الدّبادِب وقت الصُّبح والمغرب والعشاء، وأَنْ يُخْطَبَ له على منابر الحضرة. قال ابن الْجَوْزِي1: وهذان أمران لم يكونا من قبله، ولا أطلقا لِوُلاة العُهُود، وقد كان مُعِزّ الدولة أحَبّ أن تَضْرَب له الدَّبادب بمدينة السلام، وسأل المطيعَ لله ذلك، فلم يأذن له. قلت: وما ذاك إلّا لضعف أمر الخلافة. توثّب قسَّام على دمشق: وفيها: توثَّب على دمشق قسَّام كما هو مذكور في ترجمته سنة ست وسبعين. أحداث سنة تسع وستين وثلاثمائة: القبض على ابن معروف القاضي: في صفر قَبَض عَضُد الدولة على قاضي القضاة أبي محمد بن معروف، وأنفذه إلى القلعة بفارس، وقلَّد أبا سعد بِشْر بن الحسين القضاء2.

_ 1 في المنتظم "7/ 92". 2 انظر المنتظم "7/ 98".

تبادل الرسل بين العزيز وعضد الدولة: وفي شعبان ورد رسول العزيز صاحب مصر إلى عضد الدولة بكتاب، وما زال يبعث إليه برسالة بعد رسالة، فأجابه بما مضمونه صدق الطوية وحسن النية. تلقيب عضد الدولة: وسأل عَضُدُ الدولة الطائعَ أن يزيد في لقبه "تاج الملّة"، ويجدّد الخُلع عليه ويُلّبِسه التاج، فأجابه، وجلس الطائع على السرير وحوله مائة بالسيوف والزّينة، وبين يديه مُصْحَف عثمان، وعلى كتفه البُرْدَةُ، وبيده القضيب، وهو متقلِّد سيف النبي -صلى الله عليه وسلم، وضُرِبت ستارة بعثها عضد الدولة، وسأل أبو نعيم الحافظ تكون حجابًا للطائع، حتى لا تقع عليه عين أحدٍ من الْجُنْد قبله، ودخل الأتراك والدّيْلَم، وليس مع أحد منهم حديد دون الأشراف وأصحاب المراتب من الجانبين، ثم أذِن لعَضُد الدولة فدخل، ثم رُفعت الستارة، وقبَّل عضُدُ الدولة الأرض، فارتاع زياد القائد، وقال بالفارسية: ما هذا أيها الملك، أهذا الله -عزّ وجلّ؟ فالتفت إلى عبد العزيز بن يوسف وقال له: فهِّمه وقل له: هذا خليفة الله في الأرض، ثم استمرَّ يمشي ويقبّل الأرض سبع مرات، فالتفت الطائع إلى خالص الخادم وقال: استَدنِه، فصعد عضُدُ الدولة، فقبَّل الأرض دفعتين، فقال له: اُدْنُ إليّ اُدْنُ إليّ، فدنا وقبَّل رجْلَه، وثنى الطائع برِجْله عليه، وأمره فجلس على كُرْسيّ، بعد أن كرَّر عليه: اجْلس، وهو يستعفي، فقال: أقسمتُ لَتَجلِسْ، فقبَّل الكرسيّ وجلس، وقال له: ما كان أَشْوَقُنا إليك وأَتْوَقُنا إلى مفاوضتك، فقال: عُذْري معلوم، وقال: نِيّتُك موثوقٌ بها، وعقيدتك مسكون إليها، فأومأ برأسه، ثم قال له الطائع: قد رأيت أن أفوّض إليك ما وكّل الله من أمور الرعيّة في شرق الأرض وغربها، وتدبيرها في جميع جهاتها، سوى خاصّتي وأسبابي، فتولَّ ذلك مستخيرًا بالله. قال: يعينني الله على طاعة مولانا وخِدْمته، وأريد وُجُوهَ القوّاد أن يسمعوا لفظ أمير المؤمنين. فقال الطائع: هاتوا الحسين بن موسى، ومحمد بن عمرو بن معروف، وابن أمّ شيبان، والزينبي، فقدموا، فأعاد الطائع القول بالتفويض، ثم التفت إلى طريف الخادم فقال: يا طريف، تفاض عليه الخُلَع ويُتَوّج، فنهض إلى الرّواق وألْبِس الخُلَع، وخرج قادمًا ليقبِّل الأرض، فلم يُطِقْ لكثرة ما عليه، فقال الطائع: حسْبُك، وأمره بالجلوس، ثم استدعى الطائع تقديم ألويته، فقدّم لواءين، واستخار الله، وصلّى على

رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وعقدهما، ثم قال: يقرأ كتابه، خار الله لك ولنا وللمسلمين، آمرك بما أمرك الله به، وأنهاك عمَّا نهاك الله عنه، وأبرأ إلى الله مما سوى ذلك، انهض على اسم الله، ثم أخذ الطائع سيفًا كان بين المخدَّتين فقلَّده به مضافًا إلى السيف الذي قلّده مع الخلْعة، وخرج من باب الخاصَّة، وسار في البلد، ثم بعث إليه الطائع هديّة فيها غلالة قصب، وصينيّة ذهب خرداذي بلّوْر فيه شراب، وعلى فم الخرداذي خرقة حرير مختومة، وكأس بلّور، وأشياء من هذا الفنّ، فجاء من الغد أبو نصر الخازن ومعه من الأموال نحو ما ذكر في دخوله الأول في السنة الماضية. ولمَّا عاد عضُدُ الدولة جلس للهناء، فقال أبو إسحاق الصابي قصيدة منها: يا عَضُد الدّوْلة الذي علقت ... يداه من فخره بأعرقهْ يفتخر النّعل تحت أَخْمَصِهِ ... فكيف بالتّاجِ فوق مفرقه زواج الطائع لله: وفيها: تزوَّج الطائع لله ببنت عضُدُ الدولة على مائة ألف دينار، وكان الوكيل عن عضُدُ الدّولة أبو علي الفارسي النّحوي، والذي خطب القاضي أبو علي المُحَسّن بن علي التّنوخي1. وفي هذا الوقت كان قسَّام متغلِّبًا على دمشق كما هو مذكور في ترجمته.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 101".

أحداث سنة سبعين وثلاثمائة

أحداث سنة سبعين وثلاثمائة: تزيين بغداد لعضد الدولة: وفيها: خرج من همذان عضُدُ الدولة وقَدِمَ بغداد، فتلقَّاه الطائع، وزُيِّنَت بغداد. قال عبد العزيز حاجب النعمان: لم تجر عادة بخروج الخلفاء لتلقِّي أحدٍ من الأمراء، فلمَّا توفّيت فاطمة بنت مُعِزّ الدّولة ركب المطيع لله فعزَّاه، فقبَّل الأرض. قال حاجب النّعمان: وجاء رسول يطلب من الطائع أن يتلقَّها، فما وسِعَه التَّاخُّر، وتلقّاه في دجلة، ثم أمر عضُدُ الدولة بأن يُنادي قبل دخوله بمنع العَوَامّ من الدعاء له والصّيْحَة، وتوعَّد على ذلك بالقتل، قال: فما نطق أحد، فأعجبه ذلك من طاعة العوامّ. والله أعلم1.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 104"، والعبر "2/ 354".

وفيات الطبقة السابعة والثلاثون

وفيات الطبقة السابعة والثلاثون: وفيَّات إحدى وستين وثلاثمائة: حرف الألف: 1- أحمد ابن المحدِّث محمد بن العبَّاس1 بن نجيح البغدادي، أبو الحسن، رئيس المعتزلة ببغداد. ورَّخَه طلحة في ربيع الآخر، وقال: كان رئيس المعتزلة. 2- أحمد بن محمد بن سعيد2 بن سهل بن شبّرة -بالمُعْجَمَة والتثقيل، أبو حامد النَّيْسَابُوري الصّيْرفي الزّاهد الثّبْت، نزيل سمرقند. روى عن: عمر البحتري، وأبن خُزَيمَةَ، والسّرّاج. قال الإدريسي: ثقة، كتبنا عنه، ومات بسمرقند في شعبان. 3- أحمد بن مستور3 الأمير، ولي دمشق للحسن بن أحمد القرمطي، المعروف بالسيد عند تغلّبة ثانيًا على الشام، وذلك في رمضان، ومات بعد عشرة أشهر، أعنى: أحمد. 4- إبراهيم بن أحمد4 بن إبراهيم البغدادي البُزُوري5، أبو إسحاق المقرئ. قرأ عليه: إسحاق الخُزَاعي، والحسن بن الحسين الصّوّاف، وأحمد بن فرج، وجماعة. وكان من أئمّة هذا الشأن، وحدَّث عن البغوي وغيره. قرأ عليه: محمد بن عمر بن بكير، وعلي بن محمد الحدّاد، وعبد الباقي بن الحسن. مات في ذي الحجّة.

_ 1 انظر نشوار المحاضرة "5/ 122". 2 أحد الزهاد الثقات. 3 انظر أمراء دمشق "7". 4 انظر تاريخ بغداد "6/ 16"، والإكمال "1/ 474"، ومعرفة القراء "1/ 262". 5 نسبة إلى البزور.

حرف الباء: 5- بكَّار بن محمد بن أحمد1 بن إسحاق، أبو الحسن المعافري المصري الزّاهد. وقد حدَّث وسمع منه أبو القاسم يحيى بن أبي الطحان. حرف الحاء: 6- حامد بن محمد بن عبد الله النيسابوري، الحناط. 7- الحسن بن الخضر بن عبد2 الله الأَسْيُوطي3. حدَّث عن: أبي عبد الرحمن النّسائيّ، وأبي يعقوب المَنْجَنيِقي، وجماعة، وكان صاحب حديث. وعنه: محمد بن الفضل بن نظيف، ويحيى بن علي بن الطحّان، وأبو القاسم بن بشران، وغيرهم. وتوفِّي في ربيع الأول. حرف الخاء: 8- خلف بن محمد بن إسماعيل4 بن إبراهيم بن نصر البخاري، أبو صالح الخيّام، وهو الذي يخيط الخِيَم. كان بندار الحديث. روى عن: صالح بن محمد جَزَرَةَ، ونُصَيْر بن أحمد الكندي، وموسى بن أفلح، ومحمد بن علي بن عثمان، وعمر بن هنّاد، وفرح بن أيّوب، وحامد بن سهل، وطائفة بُبخَارى، ولم يَرْحَل. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد الإدريسي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الغنجار، وآخرون.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر العبر "2/ 324"، واللباب "1/ 61". 3 نسبة إلى أسيوط وهي مدينة من مدن مصر. 4 انظر اللباب "1/ 475"، وميزان الاعتدال "1/ 662"، وسير أعلام النبلاء "16/ 70".

وتوفِّي فِي جُمادى الأولى وله ستُّ وثمانون، وقد تكلَّم فيه أبو سعيد الإدريسي وليَّنَه. حرف العين: 9- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عِمْران1، أبو القاسم الدّيَنَورِي الواعظ، نزيل دمشق، سكن قرية قتيبة. وحدَّث عن: عبد الله بن محمد بن وهب الدّينَوَرِي، وأحمد بن عبد الرزَّاق، والعسَّال، وأبي جعفر الغنجاري، وابن عَرُوبة الحرّاني، وجماعة. وعنه: تمَّام، وعبد الوهاب الميداني، وسعيد بن أحمد بن فُطَيْس، وجماعة. توفِّي في آخرها. 10- عُبَيْد الله بن أحمد بن الحسين2، القاضي أبو عمر بن السّمسار، الفقيه الدّاوودي الظّاهري، تلميذ أبي بكر محمد بن داود الظاهري. روى عن: محمد، وعن أبيه داود بن علي، وإسماعيل القاضي، وغيرهم، والأوّل أشبه. قال المحسّن بن علي التَّنُوخيّ في "النشوار": وعليّ بن نصر الكاتب نزيل مصر، وذكر عليّ أنّه قرأ عليه كل مصنّفات أبي بكر بن داود، وأنَّه كان إمامًا كبيرًا يتردَّد إلى الرؤساء. وقال هلال بن المحسّن: توفِّي فجأة في رجب، ثم جَزَمْتُ بأنّه لم يلق داود ولا إسماعيل. 11- عثمان بن عمر بن خفيف3، أبو عمرو المقرئ المعروف بالدرَّاج. حدَّث عن: هارون بن علي المزوّق، وعلي بن حمَّاد العسكري، وابن المُجَدّر. وعنه: أبو بكر البرقاني، ومحمد بن طلحة النّعالي، وجماعة.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر نشوار المحاضرة "8/ 186". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 305"، والمنتظم "7/ 58"، والبداية والنهاية "11/ 272".

وكان ثقة. قال البَرْقاني: كان بَدَلًا من الأبدال. وقال غيره: مات فجأة في رمضان، رحمة الله عليه. 12- عثمان بن محمد بن إبراهيم1 المادَرائي أبو عمر، نزيل مصر. سمع أبا مسلم الكجّي. وعنه أبو محمد بن النّحاس. 13- علي بن أحمد بن فَرُّوخ2 البغدادي الواعظ، ويعرف بغلام المصري. حدَّث عَنْ: مُحَمَّد بْن جرير، ومُحَمَّد بْن محمد الباغَنْدِي، وجماعة. قال الخطيب: ثنا عن ابن بُكَيْر قال: قال ابن أبي الفوارس: فيه تساهل. حرف الفاء: 14- فردوس بن أحمد3 بن محمد بن سعيد بن فردوس البزاز أبو بكر. حرف الميم: 15- مُحَمَّد بْن أَحْمَد4 بْن عَليّ بن شاهويه، القاضي أبو بكر الفارسي الحنفي أحد الأعلام. سمع: أبا خليفة زكريّا السّاجي، ودرّس بَنْيسابور، ثم درّس بُبخَاري بمدينة أبي حفص صاحب محمد بن الحسن مدّة. ومات بنَيْسابور في ذي القعدة سنة إحدى وستين وثلاثمائة. 16- محمد بن أحمد5 بن موسى بن يزداد، القاضي أبو عبد الله القمي.

_ 1 انظر اللباب "3/ 142". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "11/ 324". 3 لم يترجم له المؤلف. 4 انظر وفيات الأعيان "1/ 584"، والوافي بالوفيات "2/ 44". 5 في عداد المجهولين.

تُوُفّي بفَرْغانة في صفر، وحُمل تابوته إلى سمرقَنْد. سمع: محمد بن أيّوب الرّازي، وإبراهيم بن يوسف الهِسِنْجاني1. وولي قضاء سمرقند، وكان من كبار الحنفيّة، ثقة في الحديث. روى عنه أبو سعد الإدريسي وغيره. 17- محمد بن حارث بن أسد2، أبو عبد الله الخُشَني3 القيرواني الحافظ. أخذ عن أحمد بن نصر، وأحمد بن زياد، ودخل الأندلس فسمع قاسم ابن أصبغ، وأحمد بن عبادة، وسكن قرطبة، وتمكَّن من صاحبها الحَكَم بن النّاصر لدين الله، وصنَّف له كُتُبًا منها: "الاتفاق والاختلاف" في مذهب مالك، وكتاب "الفتيا"، وكتاب "تاريخ الأندلس"، و"تاريخ الإفريقيّين"، وكتاب "النَّسَب". قال ابن الفَرَضيّ: بلغني أنّه صنَّف للحَكَم مائة ديوان، وكان شاعرًا بليغًا لكنَّه يَلْحَن، وكان يتعاطى الكيميا، واحتاج بعد موت الحَكَم إلى أن جلس في حانوتٍ يبيع الأَدهان. روى عنه أبو بكر بن حوئيل، وغيره. وتُوُفّي في صفر. 18- محمد بن الحسن بن سعيد أبو العبّاس4 بن الخشّاب المخرمي الصُّوفي الزّاهد. صاحب حكايات عن الشبلي وغيره. وعنه السُّلَمي والحاكم. 19- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن الحُسين الوزير ظهير الدين أبو شجاع، حفيد الوزير أبي شجاع الروذراوري5 ثم البغدادي. وَزَر قليلًا، ثم عُزِل، ولزم بيته دهرًا في نعمة وعافية. مات في ذي القعدة، وقد شاخ.

_ 1 نسبة إلى قرية من قرى الريّ. 2 انظر الأنساب "5/ 13"، والوافي بالوفيات "2/ 315"، وسير أعلام النبلاء "15/ 165". 3 نسبة إلى خشن قرية بإفريقية. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 112". 5 نسبة إلى بلدة بنواحي همذان. انظر اللباب "2/ 42".

20- محمد بن حُمَيْد1 بن سهل المخرمي، أبو بكر. سمع: أبا خليفة، وجعفر الفِرْيابي، والهَيْثَم بن خلف الدوري، وغيرهم. عنه: الدَّارقُطْنيّ، وأبو نُعَيم، وجماعة. قال البَرّقاني: ضعيف. وقال ابن أبي الفوارس: فيه تساهل شديد. 21- محمد بن عمر بن محمد2 بن الفضل، أبو عبد الله الْجُعْفي البغدادي. سمع: أبا شُعَيْب الحرّاني، وموسى بن هارون، وأبا العبّاس بن مسروق. وعنه: ابن رزقَوَيْه، وأبو نُعَيم. قال ابن أبي الفوارس: كان كذَّابًا. 22- محمد بن فارس3 بن حمدان، أبو بكر العطشي4، يُعرف بالمَعْبَدِي، يقال: إنّه من ولد أمّ مَعْبَد الخُزَاعيّة. حدَّث عن: جعفر بن محمد القَلانَسي، والحسن بن علي المعمري. روى عنه: الدَارقُطْنيّ، وعلي بن أحمد الرّزّاز، وأبو بكر البرقاني، وأبو نُعَيم. قال أبو نُعَيم: كان غاليًا في الرفض غير ثقة. مات فِي ذي الحجَّة. 23- مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عوانة5 بن عبد الرحيم الثعلبي القُرطُبي، أبو عبد الله. سمع من: أحمد بن خالد الحُباب، ومحمد بن قاسم، وقاسم بن أصبغ، وجماعة.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 59"، والبداية والنهاية "11/ 272". 2 انظر تاريخ بغداد "3/ 31". 3 انظر تاريخ بغداد "3/ 161". 4 نسبة لسوق العطش بالجانب الشرقي من بغداد. 5 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 71"، وبغية الملتمس "145".

وكان ثقةً صالحًا، أمَّ بجامع قُرْطُبَة، وأكثر الناس عنه. 24- نذير بن جناح بن إسحاق المحاربي، الكوفي، أبو القاسم. وفيَّات سنة اثنتين وستين وثلاثمائة: حرف الألف: 25- أحمد بن إبراهيم بن بكر القفْطي1. روى عن النّسَائي بمصر. 26- أحمد بن بِشْر بن عامر2، أبو حامد المرورذي الفقيه الشافعي، نزيل البصرة، تفقَّه على أبي إسحاق المَرْوَزي، وصنَّف "الجامع" في المذهب، وشرح "مختصر المُزَني"، وصنَّف في الأصول، وكان إمامًا لا يُشَقُّ غُبارُهُ. وعنه أخذ فُقَهاء البصرة. 27- أحمد بن عثمان، أبو سعيد3 البغدادي الفقيه، ويُعرف بابن البقَّال. حدَّث بدمشق عن أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود. وعنه ابن جُمَيْع، وأبو نصر بن الْجَبَّان. حدَّث في هذه السنة وانقطع خبره. 28- أحمد بن محمد بن زكريا4 الأموي، مولاهم الأندلسي الرُّصافي5 المالكي، مفتي ناجية ومحدّثها. روي عن أحمد بن خالد وغيره، وتوفِّي في صفر. 29- أحمد بن همّام، أبو عمرو النَّيْسَابُوري6، العبد الصالح. رحل وسمع ببغداد من يوسف القاضي وطبقته. وعنه: الحاكم، وعاش بِضعًا وثمانين سنة.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر العبر "2/ 326"، وطبقات الشافعية للسبكي "2/ 82"، والبداية والنهاية "11/ 209". 3 انظر تاريخ بغداد للخطيب "4/ 300". 4 انظر تاريخ علماء الأندلس"1/ 48". 5 نسبة إلى بلدة بالأندلس عند قرطبة. 6 لَا بأس به.

30- أحمد بن محمد بن أحمد1 بن عقبة بن مضرس، أبو الحسن، قاضي أرّجان. روى عن البَغَوِي، وابن صاعد. وعنه: أبو نُعَيم الحافظ، وورَّخه هكذا في تاريخ أصبهان، وقال في مُعْجَمه: قَدِمَ علينا أصبهان سنة خمس وستّين، فيجوز هذا. 31- أحمد بن محمد بن عُمارة2 بن أحمد، أبو الحارث اللّيْثي الكنانيّ مولاهم الدمشقي. سمع: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، وزكريّا السّجْزِي، ومحمد بن عبد الصمد، وأحمد بن إبراهيم بن دُحَيْم، وجماعة. وعنه: ابن جُمَيع، وتمَّام، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وأحمد بن الحاجّ الإشبيلي، وعبد الوهاب المَيْدَاني. وتوفِّي في ربيع الآخر في عُشْر التّسعين. 32- إبراهيم بن عُبَيْد الله المَعَافِري الإشبيلي3. سمع من: أحمد بن خالد، ومحمد بن فُطَيْس، وكان محدّثًا لُغَوّيًا بصيرًا بالشعر. قاله ابن الفرضي. 33- إبراهيم بن محمد بن يحيى4 بن سخْتَوْيه النَّيْسَابُوري، الشيخ أبو إسحاق المُزكّي. قال الحاكم: هو شيخ نَيْسَابُور في عصره، وكان من العبَّاد المجتهدين الحجّاجين المُنْفِقِين على العلماء والفقراء. سمع: ابن خُزَيْمة، وأبا العبّاس السّرّاج، وأحمد بن محمد الماسَرْجِسي، وأبا العبّاس الأزهري، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرّازي، ومحمد بن هارون الحَضْرَمِيّ، وأبا العبّاس الدَّغُوليّ، وخلقًا سواهم.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "1/ 154". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "5/ 300"، وشذرات الذهب "3/ 40"، وسير أعلام النبلاء "16/ 70". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 18". 4 انظر تاريخ بغداد "6/ 168"، والمنتظم "7/ 61"، والبداية والنهاية "11/ 274".

وأملى عدّة سنين، وكنَّا نَعُدُّ في مجلسه أربعة عشر محدّثًا، منهم: أبو العبّاس الأَصَمّ، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم. قلت: روى عنه الحاكم، وأبو الحسن بن رزقَوَيْه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البرقاني، وأبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم، وآخر من روى عنه أبو طالب بن غيلان. قال الخطيب: كان ثقة ثبتًا مُكْثِرًا مُوَاصِلًا للحجّ، انتخب عليه الدَارقُطْنيّ، وكتب النّاس عنه عِلْمًا كثيرًا مثل: "تاريخ السّرّاج" وغير ذلك، و"تاريخ البخاري"، وعدّة كُتُب لمُسْلم. وكان عند البَرْقَانيّ سقط أجزاءٍ وكُتُب، لكن ما رُوي عنه في صحيحة قال في نفسي منه لكثرة ما يُغْرِب، ثم إنّه قوّاه وقال: عندي عنه أحاديث عالية كنت أخرجتها نازلة، إلّا أنّي لا أقدر على إخراجها لِكبَر السنّ. قال الخطيب: وثنا الحسين بن شيطا: سمعت أبا إسحاق المُزكّي يقول: أنفقت على الحديث بِدَرًا من الدنيانير، وقدمت بغداد سنة ستّ عشرة ومعي بخمسين ألف درهم بضاعة، ورجعت إلى نَيْسَابور ومعي أقلّ من ثُلُثِها، أنفقت ما ذهب على أهل الحديث. توفِّي في شعبان، وقد خرج من بغداد، فَنُقِلَ إلى نَيْسَابور، وعاش سبعًا وستيّن سنة. وهو والد علي، ويحيى، ومحمد، وعبد الرحمن، وقد رَوَوُا الحديث. 34- إسماعيل بن عبد الله بن محمد1 بن ميكال، الأديب أبو العبَّاس شيخ "خراسان" ووجهها وعَيْنُها، من ولد يَزْدَجِرْد بن بهرام جور ملك الفُرْس. استعمل المقتدر أباه على الأهواز، فاستدعى أبا بكر بن دُرَيْد لتأديب إسماعيل. وفي ابنه يقول ابن دُرَيْد مقصورته التي يقول فيها: إن ابن ميكال الأمير انتاشني ... من بعد ما قد كنت كالشيء اللقا ومد ضبعي أبو العباس من ... بعد انقباض الذرع والباع الوزا2 نفسي الفِدا لأميريَّ ومَنْ ... تحت السّما لأميريّ الفدا

_ 1 انظر شذرات الذهب "3/ 41"، ووفيَّات الأعيان "4/ 323"، وسير أعلام النبلاء"16/ 156". 2 أي: القصد.

قال الحاكم: سمعت محمد بن الحسين الوَضّاحي، سمعت أبا العبّاس يذكر صِلَة أبيه لابن دُرَيْد لمَّا عمل هذه القصيدة، قال الوضّاحي: فقلت: ما وصل إليه من خاصّتك؟ قال: لم تصل يدي إذْ ذاك إلّا إلى ثلاثمائة دينار، وضعتها بين يديه. سمع أبو العبّاس من: عَبْدان الأهوازي كتابًا خصَّه به، فسمعت أبا عليّ الحافظ يقول: استفدت منه أكثر من مائة حديث. وسمع أيضًا من السرَّاج، وابن خُزَيْمة، وعلي بن سعيد العسكري ونحوهم. وأملى مدّةً. روى عنه أبو علي الحافظ، وهو أسْندَ منه، وأبو الحسين الحجَّاجي، وأبو عبد الله الحاكم وجماعة. وقد عُرِضَت عليه ولايات جليلة فامتنع. أَخْبَرَنَا محمد بْنُ عَبْدِ السَّلامِ، وَأَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ زَيْنَبَ الْمِشْعَرِيَّةِ، أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَلِيِّ بْنِ مُظَفَّرٍ أَخْبَرَتْهَا قَالَتْ: أنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ محمد الْفَارِسِيُّ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا عَبْدانُ بْنُ أَحْمَدَ الْجَوَالِيقِيُّ سنة ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، ثنا زَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْعَائِدُ قي هبته كالعائد في قيئه" 1. توفِّي أبو العبّاس في صفر، وله اثنتان وتسعون سنة. حرف الحاء: 35- حَفْص بن جُزّي2، أبو عمر الأندلسي، من أهل فحص البلّوط3. سمع من: عبيد الله بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن عَبْد العزيز، وسعيد بن حميد، وجماعة، وكان عارفًا بالعربية. سمع منه غير واحد بقرطبة، وعُمَّر دهرًا. توفِّي ابن ثمانٍ وتسعين، سنة اثنتين أو ثلاث وستين.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 215"، ومسلم "الهبات 2 رقم 8"، وأبو داود "3538"، والنسائي "6/ 266"، والترمذي "1298"، وابن ماجه "2386"، وأحمد "1/ 327". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 119". 3 موضع قريب من قرطبة.

حرف السين: 36- سعيد بن القاسم بن العلاء1، أبو عمرو البرذعي الطّرازي المرابط، نزيل مدينة طَرَاز من أول التَّرْك. سمع: محمد بن حِبّان بن الأزهر الباهلي، وعبد الله بن الحسين الشّاماتي، وأبا خليفة الفضل بن الحُبَاب، وسهلان بن محمد بن مردَوَيه الأهوازي صاحب سليمان الشاذكُوني، وأحمد بن محمد بن ياسين الهَرَوِي، ومحمد بن يحيى بن مَنْدَه، وعبدان. روى عنه: محمد بن إسماعيل الورَّاق، والدَارقُطْنيّ، وأبو علي بن فضالة الرازي شيخ الخطيب، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشّيرازي، وأبو عبد الله الحاكم، وقال: توفِّي غازيًا بأسبيجاب. حرف العين: 37- عبد الله بن أحمد الفرغاني. تقدَّم. 38- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ2 بْنِ عُمَرَ بْنِ عبد اللَّه بن الحسن الهمداني الذّكْواني3، أبو محمد الأصبهاني القاضي. سمع: عَبْدان بن أحمد حاجب بن أركين الفَرْغَاني، وجعفر بن أحمد بن سِنان، وعبد الله بن محمد بن العبّاس. وعنه: أبو بكر بن أبي علي. قرأ عليه ابنه، وأبو نُعَيم. 39- عَبْد السلام بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد4 بْن حجّاج بن رِشْدين، أبو جعفر المصري. يروي عن أبيه وعمومته.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 62"، وتاريخ بغداد "9/ 110، وسير أعلام النبلاء "16/ 72، 73". 2 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 88". 3 نسبة إلى ذكوان وهي بطن من سليم بن منصور. 4 في عداد المجهولين.

40- عبد الملك بن الحسن بن يوسف1 المعدّل البغدادي، أبو عمرو بن السّقَطي. سمع: أبا مسلم الكجّي، ويوسف القاضي، وأحمد بن يحيى الحلواني، وأبا بكر الفِرْيابي. وعنه: محمد بن راشد الكاتب، وأبو علي بن شاذان، وأبو نُعَيم. وانتخب عليه الدَارقُطْنيّ. وشهد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة عند قاضي بغداد أبي عمرو محمد بن يوسف، وعاش خمسًا وثمانين سنة. 41- علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي2 الزملكاني3. سمع: الباغندي، وابن خزيمة، وجماهير. وعنه: الحاكم، وأبو نعيم. توفِّي بمكة. 42- عمر بن أحمد بن عمر4، القاضي أبو عبد الله القَصَبَاني، عُرِفَ بابن شقّ. روى عن: علي بن العبّاس المقانعي، وابن المنذر الفقيه، وعلي بن سارج المصري. وعنه: الدَارقُطْنيّ، وأبو نُعَيم، والبَرْقاني، وقال: قلت: حدَّث في هذا العام. 43- عمرو بن أَحْمَد بن محمد5 بن الحسن، أبو أحمد الاستراباذي الفقيه. سمع: أباه، وهُمَيْم بن هَمّام، وعمران بن موسى بن مجاشع، وأبا خليفة، وعبدان، وعبد اللَّه بْن ناجية، وعبد اللَّه بْن مسلم المقدسي، وابن قُتَيْبَة العسقلاني، ودرس الفقه بمصر على منصور بن إسماعيل الفقيه. يروي عنه أبو سعد عبد الرحمن الإدريسي، وقال: أنا تولَّيت الصلاة عليه.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 430"، والمنتظم "7/ 63"، وسير أعلام النبلاء "16/ 167، 168". 2 انظر تاريخ بغداد للخطيب "12/72". 3 نسبة إلى قريتين إحداهما بدمشق والثانية ببلخ. 4 انظر تاريخ بغداد "11/ 251". 5 انظر تاريخ جرجان "534".

حرف الميم: 44- محمد بن أحمد بن خالد1 بن يزيد القُرْطُبي، أبو بكر ابن مصنّف كتاب "فضل العلم". له رواية عن أبيه وغيره. 45- محمد بن أحمد بن علي2 بن شاهَوَيْه، أبو بكر الفارسي الفقيه الشافعي، قاضي بلاد فارس. أقام مدّة ببُخارى ثم بنَيْسَابور، وبها مات، وله في المذهب وجوهٌ بعيدة تفرَّد بها. توفِّي سنة إحدى، وقيل: سنة اثنتين وستيّن. وحدَّث عن أبي خليفة، وزكريا السّاجي. وعنه: الحاكم. 46- محمد بْن أحمد بْن كثير3 بْن دَيْسَم، أبو سعيد الهَرَوِيّ. سمع: أحمد بن مقدام الهَرَوِيّ، وَهُوَ آخر من حدَّث في الدُّنْيَا عَنْهُ، وعاش بعده اثنتين وتسعين سنة، ولعلّه ممّن جاوز المائة. يروي عنه ابن العالي، وتوفِّي في جمادى الآخرة. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الْهَاشِمِيِّ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ رُوزْبَهْ، أنا أَبُو الْوَقْتِ، أنا شَيْخُ الإِسْلامِ أَبُو إِسْمَاعِيلَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنِ مَنْصُورٍ بِبُوسَنْجَ، أنا أَبُو سَعِيدٍ محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَثِيرٍ بِهَرَاةَ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مِقْدَامٍ الْهَرَوِيُّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ بُنِي لَهُ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِي لَهُ فِي وَسَطِهَا، وَمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلاهَا"4. قال شيخ الإسلام في كتاب "ذمّ الكلام": هذا الحديث أعلى حديث عندي.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 72". 2 انظر الوافي بالوفيات "2/ 44"، ووفيات الأعيان "4/ 211"، وطبقات الفقهاء "144". 3 لا بأس به. 4 إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي "1993"، وابن ماجه "2078"، والخطيب "5/ 309"، والحديث في ضعيف الجامع "5522".

47- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد1 بْن طالب بن أيمن، أبو عبد الله القيسي المؤدّب القبري. رحل وسمع بمصر من أبي قتيبة بن الفضل، وأبي محمد بن الورد، والعبَّاس بن الرافقي. وسمع النّاس منه كثيرًا، وقبره في مدينة صغيرة بالأندلس. 48- محمد بن أحمد بن منبه2 السمسار، أبو أحمد النَّيْسَابُوري. روى عن مُطَيْن. وعنه: الحاكم وغيره. 49- محمد بن إبراهيم بن حَسْنَوَيْه3، أبو بكر النَّيْسَابُوري الورَّاق الزّاهد العابد. سمع: محمد بن إبراهيم البوسَنْجي، وجعفر بن سوار. وعنه: الحاكم، وقال: عاش خمسًا وتسعين سنة، وبكى من خشية الله حتى عَمِيَ. 50- محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن أبرَوَيْه، أبو أحمد الأستراباذي. فاضل ثقة عابد4. سمع الكثير ورحل، وحدَّث عن: محمد بن عبد بن عامر السمرقندي، ومحمد بن يزداد، والضَّحَّاك بن الحسين، وأحمد بن حفص السّعْدي، وجاوز التّسعين. روى عنه أبو سعد الإدريسي وقال: تُوُفّي فجأة. 51- محمد بن الحسن بن كوثر5، أبو بحر البَرَبَهَاري6، بغداديّ معمر.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 72". 2 في عداد المجهولين. 3 لا بأس به. 4 وثقه الذهبي. 5 انظر تاريخ بغداد "2/ 209"، والمنتظم "7/ 63"، والوافي بالوفيات "2/ 338"، والبداية والنهاية "11/ 275". 6 نسبة إلى بربهار، وهي الأدوية التي تجلب من الهند.

حدَّث عن: محمد بن الفرج الأزرق، ومحمد بن يونس الكديمي، وإسماعيل القاضي، ومحمد بن غالب، ومحمد بن سليمان الباغَنْدِي، وجماعة. انتخب عليه الدَارقُطْنيّ، وأبو حفص بن شاهين. قال أبو نُعَيم: كان يقول لنا الدَارقُطْنيّ: اقتصروا من حديث أبي بحر على ما انتخبته حسب. وقال ابن أبي الفوارس: فيه نظر. وقال البَرْقَاني: حضرت يومًا عند أبي بحر، فقال لنا ابن السّرَخْسي: سأريكم أنَّ الشيخ كذَّاب، ثم قال له: فلان بن فلان ينزل المكان الفُلانيّ، سمعتَ منه؟ قال: نعم. قال البَرْقَانيّ: ولم يكن له وجود. قال ابن أبي الفوارس: توفِّي لأربع بَقِين من جُمادى الأولى. قال: ومولده سنة ستّ وستّين ومائتين، قال: وكان مُخَلّطًا، وله أصول جِياد، وله شيء "رديء". قلت: روى عبد الدايم حديثه بعلوٍّ عن ابن المعطوس. 52- محمد بن أبي الهيثم1 خالد بن الحسن المطوّعي البُخَاري. سمع: شيخ بن محمد، وابن خُزَيْمَة، والباغَنْدِي، وطبقتهم. وعنه: الحاكم وطائفة. 53- محمد بن العبّاس بن أحمد2، أبو بكر المسعودي الاستراباذي الفقيه، رحَّال. وسمع: أبا يعلى المَوْصِليّ، ومحمد بن الحسين الخثعمي الكوفي، وطبقتهما. وعنه: أبو سعد الإدريسي، وقال: لا يُحْتَج به، بقي إلى هذه السنة. 54- محمد بن عبد الله بن محمد3، الفقيه أبو جعفر البَلْخي الحنفي. وكان يقال له من كماله في الفقه: "أبو حنيفة الصغير".

_ 1 لا بأس به. 2 في عداد الضعفاء. 3 انظر العبر "2/ 328"، والوافي بالوفيات "3/ 347"، واللباب "3/ 393"، وسير أعلام النبلاء "16/ 131".

يروي عن محمد بن عَقيل وغيره. وتوفِّي ببُخارى في ذي الحجّة سنة اثنتين وستّين، وقد تفقَّه على أبي بكر محمد بن أبي سعيد الفقيه. أخذ عنه جماعة. كان يعرف بالهنْدواني1، من محلّة باب هندوان، وعاش اثنتين وستيّن سنة، وكان من أعلام أئمّة مذهبه. 55- مُحَمَّد بن عَبْد الملك بن مُحَمَّد2 بن عَدِيّ، أبو بكر الاستراباذي، أخو نُعَيم، نزل جُرْجَان، وكان خبيرًا بالشروط فقيهًا. رحل وسمع من البَغَوِي، وابن أبي داود. 56- محمد بن محمد بن داود3 بن سعيد، أبو بكر السّجْزي النَّيْسَابُوري العدل. سمع بَهَراة: محمد بن مُعَاذ الماليني، وحاتم بن محبوب، ومعدان البَغَوِي، وطبقته، وبنَيْسَابور مؤمّل بن الحسن، وأبا عمرو الحيري، وبجُرْجان أبا نُعَيم، وبالرّيّ عبد الرحمن بن أبي حاتم. روى عنه الحاكم وقال: كان من خيار التُّجَّار الأَمناء، ما رأينا منه إلّا ما يليق بأهل الصدق. 57- محمد بن موسى بن فَضَالَةَ4 بن إبراهيم بن فضالة بن كثير، أبو عمر القُرَشي، مولى عبد العزيز بن مروان بن الحَكَم. شيخ مُسْنِد، دمشقي. سمع: أحمد بن أنس، وأبا قُصَيّ الْعُذْرِيَّ، والحسين بن محمد بن جمعة، وحاجب بن أركين، وعبد الرحمن بن القاسم الروّاس، ويزيد بن عبد الصمد،

_ 1 نسبة إلى محلة ببلخ. 2 انظر تاريخ جرجان "415". 3 لا بأس به. 4 انظر ميزان الاعتدال "4/ 51"، وسير أعلام النبلاء "16/ 157-159"، ولسان الميزان "5/ 400، 401".

والحسن بن الفرج الغزّي، ومحمد بن محمد بن التّياح، وأبا القاسم البَغَوِي لقيه بمكة. وعنه: تمّام، وأبو نصر بن الجندي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، ومكّي بن الغَمْر، ومحمد بن رزق الله، وجماعة آخرهم محمد بن عبد السلام بن سعدان. قال أبو محمد الكتّاني: تكلّموا فيه، وتوفِّي في ربيع الآخر. 58- محمد بن هاني، أبو القاسم1 وأبو الحسن الأَزْدي الأندلُسي. قيل: إنّه من ذرّية المهلّب بن أبي صُفْرَةَ. كان أبوه شاعرًا أديبًا، وأمَّا هو فحامل لواء الشعر بالأندلس، وُلد بأشبيلية، واشتغل بها، وكان حافظًا لأشعار العرب وأخبارها، اتّصل بصاحب أشبيلية وحظي عنده، فمن شعره: ولما التقت ألحاظنا ووشاتنا ... وأعلن شق الوشي ما الْوَشْيُ كاتمُ تنفُس أنسيّ من الخِدْر ناشق ... فأسْعِدَ وحْشيّ من السّدر باغمُ وقلن قطًا سارٍ سمعتُ حَفيفه ... فقلت: قلوب العاشقين الحوائمُ عَشِيّةَ لا آوي إلى غير ساجع ... ببنيك حتى كلُّ شيءٍ حَمائمُ وكان مُنْهمِكًا في اللّذّات والمُحرّمات، متَّهمًا بدين الفلاسفة، ولقد هَمُّوا بقتّله، فأشار عليه مخدومه بالاخُتفاء، فهرب من الأندلس إلى المغرب، واجتمع بالقائد جوهر فامتدحه، ثم اتّصل بالمعزّ أبي تميم الذي بنى القاهرة، فامتدحه، فوصله وأنعم عليه، ثم إنّه شرب عند أناسٍ وأصبح مخنوقًا. وقيل: لم يُعْرَف سبب موته، وهلك في رجب سنة اثنتين وستّين عن نيّفٍ وأربعين سنة. وله ديوان كبير في المدْح، وقد يفضي به المديح إلى الكفر، وليس يلحقه أحد في الشعر من أهل الأندلس، وهو نظير المتنبي. 59- منصور بن محمد البغدادي2 المقرئ الحذاء.

_ 1 انظر شذرات الذهب "3/ 41"، وسير أعلام النبلاء "16/ 131"، والبداية والنهاية "11/ 274". 2 انظر تاريخ بغداد "13/ 84".

حدَّث عن البَغَوِي، وابن أبي داود. قال الخطيب: ثنا عنه أبو الفرج بن سميكة، وسمعت أبا نعيم يوثقه، ثمَّ ورَّخ وفاته. حرف الياء: 60- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن محمد1، أبو بكر القُرْطُبي المعروف بالمِغيلي. سمع: محمد بن محمد بن عبد الملك بن أنس، وجماعة، وحجَّ وسمع من ابن الأعرابي. وكان بارعًا في الآداب، بليغًا ذا فنون، والله أعلم. وفيات سنة ثلاث وستين وثلاثمائة: حرف الألف: 61- أحمد بن محمد بن عبد البرّ2، أبو عثمان التُّجَيْبي القُرْطُبي، يُعرف بابن الكَشْكيناني3. حجَّ وسمع أبا سعيد بن الأعرابي ورجع، وتُوُفّي في شوّال. 62- أحمد بن علي بن إبراهيم4 النّرسي البغدادي. توفِّي بالرملة وله إحَدى وثمانون سنة. 63- إبراهيم بن سليمان5 بن عدّي الشافعي العسكري المصري. توفِّي في رجب. سمع أبا عبد الرحمن النسائي.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 190". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 49". 3 نسبة إلى قرية بنواحي قرطبة. 4 في عداد المجهولين. 5 انظر السابق.

64- إسماعيل بن محمد1 بن علان الخَوْلاني المصري المؤدّب. يروي عن النّسائي، والحسن بن غُلَيْب. 65- أصبغ بن قاسم2 بن أصبغ، أبو القاسم، من أهل إسْتِجة. سمع: محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد بن الحباب، وحجّ فسمع من أبي جعفر العُقَيْلي، وابن الأعرابي، وسمع صحيح البخاري من صالح بن محمد الأصبهاني، عن إبراهيم بن معقل النّسَفي. وَلِي قضاء إسْتِجَة، فأساء السّيرة وشَكَوه. وكان جسيمًا وسيمًا. توفِّي في رمضان. حرف الثاء: 66- ثابت بن سِنان بن ثابت بن قُرّة3، أبو الحسن الحَرّاني الأصل، الصّابي ثم البغدادي. كان يلحق بأبيه في صناعة الطّبّ، وصنَّف تاريخًا كبيرًا على الحوادث والوقائع التي تمَّت في زمانه، وخدم بالطبّ الراضي بالله وجماعة من الخُلَفاء قبله. وقال في تاريخه: لما سُلِّم أبو علي بن مُقْلَة إلى الوزير عبد الرحمن بن عيسى من جهة الراضي بالله، في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، حمله إلى داره، ثم ضُرب ابن مُقْلَة بالمَقَارع في دار عبد الرحمن، وأُخذ خطه بألف دينار، وأنّه أُدْخِل عليه ليفصده فذكر من خبره فصلًا. توفي إبراهيم بن سِنان أخو ثابت في أول خمس وثلاثين وثلاثمائة، ولم يستكمل أربعين سنة، وكان من الأذكياء البارعين في صناعة الطب كأخيه وأبيه.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 80"، ولسان الميزان "1/ 460". 3 انظر الكامل في التاريخ "8/ 221"، والوافي بالوفيات "10/ 463"، وشذرات الذهب "3/ 44".

حرف الحاء: 67- الحارث بن سعيد بن حمدان1، أبو فراس، الشاعر المشهور الأمير، وقد ذكرناه في سنة سبعٍ وخمسين. وأمَّا ابن الْجَوْزي فقال في "المنتظم": توفِّي هذا في سنة ثلاثٍ وستّين، ثم ذكر أنّه قُتِل وما بلغ الأربعين، وأنَّ سيف الدولة رثاه. قلت: هذا متناقض، فمن شعره: المَرْءُ نُصْبَ مصائبَ لا تنقضي ... حتى يوارى جسمه في رمسه فمؤجل يَلْقَى الرّدَى في غيره ... ومُعَجّل يَلْقَى الرَّدَى في نفسه وله: مرام الهوى صعب وسل الهَوَى وَعْرُ ... وأوعر ما حاولته الحبّ والصّبْرُ أواعِدَتي بالوعد والموتُ دونَهُ ... إذا متّ عطشانًا فلا نزل القَطْرُ بدوت وأهلي حاضرون لأنّني ... أرى أنّ دارًا لست من أهلها نَفْرُ وما حاجتي في المال أبغي وُفُورَهُ ... إذا لم يفْر عرض فلا وفَرَ الوَفْرُ وقال أصحابي الفِرارُ أو الرّدَى ... فقلت: هما أمران أحلاهُما مُرّ سيذكرني قومي إذا جدَّ جِدُّها ... وفي الليلة الظَّلْماء يُفْتَقَد البدْرُ ولو سَدَّ غيري ما سَدَدْتُ اكتفوا به ... وما كان يغلو التِّبْرُ لو نَفَق الصُّفْرُ ونحن أُناسٌ لا تَوَسُّط عندنا ... الصَّدْرُ دون العالمين أو القبْرُ تهون علينا في المعالي نفوسُنا ... ومن خَطَبَ الحسناءَ لم يغلها مَهْرُ 68- جُمَحُ بن القاسم بن عبد الوهاب2، أبو العبّاس الْجُمَحي المؤذّن، دمشقيّ محدّث، يُعرف قديمًا بابن أبي الحواجب. روى عن: عبد الرحمن بن الرَّواس، وأبي قصي إسماعيل العذري، وإبراهيم بن

_ 1 انظر المنتظم "7/ 68"، وسير أعلام النبلاء "16/ 196"، وشذرات الذهب "3/ 24". 2 انظر العبر "2/ 330"، وشذرات الذهب "3/ 45"، وسير أعلام النبلاء "16/ 77".

دُحَيْم، وأحمد بن بِشْر الصُّوري، ومحمد بن العبّاس بن الدَّرَفْس، وطبقتهم. روى عنه: أبو عبد الله بن مَنْده، وتمَّام بن عبد الوهاب المَيْداني، ومحمد بن عَوْف المُزَني، ومحمد بن عبد السلام. وكان ثقة نبيلًا. 69- الحسن بن موسى بن بُنْدار1، أبو محمد الدَّيْلمي. حدَّث ببغداد عن: أحمد بن محمد بن سليمان المالكي، وأحمد بن الحسين صاحب البَصْرى. وعنه البَرْقَاني وغيره، وكان ثَبْتًا حافظًا. حدَّث في هذه السنة. 70- حمزة بن أحمد بن مخْلَد2 البغدادي القطّان. سمع: أبا شُعَيْب الحرَّاني، وموسى بن هارون. وعنه: البَرْقاني، ومحمد بن عمر بن بُكَيْر. حدّث في هذه السنة. صدوق. حرف السين: 71- سيد أبيه بن داود3، أبو الأصبغ المرشاني الأندلُسي. سمع: محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد بن الحُباب. وكان شيخًا صالحًا موصوفًا بالفقه، وحدَّث. حرف العين: 72- العبَّاس بن الحسين بن الفضل4 الشّيرازي، وَزَرَ لعزِّ الدولة بختيار بن

_ 1 انظر تاريخ بغداد "7/ 430". 2 انظر تاريخ بغداد "8/ 183". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 193"، والوافي بالوفيات "16/ 63، 64". 4 انظر الوافي بالوفيات "16/ 689"، والمنتظم "7/ 73"، وسير أعلام النبلاء "16/ 222".

مُعِزّ الدّولة، وكان ظالمًا جبَّارًا، فقبض عليه ثم قتله في حبْسه، وله تسعٌ وخمسون سنة. 73- عبد الله بن عديّ1، أبو عبد الرحمن الصَّابوني. توفِّي ببُخَارى في ذي الحجّة. مشى في الردِّ على أبي حاتم بن حبّانِ فيما تأوَّل من الصِّفات. أخذ عن يحيى بن عمَّار وغيره. روى عنه ابن خُزَيْمة وطبقتهم. 74- عبد الحميد بن أحمد بن عيسى2. سمع النّسائي، وتوفِّي في شعبان. 75- عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد3 بْن أُسَيد، أبو بكر المدني المعدّل. روى عن: محمد بن نُصَيْر، وزكريّا السّاجي. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم، وغيرهما. توفِّي في سلْخ ذي القعدة. 76- عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر4، أبو القاسم الزَّيدي البغدادي. ذكره ابن أبي الفوارس فقال: كان له مذهب خبيث، ولم يكن في الرواية بذاك، سمعت منه أجزاء فيها أحاديث رَدِيّة. قلت: يُعرف بابن البقّال، حدّث عن: الباغَنْدي، وعلي بن العباس المقانعي. قال التنوخي: كان من متكلمي الشيعة، له مصنَّفات على مذهب الزَّيدِيّة، يجمع حديثًا كثيرًا، وله أخ شاعر مشهور.

_ 1 انظر الوافي بالوفيات "17/ 318". 2 لا بأس به. 3 السابق. 4 انظر تاريخ بغداد "10/ 458"، ولسان الميزان "4/ 25".

77- عبد العزيز بن جعفر بن أحمد1 بن يزداد، أبو بكر الفقيه الحنبلي، غلام الخلال شيخ الحنابلة وعالمهم المشهور. تفقَّه بأستاذه أبي بكر الخلال، وسَمِعَ من عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن حنبل فيما قيل، وسمع من محمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وموسى بن هارون، والحسين بن عبد الله الخَرْقي، وأحمد بن محمد بن الْجَعْد الوشّاء، وأبي خليفة الفضل بن الحُبَاب، وجعفر الفِرْيابي، وجماعة. وعنه: الْجُنْيد الخطبي، وبِشْرى الفاتني، وغيرهما. وتفقَّه عليه أبو عبد الله ابن بُطَّة، وأبو إسحاق بن شاقْلا، وأبو حفص العُكْبُري، وأبو الحسن التميمي، وأبو حفص البَرْمكي، وأبو عبد الله بن حامد. وكان كبير القدْر، صحيح النقل، بارعًا في نقل مذهبهِ. قال أبو حفص البرمكي: سمعت أبا بكر عبد العزيز يقول: سمع منّي شيخنا أبو بكر الخلال نحو عشرين مسألة وأثبتها في كتابه. وقال أبو يَعْلَى القاضي: كان لأبي بكر عبد العزيز مصنّفات حَسنة منها: "المقنع"، وهو نحو مائة جزء، وكتاب "الشّافي" نحو ثمانين جزءًا، وكتاب "زاد المسافر"، وكتاب "الخلاف مع الشافعي"، وكتاب "مختصر السنة". توفِّي في شوّال سنة ثلاثٍ وستين، وله ثمانٍ وسبعون سنة في سن شيخه الخلال، وسنّ شيخ شيخه المَرْوَزي، وسنّ أحمد بن حنبل. ورُوي عنه أنّه قال في مرضه: أنا عندكم إلى يوم الجمعة، فمات يوم الجمعة، رحمه الله تعالى. ويُذكَر عنه زُهْدُ وقُنُوع. وقد ذكر أبو يَعْلَى أنّه كان معظَّمًا في النُّفُوس، متقدِّمًا عند الدولة، بارعًا في مذهب أحمد. أَنْبَأَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ الْبَالِسِيِّ، أنا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْجُنَيْدِ الْخُطَبِيُّ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، نا علي بن طيفور، نا قتيبة، نا

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 459"، والمنتظم "7/ 71"، والكامل في التاريخ "8/ 647".

عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "خَيْرُكُمْ مَنْ تعلَّم الْقُرْآَنَ وَعَلَّمَهُ" 1. علي بن عبد الله بن الفضل البغدادي2، أبو الحسين. حدَّث بمصر عن: جعفر الفرِيابي، وأبي خليفة. وعنه: الدَارقُطْنيّ، وعبد الغني الأزدي. 79- عيسى بن موسى بن أبي3 محمد بن المتوكّل على الله، أبو الفضل الهاشمي العبّاسي. سمع: محمد بن خَلَف بن المَرْزُبان، وأبا بكر بن أبي داود، وجماعة. وعنه: أبو علي بن شاذان. قال الخطيب: كان ثقة ثَبْتًا. حدّثني الأزهري أنَّ أبا الفضل لازم ابنَ أبي داود في سماع الحديث نيّفًا وعشرين سنة، ووُلد سنة ثمانين ومائتين، وأوّل سماعه من أبي بكر سنة تسعين. حرف الغين: 80- غالب بْن عَبد اللَّه بْن موسى4 بن قليج، أبو بكر البزّاز، مصري. توفِّي فِي جُمَادَى الأولى. حرف الميم: 81- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سهل5 بن نصر، أبو بكر الرَّمْلي، الشهيد المعروف بابن النّابلسي.

_ 1 إسناده حسن لغيره، والحديث صحيح من حديث عثمان وهو المشهور، أخرجه عن عثمان الخباري "9/ 74"، وأبو داود "1452"، والترمذي "2907"، وابن ماجه "211"، وأحمد "1/ 57، 58". 2 انظر تاريخ بغداد "12/ 7". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 178"، والمنتظم "7/ 74". 4 في عداد المجهولين. 5 انظر العبر "2/ 330"، وسير أعلام النبلاء "16/ 148-150".

حدَّث عن: سعيد بن هاشم الطبراني، ومحمد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة، ومحمد بن أحمد بن شَيْبان الرّملي. وعنه: تمَّام الرّازي، والدَارقُطْنيّ، وعبد الوهاب المَيْداني، وعلي بن عمر الحلبي، وغيرهم. قال أبو ذرّ الهَرَوي: سجنه بنو عُبَيْد وصلبوه على السنة. سمعت الدَارقُطْنيّ يذكره ويبكي ويقول: كان يقول وهو يُسْلخُ: كان ذلك في الكتاب مَسْطُورًا. وقال أبو الفرج بن الْجَوْزي: أقام جوهر لأبي تميم صاحب مصر الزّاهد أبا بكر النّابلسي، وكان ينزل الأكواخ من الشّام، فقال: بلغنا أنَّك قلت: إذا كان مع الرجل عشرة أسهم وَجَبَ أنْ يرمي في الرُّوم سهمًا وفينا سبعة، فقال: ما قلت هكذا، فظنَّ أنّه يرجع عن قوله، فقال: كيف قلت؟ قال: قلت: إذا كان معه عشرة وَجَب أن يرميكم بتسعة، ويرمي العاشر فيكم أيضًا، فإنّكم قد غيّرتم الملّة، وقتلتم الصالحين، وادَّعَيتم أمور الإلهيّة، فشهّره ثم ضربه، ثم أمر يهوديًا بسَلْخه. وقال هبة الله بن الأكفاني: سنة ثلاثٍ وستين توفِّي العبد الصالح الزاهد أبو بكر بن النّابلسي، كان يرى قتال المغاربة -يعني: بني عُبَيْد- وكان قد هرب من الرَّمْلَة إلى دمشق، فقبض عليه متولّيها أبو محمود الكُتامي، وحبسه في رمضان، وجعله في قفص خشب، وأرسله إلى مصر، فلمَّا وصلها قالوا له: أنت الذي قلت: لو أنَّ معي عشرة أسهم لرميت تسعةً في المغاربة وواحدًا في الرّوم، فاعترف بذلك، فأمر أبو تميم بسلْخه فسُلخ، وحُشِي جلْده تبنًا، وصُلب. وقال معمر بن أحمد بن زياد الصّوفي: إنّما حياة السنة بعلماء أهلها والقائمين بنُصرة الدّين، لا يخافون غير الله، ولو لم يكن من غُرْبة السنة إلّا ما كان من أمر أبي بكر النّابلسي لمَّا ظهر المغربيّ بالشام واستولى عليها، فأظهر الدّعِوة إلى نفسه، قال: لو كان في يدي عشرة أسهم كنت أرمي واحدًا إلى الروم، وإلى هذا الطاغي تسعة، فبلغ المغربيَّ مقالتُهُ، فدعاه وسأله، فقال: قد قلت ذلك لأنّك فعلتَ وفعلت، فأخبرني الثّقة أنّه سُلِخَ من مفرِق رأسه حتى بلغ الوجه، فكان يذكر الله ويصبر، حتى بلغ العَضُدَ، فرحِمَهُ السّلاخ، فوكز السّكَين في موضع القلب فقضى عليه، وأخبرني الثّقة أنَّه كان إمامًا في الحديث والفقه، صائم الدّهر، كبير الصَّوْلة عند

الخاصّة والعامّة، ولما سُلِخَ كان يسمع من جسده قراءة القرآن، فغلب المغربي بالشام وأظهر المذهب الرّديء، ودعا إليه، وأبطل التراويح وصلاة الضُّحَى، وأمر بالقُنوت في الظُّهْر بالمساجد. وقُتِلَ النابلسيّ في سنة ثلاثٍ وستين، وكان نبيلًا جليلًا، رئيس الرملة، هرب إلى دمشق فأخذ منها، وبمصر سُلخ. وقيل: إنّه لمَّا أُدخِل مصر قال له بعض الأشراف ممّن يعانده: الحمد لله على سلامتك، فقال: الحمد لله على سلامة ديني وسلامة دُنياك. قلت: كانت محنة هؤلاء عظيمة على المسلمين، ولمَّا استولوا على الشام هرب الصُّلحاء والفقراء من بيت المقدس، فأقام الزاهد أبو الفرج الطَّرَسُوسي بالأقصى، فخوّفوه منهم، فبيّت، فدخلت المغاربة وغَشَوْا به، وقالوا: إلعن كيت وكيت، وسموا الصحابة وهو يقول: لا إله إلا الله، سائر نهاره، وكفاه الله شرّهم. وذكر ابن الشَّعشاع المصري أنَّه رآه في النَّوم بعدما قُتِل وهو في أحسن هيئة. قال: فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: حباني مالِكِي بدوامِ عِزٍّ ... وواعَدَني بقُربِ الانتصارٍ وقرَّبَنِي وأدْناني إِلَيْهِ ... وقال: انْعَمْ بعَيْش فِي جِوَارِي 82- محمد بن أحمد بن عيسى2، أبو بكر القُمّي. سمع: أبا عَرُوبة الحرّاني، ومحمد بن قُتَيْبة العسقلاني. سمع منه في هذا العام السَّكَن بن جُمَيْع بصيدا. 83- محمد بن إسحاق3 بن مُطَرّف، أبو عبد الله الأندلسي الإسْتِجِي. سمع من: عُبَيْد الله بن يحيى بن محمد بن عمر بن لُبابة، وأحمد بن خالد. وكان شاعرًا عالمًا باللغة والعربية. روى عنه إسماعيل وغيره. مات في شوال.

_ 1 فرحمه الله رحمة واسعة، ونسأل الله أن نعيش على السنة ونموت عليها، وأن نكون كسلفنا الصالح. 2 انظر تاريخ دمشق "36/ 367". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 73، والوافي بالوفيات "2/ 196".

84- محمد بن الحسين بن إبراهيم1 بن عاصم، أبو الحسن الآبرّي ثم السّجسْتاني. رحل وطوَّف، وسمع: أبا العبَّاس بن السّرّاج، وابن خُزَيْمة، ومحمد بن الربيع الجزيري، وأبا عروبة الحراني، ومحمد بن يوسف الهوري، وزكريّا بن أحمد البلْخي، ومكحولًا البيروتي، وهذه الطبقة. يروي عنه: علي بن بشريّ، ويحيى بن عمار السجستانيان. وصنَّف كتابا كبيرا في مناقب الشافعي. وآبر من قرى سجسْتان. توفِّي في شهر رجب. 85- محمد بن سعيد العصفري القُرْطُبي. سَمِعَ قاسم بْن أصبغ، وغيره، وكان فقيهًا مفتيًا. 86- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ العبّاس2، أبو الحسين الشيرازي اللالكائي. ثقة يروي عن حمَّاد بن مدرك، وغيره. 87- محمد بن علي بن حسين3، أبو بكر بن الفأفاء الرّازي، قاضي الدّيَنَور. حدَّث بهَمَذَان سنة ثلاثٍ وستّين بكتاب "الْجَرْح والتَّعديل" عن ابن أبي حاتم، ويروي عن جماعة. روى عنه الكتاب: أبو طاهر بن سَلَمة، وابن فَنْجَوَيْه، وابن تركان، وغيرهم. 88- محمد بن محمد الفياضي الهروي الإمام. يروي عن: أبي قريش محمد بن جمعة، وعنه: يحيى بن عمَّار السجستاني. 89- محمد بن موسى بن الحسين، أبو العبّاس4 بن السّمسار الدّمشقي الحافظ، أخو أبي الحسن علي.

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 229-301"، وطبقات الشافعية "2/ 149، 150". 2 وثقه الذهبي. 3 لا بأس به. 4 انظر العبر "2/ 331"، وشذرات الذهب "3/ 47".

سمع: أحمد بن عُمَير بن جَوْصا، ومحمد بن خُزَيم، وعلي بن محمد بن كاس، وأبا الْجَهْم بن طِلاب، وأبا الدّحْداح أحمد بن محمد، وعبد الله بن السّريّ الحمصي الحافظ، وسمع ببغداد من المحاملي، ومحمد بن أحمد بن مخلد. وعنه: أخوه أبو الحسن، ومكّي بن الغَمْر، ومحمد بن عَوْف المُزَني، وجماعة. قال المَيْدَاني: توفِّي في شهر رمضان. وقال أبو محمد الكتّاني: كان ثقة نبيلًا حافظًا، كتب القناطير، وحدَّث باليسير، وقد سمع أيضًا بمصر. مات عن بضْعٍ وستّين سنة. 90- مروان بن عبد الملك1 القُرْطُبي الزّاهد. سمع محمد بن عبد الملك بن أيمن، وأحمد بن بِشْر، وحجّ فسمع من محمد بن الصّمُوت بمصر. وكان زاهدًا عابدًا خيِّرًا. توفِّي في ربيع الآخر. 91- المظفَّر بن حاجب أرَّكين2، أبو القاسم الفَرغاني. روى عن: أبي يَعْلَى الموصلي، وإسماعيل بن قيراط، ومحمد بن يزيد بن عبد الصّمد، وأبي عبد الرحمن النّسائي، وجعفر الفِرْيابي. رحل به أبوه واعتنى به. روى عنه تمَّام الرّازي، وأبو نصر بن هارون، وأبو نصر بن الجندي، وآخرون. حدَّث في هذا العام. قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عُذَيْرٍ، أَخْبَرَكُمْ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ محمد الأَنْصَارِيُّ حُضُورًا، أنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ الْمُسْلِمِ، أَخْبَرَهُمْ فِي سنة سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى السِّمْسَارُ، أنا الْمُظَفَّرُ بْنُ حَاجِبٍ، أنا محمد بْنُ يَزِيدَ، ثنا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ النُّصَيْبِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَكَلَ لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلاثَ، فَبَدَأَ بِالْوُسْطَى، ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا، ثُمَّ الإبهام"3.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 124". 2 انظر العبر"2/ 331"، وشذرات الذهب "3/ 47". 3 الحديث صحيح: أخرجه مسلم "أشربة 136"، وأبو داود "أطعمة 49"، والترمذي "أطعمة 11"، وأحمد "3/ 290".

حرف النون: 92- نافع بن عبد الله1، أبو صالح الخادم، مولى القاضي عبد الله بن محمد بن عمر الأصبهاني. يروي عن عبد الله بن محمد بن عبد الكريم الرّازي. وعنه أبو نُعَيم، وأبو بكر بن أبي علي. وقال أبو نُعَيم: كان يصوم النّهار، ويقوم اللّيْل، ويتصدَّق بِمُغَلّه، ويقتصر في فِطْرِهِ على ما يُطْلِق له مولاه. توفِّي سنة اثنتين أو ثلاثٍ وستّين. 93- النُّعْمان بن محمد بن منصور2، أبو حنيفة المقرئ القاضي. قال المسبّحي في "تاريخ مصر": كان من أهل الفقه والدّين والنُّبل، وله كتاب "أصول المذاهب". قال غيره: كان مالكيًّا، ثم تحوَّل إلى مذهب الشّيعة لأجل الرياسة، ودَاخَل بني عُبَيْد، وصنّف لهم كتاب "ابتداء الدعوة"، وكتابًا في الفقه، وكُتُبًا كثيرة في أقوال القوم، وجمع في المناقب والمثالب، وردَّ على الأئمة، وتصانيفة تدلّ على زَنْدَقَتِه وانْسِلاخه مِن الدّين، وأنّه منافق، نافَقَ القوم، كما ورد أنّ مغربيًّا جاء إليه فقال: قد عزم الخادم على الدّخول في الدّعوة، فقال: ما يحملك على ذلك؟ قال: الذي حمل سيّدنا. قال: يا ولدي، نحن أدخلنا في هواهم حَلْواهم، فأنت لماذا تدخل؟ وللنُّعْمان كتاب "دعائم الإسلام" ثلاثون مجلَّدًا في مذهب القوم، ومنها: "شرح الآثار" خمسون مجلّدًا، وغير ذلك، وكان ملازمًا للمعزّ أبي تميم، وولي القضاء له على مملكته، وقَدِمَ مصر معه من الغرب. وتوفِّي بمصر في رجب سنة ثلاثٍ وستّين، فأشرك المُعِزّ في القضاء بين ولده أبي الحسن علي، وبين الذُّهْلي أبي الطّاهر، فلما عجز الذُّهْلي وشاخ استقلَّ أبو الحسن بالقضاء، واستناب أخاه أبا عبد الله. وكان أبو الحسن شاعرًا محسنًا.

_ 1 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 327". 2 انظر الولاة والقضاة "586، 587"، ومرآة الجنان "2/ 379"، وسير أعلام النبلاء "16/ 150".

حرف الياء: 94- يَعْلَى بن موسى البربري1 الصُّوفي الزّاهد. وكان من سادات المغاربة. رأى ربَّ العِزَّةِ في المنام. توفِّي في هذه السنة. وفيَّات سنة أربع وستين وثلاثمائة: حرف الألَف: 95- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن محمود2 بن شابور، أبو العبّاس الأصبهاني الفقيه المغربي، ولقبُه خَرْطَبة. كتب الكثير بأصبهان والرّيّ، وحدَّث عن: عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري، ومحمد بن إبراهيم بن زياد، وجماعة. 96- أحمد بن القاسم3 بن عُبَيْد الله بن مهدي، أبو الفرج بن الخشّاب البغدادي الحافظ، نزيل ثغر طَرَسُوس. حدَّث بدمشق عن: محمد بن محمد الباغَنْدي، ومحمد بن جرير، وعبد الله بن إسحاق المدائني، والبَغَوِي، ومحمد بن الرَّبيع الجيزي، وأبي جعفر الطّحاوي، وجماعة. وعنه: تمَّام، وعبد الوهاب المدائني، وبقاء الخَوْلاني، ومحمد بن عوف المزني، ومكّي بن الغَمْر. وتوفِّي في صفر سنة أربع. قال ابن النَّقُّور: ثنا عيسى بن الوزير، كتب إليَّ أحمد بن القاسم بن الخشاب قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت محمد بن أبي عمران يقول: قال هلال الرّائي: أَوْثَقُ المَوَدَّات ما كان في الله -عزَّ وجل.

_ 1 أحد الصوفية الزهاد، ولا رواية له. 2 انظر ذكر أخبار أصبهان "1/ 158". 3 انظر تاريخ بغداد "4/ 353"، وسير أعلام النبلاء "16/ 151"، وشذرات الذهب "1/ 48".

97- أحمد بن القاسم1 بن يوسف بن فارس الميانَجي، أخو القاضي يوسف. يروي عن: إبراهيم بن يوسف الهِسِنْجاني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وعلي بن عبد الله بن مبشّر، وعثمان بن محمد الذَّهبي، وجماعة. وعنه: ابنه صالح، وحمزة الأطْرَابُلُسي، وحمزة بن محمد البَعْلَبكّي، وأبو الحسن علي بن موسى بن السّمسار. وعاش إلى سنة أربعٍ وستّين، وانقطع خبره. 98- أحمد بْن مُحَمَّد2 بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن أسباط، مولى جعفر بن أَبِي طالب، أبو بكر بن السُّنّي الدَّينَوَري الحافظ. سمع: أبا عبد الرحمن النّسَائي، وعمر بن أبي غيلان البغدادي، وأبا خليفة زكريّا السّاجي، وأبا يعقوب المَنْجَنِيقي، وعبد الله بن زيدان البجلي، وأبا عروبة، وجماهر بن محمد الزَّمْلَكَاني، وطبقتهم بمصر والشّام والعراق والجزيرة. وعنه: أبو علي حمد بن عبد الله الأصبهاني، ومحمد بن علي العلوي، وعلي بن محمد عمر الأسداباذي، وأحمد بن الحسين الكسّار. وقال القاضي أبو زرعة روح بن محمد سِبْط ابن السّنّي: سمعت عمّي علي بن أحمد بن محمد يقول: كان أبي -رحمه الله- يكتب الحديث، فوضع القلم في أنبوبة المحبرة، ورفع يديه يدعو الله تعالى، فمات -رحمه الله، وذلك في آخر سنة أربع وستيّن. قلت: كان دَيِّنًا خيَّرًا، صنَّف في "القناعة"، وفي "عمل يومٍ وليلة"، وغير ذلك، واختصر "سُنَنَ النَّسَائي"، وعاش بِضْعًا وثمانين سنة. 99- أحمد بن محمد بن إبراهيم3، أبو حامد النَّيْسَابُوري الواعظ المقرئ، رجل فاضل عالم. ذكره الحاكم فقال: كان يُعْطي كلَّ نوع من أنواع العلوم حقه، وكتب الحديث

_ 1 انظر تهذيب تاريخ دمشق "1/ 439". 2 انظر العبر "2/ 332"، وطبقات الشافعية "2/ 96"، وتذكرة الحفاظ "3/ 939". 3 لا بأس به.

الكثير، ولم يحدّث تَوَرُّعًا، ولزم مسجده ثلاثين سنة، وكانت شمائله تشبه شمائل السَّلَف. سمع: عبد الله بن شِيرَوَيْه، وأحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن خُزَيْمَة، والسَرّاج. وله مصنَّفات تدلّ على كماله. توفِّي في شوّال، وله ستًّ وسبعون سنة، ولم يحدّث قطّ، فقال: روى عنه الحاكم حكاية. 100- أحمد بن محمد بن أيّوب1، أبو بكر الفارسي الواعظ المفسِّر، نزيل نيسابور. كان له أتْباع ومُريدون. وعظ ببخارى، وخاف الحنفيّة من تغلُّبه عليهم. كان يحضر مجلسه نحو عشرة آلاف. كتب عنه أبو عبد الله الحاكم. 101- أحمد بن محمد بن فَرْجُون2، أبو القاسم الأندلُسي. سمع: عُبَيْد الله بن يحيى، وأيّوب بن سليمان، وطاهر بن عبد العزيز، وحدَّث، وكان ضابطًا، وفيه لين. 102- أحمد بن محمد3 بن المؤمل بن الحسن بن عيسى الماسرْجِسِيّ النَّيْسَابُوري، أبو الحسن، من بيت عِلْمٍ ورواية، وكان رجلًا صالحًا. روى عن: جدّه، وابن عَمْرو، وأحمد بن محمد الجيزي. وعنه الحاكم. 103- أحمد بن مسلم بن شُعَيب4، أبو العبّاس المَدِيني الأديب. سمع على: سعيد العسكري ومحمد بن جرير الطَّبَرِي. وعنه: ابن أبي علي، وأبو نعيم.

_ 1 انظر طبقات المفسرين للداودي "1/ 70"، وطبقات المفسرين للسيوطي "5". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 46". 3 انظر اللباب "3/ 147". 4 لا بأس به.

104- أحمد بن هلال1 بن زيد، أبو عمر الأندلسي العّطار. رحل وسمع من محمد بن الرّبيع الْجِيزي، وغيره، وكان حافظًا للشروط، مُتْقِنًا عارفًا بقَوْل مالك. 105- أحمد بن يوسف2، أبو حامد الإسكاف النيسابوري الأشقر. أحد الزهاد. سحب أبا عثمان الحِيري، ورأى ابن أبي عطاء، والجريري، وصحِب أبا عمر الدّمشقي وجماعة. وله سياحة وأحوال وكلام نافع. أُخْرِجَ في آخر عمره من بُخارى، فحَجَّ ومات بمكّة. 106- إبراهيم بن أحمد3 بن محمد بن رجاء، أبو إسحاق النَّيْسَابُوري الأَبزاري الورّاق، وأبزار من قُرَى نَيْسَابور. سمع: مسدَّد بن قُطْن، وجعفر بن أحمد الحافظ، والحَسَن بن سُفْيان، ومحمد بن محمد الباغَنْديّ، وسعيد بن عبد العزيز، وسعيد بن هاشم الطَّبَراني، وهذه الطبقة. وعنه: ابن منده، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الله الحاكم، وقال: كان ممّن سَلِم المسلمون من لسانه ويده. وطلب الحديث على كِبَر السِّنّ، ورحل فيه. وسمعت أبا عليّ الحافظ يقول له: أنت يا أبا إسحاق "بَهْز بن أسد"، يعني: لَثَبْته وإتقانه. وسمعت أبا علي يمازحه غير مرّة يقول: هذا الشيخ ما اغتسل من حلالٍ قط. فيقول: ولا من حرام يا أبا عليّ، وذلك أنّه ما تأهّل. تُوُفّي في رجب، وله ستٌّ وتسعون سنة. وحدَّث بَمْروِيَّاته على القبول. 107- إسحاق بن محمد بن إسحاق4 النَّعالي البغدادي، أبو يعقوب. سمع: أبا خليفة، والفِرْيابي، وعبد الله بن ناجية. قال الخطيب: ثنا عن البَرْقَاني، وابن أبي الفوارس، وابن دوما النعالي.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر السابق. 3 انظر الإكمال "1/ 146"، وشذرات الذهب "3/ 48"، والعب "2/ 33". 4 انظر تاريخ بغداد "6/ 400".

وقال ابن أبي الفوارس: كان ثقة مأمونًا. مات يوم النَّحْر. 108- إسحاق الأمير، أبو منصور1 ابن الإمام المتَّقي لله إبراهيم بن المقتدر جعفر العباسي. زوَّجَه أبو بابنة ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن حمدان على مهرٍ مائة ألف دينار. وتوفِّي في هذا العام في المحرَّم عن إحدى وخمسين سنة. وكان ممّن ترشَّح للخلافة. 109- إسماعيل بن أحمد بن محمد2 الخلالي التّاجر، أحد الجوَّالين في طلب العلم. سمع من: عمران بن موسى بن مُجَاشع، ومحمد بن إسحاق بن خُزَيْمة، وأبي يَعْلَى المَوْصِلي، والهَيْثم بن خَلَف، وأحمد بن عمرو البزّار. وعنه: الحاكم، وأبو الفضل الجارودي، وجماعة. وقد انتقى عليه رفيقه أبو علي النَّيْسَابُوري الحافظ. وهو جرجاني نزل نيسابور. حرف الجيم: 110- جعفر بن علي بن أحمد3 بن حمدان، أبو علي الأندلُسي صاحب المسيلة، وأمير الزّاب من أعمال إفريقية. كان شيخًا كثير العطاء، مؤثرًا للعلماء، ولابن هانيء الأندلسي فيه مدائح، ومنها: المُدْنَفان من البريّة كلّها ... جسمي وطرفُ بابليَّ أحْوَرُ والمُشْرِقَاتُ النَّيِّراتُ ثلاثة ... الشمس والقمر المنير وجعفر المسيلة مدينة من أعمال الزاب.

_ 1 انظر الوافي بالوفيات "8/ 396". 2 انظر تاريخ جرجان "151". 3 انظر وفيات الأعيان "1/ 360"، والوافي بالوفيات "11/ 116".

وكان بين جعفر وبين زيري بن مَنَاد عداوة وحُرُوب، جرت بينهما معركة هائلة، ثم قام بعده ابنه بُلُكّين، واستظهر على جعفر، فهرب منه إلى الأندلس، فقُتِلَ في هذه السنة. وأبوه علي هو الذي بنى المَسِيلَة. وزيري هو جد المعز بن باديس. حرف الحاء: 111- الحسن بن سعيد القرشي1، سمع أصحاب هشام بن عمَّار. 112- الحسن بن علي2 بن أبي السّلاسل، أبو القاسم البَجَلي. حدَّث عن: أحمد بن علي القاضي المَرْوَزي. وعنه: تمَّام، وأبو نصر المزّي، ومحمد بن عَوْف المُزَني. توفِّي في رجب. حرف السين: 113- سبكتكين الأمير3، حاجب معز الدولة بن بويه. خلع عليه الطائع وطَوَّقه وسَوَّرَه نصر الدولة، فلم تَطُلْ أيّامه. قال أبو الفرج بن الجوزي: سقط من الفرس فانكسرت ضلعه، فاستدعى ابن الصلت لمجبر فردَّه، وبقي لا يمكنه الانحناء للرّكُوع، وكان يقول للمجبّر: إذا ذكرتُ عافيتي علي يدك فرحت بك ولا أقدر على مكافأتك، وإذا ذكرت حصول رجلك فوق ظهري اشتد غيظي منك. توفِّي في أواخر المحرّم، وكانت مدّة إمارته شهرين ونصف، وخلف ألف ألف دينار وعشرة آلاف ألف دِرْهَم، وصندوقين فيهما جواهر، وستين صندوقا قماش، وفضيات وتحف، ومائة وثلاثين سرجا مذهبة، منها خمسون في كل واحد ألف دينار حلية، وستمائة سَرْج فضّة، وأربعة عشر ألف ثوب من أنواع القماش، وثلاثمائة عدل

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر السابق. 3 انظر المنتظم "6/ 76"، وتاريخ بغداد "1/ 105"، والبداية والنهاية "11/ 282".

فيها فَرْش وبُسُط، وثلاثة آلاف رأس من الدواب، وألف جمل، وثلاثمائة مملوك دارية، وأربعة وأربعين خادمًا، وكان له دار هي دار المملكة اليوم، يعني: صارت دار السلطنة، وقد غَرِم عليها أموالا لا تُحْصَى. وممّا رُوي عن المحسّن التَّنُوخيّ، عن أبيه قال: بلغت النفقة على عمل البستان -يعنى: الذي للدار- وسوق الماء إليه خمسة آلاف ألف درهم. قال: ولعله قد أنفق على أبنية الدار مثل ذلك فيما أظن. حرف العين: 114- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، أَبُو أحمد1 بن الحريص البغدادي. عن ابن صاعد، وإبراهيم بن عبد الصّمد الهاشمي. حدّث بدمشق، فروى عنه أبو نصر بن الجبّان، وابن دُوما النّعالي. أملي من حفظه في هذه السنة. 115- عبد الله بن محمد بن عثمان2 بن سعيد بن هاشم بن إسماعيل، أبو محمد الأندلسي. سمع: سعيد بن جمير، وسعيد بن عثمان الأعناقي، وطاهر بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد، وجماعة. وكان محدّثًا ضابطًا ثقة. سمعه جماعة، وتوفِّي في ربيع الآخر. 116- عبد الجبَّار بن عبد الصّمد3 بن إسماعيل، أبو هاشم السّلمي المؤدّب المقرئ. قرأ القرآن على: أبي عُبَيْدة أحمد بن ذِكْوان، وسمع محمد بن خريم، وجعفر بن أحمد بن عاصم، والقاسم بن عيسي القَصّاب، ومحمد بن المُعافَى الصَّيْداوي، وسعيد بن عبد العزيز، وأبا شيبة داود بن إبراهيم، وعلي بن أحمد بن علان، وأبا بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر، وطائفة سواهم بالشّام ومصر والحجاز.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 232". 3 انظر شذرات الذهب "3/ 48"، وسير أعلام النبلاء "16/ 52، 53".

وعنه: تمَّام الرّازي، ومكّي بن الغَمْر، وعبد الوهاب الميداني، وأبو الحسن بن جَهْضَم، وعلي بن بِشْر بن العطّار، ومحمد بن عَوْف المُزَني. ووُلد سنة ستَّ وثمانين ومائتين. قال عبد العزيز الكتّاني: توفِّي في صفر سنة أربعٍ وستّين، وجمع من المصنَّفات شيئًا كثيرًا، وكان ثقة مأمونًا، انتقى عليه أحمد بن القاسم بن الخشّاب بدمشق. 117- عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر1، أبو القاسم اليزدي القاضي الحارث ابن أبي شيخ، أبو محمد الغَنَوِي. حدّث عن: جعفر الفِرْيابي، وعلي بْن الْحُسَيْن بْن حبّان، وَمحمد بْن جرير الطْبري. وعنه: أبو بكر البَرْقَاني، ومحمد بن بكر، وبِشْر الفاني. قال ابن أبي الفوارس: كان فيه تساهل، بغدادي. 118- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن جعفر2، أبو بكر الأصبهاني الكسَائي. سمع أبا بكر بن أبي عاصم. 119- عبد الرحمن بن محمد بن إدريس3 بن كامل، أبو محمد القُهُنْدُزي، شيخ كبير. سمع: عثمان بن سعيد الدارمي، وأبا مسلم الكجّي، ويوسف القاضي. وعنه: أبو أحمد المعلّم، وأبو منصور الديباجي، وأهل هَرَاة. ذكره أبو النضر الفامي. 120- عبد السّلام بن محمد بن أبي موسى4 البغدادي، أبو القاسم المخرمي الصوفي.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر أخبار أصبهان "2/ 120". 3 لا بأس به. 4 انظر المنتظم "7/ 79"، والكامل في التاريخ "8/ 662".

سمع: أبا بكر بن أبي داود وأبا عَرُوبة الحرّاني وابن جَوْصا وأحمد بن عبد الوارث العَسّال. وعنه: علي بن سعيد البَغَوي، وابن جَهْضم، وأبو نُعَيم. ووثَّقه الخطيب، وجاور بمكّة مدّة، وكان شيخ الحرم في زمانه، رحمه الله. ممّن جمع بين علم الشريعة وعلم الحقيقة، جاور زمانًا. 121- عبد الواحد بن الحسن بن أحمد بن خَلَف الْجُنْدَيْسَابُوري1، أبو الحسين. وكان مولده سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 122- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ2، أَبُو الحَسَن المَصَّيصي. حدّث ببغداد عن: أحمد بن خُليْد الحلبي، ومحمد بن معاذ ذرّان. وعنه: البَرْقاني، ومحمد بن عمر بن بُكَيْر، وعلي بن أحمد بن داود الرّزّاز، وأبو نُعَيم. توفِّي، وكان فيه تساهل، في جُمادى الآخرة سنة أربعٍ وستّين. 123- علي بن محمد بن المُعَلَّى3، أبو الحسن الشُّونيزي4 البغدادي. سمع: أبا مسلم الكجّي، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي، ويوسف بن يعقوب القاضي. وعنه: ابن أبي الفوارس، والحسين بن شيطا، وأبو علي بن دُوما. قال الخطيب: كان ثقة صالحًا. 124- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه5، أبو القاسم التَّرْمِذي البزّار. بغدادي فيه ضعف.

_ 1 نسبة إلى مدينة خوزستان يقال لها جنديسابور. 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 324"، والعبر "2/ 334". 3 انظر تاريخ بغداد "12/ 84". 4 موضع معروف ببغداد. 5 انظر تاريخ بغداد "12/ 254".

روَى عن: جدّه لأمّه محمد بن عبد الله بن مرزوق الخلال صاحب عفّان، ويوسف بن يعقوب القاضي. وعنه: محمد بن عمر بن بُكَيْر، وبِشْر بن الفاتني، ومحمد بن دِرْهَم، وأبو نُعَيم. قال ابن أبي الفوارس: فيه نظر. حرف الفاء: 125- الفضل، أبو القاسم أمير المؤمنين المُطِيع لله بن المقتدر بن جعفر بن المعتضد العبّاسي الهاشمي. ولي الخلافة بعد المُسْتَكْفي، وأُمُه أمّ ولد اسمها مَشْغَلَة، أدركت خلافته، وبُويع في سنة أربعٍ وثلاثين، ومولده في أوّل سنة إحدى وثلاثمائة. قال ابن شاهين: وخلع نفسه غير مُكَره فيما صحَّ عندي في ذي القعدة سنة ثلاثٍ وستّين، ونزل عن الأمر لولده أبي بكر عبد الكريم، ولقّبوه "الطائع لله"، وسنّ أبي بكر يومئذ ثمان وأربعون سنة، ثم إنَّ الطائع خرج إلى واسط ومعه أبوه، فمات في المحرّم سنة أربعٍ وستيّن. أنبأنا المسلّم بن محمد، أنا أبو النّعمان الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْر الخطيب، حدّثني محمد بن يوسف القطّان، سمعت أبا الفضل التميمي، سمعت المطيع لله، سمعت شيخي ابن منيع، سَمِعْتُ أحمد بن حنبل يقول: إذا مات أصدقاء الرجل ذُلّ. 126- الفضيل بن محمد بن أبي الحسين1، أبو عصام بن الشهيد الحافظ أبي الفضل الهَرَوِي الفقيه، وإليه يُنْسَب الفَضْليّون بهَرَاة. كان فقيهًا حاذقًا. حرف القاف: 127- القاسم بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم2 بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله بن موسى بن

_ 1 لا بأس به. 2 من آل البيت، ولا رواية له.

جعفر الصادق بن محمد البقر بن زين العابدين، أبو محمد الحُسَيْني -رحمه الله تعالى. توفِّي في رمضان، وله أربع وثمانون سنة. حرف الميم: 128- محمد بن إبراهيم بن الخضر القاضي، أبو الفجر البصْري الشافعي، ويُعْرَف بابن سُكَّرَة. سمع: عَبْدان الأهوازي، وتوفِّي بمصر في ربيع الآخر، وقد ولي قضاء طبرية. 129- محمد بن إبراهيم بن أحمد1، أبو طاهر الأصبهاني المحدِّث، ابن عمّ أبي نُعَيم الحافظ. سمع بمكّة محمد بن إبراهيم بن المنذر، وببغداد ابن عيّاش القطّان. 130- محمد بن إبراهيم2 بن مقبل، أبو الفتح. حدّث عن محمد بن سعيد القُشَيْري. 131- محمد بن بدر الحمامي3 الطَّولوني، أبو بكر، أمير بلاد فارس وابن أميرها. حدّث ببغداد عن: بكر بن سَهْل الدَّمْياطي، وأبي عبد الرحمن النّسَائي. وعنه: الدَارقُطْنيّ، وبشرى الفاتني، وأبو نُعَيم. وقال أبو نُعَيم: كان ثقة. توفِّي في رجب ببغداد. وقال محمد بن العبّاس بن الفُرات: كان له مذهب في الرفض، وما كان يدري من الحديث. 132- محمد بن الحسن بن القاسم4 بن دُحَيْم الدمشقي، يُكَنَّى أبا زرعة.

_ 1 لا بأس به. 2 في عداد المجهولين. 3 انظر المنتظم "7/ 79"، وميزان الاعتدال "3/ 31"، وتاريخ بغداد "2/ 108"، وشذرات الذهب "3/ 49". 4 لا بأس به.

سمع عمّ أبيه: إبراهيم اللخْمي الحَضري، من أهل قُرُطُبة. كان زاهدًا صالحًا. سمع منه: الحبيب بن أحمد، ومحمد بن معاوية القُرَشي. 133- محمد بن يحيى بن خليل اللخمي القرطبي، المعروف بالعصفري. سمع قاسم بن أصبغ وجماعة، وكان فقيهًا مفتيًا، يشغل الناس، ويناظرون عليه. مات في صفر. 134- محمد بن سعيد اللخمي الخضري، من أهل قُرُطُبة. كان زاهدًا صالحًا. سمع من: الحبيب بن أحمد، ومحمد بن معاوية القُرَشي. 135- محمد بن عبد الله بن يعقوب1، الشيخ أبو بكر النَّيْسَابُوري. سمع: محمد بن إبراهيم الوشنجي، والحسين بن محمد العبّاني، وإبراهيم بن أبي طالب. وكان يُؤَمّ في الجامع، قاله الحاكم. وحدَّث عنه في تاريخه، وقال: مات سنة أربعٍ وستّين. 136- محمد بن عبد الله بن إبراهيم2 بن عَبْدَة، أبو الحسن التميمي السَّلِيطي النيسابوري. سمع: محمد بن إبراهيم الوشنجي، وجعفر بن أحمد التّرك، وإبراهيم بن علي الذّهلي، وخشنام بن بِشْر. وحجَّ في آخر عمره، فأكثر عنه العراقيّون. روى عنه: الحاكم، وأبو الحسن بن رزقويه. ووثَّقه الخطيب، وتوفِّي في المحرّم، وله اثنان وتسعون سنة. وسمع منه بهَمَذان: أبو بكر بن لال، وابن تركان.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر تاريخ بغداد "5/ 459"، وميزان الاعتدال "3/ 613"، وسير أعلام النبلاء "16/ 75".

137- محمد بن عبد الملك بن عديّ1 بن زيد، أبو بكر الْجُرْجاني الفقيه الشُّرُوطي. روى عن: أبيه، وأبي بكر بن أبي داود البَغَوِي، وابن صاعد. روى عنه: القاضي أبو بكر الشَّالَنْجِي، وغيره. 138- محمد بن عبد الملك الخَوْلاني2 الأندلُسي، المعروف بالنَّحْوي. كان فقيهًا مُنَاظِرًا عارفًا بالمذهب. اختصر "المُدَوَّنَة". 139- محمد بن محمد بن جعفر3 الْجُرْجَاني الشَّيْبَاني السّرّاج، أبو الحسن. روى عن عِمران بن مَجَاشع. وعنه: أبو سعيد الماليني. 140- مُطَهَّر بن سليمان4، أبو بكر بن أبي نواس الأنّباري الفَرَضيّ العَدْل. عن: أبيه، وعبد الله بن ناجية، والباغَنْدي، والفِرْيَابي، وجماعة. وعنه: النقّاش، وأبو نُعَيم. توفِّي في ربيع الآخر، وقد رماه الدَارقُطْنيّ بالكذِب، قال: سمعته يقول: حملني أبي إلى الفِرْيابي سنة أربع وثلاثمائة. والفريابي مات سنة إحدى وثلاثمائة. حرف الهاء: 141- هارون بن أحمد بن هارون بن بُنْدار بن الحريش، أبو سهل الإسْتِراباذي5. سمع: أبا خليفة، وإسحاق بن أحمد الخُزَاعي، وأبا عمران الجوني، وجماعة. وحدَّث بسمرقند ونيسابور.

_ 1 انظر تاريخ جرجان "415". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 75". 3 في عداد المجهولين. 4 متَّهم بالكذب، كما قال الدارقطني. 5 نسبة إلى بلدة من بلاد مازندران بين سارية وجرجان، انظر اللباب "1/ 51".

قال الحاكم: صحيح الأُصُول. روى عنه: هو، وأبو سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي، وقال: توفِّي ببخارى في رمضان، وكان شَرِهًا، حدَّث من غير أصل. وفيَّات خمس وستين وثلاثمائة: حرف الألف: 142- أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن أبي توبة، أبو الحسن الفَسَوي1 الزّاهد. كان أوحد عصره في التَّصَوُّف وفي الحديث ببلده، وكانت الرّحلة إليه. روى عن: علي بن سعيد الرّازي، وأحمد بن إبراهيم الرَّبَضِي، وعلي بن سميع الفارسي، وطائفة من أهل العراق والرّيّ. توفِّي في ذي الحجّة، وكان وِرْدُه فيما قال ابن السمعاني في " الأنساب: في اليوم والليلة ألف ركعة، رحمه الله. 143- أحمد بن جعفر بن محمد2 بن سَلْم، أبو بكر الخُتُّليّ، أخو محمد وعمر، وهو الأصغر. سمع: أبا مسلم الكجّي، وعبد الله بن أحمد، وإدريس بن عبد الكريم المقرئ، وأحمد بن علي الأبّار. قال الخطيب: وكان صالحًا ثقة ثبْتًا، كتب عنه الدَارقُطْنيّ، وثنا عنه أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البَرُقَاني، وكتب من القراءات والتفاسير أمرًا عظيمًا. ووُلِدَ سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين. قال أحمد بن جعفر بن سَلْم الفِرْسَاني الأصبهاني: شيخ من طبقة الخُتَّلي، سمع أحمد بن عمرو البزّار. روى عنه: أبو سعيد النقاش، وقال: توفِّي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة.

_ 1 نسبة إلى مدينة فسا من بلاد فارس، انظر اللباب "2/ 432". 2 انظر تاريخ بغداد "4/ 71"، والمنتظم "7/ 81"، وسير أعلام النبلاء "16/ 82".

144- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عُمَر، أبو العبّاس النَّيْسَابُوري المُذكّر1. سمع أباه، وإبراهيم بن علي الذُّهْلي. وعنه: الحاكم. تُوُفّي في ربيع الآخر. من أبناء الثمانين. 145- أحمد بن موسى بن الحسين2 بن علي، أبو بكر بن السّمْسار الدمشقي. سمع: محمد بن خُرَيم، وأبا الْجَهْم بن طِلاب، ومَكْحُول البَيْروُتي، وابن جَوْصَا بإفادة أخيه أبي العبّاس. وعنه: عبد الوهاب الميداني، وعلي بن الغَمْر، وأخوه أبو الحسين علي بن السّمسار، ومحمد بن عوف المُزني، وغيرهم. 146- أحمد بن نصر بن دينار الأصبهاني3. عن: أبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم. ورَّخه عبد الرحمن بن مَنْدَه. 147- أحمد بن نصر بن عبد الله4 بن الفتح، أبو بكر البغدادي الذَّرّاع. حدَّث بالنّهْرَوَان وغيرها عن الحارث بن أبي أسامة، وإسماعيل القاضي، وجدِّه لأمّه صَدَقَة بن موسى بن تميم، وثعلب. وعنه: ابن دُوما. قال الخطيب: في حديثه نكرة يدلّ على أنّه ليس بثقة. وسمع منه ابن دُوما في هذه السنة، ولم يؤرِّخ موته فيما أعلم، وهو مُتَّهم، يأتي بالطامات، فليحذر منه.

_ 1 نسبة إلى من يذكر الناس ويعظهم. 2 انظر تهذيب تاريخ دمشق "2/ 100". 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ بغداد "5/ 184"، والعبر "2/ 335، 336".

148- إبراهيم بن عبد الله بن عُبَيْد البغدادي الثّلاج1. عن: محمد بن محمد بن سليمان الباغَنْدي. وعنه: أبو نصر بن الْجَبَّان، وابن أخيه أبو القاسم عبد الله بن الثلَّاج. 149- إسماعيل بن نُجَيْد بن أحمد2 بن يوسف بن خالد، أبو عمرو السَّلَمي النَّيْسَابُوري الصُّوفي الزّاهد، شيخُ عصْرِه في الصّوفيّة والمعاملة، ومُسْنَدُ مِصْره. قال الحاكم: وَرِثَ من آبائه أموالًا كثيرة، فأنفق سائرها على الزهَّاد والعلماء. سمع: أبا عثمان الحِيري والْجُنَيْد. وسمع: إبراهيم بن أبي طالب، ومحمد بن إبراهيم البوسَنْجي، وأبا مسلم الكجّي، وعبد الله بن أحمد، ومحمد بن أيّوب الرّازي، وعلي بن الحسين بن الْجُنَيْد، وجماعة. وعنه: سبْطه أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو نصر أحمد بن عبد الرحمن الصّفّار، وعبد الرحمن بن علي بن حمدان، وعبد القاهر بن طاهر الفقيه، وأبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قَتَادَة، وأبو العلاء صاعد بن محمد القاضي، وأبو نصر بن عبدش، وطائفة، آخرهم أبو حفص عمر بن مسرور. ومن مناقبه أنَّ شيخه أبا عثمان طلب شيئًا لبعض الثّغُور، فتأخَّر ذلك، فضاق صدره، وبكى على رءوس النّاس، فجاءه أبو عمرو بن نُجَيْد بأَلْفَيْ دِرْهَم، فدعا له، ثم قال لمَّا جلس: أيُها الناس، إنّي قد رَجَوْتُ لأبي عمرو الجنَّة بما فعل، فإنّه ناب عن الجماعة وحمل كذا، فقام ابن نُجَيْد على رءوس النّاس وقال: إنّما حملت ذلك من مال أُمّي وهي كارهة، فينبغي أن يُرَدَّ عليّ لأَرُدّه عليها، فأمر أبو عثمان الحِيري بالكيس، فرُدَّ إليه، فلمَّا جنَّ عليه الليل جاء بالكيس، وطلب من أبي عثمان سَتْرَ ذلك، فبكى أبو عثمان، وكان بعد ذلك يقول: أنا أخشى من همّة أبي عَمْرو. وقال السُّلَمي: جدِّي له طريقة ينفرد بها من صَوْن الحال وتلبيسه، وسمعته يقول: كلّ حال لا يكون عن نتيجة عِلْمٍ فإنّ ضَرَرَه على صاحبه أكبر من نَفْعه. وسمعته يقول: لا تَصْفُو لأحدٍ قَدَمٌ في العُبُوديّة حتى تكون أفعالهُ عنده كلّها رِياءً، وأحواله كلّها عنده دعاوى3.

_ 1 انظر اللباب "1/ 246". 2 انظر المنتظم "7/ 84"، وسير أعلام النبلاء "16/ 146"، والبداية والنهاية "11/ 288". 3 نسأل الله السلامة، بيد أن ليس على الدوام حتى لا يقنط العبد، ولكن بين الخوف والرجاء.

وقال جدّي: من قدر على إسقاط جاهه عند الخَلْق سهل الإعراض عن الدّنيا وأهلها. وسمعت أبا عمرو بن مطر، سمعت أبا عثمان الحِيري يقول - وخرج من عند ابن نجيد: يلومني النّاس في هذا الفتى وأنا لا أعرف على طريقته سواه. ورُبّما كان أبو عثمان يقول: أبو عمرو خَلَفِي من بعدي. قال لي ابن أبي زرقاء: قال فلان: جدّك من أوتاد الأرض. توفِّي ابن نُجَيْد في ربيع الأوّل عن ثلاثٍ وتسعين سنة، وقد سمعنا خبره بالإجازة العالية. حرف الحاء: 150- الحسن بن منير1، أبو علي التَّنُوخي الدّمشقي. سمع: عُبَيْد الله بن محمد بن سالم المقدسي، ومحمد بن خُرَيْم، وهذه الطبقة. وعنه: محمد بن عَوْف المُزَني، ومحمد بن عبد السّلام بن سعدان. توفِّي في ربيع الأول. قال الكتاني: كان ثقةً نبيلًا. 151- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد2 بْن الْحُسَيْن بن عيسى بن ماسَرْجِس ابن علي الماسَرْجِسي النَّيْسَابُوري الحافظ. كان كثير السّماع والرّحلة. سمع: جدّه أحمد بن محمد سِبْط ابن ماسَرْجس، وإليه نسبه. وابن خُزَيْمة، وأبا العبّاس السّرّاج، وسمع بمصر والشام، ورحل في حدود الثلاثين وثلاثمائة. قال الحاكم: هو سفينة عصره في كثرة الكتابة، ورحل إلى العراق سنة إحدى وعشرين، وأكثر المقام بمصر، وكتب عن أصحاب المُزَني، وأخذ بدمشق عن أصحاب هشام بن عمّار، وما صُنّف في الإسلام أكبر من مُسْنَدِه، فصنّف "المُسْنَدَ الكبير" مُهَذَّبًا معللًا في ألف وثلاثمائة جزء.

_ 1 انظر تهذيب ابن عساكر "4/ 254". 2 انظر المنتظم "7/ 81"، وتذكرة الحافظ "2/ 955، 956"، والعبر "2/ 336".

جمع حديث الزُّهْري جَمْعًا لم يسبقه إليه أحدٌ، وكان يحفظه مثل الماء، وصنَّف الأبواب والشيوخ والمَغَازي والقبائل، وصنَّف على البُخَاري كتابًا، وأدركَتُه المَنِيّة قبل إنجاحه إلى إسناده، ودُفِن عِلْمٌ كبير بدفنه، وسمعته يقول: سمعت أبي يقول: سمعت مسلم بن الحَجّاج يقول: صنَّفت هذا المسند -يعني صحيحه- من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة. قال الحاكم: في موضع آخر: صنَّف حديث الزهري. قرأه على محمد بن يحيى الذُّهْلي، وعلى التخمين يكون مُسْنَدُه بخطوط الورَّاقين في أكثر من ثلاثة آلاف جُزْء، إلى أن قال: تُوُفّي في رجب وله ثمان وستّون سنة. 152- الحَكَمُ بن عبد الرحمن بن محمد1، المستنصر بالله الأمَوي صاحب الأندلس. توفِّي في المحرّم يوم عاشوراء سنة خمس وستين بالفالج، مُنْصَرِفًا من بلاد إفْرنْجَة. وقيل: توفِّي سنة ستَّ، كما سيأتي. حرف السين: 153- سعيد بن محمد بن عثمان2. سمع ابن أبي شيبة، والفِرْيابي. وعنه: ابن أبي الفوارس، والبرقاني، وأبن نعيم، ووثقاه. يكنَّى أبو إسحاق. توفِّي فِي جُمَادَى الأولى. حرف الْعَيْنِ: 154- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إسحاق3 بن موسى بن مِهْران الأصبهاني، أبو محمد، سِبْط الزّاهد محمد بن يوسف البنّا، ومِهران مولى عبد الله بن معاوية بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الجعفري.

_ 1 الكامل "8/ 677"، وسير أعلام النبلاء "16/ 230، 231". 2 أحد الثقات. 3 انظر العبر "2/ 337"، وسير أعلام النبلاء "16/ 281".

رحل وسمع: أبا خليفة، وعبد الله بن ناجية، وإسحاق الخُزاعي المكي، ومحمد بن يحيى بن منده، وإبراهيم بن متويه الإمام، وعَبْدان بن أحمد الأهوازي، وجماعة كثيرة. وعنه: ابنه أبو نعيم، وأبو بكر بن علي الذكواني، وغيرهما. وتُوُفّي في رجب. وكان مولده في سنة إحدى وثمانين ومائتين. أُنْبِئْتُ عن ابن مسعود ابن أبي منصور، أنا الحدّاد، أنا أبو نُعَيم، أنا أبي، ثنا أبو خليفة سنة ثلاثمائة، ثنا أبو الوليد، فذكر حديثًا. 155- عبد الله بن عديّ بن عبد الله1 بن محمد بن مُبَارك، أبو أحمد الْجُرْجاني الحافظ، ويُعرف بابن القطّان. رحل إلى الشّام ومصر رحلتين، أولاهما سنة سبْعٍ وتسعين، فسمع من الكبار، عبد الرحمن بن القاسم الرّوّاس، وأبا عقيل أنس بن السُّلْم، وأبا خليفة، والحسن بن سفيان، وبهلول بن إسحاق الأنباري، ومحمد بن سليمان بن أبي سُوَيْد، وعمران بن موسى بن مُجَاشع، وأبا عبد الرحمن النّسَائي، ومحمد بن يحيى المَرُوزي، وعبدان، وأبا يَعْلَى، والحسن بن محمد المدني صاحب يحيى بن بكير، والحسن بن الفرج الغَزّي، وأبا عَرُوبَة، وزكريّا السّاجي، وأحمد بن يحيى التُّسْتَريّ، والباغَنْدِي، وأبا يعقوب المَنْجَنيقي، وجعفر بن محمد بن اللّيث صاحب أبي الوليد، وعلي بن العبّاس البَجَلي، وأحمد بن الحسن الصُّوفي، وأحمد بن بِشْر الصُّوري، وأممًا سواهم. وعنه: أبو العبّاس بن عُقْدَةَ، وهو من شيوخه، وأبو سعد الماليني، والحسن بن رامين، ومحمد بن عبد الله بن عبدكويه، وحمزة بن يوسف السَّهْمي، وأبو الحسين ابن العالي، وآخرون. وكان مصنَّفًا حافظًا، له كتاب "الكامل في معرفة الضعفاء" في غاية الحُسْن، ذكر فيه كلَّ من تكلمَ فيه، ولو كان من رجال الصَّحيح، وذكر في كل ترجمة حديثًا، فأكثر من غرائب ذلك الرجل ومناكيره، ويتكلّم على الرّجال بكلام منصف. قال الحافظ ابن عساكر: كان ثقةً على لَحْنٍ فيه. ولد سنة سَبْعٍ وسبعين ومائتين، وكتب الحديث ببلده سنة تسعين، وصنّف "الكامل في الضعفاء" نحو ستين جزءًا.

_ 1 انظر الكامل في التاريخ "8/ 668"، وسير أعلام النبلاء "16/ 154، 156".

قال حمزة السَّهْمي: سألت الدَارقُطْنيّ أنْ يصنِّف كتابًا في الضعفاء فقال: أليس عندك كتاب ابن عَدِي؟ قلت: نعم. قال: فيه كفاية لا يُزاد عليه. وقد صنَّف ابن عَدِي على مختصر المُزْني كتابًا سمّاه "الانتصار". قال حمزة السَّهَمي: كان حافظًا مُتْقِنًا، لم يكن في زمانه مثله، تفرَّد بأحاديث وهب منها لابنيه: عَدِيّ، وأبي زُرْعَة، وتفرَّدَا بها. وقال أبو الوليد السّاجي: ابن عَدِيّ حافظ لا بأس به. قال حمزة: تُوُفّي في جُمادى الآخرة، وصلّى عليه أبو بكر الإسماعيلي. قلت: كان لا يعرف العربية، مع عُجْمَه فيه، وأمّا في العِلَل والرّجال فحافظٌ لا يُجَارَى. 156- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ1 بن النّاصح بن شُجاع، أبو أحمد، المفسّر الفقيه الشّافعي الدمشقي، نزيل مصر. سمع: أحمد بن علي بن سعيد المَرْوَزي، وعبد الرحمن بن القاسم بن الرّوّاس، وعلي بن غالب السّكْسكي، ومحمد بن إسحاق بن راهَوَيْه، وعبد الله بن محمد بن علي البلْخيّ الحافظ، وجُنَيْد بن خَلَف السَّمرْقَنْدِي، لقي هؤلاء الثلاثة في الحجّ. وانتقى: عليه أبو الحسن الدَارقُطْنيّ، وحدَّث عنه الحفّاظ: عبد الغني، وابن مَنْدَه، وأحمد بن محمد بن أبي العوّام، وأبو النّعمان تراب، وإسماعيل بن عبد الرحمن النَحّاس، وإبراهيم بن علي الغازي، وعلي بن محمد بن علي الفارسي، وآخرون. وتُوُفّي في رجب. 157- عبد الرحمن بن جعفر بن محمد2 بن داود. أبو سعيد المصري الورَّاق البرذعي. توفي في رمضان.

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 282، 283"، والعبر "2/ 338"، وشذرات الذهب "3/ 51". 2 لا بأس به.

158- عبد العزيز بن محمد بن حسن بن محمد بن أحمد بن خلاد، أبو محمد التميمي الْجَوْهَري الضّرير، قاضي الصعيد، ويعرف بابن بنت نعيم. يروي عنه: محمد بن زبّان، وأبي جعفر الطّحاوي. وعنه: يحيى بن الطّحّان، وغيره. 159- عثمان بن محمد بن عثمان1 بن محمد بن عبد الملك، أبو عمرو العثماني. روى عن جماعة. أكثر عنه أبو نُعَيم الحافظ في تواليفه، وهو ليس صاحب حديث، لكنّه راوية للموضوعات والعجائب. روى بدمشق وأصبهان، عن: محمد بن الحسين بن مَكْرَم، ومحمد بن عبد السلام، وخَيْثَمة بن سُلَيْمان، وأبي الحُسين الرّازي، ومحمد بن أحمد بن إسحاق، وخلق. وعنه: أبو نُعَيم، وتمّام الرّازي، وأبو بكر بن مَرْدَوَيْه، وأبو بكر بن علي الذّكواني، وآخرون. 160- عصام بن محمد بن أحمد2، أبو عاصم القَطْري، الذي روى عن سلم ابن عصام، ومحمد بن عمر بن حفص الجوزجيري. وعنه: أبو نُعَيم. القَطْري بفتح القاف. 161- علي بن الحسين بن إبراهيم3 بن سعد، أبو طالب الحمصي، بالرَّمْلة. 162- علي بن الحسين بن عبد الرحمن القالني، أبو الحسن البخاري، المعروف بالسَّدِيوَري4، من كبار أصحاب أبي الحسن الكرخي.

_ 1 انظر حلية الأولياء "2/ 196". 2 في عداد المجهولين. 3 لا بأس به. 4 نسبة إلى سديور وهي إحدى قرى مرو. انظر اللباب "2/ 110".

وُلّي قضاء مَرْوَ، وحدَّث عن: عبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن نجدة. حدَّث عنه الحاكم، وأرَّخ عنه فيها. 163- علي بن عبد الله بن وَصِيف1، أبو الحسن النّاشئ، شاعر مُحْسِن. أخذ عِلْم الكلام عن أبي سهل إسماعيل بن علي بن نُوبَخْت النّاشئ، وأملى ديوان شعره بالكوفه سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وكان المتنبي يحضر الإملاء وهو شابّ، وقصد النّاشئ سيفَ الدَّولة وامتدحه بحلب، فأجازه، وعُمِّر وبقي إلى هذه السنة. وله: كأنّ سِنان ذابِلِهِ ضميرٌ ... فليس عن القُلُوب له ذَهَابُ وصَارِمُهُ كَبَيْعَتِهِ بخُمٍّ ... معاقدها من الخَلْقِ الرَّقاب 164- علي بن عبد الله بن العبّاس الجوهري، أبو محمد. سمع: الفِرْيابي، وعبد الله بن ناجية، والباغَنْدِي. وعنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، ومحمد بن علان. وعاش نيّفًا وسبعين سنة. قال ابن أبي الفوارس: كان فيه تَسَاهُلٌ شديد. 165- علي بن هارون2، أبو الحسن الحربي السَّمْسار. سمع: موسى بن هارون، ومحمد بن يحيى المروزي، ويوسف القاضي. وعنه: أبو بكر البَرْقَاني، وأبو نُعَيم. حرف الميم: 166- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الله الرّازي الصُّوفي المقرئ. صحب يوسف بن الحسين الزّاهد، والمشايخ الكبار، وكان من أعيان المشايخ. أنفق أمواله على الفقراء. وله حكايات.

_ 1 انظر لسان الميزان "4/ 238"، وفيات الأعيان "3/ 369". 2 انظر تاريخ بغداد "12/ 120".

167- محمد بن أحمد بن محمد1 بن يزيد العْدل، أبو بكر الأصبهاني ثم النَّيْسَابُوري. سمع: عبد الله بن شيرَوَيْه، وجعفر الحافظ. وعنه: الحاكم. 168- محمد بن إبراهيم بن موسى2، أبو غانم السهمي الصائغ. يروي عن: أبو نعيم الحافظ نُعَيم الإسَتِراباذي، وغيره. وعنه: أبو سعيد الماليني. 169- محمد بن إبراهيم3 بن حسن بن موسى النَّيْسَابُوري، أبو العبّاس المناشكي المَحَامِلِيّ. سمع: محمد بن عمرو الحَرَشِي، والمُسَيّب بن زُهَيْر، وطبقتهما. مات في رمضان عن أربعٍ وتسعين سنة. وعنه: الحاكم. 170- محمد بن طاهر، أبو نصر الوزيري4 المفسّر الأديب. سمع: عبد الله بن الشّرفي، وأبا حامد بن بلال. وعنه: أبو عبد الله الحاكم. تُوُفّي بهَراة، وكان من أئمّة الشافعية. 171- محمد بن علي بن إسماعيل5، الإمام أبو بكر الشّاشي الفقيه الشافعي، المعروف بالقَفَّال الكبير. كان إمام عصره بما وراء النهر، وكان فقيهًا محدّثًا أُصُوليًّا لُغَوِيًّا شاعرًا، لم يكن للشافعيّة بما وراء النهر مثله في وقته.

_ 1 لا بأس به. 2 في عداد المجهولين. 3 انظر اللباب "3/ 258"، والأنساب "11/ 484". 4 انظر طبقات الشافعية الكبرى "3/ 175"، وميزان الاعتدال "3/ 586". 5 انظر طبقات الشافعية الكبرى "3/ 200"، وسير أعلام النبلاء "16/ 283"، والعبر "2/ 338".

ودخل إلى خُراسان وإلى العراق والشّام، وسار ذِكْرُه، واشتهر اسمه، وصنَّف في الأُصُول والفروع. قال الحاكم: كان أَعْلَمَ ما وراء النّهر -يعني في عصره - بالأصول، وأكْثَرَهُمْ رِحلةً في طلب الحديث. سمع: إمام الأئمّة ابن خُزَيْمة، ومحمد بن جرير الطَّبَري، وعبد الله المدائني، ومحمد بن محمد الباغَنْدِي، وأبا القاسم البَغَوِي، وأبا عَرُوبة الحَرّاني، وطبقتهم. وقد قال الشيخ أبو إسحاق في الطبقات: إنّه توفِّي سنة ستًّ وثلاثين وثلاثمائة، وهذا وَهْمٌ، ولعلّه تصحَّف عليه ثلاثين بلفظة ستّين، فإنّ أبا عبد الله ذكر وفاته في آخر سنة خمسٍ وستّين بالشاش. وكذا ورَّخه أبو سعد السَّمْعَاني، وزاد أنّه وُلِد سنة إحدى وتسعين ومائتين. وقال الشيخ أبو إسحاق: إنّه درس على أبي العبّاس بن شُرَيْح. قلت: ولم يدركه، فإنّه رحل من الشاش سنة تسع وثلاثمائة، وأبو العباس فقد ذكرنا وفاته سنة ستًّ وثلاثمائة. قال أبو إسحاق: له مصنّفات كثيرة، ليس لأحدٍ مثلها، وهو أوّل من صنَّف الْجَدَل الحَسَنَ من الفقهاء، وله كتاب في أُصُول الفقه، وله شرح الرّسالة، وعنه انتشر فقه الشّافعيّ فيما وراء النَّهر. قلت: ومن غرائب وجوه القفَّال هذا ما ذكره في "الروضة" أبو زكريّا: إنَّ المريض يجوز له الجمع بين الصلاتين بعُذْر المرض، ومن ذلك أنَّه يستحبّ أنَّ الكبير يعُقّ عن نفسه، وقد قال لا يُعَقّ عن كبير. وممن روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وابن مَنْدَه، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الله الحليمي، وأبو نصر عمر بن قتادة، وغيرهم. وابنه القاسم هو مصنّف "التّقريب"، نقل عنه صاحب "النّهاية" وصاحب "الوسيط". وقال ابن السّمعاني في أبي بكر القفَّال: إنّه صنَّف كتاب "دلائل النُّبُوَّة"، وكتاب "محاسن الشّريعة".

قال أبو زكريّا النّواوي: إذا ذُكر القفَّال الشّاشي فالمُرَاد هو، وإذا ورد القَفّال المَرُوزي، فهو القفال الصغير الذي كان بعد الأربعمائة. قال: ثم إنَّ الشّاشي يتكرَّر ذِكْرُهُ في التّفسير والحديث والأصول والكلام، وأمَّا المَرْوَزي فيتكرَّر ذِكْره في الفِقْهِيّات. وقال أبو عبد الله الحليمي: كان شيخنا القفَّال أعْلَمَ مَن لَقيتُهُ من علماء عصره. فقال البَيْهَقيّ في "شُعَب الإيمان": أنشدنا ابن قَتَادة، أنشدنا أبو بكر القَفَّال: أَوَسَّع رَحْلي على مَن نَزَل ... وزادي مباح على من أكل نقدِّم حاضر ماعندنا ... وإنْ لمَ يكن غير خُبْزٍ وخَلّ فأمّا الكريم فيرضى بِهِ ... وأمّا اللّئيمُ فمن لم أَبَلْ قال أبو الحسن الصّفّار: سمعت أبا سهل الصعلوكي، وسئل عن تفسير أبي بكر، فقال: قدَّسه من وجهٍ ودنَّسه من وجه. ودنَّسه من وجه أي: دنسه من جهة مذهب الاعتزال. 172- مُطَهّر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي1 بْن أحمد بن مجاهد، أبو عمر الحَنْظَلي، شيخ أصبهانيّ. سمع: محمد بن العبّاس الأخرم، ومحمد بن يحيى بن مَنْدَه، ونوح بن منصور. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم الحافظ، وقال: تُوُفّي في رجب. 173- مَعَدّ المُعِزّ لدين الله2، أبو تميم. ابن المنصور إسماعيل القائم بن المهدي العُبَيْدي، صاحب المغرب، والذي بُنِيَتْ له القاهرة المعزّيَّة، وهو أول من تملّك ديار مصر من بني عُبَيْد الرّافضة المدَّعين أنّهم عَلَويّون. وكان ولي عهد أبيه، فاستقلَّ بالأمر في آخر سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وسار في نواحي إفريقية يمهّد مملكته، فذلَّلَ العصاة، واستعمل غلمانه على المدن،

_ 1 انظر أخبار أصبهان "2/ 324". 2 انظر المنتظم "7/ 82"، والكامل في التاريخ "8/ 663"، وسير أعلام النبلاء "15/ 159".

واستخدم الْجُنْدَ، ثم جهزّ مولاه جوهر القائد في جيش كثيف، فسار فافتتح سِجِلْمَاسَة، وسار حتى وصل إلى البحر المحيط، وصِيدَ من سمكه، وافتتح مدينة فاس، وأرسل بصاحبها وبصاحب سَبْتَة أسيرين إلى المُعّز. ووطَّدَ له من إفريقية إلى البحر، سوى مدينة سبّتة، فإنّها بقيت لبني أميّة أصحاب الأندلس. وذكر هذا القفْطي أنَّ المُعِزّ عزم على تجهيز عسكر إلى مصر، فسألته أمّه تأخير ذلك لتحجَّ خفية، فأجابها، وحجَّت، فلمَّا حصلت بمصر، أحسَّ بها الأستاذ كافور الإخشيدي، فحضر وخدمها وحمل إليها هدايا، وبعث في خدمتها أجنادًا، فلمَّا رجعت من حجّها منعت ولدها من غزو بلاده، فلمَّا تُوُفّي كافور بعث المُعِزّ جيوشه، فأخذوا مصر. قال غيره: ولمَّا بلغ المُعِزّ موت كافور صاحب ديار مصر، جهّز جَوْهَر المذكور إليها، فجبي جوهر القطائع التي على البربر، فكانت خمسمائة ألف دينار، وسار المُعِزّ بنفسه إلى المهديّة في الشتاء، فأخرج من قصور آبائه من الأموال خمسمائة حِمْل، ثم سار جوهر في الجيوش إلى مصر في أوّل سنة ثمانٍ وخمسين، وأنفق الأموال. وكان في أُهْبَةٍ هائلة، وصادف بمصر الغلاء والوباء، فافتتحها، وافتتح الحجاز والشام، ثم أرسل يعرِّف المُعِزّ بانتظام الحال، فاستخلف على إفريقية بُلُكّين بن زيري الصَّنْهاجي، وسار في خزانته وجيوشه في سنة إحدى وستّين. ودخل الإسكندريّة في شعبان سنة اثنتين وستّين، فتلقّاه قاضي مصر أبو الطّاهر الذُهْلي والأعيان، فطال حديثه معه، وأعلمهم بأنّ قَصْدَه القصد المبارك من إقامة الجهاد والحق، وأنْ يختم عمره بالأعمال الصالحة، وأن يعمل بما أمره به جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووعظهم وطوَّل حتى بكى بعضهم، ثم خلع على جماعة، ثم سار فنزل بالجيزة، فأخذه جيشه في التَّعْدِية إلى مصر، ثم دخل القاهرة، وقد بُنيت له بها دُور الإمرة. ولم يدخل مصر، وكانوا قد احتفلوا وزيّنوا مصر، فلمَّا دخل القصر خرَّ ساجدًا وصلّى ركعتين. وكان عاقلًا حازمًا أديبًا سريًا جوادًا مُمَدّحًا، فيه عدل وإنصاف، فمن ذلك، قيل: إنّ زوجة الإخشيد لمَّا زالت دولتهم أودعت عند يهودي بغلطان كلّه جوهر، ثم فيما بعد طالبته، فأنكر، فقالت: خُذْ كُمَّ البغلطان، فأبي، فلم تزل حتى قالت: هات

الكُمَّ وخُذِ الجميع، فلم يفعل. وكان فيه بضع عشرة درّة، فأتت قصر المُعِزّ فإذِن لها، فأخبرته بأمرها، فأحضره وقرَّره، فلم يقرّ، فبعث إلى داره من خرب حيطانها، فظهرت جرة فيها البغلطان، فلمَّا رآه المعز تحيِّر من حُسْنه، ووجد اليهوديّ قد أخذ من صدره دُرّتين، فاعترف أنّه باعهما بألف وستمّائة دينار، فسلّمه بكماله، فاجتهدت أن يأخذه هديّة أو بثمن، فلم يفعل، فقالت: يا مولانا، هذا كان يصلح لي وأنا صاحبة مصر، فأمَّا اليوم فلا، ثم أخذته وانصرفت. وجاء أنَّ المنجّمين أخبروه أنّ عليه قطْعًا، وأشاروا عليه أن يتّخذ سردابًا ويتوارى فيه سنة، ففعل، فلمَّا طالت غيبته ظنَّ جُنْدُهُ المغاربة أنَّه قد رُفِع، فكان الفارس منهم إذا رأى الغمام ترجّل ويقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين. ثم خرج بعد السنة، وتوفِّي بعد ذلك بيسير. وكان قد قرأ فنونًا من العلم والأدب، والله أعلم بسريرته. قيل: أنّه أحضر إليه بمصر كتاب فيه شهادة جدّه عُبَيْد الله بسَلَمِيّة، وكتب: "شهد عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الباهلي". وفي الكتاب شهادة جماعة من أهل سَلَمِيَّةَ وحمص، فقال: نعم هذه شهادة جدنا، وأراد بقوله: الباهلي أنّه من أهل المُبَاهَلَة لا أنّه من باهِلَة. وكان المُعِز أيضًا ينظر في النجوم. وقيل: إنَّه قال هذين البيتين: أَطْلَعَ الحُسْنُ من جبينك شَمْسًا ... فوق ورْدٍ من وجنتيك أطلَّا وكأنَّ الجمال خاف على الور ... د ذُبُولًا فمدَّ بالشَّعْرٍ ظلًا وله فيما قيل: لله ما صَنَعَتْ بنا ... تلك المحاجِرُ في المعاجر أمضى وأقضى في النفو ... س من الخناجر في الخناجر ولقد تعبت ببينكم ... تعب المهجر في الهواجِرُ توفِّي فِي ربيع الآخر سنة خمسٍ وستّين، وله ستّ وأربعون سنة، وكان مولده بالمهدية.

174- منصور بن عبد الملك بن نوح1 بن نصر بن أحمد بن إسماعيل، أبو صالح الأمير السَّاماني، أمير بُخَارَى وسَمَرْقَنْد، وأبن أمرائها السّامانيّة. توفِّي في شوّال، وتملَّك بغداد بعده ولده أبو القاسم نوح إحدى وعشرين سنة. حرف الياء: 175- يوسف بن يعقوب النجيرمي. حدث في هذا العام. وفيَّات ست وستين وثلاثمائة: 176- أحمد بن جعفر2، أبو الفرج النّسَائي. حدَّث ببغداد عن: يوسف القاضين وجعفر الفريابي. وعنه: البرقاني، وأبو نعيم. قال محمد بن العبّاس بن الفُرات: ليس بثقة. 177- أحمد بن الصقر3، أبو الحسن المنبجي المقرئ. قرأ عَلَى أَبِي طاهر بْن أَبِي هاشم، وأبي عيسى بكَّار بن أحمد، وأبي مقسم. صنَّف كتاب "الحُجَّة في القراءات السّبْع". روى عنه: عَبْدان بن عمر الْمَنْبِجِي، وعلي بن مَعْيُوف العين ثَرْمَائي. 178- أحمد بن محمد4 بن فرج الْجَيَّاني. روى عن قاسم بن أصْبَغ، وغيره. وجمع في اللغة والشَّعْر. ألَّف كتاب "الحدائق"، عارض به كتاب " الزَّهْرة " لابن داود الطاهري. سُجِنَ سنوات من قِبَل الدّولة لسِعَايةٍ لَحِقَتْه حتى مات.

_ 1 انظر الكامل في التاريخ "8/ 673"، والبداية والنهاية "11/ 285". 2 انظر ميزان الاعتدال "1/ 87"، ولسان الميزان "1/ 144". 3 معرفة القراء الكبار "1/ 270"، وغاية النهاية"1/ 63". 4 انظر جذوة المقتبس "104"، وبغية الملتمس "151".

179- أحمد بن عبد الرحمن بن القاسم1 بن عبد الرحمن بن صالح بن عبد الغفّار بن داود الحَرَّاني ثمّ المصري، أبو صالح. توفِّي فِي شَعْبان. 180- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد2 بن بُندار، أبو بكر الإسْتِراباذي، نزيل سمرقند، شيخ صالح وَرِعٌ، كثير المعروف. رحل وسمع: عبد الله بن زيدان، ومحمد الخَثْعَمي، وأبا العبّاس السّرّاج، ومحمد بن محمد الباغَنْدي. وعنه: أبو سعد عبد الرحمن الإدريسي. 181- أحمد بن محمد بن جمعة3 بن السَّكَن، أبو الفوارس النَّسَفِي. سمع: محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي، وإبراهيم بن معقل النّسَفي، وزكريّا بن حسين. وعنه: خَلَفُ بن أحمد الأمير، والحسن بن أبي الحَجَّاج، وغيرهما. توفِّي أوّل السنة، وكان مُسْنَد وقته بنَسف. 182- أحمد بن محمد بن حمدون4 بن بُندار، أبو الفضل الشَّرْمَقَاني، الفقيه الأديب الحافظ. وشرمقان: بليدة من ناحية نَسَا. رحل وسمع: الحسن بن سفيان، ومسدّد بن قَطَن النَّيْسَابُوري، وأبا القاسم البَغَوِي، وأبا عَرُوبة، وابن جَوْصَا، وطائفة سواهم. وعنه: الحاكم، وأبو سعد الماليني. عندي مجلّد من حديثه. قَرَأْتُ عَلَى محمد بْنِ أَبِي الْعِزِّ بِطَرَابُلْسَ: أنا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِفَاعَةَ، أنا الْجُعْفِيُّ، أنا أَبُو مسعد الْمَالِينِيُّ، أنا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ محمد الشرمقاني

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لا بأس به. 3 انظر الوافي بالوفيات "7/ 371". 4 انظر معجم البلدان "3/ 338"، والوافي بالوفيات "8/ 77"، وسير أعلام النبلاء "16/ 287".

الثَّانِي، ثنا أَبُو محمد، هُوَ الْبَغَوِيُّ، ثنا شجاع بْنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وأبو خيثمة قالوا: أنا ابن عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِهِ الْحَذَّاءِ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عنه- مرفوعًا: "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ" 1. 183- أحمد بن محمد بن علي2 الخزاعي، أبو علي بن الزَّفْتي الدمشقي. سمع: أبا عُبَيْدة بن ذِكْوان، وأبا الْجَهْم بن طِلاب، ومَكْحُولا البَيْرُوتي، وأبا جعفر محمد بن عمرو العُقَيْلي. وعنه: تمَّام، وعبد الوارث المَيْداني، ومكّي بن الغَمْر، وجماعة. 184- إبراهيم بن أحمد بن محمد المصري3، رئيس المؤذّنين بمصر، توفِّي فجأة، وقد حدَّث في هذا العام عن محمد بن زَبَان. وعنه: يحيى بن الطّحّان، وقال: توفِّي في ذي الحجّة. 185- إسماعيل بن سعيد بن عبد الواسع4، أبو سعيد الْجُرْجَاني. عن: عِمْران بن موسى بن مُجَاشِع، وعبد الرحمن بن عبد المؤمن، وابن عبد الكريم الوزّان، وجماعة. قال حمزة السّهْمي: كان ثقة صالحًا، ثم روى عنه في تاريخه وقال: توفِّي في جُمادي الأولى. حرف الثاء: 186- ثابت بن إبراهيم بن هارون5، أبو الحسن الحراني الطبيب، من كبار الأطباء ببغداد.

_ 1 الحديث صحيح: أخرجه مسلم "955"، وأحمد "1/ 65، 69". 2 انظر تهذيب ابن عساكر "2/ 67". 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ جرجان "146". 5 الفهرست "303"، والوافي بالوفيات "10/ 465".

كان نظير ثابت بن سِنان، وكان أبو الحسن هذا أَسَنّ من ابن سنَان، وله إصابات عجيبة مذكورة في تاريخ الموفق ابن أبي أصيبعة. عاش ستًا وثمانين سنة. حرف الجيم: 187- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن جعفر1، أبو محمد اليَزْدِيّ التّاجر. سمع: محمد بن بصير، وحاجب بن أركين. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم، وأهل أصبهان. حرف الحاء: 188- الحارث بن عبد الجبَّار2، أبو الأصبغ الأندلسي. سمع بإِلِبيرَة من محمد بن فُطَيْس، وبقُرْطُبة من أحمد بن خالد بن الحُبَاب. وكان ثقة. 189- الحسن بن أحمد بن أبي سعيد3، أبو محمد الجنابي القُرْمُطي، المعروف بالأعصم. مولده بالأَحْسَاء، ومات بالرَّمْلة، وله شعر جيّد وفضيلة. غلب على الشام، وكان كبير القرامطة، ورأسهم في زمانه، واستناب على دمشق وشاح بن عبد الله، وقَدِمَ نائبًا إلى دمشق سنة ستّين. وكسر جيش المصريين، وقتل مُقَدَّمهم جعفر بن فلاح، وكانوا قد أخذوا دمشق، ثم إنَّه توجَّه إلى مصر وحاصرها شهورًا، واستخلف على دمشق ظالم بن موهوب العُقَيْلي، وكان يُظْهر دولة أمير الطائع لله. أخباره في تاريخ دمشق، وفي الحوادث. 190- الحسن بن بُوَيْه فناخسرو4 السلطان.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 105". 3 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 274-276"، ودول الإسلام "1/ 227"، واللباب "1/ 238". 4 انظر المنتظم "7/ 185"، والكامل في التاريخ "8/ 241"، والوافي بالوفيات "11/ 411".

رُكْن الدولة أبو علي الدّيْلَمي، صاحب أصبهان والرّيّ وهمذان وعراق العجم كلّه، والد السلطان عَضُد الدولة وفخر الدولة ومُؤيّد الدولة. كان ملكًا جليلًا سعيدًا في أولاده، قسم عليهم الممالك، فقاموا بها أحسن قيام، وملك أربعًا وأربعين سنة وأشهرًا، وكان أبو الفضل بن العميد وزيره، فلمَّا مات ابن العميد استوزر ولَدَه أبا الفتح بن العميد، وأمَّا الصاحب إسماعيل بن عبَّاد فكان وزير ولديه مؤيّد الدولة وفخر الدولة. توفِّي ركن الدولة في المحرَّم عن نيّف وثمانين سنة بِقُولَنْجٍ أصابه، ووجد بعده عضُدُ الدولة طريقًا إلى ما كان يُخفيه من قَصْد العراق، وهو أخو مُعِزّ الدولة أحمد وعماد الدّولة علي. 191- الحَكم المستنصر بالله1، صاحب الأندلس أبو العاص بن النّاصر لدين الله عَبْد الرَّحْمَن الأمويّ. بقي في المملكة بعد أبيه ستّة عشر عامًا، وعاش ثلاثًا وستّين سنة. وكان حَسَنَ السّيرة، مُكْرِمًا للقادمين عليه، جَمَع من الكتب ما لا يُحَدّ، ولا يوصف كثرة ونَفَاسةُ، مع العلم والنَّبَاهة، وحُسْن السّيرة وصفاء السّريرة. سمع من: قاسم بن أصبغ، وأحمد بن دُحَيْم، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني، وزكريًا بن خطّاب، وأكثر منه، وأجاز له ثابت بن قاسم، وكتب عن خلق كثير سوى هؤلاء. وكان يستجلب المصنَّفات من الأقاليم والنّواحي، باذلًا فيها ما أمكن من الأموال، حتّى ضاقت عنها خزائنه، وكان ذا غرام بها، قد آثر ذلك على لذات الملوك، فاستودع عِلْمُهُ، ودقّ نظره، وجمّت استفادته. وكان في المعرفة بالرجال والأنساب والأخبار أُحْوَذيّا نسيجَ وحْدِه. وكان أخوه عبد الله المعروف بالولد على هذا النَّمط من محبّة العلم، فقتل في أيّام أبيه. وكان الحَكَم ثقة فيما ينقله.

_ 1 الكامل في التاريخ "8/ 677"، وسير أعلام النبلاء "16/ 23"، والبداية والنهاية "11/ 285".

قال ابن الأبار: هذا وأضعافه فيه. وقال: عجبًا لابن الفَرَضيّ، وابن بَشْكَوال كيف لم يذكراه. كنيته أبو العاص، وولي الأمر في سنة خمسين وثلاثمائة بعد والده، وقلَّ ما نجد له كتابا من خزانته إلا وله فيه قراءة أو نظر في أيّ فنٍّ كان، ويكتب فيه نَسَبَ المؤلّف ومَوْلِدَه ووفاته، ويأتي من ذلك بغرائب لا تكاد توجد إلّا عنده لعنايته بهذا الشأن. توفِّي بقصر قُرْطُبة في ثاني صفر، رحمه الله. وقد شدَّد في إبطال الخمور في مملكته تشديدًا مُفْرِطًا، ومات بالفالج1، وولي الأمر بعده ابنه المؤيّد بالله هشام، وسنُّه يومئذ تسع سنين، وقام بتدبر المملكة الحاجب أبو عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر العامري القَحْطَاني الملقَّب بالمنصور، فكان هو الكل. حرف العين: 192- عبد الله بن غانم، أبو محمد2 الطويل النيسابوري الصيدلاني. سمع أبا عبد الله الوشنجي، وأبا بكر الجارودي. قال الحاكم: عاش مائة وسنتين. 193- عبد الله بن موسى بن كُرَيْد3، أبو الحسن السلامي. غلط من سمَّى وفاته فيها، إنَّمَا توفِّي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ. 194- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ4 بْنِ زياد، أبو محمد النَّيْسَابُوري المعدّل. سمع: جدّه أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن بنت نصر بن زياد، وعبد الله بن محمد بن شِيرَوَيْه، وحدَّث عنهما بمُسْنَد إسحاق، وموسى بن جعفر بن الملك الحافظ، ومن مُسدّد بن قَطَن، وفي الرّحلة من أحمد بن الحسن الصُّوفي الحرَّاني، والهَيْثَم بن خَلَف الدُّوري، والمُفَضّل بن محمد الْجُنْدي، وغيرهم.

_ 1 مرض يصيب الجسد بالشلل طولًا. 2 لا بأس به. 3 انظر تاريخ بغداد "10/ 148، 149"، وميزان الاعتدال "2/ 508"، ولسان الميزان "3/ 368. 4 انظر العبر "2/ 342"، وشذرات الذهب "3/ 56".

وعنه: الحاكم أبو عبد الله، وقال: توفِّي سنة ست وستين، وله ثلاث وثمانون سنة، وروى عنه مُسْنَد إسحاق: أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان النَّصْروي. 195- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن بَقِيّ1 بْن مَخْلَد، أبو الحسن القُرْطُبي. سمع من: أبيه، ومحمد بن عمر بن لُبَابة، وأسلم، وأحمد بن خالد، وجماعة. وكان ثِقَةً ضابطًا فصيحًا بليغًا وَقُورًا، سمع النّاس منه كثيرًا. قال ابن الفَرَضي: أخبرني مَن سمعه يقول: الإجازة عندي وعند أبي وجدي كالسماع، أريد عليَّ الصّلاة بقُرْطُبة واستعفى عن ذلك، وتوفِّي في ربيع الأوّل، وله أربعٌ وستُّون سنة. 196- عبد الرحمن بن إسماعيل2 بن عبد الله بن سليمان، أبو عيسى الخَوْلاني المصري الفُرُوضي. يروي عن: أبي عبد الرحمن النَّسَائي، وأبي يعقوب المَنْجَنِيقي. وعنه: علي بن منير الخلَّال، ويحيى بن علي الطحَّان، وقال: توفِّي فِي صَفَر. 197- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن محبور3، أبو الفرج الميمي النَّيْسَابُوري، بقيّة الكراميّة، ومُحَدَّثهم. سمع: الحسين بن محمد القَبَّاني، وأبا يحيى البزّاز وطائفة. روى عنه: الحاكم وغيره. توفِّي في شعبان عن ثمانٍ وثمانين سنة. 198- عثمان بن الحجَّاج بن يعقوب بن يوسف4، أبو عَمْرو الخَوْلاني المصري الشاعر. توفِّي في صفر.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 263". 2 لا بأس به. 3 انظر السابق. 4 في عداد المجهولين.

199- عصام بن العبّاس1، أبو محمد الضَّبّي الهَرَوي. روى عن: محمد بن مَخْلَد العطّار، وغيره. وعنه: ابنه رافع، وأبو عثمان القُرشي الهروي. 200- علي بن أحمد بن عبد العزيز2، أبو الحسن الْجُرْجاني المُحْتَسِب، نزيل نَيْسَابور. سمع: عمر بن محمد بن بُجَيْر، وعمران بن موسى بن مُجَاشِع الحافظ، ومحمد بن يوسف الفَرَبْرِي، وحدَّث بنَيْسَابور. أخذ عنه: أبو عبد الله الحاكم، وقال: توفِّي في صفر. وقال أيضًا: كثير السَّمَاع معروف بالطَّلَب، إلّا أنّه وقع إلى أبي بِشْر المصعبي الفقيه، فكانّه أخذ سيرته في الحديث، فظهرت منه المجازفة عند الحاجة إليه، فتُرِك. قال: وسمع "صحيح البُخَاري"، وثنا بالعجائب عن أبي بشر المروزي، يعني: المصعبي. 201- علي بن أحمد بن المَرْزُبان3، أبو الحسن البغدادي الفقيه الشافعي. كان إمامًا ورِعًا. أخذ الفقه عن أبي الحسين بن القطّان. وعنه أخذ الشيخ أبو حامد الإسْفرايني أوَّل ما قَدِم العراق. وهو صاحب وجهٍ في المذهب. وبلَغَنَا عنه أنَّه قال: ما لأحدٍ عليَّ مَظْلِمَة. توفِّي في رجب من السنة. 202- عيسى بن العلاء بن نذير4، أبو الأصْبَغِ السبتي.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر سير أعلام النبلاء ""16/ 247"، ولسان الميزان "4/ 194، 195". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 325"، وطبقات الشافعية الكبرى "3/ 346"، والبداية والنهاية "11/ 289". 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 337".

دخل الأندلس، وسمع من: أحمد بن خالد بن الحباب، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بن أصبغ. ولي قضاء سَبْتة وخطابَتَها، وعاش سَبْعًا وثمانين سنة. 203- عيسى بن عبد الرحمن بن حبيب1، أبو الأصبغ المَصْمُودِي الأندلسي. سمع: محمد بن عبد الملك بن أَيْمَن، ورحل مع عبد الرحمن بن عبد الله بن المقرئ، وابن الأعرابي، وجماعة كثيرة. وكان أحد الفقهاء. توفِّي في جُمادى الآخرة بأُشونة. 204- علي بن محمد بن الحسين2، ويلقّب ذو الكِفَايتين، أبو الفتح ابن الوزير أبي الفضل محمد بن العميد. وُلّي الوزارة بعد موت والده لبني بَوَيْه، وكان شاعرًا محسِنًا مفلِقًا. مدح عَضُدَ الدَّولة بن بُوَيْه وغيره. وله من مَطْلَع قصيدة بديعة: أُفِيضَتْ عُقُودٌ أَمْ أُفِيضَتْ مَدَامِعُ ... وهذي دُمُوعٌ أَمْ نُفُوسٌ هوامع ومنها في وصف العدو المخذول: بطرتم فَطِرْتُمْ والعَصَا زَجْرُ مَن عَصَى ... وتَقْوِيمُ عبدِ الهُونِ بالهُونِ رادِعُ وقد وَزَرَ وعظُم قدره، ومات في ربيع الآخر سنة ستَّ وستّين تحت العذاب. حرف القاف: 205- القاسم بن غانم بن حَمَوَيْه، 3 أبو محمد الطّيب الصّيْدَلاني. شيخ نَيْسَابُوريّ معْمَر. سمع: محمد بن إبراهيم البوشنجي، والحسين بن محمد القباني، وجماعة.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 334". 2 انظر معجم الأدباء "14/ 191- 240". 3 لا بأس به.

وعنه: الحاكم وقال: لم تعجبني منه رواية تاريخ يحيى بن بكير بن البُوشنجي. قال: وتُوُفّي في ذي الحجّة، وله مائة وخمس سنين، فإنِّي لم أزل أسمع أنَّ مولده سنة ستين ومائتين. حرف الميم: 206- محمد بن أحمد1 بن شَبَّوَيْه، أبو عبد الله الأصْبَهَاني الورّاق. قال أبو نُعَيم: كتب بالشام والعراق، وثنا قال: ثنا علي بن محمد بن زيد بحرَّان، ثنا هشام بن القاسم الحرَّاني، فذكر حديثًا. 207- محمد بن بَطّال بن وهب2 بن عبد الله التميمي اللُّورَقي. رحل إلى المشرق مرّتين، أولاهما سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فسمع من أبي: سعيد بن الأعرابي، وابن أبي مطر الإسكندراني، وأحمد بن مسعود الزُّبَيْرِي، وطبقتهم، وعُنِيَ بالحديث والتَّقْييد. سمع منه غير واحدٍ من علماء قُرْطُبَة، وتوفِّي بِلْورَقَة، رحمه الله. 208- محمد بن جعفر بن محمد3 بن كنانة، أبو بكر البغداديّ المؤدّب. روى عن: محمد بن يونس الكديمي، وابن مسلم الكَجّي، ومحمد بن سهل العطّار. وعنه: علي بن أحمد الرّزّاز، وبشري الفاتني. قال ابن أبي الفوارس: كان فيه تَسَاهُل، لم يكن عندي بذاك. 209- محمد بن الحسن بن أحمد4 بن إسماعيل، أبو الحسن النَّيْسَابُوري السّرّاج المقرئ الزّاهد. رحل وسمع: أبا شُعَيْب الحَرّاني، والحسين بن المثنَّى العَنْبَرِي، ومُطَيّنًا، وموسى بن هارون، ويوسف بن يعقوب القاضي، وطبقتهم.

_ 1 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 294". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 75"، وبغية الملتمس "64". 3 انظر تاريخ بغداد "2/ 151". 4 انظر المنتظم "7/ 86"، وشذرات الذهب "3/ 57".

روى عَنْهُ: أبو عَبْد الله الحاكم، وأبو سعيد الماليني، وأبو الحسين بن العاني، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المشّاط، والأستاذ محمد بن القاسم الماوَرْدِي القُلُوسي، وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الجزري، وخَلْقٌ من النَّيْسَابُوريّين، وغيرهم. قال الحاكم: قلَّ ما رأيت اجتهادًا وعبادة منه. وكان يعلَّم القرآن، وما أشبِّه حاله إلّا بحال أبي يونس الفسوي الزاهد، صلى حتى أقعد، وبكى حتى عمي. حدَّث أبو الحسن من أُصُول صحيحة، وتوفِّي يوم عاشوراء، وسمعته يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المنام، فتبعته حتى وقف على قبر يحيى، وتقدّم، وصفَّ خلفه جماعة من الصحابة، فصلَّى عليه، ثم التفت فقال: "هذا القبر أمان لأهل المدينة". 210- محمد بن عبد الله بن زكرّيا1 بن حَيَّوَيْه، أبو الحسن القاضي النَّيْسَابُوري المصري. قَدِمَ مصر في صِغَره، أو وُلِدَ بها. وسمع: بكر بن سهل الدَّمْياطي، وأحمد بن عمرو البزّار، وأحمد بن شُعَيْب النّسائي، وعبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفَّاف، وغيرهم. وهو ابن أخي يحيى بن زكريّا بن حَيَّوَيْه الحافظ الأعرج، صاحب قُتَيْبَة، وابن راهَوَيْه، فروى عن عمّه أيضًا، وأحسبه هو المدني. رحل به إلى مصر. روى عنه: الحافظ عبد الغني المصري، وعلي بن محمد الخُراساني القيّاس، وهارون بن يحيى الطّحّان، وأبو القاسم يحيى بن علي بن الطحان، ومحمد بن جعفر بن أبي الذكر، وجماعة آخرهم محمد بن الحسين النَّيْسَابُوري المصري الطّفّال. توفِّي في رجب من السنة، وكان شافعيّا رأسًا في الفرائض. وثَّقه ابن ماكولا وقال: وكان ثقة نبيلًا. قال: مولدي سنة ثلاث وسبعين ومائتين. قال ابن عساكر: روى عنه: النّسَائي، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وإسحاق بن إبراهيم المَنْجَنيقي، ومحمد بن جعفر بن أَعْيَن، وسمَّى جماعة. قال الدَارقُطْنيّ: كان -رحمه الله- لا يترك أحدًا يتحدَّث، وقال: جئت إلى شيخ

_ 1 انظر الكامل في التاريخ "8/ 688"، وشذرات الذهب "3/ 57".

عنده "الموطَّأ"، وكان يقرأ عليه وهو يتحدّث، فلمَّا فرغ قلت: أيها الشيخ، تقرأ عليك الحديث وأنت تتحدّث؟ فقال: كنت أسمع، فلم أعد إليه. 211- محمد بن علي بن عبد الله1 الوَزْدُولي الْجُرْجَاني النهرواني. روى عن: أحمد بن محمد بن عبد الكريم الوزَّان، ومات ببغداد. 212- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحمد بْن مَنْصُور2، أَبُو منصور القَزْوِيني الفقيه. رحل وسمع: عمران بن موسى بن مُجَاشِع، وأبا يَعْلَى المولى، وعمران بن أبي غيلان، وحامد بن شعيب، وحدَّث ببلده. 213- محمد بن محمد بن يعقوب3، أبو بكر المصري السّرّاج. روى عن أبي يعقوب المنجنيقي، والنسائي. وتوفِّي في آخر السنة، وله ثمانون سنة. 214- النَّاشئ الصغير، هو أبو الحسين علي بن عبد الله بن وصيف البغدادي الحلّاء الشيعي المتكلم. من عتق الشيعة، وله شعر رائق، أخذ عن ابن المعتز، والمبرد، وعنه: أبو الحسين أحمد بن فارس، وعبد الواحد بن أحمد العكبري، وعبد السلام بن الحسين البصري. وكان من كبار المتكلِّمين، مدح سيف الدولة، وصاحب مصر كافور، وعضد الدولة، وكان بديع الصنعة بالمرة في تخريم النحاس. مات في صفر سنة ست وستين وثلاث مائة. قال الخالع: أنشدنا الناشئ لنفسه: بآل محمد عُرِفَ الصواب ... وفي أبياتهم نزل الكتاب ومنها: كأنّ سِنان ذابِلِهِ ضميرٌ ... فليس عن القُلُوب له ذهاب

_ 1 انظر تاريخ بغداد "3/ 87"، والأنساب "12/ 258". 2 لا بأس به. 3 في عداد المستورين، لا بأس به.

وصارمه كبيعته بخمٍّ ... مقاصدها من الخلق الرقاب 215- يحيى بن مجاهد بن عوانة، أبو بكر الفزاريّ الأندلسي الألبيري الزاهد. قَالَ ابن الفَرَضيّ: كَانَ منقطع القرين فِي العبادة، بعيد الاسم في الأحوال والزهد. حجَّ وعُنِيَ بعلم القراءات والتفسير. وسمع بمصر من الأسيوطي، وأبي محمد بن الورد، وأخذ نصيبًا من الفقه، ولا أعلمه حدَّث. توفِّي في ثالث جمادي الأولى، ودفن بمقبرة الرَّبض، رضي الله عنه. 216- يحيى بن وصيف الخوَّاص. بغدادي صحيح السماع، عن أبي شعيب الحرَّاني، وأحمد بن علي الخزاز، وعنه البرقاني، وأبو العلاء الواسطي، وغيرهما. ورَّخه الخطيب. 217- يعقوب بن القاسم بن قعنب، أبو يوسف التميمي الطبري. قدِمَ جرجان في سنة ست هذه، فأملى عن عمران بن موسى بن مجاشع، وأبي القاسم البغوي، وجماعة. روى عنه حمزة السهمي، وأبو الحسن الحَناطي، وجماعة. وفيَّات سنة سبع وستين وثلاثمائة: 218- أحمد بن إبراهيم بن بِشْر1، أبو بكر اللّحياني المصري. يروي عن النّسَائي. وعنه: يحيى بن الطّحّان، وقال: توفِّي في أوّل السنة. 219 أحمد بن عيسى بن النّعْمان2، أبو عمرو الصّائغ. روى عنه أبو سعد الإدريسي في تاريخ إسْتِراباذ، قال: هو محدّث ثقة. سمع: محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي وغيره، ومات سنة سبع أو ثمان وستين.

_ 1 انظر السابق. 2 أحد الثقات، وثَّقه الذهبي.

220- أحمد بن يعقوب1، أبو بكر الجرْجاني الأديب. روى عن أَبِي خليفة. كان كذَّابًا. 221- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد2 بْن محموَيْه، أبو القاسم النَّصْرابَاذِيّ، الواعظ الصُّوفي الزّاهد. ونَصْراباذ محلّة بنَيْسَابور. سمع: ابن خُزَيْمة، والسرَّاج، ويحيى بن صاعد، وابن جَوْصَا، ومَكْحُولا البَيْرُوتيّ، وأحمد بن عبد الوارث العسَّال، هذه الطبقة بالعراق والشّام ومصر. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السُّلَمي، وأبو حازم العَبْدَرِي، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي. وقال السُّلَمي: كان شيخ الصُّوفيّة بنَيْسَابور، له لسان الإشارة، مقرونًا بالكتاب والسنة. كان يرجع إلى فنون من العلم، منها: حِفْظ الحديث وفهمه، وعِلْم التاريخ وعلوم المعاملات والإشارة. الْتَقَى الشّبْلي، وأبا علي الرُّوذْبَاري، قال: ومع مُعْظَم حاله كم مرّة قد ضُرِب وأُهين وكم حُبس، فقيل له: إنّك تقول: الرُّوح غير مخلوق، قال: لست أقول ذا، ولا أقول إنَّ الرُّوح مخلوق، ولكنّ أقول ما قال الله: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85] ، فَجَهِدوا به، فقال: ما أقول إلّا ما قال الله. قلت: هذا كلام زيْف، وما يَشُكُّ مسلم في خلْق الأرواح، وأمّا سؤال اليهود لنبيّنا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الروح، فإنّما هو عن ماهيّتها وكيفيّتها لا عن خلْقِها، فإنَّ الله خالق كلّ شيء، وخالق أرواحنا ودَوَابّنا، وموتنا وحياتنا. قال السُّلَمي: وقيل له: إنَّك ذهبت إلى النّاوُوس وطفْت به وقلتَ: هذا طوافي، فقالوا له: إنّك نقصت محلّ الكعبة، فقال: لا، ولكنّهما مخلوقان، لكن جعل ثم فضل ليس ههنا، وهذا كمن يكرم الكلب لأنَّه خلْقُ الله، فعوتِب في ذلك سنين.

_ 1 أحد الكذابين، اتهمه المصنف. 2 انظر تاريخ بغداد "6/ 169" والمنتظم "7/ 89"، وسير أعلام النبلاء "10/ 212".

قلت: وهذه سقْطَة أخرى له، والله يغفر له، أَفَتَكُونُ قِبْلَةُ الإسلام مثل القبور التي لُعِنَ من اتَّخَذَها مسجدًا؟ قال السُّلَمي: وسمعت جدي ابن بجيد يقول: منذ عرفت النَّصْراباذي ما عرفت له جاهليّة. وقال الحاكم: هو لسان أهل الحقائق في عصره، وصاحب الأحوال الصحيحة، وكان جمَّاعة للرّوايات ومن الرّحالين في الحديث، وكان يُوَرَّق قديمًا، فلمَّا وصل إلى علم الحقيقة ترك الورَاقَةَ وغاب عن نَيْسَابُور نَيِّفًا وعشرين سنة، وكان يَعِظُ ويذكّر، ثم إنَّه في سنة خمسٍ وستّين حجَّ وجاور بمكّة، ثم لِزم العبادة حتى توفِّي فيها في ذي الحجّة سنة سبعٍ، ودُفن عند الفُضَيْل بن عِيَاض. قال الحاكم: وبِيعَت كُتُبُهُ وأنا في بغداد، وكشفتْ تلك الكتبُ عن أحوالٍ، والله أعلم. وسمعته يقول: وعُوتب في الرُّوح، فقال لمن عاتبه: إنْ كان بعد الصَّدَّيقين مُوَحّدٌ فهو الحلَّاج. قال الخطيب: كان ثقة. وقال أبو سعيد الماليني: سمعته يقول: إذا أعطاكم حباكم، وإذا لم يُعْطِكُم محاكم، فشتَّان ما بين الحبا والحِمى، فإذا حباك شغلك، وإذا حماك جَمَّلَك. وقال السلمي: قال النَّصْرآباذي: إذا أخبر الله عن آدم بصفة آدم قال: {وَعَصَى آدَم} [طه: 121، وإذا أخبر الله عنه بفضله عليه قال: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَم} [آل عمران: 3] . وقال: أصْل التَّصَوُّف ملازمة الكتاب والسنة، وترْك الأَهْواء والبِدعَ، وتعظيم حُرْمة المشايخ، ورؤية أعْذار الخَلْق، وحُسْن صُحْبة الرُّفَقَاء، والقيام بخدمتهم، واستعمال الأخلاق الجميلة، والمداومة علي الأوراد، وترْك ارتكاب الرُّخَص. وقال: نهايات الأولياء بدايات الأنبياء. وقال: المحبّة مُجَانَبَة السُّلُوِّ علي كل حال، ثم أنشد: ومَن كان في طول الهوى ذاق سلوة ... فإني من ليلى بها غير ذائِقِ وأكبر شيءٍ نِلْتُه وِصَالها ... أَمَانيُّ لم تَصْدُقْ كَلَمْحَةِ بَارِقِ

قال السلمي: كان أبو القاسم النَّصْراباذي يحمل الدَّواة والوَرَق، وكلَّما دخلنا بلدًا قال لي: قم حتى نسمع، وذلك في سنة ست وستين وثلاثمائة، فلما دخلنا بغداد قال: قم بنا إلى القَطِيعي، وكان له ورَّاق قد أخذ من الحاجّ شيئًا ليقرأ لهم، فدخلنا، فأخطأ الورَّاق غير مرة، والنصرباذي يردُّ عليه، وأهل بغداد لا يحملون هذا من الغُرَباء، فلمَّا ردّ عليه الثالثة قال: يا رجل، إنْ كنت تُحْسِن تقرأ فتعال، كالمُستهزِئ به، فقام الأستاذ أبو القاسم وقال: تأخَّر قليلًا، وأخذ الجزء فقرأ قراءة تحيَّر منها القَطِيعيّ ومَن حوله، فقرأ ثلاثة أجزاء، وجاء وقت الظُّهر، فسألني الورَّاق: مَن هذا؟ قلت: الأستاذ أبو القاسم النَّصْراباذي، فقام وقال: أيُّها النّاس، هذا شيخ خُراسان. قال السُّلمي: وقد خرج بنا نسْتسقي مرّة، فعمل طعامًا كثيرًا، وأطعم الفقراء، فجاء المطر كأفواه القِرَب، وبقيتُ أنا وهو لا نقدر على المُضِيء بحالٍ. قال: فأومأ إلى مسجد، فكان يكفّ، وكنَّا صِيامًا، فقال: لعلّك جائع؟ تريد أنْ أطلب لك من الأبواب كَسْرة؟ قلت: معاذ الله. وكان يترنَّم بهذا: خرجوا لِيَسْتَسْقُوا فقلت لهم: قِفُوا ... دمعي ينوب لكم عن الأَنْواءِ قالوا: صَدَقْتَ ففي دموعك مقنعُ ... لكنّها ممزوجة بِدِمَاء قلت: ومن مُرِيديه أبو علي الدّقّاق شيخ أبو القاسم القُشَيري، رحمهم الله تعالى. 222- إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، أبو إسحاق السَّرْخَسي1 ثم الهَرَوي، والد الشيخين إسماعيل، وإسحاق أبي يعقوب الحافظ، ويعرف بالقرّاب. 223- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الهوري الورَّاق2. روى عن أبي علي محمد بن محمد بن يحيى القَرْاب، وغيره. وعنه: شُعَيْب البوشنجي.

_ 1 نسبة إلى سرخس بلدة قديمة بخراسان. 2 في عداد المجهولين.

حرف الباء: 224- بَخْتِيَار عزّ الدولة1 بن مُعِز الدولة أحمد بن بُوَيْه الدَّيْلمي، أَبُو منصور. ولي المُلْك بالعراق بعد أبيه، وتزوَّج الخليفة بابنته "شاه ناز" على مائة ألف دينار، وخطب وقت العَقْد القاضي أبو بكر بن قُرَيْعَة، وذلك في سنة أربعٍ وستّين. وكان عزّ الدولة ملكًا سَرِيًّا شديد القوى، قيل: إنّه كان يُمْسِك الثَّوْر العظيم بقَرْنَيْه فيَصْرَعه، وكان متوسِّعًا في النَّفقات والكُلَف. حكى بِشْر الشمعي أنَّ راتبه من الشمع كان في كلّ شهر ألف مَنٍّ. وكان بين عزّ الدَّولة وبين ابن عمّه عَضُد الدَّوْله منافسات في المُلْك أدَّت إلى التَّنازع، وأفضَتْ إلى القتال بينهما، فالتقيا في شوّال من السنة، فقُتل عزّ الدّولة في المعركة، وحُمِل رأسه إلى يَدَيْ عَضُد الدولة، فوضع المنديل على وجهه وبكى، وتملّك بعده، واستقلّ بالممالك، وعاش عزّ الدّولة سِتًّا وثلاثين سَنَةً. وَقَدْ مَرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ. حرف التاء: 225- تامش بن تَكِين2، أبو منصور المُعْتَمِدي. حدَّث بمصر. حرف الحاء: 226- حسن بن وليد3، أبو بكر القُرْطُبي الفقيه النَّحْوي، المعروف بابن العريف. كان بارعًا في النّحْو، خرج إلى مصر في أواخر عمره، ورَأس فيها، وكانت له حلقة بجامعها، وبها توفي. حرف الدال: 227- دارم بن أحمد بن السَّريّ4 بن صقْر، أبو معن الرّفّا المصري. يروي عن: ابن زبّان.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 89"، والكامل في التاريخ "8/ 575"، والبداية والنهاية "11/ 291". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 112". 4 في عداد المجهولين.

حرف الراء: 228- رحيم بن مالك، أبو سعيد الخزرجي المُعَبِّر بمصر. قال الحافظ عبد الغني: سمعته يقول: سمعت من أبي زرعة الدمشقي، وكان شيخًا كبيرًا. وقال يحيى الحضرمي: سمعنا منه في سنة سبع وستين فقال لنا: لي مائة سنة وسبع سنين. قال: وعاش بعد ذلك يسيرًا، وقد قيل: إنَّ ذلك قاله سنة تسع، كما يأتي. حرف العين: 229- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد1 بْن جعفر، أبو محمد الهامشي الْجُرْجاني ثم النَّيْسَابُوري الغازي المرابط. سمع أبا العبَّاس السَّرّاج، وابن خُزَيْمة. وعنه: الحاكم. وكان من المُطَوُّعَة. 230- عبد الله بن علي بن حسن2، أبو محمد القومسي الفقيه، قاضي جُرْجان. روى عن أبيه، والبَغَوِي، وابن صاعد، وتفقَّه على أبي إسحاق المَرْوَزي. توفِّي في ربيع الآخر، وقد قارب الثمانين. 231- عَبْدِ اللَّهِ3، وَيُقَالُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ بن عبد الله، الإمام أبو القاسم القرشي الحراني، إمام جامع دمشق. روى عن محمد بن أحمد بن أبي شيخ الحَرَّاني. روى عنه: عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وجماعة. وكان عبدًا صالحًا. توفِّي في جُمادى الآخرة، ودُفِن بمقبرة باب كيسان.

_ 1 انظر تاريخ جرجان "259". 2 انظر تاريخ جرجان "274". 3 لا بأس به.

232- عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه1 بْن مُحَمَّد بْن أبي سمرة البُنْدَار البَغَوِي، ثم البغدادي. سمع محمد بن محمد الباغنْدِي، وطبقته. وعنه البَرْقَاني، ووثَّقه، وعلي بن عبد العزيز الظّاهري، ومحمد بن عمر بن بكير. وكان ذا معرفة وعِلم. 233- عبد الغفَّار بن عبيد الله بن السّريّ2، أبو الطيّب الحُضَيْني الواسطي المقرئ النَّحْوي. رأيت له مصنَّفًا في القراءات. قرأ على: ابن مجاهد، ومحمَّدٍ بن جعفر بن الخليل، وأبي العباس أحمد بن سعيد بن الضَّرير. قرأ عليه: محمد بن الحسين الكارزيني، وغيره. وحدَّث عن عمر بن أبي غيلان، ومحمد بن جرير الطّبري، وأحمد بن حمَّاد بن سفيان، وجماعة. حدَّث عنه: أبو العلاء الواسطي، والصّحناني، وإبراهيم بن سعيد الرّفاعي، وأحمد بن محمد بن علان المعدل، وغيرهم. وأصله كوفي، سكن واسطًا وأقرأ بها الناس. قال خميس الحوزي: أظن أنه توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة. وكان ثقة. قلت: وقرأ عليه القراءات أبو بكر أحمد بن المبارك الواسطي، وأقرأها ببغداد بعد الأربعمائة. 234- عبد الملك بن العبّاس3، أبو علي القَزْوِيني الزاهد.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 90". 2 انظر الأنساب "4/ 165، 166"، والإكمال "3/ 38". 3 لا بأس به.

قال الخليلي: سمعت شيوخنا يقولون: إنَّه كان من الأبدال. سمع الحسن بن علي الطَّوسي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. 235- عثمان بن الحسن1 بن عزرة، أبو يَعْلَى البغدادي الورَّاق المعروف بالطوسي. سمع: أبو القاسم البَغَوِي، والحسين بن عفير، وابن أبي دواد، وأخا أبي اللَّيْث الفرائضي. روى عنه: عبد الله بن يحيى السُّكَّري، والبرْقَاني، وقال: كان ثقة ذا معرفة، له تخريجات وجُمُوع. توفِّي في ربيع الآخر. 236- عثمان بن أحمد بن سمعان2، أبو عمرو المَجَاشي. سمع: الحسن بن عُلْوِيَة، والهَيْثَم بن خَلَف، وأحمد بن فرج. روى عنه: محمد بن طلحة بن عمير بن بكير، وجماعة. وثَّقه الخطيب. 237- عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن خَلَف بْن القاسم البغدادي بن وكيع البَغَوِي3. 238- عليّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله4 بن هارون، أبو الحسن الحَضْرَمي المصري الطحان، والد المحدِّث أبو القاسم يحيى. سمع: ابن عبد الله الوارث، والطّحَاوي. 239- علي بن مُضَارب بن إبراهيم، أبو القاسم النَّيْسَابُوري القارئ الزّاهد.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 306". 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 306". 3 في عداد المجهولين. 4 لا بأس به.

سمع: أبا عبد الله البُوشَنْجي، وإبراهيم بن علي الذُّهْلي، وغيرهما. توفِّي في ذي الحجّة، وعنه: الحاكم. 240- عمر بن محمد بن بهته1، أبو حفص المناشر. سمع من: أبي مسلم الكَجّي حديثًا واحدًا، وسمع أبا بكر الفِرْيَابي، ومحمد بن صالح الصائغ. وعنه: محمد بن عمر بن بكير. وعاش مائةً وسنتين. 241- عبد الله بن محمد2، الشيخ القدوة، أبو محمد الراسبي البغدادي الزّاهد، تلميذ أبي محمد الجريري، وابن عطاء. أخذ عنه: أبو عبد الرحمن السُّلَمي، وقال: أقام بالشّام مدّةً، ثم رجع إلى بغداد ومات بها. ومن كلامه: البلاء صُحْبَةُ مَن لا يوافِقُكَ ولا تستطيع تَرْكَهُ. وقال: الهمومُ عقوباتُ الذُّنُوب. وقال: المحبَّةُ إن ظهرت فضحت، وإن كتمت قتلت. حرف الغين: 242- الغَضَنْفَر عز الدولة، أبو تَغْلب فضل الله بن ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي. وثب على أبيه صاحب الموصل، فاعتقله مكرمًا، واستبدَّ بالأمر، ثم جرت له مع عضد الدولة بن بويه قضايا وأمور، وقصده عضد الدولة فهرب إلى الشام، وأتى ظاهر دمشق، والغالب عليها قسَّام العيَّار، فكتب إلى العزيز صاحب مصر يسأله أن يوليه الشام، فأجابه في الظاهر، فنزل الرملة في سنة سبع في المحرم، وبها مفرّج الطائي، فجمع له جموعًا، والتقيا في صفر، فأُسِرَ الغَضَنْفَر كهلًا.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "11/ 307". 2 انظر طبقات الصوفية "513".

حرف القاف: 243- القاسم بن علي بن جعفر1، أبو أحمد البغدادي البَلاذُرٍيّ. عن صاحب أرْكين الفَرَغَاني. وعنه: أبو العلاء الواسطي، ووثَّقه، والمقرئ أبو الحسن الحذّاء. وكان مُعْتَزِلِيًّا، ورَّخه ابن أبي الفوارس. حرف الميم: 244- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله2 بن نصر بن بُجَيْر القاضي، أبو الطّاهر الذُّهْلي البغدادي، نزيل مصر وقاضيها. ولي قضاء واسط، وقضاء جانب بغداد، وقضاء دمشق، ثم مصر معها، واستناب على دمشق أبا الحسن بن حَذْلَم، وأبا علي بن هارون. وحدَّث عن: بِشْر بن موسى، وأبي مسلم الكَجيّ، وأبي العبّاس ثعلب، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي، وموسى بن هارون، ومحمد بن عثمان بن أبي سُوَيْد، وأبي شُعَيْب الحرّاني، وأبي خليفة، وخلقٍ سواهم. روى عنه: الدَارقُطْنيّ، وتمَّام، وعبد الغني بن سعيد، وابن الحاجّ الإشْبيلي، ومحمد بن نظيف، ومحمد بن الحسين الطّفّال، وآخرون. ووثَّقه الخطيب. قال ابن ماكولا: أنا أبو القاسم بن ميمون الصَّدَفي، أنا عبد الغني الحافظ قال: قرأت على القاضي أبي الطّاهر كتاب "العلم" ليوسف بن يعقوب، فلمَّا فرغ قال: كما قُرئ عليك؟ قال: نعم، إلا اللّحنة بعد اللّحنة. قلت: أيّها القاضي فسَمِعْتَه معربًا! قال: لا. قلت: هذه بهذه. وقمت من ليلتي فجلست عند اليتيم النّحْوِي. وقال طلحة بن محمد بن جعفر: استقصى المتقي لله سنة تسع وعشرين وثلاثمائة أبا طاهر محمد بن أحمد الذُّهْلي، وله أبوة في القضاء، سديد المذهب، متوسط

_ 1 انظر تاريخ بغداد "11/ 450". 2 انظر تاريخ بغداد "1/ 313"، والمنتظم "7/ 90"، وسير أعلام النبلاء "16/ 204- 210".

الفقه، على مذهب مالك، وكان له مجلس يجتمع إليه المخالفون ويناظرون بحضرته، وكان يتوسّط الفقه بينهم، ويتكلّم بكلام سديد، ثم صُرِف بعد أربعة أشهر، ثم استُقْضِيَ على الشرقيّة سنة أربعٍ وثلاثين، وعُزِل منذ نحو خمسة أشهر. وقال عبد الغني: سألت أبا الطَّاهر عن أوّل ولايته القضاء فقال: سنة عشرٍ وثلاثمائة، وقد كان ولي البصرة، وقال لي: كتبت العلم سنة ثمانٍ وثمانين ومائتين، ولي تسعُ سنين. قال: وقرأ القرآن كلّه وله ثمان سنين، وكان مفوَّهًا حَسَنَ البديهة، شاعرا، حاضر الحُجّة، علَّامة عارفًا بأيّام النّاس، غزير الحِفْظ، لا يَمَلُّه جليسه من حُسْن حديثه، وكان كريمًا، ولي قضاء مصر سنة ثمانٍ وأربعين وثلاثمائة، وأقام على القضاء ثماني عشرة سنة. قال الحافظ عبد الغني: وسمعت الوزير أبا الفرج يعقوب بن يوسف يقول: قال لي الأستاذ كافور: اجتمع بالقاضي أبو بكر البغدادي الطاهر فسلّمْ عليه، وقُلْ له: إنَّه بلغني أنّك تَنْبَسِط مع جُلَسَائك، وهذا الانبساط يُقِلُّ هَيْبَةَ الحُكم، فَأَعْلَمْتُهُ بذلك، فقال لي: قُلْ للأستاذ: لستُ ذا مالٍ أفيض به على جُلَسائي، فلا يكون أقلّ من خُلُقي، فأخبرتُ الأستاذَ فقال: لا تعاوِدْه، فقد وضع القَصْعَة. قال عبد الغني: سمعت أحمد بن محمد بن سعرة، أنه سمع أبا بكر بن مُقَاتل يقول: أنفق القاضي أبو طاهر بيت مالٍ خلَّفَه له أبوه. قال عبد الغني: لمَّا تلقَّى أبو الطّاهر القاضي المُعِزَّ أبا تميم بالإسكندريّة سأله المُعِزّ فقال: يا قاضي، كم رأيت من خليفة؟ قال واحدًا. قال: مَن هو؟ قال: أنت، والباقون مُلُوك، فأعجبه ذلك. ثم قال له: أحَجَجَتَ؟ قال: نعم. قال: وسلَّمت على الشَّيْخَيْن: قال: شغلني عنهما النبي -صلى الله عليه وسلم- كما شغلني "الخليفة" عن وليّ عهده، فازداد به المُعِزّ إعجابًا، وتخلّص من وليّ العهد؛ إذ لم يسلّم عليه بحضرة المُعِزّ، فأجازه المُعِزُّ يومئذ بعشرة آلاف دِرْهَم. وحدّثني زيد بن علي الكاتب: أنشدنا القاضي أبو الطّاهر السَّدُوسي لنفسه: إنّي وإنْ كنتُ بأمر الهَوَى ... غِرًّا فسِتْري غير مهتوك

أكني عن الحبّ ويبكي دَمًا ... قلبي ودمعي غير مَسْفُوكِ فظاهري ظاهرُ مُسْتملكٍ ... وباطني باطنُ مَمْلُوكٍ أخبرني أبو القاسم حُمار بن علي بصُور قال: أتيت القاضي أبا الطّاهر بأبيات قالها في ولده، فبكى وأنشدناها وهي: يا طالبًا بعد قتل ... ي الحج لله نسكًا تركتني فيك صبّا ... أبيك عليك وأبكي وكيف أسْلُوك قُلْ لي ... أمْ كيف أصبر عَنْكا روحي فِداؤك هذا ... جزاء عبدِك مِنْكا حدّثني محمد بن علي الزَّيْنَبي، ثنا محمد بن علي بن نوح قال: كنّا في دار القاضي أبي الطّاهر نسمع عليه، فلمَّا قمنا صاح بي بعض من حضر: يا قاضي، وكان ابن نوح يلقَّب بالقاضي، فسمع القاضي أبو الطّاهر، فأنفذ إلينا حاجبه فقال: من القاضي فيكم؟ فأشاروا إليَّ، فلمَّا دخلت عليه قال لي: أنت القاضي؟ فقلت: نعم. فقال لي: فأنا ماذا؟ فسكتُّ، ثم قلتُ: هو لقب لي، فتبسَّم، فقال لي: تحفظ القرآن؟ قلت: نعم. قال: تَبِيتُ عندنا الليلة أنت وأربعةُ أنْفُسٍ معك، وتواعِدُهم مِمَّن تَعْلَمه يحفظ القرآن والأدب، قال: ففعلت ذلك، وأتيت المغرب فقدَّم إلينا ألوانٌ وحلوى، فلم يحضر القاضي، فلمَّا قارَبْنا الفراغ خرج إلينا القاضي يزحف من تحت ستْر، ومَنَعَنا من القيام، وقال: كُلُوا معي، فلم آكل بَعْدُ، ولا يجوز أن تَدَعُوني آكُل وحدي، فَعَرَفُنا أنّ الذي دعاه إلى بيتنا عنده غَمُّهُ على ولده أبي العبّاس، وكان غائبًا بمكّة، ثم أمر من يقرأ منّا، ثمّ استحضر ابن المقارعي وأمره بأن يقول. وقام جماعة منّا وتَوَاجَدُوا بين يديه، ثم قال شِعْرًا في وقته، وألقاه على ابن المقارعي يغنّي به، والشعر هو: يا طالبًا بعد قتْلي فبكى القاضي بكاءً شديدًا، وقدم ابنه بعد أيّام يسيرة، فقلت: هذا وما قبله من خطّ أمين الدّين محمد بن أحمد بن شهيد. قال: وجدت بخطّ عبد الغني بن سعيد الحافظ، فذكر ذلك.

قال ابن زُولاق في "أخبار قُضاة مصر": وُلِدَ أبو الطّاهر الذُّهْلي ببغداد في ذي الحجّة سنة تسعٍ وسبعين ومائتين، وكان أبوه يلي قضاءَ واسط، فصُرف بابنه أبي طاهر من واسط، وولي موضعه، واخبرني أبو طاهر أنَّه كان يَخْلِف أباه على البصْرة سنة أربعٍ وتسعين. قال: وولي قضاءَ دمشق من قِبَل المطيع، فأقام بها تِسْعَ سِنين، ثم دخل مصر زائرًا لكافور سنة أربعين، ثم ثار به أهل دمشق وآذوه، وعُملت عليه محاضر فعُزل، وأقام بمصر إلى آخر أيّام ابن الخصيب وولده، فسعى في القضاء ابنُ وليد وبذل ثلاثة آلاف دينار، وحملها على يد فنك الخادم، فمدح الشُّهود أبا الطّاهر وقاموا معه، فولَّاه كافور، وطلب له العهد من ابن أمّ شَيْبان، فولاه القضاء، وحُمدت سيرته بمصر. واختصر "تفسير الجبائي"، و"تفسير البَلْخي"، ثم إنَّ عبد الله بن وليد ولي قضاء دمشق. وكان أبو طاهر قد عُني به أبوه، فسمّعه سنة سبعٍ وثمانين ومائتين، فأدرك الكبار. قال: وقد سمع من عبد الله بن أحمد بن حنبل، وبِشْر بن موسى، وإبراهيم الحربي، ولم يُخَرّج عنهم شيئًا لصِغَره، وحصل للنّاس عنه إملاء وقراءةً، نحوُ مائتي جُزْء. وحدَّث بكتاب "طبقات الشعراء" لمحمد بن سلَّام، عن أبي خليفة الْجُمَحي، عن ابن سلام. ولم يزل أمره مستقيمًا إلى أنْ لحقته عِلَّة عطَّلت شقّه سنة ست وثلاثمائة، فقلَّد العزيز حينئذ القضاء عليَّ بن النُّعمان، فكانت ولاية أبي طاهر ستَّ عشرة سنة وعشرة أشهر، وأقام عليلًا، وأصحاب الحديث ينقطعون إليه، وتوفِّي آخر يومٍ من سنة سبعٍ وستّين. قلت: وقيل: كان قد استعفى من القضاء قبل موته بيسير. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، أَخْبَرَكَ الْمُسْلِمُ الْمَازِنِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارَانِيُّ سنة إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، أنا سَهْلُ بْنُ بِشْرٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ محمد الْفَارِسِيُّ، أنا محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الذُّهْلِيُّ، ثنا يُوسُفُ الْقَاضِي، ثنا

محمد بن أبي بكر، أنا وهب بن جرير، أنا أَبِي، سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حُكَيْمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَتَاهُ مَاعِزٌ قَالَ: "وَيْحَكَ لَعلَّكَ قبَّلت أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ"؟ قَالَ: لا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنِكْتَهَا"؟ لا يكنِّي، قَالَ: نَعَمْ. فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ1. 245- محمد بن إسحاق بن منذر2 بن إبراهيم بن محمد بن السليم، ابن الدّاخل إلى الأندلس أَبِي عكرمة جعفر، أبو بكر القُرْطُبي، قاضي الجماعة. ولد سنة اثنتين وثلاثمائة، وَوُلِّيَ قضاء الجماعة بالأندلس في أوّل سنة ست وخمسين. سمع: أحمد بن خالد، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وحجّ فسمع أبا سعيد ابن الأعرابي، وبمصر من جماعة، ورجع فأقبل على التدْريس والزُّهْد والعبادة. وكان من كبار المالكية، حافظًا للفقه، بصيرًا باختلاف العلماء، عالمًا بالحديث والعربية. قال ابن الفَرَضِي: توفِّي في رمضان سنة خمسٍ وستّين. كذا نقل القاضي عِيَاض. ولم أر ابنَ الفَرَضي ذكر وفاته في تاريخه إلّا في سنة سبعٍ في جمادى الأولى. وقال أبو حَيَّان: توفِّي سنة سبع وستين. 246- محمد بن حسَّان بن محمد، أبو منصور ابن العلَّامة أبي الوليد، الفقيه النَّيْسَابُوري. كان يصوم صَوْمَ داود ثلاثين عامًا. سمع: السّرّاج، وأبا العبّاس الماسرْجسي. وكان من كبار الفقهاء. رَفَسَتْه دابَّته فاستُشْهِد يوم الأضحى. روى عنه: الحاكم. وله أخ باسمه عاش بعده مدّة.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "12/ 119، 120"، ومسلم "1693". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 77"، والعبر "2/ 345"، وشذرات الذهب "3/ 60".

247- محمد بن الحسن بن علي بن يقطين1، أَبُو جعفر اليقطيني البغدادي البزّاز. سمع: أبا خليفة، وأبا يَعْلَى المَوْصلي، والباغَنْدي، وجماعة. وسافر وكتب بالشام والجزيرة والبصْرة، وكان صَدُوقًا فهمًا. قاله الخطيب. وعنه: الدَارقُطْنيّ، وأبو نُعَيم، وجماعة. توفِّي في ربيع الآخر. 248- محمد بن الحسن2 بن خالد، أبو بكر الصّدَفي المصري الورَّاق. روى عن: محمد بن محمد بن بدر الباهلي، وغيره. 249- محمد بن الحسين3 النَّيْسَابُوري الفقيه، أبو الحسين الحنفي. سمع: السرَّاج، وأبا عمرو الحيري. وعنه: الحاكم. 250- محمد بن المظفَّر4 الجارُودي الهَرَوي. سمع: الفقيه عبد الله بن عروة. وعنه: أبو عثمان سعيد القُرَشي. 251- محمد بن عبيد الله بن الوليد5، أبو بكر المُعَيْطي القُرْطُبي. سمع: أباه، ووهب بن مسرَّة، وجماعة. وكان عارفًا بمذهب مالك واختلاف أصحابه، بارعًا في ذلك، زاهدًا وَرِعًا مُتَبّتلًا، ولي رتبة الشُّورى، ثم ترك ذلك، ورفض الخَلَق، ولبس الصُّوف، فصام نهارة وقام ليله، وأكل من كَدَّه وتَعَبِه، وقد صنَّف في مذهب مالك، وتُوُفّي في ذي القعدة، وعاش أقلَّ من أربعين سنة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "2/ 211"، والمنتظم "7/ 91"، واللباب "3/ 416". 2 في عداد المجهولين. 3 لا بأس به. 4 في عداد المجهولين. 5 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 78".

252- محمد بن عبد الرحمن القاضي1، أبو بكر بن قُرَيْعة البغدادي. سمع: أبا بكر بن الأنْباري، ولا تُعْرَف له رواية حديثٍ مُسْنَد. وقد قَيِّدَه ابن ماكولا بقاف مضمومة، وكذا هو مضبوط في تاريخ الخطيب. ولَّاه القاضي أبو السّائب قضاء السندية وغيرها من أعمال بغداد. وكان من عجائب الدّنيا في سُرعة الجواب في أمْلًح سجْع، وكان مختصًّا بالوزير أبي محمد المهلّبي، وله مسائل وأجوبة مدوَّنة في كتابٍ موجود، وكان الفُضَلاء يداعبونه برسائل هزْليّة، فيجيب من غير توقُّف. تُوُفّي في جُمادى الآخرة وهو في مُعْتَرَك المَنَايا، رحمه اللَّه. 253- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز2 أبو بكر بن القُوطِيّة القُرْطُبي اللُّغَوي. سمع: سعيد بن جابر، وأسلم بن عبد العزيز، وابن لُبَابة، ومحمد بن عبد الله الزبيدي، وطاهر بن عبد العزيز، وجماعة. وكان علَّامة زمانه في اللغة والعربية، حافظًا للحديث والفقه، وإخباريًّا، لا يُلحق شَأُوُهُ، ولا يُشَقُّ غُبارُهُ، ولم يكن بالماهر في الفقه والحديث. صنَّف كتاب "تصاريف الأفعال"، فتح الباب لمن بعده، وتبعه ابن القَطَّاع، وله كتاب حافل في " المقصور والممدود"، وكان عابدًا ناسكًا خيّرًا، دقيق الشعر، إلّا أنّه تزهَّد عنه. وكان أبو علي يبالغ في تعظيمه. توفِّي في ربيع الأوّل. والقوطيّة: هي جدَّة أبي جدّه، وهي سارة بنت المنذر بن غيطشة، من بنات الملوك القوطية الذين كانوا بإقليم الأندلس، وهم من ذُرِّيّة قوط بن حام بن نوح أبي السُّودان والهند والسَّنْد. وفَدَت سارةُ هذه على هشام بن عبد الملك إلى الشام متظلّمةً من عمها أرْطباس، فتزوَّجها بالشّام عيسى بن مُزَاحِم، مولى عمر بن عبد العزيز -رحمة الله عليه، ثم

_ 1 انظر تاريخ بغداد "2/ 317"، والمنتظم "7/ 91"، والكامل في التاريخ "8/ 694". 2 انظر الوافي بالوفيات "4/ 242"، ولسان الميزان "5/ 324".

سافر معها إلى الأندلس، فولدت له إبراهيم والد عبد العزيز، كذا نقل القاضي شمس الدين ابن خلّكان، والله أعلم. وقد صنَّف تاريخًا في أخبار أهل الأندلس، وكان يُمْليه عن ظهر قلبه في كثير من الأوقات. وقد طال عمره، وأخذ الناس عنه طبقةً بعد طبقة. سمع منه ابن الفرضي. 254- محمد بن فرج بن سبعون1، أبو عبد الله النحلي، ويُعرف بابن أبي سهل الأندلسي البجّاني. رحل وسمع بمكة من ابن الأعرابي، وجماعة. 255- محمد بن محمد بن بقيّة2 بن علي، نَصِير الدولة، أبو الطّاهر وزير عزّ الدَّوّلة بَخْتيار بن مُعِزّ الدَّولة. كان أحد الأجواد والرؤساء، أصله من أَوَانا من عمل بغداد، استوزر سنة اثنتين وستيّن، وقد تقلّب به الدهر ألوانًا، حتى بلغ الوزارة، فإنَّ أباه كان فلاحًا، وآل أمره إلى ما آل، ثم خَلَعَ عليه المطيع لله، واستوزره أيضًا، ولقّبه النّاصح، مُضافًا إلى نصير الدولة، فصار له لَقَبَان، وكان قليل العربيّة، ولكنّ السَّعْد والإقبال غطَّى ذلك، وله أخبار في الْجُود والأَفَضال، وكان كثير التّنَعم والرَّفاهية. وله أخبار في ذلك. وقُبِضَ عليه بواسط في آخر سنة ست وستين، وسملوا عينيه، وكان يولب لمُعِزّ الدَّولة على عضُدُ الدولة، فلما قُتِل عزُّ الدولة بختيار ملك عضُدُ الدولة وأهلكه، فقال: إنّه ألقاه تحت أرجل الفِيَلَة، ثم صُلِب عند البيمارستان العضُدِي في شوّال سنة سبعٍ، ويقال: إنّه خَلَعَ في وزارته في عشرين يومًا عشرين ألف خلعة. قال بعضهم: رأيته شرب ليلة، فَخَلَعَ مائة خلعة على أهل المجلس، وعاش نيّفًا وخمسين سنة. ورثاه أَبُو الحسن محمد بن عمر الأَنْباريّ بكلمته السّائرة: عُلُوٌّ في الحياة وفي الممات ... لحق أنت إحدى المعجزات

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 78". 2 انظر النجوم الزاهرة "4/ 130"، وشذرات الذهب "3/ 63-65".

كأنَّ النّاس حَوْلَكَ حين قاموا ... وُفُودُ ذَاكَ أيّام الصَّلاتِ كأنّك قائمُ فيهم خطيبًا ... وكُلُّهُمُ قِيامٌ للصّلاة ولمَّا ضَاقَ بطنُ الأرض عن أنْ ... يَضُمَّ عُلاك من بعد المَمَات أصاروا الْجَوَّ قَبْرَكَ واستنابوا ... عن الأكفان ثَوْبَ السَّافِياتِ لِعِظَمِكَ في النُّفُوس تبيت تُرْعَى ... بحُفّاظٍ وحُرّاسٍ ثِقَات ولم أر قبل جذْعِكَ قَطّ جذْعًا ... تمكَّن من عِنَاق المَكْرُمات في أبيات أخر: وبقي مصلوبًا إلى أن توفِّي عضُدُ الدولة، ولما بلغ عضُدُ الدّولة هذا الشَّعْرُ قال: عليَّ بقائله، فاختفى، ثم سافر بعد عامٍ إلى الصّاحب إسماعيل بن عبَّاد، فقال: أَنْشِدْني القصيدة، فلمَّا أتى هذا البيت الأخير، قام إليه وعانقه، وقبَّل فاهه، وأنفذه إلى عضد الدولة، فلمَّا مَثُلَ بين يديه قال: ما الذي حملك على مَرْثِيّة عدُوّي؟ قال: حقوُقُ سَلَفَتْ وأيادٍ مَضَتْ، فجاش الحزنُ في قلبي، فرَثَيْت. فقال: هل يحضُرُكَ شيءُ في الشُّموع، والشُّموع تُزْهِر بين يديه، فقال: كأنَّ الشُّموعَ وقد أَظْهَرَتْ ... من النّار في كلّ رأسٍ سِنانا أصابعُ أعدائك الخائفين ... تَضْرَعُ تَطْلُبُ منك الأَمانا قال: فأعطاه بِدْرَةً وفَرَسًا، وهو من المقلِّين في الشَّعْر. 256- محمد بن محمود1 بن إسحاق النَّيْسَابُوري، أبو بكر. حدَّث في العام بهمذان عن ابن خزيمة، ومحمد بن الصبّاح صاحب قتيبة بن سعيد. يروي عنه: عبد الله بن عمر الصَّفَار، وأبو الحسن بن عَبْدُوس. 257- محمد بن يوسف بن موسى2، أبو الحسن بن الصبّاغ. بغداديّ، يروي عن أبي بكر بن داود، وجماعة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "3/ 261". 2 انظر تاريخ بغداد "3/ 408".

وعنه: علي بن عبد العزيز. وقال: كان حافظًا. 258- محمد بن يوسف بن يعقوب1 الصوَّاف، أبو بكر البغدادي. سمع: أبا عَرُوبة الحرّاني، وأبا جعفر الطّحاوي، وأحمد بن جَوْصَا. وعنه: البرقاني، ومحمد بن عمر بن بكير. حرف الياء: 259- يحيى بن زكريا2، أبو سعيد المصري. يروي عن أَبِي يعقوب المنجنيقي. 260- يحيى بن عبد الله3 بن يحيى، أبو عيسى اللَّيْثي القُرْطُبي. سمع المُوَطَّأ من عمِّ أبيه عُبَيْد الله بن يحيى، ومن محمد بن عمر بن لبابة، وأسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد، وأبيه عبد الله، وسمع من علي بن الحسن المرّيّ بَبجَّانَةَ، ومن جماعة. وكان قاضيًا ببجّانَةَ وإلْبِيَرَة، وكان أخوه بقُرْطُبَة فولاه أحكام الرّدّ، وطال عمره حتى انفرد بالرواية عن عُبَيد الله، ورحل النّاس إليه من جميع كُور الأندلس. وروى عن عُبَيْد الله سوى المُوَطَّأ حديث اللّيْث، وشجاع بن القاسم، وعشرة يحيى بن يحيى، وتفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسْلم، ونُتَفًا من حديث الشيوخ. تَرْجَمَهُ ابن الفَرَضيّ وقال: اختلفت إليه في سماع الموطّأ سنة ست وستّين، وكانت الدَّولة في أيّام الجمع، فتمَّ لي سماعه منه، وسمعت منه التّفسير لعبد الله بن نافع، ولم أَشْهَدْ بقُرْطُبة مجلسًا أكثر بِشْرًا من مجلسنا في المُوَطّأ، إلّا ما كان من بعض مجالس يحيى بن مالك، وهو أوّل من سمعت عليه، ثمّ اشتغلت بالعربيّة عن مواصلة الطَّلَب إلى سنة تسعٍ وستّين، ثم اتصل طلبي وسماعي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "3/ 403". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 191"، والعبر "2/ 346"، وشذرات الذهب "3/ 65".

وسمع منه يحيى أمير المؤمنين المُؤَيَّد بالله -أبقاه الله- سنة أربعٍ وستّين، وجماعةٌ من الشيوخ والكُهُول، وطبقات النّاس. توفِّي في ثامن رجب. قلت: روى عنه أبو عمر الطّلَمنْكِي، ويونس بن مغيث، وأبو عبد الله بن يحيى بن الحذَّاء، والحافظ أبو عبد الله بن عمر بن الفخّار، وخَلَف بن عيسى الوشقي، وعثمان بن أحمد، وخَلْق. 261- يحيى بن هلال بن زكريا1 الأندلسي. سمع: عمّه يحيى، وأحمد بن خالد بن محمد بن أيمن، وحدّث ورحل إلى بَجّانة، فسمع من سعيد بن فحلون. وكان سَمْحًا ينشر عِلْمه، فقيهًا بالشُّرُوط، فسمع منه جماعة كثيرة. توفِّي في جمادى الأولى. وفيَّات سنة ثمان وستين وثلاثمائة: 262- أحمد بن جعفر بن حمدان2 بن مالك بن شبيب، أبو بكر القطِيعي البغدادي. كان يسكن قطيعة الدّقيق. سمع: محمد بن يونس الكديمي، وإبراهيم الحربي، وبِشْر بن موسى، وأحمد بن علي الأبَّار، وعبد الله بن أحمد، سمع منه "المُسْنَد"، وإسحاق بن الحسن الحربي، وأبا شعيب الحرّاني، وطائفة كثيرة. وكان مُسْنَد العراق في زمانه. روى عنه عبد الله "المسند"، و"التاريخ"، و"الزهد"، و"المسائل". قال الخطيب: وكان قد غرق بعض كُتُبِه، فاستحدث نُسَخًا من كتاب لم يكن فيه سماعه، فغمزه النّاس. لم نر أحدًا ترك الاحتجاج به. روى عنه الدَارقُطْنيّ، وابن شاهين، والحاكم، وأبو الحسن بن رزقَوَيْه، وأبو الفتح

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 191". 2 انظر تاريخ بغداد "4/ 73"، والمنتظم "7/ 92"، وميزان الاعتدال "1/ 41، ولسان الميزان "1/ 145".

بن أبي الفوارس، وأبو برك البَرْقَاني، وأبو نُعَيم، ومحمد بن الحسين بن بكير، والحسن بن علي بن المذهّب، وآخر من روى عنه في الدّنيا أبو محمد الجوهري. وُلِدَ في أوّل سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. قال محمد بن الحسين بن بكير: سمعته يقول: كان عبد الله بن أحمد يجيئنا، فيقرأ عليه أبو عبد الله بن الجصَّاص عمّ والدتي ما يريد، ويُقعدني في حِجْره حتى يقال له: يؤلمك، فيقول: إنّي أحبه. وقال أبو الحسن محمد بن العبَّاس بن الفرات: كان القَطِيعي كثير السّماع من عبد الله بن أحمد، إلّا أنّه خَلَطَ في آخر عمره، وكُفَّ بَصَرُهُ، وخَرِف، حتّى كان لا يعرف شيئًا مما يُقْرَأ عليه. وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس: لم يكن في الحديث بذاك، في بعض المُسْنَد أصُولُ فيها نَظَر، ذكر أنّه كتبها بعد الغَرَق، نسأل الله سَتْرًا جميلًا، وكان مستورًا صاحب سنة. وقال البَرْقاني: كان شيخًا صالحًا، وكان لأبيه اتّصال ببعض السّلاطين، فعُزِي لابن ذلك السّلطان على عبد الله بن أحمد المُسْندي، وحضر ابن مالك القَطِيعي سماعه، ثم غرقت قطعة من كُتُبه فنسخها من كتاب، وذكروا أنّه لم يكن سماعه فيه، فغمزوه لأجل ذلك، وثَبُتَ عندي أنّه صَدُوق، وإنّما كان فيه بَلَهٍ. ولما اجتمعت مع الحاكم أبي عبد الله ليَّنت ابنَ مالك، فأنكر عليّ وقال: كان شيخي، وحسَّن حاله. قلت: كان الحاكم قد رحل سنة سبْعٍ وستّين ثاني مرّة، وسمع "المُسْنَد" من ابن مالك القطِيعي، واحتجَّ به في "الصحيح". وقال أبو القاسم الأزهري: توفِّي أبو بكر بن مالك ودُفِنَ يوم الإثنين لسبعٍ بقين من ذي الحجّة. قلت: ومن طبقته: 263- أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان1 السَّقَطي. بصريّ معروف. سمع: عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي، والحسن بن المثنَّى العنبري.

_ 1 انظر الأنساب "7/ 92".

وعنه: أبو نُعَيم الحافظ، وأبو الحسن بن صَخْر الأَزْدي، وأحمد بن محمد بن الحاجّ الإشبيلي. 264- أحمد بن حمزة بن حمدان1، أبو الحسن الطّرَسُوسي. حدَّث بالسّاحل عن: عبد الله بن جابر الطّرَسُوسي، ومحمد بن حصن الرّسّي. وعنه: الحسن بن محمد بن جُمَيْع، والخصيب بن عبد الله القاضي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وغيرهم. 265- أحمد بن خالد بن يزيد2 بن أبي هاشم، أبو القاسم الأسدي الأندلسي، خطيب بَجّانة. حدَّث عن: فضل بن سلمة، ومحمد بن فُطَيْس. وتوفِّي في شوّال، رحمه الله. 266- أحمد بن سَيَّار، القاضي أبو بكر الصَّيمريّ. ولي القضاء ببعض ببغداد في سنة ست وخمسين وثلاث مائة، وحمدت سيرته. ثم ولي قضاء الحريم وغيره، وكان له يد طولى في الآداب والشعر. روى عنه: أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي الحنفي، وأبو علي المحسن التنوخي، وغيرهما، ولم يرو شيئًا من الحديث. قال محمد بن عيسى الجيلي: أنشدني أبو بكر بن سَيَّار القاضي لنفسه: لا تستهن عالمًا وإن قَصُرت ... أحواله في لحاظ رامقه وانظر إليه بعين ذي أدب ... مهذَّب الرأي في طرائقه فالمسك تيسًا تراه ممتهنًا ... بفهر عطّاره وساحقه حتَّى تراه في عارضي ملك ... أو موضع التاج من مفارقه قال عبد الكريم بن محمد الشيرازي: سمعت أبا حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفراييني الفقيه يقول: كان ببغداد قاضٍ يعرف بأحمد بن سَيَّار، وكان له هيئة وجثة

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 74".

مهولة ولحية طويلة، فقدِمَ إليه امرأتان ادَّعت إحداهما على الأخرى، فقال: ما تقولين في دعواها؟ قالت: أفزع، أيَّد الله القاضي! قال: مماذا؟ قالت: لحية طولها ذراع، ووجه طوله ذراع، ودنية طولها ذراع، فأخذتني هيبتها، فوضع القاضي دنيته، وغطَّى بكمه لحيته، وقال: قد نقصتك ذراعين، أجيبي عن دعواها. قال هلال الصابي: توفِّي في نصف رمضان سنة ثمان وستّين وثلاث مائة. 276- أَحْمَد بن محمد بن صالح1، أبو العباس البروجودي الخطيب. نزل ببغداد، وحدَّث عن: إبراهيم بن الحسين بن ديزيل. وعنه: هلال الحفَّار، ومحمد بن عمر بن بكير، ومحمد بن محمد السّوّاق. حدَّث في شوال سنة ثمان وستين وثلاثمائة. 268- أحمد بن محمد بن مهران2 الأصبهاني المعدّل. روى عن: محمد بن العبّاس الأخرم، وحاجب بن أركين. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم. توفِّي فِي شوال. 269- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف3، أبو القاسم المَعَافِريّ القُرْطُبي. سمع من: عبد الله بن يونس، وقاسم بن أصْبغ، وحجّ سنة اثنتين وأربعين، فسمع من أبي محمد بن المُوَرّد، وآخرين، وأدَّب المُؤَيُد بالله بن المُسْتَنْصِر الحَكم. 270- أحمد بن موسى بن عيسى4 الجرجاني، الوكيل على أبواب القُضاة. سمع: عمران بن موسى بن مجاشع، وأحمد بن حفص السَّعْدِي، وكتب الكثير، وصنَّف وهو ضعيف. اتَّهَمه بعضُهم. وقال حمزة: له فَهْمٌ ودراية، أتي بمناكير عن شيوخ مجاهيل.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 38". 2 انظر ذكر أخبار أصبهان "1/ 156". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 49". 4 انظر تاريخ جرجان "103"، وشذرات الذهب "3/ 67".

271- إبراهيم بن محمد بن سهل1 الْجُرْجَاني المؤدِّب. يروي عن أبي القاسم البَغَوِي، وغيره. وعنه: حمزة السَّهمْي. وله رحلة إلى دمشق لقِيَ فيها ابن عتّاب الزَّفْتي. 272- إسحاق بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ2 بْن إِبْرَاهِيم بْن قُولُوَيْه، أبو يعقوب الأصبهاني التاجر. سمع: إبراهيم بن يوسف الهِسْنجاني، وأهل الرّيّ. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم. توفِّي في ربيع الأول. حرف الجيم: 273- جعْفَر بْن مُحَمَّد بْن جعفر3 بن موسى بن قُولُويه، أبو القاسم السَّهْمي الشّيعي. قلت: كان ابن قولويه هذا من كبار الشّيعة، ومن علمائهم المشهورين، وكان من أصحاب سعد بن عبد الله، وهو شيخ الشيخ المفيد. وقال فيه المفيد: كما يُوصَفُ النّاسُ من جميلٍ وِفقْهٍ ودينٍ وثِقَةٍ، فهو فوق ذلك. وله كُتُبٌ حِسان، منها: "كتاب الصلاة"، و"كتاب الجمعة والجماعة"، و"كتاب قيام الليل"، و"كتاب الصداقة"، و"كتاب قسمة الزكاة"، و"كتاب الشُّهور والحوادث"، وغير ذلك من كُتُب الفقه. حمل عنه الشيخ محمد بن محمد بن النّعمان المفيد، وأبو جعفر محمد بن يعقوب، وأبو الحسين يحيى بن محمد بن عبد الله الحسيني، وأحمد بن عبدون، والحسين بن عُبيد الله الغضائري، وحيدرة بن نُعَيم السَّمَرْقَنْدي، ومحمد بن سليم الصَّابُوني بمصر.

_ 1 انظر تاريخ جرجان "137". 2 انظر ذكر أخبار أصبهان "1/ 121". 3 انظر لسان الميزان "2/ 125".

وأحسبه من أهل مصر، ذكر ابن أبي علي وفاته في هذه السنة. 274- جعفر بن محمد1، أبو العبّاس البابوي الهَرَوي. روى عن: الحسين بن إدريس. وعنه: إسماعيل بن إبراهيم بن محمد المقرئ القراب. توفِّي في جُمَادَى الْأولى. حرف الحاء: 275- الحَسَن بْن عَبْد الله2 بْن المَرْزُبان، أبو سعيد السَّيرافي النَّحوي القاضي، نزيل بغداد. حدَّث عن: أبي بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، ومحمد بْن أبي الأزهر، وابن دُرَيْد. وعنه: علي بن أيّوب القُمي، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة، وغيرهما. وكان مَجُوسيًا أسلم وسَمُّوه "عُبَيْد الله". وكان أبو سعيد إمامًا كبير الشّأن، تصدَّر لإقراء القراءات والنّحّو واللُّغة والفرائض والحساب والعَرُوض، وكان من أعلم النّاس بنحو البَصْريّين، عارفًا بفقه أبي حنيفة. قرأ القرآن على: أبي بكر من مُجاهد، وأخذ اللغة عن ابن دُرَيْد، والنّحّو عن أبي بكر بن السّرّاج. وكان لا يأكل إلّا من كسْب يمينه تَدَيُّنًا، وكان لا يجلس للقضاء ولا للاشتغال حتى يَنْسَخَ كرَّاسًا يأخذ أَجْرَته عشْرة دراهم. قال ابن أبي الفوارس: وكان يُذْكَر عنه الاعتزال، ولم يظهر منه شيء. قلت: ومن تصانيفه "شرح كتاب سيبويه"، و"كتاب ألفاظ القطع والوصل"، و"كتاب الإقناع" في النحو، لكن كمَّله وَلَدُهُ يوسف، وجزء "أخبار النُّحاة". وتوفِّي في رجب، وله أربعٌ وثمانون سنة. وكان نحوي العراق.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ بغداد "7/ 341"، والمنتظم "7/ 95" والكامل "8/ 698"، ولسان الميزان "2/ 218".

أخبرنا سُنْقُر الحلبي بها، أنا يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد الدّامغاني في رمضان سنة أربعٍ وعشرين وستّمائة، قَدِمَ علينا، أَنَا أَبِي، أَنَا أحمد بْن علي بْن سوار المقرئ، أنا محمد بن عبد الواحد بن رزق، أنا الحسن بن عبد الله بن المرزبان، ثنا محمد بن منصور بن أبي الأزهر، ثنا الزُّبَيْر بن بكّار، حدّثني أنس بن عِيَاض قال: حدّثني من سمع يحيى بن أبي كثير اليمامي يقول: لا يُدرَك العِلْم براحة الجسم. 276- الحسن بن عبد الله بن محمد1، الإمام أبو محمد البغدادي، ويعرَفُ بابن الكاتب، وبابن القُريق. تلا بالروايات على: ابن محمد، وابن تومان، وأبي بكر النّقّاش. قرأ عليه: منصور بن محمد بن إبراهيم، ويروي عنه في كتابه الملقَّب بـ "الإشارات" بالقراءات من جمعه. قال منصور: كان من عبَّاد الله الصالحين الفاضلين. قلت: ويروي عنه ولده أبو الفتح محمد بن الحسن بالأهواز، مات في ذي الحجّة سنة ثمان. ذكره ابن النجار. 277- الحسن بن إبراهيم بن جابر2 بن أبي الزّمّام، أبو علي الدمشقي الفَرَضي. روى عن: محمد بن المُعَافَى، ومحمد بن خُرَيّم، وأصحاب هشام بن عمّار. وعنه: عبد الوهاب الدّاراني، ومحمد بن عوْف المُزَني، وعلي بن بِشْري، ومكّي بن الغَمْر، وثريّا بن أحمد الألهاني. وثَّقه عبد العزيز الكتّاني، وهو آخر من حدَّث عن محمد بن يزيد بن عبد الصمد. 278- حامد بن أحمد بن العبّاس، أبو بكر الصّرّام3. من شيوخ همذان. سمع ببلده، ورحل إلى بغداد فسمع من: محمد بن حَمْدَويْه المَرْوَزي، والقاضي المَحَاملي، وأبي بكر بن الأنباري، وطبقتهم.

_ 1 انظر الوافي بالوفيات "12/ 90". 2 انظر التهذيب "4/ 290". 3 انظر الأنساب "2/ 238".

روى عنه: أحمد بن تركان، وأبو منصور بن المحتسِب، وجماعة كثيرة. توفِّي في شوّال سنة ثمانٍ وستّين. 279- حُمَيْدان بن خراش1 العُقَيْلي، ولِيَ إمرة دمشق في هذا العام للعزيز العُبَيْدي، وكان قسَّام يأخذ الأمر بالبلد، فوقع بينه وبينه، ثمّ طرده قَسّام والعَيَّارُون، ونُهِبَت داره، وهرب واستفحل شأن قسام. حرف الصاد: 280- صالح بْن علي بْن مُحَمَّد2 بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن علي، أبو بكر الحرَاني. عن ابن قتيبة العسقلاني. حرف العين: 281- عبد الله بن إبراهيم بن يوسف3، أبو القاسم الْجُرْجَاني الآبنْدُوني الحافظ. وآبنْدُون من قُرى جُرّجان. رفيق ابن عَدِيّ في الرّحلة. سكن بغداد، وحدَّث عن: أبي خليفة، وأبي يَعْلَى، والحسن بن سفيان، وأبي العبّاس بن السراج، والقاسم المطرّز، وعمر بن سنان المنبجي، ومحمد بن الحسن بن قُتَيْبَة. قال الخطيب: كان ثقةً ثبتًا له تصانيف، ثنا عن البَرْقاني، وأبو العلاء الواسطي، وكان عَسِرًا في الحديث. وقال البرقاني: كان محدِّثًا زاهدًا متقلِّلًا من الدنيا، لم يكن يحدِّث غير واحد، فقيل له في ذلك، فقال: أصحاب الحديث فيهم سوء أدب، وإذا اجتمعوا للسّماع تحدّثوا، وأنا لا أصبر على ذلك. وأخذ البَرْقَاني يصف أشياء من تقلّله وزُهُده، وأنّه أعطاه وقال: أحملها إلى

_ 1 انظر تهذيب ابن عساكر "4/ 457". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر تاريخ بغداد "9/ 407"، والمنتظم "7/ 95"، وسير أعلام النبلاء "16/ 261-263".

الباقلاني ليطرح عليها ماء الباقلاء، فوقعت على الكسر باقلانان، فرفعهما وقال: هذا الشيخ يعطيني كلّ شهر دانقًا حتى أبلّ له الكِسَر. قلت: وقد روى عنه ابن قُتَيْبة الإمام أبو بكر الإسماعيلي، وإبراهيم بن شاه المروزي، وأبو نُعَيم الأصبهاني. قال الحاكم: خرج الآبندوني إلى بغداد سنة خمسين، وسكنها إلى أن مات. وقال غيره: عاش خمسًا وتسعين سنة -رضي الله عنه. 282- عَبْد الله بن إِبْرَاهِيم بن عَبْد الملك1 الأصبهاني الواعظ، أبو محمد. روى عن: البَغَوِي، وأبي عَرُوبة الحرّاني. وعنه: أبو نعيم، وأبو بكر بن أبي علي. تُوُفّي في رجب. 283- عبد الله بن الحسن بن سليمان2، أبو القاسم بن النخّاس، بالمعجمة، البغدادي المقرئ. سمع: عبد الله بن ناجية، وأحمد بن الحسن الصّوفي، وأبا القاسم البَغَوِي، وجماعة. وروى عنه: أبو بكر بن مجاهد المقرئ، وهو أكبر منه، وأبو الحسن الحمّامي، وأبو بكر البَرْقَاني، وأبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه. وقال أبو الحسن بن الفرات: قلَّ ما رأيت في الشيوخ مثله. وقال الخطيب: كان ثقة، وُلِدَ سنة تسعين ومائتين. قلت: قرأ على الحسن بن الحسين الصّوّاف، وغيره. 284- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن حيّان3، أبو العباس الجنابي البوشنجي الهروي.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ بغداد "9/ 438"، والمنتظم "7/ 96". 3 لا بأس به.

روى عن: محمد بن القاسم بن زكريَّا الكوفي، وطائفة كابن عُقْدَةَ، وهو سميّ أبي الشيخ وعصْريّه. روى عنه: أبو بكر البَرْقَاني، وأبو الفضل الجارودي، وأبو عثمان سعيد بن العبّاس القُرَشي، وغيرهم. توفِّي في هذا العام. 285- عبد الله بن محمد بن محمد1 الأصبهاني المارستاني الخازن. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ العبّاس، ومحمد بن عبد الله بن رستم. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم، وغيرهما. 286- عبد الله بن الإمام زكريَّا بن يحيي2 بن محمد العَنْبَرِي النَّيْسَابُوري، أبو محمد. رجل صالح. روى عن: أبي العبّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمة. وعنه: الحاكم. 287- عبد الصّمد بن محمد بن حَيَوَيْه3، أبو محمد البخاري، الحافظ الأديب. سمع: محمد بن محمد بن حاتم السّجِسْتاني، ومَكْحُولا البَيْرُوتي. وعنه: تمَّام الرّازي، ومحمد بن عمر بن بكير. وكان واسع الرّحلة، له صحيح مخرَّج على البُخَاري، جوَّده. وتوفِّي بالدّينَوَر. وقد روى عنه الحاكم قال: سمعت أبا بكر بن حرب شيخ أهل الرأي ببلدنا يقول: كثيرًا ما أرى أصحابنا يظلمون أهل الحديث، كنت عند حاتم العَتَكي، فدخل عليه شيخ من أهل الرأي فقال: أنت الذي تروي أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَّرَ بقراءة الفاتحة

_ 1 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 88". 2 لا بأس به. 3 انظر تاريخ دمشق "24/ 161".

خلف الإمام؟ فقال: قد صحَّ الحديث "لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب" 1. فقال له: كَذَبْتَ، إنَّ فاتحة الكتاب لم تكن فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنّما نزلت في عهد عمر. قلت: إسناده صحيح. 288- علي بن محمد بن صالح بن داود2، أبو الحسن الهاشمي المقرئ الضّرير، مقرئ البصرة. قرأ القرآن على: أبي العبَّاس أحمد بن سهل الأشناني. قرأ عليه: طاهر بن غلبون. 289- علي بن محمد بن أحمد3 الْجُرْجاني الزّاهد الفقيه، المعروف بأبي الحسن القَصْري. كان مُفْتيًا عارفًا بمذهب الشافعيّ. روى عن: البَغَوِي، وأبي بكر بن أبي داود أحمد بن عبد الكريم الوزَّان، وعبد الرحيم بن عبد المؤمن. توفِّي يوم عاشوراء. روى عنه: حمزة السّهمي، والْجُرْجَانيّون. 390- عمر بن عُبَيْد الله بن إبراهيم4 بن أحمد الأصبهاني بن الوزَّان، إمام الجامع. سمع أبو القاسم البَغَوِي، وأحمد بن محمد بن شَبه. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم. 291- عيسى بن حامد بن بِشْر5 القاضي، أبو الحسين الرخجي ثم البغدادي، المعروف أيضًا بابن بنت القنبيطي.

_ 1 حديث صحيح بلفظ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن". أخرجه البخاري "2/ 756"، ومسلم "الصلاة 34". 2 انظر معرفة القراء الكبار "1/ 259"، وغاية النهاية "1/ 568". 3 انظر تاريخ جرجان "316". 4 لا بأس به. 5 انظر تاريخ بغداد "11/ 178"، والمنتظم "7/ 97"، والعبر "2/ 348".

سمع من: جدّه محمد بن الحسين القُنَّبيطي، ومحمد بن جعفر القتّات، وإبراهيم بن شريك، وجعفر بن محمد الفِرْيابي، وعبد الله بن ناجية. وكان من تلامذته: محمد بن جرير السَّوَّاق، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وعلي بن عبد العزيز الظاهريّ، وأبو علي بن دُوما. وثَّقه ابن أبي الفوارس وقال: توفِّي في ذي الحجّة. حرف الغين: 292- الغضنفر أبو تغلب بن ناصر الدّولة1، الحسن بن عبد الله بن حمدان التَّغْلِبِيُّ صاحب المَوْصِل وابن صاحبها. مرَّ في ترجمة أبيه، وكيف قبض على أبيه، واستبدَّ بالأمر، ثم إنّه حارب عضُدُ الدولة ابن بُوَيْه، وصار إلى الرّحْبة، ثم هرب منها خوفًا من ابن عمِّه سعد الدولة صاحب حلب، ومن بني كِلاب، فإنَّ عضُدُ الدولة كاتَبَهُم وجَبَّرَهُم عليه، فوصل إلى مَرْج دمشق، وأراد دخولَها، فمانَعَهُ صاحبُها قسَّام، فأنفذ أبو تَغْلِب كاتبه إلى العزيز يستنجد به، ثم نزل بِحَوْران، وفارق ابن عمّه الغطْرِيف، وردّ إلى خدمته عضُدُ الدولة، فجاء الخبر من كاتبه بأن يُقْدِم على العزيز، فخاف وتوقف، ثم نزل بأرض طبريّة، وبعث العزيز مولاه الفضل ليأخذ له دمشق، فاجتمع به أبو تَغْلِب، ثم تفرّقا عن وَحْشَةٍ. وكان مُفرّج الطائي قد استولى على الرّمْلة، فاتّفق مع فضْلٍ على حرب أبي تَغْلِب وبني عَقيِل النّازلين بالشّام، فوقع التّصَافُّ بظاهر الرَّملة في سنة تسعٍ، مُسْتَهل صفر، فانهزم بنو عقيل، وأسر مُفَرّج أبا تغلب، ثم قتله صبْرًا، وبعث برأسه إلى العزيز. ذكر ذلك القفْطي. ولم يذكر ابن عساكر أبا تغلب في تاريخه، والله أعلم.

_ 1 انظر الكامل في التاريخ "حوادث 369"، وسير أعلام النبلاء "16/ 306، 307".

حرف الميم: 293- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ1، أبو الحسن الواعظ الصوفي، صاحب ابن الجلاء. وحدَّث بدمشق في هذه السنة عن: أحمد بن المعلَّى الدّمشقي، والعبَّاس بن يوسف الشّكَلي، وعبد الله البغوي. وعنه: الحسين بن جعفر الْجُرْجاني، وعبد الوهاب المَيْداني. 394- محمد بن أحمد بن طاهر2، أبو طاهر الصّوفي شيخ الملاشة. كان كثير الاجتهاد والتلاوة، أنفق على الفقراء ما لا يُحْصَى. 295- محمد بن إبراهيم بن محبّ3، أبو عبد الله الزُّهْري الأندلسي. سمع ببجانة من سعيد بن فحلون، وأحمد بن جابر. وعاش ستّين سنة. 296- محمد بن عبد الرحمن4 بن عَمْرو، أبو بكر الرّحَبي الحمصي القاضي. سمع: أباه، ومحمد بن جعفر بن رزِين، وأبا الْجَهْم بن طِلاب، ومحمد بن يوسف الهَروي، وجماعة. وعنه: الدَارقُطْنيّ، وهو من أقرانه، والمُسَدّد الأملوكي، وعلي بن السّمْسار. حدَّث أيضًا بدمشق في هذه السنة. 297- محمد بن عُبَيْدُون بن فهد5 الأندلسي القُرُطُبي. سمع: من أبيه، وروى عن: محمد بن وضَّاح جُزءًا سمعه منه، وهو ابن إحدى عشرة سنة.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر النجوم الزاهرة "4/ 131، 132". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 79". 4 انظر اللباب "2/ 19". 5 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 79".

وروى عنه المدوَّنة بالإجازة، وهُوَ آخِرُ من حدَّث في الدُّنيا عن ابن وضَّاح. قال ابن عفيف: وقد طُعِنَ في عدالته. وقال ابن الفَرَضي: كان ذاهِبَ السَّمْع، لم أروِ عنه. وُلِدَ سنة اثنتين وسبعين ومائتين. 298- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه1 بْن إسحاق، أبو علي الْجُرْجاني الوَزْدُولي، ووزْدول من قُرى جُرْجان. نزل بغداد، وحدَّث عن: عمران بن موسى بن مجاشع، ويحيى بن صاعد، وأبي عَرُوبة. وعنه: أبو سعيد الماليني، وأحمد بن علي البادي، سمع منه فِي هذا العام. 299- مُحَمَّد بْن عيسى بن عَمْرَوَيه2، أبو أحمد النَّيْسَابُوري الْجُلُودي الزّاهد، راوي "صحيح مسلم". سمع: عبد الله بن شِيرَوَيْه، وإبراهيم بن محمد بن سُفْيَان الفقيه، وأحمد بن إبراهيم بن عبد الله، ومحمد بن إسحاق بن خُزَيْمة، وأبا بكر بن زنْجَويْه القُشَيْري، ومحمد بن المسيّب الأرغَيَاني، وغيرهم بنَيْسَابور، ولم يرحل منها. روى عنه: الحاكم أبو عبد الله، وأحمد بن الحسن بن بُنْدَار الرّازي، وأبو سعيد عمر بن محمد السّجْزي، وأبو سعيد محمد بن علي النّقّاش، وأبو محمد بن يوسف، وعبد الغافر بن محمد الفارسي، وآخرون، وآخرهم عبد الغافر. قال الحاكم في تاريخه: محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن الزاهد، أبو أحمد الْجُلُودي، كذا سمَّى أباه وجدّه، وقال: هو من كبار عُبَّاد الصُّوفية، صحِب أصحاب أبي حفْص، وكان يورّق بالأجْرة، ويأكل من كسْب يده، وكان ينتحل مذهب سُفيان الثَّوْري ويعرفه. توفِّي فِي الرّابع والعشرين من ذي الحجّة. قال: وخُتم بوفاته سماع "كتاب مُسْلم"، فإنَّ كل من حدَّث به بعده عن إبراهيم بن سفيان فإنه غير ثقة.

_ 1 انظر تاريخ جرجان "75"، وتاريخ بغداد "3/ 87". 2 انظر المنتظم "7/ 97"، والكامل "8/ 711"، والبداية والنهاية "11/ 294".

وقال الحاكم: وقد سُئل عن الْجُلُودي: كان من أعيان الفقراء الزهَّاد، من أصحاب المعاملات في التّصَوّف، ضاعت سماعاته من أبي سفيان، فنسخ البعض من نسخة لم يكن له فيها سماع. وقال ابن دِحْيَة: اختُلِفَ في الْجُلُوديّ، فقيل: بفتح الجيم التفاتًا إلى ما ذكره يعقوب في "الإصلاح"، ونقله ابن قُتَيْبة في "الأدب"، وليس هذا من ذاك في شيء؛ لأنّ الذي ذكره يعقوب رجل منسوب إلى جَلُود من قرى إفريقية، بينه وبين هذا أعوام عديدة، وهذا متأخِّر، كان يحكم في الدار التي تباع فيها الْجُلُود للسُّلطان، وكان الصّواب عند النَّحويّين أن يقال "الْجُلْدي"؛ لأنّك إذا نَسَبْتَ إلى الجمع ردَدْت إلى الواحد، كقولك: "صحفي" و"فرضي". وقال ابن نُقْطَة: رأيت نَسَبَه بخطّ غير واحد من الحُفَّاظ: "محمد بن عيسى بن عَمْرَوَيْه بن منصور". قال الحاكم: ودُفِن في مقبرة الحيرة، وهو ابن ثمانين سنة. 300- محمد بن محمد بن يعقوب1 بن إسماعيل بن حجّاج النَّيْسَابُوري الحافظ أبو الحافظ أبو الحسين الحجّاجي، المقرئ العبد الصالح الصّدُوق. قرأ القرآن ببغداد على: ابن مجاهد، وسمع عمر بن أبي غيلان، وعبد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائني، ومحمد بْن جرير الطبري، وببلده أبا العباس الثقفي، وأبا بكر بن خزيمة، وأحمد بن محمد الماسِرجِسي، ومحمد بن المسيّب. وبالرّيّ محمد بن جعفر بن نصر الرازي، والكوفة عليّ بن العباس المَقَانِعي، وبمصر علان بن الصّيْقَل، وأُسامة بن علي الرّازي، وبدمشق أبا الجهم بن طِلاب، وابن جَوْصَا. مصنّف العِلَل والشَّرْحِ وَالأبواب. وعنه: أبو علي الحافظ، وهو أكبر منه، وأبو بكر بن المقرئ، وهو من طبقته، بل أقدم منه، وأبو عبد الله بن مَنْدَه، والحاكم، وأبو بكر البَرْقَاني العَبْدَوِي. قال الحاكم: سمعت أبا علي الحافظ يقول: ما في أصحابنا أفهم ولا أثبت من أبي الحسين، وأنا ألقِّبُه بعَفافٍ لثبته.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "3/ 223"، والوافي بالوفيات "1/ 128"، وسير أعلام النبلاء "16/ 240، 243".

قال الحاكم: وَلَعمْرِي أنَّه لَكَمَا قال الحافظ أبو علي، فإنَّ فَهْمَه كان يزيد على حِفْظِه. قال الحاكم: وكان يمتنع عن الرواية وهو كهّل، فلمَّا بلغ الثمانين لازمه أصحابُنَا بالليل والنهار، حتى سمعوا منه كتابه في "العِلَل" وهو نيّف وثمانون جُزْءًا، وسمعوا منه "الشيوخ" وسائر المصنَّفات. صَحِبْتُهُ سِتًّا وعشرين سنة باللّيل والنّهار، فما أعلم أنّي علمت أنّ الْمَلَكَ كتب عليه خطيئة. وثنا أبو علي الحافظ في مجلس إملائه قال: حدّثني أبو الحسين بن يعقوب، وهو أثبت من حدَّثنا عنه اليوم، فذكر حديثًا. توفِّي خامس ذي الحجّة، عن ثلاثٍ وثمانين سنة. 301- محمد بْن يعقوب بْن إِسْحَاق1 بْن محمود بن إسحاق، أبو حاتم الهَرَوِي. يروي عن: محمد بن اللَّيْثِ الْقُهُنْدُزِي، ومحمد بن عبد الرحمن الشّامي، والحسين بن إدريس، وجماعة. وعنه: ابنه أبو محمد، ومحمد بن المنتصر، وإسحاق القرّاب، وأبو عثمان سعيد القُرَشي. وكان فقيهًا فاضلًا. وتوفِّي في رجب. حرف الهاء: 302- هَفْتَكِن أبو منصور2 التُرْكي الشَّرَّابي الأمير. هرب من بغداد خوفًا من عضُدُ الدولة، ونزل بنواحي حمص، فسار إليه ظالم العُقَيْلي من بَعْلَبَكّ ليأخذه فلم يقدر، وكاتبوا هفتكين من دمشق، فقَدِمَها وغلب عليها في سنة أربعٍ وستّين، وأقام الدَّعوة العبَّاسية، وأزال دعوة بني عُبيْد، ثم تأهَّب لقتالهم وتَوَجَّه في شعبان من السنة، فنزل على صيْدا، ودافع جُنْدُ بَنِي عُبَيد، فقَتَلَ منهم مقتلة عظيمة، وأخذ مراكب لهم في ساحل صيدا، فسار لحربه من مصر

_ 1 لا بأس به. 2 انظر شذرات الذهب "3/ 67"، وسير أعلام النبلاء "16/ 307، 308".

جوهر، فحصَّن هو دمشق، فنازلها جوهر المُعِزّي بجيوشه في ذي القعدة سنة خمس وستّين، وحاصرها سبعة أشهر، ثم ترحَّل لمّا بلغه مجيء القُرْمُطيّ من الأَحساء، فسار هفتكين في طلب جوهر، فأدركه بعَسْقَلان، فكسر جوهرًا وتحصَّن جوهر بعسقلان، فحاصرها هفتكين سنة وثلاثة أشهر، ثم أمَّنه فنزل وراح، فصادف صاحبَ مصر العزيز نِزَارًا، وقد خرج في جيوشه قاصدًا دمشق، فردَّ في خدمته، فكانوا سبعين ألفًا، فالتقاهم هفتكين وثبت، ثم أنكسر، وأسروه في أول شعبان سنة ثمانٍ وستّين، وحُمِلَ إلى مصر، ثم مَنَّ عليه العزيز وأطلقه، وصار له موكب، فخافه الوزير يعقوب بن يوسف بن كلّس فقتله، دسَّ عليه من سقاه السمَّ، وقيل: بل هلك في سنة إحدى وسبعين، وكان إليه المُنْتَهَى في الشّجاعة. وفيَّات سنة تسع وستين وثلاثمائة: حرف الألف: 303- أحمد بن إسحاق بن محمد1 بن أحمد بن الحسين بن شيبان، أبو محمد البغدادي الشَّيْباني ثم الهَرَوي الضَّرير. سمع: مُعَاذ بن نَجْدَة، وعلي بن محمد الجكاني، وأقرانهما. روى عنه: أبو الفضل بن أبي عصمة، وأبو عثمان سعيد القُرَشي، وأبو حازم العبدوي. توفِّي في جُمادي الآخرة. 304- أحمد بن الحسين بن أحمد2 بن المؤمّل الصّيّرفي البغدادي، ابن أخي عُبَيْدِ بْنِ المؤمّل. تُوُفّي في المحرّم. قال ابن أبي الفوارس: كان فيه نظر.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ بغداد "4/ 106".

305- أحمد بْن عَبْد الوهّاب1 بْن مُحَمَّد بْن أبي صِدام، أبو بكر اللهْبي الصّابوني، دمشقيّ مستور الحال. روى عن: سعيد بن عبد العزيز، وابن الدُّرَفْس، وجماهر الزَّمْلَكاني، ومحمد بن خريم. وعنه: تمَّام، وعبد الوهاب الميداني، وعلي بن السمسار، وجماعة. توفِّي فِي ربيع الأول. 306- أَحْمَد بْن عبد الوهاب بن يونس2، أبو عمر القرطبي، الفقيه الشافعي، تلميذ عبيد الشافعي الفقيه. كان ذكيا عالما بالاختلاف، كيسا مناظرا نحويا لغويا، وكان ينسب إلى الاعتزال. توفِّي فيها وفي صدور سنة سبعين. 307- أحمد بن عطاء بن أحمد3 بن محمد بن عطاء، أبو عبد الله الصوفي الكبير، نزيل صور. حدَّث عن: أبي القاسم البَغَوِي، وابن أبي داود، وعلي بن محمد بن عبيد الحافظ، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وجماعة. وعنه: ابن جميع، وأبنه السكن، وعبد الله بن بكر الطبراني، وأحمد بن الحسن الطيان، وأبو عبد الله بن باكويه، وعلي بن جهضم، وعلي بن عياض الصوري، وآخرون. قال حمزة السهمي: سمعت أبا طاهر الرّقّي، سمعت أحمد بن عطاء يقول: كلَّمني جمل في طريق مكة، رأيت الجمال والمحامل عليها، وقد مدَّت أعناقها في الليل، فقلت: سبحان الله، من يحمل عنها ما هي فيه، فالتفتَ إليَّ جمل فقال لي: قُلْ: جلَّ الله، فقلتُ: جلَّ الله. وقال السُّلَمي: أحمد بن عطاء هذا ابن أخت أبي الروذباري، يرجع إلى

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 47"، والوافي بالوفيات "7/ 162". 3 انظر تاريخ بغداد "4/ 336"، وحلية الأولياء "10/ 383"، وسير أعلام النبلاء "16/ 227، 228".

أنواع من العلوم، منها: علم القراءات، وعلم الشريعة، وعلم الحقيقة، وإلى أخلاق يختصّ بها ويُربي على أقرانه، وهو أوحد مشايخ وقته في بَابَتهِ وطريقته. توفِّي في ذي الحجّة سنة تسعٍ وستّين. وقال الخطيب: روى أحاديث غلط فيها غلطًا فاحشًا، فسمعت الصّوري يقول: حدَّثونا عن الرُّوذْبَاري، عن إسماعيل الصَّفّار، عن ابن عَرَفَة أحاديث لم يُروِها الصَّفّار، قال: ولا أظنّه معتمد الكذِب، لكن شُبِّه عليه. وقال الْقُشَيْرِيُّ: كان شيخ الشام في وقته. ومن كلام أحمد بن عطاء: "الذَّوْقِ أَوّل المواجيد، فأهل الْغَيْبَةِ إذا شربوا طاشوا، وأهل الحُضُور إذا شربوا عاشوا". وقال: "ما من قبيح إلّا وأقبح منه صُوفيٌّ شحيح". وقال: "التّصَوُّف ينفي عن صاحبه البُخْل، وكتب الحديث ينفي عن صاحبه الجهْل، فإذا اجتمعا في شخص فناهيك به نُبْلًا". وقال: "ليس كلّ من يَصْلُحُ للمُجالسَة يَصْلُحُ للمُؤانَسَة، وليس كلّ من يَصْلُح للمؤانَسة يؤتَمَن على الأسرار". 308- أحمد بن محمد بن حَسنَوَيْهِ1 بْنِ يونس، أبو حامد الهَرَوِي العدْل. سمع: الحسين بن إدريس، وغيره. وعنه: إسحاق القرّاب، وأبو بكر البَرْقاني، وأبو حازم العَبْدَوِي، وأبو عثمان سعيد القُرَشي. وقال أبو النَّضْرِ الْفامي: كان ثقة. قلت: توفِّي فِي رَمَضَان. 309- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن دلان بن هارون الفقيه، أبو حامد الزوزني2. توفِّي في جمادى الآخرة.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر اللباب "2/ 80".

310- أحمد بن أبي منصور، أبو حامد الأزهري الهروي. لعلَّه الذي تقدَّم. 311- إبراهيم بن أحمد بن عمر1 بن حمدان بن شاقلا، أبو إسحاق البغدادي البزَّار، شيخ الحنابلة وفقيههم. كان إمامًا في الأصول والفروع. سمع من: دعلج بْن أحمد، وأبي بَكْر الشّافعيّ، وأبي عَلِيّ بن الصوَّاف، وتفقَّه على أبي بكر عبد العزيز. وكان يُشْغِل الناس، وله حلقة بجامع المنصور. توفِّي في رجب وله أربعُ وخمسون سنة، لم يبلغ سنُ الرواية. 312- إبراهيم بن ثابت2، أبو إسحاق الدعاء المذكر، يقال: إنّه لقي الْجُنَيْد. قال السُّلمي: كان من أورع المشايخ وأزهدهم وأحسنهم حالًا وألزمهم للشريعة، وكان له حلقة ببغداد، تقدَّمت إليه وسألته أن يدعُوَ لي فقال: يا أخي اخْتَر ما جرى لك في الأَزَل خيرٌ لك من معارضته الوقت. وكان يقول: كان الْجُنَيْدُ يَأْتي إلى دارنا. وقال إبراهيم: دع ما تندم عليه. حرف الحاء: 313- الحسن بن أحمد بن دُليف الأزركاني3. حدَّث عن ابن الجارود. 314- الحسن بن علي بن شعبان4، أبو علي المصري. روى عن ابن المنذر.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "6/ 17"، وسِيَر أعلام النبلاء "16/ 292"، والوافي بالوفيات "5/ 310". 2 انظر تاريخ بغداد "6/ 49". 3 انظر اللباب "1/ 47". 4 في عداد المجهولين.

315- الحسن بن علي البصري1 الحنفي، المعروف بالجعل. كان مقدَّمًا في الفقه والكلام، عاش ثمانين سنة، وكان من كبار المُعْتَزِلة، وله تصانيف على قواعدهم. ذكره أبو إسحاق في "طبقات الفقهاء" فقال فيه: رأس المعتزلة. وكنَّاه: أبا عبد الله. قال الخطيب: له تصانيف كثيرة في الاعتزال. قال لي أبو عبد الله الصّيْمَرِي: كان مقدَّمًا في الفقه والكلام مع كثرة أماليه فيهما وتدريسه لهما. قال: وتوفِّي في ذي الحجّة، وحدَّثني التَّنُوخيّ أنَّه ولد سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة. قيل: وصلَّى عليه أبو علي الفارسي النّحّوي. 316- الحسين بن كَهْمَس2، أبو علي الجوهري المصري المعدّل. سمع أبا العلاء الكوفي، وتوفِّي في شعبان. 317- الحسن بن محمد بن علي3، أبو سعيد الأصبهاني الزعفراني. كان -فيما ذكر أبو نُعَيم- بندار البلد في كثرة الأصول والحديث، صاحب معرفة وإتقان، صنَّف المُسْنَد والتّفسير والشيوخ، وله من المصنَّفات شيء كثير. سمع: أبو القاسم البَغَوِي، ويحيى بن صاعد، والحسين بن علي بن زيد. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم، وأهل أصبهان. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ إِجَازَةً، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ الجمَّال، أنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ أَخْبَرَهُ، قَالَ: أنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ محمد، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، ثنا محمد بْنُ عَمْرِو بْنِ حَنَانٍ، ثنا بَقِيَّةُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ الرَّهَاوِيُّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ أمان كل خائف"4.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "8/ 73"، والمنتظم "7/ 101"، وطبقات المفسرين "1/ 155". 2 انظر اللباب "3/ 121". 3 انظر تاريخ أصبهان "1/ 283"، وتذكرة الحفاظ "2/ 956"، وسير أعلام النبلاء "16/ 517، 518". 4 حديث ضعيف: أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان "1/ 283"، وعنه الديلمي "2/ 91"، وإسناده ضعيف مسلسل بالعلل انظرها في الضعيفة "3094".

حرف الخاء: 318- خالد بن هاشم، أبو زيد القُرْطُبي1 الوزير. سمع: أسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد بن الحُباب. وتوفِّي في صفر، ووَزِر قليلًا للمؤيد بالله. حرف الراء: 319- رُحَيم بن سعيد بن مالك2 الضّرير، أبو سعيد العابر. سمع: أبا زُرْعَة الدّمشقي، وهو آخر من حدَّث عنه، وحاجب بن أُركين. روى عنه: عبد الغني بن سعيد الحافظ، ويحيى بن علي بن الطحَّان، وأحمد بن عمر الجهازي. قال عبد الغني: سمعته يقول: سمعت من أبي زرعة. وقال ابن الطحان: سمعنا منه سنة تسعٍ وستّين، وعاش بعد ذلك يسيرًا. قال: عُمْري مائةٌ وسَبْعُ سِنين. حرف السين: 320- سعيد بن أَبِي سعيد محمد3 بن أحمد بن سعيد، أبو عثمان الصُّوفي النَّيْسَابُوري. قال الحاكم: رفيقي، لعلَّه كتب بانتخابي على الشيوخ نحو مائة ألف حديث بخُراسان والعراق، فقد وصل إليَّ من سماعي بخطّه الدقيق أكثر من ستّمائة جزء. سمع الأصمّ وغيره، وببغداد أحمد بن كامل، وعبد الله بن إسحاق الخُراساني. ومات كهلًا. وروى عنه: الحاكم، وأبو العلاء الواسطي.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 132". 2 انظر تهذيب ابن عساكر "5/ 321". 3 انظر تاريخ بغداد "9/ 111"، والمنتظم "7/ 102".

حرف العين: 321- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن راشد بن شُعيْبٍ1، أَبُو محمد بن أخت وليد البغداديّ الفقيه الظّاهري، قاضي دمشق. حدَّث عن: ابن قُتَيْبة العَسْقَلانِي، وعلي بن عبد الله الرَّمْلي. وعنه: ابن منير، وابن نظيف الفرَّاء، ومحمد بن جعفر بن المذكّر، وغيرهم. ذكره ابن عساكر، فقال: وكان خيَّاطًا فوُلّي قضاء مصر في دولة الأخشيد. قال: وقيل: وكان سخيفًا أخذ الرّشوة، وهَجَوْهُ بقصيدة، ووُلّي قضاء دمشق سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، وطال عمره. توفِّي في ذي القعدة، ووُلّي قضاء مصر سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وعُزِلَ سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. وقال أبو محمد بن حَزْم: أبو محمد عبد اللَّه بْن محمد بْن شُعَيْب المعروف بابن أخت وليد، ولي قضاء دمشق ومصر، وله مصنَّفات كثيرة. أخذ عن أبي الحسن عبد الله بن أحمد بن المغلس الداوودي، ثم قرأت في كتاب "قضاة مصر" لابن زُولاق قال: كان محمد بن بدر قاضي مصر قد أوقف من الشهود عبد الله بن وليد، فدخل يومًا على محمد بن بدر، فلم يُوَسَّع له أحد. فقال ابن بدر: عندي يا أبا محمد، فأبى، وجلس قليلًا وانصرف، ثم كتب إلى بغداد إلى ابن أبي السّوار يطلب أن يولّيه قضاء مصر، وبذل له، وأعانه جماعة ببغداد، فكتب إليه بالقضاء، فجاءه العهد في رمضان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. وكان قاضي الرّملة الحسين بن هارون بمصر، فركب إليه ابن الوليد يُعَرّفه بالأمر، وأراه عَهْدَه، والتمس معونته، فطمع ابن هارون في الأمر، وقوي قوم نفسه، فأعانه الإخشيد، ففتر أمر ابن وليد، ولم يُعِنْهِ الإِخْشيد، وتمرَّض، فكان النّاس يقولون: "عبد الله بن وليد أبرد من الجليد، عبد الله بن وليد تحت القضاء الشديد، عبد الله بن وليد هو ذا يموت شهيد". ثم بعد سنة ولي مصر ابن وبر فلم يلبث أنْ مات، وبقي ابن وليد في القضاء، فتولَّى من جهة ابن هارون قاضي الرملة المذكور، وقُرئ عهد الرّاضي بالله إلى أبن هارون بقضاء مصر، ثم عُزِل ابن وليد عن الحكم بعد ستة أشهر، وحكم بعده أبو

_ 1 انظر ميزان الاعتدال "2/ 390"، ولسان الميزان "3/ 251"، وسير أعلام النبلاء "16/ 225".

المذكّر محمد بن يحيى المالكي عشرة أيام، وصُرِف، وقد وُلّي ابن وليد مرّةً ثانية وثالثة بمصر، والثالثة كانت من جهة المستكفي بالله، فكانت أجلَّ ولاياته، ثم تكبَّر وتجبَّر، فاستهان بالنّاس، وكان يَهْزِل في مجلسه ويلعب، وطالت ولايته، وخُلع المستكفي فجاءه تقليد القضاء من المُطيع. ثم إنَّ المطيع ردَّ قضاء مصر إلى محمد بن الحسن الهاشمي، فكتب إلى ابن وليد بالعهد من قِبَلَه، ثم إنّه أخذ في تكثير الشُّهود وتعديل من لا يليق، فَقَتّره، وكان قبل ذا تاجرًا بزّازًا كثير الأموال، ثم عُزِلَ ووُلّي بعد مدة قضاء دمشق، وله أخبار يطول ذِكُرها، نسأل الله أن يسامحه. وحُفِظَ عنه أنَّه كان يقول لحاجبه: أين اليهود، يعني الشُّهود، والكُمَنَاء، يعني الأُمناء. وقالت له امرأة: خذ بيدي، فقال: وبِرِجِلك. وكان يُنْقَم عليه هَزْلُه المقذع، وببسطه في الأحكام والارتشاء، وكان أبو طاهر الذّهْلي لا ينفِّذ له حُكْمًا. 322- عبد الله بن إبراهيم بن أيّوب1 بن مَاسِي، أبو محمد البغدادي البزّاز. سمع: أبا مسلم الكَجّي، وأبا شعيب الحرّاني، وخَلَف بن عمرو العُكْبَرِي، ويوسف القاضي، وأحمد بن أبي عَوْفٍ الْبُزُوري، وغيرهم. وعنه: أبو الحسين بن رزقَوَيْهِ، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، والبَرْقَاني، وإبراهيم بن عمر البرمكي الفقيه، وآخرون. ووُلد سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. قال الخطيب: كان ثقة ثَبتًا، سألت البَرْقَاني: أيّما أحبّ إليك، ابن مالك القَطِيعي، أو ابن مَاسِي؟ فقال: ليس هذا مما يُسأل عنه، ابن ماسي ثقة ثبت لم يتكلم فيه. قلت: مات ابن ماسي في رجب، وله خمسٌ وتسعون سنة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "9/ 408"، والمنتظم "7/ 102"، وسير أعلام النبلاء "16/ 252".

323- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جعْفَر1 بْن حبّان، أبو محمد الأصبهاني الحافظ، أبو الشيخ صاحب التصانيف. وُلد سنة أربعٍ وسبعين ومائتين. وسمع في صِغره جدّه لأُمَّه محمود بن الفرج الزّاهد، وإبراهيم بن معدان، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص رئيس أصبهان، ومحمد بن أسد المَدِيني، وأحمد بن محمد بن علي الخُزاعي، وعبد الله بن محمد بن زكريّا، وإبراهيم بن رُسُتَة، وأبا بكر أَحْمَد بن عَمْرو بن أبي عاصم، وأبا بكر أحمد بن عمر البزَّاز، وإسحاق بن إسماعيل الرّمْلي. وأوّل سماعه سنة أربعٍ وثمانين، ورحل فسمع بالبصْرة من أبي خليفة وغيره، وببغداد من أحمد بن الحسن الصُّوفي وطبقته، وبمكة المفضَّل الجندي وغيره، وبالموصل من أبي يَعْلَى، وبحرَّان من أبي عَرُوبة، وبالرّيّ وأماكن أُخَر. وكان حافظًا عارفًا بالرّجال والأبواب، كثيَر الحديث إلى الغاية، صالحًا عابدًا قانتًا لله، صنَّف تاريخ بلده، والتاريخ على السّنين، وكتاب "السنة"، وكتاب "العظمة"، وكتاب "ثواب الأعمال"، وكتاب "السُّنَن". وقد وقع لنا أشياء من حديثه وتخاريجه. روى عنه أبو سعد الماليني، وأبو بكر بن مَرْدَوَيْه، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشّيرازي، وأبو نُعَيم، ومحمد بن علي بن سمويه المؤدّب، وسفيان بن حَسَنكَوَيْه، وأبو بكر محمد بن علي بن برد، والفضل بن محمد القاساني، وحفيده محمد بن عبد الرّزّاق بن عبد الله، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب، وخلق سواهم. قال أبو بكر بن مردويه: ثقة مأمون، صنَّف "التفسير" والكتب الكثيرة في الأحكام وغيره. وقال أبو بكر الخطيب: كان حافظًا ثبتًا متقنًا. وعن بعضهم قال: ما دخلت على الطبراني إلّا وهو يمزح ويضحك، وما دخلت على أبي الشيخ إلّا وهو يصلي.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "2/ 90"، والوافي بالوفيات "17/ 585"، واللباب "1/ 331".

وقال أبو نُعَيم: كان أحد الأعلام، صنَّف الأحكام والتّفسير، وكان يفيد عن الشيوخ ويصنِّف لهم ستّين سنة، وكان ثقة. أخبرنا علي بن عبد الغني المعدّل في كتابه، أنَّه سمع يوسف بن خليل الحافظ يقول: رأيت في النَّوم كأنِّي دخلت مسجد الكوفة، فرأيت في وسطه شيخًا طُوَالًا لم أر قطّ أحسن منه، وعليه ثياب بيض، فقيل لي: أتعرف هذا؟ قلت: لا. فقيل لي: هو أبو محمد بن حيَّان، فخرجت خلفه، وقلت له: أنت أبو محمد بن حَيّان؟ فقال: أنا أبو محمد. قلت: أليس قد مِتَّ؟ قال: بلى. قلت: فبالله، ما فعل الله بك؟ قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ} [الزمر: 74] ، إلى آخر الآية. فقلت: أنا يوسف بن خليل الدّمشقي، جئت لأسمع حديثك وأُحَصّل كُتُبَك. فقال: سلّمك الله، وفَّقك الله، ثمّ صافحته، فلم أر شيئًا قطّ ألْيَن من كفِّه، فقبَّلْتثها ووضعتها على عيني. توفِّي أبو الشيخ -فيما ذكر أبو نُعَيم- في سَلْخِ الْمُحَرَّم من السنة. 324- عبد الرحمن بن أحمد بن حَمْدَوَيْهِ1، أَبُو سعيد النَّيْسَابُوري المقرئ المؤذّن. كان خيِّرًا مجتهدًا من أولاد المحدّثين. حجَّ به أبوه سنة ثلاثمائة، وجاور به، فسمَّعه من: أحمد بن زيد بن هارون القزَّاز صاحب إبراهيم بن المنذر الخزامي، ومن جماعة، ثم رجع وسمع من عبد الله ابن شِيَرَوَيْه، ومحمد بن شادل، والسرَّاج، وابن خُزَيْمَة، وببغداد من البَغَوِي، وجماعة. وخرَّج له الحاكم فوائد، وحدَّث بأصبهان وبالبصرة وغيرهما. روى عنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور. 325- عبد الرحمن بن عبيد الله بن موسى2، أبو المطرَّف بن الزامر القرطبي.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 264".

سمع: أحمد بن يحيى بن الشامة، ووهب بن مَسَرَّة، ومحمد بن معاوية القُرَشي، وخلقًا، ورحل فسمع من الآجُريَّ وطبقته، وكان كثير الجمع للحديث. عاش خمسين سنة. 326- عَبْد العزيز بن مُحَمَّد بن الْحَسَن بن1 محمد التّميمي الْجَوْهَري، أبو محمد قاضي الصعيد. روى عن: ابن زبان، وأبي جعفر الطّحاوي. 327- عبيد الله بن العبّاس بن الوليد2 بن مسلم، أبو أحمد الشطوي البغدادي، ثقة. سمع: عبد الله بن ناجية، وإبراهيم بن موسى الْجَوْزي، وأحمد بن حسن الصُّوفي. وعنه: أبو العلاء الواسطي، وعلي بن عبد العزيز الظّاهري، ومحمد بن عمر بن بكير، وأبو علي بن دُوما. وقال ابن أبي الفوارس: توفِّي في شوّال، وكان فيه تَسَاهُل. 328- علي بن حفص الأَرْدُبيلي3 الحافظ. سمع: الحسن بن علي الطُّوسي، ومحمد بن إبراهيم الأصبهاني، وجماعة. وكان حافظًا كأبيه. 329- عمر بن أحمد بن السرَّاج4 الشاهد، أبو حفص، بغداديّ ثقة. أخذ عن أبي بكر بن الأنباري. 330- عمر بن أحمد بن يوسف5، أبو حفص البغدادي، وكيل الخليفة المُتَّقي لله، يُعْرَف بأبي نُعَيم.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 359". 2 أحد الثقات، وثقه الذهبي. 3 انظر اللباب "1/ 41". 4 انظر تاريخ بغداد "11/ 258". 5 انظر تاريخ بغداد "11/ 257".

روى عنه: أحمد بن الحسن الصُّوفي، وغيره. روى عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وبشري الفاتني. وثَّقَه الخطيب. حرف الميم: 331- محمد بْن أَحْمَد بْن جعفر، أبو عمر الأَرْغِيَاني1 المؤذّن. ثقة. حدَّث بسمرقند عن أبي العبّاس السرَّاج، وعلي بن الفضل البلْخي. وعنه: أبو سعيد الإدريسي. توفِّي بسَمَرْقَنْدَ فِي ذي القِعْدَة. 332- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حامد2 بن حميرويه، أبو أحمد النَّيْسَابُوري الكرابيسي الحافظ. سمع: السّرّاج، ومُؤمّل بن الحسن، وطبقتهما، ورحل فسمع من أبي حاتم، وأبي عُقْدَةَ، وطبقتهما. قال الحاكم: كان يرجع إلى عرفة وفَهْم. سمع الكثير، وصنَّف وثنا3. توفِّي في صفر. 333- محمد بن أحمد بن حامد4، أبو جعفر بن المُيَتَّم البغدادي، مولى الهادي. قال ابن أبي الفوارس: كتبنا عنه، عن الفِرْيابي وغيره، وكان لا بأس به، وكان فيه دعابة. توفِّي في شوال.

_ 1 انظر اللباب "1/ 43". 2 لا بأس به. 3 كذا بالأصل، وهي اختصار: حدثنا، والقائل هو العلامة الحاكم. 4 لا بأس به.

334- مُحَمَّد بْن سُليمان بْن مُحَمَّد1 بْن سُليمان بن هارون، الإمام أبو سهل الحنفي العجلي الصعلوك النَّيْسَابُوري. الفقيه الشّافعي الأديب اللُّغَوي المتكلّم المفسّر النّحوي الشّاعر المفتي الصُّوفي، حَبْرُ زمانه بقيّة أقرانه. هذا قول الحاكم فيه. وقال: وُلِدَ سنة ست وتسعين ومائتين، وأوّل سماعه سنة خمس وثلاثمائة. واختلف إلى أبي بكر بن خُزَيْمَة، ثم إلى أبي علي محمد بن عبد الوهاب الثَّقَفي، وناظَرَ وبرع، ثم استُدْعى إلى أصبهان، فلمَّا بلغه نعيُّ عمّه أبي الطّيّب خرج متخفيًا، فورد نيسابور سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، ثم نقل أهله من أصبهان، وأفتى ودرَّس بنَيْسَابور نيّفًا وثلاثين سنة. سمع: ابن خُزَيْمَة، وأبا العبّاس السّرّاج، وأبا العبّاس أحمد بن محمد الماسَرْجِسي، وأبا قريش محمد بن جمعة، وأحمد بن عمر المحمداباذي، وبالرّيّ أبا محمد بن أبي حاتم، وببغداد إبراهيم بن عبد الصمد، وأبا بكر بن الأنباري، والمَحَاملي. وكان يمتنع من التحديث كثيرًا إلى سنة خمسٍ وستّين، فأجاب للإملاء، وقد سمعت أبا بكر بن إسحاق الضُّبَعي غير مرّة يعود الأستاذَ أبا سهل ويقول: بارك الله فيك، لا أصابك العين. وسمعت أبا منصور الفقيه يقول: سُئِلَ أبو الوليد الفقيه عن أبي بكر القفَّال وأبي بكر الصّعلوكي أيّهما أَرْجَح؟ فقال: ومن يقدر أن يكون مثل أبي سهل. وقال الصّاحب إسماعيل بن عبَّاد: ما رأينا مثل أبي سهل، ولا رأي مثل نفسه. وقال الحاكم أبو عبد الله: أبو سهل مفتي البلدة وفقيهها، وأَجْدل من رأينا من الشّافعيّين بخُراسان، ومع ذلك أديب شاعر نَحْوِيّ، كاتب عَرُوضِيّ، مُحِبٌّ للفقراء. وقال أبو إسحاق الشّيرازي: أبو سهل الصّعلوكي الحنفي من بني حنيفة، صاحب أبي إسحاق المَرْوَزي، مات في آخر سنة تسعٍ وستّين، وكان فقيهًا، أديبًا، شاعرًا،

_ 1 انظر طبقات الشافعية الكبرى "3/ 167"، والأنساب "8/ 63"، وسير أعلام النبلاء "16/ 235- 239".

متكلمًا، مفسِّرًا، صوفيًّا، كاتبًا. وعنه أخذ ابنه أبو الطّيّب، وفُقَهاء نَيْسَابُور. قلت: وهو صاحب وجه، ومن غرائبه أنَّه قال: إذا نوى غسْلَ الْجَنَابة والجمعة معًا لا يجزئه لواحد. وقال بوجوب النّية لإزالة النّجاسة. وقد نقل الماوَرْدِيّ، وأبو محمد البَغَوِي للإجماع أنّها لا تُشْتَرَط. وقال أبو العبَّاس الفَسَوي: كان أبو سهل الصّعلوكي مقدَّمًا في علم الصُّوفيّة، صحِب الشِّبْلِيَّ، وأبا علي الثقفي، والمُرْتَعِش، وله كلام حَسَنُ في التّصوُّف. قلت: مناقبه جمَّة، ومنها ما رواه القُشَيْري أنّه سمع أبا بكر بن فورك يقول: سُئِلَ الأستاذ أبو سهل عن جواز رؤية الله بالعقل، فقال: "الدليل عليه شوق المؤمنين إلى لقائه، والشوق إرادة مُفْرِطة، والإرادة لا تتعلّق بمُحَال". وقال السُّلَمي: سمعت أبا سهل يقول: ما عقدت على شيء قطّ، وما كان لي قُفْلٌ ولا مفتاح، ولا صَرَرْتُ على فضة ولا ذَهَب قط. وسمعته يسأل عن التصوف فقال: الإعراض من الاعتراض. وسمعته يقول: من قال لشيخه: لِمَ، لا يفلح أبدًا. وقد حضر أبو القاسم النَّصْراباذي وجماعة، وحضر قوّال، فكان فيما عني به، هذا: جعلت تَنَزّهي نظري إليكا. فقال النَّصراباذي: "جَعَلْتَ"، فقال أبو سهل: بل جَعَلْتُ، فرأينا النَّصْراباذي ألْطَفَ قولا منه في ذلك، فرأى ذلك فينا، فقال: ما لنا وللتفرقة، أليس يمين الجمع أحقّ؟ فسكت النَّصْراباذي ومن حضر. وقال لي أبو سهل: أقمت ببغداد سبع سنين، فما مرَّت بي جمعة إلّا ولي علي الشِّبْلِيِّ وقفة أو سؤال، ودخل الشِّبْلِيُّ على أبي إسحاق المَرْوَزي فرآني عنده، فقال: ذا المجنون من أصحابك؟ قال: لا بل من أصحابنا. أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ، أنا محمد بْنُ يُوسُفَ الْحَافِظُ، أنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي الْقَاسِمِ الشِّعْرِيِّ أَخْبَرَتْهُ. "ح" وَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ، أَنَّهَا كَتَبَتْ إِلَيْهِ تُخْبِرُهُ، أنَّ إِسْمَاعِيلَ بن أبي القاسم أخبرها، ثنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ، ثنا أَبُو سَهْلٍ محمد بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَنَفِيُّ إِمْلاءً،

ثنا أَبُو قُرَيْشٍ الْحَافِظُ، ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ نَضْلَةَ، نا مَالِكٌ، عَنْ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ" 1. وبهذا الإسناد إلى ابن مسرور قال: أنشدنا أبو سهل لنفسه: أنام على سهوٍ وتبكي الحمايمُ ... وليس لها جُرمٌ ومنّي الجرايمُ كذبتُ وبيتٍ الله لو كنتَ عاقلًا ... لما سَبَقتني بالبكاء الحمايمُ وقال الحاكم: سمعت الأستاذ أبا سهل ودفع إليه مسألة، فقرأها علينا، وهي: تمنَّيتُ شهرَ الصَّوْمِ لا لِعبادةٍ ... ولكنْ رجاءَ أنْ أرى ليلة القدر فأدعو له النَّاس دعوة عاشقٍ ... عسى أن يُريحَ العاشقين من الهجْر فكتب أبو سهل في الحال: تمنّيت ما لو نلته فَسَدَ الهَوَى ... وحلَّ به للحين قاصمة الظَّهْر فما في الهَوَى طبٌّ ولا لَذَّةٌ سوى ... مُعَاناةِ ما فيه يقاسي من الهجر قال الحاكم: فتوفِّي أبو سهل في ذي القعدة سنة تسعٍ وستين بنَيْسَابور. 335- محمد بن صالح بن علي2 بن يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن عَبْد اللَّه بن العبَّاس القاضي، أبو الحسن الهاشمي العبّاسي البغدادي، الكوفيّ الأصل، المعروف بابن أمّ شَيْبَان قاضي بغداد. سمع: عبد الله بن زيدان البَجَلي، ومحمد بن عُقْبَة. وروى عنه: أبو بكر البَرْقَاني، وغيره. ووُلّي القضاء سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وقَدِمَ بغداد من الكوفة مع أبيه وأخيه القاضي محمد، الذي مرَّ بعد ثلاثمائة. وقرأ على ابن مجاهد، ثم صاهَرَ أبا عمر محمد بن يوسف القاضي على بنت بنته.

_ 1 الحديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 92"، ومسلم "أشربة 182"، والترمذي "1818"، وابن ماجه "2356"، وأحمد "2/ 21، 318". 2 انظر تاريخ بغداد "5/ 363"، والمنتظم "7/ 102"، وسير أعلام النبلاء "16/ 226، 227".

قال طلحة بن جعفر: هو رجلّ عظيمُ القَدْر، واسعُ العلم، كثيرُ الطلب، حَسَن التّصنيف، ينظر في فنون، متوسِّط في مذهب مالك. قال: ولا أعلم هاشميًّا تقلَّد قضاء بغداد غيره، جُمعت له بغداد، ثم قُلِّد معها قضاء مصر، وقطعة من الشام. وقال ابن أبي الفوارس: كان نبيلًا فاضلًا، ما رأينا في معناه مثلَه، وفي الصدق نهاية. وُلِدَ سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. قال: وتوفِّي فجأة لِلَيْلَةٍ من جُمادى الأولى. قلت: كان من خِيار القُضاة في زمانه مع الشَّرف والعِلْم. 336- محمد بن عبد الرحمن بن سهل1 بن مَخْلَد، أبو عبد الله الأصبهاني الغزَّال. محدِّث رحَّال جوَّال. سمع عَبْدان الأَهوازي، ومحمد بن زبان بن حبيب، وعلي بن أحمد علان، والقاسم بن عيسى القصّار الدمشقي وطبقتهم. وعنه: أبو بكر بن أبي علي الذّكْواني، وأبو نُعَيم الأصبهاني، وقال: هو أحد من يُرْجَعُ إلى حِفْظٍ وَمَعْرفة، وله مصنّفات. توفِّي في ذي الحجَّة. وروى عَنْهُ أيضًا: أبو سعد الماليني، وأبو بكر أحمد بن الحارث الأصبهاني، وطائفة. وله تصانيف في القراءات والحديث. 337- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الْحُسَن2 بْن أَحْمَد، أبو بكر النّقّاش الحافظ المصري نزيل تنّيس. وُلِدَ سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وهو راوي نسخة فُلَيْح. توفِّي في شعبان. روى عن: محمد بن جعفر الإمام، نزيل دِمْياط صاحب إسماعيل بن أبي أُوَيْس، وأحد شيوخ النَّسَائي أيضًا، وأبي عبد الرحمن النّسَائي، وأبي يعقوب إسحاق

_ 1 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 294"، وسير أعلام النبلاء "16/ 217". 2 انظر العبر "2/ 353"، وشذرات الذهب "3/ 70"، وتذكرة الحفاظ "2/ 957".

المنْجَنيِقي. ورحل من مصر، فسمع بدمشق جماهر بن محمد الزملكاني، وببغداد عمر بن أبي غيلان، ومحمد بن أبي صالح بن ذَرِيح، وبالمَوْصِل أبا يَعْلَى، وبالأهواز عبدان، في خلقٍ سواهم. وعنه: الدَارقُطْنيّ، والحسين بن جعفر الكاملي، ويحيى بن علي الطّحّان، وعلي بن إبراهيم بن علي الغازي، والحسن بن جماعة الإسْكَنْدَرَاني، وعلي بن الحسين بن جابر التنّيسي القاضي، وغيرهم. ورحل إليه الدَارقُطْنيّ إلى تنّيس. توفِّي النّقّاش رابع شعبان، وكان أحد أئمّة الحديث. 338- محمد بن محمد بن إسماعيل1، أبو نصر الكرابيسي النَّيْسَابُوري. يروي عن: علي بن عَبدان، وابن الشّرقي. ما كأنّه شاخ. 339- محمد بن المهلّب بن محمد2، أبو بكر المصري الصَّيْدلاني العدل. توفِّي في صفر، وله مائةٌ وتسعُ سنين. 340- محمد بْن يحيى بْن عَبْد العزيز3، أَبُو عَبْد الله القُرْطُبي بن الخراز. سمع: محمد بن عمر بن لُبَابة، وعمر بن حفص، وأسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد، وجماعة. ووُلّي قضاء طُلَيْطِلَة وباجة، ووُلّي الصلاة بقُرطُبَة، وزَمِنَ في الآخر سبعة أعوام، فأكثروا عنه. قال ابن الفَرَضي: لزِمتُهُ عامًا، وكان ثقة مأمونًا. توفِّي في شوال. 341- مَخْلَد بن جعفر بن مَخْلَد4 بن سُهَيْلٍ، أبو علي الفارسي الدقاق الباقرحي.

_ 1 لا بأس به. 2 في عداد المجهولين. 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 79"، وبغية الملتمس "145". 4 انظر تاريخ بغداد "13/ 176"، وميزان الاعتدال "4/ 82"، وسير أعلام النبلاء "16/ 254".

سمع: يحيى بن محمد البحتري، ويوسف القاضي، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي، والحسن بن علويّه، وأبا العبّاس بن مسروق، وأحمد بن يحيى الحَلَواني. وله مَشْيَخَةٌ سمعناها. روى عنه: أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو نُعَيم، وأبو العلاء الواسطي، ومحمد بن علي العلَّاف، ومحمد بن الحسين بن بكير. قال أحمد بن علي البَادَا: كان ثقةً صحيحَ السّماع، غير أنه لم يعرف شيئًا من الحديث. وقال ابن أبي الفوارس: كان له "أصول" كثيرة عن الفِرْيابي، ويوسف القاضي، وغيرهما جياد بخطّه. وقال أبو نُعَيم: بَلَغَنَا أنَّه خَلّط بعد سفري. وقال أبو الحسن محمد بن العبّاس بن الفُرَات: كان مخلد بن جعفر أصولُهُ صحيحة، ثم إنَّ ابنه حمله في آخر عمره على ادِّعاء أشياء، منها "المغازي" عن المروزي، و"المبتدأ" عن ابن علويه، و"تاريخ الطبري" الكبير، وغير ذلك. فشرِهَت نفسه إلى ذلك وقبل منه، واشترى له هذه الكتب، فحدَّث بها، فانْهَتَكَ. وقال ابن أبي الفوارس: حدَّث بالتاريخ والمبتدأ من كتاب ليس فيه سماع له، أسأل الله السَّتْرَ الجميل، ولعلَّ أنّه ظنَّ أنّ هذا يجوز عند أصحاب الحديث، إذا سمع كتابًا معروفًا أن يقرأه من كتاب غيره. قال: وتوفِّي لِلَيْلَةٍ بقيت من ذي الحجّة. حرف الياء: 342- يحيى بن يعقوب بن حامد1، أبو زكريّا القَزْويني البزّاز. سمع: محمد بن أيّوب بن الضُّرَيْس، وأبا خليفة الْجُمَحي، وعمر بن إسماعيل بن أبي غيلان. وكان فقيهًا مالكيّ المذهب. عاش دهرًا. أحسبه توفِّي بقزوين.

_ 1 لا بأس به.

وفيَّات سنة سبعين وثلاثمائة: حرف الألف: 343- أحمد بن سعيد1، أبو الحسين البغدادي الذَّهبي وكيل دعلج. روى عن: جعفر الجلدي، وأبي مزاحم موسى بن عبيد الله الخاقاني، وعبد الكريم بن النّسَائي، سمع منه كتاب والده في الضُّعفاء، وسمع من هذا الشيخ أبو الحسن الدَارقُطْنيّ هذا الحديث. وروى عنه: عبد الغني بن سعيد، وأبو بكر البَرْقاني. وذكر البَرْقاني أنّه كان فاضلًا، وتوفِّي بطريق مكة. 344- أحمد بن عبد الكريم الحلبي2 راوي جزء الرافعي عنه. روى عنه: المسدّد الأَمْلُوكي3، وغيره. 345- أحمد بن علي، أبو بكر الرّازي4، العلَّامة صاحب التصانيف، وتلميذ أبي الحسن الكَرْخي، وإليه انتهت رئاسة الحنفية ببغداد، وعنه أخذ فقهاؤها. وكان مشهورًا بالزُّهْدِ وَالفقه. عُرِض عليه قضاء القضاة فامتنع منه. روى في تصنيفه عن: أبي العبّاس الأصمّ، وعبد الباقي بن قانع، والطّبراني. وعاش خمسًا وستّين سنة. قَدِمَ بغداد في صباه وسكنها. وتصانيفه تدلّ على حِفْظه للحديث وبصره به، وكان رأسًا في الزّهد. قال أبو بكر الخطيب: ثنا أبو العلاء الواسطي قال: لما امتنع القاضي أبو بكر الأبهري المالكي من أن يَلِيَ القضاء قالوا: فمن يَصْلُح؟ قال: أبو بكر الرّازي، وكان الرّازي يزيد حاله على منزلة الرّهبان في العبادة، فأُريد للقضاء فامتنع، وكان يميل إلى الاعتزال، وفي تصانيفه ما يدلّ على ذلك في مسألة الرؤية وغيرها.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "4/ 172". 2 لا بأس به. 3 نسبة إلى أملوك بطن من ردمان. 4 انظر تاريخ بغداد "4/ 314"، والمنتظم "7/ 105"، والفهرست "208".

وتوفِّي في ذي الحجّة، وعاش خمسًا وستّين سنة. قَدِمَ بغداد في صباه. 346- أحمد بن محمد بن بشر1، أبو بكر بن الشّارب، المقرئ. قرأ برواية قُنْبُل على: أبي بكر محمد بن موسى بن محمد الهاشمي الزَّينَبِي صاحب قُنْبُل. قرأ عليه: أبو العلاء محمد بْن عليّ الواسطيّ، ومحمد بْن الحسين الكارَزِيني. توفِّي في المحرَّم. 347- أحمد بن محمد، أبو العبّاس2 الدّارمي المَصَّيصي، الشّاعر المشهور بالنّامي، أحد شعراء سيف الدّولة الخَوَاصّ، وكان تِلْوَ المتنبّي في الرُّتْبة عند سيف الدّولة. وكان عرَّافًا باللّغة، أملى آدابًا بحلب عن: علي بن سليمان الأخفش، وابن دَرَسْتَوَيْهِ الْفارسي، وأبي بكر الصُّولِيِّ، وجماعة. روى عنه: أبو القاسم الحسين بن علي بن أسامة الحلبي، وأبو الحسين أحمد بن علي أخوه، وأبو بكر الخالدي، والقاضي أَبُو طاهر صالح بن جعفر الهاشمي. وله في سيف الدّولة. أميرَ العُلَى أنّ العَوَالي كواسبُ ... عَلاءكَ في الدُّنيا وفي جنّة الخُلْدِ يمرُّ عليك الحَوْلُ سيفُك في الطّلى ... وطرْفُكَ ما بين الشّكيمة واللْبد ويمضي عليك الجهر فعلُك للعُلى ... وقولُك للتَّقْوَى وكفُّك للرُفْدِ وله مع المتنبّي وقائع ومعارضات في الأناشيد، وليس هو من رجال المتنّبي، ولكنَّه شاخ، وبقي شيخ الأُدباء بالشام. ذكر أبو الخَطَّاب بن عَوْن قال: دخلت عليه فوجدت رأسه كالثُغَامة بياضًا، وفيه شعرة واحدة سوداء، فقلت له: يا سيّدي في رأسك شعرة سوداء، فقال: نعم، هذه بقية شبابي وأنا أفرح بها، ولي فيها:

_ 1 انظر تاريخ بغداد "4/ 401". 2 انظر وفيات الأعيان "1/ 125"، والوافي بالوفيات "8/ 96".

رأيتُ في الرأس شعرةً بَقِيَتْ ... سوداءَ تَهوى العيونُ رؤيتهَا فقلتُ للبيضِ إذ تُروَّعها ... بالله إلّا رحمتِ غربتها فقلَّ لَبْثُ السوداء في وطَنٍ ... تكونُ فيهِ البيضاء ضَرَّتها ثم قال لي: بيضاء واحدة تروّع ألف سوداء، فيكف حال سوداء بين ألف بيضاء. وتوفِّي النامي عن تسعين سنة. وشعره قليل، كان بطيء الخاطر، ربّما بقي أشهرًا في عمل القصيدة، وكان يَحْدُث لسيف الدّولة الحادثة أو الفتح فيُهَنّيه بذلك بعد أشهر. والمَصّيصة مجاورة لَطَرسُوس على ساحل بحر الرُّوم، بناها صالح بن علي عمّ المنصور سنة أربعين ومائة، وهي اليوم بيد صاحب سيس. 348- أحمد بْن محمد بْن هارون1، أبو بَكْر الرّازي الدَّيْبُلي. ذكر أنّه قرأ القرآن بحرف عاصم على حسنون بن الهيثم الدُّوَيْري صاحب هُبَيْرَة، وسمع من إبراهيم بن شريك، وجعفر الفِرْيابي. ومولده سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. قال أبو العلاء الواسطي: قرأت عليه القرآن، وختمت عليه في جُمادي الآخرة سنة سبعين، وتُوُفّي لسبْعٍ بقين من رجب في السنة. وقال لي: قرأت على حسنون في سنة ثمانٍ وثمانين، وسنة تسعٍ وثمانين ومائتين، ثلاث ختْمات. وتوفِّي سنة تسعين. وسمع منه: أبو العلاء، وأبو علي بن دُوما. وكان يكون بالحربية. 349- أحمد بن منصور بن الأغَر2 اليَشْكري الدِّينَورِي. سكن بغداد، وروى عن: أبي بكر بن أبي داود، وابن دُرَيْد، والصُّولي، والغالب عليه الأخبار. أدَّبَ الأمير حسن بن عيسى بن المقْتدر، فسمع من اليَشْكُرِيّات. 350- أحمد بن نصر بن خالد، أبو عمر الطليطلي ثم القرطبي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 113". 2 انظر تاريخ بغداد "5/ 154"، والعبر "2/ 355".

سمع: أحمد بن خالد، وأسلم بن عبد العزيز، وجماعة. سمع منه الموطَّأ الأمير هشام وغيره. 351- إبراهيم بن ثابت1، الزّاهد القُدْوَة، أبو إسحاق الدّعّاء، بغداديّ كبير، لقي الْجُنَيْد وحَفِظَ عنه. حكى عن: يوسف القوَّاس، وعلي بن الحسن القزويني، وغيرهما. قال السلَمي: لقي الْجُنَيْدِ وَصَحب المشايخ، وكان من أورع الشيوخ وأزهدهم وألزمهم لطريقة الشريعة. قلت له: أوَصِني، قال: دَعْ ما تندم عليه. وقال هلال بن المحسّن: بلغ المائة، ومات في صفر سنة سبعين. 352- إبراهيم بن جعفر2، أبو محمود الكُتامي المغربي، أحد قُوّاد المُعِزّ. قَدِمَ دمشق مقدَّمًا على جيوش المصريين في رمضان سنة ثلاثِ وستّين، فرحّل عن دمشق ظالمًا العُقَيْلي، واستعمل على البلد جيش بن الصَّمْصامة ابن أخيه، ثم عزله وولَّى غيره، وعزله أيضًا، حتى قَدِمَ ريَّان الخادم بعزْلِ أَبي محمود، وجرت بين أبي محمود وبين الدماشقة حروب كثيرة وفِتَنٌ وأراجيف، فخرج إلى طبريّة، ثم إنَّه ولي دمشق بعد حُمَيْدان العُقَيْلي، وكان بها قسَّام، وقد قوي بها، وله أتباع وجُمُوع، فلم يكن لأبي محمود الكُتَامي معه أمر، وبقي ذليلًا مُسْتَضْعَفًا مع قسَّام، وكان ضعيفَ العقل سيّء التدبير. توفِّي في صفر سنة سبعين. 353- إسحاق بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق3 بْن إِبْرَاهِيم بْن مُطرَّف، أبو بكر النَّضري الأندلسي، من أهل إسْتِجة. سمع محمد بن عبد الملك بن أيمن. وكان نَحْوِيًّا لُغَويًّا شاعرًا بليغا فصيحًا. توفِّي في شعبان.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "6/ 49". 2 انظر الكامل في التاريخ "9/ 9"، والوافي بالوفيات "5/ 340". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 72".

354- إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل1، أبو القاسم الحلبي. حدَّث في هذه السنة بحمص في ذي القعدة عن: علي بن عبد الحميد الغضايري، ويعقوب بن إسحاق العسقلاني، وأبي أحمد العبَّاس بن الفضل المكّي، ويحيى بن علي الكنْدي، وأبي عبد الله محمد بن يزيد الدَّوْرَقِي، لقيه بطَرَسُوس وحدَّثه عن بِشْرِ بن معاذ، وغيره. روى عن: المسدّد بن علي الأملوكي. حرف الباء: 355- بِشْرِ بْن أحمد بن بِشْرِ2 بْنِ محمود، أبو سهل الإسْفراييني الدَّهْقَان، شيخ تلك النّاحية في عصره، أحد المذكورين بالشَّهامة. سمع: محمد بن محمد بن رجا، وأحمد بن سهل، وجعفر السّاماني، وإبراهيم بن علي الذُّهْلي، ورحل إلى الحسن بن سُفْيان فقرأ عليه المُسْنَد، وسمع ببغداد محمد بن يحيى المَرُوزي، وعبد الله بن ناجية، والفِرْيابي، وسمع بالموصل من أبي يَعْلَى مُسْنَدَه، وأملى زمانًا. قال الحاكم: انتخبتُ عليه وأملي زمانًا من أصولٍ صحيحة. روى عنه: العلاء بن محمد بن سعيد، وشريك بن عبد الملك المهرجاني، ومحمد بن حميم الفقيه، محمد بن محمد بن أبي المعروف، وهم من شيوخ البيهقي، وعمر بن أحمد بن مسرور الزّاهد. توفِّي في شوال وله ستٌّ وتسعون سنة. حرف الحاء: 356- الحسن بن إسحاق بن إبراهيم3 بن زيد، أبو محمد الأصبهاني المعّدل. رحل وحدَّث عن العراقيين والشاميين.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر العبر "2/ 355"، وشذرات الذهب "3/ 71"، وسير أعلام النبلاء "16/ 228". 3 انظر ذكر أخبار أصبهان "1/ 273".

قال أبو نُعَيم: كثير الحديث، له معرفة وإتقان، ثنا عن: محمد بن سعيد البُرجُمي الحمصي، وعمر بن سهل، والحسن بن علي الشعراني الطَّبَراني. وعنه: أبو بكر، وأبو نُعَيم، وآخرون. 357- الحسن بن بِشْرِ بْنِ يحيى1، أبو القاسم الآمدي النَّحْوي الكاتب. سمع من إبراهيم بن عَرَفة نَفْطَوَيْهِ النّحوي وغيره، وله كتاب "المختلف والمؤتلف في أسماء الشعراء"، وكتاب "نثر المنظوم"، وكتاب "الموازنة بين أبي تمّام والبُحْتُرِي" وهو كتاب مشهور. وكتاب "شدّة حاجة المرء إلى أن يعرف نفسه"، وكتاب "فعلت وأفعلت" وهو كتاب نفيس في معناه، وكتاب "ديوان شعره" وله سوى ذلك من التّصانيف الأدبية. ذكره التّنُوخي فقال: وُلِدَ بالبصرة وأخذ ببغداد عن: الأخفش، والزَّجّاج، وابن دُرَيْد، وغيرهم، وانتهت رواية القديم والأخبار في آخر عمره إليه بالبصرة، ومات سنة سبعين وقد وَلِي قضاء البصرة، وكان من أئمّة الأدب. 358- الحسن بن رَشيق2، أبو محمد العسكري، عسكر مصر، المعدل الحافظ. روى عن: أبي عبد الرحمن النَّسَائي، وأحمد بن حمّاد زُغَبَة، وأحمد بن إبراهيم أبي دجانة المَعَافِري، والمفضّل بن محمد الجندي، وعلي بن سعيد بن بشير، ومحمد بن عثمان بن سعيد السّرّاج العنزي، ومحمد بن خالد البرذعي، وأحمد بن محمد بن يحيى الأنماطي، وأبي الرَّقْراق صاحب يحيى بن بكير، وأحمد بن محمد بن عبد العزيز المعلّم، ويموت بن المُزَرَّع، وخلق كثير. وعنه: الدَارقُطْنيّ، وعبد الغني، وأبو محمد بن النّحّاس، وإسماعيل بن عمرو المَقْبُرِي، ويحيي بن علي بن الطحان، ومحمد بن مغلس الداوودي، ومحمد بن جعفر بن أبي المذكّر، وعلي بن ربيعة التميمي، وأبو القاسم علي بن محمد الفارسي، ومحمد بن الحسين بن الطّفّال، وآخرون من المصريّين والمغاربة وأهل الأندلس. وكان محدِّث ديار مصر في زمانه.

_ 1 انظر الكامل في التاريخ "9/ 9"، والوافي بالوفيات "11/ 407"، والفهرست "155". 2 انظر العبر "2/ 355"، وميزان الاعتدال "1/ 490"، ولسان الميزان "2/ 207"، واللباب "2/ 137".

قال أبو القاسم يحيى بن الطّحّان في تاريخه: روى عن النّسَائي وأحمد بن حمَّاد، وخلقٍ لا أستطيع ذِكْرهم، ما رأيت عالمًا أكثر حديثًا منه، قال لي: وُلدت في صفر سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين، وتوفِّي في جُمادى الآخرة سنة سبعين. 359- الحسن بن محمد بن يحيى1 بن المغيرة: أبو علي الثَّقَفي الْجُرْجاني. سمع عمران بن موسى بن مجاشع، وأبا بكر بن خُزَيْمَة، وأبا العبّاس السرَّاج. وعنه: القاضي أبو بكر الْجُرْجاني، وحمزة السَّهْمي، وأبو الحسن الحناطيّ. وقد سمع من البَغَوِي ببغداد. 360- الحسين بن أحمد2 بن حمدان بن خالويه: أبو عبد الله الهمذاني النَّحْوي اللّغوي. قَدِمَ بغداد فأخذ عن: أبي بكر بن الأنباري، وأبي بكر بن مجاهد، وقرأ عليه، وأبي عمر الزّاهد غلام ثَعْلَب، ونفْطَوَيْه، وأبي سعيد السّيرافي، وقيل: إنّه أدرك ابن دُرَيْدٍ وَأَخذ عنه، ثم إنَّه قَدِمَ الشّام وصَحِبَ سيف الدولة بن حمدان، وأدَّب بعض أولاده، ونفق شوقه بحلب، واشتُهِرَ ذكره، وقصده الطُّلاب من الآفاق. أخذ عنه: عبد المنعم بن غلبون، والحسن بن سليمان، وغيرهما. وكان صاحب سنة، وصنَّف في اللغة كتاب "ليس"، وكتاب "شرح الممدود والمقصور"، وكتاب "أسماء الأسد" ذكر له خمسمائة اسم، وكتاب "البديع في القراءات"، وكتاب "الْجُمَل في النّحو"، وكتاب "الاشتقاق"، وكتاب "غريب القرآن"، وله مصنَّفات سوى ما ذكرنا. ومات بحلب سنة سبعين، وقيل: سنة إحدى وسبعين. 361- حَكَم بن محمد بن هشام3: أبو القاسم القُرَشي القَيْرَواني المقرئ. قرأ القران بالقَيْروان على الهوَّاري أبي بكر صاحب ابن خَيْرُون، ثم دخل مصر فجالس بنان الحمَّال الزّاهد، وسمع من الحسين بن محمد بن داود، وقرأ على قرائها،

_ 1 أحد الثقات الأثبات. 2 انظر العبر "2/ 356"، وطبقات المفسِّرين "1/ 148"، ولسان الميزان "2/ 267". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 121".

ودخل العراق فقرأ بها القراءات، وصحب أبا عمرو الزّاهد، وقدِم الأندلس فأكرمه المستنصِر. وكان فيه صلابةٌ في السُّنَّة وإنكارُ على المُبْتَدِعَة، وكان يقرِئُ القرآن. توفِّي في ربيع الآخر، عن ثنتين وثمانين سنة. حرف الزاي: 362- الزبير بن عبيد الله بن موسى1: أبو يعلى التوزي البغدادي، نزيل نيسابور. سمع البَغَوِي، وابن صاعد، وطائفة، ورحل وحصّل، وتعاني التجارة. وتوفِّي بالمَوْصِل سنة سبعين -رحمه اللَّه. حرف العين: 363- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن جعفر2 بن أحمد بن زياد بن مهران: أبو محمد الشَّيْبَاني. سمع: السّرّاج، وابن خُزَيْمَة. توفِّي في جُمادى الآخرة بنَيْسَابور، وقيل: مات سنة إحدى وسبعين. 364- عبد الله بن أحمد بن الصدّيق3 المَرْوَزي: سمع حديثًا من محمد بن إبراهيم البوسنجي، وسمع ممّن بعده. وروى عنه: أبو بكر البَرْقاني، ومحمد بن عبيد الله الحنّائي، وجماعة من أبناء التّسعين. 365- عبد الله بن محمد الأصبهاني4: أبو محمد الصائغ.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "8/ 473"، والمنتظم "7/ 106"، والكامل في التاريخ "9/ 9". 2 انظر تاريخ بغداد "9/ 391". 3 انظر تاريخ بغداد "9/ 390". 4 انظر أخبار أصبهان "2/ 76".

سمع: الحسين بن إدريس بَهَراة، وجعفر الفِرّيابي ببغداد، وعلي بن سعيد العسكري بأصبهان، وجماعة. وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الأسود الشُّرُوطي، وغيرهما. توفِّي في رجب سنة سبعين. 366- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد1 بْن فُورَك بن عطاء: أبو بكر الأصبهاني المقرئ القبَّاب، هو الذي يعمل المحارة. كان مُسْنَد أصبهان في عصره ومقرئها. سمع: محمد بن إبراهيم الجيزاني في سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين، وأبا بكر بن أبي عاصم، وعبد الله بن محمد بن النّعمان، وعلي بن محمد الثَّقَفي، وعبد الله بن محمد بن سلام، وطائفة. وقرأ القرآن على أبي الحسن محمد بن أحمد بن شنَّبود. وعنه: أبو نُعَيم الفضل بن أحمد بن الخياط، وعلي بن أحمد بن مهران الصحَّاف، وأبنه عبد الرحمن بن أبي بكر، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الكاتب، وآخرون. وتوفِّي في ذي القعدة. قرأ عليه: أبو بكر محمد بن عبد الله بن المَرْزُبَان، وآخرون. 367- عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم2: أبو عمر الأصبهاني القطّان. رحل وسمع أبو القاسم البغوي، وابن أبي داود. وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر بن أبي علي. 368- عُبيد الله بن علي بن جعفر: أبو الطيّب3 الدّقّاق. عن: محمد بن سليمان الباهلي، وعبد الله بن الحسن الطيبي. وعنه: البرقاني.

_ 1 انظر أخبار أصبهان "2/ 90"، وسير أعلام النبلاء "16/ 257"، والعبر "2/ 356". 2 انظر أخبار أصبهان "2/ 120". 3 انظر تاريخ بغداد "10/ 359"، والمنتظم "7/ 106".

369- عبيد الله بن العباس بن الوليد بن مسلم1 الشَّطَوِي: سمع: عبد الله بن ناجية، وإبراهيم بن موسى الْجَوْزي، وأحمد بن الحسن الصّوفي. روى عنه: علي الظّاهري، وأبو العلاء الواسطي، وابن بكير، وأبو علي ابن دُوما. وكان ثقة. 370- عبيد الله بن الحسين2: أبو القاسم الحذَّاء قاضي المَوْصِل. سمع: أبا يَعْلَى المَوْصِلي. وعنه: أبو القاسم التَّنُوخي، وإبراهيم بن عمر البرْمَكيّ. وهو أقدم شيوخ التَّنُوخي وفاة. 371- عَليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد3 بْن عبيد: أبو الحسن البغدادي الزجَّاج الشّاهد. روى عن: أبي العلاء الْجَوْزَجَاني، وحسنون بن موسى. رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم التنوخي، وقَالَ: كَانَ نبيلًا، قرأ على أحمد بن سهل الأَشْنَاني. وقال العتيقي: ثقة مأمون، مات في رجب وله خمسٌ وسبعون سنة. 372- علي بن عيسى بن محمد بن المُثَنَّى4: أبو الحسن الهَرَوِي الماليني. سمع: الحسن بن سُفَّيان، ومحمد بن المنذر بن شكر، وغيرهما. وعنه: أبو يعقوب إسحاق القَرّاب، وأبو عثمان سعيد القُرَشي. وتوفِّي في المحرم.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 359"، والمنتظم "7/ 106". 2 لا بأس به. 3 انظر تاريخ بغداد "12/ 7". 4 لا بأس به.

373- عمر بن أحمد بن ريطة الأصبهاني1: توفِّي فِي ربيع الأوَّل. حرف الميم: 374- مُحَمَّد بْن جعفر: أبو الحسين2 الأصبهاني الواعظ الأبحّ. يروي عن: محمد بن سهل، وأبي عمرو بن عُقْبَة، وأحمد بن محمد بن أسيد، والهُذَيْلِ بْنِ عبد الله. وكان كثير الحديث حَسَن المعرفة به. روى عنه: أبو بكر ابن أُبيّ، وأبو نُعَيم. وتوفِّي في شعبان. 375- محمد بن أحمد بن الأزهر3 بن طلحة: أبو منصور الهَرَوِي الأزهَرِي النَّحْوِي اللُّغَوي الشّافعي. سمع بهَرَاة من: الحسين بن إدريس، ومحمد بن عبد الرحمن السّامي، وطائفة، ثم رحل إلى بغداد وسمع: أبا القاسم البَغَوِي، وأبا بكر بن أبي داود، وإبراهيم بن عَرَفَة، ونَفْطَوَيْه، وابن السّرّاج، وأبا الفضل المُنْذِري، ولم يأخذ عن ابن دريد تدينًا له، قال: دخلت داره غير مرّة فألفيته على كرسيّه سكرانًا. أخذ عنه: أبو عبيد الهَرَوِي صاحب الغريبين، وحدَّث عنه أبو يعقوب القرَّاب، وأبو ذرّ عبد بن أحمد، وأبو عثمان سعيد القرشي، وأبو الحسين الباشاني، وغيرهم. وكان بارعًا في المذهب، ثقةً ورِعًا فاضلًا، وقيل: إنّه أُسِرَ فوجدوا بخطِّه قال: امتُحنتُ بالأسر سنة عارَضَتُ القرامطة الحاجّ بالهَبِير4، وكان القوم الذين وقعت في سهمهم عَرَبا نشأوا بالبادية يبتغون مساقط الغَيْثِ أَيام النَّجْع، ويرجعون إلى إعداد المياه في محاضرهم زمن القَيْظ، ويتكلّمون بطباعهم البدويّة، ولا يكاد يوجد في منطقهم

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لا بأس به. 3 انظر العبر "2/ 356"، وسير أعلام النبلاء "16/ 315". 4 رمل زرود في طريق مكة.

لحن أو خطأ فاحش، فبقيت في أسْرهم دهرًا طويلًا، وكنَّا نشتي بالدهناء، ونرتبع بالصمان1، وأسند منهم ألفاظًا جمَّة. صنَّف كتاب "تهذيب اللُّغة" في عشْرِ مجلّدات، وكتاب "التقريب في التفسير"، وكتاب "تفسير ألفاظ كتاب المُزَني"، وكتاب "عِلَل القراءات"، وكتاب "الروح وما ورد فيها من الكتاب والسنه"، وكتاب "تفسير الأسماء الحُسْنَى"، وكتاب "الردّ على الليث"، وكتاب "تفسير إصلاح المنطق"، وكتاب "تفسير السبع الطوال"، وكتاب "تفسير ديوان أبي تمّام"، وله سوى ذلك من المصنَّفات. أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْخَلالِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، أنا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَوَيْهِ، ثنا محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الأَزْهَرِ إِمْلاءً، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ، ثنا محمد بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: شَهِدْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا، فَنَهَى عُثْمَانُ عَنِ الْمُتْعَةِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فلمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ أهلَّ بِهِمَا، فَقَالَ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ: تَرَانِي أَنْهَى النَّاسَ وَأَنْتَ تَفْعَلُهُ! فَقَالَ: لَمْ أَكُنْ لأَدَعَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ. إسناده صحيح، وهو شيء غريب؛ إذ فيه رواية علي بن الحسين عن مروان، وفيه تصويب مروان اجتهاد عليّ على اجتهاد عثمان، مع كون مروان عُثْمانيًّا، والله أعلم. توفِّي في ربيع الآخر -رحمه الله. وُلِدَ سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 376- محمد بن أَحْمَد بن طالب2: أبو الحسن البغدادي نزيل طرابلس الشام. حدَّث عن: أبي القاسم البَغَوِي، وابن الأَنْبارِي، وحرمي بن أبي العلاء، وجماعة. وعنه: حمزة بن عبد الله بن الشامّ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بن القاسم الطَّرَابُلُسِيّان. 377- محمد بن أحمد بن محمد بن مسوّر3: أبو عبد الله مولى بني هاشم القُرْطُبي.

_ 1 جبل في أرض تميم أحمر. 2 انظر تاريخ بغداد "1/ 310"، والوافي بالوفيات "2/ 47". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 80".

سمع من: من جدّه محمد بن مسوّر، وأحمد بن خالد، وجماعة، قال ابن الفَرَضي: كان شيخًا قليل العلم، سمعت منه أنا وغيري. توفِّي في صفر. 378- محمد بْن أحمد بْن محمد بن حمَّاد بن المتيّم: أبو جعفر1 الهاشمي مولى الهادي. سمع من: محمد بن يحيى المَرْوَزي، ومحمد بن جعفر القَتّات، والفِرّيابي. وعنه: البرقاني، وأبو طاهر العلّاف، وأبو نعيم. ورَّخه ابن أبي الفوراس، وقال: كان لا بأس به. 379- محمد بن إبراهيم بن الفرخان2: أبو جعفر الأستراباذي الفقيه. ثقة ثَبْتٌ مُتْقِن، نزل سمرقند، وبها توفِّي في ربيع الآخر. روى عن: أبي القاسم البَغَوِي، وابن أبي داود. وعنه: أبو سعد الإدريسي. 380- محمد بن جعفر بن الحسين3: أبو بكر البغدادي، الورَّاق الحافظ، غُنْدَر. سمع: الحسن بن علي بن شبيب المعمري، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي، وابن دُرَيْد، وأبا عَرُوبة الحَرّاني، ومَكّحُولا البَيْرُوتي، وأبا الْجَهم بن طِلاب، وأبا جعفر الطّحَاوي، وطائفة سواهم. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وابن جُمَيْعٍ الْغَسّاني، وعبد الرحمن السُّلَمي، وعمر بن أبي سعد الهَرَوِي، وأبو نُعَيم. قال الحاكم: بقي عندنا بنَيْسَابور سنتين، سنة ست وسبع وثلاثين يفيدنا، وخرج

_ 1 انظر المنتظم "7/ 107". 2 انظر شذرات الذهب "3/ 73". 3 انظر ذكره أخبار أصبهان "2/ 296"، وتاريخ بغداد "2/ 152"، والمنتظم "7/ 107"، الكامل "9/ 9".

لي أفراد الخُرَاسَانيّين من حديثي في سنة ستّ وستين، ودخل إلى أرض التُرْك، وكتب من الحديث ما لم يتقدَّمه فيه أحدٌ كَثْرَةً، ثم استُدْعِيَ من مرو إلى الحضرة ببُخَارى ليحدِّث بها، فتوفِّي -رحمه الله- في المَفَازة سنة سبعين. وقال الخطيب: كان حافظًا ثقة. 381- محمد بن الحسن1: أبو جعفر الفقيه الشافعي، المعروف بالباحث. له ترجمة طويلة عند ابن الصَّلاح. 382- محمد بن حسنام: أبو عمرو النَّيْسَابُوري الكاغَذِي2. سمع جعفر بن أحمد، وعبد الله بن شِيرَوَيْه. وعنه: الحاكم، وطائفة. 383- محمد بن العبّاس بن موسى3 بن فسانجس: الوزير الكبير أبو الفرج الشَّيرازي، كاتب مُعِزّ الدولة. ردَّ إليه أمور الأموال، فلمَّا مات المُعِز لقِّب بالوزارة من خليفة المطيع، ووزِر لعزِّ الدولة، ثم عُزِل بعد سنة وحُبس. توفِّي في ذي القعدة سنة سبعين، وله اثنتان وستّون سنة. 384- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عبد الله4: أبو جعفر المَرْوَزي، أحد الشّعراء بخُراسان، ويعرَفُ بالباحث. أخذ عنه الحاكم وقال: سمع بعد الأربعين وثلاثمائة، ومات ببُخَارى. 385- محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن بالويه: أبو الحسين المُزَكّي5 النَّيْسَابُوري.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر اللباب "3/ 76". 3 انظر الكامل في التاريخ "9/ 9"، والوافي بالوفيات "3/ 198"، وسير أعلام النبلاء "16/ 308". 4 لا بأس به. 5 انظر اللباب "3/ 204".

سمع: مُسَدّد بن قَطَن، وعبد الله بن شِيرَوَيْه، وجماعة. وعنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور. 386- محمد بن عبد الله بن سعيد1 البَلَوِي: أبو عبد الله القُرُطُبي الغاسل. سمع من: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله بن أبي دليم، وطائفة. وكان محدِّثًا كثيرًا، له حِفْظٌ وفَهْم، سمع من غير واحد، وكان يقرأ للعامَّة بقُرْطُبَة. 387- محمد بن عمرو2 بن سعيد: أبو عبد الله الأندلسي. حجَّ وسمع من: ابن الأعرابي، وحدَّث عنه، وكان يروي سُنَن أبي داود وأشياءً. 388- محمد بن محمد بن جعفر3 بن مطر: أبو بكر أخو أبي أحمد. وُلِد الشيخ أبي عمرو بن مطر ببغداد. سمَّعه أبوه من عبد الله بن شِيرَوَيْه، وأحمد بن إبراهيم بن عبد الله السرَّاج، وهذه الطبقة بنَيْسَابور، ولم يكن الحديث من شأنه. قال الحاكم أبو عبد الله: كان قديمًا من أعيان الشّهود، ثم سكتوا عنه. توفِّي في رمضان سنة سبعين. 389- محمد بن يحيى بن خليل4 القُرْطُبي: روى عن أحمد بن خالد، وابن أيمن، وحجَّ فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي وغيره. ووَلِي أحكام الشرطة، وتوفِّي في رجب.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 80". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 81". 3 في عداد الضعفاء. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 80".

المتوفّون في عشر السبعين وثلاثمائة تقريبًا لا يقينًا: حرف الألف: 390- أحمد بن عبد الله البَغَوِي1 الأستراباذي: شيخ مُعَمَّر. سمع: محمد بن جعفر بن طرخان الرواي، عن إسماعيل ابن ابنة السُّدّي، وطبقته. روى عنه: أبو سعد الإدريسي، ومات بعد الستّين وثلاثمائة. 391- أحمد بن عبيد الله بن الحسن بن شُقَيْرٍ2: أَبُو العلاء البغدادي النَّحوي. وحدَّث بدمشق عن: ابن المُجَدَّر، وحامد بن شعيب، ومحمد بن محمد الباغَنْدِي، وأبي القاسم البَغَوِي، وابن دُرَيْد. روى عنه: تمَّام الرّازي، ومكّي بن الغَمْر، وعبد الوهاب بن الجبّان، وغيرهم. وصنَّف لسيف الدولة كتابًا في أجناس العِطْرِ وأنواع الطّيب، وكتابًا سمَّاه: المسلسل في اللغة؛ لأنّه كالسّلسلة، وله شِعْر. 392- أحمد بن علي بن إبراهيم3: أبو الحسين الأنصاري الدمشقي. حدَّث عن: أحمد بن عامر بن المُعَمَّر، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وغيرهم. وعنه: الحافظ عبد الغني الأَزْدي، وأبو سعد الماليني، وعلي بن السّمْسار، وغيرهم. 393- أَحْمَد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه4 بْن سعيد: أبو الخير الحمصي الحافظ. قَدِمَ دمشق، وحدَّث عن محمد بن أحمد بن الأبحّ، ومحمود الرّافقي، وأحمد بن محمد بن خالد بن علي، ومحمد بن بركة، وأبي بكر الخرائطي، وخلق.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر بغية الوعاة "1/ 333". 3 انظر تهذيب ابن عساكر "1/ 398". 4 انظر تهذيب ابن عساكر "1/ 406".

وعنه: تمّام الرّازي، وعبد الوهاب الميداني، ومكّي بن الغَمْر، ومحمد بن عَوْف المُزَني، وآخرون. 394- أحمد بن عبد الرحمن بن أبي المغيرة1 الأزدي الحاركي: أبو العبّاس البصريّ. سمع: أحمد بن عمرو القَطِرانيِ، والبغدادي الصُّوفي. وعنه: الحسن بن صَخْر. 395- أحمد بن محمد بن العلاء2: أبو الفرج الشّيرازي ثم البغدادي الصُّوفي، نزيل الرّيّ. حدَّث بأصبهان عن: البَغَوِي، وابن صاعد، وحسين الحلاج، والشَّبْلي، وهو صاحب حكايات. روى عنه: أبو بكر بن أبي علي الذكواني، والقاضي زيد بن علي الرّازي، والحسين بن محمد الفلاكي الزَّنْجاني، وغيرهم. ذكره ابن النّجار. 396- أحمد بن إسحاق بن محمد3 الحلبي: القاضي أبو جعفر الملقَّب بالْجَرْد. وُلّي قضاء حلب، وحدَّث عن أحمد بن خُلَيْد الحلبي، وعمر بن سِنان المَنْبِجي، وجماعة. وعنه: القاضي أبو الحسن علي بن محمد الحلبي، وتمّام الرّازي، وابن نظيف، وآخرون. 397- أحمد بن الصَّقْر: أبو الحسن4 المنبجي المقرئ. قرأ عَلَى أَبِي طاهر بْن أَبِي هاشم، وبكار، وأبي بكر النّقّاش.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لا بأس به. 3 انظر الوافي بالوفيات "6/ 239"، وسير أعلام النبلاء "4/ 62". 4 انظر معرفة القراء الكبار "1/ 270".

وصنَّف كتاب "الحُجَّة في القراءات السَّبْع". روى عنه: ابن عمر المَنْبِجِي، وعلي بن معيوف العين ثَرْمَائي. نقل ابن عساكر أنَّه توفِّي قبل الستين وثلاثمائة، وأحسبه بعد ذلك قليلًا. 398- أحمد بن محمد بن علي1 بن الحَكَم: أبو بكر النَّرْسِي. سمع عمر بن أبي غيلان، وعبد الله المدائني بن زيدان البَجَلي، وأبا عَرُوبة، وعبد الله بن علي بن الأخيل الحلبي. بقي إلى سنة ست وستّين، وانتقى عليه الدَارقُطْنيّ بمصر. روى عنه: محمد بن الحسن النّاقد، وعلي بن منير الخلال، وعبد الجبّار بن أحمد الطَّرَسُوسي. 399- أحمد بن محمد بن عليّ2 بن هارون: أبو العبّاس البرذعي الحافظ. حدَّث بدمشق عن: ابن أبي داود، ومكحول البَيْرُوتي، ونَفْطَوَيْه النَّحْوي، وابن عُقْدَةَ الحافظ. وعنه: تمَّام، وأبو نصر بن الجبّان، ومكّي بن الغَمْر، والحسن بن علي بن شوّاش. 400- أحمد بن محمد بن علي3 بن مُزاحِم: أبو عمرو الصُّوري. سمع: جماهر بن محمد الزَّمْلَكَاني، وأبا يعقوب المَنْجَنيقي نزيل مصر. وعنه: فتاه فاتك. 401- أحمد بن محمد4 بن منصور: الإمام أبو بكر الدَّامَغاني، شيخ الحَنَفيَّة ببغداد. تفقَّه بمصر على الطَّحَاوي، وببغداد على أبي الحسن الكَرْخي، فلمَّا فُلِجَ الكَرْخي جعل الفَتْوَى إليه، فأقام ببغداد وهراة دهرًا يدرِّس ويفتي.

_ 1 تهذيب ابن عساكر "2/ 69". 2 انظر تهذيب ابن عساكر "2/ 67". 3 انظر تهذيب ابن عساكر "2/ 66، 67". 4 انظر تاريخ بغداد "5/ 97".

أخذ عنه القاضي أبو محمد الأَكْفاني وغيره. 402- إسحاق بن إبراهيم1: العَلامة الفارابي اللُّغوي. صنَّف كتاب "ديوان الأدب" في اللّغة. كان من كبار أئمّة هذا الفنّ، وهو معاصر الأَزهريّ صاحب "التهذيب". سافر الكثير، ورحل إلى اليمن، فعزم فُضَلاؤها على قراءة ديوان الأدب عليه، فَبَغَتَهُ الأَجَلُ قبل ذلك. وهو خال ابن نصر الْجَوْهَري صاحب " الصِّحَاح"، وهما تركيَّان، قاما بضبْط لسان العرب قيامًا لم تنهض به العرب العَرْباء. وكان الْجَوْهَرِي من أبدع أهل زمانه كتابةً، فنسخ في سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة نسخة بديوان الأدب. وفيه يقول بعض الشعراء: كتاب ديوان العرب ... أحلى جَنًا من الضَّرَبْ أَوْدَعَهُ مُنْشِئُه ... أَكْثَرَ ألفاظِ العَرَب ما ضَرَّ مَن يُحْسِنُه ... خُمُولُ ذِكْرٍ في النَّسَب وللفارابي من الكتب أيضًا كتاب "بيان الإعراب"، وكتاب "شرح أدب الكاتب". توفِّي بزبيد في هذه الحدود أو بعدها، رحمه الله. 403- إسماعيل بن علي بن محمد2: أبو الطّيّب الفحّام، بغداديّ جليل. وثَّقه البَرْقاني. سمع: ابن ناجية، وأبا يعلى المَوْصِلي، وابن ذَرِيحْ، وطبقتهم. وعنه: البَرْقَاني، وأبو العلاء الواسطي القاضي، ومحمد بن عمر بن بكير، وغيرهم. 404- إسماعيل بن علي بن محمد: أبو الطيِّب الفحَّام. بغدادي جليل، وثَّقه البرقاني.

_ 1 انظر الأنساب "2/ 415"، والوافي بالوفيات "8/ 395"، واللباب "2/ 402". 2 انظر تاريخ بغداد "6/ 307".

سمع: ابن ناجية، وأبا يَعْلَى المَوْصِلي، وابن ذَرِيحْ، وطبقتهم. وعنه: البَرْقَاني، وأبو العلاء الواسطي القاضي، ومحمد بن عمر بن بكير، وغيرهم. حرف الحاء: 405- الحسن بن علي بن داود1: أبو علي المصري المطرّز. حدَّث ببغداد عن: أبي شيبة داود بن إبراهيم، ومحمد بن محمد بن النّفّاح الباهلي، وعلي بن أحمد بن علان. وعنه: البَرْقَاني وجماعة. وانتخب عليه الدَارقُطْنيّ سنة ثلاث وستين. 406- الحسن بن علي بن عمر2 الحلبي: أبو محمد بن كَوْجَك العَبْسي الأديب. روى عن: الغضائري، وعبد الرحمن ابن أخي الإمام، ومحمد بن جعفر المَنْبجِي. وعنه: تمَّام، وعبد الوهاب الميداني، ومكّي بن الغمْر، وآخرون. 407- الحسن بن محمود بن أَحْمَد3 بن محمود: أبو القاسم الرَّبعي الدَّمشقي. روى عن: محمد بن خريم، وابن جوصا، ومحمد بن يوسف الهَرَوِي. وعنه: تمَّام، ومكّي بن الغمر، ومحمد بن عون المزين. 408- الحسين بن محمد بن أسد4: أبو القاسم الدَّيْبلي. حدَّث بدمشق عن: محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة، والحَسَن بن عَلَوِيّة القطّان، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي. وعنه: تمَّام الرّازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو العبَّاس بن السمسار.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تهذيب ابن عساكر "4/ 232". 3 انظر تهذيب ابن عساكر "4/ 251، 252". 4 انظر تهذيب ابن عساكر "4/ 358".

حرف السين: 409- السَّريّ بن أحمد الكِنْدي1: أبو الحسن المَوْصِلي، الشاعر المعروف بالرّفّا. شاعر محسِنٌ، له مدائح في سيف الدّولة، وكان بين الرّفّا وبين الخالدين، هجاءٌ وأمورٌ، وآل بهما الأمر إلى أذِيَّته، حتّى قطع سيف الدّولة رسمه، فانحدر إلى بغداد ومدح الوزير أبا محمد المهلّبي، فقَدِم الخالِدِيّان، وهما محمد وسعيد ابنا هاشم إلى بغداد، وشرعا يُؤْذِيانه بِكلّ ممكن، حتى يُقال: إنّه عُدِمَ القُوت، فجلس يَنْسَخُ ويبيع شعره. وتوفِّي بعد الستين وثلاثمائة، وديوانه موجود بأيدي الفُضَلاء. فمن شعره: بنفسي من أَجُود له بنفسي ... ويَبْخَلُ بالتحيّة والسلام ويلقاني بعزّةِ مُسْتطِيلٍ ... وألقاه بذِلّة مُسْتَهَامٍ وَحَتفي كامن في مقلتيه ... كموت المَوْتِ في حَدّ السّهامِ وله: بنفسي من رَدَّ التّحِيّة ضاحكًا ... فجدّدَ بعد اليأس في الوَصْلِ مَطْمَعي وحَالَتْ دُمُوعُ العينِ بيني وبينه ... كأنَّ دموعَ العَيْن تَعْشَقُهُ معى وله: ولا وَصْلَ إلّا أنْ أَرْوح ملججًا ... على أخضر من فوق أدْهم مُزْبدِ شَوائل أَذْنابٍ يُخَيل أنها ... عقارب دبَّت فوق صرح ممرد 410- صالح بن إدريس بن صالح: أبو سهل البغدادي المقرئ، نزيل دمشق. قرأ على أبي بكر بن مجاهد، وعلي بن سعيد بن ذؤابة، والحسن بن حبيب الحصائري الدمشقي. وحدَّث عن يحيى بن صاعد، وأبي عيسى محمد بن أحمد بن قطن. قرأ عليه: أبو الفتح المظفَّر بن برهان، وعلي بن داود الدَّاراني، وعبد المنعم بن

_ 1 انظر تاريخ بغداد "9/ 194"، والمنتظم "7/ 62"، والأنساب "6/ 247"، وسير أعلام النبلاء "16/ 218".

غلبون الحلبي. وحدَّث عنه: تمَّام، وعبيد الله بن أحمد بن محمد بن فُطَيْس، وغيرهما. حرف العين: 411- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أيوب1: والد أبي محمد نصر بن الجبان الدّمشقي. يروي عن: ابن خُرَيْم، وابن جَوْصَا، وغيرهما. وعنه: ابنه، ومحمد بن عَوْف المُزَني، ومكّي بن محمد بن الغَمْر. 412- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي العجائز2: أبو محمد الأزْدي الدّمشقي. روى عن: أبي الجهمْ بن طِلاب، وأبي بكر الخرائطي، وجماعة. وعنه: عبد الغني المصري، وأبو الحسين عبد الوهاب الميداني، وسعيد بن فطيس. 413- عبد الجبَّار بن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد3: أَبُو عَليّ بن مهنّا الخَوْلاني الدّاراني، مصنّف "تاريخ داريا". حدَّث عن: ابن جَوْصَا، ومحمد بن يوسف الهَرَوِي، ومحمد بن جعفر الخرايطي، والحسن بن حبيب الحضايري، وجماعة غيرهم، ورحل فسمع بالرَّمْلَة وأنطاكية. روى عنه: تمَّام، وعلي بن طوق، وأبو نصر بن الجبان، وعلي بن محمد الخراساني نزيل داريا. 414- عبد الرحمن بن المظفر4 البغدادي: نزيل هَرَاة.

_ 1 انظر تاريخ دمشق "9-11". 2 انظر تاريخ دمشق "2/ 200". 3 انظر تاريخ دمشق "24/ 337". 4 تاريخ بغداد "10/ 298".

روى عن: أبي القاسم البَغَوِي، وابن صاعد، وجماعة. روى عنه: أبو بكر البَرْقَانيّ ووثَّقه. 415- عبد العزيز بن محمد بن إسحاق1 الطبري المتكلّم: روى عن: محمد بن جرير الطبري، وأخذ الكلام عن: أبي الحسن الأشعري. قال ابن عساكر: سكن دمشق ونشر بها مذهب السُّنَّة، وله مصنَّف في الردِّ على المقتدر والملحد. 416- عبد المؤمن بن عبد المجيد: أبو يعلى النسفي2. روى عن: محمد بن إبراهيم البوسَنْجِي، وإبراهيم بن معقل. روى عنه: جعفر بن محمد التوبني. 417- علي بن محمد بن أحمد بن عطيّة3 الحضْرمي البصْري: سمع من: الحارث بن أبي أسامة. وعنه: أبو عبد الله بن باكَوَيْه الشيرازي. لا أعرفه. 418- علي بن محمد بن أحمد القصّار4 الأصمّ: عن: عبد الله بن ناجية، وغيره. وعنه: علي بن عبد العزيز الطّاهري، والبَرْقَانيّ، وقال: ثقة. 419- عمر بن أحمد بن عمر5: القاضي أبو عبد الله القصباني، بغدادي ثقة. روى عن: علي المَقَانِعي، وجماعة. روى عنه: البَرْقَانيّ، وابن بكيرٍ، وأبو نُعَيم، ومن الكبار الدارقطني ووثَّقه.

_ 1 انظر معجم البلدان "2/ 432". 2 انظر اللباب "3/ 371". 3 في عداد المجهولين. 4 أحد الثقات، وثقه البرقاني، وهو تلميذ الدارقطني. 5 انظر تاريخ بغداد "11/ 251".

420- عمر بن بشران بن محمد1 بن حفص البغدادي السّكْري: سمع: علي بن العبّاس المَقَانعي، وعبد الله بن زيدان، وأحمد بن الحسن الصُّوفي، والبَغَوِي، وطبقتهم. وعنه: أبو بكر البَرْقَانيّ، وقال: كان حافظًا كثير الحديث، وهو أخو جدّ أبي القاسم بن بشران. مات قبل سنة ثمان وستين. 421- عمر بن نوح بن خلف2 بن محمد بن الخصيب: أبو القاسم البجلي البُنْدَار. شيخ جليل من ثقات البغداديّين. روى عن: أبي خليفة الْجُمَحي، ومحمد بن أبي سُوَيْد الذّارع، وجعفر الفِرْيابي، وزكريّا السّاجي، وطائفة. وعنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ، وبشري الفاتني، وعلي الظّاهري، ومحمد بن عمر بن بكير. سُئِلَ عنه البرقاني فقال: ذاك في قياس أبي علي الصّوّاف في الفضل والثّقة. قيل: مولده سنة سبعٍ وسبعين ومائتين، ومات بعد سنة أربع وستين وثلاثمائة. حرف الفاء: 422- فاروق بن عبد الكبير بن عمر3: أبو حفص الخَطابي البَصْري، محدِّث البصْرة ومُسْندها. سمع: محمد بن يحيى بن المنذر القزاز، وعبد الله الكجي بن أَبِي يونس، وهشام بن علي السَّيرافي، وأبا مسلم إبراهيم بن عبد الله الكَجّي، وجماعة. وبقي إلى سنة إحدى وستين أو اثنتين وستين.

_ 1 انظر تاريخ بغداد للخطيب "11/ 256". 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 255". 3 انظر العبر "2/ 357"، وشذرات الذهب "3/ 74".

روى عنه: علي بن يحيى بن عبدكويه، وأبو بكر محمد بن أبي علي الذكواني، وأبو نُعَيم أحمد بن محمد الصَّقْر البغدادي. 423- فرج بن إبراهيم: أبو القاسم النّصِيبي1 الصُّوفي الأعمش، يُعرَف بفرج. روى عن: أبي بكر الخرايطي، وأبي سعيد بن الأعرابي. وعنه: تمَّام الرّازي، ومكّي بن الغَمْر، وأبو عبد الله بن باكَوَيْه الشّيرازي. 424- محمد بن أحمد بن غريب2 بن طريف: أبو المُنيب الطّبري الفقيه. قَدِمَ أصبهان، ثم خرج إلى شِيراز، وحدَّث عن: يحيى بن محمد بن صاعد، وعلي بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر. وعنه: أبو نُعَيم. 425- محمد بن أحمد بن جعفر3 بن يزيد: أبو بكر بن آذين الهمذاني الفامي، الرجل الصالح. سمع الكثير بعد الثلاثمائة بهمذان، ورحل إلى بغداد، فسمع من: محمد بن محمد الباغَنْدي، وحامد بن شُعَيب البَلْخي، وأبي القاسم البَغَوِي، وطائفة كثيرة، وعُنِيَ بهذا الشأن. روى عَنْهُ: عليّ بْن عَبْد الله بْن عبدوس، وأبو منصور المحتسب، وعبد الرحمن الإمام، وأبو العلاء رافع العدل، وعبد الله بن أحمد الغَضَايري. 426- محمد بن أحمد بن جحوش4 الخُزَيْمي المُرّي الدّمشقي: كان من أهل العلم والبيوتات. سمع: أحمد بن أنس بن مالك، ومحمد بن يزيد بن عبد الصّمد، وابن خزيمة، وأبي العباس السرَّاج وخلقًا.

_ 1 انظر اللباب "3/ 312". 2 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 294". 3 لا بأس به. 4 انظر السابق.

وله رحلة إلى خراسان. روى عنه: تمَّام، وعبد الوهاب المَيْداني، وقد ولي خطابة دمشق. قال الميداني: كان مقصّرًا في صلاته وخطبته؛ لأنّه مقامٌ هائل. 427- محمد بن أَحْمَد بْن محمد1 بْن يعقوب بْن مجاهد الطائي: أبو عبد الله المتكلّم، صاحب أبي الحسن الأَشْعري، وهو بَصْريّ. قدِمَ بغداد ودرَّس بها عِلْم الكلام، وصنَّف التّصانيف، وعليه درس القاضي أبو بكر بن الطّيّب الباقِلاني هذا الفنّ. قال الخطيب: ذكر لنا غير واحد أنَّه ثخين السّتْر، حَسَنَ التديّن، رحمه اللَّه. 428- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه2: أَبُو عبد الله النقوي اليمني الصنعاني، بعد العشرين وأربعمائة بمكّة. ذكر حمزة السّهمي أنَّ رفيقه ابن دلّان رحل إلى اليمن ليسمع من النَّقَوِي في سنة سبْعٍ وستّين. وروى عنه "جامع عبد الرّزّاق" أبو نصر أحمد بن محمد الباكوي النيسابوري في سنة أربعمائة. 429- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن3 عَبْد اللَّه بْن بُنْدار الحافظ: أبو زُرْعَة الإسْتِراباذي، المعروف باليمني؛ لسّكْناه اليمنَ مدّةً. سمع على: الحسن بن معدان الفارسي، وأبا القاسم البَغَوِي، وأبا العبّاس السّرّاج، وأبا عَرُوبة الحرّاني، وطبقتهم. وله رحلة واسعة ومعرفة. توفِّي سنة بضعٍ وستيّن. روى عنه: أبو سعيد الإدريسي، وحمزة السَّهْميّ، وغيرهما.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "1/ 343"، والعبر "2/ 358"، وشذرات الذهب "3/ 74". 2 انظر العبر "2/ 358"، واللباب "3/ 323". 3 انظر تاريخ جرجان "540".

430- محمد بن حَميد بن مَعْيُوف1 بن بكر: أبو بكر الهمذاني البيت سَوَا الدمشقي. سمع: محمد بن المُعَافَى الصَّيْداوي، والحسين بن علي بن عوانة الكَفْربَطنَائي، ومحمد بن حصن الآلوسي، ومضاء بن مقاتل الأدني صاحب لوين، وجماعة. وعنه: تمَّام، ومكّي بن محمد بن الغَمْر، ومحمد بن عوف المُزَني، وعلي بن سمسار، وأبو الحسن المَيْداني، ووصفه بالصلاح. 431- محمد بن زرعان2: أبو بكر الأنماطي. حدَّث عن: جعفر الفِرْيابي، وأحمد بن الحسن الصُّوفي. روى عنه: البَرْقَانيّ ووثَّقه. بقي إلى سنة أربع وستين. 432- محمد بن زُرَيْق: أبو منصور البَلَدِي3 المقرئ. قرأ القرآن لابن كثير على محمد بن عبد العزيز بن الصّبّاح، وسمع من: أبي يَعْلَى المَوْصِلي، وابن المنذر الفقيه، وتصدَّر للإقراء بطَرَسُوس من الثّغْر. قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن، وحدَّث عنه: تمَّام، وعبد الوهاب الميداني، والهيثم بن أحمد الصباغ. 433- محمد بن سعيد بن عبدان4: أبو الفرج الفارسي ثم البغدادي، نزيل طرابلس الشام، ويُعرف بابن أبي عثمان. روى عن: حامد بن شُعَيْب، وعلي بن زاطيا، وعبد الله المدائني، والمفضّل الجندي، وطبقتهم. وعنه: تمَّام، والحافظ عبد الغني، وأبو العبّاس بن الحاجّ، وشهاب الصُّوري.

_ 1 انظر معجم البلدان "1/ 521". 2 انظر تاريخ بغداد "5/ 290". 3 انظر اللباب "1/ 173"، ومعجم البلدان "1/ 481". 4 انظر تاريخ بغداد "5/ 312".

قال أبو الفتح بن مسرور: سألته عن مولده فقال: سنة سبعٍ وثمانين ومائتين، وكان ثقة. سمعت منه سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. 434- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد1 بْن أبي الخطّاب الحرّاني المَلَطيّ الأصل: أبو عبد الله قاضي حمص. سمع: يحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن سعيد الترخمي، ومحمود بن محمد الرّافقي، وأبا عبد الله نَفْطَوَيْه، وجماعة. وعنه: تمَّام، وعليّ بن بشري العطّار، وشعيب بن عبد الرحمن بن عمر، وجماعة. 435- محمد بن عبد الله بن شيرويه: أبو بكر النيسابوري نزيل فسا2. روى عن: أبيه، وأبوه صاحب إسحاق بن رَاهَوَيْه، وعن: الحسن بن سفيان، ومحمد بن عبد الله الدُّوَيْرِي. وعنه: أبو سعد الماليني وغيره. وثَّقه ابن نقطة. 436- محمد بن عبد الرحمن بن الفضل3 بن الحسين: أبو بكر التميمي الْجَوْهَري الخطيب، صاحب التّفاسير والقراءات، كذا قال فيه أبو نُعَيم. سمع: أبا خليفة، وعَبْدان الأهوازي، وأحمد بن الحسن الصّوفي، وجماعة. وعنه: أبو بكر بن أبي علي المعّدل، وأبو نُعَيم، وقال: تُوُفّي بعد الستّين. 437- محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل الهاشمي4 البغدادي: يروي عن: محمد بن محمد الباغَنْدِي، وغيره. وعنه: أبو سعد الماليني، وأبو بكر البَرْقَانيّ، وقال البَرْقَانيّ: كان ثقةً زاهدًا.

_ 1 انظر تاريخ دمشق "38/ 164". 2 انظر معجم البلدان "4/ 260، 261". 3 انظر ذكر أخبار اصبهان "2/ 293". 4 انظر تاريخ بغداد "3/ 359".

438- مُحَمَّد بْن علي بْن مُحَمَّد1: أبو بكر المالكي الخراز. سمع: أبا مسلم الكَجّي، وحامد بن شعيب البلخي. وقال الخطيب: ثقة. 439- محمد بن القاسم بن سعيد بن ناصح: أبو بكر الكرجي، نزيل شيراز. سمع محمد بن أيوب الرازي، روى عنه أبو عبد الله بن باكويه. 440- محمد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه2: أبو الحُسين الْجُرْجاني المقرئ الحافظ، ثقة رحّال جوَّال. سمع: عمران بن موسى بن مجاشع، وابن خُزَيْمَة، وابن جَوْصَا، وأبا العبّاس السّرّاج، وطبقتهم، وأكثر الترحال في الشيخوخة. روى عنه: أبو نُعَيم الحافظ. 441- محمد بن محمد بن عمرو3: أبو نصر النَّيْسَابُوري، المحدِّث الشاعر الملقَّب بالبَيْض. نزل حلب ومدح سيف الدّولة. ويروي عن: إمام الأئمّة ابن خُزَيْمَة، والبَغَوِي، وعَبْدان الأهْوازي، وأبي عَرُوبة، وزكريّا السّاجي، وابن نيروز الأنْماطي، وابن عُقدَة. وعنه: حمزة بن الشّامّ، وأحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الأطرابُلُسِيّان، وأبو الخير أحمد بن علي، ولاحق المَقْدِسي، وغيرهم. وهو صاحب القصيدة المطبوعة التي أوّلها: حَبَاؤُكَ مُعْتَادٌ وأَمْرُكَ نافِذٌ ... وعبدُكِ مُحْتَاجٌ إلى ألفِ دِرْهَم وقد أوردتُها في "مختصر دمشق". رأيت له مجلَّدًا في أصول الفقه سمَّاه "المدخل إلى الاجتهاد" يدل على اعتزاله، وعلى حفظه للحديث وسعة رحلته.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "3/ 87". 2 انظر ذكرأخبار أصبهان "2/ 292". 3 انظر تاريخ دمشق "39/ 308، 309".

442- مُسْلِم بْن عُبَيْد اللَّه بْن طاهر1 بن يحيى بن الحسن، أبو جعفر العَلَوِي الحَسَني المَدَني. سمع: من جدّه طاهر، ومحمد بن إبراهيم الدَّيْبُلي، وأبي بِشْرٍ الدُّولابي، والخضر بن داود. سمع كتاب "النَّسب" للزُّبَيْر. روى عنه: الدارقطني، وعبد الغني بن سعيد الأزدي، ويحيى بن علي الطحان. وقال الدَارقُطْنيّ: هو حافظٌ نبيل. 443- موسى بن عبد الرحمن2: أبو عمران البَيْرُوتي الصّبّاغ المقرئ، إمام جامع بيروت. كان أَسْنَدَ من بقي بالسّاحل، فإنَّه قرأ القرآن على هارون بن شريك الأخفش، وسمع من أبي زُرْعَة المَوْصِلي، وأحمد بن عبد الوهاب الحَوْطي، وأبي مسلم الكَجّي، والحسين بن السَّمِيدَع، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه بْن منده، وأبو الحسين ابن جُمَيْع، وابنه الحسن بن جُمَيْع، وتمَّام الرّازي، والخصيب بن عبد الله القاضي، وعبد الوهاب المَيْداني، وصالح بن أحمد المَيَانجِي، وغيرهم. ويُحْتَمَل أن تكون وفاته قبل الستّين، يُكْتَب هنا. حرف الياء: 444- يوسف بن يعقوب النّجيرَمي3: أبو يعقوب، بصْري مشهور، عالي الإسناد. سَمِعَ: أَبَا مُسلْمِ الكَجّيّ، والحسن بْن المثنَّى العَنْبري، والمفضل بن الحُبَاب الجُمَحَي، وزكريّا بن يحيى السّاجي، ومحمد بن حيّان المازني، وجماعة.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر معرفة القراء الكبار "1/ 257، 258"، ومعجم الشيوخ لابن جميع "161، 162". 3 انظر العبر "2/ 358"، واللباب "3/ 300".

روى عنه: أبو نُعَيم الحافظ، وأبو عبد الله محمد بْن عَبْد الله بن باكَوَيْهِ الشّيرازي، وإبراهيم بن طلحة بن غسّان المطوّعي، وجماعة آخرهم القاضي أبو الحَسَن محمد بْن علي بْن صخْرٍ الأَزْدي. وقد حدَّث في سنة خمس وثلاثمائة. الكُنَى: 445- أبو الحسن بن عطيّة البصْري1: روى عن: الحارث بن أبي أسامة التميمي. وعنه: أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن باكويه الشيرازي. 446- أبو الحسن الباهلي البصْري المتكلّم2: أخذ عن الأشْعَرِي عِلْمَ الْمنْطقِ، وسمع وتقدَّم، وكان من أذكياء العالم، مع الدّين والتعبُّد. قال ابن الباقلاني: كتبت أنا والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، والأستاذ ابن فُورَك معنا في درس أبي الحسن الباهلي، كان يدرِّس لنا كل جمعة، وكان يرخي الستر بيننا وبينه، وكان من شدّة اشتغاله بالله مِثْلَ والهٍ أو مجنون، لم يكن يعرف مبلغ دَرسنا حتى نذكِّره، وكنَّا نسأل عن سبب الحجاب، فأجاب بأنّنا نرى السُّوقَة وهم أهل الغفلة، فيروني بالعين التي ترونهم، وكان يحتجب من جارية تحدثه. قال أبو إسحاق الأسفراييني: أنا في جانب أبي الحسن الباهلي كقَطْرة في البحر. 447- ابن نُباته الخطيب3: هو الأستاذ البارع أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباته الفارقي. ذكرته في سنة أربعٍ وسبعين، وسيأتي والله أعلم.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لا بأس به. 3 انظر سير أعلام النبلاء "10/ 227"، وشذرات الذهب "4/ 83"، والبداية والنهاية "11/ 303".

الطبقة الثامنة والثلاثون

بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثامنة والثلاثون: أحداث سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، أحداث سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة: سرقة السبع الفضة لعضد الدولة: فيها: سُرق السّبُع الفضة الذي على زبزب عضُدُ الدولة، وعجب النّاس كيف كان هذا مع هيبة عضُدُ الدولة المُفرِطة، وكونه شديد المعاقبة على أقلِّ جناية تكون، وقُلِبت الأرض على سارقه، فلم يوقف له على خبر، ويقال: إنَّ صاحب مصر دسَّ من فعل هذا. وكان العزيز العُبَيْدي قبل هذا قد بعَث رسولًا إلى عضُدُ الدولة، وكتابًا أوّلُهُ: "من عبد الله نِزار العزيز بالله أمير المؤمنين، إلى عضُدُ الدولة أبي شُجاع مولى أمير المؤمنين، سلامٌ عليك، فإنّ أمير المؤمنين يَحْمَد إليك الله الذي لا إله إلّا هو، ويسأله أن يصلّي على جدّه محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، والكتاب مبنيّ على الاستمالة مع ما يَسرّ إليه الرسول عُتْبَةُ بن الوليد، فبعث مع الرسول رسولًا له، وكتابًا فيه مودّة وتعللات مجملة. حريق الكرخ: وفي ربيع الأول وقع حريق بالكَرْخِ مِنْ حدّ دَرْبِ القراطيس إلى بعض البزّازين من الجانبين، وأتى على الأساكفة والحدّادين، واحترق فيه جماعة، وبقي لهبه أسبوعًا. تقليد عيسى بن علي الكتابة: وفيها: قُلد أبو القاسم عيسى بن علي كتابة الطائع لله وخلع عليه. أحداث سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة: فتح المارستان العضدي: فيها: فُتِحَ المارستان العَضْدي، أنشأه عضُدُ الدولة في الجانب الغربيّ من بغداد، ورتَّب فيه الأطباء والوكلاء والخُزّان، وكلَّ ما يُحتاج إليه، في ربيع الآخر. وفي هذا الزّمان كانت البدع والأهواء فاشيةً بمثل بغداد ومصر من الرَّفْضِ وَالاعتزال والضَّلال، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. فذكر الحُمَيْدي في ترجمة أبي عمر أحمد بن محمد بن سعدي الأندلسي الفقيه

ظَلامة كُبْرى، قَالَ: سمعت أَبَا عَبْد الله محمد بْن الفرج بن عبد الولّي الأنصاري، سمعت أبا محمد عبد الله بن الوليد قال: سمعت أبا محمد عبد الله بن أبي زيد الفقيه يسأل أبا عمر أحمد بن محمد بن سعدى المالكي عند وصوله إلى القَيْرَوان من بلاد المشرق، فقال: هل حضرت مجالس أهل الكلام؟ قال: نعم، مرتيّن، ولم أعد إليها، قال: ولِمَ؟ فقال: أمَّا أوّل مجلسٍ حضرتُهُ فرأيت مجلسًا قد جمع الفِرَق من السنة والبَدَعَة والكُفّار واليهود والنصارى والدهرية والمجوس، ولكل فرقة رئيس يتكلّم ويجادل عن مذهبة، فإذا جاء رئيس قاموا كلّهم له على أقدامهم، حتّى يجلس فيجلسون بجلوسه، فإذا تكلّموا قال قائل من الكُفّار: قد اجتمعتم للمناظرة، فلا يحتجّ أحدُ بكتابه ولا بنبيّه، فإنَّا لا نصدَق بذلك ولا نُقِرُّ به، وإنّما نتناظر بالعقل، فيقولون: نعم، فلما سمعت ذلك لم أعده، ثم قيل لي: هنا مجلس آخر للكلام، فذهبت إليه فوجدتهم على مثل سيرة أصحابهم سواء، فقطعت مجالس أهل الكلام. فجعل ابن أبي زيد يتعجَّب من ذلك، وقال: ذهبت العلماء وذهبت حُرْمَةُ الإسلام. موت عضد الدولة: وفي شوّال مات عَضُدُ الدولة، فكتموا موته، ثم استدعوا ولده صمصام الدولة من الغد إلى دار السّلطنة، وأخرجوا أمر عضُدُ الدولة بتولية العهد، ورُوسِلَ الطائع، وسُئِلَ أن يولّيه ففعل، وبعث إليه خُلَعًا ولواءً. الخلع على أبي منظور: وخُلِعَ على أبي منظور بن الفتح العلوي للخروج بالحاجّ وإقامة الموسم. وتوفِّيت السّيدة بنت الخليفة المعتضد وأخت المكتفي، وقال حمزة: عاشت بعد أبيها ثلاثًا وثمانين.

أحداث سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، أحداث سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، أحداث سنة ست وسبعين وثلاثمائة

أحداث سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، أحداث سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، أحداث سنة ست وسبعين وثلاثمائة: أحداث سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة: ظهور وفاة عضد الدولة: في ثاني عشر محرّم أَظْهِرت وفاة عضُدُ الدولة، وحُمِلَ تابوته إلى المَشْهَد، وجلس صَمْصَام الدولة ابنه للعَزَاء، وجاءه الطائع لله مُعَزِّيا، ولُطِم عليه في الأسواق أيّامًا عديدة، ثم ركب صمصام الدولة إلى دار الخلافة، وخلع عليه الطائع سبع خُلَعٍ، وتَوَّجه، وعقَد له لواءين، ولُقِّب "شمس الملة". موت مؤيد الدولة: وفيها: ورد موت مؤيّد الدّولة بن أبي منصور بن رُكْنِ الدولة بجُرْجان، فجلس صمصام الدولة للعزاء، وجاءه الطائع معزّيا، ولمَّا مات كتب الصّاحب إسماعيل بن عبّاد إلى أخيه فخر الدولة بالإسراع ليقْدِم. واستوزَرَ الصّاحبَ ورفع منزلته. الغلاء المفرط: وكان فيها غلاء مُفْرِط بالعراق، وبلغ كرّ الحنطة أربعة آلاف دينار وثمانمائة درهم، ومات خَلْقٌ على الطُّرق جوعًا، وعَظم الخطب. خطلخ يتولى دمشق: وفيها: وُلّي أمر دمشق خَطْلُخ القائد للعزيز بالله العبيدي. أحداث سنة أربع وسبعين وثلاثمائة: فيها: شرع أبو عبد الله بن سعدان في الصلح بن صمصام الدولة وفخر الدولة. وفيها: كان عُرْسٌ ببغداد، فوقعت الدّار وهلك كثير من النّساء، وأُخْرِجن من تحت الهدْمِ بِالْحُليّ والزّينة، فكانت المصيبة عامة. أحداث سنة خمس وسبعين وثلاثمائة: صمصام الدولة يهمّ بوضع المكس: فيها: همَّ صمصام الدولة أن يجعل المَكْسَ1 عَلَى الثّياب الحرير والقطن، مما يُنْسَج ببغداد ونواحيها، ودُفع له في ضمان ذلك ألف ألف درهم في السنة، فاجتمع النّاس في جامع المنصور، وعزموا على المنع من صلاة الجمعة، وكاد البلد يفتتن، فأعفاهم من ضمان ذلك. أحداث سنة ست وسبعين وثلاثمائة: كثرة الموت بالحميات: فيها: كثُرَ الموت بالحُمّيّات الحادة، فهلك كثير من الناس ببغداد، وزُلْزِلَت المَوْصِل، فهدِّمت الدُّور، وهَلَكَ خلقٌ من الناس.

_ 1 أي الضريبة.

ميل العسكر إلى شرف الدولة: وفيها: مال العسكر إلى شَرَف الدّولة أبي الفوارس شِيرَوَيْه، وكان غائبًا بكَرْمان، فلمَّا بلغه موتُ أبيه عضُدُ الدولة ردّ إلى فارس، وقبض على وزير أبيه نصر النَّصراني، وجبى الأموال، وملك الأهواز، وأخذها من أخيه أحمد، وغلب على البصْرة، واستعدَّ لقصْدِ بغداد وأخْذِها من أخيه صَمْصام الدولة، فتركوا صمصام الدولة، فانحدر مسافرًا إلى شَرَف الدولة راضيا بما يعامله به، فلمَّا وصل قبَّل الأرض بين يديه مرّات، فقال له شَرَف الدولة: كيف أنت وكيف حالك في طريقك؟ ثم سجنه، واجتمع عسكر شَرَف الدولة من الدَّيْلَم تسعة عشر ألفًا. قتال الأتراك والديلم: وكان الأتراك ثلاثة آلاف غلام، فاقتتلوا، فانهزم الدَّيْلم وقُتِلَ منهم ثلاثة آلاف في رمضان، فأخذ الدَّيلم يذكرون صَمْصام الدولة، فقيل لشرف الدولة: أقتله، فأمنه سنة. قدوم شرف الدولة إلى بغداد: وقَدِمَ شَرَف الدولة بغداد، فركب الطائع إليه يهنئّه بالسّلامة، ثم خفي خبر صَمْصَام الدولة، وذلك أنّه حُمل إلى القلعة، ثم نفّذ إليه شَرَف الدولة بفَرّاش ليكحّله، فوصل الفرّاش وقد مات شرف الدولة، فكحّله، فالعجب إنفاذ أمر ملك قد مات. وكان شَرَف الدولة قد ردَّ على لناس أملاكهم، ورفع المصادرة، فبَغَته الموتُ، وإنّما جرى ذلك في سنة تسعٍ وسبعين، ولكن سُقناه استطرادًا.

أحداث سنة سبع وسبعين وثلاثمائة

أحداث سنة سبع وسبعين وثلاثمائة: حريق مراكب العزيز: كان العزيز صاحب مصر قد تأهَّب لغزو الروم، فأحرقت مراكبه، فاتّهم منها ناسًا، وقتل مائتي نفس. وصول رسل ملك الروم بطلب الصلح: فلمَّا دخلت سنة سبعٍ وصلت رُسُل ملك الرّوم في البحر إلى ساحل القدس بتقَادُمَ للعزيز، فدخلوا مصر يطلبون الصُّلح، فأجابهم العزيز، واشترط شروطًا شديدة التزموا بها كلّها، منها: أنّهم يحلفون أنّه لا يبقي في مملكتهم أسير إلّا أطلقوه، وأن يُخْطَب للعزيز في جامع القسطنطينية كلّ جُمُعة، وأنّ يحُمل إليه من أمتعة الروم كلّ سنة ما اقترحه عليهم، ثم ردَّهم بعقد الهدنة، فكانت سبْعَ سنين. ورود الوزير أبي منصور إلى بغداد: وفيها: ورد الوزير أبو منصور محمد بن الحسن، فتلقَّاه الأمراء والأعيان، فلمَّا قارب بغداد تلقَّاه السلطان شَرَف الدولة بالشّفيعي، ودخل في سادس المحرّم في صُحبةٍ خزانةٍ عظيمة، منها: عشرون ألف ألف درهم، وثياب وآلات كثيرة، وكان يغلب عليه الخيرُ وإيثار العدلَ، وكان إذا سمع الأذان ترك جميع شُغُله وتهيّأ للصّلاة، وكان لا يكاد يترك عاملًا أكثر من سنة. الميثاق بين شرف الدولة والطائع: وفي صَفر عُقِد مجلسُ عظيم، وصدرت التَّوْثقَةُ بين الطائع وشرف الدولة، وعُمِلَت القِباب، وبالغوا في الزّينة، وتوجَّه الطائع وقوّي عهده، والطائع يسمع، ثم قام شرف الدولة فدخل إلى عند أخته أهل أمير المؤمنين، فبقي عندها إلى العصر، ولما حُمل اللّواء تخرَّق ووقعت قطعة منه، فتطيّر من ذلك. وفيها: ردّ شرف الدولة على الشّريف أبي الحسن محمد بن عمر جميع أملاكه، وكان مُغَلّها في العام ألفي ألف وخمسمائة ألف درهم. ارتفاع ثمن الكارة الدقيق: وفي ربيع الأوّل بيعت الكارة الدقيق الخشكار بمائة وخمسة وستين درهمًا، وجلا النّاس عن بغداد، وزاد السعر في ربيع الآخر، فبلغ ثمن الخشكار مائتين وأربعين درهمًا. ولادة توأمين لشرف الدولة: وفي شعبان وُلِدَ للملك شرف الدولة توأمان، سمَّى أحَدَهما "أبا حرب سلار"، والآخر "أبا منصور فناخسرو". وفيها: بعث شرف الدولة العسكر لقتال بدر بن حَسْنَوَيْه، فظفر بهم بدر، واستولى على بلاد الجبل، ووقع الغلاء والوباء الكثير في أواخر السنة1.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 136".

أحداث سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، أحداث سنة تسع وسبعين وثلاثمائة

أحداث سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، أحداث سنة تسع وسبعين وثلاثمائة: زيادة غلاء الأسعار: زاد غلاء الأسعار وعُدِمَت الأقوات، وظهر الموت ببغداد. وفيها: أمر السلطان شرف الدولة برصْد الكواكب السّبعة في مسيرها كما فعل المأمون، فبُنِيَ بيتُ لها في الدّار في آخر البستان. شدة الحر والسموم بالبصرة: وفيها: لحق الناس بالبصرة حر وسموم تساقط الناس منه، ومات طائفة في الطرق. الريح العظيمة: وفيها: جاءت ريح عظيمة بفم الصَّلْح وقت العصر، لخمس بقين من شعبان، خرقت دِجْلَةَ، حتّى ذُكِرَ أنّه بانت أرضها، وهدمت ناحيةً من الجامع، وأهلكت جماعة، وغرَّقت كثيرًا من السُّفن، واحتملت زَوْرَقًا منحدرًا، وفيه دوابٌ، فطرحت ذلك في أرض جَوْخَاء، فشُوهد بعد أيام1. أحداث سنة تسع وسبعين وثلاثمائة: خروج ابن الجراح على الحاج: جاء الخبر في أوّل السنة أنَّ ابن الجراح الطّائي خرج على الحاجّ بين سُمَيْراء وفيد، ونازلهم، ثم صالحهم على ثلاثمائة ألف درهم وشيء من الثياب والمتاع. انتقال شرف الدولة إلى قصر معز الدولة: وفيها: انتقل شرف الدولة إلى قصر مُعِزّ الدولة بباب الشماسية؛ لأنّ الأطبّاء أشاروا عليه بصحة هوائه، وكان قد ابتدأ به المرض من السنة الماضية، فشنَّعت الدَّيْلَمُ وطلبوا أرزاقهم، فعاد إلى داره وراسلهم، وأمسك جماعة. هروب القادر بالله: وفيها: أراد الطائع القبض على القادر بالله وهو أمير، فهرب منه إلى البطحة، فأقام عندها، وتزايد مرض شرف الدولة ومات، وعهد إلى أخيه أبي نصر، فاجتمع العسكر وطالبوا برسم البَيْعة والنَّفَقَة، فوعدهم، فأبوا، وتردَّدت بين الطائع وبين أبي نصر مراسلات، ثم حلف كلّ واحد منهما للآخر على التّصافي، ثم جاء الطائع إلى دار المملكة ليُعزّي أبا نصر، فقَبَّل أبو نصر الأرض غير مرّة، ثم ركب أبو نصر إلى الطائع، وحضر الأعيان، وجلس الطائع في الرّواق، وأمر فخُلِع على أبي نصر سبُعَ خِلَعٍ، طاقية أعلاها سوداء، وعمامة سوداء، وفي عُنْقِه طوق كبير، وفي يديه سِوَاران، ومشى الحُجّاب بين يديه بالسّيوف، فلمَّا حصل بين يدي الطائع قبَّل الأرض ثم جلس على كرسيّ، وقرأ أبو الحسين علي بن عبد العزيز حاجب النُّعمان كاتبُ أمير المؤمنين

_ 1 انظر المنتظم "7/ 141".

عهدَه، وقدَّم إلى الطائع لله لواءه، فعقده، ولقَّبه "بهاء الدولة" و"ضياء الملة"، وأقرَّ الوزير أبا منصور بن صالحان على الوزارة، وخلع عليه. وكان بهاء الدّولة من رجال بني بُوَيْه رأيا وهيبةً وجلالًا وعقلًا. الأتراك يخرجون صمصام الدولة من المعتقل: وتمالأ الأتراك بفارس وتجمَّعوا، وأخرجوا صمصام الدولة من مُعْتَقَلهِ. وقد قيل: أنّه كُحّل، فالله أعلم بصحة ذلك. رواية العتبي عن حرب صمصام: قال أبو النصر العُتْبي: حمله مملوك سَعَادَةُ على عاتقه وانحدر به، فملك فارس وما والاها، ومنع أموالها فجباها، ثم تنكّر الذين معه وقدَّموا ابن أخيه أبا عليّ، ولقَّبوه "شمس الدولة"، فنهض صمصام الدولة لمواقعتهم، فهزمهم أقبح هزيمة، فجَلوا صاغرين إلى بغداد، وتحرم بهاء الدولة، وأهمّه شأن الصمصام، وبرز للقتال، فتناوشا الحربَ، وخربت البصرة والأهواز، وجرت أمور يطول شرحها، ثم حاربه السالار بَخْتيار بالأكراد الخسروية، فناصبهم صمصام الدولة الحرب، فاختلفت به الوقائع بين تلك الفتن الثائرة والإحن الغائرة، فكان عقابها أن أجلت عنه قتيلًا، وتذمَّر بهاء الدولة من الطائفة المتخاذلة عليه، وجهز عسكرًا لقتال الأكراد.

أحداث سنة ثمانين وثلاثمائة

أحداث سنة ثمانين وثلاثمائة: زيارة أمير العيارين: فيها: زاد أمر العيّارين ببغداد وصاروا مبيتّين، ووقعت بينهم حروب عظيمة، واتّصل القتال من أهل الكَرْخ وباب البصرة، وقُتِلَ النّاس ونُهِبَت الأموال وتواترت العُملات، وأحرق بعضُهم مَحَالّ بعض. وقوع الحريق في نهر الدجاج: ووقع حريق في نهر الدَّجاج ذهب فيه شيء كثير. آخر الحوادث.

تراجم وفيات أحداث الطبقة الثامنة والثلاثون

تراجم وفيات أحداث الطبقة الثامنة والثلاثون: تراجم وفيَّات الطبقة: وفيَّات سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة: حرف الألف: 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل1 بن العبَّاس: الإمام أبو بكر الإسماعيلي الْجُرْجاني الفقيه الشافعيّ الحافظ. وُلِدَ سنة سبْعٍ وسبعين ومائتين. وسمع من: الزّاهد محمد بن عمر المقابري الْجُرْجاني سنة تسعٍ وثمانين ومائتين، وسمع قبل ذلك. قال حمزة السهمي: سمعته يقول: لما وَرَد نَعيُّ محمد بن أيّوب الرّازي دخلت الدّار وبكيت وصرخت، ومزّقت على نفسي القميص، ووضعت التُّراب على رأسي، فاجتمع عليّ أهلي ومَن في منزلي، وقالوا: ما أصابك؟ قلت: نُعِيَ إليَّ محمد بن أيّوب الرّازي، منعتموني الارتحال إليه، فسَلُوا قلبي، وأذِنوا لي بالخروج عند ذلك، وأصحبوني خالي إلى نسًا إلى الحَسَن بن سُفْيان، وأشار الإسماعيلي إلى وجهه وقال: لم يكن لي ههنا طاقة، فقَدِمت عليه وسألته أنّ أقرأ عليه "المُسْنَد" وغيره، فكان ذلك أوّل رحلتي في الحديث، ورجعت. قلت: كان هذا في سنة أربعٍ وتسعين، فإنَّ فيها توفِّي محمد بن أيّوب. قال: ثم خرجت إلى بغداد سنة ستٍّ وتسعين، وصَحِبَني بعضُ أقربائي. قلت: سمع إبراهيم بن زهير الحلواني في هذه النَّوْبة، وحمزة بن محمد بن عيسى الكاتب، وأحمد بن محمد بن مسروق، ومحمد بن يحيى بن سليمان المَرْوَزي، والحسن بن علويّه، ويحيى بن محمد الحِنّائي، وعبد الله بن ناجية، والفِرْيابي، وطائفة ببغداد. وسمع أيَضًا بها من يوسف بن يعقوب القاضي، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي، وبالكوفة من: محمد بن عبد الله مُطَيَّن، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة، وإسماعيل بن محمد المُزني صاحب أبي نعيم، ومحمد بن الحسن بن

_ 1 انظر الكامل في التاريخ "9/ 16"، والمنتظم "7/ 108"، والبداية والنهاية "11/ 298".

سماعة، وبالبصرة من: محمد بن حِبّان بن الأزهر، وجعفر بن محمد بن الليث، وأبي خليفة الْجُمَحي، وبالأنبار: من بهلول بن إسحاق التَّنُوخي، وسعيد بن عجب، وبالأهواز من عَبْدان، وبالمَوْصِل من أبي يَعْلَى، وأشباههم. وصنَّف "الصحيح"، و"المعجم"، وغير ذلك. روى عنه: الحاكم، وأبو بكر البرقاني، وحمزة بن يوسف السَّهْمي، وأبو حازم عمر بن أحمد العَبْدَوِي، والحسين بن محمد الباساني، وأبو الطّيّب محمد بن علي الطّبري، وأبو بكر محمد بن إدريس الْجَرْجَرائي الحافظ، وعبد الواحد بن محمد بن منير العَدْل، وأبو عمرو عبد الرحمن بن محمد الفارسي سبْط الشيخ، وطائفة سواهم. وقال حمزة: سمعت الدَارقُطْنيّ يقول: كنت قد عزمت غير مرة أن أرحل إلى أبي بكر الإسماعيلي، فلم أرزق. قال حمزة: سمعت أبا محمد بن الحسن بن علي الحافظ بالبصرة يقول: كان الواجب للشيخ أبي بكر الإسماعيلي أن يصنِّف لنفسه مصنَّفًا، ويختار على حسب اجتهاده، فإنّه كان يقدر عليه لكثرة ما كان كَتَبَ، ولِغَزَارة علمه وفَهْمه وجلالته، وما كان ينبغي أن يتبع كتاب محمد بن إسماعيل، فإنّه كان أجَلّ من أن يتبع غيره، وكما قال أبو عبد الله الحاكم: كان أبو بكر واحد عصره، وشيخ المحدّثين والفقهاء، وأجلَّهم في الرئاسة والمروءة والسخاء، ولا خلاف بين عقلاء الفريقين من أهل العلم فيه. قال حمزة: وسألني الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات بمصر عن أبي بكر الإسماعيلي وسيرته وما صنَّف، فكنت أخبره ما صنَّف من الكتب وجمع من المسانيد والمُقِلَّين، وتخريجه على كتاب البُخاري، وجميع سيرته، فتعجَّب من ذلك وقال: لقد كان رزق من العلم والجاه، وكان له صيت حسن. قال حمزة: وسمعت جماعة منهم ابن المظّفر الحافظ يحكون جَوْدَةَ قراءة أبي بكر، وقالوا: كان مقدَّمًا في جميع المجالس، كان إذا حضر مجلسًا لا يقرأ غيره. قال حمزة: توفِّي في غُرَّة رجب سنة إحدى وسبعين، وله أربعُ وتسعون سنة. قلت: ورأيت له مجلَّدًا من مُسْنَدِ كبير إلى الغاية من حساب مائة مجلّد أو أكثر، فإنَّ هذا المجلّد فيه بعض "مُسْنَد عمر" يدلّ على إمامته، وله "مُعْجَم شيوخه" مجلّد

صغير، رواه عنه أبو بكر البَرْقَانيّ، يقول فيه: كتبت في صِغَري إملاءَ بخطّي في سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين، وأنا يومئذ ابن سِتّ سنين، فضبطّتُه ضبّط مثلي ذلك الوقت، على أنّي لم أُخرَّج من هذه الثانية شيئًا، فما صنَّفت من السنن وأحادث الشيوخ. وقد أخذ عن أبي بكر: ابنه أبو سعد، وفقهاء جُرْجان. قال القاضي أبو الطّيّب: دخلت جُرْجَان قاصدًا إليه وهو حيّ، فمات قبل أن ألقاه. 2- أحمد بن سليمان بن عمرو1 الْجَريْري: أبو الطّيّب، صاحب ابن جرير الطّبري، توفِّي بمصر، وكان كثير الحديث. روى عن: محمد بن محمد الباغَنْدي، وأبي جعفر الطّحاوي، وجماعة. وعنه: محمد بن الحسن النّاقد، وأحمد بن عمر بن محفوظ المصريّان. 3- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد2 بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بن جُمَيْع: أبو بكر الغَسّاني الصَّيْداوي، الرّجل الصّالح، والد المحدِّث أبي الحسين بن محمد. روى "المُوَطّأ" عن محمد بن عَبْدان المكّي، عن أبي مصعف، وروى عن محمد ابن المُعَافَى الصَّيْداوي، وجماعة. روى عنه: أبنه، وحفيده الحسن بن محمد، وحسن بن جعفر الْجُرْجاني. وحكى حفيده عن خادم جدّه طلحة أنَّ جدّه كان يقوم اللّيل كلّه، فإذا صلَّى الفجر نام إلى الضُّحَى، فإذا صلَّى الظّهر صلّى إلى العصر، فإذا صلَّى العصرْ صلّى إلى المغرب، وإذا صلّى العشاء الأخرة قام إلى الفجر، وكانت هذه عادته. وقال مُنَجّا بن سليم الكاتب: قال لي السّكَن، وهو الحسن بن محمد بن جميع: إنَّ جده صام وله اثنتا عشر، إلى أن توفِّي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. 4- أحمد بن محمد بن سَلَمة3: أبو عبد الله المصري الخيَّاش. سمع: أبا عبد الرحمن النسائي، وأبا يعقوب إسحاق المنجنيقي، وجماعة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "4/ 179، 180". 2 انظر تاريخ بغداد "6/ 295". 3 انظر المشتبه في أسماء الرجال "1/ 208".

وعنه: محمد بن الحسين الطفال، وقال: قال لنا: إنَّ مولده سنة ثمانين ومائتين. 5- إبراهيم بن أحمد بن1 محمد: أبو إسحاق الأنصاري القاضي. رحل وسمع: محمد بن حيّان المازني، وأبا خليفة، وأبا يَعْلَى المَوْصِلي. وعنه: يحيى بن عمَّار السَّجِسْتاني، وغيره، ودخل القيروان. قال الخطيب: كان غير ثقة. حرف الباء: 6- بِشْر بن محمد2: أبو عبد الله البخاري الهَرَوي. سمع: محمد بن عبد الرحمن الشامي، والحسن بن إدريس، وأبا الحسين الحلاوي. وعنه: أبو أسحاق القَرّاب، وأبو الفضل الجارودي، وأبو ذَرٍّ الهروي. وأملى الكثير. توفِّي في شَعبان. حرف الحاء: 7- الحسن بن أحمد3 بن صالح الحافظ: أبو محمد الهمذاني السَّبيعي الحلبي، من أولاد إسحاق السَّبيعي4، وإليه يُنْسَب بحلب درب السُّبيعي. كان حافظًا متقنًا رحَّالًا، عالي الرواية، خبير بالرّجال والعلَل، فيه تشيُّع يسير. رحل وسمع من: محمد بن حِبّان، وعبد الله بن ناجية، ويَمُوت بن المُزَرّع، وعمر بن أيّوب السّقطي، وقاسم بن زكريّا، وعمر بن محمد الكَاغَدي، وأبي مَعْشَر الدّارمي، ومحمد بن جرير الطّبَري، وأحمد بن هارون البَرْدعِي، وطائفة. روى عنه: الدارقطني، وأبو بكر البرقاني، وأبو طالب بن بكير، وأبو العلاء

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 261"، وميزان الاعتدال "1/ 17"، ولسان الميزان "1/ 29". 2 لا بأس به. 3 انظر تاريخ بغداد "7/ 272"، والمنتظم "7/ 108"، وشذرات الذهب "3/ 76". 4 كذا بالأصل والصحيح: أبو إسحاق السب

محمد بن علي الواسطي، وأبو نعيم الأصبهاني، والشيخ المفيد أحمد بن محمد بن محمد بن النعمان شيخ الرافضة، الشريف محمد الحراني. وكان عسرا في الرواية. وثَّقه ابن أبي الفوارس. وقال ابن أسامة الحلبي: لو لم يكن للحلبيّين من الفضيلة إلّا أبو محمد الحسن ابن أحمد السَّبيعي لَكَفَاهم. كان وجيهًا عند سيف الدولة، وكان يزوره في داره، وصنَّف له كتاب "التَّبْصِرة في فضيلة العِتْرَة المُطَهَّرة"، وكان في العامَّة له سوق، وهو الذي وقف "حمّام السَّبيعي" على العلويّين. توفِّي السَّبِيعي في سابع عشر ذي الحجة. قال الحاكم: سألت أبا محمد الحسن السّبيعي الحافظ عن حديث إسماعيل بن رجاء، فقال: لهذا الحديث قصة، وأَعْلَمَنَا ابن ناجية "مُسْنَد فاطمة بنت قيس" سنة ثلاثمائة، فدخلت على الباغَنْدِي، فقال: من أين جئتَ؟ قلت: من مجلس ابن ناجية. قال: إيش قرأ عليكم؟ قلت: أحاديث الشَّعبي عن فاطمة بنت قيس، فقال: مرَّ لكم عن إسماعيل بن رجاء، عن الشَّعبي؟ فنظرت في الْجُزْء فلم أجد، فقال: أُكْتُب: ذكر أبو بكر بن أبي شَيْبَة، قلت: عن مَن؟ ومنعته من التَّدليس، فقال: حدَّثني محمد بن عُبَيْدة الحافظ، حدّثني محمد بن المُعَلَّى الأثرم، أنا أبو بكر محمد بن بِشْر العَبْدِي، عن مالك بن مِغْوَلٍ، عن إسماعيل بن رجاء، عن الشَّعبي، عن فاطمة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قصة الطّلاق والسُّكنى والنَّفقَة1، ثم انصرفتُ إلى حلب، وكان عندنا بحلب بغداديّ يُعْرَف بأبي سَهْل، فذكرت له هذا الحديث، فخرج إلى الكوفة، وذاكر أبا العبّاس بن سعيد، فكتب أبو العبّاس هذا، عن ابن سهل، عنّي، عن الباغَنْدي، ثم اجتمعت مع فلان -يعني: الْجِعَابي- فذاكَرْتُهُ، فلم يعرِفْه، ثم اجتمعنا برَمْلَة فلم يعرِفْه، ثم اجتمعنا بعد سنين بدمشق، فاستعادَني إسنادهَ تَعجُّبًا، ثم اجتمعنا ببغداد، فذكرنا هذا الباب، فقال: ثناه علي بن إسماعيل الصّفّار، ثنا أبو بكر الأثرم، ثنا أبو بكر بن أبي شَيْبَة، ولم يدر أنَّ هذا الأثرم غير ذاك، فذكرتُ قصّتي لفلان المفيد، وأتى عليه سنُون، فحدَّث بالحديث عن الباغَنْدي، ثم قال السَّبيعي: الذاكرة تكشف عُوار من لا يَصْدُق. قال الخطيب: كان ثقةً حافظًا مُكْثِرًا عسِرًا في الرّواية، ولما كان بأخرة عَزَم على التّحديث والإملاء، فتهيّأ لذلك، فمات، حُدُّثْتُ عن الدَارقُطْنيّ، سمعت السبيعي

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1480"، وأحمد "6/ 373، 412".

يقول: قَدِمَ علينا الوزير أبو الفتح بن حنزابة إلى حلب، فتلقّاه النّاس، فعرف أنّي محدِّث، فقال لي: تعرف إسنادًا فيه أربعة من الصّحابة1؟ فذكرت له حديث عمر في العُمالة، فعرف لي ذلك، وصارت لي به عنده منزلة. 8- الحسن بن سعيد بن جعفر2: أبو العبّاس العَبّاداني المُطَّوَّعي المقرئ المُعَمَّر نزيل إصْطَخْر، في آخر عمره. سمع من: الحسن بن المثنَّى، وأبا خليفة، وأبا مسلم الكَجّي، وأبا عبد الرحمن النسائي، وإدريس بن عبد الكريم الحذّاء، وجعفر بن محمد الفِريابي، وجماعة. قال أبو نُعَيم: قَدِمَ أصبهان سنة خمسٍ وخمسين، وكان رأسًا في القرآن وحِفْظِه، في حديثه وروايته، ليِّن. وقال أبو بكر بن مردويه: هو ضعيف. قلت: قرأ لنافع على أبي بكر محمد بن عبد الرّحيم الأصبهاني، وأبي محمد المَلَطي، وقرأ لأبي عمر، ومحمد بن بدر بن محمد الباهلي صاحب الدُّوري، والحسين بن علي الأزرق الجمّال، قرأ عليه برواية قالون، وقرأ برواية البزّي على إسحاق بن أحمد الخزاعي. وقرأ برواية قُنْبِل على ابن مجاهد، وقرأ بدمشق على أبي العبّاس محمد بن موسى الصُّوري، وبالإسكندرية على محمد بن القاسم بن يزيد الإسْكَنْدَراني، وقرأ على ذِكْوان، وقرأ على أحمد بن فرح المفسِّر صاحب الدّوري، وعلى إدريس بن عبد الكريم الحدّاد صاحب خَلَف، وهو أكبر شيخ له، وقرأ على عبد الله بن الرّبيع المَلَطي إمام جامع مصر، عن يونس بن عبد الأعلى، وعلى جماعة مذكورين في "المنهج" لسبّط الخيّاط. قرأ عليه: أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وأبو الحسين علي بن محمد الخباري، وأبو بكر محمد بن عمر بن زلال النَّهاوَنْدي، والحسين بن علي بن عُبَيْد الله الرَّهَاوي، وأبو عبد الله محمد بن الحسين بن آل زهرام الكارزيني.

_ 1 وهم: السائب بن يزيد، عن حويطب، عن عَبْد العُزَّى، عَنْ عَبْد اللَّه بْن السعدي، عن عمر -رضي الله عنه، عن الجميع. انظر البخاري "13/ 32"، والنسائي "5/ 104". 2 انظر أخبار أصبهان "1/ 271"، وميزان الاعتدال "1/ 492"، وسير أعلام النبلاء "16/ 260".

قال الخزاعي: قلت للمطَّوعي: في أيّ سنة قرأ على إدريس الحدّاد؟ فقال: في السنة التي رحلت فيها إلى الرّيّ سنة اثنتين وستين ومائتين، فقلت للمطّوّعي: فقد قاربت المائه؟ فقال: إلّا ثِنْتَيْن، قال ذلك في سنة سبْعِ وستيّن ومائة. قال الخزاعي: وكان أبوه واعظًا محدِّثًا. قلت: وحدَّث عنه أبو بكر بن أبي علي الذكواني، وأبي نُعَيم الحافظ، ومحمد بن عُبَيْد الله الشّيرازي، وآخرون، وهو على ضَعِفه. وآخر من روى عن أبي مسلم الكَجّي والحدّاد. وله تصانيف في القراءات. 9- الحسين بن علي بن الحسن1 بن الهيثم: أبو عبد الله بن الباد البغدادي الشّاهد. سمع: أبا شعيب الحَرّاني، والحسن بن عَلويَه. وعنه: حفيده أحمد بن علي، وغيره. وقال الخطيب: كان ثقة، بقي أعمى مُقْعَدًا مدّة خمسَ عشرةَ سنة، وعاش ستًّا وتسعين سنة. 10- الحسن بن القاسم2 بن عبد الرحمن بن أبي الغَمْر: أبو محمد المصري الفقيه. حدَّث عن الطَّحاوي وغيره. 11- الحسن بن محمد3 بن سهل: أبو سعيد الفَسَوي القزّاز الشّاهد. رحل مع والده إلى الشّام ومصر، وسمع أبا عَرُوبة، وأبا الْجَهْم بن طِلاب، وأبا الحسن بن جَوْصَا، وحدَّث. توفِّي في المحرم.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "7/ 388". 2 في عداد المجهولين. 3 لا بأس به.

حرف الخاء: 12- خلف بن عمر1: أبو سعيد، الفقيه المالكي المعروف بابن أخي هشام، شيخ المالكية بإفريقية. تفقَّه بأبي نصر القيرواني وسمع منه، وكان يجتمع هو وأبو الأزهر بن مغيث، وأبو محمد بن أبي زيد، ويتناظرون. توفِّي في صفر. حرف السين: 13- سُلَيْمَان بْن محمد2 بْن سُلَيْمَان: أَبُو أيّوب الأندلسي الشَّذُوني. سمع: محمد بن عبد الملك بن أيمن، وعبد الله بن يونس المقبري، وجماعة، وحجَّ فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي، وسمع من أبي محمد الفِرْيابي، كُتُبَ محمد بن جرير الطّبري، وولي خطابة شريش. حرف العين: 14- عبد الله بن إبراهيم بن3 جعفر بن بيان الزَّيْنَبي: أبو الحسن البغدادي البزار. روى عن: الحسن بن عَلْويه القطّان، وأحمد بن أبي عَوْف البُزُوري، والحسين بن أبي الأحوَص، وعبد الله بن ناجية، والفِرْيابي، وجماعة. وعنه: أبو بكر البرقاني، ومحمد بن طلحة النَّعالي، والأزجي، وأبو القاسم التّنُوخي. وثَّقه الخطيب وقال: وُلِدَ سنة ثمانٍ وسبعين ومائتين، وتوفِّي في ذي العقدة. والزَّيْنَبِي: آخر، وهو إبراهيم بن عبد الله العسكري، من طبقة ابن صاعد. مَرَّ.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 178". 3 انظر تاريخ بغداد "9/ 409"، والمنتظم "7/ 109"، وسير أعلام النبلاء "16/ 228".

15- عبد الله بن إسحاق1: أبو محمد التبّان، الفقيه المالكي، عالم أهل القيروان في زمانه. قال القاضي عياض: ضُربت إليه آباط الإبل من الأمصار لذَبِّه عن مذهب أهل المدينة، وكان حافظًا بعيدًا من التَصَنُّع والرّياء، فصيحًا. توفِّي سنة إحدى. 16- عبد الله بن الحسين2 بن إسماعيل: أبو بكر الضبيّ المحاملي. ولي قضاء مَيّافارِقين وآمد، ثم ولي قضاء حلب وأنطاكية، وكان عفيفًا نزِهًا. سمع: أباه، وأبا بكر بن زياد النَّيْسَابُوري. 17- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ3 اللَّهِ: الشَّيْباني والنَّيْسَابُوري، سِبْط أبي علي الثَّقَفي. دَيّنٌ وَرِعٌ من شيوخ الحاكم. سمع: السّرّاج، وزَنْجَوْيه بن محمد. 18- عبد الله بن محمد بن نصر4: اللّخْمي القُرْطُبي الزّاهد. سمع من: أحمد بن خالد، ومحمد بن عبد الملك بن أَيْمن، ومحمد بن قاسم. وكان صالحًا خَيِّرًا مائلًا إلى الأثر، يعقد الشُّرُوط. روى عنه: ابن الفَرَضيّ وغيره. 19- عبد الأعلى بْن أَبِي بكر عَبْد اللَّه5 بْن أَبِي داود السَّجِسْتاني: يروي عن: أبيه. توفِّي في هذه السنة تقريبًا.

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 319"، والوافي بالوفيات "17/ 66". 2 انظر المنتظم "7/ 109"، وتاريخ بغداد "9/ 440". 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 236". 5 في عداد المجهولين.

عبد العزيز بن الحارث بن أسد1 بن اللّيْث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن النبيه بن عبد الله: أبو الحسن التّميمي، أحد فُقهاء الحنابلة الأعيان. حدَّث عن: أبي عبد الله نفطَوَيْه، وأبي بكر بن يزداد النَّيْسَابُوري، وأبي عبد الله المَحَاملي. روى عنه: ابنه أبو الفرج عبد الوهاب، وبِشْري الفاتني. وقال أبو المعالي شَيْذَلة: روى الإمام أبو عبد الله الحسن التميمي الحنبلي إمام عصره في مذهبه، وحضر الشيخ أبو عبد الله بن مجاهد، وابن شمعون، فجري مسألة الاجتهاد بين ابن مجاهد، والقاضي أبي بكر، وتعلّق الكلام بينهما إلى الفجر، وكان أبو الحسن التميمي يقول لأصحابه: تمسّكوا بهذا الرّجل، فليس للسنة عنه غِنّى. وقال القاضي أبو يَعْلَى: كان جليل القدر، له كلام في مسائل الخلاف، ومصنّف في الفرائض. وقال أبو الحسن بن رزقَوَيْه: وضع أبو الحسن التميمي في " مُسْنَد " أحمد حديثين، وكتبوا عليه محضرًا، وكتب فيه الدَارقُطْنيّ، وابن شاهين. وتُوُفّي في عَشْر الستّين. 21- عبد الله بن أحمد2 بن المصنف: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قُتَيْبَة الدَّيَنَوري. دخل مصر مع أبيه فسكنها، وحدَّث عن والده بمصنَّفات جدّه. 22- علي بن إبراهيم: الشيخ أبو الحسن الحُصْري، أحد كبار الصُّوفيه وأولي الأحوال. حكى عن الشَّبْليّ. روى عنه: أبو سعد الماليني.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 110"، وطبقات الحنابلة "2/ 139". 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 8".

ومن كلامه: "لا يغرنَّكم صفاءُ الأوقات، فإنَّ تحتها آفات، ولا يغرنَّكم العطاء، فإنّ العطاء عند أهل الصَّفاء مَقْتٌ". قال الخطيب: مات سنة إحدى وسبعين، وقد نيّف على الثّمانين. قال السُّلَمي: هو سيّد وقته وشيخ العراق. 23- علي بن عبد الله: ابن1 المحدّث الصّالح عبد الرحمن بن عبد المؤمن المهلّبي الْجُرجْاني البزّاز. روى عن: أبي نُعَيم بن عدي، وغيره. روى عنه: أبو سعد الماليني، وأبو الفرج. ومات قبل الإسماعيلي بشهر. حرف الفاء: 24- فتح بن أصبغ2: أبو نصر الطُّلَيْطِلي الفقيه الزّاهد. كان ذكيًّا متفنِّنًا ورِعًا عابدًا، كان يقال: إنّهُ مُجاب الدّعوة. توفِّي في جُمادى الأولى. حرف اللام: 25- لَيْث بن طاهر: أبو نصر3 النَّيْسَابُوري القائد. سمع السرَّاج، وابن خزيمة. وعنه الحاكم. حرف الميم: 26- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه4 بْن محمد: الفقيه أبو زيد المروزي الشافعي الزاهد.

_ 1 انظر تاريخ جرجان "317". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 348". 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ بغداد "1/ 314"، والكامل في التاريخ "9/ 16"، وتذكرة الحفاظ "3/ 950".

حدَّث ببغداد وبنَيْسَابور ودمشق ومكّة عن: محمد بن يوسف الفربري، وعمر بن عليك المَرْوَزي، ومحمد بن عبد الله السَّعدي، وأبي العبّاس محمد الدَّغولي، وأحمد بن محمد المُنْكَدِري، وغيرهم. وعنه: الهيثم بن أحمد الصّبّاغ، وعبد الواحد بن مشماش، وعبد الوهاب المَيْداني، وعلي بن السّمْسار، وأبو الحسن الدَارقُطْنيّ مع تقدُّمه، وأبو بكر البرقاني، ومحمد بن أحمد المَحَامِلي البغدادي، والفقيه أبو محمد عبد الله محمد بن إبراهيم الأصِيلي، وآخرون وقال: ولدت سنة إحدى وثلاثمائة. قال الحاكم: كان أحد أئمّة المسلمين، ومن أَحْفَظ النّاس لمذهب الشّافعي، وأحسنهم نَظَرًا، وأزْهَدهم في الدنيا. سمعت أبا بكر البزاز يقول: عادلت الفقيه أبا زيد من نَيْسَابُور إلى مكّة، فما أعلم أن الملائكة كَتَبَتْ عليه خطيئة. وقال الخطيب: حدَّث ببغداد، ثم جاور بمكّة، وحدّث هناك بصحيح البُخَاري عن الفَرَبْرِي. وأبو زيد أَجَلُّ من روى ذلك الكتاب. وقال أبو إسحاق الشَّيرازي: ومنهم أبو زيد المَرْوَزي صاحب أبي إسحاق، مات بمرو في رجب سنة إحدى وسبعين. وكان حافظًا للمذهب، حَسَن النَّظر، مشهورًا بالزُّهْد، وعنه أخذ أبو بكر القفَّال، وفُقَهاء مَرْوَ. وقرأت على أبي علي الأمين، أخبركم ابن المكّي، أنا عبد الأوّل، أنا أبو إسماعيل الأنصاري، أنا أحمد بن محمد بن إسماعيل، سمعت خالد بن عبد الله المَرْوَزي، سمعت أبا سهل محمد بن أحمد المَرْوَزي، سمعت أبا زيد المَرْوَزي يقول: كنت نائمًا بين الرُّكن والمقام، فرأيت النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا أبا زيد، إلى متى تدرِسّ كتاب الشّافعي ولا تدرسّ كتابي؟ فقلت: يا رسول الله، وما كتابك؟ فقال: جامع محمد بن إسماعيل البُخاري. 27- محمد بن أحمد1 بن تميم السَّرَخْسي: سمع: أبا لبيد محمد بن إدريس الشامي السَّرَخْسي. عنه: أبو الحسن بن رزقَوَيْه، وأبو بكر أحمد بن علي الأصبهاني. وثَّقه الخطيب. توفِّي فيها ظنًّا.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "1/ 283".

28- محمد بن أحمد بن محمود1: أبو العبّاس النَّيْسَابُوري القبّاني الزّاهد النّاسخ. سمع ابن خُزَيْمَة، وأحمد بن محمد الماسَرْجِسي. وعنه: الحاكم، وغيره من النَّيْسَابُوريّين. 29- محمد بن أحمد بن جعفر2 الطّوسي القائد. سمع: ابن خُزَيْمَة، والسّرّاج. 30- محمد بن إسحاق بن إبراهيم3 بن يزيد بن مهران: أبو بكر البغدادي الصّفّار الضّرير. سمع: محمد بن صالح بن عصمةَ الدّمشقي، وعبد الله بن محمد بن مسلّم المقدسي، ومحمد بن محمد النّفاح الباهلي، وأبا القاسم البَغَوِي، وأبا عَروُبَة الحَرّاني، وجماعة. وعنه: الدَارقُطْنيّ، وحمزة السَّهْمي، وأبو بكر البَرْقَانِيّ، وأبو القاسم علي التّنُوخي، والحسين بن علي الجوهري، وغيرهم. قال البَرْقَانِيّ: ثقةٌ فاضل، شاميّ الأصل، سألته عن مولده فقال: سنة تِسْعٍ وثمانين ومائتين. قال الخطيب: حدَّث في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. 31- محمد بن جعفر بن محمد4: أبو الفتح بن المُرَاغي الهَمَذاني. نزيل بغداد، ومصنّف كتاب "البهجة" على مثال "الكامل " للمُبَرّد. وكان عالمًا بالنَّحْو واللَّغَة. روى عن: أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر السابق. 3 انظر تاريخ بغداد "1/ 260". 4 انظر تاريخ بغداد "2/ 152"، ومعجم الأدباء "18/ 101".

وقال أبو الحسن محمد بن أحمد بن القاسم المَحَامِلي: سمعنا منه سنة إحدى وسبعين. قلت: هو والذي قبله لا أعرف وفاتهما يقينًا. 32- محمد بن خفيف1 بن إسْفَكْشَاذ: أبو عبد الله الضَّبّي الشّيرازي الصُّوفي، شيخ إقليم فارس. حدَّث عن: حمّاد بن مُدْرِك، والنُّعمان بن أحمد الواسِطي، ومحمد بن جعفر التّمّار، والحسين المَحَامِلي، وجماعة. وعنه: أبو الفضل محمد بن جعفر الخّزَاعي، والحسن بن حفص الأندلِسي، وإبراهيم بن الخَضِر الشَّيّاح، ومحمد بن عبد الله بن بَاكَوَيْه، وأبو بكر بن الباقِلاني المتكلّم. قال أبو عبد الرحمن السُّلَمي: أقام بشيراز، وكانت أمُّه بنَيْسَابور، وهو اليوم شيخ المشايخ وتاريخ الزّمان، لم يبق للقوم أقدم منه سِنًّا، ولا أتمَّ حالًا، صحب رُوَيْمَ بن أحمد، وأبا العبّاس ابن عطاء، ولقي الحسين بن منصور الحلَّاج، وهو من أعلم المشايخ بعلوم الظّاهر، متمسِّك بالكتاب والسنة، فقيهٌ على مذهب الشّافعي، فمن كلامه قال: "ما سمعت شيئًا من سُنَن رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلا واستعملته، حتّى الصّلاة على أطراف الأصابع، وهي صعبة". قال السُّلَمي: قال أحمد بن يحيى الشّيرازي: ما أرى التَّصوُف إلّا يُخْتَم به. وكان أبو عبد الله من أولاد الأمراء، فتزهَّد حتى قال: كنت أذهب وأجمع الخِرَقَ من المزابل وأغسله، وأصلح منه ما ألبسه، وبقيت أربعين شهرًا أفطر كل ليلة على كف باقلاء، فاقْتَصَدْت، فخرج من عِرْقي شبيهُ ماء اللّحم، فتحيّر الفاصد وقال: ما رأيت جسدًا بلا دمٍ إلّا هذا. وقال ابن باكَوَيْه: سمعت أبا أحمد الكبير يقول: سمعت أبا عبد الله بن خفيف يقول: نُهْبتُ في البادية حتّى سقَطَتْ لي ثمانية أسنان، وانتثر شَعْري، ثم وقعتُ إلى فَيْدَ وأقمت بها، حتّى تماثَلْتُ وحَجَجْتُ، ثم مضيت إلى بيت المقدس، ودخلت الشّام، فنمت إلى جانب دُكّانِ صبّاغٍ، وبات معي في المسجد رجل به بطن قيام،

_ 1 انظر الكامل "9/ 16"، والمنتظم "7/ 12"، حلية الأولياء "10/ 385".

وكان يدخل ويخرج إلى الصبّاح، فلمَّا أصبحنا صاح النّاس: نُقِبَ دُكّان الصبَّاغ وسُرِقَت، فدخلوا المسجد ورأونا، فقال المَبْطُون: لا أدري، غير أن هذا طول اللّيل كان يدخل ويخرج، وما كنت خرجتُ إلّا مرَّةً تطهّرتُ، فجرُّوني وضربوني، وقالوا: تكلّم. فاعتقدت التّسليمَ، فكانوا يغتاظون من سُكُوتي، فحملوني إلى دُكّان الصّبّاغ، وكان أثَرُ رجل اللّصّ في الرّماد، فقالوا: ضَعْ رِجْلَك فيه، فوضعت، فكان على قدْر رِجْلي، فزادهم غَيْظًا، وجاء الأمير، ونُصِبَت القِدْر وفيها الزَّيت يغلي، وأُحْضِرَت السكّين ومَن يقطع اليد، فرجِعْت إلى نفسي وإذا هي ساكنة، فقلت: إن أرداوا قَطْعَ يدي سألتهم يعفوا يميني لأكتب بها، فبقي الأمير يهدّدني ويصْول، فنظرت إليه فعرفته، وكان مملوكًا لوالدي، فكلّمني بالعربية وكلّمته بالفارسيّة، فنظر إليّ وقال: أبو الحسين، وكنتُ أكنَّى بها في صِباي، فضحكتُ، فعرفني، فأخذ يلطم رأسه ووجهه، واشتغل النّاس به، فإذا بضجّة عظيمة، وأنّ اللَّصوص قد مُسِكُوا، فذهبتُ والنّاسُ ورائي، وأنا ملطَّخ بالدّماء، جائع، لي أيّام لا آكل، فرأتني عجوزٌ فقيرة، فقالت: أدخل إلينا، فدخلتُ ولم يرني الناس، وغسلت وجهي ويديّ، فإذا الأمير قد أقبل يطلبني. فدخل ومعه جماعة، وجرَّ من منطقته سِكّينًا، وحَلَفَ بالله وقال: إن أمسكني إنسان لأقتلنَّ نفسي، وضرب بيده رأسه ووجهه مائة صَفْعة، حتّى منعتُه أنا، ثم اعتذر، وجهَد بي أن أقبل شيئًا، فأَبَيْتُ، وهربت ليومي من المدينة، فحدّثت بعضَ المشايخ فقال: هذا عقوبة انفرادك، فما دخلتُ بلدًا فيه فقراء إلّا قصدتُهم. وقال أبو عبيد الله بن باكَوَيْه: سألت أبا عبد الله بن خفيف، وقد سأله قاسم الإصْطَخَري عن الأشعريّ فقال: كنت مرّة بالبصرة جالسًا مع عمرو بن عَلُّويه على ساجة في سفينة نتذاكر في شيء، فإذا بأبي الحسن الأشعريّ قد عَبَر وسلَّم علينا وجلس، فقال: عبرت عليكم أمس في الجامع، فرأيتكم تتكلّمون في شيء عرفت الألفاظ ولم أعرف المَغْزَى، فأُحبّ أن تعيدوها عليّ. قلت: وفي أي شيء كنّا؟ قال: في سؤال إبراهيم -عليه السلام {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} [البقرة: 260] وسؤال موسى {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْك} [العراف: 143] . فقلت: نعم. قلت: إنَّ سؤال إبراهيم هو سؤال موسى، إلّا أنّ سؤال إبراهيم سؤال متمكِّن، وسؤال موسى سؤال صاحب غَلَبَةٍ وهَيَجَان، فكان تصريحًا، وكان سؤال إبراهيم تعريضًا، وذلك أنّه قال: أرني كيف تُحْيي الموتى، فأراه كيف المحيى ولم يره كيف

الإحياء؛ لأنَّ الإحياء صفة والمحيى قدرته، فأجابه إشارة كما سأله إشارة، إلّا أنّه قال في الآخر: {وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيم} [البقرة: 260] . ثمّ أنّي مشيت مع أبي الحسن وسمعت مناظرته، وتعجّبت من حُسن كلامه حين أجابهم. قال أبو العبَّاس الفَسَوي: صنَّف شيخنا ابن خفيف من الكُتُب ما لم يصنِّفه أحَدٌ، وانتفع به جماعة صاروا أئمَّةً يُقْتَدى بهم، وعُمِّرَ حتى عمَّ نفعُه البلدانَ. وقال أبو الفتح عبد الرحمن بن أحمد خادم ابن خفيف: سمعت أبا عبد الله بن خفيف يقول: سأَلنا يومًا القاضي أبو العبّاس بن شريح بشِيرَاز، ونحن نحضر مجلسه لدرس الفقه، فقال لنا: محبّة الله فرض أو لا؟ قلنا فرْض. قال: ما الدليل؟ فما فينا من أجاب بشيء، فسألناه، فقال: قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُم} [التوبة: 24] الآية. قال: فتوعَّدهم الله على تفضيل محبتّهم لغيره على محبتّه، والوعيد لا يقع إلّا على فرض لازم. وقال ابن باكَوَيْه: كنت سمعت ابن خفيف يقول: كنت في بدايتي رُبَّما أقرأ في ركعة واحدة عشرة آلاف {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} [الإخلاص: 1] ، وربّما كنت أقرأ في ركعةٍ القرآن كلّه. وعن ابن خفيف أنَّه كان به وَجَعُ الخاصِرة، فكان إذا أخذه أقعده عن الحركة، فكان إذا أقيمت الصّلاة يُحمل على الظَّهْر إلى المسجد، فقيل له: لو خفَّفت على نفسك. قال: إذا سمعتم: "حيَّ على الصّلاة" ولم تروني في الصّفّ فاطلبوني في المقابر. قال ابن باكَوَيْه: سمعته يقول: ما وُجِبَت عليَّ زكاة الفِطْر أربعين سنة. وقال ابن باكويه: نظر أبو عبد الله بن خفيف يومًا إلى ابن أُمّ مَكْتُوم وجماعة من أصحابه يكتبون شيئًا، فقال: ما هذا؟ قالوا: نكتب كذا وكذا. قال: اشتغلوا بتعلُّم شيءٍ ولا يغرنَّكم كلام الصوفية، فإني كنت أخبيء مَحْبَرَتي في جيب مُرَقَّعَتي، والورق في حجزة سراويلي، وأذهب خفْيةً إلى أهل العلم، فإذا علموا بي خاصموني، وقالوا: لا تُفلح، ثم احتاجوا إلي. حَدَّثَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أنا عُمَرُ بْنُ كَرْمٍ بِبَغْدَادَ، أنا أَبُو الْوَقْتِ السجزي،

ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ، أنا محمد بُنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَاكَوَيْهِ، ثنا محمد بْنُ خَفِيفٍ الضَّبِّيُّ إِمْلاءً، قَرَأَ عليَّ حَمَّادِ بْنِ مُدْرِكٍ وَأَنَا أَسْمَعُ: ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أبي ذر، قال: قال سول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا صَنَعْتَ قِدْرًا فأَكْثِرْ مَرَقَهَا وَانْظُرْ أهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَأَصِبْهُم بِمَعْرُوفٍ" 1. توفِّي ليلة ثالث رمضان عن خمسٍ وتسعين سنة، وقيل: عاش مائة سنة وأربع سنين. وازدحم الخلق على جنازته، وكان أمرًا عظيمًا، وصلُّوا عليه نحوًا من مائة مرّة. رحمه الله ورضي عنه. 33- محمد بن خلف بن محمد2 بن جيان -بالجيم: الفقيه أبو بكر البغدادي الخلال المقرئ. سمع: عمر بن أيّوب السَّقْطي، وقاسم بن زكريّا المطّرز، وحامد بن شعيب البَلّخي، وأحمد بن سهل الأسناني. وعنه: البَرْقَانِيّ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو القاسم التَّنُوخيّ. وثَّقه الخطيب، وقال: توفِّي في آخر السنة. روى عنه حمزة، وقال: كان ثقة جبلًا. 34- محمد بن خالد بن عبد الملك3: أبو عبد الله الإسْتِجي الفقيه. سمع من محمد بْن عبد الله بْن أَبِي دُلَيْم، وكان يعقد الوثائق. 35- محمد بن عثمان بن سعيد4 الإسْتِجي: كان فقيهًا مُفْتِيا. سمع من أبي دُلَيم أيضًا، ومن جماعة. كان يعقد الوثائق ببلده.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2625"، بنحوه. 2 انظر تاريخ بغداد "5/ 239"، والمنتظم "7/ 112"، وسير أعلام النبلاء "16/ 359". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 82". 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 82".

36- محمد مفرّج1: أبو عبد الله المَعَافري القُرْطُبي، المعروف بالقُبيّ. سمع من: قاسم بن أصبغ، وبمصر من أبي جعفر النّحّاس، وعبد الملك بن بحر الجلاب، وبمكّة من أبي سعيد الأعرابي. وتوفِّي في رمضان. تركوا الأخذَ عنه لأنَّه كان يعتقد مذهبَ ابن مَسَرَّة ويدعو إليه. 37- محمد بن عبد الله بن بِشْران2: أبو بكر السَّكّري الشّاهد، والد الشيخين مُسْندي العراق: أبي الحسين علي، وأبي القاسم عبد الملك. سمع الحديث، وأسمع وَلَديْه، ولم يْرو شيئًا، بل روى عنه ابنه عبد الملك وحده. ومات فِي جُمادي الآخرة، وله خمسٌ وستُّون سنة. كان من المعدّلين. 38- محمد بن العبّاس بن أحمد3 بن مسعود: أبو بكر الْجُرْجاني المسعودي الفقيه. روى عن: أبي يَعْلَى المَوْصِلي، وأبي القاسم البَغَوِي، وفيه ضَعْفٌ لكونه حدَّث من غير كتابه. بقي إلى هذه السنة، ولا أعرف متى مات. 39- محمد بن محمد بن العباس4: أبو ذُهل العصمي الهَرَوِي. توفِّي في صفر. من جُملة المشايخ. 40- محمد بن هشام بن جمهور5 المرساني: نزيل قُرْطُبة. رحل وسمع من الآجريّ، وأحمد بن إبراهيم الكِنْدي، وحدَّث. توفِّي في ربيع الأول.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 81". 2 انظر تاريخ بغداد "10/ 432". 3 انظر تاريخ جرجان "438". 4 في عداد المجهولين. 5 لا بأس به.

حرف الياء: 41- يحيى بن هُذيْل1: أبو بكر الأديب. شاعر عصره بالأندلس، وكان أحد الفقهاء المالكيّة المذكورين، دينًا عاقلًا نَزِهًا فصيحًا مُفَوَّهًا. طال عمره وعلا سماعُه، وكان قد سمع من أخيه أبي مروان عبد الملك من جماعة، كذا ورَّخه بعضهم، وسيعاد سنة تسعٍ وثمانين. قال القاضي عِياض: كان حافظًا للفقه، راويةً للحديث. ثم ورَّخه سنة إحدى هذه. وفيَّات سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة: حرف الألف: 42- أحمد بن إسحاق بن مروان بن جابر2: أبو عمر الغافقي القُرْطُبي. سمع: أحمد بن خالد، وعبد الله بن يونس، وابن أَيْمَن، وحجّ، وسمع بمصر كُتُبًا. وُلّي قضاء طُلَيْطِلة، ومات بها. 43- أحمد بن جعفر بن محمد3 بن الفرج: أبو الحسن المقرئ الخلَّال. سمع عبد الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن جرير الطّبري. وعنه: أبو العلاء الواسطي، وأحمد بن علي البادا. قال الخطيب: كان صالحًا ثقة. توفِّي في رمضان. 44- أحمد بن محمد الحافظ4 بن أبي حفص عمر بن محمد بن بجير السمرقندي البجيري:

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 195"، وبغية الملتمس "509". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 50". 3 انظر تاريخ بغداد "4/ 74"، والمنتظم "7/ 113". 4 انظر الأنساب "2/ 90"، واللباب "1/ 22".

سمع من جدّه "الصحيح" الذي سمعه منه جماعة. وتوفِّي في ربيع الأوَّل. 45- أحمد بْن محمد بْن علي1 بن الحسن بن يحيى القَصْري: أبو بكر السَّيبِي، الفقيه الشّافعي، أحد الأئمة. درس على إسحاق المَرْوَزي، ونشر الفقه ببلده قصر ابن هبيرة. وتوفِّي في رجب، وله ستٌّ وسبعون سنة. 46- أحمد بن عبد الله بن عمرو2 القيسي القُرْطُبي: سمع: أحمد بن خالد، وابن أيمن، ومحمد بن مِسْوَر. لم يُحدّث. 47- أحمد بن محمد بن معروف2 بن وليد: أبو عمر المدائني القُرْطُبي. سمع من: أحمد بن خالد بن الحباب، وابن أَيْمَن، وعثمان بن عبد الرحمن، وحجَّ فسمع من الآجُرّيّ. وُلّي قضاء طَرْطُوشَة، وكتب عنه جماعة. 48- أحمد بن محمد بن يوسف4: أبو القاسم القرطبي القشطيلي. سمع أبا عيسى، والدّيَنَوري. قال ابن عفيف: كان من أهل العلم بفنونٍ كثيرة من الفِقْه والعربيّة واللُّغة. حجَّ وأدرك رجالًا بالمشرق، وأدخل الأندلسً علمًا جمًّا، وأدَّب وَلَد الحَكَم بن النّاصر لدين الله، وأخذ عنه النّاس مَذْهَب مالك. 49- إسماعيل بن أحمد بن محمد5 بن داود النساج القزويني:

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 69"، والأنساب "7/ 216". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 51". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 50". 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/50". 5 لا بأس به.

سمع إسحاق بن محمد الكَيْسَاني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وسليمان بن يزيد الفامي، وحدَّث. حرف الحاء: 50- الحسن بن علي الصّيْدناني1 القِزْويني: سمع إسحاق بن محمد الكيساني، ومحمد بن القاسم المحاربي الكوفي، وحدَّث. 51- الحسين بن محمد بن عبد الوهّاب2 بن سُليمان بن محمد الشريف: أبو تمّام الزَّيْنَبي، قاضي البصْرة. قَدِمَ بغداد مع مُعِز الدولة، واشترى دارًا بأربعةٍ وعشرين ألف دينار، ووُلّي نقابة بغداد، وتفقَّه على أبي الحسن الكَرْخي. حدَّث عنه مولاه وشّاح وغيره. مات في شوّال. 52- الحسين بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد3 بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أسد بن شَمّاخ: أبو عبد الله الشّمّاخي الحافظ الهَرَوِي الصّفّار. حدَّث بَهَراة وبغداد ودمشق عن: أحمد بن عبد الوارث المصري، وأبي الدَّحْداح أحمد بن محمد الدمشقي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن حفص الْجَوْني، والحسين بن موسى الرَّسْعَني وجماعة. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البَرْقَانِيّ، وإسحاق القرّاب، وأبو عثمان سعيد القُرَشي. قال البرقاني: قد كتبت عنه الكثير، ثم بان لي أنّه ليس بحُجّة، وضعَّفه أبو عبد الله بن أبي ذُهَل الهَرَوِي. وقال الحاكم، وسُئِلَ عنه: كذّاب، لا يُشتَغَل به، وتُوُفّي في جُمادى الآخرة، وله مُسْتَخْرَجٌ على "صحيح مسلم".

_ 1 انظر اللباب "2/ 253". 2 انظر الكامل في التاريخ "9/ 25". 3 انظر تاريخ بغداد "8/ 8"، وسير أعلام النبلاء "16/ 360"، وميزان الاعتدال "1/ 528".

53- الحسين بن علي بن سفيان1: أبو عبد الله المصري الفقيه. روى عنه: محمد بن إبراهيم بن المنذر، وغيره. 54- حسين بن محمد بن نابل2: أبو بكر القُرْطُبي. سمع: أسلم بن عبد العزيز، وأحمد بْن خَالِد بْن الحُبَاب، ومحمد بْن عمر بن لُبَابة، وحجَّ فسمع من ابن الأعْرابي، وعلي بن مطر الإسكندراني، وأبي الطّاهر المَدِيني، وعلي بن الطّحاوي. وكان شيخًا صالحًا فقيهًا ورعًا عارفا بالعربيّة، شاعرًا، حدَّث بالكثير. وتوفِّي فِي ذي الحِجّة وهو فِي عَشْر الثمانين. وعنه: ابن الرضى. 55- الحسين بن محمد3: أبو سعيد البسطامي الواعظ، والد أبي عمر محمد بن الحسن. قال الحاكم: كان أوحد عصره في التذكير والوعظ والانتصار للسُّنّة. سمع: أبا بكر القطّان، وأبا حامد بن بلال، وطبقتهما. حرف الخاء: 56- خَطّاب بن مَسْلَمَة بن محمد4 بن سعيد: أبو المغيرة الإيادي الفقيه المالكي. سمع ابن لبابة، وأسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد بن الْجَبّاب، وحجّ فسمع من ابن الأعرابي. قال عنه رفيقه أبو بكر محمد بن السليم القاضي: هو من الأبدال. وقال القاضي عياض: كان زاهدا مجاب الدعوة.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 114". 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 133"، وبغية الملتمس "290".

وقال ابن الفرضي: كان حافظًا للرأي، بصيرًا بالنّحو. توفِّي في شوال، وله ثمان وسبعون سنة. حرف السين: 57- سُلَيْمَان بْن أَحْمَد بْن محمد1 بن داود القِزْويني النّسّاج: أخو إسماعيل. سمع: علي بن محمد بن مَهْرَوَيْه، وسليمان بن زيد الفامي. وكان أسنَّ من أخيه، وبينهما في الموت ثلاثة أشهر. حرف العين: 58- العبَّاس بن الفضل بن زكريّا2: أبو منصور النَّضْرُوي الهَرَوِي، منسوب إلى جدّه نَضْرُوَيْه، بضادٍ مُعْجمةً. سمع: أحمد بْن نَجْدة، والحسين بْن إدريس، ومحمد بن عبد الرحمن الشّامي، وجماعة. وعنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ، وأبو يعقوب القَرّاب، وأبو عثمان سعيد القُرَشي، وأبو حازم العبدوي. وثَّقه الخطيب، وروى عنه أيضًا سِبْطُه الحسين بن علي، وتوفِّي في شعبان، وقد وَهِمَ صاحب "الكمال" وهْمًا قبيحًا فذكر له ترجمة، وأنَّ ابن ماجه روى عنه. 59- العبّاس بن محمد بن علي3: أبو الفضل القُرَشِي، والد الشيخ أبي عثمان سعيد، مُسْند هَرَاة. روى عن: أبي الفضل المُنْذِري، وأبي الحسن المخلدي. روى عنه ابنه، وتوفِّي في جُمادي الآخرة. 60- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر4: أبو محمد بن أبي حامد الشيباني النيسابوري.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر اللباب "3/ 314"، وسير أعلام النبلاء "16/ 331". 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ بغداد "9/ 391".

سمع: أبا بكر بن خُزَيْمَة، وتورَّع عن الرواية عنه لصغره، سَمِعَ أَبَا الْعَبَّاس السّرّاج، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الماسَرْجِسِي، وحاتم بن محبوب السّامي، وأبا سعيد بن الأعرابي، وأبا جعفر بن البَخْتَري. روى عنه: يوسف القوّاس، وإبراهيم بن مخلد الباقَرحي، وابن رزقَوَيْه، حدَّثهم ببغداد، ووثَّقه الخطيب. روى عنه الحاكم وقال: كان من أكثر أقرانه سَمَاعًا، وكانت له ثروة ظاهرة، وأنفق أكثرها على العلماء، وفي الحجّ والجهاد، وكان يرسل شَعْرَه، فقيل له: الشَّعْراني. 61- عبد الله بن بدر الأشبيلي1 الطبيب: جمع وسمع من: ابن الأعرابي، وحدّث. 62- عبد الله بن محمد بن أُمَيّة2 بن غَلْبون الأنصاري القُرْطُبي: نزيل طَلَيْطِلة. اسْتُقْضِي بطَلبِيرة. سمع من: قاسم بن أصبغ، وبمكّة من ابن الأعرابي، وكان نبيلًا ثقة. سمع منه: عبدوس بن محمد الثَّغرِي. 63- عبد الواحد بن بكر الهَمَذاني3 الصّوفي، المعروف بالورثاني. رحل وسمع بدمشق: أبا علي محمد بن شعيب الأنصاري، وعلي بن أبي العقب، وجُمَحُ بن القاسم. وعنه: أبو سعد الماليني، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن بن إسماعيل القرّاب، وآخرون. وتوفِّي بالحجاز، وكان كثير الأسفار، من فُضَلاء الصّوفية. 64- عبد العزيز بن مالك: الفقيه4 أبو القاسم القِزْويني الشّافعي.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 236". 3 انظر تاريخ جرجان "253"، واللباب "3/ 267". 4 لا بأس به.

سمع: محمد بن مسعود، وأبا علي الطُّوسي، والعبّاس بن الفضل بن شاذان، ومحمد بن صالح الطّبري. قال أبو يَعْلَى الخليلي: أدركته، وقُرِئ عليه وأنا حاضر. 65- عثمان بن سعيد بن عثمان1: أبو سعيد بن الدرَّاج الغسَّاني الأندلسي السّرِيّ. سمع من: أحمد بن عمرو بن منصور بن فُطَيْس، وعثمان بن جرير، وأحمد بن خالد بن الحباب، وحجَّ فسمع من عَبْد الرَّحْمَن بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عثمان عبد الرحمن المقرئ كتابَ سفيان بن عُيَيْنَة، عن جدّه محمد بن المقرئ. سمع منه غير واحد، وتوفِّي في رجب. 66- علي بن خفيف بن عبد الله2 بن تميم بن سعد مولى جعفر بن محمد بن علي: أبو الحسن الهاشمي البغدادي الدّقّاق. سمع: عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، والحسين بن أبي عفير، وعبد الله بن محمد البَغَوِي. وعنه: أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وعبد الله بن علي بن بِشْران، وغيرهما. قال ابن أبي الفوارس: كان غير مرضيّ في الرواية. 67- عَليّ بن مُحَمَّد بن سَعيد3: أَبُو الحَسَن الكِنْدي البغدادي الرّازي، شيخ مُعَمَّر. سمع سنة تسعين ومائتين من أبي شُعَيْب الحَرَّاني، وسمع من: الفِريابي، وعلي بن حَسْنَوَيْه. وعنه: العتيقي، وتوفِّي في رمضان.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 306". 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 423". 3 انظر تاريخ بغداد "12/ 85".

حرف الفاء: 68- فناخسرو السلطان عضد الدولة1: أبو شجاع ابن السلطان رُكْن الدولة الحسن بن بُويه الدَّيْلَمِي. وَلي مملكة فارس بعد عمِّه عماد الدولة، ثم قوي على ابن عمّه عزّ الدولة بَخْتِيار بن مُعِزّ الدولة، وبلغ من سَعَة المملكة والاستيلاء على الممالك ما لم يبلغه أحد من بنيه، ودانت له البلاد والعباد. وهو أوّل من خُوطب بالملك شاهٍ شاه في الإسلام، وأوّل من خُطب له على المنابر ببغداد بعد أمير المؤمنين. وكان فاضلًا نحويًّا، له مشاركة في فنون، وله صنَّف أبو علي الفارسي "الإيضاح والتكملة". وقد مدحه فُحُول الشعراء، وسافر إلى بابه المتنبّي إلى شيراز، قبل أن يملك العراق، وامتدحه بقصائد مشهورة، وقصده شاعر العراق أبو الحسن محمد بن عبد الله السّلامي، وأنشده قصيدته البديعة التي يقول فيها: إليك طَوَى عَرْضَ البسيطة جاعِلٌ ... قُصَارَى المطايا أن يلوح لها القَصْرُ فكنت وعزْمي في الظّلام وصَارمي ... ثلاثةَ أشياء كما اجتمع النّسْرُ وبشّرت آمالي بملك هو الوَرَى ... ودارٍ هي الدنيا ويوم هو الدهر وقال الثعالبي في "يتمية الدهر": لعضد الدولة قصيدة فيها بيت لم يفلح بعده: ليس شُرْبُ الرّاح إلّا في المَطَرْ ... وغِناءٍ من جوَارٍ في السّحَرْ مُبْرزات الكاسِ من مَطْلِعِها ... ساقياتِ الرّاح من فاقَ البَشَرْ عضُدُ الدولةِ وابنُ رُكْنِها ... ملكُ الأملاك غلابُ القَدَرْ فقيل: إنّه لمَّا احتضَر لم ينطق لسانه إلّا بـ {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَه} [الحاقة: 28، 29] . وتوفِّي بعلّة الصَّرَع في شوّال، سنة اثنتين وسبعين ببغداد، وله ثمان وأربعون سنة، ودُفِن بمشهد علي -رضي الله عنه- بالكوفة.

_ 1 انظر الكامل في التاريخ "9/ 18"، والمنتظم "7/ 113"، ودول الإسلام "1/ 229"، والعبر "2/ 363".

وهو الذي أظهر قبر عليّ بالكوفة، وادَّعى أنّه قبره، وكان شيعيًّا، فبني على المشهد، وأقام البيمارستان العَضُدِي ببغداد، وأنفق عليه أموالًا عظيمة، وهو بيمارستان عظيم ليس في الدنيا مثل ترتيبه. وملك العراق خمس سنين ونصفًا، ولمَّا قدمها خرج الطائع الله وتلقّاه، وهذا شيء لم يتهيّأ لأحد قبله، فدخل بغداد وقد استولى عليها الخراب، وعلى سوادها بانفجار بُثُوقها، وقَطْع المفسدين طُرُقَاتها، فبعث العسكر إلى بني شَيْبَان، وكانوا يقطعون الطريق، فأوقعوا بهم، وأسروا من بن شيبان ثمانمائة، وسدّ البُثُوق، وغَرَسَ المزاهر، وهو دار أبي علي بن مُقْلَةَ، وكانت قد صارت تلا، فيقال: إنّه غرِم على نقل التراب أكثر من ألف ألف درهم، وغرس التاجي عند قطربل، وحوط على ألف وسبعمائة جرِيب، وعمَّر الطُّرُقَ والقناطر والْجُسُور. وكان متيقَّظًا شَهْمًا، له عيون كثيرة تأتيه بأخبار البلاد القاصية، حتى صارت أخبار الأقاليم عنده. وكان شديد العناية بذلك، كثير البحث عن المشكلات، وافرَ العقل. كان من أفراد الملوك لولا ظلمه، وكان سفَّاكًا للدماء، حتى أنّ جارية شُغِل قلبه بميله إليها، فأمر بتغْرِيقها، وأخذ غلامٌ من رجل بطّيخًا غَصْبًا، فوسّطه1. وكان يحبّ العلم والعلماء ويصِلُهم، ووُجد له في "تذكرة": إذا فرغْنا من حل إقليدس تصدقت بعشرين ألف درهم، وإنْ وُلِد لي ابنٌ تصدّقت بعشرة آلاف، فإنْ كان من فلانة تصدّقت بخمسين ألف درهم. وكان قد طلب حساب دِجْلَة في السنة، فإذا هو ثلاثمائة ألف ألف وعشرين ألف ألف درهم، فقال: أبلغ به إلى ثلاثمائة وستّين ألف ألف، ليكون دخْلُنا كل يوم ألف ألف درهم. قال ابن الْجَوْزي: كان يرتفع له في العام اثنان وثلاثون ألف ألف دينار، وكان له كِرْمان، وفارس، وعُمَان، وخوزستان، والعراق، والموصل، وديار

_ 1 أي قطع جسده نصفين.

بكر، وحَرّان، ومَنْبج، وكان يُناقش في القيراط، وأقام مكوسًا ومَظَالم، فنسأل الله العافية. وكان صائب الفراسة، قيل: إنَّ تاجرًا قَدِمَ بغدادَ للحج فأودع عند عطار عقد جوهر، فأنكره، فحار، ثم إنَّه أتي عضُدُ الدولة، فقصّ عليه أمره، فقال: الْزَم الجلوس هذه الأيّام عند العطّار، ثم إنَّ عضُدُ الدولة مَرَّ في موكبه على العطّار، فسلَّم على التاجر وبالغ في إكرامه، فتعجَّب الناس، فلمَّا تعدّاه التفت العطّار إلى التّاجر، قال: ما تخبرني متى أودعتني هذا العِقْد، وما صفته؟ لعلِّي أتذكّر، قال: صفته كذا، فقام وفتّش ثم نفض برنيّه فوقع العِقْد، وقال: كنت نسيته. وقيل: إنَّ قومًا من الأكراد قطَّاع طريقٍ عجز عنهم، فاستدعى تاجرًا، ودفع إليه بغلًا عليه صندوقان فيهما حَلْوَى مسمومة، ومتاعُ ودنانير، فأخذوا البغْل والصّندوقين، وأكلوا الحَلْوَى فهلكوا. وقد ذكر ابن الجوزي في كتاب "الأذكياء" له عدّة حكايات لعضد الدولة، والله أعلم. حرف الميم: 69- محمد بن أحمد بن حمزة1: أبو الحسن الهَرَوِي. توفِّي في هذا العام، وهو المذكور في المتوفَّين تقريبًا في الطبقة الماضية. 70- محمد بن أحمد بن حمدون2: أبو بكر النَّيْسَابُوري الفرّاء الصُّوفي. توفِّي في رمضان، وكان من العباد. سمع: ابن خُزَيْمَة وطبقته، وكان قوَّالًا بالحقّ، كثيرَ المُجاهَدَة، وأمَّارًا بالمعروف. صحِب أبا عليّ الثقفي، ولقي الشَّبْلي، والكبار. 71- محمد بن جعفر بن أحمد3 بن جعفر: أبو بكر البغدادي الحريري المعدّل، المعروف بزوج الحرة.

_ 1 سبق ذكره. 2 انظر طبقات الصوفية "124". 3 انظر تاريخ بغداد "2/ 153"، والمنتظم "7/ 118، 119"، والبداية والنهاية "11/ 301".

سمع: محمد بن جرير، وأبا القاسم البَغَوِي، وابن أبي داود. روى عنه: ابن رزقَوَيْه، وأبو بكر البَرْقَانِيّ، والحسن، وعبد الله ابنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان. وقال البَرْقَانِيّ: ثقة جليل. وقال أبو علي بن شاذان: كان يحضر مجلسه ابن المظفَّر والدَارقُطْنيّ، وتوفِّي في صفر. قال أبو القاسم التَّنُوخيّ: حدَّثنا أبي قال: حدَّثني جعفر بن المكتفي بالله قال: كانت بنت بدر المُعْتَضِدي زوجة المقتدر بالله، فأقامت معه سنين، ثم قُتل، وأفلتت هي من النَّكبة، وتسلّمت أموالها، وخرجت من الدار، فكان يدخل إلى مطبخها حَدَث يُعْرَف بمحمد بن جعفر بن أبي عَشْرُون، وكان حركًا، فصار وكيل المطبخ، فرأته فاستكاسته، فردَّت إليه وكالتها، وترقّى أمره حتى صار ينظر في ضِياعها، وصارت تكلّمه من وراء ستر، وزاد اختصاصه بها، حتى علق بقلبها، فجسَّرَتْه على تزويجها، وبذلت أموالًا حتى تمَّ لها ذلك، وأعطته نعمة ظاهرة وأموالًا، لئلَّا يمنعها أولياؤها منه بالفقر، ثم هادَتِ القُضَاة بهدايا جليلة، حتى زوَّجوها منه، فاعترض الأولياء، فغالبتهم بالدراهم، وأقام معها سنين، ثم ماتت، فحصل له منها نحو ثلاثمائة ألف دينار، ولذلك قيل له: "زوج الحُرَّة". 72- محمد بن العبّاس بن وصيف1: أبو بكر الغزّي، راوي المُوَطّأ عن الحسن بن الفرج المقرئ صاحب يحيى بن بكير. ورَّخ وفاته أبو القاسم بن مَنْدَهْ، وقد روى أيضًا عن محمد بن قتيبة العسقلاني وغيره. وروى عنه: أبو سعد الماليني، ومحمد بن جعفر الميماسي، وآخرون. ولا أعلم فيه جرحًا. وقد سمعنا موطأ ابن بكير من طريقه. 73- محمد بن عبد الله بن خَلَف2 بن بخيت: أبو بكر العكبري الدقاق.

_ 1 انظر شذرات الذهب "3/ 79". 2 انظر تاريخ بغداد "5/ 461"، وسير أعلام النبلاء "16/ 334".

سكن بغداد وحدَّث عن خلف بن عمرو العُكْبَري، وجعفر الفِرْيابي، ومحمد بن صالح بن ذَرِيح، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمد بن محمد الباغَنْدِي، وجماعة. وله جُزْء عالٍ عند أصحاب ابن طَبَرْزد. روى عنه: عبد الوهاب بن برهان، وإبراهيم بن عمر البرمكي، وجماعة. وثَّقه الخطيب. توفِّي فِي ذي القعدة. 74- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ1 بْنِ خَميرَوَيْه بن سيّار: أبو الفضل العدْل الهَرَوِي، مُسْند هَرَاة. سمع: أحمد بن نجدة، وعلي بن محمد الْجَكّاني، وأحمد بن محمود بن مقاتل، وجماعة. وعنه: أبو بكر البرقاني، وأبو الفضل عمر بن أبي سعد، وأبو ذَرّ عبد بن أحمد، وأحمد بن محمد بن إبراهيم بن إسحاق، والحسين بن علي الباشاني، ومحمد بن الفضيل، وقاضي هَرَاة منظور بن إسماعيل الهَرَوِيّون، وغيرهم. قال أبو بكر بن السمعاني: شيخ ثقة. 75- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد2 بْن الصباح: أبو عبد الله المؤدّب الأصبهاني. سمع: أبا حامد خليفة، ومحمد بن الحسين بن مكرم. وعنه: أبو نُعَيم الحافظ. 76- محمد بن علي البغدادي3 النّعّال: حكى بمصر عن أبي خليفة الْجُمَحِي. 77- محمد بن علي بن الحسين4 بن أبي الحسين القُرْطُبي: أبو عبد الله.

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 311"، والأنساب "8/ 180"، والعبر "2/ 363". 2 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 292". 3 في عداد المجهولين. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 82".

سمع من: قاسم بن أصبغ، ورحل هو وأخوه حسن، فسمعا بمصر من عبد الله بن الورد، وابن أبي الموت، وأحمد بن سلمة بن الضحاك، وابن خروف، وجماعة كثيرة. وكان محمد ضابطًا متقنًا نحويًّا بليغًا. توفِّي في صفر، ولم يحدِّث. 78- محمد بن علي بن الحسين1: أبو علي الإسفراييني، الحافظ المعروف بابن السقاء، تلميذ أبي عوانة. رحل وسمع: أبا عَرُوبة الحرّاني، ومحمد بن زياد المصري، وعلي بن عبد الله بن مبشّر الواسطي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأحمد بن عمير بن جَوْصَا، وخلقًا كثيرًا. وكان شافعيًّا واعظًا صالحًا. روى عنه: أبو عبد الله الحاكم وغيره، وهو والد علي شيخ البيهقي. توفِّي ببلده إسفرايين، في ذي القعدة. وقد ذكره ابن عساكر فقال: روى عنه ابنه علي، وأبو سعيد أحمد بن محمد الكرابيسي المَرْوَزي. قال الحاكم: هو من المعروفي بكثر الرّحلة والحديث والتّصنيف وصحبة الصالحين. قلت: ومن طبقته: 79- محمد بن علي بن الحسين البلْخي2 الحافظ: روى عن محمد بن المُعافَى الصيداوي. روى عنه: محمد بن أحمد الجارودي الحافظ. 80- محمد بن القاسم: أبو بكر3 المصري الفقيه الشافعي المعروف بوليد.

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 350"، وطبقات الحفاظ "397"، وشذرات الذهب "3/ 81". 2 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 351"، وتاريخ جرجان "449". 3 لا بأس به.

روى عن: أبي عبد الرحمن النّسَائي، وعبّاس البصْري، وبنان الجمّال الزّاهد. روى عنه: يحيى بن علي الطّحّان، وقال: تُوُفّي فِي جُمادى الآخرة، وله خمسٌ وثمانون سنة. 81- محمد بن مزاحم بن إسحاق1: أبو العبّاس الطّائي المصري. روى عن: محمد بن زيان وغيره. وعنه: يحيى بن الطّحّان، ذكره في تاريخه. 82- المغيرة بن عمرو2: أبو الحسن المكّي. روى عن: أبي سعيد المفضّل الْجَنَدي، وغيره. روى عنه: عبد الرحمن بن الحسن المكّي الشّافعي والد أبي علي، وعمر بن الخضر الثمانيني، وابن باكَوَيْه. قَرَأْتُ فِي "الأَرْبَعِينَ" لِمحمد بْنِ مُسَدَّدٍ: كَتَبَ إِلَيْنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ التَّاجِرُ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ مَوْهِبٍ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذْرِيُّ، أنا عُمَرُ بن الخضر، ثنا المغيرة بن عمرو، ثنا الجندي، ثنا محمد بن منصور الجواد، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ فَتَوَاضَعَ للَّهِ وَآثَرَ رِضَاهُ عَلَى جَمِيعِ أُمُورِه، لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ"3. هذا أظنّه موضوع على الْجَنَدِي. مات سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة. 83- منصور بن أحمد بن هارون4: الفقيه أبو صادق النَّيْسَابُوري الحنفي المزكّي، شيخ الحنفية وابن شيخهم بنَيْسَابور. سمع: أبا العبّاس السّرّاج، وأبا عمرو الحيري، ومؤمّل بن الحسن. ولم يحدِّث قط من زهده وورعه.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر ميزان الاعتدال "4/ 165"، ولسان الميزان "6/ 379". 3 حديث موضوع: أخرجه مسدد في "الأربعين". 4 انظر المنتظم "7/ 120".

تُوُفّي في جُمادى الأولى. روى عنه الحاكم أنّه سمع ابن الشرفي يقول: ما رأيت في العلماء أهْيَبَ من محمد بن يحيى الذهلي -رحمه الله تعالى. حرف النون: 84- نصر بن أحمد بن محمد بن صاعد1: ابن كاتب البخاري، يروي عن جدّه، ومحمد بن محمد المردكي القزويني. وفيَّات سنة ثلاث سبعين وثلاثمائة: حرف الألف: 85- أحمد بْن الحُسَيْن بْن عَبْد العزيز2: أبو بكر العُكْبَري المعدّل. سمع: أبا خليفة، وابن ذَرِيح، وأبا الهيثم بن خليفة، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، وجماعة. وعنه: ابنه أبو نصر محمد البقَّال، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي. ووثَّقه الخطيب. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ، أنا جَدِّي، أنا عَلِيُّ بْنُ محمد المصيصي، أنا أبو نصر محمد بن أحمد الْبَقَّالُ بِعُكْبَرَا، أنبا أَبِي، ثنا أَبُو خَلِيفَةَ، ثنا مُسْلِمٌ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ، ثنا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، "أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ"3. توفِّي هذا عن إحدى وتسعين سنة.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ بغداد "4/ 107"، والمنتظم "7/ 122". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "2/ 478"، من رواية ابن عباس، ومالك "1/ 143"، من رواية أبي هريرة.

86- أحمد بن الحسين بن علي1: أبو حامد المَرْوَزي، المعروف بابن الطّبري، القاضي الحنفي. سمع: أبا العبّاس الدَّغُولي، وجماعة من أصحاب علي بن حجر، وسمع بنَيْسَابور مكّي بن عَبْدان، وأبا حامد بن الشرفي. قال الحاكم: أمْلَى ببُخارى وأنا بها، وكان يرجع إلى معرفة بالحديث، تفقَّه ببغداد على أبي الحسن الكَرْخي، وببلخ على أبو القاسم الصفّار، وكان كبير القدر، متألَّهًا عابدًا صالحًا، عارفًا بمذهب أبي حنيفة. ورَّخه الحاكم في هذه السنة، وسيأتي في سنة سبعٍ وسبعين. وكان ثَبْتًا في الحديث، بصيرًا بالأثر، له تاريخ مشهور. 87- أحمد بن محمد: الإمام2 أبو العبّاس الدَّيْبُليّ الشافعي الزّاهد الخيّاط، نزيل مصر. ذكر أبو العبّاس الفسوي أنَّه كان جيد المعرفة بالمذهب، يقتات من الخياطة، فكان يعمل القميص في جمعة بدرهم وثلث. وكان حسن العيش واللّباس، طاهر اللسان، سليم القلب، صوّامًا تاليا، كثير النّظر في كتاب "الربيع" مع كتاب "الأمَ" للشافعي. وكان مكاشفًا، ربما يخبر بأشياء فتوجد كما يقول، وكان مقبولًا عند الموافق والمخالف، حتى كان أهل المِلَل يتبرّكون بدعائه. مرض فتولّيْتُ خدمته، فشهدت أحوالًا سنية، وسمعته يقول: كل ما تَرَى أُعْطيتُه ببركة القرآن والفقه. وقال لي: قيل إنّك تموت ليلة الأحد، وكذا كان. وما كان يصلّي إلّا في الجماعة، فكنت أصلّي به، فصلّيت به ليلة الأحد المغرب، فقال: تنحَّ فإنّي أريد الْجَمْع بالعشاء، لا أدري إيش يكون منّي، فجمع وأَوْتَرَ، ثم أخذ في السّياق وهو حاضر معنا إلى نصف الليل، فنمت ساعة وقمت، فقال: أيّ وقتِ هو؟ قلت: قُرْب الصَّبّح. قال: حوّلْني إلى القبلة، وكان أبو سعد الماليني، فحوّلناه إلى القبلة، فأخذ يقرأ قدر خمسين آية، ثم قُبِضَ ومات سنة ثلاثٍ وسبعين، أحسبه في

_ 1 انظر تاريخ بغداد "4/ 107، 108"، والمنتظم "7/ 137"، والكامل "9/ 51". 2 انظر حسن المحاضرة "1/ 169".

رمضان. وكانت جنازته شيئًا عجيبًا، ما بقي أحد بمصر من أهلها ومن المغاربة أولياء السلطان إلّا صلُّوا عليه. وذكره القُضَاعي، وإنَّ قبره ومسجده مشهوران. قال: وكانت له كرامات مشهورة. 88- أحمد بْن محمد بْن إبراهيم1: أبو القاسم البجاني الأندلسي. روى عن: أحمد بن خالد، ومحمد بن عمر بن لُبَابة. وحجَّ سنة أربع عشرة، ولم يسمع. توفِّي في رجب. 89- أحمد بن نصر2: أبو بكر الشّذائي البصْري المقرئ، من كبار القرّاء. قرأ على: أبي حفص عمر بن محمد بن نصر الكاغَدي، والحَسَن بن علي بن بشّار العلاف صاحبي الدُّوري، وعلى أبي الحسن بن شنبوذ، وأبي بكر بن مجاهد، وأبي عبد الله إبراهيم بن عرفة نفطويه، وأبي بكر محمد بن أحمد الدّاجوني، وأبي علي النّقّار، وأبي مُزاحم الخاقاني، وسعيد بن عبد الرّحيم الضّرير، وعبد الله بن الهيثم البلْخي، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي، ومحمد بن موسى الزَّيْنَبي، وجماعة. قرأ عليه بالرّوايات: محمد بن الحسين الكارَزيني، وغيره. توفِّي في هذه السنة. وطُرُقُه في كتاب "المنج" لسِبْط الخيّاط. وقرأ عليه: أبو الفضل الخُزاعي، وأبو عمرو بن سعيد البصْري، وعلي بن أحمد الجوردكي، وأبو الحسين علي بن محمد الخياري ومحمد بن عمر بن زلال النَّهاوندي، وخلق. قال فارس بن أحمد: الكُبراء من أصحاب ابن مجاهد أربعة: أبو طاهر بن أبي هاشم، وأبو بكر بن أشتة، وأبو بكر الشَّذَائي بالبصرة، ونسي الرابع.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 51"، وبغية الملتمس "162". 2 انظر العبر "2/ 364"، وشذرات الذهب "3/ 80".

وقال أبوعمرو الدّاني: مشهور بالضَّبْط والإتقان، عالم بالقراءة، بصير بالعربيّة، رحمه اللَّه. 90- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن إسحاق1 بن جعفر: أبو إسحاق الأصبهاني المعدّل، المعروف بالقصّار. سمع: الوليد بن أبان، والحسن بن محمد الداركي بأصبهان، وعبد الله بن شيرَوَيْه، ومحمد بن إسحاق السّرّاج، واستوطن نَيْسَابُور. روى عنه: الحاكم، وأبو نُعَيم، وأحمد بن علي اليزدي. ولُقُب بالقصّار لأنّه كان يغسِّل الموتى تزهُّدًا ومتابعةً للسُّنّة. وعاش مائة وثلاث سنين، وإنما سمع وقد كبر. كُفَّ بصرُه قبل موته بستّ سنين. أكثر عنه أبو نعيم. حرف الباء: 91- بُلُكّين2 بن زيرِي بن مُناد الحِمْيَري الصّنْهاجي: الأمير أبو الفُتُوح جدّ الأمير باديس، من وجوه المغاربة. استخلفه المُعِزّ بن المنصور العُبْيدي على إفريقية عند توجُّهه إلى الديار المصرية في سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وسلَّم إليه إقليم المغرب، فكان حَسَن السّيرة، تامّ النّظر في مصالح دولته ورعيّته. ومات في ذي الحجّة. وكانت له أربعمائة سَرِيّة، وذُكِر أنّ البشائر وَفَدَتْ عليه في فَرْد يوم بولادة سبعة عشر ولدًا ذَكَرًا. 92- بُوَيْه مؤيّد الدولة3: أبو منصور بن رُكْن الدولة.

_ 1 انظر ذكر أخبار أصبهان "1/ 201"، وشذرات الذهب "3/ 80". 2 انظر العبر "2/ 364"، والكامل في التاريخ "9/ 34"، والبداية والنهاية "11/ 302". 3 انظر المنتظم "7/ 121"، والكامل "9/ 26"، والوافي بالوفيات "10/ 326".

كان وزيره هو الصّاحب إسماعيل بن عَبّاد، فضبط مملكته وأحسن التدبير، وكان قد تزوَّج بنت عمه زبيدة بنت معز الدولة، فأنفق في عرسه بها سبعمائة ألف دينار. توفِّي بجُرْجان في ثالث عشر شعبان، من خوانيق أصابته، وله ثلاث وأربعون سنة، وكانت دولته سبع سنين. حرف الحاء: 93- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ بن أحمد الماذَرائي1 المصري: من أعيان الأماثل. روى عن: عبد العزيز بن أحمد بن الفرج، وبكر بن أحمد الشعراني وجماعة. روى عنه: الدَارقُطْنيّ، وصالح بن رشدين، وغيرهما. ألقي على العلم جملة وافرة، وجمع وصنَّف، وعاش سبعين سنة. 94- الحسن بن محمد بن داود2: أبو محمد الثقفي الحراني المؤدب. روى عن: عبد الله بن محمد الأطروشي، ويحيى بن علي الكِنْدي. وعنه: تمَّام الرّازي، وعبد الغني بن سعيد، وأبو الحسن بن السّمسار، وجماعة. توفِّي في رمضان. 95- الحسين بن عبد الله القُرُشي3: أبو القاسم المصري. يروي عن: محمد بن محمد بن النّفّاح الباهلي، وغيره. 96- الحسين بن محمد بن حَبْش4: أبو علي الدَّينَوَرِي المقرئ. قرأ القرآن على: أبي عمران موسى بن جرير الرقي، وغيره. قرأ عليه: محمد بن المظفر بن حرب الدينوري، وأبو العلاء محمد بْن عليّ الواسطيّ، ومحمد بن جعفر الخزاعي، ورحل إليه.

_ 1 انظر اللباب "3/ 143". 2 انظر تهذيب ابن عساكر "4/ 247". 3 في عداد المجهولين. 4 انظر شذرات الذهب "3/ 81"، والعبر "2/ 365".

وكان أيضًا عالي الأسناد في الحديث. روى عن أبي عمران الرّقّي. روى عنه: أبو نصر أحمد بن الحسين الكسَّار جزءًا وقع لنا. قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ الْقِرَاءَةَ عَرْضًا عَنْ: موسى بن جرير وابن مجاهد، والعباس بن الفضل، وإبراهيم بن حرب وجماعة. متقدِّم في علم القراءة، مشهور بالإتقان، ثقة مأمون. روى القراءة عنه: إسماعيل بن محمد البرذعي، والحسين بن محمد السلماني. وسمعت فارس بن أحمد يقول: كان ابن حبش المقرئ الدّينَوَر، وكان يأخذ في مذاهب القُرّاء كلهم، فالتكبير من {وَالضُّحَى} إلى آخر القرآن اتّباعًا للآثار الواردة. 97- حُمَيْد بن الحسن الورّاق1: دمشقي. روى عن: محمد بن خُزَيْم، ومحمود بن محمد الرافقي، وأحمد بن هشام بن عمار. وعنه: مكّي بن الغَمْر، وتمَّام، وعبد الغني بن سعيد، وغيرهم. حرف السين: 98- سعيد بن سَلام2: أبو عثمان المغربي الصّوفي العارف، نزيل نَيْسَابُور. مولده بالقَيْروَان، ولقي الشّيوخ بمصر والشام، وجاور بمكّة مدّة، وكان لا يظهر في الموسم. قال الحاكم: وأنا مِمَّن خرج من مكّة متحسِّرًا على رؤيته، ثم خرج منها لمحنةٍ لحقته، وقدم نَيْسَابُور، واعتزل النّاسَ أوّلًا، ثم كان يحضر الجامع، وسمعته يقول: وقد سُئل: الملائكة أفضل أم الأنبياء؟ فقال: القربَ القربَ، هم أقرب إلى الحق وأطهر. صحِب أبو عثمان بالشّام: أبا الخير الأقْطَع، ولقي أبا يعقوب النَّهْرجوري. قال السُّلمي: كان أوحد المشايخ في طريقه، ولم يُرَ مثله في علوِّ الحال وصون

_ 1 انظر تهذيب ابن عساكر "4/ 460". 2 انظر المنتظم "7/ 122، 123"، والكامل "9/ 37"، وسير أعلام النبلاء "16/ 320".

الوقت، امتُحِنَ بسبب زور نُسِبَ إليه حتى ضُرِبَ وشُهِّرَ على جملٍ، وطافوا به، فحمله على مفارقة الحَرَم والخروج منه إلى نَيْسَابُور. وقال الخطيب: كان من كبار المشايخ، له أحوال مذكورة وكرامات مشهورة. قال غالب بن علي: دخلت عليه يوم موته، فقلت له: كيف تجد نفسك؟ قال: أجد مولّي كريمًا، إلّا أنَّ القدوم عليه شديد. قال السُّلَمي: سمعته يقول: تَدَبُّرْك في الخَلْق تدبُّر عبْرَةٍ، وتَدبُّرْك في نفسك تدبّر مَوْعظة، وتدبُّرْك في القرآن تدبُّر حقيقةٍ ومكاشفةٍ. قال الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن} [محمد: 24] ، جرَّأك به على تلاوَة خِطابِهِ، ولولا ذاكَ لكلَّت الألسُنُ عن تَلاوتِهِ. وقال: من أعطى نفسه الأماني قَطَعَها بالتَّسْوِيف والتواني. وله كلام جليل من هذا النّوع. وتوفِّي في هذه السّنة. وقال السُّلَمي: سمعته يقول: علوم الدّقائق علوم الشّياطين. وأسلم الطُّرُق من الاغترار لزوم الشريعة. حرف العين: 99- العباس بن أحمد بن محمد1 بن إسماعيل: أبو الطّيّب العبّاسي، المعروف بالشّافعي. مصريّ، يروي عن محمد بن محمد الباهلي. وعنه: محمد بن الحسين الطّفّال، وغيره. حديثه في مَشْيَخَة الرّازي. 100- عباس بن أحمد2: أبو الفضل الأَزْدي الشاعر. شيخ الصوفية بالشام وأسنهم.

_ 1 انظر تهذيب ابن عساكر "6/ 220". 2 انظر تهذيب ابن عساكر "6/ 221".

صحِب مظفَّر القِرْمِيسيني، وجماعة. له معرفة وفُتُوَّة ظاهرة. 101- عَبْد الله بْن أَحْمَد1 بْن إِبْرَاهِيم بْن شاذان: أبو جعفر الفارسي. روى عن: النُّعْمان بن أحمد الواسطي أحد شيوخ الطّبراني، وقيل: إنّه روى عن يعقوب بن سُفْيان الفَسَوي جُزْءًا، وهذا بَعيد. روى عنه: البَرْقَانِيّ والعَتيقي. وقال الأزهري: كان ثقة، سمعت منه سنة ثلاثٍ وسبعين في منزلنا. 102- عبد الله بن تمَّام بن أزهر2 الكِنْدِي: أبو محمد الفَرَضي. سمع: قاسم بن أصبغ، وجماعة، وكان مؤدّبًا بالحساب. كتب عنه ابن الفَرَضي وغيره. 103- عبد الله بن محمد بن عثمان3 بن المختار المُزَني الحافظ: أبو محمد بن السّقّا الواسطي، محدِّث واسط. سمع: أبا خليفة، وزكريّا السّاجي، وأبا يَعْلَى المَوْصلي، وعَبْدان الأهوازي، وأبا عمران موسى بن سهل الْجَوْني، ومحمد بن الحسين بن مكرم، ومحمود بن محمد الواسطي، وأحمد بن يحيى بن زهير التُسْتَري، وطبقتهم. روى عنه: الدَارقُطْنيّ، وأبو الفتح يوسف القوّاس، وأبو العلاء محمد بن علي، وعلي بن أحمد بن داود الرّزّاز، وأبو نُعَيم الحافظ. قال أبو العلاء الواسطي: سمعت ابن المظفّر والدارقطني يقولان: لم نَرَ مع ابن السّقّا كتابًا، وإنّما حدّثنا حِفْظًا. وقال علي بن محمد بن الطيّب الْجُلابي في "تاريخ واسط": هو من أئمّة الواسطيين الحُفّاظ المتقنين. قال: وتُوُفّي في ثاني جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "9/ 393". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 237". 3 انظر تاريخ بغداد "10/ 130"، والمنتظم "7/ 123"، والعبر "2/ 365".

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ وستمائة، أنا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنُ نغُوبَا، أنا أبو نعيم محمد بن إبراهيم الجماري، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ يَزْدَادَ الْعَطَّارُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بْنِ عُثْمَانَ، ثنا أَبُو خَلِيفَةَ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ يَجُوزُ لِي أَنْ أَعْتَمِرَ؟ قَالَ: "فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرَنَ"1. وقد قال السَّلَفي: سألت خميسًا الحَوْزِي عن ابن السّقّاء فقال: هو من مُزَيْنَة مُضَر، ولم يكن بسقّاء، بل هو لَقَبُ له، من وُجُوه الواسطيين، وذَوِي الثّروة والحِفْظ، رَحَل به أبوه فسمَّعه من أبي خليفة، وأبي يَعْلَى، وابن زيدان، والمفضل من محمد الْجَنَدي وجماعة. وبارك الله في سنِّه وعلمه، واتُّفِقَ أنّه أملى حديث الطائر، فلم تحتمله أنفُسهم، فوثبوا به وأقاموه، وغسَّلوا موضعه، فمضى ولزم بيته، فكان لا يحدِّث أحدًا من الواسطيين، فلهذا قلَّ حديثه عندهم. وتوفِّي سنة إحدى وسبعين، حدّثني بكلَّ ذلك شيخنا أبو الحسن المَغَازِلي. 104- عبد الرحمن بن محمد بن أبي اللّيث2: أبو سعيد التّميمي. فقيه أهل قِزْوين ومقرئها. كان كبير القدر. سمع الحسن بن علي الطُّوسي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم. أدركه أبو يَعْلَى وذكره في "الإرشاد" له. 105- عبد الله بن إسماعيل: أبو الفرج الأنْباري. روى عن: محمد بن محمد الباغَنْدي، والبَغَوِي، وجماعة. وعنه: محمد بن طلحة النّعالي، وجماعة. 106- عُبَيْد الله بن سعيد بن عبد الله3: القاضي أبو الحسن البَرُوجَردي.

_ 1 حديث صحيح بلفظ: وقَّت رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نجد قرن المنازل. الحديث أخرجه البخاري "3/ 307"، ومسلم "1181"، والنسائي "5/ 123". 2 لا بأس به. 3 انظر تاريخ بغداد "10/ 361".

سمع: محمد بن محمد الباغَنْدي، وجماعة. قال الخطيب: كان صَدُوقًا، حدَّث في هذا العام. روى عنه: عبد العزيز الأزجي، وعبد الملك بن عمر، ومحمد بن عيسى الهمذاني. 107- عثمان بن سعيد بن البشر1 بن غالب: أبو الأصبغ اللّخْمي الأندلسي الشَّذُوني. سمع: عبد الله بن أبي الوليد، ومحمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد بن الحباب. وكان صالحًا فاضلًا. 108- علي بن أحمد بن حمدويه2 التكلي: مصري يروي عن ابن زِبّان. 109- علي بن إبراهيم بن موسى3: أبو الحسن السَّكُوني المَوْصِلي. حدَّث ببغداد عن: أبي يعَلَى، وعبد الله بن أبي سفيان، وأحمد بن الحسين الْجَرادي، المَوَاصِلَة. وعنه: أبو القاسم الأزْجي، وأحمد بن محمد العتيقي، وانتقى عليه ابن المُظَفَّر الحافظ. 110- عليّ بن محمد بن أَحْمَد4 بن كَيْسان: أبو الحَسَن الحَرْبي. الراوي عن: يوسف القاضي جزءَيْ "التسبيح" و"الزكاة" ليس إلّا. روى عنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ، والحسين بن جعفر السّلماسي، وعلي بن المحسّن التنُوخي، والحسن بن علي الْجَوْهَري، وهو آخر من حدَّث عنه.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 307". 2 في عداد الجهولين. 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 341". 4 انظر تاريخ بغداد "12/ 86"، والعبر "2/ 365"، وسير أعلام النبلاء "16/ 329، 330".

قال الخطيب: قال لنا التنوخي: أرانا ابن كَيْسَان بخطّ أبيه: وُلد علي ومحمد ابنا محمد في بطنٍ واحدٍ في ليلة الجمعة سنة اثنتين وثمانين ومائتين. وقال البَرْقَانِيّ: كان ابن كَيْسَان لا يُحْسِن يحدِّث، سألته أن يقرأ عليَّ شيئًا من حديثه، فأخذ كتابه ولم يدْرِ ما يقول، فقلت: سبحان الله، حدّثكم يوسف القاضي، فقال: سبحان الله حدّثكم يوسف القاضي، قال: إلّا أنّ سماعه كان صحيحًا. سمع من أخيه. قال الْجَوْهَري: سمعت منه في سنة ثلاثٍ وسبعين. ولم يؤرِّخ الخطيب وفاته، وكان أبوه من كبار النُّحَاة. مات سنة تسعٍ وتسعين ومائتين، وهذا صبيّ، فطلع لا يعرف شيئًا. 111- عمر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن سليمان1: أبو بكر بن سليمان المصري. سمع من: جدِّه علّان، وأبي عبد الرحمن النسائي. حرف الفاء: 112- الفضل بن جعفر بن محمد2 بن أبي عاصم: التميمي الدمشقي المؤذّن الطّرائفي، أبو القاسم. كان عبدًا صالحًا. سمع نسخة أبي مسهر بن عبد الرحمن بن القاسم الرّواس، وسمع من: جماهر بن محمد، وإبراهيم بن دُحَيْم، وإسحاق بن محمد الخُزاعي، وأبي شَيْبَة داود بن إبراهيم، وسعيد بن هاشم الطَّبَراني، وعبد الله بن أحمد بن الحَوَاري، وجماعة كبيرة. روى عنه: تمَّام، والحافظ عبد الغني بن سعيد، ومكّي بن الغَمْر، ومحمد بن عَوْف المُزَني، وأحمد بن الحسن الطيَّان، وصالح بن أحمد بن المنايجي، وأبو أسامة

_ 1 في عداد المستورين. 2 انظر العبر "2/ 366"، وسير أعلام النبلاء "16/ 338".

محمد بن أحمد الهَرَوِي، وأبو علي الحسن بن شواش، ومحمد بن يحيى بن سلوان، وخلق سواهم، وكان أسْنَدَ من بقي. قال أبو محمد الكَتّاني: كان ثقةً نبيلًا، ثنا عنه عدة. حرف القاف: 113- قَيْس بن طلحة بن مازن1 الفارسي الكاتب: سمع بشيراز من: محمد بن جعفر صاحب أبي كريب. وروى عنه الحاكم في تاريخه. حرف الميم: 114- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد2 بن عُبَيْد بن الوشّاء: أبو عبد الله المصري الفقيه المالكي. أخذ عن: أبي شعبان، والطبري. أخذ عنه: أبو محمد الشنتجاني، وأبو عمران الفاسي، وأبو محمد بن غالب السْبتي. ورحل النّاس إليه، وكان شديد المباينة لبني عُبَيْد أصحاب مصر. 115- محمد بن أحمد بن إبراهيم3 بن أبي بُرْدَة: البغدادي الفقيه، أبو الطّيّب الشافعي. سمع: أبا القاسم البَغَوِي، وأبا بكر بن أبي داود، وابن مجاهد، وتفقَّه على أبي سعيد الأصْطَخْري، وأبي إسحاق المَرْوَزي. قال ابن الفَرَضِي: قال لي: إنّه حجّ سنة أربعٍ وعشرين، قال: وقدِمْتُ مصرَ فلقيت بها أصحابَ المُزَني، والرّبيع، والمرادي، ولقد صَغُرُوا في عيّني، لمَا كنتُ أعرفه من رجال بغداد.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لا بأس به. 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 114"، والوافي بالوفيات "2/ 51".

قدِم أبو الطّيب قُرْطُبَة فأكرمه المستنصر بالله ورَزَقَه، وكان من أعلم النّاس بمذهب الشّافعي، ولم يقدَّم علينا مثله، ولم تكن له كتب، ذهبت مع ماله، وكان يُنْسَب إلى الاعتزال، وبلغ ذلك السلطانَ فأخرجه من البلد في رجب سنة ثلاث وسبعين، وتوفِّي بتاهَرْت في ذلك العام. وكان مولده في حدود الثلاثمائة. 116- محمد بن أحمد بن جعفر1: أبو بكر الأزدي المؤدّب الهَرَوي. تُوُفّي بها. سمع من ابن خُزَيْمَة، وطبقته. وعنه: الحاكم. وكان مجاهدًا متعبَّدًا خيَّرًا. 117- محمد بن أحمد بن إبراهيم البلْخي2: أبو عبد الله. وُلِد بمكة، وقرأ على: محمد بن هارون صاحب اليَزَني، وسمع العُقَيْلي، والدَّيْبلي. قرأ عليه: عبد الباقي بن الحسن، وكان حيًّا في هذا العام. 118- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد3: من ذرّيّة أبي حفص البُخَاري الكبير، أبو عبد الله رئيس المطّوّعة ببُخاري. سمع: أباه، وجماعة، ومات ببُخاري في ربيع الأوّل. استملى عليه الحاكم. 119- محمد بن أحمد4: أبو عبد الله الإلْبيري بن الترّاس الزّاهد. روى عن محمد بن فطيس، وغيره.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لا بأس به. 3 في عداد المجهولين. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 85".

120- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن1 بْن معاوية: أبو عبد الله القُرَشي القُرْطُبي اللُّغوي المعروف بالمصنوع، تلميذ أبي علي القالي. سمع: من علي بن قاسم بن أصبغ وجماعة. وكان موصوفًا بالضَّبْط وحُسْن النَّقل. 121- محمد بن الحسن بن سليمان بن النَّضْر الهَرَوِي السّمْسار: تُوُفّي في ذي الحجّة. 122- محمد بن الحسن: أبو سعيد المُلْقاباذي2. سمع ابن خُزَيْمَة، والسّرّاج، وجماعة. وعنه الحاكم. 123- محمد بن حَيَّوَيْهِ بن المؤمّل3 بن أبي روضة: أبو بكر الكرجي النَّحْوي، نزيل هَمَذَان. روى عن أُسَيْد بن عاصم بن الأصبهاني، وإبراهيم بن نصر الرازي، وإسحاق بن إبراهيم الدَّبَري، وإبراهيم بن دِيزِيل، ومحمد بن المغيرة السُّكَّري، ومحمد بن صالح بن علي الأشجّ، وأبي مسلم الكَجّي، وجماعة من الكبار الذين انقرض أصحابهم من قبل الخمسين وثلاثمائة. روى عنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ، وأبو نصر محمد بن يحيى بن بُنْدَار، وأبو طاهر بن سَلَمة، وعمر بن معروف الهَمَذَانيّون، وأبو عبد الله الحسين بن محمد الفلاكي. سأله الصَّيْقليْ عن سنِّه، فذكر أنَّ له مائة واثنتي عشرة سنة. وقال الخطيب: كان غير موثوق عندهم، وورَّخ وفاته شِيروَيْه في طبقات الهمذانّيين. 124- محمد بن محمد بن شاذة4: أحد أئمة الشافعية.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 85". 2 انظر معجم البلدان "5/ 193". 3 انظر تاريخ بغداد "5/ 233"، وميزان الاعتدال "3/ 532"، وسير أعلام النبلاء "16/ 330". 4 في عداد المجهولين.

125- مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم1: أبو عثمان الأصبهاني الزّاهد العارف، أحد أئّمة الصُّوفيّة. صحِب الشَّبلي، وسكن بُخَارَى مدّة. 126- محمد بن محمد بن يوسف2 بن مكّي: أبو أحمد الْجُرْجاني. حدَّث بصحيح البخاري عن الفربْرِي ببغداد وغيرها، وروى عن أبي القاسم البَغَوِي، وابن أبي داود، ومحمد بن إسماعيل المَرْوَزي صاحب علي ابن حجر، وتنقَّل في النواحي. وروى عنه: أبو الفضل محمد بن جعفر الخُزاعي، وأبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي المغربي، وأبو نُعَيم الأصبهاني، وأبو بكر بن أبي علي الذّكْوَاني، وأبو الحسن محمد بن علي بن صخر، وإسماعيل بن أحمد بن محمد بن بكران الأهوازي شيخ الخُلَعي. وقال أبو نُعَيم: تكلّموا فيه وضعَّفوه، وسمعت منه البخاري. وقال محمد بن الحسين الأهوازي: أنشدنا أبو أحمد محمد بن محمد بن مكي الْجُرْجاني القاضي لنفسه: إذا المَرْءُ يُحْسِن مع النّاس عِشْرَةً ... وكان بِجَهْل منه بالمالِ مُعْجَبَا ولم تَرَهُ يَقْضي الحُقُوقَ فإنَّهُ ... حَقِيقُ بأن يقلى وأن يتجنبا توفِّي في سنة ثلاث أو أربع وسبعين وثلاثمائة. قاله علي بن محمد بن عبد الله الْجُرْجاني في تاريخها. 127- محمد بن مهدي بن أحمد3 بن عبد الرحيم: أبو بكر الأيادي الهَرَوِي. توفِّي في جُمادى الأولى. 128- محمد بن يونس بن أحمد4 المصري النقاش: يروى عن بنان الجمال.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر تاريخ جرجان "427". 3 في عداد المجهولين. 4 انظر السابق.

حرف الهاء: 129- هارون بن عيسى بن المّطلب1: أبو موسى الهاشمي. سمع: البَغَوِي، وأبن أبي داود. وعنه: بشري الفاتني، والأزجي، ومحمد بن بكير بن عمر. حرف الياء: 130- يَلْتَكين2 التُرْكي مولى هفتكين: هذا هفتكين أمير دمشق لوزير مصر يعقوب بن كلّس. وعَظُم قدرُه إلى أن جُرّد إلى الشّام في جيشٍ، ووُلّي إمرة دمشق لبني عُبَيْد في آخر سنة اثنتين وسبعين. وكان مدبّر جيشه مُنَشّا اليهودي. وكانت دمشق إذْ ذاك مفتتنة بقَسّام المتغلّب عليها، وبها جيش ابن صمصام بعد موت عمِّه أبي محمود الكُتامي، فلم يزل بلتكين يقاتل أهل البلد ويقاتلونه، حتى تفرّق عن قَسّام جُموعُهُ، وضَعُفَ أمرُهُ واختفى، وتسلّم يَلْتَكين البلد، ثم جاءه المرسوم بتسليم البلد إلى بَكْجُور أمير حمص، وأنْ يرجع لاحتياج الوقت، وذلك في سنة ثلاثٍ وسبعين. وفيَّات سنة أربع سبعين وثلاثمائة: حرف الألف: 131- أحمد بْن جَعْفَر بْن أحمد3 بن مدرك: أبو عمرو الْجُرْجاني بن الكَوْسَج الفقيه الحنفي. سمع: عمران بن موسى بن مجاشع، وأحمد بن محمد بن عبد الكريم الوزّان. روى عنه: حمزة السَّهمْي وغيره. توفِّي في هذه السّنة ظنًّا من علي بن محمد المؤرخ.

_ 1 لا بأس به، في عداد المستورين. 2 انظر الكامل في التاريخ "9/ 17". 3 انظر تاريخ جرجان "102".

132- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد1 بْن إبراهيم الأصبهاني العسّال: أبو جعفر المعدّل. يروي عن: عبد الله بن محمد بن عبد الكريم الرّازي، ومحمد بن حمزة بن عمارة. وعنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر بن أبي علي المعدّل. توفِّي بأصبهان. 133- أحمد بن محمد بن هارون الأسواني2: أبو جعفر المالكي، الفقيه. توفِّي في ربيع الأوّل سنة سبعٍ وسبعين. 134- أحمد بن محمد بن الحُباب بن بشّار3: أبو الحسن البزّاز الهَرَوِي. روى عن أبي بكر بن أبي داود. 135- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه4 بْن حامد الصّائغ: سمع: السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، والبَغَوِي، وطبقتهم. وحدَّث ببُخارى، ومات بها. روى عنه الحاكم وغيره. 136- أحمد بن محمد بن أبي بكر5 الطَّرَسُوسي: شيخ الحرم. وَرِع زاهدٌ كبير الشّأن. صحِب إبراهيم بن شَيْبَان، وإليه ينتمي. ورَّخه أبو عبد الرحمن السُّلَمي. 137- إبراهيم بن أحمد بن جعفر6 بن موسى: أبو إسحاق البغدادي الخِرَقي المقرئ.

_ 1 انظر ذكر أخبار أصبهان "1/ 157". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر السابق. 4 لا بأس به. 5 انظر طبقات الصوفية "109". 6 انظر تاريخ بغداد "6/ 17"، والمنتظم "7/ 124".

سمع من: جعفر بن محمد الفِرْيابي، والهيثم بن خَلَف الدُّوري، وأبي مَعْشَر الدّارمي. وعنه: أبو القاسم التَّنُوخيّ، والحسن بن محمد علي الْجَوْهَري. قال الخطيب: كان ثقةً صالحًا. قلت: وقرأ على عليّ بن سُلَيْم صاحب الدُّوري، وتصدَّر فأخذ عنه أبو العلاء الواسطي، ومحمد بن الحسين الكارزيني، وعلي بن طَلْحَة. 138- إبراهيم بن لقمان1: أبو إسحاق النَّسَفي. ثقة يروي عن: محمد بن عَقِيل البلْخي. وعنه: جعفر بن محمد المُسْتَغفِري ووثَّقه. قال: وتوفي في شعبان. 139- إسحاق بن سعد بن الحَسَن2 بن سُفيان بن عامر الشَّيْبَاني الفَسَوي: أبو يعقوب. سمع من: جدّه، وعبد الله بن محمد بن سيّار الفَرْهَادَاني، وعبد الله بن شِيرَوَيْه النَّيْسَابُوري، ومحمد بن المجدّر، ومحمد بن محمد الباغَنْديّ، وعبد الله بن محمد البَغَوِي. وعنه: أبو عبد الله الحاكم، وعبد الوهاب بن برهان الغَزّال، وأحمد بن محمد العَتِيقي، وإبراهيم بن عمر البَرْمكي، وأبو القاسم التُنوخي، وقال: هو ثقة. توفِّي بنَسَا، وكان مولده سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين، وحدَّث ببغداد. 140- أيّوب بن عبد المؤمن بن يزيد3: أبو القاسم بن أبي سعد الطُّرطُوشي. سمع محمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بن أصبغ، وحجَّ فسمع أبا سعيد بن الأعرابي. وكان فقيهًا شروطيًّا عاش خمسًا وستين سنة.

_ 1 وثَّقه الذهبي. 2 انظر تاريخ بغداد "6/ 401"، والمنتظم "7/ 124"، والعبر "2/ 367". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 87".

حرف التاء: 141- تميم بن المُعِزّ بن المنصور1 بن المهدي العُبَيْدي: أبو علي، وإلى والده تُنْسَب القاهرة المُعِزّيّة. كان تميم أميرًا شاعرًا ظريفًا لطيفًا، وهو أخو العزيز، ومن شعره: أَمَا وَالذي لا يَمْلِكُ الأمر غيرُهُ ... ومَن هُو بالسرِّ المكتَّم أعْلَمُ لَئِن كان كُتْماني المُصِيبَة مُؤْلِمًا ... لإِعْلانُها عِندي أَشَدُّ وآلَمُ وبي كلّما تبكي العيونُ أقَلُّه ... وإنْ كُنْتُ منه دائمًا أتبسَّم وله: ما بان عُذْرِي فيه حتّى عَذرَا ... ومَشَى الدّجَى في خدّه فتحيَّرا همَّت بقبلته عقاربُ صُدْغِهِ ... فاستلَّ ناظِرُهُ عليها خَنْجَرا والله لَوْلا أنْ يُقَالَ تَغَيّرا ... وصَبَا وإنْ كان التَّصَابي أَجْدَرَا لأَعدْتُ تُفّاحَ الخُدود بنفْسَجًا ... لَثْمًا وكافور الترائب عنبرا حرف الجيم: 142- جعفر بن محمد بن مكّيّ2: أبو العبّاس البُخاري. يروي عن: محمد بن المنذر شكر، ومحمد بن يوسف الفَرَبْرِي. روى عنه: محمد بن أحمد غُنْجَار، وأبو بكر عبد الله بن أحمد القفَّال المَرْوَزي، وعبد الله بن أحمد المنذوراني. ومات في رمضان. حرف الحاء: 143- حَباشة بن حسن3: أبو محمد اليَحْصُبِيّ القَيْرَوَاني.

_ 1 انظر وفيات الأعيان "1/ 301"، والوافي بالوفيات "10/ 411". 2 لا بأس به. 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 128".

سمع من: زياد بن عبد الرحمن بن زياد، وإبراهيم بن عبد الله الزُّبَيْديّ، وسمع بالأندلس من محمد بن معاوية القُرَشي. وحجَّ ورابَط بثغور الأندلس، وجاهد وتعبَّد، وكان فقيهًا عالمًا. توفِّي في جمادى الآخرة. 144- الحسن بن حجّاج بن غالب1: أبو علي الطَّبَراني الزّيّات، نزيل أنطاكية. رحل وسمع من: أبي عبد الرحمن النّسَائي، وأبي طاهر بن فيل البالِسِي، وجماعة. روى عنه: عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وتمَّام الرّازي، وقال: قَدِمَ علينا سنة أربعٍ وسبعين، وكأنَّ هذا غلط وتصحيف، ولعله سنة أربع وأربعين. 145- الحسين بن محمد بن الحسين2: أبو يَعْلَى القُرَشي الزُّبَيْري النَّيْسَابُوري. سمع السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، وطبقتهما. وعنه: الحاكم، وغيره. حرف الخاء: 146- الخضر بن أحمد بن الخضر3 القِزْويني الحافظ: سمع: محمد بن يونس بن هارون، والحسن بن علي القرطبي، وعبد الرحمن ابن أبي حاتم، وخلقًا. وعنه: الجليلي، وقال: كتبت بيدي في ستة آلاف جزء. 147- خَلَفُ بْن محمد بْن خَلَف4: أبو القاسم الخولاني القرطبي المكتب.

_ 1 انظر تهذيب ابن عساكر "4/ 162، 163". 2 لا بأس به. 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 136".

سمع: أسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد، وجماعة، وحجَّ فسمع: أبا سعيد بن الأعرابي، وبالإسكندرية من ابن أبي مطر الإسكندراني، وبالقَيْرَوان محمد بن محمد بن اللّبّاد. وكان مؤدبًا عسرًا في التسميع، صعب الأخلاق. روى عنه ابن الفَرَضي، وتوفِّي في ربيع الأول. حرف الشين: 148- شِبْل بن محمد بن حسين1: أبو القاسم البغدادي المؤدَّب، نزيل مصر. سمع: أبا يعقوب إسحاق المنجنيقي، وعاش اثنتين وسبعين سنة. حرف العين: 149- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن ماهبرذ2: الأصبهاني المعروف بالظّريف. نزل بغداد، وحدَّث عن محمد بن محمد الباغندي، وأبو القاسم البَغَوِي، وجماعة. روى عنه: البَرْقَانِيّ، وعلي بن المحسن التنوخي. قال البرقاني: صدوق، وكان معمّرًا. قال: صمت ثمانية وثمانين رمضان، وسمعت بالبصرة من أبي خليفة، وضاع سماعي منه. 150- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه3: التمار البغدادي، يُعْرَف بَبرْغُوث. روى عن: أبي القاسم البَغَوِي، وغيره. وعنه: أبو محمد الخلَّال، وأبو القاسم التنوخي، وغيرهما. حدَّث في هذه السنة.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ بغداد "9/ 392". 3 انظر تاريخ بغداد "9/ 393".

151- عبد الله بن محمد بن مَنْدَوَيه1 بن حَجّاج الأصبهاني: أبو محمد الشُّرُوطيّ. سمع: إبراهيم بن محمد بن مَتُّوَيْه، وعبد الله بن محمد بن عِمران، وجماعة ببلد الرّيّ. وكان كثير الحديث، ثقةً فَهْمًا. توفِّي في شوّال. وروى عنه: أبو نُعَيم. 152- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ2 بن زَرّ -بفتح الزاي: الحواري نزيل بُخارَى. روى الكثير عن: آدم بن موسى، وأحمد بن جعفر بن نصر الجمال. وعنه: محمد بن أحمد غُنْجار، وجعفر بن محمد السّفري، وغيرهما. توفِّي في صفر ببُخَارَى. 153- عبد الله بن محمد بن فَضْلوَيْه3 الصّوفي المعلْم: من بقايا شيوخ نَيْسَابُور. صحِب أبا علي محمد بن عبد الوهاب الثّقفي، وعبد الله بن مُبَارك. 154- عبد الله بن موسى بن إسحاق4 الهاشمي البغدادي: أبو العبّاس. سمع: حامد بن شعيب، ومحمد بن جرير الطّبَري، والحسن بن الطّيّب البلْخي، وخلقًا سواهم. وعنه: أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو محمد الخلال، وأبو القاسم التَّنُوخي، والحسن بن علي الجوهري.

_ 1 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 95". 2 لا بأس به، في عداد المستورين. 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ بغداد "10/ 150"، والمنتظم "7/ 124".

وثَّقه العتيقي وغيره. وقال ابن أبي الفوارس: فيه تَسَاهُلُ. 155- عبد الله بن موسى بن كريد1: أبو الحسن السّلامي. حدَّث عن يحيى بن صاعد، وغيره بخُرَاسان وسَمَرْقَنْد. وفي حديثه مَنَاكير وعجائب، وكتب عمَّن دبَّ ودَرَج. وكان أديبًا شاعرًا، ورَّخ موتَه الإدريسي وغُنْجَار. فقال الخطيب: هو عبد الله بن موسى بن الحسن، وقيل: الحسين بن إبراهيم بن كريد السّلامي. قال غُنْجار: روى عن محمد بن هارون الحَضْرَميّ، وَنفْطَوَيْه النَّحْوِي، ومحمد بن مَخْلَد. قال الخطيب: حدَّث في روايا غرائب ومناكير وعجائب. قال الحاكم: كان من الرحَّالة في طلب الحديث. توفِّي في سنة ست وستين وثلاثمائة. قلت: الصواب ما رواه إلى السّاعة. قال الإدريسي: كان أبو الحسن السّلامي أديبًا شاعرًا، جيّد الشَّعْر، أمير الحفظ للحكايات والنوارد، صنَّف كُتُبًا كثيرة في التواريخ والنّوادر، وقَدِمَ علينا سَمَرْقَنْدَ وأقام ببُخَارَى إلى أن مات. صحيح السّماع. 156- عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر2: القاضي أبو القاسم الأصبهاني. روى عن: محمد بن حمدون بن خالد النَّيْسَابُوري، وعلي بن عَبْدان. وعنه: أبو نُعَيم وغيره. 157- عبد الرحمن بن محمد بن حَسَكا3: أبو سعيد الحاكم الحنفي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 148، 149". 2 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ "121". 3 انظر معجم البلدان "3/ 891"، واللباب "2/ 214"، والعبر "2/ 367".

سكن نَيْسَابُور مدّةً، ثم دخل بُخَارَى، وولي قضاء التّرْمذ، ولم يكن في أصحاب الرأي أَسْنَدَ منه. سمع: أبا يَعْلَى بالمَوْصِل، وحامد بن شُعَيب، ومحمد بن صالح بن ذَرِيح ببغداد. وتوفِّي في شعبان، وله اثنتان وتسعون سنة. رَوَى عَنْهُ الحاكم. 158- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل1 بن نُبَاته: الخطيب المشهور، أبو يحيى، صاحب ديوان الخُطَب. كان من أهل مَيَّافَارِقين، ووُلّي خطابة حلب لسيف الدّولة، وبها اجتمع بالمتنبّي. وكان خطيبًا بليغًا مفوَّهًا بديع المعاني رائق الخُطَب، رُزِق السعادة في خُطَبِهِ، وكان رجلًا صالحًا، رأى النبي -صلى الله عليه وسلم، فاستيقظ وعلى وجهه نور لم يكن قبل ذلك، وعاش بعد ذلك ثمانية عشر يومًا، وذكر أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَفَل في فيه، فبقي تلك الأيام لا يستطعم فيها طعامًا، ولا يشرب شرابًا من أجل تلك التَفْلَة. وذكر ابن الأزرق مولده في سنة خمسٍ وثلاثين، وأنَّه تُوُفّي سنة أربعٍ وسبعين. قلت: فعُمْرُهُ تسعٌ وثلاثون سنة، وتوفِّي بمَيّافَارِقين، وفي ولايته خَطَابَة حلب أيّام سيّف الدولة نَظَرُ، وقد غلطوا في مولده، نعم غلطوا في مولده، فإنّه ابتدأ سالف خطبه في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وهو خطيب. 159- عبد العزيز بن إسماعيل2: أبو القاسم الصَّيْدَلاني المصري الشافعي. روى عن الأشعث محمد بن محمد الكوفي. 160- عبد الغني بن محمد بن موسى3 بن محمد المصري البزّاز: يروي عن الجندي.

_ 1 انظر وفيَّات الأعيان "3/ 156"، وشذرات الذهب "3/ 83"، وسير أعلام النبلاء "16/ 321". 2 في عداد المجهولين. 3 في عداد المجهولين.

161- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان1: أبو الحسين الأصبهاني العصفري. توفِّي فِي ذي القعدة. 162- عليّ بْن مُحَمَّد بن الفتح2 بن أبي الغصب: الشّاعر البغدادي البَلْخي، أبو الحسن، مولى المتوكّل على الله. روى عن: أحمد بن أبي عَوْف البُزورِي، ومحمد بن محمد الباغَنْدي. وعنه: أبو القاسم التنُوخي، وأبو محمد الحسن بن علي الْجَوْهَري. وثَّقه الخطيب. حدَّث في هذا العام ولم تُحْفَظْ وفاتُهُ. 13- علي بن النَّعْمان بن محمد3 بن منصور: المصري ثم البصْري، قاضي ديار مصر. وُلّي القضاء بعد أبيه، واستناب أخاه محمدًا، وكان متفنِّنًا في عدّة علوم، شاعرًا مجوّدًا يكنَّى أبا الحسن. ومن شعره: وليِ صديقٌ ما مسني عُدْمٌ ... مُذْ وقَعَتْ عينُه على عَدَمِي أغْنَى وأَقْنَى وما يكلّفني ... تَقْبِيل كَفٍّ له ولا قدم قام بأمر لمّا قعدتُ به ... ونمتُ عن حاجتي ولم يَنَمِ توفِّي في رجب، وهو كهل. وقال ابن زولاق: ولي القضاء سنة ستٍّ وستّين، وكانت أيّامه تسع سنين وخمسة أشهر، ومولده في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، ولي بعد القاضي أبي الطّاهر الذُّهْلي، وقد روى عن أبيه تصانيفه.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "12/ 87". 2 في عداد الثقات. 3 انظر العبر "2/ 367"، وحسن المحاضرة "11/ 561"، وسير أعلام النبلاء "16/ 367".

164- عمر بن جعفر المصري1 الخيّاش: أبو جعفر. روى عن: محمد بن الباهلي. 165- عمر بن محمد بن عبد الصمد2: أبو محمد البغدادي المقرئ، أحد الصالحين. سمع البَغَوِي، والحسين بن عَوْن. وعنه: عبد العزيز الأزجي، وابن بكير، والْجَوْهَري، وغيرهم. 166- عمر بن محمد بن سيف3: أبو القاسم الكاتب، بغداديّ نزل البصرة، وحدَّث عن: الحسن الطّيّب البلْخي، وحامد بن شعيب البلْخي، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، وابن أبي داود. وعنه: محمد بن عبد العزيز بن رزمة، وجماعة من أهل البصرة، وأبو الحسن بن صخر. 167- عيسى بن محمد بن إبراهيم4: أبو حَيَّوَيْهِ، أبو الأصبغ الكِنَاني القُرْطُبي. سمع: محمد بن عبد الملك بن أيمن، وغيره. ولم يكن أهْلًا أن يُؤْخَذ عنه؛ لمداخلته أهل الدنيا. وكان أديبًا شاعرًا. 168- الفضل بن سَهْل الأصبهاني5 الواعظ: روى عن: الحسن الوراك، وعبد الله بن أخي أبي زُرْعَة. وعنه: أبو نُعَيم، والقاسم بن علي بن معاوية بن الوليد، وأبو محمد البصْري. توفِّي في ربيع الآخر.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 259". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 259". 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 335". 5 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 157".

169- القاسم بن علي بن معاوية بن الوليد: أبو محمد المصريّ. توفِّي في ربيع الآخر. حرف الميم: 170- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن بالويه1: أبو علي النَّيْسَابُوري المعدّل. سمع: عبد الله بن شِيرَوَيْه بنيسابور، وأبا القاسم البغوي وطبقته ببغداد. وعنه: الحاكم أبو عبد الله وقال: هو من أجلَّاء الشُّهُود. توفِّي في سَلْخ شوّال، وله أربعٌ وتسعون، وكان يذكر مجالس محمد بن إبراهيم التنُوخي، وهو والد عبد الرحمن. - أمَّا محمد بن أحمد بن بالويه2 النَّيْسَابُوري الذي يروي عنه الكديمي فقديم. توفِّي سنة أربعين وثلاثمائة. 171- محمد بن أحمد بن عمران3: أبو بكر الْجُشَمي البغدادي المطرّز. سمع: محمد بن منصور الشّيعي، وإسماعيل الورّاق، وأبا الدّحْداح الدمشقي. وعنه: أبو القاسم عُبَيْد الأزهري، وعلي بن المحسّن التنوخي. حدَّث فِي هذه السَّنَة، ولم تُحْفَظْ وفاتُه. 172- مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد بن عبدان4: أبو الفرج الأسدي الصّفّار. بغداديّ سمع من محمد بن محمد الباغَنْدي، وأبا بكر بن أبي داود. وعنه: أبو القاسم التنُوخي، ووثَّقه العتيقي. 173- محمد بن أحمد بن يحيى5: أبو علي البغدادي العطشي البزاز.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "1/ 282"، والمنتظم "7/ 124". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر تاريخ بغداد "1/ 328". 4 انظر تاريخ بغداد "1/ 344"، والمنتظم "7/ 124، 125". 5 انظر تاريخ بغداد "1/ 379"، والمنتظم "7/ 125".

سمع: أبا علي بالمَوْصِل، وجعفر بن محمد الفِرْيابي، والباغَنْدِي، ومحمد بن صالح بن ذَرِيح. وعنه: محمد بن عبد الواحد أبو رَزْمَه، والحسن بن محمد الخلال، والحسن بن علي الْجَوْهَري. ووثَّقه الخطيب. 174- محمد بن جعفر بن سليمان البغدادي1: أبو الفرج صاحب المُصَلَّى. سمع من الهيثم بن خالد، وعبد الله بن إسحاق المدائني، وأبي الحسن بن الطّيّب، وأبي عروبة الحراني، ومكحول البيروتي، وأحمد بن عمير بن جَوْصًا. وعنه: أبو الحسن بن الطّيّب علي بن أحمد النُّعيمي، وأبو القاسم التنُوخي أحاديث على ضَعْف حاله جدًّا. ضعَّفه حمزة السَّهْمي. ومولده سنة ستٍّ وتسعين ومائتين، ومات بالبصْرة. 175- محمد بن الحسن بن محمد بن بُرْدخرشاذ2: أبو عبد الله الرازي السَّرَوِي. حدَّث ببغداد عن أبي نُعَيم عبد الملك بن عَدِيّ، وابن أبي حاتم. وعنه: ابن رَزْقَوَيْه، وأبو بكر البَرْقَانِيّ، والحسن بن محمد الخلال، ووثَّقه البَرْقَانِيّ. توفِّي فِي ذي القعدة. 176- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بن أحمد3 بن عبد الله بن بريدة الأَزْدي: أبو الفتح المَوْصِلي الحافظ، نزيل بغداد. حدَّث عن: أبي يَعْلَى، ومحمد بن جرير الطَبري، وأحمد بن الحسن الصُّوفي،

_ 1 انظر تاريخ بغداد "2/ 145- 156"، والمنتظم "7/ 125". 2 انظر تاريخ بغداد "2/ 211". 3 انظر تاريخ بغداد "2/ 243"، والمنتظم "7/ 125"، وسير أعلام النبلاء "16/ 347".

ومحمد بن محمد الباغَنْدي، وأبي عَرُوبة الحَرّاني، والهَيْثَم بن خَلَف الدَّوري. وعنه: إبراهيم بن عمر البرمكي، وأبو نُعَيم، وأحمد بن الفتح بن فرحان، وطائفة سواهم. قال الخطيب: كان حافظًا، صنَّف في علوم الحديث، وسألت البَرْقَانِيّ عنه فضعَّفه، وحدَّثني أبو النَّجيب عبد الغفّار الأموي قال: رأيت أهلَ المَوْصِل يوهِّنونه ولا يعدُّونه شيئًا. 177- محمد بن سليمان بن يوسف بن يعقوب1: أبو بكر الرّبعي الدّمشقي البُنْدار. سمع أحمد بن عامر بن المعمَّر، وجُماهر بن محمد، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وحاجب بن أَرْكين، ومحمد بن الفَيْض، ومحمد بن تمَّام البهراني، وخلقًا من الشاميّين. روى عنه: تمَّام الرّازي، وأبو سعد الماليني، والمسدّد بن علي الأملوكي، والحافظ عبد الغني، ومحمد بن عبد السّلام بن سعدان. قال عبد العزيز الكتّاني: ثنا عنه جماعة، وكان ثقة. توفِّي في ذي الحجة. قلت: أنبا بحر من حديث ابن الفرّاء وغيره، أنا ابن أبي لقمة، أنا الخضر بن عَبْدان، أنا أبو القاسم المَصَّيصي، أنا ابن سَعْدَان عنه. 178- محمد بن عبد الله بن أبي شَيْبَة2: أبو القاسم الإشبيلي الفقيه. يروي عن عمِّه علي بن أبي شَيْبَة. وتوفِّي في أحد الرّبيعَيْن. 179- محمد بن محمد بن3 فتح بن نصر: أبو عبد الأندلسي الأستجي.

_ 1 انظر العبر "2/ 368"، وسير أعلام النبلاء "16/ 339"، وشذرات الذهب "3/ 84". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 85، 86". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 85".

روى عن: قاسم بن أصبغ، وأحمد بن عبادة، ومحمد بن عبد الله بن أبي دُلَيْم. قال ابن الفَرَضي: كان حافظًا للفقه، ثقةً صالحًا، لقيته بأستجة، وكتبت عنه. 180- محمد بن محمد بن يوسف بن مكي الجرجاني: أبو أحمد. قيل: توفِّي فيها. 181- محمد بن هشام: أبو عبد الله الإشبيلي. سمع بقُرْطُبَة من: عمر بن حفص بن غالب، وأَبَان بن محمد، وأحمد بن خالد، وجماعة. وكان فَهْمًا حافظًا للرأي والشُرُوط. أخذ عنه ابن الفَرَضي، وتوفِّي في شوّال. 182- محمد بن وازع1 بن محمد القُرْطُبي الضَّرير: حجَّ وأدرك بالبصْرة إبراهيم بن علي الهجيمي فأخذ عنه، وعن القاضي أبي بكر الأَبهَري. روى عنه: عبد الله بن الفرضي. حرف الهاء: 183- هارون بن بنج2 بن عثمان: أبو موسى الخَوْلاني الأندلُسي الأسْتجي. روى عن: أحمد بن خالد، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بن أصبغ، وأحمد بن زياد، وجماعة. وكان مُعْتَنيا بالآثار، مُشاركًا في الفقه، ثقةً صالحًا. قاله ابن الفَرَضِي وحدَّث عنه. توفِّي في جمادى الأولى.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 86". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 170".

وفيَّات سنة خمس وسبعين وثلاثمائة: حرف الألف: 184- أحمد بْن الْحُسَيْن بْن عليّ1 بْن إِبْرَاهِيم بْن الحَكَم: أبو زُرَعة الرّازي الحافظ الصّغير. سمع الحسين بن إسماعيل المَحاملي، ومحمد بن مَخْلَد ببغداد، وأبا حامد بن بلال، وأبا العباس الأصم بنيسابور، وابن أبي حاتم بالرّيّ، وعلي بن أحمد الفارسي ببَلْخ، وأبا الفوارس الصابوني بمصر، وأبا الحسين الرزاي والد تمَّام بدمشق. وعنه: تمَّام الرّازي، والحسين بن محمد الفلاقي، والحافظ عبد الغني بن سعيد، وحمزة بن يوسف، وأبو الفضل محمد بن الجارودي، وأبو زُرْعَة رَوْح بن محمد، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو القاسم علي بن المحسّن التَّنُوخيّ، وآخرون. وأقدم شيخ له عبد الرحمن بن أبي حاتم. وقال الخطيب: كان حافظًا مُتْقِنًا ثقةً، جمع الأبواب والتراجم. وقال ابن المحسّن: سألته عن مولده فقال: خرجت أوّل مرّة إلى العراق سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، ولي أربع عشرة سنة. توفِّي بطريق مكّة سنة خمسٍ وسبعين. وقد سأله حمزة عن الرجال، وله مصنَّفات كثيرة يروي فيها المناكير كغيره. - فأمَّا أبو زُرْعَة محمد بن يوسف الكشي2، فسيأتي سنة تسع، حافظ. 185- أحمد بن سعيد بن أحمد3 بن محمد بن معدان: أبو العبّاس الأَزْدي الفقيه. سمع: عبد الله بن محمود السَّعْدي، ومحمد بن محمد الباغَنْدي ومحمد بن إسحاق بن خُزَيْمَة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "4/ 109"، وشذرات الذهب "3/ 84". 2 ستأتي ترجمته. 3 انظر الأنساب "356أ"، والأعلام "1/ 126"، ومعجم المؤلفين "2/ 234".

وعنه: أبو غانم الكراعي المرادي. توفِّي في رمضان، وهو مَرُوزيّ. 186- أحمد بن عبد الله الهمذاني1: الورَّاق المعروف بالأشقر. روى عن: محمد بن إبراهيم بن زياد الطّيالسي، ومحمد بن صالح الطّبري. وعنه: محمد بن عيسى، وابن روزبة الحمدانيّان. 178- أحمد بن محمد بن جعفر2 بن نوح: أبو الحسن النَّيْسَابُوري البَحِيرِي. سمع: أحمد بن إبراهيم بن أحمد، وأبا العبّاس السّرّاج، وأبا بكر بن خُزَيْمَة، وببغداد محمد بن محمد الباغنْدِي وطبقته، وعقد المجلس، واشتمل عليه أبو عبد الله الحاكم. وروى عنه: هو، وسِبطه أبو عثمان سعيد بن محمد، وعمر بن أحمد بن مسرور، وجماعة. وقع لنا حديثه بعلوٍّ من رواية الكَنْجَرُوِذِيّ عنه، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو رَوْحٍ زَاهِرٌ، أنا أَبُو سَعْدٍ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَحِيرِيُّ، ثنا محمد بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ يحيى الدِّمَشْقِيِّ، ثنا مَالِكُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلاءِ لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 3. غريب جدًّا، رواه هكذا النّسائي في حديث مالك له، عن زكريّا بن يحيى، عن علي بن مَعْبَد، فوقع لنا عاليا جدًّا. 188- أحمد بن محمد بن إبراهيم4: أبو حامد الزُّوزَني النَّيْسَابُوري الكاتب. سمع: أبا قُرَيْش محمد بن جمعة.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر اللباب "1/ 124"، وسير أعلام النبلاء "16/ 366"، والأنساب "2/ 97، 98". 3 الحديث الصحيح: أخرجه البخاري "10/ 223"، ومسلم "2085"، وأبو داود "4095"، والنسائي "8/ 206". 4 في عداد المجهولين.

ومات بالزُّوزَن. روى عنه: الحاكم. 189- أحمد بن محمد بن فارس1: أبو بكر البزّاز. سمع: عبد الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن محمد الباغَنْدي. وكان صَدْوقًا. روى عنه: أبو محمد الجوهري، وغيره. حرف الحاء: 190- الحسن بن داود المصري المُطَرّز2. يروي عن: ابن عبّاس البصْري الحافظ، وأبي شَيْبَة داود بن إبراهيم. وعنه: محمد بن عبد العزيز الأَبْهَرِي، ويحيى بن علي بن الطّحّان، وأبو بكر البَرْقَانِيّ. انتخب عليه الدَارقُطْنيّ. وعاش تسعين سنة، توفِّي في صفر. 191- الحسن بن علي بن عمرو3 بن غلام الزُّهري الحافظ: أبو محمد البصْري. كان حمزة بن يوسف السَّهْمي يسأله عن الْجَرْح والتَعْدِيل. روى عنه: أبو الحسن بن صخر في أماليه. لم أظفر له بذكر في التَّوارِيخ التي عندي. 192- الحسين بن أحمد بن فهد4: أبو عبد الله الأزْدي المَوْصِلي القاضي.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر المنتظم "7/ 127". 3 انظر تاريخ جرجان "364". 4 انظر تاريخ بغداد "8/ 9".

حدَّث ببغداد عن: أبي يَعْلَى المَوْصِلي. روى عنه: أبو بكر البرقاني، والتنوخي، وأبو محمد الخلَّال، وأحمد بن محمد العقيلي. قال البرقاني: قد كان يوثق. قلت: حدَّث في هذا العام، ولعلَّه مات فيه. 193- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد1 بْن يحيى: أبو أحمد التميمي النَّيْسَابُوري. يقال له حُسَيْنْك، ويعرَف أيضًا بابن منيبه. من بيت حِشْمَة ورئاسة. تربَّى في حجْر ابن خُزَيْمَة، وكان ابن خُزَيْمَة إذا تخلَّف في آخر أيّامه عن مجلس السّلطان بعث بأبي أحمد نائبًا عنه، وكان يقدّمه على أولاده. قال الحاكم: صَحِبتهُ حَضَرًا وسَفَرًا نحو ثلاثين سنة، فما رأيته يترك قيامَ الليل، ويقرأ كل ليلة سَبْعًا، وكانت صدقاته دارَّةً سِترًا وعلانيةً، أخرج مرة عشرة أنفس من الغزاة بآلتهم، لا عن نفسه، ورابط غير مرّة. وأوَّل سماعه سنة خمس وثلاثمائة. سمع من: ابن خريمة، وأبي العبّاس السّرّاج، ورحل سنة تسعٍ، فسمع: عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، وعبد الله بن محمد البَغَوِي، وعبد الله بن زَيْدان البَجَلي، وأبا عَوَانة الإسْفَراييني. وعنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ، والحاكم، وعمر بن أحمد بن مسرور، وأبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكَنْجُروذِي، وجماعة. وقال الخطيب: كان ثقةً حُجَّةً، وتوفِّي في ربيع الآخر، وخرج السّلطان للصّلاة عليه. قال الحاكم: الغالب على سماعاته الصدْقُ، وهو شيخ العرب في بلدنا، ورِثَ الثَّرْوَةً القديمة، وأسلافه جِلّة. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، أَنْبَأَكَ أَبُو رَوْحٍ، أنا زَاهِرٌ، أنا محمد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أنا أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا هدبة، ثنا حماد،

_ 1 انظر تاريخ بغداد "8/ 74"، والمنتظم "7/ 127"، وسير أعلام النبلاء "16/ 407، 409".

عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "وكانت شَجَرَةٌ تَضُرُّ بِالطَّرِيقِ، فَقَطَعَهَا رَجُلٌ، فنحَّاها عَنِ الطَّرِيقِ، فغُفِرَ لَهُ" 1 رواه مسلم. 194- الحسين بن محمد بن عبيد بن أحمد بن مخلد العسكري الدّقّاق: أبو عبد الله. حدَّث عن: محمد بن يحيى المَرْوَزي، وأبي العبّاس بن مسروق، وحمزة بن محمد الكاتب، ومحمد بن عثمان بن أبي شَيْبَة. وعنه: أبو القاسم الأزهري، والحسن بن محمد الخلال، وأبو الفرج عبد الوهاب بن برهان الغَزّال، والحسن بن علي الْجَوْهَري. قال العتيقي: كان ثقة أمينًا. وقال ابن أبي الفوارس: كان فيه تَسَاهُلٌ، ومات في شوّال، وهو أخو أبي بكر محمد بن محمد شيخ بشرى الفاتني. حرف السين: 195- سعيد بن محمد الفقيه3: أبو أحمد المطّوّعي، رئيس نَسَا. سمع: أبا حامد بن الشرقي، وجماعة، وتفقَّه ببغداد على: ابن أبي هُرَيْرة. وكان بطلًا شجاعًا، كبير القَدْر، غزير الفضْل. روى عنه: الحاكم، وغيره. حرف الصاد: 196- صالح بن محمد4: أبو طاهر البغدادي المقرئ. روى عن: أبي ذَرّ بن الباغَنْدي، وأبي بكر بن مجاهد.

_ 1 الحديث صحيح: أخرجه مسلم "1914"، والبخاري "2/ 9379، وأبو داود "5245"، والترمذي "1959". 2 انظر تاريخ بغداد "8/ 100"، والمنتظم "7/ 44"، وسير أعلام النبلاء "16/ 317". 4 انظر تاريخ بغداد "9/ 331".

حدَّث عنه: الأزجي عبد العزيز، وأحمد بن محمد العتيقي. حرف العين: 197- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمد1: أبو الحسن الشيباني المعروف بالحوشبي. سمع: أبا بكر بن أبي داود. روى عنه: البَرْقَانِيّ وأبو القاسم التنُوخي. توفِّي في ذي القعدة، وكان ثقة. 198- عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن الْحُسَيْن2: أبو بكر الهمذاني القطان. روى عن: أبي بكر بن زيادة النَّيْسَابُوري، وإسماعيل الوارق، والمحاملي. وعنه: حمد الزجّاج، ومحمد بن عيسى. توفِّي فِي شعبان. 199- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد3 بْن عَبْدُوس: أبو محمد الحربي. سمع: السّرّاج، ومؤمّل بن الحسن، وعدّة. وعنه: الحاكم. 200- عبد الله بن عبد الرحمن4 الزّجالي القُرْطُبي الوزير: أبو بكر. وَزَرَ للمستنصِر، وكان خيّرًا كثير المعروف والفضائل، طويل الصلاة. قال ابن الفَرَضي: إنّ قدميه تَقَطّرا صديدًا من طول قيامه، وكان يَصلحُ للقضاء. توفِّي في جُمادى الأولى، وكان من سادات الوزراء.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 361"، والمنتظم "7/ 128". 2 لا بأس به. 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 238".

201- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ1 بن مِهْران: أبو مسلم البغدادي، الحافظ الثقة العابد. سمع: البَغَوِي، وابن صاعد، وأبا عَرُوبة الحرّاني، وأحمد بن عمير بن جَوْصَا، وأبا حامد بن بلال، وسمع الكثير بخُراسان في حدود الثلاثين وثلاثمائة، ثم دخل بُخارى وسَمَرْقَنْد، فأقام هناك نحو ثلاثين سنة، وسمع المُسْنَد على الرجال. قال الحاكم: دخلت مَرُو وما وراء النّهر فلم نلتق، ولم أكن رأيته. وفي سنة خمس وستين في الموسم طَلَبْتُهُ في القوافل، فأخفى شخصه، فحججت سنة سبعٍ وستين، وعندي أنّه بمكّة، فقالوا: هو ببغداد فاستوحشت من ذلك، وتطلَّبته فلم أَظْفَرْ به، ثم قال لي أبو نصر الملاحمي ببغداد: ههنا شيخ من البدال يشتهي أن تراه، قلت له: بلى، فذهب بي، فأدخلني خان الصّبّاغين، فقال أبو نصر: نجلس في هذا المسجد، فإنّه يجيء، فقعدنا. وأبو نصر لم يخبرني من الشيخ، فأقبل أبو نصر، ومعه شيخ نحيف ضعيف برداء، فأَلقي إليَّ إلهامُ أنّه أبو مسلم، فبينا نحن نحده إذ قلت له: وجد الشيخ ههنا من أقاربه أحدًا؟ قال: الذي أردت لقاءهم قد انقرضوا، فقلت له: هل خَلَّف إبراهيمُ ولدًا، يعني: أخاه إبراهيم الحافظ؟ فقال: ومن أين عرفت أخي إبراهيم؟ فسكتّ، فقال لأبي نصر: من هذا الكهل؟ قال: أبو فلان، فقام إليَّ وقمت إليه، وشكى تشوُّقه وشكوتُ مثله، واشتفينا من المذاكَرَة، والتقينا بعد ذلك مجالسَ، ثم ودَّعته يوم خروجي، فقال: يجمعنا الموسم، فإنّ عليّ أنْ أجاور بمكّة، ثم خرج إلى مكّة سنة ثمانٍ وستّين وجاور بها حتى مات، وكان يَجْتَهِد أنْ لا يظْهر للحديث ولا لغيره. روى عنه: الحاكم، وأبو العلاء الواسطي، وعلي بن محمد الحذّاء، وأحمد بن محمد الكاتب. وقال ابن أبي الفوارس: أبو مسلم بن مهران صنَّف أشياء كثيرة، وكان ثقة زاهدًا، ما رأينا مثله -رحمة الله عليه. 202- عبد العزيز بن جعفر بن محمد2 بن عبد الحميد: أبو القاسم الخِرَقي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 299"، والمنتظم "7/ 128"، وسير أعلام النبلاء "16/ 335". 2 انظر تاريخ بغداد "10/ 462"، والمنتظم "7/ 129".

سمع: أحمد بن الحسن الصوفي، وقاسم بن زكريّا، والهَيْثم بن خَلَف، وعلي بن إسحاق بن زاطيا، ومحمد بن أبي الدَّمَيْك. وعنه: الدَارقُطْنيّ مع جلالته، وأبو بكر البرقاني، وأحمد بن محمد العتيقي. 203- عَبْد العزيز بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ العزيز: أبو القاسم1 الدَّارَكي، الفقيه الإمام. درَّس بنَيْسَابور الفقه مدّة، ثم سكن بغداد، وكانت له حَلَقة للفتوَى. قال الشيخ أبو حامد الإِسُفَراييني: ما رأيت أفْقَهَ من الدارَكي. قلت: وكان أبوه من محدِّثي أصبهان، تفقَّه أبو القاسم على أبي إسحاق المَرْوَزي، وعليه تفقَّه الشيخ أبو حامد وجماعة، وانتهى إليه معرفة مذهب الشافعي، وله وجوهُ في المذهب، منها أنّه قال: لا يجوز السلم في الدقيق. روى عن جده لأمّه الحسن بن محمد الدّارَكي، وربَّما كان يجتهد، فيقال له في ذلك، فيقول: وَيْحَكُم، فُلانُ عن فلانٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكذا وكذا، والأَخْذُ بالحديث أوْلَى من الأخذ بقول الشافعي وأبي حنيفة. دَارَك من أعمال أصبهان. قال الخطيب: ثنا عنه أبو القاسم الأزهري، وعبد العزيز الأزجي، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو القاسم التَّنُوخيّ، وكان ثقة، انتقى عليه الدَارقُطْنيّ. وقال ابن أبي الفوارس: كان يُتَّهم بالإعتزال، وتوفِّي في شوّال، وله بضع وتسعون سنة -رحمه الله. 204- عبد العزيز بن محمد بن يوسف2 بن مسلم الأصبهاني بن حَفْصَوَيْه المؤدّب: يُكَنَّى أبا الحسن. روى عن: محمد بن العباس الأخرم، ومحمد بن نُصَيْر، وأحمد بن الحسن بن عبد الملك، وأحمد بن محمد بن مصقلة.

_ 1 انظر الكامل "9/ 47"، والمنتظم "7/ 129"، والبداية والنهاية "11/ 304"، والعبر "2/ 370". 2 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 126".

وكان فيما قال أبو نُعَيم: يرجع إلى تَعَبُّدٍ وفَضْلٍ كبير. روى عنه: أبو نُعَيم، وأبو بكر بن علي المعدّل. 205- عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد1: أبو القاسم القرميسيني. بغداديّ ثِقَة. سمع: أبا بَكْر بْن أَبِي داود، وأبا ذَرّ بن الباغنْدي، وجماعة. روى عنه: أبو القاسم التنُوخي. 206- عُبَيد اللَّه بْن عليّ بْن عُبَيد اللَّه2 بن داود: أبو القاسم الدَّارَورِدْيِ المصري القاضي، شيخ أهل الظاهر في عصره. سمع: أبا جعفر الطّحَاوي، ومحمد بن يونس الْجِيزي القاضي، وأبا عبد الله المَحَاملي، وأبا العباس بن عُقْدَة، ومحمد بن يوسف القبان الشّيرازي، والحسن بن حبيب الحضايري الدمشقي. وسكن خُراسان، وَوَلِيَ قضاء غير مدينة مثل طُوس وتِرْمِذ. روى عنه الحاكم وقال: كان فقيه الداودية في عصره بخُراسان، وكان موصوفًا بالفضْل وحُسْن العِشْرة، وحفظ الفقه والنوادر. كتب النّاس عنه بانتخابي، وتوفِّي ببُخارى سنة خمس. وقال غيره: توفِّي سنة ست وسبعين في جمادى الأولى. وحدَّثه عنه أبو عبد الله غُنْجار، وجعفر المُسْتَغْفِري. ذكره صاحب "الأنساب". 207- عُبَيْد الله بْن مُحَمَّد3 بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن أحوى بن العوّام بن حَوْشب: أبو الحسين الشَّيْبَانيّ الحَوْشبي البغدادي. سمع: عبد الله بن إسحاق المدائني، والحسين بن عفير، وإسحاق الجلاب، وأبا بكر بن أبي داود.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 493". 2 انظر النجوم الزاهرة "4/ 148". 3 انظر تاريخ بغداد "10/ 361".

وعنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ، وأبو العلاء محمد بن علي، وأبو القاسم التنُوخي. وثَّقه الخطيب، وقال: مات في ذي القعدة. 208- علي بن إسماعيل1 بن عُبَيْد الله الأَنْبَاري: حدَّث ببغداد عن: محمد بن محمد الباغندي، وغيره. وعنه: أبو محمد الْجَوْهَري. سمع منه في هذه السنة، ولم تؤرَّخ وفاتُهُ. قال الخطيب: كان صَدُوقًا. 209- علي بن شَيْبَان البغدادي2 الدَّقّاق المقرئ: دخل الأندلس في هذه السنة، وكان من أصحاب ابن مجاهد، عالمًا بالقرآن. ذكره ابن الفرضي وسمع منه شعرًا. 210- علي بن حمزة3: أبو القاسم البصري المقرئ العلَّامة. له ردود على ابن الأعرابي، والأصْمَعي، وجماعة، ومصنَّفات مفيدة. وكان صديقًا للمتنبّي. توفِّي في رمضان. 211- علي بن إسحاق بن أبي الحسين4 الختلي الواسطي النقيب: عن: ابن داود، والحسن بن محمد بن شعبة، وابن مبشّر الواسطي. وعنه: أبو العلاء الواسطي، وعبد العزيز الأزجي. 212- عمر بن مُحَمَّد بن علي5 بن يحيى بن حفص بن الزّيّات البغدادي الناقد:

_ 1 انظر تاريخ بغداد "11/ 348". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 317". 3 انظر معجم الأدباء "3/ 208-211"، وبغية الوعاة "2/ 165". 4 لا بأس به. 5 انظر تاريخ بغداد "12/ 216"، والمنتظم "7/ 130"، وسير أعلام النبلاء "16/ 323".

سمع: إبراهيم بن شَرِيك، والفِرْيابي، وعبد الله بن ناجية، وعمر بن أبي غيلان، وعمر بن محمد الكاغدي، وطائفة سواهم. وعنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ، والحسن بن محمد الخلال، وأحمد بْن محمد العَتِيقيّ، وعليّ بْن المحسن التنُوخي، وأبو محمد الجوهري، وخلق كثير. قال ابن أبي الفوارس: كان ثقة مُتْقِنًا، جَمَعَ أبوابًا وشيوخًا. توفِّي في جُمادى الآخرة، ومولده في سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. وقال الخطيب: سألت البَرْقَانِيّ عنه، فقلت: أَكَانَ ثِقَة؟ فقال: أيْ والله مصنِّفًا. حرف الفاء: 213- فضيل بن الحسين: أبو العباس المصري الكتاني. حدث عنه محمد بن الربيع بن سليمان. حرف القاف: 214- قاسمُ بن عَبْد اللَّه بن صبيح الجوهري النيسابوري: عن ابن الشرقي، ومكي بن عبدان، وعنه الحاكم وغيرُه. حرف الميم: 215- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن خلقان1: الرئيس أبو عبد الله بن أبي حفص بن إسحاق الفقيه، رئيس المطوّعة بخُراسان. سمع: أباه، وعبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري، وطائفة، وأملى وهو شاب. قال الحاكم: كان من أحسن الناس وجهًا، نثر يوم الإملاء من أنواع النثارات حتى تحيَّر الناس. 216- محمد بن أحمد بن عبد الله2 السُّكَرِي: أبو أحمد النيسابوري المكي.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر السابق.

عن: جدّه جعفر بن أحمد الحافظ، وعبد الله بن شِيرَوَيْه. وعنه: الحاكم. مات في رجب. 217- محمد بن أحمد بن حسن1: أبو أحمد الحَسْنَوِي النَّيْسَابُوري القارئ. سمع: ابن خُزَيْمَة، والسّرّاج. وعنه: الحاكم. توفِّي في جُمادى الأولى. 218- محمد بْن الحَسَن بْن سليمان2: أبو بَكْر القِزْوِيني. سمع: الفِرْيابي، وأحمد بن الحسن الصُّوفي، ومحمد بن صالح بن ذرِيح، والبَغَوِي. وعنه: علي بن محمد المالكي، وغيره. قال الخطيب: في أحاديثه تخليط، وكان ببغداد. توفِّي في شعبان. 219- محمد بن الحسن بن الفتح3: أبو عبد الله القِزْوِيني الصّفّار الصّوفي. رحل وسمع: أبو القاسم البَغَوِي، وأَكْثَرَ عن الشّاميين. روى عنه: أبو يعَلَى الخليلي، وقال: توفِّي في أوّل السنة. 220- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ4 بْنِ صالح: أبو بكر التميمي الأبهري القاضي المالكي، شيخ المالكية العراقيين في عصره. سمع: محمد بن الحسين الأشناني، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، والبَغَوِي، وعبد الله بن زيدان البَجَلي، وسعيد بن عبد العزيز، ومحمد بن

_ 1 انظر المنتظم "7/ 130"، والبداية والنهاية "11/ 304". 2 انظر تاريخ بغداد "2/ 212"، والمنتظم "7/ 130". 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ بغداد "5/ 462"، والمنتظم "7/ 131"، وسير أعلام النبلاء "16/ 332".

تمَّام البَهْراني الحمصي، وأبا عَرُوبة، وأبا علي محمد بن سعيد الرّقّي، وطبقتهم بالشام، والعراق، والجزيرة. وصنَّف مصنَّفات في مذهبه، وتفقَّه ببغداد على ابن عمر محمد بن يوسف القاضي، وعلى ابنه أبي الحسين. قال الدَارقُطْنيّ: إمام المالكية، إليه الرَّحْلة من أقطار الدنيا، رأيت جماعةً من الأندلس والمغرب على بابه، ورأيته يُذاكِر بالأحاديث الفقهيّات وتَرَاجِم من حديث مالك. ثقة، مأمون، زاهد، وَرِع. وقال فيه أبو إسحاق الشّيرازي: جمع بين القراءات وعلوِّ الإسنْاد والفِقْه الجيّد، وشرح "مختصَر عبد الله بن عبد الحَكَم"، وانتشر عنه مذهب مالك في البلاد. وقال القاضي عياض: له في شرح المذهب تصانيف وَرَدٌّ على المُخالفين، وحدّث عنه خلق كثير. وكان إمام العراقيّين في زمانه. تفقَّه على ابن عمر القاضي، وعلى أبي بكر ابن الْجَهْم، وانتشر عنه المذهب في البلاد. وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس: كان ثِقَةُ، انتهت إليه رئاسة مذهب مالك. وقال أبو العلا الواسطي: كان معظَّمًا عند سائر العلماء، لا يشهد مَحْضَرًا إلا كان هو المقدَّم فيه. سُئِلَ أن يلي القضاء فامتنع. قلت: روى عنه الدَارقُطْنيّ، وهو من أقرانه، وأبو بكر البَرْقَانِيّ، وأحمد بن محمد العَتيِقي، وأحمد بن علي البادا، أو علي بن المحسّن التنُوخي، وأبو محمد الْجَوْهَري، وآخرون. توفِّي في شوّال، وقيل: في ذي القعدة، ولَهُ بِضْعٌ وثمانون سَنةَ، رضي الله عنه. يقع حديثه عاليا للفخر ابن البخاري. 221- محمد بن عبد الله بن هاني: القرطبي العطَّار المعروف1 بابن اللّبّاد. سمع من: قاسم بن أصبغ، ونحوِه. 222- محمد بن عبد الله بن الفضل2 بن قفرجل: أبو بكر الكيَّال.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 86". 2 لا بأس به.

سمع: محمد بن محمد الباغَنْدِي، وابن المجدّر. وعنه: الأزهري، وغيره. وهو صَدُوق. 223- محمد بن نصر1: أبو العباس البغدادي المعدّل، ابن أخي مكرم القاضي. سمع: أبو القاسم البَغَوِي، وأبا محمد بن صاعد. وعنه: أبو محمد الخَلال، والحسن بن علي الْجَوْهَري، وجماعة. قال البَرْقَانِيّ: كان جبلًا من الجبال -يعني: في الفقه. 224- محمد بن يوسف بن محمد بن عَلّام2: أبو عبد الله الهَرَوي. مات في رمضان. حرف النون: 225- نصر بن محمد بن إبراهيم3: الإمام الفقيه أبو اللَّيْث السَّمَرْقَنْدي الحنفي، صاحب كتاب "الفتاوى". نقلت وفاته بخط الإمام شهاب الدين ابن قاضي الحِصْن: في جُمادى الآخرة، سنة خمسٍ وسبعين محرّرًا، مات ببَلْخ. وهو يروي عن: محمد بن الفضل بن أشرف البُخاري، وأقرانه. وفي كتاب "تنبيه الغافلين" موضوعات كثيرة. رواه عنه: أبو بكر محمد بن عبد الرحمن التِرْمِذِي. وقع لنا من حديثه من أربعين أبي المطر بن السمعاني.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "3/ 320"، والمنتظم "7/ 131". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر كشف الظنون "243"، وسير أعلام النبلاء "10/ 227".

حرف الياء: 226- يحيى بن مالك1 بن عائذ الأندلُسي: أبو زكرّيا الأندلسي. له رحلة وحِفْظٌ واشتهار، وهو من أهل طُرْطُوشه. فسمع من: أحمد بن سعيد بن مَسَرَّة، وقدِم قُرْطُبَة سنة تسع عشرة وله عشرون سنة، فسمع من أحمد بن خالد، وابن أيْمَن، وعبد الله بن يونس المقرئ، وطائفة. رحل سنة سبعٍ وأربعين فحجَّ وسمع من أبي محمد بن الوَرْد، وأحمد بن الحسن بن عُقْبَة الرّازي، وسَلْم بن الفضّل، وبكير الرّازي، وجماعة بمصر. ودخل بغداد فسمع بها، وبالبصْرة والأهواز. قال ابن الفرضي: حدَّثني أنه سمع ببغداد من سبعمائة رجل ونيّف، وجمع عِلْمًا عظيمًا لم يجمعه أحد قبله من أصحاب الرّحْل إلى المشرق، وتردَّد بالمشرق عشرين سنة، وحدَّث هناك. قال: وقَدِمَ علينا سنة تسعٍ وستّين، فسمع منه طبقات طُلاب العلم، وأبناءُ الملوك، وكان صحيح الكتاب، وكان حليمًا كريمًا جوادًا صوّامًا دَيَّنًا. توفِّي في رجب. 227- يعقوب بن إسحاق بن زكريا: أبو يوسف البخاري الوبَيْردي2، ويبرد قرية. وروى عنه محمد بن يوسف الفَرَبْرِي، ومحمد بن يوسف بن عاصم. 228- يوسف بن القاسم بن يوسف3 بن فارس بن سوّار: القاضي أبو بكر الميانَجي الشافعي. ناب في القضاء بدمشق عن قاضي مصر والشّام أبي الحسن علي بن النعمان المذكور في هذه الطبقة. كان مُسْنَد الشّام في زمانه. سمع: أبا خليفة، وزكريّا السّاجي، وأحمد بْن يحيى التُّسْتَرِيّ، وعَبْدان الأهوازي، ومحمد بْن جرير، والقاسم المطرّز، والباغَنْدي، وعبد الله بن زيدان، وأبا

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 193"، وسير أعلام النبلاء "16/ 421". 2 انظر اللباب "1/ 196". 3 انظر اللباب "3/ 278"، والعبر "2/ 371"، وتذكرة الحفاظ "3/ 971".

العبَّاس السرّاج، وحامد بن شعيب، ومحمد بن المُعَافَى الصَّيْدَاوي. وسمع قبل الثلاثمائة، ورحل وطوّف، واستوطن دمشق. روى عنه: ابن أخيه صالح بن أحمد، وأحمد بن الحسن الطّيّان، وعلي بن السّمسار، ومحمد وأحمد ابنا عبد الرحمن بن أبي نصر، وأحمد بن سَلَمَة بن كامل، وعبد الوهاب المَيْداني، وخلق كثير. وقال أبو الوليد الباجي: هو محدِّث مشهور لا بأس به. وقال عبد العزيز الكتّانيّ: ثنا عنه عدّة فوق الأربعين، وكان مولده قبل التسعين ومائتين، وكان ثقةً نبيلًا. وقال: تُوُفّي في شعبان. وفيَّات سنة ست وسبعين وثلاثمائة: حرف الألف: 229- أحمد بن علي بن قزقز1: أبو الحسن البغدادي الرَّفَّاء. سمع عبد الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن جرير، والباغندي، وأبا عروبة الحرَّاني. وعنه: عبد العزيز الأزجي، وعلي بن المحسن التنوخي، وأبو محمد الجوهري. لم تضبط وفاته، وإنما حدَّث فِي هذه السّنة. 230- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن هارون: أبو العباس البرذعي الحافظ. سمع: أبا بكر بن أبي داود، ونَفْطَوَيْه النَّحْوي، ومَكْحُولًا البيروتي. وعنه: تمَّام، ومكّي بن الغَمْر، والحسن بن علي بن سواس، والدمشقيّون. وكان من جُلَّة المحدّثين. 231- أحمد بن محمد بن جعفر2: النَّيْسَابُوري الحواري الكرابيسي المعدّل، أبو الحسن.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "4/ 315". 2 في عداد المجهولين.

سمع السّرّاج، وطبقته. وعنه: الحاكم. مات فِي جُمَادَى الأولى. 232- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى1 بن الجرّاح: الحافظ أبو العبّاس المصري بن النحاس. أوَّلَ سماعه في سنة خمس وثلاثمائة، وكتب بمصر والحجاز والشّام والعراق، والجبال وأصبهان وخُوزستان، ثم وَرَدَ على أبي نُعَيم بن عدي جرجان، وانحدر منها إلى جُوَيْن. أدرك بنَيْسَابور أبا حامد بن الشرقي، ومكّي بن عَبْدان، وبسَرَخْس أبا العبَّاس محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي، وسمع بمصر علي بن أحمد علان، وأكثر بالريِّ عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، إلّا أنّ سماعه بالشّام والعراق ذهب كلّه، وأملى مدّة سنين بنَيْسَابور. وروى عمَّن ذكرناه، وعن أبي القاسم البَغَوِي، وأبي بكر بن أبي داود، وأبي عَرُوبة الحَرّاني، وتوفِّي في آخر سنة ستٍّ، وله خمس وثمانون سنة. روى عنه: أبو عبد الرحمن السُّلَمي، وأبو حازم العبدوي، وأبو نُعَيم الأصبهاني، وأبو عثمان الحيري، والحاكم، وقال: حدّث من حفظه بأحاديث، وكان يتحرَّى في مذاكراته الصدور، وهو حافظ. 233- أحمد بن مسعود2: أبو القاسم الأندلسي البَجَّاني. سمع: محمد بن عبد الملك بن أَيْمَن، وأحمد بْن خَالِد بْن الحُبَاب، ومحمد بْن فُطَيْس. توفِّي في نحو هذه السّنة. - أحمد بن نصر بن منصور3. 234- أبان بن عثمان بن سعيد4 اللَّخْمي الأندلسي: أبو الوليد.

_ 1 انظر حسن المحاضرة "1/ 148"، وتذكرة الحفاظ "3/ 995". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 53". 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 22".

سمع: محمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بن أصبغ، وسعيد بن جابر. وكان نَحْوِيَّا لُغَويَّا لطيف النظر بصيرًا بالحُجَّة. توفِّي في رجب. 235- إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم1 بن أحمد بن داود: أبو إسحاق البلْخي المستملي، راوي "البُخاري" عن أبي عبد الله الفَرَبْرِي. روى عنه الكتاب: أبو ذَرّ عبد بن أحمد الهَرَوِي، وقال: كان من الثّقات المتقنين ببَلْخ. قلت: طوَّف وسمع الكثير، وخرَّج لنفسه مُعْجَمًا، رواه عنه الحافظ أحمد بن محمد بن العبّاس، والبلْخي. وروى عنه بالأندلس: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ الهمذاني. حرف الجيم: 236- جعفر بن جحَّاف2: أبو بكر اللَّيْثي قاضي بلنْسِية. سمع من: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد الله بن أبي دُلَيْم. وكان فقيهًا. حرف الحاء: 237- الحسن بن جعفر3 بن محمد بن الوضّاح: أبو سعيد السّمسار البغدادي الحربي المعروف بالحرفي. وحدَّث عن: أبي شُعَيب الحرّاني، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي، ومحمد بن الحسن سماعة، ومحمد بن جعفر القتّات، وجعفر الفِرْيابي. وعنه: أبو القاسم عبد الله بن أحمد الأزهري، وعبد العزيز الأزجي، وعلي بن

_ 1 انظر العبر "3/ 1"، وسير أعلام النبلاء "16/ 362". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 103". 3 انظر تاريخ بغداد "7/ 292"، والعبر "3/ 1، 2"، والنجوم الزاهرة "4/ 150".

المحسّن التنُوخي، وجماعة. قال العتيقي: كان فيه تَسَاهُلْ. 238- الحسن بن علي1: أبو سعيد الأصبهاني الصحَّاف. توفِّي فيها. 239- الحسن بن محمد2: أبو محمد الصلحي الكاتب، أحد الكبار. وَلِيَ كتابة ابن رائق، وناب عنه في الحَضَر، ثم ولي كتابة المطيع. حكى عنه أبو علي التَّنُوخيّ في نشواره. 240- الحسين بن جعفر3: أبو القاسم الوزَّان الواعظ. سمع: أبو القاسم البغوي، وأبا بكر بن أبي داود. وعنه: عبد الله الأزهري، وعبد العزيز الأَزْجِي. حرف الخاء: 241- خَلصَة بن موسى4 بن عمران: أبو إسحاق الزّاهد، من عبَّاد أهل الأندلس. توفِّي في رجب. قال ابن الفَرَضي: لا أعلَمُني شهدت أعظمَ حَفْلًا من جنازته. وكان زاهدًا بعيد الاسم في الخير. حرف الراء: 242- رشيد بن محمد بن فتح5: أبو القاسم الدجاج القرطبي.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر نشوار المحاضرة "1/ 204"، والوزراء "133". 3 انظر تاريخ بغداد "8/ 28". 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 141". 5 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 265".

سمع: أحمد بن خالد بن الحبَاب، وحجَّ فسمع: أبا محمد بن الورد، وابن أبي الموت، وطائفة. روى عنه: ابن الفَرَضي، وجماعة. حرف العين: 243- عبد العزيز بن محمد1 بن مُقَرّن: أبو القاسم الأصبهاني المعدّل. سمع محمد بن علي بن الجارود. وعنه: أبو نُعَيم. 244- عبد الواحد بن علي بن اللّحياني2، بغداديّ: سمع: البَغَوِي، وابن صاعد. وعنه: أبو محمد الخلّال. قال الخطيب: ثقة. 245- عبد الله بن داود القُرْطُبي3: سمع: محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد بن خالد الحُباب، وحدَّث. 246- عبد الله بن فتح بن فرج4 بن معروف بن سلام التُّجَيبي: أبو محمد. سمع: وهب بن مَسَرَّة، ورحل فسمع بمصر أبا محمد بن الورد، وابن جامع السُّكَّري، وجماعة. توفِّي في شعبان بطُلَيْطِلة. 247- عبد الرحمن بن عامر5: أبو المطرَّز القُرْطُبي. سمع من: قاسم أبي أصبغ، وأحمد بن الشامة.

_ 1 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 127". 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 9". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 239". 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 238". 5 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 265".

وتوفِّي في رجب، وله اثنتان وسبعون سنة. 248- عُبَيْد الله بن أحمد1 بن يعقوب البغدادي المقرئ: أبو الحسين بن البوّاب. سمع: الحسن بن الحسين الصّوّاف، وإسماعيل بن موسى الحاسب، وَمحمد بْن محمد الباغَنْدي، وعبد اللَّه البَغَويّ، وجماعة سواهم. وعنه: الحسين بن محمد الخلال، وعُبَيْد الله الأزهري، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو القاسم التنُوخي، ووثَّقه الأزهري. توفِّي في رمضان. قال أبو عمرو الدّاني: قرأ القرآن على أحمد بن علي بن سهل الأَشْناني، وأبي بكر بن مُجاهد. 249- عُبَيْد الله بن محمد بن سليمان2 بن بابَوَيْه بن محمد بن جَغُومَا المخرّمي الدّقّاق: روى عن: جعفر الفِرْيابي، وإبراهيم بن عبد الله المخرّمي، وعلي بن المحسن التنوخي، وغيرهم. أحاديثه مستقيمة. قاله الخطيب. 250- عبد الملك بن عبد الواحد3 بن مَحْمَوَيْه: الحافظ الإمام أبو بكر السمرقندي، وكان أبوه بغداديا وجدّه مَوْصِليًّا. حافظ مُتْقِن، جمع "الأبواب" و"الشرح" و"المقلين" وأكثر، وكان ثقة إمامًا. سمع: أبا بكر الشافعي وطبقته، وسمع ما وراء النهر من أبي جعفر محمد بن محمد البغدادي الحمال، ومحمد بن إسحاق العصفري، وأبي بكر بن جنب، وعلي بن محتاج. وكان حريصا على الحديث وكتبه، ولو عاش لكان له شأن. مات سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وله إحدى وخمسون سنة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 362"، والمنتظم "7/ 133". 2 انظر تاريخ بغداد "10/ 363". 3 أحد الحافظ الثقات، وثقه الذهبي.

251- عبيد الله بن علي بن الحسن: أبو القاسم النخعي الكوفي ثم المصري، قاضي نسف. كان ظاهري المذهب. روى عن محمد بن يوسف الهروي، والشاميين، والعراقيين. وعنه: جعفر بن محمد المستغفري، وهو سمَّاه وورَّخه في جمادى الأولى من السنة. وما أُبْعِد أن يكون عبيد الله المذكور في السنة الماضية؛ بل هو هو، وقع اختلاف في نسبه وفي وفاته. روى عنه أيضًا أبو عبد الله غنجار الحافظ. 252- علي بن الحسن بن رجاء1 بن طعان: أبو القاسم الدمشقي المحتسب. روى عن: محمد بن محرّم، ومحمد بن جعفر بن مَلاس، ومَكْحُول البَيْرُوتي، وعثمان بن محمد الذهبي، وجماعة. وعنه: عبد الغني بن سعيد الحافظ، ومكّي بن الغَمْر، وعلي بن السّمسار، ومسدَّد بن علي الأملوكي، وعدّة. وكان كثير السماع. توفِّي في شوال. 253- علي بن الحسن بن جعفر2: أبو الحسين بن كرنيب بن العطّار المخرّمي. سمع: حامد بن شعيب، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، وأحمد بن حوالة، والبَغَوِي. وعنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ، وعبد العزيز الأَزْجي، وأبو القاسم التَّنُوخيّ. قال أبو بكر الخطيب: كان يتعاطى الحِفْظ، وكان ضعيفًا. سمعت محمد بن عمر الداودي يقول: كان من أحفظ النّاس للمَغَازي، إلّا أنّه كان يضع الحديث ويكذب. وقال الدَارقُطْنيّ: أَدْخَلَ على دَعْلج وغيره أشياء. 254- علي بن الحسن بن علي بن مطرّف3: القاضي أبو الحسن الجراحي. بغداديّ مُكْثِر.

_ 1 انظر تاريخ دمشق "29/ 19، 20". 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 385". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 387".

روى عن: حامد بن شعيب، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، والحسين بن عفير، والبَغَوِي، وخلق بعدهم. روى عنه: أبو القاسم عُبَيْد الله الأزهريّ، والحسن بن محمد الخلال، وأبو القاسم التَّنُوخيّ، وأبو محمد الجوهري. وقال البَرْقَانِيّ: لم أكتب عنه شيئًا، كان يُتَّهَم في روايته عن حامد بن شعيب. 255- عليّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي السّريّ البكَّائي: أبو الحسن الكوفي في زمانه. سمع: محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، وأبا حصين محمد بن الحسين بن حبيب الوادعي، وعُبَيْد الله بن بحر بن طيفور، وأبا جعفر أحمد بن فرح بن جبريل العسكري، وجماعة. وأول سماعه سنة تسعين ومائتين. روى عنه: أبو العلاء صاعد بن محمد البوسنجي، ومحمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، وأبو الحسن بن محمد بن إسحاق بن فدويه، ومحمد بن الحسن بن حمزة اليشكري، وأبو الحسين محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن بيان الدهان، وعبيد الله بن علي العدلي الحذّاء، وأبو طاهر محمد بن محمد بن عيسى البكري، وأخوه أبو الحسين محمد بن محمد، وستتّهم من شيوخ أَبَيّ النَّرْسي. وروى عنه: أبو عبد الله بن باكَوَيْه، وطائفة. قال أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن خرجه النَّهَاوَنْدي: توفِّي شيخنا البكّائي في ثالث عشر ربيع الأوّل سنة ستٍّ وله تسعٌ وتسعون سنة. 256- علي بن محمد2 بن يَنال العُكْبَرِي الحافظ: روى عن: أحمد بن الفضل بن خُزَيْمَة، ومحمد بن جعفر العسكري. سمع وهو كبير. روى عنه: عبد العزيز الأزجي.

_ 1 انظر الأنساب "2/ 270"، وسير أعلام النبلاء "16/ 309"، والعبر "3/ 2". 2 انظر تذكرة الحفاظ "3/ 1004"، وشذرات الذهب "3/ 93".

وقال عبد الواحد بن علي الأسدي: سمع ابن يَنَال وتعلّم الخط كبيرًا، ورُزِقَ من المعرفة والفَهْم شيئًا كثيرًا. توفِّي سنة ستٍّ. 257- عَلَى بْن مُحَمَّد1 بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن رزين: أبو الحسن الباساني الهَرَوي. روى عن جده، وعن محمد بن إبراهيم العوّام، وأبي إسحاق البزّاز. روى عنه: أبو يعقوب القَرَّاب، والحسن بن علي النّصْروي. توفِّي في ربيع الأول، وكان من العدول. 258- عمر بن علي بن يونس2 القطّان: حدَّث ببغداد في هذه السنة عن أبي عَرُوبة الحرّاني. روى عنه: عُبَيْد الله الأزهري، والحسين الْجَوْهَرِي. وكان صَدُوقًا. 259- عمر بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم3 بْن مُحَمَّد بْن سَبَنْك: أبو القاسم البَجَلي البغدادي. سمع: محمد بن حبَّان الباهلي، وعبد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائني، ومحمد بْن محمد الباغَنْدي، وجماعة. وعنه: القاضي عبد الوهاب المالكي، وأبو القاسم عُبَيْد الله الأزهري، وأبو القاسم التنُوخي، وخلق سواهم. وكان ثقةً. نابَ في الحُكْم بسوق الثلاثاء، وقال: أوَّل ما كتبت سنة ثلاثمائة عن محمد بن حِبّان. ومولده في سنة إحدى وتسعين ومائتين. وهو من ذرّيّة جرير بْن عَبْد اللَّه -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 261". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 261"، والمنتظم "7/ 133"، وسير أعلام النبلاء "16/ 378".

حرف القاف: 260- قسَّام الحارثيّ1: من أهل قرية تلفيتا من جبل سَنّير. كان ينقل التراب على الحمير، ثم اتَّصل بأحمد بن الجصطار من أحداث دمشق، فكان من حزبه، وتنقَّلت به الأحوال، وكثُر أعوانه حتى غَلَب على دمشق، فلم يكن لنوَّابها معه أمر، إلى أن نَدَبُوا له من مصر جيشًا، عليهم بلتكين الذي ذكرنا ترجمته من قريب، فحار قسَّامًا أو قوي عليه، فضَعُف أمر قسَّام، فاختفى أيّامًا، ثم استأمر، فقيَّدُوه وحملوه إلى مصر، فعُفِي عنه. وقد مدحه عبد المحسن الصُّوري بقصيدة. حملوه إلى مصر في هذه السنة ولم ير له ذِكرًا بعدها. وقال القفطي: تغلَّب على دمشق رجل من العَيّارين فعُرِفَ بقسَّام وتحصَّن بها، وخلف على صاحب مصر، فسار لحربه الأمير فضل من مصر، فحاصر دمشق، وضاق بأهلها الحال، فخرج قسَّام متنكّرًا، فأخذته الحَرَس، فقال: أنا رسول، فأحضروه إلى فضل، فقال: بعثني قسَّام إليك لتحلف له وتعوَّضه عن دمشق بلدًا يعيش فيه، وقد بعثني إليك سرًّا، فحلف الفَضْل له، فلمَّا توثَّق منه قام وقبَّل يده وقال: أنا قسَّام، فأعجب به الفضل، وزاد في إكرامه. فردَّ إلى البلد وسلّمه إليه، وقام له بكل ما ضمنه، وعوَّضه موضعًا عاش فيه، وأحسن العزيز صِلَتَه. ذكر القفطي أنَّ ذلك كان في سنة تسعٍ وستّين. ثم قال: وذكر بعضهم أنَّ أَخْذَ دمشق من قسَّام كان في سنة اثنتين وسبعين. قلت: وهو يتحدَّث الناس أنه ملك دمشق، وأنه قسيم الزبَّال، وكان سلمان بن جعفر بن فلاح قد قَدِمَ دمشقَ في جيش، فنزل بظاهرها، ولم يمكن دخولها، فبعث إليه قسَّام بخطّه: أنا مقيم على الطّاعة، فورد البريد إلى سلمان إن يرتحل عن دمشق. وولي دمشق أبو محمود المغربي، ولم يكن له أيضًا مع قسَّام أمر ولا عَقْد ولا حَلّ، فهذا ما عندي من خبر قسَّام.

_ 1 انظر الكامل في التاريخ "8/ 697"، وشذرات الذهب "3/ 78".

حرف الميم: 261- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد1 بن شاذان بن الخليل: أبو عمرو الخَفَّافِ القُهُنْدُزي الزّاهد. سمع: أبا العبّاس بن السّرّاج، وزِنْجَوَيْه بن محمد، وجماعة. وتوفِّي في رمضان. روى عنه: الحاكم، وغيره. 262- محمد بن أحمد بن حمدان2 بن علي بن عبد الله بن سِنَان: أبو عمرو بن الزاهد أبي جعفر الحيري النَّيْسَابُوري، الزّاهد المقرئ المحدّث النّحوي. كان المسجد فِراشَه نيّفًا وثلاثين سنة، ثم لمَّا عُميَ وضَعُف نقلوه إلى بعض أقاربه بالحِيرة من نَيْسَابُور. رحل به أبوه. قال الحاكم: سماعاته صحيحة، وصَحِبَ الزهَّاد، وأدرك أبا عثمان الحِيري الزّاهد، وسمع سنة خمسٍ وتسعين ومائتين. سمع: أبو بكر بن زنْجَوَيْه بن الهَيْثَم، وأبا عمرو أحمد بن نصر، وجعفر بن أحمد الحافظ، ورحل فسمع من الحسن بن سفيان سنة تسعٍ وتسعين مُسْنَدَه، ومُسْنَدَ شيخه أبي بكر بن أبي شيبة، ومن أبي يعْلى المَوْصِلي مُسْنَده، ومن عَبدان الأهوازي، وعمران بن موسى بن مُجاشع، وزكريّا بْن يحيى السّاجي، وأحمد بن يحيى الصُّوفي، والهيثم بن خلَف الدُّوري، وحامد بن شُعَيْب، ومحمد بن جرير الطّبري، ومحمد بن عبد الله بن يوسف الدّويْرِي، وعلي بن سعيد العسكري، ومحمد بن الحسين بن مكرم، وأبي العبّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمَة. روى عنه: الحاكم أبو عبد الله، وأبو نُعَيم الحافظ، وأبو سعيد محمد بن علي النّقّاش، وأبو العلاء صاعد بن محمد الهَرَوِي، وأبو حفص بْن مسرور، وعبد الغافر بن محمد الفارسيّ، وأبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكَنْجَرُوذِي، ومحمد بن محمد بن حمدون السلمي، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، وآخرون.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر طبقات الشافعية الكبرى "2/ 107"، والمنتظم "7/ 134"، وميزان الاعتدال "3/ 16".

وهو أخو أبي العبّاس محمد نزيل خَوَارِزْم شيخ البرقاني. قال الحاكم: وُلِدَ له بنت وهو ابن تسعين سنة، وتوفِّي وزوجته حُبْلَى، فبلغني أنّها قالت له عند وفاته: قد قرُبَت ولادتي. فقال: سلّمته إلى الله تعالي، فقد جاءوا ببراءتي من السماء، فتشهَّد ومات في الوقت -رحمه الله. قال: وتوفِّي في ذي القعدة في الثامن والعشرين منه، وهو ابن ثلاثٍ أو أربعٍ وتسعين سنة، وصلَّى عليه أبو أحمد الحاكم الحافظ. قلت: قد وقع لنا بالإجازة جُملةٌ من عَوَاليه، وله جُزْءُ سؤالات كان يحفظه، وقع لي أيضًا بعلوٍّ قراءته على ابن عساكر، عن أبي رَوْح، أنا زاهر، أنبا أبو سعد الكَنْجَرُودِي، عنه. وقال ابن طاهر: كان يتشيّع. 263- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد1 بْن أَبِي صالح: أبو بكر البغدادي نزيل بَلْخ. روى عن: أبي شُعَيْب الحَرّاني، وجماعة. وهو مُتَكَلَّمٌ فيه. 264- محمد بن العبّاس بن يحيى2 الأموي: مولاهم الحلبي نزيل الأندلس. سمع: أبا الْجَهْم بن طِلاب بمَشْغَري، ومحمد بن عبد الله مَكحُولًا ببيروت، وأبا عَرُوبة بحَرّان، وعلي بن عبد الحميد الغضايري، ومحمد بن إبراهيم بن فيروز الأنماطي بحلب، ومحمد بن سعيد الترخمي بحمص. وفَدَ على المستنصر بالله خليفة الأندلس، فروى عنه أبو بكر محمد بن الحسن الزّبيدي، وأبو الوليد عبد الله بن الفَرَضي، وقال: كتبت عنه وقد كُفَّ بَصَرُهُ، وتوفِّي في هذه السنة. قلت: هذا كان أسند من تحريره بالأندلس، ولكن لم يأخذوا عنه كما ينبغي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "1/ 345"، والمنتظم "7/ 133". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 114".

265- محمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عبد العزيز1 بْن شاذان: أبو بكر الرازي الواعظ، والد المحدث أبي مسعود أحمد بن محمد البَجَلي. روى عنه: يوسف بن الحسين الرازي، وأبي بكر بن الأنباري، وأبي يعقوب النهرجوري، وأبو محمد البربهاري الحنبلي، وخير النساج، وأبو العبّاس بن عطاء. كان قد تتبَّع ألفاظ الصُّوفيه، وجمع منها الكثير. ورد نَيْسَابُور سنة أربعين وثلاثمائة، والمشايخ متوافرون، وهو محمود عند جماعتهم في التصوّف وصحبة الفقراء. قال الحاكم: كتبت عنه، ورأيته ببُخَارى، فلمَّا قَدِمْتُ الرّيّ سنة سبعٍ وستّين صادفته بها، وقد انتسب، وأملى عليهم أنّه مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أيّوب بن يحيى بن الضّريس البَجَلي، فخَلَوْتُ به وزجرته، فانزجر، ونزل عن ذلك النّسب، ولو اشتهر ذلك بالرّيّ لآذُوه، فإنَّ محمد بن أيوب لم يعقِب ولدًا، ثم التقينا سنة سبعين، فأخذ يحدِّث عن علي بن عبد العزيز وأقرانه، وما كنت رأيته قبل ذلك يحدِّث بالمسانيد، والله يرحمنا وإيّاه. قلت: يروي عنه أبو عبد الرحمن السّلمي حكايات مُنْكَرَة من حكايات القوم، وتوفِّي فِي جُمادى الآخرة، وروى عَنْهُ أيضًَا أبو عَبْد الله بْن باكَوَيْه، عن رجل، عن الكُدَيْمي، وأبو نُعَيم الحافظ، وأبو حازم العَبْدَوِي، وجماعة. حكى عن الشَّبْلي أيضًا، ولا تَرْكنُ النَّفْسُ إلى ما يحكيه، فإنّه جريء قليل الحياء، نسأل الله العَفْوَ. 266- محمد بن علي بن أبي زيد2: أبو بكر الصدفي المصري. يروى عن: أبي جعفر الطّحَاوِي. 267- محمد بن علي بن عمر الصّيْدَناني3 القِزْويني: سمع: إسحاق بن محمد الكَيْسَاني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 464"، والمنتظم "7/ 134"، والعبر "3/ 3". 2 في عداد المجهولين. 3 لا بأس به.

القاسم المحاربي الكُوفي. وقد مَرَّ أخوه حسن سنة اثنتين. 268- محمد بن عثمان بن سعيد بن محاسن1: أبو عبد الله الأندلسي الشاعر. مدح الخلفاء والكبار، وتوفِّي بأسْتِجَة في ذي الحجّة. 269- محمد بن أبي عمرو محمد بن جعفر بن مطر2: أبو أحمد النَّيْسَابُوري. سمع: من ابن خُزَيْمَة، والسرَّاج. وعاش ثمانين سنة، وخرَّج له أبوه فوائد. 270- محمد بن نجاح بن عبد الرحمن3 بن علقمة: أبو القاسم القُرْطُبي. روى عن: قاسم بن أصبغ، وغيره، وتولَّى قضاء طليطلة. حرف الهاء: 271- هشام بن محمد بن قُرّة4: أبو القاسم الرّعيني المصري. يروي عن: ابن قُدَيْد، والطّحَاويٍ، وأبي بِشْر الدُّولابي. توفِّي في ذي القعدة، وكان ثقة. روى عنه: الحافظ عبد الغني، ومحمد بن أحمد بن شاكر القطّان، ويحيى بن علي الطّحّان، وإسماعيل بن عبد الرحمن النحاس. حرف الواو: 272- الوليد بن أحمد بن الوليد5: أبو العبّاس الزوزني الواعظ العارف.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 87". 2 لا بأس به. 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 78". 4 أحد الثقات، وثقه الذهبي. 5 انظر الأنساب "281ب"، ومعجم "3/ 158".

سمع: أبا حامد بن الشرفي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبا عبد الله المَحَاملي، وأبا سعيد بن الأعرابي، وخَيْثَمة الأطرابُلُسي. وعنه: الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو نعيم. قال الحاكم: كان من علماء الحقائق وعبَّاد الصُّوفية. توفِّي في ربيع الأوّل. وقال النّقّاش: أبو العباس حكيم زمانه، له مصنَّفات لا يخفى على من نظر في كتبه قد وهب الله له من الحكم. كتب الحديث الكثير ورواه، ثم روى عنه النقاس أحاديث ومواعظ. حرف الياء: 273- يحيى بن مالك بن عائذ1: أبو زكريّا الأندلسي الحافظ. سمع: عبد الله بن يونس المرادي، وأبا عمر أحمد بن محمد بن عبد ربّه بقُرْطُبَة، وطائفة. رحل فسمع: أبا سهل بن زياد القطّان، ودَعْلَج بن أحمد، والطبقة. روى عنه: الحسن بن رشيق أحد شيوخه، ويحيى بن علي الحضرمي بن الطّحّان، ومحمد بن أحمد بن القاسم بن المَحاملي، وأبو الوليد بن الفَرَضي. أملى بجامع قُرْطُبة. قال التَّنُوخيّ: في "النّشْوار": إنّه حضر مجلس أبي الفرج صاحب "الأغاني"، فقال: لم نسمع بمن مات فُجَاءَةً على المِنْبر؟ فقال شيخ أندلُسيّ قد لزم أبا الفرج، اسمه يحيى بن مالك بن عائذ: إنّه شاهد في جامع بلده بالأندلس خطيب البلد وقد صَعَد يوم جمعة ليخطب، فلمَّا بلغ يسير من خطبته خرَّ مَيتًا فوق المنبر، فأُنْزِل، وطُلِب في الحال من رَقي المنبر، فخطب وصلّى الجمعة بنا. قال الحبّال: مات ابن عائذ الأندلسي في شعبان سنة ست وسبعين.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 193"، وسير أعلام النبلاء "16/ 421".

وفيَّات سنة سبع وسبعين وثلاثمائة: حرف الألف: 274- أحمد بن الحسين ابن الطبري1: أبو حامد المروزي الفقيه. سمع أبا العباس الدغولي وغيره، وكان من رءوس أئمة الحنفية، وولي قضاء قضاة خراسان، وكان صالحًا عابدًا مصنِّفًا. ورَّخه أبو سعد الإدريسي في هذه السنة، وورَّخه الحاكم سنة ثلاث وسبعين كما تقدَّم، وله تاريخ حسن، وقد قَدِمَ بغداد وتفقَّه على أبي الحسن الكرخي، ثم قدمها بأخرة. انتخب عليه الدارقطني، وروى عنه الرماني. 275- أحمد بن خلف بن محمد2 بن فرتون: أبو عمرو الأندلُسي الزّاهد. مُكْثِرٌ عن: وهب بن مسرَّة، وحجَّ فسمع من أبي محمد بن الورد، وأبي علي السَّيُوطي، وخلق. وكان ثقةً ورِعًا متعبِّدًا. روى عنه: أبو محمد بن ذنين، والصّاحبان أبو إسحاق بن سنطير، وأبو جعفر ابن ميمون. ومات كهلًا، وكان مُجَاب الدَّعْوة. 276- أحمد بن محمد بن أحمد: أبو الفضل الفارساني. حدَّث بجُرْجَان عن: الحسن بن سفيان، وعنه: حمزة السهمي. 277- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عليّ3: أبو الْحَسَن المناسكي النَّيْسَابُوري. سمع: أبا سعيد عبد الرحمن بن الحسين، وطبقته. وعنه: الحاكم. 278- أحمد بن يوسف بن يَعْقُوبَ4 بن البَهْلُول: أبو الحسن التنوخي البغدادي. من بيت علمٍ وحشمة.

_ 1 انظر تاريخ جرجان "113". 2 لا بأس به. 3 في عداد المجهولين. 4 انظر تاريخ بغداد "5/ 221"، والمنتظم "7/ 136".

سمع: عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، وعبد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائني، ومحمد بْن جرير، ومحمد بن محمد الباغَنْدي. روى عنه: ابنته طاهرة، وعلي بن المحسّن التنُوخي، وكان صحيح السّمَاع. وذكر ابن أبي الفوارس أنَّه كان داعيةً إلى الاعتزال. وقال غيره: كان عارفًا باللُّغة والنَّحْو والكلام، وهو من بقايا بيته. 279- أبيض بن محمد بن أبيض1 بن الأسود بن نافع: أبو العبّاس، ويقال: أبو الفضل المصري القُرَشِي الفَهْري. آخر من روى عن: أبي محمد النَّسَائي مجلسين. روى عنه: الحافظ عبد الغني الأزدي، وعبد الملك بن عبد الله بن مسكين الشافعي، ويحيى بن علي بن الطّحّان. ومولده سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. وروى أبو محمد بن النّحّاس، عن محمد بن أبيض، عن عبد السلام بن أحمد. 280- إسحاق الأمير2: أبو محمد بن المقتدر بالله. وُلِدَ سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وعاش ستّين سنة، وتوفِّي في ليلة الجمعة سابع عشر ذي القعدة، وغسَّلَه أبو بكر بن أبي موسى الهاشمي، وصلَّى عليه ابنه القادر بالله الذي استُخْلِف بعد الطائع لله. 281- أَمَةُ الواحد بنت الواحد القاضي3 أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل المَحامِلي: رَوَتْ عن: أبيها، وإسماعيل الورَّاق، وعبد الغافر بن سلامة، وحَفِظَت القرآن والفقه على مذهب الشافعي، والفرائض والدَّور والعربية، وغير ذلك من العلوم الإسلامية. روى عنها: الحسن بن محمد الخلال، وغيره.

_ 1 انظر العبر "3/ 4"، وحسن المحاضرة "1/ 157". 2 انظر الكامل "9/ 51"، والمنتظم "7/ 137"، والعبر "3/ 4". 3 انظر تاريخ بغداد "4/ 442"، والمنتظم "7/ 138"، والوافي بالوفيات "9/ 387".

1وهي أُمّ القاضي أبي الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المَحَاملي. قال ابن أخيها أحمد بن عبد الله: اسمها سُتَيْتَة، كانت من أحفظ الناس للفقه. وقال أبو بكرالبرقاني: كانت بنت المَحَاملي تُفْتي مع أبي علي بن أبي هريرة. توفِّيت في رمضان. حرف الباء: 282- بكر بن أحمد بن البغدادي1 القِزْوِيني الشافعي: سمع: محمد بن أبي عَمَارة. وعنه الخليلي. حرف الجيم: 283- جعفر ابن الخليفة المكتفي2 علي بن المعتضد بن الموفْق العبّاسي: مات أبوه وله سنة، فدخل في علم الفلاسفة، وبرع في التنجيم. حكى عنه أبو علي التَّنُوخيّ في "النشوار"، وكان عضُدُ الدولة يحترمه. 284- جعفر بن محمد بن أحمد3 بن إسحاق البهلول: أبو محمد التَّنُوخيّ الأنباري، ثم البغدادي المقرئ. ُولِدَ سنة ثلاث وثلاثمائة، وكان يقرأ بحرف عاصم، وحمزة، والكسَائيّ، وسمع هو وأخوه من: البَغَوِي، وأبي بكر بن أبي داود، وابن المجدّر، وأبي اللَّيْث الفرائضي، وجدّه أحمد بن إسحاق. وعُرِضَ عليه قضاء بغداد فأباه تورُّعًا وتزهُّدًا. روى عنه: أبو القاسم التَّنُوخيّ، ومات في جمادى الآخرة. لا أستحضر من قرأ عليه.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر المنتظم "7/ 137"، والوافي بالوفيات "11/ 113، 114". 3 انظر تاريخ بغداد "7/ 232"، والمنتظم "7/ 137".

حرف الحاء: 285- الحسن بن أحمد بن عبد الغفّار1: أبو علي الفارسي الفَسَوِي النّحوي صاحب التصانيف. عنده جُزْءٌ عالٍ رواه عن علي بن الحسين بن معدان صاحب إسحاق ابن راهَوَيْه. روى عنه: عبيد الله الأزهري، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الْجَوْهَري. وُلِدَ بفَسَا وقَدِمَ بغداد وسكنها، وأخذ عن علمائها كالزجَّاج، وأبي بكر السرَّاج، وأبي بكر مبرمان، وأبي بكر الخيَّاط، ودخل الشام وأقام بطرابُلس ثم بحلب، وخَدَم سيف الدولة، ثم رجع إلى بغداد، وأقبل على الاشتغال والتصنِّيف، وعَلَتْ منزلته في النَحو حتى فضَّله بعض تلامذته على المُبَرَّد، وخدم الملوك ونفق عليهم. قال السلطان عضُدُ الدولة: أنا غلام أبي علي الفارسي في النَّحْو، وغلامُ أبي الحسين الرّازي في النّجوم. ومن أصحابه: أبو الفتح عثمان بن جِني، وعلي بن عيسى الربعي. وكان متَّهمًا بالإعتزال، صنَّف كتاب "التذكرة" وهو كبير، وكتاب "الإيضاح" و"التكملة" وصنَّفه لعَضُد الدولة، وكتاب "الحُجَّة في القراءات وعِلَلها"، وكتاب "المقصور والممدود"، وكتاب "ما أغفله الزجَّاج في معاني القرآن"، وكتاب "العوامل المائة"، و"المسائل العسكرية"، و"المسائل البصرية"، و"المسائل المجلسيات"، و"المسائل العصريات الشيرازية"، و"المسائل المذهبيات"، و"المسائل الكرمانية"، وغير ذلك. وتوفِّي ببغداد في ربيع الأوّل، وله تسعٌ وثمانون سنة. 286- الحسن بن محمد: أبو الحسين2 الإصبهاني المذكّر. سمع: إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن مَتُّوَيْه، ومحمد بْن يحيى البْصري، صاحب عبد الأعلى بن حمَّاد. روى عنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم الحافظ.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "7/ 275"، والمنتظم "7/ 138"، والعبر "3/ 4"، والكامل "9/ 17". 2 لا بأس به.

287- الحسين بن حلبس بن حَمَويْه1: أبو عبد الله القِزْويني. سمع: العبّاس بن الفضل بن شاذان، وأبا العبّاس الرّازيَّيْن، وأبا بكر عبد الله بن محمد بن زياد النَّيْسَابُوري. روى عنه: أبو يعلى الخليلي، ووثقه. حرف السين: 288- سليمان بن أيّوب بن سليمان2 بن البلكائش: أبو أيّوب القوطي القُرْطبي. سمع أباه، وابن لُبَابة، وأحمد بن بَقِيّ بن مَخْلدَ، ومحمد بن أَيْمن، وأسلم بن عبد العزيز، وجماعة. وكان فقيهًا مالكيا زاهدًا خاشعًا بكَّاء، روى الكثير. أخذ عنه ابن الفرضي وجماعة كثيرة، وكان من أهل العلم والنظر، بصيرًا بالاختلاف، حافظًا للمذاهب، مائلًا إلى الحُجّة والدّليل. توفِّي في شعبان. 289- شاه بن محمد بن جبريل3: أبو الحسين النَّسفي، واسمه: محمد. روى عن: محمود بن عفير صاحب عُبَيْد بن حميد. وعنه: جعفر المُسْتَغْفِرِي. حرف العين: 290- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمد الأبْرِيسَمي4 الهَرَوي: سمع: حاتم بن محبوب.

_ 1 أحد الثقات، وثَّقه الخليلي. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 188"، والوافي بالوفيات "15/ 354". 3 في عداد المجهولين. 4 انظر اللباب "1/ 25".

وعنه: الحاكم، وجماعة. قد سمع من: السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، وأبا حامد الحَضْرَمي. 291- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَحْمَد1 بْن محمد: أبو الفرج المقرئ النّاقد. شيخ بغداديّ. روى عن أبي عبد الله المحَامِلي، وغيره. وعنه: علي بن عبد العزيز الطّاهري. 292- عبد الله بن محمد بن الْجُنَيْد الأصبهاني2: ثِقَة دَيّن. سمع: أحمد بن محمد بن السَّكَن. وعنه: ابن أبي علي الذّكْوَاني، وأبو نُعَيم. 293- عبد الواحد بن علي بن خشيش3: أبو القاسم البغدادي الورَّاق. سمع: أبو القاسم، وابن صاعد. وعنه: الحسن بن محمد الخلال، وغيره، وهو ثقة. 294- عُبَيْد اللَّه بن محمد بن عابد4: أبو محمد البغدادي الخلال. شيخ ثقة. سمع: أحمد بن محمد البراني، وإبراهيم بن شَريك الأَسَدي، وعبد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائني، ومحمد بْن صالح بن ذريح. وعنه: عبيد الله الأزهري، وأبو محمد الحسن الخلال، وأحمد بن رَوْح. عاش ستًّا وثمانين. 295- علي بن محمد بن أحمد5 بن نُصَيْر بن عَرَفَة الثَّقَفِي البغدادي: أبو الحسن بن لولو الورَّاق.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 23". 2 أحد الثقات، وثقه الذهبي. 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 9". 4 انظر تاريخ بغداد "10/ 363"، والمنتظم "7/ 139". 5 انظر تاريخ بغداد "12/ 89"، والمنتظم "7/ 140"، وشذرات الذهب "3/ 90".

سمع حمزة بن محمد الكاتب، وإبراهيم بن شَرِيك، وعبد الله بن ناجية، والفِرْيابي، وإبراهيم بن هاشم البغوي، وزكريا بن يحيى الشامي، ومحمد بن المجدّر، وجماعة. وعنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ، وأبو محمد الخلال، وأحمد بن محمد العتيقي، وأبو القاسم التَّنُوخي، والحسن بن علي الْجَوهَري، وآخرون. وُلِدَ سنة إحدى وثمانين ومائتين. قال البَرْقَانِيّ: كان ابن لولو يأخذ العِوَض على الحديث دَانِقَيْن، يعنى: أنّ نَفْسَه دَنِيّة. قال: وكانت حاله حسنة من الدنيا، وهو صَدْوق، غير أنّه رديء الكتاب، أي: سيء النقل. قال: وصحَّف مرة عن عُتَيّ، عن أُبَيّ قال: عن عن، عن أبيّ. وقال عُبَيْد الله الأزهري: ابن لولو ثقة. وقال أبو القاسم التنوخي: حضرت عند ابن لولو مع أبي الحسين البيضاوي ليقرأ عليه حديث إبراهيم بن هاشم، وكان قد ذكر له عدد مَن يحضر، ودَفَعْنا إليه دراهم، فرأى في جملتنا واحدًا زائدًا على العدد، فأمر بإخراجه، فجلس الرجل في الدَّهْليز، فجعل البيضاوي يرفع صوته ليسمع الرجل، فقال له ابن لولو: يا أبا الحسين، أتقاضي عليَّ وأنا البغدادي بأبطاقي، ورَّاق، صاحب حديث، شيعيّ، أزرق كوسج، ثم أمر جاريته بأن تجلس وتدق في الهَاوِن أَشْنَانًا، حتى لا يصل الصوتُ. وقال العتيقي: توفِّي ابن لولو، وكان أكثر كُتُبِه بخطّه، وقال: لا يفهم الحديث إنَّما يُحْمَل أمره على الصدق. توفِّي في محرّم سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. 296- عليَّ بن محمد بن إبراهيم1 بن خُشنام: أبو الحسن المالكي المقرئ. قرأ القرآن عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن موسى بن محمد بن سليمان الزينبي صاحب قُنْبُل، وعلي بن محمد بن يعقوب المعدّل. قرأ عليه: محمد بن الحسين الكارزيني، ومسافر بن الطيب، وغيرهما.

_ 1 انظر معرفة القراء "1/ 271".

397- علي بن محمد بن القاسم1 بن بلاغ: أبو الحسن الدمشقي المقرئ، إمام الجامع. سمع: أبا الدّحْداح أحمد بن محمد، وجماعة. وعنه: أبو نصر الْجَبَّان، وعلي بن موسى السّمسار، وغيرهما. توفِّي في ربيع الآخر. 298- عليّ بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل2 بْن محمد بْن بِشْر: أبو الحسن الأنطاكي المقرئ الفقيه الشافعي. قرأ ببلده على إبراهيم بن عبد الرّزّاق الأنطاكي بالرّوايات، وصنَّف قراءة وَرْش، ودخل الأندلس في سنة اثنتين وخمسين، وكان بارعًا في القراءات. قال أبو الوليد الفَرَضي: أَدْخَل الأندلس علمًا جمًّا، وكان بصيرًا بالعربيّة والحساب، وله حظّ من الفقه، قرأ الناس عليه وسمعت أنا منه، وكان رأسًا في القراءات، لا يتقدّمه أحد في معرفتها في وقته. وكان مولده بأنطاكية سنة تسعٍ وتسعين ومائتين، ومات بقُرْطُبة في ربيع الأوّل. قلت: قرأ عليه أبو الفرج الهَيْثمَ الصبَّاغ، وإبراهيم بن مبشّر المُقْرِئان، وحدَّث عنه عبد الله بن أحمد بن معاذ الداراني. سمع منه لمَّا مرَّ بدمشق، وروى حديثًا كثيرًا عن الشاميّين. وذُكِر الصّالحون مرّة عند المنصور بن أبي عامر، وقال: أفضل من هنا: أبو الحسن الأنطاكي، فكلّ من سَمَّيْتم جاء إليَّ إلّا هو، فما وقف لي قطّ. وقال محمد بن عتّاب: كان عَيْش أبي الحسن من غَزْل جاريته، وكان يُجْرَى عليه في الشهر جراية، فلمَّا مات فُتِحَت فوُجِدت في تَرِكَتِه مصرورة لم يحلّها -رحمة الله عليه. 299- علي بن محمد بن الحسين بن حاجب3: أبو القاسم الكوفي.

_ 1 انظر تاريخ دمشق "30". 2 انظر العبر "3/ 5"، وطبقات الشافعية الكبرى "3/ 468". 3 في عداد المجهولين.

يروي عن عبد الله بن زيدان البَجَلي. توفِّي في صفر. حرف القاف: 300- القاسم بن الحسن بن القاسم1: أبو أحمد بن الصّقْر الفَلَكي الهَمَذاني النسَّاج. يروي عن: عبد الرحمن بن أحمد بن عبّاد عبدوس، وإبراهيم بن دينار، وعبد الله بن أحمد بن يوسف الإمام، وعلي بن زَنْجَوَيْه الدَّينَوَرِي، وأبي محمد بن عبد الله بن وهب الدينوري، ومهدي بن عبد الله الأسدابازي. روى عنه: محمد بن عيسى، وحمد الزّجّاج، وعلي بن عطيّة، ومحمد بن إبراهيم الرَّيْحاني الهمذانيّون. قال صالح بن أحمد: لم يكن الحديث من شأنه، تكلّموا فيه. حرف الميم: 301- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن2 بن القاسم بن السَّريّ بن الغطريف بن الْجَهْم: أبو أحمد الغطريفي الْجُرْجاني الرَّباطيّ. كان أبوه نَيْسَابُوريًّا سكن رباط دِهِسْتَان، وكان صاحب الرَباط، فوُلِدَ له بها أبو أحمد، ونشأ بجُرْجان، وسكنها إلى أن مات بها في رجب، وكانت الرَّحْلة إليه في آخر أيامه. سمع: عمران بن موسى بن مجاشع، وأحمد بن عمر التاجر، وأحمد بن محمد الوزّان، وأحمد بن الحسن البلخي، والحسن بن سفيان، وأبا خليفة الْجُمحي، ولزمه حتى سمع جميع ما عنده، وسمع بهَمذَان من عبدوس بن أحمد، وبالرّيّ من إبراهيم بن يوسف الهسنْجَاني، وببغداد من عبد الله بن ناجية، وأحمد بن الحسن الصُّوفي، والهَيْثَم بن خلف العَبْدَوي، والإمام أبي العباس بن شريح، وبنَيْسَابور من ابن خزيمة، وهذه الطبقة.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر المنتظم "7/ 140"، وسير أعلام النبلاء "16/ 354"، والأنساب "2/ 175".

روى عنه: رفيقه أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي في صحيحه أكثر من مائة حديث، فمرَّة يقول: ثنا محمد بن أحمد العبدي، ومرّة يقول: محمد بن أبي حامد النَّيْسَابُوري العَبْقَسي، والثَّغْري يدلّسه. وكان حافظًا مُتْقِنًا صَوّامًا قوَّامًا، صنَّف "الصحيح على المسانيد". روى عنه: حمزة السّهمي، وأبو نُعَيم الأصبهاني، ورضيّ بن إسحاق النّصْري، وأبو العلاء السّرِيّ بن إسماعيل بن الإمام أبي بكر الإسماعيلي، والقاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد الله الطّبري، وآخرون. وجزؤه الذي رواه ابن طَبَرْزد أعلى الأجزاء. 302- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن1: أَبُو الحسين المَلَطي المقرئ، الفقيه الشافعي، نزيل عسقلان. قال الدّاني أخذ القراءة عرْضًا عَنْ أُبَيِّ بكر بن مجاهد، وأبي بكر بن الأنباري، وجماعة مشهورة بالثقة، ويقول الشعر. قلت: روى عنه إسماعيل هذا، وعمر بن أحمد، وداود بن مصحّح العسقلاني، وعُبَيْد الله بن سَلَمة المكتّب. وله قصيدة في نعت القراءة كالخاقانية أوّلها: أقول لأهل اللّبّ والفضل والحِجَى ... مقال مريد للثواب وللأجر وقد روى الحديث عن عَدِيّ بن عبد الباقي، وخَيْثَمة بن سليمان، وأحمد بن مسعود الوزّان، وجماعة. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ بْنُ بَدْرَانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ طَاوُسٍ، أنا حَمْزَةُ بْنُ أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ، أَنَا نَصْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَ عُمَرُ بْنُ أحمد الخطيب، أنا أحمد بن محمد السلمي، أنا نثر بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ، أنا عُمَرُ بْنُ أَبِي إِدْرِيسَ الإِمَامُ بِحَلَبَ، ثنا سَهْلُ بْنُ صَالِحٍ الأَنْطَاكِيُّ، ثنا عَبْدَةُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِهِنْدٍ: "خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ"، وَكَانَتْ قالت له: يا رسول

_ 1 انظر طبقات الشافعية "2/ 112"، ومعجم البلدان "3/ 402".

اللَّهِ، إنَّ أَبَا سُفْيَان رَجُلٌ شَحِيحٌ لَا يُعطيني ما يكفيني ويكفي بَنِيَّ، فَآخُذُ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ لا يَعْلَمُ، فهل عليّ منه شَيْءٍ؟ مُتَّفَقٌ عليه1. 303- محمد بن إبراهيم الأصبهاني2 النّيلي المقرئ: مات في شوّال. 304- محمد بن جعفر بن جابر3: أبو بكر السّعْدي الرّزْمازي الدهقان. ورَزْمَاز قرية على يوم من سمرقند. سمع: الحسن بن صاحب الشاشي، وزاهد بن عبد الله. روى عنه: ابن سعيد عبد الرحمن الإدريسي. 305- محمد بن جعفر بن زيد4: أبو الطّيّب المكتّب. روى عن أبي القاسم البَغَوِي. وعنه ابنه عبد الغفّار. 306- محمد بن زيد بن علي بن جعفر5 بن مروان: أبو عبد الله الأبزاري نزيل الكوفة، وهو بغداديّ. سمع: عبد الله بن ناجية، وحامد بن شعيب، وعبد الله بن الصّقْر السُّكَّري. وانتقَى عليه الدَارقُطْنيّ، وحدَّث ببغداد، ثم ردّ إلى الكوفة، وبها مات في صفر. وثَّقه البَرْقَانِيّ، وروى عنه أبو جماعة منهم: عليّ بْن المحسّن التَّنُوخيّ، والحسن بْن عليّ الْجَوْهَرِي. 307- محمد بن محمد بن صابر بن كاتب6: أبو عمرو البُخَارِي المؤذّن، مسند بخارى.

_ 1 الحديث صحيح: أخرجه البخاري "5364"، ومسلم "1714"، والنسائي "8/ 247"، وابن ماجه "2293"، وأحمد "6/ 39". 2 في عداد المجهولين. 3 انظر الأنساب "6/ 111"، ومعجم البلدان "2/ 42". 4 انظر تاريخ بغداد "2/ 156"، والمنتظم "7/ 140". 5 انظر تاريخ بغداد "5/ 289"، والمنتظم "7/ 141". 6 انظر تذكرة الحفاظ "3/ 973".

روى عن: صالح بن محمد جَزَرَة، وحامد بن سهل، ومحمد بن حرب، والحسين بن الحسن بن الوضّاح، والبُخَاريّين. روى عنه: محمد بن أحمد غُنْجَار، وأحمد بن عبد الرحمن الشّيرازي، وأبو نصر أحمد بن علي البُخَاري السُّني وجماعة. ورَّخه أبو بكر السّمعاني في أماليه. 308- محمد بن محمد بن عبد الله الأسْتراباذي1: والد أبي سعيد الإدريسي. قال ابنه: كان زاهدًا وَرِعًا قوَّامًا بالليل كثير التلاوة. روى عن: أبي نُعَيم بن عَدِيّ، وأبي حامد بن بلال النَّيْسَابُوري. ومات في رمضان. 309- ميمون بن أحمد بن محمد بن موسى2: أبو سعيد المصري المالكي الفقيه. وتوفِّي فِي ربيع الآخر. حرف الهاء: 310- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن يحيى3 بْن عَلِيّ بْن المنجّم البغدادي الإخباريّ: سمع من جدّه. روى عنه: أبو بكر بن شاذان، وأبو علي التَّنُوخيّ، وكان نديم الوزير المهلّبي. توفِّي في رمضان. ذكره ابن النّجّار. حرف الياء: 311- يحيى بْن مروان4: أبو بكر القُرْطُبي المؤذّن.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 141". 2 في عداد المجهولين. 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 194".

رحل وسمع من ابن الأعرابي، وابن الورد. وكتب عنه غير واحد. توفِّي بقُرْطُبة في صفر. وفيَّات سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة: حرف الألف: 312- أَحْمَد بْن الحُسين بْن أَحْمَد بن علي العلوي1 بن العقيقي الدمشقي: صاحب الدار والحمَّام بنواحي باب البريد. مات في هذا العام، وأغلق له البلد، وقد كان مدحه أبو الفرج محمد بن أحمد الوأواء الشاعر. 313- أحمد بن خالد بن عبد الله2 بن يبقي الْجُذَامي القُرْطُبي: أبو عمر التاجر. رحل وسمع من: أبي علي الصّفّار، والحسين بن صفوان، وأبي البَخْتَرِي، وأبي سعيد بن الأعرابي. وأدخل الأندلس أشياء تفرَّد بروايتها، فسمع النّاس منه، ولم يكن له فَهْم، ولا كان يقيم الهجاء، غير أنّه كان صالحًا صَدُوقًا إن شاء الله. سمعت منه أكثر ما يرويه. قاله ابن الفَرَضي. توفِّي في ذي القعدة. 314- أحمد بن عبادة: أبو عمرو3 المرادي الإشْبِيلي. سمع: الحسن بن عبد الله الزّبيدي، وسعيد بن جابر، وأحمد بن خالد بن الحباب، وابن أيمن، وجماعة.

_ 1 انظر النجوم الزاهرة "4/ 153". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 55". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 55".

وولي الصّلاة بإشبيلية، وكان صالحًا وَقُورًا مسمتًا. قال ابن الفرضي: ثنا عن سعيد بن جابر، ومات في شوال. 315- أحمد بن علي بن محمد بن هارون1: أبو العبّاس الهاشمي الرشيدي. حدّث عن: ابن صاعد، وغيره. 316- أحمد بن عون الله بن حُدَيْر2 بن يحيى: أبو جعفر القُرْطُبي البزّاز. حجَّ وسمع من: ابن الأعرابي، وخَيْثَمَة الأطرابلسي، وأحمد بن سلمة بن الضّحّاك، وأبا يعقوب الأَذْرُعي، وجماعة كثيرة. وكان صدوقًا صالحًا، شديدًا على المبتدعة، لَهِجًا بالسُّنّة، صَبُورًا على الأَذَى. روى عنه ابن الفَرَضِي وقال: كتب النّاس عنه قديمًا وحديثًا. قال لي: وُلِدت سنة ثلاثمائة. وتوفِّي في ربيع الآخر. قلت: ومن شيوخه قاسم بن أصبغ، وأبو الميمون بن راشد الدمشقي، وكان مُنْقَبِضًا عن المُدَاخلة، خيّرًا يسمع العلم من بكرة إلى عشية، وله وقائع مشهورة مع أهل البِدَع، وعنه أخذ أبو عمر الطَّلَمَنْكِي، رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 317- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه3 بْن أَحْمَد: أَبُو الْعَبَّاس بْن أبي نصر النَّيْسَابُوري الماسَرْجَسي سِبْط ابن ماسرجس. مُكْثِر، عن: أبي حامد ابن الشرقي، ومكّي بن عَبْدان. وخرَّج له الحاكم فوائد. توفِّي في ربيع الأوّل. 318- أحمد بن موسى بن عيسى4: أبو الحسين الْجُرْجاني الوكيل على باب القاضي.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 54". 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ جرجان "103".

روى عن: عمران بن موسى بن مجاشع، وأحمد بن محمد بن عبد الكريم الوزَّان، وأحمد بن حفص السَعْدي، وعبد الرحمن بن عبد المؤمن. ذكره حمزة السّهْمي فقال: كتب الكثير من المسانيد والسُّنَن، وجمع وصنَّف، وله فَهْمٌ ودِراية، وله مناكير عن شيوخ مجاهيل فأنكروا عليه. توفِّي في ذي القعدة. 319- إبراهيم بن سليمان بن أبي زُرْعَة1: أبو إسحاق بن الملَّاح المصري. يروي عن محمد بن زبّان. وتوفِّي في رجب. 320- إسماعيل بن محمد بن إسماعيل2 بن صالح: أبو القاسم بن زنجي البغدادي الكاتب. سمع: محمد بن محمد الباغَنْدي، ومحمد بن خَلَف وكيع، والبَغَوِي. وعنه: أبو القاسم التَّنُوخيّ، وأبو محمد الْجَوْهَرِي. وقال عبيد الله الأزهري: لا يسوى شيئًا. حرف الباء: 321- بِشْر بن محمد بن محمد3 بن ياسين بن النَّضْر بن سليمان القاضي: أبو القاسم الباهلي النَّيْسَابُوري، من بيت الفتوى والرّواية. قال الحاكم: كان كثير الذِكر والصّلاة. سمع: أبا بكر بن خُزَيْمَة، وأبا العبّاس السرَّاج، وأبا العباس الدَّغُولي. جلس وأمْلَى، وكان مُكْثِرًا، لكنَّه ضيَّع أصْولَه. وروى عنه: الحاكم، وأبو سعيد الكنجروذي في هذه السنة.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ بغداد "6/ 308". 3 انظر العبر"3/ 6"، وشذرات الذهب "3/ 91".

وتوفِّي في شهر رمضان. وقع لي من عواليه جُزْءً، وقد وُلِدَ سنة ستٍّ وتسعين ومائتين. حرف التاء: 322- تَبُوك بن الحسن بن الوليد1 بن موسى: أبو بكر الكلابي الدمشقي المعدّل، أخو عبد الوهاب. روى عن: سعيد بن عبد العزيز الحلبي، وأحمد بن جوصا، ومحمد بن يوسف الهَرَوِي. وعنه: أخوه عبد الوهاب، وتمَّام، وعلي بن السّمسار، وجماعة. توفِّي في رمضان. حرف الجيم: 323- جعفر بن أحمد: أبو القاسم النَّيْسَابُوري2 الصُّوفي الرّازيّ الأصل، شيخ عصره في التوكُّل والزُّهد. سمع: أبا محمد بن أبي حاتم، وجماعة. كتب عنه الحاكم وقال: توفِّي في شعبان. حرف الحاء: 324- الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن حازم3: أبو عبد الله الفارسي القطّار. توفِّي في شعبان بمصر. 325- الحسين بن علي بن ثابت4: المقرئ صاحب المنظومة في القراءات السبعة.

_ 1 انظر تهذيب ابن عساكر "3/ 341"، وشذرات الذهب "3/ 91". 2 لا بأس به. 3 في عداد المجهولين. 4 انظر تاريخ بغداد "8/ 75"، والمنتظم "7/ 142"، والبداية والنهاية "11/ 306".

روى عنه: أحمد بن محمد العتيقي، وكان حافظًا ذكيا. وُلِد أعمى، وتُوُفّي في رمضان، وكان يحضر مجلس ابن الأنْبَاري ويحفظ ما يملى. حرف الخاء: 326- الخليل بْن أحمد بْن مُحَمَّد1 بْن الخليل: أبو سعيد السَّجْزي القاضي الحنفي، شيخ الحنفية. وكان من أحسن النّاس كلامًا في الوعظ والذِكْر. سمع: السّرّاج، وأبا بكر بن خُزَيْمَة، وأبا القاسم البغوي، ويحيى بن صاعد، ومحمد بن إبراهيم الدّيبلي، وجماعة. وولي قضاء سمرقند، وبها توفِّي. روى عنه أهل هراة ونيسابور، روى عَنْهُ أبو عَبْد الله الحاكم، وأبو يعقوب إسحاق القَرّاب، وعبد الوهاب بن محمد الخطابي، ومحِلّمِ بن إسماعيل الضَّبّي، وجماعة. ووقع لي حديثه بعلوٍّ، وفي كتاب "القند" أنّه مات بفَرْغَانَة، وأنّه وُلِدَ سنة تسعٍ وثمانين. قال الحاكم: هو شيخ أهل الرأي في عصره، وكان من أحسن النّاس كلامًا في الوعظ. ومن شعره: سأجعل لي النّعْمانَ في الفقه قُدْوَةً ... وسُفْيَانَ في نَقْل الأحاديث سَيّدا وفي ترْك ما لم يَعْنِني عن عقيدتي ... سأتبع يعقوب العلا ومحمدا وأَجعلُ درسي من قراءة عاصمٍ ... وحَمْزَةَ بالتحقيق درْسًا مُؤَكّدا وأجعلُ في النّحْوِ الكِسَائيُّ قُدْوَةً ... ومن بعده الفرَّاء ما عِشْتُ سَرْمَدا في أبيات.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 142"، والأنساب "291"، والعبر "3/ 7"، والبداية والنهاية "11/ 306".

حرف الزاي: 327- زياد بن محمد بن زياد1: أبو العبَّاس الْجُرْجاني الأصبهاني، وجُرْجان من قرى أصبهان. روى عن: الحسن بن محمد الداركي، ومحمد بن محمد بن عمرو الأَبْهَرِي. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم. ورَّخه عبد الرحمن بن محمد العبدي. حرف السين: 328- سعيد بن حمدون بن محمد2 القَيسي القُرْطُبي الصُّوفي: أبو عثمان. سمع: قاسم بن أصبغ، وأحمد بن الشامة، وحجَّ سنة اثنتين وتسعين. وسمع: أبا محمد بن الورد، وأبا بكر الآجرّي، ولم يزل يسمع إلى أن مات، ولم يكن له نفاذ في العلم. مات في ذي الحجّة. 329- سَلَمَة بن أحمد بن سلمة3: أبو نصر النَّيْسَابُوري المعاذي الشاعر المشهور. سمع: أبا حامد بن بلال القطّان، وعدّة. وعنه: الحاكم. 330- سليمان بن محمد بن أحمد4 بن أبي أيوب: أبو القاسم البغدادي.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 142"، والبداية والنهاية "11/ 307". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 174". 3 يتيمة الدهر "4/ 387". 4 انظر تاريخ بغداد "9/ 63"، والمنتظم "7/ 143".

سمع: محمد بن محمد الباغندي، وعبد الله البَغَوِي، وعبد الحميد بن دَرَسْتَويْه. روى عنه: عبيد الله الأزهري، والحسن بن محمد الخلال، وغيرهما. وثّقه الخطيب. حرف الشين: 331- شافع بن محمد بن يعقوب1 بن إسحاق: أبو النَّضْر، حفيد الحافظ أبي عَوَانة الإسْفِراييني. رحل وطوَّف إلى العراق والشام ومصر بعد وفاة جدّه. سمع: جدّه، وعلي بن عبد بن مبشّر الواسطي، وأحمد بن عمير بن جَوْصَا الحافظ، وعبد الله بن الزّفتي، وأحمد بن عبد الوارث الغَسَّال، وأحمد بن محمد الطحاوي الفقيه، ومحمد بن إبراهيم الدَّيبْلي، والمحاملي، وطبقتهم. روى عَنْهُ: أبو عَبْد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السُّلَمي، وأبو نُعَيم الهَرَوي، وأبو مسعود أحمد بن محمد الرازي، وأبو سعيد مصر بن عبد الرحمن الكَنْجَرُوِدِي. وقال الحاكم: خرَّجت عنه في الصحيح، وتُوُفّي بجُرْجان سنة ثمانٍ وسبعين. حرف العين: 332- عبد الله بن إسماعيل: الرئيس2 أبو محمد. توفِّي بمكّة في ذي الحجّة. سمع بخُراسان من ابن الشَّرَقيّ، وغيره. 333- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد3 بْن يحيى: أبو نصر السرَّاج الطُّوسِيّ الصُّوفي، مصنِّف كتاب "اللمع" في التصوُّف.

_ 1 انظر تاريخ جرجان "230". 2 انظر يتيمة الدهر "4/ 382"، والوافي بالوفيات "7/ 73". 3 انظر العبر "3/ 7"، ومرآة الجنان "2/ 408".

سمع: جعفر الخلدي، وأبا بكر محمد بن داود الرّقّي، وأحمد بن محمد السائح. روى عنه: أبو سعيد محمد بن علي النّقّاش، وعبد الرحمن بن محمد السّرّاج، وغيرهما. قال السُّلَمي: كان أبو نصر من أولاد الزهَّاد، وكان المنظور، وكان إليه في ناحيته في الفُتُوَّة ولسان القوم، مع الاستظهار بعِلْم الشريعة، وهو بقيّة مشايخهم اليوم. ومات في رجب، ومات أبوه ساجدًا. 334- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ1 بْنِ شريعة بن رفاعة اللَّخْمي: المعروف بابن الباجي الأندلسي العلَّامة الحافظ، أبو محمد الإشْبِيلي. سمع: محمد بن عبد الله بن القَوْن، وسيد أبيه الزّاهد، وسعيد بن جابر بإشْبيلية، ومحمد بن عمر بن عبد العزيز، وخَلْقًا بقُرْطُبَة، ومحمد بن فُطَيْس، وعثمان بن جرير بإلْبيرة. وكان ضابطًا حافظًا متقِنًا، بصيرًا بمعاني الحديث. قال ابن الفَرَضي: لم ألق أحدًا أفضِّله عليه في الضَّبط، سمعت منه الكثير بقرطبة، ورحلت إليه إلى إشبيلية مرّتين، سنة ثلاثٍ وسبعين، وسنة أربعٍ، وروى النّاس عنه كثيرًا، وسمع منه جماعة من أقرانه، وتوفِّي في رمضان، وله سبعٌ وثمانون سنة. 335- عبد العزيز بن الحسن بن أبي صابر2: أبو محمد البغدادي النّاقد الصَّيْرفي. سمع أبا خُبَيْب العبّاس بن البرتي، وأبا بكر بن أبي داود بن صاعد. وعنه: الحسن بن محمد الخلال، وأبو محمد الْجَوْهَرِي. ووثّقه عُبَيْد الله الأزهري. توفِّي في جُمادى الآخرة.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 240"، وسير أعلام النبلاء "16/ 377"، والأنساب 2/ 19". 2 انظر تاريخ بغداد "10/ 465"، والمنتظم "7/ 143".

336- عبدُ العزيز بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز1: أبو محمد الكِسائي المقرئ. توفِّي في رمضان. 337- عَبْد الغفَّار بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هشام2 بن داود بن مهران الحرّاني: أبو مسلم، من أهل مصر. توفِّي في شعبان، وقد قارب التّسعين. 338- عبد الكريم بن محمد بن موسى3 البخار المِيغي: ومِيغ من قُرَى بُخارَى. لم يكن في عصره مثله بسمرقند فِقْهًا وعِلْمًا، وكان عالم الحنفيّة في زمانه، وأزهدهم. أخذ عن: عَبْد الله بْن محمد بْن يعقوب البْخَاري الفقيه، وغيره، وروى أيضًا عن أبي القاسم الحَكَم السَّمَرْقَنْدي، ونصر المُهلّبي، ومحمد بن عمران البُخاري. مات في جُمادى الآخرة، كتب عنه أبو سعيد الإدريسي، وغيره. 339- عبد الواحد بن مُحَمَّد بن أحمد4 بن مسرور: الحافظ أبو الفتح البَلْخي. سمع: الحسين بن محمد المطبقي، وأبا بكر أحمد بن سليمان بن زياد، وأبا عمر محمد بن يوسف الكِنْدي، وأبا سعيد بن يونس، وجماعة. روى عنه: الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، وأحمد بن عمر بن سعيد بن قديد، وعمر بن الخضر اليَمَانييّن وغيرهم. وكان حافظًا مكثِرًا، أقام بمصر مدّة، وتوفِّي في ذي الحِجَّة. 340- عبد الله بن الحسين بن الحسن5: الإمام أبو القاسم بن الجلّاب المالكي الفقيه.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر السابق. 3 انظر معجم البلدان "5/ 244"، وسير أعلام النبلاء "16/ 383"، واللباب "3/ 283". 4 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 422"، وحسن المحاضرة "1/ 352". 5 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 383"، وشذرات الذهب "3/ 93"، والعبر "3/ 10".

توفِّي راجعًا من الحجِّ في آخر السنة. نقلته من خط شيخنا أبي الحسين، وهو مذكور بكُنْيَتِهِ أيضًا. 341- عُبَيْد الله بن الوليد1 بن محمد بن مروان: الأموي المُعَيْطِي، الإمام البَرْقي ثم الأندلسي. سمع: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن أبي دُلَيْم، والحسن بن سعد. وكان فقيهًا مالِكيًّا بصيرًا بالمسائل. توفِّي في أوّل السنة. سمع منه جماعة. 342- عَتِيقُ بن موسى بن هارون2 بن موسى بن الحَكَم: أبو بكر الحاتمي الأَزْدِي. شيخ مُعَمّر. سمع من: أبي الرَّقْراق أحمد بن محمد بن عبد العزيز التُّجَيبي صاحب يحيى بن بُكَير "مُوَطَّأ" مالك، ومن حسين بن حميد العَكّي صاحب عمرو بن خالد، ويحيى بن بكير. روى عنه: يحيى بن علي بن الطّحّان، وأحمد بن علي بن محمد بن سَلَمة الفَهْمي الأنْماطي شيخ ابن عبد الله الرّازي. توفِّي في شعبان، وكان أسند مَن بقي بمصر. 343- عمر بن محمد بن السَّرِيّ3 بن سهل: أبو الْجُنَدَيْسَابُوري الوراق. وُلِدَ سنة تسعين ومائتين، وروى عن محمد بن جرير، والباغَنْدي، وحامد بن البَلْخي. وعنه: الأَزْجِي، وأبو نُعَيْم الأصبهاني وجماعة. قال ابن أبي الفوارس: كان مُخَلَّطًا يدَّعي ما لم يسمع.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 252". 2 انظر المشتبه في أسماء الرجال "2/ 445". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 262".

حرف القاف: 344- القاسم بن خَلَف بن فتح1 بن عبد الله بن جُبَيْر: الفقيه أبو عبد الله الْجُبَيْرِي الطُرْطُوشِي، نزيل قُرْطُبة. سمع قاسم بن أصبغ، ورحل فسمع بمصر والعراق. قال ابن عفيف: كان عالمًا بالفقه والحديث، نظَّارًا موفَّقًا في المسائل، حَسَن التأليف، وله كتاب في التوسُّط بين مالك وابن القاسم، فيما خالف فيه ابنُ القاسم مالكًا، وكان ذا مَكَانَةٍ من المُسْتَنْصِر بالله الحَكَم صاحب الأندلس. وُلّي قضاء بلنسية وقضاء طُرْطُوشة، ولحقته مع عبد الملك بن منذر البلُوطي وجماعة من العلماء التُّهمة في القيام مع عبد الله ابن أخي المستنصِر، على هشام المؤَيّد، وصاحب دولته ابن أبي عامر، وكانت فتنة هائلة، قُتِلَ فيها عبد الملك البلُّوطي باعترافه وإقراره لخدعة لحِقَتْه من ابن عامر، ثم أمر بابن القاسم والجماعة إلى المَطْبَق، فبقي القاسم إلى أن مات في المَطْبَق في هذه السنة. وقال أبو الحسن بن القَرّاب: كان يحفظ من الحديث جملة، وكتب الحديث بالشّام ومصر. حدَّث بأحاديث عن الباغَنْدِي لا أصل لها، وكان ردّ من المذهب. حرف الميم: 345- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد2 بن يعقوب: أبو بكر المُفيد، نزيل جَرْجَرَابا. وصفه أبو نُعَيم الأصبهاني بالحِفْظ. قال الخطيب: وسمعت محمد بن عبد الله يحكي عنه قال: موسى بن هارون سمَّانِيَ المُفيد. وقال محمد بن أحمد الروياني: لم أر أحفظ من المفيد. وحدَّث عنه أبو سعد الماليني ووصفه بالصلاح.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 369". 2 انظر تاريخ بغداد "1/ 346"، والمنتظم "7/ 144"، وسير أعلام النبلاء "16/ 269".

روى المفيد عن: أحمد بن عبد الرحمن السَّقْطي، وابي شُعَيْب الحَرَّاني، وعَليُّ بْن محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب، ومحمد بن يحيى المَرْوَزي، وخلق لا يُحْصَوْن من أهل مصر والشام، وحدَّث بمناكير عن أقوامٍ مجَاهيل، منهم: الحسن بن عُبَيْد الله العبدي، عن عفّان، وعبد الله بن رجاء، وجماعة، ومنهم: أحمد بن عبد الرحمن السقطي، عن يزيد بن هارون. وقد روى عنه البَرْقَانِيّ في صحيحه، واعتذر بأنَّ ذلك الحديث ما وقع له إسناده إلّا عنه، وسُئِلَ عنه البرقاني فقال: ليس بحجة، رحلت إليه وثنا بالمُوَطّأ عن الحسين بن عبد الله، عن القعنبي، فلمَّا رجعت قال لي أبو بكر بن أبي سعد: خَلَف الله عليك نَفَقَتَك، فدفعت "الموطّأ" إلى بعض العامّة، وأخذت بدله بياضًا. قلت: وآخر مَن حدَّث عن الحسن بن غالب المقرئ أحد الضُّعفاء، وبقي إلى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وذكر المفيد أنَّه وُلِدَ سنة أربعٍ وثمانين ومائتين، فيكون عمره أربعًا وتسعين. قال: سمعت من السَّقَطي ولي إحدى عشرة سنة، وكان سنُّه وقت سماعي منه مائة وخمس سنين. قال أبو الوليد الباجي: أبو بكر المفيد شيخ أنكرت عليه أسانيد ادَّعَاها. 346- محمد بن أحمد بن مسعود1: أبو عبد الله بن الفخّار الأندلسي إلْبيري. مُكْثِر عن: محمد بن فُطَيْس، وروى عن عثمان بن جرير الكلابي، وفضل بن سلمة. قال ابن الفَرَضي: سمع منه جماعة أنا منهم، وتوفِّي في ذي الحجّة. وقال لي: ولدت سنة ثلاثمائة. وكان فقيهًا. 347- محمد بن إسحاق بن طارق2 بن بكر القطيعي النّاقد: سمع: محمد بن محمد الباغَنْدي، وعبد الله بن محمد البَغَوِي، وطائفة.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 88". 2 انظر تاريخ بغداد "1/ 261".

وعنه: أبو علي شاذان، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، والحسن بن محمد الخلال، وآخرون. توفِّي في ربيع الْآخر. 348- محمد بن إسماعيل بن العبّاس1 البغدادي المُسْتَمْلي: أبو بكر الورّاق. سمع: أباه، والحسن بن الطّيّب البلْخي، وعمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، وأحمد بن الحسن الصُّوفي، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، وطبقتهم. روى عنه: الدَارقُطْنيّ، وأبو بكر البَرْقَانِيّ، والحسن بن محمد الخلال، وأبو محمد الْجَوْهَري، وأحمد بن عمر القاضي، وآخرون. مولده سنة ثلاثٍ وتسعين. ثنا أحمد بن عمر القاضي، ثنا أبو بكر الورّاق. قال: دَقَقْتُ على ابن صاعد بابَه فقال: من ذا؟ فقلت: أبو بكر بن أبي علي، أها هنا يحيى؟ فسمعته يقول للجارية: هاتي النَّعْلَ حتى أخرج إلى هذا الجاهل الذي يكتنِي ويسمّيني فأصفُّه. وقال أبو حفص بن الزّيّات: حضرت عند أحمد بن الحسن الصوفي، وحضر إسماعيل الورّاق مع ابنه، فسمع نسخة يحيى بن مَعِين، فقام إسماعيل وأخذ بيد ابنه، وقال للجماعة: اشهدُوا أنّ ابني قد سمع من هذا الشيخ نسخة يحيى بن مَعِين. قال الخطيب: سألت البَرْقَانِيّ عنه فقال: ثِقَة. وقال ابن أبي الفوارس: ضاعت كُتُبُه، واستحدث نُسَخًا من كتب النّاس، فيه تَسَاهُلٌ. وقال عُبَيْد الله الأزهري: حافظ، لكنّه لَيَّن في الرّواية، يحدِّث من غير أصل. مات في ربيع الآخر. قلت: التحديث من غير أصل، مَذْهَبُ طائفةٍ. 349- محمد بن بِشْر بن العبّاس2: أبو سعيد البصْري الكرابيسي ثم النيسابوري.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "2/ 53- 55"، والمنتظم "7/ 143"، وسير أعلام النبلاء "16/ 388". 2 انظر العبر "3/ 8"، وشذرات الذهب "3/ 92".

سمع: أبا لبيد محمد بن إدريس الشامي، وأبا بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيْمَة، وأبا القاسم البَغَوِي، وجماعة. وكان خَتَنَ أبي الحسين الحجّاجي، شيخ صالح مُسْنِد. توفِّي في جُمادى الآخرة، وله أحد وثمانون سنة. روى عَنْهُ: أبو عَبْد الله الحاكم، وأبو سعيد الكَنجَرُودِي، وجماعة. 350- محمد بن أبي الحسام طاهر1 بن محمد بن طاهر: أبو عبد الله التُّدْمِيري الزّاهد. أحد من رفض الدنيا وظهرت له إجابات وكرامات، وهو مشهور بالمغرب، ورُبّما كان يؤاجر نفسه بما يتقوَّتُهُ، ثم لزِم الثغر والرباط، ثم استُشْهِد مُقْبِلًا غير مُدْبِرٍ في جُمادى الأولى في غزوة استرقة. 351- محمد بْن الحُسَيْن بن محمد2 بْن إبراهيم النُّعْمان: أبو عبد الله القُرَشي الفِهْرِي المقرئ. قرأ على أبي الفتح بن بدهن، وأحمد بن أبي أسامة التُّجَيْبي، وجماعة. سكن الأندلسَ وبرع في القراءات. توفِّي في المحرّم في الكبولة، رحمه الله. قرأ عليه أبو عمر الطّلَمَنْكِي. 352- محمد بن صالح القُرْطُبي3 المَعافِري: سمع من: قاسم بن أصبغ، ورحل فسمع من: ابن الأعرابي بمكّة، ومن خلْقٍ ببغداد وخُراسان، وسكن بخارى إلى أن مات. 353- محمد بن العبَّاس بن محمد4 بن العبّاس بن أحمد بن عاصم: الرئيس أبو عبد الله بن أبي ذُهْل الضَّبيّ الهروي.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 78". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 113". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 89". 4 انظر تاريخ بغداد "3/ 119"، والمنتظم "7/ 146"، والعبر "3/ 9".

سمع: محمد بن مُعَاذ الماليني، وأبا نصر محمد بن عبد الله التيمي، وحاتم بن محبوب، وأبا عمرو الحِيري، ومؤمّل بن الحسن الماسَرْجَسي، ويحيى بن صاعد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأدرك البَغَوِي في الموت ولم يسمع منه. روى عنه الأئمّة الكِبار: الدَارقُطْنيّ، وأبو الحسين الحَجّاجي، والحاكم أبو عبد الله، وأبو أيّوب القَرّاب، وعامّةُ الهَرَوِيّين. وكان يعاشر العلماءَ والصالحين، وله أفاضل كثيرة عليهم، وكان يُضرب له الدينار دينارًا ونصفًا، فيتصدق بالدنانير التي من هذا الوزن، ويقول: إنّي لأَفْرَحُ إذا ناولت فقيرًا كاغَدَةً، فيتوهّم أنّه فضّة، فيفتحه فيفرح، ثم يزِن فيفرح ثانيا. وقد قال مرّة: ما مسّتْ يدي دينارًا ولا دِرْهمًا نحو ثلاثين سنة. قال الحاكم: قد صحبت أبا عبد الله بن أبي ذُهْل حَضَرًا وسَفَرًا، فما رأيت أحسن وُضُوءًا ولا صلاةً منه، ولا رأيت في مشايخنا أَحْسَنَ تضرُّعًا منه وابتهالًا، ولقد سالت الولي عن أعشار غَلات أبي عبد الله كم تبلغ؟ قال: رُبّما زادت على ألفِ حمْل. وحدّثني أبو أحمد الكاتب أنَّ النّسْخَة التي كانت عنده بأسماء من يُقَوّتهم أبو عبد الله بهَرَاة يزيد على خمسة آلاف بيت، وعُرِضَت على أبي عبد الله ولاياتٌ جليلة فامتنع. ومَوْلِده سنة أربعٍ وسبعين ومائتين، واستُشْهِد في صفر، أخبرني من صحبه أنّه دخل الحمَّام فما خرج، لبس قميصًا ملطَّخًا فانتفخ، ومات شهيدًا. وقال أبو النّضْر عبد الرحمن الفامي: إنّه صنَّف صحيحًا على صحيح البخاري وتفقَّه ببغداد، ولم يجتمع لرئيس بهراة ما اجتمع له من آلالات السيادة، ونَسَبَه هو وأبو بكر الخطيب فقالا: هو محمد بن العبّاس بن أحمد بن محمد بن عصم بن بلال بن عصم، أبو عبد الله العُصَمي. قال الخطيب: أوّل سماعه سنة تسع وثلاثمائة بهراة، وورد بغداد دفعات، وحدث بها. روى عنه: الدارقطني، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو بكر البَرْقَانِيّ، وغيرهم. قلت: وقد سمع شيخ الإسلام على خلق من أصحابه. قال الخطيب: وكان ثقة نبيلًا، من ذوي الأقدار العالية. قال مرّة: قد توفِّي

جماعةٌ أَوْدَعُوا مصنَّفاتهم عنِّي. سمعت البَرْقَانِيّ يقول: كان مِلكُ هرَاة تحت إمرة ابن أبي ذُهْل لقَدْرِهِ وأَبُوّتِهِ. 354- محمد بن عبد الله بن أيّوب1: أبو بكر البغدادي القطّان. سمع: محمد بن جرير، وغيره. روى عنه أبو محمد الخلال والْجَوْهَرِي. قال عُبَيْد الله الأزهري: كان سماعه صحيحًا لكنَّه كان رافِضِيا. 355- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد2 بن الفتح بن الشخَّير: أبو بكر الصَّيْرَفي، بغداديّ صَدُوق. سمع: عبد الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، والحسن بن عنبر الوشَّاء، وعبد الله البَغَوِي، وجماعة. وعنه: عُبَيْد الله الأزهري، وأبو محمد الْجَوْهَري وجماعة. توفِّي في رجب، وله بضّعٌ وثمانون سنة. 356- محمد بن علي الدقيقي3 النحوي. أخذ العربية عن: علي بن عيسى الرُّمّاني، وخدم عضُدُ الدولة، وصنَّف كتاب "المرشد في النّحْو"، وكتاب "المسموع في غريب كلام العرب". 357- محمد بن فتح4: أبو عبد الله القُرْطُبي اللّحّام. سمع من: قاسم بن أصبغ، والحبيب بن أحمد المؤدّب. وكان أحد العُدُول. 358- محمد بن القاسم بن فهد5: أبو بكر القاضي. توفِّي بمصر.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 465". 2 انظر تاريخ بغداد "2/ 333"، والمنتظم "7/ 145"، والعبر "3/ 9". 3 انظر الوافي بالوفيات "4/ 179"، ومعجم الأدباء "18/ 263". 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 88". 5 في عداد المجهولين.

359- محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق1: أبو أحمد النَّيْسَابُوري الكرابيسي الحاكم، الحافظ، صاحب التصانيف، وهو الحاكم الكبير. سمع: محمد بن شادل، وأحمد بن محمد الماسَرْجَسي، ومحمد بن إسحاق الثَّقَفي، ومحمد بن إسحاق بن خُزَيْمَة بنَيْسَابور، ومحمد بن إبراهيم الغازي بطَبَرِسْتَان، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، ومحمد بن حميد بن المجدّر، وعبد الله البغوي، وابن أبي داود ببغداد، ومحمد بن الحسين الخَثْعَمي، وعبد الله بن زيدان البَجَلي بالكوفة، وأبا عَرْوبَة بحرَّان، وسعيد بن هاشم بطبريّة، ومحمد بن الفَيْض، وسعيد بن عبد العزيز، ومحمد بن خزيم، وابن جَوْصَا بدمشق، ومحمد بن إبراهيم الدَّيبلي بمكة، وخلقًا سواهم بالبصْرة وحلب والثغور. روى عنه: علي بن حمّاد، وهو أكبر منه، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الله السّلمي، ومحمد بن أحمد الجارودي، وأبو بكر بن مَنْجَوَيْه، وعمر بن أحمد بن مسرور، وصاعد بن محمد القاضي، وأبو سعد الكَنْجُرودِي، وأبو عثمان البَحِيري، وخلق. قال أبو عبد الله الحاكم: أبو أحمد الحافظ إمام عصره في الصَّنْعة، وكان من الصالحين الثّابتين على سُنَن السَّلَف، ومن المُنصِفين فيما يعتقده في أهل البيت والصحابة، وقُلِّدَ القضاء في مُدُنٍ كثيرة، وإنَّما سمع الحديث وهو ابن نيّف وعشرين سنة. صنَّف على كتابَيِ البُخَاري ومُسْلِم، وتتبّع على شرط التَّرمِذي. قال لي: سمعت عمر بن علّك يقول: مات محمد بن إسماعيل ولم يخلّف بخراسان مثل أبي عيسى في العِلْم والزُّهد والورع، بكى حتى عُمِي، رحمه الله. قال الحاكم في تتمّة ترجمة أبي أحمد: وصنَّف كتاب "الأسماء والكُنَى"، وكتاب "العلل"، و"المخرج على كتاب المُزَني"، وكتاب "الشُّروط"، وكان عارفًا بها، وصنَّف "الشَّرْح والأبواب"، وقُلَّد قضاء النّاس، فحكم بها أربع سنين، ثم قضاء طُوس، فكنت أدخل عليه، والمصنَّفات بين يديه، فيقضي بين اثنين، فإذا تفرَّغ أقبل على التصنيف، ثم إنَّه قدِم نَيْسَابُور سنة خمسٍ وأربعين وثلاثمائة، ولزِم مسجدَه، وأقبل على العبادة والتواليف، وأُريد غير مرّةٍ على القضاء فامتنع، وكُفَّ بَصَرُهُ سنة ستٍّ وسبعين. وهو حافظُ عصره بهذه الديار.

_ 1 انظر المنتظم "7/ 146"، وسير أعلام النبلاء "16/ 370"، ولسان الميزان "7/ 5".

وقال السُّلَمي: سمعت أبا أحمد الحافظ يقول: حضرنا مع الشيوخ عند أمير خُراسان نُوح بن نصر، فقال: من يحفظ منكم حديث أبي بكر في الصَّدَقات؟ فلم يكن فيهم من يحفظه، وكان عليّ خلقان، وأنا في آخر النّاس، فقلت للوزير: أنا أحفظ. فقال: ههنا فتى من نيسابور يحفظه، قال: فقدِمْت فوقهم، ورويت الحديثَ، فقال: مثل هذا لا يُضَيَّع، وولاني قضاء الشاش. وقال الحاكم أبو عبد الله: توفِّي في ربيع الأوَّل، وله ثلاثٌ وتسعون سنة، وكان قد تغيّر حِفْظُهُ لما كُفَّ، ولم يختلط قَطُّ. 360- محمد بْن محمد بْن إبراهيم1: أبو بَكْر بْن دوسلة الهمذاني الشافعي النّجّار. روى عن: القاسم بن القاسم السّياري، ومحمد بن أحمد بن محبوب، وأهل مرو. وعنه: أبو بكر محمد بن إبراهيم الزَّنْجاني، ومحمد بن عيسى. توفِّي في صفر. الكنى: 361- أبو القاسم بن الجلّاب2 المالكي الفقيه: اسمه فيما ذكر إسحاق الشَّيرازي: عبد الرحمن بن عُبَيْد الله. وسمَّاه القاضي عياض: محمد بن الحسين، قال: ويقال: اسمه الحسين بن الحسن، ويقال: عُبَيْد الله ابن الحسين، تفقّه بالقاضي أبي بكر محمد بن عبد الله الأبهري، وصنَّف كتابًا جليلًا في مسائل الخلاف، وله كتاب "التقريع" في المذهب، مشهور، وغير ذلك. وكان أحفظ أصحاب الأَبْهَري وأنبلهم، وعِدادُهُ في الفُقهاء العراقيين، رحمه الله. توفِّي في آخر العام راجعًا من الحجّ، ولم يخلف ببغداد في المذهب مثله. مات في الكهولة.

_ 1 لا بأس به. 2 تقدمت ترجمته باسم "عبد الله بن الحسين بن الحسن".

وفيَّات سنة تسع وسبعين وثلاثمائة: حرف الألف: 362- أحمد بن جعفر بن خُزَيْمَة1: أبو محمد الطّرّازي. روى عن: السّرّاج وغيره. توفِّي في المحرَّم. 363- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد2 بْن خَلَف، أبو بكر الدُّورِي الورّاق. حدَّث عن: أبي القاسم البَغَوِي، وأحمد بن القاسم الفرائضي، وأبي بكر بن مجاهد. وعنه: أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو القاسم التنُوخي. وكان رافضيًّا مشهورًا. قاله الخطيب. 364- أحمد بن عبد الرحمن بن عبد القاهر3: أبو عمر العبسي الفرضي، أصله من إشبيلة، وبها وُلِدَ سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين، وأخذ عن أحمد بن خالد، وأحمد بن بقيّ، وحجّ فسمع من أبي جعفر العُقَيْلي، والطَّحاوي وطبقتهما. وله مصنَّف في الفِقه سمّاه: "الاقتصاد"، ومصنَّف في الزُّهد. مات في صفر. أرَّخه ابن بشكوال. 365- أحمد بن عبد الرحمن4 بن القاسم بن حُبَيْش النّحْوِي بمصر: يروي عن: ابن ربيع، وابن قُدَيْد. 366- أحمد بن أبي طاهر علي بن بابنوس5: أبو جعفر البغدادي. سمع: محمد بن جرير الطبري، ومحمد بن خَلَفَ وكيع، والبغوي.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ بغداد "4/ 234". 3 انظر الصلة "1/ 7". 4 لا بأس به. 5 أحد الثقات، وثقه الآجري.

وعنه: أبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري, وكان في بعض سَمَاعه مُحَكْكًا. وثَّقه أبو القاسم الآجُرّي. 367- أحمد بن محمد بن أحمد1 باكَوَيْه: أبو حامد وأبو العبّاس الباكوي النَّيْسَابُوري. سمع: محمد بن شادل، وابن خُزَيْمَة، وأبا العبّاس السّرّاج، وأبا قريش محمد بن جمعة. وعنه: الحاكم، وعمر بن مسرور الزّاهد، وأبو سعد الكنجروذي. قال الحاكم: تغيِّر بأخرة لقلّة رطوبته، وهو في الحديث صدوق. وتوفِّي في شعبان. 368- أحمد بْن محمد بْن مكحول بْن الْفَضْلُ: الإمام أبو البديع المكحولي النسفي. سمع أباه أبا المُعَين، وهارون بن أحمد الإستراباذي، وأحمد بن حامد المقرئ. وكان من كبار الحنفية، تفقَّه على عيسى، وكان يُرْمَى بما رُمِيَ به عيسى. مات ببخارى، وحُمِلَ إلى نسف في صفر. 369- أحمد بن موسى بن ينق: أبو بكر الأندلسي، من مدينة الفرج. سمع من وهب بن مسرة فأكثر، وكان ثقة صالحًا. روى عنه الصاحبان، وعبد الله بن ذنين، وعاش أربعًا وسبعين سنة. 370- إبراهيم بن أحمد بن فتح2: أبو إسحاق بن الجراد الفِهْرِي، مولاهم القُرْطُبي، الفقيه. روى عن: محمد بن عبد الملك بن أنس، والحسن بن مسعد، ومحمد بن مسور، وعبد الله بن يونس القَبْريّ، وكان عارفًا بالفقه والعربية، فصيحًا مرابطًا.

_ 1 انظر العبر "3/ 11"، وشذرات الذهب "3/ 94". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 18".

روى عنه ابن الفَرَضي، وقال: توفِّي في ربيع الآخر. 371- إبراهيم بن جعفر1: أبو القاسم ابن السّاجي البغدادي الحنبلي الفقيه، صاحب أبي بكر عبد العزيز غلام الخلال. سمع: إسماعيل الصفار، وأبا عمرو بن الدّقّاق. روى عنه: أبو القاسم عبد العزيز الأزجي، وأثنى عليه. وله كتاب "البيان في الصَّفات"، وكان من كبار الأئمّة. 372- إبراهيم بن محمد الأَبِيوَرْدي2: حدَّث في هذا العام بمكّة عن أبي خليفة، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، ومكْحُول البيروتي، والبَغَوِي. وعنه: أبو بكر الطَّلَمَنْكِي، وهو أعلى شيخ له، لقِيَه بمكّة، وكتب عنه جُزْءًا من حديثه. لم يذكره ابن عساكر. 373- إسماعيل بن عبد الله بن عمر بن منصور3 الكوكبي: سمع: ابن الشَّرَقي، ومكّي بن عبدان، وحدّث. حرف الجيم: 374- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن جعفر4 الأصبهاني الرّفاعي: أبو محمد الكراني. يروي عن: أبي العبّاس بن عُقْدَة، والمَحَامِليّ. وعنه: أبو نُعَيم، وغيره.

_ 1 انظر طبقات الحنابلة "2/ 139، 140". 2 انظر اللباب "1/ 27". 3 لا بأس به. 4 انظر ذكر أخبار أصبهان "1/ 248".

حرف الحاء: 375- الحسن بن علي: أبو محمد المدائني النَّحْوِي. توفِّي بمصر في جُمادى الأولى، فيه جَهَالة. 376- الحسين بن أحمد بن جعفر1 الرّازي: أبو عبد الله شيخ الصُّوفيّة وبقيّة الزُّهاد. صَحِب: أبا علي الرُّوذْباري، وأبا بكر الكَتَّاني، والشَّبْلي، وجماعة كثيرة بالعراق والحجاز والشام ومصر، وكان حافظًا لِسيرَ القوم وحكاياتهم. أكثر عنه السُّلمي وأثنى عليه في تاريخه. مات بنَيْسَابور في ربيع الأوّل. 377- الحسين بن أحمد بن محمد بن دينار2: أبو القاسم البغدادي الدَّقّاق. سمع: جدَّه، وأبا القاسم البغوي، وأبا بكر بن أبي داود. وعنه: عبد العزيز الأزجي، والحسن بن محمد الخلال. وثَّقه ابن أبي الفوارس. حرف الشين: 378- شرف الدولة شيرويه3 ابن عضد الدولة: ابن ركن الدولة بن بُوَيْه الدَّيْلَميّ، سلطان بغداد وابن سلطانها. ظفر بأخيه صَمْصام الدولة وحبسه، ثم سلّمه. تملّك العراق، وكان يميل إلى الخير، وأزال المصادرات. مرض بالاستسقاء، وامتنع من الحِمْيَة. مات في جُمادى الآخرة، عن تسعٍ وعشرين سنة، وملك سنتين وثمانية أشهر، وولي بعده أخوه أبو نصر بهاء الدولة.

_ 1 انظر طبقات الصوفية. 2 انظر تاريخ بغداد "8/ 10"، والمنتظم "7/ 149". 3 انظر المنتظم "7/ 149"، والكامل "9/ 61"، والعبر "3/ 11".

حرف الصاد: 379- صَفْوَة أَمُّ حبيب1: والدة الحسن بن علي الصَّدَفي المصري. تُوُفّيت في شعبان، وعندها حديث كثير، وأبوها محدِّث، وابنها أيضًا وأخَواتها. قال أبو إسحاق: حدّثونا عنها. حرف الطاء: 380- طاهر بن محمد بن سهلويه2: أبو الحسين النَّيْسَابُوري. حدَّث عن: محمد بن إسماعيل المَرْوَزي صاحب علي بن حجر ببغداد، وعن مكّي، وابن الشّرَقي. وعنه: عُبَيْد الله الأزهري، والحسن بن محمد الخلال. وتوفِّي في بغداد. وثَّقه الخطيب. حرف العين: 381- عباس بن عمرو بن هارون3 الكناني الصَّقِلّي الورّاق: كان من الفُضَلاء بالأندلس. روى عن: محمد بن معاوية القُرَشي، وجماعة. كتب عنه: ابن الفَرَضيّ. 382- عبدوس بن علي الْجُرْجَاني4: نزيل سمرقند. روى عن: أبي نُعَيم عبد الملك بن محمد، وغيره.

_ 1 لا بأس بها. 2 انظر تاريخ بغداد "9/ 357"، والمنتظم "7/ 150". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 299". 4 انظر تاريخ جرجان "284".

383- عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله1 بن محمد بن ميكال: الرئيس أبو محمد الميكالي النَّيْسَابُوري. تقلّد رئاسة نَيْسَابُور سنة ستٍّ وخمسين وثلاثمائة. قال الحاكم: كان مذكورًا بالأدب والكتابة ومعرفة الشروط، وكان صالحًا، يختم القرآن في ركعتين، وكان كثير المعروف، وعقد مجلس النّظر في حياة الأستاذ أبي الوليد، ثم تقلّد الرئاسة، وحدَّث عن ابن الشرقي وغيره، وهو في نفسه صَدُوق، ولم يكن ممن يميّز المُخَرَّجَ له. توفِّي بمكّة في آخر أيام الموسم -رحمه الله. 384- علي بن أحمد بن إبراهيم بن ثابت2: أبو القاسم الرَّبْعي الرّازي، ثم البغدادي الحافظ. سمع بدمشق: محمد بن يوسف الهَرَوِي، والحسن بن حبيب الفقيه. وعنه: أبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وغيره، وأبو عبد الرحمن السلمي. قال الخطيب: ثقة حافظ. 385- علي بن إبراهيم بن أبي غرّة3 البغدادي مزكيّان العطّار: سمع من: علي بن طَيْفُور، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، ومحمد بن السّرِيّ القَنْطَرِيّ. وعنه: الحسن بن محمد الخلال، وأحمد بن محمد العتيقي، وجماعة. وثَّقه الخطيب، وعاش مائة سنة. 386- علي بن سهل بن أبي حيّان التيمي4: أبو الحسن الكْوفي. حدَّث في هذه السنة ببغداد عن: عبد الله بن زيدان البَجَلي، وغيره. روى عنه: العتيقي.

_ 1 يتيمة الدهر "4/ 382"، والوافي بالوفيات "17/ 73". 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 326". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 341". 4 انظر تاريخ بغداد "11/ 430".

357- علي بن محمد بن السّرِيّ1: أبو الحسن الهمذاني البغدادي الورَّاق. روى عنه: محمد محمد بن يحيى المَرْوَزي، ومحمد بن نصر الصائغ، والباغَنْدي. وعنه: عبد العزيز الأزجي، والحسن بن محمد الخلال. وقال محمد بن عمر الداوودي القاضي فيما حكى عنه الخطيب: كان كذَّابًا، روى عن مَن لم يدركه. 388- علي بن محمد بن يعقوب2: أبو الحسن المصري العطّار الورَّاق. قال أبو إسحاق الحبّال: مشهور، سمع الكثير، وتوفِّي سَلْخ صَفَر. 389- عُمَر بْن محمد بْن جعفر3 بْن محمد بن حفص: الغازل المعدّل من أهل أصبهان. سمع بدمشق: أبا الدّحْداح أحمد بن محمد بن إسماعيل الأُبُلّي. وعنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نُعَيم، وأبو طاهر بن عبد الرّحيم الكاتب. توفِّي فِي المحرَّم. حرف الميم: 390- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن سُوَيْد4: أبو عبد الله التميمي القِزْوِيني المعلّم، شيخ أبي يَعْلَى الخليلي. وهو آخر أصحاب علي بن أبي طاهر القِزْويني، وسمع أيضًا من عبد الله بن محمد الإسْفَراييني، وجماعة. 391- محمد بن أحمد بن أبي طالب5 بن الْجَهْم: أبو الفيَّاض البغدادي. روى عن أبي القاسم البَغَوِي، ومحمد بن حمدويه المروزي.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "12/ 90". 2 لا بأس به. 3 انظر السابق. 4 انظر السابق. 5 انظر تاريخ بغداد "1/ 322"، والمنتظم "7/ 150".

وعنه: أبي علي بن المذهّب، وقال: مات هو وأبوه وأخته في شهر ربيع الآخر في جمعة واحدة. قال: هو وأبوه وأمُّه في شهر ربيع الآخر. قال ابن أبي الفوارس: كان فيه تَسَاهُلٌ. 392- محمد بن أحمد بن شعيب النَّيْسَابُوري1: الفقيه أبو سعيد الخفّاف، إمامٌ عارف بالخلافيات. سمع ابن الشرقي، ومكّي بن عَبْدان، ومات في شوال. 393- محمد بن أحمند بن العبّاس2: أبو جعفر السلمي البغدادي الجوهري الأشعري، نقَّاش الفضّة. سمع: محمد بن محمد الباغَنْدِي، وعبد الله البَغَوِي، والحسن بن محمي. روى عنه: أبو علي بن شاذان، وعُبَيْد الله الأزهري، وأبو القاسم التَّنُوخيّ. ووثَّقه الأزهري وقال: كان أحد المتكلّمين على مذهب الأشعري، ومنه تعلَّم أبو علي بن شاذان عِلْم الكلام، وُلِدَ سنة أربعٍ وتسعين ومائتين، وتوفِّي في المحرّم. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يَحْيَى السَّبْتِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ الطُّفَيْلِ، أنا السَّلَفِيُّ، أنا محمد بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَسَدِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ السِّمْنَانِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْغَانِيذِيُّ، قَالُوا: أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَزَّازُ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ محمد بْنُ أَحْمَدَ الأَشْعَرِيُّ مكن حِفْظِهِ، قَالَ: قَرَأْنَا عَلَى الْحَسَنِ بْنِ مَحْمِيٍّ المخرمي، حدثكم إبراهيم بن عبد الله الهرومي، ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: سَمِعْتُ شريحًا القاضي، سمعت علي ابن أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْر ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ أَنَا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ3. هَذَا لَفْظٌ مُنْكَرٌ، لَمْ يَقُلْهُ عَلِيٌّ -رَضِيَ الله عنه- هكذا، والمتواتر خلافه.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر تاريخ بغداد "1/ 325"، والمنتظم "7/ 151"، والعبر "3/ 11". 3 خبر منكر: والصحيح بخلاف ذلك، وهو عن محمد بن الحنفية، قلت لأبي: يعني عليًّا -أيّ الناس خير بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ أبو بكر: قلت: ثم مَنْ؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول عثمان. قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلّا رجل من المسلمين. خبر صحيح. أخرجه البخاري "3671"، وابن ماجه "106"، وأحمد "1/ 110".

394- محمد بن جعفر بن العبّاس1: أبو بكر النّجّار غُنْدَر. سمع: محمد بن حميد بن المجدر، ويحيى بْن صاعد، ومحمد بْن هارون الحضْرميّ. وعنه: الحسن بن محمد الخلال، وقال: ثقة، توفِّي في المحرّم. 395- محمد بن الحسن بن عُبَيْد الله2 بن مَذحِج: أبو بكر الزبيدي الأندلسي النَّحْوِي. كان شيخ العربية بالأندلس، اختصر كتاب "العين"، وله كتاب "الواضح في العربية"، وكتاب "لَحْنُ العامَة". وكان الحاكم المستنصر بالله قد طلبه من إشبيلية إلى قُرْطُبَة للاستفادة منه، فأدَّب بقُرْطُبَة جماعة، وولي قضاء إشبيلية، وأدَّب المؤيَّدَ بالله ابن المستنصر، وأخذ العربية عن أبي عبد الله الرباحي، وأبي علي القالي، وأصله من الشام من حمص. توفِّي في جُمادى الآخرة، عن ثلاثٍ وستّين سنة. روى عنه: ولده، وأبو الوليد محمد بن محمد، وأبو القاسم إبراهيم بن محمد الإقليلي، وقاسم بن أصبغ، وسعيد بن فَحْلوُن، وجماعة. وكان ابنه أبو القاسم أحمد من جِلَّة الأُدَباء، ولي أيضًا قضاء إشبيلية بعد أبيه، وأمَّا ابنه الآخر أبو الوليد محمد بن محمد، فتولَّى سنة نيف وأربعين وأربعمائة عن سِنّ عالية. 396- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد3 بْن ربيعة بن خالد بن عبد الرحمن بن زبر: أبو سليمان بن القاضي بن محمد الربعي. كان محدّث دمشق في وقته. روى عن: أبيه، وأبي القاسم البَغَوِي، وجَمَاهر الزَّمْلَكَاني، ومُحَمَّد بْن خُرَيْم، وسعيد بْن عَبْد العزيز الحلبي، ومحمد بن الفيض الغساني، ومحمد بن الربيع

_ 1 انظر تاريخ بغداد "2/ 157"، والمنتظم "7/ 151". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 89"، والأنساب "6/ 249"، وسير أعلام النبلاء "16/ 417". 3 انظر معجم البلدان "5/ 134"، والعبر "3/ 12"، وشذرات الذهب "3/ 95".

الجيزي، وأبي بكر بن أبي داود السجستاني، وجماعة كثيرة. وعنه: تمَّام، وعبد الغني بن سعيد، وعبد الرحمن بن أبي نصر، ووالده أحمد، ومحمد بن عوف المزني، وطائفة سواهم. وروى عنه: أبو نصر بن الجبان أنَّه رأى ربَّ العِزَّة في المنام، رأى نورًا. وقال علي بن موسى السّمسار: قال أبو سليمان بن زَبْر: كان الطّحاوي قد نظر في أشياء كثيرة من تصنيفي، وبانت عنده، وتصفَّحها فأعجبته، وقال لي: يا أبا سليمان، أنتم الصيادلة ونحن الأطباء. وقال عبد العزيز الكتّاني: كان أَبُو سليمان يُملي بالجامع، وثنا عنه عدّة، وكان ثِقةً نبيلًا مأمونًا. توفِّي في جُمادى الأولي. قلت: وله كتاب "الوَفَيَات على السّنين"، وغير ذلك. 397- محمد بن عبد الرحمن بن سهل1: أبو الحسن التُّسْتَري التّاجر. توفِّي في جُمادى الأولى. ورَّخه أبو إسحاق الحبّال. 398- محمد بْن عليّ بْن محمد بْن نصرويه2: أبو علي النصري النيسابروي المقرئ المؤذّن. قال أبو عبد الله الحاكم: روى عنه الحاكم وقال: حجَّ وغَزَا وأنفق على العلماء، وأذَّن نيّفًا وخمسين سنة مُحْتَسِبًا. سمع: أبا العبّاس السّرّاج، وأبا بكر بن خُزَيْمَة. وتوفِّي في شعبان، وله مائة سنة وثلاث سنين -رحمه الله. 399- محمد بن محمد بن الحسن3 بن الأشعث: أبو أحمد النَّسفي الفقيه، قاضي بخارى. كان مسند تلك الديار.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لا بأس به. 3 لا بأس به.

روى عنه: عبد الله بن محمود، ومحمد بن خالد، وإسحاق بن إبراهيم التاجر المَرَاوِزَة، وأصحاب إسحاق بن راهَوَيْه، وتوفِّي على قضاء بُخَارى. روى عنه: جعفر المستغفِري، وروى تفسير إسحاق بن راهَوَيْه، عن محمد بن خالد. 400- محمد بن مسعود1: أبو عبد الله القُرْطُبي الخطيب. سمع من: قاسم بن أصبغ، وجماعة. وكان خطيبًا مُفَوَّهًا بليغًا شاعرًا يتقعَّر في كلامه وأَسْجاعه، ويؤدِّب بالعربية، ثم صار يخطب بين يدي المستنصِر بالله في العيد، وفي قُدُوم الوفود، ثم ولي قضاء يابُرة. قال ابن الفَرَضي: سمعته يخطب مِرارًا في جامع الزَّهراء، ولم يحدِّث، وتوفِّي يوم الفِطْر. 401- محمد بن المظفَّر بن موسى2 بن عيسى: أبو الحسين البغدادي الحافظ. وُلِدَ ببغداد في أوّل سنة ثلاثمائة. سمع: أحمد بن الحسن الصُّوفي، وحامد بن شُعَيْب، والهَيْثَم بن خَلَف، وعبد الله بن صالح البُخَاري، وقاسم بن زكريّا المطرَّز، ومحمد بن جرير الطّبري، والباغَنْدي، وعبد الله بن زيدان البَجَلي، وأبا عَرُوبة الحَرّاني، وعلي بن أحمد علان، ومحمد بن زبّان المصري، ومحمد بن إبراهيم، والحسن بن محمد بن جمعة، وابن جَوْصَا، وخلقًا سواهم، بمصر، والشام، والرَّقَة، والجزيرة، والكوفة، وواسط، وبغداد، وجمع وصنَّف. روى عنه: الدَارقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو سعد الماليني، وأبو بكر البَرْقَانِيّ، وأبو نُعَيم الأصبهاني، ومحمد بن أحمد الجارودي، والحسن بن محمد الخلَّال، وعلي بن المحسّن التَّنُوخيّ، وعبد الوهاب بن برهان، والحسن بن علي الجوهري، وخلق سواهم.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 90". 2 انظر تاريخ بغداد "3/ 262"، والمنتظم "7/ 152"، وسير أعلام النبلاء "16/ 318".

وقيل: إنَّه من ولد سَلَمة بن الأَكْوَع، وكان يقول: لا أعلم صحّة ذلك. قال الخطيب: كان ابن المظفَّر فَهْمًا حافظًا. وقال البَرْقَانِيّ: كتب الدَارقُطْنيّ عن ابن المظفَّر أْلُوف حديث. وقال إبراهيم بن محمد الرعيني: قَدِمَ علينا ابن المظفَّر مصر، وكان أحْول أشجّ، فقلت له: إنّ هذا الذي تُمْليه علينا هو عندنا كثير بالعراق، ونريد حديث مصر، فكان ذلك مبدأ إخراج القزويني حديث عمرو بن الحارث، فكان منه الذي كان من تكثير الناس عليه، حتى قال أبو الحسن الدَارقُطْنيّ: وضع القزويني لعَمْرو بْن الحارث أكثر من مائة حديث. مات فِي جُمَادَى الأولى سنة تسعٍ وسبعين وثلاث مائة، يوم الجمعة، قاله العَتِيقي. 420- محمد بن النَّضْر بن محمد1 بن سعيد بن رزين بن عُبَيْد الله بن عثمان بن المغيرة: أبو الحسين النّخاس المَوْصِليّ. سكن بغداد وحدَّث بها عن: أبي يعلى الموصلي كتاب "معجم شيوخه"، وروى أيضًا عن: عبد الله بن أبي سفيان الشعراني، ويزداد بن عبد المؤمن الكاتب، وعبد الله بن محمد بن زياد النَّيْسَابُوري، وعبد الغافر بن سلامة الحمصي، ويوسف بن يعقوب بن إسحاق البهلول، والحسين بن يحيى بن بن عيّاش القطَّان. قال الخطيب: سمعت أبا بكر البرقاني، وحدثنا عن أبي الحسين النخاس فقال: كان واهيا، وسمعته مرّة أخرى يقول: أبو الحسين النخاس ليس بحجّة. وسمعته مرّة ثالثة ذكره فقال: لم يكن ثقة. توفِّي في شهر ربيع الأول، قال العتيقي: يوم الخميس لثلاث عشر خََلَوْنَ من ربيع الأول سنة تسعٍ وسبعين وثلاثمائة. قال العتيقي: فيه تساهل.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "3/ 325".

حرف الهاء: 403- هلال بن محمد بن محمد: الشيخ المعمَّر أبو بكر البصْري، ابن أخي هلال الرازي. حدَّث عن: أبي مسلم الكجّي، ومحمد بن زكريا الغَلابي، والحسين بن المثنَّى، وأبي خليفة. روى عنه: أبو سعْد الماليني، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن اليَزْدي، وشيخ المعتزلة أبو الحسين البصري، ومحمد بن عمر بن زاذان القزويني، وجماعة. ولم أسمع فيه قدْحًا. قال عبد الرحمن بن منده: توفِّي سنة تسع وسبعين وثلاثمائة. قلت: لعلّه قارب المائة. وفيَّات سنة ثمانين وثلاثمائة: حرف الألف: 404- أحمد بن إبراهيم بن خازم بن الحسن بن أذاك الهمذاني: أبو الحسين الصرام. يروي عن عبد الرحمن بن أحمد بن عباد، وإبراهيم بن محمد بن يعقوب، وعبد السلام بن عَبْديل، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن البغدادي، وجماعة. روى عنه محمد بن عيسى، وأبو طالب بن سعدويه، وحمد بن سهل المؤدّب، وآخرون. قال شيرويه في ترجمته: لا بأس به. 405- أحمد بن الحسين2 بن أحمد بن مروان بن عُبَيْد بن أبي مروان: الضَّبّي المرواني النَّيْسَابُوري، الشيخ أبو نصر. سمع: ابن خُزَيْمَة، وابن شادِل، والسّرّاج، ومحمد بن حمدون، وطائفة.

_ 1 انظر ميزان الاعتدال "4/ 316"، وسير أعلام النبلاء "16/ 239". 2 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 395"، والعبر "3/ 13".

وعنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور، وأبو سعد الكَنْجَرُوذي، وآخرون، مات في شعبان سنة ثمانين وثلاث مائة. 406- أحمد بْن محمد بْن أحمد1 بْن إسحاق: النيسابوري الصندوقي، الشيخ الصَّدُوق أبو العباس. سمع: محمد بن شادِل، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بن المسيّب، وأبا العباس الثقفي، وعدة. حتى قال الحاكم: تفرَّد بالرواية عن بضعة عشر شيخًا، وعاش أربعًا وثمانين سنة. روى عنه: الحاكم، وأبو سعد الكَنْجَرُوذي، وجماعة. توفِّي في شوّال سنة ثمانين وثلاثة مائة. 407- أحمد بن محمد بن الحسن بن يعقوب بن مُقَسّم: أبو الحسن المقرئ العطار. بغدادي ضعيف، روى عن أحمد بن الصلت الحماني، ومحمد بن محمد الباغندي، وعنه: أبو نعيم، والعتيقي، وأبو محمد الخلّال. قال الخطيب: كان يتنسَّك، ولم يكن ثقة. وقال حمزة السهمي: حدَّث عمَّن لم يره. قلت: وعاش أربعًا وثمانين. قلت: وهو ابن راوي "أمالي" ثعلب. 408- إبراهيم بن أحمد بن بشران الصيرفي البغدادي، صنان: سمع أبا القاسم البغوي، وأبا حامد الحضرمي. قال عبيد الله الأزهري: هذا الشيخ ثقة كتبنا عنه بانتقاء الدارقطني. حرف الباء: 409- بشر بن الحُسَين بن مسلم: أبو سعد، قاضي قضاة شيراز.

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 395"، والأنساب "8/ 90"، واللباب "2/ 247".

توفِّي في رمضان، وكان إمامًا في مذهب داود. وقد وَلِيَ قضاء القضاة ببغداد في سنة تسع وستين وثلاث مائة بجاه بني بويه، وبقي بشيراز. واستخلف على بغداد بوَّابًا له، فصرف عن ذلك في سنة اثنتين وسبعين بموت عضد الدولة. وكان شيخًا مسنًّا، حدَّث عن أحمد بن محمد بن الأشعث، وعبد الله بن عمرو بن بحر، وأحمد بن سمعان. 410- بكر بن محمد بن جعفر1 بن راهب: أبو عمرو، الشيخ النسفي، المؤذّن المعمر، راوي "صحيح البخاري" عن حمَّاد بن شاكر، وروى أيضًا عن محمود بن عنبر. روى عنه: جعفر المُسْتَغْفِري، وقال: كان كثير التلاوة، شديدًا على المبتدعة، ثنا بكتاب "الجامع" عن ابن شاكر. حرف الحاء: 411- الحسن بن إبراهيم بن مزاحم2: أبو علي العطشي المزيّن. روى عن: عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر الواسطيّ، والحسن المطبقي. وعنه: الحمّامي المقرئ، وعُبَيْد الله الأزهري، وعلي بن طلحة. وعاش إلى سنة ثمانين. 412- الحسن بن الحسين3: أبو الطّيّب الرَّبعي النصيبي. حدَّث في هذا العام بمصر عن: محمد بن إبراهيم الدَّيبلي بجزء. سمعه منه: أبو عمرو أحمد بن محمد الطّلمَنْكِي. 413- الحسن بن محمد4 بن حبيب: أبو أحمد الحبيبي. توفِّي في ربيع الأول.

_ 1 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 396". 2 انظر تاريخ بغداد "7/ 283". 3 في عداد المجهولين. 4 انظر السابق.

414- الحسين بْن عليّ بْن محمد1 بْن إِسْحَاق بْن زيد الحلبي: أبو العباس. مات قبل والده، توفِّي في جُمادى الآخرة. وحدَّث عنه أبو عبد الله المَحَامِلي، وابن مَخْلَد هذا المذكور في حدود تسعين وثلاثمائة. 415- الحسين بن محمد ابن القاضي2 الحسين بن إسماعيل المَحَاملي: أبو بكر. سمع جدّه، ومحمد بن حَمْدَوَيْه المَرْوَزي، وأبا العباس بن عقدة. روى عنه: أبو محمد الجوهري أحاديث مستقيمة. قاله الخطيب. وتوفِّي في شعبان. حرف الراء: 416- رائق مولى زينب بنت أحمد3: أخت الحافظ أبي سعيد بن يونس المصري، أبو صالح. حدَّث عنه: عبد الله بن الورد، وابن خروف. ورماه الحمل في طريق الحج فمات -رحمه الله. حرف السين: 417- سهل بن أحمد بن الديباجي4: أبومحمد. حدَّث عن ابن خليفة، ويَمُوت بن المُزَرَّع. وعنه: العتيقي، وعلي بن المحسّن التَّنُوخيّ، وأبو محمد الجوهري. وقال الأزهري: كان كذَّابًا رافضيًّا، رأيت في بيته لَعْن أبي بكر وعمر مكتوبًا.

_ 1 انظر تاريخ دمشق "11/ 150". 2 انظر تاريخ دمشق "8/ 101"، والمنتظم "7/ 154". 3 لا بأس به. 4 انظر تاريخ بغداد "9/ 121"، والعبر "3/ 13".

وقال ابن أبي الفوارس: كان آية ونكالًا في الرواية، غاليا في الرفض، ولم يكن له أصل صحيح. حرف الطاء: 415- طاهر بن أحمد بن الأَزدي1 المصري الخلال: روى عن: محمد بن زبّان. وتوفِّي في ربيع الأوّل. 419- طلحة بن أحمد بن الحسن2 البغدادي الخرّاز الصُّوفي: سمع المَحَامِلي، ومحمد بن أحمد بن أبي مَهْزُول، ومحمد بن أحمد بن صفوة، المَصَّيصيّين. وعنه: أبو محمد الخلال، وقال: ثقة، وعمر بن بُكَير، وأبو نُعَيم، وأحمد بن عمر بن رَوْح. مات ببغداد. 420- طلحة بن محمد بن جعفر3: أبو القاسم الشاهد المقرئ، غلام ابن مُجاهد. سمع: ابن أبي غيلان، وأبا القاسم البَغَوِي، وأبا صخرة الكاتب، وجماعة، وقرأ على ابن مجاهد. قرأ عليه: أبو العلاء الواسطي، وحدَّث عنه عُبَيْد الله الأزهري، والحسن بن محمد الخلال، وأبو القاسم التَّنُوخيّ، وأبو محمد الجوهري، وغيرهم. صنَّف "أخبار القُضاة" وضعَّفه الأزهري. وقال ابن أبي الفوارس: إنَّه كان يدعو إلى الاعتزال، وعاش تسعين سنة. بغداديّ.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 تهذيب ابن عساكر "7/ 67". 3 انظر تاريخ بغداد "9/ 351"، والمنتظم "7/ 154"، ولسان الميزان "3/ 212".

حرف العين: 421- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن حاجب1 الخَثْعَمي القُرْطُبي: سمع: أحمد بن ثابت الثّعْلَبي، وجماعة. 422- عبد الله بن إسماعيل2 بن حرب: أبو محمد بن النُّور القُرْطُبي. سمع: أحمد بْن سَعِيد بْن حَزْم، ومحمد بْن معاوية، وأحمد بن مُطَرَّف، وجماعة، وبمصر من أبي العباس أحمد بن الحسن الرازي، وببغداد من أبي علي ابن الصّوّاف، وأمثالهم. وكان يفهم ويدري. سمع من جماعة، وتوفِّي في صفر. 423- عبد الله بن قاسم بن محمد3 بن قاسم بن محمد: أبو محمد القُرْطُبي. سمع من: محمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بن أصبغ، وأبيه، ولم يحدِّث. 424- عبد الله بن محمد بن مسرور4 الشّقّاق القُرْطُبي: يُعْرَف بَرزِين. مُكْثِر عن قاسم بن أصبغ، وحجَّ فسمع من جماعة. وحدَّث، وتوفِّي فِي شوَّال. 425- عَبْد اللَّه بْن محمد الأصبهاني5 المقرئ: أبو محمد، ويعرَف بابن ليلاف. كان يُصَلي بالنّاس في الجامع في رمضان، وكان رأسًا في نَقْط المصاحف، وفي القراءات. وتوفِّي في جُمادى الآخرة، قاله أبو نعيم.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 242". 2 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 242". 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 242". 4 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 242". 5 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 98".

426- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد1 بْن عُقْبَة: أبو محمد القاضي البغدادي. سمع: أبو بكر بن زياد النَّيْسَابُوري. روى عنه عُبَيْد الله الأزهري. وكان ثقة. 427- عبد الله بن محمد بن عبد الغفّار2 بن ذِكوان القاضي: أبو محمد البعلبكي. حدَّث عن: أبي الْجَهْم بن طلاب، وابن جوصا، وأبي الدَّحْداح أحمد بن محمد، وأبي العبّاس الزّفتي، ومحمد بن أحمد بن صَفْوَة، وأبي بكر الخرائطي، وطائفة سواهم. وعنه: الوليد بن بكر الأندلسي، ومكّي بن الغَمْر، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي نصر، وجماعة. قاله عبد العزيز الكتّاني. 428- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ3: أبو محمد النَّمَرِي القُرْطُبي، الفقيه المالكي، والد الإمام أبو بكر البغدادي أبي عمر يوسف. تفقَّه على التُّجَيْبِي ولازمه، وسمع من أحمد بن مُطَرَّف، وأحمد بن حَزْم. وكان صالحًا عابدًا متهجِّدًا، توفِّي في هذه سنة في ربيع الآخر، وله خمسون سنة. 429- عبد الرحمن بن عمر4 الفارسي: الفقيه أبو عمرو. وَلِيَ قضاء نَسَف ثلاث مرّات، آخرها في هذه السنة. قد سمع ببغداد من: أبي حامد الحَضْرَمي، وابن المحاملي، لكنَّه عُدِمَت كتبه.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "10/ 33"، والمنتظم "7/ 154". 2 انظر تذكرة الحفاظ "3/ 435"، ولسان الميزان "1/ 252". 3 انظر جذوة المقتبس "256"، وبغية الملتمس "336". 4 لا بأس به.

430- عبد العزيز بن الحسن1 بن أحمد بن جحاف: أبو عمر السلمي المصري. 431- عبد الواحد بْن مُحَمَّد2 بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن شاذان بن عمر بن بكر بن أحمد بن إبراهيم: سمع أبا القاسم البَغَوِي. وكان بغداديا ثقة. روى عنه: عُبَيْد الله الأزهري، وأبو محمد الخلال. 432- عُبَيْد الله بن أحمد بن الفضل3 بن شهريار: أبو عبد الله الأَرْدَسْتَاني التاجر. حدَّث بأصبهان عن عبد الرحمن بن محمد بن حمَّاد الطّهْراني. روى عنه: أبو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم. وتوفِّي في ربيع الأوَّل. 344- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد4: أبو القاسم التَّنُوخيّ السَّرَخْسي التاجر، نزيل بُخَارى. ذكره جعفر الإدريسي فقال: الشيخ الصالح الثقة، قَدِمَ نَسَف سنة سبعٍ وعشرين لسماع "الجامع" للبُخَاري من أبي طلحة، ومنصور بن محمد البُزُورِي، عن أبيه، وعن أبي عبد الله المَحَاملي، ومحمد بن جعفر الطَّبَرِي، وحدّثنا ببُخَارى، ومات في رجب. وقال الخطيب في ترجمته: سمع: أبا العباس محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي، ومحمد بن حَمْدَوَيْه المَرْوَزي، وجماعة، وحدَّث ببغداد، فسمع منه: أبو الفتح بْن أَبِي الفوارس، ومحمد بن طلحة النَّعالي، وأبو سعد الماليني، وكان ثقة.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تاريخ بغداد "11/ 10"، والمنتظم "7/ 155". 3 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 104". 4 انظر تاريخ بغداد "10/ 364"، والمنتظم "7/ 155".

434- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه1 بْن هاشم: أبو مروان بن القسَّام الأموي، مولاهم القُرْطُبي. روى عن أحمد بن خالد بن الحباب، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وعبد الله بن يونس. قال ابن الفرضي: سمعت منه كثيرًا، وكتب لي بخطّه، وتوفِّي في رمضان. 435- عُبَيْد الله بن محمد بن محمد2 الْجُرْجاني الواعظ ابن الواعظ: سمع: أبا العباس الأَصَمّ، والمحبوبي، وتقدَّم في علم الحقائق، ورُزِق فيه لسانًا وبيانًا. مات فجأة عن ثلاث وستّين سنة -رحمه الله. 436- عُبَيْد الله بْن محمد بْن مَخْلَد3: أبو القاسم الثوري. حدّث عن: أبي القاسم الثَوْرِي، والبَغَوِي، ومحمد بن حَمْدَويْه. وعنه: عُبَيْد الله الأزهري. وكان بغداديا ثقة. 437- علي بن عمرو بن سهل4: أبو الحسن الحَرِيري. حدَّث ببغداد عن: أبي عَرُوبة الحرّاني، ومكحول البيروتي، وأحمد بن عمير بن جوصا، وأحمد بن إسحاق بن البَهْلُول. وعنه: أبو بكر البَرْقَاني، وأبو محمد الخلال، وأبو القاسم التَّنُوخيّ. وثَّقه ابن أَبِي الفوارس.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 252". 2 لا بأس به. 3 تاريخ بغداد "10/ 364"، والمنتظم "7/ 154". 4 انظر تاريخ بغداد "12/ 21"، والمنتظم "7/ 155".

حرف الميم: 438- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمدون1 بن عيسى: أبو عبد الله الخَوْلاني القُرْطُبي، يُعْرَف بابن الإمام. كان حافظًا للأخبار والنّسب، على مذهب ابن مَسَرّة. 439- محمد بن أحمد بن يعقوب2: أبو أحمد المَرْوَزي الزّرْقي من قرية زرق. عن عبد الله بن محمود السعدي، وأحمد بن علي الكَشْمَيْهَني راوية علي بن حجر. حدَّث فِي هذا العام، ولا أعلمُ متَى مات. روى عنه: محمد بن أحمد المراوزي الترابي. 440- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن يحيى3 بْن مفرّج: أبو عبد الله، ويقال: أبو بكر الأندلسي القُرْطُبي، مولى بني أُمَيّة. سمع: قاسم بن أصبغ بقُرْطُبَة، وأبا سعيد بن الأَعرابي بمكّة، ومحمد بن الصَّمُوت بمصر، وخَيثَمَة بأطْرابُلس، وأبا الميمون بن راشد بدمشق، وطبقتهم. روى عنه: الحافظ أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصَّدَّفي شيخه، وأبو الوليد عبد الله بن الفَرَضي، وإبراهيم بن شاكر، وعبد الله بن الربيع التميمي، وأبو عمر أحمد بن محمد الطَّلَمَنْكي، وعدّة شيوخه: مائتان وثلاثون شيخًا. اتصل بصاحب الأندلس، وكان ذا مكانةٍ عنده، صنَّف له عدّة كتب، فولَّاه القضاء، وكان حافظًا بصيرًا بالرجال، أكثر الناسُ عنه من السماع، وتوفِّي في رجب عن ستٍّ وستّين سنة. قال أبو عمر أحمد بن محمد بن عفيف: كان ابن مفرّج من أغنى الناس بالعلم،

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 93". 2 لا بأس به. 3 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 91"، والعبر "3/ 13".

وأحفظهم للحديث، ما رأيت مثله في هذا الفنّ، من أوثق المحدِّثين بالأندلس، وأجْودِهم ضبْطًا. وقال الحُمَيْدِي: هو القاضي أبو عبد الله، وقيل: أبو بكر، حافظ جليل، صنَّف كُتُبًا في فِقه الحديث، وفي فِقْه التابعين، من ذلك " فقه الحَسَن البَصْري" في سبع مجلدات، و"فقه الزُّهْري" في أجزاء عديدة. وجمع "مُسْند قاسم بن أصبغ " في مجلَّدات. 441- محمد بن إبراهيم بن يونس1: أبو بكر البغدادي قاضي دَيْر العَاقُول. روى عن جدِّه، وعمر بن أبي غيلان، ومحمد بن الحسين الأشنناني، وعبد الله بن زيدان البَجَلي، وعبد الله البغوي. وعنه: أبو محمد الخلال، وأبو القاسم الأزهري، وعلي بن المحسّن التَّنُوخيّ. وثَّقه الخلَّال، وتوفِّي في ربيع الأوّل. وأمّا جدُّه فيروي عن عبد الأعلى بن جماد، بقي إلى سنة ثلاثمائة. وآخر من روى عن أبي بكر: أبو محمد الجوهري. 442- محمد بن بكر بن خَلَف2 بن مسلم: أبو بكر الدركي المطوعي الصالح. حدَّث عن: إسحاق بن أحمد بن خَلَف، وأحمد بن محمد المُنْكَدِري، وعبد الملك بن محمد بن عَدِيّ. وعنه: جعفر المُسْتَغفِري. توفِّي في ربيع الآخر، ودَرَكَة من قُرى بُخَارى. 443- محمد بن بكر بن مطروح3: أبو بكر الفقيه النِّعالي المصري. روى عن: سعيد بن هاشم الطَّبرِي، وأبي جعفر الطَّحَاوي. توفِّي في رمضان.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "1/ 415"، والمنتظم "7/ 155". 2 في عداد المجهولين. 3 لا بأس به.

444- محمد بن الحسين بن موسى1 بن مَحْمَويْه: أبو سعيد النَّيْسَابُوري السّمسار. سمع: أبا قُرَيْش بن جمعة، وأبا بكر بن خزيمة. عنه: الحاكم، وقال: توفِّي في رمضان، وأبو حفص بن مسرور، وأبو سعد الكنْجَرُوذي. 445- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ2 بْنِ شيِرَوَيْه: أبو بكر النَّيْسَابُوري، نزيل فَسَا من بلاد شيراز. ثقة، سمع الحسن بن سفيان الفَسَوِي، وابن خُزَيْمَة، والسّرّاج. روى عنه محمد بن عبد العزيز القصّار، ثم قال: ثقة. قال لي: وُلِدتُ سنة إحدى وثمانين ومائتين، ومات سنة ثمانين. قلت: فيكون عمره تسعًا وتسعين سنة. قال الحافظ أبو مسعود الدمشقي: سمعت أبا عمرو بن حمدان وسُئِلَ عن أَبِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شيرويه الذي يحدِّث بفَسَا، فقال: ما سمعنا مُسْنَد الحسن بن سفيان إلّا حين قَدِمَ والده معه، فزدت له -يعني الحسن- مائة دينار، فسمعنا معه. وقد أرَّخه ابن نُقْطَة في "التقييد" في هذه السَّنة. 446- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ3 بْنِ عبد الله بن الهمذاني الأصبهاني: أخو أبي الحسن، يكنَّى أبا الحسين. حدَّث عن: عبد الله بن محمد بن عبد الكريم الرازي، وأحمد بن علي الجارودي. وعنه: أبو نُعَيم. 447- محمد بن عبد الله بن سمع بن صُبر4: أبو بكر الحنفي الفقيه. وَلِي القضاء بعسكر المهديّ، وعاش ستّين سنة، وكان مُعْتَزِليًّا مشهورًا به، رأسًا في عِلْم الكلام. سمَّى أبو بكر الخطيب أباه عبد الرحمن، وإنما هو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ محمد بن الحسين بن الفَهْم، المعروف بابن صُبَر. ناب في القضاء عن أبي محمد بن معروف، كان بصيرًا بكلام أبي هاشم الجبائي، خبيرًا بالتفسير.

_ 1 انظر معجم البلدان "2/ 452". 2 انظر سير أعلام النبلاء "16/ 420". 3 انظر ذكر أخبار أصبهان "2/ 302". 4 انظر تاريخ بغداد "2/ 321".

وله كتاب في الردّ على اليهود، وكتاب "عُمْدَة الأدِلّة"، وكتاب "التفسير"، وما أَتَمَّه، توفِّي لعَشْرٍ بقين من ذي الحجّة ببغداد. ولبِشْر بن هارون فيه: قل للدّعِيِّ أبي صُبَر ... وهل ادَّعيت فَمَنْ صَبَرْ وإذا تَطَيْلَسَ للقضاء ... فَمَرْحَبًا بأبي العُذَرْ فَقَضَاؤُهُ شَرُّ القضاء ... إذا قَضَى عَمِيَ البَصَرْ 448- محمد بن علي بن المؤمّل1 النَّيْسَابُوري الماسَرْجَسي: سمع: جدّه المؤمّل بن الحسن، وأبا حامد بن الشّرْقي، وحكى عن ابن عبدان، وغيرهم. يكنَّى أبا عبد الله. توفِّي في جُمادى الأولى. روى عنه: الحاكم، وأبو سعد النجروذي، وطائفة. عاقل ثِقَة. 449- محمد بْن محمد بْن عبد الرَّحيم2 بْن محمد: أبو أحمد القَيْسَراني. سمع: أبا بكر الخرايطي، ومحمد بن أحمد بن صفوة المَصّيصي، وخَيْثَمَة الأطْرَابُلُسي، وجماعة. وعنه: أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي، وجميل بن محمد الأَرْسُوفي، وأبو الفرج عُبَيْد الله بن محمد النّحوي، وأبو بكر محمد بن الحسن الشيرازي، وجماعة. وحدَّث في سنة ثمانين وانقطع خبره. 450- منصور بن محمد بن أحمد بن حرب القاضي3: أبو نصر البُخَاري. سمع: أبا العبّاس الدَّغُولي، وأبا بكر أحمد بن المُنْكَدِرِي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأبا عبد الله المَحَاملي، وإبراهيم بن عبد الرزّاق الأنطاكي، وأحمد بن سليمان بن زبّان الكِنْدي. روى عنه: أزدشير بن محمد الهشامي، وأبو عبد الله الحاكم، وفضل بن سهل الصّفّار. وكان محتسب بخارَى، وبها توفِّي.

_ 1 أحد الثقات، وثَّقه الذهبي. 2 انظر معجم البلدان "4/ 422". 3 انظر تاريخ دمشق "24/ 240".

451- موسى بن عمران بن موسى1 بن هلال السُّلَمَاسي: سمع أباه: محمد بن عبد الله، ومحمد بن عبد الله مكْحُولًا البَيْرُوتي، وأحمد بن عبد الوارث الغسَّال، وابن جَوْصَا، ومحمد بن القاسم المُحَاربي الكوفي، وجماعة. وعنه: ابن أخيه مهند بن المظفر، وأحمد بن جبرين السلماسي، وأبو القاسم علي بن محمد الزيدي الحَرَّاني. توفِّي في ربيع الآخر بسلماس. حرف الياء: 452- يعقوب بن يوسف بن إبراهيم2 بن هارون بن داود بن كِلّس: الوزير البغدادي، أبو الفرج. كان يهوديا خبيثًا ماكرًا فطِنًا داهية، سافر ونزل الرَّملة، وصار بها وكيلًا، فكسر أموال التجار، وهرب إلى مصر، ثم توصَّل، وجرت له أمور، فرأي منه كافور الأخشيدي فِطْنَةً وسياسة، وطمع هو في التقدُّم، فأسلم في يوم جمعة، فقصده الوزير ابن حنزابه لما فهم مرامه، فهرب إلى المغرب، واتَّصل بيهودٍ كانوا في خدمة المُعِزّ، فعَظُم شأنه، ونَفَق على المُعِزّ، وجاء معه إلى مصر، فلمَّا ولي العزيز استوزره سنة خمسٍ وستّين، وبقي وزيره إلى أن هلك، وهو وزير في هذة السنّة في ذي القعدة، وله اثنان وستون سنة. وكان عالي الهمّة وافر الهَيْبَة، عاده في مرضه العزيز وقال له: يا يعقوب، ودِدتُ أن تُباع فأشتريك بملكي، فهل من حاجةٍ؟ فبكى وقبَّل يده، وقال: أمَّا لنفسي فلا يحتاج مولاي وصيّة، ولكن فيما يتعلّق بك: سالم الروم ما سالموك، واقنع من بني حمدان بالدَّعْوة والشُّكْر، ولا تُبْقِ على المفرَّج بن دَغْفَل متى أَمْكَنتْك فيه الفرصةُ، فأمر به العزيز، فدُفِن في القصر، في قُبَّة بناها العزيز لنفسه، وصلَّى عليه، وألْحَدَه بيده، وتأسَّف عليه، وهذه المنزلة ما نالها وزير قطّ من مخدومه. وقيل: إنَّه حَسُنَ إسلامُهُ، وقرأ القرآن والنَّحْوَ، وكان يجمع عنده العلماء، وتقرأ عليه مصنفاه ليلة الجمعة، وله إقبال زائد على العلوم على اختلافها، وقد مدحه عدة شعراء، وكان كريمًا جوادًا.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر المنتظم "7/ 155"، والبداية والنهاية "11/ 308".

ومن تصانيفه كتاب في الفقه ممّا سمعه من المُعِزّ والعزيز، وجلس سنة تسعٍ وستّين مجلسًا في رمضان، فقرأ فيه الكتاب بنفسه، وسمعه خلائق، وجلس جماعة في الجامع العتيق يُفْتُون من هذا الكتاب. قلت: هذا الكتاب يريد كونه على مذهب الرافضة، فإنَّ القوم رافضة ملحدة في الباطن. وقد اعتقله العزيز شهرًا في أثناء سنة ثلاث وسبعين، ثم رضي عنه، وردَّه إلى الوزارة، وكان إقطاعه من العزيز في العام مائتي ألف دينار، ومات فوُجِد له من المماليك والعبيد أربعة آلاف غلام، إلى أشباه ذلك. ويقال: إنّه كفِّن وحنِّط بما قيمته عشرة آلاف دينار. وقيل: إنَّ العزيز بكى عليه، وقال: وَأطُول أسفي عليك يا وزير. ويقال: إنّه رثاه مائةُ شاعر، فأخِذت قصائدُهُم وأُجِيزوا، والأصحّ أَنَّه حسُن إسلامه. 453- يونس بن أبي عيسى بنعتيك: أبو الوليد البلنسي1. سمع بقُرْطُبة من: أحمد بن خالد، ومحمد بن عبد الملك بن أَيْمَن، وجماعة. المتوفّون تقريبًا من أهل هذه الطبقة -رحمهم الله تعالى: حرف الألف: 454- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بن سعيد2: أبو العبّاس البغدادي المخرمي الوزَّان الصَّيْدَلاني، المعروف بابن بطانة. سكن البصرة وحدَّث عن: البَغَوِي، وابن صاعد، وأبي حامد الحضْرَمي، وأحمد بن إسحاق البهلول، وجماعة.

_ 1 انظر تاريخ علماء الأندلس "2/ 209". 2 أحد المستورين لا بأس به.

وعنه: أبو نُعَيم الحافظ، وأخوه عبد الرزَّاق، وأبو سعد الماليني، وحمزة السَّهْمي، وغيرهم. وكان ينسخ للنّاس، ويقرأ الحديث على أبي إسحاق الهجيمي ونحوه. 455- أحمد بن عبيد الله الكلوذاني1: المعروف بابن قَزَعة. سمع: أبا عبد الله المَحَامِلي، والصُّولي. وعنه: محمد بن عمر بن بُكَيْر، وغيره. وكان أديبًا كثير العِلْم. 456- أحمد بن محمد بن محفوظ2. 457- أحمد بن محمد بن الحسن3: أبو نصر البُخَاري. سمع: أحمد بن محمد بن الخليل، وروى عنه كتاب "الأدب" للبخاري، وعبد المؤمن بن خَلَف النَسَفي. قال الخطيب: كان ثقة قبل سنة ثمانين. 458- أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى4: أبو الحسين الدوسي الأنباري. عن: أبي القاسم البَغَوِي، وابن زياد النَّيْسَابُوري. وعنه: محمد بن محمد الأنباري. توفِّي في حدود الثمانين. 459- أحمد بن عبيد الله بن إسحاق بن المتوكّل5 على الله: أبو الحسين العبّاسي الهاشمي. قال ابن النّجار: لقي الْجُنَيد ورُوَيْمًا، وسمع من محمد بن جرير، وأبي بكر محمد بن داود الأصبهاني، وسكن شِيرَاز، وحدَّث بها سنة تسعٍ وسبعين وثلاثمائة، وجاوز المائة. روى عنه: ابنه عبد الصّمد، وأبو أحمد اللّبّان، ومحمد بن عبد العزيز الشيرازي القصار.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "4/ 254". 2 لا بأس به. 3 انظر تاريخ بغداد "4/ 425". 4 انظر تاريخ بغداد "5/ 118". 5 لَا بأس به.

460- أحمد بن محمد بن إسماعيل1: أبو طاهر الهَرَوِي. سمع: الحسين. وعنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ. 461- أحمد بن علي بن الفرج2: أبو بكر الحلبي الحبَّال الصُّوفي. حدَّث عن: أبي القاسم البَغَوِي، وعلي بن عبد الحميد الغضائري. روى عنه: تمّام الرّازي، وأبو سعد الماليني، ومكّي بن الغَمْر، وأبو نصر الجبّان، وآخرون. 462- أحمد بن محمد بن أحمد3 بن الربيع بن معيوف: أبو الحسن الهمذاني ابن الغوطي العين ثرمائي. حدَّث عن: محمد بن أحمد بْن عُبَيْد بْن فَيّاض، والسَّلْم بن مُعَاذ، وجماعة. وعنه: تمَّام الرّازي، وأبو نصر بن الجبان، ومكّي بن الغَمْر. 463- أحمد بن يعقوب بن عبد4 الجبَّار: أبو بكر الأموي الْجُرْجاني. حدَّث عن: الفضل بن صالح، وعَبْدان الجواليقي، وجماعة. وعنه: أبو عمرو الفُراتي، وأبو سعد الماليني، وأبو حازم العَبْدَوِي، وأبو بكر أحمد بن علي بن عبد الرحمن الشيرازي، وآخرون. قال البَيْهَقي: له أحاديث موضوعة لا أستحلُّ رواية شيء منها. قلت: له رحلة إلى الشام ومصر والعراق، دخل بغداد سنة ثلاث وثلاثمائة، وجدّه هو: عبد الجبّار بن يعاطر بن مصعب بن سعيد ابن الأمير مَسْلَمَة بن عبد الملك بن مروان. وقد حكى عنه محمد بن القاسم الفارسي، قال: دخلت بغداد، وبها شيخ يقال له: أبو العَبَرْطَن، يحدّث بالأعاجيب، فإذا الدّار مملوءة بأولاد الملوك والأغنياء يكتبون عنه، وعلى رأسه خف مقلوب، وعليه فروة مقلوبة، فقال: أنا الأوّل عن الثاني عن الثالث أنّ الزّنْج سُود سُود، ونا حرياق عن تباق قال: مطرُ الربيع ماءٌ كلّه. ونا دُرَيْد عن رشيد قال: الأعمى يمشي رويدًا، فتعجّبت، وقصدْتُه خلْوةً، فرحَّب بي، فرأيت منه

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر تهذيب ابن عساكر "2/ 409". 3 انظر تهذيب ابن عساكر "1/ 443". 4 انظر تهذيب ابن عساكر "2/ 120-122"

جميل الأدب، فقلت: تحيَّرت في أمر الشيخ، فقال: إن السلطان أراداني على عملٍ لم أكن أُطِيقه، فأبيتُ، فحبسني، ولم أجد وجهًا لخَلاصي، فَتَحَامَقْتُ، فها أنا في أرغد عيش. 464- إسماعيل بن عمران1: أبو علي السّعْدي اللُّغوي. أخذ عن: الأنباري. حرف الحاء: 465- الحسن بن أحمد2: أبو الغادي البغدادي الزّاهد. من مشايخ الصُّوفيّة، كثير الأسفار، نزل مَرْو. يحكي عن إبراهيم بن شَيْبان، وغيره. روى عنه: الحاكم، وأبو سعد الماليني، وأبو علي بن حمكان الفقيه. 466- الحسن بن أحمد البغدادي3 السَّقْطي: عن البَغَوِي وغيره. وعنه: عبد العزيز الأزجي، ووثَّقه. 467- الحسن بن أحمد بن جعفر4: أبو القاسم البغدادي الصُّوفي. روى عن: أبي بكر بن زياد النيسابوري، وإسماعيل الورّاق، وجماعة. وعنه: عُبَيْد الله بن أحمد الزهري الصَّيْرَفي، ومحمد بن عمر بن بُكَيْر. توفِّي في حدود الثمانين وثلاثمائة، والله أعلم. حرف الصاد: 468- صاعد: أبو نصر البغدادي5 المقرئ. قدِمَ الأندلس سنة خمسٍ وسبعين، وكان قد قرأ القرآن على ابن مجاهد، وسمع منه كتاب "السبعة"، وكان له نصيب من العربية. توفِّي سنة ست وسبعين، أو نحوها. قال ابن الفرضي.

_ 1 انظر السابق. 2 انظر تاريخ بغداد "7/ 274". 3 انظر تاريخ بغداد "7/ 274". 4 انظر تاريخ بغداد "7/ 276". 5 انظر تاريخ علماء الأندلس "1/ 204".

حرف الطاء: 469- طلحة بن عمر الحذاء1: بغداديّ يروى عن: الباغَنْدِي، وأبي القاسم البَغَوِي. وعنه: بشْرى الفاتني، وعبد العزيز الأزجي. حرف العين: 470- عبد الله بن الحسين2: أبو محمد بن الشيلماني الخلال. سمع: محمد بن محمد التُمّار، صاحب يحيى بن مَعين، وأبا القاسم البَغَوِي. وعنه: أحمد بن محمد العتيقي، والأَزْجي، ومحمد بن علي القساري. وثَّقه أبو محمد الخلّال. 471- عَبْد الله بْن محمد بْن أيّوب3 بْن حيّان: أبو محمد الدمشقي القطّان الحافظ. سمع: أبا بكر الخرائطي، ويعقوب الجصَّاص، وأبا العبّاس بن عُقْدَة، ومحمد بن مَخْلدَ، وأبا سعيد بن الأعرابي، وطبقتهم بالشام، والعراق، والحجاز، والجزيرة. وعنه: تمَّام الرّازي، وعبد الله بن محمد، وإبراهيم بن عطيّة، ومحمد بن عَوْف المزني، وجماعة. 472- عبد السلام بن حسين4: أبو طالب المأموني. من فُحُول الشعراء، له مدائح في الصّاحب بن عبَّاد وغيره. فمن شعره: يا رَبْعُ لو كنتُ دمعًا فيك مُنْسَكبا ... قضيتُ نَحْبي ولم أقض الذي وجبا

_ 1 انظر تاريخ بغداد "9/ 350". 2 انظر تاريخ بغداد "9/ 441". 3 انظر تاريخ دمشق "3/ 341". 4 انظر يتيمة الدهر "4/ 149".

وعُصْبَةً بات فيها الغَيْظُ متَّقِدًا ... إذْ شُدْتُ لي فَوْقَ أعناقِ العِدَا رُتَبا لكُنْتُ يوسفَ والأسباط هم وأبو الأ ... سباط أن ودعواهم دمًا كذبا 473- عبد المؤمن بن عبد المجيد1: أبو يعلى النَّسَفي. عن: محمد بن إبراهيم البوسَنْجِي، وإبراهيم بن مَعْقِل. وعنه: جعفر بن محمد التويني. مات بعد الستين. 474- عثمان بن عمر بن عبد الرحمن الفقيه2: أبو عمر البغدادي الشافعي، ويُعرف بابن أخي النّجّار. سكن دمشق، وسمع من: ابن جَوْصَا، ومحمد بن يوسف الهروي، وأبي الطيب ابن عَبَادِل، وجماعة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بن عُمَر بن أَبِي نصر، وتمَّام الرّازي، والحافظ عبد الغني، وأبو سعد الماليني، وغيرهم. 475- عثمان بن محمد3: أبو عمرو العثماني البصْري. حدَّث بدمشق وأصبهان عن: محمد بن الحسين بن مكرم، وخَيْثَمَة الأطْرَابُلُسي، وجماعة. وعنه: ابن المقرئ وهو أكبر منه، وتمَّام، وابن مَرْدَوَيْه، وأبو نعيم، وغيرهم. 476- علي بن الحسن بن أحيد4: أبو الحسن البلْخي القطّان. سمع: المَحَامِلي، وأبا العباس بن عُقْدَة، وإسحاق بن شبيب البلْخي. وعنه: يوسف القوَّاس الزّاهد، وهو أكبر منه، وتمَّام الرّازي، والحاكم. تُوُفّي بعد السبعين وثلاثمائة.

_ 1 لا بأس به. 2 لا بأس به. 3 انظر حلية الأولياء "2/ 196". 4 انظر تاريخ بغداد "11/ 381".

477- علي بن محمد بن حبش1: أبو الحسن الأنباري الكاتب، من بيت حشمة وتقدُّم. روى عن جعفر الفِريْابي. وعنه: أبو القاسم التَّنُوخيّ، وأبو العلاء الواسطي. عاش نحوًا من تسعين سنة. 478- علي بن محمد بن مهدي2: أبو الحسن الطَّبري المتكلِّم الأَصُولي. رحل في طلب العِلْم، وصحب أبا الحسن الأشعري بالبصْرة مدّة، وتخرَّج به، وصنَّف التصانيف، وتبحَّر في عِلمِ الْكلام، وهو مؤلف كتاب "مشكل الأحاديث الوارادة في الصفات". وروى عنه: أبو سعد الماليني. وهو يروى عن أصحاب محمد بن إسحاق الصنعاني، والعطاردي. 479- عمر بن محمد بن أحمد بن مقبل: أبو القاسم بن الثلاج. شيخ بغداديّ هالك، كان كثير الأسفار، حدَّث في الغُرْبة عن المحاملي. وروى عنه أبو سعيد الماليني. قال أبو سعيد الإدريسي: قَدِمَ علينا وكان متَّهَمًا بالكذب. حرف اللام: 480- لؤلؤ القيصري: مولى4 المقتدر بالله. سمع بدمشق وغيرها: هشام بن أحمد، والحسن بن حبيب، وقاسم بن أحمد المَلَطي، وأحمد بن إبراهيم بن غالب البلدي، وجماعة.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "12/ 87". 2 انظر طبقات الشافعية الكبرى "2/ 312". 3 انظر تاريخ بغداد "11/ 261"، ولسان الميزان "4/ 326". 4 انظر تاريخ بغداد "13/ 18".

وعنه: أبو بكر البَرْقَانِيّ، ومحمد بن عمر بن بُكَيْر، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي. كنيته أبو مُحَمَّد. حرف الميم: 481- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن1: أبو الحسن الكرخي، نزيل بيت المقدس. سمع: أبا سعيد بن الأعرابي، وخيثمة بن سليمان، وعثمان بن محمد الذهبي، وجماعة. وعنه: أبو الفرج عُبَيْد الله المراغي، وانتقي عليه الحافظ عبد الغني المصري. 482- محمد بن أحمد بن محمد بن مهدي2: أبو عبد الله الإسكافي الشاهد. بغداديّ فاضل، سمع أبا القاسم البَغَوِي، وابن أبي داود، وابن صاعد، وابن نيروز، ومحمد بن هارون الحَضْرَمي، وابن مجاهد، ونفطَوَيْه، وابن دُرَيْد، وأحمد بن علي الْجَوْزَجاني، وابن الأنباري، وابن مَخْلَد العطّار، وطائفة. روى عنه أبو نُعَيم وأبو سعيد النّقّاش الأصبهانيّان، لقياه ببغداد، وله تاريخ كبير على السّنين والحوادث، وما كأنّه بقي إلى هذا الوقت. وقد ذكره ابن النّجّار، وقال: قرأت في كتاب أبي طاهر أحمد بن الحسن الكرجي بخطِّه: مات أبو العبّاس محمد بن أحمد بن مهدي الشاهد في رجب سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاث مائة. قلت: هذا رجل آخر، لو بقي الإسكافي إلى هذا الحين لازْدَحَمُوا عليه. 483- محمد بن أحمد بن يعقوب3: أبو العباس المصيصي.

_ 1 انظر تاريخ دمشق "36/ 282". 2 لا بأس به. 3 في عداد الضعفاء، ويراجع "تاريخ بغداد".

روى عنه: علي بن عبد الحميد الغضائري، وأبو عَرُوبة، وأحمد بن بكرون الدَّسْكَري، والحسن بن علي الْجَوْهري. ضعَّفه الخطيب. 484- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه1 بْن بُنْدار: أبو زرعة الأستراباذي المؤذن المعلم، المعروف باليمني. سمع: أبا القاسم البَغَوِي ببغداد، وأبا عَرُوبَة بحَرّان، وأبا العبّاس السّرّاج بنَيْسَابور، وعلي بن الحسين بن معدان بفارس، وابن جَوْصَا بدمشق. وعنه: حمزة السَّهمي. 485- محمد بن إبراهيم بن عبد اللَّه2: أبو هُمَام الطُّوسي الحافظ. سمع: أبا العباس بن عُقْدَة، وعبد الله بن محمد الحامض، والمَحَامِلي. وعنه: عبد الغني بن سعيد، وأحمد بن الحسن الطّيّان، وعلي بن السمسمار، وغيرهم. 486- محمد بن إبراهيم بن سَلَمة3: أبو الحسن الكُهَيْلي الكوفي. سمع: محمد بن عبد الله الحضرمي مُطَيّنًا، وغيره. وعنه: الحسين بن أحمد الرازي. 487- محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد بن مهران، أبو بكر الصفار البغدادي الضرير. سمع محمد بن صالح بن أبي عصمة بدمشق، وعبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس، ومحمد بن محمد بن النفاح بمصر، وأبا عروبة بحرَّان، والبغوي ببغداد، وعنه الدارقطني، وحمزة السهمي، وإبراهيم بن عمر البرمكي، وعلي بن المحسن التنوخي، وأبو محمد الجوهري.

_ 1 انظر تاريخ جرجان "540". 2 لا بأس به. 3 في عداد المجهولين.

وقال البرقاني: ثقة فاضل، أصله من الشام، قال لي: ولدت سنة تسع وثمانين ومائتين. قلت: حدَّث سنة إحدى وسبعين. 488- محمد بن إسحاق1 بن دارا الأهوازي. عن: أحمد بن الحسن المصري، وإبراهيم بن محمد النّاقد. وعنه: أبو علي الأهوازي، والحسين بن أحمد بن سهل. قال الخطيب: غير ثقة. 489- محمد بن الحسن بن سليمان2: أبو النَّصْر الهَرَوِي السّمسار. سمع: الحسين بن إدريس، وعبد الله بن عُرْوَة الفقيه. وعنه: أبو يعقوب الفرات. 490- محمد بن أبي كريمة3: أبو علي الصَّيْدَاوِي. سمع: ابن جَوْصَا، وأبا الدَّحْداح، وأحمد بن محمد بن عاصم، وجماعة. وعنه: الخصيب بن عبد الله القاضي، وأبو سعد الماليني، وصالح بن المَيَانجي، وأحمد بن الحسن الطّيّان، وآخرون. 491- محمد بن الحسن بن علي4: أبو طاهر الأنطاكي المقرئ المحقّق. قال أبو عمرو الدّاني: هو من أجَلِّ أصحاب إبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكي وأضبطهم، روى عنه القراءة جماعةٌ من نُظَرائه كابن غلبون، وقيل: إنّه توفِّي قبل سنة ثمانين وثلاثمائة بيسير، مُنْصَرَفَه من مصر. وقال غيره: قرأ علي ابن عبد الرزّاق، وعتيق بن عبد الرحمن الأَذَني. وروى عنه: علي بن داود الداراني، وعلي بن محمد الجبّان، وفارس بن أحمد الضَّرير، وعبد المنعم بن غلبون، وتصدَّر للإقراء مدة.

_ 1 في عداد الضعفاء. 2 لا بأس به. 3 انظر تهذيب ابن عساكر "5/ 141". 4 انظر معرفة القراء "1/ 277".

492- محمد بن الحسين بن إبراهيم1 بن عاصم: أبو الحسن الآبُري السّجِسْتَاني، وآبُر: من قُرَى سَجَستان. محدِّث مشهور. سمع: أبا العبَّاس السرَّاج، وابن خزيمة، وأبا عَرُوبة الحَرّاني، وأبا نُعَيم بن عَدِيّ، ومحمد بن يوسف الهَرَوي، ومَكْحَولًا0 البيروتي، ومحمد بن الربيع الجيزي، وجماعة. وعنه: علي بن بُشْرَى اللَّيثي، ويحيى بن عمَّار السِجِسْتانيّان. وصنَّف كتابًا كبيرًا في مناقب الشافعي. توفِّي قريبًا في سنة سبعين وثلاثمائة. 493- محمد بن الخضر بن زكريا2 بن أبي خرّام: أبو بكر البغدادي المقرئ. ثقة، حدَّث عن أبي القاسم البَغَوِي. وعنه: أبو العلاء الواسطي، والتَّنُوخي. 494- محمد بن الطيّب بن محمد3: أبو الفرج البغدادي الحافظ البلّوطي. سمع: أبا بكر بن داود، وأبا ذَرّ بن الباغَنْدِي، ومحمد بن سليمان النَّعال، وحدَّث بالأهواز وغيرها. روى عنه: ابن أبي الفوارس، وأبو نُعَيم، وأبو بكر بن أبي الذّكْوَاني. 495- محمد بن عبد الله "....."4 السياري الهَرَوِي. سمع: أحمد بن نجدة بن العريان. وعنه: أبو يعقوب القَرّاب. 496- محمد بن عبد ربه الجيلي5 العدوي الطبيب:

_ 1 انظر الإكمال "1/ 123"، وطبقات الشافعية "2/ 149". 2 انظر تاريخ بغداد "5/ 241". 3 انظر تاريخ بغداد "5/ 378". 4 بياض في الأصل. 5 انظر تاريخ بغداد "3/ 224".

دبَّر مارستان مصر في دولة الإخشيذية، وأخذ المنطق عن أبي سليمان محمد بن طاهر بن بهرام السِجِسْتاني. وعبر الأندلس سنة ستين وثلاثمائة، وخدم المستنصر بالله وابنه المؤَيّد بالله. وكان قليل النّظير في الطّبّ، وله مصنَّفات. 497- محمد بن علي بن يحيى1: أبو بكر البغدادي، العريف، البزاز. سمع: أبا القاسم البَغَوِي، وابن أبي داود. وعنه: العتيقي، ومحمد بن علي الصباري. وهو ثقة. 498- محمد بن عمر بن شَبوَيه2: أبو علي الشبويي المَرْوَزي. سمع "صحيح البُخَارِي" سنة ستّ عشرة وثلاث مائة من الفَرَبْري، وكان ثقة مقبولًا؛ سمع منه الكتاب أهل مَرْو سنة ثمانٍ وسبعين وثلاث مائة، ورواه عنه سعيد ابن أبي سعيد العيار. قال أبو بكر السماني: لما توفِّي الشبوبي سمع الناس "الصحيح" من أبي الهيثم الكُشْمِيْهَني. وكان أبو علي من كبار الصُّوفيّة؛ ذكره السُّلمي فقال: كان من أصحاب أبي العبّاس السيَّاري، له لسان ذَرِب في علوم القوم، وكان الأستاذ أبو علي الدقاق يميل إليه، وكان كتب الحديث، وهو الذي رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: قلت يا رسول الله: "شيبتني هود والواقعة"؛ ما الذي شيبك منهما؟ قال: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت} [هود: 112] . 499- محمد بن غريب بن عبد الله3: أبو بكر البغدادي البزاز، غلام ابن مجاهد.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "5/ 89". 2 انظر الإكمال "5/ 107"، واللباب "2/ 183". 3 انظر تاريخ بغداد "5/ 147".

سمع: أحمد بن محمد بن الجعد الوشَّاء، وجعفر بن محمد الفِرْيابي، وعلي بن حمَّاد الخشَّاب راوي مُوَطَّأ سُوَيْد، عن ابن الْجَعْد الوشَّاء، عن سُوَيْد. وقَعَ لنا من طريقه. 500- محمد بن محمد بن عُبَيْد بن أحمد بن مَخْلَد1: أبو بكر العسكري بن الدّقّاق، أخو الحسن، وهو الأصغر. سمع: أباه، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي، ومحمد بن محمد الباغَنْدي، وأبا بكر بن أبي داود، وأبا أحمد بن هارون، ويوسف الشطوي، وأبا العباس بن مسروق. روى عنه: بُشْرَى الفاتني جُزْءًا سمعناه، وأبوه يروي عن زكريا بن يحيى بن أسد، وجماعة. 501- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب2: أبو زُرْعَة. عن: أبي عصمة العُكْبَري القاضي. روى عن: البَغَوِي وجماعة. روى عنه: عبد العزيز الأزجي. 502- محمد بن محمد بن مُعَاذ: أبو بكر3 المقرئ، بغداديّ مُوَثَّق. يروى عن: البَغَوِي. وعنه: أبو العلاء الواسطي، وعبد العزيز الأزجي. 503- محمد بن يوسف بن يعقوب4: أبو بكر الرَّقِّيّ، ويقال: أبو عبد الله. محدّث واسع الرّحلة. سمع: ابن الأعرابي بمكّة، وعبد الله بن عمر بن شَوْذب بواسط، وإسماعيل بن الصّفّار ببغداد، وخَيْثَمَة بن سُلَيمان بالشام، وعبد الله بن فارس بأصبهان.

_ 1 لا بأس به. 2 لا بأس به. 3 انظر تاريخ بغداد "3/ 224". 4 انظر تاريخ بغداد "3/ 409".

وعنه: أبو الحسين بن جُمَيْع، وهو أكبر منه، وإن كان قد عُمَّر بعده دهْرًا، وأحمد ابن الحسن الطّيّان، وأبو العلاء الواسطي، وعبد العزيز بن علي الأَزْجِي، وأبو الحسن بن عبد الرحمن بن أبي نصر، وغيرهم. رماه الخطيب بالكَذِب، وذكر له حديثًا تفرَّد به الطَّبَراني، بسنده "إذا كان يوم القيامة جاء أصحاب الحديث بأيديهم المحابر"1، ثم قال الخطيب: الحَمْل في وضعه على الرقي. 504- محمد بن هاشم الخالدي2: المَوْصِلي الشاعر المشهور، ابن وعلة بن عرام بن عثمان بن بلال الشاعر، وكان من شعراء هذا العصر. وقد اشتريت مرّة المجلَّد الرابع من شعر الخالدين، ونسبتهما هذه إلى قرية الخالديّة، وهي من أعمال المَوْصِل. وكان محمد الأكبر، وكان قد قَدِمَ دمشقَ في صُحْبة الملك سيف الدولة بن حمدان، وكان من خَوَاصّ شُعَرائه، وهما شاعران مُحْسِنان مُجَوَّدان متوافِّقان في النظم، قد اشتركا في نَظْم كثيرٍ من الشعر، وكان السّريّ بن الرفَّاء يبغضهما ويبغضانه، وينال منهما سبًّا وهجاء. فلمحمد، وزعم الرفاء أنه لكشاجم: محاسِنُ الدَّيْر تسبيحي ومِسْبَاحِي ... وخَمْرُهُ في الدُّجَى صُبْحي ومِصْبَاحي أقَمْتُ فيه إلى أنْ صار هَيْكَلُهُ ... بيتي ومفتاحه للحُسن مُفْتَاحي ولمحمد: والبدر منتقب بغيم أبيض ... هو فيه بين تَخَفُّرِ وتَبَرُّج كَتَنَفُّسِ الحسناء في المِرْآةِ إذ ... كَمُلَتْ مَحَاسِنُها ولم تَتَزَوّجِ ولسعيد: أَما تَرَى الغَيْمَ يا من قلبه قاسٍ ... كأنه أتى مقياسًا بمقياس

_ 1 انظر تاريخ بغداد "3/ 410". 2 انظر سير أعلام النبلاء "6/ 386"، وفوات الوفيات "1/ 339".

قَطْرٌ كَدَمْعي وبْرقٌ مثل نارِ جوّي ... في القلب منِّي ورِيحٌ مثل أَنفاسي ولأبي إسحاق الصابي في الخالدين: أرى الشاعرين الخالديين سيرا ... قصائد ينفي الدهر وهي تخلد جواهر أبكار لَفظٍ وغُرْبَة ... يُقَصّر عنها راجِزٌ ومقصَّدُ تنازَعَ قَوْمٌ فيهما وتناقَضُوا ... ودام جِدَالٌ بينهم يتردَّدُ فطائفةٌ قالت: سعيد مقدَّم ... وطائفة قالت لهم: بل محمد وصاروا إلى حُكْمي فأصْلَحْتُ بينهم ... وما قلت إلّا بالتي هي أرشدُ هما لاجْتماعٍ الفضْل روح مؤلّف ... ومَعْنَاهُما من حيث ما شئتَ مُفردُ كذا فَرْقد الظَّلماء لما تشاكلا ... على أشكال هل ذاك أو ذاك أنجد 505- محمد بن يوسف بن عمار1: أبو الحسين الحريكي البغدادي المقرئ، إمام جامع البصرة. أدركه سنة إحدى وسبعين عيسى بن سعيد بن سعدان الكوفي القُرْطُبي، وقرأ عليه أبو الحسن طاهر بن غلبون برواية حمزة بالبصْرة، عن قراءته على أبي الحسين بن بويان، وقد روى عن البَغَوِي، وابن صاعد، وابن أبي داود، وابن جَوْصَا، وجماعة. روى عنه: محمد بن الحسين بن جرير الدشتي الأصبهاني، لقيه بالأهواز، وأما أبو عمرو الدّاني فذكر أنّه بصْري، وأنّه أخذ القرآن عَرْضًا عن ابن مجاهد، وابن شنبوذ، وابن بويان، وغيرهم. وسمع من البَغَوِي. قرأ عليه غير واحد من شيوخنا. توفِّي بعد السبعين. 506- منصور بن عبدوس2: أبو رافع. سمع: محمد بن محمد الباغَنْدي، وعبد الله بن زيدان البجلي.

_ 1 انظر معرفة القراء الكبار "1/ 278". 2 في عداد المجهولين.

وعنه: صاعد بن محمد بن القاضي الهَروِي. 507- موسى بن محمد بن جعفر1 بن عَرَفة السّمسار: أبو القاسم البغدادي. عن: محمد بن حرب، وأبي يعلى الموصلي، وعبد الله المدائني، وغيرهم. وعنه: القاضي الطبري، وأبو حازم الفرَّاء، والعتيقي. قال ابن الفراء: تكلَّموا فيه. حرف النون: 508- نصر بن أحمد بن هُرْمزينا النهرواني. عن البغوي، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وغيرهما، وعنه أبو العلاء الواسطي، وأبو القاسم الأزهري. حدَّث قبل الثمانين. حرف الهاء: 509- هارون بن أحمد: أبو القاسم القطان. عن البغوي، وغيره، وعنه: ابن المذهب، وعمر بن إبراهيم الفقيه. روى حديثًا منكرًا. حرف الياء: 510- يحيى بن مسعر بن محمد بن يحيى2: أبو زكريّا التنُوخي المقرئ. سمع أباه، وأبا عَرُوبَة الحرّاني، وعبد الرحمن بن عمرو الرَّحْبي، وأبا عُبَيْد بن حَرْبَوَيْه القاضي، ومحمد بن يوسف الهَروي، وعبد الصمد بن سعيد الحمصي، وطائفة سواهم.

_ 1 انظر تاريخ بغداد "13/ 64". 2 لا بأس به.

وعنه: أبو بكر محمد بن علي بن حميد، وجعفر، وأحمد، ومحمد بنو عبد الله بن حياة، وأبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المَعَرّيون. وفي مشيخة ابن أبي الصقر الأنباري: نا أبو العلاء: نا يحيى بن مسعر، ثنا أبو عروبة، فذكر حديثًا. 511- يوسف بن محمد بن أحمد1: أبو القاسم الواسطي المقرئ الضرير، تلميذ يوسف ابن يعقوب، إمام جامع واسط. قرأ عليه محمد بن الحسين الكارزيني، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي. بقي إلى بعد السبعين. الكنى: 512- أبو محمد بن مطران الشّاشي2: شاعر مُفْلِق، وهو القائل: عَوَانٌ أَعَارَتْها المَهَا حُسْنَ مَشْيها ... كما قد أَعَارَتْها العُيُون الجآذِرُ فمن حُسْن ذاك المَشْي جاءتْ وقَبّلَتْ ... مَواطئَ من أَقْدَامِهَنّ الضفائر ومن شعره: مُهَفْهَفَةٌ لها نصف قضيب ... كَخَوْطِ البان في نصف رَداحِ حكت لونًا ولينًا واعْتِدالًا ... ولحظًا قاتلًا سمر الرماح آخر الطبقة، والحمد لله وحده.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر يتيمة الدهر "4/ 108-115".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: قم الصفحة الموضوع "الطبقة السادسة والثلاثون" "351-380هـ" "أحداث سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة" 3 المغلات الخراجية. 3 دخول الروم عين زرية. 4 دخول الروم حلب. 4 الشيعة يلعنون معاوية. 5 الروم يأسرون أبا فراس الحمداني. 5 وفاة الوزيرالمهلبي. 5 وفاة دَعْلَج بن أحمد. 5 وفاة محمد بن الحسن النقاش. 5 وفاة محمد بن داود الدفي. "أحداث سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة" 5 الاحتفال بعاشوراء. 6 تقليد القضاء بالعراق لابن أكثم. 6 مقتل ملك الروم نقفور. 6 إصابة سيف الدولة بالفالج. 6 الاحتفال بعيد غدير خُمّ. 6 من عجائب المخلوقات، رجلان ملتصقان. 7 وفاة خولة أخت سيف الدولة.

"أحداث سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة" 7 الاحتفال بعاشوراء. 7 نزول الدُّمُشْتق على المصيصة. 7 سيف الدولة يرسل حديدًا للقرامطة. 8 دخول ناصر الدولة إلى الموصل. 8 الدمستق يهدي سيف الدولة هدايا. 8 عمل خيمة عظيمة لسيف الدولة. "الوفيات" 8 بندار بن الحسين الشيرازي. 8 محمد بن أحمد بن خروف. 8 إبراهيم بن محمد بن حمزة. 8 سعيد بن عثمان بن السكن. 8 علي بن يعقوب بن أبي الغوث. 8 محمد بن هارون بن شعيب. 8 بكار بن أحمد. "أحداث سنة أربع وخمسين وثلاثمائة" 8 الاحتفال بعاشوراء. 8 وثُوب غلمان سيف الدولة على غلامه نجا الكبير. 8 سيف الدولة يملك خلاط. 9 وفاة أخت معز الدولة. 9 ملك الروم يبني لقيسارية يستولي على المصيصة وطرسوس. 10 خروج ركب الحج. 10 وفاة أبي الطيب المتنبي. 10 اشتداد الحصار على أهل طرسوس وسقوطها.

10 غزو سيف الدولة في بلاد الروم. 11 ولاية رشيق النُّسَيْمي على أنطاكية. "من حوادث سنة خمس وخمسين وثلاثمائة" 11 قدوم أبي الفوارس من الأسر إلى ميارفارقين. 11 مقتل رشيقة النُّسَيْمي. 11 الفداء بين المسلمين والروم. 12 القتال بين سيف الدولة ودِزْبَر. 12 الفتنة بين ركن الدولة والخراسانية. 13 خروج طاغية الروم إلى بلاد الشام. 13 سيف الدولة يشحن حلب. 13 مسير سيف الدولة إلى قنسرين. 14 الإيقاع بسرية الروم. 14 ارتداد نائب أنطاكية. 14 قدوم الغزاة الخراسانية ميافارقين. "من سنة ست وخمسين وثلاثمائة" 15 الخراسانية يغزون بلد ابن مسلمة. 15 عودة الخراسانية إلى بلادهم. 15 موت سيف الدولة. 15 أبو المعالي يقبض على تقى. 15 تغلب يقبض على ملك أبيه ناصر الدولة. 16 دخول أبي المعالي حلب. 16 نزول الروم علي رعبان. 16 عسكر حلب يفتحون حصن سرجون وسن الحمراء. 16 وقوع سرجون في الأسر.

16 غزوة الخراسانية مع لؤلؤ الجراحي. 16 انتصار المسلمين على الروم بنواحي المصيصة. 16 مسير ألفي فارس من الترك إلى مصر. 16 ابن عيسى وابن شاكر يقاتلان الروم. "أحداث سنة سبع وخمسين وثلاثمائة" 17 مقتل أبي فراس. 17 موت كافور صاحب مصر. 17 وقوع الخلف بين الكافورية وأبي الفوارس. 17 نقفور ينازل أنطاكية ومعرة مصرين. 17 غزوة نقفور في بلاد الشام. "عود إلى حوادث سنة خمس وخمسين وثلاثمائة" 18 الاحتفال بعاشوراء. 18 مهلك ركب الشام ومصر والمغرب. 18 جيش الخراسانية يغزو الروم. "أحداث سنة ست وخمسين وثلاثمائة" 18 الاحتفال بعاشوراء. 18 موت معز الدولة بن بويه. "أحداث سنة سبع وخمسين وثلاثمائة" 19 الاحتفال بعاشوراء. 19 امتناع الحج من الشام ومصر. 19 فتنة الأمير ابن المستكفي على ابن المعتضد العباسي. 20 دخول ملك الروم حمص. 20 خروج أبي المعالي من حلب. 20 غزو الروم إلى ناحية ميافارقين وأرزن.

20 صعوبة الحج. 20 القرامطة في دمشق. 21 القرامطة يَسْبُون الرملة وأعمالها. "أحداث سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة" 21 الاحتفال بعاشوراء. 21 القحط ببغداد. 21 الروم يغيرون على الشام. 21 جوهر القائد يملك مصر. 21 والد المرتضي يحج بالناس من العراق. 21 ابن طُغْج الإخشيدي يلي إمرة دمشق. 21 ابن سيف الدولة يقاتل أهل حلب. 21 الروم يستولون على أنطاكية. 22 جعفر بن فلاح القائد يتملك دمشق. "أحداث سنة تسع وخمسين وثلاثمائة" 22 الاحتفال بعاشوراء. 22 سقوط أنطاكية بيد نقفور. 22 مقتل نقفور. 22 انقضاض كوكب عظيم بالعراق. 23 الحج من بغداد. "أحداث سنة ستين وثلاثمائة" 23 الاحتفال بعاشوراء. 23 مرض المطيع لله. 23 ابن معروف يتقلد قضاء القضاة. 23 وثُوب العامة بالمطهر بن سليمان.

23 الإعلان بحيَّ على خير العمل بمآذن دمشق. 23 موت جعفر بن الفلاح.

"وفيات سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة" "حرف الألف" 24 1- أحمد بن إبراهيم بن جامع، السُّكّري. 24 2- أحمد بن محمد بن خليع البغدادي. 24 3- أحمد بن محمد بن أبي دارم التميمي الكوفي. 24 4- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الموت المكيّ. 25 5- أحمد بن محمد بن عبد الله القاضي النيسابوري الحنفي. 25 6- إبراهيم بن علي بن عبد الله الأعلى، الهُجَيْمي البصري. 26 7- إسماعيل بن بدر بن إسماعيل، القرطبي. "حرف الحاء" 26 8- الحسن بن إسحاق بن يليل المغربي. 26 9- الحسن بن علي بن الفضل، المعافري ابن كبّه. 26 10- الحسن بن محمد بن هارون الوزير المهلّبي. 27 11- الحسن بن محمد بن يحيى الحسيني. 27 12- الحسين بن الفتح النيسابوري الفقيه الشافعي. "حرف الدال" 27 13- دَعْلَج بن أحمد بن دعلج السجزي الفقيه. "حرف السين" 29 - سَلْم بن الفضل. "حرف العين" 29 14- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن مسعود. 30 15- عبد الله بن أحمد بن الحسين الخرقي. 30 16- عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد البغدادي المصري. 30 17- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي دليم القرطبي. 30 18- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن شاذان البزّاز.

31 19- عبد الله بن محمد بن أحمد الدمياطي. 31 20- عبد الباقي بن قانع بن مرزوق الأموي البغدادي. 31 21- عبد الرحمن بن إدريس بن الربيع المؤدّب. 31 22- عبد العزيز بن محمد بن سهل اللؤلؤي ابن قماشويه. 32 23- عبد العزيز بن إبراهيم بن بيان الكاتب البغدادي. 32 24- علي ابن الإمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي. 32 25- علي بن جعفر بن أحمد بن علي الفريابي. 32 26- علي بن رُكَيْن المصري. 32 22- علي بن محمد بن عبد الله المروزي. "حرف الميم" 33 28- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى النيسابوري المصاحفيّ. 33 29- محمد بن الحسن بن محمد النّقاش. 36 30- محمد بن سعيد أبو بكر الحربي الزاهد. 36 31- محمد بن الشبل بن بكر القيسي الأندلسي. 36 32- محمد بن علي بن الحسين المروزيّ. 36 - محمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي. 36 33- محمد بن القاسم بن محمد بن سِياه العسّال. 37 340- محمد بن راهب الكشّي. 37 35- محمد بن مؤمن الكندي المصري النّحوي. 37 36- ميمون بن إسحاق البغدادي الصوّاف. "حرف الهاء" 37 37- همَّام بن أحمد بن محمد القاضي. "حرف الياء" 37 38- يحيى بن منصور بن يحيى النيسابوري.

"وفيات سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة" "حرف الألف" 38 39- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بن راشد المديني. 38 40- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن سلمة البغدادي. 38 41- أحمد بن عبيد بن أحمد الصّفّار الحمصي. 39 42- أحمد بن محمد بن السّريّ الكوفي. 39 43- أحمد بن محمد بن سهلويه المزكّي النيسابوري. 39 44- أحمد بن محمود بن أحمد بن خليد الشمعي. 39 45- أحمد بن مطرّف بن عبد الرحمن الأزدي. 40 46- أحمد بن نصر الله بن محمد بن أشكاب الزّعفراني. 40 47- إسحاق بن إبراهيم التجيبي الطليطلي. 40 48- إسماعيل بن علي بن علي بن رَزين الخزاعيّ. "حرف الجيم" 41 49- جعفر بن ورقاء بن محمد الشيباني. "حرف الحاء" 41 50- الْحَسَن بْن محمد بْن عَبْد الله المهلّبي. 42 51- الحسن بن محمد بن رمضان الحميري. 43 52- حمدون بن محمد بن حمدون السجستاني. "حرف الخاء" 43 530- خالد بن سعد الأندلسي. "حرف العين" 43 54- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إبراهيم الأبياني اليونسي. 43 55- عبد الله بن محمد بن مغيث الأنصاري القرطبي. 44 56- عبيد الله بن يحيى بن إدريس القرطبي. 44 57- عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الهمذاني.

45 58- عبيد الله بن آدم بن عبيد الدمياطي. 45 59- علي بن أحمد بن أبي قيس الرّفَّاء المعرّي. 45 60- علي بن إسحاق بن خلف المعروف بالزّاهي. 46 61- علي بن الحسين بن علي الفرّاء البغدادي. 46 62- علي بن محمد بن إبراهيم الحلّاب. 46 63- علي بن هارون بن علي البغدادي. 47 64- علي بن يعقوب بن إسحاق المؤذّن. "حرف الميم" 47 65- محمد بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق النيسابوري النّحوي. 47 66- محمد بن أحمد بن قاسم القرطبي. 47 67- محمد بن إسحاق بن مهران شاموخ. 48 68- محمد بن أحمد بن موسى الأهوازي. 48 69- محمد بن أحمد بن محمد المعاذي. 48 70- محمد بن أحمد بن الحسين النيسابوري. 48 71- محمد بن علي بن دُحَيْم الشيباني الصائغ. 49 72- محمد بن عبد الله بن محمد المزني المغفلي الهروي. 49 73- محمد بن علي بن حسن الرّمّاني الشرابي. 49 74- مُحَمَّد بْن عمر بْن الْحَسَن بْن عُبَيْد= ابن المسلمة. 49 75- محمد بن محمد بن أحمد بن مالك الإسكافي. 50 76- محمد بن وسيم الطليطلي الضّرير. "حرف النون" 50 77- نصر بن جعفر بن علي المهلبي. "حرف الواو" 50 78- الوليد بن عيسى بن حارث الأندلسي.

"وفيات سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة" "حرف الألف" 51 79- أحمد بن إبراهيم بن يوسف التيمي. 51 80- أحمد بن ثابت بن أحمد الواسطي الكاتب. 51 81- أحمد بن قاج بن عبد الله الورّاق. 52 82- أحمد بن أبي بكر محمد بن الزاهد الحيريّ الشهيد. 52 83- إبراهيم بن محمد بن حمزة الأصبهاني. "حرف الباء" 53 84- بكار بن أحمد بن بكار المقرئ. 53 85- بكير بن الحسين بن عبد الله الدرهمي الرازي. 54 86- بندار بن الحسين الشيرازي. "حرف الجيم" 54 87- جعْفَر بْن محمد بْن أَحْمَد الواسطي المؤدب. "حرف السين" 55 88- سعيد بن عثمان بن سعيد بن السَّكَن البزاز. "حرف الشين" 55 89- شجاع بن جعفر البغدادي الورّاق. "حرف العين" 56 90- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن بندار المديني. 56 91- عبد الله بن عمر بن إسحاق المصري. 56 92- عبد الله بن محمد بن العباس الفاكهي المكي. 57 93- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحيري. 57 94- عبد الصمد بن الحسين بن يوسف الأزدي. 58 95- عبد الملك بن محمد المدني. 58 96- عبد الملك بن هذيل بن إسماعيل التميمي.

58 97- عبد الواحد بن أحمد بن علي بن أبي الخصيب. 58 98- عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن الواثق الهاشمي. 58 99- علي بن إبراهيم المستملي النجاد. 58 100- علي بن الحسن بن دليل. 59 101- علي بن يعقوب بن إبراهيم بن شاكر. "حرف القاف" 59 102- قاسم بن محمد بن قاسم مولى الوليد. "حرف الميم" 60 103- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن خروف المدني المصري. 60 104- محمد بن أحمد بن أبي القاسم البغوي. 60 105- محمد بن أحمد بن عقبة المروزي. 60 106- محمد بن إبراهيم بن حسن النيسابوري. 61 107- محمد بن إسحاق بن أيوب بن كُوشيذ. 61 108- محمد بن الحسن بن عمر القرشي المعروف بابن مزاريب. 61 109- محمد بن عُبَيْد الله بن المَرْزُبان الواعظ. 61 110- محمد بن عثمان بن سعيد الأندلسي. 61 111- محمد بن مالك بن الحسن السعدي المروزي. 61 112- محمد بن محمد بن يحيى القرّاب الهوري. 62 113- محمد بن النعمان بن نصر العنسي إمام الجامع بصور. 62 114- محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري الدمشقي. 63 115- محمد بن هارون الطرزي نزيل طرسوس. 63 116- محرز بن جعفر الرازي الصوفي الزاهد. 63 117- مسلمة بن القاسم بن إبراهيم القرطبي. 64 118- مُعَلَّى بن سعيد التنوخي. 64 119- مكّي بن إسحاق بن إبراهيم البخاري.

64 120- ميسرة بن علي القزويني. "الكنى" 64 - أبو سعيد بن أبي بكر الحيري. "وفيات سنة أربع وخمسين وثلاثمائة" "حرف الألف" 65 121- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بن عطية البغدادي. 65 122- أحمد بن إبراهيم بن حوصل الكوفي البخاري. 65 123- أحمد بن الحسين بن الحسن، المتنبِّي الشاعر. 70 124- أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني المؤدّب، يُعْرَف بابن دقّ. 70 125- أحمد بن محمد بن أحمد الكبشي. 70 126- أحمد بن يعقوب النحوي، المعروف ببرزويه. 71 127- إبراهيم بن محمد بن سهل التراب. 71 128- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن بسام الهاشمي العبّاسي. "حرف الباء" 71 129- بكر بن شعيب القرشي. "حرف التاء" 71 130- تميم بن أحمد بن تميم البويطي المصري. "حرف الشين" 72 131- شاكر بن عبد الله المصيصي. "حرف الميم" 72 132- محمد بْن أحمد بْن عثمان المروزي. 72 133- محمد بن أحمد بن محمد المجهّز البزّاز. 72 134- محمد بن أبان بن سيد اللخمي القرطبي. 73 135- محمد بن إيراهيم الجوزي. 73 136- محمد بن إسحاق بن أيوب النيسابوري.

73 137- محمد بن حبّان بن أحمد التميمي البستي الحافظ. 75 138- محمد بن الحسن بن يعقوب العطّار. 76 - محمد بن سليمان أبو طاهر بن ذكوان. 76 139- محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه الشافعي البزّاز. 77 140- محمد بن محرز بن مساور الأدمي. 77 141- محمد بن عمر بن إسماعيل الحطَّاب. 78 142- محمد بن القاسم بن عبد الرحمن الكِنْدي المصري الحذّاء. 78 143- محمد بن مكي بن أحمد بن سَعْدَوَيْه البردعي. "حرف النون" 78 144- نُعَيْم بن عبد الملك بن محمد الإستراباذي. "وفيات سنة خمس وخمسين وثلاثمائة""حرف الألف" 78 145- أحمد بن شعيب بن صالح البخاري الورّاق. 79 146- أحمد بن العبّاس بن عبيد الله المعروف بابن الإمام. 79 147- أحمد بن عبد الله بن حمشاذ النيسابوري. 79 148- أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل العجلي. 80 149- أحمد بن قانع بن مرزوق الفرضي. 80 150- أحمد بن محمد بن الحسين الخسروجرد. 80 151- أحمد بن محمد بن شارك الهروي. 81 152- أحمد بن محمد بن رزمة القزويني. "حرف الحاء" 81 153- الحسن بن محمد بن عباس الرازي الفلّاس. 81 154- الحسن بن داوود بن علي العلوي النيسابوري. 82 155- الحسين بن أيوب الصيرفي شيخ المالكية.

"حرف العين" 82 156- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن حامد البلخي. 82 157- علي بن الإخشيد صاحب مصر. 82 58- علي بن الحسن بن علّان الحرّاني. "حرف الميم" 83 159- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الوهاب السلمي الضرير. 83 160- محمد بن أحمد بن بِشْر المزكّي الحنفي. 83 161- محمد بن الحسن بن الحسين بن منصور النيسابوري التاجر. 84 162- محمد بن أحمد بن زكريا النيسابوري. 84 163- محمد بن الحسن بن وليد الكلابي. 84 164- محمد بن الحسين بن علي الله الأنباري الوضاحي. 85 165- محمد بن صالح البستي. 85 66- محمد بن محمد بن عبدان النيسابوري. 85 167- محمد بن عمر بن محمد الجعابي التميمي. 89 168- محمد بن القاسم بن شعبان المصري المالكي. 90 169- محمد بن محمد بن عبيد الله الجرجاني. 90 170- محمد بن معمر بن ناصح الذهلي. 90 171- منذر بن سعيد بن عبد الله البلوطي الكزني. "وفيات سنة ست وخمسين وثلاثمائة" "حرف الألف" 91 172- أحمد بن أسامة بن أحمد التُّجيبي المصري. 92 173- أحمد بن بويه الديلمي السلطان. 93 174- أحمد بن عبد الله بن محمد المزني الهروي. 94 175- أحمد بن عبد الله النصري الدمشقي العدل. 95 176- أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود الرقي.

95 177- أحمد بن محمد بن إبراهيم السمرقندي. 95 178- أحمد بن محمود بن زكريا الأهوازي. 95 179- أحمد بن محمد بن خلف القرطبي. 96 180- إبراهيم بن محمد بن شهاب العطار الحنفي. 96 181- إسماعيل بن القاسم بن هارون أبو علي القالي. "حرف الجيم" 97 182- جعفر بن محمد بن الحارث المراغي. 98 183- جعفر بن مطر النيسابوري. "حرف الحاء" 98 184- حامد بن محمد بن عبد الله الرفا الهوري. "حرف السّين" 99 185- سعيد بن أحمد بن محمد الفقيه. "حرف العين" 99 186- العباس بن محمد بن نصر الرافضي. 99 187- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حبان قاضي طوس. 100 188- عبد الخالق بن الحسن بن محمد السقطي. 100 189- عثمان بن محمد بن بشر السقطي "سَنَقَة". 100 190- علي بن إبراهيم بن حماد الأزدي. 101 191- علي بن الحسين بن محمد الأصفهاني "صاحب الأغاني". 102 192- علي بن عبد الله بن حمدان التغلبي الجزري. 105 193- علي بن محمد بن خليع البغدادي الخياط. 105 194- عمر بن جعفر بن محمد الختلي. "حرف الكاف" 105 195- كافور الخادم الإخشيدي.

"حرف الميم" 108 196- مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل المُعَيْطي. 108 197- محمد بن أحمد بن حمدان الزاهد. 108 198- محمد بن إبراهيم بن محمد بن الشيرجي المروزي. 109 199- محمد بن علي بن حسين البلخي. 109 200- موسى بن مردويه بن فورك الأصبهاني. "حرف الياء" 109 201- يوسف بن عمر بن محمد القاضي. "الكنى" 110 - سيف الدولة بن حمدان. "وفيات سنة سبع وخمسين وثلاثمائة" "حرف الألف" 110 202- أحمد بن الحسن بن إسحاق الرازي المصري. 110 203- أحمد بن سعيد بن نصر البخاري. 111 204- أحمد بن القاسم بن كثير المصري اللكي. 111 205- أحمد بن محبوب المعروف بغلام أبي الأديان. 111 206- أحمد بن محمد بن رميح النخعي الفسوي. 112 207- أَحْمَد بْن أبي عِمْرَانَ مُوسَى بْن عِيسَى الجرجاني. 112 208- إبراهيم بن المقتدر بالله. 112 09- إبراهيم بن عبد الله الإفريقي القلانسي. 113 210- إبراهيم بن محمد بن الحسين القطان. "حرف الباء" 113 211- بكار بن بكر بن أحمد السدوسي العراقي. "حرف الحاء" 113 12- الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي.

114 213- الحسن بن محمد بن حليم المروزي. 114 214- الحسين بن أحمد بن محمد البغدادي. 114 215- الحسين أحمد بن عتاب السقطي. 114 216- حمزة بن محمد بن علي الكناني المصري. "حرف الدال" 116 217- درَّاس بن إسماعيل الفاسي، أبو ميمونة. "حرف العين" 116 218- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن الحسن المروزي النصري. 116 219- عبد الحميد بن الإمام أبي سعيد النيسابوري. 117 220- عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن العبّاس البغدادي. 117 221- عبد العزيز بن محمد بن زياد العبدي. 117 222- علي بن بندار بن الحسين الصوفي الصيرفي. 118 223- علي بن الفضل بن محمد الخزاعي. 118 224- عمر بن أكثم بن أحمد الأسدي. 118 225- عمر بن جعفر بن عبد الله الوراق. "حرف الفاء" 119 226- الفضل بن محمد بن العباس الهروي. 119 227- فنك الخادم مولى كافور. "حرف الكاف" 120 228- كافور الأستاذي الإخشيدي. "حرف الميم" 120 229- محمد بن أحمد بن حاجب الكشّاني. 120 230- محمد بن أحمد بن إبراهيم الإسكافي القراريطي. 120 231- محمد بن أحمد بن علي بن مَخْلَد البغدادي الجوهري. 121 232- محمد بن أحمد بن شعيب الشعيبي.

121 233- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن علي الحراني. 122 234- محمد بن علي بن محمد بن سهل البغدادي المعروف بابن الإمام. 122 235- محمد بن محمد بن عبد الحميد الفزاري الدمشقي. 122 236- محمد بن محمد بن الحسن الهاشمي. 123 237- محمد بن نصر الطبري. 123 238- مطرف بن عيسى الغساني إلبيري. "حرف الهاء" 123 239- هارون بن محمد بن هارون العنزي الطحان. "وفيات سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة" "حرف الألف" 123 240- أحمد بن إسماعيل بن يحيى الإسماعيلي. 123 241- أحمد بن حسن بن منده الأصبهاني الوراق. 124 242- أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الذكواني. 124 243- أحمد بن القاسم الدقاق. 124 224- أحمد بن محمد بن سهل الطبسي. 124 245- أحمد بن يعقوب بن أحمد البغدادي. 125 246- إبراهيم بن أحمد بن الحسن القرميسيني. 125 247- إسحاق بن أحمد بن محمد الجوزقي الهروي. "حرف الثاء" 125 248- ثوابة بن أحمد بن عيسى الموصلي. "حرف الجيم" 126 249- جعفر بن محمد الجوهري. "حرف الحاء" 126 250- الحسن بن أبي الهَيْجاء التغلبي. 126 251- الحسن بن علّان الخطابي.

127 252- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن كَيْسان الحربي. 127 253- الحسن بن محمد بن يحيى العلوي. 127 254- الحسن بن أحمد الفارسي. 127 255- حيدرة بن عمر الزندوردي الظاهري. "حرف الخاء" 128 256- الخليل بن أحمد الشاعر. "حرف الزاي" 128 257- زيد بن علي بن أحمد العجلي الكوفي. "حرف السين" 128 258- سيبويه المصري "أبو بكر محمد بن موسى". "حرف العين" 129 259- عبد الملك بن علي الكازروني. 129 260- عبد الوهاب بن محمد بن سهل الملطي. 129 261- علي بن عبد الله بن علي الفارسي. 129 262- علي بن إبراهيم بن الفضل الكشاني. 129 263- علي بن عبد الله. عن معن الفارسي. 130 264- علي بن الفضل بن شهريار التاجر. 130 265- علي بن محمد بن أحمد بن حمّاد زغبة التجيبي. "حرف الميم" 130 266- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الإبُرِيْسَم. 130 267- محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرام. 130 268- محمد بن أحمد بن الحسن الضبيّ الهيستاني. 131 269- محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن القرشي. 131 270- محمد بن إبراهيم بن عبد الله الحضرمي. 131 271- محمد بن إسماعيل البغدادي.

131 272- محمد بن جعفر بن دُرّان المصري. 132 273- محمد بن الحسين بن مهران الكاتب. 132 274- محمد بن العباس بن الوليد العنسي. 132 275- محمد بن عبد الله العسكري. 133 276- محمد بن عدي بن حمدويه السجزي. 133 277- محمد بن محمد بن إسحاق السراج. 133 278- محمد بن معاوية بن عبد الرحمن الأموي. 134 279- محمد بن يحيى بن عبد السلام الرباحي. 134 280- محمد بن موسى بن عبد العزيز الكِنْدي الصيرفي. 134 281- موسى بن إبراهيم بن النضر العطار. 134 282- منصور بن محمد بن منصور مولى بني هاشم. "وفيات سنة تسع وخمسين وثلاثمائة" "حرف الألف" 135 283- أحمد بن بندار بن إسحاق الشعار. 135 284- أحمد بن جعفر بن بلال الأصبحي. 136 285- أحمد بن السندي بن حسن الحذاء. 136 286- أحمد بن طاهر النيسابوري. 136 287- أحمد بن عبد العزيز بن بدهين البغدادي. 136 288- أحمد بن محمد بن القطان البغدادي. 137 289- أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر. 137 290- أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي العطار. 137 291- أحمد بن يوسف الأشقر. "حرف الحاء" 138 292- حبيب بن الحسن بن داود القزاز. 138 293- السحن بن أحمد بن الحسن البيهقي.

"حرف الشين" 138 294- شموّل الأمير مولى صاحب كافور. "حرف الصاد" 139 295- صالح بن عمر العقيلي الأمير. "حرف الطاء" 139 296- طلحة بن محمد بن إسحاق الصيرفي. "حرف العين" 139 297- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إسحاق الأصبهاني. 140 298- عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد المروزي الأنماطي. 140 299- عبد الرحمن بن محمد بن جعفر الأصبهاني المؤدّب. 140 300- عبد الصمد بن محمد بن حيَّويه البخاري. 140 301- علي بن بندار شيخ الصوفية. 141 302- علي بن محمد بن مسرور القيرواني الدَّبَّاغ. 141 303- علي بن محمد بن سعيد الموصلي. "حرف الفاء" 141 304- الفتح بن عبد الله الفقيه الهروي. "حرف الميم" 142 305- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سهل الإستراباذي. 142 306- محمد بن أحمد بن الحسن الصواف. 142 307- محمد بن أحمد بن حمدون الذهلي. 143 308- محمد بن الحسين الوزير. 143 309- محمد بن حاتم بن زنجويه الفرضي. 143 310- محمد بن طاهر بن علي الأصبهاني. 143 311- محمد بن عبد العزيز بن حسنون الإسكندراني. 144 312- محمد بن علي بن حبيش الناقد.

144 313- محمد بن عيسى بن زيرك البروجردي. 144 314- محمد بن موسى بن أزهر الأندلسي الإستجي. 144 315- المنذر بن محمد بن المنذر السلمي الهروي. 144 316- المؤمل بن يحيى المصري. "حرف الهاء" 145 317- هاشم بن أحمد بن غانم الغافقي. "وفيات سنة ستين وثلاثمائة" "حرف الألف" 145 318- أحمد بن طاهر النيسابوري. 145 319- أحمد بن محمد بن أبي الفتح بن خاقان النجاد. 145 320- أحمد بن ثابت بن الزبير التغلبي القرطبي. 146 321- إبراهيم بن يحيى الطليطلي. 146 322- إبراهيم بن هارون بن خلف المصمودي. 146 323- أسد بن حيون بن منصور الجذامي. 146 324- أسهم بن إبراهيم بن موسى السهمي. "حرف الجيم" 147 325- جعفر بن فلاح الأمير. "حرف الحاء" 147 326- الحسن بن علي بن الإمام أبي جعفر. "حرف الزاي" 147 327- زيري بن مناد الحميري الصنهاجي. "حرف السين" 147 328- سعيد بن عميرة الهروي. 147 29- سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني. 153 330- سهل بن أحمد بن عيسى أبو الفضل المؤذن.

"حرف العين" 153 331- عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى بْن معاوية الطلحي. 153 332- عبد الله بن عمر بن أحمد البغدادي. 154 333- عمارة بن رفاعة بن عمارة المصري. 154 334- عمر بن أحمد بن محمد البغدادي. 154 335- عيسى بن محمد بن أحمد الطوماري. "حرف الفاء" 155 336- الفضل بن الفضل بن العباس الكندي. "حرف الميم" 155 337- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن زبارة العلوي. 156 338- محمد بن إبراهيم الأصبهاني. 156 339- محمد بن جعفر بن إبراهيم الفسوي. 156 340- محمد بن جعفر بن محمد النيسابوري. 157 341- محمد بن أحمد بن موسى الخلال القمي. 157 342- محمد بن جعفر بن محمد الأنباري. 158 343- محمد بن جعفر بن محمد بن كنانة البغدادي. 158 344- محمد بن الحسين بن محمد بن العميد الكاتب. 159 345- محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُريّ. 159 346- محمد بن داود الدقي الدينوري. 160 347- محمد بن سليمان بن أحمد البعلبكي. 160 348- محمد بن صالح بن علي الهاشمي المالكي. 161 349- محمد بن طاهر بن محمد الصيرفي. 161 350- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أشته. 161 351- محمد بن الفرخان بن روزبه الدوري.

"الكُنَى" 161 352- أبو القاسم بن أبي يعلى الشريف الهاشمي. "من لم يحفظ وفاته وله شهرة كتبناه تقريبًا" "حرف الألف" 162 353- أَحْمَد بْن إبْرَاهِيم بْن جعفر العطار. 162 354- أحمد بن إبراهيم بن محمد الكندي. 163 355- أحمد بن إسحاق بن محمد الهروي الضرير. 163 - أحمد بن إسحاق. 163 356- أحمد بن الحسن بن محمد المالكي ابن الحمصي. 163 357- أحمد بن صالح بن عمر المقرئ. 163 358- أحمد بن علي بن الحسين البيضاوي الفارسي. 164 359- أحمد بن القاسم بن كثير الريان المالكي. 164 360- أحمد بن طاهر بن النجم الميانجي. 165 361- أحمد بن محمد بن أحمد بن سهل البغدادي المعروف ببكير. 165 362- أحمد بن محمد بن بشر بن الشارب. 165 363- أحمد بن محمد بن أحمد السدي الدوري. 165 364- أحمد بن محمد الأحنفي الهمذاني. 166 365- أحمد بن محمد بن منصور الدامغاني. 166 366- أحمد بن محمد بن أحمد السرخسي. 166 367- أحمد بن محمد بن حسنويه اللباد. 166 368- أحمد بن محمد بن سالم البصري الصوفي. 168 369- أحمد بن محمد بن شارك الهروي. 168 370- أحمد بن مطرف النصري المغربي. 168 371- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بْن أبي العزائم الكوفي. 168 372- إبراهيم بن محمد بن الخصيب الأصبهاني العَسَّال.

168 373- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الورّاق الأصبهاني. "حرف الحاء" 168 374- الحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن محمد البغدادي. 169 375- الحسن بن عبد الله النجاد. 169 376- الحسن بن عبد الرحمن بن خلّاد الرَّامَهُرْمُزِيّ. 170 377- الحسن بن عبيد الله بن طُغج بن جف. "حرف السين" 170 378- سعد بن محمد بن إبراهيم الناقدي. 170 379- سهل بن إسماعيل بن سهل. "حرف الصاد" 170 380- صديق بن سعيد الصوناخي. "حرف العين" 171 381- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن ديويه. 171 382- عبد الله بن جعفر الجابري الموصلي. 171 383- عبد الله بن عبيد الله العسكري. 171 384- عبد الله بن عمر علك الجوهري. 171 385- عبد الله بن محمد بن حمزة الصيداوي. 172 386- عبد الله بن محمد بن حمزة الرواس. 172 387- عثمان بن أحمد بن شنبك الدينوري. 172 388- عثمان بن حسين البغدادي. 172 389- عثمان بن محمد بن إبراهيم الماذرائي ابن الأطروش. 173 390- عتيق بن ما شاء الله المصري. 173 391- علي بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي. 173 392- علي بن حمد الواسطي. 173 393- عمر بن علي بن الحسن العتكي الأنطاكي.

"حرف الكاف" 174 394- كشاجم الشاعر "أبو نصر محمود". "حرف الميم" 174 395- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد القُمَّاط. 174 396- محمد بن أحمد بن أبي مطيع الهَرَوي. 175 397- محمد بن أحمد بن يوسف البغدادي. 175 398- محمد بن إبراهيم الفروي. 175 399- محمد بن إسماعيل بن موسى الرازي. 175 400- محمد بن الحسن بن الوليد الكلابي الدمشقي. 175 401- محمد بن صبيح بن رجا المصفى. 176 402- محمد بن عبد الله بن برزة الروذراوي. 176 403- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أبي دجانة. 176 404- محمد بن علي بن مسلم العقيلي. 176 405- محمد بن حامد الماليني. 177 406- محمد بن عمر بن سلمة اللخمي القُرْطُبي. 177 407- محمد بن عمر بن عفان الدوري. 177 408- محمد بن علي بن محمد الكرخي القصاب. 178 409- محمد بن عيسى بن عبد الكريم التميمي الطرسوسي. 178 410- محمد بن محمد بن أحمد بن حرّانة الإبريسمي. 178 411- محمد بن محمد الهروي نزيل مكة. 178 412- محمد بن محمد البغدادي المقرئ. 179 413- محمد بن هارون الزنجاني الثقفي. 179 414- محمد بن وصيف الفامي الهروي. 179 415- المطلب بن يوسف بن ميزغة الهروي العقبي. 179 416- مهلهل بن أحمد الرزاز.

"حرف الياء" 179 417- يعقوب بن مُسَدد القُلُوسِيُّ البصْري نزيل طرابلس. 180 418- يوسف بن معروف بن جبير النسفي. "تراجم المتوفِّين في هذه الطبقة أيضًا" "حرف الألف" 180 419- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي خالد القيرواني. 181 420- أحمد بن محمد بن فرج الجياني الشاعر. "حرف العين" 181 421- علي بن الحسين بن محمد الوراق. 181 422- عمرو بن أحمد بن رشيد المذحجي الطبراني. 181 423- عبد الله بن علي العراقي. "حرف الميم" 182 424- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد العزيز السوسي الشاعر. 182 425- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن الحكم القزي. "الكُنَى" 183 426- أبو الحسن البلياني القاضي.

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع الطبقة السابعة والثلاثين "أحداث سنة إحدى وستين وثلاثمائة" 185 الاحتفال بعاشوراء. 185 موت أبي القاسم القرمطي. 185 بنو هلال يعترضون الحجاج. 185 الصلح بين ركن الدولة وصاحب خراسان. "أحداث سنة اثنتين وستين وثلاثمائة" 185 الروم يستبيحون نصيبين. 186 منع الخطبة ببغداد وكسر المنابر. 186 مصادرة بختيار بن بويه. 186 إحراق النحاسين ببغداد. 187 دخول المعز مصر بتوابيت آبائه. 187 وقوع الدمستق في الأسر. 187 الوزارة ببغداد. "أحداث سنة اثنتين وستين وثلاثمائة" 187 تقليد ابن أم شيبان قضاء القضاء. 187 كتاب العهد بالقضاء لابن أم شيبان. 189 نقابة العباسيين. 189 المطيع لله يخلع نفسه. 189 ركب الحجاج. 190 الدعوة للمعز في البلاد. 190 الحرب بين الأعراب والقرامطة. 190 قدوم نائب المعز إلى الشام.

"أحداث سنة أربع وستين وثلاثمائة" 190 حريق الخشابين ببغداد. 191 قطع الخطبة للطائع بالله ببغداد. 191 انعدام الأقوات. 191 عزل ابن أم شيبان عن القضاء. 192 ولاية دمشق. "أحداث سنة خمس وستين وثلاثمائة" 192 تقسيم الممالك بين أولاد ركن الدولة. 193 مجلس الحكم في دار عز الدولة. 193 الحرب بين هفتكين وجوهر. "أحداث سنة ست وستين وثلاثمائة" 193 زفاف بنت عز الدولة إلى الطائع بالله. 193 القرامطة يسقطون الدعوة لعز الدولة في الكوفة. 193 الوقعة بين عز الدولة وعضد الدولة. 194 جميلة بنت ناصر الدولة تحج وتنفق في حجها. "أحداث سنة سبع وستين وثلاثمائة" 194 هلاك أبي يعقوب القرمطي. 194 مقتل عز الدولة. 194 الطائع يخلع على عضد الدولة بخلع السلطنة. 195 زيادة دجلة ببغداد. 195 الزلزال بسيراف. 195 القتال بين هفتكين والعُبَيْديين. "أحداث سنة ثمان وستين وثلاثمائة" 196 الخطبة لعضد الدولة. 196 توثب قسام على دمشق. "أحداث سنة تسع وستين وثلاثمائة" 196 القبض على ابن معروف القاضي.

197 تبادل الرسل بين العزيز وعضد الدولة. 197 تلقيب عضد الدولة بتاج الملة. 198 زواج الطائع لله ببنت عضد الدولة. "أحداث سنة سبعين وثلاثمائة" 198 تزيين بغداد لعضد الدولة.

"وفيات سنة إحدى وستين وثلاثمائة ومن توفِّي فيها" "حرف الألف" 199 1- أحمد ابن المحدِّث محمد بن العباس رئيس المعتزلة. 199 2- أحمد بن محمد بن سعيد بن سهل بن شبرة الصيرفي. 199 3- أحمد بن مستور الأمير. 199 4- إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البُزوي. "حرف الباء" 200 5- بكار بن محمد بن أحمد المعافري المصري. "حرف الحاء" 200 6- حامد بن محمد بن عبد الله الحناط. 200 7- الحسن بن الخضر بن عبد الله الأَسْيُوطي. "حرف الخاء" 200 8- خلف بن محمد بن إسماعيل البخاري. "حرف العين" 201 9- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عمران الدينوري. 201 10- عبيد الله بن أحمد بن الحسين الداوودي السمسار. 201 11- عثمان بن عمر بن خفيف المعروف بالدراج. 202 12- عثمان بن محمد بن إبراهيم المادرائي. 202 13- علي بن أحمد بن فروخ غلام المصري. "حرف الفاء" 202 14- فردوس بن أحمد بن محمد البزاز. "حرف الميم" 202 15- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ بن شاهويه. 202 16- محمد بن أحمد بن موسى بن يزداد القمي. 203 17- محمد بن حارث بن أسد الخشني القيرواني. 203 18- محمد بن الحسن بن سعيد المخرمي. 203 19- محمد بن الحسين بن محمد الوزير الروذراوري.

204 20- محمد بن حُمَيد بن سهل المخرمي. 204 21- محمد بن عمر بن محمد بن الفضل الجعفي. 204 22- محمد بن فارس بن حمدان العطشي المعبدي. 204 23- محمد بن يحيى بن عوانة الثعلبي. "حرف النون" 205 24- نذير بن جناح المحاربي. "وفيات سنة اثنتين وستين وثلاثمائة" "حرف الألف" 205 25- أحمد بن إبراهيم بن بكر القفطي. 205 6- أحمد بن بشر بن عامر المرورذي. 205 7- أحمد بن عثمان المعروف بابن البقال. 205 28- أحمد بن محمد بن زكريا الأموي الرصافي. 205 29- أحمد بن همام النيسابوري. 206 30- أحمد بن محمد بن أحمد بن عقبة قاضي أرجان. 206 31- أحمد بن محمد بن عمارة الليثي الكناني. 206 32- إبراهيم بن عبيد الله المعافري الإشبيلي. 206 33- إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سخْتَوْيه المزكي. 207 34- إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال. "حرف الحاء" 208 35- حفص بن جُزَّى الأندلسي. "حرف السين" 209 36- سعيد بن القاسم بن العلاء البرذعي الطرازي. "حرف العين" 209 37- عبد الله بن أحمد الفرغاني. 209 8- عبد الله بن محمد بن معمر الذكواني الهمداني. 209 39- عبد السلام بن أحمد بن محمد المصري. 210 40- عبد الملك بن الحسن بن يوسف السقطي.

210 41- علي بن محمد بن إسماعيل الطُّوسي الزَّمْلَكَاني. 210 42- عمر بن أحمد بن عمر القصباني. 210 43- عمرو بن أحمد بن محمد الإستراباذي. "حرف الميم" 211 44- محمد بن أحمد بن خالد القرطبي. 211 45- محمد بن أحمد بن علي بن شاهويه الفارسي. 211 46- محمد بْن أحمد بْن كثير بْن دَيْسَم الهروي. 212 47- محمد بن أحمد بن محمد القبري. 212 48- محمد بن أحمد بن منبه السمسار. 212 49- محمد بن إبراهيم بن حسنويه النيسابوري. 212 50- محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن أبرَوَيْه الإستراباذي. 212 51- محمد بن الحسن بن كوثر البربهاري. 213 52- محمد بن أبي الهيثم المطوعي. 213 53- محمد بن العباس بن أحمد البلخي الحنفي. 213 54- محمد بن عبد الله بن محمد الفقيه. 214 55- مُحَمَّد بن عَبْد الملك بن مُحَمَّد بن عدي الإستراباذي. 214 56- محمد بن محمد بن داود السجزي النيسابوري. 214 57- محمد بن موسى بن فضالة القرشي. 215 58- محمد بن هاني الأزدي الأندلسي. 215 59- منصور بن محمد البغدادي الحذاء. "حرف الياء" 216 60- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن محمد القرطبي المغيلي. "وفيات سنة ثلاث وستين وثلاثمائة" "حرف الألف" 216 61- أحمد بن محمد بن عبد البر التجيبي القرطبي ابن الكشكيناني. 216 62- أحمد بن علي بن إبراهيم النرسي. 216 63- إبراهيم بن سليمان بن عدي العسكري.

217 64- إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن علّان الخولاني. 217 65- أصبغ بن قاسم بن أصبغ. "حرف الثاء" 217 66- ثابت بن سنان بن ثابت الحراني الصابي. "حرف الجيم" 218 67- جمح بن القاسم بن عبد الوهاب الجمحي. "حرف الحاء" 218 68- الحارث بن سعيد بن حمدان، أبو فراس. 219 69- الحسن بن موسى بن بندار الديلمي. 219 70- حمزة بن أحمد بن مخلد القطان. "حرف السين" 219 71- سيد أبيه بن داود المرشاني. "حرف العين" 219 72- العباس بن الحسين بن الفضل الشيرازي. 220 73- عبد الله بن عدي الصابوني. 220 74- عبد الحميد بن أحمد بن عيسى. 220 75- عبد العزيز بن أحمد بن محمد المدني. 220 76- عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر الزيدي. 221 77- عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد. 222 78- علي بن عبد الله بن الفضل البغدادي. 222 79- عيسى بن موسى بن أبي محمد الهاشمي. "حرف الغين" 222 80- غالب بْن عَبد اللَّه بْن موسى البزاز. "حرف الميم" 222 81- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سهل الرملي بن النابلسي. 224 82- محمد بن أحمد بن عيسى القمي. 224 83- محمد بن إسحاق بن مطرف الإستجي.

225 84- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن إبراهيم الآبُري. 225 85- محمد بن سعيد العصفري القرطبي. 225 86- محمد بن عبد الله بن محمد اللالكائي. 225 87- محمد بن علي بن حسين بن الفأفاء الرازي. 225 88- محمد بن محمد الفياضي الهروي. 225 89- محمد بن موسى بن الحسين السمسار الدمشقي. 226 90- مروان بن عبد الملك القرطبي. 226 91- المظفر بن حاجب الفرغاني. "حرف النون" 227 92- نافع بن عبد الله الخادم. 227 93- النعمان بن محمد بن منصور القاضي. "حرف الياء" 228 94- يعلى بن موسى البربري. "وفيات سنة أربع وستين وثلاثمائة" "حرف الألَف" 228 95- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن محمود بن شابور "خرطبه". 228 96- أحمد بن القاسم بن عُبَيْد الله بن مهدي الخشاب. 229 97- أحمد بن القاسم بن يوسف الميانجي. 229 98- أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري. 229 99- أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري. 230 100- أحمد بن محمد بن أيوب الفارسي. 230 101- أحمد بن محمد بن فرجون الأندلسي. 230 102- أحمد بن محمد بن المؤمل الماسرجسي. 230 103- أحمد بن مسلم بن شعيب المديني. 231 104- أحمد بن هلال بن زيد الأندلسي العطار. 231 105- أحمد بن يوسف الإسكاف الأشقر. 231 106- إبراهيم بن أحمد بن محمد الأبزاري الوراق.

231 107- إسحاق بن محمد بن إسحاق النعالي. 232 108- إسحاق الأمير العباسي. 232 109- إسماعيل بن أحمد الخلالي التاجر. "حرف الجيم" 232 110- جعفر بن علي بن أحمد الأندلسي. "حرف الحاء" 233 111- الحسن بن سعيد القرشي. 233 12- الحسن بن علي بن أبي السلاسل البجلي. "حرف السين" 233 113- سبكتكين الأمير. "حرف العين" 234 114- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحريص. 234 115- عبد الله بن محمد بن عثمان الأندلسي. 234 116- عبد الجبار بن عبد الصمد المؤدب السلمي. 235 117- عبد الرحمن بن محمد بن جعفر اليزدي. 235 118- عبد الرحمن بن محمد بن جعفر الكسائي. 235 119- عبد الرحمن بن محمد بن إدريس القهندزي. 235 120- عبد السّلام بن محمد بن أبي موسى المخرمي. 236 121- عبد الواحد بن الحسن بن أحمد بن خلف الجنديسابوري. 236 122- علي بن أحمد بن علي المصيصي. 236 123- علي بن محمد بن المعلى الشونيزي. 236 124- عمر بن محمد بن عبد الله الترمذي البزار. "حرف الفاء" 237 125- الفضل أمير المؤمنين المطيع لله الهاشمي. 237 126- الفضيل بن محمد بن أبي الحسين الهروي. "حرف القاف" 237 127- القاسم بن أحمد بن إبراهيم الحسيني.

"حرف الميم" 238 128- محمد بن إبراهيم بن الخضر القاضي البصري. 238 129- محمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني. 238 130- محمد بن إبراهيم بن مقبل. 238 131- محمد بن بدر الحمامي الطولوني. 238 132- محمد بن الحسن بن القاسم بن دُحَيْم الدمشقي. 239 133- محمد بن يحيى بن خليل اللخمي القرطبي. 239 134- محمد بن سعيد اللخمي الخضري. 239 135- محمد بن عبد الله بن يعقوب النيسابوري. 239 136- محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة النيسابوري. 240 137- محمد بن عبد الملك بن عدي الشروطي. 240 138- محمد بن عبد الملك الخولاني الأندلسي. 240 139- محمد بن محمد بن جعفر الْجُرْجَاني الشَّيْبَاني. 240 140- مطهر بن سليمان الأنباري الفرضي. "حرف الهاء" 240 141- هارون بن أحمد بن هارون الإستراباذي. "وفيات سنة خمس وستين وثلاثمائة" "حرف الألف" 241 142- أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن أبي توبة الفسوي. 241 143- أحمد بن جعفر بن محمد الختلي. 242 144- أحمد بن محمد بن علي بن عمر النيسابوري المذكر. 242 145- أحمد بن موسى بن الحسين السمسار. 242 146- أحمد بن نصر بن دينار الأصبهاني. 242 147- أحمد بن نصر بن عبد الله بن الفتح الذراع. 243 148- إبراهيم بن عبد الله بن عبيد الثلَّاج. 243 149- إسماعيل بن نجيد بن أحمد السلمي. 244 150- الحسن بن منير التنوخي الدمشقي.

244 151- الحسين بن محمد بن أحمد الماسرجسي. 245 152- الحَكَمُ بن عبد الرحمن بن محمد المستنصر. "حرف السين" 245 153- سعيد بن محمد بن عثمان. "حرف العين" 245 154- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إسحاق الأصبهاني. 246 155- عبد الله بن عديّ بن عبد الله الجرجاني. 247 156- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن الناصح الدمشقي. 247 157- عبد الرحمن بن جعفر بن محمد الجوهري. 248 158- عبد العزيز بن محمد بن خلاد الجوهري. 248 159- عثمان بن محمد بن عثمان العثماني. 248 160- عصام بن محمد بن أحمد القطري. 248 161- علي بن الحسين بن إبراهيم بن سيد الحمصي. 248 162- علي بن الحسين بن عبد الرحمن السديوري. 249 163- علي بن عبد الله بن وصيف الناشئ الشاعر. 249 164- علي بن عبد الله بن العبّاس الجوهري. 249 165- علي بن هارون الحربي السمسار. "حرف الميم" 249 166- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الرازي الصوفي. 250 167- محمد بن أحمد بن محمد بن العدل الأصبهاني. 250 168- محمد بن إبراهيم بن موسى السهمي الصائغ. 250 169- محمد بن إبراهيم بن حسن المناشكي المحاملي. 250 170- محمد بن طاهر الوزيري. 250 171- محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفال. 252 172- مطهر بن أحمد بن محمد الحنظلي. 252 173- مَعَدّ المعز لدين الله. 255 174- منصور بن عبد الملك بن نوح الساماني.

"حرف الياء" 255 175- يوسف بن يعقوب النجيرمي. "وفيات سنة ست وستين وثلاثمائة" "حرف الألف" 255 176- أحمد بن جعفر النسائي. 255 177- أحمد بن الصقر المنبجي. 255 178- أحمد بن محمد بن فرج الجياني. 256 179- أحمد بن عبد الرحمن بن القاسم الحراني المصري. 256 180- أحمد بن محمد بن أحمد بن بُندار الإستراباذي. 256 181- أحمد بن محمد بن جمعة بن السّكَن النسفي. 256 182- أحمد بن محمد بن حمدون بن بُندار الشرمقاني. 257 183- أحمد بن محمد بن علي الخزاعي الزفتي الدمشقي. 257 184- إبراهيم بن أحمد بن محمد المصري. 257 185- إسماعيل بن سعيد بن عبد الواسع الجرجاني. "حرف الثاء" 257 186- ثابت بن إبراهيم بن هارون الحراني الطبيب. "حرف الجيم" 258 187- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن جعفر اليزدي. "حرف الحاء" 258 188- الحارث بن عبد الجبار بن الأندلسي. 258 189- الحسن بن أحمد بن أبي سعيد القرمطي. 258 190- الحسن بن بويه فناخسرو الديلمي. 259 191- الحكم المستنصر بالله الأموي. "حرف العين" 260 192- عبد الله بن غانم النيسابوري الصيدلاني. 260 193- عبد الله بن موسى بن كريد السلامي. 260 194- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زياد المعدل.

261 195- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن بَقِيّ القرطبي. 261 196- عبد الرحمن بن إسماعيل الخولاني. 261 197- عبد الرحمن بن محمد بن محبورالتميمي. 261 198- عثمان بن الحجاج بن يعقوب الخولاني. 262 199- عصام بن العباس الضبي. 262 200- علي بن أحمد بن عبد العزيز الجرجاني. 262 201- علي بن أحمد بن المرزبان الشافعي. 262 202- عيسى بن العلاء بن نذير السبتي. 263 203- عيسى بن عبد الرحمن بن حبيب المصمودي. 263 204- علي بن محمد بن الحسين ذو الكفايتين. "حرف القاف" 263 205- القاسم بن غانم بن حمويه الصيدلاني. "حرف الميم" 264 206- محمد بن أحمد بن شبَّويَه الأصبهاني. 264 207- محمد بن بطال بن وهب التميمي اللورقي. 264 208- محمد بن جعفر بن محمد بن كنانة المؤدب. 264 209- محمد بن الحسن بن أحمد السراج. 265 210- محمد بن عبد الله بن زكرّيا بن حيويه. 266 211- محمد بن علي بن عبد الله الوَزْدُولي النهرواني. 266 212- محمد بن محمد بن أحمد القزويني. 266 213- محمد بن محمد بن يعقوب السراج. "حرف النون" 266 214- الناشئ الصغير. "حرف الياء" 267 215- يحيى بن مجاهد بن عوانة. 267 216- يحيى بن وصيف الخواص. 267 217- يعقوب بن القاسم بن قعنب.

"وفيات سنة سبع وستين وثلاثمائة" "حرف الألف" 267 218- أحمد بن إبراهيم بن بِشْر، أبو بكر اللحياني المصري. 267 219- أحمد بن عيسى بن النعمان الصائغ. 268 220- أحمد بن يعقوب الجرجاني. 268 221- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن مَحْمَوَيْه النصراباذي. 270 222- إبراهيم بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن السَّرْخَسِيّ. 270 23- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الهوري الوراق. "حرف الباء" 271 224- بختيار عز الدولة الديلمي. "حرف التاء" 271 225- تامش بن تكين المعتمدي. "حرف الحاء" 271 226- حسن بن وليد القرطبي. "حرف الدال" 271 227- دارم بن أحمد بن السري الرفا. "حرف الراء" 272 228- رحيم بن مالك الخزرجي المعبر. "حرف العين" 272 229- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن جعفر الجرجاني الغازي المرابط. 272 230- عبد الله بن علي بن حسن القومسي. 272 231- عبد الله "أبو عبد الرحمن" بن محمد الحراني. 273 232- عبد الله بن عبد الله البندار البغوي. 273 233- عبد الغفار بن عبيد الله بن السّريّ الحضيني الواسطي. 273 234- عبد الملك بن العباس القزويني. 274 235- عثمان بن الحسن بن عزرة الطوسي. 274 236- عثمان بن أحمد بن سمعان المجاشي.

274 237- علي بن أحمد بن محمد بن خلف البغدادي. 274 38- علي بن محمد بن إبراهيم الطحان الحضرمي. 274 239- علي بن مضارب بن إبراهيم النيسابوري. 275 240- عمر النصراباذي محمد بن بهتة المناشر. 275 241- عبد الله بن محمد الراسبي. "حرف الغين" 275 242- الغضنفر عز الدولة. "حرف القاف" 276 243- القاسم بن علي بن جعفر البلاذري. "حرف الميم" 276 244- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله الذهلي. 280 245- محمد بن إسحاق بن منذر القرطبي. 280 246- محمد بن حسان بن محمد النيسابوري. 281 247- محمد بن الحسن بن علي بن اليقطيني البزاز. 281 248- محمد بن الحسن بن خالد الصدفي المصري الوراق. 281 249- محمد بن الحسين النيسابوري الحنفي. 281 250- محمد بن المظفر الجارودي الهروي. 281 251- محمد بن عبيد الله بن الوليد المعيطي. 282 252- محمد بن عبد الرحمن بن قريعة. 282 253- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز بْن القوطية. 283 254- محمد بن فرج بن سبعون النحلي البجاني. 283 255- محمد بن محمد بن بقية. 284 256- محمد بن محمود بن إسحاق النيسابوري. 284 257- محمد بن يوسف بن موسى الصباغ. 285 258- محمد بن يوسف بن يعقوب الصواف. "حرف الياء" 285 259- يحيى بن زكريا المصري.

285 260- يحيى بْن عبد الله بْن يحيى الليثي القرطبي. 286 261- يحيى بن هلال بن زكريا الأندلسي. "وفيات سنة ثمان وستين وثلاثمائة" "حرف الألف" 286 262- أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي. 287 263- أبو بكر السقطي "أحمد بن جعفر" السقطي. 288 264- أحمد بن حمزة بن حمدان الطرسوسي. 288 265- أحمد بن خالد بن يزيد الأسدي. 288 266- أحمد بن سيار الصيمري. 289 276- أحمد بن محمد بن صالح البروجودي. 289 268- أحمد بن محمد بن مهران الأصبهاني. 289 269- أحمد بن محمد بن يوسف المعافري القرطبي. 289 270- أحمد بن موسى بن عيسى الجرجاني. 290 271- إبراهيم بن محمد بن سهل الجرجاني. 290 272- إسحاق بن أحمد بن علي التاجر. "حرف الجيم" 290 273- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن جعفر السهمي. 291 274- جعفر بن محمد البابوي الهروي. "حرف الحاء" 291 275- الحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن المرزبان السيرافي. 292 276- الحَسَن بن عبد الله بن محمد بن القريق. 292 277- الحسن بن إبراهيم بن جابر الدمشقي. 292 278- حامد بن أحمد بن العباس الصرام. 293 279- حميدان بن خراش العقيلي. "حرف الصاد" 293 280- صالح بن علي بن محمد الحراني.

"حرف العين" 293 281- عَبْد اللَّه بْن إبْرَاهِيم بن يوسف الآبندوني. 294 282- عَبْد الله بن إِبْرَاهِيم بن عَبْد الملك الأصبهاني. 294 283- عبد الله بن الحسن بن سليمان بن النخاس. 294 284- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن حيان الجنابي البوشنجي. 295 285- عبد الله بن محمد بن محمد الأصبهاني المارستاني. 295 286- عبد الله بن الإمام زكريّا بن يحيي العنبري. 295 287- عبد الصمد بن محمد بن حيويه البخاري. 296 288- علي بن محمد بن صالح بن داود الهاشمي الضرير. 296 289- علي بن محمد بن أحمد الجرجاني القصري. 296 390- عمر بن عبيد الله بن إبراهيم الأصبهاني. 296 291- عيسى بن حامد بن بشر الرخجي. "حرف الغينس" 297 292- الغضنفر أبو تغلب التغلبي. "حرف الميم" 298 293- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ الصوفي. 298 394- محمد بن أحمد بن طاهر شيخ الملاشة. 298 295- محمد بن إبراهيم بن محب الزهري. 298 296- محمد بن عبد الرحمن بن عمرو الرحبي. 298 297- محمد بن عبيدون بن فهد الأندلسي. 299 298- محمد بن علي بن عبد الله الوَزْدُولي. 300 299- محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي. 301 300- محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي. 301 301- محمد بن يعقوب بن إسحاق الهروي. "حرف الهاء" 302 302- هفتكن التركي الشرابي.

"وفيَّات سنة تسع وستين وثلاثمائة" "حرف الألف" 302 303- أحمد بن إسحاق بن محمد الضرير الشيباني الهروي. 302 304- أحمد بن الحسين بن أحمد بن المؤمّل الصيرفي. 303 305- أحمد بن عبد الوهاب بن محمد اللهبي الصابوني. 303 306- أحمد بن عبد الوهاب بن يونس القرطبي. 303 307- أحمد بن عطاء بن أحمد الصوفي. 304 308- أحمد بن محمد بن حسنويه الهروي. 304 309- أحمد بن محمد بن دلان الزوزني. 305 310- أحمد بن أبي منصور الهروي. 305 311- إبراهيم بن أحمد بن عمر بن شاقلا. 305 312- إبراهيم بن ثابت الدعاء المذكر. "حرف الحاء" 305 313- الحسن بن أحمد بن دليف الأزركاني. 305 314- الحسن بن علي بن شعبان المصري. 306 315- الحسن بن علي البصري المعروف بالجُعْل. 306 316- الحسين بن كهمس الجوهري المصري. 306 317- الحسين بن محمد بن علي الزعفراني. "حرف الخاء" 307 318- خالد بن هاشم القرطبي. "حرف الراء" 307 319- رُحَيْم بن سعيد بن مالك الضرير العابر. "حرف السين" 307 320- سعيد بن أبي سعيد الصوفي. "حرف العين" 308 321- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن راشد الطاهري. 309 322- عبد الله بن إبراهيم بن أيوب البزاز.

310 323- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن حبان الأصبهاني. 311 324- عبد الرحمن بن أحمد بن حمدويه النيسابوري. 311 325- عبد الرحمن بن عبيد الله بن موسى القرطبي. 312 326- عبد العزيز بن محمد بن الحسن التميمي الجوهري. 312 327- عبيد الله بن العباس بن الوليد الشطوي. 312 328- علي بن حفص الأردبيلي. 312 329- عمر بن أحمد بن السراج. 312 330- عمر بن أحمد بن يوسف وكيل الخليفة. "حرف الميم" 313 331- محمد بن أحمد بن جعفر الأرغياني. 313 332- محمد بن أحمد بن حامد بن حميرويه الكرابيسي. 313 333- محمد بن أحمد بن حامد بن الميتم. 314 334- محمد بن سليمان بن محمد الصعلوكي. 316 335- محمد بن صالح بن علي الهاشمي. 317 336- محمد بن عبد الرحمن بن سهل الغزال. 317 337- محمد بن علي بن الحسن النقاش. 318 338- محمد بن محمد بن إسماعيل الكرابيسي. 318 339- محمد بن المهلب بن محمد الصيدلاني. 318 340- محمد بن يحيى بن عبد العزيز القرطبي. 318 341- مخلد بن جعفر بن مخلد الفارسي الدقاق الباقرحي. "حرف الياء" 319 342- يحيى بن يعقوب بن حامد القزويني البزاز. "وفيات سنة سبعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 320 343- أحمد بن سعيد الذهبي. 320 344- أحمد بن عبد الكريم الحلبي. 320 345- أحمد بن علي الرازي.

321 346- أحمد بن محمد بن بشر بن الشارب. 321 347- أحمد بن محمد الدارمي المصيصي الشاعر النامي. 322 348- أحمد بن محمد بن هارون الرازي الديبلي. 322 349- أحمد بن منصور بن الأغَرّ اليَشْكري الدِّينَورِي. 322 350- أحمد بن نصر بن خالد الطليطلي. 323 351- إبراهيم بن ثابت الدعاء. 323 352- إبراهيم بن جعفر الكتامي المغربي القائد. 323 353- إسحاق بن محمد بن إسحاق النضري الأندلسي. 324 354- إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل الحلبي. "حرف الباء" 324 355- بشر بن أحمد بن بشر الإسفراييني الدهقان. "حرف الحاء" 324 356- الحسن بن إسحاق بن إبراهيم الأصبهاني. 325 357- الحسن بن بشر بن يحيى الآمدي. 325 358- الحسن بن رشيق العسكري. 326 359- الحسن بن محمد بن يحيى الآمدي. 326 360- الحسن بن أحمد بن حمدان الهمذاني. 326 361- حكم بن محمد بن هشام القرشي القيرواني. "حرف الزاي" 327 362- الزبير بن عبيد الله بن موسى التوزي. "حرف العين" 327 363- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن جعفر الشيباني. 327 364- عبد الله بن أحمد بن الصدّيق المَرْوَزي. 327 365- عبد الله بن محمد الأصبهاني الصائغ. 328 366- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن فورك القباب. 328 367- عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم القطان. 328 368- عبيد الله بن علي بن جعفر الدقاق.

329 369- عُبَيْد الله بْن العباس بن الوليد الشطوي. 329 370- عبيد الله بن الحسين الحذائي. 329 371- علي بن عبد الله بن محمد الزجاج. 329 372- علي بن عيسى بن محمد الهروي الماليني. 330 373- عمر بن أحمد بن ريطة الأصبهاني. "حرف الميم" 330 374- محمد بن أحمد بن جعفر الأبح. 330 375- محمد بن أحمد بن الأزهر الهروي الأزهري. 331 376- محمد بن أحمد بن طالب نزيل طرابلس الشام. 331 377- محمد بن أحمد بن محمد القرطبي. 332 378- محمد بن أحمد بن محمد الهاشمي. 332 379- محمد بن إبراهيم بن الفرخان الإستراباذي. 332 380- محمد بن جعفر بن الحسين البغدادي الوراق. 333 381- محمد بن الحسن الفقيه الشافعي الباحث. 333 382- محمد بن حسنام الكاغذي. 333 383- محمد بن العبّاس بن موسى بن فسانجس. 333 384- محمد بن علي بن عبد الله المروزي. 333 385- محمد بن عبده بن إبراهيم المزكي. 334 386- محمد بن عبد الله بن سعيد البَلَوِي الغاسل. 334 387- محمد بن عمرو بن سعيد الأندلسي. 334 388- محمد بن محمد بن جعفر بن مطر. 334 389- محمد بن يحيى بن خليل القرطبي. "المتوفون في عشر السبعين وثلاثمائة تقريبًا لا يقينًا" "حرف الألف" 335 390- أحمد بن عبد الله البغوي الإستراباذي. 335 391- أحمد بن عبيد الله بن الحسن بن شقير النحوي.

335 392- أحمد بن علي بن إبراهيم الأنصاري الدمشقي. 335 393- أَحْمَد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن سعيد، أبو الخير الحمصي. 336 394- أحمد بن عبد بن أبي المغيرة الأزدي الحاركي. 336 395- أحمد بن محمد بن العلاء أبو الفرج الشيرازي. 336 396- أحمد بن إسحاق بن محمد الحلبي الملقَّب بالجرد. 336 397- أحمد بن الصقر أبو الحسن المنبجي. 337 398- أحمد بن محمد بن علي بن الحَكَم النرسي. 337 399- أحمد بن محمد بن علي بن هارون البرذعي. 337 400- أحمد بن محمد بن علي بن مُزاحِم الصوري. 337 401- أحمد بن محمد بن منصور، الإمام الدامغاني. 338 402- إسحاق بن إبراهيم الفارابي اللغوي. 338 403- إسماعيل بن علي بن محمد، أبو الطّيّب الفحام. 338 404- إسماعيل بن القاسم الحلبي الخياط. 339 405- الحسن بن علي بن داود المصري المطرز. 339 406- الحسن بن علي بن عمر الحلبي بن كوجك العبسي. 339 407- الحسن بن محمود بن أحمد الدمشقي. 339 408- الحسين بن محمد بن أسد، أبو القاسم الديبلي. "حرف السين" 340 409- السري بن أحمد الكندي الموصلي بالرفا. "حرف الصاد" 340 410- صالح بن إدريس بن صالح البغدادي المقرئ. "حرف العين" 341 411- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أيوب الدمشقي. 341 412- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي العجائز. 341 413- عبد الجبّار بن عبد الله بن محمد الخولاني الداراني. 342 414- عبد الرحمن بن المظفر البغدادي نزيل هَرَاة. 342 415- عبد العزيز بن محمد بن إسحاق الطبري.

342 416- عبد المؤمن بن عبد المجيد، أبو يعلى النسفي. 342 417- علي بن محمد بن أحمد بن عطيّة الحضرمي. 342 418- علي بن محمد بن أحمد القصّار الأصمّ. 343 419- عمر بن أحمد بن عمر القاضي القصباني. 343 420- عمر بن بشران بن محمد بن حفص السكري. 343 421- عمر بن نوح بن خلف البجلي البندار. "حرف الفاء" 343 422- فاروق بن عبد الكبير الخطابي. 344 423- فرج بن إبراهيم النصيبي الأعمش. "حرف الميم" 344 424- محمد بن أحمد بن غريب بن طريف الطبري. 344 425- محمد بن أحمد بن جعفر بن يزيد الفامي. 344 426- محمد بن أحمد بن جحوش الخزيمي المري. 345 427- محمد بن أحمد بن محمد الطائي المتكلم. 345 428- محمد بن أحمد بن عبد الله النقوي. 345 429- محمد بن إبراهيم بن عبد الله اليمني. 345 430- محمد بن حميد بن معيوف الهمذاني. 346 431- محمد بن زريق، أبو منصور البلدي. 346 432- محمد بن زرعان، أبو بكر الأنماطي. 346 433- محمد بن سعيد بن عبدان الفارسي نزيل طرابلس. 347 434- محمد بن عبد الله بن أحمد الحراني الملطي. 347 435- محمد بن عبد الله بن شيرويه النيسابوري. 347 436- محمد بن عبد الرحمن بن الفضل التميمي الجوهري. 347 437- محمد بن عبد الواحد بن إسماعيل الهاشمي. 348 438- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد، أَبُو بَكْر المالكي الخراز. 348 439- محمد بن القاسم بن سعيد الكرجي. 348 440- محمد بن محمد بن عبيد الله الجرجاني.

348 441- محمد بن محمد بن عمرو أبو نصر النيسابوري. 349 442- محمد بن إبراهيم بن عبد الله الإستراباذي اليمني. 349 443- موسى بن عبد الرحمن أبو عمران البَيْرُوتي الصباغ. "حرف الياء" 349 444- يوسف بن يعقوب النجيرمي. "الكنى" 350 445- أبو الحسن بن عطية البصري. 350 446- أبو الحسن الباهلي البصري المتكلم. 350 447- ابن نباتة الخطيب الفارقي "عبد الرحيم".

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع الطبقة الثامنة والثلاثين "أحداث سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة" 351 سرقة السبع الفضة لعضد الدولة. 351 حريق الكرخ. 351 تقليد عيسى بن علي الكتابة للطائع لله. "أحداث سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة" 351 فتح المارستان العضدي. 352 تفشي البدع والأهواء في بغداد ومصر مع الرفض. 352 موت عضد الدولة. 352 الخلع على أبي منظور للخروج بالحاج. 352 وفاة السيدة بنت الخليفة المعتضد. "أحداث سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة" 352 ظهور وفاة عضد الدولة. 352 موت مؤيد الدولة بجرجان. 353 الغلاء المفرط بالعراق. 353 خطلخ يتولى أمر دمشق. "أحداث سنة أربع وسبعين وثلاثمائة" 353 الشروع في الصُّلح بين صمصام الدولة وفخر الدولة. 353 وقوع دار في عرس ببغداد. "أحداث سنة خمس وسبعين وثلاثمائة" 353 صمصام الدولة يهم بوضع المكس على الحرير. "أحداث سنة ست وسبعين وثلاثمائة" 353 كثرة الموت بالحميات ببغداد. 353 زلزلة الموصل وتهدم الدور.

354 العسكر يميل إلى شرف الدولة أبي الفوارس. 354 قتال بين الأتراك والديلم. 354 قدوم شرف الدولة إلى بغداد. 354 اختفاء خبر صمصام الدولة. "أحداث سنة سبع وسبعين وثلاثمائة" 354 حريق مراكب العزيز صاحب مصر. 354 وصول رُسُل ملك الروم بطلب الصلح. 355 ورود الوزير أبي منصور إلى بغداد. 355 الميثاق بين الطائع وشرف الدولة. 355 شرف الدولة يرد على الشريف أبي الحسن جميع أملاكه. 355 ارتفاع ثمن الكارة الدقيق. 355 جلاء الناس عن بغداد للغلاء. 355 ولادة توأمين لشرف الدولة. 355 بدر بن حسنويه يستولي على بلاد الجبل. 355 وقوع الغلاء والوباء الكثير. "أحداث سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة" 355 زيادة غلاء الأسعار والموت ببغداد. 355 شرف الدولة يأمر برصد الكواكب السبعة. 356 اشتداد الحر والسموم بالبصرة. 356 الريح العظيمة بفم الصلح. "أحداث سنة تسع وسبعين وثلاثمائة" 356 خروج ابن الجراح على الحاج. 356 انتقال شرف الدولة إلى قصر معز الدولة. 356 القادر بالله يهرب إلى البطيحة. 356 موت شرف الدولة. 357 الاتفاق بين الطائع وأبي نصر. 357 أبو منصور يتولى الوزارة. 357 الأتراك يخرجون صمصام الدولة من المعتقل.

357 رواية العتبي عن حرب صمصام الدولة. 357 تجهيز العسكر لقتال الأكراد. "أحداث سنة ثمانين وثلاثمائة" 357 زيارة أمير العيارين ببغداد. 357 وقوع الحريق في نهر الدجاج.

"تراجم وفيَّات الطبقة" "سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 358 1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل الإسماعيلي. 360 2- أحمد بن سليمان بن عمرو الجريري. 360 3- أحمد بن محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي. 360 4- أحمد بن محمد بن سلمة المصري. 361 5- إبراهيم بن أحمد بن محمد الأنصاري الميمذي. "حرف الباء" 361 6- بشر بن محمد البخاري الهروي. "حرف الحاء" 361 7- الحسن بن أحمد بن صالح الهمذاني السبيعي. 363 8- الحسن بن سعيد بن جعفر العباداني المطوعي. 364 9- الحسين بن علي بن الحسن بن الهيثم الله بن الباد. 364 10- الحسن بن القاسم بن عبد الرحمن المصري. 364 11- الحسن بن محمد بن سهل الفسوي القزاز. "حرف الخاء" 365 12- خلف بن عمر، أبو سعيد المالكي. "حرف السين" 365 13- سُلَيْمَان بْن محمد بْن سُلَيْمَان الشذوني. "حرف العين" 365 14- عبد الله بن إبراهيم بن جعفر الزينبي. 366 15- عبد الله بن إسحاق أبو محمد التبّان. 366 16- عبد الله بن الحسين بن إسماعيل الضبي المحاملي. 366 17- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشيباني. 366 18- عبد الله بن محمد بن نصر اللّخْمي القرطبي. 366 19- عبد الأعلى بن أبي بكر السجستاني. 367 20- عَبْد العزيز بْن الحارث بْن أسد التّميميّ.

367 21- عبد الله بن أحمد ابن المصنف الدينوري. 367 22- علي بن إبراهيم الحصري. 368 23- عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن المهلبي. "حرف الفاء" 368 24- فتح بن أصبغ، أبو نصر الطليطلي. "حرف اللام" 368 25- ليث بن طاهر، أبو نصر النيسابوري. "حرف الميم" 368 26- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد المروزي. 369 27- محمد بن أحمد بن تميم السرخسي. 370 28- محمد بن أحمد بن محمود القباني. 370 29- محمد بن أحمد بن جعفر الطوسي. 370 30- محمد بن إسحاق بن إبراهيم الصفار. 370 31- محمد بن جعفر بن محمد المراغي. 371 32- محمد بن خفيف بن إسفكشاذ الضبي. 374 33- محمد بن خلف بن محمد بن حيَّان الخلَّال. 374 34- محمد بن خالد بن عبد الملك الإستجي. 375 35- محمد بن عثمان بن سيعد الإستجي. 375 36- محمد مفرج الله المعافري بالقُبِّي. 375 37- محمد بن عبد الله بن بشران السكري. 375 38- محمد بن العباس بن أحمد الجرجاني. 375 39- محمد بن محمد بن العباس أبو ذهل العصمي. 375 40- محمد بن هشام بن جمهور المرساني. "حرف الياء" 376 41- يحيى بن هذيل، أبو بكر الأديب. "وفيات سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 376 42- أحمد بن إسحاق بن مروان الغافقي.

376 43- أحمد بن جعفر بن محمد بن الفرج الخلال. 376 44- أحمد بن محمد بن عمر السمرقندي البجيري. 377 45- أحمد بن محمد بن علي القصري. 377 46- أحمد بن عبد الله بن عمرو القيسي. 377 47- أحمد بن محمد بن معروف المدائني. 377 48- أحمد بن محمد بن يوسف القشطيلي. 377 49- إسماعيل بن أحمد بن محمد النساج. 377 50- الحسن بن علي الصيدناني القزويني. 378 51- الحسن بن محمد بن عبد الوهاب الزينبي. 378 52- الحسين بن أحمد بن محمد الشماخي. 379 53- الحسين بن علي بن سفيان المصري. 379 54- حسين بن محمد بن نابل القرطبي. 379 55- الحسين بن محمد البسطامي. "حرف الخاء" 379 56- خطاب بن مَسْلَمَة بن محمد الأيادي. "حرف السّين" 380 57- سُلَيْمَان بْن أَحْمَد بْن محمد القزويني النساج. "حرف العين" 380 58- العباس بن الفضل بن زكريا النضروي. 380 59- العباس بن محمد بن علي القرشي. 380 60- عبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني. 381 61- عبد الله بن بدر الإشبيلي الطبيب. 381 62- عبد الله بن محمد بن أمية الأنصاري. 381 63- عبد الواحد بن بكر الهمذاني الورثاني. 381 64- عبد العزيز بن مالك القزويني. 382 65- عثمان بن سعيد بن عثمان الغساني. 382 66- علي بن خفيف بن عبد الله الدقاق. 382 67- علب بن محمد بن سعيد الكندي الرازي.

"حرف الفاء" 383 68- فناخسرو السلطان عضد الدولة. "حرف الميم" 385 69- محمد بن أحمد بن حمزة الهروي. 385 70- محمد بن أحمد بن حمدون النيسابوري الفراء. 385 71- محمد بن جعفر بن أحمد الحريري زوج الحُرَّة. 386 72- محمد بن العبّاس بن وصيف الغزي. 386 73- محمد بن عبد الله بن خلف العكبري. 387 74- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خميرويه الهروي. 387 75- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن الصباح المؤدب. 387 76- محمد بن علي البغدادي النعال. 387 77- محمد بن علي بن الحسين القرطبي. 388 78- محمد بن علي بن الحسين الإسفراييني. 388 79- محمد بن علي بن الحسين البلخي. 388 80- محمد بن القاسم المصري المعروف بوليد. 389 81- محمد بن مزاحم بن إسحاق الطائي. 389 82- المغيرة بن عمرو المكي. 389 83- منصور بن أحمد بن هارون المزكي. "حرف النون" 390 84- نصر بن أحمد بن محمد بن صاعد البخاري. "وفيات سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 390 85- أحمد بْن الحُسَيْن بْن عبد العزيز العكبري. 391 86- أحمد بن الحسين بن علي أبو حامد المروزي. 391 87- أحمد بن محمد الإمام الديبلي الخياط. 392 88- أحمد بن محمد بن إبراهيم البجاني. 392 89- أحمد بن نصر الشذائي. 392 90- إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق القصار.

"حرف الباء" 393 91- بُلُكّين بن زيرِي بن مُناد الحِمْيَري الصّنْهاجي. 393 92- بويه مؤيد الدولة. "حرف الحاء" 394 93- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ الماذرائي. 394 94- الحسن بن محمد بن داود الثقفي الحراني. 394 95- الحسين بن عبد الله القعرشي المصري. 394 96- الحسين بن محمد بن حبش الدينوري. 395 97- حميد بن الحسن الوراق دمشقي. "حرف السين" 396 98- سعيد بن سلام المغربي الصوفي. "حرف العين" 396 99- العباس بن أحمد بن محمد العباس. 396 100- عباس بن أحمد أبو الفضل الأَزْدي الشّاعر. 397 101- عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الفارسي. 397 102- عبد الله بن تمّام بن أزهر الكِنْدِي. 397 103- عبد الله بن محمد بن عثمان المزني. 398 104- عبد الرحمن بن محمد بن أبي اللّيث التميمي. 398 105- عبد الله بن إسماعيل أبو الفرج الأنباري. 398 106- عبيد الله بن سعيد بن عبد الله البروجردي. 399 107- عثمان بن سعيد بن البشر اللخمي الشذوني. 399 108- علي بن أحمد بن حمدويه التكلي. 399 109- علي بن إبراهيم بن موسى السكوني. 399 110- عليّ بن محمد بن أَحْمَد بن كَيْسان الحربي. 400 111- عمر بن محمد بن علي بن أحمد المصري. "حرف الفاء" 400 112- الفضل بن جعفر بن محمد التميمي الدمشقي.

"حرف القاف" 401 113- قيس بن طلحة بن مازن الفارسي. "حرف الميم" 401 114- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبيد المصري. 404 115- محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أبي بردة البغدادي. 402 116- محمد بن أحمد بن جعفر الأزدي الهروي. 402 117- محمد بن أحمد بن إبراهيم البلخي. 402 118- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد البخاري. 403 119- محمد بن أحمد الإلبيري. 403 120- محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن المصنوع. 403 121- محمد بن الحسن بن سليمان بن النَّضْر الهروي. 403 122- محمد بن الحسن أبو سعيد الملقاباذي. 403 123- محمد بن حيويه بن المؤمل الكرجي. 403 124- محمد بن محمد بن شاذة. 404 125- محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني. 404 126- محمد بن محمد بن يوسف بن مكّي الجرجاني. 404 127- محمد بن مهدي بن أحمد الأيادي الهروي. 404 128- محمد بن يونس بن أحمد المصري النقاش. "حرف الهاء" 405 129- هارون بن عيسى بن المطلب الهاشمي. "حرف الياء" 405 130- يَلْتِكين التركي مولى هفتكين. "وفيات سنة أربع وسبعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 405 131- أحمد بْن جَعْفَر بْن أحمد بن مدرك الجرجاني. 406 132- أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني العسال. 406 133- أحمد بن محمد بن هارون الأسواني. 406 134- أحمد بن محمد بن الحُباب بن بشّار البزاز.

406 135- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الصائغ. 406 136- أحمد بن محمد بن أبي بكر الطَّرَسُوسي. 406 137- إبراهيم بن أحمد بن جعفر الخرقي. 407 138- إبراهيم بن لقمان النسفي. 407 139- إسحاق بن سعد بن الحسن الشيباني الفسوي. 407 140- أيوب بن عبد المؤمن الطرطوشي. "حرف التاء" 408 141- تميم بن المعز بن المنصور. "حرف الجيم" 408 142- جعفر بن محمد بن مكّيّ البخاري. "حرف الحاء" 408 143- حباشة بن حسن اليحصبي. 409 144- الحسن بن حجاج بن غالب الطبراني. 409 145- الحسين بن محمد بن الحسين الزبيري. "حرف الخاء" 409 146- الخضر بن أحمد بن الخضر القزويني. 409 147- خلف بن محمد بن خلف الخولاني. "حرف الشين" 410 148- شبل بن محمد بن حسين المؤدب. "حرف العين" 410 149- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن ماهبرذ الظريف. 410 150- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه التمار البغدادي المعروف ببرغوث. 411 151- عبد الله بن محمد بن مندويه الشروطي. 411 152- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الحواري. 411 153- عبد الله بن محمد بن فضْلوَيه المعلّم. 411 154- عبد الله بن موسى بن إسحاق الهاشمي. 412 155- عبد الله بن موسى بن كريد السلامي. 412 156- عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر القاضي.

412 157- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بن حسكا الحنفي. 413 158- عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل بن نباته. 413 159- عبد العزيز بن إسماعيل الصيدلاني. 413 160- عبد الغني بن محمد بن مسوسي البزاز. 414 161- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن معدان العصفري. 414 162- علي بن محمد بن الفتح بن أبي العصب الشاعر. 414 13- علي بن النعمان بن محمد قاضي مصر. 415 164- عمر بن جعفر المصري الخياش. 415 165- عمر بن محمد بن عبد الصمد البغدادي. 415 166- عمر بن محمد بن سيف الكاتب. 415 167- عيسى بن محمد بن إبراهيم الكناني. "حرف الفاء" 415 168- الفضل بن سهل الأصبهاني الواعظ. "حرف القاف" 416 169- القاسم بن علي بن معاوية المصري. "حرف الميم" 416 170- محمد بن أحمد بن بالويه النيسابوري. 416 171- محمد بن أحمد بن عمران الجشمي المطرز. 416 172- محمد بن أحمد بن محمد الأسدي الصفار. 416 173- محمد بن أحمد بن يحيى العطشي البزاز. 417 174- محمد بن جعفر بن سليمان صاحب المصلى. 417 175- محمد بن الحسن بن محمد بن بُرْدخرشاذ السروي. 417 176- محمد بن الحسين بن أحمد الأزدي الموصلي. 418 177- محمد بن سليمان بن يوسف الربعي البندار. 418 178- محمد بن عبد الله بن أبي شَيْبَة الإشبيلي. 418 179- محمد بن محمد بن فتح بن نصر الإستجي. 419 180- محمد بن محمد بن يوسف الجرجاني. 419 181- محمد بن هشام الإشبيلي.

419 182- محمد بن وازع بن محمد القرطبي. "حرف الهاء" 419 183- هارون بن بنج بن عثمان الخولاني. "وفيات سنة خمس وسبعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 420 184- أحمد بن الحسين بن علي أبو زرعة الرازي. 420 185- أحمد بن سعيد بن أحمد الأزدي. 421 186- أحمد بن عبد الله الهمذاني الوراق الأشقر. 421 178- أحمد بن محمد بن جعفر النيسابوري البحيري. 421 188- أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو حامد الزوزني. 422 189- أحمد بن محمد بن فارس، أبو بكر البزاز. "حرف الحاء" 422 190- الحسن بن علي بن داود المصري المطرز. 422 191- الحسن بن علي بن عمرو بن غلام الزهري. 422 192- الحسين بن أحمد بن فهد الأزدي. 423 193- الحسين بن علي بن محمد التميمي. 424 194- الحسين بن محمد بن عبيد العسكري الدقاق. "حرف السين" 424 195- سعيد بن محمد الفقيه المطوعي. "حرف الصاد" 424 196- صالح بن محمد أبو طاهر البغدادي. "حرف العين" 425 197- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمد الحوشبي. 425 198- عبد الله بن علي بن الحسين الهمذاني القطان. 425 199- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عبدوس الحربي. 425 200- عبد الله بن عبد الرحمن الزجالي الوزير. 426 201- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن مهران. 426 202- عبد العزيز بن جعفر بن محمد الخرقي.

427 203- عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد الداركي. 427 204- عبد العزيز بن محمد بن يوسف بن مسلم. 428 205- عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد القرميسيني. 428 206- عُبَيد اللَّه بْن عليّ بْن عُبَيد اللَّه الدراوردي. 428 207- عبيد الله بن محمد بن محمد الشيباني الحوشبي. 429 208- علي بن إسماعيل بن عُبَيْد الله الأَنْبَاري. 429 209- علي بن شيبان البغدادي الدقاق. 429 210- علي بن حمزة أبو القاسم البصري. 429 211- علي بن إسحاق بن أبي الحسين الختلي. 429 212- عمر بن محمد بن علي بن يحيى الناقد. "حرف الفاء" 430 213- فضيل بن الحسين المصري الكتاني. "حرف القاف" 430 214- قاسم بن عبد ربه بن صبيح الجوهري. "حرف الميم" 430 215- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن خلقان. 430 216- محمد بن أحمد بن عبد الله السُّكَرِي. 431 217- محمد بن أحمد بن حسن الحسنوي. 431 218- محمد بن الحسن بن سليمان القزويني. 431 219- محمد بن الحسن بن الفتح القزويني الصفار. 431 220- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صالح الأبهري. 432 221- محمد بن عبد الله بن هاني العطار بن اللباد. 432 222- محمد بن عبد الله بن الفضل بن قفرجل الكيال. 433 223- محمد بن نصر المعدل. 433 224- محمد بن يوسف بن محمد بن عَلّام الله الهروي. "حرف النون" 433 225- نصر بن محمد بن إبراهيم، أبو الليث السمرقندي.

"حرف الياء" 434 226- يحيى بن مالك بن عائذ الأندلسي. 434 227- يعقوب بن إسحاق بن زكريا الويبردي. 434 228- يوسف بن القاسم بن يوسف الميانجي. "وفيات سنة ست وسبعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 435 229- أحمد بن علي بن قزقز الرفاء. 435 230- أحمد بن محمد بن علي البرذعي. 435 231- أحمد بن محمد بن جعفر الحواري الكرابيسي. 436 232- أحمد بن محمد بن عيسى بن الجرّاح المصري. 436 233- أحمد بن مسعود الأندلسي البجَّاني. 436 - أحمد بن نصر بن منصور. 436 234- أبان بن عثمان بن سعيد اللخمي الأندلسي. 437 235- إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البلخي المستملي. "حرف الجيم" 437 236- جعفر بن جحاف الليثي. "حرف الحاء" 437 237- الحسن بن جعفر بن محمد بن الوضّاح الحرفي. 438 238- الحسن بن علي الصحاف. 438 239- الحسن بن محمد الصلحي. 438 240- الحسين بن جعفر الوزان. "حرف الخاء" 438 241- خَلَصَة بن موسى بن عمران. "حرف الراء" 438 242- رشيد بن محمد بن فتح الدجاج. "حرف العين" 439 243- عبد العزيز بن محمد بن مقرن. 439 244- عبد الواحد بن علي بن اللحياني.

439 245- عَبْد اللَّه بْن داود القرطبي. 439 246- عبد الله بن فتح بن فرج التجيبي. 439 247- عبد الرحمن بن عامر أبو المطرز. 440 248- عبيد الله بن أحمد بن يعقوب البواب. 440 249- عبيد الله بن محمد بن سليمان المخرمي. 440 250- عبد الملك بن عبد الواحد بن مَحْمَوَيْه. 441 251- عبيد الله بن علي بن الحسن النخعي الكوفي. 441 252- علي بن الحسن بن رجاء بن طعان. 441 253- علي بن الحسن بن جعفر المخرمي. 441 254- علي بن الحسن بن علي بن مطرّف. 442 255- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله البكائي. 442 256- علي بن محمد بن ينال العكبري. 443 257- علي بن محمد بن أحمد الباساني. 443 258- عمر بن علي بن يونس القطان. 443 259- عمر بن محمد بن إبراهيم بن سبنك. "حرف القاف" 444 260- قسام الحارثي. "حرف الميم" 445 261- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن شاذان الخفاف القهندزي. 445 262- محمد بن أحمد بن حمدان الحيري. 446 263- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي صالح. 446 264- محمد بن العباس بن يحيى الأموي. 447 265- محمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عبد العزيز الرازي. 447 266- محمد بن علي بن أبي زيد الصدفي. 447 267- محمد بن علي بن عمر الصيدناني. 448 268- محمد بن عثمان بن سعيد بن محاسن. 448 269- محمد بن أبي عمرو محمد بن جعفر النيسابوري. 448 270- محمد بن نجاح بن عبد الرحمن بن علقمة.

"حرف الهاء" 448 271- هشام بن محمد بن قُرَّة الرعيني. "حرف الواو" 448 272- الوليد بن أحمد بن الوليد الزوزني. "حرف الياء" 449 273- يحيى بن مالك بن عائذ الأندلسي. "وفيات سنة سبع وسبعين وثلاثمائة" "حرف الألِف" 450 274- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الفارساني. 450 275- أحمد بن خلف بن محمد بن فرتون الأندلسي. 450 276- أحمد بن محمد بن أحمد الفارساني. 450 277- أحمد بن محمد بن علي المناسكي. 450 278- أحمد بن يوسف بن يَعْقُوبَ بن البَهْلُول. 451 279- أبيض بن محمد بن أبيض بن الأسود. 451 280- إسحاق الأمير، أبو محمد بن المقتدر بالله. 451 281- أمة الواحد بنت الواحد القاضي المحاملي. "حرف الباء" 452 282- بكر بن أحمد بن البغدادي القزويني. "حرف الجيم" 452 283- جعفر ابن الخليفة المكتفي علي بن المعتضد. 452 284- جعفر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول. "حرف الحاء" 453 285- الحسن بن أحمد بن عبد الغفّار، أبو علي الفارسي. 453 286- الحسن بن محمد الأصبهاني المذكر. 454 287- الحسين بن حلبس بن حمويه القزويني. "حرف السين" 454 288- سليمان بن أيّوب بن سليمان بن البلكائش.

"حرف الشين" 454 289- شاه بن محمد بن جبريل النسفي. "حرف العين" 454 290- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمد الإبريسمي. 455 291- عبد الله بن عمر بن أحمد المقرئ الناقد. 455 292- عبد الله بن محمد بن الْجُنَيْد الأصبهاني. 455 293- عبد الواحد بن علي بن خشيش الوراق. 455 294- عبيد الله بن محمد بن عابد الخلال. 455 295- علي بن محمد بن أحمد بن نُصَيْر الثقفي. 456 296- عليَّ بن محمد بن إبراهيم بن خُشنام. 457 397- علي بن محمد بن القاسم بن بلاغ الدمشقي. 457 298- علي بن محمد بن إسماعيل الأنطاكي. 457 299- علي بن محمد بن الحسين بن حاجب الكوفي. "حرف القاف" 458 300- القاسم بن الحسن بن القاسم الفلكي. "حرف الميم" 458 301- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن الغطريف الرباطي. 459 302- محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي. 460 303- محمد بن إبراهيم الأصبهاني النيلي. 460 304- محمد بن جعفر بن جابر السعدي الرزمازي. 460 305- محمد بن جعفر بن زيد المكتب. 460 306- محمد بن زيد بن علي الأبزاري. 460 307- محمد بن محمد بن صابر البخاري. 461 308- محمد بن محمد بن عبد الله الأسْتراباذي. 461 309- ميمون بن أحمد بن محمد بن موسى. "حرف الهاء" 461 310- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف المنجم الإخباري.

"حرف الياء" 461 311- يحيى بن مروان القرطبي. "وفيات سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 462 312- أَحْمَد بْن الحُسين بْن أَحْمَد العقيقي. 462 313- أحمد بن خالد بن عبد الله الجذامي التاجر. 462 314- أحمد بن عبادة المرادي الإشبيلي. 463 315- أحمد بن علي بن محمد بن هارون الرشيدي. 463 316- أحمد بن عون بن حدير القرطبي البزاز. 463 317- أحمد بن محمد بن عبد الله الماسرجسي. 463 318- أحمد بن موسى بن عيسى الجرجاني. 464 319- إبراهيم بن سليمان بن أبي زرعة الملاح. 464 320- إسماعيل بن محمد بن إسماعيل البغدادي. "حرف الباء" 464 321- بشر بن محمد بن محمد الباهلي النيسابوري. "حرف التاء" 465 322- تبوك بن الحسن بن الوليد الكلابي. "حرف الجيم" 465 323- جعفر بن أحمد النيسابوري الرازي. "حرف الحاء" 465 324- الحسين بن أحمد بن إبراهيم الفارسي القطار. 465 325- الحسين بن علي بن ثابت المقريء. "حرف الخاء" 466 326- الخليل بن أحمد بن محمد السجزي الحنفي. "حرف الزاي" 467 327- زياد بن محمد بن زياد الجرجاني. "حرف السين" 467 328- سعيد بن حمدون بن محمد القيسي.

467 329- سلمة بن أحمد بن سلمة المعاذي الشاعر. 467 330- سليمان بن محمد بن أيوب البغدادي. "حرف الشين" 468 331- شافع بن محمد بن يعقوب الإسفراييني. "حرف العين" 468 332- عبد الله بن إسماعيل الرئيس. 468 333- عبد الله بن علي بن محمد السراج الطوسي. 469 334- عبد الله بن محمد بن علي اللخمي الإشبيلي. 469 335- عبد العزيز بن الحسن بن أبي صابر الناقد. 470 336- عبدُ العزيز بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز الكسائي. 470 337- عبد الغفار بن أحمد بن محمد الحراني. 470 338- عبد الكريم بن محمد بن موسى البخاري الميغي. 470 339- عبد الواحد بن محمد بن أحمد البلخي. 470 340- عبد الله بن الحسين بن الحسن المالكي. 471 341- عبيد الله بن الوليد بن محمد الأموي المعيطي. 471 342- عتيق بن موسى بن هارون الحاتمي الأزدي. 471 343- عمر بن محمد بن السري الجنديسابوري. "حرف القاف" 472 344- القاسم بن خلف بن فتح الجبيري الطرطوشي. "حرف الميم" 472 345- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد المفيد. 473 346- محمد بن أحمد بن مسعود الإلْبيري. 473 347- محمد بن إسحاق بن طارق القطيعي. 474 348- محمد بن إسماعيل بن العباس المستملي. 474 349- محمد بن بشر بن العباس الكرابيسي. 475 350- محمد بن أبي الحسام طاهر التدميري. 475 351- محمد بن الحسين بن محمد الفهري. 475 352- محمد بن صالح القرطبي المعافري.

475 353- محمد بن العبّاس بن محمد الضبي الهروي. 477 354- محمد بن عبد الله بن أيوب القطان. 477 355- محمد بن عبيد الله بن محمد الصيرفي. 477 356- محمد بن علي الدقيقي النحوي. 477 357- محمد بن فتح الله القرطبي اللحام. 477 358- محمد بن القاسم بن فهد القاضي. 478 359- محمد بن محمد بن أحمد الكرابيسي. 479 360- محمد بن محمد بن إبراهيم الهمذاني النجار. "الكُنَى" 479 361- أبو القاسم بن الجلاب المالكي. "وفيات سنة تسع وسبعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 480 362- أحمد بن جعفر بن خزيمة الطرازي. 480 363- أحمد بن عبد الله بن أحمد الدوري الوراق. 480 364- أحمد بن عبد الرحمن بن عبد القاهر العبسي. 480 365- أحمد بن عبد الرحمن بن القاسم النحوي. 480 366- أحمد بن أبي طاهر علي بن بابنوس. 481 367- أحمد بن محمد بن أحمد باكويه الباكوي. 481 368- أحمد بن محمد بن مكحول المكحولي. 481 369- أحمد بن محمد بن ينق الأندلسي. 481 370- إبراهيم بن أحمد بن فتح الفهري. 482 371- إبراهيم بن جعفر الساجي. 482 372- إبراهيم بن محمد الأبيوردي. 482 373- إسماعيل بن عبد الله بن عمر الكوكبي. "حرف الجيم" 482 374- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن جعفر الرفاعي الكراني. "حرف الحاء" 483 375- الحسن بن علي المدائني النحوي.

483 376- الحسين بن أحمد بن جعفر الرازي. 483 377- الحسين بن أحمد بن محمد الدقاق. "حرف الشين" 483 378- شرف الدولة شِيرَوَيه عضد الدولة. "حرف الصاد" 484 379- صفوة أم حبيب الصدفي. "حرف الطاء" 484 380- طاهر بن محمد بن سهلويه النيسابوري. "حرف العين" 484 381- عباس بن عمرو بن هارون الكناني الصَّقِلّي. 484 382- عبدوس بن علي الجرجاني. 485 383- عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله الميكالي. 485 384- علي بن أحمد بن إبراهيم الربعي الرازي. 485 385- علي بن إبراهيم بن أبي غرة العطار. 485 386- علي بن سهل بن أبي حيّان التيمي. 486 387- علي بن محمد بن السري الهمذاني الوراق. 486 388- علي بن محمد بن يعقوب المصري العطار. 486 389- عمر بن محمد بن جعفر الغازل المعدل. "حرف الميم" 486 390- محمد بن أحمد بن سويد التميمي. 486 391- محمد بن أحمد بن أبي طالب بن الجهم. 487 392- محمد بن أحمد بن شعيب النيسابوري الخفاف. 487 393- محمد بن أحمد بن العباس السلمي الجوهري. 488 394- محمد بن جعفر بن العباس النجار. 488 395- محمد بن الحسن بن عبيد الله الزبيدي. 489 396- محمد بن عبد الله بن أحمد الربعي. 489 397- محمد بن عبد الرحمن بن سهل التستري. 489 398- محمد بن علي بن محمد النصري النصروي.

489 399- محمد بن محمد بْن الحسن النسفي. 490 400- محمد بن مسعود القرطبي الخطيب. 490 401- محمد بن المظفر بن موسى البغدادي. 491 402- محمد بن النضر بن محمد النخاس الموصلي. "حرف الهاء" 492 403- هلال بن محمد بن محمد البصري. "وفيات سنة ثمانين وثلاثمائة" "حرف الألف" 492 404- أحمد بن إبراهيم بن خازم الصرام. 492 405- أحمد بن الحسين بن أحمد الضبي المرواني. 493 406- أحمد بن محمد بن أحمد الصندوقي. 493 407- أحمد بن محمد بن الحسن العطار. 493 408- إبراهيم بن أحمد بن بشران الصيرفي. "حرف الباء" 493 409- بشر بن الحسين بن مسلم. 494 410- بكر بن محمد بن جعفر النسفي. "حرف الحاء" 494 411- الحسن بن إبراهيم بن مزاحم العطشي. 494 412- الحسن بن الحسين الربعي النصيبي. 494 413- الحسن بن محمد بن حبيب الحبيبي. 495 414- الحسين بن علي بن محمد الحلبي. 495 415- الحسين بن محمد بن القاضي المحاملي. "حرف الراء" 495 416- رائق مولى زينب بنت أحمد. "حرف السين" 495 417- سهل بن أحمد بن الديباجي. "حرف الطاء" 496 418- طاهر بن أحمد بن الأَزدي المصري الخلال.

496 419- طلحة بن أحمد بن الحسن الخراز الصوفي. 496 420- طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد. "حرف العين" 497 421- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن حاجب الخثعمي. 497 422- عبد الله بن إسماعيل بن حرب القرطبي. 497 423- عبد الله بن قاسم بن محمد القرطبي. 497 424- عبد الله بن محمد بن مسرور الشّقّاق. 497 425- عبد الله بن محمد الأصبهاني ابن ليلاف. 498 426- عبد الله بن محمد بن أحمد القاضي. 498 427- عبد الله بن محمد بن عبد الغفار البعلبكي. 498 428- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النمري. 498 429- عبد الرحمن بن عمر الفارسي. 499 430- عبد العزيز بن الحسن بن أحمد السلمي. 499 31- عبد الواحد بن محمد بن الحسن. 499 432- عبيد الله بن أحمد بن الفضل الأردستاني. 499 344- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد التنوخي السرخسي. 500 434- عُبَيْد اللَّه بن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه الأموي القرطبي. 500 435- عُبَيْد الله بن محمد بن محمد الْجُرْجاني. 500 436- عبيد الله بن محمد بن مخلد الثوري. 500 437- علي بن عمرو بن سهل الحريري. "حرف الميم" 501 438- محمد بن أحمد بن حمدون الخولاني. 501 439- محمد بن أحمد بن يعقوب المروزي الزرقي. 501 440- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن مفرج. 502 441- محمد بن إبراهيم بن يونس. 502 442- محمد بن بكر بن خلف المدركي المطوعي. 502 443- محمد بن بكر بن مطروح النعالي. 503 444- محمد بن الحسين بن موسى السمسار.

503 445- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد النيسابوري. 503 446- محمد بن عبد الله بن محمد الهمذاني. 503 447- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحنفي. 504 448- محمد بن علي بن المؤمل الماسرجسي. 504 449- محمد بن محمد بن عبد الرحيم القيسراني. 505 450- منصور بن محمد بن أحمد البخاري. 505 451- موسى بن عمران بن موسى السلماسي. "حرف الياء" 505 452- يعقوب بن يوسف بن إبراهيم الوزير ابن كلس. 506 453- يونس بن أبي عيسى بن عتيك البلنسي. "المتوفّون تقريبًا مِن أَهْل هَذِهِ الطّبقة" "حرف الألف" 506 454- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد المخرمي الوزان. 507 455- أحمد بن عبيد الله الكلوذاني ابن قزعة. 507 456- أحمد بن محمد بن محفوظ. 507 57- أحمد بن محمد بن الحسن البخاري. 507 458- أحمد بن محمد بن يحيى الدوسي الأنباري. 507 459- أحمد بن عبيد الله بن إسحاق العباسي. 508 460- أحمد بن محمد بن إسماعيل الهروي. 508 461- أحمد بن علي بن الفرج الحلبي الحبال. 508 462- أحمد بن محمد بن أحمد الهمذاني الغوطي. 508 463- أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار الأموي. 509 464- إسماعيل بن عمران السعدي. 509 465- الحسن بن أحمد البغدادي السقطي. 509 466- الحسن بن أحمد البغدادي السقطي. 509 467- الحسن بن أحمد بن جعفر البغدادي. "حرف الصاد" 509 468- صاعد أبو نصر البغدادي.

510 469- طلحة بن عمر الحذاء. "حرف العين" 510 470- عبد الله بن الحسين الشيلماني. 510 471- عبد الله بن محمد بن أيوب الدمشقي. 510 472- عبد السلام بن حسين المأموني. 511 473- عبد المؤمن بن عبد المجيد النسفي. 511 474- عثمان بن عمر بن عبد الرحمن البغدادي. 511 475- عثمان بن محمد العثماني. 511 476- علي بن الحسن بن أحيد البلخي. 512 477- علي بن محمد بن حبش الأنباري. 512 478- علي بن محمد بن مهدي الطبري. 512 479- عمر بن محمد بن أَحْمَد، أبو القاسم بن الثلَّاج. "حرف اللام" 512 480- لؤلؤ القيصري مولى المقتدر بالله. "حرف الميم" 513 481- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن الكرخي. 513 482- محمد بن أحمد بن محمد الإسكافي. 513 483- محمد بن أحمد بن يعقوب المصيصي. 514 484- محمد بن إبراهيم بن عبد الله الإستراباذي. 514 485- محمد بن إبراهيم بن عبد الله الطوسي. 514 486- محمد بن إبراهيم بن سلمة الكُهَيْلي. 514 487- محمد بن إسحاق بن يزيد الصفار. 515 488- محمد بن إسحاق بن دارا الأهوازي. 515 489- محمد بن الحسن بن سليمان الهروي. 515 490- محمد بن أبي كريمة الصيداوي. 515 491- محمد بن الحسن بن علي الأنطاكي. 516 492- محمد بن الحسين بن إبراهيم الآبري. 516 493- محمد بن الخضر بن زكريا البغدادي.

516 494- محمد بن الطيب بن محمد البلوطي. 516 495- محمد بن عبد الله السياري الهروي. 516 496- محمد بن عبد ربه الجيلي العدوي الطبيب. 517 497- محمد بن علي بن يحيى العريف البزاز. 517 498- محمد بن عمر بن شَبُّويه الشبوي. 517 499- محمد بن غريبب بن عبد الله البزاز. 518 500- محمد بن محمد بن عُبَيْد بن أحمد العسكري. 518 501- محمد بن محمد بن عبد الوهاب. 518 502- محمد بن محمد بن معاذ المقرئ. 518 503- محمد بن يوسف بن يعقوب الرقي. 519 504- محمد بن هاشم الخالدي الموصلي. 520 505- محمد بن يوسف بن عمار الحريكي. 520 506- منصور بن عبدوس. 521 507- موسى بن محمد بن جعفر السمسار. "حرف النون" 521 508- نصر بن أحمد بن هرمزينا النهرواني. "حرف الهاء" 521 509- هارون بن أحمد، أبو القاسم القطان. "حرف الياء" 521 510- يحيى بن مسعر بن محمد التنوخي. 522 511- يوسف بن محمد بن أحمد الواسطيّ الضّرير. "الكنى" 522 512- أبو محمد بن مطران الشاشي شاعر. 523 فهرس الموضوعات.

المجلد السابع والعشرون

المجلد السابع والعشرون الطبقة التاسعة والثلاثون حوادث سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة التاسعة والثلاثون: حوادث سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة: فيها: قَبضوا على الطائع لله في داره، في تاسع عشر شعبان، وسببه أنّ أبا الحسن بن المعلّم كان من خواص بهاء الدولة، فَحُبِسَ، فجاء بهاء الدولة وقد جلس الطائع لله في الرِّواق مُتَقلِّدًا سيفًا، فلما قَرُبَ بهاء الدولة قبّل الْأرض وجلس عَلَى كرسي، وتقدّم أصحاب بهاء الدولة فجذبوا الطائع بحمائل سيفه من سريره، وتكاثر عليه الدَّيْلَم، فلفُّوه في كساء وحُمِل في زبزب، وأُصعِد إلى دار المملكة، وشاش البلد، وقَدَّر أكثر الجند أن القبض على بهاء الدولة، فوقعوا في النهب "وشُلِّح"1 من حضر من الْأشراف والعُدُول، وقُبض على الرئيس علي بن عبد العزيز بن حاجب النُّعمان في جماعة، وصُودِروا، واحتيط على الخزائن والخَدَم، ورجع بهاء الدولة إلى داره2. وظهر أمر القادر باللَّه، وأنَّه الخليفة، ونُودِي له في الْأسواق، وكتب على الطائع كتابًا بخلْع نفسه، وأنَّه سلّم الْأمر إلى القادر باللَّه، وشهد عليه الْأكابر والأشْراف، ونفَّذ إلى القادر المكتوب، وحثّه على القُدُوم. وشغب الدّيْلم والتُّرْك يطالبون برسم البَيْعَة، وبرزوا إلى ظاهر بغداد، وتردّدت الرُسُل منهم إلى بهاء الدولة، ومُنِعوا من الخُطْبة للقادر، ثم أرْضَوهم، فسكنوا، وأُقيمت الخطبة للقادر في الخُطبة3 الْآَتية، وهي ثالث رمضان، وحوّل من دار الخلافة جميع ما فيها، حتى الخشب السّاج والرُّخام، ثم أُبيحت للخاصّة والعامّة، فقُلِعت أبوابها وشبابيكها. وجهّز مهذّبُ الدولة عليُّ بن نصر القادر باللَّه من البطائح وحمل إليه من الْآَلات والفَرْش ما أمكنه، وأعطاه طيّارًا كان عمله لنفسه، وشيّعه فلما وصل إلى واسط

_ 1 في الأصل "سلخ". 2 ذيل تجارب الأمم "201-208"، والمنتظم "7/ 156"، والبداية والنهاية "11/ 308"، وتاريخ بغداد "11/ 79"، والنجوم الزاهرة "4/ 159"، والعبر "3/ 15". 3 في الأصل "بهذا المآثر".

اجتمع الجنْد وطالبوه بالبَيْعَة، وجرت لهم خُطُوب، انتهت إلى أن وعدهم بإجرائهم مجرى البغداديين، فَرَضُوا، وسار. وكان مقامه بالبطيحة منذ يوم حصل فيها إلى أن خرج عنها سنتين وأحد عشر شهرًا، وقيل سنتين وأربعة أشهر، عند أميرها مهذَّب الدولة. قال هلال بن المحسّن: وجدْت الكتاب الذي كتبه القادر باللَّه: "من عبد اللَّه أحْمَد الْإمَام القادر باللَّه أمير المؤمنين، إلى بهاء الدولة وضياء الملة أبي نصر "ابن" عَضُد الدولة، مولى أمير المؤمنين، نحْمد إليك اللَّه الَّذِي لَا إله إلّا هُوَ، ونسأله أن يصلّي على محمد عبده ورسوله، أمّا بعد، أطال اللَّه بقاءك، وأدام عزَّك وتأييدك، وأحسن إمتاعَ أمير المؤمنين بك، فإنّ كتابي الوارد في صُحبة الحَسَن بن محمد، رعاه اللَّه، عُرِض على أمير المؤمنين تاليا لما تقدَّمه، وشافعًا ما سبقه، ومتضمّنًا مثل ما حواه الكتاب قبله، من إجماع المسلمين، قبلك بمشهد منك، على خلع العاصي المتلقّب بالطائع عن الْإمَامة، ونَزْعه عن الخلافة، لبَوَائقه المستمرّة، وسوء نيّته المدخولة، وإشهاده على نفسِه بعجزه، ونُكُوله وإبرائه الكافّة من بيعته، وانشراح صدور الناس لبيعة أمير المؤمنين، ووقف أمير المؤمنين على ذلك كلّه، ووجدك، أدام اللَّه تأييدك، قد انفردتَ بهذه المأثرة واستحققت بها من اللَّه جليل الْأثَرَة، ومن أمير المؤمنين سنيّ المنزلة، وعليّ المرتبة". وفيه: "فقد أصبحت سيف أمير المؤمنين المُبير لأعدائه، والحاظي دون غيرك بجميل رأيه، والمستبدّ بحماية حَوْزَته ورعاية رعيّته، والسّفارة بينه وبين ودائع اللَّه عنده في بريّته، وقد برزتْ راية أمير المؤمنين عن الصَّليق موضع مُتَوَجَّهه نحو سريره الذي حرسته، ومستقرّ عزّه الذي شيّدته، ودار مملكته التي أنت عِمادها". إلى أن قال: "فواصِل حضرةَ أمير المؤمنين بالإنهاء والمطالعة، إن شاء اللَّه، والسّلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته. وكتب لثلاثة بقين1 من شعبان". واسم القادر: أحْمَد بن إسحاق بن المقتدر أَبُو العباس، وأمُّه تمني مولاة عبد الواحد بن المقتدر. وُلِد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وكان حَسَنَ الطّريقة، كثير المعروف، فيه دين وخيْر، فوصل إلى جَبُّل في عاشر رمضان، وجلس من الغد جلوسًا عامًا، وهنيء، وأنشد بين يديه الشعراء، فمن ذلك قول الرضي الشريف:

_ 1 في الأصل "لثالثة تبقي".

شرفُ الخلافة يا بني العباس ... اليوم جدّده أَبُو العبّاس ذا الطّوْد بقّاه الزّمان ذخيرةً ... من ذلك الجبل العظيم الراسي وحُمل إلى القادر بعض الْآَلات المأخوذة من الطائع، واستكتب "له" أَبُو الفضل محمد بن أحْمَد عارض الدَّيْلم، وجعل اسْتَدَارَه عبد الواحد بن الحسين الشِيرازي: وفي شوّال عُقد مجلس عظيم، وحلف القادر وبهاء الدولة كلُّ منهما لصاحبه بالوفاء، وقلَّده القادر ما وراء بابه، ممّا تُقام فيه الدَّعوة. وكان القادر أبيض، حَسَن الجسم، كَثَّ اللحية، طويلها، يخضِب. وصفه الخطيب البغدادي1 بهذا، وقال: كان من الدّيانة والسيادة وإدامة التهجُّد، وكثرة الصَّدقات، على صفةٍ اشتهرت عنه، وقد صنَّف كتابًا في الْأصول، ذكر فيه فضائل الصحابة وإكفار المعتزلة، والقائلين بخلْق القرآن. وذكر محمد بن عبد الملك الهمذاني2 أنّ القادر كان يلبس زِي العَوَامّ، ويقصد الْأماكن المعروفة بالخير والبركة، كقبر معروف3 وغيره، وطلب من ابن القِزْوِيني الزّاهد أنْ يُنْفِذ له من طعامه الذي يأكله، فأنفذ إليه باذنجانا مقلُوًّا بِخَلٍّ وباقِلاء ودِبْس وخُبْز بَيْتيّ، "وشدّه" في مَيْزَر، فأكل منه، وفرّق الباقي، وبعث إلى ابن القزويني مائتي دينار، فقبلها. ثم بعد أيام طلب منه طعامًا، فأنفذ إليه طبقًا جديدًا، وفيها زبادي فيها فراريج وفالُوذَج، ودجاجة مشويّة وفالوذجة، فتعجّب الخليفة، وأرسل يكلّمه في ذلك، فقال: ما تكلّفت، لما وُسِّعَ عليّ وُسَّعْت على نفسي، فتعجّب من عقله ودينه. ولم يزل4 يواصله5 بالعطاء. وفي ذي الحجّة، يوم عيد الغدير جرت "فتنة" من الرافضة وأهل باب البصْرة، واستظهر أهل باب البصرة، وحرقوا أعلام السلطان، فقُتِل يومئذ جماعة اتُّهموا بفعل ذلك، وصُلبوا، فقامت الهيبة، وارتدع المفسد6.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 37". 2 هو صاحب كتاب "تكملة تاريخ الطبري". 3 هو معروف الكرخي توفي سنة 200هـ. انظر ترجمته في: صفة الصفوة "2/ 79"، وطبقات الحنابلة "1/ 381"، وتاريخ بغداد "13/ 199". 4 في الأصل "نزل". 5 في الأصل "مواصلة". 6 المنتظم "7/ 163"، والكامل في التاريخ "9/ 91".

وفيها: حجّ بالنّاس من العراق أَبُو الحسين محمد بن الحسين بن يحيى، وكان أميرُ مكّة الحسن بن جعفر أَبُو الفتوح العلويّ، فاتّفق أنّ أبا القاسم بن المغربي حصّل عند حسّان بن المفرّج بن الجرّاح الطائي، فحمله على مُبَاينة صاحب مصر، وقال: لا مَغْمَز في نسب أبي الفتوح، والصَّواب أن يُنَصِّبه إمامًا، فوافقه، فمضى ابن المغربيّ إلى مكّة، فأطمع صاحب مكّة في الخلافة، وسهّل عليه الْأمر، فأصغى إلى قوله، وبايعه شيوخ الحَسَنِيّين، وحسَّن أَبُو القاسم بن المغربي أخْذَ ما على الكعبة من فضّة وضربه دراهم. واتّفق موت رجلٍ بجُدَّة معه أموال عظيمة وودائع، فأوصى منها بمائة ألف دينار لأبي الفتوح صاحب مكّة ليصون بها تركته والودائع، فاستولى على ذلك كلّه، فخطب لنفسه، وتسمّى بالراشد باللَّه، وسار لاحقا بآل الجرّاح الطائي، فلما قَرُب من الرملة، تلقَّتْه العرب، وقبَّلوا الْأرض، وسلّموا عليه بالخلافة، وكان متقلّدًا سيفًا زعم أنه ذو الفِقار وفي يده قضيب، وذكر أنه قضيب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم، وحوله جماعة من بني عمّه، وبين يديه ألف عبد أسود، فنزل الرملة، ونادى بإقامة العدْل، والأمر بالمعروف والنَّهْي عن المُنْكَر، فانزعج صاحب مصر، وكتب إلى حسّان الطائي مُلَطَّفًا، وبذل له أموالًا جزيلة، وكتب إلى ابن عم أبي الفتوح، فولاه الحَرَمَيْن، وأنفذ له ولشيوخ بني حسن أموالًا، فقيل: إنه بعث إلى حسّان بخمسين ألف دينار مع والده حسّان، وأهدى له جارية جهّزها بمال عظيم، فأذعن بالطاعة، وعرف أَبُو الفتوح الحال، فضعُفَ وركب إلى حسّان المفرّج الطائي مُستجيرًا به فأجاره، وكتب فيه إلى العزيز، فردّه إلى مكّة1. وفيها: استولى بزال على دمشق وهزم متوليّها مُنِيرًا وفرَّق جَمْعَه. وفيها: أقبل باسيل طاغية الرّوم في جيوشه، فأخذ حمص ونهبها، وسار إلى شَيْزَر2 ونهبها، ثم نازل طرابلس مدّة، ثم رجع إلى بلاده. وفيها: خلع الطائع نفسه مُكْرَهًا، وبايعوا القادرَ باللَّه أحْمَد بْن إِسْحَاق بْن المقتدر باللَّه.

_ 1 المنتظم "7/ 164". 2 في الأصل "شيرز".

حوادث سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة

حوادث سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة: فمن الحوادث فيها أنَّ أبا الحسن علي بن محمد بن المعلّم الكوكبي كان قد استولى على أمور السلطان بهاء الدولة كلّها، فمنع أهل الكرْخ وباب الطاق من النَّوْح يوم عاشوراء، ومن تعليق المُسُوح، كان كذلك يُعمل من نحو ثلاثين سنة، ووقع أيضًا بإسقاط من قبل من الشهود بعد وفاة القاضي أبي محمد بن معروف، وأن لا يقبل في الشهادة إلا من كان ارتضاه ابن معروف، وذلك أنه لما تُوُفِي كَثُر قَبُول الشهود بالشفاعات، حتى بلغت عدة الشهود ثلاثمائة وثلاثة أنفس، ثم إنّه فيما بعد، وقّع بقبولهم في السنة1. وفيها شغبت الْجُنْد، وخرجوا بالخِيَم إلى باب الشماسة، وراسلوا بهاء الدولة يشتكون من أبي الحسن بن المعلّم، وتعديد ما يعاملهم به، وطالبوه بتسليمه إليهم. وكان ابن المعلم قد استولى على الْأمور، فالمقرِّب من قرَّبه والمُبْعَد من بعَّده، فثَقُل على الْأمراء أمره، ولم يُراعهم هو، فأجابهم السلطان، ووعدهم، فأعادوا الرسالة بأنهم لا يرضون إلا بتسليمه إليهم، فأعاد الجواب بأنَّه يُبعده عن مملكته، فأبوا ذلك، إلى أن قال له الرسول: إنه لأمر شديد، فاخْتَر بقاءه أو بقاء دولتك، فقبض عليه حينئذ وعلى أصحابه، وأخرجوا صلته، فصمّم الْجُنْدُ أنهم لا يرجعون إلا بتسليمه، فتدمّم من ذلك، وركب إليهم، فلم يقم أحد منهم إليه ولا خدمه، وقد أقاموا على المطالبة به، وترك الرجوع "إلا بعد تسليمه"2 إلى أبي حرب خال بهاء الدولة، فسُقي السُّمَّ، فلم يعمل فيه، فخُنِق بحبل3. وفي رجب، سُلِّم الطائع لله المخلوع إلى القادر باللَّه، فأنزله في حجرة ووكّل به من يحفظه، وأحسن صيانته ومراعاة أموره، فكان المخلوع يطالب من زيادة الخدمة بمثل ما كان يطالب به أيام خلافته، وأنه حُمل إليه طيب من بعض العطارين، فقال: أمن هذا يتطيب أَبُو العبّاس؟ قالوا: نعم. فقال: قولوا له في الفلاني من الدار كندوج فيه طيب مما كنت استعمله فأنفذ لي بعضه، وقدمت إليه بعض الليالي شمعة قد

_ 1 المنتظم "7/ 168". 2 تكرر في الأصل. 3 المنتظم "7/ 168، 169".

أوقدت1، فأنكر ذلك، فحملوا إليه غيرها، وأقام على هذا إلى أن تُوُفيّ2. وفيها وُلِد أبو الفضل محمد بن القادر باللَّه، وهو الذي جُعل وليّ العهد، ولُقّب الغالب باللَّه3. واشتدّ في الوقت القحْط ببغداد4.

_ 1 في الأصل "أوقد". 2 تاريخ بغداد "11/ 79"، والمنتظم "7/ 66"، وسير أعلام النبلاء "15/ 118-127"، والبداية والنهاية "11/ 311"، وشذرات الذهب "3/ 143". 3 المنتظم "7/ 169". 4 المنتظم "7/ 170".

حوادث سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة

حوادث سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة: فيها: أقبل الخان بغراخان الذي يُكتب عنه مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وله ممالك الترك وإلى قرب الصين، ليأخذ بخارى، فحاربه "نوح بن منصور"1 السّاماني، فانهزم نوح، وأخذ بخارى، واستنجد "نوح"2 بنائبه أبي علي بن سمجور صاحب خُراسان، فخذله وعصى، فمرض الخان ببخارى، وراح، فمات في الطريق. وكان دينًا. "وولي"3 بلاد التُرك بعده أيلخان، وبرز نوح إلى مملكته. وفيها: شَغَب الْجُنْد لتأخّر العطاء، وقصدوا دار الوزير أبي نصر سابور، فنهبوها، وهرب من السُّطُوح، ثم أُعطوا العطاء. وفي ذي الحجّة تزوج القادر باللَّه سُكَيْنة بنت بهاء الدولة على مائة ألف دينار، فتُوُفِّيَتْ قبل الدخول بها4. وفيه بلغ كَرُّ القمح ستَّةَ آلاف درْهم "غياثية"5، والكارة الدقيق مائتين وستّين درهمًا6. وفيها: ابتاع الوزير أَبُو نصر سابور بن أردشير دارًا بالكَرْخ وعمَّرها وسمَّاها دار العلم، ووقَفَها على العلماء، ونقل إليها كتبًا كثيرة7.

_ 1 في الأصل "منصور بن نوح". 2 في الأصل "ابن نوح". 3 في الأصل "رل". 4 الكامل في التاريخ "9/ 100"، والمنتظم "7/ 172". 5 في الأصل "غياشية". 6 المنتظم "7/ 172"، والكامل في التاريخ "9/ 101". 7 المنتظم "7/ 172"، والكامل في التاريخ "9/ 101".

حوادث سنة أربع وثمانين وثلاثمائة

حوادث سنة أربع وثمانين وثلاثمائة: فيها: قوي أمر العيارين ببغداد، وشرع القتال بين الكَرْخ وأهل باب البصرة، وظهر المعروف بعُزَيْز من أهل باب البصرة واستفحل أمره، والتزق به كثير من المُؤْذِين، وطرح النّار في المَحَالّ، وطلب أهل الشُّرَط. ثم صالح الكرخ، وقصد سوق البزازين، وطالب بضرائب الأمتعة حتى الأموال، وكاشف السلطان وأصحابه، وكان ينزل إلى السفن ويطالب بالضرائب، فأمر السلطان بطلب العيّارين، فهربوا عنه1. وفي ذي الحجة ورد الخبر برجوع الحاجّ من الطريق، وكان السبب أنهم لمَّا حصلوا بين زبالة و"الثعلبية"2 اعترض الحاج الْأصَيْفَر الْأعْرابيّ ومنعهم الجواز إلا برسمه، وتردد الْأمر إلى أن ضاق الوقت، فعادوا، ولم يحج أيضًا لأهل الشام ولا اليمن، إنّما حجّ أهل مصر3. وفيها: ولي نقابة العبّاسيين أَبُو الحسن محمد بن علي بن أبي تمام الزينبي4. وفيها: تزوّج مهذب الدولة علي بن نصر ببنت بهاء الدولة، وعُقد للأمير أبي منصور بن بهاء الدولة على بنت مهذب الدولة، وعقد على كلّ صداق منهما مائة ألف دينار. واتفق ابن سمجور والي خراسان وفائق على حرب ابن نوح، فكتب إلى الملك سُبكتِكِين يستنجده، فأقبل من غَزْنَة، فالتقى الجمعان، فانهزم ابن سمجور وتمزق جيشه، واستعمل ابن نوح على خراسان محمود بن سبكتِكِين الذي افتتح الهند.

_ 1 المنتظم "7/ 174". 2 في الأصل "التغلبية". 3 المنتظم "7/ 174"، والبداية والنهاية "11/ 313". 4 المنتظم "7/ 174"، والكامل "9/ 105".

حوادث سنة خمس وثمانين وثلاثمائة

حوادث سنة خمس وثمانين وثلاثمائة: فيها: نَفَّذَ بدر بن حَسْنَويْه تسعة آلاف دينار، لتُدفع إلى الْأصَيْفر عِوَضا عمّا كان يأخذ من الركب العراقي1.

_ 1 المنتظم "7/ 178".

حوادث سنة ست وثمانين وثملاثمائة

حوادث سنة ست وثمانين وثملاثمائة ... حوادث سنة ست وثمانين وثلاثمائة: في المحرم ادَّعى أهل البصرة أنهم كشفوا عن قبرٍ عتيق، فوجدوا فيه ميتًا طريا بثيابه وسيفه، وأنه الزبير بن العوّام، فأخرجوه وكفنوه ودفنوه بالمِرْبد، وبنوا عليه، وعُمل له مسجد، ونُقِلَت إليه القناديل والبُسُط والقوَّام والحَفَظة. قام بذلك الأمير أبو المسك1. فالله أعلم من ذاك الميت.

_ 1 المنتظم "7/ 178".

حوادث سنة سبع وثمانين وثلاثمائة

حوادث سنة سبع وثمانين وثلاثمائة: فيها: توفي فخر الدولة علي ابن ركن الدولة ابن بُوَيْه بالري، ورتبوا ولده رستم في السلطنة وهو "ابن"1 أربع سنين، وكان فخر الدولة قد أقطعه أبوه بُلدانًا، فلما تُوُفّي أخوه بُوَيْه كتب إليه الصّاحب إسماعيل بن عَبَّاد يحثّه على الإسراع، فقدم وتملّك مكان أخيه، واستوزر ابن عبّاد، وكان شهمًا شجاعًا، جماعًا للأموال، لقبه الطائع فلك الْأمّة. وكانت سلطنته أربع عشرة سنة، وعاش ستًا وأربعين سنة. ولما اشتدّ به مرضه أُصعِد إلى قلعة، فبقي بها أيامًا يمرض، فمات، وكانت الخزائن مقفلة مختومة، وقد جعل مفاتيحها في كيس من حديد وسُمِّر، وحصلت عند ولده رستم، فلم يوجد ليلة وفاته شيء يُكَفَّن فيه، وتعذّر النزول إلى البلد لشدّة شغب الْجُنْد، فاشتروا من قيّم الجامع ثوبًا، فلُفّ فيه، وشُدّ بالحبال، وجُرّ على دَرَج القلعة حتى تقطّع، وكان يقول: قد جمعت لولدي ما يكفيهم ويكفي عسكرهم خمس عشرة سنة. وكان ترك ألفي ألف دينار وثمانمائة ألف وخمسة وسبعين ألف دينار، ومن الجواهر واليواقيت واللؤلؤ أربعة عشر ألف وخمسمائة قطعة، قيمتها ثلاثة آلاف ألف، ومن الْأواني الذّهب ما وزنه ألف دينار، ومن أواني الفضة ثلاثة آلاف درهم، ومن الثياب ثلاثة آلاف حمْل، وخزانة السلاح ألفًا حمْل، وخزانة الفرش ألف وخمسمائة حمل، إلى غير ذلك2.

_ 1 سقط من الأصل واستدرك من المنتظم "7/ 190". 2 المنتظم "7/ 190"، والبداية والنهاية "11/ 322"، والكامل في التاريخ "9/ 131".

حوادث سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة

حوادث سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة: فيها: قبض القادر باللَّه على كاتبه أبي الحسن علي بن عبد العزيز، وقلّد أبا العلاء سعيد بن الحسن بن تريك، ثم بعد شهرين ونصف عزله، وأعاد أبا الحسن1. وفي ذي الحجة جاء بَرَدُ مفْرط ببغداد، وتجلد الماء وبول الدواب والخيل. وفيها: جلس القادر باللَّه للرسولين اللَّذَين من جهة أبي طالب رستم بن فخر الدولة وأبي النّجم بدر بن حَسْنَوية، فعهد لرستم على الريّ وأعمالها، وأرسل اللواء والخّلَع، وعهد لبدر على الجبل، ولقبه "أبا طالب مجد الدولة"2. أعجوبة: وهي: هلاك تسعة ملوك على نَسَقٍ في سنتي سبع وثمانين وثمان وثمانين وثلاثمائة. وفيهم يقول أَبُو منصور عبد الملك بن محمد الثَّعالبيّ3: ألم تر مذ عامين أملاكَ عصْرنا ... يصيح بهم للموت والقتلِ صائحُ فنُوحُ بن منصور طَوَتْه يدُ الرَّدَى ... على حسرات ضُمِّنَتْها الجوانحُ ويا بُؤْسَ منصورٍ وفي يوم سرخسٍ ... تمزّق عنه مُلْكُه وهو طائحُ وفرّق عنه الشمل بالشمل واغْتَدَى ... أميرًا ضريرًا تعتريه الجوائحُ وصاحب جرجانية في ندامة ... ترصده طَرْف من الحين طامح

_ 1 المنتظم "7/ 202". 2 المنتظم "7/ 202". 3 هو صاحب كتاب "يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر"، توفي 429هـ انظر البداية والنهاية "12/ 44"، وشذرات الذهب "3/ 246"، وسير أعلام النبلاء "17/ 437".

خُوَارَزْم شاهٍ شاهَ وجهُ نعيمِه ... وعنّ له يومٌ من النحس طالح وكان علا في الْأرض يخبطها أَبُو ... عليّ إلى أن طوّحَتْه الطوائح وصاحب بُسْت ذلك الضَيْغم الذي ... براثنه للمسرفين مفاتح أناخ به من صدمة الدَّهْرِ كَلْكَلٌ ... فلم تُغْنِ عنه والمُقَدَّر سانح جيوشٌ إذا أربت على عدد الحَصَى ... تَغُصّ بها قِيعانُها والضَّحَاضِح وصاحب مِصرٍ قد مضى لسبيله ... ووال الجبال غيبته الضّرائح ودارت على صمصام دولة بويْه ... دوائر سوء نُبْلُهنّ فوادح وقد جاز والي الْجَوْزَجان فناظَرَ ... الحياة فوافته المنايا الطوائح وفائق المجبوب قد جبّ عمره ... فأمسى ولم يندبه في الْأرض نائح مضوا في مدى عامين واختطفتهم ... عقاب إذا طارت تخر الجوارح أما لك فيهم عبرة مُسْتَفَادَةٌ ... بَلَى إنّ نهج الاعتبار لواضح

حوادث سنة تسع وثمانين وثلاثمائة

حوادث سنة تسع وثمانين وثلاثمائة: كانت قد جرت عادة الشيعة في الكَرْخ وباب الطّاق، بنصب القِباب، وإظهار الزّينة يوم الغدير، والوقيد في ليلته، فأرادت السنية أن تعمل في مقابلة هذا أشياء، فادّعت أنّ اليوم الثامن من يوم الغدير كان اليوم الذي حصل فيه النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ في الغار، فعملت فيه ما تعمل الشيعة في يوم الغدير، وجعلت بإزاء عاشوراء يومًا بعده بثمانية أيام، إلى مقتل مُصْعَب بن الزُبَيْر، وزارت قبره بمسكن، كما يزار قبر الحسين، فكان ابتداء ما عمل في الغار يوم الجمعة لأربع بقين من ذي الحجة1، وأقامت السُّنِّيَّة هذا الشعار القبيح زمانًا طويلا، فلا قوة إلا بالله. وفيها: عزل مالك ما وراء النهر من المملكة، وهو منصور بن نوح، وحُبس بسَرْخَس. وبُويع أخوه عبد الملك، فبقي في المُلْك تسعة أشهر، وحاربه الملك الخان، وأسره، واستولى على بخارى في ذي القعدة، من هذا العام. ومات عبد الملك بأفكند في السجن بعد قليل2.

_ 1 المنتظم "7/ 206"، والكامل في التاريخ "9/ 155". 2 الكامل في التاريخ "9/ 145-149".

حوادث سنة تسعين وثلاثمائة

حوادث سنة تسعين وثلاثمائة: فيها: ظهر بسجستان معدن للذهب، فكانوا يصفون من التراب الذَّهَبَ الْأحمر2. وفيها: قُلِّد القاضي أَبُو عبد اللَّه الحسين بن هارون الضَّبِّي مدينة المنصور، مضافًا إلى قضاء الكوفة وغيرها، ووُلّي القاضي أَبُو محمد عُبَيْد اللَّه بن محمد الْأكفاني الرَّصافَةَ وأعمالها. وفيها وُلِّي نيابة دمشق فحل بن تميم من جهة الحاكم، فمرض ومات بعد أشهر، وولي بعده عليّ بن جعفر بن فلاح. آخر الحوادث.

_ 1 المنتظم "7/ 207"، والكامل في التاريخ "9/ 162".

وفيات الطبقة

وفيات الطبقة: تراجم وفيات سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة: "حرف الألف": 1- أحْمَد بن إبراهيم بن تمّام، أبو بكر البعلبكي المقرئ الفقيه، قاضي بعْلَبَكّ. سمع خَيْثَمةَ الْأطْرابُلُسي، وأبا الميمون بن راشد، وجماعة. وعنه: محمد بن يونس الْإسكاف، وأحمد بن الحسن الطّيّان. 2- أحْمَد بْن الحُسين بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حمزة، أبو نصر النيسابُوري المؤذن الوراق، المعروف بابن حسْكَوَيْه. كان كثير الحديث. سمع السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، والماسرْجسي، ومحمد بن إبراهيم العَبْدَوي. روى عنه: الحاكم، "وَأَبُو"1 سعد الكنجروذي، وغيرهما. توفي في شعبان.

_ 1 في الأصل "أبا".

3- أحْمَد بن الحسين بن مهران، أَبُو بكر الْإصبهاني ثم النيسابُوريّ المقرئ العابد1، مصنف "كتاب الغايات في القراءات"، قرأ لهشام بدمشق ولابن ذِكْوَان على أبي الحسن محمد بن النَّضْر الْأخرم، وببغداد على زيد بن أبي بلال الكوفي، وابن مقسم، وأبي بكر النّقّاش، وأبي الحسن بن ثَوْبان، وأبي عيسى بكار بن أحْمَد، وهبة اللَّه بن جعفر، وبخراسان على غير واحد، وسمع من أبي العباس السّرّاج، وابن خُزَيْمة، وأحمد بن حسين الماسَرْجَسي، ومكّي بن عَبْدان. روى عنه: الحاكم، وَأَبُو حفص بن مسرور، وَأَبُو سعد الكَنْجرُوذي وعبد الرحمن بن الحسن بن عليك، والمقرئ أَبُو سعد أحْمَد بن إبراهيم. قال الحاكم: كان إمام عصره في القراءات، وكان أعبد من رأينا من القرّاء، وكان مُجاب الدعوة، انتقيت عليه خمسة أجزاء، وتوفي في شوّال، وله ستُّ وثمانون سنة. وتُوُفّي في هذا اليوم أَبُو الحسن العامري صاحب الفلسفة، فحدثني عمر بن أحْمَد الزّاهد: سمعت الثقة من أصحابنا يذكر أنّه رأى بكر بن مهران في المنام في الليلة التي دُفن فيها، فقلت: أيُّها الْأستاذ، ما فعل اللَّه بك؟ قال: إن اللَّه عزّ وجلّ أقام أبا الحسن العامري بحذائي وقال: هذا فداؤك من النّار2. وقال الحاكم: قرأنا على ابن مهران ببخارى "كتاب الشامل في القراءات". وقرأت أنا كتاب "الغاية" له على أبي الفضل بن عساكر، بإجازته من المؤيَّد الطّوسي، وزينب الشعرية قالا: أنبأ زاهر الشحامي، أنا أَبُو بكر أحْمَد بن إبراهيم بن موسى المقرئ، أنا المصنّف رحمه اللَّه، وقد قرأ عليه جماعة، منهم أَبُو الوفا مهدي بن طوارة شيخ الهُذْلي. 4- أحْمَد بن محمد بن الحارث الفقيه، أَبُو الحسين الفقيه المديني الضرير. حدّث في هذا العام عن أبي القاسم البَغَوِي، وابن أبي داود. وعنه: أحْمَد بن علي النزوي، وأبو نصر الكسائي.

_ 1 النجوم الزاهرة "4/ 160"، والعبر "3/ 44"، وشذرات الذهب "3/ 97"، والبداية والنهاية "11/ 310"، والمنتظم "7/ 165". 2 معرفة القراء "1/ 280".

5- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفضل بن الجرّاح، أبو بكر الخرّاز البغدادي1. سمع: أبا حامد الحَضْرمي، وأبا بكر بن دُرَيْد، ولزم ابن الْأنباري، فأخبر عنه وروى تصانيفه. وكان ثِقة دينًا: ظاهر المروءة، ومن الفرسان المذكورين. روى عنه: أَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو محمد الجوهري. 6- إبراهيم بن محمد بن محفوظ بن معقل، أَبُو إسحاق النيسابُوري، شيخ محتشم. كان أحد المجتهدين في العبادة. سمع: أبا بكر بن خُزَيْمة، وأبا العبّاس بن السرّاج، وأحمد بن محمد الماسرجسي. تُوُفّي في ربيع الْأوّل. وعنه الحاكم قال: رأيت أُصُولَه صحيحة، أكثرها بخطه. "حرف الباء": 7- بزال الْأمير. وَلِّي حرب منير الذي كان على نيابة دمشق، فهزمه بزال واستولى على دمشق في هذه السنة، وقد وُلِّي طرابلس أيضًا. 8- بكجور التركي، الْأمير أبو الفوارس، مولى سيف الدولة بن حمدان2. ولي إمرة حمص، ثم ولي دمشق للعزيز العُبَيْدي، فجار وظلم وصادر، وخرج عن طاعة العزيز فجهز إليه منير الخادم من مصر، في سنة ثمانٍ وسبعين، فبعث بكجور عسكرًا، فالتقوا، فانتصر منير، ثم تصالحا، وذهب بكجور إلى الرقة، فأقام بها دعوة العزيز، ثم قُتِل بنواحي حلب، في سنة إحدى هذه. 9- بشر بن الحسين الشيرازي قاضي القضاة، أبو سعيد3. قدمه عضد الدولة للقضاء، فولاه الطائع قضاء القضاة، سنة تسعٍ وستين. وكان فقيهًا ظاهريا متدينًا

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 81"، والمنتظم "7/ 65"، والنجوم الزاهرة "4/ 160". 2 تاريخ ابن خلدون "4/ 112"، والنجوم الزاهرة "4/ 160"، والكامل في التاريخ "9/ 58". 3 طبقات الفقهاء "177، 178، 179".

معظمًا للآثار، وما أراه قدم بغداد، بل استناب عليها أربعة قضاة، ثم إنه عُزِل في سنة سّتٍ وسبعين. مات بشيراز عن سبعين سنة في هذا العام. أرَّخه ابن الخازن. وقال أَبُو إسحاق الشيرازي في "طبقات الفقهاء" في أصحاب داود: ومنهم قاضي القضاة أَبُو سعدٍ بشْر بن الحسين، كان إمامًا، أخذ العلم عن علي بن محمد صاحب ابن المغلس بفارس. "حرف الجيم": 10- جوهر، أَبُو الحسن القائد الرومي المعروف بالكاتب، مولى المعزّ أبي تميم1. قدِم من المغرب بتجهيز المُعِزّ إلى ديار مصر في الجيوش والأهْبَة في سنة ثمان وخمسين، فاستولى على إقليم مصر، وابتنى القاهرة، واستمرّ عالي الْأمر نافذ الكلمة. وكان بعد موت كافور صاحب مصر قد انخرم النظام، وأقيم في المُلْك أحْمَد بن علي بن الْأخشيد وهو صغير، وكان ينوب عنه ابن عمّ والده والحسن بن عُبَيْد اللَّه بن طُغْج، والوزير حينئذ جعفر بن الفرات، فقلت الْأموال على الْجُنْد، فكتب جماعة إلى المُعِزّ يطلبون منه عسكرًا ليسلّموا إليه مصر، فنفذ جوهرًا في نحو مائة ألف فارس أو أكثر، فنزل بتروجة بقرب الإسكندرية، فراسله أهل مِصر في طلب الْأمان وتقرير أملاكهم لهم، فأجابهم جوهر، وكتب لهم العهد، فعلم الإخشيديّة بذلك، فتأهبوا للقتال، فجاءتهم الكتب والعهود، فاختلفت كلمتهم. ثم أمَّروا عليهم ابن الشويزاني، وتوجّهوا للقتال نحو الجزيرة، وحفظوا الجسور، فوصل جوهر إلى الجيزة، ووقع بينهم القتال في حادي عشر شعبان، ثم سار جوهر إلى منية الصيادين، وأخذ مخاضة منية "شلقان"2، ووصل إلى جوهر طائفة من العسكر في مراكب، وحفظ أهل مصر البلد، فقال جوهر للأمير جعفر بن فلاح: لهذا اليوم خبّأك المُعِزّ، فعبر عريانًا في سراويل وهو في مركب، ومعه الرجال خوضًا، فوصلوا إليهم، ووقع القتال،

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 467"، شذرات الذهب "3/ 98"، دول الإسلام "1/ 232"، والبداية والنهاية "11/ 310"، والعبر "3/ 16". 2 في الأصل "سلقان".

فقُتل خلق كثير من الإخشيديّة، وانهزم الباقون، ثم أرسلوا يطلبون الْأمان، فأمَّنَهم جوهر، وحضر رسوله ومعه بند أبيض، وطاف بالأمان، ومنع من النهب، فسكن الناس، وفُتِحت الْأسواق، ودخل من الغد جوهر القائد في طبوله وبُنُوده، وعليه ديباج مذهّب، ونزل موضِع القاهرة اليوم، واختطّها، وحفر أساس القصر لليلته، فأرسل إلى مولاه يبشّره بالفتح، وبعث إليه برءوس القتلى، وقطع خطبة بني العبّاس، ولبس السواد، وألبس الخطباء البياض، وأن يُقال في الخطبة "اللَّهم صلّ على محمد المصطفى، وعلى علي المرتضى، وعلى فاطمة البتول، وعلى الحسن والحسين سِبْطَيِ الرسول، وصلّ على الْأئمة آباء أمير المؤمنين المُعِزّ باللَّه". ثم في ربيع الآخر سنة تسعٍ وخمسين أذَّنوا بمصر بـ "حيّ على خير العمل"، فاستمر ذلك، وكتب إلى المُعِزّ يبشّره بذلك، وفرغ من بناء جامع القاهرة في رمضان سنة إحدى وستين، والأغلب أنه الجامع الْأزهر1. وكان جوهر حسن السيرة في الرعية، ولما مات رثاه جماعة من الشعراء. تُوُفِّي سنة إحدى وثمانين، وهو على مُعْتَقَد العُبَيْدِيّة. "حرف الحاء": 11- الحَسَن بْن محمد بْن جعفر بْن محمد بْن حفص المَغَازِلي الْإصبهاني2، في المحرّم. 12- الحسين بن عمر بن عمران بن حُبَيش، أَبُو عبد اللَّه البغدادي3، وعنه عُبَيد اللَّه الْأزهري، وَأَبُو القاسم التنوخي. وثقة العتيقي. 13- الحسين بن موسى بن سعيد، أَبُو علي الخيّاط المصري. إمام جامع مصر، وعاش تسعًا وسبعين سنة. 14- حمدان بن أحْمَد بن مشارك الهَرَوي، روى عن: أبي إسحاق بن ياسين. روى عنه: أبو يعقوب القراب.

_ 1 اتعاظ الحنفا "1/ 117". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 274". 3 تاريخ بغداد "8/ 82"، والمنتظم "7/ 166".

15- حيان القُرْطُبِي، أَبُو بكر الزاهد العابد، من كبار الْأولياء، ومن أصحاب أبي بكر بن مجاهد الصّوفي. تُوُفِّي بقُرْطُبة في ربيع الْأوّل من السنة. "حرف الخاء": 16- خَلَفُ بن إبراهيم بن عصمة "الشبلي"1 النيسابُوري. سمع أبا العبّاس السّرّاج وجماعة. تُوُفِّي في جمادى الآخرة. "حرف السين": 17- "سنان"2 بن محمد الضّبعي البصري: لا أعلم متى تُوُفِّي. لقيه أَبُو ذَرّ الهَرَوي بعد الثمانين وثلاثمائة، وقال: قرأت عليه من أصل سماعه: ثنا أبو خليفة، فذكر أحاديث. "حرف الشين": 18- شريف بن سيف الدولة3. علي بن عبد اللَّه بن حمدان الْأمير، أَبُو المعالي سعد الدولة، ملك حلب ونواحيها بعد أبيه، وطالت أيامه، ثم عرض له قُولَنْج أشْفَى منه على التلف، ثم تماثل، فواقع جارية فلما فرغ بطُل نصفه، فدخل إليه الطبيب فأمر أن يُسْجَر عنده النَّد والعَنْبَر، فأفاق قليلا، فقال له الطبيب: أرني يدك، فناوله يده اليسرى، فقال: هات اليمين. فقال: ما تركت لي اليمين يمينًا. وكان قد خلف وغدر. وتُوُفِّي في رمضان، وله أربعون سنة وأشهر، وتولى بعده أَبُو الفضائل سعد، وبموت سعد انقرض مُلك سيف الدولة.

_ 1 في الأصل "البلى". 2 في الأصل "شيان". 3 النجوم الزاهرة "4/ 161"، شذرات الذهب "3/ 100"، والعبر "3/ 16".

"حرف العين": 19- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن حَمَّوَيه بن يوسف بن أعين1. أَبُو محمد السرخسي. "سمع"2 سنة ست عشرة وثلاثمائة من الفَرَبرِي "صحيح البخاري"، وسمع من عيسى بن عمر بن العبّاس السمرقندي كتاب "الدارِمي"، وسمع من إبراهيم بن خُزَيْم الشاشي "مُسْنَد عبد" وتفسيره. روى عنه: أَبُو ذَرّ عبد بن أحْمَد الهَرَوي، وَأَبُو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم القرّاب، ومحمد بن عبد الصمد الترابي المَرْوَزي، وعلي بن عبد اللَّه ومحمد بْن أحْمَد بْن محمد بْن محمود الهَرَوِيّان، وَأَبُو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي. وقال أَبُو ذَرّ: قرأت عليه وهو ثقة وصاحب أصول حِسَان. قلت: وله جزء مفيد عدّ فيه أبواب الصحيح، وعدّ ما في كلّ كتاب من الْأحاديث، فأورد ذلك الشيخ محيي الدين في مقدمة ما شرح من الصحيح، وأعلى شيء يُرْوَى في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة. وحدّث الحموي هذا وقعت لنا المذكورة من طريقه. وُلِد سنة ثلاثٍ وتسعين ومائتين. وقال القرّاب: تُوُفّي لليلتين بقيتا من ذي الحجة. 20- عبد اللَّه بن محمد بن بكر بن عبد الرزاق بن داسة، أَبُو محمد البصري التمار. توفي في صفر، وروى عن أبيه صاحب أبي داود. روى عن: أبي بكر محمد بن الحسين بن مكرّم، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وخلق. وعنه: أَبُو ذر الهروي. 21- عبد الرحمن بن عبد الله المالكي الفقيه3.

_ 1 شذرات الذهب "3/ 100"، والعبر "3/ 17"، والنجوم الزاهرة "4/ 161". 2 في الأصل "سمع منه". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 435"، والعبر "3/ 17"، وشذرات الذهب "3/ 101".

أَبُو القاسم المصري الجوهري. وتوفي بمصر، وهو صاحب "مُسْنَد المُوَطَّأ" سمعه من طائفة، منهم أبو العباس بن نفيس المقرئ، وَأَبُو بكر بن عبد الرحمن، وَأَبُو الحسن بن فهد، وآخرون، وتُوُفّي في رمضان. 22- عبد الرحيم بن محمد بن حمدون بن نجار الفقيه. أَبُو الفضل النيسابُوري البخاري، نسبه إلى جده، وكان من أعيان أصحاب أبي الوليد الفقيه. درس في حياته، وسمع من أبي حامد بن الشرفي، ومكّي بن عبدان، وحدث. تُوُفّي في جمادى الْأولى، وقد تُوُفّي والده سنة ثمان وأربعين. 23- عبد العزيز بن عليّ بن مُحَمَّد بن إسحاق بن الفرج1. أَبُو عدِيّ المصري، ويعرف بابن الْإمَام. كان مقرئًا مجودًا لقراءة وَرْش لأنّها على أبي بكر بن سيف صاحب ابن يعقوب الْأرزي. قرأ عليه: طاهر بن غلبون، وعبد الجبار بن أحْمَد الطَّرسُوسي، وإسماعيل بن عمرو الحدّاد، وَأَبُو الفضل محمد بن جعفر الخُزَاعي، ومكي بن طالب، وَأَبُو عمر الطّلمنكي، وَأَبُو العبّاس محمد بن سعيد بن أحْمَد بن نفيس، وغيرهم. وطال عمره وتفرّد بُعُلوّ هذه الطريق، وقد حدّث عن ابن قديد، ومحمد بن زبّان. روى عنه: يحيى بن الطّحّان. وقال أَبُو إسحاق الحبال: تُوُفّي لعَشْر خَلَوْن من ربيع الْأوّل. 24- "عُبَيْد"2 اللَّه بن أحْمَد بن معروف، أَبُو محمد البغدادي المعتزلي قاضي القضاة3. ولي بعد أبي بِشْر عمر بن أكثم، وسمع من يحيى بن صاعد، وابن نَيْرُوز، وأبي حامد محمد بن أحْمَد بن هارون الحَضْرمي، ومحمد بن نوح وجماعة.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 995"، والعبر "3/ 17"، وشذرات الذهب "3/ 101". 2 في الأصل "عبد" وهو تحريف. 3 تاريخ بغداد "10/ 365"، سير أعلام النبلاء "16/ 426"، ولسان الميزان "4/ 96".

ولد سنة ست وثلاثمائة. قال الخطيب: كان من أجلاد الرجال وألِبّاء النّاس، مع تجربة وحنكة وفطنة، وبصيرة ثاقبة، وعزيمة ماضية، وكان يجمع وسامة في منظره، وظُرفًا في ملبسه، وطلاقة في مجلسه، ولباقة في خطابه، ونهوضًا بأعباء الْأحكام، وهيبة في القلوب قد ضرب في الْأدب بسَهْمٍ، وأخذ من علم الكلام بحظ. وقال العتيقي: كان مجرّدًا في الاعتزال، ولم يكن له سماع كثير. قلت: روى عنه الحسن بن محمد الخلال، والعتيقي، وعبد الواحد بن شيطا، وَأَبُو جعفر بن المسلمة. ووثّقه الخطيب. تُوُفّي في صفر، وله شِعْر رائق، فَحْل. 25- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْنُ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُهَرِي، أَبُو الفضل، بغداديّ مُسْنَد كبير القدر1. سمع: جعفر بن محمد الفِرْيابي، وإبراهيم بن شريك الْأسدي وعبد اللَّه بن المخرّمي، وعبد اللَّه ابن إسحاق المدائني، ومحمد بن حميد بن "المجدّر"2، والبَغَوِي. وعنه: أَبُو بكر البَرْقاني، وَأَبُو محمد الخلال، وعبد العزيز الْأزجي، وَأَبُو القاسم التنوخي، وجماعة آخرهم وفاة أَبُو جعفر بن المسلمة. قال الخطيب كان ثقة، وُلِد سنة تسعين ومائتين. أخبرني العتيقي قال: سمعت أبا الفضل الزُهَرِي يقول: حضرت مجلس الفِرْيابي وفيه عشرة آلاف رجل لم يبق منهم غيري، وجعل يبكي، وذكره الْأزجي فقال: شيخ ثقة، مُجَاب الدعوة. وقال الدَّارَقُطْنيّ: ثقة صاحب كتاب، وآباؤه كلّهم قد حدّثوا، تُوُفّي فِي ربيع الْأول، وقيل فِي ربيع الآخر، قلت: وقع لنا من روايته "صفة المنافق" للفِرْيَابي. 26- عتاب بن هارون بن عتاب بن بشر، أبو أيوب الغافقي الأندلسي3 من أهل شذونة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 392"، والعبر "3/ 18"، والنجوم الزاهرة "4/ 161". 2 في الأصل "المحمدر". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 300".

روى عن: أبيه، وحج فسمع من أبي حفص عمر الْجُمَحي، وأبي الحسن الخُزاعي، وكان صالحًا عابدًا. رحل إليه ابن الفَرَضيّ فأكثر عنه، وعاش سبعين سنة. 27- عثمان بن جعفر1. أَبُو عمرو الجواليقي البغدادي. حدَّث فِي هَذِهِ السنة عن عَبْد اللَّه بن إسحاق المدائني، ومحمد بن محمد بْن الباغَنْدِي. وعنه أَبُو العلاء الواسطي، وأحمد بن محمد العتيقي، وَأَبُو طالب العشاري. وثَّقَهُ العتيقي. 28- علي بن أحْمَد بن صالح بن حمّاد المقرئ القِزْويني2. كان فهمًا بالقراءات. عُمِّر دهرًا، وسمع من يوسف بن عاصم الرازي، ومحمد بن مسعود الْأسدي، ويوسف بن حمدان، وأخذ القراءات عن أبي عبد اللَّه الحسين الْأزرق، والعباس بن الفضل بن شاذان، ولقي ابن مجاهد ببغداد، وناظره، وأقرأ القرآن ثلاثين سنة. روى عنه: أَبُو يعلى الحنبلي، ومن قوله نقلت ترجمته، وقال: وُلِدت سنة ثلاثٍ وثمانين ومائتين. توفي في رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. 29- علي بن محمد بن عُبَيْد اللَّه الزهري، أبو الحسن الضرير3. كان ببغداد، ذكر أنّه من ولد عبد الرحمن بن عَوْف، وأنّه سمع من أبي يَعْلَى المَوْصِلي. وعنه: العتيقي، وَأَبُو القاسم التنوخي، وكان كذابًا. "حرف الميم": 30- محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان4. أبو بكر المقرئ الحافظ، مُسْنِد إصبهان. طوف الشامَ ومصرَ والعراق. وسمع

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 309". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 975"، وغاية النهاية "1/ 519". 3 تاريخ بغداد "12/ 92". 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 297"، وسير أعلام النبلاء "16/ 398-402"، وحلية الأولياء "9/ 129"، والعبر "3/ 18".

في قريب من خمسين مدينة. سمع: محمد بن نُصَيْر بن أبان المديني، ومحمد بن علي الفرقدي، وإبراهيم بن مَتُّوَيْه، وطبقتهم بإصبهان، وأول سماعه بعد الثلاثمائة، وسمع أحْمَد بن الحسن الصُوفي، وحامد بن شعيب اللخمي، وعمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، وطبقتهم ببغداد، وأبا يَعْلَى بالموصل، وعَبْدان بالأهواز، وأبا عَرُوبة بحَرّان، ومحمد بن الحسن بن قتيبة بعَسقلان، وإسحاق بن أحْمَد الخُزَاعي بمكّة، وعبد اللَّه بن زيدان البَجَليّ، وعلي بن العبّاس المَقَانِعي، وعبد اللَّه بن محمد بن مُسلم ببيت المقدس، وإبراهيم بن مسرور صاحب لُوَيْن بحلب، وأحمد بن يحيى بن زُهَيْر الحافظ بتُسْتَر، وسعيد بن عبد العزيز، وأحمد بن هشام بن عمّار، ومحمد بن خُرَيْم بدمشق، ومحمد بن المُعَافَى بصيدا، ومكْحُولا ببيروت، وميمون بن هارون بعكّا، ومحمد بن عُمَيْر صاحب هشام بن عمّار، بالرملة، ومضاء بن عبد الباقي بأَذَنَة، وجعفر بن أحْمَد بن سنان بواسط، ومحمد بن علي بن رَوْح المؤدّب بعسكر مَكْرَم، ومحمد بن تمام البَهْراني، ومحمد بن يحيى بن رزين بحمص، والحسين بن عبد اللَّه القطان الْأزْدي بالرَّقَّة، ومحمد بن محمد بن الْأشعث، ومحمد بن زبّان، وعلي بن أحْمَد علان، وأحمد بن عبد الوارث الغسّال بمصر، ومحمد بن أبي سَلَمَة بن قوبا بعسقلان، وصنّف "معجم شيوخة"، وسمع "شرح الْأثار" للطَّحاوي منه، وخرَّج الفوائد، وجمع "مُسْنَد أبي حنيفة". روى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق بْن حمزة، وَأَبُو الشيخ، وهما أكبر منه، وحمزة السَّهْمي، وأحمد بن موسى بن مردود، وَأَبُو نُعَيْم، وَأَبُو طاهر بن عبد الرحيم وإبراهيم بن منصور الكراني سبط بحرويه، ومنصور بن الحسين، وَأَبُو طاهر أحْمَد بن محمد الثقفي، وأحمد بن محمد بن النُّعْمان، وآخرون. قال أَبُو طاهر الثقفي: سمعت ابن المقرئ يقول: طفت الشرق والغرب أربع مرات. وقال رجلان: سمعنا ابن المقرئ يقول: مشيت بسبب نسخة المفضل بن فضالة سبعين مرحلة، ولو عُرِضَت على بقّال برغيف لم يأخذها. وقال أَبُو طاهر بن سلمة: سمعت ابن المقرئ يقول: دخلت بيت المقدس عشر مرات، وحججت أربع حجج، واستلمت الحجر في ليلة مائة وخمسين، وأقمت بمكة

خمسة وعشرين شهرًا، وعن أبي بكر بن أبي علي قال: كان ابن المقرئ يقول: كنت أنا والطَّبراني وَأَبُو الشيخ في مدينة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم، فضاق بنا الوقت، فواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرت القبر، وقلت: يا رسول اللَّه الجوع. فقال لي الطَّبراني: اجلس فإمّا أن يكون الرزق أو الموت، فقمت أنا وَأَبُو الشيخ، فحضر الباب عَلَوِيّ، ففتحنا له، وإذا معه غلامان بزنبيلين فيهما شيء كثير، وقال: يا قوم شكوتموني إلى النَّبِيّ -صلّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّم- فإني رأيته، فأمرني بحمل شيء إليكم. وروى أَبُو موسى المَدِيني ترجمة ابن المقرئ: نا معمَّر بن الفاخر، سمعت أبا نصر بن الحسن بن أبي عمر، سمعت ابن سلامة يقول: قيل للصاحب بن عبّاد: أنت رجل مُعْتِزِليّ وابن المقرئ محدّث، وأنت تحبّه، فقال: إنه كان صديق والدي، وقيل مَوَدَّة الْأباء قرابة الْأبناء، ولأني كنت نائما، فرأيت النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنَامِ يقول لي: أنت نائم ووليّ من أولياء اللَّه على بابك، فانتبهت ودعوت البوّاب، وقلت: من بالباب؟ قال: أَبُو بكر بن المقرئ. وقال أَبُو عبد اللَّه بن مهدي: سمعت ابن المقرئ يقول: مذهبي في الْأصُول مذهب أحْمَد بن حنبل وأبي زرعة. قال ابن مَرْدَوَيه: هو ثقة مأمون، صاحب أصول. تُوُفْي يوم الْأثنين في شوال. وقال أَبُو نُعَيْم: محدّث كبير ثقة، صاحب "أصول"، سمع ما لا يحصى كثرة، وتوفي عن ستٍ وتسعين سنة. قلت: وكان الصّاحب إسماعيل بن عباد يحترمه، وكان خازن كُتُب الصاحب، وقد خَرَّجْتُ من مُعْجَمه أربعين حديثًا عن أربعين شيخًا، فِي أربعين مدينة، سميتها "أربعين البلدان" لأبي بكر بن المقرئ، وسمعناها. وعند أبي سعيد المدائني حديثه في غاية العُلُو. مات في شوّال. 31- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بن عبده بن سليط السليطي، أبو جعفر النيسابوري. عن: أبي بكر الإسفراييني، والشرفي، ومكّي بن عَبْدان، وطبقتهم. وعنه: الحاكم، وانتقى عليه، وَأَبُو يَعْلَى الصّابوني، والكَنْجَرُوذِي وجماعة. وحدث أيضا بمكّة والعراق.

32- محمد بن حسين بن شنظير، أَبُو عبد اللَّه الْأموي الطُلَيطليّ1، والد المحدث أبي إسحاق إبراهيم، كان فقيهًا عارفًا بمذهب مالك. روى عن: وهْب بن مسرّة، ومحمد بن عبد اللَّه بن عيشون، وأبي بكر بن رستم. تُوُفْي في المحرّم، وكان ابنه غائبًا في الرحلة، وُلد سنة خمس عشرة وثلاثمائة. 33- محمد بن خثيم بن ثاقب، أَبُو بكر البخاري الصفار. حدث بصحيح البخاري عن القَزْوِيني، تُوُفْي بسَمَرْقَنْد في ربيع الْأوّل. 34- محمد بن سعيد بن قرط، أبو عبد الله بن الصّابوني القُرْطُبي2. سمع من: محمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بن أصبغ، والحسن بن سعد، ورحل فسمع من ابن الْأعرابي، وطائفة. وكان رفيق ابن السليم في رحلته، فلما وُلِّي ابن السليم القضاءَ استعمله على نظر الْأوقاف، ثم عزله، وظهرت عليه أمور، ذهب فيها ماله كلّه، وبقي فقيرًا. وقد حدّث بيسير في ربيع الْأوّل. 35- محمد بن عبد اللَّه، أَبُو الحسن النَّحْوِي الورّاق، زوج بنت أبي سعيد السِّيرافي3. له "شرح مختصر الجرمي" في النَّحْو، وغير ذلك. 36- محمد بن عبد اللَّه بن عمرو، أَبُو جعفر الهَرَوِي الفقيه صاحب التفسير. 37- محمد بن علي بن الحسن بن سُوَيْد، أَبُو بكر البغدادي المكتب4. روى عن: محمد بن محمد الباغندي، وأبي القاسم البَغَوِي، وأبي عَرُوبَة، وطائفة كثيرة، وسافر الكثير.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 477". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 93". 3 بغية الوعاة "1/ 129". 4 تاريخ بغداد "3/ 88".

روى عنه: أَبُو بكر البَرْقَاني، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، وعلي بن المحسّن التنوخي، ووثّقه البَرْقَاني. وقال الْأزهري: صَدُوق، تكلَّموا فيه بسبب روايته عن أحْمَد بن سهل الْأشْناني كتاب قراءة عاصم. تُوُفِّي في رمضان. 38- "محمد بن القاسم"1 بن أحْمَد فاذشاه، أَبُو عبد اللَّه الْإصبهاني الشافعي المتكلّم الْأشعري، المعروف بالنَّتيف. ذكره أَبُو نُعَيْم فقال: كثير المصنّفات في الْأصُول والفِقْه والأحكام، ورجل إلى البصْرة، وروى عن محمد بن سليمان المالكي، وعلي بن إسحاق المادَرَائي، وأبي علي اللؤلؤي، وتُوُفِّي في شهر ربيع الْأوّل. قلت: ولعلّه أخذ بالبصْرة عن أبي الحسن الْأشعريّ، فإنّه أدركه. قال أَبُو نُعَيْم: كان ينتحل مذهب الْأشعريّ. 39- محمد بن موسى بن مصباح بن عيسى، أَبُو بكر القُرْطُبي المؤذّن2. سمع: أحْمَد بن خالد، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وجماعة، فسمع من الْأعْرابي، والمصريّين، وكان مُتَهَجِّدًا بَكَّاء. 40- محمد بن يَبْقَى بن زَرْب بن يزيد، أَبُو بكر القُرْطُبي الفقيه المالكي3. سمع: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد الله بن أبي دليم، وجماعة، وتفقّه عند اللؤلؤي وغيره. وكان أحفظ أهل زمانه لمذهب مالك. كان القاضي أَبُو بكر محمد بن السليم يقول له: لو رآك ابن القاسم لعجب منك. ولما تُوُفِّي ابن السليم وُلّي ابن يَبْقَى على قضاء الجماعة في سنة سبع وستين، وإلى أن مات، وإليه كانت الصلاة والخطابة.

_ 1 في الأصل "محمد بن أبي القاسم". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 95". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 95"، وسير أعلام النبلاء "16/ 411"، وشذرات الذهب "3/ 101".

وصنّف كتاب "الخصال في مذهب مالك" عارض به كتاب "الخصال" لابن كاديس الحنفي، فجاء في غاية الإتقان، وله كتاب "الرّدّ على ابن مسرة". وكان الحاجب ابن أبي عامر يُعظّمه ويُجْلِسه معه، ولما تُوُفِّي أظهر ابن أبي عامر لموته غمًّا شديدًا. تُوُفِّي في رمضان، وكان مع فقْهه بصيرًا بالعربية والحساب، مشكور السيرة، رئيسًا، كثير المحاسن. 41- محمد بن يوسف بن محمد1 بن "دُوست"2 العلاف، أَبُو بكر البغدادي. سمع: أبا القاسم البَغَوي، وعبد الملك بن أحْمَد الدقّاق. وعنه: أَبُو محمد الخلال، وَأَبُو الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله. وقال أحمد بن محمد العتيقي: هو صالح ثقة. قلت: وتم بمجلس يرويه أَبُو اليُمن الكِنْدِي هو لأبي علي عبد اللَّه، ولد هذا، لا لَهُ. 42- مظفر بن الحسن بن المهنَّد، أَبُو الحسن السِّلْماسي. روى عن: أحْمَد بن جوصا، وأبي بكر بن زياد النيسابُوري. روى: عنه ابنه مهنِّد، وَأَبُو العباس النشري، وأحمد بن جرير السّلماسي. 43- مُعَاذ بن محمد بن يعقوب، أَبُو القاسم الزَّاهد. تُوُفِّي في جُمادى الآخرة. 44- منير الصِّقْلَبيّ الخادم3. غلام الوزير يعقوب بن كِلّس، وُلِّي إمرةَ دمشق، فقدِمها من مصر سنة ثمانٍ وسبعين، فلما كان في هذا العام أحد وثمانين، قدِم بزال من طرابلس في رمضان،

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 409"، والعبر "3/ 19". 2 في الأصل "ذويب". 3 ذيل تاريخ دمشق "40"، واتعاظ الحنفا "1/ 269".

فانهزم منير وطلب الجبال، وقصد جُوسِية، ثم حلب، فأسره رجل من العرب، وأتى به دمشقَ، وقد قدمها "منجوتكين"1 التركي نائبًا، فأركب منيرًا على جمل وطافوا به في البلد، وقُرِن معه قِرْد، ثم أُرسِل إلى مصر، "فعفا"2 عنه العزيز العبيدي. "حرف الهاء": 45- هارون بن عتاب بن بشر، أبو أيوب الشذوني الغافقي الْأندلسي3. رحل إلى المشرق، وسمع من أبي بكر الْأنماطي، والصّنجي وأبي محمد الطُّوسي، وبمصر من القيسي. قال النفزي: ما كان بالأندلس أفضل منه، وكان مالكّي المذهب. 46- يعقوب بن موسى، أَبُو الحسين الْأردَبِيلي4. سكن بغداد، وحدث بسؤالات البرذعي، عن أبي زُرْعَة، عن أحْمَد بن طاهر النَّجم عن البَرْذَعي. روى عنه: الدَّارَقُطْنيّ مع "تقدمه"5، وَأَبُو بكر البرقاني، ووثقه، وكان فقيهًا شافعيًا. وفيات سنة اثنتين ومائتين وثلاثمائة: "حرف الألف": 47- أحْمَد بن أبان بن سيد، أبو القاسم الْأندلسي اللُّغَوي6، صاحب شَرِطَة قُرْطُبَة، وكان مُقَدَّمًا في علم اللغة، بارعًا، سريع الكتابة.

_ 1 في الأصل "يجوكتين" وهو تصحيف. 2 في الأصل "فعفى". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 169". 4 تاريخ بغداد "14/ 295". 5 في الأصل "تقد". 6 الصلة لابن بشكوال "1/ 8".

صنّف كتاب "العالم في اللغة" مائة مجلّدة على الْأجناس، وتُوُفِّي في هذا العام. روى عن: أبي علي القالي كتاب "النوادر": وروى عن سعيد بن عامر الْأشبيلي كتاب "الكامل" أخذ عنه أَبُو القاسم الْأقليلي وغيره. 48- أحْمَد بن بندار بن محمد بن عبد اللَّه بن مهران أَبُو زُرْعَة العبسي الْأسْتَرَاباذي الفقيه، قاضي أسْتَرَاباذ. كتب بأَرْدَبيل عن حفص بن عمر بن زبلة الحافظ، ودرس الفقه ببغداد على أبي علي بن أبي هريرة، فيما يقال. 49- أحْمَد بن عبيد اللَّه بن علي، أخو القائم محمد بن المهديّ1. مات في القعدة بمصر، وصلى عليه ابن ابن ابن أخيه العزيز صاحب مصر. ورّخه القفْطي، وله أربعة إخْوَة ماتوا قبله بمدّة. 50- أحْمَد بن عُتبة بن مكين، أَبُو العباس الدمشقي الجوبري المُطَرِّز الْأطروش2. روى عن: عبد اللَّه بن عتاب بن الزفتي، ومُحَمَّد بْن خُرَيْم، وسعيد بْن عَبْد العزيز، وأبي الجهم بن طِلاب، وخلقٍ سواهم. وعنه: عبد الوهاب بن الحبّان، وعلي بن السَّمْسار، وجماعة. قال الكتّانيّ: كان ثقة نبيلا. 51- أحْمَد بن علي بن عمر، أَبُو الحسين البغدادي المشطاحي3. روى عن: طبقة البَغَوي. وعنه: أبو طاهر بن سعدون المَوْصِلي، وكان ثقة. 52- أحمد بن محمد بن رجاء القاضي، "أبو حامد"4 السرخسي. توفي في شوال.

_ 1 اتعاظ الحنفا "1/ 99، 237". 2 التهذيب "1/ 389". 3 تاريخ بغداد "4/ 316". 4 في الأصل "وحامد".

53- أحْمَد بن ثابت، أَبُو العباس الشيرازي الحافظ. حدّث بدمشق عن القاسم بن القاسم السَّيّاري، وعبد الله بن جعفر بن فارس الإصبهاني، والحسين بن عبد الرحمن الرَّامَهُرْمُزِي، وجماعة. وعنه: أَبُو نصر الإسماعيلي، وَأَبُو عبد اللَّه الحاكم، وتمّام الرّازي. قال الحاكم: جمع من الحديث ما لم يجمعه أحد، وصار له القَبُول بشيراز، بحيث يضرب "به"1 المثل. وقال الدَّارَقُطْنيّ: أحْمَد بن منصور الشيرازي، أدخل بمصر، وأنا بها، أحاديث على جماعة من الشيوخ. قلت: ذكر يحيى بن مَنْده ما يدلّ على أنّ الذي دخل مصر، وأدخل على شيوخها رجل آخر، اسمه: أحْمَد بن منصور. وقال: كانا أخَوَيْن، والغَلَطُ في اسمه. وعنه أبي العبّاس صاحب الترجمة، قال: كتبت عن الغزالي ثلاثمائة ألف حديث. وقال الحسين بن أحْمَد الصّفار الشيرازي: لما مات أحْمَد بن منصور الحافظ، جاء إلى أبي رجلٌ فقال: رأيته في النّوم، وهو في المحراب واقف، في جامع شيراز، وعليه حلَّة، وعلى رأسه تاج مكلَّل بالجوهر، فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي وأكرمني، وأدخلني الجنة، فقلت: بماذا؟ قال: بكثرة صلاتي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. "حرف الحاء": 54- الحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن سعيد، أبو أحْمَد العسكري الْإمَام الْأديب2. سمع من: عبدان الْأهوازي، وأحمد بن يحيى بن زُهَير التُسْتَرِي، وأبي القاسم عبد اللَّه البَغَوي، وأبي بكر بن أبي داود، وأبي بكر بن دريد، وإبراهيم بن عرفة نفطويه، ومحمد بن جرير الطّبري، والعبّاس بن أبي الوليد بن شجاع الأصبهاني، وجماعة.

_ 1 سقطت من الأصل. 2 المنتظم "7/ 191"، والبداية والنهاية "11/ 312"، والعبر "3/ 20".

روى عنه: أَبُو بكر أحْمَد بن جعفر اليزدي الْإصبهاني، وَأَبُو الحسن علي بن أحْمَد النُعَيْمي، وأبو سعد الماليني، وَأَبُو الحسين محمد بن الحسن الْأهوازي، وَأَبُو بكر محمد بن أحْمَد الوادعي، وعبد الواحد بن أحْمَد البَاطِرْقَاني، وأحمد بن محمد بن زَنْجَوَيْه، ومحمد بن منصور بن حيكان التُسْتَري، وعلي بن عمر الايذحي، وَأَبُو سعيد الحسن بن علي بن بحر التُسْتَري السَّقَطي، وآخرون. وقال فيه السِّلَفي: كان من الْأئمّة المذكورين بالتصرّف في أنواع العلوم، والتبحّر في فنون الفهوم، ومن المشهورين بجودة التأليف، وحُسْن التصنيف، ومن جملة تصانيفه الحِكَم والأمثال، وكتاب التصحيف وكتاب الْأرواح وكتاب الزّواجر والمواعظ، وبقي حتى "علا"1 به السّنّ، واشتهر في الْأفاق، انتهت إليه رئاسة التحديث والإملاء للأداب، والتدريس بقطر خُوزِسْتان، وكان يُمْلي بالعسكر وتُسُتَر ومدنٍ ناحيته. قلت: أخبرنا بنسبه أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْخَلّالِ، أَنَا جَعْفَرٌ، أَنَا السفلي، أنا أَبُو الحسين بن الطُّيُوري، أنا أَبُو سعيد الحسن بن علي السَّقَطي بالبصرة، ثنا أَبُو أحْمَد الْحَسَن بْن عبد اللَّه بن سعيد بن إسماعيل بن زيد بن حكيم العسكري إملاء سنة ثمانين وثلاثمائة بتستر. قال السفلي: فذكر مجالس من أماليه هي عندي، ولما تُوُفِّي أَبُو أحْمَد رثاه الصّاحب إسماعيل بن عَبّاد، وأنشده: قالوا مَضَى الشيخُ أَبُو أحْمَد ... وقد رَثوه بضُرُوب النُّدبْ فقلت ماذا فَقْدُ شيخٍ مَضَى ... لكنّه فَقْد فُنُون الْأدَبْ ووفاته بخطّ أبي حكيم أحْمَد بْن إسماعيل بْن فَضْلان العسكريّ اللُّغَوي في يوم الجمعة، لسبعٍ خَلَوْن من ذي الحجّة سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. "حرف السين": 55- سليمان بن عبد الرحمن بن سليمان بن معاوية، أَبُو أيوب الْجُمَحي القُرْطُبِي2 المؤذّن، المعروف بابن العجل.

_ 1 في الأصل "علي". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 189".

روى عن: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عيسى بن رفاعة، ومحمد بن معاوية. كتبت عنه غير واحد. تُوُفِّي سنة اثنتين أو ثلاث وثمانين. "حرف العين": 56- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب، أَبُو القاسم النَّسَائي الفقيه الشافعي1. حدث ببغداد سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، فسمع منه أحْمَد بن جعفر الختلي، وَأَبُو القاسم عبد اللَّه بن الثلاج، وكان قد سمع من "الحسن"2 بن سفيان مُسْنَدَه، وبه ختم الرواية عن الحسن، وسمع مُسْنَد ابن رَاهَوَيْه من عبد اللَّه بن شيرويه عنه، وسمع بالعراق من محمد بن محمد الباغَنْدِي وطبقته. روى عنه: الحاكم وغيره. وقال الخطيب: قال الحاكم: توفي في شوال سنة اثنتين وثمانين بِنَسَا. وعندي في تاريخ الحاكم أنّه تُوُفّي سنة أربع وثمانين، واللَّه أعلم. قال: وكان شيخ العدالة والعلم بِنَسَا، وعاش نيّفًا وتسعين سنة. فيه: ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن شيرويه المذكور3 في سنة ثمانين ختم حديث الحسن بن سفيان. 57- عَبْد اللَّه بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن علي بن بيان، أَبُو محمد الصّفّار4. بغداديّ ثقة. سمع: إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، ومحمد بن نوح الْجُنْدَيْسَابُورِي، والمَحَامِلي، وجماعة. وعنه: أحْمَد بن محمد العتيقي، والحسن بن محمد الخلال، وأبو القاسم التنوخي.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 394"، وسير أعلام النبلاء "16/ 412"، والعبر "3/ 20". 2 في الأصل "الحسين" وهو تحريف. 3 في الأصل "بل فسا المذكور". 4 تاريخ بغداد "10/ 40"، والمنتظم "7/ 170".

58- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الوهاب بن نصير بن عبد الوهاب بن عطاء بن واصل، أَبُو سعيد القُرَشي الرّازي1. حجّ وسافر إلى مصر والشام وجاور وأقام بنيسابُور مدّة، فصحِبَ الزّاهد أبا علي الثقفي، وحدّث عن محمد بن أيّوب الرازي بن الضُّرَيْس، ويوسف بن عاصم. وخرج في آخر عمره إلى مَرْو، ثم إلى بُخارى فتُوُفّي بها في هذه السنة. وله أربع وتسعون سنة. ترجمة الحاكم، وروى عنه هو، ومحمد بن الحسن الكَنْجَرُوذِي، وَأَبُو يَعْلَى إسحاق بن عبد الرحمن الصّابوني، ومحمد بن عبد العزيز المَرْوَزي. وقد سمع بدمشق من ابن جوصا، وببغداد من ابن صاعد، قال الحاكم: ولم يزل كالرَّيْحَانة عند مشايخ التصوّف ببلدنا. قلت: هو آخر من روى في الدنيا عن ابن الضُّرَيْس، وقع لنا حديثه بعُلُوٍ، ورواياته مستقيمة، ولم أر أحدًا ضعَّفه، لكن يكون سماعه عن ابن الضُّرَيْس وهو ابن خمس سنين، على ما ضبطه الحاكم، من سنة انتهى إليه عِلْم الْأسناد في وقته بخُراسان. 59- عبد الصمد بن محمد بن إبراهيم، أَبُو حاتم المقرئ، خطيب مدينة أسْتَرَاباذ ومقرئها. روى عن: أبي نُعَيْم بن عَدِيّ، والحسن بن حَمّوَيْه. وعنه: أَبُو سعيد الإدريسي. 60- عبد الواحد بن أحْمَد بن القاسم، أَبُو بكر الزُّهْري النيسابُوري الواعظ المتكلّم، ويعرف بابن أبي الفضْل. سمع: أبا حامد بن بلال، وأبا بكر القطّان، والمحبوبي، وطائفة. قال الحاكم: سمع معنا الكثير، وكان يصوم الدَّهر، ويختم القرآن في يومين. تُوُفِّي في ربيع الْأوّل بنيسابُور، رحمه اللَّه تَعَالَى. 61- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بن شاه الشيرازي الصوفي، أبو الحسن، نزيل نيسابور.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 427"، والنجوم الزاهرة "4/ 163"، والعبر "3/ 21".

حدّث عن إبراهيم بن عبد الصّمد الهاشمي، وأبي رَوْق الهزّان، وطبقتهما. وصحب الزُّهَّاد زمانًا، وحدّث بعد الثمانين، ولا أعلم متى مات. 62- عمر بن أحْمَد بن هارون، أَبُو1 حفص الْأجرّي البغدادي المقرئ2. سمع: أبا عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبا بكر بن زياد النيسابُوري، وإسماعيل الوراق وغيرهم. وعنه: أَبُو محمد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وجماعة. قال الخطيب الحافظ: كان ثقة صالحًا دَيِّنًا. 63- علي بن مكّي بن علي بن حسين، أَبُو الحسن الهَمَذَانِي الحلاوي. روى عن: عبد الرحمن الجلاب، وأبي جعفر بن عُبَيْد، ومحمد بن خيران. رحل إلى بغداد فأدرك الخلدي، وأبا سهل بن زياد، وكان حافظًا فَهْمًا، تُوُفِّي في ذي القعدة. روى عَنْهُ: محمد بْن عيسى، وحَمْد بْن سهل المؤدّب، وعبد اللَّه بن محمد الحواري، وأحمد بن المأمون، وجماعة. "حرف الميم": 64- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عمر بن خير، أَبُو عبد اللَّه القَيْسِي القُرْطُبِي البزّاز3. سمع: أحْمَد بن خالد الحُبَاب، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وعبد الله بن يونس، وجماعة، وحج سنة اثنتين وثلاثين، فسمع من ابن الْأعْرَابي، وعبد الملك بن بحر الجلاب، ومحمد بن الصَّمُوت، ثم رحل ثانيا. وكان صدوقًا إن شاء اللَّه ضابطًا، وقد اتُّهم بمذهب ابن "مَسَرَّة"4، ولم يصحّ عنه.

_ 1 في الأصل "و". 2 تاريخ بغداد "11/ 264"، والمنتظم "7/ 170". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 96". 4 في الأصل "ميسرة" وهو تحريف.

توفي في المحرم، وقل من كتب عنه. 65- محمد بن العبّاس بن محمد بن زكريّا بن يحيى، أَبُو عمر بن حَيَّوَيْهِ الخَزّاز1، من كبار محدّثي بغداد. سمع: محمد بن الباغندي، ومحمد بن خلف بن المرزبان، وعبد اللَّه بن إسحاق المدائني، وأبا القاسم التنوخي البَغَوِي، وخَلْقًا يطول ذكرهم. وعنه: أَبُو بكر البرقاني، أبو الفتح بن أبي الفوارس والعتيقي، والخلال، وعلي بن المحسن التنوخي، وأبو محمد الجوهري، وآخرون. قال الخطيب: كان ثقة، كتب طول عمره، روى المصنفات الكبار، ومولده سنة خمس وتسعين ومائتين، حدثني أبو القاسم الأزهري قال، كان ابن حَيَّوَيْهِ مُكْثِرًا، وكان فيه تسامُح، وربما أراد أن يقرأ شيئًا، ولا يكون أصله قريبًا منه "فيقرأه"2 من كتاب الحسن بن الرّزّاز، لثقته بذلك الكتاب، وكان مع ذلك ثقة. قال: وسألت البَرْقاني عنه، فقال: ثبت حُجَّةٌ. وقال العتيقي: تُوُفِّي في ربيع الآخر. 66- مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم بْن أحْمَد بْن إسحاق، أبو بكر الأزدي الكاتب3، بغدادي ثقة. سمع: البغَوي، وابن صاعد. روى عنه: ابنه علي، وَأَبُو محمد الخلال التنُوخي. 67- محمد بن علي بن محمد بن شنبويه الْإصبهاني، أَبُو بكر الغزال الكَوْسَج4. سمع: علي بن محمد بن مَهْرَوَيْه القِزْوِيني. روى عنه: أَبُو نُعَيْم. 68- محمد بن الفضل بن علي، َأَبُو الحسن الحربي الناقد5. سمع: أبا القاسم البغوي، وابن صاعد.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 409"، والمنتظم "7/ 170"، وتاريخ بغداد "3/ 121"، والبداية والنهاية "11/ 311"، والعبر "3/ 21". 2 في الأصل "فيقرأوه". 3 تاريخ بغداد "2/ 365"، والمنتظم "7/ 171". 4 ذكر أخبار أصبهان "2/ 300". 5 تاريخ بغداد "3/ 157".

روى عنه: أبو القاسم عُبَيْد الله الأزهريّ ووثَّقه. 69- محمد بن محمد بن سمعان، أَبُو منصور الحيري النيسابُوري المذكّر1، نزيل هَرَاة. وسمع: أبا العباس السراج، ومحمد بن المسيب الأرغياني، ومحمد بن أحْمَد بن عبد الجبّار الفَسَوي الريَّاني، وغيرهم. روى عنه: الحاكم، وَأَبُو يعقوب القرّاب، وجماعة آخرهم موتًا أَبُو عمر عبد الواحد المليحي. أقام بَهَراة أربعين سنة، وتُوُفِّي في رجب من السنة. 70- محمد بن يوسف بن يعقوب2 "الرقّي"3. تُوُفِّي فيها. وقد ذُكر في المُتَوَفّين قريبًا. وَفَيَات سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة: "حرف الألف": 71- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد العلامة البغولني النيسابُوري الحنفي الزاهد4، شيخ أهل الرأي في عصره وزاهدهم. أفتى ودرَّس نحوًا من ستين سنة، وكتب الحديث بنيسابُور والعراق وبَلْخ وتِرْمِذ، وحدّث. ترجمه الحاكم وقال: مات في رمضان واجتمع الخَلْقُ الكثير لجنازته. 72- أحْمَد بن إبراهيم بن الحسن5 بن محمد بن شاذان بن حرب بن مهران، أَبُو بكر البغدادي البزّاز.

_ 1 العبر "3/ 21"، وشذرات الذهب "3/ 104". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 473"، وتاريخ بغداد "3/ 409". 3 في الأصل "البرقي". 4 الأنساب "2/ 253"، واللباب "1/ 164". 5 البداية والنهاية "11/ 312"، والنجوم الزاهرة "4/ 164"، والعبر "3/ 22".

سمع: "أبا"1 القاسم البَغَوي، والحسين بن محمد بن عفير، وأحمد بن محمد بن المغلّس، ويحيى بن صاعد، وأبا بكر بن دُرَيْد، وطائفة بالعراق ومصر والشام، فسمع بدمشق أحْمَد بن سليمان بن زبّان الكِنْدي. روى عنه: رفيقه الدَّارَقُطْنيّ، وابناه أَبُو علي الحسن، وعبد اللَّه ابنا أبي بكر، والحسن بن محمد الخلال، وأبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري، وخلق سواهم. وكان يتَّجِر في البَزّ إلى مصر. قال الخطيب: كان ثقة ثَبْتًا، كثير الحديث. وُلِد في شهر ربيع الْأوّل سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين وأول سماعه سنة ثلاث وثلاثمائة. قال أَبُو ذر الهَرَوي ما رأيت ببغداد في الثقة مثل القوّاس، وبعده أَبُو بكر بن شاذان، فقال لأبي ذَرّ ورّاقه: ولا الدَّارَقُطْنيّ إمامه. وقال عُبَيْد اللَّه الْأزهري: وسمعت أبا بكر بن شاذان يقول: جاءني بجُزْءٍ فيه سماعي من محمد بن محمد الباغَنْدِي سنة تسع أو عشر وثلاثمائة، ولم يكن لي منه نسخة فلم أحدّث به. تُوُفِّي في شوال. قال الْأزهري: كان ابن شاذان ثبتًا حُجّة. 73- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن كنانة، أَبُو عمران بن العَنَّان اللَّخْمي القُرْطُبي2. سمع: من أحمد بن خالد الحُبَاب، وابن أَيْمن، ومحمد بن قاسم، وحجّ، فسمع من ابن الْأعْرابي، وأحمد بن مسعود الزُّبَيْرِي. سمع الناس منه كثيرًا، وحدّث عنه محمد بن السليم القاضي في حياته. قال ابن الفَرَضيّ: كان ثقة، خيارًا، وضابطًا لما كتب، جيّد التقييد، وكان من أوثق من كتبنا عنه، قال لي: وُلِدْت سنة تسعٍ وتسعين ومائتين، وتُوُفِّي وأنا بالمَشْرق. 74- أحْمَد بن جعفر بن الحسن البلديّ الواعظ. قدم دمشق، وحدّث بها عن أبي يَعْلَى المَوْصِلي، ومحمد بن صالح بن ذَرِيح العُكْبرِي، وغيرهما. وعنه: تمام الرازي، وأبو نصر بن الحبان، ومكي بن الغمر.

_ 1 في الأصل "سمع القاسم البغوي". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 56".

قال ابن الْأكْفاني: تُوُفِّي سنة ثلاثٍ وثمانين. قلت: لعلّها: وستّين، فتصحَّفَتْ. 75- أحْمَد بن عمر بن الرُّوَيْح1. سمع أبا القاسم البَغَوِي، وابن صاعد. وعنه: أَبُو طاهر بن عبد الرحيم الكاتب، وأحمد بن محمد العتيقي، ولَيَّنَه. 76- أحْمَد بن عمر بن يزيد، أبو العباس الدوغي الوكيل، من شيوخ هَمَدَان. روى عن: جدّه محمد بن يَنَال، وعبد الرحمن بن أحْمَد بن عبّاد، ومحمد بن عبد اللَّه بلبل، وإبراهيم بن محمد بن يعقوب، والحسن بن نصر الطُوسي، وجماعة. وروى عنه: عبد الرحمن بن الليث، ومحمد بن عيسى، وعلي بن أحْمَد بن عطيّة، ويحيى بن علي أَبُو طالب العسكري، وَأَبُو سعد يحيى بن أحْمَد الرازي، وكان حافظًا لجنس هذا الشأن. تُوُفِّي في ثامن المحرَّم. 77- أحْمَد بن محمد عبد اللَّه، أبو عمرو الزودي الخراساني الْأديب، من شيوخ الحاكم. 78- أحْمَد بن محمد بن إبراهيم، أَبُو سعيد النيسابُوري الْجُوري المزكِّي الفقيه2. تُوُفِّي عن نيّف وتسعين سنة. سمع: إبراهيم بن محمد بن شيبان الفقيه، وأبا العباس السّرّاج، وأبا بكر بن خُزَيْمَة، وعبد الرحمن، بن الحسين وأبا نُعيْم بن عدِيّ، وابن شنبوذ المقرئ ومكّي بن عبْدان. وقد درّس وأفتى زمانًا على مذهب أبي حنيفة. روى عنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور، وجماعة. وكان يُقال له الجوري. تُوُفِي في رمضان، وآخر من حدّث عنه أَبُو سعد الكَنْجَرُوذي. 79- أحْمَد بن محمد بن حمّوَيْه، أَبُو الوفاء النيسابُوري المزكِّي، وكان أبوه من كبار فقهاء نيسابور، وهو من كبار الشهود.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 292". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 430"، وتبصير المنتبه "1/ 370".

سمع: إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه، والعبّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمَة. وحدّث في آخر عمره، وتُوُفِّي في ربيع الآخر، وله ثلاث وتسعون سنة. روى عنه: الحاكم، وغيره. 80- أحْمَد بن محمد بن إسحاق، أَبُو عليّ النيسابُوري. حدَّث ببغداد عن أَبِي حامد بن الصُّوفي، ومكّي بن عبْدان. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر محمد بْن عَبْد الملك بن بِشران، وَأَبُو القاسم التنوخي. وكان من فقهاء الحنفية وثقاتهم. 81- إسحاق بن "حمشاد"1، أَبُو يعقوب النيسابُوري، الزَّاهد الواعظ، شيخ الكراميّة ورأسهم بنيسابُور. قال الحاكم أَبُو عبد اللَّه: يُقال: إنّه أسلم على يديه أكثر من خمسة آلاف نفس، وكان من العُبَّاد المجتهدين. قال: ولم أر جمعًا مثل جمع جنازته، ما أظن أنّه تخلّف عنه أحد، واطنب الحاكم في وصفه، مما يدلّ على أنّه من الكراميّة، كما عظَّم في تاريخه محمد بن كرّام. مات في رجب. "حرف التاء": 82- تمّام بن عبد اللَّه بن تمّام، أَبُو تمّام أَبُو غالب المغازي الطُّليْطِلي2. حجّ وسمع من ابن الْأعرابي، وجماعة، ومن أبي الحسن بن أبي عيّاش، حدّثه بغزّة عن الطهراني، عن عبد الرزاق. كتب عنه جماعة. "حرف الثاء": 83- ثقف الحبشي3. من كبار مشايخ الصُّوفية، سافر ولقي المشايخ، وصار خادم دُوَيْرة الرملة، وكان حسن التعهد للفقراء، ثم جاور بالحرم، وبه مات.

_ 1 في الأصل "محمشاد". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 98". 3 طبقات الأولياء "330".

"من كلامه"1: الحُرُّ من يُوجِب على نفسِه خدمة الْأحرار، والغنيّ من لا يرى لنفسه على أحد مِنّة، ولا يرى لنفسِه استغناء عن أحد. "حرف الجيم": 84- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن يعقوب الفنّاكي، أَبُو القاسم الرازي2. روى عن: محمد بن هارون الرُّويَاني مُسْنَدَه، وسمع عبد الرحمن بن أبي خلف حاتم، وجماعة. قال أَبُو يَعْلَى الخليلي: موصوف بالعدالة وحُسْن الديانة، وهو آخر من روى عن الرُّوياني، ثم ذكر وفاته في هذه السنة. روى عنه: أَبُو القاسم هبة اللَّه اللالكائي، وَأَبُو الْفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد الرّازيّ المقرئ. أخبرنا إسماعيل بن الفَرَّا، أنا عبد اللَّه بن أحْمَد الفقيه سنة ست عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، أَنَا محمد بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أنا أحْمَد بن علي الطُّرَيْثيثي، أنا هبة اللَّه بن الحسن الحافظ، ثنا جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن جعفر بْن عَبْد اللَّه بن يعقوب، ثنا محمد بن هارون الروياني، ثنا أَبُو كريب، ثنا يحيى، عن أبي بكر، عن الْأعمش، عن خَيْثَمة قال: مُرَّ على خالد بن الوليد بزِقّ خمر، فقال: أي شيء هذا؟ فقالوا: خلّ. فقال: جعله اللَّه خلا، فنظروا فإذا هو خلّ، وقد كان خمرًا. وهذا إسناد صحيح. 85- جعفر بن محمد بن علي، أَبُو محمد الطاهري البغدادي3، من ولد عبد اللَّه بن طاهر الْأمير. حدث عن: أبي القاسم البغوي، وابن صاعد. وعنه: أحْمَد بن محمد العتيقي العشاري. ووثَّقه الخطيب. وهو ابن محمد بن علي بن حسين بن إسماعيل بن إبراهيم بن مُصْعَب بن رزيق بن محمد بن عبد اللَّه بن طاهر.

_ 1 إضافة على الأصل للتوضيح. 2 العبر "3/ 23"، وسير أعلام النبلاء "16/ 430"، وشذرات الذهب "3/ 104". 3 تاريخ بغداد "7/ 233"، والمنتظم "7/ 173".

"حرف الحاء": 86- الحسن بن أحمد بن سعيد، أَبُو علي المالكي المؤذّن1. وُلِد سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وسمع ببغداد أحْمَد بْن الحَسَن بْن عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفي، وأبا عمر القاضي. وعنه: العتيقي، وَأَبُو القاسم التنوخي، وقال: ثقة. 87- حضرمي بْن أحْمَد بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حمزة الحضّرميّ البَتَلْهي أبو الحسين الدمشقي2. "حرف الزاي": 88- زياد بن محمد "بن زياد بن الهيثم، أَبُو العباس الْجَرْجاني. سمع"3: الداركي، ومحمد بن أحْمَد بن عمرو الْأبهري. وعنه: أَبُو بكر بن أبي علي، وأبو نعيم الحافظ. تُوُفّي في جمادى الأولى. "حرف السِّين": 89- سعيد بن القاضي بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إبراهيم الأصبهاني العسال، أبو محمد4. روى عن: محمد بن علي الجارود، وعلي بن رستم. وعنه: أبو نعيم. "حرف الصاد": 90- صَفْرُ بن عبد اللَّه، أَبُو عبد اللَّه الهمذاني الخفّاف. الرجل الصّالح. روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان الخلال، وأحمد بن عُبَيْد، وجماعة. روى عنه: محمد بن عيسى، ومحمد الزجاج، وغيرها.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 276". 2 المشتبه في أسماء الرجال "1/ 239". 3 ما بين القوسين سقط من الأصل واستدرك من ذكر أخبار أصبهان "1/ 320". 4 ذكر أخبار أصبهان "1/ 331".

"حرف الطاء": 91- طاهر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم البغداديّ، أَبُو عبد اللَّه الكاتب1. سمع: أبا حامد الحضْرمي، وأحمد بن القاسم الفرائضي، ومحمد بن عبد اللَّه المستعيني. وعنه: أَبُو عبد اللَّه الحاكم، وَأَبُو سعد الكَنْجَرُوذِي، وغيرهما. مات بنيسابُور. معدودٌ في فُقَهاء الشافعية. قال ابن الصّلاح: هو فيما أحسب، والد الأستاذ منصور بن عبد القاهر. "حرف الظاء": 92- ظَفَرُ بن إبراهيم بن ظَفَرُ، أَبُو القاسم البصري الزهيري. "حرف العين": 93- عبد الله بن عطية بن حبيب، أَبُو محمد المقرئ المفسر المعدِّل. دمشقي2. قرأ على أَبِي الحَسَن محمد بْن النَّضْر بْن الْأخرم، وجعفر بن أبي داود، وحدّث عن ابن جَوْصا، وعلي بن عبد اللَّه الحمصي، وأبي علي الحَضائري. روى عنه: أَبُو محمد بن أبي نصر، وطُرْفَة الحرستاني، وعبد الله بن سوار العنسي، وَأَبُو نصر بن الجبان. وكان إمام مسجد باب الجابية. قال عبد العزيز الكتّاني: تُوُفِّي في شوال. قال: وكان يحفظ، فيما يقال، خمسين ألف بيت من الشعر في الاستشهاد على معاني القرآن وغيره، وكان ثقة. ثنا عنه: علي بن الحسن الرَّبْعي، وغيرهما. 94- عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم، أَبُو محمد الْأندلسي القَلْعِي رحّال جوّال3.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 358"، والمنتظم "7/ 173". 2 معرفة القراء "1/ 271"، والنجوم الزاهرة "4/ 165"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1017". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 244"، والعبر "3/ 23"، وشذرات الذهب "3/ 104".

سمع: أبا القاسم علي بن أبي العقب، وجماعة بدمشق، وأبا بكر الشافعي، وأبا علي بن الصوّاف ببغداد، وإبراهيم بن علي الهُجَيْمي بالبصرة، وأبا جعفر بن دُحَيْم بالكوفة، وعبد اللَّه بن الورد بمصر، وذهب إلى ابن مَسَرَّة الْأندلسي. روى عَنْهُ: أَبُو الوليد بْن الفرضي، وكان شيخًا جليلا زاهدًا شجاعًا مجاهدًا، ولاه المستنصر باللَّه الحَكَم والقضاء، فاستعفاه، فأعفاه منه، وكان فقيهًا صلبًا فِي الحق، ورِعًا، وربّما كانوا يشبّهونه بسفيان الثَّوْرِي فِي زمانه، وكان ثقة مأمونًا، أخذ النّاس عَنْهُ الكثير، وبلغنا أَنَّهُ كَانَ يقف وحده للفئة من المشركين. تُوُفِّي بقلعة أيّوب فِي ربيع الآخر، وله ثلاث وستّون سنة. قَالَ ابن الفَرَضي: سَمِعْتُ منه علمًا كثيرًا وسمع منه شيوخنا: أحْمَد بْن عَوْن، وعبّاس بْن أصبغ، وابن مفرّج القاضي، ونفع اللَّه بِهِ عالمًا كثيرًا، وكانت الرَّحْلة إِلَيْهِ. 95- عَبْد السلام بْن الْحُسَيْن1. أَبُو غالب المأموني. شاعر محسن مُفْلِق، بغدادي، شريف جليل. مدح الصّاحب بْن عَبَّاد، ورؤساء نيسابور وبُخَارَى، وكان يسمو بهمّته إلى الخلافة. أخذ عَنْهُ الثَّعَالِبي وفخّمه وأرّخه. 96- عَبْد الصمد بْن أحْمَد بْن خنبش، أَبُو الفتح الخَوْلاني الحمصي2. سَمِعَ: خَيْثَمة بْن سُلَيْمَان، وعثمان بْن مُحَمَّد السمرقندي، وأَحْمَد بْن بهزاد السِّيرَافِي، وأَبَا سهل بْن زياد، ورحل إلى مصر والعراق، وحكى عَنْ أَبِي بَكْر الصَّنَوْبَرِي. كتب عَنْهُ: عَبْد الغني بْن سَعِيد، وحدَّث عَنْهُ أَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو مُحَمَّد الجوهري، وَأَبُو عَلِيّ بْن وشّاح الزَّيْنَبِي، وجماعة. وله شعر حَسَن. حدّث فِي شوال من هذه السنة. 97- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن زياد، أبو محمد الجرادي الكاتب3، بغدادي فاضل.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 501"، والكامل في التاريخ "9/ 101". 2 تاريخ بغداد "11/ 42"، اللباب "1/ 389". 3 تاريخ بغداد "10/ 370".

حدّث عَنْ: أَبِي القاسم البَغَوي، وأَبِي حامد الحَضْرَمِي، وأَبِي بَكْر بْن دُرَيْد. وعنه: هلال الطّيّبي المؤدّب، وَأَبُو القاسم التنوخي، ومحمد بْن عَلِيّ العشاري، وغيرهم. تُوُفِّي سنة ثلاث وقيل: سنة أربع وثمانين. 98- عَلِيّ بْن حسّان بْن القاسم، أَبُو الْحَسَن الجدلي الدِّمَمّي1، ودِمَمّا قرية دون الفرات. شيخ مُسِنّ. روى عَنْ مُحَمَّد بن عبد الله الحضرمي مطين. روى عنه: أَبُو خازم مُحَمَّد بْن الفرّاء، وَأَبُو القاسم علي بن المحسن، وأبو عبد الله الصيرمي، والقاضي أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق القُهُسْتاني شيخ أبي صادق مرشد. قَالَ أَبُو خازم بْن الفرّاء: تكلّموا فِيهِ. تُوُفِّي فِي آخر سنة ثلاثٍ وثمانين وثمانمائة. قلت: وقع لنا قطعة من مُسْنَد عَلِيّ بن مطين من طريقه. "حرف الميم": 99- مجاهد بْن أصبغ بْن حسّان بْن جرير، أَبُو الْحَسَن الْأندلسي البَجَّانِي2. سَمِعَ الواضحة "من"3 سَعِيد بْن فحلون، وتفسير يحيى بْن سلام من عَلِيّ المُرِّي، وكتب الناس عَنْهُ كثيرًا. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: قرأت عَلَيْهِ شيوخ غريب المُوَطَّأ لابن حبيب، وكتاب طبقات الفقهاء وكتاب فساد الزمان لَهُ، وكان شيخًا صالحًا طاهرًا. وقال: ولدت سنة خمس وثلاثمائة. 100- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْحَسَن بْن سَعِيد، أَبُو بَكْر الهاشمي الْجُرْجَاني الورّاق. سَمِعَ: أَبَا يعقوب البحري إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم، وعبد اللَّه بْن عدِيّ الحافظ بجُرْجان، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الصّفّار، ومُحَمَّد بْن يعقوب الْأصمّ بنيسابُور.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 422"، وسير أعلام النبلاء "16/ 474"، والعبر "3/ 23". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 151". 3 في الأصل "بن".

وعنه: أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم، وقَالَ: ما رَأَيْت ورَّاقًا أسرع يدًا "منه"1، ولا أصحّ خطًأ منه، لكنه تغيّر بآخره وخلّط. 101- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد، أبو عبد اللَّه الكيساني القِزْوِيني. سَمِعَ الكثير من عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم. 102- مُحَمَّد بْن حامد، أَبُو بَكْر الْبُخَارِيّ الحنفي، شيخ أهل الرأي وفقيههم ببُخَارَى وأعلمهم وأزْهدهم، وألزمهم لشمائل السَّلَف. روى عَنِ: الهيثم الشاشي، وعبد اللَّه الكلاباذي، وغيرهما. وعنه: الحاكم. أغلق البلد لموته ثلاثة أيّام. 103- مُحَمَّد بْن صالح بْن مُحَمَّد بْن سعْد بن نزار، أَبُو عَبْد اللَّه القحطاني الْأندلسي الفقيه المالكي2. سَمِعَ: بَكْر بْن حَمَّاد التاهَرْتي، وإسماعيل الصّفّار، وأَبَا سَعِيد بْن الْأعرابي وخَيْثَمة الْأطْرَابُلُسِي، وجماعة، ورحل إلى المشرق، وحجّ. روى عَنْهُ: الحاكم، وأبو القاسم بن حبيب المفسر، وَأَبُو سهل مُحَمَّد بْن نَصْرَوَيْه، والمَرْوَزِي. وتُوُفِّي ببُخَارَى فِي رجب. 104- مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَبُو بَكْر الخوارزمي الشاعر المشهور3، ويقال لَهُ الطَّبَرْخَزِي "لأن"4 أباه من خُوَارِزْمِ وأمه من طَبَرِسْتَان، فركبوا لَهُ من الْأسمين نسبةً. وقيل: إنه ابن أخت مُحَمَّد بْن جرير الطَّبَرِي، وكان مشارًا إِلَيْهِ فِي عصره. لَهُ ديوان شعر، وديوان رسائل. فمن شعره: قامت تودّعُني بالأدْمُع ... والصمت بين يد منها وبين فم

_ 1 في الأصل "مدا". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 89"، نفح الطيب "2/ 342، 352". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 526"، وشذرات الذهب "3/ 105"، ونفح الطيب "2/ 295". 4 في الأصل "لين".

البين أخرسها والبين أنطقها ... هذه حالةٌ فِي الناس كُلّهِمِ قد طال ما انهزمتْ عنّا السُيُوف فلا ... تُحاربينا بجيش الوَرْد والغنَمِ لم يبق فِي الْأرض لي شيءٌ أهاب لَهُ ... فهل أهاب انكسارَ الْجَفْن ذي السَّقَمِ أستغفرُ اللَّه من قولي غلطت بَلَى ... أهاب شمس المعالي مقصِد الْأممِ كَانَ لحظُك من سيف الْأمير ومن ... حتْم القضاء ومن عزْمي ومن كَلِمِي وهي قصيدة طويلة طنّانة، وقد تنقّل فِي البلاد، ومدح الملوك، وأقام بحلب مدة، ثم سكن نيسابور. وقال الحاكم في تاريخه: كان واحد عصره فِي حِفْظ اللُّغَة والشعر، وكان يذاكرني بالأسماء والكُنَى، حتى يُحَيّرني حِفْظُه، سَمِعَ من إِسْمَاعِيل الصّفّار وأقرانه. ومن شعره: بآمل موْلدي وبنو جَريرٍ ... فأخوالي ويحْكي المرءُ خالَه فغيري رافضيّ عَنْ تراثٍ ... وهأنا رافضيّ عَنْ كَلالَه وله: مَضَت الشَّبِيبَة والحبيبةُ فالتَقَى ... دَمْعَان فِي الْأحشاء يزدحمان ما أَنْصَفَتْني الحادثاتُ رَمَيْنَني ... بمُودّعَيْن وليس لي قَلْبان 105- مُحَمَّد ابن المحدث أَبِي عمرو عثمان بْن أحْمَد بْن السّمّاك، أَبُو الْحُسَيْن البغدادي1. سَمِعَ: أَبَا القاسم البَغَوي، وأَبَا بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وابْن صاعد، وجماعة. روى عَنْهُ: عُبَيْد اللَّه الْأزهري، ووثَّقه الخطيب. 106- مُحَمَّد بْن عدِيّ بْن عَلِيّ بْن عدِيّ بْن زهير، أَبُو بَكْر المنقري البصْري الَّذِي روى سؤالات عُبَيْد الْأجُرّي: أَنَا دَاوُد السَجَسْتاني عَنْ أَبِي عُبَيْد الْأجُرّي. روى عَنْهُ هذا الكتاب بالإجازة أَبُو الْحَسَن أحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي. وتوفي في ذي الحجة.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 49".

107- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن أدهم الْجَيَّاني، أَبُو عَبْد اللَّه1. سَمِعَ بقُرْطُبَة من قاسم بْن أصبغ، وبمكة من ابن الْأعرابي، وابْن الورد، وابْن جامع السُّكَّري. 108- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى، أَبُو بَكْر الْإصبهاني السمسار2. سَمِعَ بفَسَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مَعْدَان، عَنْ إِسْحَاق بْن راهويه. وعنه: أَبُو نُعَيْم. "حرف النون": 109- نصر بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن يعقوب بْن منصور بْن أَبِي نصر الطُّوسي العطّار الحافظ3. ولد في حدود سنة عشر وثلاثمائة، وسمع بنيسابُور أَبَا مُحَمَّد عَبْد بْن الشرفي، وأَبَا حامد بْن بلال، وأَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، واللَّيْث بْن مُحَمَّد المَرْوَزِي، ورحل إلى بغداد، فسمع أَبَا عَبْد اللَّه المحاملي، وابن مخلد، وطبقتهما، وبالكوفة أَبَا الْعَبَّاس بْن عقْدة، وبمكّة ابن الْأعْرابي، وبدمشق أَبَا عَلِيّ الحضايري، وابْن زبّان الكِنّدي، وبمصر مُحَمَّد بْن وردان العامري، وعمر بْن الربيع بْن سُلَيْمَان، وبالرملة الربيع بْن سلامة، وبحلب مُحَمَّد بْن زيد، وبمنبج أحْمَد بْن يوسف، وبحَرّان أَبَا عَلِيّ مُحَمَّد بْن سَعِيد الحافظ وخلقًا سواهم. روى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم، وَأَبُو عَبْد اللَّه السّلَمي، وَأَبُو سَعِيد مُحَمَّد بْن عَلِيّ النّقّاش، وَأَبُو نُعَيْم، وَأَبُو سعد الكَنْجَرُوذِي. قَالَ الحاكم: هُوَ أحد أركان الحديث بخُرَاسان، مَعَ ما يرجع إِلَيْهِ من الزُهْد والسخاء، والتعصب لأهل السُّنة، أول رحلته إلى مَرْو إلى اللَّيْث، ولم يخلف يوم مات بالطابَرَان أحسن حديث منه، وأمّا فِي علوم الصُّوفية وأخبارهم ولُقِي شيوخهم وكَثْرة مجالستهم، فإنه "تُوُفِّي"4 ولم يخلف بخُراسَان مثلَه فِي التقدم واللُّقي. قلت: صحِب الشِّبْليّ، وتُوُفِّي في المحرم، رحمه الله.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 97". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 301". 3 شذرات الذهب "3/ 106"، والنجوم الزاهرة "4/ 166". 4 مكرره في الأصل.

"حرف الياء": 110- يحيى بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسن، أَبُو عمرو المَخْلَدي النيسابُوري. كَانَ فقيهًا عابدًا إمامًا، من كبار الشافعية، كثير التلاوة. حدّث عَنْ: مؤمَّل بْن الْحَسَن الماسَرْجَسي، وابْن الشرفي، ومكّي بْن عَبْدان، ورحل إلى الشام مَعَ أبي بكر بن مهران، بعد الثلاثين وثلاثمائة، فسمعا منه معًا. وروى عَنْهُ الحاكم، وقَالَ: تُوُفِّي فِي ربيع الآخر. 111- يوسف بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان، أَبُو عُمَر الهمذاني الشذوني1. سَمِعَ من: محمد بن عبد الملك بن أيمن، وعَبْد اللَّه بْن يونس، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السلام، ومُحَمَّد بْن يحيى بْن لُبَابة، ورحل إلى الشرق، فأقام بها عشر سنين، وسمع من عثمان بْن مُحَمَّد السمرقندي، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، وخلق سواهم، وقدِم قُرْطبة بعلْم جمّ، وكان ثقةً خَيارًا. عاش ثمانين سنة. أخذ عَنْهُ2 ابن الفرضي وجماعة. وفيات سنة أربع وثمانين وثلاثمائة: "حرف الألف": 112- أحْمَد بْن الْحَسَن بْن القاسم، أَبُو بَكْر الهمذاني الفَلَكيّ الحاسب3. قَالَ حفيده الحافظ أَبُو الفضل عَلِيّ بْن الْحُسَيْن: كَانَ جدّي جامعًا لفنون. كَانَ عالمًا بالأدب والنَّحْو والعَروض، وسائر العلوم، ولا سيما علْم الحساب، ولقب الفَلَكيّ لهذا المعنى، حتى يقال: إنّه لم ينشأ فِي الشرق مثله، والغرب أعلم بالحساب منه. وكان هَيُوبًا، ذا حشمة ومنزلة.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 206". 2 في الأصل "حه". 3 معجم الأدباء "3/ 10"، بغية الوعاة "1/ 303".

سمع: علي بن سعد البزاز، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الْجُهَنِي، وأَبَا بَكْر بْن سهل الدينوري الحافظ. سمع منه: ابناه، وَأَبُو الصّقْر حسن، وحسين، وعَبْد اللَّه بْن أحْمَد الكَرْخِي. وتُوُفِّي فِي ذي القعدة، وله خمس وثمانون سنة. 113- أحْمَد بْن سهل بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو حامد الْأنْصَارِيّ النيسابُوري1. آخر من حدّث عَنْ مُحَمَّد بْن شادل، وأَبِي قريش مُحَمَّد بْن جمعة، وغيرهما. قَالَ الحاكم: وأصوله صحيحة، وكان من الْأدباء المذكورين، وأول سماعه سنة سبع وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة. روى عَنْهُ: الحاكم، وأبو سعيد الكَنْجَرُوذِي، وجماعة. 114- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن يَحْيَى بْن عَون، أَبُو بَكْر المعمري القصْري2. حدّث عن: أبي القاسم البغوي، وابن صاعد. وعنه: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وهو ثقة. 115- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن إسرائيل، أَبُو بَكْر الْبُخَارِيّ الْإسماعيلي، وجدّ القاضي مُحَمَّد، وهم بيت مشهور ببخارى. سَمِعَ: أبا نُعيم عَبْد الملك بْن عدِيّ، وأَبَا بَكْر أحْمَد بْن مُحَمَّد المُنْكَدِري. وتُوُفِّي فِي رمضان، عَنْ ثلاثٍ وثمانين سنة. 116- إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن غالب، أَبُو إِسْحَاق التمّار، مصريّ معروف. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن الربيع الجيزي، وجعفر بْن مُحَمَّد الطُّوسي، وأَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي. روى عَنْهُ: أَبُو عُمَر الطَّلَمَنْكِيّ، وابنه مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم. قَالَ الحبَّال: هو محدث جليل، توفي في رجب.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 245"، وسير أعلام النبلاء "16/ 445". 2 تاريخ بغداد "4/ 317".

117- إِبْرَاهِيم بْن هلال بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو إِسْحَاق الصّابي المشرِك الحرَّاني1، صاحب الرسائل الْأدبية المشهورة. كاتب ديوان الْأنشاء لعزّ الدولة بَخْتَيَار بْن مُعِزّ الدولة ملك العراق. كَانَ متشددًا فِي دينه، حرص عَلَيْهِ عزّ الدولة أن يُسْلِم، فلم يفعل، وكان يصوم رمضان، ويحفظ القرآن، ويستعمله فِي رسائله، وله النَّظْم الرائق. وُلّي ديوان الرسائل، سنة تسعٍ وأربعين، وكانت تصدر عَنْهُ مكاتبات إلى عَضُد الدولة بما تؤلمه: فلما تملّك سجنه، وعزم عَلَى قتله، فشفعوا فِيهِ فأطلقه فِي سنة إحدى وسبعين، وأمره أن يصنع لَهُ كتابًا فِي أخبار الدولة البُوَيْهِيَّة، فعمل كتاب الباجي، ولم يزل مبعدًا فِي أيامه. تُوُفِّي فِي شوال، وله إحدى وسبعون سنة. فمن شعره. قَالَ أَبُو القاسم بْن برهان: دخلت عَلَيْهِ، وقد لحقه وَجَعُ المفاصل، وقد أبلّ، والمجلس عنده حفلٌ، فأراد أن يريَهُم أَنَّهُ قادر عَلَى الكتابة، ففتح الدواة ليكتب، فتطاولوا للنظر إلى كتابته، فوضع القلم، وقال بديهًا: وَجَعُ المفاصلِ وهو أيْسَرُ ... ما لَقيِتُ من الْأذَى جعل الَّذِي استحسَنته ... والناس من خَطّي كَذَا والعمرُ مثل الكاس ير ... سب فِي أواخِرِه القَذَا ومن شعره: رأتني أُمَيِّز خَلْطَ الخِضَاب ... وأقسم أجزاءَه بالقضيبِ فقالت أَبِنْ لي ماذا تُريدُ ... بقسمة هذا السَّوَاد العجيبِ فقلتُ فَدَيْتُك ماء الشبابِ ... وعزْمي أُسخِّمُ وجهَ المَشِيبِ وكان ابنه المحسن بْن إِبْرَاهِيم من الرؤساء، مات عَلَى كفره أيضًا، وخلَّف ابنه هلال بن المحسّن الْأديب، فأسلم، وروى عَنْ أَبِي عَلِيّ الفارسيّ، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الجرّاح أدَبًا.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 986"، وشذرات الذهب "3/ 106"، والنجوم الزاهرة "4/ 167".

قال الخطيب1: كان صدوقًا، توفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. 118- إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو القاسم بْن الطّحّان القَيسِي الحافظ القُرْطُبي المالكي الفقيه2. غلب عَلَيْهِ الحديث، وله فِي المُدَوَّنَة أخبار معروفة. سَمِعَ: قاسم بْن أصبغ، والرُّعَيْنِي أحْمَد بن عبادة، ومحمد بن محمد عَبْد السلام الحسني، وأَحْمَد بْن دُحَيْم، وأَحْمَد بن مطرف، ومحمد بن معاوية. وألَّف تواليف حَسَنَة، وانتفع بِهِ أهل العلم، وعُمِّر دهرًا، وصنف فِي التاريخ. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: سَمِعْتُ منه، وانتفع بِهِ أهل الكورة، وكانت فُتَيَاه بما ظهر لَهُ من الحديث. تُوُفِّي فِي صفر، وشهده ألوف من المسلمين، وطاب الثناء عنه. "حرف الجيم": 119- جبريل بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن سندول، أَبُو القاسم الهمذاني الخِرَقيّ المعدِّل3. روى عَنْ: عبدوس بْن أحْمَد السّرّاج، وعَلِيّ بْن سعد البزّاز، وأَبِي القاسم البَغَوي، وأَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد بْن عامر السمرقندي، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن زياد الطّيالسي، وأَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن المطرّز الفقيه، وجماعة. روى عَنْهُ: جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْأبهري، ومُحَمَّد بْن عيسى، وعَبْد اللَّه بْن عَبْدان الفقيه. قَالَ شيرويه: ويدلّ حديثه عَلَى الصدق، وذكر وفاته فِي ذي القعدة من السنة. قلت: هذا أسند من كَانَ فِي زمانه بهمذان.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 76". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 67"، وسير أعلام النبلاء "16/ 502". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 503".

"حرف الصاد": 120- صالح بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن صالح بن عبد الله بن قيس بن الهذيل بن يزيد بن العباس بن الْأحنف بْن قيس، أَبُو الفضل التميمي الهمذاني الحافظ السّمسار، ويُعرف بابن الكوملاذي1. روى عَنْ: أبيه، وعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن سعد البزّاز، وأَحْمَد بْن الْحَسَن بْن عزَّون، والقاسم بن إِبْرَاهِيم، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بلبل، ومُحَمَّد بْن المرّار بْن حمّويه، وأَحْمَد بْن أوس والقاسم ابن أَبِي صالح، وعَبْد السلام بْن مُحَمَّد بْن عبديل، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مهروية القِزْويني، وجماعة. روى عَنْهُ: طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن ماهلة، وحمد بْن الزَّجَّاج، وأَحْمَد بْن زَنْجَوَيْه العمري، وطاهر بْن أحْمَد الْإمَام، وَأَبُو الفتح مُحَمَّد بْن أَبِي الفوارس الحافظ، وأَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن زنبيل النَّهَاوَنْدِي وآخرون. وقَالَ شِيرَوَيْه الدَّيْلَمي: كَانَ ركنا من أركان الحديث، ثقة صدوقًا حافظًا دينًا ورعًا، لا يخاف فِي اللَّه لومة لائم، وله مصنفات غزيرة، تُوُفِّي لثمان بقين من شعبان، ويُستَجاب الدعاء عند قبره، ومولده سنة ثلاث وثلاثمائة، وصلّى عَلَيْهِ ابن لال، فبَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نترك ثلث الذُنوب من خشية اللَّه، وثُلُثَيْها حَيَاء من هذا الشَّيْخ. أَخْبَرَنَا أحْمَد بْن عَبْد الكريم الواسطي، أَنَا نصر بْن جزو سنة ثلاث وعشرين وستمائة، أَنَا أَبُو طاهر بْن سلفة، سَمِعْتُ حَمْدُ بْن نصر الحافظ بهَمَذَان، سَمِعْتُ عَلِيّ بْن حُمَيْد الذُّهلي، سَمِعْتُ ابن طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن ماهلة الحافظ، سَمِعْتُ حمد بْن غَمْر الزَّجَّاج الحافظ يَقُولُ: لمّا أملى صالح بْن أحْمَد التّميميّ الحافظ بهَمَذَان، كانت لَهُ رَحَى، فباعها بسبعمائة دينار، ونثرها على محابر أصحاب الحديث. "حرف الطاء": 121- الطيب بن يمن المعتضدي البغدادي2.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 331"، والعبر "3/ 25"، وتذكرة الحفاظ "3/ 985"، وسير أعلام النبلاء "16/ 518". 2 تاريخ بغداد "9/ 363"، والمنتظم "7/ 175".

سَمِعَ: البَغَوي، ومُحَمَّد بْن منصور الشيعي، وعنه: أَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو مُحَمَّد الجوهري، وهو ثقة. "حرف العين": 122- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد، أَبُو القاسم النَّسَائي الفقيه1، شيخ أهل العلم والعدالة بنَسَا. تُوُفِّي بها، وله نَيِّف وتسعون سنة، وهو آخر من حدَّث عَنِ الْحَسَن بْن سُفْيَان. تُوُفِّي بها. وقد ذكر أيضًا سنة اثنتين وثمانين. 123- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطلقي الْأستراباذي القاضي الحنفي2، من مشايخ جُرْجَان. يروي عن: أبي القاسم البَغَوي، وجعفر بْن شهزيل الإستراباذي. وعنه: أَبُو سَعد الإدريسي، وَأَبُو مُحَمَّد المُنيري. 124- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد، أَبُو بَكْر بْن شبانة العطّار عرف بممّة، شيخ همذان. روى عَنْ: ابن عبّاد السّرّاج، ومُحَمَّد بْن صالح الطَّبَرِي. وعنه: أَبُو الفضل بْن عَبْدان، ومُحَمَّد بْن عيسى، وأهل همذان. تُوُفِّي فِي ربيع الآخر. 125- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن محارب، أَبُو مُحَمَّد الْأنصاري الْإصْطَخْرِي3، نزيل بغداد. حدّث عَنْ: أَبِي خليفة، وزكريا الساجي، وعبد الله بن "أدران"4 الشيرازي، خلق من الغُرَباء. روى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو القاسم التنوخي الصَّيْمَريّ، وأكثر شيوخه مجهولون، وأحاديثه عَنْ أَبِي خليفة مقلوبة، وهي بروايات ابن دُرَيْد أشبه. وقَالَ: وُلِدْتُ بإصْطَخْر، سنة إحدى وتسعين ومائتين، وسمعت من أَبِي خليفة

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 394"، وسير أعلام النبلاء "16/ 412"، والعبر "3/ 20". 2 تاريخ جرجان "274". 3 تاريخ بغداد "10/ 133". 4 في الأصل "أوران".

سنة ثلاث وثلاثمائة. تُوُفِّي فِي هذا العام. 126- عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان القاضي، أَبُو مُحَمَّد الْجُرْجَاني1. كَانَ أبوه من هَمَذَان، فوُلِّي قضاء جُرْجَان، وأقام ببغداد مدّة، وسكن طُوس، ودخل بُخَارَى. وقد سمع ببغداد من ابن صاعد، وبجُرْجَان من أَبِي نُعَيْم بْن عدِيّ. وعنه: أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم. 127- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نافع، أبو العباس البشني الصُّوفي2. صحب أَبَا عَلِيّ الثقفي، وورث من آبائه أموالا كثيرة، فأنفقها فِي الخير. روى عَنْ: أحْمَد بْن السريّ الشيرازي صاحب الفَسَوي. وعنه: أَبُو سَعِيد الكَنْجَرُوذِي، وكان كثير "العبادة"3. بقي سبعين سنة لا يستند إلى حائط ولا يتكئ على وسادة، حج من نيسابور حافيًا راجلًا، وأقام بالقدس أشهرًا، ودخل المغرب، وحجّ من المغرب، ورجع إلى بُسْت، وتصدق ببقية أملاكه، وعاش خمسًا وثمانين سنة. وقَالَ السُّلَمي: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كانت نفقتي فِي سنة درهمين وثلاثين. وقد ذكر الحاكم ترجمته فِي ستّ وَرَقات، وقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وقعت لي فترة، فدخلت هِيت، وبقيت بها أربعين يومًا، لم أَذُق طعامًا ولا شرابًا، حتى وجدت الطريق الَّذِي كنت سلكته. قَالَ الحاكم: مات فِي المحرَّم، وكان يُعَد من الْأبْدال. 128- عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن محمويه، أَبُو الْحَسَن النيسابُوري الصُّوفي الزَّاهد4. من أعيان أهل البيوتات، ومن العُّبَّاد الصالحين والفقراء، وخرج إلى الشام وصحِب أَبَا الخير الْأقطع، وعاش ثمانيا وثمانين سنة. وسمع بمصر من أحْمَد بْن دَاوُد الحَضْرَمِي. "ومن"5 يونس بن عبد الأعلى.

_ 1 تاريخ جرجان "259". 2 البداية والنهاية "11/ 313"، والنجوم الزاهرة "4/ 167". 3 سقطت من الأصل. 4 المنتظم "7/ 176". 5 في الأصل "عن".

129- عَلِيّ بْن زُهَير بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد، أَبُو الْحَسَن المقرئ. بغدادي، سكن دمشق، وأقرأ النّاس بالروايات. قرأ عَلَى: مُحَمَّد بن المعبر الْأخرم بدمشق، وعَلِيّ النّقّاش، وهبة اللَّه بْن جَعْفَر ببغداد. وقرأ عليه الربعي وغيره. 130- عَليّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، أَبُو الْحُسَيْن الهمذاني الْإصبهاني المعدَّل1. رحل وسمع الْحُسَيْن بْن عيّاش، والقطّان، وطبقته. يحضر مجلسه الكبار لفضله ورئاسته. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بن أبي علي، وأبو نعيم. توفي في غُرَّة رمضان. 131- عَلِيّ بْن عَبْد الملك بْن سُلَيْمَان بْن دهثم الفقيه، أَبُو الْحَسَن الطَّرَسُوسِي2، نزيل نيسابُور. كَانَ أديبًا فصيحًا، إلا أَنَّهُ متهاونًا بالسماع والرواية. رَوَى عَنْ أَبِي خليفة الْجُمَحي، وأَبِي عَلِيّ المَوْصِلي، وعمر بْن سنان المنبجي. قَالَ أَبُو سهل الصّعلوكي: قدِم علينا "الطَّرَسُوسِي"3 بغداد سنة اثنتين وعشرين، فقلت لَهُ: يا أَبَا الْحَسَن، كيف رويت عَنْ هَؤُلاءِ؟ فقال: قد كَانَ أَبِي حملني إلى العراق وأنا صغير، ثم ردّني إلى طرَسُوسِ. رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد الله الحاكم، وأبو سعيد الكَنْجَرُوذِي، وَأَبُو مُعاذ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد المزكّي، وغيرهم. قَالَ الحاكم: وكان معتزليا متهاونًا بالسّماع، ولم يزل يتجهر إلى أن هجره. وقد سمع من أبي عروية، وابْن جَوْصا. 132- عَلِيّ بْن حفص بْن عمرو بْن نُجَيْح، أَبُو الْحَسَن الخَوْلاني الْأندلسي هُوَ إلبيري. الفقيه4. روى عَنْ: أَبِيهِ، وسمع من عَلِيّ بْن الْحَسَن المُرِّي، وسعيد بْن فَحْلُون، ومسعود.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 23". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 986". 3 في الأصل "الصعلوكي الطرسوسي". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 315".

قَالَ ابن الفَرَضِيّ: قرأت عَلَيْهِ التفسير ليحيى بْن سلام، بسماعه من المِريّ. أنبا أحْمَد بْن مَسْعُود بْن جرير سنة أربعٍ وسبعين ومائتين، وكان لا بأس بِهِ. وقَالَ لي: ولدت سنة تسع وثلاثمائة. 133- عَلِيّ بْن عيسى، أَبُو الْحَسَن النَّحْوي المعروف بالرُّمَّاني1. أخذ عَنْ: أَبِي بَكْر بْن دريد، والزجاج، وأبي بَكْر بْن السّرّاج. روى عَنْهُ: هلال بْن المحسّن، وَأَبُو القاسم التنوخي، والحسن أبو علي الجوهري. وكان متفننًا في علوم كثيرة، من القرآن والفقه والنَّحْو والكلام عَلَى مذهب المعتَزِلة. صنّف فِي التفسير والنَّحْو واللُّغة. وكان مولده سنة ستٍ وتسعين ومائتين، ومات فِي جُمادى الْأولى، ولَهُ ثمانٍ وثمانون سنة. شرح كتاب سيبويه شرحًا كبيرًا، وشرح الْجُمَل لابن السّرّاج، وله كتاب الاشتقاق وكتاب التصريف، وكتبًا كثيرة ذكرها القفطي فِي ترجمته. قَالَ: وصنَّف فِي الكلام كتابًا سمّاه صنعة الاستدلال فِي سبْع مجلَّدات، وكتاب الْأسماء والصّفات لله تعالى وكتاب الْأكوان وكتاب المعلوم والمجهول، وله نحو مائة مصنَّف، وكان مَعَ اعتزاله شيعيا. قال التنوخي: ممن ذهب فِي زماننا إلى أن عليا -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ- أفضلُ النّاس بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ المعتزلة: أَبُو الْحَسَن الرُّمَّاني، لله دَرُّه. قلت: كَانَ رأسًا فِي عدّة فنون وسماء العربية، وكان يخرج كلامه في النحو بالمنطق، حتى قال فيه أبو علي الفارسي: إن كان النحو ما يقوله الرُّمَّاني فليس معنا منه شيء، وإن النَّحْو ما نقوله، فليس معه منه شيء. وكان يُقال: النَّحْويُّون فِي زمانهم ثلاثة، واحدٌ لا يفهم كلامه، وهو الرُّمَّاني، وواحد يُفْهم بعض كلامه، وهو أَبُو عَلِيّ، وواحد يُفْهم جميع كلامه، وهو أبو سعيد السيرافي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 533"، والبداية والنهاية "11/ 314"، والمنتظم "7/ 176"، وميزان الاعتدال "2/ 235"، والعبر "3/ 25"، والنجوم الزاهرة "4/ 168".

وكان أَبُو حيّان التَّوْحِيدي يبالغ فِي تعظيم الرُّمَّاني حتى قَالَ: إنه لم يُر مثله قطّ علمًا بالنَّحْو، وغزارة فِي الكلام، وبصرًا فِي المقالات، واستخراجًا للفُرَص، مَعَ تألُّهٍ وتَنَزُّهٍ وفصاحة وفقاهة. قلت: ثم وصفه بالدّين واليقين والحلم والرّواية والاحتمال والوقار. 134- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سهل، أَبُو الْحَسَن الْأستراباذي الفقيه الشاعر. ثقة. روى عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي نُعَيْم عَبْد الملك. روى عَنْهُ: أَبُو سعد الإدريسي. 135- عُمَر بْن زاذان القِزْويني القاضي. سَمِعَ: عبد الرحمن بن أبي حاتم، ومحمد بن هارون بْن الحَجَّاج. روى عَنْهُ: العتيقي، والعشاري. حدث في هذا العام، وانقطع خَبَرهُ. "حرف الميم": 136- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حَمَّاد بْن سُفْيَان، أَبُو الْحَسَن الكوفي الحافظ محدّث الكوفة1. رحل إِلَيْهِ أَبُو ذَرّ الهَرَوِي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو العلاء الواسطي، وخلق. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن زيدان، وعَلِيّ بْن الْعَبَّاس المَقَانِعي، ومُحَمَّد بْن دليل بْن بشْر. 137- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حشيش، أَبُو بَكْر الْإصبهاني المعدِّل2. سَمِعَ: إِسْحَاق بْن جميل، ومُحَمَّد بْن سهل بْن الصباح، والحسن بْن ذكم ويحيى بْن مُحَمَّد بْن صاعد، والحسن بْن عَلِيّ بْن زكريّا الفقيه العدوي، ومُحَمَّد بْن هارون الحَضْرَمِي، وجماعة. روى عَنْهُ: أَبُو نُعَيْم، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عُمَر المقرئ، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد اللَّخْمِي، وآخر من روى عَنْهُ عَائِشَة بِنْت الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم الوركاني. تُوُفِّي عاشر رمضان.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 439"، تذكرة الحفاظ "3/ 986"، شذرات الذهب "3/ 110". 2 ذكر أخبار أصبهان "300".

138- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن الكَنْجَرُوذِي الصّبغي. سَمِعَ: السّرّاج، وابْن خُزَيْمَة. وعنه: الحاكم وغيره. مات فِي شوّال. 139- مُحَمَّد بْن منقذ البكري الطُّليْطِلي الخطيب. رحل إلى مصر، وسمع من أَبِي مُحَمَّد بْن الورد بْن السَّكَن، وحدّث. 140- مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفُرات، أَبُو الْحَسَن البغدادي الحافظ1. سَمِعَ: أَبَا عَبْد اللَّه المَحَامِلي، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد، فمن بعدهما، وجمع ما لم يجمعه أحد فِي وقته. قَالَ الخطيب: وبلغني أنّه كَانَ عنده عَنْ عَلِيّ بْن مُحَمَّد الْمَصْرِيّ الواعظ وحده ألف جُزْء، وأنّه كتب مائة تفسير، ومائة تاريخ. ثنا عَنْهُ أحْمَد بْن عَلِيّ الباذا، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن زُرْعَة، وَأَبُو إِسْحَاق البرمكي، وحدثني الْأزهري أن ابن الفرات خَلَّف ثمانية عشر صندوقًا مملوءة كتبًا، أكثرها بخطه، وكتابه هُوَ الحجّة فِي صحة النقل، وجَوْدة الضَّبط، ولم يزل يسمع إلى أن مات، وقَالَ لي العتيقي: هُوَ ثقة مأمون، ما رَأَيْت أحسن قراءة منه للحديث، وقَالَ غيره: مات فِي شوّال، وله بضع وعشرون سنة. 141- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن سهل بْن مصلح الفقيه، أَبُو الْحَسَن الماسَرْجسيّ2 ابن بِنْت الحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجَس النيسابُوري الشافعي، شيخ الشافعية فِي عصره. سَمِعَ: خاله مؤمّل بْن الْحَسَن، ومكّي بْن عَبْدان، وأَبَا حامد بْن الشرفي، وجماعة، ورحل إلى حدود الأربعين وثلاثمائة، فسمع إِسْمَاعِيل الصّفّار ببغداد وعَبْد اللَّه بْن شَوْذب بواسط، وابْن داسة بالبصرة، وابْن الْأعْرابي بمكّة، وابْن حذْلَم بدمشق، وأصحاب يونس بْن عَبْد الْأعلْى، والمزني بمصر. قَالَ الحاكم: كَانَ أعْرَف الْأصحاب بالمذهب وترتيبه. صحِب أَبَا إِسْحَاق المروزي

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 122"، والبداية والنهاية "11/ 314"، وسير أعلام النبلاء "16/ 495"، والعبر "3/ 26"، والنجوم الزاهرة "4/ 168". 2 طبقات الفقهاء "116"، والعبر "3/ 26"، وشذرات الذهب "3/ 110".

إلى مصر، ولزمه، وتفقّه، ثم انصرف إلى بغداد، فكان مفيد أَبِي عَلِيّ بْن أَبِي هُرَيْرَةَ، ثم رجع إلى بلده، وعقد مجلس النظر ومجلس الْأملاء، فأملى زمانًا، وتُوُفِّي فِي جمادى الآخرة، عَنْ ستٍ وسبعين سنة. تفقه عَلَيْهِ القاضي أَبُو الطيب الطَّبري، وجماعة، وحدّث عَنْهُ الحاكم وَأَبُو نُعَيْم، وَأَبُو عثمان إِسْمَاعِيل الصّابوني، وَأَبُو سَعِيد الكَنْجَرُوذِي، وهو صاحب وجهٍ فِي المذهب. 142- مُحَمَّد بْن عمران بْن مُوسَى بْن عُبَيْد، أَبُو عُبَيْد اللَّه المَرْزُبَاني البغدادي الكاتب العلامة1. حدّث عَنْ: أَبِي القاسم البَغَوي، وأبي بكر بن دُرَيْد، وأَبِي حامد بْن هارون الحَضْرَمِي ونفطَوَيْه، وغيرهم. روى عَنْهُ: أَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو مُحَمَّد الجوهري، وغيرهما، وكان إخباريا راوية للآداب، صنّف فِي أخبار الشعراء وفي الغَزَل، غير أن أكثر كتبه لم تكن مما سمعه، بل بالإجازة، فيقول: أَخْبَرَنَا، ولا يبين. وقَالَ القاضي أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصَّيْمَريّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه المَرْزُبَاني يَقُولُ: كَانَ فِي داري خمسون، ما بين لِحَاف ودِرَاج معدَّة لأهل العلم الذين يبيتون عندي. وقَالَ أَبُو القاسم الْأزهري: كَانَ المَرْزُبَاني يضع المحبرة وقنّينة النبيذ، فلا يكتب، ويشرب، وكان معتزليا صنّف كتابًا فِي أخبار المعتزلة، وما كَانَ ثقة. قَالَ الخطيب: لَيْسَ حاله عندنا الكذب، وأكثر ما عِيب عَلَيْهِ المذهب، وروايته بالإجازة، ولم يبيّنها. وقَالَ العتيقي: كَانَ معتزليا ثقة، مات فِي شوّال، وله ثمانٍ وثمانون سنة. كَانَ فِي زمانه تُشَبَّه تصانيفه بتصانيف الجاحظ. قَالَ أَبُو عَلِيّ الفارسي النَّحْوِيّ: أَبُو عُبَيْد اللَّه المَرْزُبَاني من محاسن الدُّنيا، وكان الملك عضُد الدولة مَعَ عظمته يجتاز بباب المَرْزُبَاني، فيقف حتى يخرج إليه المرزباني،

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 135"، والمنتظم "7/ 177"، والبداية والنهاية "11/ 314".

فيسلم عَلَيْهِ، وكانت داره تجمع الفضلاء، وكان مشتهرًا بشرب النبيذ، وكتابه فِي أخبار الشعراء خمسة آلاف ورقة، وله كتاب آخر فِي الشعراء المُحَدِّثين خاصّة، كبير إلى الغاية، يكون عشرة آلاف ورقة، وأخبار المسمّعين ثلاثة آلاف ورقة، وأخبار الغناء والأصوات ثلاثة آلاف ورقة وله تصانيف كثيرة جدًا، أوردها القفطي. وروى الجوهري عَنِ المَرْزُبَاني أَنَّهُ أعطى مرَّةً عضد الدولة ألف دينار، وقَالَ: إنه بلغني أنك تُؤَرِّخ، فإذا جاء اسمي فأجْمِلْ، فقلت: نعم، أُجْمِلْ، وبذكرك أتجمّل. 143- مُحَمَّد بْن عثمان بْن عُبَيْد بْن الخطّاب، أَبُو الطيّب البغدادي الصّيْدَلانِي1. سَمِعَ: البَغَوي، وأَبَا بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وعنه العتيقي، ووثقه. 144- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، أَبُو منصور البياع الواعظ النيسابُوري2. حدَّث ببغداد عَنْ: أَبِي حامد بْن بلال. وعنه: أبو العلاء الواسطي. 145- مُحَمَّد بْن يحيى بْن وَهْب، أَبُو بَكْر القُرْطُبي الفِهْري مولاهم3. سَمِعَ أحْمَد بْن القُرشي، ومسلمة بْن قاسم، وجماعة، ورحل فأقام بمصر مدّة، قبل الثمانين، وكتب الكثير، فكان بارعًا فِي الفقه والنَّحْو وتجويد القرآن، ثقة. فيما ينقله. تُوُفِّي فِي صفر، وقد حدّث بيسير. 146- مُحَمَّد بْن يحيى بْن عمار، أَبُو بَكْر الدِّمْياطي4. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن زبّان، وأَبَا بَكْر بْن المنذر، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الدَّيْبُلي، وأَبَا عُبَيْد بْن حَرْبُوَيْه القاضي. وعنه: أَبُو عُمَر أحْمَد بْن مُحَمَّد الطَّلَمَنْكِيّ، سَمِعَ منه كتاب الْأشراف لابن المنذر، وكتاب الليث بْن سعد رواية مُحَمَّد بْن رمح، وروى عَنْهُ أيضًا يحيى بن علي بن الطحان، وطائفة.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 50"، والمنتظم "7/ 177". 2 تاريخ بغداد "3/ 224". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 97". 4 سير أعلام النبلاء "16/ 504".

147- المحسن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الفهم القاضي، أَبُو عَلِيّ التنوخي الْأديب1. وُلِد بالبصرة، فسمع بها أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن أحْمَد الْأثرم، وابْن داسة، وببغداد أَبَا بَكْر الصُّولي، وجماعة، وكان أديبًا إخباريا علامة مصنِّفًا شاعرًا. روى عَنْهُ: ابنه أَبُو القاسم عَلِيّ، وقال: مولدي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وأوّل سماعه فِي سنة ثلاث وستّين. سَمِعَ من: واهب المازني صاحب نصر بْن عَلِيّ الجهضمي وقَالَ: لم يكن عند واهب بْن يحيى غير هذا الحديث فِي ستر المسلم. قلت: وقع لنا الحديث عاليا. تولّى أَبُو عَلِيّ قضاء رامَهُرْمُز وعسكر مُكْرَم وغير ذَلِكَ، ومات فِي المحرَّم من السنة. قَالَ الخطيب: كَانَ سماعه صحيحًا، وأوّل ما تولّى القضاء سنة تسعٍ وأربعين، من قِبَل أَبِي السائب عُتبة بْن عَبْد اللَّه. 148- منصور بْن جَعْفَر بْن ملاعب، أبو القاسم البغدادي الصَّيْرفي2. سَمِعَ: البغوي، وأبا بكر بن أبي داود. وعنه: أَبُو العلاء الواسطي، وأَحْمَد بْن رَوْح، ووثقه العتيقي، وروى الرئيس الثقفي فِي أربعينه عَنْ سُفْيَان بْن حَسَنْكَوَيْه عَنْهُ. 149- موحّد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو الفرج بْن البري الدمشقي المتعبد. حكى عَنْ: خاله عُمَر بْن سَعِيد البرّي، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه المقرئ، والشَّيْخ أَبِي صالح صاحب المسجد الخارج باب شرقي. روى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مُحَمَّد الجبائي، وطلحة بْن أسد الرّقّي، ومُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن المغيث، وغيرهم.

_ 1 المنتظم "7/ 178"، والنجوم الزاهرة "4/ 168"، وتاريخ بغداد "13/ 155". 2 تاريخ بغداد "13/ 85"، والمنتظم "7/ 177".

"حرف النون": 150- نصر بن غالب، أبو الفتح البزّاز1. حدث عَنِ: البَغَوي وابْن صاعد. روى عَنْهُ: العتيقي وغيره، وهو من أهل باب الطاق ببغداد. "حرف اللام": 151- لاحق بْن الْحُسَيْن بْن عمران المقدسي، أَبُو عُمَر2. كَانَ كذابًا "يضع"3 الْأسماء والمُتون مثل طغج بن طغان، وطرغيل بن غربيل. حدث بخُراسَان وخُوَارِزْم وما وراء النَّهْر عَنْ خَيْثَمة الطرابُلُسِي، والمَحَامِلي، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد العطّار. وعنه: أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم، وَأَبُو نُعَيْم، وجعفر المُسْتَغْفِري. وتُوُفِّي بخُوَارِزْم، وقد اتفقوا عَلَى كَذِبه، ويقال له: لاحق بن الوراق. "حرف الياء": 152- يحيى بْن عَلِيّ بْن يحيى بْن عوف، أَبُو القاسم القصْري4. عَنِ: البَغَوي، وابْن صاعد. وعنه: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وكان ثقة. 153- يعقوب بْن إِسْحَاق، أَبُو الفضل النَّسَفي المعدِّل. ثقة. روى عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وعَبْد المؤمن بْن خَلَف. كتب عَنْهُ: جَعْفَر بْن مُحَمَّد بن المستغفر.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 301". 2 تاريخ بغداد "1/ 238"، السلسلة الضعيفة للعلامة الشيخ الألباني "1/ 291". 3 في الأصل "لا يضع". 4 تاريخ بغداد "14/ 238".

وفيات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة: "حرف الألف": 154- أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْدوَيْه بْن سَدُوس بْن عَلِيّ، أَبُو الْحَسَن الهُذْلي العَبْدوي النيسابُوري الزاهد، أبو الحافظ أبي حازم. سَمِعَ: أبا الْعَبَّاس بْن السّرّاج، وابْن خُزَيْمَة، وحاتم بْن محبوب الفيامي. روى عَنْهُ: ابنه والحاكم الكَنْجَرُوذِي. تُوُفِّي فِي رمضان. 155- أحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن أحْمَد الفقيه، أبو نصر النيسابُوري الشافعي، أحد الْأئمة. سَمِعَ: أَبَا حامد الشرفي، وطبقته. وعنه الحاكم، وقَالَ: تُوُفِّي فِي جُمَادَى الْأولى. 156- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل، أَبُو بَكْر بْن المهندس1. محدث مصر فِي وقته. سمع: أبا شيبة داود بن إبراهيم، ومحمد بن محمد بْن بدر الباهلي، وأَبَا بشر الدُّولابي، ومُحَمَّد بْن زبّان، وعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن قديد، وأَبَا عُبَيْد بْن حَرْبُوَيْه، وجماعة كثيرة، منهم القاسم البَغَوي، وانتقى عَلَيْهِ الحُفَّاظ من المشارقة والمغاربة. روى عَنْهُ: عَبْد الغني الحافظ، والفقيه، أبو القاسم يحيى بْن الْحُسَيْن القفاص، وعَبْد الملك بْن مسكين الزَّجَّاج، وَأَبُو أحْمَد الْعَبَّاس بْن الفضل بْن الفرات بْن حِنْزابة، وعَلِيّ بْن عَبْد الواحد النَّجِيرَمِي الكاتب، وعَبْد الرَّحْمَن بْن المظفَّر الكحّال، وَأَبُو القاسم يحيى بْن عَلِيّ بْن الطّحّان، وقَالَ: كَانَ ثقة تقيا، وقَالَ غيره: عاش تسعين سنة. 157- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبدوس، أَبُو الْحَسَن الحاتمي الفقيه النيسابُوري. سَمِعَ: الْأصم، ومات كهلا فِي حياة والده. 158- أحْمَد بْن مُحَمَّد ين عبد الوارث الزجاج.

_ 1 العبر "3/ 27"، وشذرات الذهب "3/ 113".

روى عَنْ أَبِي جَعْفَر الطَّحاوي، والمهراني، وغيره. تُوُفِّي فِي ذي الحجّة. 159- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الفتح المصِّيصي الجلي، بجيم1. حدّث ببغداد عن: محمد بن سفيان المِصِّيصي، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم البطّال. وعنه: أحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي، وَأَبُو القاسم التنوخي. وقَالَ البَرْقاني: صَدُوق، وقَالَ غيره: كَانَ حافظًا ضريرًا، ومن شيوخه إمام جامع المصِّيصة أَبُو الماضي مُحَمَّد بْن يحيى، ومُحَمَّد بْن حاتم بْن رَوْح القزَّاز، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن أَبِي الخطيب، وآخر من حدث عَنْهُ أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن الْأبنوسي. 160- إِسْمَاعِيل بْن عَبَّاد الصاحب، أَبُو القاسم2، وزير مُؤَيَّد الدولة بُوَيْه بْن ركن الدولة. أصله من الطَّالقان، وكان نادرةَ دهره وأُعجوبة عصره فِي الفضائل والمكارم. أخذ الْأدب عَنِ الوزير أَبِي الفضل بْن العميد، وأَبِي الْحُسَيْن أحْمَد بْن فارس، وسمع الحديث من أبيه، ومن غيره واحد، وحدّث باليسير، وأملى مجالس روى فيها عن عبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس وأَحْمَد بْن كامل بْن سَحُرَة، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد أَبِي الْحَسَن الكنباني، وسليمان الطَّبَراني، وطائفة. روى عَنْهُ: أَبُو العلاء، مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن حَسْوَل، وعَبْد الملك بْن عَلِيّ الرّازي القطّان، وَأَبُو بَكْر بْن أَبِي عَلِيّ المعدِّل، والقاضي أَبُو الطّيّب طاهر الطَّبَرِي، وَأَبُو بَكْر بن المقرئ ومع "تقدُّمه"3، وهو أوّل من سُمّي بالصاحب، لأنّه صحب مؤَيَّد الدولة من الصِّبا، وسّماه الصّاحب، فغلب عَلَيْهِ، ثم سُمّي بِهِ كلّ من وُلِّي الوزارة بعده، وقيل: لأنّه كَانَ يصحب أبا الفضل بْن العميد، فقيل لَهُ صاحب العميد، ثم خُفِّف فقيل: الصّاحب. قَالَ فِيهِ أَبُو سعيد الرستمي:

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 171"، والمنتظم "7/ 179". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 511-514"، والبداية والنهاية "11/ 314"، وشذرات الذهب "3/ 113-116"، والنجوم الزاهرة "4/ 169". 3 في الأصل "تقديمه".

ورث الوزارة كابرًا عَنْ كابرٍ ... موصولةَ الْأسنادِ بالإسناد يروي عن العباس عباد وزا ... رته وإِسْمَاعِيل عَنْ عَبَّادِ ولمّا تُوُفِّي مؤيَّد الدولة بجُرْجَان فِي سنة ثلاث وسبعين، ولي بعده أخوه فخر الدولة أَبُو الْحَسَن، فأقرّه عَلَى الوزارة، وبالغ في تعظيمه. وكان الوزير أَبُو الفتح من ذي الكفايتين قد قصد الصاحب، وأزاله عَن الوزارة، ثُمَّ نصر عَلَيْهِ، وعاد إِلى الوزارة، ففي كتاب المحسّن التنوخي فِي "الفرج بعد الشدة" أن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن سعيد النصيبيني حدثه قال: سر أبو الفتح، فطلب النُّدماء، وهيَّأ مجلسًا عظيمًا بآلات الذّهب والفضة والمغاني والفواكه، وشرب بقيّة يومه، وعامّه ليلته، ثم عمل شعرًا وغَنَّوا بِهِ، يَقُولُ فِيهِ: إذا بلغ المرء آماله ... فليس إلى بعدها مُنْتَزَحُ وكان هذا بعد تدبيره عَلَى الصّاحب، حتى أبعده عَنْ مؤيَّد الدولة، وسيَّره إلى إصبهان، وانفرد بالدَّسْت، ثم طرب بالشعر، وشرب إلى أن سكر، وقَالَ: غطُّوا المجلس لاصطبح عَلَيْهِ غدًا، وقَالَ لنُدَمَائه: باكروني، ثم نام، فدعاه مؤيَّد الدولة فِي السَّحَر، فقبض عَلَيْهِ، وأخذ ما يملكه، ومات فِي النَّكبة، ثم عاد الصّاحب إلى الوزارة. قلت: وبقي فِي الوزارة ثمانية عشر عامًا، وفتح خمسين قلعة، وسلّمها إلى فخر الدولة، لم يجتمع منها عشرة لأبيه. وكان الصّاحب عالمًا بفنون كثيرة من العلْم، لم يُدانه فِي ذَاك وزير، وكان أفضل وزراء الدولة الدَّيْلَمِيّة، وأغزرهم علمًا، وأوسعهم أدبًا، وأوفرهم محاسن. وقد طوَّل ابن النَّجَّار ترجمته وجوَّدها. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلامَةَ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ، أَنَا أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا الصَّاحِبُ بْنُ عباد، أملانا أبو الحسن بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْقَزَّازُ، نَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا بَكْر وَعُمَرَ يَمْشُونَ "أَمَامَ"1 السَّرِيرِ. قَالَ الصَّاحِبُ: قَدْ شَارَكَ الطَّبَرَانِيُّ فِي إِسْنَادِهِ. قِيلَ: كَانَ ابن عبَّاد فصيحًا مفوهًا، لكنه يتقعر في خطابه، ويستعمل وحشي

_ 1 في الأصل "أما".

اللغة، حتى فِي انبساطه، يعيب التّيه ويتيه، ولا ينصف من ناظره. وقيل: كَانَ مشوَّه الصورة، وصنّف فِي اللغة كتابًا سمّاه "المحيط" فِي سبع مجلدات، وله كتاب "الكافي" فِي الترسل، وكتاب "الْأعياد"، وكتاب "الْإمَامة" ذكر فِيهِ فضائل عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وثبت إمامة من تقدمه. وكان شيعيا كآل بُوَيْه، وما أظنه يسب، لكنه معتزليّ، قِيلَ: إنه نال من الْبُخَارِيّ، وقَالَ: إنه حشوي لا يعول عَلَيْهِ، وله كتاب "الوزراء" وكتاب "الكشف عَنْ مساوئ المتنبي" وكتاب "أسماء اللَّه وصفاته". ومن ترسّله: نَحْنُ يا سيدي، فِي مجلس غنى إلا عنك، شاكرًا إلا منك، قد تفتحت فِيهِ عيون النرجس، وتوردّت خدود فِيهِ بالبنفسج، وفاحت مجامر الْأترج، وفتقت فارات النّارنج، وانطلقت ألْسُن العيدان، وقامت خطباء الْأوتار، وهبّت رياح الأقداح، و"نفقت"1 سوق الْأنس، وقام منادي الطرب وطلعت كواكب الندماء وامتدت سماء النّدّ، فبحياتي إلا ما حضَرْت فقد أبت راحُ مجلسنا أن تصفو إلا أن تناولها يمْناك، وأقسم غناؤه أن لا يطيب حتى تعيه أذناك، فخدود نارنجه قد احمرّت خجلا لإبطائك، وعيون نرجسه قد حدَّقَت تأميلا للقائك: وله: رقَّ الزُّجَاج ورقَّتِ الخَمْرُ ... "وتشابَهَت"2 فَتَشَاكَلَ الْأمْرُ فكأنّها خَمْرٌ ولا قَدَحٌ ... وكأنّما قَدَحٌ ولا خَمْرُ وله يرثي الوزير أَبَا عَلِيّ كثير بن أحْمَد: يقولون لي أوْدى كثيرٌ بْن أحْمَد ... وذلك مَرْزُوءٌ عَلِيّ جَلِيلُ فقلتُ دَعُوني والبُكَا نَبْكِه مَعًا ... فمثلُ كثيرٍ فِي الرّجال قَلِيلُ وورد أنِ الصّاحب جمع من الكتب ما كَانَ يحتاج في نقلها إلى أربعمائة جَمَل، ولما عزم عَلَى الْإملاء، تاب إلى اللَّه، واتخذ لنفسه بيتًا سماه بيت التَّوْبة ولبث أسبوعًا عَلَى الخير، ثم أخذ خطوط الفقهاء بصحّة توبته، ثم جلس للإملاء، وحضر خلق كثير منهم القاضي عَبْد الجبار بْن أحْمَد. وكان الصّاحب يُنَفِذ إلى بغداد فِي السنة خمسة آلاف دينار، تُفَرَّق عَلَى الفقهاء والأدباء، وكان يبغض من يميل إلي الفلسفة، ومرض بالأهواز بالإسهال، فكان إذا قام

_ 1 في الأصل "نفق". 2 في الأصل "تشابهها".

من الطِّشْت، ترك إلى جانبه عشرة دنانير، حتى لا يتبرم بِهِ الخدم، فكانوا يودون دوام علّته، ولما عوفي تصدَّق بنحوٍ من خمسين ألف دينار، وله ديوان شعر. وقد مدحه أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن الخازن الشاعر بقصيدته المشهورة، وهي: هذا فؤادُك نَهْبي بين أهواء ... وذاك رأيكَ سارٍ بين آراءِ هَوَاكَ بين العيونِ النُّجْل مُقْتَسَمٌ ... داءٌ لعَمْرُكَ ما أَبَلاهُ من داءِ لا يستقرُّ بأرض أو يسير إلى ... أُخرى بشخص قريب عَزْمُه نائي يومًا بحُزْوَى ويومًا بالكثيب ويو ... مًا بالعُذَيْب ويومًا بالخُلَيْصَاءِ ومنها: صَبيَّة الحيّ لم تقْنَعْ بها سَكَنًا ... حتى علقَتْ صَبايا كلّ أحياءِ أدْعَى بأسماءَ نَبْزًا فِي قبائِلها ... كأن أسماءَ أَضْحَى بعضُ أسمائي ثَنَتْ أنامِلَها عنّي وقد دمِيَتْ ... من مُهجتي فادَّعَتْها وَشْي حِنّاء وهي طويلة. وقيل: إنّ نوح بْن منصور الساماني، كتب إِلَيْهِ يستدعيه ليفوّضه وزارته، فاعتلّ عليه بأنه يحتاج لنقل كتبه، خاصة، أربعمائة جَمَل، فما الظّنّ بما يليق من التجمّل. ومن بديع نظْم الصّاحب بْن عبَّاد: تبسَّم إذ تبسَّم عَنْ إقَاحٍ ... وأسْفَرَ حين أسْفَرَ عَنْ صَباحِ وألحقني بكأس من رِضابٍ ... وكأسٍ من جَنَى وردٍ وراحِ لَهُ وجْهٌ يدل بِهِ وطَرْفٌ ... يمرِّضُه فيسكر كلَّ صَاحِ جبينُكَ والمُقَلَّد والثَّنَايا ... صباحٌ فِي صباحٍ فِي صباحِ ومن شعره: الحبُّ سُكْرُ خمارُهُ التَّلَف ... يَحْسُنُ فِيهِ الذُّبُول والدَّنَفْ عُلُوه زاد فِي تصَلُّفِه ... والحُسْنُ ثَوْبٌ طِرازُه الصَّلَفْ

وقَالَ أَبُو يوسف القِزْوِيني المعتزلي: كتب الفِهْري قاضي قزوين إلى الصّاحب، مَعَ كُتُب أهداها له: الفهري عَبْد كافي الكُفَاة ... وإنِ اعْتَدَّ عَنْ وُجُوه القُضَاةِ خَدَم المجلسَ الرَّفيعَ بكُتُبٍ ... مُتْرَعَاتٍ من علمها منعمات فأجاب الصاحب: قد قبِلْنا من الجميع كتابًا ... وردَدْنَا لوَقْتها الباقياتِ لستُ أَسْتَغْنِم الكبيرَ فطَبْعي ... قولُ خُذْ لَيْسَ مذهبي قولُ هاتِ ولد بإِصْطَخْر، وقيل: بالطَّالَقَان، في سنة ست وعشرين وثلاثمائة. والطَّالَقَان: اسم لناحيةٍ من أعمال قِزْوين، وأمّا بلد الطَّالَقَان التي بخُراسَان فأُخْري، خرج منها جماعة علماء. تُوُفِّي ليلة الجمعة من صفر، سنة خمسٍ وثمانين. ومن مراثي الصّاحب: ثَوَى الْجُودُ والكافي معًا فِي حفيرة ... ليأنس كلُّ منهما بأخيهِ هما اصطَحَبا حَيَّيْن ثم تَعَانَقَا ... ضجيعين فِي لَحْدٍ بباب دَرِيهِ إذا ارتحل الثَّاوُونَ عَنْ مُسْتَقَرِّهم ... أقاما إلى يوم القيامة فيهِ وكان يُلقَّب كافي الكفاة أيضًا، وكانت وفاته بالري، ونقل إلى أصبهان، ودفن بمحلة باب دَرِيّة. ولما تُوُفِّي أُغْلَقَتْ لَهُ مدينة الرّيّ، واجتمع الناس عَلَى باب قصره، وحضره مخدويه وسائر الْأمراء، وقد غيروا لباسهم، فلما خرج نعشه، صاح الناس صيحة واحدة، وقبّلوا الْأرض، ومشى فخر الدولة ابن بُوَيْه أمام نعشه، وقعد للعزاء. ولبعضهم فِيهِ: كأنْ لم يَمُتْ حيٌّ سواك ولم تُقَم ... على أحد إلا عليك النَّوائحُ لَئِن حَسُنَتْ فيك المراثي وذكْرُها ... لقد حَسُنَت من قبلُ فيك المدائحُ

161- إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد، أَبُو القاسم بْن الخبّازة السِّرَقُسْطي1. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن يحيى بْن لُبابة، ومُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أيمن، وسعيد بْن فحلون، ورحل فسمع بمصر من أحْمَد بْن "مَسْعُود الزُّبَيْدِي"2، وبالقَيْروَان من محمد بن محمد اللبّاد، وجمع علمًا كثيرًا، وكان شيخًا صالحًا، وقُرِئت عَلَيْهِ الكُتُب، وعاش نَيِّفًا وثمانين سنة. 162- أفلح مولى الناصر عَبْد الرحمن بن مُحَمَّد بْن يحيى الْأموي القُرْطُبي3. رحل وسمع: أَبَا سعيد بن الأعرابي، وجماعة، وحدث بيسير. "حرف الحاء": 163- الحُسَيْن بْن عليّ، أبو عَبْد الله النَمَري الْبَصْرِيّ4، صاحب التصانيف. كَانَ شاعرًا محسنًا لُغويًّا أديبًا. قرأ عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه الْأزْدِيّ، وله مصنف فِي أسماء الذهب والفضّة، وكتاب معاني الحماسة وكتاب الخيل وكتاب اللُّمَع، وكان مقيمًا بالبصرة. "حرف الدال": 164- دَاوُد بْن سُلَيْمَان بْن دَاوُد بْن رباح، أَبُو الْحَسَن البغداديّ البزّاز5. سَمِعَ: أَبَا عَبْد اللَّه المَحَامِلي، ومُحَمَّد بْن عُبَيْد الله الكاتب. روى عَنْهُ: العتيقي، وأَبُو القَاسِم التنوخي، ومحمد العشاري، ووثقه العتيقي. "حرف السين": 165- سعد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أَبُو طَالِب الأزدي العراقي، المعروف بالوكيل6.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 68". 2 في الأصل "مسعود الزبيري". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 83". 4 بغية الوعاة "1/ 537"، وكشف الظنون "1/ 89". 5 تاريخ بغداد "8/ 381". 6 معجم الأدباء "11/ 197".

من كبار الْأدباء، وفحول الشعراء. روى عَنْهُ أَبُو عَلِيّ التنوخي، وَأَبُو الخطّاب الجبلي. ألّف شرحًا لديوان المتنبي، وكان فقيرًا يمدح بالشيء اليسير ولا يبالي. عاش ثمانين سنة. "حرف العين": 166- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أَبُو المطرِّف بْن السكان المالقي1. سَمِعَ بقُرْطُبَة من: قاسم بْن أصبغ، ومُحَمَّد بْن معاوية. وكان حَسَن المشاركة فِي العلوم والآداب، رئيسًا. 167- عَبْد الواحد بْن جَعْفَر الناقد، بغدادي2. روى عَنْ: أَبِي القاسم البَغَوي. وعنه: أحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي، وقَالَ: ثنا فِي هذه السنة، وكان ثقة. 168- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن شاه، أَبُو الْحَسَن الشيرازي الصوفي نزيل نيسابُور. سَمِعَ: إبراهيم بْن عَبْد الصمد الهاشمي، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد، وأَبَا رَوْق الهزّاني، وصحب الزُّهّاد. روى: عَنْهُ الحاكم، وغيره. 169- عَلِيّ بْن أحمد بن محمد، أبو الحسين المهلبي الْأديب. تُوُفِّي بمصر، وله فيما قِيلَ: مائة وإحدى وخمسون سنة، واللَّه أعلم. 170- عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن بُنْدار بْن عَبْد اللَّه بْن خير القاضي، أَبُو الْحَسَن الْأذَني3. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن الفَيْض، ومُحَمَّد بْن خُرَيْم، وسعيد بْن عبد العزيز بدمشق،

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 267". 2 تاريخ بغداد "11/ 10". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 464"، والعبر "3/ 28"، وتذكرة الحفاظ "3/ 989".

وعلي بن عبد الحميد الغضايري بحلب، وأَبَا عروبة بحرّان، وابْن فيل بأنطاكية، وسكن مصر. روى عَنْهُ: عَبْد الغني الحافظ، ومكّي بْن عَلِيّ الجمّال، ويوسف بْن رياح الْبَصْرِيّ، وهبة اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن الصواف، وعَبْد الملك بْن مسكين الفقيه، وأَحْمَد بْن سَعِيد بْن نفيس المقرئ. وتُوُفِّي فِي ربيع الْأول. ما علمت بِهِ "بأسًا"1. 171- عَلِيّ بْن عُمَر بْن أحْمَد بْن مهدي بْن مَسْعُود بْن النُّعمان بْن دينار بْن عَبْد اللَّه، أَبُو الْحَسَن البغدادي الدَّارَقُطْنيّ2، الحافظ المشهور صاحب المصنفات. سَمِعَ من: أَبِي القاسم البَغَوي، وأَبِي بكر بن أبي دَاوُد، وابْن صاعد، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن فيروز، ومُحَمَّد بْن هارون الحَضْرَمِي، وعَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر الواسطيّ، ومُحَمَّد بْن قاسم المحاربي، وأبي علي محمد بن سليمان المالكي، وأبي عمر مُحَمَّد بْن يوسف القاضي والْحُسَيْن بْن المَحَامِلي، وأبي بكر زياد النيسابُوري، وأَبِي رَوْق الهزّاني، وبدر بْن الهيثم، وأَحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول، وعَبْد الوهاب بْن أَبِي حية، وأَحْمَد بْن القاسم الفرائضي، وأَبِي طَالِب أحْمَد بْن نصر الحافظ، وخلق كثير ببغداد والكوفة والبصرة وواسط، ورحل فِي الكهولة إلى الشام ومصر، فسمع القاضي أَبَا الطاهر الذُّهْلي وهذه الطبقة. حدّث عَنْهُ: أَبُو حامد الإسْفراييني الفقيه، وأبو عَبْد اللَّه الحاكم، وعَبْد الغني بْن سَعِيد الْمَصْرِيّ، وتمام الرّازي، وَأَبُو بَكْر البَرْقَاني، وَأَبُو ذَرّ عَبْد بْن أحْمَد، وَأَبُو نُعَيْم، وأَحْمَد بْن الْحَسَن الطيان الدمشقي، وعَلِيّ بْن السمسار، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو طاهر بْن عَبْد الرحيم الكاتب، والقاضي أَبُو الطّيّب الطَّبَرِي، وَأَبُو عُمَر بَكْر بْن بشران، وأبو الحسن العتيقي، وحمزة السهمي، وَأَبُو الغنائم عَبْد الصمد بْن المأمون، وَأَبُو مُحَمَّد الجوهري، وَأَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن المهتدي باللَّه، وَأَبُو الْحُسَيْن بْن الْأبنوسي، وخلق كثير.

_ 1 في الأصل "رأسا" وهو تصحيف. 2 تاريخ بغداد "12/ 34-40"، والبداية والنهاية "11/ 317"، وسير أعلام النبلاء "16/ 449-461"، والمنتظم "7/ 183"، والنجوم الزاهرة "4/ 172".

ومولده سنة ست وثلاثمائة. قَالَ الحاكم: صار الدَّارَقُطْنيّ أوحد عصره فِي الحفظ والفهم والورع، وإمامًا فِي القرّاء والنحويين. وفي سنة سبعٍ وستين أقمت ببغداد أربعة أشهر، وكَثُر اجتماعنا بالليل والنهار، فصادفته فوق ما وُصِف لي، وسألته عَنِ العلل والشيوخ. وله مصنفات يطول ذكرها، وأشهد أنه لن يخلف عَلَى أديم الْأرض مثله. وقَالَ الخطيب: كان الدارقطني فريد دهره، وقريع عصره، ونسيج وحده، وإمام وقته، انتهى إِلَيْهِ فِي علم الْأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال، مَعَ الصدق والثقة، وصحة الاعتقاد، والاضطلاع من علوم، سوى علم الحديث، منها القراءات، فإن له فيها مصنفًا مختصرًا، جمع الأصول في أبواب عقدها فِي أول الكتاب، وسمعت من يعتني بالقراءات يَقُولُ: لم يسبق أَبُو الْحَسَن إلى طريقته التي سلكها فِي عقد الْأبواب المقدمة فِي أول القراءات، وصار القرّاء بعده يسلكون ذَلِكَ، ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء، فإن كتابه السنن يدل عَلَى ذَلِكَ، وبلغني أَنَّهُ درّس فقه الشافعي عَلَى أَبِي سَعِيد الْإصْطَخْرِي، وقيل: عَلَى غيره، ومنها المعرفة بالأدب والشعر، فقيل: إنه كان يحفظ دواوين جماعة، فحدثني حمزة بن محمد بن طاهر إنه كَانَ يحفظ ديوان السيد الحِمْيَري، ولهذا نُسِب إلى التشيع. وحدثني الْأزهري قَالَ: بلغني أن الدَّارَقُطْنيّ حضر فِي حداثته مجلس إِسْمَاعِيل الصّفّار، فجلس ينسخ جزءًا، والصّفّار يُمْلي، فَقَالَ رَجُل: لا يصح سماعك وأنت تنسخ، فَقَالَ الدارقطني: فهمي للإملاء خِلاف فَهْمك "ثم قَالَ"1: تحفظ كم أملى الشَّيْخ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أملى ثمانية عشر حديثًا، الحديث الْأول عَنْ فلان عَنْ فلان عَنْ فلان، ومَتْنُهُ كذا، والحديث الثاني عَنْ فلان، ومَتْنُهُ كذا، ثم مرّ فِي ذَلِكَ حتى أتى عَلَى الْأحاديث، فعجب الناس منه، أو كما قَالَ. وقَالَ رجاء بْن مُحَمَّد المعدّل: قلت للدارقطني: رأيت مثل نفسك؟ فَقَالَ: قَالَ اللَّه تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] فألححت عَلَيْهِ، فَقَالَ: لم أر أحدًا جمع ما جمعت. وقَالَ أَبُو ذَرّ عَبْد بْن أحْمَد: قلت للحاكم ابن البيع: هَلْ رأيت مثل الدارقطني؟

_ 1 سقط من الأصل واستدرك من تاريخ بغداد "12/ 36".

فَقَالَ: هُوَ لم ير مثل نفسه، فكيف أنا؟ رواها الخطيب فِي تاريخه عَنْ أَبِي الوليد الباجي، عَنْ أَبِي ذَرّ، فهذا من رواية الكبار عَنِ الصغار. وكان عَبْد الغني الْمَصْرِيّ إذا حكى عَنِ الدَّارَقُطْنيّ يَقُولُ: قَالَ أستاذي، قَالَ الخطيب، سَمِعْتُ أَبَا الطيب الطَّبَرِي يَقُولُ: الدَّارَقُطْنيّ أمير المؤمنين فِي الحديث. وقَالَ الخطيب: قال لي الْأزهري: "كَانَ"1 الدَّارَقُطْنيّ ذكيا، إذا "نُوكِر"2 شيئًا من العلم أي نوع كَانَ وُجِد عنده من نصيب وافر. ولقد حَدّثَنِي مُحَمَّد بن طلحة النِّعَالي أَنَّهُ حضر مَعَ الدَّارَقُطْنيّ دعوة، فجرى ذِكْر الْأكَلَة، فاندفع الدَّارَقُطْنيّ يورد أخبار الْأكَلَة ونوادرَهم، حتى قطع أكثر ليلته بذلك. وقال الأزهري: رأيت الدارقطني أجاب ابن أبي الفوارس عَنْ علّة حديث أو اسم، ثم قَالَ: يا أَبَا الفتح لَيْسَ بين الشروق والغرب من يعرف هذا غيري. وقَالَ البَرْقَاني: كَانَ الدَّارَقُطْنيّ يُمْلي عَليّ العِلَل من حفظه، فمن أراد أن يعرف قدر ذَلِكَ، فليطالع كتاب العلل للدَّارَقُطْنيّ، ليعرف كيف كَانَ الحُفّاظ. قال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت الدارقطني يَقُولُ: ما فِي الدُّنيا شيء أبغض إليّ من الكلام. ونقل ابن طاهر المقدسي أنهم اختلفوا ببغداد، فَقَالَ قوم: عثمان افضل، وقَالَ قوم: عَلِيّ أفضل. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: فتحاكموا إليّ، فأمسكت، وقلت الْأمساك خير، ثم لم أر لديني السكوت، فدعوت الَّذِي جاءني مستفتيا، وقلت: قل لهم: عثمان أفضل باتفاق جماعة أصحاب مُحَمَّد -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا قول أهل السُّنَّة، وأول عقْد يُحِلَّ من الرفض. قَالَ الخطيب: فسألت البَرْقَاني: هَلْ كَانَ أَبُو الْحَسَن يُمْلِي عليك العلل من حِفْظِه؟ قَالَ: نعم، وأنا الَّذِي جمعتها، وقرأها الناس من نسختي. ثم قَالَ الخطيب: وحدثني العتيقي، قَالَ: حضرت الدَّارَقُطْنيّ، وجاء أَبُو الْحُسَيْن البيضاوي يغرب ليسمع منه، فامتنع واعتلّ ببعض العلل، وقَالَ: هذا رَجُل غريب، وسأله أن يُمْلِي "عَلَيْهِ"3 أحاديث، فأملى عليه أبو الْحُسَيْن من حفظه مجلسًا تزيد أحاديثه عَلَى "العشرة"4 متون

_ 1 في الأصل "قال". 2 في الأصل "ذكر". 3 في الأصل "عليه أحاديث". 4 في الأصل "العشرين".

جميعها: نِعْم الشيء "الهدية"1 أمام الحاجة، فانصرف الرجل، ثم جاءه بعد، وقد أهدى له شيئًا، فقربه وأملى عَلَيْهِ من حفظه سبعة عشر حديثًا: "إذا أتاكم كريم فأكرموه" 2. وقَالَ مُحَمَّد بْن طاهر المقدسي: كَانَ للدَّارَقُطْنيّ مذهب فِي التدليس خَفِيّ، يَقُولُ فيما لم يسمعه من أَبِي القاسم البَغَوي: حدَّثَكم فلان. قلت: وأخذ الدَّارَقُطْنيّ عَنْ أَبِي بَكْر بْن مجاهد سماعًا، وقرأ عَلَى أَبِي بَكْر النَّقاش، وعَلِيّ بْن سَعِيد القزّاز، وأَحْمَد بْن بَويان، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الديباجي، وبرع فِي القراءات، وتصدّر فِي آخر أيامه للإقراء. وقد نقلت من خطه حديثًا، والجزء بوقف "الضّيائية"3. ووقع لي حديثه عاليا بالإجازة، وقد أَنْبَأَنَا المسلّم بْن علان أنّ أَبَا اليُمن الكِنْدي آخرهم، أَنَا منصور الشيباني، أنا أبو بكر الخطيب، حدثني أَبُو نصر عَلِيّ بْن هبة اللَّه بْن ماكولا قَالَ: رَأَيْت فِي المنام فِي شهر رمضان كأني أسأل عَنْ حال الدَّارَقُطْنيّ فِي الآخرة ما آل إِلَيْهِ أمره؟ فقيل لي: ذاك يُدعى فِي الجنة الْإمَام. قلت: تُوُفِّي فِي ثامن ذي القعدة. 172- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الصبّاح العطّار البغدادي، يعرف بابن المريض4. سَمِعَ: أبا القاسم البَغَوي، وابْن أَبِي دَاوُد. وعنه: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو مُحَمَّد الجوهري، وَأَبُو طَالِب العشاري. قَالَ الخطيب: وكان صدوقًا. مات فِي رجب.

_ 1 في الأصل "الحدية". 2 "حديث حسن لغيره": أخرجه ابن ماجه "2/ 37"، والحاكم "4/ 292"، والطبراني "2/ 370" في الكبير، و"2/ 12" في الصغير، وأبو نعيم "6/ 205" في الحلية، والبيهقي "8/ 168" في سننه الكبرى. 3 في الأصل "الضبابية". 4 تاريخ بغداد "12/ 93".

173- علي بن محمد بن معاذ المعدل الملقابادي. سَمِعَ: أَبَا نُعَيْم بْن عدِيّ، ومُحَمَّد بْن حمدون، وعنه الحاكم. 174- عليّ بْن معروف البغدادي1. حَدَّثَ في هذه السنة، وتُوُفّي بعدها. عَن الباغندي، والبغوي، وابن أبي داود، وغيرهم. وعنه: عَبْد العزيز الْأزجي، وجماعة. وثّقه الخطيب. 175- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه القِزْوِيني القاضي. تُوُفِّي بمصر. 176- عُمَر بْن أحْمَد بْن عثمان بْن أحْمَد بْن أيوب بْن أزداذ الشَّيْخ، أَبُو حفص بْن شاهين الحافظ2 الواعظ، محدث بغداد ومفيدها. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الباغندي، وأَبَا خبيب العبّاس بْن البِرْتي، وأَبَا القاسم البَغَوي، وشعيب بْن مُحَمَّد الذرّاع، ومُحَمَّد بْن هارون بْن المجدّر، وأَبَا بَكْر بْن أَبِي دَاوُد بْن صاعد، وأَبَا عَلِيّ مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان المالكي، ورحل فِي الكهولة فسمع بدمشق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي ثابت، وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن زبّان، وطائفة سواهم، ووُلِد سنة سبعٍ وتسعين ومائتين، وأوّل سماعه سنة ثمان وثلاثمائة. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الورّاق رفيقه، وهلال الحفّار، وَأَبُو سعد الماليني، وَأَبُو بَكْر البَرْقَاني، وَأَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وابنه عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر بْن شاهين، وَأَبُو مُحَمَّد الجوهري، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه المؤدب، ومُحَمَّد بن عَبْد الوهاب بْن الشاطر النقيب، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن المهتدي، وآخرون. قَالَ ابن ماكولا: ثقة مأمون سَمِعَ بالشام والعراق والبصرة وفارس، وجمع الْأبواب والتراجم، وصنَّف كثيرًا. وقَالَ أَبُو الْحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه، قَالَ: أَنَا ابن شاهين: صنَّفت ثلاثمائة مصنف وثلاثين مصّنفًا، أحدها التفسير الكبير ألف جزء، وألف وثلاثمائة جزء، والتاريخ مائة

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 113". 2 تاريخ "11/ 365"، والمنتظم "7/ 282"، والبداية والنهاية "11/ 316"، وسير أعلام النبلاء "16/ 431-435".

وخمسون جُزْءًا والزهد مائة جزء، وأوّل ما حدثت بالبصرة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة. قَالَ الخطيب: سَمِعْتُ القاضي أَبَا بَكْر مُحَمَّد بن عمر الداوودي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حفص بْن شاهين يَقُولُ: حسبت ما اشتريت بِهِ الحِبْر إلى هذا الوقت، فكان سبعمائة درهم. قال الداوودي: وكنّا نشتري الحِبْر كلّ أربعة أرطال بدرهم. قلت: ما يلحق الشخص أن يكتب بهذا كلّه بل كَانَ يستنسخ، وقد حدّثني شيخنا أَبُو الْعَبَّاس أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم المَوْصِلي قَالَ: كَانَ عندنا تفسير ابن شاهين بواسط فِي نحو ثلاثين مُجلّدًا. وقَالَ الْأزهري: كَانَ ابن شاهين ثقة، وكان عنده عن البغوي سبعمائة جُزْء. وقَالَ أَبُو الفتح بْن أَبِي الفوارس: كان ابن شاهين ثقة مأمونًا، قد جمع وصنَّف ما لم يصنّفه أحد. وقَالَ حمزة السَّهْمي: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنيّ يَقُولُ: ابن شاهين يلحّ عَلَى الخطأ، وهو ثقة. وقَالَ الخطيب: سَمِعْتُ مُحَمَّد بْن عمر الداوودي يَقُولُ: كَانَ ابن شاهين ثقة، يشبه الشيوخ، إلا أَنَّهُ كَانَ لَحّانًا، وكان لا يعرف من الفقه لا قليلا ولا كثيرًا، كَانَ إذا ذُكِر لَهُ مذاهب الفقهاء كالشافعي وغيره يَقُولُ: أَنَا محمدي المذهب، ورأيته يومًا اجتمع مَعَ الدَّارَقُطْنيّ فما نطق خوفًا من أن يخطئ بحضرة أَبِي الْحَسَن، وسمعته يَقُولُ: أَنَا أكتب ولا أعارض. قَالَ العتيقي: تُوُفِّي فِي ذي الحجّة. 177- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى الجلاب، يروي عَنْ مُحَمَّد بْن الربيع بْن سليمان. "حرف القاف": 178- قتادة1 بْن مُحَمَّد بْن قتادة النيسابُوري، سَمِعَ أَبَا حامد بْن بلال وعَبْد اللَّه بْن الشرفي.

_ 1 في الأصل "وناد".

"حرف الميم": 179- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حم، أَبُو الفضل النيسابُوري الْجُلُودي الواعظ1. سَمِعَ الكثير من: أَبِي بَكْر القطّان والأصم، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وعدة. روى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم. 180- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حامد بْن مُوسَى بْن الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن يزيد بْن مسلمة ابن الخليفة عَبْد الملك بْن مروان، أَبُو بَكْر بْن الأزرق الأموي المصري2. صار إلى القيروان سنة ثلاث وأربعين، فحبسه بنو عُبَيْد بالمهدية نحو أربعة أعوام، ثم خلّصه اللَّه، وقدِم الْأندلس فِي سنة تسعٍ واربعين، فأكرمه المستنصر، وأثبته فِي ديوان قريش. وكان أديبًا حليمًا. رَوَى عَنْ: عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مطر الإسكندراني، وخاله أحْمَد بْن مَسْعُود الزُّبَيْرِي، وابْن الصَّمُوت. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: كتبت عَنْهُ جزءًا، وقَالَ لي: ولدت سنة تسع عشرة وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ذي القعدة. وقد حدّثت من حفْظه بحديث أخطأ فِيهِ. 181- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن يحيى أَبُو بَكْر النيسابُوري الكسائي الْأديب3. تخرّج بِهِ جماعة فِي العربية. قَالَ الحاكم: ثم إنه عَلَى كِبَر السّنّ حدّث بصحيح مُسْلِم من كتاب جديد بخطّه عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سُفْيَان، فأنكرتُ عَلَيْهِ، فعاتبني، فقلت: لو أخرجت أصلك وأخبرتني بالحديث على وجهه، فقال: قد كَانَ والدي يُحْضِرُني مجلس ابن سُفْيَان بسماع هذا الكتاب، ثم لم أجد سماعي فَقَالَ لي أَبُو أحْمَد بْن عيسى: قد كنت أرى أباك يقيمك

_ 1 اللباب "1/ 288"، والأنساب "3/ 282". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 115-118". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 465"، وميزان الاعتدال "3/ 450"، وشذرات الذهب "3/ 117".

فِي المجلس تسمع وأنت تنام لِصغَرِك، ولم يبق بعدي من يروي هذا الكتاب غيرك، فاكتب من كتابي فإنك تنتفع به، فكتبته من كتابه، فقلت: هذا لا يحلّ لك، فقام وشكاني. قلت: رَوَى عَنْهُ: أَبُو مَسْعُود أحْمَد بْن مُحَمَّد البَجَلي الرّازي صحيح مُسْلِم. وتُوُفِّي ليلة النَّحر، ولم يرو عَنْهُ الحاكم شيئًا. 182- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سهل، أَبُو سَعِيد الهَرَوِي القرَّاب. تُوُفّي فِي ذي القعدة. 183- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن مُحَمَّد، أَبُو العَبَّاس بْن سكرة الهاشمي الأديب1. بغدادي من ذرّيّة أَبِي جَعْفَر المنصور. كان متسع الباع إلى أنواع الْأبداع، فائق الشعر، لا سيما فِي المُجُون والسّخف، وكان يقال ببغداد: إن زمانًا جاد بمثل ابن سكَّرة وابْن الحَجَّاج لَسَخِيٌ جدًا، وقد شُبِّها فِي وقتهما بجرير والفرزدق فِي وقتهما، ويقال إنّ ديوان ابن سُكَّرة يُرْبي عَلَى خمسين ألف بيت. وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر. ومن شعره: فِي وجه إنسانَة كَلِفْتُ بها ... أربعة ما اجتمعن فِي أَحَدِ الوجه بدر والصدغ غاليةٌ ... والرِّيقُ خمرٌ والثَّغْرُ من بَرَدِ وقَالَ أَبُو القاسم التنوخي: أنشدنا ابن سُكَّرة لنفسه، وكان طيب المزاج: وقائل قال لي لا بد من فرج ... فقلت واغتظت كم لا بد من فرج فَقَالَ لي بعد حين قلت وَاعَجَبًا ... من يَضْمَنُ العُمْرَ لي يا بارد الحُجَج وله: غُصْنُ بانٍ وفي اليد منه ... غصن فيه لؤلؤ منظوم

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 522"، والبداية والنهاية "11/ 318"، والنجوم الزاهرة "4/ 173".

فتحيّرت بين غصنين فِي ذا ... قمرٌ طالعٌ وفي ذا نجومُ 184- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نصر بْن ورقاء، أَبُو بكر "الأودني1 وأودن"2 قرية من قري بُخَارَى. قيّده ابن السمعاني بضم الهمزة، وابْن ماكولا ومن تبعه على فتحها. كَانَ إمام الشافعية فِي زمانه بما وراء النهر، وهو من أصحاب الوجوه. وقَالَ الحاكم: هذا من أزهد الفقهاء وأورعهم وأعبدهم وأبكاهم عَلَى تقصيره، وأشدهم تواضعًا وإنابة. قلت: رَوَى عَنِ الهيثم بْن كُلَيْب الشّاشي، وعَبْد المؤمن بْن النَّسَفي، ومُحَمَّد بْن صابر الْبُخَارِيّ. رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو عَبْد اللَّه الحليمي، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن غُنْجار، وجعفر المُسْتَغْفِري، وتُوُفِّي ببُخَارَى فِي شهر ربيع الآخر. ومن غرائب وجوهه أنّ الرِّبا حرام فِي كل شيء، فلا يجوز بيع مالٍ بجنسه مُطْلَقًا. ومن شيوخه ببُخَارَى يعقوب بْن يوسف القاسمي. 185- محمدُ بنُ عُبَيْد الله بْن الحُسَيْن، أَبُو بَكْر الْإصبهاني3. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن هارون الرُّويَاني، وعباس بْن الوليد بْن شجاع ابن أخي أَبِي زُرْعَة الرازي. رَوَى عَنْهُ: أحْمَد بْن محمود الثقفي، وكان ثقة مأمونًا. تُوُفِّي فِي ربيع الآخر، وروى عَنْهُ أيضًا أَبُو نُعَيْم، ووصفه بالعدالة، ولكن قَالَ: مات فِي ذي القعدة. 186- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن حَفْصَوَيْه، أَبُو الْحَسَن السَّرْخَسي جدّ الحافظ إِسْحَاق بْن إسحاق القراب. توفي في ذي الحجة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 465"، وشذرات الذهب "3/ 118"، واللباب "1/ 92". 2 في الأصل "الأردني وأردن". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 203".

187- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عثمان، أَبُو بَكْر البغدادي الطّرازي نزيل نيسابُور1. من كبار القرّاء والصُّلَحَاء. قرأ عَلَى: أَبِي بَكْر بْن مجاهد، وسمع أَبَا القاسم البَغَوي، ويحيى بْن صاعد، ودخل البصرة وإصبهان ثم نيسابُور، وكتب بها عَنْ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان وغيره. وكان عارفًا بالعربيّة والحديث. قَالَ الحاكم: خالف الْأئمّة فِي آخر عمره فِي أحاديث حدّث بها فِي ذي الحجة. رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور، وأبو سعد الكَنْجَرُوذِي وغيرهم. وقَالَ الخطيب: ذاهب الحديث. 188- مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن المُثَنَّى الفقيه، أَبُو بكر البغدادي الآبري الداوودي الطاهري2. سَمِعَ أَبَا القاسم البَغَوي، وأَبَا بَكْر بْن أَبِي داود، وأَبَا سَعِيد العدوي. رَوَى عَنْهُ: البَرْقَاني وقَالَ: كَانَ فقيهًا نبيلا عَلَى مذهب داوود. ولد سنة ثلاثمائة. 189- مظفر بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن بن برهان، أبو الفتح المقرئ3. أقرأ القرآن بدمشق مدّة، وصنّف كتابًا فِي القراءات، وقرأ عَلَى أَبِي القاسم عَلِيّ بْن العقب، وأَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن الْأخرم، وصالح بْن إدريس البغدادي، وحدّث عَنْ أحْمَد بن عبد الله بن نصر بن هلال، وإبراهيم بْن المولد الزّاهد، وابْن حَذْلَم، وأَبِي عَلِيّ الحضايري، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن فُطَيْس. وعنه: تمام الرازي، وأبو سعيد المَالِيني، وعَلِيّ بْن الْحَسَن الرَّبعي وجماعة. والصواب برهان، بالضم.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 466"، وميزان الاعتدال "4/ 28"، وتاريخ بغداد "3/ 225". 2 تاريخ بغداد "3/ 346". 3 معرفة القراء "1/ 283"، وغاية النهاية "2/ 300".

"حرف الهاء": 190- هاشم بْن الحَجَّاج، أَبُو الوليد البَطَلُيوسِي1. سَمِعَ: محمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بْن اصبغ، وحجّ، فسمع من أَبِي سَعِيد الْأعْرابي، وأَبِي حامد البغدادي، وأَبِي يحيى مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن المقرئ، وأَبِي مُحَمَّد بْن أسد بْن عَبْد الرَّحْمَن الكازروني، وخلق بمَكّة، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم السّرّاج، والفضل بْن عُبَيْد اللَّه بالقدس، وعلي بْن الْعَبَّاس الغَزِّي بغَزَّة، والحسن بْن مليح، وأَحْمَد بْن بَهْزَاد بمصر، واستقر ببَطَليوس، ثم سعى بِهِ إلى السلطان فامتحن، وأسكن قرطبة، فقرأ عَلَيْهِ كثيرًا وكان لا بأس بِهِ فِي ضَبْطه. تُوُفِّي فِي شوال. قاله ابن الفَرَضِيّ. "حرف الياء": 191- يوسف ابن الشَّيْخ أَبِي سَعِيد الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه السِّيرَافِي النَّحْوِيّ، أَبُو مُحَمَّد2. كَانَ إخباريا، لُغَوِيًّا، علامةً، عارفًا بالعربيّة معرفة جيّدة، تصدر فِي مجلس أَبِيهِ بعد موته، وقد كَانَ يفيد لَهُ في حياته، وكَمَّل بعض تصانيف أَبِيهِ، وشرح أبيات سِيَبَويْه، فجاء نهاية فِي بابه، وشرح إصلاح المنطق فأجاد، وله فِي اللُّغة مصنفات. تُوُفِّي فِي ثالثة من ربيع الآخر، وعمره خمسٌ وخمسون سنة. 192- يوسف بْن عُمَر بْن مسرور، أَبُو الفتح القوّاس الزّاهد. بغداديّ محدّث مشهور3. وسمع: أبا القاسم البغوي، وأبا بكر بن أَبِي دَاوُد، وابْن صاعد، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المغلّس، ومُحَمَّد بْن هارون الحَضْرَمِي، وخلقًا كثيرًا، ذكر فِي تراجمهم أنَّه رَوَى عَنْهُمْ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وعبد العزيز الأزجي، وأبو

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 172". 2 المنتظم "7/ 187"، والبداية والنهاية "11/ 319"، وبغية الوعاة "2/ 355". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 474"، وتاريخ بغداد "14/ 325"، والعبر "3/ 31".

ذَرّ الهَرَوِي، وآخر من رَوَى عَنْهُ أَبُو الْحُسَيْن بْن المهتدي. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة زاهدًا صادقًا، ولد سنة ثلاثمائة، وأوّل سماعه سنة ستّ عشرة، سَمِعْتُ عَلِيّ بْن مُحَمَّد السمسار يَقُولُ: ما أتيت يوسف القوَّاس إلا وجدته يُصلّي، وسمعت أَبَا بَكْر البرقاني والأزهري ذكرا القواس فقالا: كَانَ من الْأبدال، زاد الْأزهري: وكان مُجَاب الدعوة. وقَالَ أَبُو ذَرّ الهَرَوِي: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنيّ يَقُولُ: كُنَّا نَتَبرّك بأبي الفتح القوّاس وهو صبيّ. وقَالَ تمّام بْن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي وغيره: سمعنا القوّاس أَنَّهُ وجد فِي كتبه جزءًا فِي فضائل معاوية قد قَرَضَتْه الفارة، "فدعا"1 عليها، فسقطت فارة من السقف واضطربت حتى ماتت. وجاء عن أبي ذر العروي أَنَّهُ كَانَ حاضرًا لما ماتت. قَالَ العتيقي: مات فِي ربيع الآخر. كَانَ ثقة مستجاب الدعوة، ما رَأَيْت فِي معناه مثله. أَنْبَأَنَا ابن علان، أَنَا الكِنْدِي، أَنَا القزّاز، أَنَا الخطيب، حَدّثَنِي عَبْد الغفار الْأموي، حَدّثَنِي أَبُو الحسن بْن حُمَيْد، سَمِعْتُ أَبَا ذَرّ الهَرَوِي يَقُولُ: كنت عند أبي ذَرّ القوّاس، فأخرج جُزْءًا فِيهِ قَرْضُ الفارة، فدعا اللَّه عَلَى الفارة التي قرضته، فسقطت من السقف فارة، لم تزل تضطرب حتى ماتت. وذكر أَبُو الفتح أنه كان يكتب من لفظ المستملي، بل من لفظ الشَّيْخ، فذكر أن رجلا قَالَ لَهُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المنام يَقُولُ لي: من أراد السّماع كأنه يسمعه منّي فلْيَسمعه كسماع أَبِي الفتح القواس. وفيات سنة ست وثمانين وثلاثمائة: "حرف الألف": 193- أحْمَد بْن أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن يحيى، أبو حامد المزكي النيسابوري2.

_ 1 في الأصل "فدعى". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 496"، والمنتظم "7/ 188"، والبداية والنهاية "11/ 319".

قَالَ الحاكم: لَهُ إجازة من أَبِي الْعَبَّاس الدَّغُولي بخطّ يده، وسمع من مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطان، وبمكة من ابن الْأعْرابي، وببغداد من البختري والصّفّار وطبقتهم. رَوَى عَنْهُ: أَبُوهُ، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن المظفَّر الحافظ، أملى ببغداد ونيسابُور، وحضر مجالسه القضاة والأشراف، وخرّجْت لَهُ فوائد، وتُوُفِّي فِي شعبان، ومولده سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وصحبته ببغداد، وبطريق مكّة، وعندي أنّ الملائكة لم تكتب عَلَيْهِ خطيئة، وصام الدهر نيّفًا وعشرين سنة، وكان عابدًا. قلت: وهو أحد الْأخوة. حدّث بهَمَذَان، فروى عَنْهُ من أهلها جَعْفَر الْأبهري، وَأَبُو بَكْر الزِّنْجاني، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعْدَوَيْه، وآخرون، وَأَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلِيّ الواسطي، وَأَبُو سعد الكَنْجَرُوذِي. 194- أحْمَد بْن عَبْد الوهاب بْن الْحُسَيْن بْن سُفْيَان بْن يوسف، أَبُو عَلِيّ البغدادي القاضي نزيل مصر. حدّث وتُوُفِّي فِي المحرَّم. 195- أحْمَد بْن عبد الله بن نعيم بن الجليل، أَبُو حامد النُّعَيْمي1. رَوَى صحيح الْبُخَارِيّ. سَمِعَ: أبا عبد الله الفربري، وأَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الدَّغولي، والْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن مُصْعَب، وإبراهيم بْن حمدويه السلمي، "وأبا"2 أحمد بن إِسْحَاق السَّرْخَسي، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو يعقوب القرّاب، وَأَبُو الفتح بْن أَبِي الفوارس، وَأَبُو بَكْر البَرْقَاني، وَأَبُو حازم العَبْدَوي، وَأَبُو منصور الكرابيسي، وَأَبُو عُمَر عَبْد الواحد بْن أحْمَد المليحي شيخ محيي السُّنَّة البَغَوي وغيرهم. وهو سرخَسي نزل هراة واستوطنها، وتوفي في ربيع الأول. 196- أحمد بن علي بن مُحَمَّد، أَبُو عَلِيّ المدائني المعروف بالحاكم3، أحد الأدباء المذكورين.

_ 1 العبر "3/ 31"، والنجوم الزاهرة "4/ 175"، وشذرات الذهب "3/ 119". 2 في الأصل "أبو". 3 النجوم الزاهرة "4/ 174".

سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن دُرَيْد وجماعة، وصحب عضد الدولة بْن بُوَيْه، وكان راوية للشعر. رَوَى عَنْ: عَلِيّ بْن المحسّن التنوخي، وهلال بْن المحسّن الصّابي، وذكر أنّه كَانَ يحفظ ثلاثين ألف بيت شعر. 197- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن "جعلان"1. رَوَى عَنْ أَبِي بَكْر بْن الْأنباري. وعنه: ابن المحسّن التنوخي. 198- أحْمَد بْن مُوسَى بْن أحْمَد بْن خصيب، أَبُو بَكْر الْأندلسي المعروف بابن الْإمَام2. ولي القضاء ببعض مدن الْأندلس، وسمع من عُمَر بْن يُوسف ومُحَمَّد بْن شبل، وعاش ستين سنة. 199- أحْمَد بْن أَبِي اللَّيْث نصر بْن مُحَمَّد النَّصِيبي الْمَصْرِيّ الحافظ. قدم نيسابُور3. قَالَ الحاكم هُوَ باقعة فِي الحِفْظ، شبهت مذاكرته بالحفظ بالسِّحْر، وكان يتقشّف، وجالس الصالحين، ثم ذهب إلى ما وراء النهر، وأقبل عَلَى الْأدب والشعر، ودخل فِي الْأعمال السلطانية، ثم اجتمعت بِهِ هناك، وحِفْظُه كما كَانَ، فكنت أتعجب منه. سَمِعَ: أحْمَد بْن عَبْد الرحيم القَيْسَراني، وأَبَا هاشم الكتّاني بالشام وأَبَا عَبْد اللَّه الحكيمي، وأَبَا عَلِيّ الصّفّار ببغداد، وأَبَا الْعَبَّاس الْأصمّ بنيسابُور، وأصحاب يونس بْن عَبْد الأعلى بمصر. روى عنه: الحاكم، وجماعة. "حرف الجيم": 200- جُنْدُب بْن أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن خَالِد، أَبُو ذَرّ المهلّبي الأزدي الجرجاني4.

_ 1 في الأصل "جعدان". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 56". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 56"، وشذرات الذهب "3/ 122". 4 تاريخ جرجان "182".

رَوَى عَنْ: أَبِي إِسْحَاق البحري، ومُحَمَّد بْن الحسين بن ماهيار، ودعلج السجزي، وجماعة. وكان فقيهًا خيِّرًا. قَالَ ابْن ماكولا: مات في رجب سنة ست. "حرف الحاء": 201- حمد بْن مُحَمَّد بْن حمدون النيسابُوري، أَبُو منصور الْجَوْزَجَاني الفقيه. تفقه ببَلْخ عند أَبِي القاسم الصّفّار، وحدّث عَنْ أَبِي العبّاس الدّغُولي وطبقته، وعمر نَيِّفًا وتسعين سنة. 202- الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم بْن زولاق، أَبُو مُحَمَّد1. أحد علماء الديار المصرية، وصاحب التصانيف والتواريخ. مولده فِي حدود سنة ست وثلاثمائة، ومن كبار شيوخه أَبُو جَعْفَر الطَّحاوي، ورحل إلى دمشق بعد الثلاثين، ولم يؤرِّخْه ابن عساكر. "حرف السين": 203- سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن مسلمة بْن مُحَمَّد بْن تيري، أَبُو بَكْر القُرْطُبي2. سَمِعَ من: عمه خطاب بن مسلمة، وقاسم بن أصبغ. وولّي قضاء قرمونة. وتُوُفِّي وصلّى عَلَيْهِ أخوه مسلمة الزاهد. "حرف الصاد": 204- صالح بن جَعْفَر، أَبُو الفرج الرازي3. حدّث عن: أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن زياد النيسابُوري. وعنه: أَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو القاسم التنوخي، وجماعة. أحاديثه تدل عَلَى صِدقه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 462"، والبداية والنهاية "11/ 321". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 173". 3 تاريخ بغداد "9/ 332".

"حرف العين": 205- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن حسنون، أَبُو أحمد السامري البغدادي1. 206- عَبَّاس بْن أصبغ بْن عَبْد العزيز الهمذاني الحجاري، أَبُو بَكْر القُرْطُبي2، ولم يكن من أهل وادي الحجارة فيما قِيلَ. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن عبد الملك بن أيمن، وعبد الله بن يونس، وسيد أَبِيهِ الزّاهد، وسعيد بْن جَابِر، وعباس بْن مُحَمَّد، وكان ضابطًا لما كتب. قرأ الناس عَلَيْهِ كثيرًا، وتُوُفِّي فِي ذي القعدة، وله اثنتان وثمانون سنة. 207- عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن مالك، أَبُو مُحَمَّد البغدادي البيّع3. سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن داود، ومحمد بن منصور الشيعي، وسعيدًا أخا زُبَير الحافظ. رَوَى عَنْهُ: العتيقي، وَأَبُو طَالِب النيسابُوري، وَأَبُو حازم مُحَمَّد بْن الفرّاء. وثقه ابن أبي الفوارس. تُوُفّي فِي جُمَادَى الْأولى. 208- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن حسنون، أَبُو أحْمَد السامري البغدادي المقرئ4، مُسْنَد ديار مصر بالقراءات. ذكر أَنَّهُ قرأ لحفص عَلَى أحْمَد بْن سهل الْأشناني صاحب عُبَيْد بْن الصباح، وقرأ للسوسي عَلَى أصحابه أَبِي الْحَسَن بْن الرَّقّي، وأَبِي عثمان النَّحْوِيّ، وأَبِي عمران مُوسَى بْن جرير النَّحْوِيّ، وقرأ لقالون عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن شنبوذ، وقرأ للدوري وغيره على أبي بكر بْن مُجاهد، وكذا قرأ عَلَى ابن شنبوذ بطُرُق متعددة. قرأ عَلَيْهِ: أَبُو الفضل مُحَمَّد بْن جَعْفَر الخُزَاعي، وَأَبُو الفتح فارس بْن أحمد، ويوسف بن رباح البصري، وعبد الساتر بن الذرب باللاذقية، وَأَبُو الْحُسَيْن القَيْسي الخشّاب، وَأَبُو القاسم عَبْد الجبار بْن أحْمَد الطَّرَسُوسِي ثم الْمَصْرِيّ، قرأ عَلَيْهِ بمذاهب السبعة، ورواياته عَنْهُ فِي كتاب العنوان وآخر من قرأ عَلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاس أحْمَد بْن سَعيد بْن أَحْمَد بْن نفيس شيخ ابن الفحام.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 442". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 298". 3 تاريخ بغداد "9/ 394"، والمنتظم "7/ 188". 4 سير أعلام النبلاء "16/ 515"، والعبر "3/ 32"، وتاريخ بغداد "9/ 442".

وقد وقع لنا بحمد اللَّه من طريقه رواية حفص السوسي بعلو، من قراءتي عَلَى أصحاب الصَّفْراوي عَنْهُ. إلا أنّ السَّامريّ قد تكلم فيه بعضهم، فقال محمد بن عَلِيّ الصُّوري: قَالَ أَبُو القاسم "العُنّابي"1 البزّاز: كنّا يومًا عند أَبِي أحْمَد المقرئ فحدّثنا عَنْ أَبِي العلاء مُحَمَّد بْن أحْمَد الوكيعي، فاجتمعت بأبي مُحَمَّد عَبْد الغني بْن سَعِيد، فذكرت ذَلِكَ لَهُ، فاستعظمه، وقَالَ: سَلْه مَتَى سمع منه؟ فرجعت إليه، فقال: سمعت منه بمكة في الموسم، سنة ثلاثمائة، فأتيت عبد الغني فأخبرته، فَقَالَ: أَبُو العلاء مات عندنا فِي أول سنة ثلاثمائة. ثم عبرت معه بعد مدة، وَأَبُو أحْمَد قاعد يُقرئ، فقلت لَهُ: لا أسلّم عَلَى من يكذب فِي حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقَالَ صاحب العنوان: إنه قرأ لأبي الحارث اللَّيْث عَنِ الكسائي، عَلَى عبد الجبار الطرسوسي، عن قراءته عَلَى أَبِي أحْمَد السامريّ، وتلا أَبُو أحْمَد برواية المذكور عَلَى مُحَمَّد بْن يحيى الكسائي الصغير، عن قراءته عَلَى اللَّيْث. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه القصّاع: كذا نقل الجماعة عَنْ أَبِي أحْمَد أَنَّهُ قرأ عَلَى مُحَمَّد بْن يحيى، وهو وَهْمٌ، لأنّه تُوُفِّي سنة ثمانين ومائتين، وولد أَبُو أحْمَد بعد موته بنحو خمس عشرة سنة. وقَالَ الخطيب: قَالَ الصُّوري: وقد ذكر أَبُو أحمد أنه قرأ على محمد بن يحيى الكِسَائي، فكان الْأمر من ذَلِكَ بعيدًا. قلت: وهذا وَهْم، وقع لأبي أحْمَد رجع عَنْهُ، وأنمّا يروي هذه القراءة عَنْ مجاهد تلاوة عَنْ مُحَمَّد بْن يحيى سماعًا لحروفها، وكذا رَوَاهُ لأبي عمرو الداني فِي جامع البيان، فَقَالَ: قرأت بها عَلَى شيخنا أَبِي الفتح، وقَالَ: قرأت عَلَى عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن، قال: قرأت على ابن مجاهد، قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بْن يحيى الكِسَائي، عَنِ اللَّيْث بْن خَالِد، عَنِ الكِسَائي. قلت: وَأَبُو الفتح من أثبت القُرّاء وأتقنهم، وأما أَبُو القاسم الْجَدَلي، وابْن الفحّام، وغيرهما ممّن عنده طرق أَبِي أحْمَد، فلم يذكروا قراءة أبي أحمد عن محمد

_ 1 في الأصل "العناني".

ابن يحيى أصلا، وقد رواها، أعني "رواية مُحَمَّد"1 بْن يحيى أَبُو الْحَسَن بْن شنبوذ، وقد سقط اسمه عَلَى صاحب العنوان، واللَّه أعلم. وأنا "أستغرب"2 قراءة أَبِي أحْمَد عَلَى أحْمَد بْن سهل الْأشناني فإنه تُوُفِّي سنة سبعٍ وثلاثمائة، ومولد أَبِي أحْمَد سنة خمسٍ وسبعين ومائتين، فيكون قد قرأ عَلَيْهِ وهو ابن اثنتي عشرة سنة إنْ كَانَ قد قرأ عَلَيْهِ. تُوُفِّي ليلة السبت لثمانٍ بقين من المحرم. وذكر يحيى بْن الطحّان أن أَبَا أحْمَد رَوَى عَنْ أَبِي العلاء الكوفي وعَبْد اللَّه بن المعتز، وعون بْن المعتزّ، وعَوْن بْن أَبِي المزرّع. قلت: ولم يدرك ابن المعتز، فسألت اللَّه السلامة، فقد بان ضعف أبي أحمد وتخليطه فيا حينه. 209- عبد الرحمن بن محمد بن الخطيب بْن رسته، أَبُو عَلِيّ الضبيّ الْإصبهاني3. سَمِعَ: الْحَسَن بْن مُحَمَّد الداركي، وأَبَا عمرو ابن عقبة، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن أَبِي عَلِيّ، وَأَبُو نُعَيْم الحافظ، وَأَبُو نصر إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الكِسَائي. 210- عَبْد الكبير بْن مُحَمَّد بْن عفير، أَبُو مُحَمَّد الحكمي الْأندلسي المقرئ4. سَمِعَ من: أَبِي جَعْفَر بْن النّحّاس، وأَبِي سَعِيد بْن الْأعْرابي، وقاسم بْن أصبغ، والمظفر بْن أحْمَد الْمَصْرِيّ، وقرأ عَلَى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أشته ومُحَمَّد بْن عَلِيّ. وأقرأ الناس بقُرْطُبَة مدَّةً، وتُوُفِّي فِي صفر. 211- عَبْد اللَّه بْن أَبِي زيد، وأبو محمد فقيه القيروان.

_ 1 تكررت في الأصل. 2 في الأصل "المستقرب". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 123". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 295".

تُوُفِّي سنة ستٍ وثمانين، وقيل سنة تسعٍ، وقد ذُكِر هنالك. 212- عُبَيْد اللَّه بْن فرج بن مروان القرطبي النحوي ويعرف بالطوطالقي1. أخذ عن أبي علي القالي وأبي عبد الله الرياحي، وطائفة، وبرع في اللغة. وبرع في النحو والآداب، وقد اختصر كتاب المدونة، وأجاد. توفي في عشر السبعين. 213- عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن جميل، أبو أحمد الإصبهاني2. سمع من: جده إسحاق مسند أحمد بن منيع وسمع من الْحَسَن بْن عثمان الفَسَوي: كُتُبَ يعقوب بْن سُفْيَان، وسمع من أحْمَد بْن جَعْفَر بْن مَحْمَوَيْه البغدادي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر أحْمَد بن موسى بن مردويه، وأبو بكر بن أَبِي عَلِيّ الذكواني، وَأَبُو نُعَيْم الحافظ، وعَلِيّ بْن القاسم بْن إِبْرَاهِيم بْن شنبويه المقرئ، وَأَبُو نصر إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الكِسَائي، وعثمان بْن أحْمَد بْن سَعِيد الخلال، وعَبْد الواحد بْن أحْمَد المعلّم. قَالَ ابن مَرْدَوَيْه: تُوُفِّي فِي شَعْبان. 214- عَلِيّ بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مهران الْإصبهاني3. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن سَعِيد الفارسي، عَنْ زيد بْن أخرم. وعنه: أَبُو بَكْر بْن أَبِي عَلِيّ، وَأَبُو نُعَيْم. 215- عَلِيّ بْن القاضي أَبِي عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل الضبيّ المحامليّ، أَبُو القاسم البغدادي4. سَمِعَ: أَبَاهُ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد الباغَندي، وابْن زياد النيسابوري. وعنه: ابن أخيه أحْمَد بْن عَبْد اللَّه، وَأَبُو القاسم الْأزهري، وتوفي في شعبان. وثقه الخطيب.

_ 1 إنباه الرواة "3/ 153". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 535"، وذكر أخبار أصبهان "2/ 106"، والعبر "3/ 33". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 23". 4 تاريخ بغداد "11/ 400".

216- عَلِيّ بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن شاذان، أَبُو الْحَسَن الحِمْيَري البغدادي1 الحربي يعرف بالسكري وبالختلي، وبالصيرفي، وبالكيّال. سَمِعَ: أحْمَد الصوفي، وعَلِيّ بْن سراج، وعباد بْن عَلِيّ السيريني، ويحيى بْن مُحَمَّد الباغَنْدِي، والهَيْثَم بْن خلَف، وأَبَا حبيب بْن البرْتي، وعَلِيّ بْن إِسْحَاق بْن زاطيا، وعيسى بْن سُلَيْمَان، والحسن بْن الطيب البلْخي، وعَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن حبّان، وجماعة. تفرّد بالرواية عَنْ جماعة منهم. رَوَى عنه: أبو القاسم الأزهري، وأبو محمد الخلال، وَأَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَالْعَتِيقِيُّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ التَّنُّوخِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفَرَّاءُ، وَأَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الدَّجَاجِيُّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ المَأْمُونِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهْتَدِي بِاللَّه وَهُوَ آخِرُهُمْ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُورِ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الْأبْرَقُوهِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بن عمر الأرموي، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ زُبَيْرٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عُتَيْقٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِوَضْعِ "الْجَوَائِحِ"2 وَنَهَى عَنْ بَيْعِ "السِّنِينَ"3. قَالَ التنوخي: سَمِعْتُ الحربي يَقُولُ: وُلِدت سنة ستٍ وتسعين ومائتين، وأوّل سماعي سنة ثلاث وثلاثمائة من الصوفي. قَالَ الخطيب: قَالَ البَرْقَاني، عَنِ الحربي: لا يساوي شيئًا، فسألت الْأزهري عَنْهُ فَقَالَ: صدوق، وكان سماعه فِي كتب أخيه، لكن بعض المحدثين قرأ عليه منها شيئًا، لم يكن سماعه، وأما الشَّيْخ فكان فِي نفسه ثقة. وقال الأزجي: كان صحيح السماع.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 538"، العبر "3/ 33"، والمنتظم "7/ 188". 2 في الأصل "الجرائح" وهو تصحيف. 3 أخرجه مسلم رقم "1554" في المساقاة باب وضع الجوائح وأبو داود رقم "3374، 3470"، في الإجارة باب وضع الجائحة وباب بيع السنين والنسائي "7/ 264، 265" في البيوع باب وضع الجوائح.

وقَالَ العتيقي: كَانَ ثقة ذهب بصره فِي آخر عمره، وتُوُفِّيَ فِي شوّال. 217- عليّ بْن محمد بْن أحمد اليزداذي الرازي نزيل ما وراء النهر1. رَوَى عَنْ أَبِي بَكْر بْن زياد النيسابُوري، وابني المَحَامِلي: القاسم والْحُسَيْن، وغيرهم. يعرف بالخازن، ولي القضاء بمدائن عدة. "حرف الغين": 218- غزوان بْن القاسم بْن عَلِيّ، أَبُو عمرو المازني البغدادي ثم الْمَصْرِيّ2. رَوَى عَنِ: الْحَسَن بن مليح، وقرأ القرآن على ابن شنبوذ، وأقرأ. عُمُّر ستًا وتسعين سنة. وقَالَ الداني: قرأ عَلَى ابن مجاهد، وكان مساهرًا ضابطًا. تلا عليه إسماعيل بن عمرو الحداد. "حرف الميم": 219- المثّنى بْن مُحَمَّد بْن المثنّى، أَبُو الهيثم "الْأزْدِيّ"3 المَرْوَزِي4. حدّث عَنْ: أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المُنْكَدِري، وعَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه. رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر المُسْتَغْفِري، وَأَبُو العلاء الواسطي، وعلي بْن طلحة. 220- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم السوسي شيخ الصوفية بدمشق5. رَوَى عَنْ: أَبِي عَلِيّ مُحَمَّد بن شعيب، وأبي عبد الله الروذباري. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الترجمان.

_ 1 اللباب "3/ 411". 2 معرفة القراء "1/ 264". 3 في الأصل "الأردني". 4 تاريخ بغداد "13/ 174". 5 النجوم الزاهرة "4/ 175".

221- مُحَمَّد بْن حسّان بْن مُحَمَّد الفقيه، أَبُو عَبْد اللَّه بْن أَبِي الوليد النيسابُوري الشافعي. أفتى ودرّس زمن أَبِيهِ، وروى عَنِ ابن الشرفي، وابْن عَبْدان. وعنه: الحاكم وجماعة. مات فِي شوال، وله أربعٌ وثمانون سنة. 222- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم الْأسْتَرابَاذي، وقيل: إنه جُرْجَاني، الفقيه الشافعي المعروف بالخَتَن1. كَانَ خَتَن الإمام أبي بكر الإسماعيلي. ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وكان إمامًا فاضلا ورِعًا مشهورًا، وله وجوه حسنة فِي المذهب، وكان مُقدَّمًا فِي الْأدب، ومعاني القراءات والقرآن، مُنَاظِرًا. سَمِعَ الحديث من: أَبِي نُعَيْم عَبْد الملك بْن عدِيّ وجماعة بجُرْجَان، ومن عَبْد اللَّه بْن فارس ونحوه بإصبهان، ومن أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ بنيسابُور، وأكْثَرَ عن الأصم، وشرح التلخيص لأبي الْعَبَّاس بْن القاصّ. وخلّف من الْأولاد أَبَا بشر الفَضْل، وأَبَا النَّضْر عُبَيْد اللَّه، وأَبَا عمرو عَبْد الرَّحْمَن، وأَبَا الْحَسَن عَبْد الواسع. تُوُفِّي بجُرْجَان يوم عرفة، ودُفِن يوم الْأضحي. 223- مُحَمَّد بْن خراسان، "أَبُو"2 عَبْد اللَّه الْمَصْرِيّ. قرأ القرآن عَلَى المظَّفر بْن أحْمَد، وسمع من أَبِي جَعْفَر النّحّاس، وبرع فِي العربية، وسكن صقلّية. وحمل عَنْهُ جماعة، وعُمِّر ستًا وتسعين سنة. 224- مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن يزيد الفامي القِزْوِيني، أَبُو سُلَيْمَان. سَمِعَ من: أَبِيهِ، ومُحَمَّد بْن جمعة بْن زهير، والعباس بْن الفضْل بْن شاذان الرّازي، وغيرهم. وعاش تسعين سنة. 225- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد المؤمن، أَبُو عَبْد اللَّه القُرْطُبي المعلّم3، ابن بِنْت أصبغ بْن مالك، كَانَ عنده أصول جدّه أصبغ ويذكر أَنَّهُ سمعها، ويدّعي أنه

_ 1 تاريخ جرجان "437"، والنجوم الزاهرة "4/ 175"، وسير أعلام النبلاء "16/ 563". 2 في الأصل "أبي". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 99".

أدرك محمد بن وضاح، كان شيخًا تائهًا لا معرفة لَهُ. كتب عَنْهُ قوم حدثهم عن جده، ولو أرادوه عَلَى أن يحدّثهم عَنْ نوح عَلَيْهِ السلام لفعل. تُوُفِّي فِي المحرم، وقيل: إنه جاوز المائة، فاللَّه أعلم. 226- مُحَمَّد بْن عثمان بْن إِسْحَاق، أَبُو الفضل النَّسْفي. شيخ مُسِنّ. رَوَى عَنْ محمود بْن عنبر تسعين حديثًا، وهو أخر أصحابه. رَوَى عَنْهُ جَعْفَر المُسْتَغْفِري. 227- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عطيه، أَبُو طَالِب الحارثي المكّي1. مصنّف كتاب "قوت القلوب". كَانَ من أهل الجبل، ونشأ بمكّة وتزهّد، وله لسان حلو فِي التصوف. رَوَى عَنْ: عَلِيّ بْن أحْمَد المصِّيصي، وأَحْمَد بْن يوسف بْن جلاد النَّصِيبي، وأَحْمَد بْن الضَّحّاك الزّاهد، وأَبِي بَكْر الْأجُرّي، ومُحَمَّد بْن عَبْد الحميد الصَّنْعاني، ومُحَمَّد بْن أحْمَد المفيد، وغيرهم. رَوَى عَنْهُ: عَبْد العزيز الْأزجي. قَالَ الخطيب: حدّثني العتيقي، والأزهري أَنَّهُ كَانَ مجتهدًا فِي العبادة، وتُوُفِّي فِي جمادى الآخرة، وقَالَ لي أَبُو طاهر مُحَمَّد بْن عَلِيّ العلاف: إنه وعظ ببغداد، وخلّط فِي كلامه، وحُفظ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى المخلوقين أضرّ من الخالق، فبدعه الناس وهجروه. وقَالَ غيره: إنّ أَبَا طَالِب كَانَ يستعمل الرياضة كثيرًا، ولقي مشايخ وسَادَة، ودخل البصرة بعد وفاة أَبِي الْحَسَن بْن سالم، فانتهى إلى مقالته. قَالَ أَبُو القاسم بْن بشران: دخلت عَلَى شيخنا أَبِي طَالِب الْمَكِّيّ فَقَالَ: إذا علمت أَنَّهُ قد خُتم لي بخير فانثُرْ عَلَى جنازتي سكَّرًا ولوزًا، وقل: هذا حاذق، ثم قَالَ: خذ بيدي إذا احتضرت، فإذا قبضت عَلَى يدك فاعلم أَنَّهُ قد ختم بخير، وإن لم أقبض فاعلم أَنَّهُ لم يُختَم بخير، فقعدت عنده، فلما كَانَ عند موته قبض عَلَى يدي قبضًا شديدًا، فلما خرجت جنازته نثرت عَلَيْهِ سُكَّرًا ولَوْزًا، وقلت: هذا الحاذق كما أمرني.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 536"، وتاريخ بغداد "3/ 89"، والعبر "3/ 33"، وشذرات الذهب "3/ 120".

رَأَيْتُ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا لأبي طَالِبٍ وَبِخَطِّهِ، قَدْ أَخْرَجَهَا بِأَسَانِيدِهِ، وَرَوَى فِيهَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ فَارِسٍ إِجَازَةً، وَرَوَى فِي أَوَّلِهَا: "مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا" مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ. وَقَدْ خَرَّجَ فِيهَا مِنْ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، كُنْهُ حَمْدِهِ بِحَمْدِهِ. 228- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حمشاذ، أَبُو منصور الحَمْشَاذي النيسابُوري الفقيه الْأديب الزّاهد1. سمع من: أَبِي طَالِب حامد بْن بدال أَبِي بَكْر القطّان، وفي الرحلة من ابن الْأعْرابي، وابْن البَخْتَرِي. وكان زاهدًا عابدًا كبير الشأن يخرّج أئمّة، وعاش اثنتين وسبعين سنة، وكان من كبار الشافعيّة. 229- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن سعدون، أَبُو عَبْد اللَّه المَعَافري القُرْطُبي الغَضَايري2. شيخ صالح قليل العلم، حجّ وسمع بمّكة من ابن الْأعْرابي، وبمصر من أحْمَد بْن جامع وجماعة. سقط عَلَيْهِ حائط فمات تحته فِي ربيع الآخر. وقد أخذ عَنْهُ ابن الفَرَضِيّ. 230- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن جبريل، أَبُو طاهر النَّسْفي الفقيه. قَالَ جَعْفَر المُسْتَغْفِري: كَانَ يسبح وحده فِي الفقه والزُّهْد والورع، رحمه اللَّه، ومات كَهْلا. 231- مُحَمَّد بْن المسيب، أَبُو دَاوُد العقيلي صاحب المَوْصِل3، تملَّكها سنوات. 232- منصور بْن يوسف بن بلكين الصنهاجي صاحب إفريقية4.

_ 1 طبقات الشافعية الكبرى "2/ 167". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 99". 3 شذرات الذهب "3/ 126"، والعبر "3/ 37". 4 الكامل في التاريخ "9/ 127".

كَانَ بطلا شجاعًا جوادًا، فوُلّي بعد أَبِيهِ باديس لعمّه حمّاد عَلَى ولاية أشْتَر، فعظُم حمّاد وكثُر عسكره، ثم عصى عَلَى ابن أخيه، ثم اقتتلا سنة ستٍ وأربعين، فانهزم حمّاد، ومات باديس بعد أشهر، فقاتل المُعِزُّ بن باديس حمادًا، فانهزم أيضًا، وفي بيته ملوك أنشئوا بجاية. 233- ميمون بْن عَبْد الغفّار بْن حَسْنَوَيْه، أَبُو سَعِيد الْمَصْرِيّ. تُوُفِّي عَنْ نَيِّف وستّين سنة. 234- أَبُو منصور العزيز باللَّه بْن المُعِزّ باللَّه أَبِي تميم مَعَدّ بْن المنصور باللَّه أَبِي الطاهر إِسْمَاعِيل1 بْن القائم بأمر اللَّه مُحَمَّد بْن العُبَيْديّ. إنهم علَوِيُّون فاطميّون، وهذا هُوَ صاحب مصر والشام والغرب، ووالد الحاكم. وُلّي المملكة بعد والده فِي ربيع الآخر سنة خمس وستين وثلاثمائة، وله إحدى وعشرون سنة. وكان كريمًا شجاعًا، حسن الصّفح. قَالَ المسبحي: وفي أيامه بُني قصر البحر بالقاهرة الَّذِي لم يكن مثله لا فِي شرق ولا غرب، وقصر الذَّهَب، وجامع القرافة. كان أسمر، أصْهَب الشَعر، أَعْيَن أَشْهَل، بعيد ما بين المنكبين، حَسَن الخَلْق، قريبًا من الناس، لا يؤثر سَفْك الدماء، وكان مُغرًى بالصَّيْد، ويتصيّد السِّباع، وكان أديبًا فاضلا، فذكر لَهُ أَبُو منصور الثَّعَالِبي فِي "يتيمة الدهر" هذه الأبيات: نحن بنو المصطفى ذوو مِحَن ... تجرعها فِي الحياة كاظِمُنا عجيبةٌ فِي الْأنام محْنَتُنا ... أَوَّلُنا مُبْتَلًى وخاتمُنا يفرح هذا الورى بعيدهم ... طُرًّا وأعيادنا مآتمنا وكان قد مات لَهُ ابن فِي العيد، فَقَالَ هذا. ثم قَالَ أَبُو منصور: سَمِعْتُ الشَّيْخ أَبَا الطّيّب يحكي أنّ الْأمويّ صاحب الْأندلس كتب إِلَيْهِ نزار صاحب مصر كتابًا يسبّه فِيهِ ويَهْجُوه، فكتب إِلَيْهِ: أما بعد، فإنّك قد عرفتنا فَهَجَوْتَنا، ولو عرفناك لأجبناك قَالَ: فاشتدّ ذَلِكَ عَلَى نزار، وأفحمه عَنِ الجواب، يعني أَنَّهُ دَعِيٌّ لا يعرف قبيلته، حتى كان يهجوه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 167"، والبداية والنهاية "11/ 320"، والمنتظم "7/ 190"، والنجوم الزاهرة "4/ 112"، والعبر "3/ 34".

وقال أَبُو الفرج بْن الْجَوْزِي: كَانَ العزيز قد ولى عيسى بن نسطورس النصراني، واستناب منشأ اليهودي، فكتبت إليه امرأة: بالذي أعز اليهود بمنشّأ، والنَّصارى بابن "نسطورس"1، وأذلّ المسلمين بك، إلا نظرت فِي أمري، فقبض عَلَى اليهودي والنصراني، وأخذ من ابن نسطورس ثلاثمائة ألف دينار. قَالَ ابن خلّكان2 رحمه اللَّه: وأكثر أهل العلم لا يصحّحون نَسَب المهديّ عُبَيْد اللَّه جدّ خلفاء مصر، حتى أنّ العزيز فِي أول ولايته صعد المنبر يوم الجمعة، فوجد هناك ورقةً فيها: إنّا سمعنا نسبًا مُنْكَرًا ... يُتْلَى عَلَى المنبر فِي الجامعِ إن كنتَ فيما تَدّعي صادقًا ... فاذكر أبًا بعد الْأبِ السابعِ وإن تُرِد تحقيقَ ما قلتَهُ ... فانسب لنا نفسك كالطائعِ أوْ لا دَعِ الْأنسابَ مستورةً ... وادخل بنا فِي النَّسَبِ الواسعِ فإن أنسابَ بني هاشمٍ ... يَقْصُرُ عَنْهَا طمعُ الطامعِ وصعد العزيز يومًا آخر المنبر فرأى ورقة فيها مكتوب: بالظُّلْمِ والْجُور قد رضينا ... وليس بالكُفْرِ والحماقه إنْ كنتَ أوتِيتَ عِلْم غَيّبٍ ... بيّن لنا كاتب البطاقه قَالَ ابن خلّكان: وذلك أنَّهم ادَّعَوا المُغَيَّبات، وأخبارهم في ذلك مشهورة. وفتحت للعزيز مصر وحماه وحلب، وخطب لَهُ صاحب المَوْصِل أَبُو الذوّاد محمد بن المسيب العقيلي بالموصل سنة اثنتين وثمانين، وضرب اسمه عَلَى السِكَّة والإعلام، وخُطِب لَهُ أيضًا باليمن. ومات فِي رمضان، وعمره اثنتان وأربعون سنة وأشهر، ببلبيس في حمام من قولنج لحقه.

_ 1 في الأصل "نسطور". 2 وفيات الأعيان "5/ 373".

"حرف الياء": 235- يوسف "بْن"1 إِبْرَاهِيم بْن "مُوسَى أَبُو يعقوب"2 السَّهْمي الْجُرْجَاني3 الرجل الصالح، والد الحافظ حمزة. وسمع: أبا نعيم بن عدي الإسترباذي الْجُوَيْني، وجماعة. وروى عَنْهُ: ابنه، ومُحَمَّد بْن الخواص. "الكنى": 236- أَبُو طَالِب المكّي. اسمه مُحَمَّد بْن عَلِيّ، قد تقدم. وفيات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة: "حرف الألف": 237- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مَزْدئن أَبُو عَلِيّ القومساني النَّهاوَنْدي الزاهد4. سكن أنبط، قرية من كورة هَمَذَان. رَوَى عَنْ: أَبِي يَعْلَى مُحَمَّد بْن زهير الْأبُلي، وعَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر الواسطي، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عُمَر الطّائي، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عامر النَّهَاوَنْدِي، وعَبْد الرَّحْمَن الجلاب الهَمَذَاني، وطائفة. رَوَى عَنْه: ابناه مُحَمَّد وعثمان، ورافع بْن مُحَمَّد أَبُو نصر شعيب، وجعفر بْن مُحَمَّد الْأبهري، ومُحَمَّد بْن عيسى، وجماعة من أهل هَمَذَان. قَالَ شِيرَوَيْه فِي الطبقات: كَانَ صدوقًا ثقةً، شيخ الصُّوفِيّة، ومقدّمهم فِي الجبل، والمشار إِلَيْهِ، وكان لَهُ آيات وكرامات ظاهرة، وقبره بأنبط يُزار ويُقْصَد من البلدان. سَمِعْتُ الْإمَام مُحَمَّد بْن عثمان القومساني: سَمِعْتُ جَعْفَر بْن محمد الأبهري يقول:

_ 1 ساقطة من الأصل. 2 في الأصل "أبو موسى أبو يعقوب". 3 تاريخ جرجان "493". 4 الوافي بالوفيات "8/ 64".

"دخلت"1 عَلَى الشَّيْخ أَبِي عَلِيّ بْن مردين وهو فِي محرابه، بعدما ذهب بصره، فجلست خلف عمود أفكّر فِي نفسي، هَلْ بقي فِي الدنّيا من يتكلم عَلَى السّرّ، فلم أستكمل خاطري حتى صاح الشَّيْخ من المحراب فَقَالَ: يا جَعْفَر، لم تقول كذا؟ وهل تخلو الدُّنيا من أولياء اللَّه الذين يتكلّمون عَلَى السّرّ؟ قَالَ شِيرَوَيْه: وسمعت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الصُّوفِيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَر الْأبْهَرِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ القُومساني يَقُولُ: رأيت ربَّ العزّة فِي المنام سنة إحدى وثمانين فناولني كوزين، شبه القوارير، فشربت منهما، فانتبهت وأنا أتلو هذه الآية {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21] . ورأيت مرة ربَّ العزّة فِي أيام القحط فَقَالَ: يا أَبَا عَلِيّ لا تشغل خاطرك، فإنك من عيالي وعيالك عيالي وأضيافك عيالي. قَالَ شِيرَوَيْه: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ أحْمَد بْن طاهر القومساني يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَر الْأبْهَرِي يَقُولُ: دخلت عَلَى أَبِي عَلِيّ القومساني، فغسل يديه عقيب الطعام، فأخذت الطشت وخرجت بِهِ فشربته، فخرجت إلى بغداد، وما ذقت شيئًا. وكنت أسمعه يَقُولُ: الرافضة أسوأ حالا عند اللَّه من إبليس، لأنّه قَالَ فِي إبليس: {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} [الحجر: 35] . فهذه لعنة إلى وقت معلوم. وقال في الروافض: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 23] . يعني تكلّموا فِي عَائِشَة. سَمِعْتُ أَبَا الفضل مُحَمَّد بْن عثمان الفقيه، سَمِعَ أَبَا الهيج الكردي يَقُولُ: كانت نفسي تطالبني فِي زيارة الشَّيْخ أَبِي عَلِيّ القومساني، فتمادت بي الْأيام حتى بلغني مرضه، فبادرت، فتلقاني نَعِيُّه فِي الطريق، فسألت ولده أَبَا إِسْحَاق أن يحكي لي بعض كراماته، فَقَالَ لي: يطول عليّ وعليك ذَلِكَ، ولكني أخبرك ما شاهدت منه فِي مرض موته، أتانا رَجُل من كرْمان، صُوفيّ فِي بِزَّة حَسَنَة، فاستأذنت لَهُ، فَقَالَ: هذا الرجل لا أحبّ لقاءه، فرجعت وتعلّلت بشدة مرضه، فَقَالَ: إنّني من مسافة بعيدة، فلا تحرمني لقاء الشَّيْخ، فتبقى حسرة، فَقَالَ لي: قبل أن أكلّمه يا بني إيّاك أنْ تُدْخِل هذا الرجل عليّ، فهِبْتُ أن أُراجعه، ثم فِي المرّة الثالثة قَالَ: يا بنيّ لا تُدْخِلنّه عليّ، فإنه عاقٌ لوالديه، فرجعت وتجرأت عليه، وأخبرته بجليّة الْأمر، فاضطرب الرجل وبكى، وسقط إلى الْأرض، وقَالَ لي: أنت تائب إلى اللَّه، فدخلت على الشيخ، فقال: إن

_ 1 في الأصل "دخل".

الرجل قد تاب، فأدخله، فإن اللَّه يقبل المَعْذِرة، فدخل يبكي ويعتذر، فَقَالَ الشَّيْخ: تذكّر خروجك من عند أمّك وهي تبكي، وتمنعك مفارقتها، وأنت تقول، أنا أريد المشايخ، وهي تمنعك، فخرجتَ وهي باكية حزينة، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلرَّجُلِ الَّذِي أَتَاهُ يَغْزُو: "أَلَكَ وَالِدَانِ"؟ قَالَ: نَعَمْ، فَارَقْتُهُمَا وَهُمَا يَبْكِيَانِ، قَالَ: "ارْجِعْ فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا" 1. ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ: عَلَيْكَ بِالرُّجُوعِ مِنْ فَوْرِكَ هَذَا، وَإِلا كُنْتَ مِنَ الْمَطْرُودِينَ مِنْ بَابِ اللَّه، فَرَجَعَ كَمَا أَمَرَهُ وَمَاتَ الشَّيْخُ بَعْدَ يَوْمٍ. قَالَ شِيرَوَيْه: تُوُفِّي سنة سبع وثمانين. 238- أحمد بن محمد بْن سلمة، أَبُو بَكْر الغسّاني الدمشقي النَّحْوِيّ، المعروف بابن شرام2. سَمِعَ: أَبَا الدَّحْداح أحْمَد بْن مُحَمَّد، وأَبَا بَكْر الخرائطي، وجماعة. وعنه: أحْمَد الطّيّان، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد الربعي، ورشأ بْن نظيف. تُوُفِّي فِي شعبان. 239- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي حمّاد، أَبُو إِسْحَاق الْأسدي الْأبْهَرِي المالكي. حدّث بهَمَذَان سنة سبعين كما ذكر وما وراء النهر3، وعُمِّر دهرًا. قَالَ أَبُو يَعْلَى الخليلي: فقيه عابد كبير المحلّ. سَمِعَ أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن "ساكن"4 الزنجاني، ومحمد القِزْوِيني، وبالعراق الْجَوْزَجَاني، وابْن عُقْدَة، ونَيِّف عَلَى المائة. مات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. قلت: تفرّد بالرواية عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد بْن عامر السمرقندي وغيره. رَوَى عَنْهُ خلْق بهمذان.

_ 1 صحيح أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد "3/ 17"، باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان "2528"، والنسائي في كتاب البيعة "7/ 143"، باب البيعة على الهجرة، وابن ماجه في الجهاد باب الرجل يغزو وله أبوان "2282"، وأحمد في المسند "2/ 160، 164، 198، 204". 2 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 445". 3 في الأصل "ذكرنا وما مهر". 4 في الأصل "سالن".

"حرف التاء": 240- تميم بْن إِسْمَاعِيل المعروف بالفَحْل1. قدِم دمشق متولَّيا عليها من قِبَل صاحب مصر الحاكم في هذه السنة، وليها سنة تسعين، مات فيها. "حرف الجيم": 241- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الفضل، أَبُو القاسم بْن المارستاني الدّقّاق، بغداديّ، قدِم مصر، وحدّث عَنْ أَبِي بَكْر بْن مجاهد، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد. روى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو عَلِيّ بْن المذهّب. رَوَى "كتبًا وقراءات"2. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: يكذب، ما سَمِعَ من هؤلاء. وقال الصوري: كان كذابًا. "حرف الحاء": 242- الحسن بْن إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بْن خَلَف بْن زُولاق، أَبُو مُحَمَّد اللَّيْثي3 الْمَصْرِيّ المؤرخ. لَهُ مصنَّف فِي التاريخ، وله كتاب "خطط مصر". تُوُفِّي فِي ذي القعدة، كان جدّه من مشاهير العلماء. 243- الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بُكَيْر، أَبُو عَبْد الله البغدادي الصيرفي الحافظ4. سمع: أبا جَعْفَر بْن "البَخْتَرِيّ"5، وإِسْمَاعِيل الصَّفَّار، وَعُثْمَان بْن السّمّاك، وأبا بكر النجار، فمن بعدهم.

_ 1 اتعاظ الحنفا "2/ 17، 45". 2 في الأصل "كتب قرأت". 3 تقدمت ترجمته صـ72. 4 تاريخ بغداد "8/ 13"، والمنتظم "7/ 203"، والبداية والنهاية "11/ 324". 5 في الأصل "البحتري" وهو تصحيف.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو حفص بْن شاهين وهو أكبر منه، وَأَبُو العلاء الواسطي وَأَبُو القاسم التنوخي، وعبيد الله الأزهري، وآخر من حدث عَنْهُ أبو الحسين محمد بْن المهتدي بالله. قَالَ الْأزهري: سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي حديث: هذا كتبه عني محمد بن إسماعيل الوراق، وأبو الْحَسَن الدَّارَقُطْنيّ. وقَالَ أَبُو القاسم الْأزهري: كنت أحضر عند ابن بكير، وبين يديه أجزاء، فأنظر فيها فيقول لي: أيَّما أحبّ إليك؟ تذكرني "متن"1 ما تريد من هذه الأجزاء، حتى أخبرك بإسناده، أو تذكر إسناده حتى أُخْبرك بمتنه، فكنت أذكر لَهُ المُتُون، فيحدّثني بالأسانيد كما هِيَ حِفْظًا، وفعلت هذا معه مرارا كثيرة، وكان ثقة، لكنهم حسدوه وتكلموا فِيهِ. قَالَ الخطيب: قَالَ ابن أَبِي الفوارس: كَانَ يتساهل فِي الحديث، ويُلْحِق فِي بعض أصول الشرع ما لَيْسَ منها، ويصل المقاطيع، ولد سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر، رحمه اللَّه. 244- حسن بْن أحْمَد بْن النيسابُوري المحمي، أَبُو عَلِيّ2. حدّث ببغداد عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس الْأصم. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن طلحة النِّعَالي، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، حدّث فِي هذه السنة، وكان ثقة. 245- الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد اللَّه البصري الريحاني3. سكن بغداد، حدث عن أبي القاسم البغوي، وابن صاعد، وابْن مبشّر الواسطي. وعنه: أَبُو مُحَمَّد الخلال، والعتيقي، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ العشاري. قَالَ العتيقي: كَانَ شيخًا أمينًا لَهُ أُصُول صِحَاح. 246- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان، أَبُو عَبْد اللَّه البغدادي الكاتب.

_ 1 في الأصل "حين". 2 تاريخ بغداد "7/ 277". 3 تاريخ بغداد "8/ 101"، وسير أعلام النبلاء "16/ 464".

حدّث عَنِ: البَغَوي، وأَبِي مُحَمَّد بْن صاعد، وأَبِي بَكْر النيسابُوري. رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو طَالِب العشاري، وَأَبُو الْحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه. حدّث فِي هذه السنة، ولم يضبط وفاته، وكان صَدُوقًا. 247- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن شريك، أَبُو عَلِيّ الْإصبهاني الطبيب1. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن عُمَر "الْجُورْجيري"2، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد البناي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بن أبي علي المعدل، وأبو نعيم. "حرف السين": 248- سبكتكين الأمير حاجب معز الدولة بن بويه3. خلع عَلَيْهِ الطائع لله وطوقه وسوره، ولقبه نصر الدولة، فلم تَطُلْ أيّامه. قال أبو الفرج بن الجوزي: سقط من الفرس، فانكسرت ضِلْعُه، فاستُدْعي ابن الصَّلْت المُجَبِّر، فردّ ضِلْعَه، ولازمه حتى برا، فأعطاه يوم دخوله الحمّام ألف دينار وفرسًا وخلعة، وبقي لا يمكن الانحناء للركوع، وكان يَقُولُ للمجبّر: إذا تذكرت عافيتي علي يدك، فرحت بك، ولا أقدر على مكافأتك، وإذا ذكرت حصول رجلك فوق ظَهْري اشتدّ غَيْظي منك. تُوُفّي في أواخر المحرم، وكانت مدة إمارته شهرين ونصف، وخلف ألف ألف دينار، وعشرة ألف ألف درهم، وصندوقين جواهر، وستين صندوقًا قماش وفضيات وتُحَف، ومائة وثلاثين سرجا مذهبة، منها خمسون، في كل واحد، وألف دينار حلية، وستمائة سَرْج فضّة، وأربعة عشر ألف ثوب من أنواع القماش، وثلاثمائة عِدْل وبُسُط، وثلاثة آلاف رأس من الدَّوابّ، وألف جمل، وثلاثمائة مملوك داريّة، وأربعين خادمًا، وكانت لَهُ دار هي دار المملكة اليوم، يعني صارت دار السلطنة، وقد غرم عليها أموالا لا تحصى.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 285". 2 في الأصل "الجورجولي". 3 تاريخ بغداد "1/ 105"، والبداية والنهاية "11/ 282"، العبر "2/ 323"، وشذرات الذهب "3/ 48".

ومما رَوَى عَلِيّ بْن المحسن التنوخي عَنْ أبيه، قال: بلغت النفقة على عمل البستان، يعنى الذي للدار وسوق "الماء إليه"1، خمسة آلاف ألف درهم. قال: ولعله قد أنفق على أبنية "الدار"2 مثل ذلك فيما أظن. 249- سلمان بن جعفر بن فلاح، أبو تيم الأمير3. ولّي دمشقَ فِي أثناء السنة للحاكم، ثم عُزِل فِي آخرها بجيش من صَمْصامة. 250- سَعِيد بْن خلف، أَبُو عثمان الصُّوفِيّ4. سَمِعَ بقُرْطُبَة من: أحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم، وأَبِي عَبْد الملك بْن أَبِي دُلَيْم، وجماعة. وكان فقيرًا من أهل السُّنَّة، يعيش من صِلة إخوانه. 251- سهل بْن إِبْرَاهِيم بْن سهل بْن نوح، أَبُو القاسم الْأسْتِجِي مولى بني أُمَيّة، ويُعرف بابن العطار. كَانَ عالمًا زاهدًا متفنّنًا5. سَمِعَ: أحْمَد بْن خَالِد بْن الحباب، ورحل إلى إلْبِيرة، فأكثر عَنِ ابن فُطْيس، ولزم العبادة، وسمع الناس منه قديمًا وجديدًا، وطال عمره. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: قرأت عَلَيْهِ أكثر كُتُبه، وقَالَ لي: وُلِدت سنة تسعٍ وتسعين ومائتين، وتوفي في رجب. "حرف الصاد": 252- صَدَقة بْن مُحَمَّد بْن صَدَقة، أَبُو القاسم البزاز المصري الوكيل. تُوُفّي فِي شوّال. "حرف العين": 253- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أسد، أَبُو القاسم الرازي الفقيه

_ 1 في الأصل "المالية" وهو تصحيف. 2 ساقطة من الأصل. 3 النجوم الزاهرة "4/ 115"، والكامل في التاريخ "9/ 119". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 176". 5 تاريخ علماء الأندلس "1/ 191".

الشافعي1 المحدّث، نزيل مصر، وكان يلقب بالدود. سَمِعَ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم وغيره بالرّيّ، وأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبَادل، ومُحَمَّد بْن يوسف الهَرَوِي بدمشق. قَالَ أَبُو إِسْحَاق الحبّال: كَانَ مكْثِرًا جدًّا. قلت: رَوَى عَنْهُ عَبْد الكريم بْن عَبْد الواحد الحسنابادي وعَبْد الوهاب بْن مُحَمَّد الْمَصْرِيّ، ومُحَمَّد بْن مُغَلِّس، وَأَبُو عُمَر الطَّلَمَنْكِيّ، مات فِي جمادى الآخرة. 254- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن اليسع، أَبُو القاسم المقرئ صاحب ابن مجاهد2. قرأ عَلَيْهِ طلحة بْن عَلِيّ شيخ ابن سوار وغيره. مات في هذا العام، وولد سنة ثلاثمائة، ويعرف بابن اليسع الْأنطاكي، قرأ أيضًا عَلَى إبراهيم بن عبد الرزاق مقرئ الشام، وعَلِيّ بْن أحْمَد بْن حمد بْن عَبْد الْأعلى، وغيرهم. وقرأ عليه أَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلِيّ الواسطي أيضًا، وأكبر شيخ لَهُ الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عجرم تلميذ أحْمَد بْن جُبَيْر. وقد ذكر ثابت بن بُندار أَنَّهُ قرأ عَلَى عَلِيّ بْن طلحة الْبَصْرِيّ عَنْ قراءته عَلَى مُوسَى بْن جرير الرقي، وهذا بعيد باعتبار مولده، فإنه ضعيف لا يوثق بِهِ. 255- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن إِبْرَاهِيم البغدادي الشاهد، أَبُو القاسم بْن الثلاج3. أصله من حُلْوان، ولد سنة سبعٍ وثلاثمائة، وحدّث عَنْ: أَبِي القاسم البَغَوي، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ويحيى بْن صاعد، ومن بعدهم، فأكثر. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الصَّيْمَريّ، وَأَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلِيّ الواسطي، وَأَبُو القاسم التنوخي، وآخرون. قَالَ التنوخي: قَالَ لنا: ما باع أحد من أسلافي الثّلج، وإنما كَانَ جدّي مُتْرَفًا يجمع لنفسه فِي كل سنة ثلْجًا كثيرًا، فمرّ بعض الخلفاء بحلوان، فطلب ثلجًا، فلم

_ 1 طبقات الشافعية "5/ 71"، والوافي بالوفيات "17/ 496". 2 غاية النهاية "1/ 456". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 461"، العبر "3/ 34"، المنتظم "7/ 192".

يوجد إلا عند جدّي، فأهدى إِلَيْهِ منه، فوقع منه بموقع، فَقَالَ: اطلبوا عَبْد اللَّه الثّلاج، فغلب عَلَيْهِ هذا النَّسَب وعُرِف بِهِ. وقَالَ عُبَيْد اللَّه الْأزهري: كَانَ ابن الثلاج يضع الحديث عَلَى سُلَيْمَان المَلَطي وغيره. قلت: وكذا تكلّم فِيهِ الدَّارَقُطْنيّ وغيره، تُوُفِّي فجأة فِي ربيع الْأوّل. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: لا يُشْتَغَل بِهِ، يضع الْأحاديث والأسانيد. 256- عَبْد العزيز بْن حكم بْن أحْمَد بْن الْأمير مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَكَم بْن هشام الملّقب1 بالداخل، أَبُو الْأصبغ الْأمويّ المَرْواني القُرْطُبي. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن يونس، وقاسم بْن أصبغ، وجماعة، وكان أديبًا شاعرًا نحويًا. ولد سنة عشرة وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي المحرّم، وحدّث. 257- عَبْد السلام بْن السمح بن نابل، أَبُو سُلَيْمَان الهواري2. سَمِعَ: أَبَا سَعِيد بْن الأعرابي، وأبا جعفر بن النحاس النَّحوِي وطائفة، وتفقّه بمصر للشافعي، وكان زاهدًا صالحًا سكن الأندلس. أكثر عنه ابن الفريضي وقَالَ: تُوُفِّي فِي صفر، وله أربعٌ وثمانون سنة. 258- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن النعمان، أَبُو القاسم النيسابُوري الصّفّار. عَنْ: مكّي بْن عَبْدان، وعَبْد اللَّه بْن الشرفي، وعدّة. وعنه: الحاكم. 259- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْدِيل، أَبُو نصر الشّيْباني الهَمَذَاني الْأنماطي. رَوَى عَنِ الكبار: الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الحناء، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أوس، ومحمد بن عبد اللَّه بلبل، وإبراهيم بن مُحَمَّد بْن يعقوب، وإبراهيم بْن عمروس، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم الحافظ، وأَبِي بَكْر بن مجاهد المقرئ، وأبي نصر محمد المروزي، وطائفة.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 279". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 287".

رَوَى عَنْهُ: حمد الزَّجَّاج، وجعفر الْأبْهَرِي، وابْن مَنْدَه الحافظ، وآخرون. قَالَ شِيرَوَيْه: هُوَ صدوق، ثِقَةٌ، فقيه، أديب، يُحْسِن هذا الشأن، يعني الحديث. تُوُفِّي لسبعٍ بقين من ذي القعدة، وصلّى عَلَيْهِ ابنُ لال. 260- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو الوفاء النيسابُوري البزّاز. سَمِعَ: أَبَا حامد بْن الشرفي، ومكّي بْن عَبْدان، وحدّث بانتقاء أَبِي جَعْفَر المفيد العزائمي. تُوُفِّي فِي صفر. 261- عَبْد القاهر بْن حبّان بْن عَبْد القاهر، أَبُو عَبْد اللَّه، تُوُفّي فِي جُمَادَى الْأولى. 262- "عُبَيْد اللَّه"1 بْن مُحَمَّد بْن خلف بْن سهل بْن أَبِي غالب، أَبُو القاسم الْمَصْرِيّ البزّاز2. سَمِعَ: مُحَمَّد بن محمد الباهلي، وابن هاشم الطبراني، وعلى بن أحمد علان، وأبا عُبَيْد بْن حَرْبُوَيْه القاضي، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر القَزْوينيْ، وأَحْمَد بْن مروان الدِّينَوَرِي. رَوَى عَنْهُ: ابن أَبِي الفتح الْمَصْرِيّ، وَأَبُو عُمَر أحْمَد بْن مُحَمَّد الطَّلَمَنْكِيّ، وعَبْد الملك بْن مسكين الزَّجَّاج، وآخرون. قَالَ الطَّلَمَنْكِيّ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أقمت عَلَى هذه الدّار أبني فيها عشر سنين، وفيها مائة وأربعون ألف قطعة رُخَام، وأنفقت عليها نحو عشرة آلاف دينار، وأخذ منّي كافور الْأخشيدي سبعة وثمانين ألف دينار، ولم يخلّف لي أَبِي إلا اثني عشر ألف دينار، ولكن رُزِقت من التجارة، ربحت فِي أربعة أيّام فِي عسلٍ أربعة آلاف دينار. وقَالَ الحبّال: "تُوُفِّي لاربعة عشر ليلة"3 خلت من جمادى الأولى.

_ 1 في الأصل "عبد". 2 شذرات الذهب "3/ 122"، وسير أعلام النبلاء "16/ 522"، والعبر "3/ 35". 3 في الأصل "توفي لأربع عشرة خلت".

263- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حمدان، الْإمَام الصالح القدوة، أَبُو عَبْد اللَّه بْن بُطّة العُكْبرِي الفقيه1 الحنبلي. سَمِعَ: أَبَا القاسم البَغَوي، وابْن صاعد، وأَبَا ذَرّ الباغَنْدِي، وأَبَا بَكْر بْن زياد، وإِسْمَاعِيل الورّاق، والمَحَامِلي، ومُحَمَّد بْن مخلد، وأَبَا طَالِب أحْمَد بْن نصر الحافظ، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن ثابت العُكْبرِي، فسمع بدمشق على ابن أَبِي العقب، وسمع بحمص أحْمَد بْن عُبَيْد، وآخرين. رَوَى عَنْهُ: أَبُو نُعَيْم الحافظ وَأَبُو الفتح بْن أَبِي الفوارس، وَأَبُو القاسم عُبَيْد اللَّه الْأزهري، وعَبْد العزيز الْأزْجِي، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي، وَأَبُو مُحَمَّد الجوهري، وَأَبُو إِسْحَاق البَرْمَكِي، وَأَبُو الفضل مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عيسى السعدي نزيل مصر، وآخرون. وآخر من روى عَنْهُ بالإجازة، أَبُو القَاسِم عليّ بْن أَحْمَد بْن البسري رَوَى عَنْهُ كتاب الْأبانة الكبرى فِي السُّنَّة تأليفه. قَالَ عَبْد الواحد بْن عَلِيّ العُكْبَرِي: لم أر فِي شيوخ الحديث، ولا فِي غيرهم أحسن هيئة من ابن بطّة. قَالَ الخطيب2: حَدّثَنِي أَبُو حامد الدلوي قَالَ: لما رجع ابن بطّة من الرحلة، لازم بيته أربعين سنة، لم ير يومًا منها فِي سوق، ولا "رؤي"3 مفطرًا إلا فِي عيد، وكان أمارًا بالمعروف، لم يبلغه خبرُ أمرٍ منكرٍ إلا غيَّره. وقَالَ أَبُو مُحَمَّد الجوهري: سَمِعْتُ أخي الْحُسَيْن يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المنام، فقلت: يا رَسُول اللَّه، قد اختلفت عليّ المذاهب. فَقَالَ لي: عليك بابن بطة، فأصبحت، ولبست ثيابي، ثم أصعدت إلى عكبرا، فدخلت على ابن بطّة فِي المسجد، فلما رآني، قَالَ لي: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صدق رَسُول اللَّه. وقَالَ العتيقي: تُوُفِّي ابن بطّة فِي المحرّم. قَالَ: وكان مستجاب الدعوة. وقَالَ ابن بُطّة: ولِدت فِي شوّال سنة أربع وثلاثمائة، وكان لأبي ببغداد شركاء، فَقَالَ أحدهم لأبي: ابعث بابنك إلى بغداد يسمع الحديث. قَالَ: هو صغير. قال: أنا

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 529"، والبداية والنهاية "11/ 321"، والعبر "3/ 35". 2 تاريخ بغداد "10/ 372". 3 في الأصل "رأي".

أحمله معي، فحملني معه، فجئت، فإذا ابن منيع يقرأ عَلَيْهِ الحديث، فَقَالَ لي بعضهم سَل الشَّيْخ أن يُخْرِج مُعْجَمَه لنقرأ عَلَيْهِ، فسألت ابنه، فَقَالَ: إنه يريد دراهم كثيرة، فقلت: لامّي طاقُ مَلْجَم آخُذُه منها وأبيعه، قَالَ: ثم قرأنا عَلَيْهِ كتاب المُعْجَم فِي نفرٍ خاصّ، فِي نحو عشرة أيام، وذلك فِي آخر سنة خمس عشرة، وأوّل سنة ستّ عشرة، فاذكره. وقد قَالَ: ثنا إِسْحَاق الطَّالَقاني سنة أربع وعشرين ومائتين، قَالَ المُسْتَمْلي: خذوا هذا قبل أن يولد كلّ محدّث على وجه الأرض، اليوم سَمِعْتُ المُسْتَمْلي وهو أَبُو عَبْد اللَّه بْن مهران يَقُولُ لَهُ: من ذكرت يا ثَبْتَ الْإسلام. قُلْتُ: وَابْنُ بَطَّةَ ضَعِيفٌ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، فَقَدْ أَخْبَرَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ عِلانَ وَالْمُؤَمَّلُ الْبَالِسِيُّ كِتَابَةً أَنَّ أَبَا الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ أَخْبَرَهُمْ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَلِيٍّ الْأسَدِيُّ، قَالَ لِي أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ، رَوَى ابْنُ بَطَّةَ، عَنِ الْبَغَوِيُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّه، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" 1. قَالَ الخطيب: هذا باطل، والحمل فِيهِ عَلَى ابن بطة. قلت: يعني أَنَّهُ يحدّث عَنِ البَغَوي، وتفرد بِهِ ابن بطة، فيجوز أن يكون غلط فِيهِ، وقفز من سند إلى متن آخر، لقلّة إتقانه، لا أنّه تعمّد وضْعَه. قَالَ الخطيب: وأنا العتيقي، نا ابن بطة، والبَغَوي، نا مُصْعَب، نا مالك بْن هشام بْن عُروة، قد ذكر: "حديث قَبْض العِلْم"2. قَالَ الخطيب: وهو باطل بهذا الْأسناد. قلت: والكلام فِي هذا، كالكلام فِي الَّذِي قبله، لعلّه دخل عَلَى ابن بطة حديث فِي حديث. وقَالَ الخطيب: حدّثني عَبْد الواحد بْن عَلِيّ، قَالَ: قَالَ لي الْحَسَن بْن شهاب: سَأَلت ابن بطة: أَسَمِعْتَ من البَغَوي حديث عَلِيّ بْن الْجَعْد؟ فَقَالَ: لا. قَالَ عَبْد الواحد: وكنت قد رَأَيْت فِي كتب ابن بطة نُسْخَة بحديث عَلِيّ بْن الجعد قد حكّها، وكتب بخطّه سماعه فيها، فذكرت ذَلِكَ للحسن بن شهاب، فعجب منه. قال

_ 1 "حديث حسن": أخرجه ابن ماجه "224"، والطبراني "10/ 240" في الكبير، و"1/ 16" في الصغير، وأبو نعيم "8/ 323" في الحلية، والجرجاني "ص/ 316" في تاريخ جرجان. 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "1/ 36"، ومسلم "2673"، والحميدي "581"، وأحمد "2/ 162، 190"، وابن ماجه "9"، والترمذي "2652"، والدارمي "1/ 77" في سننه.

عَبْد الواحد: وروى ابن بطة، عَنِ النّجّاد، عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، فأنكر عَلَيْهِ عَلِيّ بْن يَنَال، وأساء القول فِيهِ، حتى هَمَّت العامة بأن تنال منه، فاختفى. وكان ابن بطة قد خرَّج تِلْكَ الأحاديث في تصانيفه فتتبعها عَلَى أكثرها. قَالَ الخطيب: وحدّثني التنوخي قَالَ: "أراد أَبِي"1 أن يخرجني إلى عُكْبَرَا. وسمع من ابن بطة معجم البَغَوي، فجاءه أَبُو عَبْد اللَّه بْن بُكَير، فَقَالَ: لا تفعل، فإن ابن بطة لم يسمعه. قَالَ الخطيب: وحَدّثَنِي أحْمَد بْن الْحَسَن بْن خَيْرُون قَالَ: رَأَيْت كتاب ابن بطة بمعجم البَغَوي فِي نسخةٍ كانت لغيره، وقد حكّ اسم صاحبها، وكتب اسمه عليها. قلت: وقد قَالَ ابن الْجَوْزِي2: قرأت بخطّ أَبِي القاسم بْن الفرّاء أخي القاضي أَبِي يَعْلَى قَالَ: قابلت أصل ابن بطة بالمُعْجَم، ورأيت سماعه فِي كل جزء، إلا أنّي لم أر الجزء الثالث أصلا. قَالَ الخطيب: قَالَ لي الْأزهري، ابن بطة ضعيف، وعندي عَنْهُ "مُعْجَم البَغَوي" ولا أُخرّج عَنْهُ في الصحيح شيئًا. قلت: فكيف كَانَ؟ قَالَ: لم أر بِهِ أصلا؟ وإنما وقع إلينا نسخة طريّة بخطّ ابن شهاب، فنسخنا منها، فقرأنا عَلَيْهِ. شاهدت عند حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدّقّاق نسخة بالغريب لمحمد بْن عزيز، وعليها سماع ابن السوسنجردي عن ابن بطة عَنِ ابن عزيز، فسألت حمزة، فأنكر أن يكون ابن بطة سَمِعَ الكتاب، وقَالَ: ادّعى سماعه. قَالَ الْخَطِيبُ: وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ كُتُبَ ابْنِ قُتَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ الدِّينَوَرِيِّ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ هَذَا لا نَعْرِفُهُ أَخَذَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلا رَوَى عَنْهُ سِوَى ابْنِ بَطَّةَ، وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ فِي الْأبَانَةِ فَقَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثَنَا ابْنُ عَرَفَةَ، نَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَلَّمَ اللَّه مُوسَى، يَوْمَ كَلَّمَهُ، وَعَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَنَعْلانِ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ، فَقَالَ: مَنْ ذَا الْعِبْرَانِيُّ الَّذِي يُكَلِّمُنِي مِنَ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: أَنَا اللَّه". تفرد به ابن بَطَّةَ، وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي آخِرِهِ، وَهُوَ فِي جزء ابن عرفة بدونهما.

_ 1 في الأصل "أراد أبي قال". 2 المنتظم "7/ 196".

وَقَالَ الْخَطِيبُ: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ شِهَابٍ، ثَنَا ابْنُ بَطَّةَ، ثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، بِأَرْدَبِيلَ، ثَنَا رَجَاءُ بْنُ مُرَجًّا بِسَمَرْقَنْدَ، ثنا يَحْيَى الْوُحَاظِيُّ، قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: وحدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عبيد الصفار بحمص، ثَنَا أَبِي، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْحِمْصِيُّ، ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، ثَنَا هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ الْإِدَامُ 1 الْخَلُّ". قَالَ الْخَطِيبُ: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْأسَدِيُّ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ شِهَابٍ، أَنَّ ابْنَ بَطَّةَ كَتَبَ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْفُرَاتِ كتاب السنن كرجاء بن مُرَجّا، حدّثه بِهِ عَنْ حفص بْن عُمَر الْأردبيلي، عَنْ رجاء، فأنكر ذَلِكَ القُرْطُبي، وزعم أن حفصًا ليس عنده عن رجاء، وأَنَّهُ يَصْغُر عَنْ ذَلِكَ، فكتبوا "إلى أردبيل"2، وكان ولد حفص بن عمر حيّا يستجيزونه، فعاد جوابهم أنّ أَبَاهُ لم ير رجاء قطّ، وأن مولده بعد "موت"3 رجاء بسنين. قَالَ عَبْد الواحد: فتتبع ابن بطة النُّسَخَ التي كُتِبَت عَنْهُ، وجعلها عَنِ ابن الراجيان، عَنِ الفتح بْن "شخرف"4، عَنْ رجاء. قلت: رحم الله ابن بطة، فَيدَوِّن ما يُضْعِف المحدّث. وقد تُوُفِّي فِي المحرّم. 264- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن "جرو"5، أَبُو القاسم الْأسدي المَوْصِلي النَّحْوِيّ العَرُوضيّ المعتزلي. أخذ العربية عن أبي الدّارَمي، وأَبِي سَعِيد السِّيرَافِي، وكان من الْأذكياء الفُصَحاء الشعراء، لَهُ كتاب "الموضَّح فِي العَرُوض" جَوَّد تصنيفه، وكتاب "الْأخذ فِي علوم القرآن"، وله كتاب "الفُصح فِي القوافي". وكان يلثغ بالراء غينًا، فقال له أبو عَلِيّ شيخه: ضع ذُبابةَ القلم تحت لسانك، ففعل، فلفظ بها.

_ 1 في الأصل "الأدم". 2 في الأصل "إلى ابن أردبيل". 3 في الأصل "موت ته". 4 في الأصل "سخرف". 5 في الأصل "جزء".

265- عَلِيّ بْن عَبْد العزيز بْن مردك بْن أحمد، أبو الحسن البرذعي البزّاز، نزيل بغداد1. حدّث عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ونصر بْن منصور الْأردبيلي، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن يعقوب بْن شَبَّه. رَوَى لَهُ: العتيقي، وعَبْد العزيز الْأزْجِي، وَأَبُو مُحَمَّد الجوهري، وَأَبُو طَالِب العشاري، وجماعة. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الصَّيْمَريّ: ترك الدُّنيا عَنْ مقدرة، واشتغل بالعبادة ولزم المسجد، وكان أحد الباعة الكبار ببغداد. تُوُفِّي فِي المحرّم. 266- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن "شوكر"2 البغدادي العَدْل. سَمِعَ البَغَوي، ويحيى بْن صاعد. وعنه: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وكان ثقة. تُوُفِّي فِي المحرّم. 267- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مفلح. وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن باكويه، جماعة. 268- عَلِيّ الملك فخر الدولة3، أَبُو الْحَسَن بْن رُكْن الدولة بْن بُوَيْه صاحب الرّيّ ونواحيها. ترجمته فِي الحوادث، وقد تُوُفِّي فِي شعبان. 269- عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الْإمَام، أَبُو حفص العُكْبَرِي شيخ الحنابلة4. كَانَ قَيِّمًا بأصول الفقه وفروعه، صنف شرخ الخِرقي وكتابًا فِي الخلاف بين مالك، وأَحْمَد، وسمع أَبَا بَكْر النّجّار، وأَبَا عُمَر بْن "السماك"5، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 30"، والعبر "3/ 35". 2 في الأصل "سوار". 3 البداية والنهاية "11/ 320"، والعبر "3/ 35"، والمنتظم "7/ 197". 4 طبقات الحنابلة "2/ 163-166". 5 في الأصل "السمال".

وعنه: "أبو"1 بكر عَبْد العزيز، وابْن2 بطّة، وكان يُعرف فِي زمانه بابن المسلّم. تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة، رحمه اللَّه. 270- عمّار بْن مُحَمَّد بْن مخلد بْن جُبَيْر، أَبُو ذَرّ التميمي البغدادي، نزيل بُخَارَى3. حدّث بدمشق وبغداد وخراسان وبُخَارَى عَنْ يحيى بْن مُحَمَّد بْن صاعد ومُحَمَّد بْن عمرو الحَضْرَمِي، والمَحَامِلي، وأخيه القاسم بْن عُقْدَة، ومُحَمَّد بْن يوسف الهَرَوِي، وأبي سعيد بن الأعرابي، وعبد الكريم النَّسَائي. وعنه: الحاكم، وَأَبُو سهل أحْمَد بْن عَلِيّ الْأبِيَورْدي، وعَبْد الواحد بْن مُحَمَّد اللحياني، وآخر من حدث عَنْهُ عَبْد الواحد بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّبَيْرِي. ذكره المُسْتَغْفِري فِي "تاريخ نَسْف"، وقَالَ: رَوَى عَنِ ابن صاعد مجلسًا واحدًا، وسمع مُحَمَّد بْن محمود بْن عنبر، وعبد المؤمن بْن خلف، وحج تسعًا وعشرين حجّة. ثم قَالَ: أَنَا أَبُو ذَرّ، ثنا الحَضْرَمِي، فذكر حديثًا. قال الحافظ بن عساكر: أَنْبَأَ محمود بْن أَبِي القاسم المُسْتَمْلي، أَنْبَأَ الزبير، ثنا أَبُو ذَرّ عَمّار، فذكر حديثًا. قَالَ غُنْجار: تُوُفِّي ببُخَارَى فِي حادي عشر صفر. وقَالَ أَبُو بَكْر بْن السَّمْعاني: هُوَ ثقة. قلت: مات الزُّبَيْرِي بعده بمائة وثمان سنين. "حرف القاف": 271- قاسم بن حمداد بْن ذي النُّون "العتقي"4، أَبُو بَكْر القُرْطُبي5. سَمِعَ: قاسم بْن أصبغ وغيره، وكان أديبًا لغويًّا. كتبوا عَنْهُ شيئًا من الْأدب، وداخل الدولة.

_ 1 في الأصل "بأبي". 2 في الأصل "بابن". 3 تاريخ بغداد "12/ 256"، والعبر "3/ 36". 4 في الأصل "العتيقي". 5 تاريخ علماء الأندلس "1/ 369".

"حرف الميم": 272- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن "عنبس"1، الإمام، أبو الحسين بْن سَمْعُون البغدادي الواعظ2. سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومُحَمَّد بْن مخلد العطار بن البختري، وبدمشق أحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن زبّان، ومُحَمَّد بْن أَبِي حُذَيْفَة وجماعة، وأملى عَنْهُمْ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمي، وعَلِيّ بْن طلحة المقرئ، والْحَسَن بْن مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو طالب العشاري، وأبو الحسين الْأبنوسي وخديجة بِنْت مُحَمَّد الشّاهجانيّة الواعظة، وَأَبُو بكر أحمد بن محمد بن حمدوه الحنبلي، وآخرون. قَالَ السُّلَمي: هُوَ من مشايخ البغداديين، لَهُ لسان عال فِي هذه العلوم لا ينتمي إلى إسناد، وهو لسان الوقت والمرجوع إِلَيْهِ فِي آداب المعاملات، ويرجع إلى فنون من العلم. وقَالَ الخطيب: كَانَ أوْحد دهره وفرْد عصره فِي الكلام، على علم الخواطر والإشارات، ولسان الوعظ، دَوَّن الناس حِكَمَه وجمعوا كلامه، وكان بعض شيوخنا إذا حَدَّثَنَا عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْخ الجليل المُنْطَق بالحكمة. قلت: وُلِد سنة ثلاثمائة. وسمعون، هو: إِسْمَاعِيل جَدّه. أنبئونا عَنِ القاسم بْن عَلِيّ، أنّ نصر اللَّه الفقيه أخبرهم: أَنَا أَبُو الفتح نصر بْن إِبْرَاهِيم، أَنَا عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الواحد الزعفراني، حَدّثَنِي أَبُو مُحَمَّد السُّنّي صاحب أَبِي الْحُسَيْن بْن سمعون قَالَ: كان ابن مسعود فِي أول أمره ينسخ بالأجْرة، وينفق عَلَى نفسه وأمه، فَقَالَ لها يومًا: أحبّ أن أحجَّ، قَالَتْ: وكيف يمكنك؟ فغلب عليها النَّوم، فنامت وانتبهت بعد ساعة، وقالت: يا ولدي حُجَّ، رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النوم يَقُولُ: "دعيه يحجّ فإنّ الخير لَهُ فِي حجّه". ففرح وباع دفاتره، ودفع إليها من ثمنها، وخرج مَعَ الوفد، فأخذت العرب الوفد، قَالَ: فبقيت عريانًا، ووجدت مَعَ رجل عباءة، فقلت: هبها لي أشتريها،

_ 1 في الأصل "عبيس". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 505"، والبداية والنهاية "11/ 323"، والمنتظم "7/ 198-200"، وصفة الصفوة "2/ 266"، وتاريخ بغداد "1/ 274-277".

فأعطانيها، قَالَ: فجعلت إذا غلبني الْجُوع ووجدت قومًا من الحاجّ يأكلون، وقفت أنظر إليهم، فيدعون إليّ كسرةً فأقتنع بها، وأحرمت فِي العباءة، ورجعت إلى بغداد، وكان الخليفة قد حرم جارية وأراد إخراجها من الدار، قَالَ أَبُو مُحَمَّد السُّنّي: فَقَالَ الخليفة: أطلبوا رجلا مستورًا يصلحُ، فَقَالَ بعضهم: قد جاء ابن سمعون من الحج، فاستصوب الخليفة قوله، فزوَّجه بها، فكان ابن سمعون يجلس عَلَى الكرسي فيعِظ ويقول: خرجت حاجًا، ويشرح حاله، وها أنا اليوم عليّ من الثياب ما ترون. قَالَ البَرْقَاني: قلت لَهُ يومًا: تدعو الناس إلى الزُّهْد وتلبس أحسن الثياب، وتأكل أطيب الطعام، فكيف هذا؟ فَقَالَ: كل ما يُصْلِحُك لله فافعله إذا صلُح حالك مَعَ اللَّه. قَالَ الخلال: قَالَ لي ابن سمعون: ما اسمك؟ قلت: حسن. قَالَ: أعطاك اللَّه الْأسمَ، فَسَلْه الحُسْنَى. وجرت لابن سمعون حكاية فِي سنة بضع وستين وثلاثمائة، رواها قاضي المارستان عَنِ القُضَاعي بالإجازة، قَالَ: ثنا عَلِيّ بْن نصر الصبّاح، ثنا أَبُو الثناء شكر العَضُدي، قَالَ: لما دخل عَضُدُ الدولة بغدادَ، وقد هلك أهلها قتْلا وخوفًا وجوعًا، لِلفِتَن التي اتّصلت فيها بين الشيعة والسُّنّة، فَقَالَ: آفَةُ هَؤُلاءِ القصَّاص، فنادى: لا يقصّ أحد فِي الجامع ولا الطُّرَف ولا يتوسَل بأحد من الصّحابة، ومن أحبَّ التوسُّل قرأ القرآن، فمن خالف فقد أباح دَمَه، فوقع فِي الخبر أنّ ابن سمعون جلس عَلَى كرسيّه بجامع المنصور، فأمرني أن أطلبه، فأُحْضِر، فدخل عليّ رَجُل لَهُ هيئة وعليه نور، فلم أملك أن قمت إِلَيْهِ، وأجلسته إلى جنبي، فجلس غير مكترث، فقلت: إنّ هذا الملك جبّار عظيم، وما أُؤثِر لك مخالفة أمره، وإني مُوَصِّلُك إِلَيْهِ، فقبِّلِ الْأرض وتلطف لَهُ، واستعن باللَّه عَلَيْهِ، فَقَالَ: الخلق والأمر لله، فمضيت بِهِ إلى حجرة، وقد جلس فيها وحده، فأوقفته، ثم دخلت لاستأذن، فإذا هُوَ إلى جانبي قد حوّل وجهه إلى نحو دار فخر الدولة، ثم استفتح وقرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} [هود: 102] قَالَ: ثم حوَّل وجهه، وقرأ: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [يونس: 14] فأتى بالعجب، ففتح عين الملك، وما رَأَيْت ذَلِكَ منه قطّ، وترك كُمَّه عَلَى وجهه، فلما خرج أَبُو الْحُسَيْن قَالَ الملك: اذهب إِلَيْهِ بثلاثة آلاف درهم، وعشرة أثواب من الخزانة، فإن امتنع فقل لَهُ: فرِّقها فِي أصحابك، وإن قبلها، فجئني برأسه، ففعلت، فَقَالَ: إن ثيابي هذه من

نحو أربعين سنة، ألبسها يوم خروجي إلى الناس، وأطويها عند رجوعي، وفيها متعة وبقيّة ما بقيت، ونفقتي من أجره دار خلَّفها أَبِي، فما أصنع بهذا؟ فقلت: فرقها عَلَى أصحابك، فَقَالَ: ما فِي أصحابي فقير، فعدت فأخبرته، فَقَالَ: الحمد لله الَّذِي سلَّمه منّا وسلَّمنا منه. وقَالَ أَبُو سَعِيد النّقّاش: كَانَ ابن سمعون يرجع إلى علْم القرآن، وعلْم الظاهر، متمسكًا بالكتاب والسُّنّة، لقيته وحضرت مجلسه، سَمِعْتُهُ يسأل عَنْ قوله: "أَنَا جليس من ذكرني"، قَالَ: أَنَا صائنه عَنِ المعصية، أَنَا معه حيث يذكرني، أَنَا مُعِينُه. وقَالَ السُّلَمي: سَمِعْتُ ابن سمعون، وسُئل عن التصوُّف، فَقَالَ: أمّا الْأسم فَتَرْك الدُّنيا وأهلها، وأمّا حقيقة التصوُّف فنسيان الدُّنيا ونسيان أهلها، وسمعته يَقُولُ: أحق الناس يوم القيامة بالخسارة أهل الدَّعَاوي والإشارة. وقَالَ أَبُو النجيب الْأمويّ: سَأَلت أَبَا ذَرّ: هَلِ اتَّهمت ابن سمعون بشيء؟ فَقَالَ: بلغني أَنَّهُ رَوَى جزءًا عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، كَانَ عَلَيْهِ مكتوب: وَأَبُو الْحُسَيْن ابن سمعون، وكان "رجلا"1 آخر سواه، لأنّه كَانَ صبيًّا، ما كانوا يُكْنُونه فِي ذَلِكَ الوقت، وسماعه من غيره صحيح. قَالَ أَبُو ذَرّ: وكان القاضي أَبُو بَكْر الْأشعري وَأَبُو حامد يُقَبّلان يد ابن سمعون إذا جاءاه، وكان القاضي أَبُو بَكْر يقُولُ: ربّما خفي عليّ من كلامه بعض الشيء لدقّته2. وقال السلمي: سمعته يقول في: {وَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] قَالَ: مواعيد الْأحبة وإن اختلفت، فإنّها تؤْنس. كُنَّا صبيانًا ندور على الشط ونقول: ما طليني وسَوِّفي ... وعِديني ولا تَفي واترُكِيني مُولَّهًا ... أو تَجودِي وتَعطِفي قَالَ الخطيب: ثنا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الظاهري: سَمِعْتُ ابن سمعون يذكر أَنَّهُ أتى بيت المقدس ومعه تمر، فطالبته نفسه برطب، فلامها، فعمد إلى التمر وقت إفطاره فوجده رطبًا، فلم يأكل منه وتركه، فلما كَانَ ثاني ليلة وجده تمرًا. وقَالَ الخطيب: سَمِعْتُ أَبَا الفتح القوَّاس يَقُولُ: لحقتني إضافة، فأخذت قوسًا

_ 1 في الأصل "رجل". 2 تبيين كذب المفتري "201".

وخُفَّيْن، وعزمت عَلَى بَيْعهما، فقلت: أحضر مجلس ابن سمعون، ثم أبيعهما، فحضرت، فلما فرغ ناداني: يا أَبَا الفتح لا تبع الخُفَّين والقوس، فإنّ اللَّه سيأتيك برزق أو كما قَالَ. وقَالَ الخطيب: حَدّثَنِي شرف الوزراء أَبُو القاسم عَلِيّ بْن الْحَسَن، قَالَ: حَدّثَنِي أَبُو طاهر مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن العلاف، قَالَ: حضرت أَبَا الْحُسَيْن يومًا وهو يعظ، وَأَبُو الفتح القوّاس إلى جنب الكرسي، فنعس، فأمسك أَبُو الْحُسَيْن عَنِ الكلام ساعة، ثم استيقظ أَبُو الفتح، ورفع رأسه، فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحُسَيْن: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نومك؟ قَالَ: نعم، فَقَالَ: لذلك أمسكت خوفًا من أن تنزعج. وقَالَ الخطيب: حَدّثَنِي رئيس الرؤساء الوزير: نا أَبُو عَلِيّ بْن أَبِي مُوسَى الهاشمي، حكى لي مولى الطائع لله أن الطائع أمره فأحضر ابن سمعون. فرأيت الطائع غضبانًا، وكان ذا حِدَّة، فأحضرت ابن سمعون، فأذن له الطائع في الدخول، فدخل وسلّم بالخلافة، ثم أخذ فِي وعظه، فَقَالَ: رُوِي عَنْ أمير المؤمنين عَلِيّ -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، ثم رَوَى عَنْ أمير المؤمنين عَلِيّ -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، ثم رَوَى عَنْ أمير المؤمنين وترضى عَنْهُ، ووعظ حتى بكى الطائع، وسمع شهيقه، وابتلّ منديل من دموعه، فلما انصرف، سَأَلت عَنْ سبب طلبه، فَقَالَ: رُفِع إليّ أَنَّهُ ينتقص عليا -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فأردت أقابله، فلما حضر افتتح بذِكْر عَلِيّ والصلاة عَلَيْهِ، وأعاد وأبدى فِي ذِكْره، فعلمت أَنَّهُ وُفِّق، ولِعِلْمه كُوشِف بذلك. قَالَ العتيقي: تُوُفِّي ابن سمعون وكان ثقة مأمونًا فِي نصف ذي القعدة. قَالَ الخطيب: ونُقِل سنة ست وعشرين وأربعمائة من داره، ودُفِن بباب حرب، ولم تكن أكفانه بُلِيَت فيما قِيلَ. 273- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الفضل بْن شهريار، أَبُو بَكْر بْن أخي عَلِيّ بْن الفضل التاجر الْأرْدَسْتَاني. رَوَى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم. وعنه: أَبُو نُعَيْم. 274- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن جَعْفَر، أبو الطيب التيمي الكوفي النَّخَّاس1. حدّث بالكوفة وبغداد عَنْ: عَبْد الله بن زيدان البَجَليّ، وعلي بن العباس المقانعي، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 245"، والعبر "3/ 37".

وعنه: عُبَيْد اللَّه الْأزهري، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، ومحمد بْن عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ، ومُحَمَّد وَأَبُو طاهر ابنا مُحَمَّد بْن عيسى الحَذَّاء الكوفي وجماعة. وكان ثقة. 275- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْد اللَّه، أَبُو الفَضْل الشَّيْباني الكوفي نزيل بغداد1. حدث عَنْ: مُحَمَّد بْن جرير، ومحمد بن محمد الباغندي، "وأَبِي"2 القاسم البَغَوي، وخلق كثير من العراقيين والشاميين والمصريين. رَوَى عَنْهُ جماعة، وانتخب عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنيّ، ثم بان كَذِبُه، وسرقوا حديثه. قَالَ الخطيب: كَانَ عند ذَلِكَ يضع الحديث للرافضة، وعاش تسعين سنة. قلت: وكان حافظًا عارفًا بالفنّ، مصنّفًا، لكنّه لحقه الْأدْبار. رَوَى عَنْهُ تمّام الرّازي، وَأَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو العلاء الواسطي، وَأَبُو القاسم التنوخي، وخلق. قَالَ الْأزهري: كَانَ يحفظ، وكان كذّابًا دجّالا. قَالَ حمزة السَّهْمي: كَانَ يضع الحديث، كتبت عَنْهُ، وله سَمْتٌ ووَقَار. قَالَ العتيقي: تُوُفِّي فِي ربيع الآخر، وكان كثير التخليط. 276- مُحَمَّد بْن الفضل بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمَة بْن المغيرة، أَبُو طاهر السُّلَمي، نافعة3 الأئمة أَبِي بَكْر، محدّث نيسابُور. وسمع: جدّه، ومُحَمَّد بْن إِسْحَاق السّرّاج، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الماسَرْجَسي، وأقرانهم. قَالَ الحاكم: عقدت لَهُ مجلس التحديث سنة ثمانٍ وستّين، ودخلت "بيت كُتُب"4 جَدّه، وأخرجت لَهُ مائتين وخمسين جُزْءًا من سماعاته الصحيحة، وانتقيت لَهُ عشرة أجزاء، وقلت: دع الْأصول عندي صيانةً لها، فأخذها وفرقها على الناس،

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 466"، والعبر "3/ 37"، وشذرات الذهب "3/ 126". 2 في الأصل "أبو". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 490"، والعبر "3/ 37"، وميزان الاعتدال "4/ 9". 4 في الأصل "كتب بين".

وذهبتْ، ومدّ يده إلى كُتُب غيره، ثم إنه مرض، وتغيّر بزوال عقله فِي سنة أربع وثمانين. ثم قصدته بعد ذَلِكَ للرواية، فوجدته لا يَعْقِل، وتُوُفِّي سنة سبعٍ وثمانين، فِي جمادى الْأولى، ودفن فِي دار جدّه. روى عنه: الحاكم، وأبو حفص بن مسرور، وَأَبُو سعد الكَنْجَرُوذِي وَأَبُو المُظَفَّر سَعِيد بْن إِبْرَاهِيم المقرئ، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ المقرئ، وغيرهم من شيوخ زاهر السّحامي، وما أعتقد أنهم سمعوا منه إلا فِي صحة عقله، فإنّ من لا يَعْقِل كيف يُسْمَع عَلَيْهِ، واللَّه تعالى أعلم. 277- مُحَمَّد بْن يحيى البُوزْجَاني، أحد الكبار البارعين فِي معرفة الهندسة. لَهُ فيها تصانيف عجيبة. وبوزجان قرية من نيسابُور. 278- مُحَمَّد بْن المُسَيّب بْن رافع العَقِيلي الْأمير أَبُو الذّواد1. تغلّب عَلَى الموصل وأخذها سنة ثمانين وثلاثمائة، وصاهر لولد عَضُدِ الدولة. وتُوُفِّي فِي سنة سبعٍ وثمانين هذه، وقام بعده أخوه حسام الدولة مقلّد بْن المُسَيّب. 279- مُحَمَّد بْن هشام بْن عَبَّاس، أَبُو عَبْد اللَّه القُرْطُبي البزّاز2. جمع الكثير من قاسم بْن أصبغ، وسمع من أبي عبد الملك ابن أَبِي دُلَيْم، وأَحْمَد بْن رحيم. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: كتبت عَنْهُ وكان صالحًا ثقةً. توفي فِي رجب. 280- مُوسَى بْن عيسى بْن طانجور، أَبُو القاسم السّرّاج3. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الباغَنْدِي، وأَبَا بَكْر بْن أَبِي داود، ومُحَمَّد السَّوانيطي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن العتيقي، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حسنون النَّرْسي وعُبَيْد اللَّه بن الْأزهري، ووثّقه، وكان مولده سنة خمسٍ وتسعين ومائتين.

_ 1 العبر "3/ 37"، وشذرات الذهب "3/ 126". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 100". 3 تاريخ بغداد "13/ 64"، والمنتظم "7/ 201"، والعبر "3/ 37".

"حرف النون": 281- نوح بْن منصور بْن نوح بْن عَبْد الملك بْن نصر بْن أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن أحْمَد بْن أسد بْن سامان، أَبُو القاسم، سلطان ما وراء النهر، وابْن سلاطينها1. تُوُفِّي فِي رجب، وبقيت ولايته اثنتين وعشرين سنة، وولي الأمر بعده ابنه أبو الحارث منصور بْن نوح. وذكره ابن الْجَوْزي فقال: مالك خراسان وغزنه وما وراء النهر، ولي بعده ابنه فبقي سنة وتسعة أشهر، ثم قبض عَلَيْهِ خواصُّه، وأجلسوا فِي المُلْك أخاه عَبْد الملك بْن نوح، فقصدهم محمود بْن سبكتكين، فالتقاهم وكسرهم، فانهزموا منه إلى بُخَارَى، وانقرض ملك السامانية. "الكنى": 282- "مَنْجوتَكِين"2 التركي العزيزي. مولى الملقَّب بالعزيز بْن المُعِزّ. ولي دمشق سنة إحدى وثمانين، وبقي مدّة، وفي سنة سبْعٍ هذه عزله الحاكم، وأرسل عوضه سُلَيْمَان بْن جَعْفَر بْن فلاح، فنزع منجوتكين الطّاعة، وسار إلى الرملة، لحرب من يجيئه من مصر، ثم كانت الوقعة يوم الجمعة من جمادى الْأولى، فاقتتلوا، ثم انهزم منجوتكين، ووصل دمشق فِي يومين، وطلب من أهل البلد النُّصْرَة، فلم يجيبوه خوفًا من الحصار والغلاء، ونهبوا داره، وهمُّوا بالقبض عَلَيْهِ، فانهزم إلى أَذْرِعَات، ولجأ إلى ابن الجرّاح الطائي، فلم يمنعه، وأسلمه إلى الْأمير سُلَيْمَان بْن فحل، فبُعِث إلى مصر، فعفا عَنْهُ الحاكم. 283- أَبُو العلاء بْن ماهان، راوي صحيح مُسْلِم. هُوَ: عَبْد الوهاب بْن عيسى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ماهان البغدادي3. "حدّث بمصر"4، عَنْ أَبِي بَكْر أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى الأشقر الفقيه، عن

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 514"، والبداية والنهاية "11/ 323"، والعبر "3/ 38". 2 في الأصل "بنجوتكين". 3 العبر "3/ 39"، وشذرات الذهب "3/ 128". 4 في الأصل "الكتاب".

القلانسي "صاحب مُسْلِم"1. وله فَوْت ثلاثة أجزاء الصحيح رواها عَنِ الْجُلُودِي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر يحيى بْن مُحَمَّد الْأشعري، وأَحْمَد بْن الفتح بْن الواساني المَعَافِرِي، ومُحَمَّد بْن يحيى الحَذَّاء الْأندلسيون. وقد كتب الدَّارَقُطْنيّ إلى أهل مصر ليكتبوا عَنِ ابن ماهان كتاب مُسْلِم ووصفه بالثقة والتمييز. قَالَ الحبَّال: تُوُفِّي فِي سنة سبعٍ وثمانين. وَفَيَات سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة: "حرف الألف": 284- أحْمَد بْن عَبْدان بْن مُحَمَّد بْن فرج، أَبُو بَكْر الشيرازي الحافظ نزيل الْأهواز2. كَانَ من كبار أئمّة الحديث. سأله حمزة السَّهْمي عَنِ الرجّال والْجَرْح والتعديل. رَوَى عَنْ مُحَمَّد بن محمد الباغندي، وأبي القاسم البغوي، وجماعة. ولد سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وسمع سنة أربع وثلاثمائة من أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن السَّكن البغدادي بشيراز، وسمع من بَكْر بْن أحْمَد الزُّهْري بكازَرُون، وتُوُفِّي فِي شهر صفر. رَوَى عَنْهُ: أبو الحسن محمد بن علي بن صخر، وحمزة السَّهْمي، وَأَبُو ذَرّ الهَرَوِي، وقاضي الْأهواز عَبْد الواحد بْن منصور بْن المشتري، والقاضي عَلِيّ بْن عُبَيْد اللَّه الحسكاني من مشيخة الرازي، وعَبْد الوهاب "الغندجاني"3 وآخرون. وكان يقال لَهُ: الباز الْأبيض، وروى تاريخ الْبُخَارِيّ. 285- أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد البصير أَبُو عمر الجذامي القرطبي4.

_ 1 في الأصل "صاحب مصر مسلم". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 489"، والعبر "3/ 38"، وتذكرة الحفاظ "3/ 990". 3 في الأصل "العند هاني" وهو تصحيف. 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 57"، وفي الأصل "أحمد محمد".

سَمِعَ الكثير من قاسم بْن أصبغ، وأَحْمَد بْن دُحَيْم، ومُحَمَّد بْن الخشنيّ، وخالد بْن سعد وطائفة، وكان عارفًا بالحديث ووقوف عَلَى أحوال نقلته. روى عنه: محمد بن الحسن الزُّبَيْدِي، وابْن الفَرَضِيّ وقَالَ: أجاز لي ولأبي مصعب ما رواه، وتُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة، وَلَهُ سبعٌ وسبعون سنة. 286- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف المُزَني. رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبَادِل، وعَلِيّ بْن أَبِي العقب. رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن الْحَسَن الرَّبعي. 287- أحْمَد بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن حاتم، أَبُو النُّوشَرِي1. سَمِعَ يحيى بْن صاعد، وأَحْمَد بْن عَلِيّ الْجَوْزَجَاني، وإبراهيم بْن عَبْد الصمد القاضي. رَوَى عَنْهُ: العتيقي، والتنوخيّ، وعاش ثمانين سنة، وكان ثقة. 288- أَصْبَغُ بْن عَبْد اللَّه بْن مَسَرَّة، أَبُو القاسم الخيّاط2. حجّ، وسمع أَبَا مُحَمَّد بْن الورد، وأَحْمَد بْن الْحَسَن الرازي، وأَبَا إِسْحَاق مُحَمَّد بْن القاسم بْن شعبان، وأَبَا عَلِيّ بْن السَّكَن، سَمِعَ منه مصنفه الصحيح في السنن، وكان من الشهود. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: "سَمِعْتُ" منه "أشياء"3، توفي في رمضان. "حرف الباء": 289- بَكْر بْن مُحَمَّد بْن بَكْر بْن خُرَيْم، أَبُو القاسم الدمشقي الطرائفي المعدّل4. رَوَى عَنِ: ابن جوصا. روى عنه: أحمد بن الحسين الطيان، ورشأ بن نظيف، وغيرهما.

_ 1 اللباب "3/ 331"، والأنساب "4/ 159". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 81". 3 ما بين الأقواس سقط من الأصل واستدرك من تاريخ ابن الفرضي. 4 تهذيب ابن عساكر "3/ 290".

"حرف الحاء": 290- الْحَسَن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو عَلِيّ الحرشي الحيري1. سمع: أباه "أَبَا"2 عمرو، "وأَبَا"3 نُعَيْم بْن عدِيّ، وعدّة. وعنه: القاضي أَبُو بَكْر. مات فِي جمادى الآخرة. 291- الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد، أَبُو عَلِيّ الكِنْدي الحمصي الفقيه، نزيل بعلبك4. حدّث فِي هذا العام عَنْ سَعِيد بْن عَبْد العزيز الحلبي، وابْن جَوْصا. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن بْن الْأشعث المنبجي، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد الرَّحْبي وجماعة. وقع لنا جُزْءٌ من حديثه. 292- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن بَشَّار، أَبُو عَلِيّ الرَّيْحاني. رَوَى عَنْهُ الهَمَذَاني. رَوَى عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن عمروس، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بلبل الزَّعْفَراني، ومُحَمَّد بْن حمدان بْن سُفْيَان البغدادي، والقاسم بْن أَبِي صالح، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن يعقوب. رَوَى عَنْهُ: أحْمَد بْن زَنْجَوَيْه، وَأَبُو طاهر بْن سَلَمَة، ومُحَمَّد بْن عيسى، وآخرون. قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ صدوقًا صالحًا. 293- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الدمشقي نزيل نيسابُور5. وحدّث فِي هذه السنة عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الهُجَيْمي، والفضل بْن الفضل الكِنْدي، وجماعة. وعنه: أَبُو عثمان الصّابوني، وأَحْمَد بْن منصور المقرئ، رَوَى أحاديث لا تشبه أحاديث الصدق.

_ 1 الأنساب "4/ 110". 2 في الأصل "أنا". 3 في الأصل "أنا أبو". 4 سير أعلام النبلاء "16/ 415". 5 تهذيب ابن عساكر "4/ 233".

294- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير، أبو عبد الله البغدادي الصيرفي الحافظ1. سمع: أبا جَعْفَر بن البَخْتَرِيّ، وإسماعيل الصَّفَّار، وَعُثْمَان بن السماك وأبا بكر بن النجار فمن بعدهم. روى عنه: أبو حفص بْن شاهين، وهو أكبر منه، وَأَبُو العلاء الواسطي، وأبو القاسم التنوخي، وعبيد الله الأزهري، وآخر من حدث عَنْهُ أبو الحسين محمد بْن المهتدي باللَّه. قَالَ الْأزهري: سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي حديث: هذا حديث كتبه عنّي مُحَمَّد بن إسماعيل الوراق، وأبو "الحسن"2 الدارقطني. وقال أَبُو القاسم الْأزهري: كنت أحضر عند ابن بكير، وبين يديه أجزاء، فأنظر فيها، فيقول لي: أيما أحب إليك، تذكرني متن ما تريد من هذه الْأجزاء، حتى أخبرك بإسناده، أو تذكر إسناده حتى أذكّرك بمتنه؟ فكنت أذكر المُتُون، فيحدثني بالأسانيد كما هِيَ حفظًا منه، وفعلت هذا مرارا كثيرة، وكان ثقة، لكنهم حسدوه، وتكلموا فِيهِ. قَالَ الخطيب: قَالَ ابن أَبِي الفوارس: كَانَ يتساهل فِي الحديث ويُلْحِق فِي أُصول الشيوخ ما لَيْسَ منها، ويصل المقاطيعَ. وُلِد سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر، رحمه اللَّه. 295- حمد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن خطاب، الْإمَام، أَبُو سُلَيْمَان الخطّابي البُسْتي3 الفقيه الْأديب، مصنف كتاب "مَعَالم السُّنَن"، وكتاب "أسماء اللَّه الحُسْنَى" وكتاب "الغنية عن الكلام وأهله"، وكتاب "العزلة"، وغير ذلك من التصانيف. سَمِعَ: أَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي بمكّة، وأبا بكر بن داسة بالبصرة، وإسماعيل الصفار ببغداد، وأبا الْعَبَّاس الْأصمّ بنيسابُور وطبقتهم. وأقام بنيسابور مدَّةً يصنّف ويفيد. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم، والشيخ أَبُو حامد الإِسْفِرَايِينِيّ، وَأَبُو نصر محمد

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 464"، والمنتظم "7/ 203"، والبداية والنهاية "11/ 324". 2 في الأصل "الحسين". 3 العبر "3/ 39"، وشذرات الذهب "3/ 127"، والبداية والنهاية "11/ 324".

ابن أحْمَد بْن سُلَيْمَان البلْخي "الغَزْنَوِي"1 المقرئ، وعَلِيّ بْن الْحَسَن الفقيه السجزي، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الملك الفارسي الفَسَوي، وَأَبُو عُبَيْد الهَرَوِي صاحب الفرسين، وعَبْد الغافر بْن مُحَمَّد الفارسي. وقد سماه أَبُو منصور الثَّعَالِبي فِي كتاب "اليتيمة": أَبَا سُلَيْمَان أحْمَد بْن مُحَمَّد، والصّواب حمْد كما قاله الْجَمُّ الغفير. ويقال: إنه من ولد زيد ين الخطَّاب بْن نُفَيْل العَدَوِي، ولم يَثْبُتْ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن "اليونيني"2 وشهدة العامرية قالا: أَنَا جَعْفَر الهَمَذَاني، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفي: سَمِعْتُ أَبَا المحاسن الرّوياني بالرّيّ، سَمِعْتُ أَبَا نصر البلْخي بغزنة، سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَان الخطابي، سَمِعْتُ سعيد الْأعْرابي، ونحن نسمع عَلَيْهِ هذا الكتاب، يعني كتاب السُّنَن لأبي دَاوُد، وأشار إلى النسخة وهي بين يديه: لو أنّ رجلا لم يكن عنده من العلم إلا المُصْحَف الَّذِي في كتاب اللَّه، ثم هذا المُصْحَف، لم يحْتَجْ معهما إلى شيء من العلم البتة. ولأبي سليمان مقطعات من الشعر في كتاب "اليتيمة" للثَّعالبي، منها: وما غربة الْأنْسَان فِي شقّة النَّوَى ... ولكنها واللَّه فِي عدم الشَّكْل وإنّي غريبٌ بين بُسْتَ وأهلِها ... وإنْ كَانَ فيها أُسْرَتي وبها أهلي وله: فسامح ولا تَسْتَوْفِ حقَّك كلَّه ... وأبق فلم يستوف قطّ كريم ولا تَغْلُ فِي شيء من الْأمر واقتَصِدْ ... كلا طرفي قصْد الْأمور سليم وقد أخذ الخطابي اللغة عَنْ أَبِي عُمَر الزّاهد، والفقه عَنْ أَبِي عَلِيّ بْن أَبِي هُرَيْرَةَ، وأَبِي بَكْر القفال "الشاشي"3 وغيرهما. وذكر أَبُو يعقوب القرّاب وفاته في ربيع الآخر.

_ 1 في الأصل "العرنوي". 2 في الأصل "النوسي". 3 في الأصل "الشافعي" وهو وهم.

"حرف السين": 296- سَعِيد بْن حسّان بْن العلاء، أَبُو عثمان القُرْطُبي نزيل مصر1. سَمِعَ بها من: عَبْد الملك بْن بحر بْن شاذان "الجلاب"2، ومن عثمان بْن مُحَمَّد السمرقندي بتنيس. وحدّث بقُرْطُبَة، وبها توفي في صفر. "حرف الشين": 297- شافع بْن مُحَمَّد بْن الحافظ أَبِي عوانة يعقوب بْن إِسْحَاق، أَبُو النَّضْر الإِسْفِرَايِينِيّ3. رحل وطَوَّف إلى العراق والشام ومصر وخراسان بعد وفاة جَدّه. سَمِعَ من: جَدّه، وعَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر الواسطي، وعَبْد اللَّه بْن الزَّيْنَبِي الدمشقي، وابْن جَوْصَاء، وأَحْمَد بْن عَبْد الوارث الغسَّال، وأَبِي جَعْفَر أحْمَد بْن مُحَمَّد الطّحاوي ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الدَّيْبلي، وطبقتهم. وروى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمي، وَأَبُو نُعَيْم، وَأَبُو ذَرّ الهَرَوِي، وَأَبُو مَسْعُود أحمد بن محمد البجلي، أبو سعد مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الكَنْجَرُوذِي. قَالَ الحاكم: خرّجت عَنْهُ فِي الصحيح. وقَالَ أَبُو القاسم بْن منده: تُوُفِّي فِي المحرَّم من السنة. "حرف العين": 298- عبيد اللَّه بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن مازيا القاضي، أَبُو الْحُسَيْن البُرُوجِرْدي4. حدّث بهَمَذَان فِي سنة أربعٍ وستين عَنْ: أَبِيهِ، وعَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائني،

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 175". 2 في الأصل "الحلاب". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 388"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1020"، وتاريخ جرجان "189". 4 تذكرة الحفاظ "3/ 1020".

والباغَنْدِي، وابْن جرير، ومُحَمَّد بْن المجدِّر، وأَحْمَد بْن جوْصا. رَوَى عَنْهُ: رافع بْن مُحَمَّد القاضي، وطاهر بْن ماهلة، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الهَمَذَانيّون. ذكره شِيرَوَيْه ووثَّقه وقَالَ: توفي ببروجرد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. قلت: يبعد أنّه عاش إلى الْأن. 299- عُبَيْد اللَّه بْن المحدّث عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ، القاضي أَبُو القاسم المَرْوَزِي قاضي نَسْف. قَالَ المُسْتَغْفِري: كَانَ صَلْب المذْهب، لما دخل "سبكتكين"1 صاحب غَزْنَة إلى بَلْخ، دعا فقهاءها إلى مناظرة الكَراميّة، وكان منهم القاضي عُبَيْد اللَّه، وهو يومئذ عَلَى قضاء بلْخ، فَقَالَ سُبُكْتِكِين: ما تقولون فِي هَؤُلاءِ الزُّهاد الْأولياء، يعني الكرامية؟ فَقَالَ القاضي: هَؤُلاءِ كفّار. فَقَالَ: ما تقولون فِي إنْ كنت أعتقد مذهبهم؟ فَقَالَ: قولنا فيك كقولنا فيهم، فقام وضربهم بطبرزين حتى أدماهم، وشَبَحَ القاضي، وقيدهم وحبسهم، ثم خاف الملامة فأطلقهم، وتُوُفِّي القاضي سنة ثمانٍ وثمانين. 300- عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو بْن مُحَمَّد بْن منتاب، أَبُو القاسم البغدادي، أخو أَبِي الطّيّب2. سَمِعَ: يحيى بْن صاعد، وعثمان بْن السّمّاك. رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن حسنون، وغيرهما. وثَّقه العتيقي، وولد سنة إحدى وثلاثمائة. 301- عُبَيْد اللَّه بن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه، أَبُو الفضل الفامي، شيخ صالح نيسابوريّ3، سكن محلّة نَصْرَاباذ. سَمِعَ: أَبَا الْعَبَّاس السّرّاج، وأكثر الناس عنه لعلو سنده.

_ 1 في الأصل "سبكتين". 2 تاريخ بغداد "10/ 375"، والمنتظم "7/ 204". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 495"، والعبر "3/ 39"، وشذرات الذهب "3/ 128".

قَالَ الحاكم: سماعاته بخطّ أَبِيهِ صحيحة. قلت: رَوَى عَنْهُ سَعِيد العيار، وجماعة، وقع لنا من عَوَالِيه. 302- عبد العزيز بْن يوسف، "أَبُو"1 القاسم كاتب الْأنشاء للسلطان عَضُد الدولة2، ثم وَزَرَ لابنه بهاء الدولة خمسة أشهر، وتُوُفِّي فِي شعبان من السنة، وكان أديبًا شاعرًا نبيلا، ولم يشتهر لأنّه لم تَطُل وزارتُه. 303- عُمَر بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الْإمَام أَبُو حفص البَرْمَكِي الحنبلي، أحد الْأعلام والزُّهاد، وقد "ذكرناه"3 فِي الماضية. "أَبُو"4 حفص العُكْبَرِي المعروف بابن المسلّم. رَوَى هذا عَنْ أَبِي بَكْر الصوّاف، وإِسْمَاعِيل الخطبي، وتفقّه بأبي عَلِيّ النّجار، وأَبِي بَكْر عَبْد العزيز، وله فِي الفقه تواليف حسنة، رحمه اللَّه. وهو والد المعمَّر أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عُمَر البَرْمَكِي شيخ قاضي المرسْتان. 304- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن "عِرَاك"5 بْن مُحَمَّد بْن عِرَاك، أَبُو حفص الحَضْرَمِي المصري المقرئ6 المجوّد. قرأ القرآن بَورْش عَلَى: أَبِي جَعْفَر حمدان بْن عَوْن بْن حكيم الخَوْلاني صاحب إِسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه النحاس، وعلى أَبِي الْعَبَّاس أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن جامع السُّكَّري، وعلى أَبِي غانم المُظَفَّري أحْمَد بْن حمدان. قرأ عَلَيْهِ: فارس بْن أحْمَد الضّرير، وتاج الْأئمّة أحْمَد بن عَلِيّ بْن قاسم، وَأَبُو الوليد عُتْبة بْن عَبْد الملك العثماني، وغيرهم. قَالَ أَبُو إِسْحَاق الحبّال: تُوُفِّي بمكّة يوم عاشوراء، وقد تُوُفِّي أَبُو غانم شيخه في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. وتُوُفِّي أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن عبد اللَّه بن هلال الأزدي

_ 1 في الأصل "أبا". 2 البداية والنهاية "11/ 325"، والمنتظم "7/ 203". 3 في الأصل "ذكرنا". 4 في الأصل "أبا". 5 في الأصل "عزاك". 6 سير أعلام النبلاء "16/ 495"، والعبر "3/ 40"، وشذرات الذهب "3/ 29".

سنة عشرين وثلاثمائة، وهو شيخ أبي غانم. وقرأ الْأزْدِيّ وحمدان الخَوْلاني، عَلَى إِسْمَاعِيل النّحّاس، عَنْ قراءته عَلَى أَبِي يعقوب الْأزْدِيّ، عَنْ ورش، فقراءته عَلَى الخَوْلاني أعلى بدرجة. وكان ابن عِراك من كبار المقرئين. 305- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، أَبُو حفص "اليسع"1. بغدادي، تُوُفِّي في تنيس. "حرف القاف": 306- القاسم بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن معروف، أَبُو أحْمَد القنطري الحاكم. تُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل بنَسْف. رَوَى عَنْ الْأصم، وعَبْد المؤمن بْن خَلَف، وجماعة. رَوَى عَنْهُ جَعْفَر المُسْتَغْفِري. 307- قاسم بْن مُحَمَّد بْن قاسم بْن أَصْبَغُ بن محمد "البياني"2، أبو مُحَمَّد القُرْطُبي قاضي مدينة الفرج3. سَمِعَ من: جَدّه. وكتب عَنْهُ: ابن الفَرَضِيّ وجماعة. وكان مولده سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وتُوُفّي فِي ربيع الأول. "حرف الميم": 308- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سُلَيْمَان، أَبُو النَّضْر السَّرْمَغُوني النَّسَوِي. سَمِعَ بدمشق، ونشأ، وحدّث عَنْ مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْد الجبّار النَّسَوِي، وأَبِي الدَّحداح أحْمَد بْن مُحَمَّد، وابْن جَوْصا، وأَبِي نُعَيْم بْن عدِيّ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن سَلَمَة، والْحُسَيْن بْن عثمان الشيرازي، وَأَبُو مَسْعُود أحْمَد بْن مُحَمَّد البَجَلي. وعاش إلى هذه السَّنَة، ولم تُحْفَظْ وفاتُه. 309- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن إبراهيم، أَبُو الفرج الشَّنَّبُوذِي المقرئ4، تلميذ ابن

_ 1 في الأصل "اليسيع". 2 في الأصل "البناني". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 364". 4 سير أعلام النبلاء "16/ 495"، المنتظم "7/ 204"، والبداية والنهاية "11/ 325"، والعبر "3/ 40"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1020".

شَنَّبوذ، قرأ عَلَيْهِ القراءات، وعلى أَبِي بَكْر بن مجاهد، وأبي عبد الله إبراهيم بن عرفة النَّحْوِيّ نفْطَوَيْه، وابْن بشّار العلاف صاحب الدُّورِي، وهو أقدم شيخ لَهُ، ومُحَمَّد بْن النَّضْر بْن الْأخرم، وجماعة، واعتنى بهذا الشأن، وتصدّر للإقراء بعد أن أكثر التَّرْحال فِي لُقيّ الشيوخ المقرَّبين. قرأ عَلَيْهِ: الهيثم بْن أحمد الدمشقي الصّبّاغ، وَأَبُو طاهر مُحَمَّد بْن ياسين الحلبي، وَأَبُو الفرج الْأستِراباذي، وَأَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلِيّ الواسطي، وَأَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحسين الكارزيني وطائفة، وآخرهم وفاةً، فيما أعلم، أَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وكان عالمًا بالتفسير ووجوه القراءات. قَالَ الخطيب: سَمِعْتُ أَبَا الفضل عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد يذكر أَبَا الفرج الشَّنَّبُوذِي، فعظَّم أمره وقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد القرآن. وقال الخطيب: ولد سنة ثلاثمائة، وتكلّم النّاس فِي رواياته، فحدثني أحْمَد بْن سُلَيْمَان الواسطي المقرئ قَالَ: كَانَ أَبُو الفرج الشَّنَّبُوذِي يذكر أَنَّهُ قرأ عَلَى أَبِي الْعَبَّاس الْأشناني، فتكلّم النّاس فِيهِ، وقرأت عَلَيْهِ لابن كثير، ثم سَأَلت عَنْهُ الدَّارَقُطْنيّ، فأساء القول فِيهِ. قَالَ التنوخي: تُوُفِّي أَبُو الفرج الشَّنَّبُوذِي فِي صفر من السنة. قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: أخذ عرْضًا عَنِ ابن شنَّبُوذ ولازمه، فنسب إِلَيْهِ، عَنْ مُحَمَّد بْن هارون التّمّار، وأَبِي مزاحم الخاقاني، وأحمد بن حماد التيمي، ثم سمّى جماعة، وقال: مشهور، ضابط، نبيل، حافظ، ماهر، خازن، كَانَ يتحرّك فِي البلدان. رَوَى عَنْهُ القراءة غير واحدٍ من شيوخنا. 310- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مَتّ، أَبُو بَكْر الْأشْتِيخَني1. سمع صحيح الْبُخَارِيّ فِي سنة تسع وثلاثمائة من أَبِي عَبْد اللَّه الفَرَبْرِي، وحدّث. تُوُفِّي فِي رجب، وكان من كبار الشافعية، مَعَ الزُّهد والعبادة، رحمه اللَّه. رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَعِيد الإدريسي، وعَلِيّ بْن سختام السَّمَرْقَنْدِيّ، وجماعة.

_ 1 العبر "3/ 40"، وسير أعلام النبلاء "16/ 521"، وشذرات الذهب "3/ 129".

311- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قادم، أَبُو عَبْد اللَّه القُرْطُبي المالكي1. سَمِعَ: قاسم بْن أَصْبَغُ وذويه، ورحل فسمع بمصر، وتفقّه عَلَى ابن سُفْيَان، وسمع ببغداد من أَبِي بَكْر الشّافعيّ، وأَبِي عَلِيّ بْن الصَّوّاف. قَالَ ابن "الفَرَضِيّ"2: كَانَ ضعيفًا غير ضابط لنفسه ولا لسانه. تُوُفِّي فِي هذا العام، وكان شاعرًا محسنًا إخباريا، وقد سمعه غير واحد ينال من عليّ -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وأنا سمعته ينال من الْحَسَن، لعن اللَّه من نال منهما. 312- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مجّ، أَبُو النَّضْر الكُشَاني الكرميني. رَوَى عن: دَاوُد بْن سُلَيْمَان بْن خُزَيْمَة، وأَبِي حسّان مُهِيب بْن سُلَيْم، وغيرهما. سماعه سنة سبع عشرة. رَوَى عَنْهُ جَعْفَر بْن المُسْتَغْفِري. حدّث فِي هذه السنة، وانقطع خبره. 313- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عقيل، أَبُو بَكْر النيسابُوري القطّان. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن دلوَيْه، وعَلِيّ بْن عَبْدان، وطبقتهما. وعنه: الحاكم، وَأَبُو عَلِيّ الصّابوني. ورَّخه الحاكم. 314- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن محمي، أَبُو بَكْر البغدادي الجوهري3. رَوَى عَنْ: أَبِي القاسم البَغَوي. رَوَى عَنْهُ: العشاري، والعتيقي، والأزهري. وتُوُفِّي فِي شعبان، وهو ثقة. 315- مُحَمَّد بْن الْحَسَن4 بْن المُظَفَّر، أَبُو عَلِيّ البغدادي اللُّغَوِي الكاتب، المعروف بالحاتمي، أحد الْأعلام المشاهير. أخذ اللغة عَنْ أَبِي بَكْر الزاهد. رَوَى عَنْهُ أَبُو القاسم التنوخي، وغيره. وله الرسالة الحاتمية التي شرح فيها ما جرى بينه وبين المتنّبي من إظهار سرقاته وإبانة عيوبه في شعره، وهي رسالة تدل عَلَى تبحره، يذكر في أولها ذهابه على

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1002". 2 في الأصل "الرضي" وهو تصحيف. 3 تاريخ بغداد "1/ 363"، والمنتظم "7/ 204". 4 في الأصل "الحسين".

بغلته، وبين يديه غلمانه إِلى دار المتنبي، فما أكرمه ولا احترمه، وأَنَّهُ جلس، فما التفت إليه، فعفنه الحاتمي ووبخه عَلَى تيهه وعجبه. تُوُفِّي الحاتمي فِي هذه السنة. بلغتنا أخباره مختصرة. 316- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَلِيّ، أَبُو الطيّب الماذرائي. من رؤساء المصريين ومن بيت حشمة. تُوُفِّي فِي شوّال. 317- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مهران القاضي، أَبُو الفضل المَرْوَزِي الحَدَّادي الواعظ الصّوفي1. سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن محمود المَرْوَزِي، ومُحَمَّد بْن يحيى بْن خَالِد صاحب إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وحماد بْن أحْمَد السُّلَمي، والكبار، وعُمَر حتى جاوز المائة. رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وبالإجازة أَبُو يَعْلَى الخليلي. وقَالَ فِيهِ الحاكم: شيخ أهل مَرْو فِي الفقه والحديث والتصوُّف والقضاء، مات بمَرْو فِي صفر. قلت: حديثه من أعلى شيء وقع لمُحيي السُّنَّة البَغَوي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر، ومُحَمَّد بْن عَبْد العزيز القنطري، وَأَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر الشاذ باخي، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الوزيري الخُوَارِزْمِي، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أَبِي الهيثم الترابي، وغيرهم. 318- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زكريا الحافظ، أَبُو بَكْر الشَّيْباني الْجَوْزَقي2 العدل، شيخ نيسابُور ومحدثها، وابْن أخت محدّثها أَبِي إِسْحَاق إبراهيم بْن المُزَكّي. رَوَى عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس السّرّاج، وأَبِي نُعَيْم بْن عدِيّ الْجُرْجَاني، وأَبِي الْعَبَّاس الدّغُولي. رحل "بِهِ"3 خاله إلى سرخس وسمع مكي بن عبدان، وأبا حامد بن الشرفي، وأخيه عَبْد اللَّه بْن الشرفي، ورحل فسمع أَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي بمكّة، وأَبَا عَلِيّ

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 740"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1020". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 493"، والعبر "3/ 41"، وطبقات الحفاظ "401". 3 في الأصل "إليه".

الصّفّار ببغداد، وأَبَا حاتم "الوسقندي"1 بالرّيّ، والقاسم بْن عَبْد الواحد بهَمَذَان، وصنف المسند الصحيح عَلَى كتاب مُسْلِم. وجَوْزَق: قرية من قرى نيسابُور. وأمّا الفضل إِسْحَاق الهَرَوِي الْجَوْزَقي الحافظ فمنسوب إلى جَوْزَق من عمل هَرَاة. ولأبي بَكْر الْجَوْزَقي كتاب "المتّفق" مشهور، وله كتاب المتفق الكبير في نحو ثلاثمائة جُزْء، يرويه أَبُو عثمان الصّابوني. روى عَنْ أَبِي بَكْر قَالَ: أنفقت فِي الحديث مائة ألف دِرْهَم، وما كسبت بِهِ دِرْهَمًا. قَالَ الحاكم: وانتقيت لَهُ فوائد فِي عشرين جُزْءًا، ثم بعدها ظهر سماعه من السّرّاج. وتُوُفِّي فِي شوّال عَنِ اثنتين وثمانين سنة. رَوَى عَنْهُ: الحاكم، والكَنْجَرُوذِي، وسعيد بْن مُحَمَّد البحيري، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ الخشّاب، وسعيد العيّار، وأَحْمَد بْن منصور بْن خَلَف المغربي، وآخرون. 319- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه حَمْشَاد، أَبُو منصور النيسابُوري الزّاهد، أحد الْأئمّة2. سَمِعَ: أَبَا حامد بْن بلال، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وابْن البَخْتَرِي، وتفقّه عَلَى جماعة، وأخذ الكلام عَنْ جماعة، والعربيّة عَنْ أَبِي عُمَر الزّاهد ونحوه، ودخل إلى اليمين. كان مجتهدًا فِي العبادة، زاهدًا، واعظًا، كثير التصانيف، تخرّج بِهِ جماعة، وكان مُجابَ الدعوة. تُوُفِّي فِي رجب، وله اثنتان وسبعون سنة. لَهُ نحو ثلاثمائة مصنَّف. 320- مُحَمَّد بْن "عُبَيْد"3 اللَّه بْن مُحَمَّد، أَبُو بَكْر البغدادي الكَرْخي الكاتب. سَمِعَ: أَبَا عَبْد اللَّه المَحَامِلي، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد، وأَبَا بكر بن داسة.

_ 1 في الأصل "الوسعدي". 2 طبقات الشافعية "2/ 167". 3 في الأصل "عبد".

رَوَى عَنْهُ: أَبُو حفص بْن شاهين، وهو أكبر منه، وجماعة من المتأخِّرين. ذكره البَرْقَاني، قَالَ: ثقة، ثقة، ثقة. وقَالَ غيره: كَانَ يَقْرُب إلى الدَّارَقُطْنيّ فخرَّج لَهُ. وتُوُفِّي فِي ذي الحجَّة. 321- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أحمد الْإمَام1، أَبُو بَكْر الْأدْفُوِي الْمَصْرِيّ المقرئ النَّحْوِيّ المفسر. وأدْفو من الصعيد بقرب أسوان. سكن مصر، وكان خشّابًا يتكسّب فِي بيع الخشب. صحِب أَبَا بَكْر النّحّاس ولزمه، وحمل عَنْهُ سائر كُتُبه، وسمع الحديث، وقرأ القرآن برواية وَرْش، وكان سيّد أهل عصره، وكانت لَهُ حلقة كبيرة. أخذ عَنْهُ طائفة. وله كتاب "تفسير القرآن" فِي مائة وعشرين مجلَّدة، ومنه نسخة بمصر، بوقف القاضي عَبْد الرحيم الفاضل. تُوُفِّي يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الْأوّل. ومن قَالَ: الْأثفوي فعلى لغة عوامّ المصرييّن. قرأ عَلَى أَبِي غانم المُظَفَّر بْن أحمد المصري، وغيره. قرأ عليه: أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن النُّعمان، والْحَسَن بْن سُلَيْمَان، وعاش ثلاثًا وثمانين سنة. وقد سَمِعَ من أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن جامع، وسعيد بْن السَّكَن، وعدّة. 322- مُحَمَّد بْن سهل القاضي، أَبُو نصر النيسابُوري الفقيه، شيخ الحنفيّة وعالمهم بخُراسَان2 وأحسنهم سيرةً فِي القضاء. سَمِعَ: أبا حامد بن بلال، وأبا العباس الأصم، وما زال منسوبًا إلى الورَع والزُّهْد. وحدّث عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم، وَأَبُو جَعْفَر الْأزهري، والقاضي أَبُو القاسم التنوخي. وَأَبُو عَبْد الله الصيمري. وعاش سبعين سنة.

_ 1 العبر "3/ 41"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1020"، وسير أعلام النبلاء "16/ 495". 2 تاريخ بغداد "3/ 227".

323- مُوسَى بْن يحيى، "أَبُو"1 هارون "الصّدّيني"2 الفاسي الفقيه المالكي. كَانَ إمامًا عالمًا بالمذهب. لقي الإمام الْأسواني، ودخل الْأندلس فِي طلب العلم. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الفرج عبدوس. وتُوُفِّي بفاس فِي يوم عَرَفَة، يوم جمعة من سنة ثمانٍ وثمانين. "حرف الياء": 324- يوسف بْن أحْمَد بْن يوسف بْن الدخيل، أَبُو يعقوب الصَّيْدلاني الْمَكِّيّ راوي كتاب "الضعفاء"3 لأبي جَعْفَر العقيلي، عَنْهُ. تُوُفِّي بمكّة. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن عمرو العقيلي، وعَبْد اللَّه بْن أَبِي رجاء، وعَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه المقرئ، وإسحاق بْن أحْمَد الحلبي، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي قراد الكوفي، وأَبَا التُرَيْك ابن الحسين الطرابلسي، وأبا سعيد بن الْأعْرابي، ومُحَمَّد بْن "عَلِيّ السامري صاحب الزياديّ"4. وخلقًا من القادمين إلى الحجّ، وصنّف كتاب "سيرة أَبِي حنيفة". رَوَى عَنْهُ: الحكم بْن المنذر البَلُّوطي، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد العَتِيقي، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن نوح الْإصبهاني، وعَلِيّ بْن الوراق. وفيات سنة تسع وثمانين وثلاثمائة: "حرف الألف": 325- أحْمَد بْن سهل بْن محسن، أَبُو جَعْفَر الحدّاد الْأنْصَارِيّ الطُّليْطِلي المقرئ5. قرأ بمصر عَلَى: عَبْد الباقي "الْأدْفُوِي"6، وأَبِي الطيب بْن غلبون، وصنف قراءة نافع. مات كهلا.

_ 1 في الأصل "بن". 2 في الأصل "الصدفي". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 495"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1020". 4 في الأصل "علي السامرني صاحب الرمادي". 5 الصلة لابن بشكوال "1/ 9". 6 في الأصل "الأدفوني".

326- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مالك الكِلائي، أَبُو القاسم بليط القُرْطُبي. رَوَى عَنْ: قاسم بن أصبغ، وأبي عبد الملك بن أَبِي دليص، وكان صالحًا. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: كتبت عَنْهُ، تُوُفِّي فِي ذي القعدة. 327- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عابد، أَبُو عُمَر الْأسدي القُرْطُبي الحافظ1. سَمِعَ: أحْمَد بْن سَعِيد بْن حزم، وأحمد بن مطرف، ومحمد بن معاوية، وحدث باليسر. "حرف الحاء": 328- الحسن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مخلد بْن سنان، أَبُو مُحَمَّد المخلدي2 النيسابُوري العدل، شيخ العدالة، وبقية أهل البيوتات. سَمِعَ: أَبَا الْعَبَّاس السّرّاج، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن الذَّهبي، ومؤمل بْن الْحَسَن الماسَرْجَسي، وأَبَا حامد الْأعمشي، وأَبَا نُعَيْم عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عدِيّ، وأَبَا بَكْر بْن حمدون، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بن مسلم الإسفراييني، وزنجويه بن محمد اللباد، وموسى بْن الْعَبَّاس الْجُوَيْني، وجماعة. قَالَ الحاكم: وهو صحيح السَّماع، محدّث عصره. رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو عثمان البحيري، ويعقوب بْن أحْمَد الصَّيْرفي، وَأَبُو سَعِيد مُحَمَّد بْن عَلِيّ الخشّاب، وَأَبُو يَعْلَى الصّابوني، وَأَبُو سَعْد الكَنْجَرُوذِي، وَأَبُو حامد أحْمَد بْن الْحَسَن الْأزهري، تُوُفِّي فِي رجب. 329- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَوْن، أَبُو مُحَمَّد "الحريري"3، بغداديّ4. رَوَى عَنِ: المَحَامِلي. حدّث عنه: العتيقي ووثقه.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 58"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1020". 2 العبر "3/ 43"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1021". 3 في الأصل "الجريري" وهو تحريف. 4 تاريخ بغداد "7/ 389".

"حرف الزاي": 330- زاهر بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى، أَبُو عَلِيّ السَّرْخَسي الفقيه الشافعي المقرئ المحدّث1. سمع: أبا لبيد محمد بن إدريس الشامي، وسمع مُحَمَّد بْن زهير الْأبُليّ، وأَبَا القاسم البَغَوي، ويحيى بْن صاعد، ومُحَمَّد بْن حفص الْجُوَيْني، ومُحَمَّد بْن المُسَيّب الْأرغياني، ومؤمّل بْن الحسن "الماسَرْجَسي"2، وأَبَا جَعْفَر أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق العنزي، وإبراهيم بْن عَبْد اللَّه العسكري الزَّبيبي، وعَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر الواسطيّ، ومُحَمَّد بْن هارون الحضْرمي، وأَبَا عَلِيّ محمد بن سليمان المالكي. ذكره الحاكم، "فقال"3: شيخ عصره بخُراسَان، سَمِعْتُ مناظرته فِي مجلس أَبِي بَكْر بْن إِسْحَاق الصبغي، وكان قد قرأ عَلَى أَبِي بَكْر بْن مجاهد، وتفقّه عند أَبِي إِسْحَاق المَرْوَزِي، ودرس الْأدب عَلَى أَبِي بَكْر بْن الْأنباري، وكانت كتبه ترد عليَّ عَلَى الدوام. وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر، وله ستٌ وتسعون سنة. رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو عثمان إِسْمَاعِيل الصّابوني، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن جَعْفَر المُزَكّي، وَأَبُو عثمان سَعِيد بْن مُحَمَّد البحيري، والقاضي أَبُو المُظَفَّر منصور بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي قُرَّة الحنفي، وكريمة الكُشْمِيهَنِيّة المجاورة، وخلق سواهم. وقد أخذ عَنْ أَبِي الْحَسَن الْأشعري، عِلْم الكلام، وشهده وهو يَقُولُ عند الموت: لعن اللَّه المعتَزِلة مَوَّهُوا ومَخْرَقُوا. وروى المُوَطَّأ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الصّمد الهاشمي، عن أبي مصعب، وعن مالك، سمعناه بالإجازة العالية من طريقه. "حرف السين": 331- سعيد بن عثمان البطليوسي4.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 1021"، والعبر "3/ 43"، وسير أعلام النبلاء "16/ 476". 2 في الأصل "الماسرخسي". 3 في الأصل "يقال". 4 الصلة لابن بشكوال "1/ 207".

سَمِعَ بقُرْطُبَة من: قاسم بْن أَصْبَغُ، ووَهْب بْن مَسَرَّة، وتقدم فِي الْأداب، وولي قضاء بَطَلْيُوس، فلم يُحْمَد، ثم صُرف، ووُلِّي الشرطة، ثم عُزِل، مات فِي هذه السنة. 332- سَعِيد بْن يُمْن، أَبُو عثمان المُرَادي1. رَوَى عَنْ: وهب بْن مَسَرَّة. رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان. مات في ذي القعدة بقرطبة. "حرف الطاء": 333- طَالِب بْن هجرش. حدّث بمصر، فروى عَنْهُ أبو سعيد الماليني. "حرف العين": 334- الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بْن حبّان بْن مُوسَى بْن حبّان، أَبُو الفرج الكلابي الدمشقي2. رَوَى عَنْ: جَدّه حبّان، ومُحَمَّد بْن خُرَيْم، وأَحْمَد بْن جَوْصَاء، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: تمّام، وعَلِيّ بْن المفضّل بْن الفرات، وعَلِيّ بْن مُوسَى السمسار، وغيرهم. وحِبّان كلاهما بالكسر. وَرَّخه ووثَّقه عَبْد العزيز الكتّاني. 335- عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق المَعَافِرِي، أَبُو بَكْر القُرْطُبي3. عَنْ: وهب بْن مَسَرَّة، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، وجماعة. حدّث عَنْهُ: الصاحبان وقالا: قدم علينا طُلَيْطِلة مجاهدًا، وأجاز لنا في سنة تسع وثمانين.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 175". 2 تهذيب ابن عساكر "7/ 255". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 243".

336- عَبْد اللَّه بْن حامد بْن مُحَمَّد، أَبُو مُحَمَّد النيسابُوري الفقيه الواعظ، كَانَ أَبُوهُ من كبار تجار1 إصبهان، فسكن نيسابُور، فتفقّه عَلَى "أَبِي"2 مُحَمَّد عَلِيّ بْن الْحَسَن البيهقي، وأخذ علم الكلام، وسمع أَبَا حامد بْن الشرفي ومكّي بْن عَبْدان، وارتحل إلى أَبِي عَلِيّ بْن أَبِي هُرَيْرَةَ. وعاش ثلاثًا وثمانين سنة، وصلّى عَلَيْهِ الفقيه أَبُو بَكْر بْن فُورَك. رَوَى عَنْهُ: الحاكم وأهل نيسابُور. 337- عَبْد اللَّه بْن أَبِي زيد الفقيه القيرواني، أَبُو مُحَمَّد شيخ المالكية بالمغرب3. اسم أَبِيهِ عَبْد الرَّحْمَن، وكان أَبُو مُحَمَّد قد جمع مذهب مالك، وشرح أقواله، كَانَ واسع العلم، كثير الحِفْظ، ذا صَلاح وورع. وعنه قَالَ القاضي عِيَاض: حاز رئاسة الدين والدنيا، ورُحِل إِلَيْهِ من الْأقطار، ونخب أصحابه، وكثر الْأخذون عَنْهُ. وهو الَّذِي لخّص المذهب، وملا البلاد من تواليفه. تفقّه بفقهاء بلده، وعوّل عَلَى أَبِي بَكْر بْن اللَّبّاد، وأخذ عَنْ مُحَمَّد بْن مسرور الحجَّام، والغسال، فسمع من أَبِي سَعِيد بْن الْأعْرابي، ومُحَمَّد بْن الفتح، والْحَسَن بْن نصر السوسي، ودارس بْن إِسْمَاعِيل. سَمِعَ منه خلق كثير من جميع الْأفاق، منهم: الفقيه عَبْد الرحيم بْن العجوز السَّبْتي، والفقيه عَبْد اللَّه بْن غالب السَّبْتي، وعَبْد اللَّه بْن الوليد بْن سعد الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو بَكْر أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الخَوْلاني القيرواني، وخلق سواهم من علماء المغرب. وكان يُسمَّى مالكًا الصغير، وصنَّف كتاب "النّوادر والزّيادات" نحو المائة جُزْء، واختصر "المُدَوَّنَة". وعلى هذين الكتابين المعوَّل فِي الدُّنيا بالمغرب، وصنّف كتاب "العتيبة" عَلَى الْأبواب، وكتاب "الاقتداء بمذهب مالك" وكتاب "الرسالة" وهو مشهور.

_ 1 في الأصل "تجادي". 2 في الأصل "أبو". 3 العبر "3/ 43"، والنجوم الزاهرة "4/ 200".

338- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خسرماه القِزْوِيني، أَبُو طاهر، سَمِعَ بقِزْوين عَلَى مُحَمَّد بن معرويه، وعلي بن إبراهيم القطان، وحدث. 339- عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه بْن غَلْبون بْن المبارك، أَبُو الطيّب الحلبي المقرئ، المحقّق1. مؤلف كتاب "الْأرشاد فِي القراءات"، والد أَبِي الْحَسَن مؤلّف "التذكرة"، عداده فِي المصريين، سكنها مدة. قرأ على: إبراهيم بن عبد الرزاق، ونظيف بْن عَبْد اللَّه، ونصر بْن يوسف المجاهدي، وصالح ابن إدريس، ومحمد بن جعفرالفريابي. وسمع الحرف من: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان صاحب السُوسي، ومن الْحَسَن بْن حبيب الحَصَائري، وسمع الحديث من عُبَيْد اللَّه بْن الْحُسَيْن الْأنطاكي، وسليمان بْن مُحَمَّد بْن زويط وعَدِيّ بْن أحْمَد بْن عَبْد الباقي الْأذَني، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمارة الدمشقي. قرأ عَلَيْهِ القراءات ابنه طاهر مصنّف "التذكرة"، والْحَسَن بْن عَبْد اللَّه الصّقلّيّ، وأَحْمَد بْن عَلِيّ الرَّبعي، وَأَبُو جَعْفَر أحْمَد بْن عَلِيّ الْأزْدِيّ، ومكّي بْن أَبِي طَالِب التّنيسي، وَأَبُو الْعَبَّاس بْن تنيس، وأَحْمَد بْن عَلِيّ بْن هاشم تاج الْأئمة. وحدّث عَنْهُ: عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد بْن السّخت الرّقّي، وأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن كامل الصُّوري، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر الميماسي، والْحَسَن بْن إِسْمَاعِيل الضّرّاب. قَالَ أَبُو عَلِيّ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الغساني الحافظ: كَانَ ثقة خَيَارًا. وذكره أَبُو عَمْرو الدّاني، فَقَالَ: كَانَ حافظًا ضابطًا، ذا عَفَاف ونُسُك وفضل، وحُسْن تصنيف. وقَالَ غيره: ولد سنة تسع وثلاثمائة. وقَالَ الحبّال: تُوُفِّي يوم الجمعة لسبعٍ خَلَوْن من جمادى الْأولى. 340- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان بْن حَبَابَة، أَبُو القاسم البغدادي المتوثي البزاز2. ولد سنة ثلاثمائة، وسمع أبا القاسم البغوي، وأبا بكر بن أبي داود، وجماعة.

_ 1 العبر "3/ 44"، وشذرات الذهب "3/ 131". 2 العبر "3/ 44"، وسير أعلام النبلاء "16/ 548"، والبداية والنهاية "11/ 326".

رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وعَبْد العزيز الْأزْجِي، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، وَأَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن هزارمَرد الصَّريْفينِي، رَوَى عَنْهُ كتاب "الْجَعْدِيّات". وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر، وصلى عَلَيْهِ الْإمَام أَبُو حامد الإِسْفِرَايِينِيّ. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة. 341- عثمان بْن عَمْرو بْن مُحَمَّد بْن المنتاب، أَبُو الطّيّب البغدادي الدّقّاق إمام جامع المنصور1. حدّث عَنْ: أَبِي القاسم البَغَوي، وابْن صاعد، وإِسْمَاعِيل الورّاق. رَوَى عَنْهُ: عُبَيْد اللَّه الْأزهري، والْحَسَن بْن مُحَمَّد، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد العَتِيقي، وَأَبُو القاسم التنوخي، وآخرون. قَالَ أَبُو الفتح بْن أَبِي الفوارس: كَانَ كثير التَّسَاهُل، لم يُرَ لَهُ "أصل جيد"2. 342- عُمَر بْن أحْمَد بْن عُمَر، أَبُو حفص النيسابُوري الزّاهد. صدوق مكثر. سمع: ابن الشرفي بْن عَبْدان، وإِسْمَاعِيل الصّفّار. وعنه: الحاكم وغيره. 343- عُمَر بْن أحْمَد بْن حفص البَرْمَكِي، تقدم فِي الماضية. 344- عَلِيّ بْن أحْمَد بْن يوسف، أَبُو الْحَسَن الخُدْرِيّ العسقلاني. تُوُفِّي فِي شعبان، وله اثنتان وثمانون سنة. 345- عَلِيّ بْن مُعَاذ بْن سمعان بْن أَبِي شيبة، أَبُو الْحَسَن الرُّعَيْنِي البجّاني الْأندلسي3. سَمِعَ ببجَّانة من: سَعِيد بْن فَحْلُون، وعَلِيّ بْن الْحَسَن المرِّي، ومسعود بْن عَلِيّ، وبقُرْطُبَة من قاسم بْن أَصْبَغُ. وكان بليغًا شاعرًا مُفَوَّهًا نسَّابة. رَوَى عَنْهُ: ابن الفَرَضِيّ وقَالَ: كَانَ يكذب، وقفت عَلَى ذَلِكَ منه. تُوُفِّي فِي رجب، وله نَيِّف وثمانون سنة.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 310"، وطبقات الحنابلة "2/ 166". 2 في الأصل "أصلا جيدا". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 315".

"حرف الفاء": 346- فائق عميد الدولة1، أَبُو الْحَسَن الْأمير فتى2 السلطان نوح بْن نصر السّاماني. يَرْوِي عَنْ: مُحَمَّد بْن قُرَيْش، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بن يعقوب البخاري، وعيد الله الفاكهي المكي، وابن أبي دارم الكوفي. توفي ببُخَارَى. وقد وُلِّي إمرة هَرَاة مدّة، وعقد بها مجلس الْأملاء. رَوَى عَنْهُ: أَبُو منصور المؤدِّب، وَأَبُو عُمَر عَبْد الواحد المليحي، ووُلِّي بمدن خراسان نيفًا وأربعين سنة. 347- فرج بْن عيشون، أَبُو ثابت الْأندلسي3. سَمِعَ كثيرًا من قاسم بْن أَصْبَغُ وغيره، وكان رجلا صالحًا. كَانَ إمام مدينة إسْتِجَة. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: سَمِعْتُ منه كثيرًا، وتُوُفِّي في رمضان. "حرف الميم": 348- محبوب بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو عاصم المحبوبي القاضي الهَرَوِي4. رَوَى عَنْ: جَدّه أَبِي بَكْر. رَوَى عَنْهُ: أَبُو يعقوب القَرَّاب، وَأَبُو عُمَر المليحي، وغيرهما. 349- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَلِيّ بْن نصير، أَبُو عَبْد اللَّه النيسابُوري المعدِّل. رَوَى عَنْ: ابن خُزَيْمَة، وأَبِي قُرَيْش مُحَمَّد بن جمعة، وأبي العباس السراج. روى عنه: الحاكم.

_ 1 ذيل تجارب الأمم "332". 2 في الأصل "فني". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 350". 4 اللباب "3/ 173".

350- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن سُلَيْمَان، أَبُو عَبْد اللَّه الغافقي من أهل فَحْص البَلُّوط1. سَمِعَ: وَهْب بْن مَسَرَّة، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، وابْن القوطية، وكان فقيهًا إمامًا، أخذ العربية عن الرياحي. كتب عَنِ ابن الفَرَضِيّ. 351- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن أَصْبَغُ بْن واقد، أَبُو عَبْد اللَّه القُرْطُبي2. سَمِعَ: أحْمَد بْن مَطَرِّف، ومُحَمَّد بْن معاوية الْقُرَشِيّ. وكان قليل الفَهْم والضَّبْط. 352- مُحَمَّد بن إسماعيل بن يوسف بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو عَبْد اللَّه اليعقوبي النَّسَفي. سَمِعَ من جَدّه لامه سَعِيد بْن إِبْرَاهِيم بْن مَعْقِل بْن عَبْد المؤمن بْن خلف الحافظ. رَوَى عَنْهُ: أهل بُخَارَى، وسمعوا منه جامع أَبِي عيسى التِّرْمِذِيّ ستَّ مرّات. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْعَبَّاس المُسْتَغْفِري، وغيره. وتُوُفِّي فِي رمضان. 353- مُحَمَّد بْن عَبْدَوس بْن حاتم، أَبُو نصر النيسابُوري الزّاهد الدَّهَّان. سَمِعَ أَبَا نُعَيْم بْن عَدِيّ، وزِنْجَوَيْه بْن مُحَمَّد، وأَبَا بَكْر الذَّهَبي. وعنه: الحاكم، وقَالَ: مات فِي رجب، وله مائة سنة. وهو أَبُو الفقيه أحْمَد الحاتمي. 354- مُحَمَّد بْن محمد بْن عَلِيّ، أَبُو بَكْر بْن أَبِي الْحَسَن السَّرْخَسي النيسابُوري الشافعي. تفقّه عَلَى والده، وسمع من ابن نُجَيْد، ومات شابًا. 355- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن بَكْر، أبو بكر سِبْط ابن هانئ النيسابُوري. سَمِعَ: أَبَا الْعَبَّاس بْن السّرّاج، وأقرانه. تُوُفِّي فِي جمادى الآخرة من السنة. وعنه: سَعِيد العَيَّار، وَأَبُو يَعْلَى الصَّابوني. 356- مُحَمَّد بْن مكّي بْن زَرَّاع بن هارون، أبو الهيثم الكشميهني المروزي3.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 102". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 102". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 491"، والعبر "3/ 44"، وشذرات الذهب "3/ 132".

حدّث بصحيح الْبُخَارِيّ غير مرّة عَنْ مُحَمَّد بن يوسف الفَرَبْرِي، وحدث عَنْ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن يزيد المَرْوَزِي الدّاعوني، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عاصم، وإِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد الصّفّار، وغيرهم. رَوَى عَنْهُ: أَبُو ذَرّ الهَرَوِي، وَأَبُو عثمان سَعِيد بْن مُحَمَّد البحيري، وَأَبُو الخير مُحَمَّد بْن أَبِي عمران الصّفّار، وَأَبُو سهل مُحَمَّد بْن أحْمَد الحفصي، وكريمة المَرْوَزِية "وآخرون"1. ولا أعلمه إلا من الثّقات. قَالَ أَبُو بَكْر بن السَّمْعاني: تُوُفِّي فِي يوم عَرَفَة سنة تسعٍ وثمانين. 357- مُحَمَّد بْن النُّعْمَان بْن مُحَمَّد بْن منصور، أَبُو عَبْد اللَّه المغربي الفقيه2، قاضي ديار مصر، وابْن قاضيها، وأخو قاضيها لبني عُبَيْد. قَالَ ابن زُولاق3: لم نُشاهِد بمصر لقاضٍ من الرئاسة ما شاهدناه لمحمد بْن النُّعْمَان، ولا بلغنا ذَلِكَ عَنْ قاضٍ بالعراق، قَالَ: ووافق ذَلِكَ استحقاقًا لِما فِيهِ من العِلْم والصيانة والتحفُّظ والهَيْبَة وإقامة الحقّ. قلت: وكان عَلَى دين بني عُبَيْد، مظهرًا للرَّفض، مبطنًا لأمور، نسأل اللَّه العفوَ. وله شِعْر رائقٌ، فمنه: أيا مُشْبهَ البدرِ بدرِ السماء ... لخمسٍ وسبعٍ مضتْ واثنتينِ ويا كاملَ الحُسْنِ فِي فِعْلِه ... شَغَلْتَ فؤادي وأسْهَرْتَ عيني فهل ليَ فِي مطمعٍ أرتجيه ... وإلا انصرفتُ بخُفَّيْ حُنَيْنِ ويشمتُ بي شامت على هَوَاك ... ويُفصح لي ظلّت صُفْرَ اليَدَيْنِ فإمّا مَنَنْتَ وإما قدرت ... فأنت قدير عَلَى الحالتينِ وفي سنة ثلاثٍ وثمانين لتسع سنين مضت من ولايته القضاء استخلف على

_ 1 في الأصل "وآخر". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 547"، وشذرات الذهب "3/ 132"، والولاة والقضاة "495". 3 الولاة والقضاة "594".

القضاء بمصر والقاهرة ابنه أبا القاسم عَبْد العزيز عَلَى الدوام، وارتفعت رتبة قاضي القضاة محمد، وحتى أقعده صاحب مصر عَلَى المنبر معه يوم عيد النَّحر، سنة خمسٍ وثمانين، وهو الَّذِي غسَّل العزيز، لما مات، وازدادت عظمته فِي أيام الحاكم ثم إنه تَعَالَّ، ولازمه النُّقْرُسُ والقَوْلَنْجُ، ومات فِي صفر من سنة تسع "وثمانين"1. وأتى الحاكم إلى داره وشيَّعه. وكان مَوْلِده بالمغرب سنة أربعين وثلاثمائة، ووُلّي بعده ابن أخيه أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن النُّعْمَان قضاء القُضاة، ثم إنه عزل في أربع وتسعين، وضربت رقبته بقصة يطول شرحها، ووُلِّي بعده أَبُو القاسم عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد المذكور، ثم قتله الحاكم في سنة إحدى وأربعمائة، ووُلِّي بعده القضاء أَبُو الْحَسَن مالك بْن سعيد الفارقي. "حرف الياء": 358- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْأسد القيسي، أَبُو زكريا القُرْطُبي2. سَمِعَ من: أحْمَد بْن خَالِد وغيره، وكان مشهورًا بالعدالة، ولم يحدّث. 359- يحيى بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قاسم بْن هلال، أَبُو القاسم القيسي القُرْطُبي الشاهد3. سَمِعَ من: أَبِيهِ، ومُحَمَّد بْن عيسى بْن زرقا. تُوُفِّي فِي ذي الحجّة. 360- يحيى بْن هُذَيْل بْن عَبْد الملك بْن هُذَيْل بن إِسْمَاعِيل بْن نُويرة بْن إِسْمَاعِيل بْن نُويرة بْن مالك، أَبُو بَكْر التميمي القُرْطُبي الشاعر4. سَمِعَ من: أخيه أحْمَد بْن خالد، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وقاسم بْن أَصْبَغُ، وكان شاعر وقْته غير مُدَافَع، وطال عمره، فسمع منه بعض النّاس على سبيل الرواية.

_ 1 في الأصل "مائتين". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 194". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 195". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 195".

قَالَ ابن الفَرَضِيّ: كتبت عَنْهُ من حديثه "وشِعْره"، وأجاز لي ديوان "شِعْرِه"1، وأملى عليّ نسبه، وأخبرني أنه ولد سنة خمس وثلاثمائة، وكُفَّ بَصَرَه قبل موته بأعوام، تُوُفِّي فِي ثالث عشر ذي القعدة بقُرْطُبَة. قلت: هذا كَانَ حامل لواء الشعراء فِي الْأندلس، وقد نَبَّهنا عَلَى أَنَّهُ قِيلَ: تُوُفِّي سنة إحدى وسبعين، فاللَّه أعلم. ومن شعر ابن هُذَيْل: إذا جلست عَلَى قلبي يدي بيدي ... وصحتُ فِي الليلة الظَّلْماء وَاكَبِدِي ضَجَّتْ كواكبُ لَيْلي فِي مَطَالِعِها ... وذابت الصَّخْرَةُ الصَّمَّاء من كَمَدِي ولَهُ: عرفْتُ بَعرْفِ الرِّيح أَيْنَ تَيَمَّمُوا ... وأين استَقَلَّ الظَّاعِنُون وسَلَّمُوا خَلِيلَيَّ رُدَّانِي إلى جانب الحِمَى ... فلستُ إلى غير الحِمَى أَتَيَمَّمُ أبِيتُ سمير الفَرْقَدَيْن كأَنَّما ... وِسَادِي قَتَادًا وضَجِيعيَ أَرْقَمُ وأجوز وَسْنَانَ العيونِ كأنَّه ... قضيبٌ من الرَّيْحَان لَدن مْنَعَّمُ نظرتُ إلى أجفانه أوَّلَ الهَوَى ... فأيقنتُ أنِّي لستُ منهنَّ أَسْلَمُ 361- يحيى بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الملقّب بالمختفي أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب، أَبُو الْحُسَيْن الزَّيْدي الهاشمي البغدادي. نزيل شيرَاز. حدّث بدمشق عَنْ أَبِي بَكْر بْن مجاهد، وأَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدة. رَوَى عَنْهُ: الرَّبْعِي، وعَلِيّ بن موسى السمسار. وفيات سنة تسعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 362- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَين بْن مُحَمَّد بْن الأسد التميمي الحماني2، أبو

_ 1 في الأصل "شعر". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 63".

عَمْرو الطُّبْني1. دخل الْأندلس، وسمع من قاسم بْن أَصْبَغ، وحجّ سنة اثنتين وأربعين، وكان صالحًا. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: كتبت عَنْهُ، ومات فِي المحرَّم. 363- أحْمَد بْن الْحَسَن بْن بُنْدار، أَبُو بَكْر الْإصبهاني، ثم الطَّرَسُوسِي القاضي الزّاهد. قدم نيسابور بعد محنة أهل طَرَسُوس ومصيبتهم، وحدّث عَنِ ابن الْأعْرابي. رَوَى عَنْهُ الحاكم. 364- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو بَكْر الْآبنْدُوني2، وآبَنْدُون عَلَى خمسة3 فراسخ من جُرْجَان. رَوَى عَنْ: جَدّه لامّه جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم، وأَبِي نُعَيْم بْن عَدِيّ، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حاتم القومسي. تُوُفِّي بجُرْجَان. رَوَى عَنْهُ: مشايخ جُرْجَان. 365- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو بَكْر السَّرْخَسي. سَمِعَ عُمَر بْن يعقوب القرّاب. تُوُفِّي بِهَرَاة فِي المحرَّم. 366- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن نصر بْن ميمون، أَبُو عمرو الأسلمي القرطبي الكفيف النحوي4. سمع قاسم بْن أَصْبَغ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عبد السلام الخشني. وكان صالحًا عفيفًا. توفي فِي شوّال، وقد أدَّب جماعة من الْأعيان. 367- أَحْمَد بن محمد بن يعقوب، أبو عبد اللَّه الفارسي الورّاق5. حدّث ببغداد عَنْ أَبِي القاسم البَغَوي، وابْن صاعد، وأَبِي بَكْر بْن مجاهد.

_ 1 في الأصل "الطيبي". 2 تاريخ جرجان "17". 3 في الأصل "خمس". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 58". 5 تاريخ بغداد "5/ 126".

رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم التنوخي، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ العشاري، وجماعة. وثّقه الخطيب وتُوُفِّي فِي ذي القعدة. 368- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى القاضي، أَبُو بَكْر الهاشمي العبّاسي الفقيه المالكي1. بغداديّ شريف، وُلِّي قضاءَ المدائن، ووُلِّي خطابَة جامع المنصور زمانًا، وكان مولده سنة خمس عشرة وثلاثمائة. وسمع من: إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الصمد الهاشمي، وأحمد بن علي الجوزجاني، وأبي عَبْد اللَّه المَحَامِلي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو القاسم التنوخي. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقةً، انتخب عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنيّ. 369- أحْمَد بْن هارون2، أَبُو الْحُسَيْن المهلّبي البغدادي الَّذِي حدّث عَنْ أَبِي القاسم البَغَوي، وابْن زياد النيسابُوري. سَمِعَ منه العتيقي فِي هذه السنة، ولم يُؤَرَّخ. 370- أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد، أَبُو سَعِيد الهَرَوِي، حفيد الشَّيْخ أَبِي سعد، وجَدّ أَبِي عثمان الصابوني لامّه، ووالد الحافظ أَبِي الفضل عُمَر بْن إِبْرَاهِيم. يَرْوِي عَنْ أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ. رَوَى عَنْهُ إِسْحَاق القرّاب وجماعة. 371- أَمَةُ السَّلام، أخت القاضي أَبِي بَكْر أحْمَد بْن كامل بْن شجرة، أُمُّ الشَّيْخ البغدادية. سَمِعَ منها جماعة. "روت"3 عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل البَصْلاني، ومُحَمَّد بْن حسين بْن حُمَيْد بْن الربيع. رَوَى عَنْهَا: أَبُو القاسم التنوخي، والقاضي أَبُو يَعْلَى بْن الفرّاء، وجماعة. تُوُفِّيتْ فِي رجب، ولها اثنتان وتسعون سنة، وكانت دَيِّنةً فاضلة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 64"، والبداية والنهاية "11/ 326". 2 تاريخ بغداد "5/ 197". 3 في الأصل "روى".

"حرف الباء": 372- بَرْجَوَان الْأستاذ1. من كبار خُدّام الحاكم ومُدبِّرِي دولته، وإليه تُنْسَب جادَّة برجوان بالقاهرة. قتله الحاكم فِي نصف جُمادى الْأولى. أمر زَيْدان الصَّقْلَبيّ صاحب المِظَلَّة فضربه بسكِّين، فقتله صبْرًا. ثم إنّ الحاكم قتل زَيْدان فِي سنة ثلاث وتسعين. "حرف الجيم": 373- جيش بن محمد بن صمصامة2. أمير دمشق، القائد أَبُو الفتح، وَلِيَها من قِبَل خاله أَبِي محمود الكُتَاميّ سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، ووَلِيهَا سنة سبعين، بعد موت خاله، ثم عُزِل بعد سنتين، ثم وُلّي دمشق سنة تسعٍ وثمانين، إلى أن مات جيش. وكان جبارًا ظالم سفاكًا للدماء، أَخَّاذًا للأموال، وكَثُرَ ابتهال أهل دمشق إلى اللَّه فِي هلاكه، حتى هلك بالْجُذام فِي ربيع الآخر سنة تسعين. وكان الْأستاذ بَرْجَوَان مدبّر "دولة"3 الحاكم قد جهّز القائد جيش بْن مُحَمَّد فِي عسكر، وأمره عَلَى الشام، فنزل الرَّمْلَةَ، فسار إلى خدمته نُوَّاب الشام وخدموه، وقبض عَلَى سُلَيْمَان بْن فلاح قبْضًا جميلا، ونَفَّذ عسكرًا "لمنازلة"4 صور، وكان أهلها قد عصوا وأمروا عليهم رجلا يُعْرف بالعَلاقة الملاح، وجُهِّز أسطولان فِي البحر إليها، فاستنجد العلاقة بالرّوم، فبعث إِلَيْهِ بسيل الملك عدّة مراكب، فالتقى الْأسطولان، وظفر المصريون بالروم، بيت لهْيَا، فأُحضِر بين يدي جيش، فسأله عَنْ أشياء من القرآن والحديث والفِقْه، فوجده عالمًا بما سأله، فنظر إلى شاربه وأظفاره، فوجدها مقصوصةً، وأمر من ينظر إلى عانته، فوجدها محلوقة، فَقَالَ: اذهب فقد نجوت منّي، لم أجد ما أحتج بِهِ عليك، فلما بلغ جيش في مرضه ما بلغ من الجذام،

_ 1 البداية والنهاية "11/ 327" واتعاظ الحنفا "2/ 25". 2 العبر "3/ 46"، وشذرات الذهب "3/ 133". 3 في الأصل "دولته". 4 في الأصل "لمناولة".

وألقى ما فِي بطنه حتى كَانَ يَقُولُ لأصحابه: أقتلوني، أريحوني من الحياة، لشدة ما كَانَ يناله من الْألم. قَالَ لأصحابه: رَأَيْت كأن أهل دمشق كلهم بالسهام "فأخطأوني"1، غير رجلٍ أصابني سَهْمُه، ولو سميته لَعَبَدَهُ أهل دمشق، فكانوا يرون أَنَّهُ ابن الْجَرمي، أصابت دعوتُه، وعاش ابن الْجَرمي بعده ستًا وأربعين سنة. "حرف الحاء": 374- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَوْق، أَبُو عَلِيّ التغلبي الْجِيَّاني2. رَوَى عَنْ: وهب بْن مَسَرَّة وأَحْمَد بْن زكريا بْن الشامة. وقدم طُلَيْطِلة مرابطًا، فروى عَنْهُ الصّاحبان، وكان رجلا صالحًا. تُوُفِّي فِي عشر ذي الحجة، وله سبعٌ وسبعون سنة، رحمه اللَّه. 375- الْحُسَيْن بْن أحْمَد بن جَعْفَر، أَبُو عَبْد اللَّه بْن الكَوْسَج المعدّل. تُوُفِّي فِي ربيع الآخر. 376- الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن القُنَين البغدادي، أَبُو عَبْد اللَّه المقرئ فِي مسجده عند داره، وكان من أصحاب عَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم. قرأ عَلَيْهِ أحْمَد بْن مُحَمَّد القَنْطري المجاور، وله سماع من أَبِي عُمَر الزّاهد وغيره. مات فِي شعبان. 377- الْحُسَيْن بْن وليد بْن نصر، أبو القاسم القُرْطُبي العريف النَّحْوِيّ3، أَبُو حسن بْن وليد النَّحْوِيّ. كَانَ عارفًا بالنَّحو، بارعًا فِيهِ. أخذ عَنِ ابن القوطية، وحجّ، فسمع من أَبِي الطاهر الذُّهْلي، وابْن رشيق، وأقام بمصر أعوامًا، ثم رجع إلى الْأندلس، فأدّب أولاد المنصور مُحَمَّد بْن أَبِي عامر. تُوُفِّي بطليطلة في رجب.

_ 1 في الأصل "فأخطوني". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 135". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 114".

"حرف السين": 378- سَعِيد بْن حمدون، أَبُو بَكْر القَيْسِي الْأندلسي1. سَمِعَ من: أَصْبَغ، وابْن الشامة، وابْن حَزْم، وحجّ، فسمع عَبْد اللَّه بْن الورد، وأَبَا بَكْر الْأجُرِّي، ولم يزل يطلب العلم إلى أن مات. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: لم يكن له نفوذ في شيء من العلم. "حرف الطاء": 379- طاهر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى، أَبُو الْعَبَّاس البغدادي الشاعر2. مدح الخلفاء، وكسب الْأموال بالأدب، وتنسّك فِي آخر عمره وتزهّد، وله رسائل فِي الزُّهْد. وتُوُفِّي يوم عاشوراء سنة تسعين، وله خمسٌ وسبعون سنة، ودخل الأندلس في سنة أربعين وثلاثمائة. "حرف العين": 380- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَبُو الْقَاسِمِ البغداديّ نزيل مصر3. رَوَى عَنْ: حسين بْن حَيَّان وجادَةً من كلام يحيى بْن معمر، فِي الجرْح والتعديل، والْحُسَيْن هُوَ جَدّه لامّه. رَوَى أيضًا عَنْ أَبِي ذَرّ الباغَنْدِي، وإبراهيم بْن عَلِيّ بْن عَبْد الصّمد الهاشمي، وأَبِي عَبْد اللَّه المَحَامِلي. رَوَى عَنْهُ: تمّام الرازي، وَأَبُو سعيد الماليني، وآخرون. وثّقه الخطيب وقَالَ: وُلِد سنة سبع وثلاثمائة. توفي بمصر في المحرم.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 174". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 207". 3 تاريخ بغداد "9/ 395"، والبداية والنهاية "11/ 327".

381- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المؤمن، بْن يحيى، أَبُو مُحَمَّد التُّجيْبِي ويُعْرَف بقُرْطُبَة بابن الزَّيّات1. رحل إلى العراق مرّتين، فسمع من إِسْمَاعِيل الصَّفّار، ومُحَمَّد بْن يحيى بْن عَمْر بْن عَلِيّ بْن حرب بْن السّمّاك، وسمع بالبصرة من أَبِي بَكْر بْن داسة، وجماعة، وبتنيس من عثمان بْن مُحَمَّد السَّمَرْقَنْدِيّ. وكان كثير الحديث، مسندًا، صحيح السَّماع، صدوقًا إن شاء اللَّه، إلا أنّ ضَبْطَه لم يكن جيدًا، وكان ضعيف الخطّ، ربّما أخلّ بالهجاء، وكان متصرّفًا بالتجارة. كتب النّاس عَنْهُ كثيرًا قديمًا وحديثًا، وسمعنا منه كثيرًا. قَالَ ذَلِكَ ابن الفَرَضِيّ. وهو من كبار شيوخ أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ. تُوُفِّي فِي نصف رجب، وله سبعٌ وسبعون سنة. - عبد العزيز بْن الْعَبَّاس بْن سعدون بْن يحيى، أَبُو القاسم الخَوْلاني الْمَصْرِيّ. تُوُفِّي فِي ربيع الآخر. 382- عَبْد الحميد بْن يحيى، أَبُو مُحَمَّد البُوَيْطي الْمَصْرِيّ، نزيل الرَّملة. رَوَى عَنْ: ابن قُتَيْبَة العَسْقَلاني، وغيره. وعنه: أَبُو سعد الماليني، والوليد بْن بَكْر الْأندلسي. 383- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن حمدون، أبو سعيد النيسابُوري. سَمِعَ الكثير من أبي حامد بن الشرفي، ومكّي، وأَبِي بَكْر بْن حمدون، وحدّث سنين. 384- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن صاعد القرطبي المالكي2. ولي الشورى أيام ابن زَرْب، وقد رحل إلى مصر، وسمع الْحَسَن بْن رشيق وجماعة. 385- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خيران، أَبُو سَعِيد الشَّيْباني المقرئ الهمذاني المعروف بابن الكسائي.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 247"، وميزان الاعتدال "2/ 498"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1011". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 266".

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وعن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يعقوب، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن أوس، وإبراهيم بن عمروس، وعبد الله بن محمد بْن الخليل بْن الْأشقر، ورحل إلى بغداد فأخذ عَنْ أَبِي بَكْر بْن زياد النيسابُوري، وأَبِي عيسى بْن قطن، وأَبِي ذَرّ بن الباغَنْدِي، وإبراهيم بْن عَبْد الصمد الهاشمي، وطبقتهم. روى عنه: محمد بن عيسى، وعبد الرَّحْمَن الصّائغ، والهَمَذَانيون. وقد قَالَ: وُلِدت فِي سنة إحدى وثلاثمائة، وسمعت عَنْ أَبِي، عَنْ جدّي فِي سنة ثمان وثلاثمائة. ووُلِد ابني أَبُو القاسم سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وفيها رحلت. قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة، تُوُفِّي فِي المحرم، رحمه اللَّه. 386- عَبْد الكريم بْن مُوسَى البزودي النسفي. سَمِعَ من: مَنْصور أبي طلحة البزودي صاحب الْبُخَارِيّ، وبالبصرة من أَبِي علي اللؤلؤي، وحدّث. كَانَ زاهدًا مُفْتِيا، تفقّه عَلَى أَبِي منصور الماتريدي. رَوَى عَنْهُ أهل سمَرْقَنْد. 387- عُبَيْد اللَّه بْن عثمان بْن يحيى، أَبُو القاسم بْن جنيفا الدّقّاق1، من ثقات البغداديّين. ولد سنة ثمان عشرة وثلاثمائة، وسمع المَحَامِلي، والْحُسَيْن المُطَبِّقي، وإِسْمَاعِيل الصّفّار. رَوَى عَنْهُ: العتيقي، ومُحَمَّد بْن العلاق، وسبطه القاضي أَبُو يَعْلَى بْن الفرّاء، وجماعة. قَالَ ابن أَبِي الفوارس: كَانَ ثقة مأمونًا فاضلا، ما رأينا مثله فِي معناه، رحمه اللَّه. 388- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن جبريل، أَبُو بَكْر النيسابُوري. سَمِعَ أَبَا عُمَر أحْمَد بْن مُحَمَّد الحيري، ويعقوب بْن ماهان الصَّيْدَلانِي. روى عنه الحاكم.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 377"، والبداية والنهاية "11/ 326".

389- عَبْدَوس بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَوس، أَبُو الفرج الطُّليْطِلي1. سَمِعَ ببلده من تمّام بْن عَبْد اللَّه، ورحل مرّتين، فسمع من الْأجُرِّي، وأَبِي الْعَبَّاس الكِنْدِي، وحمزة بْن مُحَمَّد الكتّاني، وأَبِي زيد المَرْوَزِي. وكان زاهدًا ورِعًا فقيرًا متقلِّلا. سَمِعَ منه النّاس كثيرًا، وكان ثقة، حَسَن الضبط. تُوُفِّي فِي ذي القعدة. 390- عَلِيّ بْن أحْمَد بْن عَوْن اللَّه القُرْطُبي، أَبُو الْحَسَن2. تُوُفِّي فِي جُمادى الْأولى. سَمِعَ من قاسم بن أصبغ مع والده صغيرًا، ثم سَمِعَ من مُحَمَّد بْن معاوية. 391- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن يعقوب المَرْوَزِي. ثقة مُكْثِر. حدّث بالرّيّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وأَحْمَد بْن خَالِد الجزوري. أكثر عَنْهُ أَبُو يَعْلَى الخليلي. 392- عَليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد، أَبُو الْحَسَن البغدادي الزَّجّاج الشّاهد3. عَنْ: حبشون الخلال، وأَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْجَوْزَجَاني. وعنه التنوخي، وقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وُلِدت سنة خمسٍ وتسعين، أو إحدى. قَالَ: وكان نبيلا فاضلا، قرأ عَلَى أحْمَد بْن سهل الْأشناني. قلت: فهو خاتمة أصحاب الْأشناني. 393- عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن أحْمَد بْن كثير، أَبُو حفص الكتّاني المقرئ. بغدادي مُسْنَد4. قرأ عَلَى ابن مجاهد وحمل عَنْهُ كتاب السَّبعة، وسمع من البَغَوي، وابْن صاعد، وأَبِي حامد الحَضْرَمِي، وأَبِي سَعِيد العَدَوِي، وجماعة. قرأ عَلَيْهِ أَبُو عَلِيّ الأهوازي، وغيره.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 340". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 316". 3 تاريخ بغداد "12/ 7"، والمنتظم "7/ 211". 4 تاريخ بغداد "11/ 269"، وسير أعلام النبلاء "16/ 482"، والبداية والنهاية "11/ 327".

وحدّث عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن المهتدي باللَّه، وَأَبُو الْحُسَيْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن النَّقور، وابْن هزارَمَرْد الصريفيني. وقد سَمِعْتُ كتاب "السبعة" لابن مجاهد من طريقه بعُلُوّ، وقطع لنا قطعة من عواليه بالإجازة. وقد قرأ أيضًا عَلَى مُحَمَّد بْن جَعْفَر الجزري، وبكّار بْن أحْمَد، وزيد بْن أَبِي بلال، وعَلِيّ بْن ذؤابة، وأقرأ فِي مسجده دهرًا. وقرأ عَلَيْهِ أحْمَد بْن مسرور، وَأَبُو عَلِيّ الشَّرْمقاني، وَأَبُو الفوارس مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الْأواني، وَأَبُو الفضل عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد الكوفي. وثّقه الخطيب، وتُوُفِّي فِي شهر رجب، وله تسعون سنة. قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ، عَنْ أَبِي الْيُمْنِ الْكِنْدِيِّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ "الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ"1 بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِمْلاءً، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثَنَا أبو مُعَاوِيَةُ الضَّرِيرُ، ثَنَا عَاصِمٌ الْأحْوَلُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: "مَنْ أَفْطَرَ فَرُخْصَةٌ، وَمَنْ صَامَ فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ" 2. صَحِيحٌ، غَرِيبٌ. 394- عُمَر بْن دَاوُد بْن سلمون، أَبُو حفص الْأنْطَرَطُوسي الْأطْرَابُلُسِي3. حدّث عَنْ: مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الدَّيْبُلي، وأَبِي رَوْق الهَزّاني، وابْن عُقْدَة، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وأَحْمَد بْن الْحَسَن الطّيّاني. كَانَ يَرْوِي الموضوعات. وقَالَ الْأهوازي: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ختمت اثنتين وأربعين ألف ختمة، وذكر أن مولده سنة خمسٍ وتسعين ومائتين، وسمعته يَقُولُ: تزوجت مائة امْرَأَة، واشتريت ثلاثمائة جارية. مات سنة تسعين.

_ 1 ساقطة من الأصل واستدركت من سير أعلام النبلاء. 2 "حديث صحيح": أخرجه مالك "1/ 295" في الموطأ، والبخاري "4/ 163"، ومسلم "1118". 3 لسان الميزان "4/ 302"، والمغني "2/ 465".

395- عيسى بْن سَعِيد بْن سعدان الكلبي القُرْطُبي، أَبُو الْأصبغ، المقرئ، المحقّق1. رحل وعرض القراءة عَلَى السّامِريّ، وأَحْمَد بْن نصر "الشّذَائي"2 وعُمَر بْن إِبْرَاهِيم الكتاني، وسمع من القاضي أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي، وعدّة. وأقرأ فِي مسجده بقُرْطُبَة. توفي في جمادى الآخرة كهلا. "حرف الفاء": 396- "فحل"3 بْن تميم الْأمير المغربي وُلّي إمرة دمشق للحاكم في هذه السنة، ومات فيها، فوُلّي بعده عَلِيّ بن جعفر بن فلاح. "حرف القاف": 397- القاسم بن ميمون بن حمزة محمد بن جعفر أبو محمد العلوي توفي بمصر. "حرف الميم": 398- مُحَمَّد بْن جعفر بْن رُمَيْل، أَبُو عَبْد اللَّه البغدادي ثم الْمَصْرِيّ. سَمِعَ مُحَمَّد بْن زبّان بْن حبيب، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الأشعث. وعنه: عبد الله بن عبد اللَّه المَحَامِلي، وعَبْد العزيز بْن عَلِيّ الدّقّاق، المصري. سمع مراد جزءين من حديثه حدَّثونا بهما. مات فِي جُمَادَى الْأولى. 399- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن هارون، أَبُو الْحُسَيْن بْن أخي ميمي الدّقّاق4، من ثقات البغداديّين. سَمِعَ: أَبَا القاسم البَغَوي، وأَبَا جَعْفَر أحْمَد بْن إِسْحَاق بْن بهلول، وأَبَا حامد بْن مُحَمَّد بْن هارون الحَضْرَمِي، وإِسْمَاعِيل الورّاق، وجماعة.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 336". 2 في الأصل "السدائي". 3 في الأصل "علي". 4 سير أعلام النبلاء "16/ 564"، والبداية والنهاية "11/ 327"، والعبر "3/ 47".

رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحُسَيْن بْن النَّقُّور، وَأَبُو طَالِب العشاري، وَأَبُو مُحَمَّد الصَّرِيفيني، وتُوُفِّي سلْخ رجب. 400- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حمدون، أَبُو سَعِيد النيسابُوري الزّاهد، أحد العُبَّاد ببلده. سمع من: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن حمدون، وأَبِي حامد بن الشرفي، وأبا نعيم بن عَدِيّ. وعنه: أحْمَد بْن منصور المغربي، "وَأَبُو"1 عثمان سَعِيد البحيري. 401- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ذي النُّون، أَبُو عَبْد اللَّه الْأندلسي البجَّاني2. سَمِعَ من: سَعِيد بْن فَحْلُون، وأَحْمَد بْن جَابِر، وحدّث. وفي سماعه من سَعِيد مقال. 402- مُحَمَّد بن عُمَر بْن يحيى بْن الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن يحيى بْن الْحُسَيْن بْن الشهيد بْن عَلِيّ الزيدي العلوي3، أَبُو الْحَسَن الكوفي نزيل بغداد. كَانَ رئيس الطّالِبِيّين، مَعَ كثرة المال والضّياع واليَسَار. ولد سنة خمسة عشرة. وسمع: هناد بن السّريّ الصّغير، وأَبَا الْعَبَّاس بْن عُقْدة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال وغيره، وانتخب عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنيّ، وتُوُفِّي فِي ربيع الْأول، وكان وافر الجاه والحُرْمة. ناب عَنْ بني بُوَيْه، ولما دخل عَضُدُ الدولة بغداد، قَالَ لَهُ: امنع النّاس من الدعاء والصُّحْبة وقت دخولي، ففعل، فتعجب من طاعة العامّة لَهُ، ثم فيما بعد قبض عَلَيْهِ وسجنه، وأخذ أمواله، فبقي فِي السجن مدة، حتى أطلقه شرف الدولة أَبُو الفوارس بْن عَضُدِ الدولة، فأقام معه، وأشار عَلَيْهِ بطلب المُلْك، فتمّ لَهُ ذَلِكَ، ودخل معه بغداد، وقيل: إنه أخذ منه لما صُودِر ألف ألف دينار عينًا. توفي في عاشر ربيع الأول.

_ 1 في الأصل "أبي". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 103". 3 تاريخ بغداد "3/ 34"، والبداية والنهاية "11/ 327"، والعبر "3/ 47".

403- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب، أَبُو عصمة السَجْزِي الضَّبعي. تُوُفِّي فِي ربيع الْأول. 404- مُحَمَّد بْن يوسف بْن مُحَمَّد الْجُنَيْد، أَبُو زُرْعَة الكَشِّي الحافظ الْجُرْجاني1. كَانَ أَبُوهُ من قرية كَشّ، وهي عَلَى ثلاثة فراسخ من جُرْجَان. سَمِعَ أَبُو زُرْعَة من: أَبِي نُعَيْم بْن عدي، وأبي العباس الدغلولي، ومكي بن عبدان، وأبي محمد عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ورحل إلى نيسابُور وبغداد وهمذان والحجاز. قَالَ حمزة بْن يوسف: جمع الْأبواب والمشايخ، وكان يحفظ ويفهم، وأملى علينا بالبصرة، ثم إنه جاوز بمكّة إلى أنْ تُوُفِّي بها سنة تسعين وثلاثمائة. 405- المعافى بْن زكريا بْن يحيى بْن حُمَيْد القاضي، أَبُو الفرج النَّهْرُوَاني2 المعروف "بابن"3 طرار الفقيه الجريريّ، نسبة إلى مذهب مُحَمَّد بْن جرير الطَّبَرِي. سَمِعَ: أَبَا القاسم البَغَوي، وابْن أَبِي دَاوُد، وابْن صاعد، وأَبَا سَعِيد العَدَوِي، وأَبَا حامد الحَضْرَمِي، وخلقًا مثلهم ودونهم، فأكثر، وقرأ عَلَى ابن شنَّبوذ، والخاقاني. قرأ عَلَيْهِ: أَبُو العلاء، مُحَمَّد بْن عَلِيّ القاضي، وَأَبُو تغلب المَلْحمي، وأَحْمَد بْن مسرور الخبّاز، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن زلال النَّهَاوَنْدِي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم الْأزهري، وَأَبُو الطّيّب الطَّبَرِي، وأَحْمَد بْن عَلِيّ التَّوَّزي، وأَحْمَد بْن عُمَر بْن رَوْح، وَأَبُو عَلِيّ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الجازري، وآخرون. قَالَ الخطيب: كَانَ من أعلم النّاس فِي وقته بالفقه والنَّحْوِ واللغة وأصناف الْأدب، ووُلّي القضاء بباب الطّاق، وكان عَلَى مذهب ابن جرير، وبلغنا عن أبي

_ 1 تاريخ جرجان "454"، والمنتظم "7/ 213". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 54"، وشذرات الذهب "3/ 134"، والبداية والنهاية "11/ 328"، وتاريخ بغداد "13/ 230". 3 في الأصل "بن".

مُحَمَّد البافي الفقيه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذا حضر القاضي أَبُو الفرج، فقد حضرت العلوم كلها. قَالَ الخطيب: حَدّثَنِي أَبُو حامد الدلوي قَالَ: كَانَ أَبُو مُحَمَّد البافي يَقُولُ: لو أوصى رجل بثلث ماله أن يدفع إلى أعلم النّاس، لوجب أن يُدْفَع إلى المُعَافَى بْن زكريّا. قَالَ الخطيب: وسالت البَرْقَاني عَنِ المُعَافَى فَقَالَ: كَانَ أعلم النّاس، وكان ثقة، لم أسمع منه. وزكريّا أَبُو حيّان التوحيدي قَالَ: رَأَيْت المُعَافَى بْن زكريّا قد نام مستدبر الشمس فِي جامع الرُّصَافة، فِي يوم شاتٍ، وبه من أثر الضُّرّ والفقر والبؤس أمر عظيم، مَعَ غزارة علمه. وقَالَ أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي نصر الحُمَيْدي: قرأت بخط المُعَافَى بْن زكريّا قَالَ: حججتُ، فكنت بمِنَى، فسمعت مناديا ينادي: يا أَبَا الفرج. فقلت: لعله يريدني، ثم نادى: يا أَبَا الفرج المُعَافَى. فَهَمَمْتُ أناجيه، ثم رجع فنادى: يا أَبَا الفرج المُعَافَى النَّهْرُوَاني، فقلت: ولم أشك أَنَّهُ يناديني، هأنذا، فما تريد؟ قَالَ: لعلّك من نَهْرُوان الشرق؟ قلت: نعم. قَالَ: نَحْنُ نريد نَهْرُوان الغرب، قَالَ: فعجبت من هذا الاتّفاق، وعلمت أنّ بالمغرب مكانًا يُسمى النهروان. توفي المعافى بالنَهْرُوان فِي ذِي الحجَّة، وَلَهُ خمسٌ وثمانون سنة. "حرف النون": 406- ناجية بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن الكاتب1. عَنِ: ابن الْأنباريّ، والمَحَامِلي، وجماعة. وعنه العتيقي، والتنوخي. وثقه الخطيب. "حرف الواو": 407- وَهْب بْن مُحَمَّد بْن محمود بْن إِسْمَاعِيل، أَبُو الحزم القُرْطُبي2. سَمِعَ من: قاسم بْن أَصْبَغ، ووهب بْن مَسَرَّة، وكان حافظًا للرأي، مشاورًا في

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 426"، والنجوم الزاهرة "4/ 202". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 166".

الْأحكام فِي أيام ابن السليم، فلما وُلّي القضاء مُحَمَّد بْن يَبْقَى ترك مشاورته، وكان شيخًا صالحًا كثير الصلاة، مواظبًا للجامع، يُقرئ الفقه ويفتي. توفي في رمضان. "حرف الياء": 408- يحيى بْن منصور، أَبُو سَعِيد البوسنجي الفقيه، سمع بنيسابور محمد بن الْحُسَيْن القطَّان، وغيره. رَوَى عَنْهُ: جمال الْإسلام أبو الحسن الداوودي، وتوفي في ذي الحجة. 409- يحيى بْن مُحَمَّد بْن يوسف، أَبُو زكريّا الْأشعري القُرْطُبي1 المعروف بابن "الجياني"2. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن معاوية الْقُرَشِيّ، ومسلمة بْن قاسم، ومُحَمَّد بن أحمد الخزاز، رمل فسمع بمكّة كتاب الضُّعَفاء للعُقيْلي، وبمصر صحيح مُسْلِم من ابن ماهان. وكان جيد النّقل، ضابطًا. مات فِي صفر. وقَالَ أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ: أَنَا هذا بجميع جامع التِّرْمِذِيّ عَنْ أَبِي يعقوب بْن الدَّخِيل المكّي، عَنْ أَبِي ذَرّ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم التِّرْمِذِيّ، عَنْهُ. من الوفيات وممن كَانَ فِي هذا الوقت غير مرتبة أبجديا: 410- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مهلهل أَبُو القاسم إلْبيري نزيل غُرْنَاطَة3. سَمِعَ مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن أبي دُلَيْم. قال ابن الفرضي: كتبت عَنْهُ، وكان صالحًا. تُوُفِّي سنة ثمانٍ أو تسعٍ وثمانين. 411- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد، أَبُو معشر الورّاق "المَرْوَزِي"4. رَوَى عَنْ: أَبِي عَلِيّ بْن رزين الباساني. وعنه أَبُو عُمَر بْن عبد الواحد المليحي.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 195". 2 في الأصل "الحياني". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 58". 4 في الأصل "المروي".

412- الْحَسَن بْن يحيى بْن قيس، أَبُو بَكْر المقرئ. رَوَى مختَصَر الخِرَقي فِي الفقه، عَنِ الخِرَقي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه بْن حامد الحنبلي الفقيه، وَأَبُو طَالِب العشاري. 413- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق، أَبُو الْعَبَّاس الحلبي1. تُوُفِّي قبل والده فيما أظنّ. قدِم بغداد، وحدّث بها عَنْ قاسم المَلَطي، والمَحَامِلي، وابْن عُقْدة، وعَلِيّ بْن أَبِي مطر الإسكندراني. رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن أحْمَد النعيمي، وَأَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلِيّ الواسطي. قَالَ الخطيب: كَانَ يوصف بالحِفْظ، وما علمت من حاله إلا خيرًا. 414- الحسن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن شريك، أَبُو عَلِيّ الْإصبهاني الغسّال2. عَنْ: أَبِي عَمْرو أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن جَعْفَر، ومُحَمَّد بْن حفص وأَحْمَد بْن بندار الشعّار. وعنه: أَبُو طاهر أحْمَد بْن محمود بْن النُّعْمَان الصائغ، وغيره. ذكره ابن نُقْطَة. 415- الْحُسَيْن بْن أَبِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد الخالع الرافقي3. قَالَ: إنه من ذُرِّيّة معاوية بْن أَبِي سُفْيَان، وكان من كبار النُّحَاة. أخذ عَنْ أَبِي سَعِيد السِّيرَافِي، وأَبِي عَلِيّ الفارسي. وله من المصنفات كتاب "الشعراء" وكتاب "المواصلة والمقاصدة" وكتاب "الأمثال" وكتاب "الأدوية والجبال" وكتاب "الرمال" وكتاب "تخيلات العرب" وكتاب "تفسير شِعْر أَبِي تمّام" وكتاب "صناعة الشِعْر" وكتب سوى هذه، وكان من الشعراء المذكورين، ولا أعرف مَتَى مات. 416- سُلَيْمَان بْن حسان، أَبُو دَاوُد بْن جُلْجُل الْأندلسي الطّبيب4، عالم الأندلس بالطب.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 76". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 285". 3 ميزان الاعتدال "5478"، وتاريخ بغداد "8/ 105"، ولسان الميزان "2/ 310". 4 الوافي بالوفيات "15/ 362".

كَانَ بصيرًا بالمعالجات، خدم المؤَيَّد باللَّه هشام بْن المستنصِر، وكان إمامًا فِي معرفة الْأدوية المُفْرَدَة، لا سيما بكتاب ديسقوريدس العين زربي الَّذِي عُرِّب فِي خلافة المتوكّل، وبقي منه ألفاظ كثيرة يونانية لم تُعَرَّب ولا عُرِفَتْ. قَالَ ابن جُلْجُل: وانتفع النّاس بما عُرِّب منه، فلما كَانَ فِي دولة النّاصر عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد صاحب الْأندلس، كاتبه أرمانوس صاحب القسطنطينية قبل الأربعين وثلاثمائة وهاداه بنفائس، فكان منها كتاب ديسقوريدس مصوّر الحشائش بالتصوير العجيب، والكتاب باليوناني، ومنها كتاب هروشيش تاريخ عجيب فِي الْأمم والملوك باللسان اللَّطِيني. وكان بالأندلس من يتكلم بِهِ، ثم كاتبه النّاصر وسأله أن يبعث إِلَيْهِ برجل يتكلم باليوناني واللَّطِيني، ليُعَلِّم لَهُ عبيدًا، حتى يترجموا له، فيعث إِلَيْهِ براهب يُسمى نِقَولا، فوصل قُرْطُبَة فِي سنة أربعين، ونشر من كتاب ديسقوريدس ما كَانَ مجهولا، وكان هناك جماعة من حُذَّاق الْأطباء، فأحكم الكتاب، وقد أدركتهم، وأدركت نِقُولا الرّاهب وصحبتهم، وفي صدر دولته مات نقولا الرّاهب. ولابن جُلْجُل تاريخ الْأطبّاء والفلاسفة، وله تذييل وزيادات عَلَى كتاب ديسقوريدس مما لم يعرفه ديسقوريدس، صنّفه فِي سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة. ولم تبلُغْنا وفاته مَتَى كانت. 417- عَبْد الباقي بْن الْحُسَيْن بْن أحْمَد الْإمَام المقرئ، أَبُو الْحَسَن بْن السّقّا الخُراساني ثم الدمشقي1. أحد الحُذَّاق بالقراءات، وأحد من عُني بهذا الشأن. قرأ عَلِيّ: مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان البعلبكي صاحب هارون الْأخفش، "وعلى نظيف"2 بْن عَبْد اللَّه، وعلي بن زيد بن علي الكوفي، وعلي بن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْجَلَنْدي، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد بن الحسن الدبيلي وأَحْمَد بْن صالح وإبراهيم بْن الْحَسَن، وطائفة بالحجاز والشام والعراق ومصر، وحدّث عَنْ عَبْد اللَّه بْن عتاب بْن الزِّفْتي، وأَبِي عَلِيّ الحصايري، وجماعة.

_ 1 معرفة القراء "1/ 287"، وغاية النهاية "1/ 356". 2 في الأصل "وعلي بن نظيف".

قرأ عليه: أبو الفتح فارس وغيره، وحدّث عَنْهُ عَلِيّ بْن دَاوُد المقرئ، وَأَبُو عَلِيّ مُحَمَّد بْن أحْمَد الْإصبهاني. وقال أبو عمر الدّاني: وكان خيرًا، فاضلا، ثقة، مأمونًا، إمامًا فِي القرآن، عالمًا بالعربية، بصيرًا بالمعاني. قَالَ لنا فارس بْن أحْمَد عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أدركت إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرّزّاق بأنطاكية، وحضرت مجلسه، وهو يقرئ فِي سنة أربعٍ وثلاثين، وأنا داخل، ولم أقرأ عَلَيْهِ. قَالَ الدّاني: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه يَقُولُ: كَانَ عَبْد الباقي سَمِعَ معنا عَلَى أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي، وكتب عَنْهُ كتبه فِي الشرح، ثم قَدِم مصر، فقامت لَهُ فيها رئاسة، وكنا لا نظنه هناك، وكان ببغداد. تُوُفِّي سنة ثمانين بالإسكندرية، أو بمصر. 418- عثمان بْن مُحَمَّد، أَبُو القاسم السّامِريّ الوَرّاق. سَمِعَ: أبا بكر بن نَيْرُوز الْأنماطي، وإبراهيم بْن عَبْد الصمد الهاشمي، وجَعْفَر بْن مرشد. وعنه: الماليني، والحاكم، وحمزة السَّهْمي، وجماعة. 419- عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عثمان بْن سَعِيد، أَبُو الْحَسَن الغضائري1. قرأ عليه بالروايات أَبُو عَلِيّ الْأهوازي. وزعم أَنَّهُ قرأ عَلَى عَبْد اللَّه بْن هاشم الزَّعْفَراني تلميذ خلف البزاز، وعلى أحمد بن فرج، وسعيد بن عبد الرحيم الضرير صاحبي الدوري، وعَلِيّ بْن شنَّبوذ، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْأهناسي الْمَصْرِيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن الهيثم المقرئ، "عَلَى"2 تلميذ أَبِي أحْمَد الطّيّب بْن إسماعيل. 420- عمر بن القاسم، أبو الحسين البغدادي المقرئ صاحب ابن مُجاهد، يُعرف بابن الحدّاد وبابن وَبَرَة3، من بقايا من تلا عَلَى ابن مجاهد. حدّث عَنْ: ابن مبشر الواسطي، والمحاملي، وقاسم الملطي.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 271". 2 في الأصل "وله". 3 تاريخ بغداد "11/ 269".

رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، والعتيقي، وَأَبُو الفرج الطّناجيري. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا. قلت: بقي إلى سنة تسعين. 421- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن تميم، أَبُو القاسم القاضي1. رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الْإمَام البلدي، وأَبِي الفوارس الصّابوني، وأَحْمَد بْن الحسن بْن إِسْحَاق الرّازي. رَوَى عَنْهُ أَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو القاسم الْأزْجِي. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا، خرّج له ابن شاهين. 422- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن القاسم بْن خلف بْن حَزْم، أَبُو الْحَسَن الثَّغْري القلعي2، من قلعة أيّوب بالأندلس. سَمِعَ وهب بن مسرة، وابن عابس، وفي الرّحلة من أَبِي عَلِيّ بْن الصّوّاف ببغداد. ورجع فلزم العبادة والجهاد، ووُلِّي قضاء بلده، ثم استغنى من القضاء، وإليه كانت الرحلة، وانتفع بِهِ النّاس. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر الطَّلَمَنْكِيّ، وابْن الفَرَضِيّ، وابْن الشقاق. وتُوُفِّي سنة ثلاث، وكان عارفًا بمذهب مالك. 423- عثمان بْن أحْمَد بْن جَعْفَر العِجْلي، مُسْتَمْلي ابن شاهين3. رَوَى عَنِ: البَغَوي، وابْن أَبِي دَاوُد، والْحُسَيْن بْن عفير. رَوَى عَنْهُ: الخلال، وعَبْد العزيز الْأزْجِي، والعتيقي، وَأَبُو طَالِب العشاري. 424- عثمان بْن مُحَمَّد بْن القاسم الْأدَمي4. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق المدائني، والبَاغَنْدِي، والبَغَوي. رَوَى عَنْهُ: العتيقي، وَأَبُو بَكْر بْن بشران، ومُحَمَّد بْن أحْمَد النَّرْسي. وثّقه أَبُو بَكْر الخطيب.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 410". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 244". 3 تاريخ بغداد "11/ 309". 4 تاريخ بغداد "11/ 310".

425- نصر بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الخليل المرجى أَبُو القاسم الموْصِليّ. رَوَى عَنْ: أَبِي يَعْلَى المَوُصِليّ، فهو آخر من رَوَى فِي الدُّنيا عَنْهُ، وعُمِّر دهرًا طويلا. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو نصر بْن طَوْق المَوُصِليّ، وآخر من رَوَى عَنْهُ بالإجازة عَلِيّ بْن البشري، توفي قريبًا من سنة تسعين وثلاثمائة. 426- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه1، وقيل: عَلِيّ بدل عَبْد اللَّه الفقيه، أَبُو بَكْر بن خويز منداذ المالكي صاحب "أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي"2 من كبار المالكية العراقيين. صنف كتابًا كبيرًا فِي الخلاف، وآخر فِي أصول الفقه، وكتاب "أحكام القرآن"، وله اختيارات فِي الفقه خالف فيها المذاهب، كقوله: إن العبيد لا يدخلون فِي الْخَطَّاب للأحرار، وأنَّ خَبَر الواحد يُوجِب العلمَ. قاله القاضي عياض، وقَالَ: قد تكلّم فِيهِ أَبُو الوليد الباجي وقَالَ: لم أسمع لَهُ فِي علماء العراقيين "ذِكْر"3، أو كَانَ لَهُ بجانب الكلام جملة، وينافر أهله حتى يؤدّي إلى منافرة المتكلمين من أهل السُّنَّة، وحكم عَلَى اهل الكلام أنّهم من أهل الْأهواء الذين قَالَ مالك، رحمه الله، في مناكحتهم وأمانتهم وشهادتهم ما قَالَ. قلت: وذكره أَبُو إِسْحَاق فِي الطبقات، فَقَالَ فِيهِ: المعروف بابن كواز. 427- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد، أَبُو الفضل الكاتب، بغداديّ صالح4. رَوَى عَنِ المَحَامِلي، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد. قَالَ الخطيب: حدثونا عَنْهُ. 428- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن حاتم أَبُو عَبْد اللَّه الزغرتاني الهَرَوِي. سَمِعَ أحْمَد بْن سَعِيد الْأشجّ، وأَبِي الْأشعث العِجْلي. رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاق القرَّاب، وَأَبُو عَبْد الواحد المليحي، وغيرهما. 429- مُحَمَّد بْن عُمَر بن عزيز بن عمران، أبو بكر الهمذاني التككي.

_ 1 الوافي بالوفيات "2/ 52"، ولسان الميزان "5/ 291". 2 في الأصل "أبي بكر الأهوازي بهري". 3 في الأصل "ذكره". 4 تاريخ بغداد "2/ 213".

رَوَى عَنْ: أوس الخطيب، وموسى بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن فيره الطّيّان، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي زكريّا، وجماعة. وعنه: عَبْد الغفَّار بْن مُحَمَّد، وعَبْد اللَّه بْن كاله، ومكي بْن المحتسب وعَبْد اللَّه بْن الْحَسَن الهاشمي، وهو آخر من حدّث عَنْهُ. قَالَ شِيرَوَيْه: هُوَ صَدُوق. 430- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن الفضل بْن الموفَّق، أَبُو بَكْر الصُّوفِي الهَمَذَاني الخبّاز المعروف بابن جزر صاحب الشِّبْليّ. رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن عَبْد اللَّه الهَرَوِي صاحب يحيى بْن مُعَاذ الرّازي، وغير واحد، وروى تفسير جُوَيْبر عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن فيرة الطّيّان. رَوَى عَنْهُ: أَبُو سهيل بْن زيرك، وَأَبُو منصور مُحَمَّد بْن عيسى، وحَمْد بْن سهل المؤدب، والخليل بْن عَبْد اللَّه الخليلي، وآخرون. وقيل إن الدَّارَقُطْنيّ رَوَى عَنْهُ. قَالَ شِيرَوَيْه: صَدُوق. قد رَوَى عَنْهُ من أهل بغداد أبو حفص بن شاهين، وهو أكبر منه. 431- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو الحسين بن الأصبهاني المقرئ نزيل بغداد1، وحدث عن محمد بن عمر بن حفص "الجورجيري"2، وابْن داسَه، وأَبِي مُحَمَّد بْن فارس، وعدة. وعنه البَرْقَاني، والعتيقي. ثقة عابد. 432- عَبْد الواحد بْن الْحُسَيْن القاضي، أَبُو القاسم الصَّيْمَريّ الشافعيّ، أحد الْأعلام3، ومن أصحاب الوجوه فِي المذهب. تفقه بأبي حامد المَرُورُوذِي، وبأبي الفيّاض، وارتحل الفقهاء إلى البصرة، وكان من أوعية العلم. تفقه عَلَيْهِ أقضي القُضاة الماوَرْدِي، وله كتاب "الإيضاح فِي المذهب" فِي سبع مجلَّدات، وكتاب "القياس والعلل"، وغير ذَلِكَ. سمعوا منه فِي سبعٍ وثمانين بعض كتبه.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 396". 2 في الأصل "الجورحيري". 3 طبقات الشافعية الكبرى "3/ 339".

433- إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن بْن "حكمان"1 الْإمَام، أَبُو منصور بْن الكَرْخِي البغدادي. سَمِعَ: أحْمَد بْن عُبَيْد الصّفّار، وأَبَا عَلِيّ الصّوّاف، وطبقتهما، فأكثر، وأراد أن يصنّف مسندًا، وكان يحضر عنده الدَّارَقُطْنيّ كل أسبوع، ويعلّم عَلَى الْأحاديث فِي أُصُوله، ويُمْلي عَلَيْهِ العِلَل، حتى خرَّج من ذَلِكَ جملة كبيرة. رَوَى عَنْهُ الدَّارَقُطْنيّ فِي كتاب المدبَّج حديثًا، ومات قبل "الدَّارَقُطْنيّ"2 بزمان. قال الخطيب: سألت البرقاني عنه، فقال: ما علَّقت عَنْهُ يسيرًا، ولم أر مثل صُحْبَته نَحْوًا من عشرين سنة، أدام فيها الصيام، وكان يُصلِّي أربع ركعات بسُبع القرآن كل ليلة وقت العتمة. 434- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن جُوري، أَبُو الفرج العُكْبَرِي3. أكثر التَّطْواف، وسمع الكثير بالعراق والعجم والشّام والحجاز ومصر، وقد حدث عن خثيمة الْأطْرَابُلُسِي، وأَبِي سَعِيد بْن الْأعْرابي، وعَبْد الصَّمد الطستي، وطبقتهم. روى عنه: أبو بكر بن لال، وحمزة السَّهْمي، وَأَبُو نُعَيْم الحافظ، وَأَبُو طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الصّبّاغ. قَالَ الخطيب: فِي حديثه مناكير. 435- عَلِيّ بْن الْحَسَن بن بندار بن محمد بن المثنَّى، أَبُو الْحَسَن التميمي الْأسّتَرابَاذي القسْري4 الزّاهد، شيخ الصُّوفِيّة بجُرْجَان. رحل وسمع من أَبِي سَعِيد بْن الأعرابي، وخيثمة بْن سُلَيْمَان، وأبي بَكْر الرقي، وخلق. وعنه: ابنه إسماعيل، وعلي بْن محمود "الزوزني"5، وفضل الله أَبُو سَعيد الميهني وسعيد بن أبي سعيد العيار، وغيرهم.

_ 1 في الأصل "حمكان". 2 في الأصل "الدار". 3 تاريخ بغداد "4/ 410"، وميزان الاعتدال "1/ 133"، والمغني "1/ 54". 4 ميزان الاعتدال "3/ 121"، وتاريخ جرجان "320". 5 في الأصل "الزورمي".

قَالَ ابن طاهر المقدسي: كَانَ يقف عَلَى أفرادٍ لقَوْمٍ، فيحدّث بها عَنْ أناسٍ آخرين، لا يُحْتَج بِهِ. 436- عُتْبَةُ بْن مُحَمَّد بْن حاتم القاضي، أَبُو الهيثم النيسابُوري الحنفي الْإمَام1. سمع: الأصم وطائفة، وتفقه على أبي الحسين قاضي الحرمين، وسمع فِي الفقه، وصار أوْحَدَ عصره، حتى لم يبق بخُراسَان قاضٍ حنفيّ إلا وهو ينتمي إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الحليمي: لقد بارك اللَّه فِي عِلْم الفقه بأبي الهَيْثَم، فليس بما وراء النهر أحدٌ يرجع إلى النّظر والْجَدل إلا أصحابه. قلت: رَوَى عَنْهُ الحاكم حديثًا فِي تاريخه. 437- عيّاش بْن الْحَسَن الخزري2. عَنْ: أَبِي بَكْر بْن زياد النيسابوري، وابْن الْأنْباري، والمَحَامِلي. رَوَى عَنْهُ: الدَّارَقُطْنيّ، وهو أكبر منه، وَأَبُو بَكْر بْن بشران، وعَبْد الكريم بْن المَحَامِلي. وثّقه الخطيب. 438- مَهْدِيّ بْن مُحَمَّد، أَبُو سَلَمَة القُشَيْرِي النيسابُوري الصّيْدَلانِي3. عَنْ: أَبِي حامد بْن الشرفي الحافظ، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن دلوَيْه، وأَبِي حامد بْن بلال. وقدم بغداد، فحدث بها قبل سنة تسعين. رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم التنوخي، وهبة اللَّه اللالكائي. قَالَ الخطيب: رواياته مستقيمة. 439- زيد بن رفاعة، أبو الخير4.

_ 1 العبر "3/ 94"، وشذرات الذهب "3/ 181". 2 في الأصل "الجزري" وانظر: تاريخ بغداد "12/ 279"، واللباب "1/ 441". 3 تاريخ بغداد "13/ 185". 4 تاريخ بغداد "8/ 450".

رَوَى بخُراسَان عَنِ ابن دُرَيْد، وابْن الْأنباري كُتُبَ اللّغة، وروى لهم عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابن كامل الْجَحْدَرِي. ذكره الخطيب، فَقَالَ: كَانَ كذّابًا. سَمِعْتُ أَبَا القاسم هبة اللَّه، يعني اللالكائي يَقُولُ: رَأَيْته بالرّيّ، وأساء القول فِيهِ، وقَالَ لي التنوخي: ذُكر لنا عَنْهُ أنّه كَانَ يذهب مَذْهَبَ الفلاسفة. 440- الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن علي بْن خُزَيْمَة النيسابُوري، أَبُو مُحَمَّد الكرابيسي. سَمِعَ: ابن خُزَيْمَة. وعنه أَبُو سعد الكَنْجَرُوذِي. 441- الربيع بْن مُحَمَّد بْن حاتم، أَبُو الطّيّب الحاتمي الطُّوسي. عَنْ: أَبِي القاسم، عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم المُزَكِّي، وإبراهيم بْن عَبْدَوس الحَرَشِيّ، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وطبقتهم. وعنه: أَبُو يَعْلَى الصَّابُونِي، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن المقرئ، غيرهما.

الطبقة الأربعون

بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم الطبقة الْأربعون: حوادث سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة: فيها: جلس القادر للحُجَّاج الخُرَاسانية، وأعلمهم أَنَّهُ قد جعل وليّ عهده ولده أَبَا الفضل الغالب باللَّه، وله يومئذ ثمان سنين وأربعة أشهر، وسبب عَجَلَته فِي ذَلِكَ أنّ عَبْد اللَّه بْن عثمان العباسي الواثقي الخطيب خرج إلى خُرَاسان، واتفق هُوَ ورجل رئيس عَلَى أن افتعلا كتابًا من القادر بتقليد الواثقيّ ولاية العهد من بعده، ودخل عَلَى بعض السلاطين، فاحترمه وخطب لَهُ بعد القادر، وكتب إلى القادر باللَّه، فبادر بولاية العهد لابنه، وأثْبَتَ "فسق"1 الواثقي، ولم يزل الواثقيّ فِي البلاد النائية حتى مات غريبًا خائفًا من سوء افترائه2.

_ 1 في الأصل "وسبق". 2 الكامل في التاريخ "9/ 165"، والمنتظم "7/ 215".

حوادث سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة

حوادث سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة: فيها: ثارت العامّة ببغداد عَلَى النَّصارَى، فنهبوا البيعة وأحرقوها، سقطت على جماعة من المسلمين، فهلكوا، وعَظُمَت الفتنة ببغداد، وانتشر الدُّعار. وبطل الحجّ من العراق فِي هذه السنة1. وفيها: "وُلِد أَبُو الْحَسَن وَأَبُو الْحُسَيْن"2 توأمين للسلطان بهاء الدولة، فعاش أَبُو الْحُسَيْن سبع سنين، وأمّا أَبُو عَلِيّ فعاش وملك العراق، ولُقّب "مشرف"3 الدولة. وزاد أمر الشُّطَّار ببغداد، وواصلوا أخذ العملات والأموال، وقتلوا، وأشرف النّاس معهم عَلَى "خطّه"4 صعبة، وكان فيهم من هُوَ عباسي وعَلَوِيّ، فبعث بهاء الدولة أبا عَلِيّ عميد الجيوش إلى العراق ليدبر أمورها، فقدم بغداد، وزينت له،

_ 1 المنتظم "7/ 219". 2 في الأصل "ولد الحسن والحسين". 3 في الأصل "شرف". 4 في الأصل "خطر".

"وغرق"1 جماعة، ومُنع الشّيعة والسُّنّية من إظهار مذهبهم، ونفي الدُّعَّار، ونفي ابن المعلّم فقيه الشيعة، وقامت هيبته2. وفي المحرم "غزا"3 السلطان محمود بْن سبكتكين الهند، فالتقاه صاحبها الملك جيبال، ومعه ثلاثمائة فيل، فنصر اللَّه محمود، وقتل من الكفار خمسة آلاف، ومن الفيول خمسة عشر فيلا، وأُسِر جيبال فِي جماعة من قوّاده، فكان عَلَيْهِ من الجواهر ما قيمته مائتا ألف رأس دينار وبلغت القيمة من الرقيق خمسمائة ألف رأس نقل ذَلِكَ صاحب سيرة محمود بن سبكتكين الْأديب الكاتب أَبُو النَّصر مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار العُتْبي، وقد سَمِعَ هذا من أَبِي الفتح البُسْتِي وجماعة. قَالَ أَبُو النّصر: وافتدى الملك نفسه بخمسين فيلا. وكان مُسِنًا، فتألّم مما تمّ عَلَيْهِ، وآثر النّار عَلَى العار، فحلق شعره، ثم حرّق نفسه حتى تلف. قَالَ أَبُو النّصر: وافتدى الملك نفسه بخمسين فيلا.

_ 1 في الأصل "بفرق". 2 المنتظم "7/ 220"، والكامل "9/ 178". 3 في الأصل "غزى".

حوادث سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة

حوادث سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة: فيها: منع عميد الجيوش يوم عاشوراء من النَّوح وتعليق المُسُوح فِي الْأسواق، ومنع السُّنِّيّة عمّا أبدعوه فِي أمر مُصْعَب بْن الزُّبَيْر. وفيها: قبض بهاء الدّولة عَلَى وزيره أَبِي غالب مُحَمَّد بْن خَلَف، وقرّر عَلَيْهِ مائة ألف دينار1. وفيها: برز عميد الجيوش، وذهب إلى سُورا، فاستدعى سيف الدّولة عَلِيّ بْن مَزْيَد، وقرر عَلَيْهِ فِي العام أربعين ألف دينار عَنْ بلاده، وأقرّه عليها2. وفي ربيع الآخر منها أمر نائب دمشق بمصوَلة الْأسود الحاكمي بمغربيّ، فطيف بِهِ عَلَى حمار، ونودي عَلَيْهِ: هذا جزاء من يحبّ أَبَا بَكْر وعُمَر، ثم أمر بِهِ، فأخرج إلى "الرملة"3 فضربت عُنُقُه هناك -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، ولا رضي عَنْ قاتله. وفيها: نازل السلطان محمود بْن سُبُكْتِكين بسِجِسْتان، وأخذها من صاحبها خَلَف بْن أحْمَد بالأمان، فاستناب عليها الحاجب قنجي من كبار قوّاد أَبِيهِ، فخرج عَلَيْهِ أهل سِجِسْتان بعد أشهر، فسار محمود فِي عشرة آلاف وحاربهم، وقتل منهم مقتلة كبيرة فِي ذي الحجة4.

_ 1 المنتظم "7/ 222". 2 المنتظم "7/ 223". 3 في الأصل "الرماد". 4 الكامل في التاريخ "9/ 172".

حوادث سنة أربع وتسعين وثلاثمائة

حوادث سنة أربع وتسعين وثلاثمائة: فيها: قلد بهاء الدولة الشريفَ أَبَا أحْمَد الْحُسَيْن بْن مُوسَى المُوسَوِي قضاءَ القُضاة والحجّ والمَظَالم ونقابة الطّالبيّين، وكتب لَهُ من شيراز العهد، ولقبه الطاهر الْأوحد ذو المناقب، فلم ينظر فِي قضاء القُضاة، لامتناع القادر باللَّه من الْأذن لَهُ1. وحج بالنّاس أَبُو الحارث مُحَمَّد بْن مُحَمَّد العَلَوِي، فاعترض الحاج الْأصيفر المنتفقي ونازلهم، وعوّل عَلَى نهبهم، فقالوا: من يكلّمه ويقرّر لَهُ ما يأخذ؟ فنفذوا أَبَا الْحَسَن بْن الرّفّاء وأَبَا عَبْد اللَّه بْن الدَّجاجيّ، وكانا من أحسن النّاس قراءة، فدخلا إِلَيْهِ، وقرءا بين يديه، فَقَالَ: كيف عَيْشُكُما ببغداد؟ فقالا: نِعْمَ العيش، تصلنا الخلع والصِّلات. فَقَالَ: هَلْ وهبوا لكما ألفا ألف دينار؟ قالا: لا، ولا ألف دينار. فَقَالَ: قد وهبت لكما الحاجَّ وأموالهم، فدعوا لَهُ وانصرفوا، وفرح النّاس. ولما قرءا بعرفات، قَالَ أهل مصر والشام: ما سمعنا عنكم بتبذير مثل هذا! يكون عندكم شخصان مثل هذين، فتستصحبونهما معكم معًا، فإن هَلَكا، أيّ شيء تحملون؟ "وأخذهما"2 أَبُو الحسين بْن بُوَيْه مَعَ أَبِي عبد اللَّه بْن بهلول، وكانوا يُصَلُون بِهِ بالنَّوْبة التَّراويح، وهم أحداث3.

_ 1 المنتظم "7/ 226". 2 في الأصل "وأخذ". 3 المنتظم "7/ 227".

حوادث سنة خمس وتسعين وثلاثمائة

حوادث سنة خمس وتسعين وثلاثمائة: حجّ بالعراقيين جَعْفَر بْن شعيب السّلار، ولحقهم عَطَش فِي طريقهم، فهلك خلْق كثير1. وفي المحرم قتل الحاكم بمصر جماعة من الْأعيان صبَرًا. وفيها: قُتِل المنتصر أَبُو إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بْن نوح بْن نصر بن نوح السّاماني، وكان قد أُسِر أخوه عَبْد الملك، كما ذكرنا فِي سنة تسعٍ وثمانين. واستولى عَلَى ما وراء النهر إيلك خان، وقبض عَلَى أَبِي إِبْرَاهِيم هذا، وعلى أخيه عَبْد الملك، وعلى نوح بْن منصور الرضيّ، وعلى أعمامهم أَبِي زكريّا، وأَبِي سُلَيْمَان، فتحيّل المنتصر وهرب من السجن فِي زيّ امْرَأَة كانت تنتابهم لمصالحهم، واختفى أيامًا عند عجوز، وذهب إلى خُوَارِزْم، فتلاحق بِهِ من بَدْوِ نمار من بقايا الدّولة السّامانية، حتى اجتمع شَمْلُه، وكثف خيله ورِجْله، وأغار بعض عمّاله عَلَى بُخَارَى، وبيتوا بضعة عشر قائدًا من القوّاد، وحملوا فِي وثاقٍ إلى خُوَارِزْم، وانهزم من بقي من قوّاد إيلك خان، وعاد المنتصر إلى بُخارى، وفرح النّاس، فجمع إيلك جيوشه، وتكاثفت أيضًا جموع المنتصر، وقصد نيسابُور، وحارب أميرها نصر بْن سُبُكْتِكين أخا محمود، فهزمه، وأخذ نيسابُور، فانزعج لذلك السّلطان محمود، وطوى المغاور، حتى "وافى"2 نيسابُور، فتقهقر عَنْهَا المنتصر إلى أَسْفِرايين، وجبى الخراج، وقدم لَهُ شمس المعالي قابوس خيلا وجمالا وبغالا، وألف ألف دِرْهَم، وثلاثين ألف دينار، مُدارةً عَنْ جُرْجَان. ثم إن المنتصر عاد إلى نيسابور، فتحيز عنها أخو محمد، وجبى المنتصر منها الْأموال، ثم التقى هُوَ وأخو محمود، فكانت بينهما وقعة ملحمة هائلة، فكانت النصرة لصاحب الجيش نصر بْن سُبُكْتِكين، وانهزم المنتصر، فجاء إلى جُرْجَان، فدفعه عَنْهَا شمس المعالي، ثم التقى المنتصر أيضًا هُوَ والسُّبُكْتِكينيّة بظاهر سَرْخَس، وقُتِل خلْقٌ من الفريقين، وانهزم جَمْعُ المنتصر، وقُتِل جماعة من قوّاده، فسار المنتصر يعتسف المهالك، فانتبذ بِهِ إلى محالّ الْأتراك الغُزِّيَّة، ولهم مَيْل إلى آل سامان، فأخذتهم المَذَمَّة من خُذْلانه، وحرّكتهم الحَمِيَّة لعونه فِي سنة ثلاث وتسعين، وقصدوا أيلك خان، وحاربوه، ثم خافهم المنتصر وفارقهم، وراسل السُّلطانَ محمود بْن سُبُكْتِكين يذكِّره بحقوق سَلَفِه عَلَيْهِ، فأكرم محمود رسوله، وتماثل حال المنتصر، جرت له أحوال وأمور وحروب عديدة.

_ 1 المنتظم "7/ 229". 2 في الأصل "وأوفى".

وكان موصوفًا بالدَّهاء والشّجاعة المُفْرِطة، ثم قام معه فتيان أهل سمَرْقَنْد، وتراجع أمره، فسمع الخان باحتداد شوكته واشتداد وطْأَته، "فزحف"1 إِلَيْهِ في شعبان سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وانكسر الخان أيلك، ثم جمع وحَشَد وكَرَّ لطلب الثّأر، فالتقوا، فخامر خمسة آلاف من جيش المنتصر، وانحازوا إلى أيلك فاضطّر المنتصر إلى الانهزام واستَمَرَّ القتْلُ بجيشه وبقي المنتصر أينما قصد، شُهِرَت عَلَيْهِ السّيوف وكَثُر أضداده، ودلف إليه صاحب الجيش ابن سبكتيكن، ووُلّي سَرْخَس، ووُلّي طُوس. وحثّوا الظَّهْر فِي طلبه، ففاتهم إلى بِسطام، فرماه شمس المعالي بنحو ألفين من الْأكراد والشاهجانية، فأزعجوه عَنْهَا حتى ضاقت عَلَيْهِ المسالك، فتلقّاه ابن سرخك الساماني، بكتاب يخدعه فِيهِ، فانفعل طمعًا فِي وفائه، فثنته خَيْل أيلك خان بطرف خُرَاسان، فطاردهم، ثم ولاهم ظهره، فأسروا إخوته، والتجأ إلى ابن بهيج الْأعْرابي، فما خَفَر حقَّ مَقْدَمِه، وروّى الْأرض من دمه، كما عناه أَبُو تمام بقوله: فتًى مات بين الطَّعْن والضَّرْب مِيتَةً ... تقوم مقامَ النَّصْر إذ فاته النَّصْرُ فأثبتَ فِي مُسْتَنْقَع الموتِ رِجْلَه ... وقَالَ لها من دون أَخْمَصِك الحَشْرُ "غدا"2 غدوة الحمد فسبح رِدائه ... فلم ينصرف إلا وأكفانه الْأجْرُ مضى طاهرَ الْأثواب لم تبق رَوْضَةٌ ... غداةَ ثَوَى إلا اشتهتْ أَنَّها قَبْرُ عليكَ سلامُ اللَّه وقْفًا فإنّني ... رَأَيْت الكريمَ الحُرَّ لَيْسَ لَهُ عُمْرُ وانقضت الْأيام السامانيّة، وذلك في أوائل سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.

_ 1 في الأصل "فرجف". 2 في الأصل "غدى".

حوادث سنة ست وتسعين وثلاثمائة

حوادث سنة ست وتسعين وثلاثمائة: فيها: تولّى ابن الْأكفاني قضاءَ جميع بغداد. وفيها: جلس القادر باللَّه لأبي المنيع قرواش بْن أَبِي حسّان، ولقّبه بعميد الدولة، وتفرد قرواش بالإمارة1. وحجّ بالناس مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر العَلَوِي، وخطب بالحَرَمَيْن للحاكم صاحب مصر عَلَى القاعدة، وأمر النّاسَ بالحَرَمَيْن بالقيام عند ذِكْره، وفعل مثل ذَلِكَ بمصر، وكان إذا ذُكِر قاموا وسجدوا فِي السُّوق، وفي مواضع الاجتماع، فإنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون، فلقد كَانَ هَؤُلاءِ العُبَيْدِيُّون شرًّا عَلَى الْإسلام وأهله من الشر.

_ 1 المنتظم "7/ 230".

حوادث سنة سبع وتسعين وثلاثمائة

حوادث سنة سبع وتسعين وثلاثمائة: فيها: خروج أَبِي ركوة الْأمويّ من ولد هشام بْن عَبْد الملك، واسمه الوليد، وكان يحمل ركوة فِي السَّفر، ويتزهَّد، وقد لقي المشايخ، وكتب الحديث بمصر، وحجّ، ودخل اليمن والشام، وكان فِي خلال أسفاره يدعو إلى القائم من ولد هشام بْن عَبْد الملك، ويأخذ البَيْعَة عَلَى من ينقاد لَهُ، ثم جلس معلِّمًا، واجتمع عنده أولاد العرب، فدعاهم فوافقوه، وأسَرَّ إليهم أَنَّهُ الْإمَام، ولقّب نفسه بالثائر بأمر اللَّه المنتصف من أعداء اللَّه، فعرف بهذا بعض الولاة، فكتب إلى الحاكم بأن يأذن لَهُ فِي طَلَبه قبل أن تقوَى شوكتُه، فأمره باطِّراح الْأمر والفكر فِيهِ، لئلا يجعل لَهُ سوقًا، وينبّه عَلَيْهِ، وكان يخبرهم عَنِ المُغَيَّبات، ثم حاربه ذَلِكَ الوالي فِي عسكره، فظفر بِهِ أَبُو ركْوة، ثم أخذوا أسلابهم، فأصاب مالية. ونزل بَرْقَة، فجمع لَهُ أهلها مائتي ألف دينار، وأخذ من يهوديّ مائتي ألف دينار، ونقش السِّكَّة باسمه، وخطب النّاس ولعن الحاكم وشتمه، فحشد لَهُ الحاكم وجهّز لقتاله ستّة عشر ألفًا، عليهم الفضل بْن عَبْد اللَّه، وأنفق فيهم ذهبًا عظيمًا، فلما قارب تلقّاه أَبُو ركْوة، فرام مُناجَزَتَه، والفضلُ يُرَاوِغ، فَقَالَ أصحاب أَبِي ركْوة: قد بذلنا نفوسنا دونك، ولم يبق فينا فضْل لمعاودة حرب، ونحن مطلوبون لأجلك، فخذ لنفسك، وانظر أي بلد شئت لنحملك إليه، فذهب إلى بلد النُّوبة لأنّه كَانَ مُهَادِنَه، فبعث الفضل فِي طلبه عسكرًا، فأدركوه، فأسلمه أصحابه، فحُمِل إلى الحاكم. فأُركب جملا وطِيف بِهِ، ثم قُتِل2. وبالغ الحاكم فِي إكرام الفضل وإعطائه الْأقْطاع، فمرض، فعاوده مرّتين دُفْعَتين، فلما عُوفي قتله. وفيها: ورد كتاب من بهاء الدولة بتقليد الشريف أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن أَبِي أحْمَد الْحُسَيْن بْن مُوسَى العلوي الحَسَني النّقابة والحجّ، وتلقيبه بالرِّضى ذي الحَسَبَيْن، ولُقِب أخوه أَبُو القاسم بالشريف المرتضى ذي المجدين. وفي رمضان قلد "سند الدولة علي بن مزيد"3 ما كَانَ لقرواش، وخلع عَلَيْهِ. وثارت عَلَى الحجَّاج ريح سوداء بالثعْلبية حتى لم ير بعضهم بعضًا، وأصابهم عطش شديد، واعتقلهم ابن الجرّاح عَلَى "مال"4 طلبه، وضاق الوقت، فردّوا، ووصل أوّلُهم إلى بغداد يوم التَّرْوِيَة، فلا قوة إلا بالله3.

_ 1 المنتظم "7/ 230". 2 المنتظم "7/ 233"، والكامل في التاريخ "9/ 197". 3 في الأصل "سيف الدولة بن يزيد". 4 في الأصل "ما".

حوادث سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة

حوادث سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة: فِي ربيعٍ الآخر، وقع ثلج عظيم ببغداد، حتى كَانَ سُمْكُه فِي بعض المواضع ذراعًا ونصفًا، وأقام أسبوعًا لم يذُبْ، ورُمِي إلى الشوارع، وبلغ وقْعُه إلى الكوفة، وإلى عَبَّادان1. وكثرت العملات ببغداد واللُّصُوص، وقُتِل منهم جماعة. وفي رجب قصد بعضُ الهاشميّين أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن النُّعْمَان بْن المعلّم شيخ الشيعة، وهو فِي مسجد، وتعرّض بِهِ تعرُّضًا امتعض منه تلامذته، فثاروا واستنفروا أهلَ الكَرْخ، وصاروا إلى دار القاضي أَبِي مُحَمَّد الْأكفاني والشيخ أَبِي حامد الإِسْفِرَايِينِيّ فسَبُّوهما، وطلبوا الفقهاء ليُوقِعوا بهم، ونشأت فتنة عظيمة، وأُحْضِر مُصْحَفٌ ذكروا أنّه مُصْحَفٌ ابن مَسْعُود، وهو يخالف المصاحف، فجمع له القضاة والكبار، فأشار أَبُو حامد والفقهاء بتحريفه، ففعل ذَلِكَ بمحضرهم، وبعد أيّام كتب إلى الخليفة بأنّ رجلا حضر المشهد ليلة نصف شعبان، ودعا عَلَى من أحرق المُصْحَفٌ وشتمه، فتقدّم بطلبه، فأُخِذ، فرسم بقتله، فتكلّم أهل الكرْخ فِي أمر هذا المقتول لأنّه من الشيعة، ووقع القتال بينهم وبين أهل البصْرة وباب الشعير ونهر "القلائين"2، وقصد أهلُ الكرْخ دار أَبِي حامد، فانتقل عَنْهَا، ونزل دار القطن، وصاح الرَّوَافض: "يا حاكم يا منصور"، "فأحفظ"3 القادر باللَّه ذَلِكَ، وأنفذ الفرسان الذين عَلَى بابه

_ 1 المنتظم "7/ 237". 2 في الأصل "القلابين". 3 في الأصل "فاخفض".

لمعاونة السُّنَّة، وساعدهم الغلمان، فانكسر الرَّوَافض وأحرق ما يلي نهر الدَّجَاج، ثم اجتمع الرؤساء إلى الخليفة، فكلّموه، فعفى عَنْهُمْ ودخل عميد الجيوش بغداد، فراسل بن المعلّم بأن يخرج عَنْ بغداد ولا يساكنه، ووكّل بِهِ، فخرج فِي رمضان، وضرب جماعة، ممّن قام فِي الفتنة، وحبس آخرين، ومنع القُصَّاص من الْجُلوس، ثم سَأَلَ ابن مُزْيَد فِي ابن المعلّم فردَّ وأذِنَ للقُصَّاص، بشرط أن لا يتعرضوا للفِتَن1. وفي شعبان وقع بَرَدٌ فِي الواحدة نحو خمسة دراهم. وفيه زُلْزِلَت "الدِّينور"2، فمات تحت الرَّدْم أكثر من ستّة عشر ألف آدمي، وفرّ السّالمون إلى الصّحراء، فأخذوا أكواخًا، وهلك ما لا يُحْصَى، وأهدمت أكثر المدينة، وزُلْزِلَت سِيرَاف "والسّيف"3، وغَرَّق الماءُ عدَّة مراكب، ووقع هناك بَرَدٌ عظيم، ووُزِنَت بَرَدَةٌ، فكانت مائة وستّة دراهم4. وفيها: هدم الحاكمُ بيعةَ قمامة التي بالقُدس، وهي عظيمة القدر عند النَّصارى، يحجُّون إليها، وبها من السُّتُور والآلات والأواني الذَّهب شيءٌ مفْرِط، وكانوا فِي العيد يُظْهِرون الزِّينة، وينصبون الصُّلْبان، وتعلق القُوَّامُ القناديلَ فِي بيت المذبح، ويجعلون فيها دهن الزئبق، ويجعلون بين "القنديلين"5 خيطًا "من" الحرير متصلا، وكانوا يَطْلُونه بدهن البلسان، ويتقرّب بعض الرُّهْبان، فيعلّق النّارَ فِي خيطٍ منها من موضع لا يراه أحد، فيتنقل بين القناديل، فيرقد الكلّ ويقولون: نزل النُّور من السّماء فأوقدها، فيضجُّون، فلمّا وُصِفَت هذه الحالة للحاكم، كتب إلى والي الرَّمْلة، وإلى أحمد بن يعقوب الدّاعي بأن يقصد بيتَ المقدس، ويأخذ القضاةَ والأشرافَ والرؤساءَ، وينزلون عَلَى هذه الكنيسة، ويُبِيحُوا للعامَّة نَهْبَها، ثم يخربونها إلى الْأرض، وأحسّ النَّصَارَى، فأخرجوا ما فيها من جوهر وذهب وستُور، وانْتُهِب ما بقي، وهُدِمت. ثم أمر بهدم الكنائس، ونَقَضَ بعضها بيده، وأمره بأن يعمِّر مساجدَ للمسلمين، وأمر بالنّداء: من أراد الْأسْلامَ فلْيُسْلِم، ومن أراد الانتقال إلى بلد الروم كَانَ آمنًا إلى

_ 1 المنتظم "7/ 237"، والبداية والنهاية "11/ 338". 2 في الأصل "الدور". 3 في الأصل "السبب". 4 المنتظم "7/ 238"، والبداية والنهاية "11/ 339". 5 في الأصل "القندلين".

أن يخرج، ومن أراد المقام عَلَى أن يَلْزَم ما شُرِطَ عَلَيْهِ فلْيَقُم. وشَرَط عَلَى النصارى تعليقَ الصُّلْبان ظاهرةً عَلَى صُدُورهم، وعلى اليهود تعليق مثال رأس العِجْل فِي أعناقهم، ومنعهم من ركوب الخيل، فعملوا صلبان الذَّهب والفضّة، فأنكر الحاكم ذاك، وأمر المحتسبين بإلزامهم تعليقَ صُلبان الخشب، وأن يكون قدر الواحد أربعة أرطال، واليهود تعليق خشبة كالمدقّة، وزنها ستّة أرطال، وأن يشدّ فِي أعناقهم أجراسًا عند دخولهم الحمّامات. ثم إنَّه قبل أن يُقْتل أذّن فِي إعادة البِيَعِ والكنائس، وأذِن لمن أسلم أن يعود إلى دينه، لكونه مُكْرَهًا. وقَالَ: تنزّه مساجدنا عمّن لا نيّة لَهُ فِي الإسلام1.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 339"، والكامل "9/ 208".

حوادث سنة تسع وتسعين وثلاثمائة

حوادث سنة تسع وتسعين وثلاثمائة: وفي شعبان عصفت ريح شديدة بالعراق، وألقت رملا أحمر بالطُّرُق والبيوت1. وفيها: عُزِل أَبُو عَمْرو قاضي القُضاة ووُلِّي القضاءَ أَبُو الْحَسَن بْن أَبِي الشّوارب، فَقَالَ العُصْفُرِي الشّاعر: عندي حديثٌ ظريفٌ ... بِمِثْلِهِ يُتَغَنَّى من قاضيين يُعَزَّى ... هذا وهذا يُهَنّا هذا يَقُولُ أَكْرَهُونا ... وذا يَقُولُ اسْتَرَحْنَا ويكذِبان جميعًا ... ومَن يُصَدَّقُ مِنّا2 ورجع الرَّكْبُ العراقي خوفًا من ابن الجرّاح الطّائي، فدخلوا بغدادَ يوم عَرَفة، وخرج بنو "رعب"3 الهلاليّون، وهم ستّمائة، عَلَى رَكْب البصْرة، فأخذوا منهم بما قيمته ألف ألف دينار. كذا نقل ابن الجوزي في منتظمه4.

_ 1 المنتظم "7/ 243". 2 الكامل في التاريخ "9/ 211"، والبداية والنهاية "11/ 341". 3 في الأصل "زعب". 4 المنتظم "7/ 244"، والبداية والنهاية "11/ 341".

وفيها: وُلّى دمشقَ أَبُو الْحَسَن حامد بْن ملهم للحاكم، بعد عليّ بْن جَعْفَر بْن فلاح، فوليها سنة وأشهرًا، ثم عُزِلَ، وكان جوادًا ممدَّحًا، ووُلِّي بعده أو معه القائد أَبُو منصور "ختكين"1 الدّاعي المعروف "بالضَّيف"2، ذكره ابن عساكر فَقَالَ: وُلِّي إمرة دمشق مرّتين للحاكم فأساء السّيرة. وفي جُمادى الآخرة كانت الفتنة بالأندلس، وثار مُحَمَّد بْن هشام الْأمويّ عَلَى متولِّي الْأندلس، وانْخَرَمَ النّظام ووَهَى سلطانُ بني أمية بالأندلس3.

_ 1 في الأصل "جتكين". 2 في الأصل "النضيف". 3 الكامل في التاريخ "9/ 216".

حوادث سنة أربعمائة

حوادث سنة أربعمائة: نقص فِي ربيع الآخر نهر دِجْلة نُقْصانًا لم يُعْهد مثله، وامتنع سَيْر السُّفُن من "أَوَانَا"1 والرّاشديّة من أعالي دِجلة، لأجل جزائر ظهرت، ولا يُعْلَم أنّ "كَرْيَ"2 دِجلةَ وقع قبل ذَلِكَ3. وفيها: عمل أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن الفضل بْن سهلان عَلَى مشهد عليّ سُورًا منيعًا من ماله، لكثرة من يطرقه من الْأعراب، وتحصّن المشهد. وفي رمضان أُرْجِف بالقادر باللَّه بموته، فجلس للنّاس يوم الجمعة وعليه البُرْدَة، وبيده القضيب، وقبّل الشَّيْخ أَبُو حامد الإِسْفِرَايِينِيّ الْأرضَ، فسأل الْحَسَن بْن حاجب النُّعْمَان الخليفة أن يقرأ آيات من القرآن يسمعها النّاس، فقرأ عند ذَلِكَ بصوتٍ عالٍ: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} [الأحزاب: 60] الآيات. وفيها: ورد الخبر إلى العراق "بأن الحاكم"4 أنفذ إلى دار جعفر الصادق بالمدينة من فتحها وأخذ ما فيها، ولم يتعرّض "لهذه"5 الدار أحد، وكان الحاكم قد أنفذ

_ 1 في الأصل "أوابا". 2 في الأصل "كرمي". 3 المنتظم "7/ 245"، والبداية والنهاية "11/ 342". 4 ساقطة من الأصل واستدرك من المنتظم "7/ 246". 5 في الأصل "لهذا".

رجلا ومعه صِلات العلويين وزادُهم، وأمره أن يجمعهم ويُعْلِمَهم إيثاره لفتح هذه الدّار، والنّظر إلى ما فيها من آثار جَعْفَر بْن مُحَمَّد، وَحُمِلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ ليراه ويردّه، ووعدهم عَلَى ذَلِكَ بالإكرام، فأجابوه، ففُتِحَت، فوُجِد فيها مصحفٌ وقعب من خشب مطوَّق بحديد، ودرقة خَيْزران وحربة وسرير، فحُمِل ذَلِكَ، ومضى معه جماعة من الحسينيّين، ولما وصلوا إلى مصر أعطاهم مبلغًا، وردّ عليهم السّرير وأخذ الباقي، وقَالَ: أَنَا أحقُ بِهِ1. وأمر بعمارة دار العِلْم، وأحضر فيها فقهاء ومحدّثين. وعمّر أيضًا الجامع الحاكمي بالقاهرة، واتّصل الدعاء لَهُ، فبقي كذلك ثلاث سنين، ثم أقبل يقتل أهل العلم، وأغلق دار العلم، ومنع من كل ما يفعل من الخير، ثم قُتِل سرًّا. وحجّ بالنّاس من العراق أَبُو الحارث مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر العَلَوي الكُوفي2. وفيها: "غزا"3 محمود بْن سُبُكْتِكين الهند، فكانت وقعة نارين، ونصر اللَّه الْإسلام، فله الحمد، وغنم المسلمون ما لا يُحدُّ ولا يوصف، وطلب صاحب الهند الهدنة، وبعث بتُحَفٍ وتقادُم مَعَ أقاربه4. قال أبو النصر محمد بن عبد الجبار فِي سيرة السلطان محمود: نشط السلطان فِي سنة أربعمائة لغزو الهند تقرُّبًا إلى اللَّه، فنهض يحثّ الخيول، ويخترق الحزون والسّهول، إلى أن توسّط "ديار"5 الهند فاستباحها، ونكّس أصنامها، وأوقع بعظيم العُلُوج وقعةً أفاء اللَّه عَلَيْهِ بها أمواله، وأغنم خيوله وأفياله، وحكَّم فيها سيوفَ أوليائه، يحرسونهم ما بين كل سبسب وفَدْفَد، ويجرّرونهم عند كلّ مهبط ومصعد، وردّ إلى غَزْنَة بالغنائم، فلما رَأَى ملك الهند ما صبّ اللَّه عَلَيْهِ وعلى أهل مملكته من سَوْط العذاب بوقائع السلطان، أيقن أَنَّهُ لا قِبَل لَهُ بثقل وطْأته، فأرسل إليه أعيان أقاربه ضارعًا إليه في هدنة يقف فيها عند أمره، ويسمح بماله ووفره، على أن يقود

_ 1 المنتظم "7/ 246"، والبداية والنهاية "11/ 342". 2 المنتظم "7/ 247". 3 في الأصل "غزى". 4 الكامل في التاريخ "9/ 213". 5 في الأصل "وبار".

إليه بادئ الأمر خمسين فيلًا، ومعها مال عظيم الخطر، بما يضاهيه من مسار تِلْكَ الديار، ومتاع تِلْكَ البقاع، وعلى أن يناوب كلّ عام من أفناء عسكره فِي خدمة باب السلطان بألفي رَجُل، إلى إتاوة معلومة. فأوجب السلطان إجابته ببذل طاعته، وإعطاءه الجزية عن يده، وبعث إِلَيْهِ من طالبه بتصحيح المال، وقَوْد الْأفيال، فنفّذ ما وعدوا، وانعقدت الهدنة، وتتابعت القوافل من خُرَاسان والهند، ولله الحمد. وبقيت جبال الغَوْر فِي وسط ممالك السلطان محمود، وبها قوم من الضُّلال الخالين عَنْ سِمَة الْإسلام يخِيفون السّبيل، ويتمنّعون بتلك الجبال الشواهق، فأَهمَّ السلطانَ شأنُهم، وصمّم عَلَى تدويخ ديارهم وانتزاع بعرة الاستطالة من رءوسهم، فأجْلَب عليهم بخيله ورِجْله، وقدّم أمامه والي هَرَاة التونتاش، ووالي طُوس أرسلان، فسارا مقتحمين مضايق تِلْكَ المسالك، إلى مضيقٍ قد غص بالكماة، فناوشوا الحربَ تناوشًا بطلت فِيهِ العوامل إلا الصّوارم فِي الجماجم والخناجر فِي الحناجر، وتصابر الفريقان، حتى سالت نفوس، وطارت رءوس، فلحِقَهم السلطان فِي خواصّ أبطاله، وجعل يُلْجئُهم إلى ما وراءهم شيئًا فشيئًا، إلى أن فرّقهم فِي عَطَفات الجبال، واستفتح المجال إلى عظيم الكَفَرَة المعروف بابن سُورَى، فغزاه فِي عُقر داره، وأحاط ببلده، وشد عَلَيْهِ، فبرز الرجل فِي عشرة آلاف كأنما خُلِقُوا من حديد، وكأنّ أكبادهم الجلاميد، يستأنسون بأهل الوقائع استئناس الظَّبَايا السَّرَايع، ودام القتال إلى نصف النّهار، فأمر السلطان بتوليتهم الظهور استدراجًا، فاغترُّوا وانقضُّوا عَلَى مواقعتهم، واغتنموا الفرصة، فكرّت عليهم الخيول بضربات غنيت بذواتها عَنْ أدواتها، فلم ترتفع منها واحدة إلا عَنْ دماغ منثور، ونِياط مبتور، وصُرع فِي المعركة رجالٌ كَهَشِيم المُحْتَضِر، أو أعجازِ نخْلٍ مُنْقَعِر، وأُسِر ابن سُورَى وسائر حاشيته، وأفاء اللَّه عَلَى السلطان ما اشتمل عَلَيْهِ حُصْنُه من ذخائره التي اقتناها كابرٌ عَنْ كابر، وورثها كافرٌ عَنْ كافر، وأمر السلطان بإقامة شعار الْإسلام فيما افتتحه من تِلْكَ القلاع، فأفصحت بالدّين المنابر، واشترك فِي عزّ دعوته البادي والحاضر، ولِعظَم ما ورد عَلَى ابن سُورَى، مصّ فصّ خاتمٍ مسموم، فاتلف نفسه، وخسر الدُّنيا والآخرة. وأما الْأندلس فتمّ فيها فِتَنٌ هائلة، وانقضت أيام الْأمَوِيّين، وتفرقت الكلمة. وفي ربيع الأول سنة أربعمائة دخل البربر والنَّصَارَى قُرْطُبَة، فقتلوا من أهلها أَزْيَدَ من ثلاثين ألفًا، وتملّكها سُلَيْمَان الْأمويّ المستعين، واستقرّ بها سبعة أشهر، ثم بلغه

أن المهدي الأموي، هو ابن عمّه، قد استنجد بالنَّصَارَى لأخذ الثأر منه، فتأهَّب، ثمّ وقع بينهم مصافُّ، فانهزم البربر والمستعين، وذلك فِي رابع شوّال، ودخل المهديّ قُرْطُبَة بدولته الثانية، فصادرهم، وفعل الْأفاعيل، وخرج يتبع البربر، فكرُّوا عَلَيْهِ فهزموه، واستُبِيحَ عسكرُهُ، وقُتِل نحو العشرين ألفًا من أهل قُرْطُبَة، فإنا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون، واللَّه أعلم1. آخر الحوادث، والحمد لله وحده. الطبقة الأربعون: وفيات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة:

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 216-219".

وفيات الطبقة

وفيات الطبقة: وفيات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 1- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حُمَيْد بْن زُرَيْق1، أَبُو الْحَسَن البغدادي نزيل مصر2. سَمِعَ: أبا عَبْد اللَّه المَحَامِلي، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد، وأَبَا عَلِيّ مُحَمَّد بْن سَعِيد الرقي الحافظ، ومحمد بْن بكّار السَّكْسَكي، ومُحَمَّد بْن يوسف الهَرَوِي، ومحمد بن جعفر بن ملاس، وخلقًا سواهم، وانتقى عَلَيْهِ خَلَفُ الوساطي. رَوَى عَنْهُ: ابن بنته أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي الْمَصْرِيّ، ورشأ بْن نظيف، وعَبْد العزيز بْن عَلِيّ الْأزْجِي، وَأَبُو عُمَر أحْمَد بْن عَبْد اللَّه النّاجي، وآخرون. وثّقه الصُّورِي. وزُرَيْق بتقديم الزّاي. تُوُفّي في ربيع الأوَّل. 2- أحمد بْن محمد بْن نوح، أَبُو حامد الْبُخَارِيّ، قاضي نَسَف. روى عن أبي نعيم عبد الملك بن عَدِيّ، وعيسى بْن عَبْد اللَّه العثماني صاحب بندار.

_ 1 في الأصل "رزيق". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 552"، والعبر "3/ 48"، وتاريخ بغداد "4/ 236".

رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر المُسْتَغْفِري، وقَالَ: تُوُفِّي فِي شوال. 3- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن هارون الْأنصاري القُرْطُبي، أَبُو بَكْر1. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن معاوية، وأَحْمَد بْن ثابت التغلبي، وحجّ فسمع أَبَا الْعَبَّاس الكِنْدِي، والْحَسَن بْن رشيق. وكان صالحًا منقطعًا، رحمه اللَّه. 4- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأستاذ، أَبُو الْعَبَّاس السِجسْتاني الزّاهد نزيل نيسابُور. صحِب الشِّبْليّ، وسمع من أَبِي عَمْرو الحيري، وطبقته، وقلَّ ما رَوَى. أرّخه الحاكم. 5- أحْمَد بْن يوسف بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أيوب بْن عَمْرو بْن مُسْلِم بْن واضح، أَبُو بَكْر الثقفي الخشّاب الْإصبهاني المؤذّن2. رَوَى عَنْ: الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن دَلَوْيه، وعُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن، والْحَسَن الداركي، والفضل بْن الخصيب، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن عَلِيّ، وَأَبُو نُعَيْم أحْمَد بْن عَبْد اللَّه، وَأَبُو سهل أحْمَد بْن أحْمَد الصَّيْرَفي، وأَحْمَد بْن الفضل الباطَرْقَانِي، وجماعة. 6- إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد حاجب، أَبُو عَلِيّ الكشاني3. رَوَى الصّحيح عَنِ الفَرَبْرِي. وقَالَ الإدريسي: تُوُفِّي فيها، وهو آخر من حدّث بالجامع الصّحيح. وسيعاد في الآتية. "حرف الجيم": 7- جَعْفَر بْن الفضل بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بن موسى بن الحسن الفرات4،

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 58". 2 سير أعلام النبلاء "16/ 551"، ذكر أخبار أصبهان "1/ 164"، والعبر "3/ 49". 3 سير أعلام النبلاء "16/ 481"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1023". 4 تاريخ بغداد "7/ 234"، وسير أعلام النبلاء "16/ 484"، والمنتظم "7/ 215".

الوزير المحدث، أبو الفضل ابن الوزير أَبِي الفتح بْن حِنْزَابة البغدادي، نزيل مصر. وَزَرَ أَبُوهُ للمقتدر فِي السنة التي قُتِل المقتدر فيها، وتقلّد أَبُو الفضل وزارة صاحب مصر كافور. وحدّث عَنْ: مُحَمَّد بْن هارون الحَضْرَمِي، والْحَسَن بْن مُحَمَّد الداركي الْإصبهاني، ومُحَمَّد بْن زهير الْأبُلّي، ومُحَمَّد بْن حمزة بْن عمارة، وأَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن جَعْفَر الخرائطي، ومُحَمَّد بْن سَعِيد الحمصي، وجماعة. قَالَ الخطيب: كَانَ يذكر أَنَّهُ سَمِعَ من أَبِي "القاسم"1 البَغَوي مجلسًا، ولم يكن عنده، وكان يَقُولُ: من جاءني بِهِ أغنيته. وكان يُمْلي الحديث بمصر، وبسببه خرج الدَّارَقُطْنيّ إلى هناك، فإن "ابن"2 حنزابة كَانَ يريد أن يصنّف مسندًا، فخرج أَبُو الْحَسَن الدَّارَقُطْنيّ إلى مصر، فأقام عنده مدّة، وحصل لَهُ منه مال كثير3. وروى عَنْهُ الدَّارَقُطْنيّ أحاديث. وُلِد ابن حنزابة في ذي الحجة سنة ثمان وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ثالث عشر ربيع الْأوّل. ومن شعره: من أخْملَ النفسَ أحياها ورَوَّحَها ... ولم يَبِتْ طَاويا منها عَلَى ضَجَر إن الرّياح إذا اشتدَّت عواصفُها ... فليس ترمي "سوى"4 العالي من الشجر وقَالَ السلفي: كَانَ أَبُو الفضل بْن حنزابة من الثِّقات الحُفَّاظ المتبجّحين بصُحبة أصحاب الحديث، مَعَ جلالة ورئاسة. يرْوِي ويُملي بمصر فِي حال وزارته، ولا يختار عَلَى العلم وصحبة أهله شيئًا، وعندي من أماليه فوائد، ومن كلامه عَلَى الحديث وتصرّفه الدّالّ عَلَى حدّة فهمه ووفور علمه. وقد رَوَى عنه حمزة الكناني الحافظ مع تقدمه.

_ 1 ساقطة من الأصل. 2 ساقطة من الأصل. 3 تاريخ بغداد "7/ 234". 4 في الأصل "سوءا".

وقال غير السفلي: إنّ ابن حنزابة بعد موت كافور، وَزَرَ لأبي الفوارس احمد بْن عليّ الإخشيدي، فقبض عَلَى جماعة من أرباب الدولة وصادرهم، وصادر يعقوب بْن كلس، وأخذ منه أربعة آلاف دِينار، فهرب إِلى المغرب، وآل أمره إِلى أن وزر لبني عُبَيْد، ثم إن ابن حنزابة لم يقدر عَلَى رِضَى الإخشيدية، واضطربت عَلَيْهِ الْأحوال، واختفى مرّتين ونُهِبت داره، ثم قدم أمير الرملة أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن طُغج وغلب عَلَى الْأمور، وصادر الوزير ابن حنزابة وعذّبه، فنزح إلى الشام فِي سنة ثمانٍ وخمسين، ثم بعد ذَلِكَ رجع إلى مصر1. وممّن رَوَى عَنْهُ الحافظ عَبْد الغني بْن سَعِيد. وقَالَ الْحَسَن بْن أحْمَد بْن صالح السبيعي: قدِم علينا الوزير جَعْفَر بْن الفضل إلى حلب، فتلقّاه النّاس، فكنت فيهم، فعرف أنّي محدّث، فَقَالَ: تعرف إسنادًا فِيهِ أربعة من الصحابة، كلّ واحد يروي عن صاحبه؟ قلت: نعم. وذكرت لَهُ حديث السّائب بْن يزيد، عَنْ حُوَيْطَب بْن عَبْد العُزَّى، عَنْ عَبْد اللَّه بْن السعدي، عَنْ عُمَر -رَضِيَ اللَّه عَنْهُم- فِي العمالة، فعرف لي ذَلِكَ، وصار لي بِهِ عنده منزلة. وقيل: إنّ الوزير ابن حنزابة كَانَ يُستعمل لَهُ الكاغَد بسَّمَرْقَنْد، ويُحمل إلى مصر فِي كل سنة، وكان عنده عدّة نُسَّاخ. وقَالَ عَبْد اللَّه بْن يوسف: حضرت عند أَبِي الْحُسَيْن بْن المهلّبي بالقاهرة، فَقَالَ: كنت منذ أيام حاضرًا فِي دار الوزير أَبِي الفرج بْن كلّس، فدخل عَلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاس بْن الوزير أَبِي الفضل بْن حنزابة، وكان قد زوّجه ابنَتَه، وأكرمه وأَجَلَّه، وقَالَ لَهُ: يا أَبَا الْعَبَّاس، يا سيّدي، ما أَنَا بأَجَلّ من أبيك، ولا بأفضل، أتدري ما أقعد أباك خلف النّاس، شَيْلُ أنفه بأبيه، يا أَبَا الْعَبَّاس لا تشِلْ أنفَك بأبيك، تدري ما الْأقبال؟ نشاطٌ وتواضُعُ، وتدري ما الْأدْبار؟ كسلٌ وترافعٌ. وقَالَ غيره: كَانَ الوزير أَبُو الفضل يُفطِر وينام نومة ثم ينهض في الليل لمتوضئه، ويدخل بيت مُصَلاه، فيصفّ قدميه إلى الغَداة، ولما تُوُفِّي صلّى عَلَيْهِ فِي داره الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن النُّعْمَان القاضي، وحضر جنازته قائد القواد وسائر الأكابر، ودفن في

_ 1 وفيات الأعيان "1/ 347".

مجلس بداره "الكبيرة"1، المعروفة بدار العامّة2. قَالَ المختار المسبّحي: إنه لما غُسِّل، جُعِل فِيهِ ثلاث شعرات مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان ابتاعها بمالٍ عظيم، وكانت عنده فِي دِرْج ذهب، مختومة الْأطراف بالمِسْك، ووصى بأن تُجعل فِي فِيهِ، ففعل ذَلِكَ. وحنزابة: جارية، هِيَ أمّ والده الفضل. والحنزابة، فِي اللغة: القصيرة الغليظة. قال ابن طاهر: رَأَيْت عند الحبّال كثيرًا من الْأجزاء التي خُرّجت لابن حنزابة، وفي بعضها الجزء المُوَفى "ألفًا"3 من مُسْنَد كذا، والجزء المُوَفى خمسمائةً من مُسْنَد كذا، وكذا سائر المُسْنَدات، ولم يزل ينفق فِي البِرّ والمعروف الْأموال، وأنفق الكثير عَلَى أهل الحرمين، إلى أن اشترى دارًا من أقرب الدُّور، إلى الضّريح النَّبَوِي، لَيْسَ بينه وبين القبر إلا الحائط، وطريق فِي المسجد، وأوصى أن يُدْفَن فيها، وقرر عند الْأشراف ذَلِكَ، فسمحوا لَهُ بذلك، فلما حمل تابوته من مصر، خرجت الْأشراف من الحرمين لتلقيه، وحجوا به، وطافزا بتابوته، ثم ردُّوه إلى المدينة ودفنوه فِي تِلْكَ الدار، فعلوا ذَلِكَ لِما لَهُ عليهم من الأفضال4. "حرف الحاء": 8- حامد بْن مُحَمَّد بْن المطيّب، أَبُو منصور الماليني. رَوَى عَنْ: أَبِي عَلِيّ الرّفّاء، وأَبِي مُحَمَّد المُزَني، وابْن أَبِي عَوْن الفَسَوِي. رَوَى عَنْهُ: الْإمَام أَبُو عاصم العَبَّادِي، وغيره، وتُوُفِّي فِي شعبان. 9- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن شُعْبَة، "أَبُو عَلِيّ"5 المَرْوَزِي السبخي6. سكن بغداد، وحدث بجامع التِّرْمِذِيّ عَنِ المحبوبي. وحدّث عن إسماعيل الصفار وغيره.

_ 1 في الأصل "الكبير". 2 وفيات الأعيان "1/ 349". 3 في الأصل "ألف". 4 تاريخ بغداد "7/ 423". 5 في الأصل "وعلي". 6 وفيات الأعيان "1/ 349".

رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن العتيقي، وغيره. قَالَ الْأزهري: سَمِعْتُ منه، وكان ثقة فَهْمًا. وقَالَ أحْمَد بْن عمران بْن البقّال: مات فِي نصف ذي الحجّة. 10- الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن الحجّاج، أَبُو عَبْد اللَّه البغدادي الشيعي الشاعر المشهور1، صاحب الدّيوان الكبير الَّذِي هُوَ عدّة مجلَّدات فِي الفُحْش والسُّخْف، وقد أفرد بعضُ الْأدباء من شعره شيئًا حسنًا، وكان قد وُلِّي حِسْبَةَ بغداد، وكان إذا مدح أحدًا فكأنّما قد هجاه فِي شعره فِي الركاكة. وكان غاليا فِي التشيُّع. ومن شعره: نَمَّت بسري فِي الهَوَى أَدْمُعي ... ودَلَّت الواشي عَلَى موضِعي يا معشَرَ العشّاق إن كنتمُ ... مثلي وفي حالي فموتوا معي2 وله: قَالُوا "غدًا"3 العيد فاستبشر بِهِ فَرَحًا ... فقلت ما لي وما للعيد والفَرَحِ قد كان ذا والنَّوى لم تمس نازلةً ... بعَقْوَتي وغُراب البَيْن لم يَصِحِ أيام لم يحترم قربي الشباب ولم ... يغد الشباب عَلَى بابي ولم يَرُح وطائرٌ ناح فِي صحراء موُنِقَةٍ ... عَلَى شَفَا جدْوَلٍ بالعُشْبِ مُتَّشح بكّى وناح ولولا أَنَّهُ شَجَن ... بشجو قلبي المُعَنَّى فيك لم يَنُحِ بيني وبينك عهد لَيْسَ تخلفه ... بعد المزار ووعد غير مُطَّرح وما ذكرتك والأقداح دائرة ... إلا مزجت بدمعي باكيا قدحي ولا سَمِعْتُ بضربٍ فيه ذكر هوى ... إلا غضبت عَلَيْهِ كلّ مُقْتَرحِ ومن شعره: يا صاحبَ البيت الذي ... قد مات ضيفاه جميعا

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 14"، والعبر "3/ 50"، والمنتظم "7/ 216"، والبداية والنهاية "11/ 329". 2 تاريخ بغداد "8/ 14". 3 في الأصل "غد".

حصلتنا حتى نمو ... ت بدائنا عَطَشًا وجُوعًا ما لي أرى فلك الرغيـ ... ـف لديكَ مُسْترقي رفيعًا كالبدر لا "نرجوا"1 إلى ... وقت المساء لَهُ طُلُوعًا ومن شعره: يا ذاهبًا في داره جائيا ... بغير معنى وبلا فائدهْ قد جُنّ أضيافك من جُوعِهِمْ ... فاقْرَأْ عليهمْ سُورَة المائدهْ2 ومن شعره وكان اثني عشريا: فمذهبي أنَّ خير النّاس كلّهم ... بعد النَّبِيّ أميرُ المؤمنين عَلِيّ وليس سَبُّ أَبِي بَكْرٍ ولا عُمَر ... شيءٌ يقوم بِهِ قولي ولا عملي أعوذ باللَّه من أمرٍ يَسُوءُهما ... كلا فإنّ طريقي فِي الصَّواب جلي وله معانٍ مُسْتَنْكَرَة فِي الفُحْش لم يُسبَق إلى مثلها. رَوَى عَنْهُ من شعره التنوخي وغيره. مات بالنّيل فِي جُمادى الآخرة، وحمل إلى بغداد. "حرف السين": 11- سَعِيد بْن أحْمَد بْن سَعِيد بْن مُوسَى بْن "جُدَير"3، أَبُو عثمان القُرْطُبي4، صالح زاهد متقشف. سَمِعَ: خَالِد بْن سعْد، وأَحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم، وأَحْمَد بْن مسور، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: ابن الفَرَضِيّ. 12- سَعِيد بْن عَلِيّ بْن شُعيب بْن عَبْد الوهّاب القاضي، أَبُو نصر الهمذاني.

_ 1 في الأصل "برجوا". 2 وفيات الأعيان "2/ 170". 3 في الأصل "جرير". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 175".

رَوَى عَنْ: "أَبِي"1 عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان الجلاب، وأَبِي القاسم بْن أَبِي صالح، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد البزّاز، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وأَبِي سَعِيد بْن الْأعْرابي، وابْن البَخْتَرِيّ، وأَبِي عَمْرو بْن السّمّاك، وطائفة كثيرة. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد الزَّجَّاج، وحمد بْن سهل، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر بن بويه الأسداباذي، وَأَبُو منصور مُحَمَّد بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن "البُرُوجِرْدِي"2. قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة صَدُوقًا مرضيًّا فِي حُكْمه، مات بأسداباذ، وحُمل إلى هَمَذَان فِي ذي القعدة. وَأَخْبَرَنَا فَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن الصّوفي، أَنَا مُحَمَّد بْن عيسى إجازةً، أَنَّهُ سَمِعَ صالحًا الحافظ يَقُولُ: رَأَيْت فِي المنام كأن الدُّنيا كلّها ظُلْمة، إلا حيث كَانَ القاضي شعيب بْن عَلِيّ واقفًا، فقلت لَهُ: يا أَبَا نصر النّور، يا أبا نصر النور. "حرف الضاد": 13- ضِرار بْن نافع، أَبُو عَمْرو الضّبِّي الهَرَوِي. سمع: أبا الحسين النيسابوري الحافظ وغيره. "حرف العين": 14- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد الماسَرْجَسي. رَوَى عَنِ: الْأصمّ وغيره. 15- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد، أَبُو الْعَبَّاس السِجِسْتاني الصُّوفِي. سَمِعَ: ابن الصُّوفِي، ومكّي بْن عَبْدان، وكان من الزُّهّاد. 16- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عَلِيّ بْن زياد، أَبُو القاسم النَيسابُوري النهدي. سمع: ابن الشرفي، ومحمد بن حمدون. وعنه الحاكم.

_ 1 في الأصل "أبيه". 2 في الأصل "البردجردي".

17- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد، أَبُو سهل البلْخي. رَوَى عَنِ: ابن طَرْخان المُسْنَد، وكتب بنَسَف عَنْ عَبْد المؤمن بْن خَلَف، وجماعة. قَالَ جَعْفَر المُسْتَغْفِري: هُوَ اليوم محدّث بلْخ. قَالَ: وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر. 18- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سَعِيد، أَبُو القاسم التّاجر النّيسابُوري، وكان يُحمل إلى مجالس الحديث ومعه العبيد والخَدَم وجماعة من الورّاقين، فسمع من أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، ثم رحل بِهِ طاهر الورّاق إلى المحبوبي بمرُو فأَكْثَرَ عَنْهُ، وتفقّه عَلَى أَبِي سهل الصّعْلوكي، ثم فِي آخر عمره استُشْهِد عَلَى يد الملحد عَبْد الملك البُستي فِي رمضان. 19- عَبْد الخالق بْن شبلون، أَبُو القاسم المغربي المالكي1. تفقّه عَلَى أَبِي سَعِيد خَلَف بْن أَبِي هشام، وكان الاعتماد عَلَيْهِ بالقَيْروَان. رحمه اللَّه تعالى. 20- عَبْد العزيز بْن أحْمَد الفقيه، أَبُو الْحَسَن "الخوزي"2 شيخ أهل الظاهر3. أخذ عَنْ قاضي القضاة بِشْر بْن الْحُسَيْن الظاهري، وقدِم من شيراز فِي صُحْبة السلطان عَضُد الدولة. وأخذ عَنْهُ فقهاء بغداد كأبي بكر بن محمد بن عمر القاضي الداوودي، وقاضي فيروز أباد أبو علي الداوودي. قَالَ القاضي أَبُو عَبْد اللَّه الصَّيْمَريّ: ما رَأَيْت فقيهًا أَنْظَرَ من "الخوزي"4، وأَبِي حامد الإِسْفِرَايِينِيّ. 21- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد الفارسي البغدادي، أخو أَبِي عُمَر بْن مهدي. سَمِعَ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وعثمان بْن السّمّاك، وكان سفّارًا، فحدّث بأماكن. رَوَى عَنْهُ: أَبُو سعد السّمّاك، وَأَبُو يَعْلَى الخليلي، وأجاز لأبي القاسم البسري. مات في ذي القعدة.

_ 1 الديباج المذهب "158". 2 في الأصل "الحزذي". 3 المنتظم "7/ 218"، والبداية والنهاية "11/ 330"، والعبر "3/ 50". 4 في الأصل "الجزري".

22- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن الرّازي البغدادي1. حدث عن: أبي يكر بْن الْأنباري، والمَحَامِلي، وغيرهما. رَوَى عَنْهُ: الجوهري، والتنوخي، وجماعة. قَالَ الْأزهري: كذّاب، ووثّقه العتيقي وغيره. 23- عيسى بْن دَاوُد بْن الجرّاح، أَبُو القاسم بْن الوزير أَبِي الْحَسَن البغدادي2. سَمِعَ: أبا القاسم البغوي، وأبا بكر بن أبي دَاوُد، وابْن صاعد، وبدر بْن الهَيْثَم، وأَبَا بَكْر بْن دُرَيْد، ومُحَمَّد بْن نوح، وأَبَا بَكْر بْن مجاهد، وأباه أَبَا الْحَسَن، وجماعة. روى عنه: أبو القاسم الأزهري، وأبو محمد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وعَبْد الواحد بْن شطا، وَأَبُو جَعْفَر بْن المسلمة، وَأَبُو الْحُسَيْن بْن النَّقُور، وآخرون. قَالَ الخطيب: كَانَ ثَبْت السماع، صحيح الكتاب. ولد سنة اثنتين وثلاثمائة، وأنشدني أَبُو يَعْلَى بْن الفرّاء، أنشدنا عيسى الوزير لنفسه: رُبَّ مَيْتٍ قد صار بالعِلْم حيا ... ومُبَقَّى قد حاز جَهْلا وعَيّا فاقْتَنُوا العِلْمَ كي تنالوا خُلُودًا ... لا تَعُدُّوا الحياةَ في الجهل شيا3 وقال: أنشده التنوخي: أنشدنا عيسى لنفسه: قد فات ما ألقاه تحديدي ... وجلّ عَنْ وصْفي وتعديدي وقلتُ للأيام هُزأ بها ... بحقّ مَن أغراكِ بي زيدي4 وقَالَ: ذكر لي مُحَمَّد بْن أَبِي الفوارس أنّ وفاة عيسى بْن الوزير كانت يوم الجمعة، مُسْتَهَلّ ربيع الْأول سنة إحدى وسبعين. قَالَ: وكان يُرْمى بشيء من مذهب الفلاسفة. وقَالَ غيره: تُوُفِّي فِي ربيع الآخر. وقيل: فِي المحرَّم. وقع لنا جُزْء من عواليه عن الأبرقوهي.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 388". 2 المنتظم "7/ 218"، والبداية والنهاية "11/ 330"، والعبر "3/ 50". 3 تاريخ بغداد "11/ 179". 4 تاريخ بغداد "11/ 180".

"حرف الكاف": 24- كَعْبُ بْن عَمْرو البلْخي1. حدّث عَنْ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وابْن الْأعْرابي. وعنه: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وعَبْد العزيز الْأزْجِي. وضع حديثًا. قَالَ الخطيب: كان غير ثقة. "حرف الميم": 25- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو عُمَر السّليطي، من وجوه أهل نيسابُور، وزَوْج بِنْت الْإمَام أَبِي بَكْر الضَّبُعي. سَمِعَ: أَبَا حامد بْن الشرفي، ومكيّ بْن عَبْدان، وغيرهما. تُوُفِّي فِي ذي القعدة. 26- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن داسة الْإصبهاني الصُّوفِي. خرّج لَهُ الحاكم عَنِ الْأصمّ وأقرانه، وذكر أَنَّهُ سَمِعَ من أَبِي حامد بْن السَّمَرْقَنْدِيّ. 27- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن سُلَيْم، أَبُو بَكْر البغدادي النّجاد2. سَمِعَ: ابن عُقْدَة الحافظ، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر المطيري. رَوَى عَنْهُ: الْأزهري، والعتيقي، ووثّقه. 28- مُحَمَّد بْن حُمَيْد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن حُمَيْد بْن الرَّبِيع اللَّخْمي الخزّاز، أَبُو بَكْر3، من بيت عِلم وشُهْرة. رَوَى عَنْ: يوسف بْن بهلول الْأنباري، وأَبِي بَكْر الصولي. روى عنه: العتيقي، والأزهري.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 493". 2 تاريخ بغداد "2/ 214". 3 تاريخ بغداد "2/ 265".

29- مُحَمَّد بْن عثمان بْن شهاب1، أَبُو الْحَسَن المعروف "بالبغوي"2 رحل إلى بغداد. رَوَى عَنْ: أَبِي حامد الحَضْرَمِي، ومُحَمَّد بْن منصور المنيعي، ومحمد بن نوح، وسعيد بن أخي زُبَير الحافظ. رَوَى عَنْهُ: عُبَيْد اللَّه الْأزهري، والعتيقي، وجماعة. وثّقه العتيقي، وتُوُفِّي فِي رمضان عَنْ ثمانين سنة. 30- مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن السّمْط، أَبُو بَكْر بْن الدّلاء الدمشقي المعدِّل. رَوَى عَنْ: أَبِي هاشم، ومُحَمَّد بْن عَبْد الْأعلى، وابْن جَوْصَا، وأَبِي الدَّحْداح مُحَمَّد بْن أحْمَد، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: تمّام الرّازي، وعَلِيّ الحنّائي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي. تُوُفِّي فِي ذي الحجّة. 31- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مَسْلَمة بْن سَعِيد بْن تيري، أَبُو مُحَمَّد الْأبَّاري الْأندلسي ابن أخي خطّاب بْن مَسْلَمَة الزّاهد. وكان هذا أيضًا زاهدًا متبتلا، فقيهًا عارفًا بمذهب مالك. سَمِعَ: وَهْب بْن مَسَرَّة، وابْن عَوْن اللَّه، وبمكّة أَبَا بَكْر الْأجُرِّي، وقُرِئت عَلَيْهِ المُدَوَّنَة وغيرها. تُوُفِّي فِي هذا العام، وشيَّعه خلْقٌ عظيم. قرأ عَلَيْهِ أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ جُزْءين من حديثه. 32- "مقلَّد"3 بْن المُسَيّب بْن رافع، حسام الدولة، أَبُو حسّان العُقَيْلِي صاحب المَوْصِل. كَانَ أخوه أَبُو الذَّوَّاد "مُحَمَّد أول"4 من تغلّب عَلَى المَوْصِل، وملكها في سنة

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 50". 2 في الأصل "النفري". 3 في الأصل "محمد" وهو خطأ، انظر سير أعلام النبلاء "13/ 5"، والبداية والنهاية "11/ 329"، والعبر "3/ 51"، وشذرات الذهب "3/ 138". 4 في الأصل "محمد بن أول".

ثمانين وثلاثمائة، وملك حسام الدولة بعده فِي سنة سبعٍ وثمانين، وكان أعور، لَهُ سياسة وحُسْن تدبير، "واتسعت"1 مملكته. نفّذ إِلَيْهِ الخليفة القادر باللَّه اللواء والخلع، فاستخدم من الترك والديلم ثلاثة آلاف فارس، وأطاعته عرب خَفَاجَة. وله شِعْر وسط وحَسَن. قتله فِي هذا العام غلام لَهُ تركيّ فِي صفر، فيقال: قتله لأنّه سمعه يوصي رجلا من الحاجّ أنْ يسلّم عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويقول: قل لَهُ لولا صاحباك لزُرْتك2. فأخبرنا مُحَمَّد بْن النّحّاس، أَنَا يوسف السّاوي، أَنَا السِّلَفيّ، أَنَا أَبُو عَلِيّ البرداني، أَنَا أَبِي، والْحَسَن بْن طَالِب البزّاز، وابْن نبهان الكاتب، قَالُوا: أراد رَجُل الحجّ، فأحضره الْأمير مقلّد وقَالَ: اقرأ عَلَى النَّبِيّ -صلّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّم- السلام وقل لَهُ: لولا صاحباك لزرتك. قَالَ الرجل: فحججتُ وأتيت المدينة، ولم أقلْ ذَلِكَ إجلالا، فنمت، فرأيت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي منامي، فَقَالَ: يا فلان، لِمَ لا تؤدِّ الرّسالة؟ فقلت: يا رَسُول الله أجللتك، فرفع رأسه إلى رجل قائم فقال: خذ هذا الموسى، يعني مقلدًا، فوافيت إلى العراق، فسمعت أن الأمير مقلد ذبح على فراشه، ووجد الموسى عند رأسه، فذكرت للناس الرّؤيا، فشاعت، فأحضرني ابنه قرواش، فحدثته، فَقَالَ لي: تعرف الموسى؟ فقلت: نعم. فأحضر طبقًا مملوءًا مواسي، فأخرجته منهم، فَقَالَ: صدقتَ، هذا وجدته عَنْد رأسه، وهو مذبوح. رثاه الشريف الرضِيّ وجماعة، وقام بالمُلك بعده ابنه معتمد الدولة أَبُو المنيع "قِرواش"3 فبقي خمسين سنة. 33- المؤمل بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، أَبُو القاسم الشَّيْباني البغدادي البزّاز4 نزيل مصر. حدّث عَنْ: أَبِي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، وابن صاعد، وأبي حامد الحضرمي، ويعقوب الحراب.

_ 1 في الأصل "واسيعت". 2 وفيات الأعيان "5/ 263"، وشذرات الذهب "3/ 138". 3 في الأصل "قراش". 4 سير أعلام النبلاء "16/ 556"، وتاريخ بغداد "3/ 183"، والعبر "3/ 51".

رَوَى عَنْهُ: يوسف بْن رباح، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي الْمَصْرِيّ، وآخرون. وثّقه الخطيب وقال: عاش أربعًا وتسعين. 34- مهدي بن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، أَبُو سَلَمَة النيسابُوري الصّيْدَلانِي. روى عن: عبد الله بن الشرفي، وتُوُفِّي فِي رجب فِي عشر الثمانين. "حرف الهاء": 35- هِبَةُ اللَّه بْن مُوسَى بْن الْحَسَن، أَبُو الْحُسَيْن المُزَني المَوُصِليّ. تُوُفِّي، وله خمسٌ وتسعون سنة. "حرف الواو": 36- وَهْبُ بْن مُحَمَّد بْن محمود الْأمويّ القُرْطُبي1. سمع: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، وكان فقيهًا عارفًا بمذهب مالك، عابدًا مُصَلِّيا مُفْتيا، لَهُ حلقة بالجامع. شاوره ابن السليم فِي الْأحكام، وقد حدّث، وأخذ عَنْهُ جماعة. وقد رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البر، وسماه في شيوخه. "حرف الياء": 37- يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن العاصمي النيسابُوري. سَمِعَ من الْأصمّ، وحدّث. وَفَيَات سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 38- أحْمَد بْن سَعِيد بْن بشر، أَبُو الْعَبَّاس بن الحصار القرطبي2.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 166". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 60".

سمع من: قاسم بن أصبغ، وابن أبي دُلَيْم، ومَسْلَمَة بْن القاسم، وجماعة. وكان محدّثًا مُفْتيا. سَمِعَ النّاس منه كثيرًا، ولم يكن بالضّابط. تُوُفِّي فِي شعبان. 39- أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حسن، أَبُو عُمَر القُرْطُبي الفقيه1، قاضي رَيّه. رَوَى عَنْ: قاسم بْن أَصْبَغ. 40- أحْمَد بْن الْعَبَّاس الْأمْلُوكي الطّحّان، مصري. رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن الرّبيع الْجِيزِي، وغيره. 41- أحْمَد بْن الفرج، أَبُو الْحَسَن الفارسي2، بغدادي، ثقة، فَهْم. رَوَى عَنِ: المَحَامِلي، وأَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدَة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني، وغيره. 42- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن محمود الْإصبهاني3. من أعيان العلماء والتّجّار. حدّث بنيسابُور بمُسْنَد الطَّيَالِسي، عَنِ ابن فارس. تُوُفِّي فِي صفر. 43- إِسْمَاعِيل بْن سَعِيد بْن سُوَيْد، أَبُو القاسم البغدادي4. حدّث عَنْ: أَبِي بَكْر بْن دُرَيْد، وابْن زياد النيسابوري، وأَبِي بَكْر بْن الْأنْباري، ومُحَمَّد بْن مَخْلَد. روى عنه: عبيد الله الأزهري، وأبو القاسم التنوخي، والقاضي أَبُو يَعْلَى بْن الفرّاء. قَالَ ابن أَبِي الفوارس: فِيهِ تساهُلٌ فِي السماع والدّين. قَالَ الخطيب: كَانَ بعض سماعه مستورًا، رَأَيْت إلحاقه فِيهِ. قلت: رَوَى كتاب "الوقف والابتداء" عن مؤلفه.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 60". 2 تاريخ بغداد "4/ 344". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 182". 4 تاريخ بغداد "6/ 308"، والمنتظم "7/ 220".

44- إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حاجب، أَبُو عَلِيّ الكُشَاني السَّمَرْقَنْدِيّ. سَمِعَ صحيح الْبُخَارِيّ سنة عشرين وثلاثمائة من الفِرَبْرِي وحدّث بِهِ. رَوَى عَنْهُ الصحيح: أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الخلال أخو الحافظ أبي محمد، وأبو سهل أحْمَد بْن عَلِيّ الْأبِيَورْدي، وَأَبُو طاهر مُحَمَّد بْن عَلِيّ الشُجاعي، وغُنْجار أَبُو عَبْد اللَّه الحافظ، وعُمَر بْن أحْمَد بْن شاهين بسَّمَرْقَنْد. وقَالَ حمزة أَبُو سعد الإدريسي: تُوُفِّي سنة إحدى وتسعين. وقَالَ مؤتمن الساجي: سنة اثنتين. "حرف الحاء": 45- الحسن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو عَلِيّ بْن الرئيس أَبِي الْحَسَن النيسابُوري. سَمِعَ: الْأصمّ ببُخَارَى، وأَبَا بَكْر بْن خنيس بمَرْو، وخرّج لَهُ الفوائد. وحدّث ببغداد ونيسابُور، وتُوُفِّي فِي ذي القعدة. يقال لَهُ: المحمي. 46- الْحَسَن بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد الضّرّاب الْمَصْرِيّ1، أَبُو مُحَمَّد مصنّف المروءة. سَمِعَ: أحْمَد بْن مروان الدِّينَوَرِي، "وأَبَا"2 الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي الحديد الْمَصْرِيّ، وأَحْمَد بْن مَسْعُود المقدسي، وعثمان بْن مُحَمَّد الذهبي، وأَحْمَد بْن عُبَيْد الحمصي، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، ودعلج بن أحمد السجزي، وطائفة، وزاد بيت المقدس، فسمع بِهِ وبعسقلان. رَوَى عَنْهُ: ابنه عَبْد العزيز: وأَحْمَد بْن عَلِيّ بْن هاشم المقرئ، ورشأ بْن نظيف الدمشقي، وجماعة. تُوُفِّي فِي ربيع الآخر، وَكَانَ مولده فِي سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وقد روى عنه الدارقطني مع تقدمه.

_ 1 العبر "3/ 752"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1024"، وشذرات الذهب "3/ 140". 2 في الأصل "أبو".

"حرف العين": - عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن خَالِد بْن رُوزْبَة، أَبُو بَكْر الفارسي الكِسْرَوِي. سَمِعَ: القاسم بْن أَبِي صالح الجّلاب، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن شاذان، وعَلِيّ بْن قرقور، وجماعة بهمذان، وأحمد بن سلمان النّجّار وجعفر الخلْدي، وعَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل الهاشمي ببغداد، ومُحَمَّد بْن الْعَبَّاس بْن وَصِيف الغزي السّمّان، وحامد بْن مُحَمَّد الرّفاء، وجماعة بالشّام وأماكن. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عيسى، وحَمْد بْن سهل، والخليل بْن عَبْد اللَّه القِزْوِيني الحافظ، وآخرون. وكان ينسخ بهَمَذَان بالأجْرة، وسكن هَمَذَان، وكان يستقي الماء للبيوتات. وقيل: إنّه رُؤِي فِي النَّوم، فَقَالَ: غفر اللَّه لي بكثرة صلاتي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ يكتب خطًّا فِي دِقَّة الشَعْر، فسُئل: لم تفعل ذَلِكَ؟ فَقَالَ: من قلّة الوَرق والورِق، والحمل عَلَى العُنُق. قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة صدوقًا. 47- عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ثرثال، أَبُو مُحَمَّد البغدادي نزيل مصر1. تُوُفِّي فِي شوّال، وهو نسيب أحْمَد بْن عَبْد العزيز صاحب الجزء المشهور. 48- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد الفقيه، أبو محمد الْأصيلي2. أصله من كورة شَذُونَة، ورحل بِهِ والده إلى أَصِيل من بلاد العُدْوَة، فنشأ بها وطلب العلم، وتفقه بقُرْطُبَة، وسمع من ابن المشّاط، "وابْن السّليم، وأَبَان بْن عيسى"3، وأخذ عَنْ وهب بْن مَسَرَّة بوادي الحجارة، ثم رحل إلى المشرق، فكتب بمصر عَنْ أَبِي الطّاهر الذُّهْلِي، وابْن حَيَّوَيْهِ النيسابُوري، وابْن إِسْحَاق بْن سُفْيَان، وكتب بمكّة عَنْ أَبِي زيد المَرْوَزِي صحيح الْبُخَارِيّ، وكتب عَنِ الْأجُرِّي، ثم دخل بغداد، وأخذ عَنْ أبي بكر الشّافعيّ، وأبي عليّ بن الصواف، وأبي بكر الأبهري،

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 390". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 249"، وسير أعلام النبلاء "16/ 560". 3 تكررت في الأصل.

"وأَبِي"1 الْحَسَن الدَّارَقُطْنيّ، وأَبِي أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْجُرْجَاني. وصنف كتابًا سمّاه الدلائل ذكر فِيهِ عَنْ مالك، وأَبِي حنيفة، والشافعي، وكان عالمًا بالحديث والسُّنَّة. قَالَ القاضي عِياض: قَالَ الدَّارَقُطْنيّ: حَدّثَنِي أَبُو مُحَمَّد الْأصيلي، ولم أر مثله. قَالَ عياض: وكان من حُفَّاظ مذهب مالك، ومن العالمين بالحديث وعِلَله ورجاله، وكان "يرى"2 القول فِي إتيان النّساء فِي أَدْبارهنّ كراهيةً دون التَّحريم، عَلَى أنّ الْأثار فِي ذَلِكَ شديدة. وكان يُنْكر الغُلُوَّ فِي كرامات الْأولياء، ويثبت منها ما صحّ، ودعاء الصّالحين. ولّي قضاء سَرَقُسْطَة، ثم إنّه كره أميرها، فأقيل من القضاء، وبقي عَلَى الشُّورَى بقُرْطُبَة. وكان نظير أَبِي مُحَمَّد بْن أَبِي زيد بالقَيْروَان، وعلى طريقه وهَدْيِه، إلا أَنَّهُ كانت فِيهِ زعارة. حمل النّاس عَنْهُ، وتُوُفِّي فِي تاسع عشر ذي الحجة، سنة اثنتين وتسعين، وشَيَّعه الخلائق. 49- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زيرك، أَبُو سهل التميمي الهَمَذَاني. صَدُوق مُكْثِر. رَوَى عَنْ: أَبِي القاسم بْن عُبَيْد، وأَبِي الفضل الكِنْدِي، والقاسم بْن مُحَمَّد بْن السّرّاج، وطائفة. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الغفّار، ويوسف الهمداني الخطيب. 50- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الضرير المقرئ ببغداد3. كَانَ رجلا صالحًا. رَوَى عَنْ: أَبِي جَعْفَر بْن البَخْتَرِي، وأَبِي عَلِيّ الصّفّار. رَوَى عَنْهُ آحاد المحدّثين. 51- عَبْد الْأعلى بْن مُحَمَّد النيسابوري الفقيه الشافعي.

_ 1 في الأصل "أبو". 2 في الأصل "يرو". 3 تاريخ بغداد "10/ 139".

تفقه عَلَى أَبِي الوليد حسّان بْن مُحَمَّد، وحدث عَنْ أَبِي العبّاس الأصمّ وغيره. تُوُفّي في المحرم. 52- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي شريح أحْمَد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن مَخْلَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن المغيرة بْن ثابت، أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ الهَرَوِي سيّد خُرَاسان في زمانه1. ولد بعد الثلاثمائة. وسمع: مُحَمَّد بْن عقيل البلْخي، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد البَغَوي، ويحيى بْن صاعد، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن نيروز الْأنماطي، وإِسْمَاعِيل الوَرّاق، وأَحْمَد بْن سَعِيد الطبّري، وجماعة، ورحل بِهِ أَبُوهُ، وأدرك بِهِ البَغَوي فِي آخر عمره. وكان صدوقًا صحيح السَّماع. وحدّث عَنْهُ كثير من أهل هَرَاة، منهم: أَبُو عُمَر عَبْد الواحد بْن أحْمَد المليحي، وسفيان بْن مُحَمَّد التنوخي، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الغميري وَأَبُو صاعد يَعْلَى بْن هبة اللَّه الفضيلي، وَأَبُو عاصم الفضيل، ومُحَمَّد بْن أَبِي مَسْعُود الفارسي، وعَبْد الرَّحْمَن البوسنجي، وبِيبي بِنْت عَبْد الصَّمد "الهرثمية"2 وآخرون. وحديثه اليوم أعلى ما يُرْوَى فِي الدُّنيا، وقد تدلّت شمسه للغروب. وكانت وفاته فِي صفر، وله خمسٌ وثمانون سنة. أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ سَمِعُوا مِنِ ابْنِ بهرون، أنا أبو الوقت، أنا شيخ الإسلام أبو إِسْمَاعِيلَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَلْخِيَّ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ "أَبِي"3 شُرَيْحٍ فِي طَرِيقٍ غَوْرٍ، فَأَتَاهُ إِنْسَانٌ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْجِبَالِ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَقَالَ: هُوَ وَلَدُكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ" 4. فعاوَدَه، فَرَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا لا أَقُولُ بِهَذَا. فَقَالَ: هَذَا الْغَزْوُ، وسَلَّ عَلَيْهِ السَّيْفَ، فَأَكْبَبْنَا عَلَيْهِ وَقُلْنَا: جَاهِلٌ لا يَدْرِي مَا يقول.

_ 1 سير أعلام النبلاء "16/ 526"، والعبر "3/ 53"، وتذكرة الحفاظ "3/ 140". 2 في الأصل "الهرمية". 3 ساقطة من الأصل. 4 أخرجه البخاري "12/ 113" في الحدود، ومسلم رقم "1458" في الرضاع، والترمذي رقم "1157" في الرضاع، والنسائي "6/ 180" في الطلاق.

53- عبد الواحد بن مُحَمَّد بن أحمد بن ماك القِزْوِيني. من بيت حديثٍ ورواية. سَمِعَ من: إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن مِهْرَوَيْه، وببغداد من إِسْمَاعِيل الصَّفّار. أكثر عَنْهُ أَبُو يَعْلَى الخليلي. 54- عَبْد الوهاب بْن أَبِي أحْمَد مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو عامر الْإصبهاني الغَسَّال1. 55- عُبَيْد بْن مُحَمَّد بْن حُمَيْد، أَبُو عَبْد اللَّه القَيْسي القُرْطُبي2. سَمِعَ من: قاسم بْن أَصْبَغ "ورحل سنة اثنتين وأربعين"3 فسمع من أحْمَد بْن سَلَمَة "الهلالي"4 وابْن "الجران"5 وأَحْمَد بْن محمود الشمعي، وجماعة كثيرة. وكان شيخًا صالحًا متعبدًا مجاهدًا. سَمِعَ النّاس منه كثيرًا، وحجّ فِي آخر عمره، فتوفي بالحجاز فِي المحرّم. 56- عثمان بْن جِنِّي، أَبُو الفتح المَوْصلي النَّحْوي اللُّغَوِي6، صاحب التّصانيف. كَانَ جني مملوكًا رُوميًّا لسليمان بْن فهد الْأزْدِيّ. لزم أَبُو الفتح أَبَا عَلِيّ الفارسي وتبعه فِي أسفاره حتى أحكم العربية، وصنّف فِي حياته، وسكن بغداد وأقرأ بها الْأدب، وصنّف "اللُّمَع" وكتاب "سر الصّناعة" وكتاب "شرح تصريف المازني" وكتاب "التّلقين فِي النَّحْو"، وكتاب "التعاقب" وكتاب "الخصائص" كتاب "المذكّر والمؤنث" وكتاب "المقصور والممدود" وكتاب "إعراب الحماسة"، وكتاب "المحتسب فِي شواذ القراءات"، وله شعر جيد.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 134". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 341". 3 ساقطة من الأصل والاستدراك عن ابن الفرضي. 4 في الأصل "الحلال". 5 في الأصل "الجراب". 6 تاريخ بغداد "11/ 311"، والبداية والنهاية "11/ 331"، والعبر "3/ 53"، والنجوم الزاهرة "4/ 205"، وشذرات الذهب "3/ 140".

وخدم ملوك بني بُوَيْه، كعَضُد الدولة وشرف الدولة، وكان يلزمهم، وقيل: إنّه كَانَ بفَرْد عين، وقد قرأ ديوان المتنبي على المتنبي، وصنف شرحه. توفي في صفر، وهو فِي عشر السبعين رحمه اللَّه. وله كتاب سمّاه "البشرى والظَّفَر" شرح فِيهِ بيتًا واحدًا من شعر الْأمير عَضُد الدولة، وقدّمه لَهُ، وهو: أهلا وسهلا بذي البُشْرَى ونَوْبتها ... وباشتمال سرايانا عَلَى الظَّفَرِ أوسَعَ الكلام فِي شرحه واشتقاق ألفاظه. أخذ عَنْهُ الثمانيني، وعَبْد السّلام البصْري، وَأَبُو الْحَسَن الشمسي، وطائفة. 57- عَلِيّ بْن عَبْد العزيز القاضي، أَبُو الْحَسَن الْجُرْجَاني، الفقيه الشافعي الشاعر1، وله ديوان مشهور، وكان حَسَنَ السيرة فِي أحكامه، صدوقًا، جمّ الفضائل، بديع الخط جدًّا. ورد نيسابور سنة تسع وثلاثين، مَعَ أخيه فِي الصِّبا، وسمعا سائر الشيوخ. وُلِّي قضاء الرّيّ. وقَالَ الثَّعَالِبي فِي يتيمة الدَّهْر: هُوَ فرد الزمان، ونادرة الفَلَك، وإنسان حدقة العِلْم، وقُبَّةُ تاج الْأدب، وفارس عسكر الشِّعْر، يجمع خطّ ابن مُقْلَة، إلى نثر الجاحظ، إلى نظْم البُحْتُرِي. وشِعْره كثيره. وله كتاب "الوساطة بين المتنبي وخصوصه"، وأبان فِيهِ عَنْ فضلٍ غزير. وهو القائل: يقولون لي فيكَ انقباضٌ وإنَّما ... رأوا رجلا عَنْ موقف الذُّلّ أَحْجَمَا الأبيات المشهورة. تُوُفِّي بالرّيّ، وحُمل إلى جُرْجَان فدُفِن بها. ومن شعر أبي الحسن الجرجاني هذا:

_ 1 المنتظم "7/ 221"، والبداية والنهاية "11/ 331"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1025"، وسير أعلام النبلاء "17/ 19-21".

ولا ذَنْبَ للأفكار أنت تركتها ... إذا "احتشدت"1 لم تنتفع باحتشادها سبقت بأفراد المعاني وأَلِفَتْ ... خَواطِرُك الْألفاظَ بعد شِرادِها فإنْ نَحْنُ حاولنا اختراعَ بديعةٍ ... حَصَلنا عَلَى مسْرُوقها ومُعادِها وله: قد بَرَّح الحُبُّ بمشتاقِكْ ... فأَوْلهٍ أحسن أخلاقِكْ لا تَجْفُهُ وارْعَ لَهُ حقَّهُ ... فإنه آخرُ عُشَّاقِكْ2 وللصّاحب إِسْمَاعِيل بْن عَبّاد يخاطبه: إذا نَحْنُ سلَّمنا لك العِلْم كلَّه ... فَدَعْنَا وهذِي الكُتُبَ نُنْشِي صُدُورَها فإنهم لا يرتَضُون مجيئنا ... بجِزع إذا نظمت أنت شُذُورَها وللقاضي أَبِي الْحَسَن الْجُرْجَاني تفسير القرآن، وكتاب تهذيب التاريخ. قَالَ الثَّعَالِبي: ترقَّى محلُّه إلى قضاء القُضَاة بالرّيّ فلم يعزله إلا موتُه. قَالَ: صلى عَلَيْهِ القاضي عَبْد الجّبار بْن أحْمَد. وقَالَ أَبُو سعد منصور بْن الْحُسَيْن الْأبي فِي تاريخه: وقع اختيار فخر الدولة بْن رُكْن الدولة عَلَى أنْ تولّى عَلِيّ بْن عَبْد العزيز الْجُرْجَاني قضاءَ مملكته، فولاه بعد موت الصّاحب بْن عَبَّاد بعامٍ، فكان ذَلِكَ من محاسن فخر الدولة، وكان هذا القاضي لم ير لنفسه مثلا ولا مقارِنًا، مَعَ العِفَّة والنّزاهة والعدل والصَّرامة. وقَالَ حمزة السَّهْمي3: أَبُو الْحَسَن "عَلِيّ بْن"4 عَبْد الْعَزِيز بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل الْجُرجاني، كَانَ قاضي القُضاة بالرّيّ، وكان من مفاخر جُرْجَان. تُوُفِّي فِي الثالث والعشرين من ذي الحجّة.

_ 1 في الأصل "حشدت". 2 وفيات الأعيان "3/ 279". 3 تاريخ جرجان "318". 4 ساقطة من الأصل والاستدراك من تاريخ جرجان.

"حرف الميم": 58- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حبيب، أَبُو سهل النيسابُوري المقرئ العابد. سَمِعَ: أَبَا الْعَبَّاس الْأصمّ وجماعة. تُوُفِّي فِي صَفَر. 59- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى المُزَكِّي، أَبُو الْحُسَيْن النيسابُوري. سَمِعَ: الْأصمّ وأقرانه، وحدّث. وتُوُفِّي فِي شوّال. 60- مُحَمَّد بْن خليفة بْن عَبْد الجبار بْن عَبْد اللَّه البَلَوِي القُرْطُبي، أَبُو عَبْد اللَّه المؤدِّب1. حج سنة ثمان وأربعين، وسمع من أَبِي الْحَسَن الخُزَاعي، وأَبِي بَكْر الْأجُرِّي، وكان ضَعِيفًا مُغَفَلا، حطّ عَلَيْهِ ابن الفَرَضِيّ. وقد رَوَى عَنْهُ أَبُو عَمْرو الدّاني المقرئ. 61- مُحَمَّد بْن سعدون، أَبُو عَبْد اللَّه الْأندلسي2. سَمِعَ بقُرْطُبَة، وحجّ، فسمع من ابن الورد، وابْن أَبِي الموت، وابْن السَّكَن، والآجُرِّي، وكان زاهدًا ورِعًا. سَمِعَ منه: ابن الفَرَضِيّ وقَالَ: كَانَ ضعيف الكتاب، غير ضابطٍ، رحمه الله. 62- محمد بْن عبد الرَّحْمَن بْن "حنشام"3، أبو الحسين بْن البيع. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي، والقاسم بْن إِسْمَاعِيل المَحَامِلي ببغداد، وسمع بالشّام من جماعة. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، ثنا عنه البرقاني والأزهري. قلت: وروى عنه: أبو القاسم بن الفسوي، وأبو الحسين محمد بْن أحْمَد الْأبنوسي. 63- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عليّ القاضي، أَبُو عبد الله بن الدقاق المصري.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 104". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 104". 3 في الأصل "حسنام" والتصحيح من تاريخ بغداد "2/ 322".

سَمِعَ: أَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي، ومُحَمَّد بْن الربيع بْن سُلَيْمَان، وأَبَا إِسْحَاق بْن أَبِي ثابت، وابْن حَذْلَم، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: هبة اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الصّوّاف، وانتقى عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنيّ، مَعَ جلالته. وَرَّخه الحبّال. 64- مُحَمَّد بْن عَبْد الْأعلى، أَبُو بَكْر النيسابُوري الفقيه. سَمِعَ: الْأصمّ، وأَبَا الوليد الفقيه. 65- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن زكريّا، أَبُو حاتم الخُزَاعِي الرّازي الّلّبان. عَنْ: ميسرة بْن عَلِيّ، وحامد الرّفّاء، وابْن عَدِيّ. وعنه: أَبُو العلاء الواسطي، والجوهري، وابْن المهتدي باللَّه، وعدّة. بقي إلى هذا العام. 66- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر، أَبُو بَكْر الدّقّاق، الفقيه الشافعي الحاكم1. قَالَ الخطيب: رَوَى حديثًا واحدَا، ولم يكن عنده سواه، لأن كُتُبه احترقت. أنبأه الصَّيْمَريّ عَنْهُ، عَنْ أحْمَد بْن إِسْحَاق بْن البهلول، عَنْ أَبِي كريب. وكان أَبُو بَكْر هذا يلقّب خُبَاط. وله كتاب فِي الْأصول عَلَى مذهب الشافعي، وكان فِيهِ دُعَابَة. 67- مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَيْه بْن نُعَيْم، أَبُو سهل الضبّي ابن أخي عَبْد اللَّه الحاكم النيسابُوري. قَالَ الحاكم: سَمِعَ الكثير قبلي ومعي، وكتب بخطه جملةً، وحدث، وكان أكبر منّي بخمس عشرة سنة، وكذا علقمة بْن قيس، أكثر من عمّه عَبْد اللَّه بْن شَبْرَمَة. تُوُفِّي سنة اثنتين وتسعين فِي جُمادى الآخرة، وله سبعٌ وثمانون سنة. رحمه اللَّه. 68- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الفضل، أَبُو حاتم النيسابُوري، الوكيل فِي مجالس القُضاة.

_ 1 المنتظم "7/ 222"، والنجوم الزاهرة "4/ 206"، والوافي بالوفيات "1/ 116".

حدّث عَنْ أَبِي بكرة القطّان، وغيره. ذكره الحاكم. 69- ميمون بْن حمزة بْن الْحُسَيْن بْن حمزة، أَبُو القاسم العلوي الْمَصْرِيّ. رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن عَبْد الوارث العسّال، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الطَّحاوي، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: حفيده أَبُو إبراهيم أحمد بن القاسم شيخ الرازي. "حرف الواو": 70- الوليد بْن بَكْر بْن مَخْلَد بْن أَبِي دياز، أَبُو الْعَبَّاس العُمَريّ الْأندلسيّ السِّرَقُسْطي1. رحل من الْأندلس إلى مصر والشام والعراق وخراسان، وحدّث عَنْ: عَلِيّ بْن أحْمَد بْن الخصيب، والْحَسَن بْن رشيق الْمَصْرِيّ، ويوسف الميانجي، وأَبِي بَكْر الرَّبْعِي، وأَحْمَد بْن جَعْفَر الرملي، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الطّيّب الكوفي، والحافظ عَبْد الغني الْمَصْرِيّ، وَأَبُو ذَرّ عَبْد بْن أحْمَد الهَرَوِي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو طَالِب العشاري، وَأَبُو سَعِيد السّمّان، وأَحْمَد بْن منصور بْن خلف المغربي، والْحُسَيْن بْن جَعْفَر السّلْماسي. وله شعر جيّد. قَالَ عَبْد اللَّه بْن الفَرَضِيّ: كَانَ إمامًا فِي الحديث والفقه، عالمًا باللّغة والعربية، ولقي فِي رحلته فيما ذكر أزْيَدَ من ألف شيخ، وكان أَبُو عَلِيّ الفارسي يرفعه ويثني عَلَيْهِ2. وقَالَ الحاكم: إنه سكن نيسابُور، ثم انصرف إلى العراق، وعاد إلى نيسابُور، وهو مقدَّم فِي الْأدب، شاعر فائق. تُوُفِّي بالدينور في رجب3. وقال الحافظ عبد الغنب فِي نسبه: الغمْري بالعَيْن المعجمة، ثنا بكتاب التاريخ لعبد اللَّه بْن صالح العجلي. وقَالَ الْحَسَن بْن شُريح: الوليد هذا عُمْريّ، ولكنّه دخل بلد إفريقية، ومضى

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 65"، والعبر "3/ 53"، وتاريخ بغداد "13/ 450". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 1081". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 1081".

ينقّط الغَيْن حتى يَسْلَم، وهو مؤدَّبي، وقَالَ: إذا رجعت إلى الْأندلس جعلت النّقطة التي عَلَى الغين ضمّة. وقَالَ الخطيب: كَانَ ثقة كثير السماع1. وفيات سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة: "حرف الألِف": 71- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْحَسَن بْن سَعِيد، أَبُو عَلِيّ الْإصبهاني المقرئ2 نزيل دمشق. قرأ عَلَى: زيد بْن أَبِي بلال الكوفيّ، وأَبِي بَكْر بْن النقاش، وجماعة، وسمع بدمشق من جماعة متأخرين، وبإصبهان من الطَّبَراني، وبجرجان من ابن عَدِيّ، وبالبصرة من أَبِي إِسْحَاق الهجيمي، وغيرهم. رَوَى عَنْهُ: تمام الرّازي، وهو أسند منه، وَأَبُو نصر بْن الحبّان، وإِسْمَاعِيل بْن رجاء العسقلاني. ودُفِن بباب الفراديس، وشيعه خلق. وله مصنَّف فِي القراءات. وقيل مات عام أوّل. 72- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حاتم، أَبُو حاتم الطوسي الفقيه. سمع: أبا سعيد بن الْأعْرابي، والصّفّار، وطبقتهما. وعنه الحاكم. لَيْسَ بحكيم، من جُزْء ابن عَرَفَة. 73- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المَرْزُبَان بْن آزر جشْنَس، أَبُو جَعْفَر الْأبْهَرِي، أبهر إصبهان3. سَمِعَ جُزْء لَوِين من أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الحَزُّوري فِي سنة خمس وثلاثمائة، وكان أديبًا فاضلا.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 450". 2 تهذيب التهذيب "1/ 442". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 1026"، والعبر "3/ 54".

رَوَى عَنْهُ: شجاع وأَحْمَد ابنا عَلِيّ بْن شجاع المصقلي، وعَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مَنْدَه، وهو الَّذِي وَرَّخ وفاته، وَأَبُو عيسى عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن زياد، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الطَّهْرَاني، والمطهَّر بْن عَبْد الواحد البزاني، وَأَبُو بَكْر محمد بْن مَاجَه الْأبْهَرِي، وغيرهم. محلّه الصِّدْق. 74- إِبْرَاهِيم بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو إِسْحَاق الطَّبري المقرئ المالكي المعدِّل1. وُلِد سنة أربعٍ وعشرين وثلاثمائة، وحدّث عَنْ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وعَلِيّ الستوري، وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان العَبَّاداني، وطبقتهم، وقرأ لقالُون عَلَى أُبَيّ بْن بويان، وقرأ لأبي عَمْرو عَلَى أَبِي بَكْر أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الولي، والْحَسَن بْن مُحَمَّد الفحّام، وقرأ لعاصم عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زياد النَّقّاش، وقرأ لحمزة عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن الحسن بْن يعقوب بْن مقسم صاحب إدريس الحدّاد، وقرأ لحمزة أيضًا عَلَى أَبِي عيسى بكّار بْن أحْمَد، وأَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُرَّة الطُّوسي. قرأ عَلَيْهِ: شيخا أَبِي طاهر بْن سوار: أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ العطّار، وَأَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن أَبِي الفضل الشرمقاني، وغيرهما. قَالَ الخطيب: كَانَ الدارقطني قد خرج للطبري خمسمائة جُزْء، وكان مفضلا عَلَى أهل العِلْم، وداره مَجْمَع أهل القرآن والحديث، وكان ثقةً. قلت: وروى عَنْهُ جماعة، وكان عارفًا بمذهب مالك، وعليه حفظ القرآن الشريف الرضيّ. وبخل الرضيّ فَنَحَلَ الشريف دارًا فاخرة بالكرخ. 75- إدريس بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق، أَبُو القاسم البغدادي المؤدب2. حدّث عَنْ: أَبِي حامد الحَضْرَمِي، وإبراهيم بْن عَبْد الصَّمد القاضي الهاشمي، وأَبِي بَكْر بْن الْأنباري، وقرأ القرآن عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن شنبوذ. قال العتيقي: ولد سنة اثنتين وثلاثمائة، وكان ثقةً مأمونًا، وتُوُفِّي فِي رمضان. رَوَى عنه: الأزهري، والحسين الطناجيري، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 17"، والعبر "3/ 54"، والمنتظم "7/ 223". 2 تاريخ بغداد "7/ 15".

76- إِسْمَاعِيل بْن حمّاد، أَبُو نصر الْجَوْهري مصنّف "الصِّحاح"1. كَانَ من فاراب أحد بلاد التُّرْك، وكان يُضْرَب بِهِ المَثَل فِي حِفْظ اللُّغة، وحُسْن الكتابة، ويذْكر خطُّه مَعَ خطّ ابن مُقْلَة، ومُهَلْهَل والبَرِيدِيّ. كَانَ يُؤْثِر الغُرْبَة عَلَى الوطن. دخل بلاد ربيعة، ومُضَر فِي طلب الْأداب، ولما قضى وَطَرَه من قَطْع الْأفاق والأخْذ عَنْ علماء الشام والعراق وخُراسان، "أنزله"2 أَبُو الْحُسَيْن الكاتب عنده، وبالغ فِي إكرام مثواه جُهْدَه، فسكن بنيسابُور يدرّس ويصنّف اللُّغة، ويعلّم الكتابة، وينسخ الخِتَم3. وفي كتابه "الصِّحاح" يَقُولُ إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد النيسابُوري: هذا كتاب الصحاح "سيّد ما"4 ... صُنِّف قبل الصِّحاح فِي الْأدب تشْمَل أنواعَه وتجمع ما ... فُرِّق فِي غيره من الكُتُب ومن العجب أن المصريين يَرْوُون "الصِّحاح" عَنِ ابن القَطَّاع الصِّقِلّي، ولا يرويه أحد بخُراسَان، وقد قِيلَ: إن ابن القَطَّاع ركَّب لَهُ سَنَدًا لما رَأَى رغبة المصريّين فِيهِ، ورواه لهم، نسأل اللَّه السَّتْر. وفي "الصِّحاح" أشياء لا ريب فِيهِ أَنَّهُ نقلها من صُحُفٍ فصَحَّف، فانتُدِب لها علماء مصر، وأصلحوا أوهامًا. وقيل: إنّه اختلط فِي آخر عمره. ومن شِعْره: يا صاحبَ الدَّعوةِ لا تَجْزَعَنْ ... فكلُّنا أزْهَدُ من كُرْزِ5 والماءُ كالعنبر فِي قُومِسٍ ... من عِزِّهِ يُجْعَلُ فِي الحِرْزِ فَسَقِّنَا ماءً بلا مِنَّةٍ ... وأنت فِي حل من الخبز

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 80"، وبغية الوعاة "1/ 446"، والنجوم الزاهرة "4/ 207". 2 في الأصل "فأنزله". 3 الوافي بالوفيات "9/ 112". 4 في الأصل "سيدنا". 5 في الأصل "كوز".

وله: فها أَنَا يونُسٌ فِي بطن حُوتٍ ... بنيسابُور فِي ظُلْمَ الغَمام فبيتي والفؤاد ويوم دَجْنٍ ... ظلامٌ فِي ظلامٍ فِي ظلامِ قَالَ جمال الدين عَلِيّ بْن يوسف القفطي1: مات الجوهري متردِّيا من سطح داره بنيسابُور، فِي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة: قال: وقيل: مات في حدود الأربعمائة. وقيل: إنه تَسَوْدَنَ وعمل لَهُ دفَّيْن، وشدَّهما كالْجَنَاحين "معًا"2، وقَالَ: أريد أن أطير، وقفز، فأهلك نفسه، رحمه اللَّه. وكان من أذكياء العالم. أخذ العربية عَنْ أَبِي سَعِيد السِّيرَافِي، وأَبِي عَلِيّ الفارسيّ، وأخذ اللُّغة عَنْ خاله أَبِي إِبْرَاهِيم إِسْحَاق الفارابي. وقيل: إن "الصِّحاح" كَانَ قد بقي عَلَيْهِ منها قطعة مسوَدَّة، فبيَّضَها بعد موته تلميذه إِبْرَاهِيم بْن صالح الورّاق، فغلط فِي أماكن، حتى أَنَّهُ قَالَ فِي سفر هُوَ بالألف واللام، وهذا يدلّ عَلَى أَنَّهُ لم يقرأ القرآن، وقَالَ: الجرّ أضلّ الجبل، فصيرها كلمةً واحدة، بضادٍ مُعْجَمة، وإنّما هِيَ الجرّ بالتثقيل، أصل الجبل. قَالَ الراضي: رأيتُ فتى أشقرًا أزرقًا ... قليل الدِّماغ كثيرَ الفُضُولِ يُفَضِّلُ من حُمْقِهِ دائمًا ... يزيد من هندٍ عَلَى ابن البَتُولِ 77- أُمَيّة بْن أحْمَد بْن حمزة، أبو الْعَبَّاس الْقُرَشِيّ المرْواني الْأندلسي المالكي. كان فقيهًا نبيلا مشاورًا بالأندلس. ذكره القاضي عياض. "حرف الحاء": 78- حَزْم بْن أحْمَد بْن حَزْم بْن كوثر، أبو بكر القيسي القرطبي3.

_ 1 إنباه الرواة "1/ 196". 2 في الأصل "معنى". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 117".

حجّ سنة ثمانٍ وأربعين، فسمع عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن أَبِي مَسَرَّة، وأَبَا بَكْر الْأجُرِّي، وحدث بتُسْتَر. تُوُفِّي فِي جُمادى الْأولى. 79- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد، أَبُو مُحَمَّد بْن وكيع التنيسي1، الشاعر المشهور، لَهُ ديوان شعر، وله كتاب فِيهِ سرقات أَبِي الطّيّب المتنبي، سماه المنصف. وتُوُفِّي بتنيس، وهو نافلة مُحَمَّد بْن خلف بن حبان الضبي وكيع البغدادي القاضي. 80- الحسن بن محمد بن القاسم، أبو علي المخزومي البغدادي المؤدب2. رَوَى عَنْ: أَبِي داود، وأَبِي بَكْر بْن زياد النيسابُوري، وابْن مجاهد المقرئ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم الْأزهري، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال. ووثّقه الخطيب. وعاش اثنتين وتسعين سنة. 81- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق البغدادي المعروف بابن السَّوطي3. سَمِعَ: أحْمَد بْن عثمان الْأدمي، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو طَالِب العشاري، وكان كثير الوهم. "حرف الخاء": 82- خَلَفُ بْن القاسم بْن سهل بْن أسود، أبو القاسم الأندلسي بن الدباغ، الحافظ4. رحل إلى المشرق، فسمع بمصر: أَبَا مُحَمَّد بْن الورد البغدادي، وسَلَم بْن الفضل، والْحَسَن بْن رشيق، وجماعة، وسمع بدمشق عَلِيّ بْن العقب، وأَبَا الميمون بْن راشد، وبمكة من بُكَيْر الحدّاد، وأَبِي الْحَسَن الخُزَاعِي، والآجُرِّي، وبقُرْطُبَة من أحْمَد بْن يحيى بْن الشامة، ومُحَمَّد بْن معاوية، وقرأ بالرّوايات عَلَى جماعة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 64"، والوافي بالوفيات "12/ 14". 2 تاريخ بغداد "7/ 423"، والمنتظم "7/ 224". 3 تاريخ بغداد "8/ 102". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 136".

وكان حافظًا فَهْمًا، عارفًا بالرجال. صنّف حديث مالك، وحديث شُعْبَة، وأشياء فِي الزُّهد. تُوُفِّي فِي ربيع الآخر. رَوَى عَنْهُ جماعة. وقد قرأ بالرملة على أحمد بن صالح بن مجاهد. وُلِد سنة خمس وعشرين. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرو الدّاني، وابْن عَبْد البَرّ، وكان لا يُقدِّم عَلَيْهِ أحدًا من شيوخه، وهو محدث الأندلس في زمانه. "حرف السين": 83- سَعِيد بْن مُحَمَّد، أَبُو عثمان النيسابُوري السُّكّري المعدِّل، سَمِعَ أَبَا الْعَبَّاس الْأصمّ. تُوُفِّي فِي ذي القعدة. 84- سُلَيْمَان بْن الفتح، أَبُو عَلِيّ بْن مَكرم السّرّاج المَوْصِلي، من كُتَّاب الشّعراء. ديوانه مجلّد، الغالب عَلَيْهِ الهجو والسُّخْف والمجون، وله مكاتبات إلى الخالديَّيْن، والهائم، والببَّغاء، والبديهي. يُحوَّل إلى سنة ثمانٍ وتسعين، ففيها مات. "حرف العين": 85- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُحَمَّد الرومي النيسابُوري. صالح، لكن قَالَ الحاكم: لم يقتصر عَلَى سماع الصّحيح من الشُّرّاح، فروى عَنِ ابن خُزَيْمَة. وتُوُفِّي فِي رمضان. قلت: رَوَى عَنْهُ أحْمَد بْن منصور بْن خَلَف المقرئ، وسعيد بْن أَبِي سَعِيد العيّار. 86- عَبْد الكريم هُوَ أمير المؤمنين الطائع بْن المطيع لله الفضل بْن المقتدر جَعْفَر بْن المعتضد1، يُكْنَى أَبَا بَكْر، وأمه أمة.

_ 1 المنتظم "7/ 224"، وسير أعلام النبلاء "15/ 118"، والبداية والنهاية "11/ 332".

قَالَ أَبُو عَلِيّ بْن شاذان: تقلد الطائع لله الخلافة فِي ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وقبضوا عَلَيْهِ فِي شعبان سنة إحدى وثمانين، وبقي إلى هذه السنة، فتوفي فيها. قَالَ: ورأيته رجلا مرْبُوعًا، كبير الْأنف، أبيض الشعر1. قَالَ أَبُو الفرج بْن الْجَوْزِي2: ولما وُلِّي الطائع ركب وعليه البُرْدَة، ومعه الجيش، وبين يديه سُبُكْتِكين، فِي تاسع عشر ذي القعدة، وخلع من الغد عَلَى سُبُكْتِكين خِلَعَ السّلطنة، وعقد لَهُ اللواء، ولقّبه نصر الدولة، وحضر عيد الْأضحى، فركب الطائع إلى المصلَّى، وعليه قباء وعمامة، وخطب خطبة خفيفة، بعد أن صلّى بالنّاس، ثم إنّ عزّ الدولة "أدخل يده"3 فِي إقطاع سُبُكْتِكين، فجمع سُبُكْتِكين، الْأتراك الذين ببغداد، ودعاهم إلى طاعته، فأجابوه، وراسل أبا إسحاق معز الدولة يعلمه بالحال ويطعمه أن يعقد لَهُ الْأمر، فاستشار أمَّه، فمنعته، فصار إليها من بغداد جماعة، فصوَّبوا لها محاربة سُبُكْتِكين فحاربوه فهزمهم، واستولى عَلَى ما كَانَ ببغداد لعزّ الدّولة، ونادت العامّة بنصر سُبُكْتِكين، فبعث إلى عزّ الدولة يَقُولُ: إنّ الْأمر قد خرج عَنْ يدك، فأفرج لي عَنْ واسط وبغداد، وليكونا لي، ويكون لك الْأهواز والبصْرة، ودع الحرب. وكتب عزّ الدولة إلى عَضُد الدولة يستنجده، فتوانى، وصار النّاس حزبين، وأهل التشيع ينادون بشعار عز الدولة، والسنة والديلم ينادون بشعار سُبُكْتِكين، واتّصلت الحروب، وسُفِكَت الدماء، وكشفت الدُّور، وأُحْرِق الكَرْخ حريقًا ثانيا4. وكان الطائع شديد الحَيْل، قويًّا فِي خلْقه. "وتقلّد"5 بهاء الدولة بن عضد الدولة بإشارة الْأمراء ومعونتهم. ثم كَانَ فِي دار عَبْد القادر باللَّه مُكَرَّمًا مُحْتَرَمًا، إلى أن مات ليلة عيد الفِطْر، وصلّى عَلَيْهِ القادر باللَّه، وكبّر عَلَيْهِ خمْسًا، وحُمل إلى الرَّصافة، وشيّعه الْأكابر والخَدَم، ورثاه الشريف الرّضِيُّ بقصيدة.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 79". 2 المنتظم "7/ 67". 3 ساقطة من الأصل والاستدراك من المنتظم "7/ 68". 4 المنتظم "7/ 68". 5 في الأصل بياض.

وقَالَ أَبُو حفص بْن شاهين: خلع المطيع نفسه غير مُكْرَه، فما صحّ عندي، ووُلّي ابنه الطائع، وسنُّه يوم وُلّي ثلاثة وأربعون سنة. قلت: فيكون عمره ثلاثًا وسبعين سنة. 87- عَبْد الملك بْن أحْمَد بْن عَبْد الملك بْن شُهَيد الوزير، أَبُو مروان القُرْطُبي1. رَوَى عن: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، وكان إمامًا فِي اللغة والإخبار. صنف التاريخ الكبير عَلَى السّنين، من وفاة عَلِيّ -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، إلى وقته، وهو أزيد من مائة سنة، توفي فِي رابع ذي القعدة بالذّبحة، عَنْ سبعين. رَوَى "عَنْهُ"2: ابن عائذ. 88- عثمان بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد، أَبُو عَمْرو المُخَرَّمي القارئ3. سَمِعَ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، والْحُسَيْن بْن صفوان، وبنيسابور: الْأصمّ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو العلاء الواسطي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، ووثّقه العتيقي. تُوُفِّي بالدِّينَوَر. 89- عُمَر بْن "زكار"4 أَبُو حفص التمّار، بغدادي. رَوَى عَنْ: المَحَامِلي، وعثمان بْن جَعْفَر اللّبّان، وإِسْمَاعِيل الصّفّار. رَوَى عَنْهُ: عَبْد العزيز الْأزْجِي، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، وهبة اللَّه اللالكائي. قَالَ العتيقي: ثقة مأمون. "حرف القاف": 90- القاسم بن أحمد، أبو محمد التجيبي الطُّليْطِلي نزيل قُرْطُبَة، ويعرف بابن أرفع5 رأسه.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 355". 2 في الأصل "عن". 3 في الأصل "المخزومي العاربي" تاريخ بغداد "11/ 312"، والمنتظم "7/ 225". 4 في الأصل "ركاز"، تاريخ بغداد "11/ 270". 5 تاريخ علماء الأندلس "1/ 371".

سَمِعَ: قاسم بْن أَصْبَغ، ومُحَمَّد بْن أَيْمَن، وابْن المَشَّاط، وشاوره ابن السّليم وغيره فِي الْأحكام. ووُلِّي قضاء بلده وقضاء بَطَلْيُوس، وتولّى بناء حصون الثَّغْر. وكان ثقة، تفقه بِهِ جماعة، وكان خبيرًا بمذهب مالك. رَوَى عَنْهُ: ابن الفَرَضِيّ، وَأَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وجماعة. تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة، وكان ثقة، مزاحًا. "حرف الكاف": 91- كُوهي بْن الْحَسَن، أَبُو مُحَمَّد الفارسي1. حدّث عَنْ: أحْمَد أخي أَبِي اللَّيْث الفرائضي، وأَبِي حامد مُحَمَّد بْن هارون الحضْرمي. رَوَى عَنْهُ: عَبْد العزيز الْأزْجِي، وَأَبُو عَبْد اللَّه الصَّيْمَريّ القاضي التنوخي، وغيرهم. وثّقه الخطيب، وتُوُفِّي فِي شوّال. "حرف الميم": 92- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن عَلِيّ، أَبُو بَكْر الطاهري البغدادي الضّرير، نزيل إصبهان. حدّث عَنْ: أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن محمد بْن عبد الكريم الرازي، ومُحَمَّد بْن عيّاش المّوْصلي. سَمِعَ: عَلِيّ بْن حرْب، "وأَبَا"2 صالح السليل بْن أحْمَد، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أحْمَد بْن عَلِيّ اليزدي، وعَبْد الرَّحْمَن، وعُبَيْد اللَّه، ابنا أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه، وغيرهم. ومات فِي عاشر ذي القعدة. ذكر ابن النّجّار. 93- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْد الْأعلى، أَبُو عَبْد اللَّه المغربي المقرئ الزّاهد المعروف بالورشي.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 493"، والمنتظم "7/ 225". 2 في الأصل "أبي".

سَمِعَ بمصر والشام والعراق وإصبهان بعد الخمسين وثلاثمائة، وكان راسًا فِي علم القرآن. تُوُفِّي بسجستان. ذكره الحاكم فِي تاريخه. 94- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مهدي الْإسكافي، أَبُو عَبْد اللَّه الشاهد، من فُضَلاء بغداد. جمع تاريخًا كبيرًا عَلَى السنين، بدأ فِيهِ بسنة الهجرة النبوية. قال ابن الخازن: نقلت منه أشياء حسنة. وقال ابن النّجّار: كَانَ ثقةً أمينًا عفيفًا، مات فِي رجب سنة ثلاثٍ وتسعين. 95- مُحَمَّد بْن ثابت، أَبُو الْحَسَن الصَّيْرَفي، بغداديّ1. عَنْ: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وابْن السّمّاك. وعنه: عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد الصَّيْرَفي. مات سنة ثلاثٍ وتسعين فِي رمضان. 96- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن دَاوُد، أخو أبي الْحَسَن مُحَمَّد الْحُسَيْن العلوي النيسابُوري. كَانَ كثير المروءة والإفضال عَلَى الصُّلَحاء. يُكنى أَبَا عَلِيّ. رَوَى عَنْ: أَبِي حامد بْن بلال، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان. رَوَى عَنْهُ الحاكم، وقَالَ: تُوُفِّي فِي شعبان. وذكر ابن الصَّلاح هذا وأخاه فِي طبقات الشافعيّين، وقيل: إنّ هذا درّس فقه الشافعي. 97- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي عامر مُحَمَّد بْن الوليد القحطاني المَعَافِرِي الْأندلسي2 الملك المنصور الحاجب، أَبُو عَبْد اللَّه، مدبر دولة الخليفة "المؤَيَّد"3 باللَّه هشام بْن المستنصر الْأمويّ صاحب الْأندلس. بويع بعد أَبِيهِ، وله تسعُ سنين، وكان الحاجب أَبُو عامر هُوَ الكلّ، فعمد أوّل تغلُّبه عَلَى الْأمر إلى خزائن المستنصر باللَّه الحَكَم بْن النّاصر، الجامعة للكُتُب، فابرز ما فيها من صنوف التواليف من خواصّة العلماء، وأمر بإفراد ما فيها من كتب

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 111"، والمنتظم "7/ 225". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 15"، والكامل "9/ 176"، والعبر "3/ 56". 3 في الأصل "المؤيدة".

الْأوائل، حاشى كُتُب الطّبّ والحساب، وأمر بإحراقها، فأُحرِقت، وطُمِس بعضُها، وكانت كثيرة جدًّا، ففعل ذَلِكَ تحبُّبًا إلى العوامّ، وتقبيحًا لرأي المستنصر عندهم1. وكان أَبُو عامر حازمًا مدبّرًا وشجاعًا بطلا "غزا ما"2 لم "يغزه"3 أحد من الملوك، وافتتح فتوحًا كثيرة، وبقي فِي المملكة ستًّا وعشرين سنة. وكان عالمًا فاضلا، كثير المآثر والمحاسن، قد طلب العلوم فِي صباه، وزانت بهيبته أقطار الْأندلس، وآمنت بِهِ لفَرطْ سياسته، وقد استوزر جماعة، كَانَ المؤيَّد باللَّه معهم صورة بلا معنى، فإنّه استولى عَلَى التدبير والحجوبية، ولم يبق أحد مَعَ الدولة يقدر عَلَى رؤية المؤَيَّد، بل كَانَ أَبُو عامر يدخل عَلَيْهِ القصر ويخرج، فيترك إمرة أمير المؤمنين بكذا، وينهى عَنْ كذا، فلا يخالفه أحد، وكان يمنع المؤَيَّد من الاجتماع بأحد، وإذا كَانَ بعد سنين أركبه وجعل عَلَيْهِ بُرْنُسًا، وألبس جواريه مثله، فلا يعرف المؤَيَّد فِي سائر الجواري، ويخرجه ليتنزّه فِي الزَّهْراء، ثم يعود إلى القصر عَلَى هذه الحالة، وليس لَهُ إلا الخطبة والسِّكّة. وكان أَبُو عامر لَهُ فِي الجمعة مجلس حافل، تجتمع فِيهِ العلماء للمناظرة. "وغزا"4 فِي أيّامه نيّفًا وخمسين غزوة، وملا بلاد المسلمين غنائم وسَبْيا، حتى قِيلَ: لقد ابتيعت بِنْت عظيم من عظماء الروم ذات حُسْن وجمال بقُرْطُبَة بعشرين دينارًا عامِرِيَّة، وكان إذا فرغ من قتال العدوّ، نَفَضَ ما عَلَيْهِ من غُبَار، ثم يجمعه ويحفظه، فلما احتضر، أمر بما اجتمع من ذَلِكَ الغبار أن يُذَرَّ على كَفَنِه. وتُوُفِّي رحمه "اللَّه"5 وهو بأقصى الثغور، عند موضعٍ يعرف بمدينة سالم، مبطونًا شهيدًا فِي هذه السنة. وللشعراء فِيهِ مدائح كثيرة، وكان يجزيهم بالذَّهَب الكثير، وقام بالأمر بعده ولده أَبُو مروان عبد الملك بن أبي عامر، ولقبره بالمظَّفر، فدامت أيّامه فِي الْأمن والخصْب، ولكنْ لم تَطُلْ مدَّتُه، ومات، فثارت الفِتَن بالأندلس.

_ 1 الوافي بالوفيات "3/ 312". 2 في الأصل "عزاما". 3 في الأصل "يعره". 4 في الأصل "غزى". 5 سقط لفظ الجلالة من الأصل.

98- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْعَبَّاس بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زكريّا، محدّث العراق، أَبُو طاهر البغدادي الذَّهبي المخلِّص1. سَمِعَ: أَبَا القاسم البَغَوي، وأَبَا بَكْر بْن أَبِي دَاوُد بْن صاعد وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان الطُّوسي، ورضوان الصّيْدَلانِي، ومحمد بن هارون الحضرمي، وجماعة. روى عنه: هبة اللَّه اللالكائي، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو سعد إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ السّمّان، وَأَبُو طَالِب المحسن بن شفيروز الفقيه، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى الشَّرَوِي الفقيه نزيل بغداد، وعَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد النَّقُّور وعَلِيّ بْن أحْمَد بْن البُسْريّ، وعَبْد العزيز بْن عَلِيّ الْأنماطي، وخلق كثير آخرهم مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، مولده في شوال سنة خمس وثلاثمائة. وقَالَ المخلِّص: أول سماعي من البَغَوي فِي سنة اثنتي عشرة. قلت: انتقى عَلَيْهِ الفتح بْن أَبِي الفوارس عدّة أجزاء، وَأَبُو بَكْر البقّال عدّة أجزاء. والمخلِّص هُوَ الَّذِي يخلّص الغشّ من الذَّهب بالتعليق والنّار، وقد وقع لنا جملة صالحة من عوالي المخلِّص. وكانت وفاته فِي رمضان من السنة، رحمه اللَّه. فمن حديث، قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَخْبَرَكُمُ الْمُبَارَكُ بْنُ الْجَوْرَدِ، أَنَا أحْمَدُ بْنُ الطَّلايَةِ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُخْلِصُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ، "أَنَا"2 إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ إِسْرَائِيلُ، أَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأبُلِّيُّ، ثَنَا أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" 3. هَذَا حَدِيثٌ لَنَا تُساعيّ لنا متّصل الْأسناد، وإن كَانَ كثير الْأبلّي من الضعفاء، فَيَبْعُدُ أَنَّهُ تعمّد الكذب فِي سماعه لهذا الحديث من أَنس، إذ فيه من الوعيد ما فيه.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 322"، والمنتظم "7/ 225"، والبداية والنهاية "11/ 333". 2 في الأصل "أبا". 3 "حديث صحيح متواتر": أخرجه البخاري "1/ 38"، "2/ 102"، ومسلم "المقدمة/ 3، 4"، وأبو داود "3651"، والترمذي "2659"، وابن ماجه "30"، "32"، "33"، وأحمد "1/ 78، 130"، والدارمي "1/ 76، 77"، والحميدي "1166".

99- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن القُرَشي المخزومي السّلاميّ1 المشهور، نشأ ببغداد، ولقي بالمَوْصِل جماعةً من الْأدباء، منهم أبو الفرج الببّغاء، وَأَبُو عثمان الخالدي، وَأَبُو الْحَسَن التَّلَّعَفْرِي، فأعجبتهم براعته عَلَى حداثة سِنِّه، إلا التَّلَّعَفْرِي، فإنه اتّهمه فِي شِعْره. وفيه يَقُولُ السلامي. سَمَا التَّلَّعَفرِي إلى وصالي ... ونفسُ الكلب تكبر عَنْ وصالهْ ينافي خُلُقُه خُلُقي وتَأْبَى ... فِعالي أنْ تُضاف إلى فِعالِهْ فصنعتيَ النفيسة فِي لساني ... وصنعته الخسيسةُ فِي قَذالهْ فإنْ أشعر فما هُوَ من رجالي ... وإنْ يُصْفَعْ فما أَنَا من رجالهْ2 قصد السَّلاميّ حضرة الصّاحب إِسْمَاعِيل بْن عَبّاد وهو بإصبهان، فامتدحه، فبالغ الصّاحب فِي إكرامه وإعطائه، ثم قصد حضرة السلطان عَضُد الدولة إلى شيراز، فأقبل عَلَيْهِ، واختصّ بِهِ، وكان يَقُولُ: إذا رَأَيْت السَّلاميَّ فِي مجلسي، ظننت أنّ عُطَارِد نزل من الفَلَك، فوقف بين يديّ. وللسَّلاميّ فِيهِ: يُشَبِّهُهُ المُدَّاحُ فِي البأسِ والنَّدَى ... بمَنْ لو رآه كَانَ أصَغَرَ خادِمِ فِي جَيْشه خَمْسون3 ألفًا كَعَنْتَرٍ ... وأمضى وفي خُزّانه ألفُ حاتمِ تُوُفِّي السَّلاميّ فِي جُمادى الْأولى من السنة، وهو فِي عشر الستّين، وشِعْرُه سائر مُدَوَّن. 100- مُحَمَّد بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ القاسم بْن مُحَمَّد الشريف السيد، أَبُو الْحَسَن العلوي4 الزيدي الهمذاني المعروف "بالوصي"5.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 335"، وسير أعلام النبلاء "17/ 73"، والبداية والنهاية "11/ 333". 2 وفيات الأعيان "4/ 405". 3 في الأصل "خمسين". 4 سير أعلام النبلاء "17/ 77"، والمنتظم "7/ 230"، وتاريخ بغداد "3/ 90". 5 في الأصل "بالرضى".

رَوَى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن الجلاب، وأَحْمَد بْن عُبَيْد، وعبدان بْن يزيد الدّقّاق، وجماعة بهَمَذَان، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وجعفر الخلدي، وابْن كامل القاضي ببغداد، والطبري بأصبهان، وخيثمة الأطرابلسي بالشام، وجماعة. روى عنه: مُحَمَّد بْن عيسى، وعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي اللَّيْث الصّفّار، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن عزيز التككي، وجعفر بْن مُحَمَّد الْأبْهَرِي، وآخرون. قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة صدوقًا صوفيًّا واعظًا، تفقه ببغداد على أبي علي بن أبي هريرة، وتزهد، وجاوز بمكّة، ورجع فأقام ببُخَارَى مدّةً، وبها مات فِي ثاني عشر المحرَّم، سنة ثلاث وتسعين. قلت: رَوَى عَنْهُ أيضًا أَبُو سعد الكَنْجَرُوذِي، وسمع من الْأصمّ. وقيل: إنه مات ببلْخ1. وقَالَ السُّلَمي: كَانَ أحد الْأشراف عِلْمًا ونَسَبًا ومحبّة للفقراء، وصُحْبَةً لهم، ما يرجع إِلَيْهِ من العلوم كُتُب الحديث والفقه، وصحب الخلدي، وكان يُكْرِمه، ودخل دُوَيْرةَ الصُّوفِيّة بالرّملة، وكان يخدمهم أيامًا، حتى قدِم فقير فأتى فقبّل رأسه، وقَالَ: هذا شريف الجبل، وليس بهَمَذَان أغنى منهم ولا أجلّ، فقام عَبَّاس الشاعر فقبّل رِجْله، فأخذ الشريف أَبُو الْحَسَن ركوته، وذهب إلى مصر. وقَالَ الحاكم: عاش ثلاثًا وثمانين سنة. وقال أبو سعدي الإدريسي: يُحْكَى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يجازف فِي الرواية فِي آخر عمره2. 101- مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن بهلول التنوخي الْأنْباري، أَبُو غانم بْن الْأزرق. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي بَكْر بْن الْأنْباري، ومُحَمَّد بْن مخلد، وتوفي بالأنبار. "حرف الواو": 102- وليد بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو الْعَبَّاس القيسي القرطبي الزيات3.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 91". 2 تاريخ بغداد "3/ 91". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 163".

سَمِعَ: من أحْمَد بْن مَطَرِّف، ومُحَمَّد بْن معاوية، وأَحْمَد بْن سَعِيد، وجماعة. وعاش سبعين سنة. "حرف الياء": 103- يحيى بْن مُحَمَّد بْن يحيى، أَبُو بِشْر النيسابُوري الكاتب. رَوَى عَنِ: الْأصمّ، وعَلِيّ بْن حمشاد. وتُوُفِّي فِي شعبان. 104- يوسف بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن يوسف بْن عمروس أَبُو عُمَر الْأندلسي الْأسْتجي1. سَمِعَ الكثير من: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد اللَّه بْن أَبِي "دُلَيْم"2 وجماعة، وكان إمامًا فقيهًا رأسًا فِي الفتيا. تُوُفِّي فِي جُمادى الْأولى، وَلَهُ ثلاثٌ وسبعون سنة، وسمع من غير واحد. وروى عَنْهُ ابن عَبْد البَرّ. وفيات سنة أربع وتسعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 105- أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم القصّار، إصبهانيّ محدّث3. رَوَى عَنْ: أَبِي عُمَر، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم، وأَبِي عَلِيّ الصّحّاف، فَمن بعدَهما. قَالَ أَبُو نُعَيْم: كَانَ يختلف معنا، إلى أن تُوُفِّي فِي ذي الحجّة، رحمه اللَّه. 106- أحْمَد بْن عُمَر بْن خُرْشِيد قُولَه، أَبُو عَلِيّ الْإصبهاني التاجر4. حدّث بمصر عَنْ: أَبِي حامد مُحَمَّد بْن هارون الحَضْرَمِي، وأَبِي بَكْر بْن زياد النيسابوري، وغيرهما.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 208". 2 في الأصل "دلهم". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 169". 4 تاريخ بغداد "4/ 292"، وفي الأصل "خرشند" ذكر أخبار أصبهان "1/ 161".

رَوَى عَنْهُ: العتيقي، وإِسْمَاعِيل بْن رجاء العسقلاني، ورشأ بْن نظيف، وخلق. وثّقه الخطيب، وذكر العتيقي أنّه سَمِعَ منه بمصر وبمكّة وبغداد، وكان يحجّ كل سنة. قَالَ الخطيب: سكن مصر حتى مات. وقَالَ الحبّال: مات فِي جُمادى الْأولى، رحمه اللَّه. 107- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفَضْل، أَبُو الْعَبَّاس بْن النَّهَاوَنْدِي الزّاهد العارف. وَرَّخه السُّلَمي، وقَالَ: صحِب جَعْفَر الجليدي، له مجاهدة عظيمة وأحوال. 108- إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن بْن "سَيْبُخْت"1، أبو الفتح البغدادي الكاتب2، نزيل مصر. حدّث عَنْ: أَبِي القاسم البَغَوي، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الملك بْن عُمَر الرزّاز، ورشأ بن نظيف، وجماعة. قال الخطيب: كان سيئ الحال فِي الرّواية، وقَالَ مرّة: ساقط الرّواية. تُوُفِّي بمصر فِي جُمادى الآخرة. 109- أفلح بْن يحيى القُرْطُبي3، مولى إِبْرَاهِيم بْن يوسف. وحجّ وسمع من الْأجُرِّي، وأَبِي بَكْر بْن خَرُوف، وجماعة. كتب عنه غير واحد. "حرف الباء": 110- بدر، أَبُو الغصن4. مولى أحْمَد بْن قطن الزّيّات القُرْطُبي. سَمِعَ: قاسم بْن أَصْبَغ، وبمصر من حمزة الكناني، وأَبِي الْعَبَّاس الرّازي، وأَبِي أحْمَد بْن النّاصح، وكان رجلا صالحًا. رَوَى أحاديث، ولم يكن كثير علم.

_ 1 في الأصل "سيخت". 2 تاريخ بغداد "6/ 133"، والعبر "2/ 447"، وشذرات الذهب "3/ 144". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 83". 4 تاريخ علماء الأندلس "1/ 96".

"حرف التاء": 11- "تمصولت"1 الْأسود، يقال: طزملت الْأمير الْمَصْرِيّ الرافضيّ. ولي دمشق للحاكم سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وفي سنة ثلاث عزَّر رجلا مغربيا بدمشق عَلَى حمار ونودي عَلَيْهِ: هذا جزاء من يحبّ أَبَا بَكْر وعُمَر، ثم قتله. مات إلى غير رحمة الله في صفر. "حرف الحاء": 112- حباشة بْن حسن. سَمِعَ بالقَيْروَان: إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه القلانسي، وزياد بْن عَبْد الرَّحْمَن، ودخل إلى الْأندلس، فصحب مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن الحدّاد، وتردّد فِي الثُّغور مُرابطًا، ثم رحل إلى المشرق، فسمع من أَبِي زيد المَرْوَزِي وغيره، ورجع إلى الْأندلس، وكان من فقهاء المالكية. توفي بقرطبة. "حرف السين": 113- سعيد بن محمد بن الفضل الفقيه، أَبُو سهل النيسابُوري الواعظ. سَمِعَ: مكّي بن عبدان، وعنه: الحاكم، وطائفة. "حرف الشين": 114- شاه بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو مُعاذ الهَرَوِي الماليني. رحل وسمع عَلِيّ عَبْد اللَّه بْن مبشر الواسطي، وأَبَا بَكْر عَبْد اللَّه بْن زياد النيسابُوري، وله جُزْء سمعناه. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر المليحي، وَأَبُو عثمان الصَّابُونِي، وَأَبُو عاصم الجوهري الهروي، وهو آخر من حدث عنه، وحدث عَنْهُ أيضًا أَبُو يَعْلَى الصَّابُونِي. تُوُفِّي فِي جمادى الأولى بهراة.

_ 1 في الأصل "مصولت".

"حرف الطاء": 115- طلحة بْن أسد بْن عَبْد اللَّه بْن المختار الرّقّي، نزيل دمشق1. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْر الْأجُرِّي، وأَبِي عَلِيّ الْحَسَن بْن منير التنوخي، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أحْمَد بْن الْحَسَن الطّيّان، ورشأ بْن نظيف، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وغيرهم. وكان من الصالحين. تُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل. قَالَ الكتّاني: حدّث بكُتُب الْأجُرِّي كلّها، وكان ثقة مأمونًا، يُذْكَر عَنْهُ من السَّخاء والكرم شيء عظيم، رحمه اللَّه. "حرف العين": 116- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْد الوهاب، أَبُو عُمَر السُّلَمي الْإصبهاني المقرئ الورّاق2. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الزُّهْرِيّ بْن أخي رُسْتَه، وعَبْد اللَّه بْن الصبّاح، ومحمد بن عمر الجورجيري، وابن الجاورد، وأبي الحسن اللبناني، وغيرهم، وكتب الكثير. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن أَبِي عَلِيّ الذّكْواني، وعَبْد الوهاب بْن مَنْدَه. تُوُفِّي فِي ذي القَعْدَةِ. 117- عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن زر، بفتح الزاي، أبو محمد الخواري الرازي3. روى عن: أحمد بن جَعْفَر بْن نصر الجمّال، وإِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد السمناني صاحب "عيسى بْن حماد زغبة"4. قال الْأمير ابن ماكولا وأنّه مات فِي صفر.

_ 1 تهذيب ابن عساكر "7/ 67". 2 العبر "3/ 57"، وشذرات الذهب "3/ 144". 3 الإكمال لابن ماكولا "3/ 214"، و"4/ 183". 4 ساقطة من الأصل والاستدراك من الإكمال.

118- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن نَصْرَوَيْه، أَبُو مُحَمَّد النيسابُوري، ابن خال الحاكم. سَمِعَ: الْأصمّ، وأَحْمَد بْن إِسْحَاق الضّبعي، وحدّث فِي ربيع الآخر. 119- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أبو القاسم النيسابُوري المطوّعي. سَمِعَ ببغداد من جَعْفَر الخلْدي، وعَبْد اللَّه بْن عدي الحافظ. تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة. 120- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عثمان، أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ النيسابُوري الحافظ العماري. سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن إِسْحَاق العتيقي، وأَبَا عَلِيّ الرّفّاء، وطبقتهما، وصنّف وذاكر. قال الدارقطني: سررت برؤيته، عاش سبْعًا وخمسين سنة. رَوَى عَنْهُ الحاكم. - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، أَبُو سَعِيد النيسابوري الخلال. سمع: أبا العباس الأصم، وغيره، وحدّث بطريق مكّة. 121- عَبْد السلام بْن عَلِيّ، أبو أحمد البغدادي المعلم1. سمع: الجذاع، حدث عَنْ: أَبِي بَكْر بْن مجاهد، وابْن زياد النيسابُوري، وأَبِي مُزَاحم مُوسَى بْن عُبَيْد اللَّه الخاقاني، والمَحَامِلي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم الْأزهري، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وعَبْد العزيز الْأزْجِي، وثَّقه العتيقي. 122- عَبْد الملك بْن إدريس الْأزْدِيّ، أَبُو مروان بْن الجزيري الكاتب الشاعر2، نزيل قُرْطُبَة. تُوُفِّي فِي حبْس المظفّر بْن أَبِي عامر، ولم يخلف مثله كتابةً ولا بلاغةً وشعرًا، وبه ختم بلغاء كتاب الأندلس.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 57"، والمنتظم "7/ 228". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 356".

"حرف الميم": 123- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الخَلاص القَيْسي البجّاني الْأندلسي1. عُنِي بالحديث وحجّ، وسمع من: أَبِي مُحَمَّد بْن الورد، وحمزة الكناني، وعَلِيّ بْن الْحَسَن "بْن"2 علان الحرّاني، ومُحَمَّد بْن جَعْفَر غُنْدر. وكان زاهدًا صالحًا متواضعًا حافظًا. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: سَمِعْتُ منه ببَجَّان، وسمع منه غير واحد. تُوُفِّي فِي رجب. 124- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد اللَّه الْأنْصَارِيّ الْأندلسي من أهل رَيَّه3. حجّ سنة ثلاثٍ وأربعين، وله اثنتان وعشرون سنة، فسمع من عثمان بْن مُحَمَّد السَّمَرْقَنْدِيّ، وأَحْمَد بْن سَلَمة بْن الضَّحّاك، وإِسْمَاعِيل بْن الْجُراب، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، ومُحَمَّد بْن عيسى التميمي البغدادي بْن العلاف، وسمع صحيح الْبُخَارِيّ من ابن السَّكَن، ورجع فلزم الزُّهْدَ والانقباض، وولي الخطابة بموضعه، وكان رقيقًا بكاءً. تُوُفِّي فِي شعبان. سَمِعَ النّاس منه. 125- مُحَمَّد بْن حسين بْن مُحَمَّد بْن أسد، أَبُو عَبْد اللَّه التميمي الطّبْني، الْأديب4، نزيل الْأندلس. قِيلَ: إنّه لم يدخل الْأندلس أحدٌ أشعرَ منه، وكان واسع الْأدب والمعرفة، واتَّصل بالحاجب أَبِي عامر، ووُلّي الشرطة، وعاش أكثر من تسعين سنة. وكان دخوله الْأندلس فِي سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي يومٍ من سنة أربعٍ وتسعين، وشهده المُظَفَّر بْن أَبِي عامر، والأعيان. - مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن "ضيفون"5، أَبُو عَبْد الله اللخمي القرطبي الحداد.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 107". 2 ساقطة من الأصل. 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 108". 4 تاريخ علماء الأندلس "2/ 118"، وفي الأصل "الطيبي". 5 في الأصل "صفوان" تاريخ علماء الأندلس "2/ 108".

سَمِعَ: عَبْد اللَّه بْن يونس الغبري، وأَحْمَد بْن زياد، وقاسم بْن أَصْبَغ، وحجّ فِي سنة تسعٍ وثلاثين، وشهد رَدَّ الحجر الْأسود إلى مكانه فِي هذا العام. وسمع "منه"1: ابن الْأعْرابي، وعَبْد الكريم بْن النَّسَائي، ومُحَمَّد بْن يحيى بْن دحمان المصِّيصي، سَمِعَ منه بأطْرَابُلُس، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سرور الغَسّال بمدينة القَيْروَان. وكان صالحًا عَدْلا، كتب النّاس عَنْهُ، وعلت سِنُّهُ، واضطرب فِي أشياء قرأت عَلَيْهِ لم يسمعها، ولم يكن ضابطًا. قَالَ لي: ولدت سنة ثلاث وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي شوّال. قاله ابن الفَرَضِيّ، وآخر من حدَّث عَنْهُ أبو عُمَر بْن "عَبْد"2 البَرّ. 126- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن حُمَيْد، أَبُو الْحَسَن بْن "بهتة"3 البغدادي البزّاز4. سَمِعَ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الصَّمد الهاشمي، والمَحَامِلي، والْحُسَيْن المطبقي، وغيرهم. رَوَى عَنْهُ: العتيقي وقَالَ: ثقة. 127- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو نصر الْأنماطي، نيسابوري صالح، خدم أَبَا عَلِيّ الثقفي، وصحِب الزُّهّاد والأئمّة. 128- مُحَمَّد بْن عطاء اللَّه القُرْطُبي النَّحْوِيّ، من كبار أئمّة العربية. 129- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حسّان الماليني، ختن الشاركي، أحد المحدّثين بهَرَاة. رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الباشاني. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عثمان الصّابوني، وغيره، وَأَبُو عطاء عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد الجوهري.

_ 1 ساقطة من الأصل. 2 ساقطة من الأصل. 3 في الأصل "نهته". 4 تاريخ بغداد "3/ 34".

130- مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ زكريّا بْن يحيى التميمي، العلامة أَبُو عَبْد اللَّه بْن برطال القُرْطُبي القاضي المالكي1. سَمِعَ من: أَحْمَد بْن خَالِد الْحُبَاب، وقاسم بْن أَصْبَغ، ومُحَمَّد بْن عيسى، وحجّ، فسمع من إِبْرَاهِيم العبقسي، وأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن جامع السُّكَّري، ووُلِّي قضاء رَيَّه، ثم وُلِّي قضاء الجماعة والصّلاة. وعاش إلى أن "عَلَتْ"2 سِنُّه، وثَقُلَتْ ذِهْنُه، "فصرفه"3 الحاجب أَبُو عامر من القضاء، ونقله إلى الوزارة. رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن الفَرَضِيّ، وسراج بْن عَبْد اللَّه. وحدّث أيضًا عَنْ عثمان بْن مُحَمَّد السَّمَرْقَنْدِيّ وخلْقٍ، وعاش خمسًا وتسعين سنة. وكان حجةً. و"رحل"4 في سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وكان كبير الشأن وافر الجلالة، لحق مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الحناش، وإِسْمَاعِيل بْن القراب. تفرّد بأشياء. "حرف اللام": 131- لُبنَى كاتبة الخليفة المستنصر باللَّه الحَكَم بْن الناصر الأموي5. كانت نحوية، حاذقة بالكتابة، شاعرة، بصيرة بالحساب، لم يكن فِي قصر الْأمرة أنبل منها، وكان خطّها مليحًا، ومعرفتها بالعَرُوض تامّة، تُوُفِّيت فِي هذه السنة. "حرف الياء": 132- يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن زكريّا بْن حَرْب6، وحرب ابن أخي الزّاهد أحْمَد بن حرب النيسابوري، وأبو زكريا المزَكِّي المعروف بالحربي. كَانَ أديبًا إخباريا، كثير العلوم، رئيسًا.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "2/ 105". 2 ساقطة من الأصل. 3 في الأصل "فضربه". 4 في الأصل "ورحلت". 5 الصلة لابن بشكوال "2/ 692". 6 العبر "3/ 57"، وشذرات الذهب "3/ 145".

سَمِعَ: أَبَا الْعَبَّاس السّرّاج، ومكيّ بْن عَبْدان، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الشرفي، وأَحْمَد بْن حمدون الْأعمش، وعَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد، وغيرهم، وحدّث بنيسابُور والرّيّ وببغداد، فأكثروا عَنْهُ ثَمَّ. رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو بَكْر الْأرْدَسْتَاني، ومُحَمَّد بْن أَبِي عَمْرو النيسابُوري شيخ الخطيب، وَأَبُو سعد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الحاكم، وَأَبُو الْحَسَن أحْمَد بْن عَبْد الرحيم الإسماعيلي، وَأَبُو عثمان البحيري، وَأَبُو نصر عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ التاجر، وآخرون. وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة، وهو صَدُوق فِيهِ بدعة. 133- يحيى بْن مُحَمَّد بْن وهب بْن مَسَرَّة بن حكم، أبو زكريا التميمي الفرجي1، من مدينة الفرج بالأندلس. سَمِعَ من جدِّه، ورحل فسمع بمصر من الْحَسَن بْن رشيق، وأَبِي بَكْر بْن إسماعيل المهندس، وجماعة. رَوَى عَنْهُ النّاس كثيرًا، واختصر كتاب "الْأسماء والكنى" للنَّسَائي، وعاش ستّين سنة. رحمه اللَّه. 134- يعيش بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد، أَبُو القاسم القُرْطُبي الورّاق المعروف بابن الحَجّام2. سَمِعَ من: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد اللَّه بْن أَبِي دُلَيْم، وجمع لمحمد بْن معاوية مُسْنَد حديثه. وقد ذهب بَصَره بآخرة، وتُوُفِّي فِي صفر. كتب النّاس عَنْهُ. رَوَى عن: شريح الذكواني. وفيات سنة خمس وتسعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 135- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن عمران، أبو العباس الأصبهاني الخلقاني. ثقة، دين.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 660". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 199".

سَمِعَ بالبصْرة من: عَلِيّ بْن إِسْحَاق المارداني، وغيره. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْم، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مَتَّوَيْه، والإصبهانيّون. تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة. 136- أحْمَد بْن فارس بْن زكريّا بْن مُحَمَّد بْن حبيب، أَبُو الْحَسَن الرّازي، وقيل القِزْوِيني، المعروف بالرازي1 المالكي اللُّغَوِي، نزيل هَمَذَان وصاحب المُجْمَل فِي اللُّغة. رَوَى عَنْ: أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان، وسليمان بْن يزيد الفامي، وعَلِيّ بْن محمد بْن مِهْرَوَيْه القِزْوِينيّين، وسعيد بْن مُحَمَّد القطّان، ومُحَمَّد بْن هارون الثقفي، وعَبْد الرَّحْمَن الجلاب، وأَحْمَد بْن حُمَيْد الهمذانيّين، وأَبِي القاسم الطّبراني، وأَبِي بَكْر بْن السني، وجماعة. رَوَى عَنْه: أَبُو سهل بْن زيرك، وَأَبُو منصور بْن عيسى الصُّوفي، وعَلِيّ بْن القاسم الخيّاط المقرئ، وَأَبُو منصور بْن المحتسِب، وآخرون. وُلِد بِقزْوِين، ونشأ بهَمَذَان، وكان أكثر مقامه بالرّيّ. وكان كاملا فِي الْأدب، فقيهًا مُنَاظِرًا، مالكيا، وكان يناظر فِي الكلام، وينصر مذهب أهل السُّنَّة، وطريقته فِي النَّحْو طريقة الكوفيين، كَانَ بالجبل نظير ابن لَنْكَك بالعراق، وجمع إتقان العلماء، إلى ظُرْف الكُتّاب والشعراء. وله مصنفات بديعة ورسائل مفيدة، وأشعار جيّدة، وتلامذة فيهم كثرة، وكان شديد التعصّب لال العميد، وكان الصّاحب إِسْمَاعِيل بْن عَبّاد يكرهه لذلك، وكان قد صنّف كتاب الحجْر وسيّره إلى الصّاحب، فَقَالَ: رُدُّوا الحِجْر من حيث جاء وأمر لَهُ بجائزة قليلة. وقَالَ بعضهم: كَانَ إذا ذُكِرت اللُّغة فهو صاحب مُجْمِلها، لا بل صاحبها المجمّل لها. وكان يحثّ الفقهاء دائمًا عَلَى معرفة اللغة، ويلقي عليهم ويخجلهم ليتعلموا

_ 1 البداية والنهاية "11/ 296"، والوافي بالوفيات "7/ 278"، والمنتظم "7/ 278"، والمنتظم "7/ 103"، وسير أعلام النبلاء "17/ 103"، والنجوم الزهرة "4/ 212".

اللُّغة، ويقول: من قَصَرَ عِلْمَه "عَلَى"1 الفقه وغولط غلط2. وقال سعد بن علي الزنجاجي: كَانَ أَبُو الْحُسَيْن بْن فارس من أئمّة اللغة محتجًا به فِي جميع الجهات غير مُنازَع، رحل إلى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان الْأوحد فِي العلوم، ورحل إلى زَنْجان إلى أَبِي بَكْر أحْمَد بْن الْحَسَن الخطيب راوية ثعلب، ورحل إلى مشايخ، إلى أحْمَد بْن طاهر النجم، وكان يَقُولُ: ما رَأَيْت مثله. قَالَ سعد: وحُمِل ابن فارس إلى الرّيّ ليقرأ عَلَيْهِ مجد الدولة بْن فخر الدولة، وحصّل بهما مالا، وبرع ذَلِكَ الْأمير فِي الْأدب. قال: وكان ابن فارس من الْأجواد، حتى أَنَّهُ يَهَبُ ثيابه وفرش بيته. وكان من رؤساء أهل السُّنَّة المجرّدين عَلَى مذهب أهل الحديث. تُوُفِّي فِي صفر، سنة خمسٍ وتسعين. انتهى قول الزَّنْجاني3. وكذا وَرَّخه عَبْد الرَّحْمَن بْن منده وغيره. وقيل: مات سنة تسعين وثلاثمائة، وهو قول ضعيف. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ، أَنَا الْبَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةِ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْحَقِّ، أَنَا هَادِي بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ سنة ست وأربعين وأربعمائة، أنا أحمد بن فارس اللغوي، ثنا علي بن أبي خالد بقزوين، ثنا الدبري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن عبد الله بن السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ للَّهِ مَلائِكَةٌ فِي الْأرْضِ سَيَّاحِينَ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلامَ" 4. ومن شعر ابن فارس: مرَّتْ بنا هيفاءُ مجدولة ... تركيَّةٌ تنمى لتركييِّ ترنُو بطَرْفٍ فاترٍ فاتنٍ ... أضْعَف من حجة نحوي

_ 1 في الأصل "عن". 2 إنباه الرواة "1/ 92". 3 وفيات الأعيان "1/ 119". 4 أخرجه البخاري في الدعوات "66"، ومسلم في الذكر "25"، والترمذي في الدعوات "129"، والنسائي في السهو "46"، والدارمي في الرقاق "58، والإمام أحمد في المسند "1/ 387، 441، 452"، "2/ 251، 252، 358، 359، 382"، وصححه ابن حبان "2393"، والحاكم في المستدرك "2/ 421"، وابن القيم في جلاء الأفهام "27".

وله: سَقَى هَمَذَانَ الغيثُ لستُ بقائلٍ ... سوى ذا وفي الأحشاء نار تضرم وما لي لا أصفي الدُّعاء لبلدةٍ ... أفَدْتُ بها نِسْيَانَ ما كنتُ أعلمُ نَسيتُ الَّذِي أحْسَنْتُهُ غيرَ أَنّني ... مَدِينٌ وما فِي جَوفِ بيتيَ دِرْهَمُ 137- أحْمَد بْن القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو الفضل التميمي التاهرتي البزّاز1. قدم قُرْطُبَة صغيرًا، فسمع من: قاسم بْن أَصْبَغ، وأَحْمَد بْن الفضل الدِّينَوَرِي، وأَبِي عَبْد الملك بْن أَبِي دليم، ومُحَمَّد بْن معاوية الْقُرَشِيّ، ووهب بْن مَسَرَّة، ومُحَمَّد بْن عيسى بْن رفاعة. وكان صالحًا زاهدًا منقبضًا. ولد بتاهرت سنة تسع وثلاثمائة، وأتى قُرْطُبَة سنة بضْعَ عشرةٍ فسمَّعَه أبوه من هَؤُلاءِ أربعٍ وثلاثين، وطلب بنفسه. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وتُوُفِّي في جُمَادَى الْآخرة. 138- أَحْمَد بن محمد بن أحْمَد بْن عُمَر الزّاهد، أَبُو الْحُسَيْن بْن أَبِي نصر النيسابُوري الخفّاف2. قَالَ الحاكم: مُجَاب الدَّعوة، وسماعاته صحيحة بخطّ أَبِيهِ، من أَبِي الْعَبَّاس السّرّاج وأقرانه، وبقي واحدَ عصره فِي عُلُوِّ الْأسناد، وتُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل، وصلَّيت أَنَا عَلَيْهِ، وله ثلاث وتسعون سنة. قلت: رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو بَكْر عَبْد اللَّه بن محمد بن حسكويه، أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن الصُّوفِي، وَأَبُو الْحَسَن بْن عَبْد الرحيم الإسماعيلي، والسيد عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحسيني، وَأَبُو المظفّر مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الشجاعي، وَأَبُو نصر الْحُسَيْن بْن أحْمَد القاضي "الحريمي"3، وَأَبُو الفضل بْن عَبْد اللَّه بْن المحبّ، وسعيد بْن العَيَّار، وعائشة بِنْت مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن البسطامي، وخلق سواهم. وقع لنا جملة من عواليه.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 84"، والعبر "3/ 58"، وفي الأصل "القاهري". 2 العبر "3/ 58"، والنجوم الزاهرة "4/ 213"، وشذرات الذهب "3/ 145". 3 في الأصل "الحرميتي".

139- أحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحُسَيْن السمناوي. تُوُفِّي بمصر فِي صفر. رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن عيسى بْن قرَّة الزُّهْرِيّ. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ السَّمَرْقَنْدِيّ فِي مشيخة الرّازي، وأَحْمَد بْن القاسم بْن ميمون بْن حمزة الحسيني. 140- إِبْرَاهِيم بْن مبشّر، أَبُو إِسْحَاق البكري الْأندلسي المغربي المؤدّب1. عرض القراءة عَلَى مُحَمَّد الْأنطاكي، وكان يُقْرئ فِي دكانه، واحتجم فصفي دمه. "حرف الجيم": 141- جعفر بن عبد الرزاق الدمشقي المهندس. رَوَى عَنْ: جَدّه أحْمَد بْن خمارويه، وأَبِي بَكْر الخرائطي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو ذر الهروي، وأبو علي الأهوازي. "حرف الحاء": 142- الحسين بْن مُحَمَّد بْن درستويه، أَبُو عَلِيّ الدمشقي المعدِّل الْإمَام. حدّث عَنْ: مكحول، ومُحَمَّد بْن خُرَيْم، وابْن جَوْصا، وجماعة. وكان ثقة. تُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل. رَوَى عَنْهُ: ابنه مُحَمَّد، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد الحنّائي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي وَأَبُو القاسم الحنّائي، وإِبْرَاهِيم بْن الخضر الصائغ. قَالَ الكتاني: كان ثقةً ثَبْتًا. 143- "الْحُسَيْن"2 بْن عَلِيّ بْن النُّعْمَان، أَبُو عَبْد اللَّه، قاضي قضاة مملكة الحاكم. ولي سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وعزل في سنة أربع وتسعين، وفي أول سنة خمس قتله الحاكم وأحرق جثّته، ووُلِّي بعده ابن عمّه عَبْد العزيز.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 88". 2 في الأصل "الحسن".

144- الحسين بن محمد إِسْمَاعِيل بْن أَبِي عابد، أَبُو القاسم الكوفي1. سَمِعَ: أحْمَد بْن عثمان الْأدمي، واليَمَان بْن محمد الغوثي، وزيد العامري. رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم التنوخي وقَالَ: كَانَ ثقة، وُلِّي قضاءَ الكوفة نيابةً، وكان حنفيًّا، فاضلا، زاهدًا. "حرف الدال": 145- دَاوُد بْن رضوان، أَبُو عَلِيّ السَّمَرْقَنْدِيّ الفقيه الحنفي. تفقّه بالعراق، وسمع من ابن داسة السُّنَن، ودرّس بنيسابُور دهرًا، وحدّث. وتُوُفِّي فِي رجب. "حرف السين": 146- سَعِيد بْن نصر، أَبُو عثمان مولى النّاصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد الأموي2. روى عن: قاسم بن أصبغ، وأحمد بن مَطَرِّف، وأَحْمَد بْن دُحَيْم، ومُحَمَّد بْن معاوية، وطائفة. وعُنِي بالرّواية والضَّبْط، وكان ثقة. رَوَى عَنْهُ: ابن عَبْد البَرّ، وَأَبُو عَمر بْن الحذّاء، وآخرون، ونَيِّف عَلَى الثمانين فِي ذي الحجّة. أثنى عَلَيْهِ ابن عَبْد البَرّ، قَالَ: أحسن التّقييد والضَّبْط، وكان من أهل الورع والفضل، رحمه الله. "حرف الشين": 147- شَيْبَةُ بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن شعيب بْن هارون، أَبُو مُحَمَّد الشعيبي. سَمَّعه أَبُوهُ من عَبْد اللَّه بْن الشرفي، وعَلِيّ بْن محمد الوراق، وجماعة. توفي في المحرم.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 103"، والمنتظم "7/ 229". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 207".

"حرف العين": 148- عاصم بْن يحيى النيسابُوري الزّاهد. سَمِعَ: أَبَا حامد بْن بلال، وجماعة. قَالَ الحاكم: وحدّثني أَبُو حازم العبدري أَنَّهُ كتب بخطّه ألف مُصْحَف. 149- عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد بْن الْحُسَيْن النيسابوري الحنبلي الواعظ. حدث عن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان وأقرانه، وأفتى نَيِّفًا وخمسين سنة. تُوُفِّي فِي رجب. 150- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أسد، أَبُو مُحَمَّد الْجُهَني الطُّليْطِلي الْأندلسي الفقيه1 المالكي المغربي، أحد الْأعلام، البزّار، ثقة أديب ومحدّث مُسْنَد. سَمِعَ من: قاسم بْن أَصْبَغ وغيره، ورحل فسمع بمصر عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، وابْن السَّكَن، وبمكّة أحْمَد بْن أَبِي الموت صاحب عَلِيّ بْن عَبْد العزيز، وكان لا يُعيِرُ كتابًا إلا لمن "يثق بِهِ"2، ولا يسمع من غير كتابه، ويحّب التلاوةَ فِي المُصْحَف، وقد امتُحِن أيَّام المنصور "ابن"3 أَبِي عامر بالحَبْس والقَيْد، والإخراج من الْأندلس. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وهو من كبار شيوخه، وَأَبُو المُطَرِّف بْن فُطَيْس، وَأَبُو عُمَر بْن الحذَّاء، ومُصْعَب بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الفَرَضِيّ، والخَوْلاني وآخرون. وُلِد سنة عشرٍ وثلاثمائة، وتوفي في آخر السنة. 151- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جعفر، أبو الحسن البزاز4.

_ 1 تاريخ علماء الأندلس "1/ 248". 2 في الأصل "يثقه". 3 ساقطة من الأصل. 4 تاريخ بغداد "10/ 128"، والمنتظم "7/ 230".

سَمِعَ: ابن "عُبَيْد"1 ومُحَمَّد بْن مَخْلَد. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو القاسم الْأزْجِي. وقَالَ الْأزْجِي: ثقة. 152- عَبْد الرَّحْمَن بْن طلحة بن حمد بْن عيسى أَبُو عُمَر التيمي الطَّلْحي الْإصبهاني. رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أسيد، والفضل بْن الخصيب، وابْن الجارود. رَوَى عَنْهُ: شُرَيْح الذكّواني. 153- عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان، أَبُو المُطَرِّف القُشَيْري القُرْطُبي الحيّان2. رَوَى عَنْ: عاصم بْن أَصْبَغ، وأَحْمَد بْن ثابت القُرْطُبي التَّغْلِبي، وسعيد بْن عثمان. وحجّ سنة خمسٍ وخمسين. وكان صالحًا منقبِضًا زاهدًا ثقة، وروى الكثير. رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب، وَأَبُو إِسْحَاق بْن شنظير، وَأَبُو عَمْرو الدّاني. مولده سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة بقرية راشد. 154- عَبْد الوارث بْن سُفْيَان بْن جُبْرُون، أَبُو القاسم القُرْطُبي المعروف بالحبيب3. سَمِعَ من: قاسم بْن أَصْبَغ أكثر رواياته، وكان أوثق النّاس فِيهِ، وأكثرهم ملازمةً لَهُ، وسمع أيضًا من وهب بن مسرة، ومحمد بن عبد الله بن أَبِي دُلَيْم. رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه الْأصيلي فِي غير موضع من كتاب الدلائل وَأَبُو عمران الفاسي الفقيه، وَأَبُو عمر بْن الحذّاء، وَأَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ. وقَالَ ابن الحذّاء: كَانَ شيخًا صالحًا عفيفًا، يعيش من ضَيْعَة ورِثها من أَبِيهِ، وقَالَ: "مولده"4 سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وأوّل سماعه سنة ثلاثٍ وثلاثين، وتُوُفِّي لخمسٍ بقين من ذي الحجة.

_ 1 في الأصل "عبده". 2 تاريخ علماء الأندلس "1/ 265". 3 سير أعلام النبلاء "17/ 84"، وشذرات الذهب "3/ 145". 4 في الأصل "وولدي".

وقَالَ ابن عَبْد البَرّ: قرأت عَلَيْهِ تاريخ أحْمَد بْن أَبِي خَيْثَمة، عَنْ قاسم بْن أَصْبَغ، عَنْهُ، وقرأت عَلَيْهِ مُوَطَّأَ ابْن وهب، ثلاثون كتابًا، عَنْ قاسم بْن أَصْبَغ، عَنْ ابن وَضَّاح، عَنْ سَحْنُون، عَنْهُ، وقرأت عَلَيْهِ مُوَطَّأَ يحيى بْن بُكَيْر، وأجزاء كثيرة. 155- عَلِيّ بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن الشيرازي المقرئ المعروف بالمُقَّنعي1، نزيل بغداد، ووالد أَبِي مُحَمَّد الجوهري. حدّث عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن علي الهُجَيْمي، وقرأ بالبصرة عَلِيّ ابن "خشنام"2، وببغداد عَلَى عَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم، وتصدّر للإقراء. قَالَ ابنه: قَالَ لي أَبِي: ما طلع الفجر عليّ إلا وأنا أدرس القرآن. مات فِي المحرَّم. 156- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مهران، أَبُو الْحَسَن التَّيمي. عَنْ: أَبِي عَلِيّ الصّحّاف، وأَبِي عَمْرو بْن حكيم، وأَحْمَد بْن شعيب. مات فِي شعبان بإصبهان. روى عنه: سعيد البقال. "حرف الميم": 157- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي النَّجُود، أَبُو الفرج البغدادي المقرئ، نزيل الدّيار المصرية. أخذ القراءة عَرْضًا وسماعًا عَنْ أَبِي طاهر بْن أَبِي هاشم، وسمع منه كُتُبه، وروى الحروف عَنْ أحْمَد بْن جَعْفَر الختلي، وسمع من دَعْلَج السِّجْزي وجماعة. قرأ عَلَيْهِ جماعة بمصر، وخرج منها قبل موته بيسير إلى الشام، فتوفي سنة خمسٍ، أو ستٍ وتسعين. رحمه اللَّه. 158- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْعَبَّاس، أَبُو الْحَسَن الْأخميمي "الْمَصْرِيّ"3. سَمِعَ: مُحَمَّد بن زبان بن حبيب، وعلي بن أحمد علان، ومحمد بن عبد الله

_ 1 الأنساب "11/ 450". 2 في الأصل "حشنام". 3 في الأصل "البعري".

ابن سعيد المهراني، وإِسْمَاعِيل بْن دَاوُد بْن وردان، وأَبَا جَعْفَر أحْمَد بْن مُحَمَّد الطَّحاوي، ومُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل المهندس، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي ثلاثة أجزاء لطاف، وتُوُفِّي فِي ذي القِعْدَة. 159- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حمدان، أَبُو أحْمَد المَراري النيسابُوري المعدِّل1. رَوَى عَنْ: مكّي "بْن"2 عَبْدان، والمَحَامِلي، وأَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدة، وغيرهم. رَوَى عَنْهُ: أَبُو سعد الكَنْجَرُوذِي تُوُفِّي فِي جُمَادَى الآخرة. 160- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى، أَبُو نصر المَلاحِمي الْبُخَارِيّ3. حدّث بنيسابُور وبغداد، عَنْ محمود بْن إِسْحَاق "عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ كتاب القراءة وراء الإمام"4، وكتاب رَفْع اليدين فِي الصّلاة لَهُ، وروى أيضًا عَنْ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب الفقيه، وعَلِيّ بْن قُرَيْش، وسهل بْن السّرِيّ الحافظ، والهيثم بْن كليب الشاشي، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وَأَبُو العلاء الواسطي، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حسنون النَّرْسي، وعَبْد الصَّمد بْن عَلِيّ بْن المأمون، وجماعة. وقَالَ أَبُو العلاء: تُوُفِّي أَبُو نصر، وكان من أعيان المحدّثين وحُفَّاظهم فِي سنة خمسٍ وتسعين. زاد غيره: فِي جمادي الآخرة. وولد سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة. 161- مُحَمَّد بْن أَبِي يعقوب إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن مَنْدَهْ5. واسم مَنْدَهْ: إِبْرَاهِيم بْن الوليد بْن سَنْدَه بْن بُطّه بْن أُسْتَنْدار الحافظ الكبير، أَبُو عَبْد اللَّه العَبْدي الْإصبهانيّ. رحل وطوَّف الدُّنيا، وجمع، وصنَّف، وكتب ما لا ينحصر، وحدث عن أبيه،

_ 1 الأنساب "11/ 222". 2 في الأصل "عن". 3 المنتظم "7/ 230"، وسير أعلام النبلاء "17/ 86"، وتاريخ بغداد "1/ 350". 4 ساقطة من الأصل والاستدراك من تاريخ بغداد. 5 ذكر أخبار أصبهان "2/ 306"، والبداية والنهاية "11/ 336"، والمنتظم "7/ 232"، والعبر "3/ 95"، وميزان الاعتدال "3/ 26".

وعمّ أَبِيهِ عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى، وأَبِي عَلِيّ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن النَّضْر، ومُحَمَّد بْن حمزة بْن عمارة، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطان، أبي حامد بن بلال، وأبي سعيد بن الْأعْرابي، وخَيْثَمة، والأصمّ، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وابْن البَخْتَرِي، والهيثم بْن كُلَيْب الشّاشي، وأَبِي الطّاهر أحْمَد بْن عُمَر المَدِيني، وأَبِي الميمون بْن راشد الدمشقي، وابْن حَذْلَم، وأَبِي عَمْرو أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حكيم المديني، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن محبوب المَرْوَزِي، وعثمان بْن أحْمَد بْن السّمّاك، وعَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن الصّباح، وأبي طاهر محمد بن الحسن المَجْداباذي، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن حفص الْإصبهاني، وخلق كثير، لقيهم بإصبهان وخُرَاسان والعراق والحجاز ومصر والشام وبُخَارَى، وبقي فِي الرّحلة نَيِّفًا وثلاثين سنة، وأقام بما وراء النَّهر زمانًا. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الشَّيْخ، وهو من شيوخه، والحاكم أَبُو عَبْد اللَّه، وتمّام الرّازي، وحمزة السَّهْمي، وَأَبُو نُعَيْم، ومُحَمَّد بْن أحْمَد غُنْجَار، وأَحْمَد بْن الفضل الباطَرْقَانِي، وأَحْمَد بْن محمود الثقفي، وَأَبُو الفضل عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد العجلي الرّازي، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المَرْزُبَان، وعُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر المعداني، وعَبْد الواحد بْن أحْمَد بْن البقّال، والمطَّهر بْن عَبْد الواحد البزّاني، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر النّقّاش، والفضل بْن عَبْد الواحد الخيّام، وَأَبُو طاهر المنتجع بْن أحْمَد، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر الطَّهْراني، وَأَبُو المظفَّر عَبْد اللَّه بْن شبيب المقرئ، وشجاع بْن عَلِيّ المصقليّ، وأخوه أحْمَد، وزياد بْن مُحَمَّد بْن زياد الجلاب، وَأَبُو سهل حَمْد بْن أحْمَد، "وعائشة"1 بِنْت الْحَسَن الوَركانيّة، وبنوه عُبَيْد اللَّه، وعَبْد الرَّحْمَن، وعَبْد الوهاب، وخلْق سواهم. قَالَ الباطَرْقَانِي: ثنا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق العَبْدي إمام الْأئمّة لَقَّاه اللَّه رضوانه2. وقَالَ الحاكم: أوّل خروجه إلى العراق من عندنا، سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، فسمع بها، وبالشّام، وأقام بمصر سنين، وصنّف التاريخ والشيوخ، ثم التقينا ببُخَارَى، وقد زاد زيادة ظاهرة، وجاءنا إلى نيسابُور سنة أربعٍ أو خمسٍ وسبعين، ثم خرج إلى وطنه.

_ 1 في الأصل "ولكين عائشة". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 1033".

وقَالَ عَبْد اللَّه بْن أحْمَد السُّوذَرْجاني: سَمِعْتُ ابن مَنْدَه يَقُولُ: "كتبت"1 عَنْ ألف شيخ، لم أر فيهم أتقن من أبي أحمد العَسَّال. وقَالَ الحاكم: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ النيسابُوري يَقُولُ: أَبُو عَبْد اللَّه، من بيت الحديث والحِفْظ، وأحْسَنَ الثَناءَ عَلَيْهِ، وقَالَ: ألا ترون إلى قريحته2؟ وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد التيمي الحافظ: سمعت عمر السمناني غير مرة يقول: ذكر أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه عند أَبِي نُعَيْم، فَقَالَ: جبلا من الجبال. وقَالَ ابن طاهر: سَمِعْتُ سَعِيد بْن عَلِيّ الحافظ بمكّة يَقُولُ: وسُئل عَنِ الدَّارَقُطْنيّ، وابْن مَنْدَه، والحافظ عَبْد الغني بْن سَعِيد، فَقَالَ: أمّا الدارقطني فأعلمهم بالعِلَل، وأمّا ابن مَنْدَه فأكثرهم رِوايةً، مَعَ المعرفة التامّة، وأمّا الحاكم فأحسنهم تصنيفًا، وأمّا عَبْد الغني فأعرفهم بالأنساب. وقَالَ أَبُو عَبْد اللَّه بْن ذُهْل الهَرَوِي: سَمِعْتُ ابن مَنْدَه يَقُولُ: لا يخرّج الصحيح إلا من ينزل أو يكذب. وقَالَ أحْمَد بْن الفضل الباطَرْقَانِي: كتب أَبُو أحْمَد العَسَّال إلى عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه وهو بنيسابُور، فِي حديث أشْكِل عَلَيْهِ، فأجابه بإيضاحه، وبيان عِلَله3. وذكر غير واحد، عَنْ أَبِي إِسْحَاق بن حمزة الحافظ أَنَّهُ قَالَ: ما رَأَيْت مثل أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه. قلت: أَبُو إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن حمزة. تُوُفِّي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، وقد روى مع تقدمه عن ابن مَنْدَه، وقد قَالَ فِيهِ ابن مَنْدَه: ما رَأَيْت أحفظ منه. وقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه: كتب أَبِي عَنْ أربعة من شيوخه، عَنْ كلّ واحدٍ ألف جُزْء. كتب عَنِ "ابن"4 الأعراب بمكّة ألف جُزْء وعن خَيْثَمة بأطْرَابُلُس ألف جزء،

_ 1 في الأصل "كتب". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 1033". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 1034". 4 ساقطة من الأصل.

وعن أبي العباس الأصم بنيسابور ألف جُزْء، وعن الهَيْثَم بْن كُلَيْب ببُخَارَى ألف جُزْء. وسمعت أَبِي يَقُولُ: كتبت عَنْ ألفٍ وسبعمائة شيخ. وقَالَ جَعْفَر بْن مُحَمَّد المُسْتَغْفِري الحافظ: ما رَأَيْت "أحفظ من"1 ابن مَنْدَه، سَأَلْتُهُ ببُخَارَى: كم تكون سماعات الشَّيْخ؟ قَالَ: تكون خمسة آلاف مَنٍّ. وقَالَ أحْمَد بْن جَعْفَر الْإصبهاني الحافظ: كتبت عَنْ أكثر من ألف شيخٍ، ما فيهم أحفظ من أَبِي عَبْد الله مَنْدَه. وكان أَبُو عَبْد اللَّه قد تزوج فِي عَشْر الثمانين، فولد لَهُ عَبْد الرَّحْمَن، وعبيد الله، وعبد الرحيم، وعبد المهاب. وقَالَ شيخ الْإسلام أَبُو إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ: أَبُو عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه، سيّد أهل زمانه2. وقَالَ الحافظ أَبُو زكريا يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَه: كنت مَعَ عمّي عُبَيْد اللَّه فِي طريق نيسابُور، فلما بلغنا بير مجنة، قال عمي: كنت مرة ههنا، تعرّض لي شيخ جمّال، فَقَالَ: كنت قافلا عَنْ خُرَاسان مَعَ أَبِي، فلما وصلنا إلى هنا، إذا نَحْنُ بأربعين وقْرًا من الْأحمال، فظننّا أَنَّهُ منسوج الثّياب، وإذا خيمة صغيرة، فيها "شيخ"3، فإذا هُوَ والدك، فسأله بعضنا عن تلك الأحمال، فقال: هذا متاع، قَلّ مَن يرغب فِي هذا الزمان فِيهِ، هذا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. وقَالَ الباطَرْقَانِي: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: طُفْتُ الشَّرقَ والغرب مرّتين، وكنت مَعَ جماعة عند أَبِي عَبْد اللَّه فِي الليلة التي تُوُفِّي فيها، ففي آخر نَفَسِه، قَالَ واحد منَّا: لا إله إلا اللَّه، يريد تلقينه، فأشار بيده إِلَيْهِ دفعتين ثلاثة، أيْ: أُسْكُت، يقال لي مثل هذا؟! وتُوُفِّي ليلة الجمعة، سلْخ ذي القعدة. قلت: وكان أَبُو نُعَيْم كثير الحَطّ عَلَى ابن مَنْدَه، لمكان المعتقد واختلافهما في المذهب، فَقَالَ في تاريخه: ابن منده، حافظ من أولاد المحدّثين، تُوُفِّي فِي سلْخ ذي

_ 1 في الأصل "أحفظ منه من". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 1034". 3 ساقطة من الأصل والاستدراك من تذكرة الحفاظ. 4 تذكرة الحفاظ "3/ 1035".

القعدة، واختلط فِي آخر عمره، فحدث عَنْ أَبِي أُسَيْد، وعَبْد اللَّه ابن أخي أَبِي زُرْعَة، وابْن الجارود، بعد أن سَمِعَ منه أنّ لَهُ عَنْهُمْ إجازة، وتخبّط فِي أماليه، ونَسَبَ إلى جماعة أقوالا فِي المعتقد لم يعرفوا بها، نسأل اللَّه السَّتْر "والصّيانة"1. قلت: أي واللَّه، نسأل اللَّه السّتْر وتَرْكَ الهَوَى والعَصَبِيَّة. وسيأتي فِي ترجمته شيء من تضعيفه، فليس ذَلِكَ موجبًا لضَعْفه، ولا قوله مُوجِبًا لضعف ابن منده، ولو سمعنا كلام الأقران، بعضهم في بعض لا تسع الخَرْقُ. 162- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن العلوي، تقدّم فِي سنة 393 وأرّخه غُنْجار فِي هذه السّنة. 163- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الفضل بْن مُحَمَّد بْن عقيل، أَبُو نصر الخُزَاعِي النيسابُوري. سَمِعَ: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن القطّان، والأصمّ، وتُوُفِّي فِي رجب، بعد أن حدث سنين. روى عَنْهُ: أَبُو يَعْلَى الصّابوني. 164- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن القصّار الخلقاني النيسابُوري. سَمِعَ: الْأصمّ، وأَبَا بَكْر بْن إِسْحَاق الضَّبُعي، وحدّث فِي رمضان. 165- مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أَبُو عَلِيّ البَلاذُرِيّ. تفقه عَلَى: أَبِي إِسْحَاق المَرْوَزِي ببغداد، وسمع من: الشِّبْليّ، والموجودين. لقيه الحاكم ببُخَارَى، ثم نيسابُور، ونزل عند القاضي أَبِي بَكْر الحيري. مات فِي نصف المحرَّم، وكان من كبار الشّافعيّة. 166- مُحَمَّد بْن القاسم، أَبُو منصور النيسابُوري. عَنِ: الْأصمّ، وأَبِي مُحَمَّد الفاكهي الْمَكِّيّ. وخرجوا له فوائد، وتوفي في ذي القعدة.

_ 1 في الأصل "ترجمة".

"حرف الياء": 167- يعقوب بْن أَبِي إِسْحَاق القرّاب الهَرَوِي، أخو الحافظ إِسْحَاق وإِسْمَاعِيل. رَوَى عَنْ: أَبِي الفضل بْن حِمْيَرَوَيْه، ومات شابًا، رحمه اللَّه. قَلَّ مَن حمل عَنْهُ. وَفَيَات سنة ست وتسعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 168- أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْن "شريعة"1 أَبُو عُمَر اللَّخْمِي الْأشبيلي المعروف بابن "البّاجي"2 الحافظ3. سَمِعَ من أَبِيهِ جميع ما عنده، من ذَلِكَ مصنّف أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة، جميعه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن يونس القَبري، عَنْ بقيّ، عَنْهُ. قَالَ الخَوْلاني: كَانَ عارفًا بالحديث ووجوهه، إمامًا مشهورًا، لم تر عيني مثله فِي المحدثين وقارًا وسَمْتًا، رحل مَعَ ابنه مُحَمَّد، ولقي شيوخًا جُلَّة، ووُلّي أَبُو عُمَر قضاءَ إشْبِيلْيَة مدَّة يسيرة، ثم رحل إلى قُرْطُبَة فاستوطنها، وأخذنا عَنْهُ كثيرًا، وكان مولده سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي حادي عشر المحرَّم، سنة ستٍ وتسعين، وشهدتُ جنازته فِي محفل عظيم من وجوه النّاس وكُبَرَائهم. وقَالَ عَبْد الغني بْن سَعِيد فِي "مشتبه النسبة"4: أَبُو عُمَر هذا كتبتُ عَنْهُ وكتب عني. وحدّث أيضًا عَنْ: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وقَالَ: كَانَ يحفظ "غريب"5 الحديث لأبي عُبَيْد وابْن قُتَيْبَة حِفْظًا حَسَنًا، وشاوره ابن أَبِي الفوارس القاضي فِي الْأحكام وهو ابن ثماني عشرة سنة، وجمع لَهُ أَبُوهُ علوم الْأرض، ولم يحتج إلى أحد، إلا أنه

_ 1 في الأصل "سريعة". 2 في الأصل "الناجي". 3 سير أعلام النبلاء "17/ 74"، وشذرات الذهب "3/ 147"، والعبر "3/ 60". 4 في الأصل "سه السه". 5 في الأصل "غريي".

رحل متأخرًا، ولقي فِي الرحلة أَبَا بَكْر بْن إِسْمَاعِيل المهندس، وأَبَا العلاء بْن ماهان. قَالَ: وكان فقيه عصره، وإمام زمانه، لم أر بالأندلس مثله1. وقَالَ ابن عَبْد البَرّ: كتبت عليه مصنفات ابن أبي شيبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، رحمه اللَّه. وكان إمامًا فِي الْأصُول والفروع. رَوَى عَنْهُ ابنه مُحَمَّد. 169- أحْمَد بْن بيري الواسطي. ترجمته في بضع وأربعمائة، قَالَ لنا ابن الخلال: أَنَا جَعْفَر، نا السِّلَفي قَالَ: سَأَلت خميسًا الجوربي، عَنِ ابن بيري فَقَالَ: هُوَ أَبُو بَكْر أحْمَد بْن عُبَيْد بْن الفضل بْن سهل بْن بيري. سَمِعَ البَغَوي، وابْن أَبِي دَاوُد، وابْن صاعد الصولي، وابن مبشر الواسطي، وكان ثقة. كُفَّ بآخر عمره. آخر من حدّث عَنْهُ بواسط أَبُو الْحَسَن بْن مَخْلَد، والداني المفضّل. قَالَ خميس: قَالَ لي أَبُو المعالي ابن سانده: وُلِدْتُ فِي السنة التي مات فيها أَبُو بَكْر بْن بيري سنة ستٍ وتسعين. 170- أحْمَد بْن "موفق"2 أَبُو القاسم الْأمويّ القُرْطُبي. رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، ووهب بْن مَسَرَّة. حجّ فسمع من: حمزة الكناني، وأَبِي بَكْر الْأجُرِّي. مات فِي عَشْر الثمانين. 171- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زكريّا الْأستاذ، أَبُو الْعَبَّاس الفَسَوِي الزّاهد، شيخ الحرم3. سَمِعَ: ابن عَدِيّ الْجُرْجَاني، وأَحْمَد بن عطاء الروذباري، وجمح بْن القاسم الدمشقي، وأَبَا بَكْر الرّبعي، وطائفة بالشام والعراق والعجم. رَوَى عَنْهُ: أَبُو نصر بْن الحبّان، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو يَعْلَى إِسْحَاق الصَّابُونِي، وطائفة. قَالَ الخطيب، كَانَ ثقة، ثنا عنه أبو محمد الخلال وغيره.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 1059". 2 في الأصل "موسى". 3 تاريخ بغداد "5/ 9"، وتهذيب التهذيب "2/ 50".

172- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، أَبُو الْحَسَن بْن الجندي النهشلي البغدادي1. وُلِد فِي آخر سنة ست وثلاثمائة، وسمع من أَبِي القاسم الْأزهري، "وأَبِي"2 مُحَمَّد الخلال، وأَبِي الْحُسَيْن بْن النقّور، وآخرون. قَالَ الْأزهري: حضرته وهو يُقْرَأ عَلَيْهِ كتاب ديوان الْأنواع الَّذِي جَمَعَهُ، فَقَالَ لي ابن الْأبنوسي: لَيْسَ هذا سماعه، وإنّما رَأَى "نسخة عَلَى"3 ترجمتها "اسم"4 وافق اسمه فادَّعَى ذَلِكَ. وقَالَ العتيقي: تُوُفِّي فِي جمادي الآخرة، وكان يُرْمَى بالتشيُّع، وكانت لَهُ أُصُول حِسان. 173- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الشَّرَفي الحَضْرَمِي، خطيب قُرْطُبَة، أَبُو إِسْحَاق5. رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن مَطَرِّف، وأَبِي عيسى الليثي، وجماعة، وكان مجلسه محتفلا بوجوه النّاس وطلبة العلم، وكان ذكيًّا حافظًا، ولكنْ أصابه فالجٌ وخَرَسٌ، وكان إِلَيْهِ شُرْطة قُرْطُبَة، وكان ابن عامر الحاجب يَقُولُ: إنه يَصْلُحُ لكلّ أمر. 174- إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه بْن إسحاق "النصري"6، أبو يعقوب الحنفي، شيخ الحنيفة وعالمهم بجُرْجَان. يَرْوِي عَنْ: دَعْلَج، وابن عَلِيّ بْن الصّوّاف. وتُوُفِّي فِي المحرَّم. 175- إِسْمَاعِيل بْن أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن الْعَبَّاس، العلامة، أَبُو سَعِيد الإسماعيلي الْجُرْجَاني الفقيه، شيخ الشافعية بجرجان7.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 77"، والعبر "3/ 60". 2 في الأصل "أبو". 3 في الأصل "على نسخة على". 4 في الأصل "اسما". 5 الصلة لابن بشكوال "1/ 88". 6 في الأصل "البصري". 7 تاريخ جرجان "147"، وتاريخ بغداد "6/ 309"، والبداية والنهاية "11/ 336".

كَانَ مقدَّمًا فِي الفقه والعربية، كثير التصانيف، رئيسًا مُفَضَلا عَلَى أهل العِلْم. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وابْن عَدِيّ، وأَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وابْن دُحَيْم الشَّيْباني، وأَحْمَد بْن كامل بْن شجرة، وعن مُحَمَّد بْن حفص الْمَكِّيّ، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: بنوه الفضّل، والسّريّ، وسعد، ومسعدة، وَأَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وحمزة بْن يوسف السَّهْمي، وخلْق سواهم. وثّقه الخطيب وغيره. قَالَ القاضي أَبُو الطيب: ورد الإمام أَبُو سعد بغداد، فأقام بها، ثم حجّ. عقد لَهُ الفقهاء مجلسين، فولي أحدهما أَبُو حامد الإسفراييني، والآخر أبو محمد البافي1. وتُوُفِّي فِي نصف ربيع الآخر ليلة الجمعة، وله ثلاثٌ وستُّون سنة، وممّا أكرمه اللَّه بِهِ أَنَّهُ مات، وهو فِي صلاة المغرب يقرأ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ففاضت نفسه2. قَالَ حمزة السَّهْمي: كَانَ إمام زمانه، مقدَّمًا فِي الفقه والعربيّة والكتابة والشُّروط والكلام، صنَّف فِي أصول الفقه كتابًا كبيرًا، وتخرّج على يده جماعة، مع الورع الثخين، والمُجَاهَدَة والنُّصْح للإسلام، والسَّخاء، وحُسْن الخُلُق، بالغ السَّهْمي فِي تقريظه. 176- إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن حمدان بن نوح. أبو إبراهيم المهلبي الْبُخَارِيّ الخطيب. رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الحارثي، وجماعة. وعنه: أَبُو القاسم الْأزهري، والْحُسَيْن أخو الخلال، وغيرهما. "حرف الحاء": 177- حاتم بْن عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن حاتم بن فرانك، أبو بكر القرطبي البزار3.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 310"، والمنتظم "7/ 231". 2 تاريخ جرجان "107"، والمنتظم "7/ 231"، والبداية والنهاية "11/ 336". 3 تاريخ علماء الأندلس "1/ 108".

ولد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وحدّث عَنْ أحْمَد بْن خَالِد بْن الحُبَاب، وعَبْد اللَّه بْن يونس القبري، والْحَسَن بْن سعد، وعُمِّر دهرًا. رَوَى عَنْهُ القاضي أَبُو عمر بن الحذاء وقال: أظنه مات سنة ست وتسعين. "حرف الشين": 178- شعيب بن محمد بن شعيب، أبو صالح العجلي البَيْهَقي، وكان أَبُوهُ فقيه عصره للشّافعيّة بنيسابُور1. وسمع شعيب من: أَبِي نُعَيْم عَبْد الملك بْن عَدِيّ، ومُحَمَّد بْن حمدون، وأَبِي حامد بْن الشرفي، ومكيّ بْن عَبْد الله، وبالعراق من أبي بكر بن الْأنباري، وأَبِي عَبْد اللَّه المَحَامِلي، وروى الكثير بنيسابُور. رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وقَالَ: تُوُفِّي فِي صفر، وولد سنة تسع وثلاثمائة، وأبو عثمان سعيد البحيري. "حرف الطاء": 179- طَالِب بْن عثمان، أَبُو أحْمَد الْأزْدِيّ النَّحْوِيّ البغدادي المؤدّب2. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي، وأبا بكر بن الْأنباري، والمَحَامِلي. رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مُحَمَّد المالكي، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْحُسَيْن العطّار، وجماعة، وآخرهم أبو الحسين بن المهتدي الخطيب. "حرف العين": 180- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد، أَبُو زيد القُرْطُبي العطّار3. وروى عَنْ: أحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم الصَّدَفي، وأَحْمَد بْن المُطَرِّف بْن أَبِي عيسى، وجماعة، وحجّ، وسمع من حمزة الكناني، وبكر بن الحداد، وأبي حفص

_ 1 الأنساب "2/ 382". 2 تاريخ بغداد "9/ 365". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 306".

عُمَر الْجُمَحي، والْحَسَن بْن الخضر الْأسيوطي، وسمع النّاس منه كثيرًا. قال ابن بشكوال: كَانَ ثقة كثير السّماع. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق بْن شنظير، وَأَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وعاش سبعين سنة، رحمه اللَّه. 181- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن أصبغ، أَبُو المُطَرِّف الْأمويّ1. رَوَى فِي هذه السّنة بالأندلس، عَنْ أَبِي الْحَسَن الدَّارَقُطْنيّ. حدّث عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف الرفاء. 182- عَبْد الوهاب بْن الْحَسَن بْن الوليد بْن مُوسَى الكلابي المحدّث2، أَبُو الْحُسَيْن الدمشقي المعروف بأخي "تبوك"3. رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن خُرَيْم، وطاهر بْن مُحَمَّد، وسعيد بْن عَبْد العزيز، وأَبِي الْجَهْم بْن طِلاب، وأَبِي الْحَسَن بْن جَوْصا، وإِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان، وأَبِي عُبَيْدة أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن ذكوان، ومُحَمَّد بْن بكّار السَّكْسَكي، وخلْقٍ سواهم. رَوَى عَنْهُ: تمّام، وعَبْد الوهاب الميداني، ورشأ بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وأبو قاسم بْن الفرات، وَأَبُو القاسم السّميساطي، وَأَبُو القاسم الجنابي، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حَسْنُون النَّرْسي، وخلق كثير. وُلِد فِي ذي القعدة، سنة "ثلاث"4 "وثلاثمائة"5، وتُوُفِّي فِي ربيع الْأوّل، عَنْ تسعين سنة. قَالَ عَبْد العزيز الكتّاني: وكان ثقة نبيلا. قلت: كَانَ مُسْنِد وقته بدمشق. 183- عَلِيّ بْن جَعْفَر، أَبُو الْحُسَيْن السِّيرَوَاني الصُّوفِي الزّاهد، المجاور بمكة6. في سلخ المحرم كان موته.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 306". 2 الإكمال "4/ 572"، والعبر "3/ 61"، والنجوم الزاهرة "4/ 214". 3 في الأصل "نيزك". 4 ساقطة من الأصل. 5 في الأصل "ثلاثين" وهو خطأ. 6 طبقات الصوفية "51، 259، 343".

قَالَ الحبّال: إنه بلغ من السّنّ مائة وإحدى عشرة سنة، حدثونا عَنْهُ، وحدّث عَنْ إِبْرَاهِيم الخوّاص. وقَالَ السُّلَمي فِي تاريخه: هُو من ثقات الشّيوخ بناحيته، معدوم القرين، صحِب الشِّبْليّ. أَخْبَرَنَا ابن الخلال، أَنَا جَعْفَر، أَنَا العثماني، حدّثني أَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر الْقُرَشِيّ المقرئ، ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن "عَبْد"1 الباقي بْن فارس، نا أَبُو حفص بْن عِرَاك إمام الجامع العتيق بمصر، قَالَ: كَانَ الشَّيْخ أَبُو الْحَسَن السِّيرَوَاني المجاور يزور إخوانه فِي البلاد، فزارني سنةً، فبينا هُوَ جالس معي، إذ سمعنا ضَوْضَاء فِي الجامع، فقيل لنا: رَجُل سُرِق منه شيء، فاستحضره الشَّيْخ، فسأله عَنْ أمره، فَقَالَ لَهُ: إنّي فقير، ولي عائلة، ففُتح عليّ برداء ودِينارَيْن، فصررتهما فِي الرّداء، فسُرِق ذَلِكَ منّي، فَقَالَ لَهُ انتظر، ثم حرّك الشَّيْخ شفتيه، ورفع طرفه إلى السماء، فما استتم دعائه حتى سمعنا قائلا يَقُولُ: من ضاع منه شيء فلْيَصِفْه ويأخذه، فوصف لَهُ الرجل صفة متاعه، فسلّمه إِلَيْهِ، فَقَالَ الشَّيْخ: خذه وامض. قَالَ ابن عِرَاك: فسألته عمّا دعا بِهِ، فَقَالَ: دعوت باسم اللَّه الْأعظم، فسألته أن يعلّمني إيّاه، فامتنع، ثم قَالَ لي: قل اللَّهمّ إنّا نسألك بأنّ لك الحمد، لا إله إلا أنت، بديع السموات والأرض، ذو الجلال والإكرام، الحي القيّوم، أحرزتُ نفسي بالحيّ الَّذِي لا يموت، وألجأت ظهري للحيّ القيّوم، لا إله إلا اللَّه نِعْم الغافر، اللَّه لَا إله إلَّا أنت سبحانك إني كنتُ من الظّالمين، أفوّض أمري إلى اللَّه، لا حول ولا قوّة إلا باللَّه العليّ العظيم. 184- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يزيد، أَبُو الْحَسَن الحلبي القاضي الفقيه الشافعي، نزيل مصر2. سَمِعَ: جدّه إِسْحَاق، وعَلِيّ بْن عَبْد الحميد الغضائري، وعَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه ابن أخي الإمام، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن نيروز الْأنماطي، ومُحَمَّد بْن نوح الْجُنْدَيْسَابُورِي، ومُحَمَّد بْن الرّبيع الجيزي، وأَبِي بَكْر بن زياد النيسابوري، وجماعة سواهم.

_ 1 ساقطة من الأصل. 2 العبر "3/ 61"، والنجوم الزاهرة "4/ 315".

رَوَى عَنْه: عَبْد الملك بْن عثمان الزّاهد، ورشأ بْن نظيف، والْحُسَيْن بْن عتيق التنيسي، وعَبْد الملك بْن عُمَر البغدادي الرّزّاز، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مكّي، وآخرون. قَالَ أَبُو "عَمْرو"1 الدّاني: رَوَى عَنِ ابن مجاهد كتاب السّبعة، وهو، وشيخنا أَبُو مسلم، آخر من بقي من أصحاب ابن مجاهد. وعُمِّر أَبُو الْحَسَن عمرًا طويلا، حتى نَيِّف عَلَى عشرٍ ومائة فيما بلغني. قلت: وَرَّخ موته القاضي، وقَالَ: يقال إنّه وُلِد سنة خمسٍ وتسعين ومائتين قلت: فعلى هذا يكون قد عاش مائة سنة ونَيِّف سنة. أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَاكِمُ، أَنَا طَاهِرُ بْنُ سَهْلٍ الإِسْفِرَايِينِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ الْأزْدِيُّ، أَنَا عَلِيّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَخِي الْإمَامِ بِحَلَبٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ حَبِيبٍ، يَعْنِي ابْنَ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِصِفَاتِ هَذِهِ الصَّلاةِ، صَلاةِ عِشَاءِ الآخِرَةِ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ. تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرٌ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مِصْقَلَةٍ. 185- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب الْأستاذ، أَبُو الْحَسَن بْن العلاف البغدادي2 المُقرئ، والد أَبِي طاهر بْن العلاف، وجدّ أَبِي الْحَسَن الحاجب. كاد أن "يقرأ"3 عَلَى ابن مجاهد، وابْن شنَّبُوذ، فإنّه وُلِد سنة عشرٍ وثلاثمائة، وعُنِيَ بالقراءات فِي كبره، وقرأ عَلَى النّقّاش، وبكّار بْن أحْمَد ورشد بْن عَلِيّ بْن أَبِي بلال، والْحَسَن بْن دَاوُد النّقّار، وعَبْد الواحد بْن أَبِي هاشم، وسمع من أَبِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد الواعظ وجماعة، وتصدر للإقراء مدة، واشتهر وبعد صيته. قرأ عَلَيْهِ: الحَسَن بْن مُحَمَّد القنطري، وَأَبُو عَلِيّ الشرْمَقاني، والْحَسَن بْن عَلِيّ العطّار، وَأَبُو الفتح بْن شيطا، وآخرون. وثقه الخطيب.

_ 1 في الأصل "عمر". 2 تاريخ بغداد "12/ 95"، والمنتظم "7/ 231". 3 في الأصل "يقوي".

"حرف القاف": 186- قاسم بْن مُحَمَّد بْن قاسم بْن عَبَّاس، أَبُو مُحَمَّد بْن عَسْلُون القُرْطُبي الفَرَّاء1. يقال: مات في السنة الماضية. "حرف الميم": 187- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن بحير بْن نوح، أَبُو عَمْرو البحيري النيسابُوري المُزَكِّي2. سَمِعَ: "أَبَاه"3 الْحُسَيْن، ويحيى بْن منصور القاضي، وعَبْد اللَّه بن محمد الكعبي، ومحمدًا، وعليًّا، وابني المؤمِّل بْن الْحَسَن، ورحل إلى العراق بعد الستين وثلاثمائة، فكتب عَنِ الموجودين. رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وهو أكبر منه، وَأَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلِيّ الواسطيّ ومُحَمَّد بْن شعيب الرّوياني. قَالَ الحاكم: كَانَ من حُفَّاظ الحديث المبرّزين فِي المذاكرة. تُوُفِّي فِي شعبان، وله ثلاثٌ وستون سنة. قلت: رَوَى عَنْهُ ابنه سَعِيد أيضًا، وله أربعون حديثًا، سمعناها بعُلُوٍّ. 188- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْدَوس بْن أحْمَد، أَبُو بَكْر الْأديب النَّحْوِيّ النيسابُوري الفقيه. سَمِعَ: أَبَا عَمْرو الحيري، ومكّي بْن عَبْدان، وابْن الشرفي، وعمّه إِبْرَاهِيم بْن عَبْدَوس. قَالَ الحاكم: عقدت لَهُ مجلس الْأملاء سنة ثمان وثمانين، وتُوُفِّي فِي شعبان سنة ستٍّ وتسعين. قلت: رَوَى عَنْهُ: الحاكم، وأبو القاسم القشيري، وأبو يعلى الصابوني.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 467". 2 العبر "3/ 61"، وشذرات الذهب "3/ 148"، والبداية والنهاية "11/ 336". 3 في الأصل "سمع إبراهيم".

"ومن هذه الطبقة": "حرف الألف": 189- أحْمَد بْن محمد بْن عَبْدَوس1، أَبُو بَكْر الحافظ النَسَوِي نزيل مَرْو. سَمِعَ بدمشق: أَبَا القاسم عَلِيّ بْن أَبِي العَقب، وبُكَيْر بْن الْحَسَن الرّازيّ بمصر، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن يوسف الْجُوَيْني الفقيه، والْحَسَن بْن القاسم المَرْوَزِي، ومُحَمَّد بْن الْحَسَن المَرْوَزِي. ومن طبقتهما: 190- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَوس الحاتمي، أَبُو الْحَسَن النيسابُوري الفقيه الشافعي. سَمِعَ: الْأصمّ، وجماعة. ومات فِي الكُهُولة فِي حياة أبيه، سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وكان من الفُضَلاء. أما: 191- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَوس العنزي الطرائفي صاحب عثمان بْن سعيد الدارمي، فقد ذكر في 346. "حرف الميم": 192- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق النيسابُوري المُطَّوِّعي الكيّال. أصله من جُرْجان. سَمِعَ من: الْأصمّ، وأَبِي عَبْد اللَّه الصّفّار. وكان من الصّالحين. 193- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الفضل بْن المأمون، أَبُو بَكْر الهاشمي العباسي البغدادي2.

_ 1 تهذيب ابن عساكر "2/ 66". 2 تاريخ بغداد "2/ 214"، والعبر "3/ 62"، والنجوم الزاهرة "4/ 215".

سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري، وأَبَا بَكْر بْن الْأنباري، والمَحَامِلي، وجماعة، وهو جدّ أَبِي الغنائم عَبْد الصَّمد بْن عَلِيّ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني، وهبة اللَّه اللالكائي، وعَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن غالب العطّار، وجماعة. "وعاش"1 ستًا وثمانين سنة. وثّقه الخطيب. 194- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن النَّضر، أَبُو بَكْر الديباجي البغدادي2. سَمِعَ: عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر الواسطيّ، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سعدان الواسطي، ومُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي. وعنه: هبة اللَّه اللالكائي، وَأَبُو بَكْر البَرْقَاني. ووثّقه أَبُو الْحَسَن العتيقي. 195- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلِيّ بْن خَلَف بْن زنبور، أَبُو بَكْر الوَرّاق3، من شيوخ بغداد. حدّث عَنْ: أَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، والقاسم البَغَوي، وعُمَر "الدُّوري"4، وابْن صاعد، وغيرهم. رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم الْأزهري، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال، وجماعة آخرهم أَبُو نصر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الزَّيْنَبِي. قَالَ الأزهري: ضعف في روايته عن البَغَوي. وسماعه من الدوري صحيح. وقَالَ العتيقي: فِيهِ تَساهُل. وتُوُفِّي فِي صفر. وقَالَ الخطيب: كَانَ ضعيفًا جدًّا. قلت: وهو راوي البعث لابن أَبِي دَاوُد، "والثاني"5 من مُسْنَد ابن مَسْعُود. 196- مُحَمَّد بْن عيسى بْن مُحَمَّد بْن مُعَلَّى بْن أَبِي ثَوْر، أَبُو عَبْد اللَّه الحضرمي الوراق6، من أهل قرطبة.

_ 1 في الأصل "وعنه عاش". 2 تاريخ بغداد "3/ 92". 3 تاريخ بغداد "3/ 35"، والعبر "3/ 62". 4 في الأصل "الدربي". 5 في الأصل "الباني". 6 الصلاة لابن بشكوال "2/ 481".

رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن مَسْعُود بْن سَعِيد بْن حَزْم، وأَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وجماعة. وكانت لَهُ عناية كبيرة بالرّواية، وكان صالحًا ثقة. ولد سنة سبع عشرة "وثلاثمائة"1. رَوَى عَنْهُ: أَبُو المُطَرِّف بْن فُطَيْس القاضي، وغيره. وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر. ذكره ابن بشكوال، وقد ذكره ابن الفَرَضِيّ فَقَالَ: سَمِعَ من أحْمَد بْن مَطَرِّف، ومُحَمَّد بْن معاوية الْقُرَشِيّ، وكان شيخًا صالحًا حَسَن المعرفة، ثقة. رحمه اللَّه. 197- مُحَمَّد بْن نصر بْن أحْمَد بْن مالك، أَبُو الْحَسَن القطيعي2. رَوَى عَنِ: المَحَامِلي، ويوسف بْن البهلول الْأزرق. رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وغيره وبقي إلى هذه السنة. "حرف النون": 198- نُجَيْح بْن سُلَيْمَان الخَوْلاني الْأندلسي، تُوُفِّي بالأندلس3. "حرف الياء": 199- ياسين بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن ياسين بْن النَّضْر، أَبُو يوسف الباهلي النيسابُوري. سَمِعَ: مكّي بْن عَبْدان، وجماعة. رَوَى عَنْهُ الحاكم في تاريخه. وفيات سنة سبع وتسعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 200- أَصْبَغ بْن الفَرَج بْن فارس، أَبُو القاسم الطّائي القُرْطُبي المالكي4، من كبار المُفْتين بقُرْطُبَة.

_ 1 في الأصل "سبع عشرة سنة وثلاثمائة". 2 تاريخ بغداد "3/ 320". 3 تاريخ علماء الأندلس "2/ 157". 4 الصلة لابن بشكوال "1/ 107"، والعبر "3/ 63"، وشذرات الذهب "3/ 149".

كَانَ من أهل اليقظة والنَّباهة، بصيرًا بالفِقْه. سَمِعَ من: أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وأَبِي مُحَمَّد بْن عَبْد المؤمن، وأَبِي مُحَمَّد الباجي. وُلِّي قضاء بَطَلْيُوس، فأحسن السيرة، ومنهم من يقول: توفي سنة أربعمائة. وكان أخوه حامد من الصُلَحاء القانتين، يُتَبَرَّك بلقائه، عاش بعد أخيه أَصْبَغ خمسةَ أعوام. "حرف الحاء": 201- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو عَلِيّ الصُّوفِي. قَالَ عَبْد الغافر: شيخ قديم، ثقة، كثير الحديث. سَمِعَ: أَبَا بَكْر القطّان، وأَبَا حامد بن بلال، والأصم، وحدث. "حرف الخاء": 202- خَلَف بْن سُلَيْمَان، أَبُو القاسم بْن الحجَّام القُرْطُبي1. كَانَ مجوِّدًا لحرف نافع. قرأ عَلَى: أَبِي الْحَسَن الْأنطاكي، وكان عارفًا برسم المُصْحَف ونَقْطه، بارعًا فِيهِ، ولذلك قِيلَ لَهُ: خَلَف الناقط. "حرف السين": 203- سَعِيد بْن يوسف، أَبُو عثمان الْأمويّ الْأندلسي القَلَعيّ2، من قلعة أيّوب. رَوَى فِي الرحلة عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَمّار الدِّمْياطي، وإبراهيم بْن أَبِي غالب الْمَصْرِيّ، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: الصاحبان، وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 161". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 211".

204- سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن سيد أَبِيهِ، أَبُو عثمان الْأمويّ الْأندلسي1. حجّ وأكثر عَنْ أَبِي بَكْر الْأجُرِّي، وحمزة بْن مُحَمَّد الكتّاني، ولقي بالقَيْروَان عَلِيّ بْن مسرور، وتميم، وكان صالحًا زاهدًا متبتّلا مجاهدًا، أجاز الخَوْلاني فِي هذه السنة. وكان مولده فِي سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة. "حرف العين": 205- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفرج بْن مَتَّوَيْه القِزْوِيني، الفقيه النّسّابة الحافظ. كَانَ متفنّنًا فِي العلوم. سَمِعَ: عَلِيّ بْن مِهْرَوَيْه، وفي الرّحلة من إسماعيل الصفار، وعبد الله بن شَوْذب الواسطي، وجماعة. ووُلِّي قضاءَ خُراسان، وعاش بِضْعًا وسبعين سنة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو يَعْلَى الخليل بْن عَبْد اللَّه. 206- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن دَاوُد، أَبُو مُحَمَّد المَدِيني. شيخ صالح، يَرْوِي عَنِ ابن داسَة. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه، وسعيد السعداني. مات فِي رجب سنة سبعٍ وتسعين. 207- عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم بْن يحيى، أَبُو يَعْلَى الدّبّاس. بغدادي ثقة2. روى عن: القاضي المحاملي. روى عَنْهُ: هبة اللَّه اللالكائي، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، وابْن العريف، وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان المقرئ. 208- عَبْد الحميد بْن مُحَمَّد بْن القاسم الشّاشي الخانكاهي المذكِّر. سَمِعَ من الْأصمّ وطبقته فِي ذي القعدة. 209- عَبْد الرَّحْمَن بْن المُزَكِّي، أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى، أَبُو الْحَسَن النيسابوري3.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 211، 212". 2 تاريخ بغداد "10/ 171". 3 تاريخ بغداد "10/ 302".

حدث بنيسابُور وبغداد، عَنْ: مُحَمَّد بْن حفص بْن عَمْرو بْن الشرفي وأَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وأَبِي بَكْر القطّان، وأَبِي حامد بْن بلال، وجماعة، وخرّجوا عَنْهُ الفوائد. قَالَ الحاكم: تُوُفِّي فِي شعبان، وكان من عقلاء الرجال العُبَّاد. وقَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، ثنا عَنْهُ مُحَمَّد بْن طلحة. قلت: وروى عَنْهُ عُمَر بْن أحْمَد النيسابُوري الحوري، وَأَبُو أحْمَد بْن منصور المقرئ. 210- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن أحْمَد بْن حمة، أبو الحسن البغدادي الخلال1. سَمِعَ: المَحَامِلي، وابْن عُقْدة، وعَبْد الغافر بْن سلامة، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: البَرْقَاني، وعَبْد العزيز الْأزْجِي، وعُبَيْد اللَّه الْأزهري، وأَحْمَد بْن سُلَيْمَان المقرئ وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن المعتدي باللَّه، وطائفة. وثّقه الخطيب، وعنده جملة كثيرة من مُسْنَد يعقوب بْن شَيْبَة، سمعه من حفيده، وقد مرّ أَبُوهُ فِي سنة 36. 211- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، أَبُو القاسم بْن الحاكم أَبِي أحْمَد الْأنماطي المُزَكِّي. نيسابوري، ثقة جليل. رَوَى عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وأقرانه. تُوُفِّي يوم الشَّك. 212- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه، أَبُو المُطَرِّف الرُّعَيْنِي القُرْطُبي المعروف بابن المَشَّاط2. أخذ القراءات عَنْ: أَبِي الْحَسَن الْأنطاكي، وسمع من: خَلَف بْن قاسم وغيره، وكان فاضلا رئيسًا عالمًا متصلا بالدولة، نفق عَلَى المنصور مُحَمَّد بْن أَبِي عامر، ووُلِّي قضاء بَلَنْسِية وغيرها. تُوُفِّي فجأة فِي جمادي الآخرة، وصلّى عَلَيْهِ والده الثَّكْلان بِهِ، وعاش بعده عامين.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 301"، والمنتظم "7/ 234". 2 الصلة لابن بشكوال "307".

213- عَبْد الصَّمد بْن عُمَر، أَبُو القاسم الدِّينَوَرِي، ثم البغدادي الواعظ1. رَوَى عَنْ أَبِي بَكْر النّجّاد. قَالَ الخطيب: ثنا عَبْد العزيز الْأزْجِي، والقاضي أَبُو عَبْد اللَّه الصَّيْمَريّ، قَالَ: وكان ثقة زاهدًا أمَّارًا بالمعروف، ناهيا عَنِ المنكر، صاحب مجاهدات وأوراد ومقامات، وإليه تُنْسَب الطّائفة المعروفة بأصحاب عَبْد الصّمد. قلت: وكان ببغداد فِي زماننا الشَّيْخ عَبْد الصَّمد بْن أَبِي الجيش المقرئ الصّالح، لَهُ أصحاب منهم الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بْن أحْمَد الرّقّي الزّاهد، رحمة اللَّه عَلَيْهِ، والشيخ أَبُو بَكْر المقصاتي المقرئ، وجماعة يُنْسَبُون إِلَيْهِ أيضًا. 214- عَبْد الكريم بْن أحْمَد بْن أَبِي جدار، أَبُو الْحَسَن الْمَصْرِيّ، شيخ مسند. رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن عَبْد الوارث العسّال، وغيره. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِبْرَاهِيم أحْمَد بْن القاسم بْن ميمون الحسيني، وجماعة. تُوُفِّي فِي سلْخ رجب. 215- عَبْد الملك بْن سَعِيد بْن إِبْرَاهِيم بْن معقل بْن الحجّاج، أَبُو مروان النَّسفي. شيخ ثقة، وُلِد سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وسمع من الطّرخاني، ونصر بْن مكّي، وخلف بْن الفتح، والهَيْثَم بْن كُلَيْب. رَوَى عَنْهُ المُسْتَغْفِري فِي تاريخه. 216- عاصم بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن إِسْحَاق، أَبُو نصر بْن أَبِي حاتم الهَرَوِي، وليس هُوَ بالمعصمي. تُوُفِّي فِي شَعْبان. - عَلِيّ بْن أحْمَد بْن عَلِيّ النيسابُوري الشّاهد الحذّاء. سَمِعَ: الْأصمّ، وقتيبة، وطبقته، وحدّث. 217- عَلِيّ بْن أحْمَد بْن طَالِب المعدِّل2. رَوَى عن: أبي سعيد العدوي.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 43"، والبداية والنهاية "11/ 337"، والمنتظم "7/ 235". 2 تاريخ بغداد "11/ 325".

حدث عنه: القاضي، أبو عبد الله الصيمري، وكان معتزليا، صنف في الرد على الرافضة. توفي في سنة سبع وسبعين ظنا في هذه السنة، أو في التي قبلها. 218- علي بن عمر الفقيه، أبو الحسن بن القصار البغدادي المالكي1. روى عن: عَلِيّ بْن الفضل السّتُوري، وغيره. رَوَى عَنْهُ: أَبُو ذَرّ الهَرَوِي، وَأَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن المهتدي باللَّه وغيرهما. ووثقه الخطيب كَانَ من كبار المالكيّة ببغداد. تفقّه عَلَى القاضي أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي. قَالَ أَبُو إِسْحَاق الشيرازي2: لَهُ كتاب فِي مسائل الخلاف كبير، لا أعرف لهم كتابًا فِي الخلاف أحسن منه. وقَالَ القاضي عياض: كَانَ أُصُوليا نَظَّارًا، وُلِّي قضاءَ بغداد. وقَالَ أَبُو ذَرّ: هُوَ أفقه من لقيت من المالكيين، وكان ثقةً، قليل الحديث. تُوُفِّي فِي سنة ثمانٍ وتسعين. قلت: الصّحيح وفاته فِي هذه السنة، في ثامن من ذي القعدة. ضبطه ابن أَبِي الفوارس فِي الوَفَيَات لَهُ. 219- عَلِيّ بْن معاوية بْن مصلح، أَبُو الْحَسَن الْأندلسي3. حجّ وسمع: أَبَا حفص عُمَر بْن أحْمَد الْجُمَحي، وإِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الدَّيْبُلي، والآجري، وحمزة بْن مُحَمَّد الكناني الحافظ، وأَبَا مُحَمَّد بْن الورد البغدادي، والْحَسَن بْن الخضر، وسمع بقُرْطُبَة من خَالِد بْن سعد، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، وبمدينة الفرج من وهب بْن مَسَرَّة، ومُحَمَّد بْن القاسم بْن سعد. قَالَ ابن بشكوال: كَانَ شيخًا فاضلا، ثقة فيما رَوَاهُ. سَمِعَ النّاس منه كثيرًا. حدّث عَنْهُ الصّاحبان، وتُوُفِّي فِي رجب، وكان مولده سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة. 220- عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أبو سعد الهروي، خال القراب.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 41"، والعبر "3/ 64"، والنجوم الزاهرة "4/ 217". 2 طبقات الفقهاء "168". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 411".

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُرَيْش بْن سُلَيْمَان. رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاق القراب، وحمزة ابن فضالة. تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرة. "حرف الميم": 221- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد، أَبُو عَبْد اللَّه الوشّاء الفقيه المالكي الزّاهد، كبير المالكية بمصر. أخذ عَنْ أَبِي إِسْحَاق مُحَمَّد بْن القاسم بْن شعبان الْمَصْرِيّ وغيره، ورحل النّاس إِلَيْهِ، وكان قويّ النّفس، شديد المبايَنَة لبني عُبَيْد أصحاب مصر. آخذ عَنْهُ أَبُو عمران الفاسي، وَأَبُو مُحَمَّد الشنتجاني، وَأَبُو مُحَمَّد بْن غالب السّبْتي. قَالَ الحبّال: تُوُفِّي فِي تاسع جُمادى الآخرة. 222- مُحَمَّد بْن سَعِيد البُوسَنْجي، قاضي بوسَنْج وخطيبها، قُتِل غِيلةً فِي رمضان. 223- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان1 بْن جَعْفَر، أَبُو الْحَسَن العبدي البغدادي العطار. سَمِعَ: أَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري، والقاسم، والْحُسَيْن، ابنَيِ المَحَامِلي، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الْأدمي. قَالَ العتيقي: هُوَ ثقة مأمون. مات فِي صفر. رَوَى عَنْهُ ابن المهتدي باللَّه. 224- مُوسَى بْن أحْمَد بْن سَعِيد، أَبُو مُحَمَّد اليَحْصُبِي القُرْطُبي، ويُعْرَف بالولد، الفقيه المالكي2. سَمِعَ: قاسم بْن مُحَمَّد، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، ودرّس الفقه، وتقلد الشُورَى. قَالَ ابن الفَرَضِيّ: نسب إليه تخليط كثير عرف به.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 230"، وفيه "سلمان". 2 تاريخ علماء الأندلس "2/ 150".

"حرف النون": 225- النُّعْمَان بْن مُحَمَّد بْن محمود بْن النُّعْمَان، أَبُو نصر الْجُرْجَاني التّاجر، نزيل نيسابُور1. سَمِعَ: أَبَا طاهر مُحَمَّد بْن الْحَسَن المحمداباذي، والأصمّ، وأَبَا يعقوب إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم النَّحْوِيّ الْجُرْجَاني، وتفقه عَلَى أَبِي بَكْر الإسماعيلي، وسمع بآمل من أصحاب أَبِي حاتم الرّازي، وأكثر عَنِ ابن عَدِيّ. رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم. "الكنى": 226- أَبُو سهل بْن أَبِي بشْر، هُوَ مُحَمَّد بْن هارون النيسابُوري. سَمِعَ: أَبَا بَكْر القطّان والأصمّ. تُوُفِّي فِي رجب. 227- أَبُو سهل مُحَمَّد بْن يحيى النيسابُوري الواعظ. سَمِعَ من: الْأصمّ، وأَبِي سهل القطّان. مات فِي صفر. 228- أَبُو الْعَبَّاس بْن واصل2. كَانَ يخدم فِي الكَرْخ، وكانوا يقولون: إنك تملك ويهزءون بِهِ، ويقول بعضهم: إنْ صرت، ملكًا فاستخدمني، ويقول الآخر: اخلع عليَّ، فآل أمره إلى أن ملك سِيراف، ثم البصْرة، ثم قصد الْأهواز، وحارب السلطان بهاء الدولة وهزمه، ثم تملك البطيحة، وأخرج عَنْهَا مهَّذب الدولة عَلِيّ بْن نصر إلى بغداد، فنزح مهذَّب الدولة بخزائن، فأخذت فِي الطّريق، واضطر إلى أن ركب بقرة، واستولى ابن واصل عَلَى داره وأمواله، ثم إنّ فخر المُلْك أَبَا غالب قصد ابن واصل، فعجز عَنْ حربه، واستجار بحسّان الخَفَاجي، ثم قصد بدر بْن حَسْنَوَيْه، فقتل بواسط في صفر، والله أعلم.

_ 1 تاريخ جرجان "480". 2 المنتظم "7/ 236"، والعبر "3/ 64"، والبداية والنهاية "11/ 338".

وفيات سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 229- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد بْن سهل، أَبُو بَكْر بْن إِسْحَاق الهَرَوِي القرّاب الشهيد. سَمِعَ: أَبَا عَلِيّ بْن درزين الباشاني، وغيره. وعنه: شيخ الْإسلام إِسْمَاعِيل الصّابوني، وَأَبُو العلاء صاعد بْن منصور، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْأزْدِيّ، وَأَبُو عاصم مُحَمَّد بْن أحْمَد العبّادي الفقيه، وجماعة. 230- أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو الْعَبَّاس البُرُوجِرْدِي1، الوزير "لفخر"2 الدولة أَبِي الْحَسَن بْن بُوَيْه. كَانَ يلقّب بالأوحد الكافي، وكان أديبًا شاعرًا. تُوُفِّي فِي صفر، وأُخرِج تابوته، وشيّعه الكبار والأشراف، وحُمِل إلى مشهد كَرْبَلاء، ودُفن بِهِ، وكان يتشيّع، وسافر مَعَ تابوته جماعة. 231- أحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن يحيى بْن سَعِيد، أَبُو الفضل الهَمَذَاني الملقّب ببديع الزّمان3، صاحب الرّسائل الرائعة، وصاحب المقامات التي عَلَى منواليها صنّف الحريري، واعترف لَهُ بالفضل. ومن كلامه: "الماء إذا طال مُكْثُه ظهر خُبْثُه، وإذا سكن مَتْنُهُ تحرّك نَتْنُه". "الموت خطْب قد عُظم حتى هان، ومَسُّ قد خُشن حتّى لان". "والدنيا قد تنكّرت حتى صار الموت أخفّ خُطُوبها، وخَبُثَتْ حتى صار أصغر ذنوبها، فانظر يَمْنَةً هَلْ ترى إلا محنة، ثم انظر يَسْرَةً، هَلْ ترى إلا حَسْرَةً". ومن رسائله البديعة، وكان قد جرى ذِكْره فِي مجلس شيخه أَبِي الْحَسَن بْن فارس فَقَالَ ما معناه: إنّ بديع الزمان قد نسي حق تعليمنا إيّاه وعَقَّنَا، وطمح بأنفه عنّا، فالحمد لله عَلَى فساد الزّمان، وتَغَيُّر نَوْع الْأنْسَان. فبلغ ذَلِكَ بديعَ الزّمان، فكتب إِلَيْهِ: نعم، أطال اللَّه بقاء الشَّيْخ الإمام، إنّه الحمأ المسنون، وإن ظننت به الظنون،

_ 1 المنتظم "7/ 240"، والكامل "9/ 209". 2 في الأصل "فخر". 3 البداية والنهاية "11/ 340"، وسير أعلام النبلاء "7/ 67"، والعبر "3/ 67".

والناس لادم، وإن كَانَ العهد قد تَقَادَم، وتركبت الأضداد، واختلاف البلاد، والشيخ يقول: فسد الزمان، وأفلا يَقُولُ: مَتَى كَانَ صالحًا فِي الدّولة العباسية، فقد رأينا آخرها، وسمعنا أوّلها أم المدّة المَرْوَانية، وفي أخبارها. لا تكسع الشول بأغبارها ... أم السّنين الحربيّة والسيف يُعقَد فِي الطّلى ... والرُّمْحُ يُركز فِي الكلَى ومبيت حجر بالمَلا ... وحرتان وكربلا أم البيعة الهاشميّة، والعشرة برأس من بني فِراس، أَم الْأيّام الْأمَوية، والنّفير إلى الحجاز، والعيون تنظر إلى الْأعجاز، أم الْأمارة العَدَوِيّة، وصاحبها يَقُولُ: هَلُمّ بعد البزول إلى النزول، أم الخلافة التَيْميّة، وهو يَقُولُ: طُوبى لمن مات فِي نأنأة الْإسلام، أَمْ عَلَى عهد الرسالة ويوم الفتح، قِيلَ: اسكُني يا فلانة، فقد ذهبت الْأمانة. أَمْ فِي الجاهلية، ولَبِيدُ فِي خَلْفٍ كجِلْد الْأجرب، أمْ قبل ذَلِكَ، وأخو عادٍ يَقُولُ: إذ النّاس ناسٌ ... والبلاد بلاد أمْ قبل ذَلِكَ، وآدم فيما يقول: تغيرت البلاد ومَن عليها أمْ قبل ذَلِكَ والملائكة تَقُولُ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] ما فسد النّاس، إنّما اطّرد القياس، لا أظلمت الأيام، إنما امتدّ الظلام، وهل يفسد الشيء إلا عَنْ صَلاح، ويُمسي المرء إلا عَنْ صباح؟ وإنّي عَلَى توبيخ شيخنا لي، لَفَقِيرٌ إلى لقائه، شفيق عَلَى بقائه، مُنْتَسِبٌ إلى ولائه، شاكر لآلائه، لا أجْلُ حريدًا عَنْ أمره، ولا أقْلُ بعيدًا عَنْ قلبه، وما أُنْسِيتُه ولا أنساه. إن له علي كل نعمة خولنيها اللَّه ثارا ... وعَلَى كل كلمة علّمنيها اللَّه منارا ولو عرفت لكتابي موقعًا من قلبه، لاغتنمت خدمته بِهِ، ولَرَدَدْتُ إِلَيْهِ سُؤْر كاسه وفضل أنفاسه، ولكني خشيت أن يَقُولُ: هذه بضاعتنا رُدَّت إلينا. وله، أيّده اللَّه العُتْبَى والمَوَدَّة فِي القُرْبى، والمرباع، وما نالَه الباع، وما ضمّه الجلد، وضمّنه المشط. ليست رضًى، ولكنها جلّ ما أملك اثنتان، أيّد اللَّه الشَّيْخ الإمام، الخراسانية والإنسانية، وإن لم أكن خُرَاسانيّ الطّينة، فإنّي خراساني المدينة،

والمؤمن حيث يوجد، لا من حيث يولد، فإذا أصاب إلى خُرَاسان، ولادة هَمَذَان، ارتفع القلم، وسقط التكليف، فالْجُرْح جَبار، والجاني حمار، ولا جنّة ولا نار، فليحملني عَلَى هِنَاتي، أَلَيْس صاحبنا يَقُولُ: لا تلُمني عَلَى ركاكة عقلي ... إن تيقّنْت أنّني هَمَذَاني والسلام. وله فِي كتاب: والبحر وإن لم أره. فقد سَمِعْتُ خبره. واللَّيْث وإنْ لم ألقه. فقد بصرت خلقه. والملك العادل وإن لم أكن لقيته. فقد بلغني صيتُه. ومن رَأَى من السيف أثره، فقد رَأَى أكثره. والحضرة وإن أحتاج إليها المأمون، وقصدها. ولم يستغن عَنْهَا قارون، فإن الْأحبّ إليّ أنْ أقصدها، قصد موال. والرجوع عَنْهَا بجمال، أحبّ إليّ من الرّجوع عَنْهَا بمال، قدّمت التعريف، وأنا أنتظر الجواب الشريف. فإن نشط الْأمير، لضَيْفٍ ظلُّه خفيف، وضالّته رغيف، فعل، والسّلام. وله: إنّا لقُرْب دار مولانا ... كما طَرِب النَّشْوان مالت بِهِ الخمرُ ومن الارتياح للقائه1 ... كما انتفض العصفور بلّله القَطْرُ ومن الامتزاج بولائه ... كما التقت الصَّهْباء والبارد العذْبُ ومن الابتهاج بمزاره ... كما اهتزّ تحت البارح الغُصْن الرَّطب ومن شعره: وكاد يحكيك صوبُ الغَيْثِ مُنْسَكبًا ... لو كَانَ طَلْقَ المُحَيَّا يمطر الذَّهَبَا والدَّهرُ لو لم يخن والشمس لو نطقت ... والليث لو لم يُصَد والبحر لو عَذُبا وأول هذه القصيدة: عَلَى أنْ لا أُرِيح العِيس والقتبا ... وألبس البيد والظلماء واليلبا

_ 1 في الأصل "إلى لقائه".

واترك الفؤاد معسولا مقبلها ... واهجر الكاس تغزو شربها طَرَبَا وطفلة كقضيب البان منعطفًا ... إذا مشت وهلال العيد منتقبا تظل تنثر من أجفانها حَبَبَا ... دوني وتنظم من أسنانها حَبَبَا فأين الذين أعدُّوا المال من ملك ... ترى الذخيرة ما أعطى وما وهبا ما اللَّيْث مختطمًا والسَّيُل مرتطمًا ... والبحر ملتطما والليل مقتربا أمضى شبًا منك أَدْهَى منك صاعقة ... أجدى يمينًا وأدنى منك مُطَّلَبا يا من تراه ملوك الْأرض فوقهم ... كما يرون عَلَى أبراجها الشُّهُبَا لا تكذبنّ فخيرُ القولِ أصدقُه ... ولا تهابه فِي أمثالها العربا فما السمؤل عهدًا والخليل قرى ... ولا ابن سُعدى أَمَة والشنفرى غلبا من الْأمير بمعشار إذا اقتسموا ... مآثر المجد فيما أسلفوا نهبَا ولا ابن حجر ولا ذبيان يعسرني ... والمازني ولا القَيْسي منتدبَا هذا لرَكْبَته وذا لرهبته ... وذا لرغبةٍ أو ذا إذا طربا وهي من غرر القصائد لولا ما شانها بإساءة أدبه عَلَى خليل اللَّه عَلَيْهِ السلام، وما ذاك ببعيد من الكُفْر. تُوُفِّي البديع الهَمَذَاني بهَرَاة فِي حادي عشر جُمادى الآخرة مسمومًا. وقيل: مات بالسَّكْتة، وعُجِّل دفْنُه، وأَنَّهُ أفاق فِي قبره، وسُمِع صوتُه بالليل، وأَنَّهُ نُبِش، فوُجِد وقد قبض عَلَى لحيته من هول القبر، وقد مات، رحمه اللَّه. 232- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفرج، أَبُو بَكْر الهَمَذَاني الشافعي الفقيه1، المعروف بابن لال. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، والقاسم بْن أَبِي صالح، وعَبْد الرَّحْمَن الخلال، وموسى الفرّاء، وعَبْد اللَّه بْن أحْمَد الزَّعْفَراني من أهل هَمَذَان، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وعَبْد الرَّحْمَن الطيشي، وعَبْد الباقي بْن قانع، وعثمان بْن السّمّاك، وعَبْد اللَّه بْن شَوْذَب الواسطي، وعَلِيّ بْن الفضل الستوري، وجماعة بالعراق، وأبي سعيد أحمد بن محمد بن

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 318"، والعبر "3/ 67"، وسير أعلام النبلاء "17/ 75".

الْأعْرابي بمكّة، وحفص بْن عُمَر الْأردبيلي، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عامر النَّهَاوَنْدِي، وأَبِي نصر محمد بن حمدويه المروزي، وأَبِي بَكْر بْن مَحْمَوَيْه العسكري، وأَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم القطّان. رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْأبْهَرِي، ومُحَمَّد بْن عيسى بْن عبّاد الدِّينَوَرِي، وَأَبُو الفرج عَبْد الحميد بْن الْحَسَن القضاعي، وَأَبُو الفرج البَجَلي، وخلق كثير من أهل همذان، ومن الواردين عليها، وكان إمامًا ثقةً مُفْتِيا. قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة، أوحد زمانه، مفتي البلد، يعني هَمَذَان، يُحْسِن هذا الشأن، لَهُ مصنّفات فِي علوم الحديث، غير أنّه كَانَ مشهورًا بالفقه، ورأيت لَهُ كتاب "السنن ومعجم الصحابة"، ما رَأَيْت شيئًا أحسن منه. وُلِد سنة ثمانٍ وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي سادس عشر ربيع الآخر، سنة ثمانٍ وتسعين، والدعاء عند قبره مُسْتَجَاب. وسمعت يوسف بْن الْحَسَن التفكري، سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن بندار الفَرَضِيّ بزنْجان يقول: ما رأيت قطّ، مثل أَبِي بَكْر بْن لال، وسمعت أَبَا طَالِب الزّاهد يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيد الشكلي وأَبَا الْحَسَن بْن حُمَيْد يقولان: كثيرًا ما سمعنا أَبَا بَكْر بْن لال يَقُولُ في دعائه: لا تحييني في سنة أربعمائة. قالا: فمات سنة تسعٍ وتسعين. 233- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الحافظ، أَبُو نصر الكلاباذي1، وكلاباذ محلّة من بُخَارَى. سَمِعَ: الهَيْثَم بْن الكليب الشاشي، وعَلِيّ بْن محتاج، وأَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد البغدادي، وعَبْد المؤمن بْن خلف النَّسَفي، ومُحَمَّد بْن محمود بْن عنبر، وجماعة. قال جعفر المُسْتَغْفِري بعد أن رَوَى عَنْهُ: هُوَ أحفظ مَن بما وراء النّهر اليوم فيما أعلم، ومات فِي جُمادى الآخرة، عَنْ خمسٍ وسبعين سنة. وقَالَ الحاكم أَبُو عَبْد اللَّه: أَبُو نصر الكلاباذي الكاتب من الحُفّاظ، حَسَن الفَهْم والمعرفة، عارفٌ بصحيح الْبُخَارِيّ، وكتب ما وراء النّهر وبخُراسَان والعراق، وجدْت شيخنا أَبَا الْحَسَن الدَّارَقُطْنيّ قد رضي فهْمَه ومعرفته، وهو متقِن ثَبْت. تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة، ولم يخلف بما وراء النهر مثله.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 434"، والعبر "3/ 67"، وسير أعلام النبلاء "17/ 94".

قلت: رَوَى عَنْهُ الدَّارَقُطْنيّ فِي كتاب "المُدَبّج"، والحاكم، وله مصنَّف مشهور فِي أسماء رجال صحيح الْبُخَارِيّ وتراجمهم، وحديثه عزيز الوقوع. 234- أحْمَد بْن هشام بْن أُمَيّة، أَبُو عُمَر الْأمويّ القرطبي1. سمع: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مَسَرَّة، ورحل إلى المشرق، وصحب هناك أَبَا مُحَمَّد بْن أسد، وأَبَا جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وأَبَا عبد اللَّه بْن مُفَرّج، وانصرف إلى الْأندلس، والتزم الْأمامة والتأديب، وانْتُدِب لأعمال البِرّ والطّاعة والجهاد. رَوَى عَنْهُ: الخَوْلاني، وابْن الفَرَضِيّ، وجماعة، وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة. 235- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أيوب، أَبُو إِسْحَاق النيسابُوري الفقيه الواعظ. أملى مدَّة عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس الأصم. وأقرانه. وتوفي في شعبان. "حرف الحاء": 236- الْحُسَيْن بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن حمدان العَنَزِي الْجُرْجَاني، أَبُو عَبْد اللَّه الوَرّاق الفقيه2. طَوَّف البلادَ، وسمع أَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي، وخَيْثَمة الْأطْرَابُلُسِي، وإِسْمَاعِيل الصّفّار، وأَبَا الْعَبَّاس الْأصمّ. رَوَى عنه: حمزة السَّهْمي، وسليم الرّازي، وَأَبُو مَسْعُود أحْمَد بْن مُحَمَّد البَجَلي، وآخرون. تُوُفِّي فِي رمضان. 237- الْحُسَيْن بْن هارون بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد اللَّه الضّبّي البغدادي3. وُلِّي القضاء بربع الكَرْخ، ثم أضيف إلى قضاء مدينة المنصور، وقضاء الكوفة. رَوَى عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدَة، والمَحَامِلي، وأَحْمَد بْن عَلِيّ الْجَوْزَجَاني،

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 13". 2 تهذيب التهذيب "4/ 289"، والكامل "9/ 209"، وتاريخ جرجان "200". 3 تاريخ بغداد "8/ 146"، والمنتظم "7/ 240"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1028"، وسير أعلام النبلاء "17/ 96".

وأَحْمَد بْن مُحَمَّد الْأدمي المقرئ، ومُحَمَّد بْن صالح بْن زياد القُهُسْتاني، وغيرهم، وأملي عدّة مجالس. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني، وَأَبُو القاسم التنوخي، وَأَبُو الْحُسَيْن بْن النّقّور وجماعة. وكان ذهبت كتبه، إلا جزأين من سماعه من أحْمَد الْأدمي، وابْن عُقْدة. قال الخطيب. وقَالَ: أَنَا عَبْد الكريم المَحَامِلي، أَنَا الدَّارَقُطْنيّ، قَالَ القاضي أَبُو عَبْد اللَّه الضَبّي، غاية الفضل والدين، عالم بالأقضية، ماهر بصناعة المحاضر والترسُّل، موفق فِي أحواله كلّها. وقَالَ البَرْقَاني: حُجّة فِي الحديث، وأيّ شيء كَانَ عنده من السماع جزأين، والباقي إجازة1. مات بالبصرة في شوال. "حرف السين": 238- سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن زهير، أَبُو عثمان الكلبي الْأندلسي2. سكن إشبيلية، وحدّث عَنْ وَهْب بْن مَسَرَّة، وأَحْمَد بْن مَطَرِّف، وغيرهما. قَالَ ابن بشكوال: كَانَ صالحًا زاهدًا، مائلا إلى الآخرة، واسع البِرّ، وأَنَّهُ كثير العناية بالعِلْم، ومعاني الزُّهْد. روى عنه الناس، وأجاز الخولاني في سنة ثمانٍ وتسعين، وذكر أن مولده سنة سبع عشرة وثلاثمائة. 239- سُلَيْمَان بْن الفتح المَوْصِلي. يُكْتَب هنا، وتقدّم فِي سنة 393. "حرف العين": 240- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، أَبُو محمد البخاري الفقيه الشافعي، المعروف

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 147". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 214".

بالبافي1، نزيل بغداد، تفقه عَلَى أَبِي عَلِيّ بْن أَبِي هُرَيْرَةَ المَرْوَزِي، وبرع فِي المذهب، وكان ماهرًا بالعربيّة، حاضر البديهة، حلو النَّظْم، وهو من أصحاب الوجوه، تفقّه بِهِ جماعة. قَالَ الخطيب: أنشدنا أَبُو القاسم التنوخي، أنشدني أبو مُحَمَّد البافي لنفسه: ثلاثة ما اجتمعن فِي رَجُل ... إلا وأسلمنه إلى الْأجلِ ذلّ اغترابٍ وفاقةٍ وهَوَى ... وكلّ سائق عَلَى عَجَلِ يا عاذل العاشقين إنّك لو ... أنصفت رفهتهم عَنِ العذْلِ وقصد البافي صديقًا فلم يجده، فطلب دواةً، وكتب لَهُ: قد حضرنا وليس يقضي التلاقي ... نسأل اللَّه خيرَ هذا الفراقِ إن تغِبْ لم أغِبْ وإن لم تغب غبـ ... ـت وكان افتراقنا باتّفاقِ أثنى عَلَيْهِ الخطيب وقَالَ: كان من أفقه أهل وقته فِي المذهب، بليغ العبارة مع عارضة وفصاحة، يعمل الخُطَب، ويكتب الكُتُب الطويلة، من غير روّية. تُوُفِّي البافي، رحمه اللَّه، فِي المحرَّم. 241- عَبْد الواحد بْن نصر بْن مُحَمَّد، أَبُو الفرج المخزومي النَّصِيبي الشاعر2، المعروف بالبَبَّغَاء، خدم سيفَ الدولة بْن حمدان. قَالَ الخطيب: كَانَ شاعرًا مجودًا، وكاتبًا مترسِّلا، جيّد المعاني، حَسَنَ القول فِي المديح والغزل، ومن شعره: يا من تشابه من الخَلْق والخُلُق ... فما تسافِر إلا نحوَه الحَدَقُ توريدُ دمعي من خدَّيك مختلس ... وسُقْمُ جسمي من جَفْنَيْك مُسْتَرَقُ لم يبق لي رَمَقٌ أشكو إليك بِهِ ... وإنما يتشكّى من بِهِ رَمَقُ وله: استودعُ اللَّه قومًا ما ذكرتهم ... إلا وضعت يدي لَهْفًا عَلَى كبدي

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 139"، والمنتظم "7/ 240"، والعبر "3/ 68"، وسير أعلام النبلاء "17/ 68". 2 تاريخ بغداد "11/ 11"، والبداية والنهاية "11/ 340"، وسير أعلام النبلاء "17/ 91".

تبدّلوا وتبدّلنا وأَخْسَرُنا ... من ابتغى خلفًا يسلى فلم يجد طمعت ثم رأيت أجمل اليأس بي ... تنزُّهًا فخصمت الشوق بالْجَلَدِ وقَالَ أَبُو مُحَمَّد الجوهري: أنشدني البَبَّغاء لنفسه، ومرة قَالَ: أنشدنا ابن الحَجَّاج: كثير التلوّن فِي وعده ... قليل الحُنُوِّ عَلَى عَبْدِهِ يموج الكثيب إلى رِدْفه ... وينمي القضيب إلى قدِّهِ ولما بدا الروض في عارضيه ... واشتعل الوردُ فِي خدِّهِ بعثت بقلبي مستعديا ... عَلَى وجنتيه فلم تُعدِهِ وخلَّفته عنده موثقًا ... فما لي سبيل إلى ردّه وله: وكأنّما نقشَتْ حوافرُ خَيْلِه ... للناظرين أهِلَّةٌ فِي الْجَلْمَدِ وكأن طَرْفَ الشمس مطروفٌ وقد ... جُعِل الغُبارُ لَهُ مكانَ الْأثْمِدِ وله: أَوَليس من إحدى العجائب أنَّني ... فارَقْتُه وحَنَّيْت بعد فراقه يا من يحاكي البَدْرَ عند تمامه ... ارْحَمْ فتًى يحكيه عند مَحاقِه تُوُفِّي فِي شعبان سنة ثمانٍ، ولقّبوه بالبَبَّغَاء لفصاحته، وقيل: للثْغَة فِي لسانه. عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد بْن عَلِيّ، أَبُو القاسم الصَّيْدلاني المقرئ البغدادي1. سَمِعَ: من ابن صاعد مجلسين، وهو آخر من حدّث عَنْهُ من الثّقات، قاله الخطيب. وسمع: أَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري ومن بعده. رَوَى عَنْهُ: هبة الله بن الحسن اللالكائي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وخلق كثير يطول ذكرهم.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 378"، والعبر "3/ 769"، والبداية والنهاية "11/ 340".

وقَالَ العتيقي: كَانَ ثقة مأمونًا، تُوُفِّي فِي رجب، وقد جاوز التّسعين بقليل، رحمه اللَّه. 243- عُبَيْد اللَّه بْن عثمان بْن عَلِيّ، أَبُو زُرْعَة الصّيْدَلانِي البنّاء1. سَمِعَ: أَبَا عَبْد اللَّه المَحَامِلي، ويوسف بْن البهلول. رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، والعتيقي، وابْن المهتدي، وجماعة. ووثّقه عُبَيْد اللَّه الْأزهري. تُوُفِّي فِي عشر التسعين. 244- عَلِيّ بْن أحْمَد، أَبُو الْحَسَن الهَمَذَاني البيّع، المعروف بأقلب خفّ. رَوَى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بن حمدان، وأبي جعفر بن عُبَيْد الله، والفضل الكندي. روى عنه: أبو الفرج البجلي، وأحمد بن عيسى، وجبريل بن علي البزار. قال شيرويه: صدوق. 245- علي بن عبد الملك بن عباس، أبو طالب القزويني النحوي2. أخذ الناس عنه العربية، وأبو يعلى الخليل بن عبد الله، وغيره، وقد حدّث عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن سَلَمة القطّان. 246- عَلِيّ بْن عَبَادِل، أَبُو حفص الرُّعَيْني الْأندلسي، من كورية. أحد الزُّهّاد المتبتّلين، والعلماء الرّاسخين. كَانَ بصيرًا بمذهب مالك، إمامًا متواضعًا، يحرث أرضه، ويحتطب، ويمتهن نفسه. محِب الفقيه مُعَوَّذ الزّاهد. 247- عَلِيّ بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن النيسابُوري المقرئ المعروف بالخُبَاري صاحب التصنيف.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 379"، والمنتظم "7/ 241". 2 بغية النحاة "2/ 78".

"حرف الميم": 248- محمد بْن أحمد بْن حاتم الفقيه، أَبُو حاتم الطُّوسي. رحل وسمع من: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وأَبِي بَكْر بْن راشد. وتُوُفِّي بالطّالقان فِي ذي الحِجَّة. 249- مُحَمَّد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل، أبو عَبْد اللَّه الْأملي1. حدّث فِي هذه السنة بجُرْجَان عَنْ: أحْمَد بْن الْحَسَن بْن إِسْحَاق بْن عتبة الرّازي، نزيل مصر. 250- مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن مَرْدَوَيْه، أَبُو عَبْد اللَّه الْإصبهاني2، أخو الحافظ أَبِي بَكْر. كَانَ إمامًا فِي الفقه والأصول، وتخرّج عَلَيْهِ جماعة، ومضى حميدًا سديدًا. وروى عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن حكيم، وأبي الحسن أحمد بن محمد الكناني. 251- محمد بن يحيى، أبو عبد الله الجرجاني الفقيه الحنفي3، فلج في آخر أيامه، ودفن إلى جانب قبر أبي حنيفة، رحمه الله. وقد روى الحديث عَنْ: أَبِي أحْمَد الغطريفي، وعَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق البصْري. روى عنه: أبو نصر عبد الكريم بن محمد الشيرازي، وأبو سعد السمان الرازي. وتفقه على أبي الحسين القدوري. توفي في العشرين من رجب، واسم جده مهدي. 252- مفلح، أبو صالح الخادم4. ولي أمر دمشق للحاكم، مدة خمس سنين، وصرف في هذه السنة، بعلي بن فلاح.

_ 1 تاريخ جرجان "433". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 307". 3 تاريخ بغداد "3/ 33"، والبداية والنهاية "11/ 340". 4 ذيل تاريخ دمشق "58"، واتعاظ الحنفا "2/ 46".

253- مظفر بن نظيف1. روى عَنِ المَحَامِلي، وابْن مخلد، وكان كذابًا. "الكنى": 254- أبو سهل النيسابوري الزاهد، المعروف بالبقال. روى عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وأَبِي بَكْر النّجّاد، وجماعة. ووعظ وحدّث سنين. تُوُفِّي فِي صفر. وفيات سنة تسع وتسعين وثلاثمائة: "حرف الألف": 255- أحْمَد بْن أَبِي أحْمَد2، أَبُو عَمْرو الفراتي الْأسْتَوائي الزّاهد الواعظ. حدّث عَنْ: أَبِي الهَيْثَم بْن كُلَيْب الشّاشي، ومُحَمَّد بْن يعقوب الْأصمّ، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: حفيده رئيس نيسابُور أَبُو الفضل أحْمَد بْن مُحَمَّد الفراتي وغيره. وتُوُفِّي فِي المحرَّم. 256- أحْمَد بْن سَعِيد بْن إِبْرَاهِيم الهمذاني الأندلسي المعروف بابن الهندي3. كان أوحد عصره فِي علم الشروط، وله فيها مصنّف. قَالَ القاضي عياض: لم يكن بالمقبول القول، ولا بالمَرْضِيّ فِي دينه، وهو آخر من لاعَنَ زَوْجَة بالأندلس. كنيته أَبُو عُمَر. رَوَى عَنْ: قاسم بْن أَصْبَغ، وابْن مَسَرَّة. لاعن زوجته في ثمان وثمانين وثلاثمائة، فقيل لَهُ: مثلك يفعل هذا؟ قَالَ: أردت إحياء سُنَّةٍ. تُوُفِّي فِي رمضان، وله تسعٌ وسبعون سنة. 257- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن لال، أَبُو بَكْر الهَمَذَاني، مُخْتَلَفٌ فِيهِ. مرّ فِي السنة الماضية.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 129". 2 في الأصل "أحمد بن أبي بن أحمد". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 14".

258- أحْمَد بْن عَبْد القويّ بْن جبريل، أَبُو نزال. تُوُفِّي بمصر فِي ربيع الآخر. 259- أحْمَد بْن عُمَر، أَبُو بَكْر بْن البقّال1، بغداديّ ثقة صالح. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْر الشّافعيّ، وأَبِي عَلِيّ بْن الصّوّاف. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني. 260- أحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بن محفوظ القاضي، أَبُو عَبْد اللَّه الْمَصْرِيّ الجيزي. قرأ عَلَى: أَبِي الفتح أحْمَد بْن مدهن. وسمع الحروف من: أحمد بْن بَهْزَاد، وأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن جامع، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن منير، وأَبِي جَعْفَر بْن النّحّاس، وأَحْمَد بْن مَسْعُود الزُّبَيْرِي. رَوَى عَنْهُ: فارس بْن أحْمَد، وَأَبُو عُمَرو الدّاني، وجماعة. قَالَ أَبُو عَمْرو: كتبنا عَنْهُ شيئًا كثيرًا من القراءات والحديث. توفي سنة تسع وتسعين. 261- أحْمَد بْن أَبِي عمران الهروي، أبو الفضل الصرام الصوفي المجاور بمكّة2، حمل عَنْهُ المغاربة كثيرًا، وكان زاهدًا عارفًا. روى عن: محمد بن أحمد بْن محبوب المَرْوَزِي، ودَعْلَج بْن السّجزِي، وأَحْمَد "بْن بُنْدار"3، وخَيْثَمة الْأطْرَابُلُسِي، والطَّبَرَانِي، وخلق كثير. رَوَى عَنْهُ: أَبُو يعقوب، القرّاب وَأَبُو نُعَيْم، وعَلِيّ الحنَّائيّ، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو الفضل عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن الْحَسَن الرّازي، وآخرون من الحجاج والأندلسيون. وأخذ عن محمد بن داود الرقي، ووصفه الأهوازي بالحفظ.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 293". 2 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 414"، والعبر "3/ 69"، وشذرات الذهب "3/ 153". 3 في الأصل "بندار السعار".

262- أحمد بن محمد بن إبراهيم بن بندار الإصبهاني1، وهو في عَشْر التّسعين. 263- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر، أبو بكر الأصبهاني القصار، الفقيه الشافعي2. روى عَنْ: أَبِي عَلِيّ بْن عاصم، وعَبْد اللَّه بْن خَالِد الرداني، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن فارس، ومُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن عَبَّاد البصْري، وأَبِي أحْمَد العسّال. وكان ثَبْتًا صالحًا، كبير القدْر. حدّث عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه، وأخوه عَبْد الوهاب، ومُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَلِيّ السّمْسار. ومُحَمَّد بْن يحيى الصّفّار، وجماعة. 264- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الرّازي الضّرير3، ويقال لَهُ: البصير، أَبُو الْعَبَّاس، وكان قد وُلِد4 أعمى، وكان ذكيا حافظًا. استملى عَلَى عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، ورحل إلى خُرَاسان وبُخَارَى، فسمع من أَبِي حامد بْن بلال، وأَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وجماعة، وحدّث ببغداد، وانتخب عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنيّ، ووثّقه الخطيب. رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّه الْأزهري، ومُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن بِشْران، وحمد الزَّجّاج، وحميد بْن المأمون الهمذانيان، وسُلَيْم بْن أيّوب الفقيه، وجماعة من أهل الرّيّ وهَمَذَان. وكان عارفًا بهذا الشّأن، وحجّ فِي هذا العام، وإن لم يكن توفي فيه، فتوفي بعده بيسير، ثم وجدتُ وفاته فِي رمضان سنة تسعٍ. قَالَ أبو يعلى الخليلي: "سَمِعْتُهُ"5 يَقُولُ: كنت أستملي لابن أَبِي حاتم.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "1/ 161". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 169". 3 تاريخ بغداد "4/ 435"، والعبر "3/ 69"، وشذرات الذهب "3/ 153". 4 في الأصل "ولي". 5 في الأصل "سمعه".

قَالَ: وسمع من أَبِي معاوية بْن لال، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وشيوخ مَرْو، وبِبَلْخ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن طَرْخان البلْخي الحافظ، وبُخَارَى محمود بْن إِسْحَاق القوّاس صاحب الْبُخَارِيّ، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يعقوب. وكان عارفًا بأحاديثه، حافظًا، وهو آخر من مات بالرّيّ من أصحاب ابن أَبِي حاتم. قلت: ابن معاوية هُو: 265- أحْمَد بْن الحسين بْن معاوية "اسم"1 أَبِي جدّه كاسم البصير. روى عَنْ: أَبِي زُرْعَة الرّازي، وابْن سُلَيْمَان القزاز، وجماعة. 266- أحمد بن محمد بن ربيع بن سليمان، أبو سعيد الأصبحي الأندلسي المعروف بابن مسلمة2، وهو جده لامه. روى عَنْ: أَبِي عَلِيّ القالي، وكان لُغَوّيا إخباريا. حدّث عَنْهُ الصاحبان، ومُحَمَّد بْن أبيض، وهو من أهل قَبْرَه. 267- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي حامد الْأنطاكي، الشاعر الملقّب بابن الرَّقَعْمَق3، من أعيان شعراء زمانه، ظريف الشعر، كثير المُجُون والهَجْو، مدح ملوك مصر ورؤساءها فمدح المُعِزّ، والعزيز، والحاكم، والوزير ابن كلّس. وله فِي هذا الوزير: قد سمعنا مقاله واعتذاره ... وأقلناه ذَنْبه وعثارَهْ والمعاني لمن عَنَيْتُ ولكنْ ... بك عَرَّضْتُ فاسمعي يا جارَهْ من مراد بِهِ أنه أبد الدهـ ... ـر تراه محللا أزراره عالم أنه عذاب من اللـ ... ـه مُبَاحٌ لاعين النَّظَارَهْ هتك اللَّه ستْرَه فَلَكَمْ هتـ ... ـك من ذي تستُّر أستارَهْ سَحَرَتْني ألحاظه وكذا كـ ... ـل مليح لحاظه سحاره

_ 1 في الأصل "اسم". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 15". 3 العبر "3/ 70"، وشذرات الذهب "3/ 155".

لم أزل لا عدمته من حبيبٍ ... أشتهي قُرْبَهُ وآبَى نَفَارَهْ وخرج إلى المديح. وله: كَتَبَ الحَصِيرُ إلى السّرير ... أن الفَصِيلَ ابن البعيرْ فلامنعنّ حمارتي ... سَنَتَيْن من عَلْفِ الشّعيرْ لا هم إلا أن تطيـ ... ـر من الهزال مَعَ الطُّيورْ إنّ الذين تَصَافَعُوا ... بالقَرْع فِي زمن القُشُورْ أَسِفُوا عليّ لأنّهم ... حضروا ولم أَكُ فِي الحضُورْ يا للرّجال تصافعوا ... فالصفعُ مفتاح السُّرورْ هُوَ فِي المجالس كالبخو ... ر فلا تملوا من بخورْ تُوُفِّي سنة تسع وتسعين. 268- أحْمَد بْن وليد بْن هشام بْن أبي "المفوز"1، أبو عمر القرطبي2. عوض حرفَ نافع عَلَى أَبِي الْحَسَن الْأنطاكيّ، وأَقْرَأَ زمانًا بمسجده. 269- إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر، أَبُو جَعْفَر العلوي الموسَوِي المكّي القاضي3. حدّث بدمشق عَنْ: أَبِي سَعِيد ابن الْأعْرابي، وابْن الْأجُرِّي. وعنه: أَبُو عَلِيّ الْأهوازي، ورشأ بْن نظيف، وعَلِيّ الحنّائي، وأخوه أَبُو القاسم إِبْرَاهِيم، وآخرون، وكان قاضي الحَرَميْن، تُوُفِّي فِي رمضان. "حرف الجيم": 270- جُنَادَة بْن مُحَمَّد، أَبُو أسامة الْأزدي الهَرَوِي اللغوي4.

_ 1 في الأصل "الفوز". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 15". 3 تهذيب ابن عساكر "2/ 200". 4 وفيات الأعيان "1/ 372"، وإنباه الرواة "3/ 112".

كَانَ علامة لْغَوِيًّا أديبًا، وكان بينه وبين الحافظ عبد الغني الأزدي المصري، وأبي الْحَسَن عَلِيّ بْن سُلَيْمَان الْأنطاكي المقرئ النّحوي اتحاد ومذاكرة وصحبة بمصر، فقتله الحاكم صبرًا، وقتل الْأنطاكي، واختفى عَبْد الغني قبلهما فِي ذي القعدة، قاله المسبِّحي. وقَالَ ابن خلّكان: كَانَ جُنَادة مُكْثِرًا من حفظ اللُّغة ونقلها، عارفًا بوحشيّها ومستعملها، لم يكن فِي زمان مثله فِيهِ. رحمه اللَّه. "حرف الحاء": 271- الْحَسَن بْن سُلَيْمَان بْن الخير، أَبُو عَلِيّ "اليافعي"1 الْأنطاكي المقرئ، نزيل مصر2. قرأ القراءات عَلَى: أَبِي الفتح بْن بدهن، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الْأدفوي، وعَلِيّ بْن الفرج الشنبوذي، وجماعة. قال أبو عمر الدّاني: كَانَ من أحفظ أهل عصره للقراءات والشَّواذ، ومع ذَلِكَ يحفظ تفسيرًا كثيرًا، ومعانيَ جمة، وإعرابًا، وعلالا، يسرد ذَلِكَ سَرْدًا، ولا يَتتعْتَع. جلست إِلَيْهِ، وسمعت منه، وكان يُظْهِر مذهب الرّافضة، بسبب الدولة، شاهدت ذَلِكَ منه، وذاكرت بِهِ فارس بْن أحْمَد، وكان لا يرضاه فِي دينه. وقيل: كَانَ يُؤدِّب أولاد الوزير ابن حَنْزَابَة. قلت: كَانَ مُداخِلا للدولة العُبَيْديّة، فسلّط عَلَيْهِ الحاكم قتله فِي آخر السنة3. 272- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن سُلَيْمَان، أَبُو عَلِيّ البغدادي التّاجر الشطرنجي، نزيل إصبهان4. كَانَ جدّه سُلَيْمَان بْن عَلِيّ يَرْوِي عَنْ هشام بْن عُبَيْد اللَّه الرّازي. رَوَى أَبُو عَلِيّ عَنْ: أَبِيهِ، وعن أَبِي القاسم هبة اللَّه بْن محمد ابن أخي أبي

_ 1 في الأصل "النافع". 2 تهذيب ابن عساكر "4/ 185". 3 اتعاظ الحنفا "2/ 80". 4 ذكر أخبار أصبهان "1/ 274".

زُرْعَة، وأَحْمَد بْن مُوسَى بْن إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ، والحسن بن علي الهمذاني، والفضل بن الخصيب الْإصبهاني. رَوَى عَنْهُ جماعة، منهم: محمود بْن جَعْفَر الكَوْسَج، وطلحة بْن أحْمَد القصّار، وعَبْد الرحمن ابن مَنْدَه، وابْن شُكْرَوَيْه. تُوُفِّي فِي رجب، وله أربعٌ وتسعون سنة، وكان أسند من بقي بإصبهان، رحمه اللَّه. وهم بيت حديث بإصبهان. انتقى لَهُ الحافظ ابن مَرْدَوَيْه عشرة أجزاء. ومن شيوخه: أَبُو أُسَيْد أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أُسَيْد، والْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الحناء الهمذاني الكسائي، وأحمد بن محمد اللبناني. 273- الحسن بْن مُحَمَّد الغِنْجَرْدي الْأديب الهَرَوِي، يَرْوِي عَنْ أَبِي عَلِيّ الرّفّاء وغيره. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن الداودي. 274- الْحُسَيْن بْن حيدرة، أَبُو الخطاب الداوودي الطّاهري الشّاهد1. تُوُفِّي ببغداد، وكان ثقة. رَوَى عَنْ: المَحَامِلي، ويوسف الْأزرق. رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال. 275- حَكَمُ بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، أَبُو العاصي السالمي السِّرَقُسْطي2. رَوَى عَنْ: الْحَسَن بن رشيق المصري، وكان صالحًا زاهدًا يوم جامع سَرَقُسْطَة. رَوَى عَنْهُ: وضّاح بْن مُحَمَّد السِّرَقُسْطي. 276- حَمْد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، أَبُو عَلِيّ الرّازي الْإصبهاني. سَمِعَ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي مُحَمَّد، وغيره، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن معاوية الرّازي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو يَعْلَى الخليلي، وسُلَيْم الرّازي وآخرون. تُوُفِّي في هذا العام، أو في حدوده.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 40"، والمنتظم "7/ 244". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 148".

قَالَ سُلَيْم: تُوُفِّي فيها، أو فِي سنة أربعمائة، وكتب عَنْهُ الدَّارَقُطْنيّ، وقَالَ: من شيوخ الرّيّ وعدوله. "حرف الخاء": 277- خلف بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن اللَّيْث، أمير سجِسْتان، وابْن أميرها1. كَانَ أوْحَد الملوك فِي إجلال العِلْم، والإفضال عَلَى العلماء. سَمِعَ: عَلِيّ بْن بُنْدَار الصُّوفِي، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ الماليني، صاحب عثمان الدّارمي، وبالحجاز عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الفاكهي، وببغداد أَبَا عَلِيّ بْن الصواف. وكان مولده سنة ست وعشرين وثلاثمائة. رَوَى عَنْهُ: الحاكم مَعَ جلالته، وَأَبُو يَعْلَى الصّابوني، وانتخب لَهُ الدَّارَقُطْنيّ. وتُوُفِّي شهيدًا فِي الحبْس ببلاد الهند، رحمه اللَّه، في قبضة ابن سُبُكْتِكين، وكان محمود فِي سنة ثلاثٍ وتسعين قد نازله وحاصره، واستنزله بالأمان من قلعته، ووجَّهه إلى بلاد الْجَوْزَجَان فِي هيئة ووُفُور رَهْبة. ثم بلغ السلطان عَنْهُ بعد أربع سنين من ذَلِكَ، أَنَّهُ يكاتب ايلك خان الَّذِي استولى عَلَى بُخَارَى، فضيّق عَلَيْهِ السلكان بعض الشيء، إلى أن مات فِي رجب، وورِثَه ولده أَبُو حفص2. وكان خَلَف مَغْشِيَّ الجناب من النّواحي، لسماحته وأفضاله، ومدحته الشُّعراء. وكان قد جمع العلماء عَلَى تأليف تفسير كبير، لم يغادر فِيهِ "شيئًا"3 من أقاويل القرّاء والمفسّرين والنُّحاة، ووشَّحه بما رَوَاهُ من الثقات. قال أبو النصر فِي كتاب اليميني: بلغني أَنَّهُ أنفق عليهم فِي جُمعة عشرين ألف دينار، والنسخة بِهِ بنيسابُور، وهي تستغرق عُمْر الكاتب. أخبرني أَبُو الفتح البُسْتي، قَالَ: عملت فِيهِ أبياتًا، لم أبلغها إياه، ولكنها سارت

_ 1 العبر "3/ 770"، وسير أعلام النبلاء "17/ 116"، والكامل "8/ 563". 2 الكامل "9/ 172". 3 في الأصل "شيء".

واشتهرت، فلم أشعر إلا بصُرّةٍ منه، فيها ثلاثمائة دينار، بعثها. والأبيات، هِيَ هذه الثلاثة. خَلَفُ بْن أحْمَد الْأخلافِ ... "أَرْبى"1 بسؤدَده عَلَى الْأسْلافِ خَلَفُ بْن أحْمَد فِي الحقيقة واحدٌ ... لكنّه مُرْبٍ عَلَى الْألافِ أضْحى لآل اللَّيْث أعلام الوَرَى ... مثل النَّبِيّ لآل عَبْدِ مَنَافِ وقد مدحه البديع الهَمَذَاني وغيره، وقد حكم عَلَى مملكة سِجِسْتان دهرًا، وعاش خمسًا وثمانين، رحمه اللَّه. وفيه يَقُولُ الثَّعَالِبي: من ذا الَّذِي لا يذلّ الدّهْر صَعْبَتَهُ ... ولا تُلِينُ يد الْأيّام صَعْدَتَهُ أما ترى خَلَفًا شيخَ الملوك غَدَا ... مملوك من فتح العذراء بكرته "حرف الطاء": 278- طاهر بْن عَبْد المنعم بْن عُبَيْد اللَّه بْن غَلْبُون، أَبُو الْحَسَن الحلبي، ثم الْمَصْرِيّ المقرئ، مصنّف التذكرة فِي القراءات، وغير ذَلِكَ2. كَانَ من كبار المقرئين هُوَ وأبوه أَبُو الطيب. قرأ على والده، وعلى أبي عدي عَبْد العزيز بْن علي الْمَصْرِيّ بمصر، وعلى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن صالح الهاشمي بالبصرة، وهو من أصحاب الْعَبَّاس الْأشناني، وقرأ بالبصرة أيضًا عَلَى أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بن يوسف بن نهار الحرتكي صاحب ابن "ثَوْبان"3، وتصدّر للإقراء. عَرَض عَلَيْهِ: أَبُو عَمْرو الدّاني، وإِبْرَاهِيم بْن ثابت الإقليسي، وروى عَنْهُ كتاب التذكرة. أَبُو الفتح بْن بابشاذ، ومُحَمَّد بن أحمد بن علي القزويني، وغيرهما.

_ 1 في الأصل "أذري". 2 العبر "3/ 70"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1029". 3 في الأصل "بويان".

"حرف العين": 279- عَبْد اللَّه بْن بَكْر بْن مُحَمَّد، أَبُو أحْمَد الطَّبَرَانِي الزّاهد، نزيل أكواخ بانياس1. حدّث عَنْ: خَيْثَمة، وابْن الْأعْرابي، وأَحْمَد بْن زكريّا المقدسي، وعثمان بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد السَّمَرْقَنْدِيّ، وجُمح بْن القاسم الدمشقي، وخلق كثير. رَوَى عَنْهُ: تمّام الرّازي، ووثّقه، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد الربعي، وأحمد بن رواد العكّاوي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ الصوري الحافظ، وقَالَ: كَانَ ثقةً، ثبْتًا، مُكْثِرًا. حكى عَنْهُ الدَّارَقُطْنيّ. وقَالَ عَبْد العزيز الكتّاني: كَانَ ثقة يتشيع. قلت: رحل إلى العراق سنة تسعٍ وأربعين. 280- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن أبيض الْأمويّ، أَبُو الْحَسَن الطُّليْطِلي النَّحْوِيّ الحافظ2، نزيل قُرْطُبَة. رَوَى عَنْ: أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وعبّاس بْن أَصْبَغ، وعَلِيّ بْن مصلح، وأجاز لَهُ تميم بْن مُحَمَّد القيرواني، ومُحَمَّد بْن القاسم بْن مَسْعَدَة. وعُنِيَ بالحديث وجمعه، جمع كتابًا فِي الرّدّ عَلَى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مَسَرَّة، وهو كتاب كبير حفيل. رَوَى عَنْهُ: القاضي أَبُو عُمَر بْن سميق، وحكم بْن مُحَمَّد، وَأَبُو إِسْحَاق، وَأَبُو جَعْفَر الصّاحبان. وكان مولده سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. توفي سنة تسع أو سنة أربعمائة. 281- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحاجب المنصور أَبِي عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر القحطاني3 الْأندلسي، المعروف بشنشول، والملقَّب بالنَّاصر. لمّا تُوُفِّي المُظَفَّر عَبْد الملك بْن أَبِي عامر، وُلِّي بعده أخوه هذا، وافتتح أموره باللَّهو والخلاعة واللّعب، وكان يخرج إلى النُّزَه ويتهتّك، وهشام المؤيد بالله على

_ 1 البداية والنهاية "11/ 341". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 247". 3 نفح الطيب "1/ 277"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 148".

عادته التي قرّرها المنصور، من الاحتجاب غالبًا، فدسّ هذا عَلَى المؤَيَّد قومًا خوّفوه منه، وأعلموه أَنَّهُ عازم عَلَى قتله إنْ لم يُوَلِّه عهدَه، ويجعله الخليفة من بعده، ثم أمر شنشول القاضي والفقهاء والكبار المثول إلى القصر الَّذِي بالزَّهراء، وهو قصر يُقَصِّر الوصف عنه، فأحضر المؤيد، وأخرج كتابًا قرأ بحضرته، كتبه عَمْرو بْن موبذ، بأنّ المؤَيَّد قد خلع نفسه، واستخلف عَلَى الْأمَّة النّاصر عَبْد الرَّحْمَن، لِعِلْمه بأهليّته فِي كلام طويل، فشهد من حضر بذلك عَلَى المؤَيَّد فِي ربيع الأول، سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. ثم أخذ شنشول فِي التَّهَتُّك والفِسْق، وكان زيُّه زيّ أصحاب الشُّعُور المكشوفة، فأمر أصحابه بحلْق الشعر، وشدّ العمائم، تشبُّهًا ببني زِيرِي، فبقوا أَوْحَشَ ما يكون وأسمجه، لأنّهم لَفُّوا العمائم بلا صنعة، فبقوا ضحكةً. ثم سار غازيا نحو طُلَيْطِلة، فاتّصل بِهِ أنّ مُحَمَّد بْن هشام بْن عَبْد الجبّار قام بقُرْطُبَة، وهدم الزَّهْراء، وقام معه ابن ذكوان القاضي، لأنّ النّاصر فوّض الْأمور إلى عيسى بْن سَعيد الوزير، فعظم ذَلِكَ عَلَى ابن ذكوان، ودب إِلى إفساد رجال عيسى، وذكر فساد رأي المؤَيَّد هشام، وخلعه نفسه، وتوليته شنشول، وتصديقه بما لا يجوز، من جمْع البقر البلق، وإعطائه الْأموال والجوائز، لمن أتاه بحافر حمار، يدّعي أَنَّهُ حافر العزيز، ومن يأتيه بحجر، يَقُولُ: هذا من الصَّخْرة، وناس يأتونه بشَعْر، يقولون: هذا مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا الَّذِي أوجب طمع شنشول. وقيل: لهذا السّبب كَانَ المنصور أَبُو عامر يُخْفيه عَنِ النّاس. ثم أنفق ابن عَبْد الجبّار الذَّهَبَ فِي جماعة من الشُّطَّار، فاجتمع له أربعمائة رَجُل، وأخذ يرتّب أُموره فِي السّر. فلما كانت ليلة الْأحد ثاني عشر جُمادى الآخرة، من سنة تسعٍ، جمع والي المدينة العَسَسَ، وطاف بهم. وهجم الدُّور، فلم يقع لَهُ على أثر، ثم ركب ابن عَبْد الجبّار بعد أيام بغلته، وقت الزَّوال وصرخ أصحابه، وقصد دار الوالي، فقطع رأسه، وتملّك الزَّهْراء، فخرج إلى جَوْذَر الكبير، فَقَالَ لَهُ أَيْنَ المؤَيَّد أَخْرِجْه، فقد أذلّ نفسه، وأذلَّنا بضعفه عَنِ الخلافة، قَالَ: فخرج إِلَيْهِ يَقُولُ: يؤمّنني وأخرج إِلَيْهِ، قَالَ: إنّي إنّما قمت لأزيل الذُّلَّ عَنْهُ، فإنْ خلع نفسه طائعًا، فليس لَهُ عندي إلا ما يحبّ، قَالَ لَهُ جوذر: قد أجابك إلى ذَلِكَ، فأرسلوا إلى ابن الكوهي الفقيه، وابْن ذكوان القاضي، والوزراء، وأهل الشُّورَى، فدخلوا عَلَى هشام،

فكتب كتاب الخَلعْ، وعقد الْأمر لمحمد المذكور، ثم ضَعُفَ أمرُ شنشول، فظفر بِهِ ابن عَبْد الجبّار، فذبحه فِي أثناء هذه السنة، وطيف برأسه. ومن تاريخ ابن أَبِي الفيّاض قَالَ: خُتِن شنشول فِي سنة "ثمانين"1 فانتهت النفقة في ختانته إلى خمسمائة ألف دينار، وهو ابن ثماني سنين، وخُتِن معه خمسمائة وسبعون صبيًّا. 282- عَبْد الملك بْن الحاجب المنصور محمد بن عبد الله بن أبي عامر المَعَافِرِي الْأندلسي، أَبُو مروان الملقّب بالمظفّر2. قام بعد أَبِيهِ بإمرة الْأندلس بين يدي خليفة الْأندلس، المؤَيَّد باللَّه هشام بْن المستنصر الْأمويّ، وجرى فِي الْأمور مجرَى والده، فكان هُوَ الكلّ، والمؤَيَّد معه صورة بلا حلّ ولا ربط. ومات المُظَفَّر فِي هذه السنة، وقيل: سنة ثمانٍ وتسعين، والصّحيح فِي سابع عشر صفر، سنة تسعٍ هذه. وقَالَ عَبْد الواحد بْن عَلِيّ المراكشي: دامت أيَّامه فِي الْأمن والخصْب سبْع سنين. قَالَ ابن أَبِي الفيّاض: كَانَ المُظَفَّر بْن المنصور ذا سَعْدٍ عظيم وكان من فرْط الحياء فِي غايةٍ، ما سُمِع بمثلها، ومن الشجاعة فِي منزلةٍ لم يُسْبَق إليها. وكان بَرًّا تقيًّا، طاهر الْجَيْب، حتى أَنَّهُ لم يحلف باللَّه، وكان يرى أَنَّهُ من حلف باللَّه وحَنَثَ أَنَّهُ لا كَفَّارة لَهُ، ويراه من العظائم. وقَالَ غيره: إنّ المُظَفَّر "غزا"3 ثمان غزوات، وعاش ستًا وثلاثين سنة. وثارت الفتن بعد موته، وقام بالأمر بعده أخوه عَبْد الرَّحْمَن المذكور فِي هذه السنة، ويلقَّب بالنّاصر، ويسمّى وليّ العهد، فاضطَّربت أحواله، وقام عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن هشام بْن عَبْد الجبّار بْن النّاصر لدين اللَّه الْأمويّ، فخذلت الجيوش عَبْد الرَّحْمَن، فقُتِل وصُلِب فِي جُمادى الآخرة سنة تسعٍ وتسعين، وخلعوا المؤَيَّد باللَّه من الخلافة، وبويع مُحَمَّد بْن هشام، ويلقب المهتدي، ثم قتل سنة أربعمائة، في أواخرها، ورد المؤيد.

_ 1 في الأصل "سنة ثمانين 3". 2 نفح الطيب "1/ 276"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 148". 3 في الأصل "غزى".

283- عَبْد الواحد بْن أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَوْف، أَبُو القاسم المُزَني الدمشقي الشّاهد. حدّث عَنْ: خَيْثَمة، ومُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن حَيْدَرة، وأبي المعمر حسين بن مُحَمَّد المَوْصِلي. رَوَى عَنْهُ: علي بْن مُحَمَّد الحنائي، وعَلِيّ الرّبعيّ. 284- عليّ بْن الحافظ أَبِي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بْن عَبْد الْأعلى الصَّدفيّ الْمَصْرِيّ، أَبُو الْحَسَن1. رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي الحديد، عَنْ جدّهم يونس. رَوَى عَنْهُ: الفضل بْن صالح الرُّوذَبَارِي، أحد مشيخة الرّازي. تُوُفِّي فجأةً فِي شوّال. قلت: ولا تحلُّ الرواية عنه، فإنه منجم، وهو صاحب الزيج الحاكمي، صنّفه فِي أربع مجلّدات. قاله ابن خلّكان، وقَالَ: ما أقصر فِي تحريره، وله نظْم رائق، وقَالَ: قَالَ المسبّحي: أخبرني من رَأَى ابن يونس، فطلع معه إلى المُقَطَّم، فوقف للزُّهْرة، فنزع ثيابه، ولبس ثوبًا أحمر، ومقنَّعة حمراء، وأخرج عودًا، فضرب بِهِ، والبُخور بين يديه، فكان عَجَبًا من العَجَب. قَالَ المسبّحي: وكان أَبْلَهَ مُغَفَّلا، يعتمّ عَلَى طَرْطُورٍ طويل، ويجعل رداءه فوق العمامة، وكان طَوالا، فإذا ركب بقي ضِحْكَةً، وله إصابة بديعة فِي النِّجامة. كَانَ القاضي مُحَمَّد بْن النُّعْمَان قد عَدَّله وقَبِلَه فِي سنة ثمانين. قلت: القاضي والسُّلطان أنجس منه. 285- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الخضر القِزْوِيني. يَرْوِي عَنْ أَبِي الْحَسَن القطان وغيره.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 341"، وشذرات الذهب "3/ 156".

"حرف الفاء": 286- فضل "بن عبد اللَّه بْن صالح، أَبُو الفتوح"1. إِلَيْهِ تُنسب مُنْيَة القائد2. القائد الْمَصْرِيّ، من كبار قوَّاد العزيز. قرّبه الحاكم وأدناه، ثم نَقَم عَلَيْهِ، وضرب عُنُقَه فِي ذي القعدة، لم يظهر منه جزع، وكان شجاعًا، جوادًا، ممدَّحًا، نبيلا، من وجوه الدولة. وإليه تُنْسَب مُنَيَة القائد فضل، وهي بُلَيْدة من أعمال الجيزة، قِبالةَ مصر. "حرف القاف": 287- قَسِيم بْن أحْمَد بْن مطير، أَبُو القاسم الظهراوي الْمَصْرِيّ3، شيخ مُسِنٌّ. قرأ القرآن عَلَى جَدّه لامّه عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الظهراوي صاحب أَبِي بَكْر بْن سيف، وكان محقِّقًا لرواية وَرْش، خيِّرًا فاضلا. أثنى عَلَيْهِ أَبُو عَمْرو الدّاني، وقَالَ: كَانَ من ساكني قرية أَبِي البَيس، وكان يُقْرئ بها وأنا بمصر. تُوُفِّي فِي سنة ثمانٍ وتسعٍ وتسعين. "حرف الميم": 288- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَلِيّ بْن حسين، أَبُو مُسْلِم البغدادي الكاتب، نزيل مصر4. رَوَى عن: أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أَبِي دَاوُد، وابْن صاعد، وأبي بَكْر بْن دُرَيْد، وأَبِي بَكْر بْن مجاهد، وأَبِي بَكْر بن الأنباري، وأبي عيسى بن قَطَن وسعيد بْن مُحَمَّد أخي زُبَير الحافظ، وأَبِي عَلِيّ مُحَمَّد بْن سَعِيد الحَرَّاني، وأَبِي علي

_ 1 ساقطة من الأصل. 2 وفيات الأعيان "7/ 34". 3 معرفة القراء "1/ 384"، وغاية النهاية "2/ 27". 4 تاريخ بغداد "1/ 323"، والبداية والنهاية "11/ 341"، والمنتظم "7/ 245".

الحضائري الدمشقي، وأَبِي إِسْحَاق بْن أَبِي ثابت، وسمع بالقَيْروَان فِي حدود الْأربعين أو بعدها، من أَبِي القاسم زياد بْن يونس. وتفرّد فِي الدُّنيا بالرواية عَنْ: البَغَوي، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: الحافظ عَبْد الغني، وَأَبُو عَمْرو الدّاني، ورشأ بْن نظيف، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وأَحْمَد بْن بابشاذ الجوهري، وَأَبُو الفضل بْن بُنْدَار، وَأَبُو الحسين محمد بن مكي، ومحمد بن عَدِيّ السَّمَرْقَنْدِيّ ثم الْمَصْرِيّ، والشريف أَبُو إِبْرَاهِيم أحْمَد بْن القاسم بْن ميمون الحسيني، وعليّ بْن بقاء الوَرّاق، والقاضي أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سلامة القُضَاعي، وخلق سواهم. قَالَ الخطيب1: قَالَ لي الصُّورِي: بعض أُصول أَبِي مُسْلِم عَنِ البَغَوي وغيره جِياد. قلت: فكيف حاله من حال ابن الجندي؟ فَقَالَ: قد اطّلع منه عَلَى تخليط، وهو أمثل من ابن الجندي. حدثني وكيل أَبِي مُسْلِم، وكان محدّثًا حافظًا، يقال لَهُ أَبُو الْحُسَيْن العطّار قَالَ: ما رَأَيْت فِي أصول أَبِي مُسْلِم عَنِ البَغَوي شيئًا صحيحًا، غير جُزْء واحدٍ، كَانَ سماعه فِيهِ صحيحًا، وما عداه كَانَ مفسودًا. وقَالَ أَبُو إِسْحَاق الحبّال: تُوُفِّي فِي ذي القِعْدَة. 289- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن خَلَف، أَبُو الْحُسَيْن الرَّقّي المَقْبُرِيّ ابن الفحّام، ويعرف بابن أَبِي العميري، نزيل دمشق. قرأ القرآن عَلَى زيد بْن أَبِي بلال الكوفي، وحدّث عَنِ النّجّاد، وعثمان بْن مُحَمَّد المقرئ، وجعفر بْن الخلدي، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحنائي، وأخوه إِبْرَاهِيم، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو الفرج عُمَر بْن عَبْد اللَّه الرّقّي، وحمزة بن محمد الطوسي. قال أبو عمر الداني: كان زاهدًا فاضلا متقشفًا. وقال ابن الْأهوازي: كَانَ يُرْمَى بالتشيّع. تُوُفِّي فِي ربيع الأول.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 323".

290- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن سَعِيد، أَبُو عَبْد اللَّه الْأمويّ القُرْطُبي بْن العطار الفقيه1 المالكي، والمتجر فِي الفقه. رَوَى عَنْ: أَبِي عيسى اللَّيْثي، وأَبِي بَكْر بْن القُوطِيّة، وسعيد بْن أحْمَد بْن عَبْد ربّه، وحجّ فذاكر أَبَا مُحَمَّد بن زيد وناظره. وكان حافظًا متيقّظًا، أديبًا، شاعرًا، ذكيًّا، نحْوِيا، بصيرًا بالفتوى، عارفًا بالفرائض، والحساب، واللُّغة، والإعراب، رأسًا فِي الشُّرُوط وعِلَلها، مدقّقًا لمعانيها، لا يجاريه فيها "أحد"2، صنّف فيها كتابًا حسنًا، وجرت لَهُ مَعَ فقهاء قُرْطُبَة خطوب طويلة، وأخبار مشهور. كتب عَنْهُ جماعة من الفضلاء. ووُلِد سنة ثلاثين وثلاثمائة، وتُوُفِّي فِي ذي الحجّة، وكان الْجَمْع فِي جنازته عظيمًا، وانتاب قبرَه طُلاب العِلْم أيّامًا، وقرءوا عَلَى قبره خَتْمات. 291- مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بْن يحيى الْأندلسي3. رحل وسمع من أَبِي قُتَيْبَة مُسْلِم بْن الفضل، وأَبِي بَكْر بْن خروف. رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان، قالا: مات فِي رجب. 292- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عيسى بْن مُحَمَّد المُرِّي الإمام، أَبُو عَبْد اللَّه الْألْبِيري المعروف بابن أَبِي زَمَنِين، نزيل قُرْطُبَة4. سَمِعَ "ببجاية"5 من: سَعِيد بْن فَحْلُون، فقرأ عَلَيْهِ مختصر ابن عَبْد الحكم، وسمع بقُرْطُبَة من مُحَمَّد بْن معاوية القُرَشي، وأَحْمَد بْن المُطَرِّف وأَحْمَد بْن الشامة، وكان عارفًا بمذهب مالك، بصيرًا بِهِ، وسمع أيضًا من وهب بْن مَسَرَّة، وتفقه عند إسحاق بن إبراهيم الطليطلي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 484". 2 في الأصل "أحدا". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 485". 4 الصلة لابن بشكوال "2/ 482"، والعبر "3/ 71"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1029"، وسير أعلام النبلاء "17/ 188". 5 في الأصل "مجانة".

وكان من الرّاسخين فِي العِلْم، متفننًا فِي الْأدب والشعر، مُقْتَفِيا لآثار السَّلَف. لَهُ مصنَّفات فِي الرَّقائق والزُّهْد، وشعر رائق، مَعَ زُهْد ونُسُك وصِدْق لَهْجَة، وإقبال عَلَى الطاعة، ومُجَانَبَةٍ للسلطان، وسئل: لِمَ قِيلَ لكم: بنو زمنين؟ فلم يعرف. وقَالَ: كنت أهاب أَبِي، فلم أسأله، ثم فِي آخر عمره انتقل إلى إلْبِيرَة فسكنها. ولد في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، أو فِي آخرها. وتُوُفِّي عَلَى الصحيح سنة تسعٍ وتسعين فِي ربيع الآخر. وله كتاب "المُغْرِب" فِي اختصار المُدَوَّنَة لَيْسَ فِي مختصراتها مثله، وكتاب "مَنْتَخَبُ الْأحكام" الَّذِي سار فِي الآفاق، وكتاب "الوثايق"، وكتاب "المُذَهَّب فِي الفقه" وكتاب "مختصر تفسير ابن سلام" وكتاب "حياة القلوب فِي الزُّهْد"، وكتاب "أُنْسُ المُرِيدين" وكتاب "النصائح المنظومة" من شعره، وكتاب "أدب الْإسلام" وكتاب "أُصُول السُّنَّة" وكتاب "قدوة القارئ". ومن شعره: الموتُ فِي كلّ حينٍ ينشُرُ الكَفَنَا ... ونحن فِي غفلة عَمَّا يُرادُ بنا لا تطمئن إلى الدُّنيا وزُخْرُفِها ... وإن توشَّحْتَ من أثوابها الحَسَنَا أَيْنَ الْأحِبَّةُ والجيرانُ ما فَعَلُوا ... أَيْنَ الذين هُمُ كانوا لنا سَكَنَا سقاهُمُ الدَّهْرُ كأْسًا غيرَ صافيةٍ ... فصيَّرَتْهُم لإطباق الثَّرَى رَهَنَا رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرو الدّاني، والقاضي أَبُو عُمَر بْن الحذَّاء، وطائفة من علماء الْأندلس، وكان من بقايا حملة الحُجَّة. رحمه اللَّه. 293- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق، أَبُو طَالِب العلوي، المعروف بابن المُهَلْوِس الزّاهد1. كَانَ القادر باللَّه يعظّمه ويحترمه. حكى عن السُّبْكي، وغيره. رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن بْن غالب البغدادي، وغيره، وكان من الزهاد المعدودين.

_ 1 المنتظم "7/ 245"، وتاريخ بغداد "3/ 93".

"حرف الياء": 294- يحيى بْن زكريّا بْن أحْمَد ابن أخت "أَبِي"1 بَكْر البلْخي، ثم الدمشقي الشاهد. كَانَ أَبُوهُ قد وُلِّي قضاء دمشق، فوُلِد بها هذا، وسمع من إِبْرَاهِيم بْن أَبِي ثابت، وأَبِي عَلِيّ الحضائري، وخَيْثَمة، وَلَمْ يُدْرِكِ السَّمَاعَ مِنْ أَبِيهِ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الحنّائي، وأخوه عَلِيّ والْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن يحيى بْن زكريّا حفيده. وتُوُفِّي فِي ربيع الآخر، وقد نيّف عَلَى السّبعين. "الكنى": 295- أَبُو إِسْحَاق الجبيناني، أحد الْأئمّة والأولياء بالقَيْروَان، اسمه إِبْرَاهِيم بْن أحْمَد بْن عَلِيّ البكري بَكْر بْن وائل. أجاز لَهُ عيسى بْن مسكين، وتفقّه عَلَى حمود بْن سَهْلُون، ودرس من الفقه دواوين، وكان أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي زيد يعظّمه، ويقول: طريقة عالية لا يسلكها أحد فِي هذا الوقت. تُوُفِّي سنة تسعٍ وتسعين، وكان كثيرًا ما يَقُولُ: اتَّبع ولا تبتدع، اتَّضعْ ولا ترتفع، وكان العلماء يقصدونه، ويتبركون برؤيته. وفيات سنة أربعمائة: "حرف الألف": 296- أحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن الفرج بْن أَبِي الحُباب، أَبُو عُمَر القُرْطُبي النَّحْوِيّ2 صاحب أَبِي عالي القالي. أخذ عَنْهُ، وعن أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الثَّغْرِي القاضي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرو بْن الحذَّاء وقَالَ: كان من جملة الشيوخ، عالمًا باللغة والإخبار، فِيهِ صلاح وخير. تُوُفِّي فِي سلْخ المحرَّم، وقد قارب التسعين.

_ 1 في الأصل "أبو". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 19".

وقَالَ أَبُو حيّان: وكانت فِيهِ غَفْلة زائدة، وكان متّقد الذّهن، عالمًا، حافظًا، ثبْتًا، بصيرًا بالعربية، وهو كَانَ مؤدِّب المُظَفَّر عَبْد الملك بْن أَبِي عامر، وهو بربريّ النَّسَب، من مَصْمُودَه. 297- أحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر، أَبُو عَبْد اللَّه الجيزي الْمَصْرِيّ. تُوُفِّي فِي شعبان، وهو من شيوخ أَبِي عَمْرو الداني في الحديث. "يروي"1 عن طبقته عثمان بْن السَّمَرْقَنْدِيّ، وأَبِي الطّاهر المَديني. 298- أحْمَد بْن عمّار بْن عصمة بْن مُعاذ النَّسَفي. سَمِعَ بنَسَف، من عَلِيّ بْن مُحْتَاج، وعَبْد المؤمن بْن خَلَف، ونصر بْن مُحَمَّد، سَمِعَ منه جامع التِّرْمِذِيّ، وسمع بجُرْجان من ابن عَدِيّ، وببغداد من دَعْلَج، وجماعة. وهو من قرية سِيركَتْ، إحدى قُرى نَسَف. تُوُفِّي بها فِي شعبان، فِي عشر الثمانين. 299- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْدة، أَبُو جَعْفَر الْأمويّ الطُّليْطِلي2، ويُعْرَف بابن ميمون صاحب ابن إسحاق بن "شنظير"3، ونظيره فِي الجمع والإكثار والملازمة معًا، والسّماع جُملة، وهما الصاحبان، فهذا أحدهما. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أُمَيّة، وعَبْد الله بن فتح بْن معروف، ومُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَيْشُون، "وشَكُور"4 بْن حبيب وجماعة، وسمع بقُرْطُبَة مَعَ صاحبه من أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن الله. وتوفي في شوال. "حرف العين": 300- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بن سمقويه، أَبُو بَكْر المُزَكِّي الفقيه الشافعي النيسابُوري. رَوَى عن: أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وغيره، ودرّس الفقه سنين. مات في رمضان.

_ 1 في الأصل "مروي". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 20". 3 في الأصل "سنطير". 4 في الأصل "سكور".

301- عَبْد الملك بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إسحاق بْن الأزهر الْأزهري، أَبُو نُعَيْم الإِسْفِرَايِينِيّ1. رَوَى عَنْ: خال أَبِيهِ الحافظ أَبِي عُوَانة كتابه الصحيح المُسْنَد بقراءة أَبِيهِ، واحتاط لَهُ حاله فِي جماعة، فبارك اللَّه فِي عمره، حتى سمعه الْأئمّة واشتهر بِهِ. قَالَ الحافظ عَبْد الغافر بْن إِسْمَاعِيل: كَانَ رجلا صالحًا ثقة، حضر نيسابُور فِي آخر عمره، ولم يُعهد بعد ذَلِكَ المجلس مثله لقراءة الحديث، كما حَدَّثَنَا الثّقات، وعاد إلى إسْفراين، وذلك فِي سنة تسعٍ وتسعين. قلت: رَوَى عَنْهُ الكتاب: الْإمَام أَبُو القاسم القُشَيْرِي، وزوجته فاطمة بِنْت أَبِي عَلِيّ الدَّقّاق، ولها فَوْتٌ، وعَبْد الحميد وعَبْد اللَّه، ابنا عبد الرحمن بن محمد البحيري، وأبو القاسم عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلَّيك الرّازي، وروى عَنْهُ بعض الكتاب عثمان بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه المَحْمِيّ، وشبيب بْن أحْمَد البَسْتِيغي، وَأَبُو الحَسَن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف الجويني، وعلي بن محمد بن علي بْن ماسرجس الخازن، وعَلِيّ بْن عَبْد العزيز الخشّاب، وَأَبُو المعالي عُمَر بْن مُحَمَّد بْن حسين البسطامي، أبو بَكْر مُحَمَّد بْن حسّان بْن مُحَمَّد، ومُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الصّرّام، وَأَبُو نصر مُحَمَّد بْن سهل بْن مُحَمَّد السّرّاج، وهو آخر أصحابه موتًا. توفي سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. وقع لنا هذا المُسْنَد بإجازة أَبِي المظَّفر ابن السَّمْعَاني، لكنّي أَنَا سَمِعْتُ منه ستَّ مجلَّدات، وبطَّلْت. قَالَ الحاكم فِي تاريخه: تُوُفِّي أَبُو نُعَيْم الإِسْفِرَايِينِيّ ابن أخت أَبِي عَوَانة في ربيع الأول، سنة أربعمائة. قلت: وسماعه من خاله كَانَ فِي حياة البَغَوي، وابْن صاعد، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، وتُوُفِّي خاله قبل البَغَوي بسنة، وكان مولد أَبِي نُعَيْم فِي ربيع الْأوّل، سنة عشر وثلاثمائة، وقد سَمِعَ أيضًا من أَبِيهِ المحدّث أَبِي مُحَمَّد صاحب يوسف القاضي، ومن أَبِي نُعَيْم عَبْد الملك بْن عَدِيّ، وأَبِي عمران الْجُوَيْني، وعبد الله بن محمد بن مسلم

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 71"، والعبر "3/ 73".

الإِسْفِرَايِينِيّ، ومُحَمَّد بْن عَبدَك الشعراني، والأصمّ، وابْن الْأخرم، لكن اشتغل عَنْهُ أكثر الطَّلبة بمُسْنَد أَبِي عَوَانة. 302- عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن غياث، أَبُو بَكْر البغدادي الرّزّاز1. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِي، وابْن عيّاش القطّان. رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم الْأزْجِي، وَأَبُو الْحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه، ووثّقه الخطيب. أنبأني المسلّم بْن مُحَمَّد القَيْسي، أَنَا الكِنْدِي، أَنَا عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن يوسف، أنا محمد بن علي ابن المهتدي باللَّه، قَالَ: ذكر لنا شيخنا عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن غياث أنّ مولده في رمضان سنة تسع وثلاثمائة، وأَنَّهُ سَمِعَ الحديث من أَبِي القاسم بْن بِنْت منيع، وأنّ كتبه انْتُهِبت. قال الخلال: توفي سنة أربعمائة. 303- عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد بْن الْحَسَن، أَبُو الفرج بْن السَّخْتِ الرَّقِّي المقرئ البزّاز. حدّث بدمشق عَنِ: النّجّاد، وجعفر الخلدي، وجماعة. روى عنه: أبو علي الأهوازي، وعلي الحنائي، وهو المذكور في السنة الماضية. 304- علي بن محمد بن إبراهيم، أبو الحسن المديني الأدمي. توفي في رجب. 305- علي بن محمد بن أحمد بن داود، أبو الحسن بن النحوي الدمشقي الشاهد الخطيب، والد عبد المنعم. روى عَنْ: عَلِيّ بْن أَبِي العقب. وعنه: عَلِيّ الحنّائي وغيره. تُوُفِّي فِي المحرَّم. 306- عَمْرو بْن عثمان بْن خَطَّار، أَبُو حفص القُرْطُبي2. أخذ عَنْ: عَلِيّ بْن عُبَيْد مختصَرَه فِي الفقه، وعن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَيْشُون. رَوَى عَنْهُ: أبو حفص الزهراوي، وغيره.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 12". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 446".

307- عمران بْن الْحَسَن بْن يوسف، أَبُو الفرج الخفّاف. رَوَى بدمشق عَنْ: أحْمَد بْن زبّان، وأَبِي إِسْحَاق بْن أَبِي ثابت، وعثمان بْن مُحَمَّد الذَّهَبي. رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحِنَّائيّ، ورشأ بْن نظيف، وأَحْمَد بْن الْحَسَن الطيان، وأبو علي الأهوازي، وآخرون. "حرف الميم": 308- محمد بن أحمد بن جَعْفَر الْإصبهاني الكَوْسَج. تُوُفِّي فِي صفر. 309- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن معارك، أَبُو القاسم العُقَيْلِي القرطبي النحوي1. روى عَنْ: أَبِي عَلِيّ القالي، وكان مقدَّمًا فِي عِلْم العربية، والبصر بالشعر. أقرأ النَّحْو. وهو والد عَبْد الرَّحْمَن العُقَيْلِي. 310- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى، أَبُو عَبْد اللَّه الخُشَني الطُّليْطِلي2، ويُعرف بابن المُشْكِيالي. رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن خليل قاضي طُلَيْطِلة، ومُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عيشون، وبقرطبة أحْمَد بْن عيسى، وحج فسمع بمصر أَبَا مُحَمَّد بْن الورد، أحمد بْن سَلَمَة بْن الضَّحّاك، وأَبَا هُرَيْرَةَ، وابْن أَبِي العصام، وحمزة بْن مُحَمَّد الكناني، وأَبَا بَكْر بْن أَبِي الموت. وكان من كبار المالكية، عَيْنًا من أعيان طُلَيْطِلة، مَعَ زُهْدٍ وتَوَاضُعٍ وورع، وعمِل بعِلْمه لا يأخذه فِي اللَّه لَوْمَة لائم، ثقة، قصده المُظَفَّر بْن أَبِي عامر إلى داره، فلما علم قَالَ للطلبة: لا يقُمْ أحد، فامتثلوا أمْره، فلما دخل سأله الدعاءَ، فَقَالَ: اللَّهم أدْخِل لَهُ فِي قلوب رعيّته الطّاعة، وأدْخِل لَهُم فِي قلبه الرأفة والرحمة. تُوُفِّي فِي سادس جُمادى الآخرة، وولد سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وكان من كبار المُسْنِدِين بالأندلس. رحمه اللَّه.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 485". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 486".

311- مُحَمَّد بْن خَلَف بْن الشوله، أَبُو عبد الله الْأندلسي1. رحل إلى مصر وأخذ عَنِ الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ معجم الصحابة لَهُ، فِي ثلاثين جُزْءًا، وعن الْحَسَن بْن رشيق. حدّث "عَنْهُ"2: الصاحبان، وَأَبُو مُحَمَّد بْن دين، وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن عَبْد السلام الحافظ. وتُوُفِّي فِي جُمادى الْأولى، عَنْ ستٍّ وستّين سنة. 312- مُحَمَّد بْن عمروس بْن العاصي القُرْطُبي، أَبُو عَبْد اللَّه المالكي3. أخذ عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه بْن مُفَرِّج، وحجّ سنة تسعٍ وستّين، وذهب إلى بغداد، فأخذ عَنْ أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي الفقيه، وأَبِي الْحَسَن بْن المُظَفَّر، والدَّارَقُطْنيّ، وأخذ عَنْ أهل البصْرة، ومصرف القَيْروَان. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه بْن عائذ، وغيرهما. وتُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة. 313- مُحَمَّد بْن هشام بْن عَبْد الجبّار بْن النّاصر لدين اللَّه أَبِي المُظَفَّر عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الأموي الملقب بالمهدي4. توثب عَلَى الأمر بالأندلس، وخلع المؤيد بالله هشامًا، وحارب عَبْد الرَّحْمَن بْن الحاجب بْن أبي عامر القحطاني شنشول الذي وثب قلبه بسنة، وسمى نفسه وليّ العهد، وجعل ابن عمّه مُحَمَّد بْن المُعِزّ حاجبه، وأمر بإثبات كل من جاءه فِي الدّيوان، فلم يبق زاهد، ولا جاهل، ولا حَجّام، حتى جاءه فاجتمع لَهُ نحوٌ من خمسين ألف، وذلّت لَهُ الوزراء والصَّقالبة، وجاءوا وبايعوه، وأمر بنهب دُور بني عامر، وانتهب جميع ما فِي الزَّهْراء من الْأموال والسلاح، حتى قُلِّعت الْأبواب، فيقال: إنَّ الَّذِي وصل إلى خزانة "أَبِي"5 عَبْد الجبّار خمسة آلاف ألف دينار،

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 486". 2 في الأصل "عن". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 487". 4 الوافي بالوفيات "5/ 163". 5 في الأصل "أبو".

وخمسمائة ألف دينار، ومن الفضة ألف دِرْهَم، ثم وجد بعد ذَلِكَ خوابي فيها ألف ألف، ومائة ألف دينار، وخُطِب لَهُ بالخلافة بقُرْطُبَة، وتسمّى بالمهديّ، وقُطِعت دعوة المؤَيَّد، وصلّى المهدي الجمعة بالناس، وقُرئ كتابٌ بلعن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عامر الملّقب بشنشول، ثم سار إلى حربه إثْر ذَلِكَ فِي سنة تسعٍ وتسعين، وكان ابن ذكوان يحرّض عَلَى قتاله، ويقول عَنْ شنشول: هُوَ كافر. وكان قد استعان بعسكرٍ من الفرنج وقام معه ابن عومس القومص، فسار إلى قُرْطُبَة، وأخذ أمر ابن عبد الجبار يقوى، وأمر شنشول يَضْعُف، وأصحابه "تتسحّب"1 عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ القومص: ارجع بنا قبل أن يدهمنا العدوّ، فأبى، ومال إلى دير شريس، جَوْعَان سَهْران، فنزل لَهُ الرّاهب بخُبز ودجاجة، فأكل وشرِب وسكر، وجاء لحربه حاجب المهدي في خمسمائة فارس، فَجدُّوا فِي السَّيْر وقبضوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنَا فِي طاعة المهديّ، وظهر منه جَزَع وذلّ، وقبّل قدَم الحاجب، ثم ضرب عنق شنشول، ونودي عَلَيْهِ هذا شنشول المأبون المخذول. قَالَ الحُمَيْدِي: قام عَلَى المهديّ فِي شوّال سنة تسعٍ وتسعين ابن عمّه هشام بْن سُلَيْمَان بْن الناصر الْأمويّ، مَعَ البربر، فحاربه، ثم انهزمت البربر، وأُسِر هشام، فضرب المهديُّ عُنُقَه. وقَالَ غيره: لما استوسق الْأمر لابن عَبْد الجبّار المهديّ، أظهر من الخلاعة أكثر ممّا فعله شنشول، وأَرْبَى عَلَيْهِ فِي الفساد، وأخذ الحُرَم، وعمد إلى نصرانيّ يشبه المؤَيَّد باللَّه، فقصده حتى مات، وأخرجه إلى النّاس، وقال: هذا هشام، وصلى عَلَيْهِ، ودفنه. وفي رمضان وصل إلى ابن عَبْد الجبّار رَسُول صاحب طرابلس المغرب، فلفل بْن سَعِيد الزّناتي، داخلا فِي الطّاعة، ويسأل إرسال سكّة يضرب بها الذَّهب عَلَى اسمه، كل ذلك ليعينه على باديس بن المنصور، فخرج باديس، وأخذ طرابلس، وكتب إلى عمّه حمّاد فِي إغراء القبائل عَلَى ابن عبد الجبار. وكان ابن عَبْد الجبّار بخذلانه قد هَمّ بالغدر، بالبربر الذين حوله، وصرّح بذلك لجهله، فَنمّ عَلَيْهِ بسببه هشام بْن سُلَيْمَان بْن النّاصر لدين اللَّه، وحرّضهم عَلَى خلعه، فقتلوا وزيريه مُحَمَّد بْن درّي وخَلَف بْن طريف، وثار الهيج، واجتمع لهشام عسكر،

_ 1 في الأصل "يستحب".

وحرقوا السراحين، وعبروا القنطرة، ثم تخاذلوا عَنْ هشام، فأُخِذ، وأُخِذ أخوه أَبُو بَكْر، فقتلهم ابن عَبْد الجبّار صبْرًا، وقُتِل خلْق من البربر، ثم تحيّز البربر إلى قلعة رباح، وهرب معهم سُلَيْمَان بْن الحَكَم بْن سُلَيْمَان بْن النّاصر، فبايعوه، وسمُّوه المستعين باللَّه، وجمعوا لَهُ مالا من كلّ قبيلة، حتى اجتمع لَهُ نحوٌ من مائة ألف دينار، فتوجّه بالبربر إلى طُلَيْطِلة، فامتنعوا عَلَيْهِ، ثم ملكها، وقتل واليها، فاعتدّ ابن عَبْد الجبّار للحصار، وجزع حتى جرى عَلَيْهِ العامّة، ثم بعث عسكرًا، فهزمهم سُلَيْمَان، فرتّب النّاس للقتال، وكان أكثر جُنْد ابن عَبْد الجبّار لحامين "رجّاله"1، وقارب سُلَيْمَان قُرْطُبَة، فبرز إِلَيْهِ عسكر ابن عَبْد الجبّار، فناجزهم سُلَيْمَان، وكان من غرق منهم فِي الوادي أكثر ممّن قُتل، وكانت وقعة هائلة، وذهب خلق من الْأخيار والمؤدبين والأئمّة، فلما أصبح ابن عَبْد الجبّار أخرج المؤيَّد باللَّه هشام بْن الحَكَم الَّذِي كَانَ اظهر موته، فأجلسه للنّاس، وأقبل القاضي يَقُولُ: هذا أمير المؤمنين، وأنا مُحَمَّد نائبه، فَقَالَ له البربر: يا ابن ذكوان بالأمس تصلّي عَلَيْهِ، واليوم تُحْيِيه؟ وخرج أهل قُرْطُبَة إلى المستعين سُلَيْمَان، فأحسن مَلقَاهم، واختفى ابن عَبْد الجبّار، واستوسق أمر المستعين، ودخل القصر، ووارى النّاسُ قتلاهم، فكانوا نحو اثني عشر ألفًا. ثم هرب ابن عَبْد الجبّار إلى طُلَيْطِلة، فقاموا معه، وكتب إلى الفرنجية ووعدهم بالأموال، واجتمع إِلَيْهِ خلْق عظيم، وهو أوّل مالٍ انتقل من بيت المال بالأندلس إلى الفرنج، وكانت الثغور كلّها باقية عَلَى طاعة ابن عَبْد الجبّار، فقصد قُرْطُبَة فِي جيش كثير، فكان الملتقى عَلَى عقبة البقر، عَلَى بريدٍ من قُرْطُبَة، فاقتتلوا قتالا شديدًا، فانهزم سُلَيْمَان، واستولى المهديّ عَلَى قُرْطُبَة ثانيا، ثم خرج بعد أيام إلى قتال جَمْهرة البربر، فالتقاهم بوادي آره، فهزموه، ففرّ إلى قُرْطُبَة، ثم انهزم ابن عَبْد الجبّار أقبح هزيمة، وقُتل من الفرنج ثلاثة ألف فِي السّنة، وغرق منهم خلق، وأُسِر ابن عَبْد الجبّار، ثم ضُرِبت عنقه، وقُطِعت أربَعْتُه، فِي ثامن ذي الحجة، سنة أربعمائة، وله أربعٌ وثلاثون سنة. وثب عَلَيْهِ العبيد، إذ جاء قُرْطُبَة منهزمًا، واللَّه أعلم2. 314- مُطَهَّر بْن أحْمَد بْن مُطَهَّر الْأشْموني. تُوُفِّي بمصر فِي ذِي الحجَّة، وَلَهُ خمسٌ وثمانون سنة.

_ 1 في الأصل "وحاله". 2 الكامل في التاريخ "9/ 216".

"حرف الهاء": 315- هشام بْن عُبَيْد اللَّه بْن النّاصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد الْأمويّ الْأمير، أَبُو الوليد الأندلسي، ويُعرَف بصاحب الخضراء. قَالَ "ابن"1 الْأبّار: كَانَ خير من "بقي"2 من أهل بيت الخلافة عفافًا ومروءة وسخاء، إلى أدب ومعرفة، وجَمْعٍ للكتب، رغب المستعين باللَّه سُلَيْمَان فِي كتبه، فقُوِّمَتْ واشتراها. توفي في أول سنة أربعمائة. "الكنى": 316- أَبُو سَعِيد الفلاحي الحنفي النيسابُوري. حدث عَنِ الْأصمّ وغيره. تُوُفِّي فِي صفر. 317- أَبُو نصر ابن الْحَسَن بْن أحْمَد بْن الحيري النيسابُوري، أخو القاضي أَبِي بَكْر. رَوَى عَنْ: أَبِي العباس الأصم، وأقرانه. وتوفي في رمضان. المتوفون قبل الأربعمائة غير مرتبة أبجديًّا: 318- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سيّد أَبِيهِ، أَبُو عُمَر القُرْطُبي3. رَوَى عَنْ: مُحَمَّد بْن معاوية. رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان أَبُو إِسْحَاق، وأبو جعفر. مات قبل الأربعمائة، وله قريبٌ من سبعين سنة. 319- أحْمَد بْن أفلح بْن حبيب بْن عَبْد الملك، أَبُو عمر الأموي القرطبي الأديب4.

_ 1 ساقطة من الأصل. 2 في الأصل "يتقى". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 13". 4 الصلة لابن بشكوال "1/ 16".

روى عن: قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عيسى بْن رفاعة، ووهب بْن مَسَرَّة، وجماعة، ورحل إلى "الشرق"1. حدّث عَنْهُ الصاحبان، وابْن أبيض. 320- أحْمَد بْن عيسى بْن سُلَيْمَان، من أهل بَجَّانة، أَبُو القاسم الْأندلسي2. رَوَى عَنْ: سَعِيد بْن فَحْلُون، وأَحْمَد بْن جَابِر. رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان، وَأَبُو عُمَر الطَّلَمَنْكِيّ. 321- أحْمَد بْن مُحَمَّد الْأديب، أَبُو طاهر الشيرازي الشاعر البليغ3. رَوَى عَنْهُ من شعره: أَبُو القاسم عُمَر بْن مُحَمَّد النّعماني، وَأَبُو غالب مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن بِشْران اللُّغَوِي، وعَلِيّ بْن الْحَسَن الشمس. 322- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المكتفي باللَّه عَلِيّ بْن المُعْتَضِد4. سَمِعَ من: أَبِي القاسم البَغَوي. وعنه: أَبُو الْحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه. سمع منه سنة سبع وتسعين وثلاثمائة. 323- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زيد، أَبُو سعد القِزْوِيني المالكي، صاحب أَبِي بَكْر الْأبْهَرِي5، تفقه عَلَيْهِ، وعلى أَبِي بَكْر بْن علويه الْأبْهَرِي. صنّف المذهب والخلاف وله كتاب المعتمد فِي الخلاف فِي مائة جُزْء، وهو من أحسن الكتب. وسمع من أبي زيد المَرْوَزِي. وتُوُفِّي سنة نيف وتسعين وثلاثمائة. قاله عياض "وقرّظه"6. 324- إِبْرَاهِيم بْن شاكر بْن خطاب، أبو إسحاق القرطبي اللجام7.

_ 1 في الأصل "السوق". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 18". 3 الوافي بالوفيات "8/ 155". 4 تاريخ بغداد "5/ 70". 5 طبقات الفقهاء "167". 6 في الأصل "فرطه". 7 الصلة لابن بشكوال "1/ 89".

رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن ثابت التَّغْلبِيّ، وأَبِي مُحَمَّد بْن عثمان، وجماعة، وكان رجلًا صالحًا ورِعًا، حافظًا للحديث، وأسماء الرجال. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ. وقَالَ: إن كَانَ فِي عصره أحد من الْأبدال فيُوشَك أن يكون منهم. رحمه اللَّه. 325- إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن شريح، أَبُو مُحَمَّد الْجُرْجَاني1. عَنِ: الْأصمّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الصَّفّار. قَالَ الخطيب: ثنا عَنْهُ أَبُو العلاء الواسطي، والعتيقي. 326- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن قطينا، أَبُو عَبْد اللَّه البغدادي2. رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن زياد النيسابُوري، والمَحَامِلي. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر البَرْقَاني وعَبْد العزيز الْأزْجِي، ووثّقه الخطيب. 327- حَكَمُ بْن مُحَمَّد بْن حَكَم، أَبُو العاصي الأموي الأطروش3. رَوَى عَنِ: ابن النّحّاس النَّحْوِيّ، وسَلَم بْن الفضل، وابن خروف، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي الموت، وابْن حَيَّوَيْهِ النيسابوري. وولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. رَوَى عَنْهُ: الصّاحبان، وَأَبُو عَمْرو الدّاني. 328- مُحَمَّد بْن خَطّاب، أَبُو عَبْد اللَّه الْأزْدِيّ القُرْطُبي النَّحْوِيّ4. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وأَبِي عالي القالي، وابْن القُوطية، وبرع فِي الْأداب، وتصدّر للعربية. قال "ابن"5 الأبار: كان قبل الأربعمائة. 329- خَلَفُ بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بن "زبارة"6 أبو القاسم ابن

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 402". 2 تاريخ بغداد "8/ 104". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 148". 4 بغية الوعاة "1/ 99". 5 ساقطة من الأصل. 6 في الأصل "زرارة".

المُرَابط الكلْبي1، من قرية الْأبرش الكلْبيّ، ويُعرف بالمبرقَع المحتسِب من أهل قُرْطُبَة. رحل إلى المشرق مرتين، أولاهما: سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وهو ابن ثلاثٍ وعشرين سنة، فسمع أَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي، وابْن الورد، وأَبَا بَكْر الآجري. رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق بْن شنظير، وَأَبُو حفص الزهراوي. قال ابن شنظير: توفي في نحو الأربعمائة. 330- خَلَفُ بْن عيسى بْن سَعِيد الخير، أَبُو الحزم الوَشْقي، فقيه وَشْقَه وقاضيها2. يَرْوِي عَنِ: ابن عيشون، وأَبِي عيسى. حدّث عَنْهُ: ابنه أَبُو الْأصبغ، وَأَبُو عُمَر بْن الحذَّاء. وكان من فضلاء المالكية. 331- علي بْن أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى المُزَكِّي النيسابُوري. سَمِعَ: أَبَا حامد بْن الشرفي، ومكيّ بْن عَبْدان. 332- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يعقوب الرّازي. مُكْثِر عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم. رَوَى عَنْهُ أهل بلده. - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه الحاجي، أَبُو الْحَسَن. سَمِعَ: الْأصمّ، وفي الرحلة من أَبِي بَكْر الشافعي، وطبقته. مات فِي صفر، سنة سبع أو تسع وتسعين وثلاثمائة. 333- عُمَر بْن القاسم، أَبُو الْحُسَيْن المقرئ البغدادي3 صاحب ابن مجاهد، يُلَقب وبره، ويُعرَف بابن الحدّاد. حدَّث عَنْ: عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشر الواسطي، وقاسم بْن إِبْرَاهِيم المَلَطي، والْحُسَيْن المَحَامِلي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 162". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 167". 3 تاريخ بغداد "11/ 269".

رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وَأَبُو الفرج الطّناجيري. قَالَ الخطيب: صَدُوق. 334- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الفهد الْأندلسي الْألْبِيري، أَبُو المُظَفَّر. أحد فُحُول شعراء قُرْطُبَة، وعين شعراء الدولة العامرية. رحل فِي شبيبته إلى المشرق، وأضمرته البلاد قبل الأربعمائة. قَالَ أَبُو عامر بْن شهيد: عمل بحضرتي أربعين بيتًا عَلَى البديهة، لَيْسَ فيها حرف معجم أوّلها: حِلمكَ ما حَدَّ حَدَّه أحدٌ 335- مروان بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان بْن الْإمَام النّاصر عَبْد الرَّحْمَن الْأمويّ الْأندلسي المعروف بالطَّلِيق، أَبُو عَبْد الملك. أحد فُحُول الشعراء الْأشراف1. قَالَ ابن حَزْم: هُوَ فِي بني أُمَيّة كابن المُعْتز فِي بني الْعَبَّاس. سُجِن وهو ابن ستّ عشرة سنة، فبقي فِي السجن ستّ عشرة سنة، ثم أُخْرِج ولُقِب بالطَّلِيق، وعاش بعد إطلاقه ستّ عشرة سنة، ومات كهلا قريبًا من سنة أربعمائة. قَالَ الحُميدي: فأُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يتعشّق جارية ربيت معه، وعينت لَهُ، ثم بدا لأبيه فاستأثرها، فاشتدّت بمروان الغَيْرَةُ، فقتل أَبَاه بسجن. فمن شعره: غُصْنٌ يهتزُّ فِي دِعْص نَقَا ... يجتني منه فؤادي حُرَقَا أطْلَع الحُسْنُ لنا من وجهه ... قمرًا لَيْسَ يُرَى مُمَّحِقَا ورَنَا عَنْ طَرْفِ ريمٍ أَحْورٍ ... لحظُه سهْمٌ لقلبي فُوِّقا منها: أصْبَحَت شمسًا وفُوهُ مَغْرِبًا ... "ويَدُ"2 الساقي المُحيِّي مَشْرِقا

_ 1 نفح الطيب "2/ 398". 2 في الأصل "بدا".

فإذا ما غَرَبَتْ فِي فمهِ ... تركتْ فِي الخدّ منه شَفَقًا 336- مُحَمَّد بْن مَسْعُود، أَبُو عَبْد اللَّه البَجَّاني، ثم القُرْطُبي. شاعر مُفْلِق مكثر، مدح الملوك، وكان في حدود الأربعمائة. فمن جيّد شعره: عَلَى قَدْر فضل المرءِ تأتي خُطُوبُه ... ويُعْرَف عند الصَّبْر فيما ينوبه وعاقبةُ الصّبر الجميل من الفَتَى ... إلى فرجٍ من ذي الجلال تعيبه إذا المرء لم يسحب إلى الهَوْل ذَيْلَه ... ولم يعتزل بالحادثات جيوبه فقد خسر فِي الدُّنيا من المال حظّه ... وقلّ من الْأخرى لَعَمْرِي نصيبه1 وله: خليليّ فِي الْأظعان بدْرُ دُجُنَّة ... أَعَارَ سَنَاهُ مَغْرِبَ الشمسِ مشْرِقا فلا تُنْكِرَوا شَقّي جُيُوبي فإنّه ... يقلّ لقلبي بعده أنْ يَشْفَقا 337- يعيش بْن سَعِيد، أَبُو عثمان الْأندلسي الوَرّاق. سَمِعَ قاسم بْن أَصْبَغ، ومُحَمَّد بْن معاوية بْن الْأحمر. فأكثر عَنْهُمَا، وألّف مُسْنَد حديث ابن الْأحمر، بأمر الحاكم المستنصر. قَالَ ابن عَبْد البر: قرأ علينا مسند ابن الأحمر سنة تسعين وثلاثمائة. 338- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن النُّعْمَان، أَبُو الفتح بْن النَّحْوِيّ الْأنباري، نزيل الرملة. رَوَى عَنِ: المَحَامِلي، وأَبِي الْعَبَّاس بْن عُقْدَة، ويوسف الْأزرق. رَوَى عَنْهُ: أَبُو سعد الماليني، وعَلِيّ الحنّائي، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وآخرون. وكان كثير الحديث. 339- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن سُلَيْمَان القاضي، أَبُو جَعْفَر المُطّوَّعي، المعروف بالباحث.

_ 1 في الأصل "يصيبه".

وُلِّي القضاء بكُور خُرَاسان. وله مصنَّفات كثيرة. أراده ابن عَبَّاد عَلَى القضاء عَلَى شروط، أن ينتحل الاعتزال، فامتنع. ذكره ابن الصّلاح فِي "الشافعية"1. 340- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حمدان النيسابُوري المُرَادي العدْل. سَمِعَ: مكّي بْن عَبْدان، والمَحَامِلي، وابْن عُقْدَة. قَالَ ابن ماكولا: ثنا عَنْهُ أَبُو سَعِيد بْن علَّيك بالرّيّ. 341- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق النَّديم البغدادي، أَبُو الفرج الْأخباريّ الْأديب الشيعي المُعْتَزِلي2، صاحب التصانيف. فمن كتبه كتاب "الفهرست"، وكتاب "التشبيهات". و"الفهرست" هُوَ فِي أخبار الْأدباء، ذُكِر أَنَّهُ صُنِّف في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، ولا أعلم مَتَى تُوُفِّي، وإنما كتبته هنا عَلَى التّوَّهُّم. 342- مُحَمَّد بْن أسد، أَبُو طاهر الْأشناني، إمام جامع الرَّقَّة. رَوَى عَنْ: أَبِي سهل ابن زياد، والخلدي، وقرأ بالروايات عَلَى النّقّاش، وأَبِي طاهر عَبْد الواحد بْن أبي هاشم. روى عنه: أبو سعد الماليني، وَأَبُو نصر السَجْزِي. 343- مُحَمَّد بْن الْحَسَن القاضي، أَبُو عَبْد اللَّه الْمَصْرِيّ الدّقّاق. سَمِعَ: مُحَمَّد بْن الزُّبَيْر بْن سُلَيْمَان، وأَبَا سَعِيد بْن الْأعْرابي. وعنه: هبة اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الصّوّاف. 344- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن ذهب التميمي البغدادي المذهّب3. سَمِعَ: يحيى بْن صاعد، وأَبَا بَكْر بْن زياد النيسابُوري. رَوَى عَنْهُ: حفيده أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن المذهب، وبقي إلى بعد التسعين وثلاثمائة فيما أظن.

_ 1 في الأصل "الشافعة". 2 الوافي بالوفيات "2/ 197"، وميزان الاعتدال "5/ 72"، وسير أعلام النبلاء "6/ 253". 3 تاريخ بغداد "3/ 92".

345- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه الْأمويّ، أَبُو عَبْد اللَّه السَّبْتِي، ويُعرف بابن الشَّيْخ. كَانَ محدّث سَبْتَة فِي وقته، مشهور بالخير والورع، رحل إلى الْأندلس، وسمع من وهب بْن مَسَرَّة، وأَبِي عيسى اللَّيْثي. قَالَ القاضي عياض: كانت عنده غرائب وعجائب. - مُحَمَّد بْن عُمَر بْن خشين، أَبُو أحْمَد البغدادي1. حدّث عَنْ: يزداد الكاتب، وأَبِي عَبْد اللَّه المَحَامِلي، وخَيْثَمة الْأطْرَابُلُسِي. رَوَى عَنْهُ: هبة اللَّه اللالكائي، وَأَبُو الْحَسَن العتيقي، وقَالَ: ثقة، كثير الْأسْفار. 346- عَلِيّ بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَبُو الْحَسَن الرّازي القصّار، الفقيه الشافعي. قَالَ أَبُو يَعْلَى الخليلي: أفضل من لقيناه بالرّيّ. كَانَ مُفْتيها قريبًا من ستين سنة، أكثر من عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حاتم، وابْن معاوية الكاغدي وأَحْمَد بْن خَالِد الحرُورِي، ومُحَمَّد بْن قارن، ولقي بآخره "شيوخ"2 بغداد: ابن السّمّاك، والنّجَّاد، وكان عالمًا، لَهُ فِي كلّ عِلْم حظّ، وبلغ قريبًا من مائة سنة. سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الحافظ يَقُولُ: لم يعش أحد من الشافعية ما عاش هذا، وكان عالمًا بالفتاوَى والنّظر. قلت: وروى عَنْهُ هبة اللَّه اللالكائي، وعَبْد الجبّار بْن عبد الله بن بزرة الرازي، وجماعة، ولا أعلم متى توفي. "الكنى": 347- أَبُو عَبْد اللَّه القُمّي التَّاجر3، من كبار المتموِّلين بمصر، اشتملت وصيّته عَلَى ألف ألف دينار، وتوفي بطريق مكة سنة أربعمائة.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 228". 2 في الأصل "شريح". 3 المنتظم "7/ 248".

348- بديل بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد الحافظ، أَبُو بَكْر الهَرَوِي1. حدّث ببغداد عَنِ: الْأصَمّ، ومنصور بْن الْحَسَن الدِّينَوَرِي، وجماعة. وعنه: أَبُو سعد الماليني، وَأَبُو مُحَمَّد الخلال. ذكر الخطيب ترجمته مختصرة. 349- معروف بْن مُحَمَّد، أَبُو المشهور الزَّنْجاني الواعظ، نزيل الرّيّ2. رَوَى عَنْ: أَبِي سَعِيد بْن الْأعْرابي، وقاسم المَلَطي. وعنه: البَرْقَاني، ورضوان الدِّينَوَرِي، والعتيقي. قَالَ الخطيب: تُكُلِّم فِيهِ. حدّث في سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. 350- أَبُو حيّان التوحيدي3، صاحب المصنَّفات، واسمه عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الصُّوفِي. كَانَ فِي حدود الأربعمائة، وله مصنَّفات عديدة فِي الْأدب والفصاحة والفلسفة، وكان سيئ الاعتقاد، نفاه الوزير أَبُو مُحَمَّد المهلّبي. قَالَ ابن بابي فِي كتاب "الخريدة والفريدة": كَانَ أَبُو حَيَّان كذَّابًا، قليل الدين والورع عَنِ القَذْف والمجَاهَرَة بالبُهْتَان، تعرّض لأمور جِسامٍ من القدْح فِي الشريعة والقول بالتّعطيل، ولقد وقف سيّدنا الصّاحب كافي الكُفاة عَلَى ما كَانَ يُدْغِلُه ويخفيه من سوء الاعتقاد، فطلبه ليقتله، فهرب والتجأ إلى أعدائه، ونفق عليهم بزُخْرُفِه وإِفْكِه، ثم عثروا منه عَلَى قبيح دخْلته وسوء عقيدته وما يُبْطِنه من الْألحاد، ويرويه فِي الْإسلام من الفساد، وما يلصقه بأعلام الصّحابة من القبائح، ويضيفه إلى السَّلَف الصّالح من الفضائح، فطلبه الوزير المهلّبي، فاستتر منه، ومات فِي الاستتار، وأراح اللَّه منه، ولم يؤثَرْ عَنْهُ إلا مَثْلَبة أو مُخْزيَة4. وقَالَ أبو الفرج بن الجوزي في تاريخه: زنادقة الإسلام ثلاثة: ابن الراوندي، وَأَبُو حَيَّان التوحيدي، وَأَبُو العلاء المَعَرِّي، وأشدّهم عَلَى الْإسلام أَبُو حَيَّان لأنّهما صرَّحا، وهو مجمع ولم يصرح.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 135". 2 تاريخ بغداد "13/ 209". 3 ميزان الاعتدال "2/ 355"، وسير أعلام النبلاء "17/ 119". 4 طبقات الشافعية "5/ 287".

قلت: وكان من تلامذة عَلِيّ بْن عيسى الرّمّاني، وقد بالغ فِي الثناء عَلَى الرّمّاني فِي كتابه الَّذِي ألّفه فِي تقريظ الجاحظ، فانظر إلى الحامد والمحمود، وأجْود الثلاثة: الرّمّاني مَعَ اعتزاله وتشيّعه. وَأَبُو حَيَّان هُوَ الَّذِي نَسَب نفسه إلى التوحيد، كما سمّى ابنُ تومرت أتباعَه، فَقَالَ: الموحِّدين، وكما سمَّى صوفيّةُ الفلاسفة نفوسهم بأهل الوحدة وأهل الْألحاد. أخبرني أحْمَد بْن سلامة كتابةً، عَنِ الطَّرَسُوسِيِّ، عَنِ ابن طاهر الحافظ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الفتح عَبْد الوهاب الشيرازي بالرّيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَيَّان التَّوْحِيدِي يَقُولُ: أناسٌ مضوا تحت التوهُّم، وظنُّوا أنَّ الحقّ معهم، وكان الحقّ وراءهم. قلت: مثلك يا معشر، بل أنت حامل لوائهم. وقيل: إن أبا حَيَّان معدود فِي كبار الشافعية. ذكره لي القاضي عزّ الدين الكناني. وقَالَ الشَّيْخ محيي الدين النّواوي فِي كتاب "تهذيب الْأسماء": أَبُو حَيَّان التَّوْحِيدِي من أصحابنا المصنَّفين، من غرائبه أَنَّهُ قَالَ فِي بعض رسائله: لا رِبا فِي الزَّعْفَرَان، ووافقه عَلَيْهِ القاضي أَبُو حامد المَرْوَزِي، والصّحيح تحريم الرِّبا فِيهِ. وقد ذكره ابن النّجّار وقَالَ: لَهُ المصنَّفات الحَسَنَة، كالبصائر وغيرها، وكان فقيرًا صابرًا متديّنًا، إلى أن قال: كان صحيح العقيدة، كذا قَالَ، بل كَانَ عدوًّا لله خبيثًا. قال: سمع أَبَا بَكْر الشافعي، وجعفر الخلْدي، وأَبَا سَعِيد السِّيرَافِي، والقاضي أحْمَد بْن بِشْر العامري. وعنه: عَلِيّ بْن يوسف القاضي، ومُحَمَّد بْن منصور بن جيكان وعبد الكريم بن محمد الداوودي، ونصر بْن عَبْد العزيز المقرئ الفارسي، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن فارس الشيرازيّون، ولقي الصّاحب ابن عَبَّاد، وأمثاله. قلت: وسماع نصر بْن عَبْد العزيز منه فِي سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة، وقد سَمِعَ منه بشيراز أَبُو سعد عَبْد الرحمن بن "ممجة"1 الأصبهاني في سنة أربعمائة. 351- أَبُو القاسم بْن مسلمة بْن أحْمَد القُرْطُبي2.

_ 1 في الأصل "منجه". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 623".

كَانَ أستاذًا مُقَدَّمًا فِي علْم الهيئة والهندسة والأرصاد وهذه الصنائع المظلمة، وكان حاذقًا بمعرفة كتاب المجسْطي لبَطْلَيْمُوس، وله تصانيف عديدة فِي العلوم الرياضية، وأنجب لَهُ تلامذةً منهم ابن السَّمْح، وابْن الصّفّار، وابْن خلدون، والكرماني، والزَّهْراوي، وتوفي في حدود سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. 352- منصور بْن مُحَمَّد بْن منصور، أَبُو الْحَسَن البغدادي القزّاز المقرئ1. قرأ القرآن: برواية أَبِي عمْرو، عَلَى أَبِي بَكْر أحْمَد بْن مُوسَى بْن مجاهد، وأسنَّ وتفرّد فِي وقته. قرأ عَلَيْهِ القرآن: أَبُو نصر أحْمَد بْن مسرور الخّباز المقرئ، وَأَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن عَلِيّ العطّار، ونصر بْن عَبْد العزيز الشيرازي، وغيرهم. قَالَ الخطيب: حدّث عَنْ نفْطَوَيْه ونحوه. ثنا عَنْهُ أَبُو مُحَمَّد الخلال، وَأَبُو القاسم التنوخي، وكان ثقة. 353- مُحَمَّد بْن أحْمَد، أَبُو الفرج الغسّاني الدمشقي الشاعر المعروف بالوأواء2، وليس للشامِيّن في وقته مثله. روى عنه من شعره: أَبُو الْحَسَن المَيْدَاني، وَأَبُو مُحَمَّد الجوهري، وَأَبُو منصور يوسف بْن هلال. قَالَ فِيهِ أبو منصور الثعالبي فِي اليتيمة: وهو من حَسَنَات الشام، وأحد صيّاغة الكلام، ومن عجيب شأنه ما أخبرني أَبُو بَكْر الخُوَارِزْمِي قَالَ: كَانَ أَبُو الفرج الوأواء مناديا فِي دار بطّيخ بدمشق عَلَى الفواكه، فما زال يشعر، حتى جاد شِعْرُه، وسار، ووقع منه ما يروق، وتفرّق حتى تعلو العيّوق. وقَالَ يوسف بْن هلال: أنشدني الوأواء لنفسه: ترشّفتُ من شَفَتَيْه العُقَار ... وقبّلت من خدّه جُلَّنَارا وشاهدْت منه كَثيبًا مهيلا ... وغصنًا رطِيبًا وبدْرًا ونارا وأبصرْت من وجهه فِي الظلام ... بكلّ ما كان بليل نهارا

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 85". 2 الوافي بالوفيات "2/ 53".

قَالَ: وأنشدني لنفسه: زمان الرّبيع زمان أنيق ... وعَيْش الخلاعة عيش رفيق وقد جمع الوقت حاليهما ... فمن ذا يفيق ومن يستفيق ويوم ستارَتُه غَيْمُه ... وقد طَرَّزَتْ رَفْرَفَيْه البُرُوق عقدنا من النَّدِّ دُخَّانه ... ومن شَرَر الرّاح فِيهِ رحيق سجدنا لصُلْبان منْشُوره ... وقد نصَّرَتْنا لدَيْه الرَّحيق فذا أصفر وجِلٌ خائفٌ ... وذا أحمر وكَذَاك العشيق أدِرْ يا غلام كئوس المُدَام ... وإلا فيكفيك لحظٌ ورِيق تغنم بنا غفلة الحادثا ... ت فوجه الحوادث وجهٌ صَفِيق وله فِي سيف الدولة بْن حمدان: من قاسَ جَدْوَاك بالغَمام فما ... أنصف فِي الحُكْم بين شكلين أنت إذ جُدْتَ ضاحكٌ أبدًا ... وهو إذا جاد باكيَ العَيْن وله: أتاني زائرًا من كَانَ بيدي ... ليَ الهجر الطويل ولا يزورُ فَقَالَ النّاس لمّا أبصروه ... ليَهْنَكَ زارك القمرُ المنيرُ مَتَى أرعى رياض الحُسْن فِيهِ ... وعيني قد تضمّنها غَدِيرُ 354- سَعِيد بْن عثمان بْن مروان الْقُرَشِيّ الْأندلسي، الشاعر المعروف بابن عَمْرون1، من فحول شعراء المنصور أبي عامر صاحب الأندلسي، ومن شعره فِي المنصور، وقد أحسن ما شاء. ذَكَرَ العَقيقَ ومنزلا بالأبْرَق ... فكفاه ما يلقى الفؤاد وما لقي رُدَّت إِلَيْهِ صبابَة رَدَّتْه من ... فرْط التوقُّد كالذّبال المحرِقِ من لي بمن تأبَى الْجُفُونُ لفَقْدِهِ ... أنْ لا يلتقي أو نلتقي

_ 1 الوافي بالوفيات "15/ 242".

ريم يَرُوم وما اجترمَتْ جريمة ... قتلي ليتلف من بقائي ما بقي لم يلق قلبي قطّ من لَحَظَاتِه ... إلا بسَهم للحُتُوف مُفَوَّقِ وإذا رماني عَنْ قسيّ جفونه ... لم أَدْر من أيّ الجوانب "أتَّقِي"1 قَالَ الْإمَام أَبُو مُحَمَّد بْن حَزْم: تذكر المنصور هذه القصيدة فِي سنة إحدى وثمانين فأعجبته، وكان سَعِيد قد مدحه بها قديمًا، فأمر لَهُ الْآن بثلاثمائة دينار. 355- ابن الْحُسَيْن الْأندلسي شاعر مُفْلِق فِي حدود الأربعمائة. فمن شعره: تعيِّرني أنْ لا أقيم ببلدة ... وفي مثل حالي هذه القَمَرانِ رأت رجلا لا يشرب الماء صافيا ... ويحلو لديه وهو أحمر قانِ لَهُ هِمَمٌ سافَرْن فِي طلب العُلَى ... نجوم الثريّا عندهنّ دَوَاني تغرُب لمّا أن تغرّب ذِكْرُه ... عُلُوًّا كِلا هاذين مغتربانِ 356- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن وصيف، أَبُو الْحُسَيْن بْن خُشْكَنَاكَة البغدادي، الكاتب الشاعر2 النّديم، صاحب "الموصول" بالنظم، وكتاب "صناعة البلاغة"، وكان شيعيًّا مناظرًا، نادَمَ الوزير المهلّبي، وبقي إلى أيام الملك شرف الدولة، وقد نادَمَ ابن بقيّة الوزير. فمن شعره: سلمت بالجفون سلمى فسلمـ ... ـت إليها قلبًا سليمًا سقيما فالقوام القويم يهتزُّ لدنًا ... زاده الهزُّ فِي النَّقي تقويما كم لها من مقاتلٍ وقتيلٍ ... وكلامٍ بِهِ تداوي الكَلُومَا رُبَّ ليلٍ من شعرها ونهار ... من سَنا وجهها اتخذتُ نديما 357- علِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَن الْأستاذ، أَبُو الْحَسَن البصْري القطّان المقرئ المعروف بالخاشع، أحد من عُنِيَ بالقراءات ورحل فيها.

_ 1 في الأصل "أبقى". 2 الوافي بالوفيات "7/ 227".

قرأ بمكّة عَلَى: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عيسى بْن بُنْدَار صاحب قُنْبُل، وبأنطاكية عَلَى الْأستاذ إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرزّاق، وبغيرها عَلَى مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن الصّبّاح، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن بقرة، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الرّازي صاحب الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الْأزرق، وطائفة. وتصدّر للإقراء ببغداد. قرأ عَلَيْهِ: أَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو نصر أحْمَد بْن مسرور، وأبو بكر محمد بن عمر بن زلال النَّهَاوَنْدِي. 358- أحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن أحْمَد، أَبُو بَكْر البَجَلي الجريري الْمَكِّيّ. رحّال جوّال. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السّقّاء، وأَبِي بَكْر الإسماعيلي، والمفيد، وطبقتهم. وعنه: تمّام الرّازي، وهو أسند منه، وعَلِيّ بْن الْحَسَن الرَّبْعِي، وَأَبُو الْحَسَن بْن السّمسار، ومات قبل أوان الرّواية. 359- عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن بحر بْن بِهْرَام الوزير1، أَبُو القاسم بْن المغربي، وهو بغدادي الْأصل، والمغربي لقب جده. وُلِد أَبُو القاسم بحلب، ونشأ بها، ووزر لصاحبها سعد الدولة أبي المعال بْن سيف الدولة بْن حمدان، ثم هرب خوفًا منه إلى مصر، وعَظُم بها، ووزر للحاكم، ثم قتله الحاكم. وكان شاعرًا أديبًا. رَوَى عَنْهُ: الحافظ عَبْد الغني الْأزْدِيّ، وهو والد الوزير أَبِي القاسم الْحُسَيْن. 360- الْحَسَن بْن المليح بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد اللَّه بْن طاهر بْن يحيى بْن الْحُسَيْن بْن جعفر بْن عُبَيْد اللَّه بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، الْأمير الشريف، أَبُو مُحَمَّد العلوي الحسيني الْمَدَنِيّ، أمير المدينة وابْن أميرها. أَبِي طاهر. قَالَ أَبُو الغنائم النَّسَّابة فِي كتاب "نُزْهة العيون": حكى الشريف حسن بْن المليح قَالَ: قدمت عَلَى بكجور نائب دمشق. قلت: وليها في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.

_ 1 وفيات الأعيان "2/ 172".

قَالَ: فأتيته وأنا شابّ، وكان يحبّ العلويين، وكان أَبِي إذ ذاك أمير المدينة، فنزلت فِي فندق الطائي بسوق القمح من دمشق، وأهديت لَهُ شَعرًا مِنْ شَعر النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكر الحكاية، وأنّ بكجور وصله بأشياء، فلما خرج، قَالَ بعض الحاضرين: كيف يكون هذا شِعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ولعلّه من شعر أهل بيته، قال: فتغيّر عليّ ثاني يوم، ثم بلغني ذَلِكَ، فتألّمت، وجئته، وقلت: أشتهي تردّ عليّ هديتي، فأحضره، فطلبت مِنْقَلَ نارٍ، فأُحْضِر، فوضعت الشَعْر، وكان أربع عشرة شعرة، عَلَى ذَلِكَ الحجر، فلم يحترق، فبكى الْأمير وقَالَ: يا حَيَانا من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبالغ فِي كرامتي، حتى أنَّني لما ركبت، أخذ بركابي وقبّل رِجْلي. 361- مُحَمَّد بْن عُمَر، أَبُو الْحَسَن الْأنباري1، الشاعر الَّذِي رثى الوزير ابن بقيّة بكلمته البديعة. عُلُوٌّ في الحياة والممات توفي سنة نيف وتسعين وثلاثمائة. 362- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان الخَوْلاني، أَبُو بَكْر القُرْطُبي الزّاهد، ويعرف بالعَوّاد. رَوَى المُوَطَّأ عَنْ أَبِي عيسى يحيى بْن عَبْد اللَّه، وغيره. حدّث عَنْهُ: أَبُو الوليد بْن الفَرَضِيّ، وابْن أخيه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه والد أحْمَد بْن مُحَمَّد الخَوْلاني، بلغنا أَنَّهُ تُوُفِّي بعسقلان. 363- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الحميد الصَّنعاني. سَمِعَ من: إِسْحَاق الدَّبَرِي جملة صالحة، وحدّث بمكّة. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الحاكم فِي "المستدرك". 364- مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى عِيسَى بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن معْبد بْن الْعَبَّاس بْن عَبْد المطّلب2، الرئيس الْأنبل، أَبُو عَبْد اللَّه الهاشمي، والد الشريف أبي بكر أحمد. حدث عن جعفر الفريابي، وكان ثقة.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 35". 2 تاريخ بغداد "2/ 404".

قَالَ الخطيب: رَوَى عَنْهُ ولده أَبُو بَكْر، قَالَ: وإليه انتهت رئاسة العبّاسيين فِي زمانه. قَالَ أَبُو إِسْحَاق الطَّبري، رَأَيْت ثلاثة لا يُزَاحَمُون، يعني فِي السُّؤدد: أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن أحْمَد الموسوي الطّالبي، والد الشريف المُرْتَضي، وَأَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى الهاشمي، وَأَبُو بَكْر الْأكفاني، صدر الشهود.

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الطبقة التاسعة والثلاثين: "381-400هـ": الصفحة الموضوع "حوادث سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة" 3 القبض على الطائع لله 3 ظهور أمر القادر بالله 3 شغب الديلم والترك 4 كتاب القادر بالله إلى بهاء الدولة 4 اسم القادر بالله 5 شعر الرضي الشريف 5 صفة القادر بالله 5 الفتنة في عيد الغدير 6 حج أهل العراق 6 خروج الراشد بالله إلى الرملة 6 بزال يستولي على دمشق 6 غزوة باسيل إلى شيزر وطرابلس 6 الطائع يخلع نفسه مكرها "حوادث سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة" 7 استيلاء الكوكبي على أمور بهاء الدولة 7 شغب الجند 7 تسليم الطائع لله إلى القادر بالله 8 ولادة محمد بن القادر بالله 8 قحط بغداد "حوادث سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة" 8 حرب الخان ونوح بن منصور 8 شغب الجند

الصفحة الموضوع 8 زواج القادر بالله من بنت بهاء الدولة 8 غلاء القمح والدقيق 9 سابور يعمر دار العلم "حوادث سنة أربع وثمانين وثلاثمائة" 9 ظهور العيارين ببغداد 9 عودة الحاج 9 ولاية نقابة العباسيين 9 زواج مهذب الدولة 9 اتفاق ابن سمجور وفائق على حرب ابن نوح "حوادث سنة خمس وثمانين وثلاثمائة" 10 ابن حسنويه يدفع إلى الأصيفر عوضًا عن الركب العراقي "حوادث سنة ست وثمانين وثلاثمائة" 10 الكشف عن قبر عتيق بالبصرة "حوادث سنة سبع وثمانين وثلاثمائة" 10 وفاة فخر الدولة بن بويه "حوادث سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة" 11 القادر بالله يقبض على كاتبه 11 نزول البرد ببغداد 11 مجيء رسولين إلى القادر بالله 11 أعجوبة هلاك تسعة ملوك في سنتين 11 شعر الثعالبي بهذه المناسبة "حوادث سنة تسع وثمانين وثلاثمائة" 12 احتفال الشيعة والسنة بيوم الغدير 12 عزل ملك ما وراء النهر 12 موت عبد الملك بن نوح "حوادث سنة تسعين وثلاثمائة" 13 ظهور معدن الذهب بسجستان 13 تقليد القضاء للضبي ببغداد والكوفة 13 فحل بن تميم يتولى نيابة دمشق

الصفحة الموضوع "تراجم الوفيات" "وفيات سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة" "حرف الألف" 13 1- أحْمَد بن إبراهيم بن تمّام، أبو بكر السكسكي، قاضي بعلبك 13 2- أحمد بن الحسين بن أحمد النيسابوري 14 3- أحمد بن الحسين بن مهران، النيسابوري المقرئ العابد 14 4- أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه 15 5- أحْمَد بن محمد بن الفضل بن الجرّاح 15 6- إبراهيم بن محمد بن محفوظ بن معقل، أبو إسحاق النيسابوري "حرف الباء" 15 7- بزال الأمير 15 8- بكجور التركي، الأمير أبو الفوارس 15 9- بشر بن الحسين الشيرازي، أبو سعيد قاضي القضاة "حرف الجيم" 16 10- جوهر القائد الرومي "حرف الحاء" 17 11- الحَسَن بْن محمد بْن جعفر الأصبهاني 17 12- الحسين بن عمر بن عمران بن حُبَيش 17 13- الحسين بن موسى بن سعيد، المصري 17 14- حمدان بن أحمد بن مشارك الهروي 18 15- حيان القرطبي، أبو بكر الزاهد "حرف الخاء" 18 16- خَلَفُ بن إبراهيم بن عصمة الشبلي النيسابُوري "حرف السين" 18 17- سنبان بن محمد الضبعي البصري "حرف الشين" 18 18- شريف بن سيف الدولة، أبو المعالي "حرف العين" 19 19- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن حمويه أبو محمد السرخسي 19 20- عبد اللَّه بن محمد بن بكر بن عبد الرزاق البصري التمار

الصفحة الموضوع 19 21- عبد الرحمن بن عبد اللَّه المالكي الفقيه الجوهري 20 22- عبد الرحيم بن محمد بن حمدون بن نجار الفقيه البخاري 20 23- عبد العزيز بن عليّ بن مُحَمَّد بن إسحاق بن الفرج، المصري 20 24- عُبَيْد اللَّه بن أحْمَد بن معروف، أَبُو محمد البغدادي المعتزلي 21 25- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد، أبو الفضل الزهري 21 26- عتاب بن هارون بن عَتَّاب بن بِشْر، أبو أيوب الغافقي 22 27- عثمان بن جعفر، أَبُو عمرو الجواليقي البغدادي 22 28- علي بن أحمد بن صالح المقرئ القزويني 22 29- علي بن محمد بن عُبَيْد اللَّه الزهري، أبو الحسن "حرف الميم" 22 30- محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان 24 31- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم النيسابوري 25 32- محمد بن حسين بن شنظير، أبو عبد الله الأموي 25 33- محمد بن خثيم بن ثاقب، أَبُو بكر البخاري الصفار 25 34- محمد بن سعيد بن قرط، أَبُو عبد الله بن الصابوني 25 35- محمد بن عبد اللَّه، أَبُو الحسن النَّحْوِي الوراق 25 36- محمد بن عبد اللَّه بن عمرو، أَبُو جعفر الهروي 25 37- محمد بن علي بن الحسن بن سُوَيْد البغدادي 26 38- محمد بن القاسم بن أحمد فاذشاه، الأصبهاني 26 39- محمد بن موسى بن مصباح بن عيسى، أبو بكر القرطبي 26 40- محمد بن يَبْقَى بن زَرْب بن يزيد، القرطبي 27 41- محمد بن يوسف بن محمد بن دُوست، أبو بكر البغدادي 27 42- مظفر بن الحسن بن المهنَّد، أَبُو الحسن السّلماسي 27 43- مُعَاذ بن محمد بن يعقوب، أَبُو القاسم الزاهد 27 44- منير الصقلبي الخادم، غلام الوزير "حرف الهاء" 28 45- هارون بن عتاب بن بشر، أبو أيوب الشذوني الغافقي "حرف الياء" 28 46- يعقوب بن موسى، أبو الحسين الأردبيلي

الصفحة الموضوع "وفيات سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة" "حرف الألف" 28 47- أحْمَد بن أبان بن سيد، أبو القاسم الأندلسي 29 48- أحْمَد بن بندار بن محمد بن عبد الله بن مهران الأستراباذي 29 49- أحْمَد بن عبيد اللَّه بن علي، أخو القائم محمد بن المهدي 29 50- أحمد بن عتبة بن مكين، الأطروش 29 51- أحْمَد بن علي بن عمر، أَبُو الحسين البغدادي 29 52- أحمد بن محمد بن رجاء القاضي، أبو حامد السرخسي 30 53- أحمد بن ثابت، أبو العباس الشيرزي الحافظ "حرف الحاء" 30 54- الحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن سعيد، أبو أحمد العسكري الإمام "حرف السين" 31 55- سليمان بن عبد الرحمن بن سليمان بن معاوية القرطبي "حرف العين" 32 56- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب، الفقيه 32 57- عَبْد اللَّه بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن علي بن بيان الصفار 33 58- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب بن نصير بن عبد الوهاب 33 59- عبد الصمد بن محمد بن إبراهيم، أَبُو حاتم المقرئ 33 60- عبد الواحد بن أحْمَد بن القاسم، أَبُو بكر الزهري 33 61- عبد الواحد بن محمد بن شاه الشيرازي الصوفي 34 62- عمر بن أحْمَد بن هارون، أَبُو حفص الآجري البغدادي 34 63- علي بن مكّي بن علي بن حسين، أبو الحسن الهمذاني "حرف الميم" 34 64- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عمر بن خير، القرطبي 35 65- محمد بن العبّاس بن محمد بن زكريّا بن يحيى، الخزاز 35 66- مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم بْن أحْمَد بْن إسحاق، أبو بكر الأزدي 35 67- محمد بن علي بن محمد بن شنبويه الأصبهاني 36 68- محمد بن الفضل بن علي، َأَبُو الحسن الحربي الناقد 36 69- محمد بن محمد بن سمعان، أَبُو منصور الحيري 36 70- محمد بن يوسف بن يعقوب الرقي

الصفحة الموضوع "وفيات سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة" "حرف الألف" 36 71- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد العلامة البغولني النيسابوري 36 72- أحْمَد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان بن حرب 37 73- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن كنانة، أبو عمران القرطبي 37 74- أحْمَد بن جعفر بن الحسن البلديّ الواعظ 38 75- أحمد بن عمر بن الرويح 38 76- أحْمَد بن عمر بن يزيد، أَبُو العبّاس الدوغي الوكيل 38 77- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله، أبو عَمْرو الزودي 38 78- أحمد بن محمد بن إبراهيم، النيسابوري المزكي 38 79- أحْمَد بن محمد بن حمّوَيْه، أَبُو الوفاء النيسابوري المزكي 39 80- أحمد بن محمد بن إسحاق، أبو علي النيسابوري 39 81- إسحاق بن حمشاد، أَبُو يعقوب النيسابُوري الزَّاهد "حرف التاء" 39 82- تمام بن عبد الله بن تمام، الطليطي "حرف الثاء" 39 83- ثقف الحبشي "حرف الجيم" 40 84- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن يعقوب الفنّاكي، أبو القاسم الرازي 40 85- جَعْفَر بن محمد بن عَليّ، أَبُو محمد الطاهري "حرف الحاء" 41 86- الحسن بن أحمد بن سعيد، أبو علي المالكي المؤذن 41 87- حضرمي بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد الدمشقي "حرف الزاي" 41 88- زياد بن محمد بن زياد بن الهيثم، أبو العباس الجرجاني "حرف السّين" 41 89- سعيد بن أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني العسال "حرف الصاد" 41 90- صَفْرُ بن عبد اللَّه، أَبُو عبد اللَّه الهمذاني الخفاف

الصفحة الموضوع "حرف الطاء" 42 91- طاهر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم البغدادي، أَبُو عبد اللَّه الكاتب "حرف الظاء" 42 92- ظفر بن إبراهيم بن ظفرن أبو القاسم البصري الزهيري "حرف العين" 42 93- عبد الله بن عطية بن حبيب، أَبُو محمد المقرئ المفسر 42 94- عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم، أبو محمد الأندلسي 43 95- عَبْد السلام بْن الْحُسَيْن، أَبُو غالب المأموني 43 96- عَبْد الصمد بْن أحْمَد بْن خنبش، أَبُو الفتح الخولاني الحمصي 43 97- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن زياد، الجرادي 44 98- عَلِيّ بْن حسّان بْن القاسم، أَبُو الْحَسَن الجدلي الدممي "حرف الميم" 44 99- مجاهد بْن أصبغ بْن حسّان بْن جرير، أبو الحسن الأندلسي 44 100- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْحَسَن بْن سَعِيد، الجرجاني 45 101- محمد بن إسحاق بن محمد، الكيساني القزويني 45 102- مُحَمَّد بْن حامد، أَبُو بَكْر الْبُخَارِيّ الحنفي 45 103- مُحَمَّد بْن صالح بْن مُحَمَّد بْن سعْد بن نزار الأندلسي 45 104- مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أَبُو بَكْر الخوارزمي الشاعر 46 105- محمد بن أَبِي عمرو عثمان بْن أحْمَد بْن السّمّاك 46 106- مُحَمَّد بْن عدِيّ بْن عَلِيّ بْن عدِيّ بن زهير البصري 47 107- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن أدهم الْجَيَّاني، أَبُو عبد الله 47 108- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى، أبو بكر الأصبهاني "حرف النون" 47 109- نصر بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن يعقوب بن منصور العطار "حرف الياء" 48 110- يحيى بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسن، المخلدي النيسابوري 48 111- يوسف بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان، أَبُو عُمَر الهمذاني "وفيات سنة أربع وثمانين وثلاثمائة" "حرف الألف" 48 112- أحْمَد بْن الْحَسَن بْن القاسم، أَبُو بَكْر الهمذاني

الصفحة الموضوع 49 113- أحْمَد بْن سهل بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو حامد الأنصاري 49 114- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن يَحْيَى بْن عَون، أبو بكر المعمري 49 115- أحمد بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن إسرائيل 49 116- إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن غالب، أبو إسحاق التمار 50 117- إِبْرَاهِيم بْن هلال بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو إِسْحَاق الصابي الحراني 51 118- إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو القاسم بن الطحان "حرف الجيم" 51 119- جبريل بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن سندول "حرف الصاد" 52 120- صالح بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن صالح الهذيل "حرف الطاء" 52 121- الطيب بن يمن المعتضدي البغدادي "حرف العين" 53 122- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سعيد، النسائي الفقيه 53 123- عبد الله بن إبراهيم بن أحمد الطلقي الإستراباذي 53 124- عبد الله بن علي بن محمد، العطار المعروف بممه 53 125- عبد الله بن محمد بن سَعِيد بن محارب الأنصاري الأصطخري 54 126- عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان القاضي، أَبُو مُحَمَّد الجرجاني 54 127- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نافع، أَبُو العباس البشني الصوفي 54 128- علي بن الحسين بن محمويه، النيسابوري الصوفي الزاهد 55 129- عَلِيّ بْن زُهَير بْن عَبْد اللَّه بْن عبد الصّمد، أبو الحسن المقرئ 55 130- عَليّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، الهمذاني الأصبهاني 55 131- عَلِيّ بْن عَبْد الملك بْن سُلَيْمَان بْن دهثم الفقيه، الطرسوسي 55 132- عَلِيّ بْن حفص بْن عمرو بْن نُجَيْح، الخولاني الأندلسي 56 133- عَلِيّ بْن عيسى، أَبُو الْحَسَن النَّحْوي المعروف بالرماني 57 134- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سهل، أبو الحسن الإستراباذي 57 135- عمر بن زاذان القزويني القاضي "حرف الميم" 57 136- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حَمَّاد بْن سُفْيَان أبو الحسن الكوفي 57 137- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حشيش أبو بكر الأصبهاني المعدل

الصفحة الموضوع 58 138- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن الكنجروذي الصبغي 58 139- محمد بن منقذ البكري الطليطي الخطيب 58 140- محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات، البغدادي 58 141- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن سهل بْن مصلح الفقيه، الماسرجسي 59 142- مُحَمَّد بْن عمران بْن مُوسَى بْن عُبَيْد، أبو عبيد الله المرزباني 60 143- مُحَمَّد بْن عثمان بْن عُبَيْد بْن الخطّاب، البغدادي الصيدلاني 60 144- محمد بن محمد بن إسماعيل، البياع النيسابوري 60 145- مُحَمَّد بْن يحيى بْن وَهْب، أَبُو بَكْر القرطبي الفهري 60 146- مُحَمَّد بْن يحيى بْن عمار، أَبُو بَكْر الدمياطي 61 147- المحسن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الفهم، التنوخي الأديب 61 148- منصور بن جعفر بن ملاعب، البغدادي الصيرفي 61 149- موحد بن إسحاق بن إبراهيم البري الدمشقي المتعبد "حرف النون" 62 150- نصر بن غالب، أبو الفتح البزاز "حرف اللام" 62 151- لاحق بْن الْحُسَيْن بْن عمران المقدسي، أَبُو عمر "حرف الياء" 62 152- يحيى بْن عَلِيّ بْن يحيى بْن عوف، أبو القاسم القصري 62 153- يعقوب بْن إِسْحَاق، أَبُو الفضل النَّسَفي المعدِّل "وفيات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة" "حرف الألف" 63 154- أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْدوَيْه بْن سَدُوس بن علي النيسابوري 63 155- أحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن أحْمَد الفقيه، أبو نصر النيسابوري 63 156- أحمد بْن محمد بْن إسماعيل، أبو بَكْر بن المهندس 63 157- أحمد بن محمد بن عبدوس، الحاتمي الفقيه النيسابوري 64 158- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوارث الزَّجَّاج 64 159- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الفتح المصِّيصي الجلي 69 160- إسماعيل بن عباد الصاحب، أبو القاسم 69 161- إسماعيل بن محمد بن سعيد، بن الخبازة السرقسطي 69 162- أفلح مولى الناصر عبد الرحمن بن يحيى الأموي القرطبي

الصفحة الموضوع "حرف الحاء" 69 163- الحسين بن علي، أبو عبيد الله النمري البصري "حرف الدال" 69 164- دَاوُد بْن سُلَيْمَان بْن دَاوُد بْن رباح، البغدادي البزاز "حرف السين" 69 165- سعد بن محمد بن علي، الأزدي العراقي المعروف بالوكيل "حرف العين" 70 166- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَليّ، أَبُو المطرف المالقي 70 167- عبد الواحد بن جعفر الناقد البغدادي 70 168- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن شاه، أَبُو الحسن الشيرازي الصوفي 70 169- علي بن أحمد بن محمد، أبو الحسن المهلبي الأديب 70 170- علي بن الحسين بن بندار، أبو الحسن الأذني 71 171- عَلِيّ بْن عُمَر بْن أحْمَد بْن مهدي بن مسعود البغدادي الدارقطني 74 172- علي بن محمد بن علي الصباح، المعروف بابن المريض 75 173- علي بن محمد بن معاذ المعدل الملقابادي 75 174- علي بن معروف البغدادي 75 175- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه القِزْوِيني القاضي 75 176- عمر بن أحمد بن عثمان بن أيوب بن أزداذ، أبو حفص الواعظ 76 177- عمر بن محمد بن موسى الجلاب "حرف القاف" 76 178- قتادة بن محمد بن قتادة النيسابوري "حرف الميم" 77 179- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن حم، النيسابوري الجلودي 77 180- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حامد بْن مُوسَى بْن الْعَبَّاس، أبو بكر الأزرق الأموي المصري 77 181- محمد بن إبراهيم بن يحيى، النيسابوري الكسائي الأديب 78 182- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد الهروي القراب 78 183- محمد بن عبد الله بن محمد، أبو العباس بن سكرة الهاشمي 79 184- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نصر بن ورقاء، الأودني 79 185- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن، أَبُو بكر الأصبهاني

الصفحة الموضوع 79 186- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن حَفْصَوَيْه، أَبُو الْحَسَن السرخسي 80 187- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عثمان، البغدادي الطرازي 80 188- محمد بن موسى بن المثنى الفقيه، الآبري الداودي الطاهري 80 189- مظفر بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن بن برهان، المقرئ "حرف الهاء" 81 190- هاشم بن الحجاج، أبو الوليد البطليوسي "حرف الياء" 81 191- يوسف ابن الشَّيْخ أَبِي سَعِيد الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه السيرافي النحوي 81 192- يوسف بْن عُمَر بْن مسرور، أَبُو الفتح القواس الزاهد "وفيات سنة ست وثمانين وثلاثمائة" "حرف الألف" 82 193- أحْمَد بْن أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد المزكي النيسابوري 83 194- أحمد بن عبد الوهاب بن الحسين البغدادي القاضي 83 195- أحمد بن عبد الله بن نعيم بن الجليل، أبو حامد النعيمي 83 196- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد، أَبُو عَلِيّ المدائني المعروف بالحاكم 84 197- أحمد بن محمد بن جعلان 84 198- أحْمَد بْن مُوسَى بْن أحْمَد بْن خصيب، المعروف بابن الإمام 84 199- أحْمَد بْن أَبِي اللَّيْث نصر بْن مُحَمَّد النصيبي المصري "حرف الجيم" 84 200- جُنْدُب بْن أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المؤمن بْن خَالِد، أَبُو ذَرّ المهلّبي الأزدي الجرجاني "حرف الحاء" 85 201- حمد بْن مُحَمَّد بْن حمدون النيسابُوري، أَبُو منصور الجوزجاني 85 202- الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم بْن زولاق، أَبُو مُحَمَّد "حرف السين" 85 203- سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن مسلمة بْن مُحَمَّد بن تبري، القرطبي "حرف الصاد" 85 204- صالح بن جعفر، أبو الفرج الرازي "حرف العين" 86 205- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن حسنون

الصفحة الموضوع 86 206- عَبَّاس بْن أصبغ بْن عَبْد العزيز الهمذاني الحجازي، القرطبي 86 207- عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن مالك، أَبُو محمد البغدادي البيع 86 208- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن حسنون، أَبُو أحمد السامري البغدادي 88 209- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الخصيب بْن رسته، الأصبهاني 88 210- عبد الكبير بن محمد بن عفير، الحكمي الأندلسي 88 211- عَبْد اللَّه بْن أَبِي زيد، أَبُو مُحَمَّد فقيه القيروان 89 212- عبيد الله بن فرج بن مروان النحوي ويعرف بالطوطالقي 89 213- عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد الأصبهاني 89 214- عَلِيّ بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مهران الأصبهاني 89 215- علي ابن القاضي أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل الضبي المحاملي 90 216- عَلِيّ بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بن شاذان، الحميري الحربي المعروف بالسكري وبالختلي وبالصيرفي وبالكيال 91 217- عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد اليزدادي الرازي "حرف الغين" 91 218- غزوان بْن القاسم بْن عَلِيّ، أَبُو عمرو المازني البغدادي المصري "حرف الميم" 91 219- المثّنى بْن مُحَمَّد بْن المثنّى، أَبُو الهيثم الأزدي المروزي 91 220- محمد بن إبراهيم السوسي 92 221- محمد بن حسان بن محمد الفقيه، النيسابوري 92 222- محمد بن الحسن بن إبراهيم الإستراباذي المعروف بالختن 92 223- مُحَمَّد بْن خراسان، أَبُو عَبْد اللَّه الْمَصْرِيّ 92 224- مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن يزيد الفامي القِزْوِيني، أبو سليمان 92 225- محمد بن عبد الله بن عبد المؤمن، القرطبي المعلم 93 226- مُحَمَّد بْن عثمان بْن إِسْحَاق، أَبُو الفضل النسفي 93 227- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عطيه، أَبُو طَالِب الحارثي المكي 94 228- محمد بن عبد الله بن حمشاذ، النيسابوري الفقيه 94 229- محمد بن عمر بن سعدون، المعافري القرطبي الغضايري 94 230- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن جبريل، أبو طاهر النسفي 94 231- مُحَمَّد بْن المسيب، أَبُو دَاوُد العقيلي صاحب الموصل 94 232- منصور بْن يوسف بْن بُلُكّين الصِّنْهاجي صاحب إفريقية

الصفحة الموضوع 95 233- ميمون بْن عَبْد الغفّار بْن حَسْنَوَيْه، أَبُو سعيد المصري 95 234- أَبُو منصور العزيز باللَّه بْن المُعِزّ باللَّه أبي تميم معد بن المنصور "حرف الياء" 97 235- يوسف بْن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى، أَبُو يعقوب السهمي الجرجاني "الكنى" 97 236- أبو طالب المكي محمد بن علي "وفيات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة" "حرف الألف" 97 237- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مَزْدئن، القومساني النهاوندي 99 238- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سلمة، أبو بكر الغساني الدمشقي 99 239- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي حماد، الأسدي الأبهري "حرف التاء" 100 240- تميم بن إسماعيل المعروف بالفحل "حرف الجيم" 100 241- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الفضل، أَبُو القاسم بن المارستاني الدقاق "حرف الحاء" 100 242- الحسن بْن إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بْن خَلَف بْن زُولاق، أَبُو محمد الليثي المصري 100 243- الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بكير، البغدادي الصيرفي 101 244- حسن بْن أحْمَد بْن النيسابُوري المحمي، أَبُو علي 101 245- الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد اللَّه البصري الريحاني 101 246- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان، أَبُو عَبْد الله البغدادي الكاتب 102 247- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن شريك، الأصبهاني الطيب "حرف السين" 102 248- سبكتكين الأمير حاجب معز الدولة بن بويه 103 249- سلمان بْن جَعْفَر بْن فلاح، أَبُو تميم الأمير 103 250- سعيد بن خلف، أبو عثمان الصوفي 103 251- سهل بْن إِبْرَاهِيم بْن سهل بْن نوح، أبو القاسم الإستجي "حرف الصاد" 103 252- صَدَقة بْن مُحَمَّد بْن صَدَقة، أَبُو القاسم البزاز المصري الوكيل

الصفحة الموضوع "حرف العين" 104 253- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بن أسد، أبو القاسم الرازي 104 254- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن اليسع، أَبُو القاسم المقرئ 104 255- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن إبراهيم البغدادي الشاهد 105 256- عَبْد العزيز بْن حكم بْن أحْمَد بْن الأمير محمد الأموي القرطبي 105 257- عبد السلام بن السمح بن نابل، أبو سليمان الهواري 105 258- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن النعمان، أَبُو القاسم النيسابوري 105 259- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن عبديل الهمذاني الأنماطي 106 260- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، النيسابوري البزاز 106 261- عَبْد القاهر بْن حبّان بْن عَبْد القاهر، أبو عبد الله 106 262- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن خلف بْن أبي غالب، أبو القاسم البزاز 107 263- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حمدان، الْإمَام أبو عبد الله بن العكبري 110 264- عبيد الله بن محمد بن جرو، الأسدي الموصلي النحوي 111 265- عَلِيّ بْن عَبْد العزيز بْن مردك بْن أحمد، البرذعي البزاز 111 266- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن شوكر البغدادي العدل 111 267- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مفلح 111 268- عَلِيّ الملك فخر الدولة، أَبُو الْحَسَن بْن ركن الدولة بن بويه 111 269- عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الْإمَام، أَبُو حفص العُكْبَرِي 112 270- عمّار بْن مُحَمَّد بْن مخلد بْن جُبَيْر، أبو ذر التميمي البغدادي "حرف القاف" 112 271- قاسم بن حمداد بْن ذي النُّون العتقي، أَبُو بَكْر القُرْطُبي "حرف الميم" 113 272- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن عنبس، البغدادي الواعظ 116 273- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الفضل بْن شهريار، أبو بكر الأردستاني 116 274- محمد بن الحسين بن جعفر، التيملي الكوفي النخاس 117 275- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد الله، الشيباني الكوفي 117 276- مُحَمَّد بْن الفضل بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بن خزيمة، السلمي 118 277- محمد بن يحيى البوزجاني 118 278- مُحَمَّد بْن المُسَيّب بْن رافع العَقِيلي، الْأمير أبو الذواد 118 279- مُحَمَّد بْن هشام بْن عَبَّاس، أَبُو عَبْد الله القرطبي البزاز

الصفحة الموضوع 118 280- مُوسَى بْن عيسى بْن طانجور، أَبُو القاسم السراج "حرف النون" 119 281- نوح بْن منصور بْن نوح بْن عَبْد الملك بن نصر، السلطان "الكنى" 119 282- منجوتكين التركي العزيزي 119 283- أبو العلاء بن ماهان "عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان" "وفيات سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة" "حرف الألف" 120 284- أحْمَد بْن عَبْدان بْن مُحَمَّد بْن فرج، الشيرازي نزيل الأهواز 120 285- أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد البصير، الجذامي القرطبي 121 286- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عوف المزني 121 287- أحْمَد بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن حاتم، النوشري 121 288- أَصْبَغُ بْن عَبْد اللَّه بْن مَسَرَّة، أَبُو القاسم الخياط "حرف الباء" 121 289- بَكْر بْن مُحَمَّد بْن بَكْر بْن خُرَيْم، الطرائفي المعدل "حرف الحاء" 122 290- الْحَسَن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو عَلِيّ الحرشي الحيري 122 291- الحسن بن عبد الله بن سعيد، أبو علي الكندي الحمصي 122 292- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن بَشَّار، أبو علي الريحاني 122 293- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الدمشقي نزيل نيسابور 123 294- الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير، البغدادي الصيرفي 123 295- حمد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن خطاب، الخطابي البستي "حرف السين" 125 296- سَعِيد بْن حسّان بْن العلاء، أَبُو عثمان القرطبي "حرف الشين" 125 297- شافع بن محمد بن أبي عوانة يعقوب، أبو النضر الإسفراييني "حرف العين" 125 298- عبيد اللَّه بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن مازيا 126 299- عبيد الله بن عبد الله بن الحسين البصري، المروزي 126 300- عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو بْن مُحَمَّد بْن منتاب، البغدادي

الصفحة الموضوع 126 301- عُبَيْد اللَّه بن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه، أبو الفضل الفامي 127 302- عبد العزيز بْن يوسف، أَبُو القاسم كاتب الإنشاء 127 303- عمر بن أحمد بن إبراهيم، الإمام البرمكي الحنبلي 127 304- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عِرَاك بْن مُحَمَّد بن عراك، الحضرمي 128 305- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، أَبُو حفص اليسع "حرف القاف" 128 306- القاسم بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن معروف، أبو أحمد القنطري 128 307- قاسم بْن مُحَمَّد بْن قاسم بْن أَصْبَغُ بن محمد البياني، القرطبي "حرف الميم" 128 308- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سُلَيْمَان، أَبُو النَّضْر السرمغوني النسوي 128 309- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن إبراهيم، أَبُو الفرج الشنبوذي المقرئ 129 310- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مَتّ، أَبُو بَكْر الإشخني 130 311- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قادم، أبو عبد الله القرطبي 130 312- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مجّ، الكشاني الكرميني 130 313- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عقيل، النيسابوري القطان 130 314- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن محمي، أَبُو بَكْر البغدادي الجوهري 131 315- محمد بن الحسن بن المظفر، البغدادي المعروف بالحاتمي 131 316- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَلِيّ، أَبُو الطيب الماذرائي 131 317- محمد بن الحسين بن مهران، أبو الفضل المروزي الحدادي 131 318- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زكريا، الشيباني الجوزقي 132 319- محمد بن عبد الله بن حمشان، أبو منصور النيسابوري 132 320- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد، أبو بكر البغدادي الكرخي 133 321- محمد بن عليّ بن أحمد، أبو بكر الأدفوي المصري 133 322- محمد بن سهل، أبو نصر النيسابوري 134 323- مُوسَى بْن يحيى، أَبُو هارون الصّدّيني الفاسي "حرف الياء" 134 324- يوسف بْن أحْمَد بْن يوسف بْن الدخيل، أبو يعقوب الصيدلاني "وفيات سنة تسع وثمانين وثلاثمائة" "حرف الألف" 134 325- أحمد بن سهل بن محسن، الحداد الأنصاري الطليطي

الصفحة الموضوع 135 326- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مالك الكلائي، أبو القاسم بليط 135 327- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عابد، أَبُو عُمَر الأسدي القرطبي "حرف الحاء" 135 328- الحسن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بن علي، النيسابوري 135 329- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَوْن، أَبُو مُحَمَّد الحريري "حرف الزاي" 136 330- زاهر بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى، أبو علي السرخسي "حرف السين" 136 331- سعيد بن عثمان البطليوسي 137 332- سعيد بن يمن، أبو عثمان المرادي "حرف الطاء" 137 333- طالب بن هجرش "حرف العين" 137 334- الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بْن حبّان بْن مُوسَى بن حبان، الكلابي 137 335- عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق المَعَافِرِي، أَبُو بَكْر القرطبي 138 336- عَبْد اللَّه بْن حامد بْن مُحَمَّد، أَبُو محمد النيسابوري 138 337- عَبْد اللَّه بْن أَبِي زيد الفقيه القيرواني، أبو مُحَمَّد 139 338- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خسرماه القزويني، أبو طاهر 139 339- عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه بْن غَلْبون بن المبارك، الحلبي 139 340- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن سليمان بن حبابة، البغدادي 140 341- عثمان بْن عَمْرو بْن مُحَمَّد بْن المنتاب، البغدادي الدقاق 140 342- عُمَر بْن أحْمَد بْن عُمَر، أَبُو حفص النيسابوري الزاهد 140 343- عمر بن أحمد بن حفص البرمكي 140 344- عَلِيّ بْن أحْمَد بْن يوسف، أَبُو الْحَسَن الخدري العسقلاني 140 345- عَلِيّ بْن مُعَاذ بْن سمعان بْن أَبِي شيبة، أبو الحسن البجاني "حرف الفاء" 141 346- فائق عميد الدولة، أبو الحسن فتى السلطان نوح بن نصر 141 347- فرج بن عيشون، أبو ثابت الأندلسي "حرف الميم" 141 348- محبوب بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو عاصم المحبوبي

الصفحة الموضوع 141 349- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَلِيّ بْن نصير، النيسابوري 142 350- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن سُلَيْمَان، أَبُو عَبْد الله الغافقي 142 351- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن أَصْبَغُ بْن واقد، أبو عبد الله القرطبي 142 352- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن يوسف بْن يعقوب، اليعقوبي النسفي 142 353- مُحَمَّد بْن عَبْدَوس بْن حاتم، أَبُو نصر النيسابوري الدهان 142 354- مُحَمَّد بْن محمد بْن عَلِيّ، أَبُو بَكْر السرخسي النيسابوري 142 355- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن بكر، النيسابوري 142 356- مُحَمَّد بْن مكّي بْن زَرَّاع بْن هارون، أبو الهيثم الكشميهني 143 357- محمد بن النعمان بن محمد بن منصور، أبو عبد الله المغربي "حرف الياء" 144 358- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْأسد القيسي، أبو زكريا القرطبي 144 359- يحيى بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قاسم بن هلال 144 360- يحيى بْن هُذَيْل بْن عَبْد الملك بْن هذيل بن إسماعيل، التميمي 145 361- يحيى بن علي بن محمد ابن الملقب بالمختفي، الزيدي الهاشمي "وفيات سنة تسعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 145 362- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَين بْن مُحَمَّد، الحماني الطبني 146 363- أحْمَد بْن الْحَسَن بْن بُنْدار، أَبُو بَكْر الأصبهاني الطرسوسي 146 364- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو بَكْر الآبندوني 146 365- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو بكر السرخسي 146 366- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن نصر بن ميمون، القرطبي الكفيف 146 367- أَحْمَد بن محمد بن يعقوب، أبو عبد الله الفارسي الوراق 147 368- أَحْمَد بْن محمد بْن أبي مُوسَى، أبو بكر الهاشمي العباسي 147 369- أحْمَد بْن هارون، أَبُو الْحُسَيْن المهلّبي البغدادي 147 370- أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد، أَبُو سَعِيد الهروي 147 371- أمة السلام البغدادية "حرف الباء" 148 372- برجوان الأستاذ "حرف الجيم" 148 373- جيش بن محمد بن صمصامة

الصفحة الموضوع "حرف الحاء" 149 374- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَوْق، أَبُو عَلِيّ التغلبي الْجِيَّاني 149 375- الحسين بن أحمد بن جعفر، أبو عبد الله بن الكوسج 149 376- الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن القُنَين البغدادي 149 377- الْحُسَيْن بْن وليد بْن نصر، أبو القاسم القرطبي العريف "حرف السين" 150 378- سَعِيد بْن حمدون، أَبُو بَكْر القَيْسِي الْأندلسي "حرف الطاء" 150 379- طاهر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن موسى، الشاعر "حرف العين" 150 380- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن علي بن أبي طالب، البغدادي 151 381- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْمُؤْمِنِ بن يحيى، المعروف بابن الزيات 151 *- عبد العزيز بْن الْعَبَّاس بْن سعدون بْن يحيى الخولاني 151 382- عَبْد الحميد بْن يحيى، أَبُو مُحَمَّد البُوَيْطي 151 383- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن حمدون، النيسابوري 151 384- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن صاعد القرطبي 151 385- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن خيران، الكسائي 152 386- عبد الكريم بن موسى البزدوي النسفي 152 387- عبيد الله بن عثمان بن يحيى، بن جنيفا الدقاق 152 388- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن جبريل، أبو بكر النيسابوري 153 389- عَبْدَوس بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَوس، أَبُو الفرج الطليطلي 153 390- عَلِيّ بْن أحْمَد بْن عَوْن اللَّه القُرْطُبي، أبو الحسن 153 391- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن يعقوب المروزي 153 392- عَليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عبيد، البغدادي الزجاج 153 393- عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن أحْمَد بْن كثير، أبو حفص الكتاني 154 394- عُمَر بْن دَاوُد بْن سلمون، أَبُو حفص الأنطرطوسي الأطرابلسي 155 395- عيسى بْن سَعِيد بْن سعدان الكلبي القُرْطُبي، أبو الأصبغ "حرف الفاء" 155 396- فحل بن تميم الأمير

الصفحة الموضوع "حرف القاف" 155 397- القاسم بْن ميمون بْن حمزة، أَبُو مُحَمَّد العلوي "حرف الميم" 155 398- مُحَمَّد بْن جعفر بْن رُمَيْل، أَبُو عَبْد الله البغدادي المصري 155 399- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بن هارون، الدقاق 156 400- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حمدون، أَبُو سعيد النيسابوري 156 401- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ذي النون، البجاني 156 402- مُحَمَّد بن عُمَر بْن يحيى بْن الْحُسَيْن بن أحمد الزيدي العلوي 157 403- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب، أَبُو عصمة السجزي الضبعي 157 404- محمد بن يوسف بن محمد بن الجنيد، الكشي الجرجاني 157 405- المعافى بْن زكريا بْن يحيى بْن حُمَيْد القاضي، النهرواني "حرف النون" 158 406- ناجية بن محمد، أبو الحسن الكاتب "حرف الواو" 158 407- وَهْب بْن مُحَمَّد بْن محمود بْن إِسْمَاعِيل، أبو الحزم القرطبي "حرف الياء" 159 408- يحيى بْن منصور، أَبُو سَعِيد البوسنجي الفقيه 159 409- يحيى بن محمد بن يوسف، المعروف بابن الجياني "وممن كان في هذا الوقت من الوفيات غير مرتبة أبجديا" 159 410- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مهلهل، أَبُو القاسم إلبيري 159 411- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد، أَبُو معشر الورّاق المَرْوَزِي 160 412- الْحَسَن بْن يحيى بْن قيس، أَبُو بَكْر المقرئ 160 413- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بن إسحاق، الحلبي 160 414- الحسين بن محمد بن إبراهيم بن شريك، الأصبهاني الغسال 160 415- الْحُسَيْن بْن أَبِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد الخالع الرافقي 160 416- سُلَيْمَان بْن حسان، أَبُو دَاوُد بْن جُلْجُل الأندلسي الطبيب 161 417- عبد الباقي بن الحسين بن أحمد، أبو الحسن بن السقا الخراساني 162 418- عثمان بْن مُحَمَّد، أَبُو القاسم السّامِريّ الوَرّاق 162 419- عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عثمان بْن سَعِيد، أبو الحسن الغضائري

الصفحة الموضوع 162 420- عمر بن القاسم، أبو الحسين البغدادي المقرئ المعروف بابن الحداد 163 421- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن تميم، أَبُو القاسم القاضي 163 422- عبد الله بن محمد بن القاسم بن خلف بْن حَزْم، أَبُو الْحَسَن الثَّغْري القلعي 163 423- عثمان بْن أحْمَد بْن جَعْفَر العِجْلي، مُسْتَمْلي ابن شاهين 163 424- عثمان بن محمد بن القاسم الأدمي 164 425- نصر بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الخليل المرجي، الموصلي 164 426- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو بكر بن خويز منداذ المالكي 164 427- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد، أَبُو الفضل الكاتب 164 428- محمد بن الحسين بن حاتم، الزغرتاني الهروي 164 429- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عزيز بْن عمران، الهمذاني التككي 165 430- محمد بن عمر بن الفضل بن المرفق، أبو بكر الصوفي 165 431- عبد الله بن أحمد بن محمد، الأصبهاني المقرئ 165 432- عَبْد الواحد بْن الحسين، أبو القاسم الصَّيْمَرِيّ الشافعي 166 433- إبراهيم بن الحسين بن حكمان، أبو منصور بن الكرخي 166 434- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن جُوري، أبو الفرج العكبري 166 435- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن بُنْدار بْن مُحَمَّد بن المثنى، القسري 167 436- عتبة بن محمد بن حاتم، أبو الهيثم النيسابوري 167 437- عياش بن الحسن الخزري 167 438- مَهْدِيّ بْن مُحَمَّد، أَبُو سَلَمَة القُشَيْرِي النيسابُوري الصيدلاني 167 439- زيد بن رفاعة، أبو الخير 168 440- الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن علي بْن خُزَيْمَة النيسابوري 168 441- الربيع بْن مُحَمَّد بْن حاتم، أَبُو الطّيّب الحاتمي الطوسي

الطبقة الأربعون

"الطبقة الأربعون": الصفحة الموضوع "حوادث سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة" 169 جلوس القادر بالله للحجاج الخراسانية "حوادث سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة" 169 ثورة العامة ببغداد على النصارى 169 ولادة توأمين للسلطان بهاء الدولة 169 زيادة أمر الشطار ببغداد 170 غزوة السلطان محمود بن سبكتكين إلى الهند "حوادث سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة" 170 عميد الجيوش يمنع النوح في يوم عاشوراء 170 بهاء الدولة يقبض على وزيره أبي غالب 170 خروج عميد الجيوش إلى سورا 170 نائب دمشق يضرب عنق مغربي بالرملة 171 السلطان محمود بن سبكتكين ينازل سجستان "حوادث سنة أربع وتسعين وثلاثمائة" 171 بهاء الدولة يقلد الشريف الموسوي قضاء القضاة والحج والمظالم 171 اعتراض الأصيفر المنتفقي للحاج "حوادث سنة خمس وتسعين وثلاثمائة" 171 العطش يحلق بالحجاج العراقيين 172 الحاكم بأمر الله يقتل بمصر جماعة من الأعيان 172 مقتل المنتصر أبي إبراهيم إسماعيل بن نوح بن نصر 173 أبو تمام ينشد في مقتل المنتصر "حوادث سنة ست وتسعين وثلاثمائة" 173 ابن الأكفاني يتولى قضاء بغداد 173 القادر بالله يلقب قرواش ويسلمه الإمارة 173 محمد العلوي يحج بالناس ويخطب بالحرمين للحاكم صاحب مصر "حوادث سنة سبع وتسعين وثلاثمائة" 174 خروج أبي ركوة الأموي حتى مقتله

الصفحة الموضوع 174 الحاكم بأمر الله يقتل قائده الفضل بن عبد الله بن صالح 174 بهاء الدولة يقلد الشريف الحسني النقابة والحاج ويلقب بالرضي 175 تقليد سند الدولة علي بن مزيد ما كان لقرواش 175 ريح سوداء تثور على الحجاج "حوادث سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة" 175 وقوع ثلج عظيم ببغداد والكوفة وعبادان 175 تكاثر العملات واللصوص ببغداد ومقتل جماعة منهم 175 الفتنة بين الهاشميين والقضاة والكبار والقتال مع أهل البصرة 176 وقوع برد بوزن خمسة دراهم 176 زلزلة تضرب الدينور وسيراف والسيف ووقوع برد 176 الحاكم بأمر الله يأمر بهدم بيعة القمامة "حوادث سنة تسع وتسعين وثلاثمائة" 177 ريح شديدة تعصف بالعراق 177 عزل أبي عمر عن قضاء القضاة وتولية ابن أبي الشوارب 177 شعر للعصفري 177 عودة الرَّكْبُ العراقي خوفًا من ابن الجرّاح الطّائي 178 حامد بن ملهم يتولى دمشق للحاكم 178 فتنة الأندلس وثورة مُحَمَّد بْن هشام الْأمويّ عَلَى متولِّي الْأندلس "حوادث سنة أربعمائة" 178 نهر دجلة ينقص نقصانا لم يعهد مثله 178 بناء سور منيع على مشهد علي رضي الله عنه 178 الإرجاف بموت القادر بالله وهو يقرأ القرآن بصوت عال 178 الحام بأمر الله يفتح دار جعفر الصادق بالمدينة ويأخذ ما فيها 179 الحاكم يأمر بعمارة "دار العلم" والجامع الحاكمي بالقاهرة 179 أبو الحارث محمد بن عمر العلوي يحج بالناس من العراق 179 غزوة محمود بن سبكتكين إلى الهند ووقعة نارين 180 فتن هائلة في الأندلس وانقضاء أيام الأمويين 180 دخول البربر والنصارى وقرطبة وهزيمة المهدي أمام البربر

الصفحة الموضوع "وفيات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 181 1- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حميد بن زريق، أبو الحسن البغدادي 181 2- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن نوح، أَبُو حامد البخاري 182 3- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن هارون القرطبي 182 4- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأستاذ، السجستاني الزاهد 182 5- أحْمَد بْن يوسف بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم أبو بكر الثقفي الخشاب 182 6- إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حاجب، أبو علي الكشاني "حرف الجيم" 182 7- جَعْفَر بْن الفضل بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بن موسى البغدادي "حرف الحاء" 185 8- حامد بْن مُحَمَّد بْن المطيّب، أَبُو منصور الماليني 185 9- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن شُعْبَة، المروزي السبخي 186 10- الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن الحجّاج، أَبُو عَبْد الله البغدادي الشاعر "حرف السين" 187 11- سَعِيد بْن أحْمَد بْن سَعِيد بْن مُوسَى بن جدير، القرطبي 187 12- سَعِيد بْن عَلِيّ بْن شُعيب بْن عَبْد الوهّاب، أبو نصر الهمذاني "حرف الضاد" 188 13- ضِرار بْن نافع، أَبُو عَمْرو الضّبِّي الهَرَوِي "حرف العين" 188 14- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد السرخسي 188 15- عَبْد الله بْن محمد بْن أحمد، أبو العباس السجستاني الصوفي 188 16- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن علي بن زياد، النهدي 189 17- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد، أَبُو سهل البلْخي 189 18- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سعيد، النيسابوري 189 19- عَبْد الخالق بْن شبلون، أَبُو القاسم المغربي المالكي 189 20- عَبْد العزيز بْن أحْمَد الفقيه، أَبُو الْحَسَن الخوزي 189 21- عبد الملك بن محمد الفارسي البغدادي

الصفحة الموضوع 190 22- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن الرّازي البغدادي 190 23- عيسى بْن دَاوُد بْن الجرّاح، أَبُو القاسم بن الوزير البغدادي "حرف الكاف" 191 24- كعب بن عمرو البلخي "حرف الميم" 191 25- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله، أبو عمر السليطي 191 26- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن داسة الْإصبهاني الصُّوفِي 191 27- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن سُلَيْم، أَبُو بَكْر البغدادي النجاد 191 28- مُحَمَّد بْن حُمَيْد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بن حميد الخزاز 192 29- محمد بن عثمان بن شهاب، المعروف بالبغوي 192 30- مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن السّمْط، أَبُو بَكْر بن الدلاء الدمشقي المعدل 192 31- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مَسْلَمة بْن سَعِيد، الأباري الأندلسي 192 32- مقلَّد بْن المُسَيّب بْن رافع، حسام الدولة، أبو حسان العقيلي 193 33- المؤمل بن أحمد بن محمد الشيباني البغدادي البزاز 194 34- مهدي بن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، أَبُو سَلَمَة النيسابُوري الصّيْدَلانِي "حرف الهاء" 194 35- هِبَةُ اللَّه بْن مُوسَى بْن الْحَسَن، أَبُو الحسين المزني الموصلي "حرف الواو" 194 36- وَهْبُ بْن مُحَمَّد بْن محمود الْأمويّ القُرْطُبي "حرف الياء" 194 37- يحيى بن عبد الرحمن العاصمي النيسابوري "وفيات سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 194 38- أحْمَد بْن سَعِيد بْن بشر، أَبُو الْعَبَّاس بن الحصار القرطبي 195 39- أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حسن، أَبُو عمر القرطبي الفقيه 195 40- أحمد بن العباس الأملوكي الطحان المصري 195 41- أحمد بن الفرج، أبو الحسن الفارسي 195 42- إبراهيم بن محمد بن محمود الأصبهاني

الصفحة الموضوع 195 43- إِسْمَاعِيل بْن سَعِيد بْن سُوَيْد، أَبُو القاسم الْبَغْدَادِيّ 196 44- إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حاجب، الكشاني السمرقندي "حرف الحاء" 196 45- الحسن بن أحمد بن محمد بن عبيد الله النيسابوري 196 46- الْحَسَن بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد الضّرّاب الْمَصْرِيّ، أبو محمد "حرف العين" 197 - عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن خالد بن روزبة الكسروي 197 47- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ثرثال، أبو محمد البغدادي 197 48- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد الفقيه، أبو محمد الأصيلي 198 49- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زيرك، أَبُو سهل التميمي الهمذاني 198 50- عبد الله بن محمد الضرير المقرئ 198 51- عَبْد الْأعلى بْن مُحَمَّد النيسابُوري الفقيه الشافعي 199 52- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي شريح أحْمَد بْن محمد بن أحمد، الهروي 200 53- عبد الواحد بن مُحَمَّد بن أحمد بن مالك القزويني 200 54- عَبْد الوهاب بْن أَبِي أحْمَد مُحَمَّد بْن أحمد بن إبراهيم، الغَسَّال 200 55- عُبَيْد بْن مُحَمَّد بْن حُمَيْد، أَبُو عبد الله القيسي القرطبي 200 56- عثمان بْن جِنِّي، أَبُو الفتح المَوْصلي النَّحْوي 201 57- عَلِيّ بْن عَبْد العزيز القاضي، أَبُو الْحَسَن الجرجاني الشَّافِعِيّ "حرف الميم" 203 58- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حبيب، أَبُو سهل النيسابوري 203 59- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي إِسْحَاق المزكي، النيسابوري 203 60- مُحَمَّد بْن خليفة بْن عَبْد الجبار بْن عبد الله البلوي القرطبي 203 61- مُحَمَّد بْن سعدون، أَبُو عَبْد اللَّه الْأندلسي 203 62- محمد بن عبد الرحمن بن حنشام، أبو الحسين بن البيع 203 63- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ القاضي، أَبُو عبد الله المصري 204 64- مُحَمَّد بْن عَبْد الْأعلى، أَبُو بَكْر النيسابُوري الفقيه 204 65- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن زكريا اللبان 204 66- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر، أَبُو بَكْر الدقاق الفقيه الشافعي

الصفحة الموضوع 204 67- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد، أبو سهل الضبي 204 68- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الفضل، أَبُو حاتم النيسابوري الوكيل 205 69- ميمون بْن حمزة بْن الْحُسَيْن بْن حمزة، العلوي المصري "حرف الواو" 205 70- الوليد بْن بَكْر بْن مَخْلَد بْن أَبِي دياز، أبو العباس السرقسطي "وفيات سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة" "حرف الألِف" 206 71- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْحَسَن بن سعيد، الأصبهاني 206 72- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حاتم، أَبُو حاتم الطوسي الفقيه 206 73- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المَرْزُبَان بْن آزر جشنس، أبو جعفر الأبهري 207 74- إبراهيم بن أحمد بن محمد، أبو إسحاق الطبري المقرئ المالكي 207 75- إدريس بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق، أَبُو القاسم البغدادي المؤدب 208 76- إسماعيل بن حماد، أبو نصر الجوهري 209 77- أُمَيّة بْن أحْمَد بْن حمزة، أبو الْعَبَّاس القرشي المرواني الأندلسي "حرف الحاء" 209 78- حَزْم بْن أحْمَد بْن حَزْم بْن كوثر، أبو بكر القيسي القرطبي 210 79- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد، أَبُو مُحَمَّد بن وكيع التنيسي الشاعر 210 80- الحسن بن محمد بن القاسم، أبو علي المخزومي البغدادي 210 81- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق البغدادي المعروف بابن السوطي "حرف الخاء" 210 82- خَلَفُ بْن القاسم بْن سهل بْن أسود، أبو القاسم الأندلسي "حرف السين" 211 83- سَعِيد بْن مُحَمَّد، أَبُو عثمان النيسابُوري السُّكّري المعدل 211 84- سُلَيْمَان بْن الفتح، أَبُو عَلِيّ بْن مَكرم السراج الموصلي "حرف العين" 211 85- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن محمد الرومي النيسابوري 211 86- عبد الكريم أمير المؤمنين الطائع ابن المطيع لله ابن المقتدر أبو بكر 213 87- عَبْد الملك بْن أحْمَد بْن عَبْد الملك أبو مروان القرطبي

الصفحة الموضوع 213 88- عثمان بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد، أَبُو عَمْرو المخرمي القارئ 213 89- عمر بن زكار، أبو حفص التمار "حرف القاف" 213 90- القاسم بن أحمد، أبو محمد التجيبي الطليطلي "حرف الكاف" 214 91- كوهي بن الحسن، أبو محمد الفارسي "حرف الميم" 214 92- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بن عليّ، أبو بكر الطاهري البغدادي 214 93- محمد بن أحمد بن عبد الأعلى، المغربي المعروف بالورشي 215 94- محمد بن أحمد بن محمد بن مهدي الإسكافي، أبو عبد الله 215 95- محمد بن ثابت، أبو الحسن الصيرفي 215 96- محمد بن الحسين بن داود، العلوي النيسابوري 215 97- محمد بن عبد الله بن أبي عامر المعافري الأندلسي الملك المنصور 217 98- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْعَبَّاس بْن عبد الرحمن، المخلص 218 99- محمد بن عبد الله بن محمد القرشي المخزومي السلامي 218 100- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن الزيدي الهمذاني 219 101- مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بن بهلول التنوخي "حرف الواو" 219 102- وليد بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو الْعَبَّاس القيسي القرطبي الزيات "حرف الياء" 220 103- يحيى بْن محمد بْن يحيى، أبو بشر النيسابوري الكاتب 220 104- يوسف بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن يوسف، أبو عمر الأستجي "وفيات سنة أربع وتسعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 220 105- أحمد بن إبراهيم القصار 220 106- أحْمَد بْن عُمَر بْن خُرشيد قولَه، أَبُو علي الأصبهاني التاجر 221 107- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفَضْل، أَبُو الْعَبَّاس بن النهاوندي الزاهد 221 108- إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن بن سيبخت، أبو الفتح

الصفحة الموضوع 221 109- أفلح بْن يحيى القُرْطُبي مولى إِبْرَاهِيم بْن يوسف "حرف الباء" 221 110- بدر، أَبُو الغصن مولى أحْمَد بْن قطن الزيات القرطبي "حرف التاء" 222 111- تمصولت الأسود الأمير المصري الرافضي "حرف الحاء" 222 112- حباشة بن حسن "حرف السين" 222 113- سعيد بن محمد بن الفضل الفقيه، أبو سهل النيسابوري "حرف الشين" 223 114- شاه بْن عَبْد الرَّحْمَن، أَبُو مُعاذ الهَرَوِي الماليني "حرف الطاء" 223 115- طلحة بْن أسد بْن عَبْد اللَّه بْن المختار الرقي "حرف العين" 223 116- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن عبد الوهاب، الأصبهاني 223 117- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن زر، الخواري الرازي 224 118- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد بْن نصرويه، النيسابوري 224 119- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أبو القاسم النيسابوري 224 120- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عثمان، النيسابوري 224 - عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد أَبُو سعيد الخلال 224 121- عَبْد السلام بْن عَلِيّ، أَبُو أحْمَد البغدادي المعلم 224 122- عَبْد الملك بْن إدريس الْأزْدِيّ، أَبُو مروان بن الجزيري الكاتب "حرف الميم" 225 123- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الله القيسي البجاني الأندلسي 225 124- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد الله الأنصاريّ الأندلُسيّ 225 125- مُحَمَّد بْن حسين بْن مُحَمَّد بْن أسد، التميمي الطبني 225 - محمد بن عبد الملك بن ضيفون اللخمي القرطبي 226 126- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن حُمَيْد، البغدادي البزاز

الصفحة الموضوع 226 127- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، أَبُو نصر الْأنماطي 226 128- محمد بن عطاء الله القرطبي النحوي 226 129- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حسّان الماليني ختن الشاركي 227 130- مُحَمَّد بْن يحيى بْن زكريّا بْن يحيى التميمي، القرطبي "حرف اللام" 227 131- لبنى كاتبة الخليفة المستنصر بالله الأموي "حرف الياء" 227 132- يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن زكريّا، المعروف بالحربي 228 133- يحيى بْن مُحَمَّد بْن وهب بْن مَسَرَّة بن حكم التميمي الفرجي 228 134- يعيش بن سعيد بن محمد، المعروف بابن الحجام "وفيات سنة خمس وتسعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 228 135- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن عمران، أبو العباس الأصبهاني 229 136- أحْمَد بْن فارس بْن زكريّا بْن مُحَمَّد بن حبيب، الرازي 231 137- أحمد بن القاسم بن عبد الرحمن، التاهرتي البزاز 231 138- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُمَر الزاهد، النيسابوري الخفاف 232 139- أحمد بن محمد، أبو الحسين السمناوي 232 140- إِبْرَاهِيم بْن مبشّر، أَبُو إِسْحَاق البكري الْأندلسي المغربي "حرف الجيم" 232 141- جعفر بن عبد الرزاق الدمشقي المهندس "حرف الحاء" 232 142- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن درستويه، أَبُو عَلِيّ الدمشقي المعدل 232 143- الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن النُّعْمَان، أَبُو عَبْد الله قاضي القضاة 232 144- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي عابد، أبو القاسم "حرف الدال" 233 145- دَاوُد بْن رضوان، أَبُو عَلِيّ السَّمَرْقَنْدِيّ الفقيه الحنفي "حرف السين" 233 146- سَعِيد بْن نصر، أَبُو عثمان مولى الناصر لدين الله الأموي

الصفحة الموضوع "حرف الشين" 234 147- شَيْبَةُ بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن شعيب بن هارون، الشعبي "حرف العين" 234 148- عاصم بن يحيى بن النيسابوري الزاهد 234 149- عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد بْن الْحُسَيْن النيسابُوري الحنبلي الواعظ 234 150- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أسد، الطليطلي 234 151- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر، أَبُو الحسين البزاز 235 152- عَبْد الرَّحْمَن بْن طلحة بْن مُحَمَّد بْن عيسى، أبو عمر التميمي 235 153- عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان، أَبُو المُطَرِّف القُشَيْري القرطبي 235 154- عبد الوارث بن سفيان بن جبرون، المعروف بالحبيب 236 155- عَلِيّ بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن الشيرازي المقرئ المعروف بالمقنعي 236 156- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن مهران، التيمي "حرف الميم" 236 157- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي النجود، البغدادي المقرئ 236 158- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْعَبَّاس، أَبُو الْحَسَن الإخميمي المصري 237 159- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حمدان، المراري النيسابوري 237 160- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى، الملاحمي البخاري 237 161- مُحَمَّد بْن أَبِي يعقوب إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بن يحيى، الأصبهاني 241 162- محمد بن علي بن الحسين العلوي 241 163- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الفضل بْن مُحَمَّد بن عقيل، النيسابوري 241 164- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن القصّار الخلقاني النيسابوري 241 165- محمد بن علي، أبو علي البلاذري 241 166- محمد بن القاسم، أبو منصور النيسابوري "حرف الياء" 242 167- يعقوب بن أبي إسحاق القراب الهروي "وفيات سنة ست وتسعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 242 168- أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بن شريعة، الإشبيلي

الصفحة الموضوع 243 169- أحمد بن بيري الواسطي 243 170- أحْمَد بْن موفق، أَبُو القاسم الْأمويّ القُرْطُبي 243 171- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زكريّا الْأستاذ، أَبُو العباس الفسوي 244 172- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، أَبُو الْحَسَن النهشلي البغدادي 244 173- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الشَّرَفي الحَضْرَمِي خطيب قرطبة 244 174- إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق النّصْري، أبو يعقوب الحنفي 244 175- إِسْمَاعِيل بْن أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، الجرجاني الفقيه 245 176- إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن حمدان بْن نوح، المهلبي البخاري "حرف الحاء" 245 177- حاتم بْن عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن حاتم بن فرانك، القرطبي "حرف الشين" 246 178- شعيب بن محمد بن شعيب، أبو صالح العجلي البيهقي "حرف الطاء" 246 179- طَالِب بْن عثمان، أَبُو أحْمَد الْأزْدِيّ النَّحْوِيّ البغدادي "حرف العين" 246 180- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد، أَبُو زيد القُرْطُبي العطار 247 181- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن أصبغ، أَبُو المطرف الأموي 247 182- عَبْد الوهاب بْن الْحَسَن بْن الوليد بْن موسى الكلابي الدمشقي 247 183- عَلِيّ بْن جَعْفَر، أَبُو الْحُسَيْن السِّيرَوَاني الصُّوفِي الزاهد المجاور بمكة 248 184- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يزيد، الحلبي 248 185- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب الأستاذ، البغدادي "حرف القاف" 250 186- قاسم بْن مُحَمَّد بْن قاسم بْن عَبَّاس، القرطبي الفراء "حرف الميم" 250 187- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن جعفر بن محمد البحيري المزكي 250 188- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْدَوس بْن أحْمَد، النحوي النيسابوري "ومن هذه الطبقة حرف الألف" 251 189- أحْمَد بْن محمد بْن عَبْدَوس، أَبُو بَكْر الحافظ النسوي

الصفحة الموضوع 251 190- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَوس الحاتمي، أَبُو الحسن النيسابوري 251 191- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَوس العنزي الطرائفي "حرف الميم" 251 192- محمد بن إسحاق النيسابوري المطوعي الكيال 251 193- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الفضل بْن المأمون، أبو بكر الهاشمي 252 194- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن النَّضر، أَبُو بَكْر الديباجي البغدادي 252 195- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلِيّ بْن خَلَف بن زنبور، أبو بكر الوراق 252 196- مُحَمَّد بْن عيسى بْن مُحَمَّد بْن مُعَلَّى بن أبي ثور، الوراق 253 197- مُحَمَّد بْن نصر بْن أحْمَد بْن مالك، أبو الحسن القطيعي "حرف النون" 253 198- نجيح بن سليمان الخولاني الأندلسي "حرف الياء" 253 199- ياسين بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن ياسين بن النضر الباهلي "وفيات سنة سبع وتسعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 253 200- أَصْبَغ بْن الفَرَج بْن فارس، أَبُو القاسم الطائي القرطبي "حرف الحاء" 254 201- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو عَلِيّ الصوفي "حرف الخاء" 254 202- خَلَف بْن سُلَيْمَان، أَبُو القاسم بْن الحجَّام القرطبي "حرف السين" 254 203- سَعِيد بْن يوسف، أَبُو عثمان الْأمويّ الْأندلسي القلعي 255 204- سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن سيد أَبِيهِ، أَبُو عثمان الأموي الأندلسي "حرف العين" 255 205- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن الفرج بن متويه القزويني 255 206- عبد الله بن محمد بن سَعِيد بن داود أبو محمد المديني 255 207- عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم بْن يحيى، أَبُو يعلى الدباس 255 208- عَبْد الحميد بْن مُحَمَّد بْن القاسم الشّاشي الخانكاهي المذكر

الصفحة الموضوع 255 209- عَبْد الرَّحْمَن بْن المُزَكِّي أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم، النيسابوري 256 210- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن أحْمَد بْن حمة، البغدادي الخلال 256 211- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إسحاق، الإنماطي المزكي 256 212- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه المعروف بابن المشاط 257 213- عَبْد الصَّمد بْن عُمَر، أَبُو القاسم الدِّينَوَرِي الواعظ 257 214- عَبْد الكريم بْن أحْمَد بْن أَبِي جدار، أبو الحسن المصري 257 215- عَبْد الملك بْن سَعِيد بْن إِبْرَاهِيم بْن معقل النسفي 257 216- عاصم بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن إِسْحَاق، الهروي 257 - علي بن أحمد بن علي النيسابوري الحذاء 257 217- علي بن أحمد بن طالب المعدل 258 218- علي بن عمر الفقيه، أبو الحسن بن القصار البغدادي 258 219- عَلِيّ بْن معاوية بْن مصلح، أَبُو الْحَسَن الأندلسي 258 220- عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ، أبو سعد الهروي "حرف الميم" 259 221- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبيد، أبو عبد الله الوشاء 259 222- محمد بن سعيد البوسنجي 259 223- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن جَعْفَر، البغدادي العطار 259 224- موسى بن أحمد بن سعيد القرطبي المعروف بالولد "حرف النون" 260 225- النُّعْمَان بْن مُحَمَّد بْن محمود بْن النُّعْمَان، الجرجاني التاجر "الكنى" 260 226- أبو سهل بن أبي بشر "محمد بن هارون النيسابوري" 260 227- أَبُو سهل مُحَمَّد بْن يحيى النيسابُوري الواعظ 260 228- أبو العباس بن واصل "وفيات سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 261 229- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد بن سهل، القراب

الصفحة الموضوع 261 230- أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، أَبُو الْعَبَّاس البُرُوجِرْدِي الوزير 261 231- أحمد بن الحسين بن يحيى، الهمذاني الملقب ببديع الزمان 264 232- أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن الفرج، المعروف بابن لال 265 233- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الحافظ، أَبُو نصر الكلاباذي 266 234- أحْمَد بْن هشام بْن أُمَيّة، أَبُو عُمَر الأموي القرطبي 266 235- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أيوب، أَبُو إِسْحَاق النيسابوري "حرف الحاء" 266 236- الْحُسَيْن بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن حمدان العنزي الجرجاني 266 237- الْحُسَيْن بْن هارون بْن مُحَمَّد، أَبُو عَبْد الله الضبي البغدادي "حرف السين" 267 238- سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن زهير، أبو عثمان الكلبي 267 239- سليمان بن الفتح الموصلي "حرف العين" 267 240- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد أَبُو محمد البخاري المعروف بالبافي 268 241- عبد الواحد بن نصر بن محمد، الشاعر المعروف بالببغاء 269 242- عبيد الله بن أحمد بن علي، الصيدلاني المقرئ البغدادي 270 243- عُبَيْد اللَّه بْن عثمان بْن عَلِيّ، أَبُو زرعة الصيدلاني البناء 270 244- علي بن أحمد، أبو الحسن الهمذاني المعروف بأقلب خف 270 245- علي بن عبد الملك بن عباس، أبو طالب القزويني النحوي 270 246- عَلِيّ بْن عَبَادِل، أَبُو حفص الرُّعَيْني الْأندلسي 270 247- علي بن محمد بن أبو الحسن النيسابوري المعروف بالخباري "حرف الميم" 271 248- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن حاتم الفقيه، أَبُو حاتم الطوسي 271 249- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، أبو عبد الله الآملي 271 250- مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن مَرْدَوَيْه، أَبُو عَبْد الله الأصبهاني 271 251- محمد بن يحيى، أبو عبد الله الجرجاني الفقيه 271 252- مفلح، أبو صالح الخادم 272 253- مظفر بن نظيف

الصفحة الموضوع "الكنى" 272 254- أبو سهل النيسابوري الزاهد المعروف بالبقال "وفيات سنة تسع وتسعين وثلاثمائة" "حرف الألف" 272 255- أحْمَد بْن أَبِي أحْمَد، أَبُو عَمْرو الفراتي الأستوائي الزاهد 272 256- أحمد بن سعيد بن إبراهيم المعروف بابن الهندي 272 257- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن لال، أَبُو بَكْر الهمذاني 273 258- أحْمَد بْن عَبْد القويّ بْن جبريل، أَبُو نزال 273 259- أحْمَد بْن عُمَر، أَبُو بَكْر بْن البقّال 273 260- أحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بن محفوظ المصري الجيزي 273 261- أحْمَد بْن أَبِي عمران الهَرَوِي، أَبُو الفضل الصرام الصوفي 274 262- أحمد بن محمد بن إبراهيم بن بندار الأصبهاني 274 263- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر، أبو بكر الأصبهاني القصار 274 264- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الرّازي الضّرير، أبو العباس 275 265- أحمد بن الحسين بن معاوية 275 266- أحمد بن محمد بن ربيع بن سليمان المعروف بابن مسلمة 275 267- أحمد بن محمد بن أبي حامد الشاعر الملقب بابن الرقعمق 276 268- أحمد بن الوليد بْن هشام بْن أَبِي المفوز، أَبُو عُمَر القرطبي 276 269- إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر، العلوي الموسوي المكي "حرف الجيم" 276 270- جُنَادَة بْن مُحَمَّد، أَبُو أسامة الْأزدي الهَرَوِي "حرف الحاء" 277 271- الْحَسَن بْن سُلَيْمَان بْن الخير، أَبُو عَلِيّ اليافعي الأنطاكي المقرئ 277 272- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن سُلَيْمَان البغدادي التاجر الشطرنجي 278 273- الحسن بن محمد العنجردي الأديب الهروي 278 274- الحسين بن حيدرة، أبو الخطاب الداوودي الطاهري الشاهد 278 275- حَكَمُ بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، أَبُو العاصي السالمي السِّرَقُسْطي 278 276- حَمْد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، أَبُو عَليّ الرازي الأصبهاني

الصفحة الموضوع "حرف الخاء" 279 277- خلف بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن اللَّيْث، أمير سجستان "حرف الطاء" 280 278- طاهر بْن عَبْد المنعم بْن عُبَيْد اللَّه بن غلبون، أبو الحسن الحلبي "حرف العين" 281 279- عَبْد اللَّه بْن بَكْر بْن مُحَمَّد، أَبُو أحمد الطبراني الزاهد 281 280- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن أبيض، أبو الحسن الطليطلي 281 281- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحاجب المنصور أَبِي عامر المعروف بشنشول 283 282- عبد الملك بن الحاجب المنصور محمد الملقب بالمظفر 284 283- عَبْد الواحد بْن أحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن عوف المزني الدمشقي 284 284- علي ابن الحافظ أبي سعيد عبد الرحمن الصدفي، أبو الحسن 284 285- علي بن محمد بن الخضر القزويني "حرف الفاء" 285 286- فضل بن عبد الله بن صالح، أبو الفتوح القائد "حرف القاف" 285 287- قَسِيم بْن أحْمَد بْن مطير، أَبُو القاسم الظهراوي المصري "حرف الميم" 285 288- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَلِيّ بْن حسين، البغدادي الكاتب 286 289- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن خَلَف، أبو الحسين الرقي المقبري 287 290- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن سعيد الأموي القرطبي 287 291- محمد بن إبراهيم بن يحيى الأندلسي 287 292- محمد بن عبد الله بن عيسى المري الإمام المعروف بابن أبي زمنين 288 293- محمد بن علي بن إسحاق، العلوي المعروف بابن المهلوس "حرف الياء" 289 294- يحيى بْن زكريّا بْن أحْمَد ابن أخت أبي بكر البلخي الشاهد "الكنى" 289 295- أبو إسحاق الجبيناني "إبراهيم بن أحمد بن علي البكري"

الصفحة الموضوع "وفيات سنة أربعمائة" "حرف الألف" 289 296- أحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن الفرج بْن أبي الحباب القرطبي النحوي 290 297- أحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر، أَبُو عَبْد اللَّه الجيزي المصري 290 298- أحْمَد بْن عمّار بْن عصمة بْن مُعاذ النسفي 290 299- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْدة، أبو جعفر الطليطلي "حرف العين" 290 300- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بن سمقويه، النيسابوري 291 301- عَبْد الملك بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إسحاق الأزهري، الإسفراييني 292 302- عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن غياث، أَبُو بكر البغدادي الرزاز 292 303- عُبَيْد اللَّه بْن أحْمَد بْن الْحَسَن، أَبُو الفرج بن السخت الرقي 292 304- علي بن محمد بن إبراهيم، أبو الحسن المدائني الآدمي 292 305- علي بن محمد بن أحمد بن داود، أبو الحسن الخطيب 292 306- عَمْرو بْن عثمان بْن خَطَّار، أَبُو حفص القرطبي 293 307- عمران بْن الْحَسَن بْن يوسف، أَبُو الفرج الخفاف "حرف الميم" 293 308- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن جَعْفَر الْإصبهاني الكَوْسَج 293 309- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن معارك، أَبُو القاسم العقيلي القرطبي 293 310- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْن يحيى، الطليطلي المشكيالي 294 311- مُحَمَّد بْن خَلَف بْن الشوله، أَبُو عبد الله الأندلسي 294 312- مُحَمَّد بْن عمروس بْن العاصي القُرْطُبي، أَبُو عبد الله المالكي 294 313- محمد بن هشام بن عبد الجبار الأموي الملقب بالمهدي 296 314- مطهر بن أحمد بن مطهر الأشموني "حرف الهاء" 297 315- هشام بْن عُبَيْد اللَّه بْن النّاصر لدين الله الأندلسي "الكنى" 297 316- أبو سعيد الفلاحي الحفني النيسابوري 297 317- أبو نصر بن الحسن بن أحمد بن الحيرى النيسابوري

الصفحة الموضوع "المتوفون قبل الأربعمائة غير مرتبة أبجديًّا" 297 318- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سيّد أبيه، أبو عمر القرطبي 297 319- أحْمَد بْن أفلح بْن حبيب بْن عَبْد الملك، أبو عمر الأموي القرطبي 298 320- أحمد بن عيسى بن سليمان، أبو القاسم الأندلسي 298 321- أحْمَد بْن مُحَمَّد الْأديب، أَبُو طاهر الشيرازي الشاعر 298 322- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المكتفي باللَّه عَلِيّ بن المعتضد 298 323- أحمد بن محمد بن زيد، أبو سعيد القزويني المالكي 298 324- إِبْرَاهِيم بْن شاكر بْن خطاب، أَبُو إِسْحَاق القرطبي اللجام 299 325- إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن شريح، أَبُو مُحَمَّد الجرجاني 299 326- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن قطينا، أبو عبد الله البغدادي 299 327- حَكَمُ بْن مُحَمَّد بْن حَكَم، أَبُو العاصي الأموي الأطروش 299 328- مُحَمَّد بْن خَطّاب، أَبُو عَبْد اللَّه الْأزْدِيّ القرطبي النحوي 299 329- خَلَفُ بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بن زبارة المرابط 300 330- خَلَفُ بْن عيسى بْن سَعِيد الخير، أَبُو الحزم الوشقي 300 331- عَلِيّ بْن إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى المزكي 300 332- علي بن محمد بن يعقوب الرازي 300 - عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه الحاجي أبو الحسن 300 333- عمر بن القاسم، أبو الحسين المقري البغدادي 301 334- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الفهد الْأندلسي الْألْبِيري، أبو المظفر 301 335- مروان بن عبد الرحمن بن مروان الأندلسي المعروف بالطليق 302 336- مُحَمَّد بْن مَسْعُود، أَبُو عَبْد اللَّه البَجَّاني القرطبي 302 337- محمد بن مسعود، أبو عثمان الأندلسي الوراق 302 338- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ ابن النحوي الأنباري 302 339- محمد بن الحسن بن سليمان القاضي، المعروف بالباحث 303 340- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حمدان النيسابوري المرادي 303 341- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق النَّديم البغدادي، أَبُو الفرج الإخباري 303 342- محمد بن أسد، أبو طاهر الأشناني 303 343- مُحَمَّد بْن الْحَسَن القاضي، أَبُو عَبْد اللَّه المصري الدقاق

الصفحة الموضوع 303 344- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن ذهب التميمي البغدادي المذهب 304 345- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه الْأمويّ، المعروف بابن الشيخ 304 - محمد بن عمر بن خشين البغدادي "الكنى" 304 346- عَلِيّ بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أبو الحسن الرازي القصار 304 347- أبو عبد الله القمي التاجر 305 348- بديل بن أحمد بن محمد، أبو بكر الهروي 305 349- معروف بْن مُحَمَّد، أَبُو المشهور الزَّنْجاني الواعظ 305 350- أبو حيان التوحيدي "علي بن محمد بن العباس الصوفي" 306 351- أَبُو القاسم بْن مسلمة بْن أحْمَد القُرْطُبي 307 352- منصور بْن مُحَمَّد بْن منصور، أَبُو الْحَسَن البغدادي القزاز 307 353- مُحَمَّد بْن أحْمَد، أَبُو الفرج الغسّاني الدمشقي المعروف بالوأواء الشاعر 308 354- سَعِيد بْن عثمان بْن مروان الْقُرَشِيّ الْأندلسي الشاعر المعروف بابن عمرون 309 355- ابن الحسين الأندلسي الشاعر 309 356- أحْمَد بْن عَلِيّ بْن وصيف، أَبُو الْحُسَيْن بن خشكناكه البغدادي 309 357- علِيّ بْن إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَن الْأستاذ، أَبُو الحسن البصري القطان 310 358- أحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن أحْمَد، أَبُو بكر البجلي الجريري 310 359- عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن يوسف بن بحر بن بهرام الوزير 310 360- الْحَسَن بْن المليح بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد الله بن طاهر العلوي 311 361- مُحَمَّد بْن عُمَر، أَبُو الْحَسَن الْأنباري الشاعر 311 362- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان الخَوْلاني، أبو بكر المعروف بالعواد 311 363- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الحميد الصَّنعاني 311 364- مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى عيسى بْن أحْمَد بن موسى، أبو عبد الله الهاشمي الرئيس 313 فهرس الموضوعات

المجلد الثامن والعشرون

المجلد الثامن والعشرون الطبقة الحادية والأربعون أحداث سنة إحدى وأربعمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الحادية والأربعون احداث: أحداث سنةإحدى وأربعمائة: إظهار قرواش الطاعة للحاكم وخطبته فيها ورد الخبر أنّ أبا المَنِيع قرواش بْن مُقَلّد جمع أهل المَوْصِل وأظهر عندهم طاعة الحاكم، وعرَّفهم بما عنده مِن إقامة الدّعوة لَهُ، ودعاهم إلى ذَلِكَ. فأجابوه في الظّاهر، وذلك في المحرَّم. فأعطى الخطيبَ نسخة ما خطب به، فكانت: الله أكبر، ولا إله إلا الله، وله الحمد الّذي انجلت بنوره غَمَرات الغضب، وانقهرت بقُدرته أركان النَّصْب، وأطلع بنوره شمس الحقّ من الغرب. الّذي محا بعدله جور الظَّلمة، وقصم بقُوته ظهر الفِتْنة، فعاد الحقّ إلى نصابه، والحقّ إلى أربابه، البائن بذاته، المنفرد بصفاته، الظّاهر بآياته، المتوحّد بدلالاته، لم تَفُتْه الأوقات فتسبقه ولم تُشْبهه الصُّور فتحويه الأمكنة، ولم تره العيون فتصفه الألسنة. إلى أن قَالَ: بعد الصّلاة عَلَى الرّسول، وعلى أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين، أساسُ الفضل والرحمة، وعمار العِلْم والحِكْمة، وأصل الشّجرة الكرام النّابتة في الأرومة المقدَّسة المطهرّة، عَلَى أغصانه بواسق من تِلْكَ الشجرة1. وقال في الخطبة الثانية: بعد الصلاة على محمد، اللهم صل على ولّيك الأكبر عليّ بن أَبِي طَالِب أَبِي الأئمّة الرّاشدين المَهْديين، اللهم صلّ عَلَى السَّبْطَيْن الطَّاهرين الحسن والحسين اللهم صلّ عَلَى الإمام المهديّ بك والّذي بلغٍ بأمرك وأظهر حُجتَّك، ونهض بالعدل في بلادك هاديا لعبادك. اللهم صلّ عَلَى القائم بأمرك، والمنصور بنصرك، الّلذين بذلا نفوسهما في رضاك، وجاهدا عِداك، وصلّ عَلَى المُعِزّ لدينك، المجاهد في سبيلك، والمُظْهِر لآياتك الحقيّة، والحجّة العليّة. اللهم وصلّ عَلَى العزيز بك، والذي تهذَّبت بِهِ البلاد. اللهم أجعل توافي صلواتك على سيّدنا ومولانا، إمام الزّمان، وحصن الإيمان، وصاحب الدّعوة العلّوية والملة النبوية، عبدك ووليك المنصور

_ 1 [خبر صحيح] : وانظر المنتظم "7/ 249 - وما بعدها" وصحيح التوثيق "7/ 480".

أبي علي الحاكم بأمر الله، أمير المؤمنين، كما صلّيت على آبائه الرّاشدين. اللهم أَعِنْه ما ولّيته، واحفظ له ما اسْتَرْعَيْتَهُ، وانصر جيوشه وأعلامه1. وكان السّبب أنّ رُسُل الحاكم وكتبه تكررت على قرواش، واستمالته وأفسدت نيّته. ثم انحدر إلى الأنبار، فأمر الخطيب بهذه الخطبة، فهرب الخطيب. فسافر قرواش إلى الكوفة، فأقام بها الدّعوة في ثاني ربيع الأوّل، وأقيمت بالمدائن، وأبدى قرواش صفحة الخلاف، وعاث. فأنزعج القادُر بالله، وكاتبَ بهاء الدّولة، وأرسل في الرّسْليّة أبا بَكْر محمد بْن الطّيّب الباقلّانيّ، وحمّله قولًا طويلًا، فقال: إنّ عندك أكثر ممّا عند أمَير المؤمنين، وقد كاتبنا أبو عليّ يعني عميد الجيوش، وأمرنا بإطلاق مائة ألف دينار يستعين بها عَلَى نفقة العسكر، وإن دَعَت الحاجة إلى مسيرنا سِرنْا. ثم نفذ إلى قرواش في ذَلِكَ، فأعتذر ووثّق مِن نفسه في إزالة ذَلِكَ، وأعاد الخطبة للقادر. وكان الحاكم قد وجّه إلى قرواش هدايا بثلاثين ألف دينار، فسار الرَّسُول فتلقّاه قَطْعُ بالرَّقَّة فردَّ. ولاية دمشق: وفي ربيع الأول منها عُزِل عَنْ إمرة دمشق منير بالقائد مظفّر، فوليّ أشهرًا. ثم عُزِل بالقائد بدر العطار، ثم عُزِل بدر في أواخر العام أيضًا. وولي القائد منتجب الدّولة لؤلؤ، وكلّهم من جهة الحاكم العُبَيْديّ. ثمّ قِدم دمشقَ أبو المطاع بْن حمدان متوليا عليها مِن مصر يوم النَّحْر. انقضاض كوكب: وفي صفر أنقضّ وقت العصر كوكب مِن الجانب الغربيّ إلى سَمْتِ دار الخلافة، لم يُرَ أعظم منه. زيادة دجلة: وفي رمضان بلغت زيادة دِجْلة إحدى وعشرين ذراعًا وثُلثًا، ودخل الماء إلى أكثر

_ 1 وراجع: المنتظم "7/ 250" وما بعدها"، والبداية والنهاية "11/ 343"، والنجوم الزاهرة "4/ 225".

الدُّور الشّاطيّة، وباب التِّبْن، وباب الشعير. وغرفت القُرى. خروج أَبِي الفتح العلوي الملقّب بالراشد بالله: وفيها: خرج أبو الفتح الحَسَن بْن جعفر العلويّ، ودعى إلى نفسه وتلقَّب بالراشد بالله. وكان حاكمًا عَلَى مكّة، والحجاز، وكثير من الشّام. فإنّ الحاكم بعث أمير الأمراء ياروخ نائبا إلى الشّام، فسار بأمواله وحُرمَه، فلقِيَهم في غزَّة مفرّج بْن جرّاح، فحاز جميع ما معهم وقتل ياروخ. وسار مفرّج إلى الرملة فنهبها، وأقام بها الدّعوة للراشد بالله، وضرب السّكّة لَهُ. واستحوذت العربُ عَلَى الشّام من الفَرَما إلى طبريّة، وحاصروا الحصون. امتناع ركْب العراق: ولم يحجّ ركْبُ من العراق. وفاة عميد الجيوش: وفيها: تُوُفّي عميد الجيوش أبو عليّ الحُسين بْن جعفر عَنْ إحدى وخمسين سنة. وكان أَبُوهُ من حُجاب الملك عضُد الدّولة، فجعل أبا عليّ برسم خدمة ابنه صمصام الدّولة، فخَدمه، وخدَم بعده بهاء الدولة. ثمّ ولّاه بهاء الدّولة تدبير العراق، فقدِم في سنة اثنتين وتسعين والفِتَن شديدة، واللّصوص قد انتشروا ففتك بهم، ثمّ غّرق طائفة، وأبطل ما تعمله الشّيعة يوم عاشوراء. وقيل: إنّه أعطي غلامًا لَهُ دنانير في صينيّة، فقال: خُذْها عَلَى يدك. وقال: سر من النَّجمي إلى الماصر الأعلى، فإن عرض لك معترض فدعْه بأخذها، وأعرف الموضع. فجاء نصف الّليل فقال: قد مشيتُ البلدَ كلّه، فلم يلْقني أحد. ودخل مرّة الرُّخَّجي وأحضر مالًا كثيرًا، وقال: مات نصرانيّ مصريّ ولا وارث لَهُ. فقال: نترك هذا المال، فإنْ حضر وارث وإلا أُخِذ فقال: الرُّخَّجي: فيحمل إلى خزانة مولانا إلى أن يتيقّن المال؟ فقال: لا يجوز ذَلِكَ. ثمّ جاء أخو الميّت فأخذ التّركة. وكان مَعَ هيبته الشّديدة عادلًا. ولي العراق ثماني سِنين وسبعة أشهر، وتولّي

الشريف الرضيّ أمره، ودفنه بمقابر قُرَيْش. وولي بعده العراق فخر الملك. وفيه يَقُولُ الببّغاء الشاعر: سألتُ زماني: بمن أستغيث؟ ... فقال: استغِثْ بعميد الجيوشِ فناديتُ: ما لي من حِرْفةٍ ... فجاوب: حُوشِيت من هذا وحوشي رجاؤك إيُّاه. يُدْنيك منه ... ولو كنتَ بالصّين أو بالعريشِ نَبَتْ بي داري وفرَّ القريب ... وأودت ثيابي وبيعت فروشيِ وكنتُ أُلَقَّبُ بالببّغا قديمًا ... فقد مزق الدهرُ ريشي وكان غداءي نقيُّ الأرزّ ... فها أَنَا مقتنعٌ بالحشيش القحط بخراسان: وفيها كان القحط الشديد بخراسان، لا سيما بَنْيسابور، فهلكَ بنَيْسابور وضواحيها مائة ألف أو يزيدون. وعجزوا عَنْ غسل الأموات وتكفينهم. وأُكِلَتْ الجيفة والأرواث ولحوم الآدميّين أكْلًا ذريعًا، وقُبِض عَلَى أقوام بلا عدد كانوا يغتالون بني آدم ويأكلونهم. وفي ذَلِكَ يَقُولُ أبو نصر الذُّهْليّ: قد أصبحَ الناسُ في بلاء ... وفي غلاء تداولوه من يلزم البيت مات جوعًا ... أو يشهد النّاسَ يأكلوه وقد أنفق محمود بْن سُبُكْتكين في هذا القَحْط أموالًا لا تحصى حتى أحيى النّاس، وجاء الغيث. الفتنة بالأندلس: وفيها: وقبلها جرت بالأندلس فتنة عظيمة، وبُذِلَ السّيف بقُرْطُبة، وقُتل خلقٌ كثير وتَمَّ ما لا يعبرَّ عنه، سُقناه في تراجم الأمراء1.

_ 1 وراجع: المنتظم "7/ 250 - 253"، ونهاية الأب "26/ 242"، والبداية "11/ 344"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 442".

أحداث سنة اثنتين وأربعمائة

أحداث سنة اثنتين وأربعمائة: عمل عاشوراء بالعراق: أذِنَ فخرُ المُلْك أبو غالب بْن حامد الوزير الّذي قُلِّد العراق عام أول في عمل عاشوراء والنَّوْح1. محضر الطعن في صحة نسب الخلفاء بمصر: وفي ربيع الآخر كُتِبَ مِن الّديوان محضر في معنى الخلفاء الّذين بمصر والقَدْح في أنسابهم وعقائدهم. وقُرِئت النسخةُ ببغداد. وأُخِذَت فيها خطوط القُضاة والأئمة والأشراف بما عندهم من العِلْم والمعرفة بنسَب الدَيْصَانية، وهم منسوبون إلى دَيْصَان بْن سَعِيد الخُرّميّ، إخوانُ الكافرين، ونُطَف الشّياطين، شهادةً يُتقرَّبُ بها إلى الله. ومعتقد ما أوجب الله تعالى عَلَى العلماء أن يبيّنوه للنّاس. شهدوا جميعًا أنّ الناجم بمصر وهو منصور بْن نزار المُلَقَّب بالحاكم حكم الله عَليْهِ بالبوار، والخزْي والنّكال2، ابن مَعَد بْن إسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد، لا أسعده الله. فإنّه لما صار سَعِيد إلى الغرب تَسَمّى بُعبَيْد الله وتلقَّب بالمهديّ. وهو ومَن تقَّدم من سلفه الأرجاس الأنجاس، عَليْهِ وعليهم اللّعنة، أدعياء خوارج لا نسبَ لهم في ولد عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه-. وأنّ ذَلِكَ باطل وزُور. وأنتم لا تعلمون أنّ أحدًا من الطّالبييّن توقَّف عَنْ إطلاق القول في هَؤلَاءِ الخوارج أنّهم أدعياء. وقد كَانَ هذا الإنكار شائعًا بالحَرَمَيْن، وفي أوّل أمرهم بالمغرب، منتشرًا انتشارًا يمنع من أن يُدلَّس عَلَى أحدٍ كَذِبُهُم، أو يذهب وهْمٌ إلى تصديقهم. وأنّ هذا النّاجم بمصر هُوَ وسيلة كُفارٍ وفُساق فُجار زنادقة3. ولمذهب الثّنَويّة والمَجُوسية معتقدون، قد عطّلوا الحدود، وأباحوا الفروجَ، وسفكوا الدماء، وسَبّوا الأنبياءَ ولعنوا السّلف، وادعوا الربوبية.

_ 1 "خبر صحيح": ذكره ابن كثير في البداية "11/ 345". 2 النكال: يعني العقاب أو النازلة. 3 الزنادقة: هم الذين يقولون بأزلية العالم، وأطلق عليهم الزردشتية، والمانوية، وغيرهم من الثنوية، وتوسع فيه فأطلق على كل شاك أو ضال أو ملحد.

وكتب في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعمائة. وكتبَ خلقٌ كثير في المحضر منهم الشّريف الرضيّ، والشريف المرتضي أخوه، وابن الأزرق الموسويّ، ومحمد بْن محمد بْن عُمَر بْن أَبِي يَعْلَي العلويّون، والقاضي أبو محمد عَبْد الله بْن الأكفانيّ، والقاضي أبو محمد أبو القاسم الْجَزَريّ، والإمام أبو حامد الإسفرائينيّ، والفقيه أبو محمد الكُشفليّ، والفقيه أبو الحسين القدوريّ الحنفيّ، والفقيه أبو عليّ بْن حَمَكَان، وأبو القاسم بْن المحسّن التَّنُوخيّ، والقاضي أبو عَبْد الله الصَيْمُريّ. إنفاق فخر الملك الأموال في العرق: وفيها فَرّق فخر المُلْك أموالًا عظيمة في وجوه البِرّ، وبالغ في ذَلِكَ حتى كثر الدّعاء لَهُ ببغداد، وأقام دارًا هائلة أنفق عليها أموالًا طائلة. نُصْرة يمين الدالة على الكافر: وفيها: ورد كتاب يمين الدّولة أَبِي القاسم محمد بْن سُبكْتكين إلى القادر بالله بأنّه غزا قومًا من الكُفار، وقطع إليهم مَفَازَة، وأصابه عطش كادوا يهلكون، ثمّ تفضَّل الله عليهم بمطرٍ عظيم رواهم، ووصلوا إلى الكُفْار. وهم خلقٌ معهم ستّمائة فيل، فَنُصر عليهم وغَنِمَ وعاد. هياج الريح عَلَى الحجّاج: وفي آخر السنّة وردَ كتاب أمير الحاجّ محمد بْن محمد بْن عُمَر العلويّ بأنّ ريحًا سوداء هاجت عليهم بُزبالة، وفقدوا الماء، فهلك خلْق. وبلغت مزادة الماء مائة درهم. وتخفّر جماعة بني خَفَاجة وردّوا إلى الكوفة. الاحتفال بعيد الغدير: وعُمل الغدير. ويوم الغدير معروف عند الشّيعة، ويوم الغار لجهلةِ السُّنّة في شهر ذي الحجّة بعد الغدير بثمانية أيّام اتّخذته العامّة عنادًا للرافضة. فَعُمِل الغدير في هذه السّنة والغار في ذي الحجّة، لكن بِطُمَأنينة وسُكُون. وأظهرت القَيْنات من التعليق شيئًا كثيرًا، واستعان السُّنّة بالأتراك، فأعاروهم القماش المفتخر والحُليّ والسّلاح المذهَّب.

هرب ناظر الزّمام بمصر: وفي هذه الحدود هربَ مِن الدّيار المصريّة ناظر ديوان الزّمام بها، وهو الوزير أبو القاسم الحسن بْن عليّ المغربيّ حين قَتَلَ الحاكم أَبَاهُ وعمّه، وبقيَ إِلْبًا عَلَى الحاكم يسعى في زوال دولته بما استطاع. فحصل عند المفرّج بْن جّراح الطّائيّ أمير عرب الشام، وحسّن لَهُ الخروج عَلَى الحاكم، وقتل صاحب جيشه، فقتله كما ذكرناه سنة إحدى وأربعمائة. إمامة صاحب مكة الرشد بالله: ثمّ قَالَ أبو القاسم لحسّان ولد المفرّج بْن الجرّاح، إنّ الحَسَن بْن جعفر العلويّ صاحب مكّة لا مَطْعَن في نسبه، والصّواب أن تنصّبه إمامًا. فأجابه، ومضي أبو القاسم إلى مكة، واجتمع بأميرها وأطعمه في الإمامة، وسهَّل عَليْهِ الأمور وبايعه، وجوّز أخذ مال الكْعبة وضربِهِ دراهم، وأخذَ أموالًا من رَجُل يُعرف بالمطّوعيّ، عنده ودائع كثيرة للنّاس. واتّفق موت المطّوعيّ، فاستولى عَلَى الأموال، وتلقَّب بالراشد بالله. واستخلف نائبًا عَلَى مكّة، وسار إلى الشّام، فتلقّاه المفرّج وابنهُ وأمراء العرب، وسلّموا عَليْهِ بإمرة المؤمنين. وكان متقلّدًا سيفًا زعم أَنَّهُ ذو الفِقار، وكان في يده قضيب زعم أَنَّهُ قضيب النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وحوله جماعة من العلوييّن، وفي خدمته ألف عَبْد. فنزل الرّملة، وأقام العدل، واستفحل أمره، فراسلَ الحاكمُ ابن جرّاح، وبعث إِليْهِ أموالًا استماله بها. وأحسَّ الراشد بالله بذلك، فقال لابن المغربي: غَرَرْتني وأَوْقعتني في أيدي العرب، وأنا راضٍ من الغنيمة بالإياب والأمان. ورَكب إلى المفرّج بْن جرّاح وقال: قد فارقتُ نعمتي، وكشفتُ القناع في عداوة الحاكم سُكونًا إلى ذِمامك، وثقه بقولك، واعتمادًا عَلَى عهودك، وأرى ولدكَ حسّانًا قد أصلح أمره مَعَ الحاكم، وأريدُ العَوْد إلى مأمني. فسيَّره المفرَج إلى وادي القُرى، وسيرَّ أبا القاسم المغربي إلى العراق. فقصدَ أبو القاسم فخر الملك أبا عليّ، فتوهَموا فيه أنّه يفسد الدولة العباسية، فتحسب إلى الموْصِل ونفقَ عَلَى قرواش، ثمّ عاد إلى بغداد. أمراء دمشق: وفي جُمَادى الأولى عُزل أبو المطاع بْن حمدان عَنْ إمرة دمشق، وأُعيد إليها بدر العطّار. ثمّ صُرِف بعد أيّام بالقائد بْن بزال، فولِيَها نحوًا من أربعة أعوام1.

_ 1 وانظر: المنتظم "7/ 250 - 257"، والنجوم الزاهرة "4/ 225 - 229"، وشذرات الذهب "3/ 160- 165"، وصحيح التوثيق "7/ 480".

أحداث سنة ثلاث وأربعمائة

أحداث سنة ثلاثٍ وأربعمائة: تقليد الشريف الرضيّ نقابة الطالبيين: فيها: قُلد الشريف الرضي أبو الحسن الموسَوِيّ نقابة الطالبين في سائر الممالك، وخُلِعَتْ عَليْهِ خلعة سوداء. وهو أوّل طالبيّ خُلِعَ عَليْهِ السّواد1. عمارة رستاق العراق: وفيها: عَمر رُستاقَ العراق فخرُ الملك الوزير، فجاء الارتفاع لحقّ السّلطان بضعة عشر ألف كُرٍ. اعتداء فُلَيتة الخفاجي عَلَى ركْب الحاجّ: وفيها: في أوّلها، بل في صَفرَ، وقْعة القرعا. جاء الخبر أنّ فُلَيْتَة الخَفَاجيّ سبق الحاجّ إلى واقصة في ستّمائة من بني خَفَاجة، فغّور الماء، وطرحَ في الآبار الحنظل، وقعد ينتظر الرَّكْب. فلمّا وردوا العَقبَة حَبسهم ومنعهم العبور، وطالبهم بخمسين ألف دينار. فخافوا وضعُفُوا، وأجهدهم العطش، فهجم عَليْهم، فلم يكن عندهم مَنَعَة، فاحتوى عَلَى الجِمال والأحمال، وهلك الخلق. فقيل: إنّه هلك خمسة عشر ألف إنسان، ولم يُفلت إلا العدد اليسير. وأفلت أميرهم محمد بن محمد بن عُمَر العلويّ في نفرٍ من الكِبار في أسوأ حال بآخر رَمقَ. فورد عَلَى فخر المُلْك الوزير من هذا أعظم ما يكون، وكتبَ إلى عامل الكوفة بأن يُحسن إِلَى من توصّل ويُعينهم. وكاتب عليّ بْن مَزْيد وأمره أن يطلب العرب، وأن يُوقِع بهم. فسارَ ابن مَزْيد، فلِحقهم بالبّريّة وقد قاربوا البصرة، فأوقع بِهِم وقتل كثيرًا منهم، وأسَر القوي والد فُلَيتَةَ،

_ 1 "خبر صحيح": وانظر صحيح التوثيق "7/ 481".

والأشتر، وأربعة عشر رجلًا من الوجوه. ووجدَ الأموال والأحمال قد تمزَّقت وتفّرقت، فانتزع ما أمكنه وعاد إلى الكوفة، وبعث الأسرى إلى بغداد، فشُهّروا وسجِنوا، وجُوع بعضهم، ثُمَّ أطعمهم المالح، وتُرِكوا على دجلة يرون الماء حَتَّى ماتوا عطشا. انقضاض كوكب ببغداد: وفي رمضان انقضّ كوكبٌ من المشرق ببغداد، فغلبَ ضوؤه عَلَى ضوء القمر وتقطّع قِطعًا. جنازة بِنْت أَبِي نوح الطبيب والفتنة بسببها: وفي شوّال أخرجت جنازة بنت أبي نوح الطبيب امرَأَة ابن إسرائيل كاتب النّاصح أَبِي الهيجاء. ومع الجنازة النوائح والطُّبولُ والزُّمور والرُّهْان والصّلْبان والشُّموع. فأنكر هاشميٌ ذَلِكَ ورجَمَ الجنازة، فوثب بعض غلمان النّاصح فضربَ الهاشميّ بدبّوس فشجّه، وهربوا بالجنازة إلى بَيْعةٍ هناك، فتبِعَتْهم العامّة، ونهبوا البيعة وما جاورَها مِن دُور النَّصارَى. وعاد ابن إسرائيل إلى داره، فهجموا عَليْهِ، فهربَ واستجار بمخدومِه، وثارت الفتنة بين العامّة وبين غلمان النّاصح، وزادت ورُفِعَتْ المصاحف في الأسواق، وغُلقت الجوامع، وقصد الناسُ دار الخليفة، فركب ذو السَّعادتين إلى دار النَاصح، وتردّدت رسالة الخليفة بإنكار ذَلِكَ، وطُلِبَ ابن إسرائيل، فامتنع الناصح من تسليمه. فغضب الخليفة وأمر بإصلاح الطّيّار للخروج من البلد. وجمع الهاشمييّن في داره، واجتمعت العامّة يومَ الجمعة، وقصدوا دار النّاصح، ودفعهم غلمانه عَنْهَا، فقُتل رَجُل قِيلَ إنّه علويّ، فزادت الشّناعة، وامتنع الناس من صلاة الجمعة. وظفرت العامّة بقومٍ من النّصارى فقتلوهم. ثمّ بعث الناصحُ ابن إسرائيل إلى دار الخليفة، فسكنت العامّة. وأُلزِمت النّصارى بالغيار، ثمّ أُطلِقَ ابن إسرائيل. إلزام النصارى واليهود بحمل شارات في رقابهم: وفيها ألزمَ الحاكم صاحب مصرَ النَّصارى بحمل صلْبان خَشب، ذراع في ذراع في أعناقهم، وزن الصّليب خمسة أرطال، وفي رقاب اليهود أكَر خشب بهذا الوزن، فأسلم بسبب هذا الذُّلّ طائفة.

النهي عَنْ تقبيل الأرض: ونهى الأمراء عَنْ تقبيل الأرض وبَوْس اليد، ورسَم أن يقتصروا عَلَى السّلام عليكم ورحمة الله ولَبس الصّوف عَلَى جسده ورأسه، واقتصر عَلَى ركوب الحمار بغير حُجّاب ولا طرّادين. كتاب الحاكم بأمر الله إلى ابن سبكتكين: وفيها بعث محمود بْن سُبُكْتكين كتابًا إلى القادر بالله. وقد وردَ إِليْهِ من الحاكم صاحب مصر، يدعوه فيه إلى الطّاعة والدّخول في بيعته، وقد خرّقه وبصق عَليْهِ1. ولاية ابن مَزْيد عَلَى أمد وديار بكر: وفيها: قريء عهد أَبِي نصر بْن مَزْيد الكُردي عَلَى آمد وديار بَكْر، وطُوق وسُور، ولُقب "نصير الدّولة"2. إبطال الحاجّ: ولم يحجّ أحدٌ من العراق. ورَدّ حاجُّ خُراسان. وفاة أيلك خان صاحب ما وراء النهر: وفيها: مات أيلك الخان صاحب ما وراء النّهر الّذي أخذها من آل سامان بعد التسعين وثلاثمائة. وكان ملكًا شجاعًا حازمًا ظالمًا، شديد الوطأة. وكان قد وقع بينه وبين أخيه الخان الكبير طُغان ملك التُرْك، فورث مملكته أخوه طغان، فمالأ السّلطان محمود سُبكْتكين ووالاه وهادنه، وتودَّد لَهُ، فجاست من جهة الصّين جيوش تقصد جيوش طغان وبلاد الإسلام من ديار التُّرك وما وراء النّهر يزيدون عَلَى مائة ألف خِركاه، لم يعهد الإسلام مثلها في صعيدٍ واحد، فجمع طغان جمعًا لم يُسمع بِمِثِلِه ونصره الله تعالى. وفاة السلطان بهاء الدّولة: ومات السّلطان بهاء الدّولة أحمد بْن عضد الدولة، وكان مصافيًا لسلطان محمود بْن سُبُكْتكين مداريا لَهُ، مُوثِرًا لِمصافاته لحكم الجوار3. والله أعلم.

_ 1 المنتظم "7/ 262"، والنجوم الزاهرة "4/ 232". 2 المصدر السابق. 3 وانظر: البداية "11/ 348"، والكامل في التاريخ "9/ 236 - 245".

أحداث سنة أربع وأربعمائة

أحداث سنة أربع وأربعمائة: تلقيب فخر المُلك بسلطان الدولة: في ربيع الأول انحدر فخر المُلك إلى دار الخلافة، فلما صعِد مِن الزَّبْزَب تلقّاه أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان، وقبًّل الأرض بين يديه، وفعَل الحُجاب كذلك، ودخلَ الدّار والحُجّاب بين يديهُ، وأُجلس في الرّواق، وجلس الخليفة في القُبَّة. ودُعي فخر الملك. ثمّ كثر النّاس وازدحموا، وكثر البَوسَ واللَّغَط، وعجز الحُجّابُ عَنِ الأبواب، فقال الخَليفة: يا فخر الملك، امنع من هذا الاختلاط. فرد بالدّبّوس الناسَ، ووكَل النُقباء بباب القبُة. وقرأ ابن حاجب النُعمان عهد سلطان الدّولة بالتّقليد والألقاب. وكتب القادر بالله علامته عَليْهِ، وأُحضرت الخِلَع والتّاج والطَّوْق والسّواران واللّواءات، وتولّي عقْدهما الخليفةُ بيده، ثمّ أعطاه سيفًا وقال للخادم: اذهب قلّده بِهِ، فهو فخرٌ لَهُ ولعَقبه، يفتح بِهِ شرق الدّنيا وغَربها. وبعث ذَلِكَ إلى شِيراز مَعَ جماعة. إبطال الحاكم للمنجّمين: وفيها: أبطل الحاكم المنجمين من بلاده، وشددَّ في ذَلِكَ، وأعتقَ أكثر مماليكه وأحسن إليهم1. ولاية عهد الحاكم: وجعلَ وليّ عهده ابن عمّه عَبْد الرحيم بْن الياس، وخطب له بذلك.

_ 1 "خبر صحيح": المنتظم "7/ 266 - وما بعدها"، والنجوم الزاهرة "4/ 235"، والدرة المضيئة "288".

حبس الحاكم للنساء: وأمرَ بحبس النساء في بيوت. فاستمرّ، وكذلك في سنة ستّ ملحمة الترك والصين: وفي حدود هذه السّنة كانت الملحمة الهائلة بين ملك التُّرْك طُغان رحمه الله، وبين جيش الصّين، فَقُتِل فيها من الكُفار نحوٌ من مائة ألف، ودامت الحرب أيّامًا، ثم نزل النصر، ولله الحمد.

أحداث سنة خمس وأربعمائة

أحداث سنة خمسٍ وأربعمائة: مَنعَ النساء من الخروج في مصر: فيها ورد الخبر أنّ الحاكم صاحب مصر حظَر عَلَى النّساء الخروج من بيوتهنّ والإطلاع من الأسطحة ودخول الحَمّامات. ومنعَ الأساكفة من عمل الخِفاف، وقتل عدة نِسوة خالفنَ أمره. ومن كان قد لهج بالركوب في اللّيل يطوف في الأسواق. ورتَّب في كلّ درب أصحاب أخبار يطالعونه بما يتمّ. ورتّبوا عجائز يدخلن الدُّور ويكشفن ما يتمّ للنّساء، وأنّ فلانة تحبّ فلانًا ونحو هذا. فُيْنفذ من يُمسك تِلْكَ المرأة، فإذا اجتمع عنده جماعة منهنّ أمر بتغريقهم. فافتضح النّاس وضجّوا في ذَلِكَ. ثم أمر بالنّداء: أيّما امرأةٍ خرجت من بيتها أباحت دمها. فرأى بعد النّداء عجائز، فغرقهن. قال: فإذا ماتت امرأةٍ جاء ولها إلى قاضي القضاة يلتمس غاسلة، فيكتب إلى صاحب المعونة، فيُرسل غاسلةٍ مَعَ اثنين من عنده ثمّ تُعاد إلى منزلها. وكان قد هَمَّ بتغيير هذه السُنة. حيلة امرَأَة: فاتّفق أن مَر قاضي مالك بْن سَعِيد الفارقيّ، فنادته امرَأَة من رَوُزَنةٍ: أقسمتُ عليك بالحاكم وآبائه أن تقف لي. فوقفَ، فبكت بكاءٍ شديدًا وقالت: لي أخ يموت

فبالله إلا ما حملتني إليه لأشاهده، قبل الموت. فرق لها وأرسلها مع رجلين، فأتت بابًا فدخلته. وكانت الدّار لرجلٍ يهواها وتهواه. وأتى زوجها فسأل الجيران، فأخبروه بالحال، فذهبَ إلى القاضي وصاح، وقال: أَنَا زوج المرأة وما لها أخ، وما أفارقك حتّى تردّها إليَّ. فعظُم ذَلِكَ عَلَى قاضي القُضاة، وخاف سطوة الحاكم، فطلع بالرجل إلى الحاكم مرعوبًا وقال: العفو يا أميَر المؤمنين. ثمّ شرح لَهُ القصّة. فأمره أن يركب مَعَ ذَيْنك الرجلين. فوجدوا المرأة والرجل في إزارٍ واحدٍ نائمين على سُكرٍ، فَحُملا إلى الحاكم. فسألها فأحالت عَلَى الرجل وما حسَّنه لها. وسأل الرجل فقال: هِيَ هجمت عليّ وزعمت أنّها خلْو من بعلٍ، وإنّي إنّ لم أتزوّجها سَعَتْ بي إليك لتقتلني. فأمر الحاكم بالمرأة، فلُفت في باريّة وأُحْرِقت، وضُرب الرجل ألف سوط. ثمّ عاد وشدّد عَلَى النّساء إلى أن قُتَلِ1. تقليد القاضي ابن أَبِي الشوارب: وفيها قلّد قاضي القضاة بالحضرة أبو الحسن أحمد بْن محمد بْن أَبِي الشّوارب بعد وفاة ابن الأكفانّي. تقليد ابن مَزْيد أعمال بني دُبيس: وفيها: قلّد عليّ بْن مَزْيد أعمال بني دُبَيْس بالجزيرة الأسدية.

_ 1 وراجع: وفيات الأعيان "5/ 294"، والبداية والنهاية "11/ 352"، والمنتظم "7/ 268".

أحداث سنة ست وأربعمائة

أحداث سنة ستٍّ وأربعمائة: الفتنة بين السُّنّة والرافضة: فيها: جرت فتنة بين السُنة والرافضة ببغداد في أوّل السنة، ومنعهم فخر المُلك مِن عمل عاشوراء. الوباء 1 في البصرة: وفيها وقع وباء عظيم بالبصرة.

_ 1 الوباء: يعني الطاعون، و -: كل مرض فاشٍ عام "ج" أو باء.

تقليد الشريف المرتضى الحج والنقابة: وقُلد الشريف المرتضى أبو القاسم الحجّ والمظالم ونقابة الطالبييّن، وجميع ما كَانَ إلى أخيه. وحضر فخر المُلك والأشراف والقُضاة قراءة عهده، وهو: " هذا ما عهد عبدُ الله أبو العّباس أحمد القادر بالله أمير المؤمنين إلى علي ابن موسى العلويّ حين قّربته إِليْهِ الأنساب الزّكيّة، وقدَّمت لديه الأسباب القّوية"، وذكر العهد. هلاك آلاف الحجّاج: وفي آخر صفر وردَ الخبر إلى بغداد تأخره بالهلاك الكثير من الحاج، وكانوا عشرين ألفًا، فَسلمِ منهم ستة آلاف وأنّ الأمراء اشتدّ بهم العطش حتى شربوا أبوال الجمال. ولم يحجّ أحد تِلْكَ السّنة. غزوة ابن سُبكتكين للهند وغرق أصحابه: وفيها: وردَ الخبر أنّ محمود بْن سُبُكْتكين غزا الهند، فَغَرَّهُ أَدِلاؤهُ وأضلّوه الطّريق، فحصل في مائّية فاضت من البحر، فغرق كثير ممّن كَانَ معه، وخاض الماء بنفسه أيّامًا ثمّ تخلَّص وعاد إلى خُراسان. ولاية سهم الدّولة على دمشق: وفيها: ولي إمرة دمشق سَهْم الدّولة ساتكين الحاكميّ، فولِيها سنتين وثلاثة أشهر.

أحداث سنة سبع وأربعمائة

أحداث سنة سْبعٍ وأربعمائة: احتراق مشهد الحسين: فيها: احترق مشهد الحسين -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بكربلاء من شمعتين سقطتا في جوف اللّيل عَلَى التأزير1. احتراق دار القطن: وفيها: احترقت دار القطن ونهر طابق.

_ 1"خبر صحيح": ذكره في البداية والنهاية "12/ 4، 5"، والمنتظم "7/ 283".

وقوع قبّة الصخرة: وفيها: وقعت القُبة الكبيرة الّتي عَلَى الصّخْرة ببيت المقدس. الفتنة بين الشيعة والسُّنة: وفيها: هاجت الفتنة بين الشّيعة والسُّنة بواسطة، ونُهبت دُور الشّيعة الزَّيدية وأُحرِقَتْ، وهرب وجوه الشيعة والعلوين، فقصدوا علي بْن مَزْيَد واستنصروا بِهِ. الخِلَع بالوزارة للرامُهرْمُزي: وفيها: خُلَعِ علي أَبِي الحسن بْن الفضل الرّامَهُرْمُزِي خِلَعُ الوزارة من قِبل سلطان الدّولة. وهو الّذي بنى سور الحائرِ بمشهد الحسين. الواقعة بين أَبِي شجاع وأخيه أَبِي الفوارس: وفيها: كانت وقعة بين سلطان الدّولة أَبِي شجاع وبين أخيه أبي الفوارس بعد أن دخلَ شيراز وملكها. فتح خوارزم: وفيها: افتتح محمود بْن سُبُكْتكين خوارزم، ونقل أهلها إلى الهند. امتناع الركْب من العِرَاقِ: ولم يخرج رَكْبّ من العراق.

أحداث سنة ثمان وأربعمائة

أحداث سنة ثمان وأربعمائة: تفاقم الفتنة بين الشيعة والسُّنّة: وقعت الفتنةُ بين السُّنّة والشّيعة وتفاقمت، وعمل أهل نهر القلايين بابًا عَلَى موضعهم، وعمل أهلُ الكَرْخ بابًا عَلَى الدّقّاقين. وقُتل طائفة عَلَى هذين البابين. فركب المقدام أبو مقاتل، وكان عَلَى الشرطة، ليدخل الكَرْخ فمنعه أهلها وقاتلوه. فأحرق الدّكاكين وأطراف نهر الدّجاج، وما تهيّأ لَهُ دخول.

استتابة فقهاء المعتزلة: قَالَ هبة الله اللالكائيّ في كتاب "السُّنة" أو في غيره: وفيها استتاب القادر بالله فُقهاء المعتزلة، فأظهروا الرجوع وتبرأوا مِن الاعتزال والرّفْض والمقالات المخالفة للإسلام. وأخذ خطوطهم بذلك، وأنّهم مَتَى خالفوه عاقبهم. ضعف الدّولة البويهيّة: وضعفت دولة بني بُوَيه الدَّيْلَم، وقدِم بغدادَ سلطانُ الدّولة، فكانت النَّوبة تُضْرَب لَهُ في أوقات الصّلوات الخَمْس. وما تمّ ذَلِكَ لجدّه عَضُد الدّولة. التنكيل بالمعتزلة والرافضة وغيرهم في خراسان: وامتثل يمين الدّولة محمود بْن سُبُكُتكين أمرَ القادر بالله، وبَثَّ سُنَّته في أعماله بُخراسان وغيرها في قتلِ المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والْجَهْميّة والمُشَبَّهة وصَلَبهم وحبسهم وننفاهم وأمرَ بلعنهم عَلَى المنابر وشرّدهم عَنَ ديارهم، وصار ذلك سُنةً في الإسلام. زواج سلطان الدّولة: وفيها: تزوَّج سلطان الدّولة ببنت قرواش بْن المقلّد عَلَى خمسين ألف دينار. إمارة الإدريسي للأندلس: وفيها: بويع بإمارة الأندلس القاسم بن حمود الإدريسيّ، فبقي ستّ سنين، وخُلع. قتل الدّرزيّ: وفيها: قُتل الدُّرْزيّ الملحد لكونه ادّعى ربوبيّة الحاكم. فقُتِل وقُطّع. إمرة سديد الدّولة بدمشق: وفيها: ولي إمرة دمشق سديد الدّولة أبو منصور، ثم عُزِل بعد أشهر. غزو السلطان محمود للهند: وغزا السلطان محمود الهند، فافتتح بلادًا كثيرة من الهند، ودانت لَهُ الملوك.

أحداث سنة تسع وأربعمائة

أحداث سنة تسعٍ وأربعمائة: تكفير القائل بخلق القرآن: في المحرم قُريء بدار الخلافة كتاب بمذاهب السُنة، وفيه: مَن قَالَ: " القرآن مخلوق " فهو كافر حلال الدّم، إلى غير ذَلِكَ من أصول السُّنّة1. زيادة ماء البحر: وفيها زاد ماء البحر إِلَى أن وصل إلى الأُبُلّة، ودخل البصرة. عَود سلطان الدّولة إلى بغداد: وفيها ردّ سلطان الدولة إلى بغداد. فتح مهر وختُوج بالهند: وفيها: غزا السلطان محمود الهند، وافتتح مدينتي مهرة وختوج. وكان فتحًا عزيزًا. وبين ذلك وبين غَزْنَة مسيرة ثلاثة أشهر. قَالَ أبو النّصر في تاريخه: عدل السّلطان بعد أخذ خوارزم إلى بُسْت ثمّ إلى غّزْنة، فأتفقَ أن حشد إليه مِن أدني ما وراء النّهر زُهاء عشرين ألفًا من المطّوّعة. فحرّك من السّلطان محمود نفيرهم، وردّ من نفوس المسلمين تكبيرهم. واقتضى رأيه أن يزحف بهم إلى فتوح، وهي التي أعيت الملوك، غير كشاسب عَلَى ما زعمته المجوس، وهو ملك الملوك في زمانه، فزحف السّلطان بهم وبجنوده، وعبرَ مياه سيْحون وتلك الأودية التّي تجلّ أعماقها من الوصْف، ولم يطأ مملكةَ من تِلْكَ الممالك إلا أتاه الرَّسُول واضعًا خدّ الطّاعة، عارضًا في الخدمة الاستطاعة. إلى أن جاءه جنكي بْن شاهي وسهمي صاحب درب قشمير، عالمًا بأنه بْعثُ الله الّذي لا يرضيه إلا الإسلام أو الحسام.

_ 1 وانظر: المنتظم "7/ 289"، والبداية والنهاية "12/ 7"، وشذرات الذهب "4/ 188".

فضمن إرشاد الطرّيق، وسار أمامه هاديا. فما زال يفتح الصّياصي والقلاع حتى مرّ بقلعة هارون، فلمّا رأى ملكُها الأرض تموج بأنصار الله ومن حولها الملائكة زُلْزِلت قدَمُه، وأشفق أن يُراقَ دمه، ورأى أن يتّقي بالإسلام بأس الله، وقد شُهِرت حدوده ونُشِرت بعذبات العذاب بنوره، فنزل في عشرة آلاف ينادون بدعوة الإسلام. ثم سار بجيوشه إلى القلعة كلنجد، وهو من رؤوس الشّياطين، فكانت لَهُ معه ملحمة عظيمة، هلكَ فيها من الكُفار خمسون ألفًا، من بين قتيل وحريق وغريق. فعمد كلنجد إلى زوجته فقتلها، ثمّ ألحقَ بها نفسه. وغنم السلطان مائة وخمسة وثمانين فيلًا، ثمّ عطف إلى البلد الّذي يُسَمّى المعبد، وهو مهرة الهند بطالع ابنيتها الّتي تزعم أهلها أنها من بناء الجنّ، فرأى ما يخالف العادات، وتفتقد روايتها إلى الشّهادات. وهى مشتملة عَلَى بيوت أصنام بنقوشٍ مبدعة، وتزاويق تخطف البصر. قَالَ: وكان فيما كتب بِهِ السّلطان أنّه لو أراد مُريد أن يبني ما يعادل تِلْكَ الأبنية ليعجز عنها بإنفاق مائة ألف ألف درهم، في مدة مائتي سنة، عَلَى أيدي عَمَلَة كَمَلَة، ومَهَرة سَحرةَ. وفي جملة الأصنام خمسة من الذَّهب معمولة طول خمسة أذرُع، عينا كلّ واحدٍ منها ياقوتتان، قيمتهما خمسون ألف دينار بل أَزْيَد. وعلى آخر ياقوتة زرقاء، وزنها أربعمائة وخمسون مثقالًا. فكان جملة الذّهبيّات الموجودة عَلَى أحد الأصنام المذكورة ثمانية وتسعين ألف مثقال. ثم أمر السلطان بسائر الأصنام فَضُربَت بالنِّفْط، وحاز من السّبايا والنّهاب ما يعجز عَنْهُ أناملُ الحُساب. ثمّ سار قُدُما يروم فتوح فتوح وخلّف معظم العسكر، فوصل إليها في شعبان سنة تسعٍ، وقد فارقها الملك إقبال منهزمًا، فتتّبع السّلطان قلاعها، وكانت سبعة عَلَى البحر، وفيها قريبٌ من عشرة آلاف بيت من الأصنام، تزعم المشركون أنها متوارثة منذ مائتي ألف سنة إلى ثلاثمائة ألف سنة كذبًا وزورًا، ففتحها كلَّها في يومٍ واحد، ثمّ أباحها لجيشه فانتهبوها. ثمّ ركض منها إلى قلعة البراهمة، وتعرف بمنح، فافتتحها وقتل بها خلقًا كثيرًا، ثمّ افتتح قلعة جنداري وهي ممن يُضرب المثل بحصانتها. وذكر أبو النّصر ذَلِكَ مطولًا مفصّلًا بعبارته الرائقة، فأسهب وأطنب. فلقد أقَّر

عين السّامع، وسرَّ المسلم بهذا الفتح العظيم الجامع، ولله الحمد عَلَى إعلاء كلمة الإسلام، وله الشُّكر عَلَى إقامة هذا السّلطان الهُمام. وبعد الأربعمائة كَانَ قد غلب عَلَى بلاد ما وراء النّهر أيلك خان أخو صاحب التُرك طُغَان الكبير، وهما مهادنان للسّلطان يمين الدّولة محمود بْن سُبُكْتكين، فقويت نفوسهما عَليْهِ مكُرًا وراوغًا، وبقي كلّ واحدٍ منهما يُحيل عَلَى الآخر. فبعثوا رُسُلهم، فأكرم الرُّسُلَ، وأظهر الزّينة، وعرضَ جيشه. قال أبو النصر محمود بْن عَبْد الجبّار: فأمر بتعبئة جيوشه وتغشية فيوله، ورتَّب العسكر سِماطين في هيئة، لو رآها قارون قَالَ: يا ليت لي مثل ما أوتي محمود. فصفّ نحو ألفي غلام تُرك في ألوان الثياب، ونحو خمسمائة غلام بقُربه بمناطق الذَّهب المرصّعة بالجواهر، وبين أيديهم أربعون فيلًا من عظام الأفيلة بغواشي الديباج. ووراء السماطين سبعمائة فيل في تجافيف مشهرة الألوان، وعامّة الجيش في سرابيل قد كدت القيون وردت العيون، وأمامهم الرجال بالعُدد، وقام في القلب كالبدر في ظُلمة الدّيجور. وأذِن للرُسُل حينئذٍ، ثمّ عُدل بهم إلى الموائد في دارٍ مفروشة بما لم يُحك عَنْ غير الجنّة. ففي كلّ مجلس دُسُوت من الذَّهب من جِفانٍ وأطباق، فيها الأواني الفائقة والآلات الرائقة، وهّيأ لخاصّ مجلسه طارم قد جُمِعَتْ ألواحه وعضادته بضباب الذَّهب وصفائحه وفُرِش بأنواع الدّيباج المذهَّب، وفيه كُوات مضلَّعة، تشتمل عَلَى أنواع الجواهر الّتي أَعْيَتُ أمثالها أكاسرة العجم، وقياصرة الروم، وملوك الهند، وأقيال العرب. وحوالي المجلس أطباق تخان من الذَّهب، مملوءة من المِسْك والعنبر والعود، وأواني لم يُسمع بمثلها. ثمّ جهّز الرُّسُل. ووقع بين الأخوين، وتنافرا مدّة لسعادة الإسلام وسلطانه يمين الدّولة. وكان عَلَى مملكة خوارزم الملك مأمون بْن مأمون، قد وليها بعد أخيه عليّ، فزوّجه السّلطان محمود بأخته، ثمّ طلب منه أن يذكر اسمه في الخطبة معه، فأجابَ. وامتنع من الإجابة نائبه وكُبراء دولته ولاموه. ثمّ إنّهم قتلوه غيلةً، فغضب السّلطان وسار بجيوشه لحربهم، فالتقاهم بظاهر خوارزم وظفر بهم، فسمر جماعةً من الأمراء، واستناب على خوارزم حاجبه الكبير الْتُونْتاش. وصفَت لَهُ مملكة خُراسان، وسجِسْتان، وغَزنة، وخوارزم، والغور. وافتتح نصف إقليم الهند. في عدّة غزوات وكانت سلطنته بضْعًا وثلاثين سنة كما سيأتي في ترجمته1.

_ 1 وانظر: البداية والنهاية "12/ 7"، والكامل في التاريخ "9/ 308 - 310".

أحداث سنة عشر وأربعمائة

أحداث سنة عشرٍ وأربعمائة: كتاب يمين الدّولة محمود بفتوحاته في الهند: وردَ من يمين الدولة محمود كتابٌ بما افتتحه مِنُ الهند، وبما وصل إليه مِن أموالهم وغنائمهم، فيه: إنّ كتابَ العبد صَدَر من غزْنة لنصف المحرَّم سنة عشر، والدينُ مخصوصٌ بمزيد الإظهار، والشَّرْك مقهورٌ بجميع الأطراف والأقطار. وانتدب العبدُ لتنفيذ الأوامر وتابعَ الوقائع عَلَى كُفار السّنْد والهند. فرتّب بنواحي غَزنة العبد محمدًا مَعَ خمسة عشر ألف فارس وعشرة آلاف راجل. وانهض العبد مسعودًا مع عشرة آلاف فارس وعشرة آلاف راجل، وشحن بلح وطخارستان بأرسلان الحاجب، مَعَ اثني عشر ألف فارس، وعشرة آلاف راجل. وضبط ولاية خوارزم بالتونْتاش الحاجب مَعَ عشرين ألف فارس وعشرين ألف راجل. وانتخب ثلاثين ألف فارس وعشرة الآف راجل لصُحبة راية الإسلام. وانضم إليه جماهير المطّوّعة. وخرج العبدُ من غَزْنة في جُمادى الأولى سنة تسعٍ بقلبٍ منشرح لطلب السّعادة، ونفس مشتاقة إلى درك الشهّادة، ففتح قلاعًا وحصونًا، وأسلم زُهاء عشرين ألفًا من عُباد الوثن، وسلّموا قدر ألف ألف من الوَرِق، ووقع الاحتواء عَلَى ثلاثين فيلًا. وبلغ عدد الهالكين منهم خمسين ألفًا. ووافي العبد مدينة لهم عاين زهاء ألف قصر مَشِيد، وألف بيت للأصنام، ومبلغ ما فِي الصّنم ثمانية وتسعون ألف مثقال. وقلعَ مِن الأصنام الفضّة زيادةً عَلَى ألف صنم. ولهم صنم معظم يؤرخون مدته بجهالتهم بثلاثمائة ألف عام. وقد بنوا حول تِلْكَ الأصنام المنصوبة زُهاء عشرة ألاف بيت. فعُني العبد بتخريب تلك المدينة اعتناءَ تاماَ، ونهبها المجاهدون بالإحراق. فلم يبقى منها إلا الرسوم. وحين وجدَ الفراغ لاستيفاء الغنائم، حصل منها عشرين ألف ألف درهم، وأفردَ خُمس الرقيق، فبلغ ثلاثة وخمسين ألفًا. واستعرض ثلاثمائة وستّة وخمسين فيلًا.

ولاية قوام الدّولة عَلَى كرمان: وفيها جلس القادر بالله فَقُرِيء عهد الملك قوام الدّولة أَبِي الفوارس، وحُملت إِليْهِ خِلَع السّلطنة بولاية كَرْمان. وفاة الأصيفر المنتفقي: وفيها: مات الأُصَيْفر المنتفقيّ الذي كَانَ يأخذ الخفّارة من الحجّاج. نيابة دمشق: وقد ولي نيابة دمشق عدّةُ أمراء للحاكم في هذه السّنين، وكان النّاس يتعجّبون من كثرة ذَلِكَ. ثم وليها وليُّ العهد عَبْد الرحيم بْن إلياس بْن أحمد بْن عبد العزيز العُبَيدي، وكان يوم دخوله يومًا مشهودًا موصوفًا. ثم عُزِل أقبح عزلْ بعد أشهُر، وأُخِذَ إلى مصر مُقَيدًا، بعد أن قُتل وقت القبضِ عَليْهِ جماعةٌ من أعوانه. موت صاحب حرّان: وفيها: مات صاحبُ حرّان وثّاب بن سابق، وتملك ابنه شبيب1.

_ 1 وراجع وفيات الأعيان "5/ 178"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 151"، والكامل في التاريخ "9/ 312".

وفيات الطبقة الحادية والأربعون

بسم الله الرحمن الرحيم: وفيات الطبقة الحادية والأربعون: وفيات سنة إحدى وأربعمائة: "حرف الألف": 1- أَحْمَد بْن عَبْد المُلْك بْن هاشم1: أبو عُمَر بْن المُكوي الإشبيليّ المالكي، كبير المُفْتِين بقُرْطُبَة، الّذي انتهت رئاسة العلم بالأندلس في عصره إليه. تفقه عَلَى إِسْحَاق بن إبراهيم الفقيه، وكان حافظًا للمذاهب، مقدمًا فيه، بصيرًا بأقوال أصحاب مالك، من أهلِ المتانة في دينه، والصّلابة في رأيه، والبُعد عن هوى نفسه. القريب والبعيد عنده في الحق سواء. دُعي إلى قضاءِ قُرطبة مرَّتين فأبى، وصنّف كتاب "الاستيعاب فِي رأي مالك" للحَكَم أمير المؤمنين، فجاء في مائة جزء. وكان جَمْعه لَهُ مَعَ أَبِي بَكْر محمد بْن عَبْد الله القُرشي المعُيطي. ورُفع إلى الحَكَمَ فَسُرَّ بذلك، ووصلهما وقدَّمهما إلى الشُّورَى. وُلَد أبو عُمر في سنة أربعٍ وعشرين وثلاثمائة. وعليه تفقه أبو عُمَر بْن عَبْد البّر، وأخذَ عَنْهُ "المُدَونة" تُوُفّي فجأة في سابع جُمادى الأولى. وكانت لَهُ جنازة عظيمة. 2- أحمد بْن عَبْدوس بْن أحمد الجُرجاني2: يروي عَنْ: أَبِي العبّاس الأصمّ وغيره. تُوُفّي في ربيع الأولّ. 3- أحمد بْن علي بْن أحمد بْن مُحَمَّد3: أبو العباس الريغي الباغاني المقريء، الفقيه المالكي. قدمِ الأندلس سنة وسبعين، وأدَّب ولد المنصور محمد بْن أَبِي عامر. ثمّ عَلَت منزلته، وقُدم للشورى بعد أَبِي عُمَر بْن المُكوي. وكان أحد الأذكياء

_ 1 العبر "3/ 74، 75"، وكشف الظنون "1/ 81". 2 تاريخ جرجان "124"، "111" للسهمي. 3 الديباج المذهب "38".

الموصوفين. وكان بحرًا من بحور العلم، لا سيما في القراءات والإعراب والناسخ والمنسوخ والأحكام. أخذ بمصر عَنْ: أَبِي بَكْر الأْدفوي، وعبد المنعم بْن غَلْبُون. وتُوُفّي في ذي القعدة وله ستٌ وستّون سنة. وقد أخذ عَنْهُ: ابن عَتَّاب، وغيره. 4- أحمد بْن عُمَر بْن أحمد1: أبو عمر الْجُرْجانيّ المطرّز. عُرف بالبَكْراباذيّ المحدث. أحدَ مَن عُني بالرّحلة والسَّماع. أنفق مالًا جزيلًا، وسمع بإصبهان من أَبِي الشّيخ، وببغداد من القَطِيعي، وباليمن من أَبِي عَبْد الله النِقوي آخر أصحاب إِسْحَاق الدبرِي وتُوُفّي بجُرجان فِي جُمادى الأولى، وَقَدْ شاخ. 5- أَحْمَد بْن عُمَر بْن أحمد بن محمد بن عبد الواحد: أبو الحسن الكِنانيّ المصريّ، والد أَبِي الحسن عليّ الرواي عَنِ ابن حَيَّوَيْهِ النيسابوري. تُوُفّي لليلتين بقيتا من ربيع الآخر. قاله أبو إِسْحَاق الحبّال. 6- أحمد بْن محمد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد بْن الحُباب بْن الْجَسُور2: أبو عُمر القُرطُبي، مولي بني أميَّة. وأمّا أبو إِسْحَاق بْن شِنظير فكناه: أبو عُمير، والأوّل أشهر. روى عنه: قاسم بن أصبغ، ووهب بن مسرة، ومحمد بْن عبد الله بْن أَبِي دُليم، ومحمد بن معاوية القُرشي، وأحمد بن مُطرف، وجماعة. حدث عنه: الصاحبان، وأبو عُمَر بْن عبد البَرّ، وأبو عَبْد الله الخولاني، وأبو محمد بن حزم، وهو أكبر شيخ لابن حزم. قال: وهو أول شيخٍ سمعت عليه قبل الأربعمائة ومات لأربع بقين من ذي القعدة. تُوفي أيّام الطّاعون. وكان خيّرًا فاضلًا، شاعرًا، عالي الإسناد مُكثرًا. وُلِد في حدود سنة عشرين وثلاثمائة. قَالَ ابن عَبْد البَرّ: قرأت عَليْهِ "المُوطأ" عَنْ محمد بْن عيسى بْن رفاعة، عَنْ يحيى بْن أيّوب بْن باذي العلاف، عَنْ يحيى بْن بُكيْر. وقرأت عَليْهِ "المُدونة" عَنْ وهْب بْن مَسَرة، عَنِ ابن وضّاح، عَنْ سَحْنُون مؤلّفها. وقرأت عَليْهِ "تفسير سُفيان بْن عُيينة"، عن قاسم بن أصبغ.

_ 1 تاريخ جرجان "121" "101" للسهمي. 2 العبر "3/ 75"، والوافي بالوفيات "7/ 330".

7- أحمد بْن محمد بْن وسيم1: أبو عُمَر الطُّليطلي. كَانَ فقيهًا متفننًا، شاعرًا لُغويًا نَحْويا. غزا مَعَ محمد بْن تمّام إلى مَكادة. فلما انهزموا هربَ إلى قُرطبة، واتّبعه أهل طُليطلة، فصلبوه ثمّ رَمَوْه بالنَّبْل والحجارة حتّى هلك وهو يتلو سورة يس، رحمه اللَّه. 8- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن2: أبو عُبَيْد الهَروي المؤدّب اللُّغَويّ، مصنف "الغريبيَنْ" في اللُّغَة: لغة القرآن، ولغة الحديث. أخذ اللّغة عَنِ: الأزهري، وغيره. وتُوفي في رجبٍ لستٍ خَلَوْن منه. وقد ذكره القاضي في "وَفَيَات الأَعْيان" فقال: سارَ كتابه في الآفاق، وهو من الكُتُب النافعة. ثم قَالَ: وقيل: إنّه كَانَ يحبّ البذلة، ويتناول في الخلْوة، ويعاشر أهل الأدب في مجالس الّلَذّة، والطَّرَب، عفا الله عَنْهُ وعنّا. ويقال لَهُ الفاشاني، بالفاء. وفاشان: بفاء مَشُوبةٍ بباء، قرية من قرى هَرَاة. وذكره ابن الصّلاح في "طبقات الشّافعّية" فقال: رَوى الحديث عَنْ: أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ياسين، وأبي إِسْحَاق أحمد بن محمد بن يونس البزاز الحافظ. روى عنه أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، وأبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي كتابه "الغريبين". 9- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم: أبو القاسم المؤذن المقريء الخفاف. يروي عَنْ: أَبِي بَكْر الإسماعيليّ. وتُوُفّي في شوّال، في الكُهُولة. 10- إبراهيم بن محمد الحافظ3: أبو مسعود الدمشقي. الصحيح وفاتة سنة أربعمائة كما تقدم. 11- آدم بن محمد بن توبة4: أبو القاسم العُكبري. مات بعُكبرا في صفر. يروي عن: النجاد، وابن قانع، وجماعة. وعنه: أبو طاهر أحمد بن محمد الخفاف.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 25" "4". 2 البداية والنهاية "11/ 344، 345"، وهدية العارفين "1/ 70". 3 البداية والنهاية "11/ 344"، والمنتظم "7/ 252". 4 تاريخ بغداد "7/ 30"، والمنتظم "7/ 252".

12- إسحاق بْن عليّ بْن مالك: أبو القاسم الجرجرائي الملحمي. روى عَنْ: الإسماعيليّ، ونُعيم بْن عَبْد الملك. وتُوفي رحمه الله في رجب. "حرف الحاء": 13- الحُسين ابن القائد جوهر المغربيّ1: كَانَ قائد القوّاد للحاكم صاحب مصر، فنقَمَ عَليْهِ وقتله في هذه السّنة. 14- الحُسين بْن عثمان اليَبْرودي: روى عَنْ: عليّ بْن أَبِي العقَب. روى عَنْهُ: عليّ الحنّائيّ، وأبو عليّ الأهوازيّ، وعليّ بْن الحسين بْن صَصَرَى. 15- الحُسين بْن مظفَّر بن كُنداج2: أبو عَبْد الله البغداديّ. سَمِعَ: إسماعيل الصّفّار، وجعفرًا الخالديّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَرْقانيّ، وقال: لَيْسَ بِهِ بأس، كَانَ يعرف. 16- الحُسين بْن حيّ بْن عَبْد الملك بْن حيّ3: أبو عَبْد الله القُرْطُبي، المعروف بابن الجُزُقة. يروي عَنْ: أَبِي عيسى اللَّيثي، وابن القُوطية، ومحمد بن أحمد بن خالد. وشاوره القاضي محمد بن بقي. وكان من كبار المفتين بقُرطبة. عارفا بمذهب مالك. حج سنة ثمانٍ وأربعين، وأخذ عَنْ أبي بَكْر الآجُري كثيرًا من تصانيفه، وتردد فيها ستة أعوام. وولي قضاء مدينة سالم، ثم مدينة جيان. قال أبو حيان: لم يكن بالمحمود في القضاء، واستهواه حُب الدنيا، وارتكس مع المهدي بن عبد الجبار، وكان أحد دُعاته، فاستوزره عَنْ ظهوره، فأخلد إلى الأرض، واتّبع هواه. فلمّا زالت دولة المهديّ اختفى، والطّلب عَليْهِ شديد، إلى أن وُجد في مقبرة عَلَى نَعْش4 قد أُخِرج من دارٍ ميّتًا، وعلى صدره ورقةٌ فيها قصتّه. 17- حمْد بْن عَبْد الله بْن عليّ5: أبو الفَرَج الدّمشقيّ المقرئ المعدل. من

_ 1 عيون الأخبار وفنون الآثار "276"، ومرآة الجنان "3/ 3". 2 تاريخ بغداد "8/ 142"، والمنتظم "7/ 254". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 140، 141". 4 النعش: هو ما يحمل عليه الميت. 5 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 438".

جِلة عُدُول البلد. وهو صاحب دُوَيْرة حمْد بباب البريد. حكي عَنْهُ محمد بْن عَوّفٍ المُزني. قَالَ هبة الله بْن الأكفانيّ في سنة إحدى وأربعمائة: وُجِدَ حَمْد وزوجته مذبوحَيْن وصبيّ قرابته في داره بباب البريد، رحِمَه اللَّه. "حرف الخاء": 18- خَالِد بْن مُحَمَّد بْن حُسين بْن نصر بْن خَالِد. أبو المستعين البُسْتي الحنفيّ الواعظ. تُوفي في رجب منصرفًا من الحجّ. 19- خَلف بْن مروان بْن أُمَيّة1. أبو القاسم القُرْطُبي الصَّخّريّ، من أهل صَخرة حَيْوَة، بُليدة بغربيّ الأندلس. كَانَ من فُقهاء الأندلس. ولي الشُّورى، ثمّ قضاء طُليطلة فاستعفي. توفي في رجب. "حرف السين": 20- سامة بْن لُؤَيّ: أبو مُضَر القُرشي الهَرَويّ. سَمِعَ: أبا بَكْر محمد بْن عَبْد الله حفيد العبّاس بْن حمزة. روى عَنْ: ناصر العُمَرّى. وتُوُفّي في ربيع الآخر. 21- سَعِيد بْن عَبْد الله بْن الْحَسَن: أبو القاسم العُمَانيّ، الفقيه. تُوُفّي في جمادى الآخرة بخُراسان. "حرف الشين": 22- شقيق بْن عليّ بْن هُود بْن إبراهيم2. أبو مُطيع الْجُرْجانيّ الفقيه. رُوِي عَنْ: نُعَيْم بْن عَبْد الملك، وأبي الحُسين بْن ماهيار. وولي قضاء جُرْجان سنةً ونصفًا. فمات في السّادس والعشرين من المحرَّم. "حرف العين": 23- عَبْد الله بْن عَمرو بْن مُسْلِم. أبو محمد الطَّرَسُوسيّ. سَمِعَ: إسماعيل الصّفّار، وأبا سهل بن زياد. وعُمر تسعين سنة، وحدث بنسف.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 162، 163". 2 تاريخ جرجان "233" للسهمي.

24- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن هلال1:أبو بَكْر الحِنائي الْبَغْدَادِيّ الأديب، نزيل دمشق. روى عن: يعقوب الجصّاص، والحسين بن عياش القطان، وأبي جعفر بن البختري، والصّفّار. روى عَنْهُ: أحمد بْن عليّ الكَفَرطابيّ، ورشأ بْن نظيف، وأبو القاسم الحِنّائيّ، وأبو عليّ الأهوازيّ. وثَّقه الخطيب. 25- عَبْد العزيز بْن محمد بن نعمان بْن محمد بْن مَنْصُور2: قاضي مملكة الحاكم. ولي الحكم سنة أربعٍ وتسعين وثلاثمائة بعد ابن عمّه الحسين بْن عليّ. وعَلَتْ رُتبته عند الحاكم إلى أن أصعَده معه عَلَى المنبر في يوم العيد. ثم عزله في سنة ثمانٍ وتسعين بالقاضي أَبِي الحسن الفارقي. ثم قتله سنة إحدى وأربعمائة، وقتل معه القائد حسين بْن جوهر. 26- عَبْد الملك بْن أحمد بْن نُعيم بْن الحافظ أَبِي نُعَيْم عَبْد الملك بْن عديّ3: أبو نُعَيْم الإستراباذيّ. ولي قضاء جُرجان، وحدّث عَنْ: جده، وابن ماجه القزويني، والحافظ ابن عديّ. تُوُفّي في آخر السُّنّة. 27- عَبْد الواحد بْن زوج الحُرّة محمد بْن جَعْفَر4: أبو القاسم البغدادي. سَمِعَ: أحمد بْن كامل، وعبد الله بن إسحاق الخُرساني، وجماعة كبيرة. روى عنه: البَرقاني، وعبد العزيز الأزجي. 28- عبيد الله بن أحمد بن الهُذيل الكاتب5: يروي عَنْ أبيه، عَنْ محمد بْن أيّوب الضُّرَيسْ. روى عَنْهُ: أبو الحسين محمد بْن المهتدي بالله. كَانَ ببغداد. 29- عُبَيْد الله بْن محمد بْن الْوَلِيد6 أبو مروان المُعيطي القْرطبي. قال ابن

_ 1 العبر "3/ 75"، وشذرات الذهب "3/ 161". 2 عيون الأخبار وفنون الآثار "276"، والبداية والنهاية "12/ 15، 16". 3 تاريخ جرجان للسهمي "277". 4 تاريخ بغداد "11/ 13"، "5674". 5 تاريخ بغداد "5546". 6 الصلة لابن بشكوال "1/ 301".

بشكوال: كان عالمًا حافظًا فاضلًا ورِعًا كثير الصَّدقة، من بيت فقهٍ وعبادة. تُوُفي في ذي القعدة، وصلى عَليْهِ عمّه الفقيه عَبْد الله. وعاش 43سنة. 30- عثمان بْن عبد الله بن إبراهيم1: أبو عمر والطرسُوسي، الكاتب، قاضي المعرة روى عنه: خَيْثَمَة بْن سليمان وموسى بْن القاسم. روى عَنْهُ: أبو عليّ الأهوازيّ، وأبو الفضل محمد بْن أحمد السَّعْديّ، وعبد الواحد بْن محمد الكفرطابي. توفي بكفر طاب سنة إحدى وأربعمائة تقريبًا. 31- عَلي بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن الحُرّ2. أبو الحُسَين البّريّ، قاضي أطْرابُلُس. حدّث عَنْ: خَيْثَمَة بْن سليمان، وأبي الطّاهر أحمد بْن عَمْرو المَدينيّ، وأحمد بْن بَهْزَاد السيرافّي، والمصرييّن. روى عَنْهُ: عليّ بْن محمد الحِنّائيّ، وأبو عليّ الأهوازيّ، وعبد الرحيم بْن محمد البخاريّ. وفي ذي الحجّة وَصَل قائد من مصر وخادمان إلى أطْرَابُلُس، فقطعوا رأسَ هذا القاضي لكونه سلّم عزّاز إلى مُتولي حلب بغير أمر الحاكم. قاله عَبْد المنعم بْن عليّ النَّحْويّ. 32- عليّ بْن مُحَمَّد3: أبو الفتح البُستي، الكاتب الشاعر المشهور. وقيل: اسمه عليّ بْن محمد بن حُسين ابن يوسف بْن عَبْد العزيز. وقيل: علي بْن أحمد بْن الحسن. لَهُ أسلوبٌ معروف في التَّجْنيس. روى عَنْهُ من شِعره: أبو عَبْد اللَّه الحاكم، وأبو عثمان الصّابونيّ، وأبو عَبْد الله الحسين بْن عليّ البَرْذَعيّ. قَالَ الحاكم: هُوَ واحد عصره. حدَّثني أنه سَمِعَ الكثير من أَبِي حاتم بْن حبّان. ومِن نثره: مَن أصلحَ فاسدهَ أرغم حاسده4. عادات السّادات سادات العادات. لم يكن لنا طَمَعٌ في دَرْكِ دِرِّكَ، فاعفِنا من شَرِكِ شَرِّكَ. يا جهل من كَانَ عَلَى السّلطان مُدلًا، وللإخوان مُذِلًا. إذا صحّ ما فاتكَ، فلا تأس عَلَى ما فاتك. المعاشرة ترك المُعايرة. مِن سعادة جِدك وقوفك عند حدك5.

_ 1 معجم الأدباء "12/ 128". 2 ديوان التهامي "125"، والأعلاق الخطيرة "1/ 107"، والعبر "3/ 75". 3 الأنساب "1/ 210"، والمنتظم "7/ 72، 73". 4 راجع: "يتيمة الدهر 4/ 287"، ووفيات الأعيان "3/ 376". 5 انظر المصدر السابق.

ومن شعره: أُعلك بالمُنى روحي لَعَلي ... أُروّح بالأماني الهَمَّ عنّي. وأعلم أنّ وصْلك لا يُرجى ... ولكن لا أَقَل من التَّمَنّي. وله: زيادةُ المرءِ في ذُنْياهُ نُقْصانُ ... وربْحُهُ غير مَحْض الخبر خُسْرانُ وكل وجدان حظّ لا ثبات لَهُ ... فإنّ معناه في التّحقيق فقدانُ يا عامرًا لخراب الدّار مجتهدًا ... بالله، هَلْ لخراب العُمر عُمرانُ ويا حريصَا على الأموال يجمعها ... أقْصرْ، فإنّ سُرور المال أحزانُ زع الفؤادَ عَنِ الدّنيا وزُخْرُفها ... فَصَفْوُها كَدَرٌ والوصلُ هِجرانُ وأرعِ سَمْعَكَ أمثالًا أفصلها ... كما يُفصل ياقوتًا ومُرجانُ أحسِن إلى النّاس تستعبْد قلوبُهم ... فطالما اسْتَعْبدَ الإنسانَ إحسانُ وإن أساء مُسيءٌ فلْيكُنْ لك ... في عروض زلّته صفحٌ وغُفرانُ واشدُدْ يديك بحبل الله معتصمًا ... فإنه الركنُ إنّ خانتْك أركانُ مَنِ استعان بغير الله في طلبٍ ... فإنّ نَاصِرَه عجزٌ وخُذْلانُ مَن جاد بالمال مالَ الناسُ قاطِبةً ... إِليْهِ والمالُ للإنسان فتانُ مِن سالَم النّاسَ يسلمْ من غَوَائلهم ... وعاش وهو قرير العَيْن جذلانُ والنّاس أعوانُ مَن وَاتَتْه دولتُه ... وهُم عَليْهِ إنّ خانَتْه أعوانُ يا ظالمًا فرِحًا بالسَّعْد ساعده ... إنّ كنت في سنةٍ فالدهرُ يَقظانُ لا تَحْسبَنّ سُرورًا دائمًا أبدًا ... من سره زمن سأته أزمان لا تغتر بشباب رائق خَضِلً ... فكم تقدَّم قبل الشيبِ شُبانُ ويا أخا الشَّيْبِ لو ناصحتَ نفسك لم ... يكن لمثلك في اللذات إمعانُ هَبِ الشّبيبةُ تُبلى عُذر صاحبها ... ما عُذر أشْيَب يسْتَهْويه شيطانُ

كل الذُّنُوب فإن الله يغفرها ... إنّ شيع المرء إخلاصٌ وإيمانُ وكلّ كسرٍ فإنّ الدّين يجْبُرُهُ ... وما لكسرِ قناةِ الدّين جُبرانُ وهي طويلة. 33- عُمَر بْن حُسين بْن محمد بْن نابل1: أبو حفص الأُمويّ القُرطبي. شيخ محدَّث صالح مُسند، من بيت عِلم ودين كُف بصره بآخره، وسمع النّاس منه كثيرًا. روى عن: قاسم بن أصبغ، وأبي عبد الملك بْن أَبِي دُليم، ومحمد بْن عيسى بْن رفاعة، ومحمد بْن معاوية، وأبيه حسين بْن محمد. تُوُفي في الوباء في ذي القعدة، وكان ثقة صدوقًا موسرًا. روى عَنْهُ: ابن عَبْد البَرّ الحافظ. وآخر من روى عَنْهُ حيّان بْن خَلَفَ الأمُويّ. - عميد الجيوش: مذكور في الحوادث. حرف الفاء: 35- فارس بْن أحمد بْن موسى بْن عمران2: أبو الفتح الحمصيّ المقريء الضّرير. نزيل مصر. قرأ القراءات عَلَى: أَبِي الحسن عبد الباقي بن الحسين بْن السّقّا، وعبد الله بْن الحسين السّامرّيّ، ومحمد بْن الحَسَن الأنطاكيّ، وأبي الفَرَج الشنبُوذي، وجماعة. قرأ عليهم في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة. وصنّفَ كتاب " المُنشأ في القراءات الثّمان". وكان أحد الحُذاق بهذا الشّأن. قرأ عَليْهِ القراءات: ولده عَبْد الباقي، وإسماعيل بْن رجاء العَسْقلانيّ، وأبو عمر الداني. وتُوفي عَنْ ثمانٍ وستّين سنة. وإسناده في القراءات والتَّيْسير لأبي عَمْرو، وغيره. قَالَ الدّانيّ: لم نلق مثله في حفظه وضبطه وحُسن مادته وفَهْمه، تعلّم صناعته مَعَ ظهور نُسُكه وفضله وصِدْق لهجته، وصبره عَلَى سَرْد الصيام والتجهد بالقرآن. قال لي: ولُدتُ بحمص سنة 333، وتُوفي بمصر فيما بَلَغَنا سنة 401. 36- الفضل بْن أحمد بْن ماج بن جبريل. أبو محمد الهروي الماجي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 396"، وبغية الملتمس "405" "1160". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 379"، وهدية العارفين "1/ 813".

"حرف القاف": 73- القاسم بْن أَبِي منصور: القاضي أبو مُحَمَّد. تُوفي في ربيع الأوّل بخُراسان. "حرف الميم": 38- محمد بن الحسين بْن أسد1: أبو نُعيم الجُرجاني الفاميّ. روى عنه: أَبِيهِ، وأبي يعقوب البحريّ. تُوفي في رمضان. 39- محمد بْن الحسين بْن داود بْن علي2: السيّد أبو الحسن العلويّ الحَسَنيّ النَّيسابوريّ شيخ الأشراف في عصره. سَمِعَ: أبا حامد وأبا محمد ابني الشَّرْقّي، ومحمد بْن إسماعيل بْن إسحاق المروزي، صاحب علي ابن حُجر، ومحمد بْن الحسين القطّان، ومحمد بن عمر بن جميل الأزدي، وأبا حامد بن بلال، وعُبيد الله بن إبراهيم بن بالُويه، وأبا نصر محمد بن حَمدويه بن سهل الغازي، وأبا بكر بن دلويه الدقاق، وطائفة سواهم. روى عنه الحاكم، وقال: هُوَ ذو الهمّة العالية والعبادة الظّاهرة. وكان يُسأل الحديث فلا يُحدث. ثم في الآخر عقدتُ لَهُ الإملاء، وانتقيت لَهُ ألف حديث. وكان يُعد في مجلسه ألف مَحْبرة. فحدَّث وأملي ثلاث سِنين، ثمّ تُوُفّي فجأة في جمادى الآخرة. وروى عَنْهُ أيضًا: الإمام أبو بَكْر البَيْهقّي، وهو من كبار شيوخه، بل أكبرهم، وأبو بكر محمد ابن القاسم الصّفّار، وأبو عُبيد صخر بْن محمد الطُوسي، وأبو القاسم إسماعيل بْن زاهر، ومحمد بْن عُبيد اللَّه الصّرّام، وأبو صالح أحمد بْن عَبْد الملك المؤذن، وعثمان بْن محمد بْن عُبيد الله المحْميّ، وعمر بْن شاه المقريء، وشبيب بْن أحمد البِسْتَيغّي، وأحمد بْن محمد بْن مُكرم الصَّيدلانّي، وموسى بْن عِمران بْن محمد الأنصاريّ، وفاطمة بِنْت الزّاهد أَبِي عليّ الدقاق، وآخرون. وتفرد بالراوية عَنْ جماعةٍ مِن كِبار شيوخه. 40- المظفرّ أبو الفتح القائد3: ولى إمرة دمشق للحاكم بعد الأمير مطهّر بْن بزال، ثم عُزِل بعد ستّة أشهرُ في ربيع الأوّل من هذه السنة.

_ 1 تاريخ جرجان "452" للسهمي. 2 العبر "3/ 76"، وشذرات الذهب "3/ 162". 3 ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي "66".

41- المُعلى بْن عثمان: أبو أحمد المادَرَائيّ. تُوُفّي بمصر في جمادى الأولى. 42- مُغيرة بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن يزيد بْن شمر الفيّاض. أبو عاصم. تُوفي بخُراسان في شَعْبان. 43- منصور بْن عَبْد الله بْن خَالِد1: أبو عليّ الذُهلي الخالديّ الهَرَويّ. روى عَنْ: ابن الأعرابيّ، وإسماعيل الصّفّار، وأحمد بن سليمان، وأبي علي الرفاء، وأبي العباس الأصم، وعبد المؤمن النسفي، ودعلج. روى عنه: أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد المؤدب، وأبو حازم عمر بن إبراهيم العبدوي، وأبو يعلي الصابوني، ونجيب بن ميمون الواسطي، وخلق كثير. قال أبو سعيد الإدريسي: كذاب لا يُعتمد عَليْهِ. وقال جعفر المُستغفري: روى عَنْ أبي طلحة منصور بْن محمد ابن علي البزدوي. قيل: تُوفي سنة إحدى وأربعمائة. والصّحيح أنّه تُوفي في المحرَّم سنة اثنتين. 44- منصور بْن عَبْد الله بْن عدّي2: الواعظ الفاضل أبو حاتم بْن الحافظ أَبِي أحمد الجُرجاني. روى عَنْ: أَبِيهِ، والإسماعيليّ. روى عَنْهُ: ابنه إسماعيل. وكان يَعظ في مسجد والده إلى أن مات في سابع جُمادى الأولى. 45- منصور بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد: أبو الطّيّب الدّوستكيّ الهَرَويّ. من شيوخ أَبِي يعقوب القرّاب. "حرف الهاء": 46- هارون بْن موسى بْن جَنْدَل القَيْسيّ3. الأديب أبو نصر القُرطبي. سَمِعَ من: أَبِي عيسى اللَّيْثّي، وأبي علي القالي. روى عَنْهُ: الخَوْلانيّ، وقال: كَانَ رجلًا صالحًا منقبضا مقتصدًا عاقلًا مَهيبًا، تختلف إليه الأحداث للأدب. وكان من الثّقات في دينه وعلمه. وأخذ منه أيضاُ: أبو عُمَر الطَّلَمَنكيّ، وأبو عُمَر بْن عَبْد البَرَ، وآخرون. تُوفي في ذي القِعدة.

_ 1 الأنساب "5/ 24"، والميزان "4/ 185"، "8783". 2 تاريخ جرجان "475" للسهمي. 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 656".

"حرف الياء": 47- يحيى بْن أحمد بْن الحسين بْن مروان: أبو سلمة بْن أَبِي نصر المرواني الخُراساني. تُوفي في ربيع الأول. 48- يحي بن عمر بن بْن حسين بْن محمد بْن عُمَر بْن نابل1: أبو القاسم القُرطبي. تُوفي قُبيل والده. روى عن: أبي الحسن الأنطاكي المقريء. حدث عن: الخَوْلانيّ، وقال: كَانَ من أهل الفضل والصّلاح والخير معَ التَّقدُّم في العِلم. عُني هُوَ وأبوه وجدّه بالعِلم، وحجّ كلُّ واحدٍ منهم وسمع بالمشرق. تُوفي في جُمادى الأولى. 49- يحيى بْن يَحْيَى بْن مُحَمَّد: أَبُو الحَسَن بْن المحدّث أَبِي زكريّا العنْبريّ. سَمِعَ أَبَاهُ. وشهد وحدث. وتُوفي في رجب. ورخه الحاكم. وفيات سنة اثنين وأربعمائة: "حرف الألف": 50- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن تُركان بْن جامع2: أبو العبّاس التَّميميّ الهمداني الخفّاف. روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن الحلاب، والقاسم بْن أبي صالح، وإبراهيم بْن أحمد بْن حمدان الهَرَويّ، وإسحاق بْن عَبْدُوس، وأوْس الخطيب، وخلق. ورحل، فأخذ عَنْ: عَبْد الباقي بْن قانع، وأبي سهل بْن زياد، وطائفة. روى عَنْهُ: جعفر الأَبْهَريّ، ومحمد بْن عيسى، وأبو الفَرَج بْن عَبْد الحميد، ويوسف الخطيب، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الزّاهد، وأحمد بْن عيسى بْن عَبّاد، وآخرون. وهو ثقة صدوق. قاله شِيرويه، وسمع مِن جماعةٍ من أصحابه وقال: سَمِعْتُ يوسف الخطيب يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ تُركان فَجَاءَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَابُولُ المقريء، فَعَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ فقال: من أحب

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 661، 662". 2 الأنساب "3/ 42"، وسير أعلام النبلاء "13/ 64".

أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ فَلْيَأْتِ ابْنَ تُركان. فَبَكَى ابْنُ تُركان. وُلد سنة سبْع عشرة وثلاثمائة، ومات في ربيع الأول سنة اثنتين. وقبره يُزار. 51- أحمد بْن الحسين بْن أحمد1: أبو العباس بن زنيبل النّهاوَنْديّ. حدَّث بهَمَدان في رمضان مِن السَّنة عن: أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن محمد بْن الأشقر القاضي البغداديّ "بتاريخ البخاريّ الصّغير"، برواية ابن الأشقر عَنْهُ. ورحل وسمع من: الطبراني، ومن القطيعي، وأبو بكر المفيد، وطائفة سواهم. روى عن: حمزة بْن أحمد الرُّوذراوردي، وهَنّاد بْن إبراهيم النَّسفيّ، وسعيد بْن أحمد الجعفريّ، وأبو طاهر أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الرُّوذْراوَرْديّ، وأبو منصور محمد بْن الحسن بْن محمد النّهاوّنْديّ، وآخرون. وثّقه شِيرويه. 52- أَحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم بْن غالب2: أبو عُمَر الأديب. والد العلامة أَبِي محمد بْن حزْم. قَالَ الحُمْيديّ: كَانَ لَهُ في البلاغة يدٌ قويّة. تُوفي في ذي القعدة، وقد وَزَر في دولة المنصور بْن أَبِي عامر، وكان يَقُولُ: إنّي لأتعجّب ممّن يَلْحَن في مخاطبةٍ، أو يجيء بلفظةٍ قلقةٍ في مُكاتبة، لأنّه ينبغي إذا شك في شيءٍ أنّ يتركه ويطلب غيره، فالكلام أوسع من هذا. قلت: هذا لا يقوله إلا المتبحّر في اللّغة العربيّة، رحمه اللَّه. 53- أحمد بْن عَبْد الله بْن الخضر بن مسرور3. أبو الحسن السَّوْسَنْجِرْدِيّ، ثمّ البغداديّ المعدّل. سَمِعَ: أبا جعفر ابن البَخْتَرِيّ، وأبا عَمرو بْن السّمّاك، والنّجّاد. روى عَنْهُ: عَبْد العزيز الأزْجيّ، وأبو بَكْر محمد بْن علي بْن موسى الخياط، وعبد الكريم بن عثمان بن دُورست، وأحمد بْن الحسين بْن أَبِي حنيفة، ومحمد بْن عليّ بْن سُكينة، وجماعة. وقد قرأ بالروايات عَلَى: زيد بْن أَبِي بلال الكوفيّ، وأبي طاهر بْن أَبِي هاشم، ومحمد بْن عَبْد الله بْن أَبِي مُرة الطُّوسيّ النّقّاش. قرأ عَليْهِ: أبو بَكْر محمد بْن عليّ الخيّاط المذكور، وأبو علي الحسن بْن القاسم غلام الهراس. وقد

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 53". 2 الأنساب "6/ 182". 3 تاريخ بغداد "4/ 237"، والمنتظم "7/ 257".

روى عَنْهُ ابن المهتدي بالله في مشيخته. وقال الخطيب: كَانَ ثقة، دينًا، شديدًا في السُّنة. مات في رجب، وقد نّيف عَلَى الثّمانين. 54- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد: أَبُو العبّاس المِهْرَجانيّ النَّيْسابوريّ المعدّل. سَمِعَ: أبا العبّاس الأصمّ، وأقرانه. تُوفي في رجب. 55- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحسين بْن الفُرات1: أبو الحسن البزّاز المعدّل. ويُعرف بابن صغيرة. عَنْ: النّجّاد، ودَعْلَج. وعنه: البَرْقانيّ. وثّقه الخطيب. 56- أحمد بْن نصر2: أبو جعفر الأزدي الداودي المالكيّ الفقيه. كَانَ بأطْرابُلُس المغرب، فأملي بها كتابه في "شرح المُوَطّأ"، ثمّ نزل تِلمْسان. وكان ذا حظّ من الفصاحة والْجَدَل. وله: "الإيضاح في الرّدّ عَلَى البكريّة". حمل عَنْهُ: أبو عبد الملك البَرْقيّ، وأبو بَكْر بْن الشَّيْخ. ومات بتِلِمْسان. 57- إبراهيم بْن محمد بْن حسين بْن شِنْظير3. أبو إِسْحَاق الأمَويّ الطُّلَيْطُليّ الحافظ، صاحب أَبِي جعفر بْن ميمون الطُّلَيْطُليّ، ويقال لهما: الصّاحبان، لأنهما كَانَا في الطَّلَب كَفَرسيْ رِهان. سمعا بطُلَيْطُلَة عَلَى مَن أدركاه، ورحلا إلى قُرْطُبَة فأخذا عَنْ علمائها، وسمعا بسائر بلاد الأندلس. ورحلا إلى المشرق فسمعا. وكانا يفترقان. وكان السّماع عليهما معًا. وُلِد ابن شنظير في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. وكان زاهدًا فاضلًا ناسكًا صوّامًا قوّامًا ورِعًا، كثير التّلاوة. غلب عَليْهِ علمُ الحديث ومعرفة طُرُقه. وكان سُنيا نافرًا للمُبْتدعَةَ، هاجرًا لهم. وما رُئي أزهد منه في الدّنيا، ولا أوقر مجلسًا منه. رحل الناسُ إليه وإلى صاحبه من النّواحي، فلمّا تُوُفّي صاحبه أحمد بْن عليّ بْن ميمون، وهو في المجلس. توفي ليلة النحر سنة اثنتين وأربعمائة. 58- إسماعيل بْن الحسين بْن عليّ بْن هارون4. أبو محمد الفقيه الزّاهد ببُخارى. تُوُفّي في شَعْبان. وحجّ مرّات. وحدَّث عَنْ: خَلَف الخيّام، ومحمد بن

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 430". 2 الديباج المذهب "35". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 1092"، والوافي بالوفيات "6/ 103، 104"، وهدية العارفين "1/ 7". 4 تاريخ بغداد "6/ 310"، والمنتظم "7/ 258".

أحمد بن حنبل، وبكر المروزي صاحب الكُديمي. روى عنه: عبد العزيز الأزجي، وجماعة. قال الخطيب: ثنا عَنْهُ القاضي أبو جعفر محمد بْن أحمد السمْنانيّ. "حرف الحاء": 59- الحَسَن بْن الحُسَيْن بْن عليّ بْن أَبِي سهل1: أبو محمد النُّوبَخْتيّ الكاتب. روى عَنْ: عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر الواسطيّ، وأبي عَبْد الله المَحَامِليّ. قَالَ الخطيب: كَانَ سَمَاعه صحيحًا. ثنا عَنْهُ أبو بَكْر البَرْقانيّ، والأزهريّ، وأبو القاسم التنوخي. وقال لي الأزهري: كان رافضيًا. قال لي البَرْقانيّ: كَانَ مُعتزليًا. وقال غيره: مات في ذي القعدة. وقال البَرْقانيّ: تبيَّن لي أنّه صدوق. 60- الحسنُ بْن القاسم بْن خسُرو2. أبو عليّ البغداديّ الدّبّاس. سَمِعَ: أحمد بْن عَبْد الله وكيل أَبِي صَخْرة. روى عَنْهُ: أبو الحسن العتيقيّ، وأبو محمد الخلال، وابن المهتدي بالله. وثقه الخطيب، وقال: تُوُفّي في صَفَر وله إحدى وتسعون سنة. "حرف الخاء": 61- خَلفَ بْن إبراهيم بْن محمد بْن جعفر بْن حمدان بْن خاقان3. أبو القاسم المصريّ المقرئ، أحد الحُذّاق، ومن كبار شيوخ أَبِي عَمْرو الدّانيّ في القراءة. قرأ لوَرْش عَلَى: أحمد بْن سامة التُّجَيْبيّ، وأحمد بْن محمد بْن أَبِي الرّجاء، ومحمد بْن عَبْد الله المَعَافِريّ، وأبي سَلَمَة الجمراويّ. وسمع الحديث من: ابن الورد، وأحمد بْن الحسن الرّازيّ، وأحمد بْن محمد بْن أَبِي الموت، وطائفة. قَالَ الدّانيّ: كَانَ ضابطًا لقراءة وَرْش، ومُتْقنًا لها. مجودّا مشهورًا بالفضل والنُسك، واسع الرّواية، صادق اللهْجة. كتبنا عَنْهُ الكثير من القراءات والحديث والفِقْه، وغير ذَلِكَ. سمعته يَقُولُ: كتبتُ العلم ثلاثين سنة. وذهبَ بَصَره دهْرًا، ثمّ عاد إِليْهِ. وكان يؤم بمسجد. مات شيخنا بمصر في عشر الثمانين.

_ 1 البداية والنهاية "11/ 347"، والمنتظم "7/ 258". 2 تاريخ بغداد "3951"، والمنتظم "7/ 258". 3 معرفة القراء الكبار "1/ 263"، وحسن المحاضرة "1/ 492".

"حرف الدال": 62- دَاوُد بْن الشَّيْخ أَبِي الحسن محمد بْن الحُسين: العلويّ النَّيْسابوريّ. تُوُفّي في صفر. "حرف الطّاء": 63- طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن يحيى بْن عيسى بْن ماهلة: أبو بَكْر الهمدانيّ الزّاهد. روى عَنْ: أَبِيهِ، وأوْس الخطيب، وأبي القاسم بْن عُبَيْد، والقاسم بْن محمد السّرّاج، ومحمد بْن خَيْران، وأحمد ابن الحسن بن ماجه القَزْوينيّ، وأبي بَكْر بْن السُني الحافظ، وإبراهيم المُزكي، وجماعة. وروى عَنْهُ: ابنه هارون الأمين، وأبو الحسن بْن حُميد، وأبو الفضل أحمد بْن عيسى الديَنَوريّ. قَالَ شِيَرَويْه: كَانَ ثقة صدوقًا، زاهدًا ورِعًا يُتَبَّرك بِهِ. وكان يصاحب صالح اللّوملاذيّ. وله آيات وكرامات ظاهرة. وتوفي رحمه الله في صفر. "حرف العين": 64- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد: أَبُو أحمد المهرقانيّ النَّيْسابوريّ. سَمِعَ: الأصمّ، وطبقته. وحدَّث. مات في رجب، ورّخه الحاكم. 65- عبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عيسى بْن فُطيس بْن أَصْبَغ بْن فُطيس1: العلامة أبو المُطرف، قاضي الجماعة بقُرْطُبَة. روى عَنْ: أحمد بْن عَوْن الله، وأبي عَبْد الله بْن مُفرج، وأبي الحسن الأنطاكيّ، وعبد الله بْن القاسم القلعيّ، وأبي عيسى اللَّيْثّي، وأبي محمد الإربيلي، وأبي محمد بْن عَبْد المؤمن، وخَلَف بْن القاسم. وأجاز لَهُ من مصر الحسن بْن رشيق، ومِن بغداد أبو بحر الأبْهريّ، والدارقُطني، وكان من جهابذة المحدثين وكبار العلماء والحفاظ، عالمًا بالرجال، وله مشاركة في سائر العلوم.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 1061"، وهدية العارفين "1/ 515".

جمع من الكُتُب ما لم يجمعه أحد من أهل عصره بالأندلس. وكان يُملي من حفظه. وكان لَهُ ستّة ورّاقين ينسخون لَهُ دائمًا. وقيل: إنّ كُتبه بيعت بأربعين ألف دينار قاسميةّ. وتقلّد قضاء القُضاة في سنة أربعٍ وتسعين مقرونًا بالخطابة، وصُرف بعد تسعة أشهر. روى عَنْهُ: الصَّاحبان1، وأبو عَبْد الله بْن عابد، وابن أبيض، وسراج القاضي، وأبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبو عُمَر بْن سُميق، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو عمر ابن الحذّاء، وحاتم بْن محمد، وآخرون. وصنَّف كتاب " القصص"، وكتاب " أسباب النُّزُول"، وهو في مائة جزء، وكتاب " فضائل الصّحابة"، في مائة جزء، وكتاب " فضائل التابعين"، في مائة وخمسين جزاءًا، " والناسخ والمنسوخ"، ثلاثون جزءًا، " الأخوة من أهل العلم الصّحابة ومَن بعدهم"، أربعون جزاءًا، " وأعلام النبوة، ودلالة الرسالة"، عشرة أسافر، " وكرامات الصّالحات"، ثلاثون جزءًا، " ومُسند حديث محمد بن فُطيس"، خمسون جزاءًا، و"مسند قاسم بْن أَصْبغ العوالي"، ستّون جزءًا، " والكلام على الإجازة والمناولة"، في عدة أجزاء. وتوفي في نصف ذي القعدة، وصلى عَليْهِ ابنه محمد. وكان مولده في سنة ثمانٍ وأربعين وثلاثمائة. وقد ولي الوزارة للمظفّر بْن أَبِي عامر. فلمّا ولي القضاء تركَ زيّ الوزراء. وكان عدْلًا سديدًا في أحكامه، من بُحُور العلم، رحمه اللَّه. 66- عثمان بْن عيسى2: أبو عَمْرو الباقلانيّ الزّاهد ببغداد. كَانَ ملازمًا للوحدة، وكان يكون منقطعًا. وقال مرّةً: أحبّ النّاس إليَّ من ترك السّلام علي لأنّه يشغلني عَنِ الذَّكْر بسلامه. وقال: أحسّ بروحي تخرج وقت غروب، يعني لاشتغاله عَنِ الذَّكْر بالإفطار. أَنْبَأَنَا المسلم القَيْسي وغيره، أنّ أبا اليُمن الكنِدي أخبرهم: أَنَا عَبْد الله بْن أحمد اليُوسفيّ، أَنَا محمد بن علي الهاشمي، أَنَا عثمان بْن عيسى الزّاهد: حدثني أبو الحسن عَبْد الله بْن أَبِي النَّجْم مؤدب الطّائع لله: ثنا يحيى بْن حبيب العطّار قَالَ: بلغني أن رجلًا من العلماء قال: كتب أربعمائة ألف حديث ما العطّار قَالَ: بَلَغَني أنّ رجلًا من العلماء قال: كتبتُ أربعمائة ألف حديث ما انتفعت من الأربعة

_ 1 الصاحبان: هما أبو جعفر أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْدة بن ميمون حسين بن شنظير المتوفي سنة "402هـ"، وقد تقدمت ترجمتهما في هذا الجزء برقم العارفين "1/ 515" ذكره محقق كتاب سير أعلام النبلاء "13/ 128" مطبعة دار الفكر. 2 تاريخ بغداد "11/ 313"، والبداية والنهاية "11/ 347".

أحاديث إلا بأربع كلمات: فأوّل كلمةٍ: "أعمل لله عَلَى قدر حاجتك إِليْهِ". والكلمة الثّانية: " اعمل للآخرة عَلَى قدْر إقامتك فيها". والكلمة الثالثة: "اعمل للدُّنيا بقدر القُوت". والكلمة الرابعة: "اعصِ ربّك عَلَى قدْر جَلَدِكَ عَلَى النّار"1. 67- عَليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه: القاضي أبو القاسم النَّيْسابوريّ. تُوفي بطريق غَزْنَة. 68- عَلِيّ بْن أحمد بْن محمد بْن يوسف القاضي أبو الحَسَن السّامرّيّ الرّفّاء2. روى عَنْ: إبراهيم بْن عَبْد الصمد الهاشميّ، وحمزة بْن القاسم، وغيرهما. روى عَنْهُ: سِبْطه أبو الحسين محمد بن أحمد بن حسنون النرسي، وعبد الرَّحْمَن بْن أحمد العِجلي الرّازيّ، وغيرهما. وثقه الخطيب. وقال: قَالَ لي سِبطه: ما رَأَيْته مُفطرًا قطّ. 69- عليّ بْن دَاوُد بْن عبد الله3: أبو الحسن الداراني القطان المقريء. قرأ القرآن على: أبي الحسن محمد بن النَّضْر بن الأخرم، وأحمد بْن عثمان السّبّاك، وغيرهما. وحدَّث عن: أبي علي الحصائري، وخيثمة الأطربلسي، وأبي الميمون راشد، وابن حَذْلَم. قرأ عَليْهِ: عليّ بْن الحسَن الرَّبعيّ، ورشأ بْن نظيف، وأحمد بْن محمد بْن مردة الإصبهاني. وحدَّث عنه: رشأ بن نظيف، وعبد الرَّحْمَن بن محمد الْبُخَارِيّ. وقال رشأ: لم ألق مثله حذفًا وإتقانًا، في رواية ابن عامر. قَالَ عَبْد المنعم ابن النَّحْويّ: خرج القاضي أبو محمد بْن أَبِي الحسن العلويّ وجماعة من الشيوخ إلى دارَيّا إلى ابن دَاوُد، فأخذوه ليؤمّ بجامع دمشق في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. وجاءوا بِهِ بعد أن منعهم أهلُ دارَيّا من ذَلِكَ، وجرت بينهم منافسة. قَالَ الحافظ ابن عساكر: فسمعت ابن الأكفانيّ يحكي عَنْ بعض مشايخه الّذين أدركوا ذَلِكَ أن أبا الحسن بْن دَاوُد كَانَ إمام داريّا، فمات إمامُ الجامع، فخرج أهل دمشق إلى داريّا ليأتوا بِهِ ليصلّي بدمشق. فلبس أهل داريّا السّلاح وقالوا: لا، لا نمكنُكم من أخذ إمامنا.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 170". 2 تاريخ بغداد "11/ 327"، والعبر "3/ 79". 3 معرفة القراء الكبار "1/ 366"، والعبر "3/ 79".

فقال أبو محمد بْن أَبِي نُمَيْر: يا أهل داريّا، أما ترضون أن يُسمع في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إليكم في إمام؟ فقالوا: قد رضينا. فَقُدمَتْ لَهُ بغْلَة القاضي، فأبي وركب حَمارَه، ودخل معهم وسكن في المنارة الشرقية. وكان يُقرئ بشرقّي الرواق الأوسط. ولا يأخذ عَلَى الصّلاة أجرًا، ولا يقبل ممّن يقرأ عَليْهِ بِرًّا. ويقتات مِن غلّة أرض لَهُ، بداريّا. يحمل ما يكفيه مِن الحنطة كلّ جمعة، ويخرج بنفسه إلى طاحونة لمسكين خارج باب السّلامة فيطحنه ثمّ يعجنه ويخبزه. وقال: الكتّانيّ: تُوُفّي ابن دَاوُد في جمادى الأولى وكان ثقة انتهت إليه، الرئاسة في قراءة الشّاميين. حضرت جنازته، ومضى على سداد. وكان يذهب إِلَى مذهب أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِيِّ، قاله الكّتانيّ. 70- عليّ بْن محمد بْن أحمد بْن إدريس1: أبو الحَسَن الرَّمْليّ الأنماطيّ. روى عَنْ: خَيْثَمَة بْن سليمان، وأبي الميمون بن راشد، وأبي الحسن بن حذلم، وجماعة. روى عن: رشأ بْن نظيف، وَأَبُو عَلِيّ الْأهوازي، وَأَبُو القاسم بن الفُرات. وتُوفي في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعمائة. 71- عليّ بْن محمد بْن عَلّوية البغداديّ الْجَوهريّ2: حدث عَنْ: محمد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوِزِيّ، ومحمد بْن الحَسَن الأنباريّ، وغيرهما. روى عَنْهُ أهل بغداد. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة. "حرف الميم": 72- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم. أبو أحمد الغُورَجِيّ الهَرَويّ. قُتل هُوَ وابنه أبو الحسن بداره في رمضان. 73- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عبد الرحمن بن يحيى بْن جُمَيْع3: أبو الحُسَين الصَّيْداويّ، الغسّانيّ. رحل وطوّف في الحديث، فسمع بمكّة: أبا سَعِيد بْن الأعرابيّ، وبالبصرة: أبا رَوْق الهزّانيّ، وبالكوفة: أبا العبّاس بْن عُقدة، وببغداد: الحسين المُطبقي، وأبا عَبْد الله المَحَامِليّ، وابن مَخْلد، وبمصر: أبا الطاهر

_ 1 حديث خيثمة الأطربلسي "43" [60] ، وتاريخ بغداد "8/ 111". 2 تاريخ بغداد "12/ 796". 3 الأنساب "8/ 116 - 119"، وكشف الظنون "1678"، والعبر "3/ 80".

أحمد بْن عَمْرو المّدينيّ، وبدمشق: أحمد بْن محمد بْن عُمَارة، وخلقًا سواهم بعدّة بلاد في "مُعْجمه" الّذي سمعناه عاليا. روى عَنْهُ: الحافظ عَبْد الغنيّ بْن سعيد، وتّمام الرّازيّ، ومحمد بْن عليّ الصُّوريّ، وعبد الله بْن أَبِي عَقِيل، وأبو نصر بْن سَلَمَة الورّاق، وأبو عليّ الأهوازيّ، وابنه الحَسَن بْن جُميع، وأبو نصر بْن طلاب، وآخرون. ولُد سنة خمسٍ وثلاثمائة، وقيل: سنة ستّ. قَالَ أبو الفضل السَّعْديّ، وابنه الحَسَن، وأبو إِسْحَاق الحبّال: تُوفي سنة اثنتين وأربعمائة في رجب، لكن لم يذكر ابنه الشهر. وقال الكتّانيّ: تُوفي سنة ثلاثٍ، والأوّل الصّحيح. قَالَ ابنه الحَسَن: صام أَبِي وله ثمان عشرة سنة إلى أن تُوفي. ووثّقه أبو بَكْر الخطيب، وغيره. وأوّل سماعه سنة ثلاثٍ وعشرين وثلاثمائة. وكان أسند مَن بقي بالشّام. 74- محمد بْن بكران بن عمران1: أبو عَبْد الله الرّازيّ، ثم البغداديّ البزّاز. سَمِعَ: أبا عَبْد الله المحاملي، ومحمد ابن مَخْلد. وعنه: أبو بَكْر البَرْقانيّ، وأبو الحسين بْن المهتدي بالله. تُوُفّي في جمادى الآخرة. ووثّقه البَرْقانيّ. يُعرف بابن الرازيّ. 75- مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن هارون بْن فَرْوة2: أبو الحسن التميمي النحوي المقرئ ابن النّجّار. قرأ على: أَبِي عليّ الحَسَن بْن عَوْن النّقّار برواية عاصم، والنّقّارُ. فقرأ عَلَى القاسم بن أحمد الخياط صاحب الشموني. سمع الحديث من: محمد بْن الحسين الأشْنانيّ، وأبي بكر بن دُريد، وإبراهيم بن عرفة نفطويه، وأبي رَوْق الهزّانيّ. قرأ عَليْهِ: أبو عليّ, وهو غلام الهرّاس. وحدَّث عَنْهُ: أبو القاسم الأزهري، وجماعة من شيوخ أَبِي الغنائم النَّرْسيّ. وقرأ عليه أيضًا: الحسن بن محمد، وغيره. وقال الأزهري: كان مولده في المحرم سنة ثلاثٍ وثلاثمائة. وقال العتيقي: تُوفي بالكوفة في جُماد الأولى، وهو ثقة. قلتُ: تُوفي وله مائة سنة، وقد حدث ببغداد.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 108"، والمنتظم "7/ 259". 2 المنتظم "7/ 260"، والعبر "3/ 80"، والبداية والنهاية "11/ 347".

وهُوَ آخِرُ من حدَّث في الدُّنيا عن الأشناني. وغلام الهرّاس هو آخر من قرأ عَليْهِ. 76- محمد بْن الحَسَن: أبو منصور الهَرَويّ. حدَّث "بِسُنَنْ أَبِي دَاوُد" بما وراء النَّهر عَنِ ابن داسة. 77- محمد بْن عَبْد الله: أبو الفضل الهَرَويّ. يروي عَنِ الأصمّ. 78- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ1: أَبُو الحُسين بْن الّلّبان البصْريّ الفَرَضيّ العلامة. سَمِعَ: أبا العبّاس الأثرم، ومحمد بْن بَكْر بْن داسة. وحدَّث "بسنن أبي داود" ببغداد، فسمعها منه: القاضي أبو الَّطيّب الطَّبَريّ، وغيره. وقيل: إنه كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ في الدّنيا فَرَضيّ إلا من أصحابي أو أصحاب أصحابي، أو لا يُحسن شيئًا. ولا رَيْبَ أنّه إِليْهِ المنتهى في هذا الشّأن. ولكن لو سكت لكان أكمل لَهُ. فإنّ العالِم إذا قَالَ مثل هذا مجَّتْهُ نفوسُ العقلاء، ودخله كِبر وخُيَلاء. وقال الشَّيْخ أبو إِسْحَاق: كَانَ ابن اللّبّان إمامًا في الفِقْه والفرائض، صنف فيها كُتبًا كثيرة لَيْسَ لأحدٍ مثلها. أخذ عَنْهُ أئمّةٌ وعلماء. قَالَ ابن أرسلان: دخل ابن اللّبّان خوارزم في أيّام أَبِي العبّاس مأمون بْن محمد بْن عليّ بْن مأمون خوارزم شاه، فأكرمه وَبَرَّهُ، وبالغ، وأمر فُبني باسمه مدرسة ببغداد ينزل فيها فُقهاء خوارزم. وكان هُوَ يدرس بها، وخوارزم شاه يبعث إِليْهِ كلّ سنة بمال. ثم قَالَ: وأنا رَأَيْت هذه المدرسة وقد خَرَبتْ بقرب قَطيعة الربيع. وثقه الخطيب، وقال: انتهى إليه علم الفرائض، وصنف فيها كُتبًا. وتُوفي فِي ربيع الْأوّل. 79- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى بْن حاتم الجُعفي2: القاضي أبو عَبْد الله الكوفيّ الحنفيّ، العلامة المعروف بالهَرَوَانيّ. أحد الأئمّة الأعلام. قرأ القرآن عَلَى: أبي العبّاس محمد بْن الحَسَن بْن يونس النَّحويّ. وسمع من: محمد بْن القاسم المُحَاربيّ، وعلي بْن محمد بْن هارون، ومحمد بْن جعفر بْن رياح الأشجعيّ. وحدَّث ببغداد، وكان يُفتي بمذهب أَبِي حنيفة، ويُقرأ القرآن عليه.

_ 1 التقييد لابن النقطة "77"، والنجوم الزاهرة "4/ 231"، وهدية العارفين "2/ 59". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 368"، والوافي بالوفيات "3/ 320" "320".

قرأ عَليْهِ: أبو عليّ غلام الهرّاس. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة. حدَّث ببغداد. قال: وكان مَن عاصَره بالكوفة يَقُولُ: لم يكن بالكوفة من زمن ابن مسعود إلى وقته أحد أفْقَه منه، حدَّثني عَنْهُ غير واحد. وقال لي العتيقيّ: ما رأيت بالكوفة مثله. قال ابن الترس: كَانَ عَلَى قضاة الكوفة سِنين، ثقة مأمون. وقال غيره: وُلد سنة خمسٍ وثلاثمائة. وروى عن: أبو محمد يحيى بْن محمد بْن الحَسَن العلوي الأقساسيّ، وأبو الفَرَج محمد بْن أحمد بن علان الكُرجي شيخ أَبِي الحَسَن بْن نُمير، وأبو الحَسَن محمد بْن الحَسَن بْن المنثور الجُهني، وأبو منصور محمد بن محمد العُكبري الإخباريّ. تُوُفّي فِي رجب. 80- مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله بْن جعفر بْن حمدان1: أبو الحسين البغدادي. روى عَنْ: إسماعيل الصفار، وابن البَخْتَرِيّ. وعنه: أبو بَكْر البَرْقانيّ، وغيره. ثقة. 81- محمد بْن عليّ بْن إبراهيم: أبو منصور العَمركيّ، الكاتب بخُراسان. هُوَ آخر من حدَّث عَنْ عَبْد الله بْن جعفر اليَزْديّ. 82- محمد بن علي بن مهدي الأنباري2: حدث بالأنبار عَنْ: أَبِي الطَاهر الخاميّ، وابن أَبِي مطر الإسكندراني. روى عَنْهُ: أبو الفَرَج الحسين الطنَاجِيريّ، وأبو محمد بْن أَبِي عثمان. ووثّقه الخطيب. 83- محمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن محمد بن أحمد: أبو منصور البقار الخُرساني. أظنه هَرَويًّا. تُوفي في ربيع الأوّل. 84- محمد بْن يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد السُلمي بن السميساطي: الدّمشقّي، والد أبي القاسم، واقف الخانقاه. سَمِعَ: أحمد بن سليمان بن ريان الكندي، وعثمان بْن محمد الذهبيّ. روى عَنْهُ: ابنه عليّ، وقال: تُوفي أَبِي في صَفَرَ. وقال الكتّانيّ: كَانَ يذهب إلى الاعتزال، وحدَّث لابنه لا غير.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 336". 2 تاريخ بغداد "3/ 93".

85- منُتخب الدّولة لؤلؤ البشراويّ1: أمير دمشق. وَليها للحاكم في سنة إحدى وأربعمائة. وقُرىء عهده بالجامع، ثمّ عُزل بعد ستّة أشهر يوم النَّحر. فصلّى يومئذ بالنّاس صلاة العيد وكان يوم جمعة، فصلى الجمعة بالنّاس الأمير ذو القرنين بْن حمْدان. قَالَ عَبْد المنعم النَّحْويّ: قدِم عَلَى دمشق لؤلؤ ثامن جُمادى الآخرة. قَالَ: وأظهر ابن الهلالّي سِجلا بعد صلاة الأضحى من أَبِي المطاع ذي القرنين ابن ناصر الدولة ابن حمدان بأمرة دمشق وتدبير العساكر. وركب إلى الجامع، وقُرىء عهده، فلمّا كَانَ آخر أيام التّشريق أرسل ذو القرنين إلى لؤلؤ يَقُولُ لَهُ: إنّ كنت في الطّاعة فأركب إلى القصر إلى الخدْمة. وإن كنت عاصيا فأخرج عَنِ البلد. فخاف، فردّ عَليْهِ: أنا في الطّاعة، ولا أجيء. فأمهلوني ثلاثة أيام حتى أسير عن البلد. فركب ابن حمدان لوقته ومعه المغاربة والجُند، وجاء إلى باب البريد ليأخذ لؤلؤا من دار العفيفيّ. فركب لؤلؤ وعبَّى أصحابه واقتتلوا. ولم يزل القتال بينهم إلى العتمة، وقُتل بينهم جماعة. ثمّ طلع لؤلؤ من سطْح واختفى. فَنُهبت داره ونُوديَ في البلد: من جاء بلؤلؤ فله ألف دينار. فلما كَانَ ثاني ليلة جاء تركيّ يُعرف بخواجاه إلى الأمير، فعَّرفه أن لؤلؤا عنده، نزل إِليْهِ من سُطُوح. فأرسل معه مَن قبض عَليْهِ، ثمّ سيَره مقيَّدًا إلى بَعْلَبَكّ. فلمّا أن صار في محرَّم سنة اثنتين وأربعمائة عشرون يومًا ورد مِن بَعلبك ابن الأمير ذي القرنين ومعه رأس لؤلؤ. أتاه الأمر من مصر بقتله. 86- منصور بْن عَبْد اللَّه2: أبو علي الذُهلي الخالديّ. تُوفي في المحرَّم. وقيل: في ذي الحجة من سنة إحدى وأربعمائة. مَرّ. "حرف الياء": 87- يحيى بْن أحمد التّميميّ القُرطبي3: والد أبي عبد الله الحذاء.

_ 1 النجوم الزاهرة "4/ 227"، وديوان عبد المحسن الصوري "1/ 92 - 158". 2 تقدمت ترجمته في هذا الجزء. 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 663".

كَانَ شيخًا أديبًا وسيمًا وقورًا. تُوفي في شوّال، وله ستُّ وتسعون سنة. وابنه قاضي بجانة. 88- يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مسعود بْن موسى1: أبو بَكْر بْن وجْه الجنة القُرطبي. سمع من: قاسم بن أصبغ، وابن أَبِي دُليم، وأحمد بْن سَعِيد بْن حزم، وأحمد بْن مُطرف، ومحمد بْن معاوية. وكان رجلًا صالحًا، من عُدول القاضي أَبِي بَكْر بْن الُّسليم. عُمر دهرًا. وحدَّث عَنْهُ: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرَّ، وأبو محمد بْن حزم، وجماعة. وكان مولده في سنة أربعٍ وثلاثمائة، وكان يلتزم صناعة الخزّازين. تُوُفّي في ذي الحجة عن ثمانٍ وتسعين سنة. وفيات سنة ثلاث وأربعمائة: "حرف الألف": 89- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن فِراس العَبْقَسيّ المكّيّ2. صاحب محمد بْن إبراهيم الدبِيلي. يقال: توُفي فيها. وقع لنا حديثه بعُلو. روى عَنْهُ: خلْق كثير من الحُجاج، وآخر من روى عنه أبو عليّ الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن المكّيّ الشّافعيّ. وقيل: تُوفي سنة خمس. 90- أحمد بْن عَبْد الله بْن الحسين3: أبو بَكْر البغداديّ الحنبليّ البزّاز. سَمِعَ: ابن السّمّاك، وابن زياد النّقّاش. مات في ذي الحجّة. 91- أحمد بْن فتح بْن عَبْد الله بْن عليّ4: أبو القاسم المَعَافرِيّ القُرطبي، التّاجر المعروف بابن الرّسّان. روى عَنْ: إِسْحَاق بْن إبراهيم الفقيه، وحج، فأدرك: حمزة الكِنَانيّ، وأبا الحَسَن بْن عُقبة الرّازيّ، وابن رشيق. وروى "صحيح مُسْلِم" عَنْ أَبِي العلاء بْن ماهان.

_ 1- العبر "3/ 82"، والصلة لابن بشكوال "2/ 663". 2 الأنساب "8/ 370"، والعبر "3/ 89". 3 تاريخ بغداد "4/ 237". 4 سير أعلام النبلاء "13/ 124".

روى عنه: الصاحبان، ويونس بن عبد الله، وأبو عمر بن عبد البر، والخولاني، ومحمد بن عتاب. قال الخولاني: هو رجل صالح على هديٍ وسنة. صنف في الفرائض، وكان عنده فوائد جمة عوالي. وقال غيره: وُلد سنة تسع عشرة وثلاثمائة. وتوفي في ربيع الأول مختفيًا بعد طلبٍ شديد بسبب مالٍ طُلب منه. روى ابن حزم، عَنْ رجلٍ، عَنْهُ. 92- أحمد بْن فنّاخسْرو بْن الحَسَن بْن بُوَيْه1: السُّلطان بهاء الدّولة أبو نصر بْن السّلطان عَضُد الدّولة. مذكور بلَقَبِه. 93- أحمد بْن محمد بْن مسعود بْن الحبّاب2: أبو عُمَر القُرطبي الفقيه. قتلته البربر فيمن قتلوا يوم دخلوا قُرطبة في سادس شوّال. وكنا ذكرنا أنّ المهديّ محمد بْن هشام قُتل في آخر سنة أربعمائة، ورُدّ المؤيّد بالله إلى الخلافة. فبقى كذلك وجيوش البربر تحاصره، وراسلهم ابن عمّه سليمان بْن الحَكَم. واتّصل الحصار إلى شوّال من هذا العام، فدخلوا مَعَ سليمان قُرطبة وبذلوا السَّيف، وقتلوا المؤيد بالله، وقُتل بقُرْطُبَة نيفٌ وعشرون ألفًا، منهم خلْقٌ من العلماء والصُّلَحاء رحمهم الله. وبايعوا المستعين بالله سليمان بْن الحَكَم بْن سليمان بْن النّاصر لدين الله الأُمَويّ، فعاثَ وأفسد وأخرب البلاد إلى أن قُتل صبرًا في سنة سبعٍ وأربعمائة. 94- إسماعيل بْن الحَسَن بْن هشام3: سَمِعَ: أبا عَبْد الله المَحَامِليّ، وابن عُقدة، ومحمد بْن عُبَيْد الله بْن العلاء. وقال البَرْقانيّ: صدوق، ثقة. روى عَنْهُ: هبةُ الله اللالكائيّ، وأبو القاسم عليّ بْن البُسْري، وجماعة أخذ أبو القاسم ابن السَّمَرْقَنْديّ عَنْهُمْ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وصلى عَليْهِ أبو حامد الإسْفَرائينيّ. 95- إسماعيل بن عمر بن سَبَنك4: القاضي أبو الحسين البَجَليّ، من ولد

_ 1 المنتظم "7/ 264"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 143"، والعبر "3/ 83". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 27". 3 تاريخ بغداد "6/ 311"، والمنتظم "7/ 263". 4 تاريخ بغداد "6/ 312"، والمنتظم "7/ 263".

جرير بْن عَبْد الله. كَانَ يقضي بباب الأزج. يروي عن: أَبِي بَكْر الشّافعيّ، وأبي عَبْد الله بْن مُحرم. حدَّث عَنْ: ولده محمد، وعبد العزيز الأزجيّ. ثقة، مات ببغداد، رحمه الله. 96- أيْلك خان1: أخو الخان الكبير طُغان. تجهَّز أيلك في جيش طُغان ملك بلاد التُّرْك، فاستولى عَلَى بُخارى وسَمَرْقَنْد وأزال الدّولة السّامانيّة، وتوطَّد مُلكه. وكان قصد بلخ ليأخذها، فعجز عَنْ حرب ابن سُبكتكين، ووقع بينه وبين أخيه. فلمّا مات في هذه السنّة استولى أخوه طُغان عَلَى ما وراء النهر، واتّسعت ممالكه. فقصده ملك الصّين في مائة ألف خِركاه، فجمع طُغان وحشد، وتزلزل المسلمون، واشتد الخطب، ونفرَ للجهاد خَلْقٌ من المطَّوعة حتّى اجتمع لطُغان نحوٌ من مائة ألف مقاتل، وكثُر الابتهال والتّضرُّع إلى الله تعالى، والْتقى الْجَمْعان، والتطم البحران، وصبر الفريقان، ودامت الحرب أيّامًا عَلَى مَلاحم لم يُدْرّ مِن فَتْق العُروق، وضَرْب الحُلوق، واصْطدام الخيول، أصَوْات أنْواء، أم صَب دِماء، ولَمْع بُرُوق، أو وقع سُيوف، وظُلمة ليل، أمْ نَقْع خيْل. فيا لها ملحمة من ملاحم الإسلام لم يُعهد مثلها في هذه الأعوام، وفي كلّ ذَلِكَ يتولّى الله بِنَصْرِهِ، حتى وثقَ المؤمنون بالتّأييد، وتلاقوا ليومٍ عَلَى فَيْصل الحرب. وثبتوا، ولذّ لهم الموتُ، حتّى قَالَ أبو النّصر محمد بْن عَبْد الجبّار في تاريخه: فغادروا من جماهير الكُفّار قريبًا من مائة ألف عنان صَرْعى عَلَى وجه البسيطة، عَنْ نفوسٍ موقوذة، ورؤوس منْبوذة، وأيدٍ عَنِ السّواعد مجزوزة، بدعوة جفلاء للسّباع والطُّيور. وأفاءَ الله عَلَى المسلمين مائة ألف غلام كالبدور، وجواري كالحُور، وخيل ملأت الفضاء، وضاقت بها الغَبْراء. فعمَّ السُّرور، وزّينت المدائن والثُّغور. ولم ينشب طُغانُ بعد أن رجع من هذه الوقعة الميمونة أن تَوَّفاه الله سعيدًا شهيدًا، وتملّك بعده أخوه، فزوَّج السّلطان محمود ابنه بكريمة هذا الملك وعمل عُرسَه عليها وزُيّنت بلْخ. "حرف الباء": 97- بهاء الدّولة2: أبو نصر ابن السّلطان عَضُد الدّولة بن بويه الديلمي.

_ 1 النجوم الزاهرة "5/ 235". 2 تقدمت ترجمته قريبا.

تُوُفّي بأرّجان في جُمَادَى الأولى، وله اثنتان وأربعون سنة. وكانت أيّامه اثنتين وعشرين سنة ويومين. ومات بعِلة الصَّرَع، وولى بعدَه ابنه سلطان الدولة اثنتي عشر سنة. وولى هُوَ السَّلطنة ببغداد بعد أخيه شَرَف الدّولة، وهو الّذي خلع الطّائع لله، كما تقدَّم. "حرف الحاء": 98- الحَسَن بْن حامد بْن عليّ بْن مروان1: أبو عَبْد الله البغداديّ الورّاق. شيخ الحنابلة. قَالَ القاضي أبو يَعْلَى: كَانَ ابن حامد مدرّس أصحاب أحمد وفقيههم في زمانه. وله المصَّنَفات العظيمة منها: كتاب "الجامع"، نحو أربعمائة جزء يشتمل عَلَى اختلاف العلماء. وله مصَّنفات في أُصول السُنّة، وأُصول الفقه، وكان معظّمًا في النُّفوس، مقَّدمًا عند الدّولة والعامّة. قَالَ الخطيب: روى عَنْ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الله الشّافعيّ، والخُتلي، وأبي بَكْر بْن مالك القطيعي. ثنا عنه عليّ الأهوازيّ. وقال أبو الحسين بْن الفرّاء في "طبقات الحنابلة" إنه سمع أَبِي بَكْر النّجّاد أيضًا، وأنّه تفقّه عَلَى أَبِي بَكْر عَبْد العزيز غلام الخلال، وغيره. وعليه تفقّه: القاضي أبو يَعْلَى، وأبو طَالِب العُشاري، وأبو بَكْر الخيّاط المقرئ. وكان قانعًا متعفّفًا، يأكل من نَسْخ يده ويتقّوت. وكان يُكثر الحجّ. قَالَ الخطيب: تُوُفّي بطريق مكّة. قلتُ ولعلّه هلكَ جوعًا وعطشًا. فإنّ هذا العام كانت وقعة القَرْعا، بطريق مكّة. وذاك أنّ بني خَفَاجة، قاتلهم الله، أخذوا الرَّكْب في القَرْعا، فَقِيل: إنَّه هلك خمسة عشر ألف إنسان من الوفْد. فإنا لله وإنا إِليْهِ راجعون. 99- الحُسين بْن الحَسَن بْن محمد بْن حليم2. القاضي أبو عَبْد الله الحليمي البخاري الفقيه الشافعي.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 171- 177"، والبداية والنهاية "11/ 349"، والنجوم الزاهرة "4/ 232". 2 المنتظم "7/ 264"، هدية العارفين "1/ 308"، والأعلام "2/ 235".

أوحدُ الشّافعّيين بما وراء النَّهر، وأَنْظَرهم وآدَبُهُم بعد أستاذه أَبِي بَكْر القفّال، وأبي بَكْر الأَوْدِيّ. سَمِعَ: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد بْن جنْب، وبكر بْن محمد المَرْوَزِيّ، وغيرهما. وكان مولده بجرجان سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة. وحُمل إلى بُخارى صغيرًا. وقيل: بلُ ولِد بِبُخَارَى. وكان رئيس أصحاب الحديث، وله التّصانيف المفيدة، ينقلُ منها البَيْهقيّ كثيرًا. وله وجوه حَسَنة في المذهب. روى عَنْهُ الحاكم مَعَ تقدمه. وتوفي في ربيع الأوّل. وروى عَنْهُ: أبو زكريا عَبْد الرحيم البخاريّ، وأبو سعد الكَنْجرودي. 100- الحسين بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن حاتم1: أبو عليّ الرُّوذْبَاريّ الطُّوسيّ. سَمِعَ: إسماعيل بْن محمد الصّفّار، وعبد الله بْن عُمَر بْن شَوْذب، والحُسَين بْن الحَسَن الطُّوسيّ، وأبا بَكْر بْن داسه، والقاسم بْن أبي صالح الهمداني. وحدَّث "بسُنن أَبِي دَاوُد " بَنْيسابور. وقد سمّاه أبو عَبْد الله الحاكم وَحْده: الحَسن، وقال: كتبنا عَنْ أَبِيهِ، وعن جدّه. وقدم نَيْسابور بمسألة جماعة من الأشراف والعلماء ليحدّثهم بالسُّنن. وعُقد لَهُ المجلس في الجامع، فمرض ورُد إلى وطنه بالطّابَرَان، فُتُوفي في ربيع الأوّل. قلت: روى عَنْهُ: الحاكم، وأبو بَكْر البَيْهقيّ، وأبو الفتح نصر بْن عليّ الطُّوسيّ شيخ وجيه الشّحاميّ، وفاطمة بِنْت الدّقّاق، وخلْق. "حرف الخاء": 101- خَلَف بْن سَلَمَة بْن خميس2: أبو القاسم القُرطبي. روى عَنْ: عبّاس بْن أصْبَغ، وأبي عَبْد الله بْن نوح. وكان عَدْلًا. قُتل يوم أخْذ قُرطبة. "حرف السين": 102- سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد: أَبُو عَمْرو الكاغديّ. تُوفي في رجب بخُراسان.

_ 1 التقييد لابن النقطة "232، 233"، والعبر "3/ 85". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 163".

"حرف العين": 103- عبد الله بن إبراهيم بن عَبْد الله بْن محمد: أبو سَلَمَة الأزْديّ المتولّي الهَرَويّ. تُوفي في رمضان. 104- عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان1: أبو محمد بْن غلْبُون الخَوْلانيّ القُرطبي. روى عَنْ: مَسَلَمة بْن القاسم، وأبي جعفر بْن عَوْن الله. ورحل سنة إحدى وسبعين. وسمع بمصر من عتيق بن موسي "موطأ يحيى بن بُكير"، بسماعه من أبي الرقراق، بسماعه من أبي بُكير، ومن جماعة. ولد سنة ثلاثين وثلاثمائة، وتُوفي في شوال. روى عنه ابنه أبو عبد الله محمد. 105- عبد الله بن عبد العزيز بن أبي سُفيان2: أبو بكر الغافقي القُرطبي. روى عَنْ: أَبِيهِ. حدَّث عَنْهُ: الصّاحبان، وأبو حفْص الزّهْراويّ، ويونس بْن مُغيث، وقاسم بْن هلال، وعبد الرَّحْمَن بْن يوسف. تُوفي في رجب. 106- عَبْد اللَّه بْن محمد بْن يوسف بْن نصر3: الحافظ أبو الوليد بْن الفَرَضيّ القُرطبي. مصنّف "تاريخ الأندلس" أخذ عَنْ: أَبِي جعفر بْن عَوْن الله، وابن مُفرج، وعبد الله بْن قاسم، وخَلَفَ بْن القاسم، وعبّاس بْن أَصْبَغ، وخلْق. وحجّ، فأخذ عَنْ: يوسف بْن الدّخيل، وأحمد بْن محمد بْن المهندس، والحسن بْن إسماعيل الضّرّاب، وأبي محمد بن أبي زيد، وأحمد بن رحمون، وأحمد بن نصر الداوودي. وله مصنف في "أخبار شطر الأندلس"، وكتاب في "المؤتلف والمختلف"، وفي "مُشتبه النسبة". روى عنه ابن عبد البر، وقال: كان فقيها عالما فِي جميع الفنون فِي الحديث والرجال. أخذتُ معه عَنْ أكثر شيوخي. وكان حسن الصُّحبة والمعاشرة. قتلته البربر، وبقي مُلقي في داره ثلاثة أيام.

_ 1 العبر "3/ 155"، وهدية العارفين "1/ 45". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 251". 3 البداية والنهاية "11/ 351"، وكشف الظنون "285"، والأعلام "4/ 121".

أنشدنا لنفسه: أسيرُ الخطايا عند بابِك واقفُ ... عَلَى وَجَل ممّا بِهِ أنتَ عارفُ. يخافُ ذُنُوبًا لم يغبْ عنك غَيْبُها ... ويرجوك فيها فهو راجٍ وخائفُ. ومن ذا لذي يرجو سِواك ويتقي ... ومالك في فصلِ القضاء مُخالفُ. فيا سَيدي، لا تُخزِني في صحيفتي ... إذا نُشرتْ يوم الحساب الصحائفُ وكُن مؤنسي في ظُلمة القبر عندما ... يصدُّ ذَوُو ودّي ويجفو المُوالِفُ. لئن ضاق عنّي عَفْوكَ الواسع الّذي ... أرَجَّى لإسرافي فإنيّ لتالفُ1. وقال أبو مروان بن حيان: وممن قُتل يوم فتح قُرطبة الفقيه الأديب الفصيح ابن الفَرَضيّ، ورؤي متغّيرًا من غير غسلٍ ولا كَفَن ولا صلاة. ولم يُر مثله بقُرطبة في سعة الرواية، وحِفظ الحديث، ومعرفة الرجال، والافتتان في العلوم والأدب البارع. ووُلِد سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وحجّ سنة اثنتين وثمانين. وجمعَ من الكُتُب أكثر ما جمعَه أحدٌ من علماء البلد. وتقلد قراءة الكُتب بعهد العامريّة. واستقضاه محمد المهديّ ببلِنْسيَة وكان حسَن البلاغة والخطّ. وقال الحُميدي: ثنا عليّ بْن أحمد الحافظ: أخبرني أبو الوليد بْن الفَرَضيّ قَالَ: تعلقتُ بأستار الكعبة، وسألت الله الشّهادة، ثمّ انحرفتُ وفكرتُ في هَوْل القتْلِ، فندمتُ، وهممتُ أن أرجعُ، فأستقيل الله ذَلِكَ، فاستحْيَيتُ. قَالَ الحافظ أبو محمد بْن حزْم: فأخبرني من رآه بين القتلي ودَنَا منه فسمعه يَقُولُ بصوتٍ ضعيف: "لا يَكْلَم أحدُ في سبيل الله، والله أعلم بمن يَكْلَم في سبيله إلا جاء يَوْمَ الْقِيَامَةِ وجُرحه يثعبُ دَمًا، اللَّوْنُ لَوْنُ الدّم، والرّيح رِيح المِسك" 2 كأنه يُعيد عَلَى نفسه الحديث الوارد في ذَلِكَ. قَالَ: ثمّ قضي على إثر ذلك رحمه الله.

_ 1 نفح الطيب "2/ 129"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1087". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "2803"، ومسلم "1876"، وغيرهما.

وأنشد لَهُ ابن حزْم رحمه الله: إنّ الّذي أصبحتُ طَوْع يمينهِ ... إنّ لم يكن قمرًا فليس بدونهِ. ذُلي لَهُ في الحبّ من سُلطانه ... وسَقَام جسْمي من سَقام جُفونهِ. 107- عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن سَعِيد بْن ذُنين بْن عاصم1: أبو المُطرف الصَّدَفيّ الطُّلَيْطُليّ. روى عَنْ: أَبِي المُطرف عَبْد الرَّحْمَن بْن عيسى، ومَسْلَمَة بْن القاسم، وتميم بْن محمد. وحجّ سنة إحدى وثمانين، وأخذ عَنْ: أَبِي بكر المهندس، وأبي إِسْحَاق الثّمّار، وأبي الطيب بْن غلْبُون، وأبي محمد بْن أَبِي زيد. وكان ذا عناية بالحديث. شُهر بالعلم والعمل والورع والتعَفُّف. وكان يَعِظ ويُذكر. وكان النّاس يرحلون إِليْهِ لثبته سعة روايته. وله تصانيف. روى عَنْهُ: ابنه عَبْد الله، وجماعة. وتوُفي في ذي القعدة، وهو في عَشْر الثّمانين. 108- عَبْد العزيز بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد الملك بن جهور القُرطبي2: أبو الأصبغ روى عَنْ: أَبِي بَكْر محمد بْن معاوية، وأحمد بْن سَعِيد بْن حزم. وروى عَنْهُ: أبو عمر بن عبد البَرّ، وأبو عبد الله الخولاني. تُوُفّي فِي ذي الحجَّة. 109- عَبْد الملك بْن عليّ بْن محمد بْن حاتم: أبو عليّ الشّيرازيّ السمْسار. مات بشيراز في رمضان. 110- عليّ بْن محمد بْن خَلَف3: الإمام أبو الحَسَن المعافريّ القَرَويّ القابِسيّ الفقيه المالكيّ، عالم أهل إفريقّية. حجّ، وسمع: حمزة بْن محمد الكِناني، وأبا زيد المَرْوَزِيّ، وجماعة. وأخذ بإفريقيّة عَنْ: ابن مسرور الدّبّاغ، ودرّاس بْن إسماعيل. وكان حافظًا للحديث وِعَلله ورجاله، فقيهًا أُصُوليًّا متكلّمًا، مصنّفًا صالحًا منقبًا. وكان أعمي لا

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 274"، والصلة لابن بشكوال "1/ 313". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 368". 3 البداية والنهاية "11/ 351"، والنجوم الزاهرة "4/ 233"، وهدية العارفين "1/ 685".

يرى شيئًا، وهو مَعَ ذلك من أصحّ النّاس كُتُبًا، وأجودهم تقْييدًا. يضبط كُتُبه ثقاتُ أصحابه. والّذي ضبط لَهُ "صحيح الْبُخَارِيّ" بمكّة رفيقه أبو محمد الأصيلي. ذكره حاتم الأطرابلس فقال: كَانَ زاهدًا ورِعًا يقظًا، لم أَرَ بالقَيْروان إلا معترِفًا بفضله. تفقّه عَليْهِ: أبو عِمران القابِسيّ، وأبو القاسم اللّبيديّ، وعَتيق السُّوسيّ، وغيرهم. وألّف تواليف بديعة ككتاب "الممهّد في الفقه"، و"أحكام الديانات" و"المنقذ من شُبه التأويل"، وكتاب "المنبّه للفِطَن من غوائل الفِتَن"، وكتاب "مُلخَّص الموطّأ"، وكتاب "المناسك"، وكتاب " الاعتقادات"، وسوى ذَلِكَ من التّصانيف. وكان مولده سنة أربعٍ وعشرين وثلاثمائة. وتوفي في ربيع الآخر بمدينة القَيْروان. وبات عند قبره خلْق من النّاس، وضُربت الأخبية لهم. ورثاه الشعراء. وقيل لَهُ القابسيّ لأنّ عمه كَانَ يشدّ عمامته شدّة قابسيّة. وممّن روى عَنْهُ: أبو محمد عَبْد الله بْن الوليد بْن سعد الأنصاريّ الفقيه مِن شيوخ أَبِي عَبْد الله الرّازيّ. قَالَ أبو عَمْرو الدّانيّ: أبو الحَسَن بْن القابسيّ أخذ القراءة عرْضًا عَنْ أَبِي الفتح بْن بدهن. وعليه كَانَ اعتماد إقراء القرآن بالقيروان دهرًا. ثم قطَعَ الإقراء لما بلغه أنّ بعض أصحابه أقرأَ الوالي. ثمّ أعمل نفسَه في درس الفقه ورواية الحديث، إلى أن رأس فيهما وبرع، وصار إمام عصره، وفاضِل دهره. كتبنا عَنْهُ شيئًا كثيرًا. وبقي في الرحلة من سنة اثنتين وخمسين إلى سنة سبعٍ وخمسين وثلاثمائة، رحمة الله. 111- عَلَى بْن محمد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ: أبو القاسم النوشجاني. مات في رمضان. "حرف الفاء": 112- فتح بْن إبراهيم1: أبو النصر الأموي القشاري الطليطلي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 460، 461".

حج، وسمع بمكّة من الأجُرّيّ، وبمصر، والقيروان. وكان صالحًا عابدًا قانتًا مجتهدًا في طلب العلم. روى عَنْهُ: أبو جعفر بْن ميمون. وتوفي في رجب وله ثمانون. "حرف الميم": 113- محمد بْن سَعِيد بْن السَّريّ1: أبو عَبْد الله الأُمَويّ القُرطبي الحرار. رحل، ولقي أبا عَبْد الله البلخي، والحَسَن بْن رشيق، ومحمد بْن موسى النّقّاش. وصنَّف كتاب "يوم وليلة"، وكتاب "واضح الدّلائل" روى عَنْهُ: أبو عَبْد الله بْن عَبْد السّلام الحافظ، وأبو حفص الزّهْراويّ. قتلته البربر في دخولهم قُرطبة. وكان استقبلهم شاهرًا سيفه يناديهم: إلي إليَّ يا حطَب النّار، طُوبى لي إنّ كنتُ من قتلاكم. فقتلوه رحمه الله عَليْهِ. وكان قد امْتُحِنَ في العصبيّة مَعَ محمد بْن أَبِي عامر، فأخرجه من قُرطبة، ثمّ رجع. 114- محمد بْن الطّيب بْن محمد بْن جعفر بْن القاسم2: القاضي أبو بَكْر الباقلانيّ، صاحب التّصانيف في علم الكلام. سكن بغداد. وكان في فنهِ أوحد زمانه. سَمِعَ: أبا بَكْر القَطِيعيّ، وأبا محمد بْن ماسي. وخرّج لَهُ أبو الفتح بْن أبي الفوارس. وكان ثقة عارفًا بعلم الكلام. صنف في الرّدّ عَلَى الرافضة والمعتزلة والخوارج والْجَهْميّة. وذكره القاضي عِياض في "طبقات الفقهاء المالكيّة"، فقال: هُوَ الملقب بسيف السُّنّة ولسان الأمّة، المتكلّم عَلَى لسان أهلِ الحديث وطريق أبي الحَسَن الأشعريّ. وإليه انتهت رئاسة المالكيّين في وقته. وكان له بجامع المنصور حلقة عظيمة. روى عَنْهُ: أبو ذَرّ الهَرَويّ، وأبو جعفر محمد بْن أحمد السّمْناني، والحسين بْن حاتم. قَالَ الخطيب: كَانَ وِرْدُه كلّ ليلةٍ عشرين ترويحة في الحَضَر والسَّفَر، فإذا فرغ منها كتب خمسًا وثلاثين ورقة من تصنيفه. سمعتُ أبا الفرج محمد بن عمران يقول

_ 1 الديباج المذهب "319"، وهدية العارفين "2/ 59". 2 المنتظم "7/ 265"، والبداية والنهاية "11/ 350".

ذَلِكَ. وسمعتُ عليّ بْن محمد الحربيّ يَقُولُ: جميع ما كَانَ يذكر أبو بَكْر بْن الباقِلانيّ من الخلاف بين النّاس صنّفه من حفظه، وما صنَّف أحدٌ خلافًا إلا احتاج أن يُطالع كُتب المخالفين سوى ابن الباقلانيّ. قلت: أخذ ابن الباقِلانيّ عَلْم النَّظَر عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مجاهد الطائي صاحب الأشعري. وقد ذهب في الرَسْليّة إلى ملك الروم، وجرت لَهُ أمور، منها أنّ الملك أدخله عَليْهِ من باب خَوْخة ليدخل راكعًا للملك، ففطِن لها ودخلَ بظهر. ومنها أنّه قَالَ لراهبهم: كيف الأهل والأولاد؟ فقال لَهُ الملك: أما علمتَ أنّ الراهب يتنزه عَنْ هذا؟ فقال: تنزهّونه عَنْ هذا ولا تنزّهون الله عَنِ الصّاحبة والولد؟!. وقيل: إنّ طاغية الرّوم سأله كيف جرى لعائشة، وقصد توبيخه، فقال: كما جري لمرْيم فبّرأ الله المرأتين، ولم تأتِ عَائِشَة بولد. فأفحمَه فلم يُحر جوابًا. قَالَ الخطيب: سَمِعْتُ أبا بكر الخوارزمي يقول: كل مصنف ببغداد إنّما ينقل من كُتب النّاس إلى تصانيفه، سوى القاضي أَبِي بَكْر، فإنّ صدره يحوي عِلْمه وعلم النّاس. وقال أبو محمد الياميّ1: لو أوصي رَجُل بثُلُث ماله لأَفْصَح النّاس لَوَجَب أن يدفع إلى أبي بَكْر الأشعريّ. وقال الإمام أبو حاتم محمود بْن الحسين القزوينيّ: كَانَ ما يُضْمره القاضي أبو بَكْر الأشعريّ من الورع والدّيانة أضعاف ما كَانَ يُظهره، فقيل لَهُ في ذَلِكَ فقال: إنّما أظهر ما أظهره غيظًا لليهود، والنّصارى، والمعتزلة، والرّافضة، لئلا يستحقروا علماء الحقّ. وأُضمر ما أضمره، فإني رأيت آدم مَعَ جلالته نوديّ عَليْهِ بذوقه، وداود بنظره، ويوسف بهمّه، ونبيّنا بخطره عَليْهِم السّلام. ولبعضهم في أَبِي بَكْر الباقِلانيّ: أنظر إلى جبلٍ تمشي الرجال بِهِ ... وانظر إلى القبر ما يحوي من الصلفِ وانظر إلى صارم الإسلام مغتمدًا ... وانظر إلى دُرة الإسلام في الصدفِ2 وتُوُفّي في ذي القعدة لسبعٍ بقين منه. وصلى عَليْهِ ابنه الحسَن. ودُفن بداره، ثمّ نُقل إلى مقبرة باب حرب.

_ 1 وفي سير أعلام النبلاء "13/ 116" قال: وقال: "أبو محمد الباقي" بدلا من "اليامي" وباق: هي إحدى قرى خوارزم، وانظر الأنساب "1/ 263، 264". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 116".

115- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عفّان بْن سَعِيد1: أبو جعفر الأسَديّ القُرطبي. سَمِعَ من: أَبِيهِ كثيرًا. ومن: قاسم بْن أصْبَغ، ووهْب بْن مَسَرَّة في الصّغَر مَعَ والده. روى عَنْهُ: قاسم بْن إبراهيم الخزرجي، وأبو عمر ابن عبد البر، وغيرهما. ولُد سنة عشرين وثلاثمائة، وقيل بعدها. 116- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن محبور: أبو عَبْد الرَّحْمَن الدّهّان. لَهُ فوائد مُنْتَقَاة، روى فيها عَنْ: أَبِي حامد بن بلال، فمن بعده. وتوفي بَنْيسابور في هذه السّنة أو بعدها. 117- محمد بْن قاسم بْن محمد2: أبو عَبْد الله الأُمويّ القُرطبي الجالطيّ. وجالطة: من قُرى قُرطبة. روى عَنْ: أَبِي عُبَيْد الجُبيري. وعن: أَبِي عَبْد الله الرّياحيّ، وغيرهما. وحجّ سنة سبعين، وأخذ هناك عَنْ جماعة. وسمع منه: أبو محمد بْن زيد كتاب "رد الزُبيري على ابن مَسَرَّة". وكان من أهل العلم والحفظ والصّلاح، من الفُقَهاء والأُدباء. ولي الشُّورَى مع أَبِي بَكْر التُّجِيبيّ. وولي الصّلاة بجامع الزّهْراء. وولي أحكام الشَّرْطة. واستشهد عَلَى يد البربر يوم تغلُّبهم عَلَى قُرطبة. وكان مولده سنة ست وثلاثين وثلاثمائة. حدَّث عَنْهُ: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وغيره. 118- محمد بْن موسى3: أبو بَكْر الخوارزمي الحنفيّ. شيخ أهل الرأي ومُفتيهم. وانتهت إليه الرّئاسة في مذهب أَبِي حنيفة بالعراق. وكان قد تفقّه عَلَى أَبِي بَكْر الرّازيّ أحمد بْن عليّ. وسمع الحديث من أَبِي بَكْر الشّافعيّ. روى عَنْهُ أبو بَكْر البَرْقانيّ، وقال: سمعته يَقُولُ: ديننا دين العجائز ولسنا من الكلام في شيء. وكان لَهُ إمام حنبليّ يصلي به. وقال القاضي أبوعبد الله الصَّيْمريّ: ثمّ صار إمام أصحاب أبي حنيفة ومُفتيهم شيخنا أبو بَكْر محمد بْن موسي الخوارزمي، وما شاهدَ النّاس مثله في حسن الفَتْوَى وحُسن التّدريس. وقد دُعي إلى ولاية الحكم مرارًا فأمتنع وتُوُفّي في جُمادى الأولى رحمه الله.

_ 1تاريخ بغداد "5/ 382". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 490، 491". 3 المنتظم "7/ 266"، والبداية والنهاية "11/ 351"، والفوائد البهية "201، 202" للكنوي.

"حرف الهاء": 119- هبة الله بْن الفضيل بْن محمد: أبو يَعْلَى الفضيلي الهَرَويّ. روى عَنْهُ: إِسْحَاق القرّاب في ذي القعدة. هشام بْن الحَكَم: يحوَّل إلى هنا. 120- الهيثم بْن أحمد بن محمد بن سَلَمَة1: أبو الفَرَج القُرشي الدّمشقيّ الفقيه الشّافعيّ، المعروف بابن الصّبّاغ. إمام مسجد سوق اللُّؤلؤ. قرأ عَلَى: أَبِي الفَرَج الشنبُوذي، وأبي الحَسَن عليّ بْن محمد بْن إسماعيل. وصنَّف قراءة حمزة. وحدَّث عَنْ: ابن أَبِي العقِب، وأبي عَبْد الله بْن مرْوان، وأبي عليّ بْن آدم، وجماعة. روى عَنْهُ: عليّ بْن محمد بْن شجاع، وعليّ الحِنّائيّ، وأبو عليّ الأهوازيّ، وآخرون. وكان من فُضلاء الشّاميّين. تُوُفّي في ربيع الأوّل. "حرف الياء": 121- يوسف بْن هارون2: أبو عُمَر الرَّماديّ القُرطبي. شاعر أهل الأندلس في عصره. روى كتاب "النّوادر" لأبي عليّ القاليّ. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ قطعة من شعره. وكان يُلقب بأبي جَنِيش. وكان فقيرًا مُعدمًا في آخر أيّامه، ومنهم من يلقّبه بأبي رماد. وروى عَنْهُ من القدماء الوليد بْن بَكْر الأندلسيّ قوله من قصيدة: أضعُتمُ الرُشد في مُحبٍ ... لَيْسَ يرى في الهوى جناحاَ بُحتْ بحبّي ولو غرامي ... يكون في جلمدٍ لباحا لم يستطيع حمل ما يُلاقي ... فشق أثوابه وناحا

_ 1 غاية النهاية "2/ 357". 2 معجم الأدباء "20/ 62"، والأعلام "5/ 255"، ويتيمة الدهر "2/ 10".

تُحير المُقلتين، قل لي: ... هَلْ شربَتْ مُقلتاك راحَا؟ نفسي فِدا لِمة وقد ... كحَلت اللَّيلَ والصَّباحَا ومُقلةٍ أولعتْ بقتلي ... قد صيّرت لحْظَها سلاحا وعقربٍ سُلطت علينا ... تملأ أكبادَنا جراحَا ومن قصيدته في أَبِي عَلَى القاليّ، أوّلها: مَن حاكم بيني وبين عذُولي ... الشّجْوُ شَجْوي والعويلُ عَوِيلي في أيّ جارحةٍ أصون مُعذبي ... سلمتْ من التّعذيب والتنكيلِ إنّ قلتُ في بَصَري فَثَّم مَدَامعي ... أو قلتُ في كَبِدي فَثَمّ غليلي وله في أَلْثَغ: لا الرّاء تطمع في الوصال ولا أنا ... لهجرُ يجمعنا ونحن سواءُ فإذا خلوتُ كتبْتُها في راحتي ... وبكيتُ منتحبًا أَنَا والراءُ وله: لا تُنكروا غُزر الدُّموع فكُلّما ... ينحلُ من جسميِ يصير دموعا والعبدُ قد يَعْصِي وأحلف أنّني ... ما كنتُ إلا سامعًا ومُطيعا قولوا لمن أخذ الفؤاد مسلّما ... يمنُن عليّ بِرَدّهِ مصدوعَا ومن شعره في صاحب سرقُسطة عَبْد الرحمن بن محمد التُجيبي، وأجازه بثلاثمائة دينار: قفوا تشهدوا بثّي وإنكار لائمي ... عليَّ بكائي في الرُسوم الطّواسم أنأمنُ مِن أنْ تغدُو حريق تَنَفُّسي ... وإلا غريقًا في الدّموع السَّواجم وما هِيَ إلا فُرقةٌ تبعث الأَسَى ... إذا نزلت بالنّاس أو بالبهائم وله: قَالُوا: اصطبر وهو شيء لستُ أعرفه ... من لَيْسَ يعرف صبرًا كيف يصطبرُ أوُصي الخَلِيَّ بأن يُغضي الملاحظ عَنْ ... غرِّ الوجوه، ففي إهمالها غررُ

وفاتنُ الحُسنِ قتالُ الهَوَى، نظرتْ ... عيني إِليْهِ، فكان الموتُ والنظرُ ثمّ انتصرتُ بعيني وهي قاتلتي ... ماذا تريد بقتلي حين تنتصرُ؟ وقد كَانَ المستنصر بالله سجَنه مُدَّةً لَكْونه هجاه تعريضًا في بيتٍ، فقال: يُولي ويَعْزِل من يومه ... فلا ذا يتمُ ولا ذا يتمُ. وفيات سنة أربع وأربعمائة: "حرف الألف": 122- أحمد بْن عليّ بْن عَمْرو1: الحافظ أبو الفضل السُليماني البِيكنْدِيّ البخاريّ. رحل إلى الآفاق، ولم يكن لَهُ نظيرٌ في عصره ببُخارى حِفظًا وإتقانًا، وعُلو إسناد، وكثْرة تصانيف. سمع: محمد ابن حَمْدَوَيْهِ بْن سهل، وعليّ بْن إِسْحَاق المادرائيّ، ومحمد بْن يعقوب الأصمّ، ومحمد بْن صابر بْن كاتب البخاريّ، ومحمود بْن إِسْحَاق الخُزاعي، وصالح بْن زُهير البُخاريين، وعليّ بْن سختُويه، وعليّ بْن إبراهيم بْن معاوية، النَّيْسابوريّيْن، وعبد الله بْن جعفر بْن فارس الإصبهانيّ. قَالَ ابن السَّمْعانيّ في كتاب "الأنساب": السُليماني نُسب إلى جدّه لأمّه أحمد بْن سُليمان الِبْيكَنْديّ. لَهُ التّصانيف الكِبار. وكان يصنّف في كلّ جمعة شيئًا، ويدخل من بِيكَنْد إلى بُخارى، ويحدَّث بما صنَّف. روى عَنْهُ: جعفر بْن محمد المستغفريّ، وولده أبو ذَرّ محمد بْن جعفر، وجماعة بتلك الدِّيار. تُوُفّي في ذي القعدة، وله من العُمر ثلاثٌ وتسعون سنة. فإنه ولد إحدى عشرة وثلاثمائة. 123- أحمد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن بِشْر2: أبو عَبْد الله القطّان. بغداديّ، ثقة. سَمِعَ: الحسين بْن عيّاش، وعثمان بْن السّمّاك. وعنه: أبو محمد الخلال.

_ 1 الأنساب "7/ 122"، والعبر "3/ 87". 2 تاريخ بغداد "4/ 319".

124- أحمد بْن محمد بْن نفيس1: أبو الحسين المَلَطيّ. روى عَنْ: الحَسَن بْن حبيب الحصائريّ الدّمشقيّ. روى عَنْهُ: عليّ الحِنّائيّ، وأبو عليّ الأهوازيّ. وكان عَدْلًا. 125- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن إبراهيم الْجَوْزيّ البَرَويّ: خُراساني. تُوُفّي في ربيع الآخر. 126- إبراهيم بْن عَبْد الله بْن حصْن2: أبو إِسْحَاق الغافِقّي الأندلُسيّ. محتسب دمشق. طوف البلاد، وسمع: أبا بَكْر القَطيعيّ ببغداد، وأبا الطّاهر الذّهْليّ بمصر، وأبا أحمد الغِطْريفيّ بجُرْجان، والمَيَانجيّ بدمشق، وولي حسبتها سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة. روى عَنْهُ: أبو نصر الحبّان. قَالَ ابن الأكفانيّ: حكى لنا شيوخنا أنّ هذا كَانَ صارمًا في الحسْبة. وكان بدمشق قَطَائِفيّ، فكان المحتسب يريد أن يؤذيه، فإذا رآه مقبلًا قال: بحقّ مولانا أمضِ عنّي. فيمضي عَنْهُ. فغافله يومًا وأتاه من خلفه وقال: وحق مولانا لا بد أن تنزل. فأمرَ بإنزاله وتأديبه. فلمّا ضُرب دِرَّةً قَالَ: هذه في قفا أبي بَكْر. فلما ضُرب الثّانية قَالَ: هذه في قفا عُمَر. فلما ضُرب الثّالثة قَالَ: هذه في قفا عثمان. فقال المحتسب: أنت لا تعرف أسماء الصحابة، والله لأصفعنك بعدد أهل بدر ثلاثمائة وبضعة عشر. فصفعه بعدد أهل بدرٍ وتركه. فمات بعد أيّام من ألم الصَّفْع. فبلغ إلي مصر، فأتاه كتاب الحاكم يشكره عَلَى ما صنع. وقال: هذا جزاء مَن ينتقص السَّلَف الصالح3. تُوُفّي أبو إِسْحَاق في ذي الحجّة. "حرف الحاء": 127- حاتم بْن محمد بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن محمود: الشَّيْخ أبو محمود بن أبي محمود بْن أَبِي حاتم المحموديّ الهَرَويّ المحدث ابن المحدث ابن المحدث. له

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 81"، وفيه "المالكي" ولعله وهم منه. 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 222"، والوافي بالوفيات "6/ 37، 38". 3 التهذيب "2/ 222، 223".

مصنَّف في السُنن نحو مائة جزء. وكان من حُفاظ هَرَاة. روى عَنْ: الحَسَن بْن عَمران الحْنظليّ، وحامد الرّفّاء، وهذه الطّبقة. روى عَنْهُ: نجيب الواسطيّ. 128- حبيب بْن أحمد بْن محمد بْن نصر1: أبو عَبْد الله الشَّطْجيريّ، الشّاعر الأديب القُرطبي. مولي بني أُمَيّة. روى عَنْ: قاسم بْن أصْبَغ، وأبي عليّ البغداديّ، وثابت بْن قاسم. وكان مولده في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. روى عَنْهُ: أبو عَمْرو الدّانيّ، وقاسم بْن هلال. وخرج من قُرطبة هذا العام وانقطع خبره. 129- الحسين بْن عثمان بْن عليّ البغدادي2: أبو عَبْد الله المجاهديّ المقرئ الضّرير. نزيل دمشق. تُوُفّي في جمادى الأولى، وقد جاوز المائة. كذا ورّخه الأهوازيّ. وورّخه الكتّانيّ سنة أربعمائة. وقال رشأ بن نظيف: قرأت عليه برواية أبي عمرو، وأخبرني أنّ ابن مجاهد علّمه القرآن كله. قلت: وهو آخر مَن قرأ عَليْهِ ابن مجاهد. 130- الحَسَن بْن عليّ: أبو محمد السجِسْتانيّ. القاضي الخطيب. تُوُفّي في جمادى الآخرة. 131- الحسين بْن أحمد بن جعفر3: أبو عبد الله بن البغداديّ الزّاهد. كَانَ ورِعًا زاهدًا خاشعًا صادقًا فقيهًا حنبليا. سَمِعَ: عَبْد الله بْن إِسْحَاق الخُراساني. روى عَنْهُ: القاضي محمد بْن الحُسين أبو يعلى. وتوفي في شعبان. وكان كبير الّشأن لا ينام إلا عَنْ غَلَبَة، ولا يدخل حمّامًا. وربّما كان يخرج رأسه ميشوم أو وجهه. كان ينعس فيقع عَلَى المحبرة، أو عَلَى المَجمَرة، رحمه الله. "حرف الزاي": 132- زكريّا بْن خَالِد بْن زكريّا بْن سِماك4: أبو يحيى الضّنّيّ، من أهل

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 154". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 360"، وغاية النهاية "1/ 243، 244". 3 البداية والنهاية "11/ 352"، المنتظم "7/ 267". 4 الصلة لابن بشكوال "1/ 191".

وادي آش، مدينة بالأندلس. روى عَنْ: سَعِيد بْن فحلُون، وقاسم بْن أصْبَغ. ووُلِد سنة عشرة وثلاثمائة في المحرَّم. ومات في آخر سنة أربع. روى عَنْهُ: أبو عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عُمَر بْن الحذّاء وقال: هُوَ صحيح الرّواية عن سَعِيد بْن فحلُون. 133- زيد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد1: أَبُو الْحَسَن التنوخي البلوطي، نزيل أكواخ بانياس. حدث عن شيخه إبراهيم ابن مهديّ البَلُّوطيّ بكتاب "الجوع". روى عَنْهُ: عليّ الحِنّائيّ، وأبو عليّ الأهوازيّ، وجماعة. وقال الكتّانيّ: تُوُفّي زيد البُّلوطي العابد في شَعْبان، ودُفن بباب كَيْسان. وكان سالم المذهب. "حرف السين": 134- سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد البَرّ2: أبو عثمان الثقفي المقريء، من أهل ثغر الأندلس. قرأ عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه المعافري بمصر سنة اثنتين وخمسين ثلاثمائة. وسمع من: حمزة الكناني، وغيره. قال أبو عَمْرو الدّانيّ: سمعته يَقُولُ: أصلي من الطّائف، وحججتُ سنة تسعٍ وأربعين. مات بسَرَقُسْطة سنة أربعٍ وأنا بها. 135- سليمان بْن بَيْطير بْن سليمان بْن ربيع3: أبو أيّوب القُرْطُبيّ الكلبي الفقيه المالكي. كان رجلًا تقيا عارفًا بمذهب مالك، مصنّفًا مشاورًا. روى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن الأحمر، وأبي عيسى اللَّيْثّي، وابن القُوطيّة. وتُوُفّي بمالقة. وُلِد سنة ست وثلاثمائة. 136- سهل بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد4: الْإِمَام أبو الطيب ابن الإمام أَبِي سهل العِجْليّ الحنفيّ الصُّعْلُوكيّ النَّيْسابوريّ. الفقيه الشّافعيّ مفتي نَيْسابور وابن مُفتيها. تفقّه عَلَى: أَبِيهِ. وسمع من: أَبِي العبّاس الأصمّ، وأبي علي الرفاء، وجماعة من أقرانهما.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 16". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 213". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 196، 197". 4 الأنساب "8/ 64"، والبداية والنهاية "11/ 324 - 347"، وكشف الظنون "1100".

ودرس الفقه، واجتمع إِليْهِ خلْق. قَالَ أبو عَبْد الله الحاكم: هُوَ أنظَر من رأينا. وتخرّج بِهِ جماعة، وحدَّث وأملى. قَالَ: وبلغني أنه كان في مجلسه أكثر من خمسمائة محبرة. وقال أبو إسحاق: كان فقيهًا أديبًا جمع رئاسة الدين والدنيا. وأخذ عَنْهُ فقهاء نيسابور. وقال الحاكم: كَانَ أَبُوهُ يُجله ويقول: سهل والدٌ. قلت: روى عَنْهُ الحاكم، وأبو بَكْر البَيْهقيّ، ومحمد بْن سهل أبو نصر الشّاذياخيّ، وآخرون. ومن بديع نثره: مَن تصدَّر قبل أوانه، فقد تصدّي لهوانه. وقال: إذا كَانَ رِضى الخلْق معسورًا لا يُدركْ، كَانَ ميسوره لا يترك. إنما نحتاج إلى أخوات العِشْرة لزمان العُسْرة تُوُفّي رحمه الله في رجب. "حرف العين": 137- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن سَعِيد1: أبو المُطرف البكْريّ. عُرف بابن عجب القُرطبي الحافظ لمذهب مالك. كَانَ متبحّرًا في الفِقْه، من عُلماء قُرْطُبَة. تُوُفّي في ثاني المحرَّم من السَّنَة. 138- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عَبْد الغفّار بْن محمد بْن يحيى: أبو أحمد الهمذانيّ، إمام الجامع. الشّيخ الصّالح. روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان الجلاب، والقاسم بْن أَبِي صالح، وأبي عَبْد الله بْن أَوْس، ومحمد بْن يوسف الكِسائيّ، وأبي القاسم بْن عُبَيْد، وعبد الغفّار بْن أحمد الفقيه، وحامد الرّفّاء، وخلْق. رَوَى عَنْهُ: أَبُو مَسْعُود أحْمَد بْن مُحَمَّد البَجَليّ، وأبو منصور بْن عِيسَى، ويوسف خطيب همدان، وأحمد بْن عيسى بْن عبّاد الديَنَوريّ، وعبد الحميد بْن الحَسَن الفقاعيّ. قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة صدوقًا. وُلِد سنة أربع عشرة وثلاثمائة بأرْدَبِيل. ومات في جُمَادى الآخرة، وله تسعون سنة. وقبره يُزار. 139- عَبْد الملك بْن بكران بن العلاء2. أبو الفرج النهرواني المقرئ القطّان. من أعيان المقرئين بالرّوايات بالعراق. قرأ عَلَى: زيد بْن أَبِي بلال الكوفيّ، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم، وأبي بَكْر النّقّاش، وبكّار بْن أحمد، وأبي القاسم هبة الله بْن جعفر، وأبي بَكْر بْن مُقسم. وله مصنّف في القراءات. وسمع من: جعفر الخُلدي،

_ 1 الديباج المذهب "149". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 371"، وغاية النهار "1/ 467، 468".

وأبي بَكْر النّجّاد. روى عَنْهُ القراءات تلاوةً: أبو عليّ غلام الهَرَّاس، ونصْر بْن عَبْد العزيز الفارسيّ، وأبو عليّ الحَسَن بْن عليّ بْن عَبْد الله العطّار. وحدَّث عَنْهُ: أحمد بْن رضوان الصَّيْدلانيّ، وغيره. وكان عبدًا صالحًا قُدوة. وثّقه الخطيب، وقال: تُوُفّي في رمضان. 140- عَبْدَة بْن محمد بْن أحمد بْن ملّة. أبو بَكْر الهَرَوِيّ البّزاز. تُوُفّي في آخر السّنة. 141- عُبَيْد الله بْن القاسم المراغي1: أبو الحَسَن. حدَّث بأطْرابُلُس عَنْ: خَيْثَمَة بْن سليمان، وأبي العباس بْن عُتْبَة الرّازيّ. روى عنه: محمد بن علي الصوري، ومحمد بن أحمد بن عيسى السعدي. 142- علي بن جعفر بن محمد بن سعيد2: أبو الحسن الرازي المقرئ الخطيب. توفي في شعبان. 143- علي بن سعيد الإصطخري3: ثم البغدادي. القاضي أبو الحسن المعتزلي المتكلم. حدث عَنْ: إسماعيل الصّفّار. ذكره الخطيب، وجاوز الثمانين. 144- عمر بن روح بن عليّ بْن عبّاد4: أبو بَكْر النهْروانيّ، ثمّ البغداديّ. سَمِعَ: محمد بْن حَمْدَوَيْه المَرْوَزِيّ، والحُسين المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد. روى عَنْهُ: ابنه أحمد. وكان يذهب مذهب الاعتزال. وكان مولده سنة خمس عشرة وثلاثمائة، قاله الخطيب. "حرف الميم": 145- مأمون بْن الحَسَن. أبو عَبْد الله الهَرَوِيّ، الدّاووديّ. 146- محمد بْن أحمد بن أبي طاهر. أبوالطاهر الهروي الداوودي الفقيه.

_ 1 الكفاية في علم الرواية "445"، وتاريخ بغداد "1/ 310". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 370"، وغاية النهاية "1/ 529". 3 البداية والنهاية "11/ 352"، والمنتظم "7/ 268". 4 تاريخ بغداد "11/ 271".

147- محمد بْن أسد بْن هلال الأُشْنانيّ1. أبو طاهر المقرئ. قرأ عَلَى: أَبِي طاهر بْن أَبِي هاشم، وأبي بَكْر النّقّاش. وسمع من: أحمد بْن كامل. روى عَنْهُ: أبو نصر عُبَيْد الله السّجْزِيّ. 148- محمد بْن عَلِيّ بْن أحمد بْن أَبِي فَرْوة2: أبو الحسين المَلَطّي المقرئ. نزيل دمشق. روى عَنْ: محمد بْن شاه مرد الفارسيّ، ووهْب بْن عَبْد الله الحاجّ، ومُظفر بْن محمد بْن بشْران الرَّقّيّ روى عَنْهُ: عليّ الحِنّائيّ، وأبو نصر بْن الحيان، وجماعة. قَالَ علي الحنائي: سمعته يَقُولُ، وقد ظهر في الجامع من يقول باللفظ في القرآن والتّلاوة غير المَتْلُوّ، فقال لي: تقدر أن تضيف شعر امريء القيس إلى نفسك؟ قلت: لا. قَالَ: أليس إذا أنشده إنسان قلنا: شعر امريء القيس. فكذلك القرآن ممّن سمعناه قُلْنَا: كلام الله. ولا يجوز أن يضيفه إنسان إلى نفسه. 149- محمد بْن ميسور3. أبو عَبْد الله القُرْطُبيّ النّحّاس. سَمِعَ: وهْب بْن مَسَرَّة، وحجّ فسمع من الجُمحي. روى عَنْهُ: قاسم بْن إبراهيم. رحمه الله. "حرف الواو": 150- وَسيم بْن أحمد بْن محمد بْن ناصر بْن وسيم الأُمويّ4. أبو بَكْر القُرْطُبيّ المقرئ. يُعرف بالحَنْتَميّ. أخذ بقُرْطُبَة عن: أبي الحَسَن الأنطاكيّ. وحجّ، وأخذ بمصر عَنْ: عَبْد المنعم بْن غلْبون، وأبي أحمد السّامريّ، وأبي حفص بْن عِراك. وسمع بالقَيْروان من: أَبِي محمد بْن أَبِي زيد. وكتبَ شيئًا كثيرًا من القراءات والحديث والفقه. وحدَّث عَنْه: الخَوْلانيّ، وأبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ. وجماعة.

_ 1 غاية النهاية "2/ 100" "2854". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 383"، وغاية النهاية "2/ 206". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 492". 4 غاية النهاية "2/ 359" "3800".

"حرف الْيَاءِ": 151- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ واقد1. أبو بَكْر القُرْطُبيّ قاضي الجماعة. سَمِعَ: أبا عيسى اللَّيْثّي، وغيره. وحجّ، وناظر أبا محمد بْن أَبِي زيد. وكان فقيهًا حافظًا ذاكرًا للمسائل، بصيرًا بالأحكام، ورعًا متواضعًا ديّنًا، محمود الأحكام. وكان يؤذّن في مسجده ويُقيم الصّلاة في مدّة قضائه. وامتُحِن حين تغلَّب البربر عَلَى قُرْطُبَة، وبلغوا منه مبلغًا عظيمًا وسجنوه حتّى تُوُفّي في ذي القعدة. وصلى عَليْهِ حمّاد الزّاهد. قَالَ ابن حيّان: كَانَ أحد كُملاء الفُضَلاء بالأندلس. وقال عياض: كَانَ متبحّرًا في عِلْم المالكيّة، حاذقًا شديدًا عَلَى البرابرة وعلى خليفتهم المستعين. فلمّا خلعوا المؤيّد بالله وأقاموا صاحبهم المستعين كانوا أحنق شيء على القاضي ابن واقد. فاستخفى المسكين إلى أن عُثِر عَليْهِ عند امرَأَة، فَحُمِلَ راجلًا، مكشوف الرأس، يُقاد بعمامته. ونوديّ عَليْهِ: هذا جزاء قاضي النّصارَى وقائد الضلالة. وهو يَقُولُ: كذبتَ بِفيكَ الحَجَر، بل والله وليُّ المؤمنين، وعدّو المارقين، وأنتم شرُّ مكانًا، والله أعلم بما تصِفون. وأُدخل عَلَى المستعين فوبّخه، ثمّ أمر بصلْبه. وشُرع في ذَلِكَ، فاضطّرب البلد، ووردت شفاعة ابن المستعين وشفاعة بني ذَكْوان والفُقهاء والصُلَحاء، فَحُبِسَ حتى مات رحمه الله. ً وفيات سنة خمسٍ وأربعمائة: "حرف الألف": 152- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن عليّ بْن إِسْحَاق بْن فِراس2: أبو الحَسَن العبْقَسيّ المّكّي، العطار بمكّة. ورخه الحبّال، وغيره. وكان مولده سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة. وكان مُسند الحجاز في زمانه. روى عَنْ: أَبِي جعفر الدّبِيليّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله بْن المقرئ، وأبي التُّرْيك محمد بْن الحسين العَقَديّ الأطرابُلُسيّ، سَمِعَ منه بمكّة، وجماعة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 663". 2 الأنساب "8/ 370"، والعبر "2/ 89".

وسمع منه: أبو نَصْر عُبيد الله السّجزْيّ، وأبو عَمْرو الداني، وأبو محمد الحَسَن بْن الحُسَين التُّجَيْبيّ الفُرْشيّ، والحسن بْن عَبْد الرَّحْمَن الشّافعيّ. وقد دلّسه السّجْزيّ مرّة فقال: أنبا أحمد بْن أَبِي إِسْحَاق قاضي جُدة. 153- أحمد بْن عليّ البتّيّ الكاتب1: كاتب القادر بالله. كَانَ خطيبًا بليغًا وأديبًا شاعرًا. حدَّث عَنِ ابن مُقسم المقرئ. قاله الخطيب. 154- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد2: القاضي أبو العبّاس الكُرجي. عَنْ: العَبّادانيّ، والنّجّاد. وعنه: عَبْد العزيز الأزْجيّ، وغيره. 155- أحمد بْن محمد بْن موسي بْن القاسم3 بْن الصَّلْت بْن الحارث بْن مالك بْن سعد بْن قيس بْن عَبْد شُرحبيل بْن هاشم بْنِ عَبْدِ مَنَافَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصي بْن كِلاب العَبْدَريّ. أبو الحَسَن البغداديّ المُجبر. سَمِعَ: إبراهيم بْن عَبْد الصّمد الهَاشميّ، وأبا عَبْد الله المَحَامِليّ، وأحمد بْن عبد الله وكيل أبي صَخْرة، وأبا بَكْر بْن الأنباريّ. روى عَنْهُ: عُبيد الله الأزهري، وعليّ بْن أحمد بْن البُسْريّ، وخلْق آخرهم مالك البانياسي. قَالَ الخطيب: سُئل البَرْقانيّ وأنا أسمع عَنِ ابن الصَّلْت المُجبر فقال: ابنا الصَّلْت ضعيفان. قَالَ: وسألت حمزة بْن محمد بْن طاهر عَنْهُ فقال: كَانَ صالحًا دَينًا. وسمعتُ عَبْد العزيز الأزْجيّ يَقُولُ: عمد ابن الصَّلْت إلى كُتب لابن أبي الدنيا فحدث بها عن البردعي. بُشير الأزْجيّ إلى أنّ هذه الكُتب لم تكن عَنْد البَرْدَعيّ. تُوُفّي فِي رجب، وله إحدى وتسعون سنة. قلت: الكاشَغْريّ آخر من روى حديثه بعُلوٍ.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 320" "2125". 2 تاريخ بغداد "4/ 368". 3 ميزان الاعتدال "1/ 132"، وشذرات الذهب "3/ 174".

"حرف الباء": 156- بَكْر بْن شاذان1: أبو القاسم البغداديّ الواعظ المقرئ. قرأ على: أَبِي بَكْر بْن علون، وزيد بْن أبي بلال الكوفيّ، وغيرهما. وروى عَنْ: ابن قانع، وجعفر الخُلدي. قرأ عَليْهِ: أبو عليّ غلام الهَرّاس، والحسن بْن عليّ العطّار، والشَّرْمقانيّ. وحدَّث عَنْهُ: عَبْد العزيز الأزْجيّ وأبو محمد الخلال. قَالَ الخطيب: كَانَ عبدًا صالحًا ثقة. تُوُفّي في شوّال. "حرف الحاء": 157- الحسن بن أحمد بن محمد بْن الليث2: الحافظ أبو عليّ الكشّيّ ثمّ الشّيرازي الفقيه. كَانَ جليل القدْر مِن أهل القرآن. سَمِعَ ببغداد من: إسماعيل الصّفّار، وعبد الله بْن درستويه، وبَنْيسابور من: الأصمّ، وابن الأخرم الشيباني، وبفارس منه: الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن الرَّامهُرْمُزِيّ. سَمِعَ منه: أبو عَبْد الله الحاكم وقال: هو متقدّم في معرفة القراءات حافظ للحديث، رحّال. قدِم علينا أيام الأصم، ثم قدم علينا ثلاثٍ وخمسين. وذكر غيره وفاته في شعبان. ومات ابن محمد في سنة438. وقد ذكر ابن الصّلاح أبا عليّ في "طبقات الشّافعّية" مُختصرًا، وقال: هُوَ والد اللّيث وأبي بكر. وذكره أبو عبد الله القصار في "طبقات أهل شيراز" وأثني عليه كثيرا، ثم قَالَ: ومن أصحابه زيد بْن عُمَر بْن خَلَف الحافظ، ومحمد ابن موسى الحافظ، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحافظ. تُوُفّي لثمان عشرة مضت من شَعْبان، وابنه أبو بَكْر محمد سَمِعَ من ابن المِنقري، مات سنة أربعين وأربعمائة. وقال يحيى بْن مَنْده: روى عَنْ أبي عليّ أبو الشَّيْخ حديثًا واحدًا. وقد سَمِعَ بإصبهان من أبي محمد بن فارس.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 371، 372"، والبداية والنهاية "11/ 353". 2 الأنساب "10/ 441، 11/ 48، 49"، وغاية النهاية "1/ 207.

158- الحَسَن بْن الحسين بْن حَمْكان1. أبو عليّ الهمداني الشافعي الفقيه نزيل ببغداد. روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان الجلاب، وعليّ بْن إبراهيم علان البلديّ، وجعفر الخُلدي، وأبي بَكْر محمد بْن الحَسَن النّقّاش. روى عَنْهُ: أحمد بْن عليّ التُّوَّزيّ، وأبو القاسم الأزهري، ومحمد بْن جعفر الأسْتراباذيّ، وآخرون. وكان قد عني في صباه بطلب الحديث إنه قال: كتبتُ بالبصرة وحدها عن أربعمائةٍ وسبعين شيخًا. ثمّ إنّه طلب الفِقْه بعد ذَلِكَ. قَالَ الخطيب: سَمِعَ الأزهري يضعّفه ويقول: لَيْسَ بشيء في الحديث. 159- الحَسَن بْن عثمان بن بكران2: أبو محمد البغدادي، العطار. سمع: إسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، والنجاد. روى عَنْهُ: البَرْقانيّ، وأبو محمد الخلال قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة صالحًا. مات وله خمسٌ وسبعون سنة. 160- الحَسَن بْن عليّ3: أبو عليّ الدّقّاق. تُوُفّي في آخر السّنة. وقيل: سنة ست. وهو فيها مذكور. "حرف الخاء": 161- خلف بْن يحيى بْن غَيْث الفِهْريّ4. أبو القاسم الطُليطلي. نزيل قُرْطُبَة. روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن عيسى بْن مدراج كثيرًا. وعن: أحمد بْن سَعِيد بْن حَزْم، ومحمد بْن معاوية، وأحمد بْن مُطرف، وجماعة. وكان خيرًا فاضلًا عارفًا بما رَوى. روى عَنْهُ: الخَوْلانيّ، ومحمد بن عتاب. وتوفي في صفر، ووُلِد سنة ثمانٍ وعشرين. "حرف الراء": 162- رافع بْن عُصم بْن العبّاس. أبو العباس الضبي، رئيس هراة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 299، 300"، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 200"، وهدية العارفين "1/ 274". 2 تاريخ بغداد "7/ 362". 3 تقدمت ترجمته قريبا من هذا الجزء. 4 الصلة لابن بشكوال "1/ 163، 164".

روى عَنْ: أَبِيهِ، وأبي بَكْر الزّياديّ. وآخر من حدَّث عَنْه نجيب بْن ميمون. "حرف الطاء": 163- طاهر بْن أحمد بْن هَرْثَمَة. أبو عاصم الهَرَوِيّ المقرئ. "حرف العين": 164- العباس بْن أحمد بْن الفضل1. أبو الحَسَن الهاشمي الأهوازيّ، ويُعرف بابن الخطيب. روى عَنْ: أحمد بْن عُبيد الصّفّار، وأحمد بْن محمود بْن خُرزاد. وعنه: أبو القاسم التَّنُوخيّ، وأبو محمد الخلال. وقال الخطيب: صدوق. 165- عَبْد الله بْن أحمد بْن جولة2: أبو محمد الأصبهاني الأبهري، ومن قرى إصبهان. وأكثر العلماء من أبْهر زنجان. روى عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن حليم المَدينيّ، وعبد الله بْن محمد بْن عيسى الخشّاب، ومحمد بْن محمد بْن يونس الغزّال، وأبي علي الأبْهَريّ، وغيرهم. روى عَنْهُ: الأصبهانيون. وهو أقدم شيخ لأبي عَبْد الله الثّقفيّ الرئيس. تُوُفّي في ربيع الآخر. وروى عَنْهُ: أبو القاسم بْن مَنْدَهْ، ومحمود بْن جعفر الكَوْسَج. وقد ذكره يحيى بْن مَنْدَهْ فقال: عَبْد الله بْن أحمد بْن جُولة أبو محمد الأديب. 166- عبد الله بن محمد بن عيسى بْن وليد3: أبو محمد الأسْلميّ النَّحْويّ، ومن أهل مدينة الفَرج مِن الأندلس. أجازَ لَهُ الحَسَن بْن رشيق المصريّ. روى عَنْهُ: أبو عَبْد الله بْن شُق اللّيل. وكان بارعًا في اللغة العربية، رئيسًا وقورًا نزهًا، لَهُ تصانيف. وكان يكّرر عَلَى كتاب سِيَبَويْه. وله كلام في الاعتقادات. 167- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن إبراهيم4: أبو محمد الأسَدي البغداديّ، المعروف بابن الأكفانيّ قاضي القضاة ببغداد. حدّث عَنْ: أبي عبد الله

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 161". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 235، 236" "141". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 260"، وبغية الوعاة "2/ 59". 4 ميزان الاعتدال "2/ 498"، والبداية والنهاية "11/ 354".

المَحَامِليّ، وأحمد بْن علي الجُوزجاني، وعبد الغافر الحمصيّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وابن عُقدة. روى عنه: محمد بن طلحة، وأبو القاسم التنوخي، وعبد العزيز الأزْجيّ، وجماعة كثيرة مِن البغداديّين والرحالة. قال التنوخي: قَالَ لي أبو إِسْحَاق الطَّبَري: من قَالَ إن أحد أنفق عَلَى أهل العلم مائة ألف دينار فقد كذب، غير أبي محمد الأكفاني. قال التنوخي: جُمع في سنة ست وتسعين وثلاثمائة لابن الأكفانيّ جميع قضاء بغداد. قلت: ومولده سنة ستّ عشرة وثلاثمائة ببغداد. 168- عَبْد الخالق بْن عليّ بْن عَبْد الخالق. أبو القاسم المحتسب المؤذن. مِن أهل خُراسان. سَمِعَ: أبا بَكْر محمد بْن المؤمّل الماسرجسي، ومحمد بن أحمد بن خنب محدَّث بُخارى. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقّي. ومات في ذي الحجّة بنَيْسابور. وروى أيضًا عَنْ: أَبِي عليّ بْن الصّوّاف، وأبي بكر القطيعي، وأبي أحمد بكر بن محمد الدخمسيني. وكان كثير الأمر بالمعروف رحمه اللَّه. 169- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن حكيم المصري: سمع من: الحسن بن مُليح صاحب يونس بْن عَبْد الأعلى. 170- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بْن مَتَّوَية1: الحافظ أبو سعْد الإدريسيّ الإسْتَراباذيّ، نزيل سَمَرْقَنْد. رحل وأكثر، وصنَّف "تاريخ سَمَرْقَنْد" "وتاريخ أستْراباذ" وغير ذَلِكَ. وسمع: أبا العبّاس الأصّم، وأبا نُعيم محمد بْن الحَسَن بْن حَمَّوَيْه الإستْراباذيّ، وأبا سهل هارون بْن أحمد بْن هارون، وعبد الله بْن عديّ الحافظ، وخلْقًا سواهم. وجمعَ الأبواب والشّيوخ. روى عَنْهُ: أبو عليّ الشّاشيّ، وأبو عبد الله الخباري، وأبو مسعود بن أحْمَد بْن مُحَمَّد البَجَلي، وَأَبُو سعْد مُحَمَّد بن عبد الرحمن الكنجرودي،

_ 1 النجوم الزاهرة "4/ 237"، وهدية العارفين "1/ 515".

وأبو العلاء محمد بْن عليّ الواسطيّ، وأحمد بْن محمد العَتِيقيّ، وعليّ بْن المحسن التَّنوخيّ. وثّقه الخطيب. مات بسَمَرْقَنْد. 171- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن الحسين1: أبو القاسم الجُرجاني الخَيْميّ. كَانَ يكون بمكّة. حدَّث عَنْ: أَبِي أحمد بْن عديّ، والإسماعيليّ، وجماعة. وحدَّث. دخل ابنه عَبْد العزيز إلى اليمن. 172- عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن نُباتة بْن حُميد بْن نُباتة2: أبو نصر التّميميّ السَّعْدي البغداديّ. أحد الشُّعراء المجوُّدين، مدحَ الملوك والوزراء. وله في سيف الدّولة غُرر القصائد ونُخب المدائح. وديوان شعره كبير. مولده سنة سبعٍ وعشرين وثلاثمائة. روى عَنْهُ أكثر ديوانه أَبُو الفتح بْن شِيطا. قال رئيس الرؤساء: ما شاهد ابن نباتة أشعر منه. وكان يُعاب بكبرٍ فيه. وقال أبو عليّ محمد بْن وشّاح: سمعتُ أبا نصر بْن نُباتة يَقُولُ: كنتُ يومًا في الدهْليز، فدُقّ بابي، فقلت: مَن ذا؟ قَالَ رَجلٌ: من أهل المشرق. قلت: ما حاجتك؟ قال: أنت القائل: ومن لم يمُت بالسّيِف مات بغيره تنوّعت الأسبابُ والدّاء واحدُ. فقلت: نعم. قال: أرويه عنك؟ قلت: نعم. فلمّا كَانَ آخر النّهار دُق عليَّ الباب، فقلتُ، مَن؟ قَالَ: رجلُ من تاهرت مِن المغرب. قلت: ما حاجتك؟ قَالَ: أنت القائل: "ومَن لم يمت بالسَّيف"3. البيت. فقلتُ: نعم. قَالَ: أرويه عنك؟ قلت: نعم. وعجِبتُ كيف وصلَ هذا البيت إلى المشرق والمغْرب. تُوُفّي في شوال.

_ 1 تاريخ جرجان "260، 261"، للسهمي. 2 يتيمة الدهر "2/ 379 - 395"، والعبر "3/ 91"، وهدية العارفين "1/ 577". 3 سير أعلام النبلاء "13/ 144" وفيه: "ومَن لم يَمُت بالسّيِف مات بغيره ... تنوّعت الأسباب والداء واحد وانظر هذا الشاهد في شذرات الذهب "3/ 176"، ووفيات الأعيان "3/ 193"، ومفتاح السعادة "1/ 245".

173- عَبْد الواحد بْن الحسين1: أبو القاسم الصَّيْمَرِيّ الفقيه. شيخ الشّافعيّة بالبصرة، ومِن أصحاب الوجوه. حضر مجلس أبي أحمد المروروذي، وتفقّه بصاحبه الفقيه أَبِي الفيّاض البصْري. رحل الناسُ للتّفَقُّه عَليْهِ، وهو شيخ أقضي القُضاة الماوَرْدِي. وله كتاب "الإيضاح فِي المذهب"، وهو كاتبٌ جليل. ومِن غرائب وجوهه أنّه قَالَ: لا يملك الرجل الكلأ النّابت في ملكه. ومنها: لا يجوز مسّ المُصْحَف لمن بعض بدنه نجس. وكان في هذا العصر بالبصرة. ولا أعلم تاريخ موته، وإنّما كتبته هنا اتّفاقًا. 174- عُبَيْد الله بْن سَلَمَة بْن حَزْم2: أبو مروان الحيصُبي القُرطبي. حج وكتب عن أبي بكر بن عَزْرة. وأخذ القراءة عَنْ: عُبَيْد الله بْن عطيّة، وأبي الطّيَّب بْن غَلْبُون. قَالَ أبو عَمْرو الدّانيّ: وهو الّذي علّمني عامة القرآن. وكان خيرًا فاضلًا صدوقًا. وتوفي سنة خمسٍ. 175- عدنان بْن محمد بْن عُبَيْد الله الضبي: أبو عامر، رئيس هراة. روى عن: هارون بن أحمد الإسترباذي، وأبي الفوارس أحمد بْن محمد بْن جُمعة. روى عَنْهُ: إِسْحَاق القّراب، وأبو رَوْح، وغيرهما. 176- عُمَر بْن إبراهيم بْن محمد بْن الفاخر: أبو الطاهر الإصبهانيّ السُرنجاني. وسُرنجان من قرى إصبهان. رحل وسمع ببغداد: جعفر الخُلدي، والنجاد، وأبو بَكْر الشّافعيّ. روى عَنْهُ: أحمد الباطَرْقانيّ، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الذّكْوانيّ. "حرف الغين": 177- غالب بْن سامة بْن لُؤَيّ. أبو لُؤَيّ السّامَرّيّ الهَرَويّ. رُوِيَ عَنْ: أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن مهران الواسطيّ القفّال، وأقرانه. وعنه أبو الفضل الجارودي.

_ 1 العقد المذهب لابن الملقن "37"، ومعجم البلدان "3/ 439". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 301" وما بعدها".

"حرف الميم": 178- محمد بْن أحمد بْن ثُوَابَة: أبو بَكْر البغداديّ المعبرّ. حكي عَنْ: الحلاج، وأبي بكر الشبلي. روى عنه: نصر ابن عَبْد العزيز بْن نُوح الشّيرازيّ، وعليّ بْن محمود الزَّوْزنيّ. مات في سلْخ ذي الحجّة سنة خمسٍ، وعاش مائةً وثلاث سِنين. 179- محمد بن الإمام أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل1. أبو نصر الإسماعيليّ. رأس في أيّام أَبِيهِ، وبعد موته. وكان لَهُ جاهٌ عظيم بجُرْجان، وقبولٌ زائد. وقد رحل في صباه، وسمع من: محمد بْن يعقوب الأصمّ، وأبي يعقوب البحريّ، ودَعْلَج، وأبي دُحيم الكوفيّ، وأبي بَكْر الشّافعيّ، وجماعة كثيرة. وكان يدري الحديث. أملي مجالس كثيرة، وتُوُفّي في ربيع الآخر. روى عَنْهُ: حمزة السَّهْميّ، وقال في تاريخه: كَانَ لَهُ جاهٌ عظيم وقبول عند الخاصّ والعامّ في كثير من البلدان. وزعم ابن عساكر أنّه كَانَ أشعريا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعِزِّ بِطَرَابُلُسَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ منده: أنا أبو رشيد أحمد ابن مُحَمَّدٍ، أنبأ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مَنْدَهْ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْخَلِيلِ الآمُلي، ثنا حَاتِمٌ الرَّازِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ: أنا ابن الْمُبَارَكِ، عَنِ ابن عَجْلَانَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُليم، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمُسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ" 2. 180- محمد بْن أحمد بْن عثمان بْن الوليد بْن الحَكَم3. أبو بَكْر بْن أَبِي الحَديد السُّلميّ الدّمشقيّ العدْل. سَمِعَ: أبا الدّحداح أحمد بْن محمد، ومحمد بْن جعفر الخرائطيّ، ومحمد بْن يوسف الهَرَويّ، وعبد الغافر بْن سلامة الحمصيّ. ورحل إلى مصر فسمع: محمد بْن بشير الزُبَيْريّ، وعبد العزيز بْن أحمد الأحمريّ، وأبا زيد عَبْد العزيز بْن قيس، وجماعة. روى عَنْهُ: حفيداه عُبيد الله وأحمد ابنا عبد الواحد، وعلي بن الحسين الشرابي،

_ 1 تبيين كذب المفتري "231، 232"، وتاريخ جرجان "452". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "444". 3 الوافي بالوفيات "2/ 60"، والعبر "3/ 91".

وأبو الحَسَن بْن السمْسار، وأبو عليّ الأهوازيّ، وأبو القاسم الحِنائيّ، وجماعة. وهو آخر من حدث عن الخرائطي، والهروي. وقال ابن ماكولا: ثنا عَنْهُ جماعة، وكان مِن الأعيان. وقال أبو الفَرَج بْن عَمْرو: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النوم، فقال لي: أبو بَكْر بْن أَبِي الحديد قوّال بالحقّ. وقال الكتّانيّ: كَانَ ثقة مأمونًا، أعرفه. وتُوُفّي فِي شوّال، وكان مولده فِي سنة تسعٍ وثلاثمائة. قلت: كَانَ مُسْند الشّام في وقته. 181- محمد بْن الحسين بْن عليّ: أبو بَكْر الهمْدانيّ الفرّاء. روى عَنْ: أوْس الخطيب، وأبي القاسم بْن عُبَيْد، وأبي جعفر بْن بَرْزة، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو مُسْلِم بْن غزو، وأبو جعفر محمد بْن الحسين الصُّوفيّ: وكان ثقة. 182- محمد بْن الحسين أبو طَالِب بْن الصّبّاغ الكوفيّ. ثقة جليل عابد. مات في رجب. من " سؤالات السلفيّ لأُبَيّ النَّرسي". 183- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَيْه بْن نُعَيْم بْن الحَكَم الضَّبَّيّ الطَّهْمانيّ1. النَّيْسابوريّ الحافظ أبو عَبْد الله الحاكم، المعروف بابن البَيع صاحب التّصانيف في علوم الحديث. وُلِدَ يوم الإثنين ثالث ربيع الأوّل سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وطلب العلم من الصغَر باعتناء أبيه وخاله. فأول سماعه سنة ثلاثين، واستملي عَلَى أَبِي حاتم بْن حِبّان سنة أربع وثلاثين. ورحل إلى العراق سنة إحدى وأربعين بعد موت إسماعيل الصّفّار بأشهر. وحجّ ورحل إلى بلاد خُراسان وما وراء النهر. وشيوخه الّذين سَمِعَ منهم بنَيْسابور وحدها نحو ألف شيخ. وسمع بالعراق وغيرها من البلدان مِن نحو ألف شيخ. وحدّث عَنْ أَبِيهِ. وقد رَأَى أَبُوهُ مُسْلِم بْن الحَجّاج. روى عَنْ: محمد بْن عليّ المذّكر، ومحمد بْن يعقوب الأصمّ، وَمحمد بْن يعقوب بْن الأخرم، وَمحمد بْن عَبْد الله ابن أحمد الإصبهانيّ الصّفّار نزيل نَيْسابور، ومحمد بْن أحمد بْن محبوب المَرْوَزِيّ، وأبي حامد أحمد بن علي ابن حَسْنَوية المقرئ، والحسن بْن يعقوب البخاريّ، والقاسم بْن القاسم السّيّاريّ، وأبي بَكْر أحمد بْن إسحاق الصبغي الفقيه، أبي

_ 1 تبيين كذب المفتري لابن عساكر "227 - 231"، وميزان الاعتدال "3/ 608"، والأعلام "6/ 227".

جعفر محمد بْن صالح بْن هانئ، وأبي عَمْرو عثمان بْن السّمّاك، وأبي بَكْر أحمد بْن سلمان النّجّاد، وأبي محمد عبد الله بن جعفر بن دُرسُتُويه، وأبي محمد بْن حمدان الجلاب الهمْذانيّ، والحسين بْن الحَسَن الطوسيّ، وعليّ بْن محمد بْن عُقبة الشَّيْبانيّ الكوفيّ، وأبي عليّ الحسين بْن عليّ النَّيْسابوري الحافظ وبِهِ تخرّج، وأبي الوليد حسّان بْن محمد المُزكي الفقيه، وأبي جعفر محمد بْن أحمد بْن سَعِيد الرّازيّ المؤدب، وعبد الباقي بْن قانع الأمويّ الحافظ، ومحمد بْن حاتم بْن خُزيمة الكشّيّ، شيخ معمّر قدمِ عليهم. روى عَنْ عَبْد بْن حُميد، وغيره. ولم يزل يسمع حتى كتب من غير واحدٍ أصغر منه سِنًا وسَنَدًا. روى عَنْهُ: أبو الحَسَن الدّارقُطْنيّ وهو مِن شيوخه، وأبو الفتح بْن أَبِي الفوارس، وأبو العلاء محمد بْن عليّ الواسطيّ، ومحمد بْن أحمد بْن يعقوب، وَأَبُو ذَرّ عَبْد بْن أحْمَد الهَرَوِي، وَأَبُو بَكْر أحمد بْن الحسين البَيْهقيّ، وأبو يَعْلي الخليل بْن عَبْد الله القَزْوينيّ، وأبو القاسم عَبْد الكريم بْن هوازن القُشيري، وعثمان بْن محمد المحْمي، والزَّكيّ عَبْد الحميد بْن أَبِي نصر البحيري، وأبو صالح أحمد بْن عَبْد الملك المؤذّن، وجماعة آخرهم أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي. وانتخب علي خلقٍ كثير، وجرّح وعدَّل، وقُبل قوله في ذَلِكَ لسعة علمه ومعرفته بالعِلل والصّحيح والسّقيم. وقرأ القرآن العظيم عَلَى: أبي عَبْد الله محمد بْن أَبِي منصور الصّرّام، وابن الإمام المقرئ أحمد بْن العبّاس. قرأ على: أحمد بْن سهل الأشْنانيّ، وغيره بَنْيسابور. وعلى: أَبِي عليّ بْن النّقّار الكوفيّ، وأبي عيسى بكّار البغداديّ. وتفقّه عَلَى: أَبِي عليّ بْن أَبِي هُرَيْرَةَ، وأبي سهل محمد بْن سُليمان الصُّعْلُوكّي، وأبي الوليد حسّان بْن محمد. وذاكرَ: أبا بَكْر محمد بْن عُمَر الْجِعَابيّ، وأبا عليّ النَّيْسابوريّ، وأبا الحَسَن الدارقُطني. وسمع منه: أحمد بْن أَبِي عثمان الحِيريّ، وأبو بَكْر القفّال الشّاشيّ، وأبو إِسْحَاق إبراهيم بْن محمد المُزني، وابن المظفّر، وهم من شيوخه. وصحِبَ من الصُوفية: أبا عَمْرو بْن نُجيد، وجعفر الخُلدي، وأبا عثمان المغربيّ، وجماعة سواهم بنَيْسابور. وحُدَّث عَنْهُ في حياته، وأبلغُ مِن ذا أبا عُمَر الطَّلَمَنْكي كتب علوم الحديث للحاكم، عَنْ شيخ لَهُ سنة تسعٍ وثمانين وثلاثمائة، بسماعه من

صاحب الحاكم، عَنِ الحاكم. ولم يقع لي حديثه عاليا إلا بإجازة: أَخْبَرَنَا أبو المُرهف المِقْداد بْن هبة الله القَيْسيّ في كتابه: أَنَا أبو الفضل عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن هِبَة اللَّه بْن عَبْد القادر المنصوريّ العبّاسيّ سنة اثنتي عشرة وستّمائة "حٍ"، وأنا أبو إِسْحَاق إبراهيم بْن عليّ الزّاهد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد كتابةً قالا: أَنَا الفتح بْن عَبْد الله بْن محمد الكاتب قالا: أَنَا أبو الفضل أحمد بْن طاهر بْن سَعِيد بْن فضل اللَّه الميهنيّ "ح"، وأنا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ تاج الأمُناء قراءةً: أَنَا أبو الحَسَن عليّ بْن الحُسين بْن المقّير، عَنْ أَبِي الفضل الميهنيّ "ح"، وأنا ابن تاج الأُمناء أيضًا: أنبا المؤيَّد بْن محمد بْن عليّ الطُّوسيّ إجازةً أنبا أبو بَكْر وجيه بْن طاهر، وابن أخيه عَبْد الخالق بْن زاهر، وابن أخيه الآخر عَبْد الكريم بْن خَلَف، وعمر بْن أحمد الصّفّار الأُصوليّ، وعبد الله بْن محمد الصّاعديّ، وعبد الكريم بْن الحَسَن الكاتب، وأخوه أحمد، وأبو بَكْر عَبْد الله بْن جامع الفارسيّ، وأبو الفُتوح عَبْد الله بْن عليّ الخرجُوشي، وأبو عَبْد الله الحَسَن بْن إسماعيل العُماني، والحسن بْن محمد بْن أحمد الطُّوسيّ، ومنصور بْن محمد الباهرزيّ، وعَرَفَة بْن عليّ السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الرّزّاق بْن أَبِي القاسم السَّيّاريّ، وجامع بْن أَبِي نصر السّقّاء، وأبو سعد محمد بْن أَبِي بَكْر الصَّيْرفيّ، وأبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن الكَرْمانيّ، وأحمد بْن إسماعيل بْن أَبِي سعْد، وسعيد بْن أَبِي بَكْر الشعَيْريّ، وعبد الوهّاب بْن إسماعيل الصَّيْرفْي. قَالُوا كلّهم والميهنيّ: أنبا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ: أنبا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ بِمِصْرَ: ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، ثنا شُعبة، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَمَّارٍ: "تَقْتُلُكَ الفِئة الْبَاغِيَةُ" 1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ الْكَوْسَجِ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ. فَوَقَعَ لَنَا بَدَلًا عَالِيا. أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بن خلال، أَنَا جعفر الهمدانيّ، أَنَا أبو طاهر بْن سَلفَة: سمعتُ إسماعيل بْن عَبْد الجبّار القاضي بَقَزْوين يَقُولُ: سَمِعْتُ الخليل بْن عَبْد الله الحافظ يَقُولُ، فذَكَرَ الحاكم أبا عَبْد الله وعظّمه، وقال: لَهُ رحلتان إلى العراق والحجاز. الرحلة الثانية سنة ثمان وستّين، وناظرَ الدّارقُطْنيّ فرضيه، وهو ثقة واسع العلم.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2916"، والترمذي "3802".

بَلَغت تصانيفه للكُتُب الطوال والأبواب وجمْع الشيوخ قريبًا من خمسمائة جزء، يستقصي في ذَلِكَ، يؤلّف الغَثّ والسَّمين، ثم يتكلم عليه فيبين ذلك. وتوفي سنة ثلاثٍ وأربعمائة. قلتُ: وَهِمَ الخليل في وفاته. ثمّ قَالَ: سألني في اليوم لمّا دخلت عَليْهِ، ويُقرأ عَليْهِ في فوائد العراقيّين: سُفيان الثَّوْريّ، عَنْ أَبِي سَلَمَة، عَنِ الزهُّرْيّ، عَنْ سهْل بْن سعد حديث الاستئذان. فقال لي: مّن أبو سَلَمَة هذا؟ فقلتُ من وقتي: هُوَ المغيرة بْن مُسلم السّرّاج. فقال لي: وكيف يروي المغيرة عَنِ الزُهري؟ فبقيتُ، ثم قَالَ: قد أمهلتك أسبوعًا حتّى تتفكَّر فيه. قَالَ: فتفكّرت ليلتي حتّى بقيت أكرر التَّفكُّر، فلمّا وقعت إلى أصحاب الجزيرة من أصحابه تذكرتُ محمد بْن أَبِي حفصة، فإذا كُنيته أبو سَلَمَة. فلمّا أصبحتُ حضرت مجلسَه، ولم أذكر شيئًا حتّى قرأت عَليْهِ نحو مائة حديث، فقال لي: هَلْ تفكّرت فيما جرى؟ فقلت: نعم، هو محمد بن أبي حفصة. فتعجبت وقال لي: نظرتَ في حديث سُفيان لأبي عَمْرو البحيريّ؟ فقلتُ: لا. وذكرتُ لَهُ ما أقمتُ في ذَلِكَ. فتحيَّر وأثني عليّ. ثم كنتُ أسأله فقال لي: أَنَا إذا ذاكرتُ اليومَ في باب لا بدّ من المطالعة لِكِبر سِني. فرأيته في كلّ ما ألُقي عَليْهِ بحرًا. وقال لي: أعلم بأنّ خُراسان وما وراء النّهر لكلّ بلدة تاريخ صنّفه عالم منها. ووجدت نَيْسابور مَعَ كثرة العُلماء بها لم يصنّفوا فيه شيئًا، فدعاني ذَلِكَ إلى أن صنّفت "تاريخ النَّيْسابورييّن". فتأمّلته ولم يسبقه إلى ذَلِكَ أحد. وصنَّف لأبي عليّ بن سيمجور كتابًا فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأزواجه وحديثه. وسمّاه "الإكليل". لم أرَ أحدًا رتَّب ذَلِكَ الترتيب. وكنتُ أسأله عَنِ الضُعفاء الذين نشأوا بعد الثلاثمائة بنَيْسابور وغيرها من شيوخ خُراسان، وكان يبيّن من غير محاباة. أَخْبَرَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ عَلَّانَ وَمُؤَمَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ كِتَابَةً قَالَا: أَنَا أَبُو اليُمن الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابن الْبَيِّعِ الْحَاكِمُ كَانَ ثِقَةً. أَوَّلُ سَمَاعِهِ فِي سنة ثلاثين وثلاثمائة، وَكَانَ يَمِيلُ إِلَى التَّشَيُّعِ، فَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأُرْمَوِيُّ بِنَيْسَابُورَ، وَكَانَ عَالِمًا صَالِحًا، قَالَ: جَمَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ أَحَادِيثَ، وَزَعَمَ أَنَّهَا صِحَاحٌ عَلَى شَرْطِ خ. م، مِنْهَا: حديث الطائر1، و "من كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ" 2. فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى قَوْلِهِ. وقال أبو

_ 1 وهو حديث غير صحيح. 2 "حديث صحيح" أخرجه أحمد في مسنده "4/ 368"، والترمذي "3713"، وابن ماجه "121"، وابن حبان "2205" وغيرهم.

نُعيم بْن الحدّاد: سمعتُ الحَسَن بْن أحمد السَّمَرْقَنْديّ الحافظ: سمعتُ أبا عَبْد الرَّحْمَن الشاذياخيّ الحاكم يَقُولُ: كنّا في مجلس السّيّد أَبِي الحَسَن، فَسُئل أبو عَبْد الله الحاكم عَنْ حديث الطَّيْر فقال: لا يصحّ، ولو صحّ لما كَانَ أحدٌ أفضل من عليّ بعد النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قلتُ: هذه الحكاية سندها صحيح، فما باله أخرج حديث الطَّيْر في "المستدرك عَلَى الصّحيح "؟ فلعله تغّير رأيه1. أنبأونا عَنْ أَبِي سعد عَبْد اللَّه بْن عُمَر الصّفّار، وغيره، عَنْ أَبِي الحَسَن عَبْد الغافر بْن إِسْمَاعِيل الفارسيّ قَالَ: أبو عَبْد الله الحاكم هُوَ إمام أهل الحديث في عصره، العارف بِهِ حقّ معرفته. يُقال لَهُ الضّبّيّ, لأنّ جد جدته عيسى بْن عَبْد الرَّحْمَن الضّبّيّ، وأمّ عيسى هي مَتُّوَيْه بِنْت إبراهيم بْن طَهْمان الفقيه، وبيته بيت الصّلاح والورع والتّأذين في الإسلام. وقد ذكر أَبَاهُ في تاريخه، فأغني عَنْ إعادته. ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، ولقي عَبْد الله بْن محمد بْن الشَّرْقيّ، وأبا حامد بْن بلال، وأبا عليّ الثّقفيّ، ولم يسمع منهم. وسمع من: أبي طاهر المحمَّداباذي، وأبي بَكْر القطّان. ولم يُظفر بمسموعه منهما. وتصانيفه المشهورة تطفح بذكر شيوخه. وقد قرأ القرآن بُخراسان والعراق عَلَى قُرّاء وقته. وتفقّه علي: أَبِي الوليد حسّان، والأستاذ أَبِي سهل. واختص بُحبه إمام وقته أَبِي بَكْر أحمد بْن إِسْحَاق الصّبْغيّ، فكان الإمام يراجعه في السّؤال والجرْح والتّعديل والعِلل. وأوصي إليه في أمور مدرسته دار السُنة، وفوّض إِليْهِ تولية أوقافه في ذَلِكَ. وذاكر مثل: الجِعابي، وأبي عليّ الماسَرْجِسِيّ الحافظ الّذي كَانَ أحفظ زمانه. وقد شرع الحاكم في التّصنيف سنة سبعٍ وثلاثين، فأتَّفق لَهُ مِن التّصانيف ما لعلّه يبلغ قريبًا من ألف جزءٍ من تخريج الصّحيحين، والعلَل، والترجم، والأبواب، والشيوخ، ثمّ المجموعات مثل: "معرفة علوم الحديث"، و"مُستدرك الصحيحين"، و"تاريخ النيسابوريين"، وكتاب "مزكي الأخبار". و"المدخل إلى علم الصحيح"، وكتاب

_ 1 المستدرك "3/ 110".

"الإكليل"، و"فضائل الشّافعيّ"، وغير ذَلِكَ. ولقد سَمِعْتُ مشايخنا يذكرون أيّامه، ويحكون أنّ مقدّمي عصره مثل الإمام أَبِي سهل الصُّعْلُوكيّ، والإمام ابن فُورك، وسائر الأئمة يقدمونه على أنفسهم، ويُراعون حق فضله، ويعرفون لَهُ الحُرمة الأكيدة. ثمّ أطنب عَبْد الغافر في نحو ذَلِكَ مِن تعظيمه، وقال: هذه جُمل يسيرة هِيَ غيض من فَيْض سِيَره وأحواله. ومَن تأمّل كلامه في تصانيفه، وتصرُّفه في أمَاليه، ونظره في طُرق الحديث أذعن لفضله، واعترف لَهُ بالمَزِيّة عَلَى مَن تَقَدَّمه، وإتعاب مَن بعده، وتعجيزه اللاحقين عَنْ بلوغ شأوه. عاش حميدًا، ولم يخلف في وقته مثله. مضي رحمه الله في ثامن صفر سنة خمسٍ وأربعمائة. وقال أبو حازم عُمَر بْن أحمد العبدويّ الحافظ: سَمِعْتُ الحاكم أبا عَبْد الله إمام أهل الحديث في عصره يَقُولُ: شربت ماء زمزم وسألت الله تعالى أن يرزقني حُسن التَّصنيف. قَالَ أبو حازم: وسمعتُ السُّلميّ يَقُولُ: كتبت عَلَى ظهر جزء: من حديث أَبِي الحسن الحجّاجيّ الحافظ. فأخذ القلم وضَرَبَ عَلَى الحَافظ، وقال: أيش أحفظ أَنَا؟! أبو عَبْد الله بن البيع أحفظ منّي، وأنا لم أرَ من الحُفاظ إلا أبا عليّ الحافظ النيَّسابوريّ، وابن عُقدة. وسمعتُ السُّلميّ يَقُولُ: سالت الدارقُطْنيّ: أيها أحفظ ابن مَنْدَهْ أو ابن البَيَّع؟ فقال: ابن البيع أتقن حِفظًا. قال أبو الحازم: أقمتُ عند الشيخ أبي عَبْد الله العُصمي قريبًا من ثلاث سِنين، ولم أرَ في جملة مشايخنا أتقن منه ولا أكثر تنقيرًا. وكان إذا أشكلَ عَليْهِ شيء أمرني أن أكتب إلى الحاكم أَبِي عَبْد الله. فإذا أورد جواب كتابه حكم بِهِ وقطع بقوله. ذكر هذا كلّه الحافظ أبو القاسم بْن عساكر أنّه قرأه بخطّ أَبِي الحَسَن عليّ بْن سليمان اليمنيّ. قَالَ: وقع لي عَنْ أبي حازم العبدويّ فذكره. وَمِمِّنْ رَوَى عَنِ الْحَاكِمِ مِنَ الْكِبَارِ، قَالَ أَبُو صَالِحٍ الْمُؤَذِّنُ، أنا مَسْعُودُ بْنُ عَلِيٍّ السِّجْزِيُّ: ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ: ثنا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِيرِيُّ الْحَافِظُ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُطرف الكرابيسي سنة سبع وأربعين وثلاثمائة: ثنا محمد ابن حَمْدَوَيْهِ الْحَافِظُ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ النَّجَّادُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، نا الْحِمَّانِيُّ: ثنا سُعير بْنُ الْخِمْسِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بليلٍ" 1.. الْحَدِيثَ. ثُمَّ قَالَ مَسْعُودُ السِّجْزِيُّ: حدَّثَنِيهِ الْحَاكِمُ غَيْرَ مَرَّةٍ بِهَذَا. وكان للحاكم لمّا رَوَوْه

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "1092"، والترمذي "203"، والنسائي "2/ 10".

عَنْهُ ستٌّ وعشرون سنة. وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: أَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا الْخَطِيبُ: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الأزهري: نا الدارقُطني: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ النَّسَوِيُّ، نا الْخَلِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيُّ، ثنا خِدَاشُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا يَعِيشُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى عليه وسلم قال: "مَا أَحْسَنَ الْهَدِيَّةَ أَمَامَ الْحَاجَةِ" 1. هَذَا بَاطِلٌ عَنْ مَالِكٍ. وَقَدْ رَوَاهُ الْمُوَقَّرِيُّ، وَهُوَ وَاهٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا. قَالَ أبو موسى الحافظ: أَنَا الحسين بْن عَبْد الملك، عَنْ أَبِي القاسم سعد بْن عليّ، أنّه سَمِعَ أبا نصر الوائِليّ يَقُولُ: لمّا ورد أبو الفضل الهمَداني إلى نَيْسابور وتعصّبوا لَهُ، ولقّبوه "بديع الزّمان"، أعجِب بنفسه، إذ كَانَ يَحْفظ المائة بيت إذا أُنشدت بين يديه، ويُنْشدها من آخرها إلى أوّلها مقلوبة. فأنكر عَلَى النّاس قولهم: فلان الحافظ في الحديث، ثمّ قَالَ: وحفظ الحديث مما ذكر؟ فسمع به الحاكم بن البَيَّع، فوجّه إِليْهِ بجزءٍ، وأجّل لَهُ جمعة في حفظه، فردَّ إِليْهِ الجزء بعد جمعة وقال: من يحفظ هذا: محمد بْن فلان، وجعفر بْن فلان، عَنْ فلان؟ أسامي مختلفة، وألفاظ متباينة. فقال لَهُ الحاكم: فاعرفْ نفسك، واعلم أنّ حِفْظ هذا أصْعب ممّا أنت فيه. ثمّ روى أبو موسى المدينيّ أنّ الحاكم دخل الحمام واغتسل وخرج، ثم قَالَ: آه وقُبِضت روحه وهو متّزر لم يلبس قميصه بعدُ، ودُفِن بعد العصر يوم الأربعاء. وصلى عَليْهِ القاضي أبو الحِيريّ. وقال الحَسَن بْن أشعث القُرَشيّ: رَأَيْت الحاكم في المنام عَلَى فرس في هيئة حسنة، وهو يَقُولُ: النَّجاة. فقلت لَهُ: أيّها الحاكم، في ماذا؟ قَالَ: في كتبه الحديث. قَالَ الخطيب في تاريخه: حدَّثني الأزهريّ قَالَ: ورد ابن البيَّع بغداد قديمًا فقال: ذُكِرِ لي أنّ حافظكم، يعني الدارقُطْنيّ، خرج لشيخٍ واحد مائة جزء، فأرُوني بعضها. فَحُمِل إِليْهِ منها، وذلك ممّا خرّجه لأبي إِسْحَاق الطَّبَريّ، فنظر في أوّل الجزء حديثًا لعطيّة العَوْفّي فقَالَ: استفتح بشيخٍ ضعيف. ثمّ إنّه رمى الجزء من يده ولم ينظر في الباقي.

_ 1 باطل: وذكره الشوكاني في الفوائد "ص/ 84"، ونقل قول الدارقطني أنه باطل. وانظر سير أعلام النبلاء "3/ 103".

أَخْبَرَنَا أبو الحسين عليّ بْن محمد بْن أحمد ببعلبك: أنبا أبو محمد عَبْد العظيم المنذريّ: سَمِعْتُ عليّ بْن الفضل: سَمِعْتُ أحمد بْن محمد الحافظ: سَمِعْتُ محمد بْن طاهر الحافظ يَقُولُ: سَأَلت أبا القاسم سعْد بْن عليّ الزّنْجانيّ الحافظ بمكّة قلت لَهُ: أربعة من الحفّاظ تعاصروا أيّهم أحفظ؟ فقال: مَن؟ قلت: الدّارَقُطْنيّ ببغداد، وعبد الغنيّ بمصر، وأبو عَبْد الله بْن مَنْدهَ بإصبهان وأبو عَبْد الله الحاكم بنَيْسابور. فسكت فألححتُ عَليْهِ، فقال: أمّا الدّارَقُطْنيّ فأعلمهم بالعِلَل، وأمّا عَبْد الغني فأعلمهم بالأنساب، وأمّا ابن مَنْدَهْ فأكثرهم حديثًا مَعَ معرفة تامّة، وأمّا الحاكم فأحسنهم تصنيفًا: رواها أبو موسى المدينيّ في ترجمة الحاكم، بالإجازة عَنِ ابن طاهر. أَخْبَرَنَا أبو بَكْر بْن أحمد الفقيه: أَنَا محمد بْن سليمان بْن معالى، أَنَا يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسماعيل الطَّرَسُوسيّ، ح، وأنبأني أحمد بْن سَلامة، عَنِ الطَّرَسُوسيّ، أن محمد بْن طاهر الحافظ كتب إليهم أنه سَأَلَ أَبَا إِسْمَاعِيل عَبْد الله بْن محمد الْأَنْصَارِيّ عَنِ الحاكم أَبِي عَبْد الله النَّيْسابوريّ فقال: ثقة في الحديث، رافضيّ خبيث. أَنْبَأَنَا ابن سلامة، عَنِ الطَّرَسُوسيّ، عَنِ ابن طاهر قَالَ: كَانَ الحاكم شديد التّعصُّب للشّيعة في الباطن، وكان يُظهر التَّسَنُّن في التقديم والخلافة. وكان منحرفًا غاليا عَنْ معاوية وأهل بيته، يتظاهر بِهِ ولا يعتذر منه. فسمعت أبا الفتح سَمْكَوَيْهِ بَهَراة يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْد الواحد المليحيّ يَقُولُ: سمعتُ أبا عَبْد الرَّحْمَن السُلمي يَقُولُ: دخلتُ علي أبي عَبْد اللَّه الحاكم وهو فِي داره لا يمكنه الخروج إِلَى المسجد من أصحاب أبي عَبْد الله بْن كّرام، وذلك أنّهم كسروا مِنبره ومنعوه مِن الخروج، فقلت لَهُ: لو خرجت وأمليتَ في فضائل هذا الرجل شيئًا لاسترحت من هذه المحنة. فقال: لا يجئ من قلبي، لا يجئ من قلبي، يعني معاوية. وسمعتُ المظَّفر بْن حمزة بجُرجان: سمعتُ أبا سَعْد المالينيّ يَقُولُ: طالعت كتاب "المُسْتدَرك عَلَى الشيخين" الّذي صنَّفه الحاكم من أوّله إلى آخره، فلم أرَ فيه حديثًا عَلَى شرطهما. قلتُ: هذا إسراف وغُلُوٌّ من المالينيّ، وإلا ففي هذا "المستدرك" جملة وافرة على شروطهما، وجملة كبيرة عَلَى شرط أحدهما. لعلّ مجموع ذَلِكَ نحو النّصف، وفيه نحو الرُبع مما صح سنده، وفيه بعض الشيء أدلة عليه، وما بقي، وهو نحو الرُبع، فهو مناكير وواهيات لا تصحّ. وفي بعض ذلك موضوعات، قد أعلمت بها لمّا اختصرت هذا "المُستدرك" ونبهت على ذلك.

سمعت أبا محمد بن السمرقندي يقول: بلغني أن المستدرك الحاكم ذُكر بين يدي الدارقُطني، فقال: نعم، يَستدرك عليهما حديث الطَّيْر. فبلغ ذَلِكَ الحاكم، فأخرج الحديث مِن الكتاب. قلتُ: لا بل هُوَ في "المستدرك"، وفيه أشياء موضوعة نعوذ بالله من الخذلان. قال ابن الطاهر: ورأيتُ أَنَا حديث الطّير، جمع الحاكم، في جزء ضخم بخطّه فكتبته للتَعجُّب. قلت: وللحاكم "جزء في فضائل فاطمة -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا". وَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ الْحَافِظِ مِنْ تَارِيخِهِ، قَالَ: ذَكَرَ يَوْمًا مَا رَوَى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، فَمَرَرْتُ أَنَا فِي التَّرْجَمَةِ، وَكَانَ بِحَضْرَةِ أَبِي عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمَشَايِخِ، إِلَى أَنْ ذَكَرْتُ حَدِيثَ: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ" 1. فَحَمَلَ بَعْضُهُمْ عَلَيَّ، فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ لَهُ: لَا تَفْعَلْ، فَمَا رَأَيْتَ أَنْتَ وَلَا نَحْنُ فِي سِنِّهِ مِثْلَهُ. وَأَنَا أَقُولُ: إذا رَأَيْتُ أَلْفَ رجلٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. قد مرّ أنّ الحاكم تُوُفّي في صفر سنة خمسٍ وأربعمائة. "حرف النون": 184- نُعيم بْن أحمد بْن إسماعيل2: أبو الحسن الإسترباذي، نزيل سَمَرْقَنْد. روى عَنْ: أَبِي العبّاس الأصمّ، ومحمد بْن عَبْد الله الصّفّار، ونُعيم بْن عَبْد الملك الجُرجاني، وغيرهم. ومات بسَمَرْقَنْد فيها. "حرف الياء": 185- يوسف بْن أحمد بْن كَجّ3: القاضي الشّهيد أبو القاسم الديَنَوريّ، صاحب أَبِي الحسن بْن القطّان. وحضر مجلس الدّاركيّ أيضًا. كَانَ يُضرب بِهِ المثل في حفظ مذهب الشّافعيّ. وجمع بين رئاسة الفِقْه والدّنيا. وارتحل إليه الناس من الآفاق رغبةً في علمه وجوده. وله مصنّفات كثيرة، وكان بعض الناس يفضله على أبي حامد شيخ الشافعية ببغداد. قتله العيّارون بالدينَور ليلة السّابع والعشرين من شهر رمضان سنة خمسٍ، رحمه الله تعالى.

_ 1 "صحيح": أخرجه مسلم "57"، وابن ماجه "3936" وغيره. 2 تاريخ جرجان "480" للسهمي. 3 المنتظم "7/ 275، 276"، ووفيات الأعيان "7/ 65"، والبداية والنهاية "11/ 355".

وهو صاحب وجهٍ، قال له الفقيه: يا أستاذ الاسم لأبي حامد والعلمُ لك. قال: ذاك رفعتهُ ببغداد وحطتني الدينور. "وفيات سنة ست وأربعون": "حرف الألف": 186- أحمد بْن الحافظ أَبِي حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين البغدادي1: روى عن: أَبِي عليّ بْن الصّوّاف، وابن مُخَرّم، وأبي بحر البَرْبَهاريّ. وثقه الخطيب. 187- أحمد بْن أَبِي طاهر محمد بْن أحمد2: الْإِمَام أبو حامد الإسْفَرايينّي الشّافعيّ. قدمِ بغداد وهو صبي فتفقه على أبي الحسن المرزُبان، وأبي القاسم الدّاركيّ حتى صار أحد أئمة وقته وعظُم جاهه عند الملوك. وحدث عَنْ: عَبْد الله بْن عَدِيّ، وأبي بَكْر الإسماعيليّ، وأبي الحَسَن الدارقُطني، وجماعة. قَالَ أبو إِسْحَاق في "الطّبقات ": انتهت إِليْهِ رئاسة الدّين والدّنيا ببغداد، وعلّق عَنْهُ تعاليق في " شرح المُزني"، وطبق الأرض بالأصحاب، وجَمَعَ مجلسه ثلاثمائة متفقَّه. وقال أبو زكريّا النَّوَويّ: تعليق الشَّيْخ أَبِي حامد في نحو خمسين مجلّدًا، ذكر مذاهب العلماء وبسط أدلّتها والجواب عَنْهَا. تفقَّه عَليْهِ: أقضي القُضاة أبو الحَسَن الماورديّ، والفقيه سُليم الرّازيّ، وأبو الحَسَن المَحَامِليّ، وأبو عليّ السّنْجيّ. تفقَّه هذا السّنْجيّ عَليْهِ وعلى القفّال، وهما شيخا طريقتي العراق وخُراسان، وعنهما انتشر المذهب. وقال الخطيب: حدثونا عَنْهُ، وكان ثقة. رَأَيْته وحضرُت تدريسه في مسجد عَبْد الله بن المبارك، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبعمائة فقيه. وكان النّاس يقولون: لو رآه الشّافعيّ لفرح به.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 293". 2 المنتظم "7/ 277"، والعبر "3/ 92".

ولد سنة أربعٍ وأربعين وثلاثمائة وقدم بغداد سنة أربعٍ وستّين. قَالَ الخطيب: وحدّثني أبو إِسْحَاق الشَّيرازيّ: سَأَلت القاضي أبا عَبْد الله الصَّيْمُريّ: مَن أَنْظَر مَن رأيتَ مِن الفقهاء؟. فقال: أبو حامد الإسْفَرايينيّ. قَالَ أبو حيّان التّوحيديّ في "رسالة ما يتمثّل به العلماء ": وسمعت الشَّيْخ أبا حامد يَقُولُ لطاهر العبّادانيّ: لا تعلّق كثيرًا ممّا تسمع منّي في مجالس الجدل، فإن الكلام يجري فيها ختل الخصم ومغالتطه ودمْغه ومغالبته. فلسنا نتكلَّم فيها لوجه الله خالصًا. ولو أردنا ذَلِكَ لكان خَطْوُنا إلى الصَّمْت أسرع مِن تطاولنا في الكلام، وإنْ كُنَّا في كثير هذا نَبُوء بغضب الله تعالى، فإنَّا مَعَ ذَلِكَ نطمع في سعة رحمة الله. وقال ابن صلاح: وَعَلَى أَبِي حَامِدٍ تَأَوَّلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ حَدِيثَ: "وإن اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مائة سنة يُجدد لَهَا دِينَهَا"، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ عَلَى رَأْسِ الْمَائَتَيْنِ، وَابن سُريج فِي رَأْسِ الثَّالِثَةِ، وَأَبُو حَامِدٍ فِي رَأْسِ الرَّابِعَةِ. وعن سُليم الرّازيّ: إنّ أبا حامد في أوّل أمره كَانَ يحرس في درب، وكان يطالع الدَّرس عَلَى زيت الحرس، وإنه وهو ابن سبع عشرة سنة. قَالَ الخطيب: مات في شوال، وكان يومًا مشهودًا، ودُفِن في داره، ثم نُقل سنة عشر وأربعمائة ودُفن بباب حرب. 188- أحمد بْن بَكْر بْن أحمد بْن بقيّة1: أبو طَالِب العبديّ. أحد أئمّة العربيّة، لَهُ "شرح الإيضاح " لأبي عليّ الفارسي، و"التكملة"، وهو مِن أحسن الشُّروح. وكان العبْديّ كاسد السُّوق لا يحضر عنده إلا القليل، وإنّما يزدحمون عَلَى ابن جنّي والرَّبَعيّ. أخذ العربيّة عن: أبي سعيد السيرافي. ثمّ لزم أبا عليّ الفارسيّ حتى أحكم الفنّ، وتصدر ببغداد. وحدَّث عَنْ: دَعْلَج، وأبي عُمر الزّاهد. روى عَنْهُ: القاضي أبو الطّيّب الطّبَرانيّ. وأبو الفضل محمد بْن المهتدي، وغيرهما. 189- أحمد بن علي بن إسماعيل بن عبد الله بن ميكال2. أبو النصر النَّيْسابوريّ، الأمير العريض الجاه، البسيط الحشمة، إنسان عين آل ميكال الذي كان

_ 1 إنباه الرواة "2/ 386- 388"، ومعجم المؤلفين "1/ 174". 2 ديوان الإسلام لابن الغزي "4/ 203".

يُضرب بِهِ المَثَل في الخِصال. تُوُفّي بِقلعة غَزْنَة في سنة ستّ، ولم يحدَّث. سَمِعَ من جدّه. وله شِعر حَسَن رائق، وأدب رائع، وبلاغة وبراعة. وكان جمال مملكة يمين الدّولة محمود بْن سُبكتكين وطراز دولته، وفيه يَقُولُ الأديب الخوارزميّ: زَفَّ المنام إليَّ طيف خياله ... لو أنّ طيفًا كَانَ مِن أبداله. ولو أنّ هذا الدّهر يَشكر لم يدع ... شكر الأمير وقد غدا مِن آله. الوفْر عند نواله، والنَّيْل عند ... سؤاله، والموت عند سياله. والخلق من سُؤاله، والجُود من عدله ... والدَّهْر من عمالِه. تتجمّع الأموالُ في أمواله ... فيفرق الأموال فِي آماله. شيخ البديهة ليس يُمسك لفظهُ ... فكأنما ألفاظه من ماله. 190- إبراهيم بْن جعفر بْن الحَسَن بْن أحمد بْن الحَسَن بْن الصّبّاح بْن عَبْدة. أبو حسن الأَسَدي الهَمَدانيّ، الحنّاط، الشّاهد. وُلد سنة سبعٍ وعشرين وثلاثمائة. وسمع سنة ثلاثٍ وأربعين من: أَبِي القاسم بْن عُبيد، وأَوْس الخطيب، وأبي الصَّقْر الكاتب، ومأمون بْن أحمد، وأبي بَكْر محمد بْن حَيَّوَيْهِ الكُرْجيّ، وأبي بَكْر بْن خلاد النَّصيبيّ، ومحمد بْن مَحْمَوَيْهِ النَّسَويّ. روى عَنْهُ: أبو مُسْلِم بْن غرو، والحسن بْن عبد الله بْن ياسين، ومحمد بْن الحَسَن الصُّوفيّ، وأبو القاسم الخطيب. قال شيرويه: كان صدوقًا. وتوفي في جُمَادَى الآخرة. "حرف الباء": 191- باديس بْن المنصور بْن بُلّكين بْن زيْري بْن مَنَاد1. الأمير أبو مَنَاد الحِمْيَريّ الصنْهَاجيّ. ولي إفريقيّة للحاكم، ولقَّبه الحاكم: نصير الدّولة. وكان باديس ملكًا كبيرًا حازماُ شديد البأس، إذا هزّ رمحًا كسره. ولدِ بأشِير سنة أربعٍ وسبعين وثلاثمائة، فلّما كَانَ في ذي القعدة سنة ست وأربعمائة أمر جيوشه بالعرض، فعُرضوا بين يديه إلى وقت الظُّهْر، وسرَّهُ حُسن عسكره، وانصرف إلى قصره ومد السماط،

_ 1 البداية والنهاية "12/ 4"، ووفيات الأعيان "1/ 265، 266".

فأكل معه خواصُّه ثمّ انصرفوا فلمّا كَانَ الليل مات فجأة، فأخفوا أمره، ورتبواه أخاه كرامة بْن المنصور حتى وصلوا إلى ولده المعزّ بن باديس فبايعوه، وتمّ لَهُ الأمر. وقيل: إنّ سبب موته أنّه قصدَ طرابُلُس ونزل بقُربها عازمًا عَلَى قتالها، وحلَف أن لا يرحل عَنْهَا حتّى يُعيدها فُدُنًا للزّراعة. فاجتمع أهل البلد إلى المؤدّب محرز وقالوا: يا وليّ الله، قد بلغك ما قاله باديس. فهلك في ليلته بالذَّبْحة. وكان مِن دعائه عَليْهِ أن رفع يديه إلى السّماء وقال: ياربّ باديس، اكفِنا باديس. وصِنهاجة: يكسر أوّله، قبيلةٌ مشهورة مِن حِمْيَر. وقال ابن دُرَيْد: بضمّ الصّاد، لا يجوز غير ذَلِكَ. "حرف الحاء": 192- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد1. الأستاذ أبو عليّ الدّقّاق الزّاهد النَّيْسابوريّ. شيخ الصُّوفيّة، وشيخ أَبِي القاسم القُشَيْريّ. تُوُفّي في ذي الحجّة. سَمِعَ: أبا عَمْرو بْن حمدان، وأبا الهيثم محمد بْن مكّيّ الكشميهنيّ. وأبا علي بن محمد بْن عُمَر الشَّبّويّ. ذكره عَبْد الغافر مُختصرًا فقال: لسان وقته وإمام عصره تعلَّم العربيّة، وحصّل علم الأصول، وخرجَ إلى مَرْو، فتفقّه بها علي الخُضْريّ. وأعاد على أَبِي بَكْر القفّال المَرْوزيّ، وبرعَ. ثمّ أخذ في العمل, وسلك طريق التصرف، وصحِب أبا القاسم النصْراباذّي. حكى عَنْهُ أبو القاسم القُشَيْريّ أحوالًا وكرامات. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة خمسٍ. 193- الحَسَن بْن محمد بْن حبيب بْن أيّوب2. أبو القاسم النَّيْسابوريّ، الواعظ المفسر. صنف في القراءات، والتفسير، والآدب، و"عقلاء المجانين". سَمِعَ: محمد بْن يعقوب الأصمّ وأبا الحَسَن الكارِزيّ، ومحمد بْن صالح بْن هانئ، وأبا حاتم محمد بْن حِبّان البُسْتيّ، وأحمد بن محمد بن حمدون السرفقاني، وجماعة.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 13"، وتبيين كذب المفتري "226، 227" لابن عساكر. 2 تاريخ جرجان "190" للسهمي، والعبر "3/ 93".

روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر محمد بْن عَبْد الواحد الحِيريّ الحافظ, وأبو الفتح محمد بْن إسماعيل الفَرَغَانيّ، وأبو عليّ الحسين بْن محمد السكاكي. وتوفي في ذي الحجّة. 194- حمزة بْن عَبْد العزيز بْن محمد بْن أحمد بْن حمزة1. أبو يعلي المهلبي النيسابوري، الطبيب الحاذق. سَمِعَ: أَبَا حامد بْن بلال، وأبا جعفر محمد بْن الحَسَن الإصبهانيّ الصُّوفيّ، ومحمد بْن أحمد بْن دَلُّوَيْه صاحب الْبُخَارِيّ، ومحمد بْن الحسين القطّان، وجماعة تفرّد بالسّماع منهم. وطال عُمره. روى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه الحاكم، وأبو بَكْر البَيْهقيّ، وأبو نصر عُبَيْد الله بْن سَعِيد السجْزيّ، وأبو بَكْر بْن خَلَف الشّيرازيّ، وأبو القاسم عَبْد الله بْن علّي الطُّوسيّ، ومحمد بْن إسماعيل التفْليسّي، وطائفة سواهم. قَالَ الحاكم: أبو يَعْلَى حمزة الصَّيْدلانيّ هذا صحِب المشايخ وطلب الحديث، ثمّ تقدَّم في صناعة الطّبّ. وقال غيره: هُوَ مِن أولاد المهلّب من أَبِي صُفْرة الأزْديّ الأمير تُوُفّي يوم عيد الأضحي عَنْ سنٍ عالية. "حرف العين": 195- عُبيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جعفر2. أبو القاسم السقطي. بغداديّ نبيل. لم يذكره الخطيب في تاريخه. سَمِعَ الكثير من: إِسْمَاعِيل الصَّفّار، ومُحَمَّد بْن يحيى بْن عَمْر بْن علي بْن حرب، وأبي جعفر بْن البَخْتَرِيّ، وابن السّمّاك، وأبي سهل القطان، والنّجّاد، وخلْق. وسمع بمكّة من: ابن الأعرابيّ، والآجُرّيّ، وجاوَرَها مدّة. وخرّج ابن أَبِي الفوارس لَهُ، وروى الكثير. روى عَنْهُ: حمزة السَّهْميّ، والمظفّر بْن الحَسَن سِبْط ابن لال، وأبو ذَرّ عَبْد بْن أحمد، وعبد العزيز الأزْجيّ، والحسن بْن عَبْد الرَّحْمَن الشّافعيّ المكّيّ، وخلْق سواهم مِن الحاجّ. قَالَ سعْد الزّنْجانيّ: كَانَ السَّقَطيّ يدعو الله أن يرزقه مجاورة أربع سنِين، فجاور أربعين سنة، فرأي رُؤيا كأنّ قائلًا يَقُولُ: يا أبا القاسم طلبت أربعة وقد أعطيناك أربعين، لأنّ الحَسَنَة بعشر أمثالها. ومات لسنته. قَالَ ابن النّجّار: مات سنة ست وأربعمائة، رحمه الله.

_ 1 الأنساب "8/ 122، 123"، والعبر "3/ 94". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 236، 237" "142".

196- عُبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن علي بن مهران. الإمام ابن أحمد بْن أَبِي مُسلم البغداديّ الفَرَضيّ المقرئ. أحد شيوخ العراق، ومن سار ذكره بالأفاق. قرأ القرآن على أحمد بْن عثمان بْن بُويان، وهو آخر مَن قرأ فِي الدنيا عَليْهِ. وسمع: المَحَامِليّ، ويوسف بْن البُهْلُول الأزرق. وحضر مجلس أَبِي بَكْر بْن الأنباريّ. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة ورِعًا دينًا. وقال العَتِيقيّ: ما رأينا في معناه مثله. وذكره الأزهريّ عُبَيْد اللَّه فقال: إمام من الأئمة. وقال عيس بْن أحمد الهمدانيّ: كَانَ أبو أحمد إذا جاء إلى الشَّيْخ أَبِي حامد الإسْفرايينيّ قام من مجلسه ومشى إلى باب مسجده حافيا مستقبلًا لَهُ. وقال الخطيب: ثنا منصور بْن عُمَر الفقيه قَالَ: لم أرَ في الشيوخ من يُعلم لله غير أبي حامد الفَرَضيّ. قَالَ: وكان قد اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم وقرآن وإسناد وحالةٍ متَّسعة من الدّنيا. وكان مَعَ ذَلِكَ أورع الخلْق. وكان يقرأ علينا الحديث بنفسه. وكنتُ أُطيل القعود معه وهو على حالة واحدة، لايتحرك ولا يعبث بشي. فلم أرَ في الشَّيوخ مثله. قلت قرأ عَليْهِ: نصر بْن عَبْد العزيز الفارسيّ نزيل مصر، وأبو عليّ الحَسَن بْن القاسم غلام الهرّاس، والحسن ابن عليّ العطّار، وأبو بَكْر محمد بْن عليّ الخيّاط، وغيرهم. وحدَّث عَنْهُ: أبو محمد الخلال، وعمر بْن عُبيد الله البقّال، وأحمد بْن علي بن أَبِي عثمان الدّقّاق، وعلي بْن أحمد البُسري، وعلي بن محمد بن محمد الأخضر الأنباري، وآخرون. وتوفي في شوال عن اثنين وثمانين سنة. وقد وقع لي حديثه بعُلو. وأَخْبَرَنَا عُمَر بْن عَبْد المنعم، برواية قالون، قراءةً عَليْهِ قَالَ: أَنَا بها أبو اليُمْن زيد بْن الحَسَن المقرئ إجازةً، أنّ هبة الله بْن عُمَر الْجَريريّ أخبره بها تلاوةً وسماعًا قَالَ: قرأت بها على أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن موسى الخياط على أبي أحمد الفَرَضيّ، عَنْ قراءته عَلَى أَبِي نَشِيط، عَنْ قالون، عَنْ نافع. وقد وقعت لنا هذه الرواية كما ترى في غاية العُلُوّ.

197- عُتْبة بْن خَيْثَمَة بْن محمد بْن حاتم بْن خَيْثَمَة بْن الحَسَن بْن عَوْف1. القاضي أبو الهيثم التّميميّ النَّيْسابوريّ الفقيه الحنفيّ، شيخ الفقهاء والقُضاة. ذكره الفارسيّ فقال: عديم النّظير في الفقه والتدريس والفتوى. تولى القضاة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة إلى سنة خمسٍ وأربعمائة، فأجراه أحسن مجرى. سَمِعَ من أُستاذيْه: أَبِي الحسن قاضي الحرمين، وأبي العبّاس التّبّان. وسمع بالحجاز من الدَّبِيليّ، وببغداد من أَبِي بَكْر الشّافعيّ وروى أكثر مسموعاته. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بن خلف وتوفي في جمادى الآخرة. 198- عثمان بْن أحمد بْن إِسْحَاق بْن بُنْدار2. أبو الفَرَج الإصبهاني البُرْجيّ. سَمِعَ: محمد بْن عُمَر بْن حفص الجورجيريّ، وغيره. وعنه: أبو الخير محمد بْن أحمد را، وسليمان بْن إبراهيم الحافظ، والقاسم بْن الفضل الثّقفيّ، وجماعة. تُوُفّي ليلة الفِطْر. 199- العلاء بْن الحسين بْن العلاء بْن أحمد. أبو الفتح الزهيري الهمذاني البّزاز. روى عَنْ: أَبِي حاتم محمد بْن عيسى الوَسْقَنْديّ. روى عَنْهُ: محمد بْن عيسى، وابن غرو، وعلمة مشايخ الوقت بهمذان. قَالَ شَيرَوَيْه: وثنا عَنْهُ: يوسف الخطيب، ومحمد بْن الحسين الصُّوفيّ، وكان صدوقًا. "حرف الميم": 200- محمد بْن أحمد بْن خليل بْن فَرَج3. أبو بَكْر القُرْطُبيّ، مولي بني العبّاس. سَمِعَ: وهْب بْن مَسَرَّة، وإسماعيل بْن بدر. وحجّ، فأخذَ بمكّة عَنْ: محمد بْن نافع الخُزَاعيّ، وبمصر عَنْ: أَبِي عليّ بْن السَّكَن، وأبي محمد بْن الورْد، وحمزة الكِنَانيّ. روى عنه: يونس بن عبد الله القاضي. وتُوُفّي في رمضان، وله أربعٌ وثمانون سنة. استوفي ترجمته الحافظ قطب الدين، وأنه سَمِعَ أيضًا من محمد بْن معاوية، وبمكّة: عُمَر الْجُمَحّي، وبُكَيْر بْن محمد الحدّاد. وكان صالحًا فاضلًا مجتهدًا في العبادة، متقشفًا رحمه الله.

_ 1 العبر "3/ 94، 95"، والجواهر المضيئة "2/ 511". 2 معجم البلدان "1/ 373"، والأنساب "2/ 132". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 497".

201- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عَبْد الوهاب الإِسْفَرايينيّ1. الحديثيّ الحافظ. رحل، وكتب عَنْ: أَبِي أحمد بْن عدّي، وطبقته وكانت رحلته في سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمائة. قَالَ أبو مسعود البَجَليّ: سمعتُ أبا عَبْد الله الحاكم يَقُولُ: أشهد عَلَى أَبِي بَكْر الإسفرايينيّ أنّه يحفظ من حديث مالك، وشُعبة، والثَّوْريّ، ومِسْعَر أكثر من عشرين ألف حديث. 202- محمد بْن بزال2. مختار الدّولة قائد الجيوش. ولي إمرة دمشق بعد أَبِي المُطاع بْن حمدان، فبقي أربع سنين، وعُزِل في هذه السّنة. 203- محمد بْن الحَسَن بْن فُورَك3. أبو بَكْر الإصبهانيّ الفقيه المتكلَّم. سَمِعَ "مُسْنَد الطَّيَالِسيّ" من: عَبْد الله بْن جعفر الإصبهانيّ، واستُدعيَ إلى نَيْسابور لحاجتهم إلى عِلْمه، فاستوطنها. وتخرَّج بِهِ طائفة في الأصول والكلام. وله تصانيف جمّة. وكان رجلًا صالحًا. وقد سَمِعَ أيضًا من أبي خُرَّزاد الأهوازيّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقيّ، وأبو القاسم القُشَيْريّ، وأبو بَكْر أحمد بْن عليّ بْن خَلَف، وآخرون. قَالَ عَبْد الغافر بْن إسماعيل: قبرهُ بالحِيرة يُسْتَسْقيَ بِهِ. ذكر ابن حزم في "النّصائح" أنّ ابن سُبُكْتكين قتل ابن فُورَك لقَوله أنّ نبيّنا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْسَ هُوَ نبيٌّ اليوم، بل كَانَ رَسُول اللهِ. وزعم أنّ هذا قول جميع الأشعريّة. قَالَ ابن الصّلاح: لَيْسَ كما زعم، بل هُوَ تشنيع عليهم أثارته الكرّاميّة فيما حكاه القُشَيْريّ. وتناظر ابن فُوَرك وأبو عثمان المغربيّ في الوليّ، هَلْ يعرف أنّه وليّ؟ فكان ابن فُوَرك يُنْكر أن يعرف ذَلِكَ، وأبو عثمان يُثْبت ذَلِكَ. وحكى بعضهم عَنِ ابن فُورَك أنّه قَالَ: كلّ موضع ترى فيه اجتهادًا ولم يكن عَليْهِ نور، فاعلم أنّه بدعة خَفِيّة. وذكره القاضي شمس الدين في وفيات الأعيان فقال فيه: الأستاذ أبو بَكْر المتكلّم الأُصوليّ الأديب النَّحْويّ الواعظ، درس بالعراق مدةً، ثمّ توجّه إلى الرّي، فَسَعَتْ بِهِ المبتدِعة. فراسله أهل نَيْسابور فوردَ عَليْهِم، وبنوا لَهُ بها مدرسة ودارًا، وظهرت بركته عَلَى المتفقهة، وبلغَت مصنّفاته قريبًا من مائة مصنَّف ودُعيَ إلى مدينة غزنة، وجرت له بها مناظرات.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 1064"، وشذرات الذهب "3/ 184". 2 معجم الأدباء "6/ 251"، وتاريخ ابن الفرات "8/ 87". 3 الرسالة القشيرية "310"، والعبر "3/ 95".

وكان شديد الرّدّ عَلَى أَبِي عَبْد الله بْن كرّام. ثمّ عاد إلى نَيْسابور، فسُمّ في الطّريق، فمات بقرب بُسْت، ونُقِل إلى نَيْسابور، ومشهده بالحِيرة ظاهر يُزار ويُستجاب الدّعاء عنده. قلت: أخذ طريقة الأشعريّ عَنْ أَبِي الحَسَن الباهليّ، وغيره قَالَ عَبْد الغافر بْن إسماعيل: سَمِعْتُ أبا صالح المؤذّن يَقُولُ: كَانَ أبو عليّ الدّقّاق يعقد المجلس ويدعو للحاضرين والغائبين من أعيان البلد وأئمّتهم، فقيل لَهُ: قد نسيت ابن فُورَك ولم تَدْع لَهُ. فقال أبو عليّ: كيف أدعو لَهُ وكنتُ أقسمُ عَلَى الله البارحة بأيْمانه أن يشفي عِلّتي. وكان بِهِ وجع البَطن تِلْكَ اللّيلة. وقال البَيْهَقيّ: سَمِعْتُ القُشَيْريّ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابن فُورَك يَقُولُ: حُمِلتُ مقيدًا إلى شيراز لفتنةٍ في الدين، فوافيت باب البلد مُصبحًا، وكنت مهمومًا، فلمّا أسفَرَ النّهار وقع بصري علي محرابٍ في مسجدٍ عَلَى باب البلد، مكتوب عَليْهِ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] فحصل لي تعريف باطنيّ أنّي أُكْفَى عَنْ قريب، فكان كذلك. وصرفوني بالعزّ. قلت: كَانَ مَعَ دينه صاحب قَلَبَه وبدعة. قَالَ: أبو الوليد سليمان الباجيّ: لمّا طَالِب ابن فُورَك الكرّاميّة أرسلوا إلى محمود بن سبكتكين صاحب خُراسان يقولون لَهُ: إنّ هذا الّذي يؤلب علينا أعظم بدعةٍ وكُفْرًا عندك منّا، فسَلْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ المطَّلب، هَلْ هُوَ رسول الله اليوم أم لا؟ فعظُم عَلَى محمود الأمر، وقال: إنْ صحّ هذا عَنْهُ لأقتلّنه. ثمّ طلبه وسأله فقال: كان رسول الله، وأمّا اليوم فلا. فأمرَ بقتله، فشُفِعَ إِليْهِ وقيل: هُوَ رجلٌ لَهُ سِنٌ. فأمرَ بقتله بالسُّمّ. فسُقِيَ السُّمَ. وقد دعا ابن حزْم للسلطان محمود إذ وُفّقَ لقتله ابن فُورَك، لكونه قَالَ: إنّ رسول الله كَانَ رسولًا في حياته فقط، وإنَّ روحه قد بطُل وتلاشي، وليس هُوَ في الجنّة عند الله تعالى، يعني روحه. وفي الجملة: ابن فُورَك خيرٌ من ابن حزْم وأجلّ وأحسن نِحْلَة. قَالَ الحاكم أبو عَبْد الله: أنبا ابن فورك، نا عَبْد الله بْن جعفر، فذكر حديثًا. 204- محمد بْن الطّاهر ذي المناقب الحسين بْن موسى بْن محمد أبو الحَسَن العلويّ المُوسَويّ1، المعروف بالشّريف الرّضيّ، نقيب الطّالبيّين، من ولد موسى بْن جعفر بْن محمد. لَهُ ديوان شِعر مشهور، وشعره في غاية الحُسن. وصنَّف كتابًا في معاني القرآن

_ 1 كشف الظنون "472"، والأعلام "6/ 99"، وأعيان الشيعة "44/ 173 - 187".

يتعذَّر وجود مثله. وكان غير واحد من الأدباء يقولون: الشّريف الرّضيّ أشعر قُريش. وكان مولده سنة تسعٍ وخمسين وثلاثمائة. وذكر الثّعالبيّ أنّه ابتدأ بنظْم الشعْر وهو ابن عشر سِنين. قال، وهو أشعر الطالبين ممّن مضي منهم ومَن غَبَر، عَلَى كثرة شُعرائهم المُفلقين. ولو قلت إنّه أشعر قُرَيش لم أبعُد عَنِ الصدْق. وكان هُوَ وأبوه نقيب الطالبين، ولي النقابة أيام أبيه، وديوانه في أربعة مجلّدات. وقيل: إنّ الشّريف الرَّضيّ أحضر درس أَبِي سَعِيد السيرافيّ ليعلمه ولم يبلغ عشر سِنين، فأمتحنه يومًا فقال: ما علاقة النَّصْب في عُمَر؟ فقال: بُغض عليّ. فعجب السيرافيّ والجماعة من حِدّة خاطره. وللرّضيّ كتاب " مجاز القرآن " أيضًا. وكان أَبُوهُ شيخًا معَّمرًا، تُوفي سنة أربعمائة، وقيل: سنة ثلاثٍ وأربعمائة، وقد جاوز التّسعين. فرثاه أبو العلاء المَعَريّ. ومن شِعر الرَّضيّ: يا قلبُ ما أنتَ مِن نجدٍ وساكنه ... خلَّفت نَجْدًا وراء المُدلجِ الساري. راحت نوازعٌ من قلبي تتبعُهُ ... على بقايا لبناناتٍ وأوطارِ يا صاحبيَّ قِفا لي واقضيا وَطَرًا ... وحَدّثاني عَنْ نجدٍ بأخبارِ هَلْ رُوضتْ قاعُهُ الوَعْساء أم مطُرتْ ... خميلة الطَّلْح ذات البان والغارِ؟ أم هَلْ أبيتُ ودارٌ دون كاظمةٍ ... داري، وسُمار ذاك الحيّ سُماري تضوعُ أرواحُ نجدٍ من ثيابهمُ ... عند القدوم بقرب العهد بالدار وللرضي: اشترِ العز بما شئـ ... ت فما العزُّ بغالِ بقِصار البيض إن شئـ ... ت أو السُمر الطوالِ لَيْسَ بالمغبون عقلًا ... مَن شرا عِزًا بمالِ إنما يدخر ال ... مال لأثمان المعالي توفي في محرم.

205- محمد بن عبد الله بن محمد: أبو بَكْر الشّيرازيّ المؤدب المعروف بالنّجّار. تُوفي في جُمادى الأخرة عَنْ مائةٍ وستّ سنين. 206- محمد بْن عثمان بْن حسن1: القاضي أبو الحُسَين النَّصِيبيّ. نزيل بغداد. روى عَنْ: أَبِي الميمون بْن راشد البَجَليّ، وإسماعيل الصّفّار، وأحمد بْن جعفر بْن المنادي. روى عَنْهُ: القاضي أبو الطّيّب الطَّبَريّ، وغيره. ضعّفه أحمد بْن عليّ الباديّ. وقال حمزة الدّقّاق: روى للشّيعة ووضع لهم. وقال الخطيب: سَأَلت الأزْهريّ عَنْهُ، فقال: كذاب. 207- محمد بن يحيى بن السري الحذّاء التنيسيّ. تُوُفّي بها في شعبان، ووُلد سنة سبع عشرة وثلاثمائة. قاله الحبّال. 208- محمد بْن مَوْهَب بْن محمد2. أبو بكر الأزدي القبري، ثم القُرطبي الحصار. والد القاضي أَبِي شاكر عَبْد الواحد، وجدّ الإمام أَبِي الوليد الباجيّ لأمّهِ. روى عَنْ: عَبْد الله بْن قاسم، وعبد الله بْن محمد بْن عليّ الباجيّ. ورحل فأخذ عَنْ: أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القابسيّ، وتفقّه عندهما. وبرع في مذهب مالك، ونظر في علم الكلام. فلمّا رجع تكلَّم في شيء من نُوبة النّساء ونحو هذه الغوامض، فشنّعوا عَليْهِ بذلك. وكان من زُهاد العلماء. وكان القاضي ابن ذَكْوان يقدّمه عَلَى فُقهاء عصره. وله مصنَّف في الفِقْه مفيد، وله "شرح رسالة شيخه أَبِي محمد"، ثمّ نزح إلى سبْتة لأمورٍ جرت، فأخذ عنها بها: حمزة بْن إسماعيل. ثمّ عاد إلى قُرطبة مُستخفيًا، وتوفي في جُمادى الأولى. "الكنى": 209- أبو زُرعة بْن حُسين بْن أحمد القَزْوينيّ: الفقيه. سَمِعَ من: عَبْد الله بْن عدّي بُجرجان، والفاروق الخطّابيّ بالبصرة، وجماعة.

_ 1 الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "3/ 84"، والميزان "3/ 643". 2 جذوة المقتبس "146"، والديباج المذهب "271".

"وفيات سنة سبع وأربعمائة": "حرف الآلف": 210- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الْبَغْدَادِيّ: أبو الحسين الخازن. سَمِعَ: الحسين بْن عيّاش القطّان. وثّقه البَرْقانيّ. ومات في رمضان. روى جزءًا واحدًا. سَمِعَ منه: البَرْقانيّ، وغيره. 211- أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن موسى: الحافظ أبو بَكْر الشّيرازيّ، مصنّف كتاب " الألقاب". سَمِعَ ببغداد: أبا بحر محمد بْن الحَسَن البَرْبَهاريّ، وأبا بَكْر القَطِيَعيّ، وعليّ بْن أحمد المَصيصيّ. وبإصبهان: أبا القاسم الطَّبَرانيّ، وأبا الشّيخ. وبمَرْو: عبد الله بن عمر بن علك. وبجُرجاني: عَبْد الله بْن عديّ، والإسماعيليّ. وبنَيْسابور: محمد بْن الحَسَن السّرّاج. وبفارس: عَبْد الواحد بْن الحسن الجنديسابوري، وسعيد بن القاسم ابن العلاء المُطوعي بطراز من بلاد التُرك. وببُخَارَى: محمد بْن محمد بْن صابر. وبِشيراز: أسامة بْن زيد القاضي. وبالبصْرة: أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الخارِكيّ. وبواسط وبلدان عدّة. وأقام بهَمَدان مدّة، فروى عَنْهُ: محمد بْن عيسى، وأبو مُسْلِم بْن عَزّو، وحُمَيْد بْن المأمون، وآخرون. قَالَ الحافظ شِيرَوَيْه: ثنا عَنْهُ أبو الفَرَج البَجَليّ، وكان صدوقًا ثقة حافظًا يُحسن هذا الشّأن جيّدًا جيدا. خرج مِن عندنا سنة أربعٍ وأربعمائة إلى شِيراز، وأخبرتُ أنّه مات بها سنة إحدى عشرة. وقال أبو القاسم بْن مَنْدَهْ: تُوفي في سنة سبعٍ في شوّال. قلت: وهذا أقرب. وقد سمعتُ كتاب "الألقاب " لَهُ من الأبرقُوهي بسماعه حضورًا سنة ثمان عشرة وستّمائة، من أَبِي سهل السرفُوي، بسماعه من شهرزاد ابن الحافظ شِيرَوَيْه. أَنَا أحمد بْن عُمَر البَيع، أَنَا حُميد بْن المأمون، عَنْهُ، قَالَ جعفر المستغفري: كان يفهم ويحفظ.

ودخل نَسَف وكتبت عَنْهُ. وسمعته يَقُولُ: وقع بيني وبين أَبِي عَبْد الله بْن البَيَّع الحافظ منازعة في عَمْرو بْن زُرارة، وعُمر بْن زُرارة، فكان يقول: هما واحد. فتحاكمان إلى الحاكم أَبِي أحمد الحافظ فقلنا: ما يَقُولُ الشَّيْخ في رَجُل يَقُولُ عَمْرو بْن زُرارة وعُمر بْن زُرارة واحد؟ فقال: مَن هذا الطّبل الّذي لا يفصل بينهما؟! 212- أحمد بْن محمد بْن خاقان1: أبو الطَّيَّب العُكبري الدّقّاق. حدَّث عَنْ: أَبِي ذَرّ أحمد بْن محمد بْن الباغَنْديّ، ومحمد بْن أيّوب بْن المُعافى. وهو آخر من حدَّث عَنْهُمَا. وكان مولده سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة. 213- أحمد بْن محمد بْن عَبْس: أبو مُعاذ الزواغاني الهَرَويّ. آخر من روى عَنْ يعقوب بْن إِسْحَاق بْن محمود الحافظ الهَرَويّ. روى عَنْهُ: أبو عامر الأزدي شيخ الكروخي. وتُوُفّي في ربيع الأوَّل. 214- أحمد بْن محمد بْن يوسف بْن دُوست2: أبو عَبْد الله البغدادي البزّاز. حدَّث عَنْ: الحسين بْن يحيى بْن عَيّاش، ومحمد بْن جعفر المَطيريّ، وإسماعيل الصفار، وطبقتهم. وعنه: أبو محمد الخلال، والأزهري، وهبة الله اللالكائي، وأبو بكر الخطيب قَالَ: وكان محدَّثا مُكثرًا حافظًا عارفًا. مَكَثَ مرّة يُملي بجامع المنصور بعد المخلّص. وكان يُملي من حفظه. وكان عارفًا بمذهب مالك. ضعّفه الأزهريّ، وطعن ابن أَبِي الفوارس في روايته عَنِ المَطيريّ. قَالَ الخطيب: تُوفي في رمضان وله أربعٌ وثمانون سنة. قلت: آخر من روى عَنْهُ: رزق الله التّميميّ. وقع لي حديثه عاليا. قَالَ البَرْقانيّ: كَانَ يسرد الحديث من حفظه، وتكلّموا فيه، فَقِيل: إنّه كَانَ يكتب الأجزاء ويتربُها ليُظنّ أنّها عُتق. وقال الأزهريّ: غرقْتَ كُتبه فكان يجدّدها. وأثني عَليْهِ بعض العلماء. وكان يُذاكر الدارقطني، ويسرد من حفظه. "حرف الحاء": 215- الحسن بن حامد بن الحسن3: أبو محمد الدبيلي التاجر الأديب.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 297"، 162"، والمنتظم "7/ 285"، قلت: وهو محمد بن أحمد.... وسيأتي قريبا. 2 المنتظم "7/ 284"، وميزان الاعتدال "1/ 153، 154". 3 الفوائد العوالي "المؤرخة "16، 22، 57"، والبداية "11/ 316".

سَمِعَ: عليّ بْن محمد بْن سَعِيد المَوْصِليّ، وأبا الطَّيّب المتنبيّ. قَالَ الخطيب: ثنا عَنْهُ الصُّوريّ: وكان صدوقًا تاجرًا متمولًا، قَالَ لي الصُّوريّ: ذَكَر لنا ابن حامد أنّه سَمِعَ من دَعْلَج، وأن المتنّبي لمّا قدِم بغدادَ نزل عَليْهِ، فكان القيم بأموره، وقال لَهُ: لو كنتُ مادحًا تاجرًا لمدحتك. وقال الصُّوريّ: قد روى الحافظ عَبْد الغنيّ بْن سَعِيد، عن رجلٍ، عن ابن حامد. قال أبو إِسْحَاق الحبّال: تُوُفّي في مُستهل شوّال. قلت: وسماع الصُّوريّ منه بمصر. روى عَنْهُ: خَلَف الحُوفي. 216- الحسن بْن حامد1: شيخ الحنابلة. قد مر سنة ثلاثٍ وأربعمائة. 217- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن المؤمَّل2 بْن الحَسَن بْن عيسى بْن ماسَرْجِس. أبو محمد الماسَرْجِسيّ النيسابوري. وكان ثقة جليلًا. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البيهقي. وتُوُفّي في شَعْبان. "حرف السين": 218- سليمانُ بْن الحَكَم بن سليمان3 ابن النّاصر لدين الله عَبْد الرَّحْمَن الأمويّ المروانيّ: الملقب بالمستعين. خرج قبل الأربعمائة، والتفّ عَليْهِ خلق من جيوش البربر بالأندلس. وحاصر قُرْطُبَة إلى أن أخذها كما ذكرنا سنة ثلاثٍ وأربعمائة. وعاث هُوَ وجيشه وأفسدوا، وعملوا ما لا تعمله الفَرَنْج. وكان من أمراء جُنده القاسم وعليّ ابنا حمّود بْن ميمون الحَسَنيّ الإدريسيّ، فقدمهما عَلَى البربر، ثمّ استعمل أحدهما علي سبْتَة وطْنَجَة، واستعمل القاسم عَلَى الجزيرة الخضراء. ثّم إن علينا متولي سبْتة راسلَ جماعةً وحدَّث نفسه بولاية الأندلس، فاستجاب لَهُ خلْق وبايعوه، فزحف من سبْته وعدّى إلى الأندلس، فبايعه أمير مالقه. واستفحل أمره، ثمّ زحَف بالبربر إلى قُرْطُبَة، فجهّز المستعين لحربه ولده محمد بْن سليمان، فانكسر محمد وهجَم عليّ بْن حمُّود قُرْطُبَة فدخلها، وذبح المستعين بيده صبرًا، وذبح

_ 1 تقدمت ترجمته قريبا في هذا الجزء. 2 المنتخب من السياق "180". 3 نفح الطيب "1/ 428 - 431"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 150، 151".

أَبَاهُ الحَكَم وهو شيخ في عَشْر الثمانين، وذلك في المحرّم. وانقطعت دولة بني أُميّة في جميع الأندلس. وكان قيام سليمان في شوّال سنة تسعٍ وتسعين، ثمّ كمل أمره في ربيع الآخر سنة أربعمائة، وظفر بالمهديّ محمد بْن عَبْد الجبّار في ذي الحجّة من السّنة فقتله صبرًا، وهرب المؤيّد بالله هشام بْن الحَكَم وسار سليمان في بلاد الأندلس يعيث ويفسد ويُغير حتى دوَّخ الإسلام وأهله. قَالَ الحُميدي: لم يزل المستعين يجول بالبربر يُفْسد ويَنْهَب ويُفْقر المدائن والقري بالسيّف لا يُبقى معه البربر على صفيرٍ ولا كبير ولا امرأة إلى أن غلب عَلَى قُرْطُبَة سنة ثلاثٍ في شوّال. قلت: عاش سليمان المستعين نيفًا وخمسين سنة، وله شِعْر رائق فمنه: عَجَبًا يهابُ اللَّيْثُ حدَّ سِناني ... وأهاب لَحْظَ فواتِر الأجفانِ وأُقَارِعُ الأهوالَ لا متهيبًا ... منها سوى الإعراضِ والهجرانِ وتملّكت نفسي ثلاثٌ كالدُّمَى ... زُهْرُ الوُجُوه نواعمُ الأبدانِ ككواكب الظَّلْماءِ لُحْن لناظرٍ ... مِن فوقِ أغصانِ عَلَى كثبانِ هذي الهلال وتلك بِنْت المشتري ... حُسْنًا، وهذِي أختُ غصنِ البانِ حاكمت فيهن السلُو إلى الصّبي ... فقضي بسلطانٍ عَلَى سلطاني منها وإذا تجارى في الهوى أهلُ الهوى ... عاش الهوى في غبطةٍ وأمانٍ "حرف العين": 219- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إبراهيم1. أبو القاسم الفارسيّ ثمّ البغداديّ. حدَّث عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن السّمّاك، وأبي بَكْر النّجّاد. قال الخطيب: سَمِعْتُ منه، وكان قَدَريّا داعية، لم أكتب ما سمعته منه.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 397".

220- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن أَبِي المُطَرف عَبْد الرَّحْمَن الأندلسيّ1. أبو المطرف قاضي الجماعة. استقضاه الخليفة المؤيَّد بالله هشام في دولته الثّانية، فحُمِدَت سيرته. وكان الأغلب عَليْهِ الأدب والرّواية. وعُزِل عَنِ القضاء بعد سبعة أشهر، ففرح بالعزْل، وعاد إلى الانقباض والزُّهْد إلى أن مضى لسبيله مستورًا. وتوفي في صفر عَنْ إحدى وسبعين سنة. 221- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن إبراهيم. أبو القاسم الهمذانيّ المؤدّب. روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن الحلاب، وأبي أحمد بْن مملوس الزَّعْفرانيّ، وحامد الصّرّام، وجماعة. وقال شِيرَوَيْه: ثنا عَنْهُ أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الرُّوذْباريّ، وأخوه أبو بَكْر، ويوسف الخَطيب، ومحمد بْن الحسين الصُّوفيّ. وحديثه يدلّ عَلَى الصدْق. 222- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حامد. أبو الحَسَن الدّيناريّ الأنصاريّ الهَرَويّ. سَمِعَ: أبا حامد الشّارِكيّ، وحامد بْن محمد الرّفّاء، وجماعة. أكثر النّاس عَنْهُ. 223- عَبْد السّلام بْن الحَسَن بْن عَوْن. الأديب أبو الخطّاب البغداديّ الحريريّ التّاجر. من فُحُول الشُّعَراء. ذكره ابن النّجّار وأورد لَهُ مقطَّعات. روى عنه: مِهيار الدَّيْلَميّ، وأحمد بْن عُمَر بْن رَوْح. مات في رجب. 224- عَبْد العزيز بْن عثمان بْن محمد القَرْقِسانيّ. الصُّوفيّ الشَّيْخ أبو محمد. شيخ الصُّوفيّة بالشّام. حدَّث عَنِ القاضي أحمد بْن كامل. روى عنه: أبو بَكْر عليّ الأهوازيّ، وعليّ بْن محمد الرَّبَعيّ. تُوُفّي في شوّال. وكان أشْعَريّا. قاله ابن عساكر. 225- عَبْد القاهر بْن محمد بْن محمد بْن عتْرة1. أبو بَكْر المَوْصليّ. حدَّث ببغداد عَنْ: موسى بْن محمد الزّرْقيّ المَوْصِليّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب ووثقه، وابن المهتدي بالله.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 314، 315". 2 تاريخ بغداد "11/ 139" "5835".

226- عَبْد الملك بْن أَبِي عثمان محمد بْن إبراهيم1. أبو سعد النَّيْسابوريّ الواعظ، الزّاهد المعروف بالخركوشي. وخركوش: سكة بمدينة نيسابور. روى عَنْ: حامد بْن محمد الرّفّاء، ويحيى بْن منصور القاضي، وإسماعيل بْن نُجَيْد، وأبي عَمْرو بْن مطر. وتفقّه علي: أَبِي الحَسَن الماسَرْجِسيّ. وسمع بالعراق ودمشق، وحجّ وجاوَرَ، وصحِبَ الزُّهّاد. وكان لَهُ القبول التّام. وصّنف كتاب "دلائل النُّبُوَّة"، وكتاب "التّفسير"، وكتاب "الزُّهْد" وغير ذَلِكَ. قَالَ الحاكم: أقول إنيّ لم أرَ أجمع منه علمًا وزُهدًا وتواضعًا وإرشادًا إلى الله، وإلى الزُّهْد في الدّنيا، زاده الله توفيقًا وأسعدنا بأيّامه. وقد سارت مصنّفاته في المسلمين. وقال الخطيب: كَانَ ثقة ورعًا صالحًا. قلت: روى عَنْهُ الحاكم وهو أكبر منه، والحسن بْن محمد الخلال، وعبد العزيز الْأزجي، وَأَبُو القاسم التّنُوخيّ، وعليّ بْن محمد الحِنّائيّ، وأبو القاسم القُشيري، وأبو صالح المؤذّن، وأبو عليّ الأهوازيّ، وأبو بَكْر البَيْهَقيّ، وأبو الحسين بْن المهتدي بالله، وأحمد بْن عليّ بْن خَلَف الشّيرازيّ، وعليّ بْن عثمان الإصبهانيّ البَيَّع، وآخرون. وتوفي سنة سبعٍ في جَمَادَى الأولى. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، أَنَا أَبُو رَوْحٍ إِجَازَةً: أنبا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَيِّعِ سَنَةَ ثلاثٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ: ثنا الأُسْتَاذُ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ إملاء في سنة ست وتسعين وثلاثمائة: ثنا يحي بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوسَنْجِيُّ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُفَيْلٍ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَعْقِلِ بْنِ عُبيد اللَّهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَامَ سُراقة بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْشُمٍ المُدلجي فَقَالَ: "يَا نَبِيَّ اللَّهِ حَدَّثَنَا حَدِيثَ قومٍ كَأَنَّمَا وُلِدُوا الْيَوْمَ: عُمرتنا هَذِهِ لعامِنا هَذَا، أَمْ لِلأَبَدِ؟ قَالَ: لا، بَلْ لأَبَدِ الأَبَدِ"2. كَانَ أبو سعد ممّن وُضع لَهُ القبول في الأرض، وكان الفقراء في مجلسه كالأمراء. وكان يعمل القَلانِس ويبيعها، ويأكل من كسْب يمينه. بني في سكّته مدرسةً ودارًا للمرضى، ووقَفَ عليهما الأوقاف. وله خزانة كُتب كبيرة موقوفة. فالله يرحمه. وذكر ابن العساكر أنه كان أشعريًا.

_ 1 الأنساب "5/ 93، 94"، والمنتظم "7/ 279". 2 "إسناده حسن": أخرجه أحمد في مسنده "3/ 305 - 366"، والدارقطني في سننه "2/ 248" وغيرهما.

وقال محمد بْن عُبيد الله الصّرّام: رَأَيْت الأستاذ أبا سعد الزاهد بالمصلى للاستقساء عَلَى رأس الملأ، وسَمِعْتُهُ يصيح: إليكَ جئنا وأنت جئتَ بنا ... وليس ربٌ سواك يُغنينا بابُك رحبُ فناؤهٌ كرمٌ ... تُؤوي إلى بابك المساكينا 227- عَبْد الوهّاب بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن علي بْن منير: أبو القاسم المصريّ الأديب. أخو منير. لم يكن لَهُ في الحديث خبرة. وقد سَمِعَ: أبا سَعِيد بْن الأعرابيّ، وغير واحد. وحدَّث وأفاد. روى عَنْهُ: الحافظ أبو عَمْرو الدّانيّ، وغيره من المَغَاربة والمصرييّن. وتُوُفّي في شَعْبان من السّنة. 228- عطيّة بْن سَعِيد بْن عَبْد الله1: أبو محمد الأندلسيّ. سَمِعَ من: أَبِي محمد الباجيّ. ثم رحل وطاف بلاد المشرق سياحةً، وانتظمها سماعًا. وبلغ إلى ما وراء النّهر، ثمّ عاد إلى نَيْسابور فسكنها مدّة عَلَى قدم التوكُّل والزُّهد، ورُزق القبُول الوافر. وعادَ إليه أصحاب أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُلمي. قَالَ الخطيب: ثم قدمِ بغداد، وحدث عَنْ زاهر السَّرْخَسيّ، وعليّ بْن الحسين الأَذَنيّ. حدَّثني عَنْهُ أبو الفضل عَبْد العزيز بْن المهديّ وقال: كَانَ زاهدًا لا يضَع جنْبَه، إنّما ينام مُحتبيًا. وقال غيره: ثمّ خرج مِن بغداد إلى مكّة. وكان قد جمع كُتبًا حملها عَلَى بخاتيّ كثيرة، وليس لَهُ إلا ركْوَة ومُرقعته ووِطاؤُه. وكذلك خرج إلى الحجّ، فكان كلّ يوم يعزم عَليْهِ رجلٌ من الرَّكْب. قَالَ رفيقه: ما رَأَيْته يحمل من الزّاد شيئًا. وقُرئ عَليْهِ بمكّة "صحيح الْبُخَارِيّ"، بروايته عَنْ إسماعيل بْن حاجب صاحب الفِربْرِي. وكان عارفًا بأسماء الرّجال. وكان يجوّز السَّماع، فلذلك كانت المغاربة يتحامونه. وذكره أبو عَمْرو الدّانيّ في "طبقات المقرَّبين" لَهُ فقال: عطيّة بْن سَعِيد القفْصيّ الصُّوفيّ، أخذ القراءة عَنْ جماعة. وعرض بالأندلس على عليّ بْن محمد بْن بِشر، وبمصر عَلَى عَبْد الله. يعني السّامّريّ. ودخل الشّام، والعراق، وخُراسان، وكتب الكثير من الحديث. وكان ثقة. كتب معنا بمكة عَنْ أحمد بْن فِراس، وأحمد بْن متٍ البخاري.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 1088"، وجذوة المقتبس "319 - 322".

قال: وبها توفي سنة سبعٍ وأربعمائة. ثم قَالَ: يكتب بقيّة ترجمته من العَام الآتي. وقال فيه: الحافظ الزاهد أحد الأئّمة الأعلام. سَمِعَ من عَبْد الله بْن محمد بْن عليّ الباجيّ، وطبقته. وارتحل إلى المشرق فأكثر التَّرْحال، ولقي نُبلاء الرجال، وبرّز في العلم والعمل، وبعُد صيته. قَالَ الحُميدي: أقام بنَيْسابور مدّة، وكان صوفياُ عَلَى قدم التّوكُّل والإيثار. وقال عَبْد العزيز بْن بُندار البُنداري: لقيته ببغداد، وصحبتُه، وكان من الإيثار والسّخاء عَلَى أمرٍ عظيم، ويقتصر عَلَى فُوطة ومُرقعة. وخرجنا معه للحجّ للياسِرِيّة، فلمّا بَلَغْنا المنزلة ذهبنا نتحلل الرفاق، فإذا بشيخٍ خُرساني حوله حَشَم فقال لنا: أنزلوا. فجلسنا، فأتى بِسفرة، فأكَلْنا وقمنا. قَالَ: فلم نزل عَلَى هذه الحال يتّفق لنا كلّ يوم مَن يطعمنا ويسقينا إلى مكّة، وما حملنا من الزّاد شيئًا. ثم قَالَ: وتُوُفّي بمكّة سنة ثمانٍ أو تسعٍ وأربعمائة. قَالَ الحُميدي: وله كتاب في تجويز السّماع، وله طُرق حديث "المِغفَر" ومَن رواه عَنْ مالك، في أجزاءٍ عدّة. وحَدَّثَنَا أبو غالب بْن بِشْران النَّحْويّ: ثنا عطيّة بْن سَعِيد، ثنا القاسم بْن عَلْقمة، ثنا بَهْز، فذكَرَ حديثًا. 229- علي بن الحسين بْن القاسم1: أبو الحَسَن بْن المترفّق البغداديّ، ثم الطرسوسي الصُّوفيّ. حدَّث عَنْ: أَبِي القاسم الطّبَرانيّ، وعبد الله بْن عديّ، وجماعة. وحدَّث بدمشق ومصر. روى عَنْهُ: تمّام الرّازيّ وهو أكبر منه، وأحمد بْن محمد العَتِيقيّ، وأبو الحَسَن بْن السمسمار، وأبو عليّ الأهوازيّ، وهبة الله بْن إبراهيم الصَّوّاف المصريّ، ورشأ بْن نظيف، وأبو إِسْحَاق الحبّال. ومات في شَعْبان. 230- عليّ بْن محمد: أبو الحَسَن الخُراساني العدّاس القيّاس. بمصر في ربيع الآخر. حدث عَنْ: أَبِي الطّاهر القاضي، والحسن بْن رشيق. روى عنه: خلف بن أحمد الحُوفي.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "17/ 221" "118".

"حرف الميم": 231- محمود بْن أحمد بْن شاكر1. أبو عَبْد الله المصريّ القطّان، الّذي جمع "فضائل الشافعي". روى عَنْ: عَبْد الله بْن جعفر بْن الورد، والحسن بْن رشيق، وجماعة. روى عَنْهُ: القاضي أبو عبد الله القُضاعي، وأبو إِسْحَاق إبراهيم بْن سَعِيد الحبّال، وجماعة. تُوُفّي في المحرّم. 232- محمد بْن أحمد2: أبو بَكْر الدّمشقيّ الجُبني. في العام الآتي. 233- محمد بْن أحمد بْن القاسم بْن إسماعيل3. أبو الحسين الضّبّيّ المَحَامِليّ. سمع: إسماعيل الصفار، وعثمان بن السماك، والنجاد. وكان إمامًا ثقة. قَالَ الدارقطني: حفظ القرآن والفرائض، ودرس مذهب الشّافعيّ، وكتب الحديث. وهو عندي ممّن يزداد كلّ يوم خيرًا. قَالَ الخطيب: مولده سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة. وتفي في رجب، وقد حضرتُ مجلسَه غير مرّة. قلت: وروى عَنْهُ: سُليم الرّازيّ، وأبو الغنائم بْن أَبِي عثمان، وجماعة. وقع لي حديثه عاليا. 234- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بن شاذي: أبو الحسن المؤذن الحنبلي، المعروف بابن الشّعْراني الهمدانيّ. روى عَنْ: أَوْس بْن أحمد، والكِنْديّ، ومحمد بْن موسى البزّاز. روى عنه: مكي بن المحتسب، ومحمد بن الحسين الصوفي. وهو صدوق. 235- محمد بن أحمد بن خَلَف بن خاقان4: أبو الطيب العُبكري. ولد سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة.

_ 1 كشف الظنون "1258، 1275، 1839"، ومعجم المؤلفين "8/ 268، 269"، وشذرات الذهب "3/ 185". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 373" "303". 3 العبر "3/ 97"، وشذرات الذهب "3/ 185". 4 تاريخ بغداد "1/ 297"، والمنتظم "7/ 285".

وسمع في سنة خمسٍ وعشرين من: محمد بن أيوب بن المُعافى، وإبراهيم الباقلاني. روى عنه: أبو منصور محمد بن محمد النديم. وهو آخر من روى عَنْ أَبِي ذَرّ بْن الباغَنْدِيّ. قَالَ الخطيب: سألت عَبْد الواحد بْن برهان عَنْهُ فعرفه ووثَّقه. فقلت: إنّه روى عَنْ أَبِي ذَرّ. فقال: كَانَ صدوقًا. مات ببغداد. قلت: وروى عَنْهُ أبو منصور العُبكري كتاب "المُجتبى" لابن دُريد، بسماعه من ابن دُريد. سمعته بُعلو. 236- محمد بن الحسن بن عنبسة: أبو الحسن المذكر. توفي ببخارى عن ثمانين سنة. روى عن: أبي سهل ابن زياد، وعبد الباقي بْن قانع. 237- محمد بْن سليمان بْن الخضر: أبو بَكْر النَّسَفيّ المعدّل. روى "جامع الترْمِذيّ" عَنْ: محمد بْن محمود بْن عَنْبر عَنْ المصنّف. وتُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى. 238- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن خَلَف1: الوزير فخر المُلك أبو غالب بن الصَّيْرفيّ، الّذي صُنفَ " الفخْريّ" في الجبر والمقابلة من أجله. كَانَ جوادًا ممدَّحًا رئيسًا. قتله مخدومه سلطان الدولة ابن السلطان بهاء الدولة ابن عضد الدولة بنواحي الأهوازي في هذه السّنة. وقد ولى وزارة بغداد في أيّام القادر بالله، فأثر بها آثارًا حسنة، وعم بإحسانه وجوده الخاص والعامّ. وعمّر البلاد، ونشر العدل والإحسان. قُتل مظلومًا، وقد مدحه غير واحد. ولُد فخر المُلك بواسط في ربيع الآخر سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمائة وتنقلت به الأحوال حتى ولي الوزارة، وقد كان قد جمع بين الحِلم والكرم والرأي. قال أبو جعفر بن المسلم: كنت مع أبي عند فخر المُلك أبي غالب وقد رُفعت إليه سعايةٌ برجل، فوقع فيها: السعاية قبيحة ولو كانت صحيحة. فإن كُنت أجريتها مجرى النصح فخسرانك فيها أكثر من الربح، ومعاذ الله أن نقبل من مهتوكٍ في مستور، ولولا أنّك في خَفَارة شَيْبك لعاملناك بما يُشبه مقالك، ويردع أمثالك. فاكتم هذه المقالة والعَيْب، واتّقِ من يعلم الغْيب. ثمّ إنّ فخر المُلك أمرَ أن تُطرح في المكاتب وتُعلم الصبيان، يعني هذه الكلمات. وقد ذكره هلال بْن المحسّن في كتاب "الوزراء" من جَمْعه، فأسهب في وصفه.

_ 1 العبر "3/ 97"، والبداية والنهاية "12/ 5، 6"، والنجوم الزاهرة "4/ 242".

وأطنب وطوّل ترجمته. وكان أَبُوهُ صَيْرفيّا بديوان واسط، فنشأ فخر المُلك في الدّيوان، وكان يتعانى الكَرَم والمروءة في صغره، وله نفسٌ أبية، وأخلاق سنّية، فكان أهله يلقّبونه بالوزير الصغير. فلم يلبث أن ولى مُشارفة بعض أعمال واسط، وتخادم لبهاء الدّولة بفارس، وجرت عَلَى يده فتوحات. وتُوُفّي أبو عليّ الحَسَن بْن أستاذ هُرمز، فولى أبو غالب وزارة العراق في آخر سنة إحدى وأربعمائة، ومدحه الشّعراء. فلم يزل حاكمًا عليها حتّى أُمْسِكَ بالأهواز في ربيع الأوّل وقُتل. وكان رحمه الله طلْق الوجه، كثير البِشر، جوادًا، تنقّل في الأعمال جليلها وصغيرها. وكان إليه المنتهى في الكفاية والخبرة وتنظيم الأمور. يوقّع أحسن توقيع وأسدهُ وألطفه. ويقوم بعد الكَدّ والنَّصْب وهو ضاحك، ما تبيَّن عَليْهِ ضجر. وكاتبَ ملوك الأقاليم وكاتبوه، وهاداهم وهادوه، ولم يكن في وزارة الدّولة البُويهية من جمعَ بين الكتابة والكفاية وكِبَر الهمّة والمروءة والمعرفة بكلّ أمرٍ مثلهُ. فإنّ أعيان القوم أبو محمد المهلّبيّ، وأبو الفضل بْن العميد، وأبو القاسم بْن عَبّاد وما فيهم من خَبَرَ الأعمال وجَمَعَ الأموال مثل فخر المُلك. وكانت أيامه وعدله يربي على أولئك. وكان من محاسن الدنيا التي يعز مثلها، وله بيمارستان عظيم ببغداد قل أن يُعمل مثله. وكانت جوائزه وصِلاته واصلةً إلى العلماء والكُبراء والصُلحاء والأدباء والمساكين، وله في ذلك حكايات. دُفن دفنًا ضعيفًا، فبدت رِجله ونبشته الكلاب، وهو في ثيابه لم يكفن. ثم أخذوا من وسطه هميانًا فيه جوهر نفيس، وأخذوا لَهُ من النعَم والأموال ما ينيف على ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار. وفيات سنة ثمانٍ وأربعمائة: "حرف الألف": 239- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد بْن الحُصين1. حدَّث في هذه السنة. عَنْ: جعفر الخُلدي والنّجّاد. روى عَنْهُ: الأزهريّ، وأحمد بن علي التوزي، ووثقاه.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 21".

240- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن أَحْمَد بْن حامد بْن محمود بْن ثَرْثال1. أبو الحَسَن التَّيْميّ البغداديّ. سكن مصر، وحدَّث عَنْ: أَبِي عبد الله المحاملي، ومحمد بْن مَخْلَد العطّار، وإبراهيم بْن محمد بْن علي بن بطحاء. ولد سنة سبع عشرة وثلاثمائة. وسمع في سنة ستّ وعشرين. وقيل: إنّ جميع ما حدث به جزءٌ واحد. روى عَنْهُ: محمد بْن عليّ الصُّوريّ، وأبو عَبْد الله محمد بْن سلامة القُضاعي، وخَلَف بْن أحمد الحُوفي. وآخر من حدَّث عَنْهُ: أبو إِسْحَاق إبراهيم بْن سَعِيد الحبّال. تُوُفّي في ذي القعدة. وثقه الخطيب. 241- أحمد بْن عليّ الحاكم. أبو حامد الشَّيبْانيّ. تُوُفّي في رمضان. 242- إسماعيل بْن حَسَن بْن عليّ بْن عَتّاس2. أبو عليّ البغداديّ الصَّيْرفيّ. حدَّث عَنْ: الحسين بْن عيّاش القطّان. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا، أدركته ولم أسمع منه. وتوفي في رمضان. ثنا عَنْهُ: الأَزَجيّ، وغيره. "حرف الباء": 243- الحَسَن بْن محمد بْن يحيى3. أبو محمد الفحّام السامرّيّ، المقرئ. شيخ مُسند متفنّنِ. سَمِعَ: أبا جعفر بن البختري، وإسماعيل الصَّفّار. وقرأ بالروايات عَلَى: أَبِي بَكْر النّقّاش، وأبي بَكْر بْن مقسم، ومحمد بْن أحمد بْن الخليل، وعمر بْن أحمد الحمّال الّذي لقّنه، وأبي عيسى بكّار، وأبي بَكْر عَبْد الله بْن محمد الخبّاز بسامرّاء. قرأ عليه: أبو علي غلام الهراس، وغيره. وحدث عَنْهُ: محمد بْن محمد بْن عَبْد العزيز العُبكري، وغيره. وكان فقيهًا عَلَى مذهب الشّافعيّ، فاضلًا، ولكن كَانَ يتشيَّع. قَالَ الخطيب: مات بسامرّاء، وكان يُرمى بالتّشيُّع. 244- الحسين بْن الحَسَن4: أبو عبد الله بن العريف البغدادي الجواليقي.

_ 1 الأنساب "3/ 114"، وكشف الظنون "583". 2 المنتظم "7/ 288" "466"، وفيه "عباس" بدل من "عتاس" وهو خطأ. وراجع: المشتبه في أسماء الرجال "2/ 432". 3 المنتظم "7/ 288"، وتاريخ بغداد "7/ 424". 4 تاريخ بغداد "8/ 33، 34".

حدَّث عَنْ: محمد بْن مَخْلَد، والصُّوليّ، ومحمد بْن عَمْرو بْن البَخْتَرِيّ، وجماعة. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان فقيرًا يسأل في الطُّرُقات فلقِيناه وأعطاه بعضنا شيئًا، وسمعنا منه في سنة ثمانٍ بتراتي. "حرف الخاء": 245- خَلَف بْن هانيء1. أبو القاسم العدويّ العُمري، الطرطُوشي. قدمِ قُرطبة، وسمع من: أَبِي بَكْر أحمد بْن الفضل الدينَوريّ، وأحمد بْن معروف في سنة ستً وأربعين. روى عَنْهُ: ابنه أبو مروان عُبَيْد الله، وأبو المُطرف بْن حجاب، وغيرهما. وتُوُفّي في نصف رمضان، وقد جاوز الثّمانين. "حرف السين": 246- سعد بْن محمد بْن يوسف2. أبو رجاء الشَّيْبانيّ القَزْوينيّ. نزيل بغداد. قَالَ الخطيب. ما علمتُ بِهِ بأسًا، وحَدَّثَنَا من حفظه سنة ثمانٍ: ثنا الحَسَن بْن حبيب الحصائري بدمشق: ثنا الربيع بْن سليمان، فذكر حديثًا. ثم قَالَ الخطيب: لم يكن عنده سوى هذا الحديث. قلت: ورواه عَنْهُ: محمد بْن إسماعيل الجوهريّ، ويوسف المَهْروانيّ، وغيرهما. 247- سليمان بْن خَلَف بْن سُليمان بْن عَمْرو بْن عَبْد ربّه بْن دَيْسَم3. أبو أيّوب القُرطبي. ويُعرف بابن نُفيل، وهو لقب أبيه. روى عَنْ: محمد بْن معاوية القُرشي، وأحمد بْن مُطرف، وأبي عليّ القالي، وأبي عيسى اللَّيْثّي، وولى قضاء بعض مُدن الأندلس. وُلِد سنة أربعٍ وثلاثين، وتوفي في شعبان.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 168" "380". 2 تاريخ بغداد "9/ 129، 130"، والتدوين في أخبار قزوين "3/ 37". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 197، 198".

"حرف الصاد": 248- صالح بْن محمد البغداديّ المؤدّب1. قَالَ الخطيب: ثنا عَنْ: النّجّاد، وعليّ بْن محمد بْن الزُّبَيْر، وأحمد بْن كامل في سنة ثمانٍ وكان صدوقًا. "حرف العين": 249- عَبْد الله بْن عُبيد الله بْن يحيى2. أبو محمد البغداديّ المؤدّب المعروف بابن البَيَّع. سَمِعَ: الحسين بْن إسماعيل المَحَامِليّ. روى عَنْهُ: أبو الغنائم مُحَمَّد بن الحَسَن بْن أَبِي عثمان، وأخوه أبو محمد أحمد، وأبو الفضل بْن النقال، ومحمد بْن عَبْد العزيز العُكبري، وجماعة آخرهم نصر بْن أحمد بْن البطر. قَالَ أبو بَكْر الخطيب: كَانَ يسكن بدرب اليهود، وخرجت يومًا من مجلس أبي الحسن المحاملي القاضي، فأرادني أصحاب الحديث عَلَى المُضي معهم إِليْهِ، فلم أفعل لأجل الحَرّ، ولم أرزق السماع منه. وتوفي في رجب سبعٌ وثمانون سنة. 250- عبد الله بْن عَبْد المُلْك بْن محمد3. أبو الفتح البغداديّ النّحّاس. مَوْصِليّ الأصل. سَمِعَ من القاضي المَحَامِليّ مجلسًا. وسمع من: محمد بْن عَمْرو بْن البَخْتَرِيّ، وإسماعيل الصَّفّار، والنّجّاد. وثقه البَرْقانيّ. وقال الخطيب: لم يُقضَ لي السَّمَاع منه، ومات فِي صفر. 251- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عفّان4. أبو محمد. تُوُفّي بدمشق في ذي القعدة. عنده عَنْ: خَيْثَمَة الأطرابُلسي. 252- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الفلو5. أبو بَكْر البغداديّ الكُتبي. سَمِعَ: أبا بَكْر النّجّاد. قَالَ الخطيب: ثنا في سنة ثمانٍ وأربعمائة. 253- عَبْد العزيز بْن محمد بْن نصر بْن الفضل6. أبو القاسم السُتوري.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 331". 2 العبر "3/ 99"، وشذرات الذهب "3/ 187". 3 تاريخ بغداد "10/ 41". 4 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 223". 5 تاريخ بغداد "10/ 142". 6 تاريخ بغداد "10/ 467".

حدَّث عَنْ: إسماعيل الصَّفّار، وعثمان بْن السّمّاك، وفارس الغُوري، وجماعة. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ بانتخاب ابن أَبِي الفوارس. وكان لا بأس بِهِ. تُوُفّي في ذي القعدة. 254- عليّ بْن إبراهيم بْن إسماعيل1. أبو الحَسَن المصريّ الشَّرفيّ، الفقيه الشّافعيّ الضّرير. والشَّرَف مكان بمصر. حدَّث عَنْ: أَبِي الفَوارس الصّابونيّ، وأبي محمد بْن الورد. روى عنه: أبو الفضل السَّعْديّ، وأحمد بْن بابشاذ، وأبو إِسْحَاق الحبّال، وغيرهم. تُوُفّي في ذي القعدة. 255- عليّ بْن حمّود بْن ميمون2 بْن أحمد بْن عليّ بْن عُبيد اللَّه بْن عَمْر بْن إدريس بْن عَبْد الله المَحْض بْن الحَسَن المُثنى ابن رَيْحَانَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحَسَنُ بْن عليّ -رضي الله عَنْهُمَا، الحَسَنيّ الإدريسيّ. قد ذكرناه في السنة الماضية في ذِكْر سليمان المستعين بعض أمره، ولما قتل سليمان أباه استقّل بالأمر، وحكم علي الأندلس، وتسمّي بالخلافة، وتلقَّب بالنّاصر. ثمّ خالف عَليْهِ الموالي الّذين كانوا قد نصروه وبايعوه، وقدموا عَليْهِ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك ابن النّاصر لدين الله الأُمويّ، ولقّبوه بالمُرْتَضَى، وزحفوا بِهِ إلى غرناطة. ثمّ ندموا عَلَى تقديمه لما رأوا من طَرَافته وقوّة نفسه، وخافوا مِن عواقب تمكُّنه، فانهزموا عَنْهُ، ودسّوا مَن اغتاله. وبقي علي في بالإمرة اثنين وعشرين شهرًا، ثم قتلوه غِلمانٌ لَهُ صقالبة في الحمّام في أواخر هذا العم. وقام بالأمر بعد أخوه القاسم. ولعليّ من الولد: يحيى المُعتلي، وقد ملك، وأخوه إدريس، وشيخنا جعفر بْن محمد بْن عَبْد العزيز الإدريسيّ المصريّ الّذي روى لنا عَنْ ابن باقا من ذُرية المُعتلي. "حرف الميم": 256- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن هلال2. أبو بَكْر السهمي

_ 1 الأنساب "7/ 315". 2 جذوة المقتبس "24"، والكامل في التاريخ "9/ 269 - 273"، وتاريخ ابن الوردي "1/ 327". 3 معرفة القراء الكبار 10/ 373" "303"، وغاية النهاية "2/ 84، 85".

الدّمشقيّ، المعروف بابن الجُبني الأطروش المقرئ. قرأ عَلَى: أبيه، وعلى: أَبِي الحَسَن محمد بْن النَّضْر بْن الْأخرم، وجعفر بْن حمدان بْن سليمان النَّيْسابوريّ، وأحمد بْن محمد بْن الفتح النّجاد، وأبي بَكْر بْن أَبِي حمزة إمام مسجد باب الجابية، وأحمد بْن عثمان السّبّاك. قرأ عَليْهِ: عليّ بْن الحَسَن الرَّبعيّ، وأبو عليّ الأهوازيّ، ورشأ بْن نظيف، وأبو العبّاس بْن مرارة الإصبهاني. وانتهت إِليْهِ الرئاسة في قراءة ابن عامر. قرأها عَلَى جماعة من أصحاب هارون الأخفش. قَالَ الكتّانيّ ذَلِكَ، وقال: تُوُفّي سنة ثمانٍ. وقال الأهوازيّ: سنة سبْع. وكان أَبُوهُ إمام مسجد سوق الْجُبْن، فقيل لَهُ الْجُبْنيّ، وقد قرأ علي هارون بْن موسى الأخفش. وقيل: إنّ جدّه هلال هُوَ ابن عبد العزيز بن عبد الكريم ابن المقرئ، العلم أَبِي عَبْد الرَّحْمَن عَبْد الله بْن حبيب السُّلميّ مُقرئ الكوفة. وقال الأهوازيّ: قرأت برواية ابن ذَكْوان عَلَى أَبِي بَكْر محمد بْن أحمد بْن محمد السُّلميّ في منزله بدمشق، وأخبرني أنّه قرأ عَلَى أَبِي الحَسَن بْن الأخرم، وعلى أَبِي الفضل جعفر بْن حمدان النَّيْسابوريّ، وعلى أبي القاسم عليّ بْن الحُسين بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن السفر الجرشي، وأخبروه أنّهم قرأوا عَلَى الأخفش، عَنْ ابن ذكوان. قلتُ: وقد تُوُفّي ابن السَّفْر هذا في سنة ثمانٍ وثلاثينٍ وثلاثمائة. وقيل: إن أبا بكر ابن الجبني ولد سنة سبعٍ وأربعمائة. وإنّ شيخه النَّيْسابوريّ تُوُفّي في صفر سنة تسعٍ وثلاثين وثلاثمائة. وآخر من قرأ عَليْهِ وفاةً الحَسَن بْن علي اللباد، بقي إلى سنة اثنتين وأربعمائة. 257- محمد بْن إبراهيم بْن جعفر1. أبو عَبْد الله اليَزْديّ الْجُرْجانيّ. مُسْنِد إصبهان في وقته. أملي مجالس كثيرة، وسمع من: محمد بْن الحسين القطان، والعباس بْن محمد بْن مُعَاذ، وحاجب بْن أحمد، ومحمد بن يعقوب الأصم، ومحمد بْن عَبْد الله الصَّفّار، وشيوخ نَيْسابور. روى عَنْهُ: أبو بَكْر محمد بْن الحَسَن بْن محمد بْن سُلَيْم القاضي، وعبد الرّزّاق بْن عَبْد الكريم الْحَسَناباذيّ، وأبو مسعود سليمان بن إبراهيم الحافظ، ورجاء بن عبد

_ 1 الأنساب "599 أ"، والعبر "3/ 99".

الواحد قُولُوَيْه، والقاسم بْن الفضل الثَّقَفيّ، وأبو عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وسهل بْن عَبْد الله بن علي القارئ، ومحمد ابن أحمد بْن عَبْد الله بْن ررا، ومحمود بْن جعفر الكَوْسَج، وأبو نصر عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد السَّمسار، وهذا آخر من حدَّث عَنْهُ. تُوُفّي في رجب بإصبهان. وهو صدوق مقبول عالي الإسناد، مولده بجُرْجان في سنة تسع عشرة وثلاثمائة، ونشأ بنَيْسابور واستوطنها مدّة. ثمّ حجّ، وقدم أصبهان بعد عام أربعين وثلاثمائة فسمع من الأصمّ، وعدّة. وحديثه من أعلي شيء في "الثَّقفيّات"، وممّا وقع لنا من روايته واحد وأربعون مجلسًا من أماليه. 258- محمد بْن جعفر بْن عَبْد الكريم بْن بُدَيْل1. أبو الفضل الخُزَاعيّ الْجُرْجانيّ المقرئ، مصنف "الواضح في القراءات". جال في الآفاق في طلب القراءات. وقرأ عَلَى الحَسَن بْن سَعِيد المطّوّعيّ، وعلى أحمد بْن نصر الشّذائيّ، وطائفة كبيرة بالعراق، ومصر، وخراسان. وسمع من: أبي بكرالإسماعيلي، ويوسف البجيرميّ، وأبي بَكْر القَطيعيّ، وأبي عليّ بن جبش. ونزل بآملُ. وكان ضعيفًا غير موثوق بِهِ. روى عَنْهُ: أبو القاسم التّنُوخيّ، وأبو العلاء الواسطيّ، وأحمد بْن الفضل الباطَرْقانيّ، وأبو الحَسَن بْن دَاوُد الدّارانيّ، وعبد الله بْن شبيب الأصبهاني. وحكى أبو العلا: أنّ الخُزاعيّ وضعَ كتابًا في الحروف نسبَه إلى أبي حنيفة، فأخذت خطّ الدّارَقُطْنيّ وجماعة بأن الكتاب موضوع لا أصل لَهُ، فكبُر عَليْهِ ذَلِكَ، ونزح عَنْ بغداد. 259- محمد بْن الحسين بْن محمد بْن الهيثم2. أبو عمر البسطامي، الفقبه الشّافعيّ الواعظ، قاضي نَيْسابور، وشيخ الشّافعيّة بنَيْسابور. رحل وسمع بالعراق، والأهواز، وأصبهان، وسجستان. وأملي وأقرأ المذهب. وحدَّث عَنْ: أَبِي القاسم الطَّبَرانيّ، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الجارود الرَّقّيّ، وأبي بَكْر القَطِيَعيّ، وعلي بْن حمّاد الأهوازي، وأحمد بْن محمود بْن خُرَّزاد القاضي، وجماعة.

_ 1 المغني في الضعفاء "2/ 563"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 380"، ومرآة الجنان "3/ 22". 2 تاريخ بغداد "2/ 247"، وتبيين كذب المفتري "236 - 238"، وشذرات الذهب "3/ 187".

وكان في ابتداء أمره يعقد مجلس الوعظ والتّذكير، ثمّ تركه وأقبل عَلَى التّدريس والمناظرة والفتوى. ثمّ ولى قضاء نَيْسابور سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة. وأظهر أهل الحديث من الفرح والاستبشار والاستقبال والثناء ما يطول شرحه. وأعقب ابنين: الموفّق، والمؤيّد، سيّدَيْ عصرهما. روى عَنْهُ: أبو عَبْد الله الحاكم مَعَ تقدُّمه، وأبو بَكْر البَيْهَقيّ، وأبو الفضل محمد بْن عُبيد الله الصّرّام، وسُفيان ومحمد ابنا الحسين بْن فَتْحَوَيْه، ويوسف الهمدانيّ. وكان نظير أَبِي الطَّيّب سهل بْن محمد الصُّعلوكي حشمةً وجاهًا وعلمًا وعزة، فضاهره أبو الطَّيّب، وجاء من بينهما جماعة سادة وفضلاء. تُوُفّي في ذي القعدة. ونقل الخطيب في تاريخه عَنْ أَبِي صالح المؤذّن، ومحمد بن المُزكي أنه توفي في سنة سبعٍ. 260- محمد بْن الحسين بْن عُبَيْد الله بْن الحُسَيْن1: أَبُو عَبْد الله النَّصِيبيّ العلويّ الشّريف، قاضي دمشق وخطيبها، ونقيب السّادة وكبير الشام. كَانَ عفيفًا نَزِهًا أديبًا بليغًا، لَهُ ديوان شِعْر. ولي القضاء سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة. قَالَ ابن عساكر: ولي بعد أَبِي عَبْد الله بْن أَبِي الدُّبيس. وورد سِجلُّه من قاضي القُضاة بمصر مالك بْن سعد الفارقيّ. وتوفي في جُمادى الآخر سنة ثمانٍ وأربعمائة. 261- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحيم بْن سهل: أبو العبّاس الكاتب الخُراساني تُوُفّي فِي ذي الحجَّة. 262- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عَرَفَة: أبو عليّ المُرادي الخُراسانيّ. "حرف الياء": 263- يحيى بْن سَعِيد بْن محمد بْن العباس الهَرَويّ القطّان: مات في رجب. 264- يوسف بْن عُمَر بْن أيوب2: أبو عمر الأندلس.

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "37/ 400". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 675".

روى بقُرْطُبَة عَنْ: الحَسَن بْن رشيق المصريّ. روى عنه: أبو عمرو الداني. وتوفي بأندة. "وفيات سنة تسع وأربعمائة": "حرف الألف": 265- أحمد بْن الحَسَن بْن بُندار بْن إبراهيم1: أبو العبّاس الرّازيّ المحدّث. جاورَ بمكة زمانًا، وحدَّث بها وبهمدان عَنْ: أَبِي بَكْر محمد بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم الأهوازيّ، وأبي بَكْر الشّافعيّ، وأبي بَكْر بْن خلاد، والطَّبَرانّي، وعبد الله بْن عدّي الجُرجاني، وأحمد بن القاسم بن الريان اللكي، وفهد بن إبراهيم. ورحل في طلب الحديث. روى عَنْهُ: أحمد بْن إبراهيم الرّازيّ، والد صاحب المشيخة، وأحمد بْن عَمْرو بْن دلهاث العُذري، وأحمد بن محمد أبو مسعود البجلي، وطاهر بن أحمد الهمداني الإمام، وآخرون. وكان يحسن هذا الشأن. حدَّث فِي هَذِهِ السّنة، ولا أعلمُ مَتَى مات. 266- أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد2: أبو الحسن بن المُتيم الواعظ. بغدادي، صدوق، كثير المزاح. روى عَنْ: المُحاملي، ويوسف الأزرق، وعلي بن محمد بن عُبيد، وأبي العباس بن عُقدة، وحمزة بن القاسم، والصفار. جميع ما كان عنده ستة مجالس عن الأزرق، وعن الباقين مجلس. وكان يعظ في جامع المنصور. توفي في جُمادى الآخرة. روى عنه: الخطيب وقال: لم أكتب عَنْ أقدم سماعًا منه، وقد سمع سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم الباقرجي، وعاصم بْن الحَسَن، ورِزْق الله التَّيْميّ. وقع لنا حديثه بعُلُو. 267- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن هارون بْن الصَّلْت3: أبو

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 188". 2 فوات الوفيات "1/ 150، 151"، وهدية العارفين "1/ 72". 3 العبر "3/ 10"، وميزان الاعتدال "1/ 132".

الحسن الأوازي، ثم البغدادي. ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. وسمع: الحسين بْن إسماعيل المَحَامِليّ، وأبا العبّاس بن عُقدة، وعبد الغافر بْن سلامة، ومحمد بْن مَخْلَد. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، كَانَ صدوقًا صالحًا. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة أيضًا. روى عَنْهُ: الخطيب، وعبد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ. 268- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن إبراهيم السُلمي النَّيْسابوريّ الصُّوفيّ. شيخ زاهد قانت، صاحب أحوال وكرامات. يُلقب خميروَيْه. يروي عَنْهُ: المؤذّن، ومحمد بْن يحيى المُزكي. 269- إبراهيم بْن محمد بن علي ابن شاه: أبو القاسم التّميميّ. تُوُفّي بِمَرْو الرُّوذ في المحرّم. 270- إبراهيم بْن مَخْلَد بْن جعفر بْن مَخْلَد1: أبو إِسْحَاق الباقَرْحيّ. سمع: الحسين بْن يحبى بْن عيّاش، وحمزة بْن القاسم الهاشميّ، وأبو عَبْد الله الحكيميّ، وعليّ بْن محمد الواعظ، وخلْقًا مِن طبقتهم. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ وكان صحيح الكتاب جيّد الضَّبْط من أهل المعرفة بالأدب، جَريريّ المذهب. شُهر عند القُضاة، وفيه تشيُّع. تُوُفّي في ذي الحجّة سنة عشر. وقال ابن خَيْرون: تُوُفّي في ذي الحجّة سنة تسعٍ. قلت: عاش خمسًا وثمانين سنة. حرف الباء: 271- بشير بْن النُّعمان بْن عليّ الأنصاريّ الدّمشقيّ2. من وُلِد النُعمان بْن بشير. حدَّث عَنْ: أَبِي بَكْر بْن أَبِي دُجانة، وعليّ بْن أَبِي العذب. وعنه: أبو عليّ الأهوازيّ. حرف الحاء: 272- الحَسَن بْن أحمد بْن محمد بْن أحمد. المؤذّن المؤدّب القُهُنْدُزي النيسابوري.

_ 1 الذريعة إلى تصانيف الشيعة "10/ 193". 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 273".

"حرف الخاء": 273- خَلَف بْن محمد بْن القاسم بْن محرز1. أبو القاسم العَنْسيّ الدّارانيّ القاضي. قاضي داريّا. سَمِعَ: أبا الحَسَن بْن حَذْلَم، وأبا يعقوب الأذْرعيّ، وجماعة. وعنه: أبو عليّ الأهوازي، وعبد العزيز الكتّانيّ، وعليّ الحِنائي. "حرف الراء": 274- رجاء بْن عيسى بْن محمد2. الفقيه أبو العبّاس الأنْصِنائيّ3 المالكيّ. وأنصِنا من الصّعيد. روى عَنْ: مؤمّل بْن يحيى، وأحمد بن الحَسَن بْن عُتبة الرّازيّ، وحمزة الكناني، والحسن بن رشيق. وحدَّث ببغداد ومصر. روى عَنْهُ: أبو الحَسَن العَتِيقيّ، والصُّوريّ. وعاش اثنتين وثمانين سنة. "حرف العين": 275- عَبْد الله بْن يوسف بْن أحمد بْن بامَوَيْه4. أبو محمد الأَرْدَسْتانيّ، المعروف بالأصبهاني، نزيل نيسابور. كَانَ من كبار الصُّوفيّة والمحدَّثين. صحِبَ أبا سَعِيد بْن الأَعْرابيّ وأكثر عَنْهُ. وروى عَنْهُ، وعن: أَبِي العبّاس الأصمّ، وأبي الحَسَن البُوشنجي، وأبي بَكْر محمد بْن الحسين القطّان، وأبي رجاء محمد بن حامد التّميميّ، وأبي حامد بْن حَسْنَوَيْه، وغيرهم. انتخب عَليْهِ الحفّاظ، ورحلوا إِليْهِ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقيّ، وأبو القاسم القُشَيْريّ، وأبو بَكْر بن خلف الشيرازي، ومحمد بن أحمد بن مهديّ العلويّ، ومحمد بْن عُبَيْد الله الصّرّام، وكريمة المجاورة، وأبو القاسم عُبَيْد الله بْن عَبْد الله الحسكانيّ، وخلْق سواهم. تُوُفّي في رمضان، وأضرّ بأخرة. وكان مولده في سنة خمس عشرة وثلاثمائة.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 174". 2 البداية والنهاية "12/ 7". 3 الأنصنائي: يعني بها المدينة الأزلية من نواحي الصعيد على شرقي النيل: "معجم البلدان 1/ 265". 4 العبر "3/ 100"، وشذرات الذهب "3/ 188".

276- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن قاسم بْن سهل1. أبو بكر التُجيبي القُرطبي، ابن حوييل. روى عَنْ: محمد بْن معاوية القُرشي، وأحمد بْن سَعِيد بْن حزْم الصَّدَفيّ، وعبد الله بْن يوسف بْن أَبِي العطّاف، وأحمد بْن مُطرف، ومحمد بْن حَرْث الخُشني، وعدّة. وصحِب القاضي أبا بَكْر بْن زرب وتفقّه معه. روى عَنْهُ: محمد بْن عتّاب الفقيه، وقال: هُوَ أحد العُدول والشيوخ بقُرطبة وكبيرهم. وقال غيره: كَانَ فقيهًا مشاورًا. وُلِد سنة تسعٍ وعشرين وثلاثمائة. وتوفي في صفر. وروى عَنْهُ: ابن عَبْد البَرّ، وحاتم بْن محمد، وغيرهما. 277- عبد الغنيّ بْن سَعِيد بْن عليّ بْن سَعِيد بْن بِشْر بْن مروان2. أبو محمد الأزْديّ المصريّ الحافظ. سَمِعَ من: عثمان بْن محمد السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل بْن يعقوب بْن الْجُراب، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن الورد، وأحمد بْن إبراهيم بْن جامع، وأحمد بْن إبراهيم بْن عطيّة، ويعقوب بْن المبارك، وحمزة الكتّانيّ، وابن رشيق. ورحل إلى الشّام فسمع من: المَيَانِجِيّ، والفضل بْن جعفر، وأبي سليمان بْن زَبْر، وهذه الطّبقة. روى عَنْه: سِبطه عليّ بْن نقا، ومحمد بن عليّ الصُّوريّ، ورشأ بْن نظيف، وأبو عَبْد الله محمد بْن سلامة القُضاعي، وعبد الرحيم بْن أحمد البخاريّ، وأبو عليّ الأهوازيّ، وخلق كثير آخرهم أبو إِسْحَاق إبراهيم الحبّال. وكان مولده في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة. ولأبيه مصنَّفات في الفرائض، ورواية عَنْ أَبِي بِشر الدُّولابيّ. قَالَ البَرْقانيّ: سَأَلت الدارقُطني بعد قدومه من مصر: هَلْ رأيتَ في طريقك مَن يفهم شيئًا من العلم؟ قَالَ: ما رأيت في طول طريقي إلا شابًا بمصر يُقال لَهُ عَبْد الغنيّ، كأنهّ شُعلة من نار. وجعل يفخم أمره ويرفع ذكره.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 315". 2 الأعلام "4/ 159"، والمنتظم "7/ 291، 292".

وقال أبو الفتح منصور بْن عليّ الطَّرَسُوسيّ: أرادَ الدارقطني الخروج من عندنا من مصر، فخرجنا من مصر معه نودعه، فلمّا ودَّعناه بكينا، فقال لنا: تبكون وعندكم عَبْد الغنيّ بْن سَعِيد وفيه الخَلَف. وقال عَبْد الغنيّ: لمّا رددتُ عَلَى أَبِي عَبْد الله الحاكم الأوهام الّتي في مدخل "الصّحيح" بعث إليَّ يشكرني ويدعو لي، فعلمتُ أنّه رَجلٌ عاقل. وقال البَرْقانيّ: ما رَأَيْت بعد الدّارَقُطْنيّ أحفظ من عَبْد الغنيّ. وقال الصُّوريّ: قَالَ لي عَبْد الغنيّ: ابتدأتُ بعمل كتاب "المؤتلف والمختلف"، فقدم علينا الدارقطني، فأخذت عَنْهُ أشياء كثيرة منه. فلما فرغت من تصنيفه سألني أن أقرأه عليه ليسمعه منّي. فقلت: عنك أخذت أكثره. قَالَ: لا تقل هكذا. فإنّك أخذته عنّي مفرَّقًا، وقد أوردته فيه مجموعًا، وفيه أشياء كثيرة أخذتها عَنْ شيوخك. فقرأ عَليْهِ. وذكره أبو الوليد الباجيّ فقال: حافظ متقن. وقال الحبال، وغيره: تُوُفّي في سابع صفر سنة تسعٍ. وقيل: كانت لَهُ جنازة عظيمة تحدَّث بها النّاس، ونوديُ عَلَى جنازته: هذه جنازة نافي الكذِب عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وقال أبو الوليد الباجيّ: قلت لأبي ذَرّ الهَرَويّ: أخذت عَنْ عَبْد الغنيّ؟ فقال: لا إنّ شاء الله. عَلَى معني التأكيد. وذلك أنه لَهُ اتّصال ببني عُبيد، يعني خُلفاء مصر. قلت: وكان عَبْد الغنيّ أعلم النّاس بالأنساب في زمانه، مَعَ معرفته بفنون الحديث وحِذقه بِهِ. 278- عَبْد الواحد بْن محمد بْن عَمْرو بن حُميد بن معيُوف1. أبو المقدام الهمذاني الدّمشقيّ، قاضي عين ثَرْما. سمع من: خَيْثَمَة الأطرابلسيّ. روى عَنْهُ: عليّ بْن الخضر، وعليّ بْن محمد الحِنَّائيّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل. 279- عُبَيْد بْن محمد بْن محمد بْن مهديّ بْن سَعِيد بْن عاصم النَّيْسابوريّ الصَّيْدلانيّ. الأصمّ العدْل. ثقة رَضِيّ. روى عَنْ: أَبِي الْعَبَّاس الْأصمّ، وأَبِي بَكْر الصّبْغيّ، وأبي محمد الكعبي. قَالَ أبو صالح المؤذّن: دخلت عَليْهِ فقرأ عليَّ جزءًا من حديث الأصمّ بلفظه. وكان صحيح السماع. وروى عنه الصحيح في سُننه. 280- عُبَيْد الله بْن الحَسَن بْن أحمد2. أبو العباس بن الوراق الأصبهاني.

_ 1 معجم البلدان "5/ 277"، وحديث خيثمة الأطرابلسي "41" "44". 2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "25/ 211".

إمام جامع دمشق. حدَّث عَنْ: أَبِي الحَسَن بْن حَذْلَم، وأبي الميمون بْن راشد، وأبي يعقوب الأذرعي، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو عليّ الأهوازيّ، وأبو القاسم إبراهيم بْن محمد الحِنَّائيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ وقال: سَمِعْتُ منه فوائد، وكانت عنده كُتُب كثيرة. وكان ثقة صالحًا. تُوُفّي في جُمادى الآخرة رحمه الله 281- عليّ بْن أحمد التّركانيّ الْبُخَارِيّ. روى عَنْ: خَلَف بْن محمد الخيّام، ومحمد بْن موسى الرّازيّ. روى عَنْهُ: أبو عليّ الوحشيّ. 282- عليّ بْن محمد بْن عَبْد الرّحيم بْن دينار1. أبو الحَسَن الكاتب البصْريّ. سَمِعَ: أبا بَكْر بْن مِقسم. وسمع من المتنبيّ ديوانه، وقد مدحه المتنبيّ بالقصيدة المشهورة، وهي: ربَّ القريض إليك الحلُّ والرحلُ ... ضاقتْ إلى العلمِ إلا نحوكَ السُبُلُ تضاءَلَ الشعراءُ اليومَ عند فَتَى ... صِعابُ كُل قريضٍ عنده ذُللُ وكان شاعرًا مُجيدًا، شارك المتنبيّ في مدْح ممدوحيه كسيف الدّولة، وابن العميد. وكان بارع الخطّ ينقل طريقة ابن مُقلة. وحملَ النّاسُ عَنْهُ الأدب. وأكثر عَنْهُ أهلُ واسط. وكان حميد الطريقة، رئيسًا، عاقلًا. 283- عليّ بْن محمد بْن خَزَفَة2. أبو الحَسَن الواسطيّ الصَّيْدلانيّ. سَمِعَ: أَبَاهُ، ومحمد بْن الحسين بن سَعِيد الزَّعْفرانيّ، ومحمد بْن أحمد بْن أَبِي قَطَن، وأبا العلاء محمد بْن يونس. وروى "تاريخ أحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة"، عَنْ الزَّعْفرانيّ، عَنْهُ. وقال خَميس الحَوْزيّ: كَانَ صدوقًا، أملي سِنين وتُوُفّي سنة تسعٍ. وكان صاحب فخر المُلك ونديمه. وأبو قاسم اللالكائي يدلسه، يَقُولُ: ثنا عليّ بْن محمد النّديم. قلت روى عَنْهُ: أبو غالب محمد بْن الحُسين البيطار. وأبو عليّ المقرئ غلام الهرّاس، وأبو يَعْلَى محمد بْن عليّ بْن سُفيان، وعليّ بْن عُبَيْد الله العلاف، والمبارك بْن عَبْد العزيز الدّبّاس، وإبراهيم بْن خَلَف الجماريّ. 284- عليّ بْن محمد بْن عيسى البغداديّ3. المعروف بابن الحصري. سمع:

_ 1 سؤالات السلفي لخميس الحوزي "61، 62"، والوافي بالوفيات "22/ 63". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 1049"، الإكمال لابن ماكولا "2/ 411". 3 تاريخ بغداد "12/ 97" "6523".

عليّ بْن محمد المصريّ الواعظ، وأحمد بْن كامل. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان ثقة. قال لي: ولدت سنة اثنتين وثلاثمائة. وتوفي في رمضان. 285- عُمَر بْن محمد بْن عُمَر1. أبو حفص الجُهني الأندلسيّ. من أهل المريّة. حجّ وسمع من: أَبِي بَكْر الآجُريّ. روى عَنْهُ: أبو عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وحاتم بْن محمد. "حرف الفاء": 286- فاطمة بِنْت هلال الكُرجي2. بغداديّة. قال الخطيب: حدثنا عثمان بن السماك في سنة تسع واربعمائة وكانت صادقة. "حرف القاف": 287- القاسم بْن أَبِي المنذر أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن منصور3. أَبُو طلحة القزوينيّ الخطيب. حدَّث "بسُنن ابن ماجه" عَنْ أَبِي الحَسَن القطّان، عَنْ ابن ماجه في هذا العام، فسمعه منه أبو منصور محمد بْن الحسين المقوميّ مَعَ أبيه بقراءة خُدادُوست بن موسى الدَّيْلَميّ. "حرف الميم": 288- محمد بْن ذَكْوان. أبو عَبْد الله، سِبْط عثمان بْن محمد بْن أحمد السَّمَرْقَنْديّ. سَمِعَ من: جدّه. روى عنه: أبو إسحاق الحبال، والمصريون. وتوفي بمصر. 289- محمد بْن عَبْد الله. أبو بَكْر الجوهريّ، أخو الحافظ أبو القاسم الْجَوهريّ البصْريّ. مات في ذي الحجّة. ورّخه الحبّال. 290- محمد بْن عَبْد الله بْن حسّان بْن يحيى4. أبو عَبْد الله الأُمَويّ القُرْطُبيّ العطّار. روى عَنْ محمد بْن معاوية، وأحمد بْن سَعِيد بْن حزْم، وجماعة. وأجازَ لَهُ أبو بَكْر بْن داسة "سُنَن أبي دَاوُد". وُلِد سنة ثلاثين وثلاثمائة. وكانت له

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 396، 397". 2 تاريخ بغداد "14/ 445". 3 التدوين في أخبار قزوين "4/ 47". 4 الصلة لابن بشكوال "2/ 499".

عناية بالعِلم. روى عَنْهُ: قاسم بْن إبراهيم الخزرجي، وقال: تُوُفّي في صَفَر بقُرْطُبَة. 291- محمد بْن عَبْد العزيز بْن أنس1. أبو الحَسَن البغدادي الصَّيْدلانيّ. روى عَنْ: دَعْلَج. روى عَنْهُ: أحمد بْن عليّ التُّوزيّ، وقال: كَانَ ثقة صالحًا معمَّرًا. 292- محمد بْن عثمان بْن عُبَيْد2. أبو بَكْر القطّان. قَالَ الخطيب: ثنا عَنْ أَبِي بَكْر النّجّاد، ولم أرَ لَهُ أصلًا أرضاه. حدَّث في هذه السنة. وتُوُفّي قبله بيسير محمد بْن عثمان بْن سمعان، وكان صدوقًا يروي عَنْ ابن البَخْتَرِيّ. 293- محمد بْن عليّ بْن عِمران. أبو بَكْر المصريّ، المعروف بابن الإمام. الرجل الصالح. سمع: مسلم بْن قُتَيْبة، وابن خَرُوف، وغيرهما. روى عَنْهُ: خَلَف بْن أحمد، وأبو إِسْحَاق الحبّال. تُوُفّي في شوّال. قَالَ الحبّال: عبدٌ صالح. عندي عَنْهُ جزءان 294- محمد بْن عليّ بْن محمد. أبو نصر الشّيرازيّ الفقيه التّاجر. نزيل نَيْسابور. سَمِعَ: محمد بْن يعقوب الأصمّ. ومحمد بْن يعقوب الأخرم. روى عَنْهُ: أحمد بْن عَبْد المُلْك المؤذّن 295- محمد بْن عُمَر بْن عَبْد الوارث3. أبو عَبْد الله القَيْسيّ القُرْطُبيّ النَّحْويّ، ويعرف بخال الشَرفيّ. سَمِعَ: محمد بْن رفاعة. وأجاز لَهُ: قاسم بْن أصَبَغ، ومحمد بْن قاسم بْن هلال، وجماعة. روى عَنْهُ: محمد بْن عتّاب الفقيه ووثّقه. تُوُفّي في ربيع الأوّل. وقال ابن عتّاب: حكى أهله أنّه احتفر قبره قبل وفاته بيوم، وأعدّ أكفانَه وجَهازه، وجعل يَقُولُ لهم: يوم الجمعة أدخل قبري إنّ شاء الله. فكان كذلك رحمه الله. 296- محمد بْن فارس بْن محمد بْن محمود4. أبو الفَرَج الغوريّ، ثمّ البغداديّ. سَمِعَ: أبا الحسين أحمد بْن جعفر بْن المنادي، وعلي بن محمد المصري، والنجاد. وأجاز لَهُ محمد بْن مَخْلَد العطّار. وكان يُمْلي في جامع المهديّ. قَالَ الخطيب: كتبت عنه مجلسًا، وكان صدوقًا صالحًا.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 363". 2 تاريخ بغداد "3/ 52". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 500" "1085". 4 تاريخ بغداد "3/ 162".

بلغني أنّه وُلِد في شوّال سنة ثمانٍ وعشرين، ومات في شَعْبان. ودُفِن بداره. قلت: روى عَنْهُ جماعة آخرهم عَبْد الواحد بْن عليّ العلاف. 297- محمد بْن القاسم بْن حَسْنَوَيْه1. أبو بكر الأصبهاني المقرئ، رحمه الله. "وفيات سنة عشر وأربعمائة": "حرف الألف": 298- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي سُفْيان الغافقيّ القُرْطُبيّ2. أبو عُمَر الفقيه. كَانَ مُفْتيا مالكيّا مشاورًا. مات في صَفَر بالأندلس. 299- أحمد بْن إِسْحَاق بْن خَرْبان. أبو عَبْد الله النّهَاونديّ، ثمّ البصريّ. الشّاهد الفقيه الّذي يروي عَنْ: أَبِي محمد الرّامَهُرْمُزيّ، وابن داسَه، وجماعة. تفقّه للشّافعيّ عَلَى القاضي أَبِي حامد المروروذي. أخذ عنه: أبو بكر البرقاني، أبي اللّبّان، وغيرهما. وذكره ابن الصّلاح في "فقهاء المذهب". وقال: مات بالبصرة في حدود سنة عشرٍ وأربعمائة. 300- أحمد بْن عليّ بْن يزداد3. أبو بَكْر البغداديّ القارئ الأعور. سَمِعَ: أبا بَكْر الشّافعيّ، وبُجْرجان: الإسماعيليّ، وبإصبهان: أبا الشّيخ، وخلْقًا سواهم بعدّة بُلدان. قَالَ الخطيب: كتبت عَنْهُ، وكان ثقة عالمًا بالقراءات. قَالَ البَرْقانيّ: كَانَ عالمًا بعلوم القرآن، مزّاحًا. 301- أَحْمَد بْن عُمَر بْن عَبْد الله بْن منظور4. الفقيه أبو القاسم الحضْرميّ، ويعرف بابن عُصْفُور. خطيب جامع إشبيلية. روى الكثير عَنْ: أَبِي محمد الباجيّ. روى عَنْهُ: الخَوْلانيّ، وقال: كَانَ صالحًا زاهدًا عاقلًا عالمًا شاعرًا. وروى عَنْهُ أيضًا ابن عَبْد البر. توفي في رمضان.

_ 1 غاية النهاية "2/ 230". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 29، 30". 3 تاريخ بغداد "4/ 321". 4 الصلة لابن بشكوال "1/ 31".

302- أحمد بْن قاسم بْن عيسى بْن فَرَج1. أبو العباس اللَّخْميّ القُرْطُبيّ. رحل، وسمع ببغداد من: عبيد الله ابن حَبَابَة، وعمر الكتّانيّ. وأخذ بمصر من: أَبِي الطَّيّب بْن غلبون كُتُبَه، وقرأ عَليْهِ. وكان أحد المقرئين. صنَّف كتبًا في معاني القراءات، وأقرأ النّاسَ بطُلَيْطلة. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وستّين. حدَّث عَنْهُ أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وقال: قرأت عليه الجوريات عَنْ ابن حَبَابَة. وروى عَنْهُ أيضًا: أبو عَبْد الله بْن عَبْد السّلام، والخَوْلانيّ. وكان صالحًا فاضلًا 303- أحمد بْن موسى بْن مَرْدُوَيْه2. أبو بَكْر الإصبهاني الحافظ العلامّة. صنَّف التفسير، والتّاريخ، والأبواب، والشيوخ، وخرّج حديث الأئّمة. وسمع الكثير بإصبهان والعراق. وحدَّث عَنْ: أَبِي سهل بْن زياد، وعبد الرَّحْمَن بْن مَتُّوَيْهِ البلْخيّ، وميمون بْن إِسْحَاق الحنفيّ، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخُراساني، ومحمد بْن عَبْد الله بْن علم الصَّفّار، وإسماعيل الخُطَبيْ، ومحمد بْن عليّ بْن دُحيم الشَّيبْانيّ، وأحمد بْن عبد الله بْن دُليل، وإسحاق بْن محمد بْن عَلِيّ بْن خَالِد الكوفيّ، ومحمد بْن أحمد بْن علي الإسواري، وأحمد بْن عيسى الخفّاف، وأحمد بْن محمد بْن عاصم الكراني الحافظ، وخلق سواهم. روى عَنْهُ: أبو الخير محمد بْن أحمد بْن محمد بْن ررا، وعبد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ، وأخوه، ومحمد بْن أحمد بْن شُكْرَوَيْه، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن محمد بن سليم، والقاسم بْن الفضل الثَّقَفيّ، وأبو مطيع محمد بْن عَبْد الواحد، وآخرون كثيرون. تُوُفّي لستٍ بقين من رمضان سنة عشرة. وله نحوٌ من تسعين سنة. نعم، مولده في سنة ثلاثٍ وعشرين وثلاثمائة. وله مستخرج عَلَى خ. 304- أحمد بْن مهديّ بْن محمد بْن نصر. أبو طاهر الحنفيّ. خراساني.

_ 1 غاية النهاية "1/ 97"، والأعلام "1/ 188". 2 المنتظم "7/ 294"، والبداية والنهاية "12/ 8"، والأعلام "1/ 261".

305- إبراهيم بْن مَخْلَد الباقَرْحِيّ1. قَالَ الخطيب: تُوُفّي سنة عشر. 306- إسماعيل بْن محمد بْن إسماعيل بْن عَبّاد2.أبو الوليد اللَّخْميّ، قاضي إشبيلية. سَمِعَ بقُرْطُبَة من: أبي محمد الأصيليّ، وبإشبيلية من: أَبِي محمد الباجيّ. وكان مُعْتنيا بالعلم. تُوُفّي بإشبيلية في خامس ربيع الآخر. "حرف التاء": 307- تركان بْن الفَرَج البغداديّ الباقِلانيّ3. قَالَ الخطيب: ثنا عَنْ: ابن مِقْسَم المقرئ، وأبي بَكْر الشّافعيّ. وكان صدوقًا. "حرف الجيم": 308- الْجُنَيْد بْن محمد بْن الْجُنَيْد. أبو سعْد الهَرَويّ الخطيب. في رمضان. "حرف الحاء": 309- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن يحيى4. أبو عَبْد الله الصّائغ. قَالَ الخطيب: سَمِعَ محمد بْن يحيى بْن عَمْر بْن علي ابن حرب. وكتبتُ عَنْهُ بُعكْبَرا سنة عشر. 310- الحسين بْن ميمون الصّفّار. أبو عَبْد الله المصريّ. روى عَنْهُ: أحمد بْن إبراهيم بْن جامع السُّكّريّ، وإسماعيل بْن الجراب. وَلَهُ شَعرٌ حَسَن. ولأبيه ميمون بن يحي رواية عَنْ النَّسائي. "حرف الخاء": 311- خَلَف بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زبّارة. أبو منصور الغازي ببيهق سَمِعَ بالكوفة من: محمد بن علي ابن دُحَيْم الشَّيْبانيّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقيّ، وأبو صالح المؤذّن، وأبو بَكْر بْن خلف الشّيرازيّ، وعمر بْن محمد بْن الحسين البِسْطاميّ. وقد سمع أيضًا: عمه أبا علي بن زبارة، وأبا العباس الأصم، وأبا زكريا

_ 1 الذريعة إلى تصانيف الشيعة "10/ 193". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 102". 3 تاريخ بغداد "7/ 140". 4 تاريخ بغداد "8/ 104".

العنْبريّ، وبُبخارى: خَلَف بْن محمد الخيّام، وببغداد: أبا بَكْر النّجّاد، وابن مخرّم، وبالكوفة: عليّ بْن عيسى بْن ماتي. وخرَّج لَهُ الحاكم فوائد. قَالَ عبد الغافر: كانت أصوله صحيحة، ثمّ احترق قصره بما فيه، وراحت أصوله، فصار يروي من الفروع الّتي نُسِخت من أصولِه. تُوُفّي بقريته ودُفِن بها. وهو خَلَف بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زَبّارة بْن عبد الله بْن الحَسَن بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب السيّد، أبو منصور العلويّ الحسيني، أبو منصور الغازي الزكى، رحمه الله. "حرف السين": 312- سَعِيد بْن رشيق1. أبو عثمان القُرْطُبيّ الزّاهد. روى عَنْ: أَبِي عيسى اللَّيْثّي، وأبى عَبْد الله بْن الخرّار، وأبي محمد الباجيّ، وجماعة. وحجّ سنة إحدى وثمانين، ثمّ تزهّد وأغلق باب الرّواية إلا من النّادر. روى عَنْهُ: محمد بْن عَتَّاب، ومكّيّ بن أبي طالب وتوفي في جُمَادَى الأخرة. 313- سهل بْن أحمد بْن علي. أبو منصور. حدث عَنْ: الطَّبَرانيّ، وغيره. "حرف العين": 314- عَبْد الله بْن سَعِيد بْن محمد. أبو معصوم الأنصاريّ المالينيّ. 315- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر بْن محمد2. أبو القاسم الشَّيْبانيّ البزّاز الدّمشقيّ المؤدب. أصله من سامرّاء. سَمِعَ: خَيْثَمَة بْن سليمان، والحسن بْن حبيب الحصائريّ، وعليّ بْن أَبِي العَقب، وأبا يعقوب الأذْرُعيّ، وعثمان بْن محمد الذَّهبيّ، وخلْقًا من طبقتهم. روى عَنْهُ: أحمد بْن محمد العَتيقيّ، وعليّ بْن الحُسين بْن صَصْرى، وأبو عليّ الأهوازيّ، ومحمد بْن عليّ الحدّاد، وعبد العزيز الكتّانيّ. وقال الكتّانيّ: تُوُفّي في رجب. وقد كتب الكثير، واتُّهم في أبي إسحاق بْن أبي ثابت، وكان يُتَّهم بالإعتزال. قلت: وله عدّة أجزاء مَرْويَّة، ولم يقع لي حديثه بعلو.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 215". 2 شذرات الذهب "3/ 190"، والعبر "3/ 102".

316- عَبْد الرَّحمن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن بالُويه1. أبو محمد النَّيْسابوريّ المُزَكّيّ. سَمِعَ من: محمد بْن الحسين القطّان، ومحمد بْن يعقوب الأصمّ، وأبي بَكْر بْن المؤمّل، وأبي الحسن الطّرائفيّ، وأبي محمد الكَعْبيّ، وأبي عليّ الصّوّاف. وهو أحد أصحاب القطّان. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقيّ، وأبو صالح المؤذّن، ومحمد بْن يحيى المُزَكيّ، وأبو عَبْد الله الثَّقَفيّ، وجماعة. تُوُفّي فجأة في شَعْبان. وكان أحد وجوه البلد. عقد الإملاء في داره، وكان ثقة أمينًا معروفًا. 317- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن أَبِي يزيد بْن خَالِد بْن خَالِد الأزْديّ العتَكّي المصريّ. أبو القاسم الصّوّاف النّسّابة. دخل الأندلس، وحدَّث عَنْ: أَبِي عليّ بْن السكن، وأبي الطاهر الذُهلي، وأبي العلاء ابن ماهان، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن الحذّاء، وقال: كَانَ أديبًا حُلْوًا، حافظًا للحديث وأسماء الرجال، وله أشعار في كلّ فنّ. وكان تاجر مقارضًا لأبي بَكْر بْن إسماعيل المهندس. وقيل: إن مولده سنة ثلاثٍ وثلاثين وثلاثمائة. 318- عَبْد الصَّمد بْن منصور بْن بَابك2. أبو القاسم الشاعر المشهور. بغداديّ، محسن. لَهُ ديوان كبير في ثلاث مجلدّات. طوّف البلاد ومدح الكبار. وتُوُفّي ببغداد. وهو القائل للصّاحب بْن عبّاد لما سأله: أأنت ابن بابَك؟ قَالَ: بل أنا ابن بابك. فاستحسن ذَلِكَ منه، ولم يزد غير كسر الباء وله: وأَغْيَدَ معُسولِ الشّمائل زارني ... عَلَى فرقٍ والنجمُ حيرانُ طالعُ فلمّا جَلا صبْغَ الدُجى قلت: حاجبُ ... من الصُّبح أو قرنُ من الشّمس لامعُ إلى أن دَنا والسحْر زائدُ طرِفهِ ... كما ريعَ ظبيٌ بالصّريمة راتعُ فَبِتْنا وظلّ الوصْل دانٍ وسرُنا ... مَصُونٌ ومكنُون الضّمائر ذائعُ إلى أنْ سلا عَنْ وِرْده فارطُ القطا ... ولاذت بأطراف الغُصون السواجعُ فولّي حليف السّكْر يكُبو لسانُه ... فتنطق عَنْهُ بالوداعِ الأصابعُ

_ 1 الأنساب "2/ 59"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1051". 2 المنتظم "7/ 295"، وكشف الظنون "764".

319- عبد الواحد بن عبد العزيز بْن أسد التّميميّ1. أبو الفضل البغداديّ الحنبليّ. روى عَنْ: أَبِيهِ وعن: أَبِي بَكْر النّجّاد، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخُراسانيْ، وأحمد بْن كامل، وجماعة. وانتخبَ عَليْهِ: أبو الفتح بْن أَبِي الفوارس. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقًا. دُفن إلى جنب أحمد بن حنبل. وحدَّثني أَبِي، وكان ممّن حضرَ جنازته، أنّه صلى عليه من خمسين ألفًا. قلت: وممن روى عَنْهُ: أبو محمد رزق الله التميمي، وهو ابن أخيه. وكان يميل إلى الأشعريّ. قَالَ أبو المعالي عزيزي: قَالَ أبو عَبْد الله الحُسين بْن محمد الدّامغانيّ: سمعتُ الشَّيْخ أبا الفضل التّميميّ الحنبليّ، وهو عَبْد الواحد بْن عَبْد العزيز يَقُولُ: اجتمع رأسي ورأس القاضي أبي بَكْر الباقِلانيّ مَعَ مِخدة واحدة سبْع سِنين. وقال أبو عبد الله: وحَضَر أبو الفضل التّميميّ يوم وفاة الباقِلّانيّ العزاء، وأمَر أن يُنادي بين يدي جنازة القاضي أبي بَكْر: هذا ناصرُ السُّنَّة والدّين، هذا إمام المسلمين، هذا الّذي كَانَ يذبّ عَنْ الشّريعة أَلْسِنةَ المخالفين، هذا الّذي صنَّف سبعين ألف ورقة ردًا عَلَى الملُحدين. وقعد للعزاء مَعَ أصحابه ثلاثة أيام، فلم يبرح، وكان يزور تُربته كلّ جمعة. قلت: ما هذا إلا وُد عظيم بين هذا الأشعريّ وبين هذا الحنبليّ. والتّميميّون معرفون بشيءٍ من الإحنراف عَنْ طريقة أحمد، كما انحرف ابن عَقيل، وابن الجوزي، وابن الزغواني، وغيرهم. كما بالغ في الشّقّ الآخر القاضي أبو يَعْلَى، ونحوه. 320- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مهديّ2. أبو عُمَر الفارسيّ الكازرُوني، ثم البغداديّ البزّاز. سَمِعَ: أبا عَبْد الله المَحَامِليّ، ومحمد بْن مخلد، وابن عياش القطّان، وأبا العبّاس بْن عُقدة، ومحمد بْن أحمد ابن يعقوب السُدوسي، وغيرهم.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 14، 15"، والمنتظم "7/ 295". 2 تاريخ بغداد "11/ 14"، والعبر "3/ 103".

وتفرّد بالرّواية عَنْ جماعة. روى عنه: أبو بَكْر الخطيب، ووثَّقه، وهبة الله بْن الحسين البزاز، وأبو الغنائم محمد ابن عليّ بْن أَبِي عثمان، وعاصم بْن الحَسَن، وعليّ بن محمد بن محمد الأنباري بن الأخضر، وأبو يوسف عَبْد السّلام بْن محمد القَزوينيّ رأس المعتزلة، ورزق الله بْن عَبْد الوهاب التّميميّ، وخلْق آخرهم أبو عَبْد الله بْن طلحة النّعاليّ. وقال الخطيب: كان ثقة أمينًا، تُوُفّي في رجب. قَالَ: ووُلِد سنة ثمان عشرة وثلاثمائة. 321- عبد الواحد بن محمد بن عثمان1. أبو القاسم البَجَليّ الجريريّ البغداديّ. سَمِعَ من: جعفر الخُلدي، والنّجّاد، وأبي بَكْر النّقّاش. وعنه: أبو بَكْر الخطيب. وكان بصيرًا بمذهب الشّافعيّ، وبالأصول. لَهُ مصنّفات في الأصول، وكان أشْعَريا. ومات يوم موت ابن مهديّ. 322- عليُّ بْن أحمد بن إبراهيم. أبو الحَسَن النيسابوري السُكري، والأعرج، المؤذّن. صاحب أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُلمي. حدَّث عَنْ الأصمّ، ثمّ عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن بُجير، وابن مطرَ، وغيرهم. ذكره عَبْد الغافر. 323- عليّ بْن عُبَيْد الله. أبو القاسم العُنابي. قَالَ الحبّال: انتقي عَليْهِ جعفر الأندلسيّ، وأخذتُ عَنْهُ، وحضرتُ جنازته. تُوُفّي فِي صفر. 324- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ2. أَبُو الحَسَن التّميميّ البغداديّ المؤدّب، والد أَبِي عليّ بْن المذهِب. سمع: أبا بكر النجاد، وأبا بكر الشافعي. تُوُفّي في المحرَّم. وكان صدوقًا. قاله الخطيب. 325- عليّ بْن محمد بْن القاسم الفارسيّ. أبو الحسن العابد. يروي عَنْ: أَبِي بَكْر الإسماعيليّ، وأبي حامد الغِطريفي، وأبي الحَسَن الدارقُطني، وجماعة. وكان صالحًا، خيَّرًا، مجتهدًا في الطّاعة. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.

_ 1 تاريخ بغداد "5676"، والمنتظم "7/ 295". 2 تاريخ بغداد "12/ 79"، "6524".

"حرف القاف": 326- القاسم بْن أَبِي المنذر الخطيب1. قد ذُكر، ويقال: مات فيها. "حرف الميم": 327- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد2 - أبو الفتح الجُحدري الطَّرَسُوسيّ البزّاز، المعروف بابن البصْريّ. سَمِعَ: محمد بْن إبراهيم بْن أَبِي أُمَيَّة الطَّرَسُوسيّ، وأَبَا سَعِيد بْن الْأعرابي، وخَيْثَمة الْأطْرَابُلُسِي، وجماعة. وحدَّث بالشام، وسكن بيت المقدس بأخرة. روى عنه: أبو القاسم عُبيد الله الأزهري، ووثقه، وعبد الرّحيم بْن أحمد الْبُخَارِيّ، وأحمد بْن محمد العَتِيقّي، ورشأ بْن نظيف، وأبو عليّ الأهوازيّ، وجماعة. قَالَ الصُّوريّ: تُوُفّي في سنة تسعٍ أو عشر وأربعمائة. 328- محمد بْن أسد بْن عليّ3. أبو الحَسَن الكاتب البغداديّ المقرئ. سَمِعَ من: جعفر الخُلدي، والنّجّاد. قَالَ الخطَّيّب: كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقاُ. قلتُ: هُوَ صاحب الخطّ المنسوب. 329- محمد بْن عَبْد الله بْن أبان بْن قُريش4. أبو بَكْر الهيتي، المعروف بابن أَبِي عَبَايَة. قَالَ الخطيب: قدمِ علينا سنة ست وأربعمائة، وكان يُملي في جامع المنصور بعد ابن رزقَوَيْه. وكتبنا عَنْهُ عَنْ: ابن السّمّاك، ومحمد بن جعفر الأدمي، وأحمد بن سليمان النجاد، وثنا أيضًا عَنْ أَبِي الطَّيّب أحمد بْن إبراهيم الَّذِي روى عَنْ الرّماديّ. ذكَر لنا أنّه سَمِعَ منه بالرحْبة. وكانت أصول أَبِي بَكْر الهيتيّ كثيرة الخطأ إلا أنه كَانَ صالحًا مُقلا معروفًا بالخير مَعَ خُلُوّةِ من معرفة الحديث. تُوُفّي يوم الفِطْر بالأنبار، وله تسعون سنة. وربّما حَدَّثَنَا عَنْ شيخ شيخه وهو لا يعلم.

_ 1 تقدمت ترجمته قريبا. 2 تاريخ بغداد "1/ 415، 416"، والمنتظم "7/ 292". 3 وفيات الأعيان "3/ 342، 343"، والبداية والنهاية "12/ 14". 4 تاريخ بغداد "5/ 475".

330- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم. أبو الحَسَن ابن الرّازيّ، المعدّل المقرئ. تُوُفّي في جُمادى الأولى ببغداد. يروي عَنْ: عثمان السّمّاك. 331- محمد بْن عبد الله بْن هانئ بْن هابيل1. أبو عَبْد الله اللَّخْميّ القُرطبي البزاز. سمع من: أحمد بن سعيد ابن حزم، وأحمد بْن مُطرف، وجماعة. وحجّ سنة سبْع وخمسين وثلاثمائة، فكتب عَنْ جماعة. روى عَنْهُ: الخَوْلانيّ، وأبو عُمر بن سُميق. وتوفي في ربيع الأوّل، وكان فقيهًا محدَّثًا عالمًا. 332- محمد بْن عَبْد الله بْن مُفوز2. أبو عبد الله المعافري الشاطبي الزاهد. قدم قُرطبي فأكثر عَنْ وهْب بْن مَسَرَّة حتى سَمِعَ منه "مُسْنَد ابن أَبِي شيبة" ثمّ حجّ، وكتب القَيْروان. وعُمر دهراُ طويلًا. وكان صالحًا عابدًا متقّللًا مِن الدّنيا منقطع القرين. سَمِعَ النّاسُ منه، وكان مشهورًا بإجابة الدّعوة. تُوُفّي في آخر سنة عشر. وقد قارب المائة. وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله. 333- محمد بْن عثمان بْن محمد الصُّوفيّ الجُرجاني. تُوُفّي بهَرَاة. يروي عَنْ: أبي عَمْرو بْن حمدان النَّيْسابوريّ، وغيره. قَالَ أبو إسماعيل الأنصاريّ: هُوَ أوّل من سَمِعْتُ منه. 334- محمد بْن عُمَر بْن عيسى3. أبو الحَسَن البلدّي الحِطراني. سكن بغداد، وصاهَر أبا الحسين بْن بِشْران عَلَى بنته. وحدَّث عَنْ: أحمد بْن إبراهيم الإمام، ومحمد بْن العبّاس المَوْصِليّ الحنّاط. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، وأبو عليّ الوحشيّ. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا. بلغني إنَّه كَانَ لَهُ في كل يومٍ ختْمةٌ. تُوُفّي في جُمادى الآخرة. 335- محمد بْن محمد بْن أحمد بْن سهل. التّاجر أبو الفضل الهَرَويّ. سَمِعَ: أبا بَكْر الشافعي، وأبا علي الرفاء. وتوفي فِي ربيع الآخر. 336- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحسين4. القاضي أبو منصور الأزدي

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 502، 503". 2 انظر المصدر السابق. 3 تاريخ بغداد "3/ 36"، والأنساب "4/ 169". 4 العبر "3/ 103"، طبقات الشافعية الكبرى "4/ 196" للسبكي.

الهَرَويّ. أحد الأعلام. محدث فقيه، رحل وسمع: محمد بن علي بن دحيم الشيباني، ودعلج بْن أحمد، والحسن بْن عِمران الحنْظليّ، وأحمد بْن عثمان الأدميّ. وأكبر شيخ سَمِعَ منه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ. روى عنه: أحمد بْن أحمد بْن حَمدين، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي عاصم الجوهريّ، وأبو سعد يحيى بْن أَبِي نصر العدل، وأبو عدنان القاسم بْن عليّ الْقُرَشِيّ، وشيخ الإسلام، وخلق كثير. وكان إمام الشّافعيّة في عصرِه بهَرَاة. أملي مدّة، وطال عُمره، وكان واسع الرّواية. تُوُفّي فجأة في المحرَّم بهَرَاة. 337- محمد بْن محمد بْن عليّ بْن حُبَيْش1. أبو عُمَر التّمّار الأعور. بغداديّ، صدوق. من شيوخ أَبِي بَكْر الخطيب. سَمِعَ: إسماعيل الصّفّار، ومحمد بْن جعفر الأدمي. وولد سنة ثلاثين وثلاثمائة. تُوُفّي بالبطائح. 338- محمد بْن محمد بْن مَحْمِش بن عليّ بْن دَاوُد2. الفقيه أبو طاهر الزّياديّ، الأديب الفقيه الشّافعيّ. كَانَ يسكن ميدان زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن من نَيْسابور، فَنُسبَ إليه. وكان أَبُوهُ من أعيان العُبّاد. وُلِد أبو طاهر سنة سبع عشرة وثلاثمائة. وسمع سنة خمسٍ وعشرين وثلاثمائة وبعدها، من: أَبِي حامد بْن بلال، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وعبد الله بْن يعقوب الكَرْمانيّ، والعبّاس بْن قوهيار، ومحمد بْن الحَسَن المحمّداباذيّ، وأبي عثمان عَمْرو بْن عَبْد الله البصْريّ، وأبي عليّ المَيْدانيّ، وحاجب بْن أحمد الطُّوسيّ، وعليّ بْن حمشاذ، ومحمد بْن يعقوب الأصمّ، وأبي عَبْد الله محمد بْن عَبْد الله الصَّفّار. وأدرك أبا حامد بْن الشّرْقيّ، ولم يسمع منه. وكان إمام أصحاب الحديث بنَيْسابور، وفقيههم ومُفْتيهم بلا مدافعة. وكان متبحّرًا في علم الشّروط، قد صنَّف كتابًا فيه, وله معرفة قويّة بالعربيّة. قَالَ عَبْد الغافر بْن إسماعيل: بقي يُمْلي نحو ثلاث سِنين، ولولا ما اختصّ بِهِ من الإقتار وحِرْفة أهل العلم لما تقدَّم عَليْهِ أحدٌ من أصحابه. أَخْبَرَنَا عَنْهُ: الإمام جدّي، وأبو سعد بْن رامش، وعثمان بْن محمد المَحْمِيّ، وأبو بكر بن يحي المُزَكّيّ، وعليّ بْن أحمد الواحديّ، وأحمد بْن خَلَف، وأبو صالح المؤذّن. ومات في شَعْبان.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 230، 231". 2 الأنساب "6/ 360"، والمعين في طبقات المحدثين "121" "1354"، والأعلام "7/ 245".

قلت: وروى عَنْهُ: الحاكم أبو عبد الله مَعَ تقدُّمه، وأبو بَكْر البَيْهَقيّ، وأبو القاسم القُشيري، وعبد الْجَبّار بْن بُرزة، ومحمد بْن محمد الشّاماتيّ، والقاسم بْن الفضل الثَّقَفيّ. وحديثه بعُلو في " الثّقفيّات". 339- محمد بْن محمد بْن بالُويه بْن إِسْحَاق. أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ الكِسائيّ الصّائغ المقرئ. قَالَ عَبْد الغافر: شيخ ثقة مشهور. حدَّث عَنِ: الْأصمّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الصَّفّار، والكارزي. أنا عنه أحمد بن عبد الملك المؤذن. توفي، وبيض. قلت: روى عنه الثقفي، لقيه سنة عشر هذه. 340- محمد بن المظفر1. أبو الحسن بن السراج البغدادي المعدل. سمع من: جعفر الخُلدي، وأحمد بن سلمان الفقيه. روى عنه الخطيب وقال: مات في جُمادى الأولى. 341- محمد بْن مُعافى بْن صُميل2. أبو عَبْد الله الْجَيَّانيّ، ثمّ القُرطبي المقرئ. ارتحل فقرأ لنافع علي: أَبِي الطَّيّب بْن غلبُون. وكان مؤدبًا، نزل طُلَيْطلَة. 342- محمد بْن منصور بْن الحسن3. أبو سعْد الْجَوْلَكِيّ الجُرجاني، الرئيس العالم. سَمِعَ: أبا بَكْر الإسماعيليّ، وأبا أحمد الغِطريفي. روى عَنْهُ: نجيب بْن ميمون، وجماعة. وحدث بنَيْسابور، وهَرَاة، وغَزْنَة. 343- محمد بْن يونس4. أبو بكر العين زربي الإسكافي المقرئ. سَمِعَ بدمشق: أبا عُمَر بْن فَضَالة، وأبا بَكْر الرَّبَعيّ. روى عَنْهُ: أبو عليّ الأهوازي، والكتاني.

_ 1 المنتظم "7/ 296". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 503". 3 تاريخ جرجان "453، 454"، للسهمي. 4 معجم البلدان "4/ 178".

"حرف الهاء": 344- هادي المستجيبين. ظهرَ أمرُه وبَهر كُفُره، وسار في البوادي يدعو إلى عبادة الحاكم صاحب مصر، وسبًّ الرَّسُول -صلى الله عليه وسلم-، وبصق على المصحف. فظفروا به، ثم صُلب بمكة وأُحرق. 345- هبة الله بن سلامة1. أبو القاسم البغدادي الضرير المفسر. كان من أحفظ الناس لتفسير القرآن، وكانت له حلقة بجامع المنصور. روى عَنْ: أَبِي بَكْر القطيعي، وغيره. وتوفي في رجب. وله كتاب "النّاسخ والمنسوخ". روى عَنْهُ: ابن بنتِه رزق الله التّميميّ، وغيره. وقرأ عَليْهِ الحَسَن بْن عليّ العطّار القرآن، عنْ قراءته عَلَى زيد بْن أَبِي بلال الكوفي. "المتوفون بعد الأربعمائة ظنًا": "حرف الألف": 346- أحمد بن الحسن بن المرزُبان. أبو العبّاس بْن الطَّبَريّ الشّرابيّ. بغداديّ، سكن الرَّيّ. وحدَّث عَنْ: أَبِي جعفر عَبْد الله بْن بُرَيْه الهاشميّ، وأبي عُمَر الزّاهد، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو سعد إسماعيل السّمّان، والمظفَّر ابن مموس، ومحمد بن جعفر الإسترباذي. 347- أحمد بن عُبيد الله بْن الفضل بْن سهل بْن بِيري2. أبو بكر الواسطي، مُسند واسط ومحدثها. روى عن: عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشّر الواسطيّ، ومحمد بْن عثمان بْن سمعان، ومحمد بْن الحسين الزعفراني، ومحمد ابن يحيى الصُّوليّ، وأبي عليّ الحَسَن بْن منصور، وأبي جعفر محمد بن عمرو البَخْتَرِيّ، وعبد الباقي بْن قانع، وعبد الله بْن شَوْذب الواسطيّ، وجماعة. وأملي، ورحل إلى بغداد. قَالَ الحافظ خميس: كَانَ ثقة صدوقًا. كُف بصره بأخرَة. قلت: روى عَنْهُ: عَبْد الكريم بْن محمد الشُروطي، وأبو يَعْلَى حمزة بْن الحَسَن، ومحمد بْن عليّ بْن عيسى

_ 1 البداية والنهاية "12/ 8"، وبغية الوعاة "2/ 323"، وكشف الظنون "167، 192، 1921". 2 المشتبه في أسماء الرجال "1/ 107"، والأنساب "2/ 365".

القارئ، وعليّ بْن الحسين بْن الطَّيّب الصُّوفيّ، وَأَبُو غالب مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن بِشْران النَّحْويّ، والقاضي أبو عليّ إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الطَّيّب الفقيه بْن كُماري، وأبو الحسين محمد بْن عليّ الفقيه الشّافعيّ، وأبو الْحُسَن محمد بْن محمد بْن مَخْلَد سنة ستّ وتسعين، وسماعه من ابن بْيريّ سنة نيفٍ وأربعمائة. وقد ذكر خميس أنّ ابن بيريّ سَمِعَ من البَغَويّ، وابن أَبِي دَاوُد، وهذا غلط. 348- أحمد بْن محمد بْن سراج. أبو العبّاس السّنْجيّ الطّحّان. سَمِعَ "جامع الترْمِذيّ " من أَبِي العبّاس المحبوبّي. روى عَنْهُ: أبو الخير بْن أَبِي عِمران الصَّفّار. 349- أحمد بْن عُمَر بْن أحمد بْن علي. أبو عبد الله الكاتب المعروف بحموس، الهمذاني الضرير. روى عن: عبد الرحمن الجلاب، وأبي القاسم بْن عَبيد، وأحمد بْن محمد الصّيدنائيّ، وعليّ بْن عامر النّهَاونديّ، وجماعة. روى عَنْهُ: محمد بْن عيسى، وحَمْد بْن سهل المؤدب، وحَمْد بْن عَبْد الرَّحْمَن المؤدب، وأبو مُسْلِم بْن غرو، ومحمد بْن الحسين الصُّوفيّ. وهو صدوق. 350- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد. أبو بَكْر الجوريّ النَّيْسابوريّ الدّهّان. شيخ مستور حافظ لكتاب الله. وثقه عَبْد الغافر الفارسيّ. قَالَ: روى عَنْ الأصمّ وأقرانه. أنبا عَنْهُ أبو بَكْر محمد بْن يحيى، وأبو صالح المؤذّن. 351- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى. أبو حامد النَّيْسابوريّ الشّافعيّ، المعروف بأميرك بْن أَبِي ذَرّ. قَالَ عَبْد الغافر: نبيل، موثوق به، أصيل. روى عَنْ الأصمّ وأقرانه. أَنَا عَنْهُ أبو صالح المؤذّن، ومحمد بْن يحيى، سمعنا منه في سنة ثمانٍ. 352- أحْمَد بْن محمد بْن عَبْدَوس. أَبُو بَكْر النَّسَويّ الفقيه، الحافظ، نزيل مَرْو. كَانَ أحد الأئّمة الأعلام، رحّال جوّال. روى عَنْ: أَبِي القاسم بْن أَبِي العَقِب، وبُكير بْن الْحَسَن الرّازيّ ثمّ المصريّ، ومحمد بْن عليّ النّقّاش. وعنه: أبو محمد عَبْد الله بْن يوسف الجوزيّ، والحسن بْن القاسم، وعليّ بْن عبد القاهر الطُوسي، وآخرون.

353- أحمد بْن محمد بْن يوسف. أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ الصَّفّار. روى عَنْ: الأصمّ، وأبي الحَسَن الكارزي. وعنه: محمد بن يحيى المُزكي، والمؤذن. 354- أحمد بْن محمد بْن حمدان. أبو الحَسَن الإصبهاني الأديب. سَمِعَ: أبا عَمْرو بْن حكيم، وابن داسة البصري، وأبي الحسين الأسواريّ. وعنه: أحمد بْن الفضل الباطرْقانيّ، وعليّ بْن سَعِيد البقّال، وعبد الله بْن أحمد السوراجائي. 355- أحمد بْن محمد بْن العبّاس بْن حَسْنَويْه. أبو سهل الأصبهانيّ، التّاجر، نزيل نَيْسابور. ثِقة. عَنْ: الأصمّ، وأبي الطَّيّب الجُبني. وعنه: المؤذّن. 356- أحمد بْن محمد بْن إبراهيم بن عيسى. أبو نُعيم الإسفرايينيّ البّزاز. قَالَ عَبْد الغفّار: ثقة، قدِم نَيْسابور وحدّث عَنْ: عَبْد الله بْن محمد الشّرْقيّ، وأبي بَكْر القطّان، وأبي نصر بْن حَمْدَوَيْه، وسُفيان بْن محمد الجوهريّ. وأملي بنيسابور. روى عَنْهُ: محمد بْن يحيى المُزكي، وهو مِن كبار شيوخه. 357- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن إِبْرَاهِيم بْن معاوية. أبو إِسْحَاق النَّيْسابوريّ العطّار الصَّيْدلانيّ. قَالَ عَبْد الغافر: شيخ مستور، ثقة، من أهل الصلاح. يقعد عَلَى حانوته ويعتمده الناس لأمانته وديانته. سَمِعَ من: الأصمّ، وأبي عَبْد الله محمد بْن يعقوب الحافظ، وأبي بكر الصبغي، وأبي حامد أحمد بْن محمد بْن بالُويه العفصيّ، وأبي الوليد القُرشي، وغيرهم. أَنَا عَنْهُ: محمد بْن يحيى. قلت: روى عَنْهُ: البَيْهَقيّ قَالَ: وكان أَبُوهُ من الصلحاء، وجدّهُ أبو الحَسَن محدَّث وقته، حدَّث عَنْ: أَبِي زُرعة، وابن وَارَةَ، وأحمد بْن عَبْد الجبّار العُطارِدي. 358- أسد بْن إبراهيم بْن كُليب1. القاضي أبو الحسن الحرَانيّ السُلمي. عَنْ: أَبِي الهيذام مُرجا بْن عليّ الرّهاويّ، ويوسف بْن محمد الشينيزيّ. حدَّث ببغداد. وروى عَنْهُ: أبو منصور العُكبري النّديم، والقاضي أبو عبد الله الصيمري. والغالب على رواياته المناكير والموضوعات.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 206" "810".

359- إسماعيل بْن سِيدَة1. أبو بَكْر المُرسي، الأديب الضّرير، والد مصنّف "المحْكم" أَبِي الحَسَن. أخذ عَنْ: أبي بَكْر الزُبيدي "مختصر العين". وكان من النُحاة ومن أهل المعرفة والذَّكاء. وكان أعمى. تُوُفّي بعد الأربعمائة بمدّة بَمْرسِيَة. "حرف الجيم": 360- جامع بْن أحمد بْن محمد بْن مهديّ. الوكيل أبو الخير النَّيْسابوريّ المُحمداباذي. سَمِعَ من: أَبِي طاهر محمد بن الحسن المحمداباذي. وتوفي سنة سبعٍ وأربعمائة. روى عَنْهُ البَيْهَقيّ. "حرف الحاء": 361- حديد بْن جعفر. أبو نصر. حدَّث عَنْ: خَيْثَمَة، وعليّ بْن أَبِي العَقِب. وعنه: أبو القاسم الحِنائي، وعبد العزيز الكتاني، وغيرهما. والأهوازي، وعلي بن الخضر السُلمي. وهو أنباري سكن الشام. قاله النجار. "حرف الخاء": 362- خلف بن عباس2. أبو القاسم الزهراوي الأندلسي. قال الحُميدي: كان من أهل الفضل والدين والعلم. وعلمه الذي يسبق فيه علم الطب، وله فيه كتاب كبير مشهور كثير الفائدة، سماه: كتاب "التصريف" لمن عجز عَنْ التأليف. ذكره ابن حزم وأثني عَليْهِ، وقال: ولئن قُلْنَا إنّه لم يؤلَّف في الطّبّ أجمع منه للقول والعمل في الطبائع لنصدقن. مات بالأندلس بعد الأربعمائة. 363- خلفُ المقرئ3. أبو القاسم. من سكان طَلْبِيرة. رحل إلى المشرق، وأخذ عَنْ: أَبِي محمد بْن أَبِي زيد، ولازمهُ بالقيروان مدة. وحج ثلاث حجج. وقرأ على أبي الطيب بن غلبُون.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 109". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 165، 166". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 166".

ودخل العراق. وكان صالحا متبتلا عبدا يسرد الصوم. وكان مُفرط القصر يسكن مسجدا يُقرئ به. حدث سنة ثمانٍ وأربعمائة. 364- خلفُ بن محمد بن علي بن حمدون الواسطي الحافظ1. مصنف "الأطراف". رحل وروى عن: أَبِي بَكْر القَطِيَعيّ، وأبي بَكْر الإسماعيليّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن خَمِيروَيْه الهَرَويّ، وأبي محمد بن ماسي. ورافق أبا الفتح بن أبي الفوارس في الرحلة، وطوف خُرسان، والشام، ومصر، والنواحي، وكتب الكثير. روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأثني عليه، وقال: كَانَ حافظًا لحديث شُعبة وغيره. وقال أبو نُعيم: صحبْناه بنَيْسابور وإصبهان. وروى عَنْهُ: هُوَ، وأبو عليّ الأهوازيّ، وعُبَيْد الله بْن أحمد الأزهريّ، ثمّ في الآخر سكن الرملة، واشتغل بالتّجارة، ومات هناك بعد الأربعمائة. سَمِعَ النّاس الكثير بانتخابه، ولقد جوَّدَ أطراف الصّحيحين، وأحسنَ. وهو أقلّ أوهامًا من أَبِي مسعود. 365- الخليل بْن أحمد بْن محمد. القاضي أبي سعيد البُستي. قدم نيسابور وحدث بها عَنْ: أحمد بْن المظفَّر البكْريّ صاحب أحمد بْن أَبِي خَيْثَمَة بالتّاريخ. روى عَنْهُ: البيهقي، وجماعة. وكان قدومه في سنة أربعمائة. ومن الاتّفاقات النّادرة أنّه سَمِعَ من القاضي أَبِي سَعِيد الخليل بْن أحمد السجْزيّ، سميهُ. 366- خَلَف بْن عيسى بْن سعد الخير بْن أَبِي دِرْهم. الفقيه أبو الحزْم الوشْقيّ. عالم وشْقه وقاضيها. يروي عَنْ: أَبِي عيسى اللَّيْثّي، وابن عَيْشون. روى عَنْهُ: ابنه أَبُو الْأصبغ، وَأَبُو عُمَر بْن الحذّاء. قَالَ أبو الوليد الباجيّ: لَا بأس بِهِ. وذكره عِياض في "طبقات المالكية". 367- حوي بن علي بن صَدَقَة2. القاضي أبو القاسم السَّكْسكيّ. حدَّث عن أبي علي بْن آدم، ومحمد بْن العبّاس بْن كَوْذك. وعنه: علي بن محمد الحِنائي.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 171، 172"، والبداية والنهاية "11/ 344". 2 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 21"، وترتيب المدارك 4/ 690".

"حرف السين": 368- سعد بْن عَبْد الله بْن الحسين بْن عَلُّوَيْهِ. أبو القاسم النيليّ الميمونيّ. من ولد ميمون بن مهران. روى بهمذان عَنْ: النّجّاد، وأبي سهل بْن زياد، وأبي عمرو بن السماك، والحسين بْن صَفْوان، وجماعة. حَضَرَ مجلسه ابن تركان. وروى عَنْهُ: محمد بْن عيسى، وحُميد بْن المأمون، وابن غرو، وأَبُو الفضل أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بُندار، وعُبيد الله ابن أبي عبد الله بن منده. قال شيرويه: وثنا عَنْهُ محمد بْن الحسين الصُّوفيّ، وأبو الفضل بْن يَرْغة، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الرُّوذْباريّ، وليس عندهم بذاك. 369- سعد بْن محمد بْن غسّان1. أبو رجاء الشَّيْبانيّ القزويني. سمع بدمشق من الحسن بن حسن بْن الحصائريّ حديثًا رواه عَنْهُ الخطيب، ويوسف المهروانيّ، ومحمد بْن إسماعيل الجوهريّ. قَالَ الخطيب: وما علمت بِهِ بأسًا. "حرف العين": 370- عَبْد الله بْن أَبِي عَبْد الله الحسين العلويّ الواسطيّ2. أبو محمد المقرئ. قرأ بالرويات على: أبي بكر النقاش. وتصدر للقراء مدّة. قرأ عَليْهِ: أبو عليّ غلام الهرّاس، وغيره. توفي بعد الأربعمائة. وأبوه: 371- الحسين بْن محمد3. عدْل نبيل، روى عَنْ: أَبِي الحَسَن بْن مبشّر الواسطيّ، والكبار. روى عَنْهُ: أبو الحَسَن بْن مَخْلَد، وغيره. 372- عَبْد الله بْن القاسم بْن سهل بْن جوهر4. الفقيه أبو الحَسَن المَوْصِليّ الصَّوّاف. سَمِعَ: خَيْثَمَة بْن سليمان، ومحمد بْن العبّاس صاحب الطعام، وعبد الله

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 129، 130". 2 سؤالات السلفي لخميس الحوزي "47، 62، 88". 3 انظر المصدر السابق. 4 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 205".

ابن عليّ العُمري، وهارون بْن عيسى البلديّ، وإبراهيم بن أحمد الرقي، وجماعة. وعنه: أبو نصر بْن طَوْق، وأحمد بْن عُبيد الله بْن وَدْعان، وعليّ بْن أحمد الطُّوسيّ، ومحمد بْن صَدَقَة بْن حسين المَواصِلة، وعُبيد الله بْن أحمد الرَّقَّيّ، وأبو طاهر أحمد بْن محمد الخفّاف، وغيرهم. 373- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن سَعِيد1. أبو محمد الدّمشقيّ البزاز. روى عن: خَيْثَمَة، وابن حَذْلَم، وأبي يعقوب الأذرعيّ. وعنه: عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحِنَّائيّ، ورشأ بْن نظيف، وأبو علي الأهوازيّ. وكان موصوفًا بالصّلاح. 374- عَبْد الله بْن أحمد بْن الحَسَن. أبو أحمد المِهْرَجانيّ العدْل. روى عَنْ: محمد بْن يعقوب بْن الأخرم، وأبي بَكْر محمد بْن جعفر المُزكي وغيرهما. وعنه: البَيْهَقيّ. 375- عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن. أَبُو القاسم الأصبهاني التاجر. ثم الرازي. سمع: أبا الحاتم محمد ابن عيسى الوسْقَنْديّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقيّ. لقيه بالرَّيّ. 376- عَبْد الصّمد بْن زهير بْن هارون بن أبي جرادة العُقلي الحلبي. سمع بمكة من أبي سعيد الأعرابيّ. وعاش دهرًا. أدركه أبو نصر السجْزيّ بحلب. 377- عُمر بْن الحَسَن بْن دُرستويه2. أبو القاسم الإمام. روى عن: خَيْثَمَة بْن سليمان. وعنه: عليّ الحِنَّائيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ. 378- عُمَر بْن محمد بْن محمد بْن دَاوُد. أبو سَعِيد السجِسْتانيّ. روى "صحيح مُسْلِم" عَنْ أبي أحمد الجُلودي. وحدَّث بْن بمكة سنة ثلاثٍ وأربعمائة، فسمعَهُ منه أبو القاسم حاتم بْن محمد الطّرابُلُسيّ المغربيّ، ورواه عنه. 379- علي بن موسى بن إبراهيم بن حزب الله3. أبو الحسن الأندلسي. سكن سرقسطة، وروى عَنْ أحمد بْن خَلَف المديوني. وحجَّ فأخذ عَنْ: عليّ بْن عثمان القرافي، وغيره.

_ 1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 22". 2 المصدر السابق "3/ 378". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 412".

وكان صالحًا مُجاب الدَّعوة، ممتنعًا من الرواية غير النَّزْر اليسير لكونه مُشتغلًا بالعبادة. قَالَ بعضهم: لم أَلْقَ مثله في الزُهد والتّبتُّل. روى عَنْهُ: أبو عَمْرو الدّانيّ، والصّاحبان، وأبو حفص بْن كُريب. 380- عليّ بْن عَبْد الرحيم بْن غَيْلان1. أبو العلاء السُّوسيّ النَّحْويّ الخزّاز. حدَّث بواسط عَنْ: الحسين بْن إسماعيل المُحاربي. روى عَنْهُ: أبو نصر السجْزيّ، وأبو نُعيم محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز المعدّل الواسطيّ. "حرف الكاف": 381- كامل بْن أحمد بن محمد2. أبو جعفر العزائمي الحافظ المستمليّ. حدَّث بنَيْسابور عَنْ الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الحسين بْن الفَرَج البلْخيّ، سَمِعَ منه بهَرَاة عَنْ محمد بْن خُشنام، ومحمد بْن عليّ الصّنْعانيّ صاحب عبد الرزاق. روى عنه: أبو نصر السجزي، وأبو بكر البيهقي، ومحمد بن يحيى المُزكي. وقد ذكره عبد الغافر فقال: حافظ، عارف بالنحو، حسن الخط، بارع في الرواية، حسن القراءة. استملي على المشايخ مدة وكان مكثرا. سمع من مشايخ العراق، والحجاز، وخُراسان. وحدث عَنْ: أَبِي عليّ الرّفّاء، وأبي عليّ محمد بن جعفر الكرابيسي، ومحمد بن صبيح الجوهري، وأبي عبد الله العصمي، وأبي بكر القفال الشاشي، والقاضي أبي بكر الأبهري. وكان ثقة صحيح الرواية. اتفق أنّ المحدثين هجروه واتَّهموه بأنّه أخفي جملةً من سماع المشايخ مغايظةً لهم. وقد حدث في سنة خمسٍ وأربعمائة. قلتُ: وفي هذه السنة قدِم نَيْسابور وحدَّث بها.

_ 1 معجم الأدباء "14/ 10" "4". 2 بغية الوعاة "2/ 266" "1948".

382- كامل بْن أَحْمَد بْن محمد بْن سُلَيْمَان. أبو الحَسَن الْبُخَارِيّ. عَنْ: أَبِي نصر حَمْدَوَيْه، وأبي بَكْر بْن سعد الزّاهد، وجماعة. "حرف الميم": 383- محمد بْن عَبْد الصَّمد بْن لاوى الأطْرَابُلُسيّ1. روى عَنْ: خَيْثَمَة. روى عَنْهُ: محمد بن علي الصوري، وعبد الرحيم بن أحمد الْبُخَارِيّ. 384- محمد بْن عيسى. أبو بَكْر البُسْتيّ، الفقيه المعروف بابن رُويع. إمام جليل. رحل إلى المشرق ودخل الأندلس، وولاه المظفّر بْن أَبِي عامر قضاء سبْته ونواحي المغرب. قتله علي بن حمود بعد الأربعمائة. 385- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن منصور. أبو بكر النوقاني. حدث بنُوقان عَنْ: أَبِي العبّاس الأصمّ. وعنه: البَيْهَقيّ، وغيره. 386- محمد بن زكريا2. أبو عبد الله بن الإفليلي القُرطبي. سمع من: قاسم بْن أصبغ، وأبي عيسى الليثي، وأبي بكر بن الأحمر القرشي. وعنه: ابنه أبو القاسم، وابن عبد البر. 387- محمد بن أحمد بن حيوة3. أبو عبد الله القُرطبي. روى عن: قاسم بن أصبغ، ومنذر بْن سَعِيد. روى عَنْهُ: أبو عُمَر ابن سُميق وابن عَبْد البَرّ وجماعة. 388- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن يحيى بْن موسى بْن سَعْيه، بياء آخر الحروف. المحدث أبو منصور الخبيري الأصبهاني الطبيب. روى عَنْ: أَبِي محمد بْن فارس، وأبي أحمد العسال، والجعابي، وأبي إسحاق بن حمزة، والطبَرانيّ. وعنه: أحمد بْن الفضل الباطرقانيّ، ومحمد بن علي الجوزداني، وأبو القاسم وأبو عَمْرو ابنا الحافظ ابن مَنْدَهْ. قَالَ يحيى بن منده: هو صاحب الكُتب الصحاح، كثير الكتاب، واسع الرواية متعصب لأهل العلم.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 114". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 492" "1064". 3 انظر السابق "2/ 500" "1087".

389- مُحَمَّد بْن علي بْن محمد. أبو نصر النَّيْسابوريّ الفقيه. سَمِعَ: أبا العبّاس الأصمّ، وغيره. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البيهقي. 390- محمد بن محمد بن بكر الهزاني البصري. سمع من: عمه أبي رَوْق أحمد بْن محمد. روى عَنْهُ: أبو نصر عُبَيْد الله السجْزيّ، لقيه بالبصرة وكنّاه: أبا عَمْرو. 391- محمد بْن يعقوب بْن حَمَّوَيْه. أبو بَكْر السجِستاني الوزير. سَمِعَ بِبستُ من: أبي الفضل محمد بن أحمد ابن الغوث الأزديّ. حدَّث عَنْ الهيثم بْن سهل التُّسْتَريّ. أَخَذَ عَنْهُ بسجستان: الحافظ أبي نصر السجزي. 392- محمد بْن إسماعيل بْن أحمد بْن العنبْر. أبو عُمَر العنْبريّ. روى عَنْ: أَبِي العباس الأصم. سمع منه بسجستان: أبو نصر السجْزيّ. وروى أيضًا عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بن علي طرخان البلديّ. 393- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن محمد بْن المغيرة بْن المهلَّب. أبو بَكْر العُكلي اليوانيّ الإصبهانيّ، الزاهد العابد. عَنْ: ابن فارس، وأحمد بْن جعفر بْن مَعْبَد، والعسّال، وفاروق الخطّابيّ، وابن كوثر البَرْبَهاريّ، وطبقتهم. وله رحلة واسعة. مولده سنة عشرٍ وثلاثمائة. ومات بعد الأربعمائة. 394- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن حَمْدَوَيْه. أبو بَكْر الطُّوسيّ، المعروف بالمطّوّعيّ. قِدم همدان سنة خمسٍ وأربعمائة، وحدَّث عَنْ: أَبِي العبّاس الأصمّ. روى عَنْهُ شيوخ همدان: أبو الفضل بْن بَوغةً، ومحمد بْن الحسين الصُّوفيّ، وأبو الفتح محمد بْن الفضل الكوكبيّ الدهْقان. وأبو الفتح عَبْدُوس بْن عَبْد الله. قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ صدوقًا. قلت: وقع لي حديثه عاليا. 395- محمد بْن الهيْصم1. أبو عَبْد الله، شيخ الكرَّاميّة، وعالمهم في وقته بخُراسان. وهو الّذي ناظر الإمام أبا بَكْر بْن فُورك، بحضرة السّلطان محمود بْن سُبُكتكين. وليس للكرّاميّة مثلهُ في معرفة الكلام والنظر، فهو في زمانه رأس طائفته

_ 1 الوافي بالوفيات "5/ 171".

وأخْبَرهم وأخبثهم، كما أن القاضي عَبْد الجبّار في هذا العصر: رأس المعتزلة، وأبا إِسْحَاق الإسفرايينيّ، رأس الأشعريّة. والشيخ المفيد: رأس الرّافضة. وأبا الحَسَن الحمّاميّ: رأس القرّاء. وأبا عَبْد الرَّحْمَن السُلمي: رأس الصُّوفيّة، وأبا عُمَر بْن درّاج، رأس الشُّعَراء، والسَّلطان محمود: رأس الملوك، والحافظ عَبْد الغنيّ الأزْديّ: رأس المحدّثين، وابن هلال: رأس الموجودين. 396- محمد بن يحيى بن سُراقة1. أبو حسن العامريّ البصْريّ، الفقيه الشّافعيّ الفَرَضيّ المحدَّث. صاحب التّصانيف في الفقه والفرائض "وأسماء الضّعفاء والمجروحين". أقام بآمد مدة، وكان حيًا سنة أربعمائة. أخذ عَنْ أَبِي الفتح كتابه في "الضّعفاء"، ثمّ نقّحه، وراجع فيه الدارقُطني. ورحل في الحديث. وروى عَنْهُ: ابن داسة، وابن عبّاد، والهجيميّ. ورحل إلى فارس، وإصبهان، والديَنَور. وله مصنَّف حسن في الشهادات. "حرف الياء": 397- يوسف بْن خَلَف بْن سُفيان2. أبو عُمَر الغسّانيّ البجّانيّ المؤدب. سَمِعَ من: أحمد بْن سَعِيد، ومَسْلَمة بْن قاسم. وكان يؤمّ بمسجده، ويلقّن ويَنْسَخ. روى عَنْهُ: أبو عَبْد الله الخَوْلانيّ. توفي بعد الأربعمائة. وروى عنه: قاسم، وهاشم ابنا هلال. 398- يحيى بْن نجاح3. أبو الحسين. مؤلّف كتاب "سُبُل الخيرات". كَانَ في هذا العصر بمكّة فيما أحسب، أو بمصر. روى عَنْهُ: عَبْد الله بْن سَعِيد بْن لبّال، وعمر بن سهل اللخمي، وغيرهما.

_ 1 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 86"، والأعلام "8/ 5". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 674، 675". 3 النجوم الزاهرة "4/ 276"، وهدية العارفين "2/ 518".

الطبقة الثانية والأربعون

الطبقة الثانية والأربعون أحداث سنة إحدى عشرة وأربعمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم "الطبقة الثانية والأربعون": "أحداث سنة إحدى عشر وأربعمائة": "فَقْد الحاكم بأمر الله": في شوّال فُقِد الحاكم صاحب مصر، وكان يواصل الركوب وتتصدَّى لَهُ العامَّة فيقف عليهم ويسمع منهم. وكان الخلْق في ضنكٍ من العَيْش معه. وكانوا يدسُّون إليه الرُقاع المختومة بالدُّعاء عَليْهِ والسّبّ لَهُ ولأسْلافه، حتى أنهم عملوا تمثال امرَأَة مِن كاغِدٍ بِخُفّ وإزار ثمّ نصبوها لَهُ. وفي يديها قصّة. فأمر بأخْذها مِن يدها، ففتحها فرأى فيها العظائم، فقال: أنظروا مِن هذه. فإذا هي تمثالٌ مصنوع. فتقدَّم بطلب الأمراء والعُرفاء فحضروا، فأمرهم بالمصير إلى مصر وضرْبها بالنّار ونَهْبها وقتْل أهلها. فتوجّهوا لذلك فقاتل المصريّون عَنْ أنفسهم بحسب ما أمكنهم. ولحق النَّهْبُ والحريق الأطراف والنّواحي الّتي لم يكن لأهلها قوّة على امتناعٍ ولا قُدرة على الدفاع. واستمرَّت الحرب بين العبيد والرّعيّة ثلاثة أيام، وهو يركب ويشاهد النّار، ويسمع الصّياح. فيسأل عَنْ ذَلِكَ، فيقال لَهُ العبيد يحرقون مصر. فيتوجَّعُ ويقول: مِن أمرهم بهذا؟ لعنهُم الله. قلتُ: بل لعنةُ الله عَلَى الكافر. فلمّا كان اليوم الثّالث اجتمع الأشراف والشّيوخ إلى الجامع ورفعوا المصاحف، وعجّ الخَلْقُ بالبكاء والاستغاثة بالله. فرحمهم الأتراك وتقاطروا إليهم وقاتلوا معهم. وأرسلوا إلى الحاكم يقولون لَهُ: نَحْنُ عبيدك ومماليكك، وهذه النار في بلدك وفيه حُرمنا أولادنا، وما عِلمْنا أنّ أهله جَنَوْا جنايةً تقتضي هذا. فإنْ كَانَ باطنٌ لا نعرفه عرّفْنا بِهِ، وانتظر حتّى نُخرج عيالنا وأموالنا، وإن كَانَ ما عَليْهِ هَؤلَاءِ العبيد مخالفًا لرايك أَطْلِقْنا في معاملتهم بما نُعامل بِهِ المفسدين. فأجابهم: إنّي ما أردتُ ذَلِكَ ولا أذِنْت فيه، وقد أذِنْت لكم في الإيقاع بهم. وأرسَل العبيد سرّا بأن كونوا عَلَى أمركم، وقواهم بالسلاح.

فاقتتلوا، وعادوا الرّسالة: إنّا قد عرفنا غرضك، وإنّه إهلاكُ البلد. ولوّحوا بأنّهم يقصدون القاهرة. فلمّا رآهم مستظهرين، ركب حِمارهُ ووقفَ بين الفريقين، وأومأ إلى العبيد بالانصراف. وسكنت الفتنة. وكان قدْر ما أُحرق مِن مصر ثُلثها، ونُهب نصفُها. وتَتَبَّع المصريون مِن أسر الزَّوجات والبنات، فاشتروهنَّ مِن العبيد بعد أن زَنَوْا بهنَّ، حتّى قَتَل جماعةٌ أنفسهنَّ مِن العار. ثمّ زاد ظُلم الحاكم، وعَنَّ لَهُ أن يَدَّعي الرُّبوبيّة، كما فعل فرعون، فصار قومٌ مِن الجُهال إذا رأوه يقولون: يا واحد يا أحد، يا مُحيي يا مُميت. وكان قد أسلم جماعةٌ من اليهود، فكانوا يقولون: إنما نريد أن نعاود ديننا، فيأذَن لهم. وأوحش أختَه بمراسلاتٍ قبيحة، وأنّها ترتكب الزّنا. فراسلت ابن دوّاس الأمير، وكان متخوفًا مِن الحاكم. ثمّ جاءت إِليْهِ فقّبل الأرض بين يديها، فقالت: قد جئتك في أمرٍ أحرسُ نفسي ونفسك. قَالَ: أَنَا خادمك. فقالت: أنت ونحن عَلَى خطرٍ عظيم مِن هذا. وقد أنضاف إلى ذَلِكَ ما تظاهر بِهِ وهتك الناموس الّذي أقامه آباؤنا، وزاد جنونه وحَمَل نفسه على ما لا يصبر المسلمون عَلَى مثله. وأنا خائفة أن يثور النّاس علينا فيقتلوه ويقتلونا، فتنقضي هذه الدّولة أقبح انقضاء. قَالَ: صدقتِ فِي الرأي. قالت: تحلف لي وأحلف لك عَلَى الكتْمان. فتحالفا عَلَى: قتله وإقامة ولده مكانه، وتكون أنت مدبر دولته. قَالَتْ: فاختْر لي عَبْدين تثق بهما عَلَى سَرَّك وتعتمد عليهما. فأحضر عبدين موصوفين بالأمانه والشهامة. فحلَّفَتْهما ووهبتهما ألف دينار، ووقَّعت لهما بإقطاع، وقالت: اصعدوا إلى الجبل فاكمنا لَهُ، فإنّ غدا يصعد الحاكم إليه وليس معه إلا الرّكابيّ وصبيّ، وينفردُ بنفسه. فإذا جاء فاقتلاه مَعَ الصبي. وأعطتهما سكّينتين مغربيّتين. وكان الحاكم ينظر في النّجوم. فنظر مولده، وكان قد حُكم عَليْهِ بقطعٍ في هذا الوقت، وأنه متى تجاوزه عاش نّيفًا وثمانين سنة. فأحضر أُمَّهَ وقال: عليّ في هذه الليلة قطعٌ. وكأنّي بكِ قد هتِكت وهلكتِ مَعَ أختي، فتسلّمي هذا المفتاح، فلي في هذه الخزانة صناديق تشتمل على ثلاثمائة ألف دينار، فحوليها إلى قصرك لتكون ذخيرةً لك. فبكت وقالت: إذا كنتَ تتصوَّر هذا فَدَعْ ركوبك اللّيلة. فقال: أفعلُ.

وكان في رَسْمه أنّه يطوف كلّ ليلةٍ حول القصر في ألف رَجُل، ففعل ذَلِكَ ثمّ نام. فانتبه الثُلث الأخير وقال: إنّ لم أركب وأتفرَّج خرجت نفسي. فركب وصعِد الجبَل ومعه صبيّ. فخرج العبدان فصرَعاه وقطعا يديه وشقّا جوفَه وحملاه في كِساء إلى ابن دَوّاس، وقتلا الصَّبيّ. فحمله ابن دَوّاس إلى أخته فدفنته في مجلسٍ لها سرّا، وأحضرت الوزير واستكتمته واستحلفتْه عَلَى الطّاعة، وأن يكاتب وليَّ العهد عَبْد الرّحيم بْن إلياس العُبيدي ليُبادر، وكان بدمشق. وأنفذت إلى أميرٍ يقيم في الطّريق فإذا أوصل وليّ العهد قبض عَليْهِ وعدلَ بِهِ إلى تِنيس. وكتبت إلى عامل تِنّيس عَنْ الحاكم أن يحمل إِليْهِ ما قد تحصّل عنده وكان ألف ألف دينار وألَفْي دِرهم. وفُقِد الحاكم، فماجوا في اليوم الثّالث وقصدوا الجبل، فلم يقفوا لَهُ عَلَى أثرٍ، فعادوا إلى أخته فسألوها عَنْهُ فقالت: قد كَانَ راسلني قبل ركوبه، وأعلمني أنّه يغيب سبعة أيام. فانصرفوا مطمئنين. ورتّبت رِكابية يمضون ويعودون كأنهم يقصدون موضعه، ويقولون لكّل مِن سألهم: فارقناه في الموضع الفُلاني، وهو عائدٌ في يوم كذا. "تدبير أخت الحاكم لقتل ابن دوّاس": ولم تزل الأخت في هذه الأيّام تدعو وجوه القُواد تستحلفهم وتُعطيهم. ثمّ ألبست أبا الحَسَن عليّ بْن الحاكم أفخر الثّياب وأحضرت ابن دوّاس وقالت: المعمول في القيام بهذه الدّولة عليك، وهذا ولدك. فقبّل الأرض. وأخرجت الصّبيّ ولقّبته بالظّاهر لإعزاز دين الله، وألبسته تاج المُعز، جدّها، وأقامت المأتم عَلَى الحاكم ثلاثة أيام. وهذَّبت الأمور، وخلعت عَلَى ابن دوّاس خِلعًا كثيرة، وبالغت في رفْع منزلته، وجلس معظَّمًا. فلمّا ارتفع النهار خرج تسنيم صاحبُ السّرّ والسيفُ مَعه ومعه مائة رَجُل كانوا يختصّون بركاب السّلطان ويحفظونه، يعنى سِلحدارية1، فسُلموا إلى ابن دواس يكنون بحكمه. وتقدمت إلى نسيم أن يضبط أبواب القصر، ففعل. وقالت لَهُ: أخرج بين يدي ابن دوَّاس فقُل: يا عبيدُ مولانا، الظاهرُ أمير المؤمنين يَقُولُ لكم: هذا قاتلُ مولانا الحاكم، واعلُهْ بالسَّيف. ففعل ذلك.

_ 1 السلحدارية: يعني بهم حراس السلطان.

ثمّ قتلت جماعةً ممّن أطّلع عَلَى سرّها فعظُمت هيبتها. وقيل: إنّ اسمها "ستّ المُلك". توفيت سنة أربع عشرة. "وزارة ابن سهلان والقبض عَليْهِ": وفيها: انحدر سلطان الدّولة إلى واسط، وخَلَع عَلَى أَبِي محمد بْن سهلان الوزير، وأمره أن يضرب الطَّبْل في أوقات الصّلوات. ثمّ قبض عَليْهِ وسَمَله. "الغلاء في العراق": وفيها: كَانَ الغلاء بالعراق، واشتدّت المجاعة وأُكِلت الكلاب والبِغال، وعظُم الخَطْب. "هلاك وليّ العهد الحاكم بأمر الله": وفيها: كَانَ هلاك عَبْد الرّحيم وليّ عهد الحاكم، ذكرت أخباره وترجمته. وقد عمل شاعرٌ في مصادرته لأهل دمشق هذه القصيدة: تقضّي أوانُ الحرب والطعنِ والضربِ ... وجاء أوانُ الوَزْن والصَّفْع والضَّرْب. وأضحت دمشقُ في مُصابٍ وأهلُها ... لهم خبرٌ قد سار في الشَّرق والغَربْ. حريقٌ وجوعٌ دائمٌ ومَذَلَّة ... وخوفٌ فقد حُق البُكاء مَعَ النَّدْبِ. وأضْحَتْ تِلالًا قد تمحت رسُومها ... كبعض ديار الكُر بالخسف والقلبِ في أبيات. "رواية ابن القلانسي عَنْ هلاك وليّ العهد": قَالَ أبو يَعْلَى حمزة في تاريخه: عاد عَبْد الرّحيم وليّ العهد إلى دمشق في رجب، فتعجّب النّاس من اختلاف أراء الحاكم. فلم يلبث أن وصل ابن دَاوُد المغربيّ على نجيبٍ مُسرعٍ ومعه جماعة، يوم عَرَفة "مِن سنة إحدى عشرة"، بِسِجِلّ إلى وليّ العهد المذكور. ودخلوا عَليْهِ القصر، وجرى بينهم كلامٌ طويل، ثمّ إنهم أخرجوه وضربوه. وأصبح الناسُ يوم الأضحي لم يصلُّوا صلاة العيد لا في المُصلى ولا في الجامع. وسار بِهِ أولئك إلى مصر.

"ولاية أبي المطاع ابن حمدان دمشق": ثمّ وصل عَلَى إمرة دمشق ثانيا أبو المطاع بن حمدان، وكان سائسًا أدبيًا شاعرًا، فَوَلي مدّة شهرين. "ولاية سختِكين دمشق": ثمّ عُزِلَ بشهاب الدّولة سُختكين، فَوَلي عامين، وأعيد ابن حمدان1.

_ 1 انظر: المختصر في أخبار البشر "2/ 151"، وتاريخ ابن خلدون "4/ 61"، والنجوم الزاهرة "4/ 184 - 192"، ونهاية الأرب "26/ 247"، والعبر "3/ 104".

أحداث سنة اثنتي عشرة وأربعمائة

"أحداث سنة اثنتي عشرة وأربعمائة": "اعتراض العرب البدو لقافلة الحجّاج": لم يحجّ العراقّيون في العامين الماضيَيْن، وقصد طائفة يمين الدّولة محمود بْن سُبُكْتكين وقالوا: أنت سلطان الإسلام، وأعظم ملوك الأرض، وفي كلّ سنة تفتتح مِن بلاد الكُفر ناحيةً، والثّواب في فتح طريق الحجّ أعظم. وقد كان بدر بْن حَسْنَوَيْه، وما في أمرائك إلا مِن هُوَ أكبر منه، يسير الحاجّ بماله وتدبيره عشرين سنة. فانظر الله واهتم بهذا الأمر. فتقد إلى قاضيه أَبِي محمد النّاصحيّ بالتّأهُّب للحجّ، ونادى في أعمال خُراسان بالتأهب للحج. وأطلق العرب في البادية ثلاثين ألف دينار سلّمها إلى النّاصحيّ، غير مال الصّدقات. فحجّ بالنّاس أبو الحَسَن الأقساسيّ، فلمّا بلغوا فَيْد حاصرتهم العرب، فبذل لهم النّاصحيّ خمسة آلاف دينار، فلم يقنعوا وصمّموا عَلَى أخذ الرَّكْب. وكان رأسهم جماز بن عُدي قد انضم إليه ألفا رجلٍ مِن بني نَبهان، وكان جبّارًا. فركب فرسه وعليه درع وبيده رُمح. وجال جولةً يُرهبُ بها. وكان من السَّمَرْقَنْديّين غلام يُعرف بابن عفّان، فرماه بنَبْلة وقعت في قلبه فسقط ميتًا، وهرب جَمْعُه وعاد الرَّكْبُ سالمين.

"وزارة الرُّخجي": وفيها: قُلد الوزارة أبو الحَسَن الرُّخجي ولُقب "مؤيَّد المُلك". "القبض عَلَى أَبِي القاسم ابن المغربي الوزير": وقبض قِرْواش بْن المقلد على أبي القاسم بن المغربيّ الوزير. "وثوب الإدريسي عَلَى عمّه بالأندلس": وفيها: توثب يحيى بن علي الإدريس بالأندلس عَلَى عمّه المأمون، فهرب منه، ثمّ جمع الجيوش وأقبل1.

_ 1 انظر: المنتظم "7/ 292 - 302"، والكامل في التاريخ "9/ 312 - 329"، والبداية والنهاية "12/ 9 - 11"، وتاريخ حلب "324، 325"، والنجوم الزاهرة "4/ 180 - 192"، وشذرات الذهب "3/ 189 - 197".

أحداث سنة ثلاث عشرة وأربعمائة

"أحداث سنة ثلاث عشرة وأربعمائة": "ضرْب الحجر الأسود وكسْره": فيها: عمد بعض المصرييّن إلى الحجر الأسود فضَربه بدبوسٍ1 كسر منه قِطَعًا. فقتله الحُجاج، وثار أهلُ مكّة بالمصرييّن فنهبوهم وقتلوا منهم جماعة. ثمّ ركب أبو الفتح الحَسَن بْن جعفر، صاحب مكّة فأطفأ الفتنة، وردّهم عَنْ المصرييّن. قَالَ هلال بْن المحسَّن: قِيلَ إنّ الضّارب بالدّبّوس ممّن استغواهم الحاكم وأفسد أديانهم. وقيل: كَانَ ذَلِكَ في سنة أربع عشرة. "قَتْل ضارب الحجر الأسود": وقال: أُبَيٌ النَّرْسيّ، أَنَا أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن علي بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ، قَالَ في سنة ثلاث عشرة: لما صُليت الجمعة يوم النَّفْر الأوّل، ولم يكن رجع الحاجُّ

_ 1 الدبوس: وهو عمود على شكل هراوة مدملكة الرأس. و -: قضيب من معدن على هيئة المسمار الصغير "ج" دبابيس.

بعدُ من منى قام رجلٌ فقصد فضربه ثلاث ضربات بدبّوس وقال: إلى مَتَى يُعبد الحجر ولا محمد ولا عليّ؟ فيمنعني محمد ممّا أفعله، فإنيّ أهدم اليوم هذا البيت. فاتّقاه أكثر الحاضرين وكاد يُفلت. وكان أحمر أشقر تامّ القامة جسيمًا، وكان عَلَى باب المسجد عشرةٌ مِن الفُرسان عَلَى أن ينصروه، فاحتسب رجلٌ فَوَجَأه بخِنْجر وتكاثر عَليْهِ النّاس فقُتل وأُحرق، وقُتل جماعة ممّن أُّتهم بمعاونته ومُصاحبته، وأُحرقوا بالنّار. وبانت الفتنة، فكان الظّاهر من القتلى أكثر مِن عشرين رجلًا غير ما أُخفي، وألحقوا في ذَلِكَ اليوم عَلَى المصرييّن بالنَّهْب والسَّلْب. وفي ثاني يوم ماج النّاس واضطّربوا. وقيل: إنه أُخذ من أصحاب أربعةٌ اعترفوا بأنّهم مائة بايعوا عَلَى ذَلِكَ. فضُربت أعناق الأربعة. "تشقّق الحجر الأسود": وتخشّن وجه الحجر مِن تِلْكَ الَّضربات، وتساقطت منه شظايا مثل الأظفار، وتشقّق وخرج مكسَّره أسمر يضرب إلى صُفرة محببًّا مثل الخَشْخاش. فأقام الحجرُ عَلَى ذَلِكَ يومين، ثمّ إنّ بني شَيْبة جمعوا الفُتات وعجنوه بالمِسْك واللّكّ وحَشَوا الشقُوق وطَلَوْها بطلاءٍ مِن ذَلِكَ. فهو يتبيَّن لمن تأمله، وهو عَلَى حاله إلى اليوم1. "استيلاء المأمون عَلَى قُرْطُبَة": وفيها زحف المأمون قاسم بْن محمود الإدريسي في الجيوش، وحارب ابن أخيه يحيى بْن عليّ، فهُزم يحيى واستولى المأمون عَلَى قُرطبة. ثمّ اضطّرب أمره بعد شهور. وجَرَت للمأمون أمور ذُكرت في ترجمته سنة إحدى وثلاثين.

_

أحداث سنة أربع عشرة وأربعمائة

"أحداث سنة أربع عشرة وأربعمائة": "مسير السلطان مشرّف الدّولة إلى بغداد": سار السلطان مشرف مُصعدًا إلى بغداد مِن ناحية واسط، ورُوسل القادر بالله في البروز لِتَلَقّيه، فتلقّاه مِن الزّلاقة1. ولم يكن تَلَقَّى أحدًا مِن الملوك قبله. فركب في الطّيّار، وعن جانبه الأيْمَن الأمير أبو جعفر، وعن يَساره الأمير أبو القاسم، وبين يديه أَبُو الْحَسَن علي بْن عَبْد الْعَزِيز، وحوالي القُبة الشريف أَبُو القاسم المرتضي، وأبو الحَسَن الزَّيْنبيّ، وقاضي القُضاة ابن أبي الشّوارب، وفي الزّبازب المُسودة مِن العبّاسييّن، والقُضاة، والقُرَّاء، والعلماء. ونزل مشرّف الدّولة في زَبْزَبه بخَوَاصه، وصعد إلى الطّيّار، فقبَّل الأرض وأجلس عَلَى كُرسي، وسأله الخليفة عَنْ خبره وكيف حاله، والعسكر واقفٌ بأسره عَلَى شاطئ دِجلة، والعامّة في الجانبين. ثمّ قام مشُرف الدّولة فنزل إلى زَبْزَبه. وأصعَدَ الطّيّار. "توغّل يمين الدّولة في بلاد الهند": وفيها: وَرَدَ كتابُ يمين الدولة محمود بن سُبُكتكين إلى القادر يذكر أنّه أوغل في بلاد الهند حتّى جاء إلى قلعةٍ فيها ستّمائة صنم. وقال: أتيتُ قلعةً لَيْسَ لها في الدّنيا نظير، وما الظّنُّ بقلعة تَسَعُ خمسمائة فيْل، وعشرين ألف دابّة، وتقوم لهؤلاء بالعُلُوفة. وأعان الله حتّى طلبوا الأمان، فأمّنتُ مِلكَهم وأقْررتُه عَلَى ولايته بخراج ضُرب عَليْهِ، وأنفذ هدايا كثيرة وفيَلَة. ومن ذَلِكَ طائر عَلَى شكْل القُمري إذا حضر عَلَى الخِوان وكان فيه شيءٌ مسموم دمعتْ عينُهُ وجرى منها ماء وتحجّر، ويُحك فيُطْلَى بما تحلّل مِن دمعه المتحجر الجراحات الكبار فيلحمها، فقُبلت هديته. وانقلب العبدُ بنعمةٍ مِن الله وفضل. قلتُ: وهذه وقعة ياردين، وهي مِن الملاحم الكِبار، بلغت راية الإسلام في الهند إلى مكان لم تبلغْه قطّ. ووُجد في بيت بذّ عظيم حجر منقوش، دلّت كتابته عَلَى أنّه مَبْنيُّ من أربعين ألف سنة. فقضى السّلطان والناسُ من جهلِ القوم عجبًا. إذا بعضُ أهل الشّريعة يقولون إنّ مدَّة الدّنيا سبعة آلاف سنة. وعاد السّلطان بتلك الغنائم حتّى كَاد عدد الأرقّاء يزيد عَلَى عدد الدهماء. ونزلت قيمهم حنى اقتناهم أرباب المهن الخاملة.

_ 1 والزلاقة: الموضع لا تثبت عليه القدم و -: جهاز ثابت يجلس عليه الصبي فينزلق من أعلى إلى أسفل.

"وزارة أَبِي القاسم المغربي": وفيها: استوزر مؤيَّد المُلْك أبا القاسم المغربيّ الوزير. "حج الأقساسيّ بالعراقيين": وحجّ بالعراقييّن أبو الحَسَن محمد بْن الحَسَن الأقساسيّ، وعاد عَلَى درْب الشّام لفساد الدّرْب العراقيّ، فأكرمهم والى الرملة ونفَّذ لهم الظّاهر مِن مصر ذَهَبًا وخِلَعًا، فقبِل ذَلِكَ أميرُ الرّكْب. وساروا إلى بغداد، فتألّم القادر وهَمَّ بالأقساسيّ، وسبّ صاحب مصر وطعن في نَسَبهم، وقال: إنما أصلهم يهود. ثمّ أُحرِقت الخلع بباب النوبي1.

_ 1 راجع: البداية والنهاية "12/ 16"، والنجوم الزاهرة "4/ 251"، والمنتظم "8/ 13".

أحداث سنة خمس عشرة وأربعمائة

"أحداث سنة خمسٍ عشرة وأربعمائة": "إحراق خِلع صاحب مصر": فيها: حجّ بالعراقييّن أبو الحسن الأقساسيّ، ومعه حَسْنَك صاحب محمود بْن سُبُكْتكين، فنفّذ إِليْهِ الظاهر صاحب مصر خِلعًا وصلةً فقبِلَها، ثمّ خاف ولم يدخل بغداد. فكاتب الخليفةُ محمودًا بما فعل حَسْنَك، فنفذ مَعَ رسوله الخِلَع المصريّة، فأُحرِقت عَلَى باب النُّوبي. "وزارة الجرجرائيّ": وفيها: ولى وزارة مصر للظّاهر: نجيبُ الدّين عليُّ بْن أحمد بْن الْجَرْجرائي. "موت ستّ المُلْك": وماتت "ستُّ المُلْك"، أخت الحاكم الّتي قتلت الحاكم. "وفاة سلطان الدّولة": وفيها: تُوُفّي سلطان الدّولة أبو شجاع ابن عضد الدولة بن بوبه بشيراز، وكانت مدّة ولايته اثني عشر عامًا وأشْهُرًا، وولى صبيّا ومات عَنْ ثلاثٍ وعشرين سنةٍ.

"هَلاك الحجّاج العراقيّين بعَقَبة واقصة" 1: وفيها: هلك عدد كثير بعَقَبة واقصَة مِن الحُجّاج العراقيّين، عطّلت عليهم الأعْراب المياه والقُلُب ليأخذوا الرَّكْب. وتُسمّى "سنة القرعاءُ". فروى أبو عليّ البرداني الحافظ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: عاد الرَّكب وليس لهم ماء، فهلكوا جميعًا بعقبة واقصة2.

_ 1 واقصة: منزل في طريق مكة بعد القرعاء نحو مكة. وقبل العقبة لبني شهاب من طيء، ويقال لها: واقصة الحزون، وهو دون زبالة بمرحلتين. "معجم البلدان 4/ 325"، "5/ 354". 2 انظر: المنتظم "8/ 8 - 16"، والبداية والنهاية "12 - 13 - 17"، والعبر "3/ 110، 111".

أحداث سنة ستة عشرة وأربعمائة

أحداث سنة ستة عشرة وأربعمائة ... "أحداث سنة ست عشرة وأربعمائة": "انتشار العيّارين ببغداد":. فيها: انتشرت العيّارون ببغداد، وخرقوا الهَيْبَة، وواصلوا العَمْلات والقتْل. "وفاة السلطان مشرّف الدّولة": وفي ربيع الأوّل تُوُفّي مشرّف الدّولة السّلطان، ونُهبت خزائنه. وهو مشرّف الدولة بْن بهاء الدولة بْن عضد الدولة بن بُوَيْه الدَّيْلَميّ. "سلطنة جلال الدّولة أَبِي طاهر": واستقرّ الأمر عَلَى تولية جلال الدّولة أَبِي طاهر، فخُطب لَهُ عَلَى المنابر، وهو بالبصرة. "وزارة ابن ماكولا": فخلع عَلَى شرف المُلْك أَبِي سعْد بْن ماكولا وزيره، ولقّبه "عَلَم الدّين، سعْد الدّولة، أمين المِلَّة، شرف المُلْك". وهو أوّل مِن لُقَّب بالألقاب الكثيرة. قلتُ: ولعلّه أول مِن لُقَّب باسمٍ مضافٍ إلى الدين. "ميل الْجُنْد إلى سلطنة أَبِي كاليجار": ثمّ إنّ الْجُنْد عدلوا إلى المُلْك أَبِي كاليجار ونوّهوا باسمه، وكان وليّ عصر أَبِيهِ

سلطان الدّولة الّذي استخلفه بهاء الدّولة عليهم فخُطب لهذا ببغداد، وكُوتب جلال الدّولة بِذَلِك، فأصعد مِن واسط. "رسالة ابن سُبُكْتكين إلى القادر بالله": وكان قد نفّذ صاحبُ مصر إلى محمود بْن سُبُكْتكين حاجبه مَعَ أَبِي العبّاس أحمد بْن محمد الرّشيديّ الملقّب بزيْن القُضاة. فجلس القادر بالله بعد أن أحضر القُضاة والأعيان، وحضر أبو العبّاس الرّشيديّ وأحضر ما كَانَ حمله صاحب مصر، وأديّ رسالة محمود بْن سُبُكْتكين بأنّه الخادم المخلص الّذي يرى الطّاعة فَرْضًا، ويبرأ مِن كلّ مِن يخالف الدعوة العبّاسية. فلمّا كَانَ بعد اليوم أُحرقت تِلْكَ الخِلَع الّتي مِن صاحب مصر كما ذكرنا وسُبِك مركب فضّة أهداه، فكان أربعة آلاف وخمسمائة وستين درهمًا، فتصّدق بِهِ عَلَى ضُعَفاء الهاشميّين. "تفاقم أمر العيّارين في بغداد": وتفاقم أمرُ العيّارين، وأخذوا النّاسَ جَهَارًا، وفي اللّيل بالمشاعل والشّمْع. كانوا يدخلون عَلَى الرّجل فيطالبونه بذخائره ويعذّبونه. وزاد البلاء، وأُحرِقت دار الشّريف المرتضى. وغَلَت الأسعار. "امتناع الحجّ مِن العراق": ولم يَحُجَّ أحدٌ مِن العراق. "كثرة الفتن في الأندلس": وكانت الأندلس كثيرة الحروب والفِتَن عَلَى الملك في هذا الزمان، وهم فرق1.

_ 1 انظر المنتظم "8/ 21"، والبداية والنهاية "12/ 18"، والكامل في التاريخ "9/ 349"، والعبر "3/ 121".

أحداث سنة سبع عشرة وأربعمائة

"أحداث سنة سبع عشرة وأربعمائة": "انتهاء الكرْخ وإحراقها": فيها: ورد الإسْفَهْسِلاريّة إلى بغداد، فراسلوا العيّارين بالانصراف عَنْ البلد، فما فكّروا فيهم، وخرجوا إلى خِيَم الإسْفَهْسِلاريّة وصاحوا وشتموهم وتحاربوا، ولبس الْجُنْد مِن العنق السّلاح، وضربوا الدّبادب، وهجموا عَلَى أهل الكَرْخ، وأحرقوا مِن الدّقّاقين إلى النّحّاسين، ونُهب الكَرْخ، وأخِذ شيءٌ كثير مِن القطيعة ودرب أَبِي خَلَف، وأشرف النّاس على خطةٍ صعبةٍ. وكان ما نهبه الغَوْغَاء أكثر ممّا نهبته الأتراك. ومضى المرتضى إلى دار الخلافة، فجاء الإسْفَهْسِلاريّة وسألوا التَّقدُّم إليه بالرجوع. فخلع عَليْهِ وتقدّم إليه بالعَوْد. ثمّ حُفظت المَحَالّ واشتدّت المصادرات، وقُرّر عَلَى أهل الكَرْخ مائةُ ألف دينار. "شهادة الصّيْمري عند ابن أَبِي الشوارب": وفيها: شهِد الحسين بْن عليّ الصَّيْمريّ عند قاضي القُضاة ابن أَبِي الشّوارب، بعد أن استتابه ممّا ذكر عَنْهُ مِن الاعتزال. "تجمد دجلة": وجاء برد شديد، جلّدت أطراف دجلة. وأمّا السّواقي والمجاري فكانت تجمد كلّها. "انقضاض كوكب": وانقضّ كوكب عظيم الضوء، كَانَ لَهُ دَوِيّ كَدَويّ. الرّعْد. "اعتقال الوزير ابن ماكولا": واعتقل جلالُ الدّولة وزيره أبا سعْد بْن ماكولا, واستوزر ابن عمّه أبا عليّ بْن ماكولا. "امتناع حاجّ العراق": ولم يحج ركب العراق. "وفاة ابن أبي الشوارب": وتوفي قاضي القضاة ابن أبي الشوارب.

أحداث سنة ثمان عشرة وأربعمائة

"أحداث سنة ثمان عشرة وأربعمائة": "وقوع البَرَد في البلاد": في ربيع الأوّل جاء بردٌ بقُطربل والنُّعْمانّية قتل كثيرًا مِن الغَنَم والوحْش. قِيلَ: كَانَ في البَرَدة رِطْلان وأكثر. وجاء بعده بأيّام بَرَد ببغداد كقدر البَيْض وأكبر. وجاء كتابٌ من واسط بأنّه وقع بردٌ في الواحد منه أرطال، فهلكت الغلات، وأمْحلت البلاد. "إعادة الخطبة لجلال الدّولة": وفيها: قصد الإسْفَهْسِلاريّة والغلْمان دار القادر بالله إنّك مالك الأمور، وقد كنّا عند وفاة المُلْك مشرّف الدّولة اخترنا جلال الدّولة ظنًا منّا أنّه ينظر في الأمور، فأغفلَنَا، فَعَدلْنا إلى المُلْك أَبِي كاليجار ظنًا منّا أنّه يحقق وعدنا بِهِ، فكنّا عَلَى أقبح مِن الحالة الأولى. ولا بُد مِن تدبير أمورنا. فخرج الجواب بأنّكم أبناء دولتنا، وأوّل ما نأمركم أن تكون كلمتكم واحدة. وقد وَقَع عقد لأبي كاليجار لا يحسُن حلّة، ولبني بُويه في رِقابنا عُهود لا نعدل عَنْهَا. فَدَعُونا حتّى نكاتب أبا كاليجار ونعرف ما عنده. وكتب إليك إنّك إنّ لم تدارك الأمر خرج عَنْ اليد. ثمّ أل الأمر إلى أن عاودوا وسألوا إقامة الأمر لجلال الدّولة أَبِي الطاهر، فأُعيدت الخطبة لَهُ. "كتاب سُبُكْتكين إلى الخليفة عَنْ الصّنم بالهند": وكتب محمود بْن سُبكتكين إلى الخليفة كتابًا فيه ما فتحه مِن بلاد الهند وكسره الصَّنَم المشهور بسومنات. وإنّ أصناف الهند افتتنوا بهذا الصَّنم، وكانوا يأتونه من كل

فج عميق، فيتقربون إليه بالأموال. ورتُب له ألف رجل للخدمة وثلاثمائة يحلقون رؤوس حجيجه، وثلاثمائة يغنّون عَلَى باب الصَّنم. ولقد كَانَ العبْد يتمنى قلْعَ هذا الصّنم، ويتعرّف الأحوال، فتوصف لَهُ المفاوز إليه وقلّة الماء وكثرة الرّمال. فاستخار العبدُ الله في الانتداب لهذا الواجب طلبًا للأجر، ونهض في شَعْبان سنة ستّ عشرة في ثلاثين ألف فارس سوى المطّوّعة، ففرّق في المطّوّعة خمسين ألف دينار معونةً، وقَضَى الله بالوصول إلى بلد الصّنم، وأعان حتى ملك البلد، وقُلِع الوثن، وأوقدت عَليْهِ النّار حتّى تقطّع. وقُتل خمسون ألفًا مِن أهل البلد. "الأمر بضرب الطبل في أوقات الصلوات": وفي رمضان قِدم السّلطان جلال الدّولة بعد أن خرج القادر بالله لِتَلَقيه، واجتمعا في دِجلة. ثمّ نزل في دار السّلطنة، وأمر أن يُضرب لَهُ الطَّبْل في أوقات الصّلوات الثّلاثة. وعلى ذَلِكَ جرت الحال في أيّام عضُد الدّولة وصمصامها وشرفها وبهائها. فثُقل هذا الفِعْل عَلَى القادر بالله وأرسل إِليْهِ يكلّمه. فاحتجّ جلالُ الدّولة بما فعله سلطان الدّولة، فقيل: كَانَ ذَلِكَ عَلَى غير أصل ولا إذنٍ، ولم تجر العادة بمماثلة الخليفة في هذا الأمر. وتردّد الأمرُ إلى أن قطع الملك ضرب الطبل بالواحدة. فأذن الخليفة ضرب الطبلِ في أوقات الصّلوات الخمس. "البَرَد والجليد في العراق": وكان في هذه السنة بردٌ وجليد شديد بالعراق حتّى جمدَ الخلُّ وأوابل الدّوابّ. "امتناع الحاجّ مِن بغداد": ولم يحجّ أحدٌ من بغداد1.

_ 1 انظر: المنتظم "8/ 21 - 29"، ومرآة الجنان "3/ 29"، والبداية والنهاية "12/ 18 - 24"، والعبر "3/ 121 - 124".

أحداث سنة تسع عشرة وأربعمائة

"احداث سنة تسع عشرة وأربعمائة": "احتجاج الغلمان والإسْفَهْسِلاريّة عَلَى جلال الدّولة": في المحَّرم اجتمع الغلمان وأكابر الإسْفَهْسِلاريّة وتحالفوا عَلَى اتفّاق الكلمة، وبرَّزوا الخِيم. ثمّ أنفذوا إلى الخليفة يقولون: نَحْنُ عُبَيْد أمير المؤمنين، وهذا المِلك متوفرٌ عَلَى لَذّاته لا يقوم بأمورنا، ونريد أن تأمره أن يصير إلى البصرة ويُنفذ ولده نائبًا له. فأجيبوا. فأنفذ السلطان أبا الحسن الزيني، وأبا القاسم المرتضى برسالةٍ فاعتذر. فقالوا: تُعجل ما وعدنا بِهِ. فأخرج مِن المصاغ والفضّة أكثر مِن مائة ألف درهم، فلم تُرضهم. ثمّ بكّروا فنهبوا دار الوزير أَبِي عليّ بْن ماكولا، وعظُمت الفتنة وزالت الهيبة، ونهبوا بعض العوامّ، ووكّلوا جماعةً بدار السّلطنة ومنعوا مِن دخول الطّعام والماء. فضاق الأمرُ عَلَى مِن فيها حتّى أكلوا ما في البُستان وشربوا ما في الآبار. فخرج جلال الدّولة، ودعا الموكَّلين بالأبواب، فلم يجيبوه، فكتب ورقة: إنّي راجعٌ عَنْ كلّ ما أنكرتموه. فقالوا: لو أعطيتنا مال بغداد لم تصلُح لنا. فقال: أكَرِهْتُموني، فمكّنِوني مِن الانحدار. فابتيع لَهُ زبزب شِعث، فقال: يكون نزولي بالليل. قَالُوا: لا، بل السّاعة. والغلمان يَرَوْنَه فلا يسلّمون عَليْهِ. ثمّ حَمَل قوم مِن الغلمان إلى السُرادق، فظنّ أنّهم يريدون الحُرم، فخرج من الدار وفي يده طِبر. فقال: قد بلغ الأمر إِلَى الحُرم؟ فقال بعضهم: ارجْع إلى دارك فأنت مَلِكُنا. وصاحوا: "جلال الدولة يا منصور". وترجلوا فقلبوا الأرض، فأخرج المصاغ والفَرْش والآلات الكثيرة فأبيعت، ولم تفِ بمقصودهم. فاجتمعوا إلى الوزير ابن ماكولا، وهمّوا بقتله، فقال: لا ذَنْب لي. "موت ملك إقليم كَرْمان": ومات فيها ملك إقليم كَرْمان قوام الدولة بْن بهاء الدولة بْن عضُد الدولة، فأخذ كَرْمان بعده ابن أخيه أبو كاليجار.

انعدام الرُطب ببغداد: وعُدم الرُطب ببغداد إلى أن أبيع ثلاثة أرطال بدينار جلاليّ. امتناع الحاجّ مِن العراق: ولم يحج أحدٌ مِن العراق. ولاية الدّزبري دمشق: وفيها: ولى دمشق للعُبيديين أمير الجيوش الدّزْبَريّ، وكان شجاعًا شهمًا سائسًا منصِفًا، واسمه أبو منصور أنُوشتكين التّركيّ، له ترجمة طويلة في سنة 433.

أحداث سنة عشرين وأربعمائة

"أحداث سنة عشرين وأربعمائة": "وقوع البَرَد بالنعمانّية": فيها: وقع بَرَدٌ كبار بالنُّعْمانية، في البَرَدَة أرطال. وجاءت ريح عظيمة قلعت الأصول والزّيتون العاتية، وكثيرًا مِن النّخْل. ووُجدت بَرَدَة عظيمة يزيد وزنها عَلَى مائة رطل، وقد نزلت في الأرض نحوًا من ذراع. "كتاب سُبكتكين إلى القادر بالله": وفيها: ورد كتاب محمود بْن سُبُكْتكين، وهو: "سلامٌ عَلَى سيّدنا ومولانا الإمام القادر بالله أمير المؤمنين، إنّ كتاب العبد صادر عَنْ معسكره بظاهر الرَّيّ غُرة جُمادى الآخرة. وقد أزال الله عن هذه البقع أيدي الظّلَمة، وطهَّرها مِن أيدي الباطنيّة الكَفَرة. وقد تناهَتْ إلى الحضرة حقيقة الحال فيما قصَر العبدُ عَليْهِ سعْيَه واجتهاده غزْو أهل الكُفْر والضّلال، وقمع مِن نبغ بخُراسان مِن الفئة الباطنيّة. وكانت الرّيّ مخصوصة بالتجائهم إليها، وإعلانهم بالدّعاء إلى كُفْرهم فيها، يختلطون بالمعتزلة والرّافضة، ويتجاهرون بشتم الصّحابة، ويُسرون الكُفْرَ ومذهبَ الإباحة. وكان زعيمهم رستم بْن عليّ الدَّيْلَميّ. فعطف العبدُ بالعساكر فطلع بجُرجان، وتوقّف بها إلى انصراف الشّتاء. ثمّ سار إلى دامغان، ووجّه غالبَ الحاجب في مقدّمة العسكر،

فبرز رستم عَلَى حُكم الاستسلام والاضطّرار، فقبض عليه وعلى رؤوس الباطنيّة مِن قُواده، وخرج الدَّيالمة معترفين بذنوبهم، شاهدين بالكُفر والرَّفْض عَلَى نفوسهم، فرُجع إلى الفقهاء في تعرُّف أحوالهم، فأفْتوا بأنّهم خارجون عَنْ الطّاعة، داخلون في أهل الفساد، يجب عليهم القتل والقطع والنفي على مراتب جنايتهم إن لم يكونوا مِن أهل الإلحاد. فكيف واعتقادهم لا يخلوا مِن التَّشَيُّع والرَّفْض والباطن. وذكر هَؤلَاءِ الفقهاء أن أكثر هؤلاء القوم يُصلّون ولا يُزّكون، ولا يعترفون بشرائط الدّين، ويجاهرون بالقذف وشتم الصحابة. والأمثل منهم معتقدٌ مذهب الاعتزال، والباطنيّة منهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر. وحكموا - يعني الفقهاء - بأنّ رستم بن عليّ في حباله خمسون امرَأَة مِن الحرائر، وَلَدْنَ لَهُ ثلاثةً وثلاثين نفْسًا. وحوّل رَأَيْته إلى خُرسان، فانضم إليه أعيان المعتزلة والرّافضة. ثمّ نظر فيما احتجبه رستم، فعثر مِن الجواهر عَلَى ما قيمته خمسمائة ألف دينار. ثمّ ذكر أشياء مِن الذَّهب والسُّتُور والفَرْش، إلى أن قَالَ: فَخَلَت هذه البُقْعة مِن دُعاة الباطنّية وأعيان الرّوافض، وانتصرت السُنة، فطالع العبدُ بحقيقة ما يسّره الله تعالى لنصر الدولة القاهرة. "انفضاض كوكب": وفي رجب انقضّ كوكبٌ عظيم أضاءت لَهُ الأرض، وكان لَهُ دَويٌ كدويّ الرّعد. "اضطراب الأمر في بغداد": وفي شَعبان اضّطرب أمرُ بغداد وكثُرت العَمْلات. وكبس العيّارون المَحَالّ. "غَوْر الماء في الفرات": وأيضًا غارَ الماء في الفُرات غَوْرًا شديدًا، وبلغ أجرة طحن الكارة الدّقيق دينارا. "قراءة كتاب القادر بالله بتفضيل السُنة": وفيه جُمع العلماء والقُضاة في دار الخلافة، وقُرِئ عليهم كتابٌ طويل عمله القادر بالله يتضمَّن الوعظ وتفضيل مذهب السُنة، والطّعن على المعتزلة. وفيه أخبار كثيرة في ذَلِكَ.

"قراءة كتابٍ ثانٍ": وفي رمضان جُمعوا أيضًا وقرأ عليهم أبو الحسن بْن حاجب النُعمان كتابًا طويلًا عمله القادر بالله، فيه أخبار وفاة النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفيه ردٌ عَلَى مِن يَقُولُ بخلْق القرآن، وحكاية ما جرى بين عَبْد العزيز وبِشْر المَرِيسيّ، ثمّ ختمه بالوعظ والأمر بالمعروف والنَّهي عَنْ المنُكْر. "قراءة كتاب ثالث": وفي ذي القعدة جُمعوا لكتابٍ ثالث في فضل أَبِي بَكْر، وعمر، وسب مِن يَقُولُ بخلْق القرآن، وأُعيد فيه ما جرى بين عَبْد العزيز وبِشْر المَرِيسيّ. وأقام النّاس إلى بعد العَتْمة حتّى فرغ، ثمّ أخذ خطوطهم بحضورهم وسماع ما سمعوه. "خطبة الشيعيّ بجامع براثا 1 ": وكان يخطب بجامع براثا شيعيَّ فيُظهر شِعارهم. فتقَّدم إلى أَبِي منصور بْن تمّام الخطيب ليخطب ببراثا ويُظهر السُّنَّة. فخطب وقصَّر عمّا كَانَ يفعله مِن قَبْله في ذِكْر عليّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَرَموه بالآجُر، فنزل ووقف المشايخ دونه حَتَّى أسرع فِي الصلاة. فتألم الخليفة وغاظه ذلك، وطلب الشريف المرتضى، وأبا الحَسَن الزَّيْنبيّ وأمر بمكاتبة السلطان والوزير أَبِي عليّ بْن ماكولا. "كتاب الخليفة إلى السلطان عَنْ خطبة الشيعي": وكان فيما كتب: "إذا بلغ الأمر أطال الله بقاءه صاحب الجيش إلى الجرأة عَلَى الدّين وسياسة الدّولة والمملكة، ثَّبتها الله، مِن الرُّعاع والأَوْباش فلا صبر دون المبالغة بما توجبه الحِمية، وقد بلغه ما جرى في يوم الجمعة الماضية في مسجد براثا الّذي يجمع الكفرة والزّنادقة، ومن قد تبرّأ الله منه فصار أشبه شيءٍ بمسجد الضرار. وذلك أن خطيبًا كان فيه يجري إلى ما يخرج بِهِ عند الزَّنْدقة والدّعوى لعليّ بْن أَبِي طَالِب عَليْهِ السلام بما لو كَانَ حيا لقد قابله. وقد فعل ذَلِكَ في الغُواة أمثال هَؤلَاءِ الغُثاء الّذين يدعون الله ما تكاد السموات ينفطرون منه. فإنه كَانَ في بعض ما يورده هذا الخطيب

_ 1 راجع معجم البلدان "1/ 362، 363".

قبحه الله يَقُولُ بعد الصّلاة عَلَى الرَّسُول: وعلى أخيه أمير المؤمنين عليّ بْن أَبِي طَالِب، مكلم الْجُمْجمة، ومُحي الأموات البشريّ الإلهيّ، مكلَّم أصحاب الكهف، إلى غير ذَلِكَ مِن الغُلو، فأنفذ الخطيب أبو تمّام، فأقام الخطبة، فجاءه الآجر كالمطر، فخُلع كتفه، وكسر كتفه، وأدمى وجهه، وأسيط دمه، لولا أربعة مِن الأتراك فاجتهدوا وحموه وإلا كَانَ هلك. وهذه هَجْمة عَلَى دين الله وفْتك في شريعة رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والضرورة ماسّه إلى الانتقام" "امتناع الخطبة في جامع براثا": ونزل عَلَى الخطيب ثلاثون بالمشاعل، فانتهبوا داره وأغروا حريمه، فخاف الوزير والأمراء مِن فتنةٍ تتولّد، فلم يخطب أحد ببراثا في الجمعة الآتية. "ازدياد تعدّيات العيّارين": وكثُرت العَمْلات والكَبْسات، وزاد الأمر، وفُتحت الدّكاكين، وعمّ البلاء. "تقليد ابن ماكولا قضاء القُضاة": وفي ذي القعدة قُلد قضاء القُضاة أبو عَبْد الله الحسين بْن ماكولا. "اعتذار الشيعة عَنْ سُفهائهم": ثمّ أُقيمت الجمعة في جامع براثا بعد أشهُر، واعتذر رؤساء الشّيعة عَنْ سُفهائهم إلى الخليفة، وعُملت للخطيب نسخة يعتمدها، وأعفاهم الخطيب مِن دقّ المنبر بعقِب سيفه. فإنّ الشّيعة تُنكر ذَلِكَ، وهو منكر. "مقتل جماعة مِن العيّارين": وفي ذي الحجّة ورد أبو يَعْلَى المَوْصِليّ وجماعة مِن العَيّارين كانوا بأوانًا وعُكبرا، فقتلوا خمسة مِن الرّجّالة وأصحاب المصالح، وظهروا مِن الغد بالكَرْخ في أيديهم السّيوف، وأظهروا أنّ كمال الدّولة أبا سنان بعثهم لحفِظ البلد وخدمة السلطان، فثار بهم أهل الكَرْخ وظفروا بهم فصُلبوا.

"مقتل صالح بْن مرداس صاحب حلب": وفيها: جهّز صاحب مصر جيشًا لقتال صالح بْن مرداس صاحب حلب، وكان مقدَّم الجيش نوشتكين الدزْبَرِيّ، وكانت الوقعة عَلَى نهر الأُرْدنّ، فقُتل صالح وابنه، وحُمل رأساهما إلى مصر، وأقام نصر بن صالح بحلب. والله أعلم1.

_ 1 انظر: المنتظم "8/ 36 - 40"، والكامل في التاريخ "9/ 370 - 393"، والبداية والنهاية "12/ 24 - 26"، وصحيح التوثيق "7/ 488".

وفيات الطبقة الثانية والأربعون

بسم الله الرحمن الرحيم وفيات "الطبقة الثانية والأربعون": "وفيات سنة إحدى عشرة وأربعمائة": "حرف الألف": 1- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد1. أبو بَكْر الشّيرازيّ الحافظ. وقد مرَّ سنة سبْع. 2- أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن جَعْفَر2. أبو بكر القاضي اليَزْديّ الإصبهاني. لَهُ مجلسٌ سمعناه، روى فيه عَنْ: الطبَرانيّ، وعبد اللَّه بْن جَعْفَر بْن فارس، وأَحْمَد بْن بُندار الشّعّار، والعسال. ورحل، فسمع بنيسابور وهراة وجُرجان والبصرة. ولحق إسماعيل بن بُجير، وأبا بكر الجِعابي، وجماعة. وتوفي في جُمادى الآخرة. قال يحيى بن منده: مقبول، ثقة. صاحب أُصول. روى عَنْهُ: محمد بن محمد المدني شيخ السلفيّ، وأبو القاسم بْن مَنْدَهْ. وعليّ بْن شجاع. 3- أحمد بن عليّ بْن أيّوب3. أبو الحسين، قاضي عُكبرا.

_ 1 شذرات الذهب "3/ 190"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1065، 1066". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 193". 3 تاريخ بغداد "4/ 322"، "2128".

وثقه الخطيب، وقال: سَمِعَ مِن: محمد بْن يحيى بن عمر الطائي، كتبُ عنه، وتوفي في مُسْتَهَلّ جُمَادَى الآخرة. ووُلِد سنة تسعٍ وعشرين. 4- أحمد بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز بْن محمد بْن إبراهيم ابن الخليفة الواثق بالله1. أبو الحسين الهاشمي البغداديّ، المعروف بابن الغريق. سَمِعَ مِن: جدّه، ومن أَبِي بَكْر النّجّاد، وأبي بَكْر الشّافعيّ. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان ثقة. 5- أحمد بْن محمد بْن إبراهيم. أبو عَبْد الله المطرفيّ2. روى عَنْ: عمّ أَبِيهِ أَبِي الحَسَن المطرفّي، وأبي بَكْر الإسماعيليّ. 6- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حَسْنُون3. أبو نصر النَّرْسِيّ البغداديّ. سَمِعَ: أبا جعفر بْن البَخْتَرِيّ، وعلي بْن إدريس السُّتُوريّ، وأبا عَمْرو بْن السّمّاك. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقًا صالحًا. مات في ذي القعدة. قلت: وروى عَنْهُ ابنه أبو الحسين محمد، وطراد الزَّيْنَبيّ، وجماعة، وعبد الواحد بْن عُلْوان. 7- أحمد بْن موسى بْن عَبْد الله4. أبو عَبْد الله الزّاهد العراقيّ، الفقيه الحنبليّ المعروف بالرّوشنائي. سَمِعَ: أبا بَكْر القَطِيَعيّ، وابن ماسيّ. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان عابدًا ناسكًا يُزار. صحِب ابن بُطة، وابن حامد. وصنَّف في الأصول. وتوفي في رجب. شيّعة خلائق، رحمه الله. 8- إبراهيم بْن محمد بْن إبراهيم بْن يوسف5. أبو إِسْحَاق الطُّوسيّ الفقيه. مِن كبار الشّافعيّة، ومُناظريهم. وله الثّروة والجاه الوافر. سَمِعَ: الأصم، وأبا الحَسَن الكارزيّ، وأبا الوليد الفقيه، والطّرائفي، وجماعة. وعنه: البَيْهَقيّ، ومحمد بْن يحيى. تُوُفّي في رجب. 9- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن نصْرُوَيْه بْن سختام6. أبو إبراهيم السَّمَرْقَنْديّ. روى عَنْهُ: أخوه عليّ، وغيره. وكان شيخ الحنفيّة وعالمهم في زمانه. حدث عن: أبي

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 294". 2 الأنساب "11/ 364". 3 تاريخ بغداد "4/ 371"، والعبر "3/ 104". 4 تاريخ بغداد "5/ 149". 5 طبقات الشافعية الكبرى "4/ 358" السبكي. 6 المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور "156، 157".

عَمْرو بْن صابر، وأبي إِسْحَاق إبراهيم بْن أحمد المستملي، ومحمد بْن أحمد بْن شاذان، وطائفة. "حرف الجيم": 10- جعفر بن أبي بكر المذكر المصري. ولد سنة تسعٍ وعشرين وثلاثمائة. وتوفي في شَعْبان. "حرف الحاء": "الحاكم"1: اسمه منصور بْن نزار، سيجيء. 11- الحَسَن بْن الحَسَن بْن عليّ بْن المنذر2. القاضي أبو القاسم البغداديّ. سمع: إسماعيل الصفار، ومحمد ابن البَخْتَرِيّ، وعثمان بْن السّمّاك، وجماعة كثيرة. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان صدوقًا ضابطًا، كثير الكتاب، حسن الفَهْم، حسن العلم بالفرائض. خَلَف القاضي أبا عَبْد الله الحسين الضَّبّيّ عَلَى القضاء، ثم ولي القضاء ميّافارقين عدّة سنين. ثمّ رجع إلى بغداد فأقام يحدَّث إلى أن مات في شَعْبان، وله ثمانون سنة. قلت روى عَنْهُ: أبو عَبْد الله بْن طَلْحَة النعَاليّ. 12- الحَسَن بْن عمران بن عبدوس بن يوسف. أبو النصر الفَسَويّ الأديب. تُوُفّي بهَرَاة. 13- الحسين بْن عُبَيْد الله بْن إبراهيم3. أبو عبد الله البغداديّ الغَضَائريّ، أحد شيوخ الشّيعة، كَانَ ذا زُهْد وورع وحَفْظ، ويقال: كَانَ مِن أحفظ الشّيعة لحديث أهل البيت. روى عَنْهُ: أبو جعفر الطَّوسيّ، وابن النَّجاشي. يروي عَنْ: الْجِعَابيّ، وسهل بْن أحمد الدّيباجيّ، وأبي المفضَّل محمد بْن عبد الله الشيباني.

_ 1 المنتظم "7/ 293، 300"، ووفيات الأعيان "5/ 292"، والبداية والنهاية "12/ 9 - 11". 2 تاريخ بغداد "7/ 304"، والعبر "3/ 106، 107". 3 ميزان الاعتدال "1/ 541"، أعيان الشيعة "26/ 351 - 360".

قَالَ الطُّوسيّ: كَانَ كثير السَّماع، خَدَم العِلْم وطَلَب العلم لله تعالى، وكان حُكُمُهُ أنْفَذ مِن حُكم الملوك. وقال ابن النّجاشيّ: لَهُ كُتُبٌ منها: "كتاب يوم الغَدِير"، كتاب "مواطئ أمير المؤمنين"، كتاب " الرَّدّ عَلَى الغُلاة"، وغير ذَلِكَ. تُوُفّي في منتصف صَفَر. "حرف العين": 14- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْن مسافر1. أبو القاسم الهمدانيّ الوَهْراني. المعروف بابن الخرّاز، مِن أهل بَجّانة. حجّ، وأخذ عَنْ: الحَسَن بْن رشيق، ومحمد بْن عُمَر بْن شَبُّويْه المَرْوزيّ، والقاضي أَبِي بَكْر محمد ابن صالح الأبهري، وتميم بن محمد القروي. كان رجلًا صالحًا منقبضًا، يتكسَّب بالتّجارة. تُوُفّي في ربيع الأوّل. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبو حفص الزَّهراويّ، وأبو عمر أحمد بْن محمد بْن الحذّاء، وحاتم بْن محمد، وأبو عُمَر بْن سُميق، وغيرهم. قَالَ رحمه الله: لمّا وصلت إلى مَرْو، فذكر حكايةً. وروى عَنْهُ: ابن حزْم أيضًا. وكان مولده في سنة ثمانٍ وثلاثين. وسمع بمَرْو مِن: ابن شبُّويه. وقد قرأ عَليْهِ ابن عَبْد البَرّ "موطأ ابن القاسم"، بروايته عَنْ تميم بْن محمد التّميميّ، عَنْ عيسى بْن مِسكين، عَنْ سُحنون، عَنْهُ. وقد روى " صحيح الْبُخَارِيّ". عَنْ إبراهيم بْن أحمد البلْخيّ المستملي. 15- عَبْد الرحيم بْن إلياس بْن أحمد بْن المهديّ العُبيدي2. الأمير أبو القاسم ابن عمّ الحاكم ووليّ عهده. لَهُ ترجمة في "تاريخ دمشق"، فمن أخباره أنّ الحاكم جعله وليّ عهده من بعده في سنة أربع وأربعمائة، وقُرئ التّقليد بذلك بدمشق. ثمّ إنّه قَدِم متوليًا دمشق في سنة عشرٍ وأربعمائة، فرخّص للنّاس فيما كَانَ الحاكم نهاهم عَنْهُ، وأظهر المُنكر والأغاني والخمور، فأحبّه أحداث البلد، ولكنْ أبغضه الأجنْاد لبُخله، وكاتبُوا فيه الحاكم وحذروا مِن خروجه. ووقع الشّرّ بين الْجُنْد والأحداث بسببه وازداد البلاء، ووقع الحرب بدمشق والنَّهْب والحريق إلى ان طُلب مِن مصر، فسار علي رأس عشرة أشهُر مِن ولايته، ثمّ رجع إليها بعد أربعة أشهر، وقد غلب

_ 1 الأنساب "12/ 297"، وجذوة المقتبس "275". 2 أمراء دمشق "51/ 67"، ورسائل الحكمة "189، 223".

على دمشق محمد بن أبي طال الجرّار، والتفًّ عَليْهِ الأحداث وحاربوا الْجُنْد وقهروهم. فراسَلَه وليّ العهد ولاطَفَه فلم يُطعه. فتوثّب الْجُنْدُ ليلة عَلَى محمد بْن أَبِي طَالِب وقبضوا عَليْهِ وطلبوه، ودخل وليّ العهد وتمكّن، فأخذ في مصادرة الرّعيّة وبالغ فأبغضوه فجاءهم الموت الحاكم وقيام ابنه الطّاهر. ثمّ جاء كتاب الطّاهر إلى الأمراء بالقبض علي وليّ العهد فقيّدوه، وسجن إلى أن مات. فقيل إنّه قتل نفسه بسكين في الحبْس. وقد جرت فتنةٌ يوم القبض عَليْهِ، وكان يوم عيد النَّحْر، فَلَمْ تُصَلَّ صلاةُ العيد، ولا خُطِب لأحدٍ البتّة. 16- عَبْد الغني بْن عَبْد العزيز الفأفاء المصريّ. السّائح. سَمِعَ مِن: عثمان بْن محمد السَّمَرْقَنْديّ. وتُوُفّي في رجب. 17- عَبْد القاهر بْن عبد العزيز بْن إبراهيم. أبو الحسين الأزديّ المقرئ الشّاهد، الصّائغ. قرأ عَلَى جماعة مِن أصحاب هارون الأخفش مِن أجلّهم محمد بْن النَّضْر بْن الأخرم. وقرأ أيضاُ عَلَى أحمد بن عثمان غلام السباك. سمع من: ابن حذلم، وعلي بن أبي يعقب. وادرك ابن جَوْصا، وغيره. وكان يُعرف أيضًا بالجوهري. روى عَنْهُ: علي الحِنَّائيّ، وعليّ بْن الخَضِر، والحسن بْن عليّ الّلبّاد، وعبد العزيز الكتّانيّ وقال: تُوُفّي فِي ذي الحجَّة. 18- عَلي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين1 بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن اللَّيْثُ. مِن وُلِد أُهْبان بْن أوْس، مكلّم الذَئب أبو القاسم الخُزاعي البلْخي. سَمِعَ مِن الهيثم بْن كليب الشاشي مُسنده، و"غريب الحديث " لابن قتيبة، و"شمائل النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- " للترْمِذيّ. وحدَّث عَنْ: أبيه، وعن: عَبْد الله بْن محمد بْن يعقوب البْخَاري الأستاذ، وعبد الله بْن محمد ابن علي بن طرخان البلخي، ومحمد

_ 1 شذرات الذهب "3/ 195"، والعبر "3/ 107".

ابن أحمد بن خَنْب، وأبي عَمْرو محمد بْن إِسْحَاق العُصفري، وأبي جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغداديّ، ومحمد بْن أحمد السُلمي، وغيرهم. وحدَّث ببلْخ، وبُخارى، وسَمَرْقَنْد، ونَسَف. وكان مولده في رجب سنة ست وعشرين وثلاثمائة. وتوفي ببُخارى في صَفَر. وكان أسند مِن بقي بما وراء النّهر. وآخر مِن حدَّث عَنْهُ: أَحْمَد بْن محمد بْن الخليليّ الدهْقان. 19- عُمَر بْن المحدث أَبِي عُمَر محمد بْن أحمد بْن سليمان بْن أيّوب1. العلامة النَّحْويّ أبو الحَسَن النُّوقاتي السجْزيّ الشّاعر. ونوقات: محلّة مِن سجستان. كَانَ أَبُوهُ أديبًا بارعًا علامة مصنّفًا. حمل عَنْهُ ولده هذا، وعثمان. نزل عُمَر ببغداد، وأخذ عَنْ: السيرافيّ، وأبي عليّ الفارسيّ، وأقرأ الأدب، وكتب المنسوب، ومدح عضد الدولة. وديوانه في مجلدين. روى عنه من شعر جماعة. وقصد ابن عباد ومدحه. وتوفي في ذي الحجة عَنْ سنّ عالية. "حرف الفاء": 20- الفضل بْن محمد بْن الحَسَن بْن إبراهيم2. أبو بَكْر الجُرجاني، سِبْط الإمام أَبِي بَكْر الإسماعيليّ. مات في جُمَادَى الأولى. روى عن: أحمد بن الحسن بن ماجه القَزْوينيّ، وابن عَدِيّ، وأبي بَكْر الإسماعيليّ، ونُعيم بْن عَبْد المُلْك. ولى قضاء جُرجان. "حرف الميم": 21- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله بن عَبْدُوَيْه. أبو بَكْر الإصبهانيّ القِفّال. تُوُفّي في صفر. 22- محمد بْن سهل بْن محمد بْن الحَسَن. أبو عُمَر الإصبهاني. في جُمَادَى الآخرة.

_ 1 معجم البلدان "5/ 311". 2 تاريخ جرجان "333" للسهمي.

23- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حَنَش. أبو سَعِيد الْجَوْزقيّ الهَرَويّ التّاجر. في شوّال. 24- محمد بْن يونس بن هاشم1. أبو بَكْر العَيْن زَرْبيّ المقرئ الإسكاف. روى عَنْ: أَبِي عُمَر بْن فَضَالة، وأبي بَكْر الرَّبَعيّ، وأحمد بْن عَمْرو الدارانيّ. وألف عدد الآي. وعنه: أبو علي الأهوازي، وعبد العزيز الكتاني، والحسين بن مبشر المقرئ. قال الكتاني: ثقة، مضى على سداد. توفي آخر السنة. 25- منصور الحاكم بأمر الله2. أبو علي، صاحب مصر بن العزيز نزار بْن المُعِزّ بالله العُبيدي. كَانَ جوادًا سمحًا، خبيثًا ماكرًا، رديء الاعتقاد، سفّاكًا للدّماء، قتل عددًا كثيرًا مِن كُبراء دولته صبْرًا. وكان عجيب السّيرة، يخترع كلَّ وقت أمورًا وأحكامًا يحمل الرّعيَّة عليها. فأمر بكتْب سَبّ الصّحابة عَلَى أبواب المساجد والشّوارع، وأمرَ العُمّال بالسّبّ في سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة. وأمر فيها بقتل الكلاب، فقُتلت عامّة الكلاب في مملكته. وبَطَّل الفُقاع، والمُلوخيا. ونهي عَنْ السّمك الّذي لا قِشْر لَهُ، وظفر بمن باع ذَلِكَ فقتلهم. ونهى في سنة اثنتين وأربعمائة عن بيع الرطب. ثم جمع منه شيئًا عظيمًا فأحرق الكُلّ، ومنع مِن بيع العِنَب، وأباد الكثير مِن الكُرُوم. وفيها: أمر النّصارى بأنْ يحملوا في أعناقهم الصُلبان، وأن يكون طول الصليب ذراعًا، ووزنه خمسة أرطال بالمصريّ. وأمر اليهود أن يحملوا في أعناقهم قَرَامي الخَشَبَ في زِنة الصُّلْبان، وأن يلبسوا العمائم السُّود ولا يَكْتَرُوا مِن مسلمٍ بهيمةً، وأن يدخلوا الحَمَّام بالصلبان. ثم أُفردت لهم حمامات.

_ 1 معجم البلدان "4/ 178"، وغاية النهاية "2/ 289". 2 المنتظم "7/ 293 - 300"، والروض المعطار "141، 450، 558"، وقد تقدمت قريبا مصادر ترجمته. 3 الفقاع: شيء من جنس المشروبات، وقيل: إنها المعروفة في بعض البلاد "بالبوظة"، وهو شراب تظهر له فقاعات.

وفي العام أمر بهدم الكنيسة المعروفة بقُمامة، وبهدْم جميع كنائس مصر، فأسلم طائفة منهم. ثمّ إنّه نهي عن تقبيل الأرض لَهُ، وعند الدعاء لَهُ في الخطْبة، وفي الكُتُب، وجعل عوض ذَلِكَ السّلام عَليْهِ. "إنكار ابن باديس عَلَى الحاكم بأمر الله": وقيل: إنّ ابن باديس أرسل يُنكر عَليْهِ أمورًا، فأراد استمالته، فأظهر التَّفَقُّه، وحمل في كُمه الدّفاتر، وطلب إِليْهِ فقيهين، وأمرهما بتدريس مذهب مالك في الجامع. ثمّ بدا لَهُ فقتلهما صبْرا. وأذن للنَّصارى الّذين أكرههم في الرّجوع إلى الشرك. وفي سنة أربعٍ وأربعمائة نفي المنجّمين مِن البلاد. ومنع النساء مِن الخروج في الطُّرُق ليلًا ونهارًا، ونهي عَنْ عمل الخفاف لهنّ. فلم يزلن ممنوعات سبْع سنين وسبعة أشهرٍ حتّى مات. ثمّ إنّه بعد مدة أمر ببناء ما كَانَ أمر بهدْمه مِن الكنائس، وارتدّ طائفةٌ ممّن أسلم منهم. وكان أَبُوهُ قد ابتدأ الجامع الكبير بالقاهرة، فتمّمه هُوَ. وكان عَلَى بنائه ونظره الحافظ عَبْد الغنيّ بْن سَعِيد. وكان الحاكم يفعل الشَّيءَ ونقيضه. خرج عَليْهِ أبو رَكْوة الوليد بْن هشام العثمانيّ الأُمويّ الأندلسيّ بنواحي بَرْقَة، فمال إِليْهِ خلقٌ عظيم، فجهّز الحاكم لحربه جيشًا، فانتصر عليهم أبو رَكْوَة ومَلَك. ثمّ تكاثروا عَليْهِ وأسروه. ويُقال: إنّه قُتل مِن أصحابه مقدار سبعين ألفًا. وحُمل إلى الحاكم فذبحه في سنة سبعٍ وتسعين. وكان مولد الحاكم في سنة خمسٍ وسبعين وثلاثمائة، وكان يُحب العُزلة، ويركب علي بهيمةٍ وحده في الأسواق، ويُقيم الحِسْبة بنفسه. وكَانَ خبيث الاعتقاد، مضطّرب العقل، يقال: إنّه أراد أن يدعي الإلهية، وشَرَع في ذَلِكَ، فكلّمه أعيان دولته وخوَّفوه بخروج النّاس كلّهم عَليْهِ، فانتهى.

واتّفق إنّه خرج ليلة في شوّال سنة إحدى عشرة مِن القصر إلى ظاهر القاهرة، فطاف ليلته كلَّها. ثمّ أصبح فتوجَّه إلى شرقي حُلوان ومه رِكابيّان، فردّ أحدهما مَعَ تسعةٍ مِن العرب السويديين، ثم أمر الآخر بالانصراف، فذكر هذا الركابي أنّه فارقه عند قبر القُضاعي والقَصَبَة، فكان آخر العهد بِهِ. وخرج النّاس عَلَى رَسْمهم يلتمسون رجوعَه، ومعهم دوابّ الموكب والجنائب، ففعلوا ذَلِكَ جمعةً. ثمّ خرج في ثاني يوم مِن ذي القعدة مظفّر صاحب المظلّة، ونسيم، وابن نشتكين، وطائفة، فبلغوا دير القُصير، ثمّ إنهم أمعنوا في الدّخول في الجبل، فبينا هُمْ كذلك إذْ أبصروا حمارَه الأشهب المدعو بالقمر، وقد ضُربت يداه فأثَّر فيهما الضربُ، وعليه سَرْجه ولجامه. فتعبوا أثَر الحمار، فإذا أثر راجلٍ خلفه وراجل قدّامه. فلم يزالوا يقصُّون الأثر حتّى انتهوا إلى البركة الّتي في شرق حُلوان، فنزل رجلٌ إليها، فوجد فيها ثيابه وهي سبْع جِباب، فُوجدت مزرَّدة لم تُحل أزرارها، وفيها آثار السّكاكين، فلم يشكّوا في قتله، مَعَ أنّ طائفةً مِن المتغالين في حُبه مِن الحمقى الحاكميّة يعتقدون حياته، وأنه لا بد أن يظهر، ويحلفون بغيبة الحاكم1. ويقال: إنّ أخته دَسَّتْ عَليْهِ مَن قتله لأمورٍ بدت منه كما تقدّم. وحُلوان: قرية نزهةٌ عَلَى خمسة أميال مِن مصر، كَانَ يسكنها عَبْد العزيز بن مروان، فوُلد له بها عُمَر رحمة الله. وقد مّر في الحوادث بعض أمره. "وفيات سنة اثنتي عشرة وأربعمائة": "حرف الألف": 26- أحمد بْن الحسين بْن جَعْفَر2: أبو الحَسَن المصريّ النُّحاليّ العطّار. سَمِعَ: أحمد بْن الحَسَن بْن عُتبة الرّازيّ، وغيره. قَالَ أبو إِسْحَاق الحبّال: تُوُفّي في حادي عشر شعبان.

_ 1 انظر الكامل في التاريخ "9/ 314 - 317"، والبداية والنهاية "12/ 10، 11"، وشذرات الذهب "3/ 193". 2 لم أقف على ترجمته.

ووُلِد في سنة سبعٍ وثلاثين في رمضانها. وما أُقدم عَليْهِ مِن شيوخي أحدًا في الثّقة، وجميع الخِصال الّتي اجتمعتْ فيه. 27- أحمد بن عبد الخالق بْن سُويد الأنصاريّ البغداديّ1: خال أَبِي محمد الخلال الحافظ. سَمِعَ مِن أَبِي بَكْر النّجّاد جزءًا. روى عَنْهُ: ابن أخيه ووثَّقه، وقال: كان حيًا في سنة عشرة وأربعمائة هذه. 28- أحمد بْن عُمَر بْن القاسم بْن بشْر2: أبو الحسين البغداديّ، عُرف بابن عُديسة. حدَّث عَنْ: عليّ السُّتُوريّ، وعثمان بْن السّمّاك. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة. وقيل لي: إنّه كَانَ يحفظ عَنْ الصَّفّار حديثًا. لم أسمع منه شيئًا. 29- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حفص بْن الخليل الأنصاري3: الحافظ أبو سعْد الهَرَويّ المالِينيّ الصُّوفيّ طاووس الفُقراء. سَمِعَ بخُراسان، والعراق، والشّام، ومصر، والنّواحي. وحدَّث عَنْ: محمد بْن عَبْد الله السليطي، وأبي أحمد بن عدي، وأبي عمر بن بُجير، وأبي الشيخ، وأبي بَكْر الإسماعيليّ، وعبد العزيز بْن هارون البصْري، وأبي بَكْر القَطِيَعيّ، والحسن بْن رشيق العسكريّ، ويوسف المَيَانِجِيّ، والفضل بْن جعفر المؤذّن، ومحمد بْن أحمد بْن عليّ بْن النُّعْمان الرّمليّ، وخلْق كثير. وكَتَبَ مِن الكُتُب الطوال ما لم يكن عنده غيره. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة متقنًا صالحًا. روى عَنْهُ: أبو حازم العَبْدويّ، والحافظ عَبْد الغنيّ، وتمّام الرّازيّ وهما أكبر منه، وأبو بكر البيهقي، وأبو نصر عبيد الله بن سَعِيد السجْزيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ، وأحمد بْن عبد الرَّحْمَن الذَّكْوانيّ، وأبو عَبْد الله القُضاعي، ومحمد بْن أحمد بْن شبيب الكاغديّ، وأبو الحسن الخِلعي، والحسين بْن طلحة النعَاليّ، وآخرون. قَالَ حمزة السَّهميّ في "تاريخ جُرجان": إنّ الماليني دخل جُرجان في سنة أربع وستين وثلاثمائة، ورحل رحلات كثيرة إلى إصبهان، وإلى العراق، والشام، ومصر،

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 269" "2013". 2 تاريخ بغداد "4/ 294" "2057". 3 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 443، 444"، والعبر "3/ 107"، والأعلام "1/ 211".

والحجاز، وخُرسان، وما وراء النَّهر. وماتَ بمصر في سنة تسعٍ وأربعمائة. قلتُ: وَهِمَ في وفاته. اخبرنا أبو الحسين اليُونيني: أَنَا أبو الفضل الهمْدانيّ، أَنَا السلفيّ، أَنَا المبارك بْن عَبْد الجبّار: سمعتُ عَبْد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ يَقُولُ: أخذت من أَبِي سعد المالينيّ أجرة النَّسْخ والمقابلة خمسين دينارًا في دفعةٍ واحدة. رواها أبو القاسم بْن عساكر في تاريخه، بالإجازة عَنْ السَّلَفيّ. وقال أبو إِسْحَاق الحبّال: تُوُفّي أبو سعْد المالينيّ يوم الثّلاثاء السّابع عشر مِن شوّال سنة اثنتى عشرة. وذكره ابن الصّلاح في "طبقات الشّافعيّة". 30- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي مُسْلِم1: أبو طاهر البغداديّ، أخو أبي أحمد الفرضي. سكن البصرة، وحدث عَنْ: عثمان بْن السّمّاك، والنجاد. قَالَ الخطيب: أدركته حيّا سنة اثنتى عشرة، وكان صدوقًا، لم يُقض لي السَّماع منه. وتأخرّ بعد ذَلِكَ مدّة. 31- أحمد بْن محمد بْن بَطّال بْن وهْب2: أبو القاسم التَّيْميّ اللورقيّ. رحل مَعَ أبيه، ولقى أبا بَكْر الآجُرّيّ. وكان معتنيا بالعلم، مشاورًا ببلده. 32- أحمد بْن محمد بْن مالك3: أبو الفضل الهَرَويّ: البزاز. رَجُل صالح. سَمِعَ: أبا عليّ الرّفّاء. وببغداد: أبا بحر محمد بْن كوثر. روى عنه: شيخ الإسلام. 33- أحمد بْن إِسْحَاق4: أبو سَعِيد الهَرَويّ المُلحي. تُوُفّي في ربيع الأوَّل. 34- أحمد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر5: أَبُو عَبْد الله المذكَّر. 35- إبراهيم بْن سَعِيد6: أبو إِسْحَاق الواسطيّ الرّفاعيّ المقرئ الضّرير. أخذ العربيّة عَنْ: أَبِي سَعِيد السيرافي. والقراءات عن جماعة. وحدث عن: عبد الغفار الحُضيني.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 372" "2244". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 32" "64". 3 لم أقف على ترجمة له فيما تحت يدي من مصادر. 4 انظر السابق. 5 انظر السابق. 6 غاية النهاية "1/ 15".

روى عَنْهُ: أبو غالب محمد بْن أحمد بْن سهل بْن بِشْران. وكان شيخ النّاس في القراءات والآدب. والرّفاعيّ: بالفاء. "حرف الحاء": 36- الحَسَن بْن الحُسين بْن رامين1: القاضي أبو محمد الإستْراباذيّ. نزل بغداد، وحدَّث عَنْ: خَلَف بن محمد الخيام، وبشر بن أحمد الإسفراييني، وعبد الله بْن عَدِي الحافظ، وأبي بَكْر القَطِيَعيّ، وإسماعيل بْن نُجيد، والقاضي يوسف بْن القاسم الميانجي. ورحل إلى خُرسان، والعراق، والشام في الصبا. وروى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، وعبد الواحد بْن عُلوان بْن عَقيل، وطاهر بْن أحمد الفارسيّ نزيل دمشق. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا فاضلًا صالحًا. وكان يفهم الكلام عَلَى مذهب الأشْعري، والفِقْه عَلَى مذهب الشّافعيّ. 37- الحَسَن بْن منصور2: الوزير ذو السّعادتين أبو غالب السَّيرافيّ. مولده سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. وتصرّف بالأهواز، وخرج إلى شيراز، وصحِب فَخْرَ المُلك فاستخلفه ببغداد. ثمّ توجّه إلى فارس للنّظر في الممالك بحضرة سلطان الدّولة بْن فناخسرُو، وخلف الوزير جعفر بْن محمد. فلمّا قبض السّلطان عَلَى جعفر ولاه الوزارة. وفي آخر أمره وقع خُلفٌ بين الجيش، فقتلوا أبا غالب في صفر. 38- الحسين بْن عُمَر بْن بُرهان3: أبو عَبْد الله البغداديّ الغزّال البزّاز. سَمِعَ: إسماعيل الصّفّار، وعليّ بْن إدريس الستُّوريّ، ومحمد بْن عَمْرو بْن البَخْتَرِيّ، وعثمان بْن السّمّاك. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان ثقة صالحًا. مات في ذي الحجّة. قلت: روى عَنْهُ: طِراد الزَّيْنَبيّ، وأبو بَكْر البَيْهَقيّ. 38- "مكرر" - الحسين بْن محمد بْن أحمد بْن الحارث: أبو عَبْد الله التّميميّ المؤدب. حَدَّثَنَا عَنْ عثمان بْن السّمّاك بأحاديثه. لم يكن بحُجة. قال أبو بكر الخطيب.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 300"، والبداية والنهاية "12/ 11". 2 البداية والنهاية "12/ 11"، والمنتظم "8/ 3". 3 انظر المصدر السابق.

"حرف السين": 39- سهل بْن محمد1: أبو بِشْر السجْزيّ. تُوُفّي بِسِجِسْتان. "حرف الصاد": 40- صاعد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي بْن حبيب: أبو سهل التّميميّ الأديب. تُوُفّي بهَرَاة في رجب. 41- صاعد بْن محمد بْن محمد بْن فَيّاض: أبو دُلَف الفَرَضيّ الهَرَويّ. "حرف العين": 42- عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن محمد2: أبو محمد الكلاعي الحمصي البزاز. والد عبد الرازق. روى عن: الحسين ابن خالوَيْه. وعنه: الكتّانيّ، والأهوازيّ. 43- عَبْد الله بْن سَعِيد الأزْديّ المصريّ: أبو القاسم، أخو الحافظ عَبْد الغنيّ. تُوُفّي يوم عاشوراء. عنده عَنْ: إسماعيل بْن الْجَراب، وغيره. 44- عَبْد الله بْن عبد الله بن زاذان القَزْوينيّ3: سَمِعَ مِن: أبي الحَسَن عليّ بْن إبراهيم القطّان، ومَيْسَرة بْن عليّ. وبالرَّيّ مِن: محمد بْن إبراهيم بْن يونس. وبالدينَوَر مِن: ابن السُني. وببغداد مِن: أَبِي بَكْر القَطِيَعيّ. وحدَّث. 45- عَبْد الله بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز4. أو أحمد الكرجي الأصبهاني السُكري. حدث عَنْ: عَبْد الله بْن فارس، وعبد الله بْن الحَسَن بْن بُندار المَدينيّ، ومحمد بن محمد بن عبد الله المقرئ. وعنه: عبد الرحمن بن منده، والقاسم بن الفضل الثقفي. توفي في رجب. ومولده سنة ثلاثين وثلاثمائة.

_ 1 لم أقف له على ترجمة فيما تحت يدي من مصادر. 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 368". 3 التدوين في أخبار قزوين "3/ 232، 233". 4 سير أعلام النبلاء "17/ 253".

46- عبد الجبار بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الجراح بن الجُنيد بن هشام بن المرزُبان1. أبو محمد الجراحي المرزُباني، راوي "جامع الترمذي"، عَنْ أَبِي العبّاس محمد بْن أَحْمَد بْن محبوب بْن فُضيل التّاجر. ولُد سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة بمَرْو. وسمع، وسكن هَرَاة. فروى عَنْهُ الكتاب خلقٌ من الهرويين، منهم: أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد الأَنْصَارِيُّ، وعبد الله بْن عطاء البغاوردانيّ، وعبد العزيز بْن محمد الترْياقيّ، وأحمد بْن عَبْد الصّمد الغُورجي، وأبو عامر محمود بْن القاسم الأزْديّ، ومحمد بْن محمد بْن العلائيّ، وآخرون. قِدم هراة سنة تسعٍ وأربعمائة. وقال مُؤْتَمَن بْن أحمد السّاجيّ: روى الحسين بن أحمد الصفار، عن أبي علي محمد بْن محمد بْن يحيى القرّاب، عَنْ أَبِي عيسى هذا الكتاب، فسمعه منه القاضي أبو منصور الأزدي ونُظراؤه، فسمعت أبا عمر الأزديّ يَقُولُ: سمعتُ جدّي أبا منصور محمد بْن محمد يَقُولُ: اسمعوا، قد سمعنا هذا الكتاب منذ سنين وأنتم تُساووننا فيه الآن. يعني لمّا سمعوا مِن الجرّاحيّ. قَالَ أبو سعد السمعاني: توفي سنة اثنتي عشرة وأربعمائة إنّ شاء الله. قَالَ: وهو صالح، ثقة. 47- عَبْد الرحيم بْن إلياس العُبيدي الأمير2. قِيلَ: إنّه هلك في هذه السنة. وقد مرّ سنة إحدى عشرة. 48- عبد الصّمد بْن الحَسَن بْن سلام البزّاز3. بغداديّ، صدوق. سَمِعَ: أحمد بن سلمان النجاد. وعنه: محمد ابن أحمد الأُشْنانيّ. 49- عُبيد الله بْن أحمد4. أبو القاسم الحربيّ القزّاز. سَمِعَ مِن: النّجّاد أيضًا. قَالَ: الخطيب: كتبنا عَنْهُ. وكان ثقة، يُقرئ القرآن ويصوم الدهر.

_ 1 العبر "3/ 108"، وشذرات الذهب "3/ 195، 196". 2 تقدمت ترجمته قريبا. 3 تاريخ بغداد "1/ 45". 4 تاريخ بغداد "10/ 382".

50- عَليّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بْن عبدُوس. أبو الحسن الهمَدانيّ. رحل، وسمع مِن: عليّ بْن عبد الرَّحْمَن البكّائيّ، والحسن بْن جعفر الخِرَقيّ، وابن لؤلؤ الورّاق. وعنه: ابن ابن أخيه عَبْدُوس بْن عبد الله بن محمد. قَالَ شِيرَوَيْه: زاهد، عابد، صدوق. "حرف الميم": 51- محمد بْن إبراهيم بْن حَوْلان1. أبو بَكْر الحدّاد. سَمِعَ: أبا جعفر بْن بُريه، وأبا بَكْر الشّافعيّ. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقًا. 52- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن كامل2. أبو عَبْد الله البُخاري غُنجار. مصنف " تاريخ بُخاري". روى عَنْ: خَلَف بْن محمد الخيّام، وسهل بْن عثمان السُلمي، وأبي عُبَيْد أحمد بْن عُروة الكَرْمينيّ، ومحمد بْن حفص بْن أسْلَم، وإبراهيم بْن هارون المَلاحميّ، والحسن بْن يوسف بْن يعقوب، وخلْق مِن أهل ما وراء النّهر. ولم يرحل. وكان من بقايا الحفّاظ بتلك الدّيار. روى عَنْهُ: أبو المظفّر هنّاد بْن إبراهيم النَّسفيّ، وجماعة. ولم تَبْلُغْنا أخباره كما ينبغي. 53- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رَزْق بْن عبد الله بْن يزيد البغداديّ3. البزّاز المحدث أبو الحَسَن بْن رَزْقُوَيْه. سَمِعَ: إسماعيل بْن محمد الصَّفّار، ومحمد بْن يحيى الطائيّ، ومحمد بْن البَخْتَرِيّ، وعليّ بْن محمد المصريّ، وعبد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن العسكري، وطبقتهم، ومن بعدهم. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة صدوقًا، كثير السَّماع والكتاب، حسن الاعتقاد، مُديمًا لتلاوة القرآن. بقى يُملي في جامع المدينة مِن بعد سنة ثمانين وثلاثمائة إلى قبل وفاته بمُديدة. وهو أوّل شيخٍ كتبتُ عنه، وذلك في سنة ثلاثٍ وأربعمائة، مجلسًا. وذلك بعد أن كُف بصره.

_ 1 المنتظم "8/ 6". 2 الأنساب "9/ 177"، والعبر "3/ 108"، والأعلام "6/ 205". 3 الكامل في التاريخ "9/ 325، 326"، والبداية والنهاية "12/ 12".

وسمعته يقول: وُلِدتُ سنة خمسٍ وعشرين وثلاثمائة، وأوّل سماعي مِن الصّفّار سنة سبعٍ وثلاثين. وقال أبو القاسم الأزهريّ: أرسل بعض الوزراء إلى ابن رَزْقُوَيْه بمالٍ فردّه تورُّعًا. وكان ابن رَزْقُوَيْه يذكر إنّه درس الفقه عَلَى مذهب الشّافعيّ. قَالَ الخطيب: وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: والله ما أحبّ الحياة لكسبٍ ولا تجارة، ولكن لذكر الحياة وللتحديث. وسمعتُ المبرقاني يوثق ابن رَزْقُوَيْه. قلتُ: وروى عَنْهُ: أبو الحسين محمد بْن المهتدي بالله، ومحمد بْن عليّ الحندقوقي، وعبد العزيز بْن طاهر الزاهد، ومحمد بْن إِسْحَاق الباقرحيّ، ونصر وعليّ ابنا أحمد بْن البَطَر، وعبد الله بْن عَبْد الصّمد بْن المأمون، وأبو الغنائم محمد بْن أَبِي عثمان. 54- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن فارس بْن سهل1. الحافظ أبو الفتح بْن أبي الفوارس، وهي كنيه سهل. وُلِد ببغداد سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة، وسمع سنة ستّ وأربعين فما بعدها مِن: أحمد بْن الفضل بْن خُزيمة، وجعفر بْن محمد الخُلدي، ودَعْلَج بْن أحمد، وأبي بَكْر النّقّاش، وأبي عيسى بكّار بْن أحمد، وأبي بَكْر الشّافعيّ، وأَبِي عَلِيّ بْن الصّوافّ، وأَبِي بَكْر محمد بْن الحَسَن بْن مقْسم، وخلْق كثير. ورحل إلى بصرة وبلاد فارس وخُرسان. وكتب وصنَّف. قَالَ الخطيب: وكان ذا حِفْظ ومعرفة وأمانة، مشهورًا بالصّلاح، انتخب عَلَى المشايخ. حدَّث عَنْهُ: أبو بَكْر البَرْقانيّ، وأبو سعْد المالِينيّ. وقرأتُ عَليْهِ قطعةً مِن حديثه، وكانُ يُملي في جامع الرّصَافة. وتُوُفّي في ذي القعدة. قلتُ: روى عَنْهُ: أبو عليّ البنّا، وأبو الحسين بْن المهتدي بالله ومالك بْن أحمد البانياسيّ، وآخرون. قَالَ الحاكم: أوْل سماع بن أَبِي الفوارس مِن أَبِي بَكْر النّجّاد. 55- محمد بْن جعفر2. أبو عَبْد الله التّميميّ القَيْروانيّ، المعروف بالقّزاز. شيخ اللُّغَة بالمغرب. كَانَ لُغَويا، نحويًّا بارعًا، مَهيبًا عَنْد الملوك. وله شِعْر مطبوع

_ 1 المنتظم "8/ 5، 6"، والعبر "3/ 109". 2 مرآة الجنان "3/ 27"، وهدية العارفين "2/ 61".

صنَّف كتاب "الجامع في اللُّغة"، وهو كتاب كبير. يقال: إنّه ما صنَّف في اللُّغة أكبر منه. وبه نسخةبمصر في وقف القاضي الفاضل. تُوُفّي بالقيروان. 56- محمد بْن الحَسَن بْن محمد1. أبو العلاء البغداديّ الورّاق. سَمِعَ: إِسْمَاعِيل الصَّفّار، ومُحَمَّد بْن يحيى بْن عُمَر الطّائيّ، وأحمد بْن كامل. وبالبصرة: أحمد بْن أحمد بْن مَحْموَيْه، وجماعة. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان ثقة. ذكر لي أنه ولد في سنة ثمان عشرة وثلاثمائة. وتُوُفّي في ربيع الأوّل. 57- محمد بْن الحسين بْن موسى2. أبو عَبْد الرَّحْمَن الأزْديّ أبًا، السُلمي جَدًا، لأنّه سِبْط أَبِي عَمْرو إسماعيل بْن بُجير بْن أحمد بْن يوسف السُّلَميّ النَّيْسابوريّ. كَانَ شيخ الصُّوفيّة وعالمهم بخُراسان. سَمِعَ مِن: أَبِي العبّاس الأصمّ، وأحمد بْن عليّ بْن حسْنُوَيْه المقرئ، وأحمد بْن محمد بْن عبدوس، ومحمد بن أحمد ابن سَعِيد الرّازيّ صاحب ابن وَارَة، وأبي ظَهير عَبْد الله بْن فارس العُمري البلْخيّ، ومحمد بن المؤمل الماسرجسي، والحافظ أبي عليّ الحسين بْن محمد النَّيْسابوريّ، وسعيد بْن القاسم البردعي، وأحمد بن محمد بن رُميح النَّسَويّ، وجدّه أَبِي عَمْرو. وكان ذا عناية تامّة بأخبار الصُّوفيّة، صنَّف لهم سُننًا وتفسيرًا وتاريخًا وغير ذَلِكَ. قَالَ الحافظ عَبْد الغافر في تاريخه: أبو عَبْد الرَّحْمَن شيخ الطّريقة في وقته، الموفّق في جميع علوم الحقائق ومعرفة طريق التّصوُّف، وصاحب التّصانيف المشهورة العجيبة في عِلم القوم. وقد وَرِثَ التّصوُّف عن أبيه، وجده. وجمع من الكُتب مالم يُسبق إلى ترتيبه، حتّى بلغ فِهرستٌ تصانيفه المائة أو أكثر. وحدَّث أكثَر مِن أربعين سنة إملاءً وقراءة. وكتب الحديث بنيسابور، ومرو، والعراق، والحجاز. وانتخب عليه الحفاظ الكبار. سمع من: أبيه، وجده أبي عمرو، والأصم، وأبي عبد الله الصفار، ومحمد بن يعقوب الحافظ، وأبي جعفر الرازي، وأبي الحسن الكارزي، والإمام أبي بكر الصبغي، والأستاذ أبي الوليد، وابني المؤمل،

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 216"، والمنتظم "8/ 6". 2 الرسالة القشيرية "140"، وميزان الاعتدال "3/ 523، 524"، والأعلام "6/ 99".

ويحيى بن منصور القاضي، وأبي بكر القِطيعي. وولد في رمضان سنة ثلاثين وثلاثمائة. قلت: وروى عنه الحاكم في تاريخه، وقال: قلَّ ما رَأَيْت مِن أصحاب المعاملات مثل أَبِيهِ، وأمّا هُوَ فإنّه صنَّف في علوم التّصوُّف. وسمع الأصمّ، وأقرانه. وقيل: وُلِد سنة خمسٍ وعشرين وثلاثمائة، وكتب بخطّه عَنْ الصبْغيّ سنة ثلاثٍ وثلاثين وثلاثمائة. قلتُ: وروى عَنْهُ أيضًا أبو القاسم القُشيري، وأبو بَكْر البَيْهَقيّ، وأبو سَعِيد بْن رامش، وأبو بَكْر محمد بن يحيى المُزَكّيّ، وأبو صالح المؤذّن، ومحمد بْن سَعِيد التَّفْليسيّ، وأبو بَكْر بْن خَلَف، وعليّ بْن أحمد المَدينيّ المؤذن، والقاسم ابن الفضل الثَّقَفيّ، وخلْق سواهم. قَالَ أبو القاسم القشيري: سمعتُ أبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ سَأَلَ أبا عليّ الدّقّاق: الذكْرُ أتمُّ أم الفِكْر؟ فقال أبو عليّ: ما الَّذِي يُفتح عليكم به؟ فقال أبو عَبْد الرَّحْمَن: عندي الذكرُ أتمُّ من الفكر، لأن الحق سبحانه يوصف بالَّذكْر ولا يوصف بالفِكْر. وما وُصف بِهِ الحقّ أتمُّ ممّا أختصّ بِهِ الخَلْق. فاستحسنه الأستاذ أبو عليّ رحمه الله. قَالَ أبو القاسم: وسمعتُ الشَّيْخ أبا عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: خرجتُ إلى مَرْو في حياة الأستاذ أَبِي سهل الصُعلوكي، وكان لَهُ قبل خروجي أيّام الجمعة بالغَدَوات مجلس دَوْر القرآن يختم فيه، فوجدتُهُ عند رجوعي قد رفع ذَلِكَ المجلس، وعقد لابن العُقابي في ذَلِكَ الوقت مجلس القول، والقولُ هُوَ الغناء، فداخَلَنِي مِن ذَلِكَ شيءٌ، وكنتُ أقول في نفسي: قد استبدل مجلس الختْم بمجلس القول. فقال لي يومًا: أَيْش يَقُولُ النّاس لي؟ قلت: يقولون: رفع مجلسَ القرآن ووضعَ مجلس القَوْل. فقال: مِن قَالَ لأستاذه لِمَ؟ لا يُفلح أبدًا. وقال الخطيب في تاريخه: قَالَ لي محمد بْن يوسف النَّيْسابوريّ القطّان: كَانَ السُلمي غير ثقة، وكان يضع للصُّوفيّة. قَالَ الخطيب: قدرُ أبي عَبْد الرَّحْمَن عند أهل بلده جليل، وكان مع ذَلِكَ مجودًا، صاحب حديث. وله بنَيْسابور دُويرة للصَّوفيّة. قَالَ الخطيب: وأنا أبو القاسم القُشيري قَالَ: كنتُ بين يدي أَبِي عليّ الدّقّاق فجرى حديث أبي عبد الرحمن السُلمي، وأنه يقوم في السَّماع موافقةً للفُقراء، فقال أبو عليّ: مثله في حالة لعلّ السّكون أَوْلَى بِهِ. امضِ إِليْهِ فستجده قاعدًا في بيت

كُتُبه، وعلي وجه الكُتُب مجلَّدَة صغيرة مرّبعة فيها أشعار الحسين بْن منصور، فهاتها ولا تَقُلْ لَهُ شيئًا. قَالَ: فدخلتُ عَليْهِ، فإذا هُوَ في بيت كُتبه، والمجلّدة بحيث ذكر أبو عليّ. فلمّا قعدت أخذ في الحديث، وقال: كَانَ بعض النّاس يُنكر عَلَى واحدٍ مِن العلماء حَرَكَتَه في السَّماع، فَرُؤي ذَلِكَ الْإنْسَان يومًا خاليا في بيتٍ وهو يدور كالمتوحّد، فسُئِل عَنْ حاله فقال: كانت مسألة مشكلة عليَّ فتبيَّن لي أمرها، فلم أتمالك مِن السَّرور حتّى قمت أدور. فقلْ لَهُ: مثل هذا يكون حالُهم. فلمّا رَأَيْت ذَلِكَ منهما تحيَّرت كيف أفعل بينهما، فقلت: لا وجه إلا الصْدق، فقلت: إنّ أبا عليّ وصفَ هذه المجلَّدة وقال: احملها إليَّ مِن غير أن تُعلم الشيخ، وأنا أخافك، وليس يُمكِنُني مخالفته، فأيش تأمُر؟ فأخرج أجزاءً مِن كلام الحسين بْن منصور، وفيها تصنيفٌ لَهُ سمّاه "الصَّيْهُور في نَقْض الدُّهور"، وقال: احمل هذه إِليْهِ. قَالَ الخطيب: تُوُفّي السُلمي في شَعْبان. قلتُ: كَانَ وافر الجلالة، لَهُ أملاك ورِثها مِن أمّه، وورِثَتْها هي مِن أبيها. وتصانيفه يقال إنّها ألف جزء. وله كتاب سمّاه "حقائق التّفسير" ليته لم يصنفْه، فإنّه تحريف وقرطمة، فدُونَك الكتاب فسترى العجب. ورُويت عَنْهُ تصانيفه وهو حيّ. وقع لي مِن عالي حديثه. 58- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد1. أَبُو الفَرَج الدّمشقيّ العابد المعروف بابن المعلّم الَّذِي بنى " كهف جبريل " بجبل قاسيون. حكى عَنْ: أَبِي يعقوب الأَذَرَعيّ، وعليّ بْن الحَسَن بْن طعّان. حكى عَنْهُ: عليّ والحسين ابنا الحِنَّائيّ، وعلي ابن الخَضِر السُلمي. قَالَ عَبْد العزيز بْن أحمد الكتاني: توفي شيخنا ابن المعلم صاحب الكهف، وكان عابدا مجاب الدعوة، توفي في الحجّة سنة اثنتى عشرة. قَالَ ابن عساكر: كان قرابة لنا.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "22/ 262، 263".

59- محمد بْن عَبْد الواحد1. صريع الدلاء، القصّار، وقتيل الغواشي. ذكره ابن النّجّار فقال: بصْريّ سكن بغداد، وكان شاعرًا ماجنًا مطبوعًا، الغالب عَلَى شِعْره الهَزْل والمُجُون، وديوانه مجلَّدة. سافر إلى الشّام، وتُوُفّي بديار مصر. ومن شِعْره قصيدته المقصورة: قَلْقَلَ أحشائي تباريحُ الْجَويَ ... وبانَ صبْري حينَ حالفتُ الأسى يا سادةً بانوا وقلبي عندهم ... مذ غبتم غاب عَنْ العين الكرى وان تغب وجوهكم عن ناظري ... فذكر مستودعٌ طي الحشا فسوف أسْلِي عنكُمُ خواطري ... بحُمُق يَعْجَبُ منه مَنٍ وَعَى وطُرَفٍ أَنْظِمُها مقصورة ... إذ كنتُ قَصّارًا صَرِيعًا للدلا مَن صفَع الناسَ ولم يَدَعْهُمُ ... أنْ يصفعُوهُ مِثْلَهُ قد اعتدى مَن لبس الكتّان في وسط الشّتا ... ولم يغط رأسَه شكى الهوى وألف حَمْل مِن متاع تُسْتَرٍ ... أنفع للمسكين مِن لفظ النَّوَى والذَّقْنُ شَعْرٌ في الوجُوه ... نابِتٌ وإنّما الدُّبْرُ الَّذِي تحت الخُصَا والْجَوْزُ لا يؤكَلُ مَعَ قُشُوِرِه ... ويُؤْكَل التَّمْرُ الجديدُ باللبا مَن طَبَخَ الدّيكَ ولا يذبَحُهُ ... طار مِن القِدْرَ إلى حيث يشا والند لا يعدِلهُ في طِيبِه ... عند البُخُور أبدًا رِيحُ الخَرا مَن دَخَلَتْ في عينه مِسَلَّةٌ ... فسأله مِن ساعته كيف العَمَا مَن فاتَهُ العِلْمُ وأخْطَاهُ الغِنَى ... فَذَاكَ والكلْبُ عَلَى حدّ سَوَى في أبيات. قال أبو طاهر أخمد بْن الحَسَن الكُرْجيّ: مات صريع الدَّلاء القصّار بمصر سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.

_ 1 العبر "3/ 110"، والبداية والنهاية "12/ 13"، الأعلام "6/ 254".

وقال ابن عساكر: صريع الدَّلاء بصْريّ، يحكي في شِعْره أصوات الطُّيور. وكان ماجنًا، قِدم دمشقَ واجتمع بعبد المحسن الصُّوريّ بصيداء. حكى عَنْهُ: أبو نصر بْن طلاب. ومن شِعره: ومَن كَانَ مُستهترًا بالمِلاح ... وكان مِن الصُفْرَ صِفْرًا صُفِعْ 60- محمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن حَجّاج1. أبو الحَسَن البغداديّ الْجُبّائيّ. قَالَ الخطيب: سَمِعَ: إسماعيل الصَّفّار، وابن البَخْتَرِيّ، وعثمان بْن السّمّاك، والنجاد. كتبنا عَنْهُ، وكان ثقة زاهدًا ملازما لبيته، حكى عَنْهُ ابن خُرَّزاذ الورّاق جاره أنّه قَالَ: ما لمس كفي امرأةٍ سوى أمّي. تُوُفّي في رمضان وله خمسٌ وثمانون سنة، رحمه الله. 61- محمد بْن عمر. أبو الفرج الخطّاب الْمَصْرِيّ. روى عَنْ: حمزة بْن محمد الكتاني، والحسن بْن رَشِيق. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 62- مُنير بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن علي بْن منير2. أبو العبّاس الْمَصْرِيّ الخشّاب المعدّل. حدَّث عَنْ: عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن أبي مطر الإسكندريّ، ومحمد بْن الصَّمُوت، ومحمد بْن أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي الأَصْبغ، وأحمد بْن سَلَمَة بْن الضّحّاك، وجماعة. روى عنه: محمد بْن عليّ الصُّوريّ، وخَلَف بْن أحمد الحُوفيّ، وعليّ بْن الحَسَن الخِلعي، وآخرون. وثقه ابن ماكولا. وقال الحبّال: كَانَ ثقة، لا يجوز عليه تدليس. حضرتُ جنازته، وتوفي في حادي عشر ذي القعدة. قلتُ: حديثه في "الخلعيات".

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 336" "838". 2 مسند الشهاب للقضاعي "1/ 145" "196"، والعبر "3/ 110".

"حرف النون": 63- نصر بْن عليّ البغداديّ الطّحّان1. عُرِف بابن عَلالة. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة. كتبنا عَنْهُ، عَنْ النّجّاد. 64- نصر بْن ناصر الدّولة سُبُكتكين2. الأمير أبو المظفَّر، أخو السّلطان محمود. قدم نيسابور واليًا سنة تسعين وثلاثمائة. وصَحِب الأئّمة. وسمع مِن: أَبِي عَبْد الله الحاكم، وغيره. وبني المدرسة السَّعيديّة، ووقفَ عليها الأوقاف، وعاد إلى غَزْنَة وبها تُوُفّي في رجب. وكان مشكور الولاية. "وفيات سنة ثلاث عشرة وأربعمائة": "حرف الألف": 65- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن هرثمة3 بن ذكوان بن عبيدوس بْن ذَكْوان. أبو العبّاس الأُمَويّ، قاضي الجماعة بُقرطبة، وخطيبها. ولي القضاء سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وولي الصَّلاةَ سنة أربعٍ وتسعين مُضافًا إلى القضاء. ثمّ صُرف عَنْهُمَا في آخر سنة أربعٍ وتسعين، وتولي ذَلِكَ أبو المطرف بْن فُطيس. ثمّ عُزل ابن فُطَيْس وأُعيد ابن ذكوان، فلم يزل يتقلّدهما إلى أن عُزل سنة إحدى وأربعمائة. وامتُحن محنته المشهورة، وولي الوزارة مُضافة إلى القضاء. وطُلب بعد المحنة والنَّفْي إلى المغرب ليُوَلَّى القضاء، فلم يتولاه. ولم يقطع السلطان أمرًا دونه. وكان عظيم أهل الأندلس ورئيسهم، وأقربهم مِن الدّولة، وأعلاهم محلًا. تُوُفّي في رجب، ورَثَتْه الشُّعراء، وشيّعه الخليفة يحيى بْن عليّ بْن حمّود الإدريسيّ. وكان مولده سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة. وتُوُفّي بعده بعامٍ أخوه أبو حاتم، وكان من العلماء والرؤساء.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 301". 2 المنتخب من السياق "463، 464"، "1579". 3 ترتيب المدارك "2/ 662 - 667"، وبغية الملتمس "186".

66- أحمد بْن أَبِي الهيثم عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ1. القاضي أبو عِصْمة الرَّقيّ الفقيه الحنفيّ. قدمٍ مصر من الرقة، فحدث عَنْ: يونس بْن أحمد الرّافقيّ. سَمِعَ منه سنة اثنتين وخمسين هلال بْن العلاء. أخذ عَنْهُ في هذا العام خَلَف بْن أحمد الحوفيّ. 67- أحمد بْن عليّ. أبو عليّ البهرَام زياري. تُوُفّي بأسْتَرابَاذ. روى عَنْ: عَبْد الله بْن عَدِيّ الحافظ. 68- أحمد بْن عليّ بْن أحمد بْن كثير، أبو المظفر. "أعلام غير مرتبة": 69- ومحمد بْن عَبْد الله بْن إبراهيم البهْراميّ، التّاجر. 70- ومحمد بْن عليّ بْن أحمد بْن شاكر المالِينيّ، المؤدب. 71- وأبو دُلف طاهر بْن محمد القَيْسيّ. 72- وأبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن حسين، التّاجر. 73- ومحمد بْن مظفّر الورّاق. 74- وعكّيّ بْن محمد العُقبي. هَؤلَاءِ السَّبعة سمعوا مِن حامد بْن محمد الرّفّاء، وهم هَرَوِيُّون. وكانوا في هذا الوقت. روى عَنْهُمْ شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهَرَويّ رحمه الله. 75- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَسكان2. أبو نصر النَّيْسابوريّ الحذّاء الحنفيّ. وُلد سنة نيفٍ وعشرين، وسمع بعد الثلاثين وثلاثمائة مِن جماعة قبل الأصمّ. قَالَ أبو صالح المؤذن. سمعتُ منه وكان يغلط في حديثه ويأتي بما لا يُتابع عَليْهِ. قَالَ عَبْد الغفّار: وضاعت كُتبه فأقتصر عَلَى الرّواية عَنْ الأصمّ فمَن بعده. وهو جدّ شيخنا القاضي أَبِي القاسم عُبَيْد الله بْن عَبْد الله. تُوُفّي في ربيع الآخر. روى عَنْهُ حفيده شيخنا. 76- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الحُويص. أبو الفوارس البُوشنجي.

_ 1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "1/ 308 - 310" "134". 2 المنتخب من السياق "85" "187] ".

تُوُفّي في سلْخ صَفَر. سَمِعَ: حامدًا الرّفّاء. روى عَنْهُ: عطاء القرّاب، وشيخ الإسلام عَبْد الله الأنصاريّ، وقال: هُوَ فقيه صالح، صدوق، واعظ. 77- إبراهيم بْن عليّ بْن تميم القَيْروانيّ الحُصري الشّاعر المشهور1. ابن خالة أَبِي الحَسَن الحُصري. لَهُ ديوان شعر. وكتاب "زهْر الأداب". وكتاب "المصُون في سرّ الهَوَى". تُوُفّي بالقيروان. ورّخه ابن الفَرَضيّ. 78- إسماعيل بْن أحمد بْن محمد بْن بكران السُّلَميّ. أبو القاسم الأهوازيّ. تُوُفّي بمصر، وقد حدَّث بها "بصحيح البخاريّ " عَنْ: أبي أحمد محمد بْن محمد بْن مكّي الجُرجاني. روى عَنْهُ: أبو الحَسَن الخِلعي، وغيره. قَالَ الحبّال: تُوُفّي في ربيع الأوّل. 79- إسماعيل بْن عليّ. أبو محمد بْن الخزّاز. تُوُفّي بمصر في رمضان. 80- أُمَيَّة بْن عَبْد الله الهمداني الميُورقي. رحل إلى المشرق، ولقى بمكّة الأُسْيُوطيّ صاحب النَّسائيّ، وبمصر: الحَسَن بْن رشيق، وأبا إِسْحَاق بْن شَعْبان. وكان ذا فضلٍ وعفاف وستر. توفي فجأة في ذي القعدة. قاله أبو عَمْرو الدّانيّ. "حرف الباء": 81- بشر بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن بِشْر. القُهُنْدُزي الخُراساني. أبو القاسم. "حرف الجيم": 82- جعْفَر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن إِسْحَاق بْن جعفر الصّادق. النّقيب أبو عَبْد الله العَلَويّ الحسيني الإسحاقيّ الحلبيّ. ولي نقابة حلب بعد أَبِيهِ الشّريف أَبِي إبراهيم. وكان أديبًا شاعرًا. كَانَ "عزيز الدّولة" فاتك يحبّه ويُجِله. وله في فاتك مدائح.

_ 1 معجم الأدباء "2/ 94 - 97"، وكشف الظنون "785، 957، 1712، 1983"، ووفيات الأعيان "1/ 15، 16".

تُوُفّي بحلب. وكان يرجع إلى دين وعبادة وزُهد، الا أنّه كَانَ شيعيّا مِن كبار الإماميّة. ذكره ابن أبي طّيء. "حرف الحاء": 83- حسّان بْن الحَسَن اللحْيانيّ. القطّان. حدَّث بمصر. 84- الحسين بْن الحَسَن. أبو عليّ المعدنيّ اللّوّاز، صاحب الفُقاع. قَال أبو إِسْحَاق الحبّال: رَجُل صالح، تُوُفّي في ربيع الآخر. سَمِعَ مِن: حمزة، وابن رشيق. 85- الحسين بْن بقاء بْن محمد. أبو عبد الله الْمَصْرِيّ الخشّاب. روى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ أحمد بْن عَبْد الله بْن أَبِي عصام. روى عَنْهُ: خلف الحوفي، وغيره. حدُّث فِي هذه السَّنَة، ولم تُحفظ وفاته. 86- حمد بن عمر بن أحمد بن إبراهيم الزجاج1. أبو نصر الهمداني المحدث. روى عَنْ: أحمد بْن محمد بْن مِهرْان، وأحمد بْن محمد بْن هارون الكرابيسيّ، وعبد الله بن الحسين القطان، وطاهر بن سهلُويه، وأبي زرعة أحمد بن الحسين الرازي، وعامة مشايخ همدان، وخراسان. روى عنه: أبو الفضل الفلكي في مصنفاته كثيرا، وجماعة. قال شيرويه: وثنا عَنْهُ: محمد بْن الحسين الصُّوفيّ، ويوسف الخطيب، وغيرهما. وكان ثقة حافظًا يُحسن هذا الشّأن. سمعت عبدوس يقول: كان حمد الزجاج يقرأ عَلَى المشايخ وربّما كَانَ نائمًا، ويقرأ عليه مستويًا لحفظه ومعرفته بالأسانيد والمتون. وتوفي في عَشْر ذي القعدة، وصلى عَليْهِ محمد بْن عيسى. قلتُ: شيخه الكرابيسيّ سَمِعَ مِن أَبِي مُسْلِم الكَجّيّ، وجماعة. "حرف الراء": 87- رفاعة بْن الفَرَج القُرشي2. أبو الوليد القُرطبي. كَانَ واسع الرّواية. حدَّث عَنْ: أحمد بْن سَعِيد الصَّدفيّ، وغيره. روى عَنْهُ: حفيده محمد بْن سعيد بن رفاعة. وعاش تسعين سنة.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 1055". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 185، 186".

"حرف السين": 88- سَعِيد بْن سَلَمَة بْن عَبَّاس بن السَّمْح1. أبو عثمان القُرْطُبيّ. روى عَنْ: محمد بْن معاوية القُرشي، وأبي محمد الباجيّ، وأبي الحَسَن الأنطاكيّ، وجماعة. وكان فاضلًا عاقلًا ضابطًا يَؤُمّ بجامع قُرطبة. وكانت كُتُبه في غاية الصّحّة، وحضر جنازته المعتلي بالله يحيى بْن عليّ. 89- سلطان الدّولة2. أَبُو شجاع بْن بهاء الدّولة أَبِي نصر بْن عضُد الدّولة بْن بُوَيْه. ولى السَّلطنة وهو صبيّ لَهُ عشْر سِنين بعد أَبِيهِ، وبُعثت إِليْهِ خِلع المُلك مِن جهة الخليفة إلى شيِراز. وقدم بغداد في أثناء سلطنته. ومات بشيراز، وله اثنان وعشرون عامًا وخمسة أشهر. وكانت سلطنته ضعيفةً متماسكة. "حرف الصاد": 90- صَدَقَة بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك3. أبو القاسم الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ، المعروف بابن الدَّلَم. سَمِعَ مِن: أَبِي سَعِيد بْن الأَعْرابيّ، وعثمان بْن محمد الذّهبيّ والحسين بْن حبيب الحصَائريّ، وأبي الطّيّب بْن عَبَادِل، وخَيْثَمَة بْن سليمان. روى عَنْهُ: عَبْد الرّحيم بْن أحمد البخاريّ، وعليّ بن الحضر السُلمي، وأبو عليّ الأهوازيّ، وعبد العزيز الكتانيّ، وعليّ بْن الحسين بْن صَدَقَة الشّرابيّ. قَالَ الكتانيّ: كَانَ ثقة مأمونًا، مضى عَلَى سَدَاد. وتوفي في جُمَادَى الآخرة. قلت: كَانَ أسنَد مِن بقي بدمشق، ومات في عَشْر المائة. "حرف الطاء": 91- طاهر بن أحمد4. أبو فرج الإصبهانيّ. قَالَ الخطيب: لقيته بسواد دُجيل، فروى لي أحاديث سمعها مِن الطبَرانيّ. وذلك في هذه السنة.

_ 1 انظر المصدر السابق. 2 المنتظم "8/ 17"، والنجوم الزاهرة "4/ 261". 3 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 414"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1055". 4 تاريخ بغداد "9/ 358" "4924".

"حرف العين": 92- العبّاس أبو الفتح الحمراويّ. يُعرف بمولى الخادم. قَالَ الحبّال: عنده عَنْ الآجُريّ، وغيره. حضرت جنازته في ربيعه الأوّل، يعني بمصر. 93- عَبْد الله بْن أحمد بْن إسماعيل الفقيه1. أبو سهل النَّيْسابوريّ الحَرَضيّ الزّاهد الصُّوفيّ. قَالَ عَبْد الغافر: هُوَ عديم النّظير في طريقته وزُهده وفضله، وحفظ التّجملُّ في الفقر وترك الادخار. وكان يُلقن. حدث عَنْ: يحيى بْن منصور القاضي، وأبي محمد الكَعْبيّ، وأبي عليّ الحافظ النَّيْسابوريّ، وطبقتهم. وكان يمتنع مِن الرّواية خُمولًا وديانة. تُوُفّي في عاشر شّوال. روى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن أبي مُحَمَّد القُرشي. 94- عبد الله بْن محمد بْن المرزُبان بْن مَنْجوَيْه الإصبهاني2. شيخ متعبد، صحب الصّالحين والعُباد بإصبهان ونَيْسابور مثل: إبراهيم النصرباذي، وعُبَيْد الله بْن محمد البُسْتيّ. وسمع مِن: أبي أحمد العسال، والطبراني، وإبراهيم بْن محمد بْن حمزة. مات في أوّل ربيع الأول. قاله أبو نُعَيْم. 95- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن إبراهيم3. أبو القاسم القزويني الصُّوفيّ الخبّاز. قَالَ الخطيب: قِدم علينا حاجّا، فحدَّثنا عَنْ أَبِي الحَسَن عَليّ بْن إِبْرَاهِيم بْن سَلَمَةَ القَطَّان، وغيره. وحدَّثني أبو عَمْرو المرْوَزيّ أنّ أهل قَزْوين يضعّفونه في روايته عَنْ أَبِي سَلَمَة. 96- عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ محمد الحضْرميّ4. الأديب أبو القاسم الإشبيليّ، المعروف بابن شِبْراق. قَالَ أبو عَبْد الله الخَوْلانيّ: كَانَ نبيلًا، شاعرًا مُفلقًا. كَانَ ينشدني أشعاره. وصنَّف كاتبًا في الأخبار. وقال الحُميدي: كنيته أبو المطرف. عُمر طويلًا.

_ 1 المنتخب من السياق "274" "894". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 98". 3 التدوين في أخبار قزوين "3/ 140، 141". 4 هدية العارفين "1/ 515"، ومعجم المؤلفين "5/ 150".

97- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حبيب القاضي1. أبو زيد النَّيْسابوريّ. سَمِعَ: أبا العباس الأصم، وأحمد ابن محمد بْن بالُوَيْهِ، وغيرهما. روى عَنْهُ: أبو بكر البيهقي، والقُشيري، وأبو بَكْر بْن خَلَف، وأبو عَبْد الله الثَّقَفيّ، وجماعة. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة بنَيْسابور. وكان إمامًا ومدرسًا. 98- عَبْد الرحمن بْن مروان بْن عَبْد الرَّحْمَن2. أبو المطرف الأنصاري القَنَازعيّ القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ. سَمِعَ مِن: أَبِي عيسى اللَّيْثّي، وأبي بَكْر محمد بْن السُليم القاضي، وأبي جعفر بْن عَوْن الله، وطبقتهم. وأخذ القرآن عَنْ: أَبِي الحَسَن عليّ بْن محمد الأنطاكيّ، وأبي عَبْد الله بْن النُّعْمان، وأصْبَغ بْن تمّام. ورحل سنة سبعٍ وستّين، فسمع "المدّونة" بالقَيْروان عَلَى هبة الله بْن أَبِي عُقبة التّميميّ. وأكثر بمصر عَنْ الحَسَن بْن رشيق. وذكر عَنْ ابن رشيق أنه روى عن سبعمائة محدَّث. وكتب القَنَازعيّ بمصر أيضًا عَنْ الموجودين. وحجَّ فأخذ في الموسم عَنْ أَبِي أحمد الحسين بن علي النيسابوري. وأخذ عن ابن أبي زيد جملةٌ مِن تواليفه. وقدم قُرطبة فأقبل على الزُّهْد والانقباض، ونشر العلم، وأقرأ القرآن. وكان عاملًا فقيهًا حافظًا ورعًا متقشفًا قانعًا باليسير، فقيرًا دؤوبًا عَلَى العلم، كثير الصّلاة والتَّهَجُّد والصّيام، عالمًا بالتّفسير والأحكام، بصيرًا بالحديث، حافظًا للرأي. لَهُ مصنفٌ في الشُّروط وعِللها، وصنَّف شرحًا للموطّا. وكان لَهُ معرفة باللَغة والأدب. وكان حسن الأخلاق، جميل اللّقاء. عرض عَليْهِ السّلطان الشُّورَى فأمتنع. قَالَ محمد بْن عَتّاب: والقَنَازِعيّ منسوب إلى صنْعته، خيرٌ فاضل. تُوُفّي في رجب، ومولده سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة. وقال ابن حَيّان: كَانَ زاهدًا مُجاب الدّعوة. امتُحن بالبربر أوَّل ظهورهم محنةً أوْدَت بماله. وكان أقرأ مَن بقي. وله في "الموطّأ" تفسير مشهور، واختصار كتاب ابن سلام في تفسير القرآن. روى عَنْهُ: ابن عَتّاب، وأبو عمر بن عبد البر.

_ 1 المنتخب من السياق "302" "997". 2 العبر "3/ 112"، شجرة النور الزكية لمخلوف "1/ 111، 112"، وهدية العارفين "1/ 16".

99- عَبْد الصّمد بْن محمد بْن نُجيد البَغَويّ. أبو القاسم. تُوُفّي ببغ في ربيع الأوّل. 100- عَبْد العزيز بْن جعفر بْن إِسْحَاق بْن محمد بْن خُواستى1. أبو القاسم الفارسيّ، ثمّ البغداديّ. المقرئ النَّحْويّ. شيخ معمَّر، وُلد في رجب سنة عشرين وثلاثمائة. وسمع من: أبي بكر محمد بن عبد الرّزّاق بْن داسة، وإسماعيل بْن محمد الصَّفّار، وأحمد بْن سلمان النّجّاد، وأبي عُمَر الزّاهد، وأبي بَكْر محمد بْن الحَسَن النّقّاش، وعبد الواحد بْن أَبِي هاشم. وجَّودَ القرآن مِرارًا برواية أبي عَمْرو بْن العلاء عَلَى عَبْد الواحد المذكور. وقرأ لابن كثير وابن عامر عَلَى النّقّاش. وتلا عَليْهِ بهذه الثّلاث روايات أبو عَمْرو الدّانيّ، وأسندها عَنْهُ في "التَّيْسير". وسمع منه الحديث. وروى عَنْهُ أيضًا: أبو الوليد بْن الفَرَضيّ، وذكر أنّه لِقَيه بمدينة التّراب مِن الأندلس. وقال أبو عَمْرو الدّانيّ إنّه تُوُفّي في ربيع الأول، وهو ابن اثنتين وتسعين سنة. قَالَ: ودخل الأندلس تاجرًا سنة خمسين وثلاثمائة، يعني فسكنها، وكان خيرًا فاضلًا صَدُوقًا ضابطًا. كَانَ يُعرف بابن أَبِي غسّان. قَالَ لي: أذكر اليوم الَّذِي مات فيه ابن مجاهد، وقرأت القرآن عَلَى أَبِي بَكْر النّقّاش في حدود سنة أربعين. ولازَمْتُه مدّة، وكان أسمح الناس وأسخاهم. وسمعتُ مصنَّف أَبِي دَاوُد مِن ابن داسَة بالبصرة في سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة. واختلفتُ إلى أَبِي سَعِيد السيرافيّ وقرأتُ عَليْهِ "مختصر الجرمي" و"التصريف" للمازنيّ، وعدّة كتب. قلت: وهذا كَانَ أسند مِن بالأندلس في زمانه، ولكنْ ضيّعه أهلُ الأندلس ولم يعرفوا قدْرَه ولا ازدحموا عَليْهِ لقلّة اعتنائهم بالعُلو. 101- عَبْد المُلْك بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن1. أبو مروان العبْسيّ الإشبيليّ. عالم وَرِع، فاضل، متّسع الرّواية. عَنْ: محمد بْن معاوية الْقُرَشِيّ، وحارث بْن مَسْلَمَة. أجاز لابن خَزْرج في شوّال مِن السُّنَّة، وتُوُفّي بعد ذلك بأشهر.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 224"، وغاية النهاية "1/ 392". 1 الصلة لابن شكوال "2/ 27".

102- عُبَيْد الله بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ1. أَبُو محمد الصّرّام النَّيْسابوريّ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة بنَيْسابور. 103- عليّ بْن الحَسَن الإبْريسَميّ. سَمِعَ مِن: الإسماعيليّ، وأبي زُرعة، والتّميميّ. 104- عليّ بْن عيسى بْن سليمان اصفروخ2. أبو الحسن الفارسيّ الشّاعر، المعروف بالسُّكَّريّ، نزيل بغداد. كان يعرف القراءات والكلام، وفنون الأدب. لَهُ ديوان شِعر كبير عامّته في الرّدّ عَلَى الرافضة، وكان أشعريا. 105- عليّ بْن هلال3. أبو الحَسَن، صاحب الخطّ المنسوب، المعروف بابن البّواب. قَالَ أبو الفضل بْن خيْرون: تُوُفّي في جُمادى الأولى سنة ثلاث عشرة، وكان مِن أهل السُّنَّة. وقال أبو عَبْد الله بْن النّجّار في تاريخه: أبو الحسن ابن البوّاب مولى معاوية بْن أَبِي سُفْيان، صحِب أبا الحسين بْن سمعون، وقرأ الأدب عَلَى أَبِي الفتح بْن جِنّيّ، وسمع مِن أبي عُبيد المَرْزُبانيّ. وكان يعبّر الرُّؤْيا، ويقصّ عَلَى النّاس بجامع المنصور. وله نظْمٌ ونثْر. انتهت إِليْهِ الرئاسة في حُسْن الخطّ. وقال ابن خلّكان: أوّل من نقل هذه طريقة مِن خط الكوفيّين أبو عليّ بْن مُقلة، وخطه عظيم، لكن ابن البواب هذب الطريقة ابن مُقلة ونقَّحها، وكساها طَلاوة وبَهْجة. وشيخُهُ في الكتابة أبو عبد الله محمد بْن أسد المذكور في سنة عشر وأربعمائة. وكان ابن البوّاب يذهَّب إذهابا فائقًا، وكان في أوّل أمره مزوقًا يُصور الدُّور فيما قِيلَ. ثمّ أُذهب الكُتب. ثمّ تعاني الكتابة ففاق فيها عليّ الأوّلين والآخرين، ونادم فَخْر المُلك أبا غالب. وقيل: إنّه وعظ بجامع المنصور. ولم يكن لَهُ في عصره ذاك النَّفَاق الَّذِي لَهُ بعد موته. لأنّه وُجِد بخطّه ورقة قد كتبها إلى بعض الأعيان يسأله فيها مساعدة صديق له

_ 1 لم أجد له ترجمة فيما تحت يدي من مصادر. 2 البداية والنهاية "12/ 5"، والمنتظم "8/ 10، 11". 3 المنتظم "8/ 10"، والعبر "3/ 113"، وهدية العارفين "1/ 687".

بشيء لا يساوى دينارين. وقد بَسَطَ القول فيها نحو السّبعين سطرًا. وقد بيعت بعد ذَلِكَ بسبعة عشر دينارًا إماميّة. ولابن البوّاب شِعْر وترسل يدّل عَلَى فضله وأدبه وبلاغته. وقيل: إن بعضهم هجاه بقوله: هذا وأنت ابن بوّاب وذُو عَدَم فكيف لو كنتَ ربَّ الدارِ والمالِ؟. وقال أبو علي الحَسَن بْن أحمد بْن البنّا: حكى لي أبو طاهر بْن الغباريّ أن أبا الحسن ابن البّواب أخبره أنّ ابن سَهْلان استدعاه، فأبي المُضي إليه. وتكرّر ذَلِكَ. قَالَ: فمضيتُ إلى أبي الحَسَن بْن القزوينيّ وقلتُ: ما يُنطقه الله بِهِ أفعله. قَالَ: فلمّا دخلتُ إليه قَالَ لي: يا أبا الحَسَن اصدُقْ والْقَ مِن شئت. قَالَ: فعدتُ في الحال، وَإِذَا على بابي رسل الوزير. قَالَ: فمضيت معهم فلما دخلت إليه قال لي: يا أبا الحَسَن ما أخَّرك عنّا؟ فاعتذرت إِليْهِ. ثمّ قَالَ: قد رأيتُ منامًا. فقلتُ: مذهبي تعبير المنامات مِن القرآن. فقال: رضيت. ثمّ قَالَ: رَأَيْت كأنّ الشّمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حَجْري. قَالَ: وعنده فرح بذلك: كيف يجتمع لَهُ المُلْك والوزارة. قلتُ: قَالَ الله تعالى: {وجُمعَ الشمسُ والقمرُ. يقولُ الإِنْسَانُ يومئذٍ أينَ المَفرُّ. كلاَّ لاَ وَزَرَ} [القيامة: 9 - 11] . وكررتُ عَليْهِ هذه ثلاثا. قَالَ فدخل حُجرة النّساء. وذهبت. فلما كَانَ بعد ثلاثة أيّام انحَدَرَ إلى واسط عَلَى أقبح حال. وكان قتْله هناك. ولأبي العلاء المَعَريّ: ولاح هِلالٌ مِثل نُونٍ أجادَها ... بذوب النضار الكاتبُ ابن هلالِ. قال أبو الحَسَن محمد بْن عَبْد المُلْك الهمْدانيّ في تاريخه: توفي أبو الحسن ابن البواب صاحب الخطّ الحَسَن في جُمادى الأولى، ودُفن في جوار تُرْبة أحمد، يعني ابن حنبل. وكان يقصّ بجامع المدينة. وجعله فخر المُلك أحد نُدمائه لمّا دخل إلى بغداد. ورثاه المرتضي بقوله: رُديت يا ابن هلالٍ والرَّدَى عرضٌ ... لم يُحم منهُ عَلَى سُخطٍ لَهُ البشرُ ما ضَرَّ فقدكُ والأيامُ شاهدةُ ... بأنّ فضلك فيها الأنجُمُ الزُهُرُ

أغنيتَ في الأرضِ والأقوامِ كلّهم ... مِن المحاسن ما لم يغنهِ المطرُ فللقُلُوبِ الّتي أبْهَجْتَها حزنٌ ... وللعُيُونِ الّتي اقْرَرْتَها سهرُ وما لِعَيْشٍ وقد ودَّعته أرجٌ ... ولا لليلٍ وفد فارقتهُ سحرُ وما لنا بعدَ أنْ أضحتْ مَطالعُنا ... مَسلُوبةً مِن أوضاح ولا غُررُ وحدَّث أبو غالب محمد بْن أحمد بْن بِشْران الواسطيّ: حدَّثني محمد بْن عليّ بْن نصر الكاتب: حدَّثني أبو الحَسَن بْن عليّ بْن هلال ابن البوّاب، فذكر حكايةً مضمونُها أنّه ظفر في خزانة بهاء الدولة بربعةٍ ثلاثين جزاءًا جلدًا مِن جزء مِن الرَّبْعة فجلّده به، وجلد الجزء الَّذِي قلع عَنْهُ بجلد جديد حَتَّى بقي ذلك الجزء الجديد الكتابة لا يعرفه حُذاق الكتّاب مِن الرَّبْعَة. ومن شِعْر ابن البواب: فلو اني أُهديتُ ما هُوَ فرضُ ... للرّئيس الأَجَلٌ مِن أمثالي لنظمتُ النجوم عِقدًا إذا رص ... عَ غيري جواهرًا بلآلي ثم أهديتها إليه وأقرر ... ت بعجزي في القَوْل والأفعالِ غير أنّي رَأَيْت قدْركَ يعلو ... عَنْ نظيرٍ ومُشَبَّه ومثالِ فتفاءلتُ في الهدية بالأق ... لام عِلْمًا مني بِصدْق الفالِ فاعتقِدْها مفاتحَ الشّرق والغر ... ب سريعا والسهل والأجبال فاختبرها موقعا برسوم ال ... بر والمكرُمات والأفعالِ وابْقَ للمجد صاعد الجدّ عزّا ... والأَجَلّ الرّئيس نَجْم المعالي وحقوقُ العبيدِ فرضٌ على السا ... دة في كلّ مرسم للمعالي وحياةُ الثناء تَبْقَى عَلَى الده ... رِ إذا ما انقضت حياة المالِ في أبياتٍ أخرى. وقال أبو بَكْر الخطيب: ابن البوّاب، صاحب الخطّ. كَانَ رجلًا دينًا لا أعلمه روى شيئًا مِن الحديث.

قَالَ ابن خلّكان1: روى ابن الكلبيّ والهيثم بْن عَدِيّ أنّ الناقل للكتابة العربية مِن الحِيرة إلى الحجاز حربُ بْن أُمية، فقيل لأبي سُفْيان: ممّن أخذ أبوك الكتابة؟ فقال: من ابن سدرة. وأخبره أنه أخذها مِن واضعها مرامر بن مُرة. قَالَ: وكان لحِمير كتابة تُسمى المُسند، وحروفها متّصلة. وكانوا يمنعون العامّة تعلُّمها. فلمّا جاء الإسلام لم يكن بجميع اليمن مِن يقرأ ويكتب. قلتُ: وهذا فيه نظرٌ، فإنّ اليمن كَانَ بها خلقٌ مِن أهل الكتاب يكتبون بالقلم بالعِبْرانيّ. إلى أن قَالَ: فجميع كتابات الأمم اثنا عشر كتابة وهي العربيّة، والحِمْيَريّة، واليونانية، والفارسية، والسُّرْيانيّة، والعبرانيّة، والرُّوميّة، والقِبْطّية، والبربريّة، والأندلُسيّة، والهنديّة، والصينيّة، فخمسٌ منها ذهبت: الحِمْيَريّة، واليونانيّة، والقبطيّة، والبربريّة، والأندلسيّة. وثلاثٌ لا تُعرف ببلاد الإسلام: الصّينيّة، والرُّوميّة، والهنديّة. "حرف الميم": 106- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد2. أبو الفضل الجاروديّ الهَرَويّ الحافظ. سَمِعَ: أبا عليّ حامد بْن محمد الرّفّاء، ومحمد بْن عبد الله السَّليطيّ، وأبا إِسْحَاق القرّاب والد الحافظ أَبِي يعقوب، وعبد الله بْن الحسين النَّضْري والمَرْوزِيّ، وسليمان بْن أحمد الطَّبرانيّ، ومحمد بْن عليّ بْن حامد، وإسماعيل بْن بُجير السُّلَميّ، وأحمد بْن محمد بن سَلَمْوَيْه النَّيْسابوريّ، وعمر بْن محمد بْن جعفر الأهوازي البَصْري، وجماعة كثيرة بنَيْسابور، والرَّيّ، وهمدان، وإصبهان، والبصرة، وبغداد، والحجاز. روى عَنْهُ: أبو عطاء المَليحيّ، وشيخ الإسلام عبد الله بْن محمد الأنصاري، والهَرَويُّون. وكان شيخ الإسلام إذا روى عَنْهُ يَقُولُ: ثنا إمام أهل الشرق أبو الفضل.

_ 1 وفيات الأعيان "3/ 344". 2 الأنساب "3/ 159"، والعبر "3/ 114"، والوافي بالوفيات "2/ 61".

قَالَ: أبو النَّضْر الفاميّ: كَانَ عديم النّظير في العلوم خصوصًا فيعلم الحِفظ والتّحديث، وفي التَّقَلُّل مِن الدّنيا، والاكتفاء بالقوت، وحيدًا في الورع. وقد رَأَى بعض النّاس رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النّوم فأوصاه بزيارة قبر الجاروديّ. وقال: إنّه كَانَ فقيرًا سُنيًا. وقال بعضهم: هُوَ أوّل مَن سنّ بهراة تخريج الفوائد وشرْح الرجال والتّصحيح. وقال ابن طاهر المقدسيّ: سمعتُ أَبَا إِسْمَاعِيل عَبْد الله بْن محمد الْأَنْصَارِيّ يَقُولُ: سمعتُ الجاروديّ يَقُولُ دخلت إلى الطّبرانيّ فقرّبني وأدناني، وكان يتعسّر عليَّ في الأخذ، فقلت له: أيها الشيخ، تتعسر علي وتبذل للآخرين. قال: لأنك تعرف قدر هذا الشّأن. تُوُفّي الجاروديّ في الثّالث والعشرين من شوال سنة ثلاث عشرة. 107- محمد بْن أحمد بْن يوسف1. أبو بَكْر البغدادي الصياد. سمع: أبا بَكْر الشّافعيّ، وابن خلاد النَّصيبيّ، ومحمد بْن أحمد بْن محرم، وأحمد بْن جعفر بْن حمدان القَطِيَعيّ، وأحمد بْن جعفر بْن حمدان السقطي البصري. قال الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان ثقة صدوقًا. انتخب عليه ابن أبي الفوارس. وتُوُفّي فِي ربيع الأول. وكان مولده فِي سنة ثلاثٍ وثلاثين وثلاثمائة. 108- محمد بْن أحمد بْن زكريا. النَّيْسابوريّ الزاهد. 109- محمد بْن إبراهيم بْن ماهان. أبو بَكْر الفقيه. سَمِعَ بُبخارى مِن: خَلَف الخيّام. 110- محمد بْن طلحة بْن محمد بْن عثمان2. أبو الحَسَن النَّعَاليّ. مِن محدَّثي بغداد. قَالَ الخطيب: كَانَ يكتب معنا، ويتتبّع الغرائب. حدَّث عَنْ: أَبِي بَكْر الشّافعيّ، ومحمد بْن كوثر البَرْبَهاريّ، وحبيب القزاز، وأبي بكر القطيعي. كتبتُ عنه، وكان رافضيا. وسمعتُ الأزهريّ يَقُولُ إنه سمعه يلعن معاوية -رضي الله عنه-.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 378"، والمنتظم "8/ 11". 2 الأنساب "12/ 1141"، وميزان الاعتدال "3/ 588".

111- محمد بْن محمد بْن النُعمان البغداديّ1. ابن المعلّم، المعروف بالشّيخ المفيد. كَانَ راس الرّافضة وعالمُهُم. صنَّف كُتُبًا في ضَلالات الرّافضة، وفي الطَّعْن عَلَى السَّلَف. وهلك في خلق حتّى أهلكه الله في رمضان، وأراح المسلمين منه. وقد ذكره ابْن أَبِي طيء فِي "تاريخ الشيعة " فقال: هُوَ شيخ مشايخ الطّائفة، ولسان الإماميّة ورئيس الكلام والفِقْه والْجَدَل. كان أوحد في جميع فنون العلوم، الأصولين، والفقه، والأخبار، ومعرفة الرّجال، والقرآن، والتّفسير، والنَّحْو، والشَّعْر. ساد في ذَلِكَ كله. وكان يُناظر أهلَ كلّ عقيدة، مَعَ الجلالة العظيمة في الدّولة البُويهية، والرتبة الجسيمة عند الخلفاء العباسيين. وكان قويّ النَّفْس، كثير المعروف والصَّدَقة، عظيم الخُشوع، كثير الصلاة والصَّوم، يلبس الخَشِن مِن الثياب. وكان بارعًا في العلم وتعليمه، وملازمًا للمطالعة والفكْرة. وكان مِن أحفظ النّاس. ثمّ قَالَ: حدَّثني رشيد الدّين المازندرانيّ: حدَّثني جماعة ممّن لقيت، أنّ الشّيخ المفيد ما ترك كتابًا للمخالفين إلا وحَفِظه وباحَثَ فيه، وبهذا قدر عَلَى حلّ شُبَه القوم. وكان يَقُولُ لتلامذته: لا تضجروا مِن العِلْم، فإنّه ما تعسَّر إلا وهان، ولا يأبى إلا ولان. لقد أقصد الشّيَخ مِن الحَشويّة، والْجَبْريّة، والمعتزلة، فأذّل لَهُ حتى أخذ منه المسألة أو اسمع مِنه. وقال آخر: كَانَ المفيد مِن أحرص النّاس عَلَى التّعليم. وإن كَانَ لَيَدُور عَلَى المكاتب وحوانيت الحاكة، فيلمح الصبي الفطن، فيذهب إلى أَبِيهِ وأمّه حتّى يستأجره ثمّ يعلّمه. وبذلك كثُر تلامذته. وقال غيره: كَانَ الشّيخ المفيد ذا منزلةٍ عظيمةٍ مِن السّلطان، ربمّا زاره عضُد الدولة، وكان يقضي حوائجه ويقول لَهُ: اشفَعْ تشفع. وكان يقوم لتلامذته بكل ما يحتاجون إليه.

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 30" "8143"، والبداية والنهاية "12/ 15، 16".

وكان المفيد رَبْعَةً، نحيفًا، أسمر. وما استغلق عَليْهِ جوابُ معاندٍ إلا فزعَ إلى الصّلاة يسأل الله فييسّر لَهُ الجواب. عاش ستّا وسبعين سنة، وصنَّف أكثر مِن مائتي مصنَّف. وشيّعه ثمانون ألفًا. وكانت جنازته مشهودة. 112- محمد بْن الفضل1. أبو بَكْر المفسّر. تُوُفّي ببلْخ. 113- مُحَمَّد بْن عَلَى بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن رزين. أبو عَبْد الله الباشانيّ الهَرَويّ. تُوُفّي في شوّال. 114- محمد بْن منصور بْن عليّ. أبو طاهر البغداديّ، الشّاعر الأديب المعروف بالقطان، المقرئ. صحاب رسالة "التبيين في أصول الدين". روها عَنْهُ: أبو الحسين بْن المهتدي بالله، ووالد أبي الحسن بْن الطُّيُوريّ. وروى عَنْهُ مِن شِعْره أبو الفضل محمد بْن المهْديّ في مشيخته. وذكر أنّه مات في هذا العام. 115- محمود بْن عُمَر بْن جعفر بْن إِسْحَاق2. أبو سهل العُبكري. فارسيّ الأصل، سكن بغداد. وحدَّث عَنْ: أحمد بْن عثمان الأَدَميّ، وأبي سهل بْن زياد، وأبي بَكْر النّقّاش. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وذكره لي أحمد بْن عليّ البادا فقال: أدام الصّيام ثلاثين سنة، وليس هُوَ في الحديث بذاك، لأنّه روى كتاب "القناعة" لابن أبي الدّنيا، عَنْ شيخٍ لم يسمع منه، والشيخ عليّ بْن الفَرَج. "حرف الواو": 116- ولاد بْن عليّ3. أبو الصهباء التّميميّ الكوفيّ. قِدم بغداد، وحدث عَنْ: مُحَمَّد بْن علي بْن دُحيم الشيباني. روى عنه: الخطيب. "وفيات سنة أربع عشرة وأربعمائة" "حرف الألف": 117- أَحْمَد بْن الحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد. أبو عَبْد الله المقرئ الهمداني،

_ 1 حلية الأولياء "10/ 232، 233"، وطبقات المفسرين للسيوطي "38". 2 ميزان الاعتدال "4/ 78"، وتاريخ بغداد "13/ 95". 3 تاريخ بغداد "13/ 522".

إمام الجامع. ويُعرف بالصّائغ. روى عَنْ: أَبِي جعفر بْن بَرزة، والفضل الكِنْديّ، وأحمد بْن الحَسَن بْن ماجه، وأبي القاسم عَبْد الرحيم بن الحسن بن عُبيد، ومخلد بْن جعفر الباقَرْحِيّ، وعُبيد الله بْن أحمد بْن البوّاب، والحسين بْن محمد بْن عُبَيْد العسكريّ الدّقّاق، وأبي الفتح محمد بْن الحسين الأزْديّ. روى عَنْهُ: حمْد بْن سهل، وأبو الحسن بن حُميد، محمد بْن ينال الصُّوفيّ. قَالَ شِيرَوَيْه الحافظ: ونبا عَنْهُ يوسف الخطيب، ومحمد بْن الحسين الصُّوفيّ، وكان ثقة صدوقًا فاضلًا. مات في المحرَّم وصلى عَليْهِ ابنه طاهر. 118- أحمد بْن الحَسَن الدّمشقيّ الورّاق. حدَّث عَنْهُ: عليّ بْن أبي العَقِبَ، وغيره بديار مصر. تُوُفّي في صفر. روى عَنْهُ: خَلَف بْن أحمد الحوفي، وأبو عليّ الأهوازيّ، وأبو عَبْد الله القُضاعي. 119- أحمد بْن زيدان1. أبو العبّاس المقرئ. قَالَ الدّانيّ: بغداديّ، اقرأ النّاسَ ببيت المقدس. أخذ القراءة عَنْ أبي بكر بن مجاهد، وهو الَّذِي لقنه القرآن. توفي سنة أربع عشرة، وعُمر، ونيف على المائة. قاله لي مَن قرأ عَليْهِ مِن المغاربة مِن أصحابنا. 120- أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد بْن إسحاق بن قبيصة. أبو حامد المُولقباذي2. حدَّث عَنْ: أبي العبّاس الصبغيّ، وأبي الفضل أحمد بن إسماعيل الأزدي، وأبي عمرو بن مطر. ومات في ربيع الآخر. روى عنه أبو صالح المؤذن، وغيره. 121- أحمد بن محمد بن سليمان. أبو حامد البشري الهروي العدل. سمع: محمد بن أحمد بن قُريش المروروذي الذي يروي عَنْ عثمان بْن سَعِيد الدارمي، وأبا علي الرفاء.

_ 1 غاية النهاية "1/ 54، 55". 2 المولقباذي: هي محلة كبيرة على طرف الجنوب من نيسابور وراجع ترجمته في المنتخب من السياق "83"، وانظر الأنساب "11/ 527".

روى عَنْهُ: شيخ الإسلام الأنصاري، وأبو عطاء المليحيّ، ومحمد بْن الفَضْلويّ. تُوُفّي في شَعْبان. وقيّده ابن نُقطة بكسر الباء وسكون المثلَّثة. 122- إسماعيل بْن أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن السَّرْخَسِيّ الهَرَويّ1. أبو محمد القّراب. المقرئ العابد أخو الحافظ إِسْحَاق. كَانَ إمامًا في عدّة علوم، صنَّف التّصانيف، وكان قدوةً في الزُّهْد. سَمِعَ: أحمد بْن محمد بْن مقْسم ببغداد، وأبا بَكْر الإسماعيليّ بجُرْجان، ومنصور بْن العبّاس بهَرَاة. روى عَنْهُ: شيخ الإسلام، وأهل هَرَاة. وله مصنَّف في مناقب الشّافعيّ، وكتاب "درجات التّائبين". قَالَ الحافظ يوسف بن أحمد الشيرازي: كان في عدةٍ مِن العلوم إمامًا، منها الحديث. والقراءات، ومعاني القرآن، والفقه، والأدب. وله تصانيف كلّها في غاية الحُسْن. وله كتاب "الجمع بين الصحيحين". وكان في الزُّهْد والتَّقلُّل مِن الدّنيا آيةً، وفي الإمامة بلا نظير. فلم يجد سوقُ فضله بهراة نفاقًا. كان الصيت إذ ذاك ليحيى بْن عمّار. وكذا قَالَ أبو النّضر الفامي في تاريخه، وأكثر. قال أبو عمر بْن الصلاح: رَأَيْت كتابه "الكافي فِي علم القراءات " فِي عدة مجلدات. وهو كتابٌ ممتع مشتمل على علمٍ كثير. وقال في "مناقب الشّافعيّ": لقيتُ جماعةً مِن أصحاب ابن سُريجُ. وكان القرّاب قد تفقّه عَلَى الدّاركيّ عَبْد العزيز ببغداد. قلت: مات في شَعْبان مِن السُّنَّة. ومن شيوخه: محمد بْن عَبْد الله الشيرازي، وأبو عمرو بن حمدان، وعلي ابن عيسى العاصميّ، وأبو أحمد الغِطْريفيّ، ومَخْلَد بْن جعفر الباقَرْحِيّ، وبِشْر بْن أحمد الإسْفرائينيّ. روى كتابه في "درجات التأبين" عُمَر بْن كرم الديَنَوريّ بسماعه مِن أَبِي الوقْت السجْزيّ، قَالَ: أَنَا أَبُو عطاء عَبْد الأعلى بْن عبد الواحد بْن أحمد المُليحي، عنه.

_ 1 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 115"، وغاية النهاية "1/ 160"، وكشف الظنون "599، 745".

"حرف الباء": 123- بديع. فتي القاضي المَيَانِجِيّ روى عَنْ مولاه. روى عَنْهُ: عَبْد العزيز الكتّانيّ، وأبو سعد إسماعيل السّمّان. وثقه الكتّانيّ. وتُوُفيّ فِي ذي القعدة. "حرف التاء": 124- تمّام بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْن عَبْد الله بْن الجُنيد1. الحافظ أبو القاسم ابن الحافظ أبي الحسين البَجَليّ الرّازيّ ثم الدّمشقيّ، المحدَّث. وُلِد بدمشق سنة ثلاثين وثلاثمائة. وسمع مِن: أَبِيهِ، وخَيْثَمَة بْن سليمان، وأحمد بْن حَذْلَم القاضي، وأبي الميمون راشد، وأبي عليّ أحمد بْن محمد بْن فَضَالة، والحسن بْن حبيب الحصائريّ، وأبي يعقوب الأذرعيّ، ومحمد بْن حُمَيْد الحَوْرانيّ، وخلْق كثير. خرَّج عَنْهُمْ في فوائد. وقرأ القرآن عَلَى أحمد بْن عثمان غلام السّبّاك. روى عَنْهُ: عَبْد الوهاب الكِلابيّ أحد شيوخه الصَّفّار، وأبو الحسين المَيْدانيّ، والحسن بْن عليّ الأهوازيّ، والحسن بْن عليّ اللّبّاد، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأحمد بْن محمد العَتِيقّي، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الطّرائفيّ، وخلْق سواهم. قَالَ الكتّانيّ: تُوُفّي أستاذنا تمّام الحافظ لثلاثٍ خَلَوْن مِن المحرَّم سنة أربع عشرة. قَالَ: وكان ثقة، ولم أرى أحفظ منه في حديث الشّامييّن. وقال أبو عليّ الأهوازي: وما رَأَيْت مثله في معناه. كَانَ عالمًا بالحديث ومعرفة الرّجال. وقال أبو بَكْر الحدّاد: ما لقينا مثل تمّام في الحِفْظ والخير. "حرف الحاء": 125- الحَسَن بْن الفضل بْن سَهْلان2. الوزير أبو محمد. ولي وزارة العراق لسلطان الدّولة بْن عضُد الدّولة بعْد فخر المُلك. فكان ضعيف الصّناعة، قليل البضاعة، سريع الغضب، فاحشًا.

_ 1 شرح السنة للبغوي "5/ 443"، والأعلام "2/ 70". 2 البداية والنهاية "12/ 16"، والمنتظم "8/ 13".

ربما وثب ولَكَم بيده، ولكنّه يندم. وكان فيه شجاعة وهيبة وسخاء. انفحم المفسدون وانقمعوا بِهِ، فلم تُطل دولتُهُ، وكانت شهرين ونصف، وتُوُفّي. 126- الحسين بْن الحَسَن بْن محمد بْن حَلْبَس1. أبو عَبْد الله المخزوميّ الغَضَائريّ البغداديّ. سَمِعَ: محمد بْن يحيى الصُّوليّ، وإسماعيل الصَّفّار، ومحمد بْن البَخْتَرِيّ، وعثمان بْن السّمّاك، والنجاد. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان ثقة فاضلًا. مات في المحرَّم. قلتُ: وقع لنا جزء مِن حديثه عَنْ جماعة عَنْ الهمَدانيّ، عَنْ السلَفيّ، عَنْ أبي عَبْد الله الثقفيّ، عَنْهُ. وروى عَنْهُ: البَيْهَقيّ، وعبّاس بْن أحمد بْن بكر ابن الهاشميّ، وابن المهتدي بالله. وأمّا: الغَضَائريّ، شيخ الشيعة، فقد مر سنة إحدى عشرة. 127- الحُسَين بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن أَبِي كامل الأَطْرَابُلُسيَ القَيْسي2. البصْريّ الأصل، العدل. روى عن: أَبِيهِ، وعن: خال أبيه خَيْثَمَة، وابن حَذْلَم، وأبي يعقوب الأذرعي، وأبي ميمون بْن راشد، ومحمد بْن إبراهيم السّرّاج نزيل القدس. وسمع بمصر: عَبْد الله بْن الورد، وجماعة. انتقي عَليْهِ خَلَف الواسطيّ. وحدَّث عَنْهُ: طراد بْن الحسين بْن حمدان، ومحمد بْن علي الصوري، وعبد الرحيم بن أحمد البخاري، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو الحَسَن أحمد بْن أَبِي الحديد، وأبو الحَسَن بْن صَصْرَى، وجماعة. وتُوُفّي بأطْرابُلُس. وكان قد حدَّث قبل موته بدمشق. وثقه أبو بَكْر الحدّاد. 128- الحسين بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه3. أبو عليّ الرَّهاويّ المقرئ. قرأ القرآن لابن عامر عَلَى: أحمد بْن محمد الإصبهاني. وقرأ عَلَى غيره. وله مصنفات في القراءات. وحدَّث عَنْ: أحمد بْن صالح البغداديّ، قرأ عَليْهِ: أبو عليّ غلام الهرّاس. وحكى عنه: عبد العزيز الكتاني. وتوفي في رمضان.

_ 1 العبر "3/ 116"، والأنساب "9/ 155، 156". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 305"، ومعجم البلدان "1/ 217". 3 غاية النهاية "1/ 245، 246".

129- الحُسَين بْن محمد بْن الحسين بْن عَبْد بْن صالح بْن شعيب بْن منجَوَيْه الثَّقَفيّ1. أبو عبد اله الديَنَوريّ. تُوُفّي في ربيع الآخر بنَيْسابور. روى عن: هارون بْن محمد العطّار، وأبي بَكْر بْن السُّنّيّ، وبرهان الصُّوفيّ، وأبي عليّ الحسين بْن محمد بن حبش المقريء، وعبد الله بْن عبد الرَّحْمَن الدّقّاق الدّينَوِرِيَّيْن، وأبي الحسين بن أحمد بْن جعفر بْن حمدان الديَنَوريّ، وأبي بَكْر أحمد بْن جعفر بْن حمدان القَطِيَعيّ، وعيسى بْن حامد الرُّخَّجِيّ، وإسحاق بْن محمد النعَاليّ، وخلْق مِن الهمْدانيّين، وغيرهم. روى عَنْهُ: جعفر الأَبْهَري، وعبد الرحمن بْن أبي عَبْد الله بْن مَنْدَهْ، وسعْد بْن حمْد، ووالده سفيان وأبو بكر محمد، وأبو الفضل القُومساني، وأحمد بن عبد الله ابنا عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ، وأبو غالب بن قصار، وأبو الفتح ابن عَبْدُوس، وأبو نصر أحمد بْن محمد بْن صاعد، وعليّ بْن أحمد بْن الأخرم، وأبو صالح المؤذّن ومحمد بْن يحيى المُزَكّيّ، ومكّيّ بْن محمد بْن دُلير، وأحمد بْن الحسين الْقُرَشِيّ، وآخرون. قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ ثقة، صدوقًا كثير الرواية للمناكير، حسن الخطّ، كثير التّصانيف. ودخل همدان فقيرًا فجمعوا لَهُ وداسوه، ثمّ خرج إلى نَيْسابور ووقع لَهُ بها حِشْمة جليلة. وحدَّث عَنْهُ: أبو إسحاق الثّعلبيّ المفسّر. وقد تكلَّم فيه أَبُو الفضل بْن الفَلَكِي، وقال: ما سَمِعَ مِن عُبَيْد الله بْن شنبة. فخرج لذلك من همدن ساخطًا، فتبعه ابن فلكي ورجع عَنْ مقالته، واعتذر منه، فما قبل عُذره، وكان يدعوا عَلَى ابن الفلكيّ. 130- الحسين بْن محمد بْن الحَسَن2. أبو عَبْد الله الصُّوريّ النَّحْويّ الضّرّاب. حدَّث عَنْ: يوسف المَيَانِجِيّ. روى عَنْهُ: عَبْد الرّحيم الْبُخَارِيّ. وكان شيخ صور في العربيّة، والفقه.

_ 1 العبر "3/ 116"، وشذرات الذهب "3/ 200". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 359"، وبغية الوعاة للسيوطي "1/ 235، 236".

"حرف السين": 131- سُختكين شهاب الدّولة1. ولي أمرة دمشق للظّاهر خليفة مصر سنة اثنتي عشرة. وماتَ بدمشق في قصر السُّلطان في ذي القعدة سنة أربع عشرة. 132- سَعِيد بْن محمد بْن أحمد بْن حسين بْن مدرك. أبو عاصم الباشانيّ الهَرَويّ الزّاهد. روى عَنْ: حامد الرفاء. مسع: منه: شيخ الإسلام الأنصاريّ. 133- سهل بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن دينار2. أبو يحيى الديناري النيسابوري الجوهري. شيخ صالح، عابد، ثقة. لكنّه مُتَّهمٌ في المذهب. روى عن: الأصمّ، وأبي العبّاس القطّان، وأبي يحمد الشُعيبي. وعنه: أبو صالح المؤذّن، وغيره. "حرف الطاء": 134- طاهر بْن محمد بْن عليّ بْن هاموش. الزّاهد أبو محمد الهمَدانيّ البزّاز، الرّجل الصّالح. روى عن: إبراهيم بن محمد بن علي بن أبي حماد، وأبي أحمد الحسين بْن عليّ حُسينك، وشُعيب بْن عليّ القاضي. روى عَنْهُ: أبو سعْد محمد بْن عليّ بْن مموش، ويوسف الخطيب، وغيرهما. وكان بكَّاءً خائفًا خاشعًا، مِن أولياء الله. "حرف العين": 135- العباس بن عمر بن مروان3. أبو الحسن الكلوذاني: قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ عَنْ الصُّوليّ، وأبي جعفر بْن البَخْتَرِيّ، وكان رافضيا غير ثقة، فخرقت ما كتبت عَنْهُ. وقال ابن خَيْرون: حدَّث عَنْ المَحَامِليّ، وحمزة الهاشميّ. رافضيّ كذّاب، لم يكن له أصل. مات في رمضان.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 68"، وأمراء دمشق "37" للصفدي. 2 المنتخب من السياق "243" "770". 3 تاريخ بغداد "12/ 162"، وميزان الاعتدال "2/ 384".

136- عبد الله بن أحمد عَمْرو بْن أحمد بْن مُعَاذ1. أبو الحسين، ويقال: أبو العبّاس، العنْسيّ الدارانيّ. روى عَنْ: أبيه، وأبي الميمون بْن راشد، وأبي يعقوب الأَذْرَعيّ، وأبي الحسين بْن حَذْلَم. روى عَنْهُ: عليّ بْن محمد الحِنّائيّ، وأبو علي الأهوازي، وأبو محمد اللباد، وعبد العزيز الكتاني. وقال الكتاني: توفي بداريا في شوال، وكتب الكثير، وحدَّث بشيء يسير. ثقة مأمون. 137- عَبْد الله بْن الحَسَن بْن الخصيب. أبو محمد الإصبهاني الكرّانيّ. 138- عَبْد الجبّار بْن أحمد الهَمَذَانيّ2. القاضي شيخ المعتزلة. تُوُفّي بالرَّيّ في ربيع الآخر. وقيل: تُوُفّي سنة 15 كما سيأتي. 139- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان3.أبو عقيل السُّلَميّ الأسْتُوائيّ. ثقة، أصيل. روى عَنْ: الأصمّ، وأقرانه. ويُعرف بالمائقيّ. روى عَنْهُ: ابن أخته زَيْن الإسلام أبو القاسم القُشَيْريّ. قاله عَبْد الغافر في "السياق". 140- عَبْد الرَّحْمَن بْن هشام بْن عَبْد الجبّار بْن النّاصر لدين الله الأُمَوي المرواني4. أخو محمد المهدي. لما انهزم البربر عَنْ قُرْطُبَة مَعَ القاسم بْن حَمُّود الحَسَنيّ، اتفّق اهل قُرْطُبَة عَلَى ردّ الأمر إلى بني أُمَيَّة، وكانت دولتهم قد زالت مِن سنة سبعٍ وأربعمائة بابني حمّود، فاختاروا ثلاثة: عَبْد الرَّحْمَن هذا، وسليمان بن المرتضى، وآخر. ثم قدَّموا عَبْد الرَّحْمَن وبايعوه بالخلافة في رمضان مِن السُّنَّة، وله اثنتان وعشرون سنة. وكُنْيته أبو المطرف، ولقّبوه بالمستظهر بالله. ثمّ قام عَليْهِ أحد بني عمّه أبو عَبْد الرَّحْمَن محمد بْن عَبْد الرحمن مَعَ طائفةٍ مِن الغَوْغاء، فقُتل المستظهر لثلاثٍ بقين مِن ذي القِعْدة. وكان رحمه الله ذكيّا بليغًا فصيحًا مفوهًا، بارع الأدب رقيق الطَّبْع، جيّد النَّظْم. ووزَر أبو محمد بْن حزْم الظّاهريّ لَهُ تِلْكَ الأيّام. ولم يُعقب. ثمّ بويع أبو عَبْد الرَّحْمَن، فدام أمرُه عشرة أشهر، ولقّبوه بالمستكفي. ثمّ خُلِع ورجعَ الأمر إلى يحيى المعتلي، وسم أبو عبد الرحمن فهلك.

_ 1 تاريخ دمشق "7/ 288". 2 التدوين في أخبار قزوين "3/ 119 - 125"، والأعلام "4/ 47". 3 المنتخب من السياق "301، 302" "996". 4 جذوة المقتبس للحميدي "25، 26" وأعمال الأعلام "134".

141- عَقيل بْن عُبَيْد اللَّه بْن أحمد بْن عَبْدان1. أبو طَالِب الأزْديّ الدّمشقيّ الصَّفّار. سَمِعَ: ابن حَذْلَم، وأبا الميمون بْن راشد، وأبا بَكْر بْن معروف، والحافظ أبا الحسين الرّازيّ. روى عَنْهُ: عليّ بْن الخَضِر، وعبد العزيز الكتّانيّ، وجماعة. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. ووثّقه الكتّانيّ. 142- عليّ بْن أحمد بْن صُبيح2. أبو الحَسَن القاضي. سَمِعَ: أبا بَكْر الشّافعيّ، وجعفر بْن الحَكَم المؤدب. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان صدوقًا. 143- عليّ بْن بِشْرى بْن عَبْد الله3. أبو الحَسَن الدّمشقيّ العطّار. إمام مسجد ابن أبي الحديد. روى عَنْ: أبي عليّ بْن هارون، وعلي بْن أَبِي العَقِب، ومحمد بن إبراهيم بن مروان، وجمع بن القاسم، وخيثمة بن سليمان، لكن قال الكتّانيّ إنّه اتُّهم في خَيْثَمَة. روى عَنْهُ: أبو عليّ الأهوازيّ، ورشأ بْن نَظيف، وعبد العزيز الكتّانيّ، وعَربية الحلبيّة. وقال الأهوازيّ: سمعته يَقُولُ: أسْمَعَني والدي مِن خَيْثَمَة سنة ثلاثٍ وأربعين، ولي سبعُ سِنين. ووثّقه محمد بْن عليّ الحدّاد. توفي في صَفَر. روى عَنْهُ: عَبْد الغنيّ بْن سَعِيد، وإبراهيم بْن محمد الحِنَّائيّ، وأبو عَبْد الله محمد بن سلامة القُضاعي، وأبو عليّ الأهوازيّ، وأبو الحَسَن أحمد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي الحديد، وخلْق كثير مِن المغاربة والحُجاج. تُوُفّي بمكّة. قَالَ أبو الفضل بْن خيرون: تُكلم فيه. قَالَ: وقيل إنّه يكذب. وقال شِيرَوَيْه الدَّيْلَميّ: روى عَنْهُ: أبو منصور بْن عيسى، وأبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن شاذيّ، وثنا عَنْهُ بالإجازة: أبو القاسم الخطيب، وأبو القاسم بْن البصْريّ، وأبو الفتح بْن عبدوس.

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "28/ 33". 2 تاريخ بغداد "11/ 328، 329". 3 ميزان الاعتدال "3/ 115"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 310".

144- عَلَى بْن عَبْد الله بْن الحَسَن بْن جَهْضَم بْن سَعِيد1. أبو الحَسَن البُورانيّ الصوفيّ، نزيل مكّة، ومصنّف كتاب "بهجة الأسرار في أخبار القوم". حدَّث عَنْ: أَبِي الحَسَن عَليّ بْن إِبْرَاهِيم بْن سَلَمَةَ القَطَّان، وأبي سهل بن زياد القطان، وأحمد بن الحسن ابن عُتبة الرّازيّ، وأحمد بْن إبراهيم بْن عطيّة الحدّاد، وأحمد بْن عثمان الأَدميّ، وعبد الرَّحْمَن بْن حمدان الجلاب، وعلي بْن أَبِي العَقب، وأبي بَكْر بْن أَبِي دُجانة، وأبي بَكْر الرَّقيّ، وجُمح بْن القاسم المؤذّن، وطائفة. قَالَ: وكان ثقة، صدوقًا، عالمًا، زاهدًا، حسن المعاملة، مذكورًا في البُلدان، حسن المعرفة. وروى عَنْهُ أبو طالب محمد بْن عليّ العشاريّ. قرأتُ عَلَى الأَبَرْقُوهيّ: أَخْبَرَكُمْ أَحْمَدُ بْنُ مُطِيعٍ إِجَازَةً وَسَمَاعًا فِي غَالِبِ الظَّنِّ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيَّ الشيخ عبد القادر ابن أَبِي صَالِحٍ الْجَبَلِيُّ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ السَّقَطِيُّ، أَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى الْمَكِّيُّ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَهْضَمٍ الْهَمْدَانِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ، أنا أَبِي، أنا خَلَفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيُّ، حُميد الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه السلام: "رَجَبٌ شَهْرُ اللَّهِ، وَشَعْبَانُ شَهْرِي، وَرَمَضَانُ شَهْرُ أُمَّتِي"2، ثُمَّ ذَكَرَ فَضْلَ لَيْلَةِ صَلَاةِ الرغَائِبِ3. وَالْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ، وَلَا يُعرف إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ ابن جَهْضَمٍ. وَقَدِ اتَّهَمُوهُ بِوَضْعِ هَذَا الْحَدِيثِ. وقد رواه عَنْهُ عَبْد العزيز بْن بُندار الشّيرازيّ نزيل مكّة، وغيره. ولقد أتى بمصائب يشهد القلب ببُطلانها في كتاب: "بهجة الأسرار".

_ 1 الميزان "3/ 142، 143"، والأعلام "4/ 304". 2 "ضعيف": ذكره الشوكاني في الفوائد "47، 100، 439"، والزبيدي في الإتحاف "3/ 422"، والعجلوني في كشف الخفاء "1/ 510"، وابن الجوزي في الموضوعات "2/ 124، 205"، وراجع ضعيف الجامع الصغير وزيادته للألباني برقم "3094". 3 وصلاة موضوعة بالاتفاق.

145- عليّ بْن القاسم بْن الحَسَن البصْريّ1. أبو الحَسَن النّجّاد. هُوَ خاتمة مِن روى عَنْ أَبِي رَوْق الهِزّانيّ. كَانَ محدَّثًا عدلًا بالبصرة. حدث عنه: الخطيب، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي، والحسن بن عمر بن الحسن بن يونس الأصبهانيان، وطائفة سواهم. لم أظفر بموته، إلا أنه كان حيًا سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. ويروى أيضًا عَنْ أحمد بْن عُبَيْد الصَّفّار كتاب "السُّنَن" لَهُ. 146- عليّ بْن محمد بْن أحمد بن ميلة خُرة2. ويُعرف أبو محمد بماشاذه. أبو الحَسَن الإصبهانيّ الزّاهد، الفقيه الفَرَضيّ، أحد أعلام الصُّوفيّة. قَالَ أبو نُعيم: صحب أبا بَكْر عَبْد الله بْن إبراهيم بن واضح، وأبا جعفر محمد ابن الحسن، وزاد عليهما في طريقهما خُلقًا وفتوةً. جمع بي علم الظّاهر والباطن، لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لومةُ لائِمٍ. وَكَانَ يُنْكر عَلَى المتشبهه بالصُّوفيّة، وغيرهم مِن الْجُهّال فساد مقالتهم في الحُلول والإباحة والتّشبيه، وغير ذَلِكَ مِن ذميم أخلاقهم، فعَدَلوا عَنْهُ لمّا دعاهم إلى الحقّ جهلًا منهم وعنادًا. وأنفرد في وقته بالرّواية عَنْ: محمد بْن محمد بْن يونس الأبْهريّ، وأبي عَمْرو أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن حَكِيم، وأبي عليّ أحمد بْن محمد بْن إبراهيم المصاحفيّ، ومحمد بْن أحمد بْن عليّ الأسواريّ. وتُوُفّي يوم الفِطْر. قُلْتُ: أَخْبَرَنَا بِلَالٌ الْحَبَشِيُّ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ ظَاهِرٍ، أنا السِّلَفِيُّ، أنا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ قَالا: ثنا عَلِيُّ بْنُ مَاشَاذَهْ إِمْلَاءً، نا أَبُو عَلِيٍّ الصَّحَّافُ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيٍّ، نا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا سُفيان الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبير، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الكشرُ، وَلَكِنْ يقطعُها الْقَرْقَرَةُ"3. وروى أيضًا عَنْ: عَبْد الله بْن جَعْفَر بْن فارس، ومحمد بْن عَبْد الله بْن أسيدِ، وأبي عليّ أحمد بْن محمد بْن عاصم، وعبد الله بْن محمد بْن عيسى، وغِياث بن محمد، وأبي أحمد العسّال، وغيرهم. وأملي عدّة مجالس. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عبد الله

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 147". 2 حلية الأولياء "10/ 408"، والعبر "3/ 117"، وسير أعلام النبلاء "3/ 186". 3 "إسناده ضعيف": أورده الخطيب في تاريخ بغداد "11/ 345"، والذهبي في السيرة "3/ 188"، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى "2/ 252".

الثَّقَفيّ في "فوائده"، ورجاء بْن قُولويه، وأحمد بْن محمد ابنا عَبْد الله السُّوذَرْجَانيّ، وأبو الحسين سَعِيد بْن محمد الجوهريّ، وأبو نصر عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد السمْسار، وآخرون. قَالَ أبو بَكْر أحمد بْن جعفر اليَزْديّ: سمعتُ الإمام أبا عَبْد الله بْن مَنْدَهْ وقت قُدومه مِن خُراسان سنة إحدى وسبعين يَقُولُ، وعنده أبو جعفر ابن القاضي أبي أحمد العسّال وعدة مشايخ، فسأله ابن العسّال عَنْ أخبار مشايخ البلاد التي شاهدها، فقال: طِفتُ الشّرق والغرب، فلم أرَ في الدّنيا مثل رجُلين، أحدهما والدك القاضي، والثاني أبو الحَسَن عليّ بْن ماشاذه الفقيه. ومن عَزْمي أن أجعله وصبي، وأسلّم كُتبي أليه، فإنّه أهلٌ لَهُ. أو كما قَالَ. أخبرني إِسْحَاق الصَّفّار، أَنَا ابن خليل، أنا أبو المكارم، أنبا أبو عليّ، أَنَا أبو نُعيم في آخر كتاب "الحلية" قَالَ: ختم التّحُّقق بطريقة المتصوَّفة بأبي الحَسَن عليّ بْن ماشاذه لِما أوْلاه الله مِن فنون العِلم والسّخاء والفُتُوّة، كَانَ عارفًا بالله فقيهًا عاملًا، لَهُ مِن الأدب الحظ الجزيل رحمه الله. 147- علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن حسين بْن شاذان1. الحاكم أبو الحَسَن بْن السّقّا الإسْفرائينيّ الحافظ المُحدث، الثّقة. مِن أولاد الشّيوخ. سَمِعَ الكُتب الكبار، وأملي دهرًا. روى عَنْ: الأصمّ، وأبي عَبْد الله بْن الأخرم، وعلي بْن حَمْشاذ، وأبي عَبْد الله الصَّفّار الإصبهاني، وأبي الطَّيّب الشُعيري، وأبي الحَسَن الطّرائفيّ، وأبي منصور العَتكَيّ، وخلْق. ورحل فأخذ عَنْ: أبي سهل بْن زياد، والنّجّاد، ودَعْلَج، وجعفر بْن الخُلدي، وعبد الله الخُرَاسانيّ، وعبد الرحمن ابن الحَسَن الهمَدانيّ، وطائفة. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقيّ، وسِبْطه حكيم بْن أحمد الإسْفرائينيّ القاضي، وجماعة. تُوُفّي في هذه السّنة. 148- عليّ بْن محمد بْن عليّ بْن يعقوب2. أبو القاسم الإياديّ البغداديّ. سَمِعَ أبا بَكْر النّجّاد، وأبا بكر الشافعي، وحبيبًا القزاز، وجماعة.

_ 1 الوافي بالوفيات "22/ 74" "25] ". 2 تاريخ بغداد "22/ 97" "6525"، والأنساب "1/ 394، 395".

قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان ثقة يتفقّه عَلَى مذهب مالك. مات في ذي الحجّة. قلت: وروى عَنْهُ: القاسم بْن الفضل الثَّقَفيّ، وأهل بغداد. لَهُ جزء معروف بِهِ سمعه السبْط. 149- عُمَر بْن محمد بْن إبراهيم بْن عَبَّاس. أبو حفص الدُّوغيّ المَدِينيّ. تُوُفّي في شَعْبان. "حرف القاف": 150- القاسم بْن جعفر بْن عبد الواحد بْن العبّاس بْن عَبْد الواحد أبو جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّه ابن عَبَّاس بْن عَبْد المطلب1. القاضي أبو عُمَر الهاشميّ العبّاسيّ البصْريّ. سَمِعَ: عَبْد الغافر بْن سلامة الحمصي، وأبا العبّاس محمد بْن أحمد بْن الأثرم، وعلى بْن إِسْحَاق المادرائيّ، ومحمد بْن الحسين الزَّعْفرانيّ الواسطيّ، والحسين بْن يحيى بْن عيّاش القطّان، ويزيد بْن إسماعيل الخلال صاحب الرَّماديّ، وأبا علي الؤلؤي، والحسن بْن محمد بْن عثمان الفَسَويّ، وجماعة. وولد في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. رَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، وأبو بَكْر محمد بْن إبراهيم بْن عليّ الإصبهانيّ المستملي، وأبو عليّ الوَخْشيّ، وهنّاد بْن إبراهيم النَّسَفيّ، وسُليم بْن أيُوب الرّازيّ، والمسيَّب بْن محمد الأرْغِيانيّ، وعلي بْن أحمد التُّسْتَريّ، وأبو القاسم عبد الملك بن شغبة، وجعفر بْن محمد العَبّادانيّ، وآخرون. قَالَ أبو الحسن عليّ بْن محمد بْن نصر الديَنَوريّ ابن اللّبّان: سمعتُ "سُنَنَ أَبِي دَاوُد " عَلَى أبي عُمَر الهاشميّ بقراءتي ستّ مرّات. وسَمِعْتُهُ يقول: أحضرني والدي هذا الكتاب وأنا ابن ثمانِ سِنين، فأثبت حضوري ولم يثبت السَّماع، ثمّ أحضرني وأنا ابن تسعٍ، فأثبت حضوري ولم يُثبت السّماع، وسَمِعْتُهُ وأنا ابن عشر سِنين، فأثبت حينئذٍ سماعي. وقال الخطيب: كَانَ أبو عُمَر ثقة أمينًا، ولى القضاء بالبصْرة، وسمعتُ منه بها "سُنَنَ أَبِي دَاوُد" وغيرها. ومات في تاسعٍ وعشرين من ذي القعدة سنة 14.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 17"، والعبر "3/ 117".

"حرف اللام": 151- لَيْلَى بنت أحمد بْن مُسْلِم الولاديّ الإصبهانيّ1. أمُّ البَهَاء. تُوُفيَت في جُمَادَى الأولى، وصلى عليها ابنها. "حرف الميم": 152- محمد بْن أحمد بْن سميكة. القاضي أبو الفَرَج البغداديّ، الفقيه الشّافعيّ، روى عَنْ: النّجّاد، وغيره. وانتقى عَليْهِ ابن أَبِي الفوارس. 153- محمد بْن خُزَيْمة بْن الحسين. أبو عبد الله المصريّ الدّبّاغ البزّاز. عن: ابن حَيَّوَيْهِ النَّيْسابوريّ، وطبقته. ورّخه الحبّال. 154- محمد بْن الحسين بْن عُمَر2. أبو الحسين الحمصيّ الفَرَضيّ. ولى قضاء دمشق نيابة عَنْ القاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحسين النَّصيبيّ. وسمع مِن: أَبِي عَبْد الله بْن مروان، وأبي طاهر محمد بْن عَبْد العزيز الفقيه، والقاضي المَيَانِجِيّ، وأبي زيد المَرْوَزِيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: عَلَى الحِنَّائيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو نصر بْن طلاب، وآخرون. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 155- محمد بْن طاهر بْن يونس بْن جعفر. أبو الفتح الدّقّاق. والد حمزة الحافظ. حدَّث عَنْ: أَبِي بَكْر القَطِيَعيّ، وغيره. روى عنه: ابناه حمزة والحسين، وابن أخته أبو طَالِب العشاريّ، وأبو الفضل محمد بْن المهتدي بالله. وُلِد سنة أربعٍ وأربعين وثلاثمائة، وأبيضّت لِحْيَة ابنه حمزة قبله، فكانوا يحسبون الأبَ هُوَ الابن. تُوُفّي رحمه الله فِي سلْخ رجب. 156- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عمرو بْن مهْديّ3. أبو سَعِيد النّقّاش الأصبهانيّ، الحافظ الحنْبليّ. سَمِعَ مِن: جدّه لأُمّه أحمد بْن الحسين بْن أيّوب التّميميّ، وأحمد بْن مَعْبَد، وعبد اللَّه بْن فارس، وعبد الله بْن عيسى الخشاب، وأبي أحمد العسال،

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 367". 2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "37/ 403". 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 308"، هدية العارفين "2/ 62"، ومعجم المؤلفين "11/ 32".

وأحمد بن إبراهيم بن يوسف، وسليمان الطبراني، وجماعة سنة نيفٍ وأربعين وثلاثمائة. ثمّ رحل إلى بغداد فسمع مِن: أَبِي بَكْر الشَّافِعِيّ، وَمحمد بن الحَسَن بْن مقسم المقرئ، وعمر بْن سَلْم، وأبي عليّ بْن الصَّوّاف، ومحمد بْن عليّ بْن حُبَيْش الناقد، ومحمد بن علي بن محرم، وطبقتهم. وسمع بالبصرة مِن: إبراهيم بْن عليّ الهُجَيْميّ وهو أكبر شيخ لِقَيه في الرّحلة. وسمع مِن: فاروق الخطّابي، وحبيب القزّاز. وبالكوفة من: أصحاب مُطَيَّن، وبَدين بْن جَنَاح المُحَاربيّ القاضي، وصبّاح بْن محمد النَّهْديّ، وعبد الله بْن يحيى الطَلْحيّ. وبمَرْو مِن: حاضر بْن محمد الفقيه، وجماعة. وبجُرْجان مِن: أَبِي بَكْر الإسماعيلي، وجماعة منهم إسماعيل بْن سَعِيد الخيّاط. وبهَرَاة مِن: أبي حامد أحمد بْن محمد ابن حسْنُوَيْه، وأبي منصور محمد بن أحمد بْن الأزهر اللغوي. وبنهاوند، وهمدان ونَيْسابور، والديَنَور، سَمِعَ بها مِن ابن السُّنّيّ. وبالحجاز، وإسْفرائين، ومَرْو الرُّوذ، وعسكر مُكْرم. وأملي وجَمَع في الأبواب، وغير ذَلِكَ. وحدَّث بالكثير روى عَنْهُ: أحمد بْن عَبْد الغفار بْن أشتة، والفضل بْن عليّ الحنفيّ، وأبو مطيع محمد بْن عَبْد الواحد المصريّ، وخلْق كثير. وكان مِن الثّقات المشهورين. تُوُفّي فِي رمضان 157- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الحسين الباشانيّ الهَرَويّ. الثّقة، الرّضا. تُوُفّي في صفر، وله مائةٌ وستّ سنين. روى عَنْ: أَبِي إِسْحَاق أحمد بْن محمد بْن ياسين الحافظ، ومحمد بْن إبراهيم بْن نافع. روى عَنْهُ: شيخ الإسلام أبو إسماعيل، وجماعة. 158- محمد بْن عليّ بْن مَمُّوَيْه. أبو بَكْر الأصبهانيّ الواعظ، المفسّر المعروف بالجمّال. قَالَ محمد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق: كَانَ ملك العلماء في وقته بإصبهان. 159- محمد بْن عليّ بْن العبّاس بْن جمعة. أبو طاهر الخفّاف العَدْل. تُوُفّي بخُراسان فِي جُمَادَى الأولى. 160- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن ربيع بْن عَبْد الله بْن ربيع بْن بنّوش. أبو عبد التّميميّ القُرْطُبيّ، وُلِد القاضي أَبِي محمد. روى عَنْ: أَبِيهِ، وأبي عُمَر أحمد بْن

خَالِد التّاجر، وعباس بْن أَصْبَغ وأبي جعفر بْن عَوْن الله. وكان نبيلًا مجتهدًا، قائمًا بالرّواية، متقنًا. حدَّث عَنْهُ: الخَوْلانيّ. ومات في حياة أَبِيهِ. 161- محمد بْن عُمَر بْن هارون. أبو الفضل الكوكبيّ الإصبهانيّ، الأديب. تُوُفّي في رجب. 162- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الجرجاني1. نزيل أسترباذ، وهي على مرحلة من جرجان. روى عن: نُعَيْم بْن عَبْد المُلْك، وهارون بْن أحمد الأستراباذيّ وغيرهما. "حرف الهاء": 163- هلال بْن محمد بْن جعفر بْن سَعْدان بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن ماهوَيْه بْن مِهْيار بْن المَرْزُبان2. أبو الفتح الكَسْكَرِيّ، ثمّ البغداديّ الحفّار. وُلِد سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. سمع مِن: ابن عيّاش القطّان، وعلي بْن محمد المصري الواعظ، وابن البَخْتَرِيّ، وإسماعيل الصَّفّار، وعثمان بْن السّمّاك، وجماعة. قَالَ الخطيب: مات في صفر، وكان صدوقًا. كتبنا عَنْهُ. وروى عَنْهُ: أبو نصر عُبَيْد الله السجْزيّ، وأبو بَكْر البَيْهَقيّ، وهبة الله بْن عَبْد الرّزّاق الأنصاريّ، والقاسم بن فضل الثَّقَفيّ، وطراد بْن محمد الزَّيْنبيّ، وخلْق كثير. وآخر مِن روى بالإجازة حديث الحفّار بعلوٍ زين الدين محمد بْن عَبْد الدائم عَنْ خطيب الموصل، إجازة عَنْ طراد. 164- الهيصم بْن محمد بْن إبراهيم. أبو عليّ البُوشنجي الشَّعْبِيّ. تُوُفّي ببوشَنْج يوم العيد. "حرف الياء": 165- يحيى بْن إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى3. أَبُو زكريّا بْن المُزَكّيّ أَبِي إِسْحَاق. مُسند نَيْسابور وشيخ التَّزْكية. كَانَ ثقة نبيلًا زاهدًا صالحًا، ورعًِا متقنًا. وما

_ 1 تاريخ جرجان للسهمي "456". 2 تاريخ بغداد "14/ 75"، والمنتظم "8/ 15"، والبداية والنهاية "12/ 17". 3 التقييد لابن النقطة "483"، والعبر "3/ 118".

كَانَ يحدَّث إلا وأصله بيده يُقابل بِهِ. وعقد الإملاء مدّة، وقُرئ عَليْهِ الكثير. وقد تفقه على الأستاذ أبي الوليد. روى عن: أبي العباس الأصم، وأبي عبد الله محمد بْن يعقوب الأخرم، وأبي الحَسَن أحمد بْن محمد بْن عَبْدُوس، والحسن بْن يعقوب البُخاري، وأبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي الفقيه، وطائفة مِن النَّيْسابوريّين، وأبي سهل بْن زياد، وأحمد بْن سلمان النّجّاد، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخُراساني، وأحمد بْن كامل القاضي، وأحمد بْن عثمان الأَدَميّ البغداديّين، ومحمد بْن عليّ بْن دُحيم الكوفي، وجماعة كثيرة. وانتقى عَليْهِ الحافظ أبو بَكْر أحمد بْن عليّ الإصبهاني، وغيره. وحدَّث عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقيّ في جميع كُتبه، وأبو صالح المؤذّن، وعثمان بْن محمد المحمي، وعلي بن أحمد المؤذن بن الأخرم، وهبة الله بْن أبي الصهْباء، وابنه أبو بَكْر محمد بْن يحيى، والقاسم بْن الفضل الثَّقَفيّ، وآخرون. مات في ذي الحجّة. 166- يحيى بْن إبراهيم بْن مُحارِب. أبو محمد السَّرَقُسْطيّ1. روى عَنْ: عَبْدُوس بْن محمد، وحجَّ فروى عَنْ أَبِي القاسم السَّقَطيّ صاحب إسماعيل الصَّفّار. وكان فاضلًا زاهدًا، يُقال كَانَ مُجاب الدّعوة. وله كتاب صفة الجنّة. روى عَنْهُ: قاسم بْن هلال، وعُمر بْن كُريب، وموسى بن خلف، ووضاح بن محمد السرقسطي. "وفيات سنة خمس عشرة وأربعمائة ": "حرف الألف": 167- أحمد بْن أحمد بْن يوسف2. أبو صادق الدُّوغيّ الجُرجاني البّيع. سَمِعَ وطوّف، وطال عمره. وحدَّث عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن عبيد الهمذاني، ودَعْلَج بْن أحمد، وأبي بَكْر الشّافعيّ، وحامد الرّفّاء، وعبد الله بن عدي. قال الحافظ علي بن محمد الزبحي: لم أرزق السماع منه، وكان يجلس بجنبي في مجلس ابن معمر.

_ 1 "السرقسطي": وهي بلدة مشهورة بالأندلس وراجع "معجم البلدان "3/ 212". 2 تاريخ جرجان للسهمي "123" "109".

روى عنه: أبو مسعود البجلي، وأقراننا. ومات في جُمادى الآخرة. 168- أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن شبيب1. أبو نصر الفامي الشبيبي الخندقي. قال عبد الغافر: شيخ ثقة معروف، يكتب الأمالي على كبر السن. وحدَّث عَنْ: الأصمّ، وأبي عَبْد الله بْن الأخرم، وأبي حسن الكارِزِيّ، وأبي الوليد الفقيه. ثنا عَنْهُ جماعة. تُوُفّي في ذي القعدة. قلتُ: روى عَنْ: أَبِي نَصْر أبو الحَسَن المَدينيّ ابن الأخرم، والبَيْهَقيّ. 169- أحمد بْن عليّ بْن أحمد بْن مُعاذ2. أبو الحسين المُلقباذي التّاجر. شيخ ثقة مستور، مجاورًا بالجامع بنَيْسابور. ويُقال: إنّه مِن ذُرّيّة مُعَاذ بْن جَبَل. حدَّث عَنْ: أبي محمد الكَعْبيّ، ويحيى بْن منصور القاضي، وأبي بكر محمد بن المؤمل. وعنه: أبو صالح المؤذن. 170- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد3. أَبُو عَبْد الله القُرشي، الدمشقي، الرُماني النحوي. المعروف بالشرابي. الأديب. حدث بكتاب "إصلاح المنطق" ليعقوب بن السكيت، عَنْ أَبِي جعفر محمد بْن أحمد الجُرجاني. وسمع مِن: عَبْد الوهّاب الكِلابيّ. روى عَنْهُ: أبو نصر بن طلاب الخطيب. توفي في دمشق في ربيع الآخر. 171- أحمد بْن عُمر بْن عثمان1. أبو الفَرَج ابْن البَغْل. بغداديّ، سَمِعَ مِن: جعفر الخُلدي، وأبي بَكْر النّجّاد. قَالَ الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقا. 172- أحمد بن الفضل5. أبو منصور النُعيمي الْجُرْجانيّ الحافظ. عَنْ: ابن عَدِيّ، وأبي بَكْر الإسماعيليّ، وأبي أحمد الغطريفي، وأبي أحمد الحاكم، وأبي عمر الحِيريّ، ونصر بْن عَبْد المُلْك الأندلسيّ، وغيرهم. وصنَّف كتابًا في أخبار الخيْل، وله في الحديث مصنَّف سمّاه "المُجتنى". مات في شوّال. قاله ابن ماكولا.

_ 1 المنتخب من السياق "82، 83" "178". 2 المنتخب من السياق "98" "215". 3 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 411"، ومعجم الأدباء "3/ 270". 4 تاريخ بغداد "4/ 294". 5 الأنساب "12/ 120"، تاريخ جرجان "123".

173- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن القاسم بْن إسماعيل الضّبّيّ المَحَامِليّ1. الفقيه الشّافعيّ أبو الحَسَن. درس الفِقْهَ عَلَى الشَّيْخ أَبِي حامد. وكان عُجبًا في الذَّكاء والفَهْم، صنَّف في الفقه كتاب " المجموع"، وهو كتابٌ كبير، وكتاب "المقنع" في مجلَّد، وكتاب "الُلباب"، وغير ذَلِكَ. وصنَّف في الخلاف كثيرًا. وسمع مِن: الحافظ محمد بْن المظفَّر، وطبقته. ورحل بِهِ أَبُوهُ إلى الكوفة فسمّعه مِن ابن أَبِي السَّريّ البكّائيّ. وُلِد سنة ثمانٍ وستين وثلاثمائة. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، وحضر دروسه. وقال الشّريف المرتضى أبو القاسم عليّ بْن الحسين المُوسوي: دخل عليَّ أبو الحَسَن المَحَامِليّ مع الشيخ أبي الحامد، ولم أكن أعرفه، فقال لي الشيخ أبي حامد: هذا أبو الحَسَن بْن المَحَامِليّ، وهو اليوم أحفظ للفقه منيّ. وقال الشَّيْخ أبو إِسْحَاق في "الطبقات": تفقَّه أبو الحَسَن عَلَى الشيخ أبي حامد الإسْفرائينيّ وله عَنْهُ تعليقة تُنْسب إِليْهِ، وله مصنَّفات كثيرة في الخِلاف والمَذْهب، ودرس ببغداد. قلت: وتُوُفّي في ربيع الآخر، وتُوُفّي أبوه سنة سبعٍ كما مرَّ. 174- أحمد بْن محمد بْن الحاجّ بْن يحيى2. أبو العبّاس الإشبيليّ الشّاهد. نزيل مصر. رحل في صغره، وسمع: عثمان بْن محمد السَّمَرْقَنْديّ، والحسن بْن مروان القَيْسَرانيّ، وأبا عليّ بْن هارون، وأبا القاسم عليّ بْن أبي العَقِب، وأحمد بْن محمد بْن عُمارة، وأبا الفوارس أحمد بْن محمد بْن عُتبة الرّازيّ، والعبّاس بْن محمد الرّافقيّ، وأبا بَكْر أحمد بْن عَبْد الله بْن أَبِي دُجانة الدّمشقيّ، وخلقًا سواهم بمصر، والشّام. روى عنه: أبو نصر عُبَيْد الله بْن سعيد الوابلي، وعبد الرّحيم بْن أحمد الْبُخَارِيّ، وأبو عَبْد الله القُضاعي، وأبو إسحال الحبّال، وأبو الحَسَن الخِلَعيّ، وطائفة مِن المغاربة. وقع لنا حديثه عاليا. وخرّج لَهُ أبو نصر المذكور أجزاءً كثيرة، وأثني عَليْهِ الحبّال وقال: مات في صفر.

_ 1 تاريخ بغداد "4: 372"، والمنتظم "8/ 17"، والعبر "3/ 119". 2 مسند الشهاب للقضاعي "1/ 171"، وشذرات الذهب "3/ 202".

175- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل1. أبو بَكْر الحربيّ، المؤدب، المؤذّن. كَانَ حَجّاجًا، كثير التّلاوة. وسمع مِن: النّجّاد. 176- أحمد بْن محمد بْن أَبِي أسامة2. القاضي أبو الفضل الحلبيّ. أحد كُبراء حلب. قبض أسد الدّولة صالح بْن مرداس متولّي حلب عَليْهِ، ودفنه حيّا بقلعة حلب. قَالَ الصّاحب أبو القاسم بْن العديم: ولمّا حفر المُلْك العزيز أساسَ داره بالقلعة سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ظهر لهم مطمورةٌ مُطبقة، وفيها رجلٌ في رِجْلَيه لبنةُ حديد، فلا أشك أنّه هُوَ. وهو أحمد بْن محمد بْن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بُهْلُول بْن أَبِي أسامة. حدَّث عَنْ: أَبِي أسامة جُنَادَة بْن محمد. وسمع بحلب من أخيه عبيد الله، ومن: سليمان بن محمد بن سليمان التّنُوخيّ. روى عَنْهُ: القاضي أبو الحسين أحمد بْن يحيى بْن أبي جَرادة قاضي حلب. ولى ابن أبي أُسامة قضاء حلب، وتمكّن في أيّام سديد الدّولة ثُعبان بْن محمد الكتّاميّ أمير حلب، وموصوف الصَّقْلبيّ والى القلعة. وكانا يرجعان إلى عقلة ورأيه. فلمّا حضر نوّاب صالح كَانَ ابن أبي أُسامة في القلعة، فتسلّمها نوّاب صالح وقتلوا موصوفًا وابن أَبِي أسامة. وقيل: بل دفنوه حيّا. 177- أحمد بن محمد بن موسى3. أبو الحسين البغدادي الخياط. سمع منه أبو بَكْر الخطيب في هذا العام عَنْ عَبْد الصّمد الطّسْتي، والنّجّاد، ووثَّقُه. 178- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن الحَسَن4. أبو الفَرَج ابن المُسْلِمَة، البغدادي العدل.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 363" "2221". 2 زبدة الحلب لابن العديم "1/ 222". 3 تاريخ بغداد "5/ 96" "2492". 4 المنتظم "8/ 16، 17"، والبداية والنهاية "12/ 17".

سَمِعَ: أَبَاهُ، وأحمد بْن كامل القاضي، وأبا بَكْر النّجّاد، وابن علم، ودَعْلَج بْن أحمد. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، يُملي كلَّ سنةٍ مجلسًا واحدًا في المحرَّم. وكان موصوفًا بالعقل والفضْل والبِر. وداره مألفٌ لأهل العلم. وُلِد سنة سبعٍ وثلاثين وثلاثمائة، وكان صوّامًا كثير التّلاوة. تُوُفّي في ذي القعدة رحمه الله. روى عَنْهُ: الخطيب، وطراد الزَّيْنَبيّ، وجماعة. وكان قد تفقّه عَلَى أَبِي بَكْر الرّازيّ الحنفيّ. وكان يصوم الدَّهر، ويتهجَّد بِسبع القرآن. قَالَ الخطيب: حدَّثني رئيس الرُّؤساء أبو القاسم الوزير قَالَ: كَانَ جدّي يختلف إلى درس أَبِي بَكْر الرّازيّ. وقال لي الوزير إنّه رأى في النَّوم أبا الحَسَن القُدوري. فقال لَهُ: كيف حالك؟ فتغّير وجهه وطال، وأشار إلى صعوبة الأمر. قلت: كيف حال الشَّيْخ أَبِي الفَرَج؟ يعني جَدّه. قَالَ: فعاد وجهه إلى ما كَانَ، وقال: ومن مثل الشَّيْخ أَبِي الفرج؟ ذاك. ثمّ رفعَ يده إلى السّماء. فقلتُ في نفسي: يريد {وهُم فِي الغُرفاتِ آمِنُون} [سبأ: 37] . 179- أحمد بْن محمد بْن الصّابونيّ. أبو الحَسَن البغداديّ. سَمِعَ: عُمَر بْن جعفر بْن سَلْم، وأبا بَكْر الشّافعيّ. 180- أحمد بْن يحيى بْن سهل1. أبو الحسين المَنْبِجيّ الشاهد المقرئ النَّحْويّ. نزيل دمشق. حدَّث عَنْ: أبي عبد الله محمد بن إِبْرَاهِيم بن مروان، ونظيف بن عبد الله المقرئ، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن مُحَمَّد الحنائي، وعلي بن محمد بن شجاع الربعي، وعلي بن الخضر السُلمي، وأبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني. ووثقه الكتاني.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 112، 113"، وبغية الوعاة "1/ 395".

181- إبراهيم بن أحمد. أبو إسحاق السمان. سمع: الإسماعيلي، وغيره. 182- أسد بن القاسم1. أبو الليث الحلبي المقرئ. إمام مسجد النخاسين بدمشق. حدث عَنْ: الفضل بْن جعفر المؤذن، ويوسف المَيَانِجِيّ. روى عَنْهُ: أبو سعْد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وجماعة. "حرف الحاء": 183- الحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم. أبو عليّ الصقِلّيّ المقرئ. رحل، وقرأ القراءات عَلَى: أَبِي الطَّيّب بْن غَلْبُون، وعُمر بْن عراك، وأبي عَبْد الله بْن خُراسان. قَالَ أبو عَمْرو الدّانيّ: كَانَ رجلًا صالحًا ذا حفظ ومعرفة، وصدق. توفي بصِقِلية. 184- الحسين بْن سَعِيد بْن مهنّد2 بْن مَسْلمة. أبو علي الطائي الشيزري. حدث عن: يوسف الميانجي، وأبي عبيد الله بْن خالَوَيْه النَّحْويّ، وشاكر بْن دَعيّ. روى عَنْهُ: عليّ الحِنَّائيّ، وأبو سَعْد السّمّان، وأبو القاسم عليّ بْن محمد المَصيصيّ، وغيرهم. قَالَ الكتّانيّ: تُوُفّي في رمضان. وكان يُتهم بالتَّشَيُّع. ولم أر في عبادته وورعه مثله. 185- الحسين بْن عَبْد الواحد الحذّاء المقرئ المجوّد3. بغداديّ. حدَّث عَنْ: أحمد بْن جعفر بْن سلم الخُتلي. 186- الحسين بن علي ابن الإسكاف. سَمِعَ النّجّاد، وغيره. وحدَّث في هذه السنة، وانقطع خبره.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 466". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 299"، ومعجم البلدان "3/ 383". 3 تاريخ بغداد "8/ 61".

"حرف الزاي": 187- زكريّا بْن يحيى بْن أفلح1. أبو يحيى التّميميّ القُرطبي. ويُعرف بابن العَنَّان. روى عن: أبي عبد الله بن مُفرج. روى عَنْهُ: قاسم بْن إبراهيم الخَزْرجيّ. 188- زيادة بْن عليّ2. التّميميّ النَّحْويّ. نزيل قُرْطُبَة. كَانَ كبير القدر في علوم اللسان، محكمًا للعربية. أخذ النّاس عَنْهُ بقُرْطُبَة. "حرف العين": 189- عَبْد الله بْن ربيع بْن عَبْد الله بْن محمد بْن ربيع بْن صالح3. أبو محمد التميمي القرطبي. روى عَنْ: أَبِي بَكْر محمد بْن معاوية، وأحمد بْن مُطرف، وأحمد بْن سَعِيد الصدفيّ، وأبي عَبْد الله بْن مُفَرج، وجماعة كثيرة. وحجَّ في الكُهُولة سنة إحدى وثمانين. وسمع مِن: أَبِي بْن المهندس، وأبي محمد بْن أَبِي زيد الفقيه. وكان ثَبْتًا صالحًا، دينًا قانتًا، يُعرف بابن يَنّوش. حدَّث عَنْهُ: محمد بْن عَتّاب، وأبو محمد بن حزم، وأبو عمر المهدي المقرئ، وجماعة. ولد سنة ثلاثين وثلاثمائة. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وكان ملازمًا للاشتغال. 190- عَبْد الله بْن محمد بْن عَقِيل4. أبو عَبْد الله الباوَرِديّ. حدَّث عَنْ: أحمد بْن سَلْمان النّجّاد. روى عَنْهُ: أبو مطيع محمد بْن عَبْد الواحد، والإصبهانّيون. مات في رمضان. ومن رواته: أحمد بْن أشْتَة. وهو أَبِيَوَرْدِيّ غُير فقيل البَاوَرْدِيّ. سكن إصبهان. وقع لنا حديثه بعلو. وهو معتزلي، جلد، محترق. قَالَ يحيى بْن مَنْدَهْ: ثنا عمّى عَبْد الرحمن قال: كتبتُ جزءين فقال لي: مِن لم يكن عَلَى مذهب الاعتزال فليس بمسلم. فمزّقت ما كتبتُ عَنْه. قلت: كَانَ الاعتزال في زمانه فاشيا بالعراق والعجم.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 191" "436". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 192". 3 انظر المصدر السابق. 4 الأنساب "2/ 65".

191- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن مسعود1. أبو بَكْر السُّكّريّ. خُراساني، نيسابوري، ثقة. سَمِعَ: الأصمّ، وأبا حامد الحَسْنَويّ المقرئ، وأبا بَكْر محمد بْن المؤمّل، ويحيى بْن منصور. وببغداد: أبا عليّ بْن الصّوافّ، وابن خلاد النّصيبيّ. وبمكّة: أبا إِسْحَاق الدُبيلي. روى عَنْهُ: محمد بْن يحيى المُزَكّيّ، ومنصور بْن إسماعيل بْن صاعد، وأبو صالح المؤذّن. وتُوُفّي في شوّال. 192- عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن الخليل2. القاضي أبو الحَسَن الهمَدانيّ الأَسَداباذيّ. شيخ المعتزلة، وصاحب التّصانيف. عاش دهرًا طويلًا، وكان فقيهًا شافعيّ المذهب. سمع مِن: أبي الحَسَن بْن سَلَمَة القطّان، وعبد الرَّحْمَن بْن حمْدان الحلاب، وعبد الله بْن جعفر بْن فارس، والزُّبَيْر بْن عبد الواحد الأسداباذيّ. روى عَنْهُ: أبو القاسم عليّ بْن المحسّن التَّنُوخيّ، والحسن بْن عليّ الصَّيْمُريّ الفقيه، وأبو يوسف عَبْد السّلام بْن محمد القَزْوينيّ المفسّر المعتزلي، وآخرون. ولى قضاء الرّيّ وبلادها. ورحلت إِليْهِ الطَّلبة، وسار ذكره. رحم الله المسلمين. وله تصانيف مشهورة. مات في ذي القعدة، وقد شاخ. 193- عَبْد الرَّحْمَن بن الحسين بن الحسن ابن الشّيخ أَبِي القاسم عليّ بْن يعقوب بْن أَبِي العَقِب3. الهمَدانيّ الدّمشقيّ أبو القاسم. روى عن: جده أبو القاسم عليّ، وأبي عَبْد الله بْن مروان. روى عنه: علي ابن الخَضِر الزّاهد، وأبو القاسم الحِنَّائيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ. وقال: كان ثقة مأمونًا. تُوُفِّي فِي جُمادى الآخرة. 194- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي الميمون بن راشد4. البجلي

_ 1 المنتخب من السياق "273" "892". 2 تاريخ بغداد "11/ 113"، والأعلام "4/ 47". 3 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "33/ 71". 4 انظر المصدر السابق.

الدّمشقيّ. روى عَنْ: القاضي المَيَانِجِيّ. روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن أحمد الْبُخَارِيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ. 195- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن جعفر بْن المؤمن1. أبو القاسم التّميميّ العطّار البغداديّ، والمعروف بابن شَبّان مِن ساكني البصرة. سَمِعَ: نعمان بْن السّمّاك، وأبا بَكْر النّجّاد، وابن قانع. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا. توفي في رمضان. قلت: روى عَنْهُ أبو بَكْر البَيْهَقيّ. 196- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن ممّجة. أبو سعْد التّميميّ الإصبهانيّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل. وكان يعرف ويفهم. روى عَنْ: أَبِي الشَّيْخ، والقَبّاب. رحل وطَّوف، وأكثر. رحمه الله. 197- عَبْد الواحد بْن عُبَيْد الله بْن الفضل بْن شهريار الإصبهانيّ2. التّاجر أبو عليّ. محتشم نبيل، خيّر. كتب عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ. تُوُفّي في رجب. 198- عَبْد الوهّاب بْن عَبْد المُلْك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الصمد بْن المهتدي بالله3. أبو طَالِب الهاشميّ العبّاسي الفقيه. شامي، يروي عَنْ: أَبِي عَبْد الله بْن مروان الدّمشقيّ، وغيره. روى عَنْهُ: الخَضِر بْن عُبَيْد الله المُرّيّ، وعبد العزيز الكتاني وقال: تُوُفّي في رمضان. وكان فقيهًا يذهب4 إلى مذهب الأشعريّ. 199- عبد الوهّاب بْن محمد بْن أيّوب5. أبو زُرْعة الأَرْدَبِيليّ. مات في رجب. 200- عُبَيْد الله بن عبد الله بن الحسين6.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 467" "5644". 2 ذكر أخبار أصبهان "2/ 106". 3 تبيين كذب المفتري "240". 4 وكان فقيها يذهب إلى مذهب الأشعري. 5 الأنساب "1/ 177". 6 تاريخ بغداد "10/ 382، 383"، والمنتظم "8/ 18".

أبو القاسم ابن النّقيب البغداديّ الخفّاف. رَأَى الشبْليّ، وسمع: أبا عَبْد الله بْن عَلَم الصَّفّار، وأبا طَالِب بْن البُهْلُول. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وسماعه صحيح. وكان شديدًا في السُّنَّة. قَالَ لي. ولدت سنة خمسٍ وثلاثمائة، وأذكر المقتدر بالله. قَالَ الخطيب: وحدثني أبو القاسم عليّ بْن الحَسَن رئيس الرُّؤساء أنّ أبا القاسم ابن النّقيب مكث كذا وكذا سنة يصلّي الفجر عَلَى وضوء العِشاء، ويُحيى اللَّيلْ بالتَّهَجُّد، وكنتُ في جواره. وقال الخطيب: تُوُفّي في شَعْبان. وله مائة وعشرين سنين، وقال لي: مات ابن مجاهد وعُمري تسع عشرة سنة. وقال يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَهْ: سَمِعْتُ أبا محمد رزْق الله التّميميّ يَقُولُ: أدركتُ من أصحاب مجاهد أبا القاسم عُبَيْد الله بْن محمد الخفّاف. وقرأت عَليْهِ سورة البقرة، وقرأها عَلَى أَبِي بَكْر بن مجاهد. 201- عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَلِيّ1. أَبُو القاسم المقرئ، البغدادي، ابن البقّال. سَمِعَ: أبا بَكْر النّجّاد، وأبا عليّ بْن الصّوافّ، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو بكر الخطيب، وقال: سمعنا منه بانتفاء ابن أَبِي الفوارس، وكان فقيهًا ثقة. روى عَنْهُ: الثَّقَفيّ، والبَيْهَقيّ. 202- عليّ بْن الشَّيْخ أَبِي الْحُسَيْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه السَّوْسَنْجِرْديّ2. سَمِعَ: القَطِيَعيّ. روى عَنْهُ: أبو الحسين بْن المهتدي بالله، وغيره.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 382"، والمنتظم "8/ 17، 18". 2 الأنساب "7/ 189".

هلك هُوَ وابنه وخلقٌ كثير بعَقَبَة واقِصَة في صَفَر مِن السُّنَّة، وتُعرف بسنة القَرْعاء. سدَّت عليهم العرب الآبار وعطَّلت القُلُب، فَعَاد الرَّكْب في الصَّيْف ولا ماء لهم، فهلكوا جميعًا. 203- عليّ بْن إبراهيم بْن يحيى. أبو محمد الدّقّاق، والد أَبِي الحسين الْمَصْرِيّ. تُوُفّي في صفر، ومولده سنة ست وأربعين وثلاثمائة. قال الحبّال: سمعنا منه. 204- عليّ بْن أحمد بْن عَبْدان بْن الفَرَج بْن سَعِيد بْن عَبْدان1. أبو الحَسَن الشّيرازيّ النَّيْسابوريّ. سَمِعَ: أحمد بْن عُبَيْد الصَّفّار، ومحمد بْن أحمد بْن محمويه الأزْديّ، وأبا القاسم الطبَرانيّ، وأبا بَكْر محمد بْن عُمَر الْجِعَابيّ، وأباه، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقيّ، وأبو عَبْد الله الثَّقَفيّ، وأبو القاسم القُشَيْريّ، وأبو سهل عَبْد الملك بن عبد الله الدشتي، وآخرون. وحدث بنواحي خراسان. وتوفي في ربيع الأوّل. وكان ثقة، وابوه حافظ عصره. 205- عليّ بْن عَبْد الله2. أبو القاسم بْن الدّقيقيّ النَّحْويّ أحد الأعلام وصاحب المصنَّفات. أخذ عَنْ: السيرافيّ، والفارسيّ، والرُّمّانيّ. وتخرّج بِهِ خلق. مات في صفر بعد ابن السمساني بشهر، وله سبعون سنة. 206- عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد3. أبو الحَسَن الهاشميّ العِيسَويّ البغداديّ. مِن وُلِد عيسى بْن موسى بْن محمد وليّ العهد بعد المنصور. سَمِعَ أبو الحسن مِن: أَبِي جعفر بْن البَخْتَرِيّ، وموسى بن القاضي إسماعيل بْن إِسْحَاق، وعبد

_ 1 المنتخب من السياق "374" "1247". 2 الكامل في التاريخ "9/ 341". 3 تاريخ بغداد "12/ 8، 9"، وشذرات الذهب "3/ 203".

العزيز بْن الواثق، وعثمان بْن السّمّاك، وجماعة. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان ثقة. ولي قضاء مدينة المنصور ومات في رجب. قلت: روى عَنْهُ: البَيْهَقيّ، وطِرَاد. 207- عليّ بْن عُبَيْد الله بْن عَبْد الغفّار1. أبو الحَسَن السمْسمانيّ اللُّغَويّ. بغداديّ مِن كبار الأدباء. أقرأ النّاس العربيّة، وسمع مِن: أَبِي بَكْر بْن شاذان، وأبي الفضل بْن المأمون. ذكره القاضي شمس الدّين في وَفياته، وعاش سبعين سنة. أخذ عَنْ: أَبِي عليّ الفارسيّ، والسيراميّ. وتخرَّج بِهِ خلْق كثير. 208- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بِشْران بْن محمد بْن بِشْر2. أبو الحسين الأمويّ، البغداديّ المعدّل. سَمِعَ: أبا جعفر بْن البَخْتَرِيّ، وعلي بْن محمد الْمَصْرِيّ، وإسماعيل الصَّفّار، والحسين بْن صَفْوان، وأحمد بْن محمد بْن جعفر الْجَوْزيّ، وجماعة. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان صدوقًا ثَبْتًا، تامّ المروءة، طاهر الديانة. ولد سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة، وتوفي في شعبان. قلت: روى عَنْهُ: البَيْهَقيّ، والحسن بْن أحمد بْن البنّاء، وأبو الفضل عَبْد الله بْن زكْريّا الدّقّاق، وعلي بْن عَبْد الواحد المنصوريّ العباسيّ، والقاسم بْن الفضل الثَّقَفيّ، ونصر بْن أحمد بْن البطر، وطراد بن أحمد الزَّيْنَبيّ، والحسين بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العُكبري، وخلْق سواهم. 209- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُزاحم. أبو الحَسَن الدارانيّ المقرئ. صهر الأطْرُوش، ويُعرف أيضًا بابن نجيلة الخُراساني. روى عن: أَبِي عليّ عَبْد الجبّار، والدّارانيّ. وعنه: أبو سعْد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ ووصفه بالصّلاح. 210- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه3. أبو الحَسَن الحذاء البغداديّ المقرئ. سَمِعَ: أبا بحر بْن كَوْثر، وأحمد بْن جعفر بْن سَلْم، وجماعة. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان عالمًا بالقراءات صدوقًا. حدثني الوزير أبو

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 341"، ووفيات الأعيان "2/ 312". 2 العبر "3/ 120"، والمنتظم "8/ 18، 19". 3 السابق واللاحق "140"، وغاية النهاية "2320".

أبو القاسم ابن المُسلِمَة قَالَ: رَأَيْت أبا الحَسَن الحذّاء ثلاث مرّات، وكلّ مرّة يَقُولُ لَهُ الوزير: ما فعل الله بك؟ فيقول: غَفَرَ لِي. 211- عليّ بْن محمد بْن طَوْق بْن عَبْد الله1. أبو الحَسَن ابن الفاخوريّ الدمشقي، المعروف بالطبراني. روى عن: أبي علي الحسين بن إبراهيم الفرائضيّ، وأبي سليمان بْن زَبْر، وجماعة. روى عنه: أبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني. ووثّقه الكتّانيّ، وقال: تُوُفّي في شَعْبان، وكان مُكْثِرًا. 212- عُمَر بْن أحمد بْن عُمَر2. أبو سهل الصَّفّار الإصبهاني الفقيه الشّافعيّ. سَمِعَ: عَبْد الله بْن فارس، وأحمد بْن مَعْبَد السمسار. روى عَنْهُ جماعة آخرهم موتًا أبو الفتح الحدّاد. تُوُفّي فِي ذي القِعْدة. 213- عُمَر بْن عَبْد الله بْن تَعْويذ3 أبو حفص الدّلال. بغداديّ. رَأَى الشبْليّ رِحَمه الله وحكى عَنْهُ. 214- عَمْرو بْن حديد. قَالَ الحبّال: عندي عَنْهُ، وهو رافضي. "حرف الفاء ": 215- الفضل بْن محمد بْن سمُّوَيْه. أبو القاسم الإصبهاني المقرئ. في جُمَادَى الآخرة. "حرف القاف": 216- الْقَاسِم بْن أَحْمَد بْن محمد الوليديّ الْجُرْجانيّ4. تُوُفّي في ذي القِعْدة. روى عن: ابن عَدِيّ، والإسماعيليّ "حرف الميم": 217- مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل5. أبو عَبْد الله الدمشقي البزري

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "36/ 343". 2 ذكر أخبار أصبهان "1/ 358". 3 المنتظم "8/ 18"، وتاريخ بغداد "11/ 271". 4 تاريخ جرجان للسهمي "336". 5 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" 39/ 357".

الصُّوفيّ المقرئ. سَمِعَ: أبا إسماعيل بْن زَبْر. روى عنه: إسماعيل السمان، والكناني، وجماعة. 218- محمد بْن أحمد بْن عُمَر1. أبو الحسين ابن الصّابونيّ، البغداديّ. قَالَ الخطيب: سَمِعَ: أبا بَكْر الشّافعيّ، وأبا سليمان الحرّانيّ. كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقًا. 219- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن شاذان2. أبو صادق الصَّيْدلانيّ النَّيْسابوريّ الفقيه الأديب. سَمِعَ مِن: الأصمّ، وابن الأخرم، وأحمد بْن إِسْحَاق الصبْغيّ، وغيرهم. روى عنه: أبو بكر البيهقي، وعلي بن أحمد المؤذن ابن الأخرم، والثَّقَفيّ. تُوُفّي في شهر ربيع الأوّل. 220- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الفرح بْن أَبِي طاهر3. أبو عَبْد الله البغداديّ الدّقّاق. سَمِعَ: أبا بَكْر النّجّاد، وعلي بن محمد بن الزبير الكوفي، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخُراسانيّ، وجماعة. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ بانتقاء اللالكائيّ، وكان شيخًا فاضلًا صالحًا، ثقة. مات في شَعْبان وله اثنتان وثمانون سنة. 221- محمد بْن إبراهيم الأَرْدِسْتانيّ4. الإصبهانيّ، المقرئ الحافظ أبو جعفر. إمام مُحدَّث، أديب، مُقرئ، واسع الرحلة. سَمِعَ: أبا الشَّيْخ، وأبا بَكْر بْن المقرئ، وجعفر بْن فَنَّاكيّ. وسمع بالبصرة: أحمد بْن محمد بْن العبّاس الأسْفاطيّ، وأحمد بْن عُبَيْد الله النَّهْرِدَيْريّ. وببغداد: ابن حُبَابَة، وأبا حفص الكتّانيّ. وبدمشق: عَبْد الوهاب الكِلابيّ. وبعكّا مِن: أَبِي زُرْعَة المقرئ. وحدَّثَ ببغداد. روى عنه: أبو نصر الشيرازي. وتوفي في ذي القِعْدة. وأمّا سميّةُ في سنة أربعٍ وعشرين. 222- محمد بْن أحمد. أبو عَبْد الله التّميميّ الْمَصْرِيّ الخطيب. وُلِد سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة. روى عن: أبي الفوارس الصابوني، والعلاف.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 318"، والمنتظم "8/ 20". 2 سير أعلام النبلاء "13/ 257". 3 المنتظم "8/ 20" "40". 4 الأنساب "1/ 178"، ومعجم البلدان "1/ 146".

223- محمد بْن أحمد بْن إسماعيل. أبو بَكْر الفّراء المكفوف. سَمِعَ: أبا بَكْر بْن خلاد النَّصيبيّ، وطبقته. وحدَّث بنَيْسابور. روى عَنْهُ: أبو صالح المؤذّن. 224- محمد بْن إدريس بْن محمد بْن إدريس بْن سليمان1. الحافظ أبو بَكْر الشافعي الجرجرائي، تلميذ محمد ابن أحمد المفيد. رحّال، جوّال. سَمِعَ ببغداد مِن أحمد بن نصر الذارع، وطبقته. وبجُرْجان مِن: أبي بَكْر الإسماعيليّ. وبإصبهان مِن: ابن المقرئ. وبدمشق مِن: محمد بْن أحمد الخلال، وعثمان بْن عُمَر الشّافعيّ. وببلْخ وأنطاكيةّ والنّواحي. وسمع النّاس بانتخابه. روى عنه: عَبْد الصّمد بْن إبراهيم الْبُخَارِيّ الحافظ، وهَنّاد النَّسَفيّ، وأحمد بْن الفضل الباطِرْقْانيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صالح العطار، وأبو حامد أحمد بن محمد بْن ماما الحافظ، وآخرون. سكن بُخَارى في آخر عُمره، وكان موصوفًا بالمعرفة والحِفْظ، وما علمتُ فيه جَرْحا. تُوُفّي في شهر ربيع الأوّل. ذكره ابن النّجّار. وأمّا ابن عساكر فذكره مجهولًا ولم يَعْرِفْه. 225- محمد بْن الحسين بْن محمد بْن الفضل الأزرق2. أبو الحسين القطّان، بغداديّ، ثقة مشهور. سَمِعَ: إِسْمَاعِيل الصَّفّار، ومُحَمَّد بْن يحيى بْن عَمْر بْن علي بْن حرب، وعثمان بن السّمّاك، وعبد الله بْن دُرُسْتُوَيه، والنّجّاد، وطبقتهم. وانتخب عليه أبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو القاسم اللالْكائيّ، والقاسم بْن الفضل الثَّقَفيّ، وآخرون. قَالَ الخطيب: قَالَ لي: ولِدتُ في شوال سنة خمسٍ وثلاثين وثلاثمائة، وتوفي في رمضان، وأنا بنَيْسابور وله ثمانون سنة. 226- محمد بْن الحسين بْن جرير3. القاضي أبو بَكْر الدَّشْتيّ. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى عَنْ سنٍ عالية. سَمِعَ: محمد بْن عليّ بْن دحيم الشيباني، وأحمد بن

_ 1 الوافي بالوفيات "2/ 181"، وشذرات الذهب "3/ 203". 2 المنتظم "8/ 20"، وتاريخ بغداد "2/ 249". 3 الأنساب لابن السمعاني "5/ 315".

هشام بْن حُمَيْد البصْريّ. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ، وأبو الفتح أحمد بْن محمد الحداد، وأهل إصبهان. 227- محمد بْن حمزة بْن محمد بن المغَلّس1. أبو عَبْد الله. ويقال: أبو الحسين التّميميّ الدّمشقيّ، القطّان. سَمِعَ مِن: المظفَّر بْن حاجب الفَرغَانيّ، وجُمح بْن القاسم، ويوسف المَيَانِجِيّ. روى عنه: أبو علي الأهوازي، أبو سعْد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو القاسم بْن أَبِي العلاء. قَالَ الكتّانيّ: كَانَ ثقة يذهب إلى التّشيُّع. 228- محمد بْن سُفْيان2. أبو عَبْد الله القَيْرواني المقرئ. مصنّف كتاب "الهادي في القراءات". قرأ القراءات عَلَى أَبِي الطَّيّب عَبْد المنعم بْن غَلْبُون. وتفقَّه عَلَى أَبِي الحَسَن القابِسِيّ. وكان عارفًا بمذهب مالك. قَالَ أبو عَمْرو الدّانيّ: كَانَ ذا فَهْم وحِفْظ وعَفَاف. قلتُ: قرأ عَليْهِ: أبو بَكْر القصْريّ، والحسن بن عليّ الجُلُولي، وأبو العالية البَنْدُونيّ، والزّاهد أبو عمر وعثمان بن بلال، وعبد الملك بن داود القَصْطلانيّ، وأبو محمد عَبْد الحق الجلاد، وآخرون. وحدث عَنْهُ: حاتم بْن محمد، والدّلائيّ، وغيرهما. تُوُفّي بمدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أنْ حَجّ في صَفَر. 229- محمد بْن صالح بْن جعفر3. أبو الحَسَن ابن الرّازيّ، البغداديّ القاضي. روى عَنْ إسماعيل الخُطبي. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان فيما يقال معتزليا. 230- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد بْن الناصر لدين الله الأمويّ4. أبو عبد الرَّحْمَن الملقَّب بالمستكفي. توثّب عام أوّل عَلَى ابن عمّه عَبْد الرَّحْمَن المستظهر، فقتله وبايعه أهل قُرطبة. وكان أحمق متخلفًا لا يصلُح لصالحة. وطردوه ونفوه، ثمّ أطعموه حشيشةً قتّالة، فمات لوقته.

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "37/ 421". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 380"، وغاية النهاية "2/ 147". 3 تاريخ بغداد "5/ 365". 4 الوافي بالوفيات "3/ 230"، وأعمال الأعلام "135".

231- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن جعفر. أبو بَكْر الإصبهانيّ المقرئ. سَمِعَ: عَبْد الله بْن الحَسَن بْن بُندار المَدينيّ، وغيره. روى عَنْه: أبو عبد الله الثَّقَفيّ. ومات فِي رجب. 232- مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله بْن طاهر الحسيني المصري. مُكثر عن: القاضي أبو الطّاهر الذُهلي، وابن رشيق. 233- محمد بْن الفضل بْن جعفر1. أبو بَكْر القُرشي العبّادانيّ. روى عَنْ: فاروق الخطّابيّ، وغيره. وهو مِن الصُلحاء، وأبوه زاهد قُدوة لَهُ أتباع ورِباط. وولده جعفر بْن محمد شيخ معمَّر تاجر. روى عَنْ محمد: أبو محمد الخلال، وعبد العزيز الأزجيّ. 234- محمد بْن محمد بْن أحمد بْن رجاء. أبو بَكْر النَّيْسابوريّ الأديب. سَمِعَ: أبا العباس الأصم، وأبا عَبْد الله بْن الأخرم. روى عَنْهُ: البَيْهَقيّ، وأبو صالح المؤذّن. تُوُفّي في رمضان. وروى أيضًا عَنْ: أحمد بْن إِسْحَاق الصبْغيّ، وأبي الحسن الكارزي. انتخب عَليْهِ الحُفاظ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر محمد بْن يحيى المُزَكّيّ. 235- محمد بْن محمد بْن أحمد. أبو الحسين النَّيْسابوريّ، المعروف بابن أَبِي صادق. حدَّث بمصر عَنْ: الأصمّ، وعبد الله بْن محمد بْن موسى الكعبيّ، وغيرهما. روى عنه: أبو نصر السجزي. وورخه الحبال. "حرف الياء": 236- يوسف بن عبد الله الزجاجي2. أبو القاسم الأديب. جرجاني، نبيل، عظيم القدر في اللغة والأدب والعربية، وفنونها. قليل المثل، له شروح وتصانيف. وكان عجبا في اللغة ودقائقها. توفي لثمانٍ بقين من رمضان بأستراباذ، وله ثلاثٌ وستون سنة. روى عَنْ: أَبِي أحمد الغِطريفي، وغيره.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 157"، والأنساب "8/ 335". 2 الأعلام "9/ 316"، وبغية الوعاة "422".

"وفيات سنة ست عشرة وأربعمائة": "حرف الألف": 237- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن جانْجان. أبو العبّاس الهمَدانيّ الصّرّام المعدّل. روى عَنْ: أبيه، والفضل الكِنْديّ، وأبي القاسم بن عُبيد، وأبي بكر بن السني الحافظ، وجماعة كثيرة. روى عنه: يوسف الخطيب، وأبو محمد عبدوس بن محمد البيع، وأبو بكر البيهقي، وعلي بن أحمد بن هُشيم الصيرفي، والحسن بن محمد بن شاذي. قال شيرويه: كان صدوقا. مات في ربيع الأول. وكان متعصبا للسنة. وسمعت أبا طاهر المقرئ يَقُولُ: كَانَ يُصلي طول اللّيل عليّ سطحِ داره، فكنتُ أهابُ مِن طول قامته حين يُصلّي. وقال عَبْدُوس: كَانَ أصحاب الحديث يقرأون الحديث عَلَى أَبِي العباس ابن جانجان فنعس فمات فجأة، رحمه الله. 238- أحمد بْن إبراهيم بْن أحمد بن يزداد. أبو علي غلام محسن الإصبهاني. روى عن: أبي محمد بْن فارس. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ، وأخوه، وأبو الفتح الحدّاد، وما أرخه يحيى بن منده. حدث سنة في سنة 415. 239- أحمد بْن طريف1. أبو بَكْر الحطّاب القُرطبي المقرئ. أخذ القراءة عرْضًا عَنْ: أبو الحَسَن الأنطاكيّ، وأبي الطَّيّب بْن غَلْبُون، وأبي أحمد السّامريّ، وأبي حفص بْن عِراك. سكن في الفتنة جزيرة ميورقة. ومات في ربيع الأول عَنْ خمسٍ وسبعين سنة. 240- أحمد بْن عمر بْن سعيد. أبو الفتح الجهازيّ الْمَصْرِيّ. روى عَنْ: بكير بْن الحَسَن الرّازيّ. روى عَنْهُ: خَلَف الحوفيّ، وغيره. 241- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إسْمَاعِيل بْن أبي دُرة البغداديّ2.

_ 1 غاية النهاية "1/ 64"، والصلة لابن بشكوال "1/ 36". 2 تاريخ بغداد "4/ 373".

سَمِعَ: أبا بَكْر النّجّاد، وعبد الله الخُراسانيّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقا. 242- أحمد بْن محمد بْن إبراهيم. أبو نصر الْبُخَارِيّ الفقيه. سَمِعَ: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد بْن خنب. 243- أحمد بْن محمد بْن إبراهيم بْن حمدون1. أبو بَكْر الأُشْنانيّ النَّيْسابوريّ الصَّيْدلانيّ. ثقة، جليل، صالح عابد. سمع الكثير مع السُليمي، وروى عَنْ: الأصمّ، وأبي صالح المؤذّن، وأحمد بْن محمد بْن إسماعيل. تُوُفّي يوم عَرَفة. 244- إِسْحَاق بْن محمد بْن يوسف2. أبو عبد الله السُّوسيّ النَّيْسابوريّ. سَمِعَ: أبا العبّاس الأصمّ، وأحمد بْن محمد عَبْدُوس الطّرائفيّ، وأبا جعفر محمد بْن محمد بْن عَبْد الله البغداديّ، وغيرهم. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقيّ، وغيره. وكان ثقة رضيا، صالحًا، نبيلًا. "حرف الحاء": 245- حسّان بْن مالك بْن أَبِي عَبْدَة3. أبو عبدة القُرطبي. كان من جِلة الأدباء. أخذ عَنْ: أَبِي بَكْر الزُّبَيْديّ. وتُوُفّي في شوّال. 246- الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن. أبو عليّ الصّائغ. مصريّ، سَمِعَ: الدارقطني. 247- الحسين بْن أحمد بْن موسى4. أبو القاسم بْن السمْسار، الدّمشقيّ المعدّل ابن أخي أَبِي العبّاس، والحسن. حدَّث عَنْ: عمه أبي العباس، وعلي بن أبي اليعقب، وأبي زيد المروزي. روى عَنْهُ: أبو سعْد السّمّان، والكتّانيّ. 248- الحسين بْن عَليّ بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سَلَمَة5. أبو الطاهر الكعبي

_ 1 المنتخب من السياق "82" "77". 2 تاريخ بغداد "6/ 403" "3463". 3 جذوة المقتبس للحميدي "196، 197". 4 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 289". 5 التقييد لابن النقطة "251، 252" "306".

الهمَدانيّ. روى عَنْ: الفضل الكِنْديّ، وأبي بَكْر السُّنّيّ، وأبي بَكْر الإسماعيليّ، وأبي إِسْحَاق المُزَكّيّ، والقَطِيَعيّ، وعبد الله بْن عدي الحافظ، وأبي بحر البرْبَهاريّ، وأبي عَمْرو بْن حمدان. ورحل إلى النّواحي. روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ، ومحمد بْن عيسى، ومحمد بْن الحسين الصوفي، وأبو علي أحمد بن طاهر القُومساني، ويحيى وثابت ابنا عَبْد الرَّحْمَن الصّائغ، وأبو طَالِب بْن هُشيم الصَّيْرفيّ، وآخرون. مِن شيوخ شِيرَوَيْه: وقال: كَانَ صدوقًا صحيح السَّماع، كثير الرحلة سَمِعْتُ ثابت بْن الحسين بْن شراعة يَقُولُ: لمّا مات أبو طاهر بْن سَلَمَة دخل أَبِي إلى البيت فقال: غربت شمس أصحاب الحديث. فقلت: لماذا؟ فقال: مضى لسبيله الشيخ أبو الطاهر. مولده سنة أربعين وثلاثمائة. وتوفي في ذي القعدة. "حرف الخاء": 249- الخطيب بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بن الخطيب1. أبو الحَسَن بْن أَبِي بَكْر القاضي. مصريّ، ثقة. حدَّث عَنْ: أَبِيهِ، وعثمان بْن محمد السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل بْن يعقوب بْن الجراب، وعبد الكريم بن النسائي، وأبي عبد اللَّه بن محمد بن إبراهيم بن مروان الدّمشقيّ، ومحمد بْن العبّاس بْن كَوْذَك، ومحمد بْن جعفر بْن أَبِي كريمة الصَّيْداويّ، وجماعة. روى عنه: أبو النصر عبيد الله السجزي، وأبو عبد الصوري، وأبو علي الأهوازي، وعبد الرحيم أحمد الْبُخَارِيّ، وهبة الله بْن إبراهيم الصّوافّ، وأبو إِسْحَاق الحبّال، والخِلَعيّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل. "حرف السين": 250- سابُور بْن أَرْدَشير2. الوزير. وزر لبهاء الدّولة بْن عضُد الدّولة. وكان شَهْمًا مَهِيبًا، ذا رأى وحزمٍ وخبرة. وكان بابه محطّ الشُّعراء. مدحه الكاتب أبو الفرج البَبَّغاء، وجماعة. وقد صُرف عَنْ الوزارة، ثمّ أعيد إليها. وتوفي ببغداد.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 257"، وشذرات الذهب "3/ 204". 2 يتيمة الدهر للثعالبي "3/ 124 - 131"، والبداية والنهاية "12/ 19".

"حرف الصاد": 251- صالح بْن إبراهيم بْن رِشْدين الْمَصْرِيّ. أبو عليّ. روى عَنْ: العبّاس بْن محمد الرّافقيّ. وعنه: خَلَف بْن أحمد الحَوْفيّ. 252- صالح الحسيني الْمَصْرِيّ. قَالَ الحبّال: سمعنا منه، عَنْ ابن الْجُراب. "حرف العين": 253- عَبْد الله بْن بَكْر بْن المُثنى. أبو العبّاس السَّهْميّ المدنيّ. روى عَنْ: أَبِي بَكْر الآجُري، وعبد الله بْن الورد، والحسن بْن رشيق. وكان رجلًا صالحًا ذا رواية واسعة. قِدم الأندلس مَعَ والده تاجرًا، وحدَّث بها إلى هذا العام. 254- عَبْد الله بْن الحسين بْن محمد بْن حبْشان بْن مسعود. أبو محمد الهمَدانيّ العدل. روى عن: أبي القاسم بن عبد الرحمن بن عبيد، وحامد بْن محمد الرّفّاء، والفضل الكندي، وأوس الخطيب، ومحمد بن علي ابن محمويه الفسوي، وجماعة. قال شيرويه: روى عنه: محمد بن عيسى، وابن نمر. وثنا عَنْهُ: أبو الفَرَج عَبْد الحميد البُجلي، ومحمد بْن الحسين الصُّوفيّ، وعبد المُلْك بْن عَبْد الغفّار. وهو صدوق. 255- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن محمد بْن سَعِيد1. أبو محمد التُّجَيْبيّ الْمَصْرِيّ، البزّاز، المعروف بابن النّحّاس. مُسند ديار مصر في وقته. وكان الخطيب قد هَمّ بالرحلة إِليْهِ لعُلُوّ سنَدَه. سَمِعَ: أبا سَعِيد أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْأعْرابي بمكّة، وأبا الطّاهر أحمد بْن عَمْرو المَدِينيّ، وعلي بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مطر الإسكندرانيّ، والفضل بْن وهْب، ومحمد بْن وردان العامريّ، ومحمد بْن بشر العكري، والحسن بن مُليح الطرائفي، ومحمد بن أيوب بن الصموت، وأحمد بن محمد بن السندي، وعثمان بن محمد السَّمَرْقَنْديّ، وأحمد بْن عُبَيْد الصَّفّار الحمصيّ، وفاطمة بنت الريان، وأحمد بن بهزاد السرافي، وخلْقًا سواهم بمصر، والحَرَمَيْن. وله مَشْيَخَة في جزءين. روى عَنْهُ: أبو نصر السجْزيّ، ومحمد بْن علي الصوري، وعبد الرحيم بن أحمد البخاري، وأبو عمرو عثمان بن سعيد الداني، وأبو

_ 1 النجوم الزاهرة "4/ 263"، ومسند القضاعي "1/ 35".

إِسْحَاق الحبّال، وأحمد بْن أَبِي نصْر الكُوفانيّ الهروي كاكو، وخلف بْن أحمد الحوفيّ، والحسين بْن أحمد العدّاس، وأبو عَبْد الله محمد بْن سَلامة القُضاعي، وأبو الحسن الخِلَعيّ وهو آخر من حدَّث عَنْهُ. قَالَ الحبّال: تُوُفّي ليلة الثُّلاثاء عاشر صَفَر. قلت: وأول سماعه في سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. وحديثه أعلي ما في "الخِلعيات". وكان مولده في ليلة النحر سنة ثلاثٍ وعشرين وثلاثمائة. 256- عَبْد الرّحيم بْن عَبْد الله بْن محمد بن عبدش1. أبو النصر النَّيْسابوريّ السمْسار، صالح عفيف، ثقة. حدَّث عَنْ: أَبِي العبّاس الصبْغيّ، وأبي الحَسَن السّرّاج، وأبي عَمْرو بْن مطر. وعنه: أحمد بْن أَبِي سعْد الصُّوفيّ المقرئ، وعُبَيْد الله بْن عَبْد الله الحسكاني. وتوفي في شَعْبان. 257- عليّ بْن أحمد بْن نُوبَخْت. أبو الحَسَن. مصريّ، شاعر، محسن، فقير، قليل الحظّ. تُوُفّي بمصر في شَعْبان. 258- عليّ بْن الحسين بْن خليل. القاضي أبو الحسين الْمَصْرِيّ الفقيه الشّافعيّ. تُوُفّي في صَفَر. قَالَ الحبّال: هُوَ مِن كبار تلامذة إسماعيل الحدّاد الفقيه. 259- عليّ بْن محمد بْن فَهْد2. أبو الحسين التَّهاميّ الشّاعر. لَهُ ديوان صغير، فمن شِعْره: أعطى وأكثر واسْتقلّ هِبَاته ... فاستحيت الأنواءُ وهي هواملُ فاسمْ السَّحاب لَدَيْه وهو كنهور ... آلٌ وأسماء البُحُور جداول وله في ولده: حُكم المَنِيَّة في البريَّة جارِي ... ما هذه الدّنيا بدار قرارِ منها: إنّي لأرحمُ حاسِدِيَّ لحرٌ ما ... ضمت صُدورهم من الأوغارِ

_ 1 المنتخب من السياق "321، 322". 2 تتمة يتيمة الدهر "1/ 37"، والعبر "43/ 122"، وهداية العارفين "1/ 686".

نظروا صنيعَ اللَّه بي فعيونُهم ... في جنةٍ وقلوبُهم في نارِ ومكلف الأيامِ طِباعها ... متطلبٌ في الماء جَذْوة نارِ طُبعتْ على كدرٍ وأبت تريدُها ... صفوًا من الأقذاء والأقدارِ إذا رجوتَ المستحيلَ فإنّما ... تبني الرَّجاء عَلَى شفيرٍ هارِ منها: جاورتُ أعدائي وجاورَ ربهُ ... شَتَّانَ بين جوارهِ وجواري منها: وتهلبُ الأَحْشاء شيَّب مَفْرِقي ... هذا الشُّعاع شِواظُ تِلْكَ النارِ وبَلَغَنَا أنّ التهَاميّ وصل إلى مصر خفْيَةً ومعه كُتب حسّان بْن مفرج إلى بني قُرة فظفروا بِهِ، فقال: أَنَا مِن بني تميم. ثمّ عرفوا أنّه التهَاميّ الشّاعر، فسجنوه بمصر في خزانة البُنود. ثمّ قتلوه سرًا بعد أيّام، وذلك في جُمادى الأولى سنة ستّ عشرة. وكان يتورَّع عَنْ الهجاء، بحيث أنّه يمتنع مِن كتابة شِعرٍ فيه هَجْو. ذكره ابن النّجّار وشاد مِن نَظْمه وساق منه، وقال: وُلد باليمن وطرأ إلى الشّام ومنها إلى العراق والجبل، ولقي الصّاحب بن عباد مُعتزليًا. ثمّ ردّ إلى الشّام. ثمّ ولي خطابة الرَّمْلة، وزعم أنّه عَلَويّ، رحمه الله. "حرف الغين": 260- غَيْلان بْن محمد بن إبراهيم بْن غَيْلان بْن الحَكَم1. أبو القاسم الهمَدانيّ البغداديّ، أخو المسندِ أَبِي طَالِب محمد بْن مُحَمَّد. سَمِعَ: أبا بَكْر النّجّاد، وعبد الخالق بْن أبي رُوبا، ودَعْلَج بْن أحمد. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ. وكان ثقة. مات في شعبان.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 333".

"حرف الفاء": 261- الفضل بْن عُبَيْد الله بْن أحمد بْن الفضل بْن شهريار1. أبو القاسم التّاجر الإصبهانيّ. سَمِعَ مِن: عمّ أَبِيهِ الفضل بْن عليّ شَهْرَيار، وعمر بْن محمد الجُمحي المكّيّ، وأحمد بْن بُندار الشّعّار، وعبد الله بْن جعفر بْن فارس، وأبا بَكْر الشّافعيّ. وتُوُفّي في شوّال. روى عنه: الثَّقَفيّ، وأحمد بْن عَبْد الغفار بْن أشْتَة، وأبو عَمْرو عبد الوهاب بن منده، ومحمد ابن أحمد ابنا السُّوذَرْجانيّ. "حرف القاف": 262- قُراتكين2. أبو مُنْصف التُركي الوزيريّ، مولى الوزير ابن كِلّس. كَانَ صالحًا زاهدًا. روى عَنْ: هشام بْن أَبِي خليفة، وعَتيق بْن موسى الأزديّ. "حرف الميم": 263- محمد بْن أحمد بْن الطَّيّب3. أبو الحسين الواسطيّ، الفقيه العدْل. سمع: بَكْر بْن أحمد بْن محْميّ، وغيره. روى عَنْهُ: أبو غالب محمد بْن أحمد بْن سهل النَّحْويّ. تُوُفّي في شوّال. 264- محمد بْن أحْمَد بْن محمد بْن المحبّ أبو بَكْر النَّيْسابوريّ الدّقّاق. سمع أبا الحسن الكازري، ويحيى بْن منصور القاضي. 265- محمد بْن جبريل بْن ماحٍ. أبو منصور الهَرَويّ الفقيه. تُوُفّي في رمضان. سَمِعَ: خَلَف بْن محمد الخيّام، وحامد بْن محمد الرّفّاء، ومحمد بْن حَيَّوَيْهِ الكرْجيّ الهمَدانيّ. روى عَنْهُ: شيخ الإسلام أبو إسماعيل، ومحمد بن علي العُميري.

_ 1 ذكر أخبار أصبهان "2/ 157". 2 الكامل في التاريخ "8/ 79، 119، 124، 131، 210، 211، 492". 3 سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي "74، 93".

266- محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بْن يحيى بْن تونس الطّائيّ1. الدّارانيّ، القطّان، المعروف بابن الخلال الدّمشقيّ. حدَّث عَنْ: خَيْثَمَة، وأبي ميمون راشد، وأبي الحَسَن بْن حَذْلَم، وأبي يعقوب إسحاق بْن إبراهيم الأَذْرعيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: عليّ، وإبراهيم ابنا الحِنَّائيّ، وأبو عليّ الأهوازي، وأبو سعْد السّمّان، والقاضي أبو يَعْلَى بْن الفرّاء، وعبد الواحد بْن عليّ البُرّيّ، وعبد الله بْن إبراهيم بْن كُبيبة النّجّار، وعليّ بْن أَبِي العلاء المَصيصيّ، وجماعة كبيرة. كنيته أبو بَكْر، وكان صالحًا زاهدًا. قَالَ الكتّانيّ: تُوُفّي شيخنا أبو بَكْر القطّان في رابع عشر ربيع الأوّل، وكان قد كُف بصرهُ في آخر عمره. وكان ثقة نبيلًا، مضى عَلَى سدادٍ وأمرٍ جميل، رحمه الله. 267- محمد بْن الفضل بْن محمد بْن جعفر بْن صالح2. أبو بَكْر البلْخي، المفسّر، المعروف بالرّوّاس. صنَّف "التّفسير الكبير". وروى عَنْ: أحمد بْن محمد بْن نافع، والحسين بْن محمد بْن الحسين، ومحمد بْن عليّ بْن عَنْبَسَة. روى عَنْهُ: عليّ بْن محمد بْن حيدر، وغيره. قَالَ أبو سعْد السّمْعاني: تُوُفّي سنة خمس عشرة أو سنة ست عشرة وأربعمائة. 268- محمد بن أبي النصر محمد بْن الحَسَن بْن سليمان. أبو بَكْر المعدانيّ الإصبهانيّ، الفقيه الواعظ. سَمِعَ أبا القاسم الطبَرانيّ، وأحمد بْن بُندار الشّعّار، وأبا الشَّيْخ، وأبا بَكْر القبّاب، وإبراهيم بْن محمد الخصيب، ومحمد بن عبد الله بن يوسف، وغيرهم. وأملي مجالس. روى عَنْهُ: أبو مطيع محمد بْن عَبْد الواحد، وأبو طَالِب أحمد بْن محمد. الكُندُلاني. تُوُفّي ليلة النَّحْر. 269- محمد بْن محمد بْن يوسف. أبو عاصم الزّاهد المعدّل، المعروف بالمَزيديّ. سَمِعَ بهَرَاة مِن: حامد الرفاء. روى عنه: شيخ الإسلام الأنصاري.

_ 1 العبر "3/ 122"، والوافي بالوفيات "3/ 230". 2 الأنساب "6/ 172"، وكشف الظنون "1393".

270- مُحَمَّد بْن يحيى بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يعقوب التّميميّ1. أبو عَبْد الله بْن الحذّاء القُرطبي. رَوَى عَنْ: أحْمَد بْن ثابت التَّغْلبِيّ، وأَبِي عيسى الليثي، وأبي بكر القوطيّة، وأبي جعفر بْن عَون الله. وحجّ سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، فأخذ عَنْ: أَبِي بَكْر بْن إسماعيل المهندس، وأبي بكر محمد بْن عليّ الأُدفوي، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله الجوهريّ صاحب "المُسْنَد"، ومحمد بْن يحيى الدمْياطيّ. وأتى قرطبة بعلمٍ جم، وكان فقيهًا مالكيًا عارفًا بالمذاهب، بارعا في الحديث والأثر. اختص بأبي محمد الأصلي وانتفع به. قال ابنه أبو عمر أحمد بن محمد: كان لأبي علمٌ بالحديث والفقه والتعبير، وصنف كتاب "التعريف بمن ذُكر في الموطأ من الرجال والنساء"، وكتاب "الإنباء عن أسماه الله"، وكتاب "البُشرى في تأويل الرُّؤْيا" وهو عشرة أسفار، وكتاب "الخُطب وسِيَر الخُلفاء " في سِفْرَيْن. وولى خطابة بَجَّانة ثمّ قضاء إشبيليّة. ثمّ سكن سَرَقُسْطة وبها تُوُفّي في رمضان، وعهد أن يُدفن بين أكفانه كتابه المعروف "بالإنباه عَلَى أسماء الله"، فنُثِر ورقه وجُعل بين القميص والأكفان. ووُلِد سنة سبعٍ وأربعين وثلاثمائة. روى عَنْهُ: ابنه، والصّاحبان، وأبو عُمَر بْن عبد البَرّ، وأبو عَبْد الله الخَوْلانيّ، وحاتم بن محمد، وأبو عمر بن سُميق، وغيرهم. ذكره عِياض في "الطبقات المالكيّة"، ولم يُصب في دَفْن كتابه معه. 271- محسن بْن جعفر بْن أَبِي الكِرام. أبو عليّ الْمَصْرِيّ. روى عَنْ: عثمان بْن محمد السَّمَرْقَنْديّ. وعنه: خَلَف الحوفي، وغيره. 272- مسعود بْن محمد بن علي2. أبو سعد الْجُرْجانيّ الأديب الحنفيّ. روى أحاديث عَنْ: الأصمّ. مُتكلم فيه.

_ 1 العبر "3/ 122"، وكشف الظنون "246"، وهدية العارفين "2/ 63". 2 المنتخب من السياق "431" "1462".

وروى عَنْ: أَبِي عليّ الرّفّاء، ويحيى بْن منصور أحاديث. وكان معتزِليّا. روى عَنْهُ: محمد بْن يحيى المُزَكّيّ، وأبو صالح المؤذّن، والخطيب. 273- مشرّف الدّولة1. أبو عليّ بْن بُويه. ولي ملك بغداد وغيرهما. وكان فيه دين وتصوُّن وحياء. قِدم بغداد في السُّنَّة الماضية، وتلقّاه الخليفة، ولم تجرِ سابقة بذلك، وذلك بعد مراسلات طويلة وإرهاب. وكان مدّة ملْكه خمس سِنين، وعاش ثلاثاُ وعشرين سنة وثلاثة أشهر. ونُهب يوم موته سوق التّمّارين ودورُ جماعة. ثمّ ملّكوا بعده جلال الدّولة أبا طاهر بْن بُوَيْه، وخُطب لَهُ ببغداد، وهو يومئذٍ بالأهواز. ثمّ في أثناء السُّنَّة نُودي بشعار الملك أبي كاليجار. "حرف الياء": 274- يحيى بْن عليّ بْن محمد2. أبو القاسم الحضْرميّ ابن الطّحّان الْمَصْرِيّ الحافظ. مصنَّف " التّاريخ" الَّذِي ذيّل بِهِ عَلَى تاريخ أَبِي سَعِيد بْن يونس، ومصنف "المختلف والمؤتلف". روى عن: أبي الطَّيّب محمد بْن جعفر غُندر، وأبي عُمَر المادرائيّ حدَّثه عَنْ أَبِي مُسْلِم الكجّيّ، وجماعة مِن أصحاب النَّسائيّ وغيره كالحسن بْن رشيق، وحمزة الكتّانيّ، والقاضي أَبِي الطّاهر الذُّهْليّ، وابن حَيَّوَيْهِ النَّيْسابوريّ، وأبي الحَسَن الدارقطني، وأبي أحمد بن الناصح. ولم يرحل. روى عَنْهُ: أبو إسحاق الحبّال، والمصريّون. وقد قَالَ في الملتقط في "المختلف" لَهُ ممّا سمعه مِنه الحبّال قَالَ: دخلت عَلَى عَبْد الغني الحافظ في سنة سبعين وثلاثمائة أو بعدها، وبيدي شيءٌ مِن فضائل عليّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فسألني عَنْهُ، فعّرفته بِهِ وحدَّثته، فقال: لو علمت ما عمل غيرُك مِن النّاس لكُنْتَ تنتفع بِهِ، تجردّ شيئًا مِن فضائل عليّ فكنت تَأمَن أن يجري عليك سببٌ، وحفظت بِهِ ما عندك مِن الكُتب. قلت: خافَ أن يؤذيه حكّام مصر الرّوافض. قَالَ: فقلت لَهُ: نعم. قَالَ: فجردتُ مِن فضائل عليّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- نحو ثلاثمائة سحاةً أو أكثر، ونظمتُ ذَلِكَ في خيط حتّى أولّفها، واجعل كلَّ شيءٍ في موضعه، وجعلتها في سقْف. وأقمتُ في معاشي نحو

_ 1 المنتظم "8/ 24"، ونهاية الأرب "26/ 250". 2 كشف الظنون "304"، والأعلام "9/ 196".

شهرين وأنا مشغول، فرأيتُ أبي في النّوم، فقال لي: أجبْ أمير المؤمنين عليّا. فقلت: نعم. فتقدّمني إلى ناحية المحراب مِن جامع عَمْرو، فإذا بعليّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- جالس عند القِبْلة وتحته وطاء يشبه وطاء الصُوفية، ونَعْلاه قد خرج بعضهما مِن تحت الوطاء، وله بطْن ولحية عظيمة عريضة قد ملأت صدْره، وتظهر لمن كَانَ مِن ورائه مِن فوق كِتَفيه، ولونُه فيه أَدَمة، فقلت: السّلام عليكم يا أمير المؤمنين. فرد عليّ السّلام ونظر إليّ وقال: اجلس. فجلستُ وبقي أَبِي قائمًا. ثمّ مدَّ يده إلى الحصير الَّذِي في جوار القِبلة، فأخرج ذَلِكَ الخيط بعَيْنه الَّذِي فيه الرّقاع فقال: ما هذه؟ قلتُ: فضائلك يا أمير المؤمنين. فقال: ولِمَ أَفْرَدْتَني؟ كنت إذا أردت تبتدئ بفضائل أبي بَكْر، وعمر، وعثمان، والفضائلي. فقلت: السّمع لك والطّاعة يا أمير المؤمنين. وأنا بين يديه ما برِحْت، ثمّ استيقظت ومضيتُ إلى المكان الَّذِي فيه تِلْكَ الرّقاع، فما وجدتها إلى الآن. وبقيت مِن سألني عَنْ فضائله. قلت لَهُ: مَعَ فضائل أصحابه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم. تُوُفّي في ذي القِعْدة بمصر. 275- يحيى بْن محمد بْن إدريس. أبو نصر الهَرَويّ الكِناني الحنفيّ قاضي هَرَاة. كَانَ أوحد عصره في العِلم والفضل والزُهد. انتقى عَليْهِ أبو الفضل الجاروديّ. وقد سَمِعَ: أبا عليّ الرّفّاء، وأبا تُراب محمد بْن إِسْحَاق. روى عَنْهُ: حفيده صاعد بْن سيّار القاضي. وتوفي في ربيع الأول. "وفيات سنة سبع عشرة وأربعمائة" "حرف الألف": 276- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن كثير1. أبو عَبْد الله البغدادي البيّع. سَمِعَ: عليّ بْن محمد بْن الزُّبَيْر الكوفي، وأحمد بن سلمان النجاد. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقا.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 237، 238".

277- أحمد بْن عليّ. أبو طاهر الدّمشقيّ الكتّانيّ الصُّوفيّ. والد المحدث عَبْد العزيز. سَمِعَ: يوسف بْن القاسم المَيَانِجِيّ. ورحل شوقًا إلى ولده وهو في رحلة ببغداد. وأدركه أجَلُه ببغداد في ذي القِعْدة. روى عَنْهُ: ابنه، وأبو سعْد السّمّان. 278- أحمد بْن عُمَر بْن الإسكاف البغداديّ1. أبو بَكْر. سَمِعَ: عثمان بْن السّمّاك، وأحمد بْن عثمان بْن بُويان، والنجاد. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان ثقة. تُوُفّي في المحرَّم. قلت: وروى عَنْهُ: محمد بْن أحمد بْن الحرّان. وله جزء معروف. 279- أحمد بْن محمد بْن سلامة بْن عَبْد الله2. أبو الحسين السُّتيتي، الدّمشقيّ الأديب المعروف بابن الطّحّان. روى عَنْ: خَيْثَمَة بن سليمان، وأبي الطيب المتنبي الشاعر، وأبي القاسم الزجاجي النحوي. روى عنه: أبو سعد السمان، ومحمد بن إبراهيم بن حذلم، ومحمد بن أبي نصر الطالقاني، وعبد العزيز الكتاني، وعلي بن أبي العلاء، وآخرون. قال: كنتُ أنام في مجلس خيثمة فينبهني أبي، فأنظر إلى خيثمة شيخ عظيم الهامة، كبير الآذان، كبير الأنف. قال الكتاني: مولده سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة في شوال، وكان يُتهم بالتشيع، فحلف لنا أنه بريء مِن ذَلِكَ، وأنه مِن موالي يزيد بْن معاوية، وأنّه قد زار قبر يزيد. وكانت لَهُ أُصول حسنة. وذكر أنّه مِن وُلِد سُتيتة مولاة يزيد. 280- أحمد بْن محمد بْن عليّ الكتانيّ الدّمشقيّ3. الصُّوفيّ، والد الحافظ عَبْد العزيز الكتّانيّ. روى عَنْ: يوسف المَيَانِجِيّ. وعنه: ابنه، وأبو سعْد السّمّان، وغيرهما. حكى جمال الإسلام أبو الحسن أنه كان امتنع مِن أكل الأَرُزّ واللَّحْم خوفًا مِن أن يبتلع عَظْمًا. فلمّا ارتحل إلى بغداد شوقًا إلى ولده عبد العزيز صادفه وقد طبخ لحمًا بأرُزّ، فقّربه ابنه فقال: قد عرفت عادتي في هذا. فقال: كُل لا يكون إلا الخير. فابتلع

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 294، 295". 2 الأنساب "291 ب"، والوافي بالوفيات "8/ 15، 16". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 70".

عظمًا فمات ببغداد. حدثني بهذا ولده أو أبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي. وتُوُفِّي فِي ذي القعدة. 281- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن العبّاس بْن محمد بْن عَبْد المُلْك بْن أَبِي الشَّوارب1. أبو الحَسَن الأموي الفقيه. ولي القضاء بالعراق بعد أَبِي محمد بْن الأكفانيّ. قَالَ الخطيب: وكان عفيفًا نَزِهًا رئيسًا. سَمِعَ مِن أَبِي عُمَر الزّاهد، وعبد الباقي بْن قانع. ولم يحدث. وقد حدثيني أبو العلاء الواسطيّ أنّه أنشده قَالَ: أنشدنا أبو عُمَر، أنشدنا ثعلب، فذكر بيتين. وقد قِيلَ: إنّ المتوكّل عرض القضاء عَلَى محمد بْن عَبْد المُلْك. قَالَ أبو العلاء: فيرى النّاس أنّ بركة امتناع محمد بْن عَبْد المُلْك دخلت عَلَى ولده، فولى منهم القضاء أربعةٌ وعشرون قاضيا، ثمانية منهم تقلّدوا قضاء القُضاة، آخرهم أبو الحسن هذا. وما رأينا مثله جلالةً وشَرَفًا. وكان قد ولى قضاء البصرة، وولي قضاء القُضاة في رجب سنة خمسٍ وأربعمائة. وتوفي في شوّال سنة سبْع عشرة، وله ثمانِ وثمانون سنة. قلت: إسناده عالي فذهب بامتناعه، رحمه الله. 282- إبراهيم بْن الوزير أَبِي الفضل جعفر بْن الفضل بْن حَنْزابة2. تُوُفّي في ربيع الأوّل بمصر. "حرف الحاء": الحسين التّبّانيّ. يأتي تقريبًا 283- الحسين بْن ذِكْر بْن هارون3. أبو القاسم البَجَليّ العكّاوي الأصمّ. سَمِعَ: أبا عليّ بْن هارون الأنصاري، ويوسف بْن القاسم المَيَانِجِيّ. روى عَنْهُ: أبو سعْد السّمّان، وأبو علي الأهوازي.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 47 - 49"، والبداية والنهاية "12/ 21"، والمنتظم "8/ 25". 2 الكامل في التاريخ "9/ 350". 3 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 298".

تُوُفّي بعكّاء في ربيع الآخر. وكان عالمًا زاهدًا. 284- الحسين بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عَبْدان. أبو عليّ النَّيْسابوريّ التّاجر. سَمِعَ مِن: أَبِي العبّاس الأصمّ، وغيره. وعنه: أبو عبد الله الثَّقَفيّ، وطائفة. 285- الحَسَن بْن عليّ بْن ثابت. خطيب السّلحِين. روى عَنْ: أبي عليّ بْن الصّوافّ، وعدة. وعنه: أبو الفضل ابن المهتدي في مشيخته. "حرف الراء": 286- رَوْح بْن أحمد بْن عُمَر1. أبو عليّ الإصبهاني، ثمّ النَّيْسابوريّ. ثقة، أديب، طبيب مشهور، سكن نَيْسابور. وسمع مِن: أَبِي عَمْرو بْن حمدان. روى عَنْهُ: أبو صالح المؤذّن. "حرف السِّين": 287- سَعِيد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن كَنْجَة. أبو عَمْرو المستملي. خُراساني. 288- سلامة بْن عمر بن عيسى2. أبو الحسن النصيبي. سكن بغداد، فحدث بها عنه: أحمد بْن يوسف بْن خلاد، وأبي بَكْر القَطِيَعيّ. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقًا. 289- سهل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن هشام بْن حَمْدَوَيْه3. أبو هشام المَرْوَزِيّ السنْجيّ. تُوُفّي في ذي القعدة. روى بنَيْسابور، وكان ثقة عَنْ: أبي الحَسَن بْن مَحْمُويْه، وعليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن البكّائيّ، وأبي الحسن بن شاذان الرازي. وعنه: أبو صالح نافلة الإسكاف.

_ 1 المنتخب من السياق "221" "691". 2 تاريخ بغداد "9/ 203" "4779". 3 المنتخب من السياق "243" "769".

"حرف الصاد": 290- صاعد بن الحسن بن عيسى الربعي1.أبو العلاء البغدادي اللغوي، مصنف كتاب " الفُصُوص". أخذ عَنْ: أَبِي سَعِيد السِّيرَافِي، وأَبِي عَلِيّ الفارسيّ، وأبي سليمان الخطّابيّ، وأبي بَكْر القَطِيَعيّ. وبَرع في العربيّة واللّغة. ودخل الأندلس في أيّام المؤيَّد بالله هشام بْن الحَكَم. وكان حافظًا للآداب، سريع الجواب، طيب العِشْرة، حُلو المفاكهة، فأكرمه الحاجب المنصور محمد بْن أَبِي عامر وزاد في الإحسان إِليْهِ. جمَع الفصوص عَلَى نحو"أمالي القالي " للمنصور، فأثابه عَليْهِ خمسة آلاف دينار. وكان متَّهَمًا في النَّقل، فلهذا هجروا كتابه وقد تخرَّج بِهِ جماعة مِن فُضلاء الأندلس لمّا ظهر كذبِه للمنصور رمى بكتابه في النّهر ثمّ خرج مِن الأندلس في الفتنة وقصد صقلّية، فمات بها. قَالَ أبو محمد بْن حزم: تُوُفّي بصِقِلّية سنة سبْع عشرة. قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ صاعد يُتهم بالكِذب. وقد ذكره الحُميدي في تاريخه فقال: أخبرني شيخٌ أنّ أبا العلاء دخل على المنصور في مجلس أنسٍ، وقد اتخذ قميصًا من رقاع الخرائط التي وصلت إليه، فيها صِلاته، فلما وجد فرصة تجرد وبقي في القميص، فقال المنصور: ما هذا؟ فقال: هذه خِرَق صِلات مولانا اتّخذتها شعارًا. وبكى وأتبع ذَلِكَ الشُكر. فأعجب بِهِ وقال: لك عندي مزيد. قَالَ: وكتابه "الفُصوص" عَلَى نحو كتاب "النوادر" للقالي. وكان كثيرًا ما تُستغرب لَهُ الألفاظ ويُسأل عَنْهَا فيُسرع الجواب. نحو ما يُحكى عن أَبِي عَمْرو الزّاهد قَالَ: ولولا أنّ أبا العلاء كَانَ كثير المُزاح لمّا حُمل إلا عَلَى التّصديق. قلت: طوّل ترجمته بحكاياتٍ وأشعار رائقة لَهُ. "حرف العين": 291- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه2. الإمام أبو بكر المروزي القفال. شيخ

_ 1 كشف الظنون "1261"، وميزان الاعتدال "2/ 287" "3764". 2 هدية العارفين "1/ 450"، والأعلام "4/ 190"، والبداية والنهاية "12/ 21، 22"، والعبر "3/ 124".

الشّافعية بُخراسان. كَانَ يعمل الأقفال، وحَذَقَ في عملها حتّى صنع قفلًا بآلاته ومفتاحه وزْن أربع حبات. فلمّا صار ابن ثلاثين سنة أحسّ مِن نفسه ذكاءً، فأقبل عَلَى الفقه، فبرع فيه وفاق الأقران. وهو صاحب طريقة الخُراسانيين في الفِقْه. تفقَّه عَليْهِ: أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك المسعوديّ، وأبو عليّ الحسين بْن شُعيب السنْجِي، وأبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن فُوران الفُورَانيّ. وهؤلاء مِن كِبار فُقهاء المَرَاوِزَة. وتُوُفّي بمَرْو في جُمَادَى الآخرة وله تسعون سنة. قَالَ الفقيه ناصر العُمري: لم يكن في زمان أَبِي بَكْر القَفّال أفقه مِنه ولا يكون بعده مثله. وكنا نقول إنّه مَلَكٌ في صورة الْإنْسَان. تفقَّه عَلَى أَبِي زيد الفاشانيّ. وسمع منه، ومن: الخليلٍ بْن أحمد القاضي، وجماعة. وحدَّث وأملي. وكان رأسًا في الفقه، قدوةً في الزُّهْد. ذكره أبو بَكْر السّمْعانيّ في أمياله، فقال: وحيد زمانه فِقْهًا وحِفْظًا وَوَرَعًا وزُهدًا. وله في المذهب مِن الآثار ما لَيْسَ لغيره مِن أهل عصره. وطريقته المهذَّبة في مذهب الشّافعيّ الّتي حملها عَنْهُ أصحابه أمتنُ طريقة وأكثرها تحقيقًا. رحل إليه الفقهاء مِن البلاد، وتخرَّج بِهِ أئمّة. ابتدأ بطلب العِلم وقد صار ابن ثلاثين سنة، فترك صنْعته وأقبل عَلَى العلم. وقال غيره: كَانَ القفّال قد ذهبت عينه. وذكر ناصر المروزي أن بعض الفُقهاء المختلفين إلى القفّال احتسب عَلَى بعض أتباع الأمير متولّي مَرْو، فرفع الأميرُ ذَلِكَ إلى محمود بْن سُبُكتكين فقال: أيأخذ القفّال شيئًا مِن ديواننا؟ قَالَ: لا. قَالَ: يتلبّس بشيءٍ مِن الأوقاف؟ قَالَ: لا. قَالَ: فإن الاحتباس لهم سائغٌ. دَعْهم. وحكى القاضي حسين عَنْ القفال أستاذه أنه كان كثير مِن الأوقات في الدّرْس يقع عَليْهِ الُبكاء. ثمّ يرفع رأسه ويقول: ما أغفلنا عمّا يُراد بنا. تخرَّج القفّال عَلَى أَبِي زيد الفاشانيّ. وسمع الحديث بمَرْو، وبُخارى، وهَرَاة. وحدث وأملى كما ذكرنا. وقبره يُزار.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 397" "503".

292- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عثمان1. أبو بَكْر ابن بنت شيبان العُكبري. حدَّث عَنْ: أبي بكر القطيعي، وأبي أحمد بْن السّقّاء. روى عَنْهُ: عَبْد العزيز الكتّانيّ، وغيره. 293- عَبْد الله بْن أحمد بْن عثمان1. أبو محمد القُشاري الطُّلَيْطُليّ الأندلسيّ. كَانَ ورعًا، خيرًا يغلب عليه الفقه. وكان مشاورًا في الأحكام، شاعرًا، من أعيان العلماء. تُوُفِّي فِي شعبان. 294- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى. أبو محمد الهمَدانيّ البزّاز، المعروف بسبط قاضينا. روى عَنْ: موسى بْن محمد بْن جعفر، وأوس الخطيب، وابن بُرزة، وعليّ بْن إبراهيم علان. وعنه: مكّيّ بْن محمد الفقيه، وأحمد بْن عُمَر، ومحمد بْن طاهر بْن ممان. 295- عَبْد الله بْن يحيى بْن عبد الجبّار2. أبو محمد البغداديّ السُكري. يُعرف بوجه العجوز. سَمِعَ: إسماعيل الصَّفّار، وجعفر الخُلدي، وأبا بَكْر النّجّاد، وجعفر بْن محمد بْن الحَكَم، وجماعة. قَالَ الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا. مات في صَفَر. قلتُ: وروى عَنْهُ أبو بَكْر البَيْهَقيّ، والحسين بْن عليّ بْن البُسري. 296- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم3. أبو القاسم النَّيْسابوريّ الجوريّ المقرئ الحريريّ الشّافعيّ. مستور ثقة. سَمِعَ مَعَ أخيه القاضي أَبِي جعفر مِن: أحمد بْن محمد بْن عَبْدُوس الطّرائفيّ، وأبي الحسن الكارزي، وأبي علي الرفاء. وتوفي في جُمَادَى الآخرة. سَمِعَ عَبْد الغافر مِن أصحابه. 297- عَبْد السّلام بْن أحمد بْن أبي عرابة. أبو محمد الْمَصْرِيّ. مات في ذي الحجّة. 298- عَبْد المُلْك بْن أحمد بْن أبي حامد4. أبو محمد الْجُرْجانيّ. قاضي الريّ، ويعرف بعبدك.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "262"، "582". 2 العبر "3/ 125"، وشذرات الذهب "3/ 208". 3 المنتخب من السياق "304" "1005". 4 تاريخ جرجان للسهمي "278".

روى عن: أَبِي بَكْر الإسماعيليّ، وأبي بَكْر القَطِيَعيّ، وابن ماسيّ. 299- عَبْد الواحد بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عثمان بن أبي الحديد1. السُلمي الدّمشقيّ أبو الفضل الشّاهد. حدَّث عَنْ: الحسين بْن إبراهيم بْن جَابِر الفرائضيّ، ويوسف المَيَانِجِيّ. روى عَنْهُ: ابنه أبو الحَسَن أحمد، والخطيب أبو نصر بْن طلاب، وأبو سعْد السمان، وعبد العزيز الكتاني. وتُوُفّي فِي ذي الحجَّة. 300- عَلي بْن أَحْمَد بْن عمر بن حفص2. أبو الحسن بن الحمّاميّ البغداديّ. مقرئ العراق. قرأ القراءات عَلَى: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الحسن النّقّاش، وعبد الواحد بْن أبي هاشم، وهبة الله بْن جعفر، وأبي عيسى بكار بن أحمد، ويزيد بن أبي هلال الكوفّي، وجماعة سواهم. وسمع الحديث مِن: أَبِي عَمْرو بْن السّمّاك، وأبي بَكْر النّجّاد، وأحمد بْن عثمان الأَدَميّ، وأبي سهل القطّان، وعلي بْن محمد بْن الزُّبَيْر الكوفيّ، وعبد الباقي بْن قانع، ومحمد بْن جعفر الأَدَميّ، وخلْق سواهم. روى عنه: أبو بَكْر الخطيب، ورِزْق الله التّميميّ، وأبو بَكْر البَيْهَقيّ، وأبو الفضل عبد الله بن علي الدقاق، وطراد الزيني، وخلق آخرهم أبو الحسن علي بن علاف. وقرأ عَليْهِ القراءات: أبو الفتح عَبْد الواحد بْن شيْطا، ونصر بْن عبد العزيز الفارسيّ، وأبو علي الحسن بْن القاسم غلام الهراس، وأبو بَكْر محمد بْن علي بْن موسى الخياط، وأبو الخطّاب أحمد بْن عليّ الصّوفّي، وَأَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن أَبِي الفضل الشرمقاني3، والحسن بن علي العطار، وأبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن فارس الخيّاط، وعبد السّيّد بْن عتّاب، ورزق الله بْن عبد الوهّاب التّميميّ، وأبو نصر أحمد بْن عليّ الهاشمي شيخ الشَّهْرَزُوريّ، وأبو عليّ الحَسَن بْن أحمد بْن البنّاء، وأبو القاسم يحيى بْن أحمد السّيبيّ القَصْريّ، وخلق كثير. قَالَ الخطيب: كَانَ صدوقًا دينًا، فاضلًا، تفرد بأسانيد القراءات وعُلوها في وقته.

_ 1 موسوعة علماء المسلمين في تاريخ الإسلامي "3/ 246". 2 تاريخ بغداد "11/ 329"، 330"، والأنساب "4/ 207"، والبداية والنهاية "12/ 21". 3 الشرمقاني: هي نسبة إلى "شرمقان" وهي مدينة بالقرب من إسفراين "بنواحي نيسابور" "الأنساب "7/ 323".

ولد في سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة، ومات في رابع وعشرين شَعْبان. أَنْبَأَنَا المسلّم بْن علّان، وغيره، أنّ أبا اليُمن الكِنْديّ أخبرهم: أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بْن عليّ الخطيب: حدَّثني نصر بْن إبراهيم الفقيه: سمعتُ سُليم بْن أيّوب الرّازيّ: سمعتُ أبا الفتح بْن أَبِي الفوارس يَقُولُ: لو رحلَ رجلٌ مِن خُراسان ليسمع كلمةً مِن أَبِي الحَسَن الحمّاميّ أو مِن أَبِي أحمد الفَرَضيّ لم تكن رحلته ضائعةً عندنا. 301- عليّ بْن أحمد بْن هارون بْن كُردي1. أبو الحَسَن النّهْروانيّ، المعدّل. سَمِعَ: محمد بْن يحيى بْن عَمْر بْن عَلِيّ بْن حرب. قال الخطيب: كتبتُ عنه بالنهروان. وتُوُفّي في شَعْبان، وله ستٌّ وثمانون سنة. 302- عُمَر بْن أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْدوَيْه بْن سدُوس بْن علي بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْد اللَّه بْن عتبة ابن مسعود2. أبو حازم الهُذلي العبدويي النَّيْسابوريّ الحافظ الأعرج. سَمِعَ: إسماعيل بْن نجَيْد، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عَبْدة السَّلِيطيّ، وأبا عَمْرو بْن مطر، وأبا الفضل بْن خَمِيروَيْه الهَرَويّ، وأبا الحَسَن السّرّاج، وأبا أحمد الغِطريفي، وأبا بَكْر الإسماعيليّ، وبِشْر بْن أحمد الإسفرائيني، وطبقتهم. وحدث ببغداد في سنة تسعٍ وثمانين وثلاثمائة، فسمع منه: أبو الفتح بْن أَبِي الفوارس، وأحمد بْن الآبنوسيّ. وحدَّث عَنْهُ: أبو القاسم التّنُوخيّ، وأحمد بْن عَبْد الواحد الوكيل، وأبو بَكْر الخطيب وقال: كَانَ ثقة، صادقًا، حافظًا عارفًا. كتب إلي أبو عليّ الوخْشيّ يذكر أن أبا حازم مات في يوم عيد الفِطْر. قلتُ: وروى عَنْهُ: أبو عَبْد الله الثَّقَفيّ، وخلْق مِن أهل نَيْسابور، وكان مِن جِلّة الحُفّاظ. وكان أَبُوهُ قد سمّعه مِن أَبِي العبّاس الصبْغيّ، وأبي عليّ الرّفّاء، وغيرهما، فلم يحدَّث عَنْهُمْ تورُّعًا وقال: لست أذكرهم. قَالَ أبو صالح المؤذّن: سَمِعْتُ أبا حازم يَقُولُ: كتبتُ بخطيّ عَنْ عشرةٍ مِن شيوخي عشرة آلاف، عَنْ كلّ شيخ ألف جزء.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 330"، "6157". 2 المنتظم "9/ 27"، والعبر "3/ 125"، والنجوم الزاهرة "4/ 265".

رواها عَبْد الغافر في "السّياق" عَنْ أَبِي صالح الحافظ. وقال أبو محمد بْن السَّمَرْقَنْديّ: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم أر أحدا أطلق عليه أسم الحِفظ غير رجلين: أبو نُعيم، وأبو حازم العبدويي. 303- عُمَر بْن أحمد بْن عثمان1. أبو حفص البزّاز العُكبري. سَمِعَ: محمد بْن يحيى الطّائيّ، وأبا بَكْر النّقّاش، وعليّ بْن صَدَقَة. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان ثقة أمينًا. وُلِد سنة عشرين وثلاثمائة. قلت: وروى عَنْهُ: ابن البِطر. "حرف الميم": 304- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن القاسم الهَرَويّ2. المجاور بمكّة. قَالَ الدّانيّ: يُكنى أبا أُسامة. روى القراءة فيما ذكر عَنْ أَبِي بَكْر النّقّاش، وسمع منه تفسيره. ثمّ عرض عليّ أَبِي الطَّيّب بْن غَلْبُون، والسّامريّ بمصر. رَأَيْته يُقرئ بمكّة. وكان شيخًا صالحًا، وربّما أملي مِن حفظه الحديث فقَلب الأسانيد وغيَّر المُتُون. مولده بهراة سنة تسعٍ وعشرين وثلاثمائة، وتوفي بمكّة. 305- محمد بْن أحمد بْن الطَّيّب بْن جعفر بْن كُماري. أبو الحسين الواسطيّ الطّحّان. روى عن: أَبِيهِ أَبِي بَكْر أحمد صاحب ابن شَوْذَب، وعن: بَكْر بْن أحمد مَحْمِيّ. وبرع في مذهب أَبِي حنيفة عَلَى أَبِي بَكْر الرّازيّ. وكان مِن العدُول الكِبار. ورّخه ابن النُّقْطَة. 306- محمد بن أحمد بْن عليّ. أبو المظفَّر البالكيّ الهَرَويّ. سَمِعَ: أبا عليّ الرّفّاء. وعنه: شيخ الْإِسْلَام عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْأَنْصَارِي. 307- محمد بْن أحمد بْن هارون بْن موسى بن عبدان3. أبو نصر بن الْجُنْديّ الغسّانيّ الدّمشقيّ. إمام الجامع، ونائب القاضي بدمشق، ومحدث البلد.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 273"، والمنتظم "8/ 27". 2 غاية النهاية "2/ 86، 87". 3 الإكمال لابن ماكولا "2/ 222، 223"، والأنساب "3/ 322".

روى عَنْ: خَيْثَمَة بْن سليمان، وعلي بْن أبي العقب، وَأَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مروان، وأبي علي ابن جابر الفرائضي، وجماعة. روى عنه: أبو نصر الحبان، وأبو علي الأهوازي، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي حديد، وأبو نصر بن طلاب، وأبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وعلي بن محمد المصيصي، وآخرون. قال الكتاني: توفي القاضي أبو نصر بن هارون إمام جامع دمشق وقاضيها في صفر، وكان ثقة مأمونًا. وذكر أنّ مولده سنة 338. 308- محمد بْن أحمد بْن الحَسَن البزّاز1. أبو الحسن البغداديّ. سَمِعَ بمكّة مِن: أَبِي محمد الفاكهيّ. روى عَنْهُ: الخطيب، وأبو بَكْر البَيْهَقيّ. 309- محمد بْن عَبْد الله بْن أَبِي زيد2. أبو بَكْر الأنّماطيّ. بغداديّ، سَمِعَ: عُمَر بْن سَلْم، وأبا بَكْر الشّافعيّ. وعنه: الخطيب، وابن قيداس. 310- مُحَمَّد بْن عَتِيق بْن بَكْر. أبو عَبْد الله الأُسْوانيّ. سَمِعَ مِن: هشام بْن أَبِي خليفة السَّدُوسيّ، وطبقته. "حرف الهاء": 311- هارون بْن يحيى بْن الحَسَن الطّحّان. أبو موسى الْمَصْرِيّ. تُوُفّي في ربيع الأول. عنده عَنْ: الحَسَن بْن رشيق، وأبي الطّاهر الذُهلي. ذكر ذَلِكَ أبو إِسْحَاق إبراهيم بْن سَعِيد الحبال في "الوفيات". "وفيات سنة ثمان عشرة وأربعمائة": "حرف الألف": 312- أحمد بْن إبراهيم بْن يزداد3. أبو عليّ غلام محسن الإصبهاني. سَمِعَ: عَبْد الله بن جعفر بن فارس. وأظنه سمع من أبي أحمد العسال.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 290"، والمنتظم "8/ 28". 2 تاريخ بغداد "5/ 476". 3 ذكر أخبار أصبهان "1/ 142".

روى عَنْهُ: أبو حفص عُمَر بْن أحمد المعلم، وأبو بكر أحمد بن محمد بن مردوَيْه، وغيرهما. مِن شيوخ السلَفيّ. تُوُفّي في صَفَر، وله نّيفٌ وثمانون سنة. عند أَبِي الفتح الْقُرَشِيّ جزءٌ مِن حديثه. 313- أحمد بْن بُرد1. أبو حفص القُرْطُبيّ الكاتب. كَانَ ذا حظٍ وافرٍ مِن البلاغة، والأدب والشِعّر، رئيسًا مقدَّمًا في الدّولة النّاصريّة. 314- أحمد بْن حمدان بْن الشَّيْخ أَبِي حامد أحمد بْن محمد بْن شارَك الهَرَويّ. أبو حامد الشّاركيّ. روى عن: جَدّه. وعنه: محمد بْن علي العُمَيْريّ، وغيره. 315- أحمد بْن عليّ بْن سَعْدُوَيْه النَّسَويّ الحاكم. سَمِعَ: إسماعيل بْن نُجَيْد، وغيره. روى عَنْهُ: شيخ الإسلام الأنصاري. 316- أَحْمَد بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد2. أبو حامد المُلقاباذي النَّيْسابوريّ، التّاجر الدّلال، جار أَبِي سَعِيد الحافظ المحمداباذيّ. ثقة، صالح. حدَّث عَنْ: أَبِي الحَسَن السَّرَّاج، وأبي الحَسَن المُزَكّيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عَبْد الله الكريزيّ. وتُوُفّي في أواخر صَفَر. 317- أحمد بْن محمد بْن أحمد3. أبو سعيد القُهُندُزي النيسابوري الشافعي، المقرئ. روى عَنْ: أَبِي بَكْر محمد بْن المؤمّل، وغيره. روى عَنْهُ: أبو صالح المؤذّن، ومحمد بْن يحيى، وعُبَيْد الله بْن عَبْد الله. تُوُفّي في ربيع الأوَّل. 318- أحمد بْن محمد بن المهتدي الخطيب4. أبو عبد الله البغداديّ. سَمِعَ: أبا بكر النجاد. وحدث بجزءٍ واحدٍ رواه عَنْهُ الخطيب. 319- أحمد بْن محمد بْن القاسم بْن مرزوق5. أبو الحَسَن الْمَصْرِيّ الأنماطيّ العدْل.

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "119"، وبغية الملتمس للضبي "172". 2 المنتخب من السياق "84"، "183". 3 انظر المصدر السابق "196". 4 البداية والنهاية "12/ 13". 5 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 77، 78".

سَمِعَ: أحمد بْن عُبَيْد الصَّفّار الحمصيّ، وحمزة بْن محمد الحافظ، والحسين بْن إبراهيم الفرائضيّ الدّمشقيّ. روى عَنْهُ: أبو نصر السجْزيّ، وأبو إسحاق الحبال. وسمع من: الحبّال "السّيرة". حدثَّه بها، عَنْ ابن الورد، بسَنَدِه. 320- أحمد بْن الوليد بْن أحمد بْن محمد1. أبو حامد الزَّوْزَنيّ. رحل، وروى عَنْ: أبي بكر الشافعي، وخلف الخيام، وأبي القاسم الطبراني. وتوفي بنَيْسابور في جُمادى الآخرة. روى عَنْهُ: طاهر الشماحي، وغيره. 321- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مِهْران2. الأستاذ أبو إِسْحَاق الإسْفرائينيّ، الأصُوليّ، المتكلم، الفقيه الشّافعيّ، إمام أهل خُراسان. رُكن الدّين، أحد مِن بلغ رتبة الاجتهاد. لَهُ التّصانيف المفيدة. روى عَنْ: دَعْلَج بْن أحمد السجْزيّ، وأبي بَكْر الشّافعيّ، وعبد الخالق بْن أَبِي رُوبا، ومحمد بن يزداد بن مسعود، وأبي بَكْر الإسماعيليّ، وجماعة. وأملى مجالس. روى عَنْهُ: أبو بكر البيهقي، وأبو قاسم القُشيري، وأبو السّنابل هبة الله بْن أَبِي الصَّهْباء، وجماعة. وصنف كتاب "جامع الحُلي في أُصول الدّين"، " والرّدّ عَلَى الملحدين" في خمس مجلّدات، وتصانيف كثيرة مفيدة. أخذ عَنْهُ القاضي أبو الطيب الطَّبَريّ أُصول الفقه وغيره. وبُنيت لَهُ بنَيْسابور مدرسة مشهورة. وتُوُفّي بنَيْسابور يوم عاشوراء في السَّنة. قَالَ أبو إِسْحَاق الشّيرازيّ: درس عَليْهِ شيخنا أبو الطَّيّب، وعنه أخذ الكلام والأُصول عامة شيوخ نيسابور. وقال غيره: نُقِل إلى إسْفراين ودُفِن بمشهده بها. وقال عَبْد الغافر: كَانَ أبو إِسْحَاق طراز ناحية المشرق، فضلًا عَنْ نَيْسابور وناحيته. ثم كان من المجتهدين في العبادة، المبالغين في الورع. انتخب عليه أبو عبد الله الحاكم عشرة أجزاء، وذكره في تاريخه لجلالته. وخرج عليه أحمد بن علي الحافظ الرازي ألف حديث. وعُقد له مجلس الإملاء بعد ابن محمش. وكان ثقة، ثبتا في الحديث. قال أبو القاسم بن عساكر: حكى لي

_ 1 الأنساب "5/ 321". 2 الأعلام "1/ 59"، هدية العارفين "1/ 8"، ووفيات الأعيان "1/ 28".

مَن أثق بِهِ أنّ الصّاحب بْن عباد كَانَ إذا انتهى إلى ذِكر ابن الباقِلّانيّ، وابن فُورك، والإسْفرائينيّ، وكانوا متعاصرين مِن أصحاب أَبِي الحَسَن الأَشْعريّ، قَالَ لأصحابه: ابن الباقِلّانيّ بحرٌ مُغرق، وابن فُورك صِلٌ1 مُطرق، والإسْفرائينيّ نارٌ تحرق. وقال الحاكم في تاريخه: أبو إِسْحَاق الإسْفرائينيّ الفقيه الأُصولي المتكلم، المتقدم في هذه العلوم. انصرف مِن العراق وقد أقَّر لَهُ العلماء بالتّقدُّم إلى أن قَالَ: وبُني لَهُ بنَيْسابور المدرسة الّتي لم يُبن بنَيْسابور قبلها مثلها. فدرَّس فيها. وقال غيره: كَانَ أبو إسحاق يَقُولُ: إنّ كلّ مجتهدٍ مُصيبٌ أوّلُهُ سَفْسَطة، وآخر زَنْدَقَة. وقال أبو القاسم الفقيه: كَانَ شيخنا الأستاذ إذا تكلَّم في هذه المسألة قِيلَ: القلم عَنْهُ مرفوع حينئذٍ، لأنّه كَانَ يشتم ويصول، ويفعل أشياء. وحكى عَنْهُ أبو القاسم القُشيري أنّه كَانَ لا يجوّز الكرامات. وهذه زَلَّة كبيرة. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ غَسَّانَ، أنا سَعِيدُ بْنُ سَهْلٍ الْخُوَارَزْمِيُّ سَنَةَ ثمانٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ: ثنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُؤَذِّنُ إِمْلَاءً: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزْدَادَ بْنِ مَسْعُودٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُصعب، ثنا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، سَمِعَ الْقَاسِمَ يُحَدِّثُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: "اللهُم اجْعَلْ أَوْسَعَ رِزقي عِنْدَ كِبر سِني وَانْقِضَاءِ عُمري"2. قُلْتُ: عِيسَى هَذَا مَدَنِيٌّ يُقَالُ لَهُ الْخَوَّاصُ. قَالَ بَتَرْكِهِ النَّسَائِيُّ، وَضَعَّفَهُ الدارقُطني. 322- إسماعيل بْن بدر3. أبو القاسم الأنصاريّ القُرطبي، الأديب الفَرَضيّ، المعروف بابن الغنام. روى عن: محمد بْن معاوية القُرشي، ومنذر بْن سَعِيد القاضي، وأبي عيسى الليثي.

_ 1 الصل: يعني به السيف المسنون القاطع. 2 "حديث ضعيف جدا": أورده ابن عدي في الكامل في الضعفاء "1/ 170"، وذكره الشوكاني في الفوائد "483". 3 الصلة لابن بشكوال "102، 103".

حدَّث عَنْه الخَوْلانيّ، وقال: كَانَ صالحًا، متسننًا، مهندسًا. روى عَنْهُ أيضًا: قاسم بْن إبراهيم، وأبو محمد بْن خزرج. 323- أصْبَغ بْن عيسى1. أبو القاسم اليَحْصُبيّ الإشبيليّ العبدريّ. روى عَنْ: أَبِي محمد الباجيّ، وغيره. وعُني بالعِلم. روى عَنْهُ: الخَوْلانيّ، وأبو محمد بْن خزرج. "حرف الحاء": 324- الحسين بْن عليّ بْن حسين بْن محمد2. الوزير أبو القاسم بْن أبي الحَسَن الشيعيّ. عُرف بابن المغربيّ. كَانَ مَعَ أَبِيهِ، فلمّا قَتَلَ الحاكم أَبَاهُ بمصر وعمّه وإخوته هرب أبو القاسم مِن مصر، واستجار بحسّان ابن مفرج الطائي، ومدحه. فوصله وأجاره. حدث عَنْ: الوزير أَبِي الفضل جعفر بْن الفُرات بْن حنْزَابَة. روى عَنْهُ: ابنه عَبْد الحميد، وأبو الحَسَن بْن الطَّيّب الفارقيّ. وقد وَزَرَ لصاحب ميافارقين أحمد بْن مروان. ومن شِعره لمّا كَانَ مختفيا بالقاهرة والحاكم يطلب دمه، وقد كَانَ بمصر صبيٌّ أمرد يُضرب المثلُ بحُسنْه، وكان يشتهي أبو القاسم أن يراه، فأُخبِر بأنّه يسبح في الخليج، فخرج ليراه وغرَّرَ بنفسه، فنظر إِليْهِ وقال: عُلمتُ منطقَ حاجبَيْه ... والبَيْنُ ينشدُ رايتيهِ وعَرفتُ آثارَ النعيمِ ... بقُبلةٍ في وجنتيهِ ها قد رضِيتُ مِن الدُّنيا ... بأسْرها نظري إليهِ ولقد أراه في الخلي ... ج يشقهُ من جانبيهِ والموجُ مثلُ السيفِ وه ... وفرنده في صفحتيهِ لا تشربوا مِن مائه ... أبدًا، ولا ترِدوا عليهِ قد ذاب منه السحرُ في ... حركاتهِ من مُقلتيهِ

_ 1 انظر المصدر السابق "108". 2 المنتظم "8/ 32، 33"، والعبر "3/ 128".

وكأنّه في الموج قلبي ... بين أشواقي إليهِ وله: وكل امريءٍ يدري مواقعَ رُشدهِ ... ولكنّه أعمي أسيرُ هواهُ هوى نفسهِ يُعميهِ عَنْ قُبح عيبهِ ... وينظُرُ عَنْ فهمٍ عيوب سِواهُ ابن النّجّار: أنشدنا الفَتْح بْن عَبْد السّلام، أَنَا جدّي، أنشدنا رزق الله التّميميّ: أنشدنا الوزير أبو القاسم الحسين بْن عليّ المغربي لنفسه: وما أمُ خشف خلقته وبَكَّرَتْ ... لتُكسبه طَعْمًا وعادت إلى العُشِ غدت تَرْتَعي ثمّ انْثَنَتْ لرضاعهِ ... فلم تلقَ شيئًا مِن قوائمه الحمشِ طافت بذاك القاع وَلْهًا فصادفتْ ... سِباع الفَلا نَهَشَتْه أيما نهشِ بأوجعَ منّي يومَ ظلّت أناملٌ ... تودّعني بالدّرّ مِن شبك النقشِ وأجمالهم تَحْدِي وقد بّرح النَّوَى ... كأنّ مطاياهم عَلَى ناظري تمشي وأعْجبُ ما في الأمر أنْ عشتُ بعدهُمْ ... عَلَى أنّهم ما خلَّفوا فيَّ مِن بطشِ قَالَ مِهيار الدَّيْلَميّ: لمّا وزر أبو القاسم بْن المغربيّ ببغداد تعظم وتكبَّر ورَهِبَة النّاس، وانقبضتُ عَنْ لقائه، ثم خِفتُ فعلمتُ فيه قصيدتي البائية، ودخلتُ فأنشدتهُ، فرفع طرْفَه إليّ وقال: اجلس أيها الشَّيْخ. فلمّا بلغت إلى قولي: جاء بك الله عَلَى فترةٍ ... بآيةٍ مَن يَرها يعجبِ لم تألفِ الأبصارُ مِن قَبْلها ... أن تَطْلُع الشمسُ مِن المغربِ فقال: أحسنت يا سيّدي. وأعطاني مائتي دينار. قلت: وكان جدُّهم يُلقب بالمغربيّ لكونه كَانَ كاتبًا عَلَى ديوان المغرب، وأصله بصْريّ. قصد أبو القاسم: فَخْرَ المُلك أبا غالب، وتوصَّل إلي أن وَزَرَ سنة أربع عشرة. وكان بليغًا مفَّوهًا مترسّلًا، يتوقَّد ذكاءً. ومن شِعْره: تأمَّل مَنْ أهواهُ صُفرة خاتمي ... فقال: حبيبي، لِمْ تجنبتَ أحمَره؟ فقلت لَهُ: مِن أحمرٍ كَانَ لونُهُ ... ولكْن سَقَامي حلَّ فيه فغيّره

وقد ساق ابن خلّكان نَسَبَه إلى بِهرام جور، وقال: له ديوان شِعر، و"مختصر إصلاح المنطق"، وكتاب " الإيناس". ومولده سنة سبعين وثلاثمائة. وحفظ كُتُبًا في اللُّغة والنَّحْو. وكان يحفظ نحو خمسة عشر ألف بيت مِن الشِعر. وبرع في الحساب. وحصَّل ذَلِكَ وله أربع عشرة سنة. وكان مِن دُهاة العالم. هرب مِن الحاكم فأفسد نيّات صاحب الرّمْلة وأقاربه عَلَى الحاكم. وسار إلى الحجاز، فأطمع صاحب مكّة في الحاكم وفي أخذ ديار مصر. وعمل ما قلق الحاكم مِنه وخاف عليّ ملكه. وتوفي بميافارقين، وحُمل إلى الكوفة بوصيةٍ منه. وله في ذَلِكَ حديث طويل. ودُفن في تُربهٍ مجاورةٍ للمشهد المنسوب إلى عليّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-. ومن شِعْره: أقولُ لها والعيسُ تُحدجُ للسُّرَى: ... أَعِدّي لفَقْدي ما استطعتِ مِن الصبرِ سأنفقُ ريعانَ الشبيبةِ آنِفًا ... عَلَى طَلَب العلياءِ أو طلبِ الأجرِ أليسَ مِن الخُسْران أنّ لياليا ... تمرُّ بلا نفعٍ وتُحسبُ مِن عمري؟ ومن شِعْره: أرى النّاس في الدّنيا كراعٍ تنكرتْ ... مراعيهِ حتّى لَيْسَ فيهنّ مرتعُ فماءٌ بلا مرعىً بغيرِ ماء ... وحيثُ تَرَى ماءً ومَرْعَى فمسبعُ وكتب إلى الحاكم: وأنتَ وحسبي أنت تعلم أنّني.... ... ..إمام المجد يبني ويهدمُ وليس حليمًا مِن تُقبل كفُّهُ ... فَيَرْضَى، ولكن مَن تُعض فيحلُمُ ومن شِعْره: قبورٌ ببغداد وطُوسٍ وطيبةٍ ... وفي سُر مِن رَأَى والغِريّ وكربلا إذا ما أتاها عارفٌ بحقوقها ... ترحّل عَنْهَا بالَّذِي كان أملا وتوفي في رمضان، رحمه الله.

"حرف الراء": 325- رباح بْن عليّ بْن موسى بْن رباح1. القاضي أبو يوسف البصْريّ. سَمِعَ: إبراهيم بْن عليّ الهُجيمي، وأحمد بْن محمد بن سليمان المالكي، ومحمد بن محمد بْن بَكْر الهِزاني. وسمع بدمشق، ومصر. روى عَنْهُ: ابنه يوسف، وأبو القاسم التّنُوخيّ، وأبو حازم محمد بْن الحسين الفرّاء، وآخرون. "حرف الزاي": 326- زيد بْن عَبْد العزيز بْن مُقرن. أبو الحَسَين الإصبهاني. تُوُفّي في المحرَّم. "حرف الطاء": 327- طاهر بْن الحَسَن بْن إبراهيم2. أبو محمد الهمَدانيّ الجصّاص الزّاهد. روى عَنْ: محمد بْن يوسف بْن عُمَر الكِسائيّ البزّاز، والحسن بْن عليّ الصَّفّار. وهذا الكِسائيّ يروي عَنْ البَغَويّ شيئًا قليلًا. روى عَنْ طاهر: أبو مسلم بْن غَزْو. وحكى عَنْهُ جماعة مِن الصُلحاء. وكان كبير القدْر، صاحب كرامات. بالغ شِيرَوَيْه في تطويل ترجمته، وقال: سمعتُ أبا الحَسَن الصُّوفيّ يَقُولُ: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ لطاهر الجصّاص مصنَّفات عدّة، منها: "أحكام المريدين" مشتمل عَلَى سبعة أجزاء. وكان يقرأ التّوراة، والإنجيل، والزَّبُور، والقرآن، ويقرّر تفسيرها. سُئل طاهر عَنْ التّوحيد فقال: أن يكون رجوع المرء إلى نفسه ونظره إِليْهِ اشدّ عَليْهِ مِن ضرب عُنقه. قال جعفر الأبهري: كان لطاهر الجصاص ثلاثمائة تلميذ كلّهم مِن الأوتاد. وقال مكّيّ بْن عُمَر البّيع: سمعتُ محمد بْن عيسى يَقُولُ: صام طاهر الجصَّاص أربعين يومًا متواليات أربعين مرّة. وآخر أربعين عملها صامَ عَلَى قشر الدُّخن، فَلِفْرط يُبْسِه فرغِ رأسُه واختلط في عقله. ولم أر أكثر مجاهدةً منه.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 429". 2 الأنساب "3/ 360، 361"، ومعجم المؤلفين "5/ 33".

قَالَ شِيرَوَيْه: كَانَ طاهر يذهب مذهب أهل الملامة. وقال مكّيّ: سَمِعْتُ أبا سعد بْن زِيرَك يَقُولُ: حضرتُ مجلسا ذُكر فيه طاهر الجصَّاص، فبعضهم نسبه إلى الزَّنْدَقَة، وبعضهم نسبه إلى المعرفة. فلمّا كثرتِ الأقاويل فيه قلت: إنّ عيسى عَليْهِ السّلام كَانَ نبيا وافتتانُ النّاس بِهِ أكثر وافِتتانُهُم بعيسى ضَرَّهم وما ضَرّه. وكذلك افتتان النّاس بطاهر يضرُّهم ولا يضرُّه. قَالَ مكّيّ: حَضَرتْ امرأةٌ عنده فقالت: ألحَّ عَليْهِ بعض أصحابنا في إظهار العِلّة الّتي ترك بسببها اللّحْم والخُبز، فقال: إذا أكلتهما طالبتني نفسي بقُبلة أمردٍ مليح. وسمعت منصور الخيّاط الصُّوفيّ يَقُولُ: دخلت عَلَى طاهر الجصَّاص، فنظرت إِليْهِ وإلى اجتماع القمل في ثوبه، فسألته أن يعطيني فَرْوته لأغسلها وأفلّيها. قَالَ: عَلَى أن لا تقتل القمل. قلت: نعم. ثمّ حملتها إلى النَّهر، فلو كَانَ معي قفيز كنت أملأه قملًا، فَكَنَسْتُهُ بالمِكْنَسة ونقيتهُ، فلمّا رَدَدْتُها عَليْهِ قَالَ: الحالتان عندي سواء، فإن القمل لا يؤذيني. وقال شِيرَوَيْه: سَمِعْتُ يوسف الخطيب يَقُولُ: دخلت عَلَى طاهر الجصاص ووضعت بين يديه تينًا1، فناولته تِينةً وقلت: أيُها الشّيخ اقطع هذه التّينة بأسنانك، ولم يبق في فمه سِن، فجعل يمصُّها ويَلُوكُها حتّى لانت وأمكنه قطعُها، فأكل نصفها، ووضع نصفها في فمي. فكأنّي وجدتُ في نفسي مِن ريقه ولُعابه. فبتُ تِلْكَ اللّيلة، فرأيت كأنّ آتٍ أتاني، فأخرج قلبي مِن جوفي مِن غير ألمٍ ولا وجع. فلمّا شاهدتُ قلبي كأنّ قنديلٍ، فيه سبعةَ عشر سِراجًا، فقال لي: هذا مِن ذاك اللُعاب. سَمِعْتُ عَبْد الواحد بْن إسماعيل البُروجردي يَقُولُ: اشترينا شِواءً وحلْواء فأكلنا، ثمّ دخلنا عَلَى طاهر الجصَّاص فقلنا: نريد شيئًا نأكله. فقال: قوموا عنّي أكلتم الشواء والحَلْواء في السوق وتطلبون شيئًا مِن عندي. وكان طاهر يتكلَّم مِن كلام الملامة بأشياء لا بأس بها في الشَّرْع إذا فّتش، وقبرهُ يزار ويُعظم.

_ 1 التين: شجرة من الفصيلة التوتية وثمر ذلك الشجر على هيئة الكمثرى، ومنه التين الشوكي، وهو ضرب من الفصيلة الشوكية وهو مأكول أيضا.

"حرف العين": 328- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جَحّاف1. أبو عَبْد الرَّحْمَن المَعَافِريّ. قاضي بَلَنْسِيَّة، ويُلقب بحَيْدَرَة. رَوَى عَنْ: أَبِي عيسى اللَّيْثي، وأَبِي بَكْر بْن السّليم، وأبي بَكْر بن القوطية. وكان إمامًا، ثقة، فاضلًا. ذكره ابن خَزْرج. وحدَّث عَنْهُ: أبو محمد بْن حزم، وقال: هُوَ مِن أفضل قاضٍ رَأَيْته دينًا وعقلًا وتعاونًا، حظّه الوافر مِن العلم. تُوُفّي في رمضان. 329- عَبْد الله بْن عُبَيْد الله بْن مُحَمَّد. أبو سَعِيد الْجُرْجانيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ الواعظ. كَانَ يَعِظ في مجلس المطرز. وحدَّث عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن نُجيد، وأبي الحَسَن السَّرَّاج، وطبقتهما. روى عَنْهُ: أبو صالح المؤذّن، وعُبيد الله الحشكانيّ. وكان حيّا في هذا العام. 330- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حمدان2. أبو القاسم القرشي النيسابوري السراج. روى عن: أبي العباس الأصم، وأبي منصور محمد بن القاسم الصبغي، ومحمد بْن سليمان البزاري، وأحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي، وجماعة. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعلي بن أحمد الأخرم المديني، وأبو صالح المؤذن، وعثمان المحمي، وفاطمة بنت الدقاق، وجماعة. مات في صفر. وكان إماما جليلا، ثقة كبير القدر فقيها. تفقه على الأستاذ أبي الوليد. 331- عبد الوهاب بن جعفر بن علي3. أبو الحسين بن الميداني، الدمشقي المحدث. روى عَنْ: أَبِي عليّ بْن هارون، وأحمد بْن محمد بْن عُمارة، وأبي عَبْد الله بْن مروان، والحسين بْن أحمد بْن أَبِي ثابت، وأبي بَكْر بْن أَبِي دَجَانة، وأبي عُمَر بن فضالة، وخلقٍ كثير بعدهم.

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "262". 2 المنتخب من السياق "301"، "995". 3 العبر "3/ 128، 129"، وميزان الاعتدال "2/ 679".

روى عَنْهُ: رشأ بْن نظيف، وأبو سعْد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وعلي بن محمد بْن أَبِي العلاء، وأبو العبّاس أحمد بْن قُبَيْس المالكيّ، وآخرون. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. قال الكتاني: ذكر أبو الحسين أنّه كتب بمائة رطْل حِبر، وقد احترقت كُتبه وجدَّدها. وكان فيه تَسَاهُل. وقد اتُهم في ابن هارون. 332- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فاذُوَيْه. أبو عَبْد الرَّحْمَن الإصبهاني التّاجر. مات في ذي الحجة. 333- علي بن الحسين القاضي. أبو القاسم الهَرَويّ الدّاووديّ، مصنف " التّفسير". روى عن: أبي تراب محمد ابن إِسْحَاق المَوْصِليّ. وعنه: ابن أخته صاعد بْن سيّار. تُوُفّي في ربيع الآخر. وروى أيضًا عَنْ الخليل بْن أحمد، والدارقطني. 334- عليّ بْن عُبَيْد الله بْن الشَّيْخ1. أبو الحسن الدّمشقيّ. روى عن: المظفر بن حاجب، وجُمع المؤذن، وأبي عمر بن فَضَالة. روى عنه: عبد العزيز الكتاني، والسمان. 335- علي بن عبد الله بن يوسف الشيرازي. أبو الحسن الرشيقي. توفي في ربيع الآخر. "حرف الفاء": 336- فضلويه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن فُضلويه2. أبو نصر القزويني، ثم النيسابوري، المؤذن الإسكاف. مؤذن مسجد المطرز. شيخ مسن، به أدني طرش. حدث عَنْ: أَبِي عثمان البصْريّ. وكان يُتّهم فيه. وعن: الأصمّ، والطّرائفيّ، وأبي بَكْر بْن إِسْحَاق الصبْغيّ، وعَبْد الله بْن محمد الرّازيّ. وعنه: أبو صالح المؤذّن، ومحمد بْن يحيى المزكي. مات في جُمادى الأولى.

_ 1 ديوان الصورى "1/ 310/ 2/ 60، 64". 2 المنتخب من السياق "406" "1382".

"حرف الميم": 337- محمد بْن أحمد بْن خليفة. أبو الحسن التُّونسيّ الشّاعر الشهير، ويُلَقَّب بالصّرائريّ. لَهُ شعرٌ كثير عَلَى نحو شِعر ابن حجاج، وهَجْو، وقبائح. دخل مصر، ومات بالرّيف في هذا العام. وقد قارب السّتّين. 338- محمد بْن أحمد بْن عليّ بْن العبّاس. أبو بَكْر الجاموسيّ التّاجر. نَّيْسابوريّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل. 339- محمد بْن الحسين1. أبو بَكْر البغدادي، الخفّاف الورّاق. عَنْ: القَطِيَعيّ، ومَخْلَد الباقَرْحِيّ، وطبقتهما. قَالَ الخطيب: كتبتُ عنه، وكان غير ثقة. يضع ويختلق الأسماء. قَالَ لي: احترقت مِن كُتبي ألف وثمانون مَنّا كلُّها سماعي. 340- محمد بْن زهير بْن أخطل2. أبو بَكْر النَّسَائيّ، الفقيه الشّافعيّ. رأس الشّافعيّة بَنَسَا وخطيبها. رحل النّاس إِليْهِ للأخْذ عَنْهُ. سَمِعَ مِن: الأصمّ، وأبي حامد بْن حسْنُوَيْه، وابن عَبْدُوس الطّرائفيّ، وأبي الوليد حسّان بْن محمد، وأبي سهل بْن زياد القطّان، وأبي بَكْر الشّافعيّ. وعُمر دهرًا. روى عَنْهُ: أَبُو صالح أَحْمَد بْن عَبْد الملك المؤذن. وتوفي ليلة الفِطْر. 341- محمد بْن عليّ بْن إِسْحَاق3. أبو منصور البغداديّ الكاتب. حدَّث عَنْ: أَبِي بَكْر بْن مِقْسَم المقرئ، وأبي عليّ بْن الصّوافّ. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وسماعه صحيح. 342- محمد بن محمد أحمد بْن الرُّوزْبَهَان4.أبو الحَسَن البغداديّ. كَانَ يسكن بناحية نهر طابق. حدَّث عَنْ: عليّ بْن الفضل السُّتُوريّ، وعثمان بْن السّمّاك، وجعفر الخُلدي، والنجاد.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 250"، والمنتظم "8/ 33، 34". 2 العبر "3/ 129"، والوافي بالوفيات "3/ 78". 3 تاريخ بغداد "3/ 93". 4 تاريخ بغداد "3/ 231".

قَالَ الخطَّيّب: كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقًا. سمعتُ الصُّوريّ يَقُولُ: كَانَ هبة الله اللالْكَائيّ يُثني عَليْهِ إذا ذكره. تُوُفّي في رجب. قلت: وروى عَنْهُ أبو القاسم بْن أَبِي العلاء المَصيصيّ. 343- محمد بْن يوسف بن الفضل1. أبو بَكْر الْجُرْجانيّ الشّالْنجيّ، القاضي، المفتي. كَانَ عَليْهِ مَدَار الفتوى والتّدريس والإملاء والوعظ ببلده. سَمِعَ الكثير مِن: أحمد بْن الحسين بْن ماجه القَزْوينيّ، ونُعيم بْن عَبْد المُلْك الجُرجاني، ومحمد بْن حمدان، وابن عَدِيّ، وهذه الطّبقة. ومات بجُرْجان عَنْ إحدى وتسعين سنة. روى عَنْهُ: إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وغيره. وتوفي في ذي القِعْدة، في ثامنه. 344- مروان بْن سليمان بْن إبراهيم بْن مَوْرقاط الغافقيّ2. الإشبيليّ. روى عَنْ: أَبِيهِ، وأحمد بْن عُبَادَة، وأبي محمد الباجيّ. ودخل إفريقية فأدرك ابن أَبِي زيد. وكان صدوقًا، صالحًا. مات في رمضان. 345- مُعاذ بْن عَبْد الله بْن طاهر البَلَويّ3. أبو عمر الإشبيلي. روى عَنْ: ابن القُوطيّة، والرباحيّ. وكان بارعًا في فنون الأدب، قديم الطّلب. 346- مَعْمر بْن أحمد بْن محمد بْن زياد4. الشَّيْخ أبو منصور الإصبهاني، الزّاهد. كبير الصُّوفيّة بإصبهان. سَمِعَ: أبا القاسم الطبَرانيّ، وأبا الحَسَن بْن المُثَنَّى، وأبا الشَّيْخ، وابن المقرئ، وعلي بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز. وأملي عَنْهُمْ. روى عَنْهُ: أبو طَالِب أحمد بْن محمد القُرشي الكُندلاني، والقاسم بْن الفضل الثَّقَفيّ، وأبو مطيع، وآخرون. مات في رمضان. وله قصيدة منها: لقد مات مِن يُوعى الأنامُ بعِلْمه ... وكان لَهُ ذِكر وصيتٌ فينفعُ وقد مات حُفاظ الحديثِ وأهلهُ ... وممّن دَاره وهو في الناسِ مُقنعُ

_ 1 تاريخ جرجان للسهمي "456". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 615، 616". 3 انظر المصدر السابق. 4 مرآة الجنان "3/ 33"، وشذرات الذهب "3/ 211".

أبو أحمد القاضي وقد كَانَ حافظًا ... ولم يكُ مِن أهل الضلالةِ يقبعُ وكان أبو إِسْحَاق ممّن شهدتهُ ... يدرّس أخبارَ الرّسول فيوسعُ وثالثهم قُطبُ الزمانِ وعصرهُ ... أبو القاسم اللّخميّ قد كَانَ يبرعُ ورابعهم كَانَ ابن حيَّان آخرًا ... ومات، فكيف الآن في العِلمِ نطمعُ؟ وكان ابن إِسْحَاق بْن مَنْدَهْ غائبًا ... يسبح زمانًا وحده حيث يطلعُ فرُد إلينا بعد دهرٍ وبُرهةٍ ... وقامت بِهِ الآثار والأمر ... جمع بقي وحده في عصره وزمانه ... يناطح آفات الزّمان ويدفعُ 347- مكّيّ بْن محمد بْن الغَمْر1. أبو الحَسَن التّميميّ الدّمشقيّ الورّاق، المؤدب. مستملي القاضي المَيَانِجِيّ. سَمِعَ منه، ومن: أحمد بْن البرامي، وجمح ابن القاسم، والفضل بْن جعفر، وابن أَبِي الرَّمْرم، وخلْق كثير بعدهم. ورحل إلى بغداد، وسمع مِن: القَطِيَعيّ، وأبي محمد بْن ماسيّ، وأبي بَكْر الورّاق. روى عَنْهُ: أبو عليّ الأهوازي، وعبد العزيز الكتّانيّ، ومحمد بْن عليّ الحدّاد، ومحمد بْن عليّ المطرز، وإسماعيل بْن عليّ السّمّان، وأبو الحَسَن بْن صَصرى. قَالَ الكتّانيّ: كان ثقة مأمونًا، يورق للناس. وتوفي في رمضان سنة ثمان عشرة. وقال الأهوازيّ: سنة ثنتي عشرة. "حرف الهاء": 348- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن منصور2. الحافظ أبو القاسم الرّازيّ الطَّبَريّ الأصل، المعروف باللالكائي. الفقيه الشّافعيّ. نزيل بغداد. تفقَّه عَلَى: الشَّيْخ أَبِي حامد. وسمع بالرّيّ مِن: جعفر بْن فناكيّ، وعلي بْن محمد القصّار، والعلاء بْن محمد. وببغداد مِن: أَبِي القاسم الوزير، وأبي الطاهر المخلص، فمن بعدهما.

_ 1 الفقيه والمتفقه "1/ 158، 197"، للخطيب، والأنساب "260أ". 2 المنتظم "8/ 34"، وهدية العارفين "2/ 504".

قَالَ الخطيب: كَانَ يفهم ويحفظ. وصنَّف كتابًا في السُّنَّة، وكتاب "رجال الصّحيحين"، وكتابًا في السُنن. وعاجَلَتْه المَنَّية. وخرج إلى الديَنَور فمات بها في رمضان. حدَّثني عليّ بْن الحسين بْن جَدّاء العُكبري قَالَ: رَأَيْت هبة الله الطَّبَريّ في المنام، فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي. قلت بماذا؟ قَالَ: كلمة خفيّةً: بالسُّنَّة قلت: روى عَنْهُ كتاب "السُّنَّة" أبو بَكْر أحمد بْن عليّ الطُّرَيْثِيثيّ، شيخ السلَفيّ. قَالَ شُجاع الذُهلي: لم يُخرج عنه شيءٌ من الحديث إلا بالسنة. "حرف الياء". 349- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن إبراهيم. أبو سعْد البزّاز. مات في رمضان. "الكني": 350- أبو الحسين بْن طباطبا العَلَويّ. مصري، نبيل. قَالَ الحبّال: عنده عَنْ الرازي فمن دونه "وفيات سنة تسع عشرة وأربعمائة": "حرف الألف": 351- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن محمود. أبو بَكْر الثَّقَفيّ الإصبهاني، الواعظ. نزيل نَيْسابور. سَمِعَ بها: أبا سَعِيد عبد الوهّاب الرّازيّ، وأبا أحمد الحاكم، وأبا محمد الحَسَن بْن أحمد المُزَكّيّ. روى عَنْهُ: أبو عَبْد الله الثَّقَفيّ في "الأربعين" لَهُ، وأبو بَكْر الخطيب. تُوُفّي في جُمادى الأولى. قاله يحيى بْن مَنْدَهْ. 352- أحمد بْن عَبَّاس بْن أصْبَغ بْن عَبْد العزيز1. أبو العبّاس الهمَدانيّ القرطبي. روى عن: أبي عيسى الليثي، وابن عون الله، وجماعة. ثمّ حجّ وجاور، فكان مِن جلّة شيوخ الحرم، وبقي إلى هذا العام.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 37، 38".

353- أحمد بْن محمد بْن منصور1. أبو الحَسَين ابن العالي البُوشَنْجيّ، خطيب بُوشَنْج. سَمِعَ: أبا أحمد عَبْد الله بْن عَدِيّ، وأبا سَعِيد محمد بْن أحمد بْن كثير بْن دَيْسَم، ومحمد بن علي الغيسقاني، وأبا بَكْر الإسماعيليّ، ومحمد بْن الحسين النَّيْسابوريّ السَّرَّاج، ومحمد بْن عَبْد الله بْن إبراهيم السَّليطيّ. روى عَنْهُ: شيخ الإسلام أبو إسماعيل. تُوُفّي في رمضان. تفرّد ابن رُوزبة بجزءٍ مِن حديثه. وروى عَنْهُ: أبو القاسم أحمد ابن محمد العاصِمي البوشَنْجيّ. 354- أحمد بْن محمد بْن الحُسين. أبو الطّاهر الضّبّيّ الهَرَويّ. روى عَنْ: حامد بْن محمد الرّفّاء. روى عَنْهُ: أبو إسماعيل الأنصاريّ، وأبو عَبْد الله العُميري. 355- إِسْحَاق بْن عَبْد الصمد ابن الخليفة القاهر بالله محمد بْن المعتضد العبّاسيّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل عَنْ قريبٍ مِن تسعين سنة. ورّخه هلال بْن المحسّن. "حرف الحاء": 356- الحَسَن بْن محمد بْن جعفر بْن جُبارة2. أبو محمد الدّمشقيّ الضّرّاب، الجوهريّ. روى عن: خَيْثَمَة بْن سليمان، ومحمد بْن محمد بْن زكريّا البلْخيّ. روى عنه: الكتاني، وأبو سعد السمان، وعلي الحنائي، وجُبارة. قيده ابن ماكولا. مات في ربيع الأول. سمع من خيثمة مجلسا واحدا. 357- الحسن بن محمد بن جعفر السلماسي3. أبو محمد. عن: الحسين بن محمد بن عبيد العسكري. مات في صفر. 358- الحسين بن الحسن بن يحيى. أبو عبد الله العلوي الزيدي. توفي بواسط في جمادى الآخرة. روى عَنْ: أَبِي المُثنى محمد بْن أحمد الدهْقان الكوفيّ عَنْ الحَسَن بْن عليّ بْن عفّان. وكان مولده في سنة تسعٍ وعشرين وثلاثمائة. قال الخطيب: كان صدوقا. ثنا عن أبي المثنى.

_ 1 العبر "3/ 131"، والمشتبه في أسماء الرجال "2/ 429". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 241"، والإكمال لابن ماكولا "2/ 46". 3 الأنساب "7/ 107".

"حرف الزاي": 359- زكريّا بْن أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن حَمُّوَيْه1. أبو يحيى البزّاز النسابة. خُرساني. تُوُفّي في حدود سنة تسع عشرة تقريبًا. "حرف الشين": 360- شعيب بْن محمد بْن إبراهيم. أبو سعْد الشُعيبي البُوشَنْجيّ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وإبراهيم المؤدب، وأبو عليّ الرّفّاء. وروى الكثير. حدَّث عَنْهُ: شيخ الإسلام. "حرف العين": 361- عُبادة بْن عَبْد الله بْن محمد بْن عُبادة بْن أفلح الأنصاريّ2. مِن وُلِد سعْد بْن عُبادة الخَزْرَجي القُرطبي. الشّاعر المعروف بابن ماء السّماء أبو بَكْر. أخذ عَنْ: أَبِي بَكْر الزُّبَيْديّ، وغيره. أخذ عنه الأدب: غانم بن الوليد. 362- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الله3. أبو محمد المصاحفي. خُرساني. تُوُفّي في شهر ذي الحجّة. وكان مجاورا في جامع نيسابور. نسخ ثمانمائة وثمانين مُصحفًا. قَالَ عَبْد الغافر: حدَّثني مِن أثق بِهِ بذلك. ونسخ عدّة نُسخ مِن "تفسير أَبِي القاسم بْن حبيب". وسمع مِن: أَبِي الحَسَن بْن السَّرَّاج، وأبي حفص الزّيّات البغدادي. روى عَنْهُ: الحَسَن بْن أَبِي القاسم الصَّفّار، وأحمد بْن أَبِي سعْد بْن عليّ. وتوفي بنَيْسابور. 363- عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن حمدويه4.

_ 1 المنتخب من السياق "225" "804". 2 جذوة المقتبس "293، 294"، للحميدي. 3 المنتخب من السياق "273". 4 انظر المصدر السابق.

أبو محمد بْن أَبِي القاسم البُناني الثّابتيّ. من وُلِد ثابت بْن أسلم التّابعيّ. نَيْسابوريّ، حنفيّ. مِن مجاوريّ الجامع. كثير الحديث. حدَّث عَنْ: الأصمّ، وطبقته. ولقي أبا الطَّيّب المتنّبي، وسمع مِن شِعْره. روى عَنْهُ: محمد بْن بحر المُزَكّيّ. 364- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان1. أبو محمد بْن الحاجّ القُرْطُبيّ، المقرئ. كَانَ مجودًا طيّب الصّوت بمرّة، صالحًا. لَهُ شِعرٌ حسن. وأخذ الحديث عَنْ جماعة. وله مصنفٌ كبير في الزُّهْد. تُوُفّي شابًا، وقد روى عَنْ: مكّيّ بْن أَبِي طَالِب. 365- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن المَرْزُبان بْن مَنْجَوَيْه. أبو القاسم الإصبهاني. مات في رجب. 366- عَبْد المحسن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن غَلْبُون2. أبو محمد الصُّوريّ الشّاعر المشهور. كَانَ شاعرًا محسنًا، بديع القول. روى عنه شِعره: محمد بْن عليّ الصُّوريّ، ومبشّر بن إبراهيم، وسلامة بْن الحسين. وحكى عَنْهُ: أبو نصر بْن طلاب. وله: بالّذي أَلهم تعذيبي ثناياكَ العِذابا ... ما الَّذِي قالْته عيناك لقلبي فأجابا؟ قَالَ أبو فتيان بْن حَيُّوس: هما أغزل ما أعلم، وأغزل مِن قول جرير حيث يَقُولُ: إنّ العُيون الّتي في طَرْفها مَرَضٌ. ولعبد المحسن: وتُريك نُفسك في مُعَانَدَة الهوى ... رُشدًا ولستِ إذا فعلتَ براشدِ شَغَلَتْك عَنْ أفعالها أفعالُهُم ... هلا اقتصرت على عدوٍ واحدِ؟

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 263". 2 يتيمة الدهر "1/ 296 - 309"، وتتمة اليتيمة "35"، والعبر "3/ 131"، والبداية والنهاية "12/ 25، 26".

367- عَبْد المُلْك بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عمر بْن العبّاس1. أبو سهل الشُّرُوطيّ الحنفيّ. خُراساني. مات في ذي الحجّة. وروى عَنْ: ابن نُجيد، وبِشْر بْن أحمد، وأبي محمد السّمّريّ. وعنه: أبو صالح المؤذّن. 368- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف2. أبو محمد بن شماس الهمداني الدمشقي. حدث بـ "صحيح الْبُخَارِيّ" عَنْ: أَبِي زيد المَرْوَزِيّ. وحدَّث عَنْ: عليّ بْن يعقوب بْن أَبِي العَقِب، والحسين بْن أحمد بْن أَبِي ثابت. روى عَنْهُ: عليّ بْن الخَضِر، وأبو سعْد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وعلي بن محمد بْن شُجاع، وجماعة. تُوُفّي في رمضان. قاله الكتّانيّ، وقال: سمّعه أَبُوهُ الحديث، ولم يكن الحديث مِن شأنه. 369- عَبْد الواحد بْن أحمد بْن الحسين3. أبو الحسن العُكبري، المعدّل. حدَّث عن: أحمد بن سليمان النّجّاد، وجعفر الخُلْديّ، وأبي بَكْر الشّافعيّ، وعدّة. روى عَنْه: ابن أخيه أبو منصور محمد بْن محمد بْن أحمد. وكان صدوقًا يتشيّع، قاله الخطيب: 370- عليّ بْن أحمد بْن محمد بْن دَاوُد4. أبو الحَسَن البغداديّ الرّزاز. سَمِعَ: عثمان بْن السّمّاك، وأبا بَكْر النّجّاد، وعبد الصّمد بْن عليّ الطّسْتيّ، وأبا سهل بْن زياد، والخُلْديّ، وأبا عُمَر الزّاهد، وعليّ بْن محمد بْن الزُّبَيْر، وميمون بْن إِسْحَاق، ودَعْلَج بْن أحمد. وقرأ القرآن لحمزة عليّ أَبِي بَكْر بْن مِقْسَم، عَنْ قراءته عَلَى إدريس بْن عَبْد الكريم. قرأ عَليْهِ: عَبْد السّيّد بْن عَتّاب، وغيره. وحدَّث بالكثير. وكُفّ بَصَرُهُ في آخر عُمره. وكان لَهُ حانوت في الرّزّازين. قَالَ الخطيب: وكان كثير السَّماع والشّيوخ: وإلى الصدق ما هُوَ شاهدتُ جزءًا مِن أصوله مِن أمالي ابن السّمّاك، في بعضها سماعه بالخطّ العتيق، ثمّ رَأَيْته قد غُيّر

_ 1 المنتخب من السياق "328". 2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "25/ 67". 3 تاريخ بغداد "11/ 15"، ولسان الميزان "4/ 77، 78". 4 تاريخ بغداد "11/ 330"، والميزان "3/ 113".

بعد وقتٍ وفيه إلحاقه بخط جديد. وُلِد سنة خمسٍ وثلاثين وثلاثمائة، وتُوُفّي في ربيع الآخر. قلت: وروى عَنْهُ: أبو البَيْهَقيّ، وأبو بَكْر الطّريثيثيّ، وجماعة. 371- عَلِيّ بْن عَبْد العزيز بْن الْحَسَن1 بْن محمد بْن هارون بْن عصام بْن الأمير محمد بْن عَبْد الله بْن طاهر بْن الحسين. أبو الحسن الخُزَاعيّ الطّاهريّ المحدث. سَمِعَ مِن: أَبِي بحر بْن كوثر، وعيسى الرُّخجي، وأبي بَكْر القَطِيَعيّ، وأحمد بْن جعفر بْن سَلْم، ويحيى بْن وَصِيف، ومَخْلَد الباقَرْحِيّ، فمن بعدهم. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان دينًا صالحًا، ثقة. تُوُفّي في ربيع الآخر. 372- عَليّ بْن محمد بْن عَبْد الله بْن آزاد2 مرد أبو القاسم الفارسيّ. سَمِعَ: أبا بَكْر الشّافعيّ، وحامدًا الرفاء، وحبيبًا القزاز وعثمان بْن ستفه، وعدّة. وسكن مصر. روى عَنْهُ: القاضي القُضاعيّ، والحسين بْن عليّ بْن حَجّاج النَّحْويّ، وأبو إِسْحَاق الحبّال وقال: مات في رمضان. 373- علي ابن المقرئ أَبِي عَدِيّ عَبْد العزيز بْن عليّ بن مُحَمَّد بن إسحاق بن الفرج ابن الإمام أَبِي الحَسَن الْمَصْرِيّ. محدّث ابن محدّث. أرِخّه الحبّال. 374- عُمَر بْن أحمد بْن محمد بْن حسْنُوَيْه. أبو حفص الإصبهاني الزَّعْفرانيّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل. قَالَ يحيى بْن مَنْدَهْ: صالح، ورِع، صاحب سُنّه وصلابة. ضربه إسماعيل بن عباد بالسياط في السوق بسبب ذمه الاعتزال. له ست بإصبهان. حدث عن: أَبِي أحمد العسّال، وأحمد بْن مَعْبَد والطبَرانيّ، وأبي إسحاق ابن حمزة. "حرف الميم": 375- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن حفص3. المحدث أبو بَكْر بْن أَبِي عليّ الهمَدانيّ الذَّكْوانيّ، الإصبهاني المعدّل. قَالَ أبو نُعَيْم الحافظ: وُلِد

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 31". 2 مسند الشهاب "1/ 231" "359" للقضاعي. 3 ذكر أخبار أصبهان "2/ 310"، والعبر "3/ 132".

سنة ثلاثٍ وثلاثين وثلاثمائة وشهر، وحدَّث ستّين سنة. وسمع بمكّة، والبصرة، والأهواز، والرّيّ. وجَمَع وصنَّف الشّيوخ. حسن الخُلُق، قويم المذهب، توفي في شَعْبان. ثمّ ذكر بعض شيوخه. قلت: روى عن: عبد الله بن فارس، ومحمد بن أحمد بْن الحَسَن الكِسائي، وأبي أحمد العسّال، ومحمد بْن إِسْحَاق بْن كُوشيذ، ومحمد بْن يحيى بْن بَحْرَوَيْه، وأحمد بْن مَعْبَد السمسّار، وأحمد بْن محمد بْن يحيى القصّار، وأحمد بْن بُنْدار الشّعّار، وإبراهيم بْن محمد بْن حمزة، وعبد الله بن الحسن بن بندار المديني، وأبي الشَّيخ، وعاتكة بِنْت أَبِي بَكْر بْن أبي عاصم الأصبهانيين، والطبراني، والجعابي بإصبهان، وأبي بَكْر الآجُرّيّ، وإبراهيم بْن محمد بْن إبراهيم الدَّبيليّ بمكّة، وفاروق بْن عَبْد الكبير الخطّابيّ، ومحمد بْن إِسْحَاق بْن عبّاد التّمّار، وأحمد بْن القاسم بْن الرّيّان اللُّكّيّ بالبصرة. روى عَنْهُ: أبو صادق محمد بْن أحمد بْن جعفر الفقيه، وأبو بَكْر أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن مَرْدُوَيْه، وإسماعيل بْن عليّ السَّيْلَقي، وأبو نصر عبد الرحمن بن محمد السمسار، وأبو حفص عمر بن حسن بن محمد بن أحمد بْن سُلَيْم، وعلي بْن الفضل اليَزْديّ، والفضل بن محمد الحدّاد أخو أَبِي الفتح الحدّاد، وأبو أحمد فَضْلان بْن عثمان القَيْسيّ، وأبو العلاء محمد بْن عَبْد الجبّار الفُرساني شيوخ ابن سِلَفَة الحافظ. وله مُعْجَم رواه عَبْد الرّحيم بْن الطُّفَيل. 376- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن صُمادح1. التُّجَيْبِيّ الصُّمَادِحيّ السَّرَقُسْطيّ. قَالَ الأبّار: كَانَ واليا على مدينة وَشْقَة، ثمّ تخلّي عَنْهَا لابن عمّه منذر بْن يحيى. وله مختصر في غريب القرآن يدّل عَلَى فضله ومعرفته. روى عَنْهُ: ابنه الأمير معْن صاحب المَرِيّة. غرق أبو يحيى هُوَ وأهل مركبه في جُمَادَى الأولى سنة تسع عشرة رحمهم الله. 377- محمد بْن عَبْد الله الرّباطيّ. أبو بَكْر. قِيلَ: تُوُفّي فيها. وقيل: سنة عشرين كما سيأتي.

_ 1 الحلة السيراء "2/ 8078".

378- محمد بْن عَبْد الباقي. أبو بَكْر الْمَصْرِيّ الجبان. الرجل الصالح. أرّخه الحبّال. 379- مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن حِيد بْن عَبْد الجبّار1. أبو بَكْر الجوهريّ الصَّيْرفيّ العدْل الغازي. مِن رؤساء نَيْسابور. وإليهم يُنْسب قصر حِيد. وُلِد سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة. سَمِعَ مِن: أبي العبّاس الأصمّ، وإسماعيل بْن نُجَيْد. روى عَنْهُ: حفيده منصور بْن بَكْر بْن محمد شيخ شهدة. تُوُفّي في رجب. وممّن روى عَنْهُ: أبو صالح المؤذّن، وأبو بكر محمد بن يحيى المزكي. 380- محمد بن عمر بن يوسف2. أبو عَبْد الله ابن الفخار القرطبي المالكي الحافظ. عالم الأندلس في عصره. روى عَنْ: أبي عيسى اللَّيْثّي، وأبي محمد الباجي، وأبي جعفر بن عون الله، وجماعة. وحج وجاور بالمدينة وأفتى بها، فكان يفخر بذلك. تفقه بأبي محمد الأصيلي، وأبي عمر بن المكوي. وسمع بمصر. وكان إماما بارعا زاهدا ورعا متقشفا، من أهل العلم والذكاء والحفظ، عارفا بمذاهب الأئمة وأقوال العلماء. يحفظ "المدونة" حفظًا جيدًا، و"النوادر" لابن أبي زيد. وقد أريد على الرُّسلية إلى البربر فأبى وقال: إنّي فيَّ جفاء وأخاف أن أؤذى. فقال الوزير: رجلٌ صالح يخاف الموت!، قَالَ: إنْ أخَفْه فقد خافه أنبياء الله، هذا موسى عَليْهِ السلام حكى الله عَنْهُ أنّه قَالَ: {ففررتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ} [الشعراء: 21] . قَالَ ابن حيّان: تُوُفّي الفقيه المشاور الحافظ المسْتَبْحر، الرّاوية البعيد الأثر، الطّويل الهجرة في طلب العِلم، النّاسك المتقشف أبو عَبْد الله بْن الفخّار بمدينة بَلَنْسِية في عاشر ربيع الأوّل. فكان الحَفْل في جنازته عظيمًا، وعاين النّاسُ فيها آيةً مِن طيور أشباه الخُطّاف3، وما هِيَ بها، تخلَّلت الْجَمْع رأفةً فوق النعش جانحةً إليه مشفةً،

_ 1 سير أعلام النبلاء "11/ 248". 2 الإعلام بوفيات الأعلام "176"، والنجوم "4/ 268"، والعبر "3/ 132". 3 الخطاف: هو ضرب من الطيور القواطع، عريض المنقار، دقيق الجناح طويله، منتفش الذيل "ج" خطاطيف "المعجم الوجيز ص / 303".

لم تفارقْ نَعْشَه إلى أن وُورِيَ فتفرّقت. عاين النّاسُ منها عَجَبًا تحدَّثوا بِهِ وقْتًا. ومكث مدّةً ببلنسيةُ مُطاعًا عظيم القدْر عند السّلطان والعامّة. وكان ذا منزلة عظيمة في الفِقْه والنُّسُك، صاحب أنباءٍ بديعة رحمه الله. وقال جُماهر بْن عَبْد الله: صلى عَلَى ابن الفخّار الشيّخ خليل التّاجر ورفرفت عَليْهِ الطَّير إلى أن تمّت مواراته. وكذا ذكر محمد القُبُّشي مِن خبر الطّيور، وزاد: كَانَ عُمره نحو الثّمانين سنة. وكان يقال: إنّه مُجَاب الدّعوة، واختُبِرَتْ دعوتُهُ في أشياء. وقال أبو عَمْرو الدّانيّ: تُوُفّي في سابع ربيع الأول عن ست وسبعين سنة، وهو أخو الفقهاء الحُفّاظ الرّاسخين العالِمين بالكتاب والسُّنَّة بالأندلس رحمه الله. وقد ذكره القاضي عِياض فقال: أحفظ النّاس، وأحضرهم عِلْمًا، وأسرعهم جوابًا، وأوقفهم عَلَى اختلاف الفُقهاء وترجيح المذاهب، حافظًا للأثر، مائلًا إلى الحجّة والنَّظَر. فرّ عَنْ قُرْطُبَة إذْ نَذَرَت البربرُ دمَه عند غَلَبَتهِم عَلَى قُرْطُبَة. فأمّا: أبو عَبْد الله بْن الفخّار المالكيّ الحافظ، فيأتي سنة 495. 381- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد1. أبو الحَسَن البزّاز شيخ بغداد. وُلِد سنة تسعٍ وعشرين وثلاثمائة. وسمع مِن: إسماعيل الصَّفّار ومحمد بْن عَمْرو الرّزّاز، وعمر بْن الحَسَن الأُشْنانيّ، وهو آخر مِن حدَّث عَنْهُمْ، وعثمان بْن السّمّاك، وجعفر الخُلْديّ، والنجاد. قال الخطيب: كتبنا عنه وكان صدوقا، أثني عليه أبو القاسم اللالكائي. وكان جميل الطريقة، له أُنسةٌ بالعلم ومعرفة بشيءٍ من الفقه على مذهب أهل العراق. مات في ربيع الأول. قال: وبلغني أنّه لم يكن لَهُ كَفَن. قلتُ: روى عَنْهُ: عليّ بْن طاهر بْن الملقّب المَوْصِليّ، والحسين بْن عليّ بْن البُسْريّ, وعلي بْن الحسين الرَّبَعيّ، وعليّ بْن محمد بْن أَبِي العلاء المَصيصيّ، وجماعة آخرهم عليّ بْن أحمد بْن بَيان الرزاز، شيخ ابن كليب.

_ 1 المنتظم "8/ 37"، والبداية والنهاية "12/ 25"، وشذرات الذهب "3/ 214".

"حرف النون": 382- ناصر بْن مهديّ بْن الحسن. السّيّد أبو محمد، العلويّ النَّيْسابوريّ1. روى عَنْ: أبي الحسين الحَجّاجيّ، وأبي عليّ محمد بْن عليّ بْن السّقّا الإسْفرائينيّ الحافظ، وأبو عَمْرو بْن حمدان. وعنه: أبو صالح المؤذّن، وغيره. تُوُفّي في رمضان. "حرف الهاء": 383- الهَيذام بْن عُمَر بْن أحمد بْن الهَيْذَام. الإصبهاني، الضّرّاب. في شهر صفر. "حرف الباء": 384- يحيى بْن عُمَر. أبو الحَسَن الدّعّاء المقرئ، المعروف بالشّارب2. سَمِعَ مِن: عَبْد الباقي بْن قانع، وحامد الرّفّاء. قَالَ الخطيب: كتبنا عَنْهُ، وكان ثقة مشهورًا بالسُّنَّة. 385- يعيش بْن محمد بْن يعيش. أبو بَكْر الأَسَديّ الطُّلَيْطُليّ3. روى عَنْ: أَبِيهِ، ورحل فأخذ عَنْ: أَبِي محمد بْن أَبِي زيد. وكان مِن كبار الفقهاء. ولي القضاء ببلده والرئاسة.

_ 1 المنتخب من السياق "460"، "1568". 2 تاريخ بغداد "14/ 239". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 689".

"وفيات سنة عشرين وأربعمائة": "حرف الألف": 386- أحمد بْن طلحة بْن أحمد بْن هارون1. أبو بَكْر البغداديّ المنُقَيّ الواعظ. سمع: أبا بكر النجاد، وعبد الصمد الطستي، وابن بريه الهاشمي. مات في ذي الحجّة. وآخر مِن روى عَنْهُ ابن البَطِر. 387- أحمد بْن عَبْد القادر بْن سَعِيد2. أبو عُمَر الأُمويّ, الإشبيليّ. أخذ عَنْ: أَبِي الحَسَن الأنطاكيّ، وحَكَم بْن محمد القَيْروانيّ، ومحمد بن الحارث الخُشني. وسمع من: أبي علي القالي يسيرا. وكان عارفا بالنحو والشعر، وله كتاب الوثائق وعللها سماه "المحتوى" في خمسة عشر جزءا. حدث عنه: أبو محمد بن خزرج. 388- أحمد بن علي بن أحمد بن حماد3. أبو العباس الجُرجاني، المقرئ المعروف بالخزاز. سمع من المحدث أحمد بن الحسن بن ماجه في سنة تسعٍ وأربعين بقراءة الإسماعيلي. وحدث، وسمع منه خلْق بجُرْجان. وكان رجلًا صالحًا. مات في ذي القعدة. 389- أحمد بن علي بن الحسن بْن الهيثم4. أبو الحَسَن بْن البَادا البغداديّ. سَمِعَ: أبا سهل بْن زياد، وعبد الباقي بْن قانع، ودَعْلَج بْن أحمد، وابن بُرَيْه، وجماعة. قَالَ الخطيب: كَانَ ثقة، مِن أهل القرآن والأدب والفقه عَلَى مذهب مالك. كتبتُ عنه، ومات في ذي الحجة.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 212"، والعبر "3/ 136". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 39، 40"، وغاية النهاية "1/ 70". 3 تاريخ جرجان للسهمي "126". 4 تاريخ بغداد "4/ 322" "2129".

390- أحمد بن علي. أبو العباس المنبجي، ثمّ الرَّقّيّ المقرئ. قرأ القرآن عَلَى: نظيف بْن عَبْد الله الكِسروي، وغيره. قَالَ أَبِي العمر الدّانيّ: كَانَ ثقة ضابطًا. عُمر طويلًا وتُوُفّي بالرَّقَّة بعد العشرين، وقد بلغ التّسعين أو زاد عليهما رحمه الله. 391- أحمد بْن محمد بْن عفيف1. أبو عُمَر الأُمويّ القُرطبي. شرع في السّماع سنة تسعٍ وخمسين وثلاثمائة، واستوسع في الرّواية والجمع والإتقان. وحدَّث عَنْ: يحيى بْن هلال، ومحمد بْن عُبَيْدون، ومحمد بْن أحمد بْن مِسور. وعُنِيَ بالفقه. وبرع في الشُّروط ثمّ مال إلى الزُّهْد والوعظ، فوعظ النّاس، ولقَّن القرآن، وقصَده الصُّلحاء والطّالبون، فبيّن لهم الطّريق. وكان يغسّل الموتى، وصنَّف في تغسيلهم كتابًا، وصنَّف كتابًا في آداب المعلّمين. وصنَّف في أخبار القُضاة والفُقهاء بقُرْطُبَة كتابًا. ولمّا وقعت الفتنة بقُرْطُبَة قصد المريّة فأكرمه صاحبُها خَيْران الصَّقْلبيّ وأدناه، وولاه قضاء لُورقةَ، فاستوطنها حتّى توفي في ربيع الآخر. روى عَنْهُ: حاتم بْن محمد، وأبو العبّاس العُذري، وطاهر بْن هشام، وغيرهم. 392- أحمد بْن محمد بْن القاسم بْن بِشْر بْن درسْتُوَيْه بْن يزيد2. أبو الحسين الفارسيّ الفَسَويّ، ثمّ الْبُخَارِيّ. وُلِد سنة أربعين. وروى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن يزداد، وخَلَف الخيّام، وأبي بكر بن سعد، والقفال الشاشي. توفي في ربيع الأول ببخارى. 393- أحمد بن محمد بن الحسن بن المظفر. أبو طالب، ولد الأديب أبي علي الحاتمي. كان شاعرا محسنا. وله ديوان. روى عنه: ابنه مسعود، ومحمد بن وِشاح الزينبي. 394- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن الحسين3. أبو إسحاق الحنائي الدمشقي. روى عَنْ: عَبْد الوهاب الكِلابي. وسمع بمصر مِن: أَبِي مُحَمَّد بْن النَّحَّاس. روى عَنْهُ: أبو سعْد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ. وهو أخو عليّ وإبراهيم.

_ 1 معجم المؤلفين "2/ 128"، وإيضاح المكنون "1/ 4". 2 الأنساب "9/ 308". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 255".

"حرف الحاء": 395- الحَسَن بْن عليّ بْن العبّاس بْن الفضل بْن زكريّا بْن يحيى بْن النَّضْر. أبو عليّ النَّضْرَوِيّ الهَرَويّ الحَافِظ. سَمِعَ: محمد بْن عَبْد الله بْن خَمِيروَيْه، وزاهد بْن أحمد، ومحمد بْن أحمد بْن حمزة، وجماعة. وعنه: عَبْد الواحد المُليحي، ومحمد بْن عليّ العُميري. 396- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُمَر. أَبُو بِشْر القُهُندُزي المُزَكّيّ. روى عَنْ: أَبِي بحر البَرْبَهاريّ، ومحمد بْن حَيَّوَيْهِ الكُرجي. وعنه: صاعد بن سيار، ومحمد بن علي العميري. 397- الحسين بن عبد الله بن أبي علاثة البغدادي1. سمع: أبا بكر الشافعي، والقطيعي، وعدة. وعنه: الخطيب، وقال: سماعه صحيح إلا أنّه ساقط المروءة. "حرف السين": 398- سَعِيد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد2. أبو سهل النيليّ. أخو الأستاذ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن. رَجُل جليل نَحْويّ، فقيه شافعيّ، شاعر، إمام في الطّبّ متبحّر فيه بمرّة، ثقة في الحديث. روى عَنْ: أَبِي عَمْرو بْن حمدان، وأبي أحمد الحافظ. ومات فجأة عَنْ سبعٍ وستين سنة. "حرف الصاد": 399- صالح بْن مِرداس الكلابيّ3. أسد الدّولة. كَانَ مِن عرب البادية، فقصد حلب وبها مرتَضَى الدّولة بْن لؤلؤ نائبًا للخليفة الظّاهر بْن الحاكم العُبَيْديّ، فانتزعها منه في سنة سبع عشرة وأربعمائة، وتَملّكها ورتَّب أمورها. فصَار مِن مصر لحربه أمير الجيوش الدزْبَريّ، وكانت الوقعة بالأُقْحُوانة. ثمّ انجلت الوقعة عن خلق

_ 1 المنتظم "8/ 46" "70". 2 المنتخب من السياق "233". 3 الأعلاق الخطيرة "113"، والبداية "12/ 27".

كثير مِن القتلى منهم صالح. وهو أوّل مِن ملك حلب مِن بني مرداس. قُتل في جُمادى الأولى. "حرف العين": 400- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن محمد بْن إبراهيم بْن أحمد بْن حَمْدَوَيْه. أبو محمد البُناني النَّيْسابوريّ المُرضي، الرجل الصّالح. سَمِعَ مِن: دَعْلَج، وأبي بَكْر الشّافعيّ ببغداد. وذكر أنّه لقى الأصمّ، وسمع منه شيئًا يسيرًا. وسمع بجُرْجان مِن: محمد بْن أحمد بْن إسماعيل الصّرّام وحدَّث عَنْهُ. سَمِعَ منه: أبو الفضل الفَلَكيّ والمشايخ. 401- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مهْرة. أبو محمد الإصبهاني المؤدب. روى عَنْ: الطبَرانيّ. 402- عَبْد الجبّار بْن أحمد1. أبو القاسم الطَّرَسُوسيّ المقرئ. صدْر الإقراء في وقته بمصر. قرأ عَلَى: أَبِي عَدِيّ عَبْد العزيز بْن الفَرَج، وأبي أحمد عَبْد الله بْن الحسين السّامرّيّ. قرأ عَليْهِ: أبو الطّاهر إسماعيل بْن خَلَف مصنّف " العنوان". تُوُفّي في غُرّة ربيع الآخر. وله كتاب "المُجتنى في القراءات". وآخر مِن سَمِعَ مِنه أبو الحسين يحيى بْن البيّاز، لكنّه مُتَّهم. 403- عَبْد الرَّحْمَن بْن زاهد بن أحمد. أبو أحمد المروزي الشيرتحشيري، الفقيه المحدث. سمع: عبيد الله بن الحسين النَّضْريّ ببغداد، ومحمد بْن المظفَّر الحافظ. وأملى بمرْو وهَراة. روى عَنْه: عَبْد الواحد المليحيّ، وابنه أبو عطاء وعطاء القرّاب. أخذ مذهب الشّافعيّ عَنْ أَبِي زيد الفاشانيّ، وصار مِن أئمّة المذهب. 404- عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن القاسم بْن معروف بْن حبيب2. أبو محمد بن أبي نصر التميمي، الدمشقي المعدل، الرئيس المعروف بالشّيخ العفيف. قرأ لأبي عَمْرو عَنْ أحمد بْن عثمان غلام السّبّاك. وحدَّث عن: إبراهيم بن أبي ثابت، والحسن

_ 1 غاية النهاية "1/ 357، 358". 2 تاريخ بغداد "5/ 305"، والعبر "3/ 137"، وشذرات الذهب "3/ 215، 216".

ابن حبيب الحصائريّ، وخَيْثَمَة، وابن حَذْلَم، وجعفر بْن عُديس، وأحمد بْن محمد بْن عُمارة اللَّيْثّي، وأحمد بْن سليمان بْن زبّان الكِنْديّ، ثمّ قطع التّحديث عَنْهُ لمّا علم ضَعْفَه. روى عَنْهُ: رشأ بْن نظيف، وأبو عليّ الأهوازيّ، وعبد العزيز بْن أحمد الكتّانيّ، وأبو القاسم الحنائي، وأبو نصر ابن طلاب، وأبو القاسم بْن أَبِي العلاء، وخلْق كثير آخرهم موتًا عَبْد الكريم بْن المؤمّل الكفرطابي. وكان مولده في سنة سبعٍ وعشرين وثلاثمائة. قَالَ أبو الوليد الحَسَن بْن محمد الدَّرْبَنْديّ: أَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بدمشق بقراءتي، وكان خيرًا مِن ألفٍ مثله إسنادًا وإتقانًا وزُهدًا مَعَ تقدُّمه. ثمّ ذكر عَنْهُ حديثًا. وقال رشأ بْن نظيف: قد شاهدتُ ساداتٍ، ما رَأَيْت مثل أَبِي محمد بْن أَبِي نصر، كَانَ قُرَّة عَيْن. وقال الكتّانيّ: تُوُفّي شيخنا ابن أبي النصر في جُمَادَى الآخرة، فلم أرَ جنازة كانت أعظم منها. كَانَ "بين يديه" جماعة مِن أصحاب الحديث يهلّلون ويُكبرون ويُظْهرون السُّنَّة. وحضر جنازته جميع أهل البلد حتى اليهودي والنّصارى. ولم ألقَ شيخًا مثله زُهدًا وورعًا وعبادةً ورئاسة. وكان ثقةً عَدْلًا، مأمونًا، رضَيً. وكان يُلقب بالعفيف. وكانت أُصوله حِسانًا بخطّ ابن فُطَيْس، والحلبيّ. وقد روى حديثه بعُلُو: كريمة القُرَشيّة مثل "مُسند ابن عُمَر" لابن أميّة، وحديث ابن أبي ثابت. 405- عَبْد الرحيم بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الكُتامي الفقيه المالكيّ1. أبو عَبْد الرَّحْمَن السَّبْتيّ، ويُعرف بابن العجوز. قَالَ القاضي عِياض: كَانَ مِن كبار قومه، وإليه كانت الرحلة بالمغرب. وعليه كانت تدور الفَتْوى. وفي عَقِبه أئمّة نُجباء. لازم أبا محمد بن أبي يزيد. وأخذ عن: أبي محمد الأصيلي، وغيره. روى عَنْهُ: قاسم المأمونيّ، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن، وإبراهيم بْن يعقوب الكَلاعيّ، وجماعة. أخذ النّاس عَنْهُ بسَبْتَةَ عِلمًا كثيرًا. وقال أبو محمد بن خزرج: أجاز لي سنة ثمان

_ 1 العبر "3/ 374" "235"، وشجرة النور الزكية "1/ 115" "318".

عشرة، وتُوُفّي بعد ذَلِكَ بنحو عامين. وُلِد سنة خمسٍ وأربعين وثلاثمائة. 406- عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عيسى. أبو الفضل الخاصمي البلمغي. رحمه الله. 407- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن جعفر بن منير1. أبو محمد المُنيريّ، الجُرجاني العدْل الصّالح. سَمِعَ: أبا أحمد عَدِيّ، وأبا بَكْر الإسماعيليّ. وبنَيْسابور: أبا أحمد الحاكم. وببغداد: أبا الحسين بْن المظفَّر. وبالشّام: محمد بْن عليّ السّاويّ. قَالَ عليّ بْن محمد الزّنْجيّ: سَمِعْتُ منه. قلت تُوُفّي في رمضان. 408- عُبَيْد الله بْن النَّضْر بْن محمد بْن أحمد بْن محمد2. أبو أحمد المحْميّ النَّيْسابوريّ. مِن بيت الرئاسة والحشمة. سَمِعَ: أبا عليّ الرّفّاء، وأبا عَمْرو بْن مطر، وهارون بْن أحمد الأسْتراباذيّ. روى عَنْهُ: أبو صالح المؤذّن، وأبو القاسم عُبَيْد الله بْن أَبِي محمد الكُزْبُريّ. وتُوُفيّ فِي ذي القعدة. 409- عَلِيّ بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين3. أبو الحسن الجرجاني الإصبهانيّ. سَمِعَ بالبصرة: إبراهيم بْن عليّ الهُجَيْميّ. روى السلَفيّ عَنْ أصحابه: إسماعيل بْن علي السيلقي، ورَوْح بْن محمد الدّارانيّ، وعمر بْن حسن بْن سُليم المعلّم، وغيرهم، وابن أشْتَة. ومن شيوخه: أبو إِسْحَاق بْن حمزة الحافظ. وخَرْجان محلَّةٌ بإصبهان، بالخاء المُعْجَمة ثمّ الجيم. واختُلِف في فتح أوّله وضمّه. وهذا الرجل يُعرف بابن أَبِي حامد. قَالَ الخطيب: كتبَ إليّ بالإجازة لما يصّح عندي من حديثه. وسمع بمكة مِن: إبراهيم بْن أحمد بْن فراس. وسمع ببلده من: أبي أحمد العسال.

_ 1 تاريخ جرجان للسهمي "253" "411". 2 المنتخب من السياق "294" "973] ". 3 الأنساب "5/ 75، 76"، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 147".

ومن آخر مَن روى عَنْهُ: أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن مردويْه. تُوُفّي سنة عشرين، وقيل: في سنة إحدى وعشرين. 410- عليّ بْن الحَسَن بْن دُوما البغداديّ النعَاليّ1. أخو الحَسَن. قَالَ الخطيب: مات نحو سنة عشرين. سَمِعَ مِن: أحمد بْن عثمان الأدَميّ، وحمزة الدهْقان، وبكّار بْن أحمد المقرئ. كتبنا عَنْهُ، وكان ثقة. 411- عليّ بْن عيسى بْن الفَرَج2. أبو الحَسَن الرَّبَعيّ البغداديّ النَّحْويّ. درس النحْو عَلَى أَبِي سَعِيد السيرافيّ ببغداد، وعلي أَبِي عليّ الفارسيّ بشِيراز، ولزِمه. وبَلَغَنَا أنّ أبا عليّ قَالَ: قولوا لعليّ البغداديّ: لو سِرت مِن الشَّرق إلى الغرب لم تجد أنْحَى منك. وكان قد واظبه بضْع عشرة سنة. وقد صنَّف شرحًا للإيضاح لأبي عليّ، وشرحًا لمختَصر الْجَرْمي. وتُوُفّي فِي المحرَّم. وكان مولده فِي سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة، وعاش اثنتين وتسعين سنة. اشتغل عَليْهِ خلْق. 412- عليّ بْن محمد بْن أحمد بْن إسماعيل3. أبو الحَسَن الْجُرْجانيّ الحنّاطيّ المعلّم. تُوُفّي قريبًا مِن سنة عشرين. روى عَنْ: ابن عَدِيّ، والإسماعيليّ. 413- عليّ بْن محمد بْن عليّ بْن حُميد. أبو الحَسَن، وقيل: أبو محمد الإسْفرائينيّ المقرئ المجوّد. روى عَنْ: الحَسَن بْن محمد بْن إِسْحَاق ابن أخت أَبِي عَوَانة الإسْفرائينيّ. وغيره. وأكثر عَنْهُ أبو بَكْر البَيْهَقيّ. ومثله في الاسم والبلد. 414- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ. أَبُو الحَسَن بْن السّقّا الإسْفرائينيّ. مِن شيوخ

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 401" "6284". 2 المنتظم "8/ 46"، والعبر "3/ 138"، وهدية العارفين "1/ 686". 3 تاريخ جرجان للسهمي "320" "569".

البَيْهَقيّ أيضًا. يروي عَنْ: الحَسَن بْن محمد بْن إِسْحَاق الإسْفرائينيّ. وقد روى البَيْهَقيّ عَنْهُمَا معًا حديثًا، قالا: ثنا الحَسَن بْن محمد، ولكنّ ابن السّقا أقدم سماعًا ووفاة. روى عَنْ: أَبِي العبّاس الأصمّ، وابن زياد القطان. توفي المقرئ في ذي الحجة سنة عشرين. وتوفي ابن السقاء سنة أربع عشرة. ومر. 415- عمر بن الحسن بن يونس. أبو بكر. توفي في رمضان. وأظنه إصبهانيا. 416- العنبر بن الطيب بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بْن العنبر. أبو صالح، نيسابوري. روى عَنْ: جدّه لأمّه يحيى بْن منصور القاضي. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقيّ. "حرف الميم": 417- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد العزيز1. أبو نصر العُكبري البقّال. حدَّث عَنْ: أَبِي عليّ بْن الصّوافّ، وأحمد بْن يوسف بْن خلاد. روى عَنْهُ: محمد بْن عليّ الصُّوريّ، وعبد العزيز الكتاني، وعلي بن محمد بن أبي العلاء. قال الخطيب: ثنا عَنْهُ الكتّانيّ بدمشق. وكان صدوقًا. ذكر لي وفاته ابنه منصور بْن محمد بْن محمد في ربيع الأوّل. 418- محمد بْن بَكْر2. أبو بَكْر النَّوْقَانيّ الطُّوسيّ، الفقيه، شيخ الشّافعية ومدرّسهم بنَيْسابور. تفقَّه عَليْهِ: أبو القاسم القُشَيْريّ، وجماعة. وكان قد اشتغل عند الأستاذ أبي الحَسَن الماسَرْجِسيّ. وببغداد عَلَى الياميّ. وكان مَعَ فضائله ورعًا صالحًا خاشعًا. قَالَ محمد بْن مأمون: كنتُ مَعَ الشَّيْخ أَبِي عَبْد الرحيم السُّلَميّ ببغداد فقال: تعال حتّى أريك شابّا لَيْسَ في جملة الصُّوفيّة ولا المتفقهة أحسن طريقة ولا أكمل أدبًا منه. فأراني أبا بكر الطوسي. ومات بنوقان رحمه الله.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 291"، والفوائد العوالي "17". 2 العقد المذهب لابن الملقن "46"، وطبقات الشافعية "3/ 49" للسبكي.

419- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد بْن إِسْحَاق1. أبو بَكْر الرّباطيّ الإصبهانيّ. سَمِعَ: أبا القاسم الطبَرانيّ، وعبد الله بْن الحَسَن بْن بُندار، وأبا بَكْر الْجِعَابيّ، وأبا أحمد العسّال، وإبراهيم بْن محمد بْن إبراهيم الرقَاعيّ. شيخ مُسند يروي عَنْ محمد بْن سليمان الباغَنْديّ. وقد زار بيت المقدس وسمع بِهِ وأملى مجالس. روى عَنْهُ: عُمَر بْن الْحَسَن بْن سليم المعلم، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن مَرْدوَيْه، وجماعة. تُوُفّي في شهر شَعْبان رحمه الله. 420- محمد بْن عُبَيْد الله بْن أحمد2. المسبّحيّ، الحرّانيّ، الأمير المختار عزّ المُلك. أحد إمراء المصريّين وكُتابهم وفُضلائهم، وصاحب التّاريخ المشهور. كَانَ عَلَى زيّ الأَجْناد، واتّصل بخدمة الحاكم ونال منه سعادة. وله تصانيف عديدة في الأخبار والشُعراء والمحاضرة، ومن ذَلِكَ كتاب "التّلويح والتّصريح في الشّعر"، وهو مائة كرّاس، وكتاب "دَرك البُغية" في وصف الأديان والعبادات، في ثلاثة آلاف وخمسمائة ورقة، وكتاب "أصناف الجماع" في ألف ومائتا ورقة، وكتاب "القضايا الصّائبة في معاني أحكام النّجوم" ثلاثة آلاف ورقة. وُلد بمصر سنة ست وستين وثلاثمائة، وتوفي أبوه بمصر سنة أربعمائة. وتُوُفّي هُوَ في ربيع الآخر سنة عشرين. ورخه ابن خلكان. 421- منصور بن هانيء بْن محمد. أبو عليّ الفقيه. تُوُفّي في صَفَر. وكان رديء الاعتقاد عَلَى دِين بني عُبيد، وأقل ذلك الرفض. "الوفيات تقريبًا مِن رجال هذه الطبقة". "حرف الألف": 422- أحمد بْن سَعْدي بْن محمد بْن سَعْدي3. أبو محمد الإشبيليّ القَيْسيّ. رحل، فأخذ عَنْ: أبي محمد بْن أَبِي زيد. ووصل إلى العراق فأخذ عن

_ 1 العبر "3/ 138، 139"، وشذرات الذهب "3/ 216". 2 العبر "3/ 139"، ومرآة الجنان "3/ 63"، والأعلام "7/ 140". 3 جذوة المقتبس للحميدي "109، 110"، وبغية الملتمس للضبي "155 - 158".

القاضي أَبِي بَكْر الأبْهريّ. وكان فقيهًا محدَّثًا فاضلًا. روى عَنْهُ: أبو عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وحاتم بْن محمد وقال: لقِيتُهُ بالمَهْدِيّة وقد استوطنها، وكان أمرها يدور عَليْهِ في الفتوى. تُوُفّي بعد سنة عشر. 423- أحمد بْن عليّ. أبو نصر الزاهد. شيخ النيسابوري. سَمِعَ مِن: الأصمّ. روى عَنْهُ: عليّ بْن أحمد بْن أخرم شيخ الفَلَكيّ. 424- أحمد بْن علي بن أحمد الإصبهاني الصحاف. الأشعري. روى عَنْ: أَبِي الشَّيْخ، والقَبَّاب، وأبي سَعِيد بْن الزعفراني، وابن المقريء. روى عَنْهُ: أحمد بْن جعفر، وظهر سماع أبي الفتح الحداد منه بعد موته. حدَّث في عام سبعة عشر. 425- أحمد بْن عليّ بْن ثابت. أبو بَكْر بْن الماورديّة. سَمِعَ: عليّ بْن محمد بْن كَيْسان، وعمر بْن محمد الزّيّات. وعنه: عُبَيْد الله بْن إبراهيم القزّاز، وأبو الحَسَن محمد بْن أحمد البرداني، وأبي عليّ بْن البنّا البغداديّون. 426- أحمد بْن محمد بْن إبراهيم. أبو سهل المهْرانيّ المُزَكّيّ. سَمِعَ: أبا بَكْر النّجّاد ببغداد، وحامد الرّفّاء. وعنه: أبو بَكْر البَيْهَقيّ. 427- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف. أبو الفضل النَّيْسابوريّ السَّهْليّ الأديب الصَّفّار. حدَّث عَنْ: الأصمّ، والأستاذ أَبِي الوليد الفقيه، وأبي الفضل المُزَكّيّ. وتخرج بِهِ أئمّة منهم أبو الحسن الواحديّ. وروى عنه: أبو سعد عبد الله بن القُشيري، وغيره. 428- أحمد بْن محمد بْن مُزاحم. أبو سعد النيسابوري الصفار والأديب. سَمِعَ: الأصمّ. وعنه: البَيْهَقيّ، ومحمد بْن يحيى. 429- إسماعيل بْن أحمد1. أبو الفضل الجُرجاني الصُّوفيّ. حدث بدمشق عَنْ: أَبِي بَكْر الإسماعيليّ، وغيره. وعنه: أبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 12".

"حرف الباء": 430- بِشْر بْن محمد1. أبو القاسم المَيْهَني الصُّوفيّ الواعظ. صحِب بالشّام أحمد بْن عطاء الروذباري. وحدث عن: أبي القاسم الطبراني، وعبد الله بن عَدِيّ. وعنه: محمد بن يحيى المزكي، وأبو صالح المؤذن. 431- بشر بن محمد بن عبيد الله الخطيب الميهني. الصوفي الواعظ. رحل وسمع مِن: الطبَرانيّ، والإسماعيليّ، وإسماعيل بْن نُجيد، وأحمد بْن عطاء الرُّوذَباريّ، وأبي بَكْر المفيد. روى عَنْهُ: محمد بْن يحيى المُزَكّيّ، وأحمد بْن أبي سَعِيد الحافظ. 432- بِشْر بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن القَاسِم بْن مَحْمِش. أبو سهل الإسْفرائينيّ. شيخ ثقة. حدَّث عَنْ: أبي أحمد بْن عَدِيّ. وأبي بَكْر الإسماعيلي، والحسن بْن محمد بْن إِسْحَاق الإسْفرائينيّ. "حرف الجيم": 433- جناح بن نُذير بن جناح. أبو محمد المحاربي الكوفي القاضي. سمع: أبا جعفر بن دُحيم. وعنه: البيهقي، وأبو البقاء المُعمر بن محمد، وعدة. ولي قضاء الكوفة مُديدة، ثم عزل نفسه. "حرف الحاء": 434- الحسن بن الأشعث بن محمد2. أبو علي المنبجي. روى عَنْ: الحَسَن بْن عَبْد الله بْن سَعِيد البَعْلَبَكيّ، وصالح بْن الأصْبغ المَنْبِجِيّ. وعنه: عَبْد الجبّار بْن عَبْد الله الأردسْتَانيّ، والحسن بْن أَبِي شَيْبة المَنْبِجِيّ، وأبو القاسم بْن أَبِي العلاء المُصيصي. قَالَ عليّ بْن أحمد الشَّهْرزُوريّ: وكان مؤاخيا للشريف الحرّانيّ، يعني ابن الأشعث، فاتّفق أنّه أتاه نعي أخٍ مِن إخْوانه فقال: يماه، ومات.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 251". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 155"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "2/ 91"، "411".

435- الحَسَن بْن علي بْن أَحْمَد بْن بشّار. أبو محمد السّابوريّ البصْريّ. سَمِعَ: محمد بْن أحمد بْن مَحْمُوَيْه العسكريّ. وعنه: الخطيب. 436- الحسين بْن أحمد بْن عليّ بْن تُبان1. أبو عَبْد الله بْن التُباني الواسطيّ البَيع. روى عَنْ: أَبِي محمد بْن السّقّاء، وأبي بَكْر محمد بْن جعفر الشّمْشاطيّ، وعلي بْن أحمد الغزال، وأبي بكر البابسيري، وآخرين. روى عنه: إبراهيم بن محمد بن خلف الجُماري، وأبو نُعيم أحمد بن علي المقرئ البزاز، وأحمد بن عثمان بن نفيس، والرئيس هبة الله بن الصفار الكتاب. قال الخميس الحوزي: آملي، وكان ثقة. آخر من حدَّث عَنْهُ هبة الله بْن الصَّفّار. قلتُ: لَهُ مجلس يرويه الكِنْديّ، أملاهُ في سنة سبع عشرة وأربعمائة، والتُباني: بتاء مضمونة، ثمّ باء خفيفة، وهي نسبة إلى جَدّه تُبان. والطَّلَبَة يَغْلَطُون ويقولون البُناني. وأمّا: البَتَّانيّ، فرجل مرَّ سنة 317 اسمه محمد بْن جَابِر. 437- الحسين بْن عليّ بْن عُبيد الله بْن محمد2. أبو عليّ الرَّهَاويّ السُلمي المقرئ، نزيل دمشق. قرأ القرآن بالروايات عَلَى جماعة أكبرهم أبو الصَّقْر رحمة بْن محمد الكفرْتُوثي، صاحب إدريس الحدّاد، وَأَبُو عَليّ أَحْمَد بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم الأصفهاني، وأحمد بن القاسم الأحوال صاحب النّقّاش، والحسن بْن سَعِيد المطوعيّ. قرأ عليه: أبو علي غلام الهراس، وأبو عليّ الحَسَن بْن محمد بْن الفضل الكِرمانيّ شيخ الشهرزُوري. 438- حكم بن المنذر بن سعيد3. أبو العاصي القرطبي ابن قاضي الجماعة. روى عَنْ: أبيه، وعن: أبي علي القالي. وحج فأخذ عن: أبي يعقوب بن الدخيل.

_ 1 توضيح المشتبه "1/ 613، 614"، الإكمال لابن ماكولا "1/ 443، 444". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 346"، وغاية النهاية "1/ 245". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 148، 149".

روى عَنْهُ: أبو عُمر ابن سُميق، وابن عبد البر. وكان من أهل المعرفة والذكاء لا يلحق في الأدب. سكن طُليطلة وتُوُفّي بمدينة سالم في نحو عشرين. وله شِعر. "حرف الزاي": 439- زكريّا بْن أحمد بْن محمد بْن يحيى. أبو يحيى بْن أَبِي حامد النَّيْسابوريّ البزّاز النّسّابة، العارف بالنَّسب والطَّبّ والنَّحْو. سمع الكثير بالعراق. وروى الكثير. وُله سنة ثمانٍ وأربعين وثلاثمائة. وتُوُفّي قبل العشرين. روى عَنْهُ: القاضي عَبْد الله بْن عَبْد الله الحسكانيّ. "حرف السين": 440- سَعِيد بْن محمد بْن شعيب بْن نصر الله1. أبو عثمان الخطيب الأديب الأندلسي. روى عَنْ: أَبِي الحَسَن الأنطاكيّ. وسمع مِن: أَبِي عليّ القالي وهو صغير. وكان عالمًا بمعاني القرآن وقراءاته، متقدما في العربية، حافظا ثبتا. توفي أيضا في حدود العشرين "حرف العين": 441- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حموية بن بيهس. أبو بكر الروذباري الكندي. روى بهمدان عَنْ: الفضل الكِنْديّ، وموسى بْن محمد بْن جعفر، وقيس بْن نصر النّهَاونديّ، وجماعة كثيرة. قَالَ شِيرَوَيْه: هُوَ صدوق. مات سنة ستٌّ عشرة. ثنا عَنْهُ محمد بْن الحسين الصُّوفيّ، وعلي بْن أحمد بْن هُشيم، وجماعة. 442- عَبْد الله بْن عيسى بْن إبراهيم بْن عليّ بْن شعيب. الفقيه أبو منصور ابن المحتسب الهمداني المالكي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 216".

روى عَنْ: أَبِي بُرزة الرُّوذْراوَرِيّ1، وإبراهيم بْن محمد بن الممتع، وعيسى بن محمد الفامي، وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي النيسابوري، وأبي الحسن علي بن لؤلؤ الوراق البغدادي، وجماعة. قال شيرويه: ثنا عَنْهُ أبو عليّ أحمد بْن طاهر القُومساني، وسعد بْن حسن القصْرِيّ، ومظفر بْن هبة الله الكِسائيّ، ومحمد بْن الحسين الصُّوفيّ. وسمّي جماعة. قال: وكان صدوقًا، ثقة فقيهًا. 443- عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق بْن عَبْد العزيز. أبو الحسين القُرشي اللَّهَبيّ ابن أَبِي حرام. روى عَنْ: أَبِي عُمَر بْن فَضَالة، وأبي عُبَيْد الله بن مروان، وأبي عمر بن كوذك، والمَيَانِجِيّ. وعنه: عليّ الحِنَّائيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو سعْد السّمّان، وآخرون. وكان خيرًا صالحًا. 444- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن حمدان. أبو القاسم النَّيْسابوريّ الشّافعيّ. ثقة صائن. روى عَنْ: أَبِي الوليد حسّان بْن محمد الفقيه، وابن نُجيد، وجماعة. وعنه: محمد المُزَكّيّ. 445- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَوْرَة2. الفقيه أبو سعْد بْن أَبِي سَوْرَة النَّيْسابوريّ الزّرّاد، الفقيه الشّافعيّ "المتكلّم" الأشعريّ. ذكره عبد الغفار وقال: وكان اسمه في صِباه أحمد. سَمِعَ الكثير بخُراسان وما وراء النَّهر. وحدَّث عَنْ: أَبِي الحَسَن السراج، وأبي عمرو بن نُجيد، وأبي حامد الصائغ، وطبقتهم. وعنه: محمد بْن أَبِي سعْد الصُّوفيّ. 446- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن أحمد بْن عَقيل. أبو محمد الأنصاريّ النَّيْسابوريّ القطّان المستملي، المؤذّن. صالح، دَيَّن، ثقة، مُكثر.

_ 1 الروذراوري: هذه نسبة إلى بلدة بنواحي همذان، يقال لها روذراور "الأنساب 5/ 182". 2 المنتخب من السياق "304، 305".

حدث عَنْ: الأصمّ، وأبي حامد الحَسْنَويّ، ومحمد بْن يعقوب بن الأخرم، وأبي زكريا العنبري، وأبي بكر بن إسحاق الصبغي، وجماعة. روى عنه: محمد بن يحيى المزكي، وغيره. 447- عبد الواحد بن مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر بن منير. أبو محمد المنيري الجُرجاني البزاز المعدل. قدم نيسابور. وحدث عَنْ: عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، وأحمد بْن أَبِي عمران الْبُخَارِيّ، وأبي الحسين ابن المظفر، وخلق. وكان أحد مِن عُنِيَ بالحديث ورحل فيه. روى عَنْهُ: أحمد بْن أَبِي سعْد المقرئ. 448- عَبْد الواحد بْن محمد بْن محمد بْن يعقوب. أبو عاصم السجِسْتانيّ الواعظ. نبيل جليل، ثقة. حدث بنيسابور عن: أبي منصور النصروي، وأبي الفضل بْن خَمِيروَيْه، وبشر بْن محمد المغفَّلي، ووالده أبي عصمة محمد بن محمد، وطائفة. روى عنه: محمد بن يحيى المزكي، وغيره. 449- عبد الوهاب بن محمد بن طاهر. أبو طلحة البُوشنجي. روى عَنْ: حامد الرّفاء، ومنصور بْن العبّاس البُوشنجي، وأبي حامد أحمد بْن محمد الشّاركيّ. وعنه: أبو صالح المؤذّن. 450- عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن دَاوُد الرّزّاز1. البغداديّ، أخو عليّ. روى عَنْ: ميمون بْن إسحاق، وأبي بَكْر الشّافعيّ. وعنه: الخطيب، وقال: كَانَ صدوقًا. 451- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي الدمشقي2. الشرابي. عن: جده، وخيثمة بن سليمان. وعنه: عبد العزيز الكتاني، وعلي بن خضر، وإبراهيم بْن عقيل. 452- عليّ بْن الحَسَن بْن محمد بْن العبّاس بْن فِهْر. أبو الحَسَن الفِهْريّ، الفقيه المالكيّ. سَمِعَ مِن جماعة. وكان بمصر، وقد صنَّف "فضائل مالك" في اثني عشر جزءًا. وسمع بالشرق.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 383" "5554". 2 الإكمال لابن ماكولا "2/ 356، 6/ 239".

سَمِعَ منه: الدّلائيّ، والمهلَّب بْن أَبِي صُفْرة، وقال: لقيته بمصر ومكة. ولم ألق مثله. 453- عليّ بْن الحَسَن بْن النُّخَالي الدّلال. روى عَنْ: أبي بَكْر الشّافعيّ، وحبيب القزّاز. وعنه: الخطيب، وقال: صدوق. 454- عليّ بْن عمر بْن إِسْحَاق. أبو القاسم الأسْدَابَاذيّ. وأسداباذ: بلد عَلَى باب همدان ينزلها قوافل العراق. ويُعرف بالأدَمي. رحل وطوّف، وسمع: ابن عَدِيّ، وأبا بَكْر الإسماعيليّ، وأبا بَكْر بْن السُّنّيّ، وأبا بَكْر القَطِيَعيّ، وأبا الفضل بْن خَمِيروَيْه الهَرَويّ. روى عَنْهُ: أَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الذَّكْوانيّ، وأبو سهل غانم بْن محمد، وأبو بَكْر أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن مَرْدوَيْه، لقِيَه سنة سبْع عشرة. 450- عليّ بْن القاسم بْن محمد بْن إِسْحَاق. أبو الحَسَن البصْريّ الطّابثيّ مِن قُراها، الفقيه المالكيّ. تلميذ ابن الجلاب. أخذ عنه: وعن الفقيه عبد الله الضرير. أخذ عَنْهُ: أبو العبّاس الدّلال، وأبو محمد الشّنْجاليّ. وسكن مصر، وله مصنَّف في الفقه. 456- عليّ بْن محمد بْن خَلَف بْن موسى. أبو إِسْحَاق البغدادي، ثمّ النَّيْسابوريّ الفقيه. روى عَنْ: أَبِي بَكْر الشّافعيّ، وأبي بَكْر بْن خلاد النَّصِيبيّ، وابن ماسيّ، وبكار بْن أحمد، وأبي بَكْر أحمد بْن السُّني، ويوسف المَيَانِجِيّ، وجعفر بْن محمد بْن عاصم الدّمشقيّ، وخلْق. روى عَنْهُ: الرئيس في "الثَّقَفيّات". وكان فقيهًا مناظرًا، ومن علماء الشّافعيّة. "حرف الغين": 457- غالب بْن عليّ. أبو مُسْلِم الرّازيّ. سَمِعَ بجُرْجَان: أبا أحمد بْن عَدِيّ، والإسماعيليّ. وببغداد: ابن حَيَّوَيْهِ، وأبا بكر الأبهري. وتوفي قبل العشرين وأربعمائة.

"حرف الميم": 458- محمد بْن أحمد بْن عَبْدُوَيْه. أبو بَكْر الإصبهاني المؤدب. سَمِعَ: أحمد بْن إبراهيم بْن أفْرُجَّة، وأبا القاسم الطبَرانيّ، وغيرهما. وعنه: الرّئيس الثَّقَفيّ في أربعيه. 459- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن القاسم1. أبو أُسامة الهَرَويّ، المقرئ. نزيل مكّة. رحل وطوّف، وسمع: أبا عليّ بْن أَبِي الرَّمْرام، وابن زَبْر بدمشق، والقاضي أبا الطّاهر الذُهلي، وابن رشيق. روى عَنْه: أبو عليّ الأهوازي، وعلي بْن الخَضِر السُلمي، وأبو بَكْر البَيْهَقيّ، وجماعة كبيرة. 460- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن القاسم2. الإمام المقرئ المحدث الرحّال أبو أسامة الهَرَويّ، نزيل مكّة. سَمِعَ: أبا الطّاهر الذُّهْليّ، وطبقته بمصر. وأبا عليّ بْن أَبِي الرَّمْرام، والفضل بْن جعفر بدمشق. والحافظ محمد بْن عليّ النّقّاش بتِنّيس، ومحمد بْن العبّاس بْن وَصِيف بغزّة، وأحمد بْن عَبْد الله بْن عَبْد المؤمن بمكّة. حدَّث عَنْهُ: ابنه عَبْد السّلام، وأبو عليّ الأهوازي، وأبو بَكْر البَيْهَقيّ، وأبو الغنائم بْن الفرّاء، ومحمد بْن عليّ المطرّز. حدَّث: بدمشق وبمكّة، وغير ذَلِكَ. وسماع طلحة بْن عُبيد الله الجِيرفتي منه بمكة في سنة أربع عشرة وأربعمائة. 461- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الدمشقي. الشرابي. عن: جده، وخيثمة بن سليمان. وعنه: عَبْد العزيز الكتّانيّ. 462- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن منصور. أبو بَكْر النَّوْقانيّ. حدَّث بنَوْقان عَنْ: الأصمّ. وعنه: البَيْهَقيّ. 463- محمد بْن إبراهيم3. أبو بَكْر الفارسي، المشاط. حدث بنيسابور عن:

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 464"، وغاية النهاية "2/ 86، 87". 2 هو الإمام السابق. 3 سير أعلام النبلاء "13/ 276".

أبي عمرو بن مطر، وإبراهيم بن عبد الله، ومحمد بن الحسن السراج، وطبقتهم. روى عنه: أبو بكر البيهقي، وعلي بن أحمد الأخرم. 464- محمد بن إبراهيم بن عبيد الله1. أبو عبد الله البجاني. روى عنه: أبي عيسى الليثي، وتميم بن محمد، والحسن بن رشيق بمصر. روى عَنْهُ: أبو عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عُمَر بن عبد البر. 465- محمد بْن الْحُسَن2. أبو عبد الله بْن الكتاني الأندلسي القُرطبي الطبيب. أخذ عَنْ عمّه محمد بْن الحسين الطّبّ. وخَدَم الوزير المنصور محمد بْن أَبِي عامر وابنه المظفَّر. وانتقل في الفِتْنة إلى سَرَقُسْطَة. وكان بارعًا في الطّبّ، عارفًا بالمنطق والنّجوم، وكثير مِن دين الأوائل. وكان مِن الأذكياء الموصوفين. أخذ المنطق عَنْ: محمد بْن عَبْدُون، وعمر بْن يونس الحّرانيّ، وجماعة. وتوفي قريبا من سنة عشرين، وله بضعٌ وسبعون سنة. أخذ عنه: أبو محمد بن حزم، والمصحفي. وله مصنفات فائقة مشكورة. 466- محمد بن الحسين بن إبراهيم بن علي بن عمرويه. أبو عبد الله الإسفرائيني. نزيل غزنة. قدم نيسابور حاجا، فحدَّث بها سنة أربع عشرة عَنْ: الغِطْريفيّ، وطبقته. روى عَنْهُ: أبو صالح المؤذّن. 467- محمد بْن أحمد بْن الحسين. أنصر الزعفراني الصيدلاني العابد. من صالحي نيسابور. حدث عن: أبي الحسن السليطي، وأبي عمر بْن نُجَيْد. وعاش نيَّفًا وثمانين سنة. قَالَ الحكاني: قرأتُ عَليْهِ سنة ستٌّ عشرة. روى عَنْهُ: أبو صالح المؤذّن. 468- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن سَعِيد بْن عَبْد الله بْن غَلْبُون3 أبو بَكْر الخَوْلانيّ القُرطبي، يعرف بالعوّاد. روى عَنْ: أَبِي عيسى اللَّيْثّي، ويحيى بن هلال، وأبي عبد الله بن الخراز، وأحمد بْن خَالِد التّاجر، وأبي جعفر بن عون الله.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 507" "1104". 2 معجم الأدباء "18/ 184، 185"، والوافي بالوفيات "2/ 348، 349". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 504، 505" "1100".

وحج فسمع من: أبي الفضل أحمد بن محمد المكي، وغيره. حدث عنه: ابن أخيه محمد بن عبد الله، وقال: فضائله جمّة لا تُحصى، قديم الطَّلب. وحدَّث عَنْهُ أيضًا: أبو محمد بْن خَزْرج، وقال: كَانَ حافظًا ثقة. خرج مِن إشبيلية سنة أربع عشرة وأربعمائة إلى المشرق، وعمره نحو السّبعين. وتُوُفّي بعسقلان. وحدَّث عَنْهُ: القاضي أبو بَكْر بْن منظور، وأبو حفص الهُوزَنيّ. 469- محمد بْن عثمان بْن مسبّح1. أبو بَكْر المعروف بالْجَعْد الشَّيْبانيّ. أحد العلماء. أخذ العربيّة عَنْ ابن كَيْسان النَّحْويّ، وصنَّف كتاب "النّاسخ والمنسوخ" فجوّده، وكتاب "غريب القرآن"، وكتاب "الهجاء"، وكتاب " المقصور والممدود"، وكتاب "العِلَل في النَّحْو"، وكتاب "العَرُوض"، وغير ذَلِكَ. 470- محمد بن عبد الواحد بن محمد2. أبو البركات الزُبيري الْمَكيّ. رحل، وسمع ببغداد: أبا سَعِيد السيرافيّ، وبمصر: أبا بَكْر المهندس، وبدمشق. ودخل الأندلس في آخر عمره، فحمل عَنْهُ: أبو محمد بْن حَزْم، وأحمد بْن عُمَر بْن أَنَس العُذري. ذكره الحُميدي. 471- محمد بْن عبد الواحد بن عُبَيْد الله بن أحمد بن الفضل بن شهريار3. والحافظ الفقيه أبو الحَسَن الأَرْدَسْتانيّ، الإصبهانيّ. مصنَّف كتاب "الدّلائل السَّمْعيّة عَلَى المسائل الشّرعيّة"، في ثلاث مجلَّدات. روى فيها عَنْ: عَبْد الله بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن جميل مِن "مُسند أحمد بْن منيع". وهذا أكبر شيخ لَهُ. وعن: الحَسَن بْن عليّ بْن أحمد البغداديّ، وأحمد بْن إبراهيم العَبْقَسي الْمَكيّ، وأبي عَبْد الله بْن خُرشيد قُولَه، وأبي الطّاهر إبراهيم بْن محمد الذّهنيّ صاحب ابن الأعرابي، ومحمد بْن أحمد بْن جِشنِس، وأحمد بْن محمد بْن الصَّلْت المُجّبر، وأبي أحمد الفرضي، وإسماعيل بن الحسن الصرصري، وأبي بكر بن مردويه، وخلق. وتنزل إلى أبي نُعيم الحافظ، وأبي ذر محمد بن الطبراني. ومن شيوخه محمد بن أحمد بن الفضل صاحب ابن أَبِي حاتم.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 47"، وكشف الظنون "1457، 1461، 1920"، 1920"، وهدية العارفين "2/ 29". 2 جذوة المقتبس "70- 73"، للحميدي. 3 هدية العارفين "2/ 61"، ومعجم المؤلفين "10/ 265".

وينصب الخلاف، في هذا الكتاب مَعَ أَبِي حنيفة ومع مالك، وينتصر لإمامه الشّافعيّ، ولكنّه لا يتكلَّم عَلَى الإسناد. وفي كتابه غرائب وفوائد تُنبئ ببراعة حِفْظه. رواه عَنْهُ: الحافظ أبو مسعود سليمان بْن إبراهيم الإصبهاني سماعًا. وقد قُرئ عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن ماشاذة بإجازته مِن سُلَيْمَان، والنّسخة في آخرها: فرغ الشَّيْخ مِن تأليفه سنة إحدى عشرة وأربعمائة. ورأيت في "مُعجم الحدّاد": أَنَا أَبُو الْحَسَنِ محمد بن عبد الواحد بن عُبَيْد الله بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ شَهْرَيَارَ الإِمَامُ: أَنَا ابْنُ الْمُقْرِئِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانِينَ وثلاثمائة. نا عَبْدَانُ، نا دَاهِرُ بْنُ نُوحٍ، نا أَبُو هَمَّامٍ، عَنْ هُدبة، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمير، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا، دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ" 1. قَرَأْتُهُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظِ، أنا ابن خَلِيلٍ، أنا مَسْعُودٌ الْجَمَّالُ، أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادِ، فَذَكَرَهُ. 472- محمد بْن علي بن خُشيش. أبو الحسين التّميميّ المقرئ بالكوفة. روى عَنْ: محمد بْن عليّ بْن دُحيم الشَّيْبانيّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر البَيْهَقيّ. 473- محمد بْن عُمَر بْن زِيلة. أبو بَكْر المَدِينيّ الإصبهانيّ. سَمِعَ: عَبْد الله بن الحسن بن بندار، والطبراني، وعدة. لَهُ فوائد رواها عَنْ أحمد بْن عَبْد الغفّار بْن أشْتة. سَمِعَ منه سنة أربع عشرة. 474- محمد بْن محمد بْن حَمْدَوَيْه النَّيْسابوريّ. أملي عَنْ: محمد بْن صالح بْن هانئ، وغيره. وعنه: البَيْهَقيّ. 475- محمود بْن المُثنى بْن المغيرة. أبو القاسم الشّيرازيّ الدّاووديّ، المعروف بالضّرّاب. نزيل جَرْجَرَايا. سَمِعَ: المفيد، وأبا بَكْر القَطِيَعيّ، ومخلد بن جعفر الباقرحي.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أحمد في مسنده "1/ 191"، وانظر صحيح الجامع الصغير وزيادته "661" للألباني.

وعنه: عَبْد الكريم بْن محمد بْن هارون الشّيرازيّ، وحمد بْن الحَسَن الديَنَوريّ، وهَنّاد بْن إبراهيم النَّسَفيّ، وسليمان بْن إبراهيم الحافظ. لَقِيَه سليمان في سنة تسع عشرة وأربعمائة. "الكنى": 476- أبو محمد بْن الكَرّانيّ1. القيروانيّ، الفقيه المالكيّ. ورِع، عالم. ذكره القاضي عِياض في "طبقات المالكيّة"، فقال: سُئل عمّن أكرهه بنو عُبَيْد، يعني خُلفاء مصر، عَلَى الدّخول في دعوتهم أو يُقتل؟ قال: يختار القتل ولا يُعذر أحد بهذا الأمر، "إلا مِن" كان أول دخولهم قبل أن يعرف أمرهم، وأمّا بعد فقد وَجَب الفرار، فلا يُعذر أحد بالخوف بعد إقامته، لأنّ المُقام في موضعٍ يُطلبُ مِن أهله تعطيل الشّرائع لا يجوز. وإنّما أقام مِن أقام مِن الفقهاء عَلَى المباينة لهم، لئلا تخلو للمسلمين حدودهم فيفتنوهم عَنْ دينهم. وقال يوسف الرُعيني: أجمع العلماء بالقَيْروان على أنّ حال بني عُبيد حال المرتدّين والزّنادقة، لما أظهروا مِن خلاف الشّريعة. 477- أبو هلال العسكريّ2. الحَسَن بْن عَبْد الله بْن سهل بْن سَعِيد بْن يحيى بْن مِهْران اللُّغَويّ، الأديب، صاحب المصنَّفات الأدبيّة. أتوهّم أنّه بقي إلى هذا العصر. تلمذ للعلامة أَبِي أحمد العسكريّ، وحمل عَنْهُ وعن أبي القاسم بْن شيران، وغير واحد. وما أظنّه رحل مِن عسكر مُكرم. روى عَنْهُ: الحافظ أبو سعْد السّمّان، وأبو الغنائم حمّاد المقرئ الأهوازيّ، وأبو حكيم أحْمَد بْن إسماعيل بْن فُضلان العسكريّ، ومظفَّر بْن طاهر الآستري، وآخرون. أخبرني أبو عليّ بْن الخلّال، أَنَا جعفر، أَنَا السلَفيّ: سألت أبا المظفَّر الأَبِيوَرْدِيّ رحمه الله عَنْ أَبِي هلال العسكريّ، فأثنى عَليْهِ ووصفه بالعِلم والعفة معًا، وقال: كَانَ يتبزّز احترازًا مِن الطَّمَع والدَّناءة والتَّبذُّل. قَالَ السلفي: وكان الغالب عليه الأدب والشعر، وله مؤلف في اللغة وسمه " بالتلخيص"، و"كتاب صناعتي النثر والنظم " مفيد جدًا.

_ 1 ترتيب المدارك "2/ 719، 720". 2 معجم الأدباء "8/ 233 - 258"، والأعلام "2/ 211، 212".

قلتُ: ولأبي هلال كتاب "الأمثال"، وكتاب "معاني الأدب"، وكتاب "مِن احتكم مِن الخلفاء إلى القُضاة"، وكتاب "التبْصِرة"، وكتاب "شرح الحماسة"، وكتاب "الدّرهم والدّينار"، وكتاب "التفسير " في خمس مجلدات، وكتاب " فضل العطاء"، وكتاب "لحن الخاصة"، وكتاب "معاني الشعر"، وكتاب الأوائل"، وذكر أنّه فرغ مِن تصنيف هذا الكتاب في سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة. وله ديوان شِعْر. ويقال: إنّه ابن أخت أَبِي أحمد شيخه. أخبرنا ابن الخلال، أَنَا جعفر، أَنَا السلَفيّ: أنشدنا محمد بْن عليّ المقرئ في آخرين بالأهواز قَالُوا: أنشدنا أبو الغنائم الحَسَن بْن عليّ بْن حمّاد: أنشدني أبو هلال لنفسه: قد تعاطاكَ شبابٌ ... وتغشاكَ مَشِيبٌ فأتى ما لَيْسَ يَمْضي ... ومضى ما لا يؤوبُ فتأهبْ لسقامِ ... لَيْسَ يَشفيهِ طبيبُ لا توهّمه بعيدًا ... إنما الآتي قريبُ

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع "الطبقة الحادية والأربعون" "401-420هـ" "أحداث سنة إحدى وأربعمائة" 3 إظهار قرواش الطاعة للحاكم وخطبته 4 ولاية دمشق 4 انقضاض كوكب 4 زيادة دجلة 5 خروج أَبِي الفتح العلوي الملقّب بالراشد بالله 5 امتناع ركب العراق 5 وفاة عميد الجيوش 6 القحط بخراسان 6 الفتنة بالأندلس "أحداث سنة اثنتين وأربعمائة" 7 عمل عاشوراء بالعراق 7 مخضر الطعن في صحة نسب الخلفاء بمصر 8 إنفاق فخر الملك الأموال في العراق 8 نصرة يمين الدولة على الكفار 8 هياج الريح على الحجاج 8 الاحتفال بعيد الغدير 9 هرب ناظر الزمام بمصر 9 إمامة صاحب مكة الراشد بالله 10 أمراء دمشق "أحداث سنة ثلاث وأربعمائة": 10 تقليد الشريف الرضي لنقابة الطالبيين 10 عمارة رستاق العراق

10 اعتداء فليتة الخفاجي على ركب الحاج 11 انقضاض كوكب ببغداد 11 جنازة بِنْت أَبِي نوح الطبيب والفتنة بسببها 11 إلزام النصارى واليهود بحمل شارات في رقابهم 12 النهي عن تقبيل الأرض 12 كتاب الحاكم بأمر الله إلى ابن سبكتكين 12 ولاية ابن مّزْيد عَلَى آمد وديار بَكْر 12 إبطال الحاج 12 وفاة أيلك خان صاحب ما وراء النهر 13 وفاة السلطان بهاء الدولة "أحداث سنة أربع وأربعمائة" 13 تلقيب فخر الملك بسلطان الدولة 13 إبطال الحاكم للمنجمين 13 ولاية عهد الحاكم 14 حبس الحاكم للنساء 14 ملحمة الترك والصين "أحداث سنة خمس وأربعمائة" 14 منع النساء من الخروج في مصر 14 حيلة امرأة 15 تقليد القاضي ابن أبي الشوارب 15 تقليد ابن مزيد أعمال بني دبيس "أحداث سنة ست وأربعمائة" 15 الفتنة بين السنة والرافضة 15 الوباء بالبصرة 16 تقليد الشريف المرتضي الحج والنقابة 16 هلاك آلاف الحجاج 16 غزوة ابن سبكتكين للهند وغرق أصحابه 16 ولاية سهم الدولة على دمشق

"أحداث سنة سبع وأربعمائة" 16 احتراق مشهد الحسين 16 احتراق دار القطن 17 وقوع قبة الصخرة 17 الفتنة بين الشيعة والسنة 17 الخلع بالوزارة للرامهرمزي 17 الوقعة بين أَبِي شجاع وأخيه أَبِي الفوارس 17 فتح خوارزم 17 امتناع الركب من العراق "أحداث سنة ثمان وأربعمائة" 17 تفاقم الفتنة بين الشيعة والسنة 18 استتابة فقهاء المعتزلة 18 ضعف الدول البويهية 18 التنكيل بالمعتزلة والرافضة وغيرهم في خراسان 18 زواج سلطان الدولة 18 قتل الدرزي 18 إمرة سديد الدولة بدمشق 19 غزو السلطان محمود للهند "أحداث سنة تسع وأربعمائة" 19 تكفير القائل بخلق القرآن 19 زيادة ماء البحر 19 فتح مهرة وختوج بالهند "أحداث سنة عشر وأربعمائة" 22 كتاب يمين الدّولة محمود بفتوحاته في الهند 23 ولاية قوام الدولة على كرمان 23 وفاة الأصيفر المنتفقي 23 نيابة دمشق 23 موت صاحب حران

"ذكر الوفيات" "حرف الألف" 24 1- أحمد بْن عَبْد المُلْك بْن هاشم المكوي الإشبيلي 24 2- أحمد بن عبدوس بن أحمد الجرجاني 24 3- أحمد بن علي بن أحمد بن محمد الريغي الباغاني 25 4- أحمد بن عمر بن أحمد الجرجاني المطرز 25 5- أحمد بْن عُمَر بْن أحمد بْن محمد بن عبد الواحد الكناني 25 6- أحمد بْن محمد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد بن الحباب بن الجسور 26 7- أحمد بن محمد بن وسيم الطليطلي 26 8- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الهروي المؤدب 26 9- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم المؤذن 26 10- إبراهيم بن محمد الحافظ الدمشقي 26 11- آدم بن محمد بن توبة العكبري 27 12- إسحاق بن علي بن مالك الجرجرائي الملحمي "حرف الحاء" 27 13- الحسين ابن القائد جوهر المغربي 27 14- الحسين بن عثمان اليبرودي 27 15- الحسين بن مظفر بن كنداج 27 16- الحُسين بْن حيّ بْن عَبْد الملك بْن حي القرطبي 27 17- حمد بن عبد الله بن علي الدمشقي "حرف الخاء" 28 18- خَالِد بْن محمد بْن حُسين بن نصر بن خالد البستي 28 19- خلف بن مروان بن أمية القرطبي "حرف السين" 28 20- سامة بن لؤي القرشي الهروي 28 21- سعيد بن عبد الله بن الحسن العماني "حرف الشين" 28 22- شقيق بْن عليّ بْن هُود بن إبراهيم الجرجاني

"حرف العين" 28 23- عَبْد الله بْن عَمْرو بْن مسلم الطرسوسي 29 24- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن هلال الحنائي 29 25- عَبْد العزيز بْن محمد بْن النُّعْمان بْن محمد بن منصور 29 26- عَبْد الملك بْن أحمد بْن نُعَيْم بْن عبد الملك بن عدي 29 27- عَبْد الواحد بْن زوج الحُرّة محمد بْن جعفر 29 28- عبيد الله بن أحمد بن الهذيل الكاتب 29 29- عبيد الله بن محمد بن الوليد المعيطي القرطبي 30 30- عثمان بن عبد الله بن إبراهيم الطرسوسي 30 31- عَلي بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن الحر البري 30 32- علي بن محمد البستي الشاعر 32 33- عُمَر بْن حُسين بْن محمد بْن نابل الأموي 32 34- عميد الجيوش "حرف الفاء" 32 35- فارس بْن أحمد بْن موسى بن عمران الحمصي 32 36- الفضل بْن أحمد بْن ماج بْن جبريل الهروي "حرف القاف" 33 37- القاسم بن أبي منصور "حرف الميم" 33 38- محمد بْن الحسن بْن أسد الجرجاني 33 39- محمد بْن الحسين بْن داود بْن علي النيسابوري 33 40- المظفر أبو الفتح القائد 34 41- المعلي بن عثمان المادرائي 34 42- مُغيرة بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن يزيد بْن شمر الفياض 34 43- منصور بن عبد الله بن خالد الذهلي الخالدي 34 44- منصور بْن عَبْد الله بْن عدّي الواعظ الجرجاني 34 45- منصور بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الدوستكي "حرف الهاء" 34 46- هارون بْن موسى بْن جَنْدَل القيسي

"حرف الياء" 35 47- يحيى بْن أحمد بْن الحسين بن مروان المرواني الخراساني 35 48- يحيى بْن عُمَر بْن حسين بْن محمد بن عمر بن نابل القرطبي 35 49- يحيى بن يحيى بن محمد العنبري "وفيات سنة اثنتين وأربعمائة" "حرف الألف" 35 50- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بن تركان بن جامع الخفاف 36 51- أحمد بن الحسين بن أحمد النهاوندي 36 52- أَحْمَد بْن سَعِيد بْن حَزْم بْن غالب الأديب 36 53- أحمد بْن عَبْد الله بْن الخضر بْن مسرور السوسنجردي 37 54- أحمد بن عبد الله بن محمد المهرجاني 37 55- أحمد بْن محمد بْن الحسن بْن الفُرات 37 56- أحمد بن نصر الداودي المالكي 37 57- إبراهيم بْن محمد بْن حسين بْن شِنْظير الأموي 37 58- إسماعيل بْن الحسين بْن عليّ بْن هارون "حرف الحاء" 38 59- الحَسَن بْن الحُسَيْن بْن عليّ بْن أَبِي سهل النوبختي 38 60- الحسن بن القاسم بن خسرو البغدادي الدباس "حرف الخاء" 38 61- خَلفَ بْن إبراهيم بْن محمد بن جعفر بن حمدان بن خاقان "حرف الدال" 39 62- دَاوُد بْن الشَّيْخ أَبِي الحسن محمد بن الحسين العلوي "حرف الطّاء" 39 63- طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن يحيى بْن عيسى بْن ماهلة "حرف العين" 39 64- عبد الله بن محمد المهرقاني 39 65- عبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عيسى بْن فطيس بن أصبغ 40 66- عثمان بن عيسى الباقلاني 41 67- عَليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النيسابوري

41 68- علي بن أحمد بن محمد بن يوسف السامري 41 69- علي بن داود بن عبد الله الداراني القطان 42 70- علي بن محمد بن أحمد بن إرديس الرملي 42 71- عليّ بْن محمد بْن عَلّوية البغداديّ الْجَوهريّ "حرف الميم" 42 72- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الغورجي 42 73- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عبد الرحمن بن جميع 43 74- محمد بن بكران بن عمران الرازيّ 43 75- مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن هارون بن فروة التميمي 44 76- محمد بن الحسن الهروي 44 77- محمد بن عبد الله الهروي 44 78- محمد بن عبد الله بن الحسن البصري 44 79- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بن يحيى الجعفي 45 80- محمد بْن عُبَيْد الله بْن جعفر بْن حمدان البغدادي 45 81- محمد بن علي بن إبراهيم العمركي الكاتب 45 82- محمد بن علي بن مهدي الأنباري 45 83- محمد بْن محمد بْن أحمد بْن يحيى بن محمد البقار 45 84- محمد بْن يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد السلم السميساطي 46 85- منتخب الدولة لؤلؤ البشراوي 46 86- منصور بن عبد الله الذهلي الخالدي "حرف الياء" 46 87- يحيى بن أحمد بن التميمي القرطبي 47 88- يحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مسعود بْن موسى القرطبي "وفيات سنة ثلاث وأربعمائة" "حرف الألف" 47 89- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن فِراس العبقسي المكي 47 90- أحمد بن عبد الله بن الحسين البغدادي 47 91- أحمد بن فتح الله بن عبد الله بن علي المعافري 48 92- أحمد بْن فنّاخسْرو بْن الحَسَن بْن بُوَيْه

48 93- أحمد بْن محمد بْن مسعود بْن الحبّاب القرطبي 48 94- إسماعيل بن الحسن بن هشام 48 95- إسماعيل بن عمر بن سبنك البجلي 49 96- أيلك خان "حرف الباء" 49 97- بهاء الدولة بن عضد الدولة "حرف الحاء" 50 98- الحَسَن بْن حامد بْن عليّ بن مروان الوراق 50 99- الحُسين بْن الحَسَن بْن محمد بْن حليم الحليمي 51 100- الحسين بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن حاتم الروذباري "حرف الخاء" 51 101- خَلَف بْن سَلَمَة بْن خميس القرطبي "حرف السين" 51 102- سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بن مُحَمَّد الكاغدي "حرف العين" 52 103- عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد الأزدي 52 104- عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان الخولاني القرطبي 52 105- عبد الله بن عبد العزيز بن أبي سفيان 52 106- عَبْد الله بْن محمد بْن يوسف بْن نصر الفرضي 54 107- عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن سَعِيد بْن ذنين الصدفي 54 108- عَبْد العزيز بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد الملك بن جهور القرطبي 54 109- عَبْد الملك بْن عليّ بْن محمد بْن حاتم الشيرازي 54 110- علي بن محمد بن خلف المعافري 55 111- عَلَى بْن محمد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ النوشجاني "حرف الفاء" 55 112- فتح بن إبراهيم الأموي القشاري "حرف الميم" 56 113- محمد بْن سَعِيد بْن السَّريّ الأموي القرطبي 56 114- محمد بْن الطّيب بْن محمد بْن جعفر بن القاسم الباقلاني

58 115- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عفان بن سعيد الأسدي 58 116- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن محبور الدهان 58 117- محمد بن قاسم بن محمد الأموي القرطبي 58 118- محمد بن موسى الخوازمي الحنفي "حرف الهاء" 59 119- هبة الله بْن الفضيل بْن محمد الفضيلي 59 هشام بن الحكم 59 120- الهيثم بن أحمد بن محمد بن سلمة القرشي "حرف الياء" 59 121- يوسف بن هارون الرمادي القرطبي "وفيات سنة أربع وأربعمائة" "حرف الألف" 61 122- أحمد بْن عليّ بْن عَمْرو السليماني البيكندي 61 123- أحمد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن بِشْر القطان 62 124- أحمد بن محمد بن نفيس الملطي 62 125- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن إبراهيم الجوزي البروي 62 126- إبراهيم بن عبد الله بن حصن الغافقي "حرف الحاء" 62 127- حاتم بْن محمد بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن محمود المحمودي 63 128- حبيب بْن أحمد بْن محمد بْن نصر الشطجيري 63 129- الحسين بن عثمان بن علي البغدادي المجاهدي 63 130- الحسن بن علي السجستاني 63 131- الحسين بن أحمد بن جعفر البغدادي "حرف الزاي" 63 132- زكريّا بْن خَالِد بْن زكريّا بن سماك الضني 64 133- زيد بن عبد الله بن محمد التنوخي البلوطي "حرف السين" 64 134- سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد البر الثقفي 64 135- سليمان بْن بَيْطير بْن سليمان بْن ربيع القرطبي

64 136- سهل بْن محمد بْن سليمان بْن محمد الصعلوكي "حرف العين" 65 137- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن سعيد البكري 65 138- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عَبْد الغفّار بن محمد الهمذاني 65 139- عبد الملك بن بكران بن العلاء النهرواني 66 140- عَبْدَة بْن محمد بْن أحمد بْن ملّة الهروي 66 141- عبيد الله بن القاسم المراغي 66 142- علي بن جعفر بن محمد بن سعيد الرازي 66 143- علي بن سعيد الإصطخري 66 144- عمر بن روح بن علي بن عباد "حرف الميم" 66 145- مأمون بن الحسن الهروي 66 146- محمد بن أحمد بن أبي طاهر 67 147- محمد بن أسد بن هلال الأشناني 67 148- محمد بْن عَلِيّ بْن أحمد بْن أَبِي فروة الملطي 67 149- محمد بن ميسور القرطبي "حرف الواو" 67 150- وَسيم بْن أحمد بْن محمد بن ناصر بن وسيم الأموي "حرف الْيَاءِ" 68 151- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ واقد القرطبي "وفيات سنة خمس وأربعمائة" "حرف الألف" 68 152- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بن علي بن إسحاق 69 153- أحمد بن علي البتي الكاتب 69 154- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الكرجي 69 155- أحمد بْن محمد بْن موسي بْن القاسم بن الصلت "حرف الباء" 70 156- بكر بن شاذان البغدادي الواعظ

"حرف الحاء" 70 157- الحسين بن أحمد بن محمد بن الليث الكشي 71 158- الحسن بن الحسين بن حمكان الهمداني 71 159- الحسن بن عثمان بن بكران البغدادي 71 160- الحسن بن علي الدقاق "حرف الخاء" 71 161- خلف بْن يحيى بْن غَيْث الفهري "حرف الراء" 71 162- رافع بْن عُصم بْن العبّاس الضبي "حرف الطاء" 72 163- طاهر بْن أحمد بْن هَرْثَمَة الهروي "حرف العين" 72 164- العباس بْن أحمد بْن الفضل الهاشمي 72 165- عبد الله بن أحمد بن جولة الأصبهاني 72 166- عبد الله بن محمد بن عيسى بن وليد الأسلمي 72 167- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن إبراهيم الأسدي 73 168- عَبْد الخالق بْن عليّ بْن عَبْد الخالق المحتسب 73 169- عبد الرحمن بن أحمد بن حكيم المصري 73 170- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ 74 171- عبد الرحمن بن محمد بن الحسين الجرجاني 74 172- عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن نباتة 75 173- عبد الواحد بن الحسين الصيمري 75 174- عبيد الله بن سلمة بن حزم اليحصبي 75 175- عدنان بْن محمد بْن عُبَيْد الله الضَّبّيّ 75 176- عمر بن إبراهيم بن محمد بن الفاضي "حرف الغين" 75 177- غالب بْن سامة بْن لُؤَيّ السامري "حرف الميم" 76 178- محمد بْن أحمد بْن ثُوَابَة البغدادي

76 179- محمد ابن الإمام أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيليّ 76 180- محمد بْن أحمد بْن عثمان بْن الوليد بن الحاكم السلمي 77 181- محمد بن الحسين بن علي الهمذاني الفراء 77 182- محمد بن الحسين الكوفي 77 183- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حمدويه الطهماني بن البيع "حرف النون" 58 184- نُعَيْم بْن أحمد بْن إسماعيل الإستراباذي "حرف الياء" 58 185- يوسف بْن أحمد بْن كَجّ الدينوري "وفيات سنة ست وأربعمائة" "حرف الألف" 86 186- أحمد بْن الحافظ أَبِي حفص عمر بن أحمد بن عثمان 86 187- أحمد بْن أَبِي طاهر محمد بْن أحمد الإسفرائيني 87 188- أحمد بْن بَكْر بْن أحمد بْن بقيّة العبدي 87 189- أحمد بن علي بن إسماعيل بن عبد الله بن ميكال 88 190- إبراهيم بْن جعفر بْن الحَسَن بْن أحمد الأسدي "حرف الباء" 88 191- باديس بْن المنصور بْن بُلّكين بْن زِيري "حرف الحاء" 89 192- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد الدقاق 89 193- الحَسَن بْن محمد بْن حبيب بْن أيّوب النيسابوري 90 194- حمزة بْن عَبْد العزيز بْن محمد بْن أحمد المهلبي "حرف العين" 90 195- عُبيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جعفر السقطي 91 196- عُبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن علي بن مهران 92 197- عُتْبة بْن خَيْثَمَة بْن محمد بْن حاتم بن خيثمة التميمي 92 198- عثمان بْن أحمد بْن إِسْحَاق بْن بُنْدار الأصبهاني 92 199- العلاء بْن الحسين بْن العلاء بْن أحمد الزهيري

"حرف الميم" 92 200- محمد بْن أحمد بْن خليل بن فرج القرطبي 93 201- محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الإسفرائيني 93 202- محمد بن بزال 93 203- محمد بن الحسن بن فورك 94 204- محمد بْن الطّاهر ذي المناقب الحسين بْن موسى 96 205- محمد بن عبد الله بن محمد الشيرازي 96 206- محمد بن عثمان بن حسن النصيبي 96 207- محمد بن يحيى بن السري الحذاء 96 208- محمد بن موهب بن محمد الأزدي القبري "الكنى" 96 209- أبو زُرْعة بْن حُسين بْن أحمد القزويني "وفيات سنة سبع وأربعمائة" "حرف الألف" 97 210- أحمد بن إبراهيم البغدادي الخازن 97 211- أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن موسى 98 212- أحمد بن محمد بن خاقان العكبري 98 213- أحمد بن محمد بن عبس الزاغاني 98 214- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن دوست "حرف الحاء" 98 215- الحسن بن حامد بن الحسن الدبيلي 99 216- الحسن بن حامد شيخ الحنابلة 99 217- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن المؤمَّل بْن الحَسَن بْن عيسى "حرف السين" 99 218- سليمان بْن الحَكَم بْن سليمان ابن الناصر لدين اللَّه "حرف العين" 100 219- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إبراهيم الفارسي 101 220- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن أَبِي المُطَرف الأندلسي 101 221- عبد الرحمن بن عمر بن إبراهيم الهمذاني

101 222- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حامد الديناري 101 223- عبد السلام بن الحسن بن عون الحريري 101 224- عَبْد العزيز بْن عثمان بْن محمد القَرْقِسانيّ 101 225- عَبْد القاهر بْن محمد بْن محمد بْن عترة الموصلي 102 226- عَبْد الملك بْن أَبِي عثمان محمد بْن إبراهيم 103 227- عَبْد الوهّاب بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن علي بْن منير 103 228- عطية بن سعيد بن عبد الله الأندلسي 104 229- علي بن الحسن بن القاسم 104 230- علي بن محمد الخراساني "حرف الميم" 105 231- محمود بْن أحمد بْن شاكر المصري 105 232- محمد بن أحمد الدمشقي الجبني 105 233- محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل الضبي 105 234- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بن شاذي 105 235- محمد بن أحمد بن خَلَف بن خاقان العكبري 106 236- محمد بن الحسن بن عنبسة المذكر 106 237- محمد بن سليمان بن الخضر النسفي 106 238- محمد بن علي بن خلف الوزير "وفيات سنة ثمان وأربعمائة" "حرف الألف" 107 239- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد بن الحصين 108 240- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن أَحْمَد بْن حامد التيمي 108 241- إسماعيل بن علي الحاكم 108 242- إسماعيل بْن حَسَن بْن عليّ بْن عَتّاس "حرف الباء" 108 243- الحسن بن محمد بن يحيى السامري 108 244- الحسين بن الحسن الجواليقي "حرف الخاء" 109 245- خلف بن هانيء العدوي العمري

"حرف السين" 109 246- سعد بْن محمد بْن يوسف الشيباني 109 247- سليمان بْن خَلَف بْن سُلَيْمان بْن عَمْرو القرطبي "حرف الصاد" 110 248- صالح بْن محمد البغداديّ المؤدّب "حرف العين" 110 249- عَبْد الله بْن عُبَيد الله بن يحيى البغدادي 110 250- عبد الله بْن عَبْد المُلْك بْن محمد البغدادي النحاس 110 251- عبد الله بن محمد بن عفان 110 252- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الفلو 110 253- عَبْد العزيز بْن محمد بْن نصر بْن الفضل الستوري 111 254- علي بن إبراهيم بن إسماعيل المصري 111 255- عليّ بْن حمّود بْن ميمون بْن أحمد الإدريسي "حرف الميم" 111 256- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الله بن هلال السهمي 112 257- محمد بن إبراهيم بن جعفر اليزدي 113 258- محمد بْن جعفر بْن عَبْد الكريم بْن بديل الخزاعي 113 259- محمد بْن الحسين بْن محمد بْن الهيثم البسطامي 114 260- محمد بن الحسين بن عُبَيْد الله بن الحسين النصيبي 114 261- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحيم بن سهل 114 262- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عرفة "حرف الياء" 114 263- يحيى بْن سَعِيد بْن محمد بن العباس الهروي القطان 114 264- يوسف بن عمر بن أيوب الأندلسي "وفيات سنة تسع وأربعمائة" "حرف الألف" 115 265- أحمد بْن الحَسَن بْن بُنْدار بن إبراهيم الرازي 115 266- أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد الواعظ 115 267- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن هارون بن الصلت

116 268- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إبراهيم السلمي النيسابوري 116 269- إبراهيم بن محمد بن علي ابن الشاه 116 270- إبراهيم بْن مَخْلَد بْن جعفر بْن مَخْلَد الباقرحي "حرف الباء" 116 271- بشير بْن النُّعْمان بْن عليّ الأنصاري "حرف الحاء" 116 272- الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد القهندزي "حرف الخاء" 117 273- خَلَف بْن محمد بْن القاسم بن محرز العنسي "حرف الراء" 117 274- رجاء بْن عيسى بْن محمد الأنصنائي "حرف العين" 117 275- عَبْد الله بْن يوسف بْن أحمد بن مامويه 118 276- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن قاسم بْن سهل التجيبي 118 277- عبد الغنيّ بْن سَعِيد بْن عليّ بْن سعيد الأزدي 119 278- عَبْد الواحد بْن محمد بْن عَمْرو بْن حميد بن معيوف 119 279- عُبَيْد بْن محمد بْن محمد بْن مهديّ بن سعيد النيسابوري 119 280- عبيد الله بن الحسن بن أحمد الأصبهاني 120 281- علي بن أحمد التركاني البخاري 120 282- عليّ بْن محمد بْن عَبْد الرّحيم بْن دينار الكاتب 120 283- علي بن محمد بن خزفة الواسطي 120 284- علي بن محمد بن عيسى البغدادي 121 285- عمر بن محمد بن عمر الجهني الأندلسي "حرف الفاء" 121 286- فاطمة بنت هلال الكرجي "حرف القاف" 121 287- القاسم بْن أَبِي المنذر أحمد بن محمد بن أحمد القزويني "حرف الميم" 121 288- محمد بن ذكوان

121 289- مُحَمَّد بْن عَبْد الله الجوهري 121 290- محمد بْن عَبْد الله بْن حسّان بْن يحيى الأموي 122 291- محمد بن عبد العزيز بن أنس البغدادي 122 292- محمد بن عثمان بن عبيد القطان 122 293- محمد بن علي بن عمران المصري 122 294- محمد بن علي بن محمد الشيرازي 122 295- محمد بن عمر بن عبد الوارث القيسي 122 296- محمد بْن فارس بْن محمد بْن محمود الغوري 123 297- محمد بن القاسم بن حسنويه "وفيات سنة عشر وأربعمائة" "حرف الألف" 123 298- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي سفيان الغافقي 123 299- أحمد بن إسحاق بن خربان 123 300- أحمد بن علي بن يزداد البغدادي 123 301- أَحْمَد بْن عُمَر بْن عَبْد الله بْن منظور الحضرمي 124 302- أحمد بْن قاسم بْن عيسى بْن فَرَج اللخمي 124 303- أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني 124 304- أحمد بْن مهديّ بْن محمد بْن نصر الحنفي 125 305- إبراهيم بن مخلد الباقرحي 125 306- إسماعيل بْن محمد بْن إسماعيل بْن عَبّاد "حرف التاء" 125 307- تركان بْن الفَرَج البغداديّ الباقِلانيّ "حرف الجيم" 125 308- الْجُنَيْد بْن محمد بْن الْجُنَيْد الهروي "حرف الحاء" 125 309- الحسين بْن محمد بْن يحيى الصائغ 125 310- الحسين بن ميمون الصفار "حرف الخاء" 125 311- خَلَف بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زبارة

"حرف السين" 126 312- سعيد بن رشيق القرطبي 126 313- سهل بن أحمد بن علي "حرف العين" 126 314- عبد الله بن سعيد بن محمد المالينيّ 126 315- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر بن محمد الشيباني 127 316- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن بالويه 127 317- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن أَبِي يزيد بن خالد الأزدي 127 318- عبد الصمد بن منصور بن بابك الشاعر 128 319- عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد التميمي 128 320- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مهدي 129 321- عبد الواحد بن محمد بن عثمان البجلي 129 322- علي بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري 129 323- علي بن عبيد الله العنابي 129 324- علي بن محمد بن علي التميمي 129 325- علي بن محمد بن القاسم الفارسي "حرف القاف" 130 326- القاسم بْن أَبِي المنذر الخطيب "حرف الميم" 130 327- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الجحدري 130 328- محمد بن أسد بن علي الكاتب 130 329- محمد بْن عَبْد الله بْن أبان بْن قريش 131 330- محمد بن عبد الله بن إبراهيم المعدل 131 331- محمد بن عبد الله بن هانيء بن هابيل 131 332- محمد بن عبد الله بن مفوز المعافري 131 333- محمد بْن عثمان بْن محمد الصُّوفيّ الْجُرْجانيّ 131 334- محمد بن عمر بن عيسى البلدي 131 335- محمد بْن محمد بْن أحمد بْن سهل الهروي 131 336- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحسين الأزدي

132 337- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن حبيش 132 338- محمد بْن محمد بْن مَحْمِش بن عليّ بن داود الفقيه 133 339- محمد بْن محمد بْن بالُوَيْه بْن إِسْحَاق النيسابوري 133 340- محمد بن المظفر البغدادي 133 341- محمد بن معافي بن صميل الجياني 133 342- محمد بن منصور بن الحسن الجولكي 133 343- محمد بن يونس العين زربي "حرف الهاء" 134 344- هادي المستجيبين 134 345- هبة الله بن سلامة البغدادي "المتوفون بعد الأربعمائة ظنًا" "حرف الألف" 134 346- أحمد بن الحسن بن المرزبان الطبري 134 347- أحمد بن عبيد الله بن الفضل بن سهل 135 348- أحمد بن محمد بن سراج السنجي 135 349- أحمد بْن عُمَر بْن أحمد بْن عليّ الكاتب 135 350- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الجوري 135 351- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى النيسابوري 135 352- أحمد بن محمد بن عبدوس النسوي 136 353- أحمد بن محمد بن يوسف النيسابوري 136 354- أحمد بن محمد بن حمدان الأصبهاني 136 355- أحمد بْن محمد بْن العبّاس بْن حَسْنَويْه 136 356- أحمد بْن محمد بْن إبراهيم بن عيسى الإسفرائيني 136 357- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن إِبْرَاهِيم بن معاوية 136 358- أسد بن إبراهيم بن كليب الحراني 137 359- إسماعيل بن سيدة المرسي "حرف الجيم" 137 360- جامع بْن أحمد بْن محمد بن مهدي الوكيل

"حرف الحاء" 137 361- حديد بن جعفر "حرف الخاء" 137 362- خلف بن عباس الزهراوي 137 363- خلف المقرئ 138 364- خلف بن محمد بن علي بن محمد القاضي البستي 138 365- الخليل بن أحمد بن محمد القاضي 138 366- خَلَف بْن عيسى بْن سعد الخير بْن أبي درهم 138 367- حوي بن علي بن صدقة السكسكي "حرف السين" 139 368- سعد بْن عَبْد الله بْن الحسين بن علويه 139 369- سعد بن محمد بن غسان الشيباني "حرف العين" 139 370- عَبْد الله بْن أَبِي عَبْد الله الحسين العلوي 139 371- الحسين بن محمد 139 372- عَبْد الله بْن القاسم بْن سهل بْن جوهر الموصلي 140 373- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن سعيد الدمشقي 140 374- عبد الله بن أحمد بن الحسن المهرجاني 140 375- عَبْد العزيز بْن عَبْد الله بْن عبد الرحمن الأصبهاني 140 376- عَبْد الصّمد بْن زهير بْن هارون بْن أبي جرادة 140 377- عمر بن الحسن بن درستويه 140 378- عُمَر بْن محمد بْن محمد بْن دَاوُد السجستاني 140 379- علي بن موسى بن إبراهيم بن حزب الله الأندلسي 141 380- علي بن عبد الرحيم بن غيلان السوسي "حرف الكاف" 141 381- كامل بْن أحمد بْن محمد العزائمي 142 382- كامل بْن أحمد بْن محمد بْن سليمان البخاري "حرف الميم" 142 383- محمد بْن عَبْد الصَّمد بْن لاوي الأطرابلسي

142 384- محمد بن عيسى البستي 142 385- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن منصور النوقاني 142 386- محمد بن زكريا الإفليلي 142 387- محمد بن أحمد بن حيوة 142 388- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن يحيى بْن موسى الخبيري 143 389- محمد بن علي بن محمد النيسابوري 143 390- محمد بْن محمد بْن محمد بْن بَكْر الهزاني البصري 143 391- محمد بن يعقوب بن حمويه الوزير 143 392- محمد بْن إسماعيل بْن أحمد بْن العنبْر العنبري 143 393- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن محمد بْن المغيرة العكلي 143 394- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن حَمْدَوَيْه الطوسي 143 395- محمد بن الهيصم الكرامي 144 396- محمد بن يحيى بن سراقة العامري "حرف الياء" 144 397- يوسف بن خليل بن سيان الغساني 144 398- يحيى بن نجاح

"الطبقة الثانية والأربعون" "أحداث سنة إحدى عشرة وأربعمائة" 145 فقد الحاكم بأمر الله 147 تدبير أخت الحاكم لقتل ابن دواس 148 وزارة ابن سهلان والقبض عليه 148 الغلاء في العراق 148 هلاك ولي عهد الحاكم بأمر الله 148 رواية ابن القلانسي عَنْ هلاك وليّ العهد 149 ولاية أبي المطاع ابن حمدون دمشق 149 ولاية سختكين دمشق "أحداث سنة اثنتي عشرة وأربعمائة" 149 اعتراض العرب البدو لقافلة الحجاج 150 وزارة الرخجي 150 القبض عَلَى أَبِي القاسم ابن المغربي الوزير 150 وثوب الإدريسي على عمه بالأندلس "أحداث سنة ثلاث عشرة وأربعمائة" 150 ضرب الحجر الأسود وكسره 150 قتل ضارب الحجر الأسود 151 تشقق الحجر الأسود 151 استيلاء المأمون على قرطبة "أحداث سنة أربع عشرة وأربعمائة" 151 مسير السلطان مشرف الدولة إلى بغداد 152 توغل يمين الدولة في بلاد الهند 153 وزارة أبي القاسم المغربي 153 حج الأقساسي بالعراقيين "أحداث سنة خمس عشرة وأربعمائة" 153 إحراق خلع صاحب مصر 153 وزارة الجرجرائي 153 موت ست الملك

153 وفاة سلطان الدولة 154 هلاك الحجاج العراقيين بعقبة واقصة "أحداث سنة ست عشرة وأربعمائة" 154 انتشار العيارين ببغداد 154 وفاة السلطان مشرف الدولة 154 سلطنة جلال الدولة أبي طاهر 154 وزارة ابن ماكولا 154 ميل الجند إلى سلطنة أبي كاليجار 155 رسالة ابن سبكتكين إلى القادر بالله 155 تفاقم أمر العيارين في بغداد 155 امتناع الحج من العراق 155 كثرة الفتن في الأندلس "أحداث سنة سبع عشرة وأربعمائة" 156 انتهاب الكرخ وإحراقها 156 شهادة الصيمري عند ابن أبي الشوارب 156 تجمد دجلة 156 انقضاض كوكب 156 اعتقال الوزير ابن ماكولا 157 امتناع حاج العراق 157 وفاة ابن أبي الشوارب "أحداث سنة ثمان عشرة وأربعمائة" 157 وقوع البرد في البلاد 157 إعادة الخطبة لجلال الدولة 157 كتاب سُبُكْتكين إلى الخليفة عَنْ الصّنم بالهند 158 الأمر بضرب الطبل في أوقات الصلوات 158 البرد والجليد في العراق 158 امتناع الحاج من بغداد "أحداث سنة سبع عشرة وأربعمائة" 159 احتجاج الغلمان والإسفهسلارية على جلال الدولة

159 موت مالك إقليم كرمان 160 انعدام الرطب ببغداد 160 امتناع الحاج من العراق 160 ولاية الدزبري دمشق "أحداث سنة عشرين وأربعمائة" 160 وقوع البرد بالنعمانية 160 كتاب ابن سبكتكين إلى القادر بالله 161 انقضاض كوكب 161 اضطراب الأمر ببغداد 161 غور الماء في الفرات 161 قراءة كتاب القادر بالله بتفضيل السنة 162 قراءة كتاب ثان 162 قراءة كتاب ثالث 162 خطبة الشيعي بجامع براثا 162 كتاب الخليفة إلى السلطان عَنْ خطبة الشيعي 163 امتناع الخطبة في جامع براثا 163 ازدياد تعديات العيارين 163 تقليد ابن ماكولا قضاء القضاة 163 اعتذار الشيعة عن سفهائهم 163 مقتل جماعة من العيارين 164 مقتل صالح بن مرداس صاحب حلب

"الطبقة الثانية والأربعون" "وفيات سنة إحدى عشرة وأربعمائة" "حرف الألف" 164 1- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الشيرازي 164 2- أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن جعفر اليزدي 164 3- أحمد بن علي بن أيوب قاضي عكبرا 165 4- أحمد بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز بْن محمد الهاشمي 165 5- أحمد بن محمد بن إبراهيم المطرفي 165 6- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن حَسْنُونَ 165 7- أحمد بن موسى بن عبد الله الزاهد العراقي 165 8- إبراهيم بْن محمد بْن إبراهيم بْن يوسف الطوسي 165 9- إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن نصْرُوَيْه بْن سختام "حرف الجيم" 166 10- جعفر بْن أَبِي المذكر المصريّ "حرف الحاء" 166 الحاكم 166 11- الحَسَن بْن الحَسَن بْن عليّ بْن المنذر البغدادي 166 12- الحَسَن بْن عمران بْن عَبْدُوس بْن يوسف الفسوي 166 13- الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري "حرف العين" 167 14- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بن مسافر 167 15- عَبْد الرحيم بْن إلياس بْن أحمد بْن المهدي العبيدي 168 16- عبد الغني بن عبد العزيز بن الفأفاء المصري 168 17- عَبْد القاهر بْن عبد العزيز بْن إبراهيم الأزدي 168 18- عليّ بْن أحمد بْن محمد بْن الحُسين بْن عبد الله الخزاعي 169 19- عُمَر بْن المحدث أَبِي عُمَر محمد بْن أحمد بن سليمان النوقاني "حرف الفاء" 169 20- الفضل بْن محمد بْن الحَسَن بن إبراهيم

"حرف الميم" 169 21- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله بن عبدويه القفال 169 22- محمد بْن سهل بْن محمد بْن الحَسَن الأصبهاني 170 23- محمد بن عبد الرحمن بن حنش الجوزقي 170 24- محمد بن يونس بن هاشم العين زربي 170 25- منصور الحاكم بأمر الله 171 إنكار ابن باديس عَلَى الحاكم بأمر الله "وفيات سنة اثنتي عشرة وأربعمائة" "حرف الألف" 172 26- أحمد بْن الحسين بْن جَعْفَر المصري النحالي 173 27- أحمد بن عبد الخالق بن سويد الأنصاري 173 28- أحمد بْن عُمَر بْن القاسم بْن بشْر البغدادي 173 29- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن حفص الهروي 174 30- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي مسلم البغدادي 174 31- أحمد بْن محمد بْن بَطّال بْن وهْب التميمي 174 32- أحمد بن محمد بن مالك الهروي 174 33- أحمد بن إسحاق الهروي الملحي 174 34- أحمد بن محمد بن جعفر المذكر 174 35- إبراهيم بن سعد الواسطي الرفاعي "حرف الحاء" 175 36- الحَسَن بْن الحُسين بْن رامين الأستراباذي 175 37- الحسن بن منصور الوزير ذو السعادتين 175 38- الحسين بن عمر بن برهان الغزال "حرف السين" 176 39- سهل بن محمد السجزي "حرف الصاد" 176 40- صاعد بْن أحمد بْن محمد بن علي التميمي 176 41- صاعد بْن محمد بْن محمد بْن فَيّاض الهروي

"حرف العين" 176 42- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن محمد الكلاعي 176 43- عبد الله بن سعيد الأزدي المصري 176 44- عبد الله بن عبد الله بن زاذان القزويني 176 45- عَبْد الله بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز الكرجي 177 46- عبد الجبار بن محمد بن عبد الله الجراحي 177 47- عبد الرحيم بن إلياس العبيدي الأمير 177 48- عبد الصّمد بْن الحَسَن بْن سلام البزّاز 177 49- عبيد الله بن أحمد الحربي القزاز 178 50- عَليّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن عبدوس "حرف الميم" 178 51- محمد بْن إبراهيم بْن حَوْلان الحداد 178 52- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بن كامل البخاري 178 53- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق البغدادي 179 54- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن فارس بن سهل 179 55- محمد بن جعفر التميمي القيرواني 180 56- محمد بن الحسن بن محمد البغدادي الوراق 180 57- محمد بن الحسين بن موسى الأزدي 182 58- محمد بن عبد الله بن أحمد الدمشقي العابد 183 59- محمد بن عبد الواحد صريع الدلاء الشاعر 184 60- محمد بْن عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف بن حجاج 184 61- محمد بن عمر المصري 184 62- مُنير بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن علي بْن منير المصري "حرف النون" 185 63- نصر بْن عليّ البغداديّ الطّحّان 185 64- نصر بن ناصر الدولة سبكتكين "أحداث سنة ثلاث عشرة وأربعمائة" "حرف الألف" 185 65- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن هرثمة بن ذكوان بن عبيدوس

186 66- أحمد بْن أَبِي الهيثم عَبْد الرَّحْمَن بْن علي القاضي الرقي 186 67- أحمد بن علي البهرام زياري 186 68- أحمد بْن عليّ بْن أحمد بْن كثير "أعلام غير مرتبة" 186 69- محمد بن عبد الله بن إبراهيم البهرامي 186 70- محمد بْن عليّ بْن أحمد بْن شاكر المالِينيّ 186 71- أبو دلف طاهر بن محمد القيسي 186 72- أبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن حسين التّاجر 186 73- محمد بن مظفر الوراق 186 74- عكي بن محمد العقبي "تابع حرف الألِف" 186 75- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسكان النيسابوري 186 76- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الحويص البوشنجي 187 77- إبراهيم بْن عليّ بْن تميم القَيْروانيّ الحُصْريّ 187 78- إسماعيل بْن أحمد بْن محمد بْن بكران السلمي 187 79- إسماعيل بن علي بن الخزاز 187 80- أمية بن عبد الله الهمداني الميورقي "حرف الباء" 187 81- بشر بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد القهندزي "حرف الجيم" 187 82- جعْفَر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين النقيب "حرف الحاء" 188 83- حسان بن الحسن اللحياني 188 84- الحسين بن الحسن المعدني اللواز 188 85- الحسين بن بقاء بن محمد المصري 188 86- حمد بن عمر بن أحمد بن إبراهيم الزجاج "حرف الراء" 188 87- رفاعة بن الفرج القرشي

"حرف السين" 189 88- سَعِيد بْن سَلَمَة بْن عَبَّاس بن السمح 189 89- سلطان الدولة أبو شجاع "حرف الصاد" 189 90- صَدَقَة بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الملك القرشي "حرف الطاء" 189 91- طاهر بن أحمد الأصبهاني "حرف العين" 190 92- العباس أبو الفتح مولى الخادم 190 93- عَبْد الله بْن أحمد بْن إسماعيل الفقيه 190 94- عبد الله بن محمد بن المرزبان بن منجويه الأصبهاني 190 95- عبد الرحمن بن أحمد بن إبراهيم القزويني 190 96- عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ محمد الحضرمي 191 97- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حبيب القاضي 191 98- عَبْد الرحمن بْن مروان بْن عَبْد الرَّحْمَن القنازعي 192 99- عَبْد الصّمد بْن محمد بْن نُجَيْد البَغَويّ 192 100- عَبْد العزيز بْن جعفر بْن إِسْحَاق بْن محمد بن خواستي 192 101- عَبْد المُلْك بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن العبسي 193 102- عُبَيْد الله بْن محمد بْن محمد بْن علي الصرام 193 103- علي بن الحسن الإبريسيمي 193 104- علي بن عيسى بن سليمان أصفروخ 193 105- علي بن هلال بن البواب "حرف الميم" 196 106- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الجارودي الهروي 197 107- محمد بن أحمد بن يوسف البغدادي الصياد 197 108- محمد بن أحمد بن زكريا النيسابوري 197 109- محمد بن إبراهيم بن ماهان الفقيه 197 110- محمد بْن طلحة بْن محمد بْن عثمان النعالي 198 111- محمد بْن محمد بْن النَّعْمان البغداديّ ابن المعلم

199 112- محمد بن الفضل المفسر 199 113- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الباشاني الهروي 199 114- محمد بن منصور بن علي البغدادي الشاعر 199 115- محمود بْن عُمَر بْن جعفر بْن إِسْحَاق العكبري "حرف الواو" 199 116- ولاد بن علي التميمي "وفيات سنة أربع عشرة وأربعمائة" "حرف الألف" 199 117- أَحْمَد بْن الحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الصائغ 200 118- أحمد بن الحسن الدمشقي الوراق 200 119- أحمد بن زيدان المقرئ 200 120- أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد بْن إسحاق المولقاباذي 200 121- أحمد بن محمد بن سليمان البشري الهروي 201 122- إسماعيل بْن أَبِي إِسْحَاق إبراهيم بْن محمد السرخسي "حرف الباء" 202 123- بديع فتى القاضي الميانجي "حرف التاء" 202 124- تمّام بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ البجلي الرازي "حرف الحاء" 202 125- الحَسَن بْن الفضل بْن سَهْلان الوزير 203 126- الحسين بْن الحَسَن بْن محمد بْن حَلْبَس المخزومي 203 الغضائري 203 127- الحُسَين بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الأطرابلسي 203 128- الحسين بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه الرّهاويّ 204 129- الحُسَين بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه الثقفي الدينوري 204 130- الحسين بن محمد بن الحسن الصوري النحوي "حرف السين" 205 131- سختكين شهاب الدولة 205 132- سَعِيد بْن محمد بْن أحمد بْن حسين بْن مدرك الباشاني

205 133- سهل بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن دينار الديناري "حرف الطاء" 205 134- طاهر بْن محمد بْن عليّ بن هاموش الهمذاني "حرف العين" 205 135- العباس بن عمر بن مأمون الكلوذاني 206 136- عَبْد الله بْن أحمد بْن عَمْرو بْن أحمد بن معاذ العنسي 206 137- عبد الله بن الحسن بن الخصيب الأصبهاني 206 138- عبد الجبار بن أحمد الهمذاني القاضي 206 139- عبد الرحمن بن محمد بن سليمان السلمي 206 140- عَبْد الرَّحْمَن بْن هشام بْن عَبْد الجبّار الأموي 207 141- عَقيل بْن عُبَيْد اللَّه بْن أحمد بْن عَبْدان الأزدي 207 142- علي بن أحمد بن صبيح القاضي 207 143- علي بن بشرى بن عبد الله الدمشقي العطار 208 144- عَلَى بْن عَبْد الله بْن الحَسَن بْن جهضم البوراني 209 145- علي بن القاسم بن الحسن البصري النجاد 209 146- عليّ بْن محمد بْن أحمد بْن مِيلَة خرة 210 147- عليّ بْن محمد بْن عليّ بْن حسين بن شاذان 210 148- عليّ بْن محمد بْن عليّ بْن يعقوب الإيادي 211 149- عُمَر بْن محمد بْن إبراهيم بْن عَبَّاس الدوغي "حرف القاف" 211 150- القاسم بْن جعفر بْن عبد الواحد بن العباس "حرف اللام" 212 151- لَيْلَى بنت أحمد بْن مُسْلِم الولادي "حرف الميم" 212 152- محمد بْن أحمد بْن سميكة 212 153- محمد بن خزيمة بن الحسين المصري 212 154- محمد بن الحسين بن عمر الحمصي 212 155- محمد بْن طاهر بْن يونس بْن جعفر 212 156- محمد بْن عَلِيّ بْن عمرو بْن مهْديّ النقاش

213 157- محمد بن علي بن الحسين الباشاني 213 158- محمد بن علي بن ممويه 213 159- محمد بْن عليّ بْن العبّاس بْن جمعة 213 160- محمد بن علي ربيع بن عبد الله بن ربيع 214 161- محمد بن عمر بن هارون الكوكبي 214 162- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الجرجاني "حرف الهاء" 214 163- هلال بْن محمد بْن جعفر بن سعدان الكسكري 214 164- الهيصم بن محمد بن إبراهيم البوشنجي "حرف الياء" 214 165- يحيى بْن إبراهيم بْن محمد بن يحيى 215 166- يحيى بن إبراهيم بن محارب السرقسطي "أحداث سنة خمس عشرة وأربعمائة" "حرف الألف" 215 167- أحمد بْن أحمد بْن يوسف الدوغي 216 168- أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن شبيب الشبيبي 216 169- أحمد بْن عليّ بْن أحمد بْن مُعَاذ الملقاباذي 216 170- أحمد بن علي بن أحمد القرشي الرماني 216 171- أحمد بن عمر بن عثمان 216 172- أحمد بن الفضل النعيمي 217 173- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن القاسم المحاملي 217 174- أحمد بْن محمد بْن الحاجّ بْن يحيى الإشبيلي 218 175- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إسْمَاعِيل الحربي 218 176- أحمد بن محمد بن أبي أسامة الحلبي 218 177- أحمد بن محمد بن موسى البغدادي الخياط 218 178- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر بْن الْحَسَن بن المسلمة 219 179- أحمد بن محمد بن الصابوني 219 180- أحمد بن يحيى بن سهل المنبجي 220 181- إبراهيم بن أحمد السمان

220 182- أسد بن القاسم الحلبي "حرف الحاء" 220 183- الحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن مسلم الصقلي 220 184- الحسين بْن سَعِيد بْن مهنّد بْن مَسْلمة 220 185- الحسين بن عبد الواحد الحذاء المقرئ 220 186- الحسين بن علي بن الإسكاف "حرف الزاي" 221 187- زكريّا بْن يحيى بْن أفلح التميمي 221 188- زيادة بن علي التميمي النحوي "حرف العين" 221 189- عَبْد الله بْن ربيع بْن عبد الله بن محمد التميمي 221 190- عبد الله بن محمد بن عقيل البارودي 222 191- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سعيد بن مسعود 222 192- عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن عَبْد الجبّار الهمداني 222 193- عبد الرحمن بن الحسين بن الحسين الهمداني 222 194- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي الميمون البجلي 223 195- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن جعفر بْن المؤمن التميمي 223 196- عبد الرحمن بن عمر بن ممجة التميمي 223 197- عَبْد الواحد بْن عُبَيْد الله بْن الفضل بن شهريار 223 198- عَبْد الوهّاب بْن عبد المُلْك بْن محمد الهاشمي 223 199- عبد الوهاب بن محمد بن أيوب الأردبيلي 223 200- عبيد الله بن عبد الله بن الحسين الخفاف 224 201- عبيد الله بن عمر بن علي المقريء 224 202- عليّ بْن الشَّيْخ أَبِي الْحُسَيْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه السوسنجردي 225 203- علي بن إبراهيم بن يحيى الدقاق 225 204- عليّ بْن أحمد بْن عَبْدان بْن الفَرَج الشيرازي 225 205- علي بن عبد الله الدقيقي النحوي 225 206- عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد الهاشمي 226 207- عليّ بْن عُبَيْد الله بْن عَبْد الغفّار السمسماني

226 208- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بشران الأموي 226 209- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مزاحم الداراني 226 210- علي بن محمد بن عبد الله الحذاء 227 211- عليّ بْن محمد بْن طَوْق بْن عَبْد الله الطبراني 227 212- عمر بن أحمد بن عمر الصفار 227 213- عمر بن عبد الله بن تعويذ الدلال 227 214- عمرو بن حديد "حرف الفاء" 227 215- الفضل بْن محمد بْن سمُّوَيْه "حرف القاف" 227 216- الْقَاسِم بْن أَحْمَد بْن محمد الوليدي الجرجاني "حرف الميم" 227 217- مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل البزري 228 218- محمد بن أحمد بن عمر الصابوني 228 219- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن شاذان الصيدلاني 228 220- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الفرج الدقاق 228 221- محمد بن إبراهيم الأردستاني 228 222- محمد بن أحمد التميمي 229 223- محمد بن أحمد بن إسماعيل الفراء 229 224- محمد بْن إدريس بْن محمد بْن إدريس الشافعي 229 225- محمد بْن الحسين بْن محمد بْن الفضل الأزرق 229 226- محمد بن الحسين بن جرير الدشتي 230 227- محمد بن حمزة بن محمد بن المغلس التميمي 230 228- محمد بن سفيان القيرواني 230 229- محمد بن صالح بن جعفر البغدادي 230 230- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد بْن الناصر 231 231- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن جعفر الأصبهاني 231 232- محمد بْن عُبَيْد الله بْن طاهر الحسينيّ 231 233- محمد بن الفضل بن جعفر القرشي

231 234- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن رجاء النيسابوري 231 235- محمد بن محمد بن أحمد النيسابوري "حرف الياء" 231 236- يوسف بن عبد الله الزجاجي "وفيات سنة ستة عشرة وأربعمائة" "حرف الألف" 232 237- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بن جانجان الصرام 232 238- أحمد بْن إبراهيم بْن أحمد بْن يزداد 232 239- أحمد بن ظريف القرطبي 232 240- أحمد بن عمر بن سعيد الجهازي 232 241- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إسْمَاعِيل بن أبي درة 233 242- أحمد بن محمد بن إبراهيم البخاري 233 243- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن حمدون الأشناني 233 244- إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي "حرف الحاء" 233 245- حسّان بْن مالك بْن أَبِي عبدة القرطبي 233 246- الحسن بن عبد الرحمن الصائغ 233 247- الحسين بن أحمد بن موسى الدمشقي 233 248- الحسين بْن عَليّ بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن مسلمة الكعبي "حرف الخاء" 234 249- الخصيب بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بن الخصيب "حرف السين" 234 250- سابور بن أردشير "حرف الصاد" 235 251- صالح بْن إبراهيم بْن رِشْدين المصري 235 252- صالح الحسيني المصري "حرف العين" 235 253- عبد الله بن بكر بن المثنى السهمي 235 254- عَبْد الله بْن الحسين بْن محمد بْن جشان

235 255- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْر بْن محمد بْن سعيد التجيبي 236 256- عَبْد الرّحيم بْن عَبْد الله بْن محمد بن عيدش 236 257- علي بن أحمد بن نوبخت 236 258- علي بن الحسن بن خليل القاضي المصري 236 259- علي بن محمد بن فهد التهامي الشاعر "حرف الغين" 237 260- غَيْلان بْن محمد بن إبراهيم بن غيلان الهمذاني "حرف الفاء" 238 261- الفضل بْن عُبَيْد الله بْن أحمد بن الفضل التاجر "حرف القاف" 238 262- قراتكين التركي "حرف الميم" 238 263- محمد بْن أحمد بْن الطَّيّب الواسطي 238 264- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن المحبّ النيسابوري 238 265- محمد بن جبريل بن ماح الهروي 239 266- محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله الطائي 239 267- محمد بْن الفضل بْن محمد بْن جعفر البلخي 239 268- محمد بْن أَبِي نصر محمد بْن الحَسَن بن سليمان المعداني 239 269- محمد بن محمد بن يوسف الزاهد المعدل 240 270- مُحَمَّد بْن يحيى بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد التميمي 240 271- محسن بن جعفر بن أبي الكرام المصري 240 272- مسعود بن محمد بن علي الجرجاني 241 273- مشرف الدولة بن بويه "حرف الياء" 241 274- يحيى بْن عليّ بْن محمد الحضرمي 242 275- يحيى بن محمد بن إدريس الهروي "أحداث سنة سبع عشرة وأربعمائة" "حرف الألف" 242 276- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بن كثير البغدادي البيع

243 277- أحمد بن علي الدمشقي الكتاني 243 278- أحمد بن عمر بن الإسكاف البغدادي 243 279- أحمد بن محمد بن سلامة الستيتي 243 280- أحمد بن محمد بن علي الكتاني 244 281- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن العباس بن أبي الشوارب 244 282- إبراهيم بْن الوزير أَبِي الفضل جعفر بْن حنزابة "حرف الحاء" 244 الحسين البتاني 244 283- الحسين بن ذكر بن هارون البجلي العكاوي 245 284- الحسين بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عبدان 245 285- الحسين بن علي بن ثابت خطيب السلحين "حرف الراء" 245 286- رَوْح بْن أحمد بْن عُمَر الأصبهاني "حرف السِّين" 245 287- سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن كنجة 245 288- سلامة بن عمر بن عيسى النصيبي 245 289- سهل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن هشام المروزي "حرف الصاد" 246 290- صاعد بن الحسن بن عيسى الربعي "حرف العين" 246 291- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه المروزي 247 292- عبد الله بن أحمد بن عثمان العكبري 248 293- عبد الله بن أحمد بن عثمان القشاري 248 294- عبد لله بن أحمد بن محمد بن أحمد الهمداني 248 295- عَبْد الله بْن يحيى بْن عبد الجبّار البغدادي 248 296- عبد الرحمن بن أحمد بن محمد النيسابوري الجوري 248 297- عَبْد السّلام بْن أحمد بْن أبي عرابة المصري 248 298- عَبْد المُلْك بْن أحمد بْن أبي حامد الجرجاني 249 299- عَبْد الواحد بْن أَبِي بَكْر محمد بْن أحمد السلمي

249 300- علي بن أحمد بن عمر بن حفص الحمامي 250 301- عليّ بْن أحمد بْن هارون بْن كُرديّ النهرواني 250 302- عُمَر بْن أحمد بْن إبراهيم بْن عَبْدُوَيْه الهذلي 251 303- عمر بن أحمد بن عثمان البزاز العكبري "حرف الميم" 251 304- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن القاسم الهروي 251 305- محمد بْن أحمد بْن الطَّيّب بْن جعفر بن كماري 251 306- محمد بن أحمد بن علي البالكي الهروي 251 307- محمد بْن أحمد بْن هارون بْن موسى بن عبدان 252 308- محمد بن أحمد بن الحسن البزاز 252 309- محمد بْن عَبْد الله بْن أَبِي زيد الأنماطي 252 310- محمد بن عتيق بن بكر الأسواني "حرف الهاء" 252 311- هارون بْن يحيى بْن الحَسَن الطحان "وفيات سنة ثمان عشرة وأربعمائة" "حرف الألف" 252 312- أحمد بْن إبراهيم بْن يزداد 253 313- أحمد بن برد القرطبي 253 314- أحمد بْن حمدان بْن الشَّيْخ أَبِي حامد الشاركي 253 315- أحمد بْن عليّ بْن سَعْدُوَيْه النَّسَويّ الحاكم 253 316- أَحْمَد بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد الملقاباذي 253 317- أحمد بن محمد بن أحمد القهندزي 253 318- أحمد بن محمد بن المهتدي الخطيب 253 319- أحمد بْن محمد بْن القاسم بْن مرزوق المصري 254 320- أحمد بْن الوليد بْن أحمد بْن محمد الزوزني 254 321- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مِهْران 255 322- إسماعيل بن بدر الأنصاري القرطبي 256 323- أصبغ بن عيسى اليحصبي

"حرف الحاء" 256 324- الحسن بْن عليّ بْن حسين بْن محمد الوزير ابن المغربي "حرف الراء" 259 325- رباح بْن عليّ بْن موسى بن رباح القاضي "حرف الزاي" 259 326- زيد بْن عَبْد العزيز بْن مقرن الأصبهاني "حرف الطاء" 259 327- طاهر بْن الحَسَن بْن إبراهيم الهمداني الجصاص "حرف العين" 261 328- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بن جَحّاف المعافري 261 329- عبد الله بْنُ عُبَيْد الله بْنُ مُحَمَّد الجرجاني 261 330- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ القرشي 261 331- عبد الوهاب بن جعفر بن علي الميداني 262 332- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فاذويه 262 333- علي بن الحسن القاضي الهروي الداوودي 262 334- علي بن عبيد الله بن الشيخ الدمشقي 262 335- علي بن عبد الله بن يوسف الشيرازي "حرف الفاء" 262 336- فضلويه بن محمد بن محمد بن إسحاق القزويني "حرف الميم" 263 337- محمد بْن أحمد بْن خليفة التونسي 263 338- محمد بْن أحمد بْن عليّ بْن العبّاس الجاموسي 263 339- محمد بن الحسين البغدادي الخفاف 263 340- محمد بن زهير بن أخطل النسائي 263 341- محمد بن علي بن إسحاق البغدادي 263 342- محمد بْن محمد بْن أحمد بْن الرُّوزْبَهَان 264 343- محمد بن يوسف بن الفضل الجرجاني 264 344- مروان بْن سليمان بْن إبراهيم بْن مَوْرقاط 264 345- مُعَاذ بْن عَبْد الله بْن طاهر البَلَويّ

264 346- مَعْمر بْن أحمد بْن محمد بْن زياد الأصبهاني 265 347- مكي بن محمد بن القمر التميمي الوراق "حرف الهاء" 265 348- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن منصور الرازي "حرف الياء" 266 349- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن إبراهيم البزاز "الكنى" 266 350- أبو الحسين بن طباطبا العلوي "وفيات سنة تسع عشرة وأربعمائة" "حرف الألف" 266 351- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بن محمود الثقفي 266 352- أحمد بْن عَبَّاس بْن أصْبَغ بْن عَبْد الغزيز 267 353- أحمد بن محمد بن منصور البوشنجي 267 354- أحمد بن محمد بن الحسين الضبي الهروي 267 355- إسحاق بن عبد الصمد بن القاهر بالله "حرف الحاء" 267 356- الحَسَن بْن محمد بْن جعفر بن جبارة الدمشقي 267 357- الحسن بن محمد بن جعفر السلماسي 267 358- الحسين بن الحسن بن يحيى العلوي "حرف الزاي" 268 359- زكريّا بْن أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن حمويه "حرف الشين" 268 360- شعيب بن محمد إبراهيم الشعيبي "حرف العين" 268 361- عبادة بن عبد الله بن محمد بن عبادة الأنصاري 268 362- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الله المصاحفي 268 363- عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم البناني 269 364- عبد الله بن محمد بن سليمان القرطبي 269 365- عبد الرحمن بن محمد بن المرزبان

269 366- عَبْد المحسن بْن محمد بْن أحمد بْن غلبون الشاعر 270 367- عَبْد المُلْك بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عمر الشروطي 270 368- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف الهمداني 270 369- عبد الواحد بن أحمد بن الحسين العكبري 270 370- علي بن أحمد بن محمد بن داود الرزّاز 271 371- عَلِيّ بْن عَبْد العزيز بْن الْحَسَن بْن محمد الخزاعي 271 372- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن آزادمرد الفارسي 271 373- علي ابن المقرئ أبي عدي عبد العزيز المصري 271 374- عُمَر بْن أحمد بْن محمد بْن حسْنُوَيْه "حرف الميم" 271 375- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرحمن بن عمر بن حفص 272 376- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن صمادح الصمادحي 272 377- محمد بن عبد الله الرباطي 272 378- محمد بن عبد الباقي الجبان 273 379- مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن حِيد الجوهري 273 380- محمد بن عمر بن يوسف القرطبي 274 أبو عبد الله بن الفخار المالكي 274 381- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مخلد البزاز "حرف النون" 275 382- ناصر بْن مهديّ بْن الحسن العلوي "حرف الهاء" 275 383- الهَيذام بْن عُمَر بْن أحمد بن الهيذام "حرف الياء" 275 384- يحيى بن عمر الدعاء الشارب 275 385- يعيش بن محمد بن يعيش الأسدي "وفيات سنة عشرين وأربعمائة" "حرف الألف" 276 386- أحمد بْن طلحة بْن أحمد بن هارون المنقي 276 387- أحمد بن عبد القادر بن سعيد الأموي

276 388- أحمد بن علي بن أحمد بن حماد الجرجاني 276 389- أحمد بن علي بن الحسن بن الهيثم البغدادي 277 390- أحمد بن علي المنبجي الرقي 277 391- أحمد بن محمد بن عفيف الأموي 277 392- أحمد بْن محمد بْن القاسم بْن بِشْر الفارسي 277 393- أحمد بن محمد بن الحسن بن المظفر الحاتمي 277 394- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن الحسين الحنائي "حرف الحاء" 278 395- الحَسَن بْن عليّ بْن العبّاس بن الفضل النضروي 278 396- الحَسَن بْن محمد بْن أحمد بْن عُمَر القهندزي 278 397- الحسين بن عبد الله بن أبي علاثة البغدادي "حرف السين" 278 398- سَعِيد بْن عَبْد العزيز بْن عبد الله النيلي "حرف الصاد" 278 399- صالح بن مرداس الكلابي "حرف العين" 279 400- عَبْد الله بْن عَبْد الرحيم بن محمد البناني 279 401- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مهرة الأصبهاني 279 402- عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي 279 403- عبد الرحمن بن زاهد بن أحمد المروزي 279 404- عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن القاسم بْن معروف 280 405- عَبْد الرحيم بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الكتامي 281 406- عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد بْن محمد بْن أحمد الخاصمي 281 407- عبد الواحد بن مُحَمَّد بن أحمد بن جعر المنيري 281 408- عبيد الله بن النضر بن محمد المحمي 281 409- عليّ بْن أحمد بْن محمد بْن الحسين الخرجاني 282 410- علي بن الحسن بن دوما البغدادي 282 411- علي بن عيسى بن الفرج الربعي 282 412- عليّ بْن محمد بْن أحمد بْن إسماعيل الجرجاني

282 413- علي بن مُحَمَّد بن علي بن حميد الإسفرائيني 282 414- علي بن محمد بن علي الإسفرائيني 283 415- عمر بن الحسن بن يونس 283 416- العنبر بن الطيب بن محمد بن عبد الله "حرف الميم" 283 417- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بن عبد العزيز العكبري 283 418- محمد بن بكر النوقاني 284 419- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد الرباطي 284 420- محمد بْن عُبَيْد الله بْن أحمد المسبّحيّ 284 421- منصور بن هانيء بن محمد الفقيه "ذكر المتوفّين تقريبًا مِن رجال هذه الطبقة" "حرف الألف" 284 422- أحمد بْن سَعْدي بْن محمد بن سعدي الإشبيلي 285 423- أحمد بن علي الزاهد 285 424- أحمد بْن عليّ بْن أحمد الإصبهانيّ الصّحّاف 285 425- أحمد بن علي بن ثابت بن الماوردية 285 426- أحمد بن محمد بن إبراهيم المهراني المزكي 285 427- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف السهلي 285 428- أحمد بن محمد بن مزاحم الصفار 285 429- إسماعيل بن أحمد الجرجاني "حرف الباء" 286 430- بشر بن محمد الميهني الصوفي 286 431- بشر بن محمد بن عبيد الله الخطيب الميهني 286 432- بِشْر بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن القَاسِم بْن محمش "حرف الجيم" 286 433- جناح بن نذير بن جناح "حرف الحاء" 286 434- الحسن بن الأشعث بن محمد المنبجي 287 435- الحَسَن بْن عليّ بْن أحمد بْن بشّار السابوري

287 436- الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَلِيّ بن تبان التباني 287 البتاني محمد بن جابر 287 437- الحسين بْن عليّ بْن عُبَيْد الله بْن محمد الرهاوي 287 438- حكم بن المنذر بن سعيد القرطبي "حرف الزاي" 288 439- زكريّا بْن أحمد بْن محمد بن يحيى البزاز "حرف السين" 288 440- سَعِيد بْن محمد بْن شعيب بن نصر الله الخطيب "حرف العين" 288 441- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حمويه بن بيهس 288 442- عَبْد الله بْن عيسى بْن إبراهيم بْن علي المالكي 289 443- عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق بْن عَبْد العزيز اللهبي 289 444- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم النيسابوري 289 445- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن سورة 289 446- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد الأنصاري 290 447- عبد الواحد بن مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر المنيري 290 448- عَبْد الواحد بْن محمد بْن محمد بْن يعقوب السجستاني 290 449- عبد الوهاب بن محمد بن طاهر البوشنجي 290 450- عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن داود الرزاز 290 451- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي الدمشقي 290 452- عليّ بْن الحَسَن بْن محمد بْن العبّاس بن فهر 291 453- علي بن الحسن النخالي الدلال 291 454- علي بن عمر بن إسحاق الأسداباذي 291 455- عليّ بْن القاسم بْن محمد بْن إِسْحَاق البصري 291 456- عليّ بْن محمد بْن خَلَف بْن موسى البغدادي "حرف الغين" 291 457- غالب بن علي الرازي "حرف الميم" 292 458- محمد بْن أحمد بْن عَبْدُوَيْه الأصبهاني

292 459- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن القاسم الهروي 292 460- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن القاسم الهروي 292 461- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ الدمشقي الشرابي 292 462- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن منصور النوقاني 292 463- محمد بن إبراهيم الفارسي المشاط 293 464- محمد بن إبراهيم بن عبيد الله البجاني 293 465- محمد بن الحسن بن الكتاني الأندلسي 293 466- محمد بن الحسين بن إبراهيم بن علي بن عمرويه الإسفرائيني 293 467- محمد بن أحمد بن الحسين الزعفراني 293 468- محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن سعيد الخولاني القرطبي 294 469- محمد بن عثمان بن مسبح الجعد الشيباني 294 470- محمد بن عبد الواحد بن محمد الزبيري المكي 294 471- محمد بن عبد الواحد بن عُبَيْد الله الأردستاني 295 472- محمد بن علي بن حشيش التميمي 295 473- محمد بن عمر بن زيلة المديني 295 474- محمد بن محمد بن حمدويه النيسابوري 295 475- محمود بن المثنى بن المغيرة الشيرازي الداوودي "الكنى" 296 476- أبو محمد بن الكراني القيرواني المالكي 296 477- أبو هلال العسكري 299 فهرس الموضوعات

المجلد التاسع والعشرون

المجلد التاسع والعشرون الطبقة الثالثة والأربعون أحداث سنة إحدى وعشرين وأربعمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثالثة والأربعون: أحداث سنة إحدى وعشرين وأربعمائة: فتنة أهل الكرْخ بعاشوراء: في عاشوراء أغلقَ أهل الكرْخ أسواقهم، وعلّقوا عليها المُسُوح وناحوا، وذلك لأنّ السلطان انحدر عنهم فوقع القتال بينهم وبين السُّنة. ثمّ أُنزل المُسُوح وقُتل جماعة من الفريقين، وخرِّبت عدة دكاكين. وكَثُرت العملات من البرجميّ مقدّم العيّارين وأخذ أموالًا عظيمة1. انتهاب الأهواز: وفيها دخل جلال الدّولة وعسكره إلى الأهواز ونهبتها الأتراك وبدّعوا بها، وزاد قيمة الّذي أخذ منها على خمسة آلاف دينار، وأُحرقت عدّة أماكن، بل ما يمكن ضبطه2. ولاية عهد القادر بالله: وفي جُمَادى الأولى جلس القادر بالله، وأذِن للخاصّة والعامّة، وذلك عقِيب شَكاةٍ عرضت له. وأظهر في هذا اليوم تقليد ولده أبي جعفر بولاية العهد وهنّى الناسُ أبا جعفر ودَعوا لله، وذُكِرَ في السّكّة والخطْبة3. غزو الخَزَر: وجاء الخبر أنّ مطلوب الكُرديّ غزا الخَزَر فقَتَل وسبي وغنِم وعاد، فاتّبعوه وكسروه واستنقذوا الغنائم والسَّبْي، وقتلوا من الأكراد والمطّوعة أكثر من عشرة آلاف، واستباحوا أموالهم4.

_ 1 المتظم "8/ 46، 47، 50"، البداية والنهاية "12/ 28". 2 المنتظم "8/ 47"، دول الإسلام "1/ 250". 3 المنتظم "8/ 47، 48"، الكامل في التاريخ "9/ 409، 410"، والبداية والنهاية "12/ 28". 4 المنتظم "8/ 49، 50"، دول الإسلام "1/ 250"، البداية والنهاية "12/ 27، 28".

انهزام ملك الروم عند حلب: وكان ملك الروم، لعنه الله، قد قَصَد حلب في ثلاثمائة ألف، ومعه أموال على سبعين جمّازة، فأشرف على عسكره مائة ألف فارس من العرب، وألف راجل، فظنّ أنّها كبْسة، فلبس ملكهم خُفًّا أسودَ حتّى يخفي، فهرب. وأخذوا من خاصه أربعمائة بغْل بأحمالها، وقتلوا من جيشه مقتلةً عظيمة1. الفتنة بين الهاشميّين والأتراك: وفي شوّال اجتمع الهاشميّون إلى جامع المنصور، ورفعوا المصاحف واستنفروا النّاس، فاجتمع لهم الفُقَهاء وخلقُ من الكَرْخ وغيرها، وضجوّا بالاستعْفاء من الأتراك، فلمّا رَأَوْهم قد رفعوا أوراق القرآن على القَصَب رفعوا لهم قناةً عليها صليب. وترامى الفريقان بالآجُرّ والنشّاب وقُتِل طائفة، ثمّ أُصلح الحال. وكَثُرت العَمْلات والكَبْسات من البرجميّ ورجاله، وأخذ المخازن الكِبار وفتح الدّكاكين، وتجدّ دخول الأكراد المتلصِّصة إلى بغداد، وأخذوا خيل الأتراك من الإصطبلات2. امتناع الركْب من العِرَاقِ: ولم يخرج رَكْبٌ من العراق في هذه السنة. وفاة ابن حاجب النعمان: وتُوُفّي ابن حاجب، النُّعمان الكاتب. شراء ملك الروم نصف الرُّها: وفيها اشترى ملك الروم الَّنْصرانيّ نصف مدينة الرُّها بعشرين ألف دينار من عُطَيْر النُّمَيريّ، فهدمَ الملعون المساجد وأجلى المسلمين منها3.

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 404، 405"، والبداية والنهاية "12/ 28"، والنجوم الزاهرة "4/ 254". 2 المنتظم "8/ 50، 51"، الكامل في التاريخ "9/ 410"، والبداية والنهاية "12/ 28". 3 الكامل في التاريخ "9/ 413"، والنجوم الزاهرة "4/ 275".

استِرجاع الرُّها: ثمّ أخذها السّلطان مَلكْشاه سنة تسعٍ وسبعين، وسلّمها إلى الأمير توران. ثمّ أخذتها الفرنج في أوّل ظهورهم على البلاد سنة اثنتين وتسعين، وبقيت بأيديهم إلى أن افتتحها زنْكي والد الملك نور الدين محمود سنة تسع وثلاثين وخمسمائة1.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 98".

أحداث سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة

أحداث سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة: سرقة دار الملكة: في المحرم نقب اللصوص دار الملكة وأخذوا قماشًا وهربوا، وأقام التّجّار على المبيت في الأسواق، وأمْر العيّارين يتفاقم لأنّ أمور الدّولة مُنحلّة، فلا قوّة إلا بالله. عزْل أبي الفضل ابن حاجب النعمان: وفيها عُزِل أبو الفضل مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز بْن حاجب النُّعْمان عن كتابة الإنشاء للقادر بالله، وكانت مباشرته سبعة أشهر، لأنه لمّا تُوُفّي أبوه أبو الحسن وأُقيم مقامه لم تكن له دِرْبَةٌ بالعمل1. فتنة الصّوفيّ: وفيها عزم الحرميّ الصُّوفيّ الملقّب بالمذكور على الغزو، واستأذن السّلطان، فأذِن له وكتب له منشورًا، وأُعطي منْجُوقًا. واجتمع إليه طائفة فقصد الجامع للصّلاة ولقراء المنشور، ومرّ بطاق الحرّانيّ وعلى رأسه المَنْجُوق وقُدّامه الرّجال بالسّلاح، وصاحوا بذِكْر أبي بكر وعمر وقالوا: هذا يوم معاويٌّ. فرماهم أهل الكَرْخ، وثارت الفتنة، ومُنعت الصّلاة، ونُهِبت دار الشّريف المرتضى، فخرج مُرَوَّعًا، فجاءه جيرانه الأتراك فدافعوا عنه وعن حرَمه. وأُحرقت إحدى سَرِيّاته. ونُهبت دُور اليهود وطُلبوا لأنهم أعانوا اهل الكَرْخ فيما قيل. ومن الغد اجتمع عامّة السُّنَّة، وانضاف إليهم كثير من الأتراك، وقصدوا الكَرْخ، فأحرقوا الأسواق، وأشرف أهل الكرخ على خطة عظيمة.

_ 1 المنتظم "8/ 54، 55".

وركب الخليفة إلى الملك والإسْفَهسلاريّة يُنْكر ذلك، وأمر بإقامة الحدّ على الجُناة، فركب وزير الملك، فوقعت في صدره آجُرّة وسقطت عمامته، وقُتِل من أهل الكَرْخ جماعة، وانتهب الغلمان ما قدروا عليه، وأُحرق وخُرِّب في هذه الفتنة سوق العروس، وسوق الصّفّارين، وسوق الأنماط، وسوق الزّيّاتين، وغير ذلك. وزاد الاختلاف والفُرْقة. وعبرَ سَكْرانٌ بالكَرْخ فضُرب بالسّيف فقُتِل، ولم يجر في هذه الأشياء إنكار من السُّلطان لسقوط هيبته1. مقتل الكلالكيّ ناظر المعونة: ثمّ قتلت العامّة الكلالكيّ، وكان ينظر في المعونة، وتبسّط العوامّ وأثاروا الفِتَن، ووقع القتال في البلد من الجانبين، واجتمع الغلمان، وأظهروا الكراهة للملك جلال الدّولة، وشكوا إطّراحَهم واطّراح تدبيرهم، وأشاعوا أنّهم يقطعون خطبته. وعلم الملك فقلق، وفرَّق مالًا في بعضهم، ووعدهم وحلف لهم. ثم عادوا للخوض في قَطْع خُطْبته وقالوا: قد وقفت أمورنا وانقطعت موَادُّنا ويئسنا من خير ذا. ودافع عنه الخليفة. هذا، والعامّة في هرْج وبلاء، وكبْسَات وويل2. أخْذ الروم قلعة فامية: وأقبلت النّصارى الرُّوم، فأخذوا من الشّام قلعة فامية. وفاة القادر بالله: ومات في آخر السّنة القادر بالله. خلافة القائم بأمر الله: واستخلف القائم بأمر الله، وله إحدى وثلاثون سنة، وأمه أم ولد أرمنية اسمها

_ 1 المنتظم "8/ 55"، الكامل في التاريخ "9/ 419"، دول الإسلام "1/ 251". 2 المنتظم "8/ 56، 57"، الكامل في التاريخ "9/ 419، 420" البداية والنهاية "12/ 13".

بدرُ الدُّجى، أدركت خلافته. فأوّل من بايعه الشّريف المرتضي، وقال: إذا ما مضي جبلٌ وانْقَضَى ... فمنك لنا جبلٌ قد رسى وإنّا فُجعنا ببدْر التّمامِ ... وعنه لنا نابَ بدْرُ الدُّجى لنا حَزَنٌ في محل السُّرور ... وكم ضَحِك في خلالِ البُكا فيا صارمًا أغْمَدتْه يدٌ ... لنا بعدك الصّارمُ المُنْتَضَى ولمّا حضرناك عند البياع ... عَرفنا بِهَديِك طُرُقَ الهُدَى فقَابَلْتَنا بوَقَار المَشِيب ... كمالًا وسِنُّك سِنُّ الفتى وصلّى بالنّاس في دار الخلافة المغرب، ثمّ بايعه من الغد الأمير حسن بن عيسى بن المقتدر. شغب الأتراك للحصول على رسْم البيعة: ولم يركب السّلطان للبيعة غضبًا للأتراك وذلك لأنّهم همُّوا بالشَّغب، لأجل رسْمهم على البيعة، فتكلّم تركّيٌّ بما لا يصلُح في حقّ الخليفة، فقتله هاشميّ، فثار الأتراك وقالوا: إن كان هذا بأمر الخليفة خرجنا عن البلد. وإن لم يك فيسلّم إلينا القاتل1. فخرج توقيع الخليفة: لم يجرِ ذلك بإيثارنا، ونحن نقيم في القاتل حدّ الله. ثمّ ألحّوا في طلب رسْم البَيْعة، فقيل لهم: إنّ القادر لم يخلّف مالًا. ثم صولحوا على ثلاثة آلاف دينار. فعَرَضَ الخليفة خانًا بالقطيعة وبستانًا وشيئًا من أنقاض الدُّور على البيع. وزراء القائم بأمر الله: ووَزَرَ له: أبو طالب محمد بن أيّوب، ثمّ جماعة منهم: أبو الفتح بن دارْست، وأبو القاسم بن المسلمة، وأبو نصر بن جهير.

_ 1 المنتظم "8/ 59".

قُضاة القائم: وكان قاضيه: أبو عبد الله بن ماكولا، ثمّ أبو عبد الله الدّامغاني1. عناية القائم بالأدب: وكان للقائم عناية بالأدب. الاحتفال بيوم الغدير ويوم الغار: وفي ثامن عشر ذي الحجّة عملت الشّيعة، "يوم الغدير"، وعمل بعدهم أهل السُّنَّة الذي يسمونه "يوم الغار". وهذا هَذَيانٌ وفُشَار. سرِقات العيّارين وكبْساتهم: ثمّ إن العيّارين ألْهبوا النّاسَ بالسَّرِقَة والكبْسات، ونزلوا بواسط على قاضيها أبي الطّّيب وقتلوه، وأخذوا ما وجدوا. امتناع الحجّ العراقي: ولم يحجّ أحدٌ من العراق لاضطّراب الوقت. انحلال أمر الخلافة: وخرجت السُّنَّة ومملكة جلال الدّولة ما بين بغداد وواسط والبَطَائح، وليس له من ذلك إلى الخطْبة. فأمّا الأموال والأعمال فمُنْقَسمة بين الأعراب والأكراد، والأطراف منها في أيدي المُقْطَعين من الأتراك، والوزارة خالية من ناظرٍ فيها. والخِلافة مستضعفة، والناس بلا رأس2. فلِلّهِ الأمر.

_ 1 المنتظم "8/ 59"، البداية والنهاية "12/ 32، 67، 214". 2 المنتظم "8/ 60"، والعبر "3/ 147، 148".

أحداث سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة

أحداث سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة: الاستسقاء ببغداد: في المحرّم خرجوا ببغداد للاستسقاء. تعليق المُسُوح في عاشوراء: وفي عاشوراء عُلقت المسوح، وناحوا. أقام ذلك العيارين. ثورة أهل الكَرْخ بالعيّارين: وفيها ثار أهل الكرخ بالعيَّارين فهربوا، وكبسوا دورهم ونهبوا سلاحَهم، وطلبوا من السلطان المعاونة، لأن العيّارين نهبوا تاجرًا فغضب له أهلُ سوقه، فرد العيارين بعضَ ما أخذوا، ثم كبسوا دار ابن الفَلْو الواعظ وأخذوا ماله. وأخذوا في الكبْسات، وانضاف إليهم مولدوا الأتراك وحاشيتهم. ثمّ إنّ الغلمان صمّموا على عزل جلال الدّولة وإظهار أمر أبي كاليجار، وتحالفوا وقالوا: لا بُدَّ أن يروح عنّا إلى واسط1. إرغام الملك جلال الدولة على النزوح: ثمّ قطعوا خطبته، فانزعج وأرسل سراريه إلى دار الخلافة، وخيّر الباقيات في أن يُعْتِقُهُنَّ. وطلب من الغلمان أن يخْفُرُوه، وقال لا أخرج على غير قاعدة. وامتلأ جانبا دجلة بالناس، وتردّدت الرسل إلى الملك بالنُّزُوح، وقال: ابعثوا معي مائة غلام يحرسوني. فقالوا: بل عشرون. فقال: أريد سفينةً تحملني، ونفقة تُوصلني. فقرّروا بينهم إطلاق ستّين دينارًا نَفَقَة، فالتزم بعض القوّاد منها بثلاثة دنانير. فلمّا كان اللّيل خرج نفرٌ من غلمانه إلى عُكْبِرا على وجه المخاطرة فبادر الغلمان إلى دار المملكة فنهبوها2. تردّد أبي كاليجار في التّجاوب مع الثائرين: وكَتَب الملأ إلى أبي كاليجار بما فعلوه من اجتماع الكلمة عليه، وطلبوا منه مَن ينوب عنه. فلمّا بلغه قال: هؤلاء الأتراك يكتبون ما لا يعتقدون الوفاء به ولا يَصْدُقون. فإنْ كانوا مُحِقِّين في طاعتهم فليُظهروا شعارنا ولْيُخرجوا مَن عندهم. ولا أقل من أنّ يسيروا إلي منهم خمسمائة غلام لأتوجه معهم.

_ 1 المنتظم "8/ 62، 63"، والكامل في التاريخ "9/ 431"، البداية والنهاية "12/ 33". 2 المنتظم "8/ 63، 64"، البداية والنهاية "12/ 33".

الوزير ابن فنة: وكان وزيره ابن فنة الّذي وقفَ الكُتُب على العلماء، وهي تسعة عشر ألف مجلَّد، فيها أربعة آلاف بخطّ ابن مُقْلَة. افتقار جلال الدولة: ثمّ اختلّت المملكة، وقطع عن جلال الدولة المادة التي حتى باع من ثيابه الملبوسة في الأسواق، وخَلَت دارُه من حاجب وفرّاش. وقُطع ضرب الطَّبل لانقطاع الطّبّالين1. تخبُّط الأمر ببغداد: وتخبّط أمر بغداد، ومدَّ الأتراك أيديهم إلى النَّهْب. التشاور في الخطبة لأبي كاليجار: وتشاور القُوّاد أن يخطبوا للملك أبي كاليجار، وتوقّفوا. خروج جلال الدولة إلى عُكْبَرا وزواجه: وخرج جلال الدّولة إلى عُكْبَرا وقَصَد كمال الدّولة أبا سِنان؛ فاستقبله أبو سِنان وقبّل الأرض وقال: خزائني وأولادي لك. وأنا أتوسط بينك وبين جُنْدك. وزوّجه ابنته. ثمّ جاءه جماعة من الْجُنْد معتذرين، وأُعِيدت خُطبته. وجاءته رُسُل الخليفة وهو يستوحش له2. سفارة الماوردي إلى أبي كاليجار: ثمّ بعث الخليفة القاضي أبا الحسن الماوَرْديّ والطُّواشِيّ مبشِّرًا إلى الأهواز إلى أبي كاليجار. قال الماوردي: قدِمْنا عليه فأنْزَلنا، وحُمِلَت إلينا أموال كثيرة. وأحضرنا وقد

_ 1 المنتظم "8/ 64"، البداية والنهاية "12/ 33". 2 المنتظم "8/ 64"، الكامل في التاريخ "9/ 432"، البداية والنهاية "12/ 33".

فُرِشت دار الإمارة، ووقف الخواصّ على مراتبهم من جانِبَيْ سريره. وفي آخر الصَّفَّين ستّمائة غلام داغريّة بالبِزَّة الحَسَنة الملوَّنة، فخدمنا وسلَّمنا عليه وأوصلْنا الكتاب. تلقيب أبي كاليجار بملك الدولة: وتردّد القول بين إخبار واستخبار، وانصرفنا. ثمّ جرى القول فيما طلب من اللّقب، واقترح أن يكون اللّقب: "السلطان الأعظم مالك الأمم". قلنا هذا لا يمكن؛ لأنّ السّلطان المعظّم الخليفة، وكذلك مالك الأمم. فعدلوا إلى: "ملك الدولة". فقلت: هذا ربما جاز. وأشرت بأن يخدم الخليفة بألطافٍ. وقالوا: يكون ذلك بعد التلقيب. قلت: الأوْلى أن يُقدَّم. ففعلوا. هدايا أبي كاليجار للخليفة: وحمَّلوا معي ألفَيْ دينار، وثلاثين ألف درهم نَقْرَة، ومائتي ثوب ديباج، وعشرين منًّا عُود، وعشرة أَمْناء كافور، وألف مثقال عنبر، وألف مثقال مسك، وثلاثمائة صحن صينيّ. إقطاع وكيل الخدمة: ووقّع بإقطاع وكيل الخدمة خمسة آلاف دينار من معاملة البصرة. وأن يُسلَّم إليه ثلاثة آلاف قَوْصَرة تمرٍ كلَّ سنة. مرتَّب عميد الرؤساء: وأُفرِد عميد الرؤساء أبو طالب بن أيوب بخمسمائة دينار وعشرة آلاف درهم، وعشرة أثواب. وعُدنا إلى بغداد، فَرُسِم لي الخروج إلى جلال الدولة، فأجريت معه حديث اللّقب، وما سأله الملك. فثقُل عليه، واقتضى وقوف الأمر.

تأخُّر المطر: واستمرّ تأخُّر الأمطار، واستسقوا مرَّتين وما سُقوا. وكان الّذين خرجوا إلى الاستسقاء عدد قليل. وأجدَبت الأرض، وهلكت المواشي، وتلِفَ أكثر الثمار1. كبْسات رئيس العيّارين البرجميّ: وكبس رئيس العيّارين البُرْجميّ خانًا فأخذ ما فيه، فقوتلَ، فقتل جماعة، وكان يأخذ كلّ مُصَعِّدٍ ومُنحَدِر. وكبسَ دارًا وأخذ ما فيها وأحرقها. هذا والعسكر ببغداد. منع الخطبة للخليفة: واجتمع الخدم ومنعوا من الخطبة للخليفة لأجل تأخُّر رسْم البيعة، فلم تُصَلّ الْجُمُعة، ثمّ تُلُطِّف في الأمر في الجمعة الآتية2. تحليف الملك للخليفة يمينًا: وفيها حلف الملكُ للخليفةِ يمينًا حضرها المرتضي وقاضي القُضاة، وركب الوزير أبو القاسم بن المسلمة من الغد، فحضر عند الخليفة هو والمرتضى والقاضي، فحلف للملك وهي: أقسمَ عبد الله أبو جعفر القائم بأمر الله باللهِ الّذي لا إله إلا هو الطالب الغالب المدرِك المهلِك، عالم السِّر والعلانية، وحق رسول الله -صلى الله عليه سلم، وحقّ القرآن الكريم، لأُقِيمنَّ لركن الدّين جلالَ الدّولة أبي طاهر بن بهاء الدّولة أبي نصر على إخلاص النّيّة والصّفاء بما يُصْلِح حاله، ويحفظ عليه مكانه، ولأكوننَّ له على أفضل ما يؤثر من حراسته، ولوزير الوزراء أبي القاسم وسائر حاشيته، وإقراره على رُتْبَته. له بذلك عليَّ عهدُ الله وميثَاقُه، وما أخذ على ملائكته المُقرَّبين، وأنبيائه المرسَلين، والله يشهد عليَّ. وهذه اليمين منّي والنّيّة فيها بنية جلال الدولة3.

_ 1 المنتظم "8/ 66"، والكامل في التاريخ "9/ 426"، والبداية والنهاية "12/ 33". 2 المنتظم "8/ 66"، البداية والنهاية "12/ 34". 3 المنتظم "8/ 66"، البداية والنهاية "12/ 34".

انقضاض كوكب: وفي جُمَادى الأولى عند تصويب الشّمس للغروب انقضّ كوكب كبير كثير الضّوء. ازدياد شرّ العيّارين: وزاد شرُّ العيّارين حتّى ولي ابن النسوي فردعهم وانكفؤا. هياج ريح عظيمة: وهاجت ريح عظيمة ثلاثة أيّام احتجبت منها السّماء والشّمس، ورمت تُرابًا أحمر، ورملًا. الغلاء وتلف الغلات: وغَلَت الأسعار، وتَلِفت غلات الموصل، ولم تردّ البِذار، وكذلك الأهواء وواسط. أكل الأولاد في الإحساء: ووصلت الأخبار من الإحساء وتلك النواحي بأنّ الأقوات عدِمت. واضطّرت الأعراب إلى أكل مواشيهم، ثمّ أولادهم، حتّى كان الواحد يعاوض بولده ولدَ غيره لئلا تدركه رِقّة إذا ذبحه1. انقضاض كوكب آخر: وفي شوّال انقضّ ليلة الإثنين كوكب أضاءت منه الأرض، وارتاع له العالم، وكان في شكل التّرس، ولم يزل يقلّ حتّى اضمحلّ2. سُكْر جلال الدّولة: وفي شوّال سكر جلال الدولة ونزل من داره في سُميريه متنكّرًا إلى دار الخلافة، ومعه ثلاثة، وصعِد إلى بستان، ورمى بعض معيناته القصب، ودخل منه، وجلس

_ 1 المنتظم "8/ 67". 2 المنتظم "8/ 67".

تحت شجرة، واستدعى نبيذًا يشربه، وزمّر الزَّامر. فعرف الخليفة ذلك، فشُق عليه وأزعجه. ثمّ خرج إليه القاضي ابن أبي موسى، والحاجب أبو منصور بن بكران، فحدّثاه ووقفا بين يديه وقالا: قد سُرَّ الخليفة بقُرب مولانا وانبساطه، وأمّا النّبيذ والزّمْر فلا ينبغي. فلم يقبل ولا امتنع وقال: قُلْ لأمير المؤمنين: أنا عبدك، وقد حصل وزيري أبو سعد في دارك، ووقف أمري بذلك فأُريد أتسلَّمه. وأخذوا يدارونه حتّى نزل في زَبْزَبه، وأُصعد إلى دار المملكة. واجتمع خلق من الناس على دجلة. تهديد الخليفة بالانتقال: فلمّا كان من غد استدعى الخلفية المختصّ أبا غانم، وأبا الوفاء القائد وقال: إنّا قد عرفنا ما جرى أمس، وإنّه أمرٌ زاد عن الحدّ وتناهى في القُبْح واحتملناه. وكان الأوْلى لجلال الدّولة أن يتنزّه عن فِعْله وينزّهنا عن مثله. في كلام طويل. فإن سلك معنا الطّريقة المُثْلى، وإلا فارقْنا هذا البلد ودَبَّرنا أمرنا. فقبّلا الأرض ومضيا إلى الملك، فركب بعد ذلك في زبزبه، وأشعر الخليفة بحضوره للاعتذار، فنزل إليه عميد الرّؤساء وخدم، وقال: تذكّر حضوري للخدمة واعتذاري. فرجع الجواب بقبول العذر. ثم مضى إلى الميدان ولعب بالصَّوْلجان1. امتناع الحجّ من العِرَاقِ: ولم يحجّ ركْب العراق لفساد الطريق. ورود كسوة الكعبة: وورد من مصر كِسْوة الكعبة، وأموال للصدقة وصِلات لأمير مكة. الوباء الْعَظِيمِ: وورد الخبر بوباءٍ عظيم بالهند، وغَزْنَة، وأصبهان، وجرجان، والري، نواحي الجبل، والموصل، وأن ذلك زاد، على مجاري العادة.

_ 1 المنتظم "8/ 67، 68"، البداية والنهاية "12/ 34".

وخرج من أصبهان فيه أربعون ألف جنازة. ومات في الموصل بالْجُدَري أربعة آلاف صبي1. خروج المملكة من جلال الدولة: وخرجت السّنة ومملكة جلال الدولة مشتملة على ما بين الحضرة وواسط والبطيحة، وليس له من جميع ذلك إلا إقامة الاسم2. خُلُوّ الوزارة: وأمّا الوزارة فخالية عن آمرٍ فيها. انتهاب ابن سبكتكين لإصبهان: وجاء إلى أصبهان مسعود بن محمود بن سُبكتكين فنهب البلد وقتل عالمًا لا يحصى.

_ 1 المنتظم "8/ 69"، النجوم الزاهرة "4/ 277". 2 المنتظم "8/ 69".

أحداث سنة أربع وعشرين وأربعمائة

أحداث سنة أربع وعشرين وأربعمائة: معافاة الخليفة من الجدري: فيها هُني الخليفة بالعافية من جُدَري أصابه، وكتم ذلك إلى أن عُوفي. كبْسة البرجميّ: وكبس البرجمي دربًا وأخذ أموالًا. وتفاوض أنَّ جماعةً من الْجُنْد خرجوا إليه وواكلوه، فخاف ونقلوا الأموال إلى دار الخلافة. وواصلوا المبيت في الأسواق والدُّروب، فقُتِل صاحب الشُّرطة بباب الأزج، واتصلت العَمْلات. وأُخِذ من دار تاجر ما قيمته عشرة آلاف دينار. وبقي لا يتجاسرون على تسميته إلا أن يقولوا القائد أبو عليّ1. وشاع عنه أنّه لا يتعرض لامرأة، ولا يمكِّن أحدًا من أخذ شيء عليها أو معها.

_ 1 دول الإسلام "1/ 253"، شذرات الذهب "3/ 226، 227"، البداية والنهاية "12/ 35".

فخرج جماعة من القُوّاد والجند، وطلبوه لمّا تعاظَمَ خطره وزاد بلاؤه. فنزلوا الأَجَمَة التي يأوي إليها، وهي أجَمَة ذات قصب كثير تمتدّ خمسة فراسخ، وفي وسطها تلّ اتّخذه معقلًا، ووقفوا على طُرُقها. فخرج البُرْجميّ وعلى رأسه عمامة فقال: من العجب خروجكم إليّ وأنا كلّ ليلة عندكم، فإن شئتم أن ترجعوا وأدخل إليكم، وإن شئتم أن تدخلوا فافعلوا. فم زادت العَمْلات والكبْسات، ووقع القتال في القلايين وفي القنطرتين، وأُحرقت أماكن وأسواق ومساجد، ونُهب درب عَوْن وقُلعت أبوابه، ودَرْب القراطيس، وغير ذلك. إخراج السلطان ورجمه: ثمّ ثارت الجند ووقعوا في السلطان، وأنهم ضائعون. واجتمعوا وراسلوه أن ينتقل إلى واسط أو البصرة. واعتقلوه وأنزلوه سُمَيْريّة وابتلّت ثيابه وأهين. ثم رجموه وأخرجوه ومشوا به ثم أعطاه بعض الأتراك فرسَه فرَكبها. وواجهوه بالشَّتم، ثم أنزلوه فوقف على العَتَبة طويلًا، ثمّ أُدخل المسجد. ثمّ تآمروا على نقله إلى دار المهلَّبية. وخرج القائد أبو الوفاء ومعه عشرون غلامًا وحاشية الدَّار والعوّام ومن تاب من العيَّارين وهجموا على الأتراك فتفرَّقوا، وأخذوه من أيديهم وأعادوه إلى داره. وكان ذلك في رمضان. ثمّ عبرَ في آخر الليل إلى الكَرْخ فتلقّاه أهلُها بالدّعاء، فنزل في الدَّار التي للشّريف المرتضى1. مكاتبة الأتراك للملك جلال الدّولة: ثمّ اجتمع الأتراك وعزموا على عقد الجسر والعبور إلى الكَرْخ ليأخذوا الملك. ثمّ وقع بينهم الخُلْف وقالوا: ما بقي من بني بُويه إلّا هذا. وابن أخيه أبو كاليجار قد سلَّم الأمر إليه ومضى إلى فارس. ثمّ كتبوا إليه رُقْعة: نحن عبيدك وقد ملَّكناك أمورنا مِن الآن، وقد تعدَّينا عليك، ولكنْ نكلّمك في مصالحنا، فتعتذر إلينا ولا نجد لذلك أثرًا، ولَك ممالك كثيرة فيجوز أن تطرح ذلك مدّة، وتوفر علينا هذه الصبابة من المادّة، والصواب أن لا تخالفنا.

_ 1 دول الإسلام "1/ 253"، البداية والنهاية "12/ 35".

وأنفَذوا الرُّقعة إلى المرتضى ليعرضها عليه، فأجاب بأنّا معترفون لكم بما ذكرتم، وما يحصل لنا نصرفه إليكم. فلمّا وصل القول نَفَروا وقالوا: هذا غرضه المدافعة. ثمّ حلّفوه على صلاح النِّيَّة: وبعد ذلك دخلوا وقبَّلوا الأرضَ بين يديه، وهو في دار المرتضى. وسألوه الصَّفْح. وركب معهم إلى دار المملكة1. زيادة العَمْلات والكبْسات: ثمّ زاد أمر العَمْلات والكبْسات. وتعدَّوا إلى الجانب الشَّرقيّ فأفسدوا. ووقع القتال. وحمل العيارون السلاح، وكثر الهرج. منع الخطبة في جامع الرصافة: ثم ثار العوّام إلى جامع الرّصافة ببغداد فمُنعوا من الخطبة ورجموا القاضي أبا الحسين بن الغريق، وقالوا: إن خطبت للبرجميّ، وإلّا فلا تخطب لخليفة ولا لملك. ولاية أبي الغنائم المعونة: ثم أُقيم على المعونة أبو الغنائم بن عليّ، فركب وطاف وفتك، فوقعت الرَّهْبة. ثم إنّ بعض القُوّاد أخذ أربعةً من أصحاب البرجميّ فاعتقلهم، فاحتدّ البرجميّ وأخذ أربعةً من أصحاب ذلك القائد، وجاء بهم إلى دار القائد فطرق عليه الباب فخرج، ووقف خلف الباب فقال له: قد أخذتُ أربعةً من أصحابك فأطلق أصحابي لأطلق أصحابك وإلا ضربت أعناقهم وأحرقت دارك. فأطلقهم له2. وممّا يشاكل هذا الوهْن أنّ بعض أعيان الأتراك أراد أن يطهّر ولده، فأهدى إلى البرجميّ حُمْلانًا وفاكهةً وشرابًا، وقال: هذا نصيبك من طهور ولدي. يُداريه بذلك. امتناع العراقيّين والمصريّين عن الحجِّ: ولم يحجّ العراقيّون ولا المصريّون أيضًا خوفًا مِن البادية. الغدر بحجّاج البصرة: وحجّ أهل البصرة مَعَ مَن يخفرهم، فغدروا بهم ونهبوهم، فالأمر لله.

_ 1 المنتظم "8/ 73"، الكامل في التاريخ "9/ 431، 432"، البداية والنهاية "12/ 35". 2 المنتظم "8/ 75، 76".

أحداث سنة خمس وعشرين وأربعمائة

أحداث سنة خمس وعشرين وأربعمائة: مواصلة العيّارين لعملاتهم: كان العيّارون مواصلين للعَمْلات باللّيل والنّهار، ومضى البرجميّ إلى العامل الذي على الماصر الأعلى، فقرّر معه أن يعطيه كلَّ شهر عشرة دنانير من الارتفاع. ثم أخذ عدّة عَمْلات كِبار. هذا والناس يبيتون في الأسواق. ثم جدّ السّلطان والخليفة في طلب العيّارين1. هبوب ريح بنصيبين: وورد كتاب من نصيبين أنّ ريحًا سوداء هبّت فقلعت من بساتينها أكثر من مائتي ألف شجرة. وأنّ البحر جَزَرَ في تلك النّاحية نحو ثلاثة فراسخ، وخرج الناس يتبعون السّمك والصَّدَف، فردّ البحر ففرّق بعضهم2. الزلازل بفلسطين: وكان بالرّملة زلازل خرج النّاس منها إلى البرِّ، فأقاموا ثمانية أشهر. وهدمتِ الزلازل ثُلث البلد، وتعدت إلى نابلس، فسقط بعض بُنْيانها، وهلك ثلاثمائة نفس. وخسِف بقرية، وسقط بعض حائط بيت المقدس، وسقطت منارة عسقلان، ومنارة غزّة3. الخانوق ببغداد والموصل: وكُثر الموت بالخوانيق ببغداد والموصل، وكان أكثره من النساء.

_ 1 المنتظم "8/ 77". 2 المنتظم "8/ 77"، البداية والنهاية "12/ 36"، النجوم الزاهرة "4/ 279". 3 الكامل في التاريخ "9/ 438"، البداية والنهاية "12/ 36"، النجوم الزاهرة "4/ 279".

الوباء بفارس: واتّصل الخبر بما كان بفارس من الوباء، حتّى كانت الدُّور تُسَدّ على أصحابها. إسقاط ضريبة الملح: وفيها أُسقط ما كان على الملح من الضّريبة، وكان ارتفاعه في السّنة نحو ألفي دينار. خاطب الملك في ذلك الدّينَوَري الزّاهد. الفتنة بين أهل الكرخ وأهل باب البصرة: ثمّ عاد العيّارون وانتشروا واتّصلت الفتنة بأهل الكَرْخ مع أهل باب البصرة، ووقع القتال بينهما، وانتشرت العرب ببادَرَايا وقُطْرَبُّل، ونهبوا النّواحي، وقطعوا السُّبُل. ووصلوا إلى أطراف بغداد، وسلبوا الحريم في المقابر. شغب الْجُنْد: وعاد الْجُند إلى الشَّغب، وقَوِيَت أيديهم على خاصّ السّلطان، واستوفوا الجوالي وحاصل دار الضَّرْب. غَرَقُ البرجميّ: وفي رمضان غرِّق البرجميّ بفم الدُّجَيلْ، أخذه معتمد الدّولة فغرَّقَه، فبذل له مالًا كثيرًا على أن يتركه، فلم يقبل. مقتل أخي البرجمي: ودخل أخو البرجمي إلى بغداد، فأخذ أخًا له من سوق يحيى، فخرج فتُبع وقُتل. قبول العيّارين بالخروج من بغداد: وفي شوّال رُوسل المرتضى بإحضار العيّارين إلى داره، وأن يقول لهم: مَن أراد منكم التوبة قُبِلت توبته، ومن أراد خدمة السلطان استُخْدِم مع صاحب المعونة، ومن

أراد الانصراف عن البلد كان آمنًا على نفسه ثلاثة أيّام. فعرض ذلك عليهم، فقالوا: نخرج. وتجدّد الفساد والاستيفاء. انقضاض شهاب: وفي ذي القعدة انقضّ شهابٌ كبير مُهَوِّل، ثم بعد جمعة انقض شهاب ملأ ضوءه الأرض وغلب على ضوء المشاعل، وروّع مَن رآه، وتطاول مكثه على ما جرت به عادة أمثاله، حتّى قيل: انفرجت السّماء لَعِظَمِ ما شوهد منه1. الفَنَاء ببغداد: وفي ذي الحجّة وقع الفناء ببغداد، فذُكِر انه مات فيه سبعون ألفًا.

_ 1 المنتظم "8/ 79"، الكامل في التاريخ "9/ 439".

أحداث سنة ست وعشرين وأربعمائة

أحداث سنة ست وعشرين وأربعمائة مقاتلة أبي الغنائم للعيّارين: تجدّد في المحرّم وصول العرب إلى أطراف الجانب الغربيّ، فعاثوا ونهبوا. ثمّ ظهر قومٌ من العيّارين ففتكوا وقتلوا. فنهض أبو الغنائم بن عليّ المتولّي فقتل اثنين، فعاودوا الخروج وقتلوا رجلين، وقاتلوا أبا الغنائم. وتتابعت العَمْلات، فنهض أبو الغنائم ومَسَك وقتل. ثم عاد الفساد والعيّارون يكمنون في دُور الأتراك، ويخرجون ليلًا. وكتب العيّارون رقاعًا يقولون فيها: إنْ صُرِف أبو الغنائم عنّا حفظْنا البلد وإن لم يُصرف ما نترك الفساد1. نهْب ثمر الخليفة: وكبسَ غلامٌ قراحًا للخليفة ونهبَ من ثمره، فامتعض الخليفة وكتب إلى الملك والوزير بالقبض عليه وتأديبه، فتوانوا لضَعْف الهيبة. فزاد حنق الخليفة، فأمر القُضاة بالامتناع من الحكم، والفُقَهاء من الفتوى، والخطباء من القعود. وعمل على غلق

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 440"، المنتظم "8/ 82"، النجوم الزاهرة "4/ 281".

الجوامع، فَحُمِل الغلام ورُسم عليه ثم أُطْلِق1. خُذلان الترك والسلطان: وزادت الِفَتن، وكثُر القتل، ومُنع أهل سوق يحيى من حمل الماء من دجلة إلى أهل باب الطّاق والرّصافة. وخُذل الأتراك والسّلطان في هذه الأمور حتّى لو حاولوا دفعَ فسادٍ لزاد، وتملّك العيّارون البلد. فتح بلاد بالهند وجُرجَان وطبرستان: وفيها وصل كتاب السلطان مسعود بن محمود بفتحٍ فتحه بالهند، ذكر فيه أنّه قتل من القوم خمسين ألفًا، وسبى سبعين ألفًا، وغنِم منهم ما يقارب ثلاثين ألف ألف درهم. فرجع وقد ملك الغُزّ بلاده، فأوقع بهم، وفتح جُرجان وطَبَرِستان2. الجهر بالمعاصي: واشتدّ البلاء بالعيارين، وتجهرموا بالإفطار في رمضان، وشُرْب الخمور، والزّنا. وعاد القتال بين أهلِ المحَالّ. وكثُرت العَمْلات، واتّسع الخَرْق على الرّاقع، وقال الملك: أنا أركب بنفسي في هذا الأمر. فما التفتوا له، وتحيّر النّاس، وعظُم الخَطْب. وهاجت العرب، وقطعوا الطُّرُق3. وصول الروم إلى أعمال حلب وهزيمتهم: وعلمت الرّومُ بوهْن المسلمين، فوصلوا إلى أعمال حلب فاستباحوها فالتقاهم شبل الدولة ابن مِرْداس فهزمهم. انتهاب الكوفة: ونَهَبت عربُ خَفَاجة الكوفة، فلا قوة إلا بالله.

_ 1 المنتظم "8/ 82"، الكامل في التاريخ "9/ 440". 2 المنتظم "8/ 83"، الكامل في التاريخ "9/ 442"، البداية والنهاية "12/ 37"، النجوم الزاهرة "4/ 281". 3 المنتظم "8/ 83"، البداية والنهاية "12/ 37"، شذرات الذهب "3/ 229، 230".

أحداث سنة سبع وعشرين وأربعمائة

أحداث سنة سبع وعشرين وأربعمائة: ثورة الهاشميّين على ابن النّسويّ: في المحرّم كبَس العيّارون دارًا فأخذوا ما فيها. وردّ أبو محمد بن النَّسويّ لكشف العمْلَة، فأخذ هَاشميًّا فقتله، فثار أهل النّاحية ورفعوا المصاحف على القَصَب، ومَضَوا إلى دار الخلافة، وجرى خَطْبٌ طويل1. إحراق دار ابن النّسويّ: وفي ربيع الآخر دخل العيّارون بغداد في مائة نفس من الأكراد والأعراب، فأحرقوا دار ابن النّسويّ، وفتحوا خانًا وأخذوا ما فيه وخرجوا بالكارات على رءوسهم، والنّاسُ ينظرون. شغب الْجُنْد على جلال الدولة: وشغب الْجُند على جلال الدولة وقالوا: هذا البلد لا يحملنا وإيّاك، فاخرج فإنّه أَوْلَى بك. قال: كيف يمكنني الخروج على هذه الصوّرة؟ أمهِلوني ثلاثة أيام حتّى آخذ حُرِمي وولدي وأمضي. فقالوا: لا تفعل. ورَمَوْه بآجِرَّةٍ، فتلقّاها بيده، وأُخرى في كتفه، فاستجاش بالحاشية والعامّة. وكان عنده المرتضى، والزَّيْنبيّ، والماوَرْديّ، فاستشارهم في العبور إلى الكرْخ كما فعل تلك المرَّة، فقالوا: ليس الأمر كما كان، وأحداث الموضع قد ذهبوا. وحوّل الغلمان خيامهم إلى حول الدّار وأحاطوا بها. وبات النّاس على أصعب خطّة، فخرج الملك في نصف اللّيل إلى زُقاق غامض، فنزل إلى دجلة، وركب سُمَيْريّة فيها بعض حاشيته، ومضى إلى دار المرتضى، وبعث حُرَمه إلى دار الخلافة. ونَهب الأجناد دار الملك حتّى الأبواب وساجَها. وراسلوا الخليفة أن تُقطع خطبة جلال الدّولة، فقيل لهم: سننظر. وخرج الملك إلى أوانا، ثم

_ 1 المنتظم "8/ 88"، البداية والنهاية "12/ 39".

إلى كرْخ سامرّاء. ثمّ خرجوا إليه واعتذروا ومشي الحال1. الظُّلمة ببغداد: وفي جُمَادى الآخرة وردت ظُلْمة طبّقت البلد، حتّى كان الرجل لا يرى صاحبه، وأخذت بالأنفاس حتّى لو تأخَّّر انكشافها لهلكوا2. انقضاض كوكب: وفي رجب ضحوة نهار انقض كوكب غلب ضوءه ضوء الشّمس، وشوهد في آخره شيء مثل التِّنين بلون الدُّخان. وبقي نحو ساعةٍ3. فسبحان الله العظيم ما أكثر البلاء بالمشرق.

_ 1 المنتظم "8/ 90"، الكامل في التاريخ "9/ 446". 2 المنتظم "8/ 90"، الكامل في التاريخ "9/ 451". 3 المنتظم "8/ 90"، الكامل في التاريخ "9/ 451".

أحداث سنة ثمان وعشرين وأربعمائة

أحداث سنة ثمان وعشرين وأربعمائة تقلُّد الزَّيْنبيّ نقابة العبّاسّيين: فيها قُلِّد أبو تمام محمد بن محمد بن عليّ الزَّيْنبيّ نقابة العبّاسيّين، وعُزِل أبوه. شغب الْجُنْد على جلال الدّولة مجدّدًا: ثمّ عاد شَغَبُ الْجُنْد على جلال الدّولة المعثّر، وآل الأمرُ إلى أن قطعوا خطْبته وخطبوا للملك أبي كاليجار، ثمَّ عادوا وخطبوا لهما. ثمّ صلُحَت حال جلال الدّولة، وحلف الخليفة القائم له1. القبض على ابن ماكولا: وقبض على الوزير ابن ماكولا. وزارة أبي المعالي: ووزر أبو المعالي بن عبد الرحيم.

_ 1 المنتظم "8/ 91"، البداية والنهاية "12/ 40".

مطر فيه سمك بفم الصِّلْح: وفيها ورد كتاب من فم الصلح فيها: إنَّ قومًا من أهلِ الجبل ورَدوا فحكوا أنهم مُطروا مطرًا كثيرًا في أثنائه سمك، وزنوا بعضه فكانت رِطْلًا وَرِطْلَين، يعني بالعراقيّ1. ثورة العيارين بالشرطة: وفيها ثار العيّارون وكبسوا الحبس، وقتلوا جماعة من رجال الشرطة، وانبسطوا انبساطًا زائدًا.

_ 1 المنتظم "8/ 91"، البداية والنهاية "12/ 40".

أحداث سنة تسع وعشرين وأربعمائة

أحداث سنة تسع وعشرين وأربعمائة: هلاك جماعة تحت الردم: في ليلة الميلاد أوقدوا النّيران والفتائل في الأسطحة، فأوقدت فتيلةٌ في سطْحٍ كبير بعُكَبْرا، فوقع بهم، فهلك تحت الرَّدْم ثلاثةٌ وأربعون نفسًا. إلزام أهل الذّمة باللّباس: وفي رجب اجتمع القضاة والدولة، واستدعي جاثليق النَّصارى ورأس جالوت اليهود، وخرج توقيع الخليفة في أمر الغِيار وإلزام أهل الذّمّة به، فامتثلوا1. تلقيب جلال الدّولة بشاهنشاه: وفي رمضان استقرّ أن يزاد في ألقاب جلال الدولة: "شاهنشاه الأعظم ملك الملوك"، وخطب له بذلك بأمر الخليفة، فنفَر العامّة ورموا الخُطَباء بالآجُرّ، ووقعت فتنة، وكتب إلى الفُقَهاء في ذلك. كتابات العلماء بلقب الشاهنشاه: فكتب الصّيمُريّ: أنّ هذه الأسماء يُعتبر فيها القصْد والنية:

_ 1 المنتظم "8/ 96، 97"، البداية والنهاية "12/ 43".

وكتب الطّبريّ أبو الطَّيّب: إنّ إطلاق "ملك الملوك" جائز، يكون معناه: ملك ملوك الأرض. وإذا جاء إنّ يقال: قاضي القضاة، وكافي الكفاة، جاء أن يُقال ملك الملوك. وكتب التَّميميّ نحو ذلك. وذكر محمد بن عبد الملك الهمْدانيّ أن الماورديّ منع من جواز ذلك، وكان مختصًّا بجلال الدّولة. فلمّا امتنع عن الكتابة انقطع، فطلبه جلال الدولة، فمضى على وجلٍ شديد، فلما دخل قال للملك: أنا أتحقق أنّك لو حابيت أحدًا لَحَابَيْتني لمّا بيني وبينك، ما حملكَ إلّا الدِّين فزاد بذلك محلك في قلبي. قال ابن الجوزيّ: والّذي ذكره الأكثرون هو القياس، وإذا قصَد به ملوك الدُّنيا. إلا أني لا أرى إلا ما رآه الماورديّ؛ لأنّه قد صحّ في الحديث ما يدلُّ على المنع، ولكنّهم عن النَّقْل بمعْزلٍ. ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ مِنَ الْمُسْنَدِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أخنع اسم عن اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ" 1. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: سَأَلْتُ أبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ عَنْ أَخْنَعَ فَقَالَ: أَوْضَعُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. ثُمَّ سَاقَ مِنَ "الْمُسْنَدِ" مِنْ حَدِيثِ عَوْفٍ، عَنْ خِلَاسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ، قَالَ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ تَسَمَّى بِمَلِكِ الْمُلُوكِ. لَا مَلِكَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى2. قلتُ: وهي بالعجمي شاهان شاه.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6206"، ومسلم "2143"، وأبو داود "4961"، والترمذي "2837"، وأحمد في المسند "2/ 244". 2 "حديث صحيح": أخرجه أحمد في المسند "2/ 492"، وأخرجه مختصرًا: البخاري "4073"، ومسلم "1793".

أحداث سنة ثلاثين وأربعمائة

أحداث سنة ثلاثين وأربعمائة: تملُّك السَّلاجقة البلاد: فيها، في جُمَادى الآخرة، تملَّك بنو سُلْجُوق خُرَاسان والجبل، وهرب مسعود بن محمود بن سُبُكْتِكِين، وأخذوا المُلْك منه، وتملّك طغرلبك أبو طالب محمد، وأخوه داود. واستولى أولاد ميكائيل بن سُلْجُوق على البلاد1. مخاطبة ابن جلال الدولة بالملك العزيز: وفي هذه السّنة خوطب أبو منصور بن السلطان جلال الدّولة أبي طاهر بالملك العزيز2. قلتُ: وهذا أوّل مَن لُقِب بألقاب ملوك زماننا، كالملك العادل والملك المظفّر. انقراض ملك بني بُويه: قَالَ: وَكَانَ مقيما بواسط، وبه انقرض ملك بَنِي بويه. امتناع الحجّ هذا الموسم: ولم يحجّ في هذه السّنة من العراق، ومصر، والشام كثيرُ أحد. الثلج ببغداد: وفيها وقع ثلج عظيم ببغداد وبقي سبعة أيّام في الدُّروب3. وقد جاء الثّلج ببغداد مرةً في خلافة الرّشيد، ومرةً في خلافة المعتمد، ومرات أخر قليلة.

_ 1 تاريخ حلب "333"، والمنتظم "8/ 99". 2 المنتظم "8/ 99"، البداية والنهاية "12/ 45"، والنجوم الزاهرة "5/ 29". 3 المنتظم "8/ 99"، الكامل في التاريخ "9/ 466"، البداية والنهاية "12، 45".

المتوفون في الطبقة الثالثة والأربعون

بسم الله الرحمن الرحيم المتوفون في الطبقة الثالثة والأربعون: وفيات سنة إحدى وعشرين وأربعمائة: "حرف الألف": 1- أحمد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حفص بن مسلم بن يزيد1. القاضي أبو بكر بن أبي عليّ ابن الشيخ المحدِّث أبي عَمْرو الحِيريّ. وأبو عَمْرو هو سِبْط أحمد بن عَمْرو الحَرَشِيّ شيخ نَيْسابور في العدالة والثروة. روى أبو عَمْرو عن: محمد بن رافع، وإسحاق الكَوْسَج، وهذه الطبقة. وروى ابنه الحسن عنه، وعن: أبي نُعَيْم بن عَدِيّ. وعاش إلى سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة. وأمّا القاضي أبو بكر هذا فكان شيخ خُراسان عِلمًا ورئاسةً وعُلُوِّ إسنادٍ. سمع: أبا عليّ محمد بن أحمد المَيْدانيّ، وحاجب بن أحمد، ومحمد بن يعقوب الأصمّ، وجماعة بنيسابور. وبمكّة: أبا بكر الفاكهيّ، وبكر بن أحمد الحدّاد. وببغداد: أبا سهل بن زياد. وبالكوفة: أبا بكر بن أبي دارم. وبجُرجان: أبا أحمد بن عدي. وقرأ بالروايات على أحمد بن العبّاس الإمام صاحب الأشْنَانيّ. ودرس الفِقْه على أبي الوليد حسّان بن محمد. ودرس الكلام والأصول على أصحاب أبي الحسن الأشعري. وانتقى له الحاكم أبو عبد الله فوائد. وأملى من سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وقُلِّدَ قضاءَ نَيْسابور. وكان إمامًا عارفًا بمذهبِ الشافعيِّ. وكان مولده في سنة خمسٍ وعشرين وثلاثمائة. كذا ورَّخه الحافظ أبو بكر محمد بن منصور السَّمْعَانيّ، وقال: هو ثقة في الحديث.

_ 1 الأنساب "4/ 108-110"، سير أعلام النبلاء "17/ 356-358"، والوافي بالوفيات "6/ 306".

قلتُ: روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وهو أكبر منه، وأَبَوَا بكر البَيْهَقيّ، والخطيب، وأبو صالح المؤذّن، وأبو عليّ الحسن بن محمد الصّفّار، ومحمد بن إسماعيل المقرئ، ومحمد بن مأمون المُتَوليّ، ومحمد بْن عبد الملك المُظفَّريّ، وأحمد بْن عبد الرحمن الكتَّانيّ، وقاضي القُضاة أبو بكر محمد بن عبد الله النّاصحيّ مفتي الحنفيّة، ومحمد بن إسماعيل بن حَسْنَويه، ولعله المقرئ، ومحمد بن عليّ العُمَريّ الهَرَويّ، والقاسم بن الفضل الثّقفيّ، ومكّيّ بن منصور الكُرْجيّ، وأسعد بن مسعود العُتْبيّ، ومحمد بن أحمد الكامخيّ، ونصر الله بن أحمد الخشاميّ، وخلق كثير آخرهم موتًا عبد الغفّار بن محمد الشّيرويّ. تُوُفّي في رمضان من السّنة. قال عبد الغافر: أصابه وقْرٌ في أُذنه في آخر عُمره. وكان يُقرأ عليه مع ذلك إلى أن اشتدّ ذلك قريبًا من سنتين أو ثلاث، فما كان يُحسن أن يسمع. وكان من أصحّ أقرانه سماعًا، وأوفرهم إتقانًا، وأتمّهم ديانة واعتقادًا، صنّف في الأصول والحديث. 2- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد1. أبو الحسن الدّمشقيّ الواعظ. أصله من الجزيرة، ويعرف بابن الرّان. كان رجلًا صالحًا عارفًا، له مصنَّفات في الوعظ. وكان يَعِظ في الجامع. قال عبد العزيز الكتّانيّ: لم أر أحسن وعْظًا منه رحمه الله تعالى. 3- أحمد بن عليّ بن عثمان بن الْجُنَيْد2. أبو الحسين البغداديّ، المعروف بابن السَّوادي. مؤلّف الخُطَب. سمع: أبا بكر القطيعي، وابن ماسي. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقة. 4- أحمد بن عيسى بن زيد3. أبو عقيل السُّلَميّ البغداديّ القزّاز. سمع: أبا بكر النّجّاد، والشّافعيّ. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقة. مات في شوّال. 5- أحمد بْن محمد بْن الحسين بن سليمان4: أبو الحسن السَّليطيّ النَّيْسَابوريّ العدل النَّحويّ.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 29"، النجوم الزاهرة "3/ 272". 2 تاريخ بغداد "4/ 322، 323". 3 تاريخ بغداد "4/ 284". 4 سير أعلام النبلاء "17/ 389".

روى عن: أبي العباس الأصمّ، وغيره. روى عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ، ومحمد بن يحيى المزكّيّ، وأبو صالح المؤذّن. وثّقه عبد الغافر. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى. 6- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسن1. أبو عليّ الأصبهاني المرزوقيّ النَّحْويّ. من كبار أئمة العربية. أخذ الناس عنه، وخبّوا إليه آباط المطِيّ. له: "شرح الحماسة" وهو في غاية الحسْن. وكتاب "شرح الفصيح". وتُوُفّي في ذي الحجّة. تخرَّج به خلق، وطال عمره. حدّث عن: عبد الله بن جعفر بن فارس. وعنه: سعيد بن محمد البقّال، وأبو الفتح محمد بن عبد الواحد الزّجّاج. قال السِّلَفيّ: ما روي لنا عن المرزوقيّ سوى الزّجّاج. 7- أحمد بن محمد بن محمد. أبو العباس الطّبريّ، ثمّ البصْريّ. ورد جُرجَان. وسمع: أبا أحمد بن عَدِيّ، وجماعة. روى عنه: أبو مسعود البَجليّ. تُوُفْي بآمل في شوّال. 8- أحمد بن محمد بن العاص بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن دراج2. أبو عمرو القَسْطَلِّيّ الأديب، الشاعر البليغ. قال أبو محمد بن حزْم: كان عالمًا بنقْد الشِّعْر. لو قلت إنّه لم يكن بالأندلس أشْعَرَ من ابن درّاج لم أبعِد. وقال ابن حزْم أيضًا: ولو لم يكن لنا من فُحُول الشّعراء إلّا أحمد بن درّاج لما تأخّر عن شأوِ حبيب والمتنبّيّ. قلتُ: وهو من مدينة قَسْطَلَّة درّاج، وقيل: هو اسم ناحية. وكان من كُتّاب الإنشاء في أيّام المنصور بن أبي عامر. وقال الثَّعالبيّ: كان بِصُقْع الأندلس كالمتنبّي بِصُقْع الشام. ومن شعره: أضاء لها فجر النُّهى فنهاها ... عن الدَّنِفِ المُضْنَى بحرِّ هواها

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 475، 476"، والوافي بالوفيات "8/ 5". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 315"، والوافي بالوفيات "8/ 49-52"، الأعلام "1/ 204".

وضلّلها صُبحٌ جلا ليلِهُ الدُّجا ... وقد كان يهديها إليَّ دُجاهَا وفي أوّل شأنه عمل هذه القصيدة، ومدح بها المنصور. فتكلّموا فيه واتهموه بسرِّقة الشِّعر، فقال في المجلس لوقته: حسْبي رضاكَ من الدَّهرِ الّذي عَتَبَا ... وعطفُ نُعْماكَ للحظِّ الذي انقلبا ولستُ أوّلُ من أَعيْت بدائَعهُ ... فاستدْعتِ القولَ ممّن ظنَّ أو حسبا إنّ امرءَ القيسِ في بعضٍ لمتهمٌ ... وفي يديهِ لواءُ الشِعرِ "إنْ ركِبا والشِّعر قد أَسَرَ الأعشى وقيدهُ ... دهرًا، وقد قِيلَ: "والأعشى إذا شَرِبا وكيفِ أظمأُ وبحري زاخِرٌ فِطَنًا ... إلى خيالٍ من الضّحْضَاحِ قد نَضَبَا عبدٌ لنُعْماك فكَّيه نجمُ هُدى ... سار بمدْحِكَ يجْلُو الشَّكَّ والرِّيَبَا إنْ شئتَ أملَى بديعَ الشِّعرِ أو كَتَبَا ... أو شئتَ خاطبَ بالمنثورِ أو خَطَبا كروضةِ الحُزنِ أهدى الوشي منظرها ... والماءَ والزَّهرَ والأنواءَ والعُشبا أو سابق الخَيْل أعطى الحضر متئدًا ... والشدَّ والكرَّ والتقريبَ والخَبَبا وله في ذي الرئاستين منذر بن يحيى صاحب سَرَقُسْطَة: قُلْ للرَّبيعِ: اسحبْ مُلاء سَحائبي ... واجرُر ذُيولك في مَجَرّ ذَوَائبي لا تكذِبنّ ومن ورائك أدْمُعي ... مَدَدًا إليكَ بفيضِ دمعٍ ساكبِ وامزُج بطِيبِ تحيّتي غدْق الحَيَا ... فاجعله سقي أحِبّتي وحبائبي واجْنَح لقُرطبةَ فعانقْ تُربهَا ... عنّي بمثل جوانحي وتَرَائبي وانشرْ على تلك الأباطِح والرُّبا ... زهرًا يخبّر عنك أنكَ كاتبي وهي طويلة وله فيه: يا عاكفين على المُدامِ تنبَّهوا ... وسَلوا لساني عن مكارم منذرِ ملكٌ لو استوهبتُ حبةَ قلْبهِ ... كَرَمًا لجَادَ بها ولم يتعذّرِ وله ديوان مشهور. وقد توفي في سادس جُمَادى الآخرة، وله أربعٌ وسبعون سنة.

9- إسماعيل بن عبد الرحمن بن عليّ2. أبو محمد العامريّ المصريّ. روى عن: أبي إسحاق بن شعبان الفقيه المالكيّ، ومحمد بن العبّاس الحلبيّ. ودخل إلى الأندلس سنة ستٍّ وخمسين وثلاثمائة. وكان من أهل الدّين والتّعاون والعناية بعلم الفِقْه. ثقة. محدِّث. حدَّث عَنْهُ: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، والخَوْلانيّ. وُلِد بمصر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وتُوُفّي بإشبيلية يوم عيد الفِطْر فجأةً. وروى عنه يونس بن عبد الله بن مغيث أيضًا. 10- إسماعيل بن محمد بن خَزْرج بن محمد2. أبو القاسم الإشبيليّ. روى عن: أبيه، وعن: خاله إبراهيم بن سليمان. ورحل إلى المشرق. وحجّ سنة إحدى عشر وأربعمائة. وكتب الكثير. وكان من أهل الدّين والعلم والعمل الزهد في الدّنيا، مشاركًا في عدّة علوم، يغلب عليه علم الحديث والرّجال. توفي في المحرم عن بضع وخمسين سنة. 11- إسماعيل بن يَنَال3. أبو إبراهيم المَرْوَزيّ المحبوبيّ. سمع من المحبوبيّ مولاه جامع التِّرمذِيّ. وسمع من: أبي بكر الدّارَبُرْدِيّ وغيرهما. قال الحافظ أبو بكر السّمَعَانيّ: كان ثقة عالمًا. أدركتُ بحمد الله نفرًا من أصحابه. ولد سنة أربعٍ وثلاثين وثلاثمائة. قال: وتُوُفْي سنة إحدى وعشرين. زاد غيره: في صفر. وهو آخر من حدَّث عن أبي العبّاس المحبوبيّ. 12- إسحاق بن عليّ. الأمير أبو قدامة القرشيّ. أمير الغُزاة بخراسان.

_ 1 جذوة المقتبس "163، 164". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 103". 3 سير أعلام النبلاء "17/ 376، 377"، الوافي بالوفيات "9/ 244"، شذرات الذهب "3/ 219".

"حرف الحاء": 13- الحَسَن بْن أحمد بن محمد بن فارس البغداديّ البزّاز1. وأخوه هو أبو الفتح بن أبي الفوارس. سمع هذا بإفادة أخيه من: أبي عليّ الصّواف، وأبي بكر الشّافعيّ، وإسحاق النّعّال. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة. تُوُفّي في صفر، وكنيته أبو الفوارس. 14- الحسن بن سهل بن محمد بن الحسن. أبو عليّ. تُوُفّي في شعبان. كأنّه أصبهانيّ. يروي عن: أبي الشيخ. 15- الحسن بن محمد2. أبو عليّ بن أبي الطَّيّب الدّمشقيّ الورّاق. حدَّث في هذه السّنة عن: أبي القاسم بن أبي العَقِب. روى عنه: الكتّانيّ، وعلي بن محمد المَصِّيصيّ. 16- الحسين بْن أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى3. أبو عبد الله المُعاذِي النَّيْسابوريّ، الأصمّ. روى مجلسين عن أبي العبّاس الأصمّ. روى عنه: شيخ الإسلام الأنصاريّ. ورّخه ابن جبرون. وقال الفارسيّ: توفّي في جمادى الأولى. سمع من الأصمّ في سنة أربعٍ وثلاثين وثلاثمائة مجلسين، وهو ثقة. 17- الحسين بن إبراهيم بن محمد4. أبو عبد الله الأصبهاني الحمّال. سمع: عبد الله بن فارس، ومحمد بن أحمد الثقفي، وجماعة. وله جزء معروف سمعناه.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 278"، المنتظم "8/ 51". 2 تاريخ دمشق "10/ 273". 3 سير أعلام النبلاء "17/ 390"، شذرات الذهب "3/ 219". 4 العبر "3/ 143"، سير أعلام النبلاء "17/ 377"، شذرات الذهب "3/ 219".

روى عنه: أبو بكر أحمد بن مردوَيْه، وعليّ بن الفضل بن عبد الرزاق اليَزْديّ، والقاسم بن الفضل الثّقفيّ، ومحمد بن عليّ الخبّاز، وآخرون. مات في ربيع الأول. 18- الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن يعقوب1. أبو عليّ البَجّانيّ، من مدينة بَجّانة بالأندلس. روى عن: أبي عثمان سعيد بن مَخْلُوف صاحب يوسف المُغاميّ كتاب "الواضحة" لعبد الملك بن حبيب، وهو آخر من رواها عن ابن فَحْلُون. كما أنّ فَحْلُون آخر من روى عن المغامي صاحب ابن حبيب. وقد تُوُفّي ابن فَحْلُون سنة ستٍّ وأربعين وثلاثمائة. روى عنه: الخَوْلانيّ وقال: كان قديم الطلب، كثير السَّماع من أهل العلم أسنَّ وعمّر طويلًا وقارب المائة، واحْتيج إليه. روى عَنْهُ أيضًا: أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عتاب، وأبو عمر بن عبد البَرّ، والمُصْحَفيّ أبو بكر، والمحدِّث أبو العباس العُذْريّ. وكان مولده في سنة ست وعشرين وثلاثمائة. 19- الحسين بن محمد بن الحسين بن محمد بن يوسف2. أبو عليّ النَّيْسابوريّ السَّخْتيانيّ، المعدّل ثقة. ثقة، ثَبْت، مشهور. سماعه في كُتُب أبي عبد الرحمن السُّلَميّ عن: يحيى بن منصور القاضي، وأبي العبّاس الصِّبْغيّ، وأبي عليّ الرّفّاء. تُوُفّي في رمضان وله تسعون سنة. روى عنه: أبو صالح المؤذّن. 20- حُمَام بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن أكدرَ بن حُمام بن حَكَم3. القاضي أبو بكر القُرطُبيّ. قال أبو محمد بن حزْم: كان واحد عصره في البلاغة، وفي سعة الرّواية، ضابِطًا لِمَا قيّده. روى عن: أبي محمد الباجيّ، وأبي عبد الله بن مفرّج فأكثر، وكان شديد

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 377-379"، شذرات الذهب "3/ 219". 2 التقييد لابن نقطة "250". 3 جذوة المقتبس "199"، العبر "3/ 144".

الانقباض. مَا أرى أحدًا سلِم من الفتنة سلامته مع طول مدّته فيها، وكان حَسَن الخطّ، قويًّا على النّسخ، ينسخُ في نهارِه نيفًا وعشرين ورقة. حسن الشعر، حسن الخُلُق، فَكِه المُحادثة. ولي قضاءَ يابُرَة، وشَنْتَرين، والأُشبونة. وتُوُفْي في رجب بقرْطبة. ووُلِد سنة سبع وخمسين وثلاثمائة. روى عنه ابن حزْم في تصانيفه. "حرف الخاء": 21- خَلَف بن عيسى بن سعيد بن أبي درهم1. أبو الحزم التُّجَيْبيّ الوَشْقيّ، قاضي وشْقة. رَوَى عَنْ: أَبِي عيسى اللَّيْثي، وأَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز بْن القُوطِيّة. ورحل، فسمع من: الحسن بن رشيق، وأبي محمد بن أبي زيد. حدَّث عَنْهُ: القاضي أَبُو عُمَر بْن الحَذَّاء، وقَالَ: كان فاضل جهته وعاقلها، فهِمًا. "حرف السين": 22- سعيد بن سليمان2. أبو عثمان الهمداني الأندلسي، المقرئ المجود، المعروف بنافع. أخذ القراءة عن أبي الحسن الأنطاكي، وضبط عنه حرف نافع وأقرأ به، وعرف العربية. توفي بدانِية، ذكره أبو عَمْرو. "حرف العين": 23- عُبَادة بن عبد الله بن ماء السّماء3. أبو بكر، شاعر الأندلس، ورأس شعراء الدّولة العامريّة. صنّف كتاب "شعراء الأندلس". وبقي إلى هذه السّنة، فإنه جاء فيها بردٌ مَهُولٌ كالحجارة، فقال:

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "207، 208"، الصلة لابن بشكوال "1/ 167". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 216، 217"، غاية النهاية "1/ 306". 3 جذوة المقتبس "293، 294"، الوافي بالوفيات "16/ 621-628"، الأعلام "4/ 30".

يا عِبرةً أُهْدِيَت لمُعتَبِر ... عشِيّة الأربعاء من صفرِ أقبلنا اللهُ بأسَ منتقمٍ ... فيها وثَنَى بعفوِ مقتدرِ أرسلَ مِلءَ الأَكُفِّ من بردٍ ... جلامدًا تَنْهَمي على البشرِ فيا لها آيةٌ وموعظةٌ ... فيها نذيرٌ لكلِّ مزدجرِ كاد يُذيب القلوبَ منظرُها ... ولو أعِيرت قساوةَ الحجرِ لا قدَّر الله في مشيئته ... أن يبتلينا بسيءِ القدرِ وخصّنا بالتُّقى ليجعلنا ... من بأسه المتَّقى على حذرِ 24- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن حَمدِيّة1. أخو الحسن. سمع من: أبي بكر النّجاد، وعبد الباقي بن قانع، فيما ذُكِر. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ضعيفًا. سمّع لنفسه في "أمالي النّجّاد" وقعت له. 25- عَبْد الله بْن إبراهيم بْن عَبْد الله بن سيما الدّمشقيّ2. أبو محمد المؤدِّب، إمام مسجد نُعَيم. روى عَنْ: أَبِي عبد الله محمد بْن إِبْرَاهِيم بن مروان، وأبي علي بن آدم. روى عنه: عبد العزيز الكتاني، وإسماعيل السمان. 26- عبد الله بن الحسن بن جعفر الإصبهاني القصار. سبط فاذويه. توفي في ربيع الأول، أو في صفر. 27- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محفوظ3. أبو محمد المحفوظي الملقاباذي المعدل. ثقة مشهور. حدث عن: أبي العبّاس الصِّبْغيّ، وهارون الأسْتِرَابَاذيّ، وأبي عمرو بن مطر. روى عنه: محمد بن يحيى المزكي. وتوفي في ذي القعدة عن اثنتين وثمانين سنة.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 398"، ميزان الاعتدال "2/ 391"، لسان الميزان "3/ 249". 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 293". 3 المنتخب من السياق "302".

28- عبد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد1. الشَّيْخ أبو بَكْر الباطِرْقانيّ الأصبهاني المقرئ. إمامٌ في القراءات، حافظٌ للرّوايات. قُتِل في الجامع في جمادى الآخرة. وقيل: قتل في داره. يروي عن: الطبرانيّ، وأبي الشيخ، وأبي حامد أحمد بن محمد بن حسين الجرجانيّ. وعنه: أبو عبد الله الثقفي الرئيس، وأبو منصور أحمد بن محمد بن علي شيخا السلفي، وجماعة. 29- عبد الواحد بن الحسين بن الحسن2. أبو أحمد الدمشقي الكاتب المعروف بابن الوراق. سمع: أبا عبد الله بن مروان. وعنه: عبد العزيز الكتاني. 30- علي بن أحمد بن مندويه. أبو الحسن الأصبهاني المقرئ. في شعبان. 31- علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان3. بغدادي. روى عن النَّجّاد. وذكر أنّه سمع أيضًا من: ابن مِقْسَم، وأبي بكر الشّافعيّ. روى عنه: الخطيب، وقال: كان رئيسًا له لسنٌ وبلاغة. ولم يكن في دِينه بذاك. مات في عَشْر التّسعين. قلتُ: كان صاحب الإنشاء ببغداد، له النَّظْم والنّثر. 32- عليّ بن محمد بن موسى بن الفضل. أبو الحسن الصَّيرفيّ. ولد أبي سعيد. 33- عليّ بن محمد بن عُمَيْر بن محمد بن عُمَيْر. أبو الحسن، والد الزّاهد أبي عبد الله العُمَيْريّ الهَرَويّ. روى عن: العبّاس بن الفضل بن زكرّيا الهَرَويّ. روى عنه: ابنه. 34- عمر بن أحمد بن عبد الرحمن بن عمر الذَّكوانيّ. المعدّل، أبو حفص. أخو أبي بكر بن أبي عليّ. توفي في المحرم.

_ 1 الأنساب "2/ 40، 41"، معجم البلدان "1/ 324". 2 مختصر تاريخ دمشق "15/ 248". 3 تاريخ بغداد "12/ 31، 312"، المنتظم "8/ 51، 52"، الكامل في التاريخ "9/ 410".

35- عمر بن عيَيْنة بن أحمد. أبو حفص الضَّبيّ العدْل. يروى عن: المُعافى الجريريّ. روى عنه: شيخ الإسلام الهَرَويّ. 36- عَمْرو بن طِراد بن عَمْرو1. أبو القاسم الأسديّ الدّمشقيّ الخلّاد. حدَّث عن: يوسف المَيَانِجِيّ، والفضل بن جعفر. روى عنه: أبو علي الأهوازي، وأبو سعد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ وقال: كان ثقة من أهل السُّنّة. "حرف القاف": 37- القاسم بن عبد الواحد. أبو أحمد الشّيرازيّ. قال أبو إسحاق الحبّال: تُوُفّي في عاشر ربيع الأوّل، وحضرتُ جنازَتَه. حدَّث أبوه وأهل بيته الكثير. "حرف الميم": 38- محمد بْن أحمد بْن عثمان بن محمد2. أبو الفرج الزَّمْلكانيّ الإمام. روى عن: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وغيره. روى عنه: عليّ بن الخِضِر السُّلَميّ، ومحمد بن أحمد بن ورقاء. 39- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن جعفر. أبو الفضل الأصبهاني. الخطيب. في رجب. 40- محمد بن أحمد بن أبي عون النهرواني3. حدَّث في هذا الوقت عن: محمد بن محمد الإسكافيّ، وعمر بن جعفر بن سَلْم.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "19/ 230". 2 مختصر تاريخ دمشق "21/ 287"، معجم البلدان "3/ 150". 3 تاريخ بغداد "1/ 307".

روى عنه: الخطيب، وقال: كان صدوقًا. 41- محمد بن جعفر بن عِلّان1. أبو الفَرَج الطَّوَابيقيّ الورّاق. بغداديّ، صدوق. من شيوخ الخطيب. حدَّث عن: أبي بكر بن خلاد، ومَخْلَد الباقِرْحِيّ. وقرأ القراءات. 42- محمد بن الحسين بن أبي أيوب2. الأستاذ حجة الدين أبو منصور، المتكلم تلميذ أبي بكر بن فورك، وختنه. له مصنفات مشهورة، منها: "تلخيص الدلائل". تُوُفّي فِي ذي الحجّة. 43- مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الحسين3. أبو بكر، ويقال: أبو الحسن الدمشقي النحوي، الشاعر المعروف بابن الدوري. روى عن: أبي عبد الله بن مروان، وعليّ بن يعقوب بن أبي العَقِب، وأبي علي بن أبي الرمرام، وأبي عمر بن فضالة. وكتب الكثير بخط حسن. روى عنه: أبو سعد السمان، والكتاني وقال: كانوا يتّهمونه في دينه. 44- محمد بن عليّ بن حَيْد. يُقال تُوُفّي فيها. وفد مرّ سنة تسع عشرة. 45- محمد بْن محمد بْن عَبْد الله. أبو أحمد الهَرَويّ المعلّم. روى عن: أبي حاتم بن أبي الفضل، وأبي عبد الله العُصْميّ. روى عنه: أبو عبد الله العُمَيْريّ. 46- محمد بن أبي المظفّر4. أبو الفتح البغدادي الخيّاط. صدوق. حدَّث عن: القَطِيعيّ، وأحمد بن جعفر بن سَلْم. قال الخطيب: لا أعلم كتب عنه غيري.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 159"، المنتظم "8/ 52"، غاية النهاية "2/ 110". 2 طبقات الشافعية "3/ 62"، الوافي بالوفيات "3/ 10"، معجم المؤلفين "9/ 235". 3 مختصر تاريخ دمشق "22/ 269". 4 تاريخ بغداد "3/ 265، 266".

46- محمد بن المنتصر بن الحسين. أبو عبد الله الهَرَويّ الباهليّ. من ولد أَمِيرُ خُراسان قُتَيْبة بن مسلم. سمع: أبا عَلِيَّ الرّفاء، وأبا منصور الأزهريّ اللُّغويّ. وروى عنه: شيخ الإسلام الأنصاريّ، ومحمد بن علي العُمَيْري، وجعفر بن مسلم العُقَيليّ. 48- محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان1. أبو سعيد بن أبي عَمْرو النَّيْسابوريّ الصَّيْرفيّ، أحد الثّقات، والمشاهير بنَيْسابور. سمع الكثير من: أبي العبّاس الأصمّ، وأبي عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم، ويحيى بن منصور القاضي، وأبا حامد أَحْمَد بن محمد بن شعيب، وجماعة. وكان أبوه ينفق على الأصمّ، فكان الأصمّ لا يحدِّث حتّى يحضر أبو سعيد، وإذا غاب عن سماع جزءٍ أعاده له. روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ، والخطيب، وشيخ الإسلام، وأبو زاهر طاهر بن محمد الشّحّاميّ، وخلق آخرهم موتًا عبد الغفار الشيروبي المتوفى سنة عشر وخمسمائة. تُوُفّي، رحمه الله، في ذي الحجّة. 49- محمود بن سُبُكْتِكِين2. السّلطان الكبير أبو القاسم يمين الدّولة ابن الأمير ناصر الدّولة أبي منصور. وقد كان قبل السّلطنة يُلقَّب بسيف الدّولة. قدِم سُبُكْتِكِين بُخارى في أيّام الأمير نوح بن منصور السّاماني، فوردها في صُحْبة ابن السُّكَيْن، فعرفه أركان تلك الدّولة بالشّهامة والشّجاعة، وتوسَّموا فيه الرّفْعَة. فلمّا خرج ابن السُّكَيْن إلى غَزْنَةَ أميرًا عليها خرج في خدمته سُبُكْتكين، فلم يلبث ابن السُّكِين أن مات، واحتاج إلى من يتولى أمرهم فاتفقوا على سبكتكين وأمروه عليهم. فتمكن وأخذ في الإغارات على

_ 1 العبر "3/ 144"، سير أعلام النبلاء "17/ 350"، الوافي بالوفيات "5/ 81"، شذرات الذهب "3/ 220". 2 المنتظم "8/ 52-54"، سير أعلام النبلاء "15/ 32-135"، البداية والنهاية "12/ 27، 28، 29".

أطراف الهند. فافتتح قلاعا عديدة، وجرى بينه وبين الهند حروب، وعظمت سطوته، وفتح ناحية بست. واتصل به أبو الفتح علي بن محمد البستي الكاتب، فاعتمد عليه وأسر إليه أموره. وكان سبكتكين على رأي الكرامية. قال جعفر المستغفري: كان أبو القاسم عبد الله بن عبد الله بن الحسين النَّضريّ المروزي قاضي نسف صلب المذهب، فلما دخل سبكتكين صاحب غزنة بَلخ دعاهم إلى مناظرة الكَراميّة -وكان النَّضري يومئذٍ قاضيا ببلْخ- فَقَالَ سُبُكْتِكِين: ما تقولون فِي هَؤُلاءِ الزُّهاد والأولياء؟ فقال النَّضْريّ: هؤلاء عندنا كَفَرة. فقال: ما تقولون فيَّ؟ قال: إن كنت تعتقدُ مذهبهم فقَولُنا فيك كقولنا فيهم. فوثب من مجلسه وجعل يضربهم بالطَّبَرزين حتّى أدماهم، وشجّ القاضي، وأمر بهم فقيدوا وحبسوا. ثم خاف الملامةَ فأطلقهم. ثمّ إنّه مرِض ببلْخ، فاشتاق إلى غَزْنَة، فسافر إليها ومات في الطّريق في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، وجعل وليّ عهدِه ولده إسماعيل. وكان محمود غائبًا ببلْخ، فلمّا بلغه نعي أبيه كتَب إلى أخيه ولاطَفَه على أن يكون بغَزْنَة، وأن يكون محمود بخُراسان. فلم يوافقه إسماعيل، وكان في إسماعيل رخاوة وعدم شهامة، فطمع فيه الْجُنْد وشغّبوا عليه، وطالبوه بالعَطَاء، فأنفق فيهم الخزائن. فدعا محمود عمَّهُ إلى موافقته، فأجابه، فقويّ بعمِّه وبأخيه، وقَصَد غَزْنَة في جيشٍ عظيم، وحاصرها إلى أن افتتحها بعد أن عمل هو وأخوه مَصّافًا هائلًا، وقُتِل خلقٌ من الجيش، وانهزم أخوه إسماعيل وتحصَّن. فنازل حينئذٍ محمود البلَد، وأنزل أخاه من قلعتها بالأمان. ثمّ رجع إلى بَلْخ، وحبس أخاه ببعض الحصون حبْسًا خفيفًا، ووسَّع عليه الدّنيا والخَدَم. وكان في خُراسان نوابٌ لصاحب ما وراء النَّهر من الملوك السَّامانية، فحاربهم محمود ونُصِر عليهم، واستولى على ممالك خُراسان، وانقطعت الدّولة السّامانية في سنة تسعٍ وثمانين. فسيَّر إليه القادر بالله أمير المؤمنين خلعة السّلطان. وعظُم ملكُه، وفرض على نفسه كلَّ عامٍ غَزْوَ الهند، فافتتح منها بلادًا واسعة، وكسر الصَّنم المعروف بسُومنات، وكانوا يعتقدون أنّه يُحيي ويُميت، ويقصدونه مِن البلاد، وافتتن به أممٌ لا يُحصيهم إلّا الله. ولم يبقَ ملك ولا محتشم إلّا وقد قرَّب له قُرْبانًا من نفيس ماله، حتّى بلغت أوقافه عشرةَ آلاف قرية، وامتلأت خزائنه من أصناف الأموال والجواهر.

وكان في خدمة هذا الصّنم ألف رجل من البراهمة يخدمونه، وثلاثمائة رجل يحلقون رءوس الحُجَّاج إليه ولِحاهم عند القدوم، وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنّون ويرقصون عند بابه. وكان بين الإسلام وبين القلعة الّتي فيها هذا الوَثن مسيرة شهرٍ، في مفازةٍ صَعْبَةٍ، فسار إليها السّلطان محمود في ثلاثين ألف فارس جريدةً. وأنفق عليهم أموالًا لا تُحصى، فأتوا القلعةَ فوجدوها منيعةً، فسهّل الله تعالى بفتحها في ثلاثة أيّامٍ، ودخلوا هيكلِ الصّنمِ، فإذا حوله من أصناف الأصنام الذَّهب والفضة المُرصَّعة بالجواهر شيءٌ كثير، محيطون بعَرْشه، يزعمون أنّها الملائكة. فأحرقوا الصَّنم الأعظم ووجدوا في أُذُنيه نيِّفًا وثلاثين حلْقةً. فسألهم محمود عن معنى ذلك، فقالوا: كلُّ حلْقةٍ عبادة ألف سنة. ومن مناقب محمود بن سُبُكْتِكِين ما رواه أبو النصر عبد الرحمن بن عبد الجبّار الفاميّ قال: لمّا وردَ التَّاهَرْتيّ الداعي من مصر على السلطان محمود يدعوه سرا إلى مذهب الباطنية، وكان يركب البغل الذي أتى به معه، وذاك البغل يتلون كل ساعة من كل لون، ووقف السلطان محمود على شر ما كان يدعو إليه، وعلى بطلان ما حثه عليه أمر بقتله وأهدى بغله إلى القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ الشافعي شيخ هراة، وقال السّلطان: كان هذا البغْل يركبه رأس الملحدين، فلْيَرْكَبْه رأسُ الموحّدين. ولولا ما في السّلطان محمود من البِدْعة لَعُدَّ من ملوك العدْل. وذكر إمام الحَرَميْن الْجُوَينيّ أنّ السّلطان محمود كان حنفيّ المذهب مولعًا بعلم الحديث، يسمع من الشيوخ ويستفسر الأحاديث، فوجدها أكثرها موافقًا للمذهب الشّافعيّ، فوقع في نفسه، فجمع الفُقَهاء في مرو، وطلبَ منهم الكلام في ترجيح أحد المَذْهَبَين. فوقع الاتفاق على أن يُصَلُّوا بين يديه على مذهب الإمامين ليختار هو. فصلّى أبو بكر القفّال بطهارةٍ مُسْبِغةٍ، وشرائطَ مُعْتَبرةٍ من السُّتْرَة والقِبْلَةِ، والإتيان بالأركان والفرائض صلاةً لا يجوز للشافعي دونها، ثمّ صلّى صلاةً على ما يجوّز أبو حنيفة -رضي الله عنه، فلبس بدْلة كلبٍ مدبوغًا قد لُطِّخ رُبْعُهُ بالنَّجاسة، وتوضّأ بنبيذ التّمر، وكان في الحرِّ، فوقع عليه البَعُوض والذُّباب، وتوضَّأ منكِّسًا، ثمّ أحرم، وكبَّر بالفارسيّة: "دو بركك سَبْز"، ثمّ نقر نقرتين كنقرات الدِّيك من غير فصْلٍ ولا رُكُوع

ولا تَشَهُّد، ثمّ ضرط في آخره من غير نية السلام، وقال: هذه صلاة أبي حنيفة. فقال: أن لم تكن هذه الصّلاة صلاة أبي حنيفة لَقَتَلْتُكَ. قال: فأنكرتِ الحنفية أن تكون هذه صلاة أبي حنيفة فأمرَ القفّال بإحضار كتب أبي حنيفة، وأمر السّلطان بإحضار نَصْرانيّ كاتبًا يقرأ المذهبين جميعًا، فوُجِدت كذلك. فأعرض السّلطان عن مذهب أبي حنيفة، وتمسّك بمذهب الشّافعيّ، هكذا ذكر إمامُ الحرمين بأطول من هذه العبارة. وقال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسيّ في ترجمة محمود السّلطان: كان صادقَ النّيّة في إعلاء كلمة الله، مظفَّرًا في الغزوات، ما خَلَتْ سنةٌ من سِنِيّ مُلكه عن غزوةٍ وسَفْرةٍ، وكان ذكيا بعيد الغَوْرِ، موفَّقُ الرأي. وكان مجلسه مورد العلماء، وقبره بغَزْنَة يُدْعى عنده. وقال أبو عليّ بن البنَّا: حكى عليّ بن الحُسين العُكْبَريّ أنّه سمع أبا مسعود أحمد بن محمد البَجَليّ، قال: دخل ابن فُورَك على السُّلطان محمود فقال: لا يجوز أن يوصف الله بالفَوْقيّة؛ لأنه يلزمك أن تَصِفَه بالتَّحْتيّة؛ لأن من جاز له أن يكون له فوق، جاز أن يكون له تحت. فقال السّلطان: ليس أنا وصفته حتّى تُلْزِمَني. هو وصف نفسه. فبُهِت ابن فُورَك. فلمّا خرج من عنده مات، فيقال: انشقت مرارته. وقال عبد الغافر: قد صُنِّف في أيّام محمود وغزواته تواريخ، وحُفِظَت حركاتُه وسكناتُه وأحواله لحظةً لحظة. وكانت مستغرقة في الخيرات ومصالح الرِّعية. وكان متيقّظًا، ذكي القلب، بعيد الغَوْر، يسَّرَ الله له من الأسباب والجنود والهيبة والحشمة في القلوب ما لم يره أحده. كان مجلسه مورد العلماء. قلتُ: وقال أبو النَّضْر محمد بن عبد الجبَّار العُتْبيّ الأديب في كتاب "اليمينيّ" في سيرة هذا السّلطان: رحم الله أبا الفضل الهمداني حيث يقول في يمين الدولة وأمين الله محمود: تعالى الله ما شاءَ ... وزاد اللهُ إيماني

أَأَفريدون في التّاج ... أَم الإسكندرُ الثّاني؟ أم الرَّجْعَة قد عادت ... إلينا بسليمانِ؟ أَظَلَّت شَمسُ محمودٍ ... على أَنجمِ سامانِ وأمسى آلُ بهرامٍ ... عبيدًا لابن خاقانِ إذا مَا ركب الفِيل ... لحرب أو لميدانِ رأت عيناكَ سُلطانًا ... على مَنْكبِ شيطانِ فمن واسطة الهند ... إلى ساحة جرجانِ ومن قاصية السِّند ... إلى أقصى خراسانِ فيومًا رُسُل الشاه ... وبعده رُسُل الخانِ لك السَّرجُ إذا شئت ... على كاهل كيوانِ قلتُ: ومناقب محمود كثيرة وسيرته من أحسن السِّير، وكان مولده في سنة إحدى وستين وثلاثمائة ومات بغَزْنَة في سنة إحدى، وقيل: سنة اثنتين وعشرين. قام بالسّلطنة بعده ولده محمد، فأنفق الأموال، وكان منهمكًا في اللَّهو واللَّعب، فعمل عليه أخوه مسعود بإعانة الأمراء فقبض عليه، واستقرّ المُلك لمسعود. ثمّ جرت خُطُوب وحروب لمسعود مع بني سُلْجوق، إلي أن قُتل مسعود سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وتملَّك آلُ سُلْجوق، وامتدَّت أيّامُهم، وبقي منهم بقيّةٌ إلى أيّام السّلطان الملك الظَّاهر بَيْبَرس، وهم ملوك بلد الرّوم. قال عبد الغافر: تُوُفّي في جُمَادى الأولى سنة إحدى بغَزْنَة. وفيات سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة: "حرف الألف": 50- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد1. أبو حامد الأندلسيّ النَّيْسابوريّ. شيخٌ ثقة. تُوُفْي في نصف رجب عن ثمان

_ 1 المنتخب من السياق "84".

وسبعين سنة. روى عن: أبي عَمْرو بن مطر، وغيره. وعنه: أبو صالح المؤذِّن. 51- أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن أبي أحمد طلحة ابن المتوكل على الله بن المعتصم بن الرشيد1. أبو العبّاس، الخليفة القادر بالله أمير المؤمنين ابن الأمير أبي أحمد بن المقتدر بالله الهاشميّ، العباسيّ، البغداديّ. بويع بالخلافة عند القبض على الطّائع لله في حادي عشر رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. ومولده في سنة ستٍّ وثلاثين. وأمُّه تمني مولاة عبد الواحد بن المقتدر، كانت ديّنة خيرة معمرة توفيت سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. وكان أبيض كثّ اللَّحية طويلها، يَخْضِبُ شَيْبَه. وكان من أهل الستر والصيانة، وإدامة التجهد. تفقّه على العلّامة أبي بِشْر أحمد بن محمد الهَرَويّ الشّافعيّ، وعدَّه ابن الصّلاح في الفُقَهاء الشّافعيّة. قال الخطيب: كان من الدَّيانة وإدامة التهجُّد، وكثرة الصَّدقات على صفةٍ اشتهرت عنه، وصنَّف كتابًا في الأُصُول ذكر فيه فضل الصّحابة وإكفار المعتزلة والقائلين بخلْق القرآن. وكان ذلك الكتاب يُقرأ كلّ جُمُعةٍ في حلقة أصحاب الحديث بجامع المهديّ، ويحضره مدّة خلافته، وهي إحدى وأربعون سنة وثلاثة أشهر. تُوُفّي ليلة الاثنين الحادي عشر من ذي الحجّة. ودُفِن بدار الخلافة فصلّى عليه ولده الخليفة بعده القائم بأمر الله ظاهرًا، والخلْقُ وراءه، وكبَّر عليه أرْبَعًا، فلم يزل مدفونًا في الدّار حتّى نُقِل تابوته في المركب ليلًا إلى الرّصافة، ودُفِن بعدها بعد عشر أشهر. وعاش سبْعًا وثمانين سنة إلّا شهرًا وثمانية أيّام، رحمه الله. 52- أحمد بن الحسين بن الفضل الهاشميّ2.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 37، 38"، سير أعلام النبلاء "15/ 127-137"، البداية والنهاية "12/ 31". 2 تاريخ بغداد "4/ 109، 110".

أبو الفضل بن دودان. بغداديّ، سمع: ابنَ خلّاد الضّبّي. وكتب الكثير بخطّه. قال الخطيب: لم يزل يسمع معنا ويكتب إلى حين وفاته. كتبتُ عنه، وكان صدوقًا. وُلِد سنة سبع وأربعين وثلاثمائة. 53- أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هارون. أبو الحسين الأصبهاني الفقيه الواعِظ، المعروف بابن رَرَا. والد أبي الخير إمام جامع أصبهان. روى عن: أبي القاسم الطّبرانيّ. وكان غاليا في الاعتزال. تُوُفّي في ربيع الأوَّل. 54- أحمد بْن محمد بن إبراهيم. أبو عليّ الأصبهاني الصّيدلانيّ. سمع من الطَّبْرانيّ "مسند الثوري"، جمعه. وعنه: سعد بن محمد النعال، ومحمد بن إبراهيم العطار. 55- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن إسحاق بن ماجه. أبو عبد الله الأصبهاني، الزاهد، الساماني. روى عن: أبي أحمد العسال، وجماعة. وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة. ومن شيوخه: أبو إسحاق بن حمزة، والطبراني، وأحمد بن بُنْدار، وخلق كثير. وله رحلة. وكان زاهدًا، قُرئ عليه ما لم يسمعه، فلم ينتبه لذلك. روى عنه: عبد الرحمن بن منده، وأخوه. 56- إبراهيم بن عليّ بن زقازق. أبو إسحاق الصَّيْرفيّ المصريّ. تُوُفّي فِي ربيع الأخر. "حرف الحاء": 57- الْحَسَن بن أحمد بن السّلّال1. الحنبلي، المؤدب.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 181".

يروي عن: عبد الباقي بن قانع. 58- الحسين بن الضَّحّاك: أبو عبد الله الطِّيبيّ الأنماطيّ1. روى عن: أبي بكر الشّافعيّ وكان ثقة. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم بن أبي العلاء الفقيه. 59- الحسين بن مُحَمَّد بن جَعْفَر2. أَبُو عَبْد الله البغداديّ الشّاعر. ويُعْرف بالخالع. حدث عن: أحد بن خُزَيْمَة، وأحمد بن كامل، وأبي عُمَر الزّاهد. وعنه: الخطيب، وغيره. قال أبو الفتح محمد بن أحمد المصريّ الصّواف: لم أكتب ببغداد عمّن أطلق فيه الكَذِب غير أربعة، أحدهم أبو عبد الله الخالع. مات في شعبان، وقد قارب السبعين. 60- حَمْد بن محمد بن أحمد بن سلامة. أبو شُكْر الأصبهاني. "حرف السين": 61- سعيد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن فُطَيْس3. أبو عثمان القُرَشيّ الورّاق. حدث عن: أبيه ومحمد بن العباس بن كَوْذَك، وأبي عمر بن فَضَالة. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، ومحمد بن عليّ الحدّاد، وجماعة. ولم يكن الحديث من صنعته. 62- سليمان بن رستم. إمام الجامع بمصر. ورّخه الحبّال، وقال: كان عنده الكثير.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 55"، الإكمال لابن ماكولا "5/ 258"، الأنساب لابن السمعاني "8/ 289". 2 تاريخ بغداد "8/ 105، 106"، ميزان الاعتدال "1/ 547"، لسان الميزان "2/ 310، 311". 3 لسان الميزان "3/ 37، 38".

"حرف الطّاء": 63- طلْحة بن عليّ بن الصّقْر البغداديّ الكتّانيّ1. أبو القاسم. سمع: أحمد بن عثمان الأدَميّ، وأبا بكر النّجاد، ودعْلَج بن أحمد، ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم الشّافعيّ، وجماعة. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وقال: كان ثقة صالحًا، وأبو بكر البَيْهَقيّ، وأبو القاسم عليّ بن أبي العلاء المَصِّيصيّ، وخلْق آخرهم وفاة أبو القاسم بن بيان الرّزّاز. ومات في ذي القعدة وَلَهُ ستٌّ وثمانون سنة. "حرف العين": 64- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن ميلَة الأصبهاني. أخو الفقيه عليّ بن ماشَاذَه. أبو محمد. تُوُفّي في المحرَّم. حدَّث عن: الطَّبْرانيّ، وعنه: سعيد بن محمد المَعْدانيّ. 65- عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد بن محمد بن بِشر بن غِرْسِيَّة2. أبو المطِّرف القُرْطُبيّ، قاضي الجماعة ابن الحصّار، مولى بني فُطَيْس. روى عن: أبيه. وصَحِب أبا عمر الإشبيليّ وتفقّه به. وأخذ أيضًا عن: أبي محمد الأصيليّ. وكان من أهل العلم والتفنن والذكاء. ولاه عليّ بن محمود القضاء في صدر سنة سبع وأربعمائة، فسار بأحسن سيرة. فلما توفي عليّ وولي الخلافة أخوه القاسم أقره أيضًا على القضاء، مضافًا إلى الخطابة إلى سنة تسع عشرة، فعزله المعتمد بسعايات ومطالبات. روى عنه: أبو عبد الله بن عتّاب، وقال: كان لا يفتح على نفسِهِ بابَ رواية ولا مدارسة.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 352، 353"، المنتظم "8/ 61"، سير أعلام النبلاء "17/ 479-481". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 326-328"، سير أعلام النبلاء "17/ 473-475"، شذرات الذهب "3/ 223".

وصَحِبته عشرين سنة. وذهَب في أوّل أمره إلى التّكلُّم على "الموطّأ"، وقراءته في أربعة أَنْفُس. فلمّا عُرِف ذلك أتاه جماعة ليسمعوا فامتنع. وكنّا نجتمع عنده مع شيوخ الفتوى، فيشاوَر في المسألة، فيخالفونه فيها، فلا يزال يُحاجّهم ويستظهر عليهم بالرّوايات والكُتُب حتّى ينصرفوا ويقولوا بقوله. قال ابن بَشْكُوال: سمعت أبا محمد بن عتّاب: نا أبي مِرارًا قال: كنت أرى القاضي ابن بِشر في المنام في هيئته وهو مقبل من داره، فأسلّم عليه، وأدري أنه ميت، وأسأله عن حاله وعمّا صار إليه، فكان يقول لي: إلى خير ويُسْر بعد شدّة. فكنت أقول له: وما تذكر من فضل العلم؟ فكان يقول لي: ليس هذا العلم، ليس هذا العلم. يُشير إلى علْم الرّأي، ويذهب إلى أنّ الّذي انتفع به من ذلك ما كان من علم كتاب الله، وحديث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. تُوُفيّ يوم نصف شعبان، ولم يأتِ بعده قاضٍ مثله. ووُلِد سنة أربع وثلاثمائة. قال أبو محمد بن حزم في آخر كتاب "الإجماع": ما لقيتُ أشدّ إنصافًا في المناظرة منه، ولقد كان من أعلم مَن لقيت بمذهب مالك، مع قُوتّه في علم اللُّغة والنَّحو ودقَّة فَهْمِه، رحمه الله. 66- عبد الرحمن بن أحمد: أبو سعيد السَّرْخَسيّ. سمع: محمد بن إسحاق القُرشيّ صاحب عثمان بن سعيد الدّارميّ. روى عنه: أبو إسماعيل الأنصاريّ. 67- عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أَحْمَد1. القاضي أبو محمد البغداديّ المالكيّ الفقيه. سمع: الحسين بن محمد بن عبيد العسكري، وعمر بن سَبَنْك، وأبا حفص بن شاهين. وكان شيخ المالكيّة في عصره وعالمهم. قال الخطيب: كتبت عنه وكان ثقة، لم ألقَ من المالكيين أفقه منه.

_ 1 المنتظم "8/ 61، 62"، الكامل في التاريخ "9/ 422"، سير أعلام النبلاء "17/ 429-432"، البداية والنهاية "12/ 32".

ولي القضاء ببادَرَايا ونحوها. وخرج في آخر عمره إلى مصر، فمات بها في شعبان. وقال القاضي ابن خَلِّكان: هو عبد الوهّاب بْن عَلِيّ بْن نصر بْن أَحْمَد بْن الحسين بن هارون ابن الأمير مالك بن طَوْق التَّغلبيّ، من أولاد صاحب الرَّحْبَة. كان شيخ المالكيَّة. صنَّف كتاب "التّلقين"، وهو مع صِغَره من خيار الكُتُب. وله كتاب "المعونة" و"شرح الرِّسالة"، وغير ذلك. وقد اجتاز بالمَعَرَّة، فأضافه أبو العلاء بن سليمان المَعَرِيّ، وفيه يقول: والمالكيُّ ابنُ نصْر زارَ في سَفَرٍ ... بلادَنا فحمدْنا النَّأْيَ والسَّفَرا إذا تفقَّه أحيا مالِكًا جَدَلًا ... وينشر الملك الضِّلّيل إن شعرا وقال أبو إسحاق في "الطّبقات": أدركته وسمعت كلامه في النَّظر. وكان قد رأى أبا بكر الأبْهَريّ، إلْا أنّه لم يسمع منه. وكان فقيهًا متأدِّبًا شاعرًا، وله كُتُبٌ، كثيرةٌ في كلّ فنٍّ من الفقه. وخرج في آخر عمره إلى مصر، وحصل له هناك حالٌ من الدّنيا بالمَغَارِبَة. وله في خروجه من بغداد: سلامٌ على بغدادَ في كلِّ موطِنٍ ... وحُقَّ لها منّي سلامٌ مُضَاعفُ فَوَالله ما فارقتها عن قِلى لها ... وإنّي بشَطَّيْ جانبيها لعَارِفُ ولكنّها ضاقتْ عليّ بأسْرِها ... ولم تكنِ الأرزاقُ فيها تُساعفُ وكانت كخِلٍّ كنتُ أهوى دُنُوَّه ... وأخلاقُهُ تَنْأى به وتخالِفُ قلت: وله: ونائمةٍ قبَّلتُها فتَنَبَّهَتْ ... وقالتْ: تعالَوْا فاطْلُبوا اللِّصَّ بالحدِّ فقلت لها: إنّي لثمتُك غاصبٌ ... وما حكموا في غاصب بسِوى الرّدِّ خُذيها وفُكِّي عن أثيمٍ ظُلامةً ... وإن أنتِ لم تَرْضَيْ فألفًا من العدِّ فقالت: قِصاصٌ يشهدُ العقلُ أنّهُ ... على كَبِدِ الجاني ألذُّ من الشَّهْدِ وكانت يميني وهي هِميان خصْرها ... وباتت يساري وهي واسطةُ العقد

وقالت ألم أُخْبِرْ بأنّك زاهِدٌ؟ ... فقلت بلى ما زلت أزهدُ في الزُّهدِ وذكره القاضي عياض فقال: ولي قضاء الدّينَوَر وغيرها. وقد رأى أبا بكر الأبْهَريّ، وتفقّه على كبار أصحابه ابن القصّار، وابن الجلْاب. ودرس علم الكلام والأصول على القاضي أبي بكر بن الباقِلانيّ. وصنَّف في المذهب والأصول تواليف كثيرة، وشرح المدوّنة، وكتاب "الأدلّة في مسائل الخلاف"، وكتاب "النُّصْرة لمذهب مالك"، وكتاب "عيون المسائل". وخرج من بغداد لإملاقٍ أصابه. وقيل: إنّه قال في الشّافعيّ شيئًا، فخاف على نفسه فخرج. حدَّثني بكتاب "التّلقين" له أبو عليّ الصَّدَفيّ، ثنا مهديّ بن يوسف الورّاق، عنه. قلتُ: وكان مولده في سنة اثنتين وستّين وثلاثمائة. وأخوه. - أبو الحسن محمد1. كان أديبًا شاعرًا، توفي بواسط سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. وتوفي أبوهما سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. قال ابن خَلِّكان. 68- علي بن أحمد الْجُرجَانيّ الزّاهد. عُرِف بابن عَرَفَة. يروي عن: ابن عَدِيّ، والإسماعيليّ. 69- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عثمان2. أبو الحسن البغدادي الطِّرازي الحنبليّ الأديب. وسمع ابنه هذا من: الأصمّ، وأبي حامد أحمد بْن عليّ بْن حَسْنَوية المقرئ، وأبي بكر محمد بن المؤمّل، وأبي عمر بن مطر، وجماعة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 432"، شذرات الذهب "3/ 225". 2 العبر "3/ 150"، سير أعلام النبلاء "17/ 409"، شذرات الذهب "3/ 225".

روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو سعد علي بن عبد الله بن أبي صادق الحِيري، وصاعد بن سَيّار الهَرَويّ، وآخرون. وهو آخر من حدّث عن الأصمّ في الدّنيا. تُوُفّي فِي الرّابع والعشرين من ذي الحجّة. 70- علي بن يحيى بن جعفر بن عبْدكُويْه1. أبو الحسن الأصبهاني. إمام جامع أصبهان. سمع: محمد بن أحمد بن الحسن الكِسائيّ، وأحمد بن بُنْدَار الشعار، وَعَبُدَ الله بْنُ الْحَسَنُ بْنُ بندار السَّدُوسيّ، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف، وسليمان الطّبرانيّ، وابن حمزة، وجماعة بأصبهان. والفاروق الخطّابي، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازيّ، وأحمد بن القاسم بن الرّيّان بالبصرة. وإبراهيم بن محمد الدَّيْبُليّ بمكّة. وأملى عدّة مجالس وقع لنا منها. روى عنه: أبو بكر الخطيب، ومحمد بن عبد الجبار الفِرْسانيّ، ورَوْح بن محمد الدّارانيّ الصُّوفيّ، وفضلان بن عثمان القَيْسيّ، وآخرون. تُوُفّي في المحرَّم. "حرف الميم": 71- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بن محمد بن عُبَيْد الله بن جعفر بن خرْجُوش2. أبو الفَرَج الشِّيرازيّ الخرْجوشيّ. حدَّث ببغداد ودمشق عن: أبيه، والحسن بن سعيد المّطّوعيّ المقرئ، ومحمد بن خفيف الزاهد، والطيب بن علي التميمي، وجماعة. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وقال: كتبنا عنه بانتقاء ابن أبي الفوارس، وكان صالحًا فاضلًا، ثقة أديبًا. تُوُفيَ ببغداد فِي آخر العام. وروى عنه: عليّ بن محمد بن شجاع، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو إسحاق

_ 1 العبر "3/ 150"، سير أعلام النبلاء "17/ 478، 479"، شذرات الذهب "3/ 225". 2 تاريخ بغداد "2/ 336، 337"، الأنساب "5/ 79، 80"، مختصر تاريخ دمشق "23/ 38".

الشّيرازيّ الفقيه، وأبو سعْد السّمّان. حدَّثه المّطّوعيّ عن: أبي مسلم الكّجّي، وأبي عبد الرحمن النسائي. 72- محمد بن علي بن مخلد الوراق1. أبو الحسين. بغدادي صدوق. روى قليلا عن: أبي بكر القَطِيعيّ، وغيره. وعنه: الخطيب. 73- محمد بن عليّ بن موسى2. أبو الحسن الْجُرجَانيّ الطَّبري. روى عن: عبد الله بن عَدِيّ، والإسماعيليّ، وأبي بكر القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة. قاله حمزة السَّهْمي. 74- محمد بن عليّ بن الطّبيّب3. أبو الحسن المعدّل. مات ببغداد عن ستٍّ وثمانين سنة. له عن: أبي الفضل الزُّهريّ. وعنه: أبو بكر الخطيب، وقال: ثقة. 75- محمد بن القاسم بن أحمد4. الأستاذ أبو الحسن النَّيْسابوري الماوَرْديّ، المعروف بالقُلُوسيّ. مصنّف كتاب المصباح، وغيره. كان فقيهًا متكلّمًا أُصُوليًّا واعظًا، مصنِّفًا. حدَّث عن: أبي عَمْرو بن مطر، وأبي عمرو بن نجيد، وأبي الحسن السراج، وأبي الحسن محمد بن عبد الله السليطي، وجماعة فأكثر. قال عبد الغافر بن إسماعيل: أنبأ عنه خالي أبو سعد عبد الله.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 94، 95". 2 تاريخ جرجان "461، 462". 3 تاريخ بغداد "3/ 94". 4 المنتخب من السياق "35، 36"، الوافي بالوفيات "4/ 339".

76- مُحَمَّد بْن مروان بْن زُهْر1. أبو بَكْر الإياديّ الإشبيليّ. حدَّث بقُرطُبة عن: أبي بكر محمد بن معاوية القُرشيّ، وإسحاق بن إبراهيم، وأبي عليّ القاليّ، ومحمد بن حارث القيروانيّ. وكان فقيهًا حافظًا لمذهب مالك، حاذقًا في الفتوى، مقدّمًا في الشُّورى. أكثرَ النّاسُ عنه. روى عنه: أبو عبد الله الخَوْلانيّ، وأبو محمد بن خَزْرَج، وعبد الرحمن بن محمد الطُّلَيْطُليّ، وأبو حفص الزَّهْراويّ، وحاتم بن محمد، وجُمَاهِر بن عبد الرحمن، وأبو المطِّرف بن سلمة. كان واسع الرّواية. عُمّر ستًّا وثمانين سنة. وهو والد الطبيب الماهر. - أبي مروا ن عبد الملك2. وجدَّ الطبيب الكبير الرئيس. - أبي العلاء زُهْر بن عبد الملك3. وجدُّ جدَ. - أبي بكر محمد بن عبد الملك4. المُتَوَفَّى سنة خمس وتسعين وخمسمائة. 77- مُحَمَّد بْن يحيى بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عليّ بن مخلد5.

_ 1 بغية الملتمس "130"، سير أعلام النبلاء "17/ 422، 423"، الوافي بالوفيات "5/ 16". 2 وفيات الأعيان "4/ 436، 437"، سير أعلام النبلاء "17/ 422، 423"، الوافي بالوفيات "5/ 16". 3 ترتيب المدارك "4/ 747، 748"، سير أعلام النبلاء "17/ 422، 423". 4 وفيات الأعيان "4/ 434-436"، سير أعلام النبلاء "17/ 432"، الوافي بالوفيات "4/ 39". 5 المنتخب من السياق "35".

أبو عبد الله المَخْلَديّ النَّيْسابوريّ المعدّل. من بيت التّزكية والحديث. ثقة، نبيل. حدّث عن: إسماعيل بن نجيد، وبشر بن أحمد الإسفرائيني، ومحمد بن الحسن السراج، وجماعة. وخرجت له فوائد. روى عنه: أبو سعد عبد الله بن القشيري، ومحمد بن يحيى بن المزكي. 78- محمد بن يوسف بن أحمد1. أبو عبد الرحمن النيسابوري القطان الأعرج، الحافظ. توفي كهلا ولم يمتع بسماعه. روى عن: أبي عبد الله الحاكم، وأبي أحمد بن أبي مسلم الفَرَضيّ، وأبي عمر الهاشميّ البصْريّ، وعبد الرحمن بن عمر بن النّحّاس، وطبقتهم. ورحل إلى العراق، والشّام، ومصر. حدَّث عنه: الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ. وتُوُفّي ببغداد. 79- المبارك بن سعيد بن إبراهيم2. أبو الحسين التّميميّ النَّصيبيّ، قاضي دمشق وخطيبها. روى عن: المظفّر بن أحمد بن سليمان، والحسن بن خالُوَيْه النَّحْويّ، والقاضي أبي بكر الأبْهَريّ. روى عنه: أبو عليّ الأهوازي، وأبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني، وأبو طاهر بن أبي الصَّقْر الأنباريّ، وجماعة. تُوُفّي في رجب بدمشق. 80- مكّيّ بن عليّ بن عبد الرّزّاق3. أبو طالب البغدادي الحريريّ، المؤذّن. سمع: أبا بكر الشّافعيّ، وأبا بكر بن الهيثم الأنباريّ، وأبا سليمان الحرّانيّ، وأبا إسحاق المزكّيّ، وجماعة. روى عنه: الخطيب، ووثّقه، ونصر بن البطر، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 411"، العبر "3/ 150"، سير أعلام النبلاء "17/ 423". 2 تاريخ دمشق "40/ 486"، مختصر تاريخ دمشق "24/ 81". 3 تاريخ بغداد "13/ 121".

81- منصور بن الحسين بن محمد بن أحمد1. أبو نصر النَّيْسابوريّ المفسِّر. تُوُفّي في هذه السّنة قبل الطِّرازِيّ. روى عن: أبي العبّاس الأصمّ. سمع منه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري وروى عنه في عدة مواضع، وعبد الواحد بن القشيري. وكان مولده في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة. وسمع أيضًا من: أبي الحسن الكارَزَيّ، وأبي عليّ الحافظ، وجماعة. وطال عمره. تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل. "حرف الياء": 82- يحيى بْن عمال بن يحيى بن عمّار بن العَنْبَس2. الإمام الواعظ أبو زكريا الشيباني النيهي السِّجِستانيّ. انتقل من سِجِسْتان إلى هَرَاة، عندَ جَوْر الأمراء، فعظُم شأنُه بهَرَاة، وكثُر أتباعه، واقتدوا به. روى عن: أبيه، وأبي عليّ حامد بن محمد الرفاء، وعبد الله بن عدي بن حمدويه الصابوني لا الْجُرْجَانيّ، وأخيه محمد بن عَدِيّ، ومحمد بن إبراهيم بن جَناح. روى عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ وتخرّج به، وأبو نصر الطبسي وأبو محمد بن عبد الواحد الهَرَويّ، وغيرهم. وكان متصلِّبًا على المُبْتدعة والْجَهْمية. وله قبولٌ زائد عند الكافّة لفصاحته وحسن موعظته. عملوا له المنبر وكان يعظ. وقد فسر القرآن من أوله إلى آخره للناس، وختمه سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. ثمّ افتتحه ثانيا فتُوُفِّيَ يُفسِّر في سورة القيامة. وصلّى عليه الإمام أبو الفضل عمر بن إبراهيم الزاهد.

_ 1 العبر "3/ 151"، سير أعلام النبلاء "17/ 441، 442". 2 العبر "3/ 151"، سير أعلام النبلاء "17/ 481-483"، شذرات الذهب "3/ 226".

تُوُفّي في ذي القِعْدة، وله تسعون سنة. وفيه يقول جمال الإسلام الداودي: وسائلٍ: ما دهاك اليوم؟ قلتُ لَهُ ... أنكرتِ حالي وأَنى وقتُ إنكارِ أما ترى الأرضَ من أقطارِها نَقَصَتْ ... وصار أقطارُها يبكي لأقطارِ لموتِ أفضلِ أهلِ العصرِ قاطِبةً ... عمّارِ دينِ الهُدى يحيى بن عمارِ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْخَلَّالِ: أَخْبَرَكُمُ ابْنُ اللُّتِّيُّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أنا أَبُو إِسْمَاعِيلَ بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفَقِيهُ إِمْلَاءً، أَنَا دعلج. قَالَ: وَثَنَا يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ إِمْلَاءً، أَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا، ثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ. فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ... " 1 الْحَدِيثَ. وذكر السّلَفيّ في "معجم بغداد" له قال: قال أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد الأَنْصَارِيُّ: كَانَ يحيى بن عمّار مَلِكًا في زِيِّ عالمٍ. كان له مُحِبٌّ مُثْري يحمل إليه كلَّ عامٍ مائة ألف دينار هَرَوِيّة. ولمّا تُوُفْي يحيى وجدوا في ترِكته أربعين بِدْرةً لم يُنفق منها شيئًا، ولم يكسر عنها الخَتْم. قال شيخ الإسلام الأنصاريّ: سمعتُ يحيى بن عمّار يقول: العلوم خمسة: علمٌ هو حياة الدّين وهو علم التّوحيد، وعلمٌ هو قُوت الدّين وهو علم العِظَة والذكر،

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "4607"، والترمذي "2676، وابن ماجه "44"، وأحمد في المسند "4/ 126، 127"، والدارمي في سننه "95"، وابن حبان في صحيحه "5"، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء "2455".

وعلمٌ هو دواء الدّين وهو الفِقْه، وعلمٌ هو داء الدّين وهو أخبار فِتَن السَّلف، وعلمٌ هو هلاك الدّين وهو علم الكلام. وأراه ذكر النّجوم. 83- يحيى بن نجاح1. أبو الحسين بن الفلّاس الأُمويّ، مولاهم القُرْطُبيّ. رحل وحجّ، واستوطن مصر. وكان عالمًا زاهدًا ورِعًا. وهو مُصنِّف كتاب "سُبُل الخيرات في المواعظ والرقائق". وهو كثير بأيدي. وقد رواه بمكة. أخذه عنه: أبو محمد عبد الله بن سعيد الشَّنْتَجَاليّ، وأبو يعقوب بن حماد. وفيات سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة "حرف الألف": 84- أحمد بن رضوان بن محمد بن جالينوس2. أبو الحسين البغداديّ الصَّيْدلانيّ المقرئ. سمع: أبا طاهر المخلّص. وكان أحد القرّاء المذكورين بإتقان السَّبْع. له في ذلك تصانيف. تُوُفّي شابًّا. وقد كان النّاس يقرأون عليه في حياة الحمّاميّ لِعلمه. قال الخطيب: حضرته ليلة في الجامع، فقرأ في تلك الليلة ختمتين. قبل أن يطلع الفجر. قلت: صنَّف كتاب "الواضح في القراءات العَشر". قرأ به عليه: عبد السّيّد بن عتاب سنة اثنتين وعشرين، عن قراءته على عليّ بن محمد بن يوسف العلاف، وعبد الملك بن بكران النهرواني، وطبقتهما.

_ 1 معجم البلدان "3/ 367"، سير أعلام النبلاء "17/ 423، 424"، معجم المؤلفين 13/ 234". 2 تاريخ بغداد "4/ 161"، غاية النهاية "1/ 54"، معجم المؤلفين "1/ 223".

85- أحمد بن علي بن عَبْدُوس1. أبو نصر الأهوازيّ الجصّاص المعدّل. سمع من: أبي عليّ بن الصّوّاف، وابن خلّاد النَّصِيبيّ ببغداد، وأبي القاسم الطّبْرانيّ، وأبي الشيخ بأصبهان. قال الخطيب: كتبنا عنه بانتخاب ابن أبي الفوارس. وكان ثقة ثبتًا. ثم رجع إلى الأهواء، وبقي إلى سنة ثلاثٍ وعشرين. 86- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حُشْكان2. أبو نصر الْجُدَاميّ النَّيْسَابوريّ. سمع: إسماعيل بن نُجَيْد، ومحمد بن جعفر بن محمد المزكّيّ. وعنه: حفيده الحاكم عُبَيْد الله بن عبد الله الخُشْكانيّ. مات فِي ربيع الآخر. 87- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر بن أبان اللُّنْبانيّ3. الصُّوفيّ الأصبهاني. سمع: أبا الشّيخ. وله تصانيف. 88- إسماعيل بن إبراهيم بن عُرْوة4. أبو القاسم البُنْدار. حدَّث عن: أبي بكر الشّافعيّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقا. مات في المحرم. قلت: وروى عنه: البيهقي في النكاح، فقال: ثنا أبو سهل بن زياد القطّان. عاش خمسًا وثمانين سنة. 89- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن زنْجُوِيه. أبو الحسن المزكّيّ. روى عن: أبي بكر القبّاب. وله رحلة إلى العراق. مات في شوال.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 323". 2 المنتخب من السياق "85". 3 معجم البلدان "5/ 23"، المشتبه في أسماء الرجال "2/ 559". 4 تاريخ بغداد "6/ 313"، المنتظم "8/ 780".

90- إسماعيل بن رجاء بن سعيد بن عُبَيْد الله1. أبو محمد العسقلاني الأديب. روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد الحُنْدُرِيّ العسْقلانيّ، ومحمد بن محمد بن عبد الرّحيم القيسرانيّ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. وقرأ بصَيْدا على أبي الفضل محمد بن إبراهيم الدّيْنَوَريّ. روى عنه: أبو نصر بن طلّاب، وأبو عبد الله القُضَاعيّ، وأبو عَمْرو الدّانيّ، ومحمد بن أبي الصَّقْر الأنباريّ، وأبو الحسن الخِلَعيّ. ومات بالرّملة في رمضان. "حرف الجيم": 91- جعفر بن أحمد بن جعفر بن لُقمان. أبو الفَرَج. حدَّث في هذا العام بمصر عن: حمزة الكِنَانيّ، وأبي الطّاهِر الذُّهْليّ. وعنه: سعْد بن عليّ الزَّنْجانيّ، وأبو طاهر بن أبي الصَّقْر. "حرف الحاء": 92- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حسْنَويه. أبو سعيد المؤدِّب، الأصبهاني، الكاتب. سمع: أبا جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن أفْرُجَة، وأحمد بن مَعْبَد، وغيرهما. روى عنه: أبو المعالي عبد الملك بن منصور الكاتب، ولامعة بنت سعيد البقّال، وأبو الفتح الحدّاد، ومحمد بن عمر الواعِظ. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. 93- الحسين بن شجاع بن المَوْصِليّ2. الصُّوفيّ البغداديّ. ثقة، سمع: أبا عليّ بن الصّوّاف، وأبا بكر بن مِقْسَم، وأبا بكر الشّافعيّ، قال أبو بكر الخطيب: كتبنا عنه.

_ 1 تاريخ دمشق "5/ 512"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 22، 23"، غاية النهاية "1/ 164". 2 تاريخ بغداد "8/ 53"، التقييد لابن النقطة "244، 245".

94- الحسين بن محمد بن الحسن بن مَتُّوَيْه. أبو عليّ الرّسانيّ الأصبهاني. قال يحيى بن مَنْده: عارف بالحديث والأسانيد. روى عن: أبي الشّيخ، وعبد الله بن محمد الصّائغ. وعنه: أحمد بن محمد بن مردويه، وأبو الفتح الحداد. مات في رجب. 95- الحسين بن محمد بن علي بن جعفر. أبو عبد الله بن البزري الصيرفي1. بغدادي كذاب. روى عنه: أبي الفرج صاحب "الأغانيّ"، وأحمد بن نصر الذّارع. قال الصوري: قدم ابن البزري مصر وادعى أشياء وبان كذبه، واشتهر بالفسق. "حرف الراء": 96- روح بْن مُحَمَّد بْن الحافظ أَبِي بَكْر أَحْمَد بن محمد بن السني الدينوري2. أبو زرعة. سمع إسحاق بن سعيد النسوي، وجعفر بن فناكي. روى عنه: الخطيب، ووثقه. "حرف الطاء": 97- طاهر بن أحمد بن الحسن. أبو منصور الإمام الهمذاني. حفيد الرحمن الإمام. روى عَنْ: أَبِيه، وأبي بَكْر بْن لال، وصالح بن أحمد، وأبي بكر بن المقرئ، والدّارَقُطْنيّ، وخلْق. ورحل وطوّف. روى عنه: محمد بن الحسين الخطيب،

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 106، 107"، ميزان الاعتدال "1/ 547"، لسان الميزان "2/ 311". 2 تاريخ بغداد "8/ 410"، المنتظم "8/ 70"، سير أعلام النبلاء "17/ 51، 52".

ويوسف، ويوسف، وعليّ الحَسَنيّ الهَمْدانيون، وكان ثقة غازيا مجاهدًا. تُوُفّي في ربيع الآخر. "حرف العين": 98- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مَعْمر1. أبو الوليد الأندلسيّ، اللُّغويّ. مؤلّف "التّاريخ في الدّولة العامريّة". كان رحمه الله واسع الأدب والمعرفة. قاله ابن حيّان. 99- عَبْد الرَّحْمَن بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد2. أبو القاسم البغداديّ الحَربيّ الحُرْفيّ. سمع: أبا بكر النّجّاد، وحمزة بن محمد الدِّهْقان، وعليّ بن محمد بن الزُّبَيْريّ الكوفيّ، وأبا بكر الشّافعيّ، وأبا بكر النّقّاش، وجماعة. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، غير أنّ سماعه في بعض ما رواه عن النّجّاد كان مضطربًا. وولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، ومات في شوّال. قلتُ: روى عنه أيضًا: أبو بكر البيهقي، وأبو عبد الله الثقفي، ومحمد بن عبد السّلام الأنصاريّ، والحسين بن محمد بن السّرّاج، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن قنْداس، وثابت بن بُنْدار البقّال. 100- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن حفص الذَّكْوانيّ. الأصبهاني المعدّل. روى عن: الطَّبْرانيّ، وأبي الشّيخ. وعنه: عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، وأحمد بن الفضل العنْبريّ. من رؤساء البلد. توفي في شعبان.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 328"، معجم المؤلفين "5/ 193". 2 تاريخ بغداد "10/ 303، 304"، الإكمال لابن ماكولا "3/ 282"، سير أعلام النبلاء "17/ 411، 412".

101- عبد السّلام بن الفَرَج1. أبو القاسم المَزْرَفيّ الفقيه. صاحب ابن حامد الحنبليّ. له حلْقة أشغال بجامع المدينة من بغداد، ومصنّفات. 102- عبد الواسع بن محمد بن حسن2. أبو الحسن الجرجاني. حدّث عن: جده لأمّه أبي بكر الإسماعيليّ، وعبد الله بن عَدِيّ الحافظ وتُوُفْي في ذي القعدة. 103- عثمان بن أحمد بن شَذْرة. الخطيب أبو عمرو المَدِينيّ. مات في شعبان. 104- علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نُعيم3. أبو الحسن البصْريّ، الحافظ، المعروف بالنُّعَيميّ. نزيل بغداد. حدَّث عن: أحمد بن محمد بن العبّاس الأسْفاطيّ، وأحمد بن عُبَيْد الله النّهْردَيْرِيّ، ومحمد بن عدي ين زُحْر، وعليّ بن عمر الحربيّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان حافظًا، عارفًا، متكلّمًا، شاعرًا، وقد ثنا عنه أبو بكر البَرْقانيّ بحديث. وسمعت الزُّهْريّ يقول: وضع النُّعَيْميّ على ابن المظفّر حديثًا، ثمّ تنبّه أصحاب الحديث له، فخرج عن بغداد لهذا السّبب، فغاب حتّى مات ابن المظفّر، ومات مَن عرف قصته في الحديث ووَضْعه، ثمّ عاد إلى بغداد. سمعت أبا عبد الله الصُّوريّ يقول: لم أَرَ ببغداد أكمل من النُّعيميّ. كان قد جمع معرفة الحديث والكلام والأدب.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 181". 2 تاريخ جرجان "261". 3 تاريخ بغداد "11/ 331، 332"، الكامل في التاريخ "9/ 427"، سير أعلام النبلاء "17/ 445-447"، ميزان الاعتدال "3/ 114"، لسان الميزان "4/ 202، 203".

قال: وَكَانَ البرقاني يَقُولُ: هُوَ كاملٌ فِي كل شيء لولا بأو فيه. قلت: ومن شعره السّائر: إذا أظمأتك أكفُّ اللّئامَ ... كَفَتْك القناعةُ شِبْعًا وَرِيّا فكنْ رجُلًا رِجْلُهُ في الثّرى ... وهامةُ همَته في الثُّريّا أبيَّا لِنائلِ ذي ثروةٍ ... تراه بما في يديه أبيَّا فإنّ إراقةَ ماءَ الحيا ... ة دونَ إراقةِ ماءِ المُحيّا مات النُّعيميّ في عَشْر الثمانين، وكان يحدِّث من حفظه، وتلك الهفوة منه كانت في شبيبته، وتاب. 105- عليّ بن محمد بن عليّ بن الحسين. أبو الحسين الباشانيّ الهَرَويّ المزكّيّ. روى عن: أبي عَمْرو بن حمدان النَّيْسابوريّ، وأقرانه. وانتقى عليه أبو الفضل الجاروديّ. روى عنه: أبو العباس الصَّيْدلانيّ، ومحمد بن عليّ العُمَيريّ. "حرف الميم": 106- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن مَزْدين1. أبو المنصور القُومَسَانيّ الهَمْدانيّ. روى عن: أبيه، وعبد الرحمن الجلّاب، وعبد الرحمن بن عُبَيْد، وعَمْرو بن الحسين الصّرّام، وأَوْس بن أحمد، وحامد بن محمد الرّفّاء، وأبي جعفر بن بَرْزَة الرُّوذْرَاوَرِيّ، والفضل الكِنديّ، وجماعة. روى عنه: حُمَيد بن المأمون، وابن أخيه أبو الفضل محمد بن عثمان، وحفيده أبو عليّ أحمد بن طاهر بن محمد القُومَسَانيّان، وأبو طاهر أحمد بن عبد الرحمن الرُّوذْبَاريّ، وآخرون كثيرون. قال شيروَيْه: هو صدوق ثقة. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة، وصلّى عليه ابنه طاهر.

_ 1 معجم البلدان "4/ 414"، سير أعلام النبلاء "17/ 442".

107- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن حمدان1. أبو عبد الله الأصبهاني الخانيّ من قرية خان لَنْجَان. سمع: الطّبرانيّ، وأبا الشّيخ، وجماعة. ويعرف بالعجل. ورّخه يحيى بن منده. وورّخ فيها أيضًا. 108- عثمان بن فهد الخانيّ الأصبهاني. حدث عن: أبي حفص، وغيره. وعنه: أبو الحسين بن رَرَا، وعبد الرحمن بن مَنْدَهْ. 109- محمد بن إبراهيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه2. أبو بكر الأصبهاني المقرئ، الضّرير. ويعرف بالبقار، بباء لا بِنُون. ذكره يحيى بن مَنْدَهْ، وإنّه مات في المحرّم، وقال: هو أحد الأئمة في القراءات. حدّث عن: أبي بكر القَطِيعي، وأبي بكر القباب الأصبهاني، وعدة. وسمع منه: أبو علي اللباد. قلت: لم يذكر على من قرأ. 110- محمد بن سليمان بن محمود3. أبو سالم الحرّانيّ الظّاهريّ. دخل الأندلس للتّجارة، وكان ذكيا عالمًا شاعرًا متفنّنًا. قرأ القراءات على: أبي أحمد السّامريّ. وكان معتقدًا مذهب داود بن عليّ، مناظرًا عليه. أجاز لأبي الحسن بن عَبَادِل في شعبان سنة ثلاثٍ وعشرين. 111- محمد بن الطّيب بن سعيد4.

_ 1 معجم البلدان "2/ 341". 2 غاية النهاية "2/ 43". 3 غاية النهاية "2/ 149". 4 تاريخ بغداد "5/ 383"، المنتظم "8/ 71"، البداية والنهاية "12/ 35".

أبو بكر الصّباغ. سمع: أبا بكر النّجّاد، وأبا بكر الشّافعيّ، وغيرهما. وهو بغداديّ عاش خمسًا وسبعين سنة، وتزوج زيادة على تسعمائة امرأة! رواه أبو بكر الخطيب عن رئيس الرؤساء أَبِي القاسم عَلِيّ بْن الْحَسَن، وتُوُفّي فِي ربيع الْأوّل. 112- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن شَهْرَيار. أبو الفَرَج الأصبهاني. تُوُفّي في ذي القِعْدَة. روى عن: أبي القاسم الطَّبرانيّ، وطبقته. روى عنه: الخطيب، وأبو العبّاس أحمد بن محمد بن بِشْرُوَيْه. 113- محمد بن عبد الرحمن بن مَعْمَر. أبو الوليد اللُّغويّ القُرْطُبيّ. صاحب "التّاريخ". كان بهاء للدّولة العامريّة، سكن النّاحية الشّرقيّة في كَنَف الأمير مجاهد العامريّ، وولي القضاء هناك. وتُوُفّي في شوّال. ورّخه الأبّار. 114- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أحمد بن يزيد1. أبو بكر الأصبهاني الطِّيرائيّ. من قرية طيرا. روى عن: عليّ بن أحمد الباقطائيّ، ومحمد بن عليّ بن عُمَر. ورّخه يحيى بن مَنْدَهْ وقال: ثقة، حسن التّصنيف، صاحب سنّة، مُكْثر. 114- محمد بن عبد العزيز بن جعفر2. أبو الحسن البغدادي المعروف بمكّيّ البَرْذعيّ. سمع: القاضي أبا بكر الأبْهَريّ، وغيره. وقال الخطيب: فيه نظر. 116- محمد بن عليّ بن محمد بن دُلّيْر الهمداني العدل. أبو بكر والد مكيّ.

_ 1 معجم البلدان "4/ 54". 2 تاريخ بغداد "2/ 353، 354"، الأنساب "2/ 144، 145".

روى عن: عليّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلُّوَيْه الهَمَدانيّ، وعبد الله بن حُبابة البغداديّ، روى عنه: ابنه القاسم مكّيّ، وأحمد بن عبد الرحمن الصّائغ. صدَّقه شِيرُوَيه. 117- محمد بن محمد بن سهل1. أبو الفَرَج الشِّلْحيّ العُكْبَريّ الكاتب. أحد الفضلاء الكبار، له كتاب "الخراج"، وكتاب "النساء الشواعر". وكتاب "المجالسات"، و"أخبار ابن قُرَيْعة القاضي"، في جزء، وكتاب "الرّياضة"، وغير ذلك. روى عنه: أبو منصور محمد بن محمد بن العُكْبَريّ. وعَمَّر تسعين سنة. توفي في سلخ ربيع الأوّل. والشلح: قرية من قُرى عُكْبَرا. 118- محمد بن يحيى بن الحسن. أبو بكر الأصبهاني الصّفّار الأديب. تُوُفّي في رمضان. 119- مسعود بن محمد بن موسى. الإمام أبو القاسم الخوارزميّ الحنفيّ. كان أبوه أبو بكر شيخ الحنفيّة بالعراق في زمانه. ومسعود روى عن: أبي الحسين بن المظفّر بالإجازة. وتُوُفّي في شعبان. 120- منذر بن منذر بن علي بن يوسف2. أبو الحكم الكِنَانيّ الأندلسيّ. من أهل مدينة الفَرَج. روى ببلده عن: عليّ بن معاوية بن مُصْلح، وأحمد بن موسى، وأحمد بن خلف المديونيّ، وعبد الله بن القاسم بن مسعدة. وحج فأخذ عن جماعة كأبي بكر المهندس، وأبي محمد بن أبي زيد. وكان رجلًا صالحا محدّثًا ثقة. ولد سنة أربعين وثلاثمائة.

_ 1 الوافي بالوفيات "1/ 116"، الأعلام "7/ 245"، معجم المؤلفين "11/ 222". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 624".

121- منصور بن نصر بن عبد الرحيم بن مَتّ1. أبو الفضل السَّمَرقَنْدِيّ، الكاغَدِيّ. وإليه يُنسَبُ الورق المنصوريّ. روى عن: الهيثم بن كُلَيب الشّاشيّ، وأبي جعفر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حمزة البغداديّ نزيل مَا وراء النَّهر. وتفرّد بالرّواية في عصره عنهما. روى عنه: أبو الحسن بن خِذام وأبو إسحاق الأصبهاني، وأبو بكر الحسن بن الحسين البخاري، وأبو بكر الشاشيّ الفقيه. وآخرون. تُوُفّي بسَمَرْقند في ذي القِعْدَة، وقد قارب المائة. "حرف الهاء": 122- هشام بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه2. أبو الوليد بن الصّابونيّ، القرطبيّ. حجّ وأخذ عن: أبي الحسن القابسيّ، وأحمد بن منصور الدّاوديّ، وجماعة. وكان خيِّرًا صالحًا دؤوبًا على النّسْخ، له كتاب في "تفسير البخاري" على حروف المُعْجَم، كثير الفائدة. تُوُفّي في ذي القعدة بعد مرضٍ طويل. "الكُنى": 123- أبو يعقوب النَّجِيرَميّ3. يوسف بن يعقوب بن خُرَّزَاذ. أبو يعقوب النَّجِيرميّ، البصْريّ، اللُّغويّ، نزيل مصر، من بيت العلم والأدب. وُلِدَ سنة خمسٍ وأربعين وثلاثمائة. وله خطّ في غاية الإتقان، يرغب فيه الفُضلاء حتّى بلغ "ديوان جرير" بخطّه عشرة دنانير. وليس هو خطًا منسوبًا. وقد روى كثيرًا من اللُّغة بمصر. رآه محمد بن بركات السَّعِيديّ فيما قيل. وأخذ العربية عن أصحابه. ذكر الحبَّال وفاته في المحرَّم في رابعه سنة 423.

_ 1 الأنساب لابن السمعاني "10/ 327"، سير أعلام النبلاء "17/ 468"، النجوم الزاهرة "3/ 277". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 650"، معجم المؤلفين "13/ 149". 3 العبر "2/ 358"، شذرات الذهب "3/ 75".

وفيات سنة أربع وعشرين وأربعمائة: "حرف الألف": 124- أحمد بن إبراهيم1. الفقيه أبو طاهر القطّان الحنبليّ. صاحب التّعليقة. كان من كبار أصحاب ابن حامد. 125- أحمد بن الحسين بن أحمد البغدادي الواعظ2. أبو الحسين بن السّمّاك. حدّثَ عن: جعفر الخُلْديّ، والحسن بن رشيق المصْريّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان ضعيفًا متّهمًا. عاش نيِّفًا وتسعين سنة. وقال أبو محمد رزق الله التّميميّ: كان أبو الحسين بن السّمّاك يتكلّم على النّاس بجامع المنصور. وكان لا يُحسن من العلوم شيئًا إلّا ما شاء الله وكان مطبوعًا يتكلّم على مذهب الصُّوفيّة، فكُتِبَت إليه رُقْعة: ما تقول في رجل مات؟ فلمّا رآها في الفرائض رماها وقال: أنا أتكلّم على مذهب قوم إذا ماتوا لم يخلّفوا شيئًا، فأعجب الحاضرين. 126- أحمد بن علي بن أحمد بن سعدُوَيْه الحاكم3. أبو عبد الله النَّسويّ. حدَّث في رجب عن: ابن نُجَيْد، وأبي القاسم إبراهيم النصراباذي، وأبي محمد السمذي، وأبي أحمد الجلودي، وأبي عبد الله بن أبي ذهل، وخلق. روى عنه: مسعود بن ناصر. ووثقه عبد الغافر. "حرف الجيم": 127- جهور بن حيدر بن محمد بن منجويه4.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 182". 2 تاريخ بغداد "1/ 331"، الإكمال لابن ماكولا "4/ 252"، ميزان الاعتدال "1/ 93"، لسان الميزان "1/ 156، 157". 3 المنتخب من السياق "92". 4 المنتخب "174"، الأنساب "11/ 493".

أبو الفضل القرشي الكريزي النيسابوري الأديب. روى عن: أبي سهل محمد بن سليمان الصُعْلُوكيّ، وأبي عَمْرو بن حمدان، وطبقتهما. تُوُفّي فِي جُمادى الآخرة. "حرف الحاء": 128- الْحَسَن بْن إبراهيم بن عبد الله1. أبو عبد الله الأنباريّ المقرئ. 129- الحسين بن الخَضِر بن محمد2. أبو عليّ البخاريّ الفَشيدَيْزَجِيُّ، الفقيه الحنفيّ، قاضي بُخَارى. إمام عصره بلا مدافعة. قدِم بغداد وتفقّه بها، وناظَرَ وبرع. وسمع بها من: أبي الفضل عُبَيْد الله الزُّهْريّ. وببُخَارى: محمد بن محمد بن جابر. وحدّث، وظهر له أصحاب وتلامذة. وآخر من حدّث عنه ابن بنته عليّ بن محمد البُخَاريّ. تُوُفّي في شعبان. وقد ناظَرَ مرّةً الشّريف المُرْتَضى شيخ الرفضة، وقطعه في حديث: "ما تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" وَقَالَ لِلْمُرْتَضَى: إِذَا جَعَلْتَ مَا نَافِيَةً، خَلَا الْحَدِيثُ مِنْ فَائِدَةٍ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمَيِّتَ يَرِثُهُ أَقْرِبَاؤُهُ، وَلَا تَكُونُ تَرِكَتُهُ صَدَقَةً، وَلَكِنْ لَمَّا كان الرّسول -صلى الله عليه وسلم- بِخِلَافِ الْمُسْلِمِينَ، بيَّن ذَلِكَ، فَقَالَ: "مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ" 3. وقد سمع أبو علي هذا من: ابن شَبُّوَيْه المَرْوَزيّ بمَرْو، ومن جعفر بن فنّاكيّ بالرّيّ. وتخرّج به الأصحاب. 130- حمزة بن محمد بن طاهر4. الحافظ أبو طاهر البغداديّ الدّقّاق، مولى المِهْديّ. سمع: أبا الحسين بن المظفر،

_ 1 غاية النهاية "1/ 237". 2 العبر "3/ 154، 155"، سير أعلام النبلاء "17/ 424-426"، الوافي بالوفيات "12/ 361". 3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3711، 3712"، ومسلم "1759"، وأبو داود "2968، 2969"، والنسائي "4152"، وأحمد في المسند "1/ 10"، وابن حبان في صحيحه "4823" من حديث أبي بكر. ومن حديث عمر: أخرجه البخاري "6728"، ومسلم "1757"، والترمذي "1610"، وغيرهم. 4 تاريخ بغداد "8/ 184، 185"، العبر "3/ 155"، سير أعلام النبلاء "17/ 443".

وأبا الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، فمن بعدهم. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، فهْمًا، عارفًا. ولد سنة ست وستين وثلاثمائة، وقال البَرْقانيّ: ما اجتمعتُ قطّ مع أبي طاهر حمزه ففارقتُهُ إلّا بفائدة علمٍ. وقد نقل الخطيب عن محمد بن يحيى الكرْمانيّ، وابن جدّا العُكْبَريّ أنّهما رأياه في النَّوم، فأخبرهما أنّ الله رضي عنه. "حر ف السين": 131- سُفْيان بن محمد بن حَسَنْكُوَيْه. أبو عبد الله الأصبهاني. بقالٌ. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة، روى عن: أبي الشّيخ. وروى عنه: أبو عليّ الحدّاد قال: أنبا سنة خمسٍ. وروى عنه الرّئيس الثّقَفيّ في الأربعين، له. "حرف العين": 132- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن عبد الرحمن بن شُجاع1. أبو بكر المَرْوَزيّ الفقيه الحنبليّ. كان فقيهًا متفنِّنًا واسع الرّواية، نَحْويًّا له مصنَّف في النَّحْو على مذهب الكوفيّين، وله كتاب "المغني" في مذهب أبي حنيفة في سبعة أجزاء. وُلِد في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، ودخل الأندلس فَحَمَل عنه أهلها، وأجاز لهم في هذا العام. 133- عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن سَعِيد بْن ذُنّين بْن عاصم2. أبو محمد الصَّدَفيّ الطُّلَيْطُليّ، روى عن أبيه؛ وعن: عَبْدُوس بن محمد، وأبي عبد الله بن عَيْشُون، وتمّام بن عبد الله، وأبي جعفر بْن عَوْن الله، وأبي عَبْد الله بْن مفرج، وخلق كثير.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 297، 298"، الوافي بالوفيات "17/ 128"، بغية الوعاة "2/ 38". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 426، 427"، الوافي بالوفيات "17/ 250، 251"، شذرات الذهب "3/ 227".

وحجّ فأخذ بمصر عن: أحمد بن محمد المهندس، وعبد المنعم بن غَلْبُون، ومحمد بن أحمد بن عُبَيْد الوشّاء. وبمكّة عن: عُبَيْد الله السَّقَطيّ. ولقي بالقيروان أبا محمد بن أبي زيد، فأكثر عنه. ورجع إلى طُلَيْطُلَة، فأكثر عنه أهلها، ورحل النّاس إليه من البلدان. وكان زاهدًا عابدًا متبتِّلًا، عالمًا عاملًا سُنِّيا. يُقال: إنّه كان مُجاب الدَّعوة، وكان الأغلب عليه الرّواية والأثر، والعمل بالحديث. وكان ثقةً متحرّيا، قد التزم الأمرَ بالمعروف والنَّهيّ عن المنكر بنفسه، لا تأخذه في الله لومةُ لائم، صنّف في ذلك كتابًا. وكان مَهِيبًا مُطاعًا محبوبًا، لا يختلف اثنان في فضله. وكان يتولّى عملَ عِنَبِ كَرْمِه بنفسه. ولم يُرَ بطُلَيْطُلَة أكثرَ جَمْعًا من جنازته. 134- عبد الرّحيم بْن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بن مَنْدَهْ. تُوُفّي بطريق إِيذَج بين العِيدَين. أظنّه كان يتعانى التّجارة. وسمع من: أبيه. 135- عُبَيْد الله بن هارون بن محمد1. أبو القاسم القطّان الواسطيّ، ويعرف بكاتب ابن قنطر. سمع من: عبد الغفّار الحُضَيْنيّ، وأبا بكر المفيد، وجماعة. روى عنه: محمد بن عليّ بن أبي الصَّقْر الواسطيّ. قال خميس الحَوْزِيّ: مات سنة 424. 136- عُصْم بن محمد بن عُصْم بن العبّاس. أبو منصور العُصْميّ، رئيس هَرَاة. روى عن: أبي عَمْرو الجوهريّ، وغيره. روى عنه: محمد بن عليّ العميري.

_ 1 سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي "48، 49".

137- عليّ بن طَلْحة1. العلّامة أبو القاسم بن كُرْدان الواسطيّ النَّحْويّ. صاحب أبي عليّ الفارسيّ، وعليّ بن عيسى الرُّمانيّ. قرأ عليهما كتاب سيبَويه. وأهل واسط يتغالَون في ابن كُرْدان ويفضّلونه على ابن جِنِّيّ. صنَّف كتابًا نحو خمس عشر مجلدًا في إعراب القرآن، ثمّ بدا له فغَسَلَه قبل موته. وكان ديِّنًا نَزِهًا مصوّنًا. أخذ عنه: أبو الفتح بن مختار، ومحمد بن عبد السّلام. ومات في هذا العام. قاله كلَّه خميس الحَوْزِيّ. 138- عُمَيْر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَيْر2. أبو القاسم الْجُهَنيّ. روى عن جدّه، وعن: أبي عبد الله مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان. وروى عنه: عليّ الجنائيّ، وأبو سعد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ. وهو قليل السَّماع. "حرف الفاء": 139- الفضل بن محمد بن محمد بن جِهان دار. أبو العبّاس الهَرَويّ. والد محمد الحافظ. "حرف الميم": 140- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن حسن. أبو رشيد الحيري الأدمي المقرئ، العدل. حدث عن: الأستاذ أبي سهل الصُّعْلُوكيّ، وأبي عَمْرو بن حمدان، وجماعة. روى عنه: أبو عليّ الحسين بن محمد بن محمد الصَّفّار. 141- محمد بن إبراهيم بن أحمد3. أبو بكر الأردستاني، الرجل الصالح.

_ 1 معجم الأدباء "13/ 259-264"، إنباه الرواة "2/ 284، 285"، بغية الوعاة "2/ 170". 2 تاريخ دمشق "33/ 234"، مختصر تاريخ دمشق "19/ 335". 3 تاريخ بغداد "1/ 417"، المنتظم "8/ 90"، سير أعلام النبلاء "17/ 428، 429".

حدَّث "بصحيح البخاريّ" عن: إسماعيل بن حاجب الكُشَانيّ. وحدَّث عن: القاسم بن علْقَمَة الأبْهَريّ، أبي الفتح يوسف القوّاس، وأبي حفص بن شاهين، وأبي الشّيخ بن حيّان، وأبي بكر المقرئ. وعبد الوهّاب الكِلابيّ. وروى عنه في سنة ثلاثٍ وتسعين "صحيح البخاريّ": عبد الغفّار بن طاهر الهَمَدانيّ. وروى عنه: أبو نصر الشّيرازيّ المقرئ. وهو أحد من لم يذكره "ابن عساكر" في "تاريخه". وقد سمع بدمشق من الكِلابيّ، وأجزاء من أبي زُرْعة المقرئ. وكان مع بصره بالحديث قيّمًا بكتاب الله، كبير القدْر، سامي الذِّكْر، واسع الرِّحلة. لقي بالبصرة أحمد بن العبّاس الأسْفَاطيّ، وأحمد بن عُبَيْد الله النَّهْردَيْريّ. وكنّاه بعضهم: أبا جعفر، وهو بأبي بكر أشهر. وقد ذكرناه في سنة خمس عشرة على ما ورّخه بعضهم، وهو في هذا العام أرجح. 142- محمد بن إبراهيم. أبو بكر الفارسيّ. قد مرَّ في حدود سنة عشرين وأربعمائة. وجماعة كبيرة. قال شيرُوَيْه: ثنا عنه محمد بن عفّان، وابن ممّان، وظَفْرُ بن هبة الله، وكان ثقة يُحسن هذا الشّأن. سمعتُ عدّة من المشايخ يقولون: ما من رجلٍ له حاجة من أمر الدّنيا والآخرة فيزور قبره ويدعو الله عزّ وجلّ إلّا استجاب له. وجرَّبت أنا ذلك فكان كذلك. قلت: وروى عنه البَيْهَقيّ في تصانيفه ووصفه بالحِفْظ. 143- محمد بن إبراهيم بن عليّ بن غالب. القاضي أبو الحسين المصريّ التّمّار. هو آخر من حدَّث عن: أحمد بن إبراهيم بن جامع العطّار، وابن إسحاق، وغيرهما. تُوُفّي في جُمَادى الأولى. قاله الحبّال.

144- محمد بن جُمَاهِر بن محمد1. أبو عبد الله الحَجْرِيّ الطُّلَيْطُليّ. روى عن: محمد بن إبراهيم الخُشَنيّ، وعَبْدُوس بن محمد، وأبي محمد الأصيليّ. وكان فقيهًا مشاوَرًا، نبيلًا. رحِمَه اللَّه. 145- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد البَيْضَاويّ البغداديّ2. الفقيه المفتي أبو عبد الله. ولي قضاء رُبْع الكَرْخ. وحدَّث عن: أبي بكر القَطِيعيّ. روى عنه الخطيب، ووثقه. وقال أبو إسحاق الشيرازي: تفقه على الداركي. وحضرت مجلسه وعلقت عنه. وكان حافظًا للمذهب والخلاف، موفقًا في الفتاوى. 146- محمد بن عبد العزيز بن شنبويه. أبو نصر الإصبهاني. روى عن: أبي بكر عبد الله بن محمد الفباب. 147- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن حسن3. أبو القاسم البَيّانيّ الإشبيلي، المعمَّر. أخذ عن: وهْب بن مَسَرّة، وأبي بكر بن الأحمر القُرشيّ، وجماعة. وكان ذكيا، رئيسا، ضابطا. وقد أخذ أيضا عن: أبي عليّ القاليّ. وكان مولده في سنة ثلاثين وثلاثمائة، وتوفي فِي جُمَادَى الآخره. روى عَنْهُ أَبُو عبد الله الخولاني. وهو آخر من حدَّث عن وهْب. 148- محمد بن عليّ بن هشام بن عبد الرّءوف4. أبو عبد الله الأنصاري القرطبي، صاحب المظالم.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 516". 2 تاريخ بغداد "5/ 47"، الكامل في التاريخ "9/ 432"، طبقات الشافعية الكبرى "3/ 63، 64". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 517". 4 الصلة لابن بشكوال "2/ 516، 517".

كان واسع العلوم، حاذقا بالفتوى، عارفا بمذهب مالك بصيرا بالأحكام نزه النفس. توفي في رمضان. 149- مكي بن نظيف. أبو القاسم الزجاج. توفي بمصر في رجب. "حرف الياء": 150- يحيى بْن عَبْد المُلْك بْن مهنا1. أبو زكريا القرطبي، صاحب الصّلاة بقُرْطُبة. روى عن: أبي الحسن الأنطاكيّ رواية نافع. وكان حاذقًا بها مجوِّدًا لها. وعاش ثمانين سنة. روى عنه: محمد بن عتاب الفقيه، وغيره. وفيات سنة خمس وعشرين وأربعمائة "حرف الألِف": 151- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن غالب2. أبو بكر الخَوَارِزْميّ البَرْقَانيّ، الحافظ، الفقيه، الشّافعيّ. سمع بخَوَارِزْم من: أبي العبّاس محمد بن أحمد بن حمدان الحِيريّ، نزيل خَوَارِزم، ومن: محمد بن علي الحسّانيّ، وأحمد بن إبراهيم بن جَنَاب الخَوَارِزْمِيّين. وبهَرَاة: محمد بن عبد الله بن خَميرُويْه. وببغداد: أبا عليّ بْنُ الصّوّاف، وأبا بكر بن الهيثم الأنباريّ، وأحمد بن جعفر الخُتّليّ، وأبا بحر البَرْبَهاريّ، والقَطِيعيّ. وبجُرجَان: أبا بكر الإسماعيلي. وبنَيْسابور: أبا عمر بن حمدان. وبدمشق: أبا بكر بن أبي الحديد. وبمصر: عبد الغني الحافظ.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 665، 666". 2 تاريخ بغداد "4/ 373-376"، المنتظم "8/ 79، 80"، الكامل في التاريخ "9/ 439"، سير أعلام النبلاء "17/ 264-268"، الوافي بالوفيات "7/ 331"، تاريخ الخلفاء "422".

وخلْقًا سواهم، حتّى إنّه روى عن أبي بكر الخطيب تلميذه. روى عنه: الصُّوريّ، والخطيب، وأبو بكر البَيْهَقيّ، وأبو إسحاق الشّيرازيّ الفقيه، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وسليمان بن إبراهيم الأصبهاني العبْدِيّ المالكيّ شيخ البصرة، وأبو يحيى بْن بُنْدَار، ومحمد بْن عَبْد السّلام الأنصاريّ، وآخرون. واستوطن بغداد. قال الخطيب: كان ثقة، ورِعًا ثَبْتًا. لم نرَ في شيوخنا أثبت منه. عارفًا بالفقه، له حظٌ من عِلم العربيّة، كثير الحديث. صنّف مُسندًا ضمنه ما اشتمل عليه "صحيح البخاري" و"مسلم". وجمع حديث الثَّوريّ، وشُعْبَة، وعُبَيْد الله بن عمر، وعبد الملك بن عُمَيْر، وبيان بن بِشْر، ومَطَر الورّاق، وغيرهم. ولم يقطع التّصنيف حتّى مات. وكان حريصًا على العِلم، مُنْصَرف الهمَّه إليه. سمعته يقول لرجلٍ من الفُقَهاء الصلحاء: ادع أن ينزع شهْوة الحديث من قلبي، فإنّ حُبَّه قد غلب عليَّ، فليس لي اهتمام في اللّيل والنّهار إلّا به. أو نحو هذا. وكنتُ كثيرًا أُذاكره الأحاديث، فيكتبها عنّي، ويُضَمِّنُهَا جُمُوعَه. وسمعتُ الأزهريّ يقول: البَرْقانيّ إمامٌ إذا مات ذهبَ هذا الشّأن. وسمعتُ محمد بن يحيى الكرْماني الفقيه يقول: ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادةً من البَرْقانيّ. وسألت الأزهريّ: هل رأيت شيخًا أتقن من البَرْقانيّ؟ قال: لا. وسمعتُ أبا محمد الخلّال ذكر البَرْقانيّ فقال: كان نسيجَ وحده. وقال الخطيب: وأنا ما رأيت شيخًا أثبت منه. وقال أبو الوليد الباجيّ: أبو بكر البَرْقانيّ ثقة حافظ. قلت: وذكره أبو إسحاق في "طبقات الشّافعية" فقال: وُلِد سنة ستٍّ وثلاثين وثلاثمائة، وسكن بغداد ومات بها في أوّل يومٍ من رجب. تفقّه في حداثته، وصنَّف في الفِقْه، ثمّ اشتغل بعلم الحديث فصار فيه إمامًا. وقال الخطيب: حدَّثني أحمد بن غانم الحمّاميّ، وكان صالحًا، أنّه نقل البَرْقانيّ

من بيته، فكان معه ثلاثةٌ وستُّون سفْطًا وصندوقً، كلُّ ذلك مملوء كُتُبًا. وقال البَرْقانيّ: دخلت أسفرائين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم، فضاعت الدّنانير وبقي الدِّرْهم، فدفعته إلى خبّازٍ، وكنت آخذ منه في كلّ يومٍ رغيفين، وآخُذُ من بِشْر بن أحمد جُزْءًا فأكتبه وأفرغ منه بالعَشِيَّ، فكتبتُ ثلاثين جزءًا، ثمّ نفذ ما كان عند الخبَّاز، فسافرتُ. قلتُ: كتاب "المصافحة" له من عالي ما يُسمع اليوم. تفرّد بها بيبرس العديمي بحلب. وعند أبي بكر بن عبد الدّائم قطعةٌ من الكتاب يرويها عن النّاصح، عن شُهْدَة، عن ابن العرب، عنه. وقال الخطيب في ترجمة البَرْقانيّ: حدَّثني عيسى بن أحمد الهَمْدانيّ، أنا البَرْقانيّ سنة عشرين قال: حدَّثني أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، نا محمد بن موسى الصَّيْرفيّ، نا الأصمّ، نا الصّغانيّ، نا أبو زيد الهَرَويّ، نا شُعْبَه، عن محمد بن أبي النَّوّار: سمعتُ رجلًا من بني سُلَيْم يقال له خفّاف قال: سألت ابن عمر عن صوم ثلاثةٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رَجَعْتُمْ. قال: إذا رجعتَ إلى أهلك. تفرّد به أبو زيد. 152- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خالد البغداديّ1. أَبُو عبد اللَّه الكاتب. سمع: أبا عليّ بن الصّوّاف، وعمر بن سَلْم، ومَخْلَد بن جعفر البَاقَرْحيّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صحيحَ السّماع، كثيره. مات في المحرّم، وله تسعٌ وثمانون سنة. 153- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سعيد2. أبو العبّاس الأبِيوَرْديّ، القاضيّ الشّافعيّ صاحب الشّيخ أبي حامد. سكن بغداد، وبرع في الفقيه. وولي القضاء ببغداد على الجانب الشَّرقيّ ومدينة المنصور أيّام ابن الأكْفَانيّ. ثمّ عُزِل، وَرُدَّ ابن الأكفاني إلى عمله.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 49، 50". 2 تاريخ بغداد "4/ 51، 52"، المنتظم "8/ 80، 81"، البداية والنهاية "12/ 37".

وكان له حلقة للتّدريس والفتوى بجامع المنصور. وكان عنده شيء عن عليّ بن القاسم بن شاذان القاضي، وغيره. كتب بالرّيّ وهَمَدَان. وكان حَسَنَ الاعتقاد، جميلَ الطَّريقة، فصيحًا، له شعرٌ. وقيل: إنّه كان يصوم الدَّهر. وكان فقيرًا يتحمّل، ومكث شتوةً لا يملك جبَّة يلبسها. وكان يقول لأصحابه: بي علّة تمنعني من لبْس المحشُوّ. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة، وله ثمان وستُّون سنة. 154- أَحْمَد بْن محمد بْن علي بْن الجهْم. أبو العبّاس الأصبهاني، مستملي ابن مَنْدَهْ. سمع: أبا الشّيخ. وعنه: الوحشيّ، وأبو الفتح الحدّاد. تُوُفّي فِي ذي القعدة. 155- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفضل. القاضي أبو بكر الصّدَفيّ، الفقيه. بمَرْو. 156- أحمد بن أبي سعْد البغداديّ. الأصبهاني الواعظ. تُوُفّي في ربيع الأوّل. 157- إبراهيم بن الخِضر بن زكرّيا1. أبو محمد الدّمشقيّ الصّائغ. روى عَنْ: أَبِي عليّ الحَسَن بْن عبد الله الكِنْديّ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: عليّ بْن محمد بْن شجاع، وأبو سعْد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ. تُوُفيّ يوم عاشوراء. قال الكتّانيّ: كان فيه تساهل في الحديث. 158- إبراهيم بن عليّ بن محمد بن عثمان بن المروق. أبو إسحاق العَبْديّ الأصبهاني الخيّاط، المعلّم. سمع: الطَّبْرانيّ. كتب عنه جماعة. مات في ربيع الأول.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "4/ 49"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 210".

"حرف الجيم": 159- جعفر بن أحمد بن لقمان. البزّاز. مصريٌّ. ذكر الحبّال موته في المحرّم. "حرف الحاء": 160- الحسن بن أحْمَد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان1. أبو عليّ بن أبي بكر البغداديّ، البزّاز. وُلِد في ربيع الْأَوَّل سنة تسعٍ وثلاثين، وسمّعه أبوه من: أبي عَمْرو بن السّمّاك، وأحمد بن سليمان العَبَّادانيّ، وميمون بن إسحاق، وأبي سهل بن زياد، وأحمد بن سلمان النجاد، وحمزة الدّهْقان، وجعفر بن محمد الخُلْديّ، وعبد الصّمد الطَّسْتيّ، ومُكَرَّم بن أحمد، وأبي عمر غلام ثعلب، وعبد الله بن جعفر بن درستُوَيْه، وعليّ بن عبد الرحمن بن ماتي، وعليّ بن محمد بن الزُّبَيْر القُرشيّ، وأحمد بن عثمان الأدَميّ، وعبد الله بْنُ إسحاق الخُراسانيّ، ومحمد بن جعفر القارئ، وجماعة. روى عنه: أبَوَا بكر الخطيب، والبَيْهَقيّ، والإمام أبو إسحاق الشّيرازيّ، وعليّ بن أبي الغنائم بن المأمون الهاشميّ، وأبو الفضل بن خَيْرون، والحسن بن أحمد بن سلمان الدّقّاق، وأبو ياسر محمد بن عبد العزيز الخيّاط، والحسين بن الحُسين الفانيذيّ، وثابت بن بُنْدار البقّال، وجعفر بن أحمد السّرّاج، والمبارك بن عبد الجبّار بن الطُّيُوريّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ السَّمْنَانِيُّ، وأبو غالب محمد بن الحسن الباقِلّانيّ، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَسَدِيُّ، وأبو سعد محمد بن عبد الملك بن خُشَيْش، وأبو القاسم عليّ بْن أحمد بن محمد بْن بَيَان، وأبو عليّ بن نبْهان الكاتب، وغيرهم. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، صحيح السّماع، يفهم الكلام على مذهب أبي الحسن الأشعريّ، وكان يشرب النّبيذ على مذهب الكوفيين، ثم تركه بأخرة.

_ 1 تاريخ حلب "331، 332"، المنتظم "8/ 86، 87"، الكامل في التاريخ "9/ 445"، سير أعلام النبلاء "17/ 415-418"، الوافي بالوفيات "11/ 394"، البداية والنهاية "12/ 39".

وكتب عنه جماعةٌ من شيوخنا كالبَرْقانيّ، وأبي محمد الخلّال. وسمعتُ أبا الحسن بن رزقُويه يقول: أبو عليّ بن شاذان ثقة. وسمعتُ أبا القاسم الأزهريّ يقول: أبو عليّ أوثق من بَرَأَ الله في الحديث. وحدَّثني محمد بن يحيى الكرْمانيّ قال: كنتُ يومًا بحضرة أبي عليّ بن شاذان، فدخل شابٌ فسلّم ثمّ قال: أيُّكم أبو عليّ بن شاذان؟ فأشرنا إليه، فقال له: أيُّها الشّيخ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المنام، فقال لي: سَلْ عن أبي عليّ بن شاذان فإذا لقِيتَهُ فأقْره منّي السّلام. قال: ثمّ انصرف الشّابُّ، فبكى أبو عليّ وقال: ما أعرف لي عملًا أستحقُ به هذا، الّلهُمَّ إلّا أن يكون صبري على قراءة الحديث وتكرير الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلّما جاء ذكرُهُ. قال الكرْمانيّ: ولم يلبث أبو عليّ بعد ذلك إلا شهرين أو ثلاثة حتى مات. تُوُفّي أبو عليّ آخر يومٍ من سنة خمسٍ، ودُفن فِي أوّل يومٍ من سنة ستٍّ وعشرين. 161- الحسن بن عُبَيْد الله1. الفقيه أبو عليّ البَنْدنيجيّ الشّافعيّ، صاحب الشّيخ أبي حامد. له عنه تعليقة مشهورة، وله مصنَّفات كثيرة. درس الفقه ببغداد مدَّة وأفتى، وكان ديِّنًا صالحًا ورِعًا. ثمّ رجع إلى البنْدنيجين رحمه الله. 162- الحسن بن أيّوب بن محمد بن أيّوب2. أبو عليّ الأنصاريّ القُرْطُبيّ الحدّاد. روى عن: أبي عيسى اللَّيْثيّ، وأبي علي القالي، وأحمد بن ثابت التغلبي. وتفقه على القاضي أبي بكر بن زرب.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 343"، طبقات الفقهاء "129"، المنتظم "8/ 83"، البداية والنهاية "12/ 37". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 136".

روى عنه جماعة من العلماء منهم: أبو عمر بن مهدي، وقال: كان مقدَّمًا في الشورى لسنه، رواية للحديث واللُّغة، ذا دِين وفضل. تُوُفّي في رمضان، وله سبعٌ وثمانون سنة. 163- الحُسين بن جعفر بن القاسم. أبو عبد الله الكِلَليّ المصريّ. سمع: الحسن بن رشيق، وأبا جعفر أحمد بن محمد بن هارون الأسْوَانيّ، وإبراهيم بن محمد النَّسائيّ العدْل، وأبا الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وجماعة. وانتقى عليه الحافظ أبو نصر السَّجْزيّ. روى عنه: أبو الحسن الخِلَعيّ، وجماعة من المصريّين. وهو ابن بنت أبي بكر الأُدْفويّ. تُوُفّي بالرِّيف في المحرّم. 164- الحَسَن بْن محمد بْن الحُسَيْن بْن دَاوُد بْن عليّ بن عيسى. أبو محمد العلويّ، السّيّد أبو محمد النّقيب بن السّيّد أبي الحسن. شيخ العِتْرة بنَيْسابور. روى عن: أبي عَمْرو بن حمدان، وغيره. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة عن نيِّفٍ وسبعين سنة. "حرف السّين": 165- سعيد بن أحمد بن يحيى1. أبو عثمان المُراديّ الإشبيليّ، الشّقاق. كان من أهل الذّكاء والطَّلَب، ومعرفة التَّواريخ والأخبار. سمع من: أبي محمد الباجيّ، وابن الخرّاز، والرّياحيّ، وابن السّليم القاضي، ومَسْلمة بن القاسم، وغيرهم. 166- سُفْيان بن محمد بن الحسن بن حسنكويه2.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 218، 219". 2 تقدم برقم "131".

أبو عبد الله الأصبهاني. تُوُفّي في هذه السَّنة على الصَّحيح في أحد الْجُمَادَين. روى عنه: أبو عبد الله الثّقَفيّ، وأبو عليّ الحداد، وجماعة. يروي عن: أبي الشّيخ، وابن المظفّر الحافظ، ومنصور بن جعفر البغْداديّ. "حرف الضّاد": 167- ضُمام بن محمد. أبو يَعْلَى الشَّعْرَانيّ الهَرَويّ الصُّوفيّ. روى عن: بِشْر بن محمد المُزَنيّ المغفّليّ، وأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري البغوي. وروى عنه: محمد بن عليّ العُمَيريّ الزّاهد، وغيره. "حرف الطّاء": 168- طاهر بن عبد العزيز بن سيّار البغداديّ الحُصَريّ1. الدّعّاء. سمع أبا بكر القَطِيعيّ، وإسحاق بن سعْد النَّسَويّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان عبدًا صالحًا رحمه الله. "حرف الظاء": 169- ظفر بن إبراهيم النيسابوري الأبريمسي2. أبو سعيد. قال الخطيب: ثنا عن محمد بن أحمد بن عَبْدُوس، عن مكّيّ بن عبدان، وكان صدوقًا. قدم علينا ليحج.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 358". 2 تاريخ بغداد "9/ 368".

"حرف العين": 170- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ السُّوذَرْجَانِيُّ الأصبهاني. تُوُفّي في جُمَادى الأولى. والد محمد وأحمد. روى عن: أبي الشّيخ، وابن المقرئ. وكان يحفظ. 171- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بُندار بن شُبَانَة1. أبو سعيد الهَمَذانيّ. روى عن: أبي القاسم بن عُبَيْد، والفضل بن الفضل الكِنْديّ، ومحمد بن عبد الله بن برزة، ومحمد بن علي بن محمويه النسوي، وأبي بكر بن مالك القطيعي، وجماعة. قال شيرويه: ثنا عنه عبد الملك بن عبد الغفّار، ومحمد بن الحسين، ومحمد بن طاهر العابد، وأحمد بن عبد الرحمن الروذباري، وسعد بن الحسن القصري، وأحمد بن طاهر القومساني، وأبو غالب أحمد بن محمد القارئ العدل. قال شيرويه: وكان صدوقا من أهل الشهادات ومن تناء البلد. قلت: وقع لنا الجزء الثاني من حديثه. 172- عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر2. أبو الحسن التميمي الجوبري الغوطي. حدث عن: أبي القاسم عليّ بن أَبِي العقِب، وأبي عَبْد الله بْن مرْوان، ويحيى بن عبد الله الزّجّاج، وإبراهيم بن محمد بن سِنَان. روى عنه: حَيْدَرة المالكيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وسعْد بن عليّ الزَّنجانيّ، وأبو العبّاس بن قُبَيْس المالكيّ، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصّيصيّ، وجماعة. ووثّقه محمد بن عليّ الحدّاد، ولم يكن يُحْسِن الخطَّ.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "5/ 12، 13"، سير أعلام النبلاء "17/ 432، 433"، النجوم الزاهرة "4/ 280". 2 الأنساب "3/ 344"، سير أعلام النبلاء "17/ 415"، شذرات الذهب "3/ 229".

قال الحافظ عبد العزيز الكتّانيّ: تُوُفّي شيخنا في صفر، وكان أبوه قد سمّعه وضبط له، وكان يحفظ متون الحديث. ولمّا مضيت لأسمعَ منه قال: قد سمّعني والدي الكثير، وكان محدثا، ولكن ما أحدثك حتى أدري إيش مذهبك في معاوية. قال: صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رحمه الله. فأخرج إليَّ كُتُبَ أبيه جميعها. وكان لا يقرأ ولا يكتب. 173- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يعقوب. أبو مسلم الأصبهاني المؤدِّب. سمع: الطَّبْرانيّ. وعنه: أبو عليّ الوخشيّ، وبِشْر بن محمد الحنفيّ. مات في جُمَادى الأولى. 174- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحَسْنَاباذيّ. الرُّسْتَميّ الأصبهاني أَبُو القاسم الزَّاهد. تُوُفِّي في جُمادى الآخرة. وكان واعظًا مذكّرًا. روى عن: أحمد بن بُندار، والطَّبْرانيّ. 175- عبد الوهّاب بن عبد الله بن عمر بن أيّوب1. أبو نصر المُّرِّيّ الدِّمشقيّ الشُّرُوطيّ. الحافظ المعروف بابن الْجَبَّان وبابن الأذْرَعيّ. روى عن خلْقٍ كثير، منهم: الحسين بن أبي الرَّمْرام، وأبو عمر بن فضالة، والمظفر بن حاجب الفرغاني، وجمع بن القاسم، والفضل بن جعفر، وطبقتهم. ولم يرحل. روى عنه: أبو عليّ الأهوازيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، والسّمّان، وأبو القاسم المِصِّيصيّ، وأبو العبّاس بن قُبَيْس، وآخرون. قال الكتّانيّ: تُوُفّي شيخنا وأستاذنا أبو نصْر بن الْجَبَّان في شوَّال. صنَّف كُتبًا كثيرة، وكان يحفظ شيئًا من علم الحديث رحمه الله. ووثّقه محمد بن علي الحداد.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "7/ 314"، الأنساب "11/ 268"، العبر "3/ 158"، النجوم الزاهرة "4/ 281".

176- عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن الحارث1. أبو الفرج التيمي، أخو أبي الفضل عبد الواحد. كان له حلقة بجامع المنصور للوعظ والفَتْوَى على مذهب أحمد. حدَّث عن: أبيه، وأبي الحسين العتكيّ، وناجية بن النّديم. روى عنه: الخطيب، وابنه رزق الله التّميميّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل. 177- عبد الوهّاب بن محمد بن عليّ بن مهرة الأصبهاني. حدث عن: الطَّبْرانيّ، وغيره. روى عنه: أبو عليّ الحدّاد. مات في ذي الحجّة. ورّخه ابن نُقْطَة وكنّاه أبا عَمْرو. 178- عليّ بن أحمد الزّاهد2. أبو الحسن الخَرَقانيّ. وخَرَقَان: قرية بجبال بِسْطام. ذكره أبو سعد بن السَّمَعانيّ فقال: شيخ العصر، له الكرامات والأحوال. أجْهد نفسه ورَاضَهَا. وكان أوّل أمره خَرْبَندَج يكري الحمار، ثمّ فُتِح عليه. وقد قصده السّلطان محمود بن سُبُكْتِكين وزاره، فوعظه ولم يقبل منه شيئًا. توفي يوم عاشوراء، وله ثلاثٌ وسبعون سنة رحمه الله تعالى. 179- عليّ بن الحسن3. أبو الفَرَج النَّهْروانيّ، خطيب النَّهْروان. روى عن: أبي إسحاق المزكّيّ، وأحمد بن نصر الذراع. روى عنه: الخطيب، وقال: لا بأس به. وورخه.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 32"، المنتظم "8/ 81"، الكامل في التاريخ "9/ 439"، البداية والنهاية "12/ 37". 2 الأنساب "5/ 86"، معجم البلدان "2/ 360". 3 تاريخ بغداد "11/ 390".

180- عليّ بن سليمان بن الرّبيع. القاضي أبو الحسن البِسْطاميّ. سمع بنَيْسابور من: أبي عَمْرو بن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وجماعة. وتُوُفّي بِبِسْطام عن اثنتين وسبعين سنة. 181- عمر بن أبي سعْد إبراهيم بن إسماعيل1. الفقيه أبو الفضل الزّاهد الهَرَويّ، خال أبي عثمان الصَّابونيّ. سمع: أبا بكر الإسماعيليّ، وأبا عمر بن حمدان، وبِشْر بن أحمد الإسْفرائينيّ، وعبد الله بن عمر بن عَلَّك الجوهريّ، والحسين بن محمد بن عُبيد العسكريّ، والبكّائيّ الكوفيّ، وطبقتهم. وكان إمامًا، قُدْوة في الزُّهد، والورع، والعبادة، والعلم. روى عنه: شيخ الإسلام أبو عثمان الصَّابونيّ، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأبو عطاء عبد الأعلى المَلِيحيّ، وغيرهم. تُوُفّي في آخر سنة خمس وعشرون. وكان أبوه حافظًا صالحًا خيِّرًا، مات سنة تسعين وثلاثمائة. "حرف الميم": 182- محمد بن إبراهيم بن علي2. أبو هريرة أخو أبي ذَرّ الصّالْحانيّ الأصبهاني النّجّار. تُوُفّي في ذي القعدة. روى عن: أبي بكر عبد الله بن محمد القباب. 183- محمد بن الحسن بن عليّ بن ثابت3. أبو بكر النعماني البغدادي.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 273"، المنتظم "8/ 88"، سير أعلام النبلاء "17/ 448". 2 الأنساب "8/ 13". 3 تاريخ بغداد "2/ 217"، الأنساب "12/ 115"، المنتظم "8/ 81، 82".

قال الخطيب: ثنا عن عبد الخالق بن الحسن المعدّل، وكان صحيح السّماع. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 184- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد1. أبو الفتح بن الأخوة البغدادي الصَّيْرفيّ. سمع: عليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ الكوفيّ بها، وأبا بكر بن شاذان، وأبا الحسين بن البّواب، وجماعة. قال الخطيب: كان صدوقًا من أهل القرآن والسُّنَّة. كتبتُ عنه. ومات فِي ذي الحجّة وله سبعون سنة. 185- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن مُصْعَب2 بن عُبَيْد الله بن مُصْعَب بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التيمي الطَّلْحيّ. أبو بكر الأصبهاني التّاجر. سمع: عبد الله بن جعفر بن فارس، وغيره. روى عنه: أبو العبّاس أحمد بن محمد بن بشرُوَيْه، وأحمد بن محمد بن شَهْرَيار، وأبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد الحدّاد، وأبو علي الحسن بن أحمد الحداد، وآخرون. وقد سمع أيضًا من: محمد بن أحمد بن أحسن الكِسائيّ، وأحمد بن جعفر بن مَعْبَد السِّمْسار، وشاكر بن عمر المعدّل، وسليمان بن أحمد الطَّبرانيّ، وغيرهم. تُوُفّي في ربيع الأوّل، وكان من وجوه أهل بلده. له أوقاف كثيرة. وهو عم والدة الحافظ إسماعيل. 186- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بن إبراهيم بن مهْران3. أبو عبد الله الثَّقفيّ الكِسائيّ النَّيْسابوريّ السّرّاج. الفقيه. روى عن: أبيه، وأبي عَمْرو بن مطر، وإسماعيل بن نجيد، وأبي أحمد حسينك التميمي، وأبي الحسين الحجاجي.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 337". 2 الإعلام بوفيات الأعلام "178"، سير أعلام النبلاء "17/ 449"، النجوم الزاهرة "4/ 281". 3 المنتخب من السياق "33/ 36، 50".

وثقه أبو الحسن عبد الغافر الفارسي، وقال: أخبرنا عنه: أبو صالح بن أبي سعد المقرئ، وعُبَيْد الله بن أبي محمد الكُرَيْزيّ. 187- محمد بن مغيرة بن عبد الملك بن مغيرة1. أبو بكر القُرَشيّ. من أهل قُرْطُبة. سكن إشبيلية. روى عن: أبي بكر بن القُوطِيّة، وأبي بكر الزُّبَيْديّ، وابن عَوْن الله. وحج فأخذ عن: أبي الحسن القابسيّ، وابن فِراس العَبْقَسيّ، وجماعة. وكان من أهل العلم بالحديث، والفقه. ثقة. ذكره ابن خزرج. روى عنه: هو، وأبو عبد الله الخولاني. وتوفي في رجب. "حرف الواو": 188- وشاح2. مولى أبي تمام الزينبي. بغدادي، صدوق، مسن. قال الخطيب: قيل عنه شيء من الاعتزال. وهو كثير التلاوة، صدوق. ثنا عن عثمان بن محمد بن سنقة، عن إسماعيل القاضي. وفيات سنة ست وعشرين وأربعمائة "حرف الألف": 189- أحمد بن محمد بْنُ المقرّب. أبو بكر الكرابيسيّ. خُرَاسانيّ. مات في رجب. 190- أحمد بن أبي مروان عبد الملك بن مروان بن ذي الوزارتين الأعلى أحمد بن عبد الملك بن عمر بن شهيد3.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 517". 2 تاريخ بغداد "13/ 492، 493"، الإكمال لابن ماكولا "7/ 394". 3 الإكمال "5/ 90"، الكامل في التاريخ "9/ 445"، الوافي بالوفيات "7/ 144-148".

الأشجعيّ أبو عامر الأندلسيّ القُرْطُبيّ، الشّاعر الأديب. قال الحُمَيديّ: كان من العلماء بالأدب ومعاني الشّعر وأقسام البلاغة. وله حظٌ من ذلك بَسَق فيه، ولم يَرَ لنفسِهِ في البلاغة أحدًا يُجاريه. وله كتاب "حانوت عطّار"، وسائر رسائله وكُتُبه نافعة الجدّ، كثيرة الهزْل. وقال أبو محمد بن حزم: ولنا من البُلَغاء أحمد بن عبد الملك بن شُهَيد. وله من التصرف في وجوه البلاغة وشِعابِها مقدارٌ ينطق فيه بلسان مركب من لساني عمر وسهل. يعني عَمْرو بنَ بحر الجاحِظ، وسَهْلَ بنَ هارون. وكتب إليّ في علّته بهذه الأبيات: ولمّا رأيتُ العَيْشَ لَوَّى برأسِهِ ... وأيقنتُ أنَّ الموتَ لا شكَّ لاحِقي تمنَّيتُ أنّي ساكنٌ في عَبَاءةٍ ... بأعلى مَهَبّ الرِّيحِ في رأس شاهقِ كأنّي وقد حانَ ارتحاليَ لم أفُزْ ... قديمًا من الدّنْيا بِلَمْحَةِ بارقِ فمن مُبلغٌ عنّي ابنَ حزمٍ وكان لي ... يدًا في مُلِمَّاتي وعندَ مضايقي عليك سلامُ الله إنّي مُفَارقٌ ... وحَسْبُكَ زادًا من حبيبٍ مفارقِ في أبيات. وقال ابن بسّام في كتاب "الذَّخيرة" من شِعر أبي عامر: وكأنّ النُّجُومَ في اللّيل جَيْشٌ ... دخلوا لِلْكُمُون في جَوفِ غابِ وكأنّ الصُّبْحَ قَانِصُ طيرٍ ... قَبَضَتْ كَفُّهُ بِرجلِ غُرابِ وله يصف ثعلبًا: أدهَى من عَمْرو، وأفْتَكَ من قاتل حُذَيفَة بن بدر، كثير الوقائع في المسلمين، مُغرى بإراقة دماء المؤذنين، إذا رأى الفرصة انتهزها، وإذا طَلَبَتْه الكُماةُ أعْجَزَهَا، وهو مع ذلك بقْراط في أدَامِه، وجالينوس في اعتدال طعامه، غذاؤه حمامٌ أو دجاجْ، وعشاه تدْرج أو درّاجْ. قال أبو محمد بن حزْم: تُوُفّي في جُمَادى الأولى، وصلّى عليه أبو الحزْم جَهْور بن محمد

وكان حين وفاته حامل لواء الشِّعر والبلاغة، لم يخلّفْ له نظيرًا في هذين العِلْمَين. وولد سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وانقرض عقِبُ الوزير والدِه بموته. وكان سمْحًا جوادًا. وكانت علّته ضيق النَّفَس والنَّفْخة. قال ابن ماكولا: يقال إنّه جاحظ الأندلس. 191- إبراهيم بن جعفر بن أبي الكرّام. أبو إسحاق المصريّ. أخو محسن. سمع من: الرّازيّ فَمَنْ دونه. الرّازيّ هو أحمد بن إسحاق بن عُتْبَة. وسمع منه: خَلَف الحَوْفيّ والخِلَعيّ. 192- أصْبَغُ بن محمد بن أصبغ بن السِّمْح1. أبو القاسم المَهْريّ القُرْطُبيّ، صاحب الهندسة. كان من أهل البراعة في الهندسة والعدد والنِّجامة والطّبّ، وهذه الأشياء. أخذ عن: مَسْلَمة بن أحمد المرجيطي. وسكن غُرْناطة، وقدَّم عند صاحبها وتموّل. وله تصانيف. تُوُفّي في رجب كَهْلًا. أخذ عنه: سليمان بن محمد بن الفاسيّ المهندس، وغيره. وله مصنَّفات. "حرف الثّاء": 193- ثابت بن محمد بن وهب بن عيّاش2. أبو القاسم الأُمويّ الإشبيليّ. روى عن: أبي عيسى اللَّيُثيّ، والقاضي بن السُّلَيم، وابن القُوطِيَّة، ومحمد بن حارث، وجماعة. وكان من أهل الطَّهارة والعفاف والجهاد. وُلِد سنة ثمان وثلاثين يعني وثلاثمائة.

_ 1 الوفيات لابن قنفذ "234"، كشف الظنون "523"، معجم المؤلفين "2/ 302". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 122".

"حرف الحاء": 194- الحسن بن عثمان بن سَوْرة البغداديّ1. أبو عمر الواعظ. عُرِف بابن الفَلْوِ. سمع: أباه، والقَطِيعيّ. قال الخطيب: له لسان وعارضة. ومن شعره: دخلت على السلطان في داره عزِّهِ ... بفقْري ولم أُجْلَبْ بخيلٍ ولا رجلِ وقلت انْظُرُوا ما بين فَقْري ومُلْكِكُم ... بمقادر ما بين الولاية والعزلِ 195- الحسين بن أحمد بن عثمان بن شِيطَا2. أبو القاسم البغداديّ البزّاز. حدَّث عن: عليّ الشُّونِيزيّ، وأحمد بن جعفر الخُتّليّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان ثقة. وسمعته يقول: كتبتُ بخطيّ إملاءً عَنْ أَبِي بَكْر الشّافعيّ، وأَبِي عَلِيّ بْن الصَّوّاف. 196- الحسن بْن عُمَر بْن مُحَمَّد3. أَبُو عَبْد الله البغداديّ العلّاف. سمع: أبا بكر الشّافعيّ، وإسحاق النقّال. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة. روى عنه: جعفر السّرّاج. 197- الحَسَن بن محمد بن أحمد بن إبراهيم.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 362، 363"، الإكمال لابن ماكولا "7/ 7"، البداية والنهاية "12/ 36". 2 تاريخ بغداد "8/ 15، 16"، المنتظم "8/ 78". 3 تاريخ بغداد "8/ 83"، والمنتظم "8/ 87".

القاضي أبو القاسم الأنباريّ، نزيل مصر. مسند جليل. سمع: أبا العبّاس بن عُتْبَة الرّازيّ ومحمد بن أحمد المسوّر، والحسن بن رشيق. وعنه: أبو نصر السِّجْزيّ، وأبو الوليد الدَّرْبَنْديّ، والحبَّال، وغيرهم. مات في ربيع الأوّل. "حرف الرّاء": 198- رضوان بن محمد بن حسن1. أبو القاسم الدّينَوَري. حدَّث عن: محمد بن عِجْل الدّينَوَريّ صاحب الفِرْيابيّ، وأبي حفص الكتّانيّ. روى عنه: أبو بكر الخطيب. "حرف السّين": 199- سعيد بن يحيى بن محمد بن سَلَمة2. أبو عثمان التَّنُوخيّ، إمام جامع إشبيلية. عن: ابن أبي زَمنين، وغيره. وله تصانيف في القراءات وغيرها. وكان من مجودي القراء. وروى عنه: ابن خَزْرَج. "حرف العين": 200- عبد اللَّه بْن أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن شاذان3. أبو محمد الصَّيرفيّ، أخو أبي عليّ. تُوُفّي بعد أخيه بسبعة أشهر. سمع من: أبي بكر القطيعي، ومن بعده.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 432". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 219". 3 تاريخ بغداد "9/ 398"، المنتظم "8/ 88".

روى عنه: أبو بكر الخطيب، وقال: كان صدوقًا. 201- عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه1. أبو محمد الشّقّاق القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ. كبير المُفْتِين بقُرْطُبة. رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قاسم القَلَعِيّ، وأبي عمر أحمد بن عبد الملك بن المُكْوِيّ، وأبي محمد الأصيليّ. قال أبو عُمَر بن مَهْديّ: كان فقيهًا جليلًا، أحفظ أهل عصره للمسائل وأعرفهم بعقْد الوثائق. وحاز الرّئاسة بقُرْطُبة في الشُّورى والفُتْيَا. وولي قضاء الرّدِّ والوزارة، وكان يقرئ الناس بالقراءات، ويضْبطها ضبطًا عجيبًا. أخبرني أنّه قرأ بها على أبي عبد الله محمد بن الحسين بن النُّعْمَان المقرئ. وبدأ بالإقراء ابن ثمان عشرة سنة. وكان بصيرًا بالحساب والنَّحْو وغير ذلك. ولد سنة ست وأربعين وثلاثمائة. وتُوُفّي في ثامن عشرَ رمضان. 202- عبدُ الرحمن بن محمد بن رزْق2. أبو مُعَاذ السِّجِسْتانيّ المزكّيّ. حدَّث ببغداد عن: أبي حاتم محمد بن حِبَّان البُسْتيّ، وأبي سعيد عبد الله بن محمد الرّازيّ، وجماعة. قال الخطيب: كتبنا عنه، وما علمت من حاله إلّا خيرًا. 203- عبد الواحد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن المَرْزُبان. أبو طاهر الأصبهاني، سِبْط فادُوَيْه. تُوُفّي في ربيع الآخر. 204- عليّ بن الحُسين بن أحمد بن عبد الله بن بُكَيْر3.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 266، 267"، العبر "3/ 159، 160"، غاية النهاية "1/ 420". 2 تاريخ بغداد "10/ 304". 3 تاريخ بغداد "11/ 401، 402".

أبو طاهر البغداديّ. سمع: القَطِيعي، وجماعة. وعنه: الخطيب، وقال: كان صدوقًا. "حرف الميم": 205- مُحَمَّد بْن الحافظ أَبِي بَكْر أَحْمَد بن موسى بن مَرْدُويَه. الأصبهاني، أبو الحسين. تُوُفّي في جُمادى الأولى. 206- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عمّار. أبو الفضل الهَرَويّ. 207- محمد بن رِزق الله بن عُبَيْد الله بن أبي عَمْرو1. المَنينيّ، الأسود، خطيب مَنين. سَمِعَ بدمشق من: أَبِي الْقَاسِم عَليّ بن يعقوب بن أبي العَقِب، ومحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مروان، وأبي عليّ بن آدم، والحسين بن أحمد بن أبي ثابت، وجماعة. روى عنه: أبو الوليد الحسن الدَّرْبَنْديّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو القاسم المِصِّيصيّ، وغيرهم. قال الدَّرْبَنْديّ: ولم يكن في جميع الشّام مَن يكتني بأبي بكر غيره. وكان من الثّقات. وقال الكتّانيّ: تُوُفّي في جُمَادى الأولى، وكان يحفظ القرآن بأحرُفٍ حِفظًا حسنًا. يُذْكر أنّ مولده سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة. سمعه أبوه. 208- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد بن أحمد بن الحسين. أبو عَمْرو الرَّزْجاهيّ البَسْطاميّ الفقيه الشّافعيّ الأديب المحدَّث2.

_ 1 الأنساب "11/ 511"، مختصر تاريخ دمشق "22/ 160، 161"، معجم البلدان "5/ 218". 2 تاريخ جرجان "462"، الأنساب "6/ 110"، سير أعلام النبلاء "17/ 504"، شذرات الذهب "3/ 230".

تفقّه على الأستاذ سهل الصُّعْلُوكيّ مدّة، وكتب الكثير عن: عبد الله بن عديّ، وأبي بكر الإسماعيليّ، وأبي عليّ بن المغيرة، وأبي أحمد الغِطْريفيّ، وطبقتهم. ووُلِد سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة. وكان يجلس لإسماع الحديث والأدب. وله حلقة بنَيْسابور. روى عنه: البَيْهَقيّ، وأبو عبد الله الّثَقَفيّ، وأبو سعد بن أبي صادق، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن أحمد الفُقَاعيّ، وآخرون. وانتقل في آخر عمره إلى بِسْطام ومات بها في هذه السّنة في ربيع الأوّل. ورَزْجَاه: بفتح الرّاء، وقيل: بضمها، وهي من قرى بِسْطام. وبِسطام بلدة بقُومِس. 209- محمد بن أبي تمام عليّ بن الحسن1. نقيب النُّقباء، نور الهدى العبّاسيّ الزَّيْنبيّ. نقيب العبّاسيّين. والد طرّاد الزّيْنبيّ وإخوته. 210- محمد بن عمر بن القاسم بن بِشْر2. أبو بكر النَّرْسيّ، ويُعرف بابن عُدَيْسَة. قال الخطيب: ثنا عن أبي بكر الشّافعيّ، وكان صدوقًا من أهل السنة. ولد سنة أربعين وثلاثمائة. 211- محمد بن الفضل بن عمّار3. أبو الفضل الهَرَويّ الفقيه المزكّيّ. روى الكثير عن: أبي الفضل بن خميرويه، وطبقته. 212- محمد بن موسى4. أبو عبد الله بن الفحام الدمشقي.

_ 1 الأنساب "6/ 346"، المنتظم "8/ 91"، البداية والنهاية "12/ 40". 2 تاريخ بغداد "3/ 37". 3 المنتخب من السياق "27/ 28". 4 مختصر تاريخ دمشق "23/ 270".

روى عن: أبي علي الحسين بن إبراهيم بن أبي الرَّمْرام. سمع منه في سنة ثلاثٍ وستِّين. وحدَّث عنه في سنة ستٍّ وعشرين وأربعمائة. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، واحمد بن أبي الحديد، وولده. 213- محمد بن ياسين بن محمد1. أبو طاهر البغداديّ البزّاز المقرئ، المعروف بالحلبيّ. من أعيان المقرئين. قرأ على: أبي حفص الكتّانيّ، وأبي الفَرَج الشَّنَبُوديّ، وعلي بن محمد العلّاف. وصنّف في القراءات. أخذ عنه: عبد السّيّد بن عتّاب، وعليّ بن الحسين الطُّرَيْثيثيّ، وجماعة. تُوُفّي في ربيع الأوّل، وبقي يومين لا يُعلم به. رحمه الله. "الكنى": 214- أبو الحسن بن الحدّاد المصريّ. القاضي الشّافعيّ المصاحفيّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل. قاله أبو إسحاق الحبّال. 215- أبو الخيار الأندلسيّ الظَّاهريّ2. واسمه مسعود بن سليمان بن مفلت الشَّنْتَرينيّ القُرْطُبيّ الأديب. زاهد، خيّر، متواضع، كبير القدْر. كان لا يرى التقليد. وقد ذكره أبو محمد بن حزْم، وأثنى عليه فقال في كتاب "إرشاد المسترشد": لقد كان لأهل العلم وابتغاء الخير في الشّيخ أبي الخيار معتَقَدٌ قويٌ ومقصد كاف، نفعه الله بفضله وبعلمه وصدعه بالحق، ورفع بذلك درجته.

_ 1 الوافي بالوفيات "5/ 181"، غاية النهاية "2/ 276"، معجم المؤلفين "13/ 97". 2 جذوة المقتبس "350"، الصلة لابن بشكوال "2/ 617، 618".

وفيات سنة سبع وعشرين وأربعمائة": حرف الألف": 216- أحمد بن الحَسَن بن عليّ بن محمد. أبو الأشعث الشّاشيّ، رحمه الله. 217- أحمد بن محمد بن إبراهيم1. أبو إسحاق النَّيْسابوري الثَّعْلبيّ، صاحب "التّفسير". كان أوحد زمانه في علم القرآن، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء. قال السَّمَعانيّ: يقال له الثَّعْلبيّ والثَّعالبيّ، وهو لقبٌ لا نَسَب. روى عن: أبي طاهر محمد بن الفضل بن خُزَيْمة، وأبي محمد المخلدي، وأبي بكر بن هانئ، وأبي محمد بن الرومي، والخفاف، وأبي بكر بن مهران المقرئ، وجماعة. وكان واعظا حافظا عالما، بارعا في العربية، موثقا. أخذ عنه: أبو الحسن الواحدي. وقد جاء عن أبي القاسم القُشَيْريّ قال: رأيت ربّ العزَّة في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرّبُّ جلَّ اسمه: أقبلَ الرّجل الصالح. فالتفتُّ فإذا أحمد الثعلبي مقبل. قال عبد الغافر بن إسماعيل: تُوُفّي في المحرّم. ثمّ ذكر المنام. 218- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الْجُرْجَانيّ البيِّع. المعروف بالسني. روى عن: أبي بكر الإسماعيليّ. روى عنه: أبو مسعود البَجَليّ. 219- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله. أبو سعْد المُحَمَّدَاباذيّ، الحافظ.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 435-437"، الوافي بالوفيات "7/ 307، 308"، البداية والنهاية "12/ 40".

كهل، فاضل، معتني بالحديث، مجتهد في تكثير السماع. روى عن: أبي الفضل الفامي، وأبي محمد المخلدجي، والحورميّ، وأبي الحسن عليّ بن عمر الحربيّ، وموسى بن عيسى السّرّاج، وابن لال، وطبقتهم. تُوُفّي في سلْخ رجب. 220- أحمد بن عليّ1. أبو جعفر الأزْديّ القَيْروانيّ، الشّافعيّ المقرئ. رحل، وقرأ القراءات على أبي الطيب بن غلبون. وأقرأ الناس. 221- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مَخْلَد. أبو نصر المَخْلَديّ النَّيْسابوريّ. تُوُفّي في شعبان. سمع: ابن نُجَيْد، وأبا عَمْرو بن مطر، وأبا القاسم النَّصْراباذيّ، وأبا سهل الصُّعْلُوكيّ. وببغداد: أبا الفضل الزُّهْريّ. أخذ عنه خلْقٌ. 222- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن موسى القَزْوينيّ. أبو القاسم. روى عن: محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، وجدّه أبي مسلم بن أبي صالح. سمع منه: أبو الفتح الحدّاد، وجماعة بإصبهان. 223- إسماعيل بن سعيد بْن محمد بن أحمد بْن شُعيب2. أبو سعيد الشّعَيْبيّ النَّيْسابوريّ، المحدِّث. سمّعه أبوه الكثير، ولم يُعمَّر. وحدَّث بهَراة. وانتخب عليه: أبو الفضل الجارودي. وحدَّث عن: أبي عمر بن حمدان، وأبي أحمد الحافظ، وطبقتهما.

_ 1 غاية النهاية "1/ 91". 2 الإكمال لابن ماكولا "5/ 133"، الأنساب "7/ 347، 348"، المنتخب من السياق "130".

روى عنه: الحسن بن أبي القاسم الفقيه، وغيره. تُوُفّي في أواخر رمضان، وقد كتب الكثير بخطِّه. "حرف التّاء": 224- تُرَاب بن عُمَر بن عُبَيْد1. أبو النُّعْمَان المصريّ الكاتب. روى عن: أبي أحمد بن النّاصح، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وغيرهما. روى عنه: أبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وأبو الحسن الخِلَعيّ، وجماعة. تُوُفّي فِي ربيع الآخر، وَلَهُ خمسٌ وثمانون سنة. "حرف الحاء": 225- حمزة بْن يوسف بْن إبْرَاهِيم بْن مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله2. القُرشيّ السَّهّميّ، من ولد هشام بن العاص. أبو القاسم بن أبي يعقوب الْجُرْجَانيّ الحافظ، المحدِّث ابن المحدَّث. أوّل سماعه بجُرْجان في سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمائة من أبي بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل الصّرّام، وأوّل رحلته سنة ثمانٍ وستين. رحل إلى إصبهان، والرّيّ، وهَمَدان، وبغداد، والبصرة، ومصر، والشّام، والحجاز، والكوفة، وواسط، والأهواز. روى عن: عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيليّ، وأبي محمد بن ماسي، وأبي حفص الزَّيّات، وأبي بكر بن المقرئ، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وأبي بكر أحمد بن عَبْدان الشِّيرازيّ، وأبي محمد بن غلام الزُّهْريّ، والوزير أبي الفضل جعفر بن حِنْزَابة، وأبي زُرْعة محمد بن يوسف الكشّيّ، وأبي بكر محمد بن إسماعيل الوراق،

_ 1 العبر "3/ 161"، سير أعلام النبلاء "17، 502"، حسن المحاضرة "1/ 373". 2 المنتظم "8/ 87، 88"، العبر "3/ 161"، سير أعلام النبلاء "17/ 469-471"، الوافي بالوفيات "13/ 176".

وأبي زُرْعة أحمد بن الحسين الحافظ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ الدّمشقيّ، وميمون بن حمزة المصريّ، وآخرين. روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ، وأحمد بن عبد الملك المؤذّن، وأبو القاسم القُشَيْريّ، وإسماعيل بن مَسْعَدَة الإسماعيليّ، وإبراهيم بن عثمان الْجُرجَانيّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ بن خلف الشيرازي، وعلي بن محمد الزبحي، وغيرهم. وصنِّف التّصانيف، وتكلّم في الجرح والتّعديل. وقيل: تُوُفّي سنة ثمانٍ. "حرف الظّاء": - الظّاهر1. الخليفة صاحب مصر ابن الحاكم. فيها تُوُفّي كنا يأتي. اسمه عليّ. "حرف العين": 226- عَبْد الرحيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه2. القاضي المختار أبو سعد الإسماعيليّ السّرّاج الحنفيّ. ولي القضاء باختيار المشايخ له، فلَذا قيل له: المختار. روى عن: أبي الحسن السّرّاج، وأحمد بن محمد بن شاهُوَيْه القاضي، وأبي الفتح القواس، والبغداديين. وعنه: أبو صالح المؤذن. 227- عبد العزيز بن علي3. أبو عبد الله الشهرزوري. قدم الأندلس في آخر عمره، وكان شيخا جليلا، آخذا من كل علمٍ بأوفر نصيب؛ وكانت علوم القرآن، وتعبير الرؤيا أغلب عليه. روى عن: أبي زيد المروزيّ، وأبي بكر الأَبْهريّ، والحسن بن رشيق، وابن الورد، وأبي بكر الأدفوي، وأبي أحمد السامري.

_ 1 يأتي برقم "234". 2 المنتخب من السياق "321". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 375، 376".

وركب البحر منصرفًا إلى المشرق، فقتلته الرّوم في البحر في سنة سبعٍ وعشرين، وقد قارب المائة سنة. قال ابن خزرج: أجاز لي ما رواه بخطّه بدانية. 228- عبد العزيز بن أحمد بن السّيّد بن مُغَلِّس1. أبو محمد الأندلسيّ اللُّغَويّ النَّحْويّ، نزيل مصر. قرأ على: صاعد بن الحسن الرَّبعِيّ. ودخل بغداد. وكان بينه وبين إسماعيل بن خَلَف مصنَّف العُنْوان معارضات في قصائد موجودة في ديوانيهما. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وصلّى عليه ابن إبراهيم الحَوْفيّ صاحب "التّفسير". ومن شعره: مريضٌ الجُفون بلا علّةٍ ... ولكنّ قلبي به مُمْرضُ أعاد السّهامَ على مُقلتي ... بِفَيْضِ الدُّموعِ فما تُغمَضُ 229- عبد القاهر بن طاهر2. أبو منصور البغداديّ، أحد الأئمة. سكن خُرَاسان، وتفنَّن في العلوم حتّى قيل: إنّه كان يعرف تسعة عشر علمًا. مات رحمه الله بإسْفرايين. ورَّخه القِفْطيّ. 230- عقيل بن الحسين بن محمد بن عليّ السّيّد الفَرْغانيّ3. أبو العبّاس. محتشم ذو مال. نَسَوي المَوْلِد، فرغانيّ المنشأ. حدَّث عن: أبي المفضل بن عبد الله الشَّيبانيّ، وحجّ مراتٍ. وتُوُفّي بزَنْجان. 231- عليّ بن الحسين بن أحمد بن الحسن بن القاسم بن الحسن4.

_ 1 جذوة المقتبس "288"، سير أعلام النبلاء "17/ 541"، بغية الوعاة "2/ 98". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 572، 573"، البداية والنهاية "12/ 44"، معجم المؤلفين "5/ 309". 3 المنتخب من السياق "400". 4 العبر "3/ 162"، سير أعلام النبلاء "17/ 502-504"، شذرات الذهب "3/ 185".

قال شيرُوَيه: سمع عامّة مشايخ هَمَدان، ومشايخ العراق، وخُراسان، روى عن: أبي الحسن محمد بْن أحمد بْن رَزْقُوَيْه، وأبي الحُسين بْن بشران، وأبي بكر أحمد بن الحسن الحيري، وطبقتهم. ثنا عنه الحسني، والميداني. وكان حافظا متقنا، يحسن هذا الشأن جيدا جيدا، جمع الكثير وصنف الكتب، وصنف كتاب الطبقات الموسوم "بالمنتهى في الكمال في معرفة الرجال"، ألف جزء. ومات بنيسابور قديما. وما متع بعلمه. قال شيرويه: سمعتُ حمزة بن أحمد يقول: سمعت شيخ الإسلام الأنصاريّ يقول: ما رأت عيناي من البشر أحفظ من أبي الفضل الفلكيّ. وكان صوفيًّا مشمّرًا. قلت: تُوُفْي بنَيْسابور في شعبان، وقيل: توفي سنة ثمان. وأمّا نسبته إلى الفَلَكيّ فكان جدُّه بارعًا في علم الحساب والفَلَك، فقيل له الفَلَكيّ. وكان هَيُوبًا مُحتَشمًا، ذكرنا وفاته في سنة 384. 232- عليّ بن عيسى. أبو الحسن الهَمَدانيّ الكاتب. حدَّث بمصر بانتقاء أبي نصر السِّجَزيّ. 233- عليّ بن محارب بن عليّ. أبو الحسن الأنطاكيّ. المقرئ المعروف بالسّاكت. قرأ القرآن على: الهيثم بن أحمد الصّبّاغ، وأبي طاهر محمد بن الحسن الأنطاكيّ. قرأ عليه: المحسّن بن طاهر المالكيّ، وغيره. وكان خيِّرًا صالحًا. 234- عليّ بن منصور بن نزار بن مَعَدّ بن إسماعيل بن محمد بن عُبَيْد الله العُبَيْديّ1. صاحب مصر المُلقَّب بالظّاهر لإعزاز دين الله. أبو هاشم أمير المؤمنين ابن الحاكم بن العزيز بن المعزّ، الّذين يدّعون أنهم فاطميّون ليربطوا عليهم بذلك الرّافضة. بايعوا الظّاهر بمصر لمّا قُتِل أبوه في شوال سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وهي

_ 1 المنتظم "8/ 90"، سير أعلام النبلاء "15/ 184-186"، النجوم الزاهرة "4/ 274، 275".

والشام وإفريقية في حكم أبيه، فلما قدم الظّاهر طمع مَن طمع في أطراف بلاده، فقصد صالح بن مرداس الكِلابيّ حلب وبها مرتضى الدّولة بن لؤلؤ الحمدانيّ نيابة عن الظّاهر المذكور، فحاصرها صالح وأخذها. وتغلّب حسّان بن مفرّج البَدَويّ صاحبُ الرملة على أكثر الشام. وتضعضت دولة الظّاهر. واستوزر الوزير نجيب الدّولة عليّ بن أحمد الْجَرْجرائيّ، كما استوزره فيما بعد ابنه المستنصر إلى أن مات سنة ستٍّ وثلاثين وأربعمائة، وكان من بيت حشْمة ووزارة. وكان أقْطعَ اليَدَين من المِرْفَقين، قطعهما الحاكم لكونه خان في سنة أربع وأربعمائة. وكان يكتب عنه العلّامة الْقَاضِي أبو عبد الله القُضاعيّ، وهي "الحمد لله شُكرًا لنعمته". "حرف الفاء": 235- فاطمة بنت زكريّا بن عبد الله الكاتب المعروف بالشبلاريّ مولى بني أميه1. كانت جزلة مختلصة، استكملت أربعًا وتسعين سنة. نَسَخت كُتُبًا كِبارًا وماتت بِكْرًا، ودُفِنَتْ بمقبرة أمّ سَلِمَة بقُرْطُبة. "حرف الميم": 236- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن يحيى بن سخْتَوْيه بن عَبْد اللَّه2. المُحَدِّث أَبُو عَبْد اللَّه ابن المحدّث المزكّيّ أبي إسحاق النَّيْسابوريّ. أحد الإخوة الخمسة، وأصغرهم. حدَّث عن: والده أبي إسحاق المزكّيّ، وأبي عليّ الرّفّاء، ويحيى بن منصور القاضي، وأبي العبّاس محمد بن إسحاق الصِّبْغيّ، وأبي عَمْرو بن مطر، وأبي بكر بن الهيثم الأنباريّ، وأبي بحر البَرْبِهاريّ، وأبي بكر الطلحي الكوفي، وطبقتهم.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 694". 2 المنتخب من السياق "32"، سير أعلام النبلاء "17/ 551، 552"، الوافي بالوفيات "1/ 350".

خرَّج له الحافظ أحمد بن عليّ بن منجويه، وأبو حازم العبدوييّ. وكان صحيح السّماع. قال عبد الغافر الفارسيّ: كان والدي يتأسّف على فوات السّماع منه. وقد أنبأ عنه: أخوالي أبو سعْد، وأبو سعيد، وأبو منصور، ونافع بن محمد الأبِيَوَرديّ، والشَّقَّانيّ، وأبو بكر محمد ابن أخيه يحيى، وعليّ بن عبد الرحمن العُثْمانيّ. قلت: وأبو سعد علي بْن عَبْد اللَّه بْن أبي صادق، وعبد الغفار بن محمد الشيروي، وآخرون. 237- محمد بن إبراهيم بن أحمد1. أبو بكر الأرْدَستانيّ الحافظ. سمع: أبا القاسم بن حبابة، وأصحاب البَغِويّ، وابن صاعد. روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ. وقيل: إنّه تُوُفّي سنة أربعَ وعشرين كما تقدَّم. 238- محمد بن الحسين بن عُبَيْد الله بن حمدون2. أبو يَعْلَى بن السّرّاج الصَّيْرَفيّ. سمع: أبا الفضل عُبَيْد الله الزُّهْريّ. وثّقه الخطيب، وقال: كان أحد القرّاء بالقراءات والنُّحاة، له مصنّف في القراءات. وُلِد سنة 383. 239- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن سهل بن طالب3. أبو عبد الله النَّصِيبيّ، ثمّ الدّمشقيّ المؤدِّب. روى عن: الفضل المؤذن، والمَيَانِجِيّ. روى عنه: أبو سعد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ وقال: كان ثقة، كتب الكثير ولم يكن يفهم شيئًا. 240- محمد بن عمر بن يونس الجصاص4.

_ 1 تقدم برقم "141". 2 تاريخ بغداد "2/ 251". 3 مختصر تاريخ دمشق "23/ 113". 4 تاريخ بغداد "3/ 37، 38".

سمع: أبا عليّ بن الصّوّاف، وأبا بكر بن خلْاد النَّصِيبيّ. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة دَيِّنًا. تُوُفّي في المحرّم ببغداد. روى عنه: أبو ياسر محمد بن عبد العزيز. يُكنَّى: أبا الفَرَج. 241- مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عبد الوهّاب. النّقيب أبو الحسن بن أبي تمّام الهاشميّ العبّاسيّ الزَّيْنبيّ، والد أبي تمّام محمد، وأبي منصور محمد، وأبي نصر محمد، وأبي الفوارس طراد، ونور الهدى الحسين. وُلِد سنة أربعٍ وستين وثلاثمائة. وسمع من: أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، وغيره. وولي نقابة السّادة الهاشميّين بالعراق فِي سنة أربعٍ وثمانين في ذي الحجّة، وله عشرون سنة بعد وفاة والده. روى عنه: أبو الفضل محمد بن العزيز بن المهديّ في مشيخته. وقال: سمعته يقول: لم يكن لأبي ولدٌ غيري. 242- مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زكريّا1. أبو نصر بن الْجَوْزقيّ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. سمع: أبَوي عَمْرو: ابن مطر، وابن نُجَيْد. روى عنه: أبو سعيد بن القُشَيريّ، وأبو صالح المؤذّن. 243- محمد بن يحيى بْن الحسن بْن أحمد بْن عليّ بْن عاصم2. أبو عَمْرو الجوريّ المحتسِب. تُوُفّي في رمضان بخُراسان. 244- منصور بن رامش بن عبد الله بن زيد3. أبو عبد الله النَّيْسابوريّ. حدَّث بخُراسان، وبغداد، ودمشق. عن: عُبَيْد الله بن محمد الفاميّ، وأبي محمد المَخْلَديّ، وأبي الفضل عبيد الله

_ 1 المنتخب من السياق "33/ 37". 2 تاريخ بغداد "1570"، المنتخب من السياق "41، 42". 3 تاريخ بغداد "3/ 86"، سير أعلام النبلاء "17/ 540".

الزُّهْريّ، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وأبي الطّيّب محمد بن الحسين التَّيملِيّ الكوفيّ، وطبقتهم. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو عبد الله بن أبي الحديد، ومحمد بن عليّ المطرّز، وأبو الفضل بن الفُرات، وجماعة. وكان صدرًا نبيلًا محدَّثًا ثقة. قال أحمد بن عليّ الأصبهاني: وجّه الرّئيس منصور بن رامش وقَرأ من مسموعاته بالعراق انفرد برواية أكثرها. وقال عبد الغافر الفارسيّ: منصور بن رامش، أبو نصر السّلار الرّئيس الغازي، رجلٌ من الرّجال، وداهٍ من الدُّهاة، ولي رئاسة نَيْسابور في أيّام محمود، وتزَيَّنَتْ نَيْسابور بعدله وإنصافه، ثمّ خرج حاجًّا وجاورَ بمكّة سنتين. ثمّ عاد فولي أيضًا الرّئاسة، فلم يتمكن من العدل، فاستعفى ولزِم العبادة. كان ثقة. تُوُفّي في رجب. "حرف الهاء": 245- هشام بن محمد بن عبد الملك بْن الناصر لدين اللَّه1 عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد المعتدّ بالله. أبو بكر الأُمويّ المَرْوانيّ الأندلسيّ. لمّا قُطِعت دعوة يحيى بن عليّ بن حَمُّود الإدريسيّ ثاني مرّة من قُرْطُبة أجمعوا على ردّ الأمر إلى بني أُمَيّة لأنهم ملوك الأندلس من أوّل ما فُتحت الأندلس. وكان عميد قُرْطُبة هو الوزير جَهْوَر بن محمد بن جَهْوَر، فاتّفق مع الأعيان على مبايعة هشام. وكان مقيمًا بالبُونت عند المتغلِّب عليها محمد بن عبد الله بن قاسم. فبايعوه في ربيع الأوّل سنة ثمان عشرة، ولُقِّب بالمعتدّ بالله. وكان كَهْلًا، وُلِد سنة أربع وستِّين وثلاثمائة، فبقي متردّدًا في الثُّغُور سنتين وعشرة أشهر، وثارت هناك فتنٌ كثيرة واضطرابٌ شديد، فاتّفق رأي الرّؤساء على تسييره إلى قَصَبة المُلْك قُرْطُبة، فدخلها في ليلة عَرَفَة، ولم يقم إلّا يسيرًا حتّى قامت عليه طائفة من الْجُنْد، فخُلع. وجرت أمورٌ طويلة، وأُخرج من القصر هو وحاشيته وحريمه، والنِّساء حاسرات عن

_ 1 جذوة المقتبس "27-30"، الكامل في التاريخ "9/ 282"، سير أعلام النبلاء "17/ 139".

وجوههنّ، حافيةً أقدامهنّ، إلى أن دخلوا الجامع، فبقوا هناك أيّامًا، ثمّ أُخرجوا عن قُرْطُبة. ولحِق المعتدّ بالله بابن هود المتغلب على سرقسطة، ولاردة، وطرطوشة، فأقام في كنفه إلى أن مات سنة سبْعٍ وعشرين وأربعمائة. آخر ملوك بني أمية في الأندلس. 246- الهيثم بن محمد بن عبد الله. أبو أحمد الأصبهاني الخرّاط. سِبْط المذكّر. روى عنه: أبي القاسم الطَّبْرانيّ، روى عنه: ابن بِشْرُوَيْه، وجماعة. "حرف الياء": 247- يحيى بن عليّ بن حَمُّود1. العلويّ الإدريسيّ الأمير، الملقَّب بالمعتلي. توثّب على عمّه القاسم بن حَمُّود، وزحف بالْجُنود من مالقة وملك قُرْطُبة. ثمّ اجتمع للقاسم أمره وحشد واستمال البربر، وزحف بهم، ودخل قُرْطُبة سنة ثلاث عشرة. فهرب المعتلي إلى مالَقَه. ثمّ اضطربَ أمرُ القاسم بعد قليل، وتغلّب المعتلي على الجزيرة الخضراء. وأُمّه علويّةٌ أيضًا. وتَسَمّى بالخلافة وقوي أمره، وملك قُرْطُبة ثانيةً، وتسلَّم الحُصُون والقِلاع قبل سنة عشرين وأربعمائة. ثمّ إنّه سار إلى إشبيلية فنازلها وحاصرها، ومدبِّرْ أمرها حينئذٍ القاضي أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عَبّاد اللَّخْميّ، فخرج عدّة فرسان من إشبيلية للقتال، فساق لقتالهم المعتلي بنفسه وهو مخمورٌ فقتله. وذلك في المحرّم. وقام بعده ابنه إدريس. وفيات سنة ثمان وعشرين وأربعمائة: "حرف الألف": 248- أحمد بن حَرِيز بن أحمد حريز. القاضي أبو بكر السَّلَمَاسِيّ. قدِم دمشق للحج، وحدَّث عن: أبي بكر بن

_ 1 تاريخ حلب "332"، الكامل في التاريخ "9/ 274-279"، سير أعلام النبلاء "17/ 137-139".

شاذان، وأبي حفص بن شاهين، وكوهيّ بن الحسن، والحسن بن أحمد اللِّحْيَانيّ. روى عنه: أبو الحسن بن أبي الحديد، وابنه الحسن، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ. وسمعوا منه في هذه السّنة. 249- أحمد بن أبي عليّ الحسن بن أحمد1. أبو الحسين الأصبهاني الأهوازيّ الجصّاص. نزيل بغداد. روى "تاريخ البُخَاريّ" عن أحمد بن عَبْدان الحافظ. وسماعه له صحيح فقط، وما عداه ففيه شيء. والصّحيح أنّ اسمه "محمد" كما سيأتي. 250- أحمد بن سعيد بن عبد الله بن خليل2. أبو القاسم الأُمويّ الإشبيليّ المُكْتِب سمع من: أبي محمد الباجيّ. وصحِب المقرئ أبا الحسن الأنطاكيّ. واعتنى بالعلم. وكان رجلًا صالحًا يعقد الوثائق. تُوُفّي في رجب. 251- أحمد بن سعيد بن عليّ3. أبو عَمْرو الأنصاريّ القناطِريّ القُرْطُبيّ، رحل وأخذ عن: أبي محمد بن أبي زيد، وأبي جعفر الداودي، وكان منقبضًا متصونًا. حدَّث عنه: ابن خزرج. توفي بأشبيليه. 252- أحمد بن عليّ بن محمد بن إبراهيم بن منجويه4. الحافظ أبو بكر الإصبهاني اليزدي. نزيل نيسابور. إمام كبير، وحافظ مشهور، وثقة صدوق. صنف كتبًا كثيرة. وروى عن: أبي بكر الإسماعيليّ، وإبراهيم بن عبد الله النَّيْسابوريّ الأصبهاني، وابن نُجَيْد، وأبي بكر بن المقرئ، وأبي مسلم عبد الرحمن بن

_ 1 يأتي برقم "278". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 42". 2 الصلة لابن بشكوال 1/ 43". 4 سير أعلام النبلاء "17/ 438-441"، الوافي بالوفيات "7/ 217"، الأعلام "1/ 165".

محمد بن شَهْدَل، وأبي عبد الله بن مَنْدَهْ، وخلْق كثير. ورحل إلى بُخَارى، وسَمَرْقَنْد، وهَرَاة، وجُرْجَان، وإلى بلده أصبهان، وإلى الري. روى عنه: أبو إسماعيل كبير هَرَاة، وأبو القاسم عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، والحسن بن تَغْلِب الشّيرازيّ، وسعيد البقّال، وعليّ بن أحمد الأَخْرم المؤذّن، وخلْق مِنَ النَّيْسابوريّين كالبَيْهَقيّ، والمؤذّن، والحافظ أبو بكر الخطيب. قال أبو إسماعيل الأنصاريّ: أنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن محمد بن إبراهيم أحفظ مَن رأيت مِن البشر. وقال: رأيت في حَضَري وسَفَري حافِظًا ونصف حافظ، أمّا الحافظ فأحمد بن عليّ، وأمّا نصف الحافظ فالجاروديّ. وقال يحيى بن مَنْدَهْ: كتب عنده عمُّنا عبد الرحمن بن مَنْدَهْ الإمام كتاب "السُّنَّة" له، على كتاب أبي داود السِّجِسْتاني، وغيره، وكان يُثني عليه ثناءً كثيرًا. وقال: سمعت من المُسْنَدات الثّلاثة للحَسَن بن سُفْيَان. قلت: تُوُفّي يوم الخميس خامس المحرّم بنَيْسابور، وله إحدى وثمانون سنة. صنّف على البخاريّ، ومسلم، والتِّرْمِذيّ، وأبي داود. 253- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى. أَبُو بَكْر البَلَويّ القُرْطُبيّ1، ويُعرف بابن المِيراثيّ. محدَّث حافظ. روى عن: سعيد بن نصر. وأحمد بن قاسم البزّاز. وحج فسمع من: أبي يعقوب يوسف بن الدخيل، وأبي القاسم عبيد الله السقطي. وبمصر من: أبي مسلم الكاتب، وأبي الفتح بن سيبخت. ولما رأى عبد الغني بن سعيد الحافظ حذقه واجتهاده لقبه غندارا، وانصرف إلى الأندلس، وروى بها. حدَّث عنه: ابن عبد الله الخولاني، وأبو العباس العذري، وأبو العباس المهدوي، وأبو محمد بن خزرج وقال: تُوُفّي في حدود سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة. وكان مولده في سنة خمسٍ وستّين. 254- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن حمدان2.

_ 1 جذوة المقتبس "114"، سير أعلام النبلاء "17/ 574"، الوافي بالوفيات "8/ 75". 2 تاريخ بغداد "4/ 377"، المنتظم "8/ 91"، الكامل في التاريخ "9/ 456"، سير أعلام النبلاء "17/ 574"، البداية والنهاية "12/ 40".

الإمام أبو الحسين الحنفيّ، الفقيه البغداديّ المشهور بالقُدُورِيّ. قال الخطيب: لم يحدَّث إلّا بشيءٍ يسير. كتب عنه، وكان صدوقًا. وانتهت إليه بالعراق رئاسة أصحاب أبي حنيفة رحمه الله، وعظُمَ قدره، وارتفع جاهه. وكان حَسَن العبارة في النَّظَر، جريء اللّسان، مُدِيمًا للتّلاوة. قلت: روى عن: عُبَيْد الله بن محمد الحَوْشبيّ صاحب ابن المجدّر، ومحمد بن عليّ بن سُوَيْد المؤدِّب. روى عنه: الخطيب، وقاضي القضاة أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن علي الدامغاني. وصنف "المختصر" المشهور في مذهبه. وكان يناظر الشيخ أبا حامد الإسفرائيني. ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. وتوفي في خامس رجب ببغداد، ودفن في داره رحمه الله، ولا أدري سبب نسبته إلى القدور. 255- إبراهيم بن محمد بن الحسن1. أبو إسحاق الأرموي. محدَّث كبير. خرج على "الصحيح". وسمع من: أبي الغطريفي، وعبد الله بن أحمد الفقيه صاحب الحسن بن سُفْيَان، وأبي طاهر بن خزيمة، الجوزقيّ. وكان أُصُوليًّا متفنِّنًا، طاف وجدّ، وجمع كثيرًا من الأصول والمسانيد والتّواريخ. ولم يروِ إلّا القليل. تُوُفّي بنَيْسابور في شوّال كَهْلًا. روى عنه: أبو القاسم القُشَيريّ، وابنه عبد الله. 256- إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد بْن جَعْفَر الباقَرْحيّ2. أبو الفضل. سمع: إسحاق بن سعْد النَّسَويّ، والقاضي الأبْهَريّ. وعنه: أبو بكر الخطيب. وقال: صدوق. 257- إسماعيل بن الشّيخ أبي القاسم إبراهيم بن محمد بن مَحْمُوَيْه3. أبو إبراهيم النصراباذي النيسابوري، الصوفي الواعظ. خلف أباه، وسمع: أباه، وأبا عَمْرو بن نُجَيْد، وأبا بكر الإسماعيليّ. وعبد الله بن عمر بن عَلّك الجوهريّ، وأبا بكر القَطِيعيّ، وأبا محمد بن السَّقّا الواسطيّ، وخلْقًا. وأملى مدّةً بنَيّسابور،

_ 1 المنتخب "122". 2 تاريخ بغداد "6/ 404"، الأنساب "2/ 49، 50"، الكامل في التاريخ"9/ 461". 3 المنتخب "129".

وانتشر حديثه. روى عنه: عبد الله، وعبد الواحد ابنا القُشَيريّ، وجماعة. وتُوُفّي في المحرّم. 258- إسماعيل بن رجاء بن سعيد1. أبو محمد العَسْقَلانيّ المقرئ. قرأ القرآن على: أبي الحسن محمد بن أحمد المَلَطيّ، وأبي عليّ الأصبهاني، وفارس بن أحمد. وسمع من جماعة منهم: محمد بن أحمد الحُنْدُريّ روى عنه الخِلَعيّ كثيرًا. "حرف الجيم": 259- جعفر بن محمد بن الحسين2. أبو محمد الأَبْهَريّ، ثمّ الهَمَذانيّ الزّاهد. قال شِيرُوَيْه: وحيد عصره في عِلم المعرفة والطّريقة، والزّهد في الدّنيا. حَسَن الكلام في المعرفة، بعيد الإشارة، مراعيا لشرائط المذهب، دقيق في النَّظر في علوم الحقائق. روى عن: صالح بن أحمد وجبريل، وابن بشّار وعليّ بن الحسن بن الرّبيع الهمذانيين وعلي بن أحمد بن صالح القزويني، ومحمد بن إسحاق بن كيسان القزويني، ومحمد بن أحمد بن المفيد الجرجرائي، ومحمد بن المظفر الحافظ. رحل وطوف. ثنا عنه: محمد بن عثمان، وأحمد بن طاهر القومساني، وأحمد بن عمر، وعبدوس، ونجيد بن منصور خادمه، وعامة المشايخ بهمذان. وكان ثقة، صدوقا، عارفا، له شأن وخطر، وآيات وكرامات ظاهرة. وصنف أبو سعيد بن زكريا كتابًا في كراماته ما رأى من وما سمع منه. سمعتُ أبا طالب عليّ الحَسَنيّ: سمعت حسّان بن محمد بن زيد بقرميسين: سمعت نضر بن عبد الله قال: اجتمعت وأنا وجعفر الأبهري ورجل بزاز عند الشيخ بدران بن جشمين، فسألناه أن يُرِينَا أَنْفُسَنَا. فأَصْعَدَنا إلى غرفة وشرط علينا أنّ لا يخدم بعضنا بعضًا، وكان يناول كل منّا كُوزًا، فبقينا سبعةَ عشرَ يومًا، فشكا البزاز الجوعَ، فقال له: انزِل فقد رأيت نفسك. فلمّا اثنين وعشرين يومًا سقطتُ أنا ولم أدْرِ، فقال: هذا صفر مر، اشتغل فقد رأيت نفسك.

_ 1 تاريخ دمشق "5/ 212"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 19، 20"، غاية النهاية "1/ 164". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 576، 577".

وبقي جعفر أربعين يومًا، فجمع له الشّيخ بدران النَّاسَ لإفطاره، فلمّا وَضَعَ المائدة قام جعفر وقال: اعْفِني من الطَّعام فما بي جوع. وصَعِد إلى الغُرفة أيضًا عشرة أيّامٍ، ثمّ شكا الجوع فجمع النّاس لإفطاره، ثمّ قال: من أين علمت أنّك لم تكن جائعًا في الأوّل؟ قال: لأنّي لمّا رأيت الخُبز الحواريّ والخُشْكار على الخِوان فكنت أفرّق بينهما، فلو كان بِيَ جُوعٌ لَمَا ميّزتُ بين الطّعامين. قال أبو طالب: فذكرت هذه الحكاية لجعفر، فكان يُلبّس عليَّ أمرَها ويضرب الحديث بعضه بعض إلى أن تحقّقت صدَق الحكاية في تضاعيف كلامه. قال شِيرُوَيْه: وسمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت جعفر يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المنام تسع عشرة مرّة في مسجدي هذا، فكان يوصيني كلَّ مرة بوصية، فقال لي في المرة الأولى: يا جعفر، لا تكن رأس، أبي لا تمش قُدّام النّاس. سمعتُ أبا يعقوب الورّاق: سمعتُ عبد الغفّار بن عُبَيْد الله الإمام يقول: قال جعفر الأَبْهَريّ: كان شيخ لنا بأَبْهَر يقرأ شيئًا على كلّ مريض فيبرأ، فإذا سأله النّاس عنه لم يخبرهم. فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النوم فقال: أنّ الذي يقرؤه شيخك على النّاس: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} [إبراهيم: 12] إلى آخر الآية. فأخبرتُ شيخي بذلك فقال: مُرْ، فإنّك أهلٌ لذلك. تُوُفّي فِي شوّال عن ثمانٍ وسبعين سنة، وقبره يُزار ويُبجَّل غاية التَّبجيل. "حرف الحاء": 260- الحسن بن شهاب بن الحسن بن عليّ1. أبو عليّ العُكْبَريّ الحنبليّ. شيخٌ معمَّر جليل القدر. ولد سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وطلب الحديث وهو كبير. فسمع من: أبي عليّ بْنُ الصّوّاف، وأبي بكر بن خلّاد، وأحمد بن جعفر القَطِيعيّ، وحبيب القزّاز، فمن بعدهم.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 329، 330"، طبقات الحنابلة "2/ 186-88"، سير أعلام النبلاء "17/ 542، 543".

وتفقه على مذهب أحمد بن حنبل، وكان عارفًا بالمذهب وبالعربية والشِّعر. وثّقه أبو بكر البَرْقانيّ. وقد نسخ الخطَّ المليح الكثير، وكان بارعَ الكتابة بمرَّة. روى عنه الخطيب وغيره. ثمّ قال الخطيب: ثنا عيسى بن أحمد الهَمَذانيّ قال: وقال لي أبو عليّ بن شهاب يومًا: أرِني خطَّك، فقد ذُكر لي أنّك سريع الكتابة. فنظر فيه فلم يرضه، ثمّ قال: كسبت في الوراقة خمسة وعشرين ألف درهم راضيَّة. وكنتُ أشتري كاغَدًا بخمسة دراهم، فأكتب فيه ديوان المتنبيّ في ثلاث ليالٍ، وأبيعه بمائتي درهم، وأقلّه بمائة وخمسين درهمًا، وكذلك كُتُب الأدب المطلوبة. تُوُفّي ابن شهاب في رجب. وقال الأزهريُّ: أوصى بثُلث ماله لفُقهاء الحنابلة، فلم يُعْطَوا شيئًا أخذ السّلطان من ترِكَتِه ألف دينار سوى العقار. 261- الحسين بن الحسن بن سِبَاع1. أبو عبد الله الرّمليّ المؤدِّب الشّاهد. إمام جامع دمشق، وخطيبها. سمع بالرَّملة من: سَلْم بن الفضل البغدادي أبي قتيبة. وحدَّث عنه بأربع أحاديث كان يحفظها. روى عنه: أبو سعْد إسماعيل السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ، وجماعة. قال الكتّانيّ: أمَّ بالجامع عشرين سنة أو نحوها لا تؤخذ عليه غلطة في التّلاوة ولا سهْو. ووثّقه الحدّاد محمد بن عليّ. وهو آخر من حدَّث بدمشق عن ابن قُتَيْبَة. 262- الحُسَيْن بن عبد الله بن الحسن بن سينا2. الرّئيس أبو عليّ، صاحب الفلسفة والتّصانيف.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "7/ 98"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 294". 2 الإكمال لابن ماكولا "1/ 483"، الكامل في التاريخ "9/ 456"، سير أعلام النبلاء "17/ 531-537"، ميزان الاعتدال "1/ 539"، الوافي بالوفيات "12/ 391-412"، البداية والنهاية "12/ 42، 43".

حكى عن نفسه، قال: كان أبي رجلًا من أهل بَلْخ، فسكن بُخَارى في دولة نوح بن منصور. وتوّلى العمل والتَّصرُّف بقرية كبيرة. وتزوَّج بأمي فأولدها أنا وأخي، ثمّ انتقلنا إلى بُخَارى. وأُحْضِرتُ معلِّم القرآن ومعلِّم الأدب، وأكملت عشْرًا من العُمر، وقد أتيتُ على القرآن وعلى كثير من الأدب، حتّى كان يُقضى منّي العجب. وكان أبي ممّن أجابَ دعوة المصريّين، ويُعدُّ من الإسماعيليّة، وقد سمع منهم ذِكْرَ النّفس والعقل، وكذلك أخي. فربّما تذاكروا وأنا أسمعهم وأُدْرِك ما يقولانه ولا تقبله نفسي. وأخذوا يدعونني إليه ويُجرون على ألسنتهم ذِكْر الفلسفة والهندسة والحساب، وأَخَذ يوجّهني إلى مَن يُعلّمني الحساب. ثمّ قدِم بُخَارى أبو عبد الله النّاتِلّيّ الفيلسوف، فأنزله أبي دارَنا. وقبل قدومه كنت أشتغل بالفقه والتردد فيه إلى الشّيخ إسماعيل الزّاهد. وكنتُ من أجود السّالكين. وقد ألِفْتُ المناظرةَ والبحثَ. ثمّ ابتدأت على النّاتِلّيّ، بكتاب "إيساغوجي". ولمّا ذكرَ لي أنّ حدَّ الجنس هو القول على كثيرين مختلفين بالنّوع، وأخذته في تحقيق هذا الحدّ ما لم يسمع بمثله، تعجَّب منّي كلَّ التَّعجُّب، وحذَّر والدي من شغْلي بغير العلم. وكان أيّ مسألة قالها لي أتصورها خيرًا منه، حتّى قرأت ظواهر المنطق عليه، وأمّا دقائقه فلم يكن عنده منها خبر. ثمّ أخذتُ أقرأ الكُتُب على نفسي، وأطالع الشُّروح حتّى أحكمتُ عِلمَ المنطق. وكذلك كتب إقليدس، فقرأتُ من أوّله إلى خمسة أشكال أو ستة عليه، ثمّ تولّيت بنفسي حلَّ باقيه. وانتقلت إلى "المجَسْطيّ"، ولمّا فَرَغْتُ من مقدِّماته وانتهيت إلى الأشكال الهندسيّة قال لي النّاتِلّيّ: حُلَّها وحدَك، ثمّ أعْرِضها لأبيَّن لك. فكم من شكلٍ ما عَرَفَه الرّجلُ إلّا وقتَ عَرَضْتُهُ عليه وفهّمته إيّاه. ثمّ سافر. وأخذت في الطّبيعي والإلهيّ. فصارت الأبواب تنفتح عليّ، ورغبتُ في الطب

وبرَّزْتُ فيه في مُدَيْدَة حتّى بدأ الأطبّاء يقرأون عليّ، وتعهَّدت المَرْضَى، فانفتح عليَّ من أبواب المعالجات النّفسيّة من التّجربة ما لا يوصف. وأنا مع ذلك أختلف إلى الفقه وأُناظر فيه، وعمري ستّ عشرة سنة. ثمّ أعدت قراءة المنطق وجميع أجزاء الفلسفة. ولازَمْتُ العلم سنةً ونصفًا. وفي هذه المدّة ما نمتُ ليلةً واحدةً بطولها. ولا اشتغلت في النّهار بغيره. وجمعتُ بين يديّ ظُهُورًا، فكلّ حُجَّة أنظر فيها أُثْبتُ مقدّمات قياسيّة، ورتبتُها في تلك الظهور، ثم نظرت فيما عشاها تُنْتج. وراعيت شروط مقدّماته، حتّى تحقّق لي حقيقة الحقّ في تلك المسألة. وكلّما كنت أتحيَّر في مسألة، أو لم أظفَرْ بالحدّ الأوْسَط في قياسٍ، تردَّدت إلى الجامع، وصلَّيتُ وابتهلت إلى مبدِع الكلِّ، حتّى فتح لي المُنْغَلِق منه، وتيسَّر المتعسِّر. وكنتُ أرجع باللّيل إلى دارِي وأشتغل بالكتابة والقراءة، فمهما غلبني النّوم أو شعرت بضعف عدلْت إلى شرْب قَدَحٍ من الشَّراب رَيث ما تعود إليّ قُوَّتي. ثمّ أرجع إلى القراءة. ومهما غلبني أدنى نومٌ أحلُمُ بتلك المسائل بأعيانها. حتّى إنّ كثيرًا من المسائل اتّضح لي وجوهُها في المنام. وكذلك حتّى استحكم معي جميع العلوم، ووقفت عليها بحسب الإمكان الإنسانيّ. وكلّما علِمْتُه في ذلك الوقت فهو كما علمته ولم أزْدَد فيه إلى اليوم. حتّى أحْكمتُ علم المنطق والطّبيعيّ والرّياضيّ، ثمّ عدلت إلى الإلهيّ. وقرأت كتاب "ما بعد الطّبيعة" فما كنتُ أفهم ما فيه، والتبس عليَّ غرضُ واضعه، حتّى أعدت قراءته أربعين مرّة، وصار لي محفوظًا، وأنا مع ذلك لا أفهم ولا المقصود به. وأيست من نفسي وقلت: هذا كتاب لا سبيل إلى فَهْمه. وإذا أنا في يوم من الأيّام حضرتُ وقت العصر في الورّاقين وبيد دلّالٍ مجلَّد ينادي عليه، فَعَرَضه عليَّ فردَدْتُه ردَّ مُتَبرِّمٍ فقال: إنّه رخيص، بثلاثة دراهم. فاشتريته فإذا هو كتابٌ لأبي نصر الفارابيّ في أغراض كتاب ما بعد الحكمة الطّبيعيّة. ورجعتُ إلى بيتي وأسرعتُ قراءته، فانفتح عليَّ في الوقت أغراض ذلك الكتاب. ففرحتُ وتصدَّقتُ بشيءٍ كثير شكرًا لله تَعَالَى. واتْفق لسّلطان بُخَارى نوح بن منصور مرضٌ صعبٌ، فأجرى الأطبّاء ذِكْري بين

يديه، فأُحْضِرتُ وشاركتهم في مداواته، وسألته الإذْنَ في دخول خزانة كتبهم ومطالعته وقراءة ما فيها من الكُتُب وكَتْبها. فأذن لي فدخلتُ، فإذا كُتُبٌ لا تُحصى في كلّ فنٍّ. ورأيتُ كُتُبًا لم تقع أسماؤُها إلى كثير من النّاس، فقرأت تلك الكُتُب وظفرت بفوائدها، وعرفتُ مرتبة كلّ رجلٍ في علمه. فلمّا بلغتُ ثمانيةَ عشرَ عامًا من العُمر فرغت من هذه العلوم كلّها. وكنتُ إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنّه معي اليوم أنضج، وإلّا فالعلم واحد لم يتجدّد لي بعده شيء. وسألني جارنا الحسين العروضي أنّ أصنف له كتابًا جامعًا في هذا العلم، فصنّفتُ له "المجموع" وسمّيتُه به، وأتيتُ فيه على سائر العلوم سوى الرّياضيّ، ولي إذ ذاك إحدى وعشرون سنة. وسألني جارنا الفقيه أبو بكر البَرَقيّ الخوارزميّ، وكان مائلًا إلى الفقه والتّفسير والزّهد، فسألني شرح الكُتُب له، فصنّفت له كتاب "الحاصل والمحصول" في عشرين مجلّدة أو نحوها. وصنّفت له كتاب "البِرّ والإثّم"، وهذان الكتابان لا يوجدان إلّا عنده، ولم يُعِرْهُما أحدًا. ثمّ مات والدي، وتصرَّفت بي الأحوال، وتقلَّدْت شيئًا من أعمال السّلطان، ودعتني الضّرورة إلى الإحلال ببُخَارى والانتقال إلى كُرْكانْج، وكان أبو الحسن السَّهْليّ المحبّ لهذه العلوم بها وزيرًا. وقدِمت إلى الأمير بها عليّ بن المأمون، وكنتُ على زِيّ الفُقهاء إذ ذاك بطَيْلَسان تحت الحَنَك، وأثبتوا لي مشاهَرةً دارّة تكفيني. ثمّ انتقلت إلى نَسَا، ومنها إلى باوَرْد، وإلى طُوس، ثمّ إلى جاجرم راس حد خراسان، ومنها جُرْجَان، وكان قصدي الأمير قابوس. فاتّفق في أثناء هذا أخد قابوسَ وحبْسه، فمضيت إلى دِهِستان، فمرضت بها ورجعت إلى جُرْجَان، فاتّصل بي أبو عُبَيْد الْجُوزْجَانيّ. ثمّ قال أبو عُبَيْد الْجُوزْجَانيّ: فهذا ما حكاه لي الشّيخ من لفظه. وصنّف ابن سِيَنا بأرض الجبل كُتُبًا كثيرة. وهذا فهرس كُتُبه: كتاب "المجموع"، مجلّد، "الحاصل والمحصول"، عشرون مجلّدة، "الإنصاف"، عشرون مجلدة، "البِرّ والإثم"، مجلّدان، "الشّفاء"، ثمانية عشر مجلّدًا، "القانون"، أربعة عشر مجلدًا،

"الأرصاد الكليّة"، مجلّد، كتاب "النَّجَاة"، ثلاث مجلّدات، "الهداية"، مجلّد، الإشارات، مجلّد "المختَصَر"، مجلّد؛ "العلائيّ"، مجلّد، "القُولَنْج"، مجلّد، "لسان العرب"، عشر مجلّدات، "الأدوية القلبية"، مجلّد، "الموجَز"، مجلّد، بعض "الحكمة الشّرقيّة"، مجلّد، "بيان ذوات الجهة"، مجلّد كتاب "المَعَاد"، مجلّد كتاب "المبتدأ والمَعَاد"، مجلّد. ومن رسائله: "القضاء والقدر"، "الآلة الرصدية"، "غرض قاطيغورياس"، "المنطق بالشِّعر"، "قصيدة في العِظة والحكمة"، تعقُّب المواضع الجدلية، مختصر أوقليدس، مختصر في النّبض بالعجميّة، في النّهاية وأنْ لا نهاية، عهدٌ كتبه لنفسه، حيّ بن يَقْظان، في أنّ أبعاد الجسم غير ذاتيّة له، خطب الكلام في الهِنْدباء، في أنّ الشيء الواحد لا يكون جوهريًّا عَرَضيًّا، في أنّ عِلم زيد غير علم عَمْرو، رسائل له إخوانيّة وسلطانيّة، مسائل جرت بينه وبين بعض الفُضلاء. ثمّ انتقل إلى الرِّيّ، وخدم السّيّدة وابنها مجد الدّولة، وداواه من السَّوداء، وأقام إلى أن قصد شمس الدّولة بعد قتل هلال بن بدر وهزيمة جيش بغداد. ثمّ خرج إلى قَزْوين، وإلى هَمَذان. ثمّ عالج شمس الدّولة من القُولَنْج، وصار من نُدَمائه، وخرج في خدمته. ثمّ ردّ إلى هَمَذان. ثمّ سألوه يُقلَّد الوزارة فتقلَّدها. ثمّ اتّفق تشويش العسكر عليه واتّفاقهم عليه خوفًا منه، فكبسوا داره ونهبوها، وسألوا الأمير قتلْه، فامتنع وأرضاهم بنفْيه، فتوارى في دار الشّيخ أبي سعد أربعين يومًا. فعاود شمس الدّولة القُولَنْج، فطلب الشّيخ فحضر، فاعتذر إليه الأمير بكلّ وجهٍ، فعالجه، وأعاد إليه الوزارة ثانيا. قال أبو عُبَيْد الْجُوزْجَانيّ: ثمّ سألته شرح كتاب أرسطو طاليس فقال: لا فراغ لي، ولكنْ إنْ رضِيت منّي بتصنيف كتاب أُورد في ما صحّ عندي من هذه العلوم بلا مناظرة ولا رد فعلت. فرضت منه، فبدأ بالطّبيعيّات من كتاب "الشّفاء". وكان يجتمع كلّ ليلةٍ في داره طَلَبَةُ العِلمِ. وكنتُ أقرأ من "الشّفاء" نَوْبَةً، وكان يقرأ غيري من "القانون" نَوْبَةً، فإذا

فرغنا حصر المغنون، وهيئ مجلس الشّراب بآلاته، فكنّا نشتغل به. فقضينا على ذلك زمنًا. وكان يشتغل بالنّهار في خدمة الأمير. ثمّ مات الأمير، وبايعوا ولده، وطلبوا الشّيخ لوزارته فأبى، وكَاتَبَ علاءَ الدّولة سرًّا يطلب المصير إليه، واختفى في دار أبي غالب العطّار فكان يكتب كلّ يومٍ خمسين ورقة تصنيفًا في كتاب "الشّفاء" حتّى أتى منه على جميع كُتب الطّبيعيّ والإلهيّ، ما خلا كتابيّ "الحيوان" و"النبات". ثمّ اتّهمه تاج المُلْك بمكاتبة علاء الدّولة، وأنكر عليه ذلك، وحثّ على طلبه، وظفروا به وسجنوه بقلعة فَرْدَجَان. وفي ذلك يقول قصيدة منها: دخولي باليقين كما تراه ... وكلُّ الشّكّ في أمر الخروج فبقي فيها أربعةَ أشْهُرٍ. ثمّ قصد علاء الدّولة هَمَذان فأخذها، وهرب تاج المُلْك وأتى تلك القلعة. ثمّ رجع تاج المُلْك وابن شمس الدّولة إلى هَمَذان لمّا انصرف عنها علاء الدّولة، وحملوا معهما الشّيخ إلى هَمَذان، ونزل في دار العلويّ، وأخذ يصنّف المنطق من كتاب "الشّفاء". وكان قد صنّف بالقلعة: رسالة "حيّ بن يَقْظان"، وكتاب "الهدايات"، وكتاب القُولَنْج. ثمّ إنّه حرج نحو أصبهان متنكرًا، وأنا وأخوه وغلامان له في زِيّ الصُّوفيّة، إلى أن وصلنا طَبَرَان، وهي على باب إصبهان، وقاسينا شديدًا، فاسْتَقْبَلنَا أصدقاءُ الشّيخ ونُدَماءُ الأمير علاء الدّولة وخَوَاصّه، وحملوا إليه الثّياب والمراكب، وأُنْزِل في محلّة كون كبير. وبالغ علاء الدّولة في إكرامه وصار من خاصّته. وقد خدمتُ الشّيخ وصَحِبْتُه خمسًا وعشرين سنة. وجرت مناظرة فقال له بعضُ اللُّغَويّين: إنَّكَ لا تعرف اللّغة. فأنِف الشّيخ وتوفرَّ على درس اللُّغة ثلاث سِنين، فبلغ طبقة "عظيمة" من اللُّغة، وصنّف بعد ذلك كتاب "لسان العرب" ولم يُبيّضْه. قال: وكان الشّيخ قويُّ القُوَى كلّها، وكان قوّة المجامَعَة من قواه الشّّهْوانيّة أقوى وأغلب. وكان كثيرًا ما يشتغل به، فأثَّر في مزاجه. وكان يعتمد على قوّة مزاجه حتّى

صار أمره إلى أن أخذه القُولَنْج. وحرص على بُرئِه حتّى حقن نفسه في يومٍ ثمان مرّات، فتقرَّح بعض أمعائه وظهر به سَحْج. وسار مع علاء الدّولة، فأسرعوا نحو ابينع، فظهر به هناك الصَّرَع الّذي قد يتبع علّة القُولَنْج. ومع ذلك كان يدبِّر نفسه ويحقن نفسه لأجل السَّحْج. فأمر يومًا باتّخاذ دانِقَيْن مِن بِزْرِ الكَرَفْس في جُملة ما يحتقن به طلبًا لكسر الرّياح، فقصد بعض الأطباء الذي كان هو يتقدم بمعالجته فطرح من بِزر الكَرَفْس خمسةَ دراهم. لستُ أدري عَمْدًا فعله أم خطأً، لأنّني لم أكن معه. فازداد السَّحْج به من حدَّة البِزْر. وكان يتناول المثروديطوس لأجل الصَّرَع، فقام بعض غلمانه وطرح شيئًا كثيرًا من الأفيون فيه وناوله، فأكله. وكان سبب ذلك خيانتهم في مالٍ كثير من خزائنه، فتمنَّوا هلاكه ليأمنوا. فنُقِل الشّيخ إلى أصبهان وبقي يدبّر نفسه. واشتدّ ضَعْفُه. ثمّ عالج نفسه حتّى قدر على المشْي، لكنّه مع ذلك يُكثر المجامعة، فكان ينتكس. ثمّ قصد علاء الدّولة هَمَذان، فسار الشّيخ معه فعاودته تلك العلّة في الطّريق إلى أن وصل إلى همذان، وعلم أنه قد سقطت قوّته، وأنّها لا تفي بدفع المرض، فأهمل مداواة نفسه، وأخذ يقول: المدبر الذين كان يدبّر بدني قد عجز عن التّدبير، والآن فلا تنفع المعالجة. وبقي على هذا أيّامًا، ومات عن ثلاثٍ وخمسين سنة. انتهى قول أبي عُبَيْد. وقبره تحت سُور هَمَذان، وقيل: إنه ننقل إلى إصبهان بعد ذلك. قال ابن خِلِّكان في ترجمة ابن سِينَا: ثمّ اغتسل وتاب وتصدّق بما معه على الفقراء، وردّ المظالم على مَن عَرَفه، وأعتق مماليكه. وجعل يختم كلّ ثلاثة أيّام ختمة، ثمّ مات بهَمَذان يوم الجمعة في رمضان. ووُلِد في صَفَر سنة سبعين وثلاثمائة. قال: وكان الشّيخ كمال الدّين بن يونس يقول: إنّ مخدومه سخط عليه ومات في سجنه. وكان ينشد: رأيتُ ابن سِينَا يعادي الرّجالَ ... وفي السّجنِ مات أخسَّ المماتِ فلم يَشْفِ ما نابَهُ بالشّفا ... ولم يَنْجُ من موته بالنجات

وصيَّه ابن سينا: لأبي سعيد بن أبي الخير الصُّوفيّ الميهَنيّ، قال: لِيكنِ اللهِ تعالى أوّل فَكْرٍ له وآخِرَه، وباطِن كلِّ اعتبار وظاهِرَه، ولْتَكُنْ عَينُ نفسِك مكْحولةً بالنَّظَر إليه، وقَدَمُها موقوفةً على المُثُول بين يديه، مسافِرًا بعقله في المَلَكُوت الأعلى وما فيه من آيات ربّه الكُبْرى، وإذا انْحَطّ إلى قراره، فلْيُنَزِّهِ الله في آثاره، فإنّه باطِنٌ ظاهِرٌ، تجلّى لكلّ شيءٍ بكلّ شيءٍ، ففي كلّ شيءٍ له آيةٌ تَدُلُّ على أنّه واحد. فإذا صارت هذه الحال له مَلَكة انْطَبَعَ فيها نقْشُ المَلَكُوت، وتجلّى له قُدْسُ اللّاهُوت، فأَلِف الأُنْسَ الأعلى، وذاق اللَّذَّة القُصْوَى، وأخذه عن نفسه مَن هو بها أوْلَى، وفاضت عليه السكينة، وحقت له الطُّمَأْنِينة. وتطلّع على العالَم الأدنى اطّلاع راحمٍ لأهله، مُستوهِن لِحبْلِه، مُستخفٍّ لثقله، مستخشٍ به لعُلْقه، مُستضل لطرقه، وتذكَّر نفسه وهي بها بهِجة، وببهجتها بهجة، فيعجب منها ومنهم تعجُّبَهُم منه، وقد وَدَعها، وكان معها كأنْ ليس معها، ولْيَعْلم أنّ أفضلّ الحركاتِ الصّلاةُ، وأمثَلَ السّكَنَاتِ الصِّيامِ، وأنْفَعَ البِرّ الصَّدَقَة، وأزْكى السّرّ الاحتمالُ، وأبْطَلَ السَّعْي المراءاة، وأن تخلُص النَّفْسُ عن الدَّرَن، ما التفتت إلى قيلٍ وقال، ومنافسة وجدالٍ، وانفعلت بحالٍ من الأحوال، وخيرُ العمل ما صَدَر عن خالص نيّة، وخيرُ النّيّة ما ينفرج عن جَنَابِ علْم، والحكمة أمُّ الفضائل، ومعرفة الله أوّل الأوائل {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] . إلى أن قال: وأمّا المشروب فيُهْجَرُ شربُه تَلَهِّيا لا تَشَفِّيا وتَدَاويا، ويعاشر كل فِرْقَةٍ بعادته ورسمه، ويسمح بالمقدور والتّقدير من المال، ويركب لمساعدة النّاس كثيرًا ممّا هو خلاف طبْعه. ثمّ لا يقصّر في الأوضاع الشّرعيّة، ويعظِّم السُّنَنَ الإلهيّة، والمُواظَبَة على التَّعَبُّدات البدنيّة. إلى أن قال: عاهد الله أنه يسير بهذه السِّيرة ويدِين بهذه الدِّيانة، والله ولي الّذين آمنوا. وله شِعْرٌ يَرُوق، فمنه قصيدته في النّفْس: هبَطَتْ إليكَ من المحلّ الأرْفِعِ ... وَرْقاءُ ذات تَعَزُّزٍ وتمنعِ محجوبةٌ عن كلّ مُقْلَة عارِفٍ ... وهي الّتي سَفَرَتْ فلم تتبرقعِ

وصلَتْ على كُرهٍ إليكَ وربّما ... كرهتْ فراقَك وهي ذات تفجعِ أنِفَتْ وما أنِسْتُ فلمّا واصلتْ ... ألِفْتُ مجاورةَ الخراب البَلْقَعِ وأَظُنُّها نسيِتْ عُهُودًا بالحِمَى ... ومنازلًا بِفراقها لم تقنعِ حتّى إذا اتّصَلَتْ بهاءِ هُبُوطها ... من ميم مَركزِها بذات الأجْرعِ عَلِقَتْ بها ثاء الثَّقيل فأصبحت ... بني المعالم والظُّلُول الخُضَّع تبكي إذا ذَكَرتْ ديارًا بالحِمَى ... بمدامع تَهْمى ولمّا تُقطعِ وتظلُّ ساجعةً على الدمن التي ... درس بتكرار الرياح الأربع إذا عاقها الشرك الكثير وصدَّها ... قَفَصٌ عن الأوْجِ الفسيح الأرفع حتّى إذا قُربَ المسيرُ من الحِمَى ... ودنا الرّحِيلُ إلى الفضاء الأوسعِ هجَعت وقد كشِفَ الغطاء فأبصرت ... ما ليس يُدرك بالعيون الهُجَّع وغَدَتْ مفارقة لك مخالفٍ ... عنها حليف التّرْب غير مشّيعِ وبدت تُغرِّدْ فوقَ ذِرْوَةِ شاهقٍ ... والعِلْمُ يرفع كلَّ من لم يُرْفَعِ فلأيِّ شيءٍ أهبطتُ من شاهق ... سام إلى قعر الحضيض الأوضع إنّ كان أرسها الإلهُ لِحِكْمَةٍ ... طُوِيَتْ عن الفطِنِ اللّبيبِ الأروَعِ فهُبُوُطها إنْ كان، ضَرْبَةُ لازِبٍ ... لتكون سامعةً بما لم تسْمَعِ وتعودَ عالمةً بكلّ خَفِيّةٍ ... في العالمين فَخَرْقُها لم يُرْقَعِ وهي الّتي قطع الزّمان طريقَها ... حتّى لقد غَرُبَتْ بغير المَطْلَعِ فكأنّها بَرْقٌ تألّق بالحِمَى ... ثمّ انْطَوى فكأنّه لم يَلْمَعِ وهي عشرون بيتًا. وله: قم فاسقنيها قهوة الطُّلا ... يا صاحِ بالقدحِ الملا بين الملا خَمْرًا تَظَلّ لها النَّصَارى سُجَّدًا ... ولها بنو عِمران أخلصتِ الولا لَو أنَّها يومًا وقد لَعِبَتْ بهم ... قالت ألَسْتُ بربِّكُم قالوا بلا

وله وهو يجود بنفسه، فيما أنشدني المُسْنِد بهاء الدين القاسم بن محمود الطبيب: أقام رِجالًا في معارجه مَلكًا ... وأقْعدَ قومًا في غِوَايتهم هلْكا نعوذُ بك اللهُمَ من شرِّ فتْنَةٍ ... تطوّقُ من حلّت به عيشة ضَنْكًا رجعنا إليك الآن فاقْبَلْ رُجُوعَنا ... وقلِّبْ قُلُوبًا طال إعراضها عنْكا فإنْ أنت لم تُبْدِ سِقَام نفوسِنا ... وتشْفي عَمَاياها، إذا، فلمن يُشْكا فقد آثَرَتْ نفسي لِقَاكَ وقَطَعَتْ ... عليك جُفُوني من مدامعها سِلْكا وقد طالت هذه التّرجمة، وقد كان ابن سينا آيةً في الذكاء هو رأس الفلاسفة الإسلاميّين الّذين مَشَوا خلْف العُقُول، وخالوا الرّسولْ. 263- الحسين بن عليّ بن بطْحا1. القاضي أَبُو عَبْد اللَّه. تُوُفِّي فِي جُمَادى الْأولى ببغداد. سمع: أبا سليمان الحَرَّانيّ، وأبا بكر الشّافعيّ. وعنه: شيوخ شُهْدَة، والسِّلَفيّ. 264- الحسين بن محمد بن الحسين بن عامر2. أبو طاهر الأنصاري الخزرجي الجزري المعرف بابن خُرَاشة. إمام جامع دمشق. قرأ على: أبي الفتح بن برهان الأصبهاني. وحدَّث عن: الحسين بن أبي الرَّمْرام الفرائضيّ، ويوسف المَيَانِجِيّ، وجماعة. روى عنه: أبو سعد السّمّان، وأبو عبد الله بن أبي الحديد، وابن أبي الصَّقْر الأنباريّ، والكتّانيّ وقال: كان ثقة، نبيلًا، يذهب مذهب الأشعريّ. تُوُفّي في ربيع الآخر. 265- حمزة بْنُ الْحُسَيْن بْنُ أَحْمَد بْنُ الْقَاسِمِ3. أبو طالب بن الكوفي الدلال.

_ 1 المنتظم "8/ 92". 2 مختصر تاريخ دمشق "7/ 170"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 359". 3 تاريخ بغداد "8/ 185، 186"، ميزان الاعتدال "1/ 606"، لسان الميزان "2/ 359".

شيخ بغداديّ، ضعيف. سماعهُ صحيح من أبي بكر بن خلّاد فلمّا كان بآخره حدَّث عن: أبي عَمْرو بن السَّمَّاك، وَأَحْمَد بن كامل، وجماعة. وقال الخطيب: ذكر لي أبو عبد الله الصُّوريّ أنّه كتب عنه جزءًا لطيفًا عن أبي عَمْرو بْنُ السّمّاك، رأى سماعه فيه صحيحًا. تُوُفّي فِي ربيع الآخر. ووُلِد سنة ستَّ وثلاثين وثلاثمائة. وحكى الخطيب عن محمد بن محمد الحَدِيثيّ أنّه، أعني حمزة، أخرج له جزءًا قد كُشِط فيه وأُلْحِق وغُيّر. "حرف الذّال": 266- ذُو القرنين1. أبو المطاع وجيه الدولة ابن ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التَّغْلبيّ، الشَّاعِر الأمير. ولي إمرة دمشق بعد لؤلؤ البشراوي سنة إحدى وأربعمائة، وجاءته الخلْعة مِن الحكام. ثمّ عزله الحاكم بن أشهر بمحمد بن بزّال. ثمّ ولي أبو المطاع دمشق في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة للظّاهر صاحب مصر، ثمّ عزله بعد أربعة أشهر بسختكين. ثمّ وَلِيَها مرَّةً ثالثةً سنة خمس عشرة، فبقى إلى سنة تسع عشرة، فعُزل بالدّزبَرِيّ. وله شِعرٌ رائق: أفدي الّذي زُرْتُهُ بالسّيف مُشْتَمِلًا ... ولَحْظُ عيْنيه أمضى من مضاربه فما خلعتُ نِجَادي للعِناق له ... حتّى لبِسْتُ نجادًا من ذَوائبه فبات أسْعَدُنا في نَيْلِ بُغْيَتِهِ ... مَن كان في الحُبِّ أشقانا بصاحبه وقد روى عنه أبو محمد الجوهريّ مقاطعات رائقة. وكان ابنه أميرًا. وله: لو كنتُ أمْلِكُ صبرًا أنت تملكُه ... عنّي لجَازَيْتُ منك التيه بالصلف

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 262، 263"، سير أعلام النبلاء "17/ 516، 517"، النجوم الزاهرة "5/ 27".

أَوْ بِتَّ تُضْمِرُ وجْدًا بِتُّ أُضْمِرُه ... جَزَيتني كلفًا عن شدّة الكلفِ تعمّد الرّفْق بي يا حِبُّ محتسِبًا ... فليس يَبْعُد ما تَهْواه من تَلَفِي وله: لو كنتَ ساعةَ بَيْننا ما بَيْنَنَا ... وشَهِدْتَ حين نكررّ التَّوْديعا أيقنتَ أنّ من الدّموعِ محدِّثًا ... وعلمتَ أنّ من الحديث دُمُوعًا وله: ومفارقٍ ودَّعتُ عند فراقِهِ ... ودَّعتُ صبري عنه في توديعه ورأيت منهُ مثل مثلَ لُؤْلؤ عقْدهِ ... من ثغرِه وحدِيثه ودُموعِهِ تُوُفّي ذو القَرْنَين في صَفَر. وقيل: إنّه وصل إلى مصر، وولي الإسكندريّة للظّاهر سنة، ثمّ رجع إلى دمشق. "حرف السّين": 267- سعيد بن أحمد بن يحيى1. أبو الطّيّب الحديديّ التُّجَيْبيّ، الطُّلَيْطُلِيّ. أحد الأئمة الأعلام. روى عن: أبيه، ومحمد بن إبراهيم الخُشَنيّ، وعبد الرحمن بن أحمد بن حوبيل. وناظر على: محمد بن الفخار. وجمع كتبا لا تُحصَى. وكان مُعظَّمًا في النُّفوس. حجَّ سنة خمسٍ وتسعين، ولقي جماعة. وسمع بمكة من: أبي القاسم سليمان بن عليّ المالكيّ، وأحمد بن عبّاس بن أصْبَغ. ولقي بمصر الحافظ عبد الغنيّ. وأخذ بالقيروان عن: أبي الحسن القابِسيّ. وكان أهل المشرق يقولون: ما مرَّ علينا قطٌّ مثله.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 219، 220".

حدَّث عنه: حاتم بن محمد، وغيره. وتُوُفّي رحِمَه اللَّه فِي ربيع الأول. "حرف الصاد": 268- صالح بْن أحمد بن القاسم بن يوسف بن فارس الميانجي1. أبو مسعود، ابن أخي القاضي أبي بكر يوسف. سكن صيدا. وحدَّث عن: أبيه، وعمّه، ومحمد بن سليمان بن ذَكْوان البَعْلَبَكّيّ، وموسى بن عبد الرحمن البَيْروتيّ، والفضل بن جعفر التَّيميّ، وجماعة. روى عنه: عبد الله بن عليّ بن أبي عَقيل القاضي، وولده محمد بْن عَبْد الله، وأحمد بْن محمد بن مَتَّوَيْه شيخ لوجيه الشَّحّاميّ، وعليّ بن بكّار الصُّوريّ، وأبو نصر بن طلّاب، وإبراهيم بن شكر العفّانيّ، وآخرون. تُوُفّي سنة ثمانٍ أو تسعٍ وعشرين. "حرف العين": 269- عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن عُلَيْك. أبو سعد النَّيْسابوريّ، والد عليّ. يقال: مات هذه السّنة. وهو مذكورٌ في سنة إحدى وثلاثين. 270- عبد الرحمن بن محمد بن حُسَين2. أبو عَمْرو الفارسيّ ثمّ الْجُرْجَانيّ، سِبْط الإمام أبي بكر الإسماعيليّ. فقيه ثقة. سمع من: جدّه. روى عنه عليّ بن محمد الزّبحيّ الْجُرْجَانيّ في تاريخه، وقال: ثقة. تُوُفّي في صَفَر. 271- عبد الغفار بن محمد بن جعفر3.

_ 1 الأنساب "11/ 55"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 441"، شذرات الذهب "2/ 35". 2 تاريخ جرجان للسهمي "261". 3 تاريخ بغداد "11/ 116، 117"، شذرات الذهب "3/ 238"، لسان الميزان "4/ 43".

أبو طاهر المؤدِّب، بغداديّ. ضعّفه أبو عبد الله الصُّوريّ لشيءٍ ما. روى عن أبي عليّ الصّوّاف، وأبي بكر الشّافعيّ، ومحمد بن محرّم، وأبي الفتح الأزْديّ. روى عنه: الخطيب، وعلي بن الحسين بن أيوب البزاز، وأبو منصور محمد بن أحمد الخياط سمع منه "مُسْنَد الحُمَيْديّ". تُوُفّي في ربيع الأوّل، ووُلِد سنة خمسٍ وأربعين. 272- عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن دُوسْت1. أبو عَمْرو البغداديّ العلّاف، أخو أحمد. سمع: أبا بَكْر النّجّاد، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخُراسانيْ، وعمر بن سِلْم، وأبو بكر الشّافعيّ. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا. مات في صفر. قلت: وروى عنه: أحمد بن عبد القادر بن يوسف "مُوَطّأ القَعْنَبيّ". 273- عليّ بن محمد بن إبراهيم بن الحسين المحدِّث2. الحافظ أبو الحسن الحِنّائيّ الدّمشقيّ، الزّاهد المقرئ. سمع الكثير، وخرج لنفسه "المعجم" في مجلد. وروى عن: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وأبي بكر بن أبي الحديد، وابن جُمَيْع، وأحمد بن إبراهيم بن فِراس المكّيّ، واحمد بن عبد العزيز بن ثَرثال، وعبد الرحمن بن عمر النّحّاس. روى عنه: أبو سعد السّمّان، وسعْد بن عليّ الزّنْجانيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وسعد الله بن صاعد الرّحْبيّ، وجماعة. وقال عبد العزيز الكتّانيّ: تُوُفّي شيخنا وأستاذنا أبو الحسن الحِنائيّ، الشّيخ الصالح، في ربيع الأول.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 314"، المنتظم "8/ 92"، سير أعلام النبلاء "17/ 471". 2 تاريخ دمشق "29/ 185"، سير أعلام النبلاء "17/ 565، 566"، شذرات الذهب "3/ 238".

كتب الكثير، وكان من العُبَّاد. وكانت له جنازة عظيمة ما رأيت مثلها. وَلَمْ يزل يحمل من بَعْدَ صَلَاةٍ الجمعة إلى قريب العصر. وانحلّ كفنه. وذُكِر أنّ مولده في سنة سبعين وثلاثمائة رحمه الله. قال الأهْوَازيّ: دُفِنَ بباب كَيْسان. "حرف الميم": 274- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي موسى1. الشّريف أبو عليّ الهاشميّ البغداديّ، شيخ الحنابلة وعالمهم، وصاحب التّصانيف المشهورة. سمع: محمد بن المظفّر، وأبا الحسين بن سمعون، وغيرهما. وهو كبيرٌ، فإنّ مولده في سنة خمسٍ وأربعين وثلاثمائة، وكان يمكنه السماع بعد الخمسين وثلاثمائة. روى عنه: أبو بكر الخطيب، والقاضي أبو يَعْلَى بن الفرّاء وتفقّه به، وأبو الحسين بن الطُّيُوريّ، وآخرون. وكان سامي الذّكْر، عديم النّظير. له وجاهة عند الخليفتين القادر والقائم. صنّف كتاب "الإرشاد"، وكانت له حلقة بجامع المنصور. وقد صَحِبَ أبا الحسن التَّميميّ، وغيره من الكبار. قال رزق الله التّميميّ: زرتُ قبرَ الإمام أحمد بن حنبل مع الشّريف أبي عليّ بن أبي موسى، فرأيته قَبَّلَ رِجْلَ القبْرِ. فقلتُ له: في هذا أثرٌ؟ فقال لي: أحمد في نفسي عظيم، وما أظنُّ الله تعالى يؤاخذني بهذا الفِعْل. أو كما قال. وَقَالَ الخطيب: تُوُفّي في ربيع الآخر. وكان ثقة، له التّصانيف على مذهب أحمد. 275- مُحَمَّد بْن أَحمد بْن مأمون. أبو عَبْد الله المصري، المحدَّث.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 354"، طبقات الحنابلة "2/ 182-186"، البداية والنهاية "12، 41".

قال الحبّال: تُكلِّم في حديثه ومذهبه، عنده عن بُكَيْر الرّازيّ، عن بكّار بن قُتَيْبَة، وغيره. توفي في ربيع الأول. قلت: ذكره في تاريخه الحافظ قطب الدين وقال: محمد بن أحمد بن الحسين مأمون بن محمد بن داود بن سليمان بن حيّان، أبو عبد الله القيسيّ المصريّ. روى عن: أبي بكر بن أحمد بن إبراهيم الرّازيّ، وعبد الله بن الحسن بن عمر بن رذاذ، وأبو معشر الطّبريّ، وسعد بن عليّ الزّنْجانيّ، وآخرون. قال الحبّال أيضًا: هو محدّث بن محدّث. قالت: يقع حديثه في "جزء سعْد الزَّنْجانيّ"، ومن "فوائد العثمانيّ" بنزول. 276- محمد بن إبراهيم المشّاط1. أبو بكر الفارسيّ. حدَّث بنَيْسابور عن: أبي عمرو بن مطر، وإبراهيم بن عبد الله، ومحمد بن الحسن السراج، وطبقتهم. روى عنه: أبو بكر البيهقي، وعلي بن أحمد الأخرم. 277- محمد بن إبراهيم بن عبدان2. أبو بكر الكرماني السيرجاني، الحافظ الرحال. طول، وسمع: أبا عبد الله بن مَنْدَهْ، وأبا عبد الله الحاكم، وأبا عبد الله الحسين بن الحسن الحليميّ، وأبا الحسن محمد بن عليّ الهَمَذانيّ، وأبا نصر أحمد بن محمد الكَلَاباذيّ. روى عنه: جعفر بن محمد المستغفريّ وهو من أقرانه. وآخر من حدَّث عنه: عبد الغفّار الشِّيرُوِييّ. تُوُفّي بسَمَرْقِنْد. 278- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى3.

_ 1 تقدم برقم "142". 2 الأنساب "7/ 220، 221". 3 تاريخ بغداد "2/ 218، 219"، ميزان الاعتدال "3/ 516"، لسان الميزان "5/ 124".

أبو الحسين الأهْوَازيّ، المعروف بابن أبي عليّ الأصبهاني. سكن بغداد، وحدَّث عن جماعة من شيوخ الأهواز. وكان مولده في سنة خمسٍ وأربعين وثلاثمائة. حدَّث عن: أحمد بن عبدان الشَّيرازيّ الحافظ بـ "تاريخ البخاريّ". قال الخطيب: سمعنا منه وفيه شيء. وحدَّثني أبو الوليد الدَّرْبَنْديّ قال: سمعت أحمد بن عليّ الجصّاص بالأهواز قال: كنّا نسمّي ابن أبي عليّ الأصبهاني: "جراب الكذِب". تُوُفّي بالأهواز. 179- محمد بن الحسن بن أحمد بن اللَّيث. أبو بكر الشّيرازيّ الصّفّار. روى عن: أبي الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خميرُوَيْه الهَرَويّ، والعبّاس بن الفضل النَّصْرويّ، وأبي بكر بن المقرئ، وأبي محمد بن حَمُّوَيْه السَّرْخسيّ. وقع لنا مجلسان من حديثه. روى عنه: القاضي أبو طاهر محمد بن عبد الله بن أبي بردة الفَزَاريّ، وعبد الرّحيم بن محمد بن الشّيرازيّ شيخ أبي سعيد الصّائغ، وجماعة. وكان خطيب شيراز. رحل به أبوه الحافظ الكبير أبو عليّ. وكان مولده في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. 280- محمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ باكُوَيْه1. أبو عبد الله الشّيرازيّ، أحد مشايخ الصُّوفيّة الكبار. سمع: محمد بن خفيف الزّاهد، ومحمد بن القاسم بن ناصح الكَرْجيّ بشيراز، وأبا بكر القَطِيعيّ ببغداد، وأبا أحمد بن عديّ بجُرْجَان، وأبا يعقوب النُّجَّيرميّ بالبصرة، وأبا الفضل بن خميرُوَيْه بهَرَاة، وعلي بن عبد الرحمن البكائي بالكوفة، ومغيرة بن عمرو بمكّة، وإسماعيل بن محمد الفرّاء ببَلْخ، وأبا بكر بن المقرئ بأصبهان، وأبا بكر محمد بن القاسم الفارسيّ ببُخَاري، وأبا بكر المَيَانِجِيّ بدمشق.

_ 1 الأنساب "7/ 452"، سير أعلام النبلاء "17/ 544"، الوافي بالوفيات "3/ 322"، لسان الميزان "809".

وعنه: أبو القاسم القُشَيريّ، وعبد الواحد بن أبي القاسم القُشَيْريّ، وأبو بكر بن خَلَف الشيرازي، وعبد الوهاب بن أحمد الثقفي، والشيرويي، وعلي بن عبد الله بن أبي صادق، وآخرون. وقع لنا جزء من حديثه. وقال إسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ: سمعت أبا صالح أحمد بن عبد الملك المؤذّن يقول: نظر في أجزاء أبي عبد الله بن باكُوَيْه، فلم أجد عليها آثار السِّماع. وأحسن ما سمعت عليه الحكايات. ورَّخه الحسين بن محمد الكُتُبيّ الهَرَويّ. 281- محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عبد السّلام. أبو جعفر الأبْهَريّ، الفقيه. سمع ببغداد: أبا بكر القَطِيعيّ، والقاضي أبا بكر الأبهريّ، وجماعة. وله جزء معروف، سمعه منه حفيده عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد شيخ السِلَفيّ. كتبه السلفي سنة خمسمائة بأبْهَر عن حفيده. 282- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر1. أَبُو عَبْد الله البغدادي البزاز ابن زوج الحرّة. مُكثر، سمع: أبا عليّ الفارسيّ النَّحْويّ، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبا الحسن بن لؤلؤ، وأبا حفص الزّيّات. روى عنه الخطيب، ووثّقه. 283- مِهْيار بن مَرْزُوَيْه الدَّيْلَميّ2. أبو الحسن الكاتب الشّاعر المشهور. كان مجوسيًّا فأسلم على يد الشّريف الرّضيّ أبي الحسن الموسَويّ، وهو أستاذه في الأدب والنَّظْم، وبه تخرج. وكان رافضيًا.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 360، 361". 2 تاريخ بغداد "13/ 276"، الكامل في التاريخ"9/ 456"، سير أعلام النبلاء "17/ 472"، البداية والنهاية "12/ 41، 42".

حدَّث بديوان شِعْره، وقد تعرَّض للصّحابة في شعره، وديوانه في نَحْو أربع مجلّدات. وكان مقدَّمًا على شعراء عصره. ومن سائر قوله: بكّر العارضُ تحدوه النُّعَامَى ... فسقاك الرّيّ يا دارَ أُماما منها: وبجرعاء الحِمَى قلبي فعُجْ ... بالحِمَى فاقرأ على قلبي السّلاما قل لجيران الغضا: آهٌ على ... طِيب عَيْشٍ بالغضا لو كان داما حَمَّلُوا ريحَ الصَّبَا نَشْركُمُ ... قبل أنْ تحمل شَيحًا وتماما وابعثوا أشْباهَ حلم لي في الكرَى ... إنّ أذِنْتُم لجُفُوني أن تناما وله: ظن غداة البين أنّ قد سَلِما ... لمّا رأى سهْمًا لم تجرِ دمًا وعاد يسْتَقْري حشاهُ فإذا ... فؤاده من بينها قد عُدِما لم يدْرِ من أين أُصِيب قلْبُهُ ... وإنّما الرّامي دَرَى كيف رما يا قاتَلَ الله العيونَ خُلِقَتْ ... جَوَارِحًا فكيف عادت أسْهُمًا وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة. 284- ميمون بن سهل. أبو نجيب الواسطي، ثم الهروي. الفقيه. مات في رمضان. وروى عن: أبي بكر محمد بن أحمد المفيد، وأبي القاسم بكر بن أحمد، وجماعة. روى عنه: ابنه نجيب، وأبو عليّ جُهَانْدار. "حرف الياء": 285- يوسف بن حمود بن خلف1.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 683"، ترتيب المدارك "4/ 721-723".

أبو الحجّاج الصَّدفيّ السِّبْتيّ الفقيه المالكيّ. قاضي سبْته نَيِّفًا وعشرين سنة. سمع بالأندلس من: أبي بكر الزُّبَيْديّ، وأبي محمد الأصيليّ، وخَطَّاب بن مَسْلَمة، وعبد الله بن محمد الباجيّ. وكان صالحًا متواضعًا، أديبًا شاعرًا، رحمه الله. وفيات سنة تسع وعشرون وأربعمائة: "حرف الألف": 286- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الحسين بن إسماعيل1. أبو عبد الله المَحَامليّ. سمع: أبا بكر النّجّاد، وأبا سهل بن زياد، ودَعْلَج بن أحمد، والشّافعيّ. ووُلِد في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الفضل بن خَيْرُون، وأبو غالب الباقِلّانيّ، وجماعة من مشيخة السِّلَفيّ الّذين ببغداد. وقال الخطيب: كان سماعه صحيحًا. وحدَّث له صممٌ في أوّل سنة ثمانٍ وعشرين. وتُوُفّي في ربيع الآخر. قال: عاش ستًّا وثمانين سنة رحمه الله. 287- أحمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن خُشْنَام2. أبو مسعود الخُشْنَاميّ النَّيْسابوريّ. تُوُفّي يوم النَّحر. 288- أحمد بن عليّ بن منصور بن شعيب. القاضي أبو نصر البُخَاريّ. سمع: أبا عِمْرو بن صابر البخاريّ، وغيره. 289- أحمد بن عمر بن عليّ.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 238"، الأنساب "11/ 154، 155"، سير أعلام النبلاء "17/ 538". 2 الأنساب "5/ 131"، المنتخب من السياق "101". 3 تاريخ بغداد "4/ 295".

قاضي دَرْزنْجان. سمع: ابن المظفّر، وأبا حفص الزّيّات، وعدّة. سكن دَرْزِنْجان. روى عنه: الخطيب. 290- أَحْمَد بْن محمد بْن أَحْمَد بْن ميمون1. أبو نصر بْنُ الوتّار. شيعيّ ببغداد. سمع منه: الخطيب. يروى عن: ابن المظفّر، وأبي بكر بن شاذان. ضعيف. 291- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي عيسى لُبّ بن يحيى2. أبو عمر المَعَافريّ الأندلسيّ، الطَلَمنْكيّ، المقرئ. نزيل قُرْطُبة. وأصله من طَلَمَنْكَة. أوّل سماعه سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. روى عنه: أبي عيسى يحيى بن عبد الله الَّلْيثيّ، وأبي بكر الزُّبَيْديّ، وأحمد بْن عَوْن الله، وأبي عَبْد الله بْن مفرج، وأبي محمد الباجيّ، وخَلَف بن محمد الخَوْلانيّ، وأبي الحسن الأنطاكيّ المقرئ. وحجّ فلقي بمكّة: أبا الطّاهر محمد بن محمد العُجَيْفيّ، وعمر بن عِرَاك المصري، بالمدينة: يحيى بن الحسين المُطَّلبيّ، وبمصر: أبا بكر محمد بن عليّ الأُدْفُويّ، وأبا الطّيّب بن غَلْبُون، وأبا بكر المهندس، وأبا القاسم الْجَوْهَريّ، وأبا العلاء بن ماهان، وبدِمْيَاط: محمد بن يحيى بن عمّار، وبإفريقيّة: أبا محمد بن أبي زيد، وأبا جعفر أحمد بن رحمون. ورجع بعِلمٍ كثير. روى عنه: أبو عمر بن عبد البَرّ، وأبو محمد بن حَزْم، وعبد الله سهل الأندلسي. وكان خبرًا في علم القرآن، قراءاته، وإعرابه، وناسخه، ومنسوخه، وأحكامه، ومعانيه. صنّف كُتُبًا حِسَانًا نافعةً على مذاهب السُّنَّة، ظهر فيها عِلْمه، واستبان فهمه. وكان ذا عناية تامّة بالأثر ومعرفة الرّجال، حافظًا للسُّنَن، إمامًا عارفًا بأصول الدّيانات. قديم الطّلب، عالي الإسناد، ذا هدي وسنة واستقامة.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 377"، ميزان الاعتدال "1/ 30"، لسان الميزان "1/ 252". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 1098، 1100"، سير أعلام النبلاء "17/ 566-569"، الوافي بالوفيات "8/ 32، 33".

قال أبو عمر الدّانيّ: أخذ القراءة عَرْضًا عن: أبي الحسن الأنطاكيّ، وابن غَلْبُون، ومحمد بن الحسين بن النُّعْمَان. وسمع من محمد بن عليّ الأُدْفُويّ، ولم يقرأ عليه. وكان فاضلًا ضابطًا، شديدًا في السُّنَّة رحمه الله. قال ابن بَشْكُوَال: كان سيفًا مجرّدًا على أهل الأهواء والبِدَع، قامِعًا لهم، غَيُورًا على الشّريعة، شديدًا في ذات الله. أقرأ النّاس محتسِبًا، وأسمع الحديث، والتزم الإمامة بمسجد مُنْعَة. ثمّ خرج إلى الثَّغْر، فتجوّل فيه. وانتفع النّاس بعلمه، وقصد بلده في آخر عمره فتُوُفّي بها. أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن عيسى بن محمد بن بَقِيّ الحَجّاريّ، عن أبيه قال: خرج إلينا أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ يومًا ونحن نقرأ عليه فقال: اقرأوا وأَكْثِرُوا، فإنّي لا أتجاوز هذا العام. فقلنا له: ولِمَ يرحمك الله؟ فقال: رأيتُ البارحة في منامي مَن يُنشدني: اغْتَنِمُوا البرَّ بشيخٍ ثَوَى ... تَرْحَمُه السَّوقَةُ والصِّيدُ قد خَتَمَ العُمْرَ بعيدٍ مضى ... ليس له من بعده عِيدُ فتُوُفّي في ذلك العام. ولد سنة أربعين وثلاثمائة، وتُوُفّي في ذي الحجّة. روى عنه جماعة كثيرة. وقد امتُحِن بفَرْط إنكاره. وقام عليه طائفة من المخالفين، وشهدوا عليه بأنّه حَرُورِيّ يرى وضع السَّيف في صالحي المسلمين. وكانوا خمسة عشر شاهدًا من الفقهاء والنبهاء، فنصره قاضي سَرَقُسْطَة في سنة خمسٍ وعشرين. وأشهد على نفسه بإسقاط الشُّهود. وهو القاضي محمد بن عبد الله بن فَرْتُون رحمه الله. 292- أحمد بْن محمد بْن إسماعيل1. أبو بَكْر القَيْسيّ المعروف بابن السَّبْتيّ. حجّ بعد السبعين وثلاثمائة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 45، 46".

وسمع من: أبي محمد بن أبي زيد، والداودي، وعطيّة بن سعيد. وسمع بقُرْطُبة من ابن مفرج القاضي. وكان زاهدًا عالمًا فاضلًا. توفي بسبتة وقد شاخ. 293- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر1. أبو بكر اليَزْديّ الحافظ. حافظ رحّال، مصنِّف كبير، وهو خال أبي بكر أحمد بن مَنْجُوَيْه الحافظ. روى عن: أبي الشّيخ، وغيره. سمع منه: أبو عليّ الحدّاد فِي هذه السّنة. 294- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله بْن محمد2. أبو بكر البُسْتيّ، الفقيه الشّافعيّ. كان من كبار الأئمة بنَيْسابور، ومن أُولي الرئاسة والحشمة. سمع الكثير، وأملى مدّة عن الدَّارَقُطْنيّ، وطبقته. روى عنه: مسعود السِّجَزيّ. وتُوُفّي في ثالث عشر رجب. 295- إسحاق بْن أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عبد الرحمن3. الحافظ أبو يعقوب السَّرْخَسيّ، ثمّ الهَرَويّ القرّاب. الإمام الجليل، محدَّث هَرَاة. له مصنفات كثيرة. ولد سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. وطلب الحديث فأكثر. قال أبو النَّضْر الفَامِيّ: حتى أنّ عدد شيوخه زاد على ألف ومائتي نفس، وله "تاريخ السِّنين" الّذي صنّفّه في وفاة أهل العلم، من زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى سنة وفاته سنة تسعٍ وعشرين. ومنها: "كتاب المُهَج"، وكتاب "الأنس والسلوة"، وكتاب "شمائل العباد".

_ 1 الأنساب "12/ 400". 2 المنتخب من السياق "93". 3 سير أعلام النبلاء "17/ 570-572"، الوافي بالوفيات "8/ 394"، الأعلام "1/ 293".

قال: وكان زاهدًا مُقِلًّا من الدّنيا. قلت: سمع: العباس بن الفضل النضروبي، وجدّه محمد بن عمر بن حَفْصُوَيْه، وأبا الفضل محمد بن عبد الله السّيّاريّ، وعبد الله بن أحمد بن حَمُّوَيْه السَّرْخَسِيّ، وزاهر بن أحمد الفقيه، وأحمد بن عبد الله النُّعَيْميّ، والخليل بن أحمد القاضي، وأبا الحَسَن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن حمزة، والحسين بن أحمد الشّمَّاخِيّ الصّفّار، وأبا منصور محمد بن عبد الله البزاز، وهذه الطبقة فمن بعدهم، حتّى كتب عمّن هو أصغر منه. وحدَّث عن: الحافظ عليّ الحسن بن عليّ الوخْشيّ وهو من أصحابه. روى عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ، وأبو الفضل أحمد بن أبي عاصم الصَّيْدلانيّ، والحسين بن محمد بن مَتّ، والهَرَويّون. وقد احتجّ به شيخ الإسلام في الجرْح والتعديل. 296- إسماعيل بن عمرو الحداد المقرئ ابن إسماعيل بن راشد1. أبو محمد المصريّ. رجلٌ صالح جليل القدر. روى عن: الحسن بن رشيق، وأحمد بن محمد بن سلمة الخياش، والعباس بن أحمد الهاشمي. روى عنه: القاضي أبو الحسن الخلعي، والمصريون، وسعد الزنجاني. توفي في صفر. وقد قرأ بالرّوايات وأقراها. أخذ عن: أبي محمد غزوان بن القاسم المازنيّ، وأبي عدي عبد العزيز بن علي الإمام، وقُسَيْم بن مُطَيّر، وحمدان بن عَوْن الخَوْلانيّ، وغيرهم. قرأ عليه أبو القاسم الهُذَليّ، وجماعة. عُمِّر دهرًا. 297- إسماعيل بن محمد بن مؤمن2. أبو القاسم الحضرمي الإشبيلي.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 1100"، غاية النهاية "1/ 167"، حسن المحاضرة "1/ 493". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 103، 104".

حجّ وقرأ بمصر على: طاهر بن غَلْبُون. وسمع من: أبي الحسن القابِسيّ. وكان مُتفنّنًا في العلوم جامعًا لها. تُوُفّي في صَفَر، وقد نَيّف على السّبعين. "حرف الحاء": 398- حَجّاج بن محمد بن عبد الله1. أبو الوليد اللَّخْميّ، الأسيليّ. رحل وسمع من: أبي الحسن القابسي الداودي. وكان معتنيًا بالعلم. ذكر أبو محمد بن خَزْرَج. 299- حجّاج بن يوسف2. أبو محمد اللّخْميّ الإشبيليّ، ويُعرف بابن الزّاهد. سمع من: أبي محمد الباجِيّ، وأبي بكر بن السّليم القاضي، وابن القُوطِيّة، وجماعة قدماء. وكان مقدَّمًا في العلم والفَهْم والشِّعْر. تُوُفّي عن نحو ثمانين سنة. 300- الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حمديه3. أبو عليّ البغداديّ، أخو عبد الله. حدَّث بمجلسٍ واحدٍ عن أبي بكر الشّافعيّ. قال الخطيب: لم أسمع منه، وكان صدوقًا. مات في رمضان. 301- الحسن بن عليّ بن الصَّقْر4. أبو محمد البغداديّ، المقرئ، الكاتب. كان كثير التّلاوة، عالي الإسناد. قرأ لأبي عَمْرو على زيد بن أبي بلال الكوفيّ، وهو آخر من تلا عليه. تلا عليه القرآن: عبد السّيّد بن عتاب، وأبو البركات محمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل، وثابت بن بُنْدَار، وأبو الخطاب عليّ بن عبد الرحمن بن الجراح. وأبو الفضل بن خيرون، وغيرهم.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 152". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 152". 3 تاريخ بغداد "7/ 280". 4 تاريخ بغداد "6/ 390"، غاية النهاية "1/ 224"، النجوم الزاهرة "5/ 28".

وكان رئيسًا جليلًا مُعمَّرًا. وُلِد سنة خمسٍ وثلاثين وثلاثمائة. وكان يمكنه السّماع من إسماعيل الصّفّار، وطبقته. توفي في ثالث عشر جُمَادى الأولى رحمه الله تعالى. 302- الحسن بن أحمد بن سَلَمَة1. القاضي أبو عبد الله الرَّبَعيّ الدّمشقيّ. الفقيه المالكيّ. قاضي ديار بكر. سمع من: يوسف المَيَانَجِيّ. وأبي حفص الزّيّات، والقاضي أبي بكر الأبْهَريّ، ومحمد بن المظفّر، وجماعة. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وعمر بن أحمد الآمِديّ، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وآخرون. حدَّث في هذا العام بصور. 303- الحسين بْن أحمد بْن عبد الله2. الإمام أبو عبد الله بن الحربيّ المقرئ. قرأ على: عمر بن محمد بن عبد الصّمد، والحسن بن عثمان البُرْزَاطيّ، وأبي العبّاس عبد الله بن محمد أصحاب ابن مجاهد. تلا عليه عبد السّيّد بن عتّاب. وقد حدَّث عن النّجّاد. روى عنه: أبو الفضل بن خَيْرُون، ومحمد بن محمد المُسْلِمَة، وكان ظاهر الصَّلاح. قال لنا ابن البنَّا: كان من أولياء الله، يُقرئ النّاس ويُلقي عليهم ما ينفعهم من الفقه والأحاديث، وله كرامات كثيرة. مات في جُمَادى الأولى. 304- الحسين بن ميمون بن حَسْنُون. أبو عليّ المصريّ. رجل صالح؛ ورَّخه الحبّال. "حرف الخاء": 305- خَلَف، مولى جعفر الفتى3. المقرئ أبو سعيد: مولى بني أميه الأندلسي.

_ 1 تاريخ دمشق "10/ 394"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 284". 2 غاية النهاية "1/ 238". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 166".

حجّ وسمع من: أبي بكر الأدفُويّ، وأبي القاسم الْجَوْهَريّ، وأبي محمد بن أبي زيد، وأبي القاسم عُبَيْد الله السَّقَطيّ. قال الخَوْلانيّ: كان نبيلًا من أهل القرآن والعلم، مائلًا إلى الزّهد والانقباض. روى عنه: أبو عبد الله بن عتّاب وأثنى عليه. قال أبو عَمْرو الدَّانيّ: تُوُفّي في ربيع الآخر، وقرأ القرآن على: أبي أحمد السّامرّيّ، والأُدْفُويّ. حدَّث بقُرْطُبة، وغيرها. "حرف السين": 306- سعيد بن إدريس1. أبو عثمان السُّلَميّ الإشبيليّ، المقرئ. رحل وحجّ، ولقي بمصر أبا الطّيّب بن غَلْبُون، وكانت له عنده حُظْوَة ومنزلة. وسمع تصانيفه. ولقي أبا بكر الأُدْفُويّ، وأخذ عنه. وسمع من عبد العزيز بن عبد الله الشُّعَيْريّ كتاب "الوقف والابتداء" بسماعه من ابن الأنباريّ. ورجع إلى الأندلس، وقد برع في علم القراءات. وكان حَسَنَ الحِفْظ، مجوِّدًا، فصيحًا، طيّب الصّوت، معدوم المِثْل، وكان إمامًا للمؤيّد بالله هشام بن الحَكَم بقُرْطُبة، فلمّا وقعت الفتنة خرج إلى إشبيليّة فسكنها، وبها تُوُفّي وله سبعٌ وثمانون سنة. ورَّخه أبو عَمْرو الدَّانيّ، وترجمه الخَوْلانيّ، وقال أبو محمد بن خَزْرج: تُوُفّي في ذي الحجّة سنة ثمانٍ وعشرين، وقد كمّل الثمانين. 307- سعيد بن عبد الله بن دُحَيْم2. أبو عثمان الأزْديّ القُرَيْشيّ النَّحْويّ نزيل إشبيليّة. كان إمامًا في معرفة "كتاب سِيبوَيْه"، بارعًا في اللغة والشعر، إخباريًا. أخذ عن: أبي نصر بن هارون بن موسى، ومحمد بن عاصم، ومحمد بن خطّاب. ذكره ابن خَزْرَج. 308- سُفْيان بن الحسين. أبو العز الغيسقاني الهروي. روى عن: بِشْر بن محمد المُزَنيّ. روى عنه: الحسين بن محمد الكُتُبيّ، وأبي بكر القبّاب، سمع منه: عليّ بن أحمد بن مهران، وابن مادُوَيْه. من بيت العدالة والصّلاح بإصبهان.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 220"، غاية النهاية "1/ 304". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 220، 221".

"حرف الصّاد": 309- صلة بن المؤمّل بن خَلَف1. أَبُو القاسم البغداديّ، نزيل مصر. رَوَى عَنْ: القَطِيعيّ، وأبي محمد بن ماسي، ونحوهما. وحدَّث بالكثير. روى عنه: ابن أبي الصّقر الأنباريّ. "حرف الظّاء": 310- ظَفْرُ بن مُظَفَّر بن عبد الله بن كِتنّة2. الفقيه أبو الحسين الحلبيّ الشافعيّ. سمع: عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبيد الله بن الورّاق. روى عنه: السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ، ومحمد بن أحمد بن أبي الصَّقْر الأنباريّ. مات رحمه الله في الكُهُولة. "حرف العين": 311- عبد الله بن رضا بن خالد بن عبد الله بن رِضا3. أبو محمد اليابُرِيّ المغربيّ، من رهْط الأخطل الشّاعر. كان بارعًا في الأدب والبلاغة والنَّظْم والإنشاء، له ذِكْر. وتُوُفّي بإشبيليّة في ذي الحجّة عن بضعٍ وسبعين سنة. 312- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن بِشْران4. البغداديّ الشّاهد. أبو محمد بن الشّيخ أبي الحسين. سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، وجماعة. قال الخطيب: كان سماعه صحيحًا. وتوفي في شوال.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 337". 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 121"، طبقات الشافعية الكبرى "5/ 52". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 267". 4 تاريخ بغداد "10/ 14".

313- عبد الرحمن بن أحمد بن أشَجّ1. أبو زيد القرطبي. روى عن: أحمد بن عبد الله بن العَنان، وأبي جعفر بن عَوْن الله، وابن مُفَرِّج القاضي. قال ابن حيّان: كان من أهل العدالة والمروءة، وكان قليل العلم. تُوُفّي في رجب هو والقاضي يونس في يوم. 314- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن عَبْد الرحمن2 بن سعيد بن خالد بن حُمَيْد بن أبي العجائز. الأزْديّ الدّمشقيّ، المعدّل. سمع من: أبيه، وأبي بكر المَيَانِجِيّ، والرَّبَعيّ. روى عنه: ابنه عبد الله، وأبو سعْد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ، وقال: مات في محرَّم. 315- عبد القاهر بن طاهر3. الأستاذ أبو منصور البغداديّ. مات بإسْفَرايين، وكان أحد الفُقهاء. سمع: أبا عَمْرو بن نُجَيْد وأبا عَمْرو محمد بن جعفر بن مطر. روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ، وعبد الغفّار بن محمد بن شِيرُوَيْه، وأبو القاسم عبد الكريم القُشَيريّ. وكان أبو منصور تلميذ الأستاذ أبي إسحاق الإسْفَرائينيّ. وكان يدرّس في سبعة عشر فنًّا، وكان محتشمًا متموِّلًا. صنّف كتاب "التَّكملة" في الحساب. وقال أبو عثمان شيخ الإسلام الصّابونيّ: كان الأستاذ أبو منصور من أئمّة الأصول، وصدور الإسلام، بإجماع أهل الفضل والتّحصيل. بديع التّرتيب، غريب التّأليف والتّهذيب، تراهُ الْجِلَّةُ صدْرًا مقدَّمًا، ويدعوه الأئمّة إمامًا مُضَخَّمًا. ومن خراب نَيْسابور أنِ اضطُّرَّ مثلُه إلى مفارقتها. وقيل: إنّه لمّا حصَل بإسْفَرايين ابتهجوا بمَقْدِمِهِ إلى الغاية، ودُفِنَ إلى جانب الأستاذ أبي إسحاق. وقد أفردتُ له ترجمةً، ووقع لي من عواليه. - عبد الملك بن محمد. أبو منصور الثعالبي. الأصح موته في سنة ثلاثين.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 328". 2 مختصر تاريخ دمشق "14/ 291". 3 تقدم رقم "229".

316- عبد الملك بن سليمان بن عمر بن عبد العزيز1. أبو الوليد الإشبيليّ ابن القُوطِيّة. كان متصرِّفًا في الفقه والحساب والآداب، بارعًا في عقْد الوثائق، راويةً للأخبار. روى عن: أبي بكر بن السّليم القاضي. وأبان بن السّرّاج، وجماعة. وأوّل ما سمع سنة ستٍّ وخمسين وثلاثمائة. 317- عليّ بن الحسن. الأديب أبو طاهر بن الحَمَاميّ الشّاعر. خَدَم بني بُوَيْه، وترسّل إلى الأطراف. روى عنه: القاضي أبو تمام الواسطيّ، والحسين بن الصّابئ. "حرف الميم": 318- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن إسحاق. أبو الفضل الدَّنْدَانْقانيّ، الفقيه المعروف بالزّاهريّ، وهي نسبة إلى زاهر بن أحمد السَّرْخَسِيّ، لكونه رحلَ إليه، وتفقَّه عليه. روى عنه، وعن: أحمد بن سعيد ... ، وأبي القاسم بن حبيب المفسِّر، وغيرهم. روى عنه: ابنه إسماعيل، وأبو حامد بن محمد الشُّجَاعيّ، ومحمد بن أحمد الطَّبَسيّ. وتُوُفّي بقريته عن نَيِّفٍ وتسعين سنة. 319- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن نَبَات2. أبو عبد الله الأُمويّ القُرْطُبيّ. روى عن: أبي عيسى اللَّيْثيّ، وأبي جعفر بن عَوْن الله، وأبي الحسن الأنطاكي المقرئ. وكان ثقة صالحا، معتنيا بالعلم، جيد المشاركة، من أهل السنة. توفي في المحرم عن ثلاثٍ وتسعين سنة، رحمه الله. 302- محمد بن سعيد الخطّابيّ الهَرَويّ.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 359". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 519، 520".

عاش نَيِّفًا وتسعين سنة. كنيته: أبو عبد الله. روى عن: حامد الرّفّاء. روى عنه: أبو عبد الله العُمَيْريّ، وأهل هَرَاة. 321- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد1. أَبُو بَكْر السَّقَطيّ. سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وغيره. روى عنه: الخطيب. وصدَّقه. تُوُفّي في ذي الحجّة. 322- محمد بن عمر بن محمد القاضي2. أبو بكر بن الأخضر الدّاوديّ الفقيه. بغداديّ ثقة، إمام. سمع: أبا الحسن بن لؤلؤ، وأبا الحسين بن المظفَّر، وجماعة. وثّقه الخطيب وروى عنه. عاش ستًّا وسبعين سنة. 323- محمد بن محمد بن محمد3. أبو الموفَّق النَّيْسَابوري. محدَّث رحّال. سمع ببغداد أبا الحسن بن الجنديّ، وبدمشق عبد الوهّاب الكِلابيّ، وبمصر الحافظ عبد الغنيّ. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وأبو القاسم بن الفرّات، والخطيب. 324- مُحَمَّد بْن يوسف بْن مُحَمَّد4. أَبُو عَبْد الله الأُمويّ القُرْطُبيّ النّجّاد. خال الحافظ أبي عَمْرو الدَّانيّ. أخذ القراءة عَرْضًا عن: أبي أحمد السّامريّ بمصر، وأبي الحسن الأنطاكيّ بقُرْطُبة. وكان صدوقًا، متقنًا، عارفًا بالقراءات والعربيّة والحساب، أقرأ النّاسَ بقُرْطُبة، ثمّ استوطن الثَّغْر، وأقرأ الناسَ به دهرًا. وتُوُفّي في ذي القعدة وقد قارب الثمانين.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 95". 2 تاريخ بغداد "3/ 38"، المنتظم "8/ 99". 3 تاريخ بغداد "3/ 233"، مختصر تاريخ دمشق "23/ 196". 4 الصلة لابن بشكوال "2/ 520، 521"، غاية النهاية 2/ 287".

"حرف النّون": 325- نصر بن شعيب1. أبو الفتح الدِّمياطيّ. قدِم الأندلس تاجرًا، وكانت له رواية واسعة عن جماعة. روى عن: أبي بكر الأُدْفُويّ كثيرًا. وكان مجوّدًا للقرآن، عارفًا للعربية. قدم الأندلس في هذا العام. "حرف الياء": 326- يونس بن عبد الله بْن مُحَمَّد بْن مغيث بْن مُحَمَّد بْن عبد الله2. قاضي القضاة بقرطبة أبو الوليد بن الصفار، شيخ الأندلس في عصره ومسندها وعالمها. ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة. وحدَّث عن: أبي بكر محمد بن معاوية القرشي صاحب النَّسَائيّ، وأبي عيسى اللّيْثيّ، وإسماعيل بن بدر، وأحمد بن ثابت التَّغْلبيّ، وتميم بن محمد القروي، والقاضي محمد بن إسحاق بن السليم. وتفقه مع القاضي أبي بكر بن زرب، وجمع مسائله. وروى أيضا عن: أبي بكر بن القُوطِيّة، واحمد بن خالد التّاجر، ويحيي بن مجاهد، وأبي جعفر بن عون الله، وابن مجلس الكبير. وأبي زكريا بن عائذ، والزبيدي، وأبي الحسن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن بَقيّ، وأَبِي محمد عبد المؤمن، وأبي عبد الله بن أبي دليم. وسمع منهم وأكثر عنهم، وقد أجاز له من المشرق: الحسن بن رشيق، وأبو الحسن الدارقطني. وولي أولا قضاء بطليوس، ثم صرف. وولي خطابة مدينة الزهراء. ثم ولي القضاء والخطبة بقرطبة مع الوزارة. ثم صرف عن جميع ذلك ولزِم بيته. ثمّ ولي قضاء الجماعة والخطبة سنة تسع عشرة وأربعمائة، فبقي قاضيًا إلى أنّ مات.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 639". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 569، 570"، دول الإسلام "1/ 255"، شذرات الذهب "3/ 244".

قال صاحبه أبو عمر بن مهديّ: كان من أهل العلم بالحديث والفقه. كثير الرّواية، وافر الحظّ من العربيّة واللّغة، قائلًا للشِّعر النَّفيس، بليغًا في خُطَبه، كثير الخشوع فيها، لا يتمالك من سمعه عن البكاء، مع الزهد والفضل والقنوع باليسير. ما لقيت في شيوخنا مَن يُضاهيه في جميع أحواله. كنتُ إذا ذاكَرْتُهُ شيئًا من أمر الآخرة يصفرُّ وجهه ويدافع البكاء، وربّما غلبه، وكان الدَّمْع قد أثر في عينيه وغيرهما لكثرة بكائه. وكان النّور باديا على وجهه وصَحِب الصّالحين، وما رأيتُ أحفظ منه لأخبارهم وحكاياتهم، صنّف كتاب "المنقطعين إلى الله"، وكتاب "التّسليّ عن الدّنيا"، وكتاب "فضل المتهجّدين"، وكتاب "التّسبّب والتّيسير"، وكتاب "محبّة الله والابتهاج بها"، وكتاب "فضل المستصرخين بالله عند نزول البلاء". روى عنه: مكّيّ بن أبي طالب القَيْسيّ، وأبو عبد الله بن عائذ، وأبو عَمْرو الدّانيّ، وأبو عُمَر بن عبد البَرّ، ومحمد بن عتّاب، وأبو عمر بن الحذّاء، وأبو محمد بن حزْم، وأبو الوليد سليمان بن خَلَف الباجيّ، وأبو عبد الله الخَوْلانيّ، وحاتم بن محمد، ومحمد بن فرج مولى ابن الطّلّاع، وخلْق سواهم. ودُفِنَ يوم الجمعة العصر لليلتين بقيتا من رجب، وشيّعه خلْق عظيم. وكان وقت دفنه غيث وابل رحمه الله. ومن شِعره: فررتُ إليكَ من ظُلمي لنفسي ... وأوحَشَني العبادُ فأنتَ أُنْسي رضاكَ هو المُنى، وبكَ افتخارِي ... وذِكْرُكَ في الدُّجى قَمَري وشمسي قصدتُ إليكَ منقطِعًا غريبًا ... لتُؤنسَ وحْدَتي في قَعْر رمْسي وللعُظْمى من الحاجاتِ عندي ... قصدتَ وأنتَ تعلمُ سرَّ نفسي وفيات سنة ثلاثين وأربعمائة: "حرف الألف": 327- أحمد بن الحسن بن فُورك بن محمد بن فُورك بن شَهْريار.

روى عن: الطَّبْرانيّ، وأبي الشّيخ. روى عنه: سعيد بن محمد البقّال. حدَّث في هذه السَّنة في آخرها. 328- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن إسحاق بن موسى بن مِهْران1. أبو نُعَيْم الأصبهاني الصُّوفيّ الأحْوَل، سِبْط الزّاهد محمد بن يوسف البنّا. كان أحد الأعلام ومَن جمع الله له بين العُلُوّ في الرّواية والمعرفة التّامة والدّراية، رحلَ الحفّاظ إليه من الأقطار، وأَلحقَ الصِّغار بالكبار. وُلِد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة بأصبهان، واستجاز له أبوه طائفةً من شيوخ العصر تفرّد في الدّنيا عنهم. أجاز له خَيْثَمة بن سُليمان وجماعة من الشّام، وجعفر الخُلْديّ وجماعة من بغداد، وعبد الله بن عمر بن شَوْذَب من واسط، والأصَمّ من نَيْسابور، وأحمد بن عبد الرّحيم القَيْسرانيّ. وسمع سنة أربعٍ وأربعين وثلاثمائة من: عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، والقاضي أبي أحمد محمد بن أحمد العسّال، وأحمد بن مَعْبَد السِّمسار، وأحمد بن محمد القصّار، وأحمد بن بُنْدَار الشّعّار، وعبد الله بن الحسين بن بُنْدَار، والطَّبْرانيّ، وأبي الشّيخ، والجِعَابيّ. ورحلَ سنة ستٍّ وخمسين وثلاثمائة، فسمع ببغداد: أبا عليّ بْنُ الصّوّاف، وأبا بكر بن الهيثم الأنباريّ، وأبا بحر البَرْبَهَاريّ، وعيسى بن محمد الطُّوماريّ، وعبد الرحمن والد المخلّص، وابن خلّاد النَّصِيبيّ، وحبيبًا القزّاز، وطائفة كبيرة. وسمع بمكة: أبا بكر الآجُرِّيّ، وأحمد بن إبراهيم الكِنْديّ. وبالبصرة: فاروق بن عبد الكبير الخطّابيّ، ومحمد بن عليّ بن مُسْلم العامريّ، وأحمد بن جعفر السَّقَطيّ، وأحمد بن الحسن اللّكّيّ، وعبد الله بن جعفر الجابريّ، وشَيْبان بن محمد الضُّبَعيّ، وجماعة. وبالكوفة: إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بْن أبي العزائم، وأبا بكر عبد الله بن يحيى الطَّلْحيّ، وجماعة.

_ 1 المنتظم "8/ 100" الكامل في التاريخ "9/ 466"، ميزان الاعتدال "1/ 111"، سير أعلام النبلاء "17/ 453-464"، الوافي بالوفيات "7/ 81-84".

وبنَيْسابور: أبا أحمد الحاكم، وحُسَيْنك التّميميّ، وأصحاب السّرّاج، فَمَن بعدهم. وصنّف مُعْجمًا لشيوخه، وصنَّف كتاب "حِلْية الأولياء"، وكتاب "معرفة الصّحابة"، وكتاب "دلائل النُّبُوَّة"، وكتاب "المستخرج على البخاري"، "والمستخرج على مسلم"، وكتاب "تاريخ بلده"، وكتاب "صفة الجنَّة"، وكتاب "فضائل الصحابة". وصنّف شيئًا كثيرًا من المصنَّفات الصِّغار. وحدَّث بجميع ذلك. روى عنه: كوشيار بن لياليزرو الجيلي، أبو سعْد المالِينيّ وتُوُفّي قبله بثماني عشرة، وتُوُفّي كوشيار قبله ببضع وثلاثين سنة، وأبو بكر بن أبي عليّ الذَّكْوَانيّ وتُوُفّي قبله بإحدى عشرة سنة، والحافظ أبو بكر الخطيب، والحافظ أبو صالح المؤذّن، والقاضي أبو عليّ الوَخْشيّ، ومستمليه أبو بكر محمد بن إبراهيم العطّار، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وهبة الله بن محمد الشّيرازيّ، ويوسف بن الحَسَن التَّفَكُّريّ، وعبد السّلام بن أحمد القاضي، ومحمد بن عبد الجبّار بن ييّا وأبو الفضل حَمْد، وأبو عليّ الحسن ابنا أحمد الحدّاد، وأبو سعد محمد بن محمد المطرِّز، وأبو منصور محمد بن عبد الله الشُّرُوطيّ، وغانم البُرْجيّ، وخلْق كثير، آخرهم وفاة أبو طاهر عبد الواحد بن محمد الدَّشْتيّ الذَّهَبيّ. قال أبو محمد بن السَّمَرْقَنْديّ: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم أر أحدا أطلق عليه أسم الحفظ غير رجلين: أبو نعيم الأصفهاني، وأبو حازم العبدويي. وقال ابن المفضل الحافظ: قد جمع شيخنا السِّلفيّ أخبار أبي نُعَيْم وذَكَرَ من حدَّث عنه وهُم نحو ثمانين رجلًا. وقال: لم يصنف مثل كتابه "حلية الأولياء". وسمعناه على ابن المظفّر القاشانيّ عنه سوى فوتٍ يسير. وقال أحمد بن محمد بن مَرْدَوَيْه: كان أبو نُعَيْم في وقته مَرْحولًا إليه، ولم يكن في أُفُقٍ من الآفاق أسْنَدُ ولا أحْفَظُ منه. كان حُفَّاظ الدّنيا قد اجتمعوا عنده، فكان كلِّ يومٍ نَوْبة واحدٍ منهم يقرأ ما يريده إلى قريب الظُّهْر، فإذا قام إلى داره ربّما كان يُقرأ عليه في الطريق جزء، وكان لا يضْجَر لم يكن له غذاء سوى التّصنيف أو التّسميع. وقال حمزة بن العبّاس العلويّ: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي أبو نعيم

أربعَ عشرةَ سنةٍ بلا نظير، لا يوجد شرقًا ولا غربًا أعلا إسنادًا منه ولا أحفظ منه. وكانوا يقولون لمّا صنَّف كتاب "الحِلْية": حُمِل إلى نَيْسابور حال حياته، فاشتروه بأربعمائة دينار. وقد روى أبو عبد الرّحمن السُّلَميّ مع تقدمه عن رجلٍ عن أبي نُعَيْم، فقال في كتاب "طبقات الصُّوفيّة": ثنا عبد الواحد بن أحمد الهاشميّ، حدَّثنا أبو نُعَيْم أحمد بْن عَبْد اللَّه، أَنَا محمد بْن عليّ بن حُبَيْش المقرئ ببغداد، أنا أحمد بن محمد بن سهل الأَدَميّ، فذكر حديثًا. وقال السُّلَميّ: سمعت أبا العلاء محمد بن عبد الجبّار الفِرْسانيّ يقول: صرتُ إلى مجلس أبي بكر بن أبي عليّ المعدَّل في صِغَري مع أبي، فلمّا فرغ من إملائه قال إنسان: مَن أراد أن يحضر مجلس أبي نُعَيْم فلْيَقُمْ -وكان أبو نُعَيْم في ذلك الوقت مهجورًا بسبب المذهب، وكان من بين الحنابلة والأشْعَريّة تعصُّبٌ زائدٌ يؤديّ إلى فتنةٍ وقال وقيل، وصراعٍ طويل- فقام إليه أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام، وكاد يُقْتَل. وقال أبو القاسم عليّ بن الحسن الحافظ: ذكر الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني عمن أدرك من شيوخ أصبهان أنّ السّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين لمّا استولى على إصبهان أمرَّ عليها واليا من قِبَله ورحل عنها، فوثب أهلها بالوالي فقتلوه. فردّ السّلطان محمود إليها، وأمّنهم حتّى اطمأنوا. ثمّ قصدهم يوم جمعة وهم في الجامع فقتل منهم مقتلة عظيمة. وكانوا قد منعوا أبا نُعَيْم الْحَافِظُ من الجلوس في الجامع، فَسَلِم ممّا جرى عليهم، وكان ذلك من كرامته. وقال أبو الفضل بن طاهر المقدسيّ: سمعت عبد الوهّاب الأنماطيّ يقول: رأيت بخطّ أبي بكر الخطيب: سألت محمد بن إبراهيم العطّار مستملي أبي نُعَيْم، عن "جزء محمد بن عاصم" كيف قرأتَه على أبي نُعَيْم؟ وكيف رأيت سماعَه؟ فقال: فأخرج إليَّ كُتُبًا وقال: هو سَمَاعيّ. فقرأتُ عليه. قال الخطيب: وقد رأيت لأبي نُعَيْم أشياء يتساهل فيها منها أن يقول في الإجازة: أخبرنا من غير أنّ يبين. قال أبو الحافظ أبو عبد الله بن النّجّار: جزء محمد بن عاصم قد رواه الأثبات عن أبي نُعَيْم. والحافظ الصّادق إذا قال: هذا الكتاب سماعي، جاز أخْذُهُ عنه بإجماعهم.

قلتُ: وقول الخطيب كان يتساهل في الإجازة إلى آخره، فهذا يفعله نادرًا، فإنه كثيرًا ما يقول: كتب إليَّ جعفر الخُلْديّ، كتب إليّ أبو العبّاس الأصمّ، أنبا عبد الله بن جعفر فيما قُرئ عليه، والظّاهر أنّ هذا إجازة. وقد حدَّثني الحافظ أبو الحجّاج القُضَاعيّ قال: رأيت بخطّ ضياء الدّين المقدسيّ الحافظ أنّه وجد بخطّ أبي الحجّاج يوسف بن خليل أنّه قال: رأيت أصل سماع الحافظ أبي نُعَيْم لجزء محمد بن عاصم فبطَل ما تخيّله الخطيب. وقال يحيى بن مَنْدَهْ الحافظ: سمعت أبا الحسين القاضي يقول: سمعت عبد العزيزي النَّخْشَبيّ يقول: لم يسمع أبو نُعَيْم "مُسْنَد الحارث بن أبي أُسَامة" بتمامه من أبي بكر بن خلّاد، فحدَّث به كله. قال الحافظ بن النّجّار: وَهِم في هذا، فأنا رأيت نسخة الكتاب عتيقة، وعليها خطّ أبي نُعَيْم يقول: سمع منّي فلان إلى آخر سماعي من هذا المُسْنَد من ابن خلّاد، فلعلّه روى الباقي بالإجازة، والله أعلم. لو رجمَ النَّجمَ جميعُ الوَرَى ... لم يصِل الرَّجمُ إلى النَّجمِ تُوُفّي أبو نُعَيْم، رحمه الله، في العشرين من المحرَّم سنة ثلاثين، وله أربعٌ وتسعون سنة. 329- أحمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن أصْبَغ البَيّانيّ1. أبو عَمْرو القُرْطُبيّ، روى عن أبيه قاسم بن محمد عن جدّه قاسم بن أصْبَغ جميع ما رواه. حدَّث عنه: أبو محمد بن حزْم، والطّبْنيّ. وكان عفيفًا طاهرًا، شديد الانقباض. أصابه فالجٌ قبل موته. 330- أحمد بن الغمْر بن محمد. أبو الفضل الأبِيوَرْديّ. سمع من: أبي أحمد بن ماسيّ، وغيره. ومن: مَخْلَد بن جعفر الباقرحيّ. روى عنه: شيخ الإسلام الأنصاري.

_ 1 جذوة المقتبس "142، 143"، الصلة لابن بشكوال "1/ 47، 48".

331- أحمد بن محمد بن هشام بن جَهْوَر بن إدريس1. أبو عَمْرو المَرْشَانيّ. من أهل مَرْشَانة. سكن قُرْطُبة. روى عن: أبيه، وعمّه، وأبي محمد الباجيّ. وحجّ سنة خمسٍ وتسعين، وجاور. وسمع من: أبي القاسم عُبَيْد الله السَّقَطيّ، وابن جَهْضَم. وأجاز له أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّي من مكّة قديمًا في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. حدَّث عنه: القاضي يونس بن عبد الله بن مغيث، وأبو مروان الطُّبْنيّ، وأبو عبد الله الخَوْلانيّ، وأبو عمر بن عبد البَرّ. وكان رجلًا صالحًا على سنةٍ واستقامة، ومعرفة بالشّروط وعِلَلها. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة وله خمسٌ وسبعون سنة. 332- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْنُ الحارث2. أبو بكر التّميميّ الأصبهاني الزّاهد، المقرئ، النَّحْويّ، المحدَّث، نزيل نَيْسابور. روى عن: أبي الشّيخ بن حبّان، وأبي الحَسَن الدَّارَقُطْنيّ، وعبد الله بن محمد القراب، جماعة. روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ، وعبد الغفّار بن محمد الشّيرُوِييّ، ومنصور بن بكر بن حَيْد، ومحمد بن يحيى المُزَكّيّ، وغيرهم. وكان إمامًا في العربيّة. تخرَّج به أهل نَيْسابور. وتُوُفّي في ربيع الأوّل وله إحدى وثمانون سنة. 333- أحمد بن محمد بن يوسف. أبو نصر الدُّوغيّ الْجُرْجَانيّ. سمع: عبد الله بن عَدِيّ. تُوُفّي قريبًا من سنة ثلاثين. 334- أحمد بن محمد بن إسحاق3. أبو منصور المقرئ البغدادي، عرف بالحبال.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 47". 2 العبر "3/ 170"، شذرات الذهب "3/ 245". 3 تاريخ بغداد "4/ 393".

قرأ على: أبي حفص الكتّانيّ. قال الخطيب: ثقة، كتبتُ عنه، وكنتُ أتلقنُ عليه. مات في ذي الحجّة. 335- إسماعيل بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه1. أَبُو عَبْد الرحمن الحِيريّ، النَّيْسابوريّ الضّرير، المفسِّر. حدَّث عن: أبي الفضل محمد بن الفضل بن خُزَيْمَة، وأبي محمد الحسن بن أحمد المَخْلَديّ، وزاهر بن أحمد السَّرْخَسِيّ، وأبي الحسين الخَفّاف، ومحمد بن مكّيّ الكُشْمِيهَنيّ. قال الخطيب: قدِم علينا حاجًا سنة ثلاثٍ وعشرين، ونِعْم الشّيخ عِلْمًا وأمانة وصدقًا وخُلُقًا. ولد سنة إحدى وستين وثلاثمائة. ولما حج كان معه حمْل كُتُب ليُجاور، فرجع النّاس لفساد الطّريق، فعاد إلى نَيْسابور، وكان في جملة كُتُبه "البُخَاري"، قد سمعه من الكُشْمِيهَنيّ. فقرأتُ عليه جميعَه فِي ثلاثة مجالس، اثنان منها في ليلتين، كنتُ أبتدئ بالقراءة وقت المغرب، وأقطعها عند صلاة الفجر. وقبل أنْ أقرأ الثّالث عبر الشّيخ إلى الجانب الشّرقيّ مع القافلة، فمضيت إليه مع طائفة كانوا حضروا اللّيلتين الماضيتين، فقرأتُ عليه من ضَحْوَة نهارٍ إلى المغرب، ثمّ من المغرب إلى طُلُوع الفجر، ففرغ الكتاب، ورحل الشّيخ صبيحتئذٍ. وقال عبد الغافر: أبو عبد الرحمن الحبري المفسّر المقرئ الزّاهد. أحد أئمة المسلمين؛ كان من العلماء العالمين. له التّصانيف المشهورة في علوم، القرآن، والقراءات، والحديث، والوعظ رحل في طلب الحديث كثيرًا. وكان نفّاعًا للخلق، مفيدًا مباركًا في علمه وسماعه. أنبا عنه مسعود بن ناصر. قلت: ذكر ابن خَيْرُون وفاتَه في سنة ثلاثين. وله تفسير مشهور. رحمه الله. 336- إسماعيل بن عبد الله بن الحارث بن عمر2. أبو عليّ المصريّ، الأديب البزّاز.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 313، 314"، المنتظم 8/ 105"، سير أعلام النبلاء "17/ 539، 540"، شذرات الذهب "3/ 245". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 106".

دخل الأندلس تاجرًا في هذه السّنة وقد سافر إلى العراق وخُراسان، واليمن، ولقي أبا بكر الأبهري، وكان من أهل الدّين والفضل وُلِد بعد سنة خمسين وثلاثمائة. "حرف الحاء": 337- الحسن بن أحمد بن محمد1. الخطيب أبو عليّ البَلْخيّ. قدِم بغداد حاجًّا، فحدَّث عن: محمد بن أحمد بن شاذان البلْخيّ، وغيره. قال الخطيب أبو بكر كان ثقة. عاش ستًّا وتسعين سنة. 338- الحسن بن أحمد بن محمد بن عمر2. الشّيخ أبو محمد بن المسلِمة المعدّل. حدَّث عن: محمد بن المظفّر. قال الخطيب: صدوق. مات في صفر، رحمه الله. 339- الحسين بن شُعَيْب3. أبو عليّ المَرْوَزيّ السِّنْجِيّ، الفقيه الشّافعيّ. عالم أهل مَرْو في وقته. تفقّه بأبي بكر القفّال المروزي، وصحبه حتى برع. ورحل فسمع من: السّيّد أبي الحسن العلويّ، وأصحاب المَحَامليّ. وهو أوّل من جمع في المذهب بين طريقتي الخُراسانيّين والعراقيّين، وله وجه في المذهب. وتفقّه ببغداد على الشّيخ أبي حامد، رحمه الله. 340- الحسين بن محمد بن الحسن4. أبو عبد الله البغداديّ الخلّال المؤدِّب. سمع: أبا حفص الزيات، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 280"، المنتظم "8/ 100" المنتخب من السياق "181، 182". 2 تاريخ بغداد "7/ 280"، المنتظم "8/ 100". 3 الأنساب "7/ 165، 166"، سير أعلام النبلاء "17/ 526، 527"، الوافي بالوفيات "12/ 378". 4 تاريخ بغداد "8/ 108"، المنتظم "8/ 102"، سير أعلام النبلاء "17/ 597" البداية والنهاية "12/ 45".

ودخل إلى ما وراء النّهر. وسمع في طريقه بجُرجَان وهَمَذَان. وسمع "صحيح البخاري" بكشمير من إسماعيل صاحب الكُشَانيّ. ورواه ببغداد. قال الخطيب: كتبنا عنه ولا بأس به. هو أخو الحافظ أبي محمد الخلّال. روى عنه: أبو الفضل بن خَيْرُون. 341- الحسين بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ1. أَبُو عَبْد اللَّه الباساني. روى عن: أبي بكر الإسماعيلي، وأبي أحمد الغطريفي. وحدَّث بصحيح الإسماعيليّ. روى عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد، وأبو عبد الله محمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأبو العلاء صاعد بن سَيَّار، وإسماعيل بن حمزة بن فَضَالة، والهَرَويّون. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. "حرف الزاي": 342- زياد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن زياد بن أحمد بن زياد2. أبو عبد الله؛ قرطبي. روى عن: أبيه، وأبي محمد الباجيّ وأجاز له. روى عنه: أبو إسحاق بن شنْظِير مع تقدُّمه، وأبو عبد الله بن عَتّاب، وعاش خمسًا وثمانين سنة. ولم يكن له كبير عِلْم. - أبو زيد الدَّبُّوسيّ. هو عبد الله، يأتي. 343- زياد بن عبد العزيز بن أحمد بن زياد الْجِذاميّ3. أبو مروان الشّاعر. كان بارعًا في الآداب، بليغًا إخباريا. له تصانيف في فُنُون. عاش اثنتين وثمانين سنة وأشْهُرًا. وهو من أدباء الأندلس.

_ 1 المشتبه في أسماء الرجال "2/ 494". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 188". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 188".

"حرف السّين": 344- السّرِيّ بن إسماعيل بن الإمام أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي1. أبو العلاء الْجُرْجَانيّ. عالم عصره في الفقه والأدب. كان متواضعًا، محبًّا للعلماء والفقراء. رحل، وسمع بالرِّيّ، وهَمَذَان، والكوفة، وبغداد. وروى عن: جدّه أبي بكر، وأبي أحمد الغِطْريفيّ، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وأبي حفص بن شاهين. تُوُفّي في ذي الحجّة. وكان مفتي جُرْجَان بعد والده العلّامة أبي سعْد. تفقّه به جماعة، وتفرّد عن جدّه ببعض الكُتُب. واستكمل سبعين سنة. "حرف الطّاء": 345- طاهر بن محمد بن دُوَسْت بن حسن القُهُسْتانيّ2. تُوُفّي بنَيْسابور. "حرف الْعَيْنِ": 346- عبد الله بن ربيعة بن عمر3. أبو سهل الكِنْديّ البُسْتيّ. قدِم دمشق، وحدَّث بها. عن: أبي سليمان الخطّابيّ، وغيره. روى عنه: نجا بن أحمد، وعبد العزيز الكتّانيّ، ومحمد بن عليّ الفرّاء، وأبو القاسم بن أبي العلاء. سمعوا منه في هذه السّنة. 357- عبد الله بن عمر بن عيسى4.

_ 1 تاريخ جرجان "226"، سير أعلام النبلاء "17/ 520"، طبقات الشافعية الكبرى "4/ 381". 2 المنتخب من السياق "265". 3 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 389، 390". 4 الأنساب "5/ 273"، سير أعلام النبلاء "17/ 521"، البداية والنهاية "12/ 46، 47".

القاضي أبو زيد الدَّبُّوسيّ الفقيه الحنفيّ. ودبُّوسيّة بلدة صغيرة بين بُخَارَى وسَمَرْقَنْد. كان ممّن يُضْرَب به المَثَل في النَّظر واستخراج الحُجَج، وهو أوّل من وضع علم الخلاف وأبرَزَه إلى الوجود. صنَّف كتاب "الأسرار"، وكتاب "تقويم الأدِلّة"، وكتاب "الأمد الأقصى"، وغير ذلك. وكان شيخ تلك الدّيار. تُوُفّي ببُخَارَى رحمه الله. 348- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن بِشْرَان بن مِهْرَان1. مولى بني أُميّة. أبو القاسم البغداديّ الواعظ. مُسْنِد العراق في زمانه. سمع: أبا سهل بن زياد القطّان، وأبا بكر النّجّاد، وحمزة الدِّهْقان، وأحمد بن خُزَيْمَة، ودَعْلَج بن أحمد، وأبا بكر الشّافعيّ، وعبد الخالق بن أبي رُوبا، وأبا بكر الآجُرِّيّ، وعبد الله الفاكِهيّ، وعمر بن محمد الْجُمَحيّ المكينيّ. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة ثَبْتًا صالحًا. وُلِد في شوّال سنة تسعٍ وثلاثين. قلت: روى عنه: أبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وأبو الفضل بن خيرون، ومحمد بن سليمان بن لُوَيْن، وأبو بكر محمد بن أحمد بن الفقيرة، وأبو غالب محمد بن عبد العزيز. وإمام جامع الرَّصافة، ومحمد بن المنذر بن طيْبان، وأبو نصْر أحمد بن الحسن المُزَرِّر، وأبو الحسن عليّ بن أحمد بن الخَلّ، وأبو منصور محمد بن أحمد الخيّاط المقرئ، وأبو الخطّاب عليّ بن الجرّاح، وأبو سعْد الأسَديّ، وأبو غالب الباقِلّانيّ، وعليّ بن أحمد بن فَتْحان الشَّهْرُزُورِيّ، وعدّة. تُوُفّي في ربيع الآخر. قال الخطيب: وأوصى أن يُدْفَن بجنب أبي طالب المكّي. وكان الْجَمْع في جنازته يتجاوز الحَدّ ويفوق الإحصاء. 349- عبد الملك بن محمد بن إسماعيل2. أبو منصور الثَّعَالبيّ النَّيْسابوريّ، الأديب الشَّاعر، صاحب التَّصانيف الأدبية، منها: كتاب "المُبْهِج"، وكتاب "يتيمة الدّهر"، وكتاب "فقه اللُّغة"، وكتاب "ثمار

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 432، 433"، سير أعلام النبلاء "17/ 450-452"، البداية والنهاية "12/ 46". 2 وفيات الأعيان "3/ 178-180"، سير أعلام النبلاء "17/ 437، 438"، البداية والنهاية "12/ 44".

القلوب"، وكتاب "التّمثيل والمحاضرة"، وكتاب "غُرَر المَضَاحك"، وكتاب "الفرائد والقلائد"، وكُتُبه كثيرة جدًا، وكان يلقب بحاحظ أوانه. وفيه يقول يعقوب الشّاعر: سحرتَ النّاسَ في تأليف سحركْ ... فجاء قِلادةً في جَيد دهركْ وكم لك من مقالٍ في معانٍ ... شواهد عندنا بعُلوّ قدركْ وُقِيتَ نَوائبَ الدُّنيا جيمعًا ... فأنت اليوم جاحظ أهل عصركْ وقد سارت مصنَّفاته سَيْر المثلْ، وضُرِبت إليه آباط الإبل. ومن شِعْره في الأمير أبي الفضل الميكاليّ: لك في المَفَاخِرِ معجزاتٌ جمّةٌ ... أيْدًا لغَيرك في الورى لم تُجْمَع بحران: بحرٌ في البلاغة شأنهُ ... شِعر الوليد وحُسْنُ لَفْظ الأصمعيّ كالنُّور أو كالسِّحْرِ أو كالبدر أو ... كالّوَشّي في برد عليه مُوَسَّعِ شُكْرًا فكم من فقرةٍ لكم كالغني ... وافى الكريمَ بعيدَ فقرِ مدقعِ وإذا تفتّق نورُ شِعرك ناظرًا ... فالحُسْنُ بين مرصَّع ومصرعِ ولد سنة خمسين وثلاثمائة، وتُوُفّي على الصّحيح سنة ثلاثين، وقيل: تسعٍ وعشرين. 350- عُبَيْد الله بن منصور1. أبو القاسم البغداديّ المقرئ الغزّال. سمع أبا بكر القَطِيعيّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صالحًا ثقة خاشعًا. أُقْعَد في آخر عمره. وتُوُفّي في صفر. 351- عدنان بن محمد بن الحسين. أبو أحمد الهَرَويّ. روى عن: أبي الحسن الخيّاط، وغيره. روى عنه: أبو عبد الله العُمَيْريّ، والمليحي عبد الأعلى.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 383"، المنتظم "8/ 102".

352- عليّ بن إبراهيم بن سعيد1. أبو الحسن الحَوْفيّ المصريّ النَّحْويّ الأوحد. له تفسيرٌ جيّد، وكتاب "إعراب القرآن" في عشر مجلّدات، وكُتُب أخر. واشتغل عليه خلق من المصريين. أخذ عنه محمد بن عليّ الأُدْفُويّ. 353- علي بن أيوب بن الحسين القُمّيّ2. أبو الحسن بن الساربان الكاتب. روى عن المتنبيّ ديوانه بقوله. وعن: أبي سعيد السِّيرافيّ، وجماعة. قال الخطيب: قرأت عليه شعر المتنبي، وكان رافضيًا. "حرف القاف": 354- القاسم بن محمد بن القاسم بن حمّاد. أبو يَعْلَى القُرَشيّ الخطيب، الهَرَويّ. من علماء هَرَاة وأعيانها. 355- القاسم بن محمد بن إسماعيل3. أبو محمد القُرَشيّ المَروانيّ القُرْطُبيّ. روى عن: أبي بكر بن القُوطِيّة، وكان فصيحًا مفوَّهًا، أديبًا نبيلا. عاش ستًا وثمانين سنة. "حرف الميم": 356- مُحَمَّد بْن الحُسَين بْن محمد الخلف4. أبو حازم بن الفراء، البغدادي. سمع: أبا الحسن الدارقطني، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبا حفص بن شاهين، وأبا الحسن الحربي. وحدث بمصر، والشام. روى عنه: الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، وعلي بن المشرف التمار، وأبو الحسن علي بن الحسين الخلعي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 521، 522"، البداية والنهاية "12/ 47"، شذرات الذهب "3/ 247". 2 تاريخ بغداد "11/ 351". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 469". 4 تاريخ بغداد "2/ 252"، المنتظم "8/ 102، 103"، البداية والنهاية "12/ 26".

قال الخطيب: لا بأس به. ثمّ بَلَغَنَا أنّه خلّط بمصر، واشترى صُحُفًا فحدَّث منها. وكان يذهب إلى الاعتزال. وقال الحبّال: مات في المحرَّم. 357- محمد بن سليمان1. أبو عبد الله بن الحنّاط الرعيني. الأديب، شاعر من أهل الأندلس. كان يناوئ أبا عامر أحمد بن شهيد ويعارضه. وله في ابن شُهَيْد قصيدة، وهي: أمّا الفِراق فلي من يومِه فرقٌ ... وقد أرِقتُ له لو ينفعِ الأَرقُ أظْعانهم سابَقت عيني الّتي انْهَمَلَتْ ... أُمُّ الدّموعِ مع الأَظعان تَسْبِقُ عاق العقيقُ عن السُّلْوان واتّضَحَتْ ... في تُوْضح لي من نَهْج الهوى طرقُ لولا النّسيم الّذي تأتي الرّياحُ به ... إذا تضوّع مِن عرْف الحِمَى الأفق لم أدْرِ أنّ بيوتِ الحيّ نازلةٌ ... نَجْدًا ولا اعْتادَني نحو الحِمَى القلقُ ما في الهوادجِ إلّا الشمس طالعةً ... وما بقلبي إلّا الشَّوْق والحُرقُ 358- محمد بن العبّاس بن حسين2. أبو بكر البغداديّ القاصّ. فقيرٌ يقصُّ في الطُّرُقات. روى عن: أبي بكر القَطِيعيّ، ومحمد بن أحمد المفيد. روى عنه الخطيب. 359- محمد بن عبد الرزاق بن أبي الشيخ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جعْفَر بْن حيان. أبو الفتح الأصبهاني. سمع من جده. روى عنه: أبو علي الحداد، وغانم البرجي، وجماعة. 360- مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن أحمد3. أبو الوليد ابن المعلم الخشني القرطبي. روى عَنْ أَبِي بَكْر بْن الأحمر، وأبي محمد الباجي.

_ 1 جذوة المقتبس "57، 58". 2 تاريخ بغداد "3/ 123". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 521".

وكان إمامًا في فنون الأدب، وفكّ المعمّى، ونظْم الشِّعْر. ثاقب الذّهن، فحْل النَّظْم. لَهُ تصانيف فِي الأدب. روى عنه: ابن خزرج، وقال: عاش تسعًا وسبعين سنة. 361- محمد بن عليّ1. أبو بكر الدَّيْنَوَرِيّ الزّاهد. نزيل بغداد. كان عابدًا قانتًا، خشن العيش، منقبضًا عن النّاس. قال ابن النّجّار: كان أبو الحسن القَزْوينيّ الزّاهد يقول: عبرَ الدَّيْنَوَرِيّ قنطرةً خَلَّف مَن بعدَه وراءه. وروى شيخ الإسلام أبو الحسن الهكاريّ، عن أبي بكر الدَّيْنَوَرِيّ أربعين حديثًا لسَلْمان الفارسيّ. قلت موضوعةٌ هي. تُوُفّي لتسعٍ بقيت من شهر شَعبان، واجتمع الناس في جنازته من سائر أقطار بغداد. وكان كثير الدخول، فيما بَلغنا، على القادر بالله. 362- محمد بن عمر بن جعفر2. أبو بكر الخرقي. بغدادي معروف بابن درهم. سمع: أبا بكر بن خلاد النصيبي، والقطيعي، وابن سلم الختّليّ. روى عنه: الخطيب، وقال: كان صدوقًا. عاش سبعًا وثمانين سنة. 363- محمد بن عيسى3. أبو عبد الله الرُّعَيْنيّ. ابن صاحب الأحباس. روى بقُرْطُبة عن: أبي عيسى اللّيْثيّ، وأبي محمد الباجيّ، وهارون بن موسى النَّحْويّ. وكان نحويا لغويا. حدَّث عنه: ابنه الحافظ أبو بكر عيسى. 364- محمد بن عيسى4. أبو منصور الهمذاني. من كبار المشايخ، يقال: قتل في هذه السنة في شعبان، رواه الخطيب عن عيسى بن أحمد الهَمَذَانيّ. وسيأتي سنة إحدى وثلاثين.

_ 1 المنتظم "8/ 103"، البداية والنهاية "12/ 46". 2 تاريخ بغداد "3/ 38". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 521". 4 تاريخ بغداد "2/ 406".

365- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عليّ1. أبو بكر المُولْقَابَاذِيّ السُّورِينيّ النَّيْسابوريّ. وسُورِين: قرية على نصف فَرْسَخ من نَيْسابور. وهو ابن عمّ أبي حسّان المزكّيّ. سمع. أَبَوَيْ عَمْرو: ابن مطر وابن نُجَيْد. وتُوُفّي في رجب. 366- محمد بن المغلّس بن جعفر بن المغلّس. الفقيه أبو الحسن المصريّ الدّاوديّ. سمع: المحسن بن رشيق، وغيره. 367- المحسن بن أحمد. القاضي أبو نصر. مات بمَرْو في رمضان. 368- موسى بن عيسى2 بن أبي حاجّ واسمه يَحُجّ. الإمام أبو عمران الفاسيّ الدّار، الغُفْجُوميّ النَّسب، وغفجوم قبيلة من زاناتة. البربريّ، الفقيه المالكيّ، نزيل القيروان. وإليه انتهت بها رئاسة العلم. تفقّه على أبي الحسن القابسيّ، وهو أجلُّ أصحابه. ودخل إلى الأندلس، فتفقّه على أبي محمد الأَصِيليّ. وسمع من: عبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، وأحمد بن قاسم التّاهَرْتيّ. قال ابن عبد البَرّ: كان صاحبي عندهم، وأنا دلَلْتُه عليهم. قلت: وحجَّ حججًا. وأخذ القراءات عَرْضًا ببغداد عن أَبِي الْحَسَن الحمامي وغيره. وسمع من أَبِي الفتح بن أبي الفوارس. ودرس علم الأصول على القاضي أبي بكر الباقِلّانيّ. وكان ذَهابه إلى بغداد في سنة تسعِ وتسعين وثلاثمائة. قال حاتم بن محمد: كان أبو عمران الفاسيّ من أعلم النّاس وأحفظهم. جمع الفقه إلى الحديث ومعرفة معانيه. وكان يقرأ القراءات ويجوّدها مع معرفته بالرّجال، والجرح والتّعديل. أخذ عنه النّاسُ من أقطار المغرب. ولم ألقَ أحدًا أوسع منه علمًا ولا أكثر رواية.

_ 1 المنتخب من السياق "34، 35". 2 الإكمال لابن ماكولا "7/ 80، 81"، الصلة لابن بشكوال "2/ 611، 612"، سير أعلام النبلاء "17/ 545-548".

وقال ابن بَشْكُوال: أقرأ النّاسَ مدّة بالقَيْروان. ثمّ ترك الإقراء ودرّس الفقه وروى الحديث. وقال ابن عبد البَرّ: وُلدت مع أبي عمران في عام واحد سنة ثمانٍ وستّين وثلاثمائة وقال أبو عمْرو الدَّانيّ: تُوُفّي في ثالث عشر رمضان سنة ثلاثين. قلت: تخرَّج به خلْق من المغاربة في الفقه. وذكر القاضي عيّاض أنّه حدَّث في القيروان مسألة: الكُفّار هل يعرفون الله تعالى أم لا؟ فوقع فيها اختلاف العلماء، ووقعت في أَلْسِنة العامّة، وكثر المراء، واقتتلوا في الأسواق إلى أن ذهبوا إلى أبي عمران الفاسيّ فقال: إنْ أنْصَتُّم علّمتكم؟ قالوا: نعم، قال: لا يكلّمني إلّا رجلٌ ويسمع الباقون. فنصبوا واحدًا منهم فقال له: أرأيتَ لو لقيتَ رجلًا فقلت له: أتعرف أبا عِمران الفاسيّ؟ فقال: نعم. فَقُلْتُ: صفه لِي. فقال: هو بقّال بسوق كذا، ويسكن سَبْتَه. أكان يعرفني؟ قال: لا. فقال: لو لقيتَ آخر فسألته كما سألت الأوّل فقال: أعرفه يدرّس العلم ويُفْتي، ويسكن بغرب الشّماط. أكان يعرفني؟ قال: نعم. قال: كذلك الكافر، قال: لربِّه صاحبةٌ وولد، وأنّه جسمٌ لم يعرف الله، ولا وصَفَه بصفته، بخلاف المؤمن. قالوا: شَفَيْتَنَا. ودعوا له، ولم يخوضوا في المسألة بعدها. "حرف النّون": 369- نصر بن محمد. أبو منصور العُبَيْديّ الهَرَويّ. روى عن: المفتي أبي حامد أحمد بن محمد الشّارِكيّ. روى عنه: الحسين بن محمد الكُتُبيّ. وممّن كان في هذا الوقت: "حرف الألِف": 370- أَحْمَد بن الحسين بن عليّ التّرّاسيّ. أبو الحسن. حدَّث بالمراغة عن: أحمد بن الحسن بن ماجه القَزْوينيّ، وأحمد بن طاهر بن النَّجْم المَيَانِجِيّ، وغيرهما. روى عنه: أبو علّان سعْد بن حُمَيْد، وعليّ بن هبة الله التّرّاسيّ شيخا السِّلَفيّ.

371- أحمد بن الحسين بن محمد. المحدِّث الأمام أبو حاتم بن خاموش الرّازي البزّاز. من علماء السُّنَّة. يروي عَنْ: أَبِي عبد الله الحسين بْن عليّ القطّان، وأحمد بن محمد بن إبراهيم المَرْوَزِيّ الفقيه، والحسين بن محمد المهلبي، والحافظ ابن مَنْدَهْ، وخلْق. روى عنه: أبو منصور حجر بن المظفّر، وأبو بكر عبد الله بن الحسين التُّوَبيّ. بقي إلى حدود سنة ثلاثين، بل أربعين. وحكاية شيخ الإسلام الأنصاريّ معه مشهورة. وقوله: مَن لم يكن حنبليًّا فليس بمسلم. يريد في النِّحْلة. وذلك في ترجمة الأنصاريّ. وقع لنا حديثه في أربعين الطّائيّ. 372- أحمد بن إبراهيم بن أحمد. أبو الحسن الأصبهاني، الشّافعيّ، النّجّار. شيخ نبيل، ثقة، عالي الإسناد. عنده عن الطَّبْرانيّ. سكن نَيْسابور، وسمع من بِشر بن أحمد أيضًا. روى عنه: مسعود بن ناصر، وأحمد بن عبد الملك الإسكاف. 373- أحمد بن عليّ1. الحافظ أبو بكر الرّازيّ، ثمّ الإسْفرائينيّ الزّاهد. ثقة، حافظ، مفيد، كثير الحديث. أملى بجامع إسْفرايين. وحدَّث عن: زاهر السَّرْخَسِيّ، وشافع بن محمد بن أبي عَوَانَة، وأبي محمد المَخْلَديّ، وأبي الفضل محمد بن أحمد الخطيب المَرْوَزِيّ، وأبي بكر محمد بن أحمد بن الغِطْرِيف، وطائفة. وكان يخرّج للشّيوخ. ومات كَهْلًا. روى عنه: أبو صالح المؤذن. زمر سميه سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. 274- أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن يزداد. أبو منصور الصَّيْرِفيّ. عن: أبي الشّيخ. وعنه: أبو عليّ الحدّاد، والوخْشيّ. 375- إسماعيل بن أبي أحمد الحسين بن عليّ بن محمد. أبو المظفّر بن حُسَيْنَك التّميميّ النَّيْسابوريّ. وُلِد سنة سبع وخمسين وثلاثمائة. وسمع من: أبيه، وبِشْر بن أحمد، وأبي الحسن محمد بن إسماعيل السّرّاج، وأبي عَمْرو بن نجيد. روى عنه: أولاد القشيري.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 1087"، سير أعلام النبلاء "17/ 522"، الأعلام "1/ 171".

"حرف الثّاء": 376- ثابت بن يوسف بن إبراهيم1. أبو الفضل القُرَشيّ السَّهْميّ. أخو الحافظ حمزة الجرجاني. شيخ نبيل. حدَّث نيسابور في سنة إحدى وعشرين، وردّ إلى جُرجان. روى عنه: أبي بكر الإسماعيليّ، وأبي الحسن عليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ، وأبي العبّاس الهاشميّ. وحدث بالكثير. "حرف الخاء": 377- خَلَف بن أبي القاسم2. العلّامة أبو سعيد الأزْديّ القَيْروانيّ المغربيّ، المشهور بالبَرَاذِعيّ. قال القاضي عيّاض: كان من كبار أصحاب ابن أبي زيد، وأبي الحسن القابسيّ. ألّف كتاب "التّهذيب في اختصار المدوَّنة"، فظهرت بَرَكة هذا الكتاب على الفُقهاء، وعليه المعوَّل في المغرب. وله تصانيف جمّة. سكن صِقِلّية وتقدَّم عند صاحبها، واشتهرت كُتُبه بِصِقِلّية. وكان يَصْحَبُ السّلاطين. ويقال لحِقه دُعاء شيخه أبي محمد بن أبي زيد؛ لأنّه كان ينتقصه، ويطلب مَثَالبَه، فدَعَا عَلَيْهِ، فَلَفَظَتْه القيروان. وله اختصار "الواضحة" لابن حبيب، رحمه الله. 378- خَلَف بن أحمد بن خَلَف3. أبو بكر الأنصاريّ الرحوي. من أهل طُلَيْطُلة. رحل إلى المشرق، وأخذ عن: أبي محمد بن أبي زيد. وكان إمامًا ورعًا، دعي إلى قضاء طليطلة فامتنع، وهرب. وله حظ وافر من الصلاة والصيام. حدَّث عنه: حاتم بن محمد الطرابلسي، وأبو الوليد الباجي، وجماعة.

_ 1 تاريخ جرجان "173". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 523" تهذيب تاريخ دمشق "170"، الأعلام "2/ 359، 360". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 168".

"حرف الراء": 379- رافع بن محمد بن رافع بن القاسم بن أيوب. أبو العلاء، قاضي همذان. روى عن: إبراهيم بن محمد بن يعقوب، ومحمد بن أحمد بن جعفر الفامي، وابن برزة، وإسحاق بن سعد النسوي، وجماعة. قال شيرويه: ثنا عنه: عَبْدُوس، ومحمد بن الحسين الصُّوفيّ، وأحمد بن عمر البزّاز، ومهديّ بن نصر. وهو صدوق، من أصحاب الرّأي. 380- الرّشيقيّ. هو عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف أبو أحمد الشّيرازيّ1. محدِّث فاضل. رحل إلى خُراسان، وبُخَارى. وسمع الكثير. سمع بفارس من القاضي أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلّاد الرَّامَهُرْمُزِيّ، وببُخَارى من إسماعيل بن حاجب الكُشَانيّ. رَوَى عَنْهُ: الحافظ عَبْد الغني النَّخْشَبيّ، ومحمد بن إبراهيم بن فارس. تُوُفّي بعد العشرين. "حرف الشّين": 381- شريك بن عبد الملك بن حسن2. أبو سعْد المِهْرجانيّ الإسْفَرائينيّ. روى عن: بِشْر بن أحمد الإسْفَرائينيّ، وغيره. روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ. 382- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن فَضَالَة3. أبو عليّ النَّيْسابوريّ الحافظ. نزيل الرِّيّ ومحدَّثها. كتب الكثير، وطوّف وجمع، وحدَّث عن: أبي أحمد الغِطْريفيّ، وأبي بكر بن المقري، وطبقتهما. روى عنه: أبو مسعود البَجَليّ، وأبو بكر الخطيب، وغيرهما. ذكره أبو الحسن الرّيحيّ في تاريخه فقال: رحل إلى العراق، وخُرَاسان، وما وراء النّهر، وإصبهان. إلّا أنّه كان يخالط المعتزلة ويغلو في التشيع.

_ 1 الأنساب "6/ 128، 129". 2 البعث والنشور للبيهقي "213". 3 ميزان الاعتدال "2/ 587"، المغني في الضعفاء "2/ 386"، لسان الميزان "3/ 433".

383- عليّ بن إبراهيم بن أحمد بن حَمُّوَيْه1. أبو الحسن الأزْديّ الشّيرازيّ، ثمّ المصريّ. سمع: الحسن بن رشيق، وأبا الطّاهر الذُّهْليّ، وأبا يعقوب النَّجِيرميّ، وأبا القاسم الْجَوْهَريّ، وأبا أحمد السّامرّيّ، وأبا بكر أحمد بن نَصْر الشَّذَائيّ، وأبا بكر محمد بن علي الأُدْفُويّ. وأجاز له الفقيه أبو إسحاق بن شَعبان وهو ابن خمسة أعوام، وحجّ مع والده. ودخل إلى بغداد سنة سبْعٍ وستّين فلقي علماءها. ودخل البصرة. ترجمَه ابن خزرج وقال: كان من أهل الثّقة والفضْل والسُّنَّة. وُلِد بمصر سنة سبْعٍ وأربعين. وقال غيره: وُلِد سنة خمسين وثلاثمائة. روى عنه: أبو عَمْرو المَرْشَانيّ، وأبو عمر بن عبد البَرّ. وتُوُفّي بإشبيليّة بعد سنة ستٍّ وعشرين. 384- عليّ بن القاسم بن محمد. الإمام أبو الحسن البصْريّ، الطّابِثيّ، المالكيّ. وطابِث: من قرى البصرة. أخذ عن ابن الجلّاب، وعبد الله الضّرير. نزل مصر، وحمل عنه الفقهاء. 385- علي بن إبراهيم بن حامد. أبو القاسم الهمذاني البزاز. يعرف بابن جولاه. روى عن: أبي القاسم بن عُبَيْد، والزُّبَيْر بن عبد الواحد، وابن أبي زكريّا، وغيرهم. قال شيرويه: توفي سنة نيف وعشرين. وثنا عنه: محمد بن الحسين، وأحمد بن طاهر القُومَسَانيّ، وسعْد القَصْريّ. وروى عنه: ابن عزو بنهاوند، وسليمان بن إبراهيم الحافظ. وكان صدوقًا، رحمه الله. "حرف الفاء": 386- الفضل بن سهل2. أبو العبّاس المَرْوَزِيّ الصّفّار. حدَّث بدمشق عن: لاحق بن الحسين، ومنصور بن

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 430". 2 مختصر تاريخ دمشق "20/ 277".

محمد الحاكم، وجماعة. وعنه: الكتّانيّ، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو الحسن بن أبي الحديد، وابنه الحسن بن أبي الحديد. "حرف الميم": 387- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بن محمد1. القاضي أبو بكر الفارسيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ المشّاط. سمع: أبا عَمْرو بن مطر، ومحمد بن الحسن السّرّاج، وإبراهيم بن عبد الله، وجماعة. روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ، وعليّ بن أحمد المؤذّن، وعلي بن عبد الله بن أبي صادق، وأبو صالح المؤذّن. واسْتُشْهِد بإسْفَرايين على أيدي التُّركُمان، قتلوه، رحمه الله، ظُلمًا سنة ثمانٍ وعشرين. 388- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بن الحسن. أبو الحسين الأصبهاني الكِسائيّ المقرئ. سمع: أبا الشّيخ، وغيره. وعنه: أبو سعْد محمد المطّرز. 389- محمد بن أحمد بن عمر2. أبو عمر الأصفهانيّ الخِرَقيّ المقرئ شيخ معمّر: قرأ بالرّوايات على محمد بن أحمد بن عبد الوهّاب السُّلَميّ، وهو آخر أصحابه موتًا. قرأ عليه، وقرأ على خاله محمد بن جعفر الأشْنانيّ. قرأ عليه: محمد بن عبد الله بن المَرْزُبان، ومحمد بن محمد بن عبد الوهّاب، وأبو الفتح الحدّاد الأصبهانيون. 390- محمد بن الحسن بن يوسف. أبو عبد الله الصَّنَعانيّ. روى بمكّة عن: أبي عبد الله النَّقَويّ صاحب إسحاق الدَّبَريّ. روى عنه: عيسى بن أبي ذَرّ، وسماعُه منه بعد العشرين وأربعمائة. 391- محمد بن الحسن بن الهيثم3.

_ 1 تقدم برقم "276". 2 غاية النهاية "2/ 77، 78". 3 تاريخ مختصر الدول "182، 183"، كشف الظنون "1389"، الأعلام "6/ 314".

أبو عليّ الفيلسوف. صاحبُ المصنَّفات الكثيرة في علوم الأوائل لا رحمهم الله. أصله بصْريّ، سكن الدّيار المصريّة إلى أن مات في حدود الثلاثين وأربعمائة. كان من أذكياء بني آدم، عديم النَّظير في عصره في العلم الرّياضيّ، وكان متزهِّدًا زهذ الفلاسفة. لخّص كثيرًا من كُتُب جالينوس، وكثيرًا من كُتُب أَرِسْطُو طاليس. وكان رأسًا في أُصول الطِّبّ وكُلِّيّاته. وكان قد وَزَرَ في أوّل أمره، ثمّ تزهّد وأظهر الجنون، وانْمَلَس إلى ديار مصر. وكان مليح الخطّ فنسخ في بعض السّنة ما يكفيه لعامه من إقليدس والمَجِسّطيّ. وكان مقيمًا بالجامع الأزهر. وكان على اعتقاد الأوائل، صرّح بذلك نسأل الله العافية. وقد سَرَدَ ابنُ أبي أُصَيْبَعَة مصنّفات هذا في نحو من كرّاس، وأكثرها في الرّياضيّ والهندسة، وباقيها في الإلهي، وعامّتها مقالاتٌ صِغَار. 392- مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن مَسْعُود بْن أحمد1. الإمام أبو عبد الله المسْعوديّ المَرْوَزِيّ الشّافعيّ. صاحب أبي بكر القفّال المَرْوَزِيّ. إمام مبرّز، وزاهد ورع. صنَّف "شرح مختصر المُزَنيّ"، فأحسن فيه. له ذكر في "الوسيط"، وفي "الرّوضة النّواوِيّة". تُوُفّي سنة نَيِّفٍ وعشرين. 393- محمد بن أبي عمرو ومحمد بن يحيى2. المحدِّث أبو عبد الله النَّيْسابوريّ. حدَّث ببغداد عن: أبي محمد المَخْلَديّ، وأبي بكر الْجَوزقيّ. روى عنه: الخطيب. 394- أبو الرّيْحان محمد بن أحمد البيرُونيّ3. وبيرُون: من بلاد السِّنْد. من أعيان الفلاسفة، وكان معاصرًا للشيخ الرّئيس ابن سينا، فاضلًا في الهيئة والنّجوم، خبيرًا بالطّبّ. صنّف كتاب "الجماهر في الجواهر"، وكتاب "الصَّيْدلة" في الطّبّ، وكتاب "مقاليد الهيئة"، وكتاب "تسطيح الهيئة" مقالة

_ 1 الأنساب "11/ 308"، الوافي بالوفيات "3/ 321"، معجم المؤلفين "10/ 224". 2 تاريخ بغداد "3/ 232، 233". 3 معجم الأدباء "17/ 80-190"، أعيان الشيعة "43/ 232-244"، معجم المؤلفين "8/ 241، 242".

في استعمال الأصْطِرْلاب الكُرِيّ، كتاب "الزّيج المسعوديّ"، صنّفه للملك مسعود بن السّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين، وتصانيف أُخَر ذكرها ابن أبي أُصَيْبَعَة في تاريخه. وينقل من كلامه صاحب حماة الملك المؤيّد. "حرف النّون": 395- نعيْم بن حمّاد بن محمد بن عيسى بن الحسن بن نُعَيْم بن حمّاد بن معاوية بن الحارث1. أبو عبد الله الخُزَاعِيّ. قال الخطيب: قدِم علينا من الدّينَوَر، وثنا عن أصحاب ابن أبي حاتم. "حرف الياء": 396- يحيى بْن عليّ بْن محمد بن الطّيّب. أبو طالب الدَّسْكَريّ الصُّوفيّ. نزيل حُلْوان. سمع بجُرْجَان من: أبي أحمد الغِطْريفيّ، وعليّ بن الحسن بن الأسْتِراباذيّ، وأبا نصر بن الإسماعيليّ، وغيرهم. روى عنه: أبو مسعود البَجَليّ، وعبد الكريم بن محمد الشّيرازيّ. 397- يوسف بن حَمُّود بن خَلَف2. أبو الحَجّاج الصَّدَفيّ القاضي المالكيّ. من أعيان مالكيّة المغرب. كان خيرًا، وصالحًا، زاهدًا، وفقيهًا، أديبًا شاعرًا. ولي قضاء سَبْتَة بعد قتْل القاضي بن زوبع، ولاّه المستعين. أخذ عن: أبي محمد الأصِيليّ، وأبي بكر الزُّبَيْديّ. روى عنه: ابنه حَمُّود، وابن أخيه إبراهيم بن الفضل، وقاسم بن عليّ، وأبو محمد المَسيليّ، وغيرهم. قال القاضي عياض: تُوُفّي في حدود الثلاثين وأربعمائة. انتهت الطبقة لله الحمد.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 314". 2 تقدم برقم "285".

الطبقة الرابعة والأربعون

بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الرابعة والأربعون: أحداث سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة: شغب الأتراك: فيها شَغَبَ الأتراكُ، وخرجوا بالخِيَم، وتَشَكَّوا من تأخُّر النَّفَقات ووقوع الاستيلاء على إقطاعهم. فعرفَ السُّلطان، فكاتبَ دُبيس بن عليّ بن مَزْيَد. وأبا الفتح بن ورّام، وأبا الفوارس بن سعْدى في الاستظهار بهم، وكتبَ إلى الأتراك رقعة يلومهم. وحاصل الأمر أن النّاس ماجوا وانزعجوا، ووقع النهب وغلت الأسعار وزاد الخوفُ، حتى أنّ الخطيبَ يوم الجمعة صلّى صلاة الجمعة بجامع براثا وليس وراءه إلّا ثلاثة أنفُس بدِرْهم خفارة1. زيارة جلال الدّولة المَشَاهد: وخرج الملك جلال الدّولة لزيارة المشهدين بالحيْر والكوفة، ومعه أولاده والوزير كمال المُلْك، وجماعة من الأتراك فبدأ بالحائر، ومشي حافيا من العلميّ. ثمّ زار مشهد الكوفة فمشي حافيا مَن الخندق، وقدْر ذلك فَرْسخ.

_ 1 المنتظم "8/ 104، 105"، الكامل في التاريخ "9/ 471"، البداية والنهاية "12/ 47".

أحداث سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة

أحداث سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة: استيلاء الغُزُّ والسّلاجقة على خُراسان: فيها نزلت الغُزُّ الرّيّ، وانصرف مسعود إلى غَزْنَة. وعاد طغرلبك إلى نَيْسابور. واستولتِ الغُزُّ والسّلجوقيّة على جميع خُراسان، وظهر من خَرْقهم الهيبة واطِّراحهم الحشْمة وقتْلهم النّاس ما جاوز الحدّ. وقصدوا خلْقًا كثيرًا من الكُتّاب فقتلوا منهم وصادروا وبدعوا1.

_ 1 المنتظم "8/ 107"، العبر "3/ 176"، دول الإسلام "1/ 256".

الفتنة بين السُّنّة والشِّيعة: وتجدّدت الفِتَنُ. ووقع القتال بين أهل الكَرْخ والسُّنّة، واستمرّ ذلك. وقُتِل جماعة. وسببُ ذلك انخراق الهيبة وقلة الأعوان.

أحداث سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة

أحداث سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة: دفْع الغُزُّ عن همذان: فيها دخل الملك أبو كاليجار ودفَعَ الغُزَّ عن هَمَذَان. شغب الأتراك وإفسادهم: وفيها شغبت الأتراك وتبسّطوا في أخذ ثياب النّاس، وخطف عمائمهم. وأفسدوا إلى أن وعدوا بإطلاق أرزاقهم1. التعريف بالبلغر: قدم رجلٌ من البَلْغَر مِن أعيان قومه، ومعه خمسون نفسًا قاصدًا للحجّ، فأُهْدِي له شيءٌ من دار الخلافة، وكان معه رجل يقال له القاضي عليّ بن إسحاق الخوارزميّ، فَسُئل عن البَلْغَر من أيّ الأمم هم؟ قال: قوم تولّدوا بين الأتراك والصَّقَالبة، وبلادهم من أقصى بلاد التُّرْك. وكانوا كُفَّارًا، ثمّ ظهر فيهم الإسلام. وهم على مذهب أبي حنيفة. ولهم عُيُونٌ وأنهارٌ، ويزرعون على المطر. وحكى أنّ اللّيل يَقْصُر عندهم حتّى يكون ستّ ساعات، وكذلك النّهار2. موت علاء الدّولة بن كاكويه: وفيها مات علاء الدّولة أبو جعفر بن كاكويه متولي أصبهان.

_ 1 المنتظم "8/ 108"، البداية والنهاية "12/ 49". 2 المنتظم "8/ 108، 109"، البداية والنهاية "12/ 49".

الدعوة لأبي كاليجار في بلاد ابن كاكويه: وولي بعده ابنه أبو منصور، فأقام الدّعوة والسّكّة للملك أَبِي كاليجار في جميع بلاد ابن كَاكوَيْه. نيابة ناصر الدّولة دمشق: وفيها ولي نيابة دمشق للمستنصر الأمير ناصر الدّولة الْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الله بْن حمدان، فحكم بها سبع سِنين. قراءة الاعتقاد القادريّ: وفيها قُرئ الاعتقاد القادريّ بالدّيوان. أخرجه القائم بأمر الله، فقُرئ وحضَره العلماء والزُّهّاد. وحضر أبو الحسن عليّ بن عمر القزوينيّ الزّاهد، وكتب بخطّه قبْل الفُقهاء: هذا اعتقادُ المسلمين، ومَن خالفه فقد خالف وفَسَقَ وكَفَرَ. وهو: يجب على الإنسان أن يعلم أنّ الله وحده لا شريك له. وفيه: كان ربُّنا ولا شيء معه ولا مكان يَحْويه، فَخَلَقَ كلَّ شيءٍ بقدْرته، وخلق العرش لا لحاجةٍ إليه، واستوى عليه كيف شاء وأراد، لا استواءَ راحةٍ كما يستريح الخلْق. ولا مدبّر غيره، والخلْق كلهم عاجزون، الملائكة والنّبيّون. وهو القادر بقُدْرةٍ، العالم بعلْمٍ. وهو السّميع البصير، متكلَّم كلامٍ لا بآلةٍ كآلة المخلوقين. لا يوصف إلّا بما وصفَ به نفسَه أو وصفَه به نبيُّه. وكلّ صفةٍ وصفَ بها نفسه أو وصف بها نبيّه فهي صفةٌ حقيقيّة لا صفة مجاز. ونعلم أنّ كلام الله غير مخلوق، تكلم به تكليمًا، وأنزله على رسوله على لسان جبريل، فتلاه على محمد -صلى الله عليه وسلم، وتلاه محمد على أصحابه. ولم يَصِرْ بتلاوة المخلوقين له مخلوقًا؛ لأنّه ذاك الكلام بعينه الّذي تكلَّم الله به، فهو غير مخلوق بكلّ حال مَتْلُوًّا ومحفوظًا ومكتوبًا ومسموعًا، ومَن قال إنّه مخلوق على حال من الأحوال فهو كافر حلال الدّم بعد الاستتابة منه. ونعلم أنّ الإيمان قول وعمل ونيّة، يزيد وينقص. ويجب أن نحبّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإنّ خيرهم وأفضلهم بعد رسول الله أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عليّ. ومن سبّ عائشة فلا حظّ له في الإسلام، ولا نقول في معاوية إلّا خيرًا. ولا ندخل في شيءٍ شَجَرَ بينهم. إلى أن قال: ولا نكفّر بترك شيءٍ من الفرائض غير الصّلاة. فإنّ مَن تركها من

غير عُذْرٍ وهو صحيح فارغ حتّى يخرج وقت الأخرى فهو كافر وإن لم يَجْحَدَها، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ" 1 ولا يزال كافرًا حتّى يندم ويُعيدها، وإن مات قبل أن يندم ويعيد أو يُضْمِر أن يعيد، لم يُصَلَّ عليه، وحُشِرَ مع فِرْعون، وهامان، وقارون، وأُبَيّ بن خَلَف. وسائر الأعمال لا تُكَفّر بتركها وإنْ كان يفسق حتّى يجحدها. ثمّ قال: هذا قول أهل السُّنّة والجماعة الّذي مَن تمسَّك به كان على الحقِّ المبين، وعلى منهاج الدّين2. في كلامٍ سوى هذا، وفي ذلك كما ترى بعض ما يُنْكَر، وليس من السُّنّة. والله الموفق.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "82"، وأبو داود "4678"، والترمذي "2619"، وابن ماجه "1078"، وأحمد في المسند "3/ 389"، والدارمي في سننه "1233".

أحداث سنة أربع وثلاثين وأربعمائة

أحداث سنة أربع وثلاثين وأربعمائة: الخلاف بين الخليفة والملك جلال الدولة: في المحرَّم انفتحت الجوالي بأمر الخليفة، فأنفذ الملك جلال الدّولة مَن منع أصحاب الخليفة وأخذ ما استُخرج منها. وأقام من يتولّى جِبايتها. فشقّ ذلك على الخليفة، وتردّدت منه مراسلات، فلم تنفع. فأظهر العزم على مفارقة البلد، وأمر بإصلاح الطّيّار والزَّبازب، وروسل وجوهُ الأطراف والقضاة والأعيان بالتّأهُّب للخروج في الصُّحْبة، وتكلَّم بأنّه عاملٌ على غلْق الجوامع. ومنع من الجمعة في سابع المحرّم. وكاتب جلال الدّولة، فجاء كتابه: إنّه يرى الطّاعة، وإنّه نائبٌ عن الخدمة نيابةً لا تنتظم إلّا بإطلاق العساكر. وقد التجأ جماعة من خدمتنا إلى الحريم، ونحن معذورون للحاجة1. الزلزلة بتبريز: وجاء كتاب أبي جعفر العلويّ النّقيب بالموصل، فيه: وردت الأخبار الصّحيحة بوقوع زلزلةٍ عظيمة بتِبْرِيز هدمت قلعتَها وسورَها ودُورَها وحمّامَاتِها وأكثر دار

_ 1 المنتظم "8/ 113، 114"، الكامل في التاريخ "9/ 511"، البداية والنهاية "12/ 50".

الإمارة. وسَلِم الأمير لكَوْنِه في بستانه، وسَلِم جُنْدُهُ لأنّه كان أنفذهم إلى أخيه، وأنّه أحْصى مَن هلك تحت الهدْم، فكانوا نحوًا من خمسين ألفًا، ولبس الأمير السّواد وجلس على المُسُوح لعِظَم هذا المُصاب. وإنّه على الصُّعود إلى بعض حصونه خوفًا مِن توجّه الغزّ إليه، والغُزّ هم التُّرْك1. محاربة المصريين صاحب حلب: وفيها نفّذ المصريون مَن حارَب ثمال بن مرداس صاحب حلب.

_ 1 المنتظم "8/ 114"، الكامل في التاريخ "9/ 513"، البداية والنهاية "12/ 50".

أحداث سنة خمس وثلاثين وأربعمائة

أحداث سنة خمس وثلاثين وأربعمائة: خروج طغرلبك إلى الجبل ومكاتبته جلال الدّولة: فيها رُدّت الجوالي إلى وُكلاء الخدمة. وسار طغرلبك إلى الجبل. ووَرَدَ كتابُهُ إلى جلال الدّولة من الرّيّ، وكان أصحابه قد أخربوها، ولم يبق منها غير ثلاثة آلاف نفْس، وسُدّت أبواب مساجدها. وخاطب طغرلبك جلال الدّولة في المكاتبة بالملك الجليل، وخاطب عميد الدّولة بالشّيخ الرّئيس أبي طالب محمد بن أيّوب من طغرلبك محمد بن ميكائيل مولى أمير المؤمنين. فخرج التّوقيع إلى أقضى القُضاة الماورديّ، ورُوسل به طغرلبك برسالة تتضمّن تقبيح ما صنع في البلاد، وأمرَه بالإحسان إلى الرّعيّة. فمضى المارودي، وخرج طغرلبك يتلقّاه على أربع فراسخ إجلالًا له ولرسالة الخلافة. موت جلال الدّولة: وأُرْجِف بموت جلال الدّولة لِوَرَمٍ لحِقَهُ في كبِده، وانزعج النّاسُ، ونقلوا أموالهم إلى دار الخلافة. ثمّ خرجَ فرآه النّاسُ فسكنوا، ثمّ تُوُفّي وغُلّقت الأبواب، ونظر أولاده من الرَّوشن إلى الإصفهسِلّاريّة والأتراك، وقالوا: أنتم أصحابنا ومشايخ دولتنا وفي مقام والدنا، فارعَوا حقوقَنا، وصونوا حريمنا. فبكوا وقبَّلوا الآرض. وكان ابنه

الملك العزيز بواسط، فكتبوا إليه بالتَّعزِية1. دخول الغُزِّ الموصل: وفيها دخلت الغُزّ الموصل، فأخذوا حُرَم قرواش بن المقلّد، ودُبَيْس بن عليّ عَلَى الإيقاع بالغُزّ، فقَتَلت منهم مقتلة عظيمة. الخطبة لأبي كاليجار: وفيها خُطب ببغداد للملك أبي كاليجار بعد موت جلال الدّولة. ترجمة جلال الدولة: وكان مولد جلال الدّولة في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة. وكان يزور الصّالحين، ويقصد القزوينيّ، والدّينَوَريّ. مات من وَرَمٍ في كبِده في خامس شَعبان، وغسّله أبو القاسم بن شاهين الواعظ، وعبد القادر بن السّمّاك ودُفِنَ بدار المملكة. ووُلي بغداد سبع عشر سنة إلّا شهرًا. وخلّف ستّة بنين وخمس عشرة أنثى. وعاش اثنتين وخمسين سنة. وكانت دولته في غاية الوهن.

_ 1 المنتظم "8/ 117"، الكامل في التاريخ "19/ 516"، العبر"3/ 182".

أحداث سنة ست وثلاثين وأربعمائة

أحداث سنة ست وثلاثين وأربعمائة: دفن جلال الدّولة بمقابر قريش: فيها نُقِل تابوت جلال الدّولة إلى تُرْبتهم بمقابر قريش. الوزارة ببغداد: ودخل الملك أبو كاليجار بغداد، وصرف أبا المعالي بن عبد الرّحيم عن الوزارة موقَّرًا، ووُلِّي أبو الفرج محمد بن جعفر بن العبّاس. وفاة المرتضى: وتُوُفّي المُرْتَضَى، وقُلِّد مكانه ابن أخيه أبو أحمد عدنان بن الشّريف الرَّضِيّ.

وفاة الجرجرائي ووزارة أبي نصر: وتُوُفّي بمصر الوزير الْجَرْجَرائيّ، فَوَزَرَ أبو نصر أحمد بن يوسف الّذي أسلم. ضرب الطّبل عند أوقات الصّلاة: وضَرَب أبو كاليجار الطَّبْل في أوقات الصَّلوات الخَمْس، ولم تكن المُلُوك يُضْرب لها الطبل في بغداد إلى أيّام عضُد الدّولة فأُكرِم بأن ضرب له ثلاث مرّات. فأحدَث أبو كاليجار ضرب الطَّبْل في أوقات الصّلوات الخَمْس1. ولاية ابن المسلمة الكتابة للقائم: فيها ولي رئيس الرّؤساء أبو القاسم عليّ بن المسلمة كتابة القائم بأمر الله، وكان ذا منزلةٍ عالية منه. ولادة نزار بن المستنصر العُبيديّ: وفيها وُلِد نزار بن المستنصر العُبيديّ المصريّ الّذي قتله الأفضل ابن أمير الجيوش. والله أعلم.

_ 1 المنتظم "8/ 119"، العبر "3/ 185"، البداية والنهاية "12/ 52".

أحداث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة

أحداث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة: الفتنة بين أهل الكرخ وباب البصرة: فيها حَدَثت فتنةٌ بين أهل الكرخ وباب البصرة، وأخذ منها جماعة من الفريقين. إحراق كنيس اليهود: ونفَر العامّة على اليهود وأحرقوا كنيسة العتيقة، ونهبوا دُور اليهود. الوباء بالخَيْل: ووقع الوباء بالخيل، فهلك من معسكر أبي كاليجار اثنا عشر ألف فَرَس، وامتلأت حافّات دجلة من جيَف الخيْل.

موت العلاء النصراني وسلْب أكفانه: ومات العلاء بن أبي الحسين النَّصْرانيّ بواسط، فجلس أقاربه في مسجدٍ عند بيته للعزاء، وأُخْرج تابُوتُه نهارًا، ومعه جماعة من الأتراك، فثار العوامّ وسلبوا الميّت من أكفانه وأحرقوه، ومضوا إلى الدّير فنهبوه. وعجز الأتراك عنهم وذُلّوا، أذلّهم الله.

أحداث سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة

أحداث سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة: حبْس صاحب الشّرطة وتغريمه الدّيات: فيها كلّم ذو السّعادات أبو الفَرَج لرئيس الرّؤساء أبي القاسم في أبي محمد بن النَّسَويّ صاحب الشُّرطة، وكان معزولًا، فقال: هذا رجلٌ قد ركب العظائم، ولا سبيل إلى الإبقاء عليه، فتقدَّم الخليفة بحبْسه. ورُفع عليه بأنّه كان يتتبَّع الغُرباء من التُّجّار ويقبض عليهم ليلًا، ويأخذ أموالهم ويقتلهم، ويُلْقِيهم في حفائر، فَحُفِرت فوُجِد فيها رِمَم الموتى، فثار العَوَامّ ونشروا المَصَاحف، وآل الأمر إلى أن حمَل خمسة آلاف وخمسمائة دينار عن دِيات ثلاثة قتلهم، فقَبَض ذلك صيرفيُّ السّلطان، وصرَفه في أفساط الْجُنْد1. حصار طغرلبك إصبهان: وفيها حاصر طغرلبك إصبهان، وضيّق على أميرها قرامرز بن علاء الدّولة، ثمّ هادنه على مالٍ يُحمل إليه، وأن يُخطب له بأصبهان2. مراسلة أهل التّبت لأرسلان خان: وفيها خرج من بلاد التُّبَّت، وهي من إقليم الصّين، خلائق عظيمة، وراسلوا أرسلان خان ملك بلاشاغون يُثْنُون على سيرته، فراسلهم يدعوهم إلى الإسلام، فلم يُجِيبوا ولم ينفروا منه.

_ 1 المنتظم "8/ 129، 130". 2 الإنباء في تاريخ الخلفاء "188"، الكامل في التاريخ "9/ 534"، دول الإسلام "1/ 258".

أحداث سنة تسع وثلاثين وأربعمائة

أحداث سنة تسع وثلاثين وأربعمائة: غدر الأكراد بسرخاب: فيها غدر الأكراد بسُرْخَاب بن محمد بن عنّاز وحملوه إلى إبراهيم ينال، فقلعَ عينيه. الظَّفْر بأصفر التّغلبيّ: وفيها ظفروا بأصفر التّغلبيّ الّذي خرج برأس عَيْن وتَبِعَه خلْق، وكان قد أوغل في بلاد الرّوم، فسُلِّم إلى ابن مروان فَسَدَّ عليه برجًا من أبراج آمد. القحط بالموصل: وكان القحط بالموصل حتّى أكلوا الميتة، وصُلِّيَ يَوْمَ الجمعة بها على أربعمائة جنازة، وعُدَّ مَن هلكَ يومئذٍ من أهل الذّمّة، فكانوا مائة وعشرين نفْسًا1. القبض على الوزير ذي السّعادات: وفيها قبض عَلَى الوزير ذي السعادات أبي الفرج محمد بن جعفر. الوباء والقحط ببغداد: وكثُر الوباءُ ببغداد أيضًا، والقحط.

_ 1 المنتظم "8/ 132"، الكامل في التاريخ "9/ 541، 542"، البداية والنهاية "12/ 56".

أحداث سنة تسع وثلاثين وأربعمائة

أحداث سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ... أحداث سنة أربعين وأربعمائة: قتال أهل الكرخ وباب البصرة: فيها هاج القتال بين أهل الكرخ وباب البصرة. موت الملك أبي كاليجار: ومرض الملك أبو كاليجار، وفُصِد في يومٍ ثلاث مرّات، ثمّ مات وانتهب الغلمان الخزائنَ والسّلاح، وأحرق الجواري الخِيَم، وناح الحريم. ولاية أبي نصر المُلْك بعد أبيه: وولي مكانه ابنه أبو نصر ولقّبوه بالملك الرّحيم. ثمّ قصد حضرة الخليفة فقبَّل الأرض وجلس على كُرْسيّ. ثمّ أُلْبِسَ سبْع خِلَع وعمامة سوداء والطّوْق والسِّوارَين، ووُضِع على رأسه التّاج المرصّع، وبرز له لواءان معقودان. وأوصاه الخليفة بالتَّقْوى والعدل. وقُرِئ صدْر تقليده. وكان يومًا مشهودًا1. التعريف بأبي كاليجار: وكانت مدّة سلطنة أبي كاليجار ببغداد أربع سِنين. وهو ابن سلطان الدولة بْن بهاء الدولة بْن عضُد الدّولة. وُلِد بالبصرة سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة. واسمُهُ المَرْزُبان. وكان كثير الأموال. سور شيراز: وفيها دار السُّورُ على شِيراز، ودوره اثنا عشر ألف ذراع، وطول حائطه ثمانية أذرُعٍ، وعرضه ستة أذرع، وفيه أحد عشر بابًا. منازلة عسكر مصر لقلعة حلب ورحيلهم: وفيها نازلت عساكرُ مصر قلعة حلب، وبها مُعِزُّ الدّولة ثمال بن صالح الكِلابيّ، فجمعَ جمْعًا وبرز لحربهم، فعمل معهم مصافَّيْن على الولاء، وهابه المصريّون، فرحلوا عنه خائبين. خطبة ابن باديس للقائم بأمر الله بالقيروان: وفيها خطب المُعِزّ بْنُ باديس بالقيروان للقائم بأمر الله، وقطع خطبة المستنصر؛ فبعث إليه المستنصر يهدّده، فلم يلتفت إليه، فبعث لحربه عسكرًا من العرب فحاربوه، وذلك أوّل دخول عرب بني زغبة وبني رياح إلى إفريقيّة. فجَرَت لهم أمورٌ طويلة. مسير الغُزِّ مع إبراهيم ينال إلى القسطنطينيّة للغزو: وفيها قدِم كثيرٌ من الغُزِّ من وراء النّهر إلى إبراهيم ينال فقال لهم: يضيق عن

_ 1 المنتظم "8/ 136"، البداية والنهاية "12/ 57".

مقامكم عندنا، والأَوْجَه أن نمضي إلى غزو الرّوم ونجاهد. فساروا وسار بعدهم حتّى بقي بينهم وبين القسطنطينيّة خمسة عشر يومًا، فسبى وغنِم، وحصل له من السَّبْي فوق المائة ألف رأس، وأخذ منهم أربعة آلاف درع، وغير ذلك. وجُرَّ ما حصل منهم على عشرة آلاف عجلة. وحارب الرّوم، ونُصر عليهم مرّات، وغلبوه أيضًا، وكانت العاقبة للمسلمين، وكان فتحًا عظيمًا ونصرًا مبينًا1. عزل ناصر الدّولة عن دمشق: وفيها عزل ناصر الدّولة وسيفها ابن حمدان عن دمشق بطارق الصَّقْلَبيّ وقُبِضَ على ناصر الدّولة. عزل بهاء الدّولة: ثمّ عُزِل بهاء الدّولة طارق بعد أشهر.

_ 1المنتظم "8/ 137"، الكامل في التاريخ "9/ 546، 547"، البداية والنهاية "12/ 58".

المتوفون في الطبقة الرابعة والأربعون

المتوفون في الطبقة الرابعة والأربعون: وفيات سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة: "حرف الألف": 1- أحمد بن الغَمْر بن محمد بن أحمد بن عَبّاد1. أبو الفضل الأبِيوَرديّ القاضي. رحل، وسمع ببغداد من: ابن ماسي، ومَخْلَد بن جعفر الباقَرْحيّ، وطبقتهما. وبالكوفة من: البكّائيّ. وتفقّه ببغداد، ولكنّه دخل في أعمال السّلطان، وغيّر الزِّيّ، واشتغل بالشّرْب. قاله عبد الغافر. روي عنه: مسعود بن ناصر، أبو صالح المؤذن، والخشكانيّ. توفي في رمضان.

_ 1 المنتخب من السياق "95".

"حرف الباء": 2- بُشْرَى بن مَسِيس1. أبو الحسن الرُّوميّ الفاتنيّ. مولى الأمير فاتن مولى المطيع لله. أُسِرَ من بلد الرّوم، وهو كبير أمْرَد، قال: فأهداني بعضُ بني حمدان لفاتن فأدَّبني وأسمعني. ووَرَدَ أبي بغداد سِرًّا ليتلطّف في أخذي، فلمّا رآني على تلك الصِّفة من الإسلام والاشتغال بالعِلم يئس منّي ورجع. روى عن: محمد بن بدر الحَمَاميّ، وأبي بكر بن الهيثم الأنباريّ، وعمر بن محمد بن حاتم التِّرْمِذيّ، وابن سَلْم الخُتُّليّ، وأبي يعقوب النّجِيرَميّ، وأبي بكر القَطِيعيّ، والحافظ أبي محمد بن السّقّاء، وجماعة. ترجمه الخطيب، وقال: كتبنا عنه، وكان صدوقًا صالحًا. تُوُفّي يوم الفِطْر. قلت: وروى عنه: خالد بن عبد الواحد الأصبهاني التّاجر، وهبة الله بن أحمد المَوْصِليّ، وعليّ بن أحمد بن بيان الرّزّاز، وآخرون. وهو أقدم شيخ لابن ماكولا. "حرف الثّاء": 3- ثابت بن محمد. أبو الفتوح العَدَويّ، الْجُرْجَانيّ، الأديب النَّحْويّ. قال الحُمَيْديّ: قدِم الأندلس بعد الأربعمائة، فجال في أقطارها، ولقي ملوكها. وكان إمامًا في العربيّة متمكّنًا من عِلم الأدب، متقدّمًا في علم المنطق. دخل بغداد. وأملى بالأندلس شرحًا للجُمَل. وروى عن: أبي الفتح بن جنّيّ، وعليّ بن الحارث، وعبد السّلام البصْريّ، وعلي بن عيسى الربعي. وتوفي لليلتين بقيتا من المحرم. قتله باديس بن حبوس أمير صنهاجة اتهمه بالقيام عليه مع ابن عمه بدر بن حباسة، قال ابن خزرج: بلغني مولده في سنة خمسين وثلاثمائة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 135، 136"، الإكمال "7/ 51، 79"، سير أعلام النبلاء "17/ 548-550".

"حرف الحاء": 4- الحسن بن الحسين بن العباس بن دوما1. أبو علي النعالي، بغدادي، ضعيف. روى عن: أبي بكر الشّافعيّ، وأبي سعيد بن رميح النسوي، ابن خلاد النصيبي، وأحمد بن جعفر الختلي، وخلق كثير. قال الخطيب: كتبت عنه. وكان قد ألحق لنفسه السماع في أشياء. وتوفي في ذي الحجة. ومولده سنة 346هـ. 5- أبو الحسن بن أبي شريح المصري. قال أبو إسحاق الحبال: توفي في جمادى الآخرة عنده القاضي، يعني: أبا الطاهر الذهلي. حدَّث، وما سمعتُ به. "حرف السّين": 6- سَيَّار بْن يحيى بْن مُحَمَّد بْن إدريس2. أبو عَمْرو الكِنَاني الحنفيّ القاضي الهَرَويّ. والد صاعد. سمع: الحاكم أبا عاصم محبوب بن عبد الرحمن المحبوبيّ، وأبا جعفر محمد بن أحمد بن محمد المقرئ بسمرقند، وإبراهيم بن محمد بن يزداد الرّازيّ ببُخَاريّ، وعبد الرحمن بن محمد الإدريسيّ، وأبا محمد إسماعيل بن الحسن البخاري الزاهد. وسماعاته قبيل الأربعمائة. روى عنه: ابناه القاضي أبو العلاء صاعد، والقاضي أبو الفتح نصر، وغيرهما. ولمّا تُوُفّي والده قاضي هَرَاة أبو نصر سنة ستّ عشرة خَلَفه هو في القضاء والتّدريس والفتوى، وزعامة أصحاب الرأي. وتُوُفّي في ذي الحجّة سنة إحدى

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 300، 301"، ميزان الاعتدال "1/ 485"، لسان الميزان "2/ 201". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 508".

وثلاثين، فَخَلَفه ابنه أبو الفتح إلى أن خَلَفه لمّا قُتِل مظلومًا سنة ستٍّ وأربعين أخوه أبو العلاء، فطالت أيّامه. "حرف الصّاد": 7- صاعد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه1. القاضي أبو العلاء الأُسْتَوائيّ النَّيسابوريّ، الفقيه الحنفيّ. رئيس الحنفيّة وعالِمهم بنَيْسابور. تُوُفّي بها في ذي الحجّة أيضًا. وكان على قضاء نَيْسابور مدّة، سمع: إسماعيل بن نُجَيْد، وبِشْر بن أحمد الإسْفَرائينيّ، وسمع بالكوفة لمّا حجّ من عليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ. روى عنه: أبو بكر الخطيب، والقاضي أبو العلاء صاعد بن سيّار الهَرَويّ، وجماعة. وقد تفرَّد شيخنا أبو نصر بن الشّيرازيّ بجزءٍ من حديثه، روى فيه أيضًا عن: الحافظ ابن المظفّر، وأبي عَمْرو بن حمدان، وشافع الإسْفَرائينيّ. وقد ورّخه الخطيب سنة اثنتين وثلاثين، والأوّل أصحّ. ووُلِد بناحية أُسْتَوا في سنة ثلاثٍ وأربعين وثلاثمائة. "حرف العين": 8- عبد الله بن بكر بن قاسم2. أبو محمد القُضَاعيّ الطُّلَيْطُليّ. روى عن: أبي إسحاق إبراهيم بن محمد، وصاحبه أبي جعفر، وعبد الرحمن بن دُنَين. وحجّ فأخذ عن: أبي الحسن بن جَهْضَم؛ وبمصر عن أبي محمد بن النّحّاس. وكان من الثّقات الأخيار، الزهاد.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 344، 345"، الكامل في التاريخ "9/ 494"، سير أعلام النبلاء "17/ 507، 508". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 268".

9- عبد الله بن يحيى1. أبو محمد القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ. يقال له ابن دحّون. أخذ عن: أبي بكر بن زَرْب، وأبي عمر بن المُكْوِيّ. وكان من جلّة الفُقهاء المذكورين، عارفًا بالفتوى، حافظًا للمذهب. عمَّر وأَسَنّ، وانتفع به النّاسُ. تُوُفّي في سادس المحرَّم. 10- عَبْدان2. أبو محمد الجواليقي الشرابي، نزيل بمصر. سمع بالعراق، وإصبهان. وروى عن: أبي بكر القبّاب. وانتقى عليه خَلَف الحافظ. وسيأتي باسمه: محمد بن أحمد. تُوُفّي في ذي الحجّة عَنْ سبْع وثمانين سنة. 11- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحسن بن عَلِيَّك بن الحسن3. الحافظ أبو سعْد النَّيْسابوريّ. ثقة، حافظ مشهور، نبيل. مصنِّف بصير بالفنّ، حَسَن المذاكرة. حدَّث عن: أبي أحمد الحاكم، وأبي سعيد الرّازيّ، والدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين وأبي بكر بن شاذان، وطبقتهم. روى عنه: أبو صالح المؤذّن، وأبو المعالي الْجُوينيّ إمام الحرمين، وأبو سعد بن القُشَيريّ، وجماعة. 12- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ4. أبو القاسم الحلبيّ السّرّاج المعروف بابن الطُّبَيْز الرّام. سكن دمشق، وحدَّث عن: محمد بن عيسى البغداديّ العلّاف نزيل حلب، وأبي

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 267، 268". 2 تاريخ بغداد "1/ 314"، المنتظم "8/ 106"، سير أعلام النبلاء "17/ 549". 3 الإكمال لابن ماكولا "6/ 262"، المنتخب من السياق "307، 308"، سير أعلام النبلاء "17/ 509". 4 الإكمال لابن ماكولا "5/ 257"، سير أعلام النبلاء "17/ 497-499"، شذرات الذهب "3/ 248".

بكر محمد بن الحسين السّبيعيّ، ومحمد بن جعفر بن السّقّاء، ومحمد بن عمر الْجِعابيّ، وجماعة تفرّد في الدُّنيا عنهم. وطال عمره. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الْعَزِيز الكتاني، وعليّ بْن محمد الرَّبَعيّ، وأبو عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد، وأبوه، وابن أبي الصَّقْر الأنباريّ، وأبو القاسم المصِّيصيّ، وعبد الرّزّاق بن عبد الله الكَلاعيّ، والفقيه نصر المقدسيّ، وجماعة. قال أبو الوليد الباجيّ: هو شيخ لا بأس به. وقال عبد العزيز الكتّانيّ: تُوُفّي شيخنا ابن الطُّبَيْز في جُمَادى الأولى وكان يذكر أنّ مولده سنة ثلاثين وثلاثمائة، ثمّ سمَّى شيوخه. قال: وكانت له أصُول حسنة، وكان يذهب إلى التَّشيُّع. قال ابن الطُّبَيْز: أنبا محمد بن عيسى البغداديّ، أنبا أحمد بن عُبَيْد الله النَّرْسيّ، فذكر حديثًا. وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْحَافِظِ بْنِ بَدْرَانَ: أَخْبَرَكَ أَحْمَدُ بْنُ الْخَضِرِ بْنِ طَاوُسٍ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ: أَنَا حَمْزَةُ بْنُ كَرُّوسٍ السُّلَمِيُّ، أَنَا نَصْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ السَّرَّاجُ بِدِمَشْقَ: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ هِشَامٍ الْحَلَبِيُّ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُعَافَى بِحَلَبَ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ. كتبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ" 1. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. 13- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن مَتّ. 14- البُخَاريّ الإسكاف. سمع: محمد بن صابر البُخَاريّ صاحب صالح جَزَرَة. عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عزيز بن محمد بن يزيد2.

_ 1 "حديث حسن": أخرجه الترمذي "3428، 3429"، وابن ماجه "2235"، وأحمد في المسند "1/ 47"، والدارمي "2692"، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن ابن ماجه "2265". 2 المنتخب من السياق "309"، سير أعلام النبلاء "17/ 509، 510"، معجم المؤلفين "5/ 188".

الحاكم أبو سعْد بن دُوَسْت. ودُوَسْت لَقَب جدّه محمد. أحد أعيان الأئمة بخُراسان في العربيّة. سمع الدّواوين وحصّلها، وصنّفَ التّصانيف المفيدة، وأقرأ النّاسَ الأدب والنَّحْو، وله ديوان شِعْر. وكان أصمَّ لا يسمع شيئًا. أخذ اللُّغة والعربيّة عن الْجَوْهَريّ، وله ردٌّ على الزَّجّاجيّ فيما استدركه على ابن السِّكِّيت في "إصلاح المنطق". وكان زاهدًا ورِعًا فاضلًا. وعنه أخذ اللُّغة أبو الحسن الواحدي المفسّر. وسمع الكثير من: أبي عَمْرو بن حمدان، وأبي أحمد الحافظ، وبِشْر بن أحمد الإسْفَرائينيّ، وجماعة. ووُلِد سنة سبع وخمسين وثلاثمائة. روى عنه جماعة. وتُوُفّي في ذي القعدة. ومن شِعره: ألا يا ريمُ أخبرني ... عن التفاحِ من عَضَّهْ وحدَث بأبي عن حسـ ... ـنك البِكر مَن افتضَّهْ وختْم الله بالورد ... على خدّك من فَضَّهْ لقد أثَّرت العضّـ ... ـةُ في وجْنتيك الغَضَّهْ كما يُكتب بالعنبـ ... ـرِ في جامٍ من الفِضَّهْ ومن شِعره: وشادنٍ نادمتُ في مجلسٍ ... قد مُطِرَت راحًا أباريقُه طلبتُ وَرْدًا فأبى خدُّه ... ورُمتُ راحًا، فأبى ريقُه 15- عثمان بن أحمد بن محمد بن يوسف1. أبو عمرو المعافري القرطبي القيشطالي، نزيل إشبيليّة. كان أبوه من جِلّة المحدِّثين، فسمع مع أبيه "الموطأ" من أبي عيسى الليثي، و"تفسير ابن نافع".

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 404"، سير أعلام النبلاء "17/ 510، 511"، شذرات الذهب "3/ 248".

وسمع من: أبي بكر بن السُّلَيْم القاضي، وأبي بكر بن القُوطيّة، والزُّبَيْديّ، وجماعة. وكان حضيرًا لأمير الأندلس المؤيّد بالله. قال ابن خزرج: كان من أهل الطّهارة والعفَاف والثّقة والرّواية، وروايته كثيرة. تُوُفّي في صفر، وله ثمانون سنة. وحدَّث عنه أيضًا: أبو عبد الله الخَوْلانيّ، وولده أحمد، ومحمد بن شُرَيْح، وجماعة. وكان من الشّيوخ المُسْنِدين بقُرْطُبة. 16- عليّ بن عبد الغالب المحدّث الجوّال. أبو الحسن البغداديّ الضّرّاب. عُرِف بابن القنيّ. سمع: أبا الحسن المُجْبِر، وأبا أحمد العَرَضيّ، وأبا بكر الخَيْريّ، وأبا محمد بن أبي نصر، وأبا محمد بن النخاس. انتقى عليه رفيقه أبو نصر السِّجَزيّ. وهو كان رفيق الخطيب إلى نَيْسابور. روى عنه: أبو الوليد الباجيّ، وقال: ثقة، له بعض الميز؛ وأبو طاهر بن أبي الصَّقْر، وعبد الله بن عمر التِّنِّيسيّ. عاش ثمانيا وأربعين سنة. أرّخ موته ابن خيرون. 17- عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر1. أبو الفَرَج الرَّقّيّ الصُّوفيّ. حدَّث عن: أبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وأبي الفتح القوّاس. روى عنه: الكتّانيّ، وعبد الرّزّاق بن عبد الله، وأبو بكر محمد بن عبد الله، وعدّة. تُوُفّي في هذه السّنة، أو بعدها. "حرف القاف": 18- القاسم بن حَمُّود الحَسَنيّ2. الإدريسيّ المغربيّ. ولي إمرة قُرْطُبة بعد قتل أخيه عليّ سنة ثمانٍ وأربعمائة.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "19/ 76". 2 الكامل في التاريخ "9/ 273-276"، جذوة المقتبس للحميدي "22-24".

وكان ساكنًا وادعًا أمن النّاس مع، وفيه تشيُّعٌ يسير لم يظهر فخرج عليه ابن أخيه يحيى بن عليّ سنة اثنتي عشرة. فهرب القاسم من غير قتال إلى إشبيليّة، فاستمال البربر، وحشد وزحف إلى قُرْطُبة، فدخلها وهرب يحيى. ثمّ اضطّرب أمر القاسم بعد أشهُر، وانهزم عنه البربر في سنة أربع عشرة، وقويت كلُّ فِرقةٍ على بلدٍ غَلَبت عليه، وجرت له خُطُوبٌ وأمور، ولحِق بشَرِيش. والتفت البربر على يحيى بن عليّ وحصروا القاسم، فأسره ابن أخيه يحيى وبقي في سجنه دهرًا إلى أن مات إدريس بن عليّ، فخنقوا القاسم في هذا العام. وعاش ثمانين سنة، وحُمل فَدُفن بالجزيرة الخضراء، وبها ابنه محمد يومئذٍ. "حرف الميم": 19- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله1. أبو الحسن الْجَواليقيّ التّميميّ، مولاهم الكوفيّ، الملقّب بعَبْدان. قد ذُكر. ذكره أيضًا الخطيب في تاريخه، وقال: سمع: إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بْن أبي العزائم، وجعفر بن محمد الأحْمُسيّ، ومحمد بن العبّاس العُصْميّ، ومحمد بن أحمد العَنْبريّ سنة بضعٍ وخمسين، وأبا بكر عبد الله القبّاب، وخلْقًا. قال الخطيب: وحدَّث ببغداد في حدود العشر وأربعمائة. وأجاز لي، وكان ثقة. وبَلَغَنَا أنّه تُوُفّي بمصر في حدود سنة إحدى وثلاثين. وقال الحبّال: تُوُفّي في نصف ذي الحجّة، ووُلِد سنة خمسٍ وأربعين. قلت: ضيّع نفسه لسُكناه ببلد الرّافضة، فلم ينتشر حديثه. 20- محمد بن جعفر بن أبي الذّكر. أبو عبد الله المصريّ. روى عن: أبي الطّاهر الذُّهْليّ، والحسن بن رشيق، وابن حَيَّوَيْهِ النَّيْسابوريّ. قال الحبّال: يُرمى بالغُلُوّ في التَّشيُّع. وتُوُفّي فِي ربيع الآخر. 21- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن القاسم بن المرزبان2.

_ 1 تقدم برقم "10". 2 غاية النهاية "2/ 175، 176".

أبو بكر الأصبهاني المقرئ، المعروف بأبي الشّيخ. نزيل بغداد. وكان شيخًا صالحًا عالي السَّند في القراءات. قرأ على: أبي بكر بن فُورَك القبَّاب، وعبد الرحمن بن محمد الحَسْنَابَاذي، وأبي بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم بن شاذة، ومحمد بن أحمد بن عمر الخِرَقيّ، وأحمد بن محمد بن صافي. روى عنه: عبد العزيز بن الحُسين، وعبد السّيّد بن عَتّاب الضّرير. وكانت قراءة ابن عَتّاب عليه في سنة ثلاثٍ وعشرين. وأرّخ موته أبو الفضل بن خيرون سنة 431هـ. 22- محمد بن عبد الله بن شاذان1. أبو بكر الأعرج الأصبهاني اللُّغويّ. سمع: أبا بكر عبد الله بن محمد القبّاب فأكثر، واحمد بن يوسف ين إبراهيم الخشاب. وروى عنه: محمد بن إسماعيل الصَّيْرفيّ. وتُوُفّي فِي جُمادى الآخرة وله سبعٌ، وثمانون سنة. 23- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صالح. أبو بكر العطّار الصُّوفيّ الأصبهاني. روى عن: الطّبرانيّ جُزْءًا. وقع لنا من طريق السِّلَفيّ توفي في ربيع الآخر. وروى أيضا عن: أبي الشيخ. روى عنه: الحدّاد بالإجازة، وأبو سعد المطرز، ومحمد بن عبد العزيز العسال بالسماع. 24- محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب2. أبو العلاء الواسطي المقرئ. أصله من فم الصلح. نشأ بواسط، وقرأ بالروايات على شيوخها، وكتب الحديث بها، وببغداد، والكوفة، والدّينور، واستوطن بغداد.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 549". 2 تاريخ بغداد "3/ 95"، ميزان الاعتدال "3/ 654"، الوافي بالوفيات "4/ 122"، النجوم الزاهرة "5/ 31".

قرأ على الحسين بن محمد بن حبش المقرئ بالدينور، وعلى أبي الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، وعلى أبي بكر أحمد بن محمد بن هارون الرازي صاحب حَسْنُون بن الهيثم، وعلى أبي بكر أحمد بن محمد الشّارب المَرْوَرُّوذِيّ، وجعفر بن عليّ الضّرير، وأبي القاسم عبد الله بن اليَسَع الأنطاكيّ، والمُعَافى بن زكريّا الْجَريريّ، وأبي عَوْن محمد بن أحمد بن قَحْطَبة الرّام، وأبي الحسين عُبَيْد الله بن أحمد بن البوّاب، وأبي القاسم يوسف بن محمد بن أحمد الواسطيّ الضّرير. قرأ على يوسف في سنة خمسٍ وستّين وثلاثمائة عن قراءته على يوسف بن يعقوب إمام واسط. واعتنى بالقراءات وبرع فيها، وتصدّر للإقراء، وولي قضاء الحريم الطّاهريّ، وصنَّف وجمع. قرأ عليه: أبو علي غلام الهراس، وأبو القاسم الهُذَليّ، وعبد السّيّد بن عَتّاب، وأبو البركات محمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل، وأبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون. وروى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم بن بيان، وجماعة. وسمع من: أبي محمد بن السّقّاء، وأبي بكر القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، وعليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ. قال الخطيب: رأيتُ له أُصُولًا عُتُقًا، سماعه فيها صحيح، وأُصُولًا مضطّربة. ورأيتُ له أشياءً سَمَاعُه فيها مفسود، إمّا مكشوط، أو مصلحٌ بالقلم. روى حديثًا مسلسلًا بأخذ اليد، رُوَاتُه أئمّة، واتُّهِم بوضْعه. قال الخطيب: فأنكرت عليه. وسئل بعد إنكاري أن يُحدِّث به فامتنع. وذكر الخطيب أشياء تُوجِبُ ضَعْفَه، ثمّ قال: وُلِد سنة تسعٍ وأربعين وثلاثمائة، ومات في جُمَادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين. 25- محمد بن عوْف بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن1. أَبُو الحسن المُزَنيّ الدّمشقيّ. كان يُكَنَّى قديمًا بأبي بكر، فلمّا مَنَعت الدولة التكني بأبي بكر تكنى بأبي الحسن.

_ 1 العبر "3/ 175"، سير أعلام النبلاء "17/ 550، 551"، الوافي بالوفيات "4/ 294".

حدَّث عن: أبي عليّ الحَسَن بن منير، وأبي عليّ بن أبي الرَّمرام، ومحمد بن معيوف، والفضل بن جعفر، يوسف الميَانِجِيّ، وأبي سليمان بن زَبْر، وجماعة كثيرة. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو طاهر بن أبي الصَّقْر، والفقيه نصر المقدسيّ، وعليّ بن بكّار الصُّوريّ، وآخرون. قال الكتّانيّ: كان ثقة نبيلًا مأمونًا. تُوُفّي في ربيع الآخر. قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْوَاسِطِيِّ، أَخْبَرَكَ أَبُو محمد الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْن محمد الأسدي سنة عشرين وستمائة: أنا جَدِّي الْحُسَيْنُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، أنا الْفَضْلُ بْنُ جَعْفَرٍ التَّمِيمِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّوَّاسِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى: حدَّثني الْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: حدَّثني أَنَسٌ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مَرْتَفِعَةٌ حيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي، فَيَأْتِيهَا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةُ1. الْعَوَالِي مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ. 26- محمد بن عيسى بن عبد الغنيّ بن الصّبّاح2. أبو منصور الهَمَدَانيّ الصُّوفيّ أحد مشايخ وقته. روى عن: صالح بن أحمد الحافظ، وجبريل العدْل، وخلْق من الهَمَذانيّين، ورحل. وروى عن: محمد بن المظفّر، ومحمد بن إسحاق القَطِيعيّ، وسَهْل بن أحمد الدِّيباجيّ، وعليّ بن محمد السُّكَّريّ، وأبي بكر بن المقرئ الأصبهاني، ويوسف بن الدَّخِيل المكّيّ. قال شِيرُوَيْه: ثنا عنه أبو طالب العلويّ، وأبو الفضل القُومِسانيّ، ومحمد بن الحسين، ومحمد بن طاهر، ويحيى وثابت ابنا الحسين بن شُرَاعة، ونصر بن محمد المؤذّن، وعَبْدُوس بن عبد الله.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "550، 551"، ومسلم "621"، وأبو داود "404"، والنسائي"682"، وأحمد في المسند "3/ 223". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 563، 564".

وكان صدوقًا ثقة. وكان متواضعًا رحيمًا، يصلّي آناء اللّيل والنّهار. حجَّ نَيِّفًا وعشرين حَجّة. ووقف الضّياع والحوانيت على الفقراء، وأنفق أموالًا لا تُحْصَى على وجوه البِرّ. وتُوُفّي في رمضان. وفيها أغار الترك على همذان فصودر حتّى سلَّم إليهم جميع ما يملك، وبقي فقيرًا محتاجًا ذليلًا في الخانْقاه، ثمّ مات. وكان مولده في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. قلت: روى عنه أبو بكر الخطيب، وغيره. 27- محمد بن الفضل بن نظيف1. أبو عبد الله المصريّ الفرّاء، مُسْنِد ديار مصر في زمانه. سمع: أبا الفوارس أحمد بن محمد بن السَّنْديّ، والعبّاس بن محمد بن نصر الرّافقيّ، وأحمد بن الحسين بن إسحاق بن عُتْبة الرّازيّ، وأحمد بْن محمد بْن أَبِي الموت المكّيّ، وأبا بكر أحمد بن إبراهيم بن عطيّة بن الحدّاد، وأحمد بن محمود الشَّمْعيّ، وعبد الله بن جعفر بن الورد البغداديّ، ومحمد بن عمر بن مسرور الحطّاب، وجماعة. وتفرّد بالرّواية عن أكثر في الدّنيا. روى عنه: أبو جعفر أحمد بن محمد بن مَتُّوَيْه كاكوا شيخ وجيه الشَّحّاميّ، وأبو الحسن الخِلَعيّ، وأبو عبد الله الثَّقَفيّ، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وأبو القاسم سعْد بن عليّ الزَّنْجانيّ، وأبو بكر البَيْهَقيّ محتجًّا به، وطائفة. قال الحبّال: تُوُفّي في ربيع الآخر، ووُلِد في صفر سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة. وقد وقع لي جزءان من حديثه، وحديثه في "الثّقَفيّات". قال محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: كان أبو عبد الله بن نظيف يُصلّي بالنّاس في مسجد عبد الله سبعين سنة، وكان شافعيًّا يَقْنُتُ. فتقدَّم بعده رجلٌ مالكيٌّ، وجاء النّاسُ على عادتهم لصلاة الصُّبْح، فلم يَقْنُتُ، فتركوه وانصرفوا وقالوا: لا يُحسن يُصلّي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 476، 477"، الوافي بالوفيات "4/ 323"، النجوم الزاهرة "5/ 431".

28- محمد بن مسعود بن يحيى1. أبو عبد الله الأموي. حدَّث بإشبيلية عن: أبي بكر الزُّبَيْديّ، وعبّاس بن أصْبَغ، وأبي عبد الله بن مُفَرِّج. وكان بارعًا في العربيّة، له شعر حسن. توفي ذي القعدة، وهو في عشر الثّمانين. 29- المسدَّد بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ2. أبو المعمر الأملوكي الحمصي، خطيب. سمع: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الرَّحْبيّ بحمص، ويوسف المَيَانِجِيّ، وأبا عبد الله بن خالُوَيْه، وأحمد بن عبد الكريم الحلبيّ، وإسماعيل ابن القاسم الحلبيّ، وجماعة. روى عنه: أبو نصر بن طلّاب، والكتّانيّ، وأبو عليّ الأهْوَازيّ، وأبو صالح أحمد بن عبد الله الملك النَّيْسابوريّ، وأبو الحسن بن أبي الحديد، وابنه أبو عبد الله بن أبي الحسن، وسعد الله بن صاعد، وعبد الله بن عبد الرّزّاق الكَلاعيّ. وكان في الآخر إمام مسجد سوق الأحد. تُوُفّي في ذي الحجّة. قال الكتّانيّ: فيه تساهل. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ صَصْرَى، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَسَاكِرَ الْخَشَّابُ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ: أَنْبَا الْمُسدَّدُ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِدِمَشْقَ: ثَنَا إسماعيل بن القاسم بحمص سنة سبعين وثلاثمائة، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْغَضَائِرِيُّ، ثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْن قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر، عَنِ ابْنَ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا تَزُولُ قَدَمُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ" 3.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 521، 522". 2 تاريخ دمشق "4/ 161"، سير أعلام النبلاء "17/ 518"، شذرات الذهب "3/ 249". 3 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "2416، 2417"، والطبراني في الكبير "1/ 48"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "946".

رَوَاهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ فِي تَرْجَمَةِ "عَلِيِّ بْنِ عَسَاكِرَ الْخَشَّابِ"، عَنْهُ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ. 30- المفضل بن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن إسماعيل1. الإمام أبو مَعْمَر الإسماعيليّ الْجُرْجَانيّ، مفتي جُرْجَان ورئيسها وفاضلها ومُسْنِدُها وعالمها وابن عالمها. روى الكثير عن: جدّه. ورحل به والده فأكثر عن: الدَّارَقُطْنيّ، وأبي حفص بن شاهين ببغداد. وعن: يوسف بن الدَّخِيل، وأبي زُرْعة محمد بن يوسف بمكّة. وكان أحد أذكياء زمانه، فإنّه حفظ القرآن وقطعةً من الفقه وهو ابن سبْع سِنين في حياة جدّه. تُوُفّي في ذي الحجّة وقد حدَّث بالكثير وأملى من بعد موت عمّه أبي نصر. وبقي أخوه مَسْعَدة إلى سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. "حرف الهاء": 31- الهيثم بن عتبَة بن خَيْثَمَة2. القاضي أبو سعيد التّميميّ النَّيْسابوريّ الحنفيّ. ثقة، من بيت القضاء والإمامة. روى عن: أبيه القاضي أبي الهيثم، وبِشْر بن أحمد الإسْفَرائينيّ، وأبي عَمْرو بن حمدان، وطبقتهم. روى عنه: أبو صالح المؤذّن. وتُوُفّي في رابع عشر جُمَادى الأولى. "حرف الياء": 32- يوسف بن أصْبغ بن خضر3.

_ 1 تاريخ جرجان "464، 465"، الأنساب "1/ 252"، سير أعلام النبلاء "17/ 518، 519". 2 المنتخب من السياق "478". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 676".

أبو عمر الأنصاريّ الطُّلَيْطُليّ الفقيه. روى عن: محمد بن إبراهيم الخشنيّ، وفتح بن إبراهيم، وأبي المطرّف بن ذُنَيْن. واعتنى بالعلم وتحصيل الكتب. وتوفي في صفر. وفيات سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة: "حرف الألف": 33- أحمد بن أيّوب بن أبي الرّبيع1. أبو العبّاس الألْبِيريّ الواعظ. نزيل قُرْطُبة. روى عن: أبي عبد اللَّه بن أبي زمنين، وسليمان بن بطال، وسلمة بن سعيد. وحج، وأخذ عن: أبي الحسن القابسيّ، وغيره. وكان فاضلًا ورِعًا واعظًا، سُنّيًّا، أديبًا شاعرًا. ومجلسه بجامع قُرْطُبة للوعظ في غاية الحفل. كانوا يزدحمون عليه، ونفع الله به المسلمين. تُوُفّي فجأةً في جُمَادى الآخرة. وكان الْجَمْع في جنازته لم يُعْهَد مثلُه. عاش نيِّفًا وسبعين سنة. 35- أحمد بن الحسين بن نصر العطّار2. أبو بكر البغداديّ. سمع: عليّ بن عمر الحربيّ، والدارقطني. وعنه: الخطيب، وقال: صدوق. تُوُفّي فِي ذي الحجّة. 35- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن3. أبو بكر الخَوْلانيّ القَيْروانيّ، شيخ المالكيّة بالقيروان مع صاحبه أبي عِمران الفاسي المذكور.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 49". 2 تاريخ بغداد "4/ 111". 3 سير أعلام النبلاء "17/ 519، 520"، الوافي بالوفيات "7/ 38"، بغية الوعاة "1/ 324".

كان صالحًا عابدًا فقيها للمذهب نَحْويًّا. تفقّه بأبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القابسيّ. تخرَّج به خلْق كثير كأبي القاسم بن مُحْرِز، وأبي إسحاق التُّونسيّ. 36- أحمد بن محمد بن جعفر بن يونس. أبو الفضل الأصبهاني الأعرج، المعروف بالجوّاز. رحل، وسمع من: أبن المقري، وابن شاهين، والدَّارَقُطْنيّ، وعليّ بن عمر الحربيّ، وطبقتهم. وعنه: محمد بن أبي بكر بن مَرْدُوَيْه، وسعيد بن محمد البقّال الأصبهانيان. مات فِي ربيع الآخر. 37- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن خالد بن مَهْديّ1. أبو عمر القُرْطُبيّ المقرئ. روى عن: أَبِي المطرِّف القَنَازِعي، ويونس بْن عَبْد اللَّه الْقَاضِي، وأبي محمد بن نبوش. وأكثر عن مَكيُّ بْنُ أَبِي طَالِب. واعتنى بالرواية والضَّبط. وكان بارعًا في معرفة القراءات، صنّف فيها تصانيف. تُوُفّي في ذي القعدة شابًا. 38- أحمد بن محمد بن يوسف بن مَرْدة2. أبو العبّاس الأصبهاني المقرئ، تُوُفّي في شَعبان. 39- إبراهيم بن ثابت بن أخْطل3. أبو إسحاق الأُقْلِيشيّ. سكن مصر، وأخذ القراءة عَرْضًا عن طاهر بن غَلْبُون، وعن عبد الجبّار بن أحمد. وسمع من: عبد الرحمن بن عمر النّحّاس، وأبي مسلم الكاتب. أقرأ النّاس بمصر في مجلس عبد الجبّار بعد موته. قاله أبو عَمْرو الدَّانيّ. 40- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم. أَبُو القاسم الإصبهانيّ الجلّاب، سِبْط أبي مسلم.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 48"، غاية النهاية "1/ 113". 2 غاية النهاية "1/ 134". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 92"، غاية النهاية "1/ 10".

سمع: محمد بن عبد الله بن سيف، وابن المقري، وجماعة. روى عنه: غانم البُرْجيّ، وأبي عليّ الحدّاد. وقع لنا جزءٌ من حديثه. "حرف الجيم": 41- جعفر بن محمد بن المعتزّ بن محمد بن المستغفر بن الفتح بن إدريس1. الحافظ أبو العبّاس المستغفريّ النَّسَفيّ. مؤلّف "تاريخ نسف" و"كش" وكتاب "معرفة الصحابة"، وكتاب "الدعوات"، وكتاب "المنامات"، وكتابُ "خُطَب النّبيّ -صلى الله عليه وسلم" وكتاب "دلائل النُّبُوّة"، وكتاب "فضائل القرآن"، وكتاب "الشّمائل"، وغير ذلك من الكُتُب. وحدَّث عن: زاهر بن أحمد السَّرْخَسِيّ، وإبراهيم بن لُقْمان، وأبي سعيد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب الرّازيّ، وعليّ بن محمد بن سعيد السَّرْخسيّ، وجعفر بن محمد البخاريّ، وجماعة كثيرة. روى عن: الحسن بن عبد الملك النَّسَفيّ، وأبو نصْر أحمد بن جعفر الكاسَنيّ، والحسن بن أحمد السَمَرْقَنْديّ الحافظ، وإسماعيل بن محمد النُّوحِيّ الخطيب، وآخرون. وكان محدِّث ما وراء النّهر في عصره. وُلِد بعد الخمسين بيسير، وتُوُفّي بنَسَف سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. وهو صدوق، لكنه يروي الموضوعات ولا يكتبها. "حرف الحاء": 42- الحسن بن عُبَيْد الله البغداديّ2. أبو عليّ الصّفّار المقرئ. سمع: أبا بكر القَطِيعيّ. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 564، 565"، الوافي بالوفيات "11/ 149، 150"، لسان الميزان "6/ 100". 2 تاريخ بغداد "7/ 343"، المنتظم "8/ 107".

43- الحسن بن محمد بن شُعَيْب1. أبو عليّ السَّنْجيّ، الإمام الفقيه. تُوُفّي بمَرْو في ربيع الأوّل. كذا سمّاه وورّخه أَبُو عليّ محمد بن الفضل بن جُهَانْدار. وسمّاه ابن خَلَّكان: الحسين بن شُعيب بن محمد، وقال: أخذ الفقه بخُراسان عن أبي بكر القفّال المَرْوَزِيّ، هو والقاضي حسين، والإمام أبو محمد الْجُوَينيّ. وصنَّف "شرح الفُروع" لأبي بكر بن الحدّاد المصريّ فجاء نهايةً في الحُسْن؛ وصنَّف كتاب "المجموع". وهو أول من جمع بين طريقتي خُرَاسان والعراق. 44- حمّاد بن عمّار بن هاشم2. أبو محمد القُرْطُبيّ الزّاهد. روى عن: أبي عيسى اللّيْثيّ. ورحل فأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد بالقيروان، وعن أبي القاسم الجوهريّ بمصر. وكان رجلًا صالحًا زاهدًا ورِعًا، شُهِر بإجابة الدّعوة. كان الخلْق يقصدونه ويتبرّكون به ويسألونه الدّعاء. دعاه الأمير عليّ بن حَمُّود إلى قضاء قُرْطُبة، فصرف الرّسول وانتهره، وخرج إلى طليلطة فاستوطنها. وعُمّر ونيّف على مائة عام. حدَّث عنه: حاتم بن محمد، وجماعة من علماء الأندلس. قال ابن حيّان: تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. "حرف العين": 45- عَبْد الله بن سعيد بن أبي عَوْن الرّباحيّ الأندلسيّ3. نزيل طُلَيْطُلَة. سمع من أبي عبد الله بن أبي زمْنِين. وحجّ، فسمع من أبي محمد بن أبي زيد. وكان صالحًا، ديِّنًا، ورِعًا. أوّل من يدخل المسجد وآخر من يخرج منه. وكان بكّاءً عند قراءة الحديث. ويُرابط في شهر رمضان بحصن ولمش.

_ 1 الأنساب "7/ 165، 166"، سير أعلام النبلاء "17/ 526، 527"، البداية والنهاية "12/ 57". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 156". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 268، 269".

46- عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الوليد بن محمد بن يوسف بن عبد الله1. أبو عبد الرحمن الأُمويّ، المُعَيطيّ القُرْطُبيّ. روى عن: أبي محمد الباجيّ، وغيره. وكان من أهلِ السُّؤدُد والشّرف. بويع بالخلافة بشرق الأندلس وخُطِب له. ثمّ خُلِع فصار إلى كُتَامَة. وكان مجاهد صاحب دانية قد قدّم هذا المُعِيطيّ أن يكون أمير المؤمنين بعمله، فبقي مدّة يسيرة، ثمّ خلعه مجاهد ونفاه، فالتجأ إلى أرض كُتَامَة، وبقي لا يرفع للدُّنيا رأسًا. 47- عبد الله بْن عليّ بْن سعيد. أبو محمد النَّجِيرميّ. رجلٌ صالح. قال الحبّال: تُوُفّي في رجب. 48- عبد الباقي بن محمد بن أحمد بن زكريّا2. أبو القاسم الطّحّان، بغدادي ثقة، سمع: سمع أبا بكر الشّافعيّ وأبا عَلِيّ بْن الصّوّاف رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر أبا بكر الخطيب، وأبو ياسر طاهر بن أسد الطّبّاخ، وجماعة. تُوُفّي فِي جُمَادى الأولى عن ثمانٍ وثمانين سنة. 49- عبد الوهّاب بن محمد بن عبد الله. القاضي أبو عليّ النَّسَفيّ، الفقيه. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. 50- عبد الواحد بن محمد بن إبراهيم. أبو سهل التّميميّ الكوفيّ، ثمّ الأصبهاني الواعظ. عن: أبي الشّيخ. وعنه: سعيد البقّال. تُوُفّي في ربيع الآخر. 51- عليّ بن أحمد بن محمد بن حسين. الإمام أبو الحسن الإسْتِراباذيّ الحاكم. كان من كبار أئمّة الحديث بسَمَرْقَنْد. وكان مجتهدًا في الخير. كان ينسخ عامّة النّهار وهو يقرأ القرآن، لا يمنعه ذا عن ذا، وكان قد حجّ وسأل الله كمال القوّة على التّلاوة وعلى الْجِماع، فاستجيب له. حدَّث هذه السّنة ولا أعلم وفاته، ولا رواته، رحمه الله.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 261، 262"، الوافي بالوفيات "17/ 703". 2 تاريخ بغداد "11/ 90"، العبر "3/ 175".

"حرف الميم": 52- محمد بن أحمد بن جعفر1. أبو حسّان المزكّي المُولْقَابَاذيّ الفقيه، الشّيخ الثّقة. كان مشهورًا بالفضل والصّلاح والعِلْم، وكان إليه التَّزْكية بنَيْسابور، والحشْمة الوافرة. حدَّث عن: والده أبي الحسن، والشّيخ أبي العبّاس محمد بن إسحاق الصِّبْغيّ، ومحمد بن الحسن السّرّاج، وإسماعيل بن نُجَيْد، وجعفر المراغيّ، وأبي عَمْرو بن مطر، وأبي الفضل عُبَيْد الله بن عبد الرحمن الزُّهْريّ، وطبقتهم. ثنا عنه خالي أبو سعْد القُشَيريّ. 53- محمد بن الحسن بن الفضل2. أبو يَعْلَى البصْريّ الصُّوفيّ. سمع: أبا الحسين بن جُمَيْع بصَيْداء. روى عنه: الخطيب. وله: لي عجوز كأنّها البـ ... ـدر في ليلة المطر ناطق عن جميع أعـ ... ـضائها شاهدُ الكبر غير أضراسه ففيـ ... ـها لِذي اللُّبِّ مُعْتبر أعْظُمٌ غير أنّها ... أعظُمٌ تَطحنُ الحَجَر وكان ظريفًا كثير الأسفار. حدَّث فِي هذا العام، وانقطع خبره. 54- مُحَمَّد بن الحسن بن محمد3. أبو المظفّر المَرْوَزِيّ. صدوق، نزل بغداد. وحدَّث عن: زاهر بن أحمد، وأبي طاهر المخلّص. روى عنه: الخطيب.

_ 1 المنتخب من السياق "34"، سير أعلام النبلاء "17/ 596، 597"، شذرات الذهب "3/ 250". 2 تاريخ بغداد "2/ 220، 221"، المنتظم "8/ 108"، البداية والنهاية "12/ 49". 3 تاريخ بغداد "2/ 220"، المنتظم "8/ 108".

55- مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد. أبو الحسن الهَرَويّ، الدّبّاس العدْل. سمع: حامد بن محمد الرّفّاء. روى عنه: شيخ الإسلام، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأهل هَرَاة. 56- محمد بن عمر بن بُكَيْر بن وُدّ1. أبو بكر النّجّار. جار أبي القاسم بن بِشْران. سمع: أبا بكر بن خلّاد النَّصِيبيّ، وأبا بحر البَرْبَهَاريّ، وأبا إسحاق المزكّيّ، وابن سَلْم الخُتُّليّ. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقة من أهل القرآن. قرأ على إبراهيم بن أحمد البُزُوريّ. وتُوُفّي فِي ربيع الأول، وكان مولده فِي سنة ست وأربعين وثلاثمائة ببغداد. قلت: وروى عنه: أحمد بن بُنْدَار البقّال، وجماعة. وقرأ عليه: عبد السّيّد بن عَتّاب، وأبو الخطّاب بن الجرّاح، ومحمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل، وثابت بن بُنْدَار، وغيرهم عن قراءته على البُزُوريّ وصاحب أحمد بن فَرَح. 57- محمد بن مروان بن عيسى2. أبو بكر الأموي ابن الشّقّاق الأندلسيّ القُرْطُبيّ. روى عنه: عبّاس بن أصْبغ، وأبي محمد الأصِيليّ، وجماعة. وكان قديم الطَّلب، نافذًا في عدّة علوم، محكمًا للنَّحْو والحساب. 58- محمد بن يحيى بن حسن3. أبو عَمْرو النَّيْسابوري. حجّ وحدَّث ببغداد. عن: أبي عَمْرو بن حمْدان، وعلي بن عبد الرحمن البكّائيّ، وعبد الرحمن بن محمد محبور الدّهّان. روى عنه: البَرْقانيّ مع تقدُّمه، وأبو صالح المؤذّن، وجماعة. صدوق مات بعد الثّلاثين، قاله المؤذن.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 39"، سير أعلام النبلاء"17/ 472، 473"، شذرات الذهب "3/ 250". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 522". 3 تاريخ بغداد "3/ 433".

59- محمد بن يحيى بن محمد بن الرُّوزبَهَان1. أبو بكر البغداديّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، ولا بأس به. سمع: ابن مالك القَطِيعيّ، وابن ماسيّ. مات في صفر. 60- مكّيّ بن بُنان. أبو القاسم المصريّ الصّوّاف. قال الحبّال: تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. "حرف الهاء": 61- هاشم بن عطاء بن أبي يزيد الأطْرَابُلُسيّ2. أبو يزيد. دخل الأندلس تاجرًا في هذه السّنة. وقد سكن في شبيبته بغداد، وأخذ عن القاضي أبي بكر الأبْهريّ. وأخذ بالقيروان عن أبي محمد بن أبي زيد. وكان مالكيَّ المذهب، جاوز ثمانين سنة. 62- هشام بن محمد3. أبو محمد التيمليّ الكوفيّ الحافظ. عن: أبي حفص الكتانيّ، وأبي القاسم بن حبابة، وأبي نصر بن الجندي الدمشقي، وطبقتهم. وعنه الخطيب، وقال: لم يكن ثقة. وقد اتَّهمه الصُّوريّ. 63- محمد بن أبي نصر4. أبو عُبَيْد النَّيْسابوري. محدِّث جليل. وثّقه الخطيب. واسم أبيه: محمد بن عليّ بن محمد. قدِم بغداد حاجًّا، فروى عن: أبي عَمْرو بن حمدان، وحُسَيْنَك التّميميّ، وعدة. كتب عنه الخطيب. وأصله فارسي. مات بعد الثلاثين وأربعمائة.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 434". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 659". 3 تاريخ بغداد "14/ 48"، الأنساب "3/ 114، 115"، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي "1/ 175، 176". 4 تاريخ بغداد "3/ 233، 234".

وفيات سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة: "حرف الألف": 64- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن عثمان1. الدّمشقي الغساني ابن الطيان أبو بكر. حدَّث في هذه السنة عن: الحسن بن رشيق العسكريّ، ومحمد بن عليّ النّقّاش التِّنِّيسيّ، ويوسف المَيَانِجِيّ، وأحمد بن عطاء الرُّوذَبَاريّ، ومحمد بن أحمد الحندريّ. روى عنه: أبو عبد الله القُضاعيّ، ونجا بن أحمد العطّار. وبالإجازة: نصر المقدسيّ، وأبو طاهر الحِنَّائيّ. 65- أحمد بن الحسين بن أحمد بن إسحاق بن حمك2. أبو حامد النَّيْسابوريّ، الفقيه الشّافعيّ الواعظ. ثقة، إمام. حدَّث عن: أبي عَمْرو بن حمدان، وطبقته. وعنه: أحمد بن عبد الملك المقري. تُوُفّي في صفر. 66- أحمد بن الحُسين بن محمد بن عبد الله بن بَوّان3. القاضي أبو نصر الدِّينَوَريّ المعروف بالكسّار. سمع "سُنَن النَّسائيّ" سنة ثلاثٍ وستّين وثلاثمائة في جُمَادى الأولى من أبي بكر بن السُّنّيّ. وحدَّث به في شوّال من هذا العام. روى عنه: أبو نجم بدر بن خَلَف الفَرْكيّ، وعَبْدُوس بن عبد الله، وعبد الرحمن بن حمد الدوني، أَبُو صالح أَحْمَد بْن عَبْد المُلْك المؤذن، وآخرون. وكان صدوقًا، صحيح السّماع، من أهل العِلم والجلالة. 67- أحمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن فاذشاه4.

_ 1 تاريخ دمشق "36/ 184". 2 المنتخب من السياق "94". 3 العبر "3/ 54"، سير أعلام النبلاء "17/ 514"، شذرات الذهب "3/ 250". 4 سير أعلام النبلاء "17/ 515، 516" العبر "3/ 187"، الوافي بالوفيات "7/ 383".

أبو الحسين الأصبهاني، التّانيّ الرّئيس. سمعَ الكثير من أبي القاسم الطَّبَرانيّ. قال أبو زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ: كان صاحب ضياع كثيرة، صحيح السّماع رديء المذهب. جميع مسموعاته مع جدّه الحسين في سنة أربعٍ وخمسين. وحكَّ أشياء ممّا رواه مسروق، عن ابن مسعود، في الصّفات في حال القيامة، وكان ينتحل الاعتزال والتَّشيّع. قلتُ: روى عن الطَّبَرانيّ معجمه الكبير. روى عنه: مَعْمر بن أحمد اللُّنْبَانيّ، ومحمد بن إسماعيل الصَّيْرفيّ، وأبو عليّ الحدّاد، والمُحَسَّدُ بن محمد الإسكاف، وعبد الأحد بن أحمد العَنْبَريّ، وأهل أصبهان. تُوُفّي في صَفَر، سامحه الله تعالى، وله شِعْر. قال المطهّر بن أحمد السُّكَّريّ: أنشدنا أبو الحسين بن فاذشاه لنفسه: أتطمع أن تدوم لك الحياةُ ... وتجمع ما تفوز به العُداةُ فلا تخشَى الفناءَ وأنت شيخٌ ... وهل يبقى إذا ابيّضّ النباتُ وأنشدنا أيضًا: سِهام الشيبِ نافذةٌ مصِيبة ... وسائقة المُلِمّة والمصيبهْ ومَن نَزَلَ المشيبُ بعارِضَيهِ ... قدِ اسْتَوفَى من الدُّنيا نصيبهْ 68- أحمد بن محمد بن عليّ بن كُرْديّ1. أبو عبد الله البغداديّ الأنْماطيّ البزّاز. روى عن: أبي بكر الشّافعيّ. وتُوُفّي في صفر. قال الخطيب: كتبت عنه، ولا بأسَ به. قلت: روى عنه: الفضل بن عبد العزيز القطّان، وعبد الله بن محمد الحارثيّ.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 70، 71"، سير أعلام النبلاء "17/ 527".

69- أحمد بن محمد الخَوْلانيّ. أبو جعفر بن الأَبّار الإشبيليّ الشَّاعِر. من شُعراء المعتضِد عبّاد بن محمد اللَّخْميّ المحسنين. وله، وهو في ديوان شِعره: لَمْ تَدْرِ ما خلَّدت عيناكَ في خِلْدِي ... منَ الغرامِ وَلَا مَا كابدتْ كَبِدي أَفديه من زائرٍ رامَ الدُّنوءَ فلم ... يسْطَعْه من غرق في الدّمْع متقدِ خافَ العيونَ فوافاني على عَجَلٍ ... معطلًا جِيده إلّا من الجيدِ عاطيتهُ الكاسَ فاستحيتْ مدامَتُها ... من ذلك الشَّنب المعسُول والبردِ حتّى إذا غازلت أجفانهُ سنةٌ ... وصيَّرتهُ يدُ الصَّهباء طوعَ يدي أردتُ توسيدَه خدّي وقلَّ له ... فقال: كفُّكَ عندي أفضل الوَسَدِ فبات في حرمٍ لا غدرَ يُذعرُهُ ... وبتُّ ظمآنَ لم أصدِر ولم أردِ بدرٌ أَلمّ وبدرُ التّمّ ممحقٌ ... والأُفق محلولكُ الأرجاء من حَسَدِ تحيَّر اللَّيل منه أين مطلعُه ... أما درى اللَّيلُ أن البدرَ في عضُدي؟ 70- إبراهيم بن أبي العَيْش بن يربوع. أبو إسحاق القَيْسيّ السّبْتيّ. دخل الأندلس، وسمع من: أبي محمد الباجيِّ، وغيره. ورّخه حفيده إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم. - أنوش تِكِين. أبو منصور التُّرْكيّ الختنيّ. سيأتي مطوّلًا في "ن". "حرف الحاء": 71- الحسن بن صالح بن عليّ بن صالح. أبو محمد المصريّ، يُعرف بالعميد. ورّخه الحبّال، وقال: سمع كثيرًا وحدَّث قليلًا.

72- لحسن بن محمد بن بِشْر. المُزَنيّ الهَرَويّ، أبو محمد. تُوُفّي في صفر. 73- الحسين بن بكر بن عُبَيْد الله1. أبو القاسم البغداديّ. روى عن: أبي بكر القَطِيعيّ، وغيره. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة. ناب في القضاء بالكَرْخ. 74- الحسين بن عليّ بن أحمد بن جمعة الحريري2. بغداديّ. روى عن: أبي بكر القَطِيعيّ، وأبي بكر بن ماسيّ، وسهل بن أحمد الدّيباجيّ، ومحمد بن المظفر، وطبقتهم. قال الخطيب: كان له حفظ. وسمعت عُبَيْد الله الأزهريّ يقول إنّه كان يستعير منه أُصُولًا لا سَمَاع له فيها فينقل منها. ولد سنة سبع وخمسين وثلاثمائة. 75- الحسين بن محمد بن إبراهيم بن زَنْجُوَيْه. أبو عبد الله الأصبهاني. عن: أبي بكر القبّاب. كتب عنه اللّبّاد. مات في رجب. "حرف السّين": 76- سالم بن عبد الله3. أبو مِعْمر الهَرَويّ، المعروف بغُولجة. إمامٌ متفنِّن. قال فيه بعض العلماء. ما عبرَ جسرَ بغداد مثلُه. روى عنه: الّلتّيّ. وله تصانيف الأُصُول والفروع على مذهب الشّافعيّ. 77- سعيد بْن العبّاس بْن محمد بْن عليّ بْن سعيد4.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 26"، المنتظم "8/ 112". 2 تاريخ بغداد "8/ 78". 3 طبقات ابن الصلاح "49"، معجم المؤلفين "4/ 203". 4 تاريخ بغداد "9/ 113، 114"، المنتخب "231"، سير أعلام النبلاء "17/ 552، 553".

أبو عثمان القُرَشيّ، الهَرَويّ، المزكّيّ. سمع: أبا عليّ الرَّفّاء، وأبا حامد بن حسنُوَيْه، وأبا الفضل بن خميرُوَيْه، ومنصور بن العبّاس البوسنْجيّ، وجماعة تفرَّد بالرّواية عنهم. وطال عمره. وانتخب عليه إسحاق القرّاب أجزاء كثيرة. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وجماعة. تُوُفّي في المحرَّم، وله أربعٌ وثمانون سنة، وكان شريفًا سَريًّا. سمع ببغداد ونَيْسابور. "حرف الطّاء": 78- طاهر بن العبّاس. أبو بِشْر العَبّاديّ الهَرَويّ. روى عن: الخليل بن أحمد القاضي، وعبد الرحمن بن أبي شريح. "الحرف العين": 79- عبد الله بن عَبْدَان بن محمد بن عَبْدَان1. أبو الفضل، شيخ هَمَذَان، وعالمها ومُفتيها. قال شِيرُوَيْه: روى عن: صالح بن أحمد، وجِبريل، وعليّ بن الحسن بن الربيع، وجماعة. وسمع ببغداد: من أبي الحسن بن أخي مَعْمَر، وابن حُبَابَة، وعثمان بن المُنْتَاب، وأبي حفص الكتّانيّ، والمخلص. ثنا عنه: محمد بن عثمان، وأحمد بن عمر، والحسين بن عَبْدُوس، وأبوه، وعليّ الحَسَنيّ، وكان ثقة فقيهًا، وَرِعًا جليل القدْر ممّن يُشار إليه. سمعت ابن عثمان يقول: لمّا أغار التُّرك على هَمَذَان أسروا ابن عَبْدَان، ثمّ إنّهم عرفوه فقال بعضهم: لا تعذّبوه، ولكنْ حلِّفوه بالله ليخبرنا بماله، فإنّه لا يكذب.

_ 1 طبقات الشافعية الكبرى "3/ 204"، شذرات الذهب "3/ 251"، الأعلام "4/ 229".

فاستحلفوه فاخبرهم بمتاعه حتّى قال لهم: خرقة فيها خمسة وعشرون دينارًا رَميْناها في هذه البئر. فما قدروا على إخراجها. قال: فما سَلِمَ له غيرها. قال شِيرُوَيْه: رأيت بخطّ ابن عَبْدَان: رأيت ربَّ العزّة في المنام، فقلت له: أنت خلقتَ الأرض وخلقت الخلْق ثمّ أهلكتهم. ثمّ خلقت خلْقًا بعدهم. وكأنّي أرى أنّه يرتضي كلامي ومدْحيّ له، فقال لي كلامًا يدلّ على أنّه يخاف عليَّ الافتخار بما أوْلانِيهِ، فقلت له: أنا في نفسي أخسّ. ووقع في ضميري: أخسّ من الرَّوْث. ثمّ قال لي: أفضل ما يُدعى به: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] . تُوُفّي رحمه الله في صفر سنة ثلاثٍ وثلاثين، وقبره يُزار ويُتبرَّك به. 80- عبد الرحمن بن حمْدان بن محمد بن حمْدان1. أبو سعد النصرويي والنيسابوريّ، منشوبٌ إلى جدّه نَصْرُوَيْه، بصادِ مُهْمَلَة. رحل وكتب الكثير. وروى عن: أبي محمد بن ماسيّ، وعُبَيْد الله بن العبّاس الشَّطَويّ، ومحمد بن أحمد المفيد، وابن نُجَيْد، وأبي الحسن السّرّاج، وأبي بكر القَطِيعيّ، وأبي عبد الله العصميّ، وعبد الله بن محمد بن زياد الدَّوْرَقيّ السّمريّ المعدّل يروي عنه "مُسْنَد إسحاق الحنْظليّ". روى عنه: أبو عليّ الحَسَن بن محمد بن محمد بن حَمُّوَيْه، وأبو بكر البَيْهَقيّ، وأبو بكر الخطيب، وعبد الغفّار بن محمد الشِّيرويّ، وآخرون. تُوُفّي في صفر. وكان محدِّث عصره. 81- عبد السلام بن الحسن2. أبو القاسم المايُوسيّ الصّفّار. شيخ بغداديّ ثقة. سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وابن المظفّر. روى عنه: الخطيب، وأثنى عليه

_ 1 المنتخب من السياق "307"، سير أعلام النبلاء "17/ 553، 554"، شذرات الذهب "3/ 250". 2 تاريخ بغداد "11/ 58"، الأنساب "11/ 113، 114".

82- عبد الملك بْنُ الْحُسَيْن بْنُ عبدويه1. أَبُو أَحْمَد الأصبهاني العطار المقرئ. رَوَى عن: عَلِيَّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ السُّكَّريّ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيَّ الحداد. 83- عبد الغفّار بن عبد الواحد بن محمد2. أبو النَّجيب الأُرْمُويّ الحافظ. رحل وطوَّف، وسمع: أبا نُعَيْم الحافظ، وأبا القاسم بْن بِشْران، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بن المَحَامِليّ، ومحمد بن الفضل بن نظيف. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر الخطيب، ونجا بْن أحمد، وعبد العزيز الكتّاني، وغيرهم. وجاوز بمكّة، فأكثر عن: أبي ذَرّ. ورجع إلى الشّام قاصدًا بغداد فأدركه أَجَلُه بين دمشق والرَّحْبة في شوّال شابًا. 84- عبد الوهاب بن الحسن الحربي3. المؤدب. ويعرف بابن الخزري. سمع: أبا بكر القطيعي، وأبا عبد الله الحسين الشماخي. وثقه الخطيب، وحدَّث عنه. 85- عُبَيْد الله بن إبراهيم الأنصاريّ4. الخطيب الخيّاط الشّيعيّ. حدَّث عن: أبي بكر القَطِيعيّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان من شيوخ الشيعة. 86- علاء الدولة5. أبو جعفر شهريار بن كاكويه، صاحب إصبهان. أحد الشّجعان، حارب السَّلْجُوقيّة، وتمكّن مدّة، ومات سنة ثلاثٍ، فقام بعده ابنه ظهير الدّين أبو منصور قرامرز، فسار أخوه كرشاسف فاستولى على همذان.

_ 1 غاية النهاية "1/ 468". 2 تاريخ بغداد "11/ 117"، سير أعلام النبلاء "17/ 447". 3 تاريخ بغداد "11/ 32، 33"، الإكمال لابن ماكولا "2/ 201"، الأنساب "4/ 112". 4 تاريخ بغداد "10/ 384". 5 الكامل في التاريخ "9/ 495".

87- عليّ بن بُشْرَى1. أبو الحسن اللَّيّثيّ، مولى بني اللَّيث السِّجَزيّ الصُّوفيّ. يروي عن: ابن حمدان، ومحمد بن الحسين الآبُرِيّ. روى عنه: عيسى بن شعيب السجزي، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل، وجماعة. وكان مكثرا عن الحافظ ابن مَنْدَهْ. 88- عليْ بْن مُحَمَّد بْن عليّ2. أبو القاسم العَلَويّ الحُسَينيّ الحرّانيّ، المقرئ الحنبليّ السُّنّيّ. تُوُفْي في العشرين من شوّال من سنة ثلاثٍ عن سنّ عالية. قرأ القراءات على أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الحَسَن النَّقّاش، وسمع منه تفسيره. وهو آخر مَن روى فِي الدُّنيا عَنْهُ. قرأ عليه: أبو مَعْشَر عبد الكريم الطَّبَريّ، وأبو القاسم يوسف بن جُبَارة الهُذَليّ، وأبو العبّاس أحمد بن الفتح بن عبد الجبّار المَوْصِليّ نزيل نهر الملك، وشيخ المحوّل. وكان إمامًا صالحًا كبير القدْر. لكنّ هبة الله بن الأكفانيّ قال: سمعت عبد العزيز الكتّانيّ الحافظ، وقد أرَيْتُهُ جزءًا من كُتُب إبراهيم بن شُكْر من مصنَّفات الآجُرِّيّ. والسّماع عليه مزورٌ بَيِّنَ التَّزوير، فقال: ما يكفي عليّ بن محمد الزَّيْديّ الحرّانيّ أن يكذب حتّى يُكذَبَ عليه؟ وأمّا أبو عَمْرو الدَّانيّ فقال: هو آخر من قرأ على النّقّاش، وكان ضابطًا ثقة مشهورًا. أقرأ بحرّان دهرًا طويلًا. 89- عليّ بن موسى بن الحسين3. أبو الحسن بن السّمْسار الدّمشقيّ. حدَّث عن: أبيه، وأخيه أبي العبّاس محمد، وأخيه الآخر أحمد، وأبي القاسم عليّ بن يعقوب بن أبي العَقِب، وَأَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مروان، وأحمد بن أبي دُجَانَة، وأبي عليّ بن آدم، وأبي عمر بن فَضَالة، وأبي زيد المَرْوَزِيّ، والدَّارَقُطْنيّ، والمظفّر بن حاجب الفَرَغانيّ، وخلْق كثير. وكان مسند الشام في وقته.

_ 1 الأنساب "11/ 50". 2 ميزان الاعتدال "3/ 155"، سير أعلام النبلاء "17/ 505، 506"، لسان الميزان "4/ 259". 3 ميزان الاعتدال "3/ 158"، الوافي بالوفيات "5/ 86، 244"، لسان الميزان "4/ 264، 265".

روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وأبو نصر بن طلاب، وأبو القاسم بن أبي العلاء، والحسن بن أحمد بن أبي الحديد، والفقيه نصر المقدسيّ، وأحمد بن عبد المنعم الكُرَيْديّ، وآخرون. قال أبو الوليد الباجيّ: فيه تَشَيُّع يُفْضي به إلى الرَّفض. وكان قليل المعرفة، في أُصُوله سُقْم. وقال الكتّانيّ: كان فيه تساهل، ويذهب إلى التَّشَيُّع. وتُوُفّي في صفر، وقد كمّل التّسعين. 90- عمر بن إبراهيم بن أحمد. أبو حفص الأصبهاني السِّمّسار. عن: أبي الشّيخ. وعنه: سعيد بن محمد البقّال، وواصل بن حمزة، وإسحاق بن عبد الوهّاب بن منده. مات فِي جُمَادَى الأولى. "حرف الميم": 91- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بن شَريعة اللَّخْميّ الباجيّ1. أبو عبد الله الإشبيليّ. سمع من جدّه الإمام أبي محمد، ورحل مع أبيه إلى المشرق. وشاركه في السّماع من الكبار كأبي بكر بن إسماعيل المهندس، والحسن بن إسماعيل الضّرّاب. حدَّث عَنِه الخَوْلانيّ وقال: كَانَ من أهل العلم بالحديث والرَّأي والفقه، عارفًا بمذهب مالك. تُوُفّي لعشر بقين من المحرَّم. وقال ابن خزرج: مولده في صفر سنة ست وخمسين وثلاثمائة. وكان أجلّ الفُقهاء عندنا دِرايةً وروايةً، بصيرًا بالعقُود وعِلَلها. صنّف فيها كتابًا حسنًا، وكتابًا مستوعبًا في سِجلّات القُضاة إلى ما جمع من أقوال الشّيوخ المتأخّرين، مع ما كان عليه من الطّريقة المُثْلَى من الوقار والتّعاون النزاهة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 522، 523".

92- محمد بن إسماعيل بن عبّاد بن قُرَيْش1. القاضي أبو القاسم اللَّخْميّ الإشبيليّ، مَن ذُرّيّة النُّعمان بن المنذر ملك الحيرة، وأصله من بلد العَرِيش، البلد الّتي كانت أوّل رمل مصر، فدخل أبو الوليد إسماعيل بن عبّاد الأندلس، ونشأ له أبو القاسم، فاعتنى بالعِلم وبرع في الفِقْه، وتنقّلت به الأحوال إلى أن ولي قضاء إشبيليّة في أيّام بني حَمُّود الإدريسيّ، فأحسن السّياسة مع الرّعيّة والملاطفة لهم، فرَمَقَتْه العُيُون. وكان المعتلي يحيى بن عليّ الإدريسيّ صاحب قُرْطُبة مذموم السّيرة فسار إلى إشبيليّة وحاصرها، فلمّا نازلها اجتمع الأعيانُ إلى القاضي أبو القاسم هذا وقالوا له: ترى ما نزل بنا، فقُمْ بنا واخرج إلى هذا الظّالم ونُمَلِّكُك. فأجابهم وتهيّأ للقتال، وخرجوا إلى قتال يحيى، فركب إليهم وهو سكران، فقُتِل يحيى وهو سَكران، وعظُم أبو القاسم في النُّفُوس وبايعوه، واستعان بالوزير أبي بكر محمد بن الحسن الزُّبَيْديّ، وعيسى بن حَجّاج الحضْرميّ وعبد الله بن عليّ الهَوْزَنيّ، فدبّروا أمر إشبيليّة أحسن تدبير ولقّبوه الظّافر المؤيَّد بالله، ثمّ إنَّهُ ملك قُرْطُبة وغيرها. واتّسع سلطانه. وقضيّته مشهورة مع الشّخص الّذي زعم أنّه هشام المؤيّد بالله بن الحَكَم الأُمويّ، الّذي كان المنصور محمد بن أبي عامر حاجبه. انقطع خبر المؤيّد بالله هذا أكثر من عشرين سنة، وجَرَت أحوال وفِتَنٌ في هذه السَّنوات، فلمّا تملّك القاضي أبو القاسم بن عبّاد قيل له: إنّ هشام بن الحكم أمير المؤمنين بقلعة رياح في مسجد، فأحضره ابن عَبّاد وبايعه بالخلافة، وفوّض إليه، وجعل ابن عَبّاد نفسه كالوزير بين يديه. قال الأمير عزيز: استولى القاضي محمد بن إسماعيل على الأمر سنة أربعٍ وعشرين، وحسَدَه أمثالُه وكثُر الكلام فيه، وقالوا: قتل يحيى بن عليّ الحَسَنيّ الإدريسيّ من أهل البيت. وقتل يحيى بن ذي النُّون ظُلْمًا. واتّسع القول فيه، وهو في خلال ذلك مفكّرٌ فيما يفعله إذ جاءه رجلٌ من

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 523"، سير أعلام النبلاء "17/ 527-530"، الوافي بالوفيات "2/ 212-214".

قُرْطُبة، فقال: رأيتُ هشامًا المؤيّد بالله في قلعة رباح، وكان ذلك الرجل يعرفه من مدة، فقال: انظر ما تقول. قال: أين واللهِ رأيته، وهو هشام بلا شكّ. وكان عند القاضي عبدٌ اسمه تُومَرت، كان يقوم على رأس هشام، فقال له: إذا رأيتَ مولاك تعرفه؟ قال: نعم، ولا أُنكره ولي فيه علامات. فأرسل رجلًا مع الرّجل، فوجداه في قلعة رباح في مسجد، فأعلماه أنّهما رسولا القاضي بن عباد، فسار معهما إلى إشبيليّة، فلمّا رآه مولاه تُومرت قام وقبَّل رِجْليه وقال: مولاي والله. فقام إليه القاضي وقبّل يديه هو وأولاده وسلّموا عليه بالخلافة. وأخرجه يوم الجمعة بإشبيليّة، ومَشَوا بين يديه إلى الجامع، فخطب هشام للنّاس وصلّى بهم، وبايعوه: القاضي وبنوه، والنّاس، وتولى القاضي الخدمة بين يديه، وبقي أمير المؤمنين، والقاضي يقول: أمر أمير المؤمنين. وجرى على طريقة الحاجب ابن أبي عامر غير أنّه لم يخرج إلى الجمع طول مدته. والقاضي ابن عباس في رُتْبَة وزير له. واستقام لابن عبّاد أكثر مدن الأندلس. قال عزيز: خرج هشام هاربًا بنفسه من قرطبة عام أربعمائة مستخفيا حتّى قدِم مكّة، ومعه كيس فيه جواهر، فشعر به حراميّة مكّة، فأخذوه منه، فبقي يومين لم يُطْعَم. فأتاه رجلٌ عند المَرْوَة، فقال: تحسِن عملَ الطِّين؟ قال: نعم. فمضى وأعطاه ترابًا ليجبُلَه، فلم يدرِ كيف يصنع. وشارَطَه على دِرْهم وقُرْص، فقال له: عجِّل القُرص. فأتاه به فأكله. ثمّ عَمَدَ إلى التّراب فجَبَلَه ثمّ خرج مع قافلة إلى الشّام على أسوأ حال، فقدِم بيت المقدس فرأى رجلًا حُصْريًّا فوقف ينظر، فقال له الرّجل: أَتُحْسِنُ هذه الصّناعة؟ قال: لا. قال: فتكون عندي تناولني القَشّ. فأقام عنده مدّة، وتعلّم صنعة الحُصْر، وبقي يتقوّت منها وأقام ببيت المقدس أعوامًا، ثمّ رجع إلى الأندلس سنة أربع وعشرين وأربعمائة. قال عزيز: هذا نصُّ ما رواه مشايخ من أهل الأندلس. ثمّ ذكر ما قاله أبو محمد بن حزْم في كتاب "نقط العَرُوس"، قال: فضيحة لم يقع في الدّهر مثلها. أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيّام تَسَمّى كلُّ واحدٍ منهم أمير المؤمنين، وخُطِب لهم بها في

زمن واحد. أحدُهم، خَلَف الحُصْريّ بإشبيليّة على أنّه هشام المؤيّد، والثّاني: محمد بن القاسم بن حَمُّود بالجزيرة الخضراء، والثّالث: محمد بن إدريس بن عليّ بن حَمْود بمالقة، والرّابع: إدريس بن يحيى بن عليّ بشَنْتَرِين. ثمّ قال أبو محمد بن حزْم: أُخْلُوقة لم يُسمع بمثلها. ظهر رجلٌ يقال له خَلَف الحُصْريّ، بعد نيِّف وعشرين سنة من موت هشام المؤيد بالله، فادّعى أنّه هشام، فبُويع وخُطِب له على منابر الأندلس في أوقاتٍ شتّى، وسُفِكت الدّماء وتصادمت الجيوش في أمره، وأقام هذا الّذي أدّعى أنّه هشام في الأمر نيِّفًا وعشرين سنة، والقاضي محمد كالوزير بين يديه. قلت: استبدَّ القاضي بالأمر، ولم يزل ملكًا مستقلًّا إلى أن تُوُفّي في آخر جُمَادى الأولى سنة ثلاثٍ وثلاثين، ودُفِن بقصر إشبيليّة، وقام بالأمر بعده ولده المعتضد بالله أبو عَمْرو عبّاد. وقيل: إنّما كان إقامة الّذي زُعِم أنّه هشام في أيّام المعتضد. وبقي المعتضد إلى سنة أربعٍ وستّين. 93- محمد بن جعفر1. أبو الحسن الْجَهْرَميّ الشّاعِر. كان من فحُول الشُّعراء بالعراق. وجَهْرَم قرية. مولده في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. 94- محمد بن حمزة2. أبو عليّ البغداديّ الدّهّان. قال الخطيب: صدوق كتبنا عنه. سمع: أبا بكر عبد الله بن يحيى الطَّلْحيّ، وعليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ بالكوفة، وأبا بكر القطيعي. ولد سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. وسمع سنة تسعٍ وخمسين. ومات في ربيع الآخر سنة ثلاث. 95- محمد بن عبد الله بن بندار3.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 159"، المنتظم "8/ 112، 113"، الكامل في التاريخ "9/ 503". 2 تاريخ بغداد "2/ 291". 3 مختصر تاريخ دمشق "22/ 226".

أبو عبد الله المَرَنْديّ. حجّ في هذا العام، وحدَّث بدمشق عن الدَّارَقُطْنيّ، وأبي حفص بن شاهين، وجماعة. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وهبة الله بن الصَّقْر المَرَنْدِيّ، وأبو القاسم بن أبي العلاء الفقيه. 96- محمد بن عليّ بن أحمد1. أبو بكر البغداديّ المطرِّز. يلقب حريقًا. سمع: أبا الحسن بن لؤلؤ، وأبا الحسين بن سمعون. قَالَ الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا. 97- محمد بن مساور بن أحمد بن طُفَيْل2. أبو بكر الطليطلي. روى عن: هاشم بن يحيى، وعبد الوارث بن سُفْيان. وكان خيِّرًا متواضعًا فصيحًا، ذا وقار. وحدَّث في هذه السّنة، وانقطع خبره. 98- مسعود بن السُّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين3. حارب أخاه محمدًا وقلعه من السَّلْطَنة، وكحّلَه وسجنه، وحكم على خُراسان والهند، وَغَيْرَ ذَلِكَ. وجرت له حروب وخُطُوب مع السّلْجُوقيّة أوّل ما ظهروا إلى أن قُتِل في سنة ثلاث، وأطاع الجيش أخاه محمدًا المسمول، وقتل أخاه مسعودًا وعاد إلى السَّلْطَنة. 99- مسلم بن أحمد بن أفلح4. أبو بكر القُرْطُبيّ الأديب. روى عَنْ: أَبِي مُحَمَّد بْن أسد، وأبي القاسم عبد الرحمن بن أبي يزيد المصريّ. وكان إمامًا في علم العربيّة، له تلامذه، وحلقة كبيرة، وكان متنسِّكًا صالحًا من أهل السُّنّة والجماعة، رحمه الله.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 99". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 253، 254". 3 الكامل في التاريخ "9/ 395"، سير أعلام النبلاء "17/ 495-497"، البداية والنهاية "12/ 50". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 626".

"حرف النّون": 100- نُوشْتِكِين بن عبد الله1. الأمير المظفّر سيف الخلافة عضُد الدّولة أبو منصور التُّرْكيّ، أحد الشُّجعان المذكورين. مولده ببلاد التُّرْك، وحُمل إلى بغداد، ثمّ إلى دمشق في سنة أربعمائة. فاشتراه القائد تَزْبَر الدَّيْلَميّ، فرأى منه شهامة مفرِطة وصرامة، وشاع ذكره فأهداه للحاكم المصريّ. وقيل بل جاء الأمر بطلبه منه سنة ثلاث وأربعمائة. فجُعِل في الحُجَرَة فقَهر مَن بها من المماليك، وطال عليهم بالذّكاء والنَّهضة، فقرّبه متولّيهم، ثم لزِم الخدمة وجعل يتودَّد إلى القوَّاد، فارتضاه الحاكم وأُعْجِب به، وأمّره وبعثه إلى دمشق في سنة ست وأربعمائة فتلقّاه مولاه دِزْبَر، فتأدَّب مع مولاه وترجَّل له. ثمّ أُعيد إلى مصر وجُرِّد إلى الرّيف. ثمّ عاد وولي بَعْلَبَك، وحَسُنَت سِيَرُتُه، وانتشر ذِكْرُه. ثمّ طُلِب، فلمّا بلغ العَرِيش رُدّ إلى ولاية قيْسارية. واتّفق قتْلُ فاتِك متولّي حلب سنة اثنتي عشرة، قتله مملوك هنديّ، وولي أمير الجيوش فلسطين في أوّل سنة أربع عشرة. فبلغ حسّان مُفَرّج ملك العرب خبره، فقلِق وخاف. ولم يزل أمر أمير الجيوش فِي ارتفاع واشتهار، وتمّت له وقائع مع العرب فدوّخهم وأثخن فيهم، فعمل عليه حسّان، وكاتب فيه وزير مصر حسن بن صالح، فقبض عليه بعسقلان بحيلة دُبّرت له في سنة سبع عشرة، وسألَ فيه سعيد السُّعَداء فأجيب سؤاله إكرامًا له وأُطْلِق. ثمّ حَسُنَت حاله، وارتفع شأنه، وكثُرت غلمانه وخَيْله وإقطاعاته. وبَعد غيبته عن الشّام أفسدت العرب فيها، ثمّ صُرِف الوزير ووزر نجيب الدّولة عليّ بن أحمد الْجَرْجَرائيّ، فاقتضى رأيُه تجريدَ عساكر مصر إلى الشّام، فقدّم نوشتكين عليهم، ولقّبه بالأمير المظفّر منتخب الدّولة، وجهّز معه سبعة آلاف فارس وراجل. فسار وقصد صالح بن مرداس وحسّان بن مفرّج، فكان الملتقي في القحوانة

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 230"، سير أعلام النبلاء "17/ 511-513"، النجوم الزاهرة "4/ 252".

فانهزمت العرب، وقتل صالح، فبعث برأسه إلى الحضرة، فنُفِذت الخِلَع إلى نوشتكين، وزادوا في ألقابه. ثمّ توجّه إلى حلب ونازلها، ثمّ عاد إلى دمشق، ونزل في القصر وأقام مدّة. ثمّ سار إلى حلب، ففتحت له، فأحسن إلى أهلها وردّ المظالم وعدل. ثمّ تغيّر وشربَ الخمر، فجاء فيه سِجِلٌّ مصريّ، فيه: أما بعد، فقد عرف الحاضر والبادي حال نوشتكين الدِّزْبَريّ الخائن، ولمّا تغيّرت نيّته سَلَبَه اللهُ نعمتَه. {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] . فضاق صدره وقلِق، ثمّ جاءه كتابٌ فيه توبيخ وتهديد، فعظُم عليه، ورأى من الصّواب إعادة الجواب بالتَّنصُّل والتَّلطُّف، فكتب: من "عبد الدّولة العلويّة، متبرّئًا من ذنوبه المُوبِقة، وإساءاته المرهِقة، لائذًا بعفو أمير المؤمنين، عائذًا بالكرم، صابرًا للحكم، وهو تحت خوفٍ ورجاء، وتضرّعٍ ودُعاء. وقد ذلّت نفسه بعد غرّها، وضاقت بعد أمنها". إلى أن قال: "وليس مسير العبد إلى حلب يُنْجِيه من سطوات مواليه". ونفّذ هذا الجواب وطلع إلى قلعة حلب، فحُمَّ وطلب طبيبًا، فوَصَف له مُسْهلًا، فلم يشربه، ولحِقَه فالج في يده ورِجْله. ومات بعد أيّامٍ من جُمَادى الأولى سنة ثلاثٍ وثلاثين بحلب. وخلّف من الذَّهب العَيْن ستّمائة ألف دينار ونيِّفًا. "حرف الياء": 101- يحيى بن سعيد بن يحيى بن بكر1. أبو بكر بن الطّوّاق القُرْطُبيّ. رَوَى عن: أَبِي عَبْد اللَّه بن مفرّج. وسمع بمصر من: أبي بكر المهندس. حدَّث عنه: أبو بكر الخَوْلانيّ، وقال: كان من أهل القرآن، طالبًا للعلم مع الفَهْم والضَّبْط. وكان من أهل السُّنّة، مُجانبًا لأهل البِدَع. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة عن سنٍّ عالية.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 266".

"الكنى": 102- أبو الحسن الرحبيّ. الفقيه الداودي. نزيل مصر. رحل إلى بغداد، ولقي: القاضي أبا بكر الأبْهريّ المالكيّ، وأبا بكر الرّازيّ الحنفي، ابن المَرْزُبان الشّافعيّ. وله مصنَّفات كثيرة على مذهب أهل الظاهر. "وفيات سنة أربع وثلاثين وأربعمائة": "حرف الألف": 103- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد1. أبو الحسين الْجَحْوانيّ الكوفيّ. سكن بغداد، وحدَّث عن: أبي بكر الطّلْحيّ، وجعفر الأَحْمَسِيّ. قال الخطيب: وهو آخر من حدَّث عنهما، كتبتُ عنه، وكان ثقة حافظًا للقرآن. تُوُفّي في شوال. ومولده في سنة خمسين وثلاثمائة. 104- أحمد بن عليّ بن الحسن2. أبو نَصْر المايمرغي الضرير المقرئ. من أهل ما رواء النّهر ثقة. سمع الكثير من: أبي عَمْرو محمد بن محمد بن صابر، وأبي أحمد الحاكم، والبخاريّين. وعاش تسعين سنة. 105- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن دَلُّوَيْه3. أبو حامد الأسْتَوائيّ. سمع بنَيْسابور: أبا أحمد الحاكم، وأبا سعيد بن عبد الوهاب الرازي، وكان أحمد الفُقهاء الشّافعيّة. ولي قضاء عُكُبَرَا. وكان صدوقًا. سمع منه: الدَّارَقُطْنيّ مع تقدُّمه، وأبو بكر الخطيب. وكان في الأُصُول على مذهب الأشعريّ، وفي الفقه شافعيًا.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 323، 324". 2 الأنساب "11/ 110". 3 تاريخ بغداد "4/ 377، 378"، سير أعلام النبلاء "17/ 582"، الوافي بالوفيات "7/ 351".

106- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بن بزدة الأصبهاني. الفَرَضيّ المقرئ. يُعرف بالقجّ. روى عن: أحمد بن عبدان الحافظ، والمخلّص. وعنه: الخطيب، وغيره. 107- إسماعيل بن عليّ. أبو إبراهيم الحُسَينيّ المصريّ. انتقى عليه أبو نصر السَّجِسْتانيّ، وحدَّث. تُوُفّي في شَعبان. "حرف الحاء": 108- الحسن بن عليّ بن سهلان1. أبو سعد الأصبهاني القُرْقُوبيّ. روى عن: أبي الشّيخ. وعنه: أحمد بن الحسين بن أبي ذَرّ الصّالحانيّ. 109- الحسين بن أحمد بن جعفر بن أحمد2. أبو عبد الله الهمذاني الفقيه. محدث بمكة. سمع ببغداد: ابن المظفّر، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وابن شاهين. وبنَيْسابور: أبا الحسن الخفّاف. وبهَمَذَان: جبريل بن محمد البغداديّ. وحدَّث سِنين. روى عنه. 110- الحسين بن عمر بن محمد البغداديّ3. أبو عبد الله كاتب ابن الآبنوسيّ. سمع: القطيعي، وابن ماسي. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقة صالحًا. تُوُفّي في ذي الحجّة. 111- حمزة بْن الحَسَن بْن العبّاس بْن الحَسَن بْن أبي الْجِنّ4. القاضي فخر الدّولة أبو يعلى العلوي الحسيني الدمشقي.

_ 1 الأنساب "10/ 108". 2 المنتخب من السياق "199". 3 تاريخ بغداد "8/ 83"، الأنساب "10/ 163"، المنتظم "8/ 115". 4 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 445، 446".

ولي قضاء دمشق مَن قِبَل الظّاهر العُبَيْديّ، وولي نقابة الأشراف بمصر، وجدّد بدمشق منابر وقُنِيّ، وأجرى الفوّارة. وذُكر أنّه وُجد في تذكرته صَدَقَة كلّ سنة سبعة آلاف دينار. وكان مولده في سنة سبع وستين وثلاثمائة. حكى عنه الشّريف أبو الغنائم عبد الله بن الحسين النَّسَّابة. "حرف السّين": 112- سعيد بن أحمد بن محمد1. أبو عثمان بن الربيع الهُذَليّ الإشبيليّ. كان من أهل النّفاذ في الحديث والفقه، قوي الفهم، محسنًا للشّروط وعِلَلها. روى عن: أبي محمد الباجيّ، وأبي جعفر بن عَوْن الله، وأبي الحسن الأنطاكيّ، وأبي بكر الزُّبَيْديّ، وجماعة. ذكره ابن خَزْرَج، وعاش اثنتين وثمانين سنة. 113- سعيد بْن محمد بن أحْمَد بْن سَعِيد. أَبُو القاسم الأصبهاني البقّال. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. محدِّث حافظ. مُعْجَمُه ألف شيخ. شيخ، رحل إلى خُراسان، والعراق، والحجاز، وهَمَذَان، وكتب الكثير، ونسخ بالأُجَرة. كتب عنه: أبو يعقوب التّرّاب، وأبو بكر أحمد بن عليّ الأصبهاني الحافظ. قال ذلك يحيى بن مَنْدَهْ. "حرف الشّين": 114- شَذْرَة بن محمد أحمد بن شَذْرَة2. أبو العلاء المَدِينيّ. تُوُفّي في رجب. يروي عن: ابن المقري. سمع منه: محمد بن عبد الواحد الكِسائيّ، وغيره.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "221". 2 المشتبه في أسماء الرجال "1/ 354".

115- شُعَيب بن عبد الله بن المِنْهال1. أبو عبد الله المصريّ. روى عَنْ: أحْمَد بْن الْحَسَن بْن إِسْحَاق بْن عُتْبَة الرّازيّ. وغيره. روى عنه: أحمد بن إبراهيم الرّازيّ، وعليّ بن الحسن الخِلَعيّ، وجماعة. وكان أسْنَد مَن بقي بديار مصر. تُوُفّي في شَعبان. قال أبو إسحاق الحبّال: يُتكلّم في مذهبه. قلت: كأنه يريد الرفض؛ لأنه مُلّا مصر. "حرف العين": 116- عبد الله بن غالب بن تمّام بن محمد1. أبو محمد الهَمَذَانيّ المالكيّ، الفقيه. عالم أهل سبْتة وصالحهم وشيخهم. أخذ عن شيوخ سبْتة، ورحل إلى الأندلس فسمع من: أبي محمد الأصيليّ، وأبي بكر الزُّبَيْديّ. ورحل إلى القيروان، فسمع من: أبي محمد بن أبي زيد. وإلى مصر، فسمع من: أبي بكر المهندس، والوشّاء. وكان إمامًا متقنًا عارفًا بالمذهب، أديبًا بليغًا شاعرًا، حافظًا، نظَّارًا، مدارُ الفتوى عليه ببلده في عصره. أخذ عنه: ابنه أبو عبد الله محمد، وإسماعيل بن حمزة، وأبو محمد المَسِيليّ، والقاضي بن جماح. وتُوُفّي رحمه الله في صفر. 117- عبد الله بن أبي الفضل عمر بن أبي سعْد. الزّاهد الهَرَويّ، أبو نصر الواعظ. تُوُفّي بنَيْسابور قاصدًا للحج.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 513". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 299"، سير أعلام النبلاء"17/ 523، 524"، الوافي بالوفيات "17/ 397".

عقد مجلسًا في قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِه} [النساء: 100] فمرِض عقيبَ المجلس، ومات رحمه الله في ربيع الآخر. 118- عبد الودود بن عبد المتكبّر1. أبو الحسن الهاشميّ البغداديّ. تُوُفّي في رجب عن أربعٍ وتسعين سنة. روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الله الشّافعيّ. سمع مجلسًا واحدًا. روى عنه: الخطيب. 119- عُبَيْد الله بن هشام بن سَوّار الدّارانيّ. أبو الحسين. 120- عبد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن غُفَير2. أبو ذَرّ الأنصاري الهَرَويّ المالكيّ الحافظ. ويُعرف ببلده بابن السّمّاك. وسمع بهَرَاة: أبا الفضل بن خميرُوَيْه، وبِشْر بن محمد المُزَنيّ، وجماعة. ورحل، فسمع: أبا محمد بن حَمُّوَيْه، وزاهر بن أحمد بسَرْخَس، وأبا إسحاق بن إبراهيم بن أحمد المستملي ببلخ؛ وأبا الهيثم محمد بن مكّيّ بكُشْمِيهَن، وأبا بكر هلال بن محمد، وشيبان بن محمد الضَّبُعيّ بالبصرة، والدَّارَقُطْنيّ، وأبا الفضل الزُّهْريّ، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وطائفة ببغداد؛ وعبد الوهّاب الكِلابيّ، وجماعة بدمشق، وطائفة بمصر وبمكّة. وجمع مُعْجَمًا لشيوخه، وجاور بمكّة دهرًا. روى عنه: ابنه عيسى، وعليّ بن محمد بن أبي الهَوْل، وموسى بن الصِّقِلّيّ، وعبد الله بن الحسن التِّنِّيسيّ، وعليّ بن بكّار الصُّوريّ، وأحمد بن محمد القَزْوِينيّ، وعليّ بن عَبْد الغالب البغداديّ، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل، وأبو عمران الفاسيّ الفقيه موسى بن عيسى، وأبو الطَّاهر إسماعيل بن سعيد النَّحْويّ، وأبو الوليد سليمان بن خَلَف الباجيّ، وعبد الله بن سعيد الشَّنْتَجَاليّ وعبد الحقّ بن هارون السَّهْميّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ الطُّرَيْثِيثيّ، وأبو شاكر أحمد بن عليّ العثمانيّ، وأبو الحسين محمد بن المهتدي بالله، وخلق سواهم.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 140"، المنتظم "8/ 115". 2 تاريخ بغداد "11/ 141"، الإكمال "6/ 228"، سير أعلام النبلاء "17/ 554-563"، البداية والنهاية "12/ 50".

وروي عنه بالإجازة: أبو بكر بالخطيب، وأبو عَمْرو الدّانيّ، وأبو عُمَر بن عبد البَرّ، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأبو عبد الله أحمد بن محمد الخَوْلانيّ الإشبيليّ. مولده في حدود سنة خمسٍ وخمسين وثلاثمائة. وقال الخطيب: قدِم بغداد أبو ذَرّ وأنا غائبٌ، فحدَّث بها وحجّ وجاور، ثم تزوج في العرب وسكن السروات، وكان يحج كل عام فيحدَّث ويرجع وكان ثقة ضابطا دينا. مات بمكة في ذي القعدة. وقال أبو علي بن سكرة: توفي في عقب شوال. وقال أبو الوليد الباجي في كتاب "اختصار فرق الفقهاء" من تأليفه عند ذكر أبي بكر الباقلاني: لقد أخبرني أبو ذَرّ، وكان يميل إلى مذهبه، فسألته: من أين لك هذا؟ فقال: كنتُ ماشيا ببغداد مع الدَّارَقُطْنيّ فلقينا القاضي أبا بكر، فالتزمه الشّيخ أبو الحسن الدارقطني، وقبل وجهه وعيينه. فلمّا فارقناه قلت: من هذا؟ فقال: هذا إمام المسلمين والذّاب عن الدّين القاضي أبو بكر محمد بن الطّيّب. قال أبو ذَرّ: فمن ذلك الوقت تكرّرت عليه. وقال أبو عليّ البَطَلْيُوسيّ: سمعت أبا عليّ الحسن بن بَقِي الْجُذَاميّ المالِقيّ: حدَّثني بعض الشّيوخ قال: قيل لأبي ذَرّ: انت من هَرَاة، فمن أين تَمَذْهَبْتَ لمالك وللأشعريّ؟ قال: قدِمتُ بغداد فلزِمت الدَّارَقُطْنيّ، فاجتاز به القاضي ابن الطّيّب فأظهر الدَّارَقُطْنيّ ما تعجّبت منه مِن إكرامه، فلمّا ولّى سألته فقال: هذا سيف السُّنَّة أبو بكر الأشعريّ. فلزِمْتُه مُنْذُ ذَلِكَ، واقتديت به في مذهبه جميعًا، أو كما قال. وقال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد: عبد بن أحمد بن محمد السّمّاك الحافظ، صدوق، تكلّموا في رأيه. سمعت منه حديثًا واحدًا عن شيبان بن محمد، عن أبي خليفة، عن ابن المَدِينيّ، حديث جابر بطوله في الحجّ، قال لي: اقرأه عليّ حتّى تعتاد قراءة الحديث، وهو أوّل حديث قرأته على الشّيخ، وناولته الجزءَ فقال: لستُ على وضوء فَضَعْه. قلت: أخبرني بهذا عليّ بن أحمد بالثَّغْر: أنا عليّ بن زوزبه، أنا أبو الوقت، أنا أبو إسماعيل، فذكره.

وقال عبد الغافر في "السّياق": كان أبو ذَرّ زاهدًا ورِعًا عالمًا سخيًّا بما يجد، لا يدَّخِر شيئًا لغد. صار من كبار مشايخ الحَرَم، مشارًا إليه في التَّصَوّف. خرّج على الصّحيحين تخريجًا حسنًا. وكان حافظًا كثير الشّيوخ. قلت: وله "مستخرَج استدركه على صحيح البخاريّ ومسلم" في مجلّدٍ وسَط، يدلّ على حِفظه ومعرفته. وقال القاضي عَيّاض: لأبي ذَرّ كتاب كبير مخرَّج على الصَّحيحين، وكتاب في "السُّنَّة والصِّفات"، وكتاب "الجامع"، وكتاب "الدّعاء"، وكتاب "فضائل القرآن"، وكتاب "دلائل النُّبُوّة"، وكتاب "شهادة الزور"، وكتاب "فضائل مالك"، و"فضائل العيدين"، وغير ذلك. وأرّخ وفاته في سنة خمسٍ وثلاثين. والصّحيح سنة أربعٍ، والله أعلم. 121- عليْ بن جعفر. المنذريّ، القُهُنْدُزِيّ، الهَرَويّ. سمع: العباس بن الفضل النضرويي. روى عنه: العُمَيْريّ، وجماعة. 122- عليّ بن طلحة بن محمد بن عمر1. أبو الحسن البصْريّ المقرئ سمع: أبا بكر القطعيّ، وابن ماسيّ، وعبد العزيز، وإبراهيم الخِرَقيّين. قال الخطيب: كتبنا عنه، ولم يكن به بأس. ومات في ربيع الآخر. قلت: قرأ علي صاحب ابن مجاهد أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن محمد بْن البَيِّع. قرأ عليه: أبو طاهر بن سَوّار، وعبد السّيّد بن عَتّاب، وأبو البركات الوكيل، وغيرهم. ومن شيوخه في القراءات أيضًا: عبد العزيز بن عصام، ممّن قرأ على ابن

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 442"، غاية النهاية "1/ 546".

مجاهد، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمين المؤدّب البصْريّ، قرأ على محمد بن عبد العزيز بن الصّبّاح صاحب حنبل. 123- عليّ بن محمد بن عبد الرّحيم1. أبو الحسين الأزْديّ. سمع: أباه، والقَطِيعيّ، وابن لؤلؤ الورّاق. وهو بغداديّ. كتب عنه: الخطيب وصدّقه. وتوفي في المحرم. 124- عمر ابن إبراهيم بن سعيد2. أبو طالب الزُّهْريّ البغداديّ الفقيه الشّافعيّ، المعروف بابن حَمَامة. سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وابن ماسي، وعيسى بن محمد الرُّخَّجِيّ، وجماعة. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة. ولد سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وكان من كبار أئمّة المذهب ببغداد، ومن ذُرّيّة سعْد بن أبي وقّاص. "حرف الميم": 125- محمد بن أحمد3. أبو الفرج العَيْن زَرْبيّ الفاتوريّ. حدَّث عن: أبي عليّ بن أبي الرَّمْرام، ويوسف المَيَانِجِيّ. وعنه: الكتّانيّ، وأبو نصر بن طلّاب، وجماعة. 126- محمد بن الحسين بن محمد بن جعفر4. أبو الفتح الشَّيْبانيّ العطّار، قُطَيط. بغداديّ تغرّب إلى مصر وإلى الشّام، والجزيرة، وفارس، والحجاز. وحدَّث عن: أبي الفضل عُبَيْد الله الزُّهْريّ، ومحمد بن المظفّر، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 100". 2 تاريخ بغداد "11/ 274"، الكامل في التاريخ "9/ 514"، سير أعلام النبلاء 17/ 524، 525". 3 مختصر تاريخ دمشق "21/ 308". 4 تاريخ بغداد "2/ 253"، المنتظم "8/ 116"، البداية والنهاية "12/ 51".

قال الخطيب: سمعتُ منه، وكان طريفًا متصوِّفًا. تُوُفّي بالأهواز. 127- محمد بن عبد الله بن زين القُرْطُبيّ1. روى عن: ابن عَوْن الله، ومحمد بن أحمد بن مفرِّج، وعبّاس بن أصْبَغ، وجماعة. وكان مجوّدًا للقرآن، عارفًا بالحساب والشُّروط. تُوُفّي بإشبيليّة وله أربعٌ وثمانون سنة. 128- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَوْف2. أبو عبد الله القُرْطُبيّ. أخذ عن: أبي عبد اللَّه بن أبي زَمْنين. وكان إمامًا في الفقه، من بيت حشمة وجلالة. 129- محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد بن مصعب الزبيري3. أبو البركات المكي. دخل العراق والشام ومصر والأندلس، وحدَّث عن جماعة. روى عن: أبي زيد المَرْوَزِيّ، وأبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافيّ، ومحمد بن محمد بن جبريل العجيقيّ، والقاضي أبي الحسن علي بن محمد الجراحي، والقاضي أبي بهر الأبهري، والدارقطني، وأبي بكر المهندس، وأبي الفرج الشنبوذيّ، وأبي أحمد السامري، وأبي الطيب بن غلبون. ترجمه الخولاني. وحدَّث عنه: أبو محمد بن حزم، والدلائي، وأبو محمد بن خزرج وقال: كان ثقة متحريًّا فيما نقله. لقِيته بإشبيليّة في سنة أربعٍ وثلاثين وأخبرني أنّ مولده في سنة سبعٍ وأربعين وثلاثمائة. وكان مُمتّعًا، يعني بحواسه. 130- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز بْن إبراهيم. أبو الفضل الكاتب البغداديّ، المعروف بابن حاجب النُّعمان. كان أبوه وزيرًا للقادر بالله، فلمّا مات أبوه وَزَرَ هو للقادر في سنة إحدى وعشرين، ثمّ عُزل بعد ستة أشهر. فلمّا استخلف القائم استوزره. وكان أديبًا شاعرًا

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 524، 525". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 524". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 575"، جذوة المقتبس "70"، وفيات الأعيان "5/ 328، 329".

كاتبًا. تُوُفّي في ثامن ذي القعدة وله سبعون سنة. وقد فُلج قبل موته مدّة أعوام. وله في الشمعة. وطفلة كالرمح لا حظتها ... سنانها من ذَهَبٍ قد طُبِعْ دموعها تَنْهَلُّ في نحْرها ... ورأسها يحيى إذا ما قطعْ 131- محمد بن المؤمّل بن الصَّقْر1. أبو بكر البغداديّ الورّاق. غلام الأبْهريّ. سمع: أبا بكر القطيعي، وابن ماس، وأبا بكر الأبْهريّ. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان سماعه صحيحًا. وكان لا يحسن يكتب تُوُفّي رحمه الله في ذي الحجّة، وله إحدى وتسعون سنة. "حرف الهاء": 132- هارون بن محمد بن أحمد بن هارون. أبو الفضل الأصبهاني الكاتب. روى عن: سليمان الطَّبَرانيّ. روى عن: محسن بن عليّ الفَرْقَدِيّ، وعبد الأحد بن أحمد العنْبريّ، والحسن بن أحمد الحدّاد، وغيرهم. تُوُفّي في رمضان. "حرف الياء": 133- إلْيَسَعُ بن عبد الرحمن بن محمد اللَّخْميّ2. أبو محمد الإشبيليّ. روى عن: أبي عبد الله بن مفرِّج، وأحمد بن خالد التّاجر. روى عنه: الخولاني، وأثنى عليه. وقال ابن خزرج: ولد سنة ستّين وثلاثمائة.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 312". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 690".

وفيات سنة خمس وثلاثين وأربعمائة: "حرف الألف": 134- أحمد بن الحسن1. أبو بكر بن الحدي. سمع: علي بن محمد بن كيسان، وإسحاق بن سعد. قال الخطيب: صدوق. 135- أحمد بن سعيد بن دينال2. أبو القاسم الأموي القرطبي. روى عن: أبي عيسى اللَّيْثيّ، وابن عَوْن الله، وأبي عَبْد الله بْن مُفَرّج، وأبي محمد القلعي، وأبي عبد الله بن الخزار. وحج وأخذ عن: أبي محمد بن أبي زيد. وكان صالحًا، ثقة: عني بالعلم والرواية. توفي سنة خمس فِي جُمَادَى الأولى. 136- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ملاّس3. أبو القاسم الفزاريّ الإشبيليّ. حجّ وأخذ عن أبي الحسن بن جَهْضَم، وأبي جعفر الدّاوديّ. وسمع بقُرْطُبة من: أبي محمد الأصيليّ، وأبي عمر بن المكْوِيّ. وكان متفنّنًا في العِلم، بصيرًا بالوثائق. مولده سنة سبعين وثلاثمائة. 137- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحُسَيْن4. أَبُو منصور بن الذّهبيّ البغداديّ المالكيّ. سمع: أبا بكر الأبْهريّ، وأبا الحسين بن المظفّر. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا. تُوُفّي في شَعبان. 138- إسماعيل بن عبد الرحمن بن عامر بن ذي النون الهوّاريّ.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 93، 94". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 49، 50". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 50". 4 تاريخ بغداد "4/ 378".

غلب على طُلَيْطُلَة عند اضطّراب الدّول بالأندلس، وأطاعته الرّعيّة، فضبط مملكة طُلَيْطُلَة. ومات في هذه السَّنة، فولي بعده ولده المأمون يحيى. 139- أسماء بنت أحمد بن محمد بن شاذَة. أمّ سَلَمَة الأصبهانية. عن: أبي الشّيخ. وعنها: أبو بكر الخطيب، وأبو عليّ الحدّاد، وآخرون. "حرف الجيم": 140- جهور بن محمد جهور بن عُبَيْد الله1. أبو الحزّم، رئيس قُرْطُبة وأميرها وصاحبها. جعل نفسَه ممسِكًا للأمر إلى أن يتهيَّأْ مَن يصْلُح للخلافة. روى عن: عبّاس بن أَصْبَغ، والقاضي أبي عبد الله بن مفرِّج، وخَلَف بن القاسم، وجماعة. وآل الأمر إلى أن صار مدبّر أمر قرطبة، وانفرد برئاسة مصر إلى أن تُوُفّي في المحرّم. ودُفِن بداره، وصلّى عليه ابنه الوليد محمد بن جَهْور القائم بالأمر بعده. عاش إحدى وسبعين سنة. روى عَنْهُ: أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن عَتَّاب، وغيره. وكان أبو الحزْم من وزراء الدّولة العامريّة، ومِن دُهاة العالم وعُقلائهم ورؤسائهم. لم يزل متصوِّنًا حتّى خلا له الجو، فانتهز الفرصة ووثب على قُرْطُبة. ولم ينتقل إلى رُتْبَة الإمارة ظاهرًا بل حفظ لغيره الاسم واستقلّ بالأمر، ولم يتحوّل من داره. وجعل ارتفاع الأموال بأيدي رجالٍ وديعة، وصيَّر أهلَ الأسواق جُنْدًا، ورزقهم من أموالٍ تكون بأيديهم مضاربةً، وفرّق عليهم السّلاح. وكان يَعُود المَرْضَى ويشهد الجنائز، ويزور الصالحين.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 131"، الكامل في التاريخ "9/ 284"، سير أعلام النبلاء "17/ 139، 140".

"حرف الحاء": 141- الحسن بن بكر بن عُرَيْب القَيْسيّ1. القُرْطُبيّ، أبو بكر السّماد. أخذ عن: أبي محمد الأصِيليّ، وأبي عمر أحمد بن عبد الملك بن المكْوِيّ. وكان ورّاقًا، نسخ الكثير، وتوسع في طلب الحديث. وتوفي في صفر عن ثمانين سنة. 142- الحسن بن عليّ بن موسى بن السِّمسار2. أبو عليّ الدّمشقيّ الأديب. روى عن: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وعبد الله بن ذَكوان البَعْلَبَكيّ. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ. 143- الحسين بن عثمان3. أبو سعد العِجْليّ الفارسيّ الشّيرازيّ، المجاور بمكّة. روى عن: زاهر السَّرْخَسِيّ، ومحمد بن مكّيّ الكشميهنيّ. روى عنه: البغداديون. مات في شوّال. "حرف السين": 144- سلار بن أحمد. أبو الحسن الدَّيْلَميّ. تُوُفّي في رجب. "حرف العين": 145- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زياد4. أبو محمد الأنصاريّ القُرْطُبيّ، والد الخطيب زياد. كان صالحًا، متصوِّنًا، كاتبًا مترسِّلًا بليغًا.

_ 1 الصلة لابن شكوال "1/ 136". 3 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 233". 3 تاريخ بغداد "8/ 84"، المنتظم "8/ 117"، البداية والنهاية "12/ 51". 4 الصلة لابن بشكوال "1/ 270، 271".

رفض الدُّنيا وتزَّهد. تُوُفي في رمضان. 146- عبد الله بن يوسف بن نامي بن أبيض1. أبو محمد الرّهوانيّ القُرْطُبيّ. روى عن: أبي الحسن الأنطاكيّ، وعبّاس بن أَصْبَغ، ومحمد بن خليفة، وخَلَف بن القاسم. قال ابن مهديّ: كان صالحًا خيِّرًا، مجوّدًا للقرآن، خاشعًا، ورِعًا، بكاءً. مولده سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة. واختلط في آخر عمره، فتركوا الأخذ عنه. قلت: روى أبو محمد بن حزْم في تصانيفه. 147- عُبَيْد الله بن أحمد بن عثمان2. أبو القاسم الأزهريّ الصَّيرفيّ البغداديّ. المعروف أيضًا بابن السَّوَاديّ. كنية أبيه أبو الفتح. وله أخٌ اسمه محمد تأخَّر بعده. وُلِد أبو القاسم سنة خمسٍ وخمسين وثلاثمائة. وحدَّث عن: أبي بكر القَطِيعيّ، وابن ماسي، وأبي سعيد الحُرْفيّ، والعسكريّ، وعليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ، وابن المظفر، وخلق كثير. قال الخطيب: وكان أحد المعنيين بالحديث والجامعيين له مع صدق واستقامة ودوام درس للقرآن. سمعنا منه المصنفات الكبار. وتوفي في صفر، وقد كمل ثمانين سنة، بل جاوزها بعشرة أيام. 148- علي بن أحمد بن محمد3. أبو الحسن بن الآبنوسي الصيرفي. أخو محمد. سمع: أبا عبد الله العسكري، وعلي بن لؤلؤ، وأبا حفص الزيات. قال الخطيب: لا أحسب سمع منه غيري. كان يتمنّع.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 270". 2 تاريخ بغداد "10/ 385"، الكامل في التاريخ "9/ 523"، سير أعلام النبلاء "17/ 578"، النجوم الزاهرة "5/ 37". 3 تاريخ بغداد "11/ 332".

149- عمر بْن القاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يحيى بن مفرِّج القُرْطُبيّ1. أبو حفص. سمع من أبيه الكثير، ومن أبي جعفر بن عَوْن الله، وغيرهما. وكان ثقة. روى عنه: أبو مروان الطّبْنيّ وقال: تُوُفّي في رجب. 150- عيسى بن خَشْرَم. أبو عليّ البنَّا المصريّ. تُوُفّي في صفر. "حرف الفاء": 151- فيروزجرد الملك جلال الدّولة2. أبو طاهر ابن الملك بهاء الدّولة أبي نَصْر بن الملك عضُد الدّولة أبي شجاع بن الملك رُكن الدّولة بن بُوَيْه الدَّيْلَميّ. صاحب بغداد، ملكها سبْع عشرة سنة. وقام بعده ابنه الملك العزيز أبو منصور، وخُطِب له. ثمّ ضعُف عن الأمر، وكاتب ابن عمّه أبا كاليجار مَرْزُبان بن سلطان الدّولة بن بهاء الدّولة وهو بالعراق الأعلى بأنّه ملتجئ إليه ومعتمد عليه، وأنّه ممتثل أمره. فشكره أبو كاليجار، وودّعه بكل جميل. وخطب لأبي كاليجار بعده أو قبله. وقد ذكرنا من أخبار رجال الدّولة في حوادث السّنين ما يدلُّ على ضَعْف دولته ووهن سلطنته. وكان شيعيًّا جبانًا، عاش نيِّفًا وخمسين سنة. وكان عسكره قليلًا، وحدّه كليلًا، وأيّامه نَكَد. "حرف الميم": 152- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن إسحاق العبدانيّ النَّيْسابوريّ3.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 397، 398". 2 الكامل في التاريخ "9/ 361، 362"، سير أعلام النبلاء "17/ 577، 578"، النجوم الزاهرة "5/ 37". 3 المنتخب من السياق "37".

عُرِف بأميرك. سمع: أبا أحمد الحاكم، وأبا بكر بن مِهْران المقرئ. 153- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن هرثمة بن ذكوان1. أبو بكر القُرْطُبيّ. سمع من: أَبِي المطرِّف القَنَازِعيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى. وقلّده الوزير أبو الحزْم جَهْور القضاء بإجماع من أهل قُرْطُبة، فأظهر الحقَّ، وردّ المظالم وشُكِرَت أفعاله. ثمّ عُزِل. وكان من أهل العلم والذّكاء، وممّن عُني بجمع العِلْم والحديث واقتناء الكُتُب. تُوُفّي في ربيع الأوّل، وله أربعُ وأربعون سنة، ورثاه النَّاسُ. 154- محمد بن جعفر بن عليّ2. أبو بكر المِيماسيّ راوي "الموطّأ" عن محمد بن العبّاس بن وصيف الغزّيّ. رواه عنه: نصر المقدسيّ الفقيه، وغيره. تُوُفّي في شوّال. 155- محمد بن عبد الواحد بن عليّ بن إبراهيم بن رزْقة3. أبو الحُسَين البغداديّ البزّاز. حدَّث عن: أبي بكر بن خلّاد النَّصيبيّ، وأبي بكر بن سالم الختُّليّ، وأبي سعيد السِّيرافي. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا كثير السّماع. مات في جمادى الأولى. ومولده سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. قلت: وروى عنه: خالد بن عبد الواحد التّاجر، وأبو طاهر بن سَوَّار، وطائفة من البغداديّين. 156- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن إسحاق بن حبابة4. البغداديّ البزّاز. حدَّث عن: أبيه، وأبي محمد بن ماسي. وهو ضعيف. كذَّبه أبو القاسم بن برهان.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 525". 2 العبر "3/ 184"، شذرات الذهب "3/ 255". 3 تاريخ بغداد "2/ 361". 4 تاريخ بغداد "2/ 337، 338"، ميزان الاعتدال "3/ 637"، لسان الميزان "5/ 274".

157- مختار بن عبد الرحمن الرُّعينيّ القُرْطُبيّ المالكيّ1. كان جامعًا لفنون العلم. أخذ عن: يونس بن عبد الله. وولي قضاء المَرِيّة فأحسن السِّيرة. يقال: إنّه شرب البلاذُر، فأفسد مزاجه. تُوُفّي كَهْلًا في نصف جُمَادى الأولى، رحمه الله. 158- المهلب بن أحمد بن أبي صُفْرة أَسِيد2. أبو القاسم الأسَديّ. من أهل المَرِيّة. سمع من أبي محمد الأصِيليّ. ورحل فأخذ عن: أبي الحسن القابسيّ، وأبي الحسن عليّ بن محمد بندار القزوينيّ، وأبي ذر الهروي. حدَّث عنه: أبو عمر بن الحذاء، وقال: كان أذْهَن من لقِيتُه وأفصحهم وأفهمهم. وحدَّث عنه أيضًا: أبو عَبْد اللَّه بْن عابد، وحاتم بْن مُحَمَّد، وغيرهما. وكان من أهل العلم والمعرفة والذّكاء، والعناية التّامّة بالعلوم. صنَّف كتابًا في "شرح صحيح البخاريّ"، أخذه النْاس عنه. ولي قضاء المَرِيّة. وتُوُفّي في ثالث عشر شوّال. وقد شرح "البخاريّ" أيضا ابن بطّال، وسيأتي عام 449هـ. "وفيات سنة ست وثلاثين وأربعمائة": "حرف الألف": 159- أحمد بن محمد بن أَحيد بن ماما3. الحافظ أبو حامد الأصبهاني المامائي، صاحب التَّصانيف. سكن بُخَارى، وذيَّل على "تاريخ غُنْجار". وحدَّث عن: عبد الرحمن بن أبي شريح، وأبي عليّ إسماعيل بن حاجب

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 624، 625". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 626"، سير أعلام النبلاء "17/ 579"، شذرات الذهب "3/ 255". 3 الأنساب "11/ 103، 104"، سير أعلام النبلاء "17/ 580"، الوافي بالوفيات "7/ 361".

الكُشَانيّ، وأبي نصر محمد بن أحمد المَلَاحميّ، وأبي عبد الله الحَلِيميّ، وجماعة كثيرة، تُوُفّي في شَعبان. "حرف التّاء": 160- تمّام بن غالب بن عمر1. أبو غالب بن التَّيّانيّ، القُرْطُبيّ اللُّغويّ، نزيل مُرْسِيَة. روى عن: أبيه، وعن: أبي بكر الزُّبَيْديّ، وعبد الوارث بن سُفْيَان، وغيرهم. وقال الحُمَيْديّ: كان إمامًا في اللغة، وثقة في إبرادها. مذكورًا بالدِّيانة والورع. له كتابٌ في اللُّغة لم يؤلف مثله اختصارًا وإكثارًا. وقد حدَّثنا ابن حزْم: حدَّثني أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن الفَرَضيّ أنّ الأمير مجاهد بن عبد الله العامريّ وجَّه إلى أبي غالب أيّام غَلَبَتِه على مُرْسِيَة ألفَ دينارٍ أندلُسيّة، على أن يزيد في ترجمة هذا الكتاب ممّا ألَّفه تمّام بن غالب لأبي الجيش مجاهد، فردَّ الدَّنانير وأَبَى من ذلك، ولم يفتح في هذا بابًا البتّة. وقال: والله لو بُذلت لي الدُّنيا على ذلك ما فعلت ولا استجزت الكذِب، فإنّي لم أجمَعْه له خاصّة. تُوُفّي بالمَرِيّة. وكان مقدَّمًا في علم اللِّسان أجمعه، مسلَّمةً له اللُّغة. ومات في أحد الْجُمَادَين. "حرف الحاء": 161- الحسين بن عليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر2. أَبُو عَبْد الله الصَّيْمَرِيّ. سكن بغداد في صِبَاه، وتفقّه لأبي حنيفة، وبرع في المذهب. وسمع من: المفيد، وأبي الفضل الزُّهْريّ، وأبي بكر بن شاذان، وأبي حفص بن شاهين، وجماعة.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "1/ 443"، الصلة لابن بشكوال "1/ 120، 121"، سير أعلام النبلاء "17/ 584"، الأعلام "2/ 86". 2 تاريخ بغداد "8/ 78، 79"، المنتظم "8/ 119"، سير أعلام النبلاء "17/ 615، 616"، البداية والنهاية "12، 52".

روى عنه: الخطيب، وقال: كان صدوقًا وافر العقل، قال لي: سمعتُ من الدَّارَقُطْنيّ أجزاء من سُنَنِه، فقُرئ عليه حديث فُورَك السَّعْدِيّ، عن جعفر بن محمد في زكاة الخيل، فقال: فُورَك ومن دونه ضُعفاء. فقيل له: الّذي رواه عن فُورَك هو أبو يوسف القاضي. فقال: أَعْوَر بين عُمْيَان. وكان الشّيخ أبو حامد الفقيه حاضرًا، فقال: ألْحِقوا هذا الكلام في الكتاب. فكان ذلك سبب انقطاعي عن مجلس الدَّارَقُطْنيّ، فلَيْتَني لم أفعل أيْشٍ ضرَّ أبا الحسن انصرافي؟ قلتُ: وحدَّث عن الصَّيْمَرِيّ جماعةٌ ممّن أدركهم السِّلَفيّ. ومات في شوّال وله خمسٌ وثمانون. وقد ولي قضاء المدائن ثمّ قضاء رَبْع الكَرْخ. 162- الحسين بن محمد بن أحمد1. الأنصاريّ، الحلبيّ، الشّاهد. عُرِف بابن المُنَيْقير. سكن دمشق، وحدَّث عن: أحمد بن عطاء الرُّوذَبَاريّ. روى عنه: أبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، ونصر المقدسيّ، وأبو صالح أحمد بْن عَبْد الملك المؤذّن، ونجا بن أحمد. وثّقه محمد بن عليّ الحدّاد. "حرف الحاء": 163- الخَضِر بْن عَبْدَان بْن أَحْمَد بْن عَبْدان2. أبو القاسم الأزْديّ الدّمشقيّ الصّفّار المعدّل. حدَّث عن القاضي المَيَانِجِيّ. روى عنه: نجا بن أحمد، وقال: تُوُفّي في جُمَادى الأولى. روى مجلسًا واحدًا. "حرف الطّاء": 164- طاهرة بنت أحمد بن يوسف بن يعقوب بن البَهْلُول3.

_ 1 تاريخ دمشق "11/ 186"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 355، 356". 2 تاريخ دمشق "12/ 405". 3 تاريخ بغداد "14/ 445"، المنتظم "8/ 120".

روت عن: أبيها، وأبي محمد بن ماسيّ، ومخلد الباقَرْحيّ. روى عنها: أبو بكر الخطيب. "حرف العين": 165- عبد الله بن سعيد بن لُبَّاج1. أبو محمد الشَّنْتَجاليّ الأُمويّ، مولاهم. جاور بمكّة دهرًا. وسمع بقُرْطُبة من: أبي محمد بن تيريّ. وحجّ سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، فسمع من: أحمد بن فِراس، وعُبَيْد الله بن محمد، السَّقَطيّ. وصحِب أبا ذَرّ الهَرَويّ، واختصَّ به. ولقِي أبا سعيد السِّجْزيّ عمر بن محمد، فأخذ عنه "صحيح مسلم". وسمع بمصر وبالحجاز من جماعة. وكان صالحًا، خيّرًا، زاهدًا، عاقلًا، متبتّلًا. وكان يسرد الصَّوم، وإذا أراد الحاجة خرج من الحرم. لم يكن للدّنيا عنده قيمة. وكان كثيرًا ما يكتحل بالإثْمد. وحجّ خمسًا وثلاثين حَجَّةً، وزارَ مع كلّ حَجة زَوْرَتَين. ورجع إلى الأندلس في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. وحدَّث بصحيح مسلم في نحو جمعة بقُرْطُبة. وتُوُفّي في رجب سنة ستٍّ وثلاثين رحمه الله. روى عنه: أبو جعفر الهَوْزَنيّ. 166- عَبْد الله بْن محمد بْن أحمد2. أبو القاسم العطّار المقرئ. سمع: أبا محمد بن حيّان أبو الشّيخ، وغيره. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيَّ الحداد، وَأَبُو الْقَاسِمِ الهذلي. وقد قرأ على: أبي بكر عبد الله بن محمد القباب، وغيره. ذكره ابن نُقْطَة، فَقَالَ: ذكره يَحْيَى بْنُ منده فقال؛ أبو القاسم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن موسى بن شيذة، بمعجمتين. ثمّ قال: كان إمامًا في القراءات، عالمًا بالرّوايات، ثقة أمينًا صدوقًا ورِعًا، صاحب سُنَّة. حدَّث عنه عمّي عبد الرحمن في آخرين.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 571-573". 2 غاية النهاية "1/ 447".

167- عبد الرحمن بن أحمد بن عمر1. أبو سعْد الأصبهاني، الصّفّار، أخو الفقيه أبي سهل. سمع: أبا القاسم الطَّبَرانيّ. وعنه: الحدّاد، ومحمد بن الحسن العَلَويّ الرّسّيّ شيخ لأبي موسى المَرِينيّ. وروى أيضًا عن: أحمد بن بُنْدَار الشّعّار، وغيره. وتُوُفّي ليلة عَرَفَة. 168- عبد العزيز بن عبد الرّزّاق1. أبو الحسين، صاحب التَّبْرِيزيّ. حدَّث عن: القَطِيعيّ، وطيّب المُعْتَضِديّ. قال الخطيب: كتبت عنه، ولا بأس به. 169- عبد الغفار بن عبيد الله بن محمد بن زيرك3. أبو سعيد التّميمي الهمداني الشافعي، شيخ همدان. قال شيرويه: روى عن: أبيه، وأبي سهل، وابن لال، وجماعة. ورحل فأخذ عن: أبي أحمد الفَرَضيّ، والحفّار، وأبي عمر بن مهديّ، وخلْق. ثنا عنه ابن أخيه محمد بن عثمان، والحسين بن عبد الوهّاب الصُّوفيّ، وأحمد بن عمر المؤذّن، وأحمد بن إبراهيم بن معروف. وكان فقيهًا إمامًا، ثقة نَحْوِيًّا، يَعِظُ النّاسَ ويتكلَّم عليهم في علوم القوم. وله مصنفات في أنواع العلم. ذكر أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المنام، فألبسه قميصًا، فقال له المعبّر: إنّ الله يرزقك عِلمًا واسعًا. 170- عَبْد الملك بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن الأصْبَغ4. أبو مروان القُرَشيّ القُرْطُبيّ. روى عنه: الخَوْلانيّ، وقال: كَانَ من أهل العلم مقدَّمًا في الفَهْم، قديم الخير والفضل، له تصنيف حسن في الفِقْه والسُّنَن. وقال غيره: له كتاب في أصول العِلم تسعة أجزاء، وكتاب مناسك الحجّ. روى عنه: القاضي ابن رزب، وأبي عبد الله بن مفرِّج، وخَلَف بن القاسم. ولد سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. ومات رحمه الله بإشبيلية.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 585، 586". 2 تاريخ بغداد "10/ 468". 3 طبقات الشافعية الكبرى "3/ 237". 4 الصلة لابن بشكوال "2/ 360"، معجم المؤلفين "6/ 179، 180".

171- عبد الوهاب بن منصور1. أبو الحسن بن المشتري، قاضي الأهواز، ورئيس تلك النّاحية. روى عن: أحمد بن عَبْدان الحافظ. وعنه: الخطيب. 172- عُبَيْد الله بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال2. أبو الفضل الخُرَاسانيّ من بيت حشْمة وإمرة. تُوُفّي يوم النَّحْر. 173- عليّ بن أحمد بن مهران. أبو القاسم الأصبهاني الصّحّاف. روى عن: أبي بكر عبد الله بن محمد القبّاب، وأبي الشّيخ، وطائفة كبيرة. ورحل، وصنَّف الشّيوخ، وطال عمره. وروى الكثير. وُلِد سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. روى عنه: أبو علي الحداد. وتوفي في جُمَادى الأولى. 174- عليّ بن أحمد3. وزير الدّيار المصريّة والدّولة المستنصريّة أبو القاسم الْجَرْجرائيّ. بقي في الوزارة بضع عشرة سنة. ومات في رمضان سنة ستٍّ وثلاثين بالاستسقاء. صلّى عليه المستنصر. وولي الأمر بعده الوزير أبو نصر صَدَقَة بن يوسف الفَلاحيّ، فقبض على أبي عليّ بن الأنباريّ صديق الْجَرْجرائيّ، وعمل على قتله، فقيل أنه قتله بخزانة البُنُود. فلم تَطُلْ أيّام الفَلاحيّ هذا، وحُمِل إلى خزانة البُنُود أيضًا، فقُتِل بها في أوّل سنة أربعين. واستوزر أبو البركات ابن أخي الوزير الْجَرْجَرائيّ، وقرّت الأمور إلى أن استوزر المستنصر قاضي القضاة أبا محمد اليازوريّ في سنة ثلاثٍ وأربعين. 175- عليّ بن الحسن بن عليّ بن ميمون4.

_ 1 المنتظم "8/ 120"، الكامل في التاريخ "9/ 527"، طبقات الشافعية الكبرى "3/ 286". 2 المنتخب من السياق "295"، فوات الوفيات "3/ 317". 3 المنتظم "8/ 119"، الكامل في التاريخ "9/ 525"، سير أعلام النبلاء "17/ 582، 583". 4 الإكمال لابن ماكولا "4/ 193"، سير أعلام النبلاء "17/ 580، 581"، غاية النهاية "1/ 532".

أبو الحسن الرَّبَعيّ الدّمشقيّ، المقرئ الحافظ. ويُعرف بابن أبي زَرْوان. سمع: أحمد بن عُتْبَة بن مكين، وعبد الوهّاب الكِلابيّ، والحسن بن عبد الله بن سعيد الحمصيّ، والعبّاس بن محمد بن حِبّان، ومحمد بن عليّ بن أبي فَرْوَة، وجماعة. وقرأ على: عليّ بن داود الدَّارانيّ الخطيب، وعليّ بن زُهير البغداديّ. روى عنه: أبو سعْد السّمّان، ونجا بن أحمد، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو عبد الله الحسن بن أبي الحديد. تُوُفّي فِي صَفَر، وله ثلاثٌ وسبعون سنة. وقال الكتّانيّ: كان يحفظ ألف حديث بأسانيدها من حديث ابن جَوْصا، ويحفظ كتاب "غريب القرآن" لأبي عُبَيْد، وانتهت إليه الرّئاسة في قراءة الشّاميّين. وكان ثقة مأمونًا. 176- عليّ بن الحسين بن إبراهيم. أبو الحسن العَنْسيّ، الصُّوفيّ الوكيل، نزيل مصر. روى عن: محمد بن عبد الكريم الجوهريّ قاضي الرَّمْلة، وأحمد بن عطاء الرُّوذباريّ. وعنه: القُضَاعيّ، وأبو طاهر بن أبي الصَّقْر الأنباريّ، والمشرف التّمّار. ورَّخه الحبّال. 77- عليّ بن الحسين بن موسى1. الشّريف أبو طالب العلويّ المُوسَوِيّ نقيب الطّالبيّين ببغداد، المعروف بالشّريف المرتضى ذو المجدين. كان شاعرًا ماهرًا، متكلِّمًا ذكيًّا. له مصنَّفات جمّة على مذهب الشِّيعة. حدَّث عن: سهل بن أحمد الدّيباجيّ، وأبي عُبَيْد الله المرزُبانيّ، وغيرهما. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان مولده في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. وهو أخو الشريف الرضي.

_ 1 المنتظم "8/ 119-129"، تاريخ بغداد "11/ 402، 403"، ميزان الاعتدال "3/ 124"، لسان الميزان "4/ 223".

قلتُ: كلٌّ منهما رافضيٌ. وكان المرتضى رأسًا في الاعتزال، كثير الاطّلاع والجِدال. قَالَ أَبُو مُحَمَّد بْن حَزْمٍ فِي "الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ": ومن قول الإماميّة كلها قديمًا وحديثًا أنّ القرآن مبدلٌ، زيد فيه نقص منه، حاشى عليّ بن الحسين بن موسى، وكان إماميًّا فيه تظاهرٌ بالإعتزال، ومع ذلك فإنه ينكر هذا القول ويكفر من قاله، وكذلك صاحباه أبو يَعْلَى الطُّوسيّ، وأبو القاسم الرّازيّ. قلتُ: وقد اختلف في كتاب "نهج البلاغة" المكذوب على عليّ عليه السّلام، هل هو من وَضْعه، أو وضع أخيه الرَّضِيّ. وقد حكى عنه ابن بَرْهان النَّحويّ أنّه سمعَه وَوجْهُهُ إلى الحائط يعاتبُ نفسه ويقول: أبو بكر وعمر وليا فعدلا، واسترحما فرحما، أفأنا أقول ارتدّا؟ قلتُ: وفي تصانيفه سبّ الصّحابة وتكفيرهم. "حرف الميم": 178- مجاهد بن عبد الله1. السّلطان أبو الجيش الأندلسيّ العامريّ، الملقَّب بالموفّق. مولى النَّاصر عبد الرحمن بن المنصور أبي عامر وزير الأندلس. ذكره الحُمَيْديّ، فقال: كان من أهل الأدب والشّجاعة والمحبَّة للعلوم. نشأ بقُرْطُبة وكانت له همّة وجلادة وجُرأة. فلمّا جاءت أيّام الفتنة وتغلّبت العساكر على النّواحي بذهاب دولة مولاه، توثّب هو على شرق الأندلس، وغلب على تلك الجزائر وحماها. ثمّ قصد منها في المراكب والعساكر إلى سردانية، جزيرة كبيرة للروم، سنة سبع وأربعمائة، فافتتح معاقلها وغلب على أكثرها. ثمّ اختلفت عليه أهواء جُنْده، وجاءت نجدة الرّوم وقد عزم على الخروج من سردانية طمعًا في أن يفرّق مَن يَشغب عليه. فدهمته الملاعين في جَحْفَلتهم، وغلبوا على أكثر مراكبه، فحدَّثنا ابن حزْم قال: حدَّثني ثابت بن محمد الْجُرْجَانيّ قال: كنتُ مع أبي الجيش أيّام غزو سردانية، فدخل بالمراكب في مَرْسى نهاه عنه أبو خروب

_ 1 جذوة المقتبس "352-354"، معجم الأدباء "17/ 80، 81"، معجم المؤلفين "8/ 177".

رئيس البحريّين، فلم يقبل منه، فلمّا حصل في ذلك المرسي هبّت ريحٌ جعلت تقذِف مراكبَ المسلمين مركبًا مركبًا إلى الرّيف، والرّومُ لا شُغْل لهم إلّا الأسر والقتْل. فكلّما ملكوا مركبًا بكى مجاهد بأعلى صوته ولا يقدر على شيء لارتجاج البحر، وأبو خَرُّوب ينشد. بكى دَوْبَلٌ لا أرقأَ اللهُ دمعَه ... ألا إنّما يبكي من الذّلّ دوبلُ ويقول: قد كنت حذرته من الدخول هنا فأبى. ثمّ تخلّصنا في يسير من المراكب. قال الحُمَيْديّ: ثمّ عاد مجاهد إلى الأندلس، فاختلفت به الأحوال حتّى تملّك دانية وما يليها واستقرَّ بها. وكان من الأجواد العلماء، باذلًا للمال في استمالة الأُدباء، فبذل لأبي غالب تمّام بن غالب اللّغَويّ ألف دينار على أن يزيد في ترجمة الكتاب الّذي ألّفه في اللّغة ما ألفة لأبي جيش مجاهد، فامتنع أبو غالب وقال: ما ألّفته له. وفيه يقول صاعد بن الحسن اللُّغَويّ، وقد استماله على البُعْد بمالٍ، قصيدته: أتتني الخريطةُ والمركبُ ... كما اقترنَ السَّعدُ والكوكبُ وحُطَ بمينائه قِلعُهُ ... كما وضَعت حملها المُقربُ على ساعةٍ قام فيها الثّناءُ ... على هامة المشتري يخطبُ مجاهدُ رُضْتَ إِباءَ الشَّمُو ... س فاصْحَبْ ما لم يكُن يصحبُ فقلْ واحتكمْ فسميعُ الزّما ... نِ مصيخٌ إليك بما ترغبُ وقد ألف مجاهدًا كتابًا في العَرُوض يدلّ على فضائله. وقد وزر له أبو العبّاس أحمد رشيق. تُوُفّي بدانية سنة ست وثلاثين. 179- حمد بن أحمد بن بكير التنوخيّ1. الخياط، إمام مسجد أبي صالح الّذي بظاهر باب شرقيّ.

_ 1 تاريخ دمشق "36/ 274".

حدَّث عن: عبد الوهاب الكلابي، وعبد الله بن محمد الحِنّائيّ. روى عنه: الكتّانيّ، ونجا العطّار. 180- محمد بن أحمد بن أبي شُعيب1. الفقيه أبو منصور الرُّويانيّ. نزيل بغداد. سمع: ابن كَيْسان النَّحْويّ، وسهل بن أحمد الدِّيباجيّ. وعنه: الخطيب. 181- محمد بن الحسن بن محمود. أبو منصور الأصبهاني المعلم الصّوّاف. 182- محمد بن الحسين بن أحمد بن بُكَيْر2. أبو طالب التّاجر. بغداديّ. كان أبوه حافظًا فسمَّعه من: أبي محمد بن ماسيّ، وأبي الفتح محمد بن الحسين الأزْديّ، وجماعة. روى عنه: الخطيب، وأحمد بن محمد بن قيداس المقرئ. تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة. 183- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن حسين بن هارون3. أبو بكر الوضّاحيّ الحمصيّ الزّاهد المقرئ. ويلقّب أبوه بجَرَميّ. سكن دمشق، وروى عن: أبي عليّ بن أبي الرَّمْرَام، وأبي سليمان بن زَبْر، وأحمد بن عُتْبَة، ويوسف المَيَانِجِيّ، والفضل بن جعفر التّميميّ. روى عنه: عبد العزيز بن أحمد الكتّانيّ وقال: كان يذهب مذهب أبي الحسن الأشْعريّ. توفي في صفر. وروى عنه أيضًا: أبو القاسم المصِّيصيّ، وأحمد بن عبد المنعم الكُرَيْديّ، ونجا العطّار، وعبد اللَّه بْن عَبْد الرّزاق، ومحمد بْن عَلِيّ الفرّاء، آخرون. قَالَ ابن عساكر: سمعتُ أبا الْحَسَن بْن المسلم، عن بعض شيوخه، أنّ أبا بكر بن الْجَرَميّ صادف في بعض الأيّام أحمال خمر لأمير دمشق "جيش بن

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 307"، المنتظم "8/ 126"، طبقات الشافعية الكبرى "3/ 38". 2 تاريخ بغداد "2/ 253"، المنتظم "8/ 126"، البداية والنهاية "12/ 53". 3 تاريخ دمشق "38/ 198، 199".

لصمصامة"، فأراقها أبو بكر كلَّها عند بيت لهْيا، فبلغ جيشًا الخبر، فأحضره فسأله عَنْ أشياء من القرآن والحديث والفِقْه، فوجده عالمًا، ثمّ نظر إلى شاربه وإلى أظافيره، فإذا هي مقصوصة، فأمر أن يُنظر إلى عانته فإذا هي محلوقة، فَقَالَ: اذهب فقد نجوت منّي، لم أجد ما أحتجُّ به عليك. 184- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد1. أَبُو الوليد المُرْسيّ. يُعَرف بابن مِيقُل. حدَّث عن: سهل بن إبراهيم، وهاشم بن يحيى، وأبي محمد الأصِيليّ. وسكن قُرْطُبة، وتفقّه بها مدّة. قال أبو عَمْرو الحذّاء: ما لقيت أتمّ ورعًا ولا أحسن خلقًا ولا أكمل علمًا منه. كان يختم القرآن على قدميه في كل يوم وليلة. ولم يأكل اللّحم من أوّل الفتنة إلّا من طيرٍ أو حوت أو صيد. وكان من كرام النّاس على توسُّط ماله. وكان أحفظ النّاس لمذهب مالك وأقواهم احتجاجًا له، مع عِلمه بالحديث الصّحيح والسّقيم، والرّجال، والعمل باللُّغة والنَّحْو والقراءات والشِّعْر، وكان محمودًا في بلده، مطلوبًا لعِلمه وفضله. تُوُفّي لليلتين بقيتا من شوّال بمُرْسِيَة، ودُفن في قبلة جامعها. وولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. 185- مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد2. أبو عبد الرحمن النِّيليّ الفقيه الشّافعيّ. من كبار أئمّة خُراسان. كان إمامًا فقيهًا زاهدًا، صالحًا، كبير القدْر، له شِعر جيّد. عُمّر ثمانين سنة. وحدَّث عن: أبي عَمْرو بن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وغيرهما. وأملى مدّة. وكان له ديوان شِعْر. روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر، وأحمد بن عبد الملك المؤذن.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 527"، سير أعلام النبلاء "17/ 586"، النجوم الزاهرة "5/ 39". 2 المنتخب من السياق "31"، طبقات الشافعية الكبرى "3/ 75"، العبر "3/ 186".

186- محمد بن عليّ بن الطّيّب1. أبو الحسين المعتزليّ، صاحب التَّصانيف الكلاميّة. كان من فُحُول المعتزلة، فصيحًا متفنِّنًا، حُلْو العبارة، بليغًا. صنَّف المعتمد في أُصُول الفِقْه، وهو كبير؛ وكتابًا أصلح الأدلة، في مجلدتين، وكتاب غرز الأدِلَّة، في مجلَّد؛ وكتاب شرح الأُصُول الخمسة؛ وكتاب الإمامة، وكتابًا في أصول الدِّين على قواعد المعتزلة. وتنبَّه الفُضلاء بكُتُبه واعترفوا بحِذْقة وذكائه. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: كَانَ يَرْوِي حديثًا واحدً حَدَّثَنِيهِ مِنْ حِفْظِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا الْغَلَابِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ الزُّرَيْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَيَّانَ الْمَازِنِيُّ، وَأَبُو خَلِيفَةَ قَالُوا: ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ حَدِيثَ: "إِذَا لَمْ تَسْتَحي فَافْعَلْ مَا شِئْتَ"2 رَحِمَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ. تُوُفّّي في شهر ربيع الآخر. 187- محمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الحَسَن بن علي بن إبراهيم بن عليّ بن عُبَيْد الله بن الحسين بن زين العابدين3. الشّريف أبو الحسن بن أبي جعفر العلوي الحسيني العبيدلي النَّسَّابَة. أحد شيوخ الشِّيعة. كان علّامة في الأنساب، صنف فيها كتابًا سمّاه "كتاب الأعقاب". روى عن أبيه، عن ابن عُقْدة، وعن: محمد بن عمران المَرْزُبانيّ، وأبي عمر بن حَيَّوَيْهِ، وغيرهم. ولو سمع على قدْر عمره لسمع من أبي عَمْرو بن السّمّاك وطبقته. فإنّه وُلِد في ذي العقدة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وعُمِّر دهرًا، وتلمذ في الرَّفْض للشيخ المفيد المعروف بابن النعمان.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 100"، ميزان الاعتدال "4/ 271"، سير أعلام النبلاء "17/ 587". 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6120"، وفي الأدب المفرد "597"، وأبو داود "4797"، وابن ماجه "4183"، وأحمد في المسند "4/ 121، 122"، وغيرهم. 3 الوافي بالوفيات "1/ 118"، لسان الميزان "5/ 366، 367"، النجوم الزاهرة "5/ 41".

روى عنه: أبو حرب محمد بن المُحسِّن العَلَويّ النَّسَّابَة، وأحمد بن محمد بن الوتّار، وأبو منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العُكَبْرِيّ، وآخرون. وقد روى عن أبي الفَرَج الأصبهاني كتاب "الدّيارات". وروى أيضًا عن أبي بكر أحمد بن الفضل الرَّبَعيّ سندانة، عن أبي عُبَادة البُحْتُرِيّ عدّة قصائد من شِعْره. وهو آخر من حدَّث عن هذين. وذكره ابن عساكر في تاريخه، وقال: ذكره أبو الغنائم النَّسَّابة وأنّه اجتمع به في دمشق ومصر. وسمع منه علمًا كثيرًا. وذكر أنّ له كُتبًا كثيرة وشِعْرًا. وكان يُعرف بشيخ الشَّرَف. وقال هلال بن المحسِّن: تُوُفّي في سابع رمضان ببغداد، ثمّ ذكر مولده كما تقدم. وضعفه ابن خيرون، وقال: حدَّث أبي الفرج الأصبهانيّ بـ"مقاتل الطّالبيّين" من غير أصل، ولا وُجِد سماعُه في شيءٍ قطّ. 188- المحسّن بن محمد بن العبّاس بن الحسن بن أبي الْجِنّ1. الشّريف أبو تُراب الحُسيني، نقيب العلويّين، وقاضي دمشق بعد أخيه لأمه فخر الدولة أي يَعْلَى حمزة بن الحَسَن نيابةً عن أبي محمد القاسم بن النُّعْمان. روى عن: يوسف المَيَانِجِيّ. روى عنه: عليّ بن أحمد بن زهير، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وعبد العزيز الكتّانيّ. "حرف الهاء": 189- هبة الله بن إبراهيم بن عمر المصريّ الصّوّاف. روى عن: عليّ بن الحسين الأنطاكيّ، وغيره. روى عنه: أبو إسحاق الحبال، وأبو العباس الرازيّ.

_ 1 تاريخ دمشق "40/ 653".

"حرف الياء": 190- يحيى بْن عَبْد المُلْك بْن كَيْس1. أبو بكر القُرْطُبيّ المتكلِّم. كان حاذقًا بالْجَدَل والمناظرة متبحّرًا في ذلك. لم يكن بالأندلس في وقته أبصر منه بالكلام والبحث. عاش سبعًا وأربعين سنة. وفيات سنة سبع وثلاثين وأربعمائة: "حرف الألف": 191- أحمد بن ثابت بن أبي الْجَهْم2. أبو عمر الواسطيّ الأندلسيّ. من قرية واسط إحدى قرى قَبْرة. روى عن: أبي محمد الأصِيليّ، وكان يتولّى القراءة عليه. وكان خيِّرًا صالحًا. أمّ بمسجد بنفسج ستّين سنة. وكُفَّ بَصَرُه. 192- أحمد بن محمد بن الحسين بن يَزْدَة3. أبو عبد الله المِلْنجيّ الأصبهاني، الخيّاط المقرئ. سمع: أبا الشّيخ، وأبا بكر القبّاب، وغيرهما. روى عنه: أبو عليّ الحدَّاد. وقرأ عليه: أبو الفتح الحدّاد، وغيره. 193- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد4. أبو الفضل الهاشمي العباسي الرشيدي المروروذيّ. قاصي سِجِسْتان. سمع من: محمد بن منصور المَرْوَزِيّ، وأبي أحمد الغِطْريفيّ. روى عنه: مسعود بن ناصر السِّجْزيّ، والخطيب. وله شِعر رائق. عاش إلى هذا العام.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 667". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 50، 51". 3 الإكمال لابن ماكولا "7/ 321"، الأنساب "11/ 473"، سير أعلام النبلاء "17/ 593". 4 المنتخب من السياق "94، 95".

194- أحمد بن يوسف1. أبو نصر المَنَازِيّ الكاتب الشّاعر الوزير. وَزَرَ لأبي نصر أحمد بن مروان بن دُوستك، صاحب مَيَّافارِقين وديار بكر. وترسَّل إلى القسطنطينيّة مِرارًا، وجمع كُتُبًا كثيرة، ثمّ وقفها على جَامِعَيْ آمِد ومَيَّافارِقين. واجتمع بأبي العلاء المَعَرّيّ فشكا إليه أبو العلاء أنّه منقطع عن النّاس وهم يُؤْذُونه. فقال: ما لهم ولك، وقد تركت لهم الدُّنيا والآخرة؟ فتألَّم أبو العلاء وأطرق مُغْضِبًا. وهو من مَنَازْجِرْد من نواحي خَرْت بَرْت ليس من مَنَازْجِرْد الّتي من عمل خلاط. وللمَنَازيّ ديوان شِعر قليل الوقوع، وهو منسوب إلى منازْكَرْد، وفيه يقول القائل: وأفْقَر من شِعْر المَنَازِيّ المنازِلُ ومن شعره: وافَى إليَّ كتابه فتصوَّعتْ ... كفّاي ساعةَ نشرهِ من نشرهِ وفَضَضْتُه مُسْتَبْشرًا وروُدهُ ... فعرفت فَحْوَى صدره من صدرِه سَرَّى همومي ما حَواه وسرَّني ... أنْ مرَّ ذِكْري خاطرًا في سرِّه "حرف الهاء": 195- الحسين بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جُمَيْع2. أبو محمد الغسّانيّ الصَّيْدَاويّ، المُلقَّب بالسَّكَن. روى عن: أبيه أبي الحسين، وجدَّيه أحمد بن محمد، ومحمد بن سليمان بن أحمد بن ذَكْوان، ويوسف المَيَانِجِيّ، وأحمد بن عطاء الرُّوذَبَاريّ، وطائفة. وعنه: محمد بن أحمد بن أبي الصَّقْر الأنباريّ، وحمْد بن عليّ الرهاويّ، وعليّ بن بكار

_ 1 وفيات الأعيان "1/ 43، 145"، سير أعلام النبلاء "17/ 583"، الوافي بالوفيات "5/ 285-288". 2 تهذيب تاريخ دمشق "1/ 441، 442"، سير أعلام النبلاء "17/ 592"، غاية النهاية "2/ 148".

الصُّوريّ، وجماعة. وبالإجازة: نصر المقدسيّ، وأبو الحسن بن المَوَازِينيّ. قال المنجّا بن سُلَيْم الكاتب: قال لي أبو محمد ين جُمَيْع: مكثت ستّة أشهُر ما شربت الماء. قال أبو السَّرِيّ الطّبيب: إنّ مَعِدتَك تشبه الآبار. باردة في الصَّيف حارّة في الشّتاء، إنّي أنصحك فاشرب الماء، وإلّا خِفْتُ على كَبِدك. فأَلْزَمْتُ نفسي شُرْبَ الماء حتّى تعوّدت. وقال: سمعتُ الموطّأ من جدّي سنة سبْعٍ وأربعين وثلاثمائة كذا في النُّسْخة، ولعله سنة سبْعٍ وخمسين. قال: ولي سبعٌ وثمانون سنةً. وقد سردتُ الصَّوم ولي ثمان وعشرون سنة. وسردَ أبي الصَّوم وله ثمانية عشر عامًا وإلى أن مات. وصام جدّي وله اثنتا عشر سنة حتّى مات. تُوُفّي، رحمه الله، يوم عيد الفِطْر. 196- الحسين بن محمد بن بيان1. المؤذّن أبو عبد الله البغداديّ، عُرِف بابن مجوجا. قال الخطيب: كتبتُ عنه عن عبد الله بن موسى الهاشميّ. وكان صدوقًا. وذكر لي أنّه سمع من حبيب القزّاز، والقَطِيعيّ، وأنّ كُتُبَه ضاعت، وأنّه وُلِد سنة سبْعٍ وأربعين وثلاثمائة. "حرف العين": 197- عبد الرحمن بن مَخْلَد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بَقِيّ بن مَخْلَد2. أبو الحسن القُرْطُبي. سمع من أبيه، وأجاز له جدّه. وأخذ عن أبي بكر بن زَرْب كتاب "الخِصال" من تأليفه. وولي قضاء طُلَيْطُلَة مرَّتين. وكان مليح الخطّ، دَرِبًا بالقضاء. ثمّ ولي أحكام الشُّرطة والسّوق بقُرْطُبة إلى أن تُوُفّي في النّصف من ربيع الآخر فجأة. وولد سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة. 198- عبد الصّمد بن محمد3. أبو الفضل البغداديّ ابن الفقاعيّ.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 108"، المنتظم "8/ 128". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 329". 3 تاريخ بغداد "11/ 45"، المنتظم "8/ 128، 129"، الأنساب "6/ 96، 97".

سمع مجلسًا من أبي بكر القَطِيعيّ. وكان خطيب قرية الرُّخَّجِيّة على فَرْسَخ من بغداد. 199- عليّ بن أحمد بن الحسن بن عبد السّلام الْبَغْدَادِي1. أبو الحسين بن الشِّيرَجِيّ المقرئ. سمع من: القَطِيعيّ، وعبد العزيز الخِرَقيّ. قال الخطيب: كتبنا عنه؛ وكان صدوقا. مات فِي جُمَادى الآخرة. 200- عَلِيّ بْن عَبْد الصّمد بن عُبَيْد الله. أبو الحسن الهاشميّ، خطيب الجانب الغربيّ. سمع: أبا محمد بن السّقّا الوَاسِطيُّ، ومحمد بن أحمد المفيد، والأبْهَريّ. 201- عليّ بن محمد بن الحسن2. أبو الحسن البغداديّ الحربيّ السِّمسار، المعروف بابن قُشَيْش. سمع: أبا بكر القطيعي، وإبراهيم بن أحمد بن الحُرْفيّ، وابن لؤلؤ الورّاق، وأبا سعيد الحُرْفيّ، ومحمد بن المظفّر. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا يتفقّه بمذهب مالك. تُوُفّي في شعبان، وولد في سنة ست وخمسين وثلاثمائة. "حرف الميم": 202- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرحمن بن محمد بن موسى. أبو بكر الأصبهاني الصّفّار. سمع: أبا الشّيخ. وعنه: أبو عليّ الوَخْشيّ، ومسعود بن ناصر السِّجْزيّ، وأبو عليّ الحدّاد، وآخرون. بقي إلى سنة سبْعٍ هذه. 203- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو البلجي بن القمّاح3. روى عن: يوسف المَيَانِجِيّ. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، ونجا بن أحمد، وجماعة.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 333". 2 تاريخ بغداد "13/ 100، 101". 3 تاريخ دمشق "36/ 438".

204- محمد بن الحسين بن عمر بن برهان1. أبو الحسن بن العراك. أخو عبد الوهّاب. حدَّث في هذه السّنة عن: إسحاق بن سعْد النَّسَويّ. 205- محمد بن سليمان2. أبو عبد الله الرُّعَينيّ القُرْطُبيّ الضّرير المعروف بابن الحنّاط، الأديب. قال الأبّار: كان عالمًا بالآداب، قائمًا على اللُّغة والعربيّة، شاعرًا مُفْلَقًا، شارك في الطّبّ وغيره، وله رسائل بديعة وشِعر مدوَّن. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. ذكره الحُمَيْديّ، وابن حَيَّان. 206- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد. أَبُو بكر الأصبهاني المؤذّن التّبّان. إمام مسجد المسى. سمع من أبي الشّيخ. وعنه: قُتَيْبَة بن سعيد، وسعيد بن محمد البقّال، واللّبّاد، وأبو عليّ الحدّاد. قال يحيى بن مَنْدَهْ: مات فِي جُمَادى الآخرة. 207- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن يزيد بن محمد بن جُنَيْد3. أبو عبد الله اللّخْميّ الإشبيليّ، المعروف بابن الأحدب. كان رجلًا صالحًا مقبلًا على ما يعنيه، قديم الطَّلَب، جامعًا للكُتُب. سمع: أبا محمد الباجيّ، وأبا عبد الله بن مفرِّج، وعباس بن أصْبَغ، وجماعة. تُوُفّي في شوّال في ثمانين سنة. 208- محمد بن عبد الوهّاب بن أبي العلاء4. أبو عبد الله الدّلّال، بغداديّ. سمع "مُسْنَد أبي هريرة"، من أبي بكر القطيعي، وحدّث.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 244". 2 جذوة المقتبس للحميدي "57، 58". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 527، 528". 4 تاريخ بغداد "2/ 382".

209- محمد بْن عليّ بن نصر1. أبو الحسن الكاتب البغداديّ. صاحب "ديوان الرّسائل" في دولة جلال الدولة أبي طاهر بن بهاء الدولة بن عضُد الدّولة. وترسّل عنه إلى الملوك، ولقي جماعة من كبار الأُدباء. وأخذ عن: أبي الفَرَج البّبغاء، وأبي نصر بن نُبَاتَة. وكان أديبًا بليغًا فصيحًا إخباريًّا. سمع من أبي القاسم عيسى بن الوزير. روى عنه: أبو منصور محمد بن محمد العُكْبَرِيّ. وله كتاب "المفاوضة" صنَّفه للملك العزيز جلال الدّولة. تُوُفّي بواسط في ربيع الآخر، وله خمسٌ وستّون سنة. وهو أخو القاضي عبد الوهّاب بن عليّ المالكيّ شيخ المالكيّة. 210- محمد بن محمد بن أحمد2. أبو طاهر بن سُمَيْكَة. روى عن: محمد بن المظفّر. روى عنه: الخطيب، وقال: صدوق. مات فِي شوّال. 211- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مكّيّ بن الحسن بن عليّ بن إبراهيم3. العلوي الحسني البغداديّ. قدِم دمشق. وذكر أبو الغنائم النّسّابَة أنّه اجتمع به وسمع منه بدمشق ومصر عِلمًا كثيرًا من تصانيفه وشِعْره، وكان يُلقَّب بشيخ الشّرف. عُمِّر تسْعًا وتسعين سنة. 212- مكّيّ بن أبي طالب حَمُّوش بن محمد بن مختار4. الإمام أبو محمد القَيْسيّ القيروانيّ، ثمّ القُرْطُبيّ المقرئ. شيخ الأندلس. حجّ، وسمع بمكّة من: أحمد بن فِراس، ومحمد بن محمد بن جبريل العُجَيْفِيّ، وأبي القاسم عُبَيْد الله السَّقَطيّ، وأبي بكر أحمد بن إبراهيم المَرْوَزِيّ. وقرأ القرآن على أبي الطيب بن غلبون، وعلى ابنه طاهر.

_ 1 الوافي بالوفيات "4/ 124"، شذرات الذهب "3/ 225"، معجم المؤلفين "11/ 67". 2 تاريخ بغداد "3/ 234". 3 تقدم برقم "187". 4 الصلة لابن بشكوال "2/ 631"، سير أعلام النبلاء "17/ 591-593"، النجوم الزاهرة "5/ 46".

وسمع بالقيروان من: أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القَابسيّ، وغيرهم. قال صاحبه أبو عمر بن مَهْديّ المقرئ: كان رحِمه الله من أهل التَّبَحُّر في علوم القرآن، والعربيّة، حَسَن الفَهْم والخُلُق، جيّد الدِّين والعقل، كثير التّأليف في علوم القرآن، محسنًا لذلك، مجوِّدًا للقراءات السَّبْع، عالمًا بمعانيها. وُلِد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان. فأخبرني أنّه سافر إلى مصر وهو ابن ثلاث عشرة سنة، واختلف إلى المؤدِّبين بالحساب، وأكمل القرآن بعد ذلك. ثمّ رجع فأكمل القراءات على أبي الطّيّب سنة ستٍّ وسبعين وثلاثمائة. وقرأ القراءات بالقيروان سنة سبْعٍ وسبعين. ثمّ نهض إلى مصر وحجّ. وابتدأ بالقراءات بمصر، ثمّ عاد، ثمّ رجع إلى مصر سنة اثنتين وثمانين، وعاد إلى بلاده سنة ثلاثٍ، فأقرأ القراءات. ثمّ خرج سنة سبْعٍ وثمانين فحجّ وجاورَ بمكّة، فحجَّ أربع حججٍ متوالية، ودخل إلى الأندلس في سنة ثلاثٍ وتسعين. وجلس للإقراء بجامع قُرْطُبة وعظُم اسمه وجلَّ قدْرُه. قال ابن بشْكُوال: ثمّ قلّده أبو الحزْم جَهْوَر خَطَابة قُرْطُبة بعد وفاة يونس بن عبد الله القاضي. وكان قبل ذلك ينوب عن يونس في الخطبة. وكان ضعيفًا عليه على أدبه وفهْمه. وله ثمانون تأليفًا. وكان خيِّرًا، فاضلًا، متديِّنًا، متواضعًا، مشهورًا بالصّلاح وإجابة الدّعوة. حكى أبو عبد الله الطّرفيّ قال: كان عندنا رجلٌ فيه حِدَّة، وكان له على الشّيخ أبي محمد مكّيّ تسلُّط، كان يدنو منه إذا خطب فيغمزه ويُحْصِي عليه سقطاته، وكان الشيخ كثيرًا ما يتعلثم ويتوقَّف، فجاء ذلك الرّجل في بعض الْجُمَع وجعل يحدّ النَّظر إلى الشّيخ ويغمزه، فلمّا خرج ونزل معنا في موضعه، قال: أمِّنوا على دعائي. ثمّ رفع يديه وقال: اللهمَّ اكْفِنِيه، اللهمَّ اكْفِنِيه، اللَّهُمَّ اكفنيه. فأمَّنّا. قال: فأُقْعِد ذلك الرّجل وما دخل الجامع بعد ذلك اليوم. وقال ابن حَيّان: تُوُفّي ثاني يوم المحرَّم، وصلّى عليه ابنه أبو طالب محمد. قلت:

تلا عليه خلْق منهم: عبد الله بن سهل، ومحمد بن أحمد بن مطرّف، وروى عنه بالإجازة أبو محمد بن عَتَّاب. "حرف الياء": 213- يحيى بن هشام بن أحمد1. أبو بكر بن الأصْبَغ القُرَشيّ الأندلسيّ. كان بارعًا في الآداب، عالمًا بالعربيّة واللُّغَة، مقدَّمًا في معاني الأشْعَار الجاهليّة، مشاركًا في العلوم. توفّي ببطليوس رسولًا، وله سبع وأربعون سنة. وفيات سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة: "حرف الألف": 214- أحمد بن الحسن بن عيسى بن شرارة2. أبو الحسن النّاقِد، أخو أبي طاهر البغداديّ. سمع: أبا محمد بن ماسيّ. 215- أحمد بن عبد الواحد بن مُحَمَّد بن جعفر3. أبو يعلى ابن زوج الحُرّة. كان أصْغر إخْوته. روى عن: الدَّارَقُطْنيّ، وأبي الحسن الحربيّ. وعنه: الخطيب، وصدَّقه. 216- أحمد بن محمد بن العبّاس بن بكران4. الهاشميّ العبّاسيّ، أبو العبّاس. عن: عليّ بن محمد بن كَيْسان. وعنه: الخطيب، وقال: صدوق. تُوُفّي عن بضعٍ وسبعين سنة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 677". 2 تاريخ بغداد "4/ 93". 3 تاريخ بغداد "4/ 270". 4 تاريخ بغداد "5/ 72".

217- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد1. أبو الفضل الهاشميّ العبّاسيّ الهارونيّ الرَّشِيديّ. نزيل سَجسْتان. قدِم نَيْسابور، وحدَّث. روى عن: أبي بكر المفيد، والغِطْرِيفيّ، والخليل السِّجْزيّ. روى عنه: مسعود بن ناصر الحافظ، وأبو القاسم الحشكاني. 218- أحمد بن محمد2. أبو الحسن القنطري المقرئ. أخذ القراءة عن: الشَّنْبُوذيّ، وعلي بن يوسف العلّاف، وعمر بن إبراهيم الكتّانيّ. وأقرأ النّاس دهرًا بمكّة. قال أبو عَمْرو الدَّانيّ: لم يكن بالضَّابِط ولا بالحافظ. تُوُفّي بمكّة سنة ثمانٍ وثلاثين. 219- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدُوَيْه. أبو بكر الشُّرُوطيّ الأصبهاني، ويُعرف بابن الأسود. سمع: عبد الله الصَّائِغ، وأبا الشّيخ. روى عنه: أبو عليّ الحدّاد. تُوُفّي في ذي الحجّة. 220- إسماعيل بن عبد الرحمن بن عَمْر بن النّحّاس المصريّ. ولد في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. وسمع من أصحاب النسائي. وحدَّث. تُوُفّي في رجب. "حرف الباء": 221- بِشْر بن محمد. أبو نصر الأصبهاني الْجُوزدَانيّ. روى عن: عبيد الله بن يعقوب الأصبهاني. وعن: أبو عليّ الحداد.

_ 1 تقدم برقم "193". 2 ميزان الاعتدال "1/ 156"، غاية النهاية "1/ 136".

"حرف الجيم": 222- جعفر بن أحمد بن عبد الملك بن مروان الأُمويّ1. اللُّغَويّ أبو مروان ابن الغاسلة. من أهل إشبيليّة. روى عن: القاضي أبي بكر بن زَرْب، وأبي جعفر بن عَوْن الله، والزُّبَيْديّ، وابن مفرِّج، وجماعة. وكان بارعًا في الأدب واللُّغة ومعاني الشِّعْر، ذا حظٍّ في علم السُّنَّة. عاش أربعًا وثمانين سنة. "حرف الحاء": 223- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم2. أَبُو عَلِيّ البغداديّ الفقيه المالكيّ، المقرئ. مصنِّف كتاب "الرَّوْضة في القراءات". روى هذا الكتاب عنه: أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن غالب الخيّاط، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن حُمَيْد الواعظ. وقرأ عليه: أبو القاسم الهُذليّ، وإبراهيم الخيّاط المذكور المالكيّ شيخ ابن الفحام الصقلبي. وتُوُفّي في رمضان، وأسانيده في هذا الكتاب. قرأ على: ابن أبي مسلم الفَرَضيّ، والسُّوسَنْجِرْديّ، وعبد الملك النَّهْرَوانيّ، والحمّاميّ، وطبقتهم. 224- الحسن بن محمد بن عمر بن عُدَيْسَة3. أبو عليّ النَّرْسيّ البزّاز. سمع: أَبَا حَفْص بْن شاهين، وأبا القاسم الصَّيدلانيّ. قال الخطيب: كان صدوقًا من أهل المعرفة بالقراءات. مات في رجب. سنة ثمانين وثلاثمائة. 225- الحسين بن يحيى بن أبي عَرّابة. أبو البركات، ورَّخه الحبّال. "حرف الطّاء": 226- طلحة بن عبد الملك بن عليّ.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 128". 2 العبر "3/ 188"، غاية النهاية "1/ 230"، النجوم الزاهرة "5/ 42"، شذرات الذهب "3/ 261". 3 تاريخ بغداد "7/ 245"، المنتظم "8/ 130".

أبو سعْد الطّلْحيّ الأصبهاني التّاجر. سمع: أبا بكر بن المقرئ. روى عنه: أبو عليّ الحدّاد. "حرف العين": 227- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن إبراهيم1. أبو محمد الهاشميّ العبّاسيّ المعتصميّ. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا. 228- عبد الله بن يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف بْن محمد بن حَيَّوَيْهِ2. الشّيخ أبو محمد الْجُوَيْنيّ. تُوُفّي بنَيْسابور في ذي القعدة. وكان إمامًا فقيهًا، بارعًا في مذهب الشّافعيّ. مفسِّرًا نَحْوِيًّا أديبًا. تفقّه بنَيْسابور على: أبي الطّيّب الصُّعْلُوكيّ. ثمّ خرج إلى مَرْو. وتفقّه على أبي بكر القفّال وتخرَّج به فِقْهًا وخلافًا. وعادَ إلى نَيْسابور سنة سبع وأربعمائة، وقعد للتّدريس والفَتْوَى. وكان مجتهدًا في العبادة، مَهِيبًا بين التّلامذة، صاحب جدّ ووَقار. صنف "التبصرة" في الفقه، وصنف "التذكرة"، والتفسير الكبير، و"التعليق". سمع من: القفال، وعدنان بن محمد الضبي، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن، وابن محمش. وببغداد من: أبي الحسين بن بشران، وجماعة. روى عنه: ابنه إمام الحرمين أبو المعالي، وسهل بن إبراهيم المسجدي، وعلي بن أحمد المديني. قال أبو عثمان الصابوني: لو كان الشّيخ أبو محمد في بني إسرائيل لنُقلت إلينا شمائلُه وافتخروا به. وقال عليّ بن أحمد المَدِينيّ: سمعته يقول إنّه من سِنْبِس، قبيلة من العرب. وقال الحافظ أبو صالح المؤذّن: غسّلته، فلمّا لَفَفْتَهُ في الأكفان رأيت يده اليُمْنَى إلى الإبط منيرة كلون القمر. فتحيرت، وقلت: هذه بركة فتاويه.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 398"، المنتظم "8/ 130". 2 تاريخ بغداد "10، 198"، المنتظم "8/ 130"، سير أعلام النبلاء "17/ 617، 618"، النجوم الزاهرة "5/ 42".

229- عبد الباقي بن هبة اللَّه بْن محمد بْن جعْفَر. أَبُو القاسم البغداديّ الحفّار. 230- عبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم بن محمد بن الشَرَفيّ القُرْطُبيّ1. والد الحاكم أبي إسحاق. ولي القضاء بعدّة كُوَر مَيُورقَة، وغيرها. وعاش نيِّفًا وسبعين سنة. 231- عبد الرحمن بن محمد بن عبّاس بن جَوْشَن2. أبو محمد الأنصاريّ، عُرِف بابن الحصّار الطُّلَيْطُلَيّ. خطيب طُلَيْطُلَة. روى عن: أبي الفَرَج عَبْدُوس بن محمد ومحمد بن عَمْرو بن عَيْشُون وتمّام بن عبد الله وطائفة من شيوخ طُلَيْطُلَة. وروى عن: أبي جعفر بن عَوْن الله، وأحمد بن خالد التّاجر، وابن مفرِّج، ومحمد بن خليفة. وحجّ، وسمع يسيرًا، وعُنِي بالرّواية والْجَمْع حتّى كان أوحد عصره. وكانت الرّحلة إليه. وكان ثقة صدوقًا صبورًا على النسخ. ذكر أنّه نسخ "مختصر ابن عُبَيْد" وعَارَضَه في يومٍ واحد. وكان مولده في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. حدَّث عنه: حاتم بن محمد، وأبو الوليد الوخْشيّ، وجُمَاهر بن عبد الرحمن، وأبو عمر بن سُمَيْق، وأبو الحسن بن الألْبيريّ ووصَفه بالدِّين والفضل والوقار. وضَعُفَ في آخر عُمره عن الإمامة، فلزِم داره. 232- عبد الكريم بن عبد الواحد بن محمد. أو طاهر الحَسْنَابَاذِيّ، يُعرف بمكشوف الرّأس. كان من أعيان صوفيّة إصبهان وفُقهائها. سمع من: أبي الشّيخ. ورحل فسمع بمصر وبغداد. روى عنه: الحداد. وتوفي في ربيع الآخر.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 331". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 330".

233- عليّ بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن شَوْذَب1. أبو الحسين الواسطيّ. حدَّث في هذه السنة بواسط عَنْ أَبِي بكر القَطِيعيّ. "حرف الفاء": 234- الفضل بن محمد بن سعيد. أبو نصر القاشانيّ الأصبهاني. سمع: أبا الشّيخ. وعنه: أبو عليّ الحدّاد، وغانم البُرْجِيّ، وجماعة. "حرف الميم": 235- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد2. أبو الحسين البغداديّ المطرّز. كان وكيلًا على أبواب القُضاة. سمع: عليّ بن محمد بن كَيْسان، وابن نجيب. تُوُفّي في شوّال. 236- محمد بن الحسن بن عيسى3. أبو طاهر بن شرارة البغداديّ النّاقد. سمع: القطيعي، وابن ماسي. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا. تُوُفّي فِي ذي القعدة. 237- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بن الشيخ أبي سلمان محمد بن الحسين الحرّانيّ4. ثمّ البغداديّ. أبو الحسين الشّاهد. سمع: ابن مالك القَطِيعيّ، وعليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ، وابن ماسيّ. قال الخطيب: كتبت عنه وكان صدوقا. مات في صفر. 238- محمد بن أبي السُّكَّريّ، واسمه عمر، بن محمد بن إبراهيم بن غياث5.

_ 1 سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي "91، 92". 2 تاريخ بغداد "1/ 418"، المنتظم "8/ 131". 3 تاريخ بغداد "2/ 221"، المنتظم "8/ 131". 4 تاريخ بغداد "2/ 254"، المنتظم "8/ 131". 5 تاريخ بغداد "5/ 39، 40".

أبو بِشْر البغداديّ الوكيل. سمعَ: عليّ بن لؤلؤ. وابن المظفّر، وأبا حفص بن شاهين. قال الخطيب: كتبت عنه، وذُكر لنا عنه الاعتزال. 239- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد. أَبُو بكر الأصبهاني التّبّان المؤذّن. سمع من: أبي الشّيخ. روى عنه: الحدّاد، وأبو الفتح محمد بن عبد الله الصّحّاف، وآخرون. 240- محمد بن عليّ بن محمد بن سَيُّوَيْه. أبو محمد الأصبهاني المؤدّب، المكفوف والده. سمع: أبا الشّيخ بن حَيّان. روى عنه: عبد العزيز النَّخْشَبيّ وقال: هو شيخ صالح عامّيّ، وأبو عليّ الحدّاد، وحمزة بن العبّاس، وغيرهم. تُوُفّي في شوّال. رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَعْد المطرز. وقال ابن سَمُّوَيْه: المعروف بالرِّبَاطيّ. وأمّا أبو زكريّا بن مَنْدَهْ ففرّق بين هذا وبين المكفوف. 241- محمد بن عمر بن زاذان القَزْوينيّ1. أبو الحسن. رحل وسمع من: هلال بن محمد بالبصرة. روى عنه إسماعيل بن عبد الجبار المالكيّ. 2420- محمد بن محمد بن عيسى بن إسحاق بن جابر2. أبو الحسن الخَيْشيّ البصري النحوي. قرأ بالعربية بالبصرة على أبي عبد الله الحسين بن عليّ النّمريّ صاحب أبي باش. وسمع من: محمد بن مُعَلَّى الأزْديّ. وأخذ أيضًا عن أبي عليّ الحسن بن أحمد بن عبد الغفّار الفارسيّ. وبرع في النَّحْو. ونزل واسطًا مدّة. وروى بها كثيرًا، وببغداد. وتخرَّج به جماعة.

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "1/ 479". 2 الإكمال لابن ماكولا "3/ 240"، الكامل في التاريخ"9/ 535"، بغية الوعاة "1/ 231".

روى عنه: الوزير أبو الجوائز الحسن بن عليّ الكاتب، ومحمد بن عليّ بن أبي الصَّقْر الواسطيّان، وأبو الحسن عليّ بن الحسين بن أيّوب البزّاز، وأخوه أحمد بن عبد الملك النَّحْويّ. قال ابن النّجّار: كان من أئمة النُّحَاة المشهورين بالفضل والنُّبْل. ومن شِعره: رأيت الصّدّ مذمومًا وعندي ... صِدِودُك لو ظفرتُ به حميدُ لأنّ الصّدَّ عن وصلٍ ومَن لي ... بوصلٍ منك يعقبُه الصُّدود قال أبو النصر بن ماكولا الحافظ: وأبو الحسن محمد بن محمد بن عيسى الخيشي شيخنا وأستاذنا يقول: اجتاز بنا المتنبّيّ وكنّا نتعصَّب للسّرِيّ الرّفّاء، فلم نسمع منه. قال ابن ماكولا: كان إمامًا في حلّ التّراجِم، ولم أر أحدًا من أهل الأدب يجري مجْرَاه. وقال محمد بن هلال بْنُ الصَّابئ: هو من أهل البَطِيحة، لقي أبا عليّ الفارسيّ، وأخذ عن ابن جِنّيّ وأضرابه. ولمّا حصل ببغداد أخذ عنه أبو سعد بن المُوصِلايَا المُنْشئ، وكان ملازمًا له حتّى مات ببغداد عن إحدى وتسعين سنة. وقال ابن خَيْرُون: مات في سادس عشر ذي الحجّة. 243- مسعود بن عليّ بن مُعَاذ بن محمد بن مُعَاذ1. أبو سعيد السِّجْزيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ الوكيل الحافظ. من أعيان تلامذة أبي عبد الله الحاكم، وله عنه سؤالات، وقد أكثر عنه. سمع: أبا محمد بن الرُّوميّ، وأبا عليّ الخالديّ، وعبد الرحمن بن المزكّيّ، وجماعة. وروى شيئًا يسيرًا عن الحاكم لأنّه تُوُفّي كَهْلًا. روى عنه: مسعود بن ناصر الركاب، وغيره. تُوُفّي سنة ثمان وثلاثين، على قولين ذكرهما عبد الغافر.

_ 1 المنتخب من السياق "432".

"حرف الهاء": 244- هشام بن غالب بن هشام1. أبو الوليد الغافِقيّ القُرْطُبيّ الوثائقيّ. روى عن القاضي أبي بكر بن زَرْب، وابن المكْوِيّ، وأبي محمد الأصِيليّ، وكان أقعد النّاس به، وأكثرهم لُزُومًا له. وكان خيِّرًا إمامًا، من أهل العلم الواسع، والفَهْم الثّاقب، متفنِّنًا وقد أخذ من كل علم بخط وافر. وكان يميل إلى مذهب داود بن عليّ الظّاهريّ رحمه الله في باطن أمره. خرج من قُرْطُبة في الفتنة وسكن غُرْنَاطة، ثمّ استقرّ بإشبيليّة. وتُوُفّي في ربيع الآخر، وقد جاوز الثمانين بأشهُر، رحمه الله. "حرف الياء": 245- يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عبد الملك2. الأُمويّ العُثمانيّ، أبو بكر القُرْطُبيّ. رَوَى عَنْ: أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وابن مفرِّج، وعبّاس بن أَصْبَغ، وإسماعيل بن إسحاق. وهاشم بن يحيى. حدَّث عَنِه: الخَوْلانيّ وقال: كَانَ من أهل العلم والتَّقدُّم في الفَهْم للحديث والسُّنَن والرّأي والأدب. وأثنى عليه ابن خَزْرَج ووصَفَه بالفصاحة والتَّفنُّن في العلوم، وقال: تُوُفّي في صفر ابن ثمانٍ وسبعين سنة. وفيات سنة تسع وثلاثين وأربعمائة: "حرف الألف": 246- أحمد بن أحمد بن محمد بن عليّ3.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 652". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 667، 668". 3 تاريخ بغداد "4/ 4، 5"، الأنساب "7/ 216".

أبو عبد الله القَصْريّ السّيْبِيّ الفقيه الشّافعيّ. حدَّث عن: أبي محمد بن ماسيّ، وعبد الله بن إبراهيم الزَّيْنَبيّ، وعلي بن أبي السري البكائي. قال الخطيب: كان فاضلا من أهل العلم والقرآن، كثير التلاوة. قيل: كان يقرأ في كل يوم ختمة. سمعته يقول: قدِمْتُ أنا وأخي من القصر، والقَطِيعيّ حيّ، ومقصودنا الفقه والفرائض. فأردنا السّماع منه، فلم نذهب إليه، لكنّا سمعنا من ابن ماسي نسخة الأنصاريّ. وكان ابن اللّبّان الفَرَضيّ قال لنا: لا تذهبوا إلى القَطِيعيّ، فإنّه قد ضَعُفَ واختلّ، وقد منعت ابني من السّماع منه. تُوُفّي ابن السيبيّ في رجب عن ثلاثٍ وتسعين سنة. 247- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد1. أَبُو الحسن بن اللّاعب البغداديّ الأنماطيّ. سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وغيره. وتُوُفّي في ذي القعدة. 248- أحمد بن عليّ بن عمر. أبو الحسن البصْريّ المالكيّ، الفقيه. تُوُفّي فِي رَمَضَان. 249- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسين2. أبو نصر البخاريّ، حَمْوُ القاضي الصيمريّ. تفقّه على أبي حامد الإسْفَرائينيّ. وسمع من: نصر بن أحمد البرجيّ. وعنه: الخطيب، ووثّقه. نزيل الكوفة وبها مات فِي ذي الحجة. "حرف الحاء": 250- الْحَسَن بْن داود بن بابْشَاذ3.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 238". 2 تاريخ بغداد "4/ 435، 436"، طبقات الشافعية "3/ 32، 33". 3 تاريخ بغداد "7/ 307".

أبو سعْد المصريّ. تُوُفّي ببغداد في ذي القعدة شابًّا. سمع: أبا محمد بن النّحّاس، وغيره. وكان له ذكاء باهر. قرأ القراءات والأدب والحساب والفِقْه، وتقدَّم في مذهب أبي حنيفة. 251- الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن بن شوّاش1. أبو علي الكتّانيّ الدّمشقيّ، المقرئ، مشرف الجامع. حدَّث عن: الفضل بن جعفر المؤذّن، ويوسف المَيَانِجيّ، وأبي سليمان بن زَبْر. روى عنه: أبو القَاسِم بْن أبي العلاء، وسهْل بْن بِشْر الإسْفَرائينيّ، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصَّقْر الأنباريّ، ومحمد بن الحسين الحِنّائيّ، وغيرهم. تُوُفّي في ذي القعدة. 252- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عليّ2. الحافظ أبو محمد بن أبي طالب البغداديّ الخلّال. سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وأبا بكر الورّاق، وأبا سعيد الحرفيّ، وابن المظفّر، وأبا عبد الله بن العسكريّ، وأبا بكر بن شاذان، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبا الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وخلْقًا سواهم. قال الخطيب كتبنا عنه، وكان ثقة له معرفة، نبيه، وخرَّج "المُسْنَد" على "الصَّحيحين"، وجمع أبوابًا وتراجم كثيرة. وقال لي: ولدت سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. ومات في جُمَادى الأولى. قلتُ: روى عنه: أبو الحسين المبارك، وأبو سعد ابنا عبد الجبّار الصَّيْرفيّ، وجعفر بن أحمد السّرّاج، والمعمّر بن عليّ بن أبي عمامة الواعظ، وجعفر بن المحسّن السّلَمَاسيّ، وآخرون. 253- الحسن بن محمد بن إسماعيل بن أشناس3.

_ 1 تاريخ دمشق "10/ 37"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 199". 2 تاريخ بغداد "7/ 425"، سير أعلام النبلاء "17/ 593-595"، شذرات الذهب "3/ 262". 3 تاريخ بغداد "7/ 425".

أبو عليّ بن الحمّاميّ البغداديّ، المتوكّليّ. كان جدّهم مولى للمتوكّل. سمع أبا عبد الله بن العسكري، وعمر بن سنبك، وعليّ بن لؤلؤ، وطائفة كبيرة. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان رافضيًّا خبيث المذهب، ويقرأ على الشّيعة مَثَالب الصّحابة. عاش ثمانين سنة. 254- الحسين بن الحسن بن عليّ بن بُنْدَار1. أبو عبد الله الأنماطيّ. بغداديّ، يُعرف بابن أحما الصَّمْصاميّ. روى عن: ابن ماسي. قال الخطيب: كان يدعو إلى الاعتزال والتَّشَيُّع ويناظر عليه بحمق وجَهْل. مات في شعبان. 255- الحسين بن عليّ بن عُبَيْد الله2. أبو الفَرَج الطَّناجيريّ. بغداديّ مشهور. سمع: عليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ، ومحمد بن زيد بن مروان، ومحمد بن المظفّر، وأبا بكر بن شاذان، وخلْقًا سواهم. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة ديِّنًا. سمعته يقول: كتبتُ عن القَطِيعيّ أمالي وضاعت. توفي في سلخ ذي العقدة، وولد في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. "حرف العين": 256- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عبد الله بن رُسْتَه. البغداديّ ثمّ الأصبهاني. روى عن: عبد الرحمن بن شنبة العطّار عن أبي خليفة الْجُمَحيّ. وعنه: أبو عليّ الحداد.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 35". 2 تاريخ بغداد "8/ 79، 80"، الأنساب "8/ 251"، سير أعلام النبلاء "17/ 618، 619".

257- عبد الله بن ميمون الأرع. أبو محمد الحَسَنيّ الصُّوفيّ. محدِّث مكثر، مصري. رحل إلى الحافظ أبي عبد الله الحاكم، قاله الحبال. 258- عبد الرحمن بن سعيد بن خزرج1. أبو المطرف الإلبيريّ. سمع: أبا عبد الله بن أبي زمنين. وحج فأخذ عن: أبي الحسن القابسيّ، وأحمد بن نصر الداوديّ. وسكن قرطبة. قال أبو عمر مهديّ: كان من أهل الخير والفضل، حافظًا للمسائل. له حظٌّ من عِلْم النَّحْو، كثير الصّلاة والذِّكر. تُوُفّي رحمه الله في ربيع الأول. 259- عَبْد المُلْك بْن عَبْد القاهر بْن أسد2. أبو القاسم النَّصِيبيّ. 260- عبد الواحد بن محمد بن يحيى3. أبو القاسم البغداديّ المطرِّز الشّاعر المشهور. كان سائر القول في المديح والغَزَل والهجاء. له دِيوان. 261- عبد الوهّاب بن عليّ بن داوريد4. أبو حنيفة الفارسيّ الملحميّ، الفقيه الفَرَضيّ. قال الخطيب: ثنا عن المُعَافيّ الجريريّ، وكان عارفًا بالقراءات والفرائض، حافظًا لظاهر فِقه الشّافعيّ. مات في ذي الحجّة. 262- عليّ بن بُنْدَار. قاضي القُضاة أبو القاسم. حدَّث بأصبهان عن: أبي الشّيخ. وعن: أبي القاسم بن حَبَابَة. روى عنه: أبو عليّ الحدّاد، وأبو سعد المطرز. وتوفي في شوال.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 331، 332". 2 تاريخ بغداد "10/ 433"، المنتظم "8/ 133، 134". 3 تاريخ بغداد "11/ 16"، المنتظم "8/ 134"، الكامل في التاريخ "9/ 543". 4 تاريخ بغداد "11/ 33"، المنتظم "8/ 133"، طبقات الشافعية الكبرى"3/ 285".

263- علي بن عبيد الله بن علي1. أبو طاهر البغدادي البزوري. سمع: القطيعي، والوراق. وعنه: الخطيب، واثنى عليه. 264- علي بن منير بن أحمد2. أبو الحسن المصري الخلال الشاهد. روى عن: أبي الطّاهر الذُّهليّ، وأبي أحمد بن النّاصح، وجماعة. روى عنه: أبو الحسن الخِلَعيّ، وسهل بن بِشْر، وسعْد بن عليّ الرَّيْحانيّ، وجماعة سواهم. تُوُفّي في ذي القعدة. 265- عمر بن محمد بن العبّاس بن عيسى3. أبو القاسم الهاشميّ البغداديّ. عُرِف بابن بكران. سمع: ابن كَيْسان. قال الخطيب: كان صدوقًا، كتبنا عنه. تُوُفيَ فِي ذي القعْدة. "حرف الميم": 266- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى4. أبو عبد الله الشّيرازيّ الواعظ المعروف بالنَّذير. سمع من: إسماعيل بن حاجب الكُشَانيّ، وعليّ بن عمر الرازي القصار، وأبي النصر بن الْجُنْديّ. وقدِم بغداد فتكلَّم بها ونَفَق سوقُه على العامّة، وشغفوا به، وازدحموا عليه، وافتتنوا به، وصحِبَه جماعة، وهو يُظْهِر الزُّهد، ثمّ إنّه قبل العطاء. وأقبلت عليه الدُّنيا، وكثُر عليه المال، ولبس الثّياب الفاخرة، وكثُر مريدُوه. ثمّ حظّ على الغَزْو والجهاد، فحشد النّاس إليه من كلّ وجهٍ، وصار معه جيش، فنزل بهم بظاهر بغداد، وضُرِب له بالطَّبْل في أوقات الصَّلوات. ثمّ سار إلى الموصل واستفحل أمره، فصار

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 10". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 570"، سير أعلام النبلاء "17/ 619، 620"، شذرات الذهب "3/ 262". 3 تاريخ بغداد "11/ 274". 4 تاريخ بغداد "1/ 359" المنتظم "8/ 134، 135"، العبر "3/ 189، 190"، البداية والنهاية "12/ 56".

إلى أَذْرَبَيْجَان، وضاهى أميرَ تلك النّاحية، فتراجع جماعاتٌ من أصحابه. ومات سنة سبْعٍ. 267- محمد بن حسين بن عليّ بن عبد الرّحيم1. الوزير عميد الدّولة أبو سعْد البغداديّ. صدرٌ كبير، رأس في حساب الدّيوان وشارك في الفضائل وقال الشِّعْر. وسمع: أبا الحسين بن بِشْران. ووَزَرَ لأبي طاهر بن بُوَيْه مدّة. وتُوُفّي في ذي القعدة سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة. 268- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن عابد2. أبو عَبْد الله المَعَافِريّ القُرْطُبيّ. رَوَى عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه بن مفرِّج، وعبّاس بن أصْبَغ، والأصِيليّ، وزكريّا بن الأشجّ، وخَلَف بن القاسم، وهاشم بن يحيى. ورحل سنة إحدى وثمانين، فسمع من ابن أبي زيد "رسالته". وسمع بمصر من: أبي بكر بن إسماعيل المهندس، وجماعة. وكان معتنيا بالآثار، ثقة، خيِّرًا، فاضلًا، متواضعًا، دُعِي إلى الشُّورَى فأبى. حدَّث عنه خلْق منهم: أبو مروان الطَّبْنيّ، وأبو عبد الرحمن العقيليّ، وأبو عبد الله بن عَتَّاب، وابنه أبو محمد، وأبو عبد الله محمد بن فَرَج. قلت: رواية أبي محمد بن عتّاب، عنه بالإجازة. وكان بقيَّة المحدِّثين بقُرْطُبة. مات في آخر جُمَادى الأولى عن نَيِّفٍ وثمانين سنة، وهو آخر من كان يروي عن الأصِيليّ، وغيره. 269- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن مهران. أبو بكر الأصبهاني البقّال. سمع أبا الشّيخ. وعنه: أبو عليّ الحدّاد. 270- محمد بن عليّ بن محمد3.

_ 1 المنتظم "8/ 134"، البداية والنهاية"12/ 56"، الوافي بالوفيات "3/ 8، 9". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 530، 531"، العبر "3/ 190"، سير أعلام النبلاء "17/ 614، 615". 3 تاريخ بغداد "3/ 101"، الإكمال لابن ماكولا "3/ 227"، لسان الميزان "5/ 303".

أبو الخطّاب البغداديّ الشّاعر المعروف بالْجَبُّليّ. سمع من: عبد الوهّاب الكِلابيّ بدمشق. روى عنه: الخطيب، وأثنى عليه بمعرفة العربيّة والشِّعْر. وقد مدَحه أبو العلاء بن سليمان المَعَرِّيّ بقصيدة مكافأةً لمديحه إيّاه، مطلعها: أشفقتُ من عِبء البقاء وعابهِ ... ومللتُ من أريِ الزّمان وصابهِ وأرى أبا الخطاب نالَ من الحجى ... خظا زواه الدَّهْرُ عن خُطّابه رَدّت لَطَافتُه وحدَّةُ ذِهْنهِ ... وحْشَ اللغاتِ أو أُنْسًا بخطابهِ وكان أبو الخطّاب مُفْرِط القِصَر، وهو رَافضيّ جَلْد. 271- محمد بن عمر بن عبد العزيز1. أبو عليّ البغداديّ المؤدّب. سمع: أبا عمر بن حيويه، وأبا الحسن الدارقطنيّ. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا. 272- محمد بن الفُضَيْل بن الشّهيد أبي الفضل محمد بن أبي الحسين الفُضَيْليّ. الهَرَويّ المزكّيّ. سمع: أبا الفضل محمد بن عبد الله بن خَمِيرُوَيْه، وأبا أحمد الحاكم. روى عنه: حفيده إسماعيل بن الفُضَيْل، والهَرَويّون. "الكنى": 273- أبو كاليجار2. الملك والد الملك أبي نصر، المُلقَّب بالملك الرّحيم. قرأتُ بخطّ ابن نظيف في تاريخه أنّه تُوُفّي سنة تسعٍ هذه. وهو ابن سلطان الدولة بْن بهاء الدولة بْن عضد الدّولة بن بُوَيْه. مات بطريق كرْمان، وكان معه سبعمائة من التُّرْك وثلاثة آلاف من الدَّيْلَم، فَنَهَبت الأتراك حواصله وطلبوا شيراز.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 40". 2 الكامل في التاريخ "9/ 547"، دول الإسلام "1/ 191"، البداية والنهاية "12/ 59".

وفيات سنة أربعين وأربعمائة: "حرف الألف": 274- أحمد بْن الحافظ أَبِي مُحَمَّد الْحَسَن بْن مُحَمَّد البغداديّ الخلّال1. أبو يَعْلَى. روى عن: أبي حفص الكتّانيّ. وعنه: الخطيب أبو حديثًا واحدًا. 275- أبو حاتم أحمد بن الحسن بن محمد2. المحدِّث الواعظ خاموش الرّازيّ. قد كان ذكرته في آخر تيك الطّبقة، وظفرتُ بأنّه بقي إلى سنة أربعين فإنّه حدَّث في آخر سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. سمع: أبا محمد المَخْلَديّ، وابن مَنْدَهْ، وأبا أحمد الفَرَضيّ، وعليّ بن محمد بن يعقوب الرّازيّ، وإسماعيل بن الحسن الصَّرْصَريّ، وعدّة. روى عنه: أبو منصور حُجْر بن مظفَّر، وأبو بكر عبد الله بن الحسين التويي الهمداني، ويحيى بن الحسين الشّريف، وطائفة. وحكاية شيخ الإسلام معه مشهورة. 276- أحمد بن عبد الله بن سهل3. أبو طالب ابن البقّال، الفقيه الحنبليّ. كانت له حلقة للفتوى ببغداد. وروى عن: أبي بكر شاذان، وعيسى بن الجرّاح. خلّط في بعض روايته. قاله الخطيب. 277- أَحْمَد بْن محمد بْن أَحْمَد بْن علي4. أبو منصور الصَّيْرفيّ. سمع: ابن حَيَّوَيْهِ، والدارقطني، والمعافى. وعنه: الخطيب، وقال: كان رافضيًّا، وسماعه صحيح. 278- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن نصر بن الفتح5.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 94". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 624-626". 3 تاريخ بغداد "4/ 439"، طبقات الحنابلة "2/ 189، 190"، لسان الميزان "1/ 198". 4 تاريخ بغداد "4/ 379"، ميزان الاعتدال "1/ 132"، لسان الميزان "1/ 253". 5 العبر "3/ 192".

أبو الحسن الحكيميّ المصريّ الورّاق. وُلِد في المحرم سنة ستين وثلاثمائة. وسمع من القاضي أبي الطّاهر الذُّهْليّ، وأبي بكر المهندس. روى عنه: أبو عبد الله الرازي في مشيخته. وهو راوي الجزء التّاسع من الفوائد الْجُدُد. تُوُفّي يوم النَّحْر. 279- أَمَةُ الرّحمن بنت أحمد بن عبد الرحمن بن عبد القاهر العَبْسيّ1. الزَّاهدة الأندلسيّة. كانت صوَّامة قوامة، توفيت بكرًا عن ينف وثمانين سنة. قال: أبو محمد بن خَزْرَج: سمعت عليها عن والدها. "حرف الباء": 280- بِسْطَام بن سامة بن لؤي. أبو أسامة القريشي السّاميّ الهَرَويّ. إمام الجامع. روى عن: أبي منصور الأزهريّ اللُّغويّ، وعليّ بن محمد بن رزين الباسانيّ. تُوُفّي فِي ذي الحجّة. "حرف الحاء": 281- الْحَسَن بْن أحمد بْن الْحَسَن خداواذ2. أبو عليّ الكرْجيّ، ثمّ البغداديّ الباقلّانيّ. سمع من: ابن المُثْمِر، وابن الصَّلْت الأهوازيّ. كتب عنه: الخطيب، وقال: كان صدوقًا ديِّنًا خيِّرًا. مولده سنة 382هـ. 282- الْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الله بْن حمدان3. الأمير ناصر الدّولة وسَيْفُها أبو محمد التَّغْلَبيّ. ولي إمرَة دمشق بعد أمير الجيوش

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 694". 2 تاريخ بغداد "7/ 381"، المنتظم "8/ 137، 138". 3 سير أعلام النبلاء "17/ 620، 621"، الوافي بالوفيات "11/ 419"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 173".

سنة ثلاث وثلاثين إلى أن قُبِضَ عليه سنة أربعين، وسُيِّرَ إلى مصر، وولي بعده طارق الصَّقّلبيّ. وهذا هو والد الأمير ناصر الدّولة الحسين بن الحسن الحمْدانيّ الّذي أذلّ المستنصر العُبَيْديّ وحكم عليه كما سيأتي سنة نيِّف وستّين. 283- الحسن بن عيسى بن الخليفة المقتدر بالله جعفر بن المعتضد1. أبو محمد العبّاسيّ. سمع من: مؤدّبه أحمد بن منصور اليَشْكُريّ، وأبي الأزهر عبد الوهّاب الكاتب. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ديِّنًا حافظًا لأخبار الخلفاء، عارفًا بأيّام النّاس، فاضلًا. تُوُفّي في شَعبان وله سبْعٌ وتسعون سنة. قلت: روى عنه جماعة آخرهم أبو القاسم بن الحُصَيْن. قال: وُلِدتُ في أوّل سنة ثلاثٍ وأربعين وثلاثمائة. وغسّله أبو الحسين بن المهتدي بالله. 284- الحسين بن محمد بن هارون2. أبو أحمد النَّيْسابوريّ الصُّوفيّ الورّاق. ثقة، سمع: أبا الفضل الفاميّ، وأبا محمد المَخْلَديّ، والجوزقيّ، وجماعة. ذكره عبد الغافر. 285- الحسين بن عبد العزيز3. أبو يَعْلَى، المعروف بالشالوسيّ. من شعراء بغداد. حدَّث عن ابن حَبَابة. "حرف الدّال": 286- داجن بن أحمد بن داجن. أبو طالب السَّدُوسيّ المصريّ. حدَّث عن: الحسن بن رشيق. وعنه: أبو صادق مرشد المهنيّ. لا أعلم متى توفي، ولكنه كان في هذا الوقت.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 354، 355"، سير أعلام النبلاء "17/ 621، 622"، البداية والنهاية "12/ 58". 2 المنتخب من السياق "198". 3 تاريخ بغداد "8/ 61".

"حرف السّين": 287- سَيّد بن أبان بن سيّد1. أبو القاسم الخَوْلانيّ الإشبيليّ. سمع من: أبي محمد الباجيّ، وابن الخرّاز. ورحل فسمع من: أبي محمد بن أبي زيد. وكان فاضلًا متقدِّمًا في الفَهْم والحِفظ. وعاش سبْعًا وثمانين سنة. "حرف العين": 288- عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد بْن محمد بْن مُكْرم2. أبو الخطّاب البغداديّ. سمع: أبا بكر الأَبْهَريّ، وأبا حفص الزّيّات. قال الخطيب: كتبتُ عنه وكان صدوقًا. 289- عُبَيْد الله بن الحافظ أبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين3. البغداديّ الواعظ أبو القاسم. سمع: أباه، وأبا بحر محمد بن الحسن البَرْبَهاريّ، وأبا بكر القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، وحُسَيْنَك النَّيْسابوريّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا. مات في ربيع الأوّل. قلت: وروى عنه: جعفر السّرّاج، وأبو عليّ محمد بن محمد بن المهديّ. أظنّه آخر أصحاب أبي بحر. 290- عليّ بن إسماعيل بن عبد الله بن الأزرق. أبو الحسين المصريّ. قال الحبّال: حدَّث ولزِم بيته. وتُوُفّي في ربيع الآخر. 291- عليّ بن الحسن بن أبي عثمان الدقاق4.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 227، 228". 2 تاريخ بغداد "11/ 45". 3 تاريخ بغداد "10/ 386"، المنتظم "8/ 138"، سير أعلام النبلاء "17/ 601"، البداية والنهاية "12/ 58". 4 تاريخ بغداد "11/ 390"، المنتظم "8/ 139"، البداية والنهاية "12/ 58".

أبو القاسم البغداديّ. روى عن: القَطِيعيّ، وابن ماسيّ. وعاش خمسًا وثمانين سنة. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان شيخًا صالحًا وصدوقًا ديِّنًا حسن المذهب. تُوُفّي في ربيع الأوّل. وقال ابن عساكر في "طبقات الأشْعريّة": ومنهم أبو القاسم بن أبي عثمان الهمدانيّ، فذكر ترجمته. 292- علي بن ربيعة بن عليّ1. أبو الحسن التميمي المصري البزاز. أحد المكثرين عن الحَسَن بن رشيق. روى عنه: أبو مَعْشَر الطّبريّ، وأبو عبد الله الرّازيّ صاحب السُّدَاسيّات. تُوُفّي في صَفَر. 293- علي بن عُبَيْد الله بن القصّاب الواسطيّ. روى عن: الحافظ أبي محمد بن السّقّاء. 294- عيسى بن محمد بن عيسى الرُّعَينيّ2. ابن صاحب الأحباس، الأندلسيّ. ولي قضاء المَرُيّة. وكان من جِلَّة العلماء وكبار الأئمّة الأذكياء. روى عن: أبي عِمْران الفاسيّ، وجماعة من المتأخّرين. ومات كَهْلًا. "حرف الفاء": 295- فخر الملك3. وزير صاحب الدّيار المصريّة المستنصر بالله العُبَيْديّ، واسمه صَدَقَة بن يوسف الإسرائيليّ المسلمانيّ. أسلم بالشّام، وخدم بعض الدّولة، ودخل مصر، وخدم الوزير الْجَرْجَرَائيّ. فلمّا مات الْجَرْجَرَائيّ استوزره المستنصر مدّةً، ثمّ قتله في هذا العام واستوزر بعده القاضي أبا محمد الحسن بن عبد الرحمن. 296- الفضل بن أبي الخير محمد بن أحمد4. أبو سعيد المِيهَنيّ العارف. صاحب الأحوال والمناقب. توفي بقريته ميهنة من

_ 1 العبر "3/ 192"، سير أعلام النبلاء "17/ 626، 627"، شذرات الذهب "3/ 264". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 437". 3 البداية والنهاية"12/ 52". 4 الأنساب "11"، سير أعلام النبلاء "17/ 622"، النجوم الزاهرة "5/ 46".

خُراسان. ومنهم من يسمّيه: فضل الله. مات في رمضان وله تسع وسبعون سنة. حدَّث عن: زاهر بن أحمد السَّرْخَسِيّ. ولكن في اعتقاده شيء تكلّم فيه أبو محمد بن حزْم روى عنه: الحسن بن أبي طاهر الخُتُّليّ، وعبد الغفّار الشّيرُويّيّ. "حرف الميم": 297- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن جعفر1. أبو عبد الرحمن الشّاذياخيّ، الحاكم المزكّيّ الفاميّ. أملى مدّة عن زاهر السَّرْخَسِيّ، وأبي الحسن الصِّبْغيّ، ومحمد بن الفضل بن محمد بن خزيمة، وغيرهم. 298- محمد بن أحمد2. أبو الفتح المصريّ. سمع: أبا الحسن الحلبيّ، وابن جُمَيْع الصَّيْداويّ. وعنه: أبو بكر الخطيب. وقال: تكلَّموا فيه. 299- محمد بن إبراهيم بن عليّ3. أبو ذَرّ الصّالحانيّ الأصبهاني الواعظ. سمع: أبا الشّيخ، وغيره. روى عنه: الحدّاد، وأحمد بن بِشْرُوَيْه. مات في ربيع الأوّل. 300- محمد بن جعفر بن محمد بن فُسانْجس4. الوزير الكبير أبو الفَرَج ذو السَّعادات. وَزَر لأبي كاليجار، وعُزِل سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة. وحكم على العراق. وكان ذا أدب غزير ومعرفة باللُّغة. وكان مُحبَّبًا إلى الْجُنْد. عاش ستّين سنة. مات في رمضان. 301- محمد بن الحسين بن محمد بن آذربهرام5.

_ 1 المنتخب من السياق "39". 2 تاريخ بغداد "1/ 354، 355"، مختصر تاريخ دمشق "21/ 38". 3 العبر "3/ 193"، شذرات الذهب "3/ 264". 4 الكامل في التاريخ "9/ 542، 543"، سير أعلام النبلاء "17/ 620"، الوافي بالوفيات "2/ 304". 5 سير أعلام النبلاء "17/ 600"، غاية النهاية "2/ 132، 133"، الوافي بالوفيات "3/ 10".

أبو عبد الله الكارَزِينيّ الفارسيّ المقرئ. نزيل مكّة. كان أعلى أهل عصره إسنادًا في القراءات. قرأ على: الحسن بن سعيد المطَّوِّعيّ بفارس، وبالبصرة على: الشّذَائيّ أبي بكر أحمد بن منصور، وببغداد على: أبي القاسم عبد الله بن الحسن النّحّاس. قرأ عليه بالعَشْرة: الشّريف عبد القاهر بن عبد السّلام العبّاسيّ النّقيب، وأبو القاسم يوسف بن عليّ الهّذَليّ، وأبو مَعْشَر الطّبريّ، وأبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن غالب المصريّ المالكيّ، وأبو القاسم بن عبد الوهّاب، وأبو بكر بن الفَرَج، وأبو علي الحسن بْن القاسم غلام الهراس، وآخرون. ولا أعلم متى مات، إلّا أنّ الشّريف عبد القاهر قرأ عليه في هذه السنة. وكان هذا الوقت في عَشْر المائة. 302- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن إسحاق بن زياد1. أبو بكر الأصبهاني التّانيّ النّاصر، المعروف بابن ريذة. روى عن الطبراني "معجمه الكبير" و"معجمه الصغير"، و"الفتن" لنعيم بن حماد. وطال عمره وسار ذكره، وتفرد في وقته. ذكره أبو زكريا بن منده فنسبه كما نسبناه، وقال: الثّقة الأمين. كان أحد وجوه النّاس وافر العقل كامل الفضل، مكرّمًا لأهل العِلْم، عارفًا بمقادير النّاس، حَسَن الخطّ، يعرف طرفًا من النَّحْو واللُّغَة. تُوُفّي في رمضان. وقيل إنّ مولده سنة ست وأربعين وثلاثمائة. قُرئ عليه الحديث مرّات لا أحصيها في البلد والرّساتيق. قلتُ: روى عَنْهُ: مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن شَذْرَة، وإبراهيم ويحيى ابنا عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، وعبد الأحد بن أحمد العَنْبَريّ، ومَعْمَر بن أحمد اللُّنْبَانيّ، وهادي بن الحسن العَلَويّ، وأبو عليّ الحدّاد، ومحمد بن إبراهيم أبو عدنان العَبْديّ، ومحمد بن الفضل القصار الزاهد، وأبو الرجاء أحمد بن عبد الله بن ماجه، ونوشروان بن شيرزاذ الدَّيْلِميّ، ونصر بن أبي القاسم الصّبّاغ، وإبراهيم ابن محمد الخبّاز سِبْط الصّالحانيّ، وطلْحة بن الحسين بن أبي ذَرّ، وأبو عدنان محمد بن أحمد بن نِزَار، وحَمْد بن عليّ المعلّم، والهَيْثَم بن محمد المَعْدانيّ، وخلْق آخرهم موتًا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانيّة، تُوُفّيت سنة أربع وعشرين وخمسمائة.

_ 1 الإكمال "4/ 175"، سير أعلام النبلاء "17/ 595، 596"، النجوم الزاهرة "5/ 46".

303- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن مِهران بن شاذان1. أبو بكر الصّالْحانيّ البقّال الفاميّ. سمع: أبا الشّيخ، وغيره. وعنه: أبو عليّ الحدّاد. ورَّخه ابن السَّمَعانيّ. 304- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن إِسْمَاعِيل2. أَبُو الحسن التّكَكيّ الكاتب البغداديّ. سمع: أبَوَيْ بكر القَطِيعيّ، والورّاق. وثّقه الخطيب وروى عنه. 305- محمد بن عمر بن إبراهيم. أبو الحسين الأصبهاني المقرئ. سمع: محمد بن أحمد بن جِشْنِس. روى عنه: الحدّاد. 306- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن غَيْلان بن عبد الله بن غَيْلان بن حكيم3. أبو طالب الهمذاني البغدادي البزاز. أخو غَيْلان الّذي تقدَّم. سمع من: أبي بكر الشّافعيّ أحد عشر جزءًا معروفة بالغَيْلانيّات، وتفرّد في الدُّنيا عنه. وسمع من: أبي إسحاق المزكّيّ. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا ديِّنًا صالحًا. سمعته يقول: وُلِدتُ في أوّل سنة ثمانٍ وأربعين. ثمّ سمعته يقول: كنتُ أغلط في مولدي، حتّى رأيت بخطّ جدّي أنّي وُلِدت في المحرَّم سنة سبْعٍ وأربعين. قال: ومات في سادس شوّال، ودُفِن بداره، وصلى عليه أبو الحسن بن المهتدي بالله. وقال أبو سعْد السَّمْعانيّ: قرأتُ بخطّ أبي قال: سمعتُ محمد بن محمود الرّشِيديّ يقول: لمّا أردتُ الحجّ أوصاني أبو عثمان الصابوني وغيره بسماع "مسند

_ 1 الأنساب "8/ 13". 2 تاريخ بغداد "2/ 254". 3 تاريخ بغداد "3/ 234، 235"، الكامل في التاريخ "9/ 552"، سير أعلام النبلاء "17/ 598-600".

أحمد" و"فوائد أبي بكر الشّافعيّ". فدخلتُ بغداد واجتمعت بابن المُذْهِب، فرَاودْتُهُ على سَمَاع "المُسْنَد" فقال: أريد مائتي دينار. فقلت: كل نفقتي سبعون دينار، فإنْ كان ولا بُدَّ فأجِزْ لي. قال: أريد عشرين دينارًا على الإجازة. فتركته وقلتُ لأبي منصور بن حيدر: أُريدُ السَّماع من ابن غَيّلان. قال: إنّه مبطون، وهو ابن مائة. قلتُ: فأعْجلُ فأسمع منه؟ قال: لا، حتّى تَحُجّ. فقلت: كيف يسمح قلبي بذلك وهو ابن مائة سنة ومبطون؟ قال: إنّ له ألف دينار يُجَاءُ بها كلّ يومٍ، فتصب في حجره، فيقبلها ويتقوى بذلك. فاستخرت الله وحججت، فلما رجعتُ استقبلني شيخ فقلت: ابن غَيْلان حيّ؟ قال: نعم. ففرحت وقرأ لي أبو بكر الخطيب. قلت: وروى عنه: أبو عليّ أحمد بن محمد البَرَدَانيّ، وأبو طاهر بن سَوّار المقرئ، وأحمد بن الحسين بن قريش البنّاء، وأبو البركات أحمد بن عبد الله بن طاوس، وجعفر السّرّاج، وجعفر بن المحسّن السَّلَمَاسيّ، وخالد بن عبد الواحد الأصبهاني، وعُبَيْد الله بن عمر بن البقّال، والمعمّر بن عليّ بن أبي عمامة، وأبو منصور عليّ بن محمد الأنباريّ، وأبو منصور محمد بن عليّ الفرّاء. وأبو المعالي أحمد بن محمد البخاريّ التّاجر، وأبو عليّ محمد بن محمد بن المهديّ، وأبو سعْد أحمد بن عبد الجبّار الصَّيْرفيّ، وخلْق آخرهم موتّا أبو القاسم هبة الله بن الحصين المتوفى سنة خمس وعشرين وخمسمائة. 307- محمد بن محمد بن عثمان1. أبو منصور بن السّوّاق البغداديّ البُنْدَار. سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، ومَخْلَد بن جعفر، وابن لؤلؤ الورّاق. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان ثقة. ولد سنة إحدى وستين وثلاثمائة. وتُوُفّي في آخر يومٍ من ذي الحجّة. قلت: وروى عنه: ثابت بن بُنْدَار، وأخوه ياسر، وجماعة. 308- محمود بن الحسن بن محمد بن يوسف2.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 235"، العبر "3/ 194"، سير أعلام النبلاء "17/ 622، 623". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 128"، الأعلام "7/ 167".

أبو حاتم القَزْوينيّ الفقيه المناظر، من ساكني آمُل وطَبَرِسْتان. قدِم جُرْجَان، وسمع من: أبي نصر الإسماعيليّ. وتفقّه ببغداد عند الشّيخ أبي حامد. وسمع بالرّيّ من: حمْد بن عبد الله، وأحمد بن محمد البصير. وسمع ببغداد. وذهب إلى وطنه، وصار شيخ آمُل في العلم والفقه. وبها تُوُفّي سنة أربعين. وهو والد شيخ السَّلَفيّ. 309- مفرِّج بن محمد1. 309- أبو القاسم الصَّدَفيّ السَّرَقُسْطيّ. رحل وسمع بمصر من: أبي القاسم الْجَوْهَريّ "مُسْنَد الموطّأ". ومن: أبي الحسن عليّ بن محمد الحلبيّ. وكان شيخًا صالحًا. 310- منصور بن القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ الهَرَويّ2. قاضي هَرَاة أبو أحمد الفقيه الشّاعر. قدِم بغداد وتفقّه على أبي حامد الإسْفَرائينيّ، ومدح أمير المؤمنين القادر بالله. وكان عجبًا في الشِّعْر. وسمع: العبّاس بن الفَضْل النَّضْرَوِيّ، وأبا الفضل بن خَمِيرُوَيْه. وناهز الثّمانين. وكان يختم القرآن في كلّ يومٍ وليلة حتّى مات رحمه الله. "حرف الهاء": 311- هِبة الله بْن أبي عمر محمد بن الحُسَين3. أبو الشّيخ أبو محمد الْجُرْجَانيّ، المُلقَّب بالموفق. سمعَ: جدّه لأمّه أبا الطّيّب سهل بن محمد الصُّعْلُوكيّ، ووالدَه أبا عمر محمد بن الحسين البِسْطَاميّ، وأبا الحسين أحمد بن محمد الخفّاف. وكان فقيهًا مناظرًا رئيس الشافعية بنيسابور.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 619". 2 معجم الأدباء "19/ 191-194"، سير أعلام النبلاء "17/ 275". 3 المنتخب من السياق "474، 475".

"حرف الياء": 312- يوسف بن رباح بن عليّ بن موسى بن رباح1. أبو محمد البصْريّ المعدّل. رحل مع والده. وسمع: أبا بكر بن المهندس، وعليّ بن الحسين الأَذَنيّ بمصر، وابن حبابة، وأبا طاهر المخلّص، وابن أخي ميمي ببغداد، وعبد الوهّاب الكِلابيّ بدمشق. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر الخطيب، وأبو طاهر الباقِلّانيّ. قال الخطيب: كان سماعه صحيحًا. ولي قضاء الأهواز فمات بالأهواز. قال: وقيل كان معتزليًّا. "الكنى": 313- أبو القاسم بن محمد الحضرميّ2. الفقيه المالكيّ المعروف باللَّبِيديّ، ولَبِيدَة قرية من قرى ساحل المغرب. كان من مشاهير علماء إفريقية ومُصَنِّفيها وعُبَّادها. صحِب الزَّاهد أبا إسحاق الجنبيانيّ، وانتفع به، وصنَّف أخباره. وصنَّف كتابًا كبيرًا بليغًا في مذهب مالك أَزْيَد من مائتي جزء، وكتابًا آخر في "مسائل المدوّنة" وبسطها، وكتاب "التفريع" على المدونة، و"زيادات الأمهات"، و"نوادر الروايات". وكان أيضًا شاعر محسنًا مليح القَول. روى عنه: ابن سعدون، وغيره. 314- أبو كاليجار3. السلطان البويهي صاح بغداد. واسمه مَرْزُبان بن سلطان الدولة بْن بهاء الدولة بْن عضد الدولة. تملك بعد ابن عمّه جلال الدّولة فدامت أيّامه خمسة أعوام. ومات. وقد مرّ ذكره في الحوادث غير مرّةٍ، وعاش إحدى وأربعين سنة، وتسلطن بعده ابن الملك الرحيم أبو نصر.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 328"، الإكمال لابن ماكولا "4/ 7". 2 الأنساب "11/ 12"، معجم المؤلفين "5/ 173". 3 تقدم برقم "273".

وممّن كان في هذا القرب من هذه الطبقة": "حرف الألف": 315- أحمد بن سلميان بن أحمد1. أبو جعفر الكُتاميّ الطّنْجيّ الأندلسيّ، ويُعرف بابن أبي الربيع. رحل إلى المشرق، وأخذ القراءة عن: أبي أحمد السّامرّيّ، وأبي بكر الأُدْفُويّ، وأبي الطّيّب بن غَلْبُون. وأقرأ النّاسَ ببَجّانَة والمَرِية. وعُمّر حتّى قارب التّسعين. وقيل: توفي قبل الأربعين وأربعمائة. قاله ابن بشكُوال. 316- أحمد بن عمّار2. أبو العبّاس المَهْدَويّ المقرئ المجوّد. من أهل المهديّة، مدينة من مدن القيروان بناها المهديّ والد خلفاء مصر. قدم المهدوي بلاد الأندلس، وروى عن: أبي الحسن القَابسيّ. وقرأ القراءات عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن سُفْيَان، وعلى أبي بكر أحمد بن محمد البراثي. وكان مقدما في فن القراءات العربية، وصنف كتبًا مفيدة. أخذ عنه: أبو محمد غانم بن وليد المالقي، وأبو عبد الله الطرفي المقرئ، وغيرهما. في حدود الثلاثين أخذوا عنه. 317- أحمد بن مُحَمَّد بن عَبْد الواحد3. أَبُو بَكْر المنكدري الشريف. رحل وسمع، وقرأ الحديث على: أحمد بن محمد المُجْبِر، وأبي عمر الهاشمي، ومحمد بن محمد بن أخي أبي رَوْق الهِزَّانيّ، وأبي عبد الله الحاكم، وأبي أحمد الفَرَضيّ. وله جزءان انتقاهما له الصُّوريّ، وسمعهما منه ابن بيان الرّزّاز في سنة سبع وثلاثين.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 87". 2 غاية النهاية "1/ 92"، بغية الوعاة "1/ 152"، معجم المؤلفين "2/ 27". 3 تاريخ بغداد "5/ 95".

318- إبراهيم بن طلحة بن غسّان. أبو إسحاق البصْريّ المطَّوِّعيّ. سمع: يوسف بن يعقوب النَّجِيرَميّ، وعبد الرحمن بن محمد بن شيبة المقرئ، وأحمد بن محمد بن العبّاس الأسْفَاطيّ، وجماعة. وأملى بالبصرة مجالس. روى عنه: محمد بن إدريس القرتائي، وأبو أحمد بن إبراهيم بن عليّ النَّجِيرَميّ، وغيرهما. من شيوخ السِّلَفيّ. 319- إسماعيل بن عليّ بن المُثَنَّى1. أبو سعْد الأسْتِرَابَاذيّ الواعظ الصُّوفيّ العَنْبَريّ. قدِم نَيْسابور قديمًا، وبني بها مدرسةً لأصحاب الشّافعيّ تُنْسَبُ إليه. وكان له سوق ونَفَاق عند العامّة، وكان صاحب غرائب وعجائب. روى عَنْ: أبيه، وعَلِيّ بْن الْحَسَن بْن حَيَّوَيْهِ. روى عنه: محمد بن أحمد بن جعفر القاضي، وأبو بكر الخطيب البغداديّ، وأحمد المُوسياباذيّ. 320- أَصْبَغُ بن راشد بن أصبغ2. أبو القاسم الإشبيليّ اللُّخْميّ. رحل، وسمع من أبي محمد بن أبي زيد وتفقّه عليه، وسمع من: أبي الحسن القابسيّ. قال أبو عبد الله الحُمَيْديّ: كنتُ أُحْمَلُ للسّماع على الكَتِف سنة خمسٍ وعشرين وأربعمائة، وأوّل ما سمعتُ من الفقيه أَصْبَغ بن راشد، وكنتُ أفهم ما يُقرأ عليه، وكان قد لقي ابن أبي زيد وتفقَّه، وروى عنه رسالته، فسمعت الرسالة منه، وسمعته

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 315". 2 جذوة المقتبس "173، 174"، الصلة لابن بشكوال "1/ 109".

يقول: سمعت عَلَى أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أَبِي زيد عبد الرحمن فقيه القيروان "الرسالة" و"المختصر" بالقيروان قبل الأربعمائة. وقال ابن بَشْكُوال: تُوُفّي أَصْبَغ رحمه الله قبل الأربعين والأربعمائة. "حرف الحاء": 321- الحسن بن محمد بن مفرِّج1. أبو بكر المَعَافِريّ القُرْطُبيّ. رَوَى عَنْ: أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وأبي عبد الله بن مفرِّج، وأبي عبد الله بن أبي زمْنِين، وعبّاس بن أَصْبَغ، وعبد الرحمن بن فُطَيْس. وعُني بالرّواية والتّقييد والسّماع والتّاريخ، وجمع كتابًا سماه بـ "كتاب الاحتفال في تاريخ أعلام الرّجال" في أخبار الخلفاء والقضاة والفقهاء. وكان مولده سنة 348هـ بعد سنة 435هـ. 322- الحسين بن حاتم2. أبو عبد الله الأذَريّ الأُصُوليّ المتكلِّم الأشعريّ الواعظ. صاحب ابن الباقِلّانيّ. سمع بدمشق من: عبد الرحمن بن أبي نصر، وغيره. وعقد مجالس الوعظ. وكان كثير الصِّيام والعبادة إلّا أنّه كان ينالُ من أهل الأثر. قَالَ ابن عساكر: سمعتُ أبا الْحَسَن بْن عليّ بن المسلم الفقيه، عن بعض شيوخه إنّ أبا الحسن عليّ بن داود إمام جامع دمشق ومُقْرئها تكلّم فيه بعض الحَشَويّة إذا كان يَؤُم، فكتب إلى القاضي أبي بكر بن الباقِلّانيّ إلى بغداد يسأله أن يرسلَ إلى دمشق من أصحابه مَن يوضّح لهم الحقّ بالحُجَّة، فبعث تلميذه الحسين بن حاتم الأذَرِيّ، فعقد مجلسَ التّذكير في الجامع في حلقة أبي داود، وذكر التّوحيد، ونزَّه المعبود، ونفى عنه التّشبيه والتّحديد، فقاموا من مجلسه وهم يقولون: أحدٌ أحد. وأقام بدمشق مدّة، ثمّ توجّه إلى المغرب، ونشر العلم بالقيروان.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 136، 137". 2 تاريخ دمشق "10/ 431، 432"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 292، 293".

"حرف الرّاء": 323- الرِّضَى بن إسحاق بن عبد الله بن إسحاق1. أبو الفضل النَّصريّ الْجُرْجَانيّ. كان والده كبير الحنفيّة بجُرْجَان. وكان زاهدًا. سمع: أباه، وأبا أحمد الغَطْريفيّ. وببغداد من أصحاب البَغَويّ. وتُوُفّي قبل الأربعين. "حرف العين": 324- عبد الله بن جعفر2. أبو محمد الخبازيّ، الحافظ الجوّال. من أهل طَبَرِسْتان. روى عن: المُعَافى الجريريّ، ونصْر بن أحمد المُرَجَّى، وعبد الوهّاب الكِلابيّ. روى عنه: أبو المحاسن الرُّويانيّ، وبُنْدَار بن عمر الرُّويانيّ، وأهل تلك الدّيار. 325- عثمان بن عيسى3. أبو بكر التُّجَيْبيّ الطُّلَيْطُليّ المالكيّ، المعروف بابن ارفع رأسه. روى عن: محمد بن إبراهيم الخُشَنيّ، وغيره. وكان من أهل العلم البارع والذّهن الثّاقب، حافظًا لرأي مالك رحمه الله، رأسًا فيه. ولي قضاء طَلْبِيرة. 326- عليّ بن الحسن بن محمد بن فِهْر4. الإمام أبو الحسن الفِهْريّ المصريّ المالكيّ، من كبار الفُقهاء. صنَّف "فضائل مالك" في مجلَّد، وسمع بالمشرق من جماعة. سمع منه: أبو العبّاس بن دِلْهَاث، والمُهَلَّب بن أبي صفرة وقال: لقيته بمصر ومكة، ولم ألق مثله. 327- عليّ بن شُعيب بْن عَلِيّ بْن شعيب بْن عَبْد الوهاب.

_ 1 الطبقات السنية "883". 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 347، 348"، لسان الميزان "5/ 436". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 405". 4 معجم المؤلفين "7/ 69".

أبو الحَسَن الهَمَذَانيّ الدّهّان. محدِّث رحّال، زاهد كبير القدْر. روى عن: أبي أحمد الغِطْريفيّ، وأَوْس الخطيب، ومحمد بن جعفر النهاوندي، وإسحاق بن سعد النسوي، وابن المقرئ. وخلق. وعنه: عليّ بن الحسين، وعبد الملك، وابن ممان، وأحمد بن عمر، وناصر بن المشطب الهمذانيون. وكان ثقة خيرا قانعا باليسير. وآخر من روى عنه ناصر. بقي ناصر إلى حدود عشر وخمسمائة. "حرف الميم": 328- محمد بن أحمد بن القاسم1. أبو منصور الأصبهاني المقرئ نزيل آمد. حدَّث بدمشق وبآمد عن: محمد بن عَدِيّ المِنْقَريّ، وجماعة من البصريّين. روى عنه: أبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وشيخ الإسلام أبو لحسن الهِكّاريّ، والفقيه نصر المقدسيّ. وغيرهم. 329- محمد بن أحمد بن العلاء بن شاه. أبو العلاء الصُّغْديّ الأصبهاني الخطيب. سمع: أبا محمد بن حَيَّان، وغيره. وعنه: أبو عليّ الحدّاد. 330- محمد بن أبان بن عثمان بن سعيد بن فَيْض2. أبو عبد الله بن السّرّاج الشَّذُونيّ. روى بقُرْطُبة عن: عبّاس بن أَصْبَغ، وإسماعيل بن إسحاق الطّحّان. وكان متفننا فاضلا، له بصر بالمعتقدات والجدل والكلام. روى عنه ابن خزرج، وقال: تُوُفّي في حدود سنة أربعين وأربعمائة وقد نيّف على السّبعين. 331- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الهَرَويّ المقرئ. قرأ بتلقين أبيه حديثًا على القاضي أبي منصور الأزْديّ وله من العُمر ثلاث سنين. وهذا أغرب ما بلغنا. وتوفي شابًا.

_ 1 تاريخ دمشق "36/ 371". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 532".

332- محمد بن الحسن بن عمر. أبو عبد الله المصريّ البزّاز، ويُعرف بابن عين الغزال. روى عنه: ابن حَيَّوَيْهِ النَّيْسابوريّ. وعنه: أبو طاهر بن أبي الصَّقْر. قال ابن ماكولا: تُوُفّي سنة نيِّفٍ وثلاثين. 333- محمد بن عبد الرّحيم بن حسن1. أبو الحارث الخَبُوشانيّ، وخَبُوشان بُلَيْدَة من أعمال نَيْسابور، الأثريّ الحافظ. رحل، وكتب الكثير، ونسخ الكتب المُطَوَّلة. سمع من: زاهر بن أحمد، ومحمد بن مكّيّ الكُشْمِيهنيّ، وأبي نُعَيْم عبد الملك بن الحسن. روى عنه: إسماعيل بن عبد القاهر الْجُرجَانيّ، وظَفَر إبراهيم الخلّال. تُوُفّي سنة نَيِّفٍ وثلاثين. 334- محمد بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن الحسين بن مهْرِهُرْمز. أبو بكر الأصبهاني الحُلَليّ. سمع: أبا الشّيخ أيضًا. وعنه: أبو عليّ الحدّاد. 335- محمد بن يعقوب بن إسحاق بن موسى بن سلام2. أبو نصر السلامي النَّسَفيّ المحدِّث الثّقة. وبُرْجُ السَّلَاميّ في رَبَض نَسَف منسوبٌ إليه، وهو بناه. سمِع: أباه، وبكر بن محمد النَّسَفيّ، وأبا سعيد بن عبد الوهّاب الرّازيّ، وزاهر السَّرْخَسِيّ، وطبقتهم. وعنه: جعفر المُسْتَغْفِريْ، وهو من أقرانه، وأبو بكر محمد بن أحمد البلدي. وحدث بـ "صحيح البُجَيْريّ"، عن أبي نصر بن حَسْنُوَيْه، عن المؤلِّف. 336- مروان بن عليّ الأسَديّ القُرْطُبيّ3. أبو عبد الملك، المعروف بالبُونيّ. روى عن: أبي محمد الأصِيليّ، وأبي المطرِّف عبد الرحمن بن فُطَيْس. ورحل فأخذ عن: أبي الحسن القابسيّ، وأحمد بن نصر الداودي وصحبه خمسة أعوام وأكثر. وله مختصر في "تفسير الموطأ".

_ 1 معجم البلدان "2/ 344، 345". 2 الأنساب "7/ 210". 3 جذوة المقتبس "342"، الصلة لابن بشكوال "2/ 616، 617"، معجم المؤلفين "12/ 221".

روى عنه: حاتم بن محمد، وقال: كان حافظًا نافذًا في الفِقْه والحديث. وروى عنه: أبو عمر الحذّاء، وقال: كان صالحًا عفيفًا عاقلًا، حَسَن اللّسان والبيان. وقال الحُمَيْديّ: كان فقيهًا محدِّثًا. مات قبل الأربعين وأربعمائة ببونة. 337- مصعب ابن الحافظ المؤرخ أبي الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف ابن الفَرَضيّ1. أبو بَكْر الأَزّديّ القُرْطُبيّ. روى عَنْ: أبيه، وأبي محمد بن أسد، وأحمد بن هشام. واستجازَ له أبوه جماعةً سمّى بعضهم في "تاريخ الأندلس" له. وذكره الحُمَيْديّ فقال: أديب، محدث، إخباريّ، شاعر ولي الحكم بالجزيرة، ثم روى عنه الحميدي، وقال: كان حيا قبل الأربعين وأربعمائة. 338- مُعْتَمد بْن محمد بْن محمد بْن مكحول2. أبو المعالي النَّسَفيّ المَكْحُوليّ. يروي عن: جدّه أبي المعين محمد بن مكحول، وأبي سهل هارون بن أحمد الأسْتِراباذيّ الرّاوي عن أبي خليفة. وتُوُفّي سنة نَيِّفٍ وثلاثين. 339- مفضَّل بن محمد بن مِسْعَر3. القاضي أبو المحاسن التُّنُوخيّ المَعَرِّيّ الحنفيّ المعتزليّ الشِّيعيّ. رحل إلى بغداد وسمع من: أبي عمر بن مَهْدِيّ، وغيره. وتفقّه على القُدُوريّ. وأخذ الرَّفْضَ والاعتزال عن غير واحد. وسمع بدمشق من عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر. قال ابن عساكر: كان ينوب بالقضاء بدمشق لابن أبي الْجِنّ، وولي قضاء بَعْلَبَك. وصنَّف "تاريخ النَّحْويّين". وكأنّه كان معتزليًا شيعيًا.

_ 1 جذوة المقتبس "352"، الصلة لابن بشكوال "2/ 627، 628". 2 الأنساب "11/ 460". 3 تاريخ دمشق "43/ 208، 209"، النجوم الزاهرة "5/ 52"، معجم المؤلفين "12/ 315، 316".

أنا النّسيب، أنا المفضل سنة ثمانٍ وثلاثين، فذكر حديثًا. وقال غيث لأرمنازي: ذُكِر عنه أنّه كان يضع من الشّافعيّ، وصنَّف كتابًا ذكر فيه الرّدّ على الشّافعيّ خالفَ فيه الكتاب والسُّنَّة. وحدَّثني النّسيب أنّه بلغ أباه أنّه ارتشى فعزله عن بَعْلَبَك. "حرف الهاء": 340- هشام بن سعيد الخير بن فَتْحون1. أبو الوليد القَيْسيّ الوَشْقيّ. سمع من: القاضي خَلَف بن عيسى. وهو في هذه الطّبقة. ثمّ إنّ هشامًا حجّ وأخذ عن: أبي العبّاس عليّ بن منير، وأبي عمران الفاسيّ، والحسن بن أحمد بن فِراس. حدَّث عنه الحيمدي وقال: محدِّث جليل، جميل الطّريقة. تُوُفّي بعد الثلاثين وأربعمائة. وحدَّث عنه أيضًا: أبو عمر بن عبد البَرّ، والقاضي أبو زيد الحشّا. "حرف الياء": 341- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن يحيى2. أبو بكر القُرَشيّ الْجُمَحيّ الوَهْرانيّ. حدَّث عن: أبي محمد الأصيلي، وعباس بن أصبغ، وجماعة. كان متصرفا في العلوم. قوي الحفظ، غلب عليه علم الحديث توفي في حدود سنة إحدى وثلاثين، وهو ابن سبعين سنة. "الكنى": 342- أبو حاتم3. أحمد بن الحسن بن خاموش الرازي الواعظ. سمع السلفي من أصحابه. واجتمع به شيخ الإسلام الهروي. ويروي عنه الخطيب بالإجازة.

_ 1 جذوة المقتبس "364، 365"، الصلة لابن بشكوال "2/ 651". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 666". 3 تقدم برقم "275".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع الطبقة الثالث والأربعون 421-440هـ "أحداث سنة إحدى وعشرين وأربعمائة": 3 فتنة أهل الكرخ بعاشوراء 3 انتهاء الأهواز 3 ولاية عهد القادر بالله 3 غزو الخزر 4 انهزام ملك الروم عند حلب 4 الفتنة بين الهاشميين والأتراك 4 امتناع الركب من العراق 4 وفاة ابن حاجب النعمان 4 شراء ملك الروم نصف الرها 5 استرجاع الرها "أحداث سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة": 5 سرقة دار المملكة 5 عزل أبي الفضل ابن حاجب النعمان 5 فتنة الصوفي 6 مقتل الكلالكي ناظر المعونة 6 أخذ الروم قلعة فامية 6 وفاة القادر بالله 6 خلافة القائم بأمر الله

7 شغب الأتراك للحصول على رسم البيعة 7 وزراء القائم بأمر الله 8 قضاة القائم 8 عناية القائم بالأدب 8 الاحتفال بيوم الغدير ويوم الغار 8 سرقات العيارين وكبساتهم 8 امتناع الحج العراقي 8 انحلال أمر الخلافة "أحداث سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة": 8 الاستسقاء ببغداد 9 تعليق المسوح في عاشوراء 9 ثورة أهل الكرخ بالعيارين 9 إرغام الملك جلال الدولة على النزوح 9 تردّد أبي كاليجار في التّجاوب مع الثائرين 10 الوزير ابن فنة 10 افتقار جلال الدولة 10 تخبط الأمر ببغداد 10 التشاور في الخطبة لأبي كاليجار 10 خروج جلال الدولة إلى عكبرا وزواجه 11 تلقيب أبي كاليجار بملك الدولة 11 هدايا أبي كاليجار للخليفة 11 إقطاع وكيل الخدمة 11 مرتب عميد الرؤساء 12 تأخر المطر 12 كبسات رئيس العيارين البرجمي

12 منع الخطبة للخليفة 12 تحليف الملك للخليفة يمينا 13 انقضاض كوكب 13 ازدياد شر العيارين 13 هياج ريح عظيمة 13 الغلاء وتلف الغلات 13 أكل الأولاد في الإحساء 13 انقضاض كوكب آخر 13 سكر جلال الدولة 14 تهديد الخليفة بالانتقال 14 امتناع الحج من العراق 14 ورود كسوة الكعبة 14 الوباء العظيم 15 خروج المملكة من جلال الدولة 15 خلو الوزارة 15 انتهاب ابن سبكتكين لأصبهان "أحداث سنة أربع وعشرين وأربعمائة": 15 معافاة الخليفة من الجدري 15 كبسة البرجمي 16 إخراج السلطان ورجمه 16 مكاتبة الأتراك الملك جلال الدولة 17 زيادة العملات والكبسات 17 منع الخطبة في جامع الرصافة 17 ولاية أبي الغنائم المعونة 17 امتناع العراقيين والمصريين عن الحج

18 الغدر بحجاج البصرة "أحداث سنة خمس وعشرين وأربعمائة": 18 مواصلة العيارين لعملاتهم 18 هبوب ريح بنصيبين 18 الزلازل بفلسطين 18 الخانوق ببغداد والموصل 19 الوباء بفارس 19 إسقاط ضريبة الملك 19 الفتنة بين أهل الكرخ وأهل باب البصرة 19 شغب الجند 19 غرق البرجمي 19 مقتل أخي البرجمي 19 قبول العيارين بالخروج من بغداد 20 انقضاض شهاب 20 الفناء ببغداد "أحداث سنة ستة وعشرين وأربعمائة": 20 مقاتلة أبي الغنائم للعيارين 20 نهب نمر الخليفة 21 خذلان الترك والسلطان 21 فتح بلاد الهند وجرجان وطبرستان 21 الجهر بالمعاصي 21 وصول الروم إلى أعمال حلب وهزيمتهم 21 انتهاب الكوفة "أحداث سنة سبع وعشرين وأربعمائة": 22 ثورة الهاشميين على ابن النسوي

22 إحراق دار ابن النسوي 22 شغب الجند على جلال الدولة 23 الظلمة ببغداد 23 انقضاض كوكب "أحداث سنة ثمان وعشرين وأربعمائة": 23 تقلد الزيني نقابة العباسيين 23 شغب الجند على جلال الدولة مجددا 23 القبض على ابن ماكولا 23 وزارة أبي المعالي 24 مطر فيه سمك بفم الصلح 24 ثورة العيارين بالشرطة "أحداث سنة تسع وعشرين وأربعمائة": 24 هلاك جماعة تحت الروم 24 إلزام أهل الذمة باللباس 24 تلقيب جلال الدولة بشاهنشاه 24 كتابات العلماء بلقب الشاهنشاه "أحداث سنة ثلاثين وأربعمائة": 25 تملك السلاجقة البلاد 26 مخاطبة ابن جلال الدولة بالملك العزيز 26 انقراض ملك بَنِي بويه 26 امتناع الحجّ هذا الموسم 26 الثلج ببغداد

"وفيات سنة إحدى وعشرين وأربعمائة" "حرف الألف": 27 1- أحمد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حفص الحيري 28 2- أحمد بن عبد الله بن أحمد الدمشقي الواعظ 28 3- أحمد بن عليّ بن عثمان بن الْجُنَيْد بن السوادي 28 4- أحمد بن عيسى بن زيد السلمي القزاز 28 5- أحمد بن محمد بن الحسين بن سليمان السليطي 29 6- أحمد بن محمد بن الحسن الأصبهاني المرزوقي 29 7- أحمد بن محمد بن محمد الطبري البصري 29 8- أحمد بن محمد بن العاص بن أحمد بن سليمان بن دراج 31 9- إسماعيل بن عبد الرحمن بن علي العامري المصري 31 10- إسماعيل بن محمد بن خَزْرج بن محمد الإشبيلي 31 11- إسماعيل بن ينال المروزي المحبوبي 31 12- إسحاق بن علي القرشي الأمير أبو قدامة "حرف الحاء": 32 13- الحسن بن أحمد بن محمد بن فارس البغدادي البزاز 32 14- الحسن بن سهل بن محمد بن الحسن 32 15- الحسن بن محمد الدمشقي الوراق 32 16- الحسين بْن أحمد بْن محمد بْن يحيى المعاذي 32 17- الحسين بن إبراهيم بن محمد الأصبهاني الحمال 33 18- الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن يعقوب البجاني 33 19- الحسين بن محمد بن الحسين بن محمد بن يوسف السختياني 33 20- حُمَام بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن أكدر القرطبي "حرف الخاء": 34 21- خَلَف بن عيسى بن سعيد بن أبي درهم التجيبي

"حرف السين": 34 22- سعيد بن سليمان الهمداني الأندلسي "حرف العين": 34 23- عبادة بن عبد الله بن ماء السماء الشاعر 35 24- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن حمدية 35 25- عَبْد الله بْن إبراهيم بْن عَبْد الله بن سيما الدمشقي 35 26- عبد الله بن الحسن بن جعفر الإصبهاني القصار 35 27- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن محمد المحفوظي 36 28- عبد الواحد بن أحمد بن محمد الباطرقاني 36 29- عبد الواحد بن الحسين بن الحسن الدمشقي 36 30- علي بن أحمد بن مندويه الأصبهاني 36 31- علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان 36 32- عليّ بن محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي 36 33- عليّ بن محمد بن عُمَيْر بن محمد بن عمير العميري 36 34- عمر بن أحمد بن عبد الرحمن بن عمر الذكواني 37 35- عمر بن عيينة بن أحمد الضبي 37 36- عمرو بن طراد بن عمرو الأسدي "حرف القاف": 37 37- القاسم بن عبد الواحد الشيرازي "حرف الميم": 37 38- محمد بْن أحمد بْن عثمان بن محمد الزملكاني 37 39- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الأصبهاني 37 40- محمد بن أحمد بن أبي عون النهرواني 38 41- محمد بن جعفر بن علان الطوابيقي 38 42- محمد بن الحسين بن أبي أيوب حجة الدين

38 43- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن الحسين الدوري الشاعر 38 44- محمد بن علي بن حيد 38 45- محمد بن محمد بن عبد الله الهروي المعلم 38 46- محمد بن أبي المظفر البغدادي الخياط 39 47- محمد بن المنتصر بن الحسين الهروي 39 48- محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي 39 49- محمد بن سبكتكين "وفيات سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة" "حرف الألف": 43 50- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد الأندلسي النيسابوري 44 51- أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد الخليفة القادر بالله 44 52- أحمد بن الحسين بن الفضل الهاشمي 45 53- أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هارون المعروف بابن ررا 45 54- أحمد بن محمد بن إبراهيم الصيدلاني 45 55- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن إسحاق بن ماجه الساماني 45 56- إبراهيم بن علي بن زقازق الصيرفي "حرف الحاء": 45 57- الحسن بن أحمد بن السّلّال الحنبلي 46 58- الحسين بن الضحاك الطيبي 46 59- الحسين بن محمد بن جعفر الشاعر المعروف بالخالع 46 60- حَمْد بن محمد بن أحمد بن سلامة الأصبهاني "حرف السين": 46 61- سعيد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن فطيس القرشي 46 62- سليمان بن رستم إمام جامع مصر

"حرف الطّاء": 47 63- طلْحة بن عليّ بن الصّقْر البغدادي الكتاني "حرف العين": 47 64- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن ميلة الأصبهاني 47 65- عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد القرطبي قاضي الجماعة 48 66- عبد الرحمن بن أحمد السرخسي 48 67- عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد البغدادي المالكي 50 - أبو الحسن محمد الأديب الشاعر 50 68- علي بن أحمد الجرجاني الزاهد 50 69- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عثمان الطرازي 51 70- علي بن يحيى بن جعفر بن عبد كويه الأصبهاني "حرف الميم": 51 71- مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه بن محمد بن عبيد الله الخرجوشي 52 72- محمد بن علي بن مخلد الوراق 52 73- محمد بن علي بن موسى الجرجاني 52 74- محمد بن علي بن الطيب 52 75- محمد بن القاسم بن أحمد الماوردي القلوسي 53 76- محمد بن مروان بن زهر الإيادي 53 - أبو مروان عبد الملك 53 - أبو العلاء زهر بن عبد الملك 53 - أبو بكر محمد بن عبد الملك 53 77- مُحَمَّد بْن يحيى بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد المخلدي النيسابوري 54 78- محمد بن يوسف بن أحمد النيسابوري القطان 54 79- المبارك بن سعيد بن إبراهيم النصيبي 54 80- مكي بن علي بن عبد الرزاق الحريري

55 81- منصور بن الحسين بن محمد النيسابوري "حرف الياء": 55 82- يحيى بن عمّار بن يحيى بن عمار بن العنبس النيهي 57 83- يحيى بن نجاح الأموي القرطبي "أحداث سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة" "حرف الألف": 57 84- أحمد بن رضوان بن محمد بن جالينوس الصيدلاني 58 85- أحمد بن علي بن عبدوس الأهوازي الجصاص 58 86- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حشكان الجذامي 58 87- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر بن أبان اللنباني 58 88- إسماعيل بن إبراهيم بن عروة البندار 58 89- أحمد بن مُحَمَّد بْن أحمد بْن زنْجُوِيه المزكي 59 90- إسماعيل بن رجاء بن سعيد بن عُبَيْد الله "حرف الجيم": 59 91- جَعْفَر بن أَحْمَد بن جَعْفَر بن لقمان "حرف الحاء": 59 92- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حسنويه 59 93- الحسين بن شجاع بن الموصلي 60 94- الحسين بن محمد بن الحسن بن مَتُّوَيْه الرساني 60 95- الحسين بن محمد بن علي بن جعفر بن البزري "حرف الراء": 60 96- روح بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن السني الدينوري "حرف الطاء": 60 97- طاهر بن أحمد بن الحسن الإمام الهمذاني

"حرف العين": 61 98- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن معمر الأندلسي 61 99- عَبْد الرَّحْمَن بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد الحربي 61 100- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الذكواني 62 101- عبد السلام بن الفرج المزرفي 62 102- عبد الواسع بن محمد بن حسن الجرجاني 62 103- عثمان بن أحمد بن شذرة 62 104- عليّ بن أحمد بن الحَسَن بن محمد بن نعيم النعيمي 63 105- عليّ بن محمد بن عليّ بن الحسين الباشاني الهروي "حرف الميم": 63 106- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن مزدين القومساني 64 107- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن حمدان الخاني 64 108- عثمان بن فهد الخاني الأصبهاني 64 109- محمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد البقار الضرير 64 110- محمد بن سليمان بن محمود الحراني الظاهري 64 111- محمد بن الطيب بن سعيد الصباغ 65 112- محمد بن عبد الله بن شهريار الأصبهاني 65 113- محمد بن عبد الرحمن بن معمر اللغوي القرطبي 65 114- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطيرائي 65 115- محمد بن عبد العزيز بن جعفر المعروف بمكي البرذعي 65 116- محمد بن عليّ بن محمد بن دُلّيْر الهمداني العدل 66 117- محمد بن محمد بن سهل الشلحي العكبري 66 118- محمد بن يحيى بن الحسن الأصبهاني الصفار 66 119- مسعود بن محمد بن موسى الخوارزمي 66 120- منذر بن منذر بن علي بن يوسف الكناني

67 121- منصور بن نصر بن عبد الرحيم بن مت الكاغدي "حرف الهاء": 67 122- هشام بن عبد الرحمن بن عبد الله الصابوني "الكُنى": 67 123- أبو يعقوب النَّجِيرَميّ يوسف بن يعقوب "أحداث سنة أربع وعشرين وأربعمائة" "حرف الألف": 68 124- أحمد بن إبراهيم القطان الحنبلي 68 125- أحمد بن الحسين بن أحمد بن السماك البغدادي 68 126- أحمد بن علي بن أحمد بن سعدُوَيْه الحاكم "حرف الجيم": 68 127- جهور بن حيدر بن محمد بن منجويه الكريزي "حرف الحاء": 69 128- الحسين بن إبراهيم بن عبد الله الأنباري 69 129- الحسين بن الخضر بن محمد البخاري الفشيديزجي 69 130- حمزة بن محمد بن طاهر البغدادي الدقاق "حرف السين": 70 131- سُفْيان بن محمد بن حَسَنْكُوَيْه "حرف العين": 70 132- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن عبد الرحمن بن شجاع المروزي 70 133- عبد الله بن عبد الرحيم بن عثمان بن سعيد الصدفي 71 134- عبد الرحيم بن محمد بن إسحاق بن منده 71 135- عبيد الله بن هارون بن محمد القطان الواسطي 71 136- عُصْم بن محمد بن عُصْم بن العبّاس العصمي 72 137- علي بن طلحة بن كردان الواسطي النحوي

72 138- عُمَيْر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمير الجهني "حرف الفاء": 72 139- الفضل بن محمد بن محمد بن جهان دار الهروي "حرف الميم": 72 140- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن حسن الحيري الأدمي 72 141- محمد بن إبراهيم بن أحمد الأرستاني 73 142- محمد بن إبراهيم الفارسي 73 143- محمد بن إبراهيم بن عليّ بن غالب المصري التمار 74 144- محمد بن جماهر بن محمد الحجري الطليطلي 74 145- محمد بن عبد الله بن أحمد البَيْضَاويّ 74 146- محمد بن عبد العزيز بن شنبويه 74 147- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن حسن البياني 74 148- محمد بن عليّ بن هشام بن عبد الرءوف القرطبي 75 149- مكي بن نظيف الزجاج "حرف الياء": 75 150- يحيى بْن عَبْد المُلْك بْن مهنا القرطبي "وفيات سنة خمس وعشرين وأربعمائة" "حرف الألِف": 75 151- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن غالب الخوارزمي 77 152- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خالد البغدادي الكاتب 77 153- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سعيد الأبيوردي 78 154- أحمد بن محمد بن عليّ بن الجهْم الأصبهاني 78 155- أحمد بن محمد بن الفضل الصدفي 78 156- أحمد بن أبي سعد البغدادي الأصبهاني 78 157- إبراهيم بن الخضر بن زكريا الدمشقي الصائغ

78 158- إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عثمان بن المورق "حرف الجيم": 79 159- جعفر بن أحمد بن لقمان البزاز "حرف الحاء": 79 160- الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن البغدادي البزاز 80 161- الحسن بن عبيد الله البندنيجي الشافعي 80 162- الحسن بن أيّوب بن محمد بن أيّوب القرطبي الحداد 81 163- الحسين بن جعفر بن القاسم الكللي 81 164- الحَسَن بْن محمد بْن الحُسَيْن بْن دَاوُد العلوي "حرف السّين": 81 165- سعيد بن أحمد بن يحيى المرادي الإشبيلي 81 166- سُفْيان بن محمد بن الحسن بن حَسَنْكُوَيْه "حرف الضاد": 82 167- ضمام بن محمد الشعراني الهروي "حرف الطّاء": 82 168- طاهر بن عبد العزيز بن سيار البغدادي الحصري "حرف الظّاء": 82 169- ظفْرُ بنُ إبراهيم النَّيْسابوريّ الأبْريسَمِيّ "حرف العين": 83 170- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ السُّوذَرْجَانِيُّ 83 171- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بندار الهمذاني 83 172- عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر الجوبري 84 173- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يعقوب الأصبهاني 84 174- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحسناباذي 84 175- عبد الوهّاب بن عبد الله بن عمر بن أيوب المري

85 176- عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن الحارث التميمي 85 177- عبد الوهّاب بن محمد بن عليّ بن مهرة الأصبهاني 85 178- علي بن أحمد الزاهد الخرقاني 85 179- علي بن الحسن النهرواني 86 180- علي بن سليمان بن الربيع البسطامي 86 181- عمر بن إبراهيم بن إسماعيل الزاهد الهروي "حرف الميم": 86 182- محمد بن إبراهيم بن علي الصالحاني 86 183- محمد بن الحسن بن عليّ بن ثابت النعماني 87 184- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عبيد الصيرفي 87 185- محمد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن مصعب الطلحي 87 186- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد الثقفي الكسائي 88 187- محمد بن مغيرة بن عبد الملك بن مغيرة القرشي "حرف الواو": 88 188- وشاح مولى أبي تمام الزينبي "وفيات سنة ست وعشرين وأربعمائة" "حرف الألف": 88 189- أحمد بن محمد بْنُ المقرّب الكرابيسي 88 190- أحمد بن عبد الملك بن مروان بن ذي الوزارتين 90 191- إبراهيم بن جعفر بن أبي الكرام المصري 90 192- أصبغ بن محمد بن أصبغ بن السمح المهري "حرف الثّاء": 90 193- ثابت بن محمد بن وهب بن عياش الأموي "حرف الياء": 91 194- الحسن بن عثمان بن سَوْرة البغدادي

91 195- الحسين بن أحمد بن عثمان بن شيطا 91 196- الحسين بن عمر بن محمد البغدادي العلاف 91 197- الحَسَن بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الأنباري "حرف الرّاء": 92 198- رضوان بن محمد بن حسن الدينوري "حرف السّين": 92 199- سعيد بن يحيى بن محمد بن سلمة التنوخي "حرف العين": 92 200- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن إبراهيم بن شاذان الصيرفي 93 201- عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه الشقاق القرطبي 93 202- عبد الرحمن بن محمد بن رزق السجستاني 93 203- عبد الواحد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن المرزبان 93 204- عليّ بن الحُسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير "حرف الميم": 94 205- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى بْن مَرْدُوَيْه الأصبهاني 94 206- محمد بن أحمد بن محمد بن عمّار الهَرَويّ 94 207- محمد بن رِزق الله بن عُبَيْد الله بن أبي عمرو المنيني 94 208- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد الرزجاهي 95 209- محمد بْن عليّ بْن الحَسَن نور الهدى الزينبي 95 210- محمد بن عمر بن القاسم بن بِشْر النرسي 95 211- محمد بن الفضل بن عمار الهروي 95 212- محمد بن موسى الفحام الدمشقي 96 213- محمد بن ياسين بن محمد البغدادي البزاز "الكنى": 96 214- أبو الحسن بن الحداد المصري المصاحفي

96 215- أبو الخيار الأندلسي الظاهري "وفيات سنة سبع وعشرين وأربعمائة" "حرف الألف": 97 216- أحمد بن الحَسَن بن عليّ بن محمد الشاشي 97 217- أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي 97 218- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الجرجاني البيع 97 219- أحمد بن محمد بن عبد الله المحمداباذي 98 220- أحمد بن علي الأزدي القيرواني 98 221- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد المخلدي 98 222- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن موسى القزويني 98 223- إسماعيل بن سعيد بن محمد الشعبي "حرف التّاء": 99 224- تُرَاب بن عُمَر بن عُبَيْد المصري الكاتب "حرف الحاء": 99 225- حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى السهمي "حرف الظاء": 100 - الظاهر الخليفة صاحب مصر "حرف العين": 100 226- عَبْد الرحيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الإسماعيلي 100 227- عبد العزيز بن علي الشهرزوري 101 228- عبد العزيز بن أحمد بن السّيّد بن مغلس 101 229- عبد القاهر بن طاهر البغدادي 101 230- عقيل بن الحسين بن محمد بن السيد الفرغاني 101 231- عليّ بن الحسين بن أحمد بن الحسن بن القاسم 102 232- علي بن عيسى الهمداني الكاتب

102 233- علي بن محارب بن علي الأنطاكي الساكت 102 234- عليّ بن منصور بن نزار بن مَعَدّ العبيدي الظاهر "حرف الفاء": 103 235- فاطمة بنت زكريا بنت عبد الله الكاتب الشبلاري "حرف الميم": 103 236- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن يحيى بن سخْتَوْيه المزكي 104 237- محمد بن إبراهيم بن أحمد الأردستاني 104 238- محمد بن الحسين بن عُبَيْد الله بن حمدون الصيرفي 104 239- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن سهل النصيبي 104 240- محمد بن عمر بن يونس الجصاص 105 241- مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عبد الوهاب الزينبي 105 242- مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زكريا الجوزقي 105 243- محمد بن يحيى بن الحسن بن أحمد الجوري المحتسب 105 244- منصور بن رامش بن عبد الله النيسابوري "حرف الهاء": 106 245- هشام بن محمد بن عبد الملك بن الناصر لدين الله 107 246- الهيثم بن محمد بن عبد الله الأصبهاني الخراط "حرف الياء": 107 247- يحيى بن عليّ بن حَمُّود العلوي الإدريسي الأمير "وفيات سنة ثمان وعشرين وأربعمائة" "حرف الألف": 107 248- أحمد بن حَرِيز بن أحمد بن حريز السلماسي 108 249- أحمد بن علي بن الحسن بن أحمد الأهوازي الجصاص 108 250- أحمد بن سعيد بن عبد الله بن خليل الأموي 108 251- أحمد بن سعيد بن علي الأنصاري القناطري

108 252- أَحْمَد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بن منجويه 109 253- أحمد بن محمد بن عيسى البلوي القرطبي 109 254- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن حمدان القدوري 110 255- إبراهيم بن محمد بن الحسن الأرموي 110 256- إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد بْن جَعْفَر الباقرحي 110 257- إسماعيل بن الشّيخ أبي القاسم إبراهيم بن محمد النصراباذي 111 258- إسماعيل بن رجاء بن سعيد العسقلاني "حرف الجيم": 111 259- جعفر بن محمد بن الحسين الأبهري الهمذاني "حرف الحاء": 112 260- الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي العكبري 113 261- الحسين بن الحسن بن سباع الرملي المؤدب 113 262- الحُسَيْن بن عبد الله بن الحسن بن سينا الرئيس 120 - وصية ابن سينا 122 263- الحسين بن علي بن بطحا القاضي 122 264- الحسين بن محمد بن الحسين بن عامر الأنصاري الخزرجي 122 265- حمزة بْنُ الْحُسَيْن بْنُ أَحْمَد بْنُ الْقَاسِمِ الدلال "حرف الذال": 123 266- ذو القرنين وجيه الدولة بن حمدان الشاعر "حرف السّين": 124 267- سعيد بن أحمد بن يحيى الحديدي التجيبي الطليطلي "حرف الصاد": 125 268- صالح بن أحمد بن القاسم بن يوسف الميانجي "حرف العين": 125 269- عبد الرحمن بن الحسن بن عليك النيسابوري

125 270- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حسين الفارسي الجرجاني 125 271- عبد الغفار بن محمد بن جعفر المؤدب 126 272- عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن دُوسْت العلاف 126 273- عليّ بن محمد بن إبراهيم بن الحسين الحنائي الدّمشقيّ "حرف الميم": 127 274- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي موسى الشريف الهاشمي 127 275- محمد بن أحمد بن مأمون المصري 128 276- محمد بن إبراهيم المشاط الفارسي 128 277- محمد بن إبراهيم بن عبدان الكرماني السيرجاني 128 278- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى الأهوازي 129 279- محمد بن الحسن بن أحمد بن اللَّيث الشيرازي 129 280- محمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ باكويه الشيرازي 130 281- محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عبد السلام الأبهري 130 282- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن جعفر البغدادي البزاز 130 283- مهيار بن مرزويه الديلمي الكاتب الشاعر 131 284- ميمون بن سهل الواسطي الهروي "حرف الياء": 131 285- يوسف بن حمّود بن خَلَف الصدفي السبتي "وفيات سنة تسع وعشرين وأربعمائة" "حرف الألف": 132 286- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الحسين بن إسماعيل المحاملي 132 287- أحمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن خشنام 132 288- أحمد بن عليّ بن منصور بن شعيب البخاري 132 289- أحمد بن عمر بن عليّ قاضي دَرْزنْجان 132 290- أحمد بن محمد بن أحمد بن ميمون الوتار

133 291- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي عيسى لب بن يحيى 134 292- أحمد بن محمد بن إسماعيل القيسي 135 293- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر اليزدي 135 294- أحمد بْن محمد بْن عُبَيْد الله بْن محمد البستي 135 295- إسحاق بن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد السرخسي 136 296- إسماعيل بن عمرو الحداد المقرئ المصري 136 297- إسماعيل بن محمد بن مؤمن الحضرمي الإشبيلي "حرف الحاء": 137 298- حَجّاج بن محمد بن عبد الله اللخمي الأسيلي 137 299- حجاج بن يوسف اللخمي الإشبيلي 137 300- الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حمدويه البغدادي 137 301- الحسن بن علي بن الصقر البغدادي 138 302- الحسين بن أحمد بن سلمة الربعي الدمشقي 138 303- الحسين بن أحمد بن عبد الله الحربي 138 304- الحسين بن ميمون بن حسنون المصري "حرف الخاء": 138 305- خَلَف مولى جعفر الفتى المقرئ الأندلسي "حرف السين": 139 306- سعيد بن إدريس السلمي الإشبيلي 139 307- سعيد بن عبد الله بن دحيم الأزدي 139 308- سفيان بن الحسين الغيسقاني الهروي "حرف الصّاد": 140 309- صلة بن المؤمّل بن خَلَف البغدادي "حرف الظّاء": 140 310- ظَفْرُ بن مظفَّر بن عبد الله بن كتنة الحلبي

"حرف العين": 140 311- عبد الله بن رضا بن خالد بن عبد الله اليابري 140 312- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن بشران 141 313- عبد الرحمن بن أحمد بن أشج القرطبي 141 314- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بن أَبِي العجائز الأزدي 141 315- عبد القاهر بن طاهر البغدادي 141 - عبد الملك بن محمد الثعالبي 142 316- عبد الملك بن سليمان بن عمر الإشبيلي ابن القوطية 142 317- علي بن الحسن الحمامي الشاعر "حرف الميم": 142 318- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن إسحاق الدندانقاني 142 319- محمد بن سعيد بن محمد بن نَبَات الأموي القرطبي 142 320- محمد بن سعيد الخطابي الهروي 143 321- محمد بن علي بن محمد السقطي 143 322- محمد بن عمر بن محمد الأخضر الداوودي 143 323- محمد بن محمد بن محمد النيسابوري 143 324- محمد بن يوسف بن محمد الأموي القرطبي النجاد "حرف النون": 144 325- نصر بن شعيب الدمياطي "حرف الياء": 144 326- يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث الصفار "وفيات سنة ثلاثين وأربعمائة" "حرف الألف": 145 327- أحمد بن الحسن بن فُورك بن محمد بن فورك 146 328- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن إسحاق أبو نعيم الأصبهاني

149 329- أحمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ البياني 149 330- أحمد بن الغمر بن محمد الأبيوردي 150 331- أحمد بن محمد بن هشام بن جَهْوَر المرشاني 150 332- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن الحارث التميمي 150 333- أحمد بن محمد بن يوسف الدوغي الجرجاني 150 334- أحمد بن محمد بن إسحاق الحبال المقرئ 151 335- إسماعيل بن أحمد بن عبد الله الحيري 151 336- إسماعيل بن عبد الله بن الحارث بن عمر المصري "حرف الحاء": 152 337- الحسن بن أحمد بن محمد الخطيب البلخي 152 338- الحسن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن المسلمة 152 339- الحسين بن شعيب المروزي السنجي 152 340- الحسين بن محمد بن الحسن البغدادي الجلال 153 341- الحسين بن محمد بن علي الباساني "حرف الزاي": 153 342- زياد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن زياد القرطبي 153 343- زياد بن عبد العزيز بن أحمد بن زياد الجذامي "حرف السين": 154 344- السري بن إسماعيل بن أحمد الإسماعيلي "حرف الطّاء": 154 345- طاهر بن محمد بن دُوَسْت بن حسن القهستاني "حرف الْعَيْنِ": 154 346- عبد الله بن ربيعة بن عمر الكندي البستي 154 347- عبد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي الفقيه 155 348- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن بشران بن مهران الواعظ

155 349- عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي 156 350- عبيد الله بن منصور البغدادي الغزال 156 351- عدنان بن محمد بن الحسين الهروي 157 352- علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي 157 353- علي بن أيوب بن الحسين القمي "حرف القاف": 157 354- القاسم بن محمد بن القاسم بن حماد القرشي 157 355- القاسم بن محمد بن إسماعيل القرشي المرواني "حرف الميم": 157 356- محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفراء 158 357- محمد بن سليمان الحفاظ الرعيني 158 358- محمد بن العباس بن حسين البغدادي القاص 158 359- محمد بن عبد الرزاق بن أبي الشيخ عبد الله الأصبهاني 158 360- محمد بن عبد العزيز بن أحمد الخشني 159 361- محمد بن علي الدينوري 159 362- محمد بن عمر بن جعفر الخرقي بن درهم 159 363- محمد بن عيسى الرعيني 159 364- محمد بن عيسى الهمذاني 160 365- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عليّ المولقاباذي 160 366- محمد بن المغلّس بن جعفر بن المغلّس الداوودي 160 367- المحسن بن أحمد القاضي 160 368- موسى بن عيسى بن أبي الزجاج الفاسي "حرف النون": 161 369- نصر بن محمد العبيدي الهروي

"وممّن كان في هذا الوقت" "حرف الألِف": 161 370- أَحْمَد بن الحسين بن علي التراسي 162 371- أحمد بن الحسين بن محمد الرازي البزاز 162 372- أحمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني النجار 162 373- أحمد بن علي الرازي الإسفرئيني 162 374- أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن يزداد الصيرفي 162 375- إسماعيل بن أبي أحمد الحسين بن عليّ بن محمد التميمي "حرف الثّاء": 163 376- ثابت بن يوسف بن إبراهيم القرشي السهمي "حرف الخاء": 163 377- خلف بن أبي القاسم الأزدي القيرواني 163 378- خلف بن أحمد بن خلف الأنصاري الرحوي "حرف الراء": 164 379- رافع بن محمد بن رافع بن القاسم بن أيوب 164 380- الرشيقي عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الشيرازي "حرف الشّين": 164 381- شريك بن عبد الملك بن حسن المهرجاني "حرف العين": 164 382- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن فضالة 165 383- عليّ بن إبراهيم بن أحمد بن حَمُّوَيْه الأزدي 165 384- علي بن القاسم بن محمد البصري الطابثي 165 385- علي بن إبراهيم بن حامد الهمذاني البزاز "حرف الفاء": 165 386- الفضل بن سهل المروزي الصفار

"حرف الميم": 166 387- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بن محمد الفارسي المشاط 166 388- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن محمد بْن علي الكسائي 166 389- محمد بن أحمد بن عمر الأصفهاني الخرقي 166 390- محمد بن الحسن بن يوسف الصنعاني 166 391- محمد بن الحسن بن الهيثم الفيلسوف 167 392- محمد بن عبد الملك بن مسعود المسعودي 167 393- محمد بن أبي عَمْرو محمد بن يحيى النيسابوري 167 394- أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني "حرف النّون": 168 395- نعيْم بن حمّاد بن محمد بن عيسى الخزامي "حرف الياء": 168 396- يحيى بْن عليّ بْن محمد بن الطيب الدسكري 168 397- يوسف بن حمود بن خلف الصدفني

"الطبقة الرابعة والأربعون" "أحداث سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة": 169 شغب الأتراك 169 زيارة جلال الدولة المشاهد "أحداث سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة" 169 استيلاء الغز والسلاجقة على خراسان 170 الفتنة بين السنة والشيعة "أحداث سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة": 170 دفع الغز عن همذان 170 شغب الأتراك وإفسادهم 170 التعريف بالبلغر 170 موت علاء الدولة بن كاكويه 171 الدعوة لأبي كاليجار في بلاد ابن كاكويه 171 نيابة ناصر الدولة دمشق 171 قراءة الاعتقاد القادري "أحداث سنة أربع وثلاثين وأربعمائة": 172 الخلاف بين الخليفة والملك جلال الدولة 172 الزلزلة بتبريز 173 محاربة المصريين صاحب حلب "أحداث سنة خمس وثلاثين وأربعمائة": 173 خروج طغرلبك إلى الجبل ومكاتبته جلال الدّولة 173 موت جلال الدولة 174 دخول الغز الموصل 174 الخطبة لأبي كاليجار 174 ترجمة جلال الدولة

"أحداث سنة ست وثلاثين وأربعمائة": 174 دفن جلال الدولة بمقابر قريش 174 الوزارة ببغداد 174 وفاة المرتضي 175 وفاة الجرجرائي ووزارة أبي نصر 175 ضرب الطبل عند أوقات الصلاة 175 ولاية ابن المسلمة الكتابة للقائم 175 وردة نزار بن المستنصر العبيدي "أحداث سنة سبع وثلاثين وأربعمائة": 175 الفتنة بين أهل الكرخ وباب البصرة 175 إحراق كنيس اليهود 175 الوباء بالخيل 176 موت العلا النصراني وسلب أكفانه "أحداث سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة": 176 حبس صاحب الشرطة وتغريمه الديات 176 حصار طغرلبك أصبهان 176 مراسلة أهل التبت لأرسلان خان "أحداث سنة تسع وثلاثين وأربعمائة": 177 غدر الأكراد بسرخاب 177 الظفر بأصفر التغلبي 177 القحط بالموصل 177 القبض على الوزير ذي السعادات 177 الوباء والقحط ببغداد "أحداث سنة أربعين وأربعمائة": 177 قتال أهل الكرخ وباب البصرة

177 موت الملك أبي كاليجار 178 ولاية أبي نصر الملك بعد أبيه 178 التعريف بأبي كاليجار 178 سور شيراز 178 منازلة عسكر مصر لقلعة حلب ورحيلهم 178 خطبة ابن باديس للقائم بأمر الله بالقيروان 178 مسير الغُزِّ مع إبراهيم ينال إلى القسطنطينيّة 179 عزل ناصر الدولة عن دمشق 179 عزل بهاء الدولة

"الطّبقة الرابعة والأربعون" "المتوفون سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة" "حرف الألف": 179 1- أحمد بن الغَمْر بن محمد بن أحمد بن عباد "حرف الباء": 180 2- بشرى بن مسيس الرومي الفاتني "حرف الثاء": 180 3- ثابت بن محمد العدوي الجرجاني "حرف الحاء": 181 4- الحسن بن الحسين بن العباس بن دوما النعالي 181 5- أبو الحسن بن أبي شريح المصري "حرف السّين": 181 6- سَيَّار بْن يحيى بْن مُحَمَّد بْن إدريس الكناني "حرف الصّاد": 182 7- صاعد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الأستوائي "حرف العين": 182 8- عبد الله بن بكر بن قاسم القضاعي الطليطلي 183 9- عبد الله بن يحيى القرطبي بن دحون 183 10- عبدان الجواليقي الشرابي 183 11- عبد الرحمن بن الحسن بن عَلِيَّك بن الحسن 183 12- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ بن أحمد الحلبي السراج 184 13- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن مت 184 14- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عزيز الحاكم ابن دوست 185 15- عثمان بن أحمد بن محمد بن يوسف المعافري القرطبي 185 16- علي بن عبد الغالب المحدث الجوال

186 17- عمر بن عبد الله بن جعفر الرقي الصوفي "حرف القاف": 186 18- القاسم بن حَمُّود الحَسَنيّ الإدريسيّ "حرف الميم": 186 19- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله الجوليقي التميمي 187 20- محمد بن جعفر بن أبي الذكر المصري 187 21- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن القاسم أبو الشيخ 188 22- محمد بن عبد الله بن شاذان الأعرج 188 23- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صالح العطار 188 24- محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب الواسطي 189 25- محمد بن عوْف بن أحمد بن محمد المزني 190 26- محمد بن عيسى بن عبد الغنيّ بن الصباح 191 27- محمد بن الفضل بن نظيف المصري الفراء 192 28- محمد بن مسعود بن يحيى الأموي 192 29- المسدد بن علي بن عبد الله الأملوكي الحمصي 193 30- المفضل بن إسماعيل بن أحمد الإسماعيلي الجرجاني "حرف الهاء": 193 31- الهيثم بن عتبة بن خثيمة التميمي "حرف الباء": 193 32- يوسف بن أصبغ بن خضر الأنصاري "وفيات اثنتين وثلاثين وأربعمائة" "حرف الألف": 194 33- أحمد بن أيّوب بن أبي الربيع الألبيري 194 34- أحمد بن الحسين بن نصر العطار 195 35- أحمد بن عبد الرحمن بن الخولاني القيرواني

195 36- أَحْمَد بْن محمد بْن جعْفَر بن يونس الجواز 195 37- أحمد بن محمد بن خالد بن مَهْديّ القرطبي 195 38- أحمد بن محمد بن يوسف بن مَرْدة الأصبهاني 195 39- إبراهيم بن ثابت بن أخطل الأقليشي 195 40- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني الجلاب "حرف الجيم": 196 41- جعفر بن محمد بن المعتزّ بن محمد المستغفري "حرف الحاء": 196 42- الحسن بن عُبَيْد الله البغداديّ الصفار 197 43- الحسن بن محمد بن شعيب السنجي 197 44- حماد بن عمار بن هاشم القرطبي "حرف العين": 197 45- عبد الله بن سعيد بن أبي عوف الرباحي 198 46- عبد الله بن عبيد الله بن الوليد بن محمد الأموي 198 47- عبد الله بن علي بن سعيد النجيرمي 198 48- عبد الباقي بن محمد بن أحمد بن زكريا الطحان 198 49- عبد الوهّاب بن محمد بن عبد الله النسفي 198 50- عبد الواحد بن محمد بن إبراهيم التميمي الكوفي 198 51- عليّ بن أحمد بن محمد بن حسين الأستراباذي "حرف الميم": 199 52- محمد بن أحمد بن جعفر المزكي المولقاباذي 199 53- محمد بن الحسن بن الفضل البصري 199 54- محمد بن الحسن بن محمد المروزي 200 55- محمد بن عبد الرحمن بن محمد الهروي الدباس 200 56- محمد بن عمر بن بُكَيْر بن وُدّ النجار

200 57- محمد بن مروان بن عيسى الأموي ابن الشقاق 200 58- محمد بن يحيى بن حسن النيسابوري 201 59- محمد بن يحيى بن محمد الروزبهان 201 60- محمد بن مكي بن بنان المصري "حرف الهاء": 201 61- هاشم بن عطاء بن أبي يزيد الأطرابلس 201 62- هشام بن محمد التيملي الكوفي 201 63- محمد بن أبي نصر النيسابوري "وفيات سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة" "حرف الألف": 202 64- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن عثمان الدمشقي الغساني 202 65- أحمد بن الحسين بن أحمد بن إسحاق بن حمك النيسابوري 202 66- أحمد بن الحُسين بن محمد بن عبد الله بن بوان الدينوري 202 67- أحمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن فاذشاه التاني 203 68- أحمد بن محمد بن عليّ بن كُرْديّ البغدادي الأنماطي 204 69- أحمد بن محمد الخولاني الإشبيلي 204 70- إبراهيم بن أبي العيش بن يربوع 204 - أنوش تكين "حرف الحاء": 204 71- الحسن بن صالح بن عليّ بن صالح المصري 205 72- الحسن بن محمد بن بِشْر المُزَنيّ الهَرَويّ 205 73- الحسين بن بكر بن عبيد الله البغدادي 205 74- الحسين بن عليّ بن أحمد بن جمعة الحريري 205 75- الحسين بن محمد بن إبراهيم بن زَنْجُوَيْه

"حرف السين": 205 76- سالم بن عبد الله الهروي غولجة 205 77- سعيد بن العبّاس بن محمد بن عليّ القرشي الهروي "حرف الطاء": 206 78- طاهر بن العباس العبادي الهروي "حرف العين": 206 79- عبد الله بن عَبْدَان بن محمد بن عبدان الهمذاني 207 80- عبد الرحمن بن حمدان بن محمد النصرويي 207 81- عبد السلام بن الحسن المايوسي الصفار 207 82- عبد الملك بن الحسين بن عبدويه العطار 208 83- عبد الغفّار بن عبد الواحد بن محمد الأرموي 208 84- عبد الوهاب بن الحسن الحربي 208 85- عبيد الله بن إبراهيم الأنصاري 208 86- علاء الدولة شهريار ابن كاكويه 209 87- علي بن بشر الليثي 209 88- علي بن محمد بن علي العلوي الحسيني 209 89- علي بن موسى بن الحسين السمسار الدمشقي 210 90- عمر بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني السمسار "حرف الميم": 210 91- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بن شَريعة اللخمي 211 92- محمد بن إسماعيل بن عبّاد بن قُرَيْش اللخمي الإشبيلي 213 93- محمد بن جعفر الجهرمي الشاعر 213 94- محمد بن حمزة البغدادي الدهان 213 95- محمد بن عبد الله بن بندار المرندي 214 96- محمد بن علي بن أحمد البغدادي المطرز

214 97- محمد بن مساور بن أحمد بن طُفَيْل الطليطي 214 98- مسعود بن محمود بن سبكتكين 214 99- مسلم بن أحمد بن أفلح القرطبي "حرف النّون": 215 100- نُوشْتِكِين بن عبد الله الأمير عضد الدولة "حرف الياء": 216 101- يحيى بن سعيد بن يحيى بن بكر الطواق القرطبي "الكنى": 217 102- أبو الحسن الرحبي الداودي "وفيات سنة أربع وثلاثين وأربعمائة" "حرف الألف": 217 103- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد الجحواني الكوفي 217 104- أحمد بن علي بن الحسن المايمرغي الضرير 217 105- أحمد بن محمد بن أحمد بن دَلُّوَيْه الأستوائي 218 106- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسن بن بزدة 218 107- إسماعيل بن علي الحسيني المصري "حرف الحاء": 218 108- الحسن بن عليّ بن سهلان الأصبهاني القرقوبي 218 109- الحسين بن أحمد بن جعفر بن أحمد الهمذاني 218 110- الحسين بن عمر بن محمد البغدادي كاتب ابن الآبنوسي 218 111- حمزة بن الحسن بن العباس بن أبي الجن "حرف السّين": 219 112- سعيد بن أحمد بن محمد الهذلي الإشبيلي 219 113- سعيد بن محمد بن أحمد بن سعيد الأصبهاني البقال

"حرف الشّين": 219 114- شَذْرَة بن محمد بن أحمد بن شذرة المديني 220 115- شعيب بن عبد الله بن المنهال المصري "حرف العين": 220 116- عبد الله بن غالب بن تمام بن محمد الهمذاني 220 117- عبد الله بن أبي الفضل عمر بن أبي سعد الهروي 221 118- عبد الودود بن عبد المتكبر الهاشمي 221 119- عُبَيْد الله بن هشام بن سَوّار الدّارانيّ 221 120- عبد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن غفير الأنصاري 223 121- علي بن جعفر المنذري القهنذزي 223 122- عليّ بن طلحة بن محمد بن عمر البصري المقرئ 224 123- علي بن محمد بن عبد الرحيم الأزدي 224 124- عمر بن إبراهيم بن سعيد الزهري البغدادي "حرف الميم": 224 125- محمد بن أحمد العين زربي الفاتوري 224 126- محمد بن الحسين بن محمد بن جعفر الشيباني العطار 225 127- محمد بن عبد الله بن زين القُرْطُبيّ 225 128- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن عوف القرطبي 225 129- محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد بن مصعب الزبيري 225 130- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز بْن إبراهيم الكاتب 226 131- محمد بن مؤمل بن الصقر الوراق غلام الأبهري "حرف الهاء": 226 132- هارون بن محمد بن أحمد بن هارون الأصبهاني "حرف الياء": 226 133- إلْيَسَعُ بن عبد الرحمن بن محمد اللخمي الإشبيلي

"وفيات سنة خمس وثلاثين وأربعمائة" "حرف الألف": 227 134- أحمد بن الحسن الحدي 227 135- أحمد بن سعيد بن دينال الأموي 227 136- أحمد بن محمد بن ملاس الفزاري 227 137- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن الحُسَيْن الذهبي 227 138- إسماعيل بن عبد الرحمن بن عامر بن ذي النون الخواري 228 139- أسماء بنت أحمد بن محمد بن شاذَة "حرف الجيم": 228 140- جهور بن محمد بن عبيد الله "حرف الحاء": 229 141- الحسن بن بكر بن عُرَيْب القيسي 229 142- الحسن بن علي بن موسى السمسار الدمشقي 229 143- الحسين بن عثمان العجلي الفارسي الشيرازي "حرف السين": 229 144- سلار بن أحمد الديلمي "حرف العين": 229 145- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن زياد الأنصاري القرطبي 230 146- عبد الله بن يوسف بن نامي بن أبيض الرهواني 230 147- عبيد الله بن أحمد بن عثمان الأزهري الصيرفي 230 148- علي بن أحمد بن محمد الآبنوسي الصيرفي 231 149- عمر بْن القاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يحيى بن مفرج 231 150- عيسى بن خشرم البنا المصري "حرف الفاء": 231 151- فيروزجرد الملك جلال الدولة

"حرف الميم": 231 152- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن إسحاق العبداني 232 153- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن هرثمة بن ذكوان 232 154- محمد بن جعفر بن علي الميماسي 232 155- محمد بن عبد الواحد بن عليّ بن إبراهيم بن رزمة 232 156- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن إسحاق بن حبابة 233 157- مختار بن عبد الرحمن الرعيني القرطبي 233 158- المهلب بن أحمد بن أبي صُفْرة أَسِيد الأسدي "وفيات سنة ست وثلاثين وأربعمائة" "حرف الألف": 233 159- أحمد بن محمد بن أحْيَد بن ماما المامائي "حرف التّاء": 234 160- تمّام بن غالب بن عمر التياني القرطبي "حرف الحاء": 234 161- الحسين بن عليّ بن محمد بن جعفر الصيمري 235 162- الحسين بن محمد بن أحمد الأنصاري ابن المنيقير "حرف الخاء": 235 163- الخَضِر بْن عَبْدَان بْن أَحْمَد بْن عبدان الأزدي "حرف الطّاء": 235 164- طاهرة بنت أحمد بن يوسف بن يعقوب "حرف العين": 236 165- عبد الله بن سعيد بن لباج الشنتجالي 236 166- عبد الله بن محمد بن أحمد العطار المقرئ 237 167- عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الأصبهاني الصفار 237 168- عبد العزيز بن عبد الرزاق صاحب التبريزي

237 169- عبد الغفار بن عبيد الله بن محمد بن زيرك التميمي 237 170- عَبْد الملك بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن الأصبغ 238 171- عبد الوهاب بن منصور بن المشتري 238 172- عُبَيْد الله بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن إسماعيل الخراساني 238 173- علي بن أحمد بن مهران الأصبهاني الصحاف 238 174- علي بن أحمد الجرجرائي الوزير 238 175- عليّ بن الحسن بن عليّ بن ميمون الربعي 239 176- علي بن الحسين بن إبراهيم العنسي 239 177- علي بن الحسين بن موسى العلوي الموسوي "حرف الميم": 240 178- مجاهد بن عبد الله السّلطان الموفق الأندلسي 241 179- محمد بن أحمد بن بكير التنوخي 242 180- محمد بن أحمد بن أبي شعيب الروياني 242 181- محمد بن الحسن بن محمود الأصبهاني الصّوّاف 242 182- محمد بن الحسين بن أحمد بن بكير التاجر 242 183- محمد بن عبد الله بن حسين بن هارون الوضاحي 243 184- محمد بن عبد الله بن أحمد المرسي ابن ميقل 243 185- مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد النيلي 244 186- محمد بن علي بن الطيب المعتزلي 244 187- محمد بن محمد بن عليّ بن الحَسَن العلوي الحسيني 245 188- المحسّن بن محمد بن العبّاس بن الحسن بن أبي الجن "حرف الهاء": 245 189- هبة الله بن إبراهيم بن عمر المصري الصواف "حرف الياء": 246 190- يحيى بْن عَبْد المُلْك بْن كيس القرطبي

"وفيات سنة سبع وثلاثين وأربعمائة" "حرف الألف": 246 191- أحمد بن ثابت بن أبي الجهم الواسطي 246 192- أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده الملنجي 246 193- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد الهاشمي 247 194- أحمد بن يوسف المنازي الكاتب الوزير الشاعر "حرف الحاء": 247 195- الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جميع الغساني الصيداوي 248 196- الحسين بن محمد بن بيان المؤذن ابن مجوجا "حرف العين": 248 197- عبد الرحمن بن مَخْلَد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بَقِيّ بن مخلد 248 198- عبد الصمد بن محمد البغدادي ابن الفقاعي 249 199- عليّ بن أحمد بن الحسن بن عبد السلام البغدادي 249 200- عليّ بن عبد الصّمد بن عُبَيْد الله الهاشمي 249 201- علي بن محمد بن الحسن البغدادي الحربي السمسار "حرف الميم": 249 202- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرحمن بن محمد بن موسى 249 203- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو البَجَليّ بن القمّاح 250 204- محمد بن الحسين بن عمر بن برهان 250 205- محمد بن سليمان الرعيني القرطبي 250 206- محمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني المؤذن 250 207- محمد بن عبد الله بن يزيد بن محمد بن جنيد اللخمي 250 208- محمد بن عبد الوهّاب بن أبي العلاء الدلال 251 209- محمد بن علي بن نصر الكاتب البغدادي 251 210- محمد بن محمد بن أحمد بن سميكة

251 211- محمد بن محمد بن مكّيّ بن الحسن العلوي الحسيني 251 212- مكّيّ بن أبي طالب حَمُّوش بن محمد بن مختار "حرف الياء": 253 213- يحيى بن هشام بن أحمد القرشي الأندلسي "وفيات سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة" "حرف الألف": 253 214- أحمد بن الحسن بن عيسى بن شرارة الناقد 253 215- أحمد بن عبد الواحد بن مُحَمَّد بن جعفر بن زوج الحرة 253 216- أحمد بن محمد بن العبّاس بن بكران الهاشمي 254 217- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد الهاروني الرشيدي 254 218- أحمد بن محمد القنطري المقرئ 254 219- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مندويه الشرطي 254 220- إسماعيل بن عبد الرحمن بن عَمْر بن النّحّاس المصري "حرف الباء": 254 221- بشر بن محمد الأصبهاني الجوزداني "حرف الجيم": 255 222- جعفر بن أحمد بن عبد الملك بن مروان الأموي "حرف الحاء": 255 223- الحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي الفقيه 255 224- الحسن بن محمد بن عمر بن عُدَيْسَة النرسي 255 225- الحسن بن يحيى بن أبي عرابة "حرف الطّاء": 255 226- طلحة بن عبد الملك بن علي الطلحي "حرف العين": 256 227- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن إبراهيم الهاشمي

256 228- عَبْد اللَّه بْن يوسف بن عبد الله بن يوسف الجديني 257 229- عبد الباقي بن هبة الله بن محمد بن جعفر الحفّار 257 230- عبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم بن محمد بن الشرفي القرطبي 257 231- عبد الرحمن بن محمد بن عبّاس بن جوشن الطليطلي 257 232- عبد الكريم بن عبد الواحد بن محمد الحسناباذي 258 233- عليّ بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن شوذب "حرف الفاء": 258 234- الفضل بن محمد بن سعيد القاشاني "حرف الميم": 258 235- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد البغدادي المطرز 258 236- محمد بن الحسن بن عيسى الناقد 258 237- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن الحُسين الحراني 258 238- محمد بن أبي السكري عمر بن محمد البغدادي الوكيل 259 239- محمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني التبان 259 240- محمد بن علي بن محمد سيويه المكفوف والده 259 241- محمد بن عمر بن زاذان القزويني 259 242- محمد بن محمد بن عيسى بن إسحاق الخيشي 260 243- مسعود بن عليّ بن مُعَاذ بن محمد السجزي "حرف الهاء": 261 244- هشام بن غالب بن هشام الغافقي "حرف الياء": 261 245- يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عبد الملك الأموي العثماني "وفيات سنة تسع وثلاثين وأربعمائة" "حرف الألف": 261 246- أحمد بن أحمد بن محمد بن عليّ القصري السيبي

262 247- أحمد بن عبد الله بن محمد اللاعب البغدادي 262 248- أحمد بن علي بن عمر البصري المالكي 262 249- أحمد بن محمد بن الحسين البخاري "حرف الحاء": 262 250- الحسن بن داود بن بابْشَاذ المصري 263 251- الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن بن شوّاش الكتاني 263 252- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عليّ الخلال 263 253- الحسن بن محمد بن إسماعيل بن أشناس الحمامي 264 254- الحسن بن الحسن بن علي بن بندار الأنماطي 264 255- الحسين بن علي بن عبيد الله الطناجيري "حرف العين": 264 256- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عبد الله بن رستة البغدادي 265 257- عبد الله بن ميمون الأرع الحسني 265 258- عبد الرحمن بن سعيد بن خزرج الإلبيري 265 259- عَبْد المُلْك بْن عَبْد القاهر بْن أسد النَّصِيبيّ 265 260- عبد الواحد بن محمد بن يحيى المطرز الشاعر 265 261- عبد الوهاب بن علي بن داوريد الفارسي 265 262- علي بن بندار قاضي القضاة 266 263- علي بن عبيد الله بن علي البغدادي البزوري 266 264- علي بن منير بن أحمد المصري الخلال 266 265- عمر بن محمد بن العبّاس بن عيسى الهاشمي "حرف الميم": 266 266- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى الشيرازي الواعظ 267 267- محمد بن حسين بن عليّ بن عبد الرحمن الوزير عميد الدولة 267 268- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن عابد المعافري

267 269- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن مهران الأصبهاني 267 270- محمد بن علي بن محمد البغدادي الشاعر الجبلي 268 271- محمد بن عمر بن عبد العزيز البغدادي المؤدب 268 272- محمد بن الفُضَيْل بن الشّهيد أبي الفضل الفضيلي "الكنى": 268 273- أبو كاليجار الملك الرحيم "وفيات سنة أربعين وأربعمائة" "حرف الألف": 269 274- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد البغدادي الخلال 269 275- أحمد بن الحسن بن محمد الواعظ خاموش الرازي 269 276- أحمد بن عبد الله بن سهل الحنبلي 269 277- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن علي الصيرفي 269 278- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن نصر بن الفتح الحكيمي 270 279- أَمَةُ الرّحمن بنت أحمد بن عبد الرحمن العبسي "حرف الباء": 270 280- بِسْطَام بن سَامَة بن لُؤَيّ "حرف الحاء": 270 281- الحسن بن أحمد بنت الحسن خداوذ الكرخي 270 282- الْحَسَن بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الله بْن حمدان التغلبي 271 283- الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله بن المعتضد 271 284- الحسين بن محمد بن هارون النيسابوري 271 285- الحسين بن عبد العزيز الشالوسي "حرف الدّال": 271 286- داجن بن أحمد بن داجن السدوسي

"حرف السّين": 272 287- سَيّد بن أبان بن سيّد الخولاني الإشبيلي "حرف العين": 272 288- عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد بْن محمد بْن مكرم البغدادي 272 289- عبيد الله بن عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين 272 290- علي بن إسماعيل بن عبد الله بن الأزرق 272 291- عليّ بن الحسن بن أبي عثمان الدّقّاق 273 292- علي بن ربيعة بن علي التميمي المصري البزاز 273 293- علي بن عُبَيْد الله بن القصّاب الواسطيّ 273 294- عيسى بن محمد بن عيسى الرعيني "حرف القاف": 273 295- فخر الملك صدقة بن يوسف الإسرائيلي الوزير 273 296- الفضل بن أبي الخير محمد بن أحمد الميهني "حرف الميم": 274 297- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن جعفر الشاذياجي 274 298- محمد بن أحمد المصري 274 299- محمد بن إبراهيم بن علي الصالحاني 274 300- محمد بن جعفر بن محمد بن فسانجس 274 301- محمد بن الحسين بن محمد بن آذرْ بهرام الكارزيني 275 302- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن إبراهيم الأصبهاني التاني 276 303- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن مهران الصالحاني 276 304- محمد بن عبد العزيز إسماعيل التككي 276 305- محمد بن عمر بن إبراهيم الأصبهاني 276 306- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن غَيْلان الهمذاني البزاز 277 307- محمد بن محمد بن عثمان السواق البندار

277 308- محمود بن الحسن بن محمد بن يوسف القزويني 278 309- مفرج بن محمد الصدفي السرقسطي 278 310- منصور بن محمد بن محمد الأزْديّ الهَرَويّ "حرف الهاء": 278 311- هبة الله بن أبي عُمَر محمد بن الحسين الجرجاني الموفق "حرف الياء": 279 312- يوسف بن رباح بن عليّ بن موسى بن رباح البصري المعدل "الكنى": 279 313- أبو القاسم بن محمد الحضرمي اللبيدي 279 314- أبو كاليجار مرزبان السلطان البهويهي "وممّن كان في هذا القرب من هذه الطبقة" "حرف الألف": 280 315- أحمد بن سليمان أحمد الكتامي الطنجي 280 316- أحمد بن عمار المهدوي 280 317- أحمد بن محمد بن عبد الواحد المنكدري 281 318- إبراهيم بن طلحة بن غسان المطوعي 281 319- إسماعيل بن علي بن المثني الإستراباذي 281 320- أصبغ بن راشد بن أصبغ الإشبيلي "حرف الحاء": 282 321- الحسن بن محمد بن مفرِّج المعافري القرطبي 282 322- الحسين بن حاتم الأذري الأصولي "حرف الرّاء": 283 323- الرِّضَى بن إسحاق بن عبد الله بن إسحاق "حرف العين": 283 324- عبد الله بن جعفر الخبازي

283 325- عثمان بن عيسى التجيبي الطليطلي 283 326- عليّ بن الحسن بن محمد بن فِهْر الفهري 283 327- علي بن شعيب بن علي الهمذاني الدهان "حرف الميم": 284 328- محمد بن أحمد بن القاسم الأصبهاني المقرئ 284 329- محمد بن أحمد بن العلاء بن شاه الصغدي 284 330- محمد بن أبان بن عثمان بن سعيد بن فيض الشذوني 284 331- محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الهروي 285 332- محمد بن الحسن بن عمر المصري البزاز 285 333- محمد بن عبد الرحيم بن حسن الخبوشاني 285 334- محمد بْن علي بْن محمد بْن علي الأصبهاني الحللي 285 335- محمد بن يعقوب بن إسحاق بن موسى السلامي 285 336- مروان بن علي الأسدي القرطبي 286 337- مصعب بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن يوسف الأزدي 286 338- مُعْتَمد بْن محمد بْن محمد بْن مكحول النسفي 286 339- مفضل بن محمد بن مسعر التنوخي المعري "حرف الهاء": 287 340- هشام بن سعيد الخير بن فتحون الوشقي "حرف الياء": 287 341- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن يحيى القرشي الجمحي "الكنى": 287 342- أبو حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش الرازي 289 فهرس الموضوعات

المجلد الثلاثون

المجلد الثلاثون الطبقة الخامسة والأربعون أحداث سنة إحدى وأربعين وأربعمائة ... بسم اللَّه الرحمن الرحيم الطبقة الخامسة والَأربعون: أحداث إحدى وأربعين وأربعمائة: اشتداد الخلاف بين السنّة والشيعة: تُقُدِّم إلى أهل الكرخ أن لّا يعملوا مأتمًا يوم عاشوراء، فأخلفوا وجرى بين أهل السُنة والشيعة ما زاد على الحدِّ من القتل والجراحات1. انهزام الملك الرحيم: وفيها ذهب الملك الرحيم إلى الْأهواز وفارس، فلقيه عسكر فارس واقتتلوا، فانهزم هو وجيشه إلى أن قَدِمَ واسط2. أمتلاك عسكر فارس الأهواز: وسار عسكر فارس إلى الأهواز فملكوها وخيَّموا بظاهرها3. انهزام صاحب حلب: وفيها قَدِمَ عسكر من مصر فقصدوا حلب، فانهزم منها صاحبها ثمال، فملكها المصريون4. إمرة الْأمراء بدمشق: وفيها ولي دمشق أمير الأمراء عُدَّة الدولة رفق المستنصري5، ثم عُزِلَ بعد أيام

_ 1 البداية والنهاية "12/ 59"، والكامل في التاريخ "9/ 561". 2 الكامل في التاريخ "9/ 560". 3 تاريخ ابن خلدون "3/ 454". 4 الكامل في التاريخ "9/ 560"، والبداية والنهاية "12/ 59". 5 ذيل تاريخ دمشق "85".

بطارق المستنصري، وولي إمرة حلب1، وولي وزارة دمشق معه سديد الدولة ذو الكفايتين أبو محمد الحسين الماشكي. الحرب بين أهل الكرخ وأهل القلّايين: وفيها اهتمَّ أهل الكرخ وعملوا عليهم سورًا، وكذا فعل أهل نهر القلّايين، وأنفق على ذلك العوام أموالًا عظيمة، وبقي مع كل فرقة طائفة من الْأتراك تَشُدُّ منهم، ثم في يوم عيد الفطر ثارت الحرب بينهم، وجرت أمور مزعجة يطول تفصيلها، وأذَّنوا في منابر الكرخ بـ"حي على خير العمل"2. الريح الغبراء: وفي ذي الحجة عصفت ريح ترابية أظلمت منها الدنيا حتى لم ير أحدٌ أحدًا. وكان الناس في أسواقهم فحاروا ودُهشوا، ودامت ساعة، فقلعت رواشن دار الخليفة ودار المملكة، ووقع شيء كثير في النخل3.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "85". 2 الكامل في التاريخ "9/ 561". 3 الكامل في التاريخ "9/ 560"، والبداية والنهاية "12/ 59".

أحداث سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة

أحداث سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة: الصلح بين السنة والشيعة: نُدِبَ أبو محمد بن النّسويّ لضبط بغداد، واجتمع العامَّة من الشيعة والسُنة على كلمةٍ واحدة، على أنَّه متى ولي ابن النسويّ أحرقوا أسواقهم ونزحوا عن البلد، ووقع الصلح بين السُّنة والشيعة، وصار أهل الكرخ إلى نهر القلّايين فصلّوا فيه، وخرجوا كلهم إلى الزيارة بالمشاهد. وصار أهل الكرخ يترحَّمون على الصحابة في الكرخ، وهذا أمر لم يتفق مثله1.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 61"، وشذرات الذهب "3/ 267، 268".

وقوع صاعقة بالحلّة: وفي ليلة الجمعة ثاني رمضان وقعت صاعقة بالحِلّة على خيمةٍ لبعض العرب كان فيها رجلان، فأُحرِقت نصف الخيمة ورأس أحد الرّجُلين، وقدَّت نصف بدنه، وبقي نصفه الْآخر. وسقط الْآخر مغشيًّا عليه، ما أفاق إِلَّا بعد يومين1. الرُّخْصُ ببغداد: ورَخُصَ السعر ببغداد حتّى أُبِيعَ كُرّ الحنطة بسبعة دنانير2. استيلاء ألْبُ رسلان على فَسا: وفيها سار الملك ألْبُ رسلان السلجوقي من مرو، وقصد فارس في المفازة، فلم يعلم أحد ولا عمّه طغرلبك، فوصل إلى فسا واستولى عليها، وقتل من جندهم الديلم نحو ألف وطائفة من العامَّة، ونهب وأسر وفتك، وعاد إلى مرو مسرعًا3. الاحتفال بزيارة مشهد بن الحسين: واستهلَّ ذو الحجة فتهيّأ أهل بغداد السُّنَّة والشّيعة لزيارة مشهد الحسين، وأظهروا الزينة والفرح، وخرجوا بالبوقات ومعهم الْأتراك4. أخذ طغرلبك أصبهان صلحا: وفيها نازل طغرلبك أصبهان، وحاصر ابن علاء الدولة نحو السّنة، وقاسى العامَّة شدائد، ثم أخذها صُلحًا وأحسن إلى أميرها، وأقطعه يزد وأبرقوه، وأقطع أجنادها في بلاد الجبل، وسكن أصبهان5.

_ 1 المنتظم "8/ 146". 2 البداية والنهاية "12/ 61". 3 الكامل في التاريخ "9/ 564، 565". 4 المنتظم "8/ 146". 5 البداية والنهاية "12/ 61".

أحداث سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة

أحداث سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة: تجدُّد الفتنة بين السُّنة والشيعة: في صفر تجدَّدت الفتنة بين الشّيعة والسُّنة، وزال الاتّفاق الذي كان عام أول، وشرع أهل الكرخ في بناء باب السمَّاكين، وأهل القلّايين في عمل ما بقي من بابهم. وفرغ أهل الكرخ من بنيانهم وعملوا أبراجًا وكتبوا بالذهب: محمّدٌ وعليٌّ خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبى فقد كفر1. وثارت الفتنة وآلت إلى أخذ ثياب الناس في الطرق، وغُلِّقت الْأسواق، ووقفت المعايش، وبعد أيام اجتمع للسُّنة عددٌ يفوق الْإِحصاء، وعبروا إلى دار الخلافة، وملَأوا الشّوارع، واخترقوا الدهاليز، وزاد اللغط، فقيل لهم: سنبحث عن هذا. فهاج أهل الكرخ، ووقع القتال، وقُتل جماعة منهم واحدٌ هاشمي. ونهب مشهد بن التِّبن، ونبشت عدّة قبور وأُحرقوا، مثل: العوفي، والناشئ، والْجُذوعي، وطرحوا النار في المقابر والتُّرَب، وجرى على أهل الكرخ خزيٌّ عظيم، وقُتِلَ منهم جماعة، فصاروا إلى خان الفقهاء الحنفيين، فأخذوا ما وجدوا، وأحرقوا الخان، وقتلوا مُدرِّس الحنفيّة أبا سعد السرخسيّ2، وكبسوا دور الفقهاء، فاستُّدعي أبو محمد بن النسويّ، وأُمِرَ بالعبور فقال: قد جرى ما لم يجرِ مثله، فإن عبر معي الوزيرُ عبرتُ، فقويت يده، وأظهر أهل الكرخ الحزن، وقعدوا في الْأسواق للعزاء على المقتولين. فقال الوزير: إن واخذنا الكُلّ هرب البلد، والَأولى التغاضي. فلمَّا كان في ربيع الْآخر خُطب بجامع براثا مأوى الشّيعة، وأُسقط من الْأذان "حي على خير العمل"، ودقَّ الخطيب المنبر بالسيف، وذكر في خطبته العبّاس. كبس العيّارين دار النسوي: وفي ذي الحجة كبس العيّارون دار أبي محمد بن النسوي وجرحوه جراحات عِدَّة.

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 576"، والبداية والنهاية "12/ 62". 2 شذرات الذهب "3/ 270". 3 الكامل في التاريخ "9/ 576-578".

عمارة الريّ: وفيها أخذ السلطان طغرلبك أصبهان في المحرَّم، فجعلها دار ملكه، ونقل خزائنه من الريِّ إليها. وكان قد عمَّرَ الريّ عمارة جيدة1. إحراق الْأهواز: وفيها كبس منصور بن الحسين بغزو الْأهواز، وقتل بها خلقًا من الديلم والَأتراك والعامَّة، فأُحْرِقَت ونُهِبَت. الوقعة بين المغاربة والمصريين: وفيها كانت وقعة هائلة بين المغاربة والمصريين بإفريقيّة، وقُتِلَ فيها من المغاربة ثلاثون ألفًا2.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 63". 2 دول الإسلام "1/ 261".

أحداث سنة أربع وأربعين وأربعمائة

أحداث سنة أربع وأربعين وأربعمائة: عودة الفِتَن ببغداد: في ذي القعدة عادت الفتن ببغداد، وأحرقت جماعة دكاكين، وكتبوا -أعني: أهل الكرخ- على مساجدهم: "محمد وعلي خير البشر"، وأذَّنوا بحيي على خير العمل، فتجمّع أهل القلّايين وحملوا حملةً على أهل الكرخ، فهرب النظّارة، وازدحموا في مسلك ضيّق، فهلك من النساء نيف وثلاثون امرأة، وستة رجال وصبيان، وطُرحت النار في الكرخ، وعادوا في بناء الْأبواب والقتال. فلمَّا كان في سادس ذي الحجة جرى بينهم قتال، فجمع الطقطقي قومًا من الْأعوان، وكبس نهر طابق من الكرخ، وقَتَل رجلين، ونصب الرأسين على حائط مسجد القلايين1.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 63".

الحرب بين عسكر خراسان وعسكر غزنة: وفيها جرت حروب كبيرة بين عسكر خراسان وعسكر غزنة، وكلّهم مسلمون، وتَمَّ ما لَا يليق من القتال على الملك، نسأل اللَّه العافية. فتح الملك الرحيم البصرة: وفيها سَيِّرَ الملك الرحيم جيشًا مع وزيره، والبساميري إلى البصرة. وعليها أخوه أبو علي بن أبي كاليجار، فحاصروه بها، واقتتلوا أيّامًا في السُفُّن، ثم افتتحوا البصرة، وهرب أبو عليّ فتحصَّن بشطِّ عثمان وحفر الخندق، فمضى إليه الملك الرحيم وحاربه، فتقهقر إلى عبّادان وركب البحر، ثم طلع منه وسار إلى أرجان، وقَدِمَ على السلطان طغرلبك بأصبهان، فأكرمه وصاهره1. وسلم الملك الرحيم البصرة إلى البساسيري، ومضى إلى الأهواز2. نهب أطراف العراق: وفيها قَدِمَ طائفة من جيش طغرلبك إلى أطراف العراق، فنهبوا واستباحوا الحريم وفتكوا، ورجف أهل بغداد3. القدح في نسب صاحب مصر: وفيها عُمل محضر كبير ببغداد في القدح في نسب صاحب مصر، وأنه أصله من اليهود4.

_ 1 العبر "3/ 205"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 456". 2 الكامل في التاريخ "9/ 588، 589". 3 دول الإسلام "1/ 261". 4 البداية والنهاية "12/ 63".

أحداث سنة خمس وأربعين وأربعمائة

أحداث سنة خمس وأربعين وأربعمائة: إحراق الكرخ: فيها أحضر ابن النسويّ فقُوّيت يده، فضرب وقتل وخرَّب ما كتبوا من محمد وعلي خير البشر، وطرحت النار في الكرخ ليلًا ونهارًا. وصول الغُّز إلى حلوان: ثم وردت الأخبار بأنَّ الغزَّ قد وصلوا إلى حلوان، وأنهم على قصد العراق، ففزع الناس1. لعن الْأشعري بنيسابور: وفيها أُعِلَن بنيسابور بلعن أبي الحسن الْأشعري، فضجَّ من ذلك الشيخ أبو القاسم القشيري، وصنَّف رسالة "شكاية السنة لما نالهم من المحنة". وكان قد رُفع إلى السلطان طغرلبك شيء من مقالات الْأشعري، فقال أصحاب الْأشعري: هذا محال، وليس هذا مذهبه. فقال السلطان: إنّما نأمر بلعن الْأشعري الذي قال هذه المقالة، فإن لم تدينوا بها ولم يقل الْأشعري شيئًا منها فلا عليكم مما نقول. قال القشيري: فأخذنا في الاستعطاف، فلم تُسمع لنا حُجّة، ولم تُقض لنا حاجة، فأغضينا على قذى الاحتمال. وأُحلنا على بعض العلماء، فحضرنا وظننَّا أنه يصلح الحال، فقال: الْأشعري عندي مبتدِع يزيد على المعتزلة. يقول القشيري: يا معشر المسلمين، الغيَاث الغيَاث2. استيلاء الملك الرحيم على أرجان: وفيها استولى الملك الرحيم على أرجان ونواحيها، وأطاعه من بها من العسكر، ومقدمهم فولاذ الديلمي3.

_ 1 المنتظم "8/ 157". 2 المنتظم "8/ 158". 3 الكامل في التاريخ "9/ 594".

أحداث سنة ست وأربعين وأربعمائة

أحداث سنة ست وأربعين وأربعمائة: شغب الْأتراك على وزير السلطان: فيها تفاوَضَ الْأتراك في الشكوى من وزير السلطان، وعزموا على الشغب، فبرَّزوا الخيم وركبوا بالسلاح، وكثرت الْأراجيف، وغلِّقت الدروب ببغداد، ولم يُصلِّ أحدٌ جُمُعة إِلَّا القليل في جامع القصر. ونقل الناس أموالهم، فنودي في البلد: متى وُجد الوزير عند أحدٍ حَلّ ماله ودمُه. وركبت الْأتراك فنهبوا دورًا للنصارى، وأخذوا أموالًا من البيعة وأحرقوها. ودافع العوام عن نفوسهم، فراسل الخليفة الْأتراك وأرضاهم1. وزارة أبي الحسين بن عبد الرحيم: ثم إنَّ الوزير ظهر فطُولب، فجرح نفسه بسكّين، فتسلّمه البساسيري، وتقلّد الوزارة أبو الحسين بن عبد الرحيم. أخذ ابن بدران الْأنبار: وقصد قريش بن بدران الْأنبار فأخذها2. عودة البساسيري إلى بغداد: وردّ أبو الحارث البساسيري إلى بغداد من الوقعة مع بني خفاجة، فسار إلى داره بالجانب الغربي، ولم يلم بدار الخلافة على رسْمه، وتأخَّر عن الخدمة، وبانت فيه آثار النّفرة، فراسله الخليفة بما طيَّبَ قلبه، فقال: ما أشكو إِلَّا من النائب في الديوان. ثم توجَّه إلى الْأنبار فوصلها، وفتح وقطع أيدي طائفة فيها، وكان معه دُبيس ابن علي3. انكسار جيش المعُز إلى القيروان: وفي سنة ست ملكت العرب الذين بعثهم المستنصر لحرب المُعز بن باديس، وهم بنو زغبة، مدينة طرابلس المغرب، فتتابعت العرب إلى إفريقية، وعاثوا وأفسدوا، وأمَّروا عليهم مؤنس بن يحيى المرداسي، وحاصروا المُدن وخرَّبوا القرى، وحلَّ بالمسلمين منهم بلاء شديد لم يُعْهَد مثله قط.

_ 1 المنتظم "8/ 159، 160". 2 البداية والنهاية "12/ 65". 3 الكامل في التاريخ "9/ 301، 302"، والبداية والنهاية "12/ 65".

فاحتفل ابن باديس وجمع عساكره، فكانوا ثلاثين ألف فارس، وكانت العرب ثلاثة آلاف فارس، فأرادت العرب الفرار، فقال لهم مؤنس: ما هذا يوم فرار. قالوا: فأين نطعن هؤلاء وقد لبسوا الكزاغندات1 والمغافر2؟ قال: في أعينهم. فسُمِّيَ أبا العينين". فالتحم الحرب، فانكسر جيش المُعز، واستحر القتل بجنده، ورُدَّ إلى القيروان مهزومًا، وأخذت العرب الخيل والخيام بما حوت3. وفي ذلك يقول بعضهم: وإن ابن باديسٍ لَأفضل مالكٍ ... ولكن لعمري ما لديه رجالُ ثلاثون ألفًا منهم غلبتهم ... ثلاثة ألفٍ إن ذا المحال انهزام المُعز للمرة الثانية: ثم جمع المُعز سبعة وعشرين ألف فارس، وسار يوم عيد النحر، وهجم على العرب بغتة، فانسكر أيضًا، وقُتِلَ من جنده عالم عظيم، وكانت العرب يومئذٍ سبعة آلاف. وثبت المُعز ثباتًا لم يُعهد بمثله، ثم ساق على حميّة. وحاصرت العربُ القيروان، وانجفل الناس في المهديّة لعجزهم. وشرعت العرب في هدم الحصون، وقطع الْأشجار، وإفساد المياه. وعمَّ البلاء، وانتقل المُعز إلى المهديّة، فالتقاه ابنه تميم واليها4. انتهاب القيروان: وفي سنة تسع وأربعين نهبت العرب القيروان5.

_ 1 الكزاغندات: هي أردية محشوة من القطن أو الحرير يتدرع بها في الحرب. 2 المغافر: الخوذات الواقية للرأس. 3 إتعاظ الحنفا "2/ 214، 215". 4 دول الإسلام "1/ 262". 5 تاريخ ابن خلدون "6/ 159".

انهزام زناتة أمام بلكين: وفي سنة خمسين خرج بُلُكِّين ومعه العرب لحرب زناتة، فقاتلهم فانهزمت زناتة وقُتِلَ منهم خلق. قتل أهل نقيوس للعرب: وفي سنة ثلاث وخمسين قَتَل أهل نقيوس1 من العرب مائتين وخمسين رجلًا، وسبب ذلك أنَّ العرب دخلت المدينة تتسوَّق فقتل رجل من العرب رجلًا محتشمًا مقدَّمًا؛ لكونه سمعه يُثني على ابن باديس، فغضب له أهل البلد، وقتلوا في العرب وهم على غفلة. نقصان النيل وتزايد الغلاء والوباء: وقال المختار بن بطلان: نقص النيل في هذه السنة، وتزايد الغلاء، وتبعه وباء شديد، وعَظُم الوباء في سنة سبع وأربعين2. تكفين السلطان ثمانين ألف نفس: ثم ذكر أنَّ السلطان كفَّن من ماله ثمانين ألف نفس، وأنه هلك ثمانمائة قائد، وحصل للسلطان من المواريث مال جليل. تخريب الْأعراب سواد العراق: وفيها عاثت الْأعراب وأخربوا أكثر سواد العراق، ونهبوا، وذلك لاضطراب الْأمور وانحلال الدولة. استيلاء طغرلبك على أذربيجان: وفيها استولى طغرلبك على أذربيجان بالصُلح، وسار بجيوشه فسبى من الروم وغَنِمَ وغزا3.

_ 1 نقيوس: قرية بين الفسطاط والإسكندرية "معجم البلدان "5/ 303". 2 اتعاظ الحنفا "2/ 226". 3 الكامل في التاريخ "9/ 598، 599"، والبداية والنهاية "12/ 65".

أحداث سنة سبع وأربعين وأربعمائة

أحداث سنة سبع وأربعين وأربعمائة: استيلاء أعوان الملك الرحيم على شيراز: فيها استولى أعوان الملك الرحيم على شيراز بعد حصار طويل وبلاء شديد من القحط والوباء، حتّى قيل: لم يبق بها إِلَّا نحو ألف إنسان، فما أمهله اللَّه في الملك بعدها1. ابتداء الدولة السلجوقية: وفيها كان ابتداء الدولة السلجوقية بالعراق، وكان من قصة ذلك أنَّ أبا المظفَّر أبا الحارث أرسلان التركي المعروف بالبساسيري كان قد عظُم شأنه بالعراق، واستفحل أمره، وبعُد صيته، وعظُمت هيْبته في النفوس، وخُطِبَ له على المنابر، وصار هو الكل، ولم يبق للملك الرَّحيم بن بُوَيْه معه إِلَّا مجرَّد الاسم2. ثم إنهُ بلغ أمير المؤمنين القائم أنَّ البساسيريّ قد عزم على نهب دار الخلافة والقبض على الخليفة، فكاتب الخليفةُ القائمُ السلطان طغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق يستنجد به، ويعده بالسلطنة، ويحضُّه على القدوم3. وكان طغرلبك بالريّ، وكان قد استولى على الممالك الخراسانية وغيرها. وكان البساسيري يومئذٍ بواسط ومعه أصحابه، ففارقه طائفه منهم ورجعوا إلى بغداد، فوثبوا على دار البساسيري فنهبوها وأحرقوها، وذلك برأي رئيس الرؤساء وسعيه. ثم اتجه عند القائم بأنه يكاتب المصريين، وكاتب الملك الرحيم يأمره بإبعاد البساسيري فأبعده، وكانت هذه الحركة من أعظم الأسباب في استيلاء طغرلبك على العراق. فقَدِمَ السلطان طغرلبك في شهر رمضان بجيوشه، فذهب البساسيري من العراق وقصد الشام، ووصل إلى الرحبة، وكاتب المستنصر باللَّه العُبيْديّ الشيعي صاحب مصر، واستولى على الرحبة للمستنصر بها، فأمدَّه المستنصر بالأموال4.

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 605". 2 دول الإسلام "1/ 263"، وتاريخ الخلفاء "417". 3 البداية والنهاية "12/ 66". 4 ذيل تاريخ دمشق "87".

وأمَّا بغداد فخُطِب بها للسلطان طغرلبك بعد القائم، ثم ذُكر بعده الملك الرحيم، وذلك بشفاعة القائم فيه إلى السلطان. انقراض بني بويه: ثُمّ إنَّ السلطان قبض على الملك الرحيم بعد أيّام، وقُطعت خطبته في سلخ رمضان، وانقرضت دولة بني بويه1، وكانت مدته مائة وسبعًا وعشرين سنة. وقامت دولة بني سلجوق، فسبحان مُبدئ الْأمم ومُبيدها، ومردي المُلوك ومُعيدها. ودخل طغرلبك بغداد في تجمُّلٍ عظيم، وكان يومًا مشهودًا، دخل معه ثمانية عشر فيلا، ونزل بدار المملكة2. وكان قدومه على صورة غريبة، وذلك أنَّه أتى من غزو الرّوم إلى همذان، فأظهر أنّه يريد الحج، وإصلاح طريق مكّة، والمُضيّ إلى الشام من الحج ليأخذها ويأخذ مصر، ويُزيل دولة الشّيعة عنها، فراج هذا على عموم الناس. وكان رئيس الرؤساء يُؤْثِر تملّكه وزوال دولة بني بُوَيْه، فقدِم الملك الرحيم من واسط، وراسلوا طغرلبك بالطاعة. وفاة ذخيرة الدين: وفيها توفِّي ذخيرة الدّين وليّ العهد، أبو العبّاس محمد ابن أمير المؤمنين القائم، فعظُمت على القائم الرزيّة بوفاته، فإنه كان عضُده، وخلَّف ولدًا، وهو الذي ولي الخلافة بعد القائم، ولُقِّبَ بالمُقتدي باللَّه3. عيْث جيوش طغرلبك بالسواد: وفيها عاثت جيوش طغرلبك بالسواد، ونهبت وفتكت، حتّى أبيع الثور بعشرة دراهم، والحمار بدرهمين4.

_ 1 دول الإسلام "1/ 263"، والمنتظم "8/ 164". 2 المنتظم "8/ 165"، والكامل في التاريخ "9/ 610". 3 الكامل في التاريخ "9/ 615"، والبداية والنهاية "12/ 67". 4 البداية والنهاية "12/ 67".

الفتنة ببغداد: وجرت ببغداد فتنة عظيمة قُتِلَ فيها خلْق، وبسببها قُبِضَ على الملك الرّحيم وسُجِنَ في قلعة1. ثورة الحنابلة ببغداد: وفيها ثارت الحنابلة ببغداد ومقدمهم أبو يعلى، وابن التميمي، وأنكروا الجهر بالبسملة، ومنعوا من الْجَهْر والترجيع في الْأذان والقُنُوت، ونهوا إمام مسجد باب الشعير عن الجهر بالبسملة، فأخرج مُصحفًا وقال: أزيلوها من المُصْحَف حتّى لَا أتلوها2. موت الملك الرحيم بالحبس: وبقي الملك الرحيم محبوسًا إلى أن مات سنة خمسين وأربعمائة بقلعة الري3، سامحه الله.

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 612". 2 البداية والنهاية "12/ 66". 3 الكامل في التاريخ "9/ 650".

أحداث سنة ثمان وأربعين وأربعمائة

أحداث سنة ثمان وأربعين وأربعمائة: زواج القائم بأمر اللَّه: فيها تزوَّج الخليفة القائم بأمر اللَّه بخديجة أخت السلطان طغرلبك. وقيل: خديجة بنت داود أخي طغرلبك1. وكان الصّداق مائة ألف دينار2. محاصرة تكريت: وفيها سار السلطان بالجيش وآلات الحصار والمجانيق قاصدًا الموصل، فنازل تكريت وحاصرها.

_ 1 شذرات الذهب "3/ 277"، والبداية والنهاية "12/ 67". 2 المنتظم "8/ 169، 170".

الخطبة للعُبيدي بالكوفة وواسط: وفيها وقعت فتنٌ كِبار بالعراق، وذلك بتأليب البساسيري ومكاتباته. وحاصل الْأمر أنَّ الكوفة وواسط وغيرهما خُطِبَ بها لصاحب مصر المستنصر باللَّه العُبَيْديّ، وسُرَّت الرافضة بذلك سرورًا زائدًا1. القحط والوباء بديار مصر: وفيها كان القحط شديدًا بديار مصر، وشأنه يتجاوز الحد والوصف. وأمْر الوباء عظيم؛ بحيث أنّه ورد كتاب -فيما قيل- من مصر بأنَّ ثلاثة من اللصوص نقبوا دارًا ودخلوا، فوجدوا عند الصباح موتى، أحدهم على باب النقب، والَآخر على رأس الدرجة، والثالث في الدار2. عام الجوع الكبير بالَأندلس: وفيها كان القحط العظيم بالَأندلس والوباء. ومات الخلق بإشبيلية، بحيث إنَّ المساجد بقيت مُغلقة ما لها من يصلي بها، ويسمَّى عام الجوع الكبير3. الخطبة للمستنصر بالموصل: وفيها خطب قريش بن بدران بالموصل للمُستنصِر4. وقويت شوكة البساسيري. وصول الخُلَع من مصر لنور الدولة: وجاءت الخُلَع والتقاليد من مصر لنور الدولة دُبيس بن مزيد الْأسدي، وهو أمير عرب الفُرات، ولقُريش، وغيرهما5. إضرار عسكر طغرلبك بأهل العراق: وعمَّ الخلْقَ الضَّرر بالعراق بعسكر طغرلبك، وفعلوا كل قبيح. فسار بهم نحو الموصل وديار بكر، فأطاعوه بها6.

_ 1 دول الإسلام "1/ 263". 2 أخبار مصر لابن ميسر "2/ 7"، والكامل في التاريخ "9/ 631". 3 البداية والنهاية "12/ 68". 4 العبر "3/ 215". 5 العبر "3/ 215". 6 البداية والنهاية "12/ 69".

أحداث سنة تسع وأربعين وأربعمائة

أحداث سنة تسع وأربعين وأربعمائة: خلعة القائم بأمر الله على طغربك بالعهد: فيها خلع القائم بأمر اللَّه على السلطان طغرلبك السلجوقي سبع خِلَع وسوّره وطوّقه وتوّجه1، وكتب له عهدًا مُطلقًا بما وراء بابه، واستوسق مُلكه، ولم يبق له منازع بالعراق ولا بخراسان. مخاطبة الخليفة بملك المشرق والمغرب: وفيها سلّم طغرلبك الموصل إلى أخيه إبراهيم ينال، وعاد إلى بغداد، فلم يكن جنده من النزول في دور الناس، ولمَّا شافهه الخليفة بالسلطنة خاطبه بملك المشرق والمغرب. ومن جملة تقدمته للخليفة خمسون ألف دينار، وخمسون مملوكًا من التُّرك الخاص بخيلهم وسلاحهم وعدّتهم، إلى غير ذلك من النّفائس2. تسليم حَلب لنواب المُستنصر: وفيها سلَّم الْأمير مُعز ثمال بن صالح بن مرادس حلب إلى نواب المُستنصِر صاحب مصر، وذلك لعجزه عن حفظها، وذلك في ذي القعدة3. الجهد والجوع ببغداد: وفيها كان الْجَهدْ والجوع ببغداد، حتّى أكلوا الكلاب والجِيَف، وعظم الوباء،

_ 1 العبر "3/ 218". 2 المنتظم "8/ 181". 3 ذيل تاريخ دمشق "86"، والعبر "3/ 218".

فكانوا يحفرون الحفائر ويُلقون فيها الموتى ويَطُمُّونهم1. الفناء الكبير ببخارى وسمرقند: وأمَّا بُخارى وسَمَرْقنْد وتلك الديار، فكان الوباء بها لَا يُحَدُّ ولا يوصَف، بل يستَحَى من ذِكره، حتّى قيل: إنه مات ببُخارى وأعمالها في الوباء ألف ألف وستمائة ألف نسمة2.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 70"، وشذرات الذهب "3/ 279". 2 الكامل في التاريخ "9/ 637"، ودول الإسلام "1/ 264".

أحداث سنة خمسين وأربعمائة

أحداث سنة خمسين وأربعمائة: خلع القائم بأمر اللَّه، والخطبة للمستنصر بالعراق: فيها خُطِبَ للمستنصر باللَّه العُبيْديّ على منابر العراق1، وخُلِع القائم بأمر اللَّه. وكان من قصة ذلك أنَّ السّلطان طغرلبك اشتغل بحصار تلك النواحي ونازل الموصل، ثم توجه إلى نصيبين لفتح الجزيرة وتمهيدها، وراسل البساسيريُّ إبراهيم ينال أخا السُّلطان يعِدهُ ويمنِّيه ويطمِّعه في المُلك، فأصغى إليه وخالف أخاه، وساق في طائفةٍ من العسكر إلى الرّيّ. فانزعج السُّلطان وسار وراءه، وترك بعض العسكر بديار بكر مع زوجته ووزيره عميد المُلْك الكُنْدُريّ2 وربيبه أنوشروان. فتفرَّقت العساكر، وعادت زوجته الخاتون بالعسكر إلى بغداد3. وأمَّا السلطان فالتقى هو وأخوه فظَهَر عليه أخوه، فدخل السّلطان همدان، فنازله أخوه وحاصره، فعزمت على إنجاد زوجها، واختبطت بغداد، واستفحل البلاء، وقامت الفتنة على ساق، وتمَّ للبساسيريّ ما دبَّرَ من المكر، وأرجف الناس بمجيء البساسيري إلى بغدد، ونفر الوزير الكُندري وأنوشروان إلى الجانب الغربيّ

_ 1 أخبار مصر لابن ميسر "2/ 10"، وتاريخ الخلفاء "418". 2 الكندي: نسبة إلى بيع الكندر الذي يمضغه الإنسان "اللباب". 3 البداية والنهاية "12/ 76"، والنجوم الزاهرة "5/ 5".

وقطَعَا الجسر، ونهبت الغّزّ دار الخاتون، وأكل القويُّ الضعيف، وجرت أمور هائلة1. دخول البساسيري بغداد: ثم دخل البساسيريّ بغداد في ثامن ذي القعدة بالرايات المستنصريّة، عليها ألقاب المستنصر، فمال إليه أهلُ باب الكرْخ وفرحوا به، وتشفَّوا بأهل السُّنة، وشمخت أنوف المُنافقين، وأعلنوا بالَأذان بحيَّ على خير العمل2. واجتمع خلْقُ من أهل السنَّة إلى القائم بأمر اللَّه، وقاتلوا معه. ونشبت الحرب بين الفريقين في السُّفن أربعة أيّام، وخُطِب يوم الجمعة ثالث عشر ذي القعدة ببغداد للمُستنصر العُبيْديّ بجامع المنصور3، وأذَّنوا بحيَّ على خير العمل. وعُقد الْجِسر، وعبرت عساكر البساسيري إلى الجانب الشرقي، فخندق القائم على نفسه حول داره، وحوّل نهر المُعَلّى، وأحرقت الغَوغاء نهر المُعَلّى ونُهِب ما فيه4. وقوي البساسيريّ، وتقلّل عن القائم أكثر الناس، فاستجار بقُريش بن بدران أمير العرب، وكان مع البساسيريّ، فأجاره ومن معه، وأخرجه إلى مخيّمه. القبض على وزير القائم وموته: وقبض البساسيري على وزير القائم رئيس الرؤساء أبي القاسم ابن المسلمة، وقيّده وشهَّره على جملٍ عليه طرطور وعباءة، وجعل في رقبته قلائد كالمسخرة، وطِيفَ به في الشوارع وخلفه من يصفعه، ثُمَّ سُلِخ لهُ ثور وأُلبِس جلده، وضُبِط عليه، وجعلت قرون الثور بجلدها في رأسه. ثُمَّ علِّق على خشبة وعُمِلَ في فكيه كلوبين، فلم يزل يضطرب حتى مات -رحمه الله5.

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 640"، والبداية والنهاية "12/ 77". 2 المنتظم "8/ 191"، والكامل في التاريخ "9/ 641". 3 الكامل في التاريخ "9/ 641"، واتعاظ الحنفا "2/ 252". 4 النجوم الزاهرة "5/ 6". 5 الكامل في التاريخ "9/ 644"، والبداية والنهاية "12/ 77، 78".

انتهاب دار الخلافة: ونصب القائم خيمةُ صغيرة بالجانب الشرقيّ في المُعسكر، ونهبت العامَّة دار الخلافة، وأخذوا منها ما لا يُحْصَى ولا يوصَف1. انقطاع الخطبة العبّاسية بالعراق: فلمَّا كان يوم الجمعة رابع ذي الحجّة لم تصلَّ الجمعة بجامع الخليفة، وخُطَب بسائر الجوامع للمُستنصَر، وقُطِعَت الخطبة العبّاسية بالعراق2. اعتقال القائم بأمر اللَّه: ثُمّ حُمِلَ القائم بأمر اللَّه إلى حديثة عانة، فاعتُقِلَ بها وسُلِّمَ إلى صاحبها مُهارش، وذلك لأنَّ البساسيريّ وقُريش بن بدران اختلفا في أمره، ثم وقع اتفاقهما على أن يكون عند مهارش إلى أن يتّفِقا على ما يفعلان به3. البيعة للمُستنصر: ثم جمع البساسيريّ القُضاة والَأشراف، وأخذ عليهم البيعة للمستنصر صاحب مصر، فبايعوا قهرًا4، فلا حول ولا قوّة إِلَّا باللَّه. رواية ابن الْأثير عن قصد البساسيري الموصِل: وقال عز الدين بن الْأثير في تاريخه5: إنَّ إبراهيم ينال كان أخوه السلطان طغرلبك قد ولَّاه الموصَل عام أول، وأنّه في سنة خمسين فارق الموصِل ورحل نحو بلاد الجبل، فنَسَبَ السُلطان رحيله إلى العصيان، فبعث وراءه رسولًا معه الفرجيّة الّتي خلعها عليه الخليفة، فلمَّا فارق الموصِل قصدها البساسيريّ وقريش بن بدران وحاصراها، فأخذ البلد ليومه، وبقيت القلعة فحاصراها أربعة أشهُر، حتى أكل أهلها

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 643"، والنجوم الزاهرة "5/ 7". 2 الجوهر الثمين "194". 3 المنتظم "8/ 194". 4 النجوم الزاهرة "5/ 7". 5 الكامل في التاريخ "9/ 639".

دوابَّهم، ثُمّ سلَّموها بالَأمان، فهدمها البساسيريّ وعفى أثرها1. وصار طغرلبك جريدةً في ألفين إلى الموصل، فوجد البساسيري وقريشًا قد فارقاها، فساق وراءهم، ففارقه أخوه وطلب همذان، فوصلها في رمضان. قال: وقد قيل: إنَّ المصريين كاتبوه، وأنَّ البساسيري استماله وأطعمه في السَّلْطَنة، فسار طغرلبك في أثره2. قال: وأمَّا البساسيري فوصل إلى بغداد في ثامن ذي القعدة ومعه أربعمائة فارس على غاية الضر والفَقْر، فنزل بمُشرعة الرّوايا، ونزل قريش في مائتي فارس عند مُشْرعة باب البصرة3. ومالت العامة إلى البساسيري، أمّا الشّيعة فللمذهب، وأمّا السُّنة فلِما فعل بهم الْأتراك4. وكان رئيس الرؤساء لقلّة معرفته بالحرب، ولِما عنده من البساسيريّ، يرى المبادرة إلى الحرب، فاتّفقّ أنّ في بعض الأيّام التي تحاربوا فيها حضر القاضي الهمذانيّ عند رئيس الرؤساء، ثم استأذن في الحرب وضَمِنَ له قتل البساسيريّ من غير أن يعلم عميد العراق. وكان رأي عميد العراق المطاولة، رجاء أن ينجدهم طغرلبك. فخرج الهمذاني بالهاشميين والخَدَم والعوامّ إلى الحلبة وأبعدوا، والبساسيريّ يستجرّهم، فلمَّا أبعدوا حَمَل عليهم، فانهزموا وقُتِلَ جماعة، وهلك آخرون في الزحمة، ووقع النهب بباب الْأزْج5. وكان رئيس الرؤساء واقفًا، فدخل داره، وهرب كل من في الحريم، ولطم العميد على وجهه كيف استبدَّ رئيس الرؤساء بالَأمر، ولا معرفة له بالحرب، فاستدعى الخليفة عميد العراق وأمره بالقتال على سور الحريم، فلم يرعهم إلّا والزعقات، وقد نهب

_ 1 النجوم الزاهرة "5/ 7، 8". 2 الكامل في التاريخ "9/ 639، 640". 3 البداية والنهاية "12/ 77". 4 النجوم الزاهرة "5/ 8". 5 الكامل في التاريخ "9/ 641، 642".

الحريم، ودخلوا من باب النُّوبي، فركب الخليفة لابسًا السواد، وعلى كتفه البردة، وعلى رأسه اللواء، وبيده سيف، وحوله زمرة من العبّاسيين والخدم بالسيوف المسلولة1، فرأى النهب إلى باب الفردوس من داره، فرجع إلى ورائه نحو عميد العراق، فوجده قد استأمن إلى قريش، فعاد وصعد إلى المَنْظَرة، وصاح رئيس الرؤساء: يا علم الدين -يعني قريشًا- أمير المؤمنين يستدنيك، فدنا منه، فقال: قد أنالك اللَّه منزِلةً لم يُنَلها أمثالك، أمير المؤمنين يستذمُّ منك على نفسه وأصحابه بذِمام اللَّه وذِمام رسوله وذِمام العربيّة. قال: نعم. وخلع قَلَنْسُوَتَهُ فأعطاها للخليفة، وأعطى رئيس الرؤساء مِخصرةً ذِمامًا، فنزل إليه الخليفة ورئيس الرؤساء وسارا معه2. فأرسل إليه البساسيريّ: أتُخالِفُ ما استقرَّ بيننا؟ فقال قريش: لَا. ثُمَّ اتفقا على أن يُسلَّم إليه رئيس الرؤساء ويترك الخليفة عنده، فسلَّمه إليه، فلما مَثُلَ بين يديه قال: مرحبًا بمهلك الدول ومُخرّب البلاد. فقال: العفو عند المقدرة. قال: قد قدرت أنت فما عَفَوْت، وأنت صاحب طيلسان، وركبت الْأفعال الشنيعة مع حُرَمي وأطفالي، فيكف أعفو أنا، وأنا صاحب سيف؟ وأمَّا الخليفة فحمله قريش إلى مخيّمه، وعليه البُرْدة وبيده السيف، وعلى رأسه اللِّواء، وأنزله في خيمه، وسلّم زوجته بنت أخي السلطان طغرلبك إلى أبي عبد اللَّه بن جردة ليقوم بخدمتها. ونُهِبت دار الخلافة وحريمها أيّامًا3. وسلّم قريش الخليفة إلى ابن عمِّه مهارش بن مجلّي، وهو دينٌ ذو مروءة، فحمله في هودج وسار به إلى حديثة عانة، فنزل بها4. وسار حاشية الخليفة على حامية إلى السلطان طغرلبك مستنفرين له. ولمَّا وصل الخليفة إلى الأنبار شكى البرد، فبعث يطلب من متوليها ما يلبس،

_ 1 البداية والنهاية "12/ 77". 2 الإنباء "193". 3 الكامل في التاريخ "9/ 643". 4 ذيل تاريخ دمشق "89"، والنجوم الزاهرة "5/ 10".

فأرسل إليه جُبَّة ولحافًا. وركب البساسيري يوم الْأضحى، وعلى رأسه الْألوية المصريّة، وعبر إلى المصلَّى بالجانب الشرقي، وأحسن إلى النّاس، وأجرى الجرايات على الفقهاء، ولم يتعصَّب لمذهب، وأفرد لوالدة الخليفة دارًا وراتبًا، وكانت قد قاربت التسعين. صلب رئيس الرؤساء: وفي آخر ذي الحجّة أخرج رئيس الرؤساء مقيّدًا وعليه طرطور، وفي رقبته مخنقة جلود، وهو يقرأ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْك} [آل عمران: 26] . فبصق أهل الكرخ في وجهه؛ لَأنه كان يتعصَّب للسُّنة، ثُمَّ صُلِبَ كما تقدَّم1. مقتل عميد العراق: وأمَّا عميد العراق فقتله البساسيريّ أيضًا، وكان شُجاعًا شَهْمًا، فيه فُتُوّة، وهو الذي بنى رباط شيخ الشيوخ2. ذم الوزير المغربي لِفِعل البساسيريّ: ثُمّ بعث البساسيريّ بالبشارة إلى مصر، وكان وزيرها الفرج ابن أخي أبي القاسم المغربي، وهو ممن هرب من البساسيري، فذمّ فِعْله، وخوّف من سوء عاقبته، فتُرِكت أجوبته مُدّة، ثمّ عادت بغير الذي أمله. وسار البساسيري إلى واسط والبصرة فملكها، وخطب لها للمصريين3. اهتمام طغرلبك بإعادة الخليفة: وأمّا طغرلبك فإنه انتصر على أخيه وقتله4، وكرَّ راجعًا إلى العراق، ليس له هَمٌّ إِلَّا إعادة الخليفة إلى رتبته وعزه5.

_ 1 النجوم الزاهرة "5/ 11". 2 الكامل في التاريخ "9/ 644". 3 المختصر في البشر "2/ 178". 4 المنتظم "8/ 197". 5 الكامل في التاريخ "9/ 646".

إحصاء ما وصل للبساسيري من المصريين: وحكى الحسن بن محمد القيلوليّ في تاريخه أنَّ الذي وصل إلى البساسيريّ من جهة المصريين من المال خمسمائة ألف دينار، ومن الثياب ما قيمته مثل ذلك، وخمسمائة فَرَس، وعشرة آلاف قوس، ومن السيوف ألوف، ومن الرِّماح والنِّشاب شيء كثير. وصل كل ذلك إليه إلى الرحبة1. إمرة ناصر الدولة بن حمدان على دمشق: وفيها قدم على إمرة دمشق الْأمير ناصر الدولة، وسيفها أبو محمد الحسين بن حمدان دفعة ثانية في رجب2. والله أعلم. آخر حوادث هذه المجلدة، وعلقتها من خط مؤلفها الحافظ العلامة شمس الدين الذهبي

_ 1 النجوم الزاهرة "5/ 11، 12". 2 ذيل تاريخ دمشق "86"، وأمراء دمشق في الإسلام "27".

وفيات الطبقة الخامسة والأربعون

بسم الله الرحمن الرحيم وفيات الطبقة الخامسة والأربعون: وفيات سنة إحدى وأربعين وأربعمائة: حرف الْألف: 1- أَحْمَد بْن حمزة بْن مُحَمَّد بْن حمزة1، أبو إسماعيل الهرويّ الحدّاد، الصوفيّ، الملقَّب بعُّمَويّه. كان كبير الصُّوفيّة بهَرَاة، سافر الكثير ولقي المشايخ. وسمع بدمشق من عبد الوهاب الكلابيّ، وببعلبك الحسن بن عبد اللَّه بن سعيد الكِنْديّ، وبهرَاةَ أبا معاذ الهَرَويّ وجماعة. روى عنه: خَلَف بن أبي بِشْر القُهُنْدزيّ2، ومسعود بن ناصر السِّجْزيّ، وجماعة. توفيّ في رجب، وقد جاوز التّسعين. 2- أَحْمَد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن أَبِي نصر قاسم التميمي3. أبو عليّ الدّمشقيّ المُعدّل، ولد الشّيخ العفيف. حدّث عن: يوسف المَيَانجيّ، وأبي سليمان محمد بن عبد اللَّه بن زَبْر، وعبد المحسن الصفّار، وغيرهم. روى عنه: الكتّّاني، وأبو الوليد الدّربَنْديّ، ونجا العطّار، وسهل بن بِشْر الْإِسْفرائينيّ، ومحمد بن الحسين الحنّائيّ، والحسن بن سعيد العطّار. قال الكتّاني: توفِّي شيخنا أبو عليّ في شعبان، وكان ثقة مأمونّا صاحب أصول لم أر أحسن منها، وكان سماعه وسماع أخيه بخطّ والدهما، وكانت له جنازة عظيمة حضرها أمير البلد.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 59، 60". 2 القهندري: نسبة إلى قهندز بخارى بلاد شتَّى الأنساب "10/ 274". 3 سير أعلام النبلاء "17/ 649".

3- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن خُرجة. القاضي العلَّامة أبو عبد اللَّه النهاونديّ. سمع من: عليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ، وغيره. روى عنه: العفيف محمد بن المظفّر، وأبو القاسم عُبَيْد اللَّه بن محمد بن خُرْجة، وأخوه الخطيب أبو محمد الحسن، ومحمد بن عزّ، والنهاونديّون. سمعوا منه في هذا العام، ولا أدري متى مات. 4- أَحْمَد بن عمر بن أحمد البرمكي1. البغداديّ، أخو أبي إسحاق. سمع: أبا حفص بن شاهين، قال الخطيب2: كتبت عنه، وكان صدوقًا. مات في جُمَادَى الْآخرة. 5- أَحْمَد بن محمد بن أحمد بن منصور3، أبو الحسن العَتيَقِيّ4 المجهِز5، بغداديّ مشهور. سمع: علي بن محمد بن سعيد الرّزّاز، وأبا الحسن بن لؤلؤ، وإسحاق بن سعد، وأبا بكر الأبهري، وأبا الفضل الزُّهْريّ، والحسين بن أَحْمَد بن فهد الموصِليّ، ومحمد بن سُفيان، وتمَّام بن محمد الرّازيّ الدمشقيّ، وأبا الحسين بن المُظفّر، وطائفة كبيرة. روى عنه: ابنه أبو غالب محمد، وأبو عبد اللَّه بن أبي الحديد، وعبد المحسن بن محمد الشّيحيّ، وأبو القاسم ابن أبي العلاء، وخلقٌ كثير، آخرهم أبو عليّ محمد بن محمد بن المهدي.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 295، 296"، وطبقات الحنابلة "2/ 190". 2 في تاريخه. 3 تاريخ دمشق "7/ 173-176"، وسير أعلام النبلاء "17/ 602"، والبداية والنهاية "12/ 60". 4 العتيقي: نسبة إلى عتيق، وهو اسم لبعض أجداده "الأنساب 8/ 393". 5 المجهز: نسبة لمن يحمل مال البحار من بلد إلى بلد، ويسلمه إلى شريكه، ويرد مثله إليه.

وقال الخطيب1: كان صدوقًا، وُلِدَ في أول سنة سبع وستين وثلاثمائة، وذكر لي أنَّ بعض أجداده كان يسمَّى عتيقًا، وإليه يُنْسَب. وقال ابن ماكولا2: قال لي شيخنا العتيقيّ: إنّه رُوَيّاني الأصل. خرَّج على الصحيحين، وكان ثقة متقنًا يفهم ما عنده، وكان الخطيب ربّمّا دلَّسه يقول: أنبا أحمد بن أبي جعفر القطيعي. قال الخطيب: توفِّي في صفر3. 6- أَحْمَد بن المظفَّر بن أَحْمَد بن يزداد4. أبو الحسن الواسطيّ العطّار. روى عن: أبي محمد بن السقّاء "مُسْنَد مُسدَّد". رواه عنه: أبو نُعيْم محمد بن إبراهيم الْجُمّاري. توفِّي فِي شعبان. 7- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن زكريّا بن زكريّا بن مفرّج بن يحيى بْن زياد بْن عَبْد اللَّه بْن خالد بن سعد بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ5. أَبُو الْقَاسِمِ الزُّهْريّ الْإِفليليّ ثُمّ القُرْطُبيّ، وإفليل التي والده منها قرية من قرى الشّام. روى عن: أبيه، وأبي عيسى اللَّيْثيّ، وأبي محمد الفاسي، وأبي زكريا من عائذ، وأبي بكر الزُّبيديّ، وأحمد بن أبّان بن سيّد، وجماعة. ولي الوزارة للمستكفي باللَّه، وكان حافظًا للغة والأشعار، قائمًا عليها، لا سيما شِعر أبي تمّام، وأبي الطيّب المُتَنبيّ. وكان ذاكرًا للأخبار وأيام الناس، وبارعًا في اللغة، صادق اللهجة.

_ 1 في تاريخه "4/ 379". 2 في الإكمال "7/ 150". 3 تاريخ بغداد "4/ 379". 4 العبر "3/ 195". 5 الصلة لابن بشكوال "1/ 93"، وشذرات الذهب "3/ 266".

ولد في شوال سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. روى عنه: أبو مروان الطبني، وأبو سراج، وآخرون. وأقرأ الْأدب مُدّة. وله مصنَّف في "شرح معاني شعر المُتنبّي"، وغير ذلك. وتوفِّي في ذي القعدة بقُرطُبة. حرف الباء: 8- بِشْروَيْه بن محمد بن إبراهيم. الرئيس أبو نُعَيْم الْجُرْجانيّ الزاهد. سمع من: بِشْر بن أَحْمَد الْإِسْفَرائينيّ. وأجاز له إسماعيل بن نُجيد، وتُوُفّي في ربيع الأوّل بنيسابور. حرف الحاء: 9- الحسين بن يعقوب: أبو عبد اللَّه بن الدبّاس الواسطيّ، الملقَّب بجدَيرة -بالجيم. سمع: أبا حفص الكتّانيّ، والمخلّص، وأحمد بن عُبَيْد بن بيْريّ، وابن جَهْضم، وجماعة. سمع منه: عليّ بن محمد الجلّابيّ، وورَّخه. 10- الحسين بن عُقْبَةَ1: أبو عبد اللَّه البصْريّ الضّرير. من أعيان الشّيعة. قرأ على الشريف المُرتضى كتاب الذّخيرة وحَفِظَه، وله سبع عشرة سنة، وكان من أذكياء بني آدم، وَرَدَ أنّه قال: أقدر أحكي مجالس المرتضى وما جرى فيها من أول يوم حضرتُها. ثم يسردها مجلسًا مجلسًا، والناس يتعجَّبون.

_ 1 لسان الميزان "2/ 299".

حرف الرّاء: 11- رفق المستنصريّ1: أمير دمشق عدّة الدولة. ولي إمرة دمشق سنة إحدى وأربعين بعد طارق المستنصريّ، وعُزِلَ بعد أيّام، وولي إمرة حلب. حرف العين: 12- الملك العزيز2: أبو منصور خسرو فيروز ابن الملك جلال الدولة أبي طاهر فيروز ابن الملك بهاء الدولة خرة فيروز الديلمي ابن الملك عضد الدولة فناخسرو ابن رُكن الدّين الحسين بن بُوَيَه. وُلِدَ بالبصرة سنة سبع وأربعمائة، وولي إمرة واسط لَأبيه، وبرع في الأدب والَأخبار والعربية، وأكبَّ على اللَّهو والخلاعة. وله شِعرٌ رائق، فمن ذلك وأجاد: وأرقصٍ يستحثُّ الكفَّ بالقدم ... مُسْتَمْلِح الشَّكْل والأعطاف والّشَيمِ يُرى لهُ نَبَرَاتٌ من أنامله ... كأنّها نبضات البرْق في الظُّلَمِ يُراجِعُ الحثّ في الْإِيقاع من طربٍ ... تَرَاجُعَ الرَّجُلِ الفأْفاءِ في الكلِمِ وله: مَنْ ملَّني فلْينأَ عنّي راشدًا ... فمتى عرضتُ لهُ فلستُ براشِدِ ما ضاقت الدُّنيا عليَّ بأسرِها ... حتّى تراني راغبًا في زاهدِ ولمَّا مات أبوه سنة خمس وثلاثين وأربعمائة فارق العزيز واسطًا وأقام عند أمير العرب دُبَيْس بن مَزْيَد، ثمّ توجَّه إلى ديار بكر منتجعًا للملوك، فمات في ربيع الأوّل بميافارقين.

_ 1 أمراء دمشق في الإسلام "34" رقم "109". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 632"، شذرات الذهب "3/ 268".

13- العبّاس بن الفضل بن جعفر بن الفضل بن موسى بن الحسين بن الفُرات: أبو أحمد ابن الوزير، من بيت حشمة ورئاسة بمصر. روى عن: أبي بكر بن إسماعيل المهندس، وغيره. وعنه: الرّازيّ في مشيخته. 14- عبد اللَّه بن إسماعيل بن عبد الرحمن: أبو نصر بن الصّابونيّ النَّيْسابوريّ. سافر للحجِّ فدخل بلاد الروم، وعقد مجلسًا في قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّه} [النساء: 100] الْآيَةُ. فمرض ومات -رحمه اللَّه، وحُمِلَ تابوته إلى نيسابور. 15- عبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم بن محمد بن عوْن اللَّه بن جُدَيْر القُرطُبيّ1: رجل كبير القدْر، طويل العُمر، رحل سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة، فقرأ بمصر على أبي الطيّب بن غلْبُون. ولقي بمكّة الدّينوريّ، وبالقيروان أبا محمد بن أبي زيد. ورجع. وكان فاضلًا ناسكًا، زاهدًا، وَرِعًا، صدوقًا، من بيت علمٍ وشرف. وقد جرِّبت له دعوات مُستجابات، وكان إمام مسجد عبد اللَّه البَلَنْسيّ. توفِّي -رحمه اللَّه- فِي جُمادى الْأولى، عن أربعٍ وثمانين سنة. 16- علي بن أَحْمَد الحاكم: أبو أَحْمَد الْإِستِرَابَاذيّ، توفِّي بسمرقند. 17- عبد الصمد بن أبي نصر المعاصمي البخاريّ: حدَّث عن أبي عمْرو محمد بن محمد بن جابر، وغيره. وروى عنه: القاضي أبو المحاسن الروياني.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 332".

18- علي بن إبراهيم بن نَصرُوَيْه بن سَخْتَام بن هَرْثَمة1: الفقيه أبو الحسن الغزِّيّ السَّمَرْقَنْديّ، الحنفيّ المفتي. رحل ليحجَّ، فحدَّث في الطريق ببغداد، وبدمشق عن: أبيه وأخيه إسحاق، ومحمد بن أحمد بن مت الأشتيخني2، وإبراهيم بن عبد اللَّه الرازي نزيل بُخارى، وأبي سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي، ومنصور ابن نصر الكاغديّ، ومحمد بن يحيى الغيّاثي، وغيرهم. روى عنه: أبو عليّ الْأهوازيّ، وهو أكبر منه، وأبو بكر الخطيب، ومنصور بن عبد الجبّار السمعاني، والفقيه نصر المقدسيّ، وفَيد بن عبد الرحمن الهمذانيّ، وآخر من روى عنه أبو طاهر محمد بن الحسين الحِنائيّ. قال الخطيب3: كان من أهل العلم والتّقدُّم في مذهب أبي حنيفة. قال لي: ولدتُ في شعبان سنة خمسٍ وستين وثلاثمائة، وكان أبي يذكر أنّه من العرب، وأدركه أجَلُهُ في الطريق. قلت: قد حدَّث بدمشق بثلاثة أجزاء مشهورة، وذلك في سنة إحدى وأربعين. 19- علي بن عبد اللَّه بن حسين بن الشبيه4: أبو القاسم العلويّ البغداديّ الناسخ. سمع: محمد بن المظفّر. روى عنه: الخطيب، وقال: كان صدوقًا ديّنًا يورِّق بالَأجرة. 20- عليّ بن عمر بن محمد5: أبو الحسن الحرَّاني، ثُمّ المصريّ الصوَّاف، المعروف بابن حمِّصَة، لم يرو شيئًا سوى "مجلس البطاقة"، لكنَّه تفرَّد به مدّة سنين. وكان آخر من حدَّث عن حمزة الحافظ، سمعه وهو مُراهق، فإنَّ شيخنا الدِّمياطيّ أنبأ أنه سمع ابن رواح قال: أنا السِّلَفيّ قال: قال أبو عبد اللَّه الرّازيّ: سمعنا ابن حِمِّصة يقول: وُلِدت سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 342"، وسير أعلام النبلاء "17/ 604، 605"، وشذرات الذهب "3/ 266". 2 الإشتيخني: نسبة إلى إشتيخن، وهي من قرى السغد بسمرقند "الأنساب 1/ 268". 3 في تاريخه "11/ 342". 4 تاريخ بغداد "12/ 9"، والبداية والنهاية "12/ 10". 5 سير أعلام النبلاء "17/ 601، 602"، وشذرات الذهب "3/ 266".

وبالسند إلى السفلي: أنا أبو صادق، والرّازي قالا: قال لنا أبو الحسن: لمَّا أملى علينا حمزة حديث البطاقة صاح غريب من الحلقة صيحة فاضت نفسه معها، وأنا ممّن حضر جنازته وصلّى عليه. روى عنه: هبة اللَّه بن محمد الشيرازيّ، وأبو النّجيب عبد الغفّار الْأرمويّ1، وأبو العبَّاس أَحْمَد بن إبراهيم الرّازيّ، وولده أبو عبد اللَّه محمد الرّازيّ، وهو آخر أصحابه، وأحمد بن عبد القادر اليوسُفيّ، وأبو صادق مرشد ابن يحيى، وآخرون. وكمان سماعه من حمزة الكِنانيّ في سنة سبعٍ وخمسين وثلاثمائة. وتوفِّي في ثالث رجب، وصلَّى عليه الفقيه أبو محمد عبد اللَّه بن الوليد المالكي. حرف الفاء: 21- فارس بن نصر2: أبو القاسم البغدادي الخبّاز، سمع: أبا الحسين بن سمعون. روى عنه: الخطيب، وقال: كان صدوقًا، ثمّ ذكر وفاته. 22- الفضل بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن محمود: أبو القاسم الثقفيّ الْأصبهانيّ، والد الرئيس. أملى عن: الحسن بن داود الْأصبهاني، وغيره. وسمع بعد السبعين وثلاثمائة. روى عنه: أبو عليّ الحدّاد. حرف القاف: 23- قِرْواش بن مُقَلِّد بْن المُسَيّب بْن رافع العَقِيلي3: الْأمير أَبُو المنيع معتمد الدّولة ابن الْأمير حسام الدّولة أبي حسّان صاحب الموصل.

_ 1 الأرموي: نسبة إلى أرمية، وهي من بلاد أذربيجان "الأنساب "1/ 190". 2 تاريخ بغداد "12/ 391". 3 سير أعلام النبلاء "17/ 633، 634"، والبداية والنهاية "12/ 62".

ذكرنا والده في سنة إحدى وتسعين، وإنَّ قرواشًا وليَ الموصِل بعده، فطالت أيامه، واتَّسعت مملكته، فكان بيده الموصل والمدائن والكوفة وسقي الفرات، وقد خطب في بلاده للحاكم صاحب مصر، ثم رجع عن ذلك وخطب لخليفة الْإِسلام القادر باللَّه. فجهَّز صاحب مصر جيشًا لحربه، ووصلت الغُزّ إلى الموصل ونهبوا دار قِرْواش، وأخذوا له من الذهب مائتي ألف دينار، فاستنجد عليهم بدُبَيْس بن صدقة الْأَسَديّ، واجتمعا على حرب الغزِّ، فنصرا عيهم، وقتلا منهم خلقًا. وكان قِرواش ظريفًا أديبًا شاعرًا نهَّابًا وهَّابًا جوّادًا. ومِن شِعرهِ: مَنْ كان يحمَدُ أو يذمّ مُوَرِّثًّا ... للمال من آبائه وجدوده فأنا امرؤٌ لله أشكر وحده ... شكرًا كثيرًا جالبًا لمزيده لي أشقرٌ ملء العِنانِ مُغَاوِرٌ ... يُعطيك ما يُرْضيك من محموده مهند غضبٌ إذا جرّدْتُهُ ... خلت البروقَ تموج في تجريده وبذا حويتُ المال إِلَّا أنني ... سلطتُ فيه يدي على تبديده1 وكان على سنن العرب، فورد أنّه جمع بين أختين فلاموه، فقال: خبِّروني ما الذي نستعمل من الشَّرع حتّى تتكلّموا في هذا. وقال مرّةً: ما في رقبتي غير دمٍ خمسةٍ أو ستةٍ من العرب قتلْتُهم، فأمَّا الحاضرة فما يعبأ اللَّه بهم2. ثم إنَّه وقع بينه وبين بركة ابن أخيه، فقبض عليه بركة وحبسه، وتلقَّب: زعيم الدّولة، وذلك في سنة إحدى وأربعين هذه، فلم تطُل دولته ومات في أواخر سنة ثلاثٍ وأربعين، فقام بعده أبو المعالي قُريش بن بدران بن مقلّد ابن أخيه، فأوّل ما ملك عمد إلى عمّه قِرواش أخرجه من السجن وقتله صبرًا بين يديه، وذلك في رجب سنة أربعٍ وأربعين. وقيل: بل مات في سجنه، وقوي أمر قريش وعظم شأنه.

_ 1 الأبيات في الكامل في التاريخ "9/ 588". 2 المنتظم "8/ 147"، وفيات الأعيان "5/ 267".

حرف الميم: 24- محمد بن إسحاق بن محمد: القاضي أبو الحسن القُهُستانيّ1، الذي روى مُسند عليّ لمُطيّن في اثني عشر جزءًا بمصر، عن علي بن حسّان الذمميّ، فحدَّث به في هذا العام في ذي الحجّة. وسمعه منه: أبو عبد اللَّه محمد بن أَحْمَد الرازيّ، فهذا الرجل ليس في مشيخة الرّازيّ. وسمعه منه: أبو صادق مرشد المدينيّ، فسمعه السِّلفيّ من مرشد. وقد حدَّث يحيى بن محمد بن أَحْمَد الرّازيّ بالمُسْنَد عن والده، عن القُهُستانيّ. 25- محمد بن أَحْمَد بن عليّ بن حمدان2: الحافظ أبو طاهر، محدِّث مكثِر رحَّال. تخرَّج بالحاكم، وسمع من: زاهر بن أَحْمَد بِسَرْخَس. ومن: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عثمان الطرّازيّ، ومحمد بن عبد اللَّه الجوزقي الحافظ، وطَبقتهما بنَيْسابور. ومن: محمد بن أَحْمَد غُنْجَار البخاري ببُخارى. ومن: أبي سعد الْإِدريسيّ بسَمَرْقَند. ومن: عليّ بن محمد بن الفقيه بالري. ومن: أبي الصَّلْت الْأهوازيّ ببغداد. ومن: عليّ بن أَحْمَد الخُزاعيّ ببُخارى. ومن: أبي الفضل محمد بن الحسين الحدّاديّ بَمْرو. عرفتُ سماعه منهم، من جَمْعِهِ طُرُق "حديث الطير"، ومن جَمْعِهِ مُسند بُهْز بن حكيم، كتبه عَنْه أبو سعْد مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حسين النَّيْسابوريِّ في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.

_ 1 القهستاني والقوهستاني: نسبة إلى قوهستان بنواحي هراة بالعراق وهمذان ونهاوند، وبروجرد وما يتصل بها. "الأنساب "10/ 264". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 1111، 1112"، وسير أعلام النبلاء "17 663، 664".

26- محمد بْن أَحْمَد بْن عيسى بْن عبد اللَّه1: القاضي أبو عبد اللَّه، أبو الفضل السَّعْديّ البغداديّ، الفقيه الشافعيّ، راوي معجم الصّحابة للبَغَويّ، عن ابن بطَّة العُكْبَريّ. سمع: موسى بن محمد بن جعفر السِّمسار، وأبا الفضل عُبْيد اللَّه الزُّهريّ، وأبا بكر بن شاذان، وأبا طاهر المخلّص، وابن بطَّة، ومحمد بن عمر بن زنبور، وأبا الحسن بن الجنديّ ببغداد، وأبا عبد اللَّه الْجُعْفيّ بالكوفة، وابن جُمَيْع بصيداء، وحامد بن إدريس بالموصِل، وأبا مسلم الكاتب بمصر. وسكن مصر وأملى وأفاد، وكان من تلامذة أبي حامد الْإِسْفَرَائِينيّ. وري عنه: سهل بن بشِر الْإِسفرائينيّ، وعليّ بن مكي الأزدي، وأبو نصر الطرايثيثي، ومحمد بن أَحْمَد الرّازيّ، وآخرون2. وقد كتب عنه شيخه الحافظ عبد الغني، ومات قبله بنيّفٍ وثلاثين سنة. توفِّي أبو الفضل السعديّ في شعبان، وقيل: في شوّال، فيحرَّر. 27- مُحَمَّد بْن عَليّ بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن رُحيْم3: أبو عبد اللَّه الصوريّ الحافظ، أحد أعلام الحديث. سمع الحديث على كِبَر، وعُنِيَ به أتمَّ عناية، إلى أن صار فيه رأسًا. سمع: أبا الحسين بن جُمَيْع، وأبا عبد اللَّه بن أبي كامل الْأطرابُلُسيّ، ومحمد بن عبد الصّمد الزّرافيّ، ومحمد ابن جعفر الكلاعيّ، والحافظ عبد الغنيّ بن سعيد المصريّ، وأبا محمد بن النحّاس، وعبد اللَّه بن محمد بن بُنْدار، وطائفة كبيرة بمصر. وتخرَّج بعبد الغنيّ، ثم رحل إلى بغداد فأدرك بها صاحب الصفّار أبا الحسن بن مخلد، وطبقته.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 5، 6"، وشذرات الذهب "3/ 267". 2 تاريخ دمشق "25/ 413". 3 تاريخ بغداد "3/ 103"، والكامل في التاريخ "9/ 561"، وسير أعلام النبلاء "17/ 627-631".

روى عنه: أبو بكر الخطيب، وقاضي العراق أبو عبد الله الدامغاني، وجعفر السرَّاج، والمبارك بن الطيوريّ، وسعد اللَّه بن صاعد الرّحبي، وآخرون. قال: وُلِدت في سنة ست أو سبع وسبعين وثلاثمائة. قال الخطيب1: وكان من أحرص الناس على الحديث وأكثرهم كُتُبًا له، وأحسنهم معرِفةً به، لم يَقدِم علينا أفهم منه لعلم الحديث. وكان دقيق الخطّ، صحيح النقل، حدَّثني أنّه كان يكتب في الوجهة من ثُمْن الكاغد الخُراسانيّ ثمانين سطْرًا. وكان مع كثرة طلبه ضعيف المذهب فيما يسمعه، ربّما كرّر قراءة الحديث الواحد على شيخه مرَّات، وكان -رحمه اللَّه- يسرد الصَّوم لَا يُفطِر إِلَّا في الْأعياد. وذكر لي أنَّ عبد الغنيّ كتب عنه أشياء في تصانيفه، وصرَّح باسمه في بعضها، وقال في بعضها: حدثني الورد ابن عليّ. قال الخطيب: وكان صدوقًا، كتب عنِّي وكتبت عنه، ولم يزل في بغداد حتّى توفِّي بها في جُمَادى الْآخرة، وقد نيّفَ على السِّتين. وذكره أبو الوليد الباجيّ فقال: الصوريُّ أحفظ من رأيناه. وقال غيث بن عليّ الْأرمنازيّ: رأيت جماعة من أهل العلم يقولون: ما رأينا أحفظ من الصُّوريّ. وقال عبد المحسن البغداديّ الشيميّ: ما رأينا مثله، كان كأنّه شُعْلة نارٍ بلسانٍ كالحسام القاطع2. وقال السِّلفيّ: كتب الصُّوريّ صحيح البُخاريّ في سبعة أطباقٍ من الورق البغدادي، ولم يكن له سوى عينٍ واحدة. قال: وذكر أبو الوليد الباجيّ في كتاب فِرق الفُقهاء قال: حدَّثني أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عليّ الورّاق -وكان ثِقةً متقنًا- أنَّه شاهد أبا عبد اللَّه الصُّوريّ، وكان فيِهِ حُسْنُ خُلقٍ ومِزاحٍ وضحِك، لم يكن وراءه إِلَّا الدّين والخير، لكنَّه كان شيئًا جُبِلَ عليه، ولم يكُن في ذلك بالخارق للعادة، ولا الخارج عن السَّمت، فقرأ يومًا جزءًا

_ 1 في تاريخ بغداد "3/ 103". 2 تاريخ بغداد "3/ 103".

على أبي العبّاس الرّازيّ، وعنَّ لهُ أمرٌ أضحكهُ، وكان بالحضرة جماعة من أهل بلدنا، فأنكروا عليه ضِحكَهُ وقالوا: هذا لَا يصلُح ولا يليق بعلمِك وتقدُّمِك أن تقرأ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنت تضحك. وأكثروا عليه وقالوا: شيوخ بلدنا لا يرضون هذا. فقال: ما في بلدكم شيخٌ إِلَّا يجب أن يقعد بين يديّ ويقتدي بي. ودليل ذلك أنِّي قد صرتُ معكُم على غير موعد، فانظروا إلى أي حديثٍ شئتم مِنْ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اقرأوا إسناده لَأقرأ متنه، أو اقرأوا متنه حتى أخبركم بإسناده1. قال الباجيّ: لزمتُ الصوريُّ ثلاثة أعوام، فما رأيتهُ تعرَّض لفتوى. وقال أبو الحسن بن الطُّيوريّ: كتبتُ عن خلْقٍ فما رأيت فيهم أحفظ من الصُّوريّ، كان يكتب بفرد عين، وكان متفنّنًا، يعرف من كل علم، وقوله حجّة. قال: وعنه أخذ الخطيب علم الحديث. قلت: وشعره ممّا رواه عنه الخطيب: في جدّ وفي هزل إذا شئـ ... ت وجَدِّي أضعاف أضعاف هزلي عاب قومٌ عليَّ هذا ولجّوا ... في عِتابي وأكثروا فيه عذْلي قلتُ: مهلًا، لَا تُفرِطوا في ملامي ... واحكموا لي فيكم بغالب فِعْلي أنا راضٍ بِحُكمُكم إن عدَلتم ... رُبَّ حُكمٍ يمضي على غير عدْلِ وللصُّوريّ أيضًا: قُل لمن عاند الحديث وأضَحى ... عائِبًا أهله ومن يدَّعيه أبِعلمٍ تقولُ هذا؟ أبن لي، ... أم بجهلٍ فالجهلُ خُلُقُ السفيه أيُعابُ الذين هم حفظوا الدِّ ... ين من التُّرِّهاتِ والتمويه وإلى قولهم وما قد رَوَوْهُ ... راجِعٌ كلُّ عالمٍ وفقيه2 28- مزيد بن محمد السلمي: الطوسي الفقيه.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 1115، 1116"، وسير أعلام النبلاء "27/ 629". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 631"، والبداية والنهاية "12/ 61".

روى عن: زاهر بن أَحْمَد الفقيه. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الجرجاني. 29- مودود بن مسعود بن محمد بن سُبُكْتِكِين1: أبو الفتح. توفِّي بغَزْنَة في رجب عن تسعٍ وعشرين سنة، تملَّك غَزَنة عشر سنين. قال ابن الْأثير2: كان قد كاتب أصحاب الْأطراف ودعاهم إلى نُصْرته، وبذل لهم الأموال والْإِمرة على بلاد خُراسان، فأجابوه، منهم: أبو كاليجار صاحب أصبهان، فإنه سار بجيوشه في المفازة فهلك كثير من عسكره، ومرض هو ورجع، ومنهم: خاقان التُّرْك، فإنَّه أتى ترمذ فنَهِبَ وخرّبَ وصادر. وسار مودود من غَزَنة فاعتراه قُولنج، فرجع وبعث وزيره لَأَخْذ سِجِستان من الغُزّ، فمات مودود، وملَّكوا بعده ابنه، خلعوه بعد خمسة أيّام، وملَّكوا عمَّ مودود، وهو عبد الرّشيد بن السّلطان محمود، ولقِّبَ شمس دين اللَّه. 30- الملك العزيز أبو منصور بن جلال الدّولة أبي طاهر بن بويه3: توفِّي بظاهر ميّافارِقين، وله شِعرٌ رائق. ورَّخه ابن نظيف، وقد كان قرأ العربيّة مُدّة بواسط على أبي الحسن الحسيني النّحْويّ المتوفَّى سنة ثمانٍ وثلاثين، وكانت مُدّة مملكته سبع سنين. وهو أوَّل من تلقَّب بألقاب ملوك زماننا، وكانت دولته ضعيفة. سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة: حرف الْألف: 31- أَحْمَد بن جعفر بن محمد بن جعفر بن مهران: أبو بكر، الفقيه الأصبهاني الحافظ، توفِّي في شوال.

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 558، 559"، وسِيَر أعلام النبلاء "17/ 634"، والبداية والنهاية "12/ 62". 2 الكامل في التاريخ "9/ 558، 559". 3 تقدَّمت ترجمته برقم "12".

يروي عن: أبي مسلم بن شهدل، وطبقته. وعنه: الحدّاد. 32- أَحْمَد بن عليّ بن الحسين1: أبو الحسين التُّوزِيّ المُحتسِب البغداديّ. سمع: عليّ بن لؤلؤ الورَّاق، ومحمد بن المظفّر الحافظ، ويوسف القوّاس. قال الخطيب2: كان صدوقًا مُديمًا للسماع معنا. كتبتُ عنه. ومات في ربيع الْأوّل، ولهُ سبعٌ وسبعون سنة. قلت: روى عنه: جعفر السرَّاج. 33- أَحْمَد بن مسرور بن عبد الوهّاب بن مسرور بن أَحْمَد الْأسدّي البلديّ3: ثم البغدادي، أبو نصر الخبّاز المقرئ. قرأ على: منصور بن محمد القزاز صاحب ابن مجاهد برواية الدُّوريّ. وعلى: عمر بن إبراهيم الكتّاني صاحب ابن مجاهد برواية عاصم. وعلى: المُعافَى بن زكريّا الجريريّ، برواية قُنْبُل. وقرأ المعافى على ابن شبنوذ، وغيره. وقد قرأ أبو نصر أيضًا على: إبراهيم بن أَحْمَد الطَّبريّ، وعلى عليّ بن محمد العلّاف، وعلى الحماميّ، وأبي الحسن علي بن إسماعيل القطَّان المعروف بالخاشع، وغيرهم. قرأ عليه: الزّاهد أبو منصور محمد بن أَحْمَد الخيَّاط، وأبو طاهر بن سَوّار، وأبو البركات عبد الملك بن أَحْمَد. وقد سمعتُ من طريقه جزءًا في ترتيب التنزيل. ومِمّن قرأ عليه أبو نصر: الحسن بن أَحْمَد الشَّهْرُزُوريّ والد أبي الكرم، وعبد

_ 1 العبر "3/ 199"، ولسان الميزان "1/ 223". 2 في تاريخ بغداد "4/ 324". 3 لسان الميزان "1/ 310"، وكشف الظنون "1778".

السّيّد بن عَتَاب، وعلي بن الفَرَج الدِّينوريّ ابن الحارس، وأحمد بن الحسين القطّان، وغيرهم. وكان قد سمع ببلده من: المطهّر بن إسماعيل القاضي أبي يعلى الموصلي، وببغداد من: ابن سمعون، وعيسى بن الوزير، وطائفة. وصنَّف كتاب المفيد في القراءات السَّبْع، روى عنه: أبو منصور الخيّاط، وعبد الملك بن أَحْمَد الشَّهْرزُوريّ، وعلي بن أَحْمَد بن غنجان الشَّهْرُزُوريّ. قال ابن خَيْرُون: مات سنة اثنتين وأربعين، وخلّط في بعض سماعه، ومولده سنة إحدى وستين وثلاثمائة. 34- أحمد بن محمد بن عبد الواحد ابن الحافظ أبي بكر أحمد بن محمد بن عمر المنكدري1 التيمي: الإمام أبو بكر المروروذي الفقيه الشافعيّ. قَدِم بغداد وتفقَّه على أبي حامد الْإِسْفرائينيّ. وسمع من: أبي أَحْمَد الفرضيّ، وابن مهديّ. وبنيسابور: الحاكم، وطائفة. ولهُ شِعرٌ وفضائل، حدَّث عنه: أبو بكر الخطيب. ومات -رحمه اللَّه- بمَرو الرُّوذ، وقد قارب السَّبعين. حرف الحاء: 35- الحسين بن الحسين بن يحيى بن زكريّا بن أَحْمَد البلخيّ2. ثم الدّمشقيّ، أبو محمد: روى عن جده يحيى عن ابن أبي ثابت. ورى عنه: عبد العزيز الكتّاني. 36- الحسن بن خلَف بن يعقوب:

_ 1 تاريخ بغداد "1428"، والمنتخب من السياق "95، 96"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "تاريخ بغداد "3/ 33". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "6/ 334"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 174".

أبو القاسم البغداديّ المقرئ، الملقَّب بالحكيم. سكن مصر، وأدَّب صاحب مصر. وروى عن: ابن ماسي، وعليّ بن محمد بن كيسان، وابن لؤلؤ. روى عنه: مشرف بن علي، والحبَّال، وسهل بن بشر الإسفرائيني، وجماعة. قال الحبَّال: كان ثقة، لكنَّه ابتلي. 37- الحسن بن عبد الواحد النجيرمي1 ثم المصري: روى عن المهندس وغيره. 38- الحسن بن الشريف المُرْتَضي عليّ الموسويّ الرّافضيّ: كان يلقَّب بالَأظهر. شيعيّ جلْد، معتزليٌّ لهُ تواليف. مات كهْلا. 39- الحسن بن محمد بن ناقة2: أبو يَعْلى البغدادي الرزَّاز. سَمِعَ: أبا بَكْر القَطِيعيّ، وأبا محمد بْن ماسي، وأبا الحسن الجراحيّ. قال الخطيب3: كتبت عنه، وكان يتشيّع. مولده سنة ست وخمسين وثلاثمائة، وسماعه صحيح. توفِّي في ربيع الْآخر. 40- حمد بن عليّ بن محمّد: أبو القاسم اللّاسلكيّ الرّوُيانيّ4 العدْل. من التُّجَّار المعروفين. سكن الرّيّ، وسمع من حَمْد بن عبد اللَّه، ومن عليِّ بن محمد القصار.

_ 1 البخيرمي: نسبة إلى بخيرم، وهي محلة بالبصرة. "الأنساب 12/ 45". 2 تاريخ بغداد "7/ 426"، والمنتظم "8/ 146". 3 في تاريخه. 4 الروياني: نسبة إلى رويان، وهي بلدة بنواحي طبرستان. "الأنساب "6/ 189".

ورحل فسمع السُّنن بالبصرة من الهاشميّ. وسمع من أصحاب الْأصمّ بنَيسابور، وأنفق على أهل الحديث أموالًا كثيرة. ثمَّ رحل إلى ما وراء النّهر، فسمع من منصور الكاغَديّ. وكان البلد محصورًا. قال: فأخذت الجواز لجماعة معي حتى دخلوا البلد وسمعوا من الكاغدي، يعني: بلد سَمرَقْند، فلمَّا فتح عليُّ تكين سمرقند قصدته وأخذت منه خطًا بأن لَا يؤذي ذلك الشيخ ومن في سكّته، وبذلت على ذلك مالًا. توفِّي حمْد -رحمه اللَّه- بالريّ، وذكر ترجمته عليّ بن محمد الْجُرْجَانيّ. حرف الخاء: 41- الخليل بن هبة اللَّه1: أبو بكر التّميميّ البزّاز، الدّمشقي. سمع: عبد الوهّاب الكِلابيّ، والحسن بن درسْتُوَيْه. روى عنه: نجا بن أَحْمَد، وسهل بن بِشر الْإِسفْرائينيّ، وأبو طاهر الجنائي. قال الكتاني: كان ثقة. حرف الدال: 42- داود بن محمد بن الحسين بن داود: أبو عليّ الحَسَنيّ العلويّ. حرف السين: 43- سعيد بن وهْب: أبو القاسم الكوفيّ، الدِّهْقان. ثقة، روى عن: عليِّ بن عبد الرحمن البكائي، وأبي الطيب بن النحاس.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "8/ 87، 88".

44- سَلَمة بن أُميّة بن وديع1: أبو القاسم التُّجَيْبيّ، الْإِمام الأندلُسيّ، نزيل إشبيلية. رحل وأخذ عن: أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الطيب بن غلبون، وابي أحمد السامري، وغيرهم. وأسرته الروم حال رجوعه، ثم أنقذه الله بعد سنين. وكان مولده سنة خمس وستين وثلاثمائة، وتوفِّي في صفر بإشبيلية -رحمه الله. قال ابن خزرج: كان ثقة فاضلا. حرف العين: 45- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حسين الأصبهاني: أبو محمد الكتاني. حدَّث عن أبي المقريّ. مات في ذي الحِجّة. 46- عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن فادويْه: أبو القاسم الْأصبهاني التاجر. توفِّي في جُمَادَى الآخرة، وكان مُتَشَدِّدّا على المبتدعة. روى عن: أبي الشيخ، وجماعة. وعنه: أَحْمَد بن الحسين بن أبي ذرٍّ الصّالْحانيّ، وغيره. 47- عليّ بن الحسين بن عليّ بن شعبان: أبو الحسن بن أبي عبد اللَّه الخَوْلانيّ المصريّ. سمع: محمد بن الحسين الدّقّاق، عن محمد بن الربيع الجيزيّ. روى عنه: محمد بن أَحْمَد الرّازي في مشيخته. وتوفِّي في شوال.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 225".

48- عليّ بن عمر بن محمد1: أبو الحسن بن القزوينيّ الحربيّ الزاهد. سمع: أبا حفْص بن الزيّات، والقاضي أبا الحسن الجراحيّ، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبا بكر بن شاذان، وطبقتهم. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان أحد الزهَّاد المذكورين، ومن عبَّاد اللَّه الصالحين، يقرِئُ القُرآن، ويروي الحديث، ولا يخرج من بيته إِلَّا للصلاة -رحمةُ اللَّه عليه. قال: ولِدتُ سنة ستين وثلاثمائة. وتوفِّي في شعبان، وغلِّقت جميع بغداد يوم دفْنهِ، ولم أرَ جمْعًا على جنازةٍ أعظم منه. قلت: وله مجالس مشهورة يرويها النجيبُ الحرّانيُّ2. روى عنه: أبو عليّ أَحْمَد بن محمّد البَرَدانيّ، وأبو سعد أَحْمَد بن محمد بن شاكر الطَّرَسُوسيّ شيخ ذاكر بن كامل، وجعفر بن أَحْمَد السرَّاج، والحسن بن محمد بن إسحاق الباقَرْحِيّ، وأبو العز محمد بن المختار، وهبة اللَّه بن أَحْمَد الرَّحْبيّ، وأبو منصور أَحْمَد بن محمد الصَّيَرَفيّ، وعليّ بن عبد الواحد الدينوري، وآخرون. قال أبو نصر هبة اللَّه بن عليّ بن المُجلّى: حدّثني أبو بكر محمد بن أَحْمَد بن طلحة بن المنقّي الحربيّ قال: حضَرَت والدي الوفاةُ فأوصى إليَّ بما أفعله، وقال: تمضي إلى القزوينيّ وتقول لَهُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَنَامِ، وَقَالَ لي: اقرأ على القزوينيّ منِّي السلام، وقُل لهُ: العلامة أنَّك كنت بالموقف في هذه السنة، فلمَّا مات أبي جئت إلى القزويني، فقال لي ابتداءً: مات أبوك؟ قلت: نعم. فقال: رحمه اللَّه، وصدق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلّم، وصدق أبوك. وأقسم عليَّ أن لَا أحدِّث به في حياته، ففعلت. أَنَا ابن الخلال، أَنَا جَعْفَر، أَنَا السِّلَفيّ سألته -يعني شجاعًا الذُّهْليّ، عن أبي الحسن القزويني فقال: كان علَم الزهَّاد والصالحين وإمام الْأتقياء الورِعين. له كرامات

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 43"، وسِيَر أعلام النبلاء "17/ 609-613"، والبداية والنهاية "12/ 62"، وشذرات الذهب "3/ 268، 269". 2 الكامل في التاريخ "9/ 570".

ظاهرة ومعروفة يتداولها الناس عنه. لم يزل يقرِئُ ويحدِّث إلى أن مات1. وقال أبو صالح المؤذّن في مُعْجَمِهِ: أبو الحسن بن القزويني الشافعيّ المُشار إليه في زمانه ببغداد في الزُّهد والورَع وكثرة القراءة، ومعرفة الفقه والحديث. قرأ القرآن على أبي حفص الكتّانيّ، وقرأ القراءات، ولم يكن يعطي من يقرأ عليه إسنادًا بها. وقال هبة اللَّه بن المُجلْي في كتاب مناقب ابن القزوينيّ ما معناه: إنَّ ابن القزوينيّ كان كلمة إجماعٍ في الخير، وكان ممّن جُمِعت له القلوب، فحدَّثني أَحْمَد بن محمد الأمين قال: كتبت عنه مجالس أملاها في مسجده، كان أي جزءٍ وقع بيده خرّج به، وأملى منه عن شيخٍ واحد جميع المجلس، ويقول: حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يُنْتَقى. قال: وكان أكثر أُصوله بخطّه. قال: وسمعت عبد اللَّه بن سبعون القيرواني يقول: أبو الحسن القزوينيّ ثقة ثَبْت، وما رأيت أعقل منه2. وحدَّث أبو الحسن البيضاويّ، عن أبيه عبد اللَّه قال: كان أبو الحسن يتفقَّه معنا على الدّارِكيّ وهو شابّ، وكان مُلازمًا للصمت قلَّ أن يتكلّم. وقال: قال لنا أبو محمد المالكيّ: خرج في كتب القزوينيّ تعليق بخطِّه على أبي القاسم الدّاركيّ، وتعليق في النحو عن ابن جنِّي. سمعت أبا العبّاس المؤدِّب وغيره يقولان: إنَّ أبا الحسن سمع الشاة تذكر اللَّه تعالى. حدَّثني هبة اللَّه بن أَحْمَد الكاتب أنَّه زار قبر الشّيخ ابن القزوينيّ، ففتح ختمةً هناك، وتفاءل للشيخ، فطلع أول ذلك: {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِين} [آل عمران: 45] . وعن أبي الحسن الماوردي القاضي قال: صلَّيتُ خَلْفَ أبي الحسن القزويني،

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 610". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 611".

فرأيت عليه قميصًا نقيا مطرَّزًا، فقلت في نفسي: أين الطُّرز من الزُّهد؟ فلمَّا سلَّم قال: سبحان الله، الطرز لا ينتقض أحكام الزهد1. حدَّثني محمد بن الحسين القزّاز قال: كان ببغداد زاهدٌ خشِن العيْش، وكان يبلغه أنَّ ابن القزوينيّ يأكل الطيّب، ويلبس الرّقيق، فقال: سبحان اللَّه، رجلٌ مجمَعٌ على زهده وهذا حاله أشتهي أن أراه. فجاء إلى الحربية، قال: فرآه، فقال الشّيخ: سبحان اللَّه، رجلٌ يومَأُ إليه بالزُّهد يعارض اللَّه في أفعاله، وما هُنا مُحرّمٌ ولا مُنكَر. فطفق ذلك الرّجل يشهق ويبكي، وذكر الحكاية. سمعت أبا نَصْر عبد السيّد بن الصبَّاغ يقول: حضرتُ عند القزوينيّ، فدخل عليه أبو بكر بن الرّحْبيّ فقال: أيُّها الشّيخ، أيُّ شيءٍ أمرتني نفسي أخالفها؟ قال: إن كنت مريدًا فنعم، وإن كنت عارفًا فلا. فانصرفت وأنا مفكِّر وكأنَّني لم أُصوّبُه، فرأيتُ في النوم ليلتي شيئًا أزعجني، وكأنّ من يقول لي: هذا بسبب ابن القزوينيّ، يعني: لمّا أخذت عليه2. وحدَّثني أبو القاسم عبد السّميع الهاشميّ عن الزّاهد عبد الصّمد الصّحراويّ قال: كنت أقرأ على القزوينيّ، فجاء رجلٌ مغطَّى الوجه، فوثب الشيخ إليه وصافحه وجلس معه بين يديه ساعة، ثم قام وشيَّعَه، فاشتدَّ عجيي، وسألت صاحبي: مَنْ هذا؟ فقال: أومَا تعرِفه؟ هذا أمير المؤمنين القادر باللَّه. وحدَّثنا أَحْمَد بن محمد الْأمين قال: رأيت الملك أبا كالَيْجَار قائمًا يشير إليه أبو الحسن بالجلوس فلا يفعل. وحدّثني عليّ بن محمد الطرّاح الوكيل قال: رأيت الملك أبا طاهر بن بُوَيْه قائمًا بين يديّ أبي الحسن يومِئُ إليه ليجلس فيأبَى3. ثم حكى ابن المُجْلي لهُ عِدَّة كرامات منها شهود عرَفَة، وهو ببغداد، ومنها ذهب إلى مكّة فطاف ورجع من ليلته.

_ 1 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 302". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 612". 3 سير أعلام النبلاء "17/ 612".

وقد أَنَا ابن الخلال، أَنَا جَعْفَر، أَنَا السِّلَفيّ: سمعت جعفر بن أحمد السرّاج يقول: رأيت علي أبي الحسن القزوينيّ الزاهد ثوبًا رفيعًا ليِّنًا، فخطر ببالي كيف مثله في زُهده يلبس مثل هذا؟ فقال لي في الحال بعد أن نظر إليَّ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] . وحضرنا عنده يومًا في السّماع إلى أن وصلت الشمس إلينا وتأذَّيْنَا بحرِّها، فقلتُ في نفسي: لو تحوَّل الشّيخ إلى الظّلّ. فقال لي في الحال: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [التوبة: 81] . 49- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ: أَبُو الْحَسَن المقرئ الرّازيّ الحافظ الصّالح. حدَّث بدمشق عن: أبي عليّ حمْد بن عبد اللَّه الْأصبهاني الرّازّي، وأبي سعد المالينيّ. روى عنه: عبد العزيز الكتّاني. 50- عمر بن ثابت1: أبو القاسم الثمانينيّ الموْصِليّ النحويّ الضرير. من كبار أئِمّة العربيّة. أخذ عن أبي الفتح بن جنّيّ، وغيره. وعنه أخذ: أبو المعمر بن طباطبا العلويّ. وكان هو وأبو القاسم بن برهان يقرئان العربي بالعراق، فكان الرؤساء يقرأون على ابن بُرْهان، وكان العوام يقرأون على الثمانينيّ. وثمانين بُلَيْدَة كقرية من جزيرة ابن عمر، يُقال أنّها أوَّل قريةٍ بُنيت بعد الطوفان، ونزلها الثمانون أهل السفينة، فسُمّيَت بهم2.

_ 1 معجم البلدان "2/ 74"، والبداية والنهاية "12/ 62"، وشذرات الذهب "3/ 269"، ومعجم المؤلفين "7/ 279". 2 الأنساب "3/ 143".

وله من التصانيف كتاب "شرح اللُّمَع"، وكتاب "المفيد" في النحو، وكتاب "شرح التصريف الملوكي". توفِّي في هذه السنة في ذي القعدة. حرف القاف: 51- القاسم بن أَحْمَد بن القاسم بن أبان: حدَّث بأصبهان عن: عليّ بن محمد بن عمر الفقيه الرّازيّ. روى عنه: أبو علي الحدّاد. حرف الميم: 52- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن1: أبو الحسن بن المَحَاملّي. توفِّي في ربيع الْآخر. 53- محمد بن إسماعيل: أبو بكر الجوهري. حدَّث بمصر عن: ابن محمِش الزّياديّ، وأبي عمر بن مَهديّ. روى عنه: الرّازي في مشيخته، وسهل بن بِشر الْإِسفْرائينيّ. 54- محمد بن طلحة بن علي بن الصّقر الكتّانّي2 البغداديّ: من أولاد الشيوخ. روى عن: أبيه، وأبي عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبي القاسم بن حبابة، والمخلّص. قال الخطيب: كُتب عنه، وكان صدوقًا ديّنًا. 55- محمد بن عبد اللَّه بن فَضلَويَهْ: أبو منصور الأصبهاني الوكيل. روى عن: عبد الرحمن بن طلحة الطّلْحيّ، شيخ، روى عن: الفضل بن الخصيب، وابن الجارود.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 291"، والمنتظم "8/ 147، 148". 2 تاريخ بغداد "5/ 384".

روى عنه: أبو عليّ الحدّاد. 56- محمد بن عبد المؤمن1: أبو إسحاق الْإِسكافيّ. وُلِدَ سنة ستين وثلاثمائة ببغداد. وسمع: أبا عبد اللَّه بن عُبيْد العسكري، ومحمد بن المُظفّر، والَأْبهريّ. وكان فقيهًا مالكيا ثقةً. وثَّقه الخطيب، وروى عنه. 57- محمد بن عبد الواحد ابن زوج الحُرّة محمد البغداديّ2: الَأوسط من الْإِخوة، وهو أبو الحسن أخو أبي عبد اللَّه وأبي يَعْلَى. سمع من أصحاب البَغَوِيّ. وسمع من: أبي عليّ الفارسيّ النحويّ، وعليّ بن لؤلؤ الورَّاق، وابن المظفّر، وهؤلاء. قال الخطيب3: كتبنا عنه، وكان صدوقًا. وُلِدَ سنة إحدى وسبعين، ومات في جُمادى الْآخرة. 58- محمد بْن علي بْن محمد بْن يوسف4: أبو طاهر بن العلّاف البغداديّ الواعظ. سمع: أَحْمَد بن جعفر القطيعيّ، وأحمد بن جعفر الخُتُّليّ، ومخلد بن جعفر الباقرحي، وغيرهم. قال الخطيب5: كتب عنه، وكان صدوقًا ظاهر الوقار، له حلقة في جامع المنصور، ومجلس وعظ.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 385". 2 تاريخ بغداد "2/ 361"، وشذرات الذهب "3/ 269". 3 في تاريخ بغداد "2/ 361". 4 سير أعلام النبلاء "17/ 608"، وشذرات الذهب "3/ 269". 5 في تاريخه "3/ 104".

مات في ربيع الْآخر. قلت: روى عنه أيضًا: الحسن بن محمد الباقرجيّ، وأبو الحسين المبارك بن الطُّيُوريّ، وجماعة. 59- محمد بْن علي بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن بهرام1: أبو بكر الجوزداني، ثم الأصبهاني. وجوزدان مدينة ممّا يلي بلْخ، غير جوزدان التّي منها أبو بكر. والّتي هذا منها قرية على باب أصبهان. كان مقرئًا مجوّدًا، طيّب الصَّوت، مُحّدثًا صاحب أصول. قرأ القرآن على الشّيخ محمد بن أَحْمَد بن عبد الْأعلى الأندلسي. وسمع من: أبي بكر بن المقري. ورحل إلى بغداد فسمع من: أبي حفص بن شاهين، والمخلّص. روى عنه: يحيى بن مَنْدَه الحافظ، ويحيى بن حسين الرّازيّ الحافظ، وغيرهما. وتوفِّي في ذي القعدة، وكان إمام الجامع العتيق بأصبهان. 60- محمد بن محمد بن إسماعيل2: أبو بكر البغداديّ الطاهريّ. كان من أهل القرآن والعبادة والصّلاح والحجّ. قال الخطيب: بلغني أنَّه حجَّ على قدميه أربعين حَجّة، وكان يصحب الفقراء. ثنا عن: أبي حفص بن شاهين، وأبي الحسين بن سمعون، وكان ثقة. توفِّي فِي شعبان. 61- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أبي عبد الرحمن محمد بن يوسف3:

_ 1 الأنساب "3/ 363". 2 تاريخ بغداد "3/ 235". 3 المنتخب من السياق "46"، رقم "76".

أبو بكر بن أبي نصر الشّحّام النَّيسابوريّ المقرئ الشروطي الزاهد الصالح، والد طاهر، وجدّ زاهر. روى عن الحافظ أَحْمَد بن محمد الحِيريّ، وفائق الخاصّة، وصحيفة همّام، عن أبي القاسم النضر بن محمد المحميّ، وعن أبي بكر القطّان. 62- محمد بن مَهْرَان بن أَحْمَد بن محمد بن مهران1: أبو عبد الله الخويي2، يُعْرَف بشيخ الإسلام. حدَّث بدمشق، وحدَّث بأصبهان في هذه السنة، وانقطع خبره. روى عن: المخلّص، ومحمد بن عمر بن زنبور، وأبي الحسن بن الْجُنْديّ. روى عنه: أبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصِّي، وعبد الرزّاق بن عبد اللَّه المَعَرّيّ، ومشرِّف بن المُرجَّا، وأبو عليّ الحسن بن أَحْمَد الحدّاد، وآخرون. 63- منصور بن محمد بن عبد اللَّه3: أبو الفتح الْأصبهانيّ، ويُعْرَف بابن المُقدّر. سكن بغداد، وحدَّث بها عن: أبي بكر عبد اللَّه بن محمد القبّاب. قال الخطيب: كان داعية إلى الاعتدال يستهزئ بالَآثار. ثنا من لفظه فذكر حديثًا. 64- ماجة بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن ماجه القَزْوينيّ: سمع: عليّ بن أَحْمَد بن صالح، والَّدارَقطنِيّ، وابن شاهين. 65- مهديّ بن أَحْمَد بن محمد بن شبيب: الفقيه أبو الوفاء القانتيّ، نزيل أصبهان. سمع بنيسابور: عبد اللَّه بن يوسف، وأبا عبد الرحمن السُّلَميّ. وببغداد: هبة الله بن سلامة.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "23/ 274". 2 الخويي: نسبة إلى خوى، وهي إحدى بلاد أذربيجان. "الأنساب 5/ 213". 3 تاريخ بغداد "13/ 86".

روى عنه: أبو الفتح الحدّاد، وأبو عليّ الحدّاد، وأبو طاهر عبد الواحد الوشيح الذّهبي. وكان أشعريًّا واعظًا، وصنَّف تفسيرًا. وتوفِّي في ذي الحجّة بأصبهان. حرف الياء: 66- يونس بن أَحْمَد بن يونس بن عيشون1: أبو سهل الجذامي ابن الحرَّاني القُرْطُبيّ اللُّغَويّ. أخذ عن: عمر بن أبي الحُباب، وابن سيّد. وكان بصيرًا باللسان، حافظًا للُّغة والعَرُوض، قيِّمًا بالَأشعار، مليح الخطّ متقنًا، أقرأ النَّاس مُدّةً. وكان عظيم اللّحية جدًّا. روى عنه: أبو مروان بن سرّاج، وأبو مروان الطبني. توفِّي في ذي الحجة عن تسع وسبعين سنة. وفيَّات سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة: حرف الألف: 67- أَحْمَد بن عثمان2: أبو نصْر الجلّاب. سمع: محمد بن إسماعيل الورَّاق، وابن أخي ميمي. وعنه: الخطيب، وقال: ثقة صالح. مات في المحرَّم، وقد نيَّف على الثمانين. 68- أَحْمَد بن عليّ بن أحمد3: أبو الحسين البغدادي المؤدّب.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 686". 2 تاريخ بغداد "4/ 301". 3 تاريخ بغداد "4/ 324".

أخو أبي طاهر ابن الأنباري الفارض. سمع: أبا بكر الورَّاق. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا. 69- أحمد بن علي بن محمد بن سَلَمَة: أبو العبّاس الفهميّ الأنماطيّ. توفِّي بمصر في شعبان. سمع قطعةً من "الموطَّأ" على عتيق بن موسى، عن أبي الرَّقْراق، عن يحيى بن بُكَيْر. روى عنه: الرّازي في مشيخته. وسمع منه جماعة أجزاء. 70- أَحْمَد بن قاسم بن محمد1: أبو جعفر التجيبي الطليطلي، ويعرف بابن رافع رأسه. روى عن: محمد بن إبراهيم الخُشَنيّ، وعبد اللَّه بن دُنيْن. وكان من كبار الفقهاء، شاعر شُرُوطيّ، وكان بصيرًا بالحديث وعِللِه، له حلقة اشتغال. توفِّي يوم عاشوراء. قال ابن مظاهر: سمعتُ النّاس يقولون يوم وفاته: اليوم مات العِلمْ. 71- إسماعيل بن صاعد2: أبو الحسن القاضي. توفِّي بنيسابور في شهر رجب. ذكره الفارسيّ فقال: إسماعيل بن صاعد بن محمد بن أحمد، قاضي القضاة أبو الحسن ابن عماد الْإِسلام أبي العلاء، أكبر أولاد أبيه سنًا، وأوسطهم حشمة وجاهًا.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 53". 2 المنتخب من السياق "136".

ولي قضاء الرّيّ، ثم قضاء نَيْسابور ونواحيها، وكان من الرجال الدُّهاة، ولم يشتهر بشيءٍ من العلوم، إِلَّا أنّه كان دقيق النّظر، كيِّسَ الطّبْع، عارفًا برسوم القضاء وتربية الحشمة. كان قصير اليد عن الأموال، نقيّ الجانب. وُلِدَ سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وسمّعه أبوه في سنة ثلاثٍ وثمانين، وبعدها. وحدَّث عن: أبي الحسين الخفَّاف، والمخلَّديّ، وظفر بن محمد السيد. وحجَّ سنة اثنتين وأربعمائة، فسمع من: أبي أَحْمَد الفَرَضيّ وغيره. وعقد للإملاء بعد الثلاثين وأربعمائة، وبُعِثَ رسولًا في أيّام طُغْرُلْبَك إلى فارس. وتوفِّي بأيذَج، ونُقِل تابوته إلى نَيْسابور. أنا عنه الوالد، ومسعود بن ناصر، وجماعة. حرف الباء: 72- بركة بن مقلّد1: زعيم الدّولة أبو كامل العُقَيْليّ. كان قد غلب على مملكة الموصل وغيرها، وقهر أخاه قِرْواشًا. وعاث وأفسد وعسَفَ، وانحدر في هذا العام إلى تكريت ليستولي على العراق، أو ينهب البلاد، فانتفض عليه جُرْحُهُ الّذي أصابه من الغزِّ فمات، فاجتمع جيشه العربُ على تأمير علَم الدّين قريش بن بدران بن مقلّد، فعاد إلى الموصل، وبعث إلى عمّه قِرْواش وهو محبوس يعرِّفه بوفاة بركة، ثمّ تقرَّر الأمر لقُريش، ودانت له تلك النّاحية، وردَّ عمه إلى الحبْس لكونه نازعًا. حرف الحاء: 73- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد2: أبو عليّ الشاموخيّ المقرئ بالبصرة. له جزء معروف. روى عنه: أَحْمَد بن محمد بن العبّاس صاحب أبي خليفة، ونحوه. روى عنه: محمد بن الحسن بن باكير الفارسي.

_ 1 المنتظم "8/ 151". 2 شذرات الذهب "3/ 270"، وتاريخ التراث العربي "1/ 484".

74- الحسين بن الحسن بن يعقوب بن الحسين بن بيان1: أبو عبد اللَّه الواسطيّ، الدبَّاس المعروف بجُرَيْرة2. توفِّي في صفر. حرف الخاء: 75- خلف: أبو القاسم البَلَنْسيّ3، مولى يوسف بن بُهْلُول. كان فقيهًا عارفًا بمذهب مالك، له مُختصر في "المُدوَّنة" جمع فيه أقوال أصحاب مالك، هو كثير الفائدة. روى عن: أبي بكر عمر بن المكويّ، وابن العطّار. وأخذ عن: أبي محمد الأصيليّ. وكان مقدَّمًا في علم الوثائق، وكان يُعرَف بالبربلي. وكان أبو الوليد هشام بن أحمد الفقيه يقول: من أراد أن يكون فقيهًا من ليلته فعليه بكتاب البربلي. توفِّي في ربيع الآخر. حرف العين: 76- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عبْدان4: الَأزديّ الدِّمشقيّ الصفّار، المقرئ. سمع: عبد الوهّاب الكلابيّ، وغيره. روى عنه: ابن بنته أبو طاهر محمد بن الحسين الحنَّائيّ، وجماعة. 77- عبدُ الرحمن بن عبد اللَّه بن حسن5: أبو القاسم الدّمشقيّ المقرئ الشّافعيّ.

_ 1 تقدَّمت ترجمته رقم "9". 2 في الترجمة الأولى "جديرة". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 169"، ومعجم المؤلفين "4/ 104". 4 تاريخ مولد العلماء ووفاتهم للكتاني "مخطوطة" 140. 5 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "14/ 276".

حدَّث بمصر عن: عبد الوهّاب الكلّابي. روى عنه: عبد المحسن البغداديّ. وأثنى عليه أبو إسحاق الحبّال. 78- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أبي عليّ أَحْمَد بن عبد الرحمن1: أبو القاسم الهمداني الذّكوانيّ الْأصبهانيّ المعدّل. من بيت حشمة ورواية وعلم. وروى عن: أبي الشّيخ بن حيّان، وأبي بكر عبد الله بن محمد القباب، وجماعة. وروى بالإجازة عن أبي القاسم الطَّبرانيّ، وهو آخر من روى فِي الدُّنيا عَنِ الطَّبَرانيّ. وقد أملى عدّة مجالس، وحدَّث فِي هذا العام، ولا أعلمُ متَى توفِّي. روى عنه: هادي بن الحسن العَلَويّ، وجعفر بن عبد الواحد بن محمد الثّقفيّ، وإسماعيل بن الفضل السّرّاج، وبُنْدار بن محمد الخلقانيّ، وأبو سعْد المطرّز، وأبو عليّ الحدّاد، وآخرون. وتوفِّي في عَشْر السبعين سنة ثلاث. قال يحيى بن مَنْدَهْ: تكلّموا فيه، أَلْحَقَ في "بعض" سماعه، وسماعه "كثير" بخطّ أبيه. وقال يحيى أيضًا: مات في ربيع الآخر. 79- عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد بن عبد الأعلى2: أبو القاسم ابن الرَّقّيّ المعروف بابن الحرَّانيّ. حدّث عن: نصر بن أَحْمَد المُرَجَّى، وأبي نصر الملاحميّ. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتاني.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 608، 609". 2 تاريخ بغداد "10/ 387"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "15/ 301".

ووثَّقه الخطيب، وقال1: مات بالرحبة، وكان قد سكنها، وقد تفقه على أبي حامد الإسفرائيني. 80- عبد الرزاق بن القاضي أبي بكر أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن جعفر: أبو منصور اليرذي، ثم الأصبهاني الخطيب. روى عن: أبي الشيخ، وجماعة. وعنه: أبو سعد المطرز. قال أبو موسى المديني: توفِّي في سنة ثلاث وأربعين. 81- عبيد الله بن محمد بن قزعة النجار2: أبو القاسم بن الدلو. سمع: أبا عبد الله بن عبيد الدقاق العسكري. وحدَّث وتوفِّي في رمضان. قال الخطيب: صدوق. 82- عُبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن لؤلؤ3: أبو القاسم أمين القضاة. وُلِدَ سنة ست وخمسين وثلاثمائة. وروى عن: القطيعي أبي محمد بن ماسي. 83- عليّ بن شجاع4: أبو الحسن المصقلي الْأصبهاني الصُّوفيّ. رحل إلى العراق، وإلى فارس وخُراسان، وسمع ثم سمَّع ولديه من الحافظ ابن منده.

_ 1 في تاريخه. 2 تاريخ بغداد "10/ 386"، والمنتظم "8/ 152". 3 المنتظم "8/ 151". 4 المنتخب من السياق "380"، والعبر "3/ 202".

توفِّي في ربيع الأوّل. وكان من أفاضل أهل أصبهان، حدَّث عن: الدَّارقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبي بكر بن جِشْنِش. وهو شيبانيّ صريح النّسَب. سمع أبو طاهر السِّلفيّ من جماعةٍ من أصحابه. 84- عليّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم: أَبُو القاسم الْأصبهانيّ القطَّان الدلَّال. سمع: عبد الرحمن بن طلحة الطلحي بعد الثمانين وثلاثمائة. وروى عنه: أبو علي الحدّاد. 85- عليّ بن محمد بن زيدان: كان فاضلًا صالحًا ورعًا. روى عن: قاضي الكوفة أبي القاسم بن أبي عابد. روى عنه: أُبيّ النَّرْسِيّ. 86- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بن عيسى1: أبو القاسم الفارسيّ، ثمّ المصري، مُسنَد وقته بمصر. سمع الكثير من أبي أَحْمَد بن النّاصح، والقاضي الذُّهليّ، وابن حَيَّوَيْهِ النَّيْسَابوريّ، والحسن بن رشيق، وعليّ بن عبد اللَّه بن العبَّاس البغداديّ، وغيرهم. روى عنه: سهل بن بشر الإسفرائيني، وأبو صادق مرشد بْن يحيى المَدِينيّ، وأبو عبد اللَّه الرّازيّ وقال: سمعتُ عليه ستّين جُزءًا أو أزيد. توفِّي في شوّال. حرف الميم: 87- محمد بن إسماعيل بن الحسن بن جعفر: القاضي أبو جعفر العَلَويّ الحُسينيّ النّقيب بواسط. توفِّي في شوَّال.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 613"، ومرآة الجنان "3/ 61".

حدَّث عن الحافظ أبي محمد بن السّقّاء. 88- محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن عُبَيْد بن سعدان1: أبو عبد اللَّه الْجُذَاميّ الزِّنْبَاعيّ، مولاهم الدّمشقيّ. كان أسنَد من بقي بدمشق. سمع: جمح بن القاسم، والحسن بن منير، وأبا عمر بن فَضَالة، ومحمد بن سليمان الرَّبَعيّ، ومحمد بن عبد اللَّه بن زَبْر، ويوسف بن القاسم المَيَانِجِيّ، وغيرهم. روى عنه: الكتّانيّ، وأبو القاسم المصِّيصيّ، والفقيه نصر المقدسيّ، وسهل الْإِسْفَرائينيّ، ونجا العطّار، وأبو طاهر محمد بن الحسين الحِنّائيّ، وعليّ بن الموازينيّ، وهو آخر من حدَّث عنه. قال الكتاني: توفِّي يوم عرفة، وعنده ستّة أجزاء أو نحوها2. قلت: وأخطأ من قال: إنَّ عبد الكريم بن حمزة سمع منه. 89- محمد بن عليّ بن عَمْرَوُيَهْ3: أبو سعد، الوكيل النَّيْسَابُوريّ. سمع: أبا محمد المخلدي، وأبا الحسين الخفاف، وغيرهما، وحدَّث. 90- محمد بن علي بن محمد بن صخر4: أبو الحسن القاضي الأزدي البصري الضرير. كان كبير القدر، عالي الْإِسناد، حدَّث بمصر والحجاز، وانتقى عليه الحافظ أبو نصر السِّجْزي، وأملى عِدَّة مجالس، وقع لنا منها خمسة. روى عن: أبي بكر أَحْمَد بن جعفر السَّقْطي، وفهد بن إبراهيم بن فهد السَّاجيّ، ويوسف بن يعقوب النَّجِيرميّ، وأبي العبَّاس أَحْمَد بن عبد الرحمن الخاركي، وأبي

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "23/ 19"، وسير أعلام النبلاء "17/ 635، 636". 2 مختصر تاريخ دمشق "23/ 19". 3 المنتخب من السياق "48". 4 سير أعلام النبلاء "17/ 638"، وشذرات الذهب "3/ 271".

محمد الْحَسَن بْن عليّ بْن الْحَسَن بن عمرو الحافظ ابن غلام الزُّهريّ، وأبي أَحْمَد محمد بن محمد بن مكِّي الْجُرْجانيّ، وعمر بن محمد بن سيف، وأحمد بن محمد بن أبي غسَّان الدَّقيقيّ، وطائفة سواهم. روى عنه: جعفر بن يحيى الحكاك، وأبو القاسم عبد العزيز بن عبد الوهّاب القَرَويّ، وأبو خَلَف عبد الرّحيم بن محمد الآملي الصوفي، والمطهر بن علي المبيذي1، والقاضي أبو زيد عبد الرحمن بن عيسى القرطبي جَدّ الطرطوشي لأمه، وإسماعيل بن الحسن العلوي، وأبو الوليد سليمان بن خلَفَ الباجيّ، وغيرهم. قال أبو إسحاق الحبّال: توفِّي بزَبِيد في جُمادى الآخرة رحمه اللَّه. قلتُ: وقد روى البيهقيّ في "الطّلاق" عن الحسن بن أَحْمَد السَّمَرْقَنْديّ قال: كتب إلينا ابن صخر من مكّة. فذكر حديثًا. 91- محمد بن محمد بن خلف2: أبو الحسن البصروي الشاعر. مدج الأكابر، وبُصرى الّذي هو منها قرية دون عُكْبرا. 92- مُسافر بن الطَّيِّب بن عبَّاد3: الزاهد المقرئ أبو القاسم، صاحب قراءة يعقوب. شيخٌ معمر، عارف قراءة يعقوب الحَضْرميّ. قرأ بها على الْإِمام أَبِي الْحَسَن عليَّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بن خُشنام المالكيّ بالبصرة. وسمع الحديث من أبي إسحاق الهُجَيْميّ، لكنْ ضاع سماعه، قال الخطيب4: كان شيخًا صالحًا. توفِّي في شوَّال. وقال لي أَحْمَد بن خيرون: سمعته يقول: وُلِدتُ سنة أربعٍ وأربعين وثلاثمائة.

_ 1 الميبذي: نسبة إلى ميبذ، وهي بلدة بنواحي أصبهان. "الأنساب 11/ 557". 2 الكامل في التاريخ "9/ 580، 581"، والبداية والنهاية "12/ 63". 3 تاريخ بغداد "13/ 231"، وغاية النهاية "2/ 293، 294". 4 في تاريخه "13/ 231".

قلت: قرأت عليه أبو الفضل أَحْمَد بن خيْرون، وعَبْدُ السّيّد بن عتّاب، وعليّ بن الجرّاح، وثابت بن بندار، وأحمد ابن عبد القادر يوسف. 93- مَسْعَدَة بن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الإسماعيلي1: أبو الفضل الْجُرْجَانيّ. سمع: أباه، وعمّه أبا نصر، وأحمد بن موسى الباغشيّ2، ويوسف بن إبراهيم السَّهْميّ، وأبا بكر الآبَنْدُونيّ3، وأملى الكثير. توفِّي في شوّال. وهو والد الشيخ أبي القاسم إسماعيل بن مَسْعَدَة. حرف الهاء: 94- هبة اللَّه بْن الحسين بْن عليّ: كمال الملك أبو المعالي، أخو الوزير عميد المُلْك محمد. وَزَر لجلال الدّولة أبي طاهر بن أبي نصر بن بُوَيْه مرَّتين، الأخيرة سبع سنين. ووزر لَأبي كالَيْجار ولولده، وفتح له ممالك، وظَلَم وسفك وعسف وصَادَرَ. هلك في المصاف بين أبي نصر وأخيه أبي منصور. وقد مدحه الشَّريف المُرتضى، فسُرَّ بذلك. هلك في ربيع الآخر كهلًا. سنة أربع وأربعين وأربعمائة: حرف الألف: 95- أَحْمَد بن عليّ بن الحسين4:

_ 1 تاريخ جرجان للسهمي "465". 2 الباغشي: نسبة إلى باغش، وهي من قرى جرجان. "الأنساب 2/ 44". 3 الآبندوني: نسبة إلى أبندون، وهي من قرى جرجان. "الأنساب 1/ 91". 4 الأنساب "10/ 374"، وسير أعلام النبلاء "17/ 607".

أبو غانم المَرْوَزِيّ الكُرَاعيّ1، نسبة إلى بيع الأكارع. كان مُسْنِد مَرْو في زمانه. روى عن: أبي العبَّاس عبد اللَّه بن الحسين النَضْريّ، صاحب الحارث بن أبي أُسامة، وأبي الفضل محمد بن الحسين الحدّادي، وغيرهما. روى عنه: أبو الفضل محمد بن أَحْمَد الطَّبَسيّ، وأبو المُظَفَّر منصور بن السَّمْعانيّ، وطائفة، آخرهم حفيده أبو منصور محمد بن عليّ الكُراعيّ. وروى عنه أيضًا: أبو المحاسن الرُّويَانيّ. وحديثه في بلد الرّيّ من أربعي البلدان. 96- أَحْمَد بن محمد بن حُمَيْد بن الأشعث2: أبو نصر الكُشّانيّ3 السَّمَرْقَنْديّ القاضي. توفِّي في هذه السّنة، أو بعدها بقليل. وكان مُعمّرًا طاعنًا في السِّن، عاش مائة وعشرين سنة فيما بَلَغَنا. روى عن: أَحْمَد بن محمد بن إسماعيل البخاريّ. حرف الحاء: 97- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بن أَحْمَد بن وهب4: التميمي الواعظ، أبو علي ابن المُذْهِب البغداديّ. راوي المُسْنَد. سَمِعَ: أبا بَكْر القَطِيعيّ، وأبا محمد بْن ماسيّ، وأبا سعيد الحُرْفيّ، وأبا الحسن بن لُؤلُؤ، وأبا بكر الورَّاق، وأبا بكر بن شاذان، وجماعة كثيرة.

_ 1 الكراعي: نسبة إلى بيع الأكارع والرءوس. "الأنساب 10/ 431". 2 الأنساب "10/ 432". 3 الكشاني: نسبة إلى الكشانية، وهي بلدة بنواحي سمرقند. "الأنساب 10/ 431". 4 تاريخ بغداد "7/ 390"، وسير أعلام النبلاء "17/ 640-643"، والبداية والنهاية "12/ 63، 64"، وشذرات الذهب "3/ 271".

قال الخطيب1: كتبنا عنه، وكان يروي عن القطيعيّ مُسْنَد أَحْمَد بأسره، وكان سماعه صحيحًا إلّا من أجزاءٍ منه، فإنه أُلحِق اسمَه فيها. وكان يروي كتاب الزُّهْد لَأحمد، ولم يكن له به أصل، وإنّما كانت النُّسخة بخطِّه، وليس بمحلٍّ للحجّة. حدَّث عن أبي سعيد الحُرْفيّ، وابن مالك، عن أبي شُعَيْب، ثنا البابْلُتّي2، ثنا الأوزاعي، ثنا هارون بن رياب قال: "من تبرَّأ من نسبٍ لدقِّتِهِ أو ادَّعاه فهو كُفر"3. قال الخطيب4: وجميع ما كان عنده عن ابن مالك جزء، وليس هذا فيه. وكان كثيرًا يعرض عليَّ أحاديث في أسانيدها أسماء قوم غير منسوبين ويسألني عنهم فأنسبهم له، فيلحق ذلك في تلك الأحاديث موصولة بالَأسماء، فأنهاه فلا ينتهي. وسألته عن مولده فقال: سنة خمسٍ وخمسين وثلاثمائة. قلت: روى عنه: أبو الحسين المبارك بن الطُّيوري، وأبو طالب عبد القادر بن محمد اليوسفيّ، وابن عمه أبو طاهر عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد اليُوسفيّ، وأبو غالب عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الملك الشَّهْرُزُوريّ، وأبو المعالي أَحْمَد بن محمد بن علي ابن البُخاريّ الذي كان يُبَخِّر في الْجُمَع، وأبو القاسم هبة اللَّه بن الحُصَيْن وهُوَ آخِرُ من حدَّث في الدُّنيا عن ابن المُّذهِب. وقال أبو بكر بن نقطة5: قال الخطيب: كان سماعه صحيحًا إِلَّا في أجزاء، ولم يُنبّه الخطيب في أيّ مُسْندٍ هي، ولو فعل لَأتى بالفائدة، وقد ذكرنا أنَّ مُسْنَدَيْ فَضَالة بن عبيد وعوف بن مالك لم يكونا في كتاب ابن المُذَهِب، وكذلك أحاديث من مُسْنَد جابر لم توجد في نسخته، رواها الحرَّاني عن القطيعيَّ، ولو كان يُلْحِق اسمه كما زعم لَألحق ما ذكرناه أيضًا، والعجب من الخطيب يُردّ قوله بِفِعْلِهِ، وهو أنّه قال: روي "الزُّهْد" من غير أصل، وليس بمحل للحجة، ثم روى عنه من "الزهد" في مصنفاته6.

_ 1 في تاريخه "7/ 390، 391". 2 البابلتي: نسبة إلى بابلت موضع بالجزيرة. "الأنساب 2/ 14". 3 تاريخ بغداد "7/ 391". 4 في تاريخه. 5 في الاستدراك. 6 ميزان الاعتدال "1/ 511"، وسير أعلام النبلاء "17/ 642".

أخبرنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الخلَّال، أَنَا جَعْفَرٌ، أَنَا السِّلفيّ: سألتُ شجاعًا الذُّهَليّ، عن ابن المُّذْهِب فقال: كان شيخًا عسرًا في الرّواية، وسمع حديثًا كثيرًا، ولم يكُن مِمَّن يُعتَمَد عليه في الرّواية، كأنّه خلط شيئًا من سماعه1. قال لنا السِّلَفيّ: كان مع عُسْره متكلِّمًا فيه؛ لَأنَّهُ حدَّث بكتاب الزُّهْدَ لأحمد بعدما عُدِمَ أصله، من غير أصل، فتُكُلِّم فيه لذلك. وقال الحافظ أبو الفضل بن خيرون: توفِّي ابن المُذَهِب ليلة الجمعة، ودُفِنَ يوم الْجُمعة تاسع عشر شهر ربيع الآخر. حدَّث عن ابن مالك بمسند أَحْمَد، وعن ابن ماسي، وعن جماعة. وحدَّث أيضًا بزُهْد أَحْمَد. سمعت منه الجميع، وسمع ابن أخي منه زُهْد أَحْمَد. 98- الحسن بن عليِّ بن زيد بن الهَيْثَم: أبو عليِّ الدِّهقان الصوفيّ. توفِّي بالكوفة. روى عن: أبي الطَّيّب بن النّحّاس. روى عنه: أبو الغنائم النَّرسيّ. 99- الحسن بن عليِّ بن عَمْرو2: أبو محمد المصحِّحِّ التّميميّ الدِّمشقيّ النُّحْويّ. سمع: عبد اللَّه بن محمد الحِنّائي، وابن أبي الحديد. روى عنه: أبو القاسم النّسيب ووثَّقه، وأبو سعد السَّمّان. 100- الحسين بن عليّ بن الدبَّاغ: أبو عبد اللَّه الطائيِّ الكوفيّ الخزّاز. روى عن: أبي هشام التيْمُليّ. روى عنه: النَّرسيّ.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 511"، وسير أعلام النبلاء "17/ 642، 643". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 50"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 232، 233".

101- حمزة بن عليّ الزُّبَيْرِيّ المصريّ: توفِّي في رمضان. قاله الحبَّال. حرف الرَّاء: 102- رشأ بن نظيف بن ما شاء اللَّه1: أبو الحسن الدِّمشقيِّ المقرئ. قرأ بحرف ابن عامر على أبي الحسن بن داود الدَّارانيّ. وقرأ بمصر والعراق بالرِّوايات. قرأ عليه جماعة آخرهم موتًا أبو الوحش. وسمع الحديث من عبد الوهّاب الكِلابيّ، وأحمد بن محمد بن سرام، وأبي مسلم محمد بن أَحْمَد الكاتب، وأبي الفتح بن سيخت، والحسن بن إسماعيل الضرَّاب، وطلحة بن أُسد، وأبي عمر بن مهديّ، وجماعة كثيرة. روى عنه: رفيقه أبو عليّ الأهوازيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وعليّ بن الحسين بن صصرى، وسهل بن بِشر، وأحمد بن عبد الملك المؤذِّن، وأبو القاسم عليِّ بْن إِبْرَاهِيم النّسيب، وأبو الوحش سبيع. ووُلِدَ في حدود سنة سبعين وثلاثمائة. وله دارٌ موقوفة على القرَّاء بباب النّاطفانّيين. قال الكتّانيّ: توفِّي في المحرَّم، وكان ثقةً مأمونًا، وانتهت إِليْهِ الرئاسة في قراءة ابن عامر2. حرف الزَّاي: 103- زيد بن أَحْمَد بن الصَّيْقَل النَّسّاج: سمع: أبا خازم الوشَّاء، وأبا طالب بن الصباغ. وعنه: أبو النرسي.

_ 1 الإعلام بوفيات الأعلام "184"، وشذرات الذهب "3/ 271". 2 مختصر تاريخ دمشق "8/ 324".

حرف السين: 104- سعيد بن محمد بن البغونش الطليطلي1 الطبيب: أخذ الطب عن: سليمان بن جُلْجُل، ومحمد بن عَبْدُون. وأخذ الهندسة والعدد عن: مسلمه بن أَحْمَد بقُرْطُبَة. واتَّصل بأمير طُلَيْطِلَة الظافر إسماعيل بن عبد الرَّحمن بن ذي النَّون، وحظي عنده، ثم لزِم بيته، وأقبل على تلاوة القرآن. وله تصانيف. توفِّي في رجب، وله خمسٌ وسبعون سنة. 105- سوار بن محمد بن عبد اللَّه بن مطرِّف بن سوار بن دحون: أبو القاسم القُرْطُبيّ. كان من أهل العِلم والذَّكاء، حافظًا للمسائل، عارفًا بعقد الشّروط، حافظًا لَأخبار قُرْطُبَة وسِيَر مُلُوكها. وكان حليمًا وقورًا فصيحًا بليغًا متودّدًا. عاش خمسًا وسبعين سنة، وتوفِّي في جُمَادى الآخرة. 106- سيف بن محمد العلويّ: أبو القاسم. قال أبو الغنائم النُّرْسيّ: ثنا عن عليِّ بن عبد اللَّه العُطّارَديّ النجَّار، وكان صحيح السَّمَاع. حرف العين: 107- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مكِّيّ2: أبو محمد بن ماردة المقرئ السوّاق. قرأ برواية أبي عمرو علي بن الفرج الشنبوذي.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 143"، والمنتظم "8/ 156". 2 في تاريخه.

وسمع من: ابن عُبَيْد العسكريّ، وعليّ بن كَيْسان. قال الخطيب1: كتبنا عنه، وكان صدوقًا ديِّنًا. مات في ذي القعدة. قلت: روى عنه أبو منصور بْن أَحْمَد بْن ... 108- عَبْد اللَّه بْن محمد الْجَدَليّ2: أبو محمد بن الزَّفت الأندلسيِّ، خطيب المَرِيّة. رحل وسمع من: أبي الحسن القابِسي، وأحمد بن فراس المكِّيّ. توفِّي في جمادى الأولى. 109- عبد الرَّشيد بن الملك محمود بن سُبُكْتِكِين3: صاحب غَزْنة، تملَّك بعد موت ابن أخيه نحو ثلاثة أعوام. وكان مقدِمَ جيشه طُغْرُل أحد الأبطال فجهَّزه، فافتتح فتوحًا، وحدَّث نفسه بالمُلك، وأطاعه الجيش وجاء بهم، فأحسَّ عبد الرَّشيد بالغدر، فالتجأ إلى قلعةٍ وتحصَّن، فعمل عليه نُوّاب القلعة، وأسلموه إلى طُغْرُل، فقتله وتملَّك في هذا العام، ثم قتله بعض الأمراء ولم يُمْهِله اللَّه. 110- عبد العزيز عليِّ بن أَحْمَد بن الفضل بن شَكَر4: أبو القاسم البغداديِّ الأزجيّ الخيَّاط المفيد. سمع الكثير من: ابن كَيْسان، وأبي عبد اللَّه العسكريّ، وأبي سعيد الحُرْفيّ، وعبد العزيز الخِرَقيّ، وابن لؤلؤ الورَّاق، ومحمد بن أَحْمَد المفيد، فمن بعدهم. قال الخطيب5: كتبنا عنه، وكان صدوقًا كثير الكتاب.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 274، 275". 2 الكامل في التاريخ "9/ 582-584". 3 تاريخ بغداد "10/ 468"، وسير أعلام النبلاء "18/ 18، 19". 4 في تاريخه. 5 نسبة إلى بلدة من بلاد المشرق يقال لها: كاشغر. "الأنساب".

وُلِدَ سنة ست وخمسين وثلاثمائة، وتوفِّي في شعبان. قلت: وله مصنَّف في الصفات. روى عنه: القاضي أبو يعلي الحنبليّ، وعبد اللَّه بن سبعون القيروانيّ، والحسين بن الألمعيِّ الكاشْغَريّ، وحمد بن إسماعيل الهمذاني. 111- عبد الكّريم بن إبراهيم1: أبو منصور الْأصبهانيّ، ابن المطرِّز. روى عن: أبي الحسن بن كَيْسان. وعنه: الخطيب، وقال: كان صدوقًا. 112- عبْد الوَهّاب بن أَحْمَد بن إبراهيم2: المقرئ البغداديّ أبو محمد، المعروف بابن بُكَيْر العطَّار. سمع: السَّوسنِجْرديّ، وابن الصّلت المحبّر. روى عنه: أبو طاهر بن سوار شيئًا من القراءات. وورَّخه ابن خَيْرون. 113- عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد بن مَعْمَر3: أبو بكر التميميّ القُرْطُبيّ. روى عن أبي محمد الأصيليّ، وأبي عُمَر بن المكْويّ، وعبّاس بن أصْبَغ. وكان عالمًا بمذهب مالك، قائمًا بحُجَجِه، حسن الاستنباط، بارعًا في الأدب. توفِّي -رحمه اللَّه- في المحرَّم، وقد ناهز الثمانين. 114- عُبَيْد اللَّه بن سعيد بن حاتم بن محمد بن علويه4:

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 80"، المنتظم "8/ 156". 2 ذيل تاريخ بغداد لابن النجار "15/ 313-315". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 302". 4 معجم البلدان "5/ 356"، وسير أعلام النبلاء "17/ 654-657"، وشذرات الذهب "3/ 271، 272".

الحافظ أبو نصْر الوائليّ البكريّ السِّجْزيّ، نزيل مصر، ومصنِّف كتاب "الْإِبانة الكبرى عن مذهب السَّلف في القرآن"، وهو كتاب طويل جليل في معناه، يدلُّ على إمامة المُصنِّف -رحمه اللَّه. وهو راوي الحديث المسلسل بالَأوَّليَّة. روى عن: أَحْمَد بن إبراهيم بن فِراس العَبْقَسِيّ، وأبي عبد الله محمد بْن عَبْد الله الحاكم، وأبي أَحْمَد الفَرَضيّ، وحمزة المهلّبيّ، وأحمد بن محمد بن موسى المُجْبِر، ومحمد بن محمد بن محمد بن بكر الهزاني البصري، والقاضي أبي محمد عبد اللَّه بن محمد الأسديِّ بن الاكفانيِّ، وابن مهديِّ، وأبي العلاء عليِّ بن عبد الرَّحيم السُّوسيّ، وأبي محمد بن محمد بن البيِّع، سمعوا من المحامليِّ أربعتهم، وأبي عبد الرحمن السُّلميِّ، وأبي محمد عبد الرّحمن بن عمر بن النَّحّاس، وعبد الرحمن بن إبراهيم القطار، وعبد الصَّمد بن زُهير بن أبي جرادة الحلبيِّ، وسمعوا ثلاثتهم من أبي سعيد بن الأعرابي. ورحل في الحديث بعد سنة اثنتين وأربعين، فسمع بنَيْسابور، وببغداد، وبالبصرة، وواسط، ومكّة، وحلب، ومصر. وقد سمع قبل أن يرحل بسِجِسْتان من الوزير محمد بن يعقوب بن حمُّويْه، أنا محمد بن أَحْمَد بن الغَوْث بِبُسْت: ثنا الهيثم بن سهل التستُّريّ، ثنا حمَّاد بن زيد، فذكر حديثًا. روى عنه: أبو إسحاق الحبَّال، وجعفر بن أَحْمَد السّرّاج، وسهل بن بشر الْإِسْفرَائينيّ، وأحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأبو مَعْشَر الطَّبَريّ، وإسماعيل بن الحسن العَلَويّ، وعبد الباقي بمكَّة. قال ابن طاهر في "المنثور": سألت الحافظ أبا إسحاق الحبَّال عن أبي نصر السِّجزيّ، وأبي عبد الله الصوري، أيهما أحفظ؟ فقال: كان أبو نصر أحفظ من خمسين أو ستين مثل الصوري1. وسمعت الحبَّال قال: كنت يومًا عند أبي نصر فدقَّ الباب، فقمتُ ففتحت، فرأيت امرأةً، فدَخَلَت وأخرجت كيسًا فيه ألف دينار، فوضعتها بين يدي الشّيخ، وقالت: أنفِقْهَا كما ترى.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 655".

قال: ما المقصود؟ قالت: تزوَّجني ولا لي حاجة في الزَّوج، ولكنْ لَأخدمك. فأمرها بأخذ الكيس وأن تنصرف، فلمَّا انصرفت قال: خرجتُ من سِجِسْتان بنّية طلب العلم، ومتى تزوّجت سقط عنِّي هذا الاسم، وما أُوثِرُ على طلب العلم شيئًا. توفِّي -رحمه اللَّه- بمكّة في المحرَّم. 115- عثمان بن سعيد بن عثمان بن سيد بن عمر1: الْإِمام أبو عَمْرو الأُمَويّ، مولاهم القُرْطُبيّ المُقرئ الحافظ، المعروف في وقته بابن الصيرفي، وفي وقتنا بأبي عمرو الدّانيّ، صاحب التّصانيف. قال: أخبرني أبي أنِّي ولدت سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، فابتدأت بطلب العلم في أوَّل سنة ستٍّ وثمانين، ورحلتُ إلى المشرق سنة سبعٍ وتسعين، ومكثت بالقيروان أربعة أشهر، ثم توجَّهت إلى مصر، فدخلتها في شوَّال من السَّنة، ومكثت بها سنةً، وحَجَجت. قال: ودخلت إلى الأندلس في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وخرجت إلى الثغر سنة ثلاث وأربعمائة، فسكنت سَرَقُسْطة سبعة أعوام، ثم رجعت إلى قُرْطُبَة، وقَدِمْتُ دانيةً2 سنة سبع عشرة3. قلت: واستوطنها حتّى توفِّي بها، ونُسِبَ إليها لطول سكناه بها. وسمع الحديث من طائفة، وقرأ على طائفة، فقرأ بالروايات على: عبد العزيز بن جعفر بن خُوَاشتيّ الفارسيّ ثم البغداديّ، نزيل الأندلس، وعلى جماعة بالَأندلس. وقرأ بمصر بالروايات على: أبي الحسن طاهر بن الطيب بن غَلْبُون، وعلى أبي الفتح فارس بن أحمد الضّرير. وقرأ لورْش على أبي القاسم خَلَف بن إبراهيم بن خاقان المصريّ. وسمع كتاب "السَّبعة" لابن مجاهد على أبي مسلم محمد بن أحمد بن علي

_ 1 تذكرة الحفَّاظ "3/ 1120، 1121"، وسير أعلام النبلاء "18/ 77-83"، وكشف الظنون "1/ 135"، وشذرات الذهب "3/ 272". 2 دانية: مدينة، بالأندلس من أعمال بلنسية، على ضفة البحر شرقًا. "معجم البلدان 2/ 434". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 407".

الكاتب، وسمع منه الحديث، ومن: أَحْمَد بن فِراس العَبْقَسيّ، وعبد الرَّحمن بن عثمان القُشَيِريّ الزَّاهِد، وحاتم بن عبد اللَّه البزَّاز، وأحمد بن فتح بن الرَّسَّان، ومحمد بن خليفة بن عبد الجبَّار، وأحمد بن عمر بن محفوظ الجيزيّ القاضي، وسَلَمَة بن سعيد الْإِمام، وسلمون بن القرويّ صاحب أبي عليّ بن الصّوّاف، وعبد الرَّحمن بن عمر بن محمد بن النحّاس المعدل، وعلي بن محمد بن بشير البربعي، وعبد الوهَّاب بن أَحْمَد بن منير المصريّ، ومحمد بن عبد اللَّه بن عيسى المُرّيّ الأندلُسيّ، وأبي عبد اللَّه بن أبي زَمَنِين، والفقيه أبي الحسن عليّ بن محمد القابسيّ، وغيرهم. قرأ عليه القراءات: أبو بكر بن الفصيح، وأبو الذواد1 مفرج قني إقبال الدولة، وأبو الحسن يحيى بن أبي زيد، وأبو داود، وسليمان بن أبي القاسم نجاح، وأبو الحسن عليّ بن عبد الرحمن بن الدوش2، وأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن المفرج البطليوسي، وخلق كثير من أهل الأندلس، لا سيما أهل دانية. قال بعض الشّيوخ: لم يكن في عصره ولا بعد عصره أحد يُضاهيه في حِفظِه وتحقيقه، وكان يقول: ما رأيت شيئًا قطّ إِلَّا كتبته، ولا كتبته إِلَّا حفَظْتُه، ولا حفِظُتْه فنسيته. وكان يُسأل عن المسألة مِمّا يتعلّق بالَآثار وكلام السَّلف فيوردها بجميع ما فيها مسنَدة من شيوخه إلى قائلها3. قال ابن بَشْكُوال4: كان أحد الأئِمة في علم القرآن ورواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه وإعرابه. وجمع في ذلك كلّه تواليف حِسانًا مفيدة يطول تعدادها. وله معرفة بالحديث وطرقه، وأسماء رجاله ونقلته، وكان حسن الخطّ، جيِّد الضّبط، من أهل الحِفظ والذّكاء والتفنُّن في العلم. وكان ديّنًا فاضلًا، ورعًا، سنيًّا.

_ 1 في تذكرة الحفاظ "الدؤاد". 2 في سير أعلام النبلاء "18/ 79" "الدش". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 80". 4 في الصلة "2/ 406".

وقال المُغاميّ: كان أبو عمرو مُجاب الدّعوة، مالكيِّ المذهب1. وذكره الحُمَيْدِي فقال2: محدِّث مُكثِر، ومُقرئ متقدِّم، سمع بالَأندلس والمشرق، وطلب علم القراءات، وألَّف بها تواليف معروفة، ونظمها في أرجوزة مشهورة. قلت: وما زال القرَّاء مُعترفين ببراعة أبي عمرو الدَّانيّ وتحقيقه وإتقانه، وعليه عمدتهم فيما ينقله من الرَّسم والتَّجويد والوجوه. لهُ كتاب "جامع البيان في القراءات السّبع وطُرُقها المشهورة والغريبة"، في ثلاثة أسفار، وكتاب "إيجاز البيان في أصول قراءة ورْش"، في مُجلَّد كبير، وكتاب "التلخيص في قراءة ورش" في مجلَّد متوسط، وكتاب "التيسير"، وكتاب "المقنع" وكتاب "المحتوى في القراءات الشواذ" في مُجلَّد كبير، وكتاب "الأرجوزة في أصول السُّنّة" نحو ثلاثة آلاف بيت، وكتاب "معرفة القُرَّاء" في ثلاثة أسفار، وكتاب "الوقف والابتداء". وبلغني أنَّ مصنّفاته مائةٌ وعشرون تصنيفًا. ومن نظمه في "عُقُود السُّنّة": كلَّم موسى عبدَه تكليما ... ولم يَزَل مُدبّرًا حكيما كلامُهُ وقولُهُ قديمٌ ... وهُوَ فَوْقَ عرشِهِ العظيمُ والقولُ في كتابه المفصَّل ... بأنَّهُ كلامُهُ المنزَّل على رسوله النّبيّ الصادق ... ليس بمخلوقٍ ولا بخالق من قال فيه أنّه مخلوقُ ... أو مُحْدَثٌ فقولُهُ مُرُوقُ والوقفُ فيه بدعةٌ مُضلة ... ومثلُ ذلك اللَّفظ عند الجلَّة كلا الفَريقيّْن مِن الجهميَّة ... الواقفون فيه واللَّفْظيهْ أَهْوِنْ بقَوْل جَهْمٍ3 الخَسيسِ ... وواصل4 وبشر المريسي5

_ 1 الصلة "2/ 406". 2 في جذوة المقتبس "305". 3 هو: جهم بن صفوان. 4 هو: واصل بن عطاء. 5 انظر ترجمته في تاريخ الإسلام "حوادث ووفيات 211-220" رقم "55".

ثم سائق سائرها1. وقد روى عنه أيضًا: الأستاذ أبو القاسم بن العربيّ، وأبو عليّ الحسين بن محمد بن مبشّر المقرئ، وأبو القاسم خَلَف بن إبراهيم الطُّلَيْطُليّ، وأبو عبد اللَّه محمد بن فرج المَغَامِيّ، وأبو عبد اللَّه محمد بن مُزَاحم، وأبو بكر محمد بن المُفَرّج البَطَلْيُوسيّ، وأبو إسحاق إبراهيم بن عليّ نزيل الْإِسكندرية، وخلقٌ سواهم. حملوا عنه تلاوةً وسماعًا. ورَوَى عَنْهُ بالْإِجازة: أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد اللَّه الخَوْلانيّ. وآخر من روى عنه بالْإِجازة أبو العبّاس أَحْمَد بن عبد الملك بن أبي حَمْزَة المُرْسيّ، والد القاضي أبي بكر محمد. وتوفِّي أبو عَمْرو بدانية يوم الْإِثنين نصف شوّال، ودُفِنَ يومئِذٍ بعد العصر، ومشى السُّلطان أمامَ نَعْشِه، وكان الجمع في جنازته عظيمًا. وتوفِّي أبو العبّاس بن أبي حمزة في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. 116- عليّ بن محمد بن صافي بن شُجاع2: أبو الحسن الدّمشقيّ. عًرِفَ بابن أبي الهَوْل الرَّبَعيّ. حدَّث عن: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وعبد اللَّه بن بكر الطَّبرانيّ، وأبي بكر بن أبي الحديد، وتمَّام، وأبي الحسن بن جهضم، وطائفة كبيرة. روى عنه: الكتّانيّ، ونجا بن أَحْمَد، وسهل بن بِشرْ، وعليّ بن أَحْمَد بن زهير، ومحمد بن الحسين الحنائي. قيل: إنَّه اتُّهِمَ في سماعه كتاب "هواتف الجانّ". توفِّي فِي ذي القعدة. 117- عليّ بْن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن جعفر البغداديّ3: ابن الجبّان.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 82، 83". 2 ميزان الاعتدال "3/ 155"، ولسان الميزان "4/ 259". 3 تاريخ بغداد "12/ 102".

سمع: أبا الحسين محمد بن المُظفّر، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وجماعة. توفِّي في المحرَّم. حرف الفاء: 118- الفضل بن إسحاق بن إبراهيم: أبو زيد الأزْديّ الهرويّ، الخطيب المفتيّ، ناظر أوقاف هراة، وابن عمّ قاضيها محمد بن الأزديّ. روى عن: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حَمَّوْيه السَّرْخسيّ، وعبد الرّحمن بن أبي شُرَيْح. 119- الفضل بن محمد بن عليّ1: أبو القاسم القصبانيّ البصْريّ النّحويّ، أحد أئِمة العربيّة. وعنه أَخَذَ: أبو زكريّا يحيى بن عليّ التبريزيّ، وأبو محمد القاسم بن عليّ الحريري. وله كتاب "الصَّفوة في مُخَتار أشعار العرب" وهو كبير، وكتاب "الأمالي"، و"مقدمة في النحو". ومن شعره: في الناسِ منْ لَا يُرْتَجى نفعُه ... إِلَّا إذا مُسَّ بإضْرَارِ كالعُود لَا مَطْمَع في ريِحِهِ ... إِلَّا إذا أُحْرِقَ بِالنَّارِ حرف القاف: - قِرْواش: صاحب الموصِل. ذُبِح في هذه السّنة، وقد مَرَّ عام أحد2.

_ 1 كشف الظنون "165"، ومعجم المؤلفين "8/ 71". 2 برقم "23".

حرف الميم: 120- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أَحْمَد1. أبو جعفر السّمنانيّ2، قاضي الموصِل وشيخ الحنفيّة. سكن بغداد، وحدَّث عن: نصر بن أَحْمَد المَرْجيّ، والدَّارقُطْنيّ، وعليّ بن عمر الحربيّ، وجماعة غيرهم. قال الخطيب3: كتبت عنه، وكان صدوقًا فاضلًا حنفيا، يعتقد مذهب الأشعريّ، ولهُ تصانيف. قلت: توفِّي بالموصِل وله ثلاثٌ وثمانون سنة. وقد ذكره ابن حزم فقال: أبو جعفر السِّمْناني المكفوف، قاضي الموصِل، هو أكبر أصحاب الباقِلانيّ، ومقدِّم الأشعرية في وقتنا، قال: من سمَّى اللَّه جسمًا من أجل أنّه حامل لصفاته في ذاته فقد أصاب المعنى وأخطأ في النِّسبة فقط. ثُمّ أخذ ابن حزم يُشنِّع على السِّمْنَانيّ ويسبَّه لهذه المقالة المبتدعة ولنحوها، فنعوذ باللَّه من البِدَع، فليت ابن حزم سكت رأسًا برأسٍ، فله أوابد في الأصول والفُروع. 121- محمد بن إبراهيم بن عبد اللَّه4: أبو عبد اللَّه بن أبي حَبّة الأُمَويّ، مولاهم القُرُطبِيّ. روى عن: أبي عبد الله من مفرج، وعباس بن أصبغ، وابن أبي الحُبَاب، وأبي محمد الأصيليّ. وكان متفنِّنًا في العلوم، ثاقب الذهن، حافظًا للَأخبار. توفِّي في آخر السَّنة وقد نيِّف على الثمانين. 122- محمد بن إسماعيل بن عمر بن محمد بن سبنك5:

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 355"، والبداية والنهاية "12/ 64". 2 السمناني: نسبة إلى سمنان، وهي قرية من قرى نسا في العراق. "الأنساب "7/ 149". 3 في تاريخه. 4 الصلة لابن بشكوال "2/ 533". 5 تاريخ بغداد "2/ 55"، والمنتظم "8/ 156، 157".

أبو الحسين البَجَليّ البغداديّ المعدّل. روى عن: جدِّه عمر، وأبي عبد اللَّه العسكري، وأبي سعيد الحرفيّ، والدّارَقطنيّ. وتُوُفّي في رمضان. 123- محمد بن عبد العزيز بن العبَّاس بن المهديّ الهاشميّ العبّاسيّ1: أبو الفضل، خطيب الحربيّة. سمع: أبا الحسين بن سمعون، والحسن بن محمد المخزوميّ، وأبا بكر بن أبي موسى الهاشميّ، وجماعة. قال الخطيب2: كتبت عنه، وكان صدوقًا خيّرًا فاضلًا معدّلًا. توفِّي في المحرَّم، وكان مولده في سنة ثمانين وثلاثمائة. قلت: روى عنه: ولده أبو عليّ محمد بن محمد. 124- محمد بن أبي عَدِيّ بن الفضل: أبو صالح السَّمَرْقَنْديّ، ثُمّ المصري. روى عن: القاضي أبي الحسَن الحلبيّ، وأحمد بن محمد بن الأزهر السّمناويّ. روى عنه الرّازيّ في مشيخته. 125- مُحَمَّد بن عَلِيّ بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن داود3: أبو نصر البغداديّ ابن الرّزّاز. سمع: ابن حُبابَة، وأبا طاهر المخلّص. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقا. 126- محمد بن محمد بن أخي سعاد الأسديّ الكوفيّ. قال أبي النَّرْسيّ: ثنا عن أبي الطِّيب بن النحاس، وسماعه صحيح.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 354"، والمنتظم "8/ 157". 2 في تاريخه. 3 تاريخ بغداد "3/ 14".

127- محمد بن محمد بن مغيث بن أَحْمَد بن مغيث1: أبو بكر الصدفيّ الطُّلَيْطُليّ. روى عن: محمد بن إبراهيم الخشني، وعبدوس بن محمد، وأبي عبد اللَّه بن أبي زَمَنين. وكان من جُلَّة الفقهاء وكبار العُلماء، مقدَّمًا في الشُّورَى. قال ابن مظاهر: أخبرني من سمع محمد بن عمر بن الفخَّار مرَّات يقول: ليس بالَأندلُس أبصَر من محمد بن محمد بن مغيث بالَأحكام. توفِّي في جمادى الآخرة. 128- المطهِّر بن محمد النهشلي: كوفِّي وثَّقه أبو النَّرسِيّ، وقال: حدّثنا عن أبي الطِّيب بن النّحّاس. 129- مكِّي بن عمر: أبو عبد اللَّه المُحتَسِب الهمذانيّ، العبد الصّالح. روى عن: أَحْمَد بن جانجان، وأبي طاهر بن سَلَمَة، وأبي مسعود البَجَليّ. قال شِيرَوَيْه: لم أُدرِكه، وثنا عنه الميدانيّ، وكان صدوقًا مُكثِرًا زاهدًا، كان يقرأ على المشايخ -رحمه اللَّه تعالى. حرف النون: 130- ناصر بن الحسين بن محمد بن علي القرشي المعمري2: أبو الفتح المَرْوَزيّ الفقيه الشّافعيّ. سمع: أبا العبّاس السَّرْخَسيّ بمرو، وأبا محمد المخلديّ، وأبا سعيد ابن عبد الوهاب الرّازيّ بنْيَسابُور، وأبا محمد عبد الرّحمن بن أبي شُرَيْح الأنصاريّ بهراة. وتفقَّه بمرْو على: القفَّال، وبنيسابور على: أبي طاهر بن مَحْمِش، وأبي الطيِّب الصُّعلُوكيّ، ودرَّس في حياتهما.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 533". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 643، 644"، وشذرات الذهب "3/ 272".

وتفقَّه به خلقٌ مثل: أبي بكر البَيْهقيّ، وأبي إسحاق الجيليّ. وتوفِّي بنيسابور في ذي القعدة. وكان عليه مدار الفتوى والمناظرة، وكان فقيرًا قانعًا باليسير، متواضعًا خيِّرًا. وقد تفقَّه بمرَوْ على القفَّال وغيره. وكان من أفراد الأئِمة، وقد أملى مُدّة سنين1. وروى عنه: مسعود بن ناصر السّجْزيّ، وأبو صالح المؤذِّن، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ، وطائفة. سنة خمس وأربعين وأربعمائة: حرف الألف: 131- أَحْمَد بن عليّ بن هاشم2: أبو العبّاس المصريّ المقرئ المجوّد، الملقَّب بتاج الأئمة. قرأ على: أبي حفص عمر بن عِرَاك، وأبي عديّ عبد العزيز بن عليّ بن مُحَمَّد بن إسحاق، وأبي الطيّب عبد المنعم بن غَلْبُون، وعليّ بن سليمان الأنطاكيّ، وأبي الحسن عليّ بن محمد بن إسحاق الحلبيّ. ثمّ رحل إلى العراق فقرأ بالروايات على أبي الحسن الحماميّ. وتصدَّر للإقراء بمصر. قرأ عَلَيْهِ: أبو القاسم الهُذليّ، وغيره. ودخل الأندلس في سنة عشرين وأربعمائة مجاهدًا، فأتى سَرَقُسْطَة وأقام بها دهرًا. وكان رجُلًا ساكنًا عفيفًا، فيه بعض الغَفْلَة. وذكره أبو عمر بن الحذّاء وقال: كان أحفظ من لقيتُ لاختلاف القُرّاء وأخبارهم. وانصرف إلى مصر واتَّصل بنا موته.

_ 1 المنتخب من السياق "461". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 86"، وشذرات الذهب "3/ 272، 273".

قلت: وقال ابن بشكوال1: سمع منه أبو عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عُمَر بْن الحذَّاء، وغيرهم. قلت: وقد سمع من أبي الحسن الحلبيّ، والميمون بن حمزة الحُسَيْنيّ، وأحمد بن عبد اللَّه بن زريق المخزوميّ، وأبي محمد الضرّاب. روى عنه: الرّازي. وقال الحبّال: توفِّي في شوّال. 132- أَحْمَد بن عمر بن رَوْح2: أبو الحسين النّهْروانيّ. سمع: أبا حفص بن الزيّات، وأبي عُبَيْد العسكريّ، والحسن بن جعفر الخِرَقيّ، والدَّارقُطَنيّ. قال الخطيب3: كتبت عنه، وكان صدوقًا أديبًا حسن المذاكرة معتزليا. توفِّي في ربيع الآخر. قلت: روى عنه: أبو منصور بن النَّقُّور، وجماعة. 133- أَحْمَد بن محمد بن إبراهيم ابن رأس البغل: أبو عبد اللَّه العبّاسيّ، مولاهم. قال ابن النَّرسِيّ: كان صالحًا صحيح السَّماع. سمعته يقول: وُلِدت في ذي الحِجّة سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. مات في ربيع الأوَّل. 134- إبراهيم بن عمر بن أَحْمَد بن إبراهيم4: أبو إسحاق البرمكيّ البغدادي، الفقيه الحنبلي.

_ 1 في الصلة "1/ 86". 2 تاريخ بغداد "4/ 296"، والمنتظم "8/ 158"، والبداية والنهاية "12/ 64". 3 في تاريخه. 4 الكامل في التاريخ "9/ 596"، وسير أعلام النبلاء "17/ 605، 606"، والنجوم الزاهرة "5/ 55"، وشذرات الذهب "3/ 273".

كان أسلافه يسكنون محلَّةً تُعرَف بالبرامكة. وقيل: بل كانوا يسكنون قريةً تسمَّى البرمكيّة1، وإلّا فليس هو من ذريّة البرامكة. سَمِعَ: أبا بَكْر القَطِيعيّ، وأبا محمد بْن ماسيّ، وعبد اللَّه بن إبراهيم الزَّيْنَبيّ، وأبا الفتح محمد بن الحسين الأزْديّ، وابن بخيت الدقَّاق، وإسحاق بن سعْد النسويّ، وطائفة سواهم. قال الخطيب2: كتبنا عنه، وكان صدوقًا ديّنًا فقيهًا على مذهب أَحْمَد بن حنبل، وله حلقة للفتوى. وُلِدَ سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وتوفِّي يوم التَّروِية. قلت: وكان إمامًا في الفرائض، صالحًا زاهدًا، أجاز له أبو بكر عبد العزيز غلام الخلّال. وتفقَّه على: أبي عبد اللَّه بن بُطَّة، وعلى: ابن حامد. روى عنه: أبو غالب محمد بن عبد الواحد الشيبانيّ، وأبو منصور محمد بن عليّ القزويني الفرَّاء، وعبد القادر ابن محمد بن يوسف، وهبة اللَّه بن أَحْمَد بن الطَّبر الحريري، وجماعة. وآخر من حدَّث عنه: القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري. 135- إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز3: أبو إسحاق الدّمشقيّ المقرئ القصَّار. كهل، سمع: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصْر، وغيره. روى عنه: عبد المنعم بن عليّ الكِلابيّ. وكان ثقة.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 190". 2 في تاريخه "6/ 139". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "4/ 100، 101".

136- إسماعيل بن عليّ بن الحسين بن زَنْجَوَيْهِ1: أبو سعْد بن السّمّان الرّازيّ الحافظ، سمع: عبد الرّحمن بن محمد بن فضالة بالرّي، ومحمد بن عبد الرّحمن المخلّص ببغداد، وبمكّة: أَحْمَد بن إبراهيم بن فِراس، وبمصر: عبد الرحمن بن عمر النّحّاس، وبدمشق: عبد الرّحمن بن أبي نصر، وخَلقًا كثيرّا. روى عنه: الخطيب، والكتّانيّ، وابن أخته ظاهر بن الحسين الرّازيّ، وأبو عليّ الحدّاد، وغيرهم. قال المرتضى أبو الحسن المطهِّر بن عليّ العلويّ الرّازيّ: سمعت أبا سعد السّمّان إمام المعتزلة يقول: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الْإِسلام2. وقال عمر العُلَيْميّ: وجدت على ظهر جُزء: مات الزَّاهد أبو سعد إسماعيل بن عليّ السمّان في شعبان سنة خمسٍ وأربعين، شيخ العدليّة3 وعالمهم وفقيههم ومُحدّثهم. وكان إمامًا بلا مُدافعة في القراءات والحديث والرجال والفرائض والشّروط، عالِمًا بفقه أبي حنيفة، وبالخلاف بين أبي حنيفة والشّافعيّ، وفقه الزَّيْديّة. وكان يذهب مذهب الشّيخ أبي هاشم، ودخل الشّام والحجاز والمغرب، وقرأ على ثلاثة آلاف شيخ، وقصد أصبهان في آخر عمره لطلب الحديث. وكان يُقال في مدحه: إنّه ما شهد مثل نفسه، كان تاريخ الزّمان وشيخ الْإِسلام، ثُمّ ذكر فصلًا في مدحه. وقال الحافظ ابن عساكر4: سألتُ أبا منصور عبد الرحيم بن الظفر بالرّيّ عن أبي سعد السّمّان، فقال: سنة ثلاثٍ وأربعين. قال: وكان عدليّ المذهب -يعنيّ معتزليًّا، وكان له ثلاثة آلاف وستمائة شيخ، وصنَّف كتبًا كثيرة، ولم يتأهل قطّ.

_ 1 معجم البلدان "5/ 109"، وميزان الاعتدال "1/ 239"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1131-1123"، وسير أعلام النبلاء "18/ 55-60"، والبداية والنهاية "12/ 12". 2 تاريخ دمشق "33/ 27". 3 العدلية: المعتزلة. 4 في تاريخ دمشق "22/ 221".

وقال الكتّانيّ: كان من الحُفّاظ الكِبار، زاهدًا عابدًا يذهب إلى الاعتزال. قلت: وقع لنا من تأليفه "المسلسلات"، و"الموافقة بين أهل البيت"، و"الصحابة". ومع براعته بالحديث ما نفعه اللَّه به، فالَأمرُ لله. حرف الطّاء: 137- طَرَفَة بن أَحْمَد بن الكميت1: الخرستاني الدّمشقيّ، أبو صالح الماسح. روى عن: عبد الوهاب الكلابي، وغيره. روى عنه: ابنه صالح، ونجا بن أَحْمَد، وسهْل بن بشر، والشّريف النَّسيب. وكان ثقة. توفِّي -رحمه اللَّه- في شعبان، وسماعه قليل. حرف العين: 138- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أبو القاسم الْأصبهاني الرّفاعيّ، حافظ. قال الخطيب: ثنا عن أَحْمَد بن موسى بن مردَوْيه، ومات ببغداد، وكنت إذ ذاك في برّيّة السَّماوة قاصدًا دمشق. ويروي عن أبي عمر الهاشميّ. 139- عبد الوهّاب بن محمد بن محمد: أبو القاسم الخطَّابي الهرويّ. سمع: أبا الفضل بن خَميروَيْه، وأبا سليمان الخطابي. روى عنه: الحسين بن محمد بن الكتبي. 140- عتبة بن عبد الملك بن عاصم2:

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "11/ 174، 175". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 450، 451".

أبو الوليد الأندلسي المقرئ. رحل في صباه، وقرأ بالروايات على: أبي أحمد السامري، وأبي حفص بن عراك، وابن غلبون أبي الطيب، وأبي بكر محمد بن علي الأدفوي. قال ابن النجار: سمع من والده عبد الملك بن عاصم بن الوليد الأموي بالأندلس سنة خمس وسبعين، وأمَّا أبوه فيروي عن أبي العبَّاس أَحْمَد بن يحيى المليانيّ، لقِيَه بِتِنَّيْس يروي عن يحيى بن بُكَيْر. وذكر أنَّه قرأ على أبي حفص سنة ثمانين وثلاثمائة. قرأ عليه: أبو طاهر بن سوّار، وأبو بكر أَحْمَد بن الحسين القطّان. وروى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الفضل بن خيرون، وأحمد بن علي الطريثيثي، والمبارك بن طيوري، وغيرهم. وقال أبو الفضل بن خَيْرون: كان رجلًا صالحًا، قد كتبتُ عنه. ومات في رجب ببغداد1. 141- عطيّة اللَّه بن الحسين بن محمد بن زهير2: الخطيب أبو محمَّد الصَّوريّ. سمع: أبا الحسين بن جُميْع، وحمدان بن عليّ المْوصِليّ. روى عنه: ابنه حسن، وأبو نصر الطُّرَيْثِيثيّ، وسهل بن بشرْ. وكان ينوب في القضاء ببلده. وكان أحد الخُطباء البُلَغاء، ذا عناية بالعلوم والَآداب. 142- عليّ بْن سَعِيد بْن عليّ: أَبُو نصر، الفقيه المعدل. سَمِعَ: أَبَا مُحَمَّد عبد اللَّه بْن السقاء. وتوفِّي بواسط في شعبان.

_ 1 غاية النهاية "1/ 449". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 85".

143-علي بن عبيد الله بن محمد1: أبو الحسن الهمذانيّ الكسائيّ الصُّوفيّ، المحدِّث بمصر. سمع: أَحْمَد بن عبدان الشّيرازيّ الحافظ بالَأهواز، ونَصْر بن أَحْمَد، وعبد الوهّاب الكِلابيّ بدمشق، وأبا الفتح محمد بن أَحْمَد النّحوي بالرَّمْلَة، ومنير بن عطيّة بقِيّْساريّة، وإسماعيل بن الحسن الضّرّاب بمصر. روى عنه: عبد المحسن بن محمد الشيحيّ، وسهل بن بشْر الْإِسْفَرائينيّ، ومحمد بن أَحْمَد الرّازيّ. وقد كتب عنه: عبد العزيز النخشبي، وأبو نصر السَّجْزِيّ. وتوفِّي في جُمَادى الأولى. 144- عمر بن أَحْمَد بن محمد2: أبو حفص البُوصِيريّ3 المصريّ، الفقيه المالكيّ. حدَّث عن: قاضي أَذَنَة عليّ بن الحسين. 145- عمر بن الواعظ أبي طالب محمد بن علي بن عطية المكيّ4. أبو حفص. روى عن والده كتاب القوت ببغداد. وروى عن: أبي حفص بن شاهين. حرف الميم: 146- محمد بْن أَحْمَد بْن عثمان5: أبو طالب بن السّوادي، أخو أبي القاسم الأزهري.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 652، 653". 2 الأنساب "2/ 334". 3 البوصيري نسبة إلى بوصير، وهي بلدة بصعيد مصر. 4 تاريخ بغداد "1/ 275". 5 البداية والنهاية "12/ 65"، ولسان الميزان "5/ 37".

سمع: الحسين بن محمد بن عبيد العسكري، وابن لؤلؤ الوراق، ومحمد بن المظفر. قال الخطيب1: كتبنا عنه وكان صدوقًا، توفِّي بواسط في ذي الحجة. وقال السلفي: سألت خميسا الحوزي عن أبي طالب بن الصيرفيّ أخي الأزهريّ فقال: سمع بإفادة أخيه، وكان يُتَّهم بالرفض. نزل واسط مُدّة. 147- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرّحيم2: أبو طاهر الْأصبهانيّ الكاتب. حدَّث عن: أبي الشيخ، وأبي بكر القباب، وأبي بكر بن المقرئ، والدّارَقُطْنيّ حدَّث عنه بسُنَنِه3، وأبي الفضل الزُّهريّ، وابن شاهين، وغيرهم. وَولِدَ في أوّل سنة ثلاثٍ وستّين. قال عبد الغنيّ النّخشبيّ: سمعته يقول: أوّل ما سمعت الحديث من أبي محمد بن حيَّان في صَفر سنة ثمانٍ وستين، مات يوم الجمعة الحادي عشر من ربيع الآخر. قال يحيى بن مَنْدَهْ: ولم يحدِّث في وقته أوثق مِنْهُ وأكثر حديثًا. صاحب الكُتُب والَأُصول الصِحاح، وهو آخر من حدَّث عَن أبي الشّيخ والقَبَّاب. قلت: روى عنه: أبو نصر الشيرازيّ، وعبد الغفّار بن محمد بن نَصْرَويْه الصوفيّ، وعبد الغفّار بن محمد بن شيرويه النَّيَسابُوريّ، وهبة اللَّه بن حسن الأبرقوهي، وأبو زكريا يحيى بن الوهّاب بن مَنْدَهْ، وإسماعيل بن الفضل السّرّاج، وأبو الرّجاء محمد بن أبي زيد أَحْمَد بن محمد الْجُرْجَانيّ، وأبو منصور أَحْمَد بن محمد بن إدريس الكرمانيّ، وأبو الطِّيب حبيب بن أبي مُسلِم الطُّهرانيّ، وأبو الفتح رجاء بن إبراهيم الخبَّاز، وأبو الفتح سعيد بن إبراهيم الصفَّار، وآخر من حدَّث عنه أبو بَكْر مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَبِي ذَرّ الصالحاني، عاش بعده خمسًا وثمانين سنة.

_ 1 في تاريخه "1/ 319". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 639، 640"، وشذرات الذهب "1/ 362". 3 التقييد "52".

148- محمد بن إدريس بن يحيى الحَسَنيّ الأندلُسيّ1: صاحب مالقة. توفِّي في هذه السّنة، ووَلِيَ مالقة بعده إدريس بن يحيى بن عليّ الملقَّب بالعالي. 149- محمد بن إسحاق بن مَذُّوَيْه الكوفيُّ2: ثقة جليل، فيها مات. قاله أُبيٌّ. لقبه أبو الحسن المُعدّل. روى عن: عليّ بن عبد الرحمن البكائي، وغيره. روى عنه: أبو النّرسيّ، وجماعة. قال الخطيب: كان ثقة ذا وقار. قال لي الصّوريُّ: ليت كُلّ مَن كتبت عنه بالكوفة مثله. مات في شوّال. وسمع ابن النحاس، ووُلِدَ سنة ستين وثلاثمائة. 150- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن عَبْد الرّحمن العلويّ الكوفيّ3: أبو عبد اللَّه، مُسْنَد الكوفة في وقته. انتَقَى عليه الحافظ الصُّوريُّ. وحدَّث عن: عليّ بن عبد الرّحمن البكّائيّ، وأبي الفضل محمد بن الحسن بن حُطَيْط الأسدي، ومحمد بن زيد ابن مروان، وأبي الطّيِّب محمد بن الحُسَين التَّيمُّلّيّ، ومحمد بن عبد اللَّه بن المُّطّلِب الشيبانيّ، ومحمد بن عليّ بن أبي الجرَّاح، وأبي طاهر المُخلِّص، وأبي حفص الكتّانيّ، وغيرهم. وهو من كبار شيوخ أُبَيِّ النَّرسيّ. توفِّي بالكُوفَة في ربيع الأوَّل. أرَّخه أَبِي ووثَّقه، وقال: مولده في رجب سنة

_ 1 تاريخ حلب للعظيمي "342". 2 تاريخ بغداد "1/ 263"، وسير أعلام النبلاء "17/ 637، 638". 3 المنتظم "8/ 8"، العبر "3/ 210"، وسير أعلام النبلاء "17/ 636، 637".

سبع وستين وثلاثمائة. ما رأيت مَنْ كان يفهم فقه الحديث مثله. وكان حافظًا خرَّج عليه الصُّوريّ وأفاد عنه، وكان يفتخر به. قلت: روى عنه من شيوخ السِّلفيّ: أبو منصور أَحْمَد بن عبد اللَّه العلويّ الكوفيّ، ومحمد بن عبد الوهّاب الشُّعيريّ، وأبو الحارث عليّ بن مُحَمّد الجابريّ، وعليّ بن قطر الهَمَذانيّ، وعليّ بن عليّ بن الرّطاب، وعبد المنعم بن يحيى بن الهِقل الكوفيّون. 151- مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن بشران: أبو نصر بن العدل المُسْنِد أبي الحسين. توفِّي في شعبان، وقد روى الحديث. 152- محمد بن عيسى بْن محمد1: أبو عَبْد اللَّه الأُمويّ القُرْطُبيّ، المؤدّب المعمّر. رَوَى عَنْ: أَبِي جَعْفَر بْن عَوْن اللَّه، وأبي عبد الله بن مفرِّج القاضي، وأبي بكر الزُّبَيْدِيّ. وقرأ القرآن على أبي الحسن الأنطاكيّ، وكان شيخًا صالحًا. حدَّث عنه الخولانيّ وقال: سألته عن مولده، فذكر أنّه في النصف من جُمَادى الآخرة سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. وقال ابن خَزْرَج: كان شيخًا فاضلًا وَرِعًا من أهل القرآن، ذا حظٍّ صالح من علم الحديث، قديم العناية بطلبه، ثقة ثبت، توفِّي في ربيع الأوّل. قلتُ: هذا آخر من قرأ على الأنطاكيّ، وأحسبه آخر من سمع من المذكورين. 153- المهلَّب بن أبي صُفْرَة: مرَّ سنة خمس وثلاثين.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 533، 534".

وقال أبو الوليد بن الدبّاغ: سنة خمسٍ وأربعين. 154- محمد بن محمد بن عليّ بن الحَسَن1: النّقيب الأفضل، أبو تمَّام الهاشميّ الزّينبيّ، أخو طراد وأبي نصر وأبي منصور، والحسين. ولي نقابة الهاشميين بعد أبيه. وروى عن: المخلّص، وعيسى بن الوزير، وغيرهما. ولم يسمع منه إِلَّا بعض النّاس. وتوفِّي في الخامس والعشرين من ربيع الأوّل سنة خمس. 155- محمد بن الفضل بن محمد بن سعيد: أبو الفرج القاسانيّ الْأصبهانيّ. سمع: إبراهيم بن خُرشيد قُوَله. روى عنه: أبو علي الحداد في معجمه. توفِّي في المحرَّم. حرف الهاء: 156- هبة اللَّه بن محمد2: أبو رجاء الشيرازيّ. توفِّي بمصر في سلْخ صَفَر. وقد سَمِعَ بخراسان أصحاب الأصَمّ، وببغداد أصحاب ابن البُخْتُريّ. قال الخطيب: علَّقت عنه، وكان ثقة يفهم.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 337"، والكامل في التاريخ "9/ 596"، والبداية والنهاية "12/ 65". 2 تاريخ بغداد "14/ 72".

سنة ست وأربعين وأربعمائة: حرف الألف: 157- أَحْمَد بن أبي الربيع الأندلُسيّ البجانيّ1: أبو عُمر المُقرئ. قال ابن مدبّر: كان من أهل القراءات والَآثار. قرأ على: أبي أَحْمَد السّامريّ وجماعة سواه. وتصدَّر للإقراء. وتوفِّي بالمريّة سنة ستٍّ وأربعين. 158- أَحْمَد بن رشيق2: أبو عُمر الثَّعْلَبيّ3، مولاهم البَجَّانيّ. قرأ القُرآن على: أَحْمَد بن أبي الحصن الحدلي. وسمع من: المُهلّب بن أبي صُفْرة. وجلس إلى أبي الوليد مِيقُل، وشووِرَ بالمريَّة، ونظر عليه في الفقه، وكان له حافظًا. سمع منه: أبو إسحاق بن ورْدون. ومن طبقته: - أَحْمَد بن رشيق. الكاتب الأندلسيّ، سيأتي تقريبًا4.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 53". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 53". 3 في الصلة "التغلبي". 4 برقم "369".

159- أَحْمَد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن حَمَش1: القاضي أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ، حفيد قاضي الحَرَمَيْن. من بيت الحشمة والسّيادة والثّروة، وَلِي قضاء نَيْسابور في اختلاف العساكر التُّرْكُمانيّة، ولم يزل مُحتَرمًا مُكرَّمًا. حدَّث عن: أبي عمرو بن حمدان، وأبي أحمد الحافظ، وأبي سعيد عبد الله بن محمد الرازي، والمعافى بن زكريا والبغاددة. وخرَّج له الخشكاني "الفوائد"، وأملى سنين في داره. وعاش اثنتين وثمانين سنة. 160- أَحْمَد بن محمد: أبو العبَّاس الْجُرْجَانيّ الحنيفيِّ الناطفيِّ2. توفِّي بالرّيّ. حدَّث عن: أبي حفص بن شاهين، وأبي حفص الكتّانيّ. 161- أَحْمَد بن محمد بن الأستاذ أبي عَمْرو أَحْمَد3 بن أُبيّ بن أَحْمَد الرّئيس: أبو الفضل الفُراتيّ الخُراسانيّ. رئيس مُحتشم وصدر مبجَّل، اتّصل بالتركمانيَّة ووَلِيَ رئاسة نيسابور مُدَّة، وبعد ذلك حجَّ ودخل الشّام ومصر، وطوَّف، ورُدّ إلى بغداد فأُكرِمَ في دار الخلافة إكرامًا لم تجرِ العادة بمثله، ولقِّبَ برئيس الرّؤساء. وعقد الإملاء، وكان حسن العشرة، سحب للصوفيّة4، وله مصاهرة مع شيخ الْإِسلام أبي عثمان الصّابونيّ، ثم صاهر بيت الصّاعديّة، وجرى بسبب تعصُّب المذهب معه وحشة، وأخذ بسببه غيره من الأئمة، وقصد الرّئيس بما لم يقصد به أحد

_ 1 المنتخب من السياق "97، 98". 2 الناطفي: نسبة إلى بيع النطاق وعمله "الأنساب "12/ 18". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 1124". 4 تاريخ دمشق "7/ 117".

قبله مثله، وصار حديثًا وسمرًا، وكلّ ذلك من تعنتٍ واستهزاءٍ وقِلّة مُبالاة كانت غالبةً عليه، واستبدادٍ برأيٍ غير مُصيب. حدَّث عن: جدِّه، وأبي يَعْلَى بن حمزة المُهلّبيّ، وعبد اللَّه بن يوسف الْأصبهانيّ، وطبقتهم، وابن مَحْمِش، والسُّلميّ. روى عنه: أبو القاسم عليّ بن محمد المصيصي، وأبو الفتح نصر المقدسيّ، وعليّ بن محمد بن شُجاع، وأبو طاهر الحِنَّائيّ، وأبو الحسن بن المَوَازينيّ، وعبد اللَّه بن الحسن بن هلال الدّمشقيّون، وأبو سعْد عبد اللَّه بن القُشيْريّ، وإسماعيل بن عبد الغافر. وتوفِّي في شَعْبَان قبل وصوله إلى بيته. وهو من أهل أُسْتُوا. 162- إبراهيم بن الحسن بن إسحاق الصّوّاف المصريّ: أبو إسحاق. توفِّي في المحرَّم. 163- إبراهيم بن محمد بن عمر1: أبو طاهر العَلَويّ. سمع: محمد بن عبد اللَّه الشّيبَانيّ. روى عنه: الخطيب البغداديّ. وعاش سبعًا وسبعين سنة. حرف الحاء: 164- الْحَسَن بْن عليّ بن إبرهيم بن يَزْداد بن هُرْمز2: الَأستاذ أبو عليّ الأهوازي المقرئ، نزيل دمشق.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 174". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 13-18"، وميزان الاعتدال "1/ 512"، وشذرات الذهب "3/ 274"، وكشف الظنون "1/ 140".

قَدِمَها في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وسكنها، وكان مولده في أوّل سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. عُنِيَ بالقراءات، ورحل فيها، ولقي الكبار. وقرأ للدوري على أبي الحسن بن حسين بن عثمان الغَضَائريّ، عن القاسم بن زكريّا، عنه. وقرأ لحفص، على الغَضَائريّ، عن ابن سهل الأُشْنَانيّ، عن عبيدٍ، عنه، وقرأ للّيث صاحب الكسائيّ على أبي الفرج الشَّنْبُوذيّ. وقرأ لَأبي بكر على أبي حفص الكتّانيّ، عن ابن مجاهد. وقرأ للبزي بالَأهواز على أبي عُبَيْد اللَّه محمد بن فيروز صاحب الحسين بن الْجُباب. وقرأ لِوِرْش على أبي بكر محمد بن عُبَيْد اللَّه بن القاسم الخِرقيّ. وقرأ على جماعة كثيرة يطول ذكرهم بالشام، والعراق، والأهواز. وصنَّف "الموجز"، و"الوجيز"، و"الإيجاز"، وغير ذلك من القراءات، ورحل إليه القرَّاء لعلوِّ سنده وإتقانه. قرأ عليه: أبو علي غلام الهرَّاس، وأبو القاسم الهُذَليّ، وأبو بكر أَحْمَد بن عمر بن أبي الأشعث السَّمَرْقَنْديّ، وأبو نَصْر أَحْمَد بن عليّ بن محمد الزّينبيّ البغداديّ، وأبو الحسن علي بن أحمد الأبهري المصيني الضّرير، وأبو الوحش سُبيْع بن المُسلِم، وأبو بكر محمد بن المُفرِّج البَطَلْيُوسيّ، وأبو بكر عَتِيق بن محمد الرّدائيّ، ومؤلّف "المفتاح" أبو القاسم عبد الوهّاب بن محمد القُرْطُبيّ. وقد روى الحديث عن: نصر بن أَحْمَد بن الخليل المرْجئ، وعبد الوهّاب بن محمد الطّلْحيّ، وأبي حفص الكتّانيّ، وهبة اللَّه بن موسى الموصِليّ، والمعافى بن زكريّا النهروانيّ، وعبد الوهّاب بن الحسن الكِلابيّ، وتمَّام بن محمد الرّازيّ، وأبي مسلم محمد بن أَحْمَد الكاتب، وخلْقٌ يطول ذكرهم. وله تواليف في الحديث. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو سعد السّمّان، وعبد الرحيم البخاري، وعبد

العزيز الكتاني، والفقيه نصر بن إبراهيم المقدسيّ، وأبو ظاهر محمد بن الحسين الحِنّائيّ، وأبو القاسم النّسيب. ووثَّقه النّسيب. ولكن من غُلاة السُّنّة. صنَّف كتابًا في الصفات1، وروى فيه الموضوعات ولم يضعِّفْها، فما كأنّهُ عرف بوضعها، فتكلّم فيه الأشاعرة لذلك؛ ولَأنه كان ينال من أبي الحسن الأشعريّ. قال أبو القاسم بن عساكر2: كان مذهبه مذهب السّالمية، يقول بالظّاهر ويتمسَّك بالَأحاديث الضّعيفة التي تُقوّي له رأيه. سألتُ3 شيخنا ابن تيميّة عن مذهب السّالمية فقال: هم قوم من أهل السنة في الجملة من أصحاب أبي الحسن بن سالم، أحد مشايخ البصرة وعبَّادها، وهو أبو الحسن أَحْمَد بن محمد بن سالم من أصحاب سهل ابن عبد اللَّه التَّسَتُّريّ، خالفوا في مسائلٍ فَبُدِّعُوا. ثم قال ابن عساكر4: سمعت أبا الحسن عليّ بن أَحْمَد بن منصور -يعني: أبي قُبَيْس- يحكي عن أبيه قال: لمّا ظهر من أبي عليّ الأهوازيّ الْإِكثار من الروايات في القراءات أتُّهِم في ذلك، فسار رشأ بْن نظيف، وأبو القاسم بْن الفُرات، ووصلوا إلى بغداد. وقرأوا على الشّيوخ الّذين روى عنهم الأهوازيّ، وجاءوا بالْإِجازات، فمضى الأهوازيّ إليهم وسألهم أن يرونه تلك الخطوط، فأخذها وغيِّر أسماء مَن سمَّى ليستُر دعواه، فعادت عليه بَرَكَة القرآن فلم يفتضح، فحدّثني والدي أبو العبّاس قال: عُوتِبَ، أو قال: عاتبتُ أبا طاهر الواسطيّ في القراءة على الأهوازيّ، فقال: أقرأ عليه للعِلم ولا أصدِّقه في حرف واحد.

_ 1 هو كتاب "البيان في شرح أهل الإيمان" "تبيين كذب المفتري 369". 2 في تاريخ دمشق "10/ 29". 3 أي: المؤلف -رحمه الله. 4 في تاريخه "10/ 29".

وقال ابن عساكر في "تبيين كذِب المفتري"1: لَا يستبعدنَّ جاهلٌ كذِبَ الأهوازيّ فيما أورده من تلك الحكايات، فقد كان من أكذب النّاس فيما يدَّعي من الرّوايات في القراءات. وقال أبو طاهر محمد بن الحسن المِلَحيّ: كنت عند رشأ بن نظيف في داره على باب الجامع، وله طاقة في الطريق، فاطَّلَع منها وقال: قد عَبَرَ رجل كذَّاب، فاطَّلَعت فوجدته الأهوازيّ2. وقال الحافظ عبد الله بن أحمد بن السَّمَرْقَنْديّ: قال لنا الحافظ أبو بكر الخطيب: أبو عليّ الأهوازيّ كذَّاب في الحديث والقراءات جميعًا. وقال الكتّانيّ: اجتمعت بالحافظ هبة اللَّه بن الحسن الطبري ببغداد، فسألني عمَّن بدمشق من أهل العلم، فذكرت له جماعة منهم أبو عليّ الأهوازيّ، فقال: لو سَلِمَ من الراويات في القراءات3. قلت: أمَّا القراءات فتلقّوا ما رواه من القراءة وصدّقوه في اللّقاء. وكان مقرئ أهل الشّام بلا مدافعة معرفةً وضبطًا وعُلُوّ إسناد. قال أبو عمر الدّانيّ: أخذ أبو عليِّ القراءة عَرْضًا وسماعًا عن جماعة من أصحاب ابن مجاهد وابن شَنَبوذ، وكان واسع الرِّواية كثير الطُّرق حافظًا ضابطًا، أقرأ النّاس بدمشق دهْرًا. قلت: وقد زعم أنّ شيخه الغَضَائريّ قرأ القرآن على أَبِي محمد بْنُ عبد الله بْن هاشم الزعفراني، عند قراءته على خَلَف بن هشام البزَّار، ودَحَيْم الدِّمشقيّ، وأن شيخه العِجْليّ قرأ على الخَضر بن الهيثم الطوسي سنة عشر وثلاثمائة، عن عمر بن شبَّة. وفي النَّفس شيء من قرب هذه الأسانيد، ويكفي من ضعفها أن رواتها مجاهيل. وذكر أن الغَضَائريّ قرأ على المطِّرز، عن قراءته على أبي حمدون الطيب بن إسماعيل، وهذا قول منكر.

_ 1 ص415. 2 تبيين كذب المفتري "416". 3 تبيين كذب المفتري "368".

قال ابن عساكر في حديثٍ هو موضوع رواه الخطيب، عن أبي عليِّ الأهوازيّ: هو متَّهم. قلتُ: رَوَاهُ الأَهْوَازِيُّ فِي الصِّفَاتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ الأَطْرَابُلُسِيِّ، عَنِ الْقَاضِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ غَالِبٍ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ، عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ، عن أبي زر، عن لقيط ابن عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتُ ربِّي بمِنَى عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ عَلَيْهِ جبة. هذا كذب على الله ورسوله. قد اتّهَمَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَبَا عَلِيٍّ الأَهْوَازِيَّ كَمَا تَرَى، وَهُوَ عِنْدِي آثِمٌ ظَالِمٌ لِرِوَايَتِهِ مِثْلُ هَذَا الْبَاطِلِ، وَلِرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ: نا جَدِّي لِأُمِّي الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التَّسَتُّريُّ، نا حماد ابن دَلِيلٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَلَى أَبِي أُمَامَةَ رَفَعَهُ: إِذَا كَانَ عِشِيَّةَ عَرَفَةَ هَبَطَ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَيَكُونُ إِمَامَهُمْ إِلَى الْمَزْدَلِفَةِ، وَلا يَعْرُجُ إِلَى السَّمَاءِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَإِذَا أَسْفَرَ غَفَرَ لَهُمْ حَتَّى الْمَظَالِمِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَى السَّمَاءِ. وَأَطِمَ مَا للأَهْوَازِيِّ فِي كِتَابِ الصِّفَاتِ لَهُ حَدِيثٌ: إنَّ اللَّه لمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ نَفْسَهُ خَلَقَ الْخَيْلَ فَأَجْرَاهَا حَتَّى عَرِقَتْ، ثُمَّ خَلَقَ نَفْسَهُ مِنْ ذَلِكَ العرق. وهذا خبر مقطوع بوضعه، لعن الله واضعه ومعتقده، مع أنه شيء مستحيل في العقول بالبديهة. قال ابن عساكر1: قرأت بخطِّ الأهوازيّ قال: رأيت رب العزة في النوم وأنا بالَأهواز، وكأنّه يوم القيامة فقال لي: بقي علينا شيء اذهب. فمضيت في ضوء أشدَّ بياضًا من الشّمس، وأَنْوَر من القمر، حتى انتهيت إلى طاقة أمام بيتٍ، فلم أزل أمشي عليه ثم انتبهت. قال ابن عساكر: وأنبأنا أبو الفضائل الحَسَن بن الحَسَن الكِلابيّ قال: حدَّثني أخي عليِّ بن الخِضر العثمانيّ قال: أبو عليِّ الأهوازيِّ تكلّموا فيه، وظهر له تصانيف زعموا أنَّه كذب فيها. وَأَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْحِنَّائِيُّ، أنا الأَهْوَازِيُّ، نا أَبُو حَفْصِ بْنِ سَلَمُونٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، نا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن يوسف الأصبهاني، ثنا شعيب بن بيان الصفار، نا

_ 1 في تاريخ دمشق "10/ 30".

عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمْعَةِ يَنْزِلُ اللَّهُ فِي قِبْلَةِ كُلِّ مُؤْمِنٍ مُقبِلا عَلَيْهِ، فَإِذَا سلَّم الإِمَامُ صَعَدَ إِلَى السَّمَاءِ". وَبِهِ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَلَمُونٍ، بِإِسْنَادٍ ذَكَرَهُ، عَنْ أَسْمَاءَ مَرْفُوعًا: "رَأَيْتُ رَبِّي بِعَرَفَاتٍ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ عَلَيْهِ إِزَارٌ". وَهَذَانِ وَاللَّهِ مَوْضُوعَانِ، وَحَدُّ السُّوفِسْطَائِيِّ أَنْ يُشَكَّ فِي وَضْعِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ. قال الكتّانيّ: وكان الأهوازيّ مُكثرًا من الحديث، وصنَّف الكثير في القراءات، وكان حسن التّصنيف، وفي أسانيد القراءات لهُ غرائب يُذكَر أنَّه أخذها روايةً وتلاوةً، وتوفِّي في ذي الحجّة. وزاد غيره: في رابع ذي الحجّة. وقد وهّاه ابن خيرون، ورماه ابن عساكر بالكذِب غير مرَّة في كتابه "تبيين كذِب المُفتري"، وقال: رماه اللَّه بالدَّاء الأكبر. 165- الحسين بن جعفر1: أبو عبد اللَّه السَّلمَاسيّ، ثُمّ البغداديّ. سمع: عليّ بن محمد بن أَحْمَد بن كَيْسان، وأبا سعيد الحُرفيّ، وعليّ بن لؤلؤ، وجماعة. قال الخطيب2: كتبنا عنه، وكان ثِقةً أمينًا كثير البرّ والخير. قلت: أخذ السِّلَفيّ عن أصحابه. حرف الخاء: 166- الخليل بن عبد اللَّه بن أَحْمَد3: أبو يعلي الخليلي القزويني الحافظ، صنَّف "الإرشاد في معرفة المحدثين".

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 29"، والبداية والنهاية "12/ 65". 2 في تاريخه. 3 سير أعلام النبلاء "17/ 666-668"، وشذرات الذهب "3/ 275"، ومعجم طبقات الحفاظ "84".

كان ثقةً حافظًا عارفًا بالعِلل والرِّجال، عالي الْإِسناد1. سمع من: عليّ بن يزيد بن أَحْمَد بن صالح القزوينيّ المقرئ، ومحمد بن سليمان بن يزيد الفامي، والقاسم ابن علْقَمة، وجدُّه محمد بن عليِّ بن عمر، وعليّ بن عمر القصّار، وأبي حفص عمر بن إبراهيم الكتّانيّ، ومحمّد بن الحسن بن الفتح الصفّار، ومحمد بن أَحْمَد بن ميمون الكاتب، وأبي الحسين أَحْمَد بن محمد النّيسابُوريّ الخفّاف، وأبي بكر محمد بن أَحْمَد بن عبدوس المزكّي، وأبي عبد اللَّه الحاكم. وسأل الحاكم عن أشياء من العِلَل. وروى بالْإِجازة عن: أبي بكر بن المقرئ الْأصبهانيّ، وعن: أبي حفص بن شاهين. روى عنه: أبو بكر بن لال مع تقدُّمه، وهو من شيوخه، وولده أبو زيد واقد بن الخليل، وإسماعيل بن عبد الجبّار ابن ماك. مات -رحمه اللَّه- في آخر العام. 167- عبد اللَّه بن الحسين بن عثمان الهَمدانيّ الخبّاز2: روى عن: الدَّارقُطْنيّ. روى عنه: أبو الغنائم النّرْسِيّ. 168- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن محمد بن النعمان بن عبد السّلام الْأصبهانيّ3: أبو محمد اللبان. قال الخطيب4: كان أحد أوعية العلم. سمع: أبا بكر بن المقرئ، وإبراهيم بن

_ 1 التقييد "262". 2 تاريخ بغداد "9/ 444". 3 تاريخ بغداد "10/ 144، 145"، وسير أعلام النبلاء "17/ 653، 654"، والبداية والنهاية "12/ 66". 4 في تاريخه.

خرشيد قوله، وأبا طاهر المخلّص، وأحمد بن فِراس العبْقسيّ. وكان ثِقةً، صحِب القاضي أبا بكْر بن الباقِلّانيّ، ودرس عليه الأُصُول. ودرس الفقه على أبي حامد الإسفرائيني. وقرأ بالروايات، وولي قضاء إيْذَج1، ولهُ مصنَّفات كثيرة، وكان من أحسن النّاس تلاوةً. كتبنا عنه، وكان وجيز العبارة في المُناظرة، مع تديُّن وعِبَادةُ ووَرَع بيِّن، وحُسن خُلُقٍ، وتقشُّف ظاهر. أدرك رمضان سنة سبع وعشرين وأربعمائة ببغداد، فصلى بالناس التروايح في جميع الشّهر، فكان إذا فَرَغَها لا يزال يُصلّي في المسجد إلى الفجر، فإذا صلَّى درَّس أصحابه. وسمعته يقول: لم أضع جنبي للنّوم في هذا الشّهر ليلًا ولا نهارًا. وكان ورده لنفسه سبعًا مُرَتّلًا. قال ابن عساكر2: سمعتُ ببغداد من يحكي أنَّ أبا يَعْلَى بن الفرّاء، وأبا محمد التميميّ شيخي الحنابلة كانا يقرءان على أبي محمد بن اللبَّان في الأصول سِرًّا، فاجتمعا يومًا في دِهليزه فقال أحدهما لصاحبه: ما جاء بك؟ قال: الّذي جاء بك، وقال: أكتُم عليّ وأكتُم عليك. ثُمّ اتفقا على أن لَا يعودا إليه خوفًا أن يطَّلع عوامّهم عليهما. وقال الخطيب3: سمعته يقول: حفظت القرآن ولي خمس سِنين، وأحضرت مجلس أبي بكر بن المقرئ ولي أربع سِنين، فتحدّثوا في سماعي، فقال ابن المقرئ: اقرأ "والمُرْسَلات". فقرأتها ولم أغلط فيها. فقال: سمِّعوا لهُ والعهدة عليَّ. قال الخطيب4: ولم أرَ أجود ولا أحسن قراءة منه.

_ 1 إيذج: بلد بين خوزستان وأصبهان "معجم البلدان "1/ 288". 2 في تبيين كذب المفتري "261". 3 في تاريخه بغداد "10/ 144". 4 في تاريخه.

قلت: روى عنه أبو عليّ الحدَّاد، وقرأ عليه بالرّوايات غَيْرُ واحد. ومات بأصبهان في جُمادى الآخرة. 169- عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد1: أبو القاسم الخَزْرَجيّ القُرطُبيّ. رحل إلى المشرق في جمادى الأولى سنة ثمانين وثلاثمائة، فحجَّ أربع حجج. قال أبو عليّ الغسّانيّ: سمعته غير مرّة يقول: من شيوخي في القرآن: أبو أَحْمَد السَّامريّ، وأبو الطِّيّب بن غَلْبُون، وأبو بكر محمد بن عليّ الأُدْفُويّ. ومن شيوخه في الحديث: أبو بكر المهندس، والحسن بن إسماعيل الضّرّاب، وأبو مسلم الكاتب. قال: لقيتُ كُلَّ هؤلاء بمصر. ولقيَ بالقيروان: أبا محمد بن أبي زيد. وقرأ بالَأندلُس على: أبي الحسن الأنطاكيّ. وأقرأ النّاس في مسجِدِهِ بَقُرْطُبَةِ زمانًا، ثُمّ نقله يونس بن عبد اللَّه القاضي إلى الجامع، فواظب على الْإِقراء، وأمَّ في الفريضة إلى أن توفِّي لستٍّ بقين في المُحرّم فجأة. وقال أبو عمر بن مهديّ: كان من أهل العلم بالقراءات، حافظًا للخُلْف بين القرّاء، مُجَوِّدًا للقُرآن، بصيرًا بالنحو، مع الحجّ والخير والأحوال المُستحسَنَة. أُجْلِسَ للإقراء بجامع قُرْطُبة. 170- عبد الّرحمن بن عبد الوهّاب بن محمد بن حُمَيْد الدّمشقيّ: حدَّث عن: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وتمَّام. روى عنه: نجا بن أَحْمَد. 171- عبد الرحمن بن مَسْلَمة بن عبد الملك بن الوليد2.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 333، 334"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1124، 1125". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 334، 335".

أبو المطرّف القُرَشيّ المالِقيّ. سكن إشبيليّة. كان مقدَّمًا في الفهم، بصيرًا بالعلوم الكبيرة؛ قرآنٍ وأصولٍ وحديث وفقه وعربية، قد أخذ من كلِّ علمٍ بحظٍّ وافِر. أخذ عن: أبي محمد الأصيلي، وعباس بن أصبغ، وخَلَف بن قاسم وجماعة. توفِّي في شوَّال، وكان مولده سنة تسعٍ وستّين. 172- عبد السّلام بن الحسين بن بكّار: أبو القاسم البغداديّ. حدَّث عن: عيسى بن الوزير. وعنه: أبو عليّ البَرَدَانيّ. 173- عليّ بن الفضل بن أَحْمَد بن محمد بن الفُرات1: أبو القاسم الدّمشقيّ المقرئ، إمام جامع دِمشق. سمع: عبد الوهّاب الكلابي، والحسن بن عبد الله بن سعيد البَعَلْبَكيّ. ورحل إلى بغداد فقرأ بها القراءات. وسمع من: أبي عمر بن مهديّ. وبالكوفة من: القاضي محمد بن عبد اللَّه الْجُعْفيّ. وبمصر من: عبد الجبّار بن أَحْمَد الطَّرَسُوسيّ. روى عنه: ابنه أبو الفضل، وأبو بكر الخطيب، وعبد المنعم بن الغمر، ومحمد بن الموازينيّ، وأبو القاسم النّسيب، وأبو طاهر الحِنّائيّ، وأبو الحسن بن المَوَازِينيّ. ووثَّقه النسيب. توفِّي في رجب، ويقال في شعبان.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 146".

174- عليّ بن ميمون بن حمْدان الأَسَديّ المؤذّن: كوفي. روى عن: ابن عزال. روى عنه: أُبَيّ النُّرسيّ. 175- عمر بْن محمد بْن أَحْمَد بْن جعفر1: أبو عبد الرحمن البَحيريّ النّيسابوريّ المُزكّيّ. شيخ من كبار العُدُول، ومن بيت الحديث والرّواية. سمع من: جدّه، وأبيه، وأبي الحسن الحجّاجيّ، وأبي عمرو بن حمدان، وزاهر السَّرْخَسيّ، وأبي طاهر بن خُزَيمة. وحدَّث سنين، وأملى مُدّةً في الجامع. قال أبو صالح المُؤذِن: خلط في سماعه في آخر عمره، وتوفِّي فِي ربيع الأوّل. 176- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن قُزْعة المؤدّب2: بغداديّ، يُعْرَف بابن الدِّلْو. روى عن: أبي عمر بن حَيَّوَيْهِ. روى عنه: أبو بكر بن الخاضبة، وغيره. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقا. حرف القاف: 177- القاسم بن إبراهيم بن قاسم بن يزيد الأنصاري3: من ولد الأمير عبد الله بن رواحة صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَبُو محمد القُرْطُبيّ، المعروف بابن الصّابونيّ. نزيل إشبيليّة.

_ 1 المنتخب من السياق "401، 402"، ولسان الميزان "4/ 326". 2 تاريخ بغداد "11/ 275، 276". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 469، 470"، ومجم المؤلفين "8/ 92".

روى عن: أَحْمَد بن فتح الرّسّان، وسعيد بن سَلَمَة، ومخلد بن عبد الرّحمن، وابن الجسور، ويونس بن عبد اللَّه. وقال ابن خَزْرَج: كان من أهل العِلم بالقراءات والحديث، ذا حظٍّ وافرٍ من الفقه والَأدب، صدوقًا. توفِّي بمدينة لَبْلَة، وكان خطيبها وقاضيها في شعبان. وولِدَ سنة ثلاثٍ وثمانين. حرف الميم: 178- محمد بن الحسن بن زيد بن حمزة: أبو الحسن اليَشْكُريّ الكُوفيّ. حدَّث عن: عليّ البكّائيّ، وأبي زُرعة أَحْمَد بن الحُسين الرّازيّ. قال أُبَيّ النَّرْسيُّ: سماعه صحيح، سمعته يقول: وُلِدتُ سنة 352. 179- محمد بن عبد الرحمن1: أبو الفضل النَّيْسَابُوريّ الحُرَيْضِيّ2 -تصغير الحُرْضيّ، يعني الأُشْنَانيّ. حدَّث ببغداد عن: أبي الحسين الخفّاف، والعَلَويّ، وابن فُوَرك. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا. توفِّي بهَمَذَان. 180- محمد بن عبد الرّحمن بن عثمان بن القاسم3: أبو الحسين بْن أبي محمد بن أبي نصر التميميّ الدّمشقيّ المعدّل. سمع: أباه، وأبا بكر المَيَانِجِيّ، وأبا سليمان بن زبر، هو آخر من حدَّث عنهما. وروى عنه: سهل بن بِشْر، وموسى الصِّقليّ، وأبو القاسم النّسيب، وأبو الحسن بن الموازيني، وأبو طاهر الحنائي.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 324". 2 الحريضي: نسبة إلى الحرض. "الأنساب "4/ 124، 125". 3 سير أعلام النبلاء "17/ 648، 649"، وشذرات الذهب "3/ 274".

وكانت له جنازة عظيمة، غُلق له البلد، وحضره النّائب. توفِّي في رجب. 181- محمد بْن عليّ بن إبراهيم1: أبو طالب البيضاويّ. توفِّي في رمضان، وكان مكثرّا. سمع: أبا الحسين بن المظفّر، وابن حَيَّوَيْهِ. روى عنه: الخطيب، وأثنى عليه، وعبد العزيز الكتّانيّ. وكان صدوقًا. 182- محمد بن الفضل بن محمد: أبو بكر النَّيْسابوريّ اللبَّاد. روى الكثير عن: أبي أَحْمَد الحاكم، وأبي الحسين محمد بن المظفّر، وطبقتهما. 183- محمد بن محمد بن عيسى بن حازم: أبو الحسين البكريّ الكوفيّ، المعروف بابن نَفِّطْ. سمع إفادة أبيه من: عليّ بن عبد الرّحمن البكّائيّ. وكان أُميًّا لَا يكتُب. روى عنه: أُبَيّ النَّرسيّ. 184- محبوب بن محبوب بن محمد2: أبو القاسم الخشنيّ الطُلَيْطُليّ. روى عن: محمد بن إبراهيم الخُشَنيّ، وأبي إسحاق بن شنظير، وأبي جعفر بن ميمون.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 104"، والأنساب "2/ 369". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 628".

وكان من أعلم أهل زمانه باللغة والعربيّة، بصيرًا بالحديث وعلله، فهِمًا فطِنًا صالحًا. توفِّي في المحرَّم. ترجمه ابنُ مظاهر. حرف النون: 185- نصر بن سيّار بن يحيى: أبو الفتح الهَرَويّ القاضي، رئيس بلده. روى عن: جدّه، وعن: خاله أبي القاسم الدّاووديّ. وخرَّج له شيخ الْإِسلام أمالي. وقُتِلَ مظلومًا. 186- بنت فايز القُرطُبيّ: امرأة أبي عبد اللَّه بن عتّاب. عالمة فاضلة متفنِّنَة في العلوم، أخذت عِلم الآداب عن أبيها، والفِقه عن زوجها. وقدِمَت على أبي عمرو الدّانيّ ليقرأ عليها، فوجدتهُ مريضًا فمات، فذهبت إلى بَلَنْسِية وقرأت بالرِّوايات السبع على أبي داود صاحب الدّانيّ. ثم حجَّت سنة خمسٍ، وتوفِّيت راجعةً بمصر سنة ستٍّ. سنة سبع وأربعين وأربعمائة: حرف الألِف: 187- أَحْمَد بن بابشاذ بن داود بن سليمان1: أبو الفتح المصريّ الجوهريّ الواعظ. روى عن: أبي مسلم محمد بن أَحْمَد الكاتب، وأبي الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 84"، ولسان الميزان "1/ 139".

قال أبو طاهر السَّلفيّ: وفيه على ما قيل ليْنٌ. قلت: وروى عنه: ابنه طاهر صاحب العربيّة، وأبو الحسين يحيى بن علي الخشاب المقرئ، وأبو عبد الله محمد ابن أحمد الرازي، وغيرهم. وتوفِّي في رمضان. 188- أحمد بن سلامة: أبو زيد الأصبهاني. عن: أبي بكر بن المقري. وعنه: يحيى بن منده. مات فِي جُمَادَى الأولى. 189- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن ثابت1: الإمام أبو نصر الثابتي البخاري، الفقيه الشافعي. روى عن: أبي القاسم بن جُبَارة، وأبي طاهر المخلّص. وتفقَّه على: أبي حامد الْإِسْفَرائينيّ. ودرَّس وأفتى. قال الخطيب2: كتب عنه، وكان ليِّنًا في الرّواية. قال الذُّهَليّ: كان يدرِّس ويُفتي، وله حلقة في جامع المدينة. وقال النرسي: نا عن زاهر السَّرْخَسيّ. وتوفِّي في رجَب. 190- أَحْمَد بن علي بن عبد اللَّه3: أبو بكر البغداديّ الزَّجّاجيّ المؤدِّب. سمع: أبا القاسم بن حبابة، وأبا حفص الكتاني.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 239، 240"، ولسان الميزان "1/ 201". 2 في تاريخه. 3 تاريخ بغداد "4/ 325"، وطبقات الشافعي للسبكي "3/ 17".

قال الخطيب: كان ديّنًا فقيهًا شافعيا. كتبت عنه، وذكر لي أنّه سمع من: زاهر بن أَحْمَد السَّرْخَسيّ، إِلَّا أن كتابه ببلده بطَبْرستان. وأرَّخ ابن خَيْروُن وفاته في ذي الحجّة، وأنَّه كان صالحًا. 191- أَحْمَد بن محمد بن أَحْمَد بن عبدوس1: أبو الحسن البغداديّ الزَّعفرانيّ المؤدِّب. سمع: أبا بكر القَطيعيّ، وابن ماسيّ، وابن شاهين. قال الخطيب: كتبت عنه من سماعه الصحيح، ومات في صفر. وقد وُلِدَ في سنة ثمان وخمسين. وقال ابن خيرون في الوفيَّات: كان في كلامه وسماعه تخليط. حرف التّاء: 192- التّقي بن نجم بن عُبَيْد اللَّه2: أبو الصّلاح الحَلَبيّ، شيخ الشّيعة وعالِم الرّافضة بالشّام. قال يحيى بن أبي طيّء في تاريخه: هو عين علماء الشّام، والمُشار إليه بالعلم والبيان، والجمع بين علوم الأديان، وعلوم الأبدان. وُلِدَ في سنة أربعٍ وسبعين بِحَلَبْ، ورحل إلى العراق ثلاث مرّات. وقرأ على: الشّريف المُرتضى. وقال ابن أبي رَوْح: توفِّي بعد عوده من الحجّ بالرّملة في المحرَّم، وكان أبو الصّلاح علّامةً في فقه أهل البيت. وقال غيره: لهُ مصنَّفات في الأصول والفروع، منها: كتاب "الكافي"، وكتاب "التقريب"، وكتاب "المُرشِد إلى طريق التّعبُّد"، وكتاب "العُمْدة في الفقه"، وكتاب "تدبير الصّحة" صنَّفه لصاحب حلب نصر بن صالح، وكتاب "شُبَه الملاحدة"، وكُتُبُهُ مشهورة بين أئمّة القوم.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 380". 2 لسان الميزان "2/ 71".

وذُكِرَ عنهُ صلاح وزُهْد وتقشُّف زائد وقناعة مع الحُرمة العظيمة والجلالة، وأنّه كان يُرغِّب في حضور الجماعة، وكان لا يُصلّي في المسجد غير الفريضة، ويتنفَّل في بيته، ولا يقبل ممّن يقرأ عليه هديّة. وكان من أذكياء النّاس وأَفْقههم وأكثرهم تفنُّنًا. وطوَّل ابن أبي طيء ترجمته. 193- تمَّام بن محمد بن هارون1: الخطيب أبو بكر الهاشميّ البغداديّ. سمع: عليّ بن حسّان الحدليّ صاحب مطيّن. وكان صدوقًا معظَّمًا. كتب عنه: أبو بكر الخطيب، والكِبار. حرف الجيم: 194- جعفر بن محمد بن عفَّان2: الفقيه أبو الخير المِرْوَزيّ الشافعيّ. قدِمَ معرَّة النّعْمَان، وأقرأ بها الفقه، وصنَّف في المُذهَّب كتاب "الذّخيرة"، وكان قدومه المعرَّة في سنة 418، ودرَّس بها، وأخذ عنه أهلها. حرف الحاء: 195- الحسن بن رجاء البغداديّ3: الدَّهان النَّحْويّ. أقرأ العربية مُدّة. 196- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه4: أَبُو عليّ العطَّار المقرئ البغداديّ، المؤدب.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 141"، والمنتظم "8/ 166". 2 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 131". 3 الكامل في التاريخ "9/ 616". 4 تاريخ بغداد "27/ 392"، والمنتظم "8/ 166".

ويُعْرَف بالقَرِع، والد فاطمة صاحبة الخطّ المنسوب. سمع من: عيسى بن الوزير، وأبي حفص الكتاني، والمخلص. وقرأ بالرويات على: أبي الفَرَج عبد الملك بن بكران النَّهْرَوانيّ، وأبي إسحاق إبراهيم بن أَحْمَد الطَّبَرِيّ، وأبي الحسن الحمَّاميّ، وجماعة. قرأ عليه: أبو طاهر بن سوّار، وأبو طالب القزَّاز. وروى عنه: أبو بكر الخطيب وقال1: لم يكن به بأس. 197- الحسين بن أَحْمَد بْن محمد بْن حبيب2: أبو عبد اللَّه القادسيّ البزَّاز. كان يُملي في جامع المنصور مُدّة عن: أبي بكر القَطيعيّ، والورَّاق، وأبي بكر بن شاذان. قال الخطيب3: حضرته يومًا وطالبته بأُصول، فدفع إليَّ عند ابن شاذان وغيره أصولًا صحيحة. فقلت: أرني أصلك عن القطيعيّ. فقال: أنا لَا يُشكُّ في سَمَاعي منه. سمَّعني خالي هبة اللَّه المفسِّر منه المُسند كُلُّه. فقلت: لَا تروينَّ ههنا شيئًا إِلَّا بعد أن تُحضِر أصولك وتُوقِف عليها أصحاب الحديث، فانقطع ومضى إلى مسجد براثًا فأملى فيه، وكانت الرَّافضة تجتمع هناك، فقال لهم: منَعَتني النَّواصِب أن أروي في جامع المنصور فضائل أهل البيت. ثم جلس في مسجد الشَّرقيّة، واجتمعت إليه الرَّافضة، ولهم إذ ذاك قوَّة، وكلمتهم ظاهرة، فأملى عليهم العجائب من الموضوعات في الطَّعن على السَّلَف. وقال لي يحيى بن حسين العلويّ: أخرج إليَّ ابن القادسي أجزاء كثيرة من القَطِيعيّ، فلم أرَ في شيءٍ منها له سماعًا صحيحًا إِلَّا في جزءٍ واحد، وكانت أجزاءً عُتقًا قد غيَّر أوائلها وكتَبَهُ بخطِّه، وأثبت فيها سماعه.

_ 1 في تاريخه "7/ 392". 2 الأنساب "10/ 10، 11"، وميزان الاعتدال "1/ 529"، ولسان الميزان "2/ 264، 265". 3 في تاريخ بغداد "8/ 16".

وقال أُبَيّ النَّرْسيِّ: كان ابن القادسيّ يسمِّع لنفسه، وكان له سماع صحيح، منه حديث الكُديْميّ، وجزء من حديث القَعْنَبِيّ، وأجزاء من "مُسنَد أَحْمَد". سمعنا منه. قلتُ: حديث الكُدَيْميّ وقع لنا، وكان قد تفرَّد به ابن المَوَازينيّ، عن البهاء. ومات ابن القادسي في ذي القعدة. 198- الحسين بن عليِّ بن جعفر بن علّكان ابن الأمير أبي دُلَف العِجْليّ الفقيه1: قاضي القُضاة أبو عبد الله الجرباذقاني، والمعروف بابن ماكولا. وَلِيَ قضاء القُضاة ببغداد سنة عشرين وأربعمائة. قال الخطيب2: ولم نرَ قاضيا أعظم نزاهةً منه. سمعته يقول: سمعت من أبي عبد اللَّه بن منده بأصبهان. توفِّي في شوَّال وهو حينئِذٍ قاضي القُضاة، وكان عارفًا بمذهب الشافعيّ، وقيل: إنّهُ وُلِدَ سنة 368، وهو عمّ الحافظ أبي نصر الأمير. 199- الحُسَيْن بن عليّ بن محمد بن أبي المضاء3: أبو عليِّ البعلبكيِّ القاضي. حدَّث عن: الحسن بن عبد الله سعيد الكِنْديّ الحِمصي، والحسين بن أَحْمَد البَعَلْبَكيّ. روى عنه: أبو المضاء محمد بن عليّ المعروف بالشّيخ الدَّيِّن، وسماعه منه بِبَعَلْبَك في سنة ستٍّ وأربعين. وتوفِّي بعدها بسنة. 200- حَكَمُ بن محمد بن حَكَم4: أبو العاص الْجُذّاميِّ القرطبي، ويعرف بابن إفرانك.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 392"، والكامل في التاريخ "9/ 615". 2 في تاريخه. 3 تاريخ دمشق "11/ 161، 162"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 160". 4 سير أعلام النبلاء "17 659، 660"، وشذرات الذهب "3/ 275".

روى عن: عبَّاس بن أَصبَغ، وخلف بن القاسم، وعبد اللَّه بن إسماعيل بن حرب، وهاشم بن يحيى، وجماعة كبيرة. ولقي بطُلَيطُلَة: عبدوس بن محمد، وغيره. ورحل سنة إحدى وثمانين وحجَّ، فأخذ عَن: أبي يعقوب بن الدّخيل، وأبي بكر أحمد بن محمد المهندس، وإبراهيم بن علي التمار، وأبي محمد بن أبي زيد الفقيه. وقرأ القرآن على: أبي الطيب بن غلبون. وكان مسند أهل الأندلس في عصره. روى عنه الكبار: أبو مروان الطبني، وأبو علي الغسَّاني، وقال: كان رجلًا صالحًا ثقةً، مُسنِدًا. عَلَت روايته لتأخُّر وفاته، وكان صليبًا في السُّنّة، مشدِّدًا على أهل البِدَع، عفيفًا ورِعًا، صبورًا على القِلَّة، متين الدّيانة، رافضًا للدُّنيا، مُهينًا لَأهلِها، مُنقبضًا عن السُّلطان، يتمعَّش من بُضَيْعَةِ حِلٍّ ببلده، يُضارب لهُ بِها بعضُ إخوانه المُسافرين. توفِّي في صدْر ربيع الآخر عن سنٍّ عالية عن بضعٍ وتسعين سنة1. وقال عبد الرَّحمن بن خَلَف: أنَّهُ رأى على نَعْش حَكَم هذا يوم دفنه طيورًا لم تُعهَد بعد كانت تُرفرِف فوقه، وتتبع جنازته إلى أن دُفِنَ كالَّذي رُئِي على نَعْش أبي عبد اللَّه بن الخفار -رحمهما اللَّه تعالى. 201- حمزة بْن مُحَمَّد2 بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الحسين3: أبو طالب الهاشميِّ الجعفريِّ الطوسيّ الصُّوفيّ، وكان كثير الأسفار. سمع بدمشق: عبد الوهاب الكِلابيّ، وطلحة بن أسد. وسمع بأصبهان: الحافظ ابن مردويه. وبأماكن.

_ 1 الصلة "1/ 150". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 269"، والمنتخب من السياق "208". 3 في المنتخب من السياق "الحسن".

روى عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري، وأحمد بن سهل السرَّاج، وأبو المحاس الرُّويَّانيّ، وغيرهم. وسكن نُوقان1، وسمع منه بها خلق. وبها توفِّي -رحمه اللَّه- في شَعبَان. 202- حمزة بن القاسم بن عفيف: أبو القاسم المصريِّ الورَّاق. توفِّي أيضًا في شعبان. حرف الذَّال: 203- ذو النُّون بن أَحْمَد بن محمد: أبو الفَيْض المصريّ العصَّار. سمع: القاضي أبا الحسن الحلبيّ، وغيره. روى عنه: أبو عبد اللَّه الرَّازيّ. حرف الرّاء: 204- رافع بْن نصر2: أبو الحسن البغداديّ الشّافعيّ، الزَّاهد الفقيه المُفتي. المعروف بالحمَّال. روى عن: أبي عمر بن مهديِّ الفارسيّ. وحكى عن: أبي بكر بن الباقلّانيّ، وعن: أبي حامد الْإِسْفَرائينيّ. وكان يعرف الأُصُول. أخذ عنه: عبد العزيز الكتَّانيّ، ولهُ شعر حسن.

_ 1 انظر "معظم البلدان "5/ 311". 2 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 164، 165".

وتوفِّي بِمَكَّة. وقال محمد بن طاهر: سمعتُ هيَّاج بن عُبَيْد يقول: كان لرافع الحمَّال في الزُّهد قِدَم. وإنَّما تفقَّه أبو إسحاق الشِّيرازيّ والقاضي أبو يعلى الفرَّاء بمعاونة رافعٍ لهما. كان يحمل ويُنفِق عليهما. ومن شِعر رافع الحمّال: كُرّ كَرّ العّبْدِ إن أحْ ... ببت أن تحسب حرًّا واقطع الآمال عن فض ... ل بني آدم طُرّا أنتَ ما استغنيت عن مث ... لك أعلى الناس قدرًا وكان عرَّافًا بمذهب الشافعي، وكان يُفتي بِمكَّة. قال ابن النَّجَّار: قرأ شيئًا من الأصول على ابن الباقِلّانيّ، وتفقَّه على أبي حامد الْإِسْفَرائينيّ. حدَّث عنه: سهل بن بِشر الْإِسْفَرَائِينيّ، وجعفر السرّاج. وكان موصوفًا بالزُّهْد والعبادة والمعرفة -رحمه اللَّه. حرف السين: 205- سُلَيْم بن أيوب بن سُلَيْم1: أبو الفتح الرّازيّ الفقيه الشّافعيّ المفسِّر الأديب، سكن الشَّام مُرابِطًا مُحتَسِبًا لِنَشْرِ العِلْمِ والسُّنَّة والتصانيف. حدَّث عن: محمد بن عبد اللَّه الْجُعْفيّ، ومحمد بن جعفر التميميّ الكُوفيّيّْن، وأحمد بن محمد البصير، وحمد بن عبد الله الرّازيّيْن، وأبي حامد الْإِسْفَرائينيّ، وأحمد بن محمد المُجْبَر، وأحمد بن فارس اللُّغَويّ، وجماعة. روى عنه: الكتّانيّ، وأبو بكر الخطيب2، والفقيه نصر المقدِسيّ، وأبو نَصْر الطُّرَيثِيثيّ، وعليّ بن طاهر الأديب، وعبد الرَّحمن بن عليِّ الكامليّ، وسهل بن بشر

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 159"، ومعجم البلدان "5/ 171"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "10/ 197-199"، وسير أعلام النبلاء "17/ 545-647"، والعبر "3/ 213". 2 تاريخ دمشق "44/ 429"، ومعجم البلدان "5/ 171".

الْإِسْفَرائينيّ، وأبو القاسم عليّ بن إبراهيم النّسيب وقال: هو ثقة، فقيه، مقرئ، محدِّث. وقال سهل الْإِسْفَرائينيّ: حدَّثني سُلَيْم أنَّه كان في صِغَره بالرّي، ولهُ نحو عشر سِنين، فحضر بعض الشيوخ وهو يلقَّن فقال لي: تقدَّم فاقرأ، فجَهِد أن أقرأ الفاتحة، فلم أقدر على ذلك لانغلاق لساني. فقال: لك والدة؟ قلت: نعم. قال: هل تدعو لكَ أن يرزقك اللَّه قراءة القُران والعِلم. قلت: نعم. فرجعت فسألتها الدُّعاء، فَدَعَت لي، ثُمَّ إني كبرت ودخلت بغداد وقرأت بها العربية والفِقْه، ثُمَّ عُدت إلى الرّيّ، فبينا أنا في الجامع أقرأ بمختصر المُزنيّ وإذا الشّيخ قد حضر وسلَّم علينا وهو لَا يعرفني، فسمع مُقابلتنا وهو لَا يعلم ما نقول، ثُمَّ قال: متى يُتَعلَّم مثل هذا؟ فأردت أن قول له: إن كانت لك والدة قُل لها تدعو لك، فاستحييت منه، أو كما قال1. وقال أبو نصر الطرايثيثي: سمعتُ سُلَيْمًا يقول: علَّقتُ عن شيخنا أبي حامد جميع التّعليق، وسمعته يقول: وَضَعَتْ منِّي صُور، ورفعت بغداد من أبي الحسن بن المَحَامليّ. قال ابن عساكر2: بلغني أنّ سُليمًا تفقَّه بعد أن جاز الأربعين، وقرأت بخطّ غيث الأرمنازيِّ: غرق سُلَيمُ الفقيه في بحر القُلْزُم عند ساحل جدَّة بعد الحجّ في صَفَر سنة سبعٍ وأربعين، وقد نيَّف على الثمانين. وكان -رحمه اللَّه- فقيهًا مُشارًا إِلَيْهِ، صنَّف الكثير في الفقه وغيره، ودرَّس، وهو أوَّل من نشر هذا العِلم بصُور، وانتفع به جماعة، منهم الفقيه نصر. وحُدِّثت عنهُ أنَّه كان يُحاسب نفسهُ على الأنفاس، لَا يدع وقتًا يمضي بغير فائدة، إمَّا ينسخ، أو يدرس، أو يقرأ. وحُدِّثتُ عَنْه أنَّهُ كان يحرّك شفتيه إلى أن يلقط القلم -رضي الله عنه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 645، 646". 2 في تبيين كذب المفتري "262".

206- سُتَيْتَة بنت عبد الواحد بن محمد بن سَبَنَك البجليّ1: امرأة صادقة فاضلة بغداديّة. سمعت من عمر بن سَبنك. وحدَّثت. روى عنها الخطيب. 207- سهل بن طَلْحة: قال الحبَّال: ذكر أنَّهُ سمع من ابن المقرئ بأصبهان. 208- سهل بن محمد بن الحسن2: أبو الحسن القاينيّ3 الصُّوفيُّ، عُرِفَ بالخشَّاب. سكن دمشق، وحدَّث عن: أبي جعفر محمد بن عبد اللَّه القاينيّ الحافظ، والقاضي أبي القاسم حسين بن عليّ. روى عنه: أحمد بن أبي الفتح الشهروزوري، ونصر بن إبراهيم المقدسيّ، وجماعة. توفِّي بمصر في صفر4. تمناه ظرفي في الكَرى فتَجَنَّبا ... وقبَّلتُ يومًا ظِلَّهُ فتغضَّبا وخبر أني قد عبرت بابه ... لأخلس منه نظرة فتحجبا ولو هبَّت الرِّيحُ الصَّبا نَحْوَ أُذْنِهِ ... بِذِكْرى لسَبَّ الرِّيحَ أو لَتَعَتَّبا وما زادَهُ عندي قَبِيحُ فِعَالِهِ ... ولا الصَّدُ والهِجْرانُ إِلَّا تَحَبُّبَا حرف الطّاء: 209- طلحة بْن عَبْد الرزَّاق بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد الأصبهاني:

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 446"، والمنتظم "8/ 168". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "10/ 225"، والنجوم الزاهرة "5/ 53". 3 القايني: نسبة إلى قاين. بلدة قريبة من طبس بين نيسابور وأصبهان. "الأنساب "10/ 36". 4 تاريخ دمشق "16/ 593".

رحل وسمع من: أبي طاهر المخلّص. روى عنه: أبو علي الحداد. وتوفِّي في جمادى الآخرة. وأبوه هو أخو أبي نُعَيْم الحافظ، ولهُ سماع من ابن المقري. حرف العين: 210- عبد اللَّه بن الحسين1: قاضي القُضاة أبو محمد النّاصحيّ، الفقيه الحنفيّ. ولي قاضي القُضاة للسُلطان الكبير محمود بن سُبُكْتِكِين. وروى عن: بشْر بن أَحْمَد الْإِسْفَرائينيّ. وطال عمره وعظم قَدْره. 211- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حَمُّوَيْه الْأصبهانيّ الجمَّال: روى عن: ابن المقرئ. توفِّي في جُمَادَى الأولى. 212- عبد الرَّحيم بن الحسين2: الوزير الأوحد أبو عبد اللَّه الكاتب، ويلقَّب بالعادل. وَزَرَ للملك الرَّحيم أبي نصر بن أبي كالَيْجَار، وخلع عليه الخليفة. وكان سمحًا جوادًا، ظالمًا سفَّاكًا للدِّماء. غضب عليه أبو نصر وطلبه، وقد غطُّوا على حُفيْرة في دار المَلِك بحصيرة، فلمَّا مرَّ نزل فيها وطمَّ عليه في الحال، وذلك في شهر رمضان سنة سبعٍ. 213- عبد الغفّار بن محمد الأمديّ3:

_ 1 المنتخب من السياق "277". 2 الكامل في التاريخ "9/ 615"، وسير أعلام النبلاء "17/ 665". 3 تاريخ بغداد "11/ 117"، والمنتظم "8/ 167، 168".

أبو طاهر سمع: إسحاق بن سَعْد النَّسويّ، وغيره. قال أُبَيّ النَّرسيّ: كان ثقة، حدَّثنا ببغداد. 214- عبد الملك بن عبد اللَّه بن محمود بن صُهَيْب بن مِسْكين1: أبو الحسن المصريّ الفقيه الشّافعيّ. روى عن: أبيض بن محمد الفِهْريّ صاحب النِّسائي، وعُبَيْد اللَّه بْن محمد بْن أَبِي غالب البزّار، وأبي بكر بن المُهندِس، وأبي بكر محمد بن القاسم بن أبي هُريرة، وعليّ بن الحسين الأنطاكيّ قاضي أَذَنَة، وغيرهم. ويُعْرَف أيضًا بالزجَّاج. روى عنه: الرّازيّ في مشيخته. 215- عبد الملك بن محمد بن محمد بن سَلْمان2: أبو محمد البغداديّ. روى عن: القاضي أبي بكر الأبهريّ، وعليّ بن لؤلؤ، وغيرهما. توفِّي في شعبان. 216- عبد الوهّاب بن الحسين بن عمر بن بُرهان3: أبو الفَرَج البغداديّ، المحدِّث الغزَّال، أخو محمد. سمع: أبا عبد اللَّه العسكريّ، وإسحاق بن سعد النّسويّ، وعليّ بن لؤلؤ، ومحمد بن عبد اللَّه بن بَخِيت، وابن الزّيَّات، وأبا بكر الأبهريّ، وابن المُظفّر. وسكن صور وحدَّث بها. روى عنه: أبو بكر الخطيب ووثَّقه4، والفقيه نصر المقدسيّ، وآخرون. وُلِدَ سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وتوفِّي بصور في شوال.

_ 1 سير أعلام النبلاء "17/ 661". 2 تاريخ بغداد "10/ 434". 3 تاريخ بغداد "1/ 409"، ومعجم البلدان "2/ 490"، والعبر "3/ 214". 4 انظر "تاريخ بغداد "11/ 34".

217- عبد الوهّاب بن محمد بن موسى1: أبو أَحْمَد الغَنْدَجانيّ2. قال الخطيب: سمع من: أَحْمَد بن عبدان الحافظ، ومن: أبي طاهر المخلّص، وحدَّثنا بتاريخ البخاري عن ابن عبدان بعضه بقوله، وأرجو أن يكون صدوقًا. مات في جُمَادى الأُولى. قلت: روى عنه: أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم النّرسي. 218- عُبَيْد اللَّه بن عليّ بن أبي قربة: أبو القاسم العَجْليّ الحذّاء الكوفيّ. قال أبو الغنائم النرسي: ثنا عن علي بن بكار، وغيره. وهو ثقة. 219- عُبَيْد اللَّه بن محمد بن زمناتة: أبو القاسم الشيباني، سبط ابن النَّحّاس الكوفيّ. قال أُبَيّ أبو الغنائم: ثنا عَن جدِّه والكهبُليّ. 220- عُبَيْد اللَّه بن المعتز بن منصور بن عبد اللَّه بن حمزة3: أبو الحسن النَّيْسَابوريّ، من بيت الحشمة والثروة بنيسابور. سمع من: أبي الفضل بن خُزَيْمة، وأبي بكر الْجَوْزَقيّ، وأبي الفضل الفاميّ، وأبي محمد المخلّديّ. وحدَّث بأصبهان والرّيّ. روى عنه: أبو علي الحداد، وغيره.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 33، 34"، والأنساب "9/ 179"، والعبر "3/ 212"، وسير أعلام النبلاء "17/ 661". 2 الغندجاني: نسبة إلى غندجان: بلدة من كور الأهواز من بلاد الخوذ. 3 المنتخب من السياق "296"، وسير أعلام النبلاء "17/ 662".

وتوفِّي في أواخر السَّنة. وروى عنه أيضًا: أبو بكر محمد بن يحيى المزكّيّ، ومحمد بن عبد اللَّه خوروست، وإسحاق بن أَحْمَد الرَّاشتيانيّ. ولهذا أخٌ اسمه: 221- منصور المُعْتَزّ: يروي عن أبي الحسن العلويّ. وعنه: إسماعيل بن المؤذِّن. 222- عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن جبريل القلانسيّ: الرَّئيس النَّسَفيّ. روى عن: أبي بكر الْإِسماعيليّ، كذا قال صاحب القنْد. وعن: جدِّه أبي بكر محمد بن إبراهيم، والحسن بن صدِّيق النَّسَفيّ، وفائق الخاصَّة، وجماعة. كنيته أبو الحسن. توفِّي في رجب وقد قارب التسعين. 223- علي بن المحسن بن علي1: أبو القاسم بن أبي عليِّ التّنُوخيّ، القاضي، صاحب "الطِّوالات". سمع: ابن سعيد الرّزّاز، وعليّ بن محمد بن كيسان، وأبا سعيد الحُرَفيّ، وأبا عبد اللَّه الحسين بن محمد العَسْكريّ، وعبد الله بن إبراهيم الزيني، وإبراهيم بن أَحْمَد الخِرقيّ، وعَبْد العزيز بْن جعفر الخرقي، وخلقًا. قال الخطيب2: سمعته يقول: وُلِدْتُ بالبصرة في النِّصف من شعبان سنة وخمس وستين، وأول سماعي في شعبان سبعين.

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 115"، والأنساب "8/ 168"، والكامل في التاريخ "9/ 615"، والبداية والنهاية "12/ 67"، وشذرات الذهب "3/ 276". 2 في تاريخه "12/ 115".

قال: وكان مُتحفّظًا في الشّهادة عند الحُكَّام، صدوقًا في الحديث. تقلَّد قضاء المدائن، وقِرْمَيسْين، والبَرَدان، وغيرها من النواحي. ومات في ثاني المحرَّم سنة سبع. وكذا ورَّخه ابن خيرون وقال: قيل: كان رأيه الرّفض والاعتزال. قلت: وقد انتَخَبَ عليه الخطيب، وغيره. وحدَّث عنه خلق، منهم: أُبَيّ النرسي، والحسن بْن محمد الباقَرْحيّ، ونور الهُدَى أبو طالب الحسين بن محمد الزّيْنَبِيّ، وأبو عليّ محمد بن محمد بن المهديّ، وأبو شُجَاع بهرام، وأبو منصور محمد بن أَحْمَد بن النَّقُّور، وأبو القاسم هبة اللَّه بن الحُصَيْن، وخلق سواهم. قال شجاع الذُّهليّ: كان يتشيع ويذهب إلى الاعتزال. حرف الفاء: 224- الفضل بن صالح بن عليّ. أبو عليّ الرّوذباريّ، ثُمَّ المصريّ. روى عن: علي ابن الحافظ أبي سعيد بن يونس. روى عنه: الرّازيّ في مشيخته. حرف القاف: 225- القاسم بن سعيد بن العباس. أبو أحمد بن المحدِّث أبي عثمان القُرَشيّ الهَرَويّ. سمع: أباه، وعبد اللَّه بن حَمُّوَيْه السَّرْخَسيّ، وعبد الرَّحمن بن أبي شُرَيْح. وحدَّث. حرف الميم: 226- محمد بن أحمد بن بدر1:

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 534".

أبو عبد اللَّه الطُّلَيطُليّ. روى عن: أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن حُسين، وعبد اللَّه بن دُنِّين، والمنذر بن المنذر، وأبي جعفر بن ميمون. وكان فقيهًا مفتيا جامعًا للعلم، كثير العناية به، عاقلًا وقورًا خيِّرًا. كان يتخيّر للقراءة على الشيوخ لفصاحته ونهضته. قرأ الموطَّأ في يومٍ على المنذر بن المنذر. وتوفِّي -رحمه اللَّه- في رجب. 227- محمد بن إسحاق بن أبي حُصَيْن: القاضي أبو الحسن، توفِّي بمصر، قال الحبَّال: عنده إسناد العراق. 228- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الليث: أبو بكر الكَشّيّ1، ثُمَّ الشيرازيّ، ابن الْإِمام أبي عليّ. سمع: ابن المقريّ، وابن منَدَه بأصبهان. ومات في السّنة. ذكره يحيى بن مَنْدَهْ. والكَشيّ بالمُعجَّمة. ومات أبوه سنة خمسٍ وأربعين. 229- محمد ذخيرة الدِّين2: ولي عهد أمير المؤمنين أبو العبَّاس ابن أمير المؤمنين القائم بأمر اللَّه عبد اللَّه بن القادر باللَّه أَحْمَد. قال ابن خَيْرُون: وُلِدَ سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وخُطِب له بولاية العهد سنة أربعين، ولقِّبَ ذخيرة الدّين، فأدركه أجله في ثامن عشر ذي القعدة. وكان قد ختم القُرآن وحفظ الفقه والعربية والفرائض.

_ 1 الكشي: نسبة إلى كش، قرية على ثلاث فراسخ من جرجان على الجبل "الأنساب "10/ 440". 2 تاريخ بغداد "12/ 115"، والكامل في التاريخ "9/ 615"، والعبر "3/ 214/ 215".

وقال ابن النجَّار: خلَّف جاريةً حاملًا، فولدت ابنًا وهو أمير المؤمنين أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد، المقتدي بأمر اللَّه. 230- محمد بن عليّ بن يحيى بن سِلْوان المازنيّ1: أبو عبد اللَّه بن القمَّاح الدّمشقيّ. سمع نسخة أبي مُسْهِر وما معها من الفضل بن جعفر، وليس عنده سواهما. روى عنه: الكتّانيّ، والخطيب، والفقيه نصر، وسهل بن بِشْر، ونجا بن أَحْمَد، وأبو طاهر الحِنَّائيّ، والنَّسيب وقال: هو ثقة، وأبو الحسن عليّ، وأبو الفضل محمد ابنا الموازينيّ، والحسن بن أَحْمَد بن أبي الحديد، وعبد المنعم بن الغمر الكِلابيّ. وتوفِّي في ذي الحجّة. ووُلِدَ في سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. 230- "مكرر" محمد بن القاسم بن محمد بن إسماعيل بن هشام: أبو عبد اللَّه الأموي المروانيّ. من أولاد أمير الأندلُس. روى عن: أبيه. وكان صاحب ديوان الْإِنشاء بطُلَيْطِلَة، لهُ يدٌ طولى في الرّسائل والَآداب، وشُهرة تامّة. روى عنه: أبو بكر المُصْحفيّ. 231- مُحَمَّد بن القاسم بن مَيْمون بن حمزة بن الحُسين بن محمد: أبو الحسن العلويّ الحُسيْنيّ المصريّ. أخو أبي إبراهيم أَحْمَد، من كبراء المصريين. وجدّهما ميمون يروي عن أَحْمَد بن عبد الوارث العسَّال. توفِّي محمد في ذي القعدة.

_ 1 تاريخ دمشق "39/ 23، 24"، وسير أعلام النبلاء "17/ 647، 648"، وشذرات الذهب "3/ 277".

232- محمد بن محمد بن عيسى بن حازم: أبو طاهر البكريّ الكوفيّ، عُرِفَ بابن نفِّط. قال أُبَيّ النَّرْسيّ: روى لنا كأخيه عن البكَّائيّ. 233- محمد بن محمد1: أبو الفضل الْإِسْفَرَائينيّ الرّافعيّ القاضي. سمع: أبا الحسن بن جهضم بمكّة، ومحمد بن عبد الصّمد الزّرافيّ صاحب خيثمة بأطْرابُلُس، وتمَّام بن محمد بدمشق. وولي قضاء إسفراين، وبها مات. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الْجُرْجانيّ. 234- محمد بن يحيى الكَرْمانيّ: أبو عبد اللَّه، نزيل بغداد. روى عنه: الخطيب. وتوفِّي في ربيع الأول. سمع من: أَبِي الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الصَّلت القُرَشيّ، وابن رَزْقُوَيْه، وابن بِشران، وخلق. وقرأ الكثير. وروى عنه أيضًا: طاهر بن محمد النيسابوريّ. 235- منصور بن عمر بن عليّ2: الْإِمام أبو القاسم البغداديّ الكَرْخيّ الفقيه الشّافعيّ. ذكره أبو إسحاق في "الطَّبقات"3، فقال: ومنهم شيخنا أبو القاسم منصور الكَرْخيّ. تفقّه على: أبي أَحْمَد الْإِسفرائينيّ، وله عنه تعليقه.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق رقم "235"، والمنتخب من السياق "49". 2 تاريخ بغداد "13/ 87"، والأنساب "479"، الكامل في التاريخ "9/ 616". 3 طبقات الفقهاء "108".

وصنَّف في المذهب كتاب "الغُنيّة". ودرس ببغداد. قُلْتُ: توفِّي في جُمَادَى الآخرة، وسمع: أبا طاهر المُخلّص، وأبا القاسم الصيدلانيّ. وحدَّث. روى عنه: الخطيب، وقال1: هو من أهل كَرْخ جدّان. حرف الهاء: 236- هاشم بن عُبَيْد الجابريّ، ثمّ المصريّ. سمع كثيرًا، وحدَّث. قاله الحبّال. الكُنَى: 237- أبو بكر بن أَحْمَد. عُرِفَ بابن الخيَّاط المنجِّم. من تلامذة مسلمة المرحيطي. برع في أحكام النُّجوم، وهو عِلمُ باطل. وخدم الأمير المأمون يحيى بن ذي النّون. وكان عارفًا أيضًا بالطّب. عاش ثمانين سنة، وتوفِّي بطليطلة. وفيَّات سنة ثمان وأربعين وأربعمائة: من أعوام الوباء بمصر: حرف الألف: 238- أحمد بن الحَسَن بن عليّ:

_ 1 في تاريخه "13/ 87".

أبو سعد الْأصبهانيّ الشَطَرَنْجيّ، الواعظ المعروف بابن البغداديّ، أخو الحسن وعليّ. روى عن أبيه الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن سُلَيْمَان التَّاجر عن جدِّه عليِّ بن أَحْمَد صاحب أبي حاتم الرَّازيّ. وعن أبيه، عن الفضل بن الخصيب، وابن أخي أبي زرعة، وجماعة. وعن عبيد الله بن يعقوب راوي "مسند أحمد بن منيع". وروى عنه: إسماعيل بن الفضل الإخشيد، وغيره. وقع لنا من مجالسه. توفِّي في جمادى الأولى. 239- أحمد بن الحسين ابن الشيخ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بخيت1: أبو الحسن المصري البغدادي. سمع: جده. قال الخطيب: كتبنا عنه، وسمّع لنفسِه في بعض الأجزاء. مات في المحرَّم وهو في عَشْر التِّسعين. وحدَّث عنه: شُجاع الذَهليّ. 240- أَحْمَد بن الحسين: أبو الحسين الفَناكيّ الرّازيّ، الفقيه الشّافعيّ. تفقَّه على: أبي حامد الْإِسْفَرَائِينيّ. ورحل إلى الْإِمام أبي عبد اللَّه الحليميّ في بُخارى فدرس عليه، وتصدَّر ببروجِرْد يفيد ويُعلّم، وعُمّر دهرًا. 241- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن يعقوب بْن قفرجل3:

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 111". 2 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 7"، ومعجم المؤلفين "1/ 207". 3 تاريخ بغداد "4/ 380، 381".

أبو الحسين البغداديّ الوزَّان. سمع: جدّه لَأُمِه أبا بكر بن قَفَرْجَل، وعليّ بن لؤلؤ، وعمر بن شاهين. قال الخطيب: كان صدوقًا. مات في ربيع الآخر. 242- أَحْمَد بن أبي عليّ محمد بْن الحُسين بْن داود بْن عليّ السّيِّد1: أبو الفضل العلويّ الزَّاهِد المقرئ الحنفي الفقيه. كان عديم النظير في العلويّة، وأفضل أهل بيته. روى عن: عمِّه أبي الحسن العلوي، والخفاف، وأبي ذكريا الحربيّ، والطَّبقة. روى عنه جماعة. وتوفِّي في ذي الحجَّة. 243- أَحْمَد بن محمد بن عليّ بن نُمَيْر2: أبو سعيد الخوارزميّ الضرير الفقيه، العلَّامة الشافعيّ. تلميذ الشّيخ أبي حامد. قال الخطيب3: درس وأفتى، ولم يكُن بعد أبي الطّيّب الطّبريّ أحدٌ أفقه منه كتبتُ عنه، عن عبد الله بن أحمد ابن الصَيْدَلانيّ. توفِّي في صَفَر. وكان يقدَّم على أبي القاسم الكَرْخيّ، وعلى أبي نصر الثابتيّ. 244- أَحْمَد بن محمد بن عبد الوهاب بن طَاوان4: أبو بكر الواسطيّ، يُعْرَف بشرارة. 245- أَحْمَد بن محمد بن الواحد بن بابشاذ: أبو الخطاب المقرئ البغدادي البزاز.

_ 1 المنتخب من السياق "96". 2 تاريخ بغداد "5/ 71"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 33، 34". 3 في تاريخه. 4 الأنساب "8/ 280"، واللباب "2/ 270".

قرأ القُرآن على الحمَّامي، وسمع منه ومن: عبد القاهر بن عترة. روى عنه: أبو طاهر بن سوَّار، والمُبارك بن عبد الجبّار الصَّيْرفيّ. وثَّقه أبو الفضل بن خَيْرون، وقال: مات في ربيع الأوّل. 246- إبراهيم بن محمد1: أبو إسحاق الفهميّ الطُّليطُليّ. روى عن: أبي محمد بن القشّاريّ، ويوسف بن أصْبَغ. وكان متفنِّنًا في العلوم لُغَةً وعربيّةً وفرائض وحساب، ومُشوَّرًا في الأحكام، وتوفِّي في شعبان. 247- إبراهيم بن سُليمان بن إبراهيم بن حمزة2: أبو إسحاق البَلَويّ المالقيّ، صهر أبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، فأكثر عن أبي عمر. وكان مقدَّمًا في التّعبير. 248- إسماعيل بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن داود بْن عليّ3: النقيب أبو المعالي العلوي النيسابوري. سمع جده، وأبا الحسين الخفاف، وجماعة. وأملى، وله حشمة وجلالة. توفِّي في ربيع الأول عن تِسْعٍ وخمسين سنة. 249- إسماعيل بن عليّ بن الحسن بن بُنْدار بن المثنَّى4: أبو سعد الْإِستِراباذيّ الواعِظ. حدَّث عنه: الحاكم، وشافع بن محمد بن أبي عوانة، وجماعة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 94" رقم "308". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 94" "رقم 309". 3 المنتخب من السياق "136، 137". 4 تاريخ بغداد "6/ 315، 316"، وميزان الاعتدال "1/ 239"، ولسان الميزان "1/ 422، 423"، وشذرات الذهب "3/ 273".

روى عنه: أبو بكر الخطيب، ومكّيّ الرُّمَيْليّ، وشيخ الإسلام الهكاري، وآخرون. قال الخطيب1: ليس بثقة. وقال ابن طاهر: بان كذِبُه ومزَّقوا حديثه2. مات بالقُدس. حرف الجيم: 250- جعفر بن محمد بن الظفّر3: أبو إبراهيم النيسابوري. حدَّث ببغداد عن: الحسين الخفَّاف، والحاكم أبي عبد اللَّه. قال الخطيب4: ثنا وكان إماميا. حرف الحاء: 251- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن جابر5: العلَّامة أبو محمد الدهَّان، اللّغَويُّ النُّحَويّ. أحد الأعلام ببغداد. قرأ بالرّوايات الكثيرة، ودرس فقه أبي حنيفة. وقرأ النحو على الرُّمّانيّ وغيره، وروى عن أبي الحسين بن بشْران. وكان مُعتزليا. روى عنه: عزيزيّ الجيليّ، وأبو زكريا يحيى التبريزي، وعثمان بن علي الأديب.

_ 1 في تاريخه "6/ 316". 2 لسان الميزان "1/ 422". 3 تاريخ بغداد "7/ 236"، والمنتخب من السياق "175". 4 في تاريخه "7/ 236". 5 بغية الوعاة "1/ 523، 524".

مات في جمادى الأولى. 252- الحسن بن الحسين. أبو عليّ الخلعي الفقيه الشافعي. توفِّي بمصر في شوال. وبإفادته سمع ابنُه القاضي أبو الحسن. 253- الحسن بن عبد الواحد بن سهل بن خَلَف1: أبو محمد البغداديّ. توفِّي في ربيع الآخر. سمع: الحربيّ، والدَّارَقُطْنيّ، وعيسى بن الوزير. روى عنه: الخطيب2، وغيره. 254- الحسن بن محمد بن الحسن3: أبو محمد الصفَّار. توفِّي بخراسان في سَلْخ شَوّال. روى عن: أبي طاهر بن خُزَيْمَة، وأبي محمد الخلديّ، والْجَوْزَقيّ، وأبيه عبد الله الصفار التاجر. 255- الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن حمشاذ4: أبو علي السابوري. شيخ ثقة. سمع: أبا طاهر بن خُزيْمَة، وأبا الحسن الماسَرْجِسيّ، وأبا الْجُوزقيّ، وأبا محمد المخلدي. وتوفِّي في ربيع الآخر.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 344"، والمنتظم "8/ 173". 2 في تاريخه "7/ 344". 3 المنتخب من السياق "184". 4 المنتخب من السياق "183".

256- الحسين بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بن أَحْمَد1: الَأنصاريّ البغداديّ أبو عبد اللَّه. 257- الحسين بن عثمان2: أبو عبد اللَّه البرداني، الفقيه الحنبليّ، نزيل مَيَّافارِقين. كان إمامًا مُفتيا عالِمًا. 258- الحسين بن عليّ بن عمرويه3: الرمحاري الحنفيّ أبو القاسم الحاكم. روى عن: أبي محمد المخلديّ، وأبي زكريا الحربيّ. مات في شعبان. 259- الحسين بن عليّ بن محمد بن الفرحان: أبو طالب. توفِّي في ذي الحجّة. 260- حمزة بن محمد4: أبو طالب الجعفريّ الطُّوسيّ الصُّوفيّ. روى عن: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وطُلْحة بن أسد، وأبي بكر بن مَرْدَوَيْه، وجماعته. وعنه: شيخ الْإِسلام الأنصاريّ، وغيره. ورَّخه ابن عساكر في هذه السّنة، وقد مرَّ. 261- حُمَيْد بن المأمون بن حُمَيْد بن رافع: أبو غانم القيسي الهمذاني الأديب.

_ 1 ورد من غير ترجمة. 2 طبقات الحنابلة "2/ 191". 3 المنتخب من السياق "198". 4 تقدمت ترجمته برقم "201".

روى عن: أبي بكر بن لال، وأحمد بن تركان، وأبي بكر الشّيرازيّ -روى عنه الألقاب له، وعلي بن أحمد البيع، وأبي الحسن بن جهضم، وعلي بن أحمد بن عبدان الأهوازي، وأبي عمر بن مهدي الفارسي، وأبي الحسن ابن رزقويه، وأحمد بن محمد البصير الرازي، وجماعة. وقال شيرويه: ما أدركته. وثنا عنه: أبو الفضل القومِسّانيّ، وابن ممَّان، والبزَّاز، وأحمد بن عمر البيِّع، وعامة مشايخي. وسمع منه كهولنا، وهو صدوق. تُوُفّي في ذي العقدة. حرف الدَّال: 262- داود بن الحسين بن غانم: أبو الحسن البغداديّ، أصله من حلب. وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة. 263- داود بن سليمان: أبو عمر الوكيل. تُوُفّي في جمادى الأولى. حرف السِّين: 264- سعيد بن محمد بن جعفر1: أبو عثمان الأمويّ، الطُّليطليّ الزَّاهد. روى عن: محمد بن عيسى بن أبي عثمان، وإبراهيم بن محمد بن شَنْظير. وكان ديِّنًا ثِقةً، فاضلًا مُنقبِضًا، كثير الصّلاة والصِّيام، قد نبذ الدُّنيا وأقبل على العبادة. حرف العين: 265- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عبد الملك بن هاشم2:

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 22". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 276، 277".

أبو محمد بن أبي عمر الْإِشبيليّ المكويّ: سمع من أبي محمد بن أسد "صحيح البُخاريّ"، واستقضاه الأمير أبو الحزْم جهور بقُرْطُبَة بعد أبي بكر بن ذَكْوان، ولم يكُن من القضاء في وردٍ ولا صَدَر لقلة علمه، ثُمَّ عزله أبو الوليد محمد بن أبي حزم سنة خمسٍ وثلاثين وأربعمائة، وبقي خاملًا إلى أن توفِّي في جُمَادَى الأُولى، وقد قارب السّبعين. 266- عَبْد اللَّه بن أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بن أحمد بن رَزْقُوَيْه1: البغداديّ أبو بكر. سمّعه أبوه من: ابن عُبَيْد العسكريّ، وابن المُظفر، وعليّ بن لؤلؤ. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا. سكن بقرية بحذاء النُّعمانية. 267- عبد اللَّه بن الوليد بن سعيد بن بكر2: أبو محمد الأندلُسيّ الأنصاريّ, نزيل مصر، أحد الفُقَهَاء المالكيّة. سمع بقُرْطُبَة قديمًا من إسماعيل بن إسحاق القطّان، ورحل سنة أربعٍ وثمانين، فأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد كتاب "السيرة" بروايته عن ابن الورد البغداديّ، وكتاب "الرسالة"، وغير ذلك. وأخذ عن: أبي الحسن القابسيّ، وأبي جعفر أَحْمَد بن دَحْمُون. وحجّ فأخذ عن: أبي العبَّاس أَحْمَد بن بُنْدار الرّازيّ، وأبي ذرّ. وولد سنة ستّين وثلاثمائة، وكان من سادات الأندلُسيين وفُضلائهم. روى عنه: أبو الفضل جعفر بن إسماعيل بن خَلَف الأنصاريّ، ومحمد بن أَحْمَد الرّازيّ، وآخرون. قال أبو مروان الطَّبْنيّ الأندلُسيّ: روى عنهُ جماعة من أهل الأندلُس، وطال عمره، وخرج من مصر إلى الشّام في ربيع الأوّل سنة سبعٍ وأربعين فتوفِّي بالشّام في شهر رمضان سنة ثمانٍ.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 145". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 658، 659"، وشذرات الذهب "3/ 277".

268- عبد الرّزَّاق بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه1: أبو الفضل الْأصبهانيّ البقّال. سمع: أبا بكر بن المقري، وغيره. وروى عنه: أبو عليّ الحدّاد، وإسماعيل الْإِخشيد. 269- عبد العزيز بن بُنْدار بن عليّ بن الحسن2: أبو القاسم الشِيرازيّ، نزيل حَرَم اللَّه. كان شيخًا صالحًا جليلًا صدوقًا مُكثِرًا، جاوَرَ مُدَّةً طويلة وحدَّث عن: عبد الكريم بن أبي جدار المصريّ، وأبي بكر ابن لال الهَمَذَانيّ، وأحمد بن فِراس العَبْقَسيّ. روى عنه: عبد العزيز النَّخشبيّ وقال: ثقة صاحب حديث؛ ثُمّ ورَّخه. روى عنه أيضًا: أبو شاكر بن محمد العثمانيّ. 270- عبد العزيز بن أَحْمَد الحُلْوائيّ3: شمس الأئِمّة الحنفيّ. قيل: مات سنة ثمانٍ أو تسعٍ وأربعين، وسيأتي سنة ستٍّ وخمسين. 271- عَبْد الغافر بْن محمد بْن عَبْد الغافر بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد4: أَبُو الحسين الفارسيّ، ثُمَّ النَّيسابوريّ. قال في ترجمته حفيده الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل: الشّيخ الجد الثِقة الأمين الصَّالح الصّيِّن الدَّيِّن المحظوظ من الدُّنيا والدِّين، الملحوظ من اللَّه تعالى بكل نُعْمَى، كان يُذكَر أيام أبي سهل الصُّعلوكي، ويذكره، وما سمع منه شيئاَ. وكذلك لم يسمع من أبي عمر وبن مطر، وابن نُجَيْد، مع إمكان السَّماع منهم.

_ 1 التقييد لابن النقطة "350". 2 الأنساب "7/ 353". 3 الإكمال لابن ماكولا "1/ 30"، واللباب "1/ 311". 4 سير أعلام النبلاء "18/ 19-21"، وشذرات الذهب "3/ 277، 278".

وسمع "صحيح مُسلِم" من ابن عَمْرُويْه، وسمع "غريب الحديث" للخطَّابي بسبب نزول الخطَّابي عندهم حين حضر عندهم حين حضر إلى نيْسابور. ولم تكن مسموعاته إِلَّا ملء كمَّين من الصّحيح والغرائب، وأعدادٍ قليلة من المُتفرِّقات من الأجزاء، ولكن كان محظوظًا مجدودًا في الرّواية. روى قريبًا من خمسين سنة منفردًا عن أقرانه، مذكورًا مشهورًا في الدُّنيا، مقصودًا من الآفاق. سمع من الأئمّة والصُّدور1. وقد قرأ عليه الحسن السَّمرقنديّ الحافظ "صحيح مسلم" نيّفًا وثلاثين مرّة. وقرأه عليه الشّيخ أبو سعْد البحيريّ نيِّفًا وعشرين مرّة، هذا سوى ما قرأه عليه المشاهير من الأئِمّة. استكمل -رحمه اللَّه- خمسًا وتسعين سنة، وطعن في السّادسة والتّسعين، وألحق الأحفاد بالَأجداد، وعاش في النّعمة عزيزًا مكرَّمًا في مروءةٍ وحشمة إلى أن تُوُفّي. قلتُ: تُوُفّي في خامس شوَّال. وحدَّث عن: ابن عموريه الْجُلُوديّ، وإسماعيل بن عبد اللَّه بن ميكال، وبِشْر بن أَحْمَد الْإِسْفَرَائينيّ، وأبي سليمان حمد بن محمد الخطَّابيّ. روى عنه: نصر بن الحسن التُّنكتي، والحُسين بن عليّ الطَّبَريّ المُجَاور، وعبيد بن أبي القاسم القُشَيْريّ، وعبد الرّحمن بن أبي عثمان الصَّابونيّ، وإسماعيل بن أبي بكر القاري، ومحمد بن الفضل الفراويّ، وفاطمة بنت زَعْبَل العالمة، وآخرون. وسماعه صحيح من الْجُلُوديّ في سنة خمسٍ وستّين وثلاثمائة. 272- عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن القاسم بْن إسماعيل المحامليّ2: أبو الفتح، أخو الفقيه أبي الحسن. سمع: أبا بكر بن شاذان، والدَّارقطنيّ، وابن شاهين، وعليّ بن عمر السُّكَّريّ.

_ 1 التقييد لابن نقطة "347". 2 تاريخ بغداد "11/ 80".

قال الخطيب: كتبت عنه وكان ثقة. مات في المحرَّم. 273- عبد الملك بن محمد بن محمد بن سلمان البغداديّ1: سمع: عليّ بن لؤلؤ، وابن المظفّر، والقاضي أبا بكر الأَبْهَريّ. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا. مات في ذي الحجّة. قلت: روى عنه وعن الذي قبله: النَّرسيّ، وابن الطَّيوري، وعدّة. 274- عبد الملك بن عَمْر بن خَلَف2: أبو الفتح الرَّزَّاز. حدَّث عن: إسحاق بن سعد النَّسويّ، ومحمد بن إسماعيل الورّاق، والدَّارَقُطْنيّ، وجماعة. قال الخطيب3: كتبنا عنه، وكان صالحًا، لكن رأينا له أصولًا محككة، وسماعاته ملحقة. وحدَّثني أحْمَد بْن الْحَسَن بْن خَيْرُون قَالَ: كان عندي كتاب "المدبَّج" للدّارَقُطْنيّ، وفي بعضه سماع أبي الفتح الرّزاز، فاستعار الكتاب مِنِي ثُمّ ردّه عليَّ وقد سمَّع لنفسِه في ما ليس هو سماعه. تُوُفّي فِي صَفَر. 275- عليّ بْن أَحْمَد بْن عليّ بن سلِّك الفاليّ4: أبو الحسن المؤدِّب. وفال بليدة قريبة من إيذَج. أقام بالبصرة، وسمع القاضي أبا عمر الهاشميّ، وأحمد بن خربان النهاونديّ، وشيوخ ذلك الوقت.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 434"، والمنتظم "8/ 174". 2 ميزان الاعتدال "2/ 660"، ولسان الميزان "4/ 76". 3 في تاريخ بغداد "10/ 433". 4 الكامل في التاريخ "9/ 632"، والبداية والنهاية "12/ 69".

ثم استوطن بغداد. قال الخطيب1: كتبت عنه، وكان ثقة. مات في ذي العقدة. قلت: روى عن ابن خربان كتاب "المحدّث الفاصل" للرّامَهُرمُزيّ. رواه عنه: الجلال بن عبد الجبّار الصيريّ. ومن شعره: تصدَّرَ للتدريس كلُّ مُهوَّسِ ... بَليدٍ تَسَمّى بالفَقيهِ المدرّسِ فَحَقٌّ لَأهلِ العِلْم أن يتمثَّلوا ... ببيتٍ قديمٍ شاعَ في كلِّ مجلسِ لقد هَزَلَتْ حتّى بدا من هُزَالها ... كُلاها، وحتّى استامها كلُّ مُفْلسِ 276- عليّ بن إبراهيم بن عيسى2: أبو الحسن البغداديّ، المقرئ الباقلَّانيّ. سمع: أبا بكر القطيعيّ، ومحمد بن إسماعيل الورَّاق، وحُسَيْنَك بن عليّ التميميّ. قال الخطيب3: كتبنا عنه، وكان لَا بأس به. قلتُ: وروى عنه: أُبَيّّ النَّرسيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِي، وهو آخر من حدَّث عنهُ. وهو راوي "أمالي القطيعيّ". 277- عليّ بن عبد الواحد بن عيسى: أبو القاسم النَّجيرميّ الكاتب. بصريّ، روى عن: أبي بكر بن إسماعيل المهندس.

_ 1 في تاريخه. 2 تاريخ بغداد "11/ 342، 343"، وسير أعلام النبلاء "17/ 662، 663". 3 في تاريخه.

روى عنه: الرّازيّ في المشيخة. وتُوُفّي في ذي الحجّة. وكان من بيت حشمة. يروي أيضًا عن أبي الحسن الحَلَبيّ. 278- عليّ بن القاسم بن إبراهيم1: أبو الحسين الأصبهانيّ المقري الخيّاط. سمع: عُبَيْد اللَّه بن إسحاق بن جميل، وابن المقرئ، وأبا عبد اللَّه بن منده، وأبا الحسين بن فارس اللُّغويّ. روى عنه: سعيد بن أبي الرّجاء الصَّيرفيّ، وعبد اللَّه بن محمد النِّيليّ، والحافظ أبو مسعود بن إبراهيم، وهادي ابن إسماعيل العلويّ، وغيرهم، وتُوُفّي في جمادى الأولى. 279- عمر بن أَحْمَد بن عمر بن محمد بن مسرور2: أبو حفص النَّيسابوريّ الزَّاهِد. سمع: إسماعيل بن نجيد، وبشر بن أحمد الإسفرائيني، وأبا سهل بن سليمان الصُّعلوكيّ، والحسين بن عليّ التّميميّ حُسَيْنَك، ومحمد بن أَحْمَد بن حمدان، وأبا أَحْمَد محمد بن محمد الحاكم، وأحمد بن محمد بن أَحْمَد البالويّ، وأبا سعيد بن الحسين السَّمسار، ومحمد بن أَحْمَد المحموديّ، وأبا نصر بن أبي مروان الضَّبيّ، ومحمد بن عُبَيْد اللَّه بن إبراهيم بن بالوَيْه، وأبا بكر أَحْمَد بن الحسين بن مِهران المقرئ، وأحمد بن محمد البحيريّ، وأحمد بن إبراهيم العبدويّ، ومحمد بن الفضل بن محمد بن خُزَيْمَة، وأبا سعيد عبد الرحمن بن أحمد ابن حمدويه، وأبا منصور بن محمد بن سمعان، وجماعة سواهم. روى عنه: عبيد اللَّه بن أبي القاسم القُشَيْريّ، وأحمد بن عليّ بن سلمُوَيْه الصُّوفّي، وسهل بن إبراهيم المسجديّ، ومحمد بن الفضل الغراويّ، وإسماعيل بن أبي بكر القارئ، وتميم بن أبي سعد الْجُرجَانيّ، وهبة اللَّه بن سَهْل السّيّديّ، وآخرون.

_ 1 غاية النهاية "1/ 561". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 10، 11"، وشذرات الذهب "3/ 278".

تُوُفّي في ذي القعدة. وكان أسند من بقي بنَيْسابور مع زُهْدٍ وتصوُّف. ذكره عبد الغافر1 فقال: أبو حفص الفاميّ الماروديّ الشّيخ الزَّاهِد الفقيه، كان كثير العبادة والمجاهدة، وكان المشايخ يتبرَّكون بدعائه. وعاش تسعين سنة. حرف الفاء: 280- فرج بن أبي الحَكَم2: أبو الحسن اليَحصُبيّ الطُّليطليّ. روى عن: عبد اللَّه بن دنِّين، وعبد اللَّه بن يعيش، ومحمد بن عمر بن الفخّار، وكان قد فاق أهل زمانه في العلم والعقل والفضل، وكان يحفظ المستخرجة الكبيرة حفظًا جيّدًا ونُوظِر عليه. وكان حفيل المجلس. تُوُفي في ذي الحجّة. حرف القاف: 281- قاسم بن محمد بن هشام الرُّعينيّ3: أبو محمد، المعروف بابن المأمونيّ الأندلُسيّ. من أهل المَرِيّة. رحل وسمع من: أبي محمد بن أبي زيد، وعبد الغنيّ بن سعيد المصريّ، وعبد الوهّاب بن أَحْمَد بن مُنير. روى عنه: ابنه حجّاج، وأبو مروان الطّبْنيّ، وأبو المطرّف الشَّعبيّ، وغيرهم. أصله من سبتة.

_ 1 في المنتخب من السياق "368". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 461". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 470".

وزاد القاضي عيّاض أنّه أخذ عن: عبد الرّحيم الكتاميّ ابن العجوز، وأبي عبد اللَّه بن الشيخ. ورحل فسمع من أبي محمد الباجيّ بالَأندلُس. وجلس بالمَرِيّة للإقراء والتّفقُّه. روى عنه: الشّعبيّ فقيه مالقة، وأبو بكر ابن صاحب الأحباس قاضي المَرِيّة، وأبو محمد بن غانم المالقيّ الأديب. قلت: وكان من كبار المالكيّة. حرف الميم: 282- محمد بن أيّوب بن سليمان1: الوزير، عميد الرؤساء أبو طالب الكاتب البغداديّ. أديب بليغ مُترسِّل متفنِّن، صنَّف كتاب "الخراج". وزر للقائم قبل الخلافة، وعاش ثمانيا وسبعين سنة. 283- مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بن أحمد بن السَّريّ2: أبو الحسن النَّيسابوريّ، ثُمَّ المصريّ. المقرئ البزَّاز، التاجر المعروف بابن الطّفّال3. وُلِِدَ سنة تسعٍ وخمسين وثلاثمائة. قال السَّلفيّ: كان بمصر من مشاهير الرُّواة، ومن الثقات الأثبات. روى عَنْ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حَيَّوَيْه النَّيسابوريّ، وأبي الطاهر محمد بن أَحْمَد الذُّهليّ، والحسن بن رشيق، وأحمد بن محمد بن سَلَمَة الخيَّاش، وعبد الواحد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن قُتَيِبَة، وأحمد بن محمد بن هارون الأُسْوانيّ، وأبي الطِّيب العبَّاس بن أَحْمَد الهاشميّ الشّافعيّ، وغيرهم.

_ 1 المنتظم "8/ 175". 2 سير أعلام النبلاء "17/ 664، 665"، وشذرات الذهب "3/ 278". 3 الطفَّال: نسبة إلى بيع الطفل، وهو الطين الذي يؤكل "الأنساب 8/ 243".

روى عنه: سهل بن بشر الإسفرائيني، وأبو صادق مرشد بْن يحيى المَدِينيّ، وأبو عبد الله بن أَحْمَد الرّازيّ، وآخرون. وآخر من حدَّث عنه الخفرة بنت مبشّر بن فاتك، وتوفِّيت سنة ثمانٍ وعشرين وخمسمائة. تُوُفّي في صَفَرْ. 284- محمد بن الحسين بن عليّ بن التَّرجمان1: أبو الحسين الغَزّيّ الصُّوفيّ، شيخ الصُّوفيّة بديار مصر في وقته. روى عن: أبي بكر بن أَحْمَد الْجُنَدِريّ المقرئ، وبكير بن محمد الطَّرسوسيّ المنذريّ، وعبد الوهّاب بن الحسن الكِلابيّ، والحسن بن إسماعيل الضَّرّاب، وأبي سعْد المالينيّ، وعليّ بن أَحْمَد بن يوسف الْجُنْدَريّ، وجماعة. روى عنه: أبو عبد اللَّه القُضاعيّ، ومحمد بن عمر بن أبي عقيل، وأحمد بن أسد الكَرَجيّان، وعبد الباقي بن جامع الدّمشقيّ، وسهل بن بِشْر الْإِسْفَرَائينيّ2. وبالْإِجازة: أبو الحسن بن الموازينيّ، وغيره. وآخر من حدَّث عنه بالسماع أبو عبد اللَّه محمد بن أَحْمَد الرّازيّ. مات في جُمَادَى الأولى بمصر عند ذي النّون المصريّ بالقرافة. وقد حدَّث بمصر والشَّام، وعاش خمسّا وتسعين سنة. 285- محمد بن الحسين بن سَعْدون3: أبو طاهر الموصليّ التاجر السّفّار. نشأ ببغداد وسمع بها: أبا عمر بن حَيَّوَيْهِ4، وأبا عبد اللَّه بن بطَّة، والدَّارَقَطْنيّ، وأبا الفضل الزهريّ، وأبا بكر بن شاذان، وجماعة، قال الخطيب: كتبتُ عنهُ وكان صدوقًا، وتوفِّي بمصر في ربيع الأول.

_ 1 تاريخ دمشق "26/ 115-117"، والعبر "3/ 217". 2 تاريخ دمشق "46/ 19". 3 تاريخ بغداد "2/ 255"، والكامل في التاريخ "9/ 932". 4 في الكامل في التاريخ "ابن حبابه".

قلت: روى عنه الرازي في "مشيخته"، والخفرة بنت مبشّر وغيرها. 286- محمد بن الحسين بن بقاء: أبو الحسن المصريّ، سِبْط الحافظ عبد الغنيّ بن سعيد. روى عن: جدّه. وتُوُفّي في المحرَّم. 287- مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن عُبَيْد اللَّه: أبو الفضل البرجيّ الْأصبهانيّ. روى عن: أبي بكر بن المقرئ، وعنه: أبو عليّ الحدّاد. 288- مُحَمَّد بن عبد اللَّه1: أبو عبد اللَّه بن الصَّنَّاع القُرْطُبيّ المقرئ. قرأ القرآن وجوَّده على أبي الحسن الأنطاكيّ، وأقرأ النّاس عنه. وروى عنه كتاب "قراءة ورش". قال ابن بشكوال2: أنبا بهذا الكتاب أبو محمد بن عتاب عنه، ووصفه لي بالفضل والصَّلاح وكثرة التّلاوة. وتوفي في المحرَّم، وأجمعوا أنَّهُ آخر من قرأ بقُرْطُبة على الأنطاكيّ، وعمِّر إحدى وتسعين سنة. 289- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عثمان بن سعيد غلبون3: أبو عبد اللَّه الخَوْلانيّ القُرْطُبيّ. روى عن: أبيه، وعمِّه أبي بكر محمد، وأبي عمر أحمد بن هشام بن بُكيْر، وأبي عمر بن الجسر، وأحمد بن قاسم التّاهَرْتيّ، وأبي محمد بن أسد، وأبي عمر أَحْمَد بن عبد اللَّه النّاجيّ، وأبي الوليد بن الفَرَضيّ، وأبي عبد الله بن أبي زمنين،

_ 1 المشتبه في أسماء الرجال "2/ 407"، وغاية النهاية "2/ 189". 2 في الصلة "2/ 535". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 535، 536".

وأبي المطرَف بن فُطَيْس، وأبي المطرِّف القَنَازِعيّ، وخلْق كثير. وكان معنيًّا بالحديث وجمعه وتقييده، ثقةً ثبتًا ديّنًا مُتصاوِنًا. تُوُفّي بإشبيليَّة في ذي الحجّة، وهو ابن ستِّ وسبعين سنة. روى عنه ولده أحمد بن محمد الخَوْلانيّ. 290- محمد بن عبد اللَّه بن مرثد: أبو القاسم، مولى الوزير ابن كلَّس. خبير بالحساب والهندسة والتنجيم والَأخبار، عمِّر دهرًا. مات وقد نيَّف على التِّسعين بقُرْطُبة. 291- محمد بن عبد الباقي بن الحسين بن فهم1: أبو بكر الأنصاريّ البغداديّ. قال الخطيب: كان صدوقًا، ثنا عن أبي الحسن بن الْجُنْديّ. 292- مُحَمَّد بن عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن بشْران2: أبو بكر الأُمويّ البغداديّ. سمع: أبا الفضل الزُّهريّ، وأبا عمر بن حيُّويه، وأبا الحسن بن المُظفّر، وأبا بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وطائفة كبيرة. وكان أحد الثقات كأبيه. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأُبَيّ النَرسيّ،، وأبو طالب عبد القادر بن يوسف، وآخرون. وروى عنه "سنن الدارقطني" أبو طاهر عبد الرَّحْمَن بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف. قال: السِّلفيّ: سألتُ عنهُ شُجاعًا الذُّهليّ فقال: كان شيخًا جيّد السَّماع، حسن

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 394". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 60"، وشذرات الذهب "3/ 278".

الأُصول، صدوقًا فيما يرويه من الحديث. قد سمعتُ منه1. قال الخطيب2: وُلِدَ في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وتوفِّي في جمادى الأولى سنة ثمانٍ وأربعين. 293- محمد بن عبد الملك3: أبو الحسين الفارسيّ، ثُمَّ النَّيسابوريّ التّاجر. أكثر عن أبي أَحْمَد الحاكم. 294- محمد بن عبد الواحد بن محمد4: أبو طاهر البيّع البغداديّ، المعروف بابن الصبّاغ. الفقيه الشافي. سمع: ابن شاهين، وعليّ بن عبد العزيز بن مروان، وأبا القاسم بن حبابة. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة، درس الفقه على أبي حامد الإسفرائينيّ، وكانت له حلقة للفتوى. ومات في ذي القعدة ببغداد. وقال أُبَيّ النَّرسيّ: ثنا عن ابن طرار، وهو والد أبي نصر صاحب "الشّمائل". 295- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن ميمون5: أبو الفَرَج الدّارِميّ6 البغداديّ، الفقيه الشّافعيّ، نزيل دمشق. سمع: أبا عمر بن حيُّويه، وأبا الحسين بن المُظفّر، وأبا بكر بن شاذان، والدّارَقُطْنيّ، وجماعة قد حدَّث عنهم. وسمع من أبي محمد بن ماسيّ، ولم نظفر بسماعه منه.

_ 1 التقييد لابن نقطة "84". 2 في تاريخه. 3 المنتخب من السياق "39، 40". 4 تاريخ بغداد "2/ 362". 5 تاريخ بغداد "2/ 361، 362"، وسير أعلام النبلاء "18/ 52-54"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 77، 78". 6 الدارمي: نسبة إلى بني دارم. "الأنساب "5/ 279".

روى عنه: أبو بكر الخطيب، وقال: هو أحد الفقهاء، موصوف بالذَّكاء وحُسن الفِقْه والحساب والكلام في دقائق المسائل، ولهٍ شِعرٌ حسن، كتبتُ عنه بدمشق، وقال لي: كتبتُ عن ابن ماسيّ، وأبي بكر الورَّاق، وجماعة، وَوُلِدْتُ في سنة ثمانٍ وخمسين وثلاثمائة. سكن الرَّحبة مُدَّة ثُمّ دمشق. قال الخطيب1: حدَّثني أبو الفرج الدّارِميّ: سمعتُ أبا عمر بن حيُّويه: سمعت أبا العبَّاس بن سُريْج، وقد سُئِل عن القرد فقال: هو طاهر، هو طاهر. قلت: وروى عنه أيضًا: أبو عليّ الأهوازيّ وهو من أقرانه، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو طاهر محمد بن الحسين الحِنّائيّ. وقال أبو إسحاق في "الطَّبقات"2: كان فقيهًا، حاسبًا، شاعرًا، متصرّفًا، ما رأيت أفصح منه لهجة. قال لي: مرضت فعادني الشّيخ أبو حامد الْإِسفرائينيّ، فقلت: مرضتُ فارتحتُ إلى عائدٍ ... فعاودني العالم في واحدِ ذاك الإمامُ ابن أبي طاهرٍ ... أَحْمَد ذو الفضلِ أبو حامدِ وروى عنه من شعره: أبو عليّ بن النّبا، وأبو الحسين بن النَّقُّور، وأبو عبد اللَّه الحسن بن أَحْمَد بن أبي الحديد3. تُوُفّي ليلة الْجُمعة مُستَهَلّ ذي القعدة أيضًا، وشهده خلقٌ عظيم. ودُفِنَ بمقبرة باب الفراديس. وتفقَّه أيضًا على أبي الحُسين الأردَبِيليّ. وله كتاب الاستذكار في المذهب كبيرٌ. 296- محمد بن عُبَيْد الله بن أحمد4:

_ 1 في تاريخه "2/ 361، 362". 2 طبقات الفقهاء "107". 3 طبقات الشافعية الكبرى "3/ 78". 4 تاريخ بغداد "9/ 339".

أبو طالب البغداديّ الرّزّاز. سمع عليَّ بن عمر الحربيّ، وابن فهد المَوْصليّ. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا، قلت: روى عنه جماعة. 297- محمد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن إسماعيل: أبو طاهر بن الأنباريّ الواعظ. حدَّث عن: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حمَّاد الموصليّ، والحسن بن العبَّاس الشّيرازيّ، ووُلِدَ سنة خمسٍ وسبعين وثلاثمائة. 298- محمد بن عليّ بن يعقوب1: أبو الحسين الْإِياديّ البغداديّ، من أولاد الشّيوخ. سمع: أبا الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وابن حبّابة، والسُّكَّريّ. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا. مات فِي ذي القِعْدَة. 299- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن المظفّر2: أبو الحسين البغداديّ ابن السّرّاج. سمع: موسى بن جعفر السِّمسار، وأبناء الفضل الزُّهريّ. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا. مات فِي ربيع الأوَّل. 300- محمد بْن محمد بْن عمرو الحاكم: أبو الزَّواهيّ الفقيه. حدَّث بنيسابور غير مرَّة عن: ابن فراس العَبْقَسيّ، وأبي أَحْمَد الفَرَضيّ البغداديّ، وغيرهما.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 106". 2 تاريخ بغداد "3/ 236، 237".

301- المسلم بن عليّ بن طَبَاطَبَا: أبو جعفر العلويّ الحَسَنيّ المِصريّ. حرف الهاء: 302- هلال بن المُحسِّن1: أبو الحسين بن الصّابئ، البغداديّ الكاتب. أخذ عن: أبي عليّ الفارسيّ، وعليّ بن عيسى الرُّمانّي، وغيرهما. قال الخطيب2: كتبنا عنه، وكان صدوقا، أسلم بآخره، وسمع من العلماء في حال كُفْره؛ لَأنه كان يطلب الأدب. قال لي: ولدت سنة تسعٍ وخمسين وثلاثمائة. وجدُّه هو إسحاق إبراهيم بن هلال الصّابئ صاحب "الرّسائل"، ومات هو وابنه المحسِّن على الكفر. وتوفي هلال في رمضان. وهو والد غرس النعمة محمد. حرف الياء: 303- يوسف بن سليمان بن مروان3: أبو عمر الأنصاري الأندلسي المعروف بالرَّباحيّ. أصله من قلعة رباح. كان فقيها، إماما، ورِعًا، زاهدا، متقلِّلًَّا، جماعة للعلم، طويل اللسان، فقيه البدن، نحويًّا عروضيًّا شاعرًا، يسرد الصيام ويديم القيام، وينعزل عن النّاس، وتأسٍّ باللَّه، له مصنَّف في الرَّد على القبْريّ. حدَّث عنه: أبو المطرّف بن البيْروله، وأبو محمد بن خَزْرَج وقال: كان مُجاب

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 76"، والبداية والنهاية "12/ 70". 2 في تاريخه. 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 676، 677".

الدّعوة، بصيرًا بالحجاج والاستنباط. سكن إشبيلية، وله ردٌّ على أبي محمد الأصيليّ، وكان صاحبّا لأبي عمر ابن عبد البَرّ. وتُوُفّي بمرسية في آخر سنة ثمانٍ وأربعين. ووُلِدَ في سنة سبعٍ وستين وثلاثمائة. وفيات سنة تسع وأربعين وأربعمائة: حرف الألف: 304- أَحْمَد بن الحسن بن عنان: أبو العبّاس الكنكشيّ الزَّاهِد. كان من كبار مشايخ الطّريق بالدِّينور، له معارف وتصانيف. وعاش تسعين سنة، ولقى الكبار وحكى عنهم. روى عنه ابنه سعيد -أحد شيوخ السِّلفيّ- جزءًا فيه حكايات. وقد صحِبَ أبا العبّاس أَحْمَد الأسود مُريد الشّيخ عيسى القصَّار. وعيسى من كبار تلامذة ممشاذ الدِّينوريّ. وذكر أن شيخه أبا العبّاس الأسود عاش مائة سنة. قال السِّلفيّ: صنَّف أبو العبَّاس الكنكشيّ سِتّين مصنَّفًا، وقد رأيت بعضها، فوجدت كلامه في غاية الحُسن، وكان غزير الفضل، مُثَقّفًا، عارفًا، عابدًا، سُفْيَانيّ المذهب، لم يكن لهُ نظير بتلك النّاحية، ولهُ أصحابٌ ومُريدون، وبحكمه رُبُطٌ كثيرة. ومن كلامه: حقيقة الأُنس باللَّه الوحشة مما سواه. وقال: عمل السر سرمد، وعمل الجوارح منقطع. وقال: من عرف قدر ما يبذله لم يستحق اسم السخاء. وقال: وسمعت أَحْمَد الأسود يقول: السُّكون إلى الكرامات مكرٌ وخدعة. 305- أَحْمَد بن عبد اللَّه بْن سُليمان بْن مُحَمَّد بْن سُليمان بْن أَحْمَد بن سليمان بن داود بن المطهّرين زياد بن ربيعة1:

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 240، 241"، والأنساب "3/ 90-93"، وسير أعلام النبلاء "18/ 23"، والبداية والنهاية "12/ 72-76"، ولسان الميزان "1/ 203-208"، وشذرات الذهب "3/ 280-282".

أبو العلاء التَّنوخيّ اللُّغويّ، الشاعر المشهور، صاحب التّصانيف المشهورة، والزَّندقة المأثورة. له "رسالة الغفران" في مجلَّدةٍ قد احتوت على مزدكةٍ واستخفاف، وفيها أدب كثير، وله "رسالة الملائكة"، و"رسالة الطَّير" على ذلك الأُنْمُوذَج. ولهُ كتاب "سقط الزَّند" في شِعره، وهو مشهور؛ وله من النَّظم "لزوم ما لَا يلزم" في مجلَّدٍ أبدع فيه. وكان عجبًا من الذَّكاء المُفرط والْإِطلاع الباهر على اللُّغة وشواهدها. وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّين وثلاثمائة، وجدِّر1 في السَّنة الثالثة من عمره فعمي منه، فكان يقول: لَا أعرف من الألوان إِلَّا الأحمر، فإنِّي أُلبِستُ في الْجُدريّ ثوبًا مصبوغًا بالعُصْفُر، لَا أعقِل غير ذلك2. أخذ العربيّة عن أهل بلده كبني كوثر وأصحاب ابن خالَوْيه، ثمّ رحل إلى أطرابُلُس، وكانت بها خزائنُ كتبٍ مَوْقُوفَة فاجتاز باللّاذقيّة، ونزل ديرًا كان به راهبٌ له علم بأقاويل الفلاسفة، فسمع أبو العلاء كلامه، فحصل له به شكوك، ولم يكن عنده ما يدفع به ذلك، فحصل له بعض انْحلال، وأودع من ذلك بعض شعره، ومنهم من يقول: ارعوى وتاب واستغفر3. ومِمّن قرأ عليه أبو العلاء اللغة جماعة، فقرأ بالمعرفة على والده، وبحلب على محمد بن عبد اللَّه بن سعد النَّحوي وغيره. وكان قانِعًا باليسير، لهُ وقفٌ يحصل له منه في العام نحو ثلاثين دينارًا، قرَّر منها لمن يخدمه النّصف. وكان أكْلُه العدس، وحلاوته التّين، ولباسه القُطْن، وفراشه لبّاد، وحصيرة بَرْدِيّة، وكانت له نفسٌ قويَّة لَا تحمِل منَّة أحد، وإلّا لو تكسَّب بالشِّعر والمديح لكان ينال بذلك دنيا ورئاسة. واتَّفق أنّهُ عُورِض في الوقف المذكور من جهة أمير حلب، فسافر إلى بغداد

_ 1 أي: أصابه الجدري "انظر سير أعلام النبلاء "18/ 24". 2 المنتظم "8/ 184"، معجم الأدباء "3/ 125". 3 إنباء الرواة "1/ 49".

متظلّمًا منه في سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة، فسمعوا منه ببغداد "سقط الزِّند"، وعاد إلى المعرّة سنة أربعمائة. وقد قصده الطَّلبة من النّواحي. ويُقال عنه إنّه كان يحفظ ما يمر بسمعه. وقد سمع الحديث بالمعرَّة عاليًا من يحيى بن مسعر التَّنوخيّ، عن أبي عروبة الحرّانيّ. ولزِم منزله، وسمّى نَفْسَهُ "رهين المحبسين" للزومه منزله، وذهاب بصره. وأخذ في التّصنيف، فكان يُملي تصانيفه على الطَّلبة، ومكثَ بضعًا وأربعين سنة لَا يأكل اللَّحم، ولا يرى إيلام الحيوان مُطلَقًا على شريعة الفلاسفة. وقال الشِّعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. قال أبو الحسين عليّ بن يوسف القفطيّ1: قرأت على ظهر كتابٍ عتيق أنَّ صالح بن مرادس صاحب حلب خرج إلى المعرَّة وقد عصى عليه أهلُها، فنازلها، وشرع في حصارها ورماها بالمجانيق، فلمَّا أحس أهلها بالغَلَب سعوا إلى أبي العلاء بن سليمان وسألوه أن يخرج ويشفع فيهم. فخرج ومعه قائدٌ يقوده، فأكرمه صالح واحترمه، ثمّ قال: ألك حاجة؟ قال: الأمير أطال اللَّه بقاءه كالسّيف القاطع؛ لانَ مسّهُ، وخشُنَ حدُّه، وكالنّهار الماتِع؛ قاظ وسطهُ، وطاب بَرْدُهُ. {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] . فقال له صالح: قد وهبتها لك. ثُمَّ قال لهُ: أنشِدْنا شيئًا من شعرك لنرويه. فأنشده بديهًا أبياتًا فيه، فترحَّل صالح. وذُكِر أن أبا العلاء كان له مغارة ينزل إليها ويأكُل فيها، ويقول: الأعمى عورة، والواجب استتاره في كلِّ أحواله. فنزل مرّةً وأكل دُبْسًا، فنقّط على صدره منه ولم

_ 1 في إنباء الرواة "1/ 53، 54".

يشعر، فلمَّا جلس للإقراء قال له بعض الطَّلبة: يا سيِّدي أكلت دُبْسًا؟ فأسرع بيده إلى صدره يمسحه، وقال: نعم، لعن اللَّه النَّهم. فاستحسنوا سرعة فهمه. وكان يعتذر إلى من يرحل إليه من الطَّلَبة، فإنّهُ كان ليس له سِعة، وأهل اليسار بالمعرَّة يُعرَفون بالبُخْل. وكان يتأوَّه من ذلك1. وذكر الباخرزيُّ2 أبا العلاء فقال: ضريرٌ ما له في الأدب ضريب، ومكفوف في قميص الفضل ملفوف، ومحجوب خصمه الألدّ محجوب، قد طال في ظِل الْإِسلام إناؤه، ولكن إنما رشح بالْإِلحاد إناؤه، وعندنا خبر بصره، واللَّه العالِم ببصيرته، والمُطّلع على سريرته، وإنَّما تحدَّقت الألسُن بأساته لكُتّابه الّذين زعموا أنّهُ عارض به القرآن، وعنونه: "بالفصول والغايات في مُحاذاة السُّور والَآيات". قال القِفْطيّ: وذكرت ما ساقه غرّس النِّعمة محمد بن هلال المحسّن فيه فقال: كان لهُ شعرٌ كثير وأدبٌ غزير، ويُرمى بالْإِلحاد في شِعره، وأشعاره دالة على ما يزنُّ3 به، ولم يكُن يأكل لحمًا ولا بيضا ولا لبنًا، بل يقتصر على النبات. ويحرّم إيلام الحيوان، ويُظهِر الصَّوم دائمًا. قال: ونحنُ نذكر طرفًا مما أبلغنا من شعره لتعلم صحّة ما يُحكى عنه من إلحاده، فمنه: صرفُ الزّمانِ مُفَرِّقُ الإلْفَيْنِ ... فاحكُمْ إلهي بين ذاك وبيني أَنَهَيْتَ عن قتْل النُّفُوس تعمُّدًا ... وبَعَثْتَ أنتَ لقَبْضها مَلَكَيْنِ وَزَعْمتَ أنّ لها مَعَادًا ثانيا ... ما كان أغناها عن الحالَيْنِ4 ومنه: قرانُ المُشْتَري زُحَلًا يُرَجَّى ... لإيقاظِ النّواظِر مِن كَرَاهَا تقضّى النّاسُ جيلًا بعدِ جيلٍ ... وخُلِّفتِ النّجومُ كما تراها

_ 1 إنباء الرواة "1/ 55". 2 في دمية القصر. 3 يزن: يُتَّهَم. 4 سير أعلام النبلاء "18/ 19"، والمنتظم "8/ 188".

تتقدَّم صاحبُ التُوراة موسى ... وأوقعَ بالخَسَار مَن اقْتراها فقال رِجالُه وَحْيٌ أتاهُ ... وقال الآخرون: بلِ اقْتداها وما حَجّي إلى أحجارِ بيتٍ ... كئوسُ الخمرِ تُشْربُ في ذُراها إذا رَجَعَ الحكيم إلى حجاه ... تهاون بالمذاهب وازْدراها ومنه فيما أنشدنا أبو علي بْن الخلال: أَنَا جعفر، أنا السِّلفّي: أنشدنا أبو زكريّا التِّبربزيّ، وعبد الوارث بن محمد الأسديّ لقِيُتُه بأَبْهَر قالا: أنشدنا أبو العلاء المعرّيّ بالمعرَّة لنفسه قال: ضحِكْنا وكان الضّحكُ مِنّا سَفَاهةً ... وحُقّ لسُكّان البسِيطةِ أن يبكوا تُحَطِّمُنا الأيّامُ حتّى كأَنّنا ... زُجاجٌ، ولكن لَا يُعاد له سَبْكُ1 ومنه: هَفَتِ الحنيفةُ والنصارى ما اهتدتْ ... ويهودُ حارتْ والمجوسُ مُضَلَّلَةْ اثنانِ أهلُ الأرضِ: ذو عقلٍ بلا ... دينٍ، وآخرُ دَيِّنٌ لَا عقلَ لَهْ ومنه: قلتم لنا خالقٌ قديمٌ ... صدقتُمُ، هكذا نقول زعمتموهُ بلا زمانٍ ... ولا مكانٍ، ألا فقولوا هذا كلامٌ له خَبِيٌّ ... مَعناهُ ليستْ لكُم عُقُولُ ومنه: دِينُ وكُفْرٌ وأنباءٌ تقالُ وفُر ... قانٌ يُنَصُّ وتوراةٌ وإنجيلُ في كل جيلٍ أباطيلٌ يُدانُ بها ... فهل تفرَّد يومًا بالهدى جيلُ قال الذّهبيّ: نعمْ أبا القاسم الهاديّ وأمته ... فزادك اللهُ ذُلًا يا دجَيْجِيلُ

_ 1 المنتظم "8/ 187".

ومنه قوله: فَلا تحسْب مَقَال أرُّسلِ حقًّا ... ولكنْ قولُ زُورٍ سَطَرُوهُ وكان النّاس في عَيْشٍ رغيدٍ ... فجاءوا بالمُحالِ فكدّرُوهُ ومنه: وإنما حمّل التّوارة قارِئها ... كسْب الفوائد لا حُبّ التّلاواتِ وهل أُبِيحَتْ نساء الرّوم عن عرضٍ ... للعُرب إِلَّا بأحكام النُّبوّات أنبأتنا أمُّ العرب فاطمة بنت أبي القاسم: أنا فرقد الكنانيّ سنة ثمانٍ وستّمائة: أنا السِّلفيّ: سمعت أبا زكريا التّبْريزيّ قال: قرأت على أبي العلاء بالمعرَّة قوله: يدٌ بخُمْس مِيءٍ من عَسْجَدٍ فُدِيَتْ ... ما بالُها قُطِعَتْ في رُبع دينار؟ تَنَاقُضٌ مالنا إِلَّا السُّكُوتُ لهُ ... وأن نَعُوذَ بِمَولانا مِن النَّارِ1 سألته عن معناه فقال: هذا مثل قول الفقهاء: عبادةً لَا نعقل معناها. قلت: لو أراد ذلك لقال: تعبد مالنا إِلَّا السُّكوت له، ولما اعترض على اللَّه بالبيت الثاني. قال السِّلفّي: إن قال هذا الشِّعر معتقدًا معناه فالنار مأواه، وليس له في الْإِسلام نصيب، هذا إلى ما يحكى عنه في كتاب "الفصول والغابات"، وكأنَّهُ معارضةً منه للسُّور والَآيات، فقيل له: أين هذا من القرآن؟ فقال: لم تَصْقُلُهُ المحاريب أربعمائة سنة. إلى أن قال السِّلفيّ: أخبرنا الخليل بن عبد الجبَّار بقزوين، وكان ثِقة: ثنا أبو العلاء التَّنوخيّ بالمَعَرَّة، ثنا أبو الفتح محمد بن الحسنيّ، ثنا خيثمة2 فذكر حديثًا. وقال غرس النّعمة: وحدَّثني الوزير أبو نصر بن جَهِير: ثنا أبو نصر المنَازِيّ3 الشاعر قال: اجتمعت بأبي العلاء فقلت له: ما هذا الّذي يُروى عنك ويُحْكَى؟ قال: حَسَدوني وكذبوا عليَّ.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 31"، والمنتظم "8/ 186". 2 هو الحافظ أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، مسند الشام، المتوفَّى سنة "343هـ". 3 هو أحمد بن يوسف المنازي، الكاتب الشاعر الوزير، المتوفَّى سنة "437هـ"، وسبق برقم "194".

فقلت: على ماذا حسدوك، وقد تركت لهم الدُّنيا والَآخرة؟ قال: والَآخرة: قلت: إي واللَّه. قال غرس النّعمة: وأذكر عند ورود الخبر بموته، وقد تذاكرنا إلحاده، ومَعَنا غُلَام يُعْرَف بأبي غالب من نبهان من أهل الخير والفقه. فلمَّا كان من الغد حكى لنا قال: رأيتُ في منامي البارحة شيخًا ضريرًا، وعلى عاتقه أفعتان مُتَدَلّيتان إلى فَخِذَيْهِ، وكلُّ منهما فمه إلى وجهه، فيقطع منه لحمًا يزدرده وهو يستغيث. فقلتُ وقد هالني: من هذا؟ فقيل لي: هذا المَعَرِّيّ المُلحد1. ولَأبي العلاء: أتى عيسى فبطَّلَ شرْعَ موسى ... وجاء محمدٌ بصلاةِ خَمْسٍ وقالوا: لَا نبيٌّ بعدَ هذا ... فَضَلَّ القومُ بين غدٍ وأمسٍ ومهما عشْتَ في دُنياك هذي ... فما تُخْليكَ مِنْ قَمَرٍ وشمسِ إذا قُلتُ المُحالَ رفعتُ صَوْتي ... وإنْ قلتُ الصّحيحَ أطلَّتُ هَمْسي2 وله: إذا مات ابنُها صرخَتْ بجهلِ ... وماذا تستفيد من الصُّراخِ؟ ستتبعه كفاء العطف ليست ... بمهلٍ أو كَثُمَّ على التراخي وله: لَا تَجْلِسْن حُرّةُ موفْقَةٌ ... مع ابن زوجٍ لها ولا خَتَنٍ فذاك خيرُ لها وأسلم للإ ... نسانِ إنْ الفَتَى من الفِتَنِ وله: منكَ الصدُودُ ومنّي بالصُّدودِ رِضا ... مَن ذا عليَّ بهذا في هواك قضا بي منك ما لو غدا بالشّمسِ ما طَلَعَتْ ... من الكآبة أو بالبَرْقِ ما وَمَضَا جرَّبتُ دَهْري وأهليه فما تَرَكَتْ ... لِيَ التّجاريبُ فيوُدّ امرئٍ غَرضا إذا الفتى ذَمّ عَيْشًا في شَبِيَبِتِه ... فما يقولُ إذا عَصْرُ الشَّباب مَضا

_ 1 إنباء الرواة "1/ 80، 81". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 39".

وقد تعوّضتُ عن كلٍّ بمُشْبهِه ... فما وجدتُ لأيّامِ الصِّبا عِوَضا1 صفراءَ لون التَّبْر مثلي جليده ... على نُوب الأيامُ والعِيشة الضَّنك تُريك ابتسامًا دائمًا وتجلُّدًا ... وصبرًا على ما نابها وهي في الهلكِ ولو نَطَقَتْ يومًا لقالت أظُنّكم ... تَخَالون أنيّ من حَذَار الرَّدى أبكي فلا تحسبوا دمعي لوجعهِ وجدته ... فقد تدمع العَيْنان من كثرة الضَّحكِ وأنشدنا أبو الحسين ببعلبك: أنا جعفر، أنا السِّلفيّ، أنا أبو المكارم عبد الوارث بن محمد الأسدي رئيس أبْهَر: أنشدنا أبو العلاء بن سليمان لنفسه قطعة ليس لَأحد مثلها: رغبتُ إلى الدُّنيا زمانًا فلم تَجُدْ ... بغير عناءٍ والحياةُ بلاغُ وألقى ابنه الرَّأس2 الكريمُ وبنتهُ ... لديَّ فعندي راحة وفراغُ وزَادَ فَسَادُ النَّاسِ في كُلِّ بلدةٍ ... أحاديثُ ميتٍ تُفْتَرى وتصاغُ ومن شرِّ ما أسْرَجْتَ في الصُّبح ... والدُّجى كُمَيْت لها بالشارِبينَ مراغُ ولمَّا مات أوصى أن يُكتب على قبره: هذا جناهُ أبيْ عليَّ ... وما جنيتُ على أحدْ الفلاسفة يقولون: إيجاد الولد وإخراجه إلى هذا العالم جناية عليه؛ لَأنَّهُ يعرَّض إلى الحوادث والآفات3. والّدي يظهر أنَّ الرّجل مات مُتحيِّرًا، لم يجزم بدينٍ من الأديان، نسألُ اللَّه تعالى أن يحفظ علينا إيماننا بكرمه. أنبأتنا فاطمة بنت عليّ، أنا فَرْقَدُ بنُ ظافِر، أنا أبو طاهر بن سِلَفَة قال: من عجيب رأي أبي العلاء تركه تناول كل مأكولٍ لَا تُنْبِتُهُ الأرض شفقةً بزعمه على الحيوان، حتى نُسِبَ إلى التَّبرهم، وأنّهُ يرى رأي البراهمة4 في إثبات الصّانع،

_ 1 معجم الأدباء "3/ 138، 139". 2 في سير أعلام النبلاء "اليأس"، "18/ 34". 3 وفيات الأعيان "1/ 115". 4 البراهمة: طائفة دينية موطنها الهند تنتسب إلى إبراهيم. والبراهمة هم طبقة الكهنة والحكماء الفلاسفة "معجم الأدباء 3/ 125".

وإنكار الرُّسل، وتحريم الحيوانات وإيذائها، حتّى الحيات والعقارب. وفي شِعره ما يدُل على غير هذا المذهب، وإن كان لَا يستقر به قرار، ولا يبقى على قانونٍ واحد، بل يجري مع القافية إذا حصلت كما تجيء، لَا كما يجب، فأنشدني أبو المكارم الأَسَديّ رئيس أَبْهَر قال: أنشدنا أبو العلاء لنفسه: أقرُّوا بالْإِله وأثبَتُوهُ ... وقالوا: لا نبيَّ ولا كتابُ ووطءُ بناتِنا حلٌّ مُباحٌ ... رويدكمُ فقد بطُلَ العتابُ تَمَادَوْا في الضّلالِ1 فلم يتوبوا ... ولو سمعوا صليلَ السّيفِ تابوا وبه قال: وأنشدني أبو تمّام غالبُ بن عيسى الأنصاريّ بمكّة: أنشدنا أبو العلاء المَعَرّيّ لنفسه: أتتني من الأيّام ستُّون حجَّةً ... وما أَمْسَكَت كفَّايَ بِثْنَى عنانِ ولا كان لي دارٌ ولا ربعُ منزلٍ ... وما مسّني من ذاك روعُ جنانِ تذكَّرتُ أنّي هالكٌ وابنُ هالكٍ ... فهانَتْ عليَّ الأرضُ والثقلانِ إلى أن قال السِّلفيّ: ومما يدل على صحة عقيدته ما سمعت الخطيب حامد بن بُختيار النُّميريّ بالسِّمسمانيّة -مدينة بالخابور- قال: سمعت القاضي أبا المهذب عبد المنعم بن أَحْمَد السَّروجيّ: سمعت أخي القاضي أبا الفتح يقول: دخلت على أبي العلاء التَّنوخيّ بالمعرَّة ذات يومٍ في وقت خلوةٍ بغير علمٍ منه، وكنت أتردَّدُ إِلَيْهِ وأقرأ عليه، فسمعته وهو ينشد من قيلهِ: كم غُودِرَت غادةٌ كعاب ... وعمرت أمها العجوزُ أحرزها الولدان خوفًا ... والقبرُ حِرزٌ لها حريزُ يجوزُ أن تُبْطئُ2 المنايا ... والخُلْدُ في الدَّهرِ لَا يجوزُ ثم تأوَّه مرات وتلا: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ، وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ، يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 103-105] .

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 32". 2 في سير أعلام النبلاء: "تخطئ" "18/ 32".

ثم صاح وبكى بكاءً شديدًا، وطرح وجهه على الأرض زمانًا، ثم رفع رأسه، ومسح وجهه وقال: سبحان من تكلَّم بهذا في القِدَم، سبحان من هذا كلامه. فصبرتُ سَاعةً، ثم سلّمت عليه، فردَّ وقال: متى أتيتَ؟ فقلت: السَّاعة. ثم قلت: يا سيِّدي، أرى في وجهك أثَرَ غَيْظ. فقال: لَا يا أبا الفتح، بل أنشدت شيئًا في كلام المخلوق، وتلوت شيئًا من كلام الخالق، فلحِقَني ما ترى. فتحقَّقتُ صحة دينه، وقوّة يقينه1. وبالْإِسناد إلى السِّلفيّ: سمعتُ أَبَا بكر التِّبْرِيزيِّ اللُّغَويّ يقول: أفضل من رأيته ممّن قرأت عَلَيْهِ أبو العلاء، وسمعتُ أبا المكارم بأبهر، وكان من أفراد الزّمان، ثِقَةً مالِكيّ المَذْهب، قال: لمَّا تُوُفّي أبو العلاء اجتمع على قبره ثمانون شاعرًا، وخُتِم في أسبوع واحد عند القبر مائتا ختمة. وبه قال السِّلفيّ هذا القدر الّذي يمكن إيراده هنا على وجه الاختصار، مدحًا وقدحًا، وتقريظًا وذمًّا. وفي الجملة فكان من أهل الفضل الوافر، والَأدب الباهر، والمعرفة بالنَّسَبْ، وأيّام العرب، قرأ القرآن بروايات، وسمع الحديث بالشّام على ثِقات. ولهُ في التَّوحيد وإثبات النُّبُوَّة وما يحضّ على الزَّهْد وإحياء طرق الفُتُوّة والمُرُوَءة شِعْرٌ كثير، والمُشكِل منه فله على زعمه تفسير. قال القِفْطيّ2: ذِكر أسماء الكُتُب الّتي صنّفها. قال أبو العلاء: لزمت مسكني منذ سنة أربعمائة، واجتهدتُ أن أتوفّر على تسبيح اللَّه وتحميده، إِلَّا أن أُضطرّ إلى غير ذلك، فأمليت أشياءٌ تولّى نسخها الشّيخُ أَبُو الحَسَن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن أبي هاشم، أحسن اللَّه توفيقه، ألزمني بذلك حقوقًا جمَّة؛ لَأنّهُ أفنى زمنه ولم يأخذ عمَّا صنع ثمنًا، وهي على ضروبٍ مختلفة، فمنها ما هو في الزُّهد والعِظات والتّمجيد. فمن ذلك: كتاب "الفصول والغايات"، وهو موضوع على حروف المعجم، ومقداره مائة كراسة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 32، 33". 2 في إنباء الرواة "1/ 56"، ومعجم الأدباء "3/ 145".

ومنها كتاب أنشئ في ذِكْر غريب هذا الكتاب، لقبه "السّادِن". وكتاب "إقليد الغايات" في اللُّغة، عشر كراريس. وكتاب "الأَيْكُ والغُصُون" وهو ألف ومائتا كرّاسة. وكتاب "مختلف الفصول" نحو أربعمائة كرّاسة. وكتاب "تاج الحرة" في عظات النساء، نحو أربعمائة كراسة. وكتاب "الخُطب" نحو أربعين كرّاسة. وكتاب "تسمية خُطَب الخَيْل" عشر كراريس. كتاب "خطبة الفصيح"1، نحو خمس عشرة كرّاسة. وكتاب يُعرَف "برَسِيلِ الرّامُوز" نحو ثلاثين كرّاسة. كتاب "لُزُوم ما لَا يلزم" نحو مائة وعشرين كرّاسة. كتاب "زَجْر النابح"2 أربعون كرّاسة. كتاب "نجر الزَّجْر" مقداره كذا. كتاب "راحة اللُّزوم في شرح لزوم ما لا يلزم" نحو مائة كرّاسة. كتاب "مُلْقَى السبيل" مقداره أربع كراريس. قلت: إنّما مقداره ثمان وَرَقات، فكأنَّهُ يعني بالكرَّاسة زَوْجَين من الورق، قال: وكتاب "خماسية الرَّاح" في ذَم الخمر، نحو عشر كراريس. "مواعظ"، خمس عشرة كرّاسة. وكتاب "وقفة الواعظ". كتاب "الْجِلِّيّ والحِليّ" عشرون كرّاسة. كتاب "سجع الحمائم"3 ثلاثون كراسة.

_ 1 إنباء الرواة "1/ 59"، ومعجم الأدباء "3/ 158". 2 إنباء الرواة "1/ 60". 3 إنباء الرواة "1/ 61".

كتاب "جامع الأوزان والقوافي" نحو ستّين كرّاسة. كتاب "غريب ما في هذا الكتاب"1 نحو عشرين كرّاسة. كتاب "سَقْط الزِّند"، فيه أكثر من ثلاثة آلاف بين نُظِم في أوّل العُمْر. كتاب "رسالة الصَّاهِل والشاحج" يكتمل فيه على لسان فَرَسٍ وبَغْل أربعون كرّاسة. كتاب "القائف" على معنى كليلة ودمنة نحو ستّين كرّاسة. كتاب "منار القائف" في تفسير ما فيه من اللغة والغريب، نحو عشرة كراريس. كتاب "السَّجع السُّلطانيّ" في مُخاطبات الملوك والوزراء، نحو ثمانين كرّاسة. كتاب "سجع الفقيه" ثلاثون كرّاسة. كتاب "سجع المُضْطَّرين"3. "رسالة المعونة". كتاب "ذِكْرَى حبيب" تفسير شِعر أبي تمَّام، نحو ستّين كرّاسة. كتاب "عَبَثُ الوَليد" يتصل بشعر البُحتُرِيّ. كتاب "الريّاش" أربعون كرّاسة. كتاب "تعليق الخُلَس"، كتاب "إسعاف الصدّيق". كتاب "قاضي الحق"4. كتاب "الحقير النّافع" في النّحو، نحو خمس كراريس. كتاب "المختصر الفتحيّ". كتاب "اللامع العزيزيّ"5 في شرح شِعر المتنبي، نحو مائة وعشرين كراسة.

_ 1 معجم الأدباء "3/ 159". 2 إنباء الرواة "1/ 62". 3 معجم الأدباء "3/ 156"، وإنباء الرواة "1/ 63". 4 إنباء الرواة "1/ 64". 5 عمل للأمير عزيز الدولة "معجم الأدباء 3/ 162".

كتاب في الزُّهد يُعرف بكتاب "استَغْفِرْ واستغفِري" منظومٌ فيه نحو عشرة آلاف بيت. كتاب "ديوان الرسائل"، ومقداره ثمانمائة كرّاسة. كتاب "خادم الرّسائل". كتاب "مناقب عليّ -رضي اللَّه عنه"1. كتاب "العُصْفُوريْن"2. كتاب "السّجعات العَشْر". كتاب "عيون الْجُمَل". كتاب "شرف السَّيف"، نحو عشرين كرّاسة. كتاب "شرح بعض سيَبَوَيْه"، نحو خمسين كرّاسة. كتاب "الأمالي"، نحو مائة كرّاسة. قال: فذلك خَمْسَةٌ وخمسون مصنَّفًا في نحو أربعة آلاف ومائة وعشرين كرَّاسة. ثم قال القِفْطيّ3: وأكثر كُتُب أبي العلاءُ عُدِمَت، وإنما وُجِدَ منها ما خرج عن المعرَّة قبل هجم الكُفّار عليها، وقَتْل أهلها. وقد أتيت قبره سنة خمسٍ وستّمائة، فإذا هو في ساحةٍ بين دُور أهله، وعليه باب، فدخلتُ فإذا القبر لَا احتفال به، ورأيت على القبر خُبّازَى يابسة، والموضع على غاية ما يكون من الشَّعث والْإِهمال. قلت: وقد رأيت أنا قبره بعد مائة سنة من رؤية القِفْطيّ، فرأيتُ نحوًا ممّا حكى، وقد ذكر بعض الفُضلاء أنَّهُ وقف على المُجلَّد الأوّل بعد المائة من كتاب "الأَيْك والغُصُون"، قال: ولا أعلم ما يعوزه بعد ذلك. وقد روى عنه: أبو القاسم التَّنُوخيّ، وهو من أقرانه، والخطيب أبو زكريا

_ 1 إنباء الرواة "1/ 66". 2 هو كتاب "أدب العصفورين" كما في: معجم الأدباء "3/ 160"، وإنباء الرواة "1/ 66". 3 في إنباء الرواة "1/ 66".

التِّبْريزيّ أحد الأعلام، والْإِمام أبو المكارم عبد الوارث بن محمد الأَبْهَريّ، والفقيه أبو تمَّام غالب بن عيسى الأنصاريّ، والخليل بن عبد الجبَّار القزوينيّ، وأبو طاهر محمد بن أَحْمَد بن أبي الصَّقر الأنباريّ، وغير واحد. ومرض ثلاثة أيام، ومات في الرابع ليلة جمعة، من أوائل ربيع الأوّل من السّنة. وقد رثاه تلميذه أبو الحسن عليّ بن همّام بقوله: إن كُنْتَ لم تُرِق الدّماءَ زَهَادةً ... فَلَقَدْ أَرَقْتُ اليَوْمَ من جَفْني دَمَا سَيَّرتَ ذِكْرَكَ في البلاد كأنَّهُ ... مِسكٌ فسامِعُهُ يضمِّخ أو فما وأرى الحَجِيجَ إذا أرادوا ليلةً ... ذِكْرَاكَ أخرَجَ فِديةً مَنْ أَحْرَمَا 306- أَحْمَد بن عليّ1: أبو الفتح الْإِياديّ، أخو محمد المذكور في العام الماضي2. سَمِعَ: أبا حفص الكتّانيّ، والمخلّص. ومات في ذي القعدة. قال الخطيب: صدوق. 307- أَحْمَد بن عليّ بن عثمان: أبو طاهر بن السوَّاق الأنصاريّ البغداديّ المقرئ. أخو حمزة. قرأ القراءات على الحماميّ. وسمع من: عبيد اللَّه بن أَحْمَد الصَّيْدلانيّ، وأبي أَحْمَد الفَرَضيّ، وطائفة. وعنه: أبو غالب عبد اللَّه بن منصور المقرئ، وعليّ بن المبارك بن سيف الدَّواليبيّ، وجعفر السرَّاج وآخرون. وكان ثِقةً، صالحًا نبيلًا، فقيهًا مقرئًا -رحمه اللَّه تعالى.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 325". 2 تقدَّم برقم "298".

308- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ العزيز بن شاذان1: أبو مسعود البَجَليّ الرّازيّ، الحافِظ ابن المحدِّث الصالح. وُلِدَ بنَيْسابور سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. قال: وأُمّي من طَبَرِسْتان، وأكثر مُقامي بجُرْجَان. قلت: رحل وطوَّف وصنَّف الأبواب والشِّيوخ. وسمع من الكبار: أبي عمرو بن حمدان، وأبي أَحْمَد حسين بن عليّ التميميّ، وأبي سعيد بن عبد الوهّاب الرّازيّ، وأحمد بن أبي عمران الهرويّ المجاور، وزاهر بن أَحْمَد، وأبي النّضر محمد بن أَحْمَد بن سليمان الشَّرْمَغُوليّ، ومحمد بن الفضل بن محمد بن خزيمة، وأبي بكر محمد بن محمد الطرازي، وأبي الحسين الخفَّاف، وأبي محمد المّخلَديّ، وشافع الْإِسْفَرَائينيّ، وأبي بكر بن لال الهَمَذَانيّ، وأبي الحسن بن فراس العَبْقَسيّ، وأبي الحسين بن فارس اللُّغوي، وابن جهضم، وخلق كثير. وكان جوَّالًا في الآفاق، وبقي في الآخر يسافر للتّجارة2. روى عنه يحيى بن الحسين بن شراعة، وعبد الواحد بن أَحْمَد الخطيب الهمذانيان، وأبو الحسن عليّ بن محمد الْجُرْجَاني، وظريف النَّيْسابوريّ، وإسماعيل بن الغافر، وخلق آخرهم عبد الرحمن بن محمد التاجر. وثَّقه جماعة. وتوفِّي في المحرم بِبُخَارَى. قال يحيى بن مَنْدَهْ: كان ثِقةً جوّالًا، تاجرًا، كثير الكُتُب، عارفًا بالحديث، حَسَن الفَهْم. 309- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن النُّعمان بن المُنذِر3: أبو العبَّاس الْأصبهانيّ الفضاض الذهبي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 62"، وطبقات الحفاظ "431"، وشذرات الذهب "3/ 282". 2 تاريخ جرجان "127". 3 التقييد لابن النقطة "171".

حدَّث عن: أبي بكر بن المقرئ، وعُبَيْد اللَّه بن يعقوب بن جميل، وأبي بكر محمد بن أَحْمَد بن جِشَنْش، وأبي عبد اللَّه بن مَنْدَهْ، وأبي بكر مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الفضل بْن شَهْرَيار، وجماعة. روى عنه: أبو عليّ الحدّاد، وسعيد بن أبي الرجاء، وغيرهما. وكان ثقةً جميل الطّريقة. قال يحيى بن مَنْدَهْ: هو ثقة مأمون، صالح، قليل الكلام. عاش ثمانين سنة. وقال غيره: هو أبو بكر الفضَّاض، توفِّي ليلة عيد الفطر، روى عنه ابن المقريّ "مُسنَد العَدَنيّ". 310- أَحْمَد بن محمد بن أبي عُبَيْد أَحْمَد بن عُرْوَة1: أبو نصر الكَرْمِينيّ. حدَّث في رمضان من السّنة ببلد كَرْمِينِيّة من ما وراء النّهر عن محمد بن أَحْمَد بن محفوظ الوَرْقُودِيّ، وسماعه منه في سنة بضعٍ وستين وثلاثمائة عن الفِرْبَرِيّ2. 311- أَحْمَد بن مهلّب بن سعيد3. أبو عمر البهرانيّ الْإِشبيليّ. روى عن: أبي محمد الباجي، وأبي الحسن الأنطاكي المقرئ، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي بكر الزبيدي، وغيرهم. ذكره ابن خزرج وقال: كان من أهل الذّكاء، قديم العناية بطلب العلم. توفِّي في صفر وقد استكمل ستًّا وتسعين سنة. قلت: هذا كان من كبار المُسْنِدِين بالَأندلُس. 312- إبراهيم بن محمد بن علي:

_ 1 الأنساب "12/ 249". 2 الفريري: نسبة إلى فربر، وهي بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارى. "الأنساب "9/ 260". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 53، 54".

أبو نصر الكسائيّ الْأصبهانيّ. روى عنه: الحدَّاد، وسعيد بن أبي الرّجاء، وغيرهما. وكان ورَّاقًا، فسمع الكثير. مات في ذي القعدة. 313- إسماعيل بن عبد الرّحمن بْن أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن عابد بن عامر1: أبو عثمان الصَّابونيّ النيسابوريّ الواعظ المُفسِّر، شيخ الْإِسلام. حدَّث عن: زاهر بن أَحْمَد السَّرْخَسيّ، وأبي سعيد عبد اللَّه بن محمد الرّازيّ، والحسن بن أَحْمَد المَخْلَديّ، وأبي بكر بن مهران المقرئ، وأبي طاهر بن خُزَيْمَة، وأبي الْحُسَيْن الخفّاف، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي شُريْح، وطبقتهم. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الْعَزِيز الكتاني، وعليّ بْن الحسين بن صَصْرَى، ونجا بن أَحْمَد، وأبو القاسم المصّيصيّ، ونصر اللَّه الخُشْناميّ، وأبو بكر البَيْهَقِيّ، وخلقٌ كثير آخرهم أبو عبد اللَّه الفراويّ. قال البَيْهَقيّ: أنبا إمام المسلمين حقًا، وشيخ الْإِسلام صِدْقًا، أبو عثمان الصّابونيّ، ثم ذكر حكاية2. وقال أبو عبد اللَّه المالكيّ: أبو عثمان الصابونيّ ممن شهدت له أعيان الرجال بالكمال في الحفظ والتفسير، وغيرهما. وقال عبد الغافر في "سياق تاريخ نَيْسابور"3: إسماعيل الصّابونيّ الأستاذ، شيخ الْإِسلام، أبو عثمان الخطيب المفسِّر الواعِظ، المحدِّث، أوحد وقته في طريقه4، وَعَظَ المسلمين سبعين سنة، وخطب وصلَّى في الجامع نحوًا من عشرين سنة، وكان حافِظًا كثير السماع والتصنيف، حريصًا على العلم.

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 638"، وسير أعلام النبلاء "18/ 40-44"، والبداية والنهاية "12/ 76". 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 31، 32". 3 في المنتخب من السياق "131". 4 في المنتخب "طريقته"، وفي سير أعلام النبلاء كما أثبتناه "18/ 41".

سَمِعَ بنيسابور، وهراة، وسرخس، والشّام، والحجاز، والجبال. وحدَّث بخُراسان، والهند، وجُرْجان، والشّام، والثُّغور، والقُدس، والحِجاز، ورُزِق العزَّ والجاه في الدّين والدُّنيا، وكان جمالًا للبلد، مقبولًا عند الموافق والمخالف، مجمَع على أنه عديم النّظير، وسيف السُّنَّة، وقامع أهل البدعة. كان أبوه أبو نصر من كبار الواعظين بنَيْسابور، ففُتِكَ به لَأجل المذهب، وقُتِلَ وهذا الْإِمام صبيّ ابن تِسع سنين، فأُقْعِد مجالس الوعظ مقام أبيه، وحضر أئِمّةُ الوقت مجالسَه، وأخذ الْإِمام أبو الطّيب الصُّعْلُوكيُّ في تربيته وتهيئة شأنه، وكان يحضر مجالسه، والَأستاذ أبو إسحاق الْإِسْفَرَائِينيّ، والَأستاذ أبو بكر بن فُورَك، ويتعجّبون من كمال ذكائه وحُسن إيراده، حتّى صار إلى ما صار إليه، وكان مُشتغِلًا بكثرة العبادات والطّاعات، حتَّى كان يُضرَب بِه المَثَل. وقال الحسين بن محمد الكتبيّ في تاريخه: توفّيّ أبو عثمان في المُحرَّم، وكان مولده سنة ثلاثٍ وسبعين وثلاثمائة، وأول مجلسٍ عقده للوعظ بعد قتل والده في سنة اثنتين وثمانين. وفي معجم السَّفر للسِّلفيّ: سمعتُ الحسن بن أبي الحُر بن مَصَادَة بثغر سلماس يقول: قدِمَ أبو عثمان الصّابونيّ بعد حجِّه ومعه أخوه أبو يَعْلَى في أتباعٍ ودواب، فنزل على جدّي أَحْمَد بن يوسف بن عمر الهلاليّ، فقام بجميع مُؤَنِهِ، وكان يعقد المجلس كل يوم، وافتتن النّاس به، وكان أخوه فيه دعابة. وسمعتُ أبا عثمان وقت أن ودَّع النّاس يقول: يا أهل سَلَمَاس1، لي عندكم شهر أعِظُ، وأنا في تفسير آيةٍ وما يتعلّق بها، ولو بقيت عندكم تمام سنة، لما تَعَرضْتُ لغيرها والحمد لله. قتل: هكذا كان واللَّه شيخنا ابن تَيْمية، بقي أزيد من سنةٍ يفسر في سورة نوح، وكان بحرًا لَا تُكَدِّرهُ الدِّلاء -رحمه الله. قال عبد الغافر2: حكى الثقات أن أبا عثمان كان يعِظ، فدُفِع إليه كتابُ ورد من بُخَارَى مشتَمِل على ذكر وباء عظيم وقع بها ليُدْعَى على رءوس الملَأ في كشف ذلك البلاء عنهم، ووصف في الكتاب أنّ رجلًا أعطى دراهم لخبّاز يشتري خبزًا،

_ 1 سلمان: مدينة مشهورة بأذربيجان "معجم البلدان". 2 في المنتخب من السياق "135".

فكان يزِنُها والصَّانع يخبز، والمشتري واقف، فمات الثّلاثة في ساعة، فلمّا قرأ الكتاب هالهُ ذلك، فاستقرأ من القارئ: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ} [النحل: 45] الآيات ونظائرها، وبالغ في التّخويف والتّحذير، وأثر ذلك في تغير في الحال، وغلبه وجع البطن من ساعته، وأُنزِل من المنبر، فكان يصيح من الوجع، وحُمِل إلى الحمَّام، فبقي إلى قريب المغرب، فكان يتقَّلّب ظهرًا لبطنٍ، وبقي سبعة أيَّام لم ينفعه علاج، فأوصى وودَّع أولاده وتوفِّي، وصُلِّيَ عليه عصر يوم الْجُمعة رابع المُحرّم. وصلَّى عليه ابنه أبو بكر، ثم أخوه أبو يَعْلى إسحاق. وقد طوَّل عبد الغافر ترجمة شيخ الْإِسلام وأطنب في وصفه. وقال في البارع الزّوْزَنيّ: ماذا اختلاف النّاس في مُتفنِّنٍ ... لم يبصروا للقدح فيه سبيلا واللَّه ما رقي المنابر خاطف ... أو واعظٌ كالحبر إسماعيلا1 وقال: قرأت في كتاب كتبه الْإِمام زين الْإِسلام من طُوس في تعزية شيخ الْإِسلام يقول فيه: أليس لم يجسُر مُفْتَرٍ أن يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وقته؟ أليست السُّنّة كانت بمكانةٍ منصورة، والبدعة لفَرْط حِشْمته مقهورة؟ أليس كان داعيا إلى اللَّه هاديا عباد اللَّه، شابًّا لَا صبوة له، ثم كلهلًا لَا كبوة له، ثم شيخًا لَا هفوة له؟ يا أصحاب المحابر، حطُّوا رحالكم، فقد استتر بحلال التّراب من كان عليه إلمامكم، ويا أرباب المنابر، أَعْظَم اللَّه أُجُورَكُم، فقد مضى سيّدكم وإمامكم. وقال الكتّانيّ: ما رأيت شيخًا في معنى أبي عثمان الصّابونيّ زُهْدًا وعِلْمًا، كان يحفظ من كل فنٍّ لَا يقعد به شيء، وكان يحفظ التّفسير من كُتُب كثيرة، وكان من حُفّاظ الحديث2. قلت: ولَأبي عثمان مُصنَّف في السُّنة واعتقاد السَّلف، أفصح فيه بالحقّ، فرحمه اللَّه ورضي عنه.

_ 1 المنتخب من السياق "135". 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 35".

وقال الحافظ ابن عساكر: سمعتُ مَعْمَر بن الفاخر: سمعت عبد الرَّشيد بن ناصر الواعظ بمكة: سمعتُ إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الغافر الفارسي يَقُولُ: سمعت أبا المعالي الْجُوينيّ قال: كنت بمكَّة أتردّد في المذاهب، فرأيت النبيّ -صلّى اللَّه عليه وسلم- فقال: عليك باعتقاد ابن الصابونيّ. وقال عبد الغافر بن إسماعيل: حكى المقرئ الصّالح محمد بن عبد الحميد الأَبِيَوَرْدِيّ عن الْإِمام أبي المعالي الجوينيّ أنّه رأى في المنام كأنَّه قيل له: عُد عقائد أهل الحقّ، قال: فكنت أذكرها؛ إذ سمعت نداء كان مفهومي منه أنِّي أسمعه من الحق -تبارك وتعالى- يقول: ألم تقل إنَّ ابن الصّابونيّ رجل مسلم؟ قال عبد الغافر: ومن أحسن ما قيل فيه أبيات الْإِمام أبي الحسن عبد الرَّحمن بن محمد الدّاووديّ: أودى الْإِمام الحَبْرُ إسماعيلُ ... لَهْفي عليهِ ليس منه بديلُ بكتِ السّماء والَأرض يوم وفاتِهِ ... وبكى عليه الوحْيُ والتَّنْزِيلُ والشّمس والقمر المُنِيُر تَنَاوَحَا ... حُزْنًا عَلَيِهِ وللنُجومِ عَوِيلُ والَأرضُ خاشِعةٌ تبكِّي شجوَها ... ويلي تُوَلوِلُ: أَيْنَ إسماعيلُ؟ أين الْإِمامُ الفَرْدُ في آدابه ... ما إنْ له في العالمَينَ عَدِيلُ لَا تَخْدَعَنْك مُنَى الحياة فإنها ... تلهي وتنسي والمنى تضليل وتأهبت للمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ ... فالمَوْتُ حَتْمٌ والبَقَاءُ قَليلُ1 حرف الحاء: 314- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عليّ2: أبو عامر النَّسَويّ النّحَويّ الزَّاهِد الشّاعِرْ، وصنَّف الدّيوان المعروف، كان كثير التّطواف، جمَّ الفوائد، دائم العبادة والصّوم والتّهجُّد، يقال: أنّه من الأبدال. ترجمه عليّ بن محمد الْجُرْجَانيّ وقال: سمع بالعراق وأصبهان، وذهب أكثر سماعه إِلَّا من جزءٍ من "مَسْنَد أبي يَعْلى الموصليّ"، سمعه من أبي بكر بن المقريّ، وأجزاءٌ أخر عن شيوخ.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "4/ 365". 2 الأنساب "10/ 263، 264"، والمنتخب من السياق "184، 185".

ولد سنة ستين وثلاثمائة، وتوفِّي في رَمَضَان بِنَسَا. وقال ابن السَّمعانيّ1: هو ثِقة، عالم باللغة، فقير. سمع بِنَسا: أبا القاسم عبد اللَّه بن محمد صاحب الحسن بن سُفْيَان. روى عنه: عبد المنعم بن القُشَيْريّ2. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، أَنَا أَبُو رَوْحٍ فِي كِتَابِهِ، أَنَا زَاهِرُ، أَنَا أَبُو عَامِرٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أنا أبو بكر محمد ابن إبراهيم، أبنا أَبُو يَعْلَى، ثَنَا عَبْدُ اللَّه بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، ثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "نضَّر الله اللَّه امْرَءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا، فَإِنَّهُ ربَّ حَامِلِ فقهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فقهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ" 3. 315- الحسين بن محمد بن عثمان4: ابن النَّصيبيّ البغداديّ. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان يذهب إلى الاعتزال. 316- الحسين بن محمد بن القاسم5: أبو عبد اللَّه بن طَبَاطَبَا العلويّ النسَّابة. قال الخطيب: كان متميّزًا بعلم النَّسب ومعرفة أيّام العرب، وله حظٌّ من الأدب والشِّعْر، وكان كثير الحضور معنا في مجالس الحديث. ذكر سماعه عن ابن الْجُنْديّ، وأبي عبد اللَّه الضّبيّ. علَّقت عنه أشياء. ومات في صفر.

_ 1 في الأنساب "10/ 263". 2 الأنساب "10/ 264". 3 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "2658"، وابن ماجه "232"، والشافعي في مسنده "1/ 14"، وأبو داود "3660" صححه الألباني في سنن الترمذي، وابن ماجه، وأبي داود. 4 تاريخ بغداد "8/ 109"، والمنتظم "8/ 188". 5 تاريخ بغداد "8/ 108".

حرف الشِّين: 317- شيبان بن محمد بن جعفر الجوقوهي الْأصبهانيّ: روى عن: أبي بكر بن المقري، وعبد الرّحمن بن الخصيب. وعنه: أبو عليّ الحدّاد، وغيره. مات في جمادى الآخرة. حرف العين: 318- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن ذكريا1. أبو محمد الطُّلَيطُليّ، يُعْرَف بابن راها. كان نبيلًا فصيحًا إخباريًّا. سمع من: عَبْدُوس بن محمد، ومحمد بن إبراهيم الخُشَنيّ. 319- عبد الواحد بن الحسين بن قُرْقُر2: أبو طاهر البغداديّ الحذاء. سمع: أبا الحسن الدراقطني، وأبا حفص بن شاهين، وجماعة. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا، وله حانوت في الحذّائين. 320- عبد الغفَّار بن محمد بن عمر بن العُزيْز. أبو سعد الهَمَذَانيّ التِّككيّ3. روى عن: أبي بكر بن أبي الحديد، وأبي أَحْمَد الفَرَضيّ. روى عنه: العلويّ، ومحمد بن عثمان. تُوُفّي في ذي القعدة. 321- عبد الوهاب بن أحمد بن هارون4.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 335، 336". 2 تاريخ بغداد "11/ 16". 3 التككي: نسبة إلى تكك، وهي جمع تكة. "الأنساب "3/ 68". 4 مختصر تاريخ بغداد لابن منظور "15/ 270".

أبو الحسين ابن الجنْديّ الشَّاهد، أخو القاضي أبي نصر بن هارون. من كبار شهود دمشق. روى عن: أبي بكر بن أبي الحديد. روى عنه: أبو طاهر الكتّانيّ، وأبو القاسم النّسيب. توفِّي في جمادى الأولى من السَّنة. 322- عُبَيْد اللَّه بن الحسين بن نصر العطّار1: روى ببغداد عن: محمد بن المظفَّر الحافظ، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، والدَّارقُطْنيّ، وغيرهم. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا. وتوفِّي في صَفَر. قال النَّرْسِيّ: سمعنا منه. 323- عليّ بن أَحْمَد بن إبراهيم بن غريب البزَّار2: بغداديّ، سمع: عليّ بن حسَّان الدِمميّ، وعليّ بن عمر الحربيّ. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صحيح السَّماع. وغريب هو خال الخليفة المقتدر. قلت: حدَّث بدمشق فروى عنه: محمد بن عليّ الحدّاد. 324- عليّ بن الحسن السّقلاطونيّ3: بغداديّ صدوق. سمع ابن شاهين. أرَّخه الخطيب وحدَّث عنه.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 387"، والمنتظم "8/ 189". 2 تاريخ بغداد "11/ 334". 3 تاريخ بغداد "11/ 390، 391".

325- عليّ بن خَلَف بن عبد الملك بن بطَّال1. أبو الحسن القُرْطُبيّ، ويُعْرَف أيضًا بابن اللّجّام2. روى عن: أَبِي المطرِّف القَنَازِعي، ويونس بْن عَبْد اللَّه القاضي، وأبي محمد بن بنوش، وأبي عمر بن عفيف، وغيرهم. قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ من أهل العلم والمعرفة والفهم، مليح الخط، حسن الضبط، عُنِيَ بالحديث العناية التامَّة وأتقن ما فيه، وشرح "صحيح أبي عبد الله الخلال" في عدة مجلدات، رواه النّاسُ عنه. وولي قضاء لُورقَة. وقد حدَّث عنهُ جماعة من العلماء. توفِّي في سَلْخ صَفَرْ. قلتُ: وكان ينتحِل الكلام على ... 3 حرف الميم: 326- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن4: أبو عبد اللَّه الخبّازيّ المقرئ. وُلِدَ بنيسابور سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، وقرأ القرآن عَلَى أَبِيهِ وعلى أبي بكر محمد بن محمد الطّرازيّ. وسمع من: أبي أَحْمَد الحاكم، وأبي محمد الحسن المَخْلَديّ، وأبي الحسن الماسرجسيّ. وتصدَّر للإقراء، وصنَّف في القراءات. ذكره عليّ بن محمد الزِّنْجيّ في "تاريخ جُرْجَان" فقال: تخرَّج على يده أُلُوف بِنَيْسَابُور.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 414"، وسِيَر أعلام النبلاء "18/ 47". 2 في الصلة "اللحام"، وفي ترتيب المدارك "النجام". 3 بياض في الأصل. 4 المنتخب من السياق "43"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1127".

ودخل غزنة أيَّام السُّلطان محمود، وكان يُكرِمه غاية الْإِكرام. سمعته يقول: أوَّل ما وردت على السُّلطان سألني عن آيةٍ أوَّلُها غين. فقلت: ثلاث مواضع: {غَافِرِ الذَّنْبِ} [غافر: 3] ، واثنان مُخْتَلَفٌ فيهما، الكوفيّ يعدَّهما، والبَصْريّ لَا يعدَّهما: {غُلِبَتِ الرُّوم} [الروم: 2] ،، {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] . قلت: قرأ عليه جماعة منهم: أبو القاسم الهذليّ، وتوفِّي بنَيْسابور في رمضان. وقال عبد الغافر الفارسيّ1: هو شيخ نبيل مشهور بين أكابر المتقدِّمين بنَيْسابور، المنظور إليه، المشاور في الأمور، المُبجّل في المحافل والمشاهد، قعد سنين في مسجده المشهور به لقراءة القرآن في سكة معاذ، وحضر في مجلسه الأكابر وأولاد الأئِمة وقرأوا عليه، وتبرَّكوا بالعقود بين يديه، وكان عارفًا بالقراءات ووجوهها2. وصنَّف كتاب "الأبصار" محتويا على أصول الرّوايات وغرائبها. وكان لهُ صيتٌ لتقدُّمه في علم القراءات، وله جاهٌ وقدر عند السّلاطين، استحضره يمين الدّولة أبو القاسم محمود بن ناصر الدِّين إلى غَزَنَة، وسمع قراءته، وأكرم مورده وردَّه إلى نيسابور. وقد رحل إلى الكُشْمَيْهَنيّ لسماع "صحيح البخاري" فسمعه منه وحدَّث به، وكان يُحيي الليل بالقراءة والدُّعاء والبُكاء. حتَّى قيل: أنَّهُ مُستجاب الدَّعوة، لم يُرَ بعده مثله. ثنا عَنْه أبو بكر محمد بن يحيى المُزكّيّ، ووالدي، ومسعود بن ناصر الرَّكاب، وطاهر الشّحّاميّ. قلت: وآخر من روى عنه الفَرَاويّ3. 327- أبو بكر محمد بن الحسن بن عليّ الخبّازيّ المقرئ الطّبريّ: فآخر تأخر عن هذا، ولقيه أبو الأسعد القُشَيْرِيّ. 328- محمد بن عليّ بن إبراهيم4:

_ 1 في المنتخب من السياق "43". 2 زاد في المنتخب "مكثرًا في الروايات". 3 التقييد لابن نقطة "90". 4 تاريخ بغداد "3/ 106".

أبو بكر الدَّينوريّ القارئ، نزيل بغداد. حدَّث عن: أبي بكر بن لال الهَمَذَانيّ، وأبي عمر بن مهدي. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صالحًا وَرِعًا، توفِّي في شوَّال. 329- محمد بن عليّ1: أبو الفتح الكراجكي شيخ الشيعة. والكراجكي هو الخيمي، مات بصور في أربع ربيع الآخر، وله عِدَّة مصنَّفات. وكان من فُحُول الرّافضة، بارِع في فقهِهِم وأُصُولهم، نحويّ، لُغَويٌّ، منجِّم، طبيب، رحل إلى العراق، ولقي الكبار كالمرتَضَى. وله كتاب "تلقين أولاد المؤمنين". وكتاب "الأغلاط مِمَّا يرويه الْجُمْهُور". وكتاب "موعظة العقل للنفس"، وله كتاب "المنازل" قد سيّره إلى أن بلغ سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وكتاب "ما جاء على عدد الاثني عشر". وكتاب "المؤمن" إلى غير ذلك من هذيانات الْإِماميّة. 330- محمد بن ميمون بن محمد النِّرسِيّ الكوفيّ: عم الحافِظ أُبيّ سمع من الشّريف أبي عبد اللَّه الكوفيّ. حرف الواو: 331- وليد بن عبد اللَّه بن عبّاس3: أبو القاسم الأصبحي القرطبي، ويُعْرَف بابن العربي.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 1127"، وسير أعلام النبلاء "18/ 121، 122"، ولسان الميزان "5/ 300"، وشذرات الذهب "3/ 283". 2 الكراجكي: نسبة إلى كراجك، وهي قرية على باب واسط "الأنساب "10/ 372". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 644، 645".

روى عن: سليمان بن الغمّاز المقرئ. وولي خطابة قُرْطُبة بعد مكيّ، وكان حَسَن الخطابة، بليغ الموعظة، طيِّبَ الصَّوت، عذب اللَّفظ. قرأ عليه: أبو محمد بن عَتّاب. وتوفِّي في رمضان، وهو في عشر التسعين. وفيَّات سنة خمسين وأربعمائة: حرف الألف: 332- أحمد بن الحسين بن علي بن عمر الحربيّ: أبو منصور. روى عن جدّه عليّ السّكري. 333- أَحْمَد بن سليمان1: أبو صالح النّيْسَابوريّ الصوفيّ الزّاهِد. حجَّ نيِفًا وثَلاثِينَ مرَّة، وكان سُنيًّا مُنِكرًا على المتكلّمين. لقي بمكة شيخ الحرم السَّيْرَوَانيّ. روى عنه: إسماعيل الفارسيّ، وغيره. وتوفِّي فِي جُمَادَى الأولى. 334- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن هامُوشة: أبو جعفر الأَبْرِيَسميّ2 التّاجر. عن شيوخ إصبهان. روى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن المقري.

_ 1 المنتخب من السياق "99". 2 الأبريسمي: نسبة لمن يعمل الأبريسم والثياب منه ويبيعها "الأنساب "1/ 116".

وعنه: سيّد بْن أَبِي الرجاء. 335- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسين1: أبو طاهر بن الخفَّاف. عن: أبي القاسم بن الصيدلاني، وجماعة. وعنه: الخطيب، وقال: ومات في آخر السّنة. حرف الحاء: 236- الحسين بن محمد بْن عَبْد الواحد2. أَبُو عَبْد اللَّه البغداديّ، الفقيه الفَرَضيّ المعروف بالوَنيّ. انتهت إليه معرفة الفرائض. قُتِلَ ببغداد شهيدًا في فتنة البساسيريّ ووثوبه على بغداد، ضُرِبَ بدبُّوس فمات. وكان أحد الأذكياء المذكورين، وله يد في علوم متعدّدة. قال ابن ماكولا3: سمعت الخطيب يقول: حضرنا مجلس شَّيْخ ومعنا أبو عبد اللَّه الونيّ فأملى الشّيخ: فلمّا قُمنا إذا الونيّ قد حفظ من الْإِملاء بضعة عشر حديثًا. وقد سمع عَن أصحاب الصّفار، وابن البَخْتَريّ. سمع منه: أبو حكيم الخَبْريّ. 337- الحسين بن محمد بن طاهر بن مهديّ البغداديّ4: أخو حمزة. حدَّث عن الدَّارَقُطْنيّ، وجماعة. 338- حمزة بن أَحْمَد بن حمزة5:

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 436". 2 الكامل في التاريخ "9/ 651"، وسير أعلام النبلاء "18/ 99، 100"، والبداية والنهاية "12/ 85". 3 في الإكمال "7/ 401". 4 تاريخ بغداد "8/ 109"، والمنتظم "8/ 198". 5 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 256".

أبو يعلى القلانسيّ الدّمشقيّ السبعيّ، الرَّجُل الصالِح. حدَّث عن: أبي محمد بن أبي نصر، وعبد الواحد بن مشماش، ومنصور بن رامش. روى عنه: عبد اللَّه بن الحسن البعلبكيّ. قال الكتلنيّ: كان يحفظ معاني القرآن للناس، وكان عبدًا صالحًا أقام بالجامع أربعين سنةً بلا غطاءٍ ولا وطاء -رحِمَه اللَّه تَعَالَى. حرف الطاء: 339- طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر بن عمر1: القاضي أبو الطيِّب الطَّبري، الفقيه الشّافعيّ، أحد الأعلام. سمع بجُرْجَان من أبي أَحْمَد الغِطْريفيّ. وبِنَيسابور من الفقيه أبي الحسن الماسَرْجَسيّ، وبه تفقَّه. وسمع ببغداد من: أبي الحسن الدّارَقُطْنيّ، وموسى بن عرفة، والمُعافى بن زكريا، وعليّ بن عمر الحربيّ. واستوطن بغداد، ودرَّس وأفتى، وولي قضاء ربع الكرخ بعد موت القاضي الصّيمريّ. وكان مولده بآمُل طَبْرِستان سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة. قال: وخرجت إلى جُرْجَان للقاء أبي بكر الْإِسماعيليّ فقدِمتُها يوم الخميس، فدخلت الحمَّام، فلمَّا كان من الغد لقيت أبا سعد ابن الشّيخ أبي بكر، فأخبرني أنّ والده قد شرب دواءً لمرضٍ كان به، وقال لي: تجيء في صبيحة غدٍ لتسمع منه. فلمَّا كان في بكرة السّبت غدوتُ للموعد، فإذا النّاس يقولون: مات أبو بكر الإسماعيليّ2.

_ 1 تاريخ بغداد "9/ 255"، وسير أعلام النبلاء "17/ 668-671"، والبداية والنهاية "12/ 79، 80"، وشذرات الذهب "3/ 284، 285". 2 تاريخ بغداد "9/ 359".

قال الخطيب1: وكان أبو الطّيِّب ورِعًا عارِفًا بالَأصول والفروع، محققًا، حسن الخُلُق، صحيح المَذْهَب، اختلفت إِلَيْهِ وعلّقت عنه الفقه سنين. من "المرآة"2 قيل: إنّ أبا الطّيّب دفع خفَّه إلى من يُصْلحه، فكان يأتي يتقاضاه، فإذا رآه غَمَسَ الخُفَّ في الماء وقال: السَّاعة أصلحه، فلمّا طال على أبي الطّيّب ذَلِكَ قال: إنّما دفعته إليك لِتُصْلِحُهُ، لم أدفعه لتعلِّمه السِّباحة3. قال الخطيب4: سمعت أبا بكر محمد بن أَحْمَد المؤدِّب: سمعت أبا محمد البافي يقول: أبو الطّيّب الطَّبريّ أفقه من أبي حامد الْإِسفرائينيّ، وسمعت أبا حامد يقول: أبو الطِّيب أفقه من أبي محمد البافيّ. وقال القاضي أبو بكر بن بكران الشّاميّ: قلت للقاضي أبي الطّيِّب شيّخنا، وقد عمِّر: لقد مُتِّعت بجوارحك أيُّها الشّيخ. فقال: ولِم لَا، وما عصيت اللَّه بواحدة منها قط؟ أو كما قال. وقال غير واحدٍ: سمعنا أبا الطّيِّب الطَّبريّ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النوم فقلت: يا رسول اللَّه، أرأيت من روى عنك أنّك قلت: "نضّر اللَّه امرءا سمع مقالتي فوعاها ... " الحديث5. أحقٌّ هو؟ قال: نعم. وقال أبو إسحاق في "الطّبقات"6: ومنهم شيخنا وأستاذنا أبو الطِّيّب، تُوُفّي عن مائةٍ وسنتين، لم يختلّ عقله، ولا تغيَّر فهمه، يفتي مع الفقهاء، ويستدرك عليهم الخطأ، ويقضي ويشهد، ويحضر المواكب إلى أن مات. تفقَّه بآمُل على أبي عليّ الزَّجّاجيّ صاحب ابن القاصّ، وقرأ عَلَى أبي سعد الإسماعيليّ، وعلى القاضي أبي القاسم بن كجّ بجُرْجَان. ثم ارتحل إلى نَيْسَابُوُر، وأدرك أبا الحسن الماسَرْجَسيّ، وصحبه أربع سنين، ثمّ

_ 1 في تاريخه. 2 أي: "مرآة الزمان". 3 طبقات الفقهاء "114"، والمنتظم "8/ 198". 4 في تاريخه "9/ 359". 5 "حديث صحيح": وسبق تخريج "صححه الألباني في السنن". 6 طبقات الفقهاء "106، 107".

ارتحل إلى بغداد، وعلَّق عن أبي محمد الباغيّ الخوارزميّ صاحب الدّاركيّ، وحضر مجلس الشّيخ أبي حامد، ولم أرَ فيمن رأيت أكمل اجتهادًا، وأسدُّ تحقيقًا، وأجود نظرًا منه. شرح "المزنيّ"، وصنَّف في الخلاف والمذهب والَأصول والجدل كُتُبًا كثيرة، ليس لَأحدٍ مثلها، ولازمت مجلسه بضع عشرة سنة، ودرَّست أصحابه في مسجده سنين بإذنه، ورتَّبني في حلقته، وسألني أن أجلس في مسجَدٍ للتّدريس، ففعلت في سنة ثلاثين. أحسن اللَّه تعالى عنِّي جزاءه ورضي عنه. قلت: وأبو الطَّيّب صاحب وجهٍ فِي المذهب، فمن غرائبه أنَّ خروج المنيِّ ينقض الوضوء1. ومنها أنّه قال: الكافر إذا صلّى في دار الحرب كانت صلاته إسلامًا2. وقد روى عنه: الخطيب، وأبو إسحاق الشّيرازيّ، وأبو محمد بن الأَبَنُوسيّ، وأبو نصر أَحْمَد بن الحسن الشّيرازيّ، وأبو سعد أَحْمَد بن عبد الجبّار بن الطُّيوريّ، وأبو عليّ محمد بن محمد بن المهديّ، وأبو المواهب أَحْمَد بن محمد بن مُلُوك، وأبو نصر محمد بن محمد بن العُكَبَريّ، وأبو العِز أَحْمَد بن عُبَيْد اللَّه بن كادش، وأبو القاسم بن الحُصَيْن، وخلقٌ آخرهم موتًا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاريّ. قال الخطيب3: مات أبو الطَّيّب في ربيع الأوّل، صحيح العقل، ثابت الفهم، وله مائة وسنتان. حرف الظّاء: 340- ظَفْر بن الفرج بن عبد اللَّه بن محمد4. أبو سعد البغداديّ الخفّاف. روى عن: ابن الصَّلت الأهوازيّ. توفّي في رمضان.

_ 1 بل يوجب الغسل. 2 قال الإمام النووي: والصحيح المنصوص للشافعي وجمهور الأصحاب أنها ليست بإسلام، إلّا أن تسمع منه الشهادتان "تهذيب الأسماء "2/ 248". 3 في تاريخه "9/ 360". 4 تاريخ بغداد "9/ 368".

حرف العين: 341- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد بن حسْكان1: الحاكم أبو محمد القُرَشيّ النَّيسابوريّ الواعظ، المعروف بالحذّاء. وُلِدَ سنة ثلاثٍ وستّين وثلاثمائة. وحجَّ مع أبيه سنة ثلاثٍ وثمانين، فسمع من مشايخ الرَّيّ وبغداد. فسمع بالرَّي من عليّ بن محمد بن عمر الفقيه. روى عنه: ابنه القاضي أبو القاسم عبيد اللَّه الحشكانيّ. تُوُفّي في شوَّال. 342- عبد اللَّه بن عليّ بن عَيّاض بن أبي عَقِيل2: أبو محمد الصُّوريّ، القاضي عين الدّولة3. سمع: أبا الحسين بن جُمَيْع، وغيره. رَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، وسهل بْن بِشر الْإِسفرائينيّ، وغَيْث الأَرْمَنَازيّ. توفِّي فَجْأَة بين عكّا وصُور. 343- عبد العزيز بن أبي الحسين عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بشران البغداديّ4: أبو الطّيِّب. سمع: أبا الحسين بن المظفّر، وأبا عمر بن حيُّويه، وأبا بكر بن شاذان، وأبا الفضل الزُّهري. قال الخطيب5: كتبنا عنه، وكان سماعه صحيحًا. تُوُفّي في صَفَر، وكان مولده سنة ثمانٍ وستين.

_ 1 المنتخب من السياق "279". 2 تاريخ بغداد "1/ 256"، والكامل في التاريخ "9/ 651". 3 انظر معجم الألقاب "2/ 1127". 4 تاريخ بغداد "10/ 469"، والمنتظم "8/ 199". 5 في تاريخه.

344- عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن المُظفّر1: أبو بكر الدّمشقيّ الورّاق، الحنبليّ المعروف بابن حَزَوّر. حدَّث عن: تمّام الرّازيّ. روى عنه: ابنه عبد الواحد، ونجا بن أَحْمَد، وأبو طاهر محمد بن الحسين الرّازيّ. 345- عبد الوهّاب بن عثمان2: أبو الفتح ابن المخبزيّ. بغداديّ صدوق. روى عن: ابن حُبَابَة، وعيسى بن الوزير. وعنه: أبو بكر الخطيب. وهو أخو أبي الفرج. 346- عبد الواحد بن الحسين بن أحمد بن عثمان بن شيطا3: أبو الفتح، مقرئ العراق، ومصنَّف كتاب "التّذكار في القراءات". سَمِعَ: محمد بن إسماعيل الورَّاق، وابن معروف القاضي، وعيسى بن الجرَّاح، وابن سُوَيْد المؤدِّب. قال الخطيب4: كتبنا عنه، وكان ثقةً عالمًا بوجوه القراءات، بصيرًا بالعربيّة. تُوُفّي في صَفَرْ، ومولده في سنة سبعين وثلاثمائة. قلت: قرأ عَلَى أَحْمَد بن عبد اللَّه بن الخَضِر السَّوسنجرديّ، وعبد السّلام بن الحسين، وأبي الحسن بن العلاف، والحماميّ، وطبقتهم.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "15/ 281". 2 تاريخ بغداد "11/ 34". 3 تاريخ بغداد "11/ 16، 17"، والعبر "3/ 222، 223"، وشذرات الذهب "3/ 285". 4 في تاريخه.

قرأ عليه بالرّوايات جماعة منهم: أبو الفضل محمد بن محمد بن الصّبَّاغ، وأبو غالب محمد بن عبد الواحد القزَّاز. وروى عنه كتاب "التّذكار" الحسن بن محمد الباقَرْحيّ. 247- عُبَيْد اللَّه بن عليّ1: الْإِمام أبو القاسم الرَّقّيّ. روى عن: أبي أَحْمَد الفَرَضيّ. قال الخطيب2: كان أحد العلماء بالنَّحو واللغة والفرائض، كتبت عنه. 348- علي بن بقاء بن محمد3: أبو الحسن المصري الوراق الناسخ. روى عن: القاضي أبي الحسن عليّ بن محمد الحلبيّ، وأبي عبد اللَّه التَّنُوخيّ اليمنيّ، وأبي مسلم الكاتب، والحافظ عبد الغنيّ بن سعيد. ولم يزل يكتب لنفسِهِ ويورِّق لغيره إلى حين موته. وكان مفيد مصر في وقته، ثقةً مُرضيًّا. قال أبو عبد الله الرازي في "مشيخته": ثنا عليّ بن بقاء، ثنا محمد بن الحسين بن عمر التّنوخيّ اليمنيّ إملاءً بانتقاء خَلَف الواسطيّ، ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن رشْدين، ثنا أبو الطاهر بن السَّرح، ثنا رشيد بن سعد، فذكر حديثًا. توفِّي في ذي الحجة. 349- عَليّ بْن الحُسَيْن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر بْن الرفيل4: المعروف بابن المُسلمة. الوزير رئيس الرؤساء أبو القاسم البغدادي.

_ 1 تاريخ بغداد "10/ 387، 388"، والمنتظم "8/ 199". 2 في تاريخه. 3 العبر "3/ 223"، والإعلام بوفيات الأعلام "186". 4 تاريخ بغداد "11/ 391، 392"، والبداية والنهاية "12/ 80"، المنتظم "8/ 196، 197، 200، 201"، وسير أعلام النبلاء "8/ 216-218".

استكتبه الخليفة القائم بأمر اللَّه، ثم استوزره. وكان عزيزًا عليه إلى الغاية، وهو لقّبه رئيس الرّؤساء، ورفع من قدره. وكان من خيار الوزراء. وُلِدَ سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة. وسمع من جدِّه أبي الفرج المعدّل، ومن أبي أَحْمَد بن أبي مسلم الفَرَضيّ، وإسماعيل الصَّرصريّ. وحدَّث. روى عَنْه: أبو بكر الخطيب، وكان خصِّيصًا به. قال1: كتبت عنه، وكان ثقة، قد اجتمع فيه من الآلات ما لم يجتمع في أحدٍ قبله، مع سداد مذهب، ووفور عقل، وأصالة رأي. وقال أبو الفرج بن الجوزيّ2: وفي سنة سبع وثلاثين وأربعمائة في ربيع الآخر رُسِمَ لَأبي القاسم عليّ بن المُسْلمة النَّظر في أمور الخليفة، وتقدَّم إلى الحواشي بِتَوْفِيَة حقوقه فيما جُعِلَ إليه، فجلس لذلك على دِهْلِيز الفِرْدَوْس، وعليه الطَّيلسان، وبين يديه الدَّواة، وهنَّاه الأعيان، واستُدعي إلى حضرة أمير المؤمنين، ثم خرج فجلس في الدّيوان في مجلس عميد الرّؤساء ودَسْتِه، وحُمِلَ على بَغْلِه بمركب، ومضى إلى داره ومعه القضاة والَأشراف والحُجَّاب. وقال3 في سنة ثلاثٍ وأربعين: وفي عيد الأضحى حضر النّاس في بيت النّوبة، واسْتُدعي رئيس الرّؤساء، فخلع عليه، ولُقِّب جمال الورى شرف الوزراء. قلت: ولم يبقَ له ضِدٌ إِلَّا البساسيريّ، وهو الأمير المظفَّر أبو الحارث أرسلان التُّركي، فإنَّهُ عظم قَدْرُهُ ببغداد، وبَعُدَ صِيُتُه، ولم يبق للملك الرحيم ابن بُويهْ معه إِلَّا مجرَّد الاسم. ثُمّ إنَّ المذكور خلع الخليفة، وتملَّك بغداد، وخطب بها للمستنصر العبيدي، وقتل

_ 1 في تاريخ بغداد "11/ 391". 2 في المنتظم "8/ 200". 3 في المنتظم "8/ 200".

رئيس الرّؤساء1 كما ذكرناه في ترجمة القائم وغير موضِع. وقال أبو الفضل محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ في "تاريخه": إنَّ البَسَاسِيريّ حبس رئيس الرُّؤساء ثم أخرجه وعليه جبَّة صُوف وطرطور أحمر، وفي رقبته مِخْنَقَةُ جُلُود، وهو يقرأ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26] ، الآية، وهو يُرَدّدها، وطِيفَ بِهِ على جَمَلٍ، ثم نصب له خشبة بباب خُراسان، وخِيطَ عليه جلد ثَوْر سُلِخَ في الحال. وعلِّق في فكَّيه كلّابان من حديد، وعلِّق على الخشبة حيًّا، ولبث إلى آخر النّهار يضطّرب، ثم مات -رحمه اللَّه2. قلت: ما أتت على البَسَاسِيريّ سنة حتّى قُتِلَ وطِيفَ برأسِهِ. وكان صَلْبه في ذي الحجّة ببغداد. 350- عليّ بن الحسين بن صَدَقَة3: أبو الحسن بن الشَّرابيِّ الدِّمشقيّ المعدّل. روى عن: أبي بكر بن أبي الحديد، وعبد اللَّه بن محمد الحِنّائيّ. روى عنه: عليّ بن طاهر. ومضى على سدادٍ وأمرٍ جميل. توفِّي في جُمَادَى الأُولى. 351- عليّ بن عمر بن أَحْمَد بن إبراهيم4: أبو الحسن البرمكيّ، أخو إبْرَاهِيم وأحمد، وكان عليّ أصغرهم. سمع: أبا الفتح القوّاس، وأبا الحسين بن سمعون، وابن حُبَابَة. قال الخطيب5: كتبت عنه، وكان ثقة.

_ 1 في الكامل في التاريخ "9/ 640". 2 المنتظم "8/ 197". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 228". 4 تاريخ بغداد "12/ 43"، والمنتظم "8/ 200". 5 في تاريخه.

درس على أبي حامد الْإِسْفَرَائينيّ مذهب الشَّافعيّ. وتوفِّي فِي ذي الحجّة. 352- عليّ بْن مُحَمَّد بْن حبيب1: القاضي أبو الحسن البصْريّ الماوَرْديّ الفقيه الشّافعيّ. صاحب التّصانيف. روى عن: الحسن بن عليّ الجيليّ صاحب أبي خليفة الجُمحيّ، وعن: عمر بن عَدِيّ المِنْقَريّ، ومحمد بن المعلَّى، وجعفر بن محمد بن الفضل. روى عنه: أبو بكر الخطيب ووثَّقه، وقال: مات في ربيع الأوّل وقد بلغ سِتًّا وثمانين سنة. وولي القضاء ببلدان كثيرة، ثمّ سكن بغداد. وقال أبو إسحاق في "الطَّبقات"2: ومنهم أقضى القُضاة أبو الحسن الماوَرْديّ البصْريّ، تفقَّه على أبي القاسم الصَّيمريّ بالبصرة، وارتحل إلى الشّيخ أبي حامد الْإِسْفَرَائينيّ. ودرس بالبصرة وبغداد سنين كثيرة. وله مصنَّفات كثيرة في الفِقْه والتّفسير، وأصول الفِقْه، والَأدب. وكان حافظًا للمذهب. قال: وتُوُفّي ببغداد. وقال القاضي شمس الدين في "وفيَات الأعيان"3: من طالع كتاب "الحاوي" شهد له بالتبحُّر ومعرفة المذهب. ولي قضاء بلدان كثيرة. وله تفسير القرآن سمّاه "النُّكت"4، وله "أدب الدّنيا والدّين"5، و"الأحكام

_ 1 تاريخ بغداد "12/ 102، 103"، وسير أعلام النبلاء "18/ 64-68". 2 طبقات الفقهاء "110". 3 ج "3/ 382". 4 ويسمَّى: "النكت والعيون". 5 ويسمَّى: "البغية العليا في أدب الدين والدنيا".

السُّلطانية"1، و"قوانين الوزارة وسياسة الملك"2، و"الإقناع في المذهب" وهو مختصر. وقيل: إنَّه لم يُظْهِر شيئًا من تصانيفه في حياته، وجمعها في موضع، فلمَّا دَنَت وفاتُهُ قال لمن يثق به: الكُتُب الّتي في المكان الفُلانيّ كلها تَصْنِيفي، وإنَّما لم أُظْهِرها لَأنّي لَمْ أَجِدْ نِيَّةً خالِصَة، فإذا عايَنْتُ الموت ووقعْتُ في النَّزع، فاجعل يدك في يدي، فإن قبضتُ عليها وعصرتُها، فاعلم أنَّهُ لم يُقْبَل منِّي شيءٌ منها، فاعمد إلى الكُتُب والْقها في دِجْلَة، وإن بسطت يدي ولم أقبضْ على يدك، فاعلم أنَّها قُبِلت، وأنِّي قد ظفرْتُ بما كنتُ أرجوه من اللَّه. قال ذلك الشّخص: فلّما قارب الموت، وضعت في يده يدي، فبسطها ولم يقبض على يدي، فعلمتُ أنّها علامة القبول، فأظهرتُ كُتُبُه بعدَه. قلت: آخِر من روى عَنْه أبو العز بن كادش. وقال ابن خَيْرُون: كان رجُلًا عظيم القدر، متقدِّمًا عند السُّلطان، أحد الأئمَّة، لهُ التَّصانيف الحِسَان في كل فنٍّ من العلم، بينه وبين القاضي أبي الطَّيّب في الوفاة أحد عشر يومًا3. قال أبو عَمْرو بن الصّلاح -رحمه اللَّه: هو متَّهم بالْإِعتزال، وكنتُ أتأوَّل له وأعتذِر عنه، حتّى وجدته يختار في بعض الأوقات أقوالهم. قال في تفسيره في الأعراف: لَا يُساء عبادة الأوثان. وقال في قوله: {جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا} [الأنعام: 112] على وجهين، معناه: حكمنا بأنهم أعداء، والثّاني: تركناهم على العداوة فلم نمنعهم. قال ابن الصّلاح: فتفسيره عظيم الضَّرر، لكونه مشحونًا بتأويلات أهل الباطل، تدسيسًا وتلبيسًا. وكان لَا يتظاهر بالانتساب إلى المعتزلة حتى يُحْذَر، بل يجتهد في كِتْمان موافقته لهم، ولكن لَا يوافقهم في خلق القرآن ويوافقهم في القدر4.

_ 1 ويسمَّى: "الأحكام السلطانية في السياسة المدنية الشرعية". 2 في سير أعلام النبلاء "18/ 65": "قانون الوزارة". 3 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 303". 4 طبقات الشافعية الكبرى "3/ 304".

قال في قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] يعني بِحُكْمٍ سابق، وكان لَا يرى صحّة الرّواية بالإجازة. وذكر أنه مذهب الشَّافعيّ، وكذا قال في المكاتبة: أنَّها لَا تصحّ. ثم قال ابن الصَّلاح: أنا عزّ الدّين بن الأثير، أنا خطيب الموصِل، أنا ابن بدران الحُلْوانيّ، أنا الماوَرْديّ، فذكر حديث: "هل أنت إِلَّا إصْبَع دميت؟ " 1 قلت: وبكلِّ حالٍ هو مع بدعةٍ فيه من كبار العلماء. فلو أنَّنا أهدرنا كلَّ عالمٍ زلَّ لما سَلِمَ معنا إِلَّا القليل، فلا تحطّ يا أخي على العلماء مطلقًا، ولا تبالغ في تقريظهم مطلقًا، وأسأل اللَّه أن يتوفاك على التّوحيد. 353- عمر بن الحسين بن إبراهيم2: أبو القاسم الخفَّاف، أخو محمد. بغداديّ صدوق. سمع: أبا الحسين بن المظفّر، وأبا حفص الزَّيّات، وأبا الفضل الزُّهريّ، وطبقتهم. روى عنه: الخطيب، وجماعة. وآخر من روى عنه قاضي المرسنان. 354- عمر بن محمد بن عليّ بن مَعْدان: أبو طاهر الْأصبهانيّ الأديب الورَّاق. قال ابن السَّمعاني: توفِّي في حدود سنة خمسين. روى عن: أَبِي عُمَر بْن عَبْد الوهَّاب السُّلمي، وأبي عبد اللَّه بن مَنْدَهْ. حرف الميم: 355- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن ملهب بن جعفر: أبو بكر القرطبيّ الأديب.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "2802"، ومسلم "1796"، وأحمد "4/ 312، 313". 2 تاريخ دمشق "11/ 376"، والعبر "3/ 223".

قال أبو عبد اللَّه الأَبَّار: سمع الكثير من أبي الوليد بن الفَرَضيّ، وأبي عبد اللَّه بن الحذّاء، وجماعة. وكان من أهل الكتابة والبلاغة، له تعليق على تاريخ ابن الفَرَضيّ، وكان ذا حظوةٍ عند الملوك، وهو من بيت وزارة. توفِّي في حدود الخمسين. 356- محمد بن أَحْمَد بن الحسين: ابن المُسْنِد المشهور عليّ بن عمر الحربيّ السكَّري البغداديّ أبو الحسن، الشّاعر المعروف بالخازن. من أعيان الشُّعراء. روى عنه: أبو الفضل بن خَيْرُون، وشُجاع الذُّهليّ، وغيرهما. وتوفِّي في رابع شوَّال. قلت: ولو سبَّح اللَّه لكان خيرًا له. ومن شِعره: وقالوا: غداة البَيْنِ دَمْعُكَ لم يفِضْ ... وقد شطّ بالَأحباب عنك مزارُ فقلت: حَذَار البَيْن أَفْتَيْتُ أَدْمُعي ... وفي القلب من ذِكْرِ التَّفَرُّقِ نارُ 357- محمد بن الحسن بن المؤمّل النَّيسابوري: ويُعْرَف بشاة الموصليّ. من بيت الرّواية والصّلاح. روى عن: أبي أَحْمَد الحاكم، وأبي سعيد بن عبد الوهَّاب الرّازيّ. وسكن بَيْهَق. 358- محمد بن عبد الجبّار بن أَحْمَد1: القاضي أبو منصور السّمعانيّ المَرْوَزِيّ الفقيه الحنفيّ. وسمعان بطن من تميم.

_ 1 العبر "3/ 223، 224"، وشذرات الذهب "3/ 287".

كان أبو منصور إمامًا ورِعًا نَحْوِيًّا لُغَوِيًّا، لهُ مصنَّفات. وهو والد العلّامة أبي المُظفّر منصور بن محمد السَّمعانيّ مُصنف "الاصْطِلام"، ومصنّف الخلاف الّذي انتقل من مذهب الوالد إلى مذهب الشّافعيّ. توفِّي أبو منصور بمرو في شوَّال. 359- محمد بن عُبَيْد اللَّه بن محمد بن إبراهيم: أبو الوفاء بن أبي مَعْشَر الهَمَذَانيّ الواعِظ. روى عن: القاضي أبي عمر الهاشميّ، ويحيى بن عمَّار السَّجستاني، والمظفّر بن أَحْمَد. قال شِيرُوَيْه: كان متعصِّبًا للسُّنّة وأهلِها. ثنا عنه أبو الوفاء محمد بن جابار، وكان كثير البكاء في وعظه. توفِّي في شَوّال. 360- محمد بن الفضل بن محمد بن محمد1: الحافظ أبو عليّ الهرويّ جهاندار. لهُ "وفيَّات على السنين" من سنة أربعمائة إلى قريب وفاته. توفِّي في المُحَرَّم. وقد حدَّث بجامع التِّرمذي بنَيْسَابُور. سمع: أبا عليّ منصور بن عبد اللَّه الخالديّ، وطبقته. 361- محمد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم2: أَبُو عَبْد اللَّه الهاشميّ البغداديّ. قال الخطيب: ثنا عن أبي القاسم بن حَبَابَة. وكان صدوقًا.

_ 1 المنتخب من السياق "48، 49". 2 تاريخ بغداد "3/ 237".

362- محمد بن همَّام بن الصَّقر1: أبو طاهر الموصليّ البّزّاز. سمع: أَبَوَيِ الحَسَن الدَّارقطني والسُّكري. قال الخطيب: صدوق. 363- مقلد بن نصر بن منقذ2: الَأمير مخلِّص الدّولة أبو المتوَّج الكِنَانيّ، صاحب شَيْزَر. كان رئيسًا سعيدًا، نبيل القدْر، مدحهُ الشُّعراء، وخرج من ذرِّيته أُمراء وفُضلاء. 364- منصور بن الحسين3: أبو الفوارس الأَسَديّ، صاحب جزيرة ابن عُمَر، ولَقَبُه شهاب الدَّولة. مات بناحية خُوزستان؛ واجتمعت عشيرته بعده على ولده صَدَقَة. 365- منصور بْن الْحُسَيْن بْن عليّ بْن القَاسِم بْن محمد بن روَّاد4: أبو الفتح التّانيّ5 الْأصبهانيّ. ذكره يحيى بن مَنْدَهْ في "تاريخه"، وقال: صاحب أُصول كُتُب الحديث، وكان من أروى النّاس عن ابن المقرئ. ومات في ذي الحجّة. قال ابن نُقْطة: روى "معجم ابن المقرئ"، و"مسند أبي حنيفة" جمع ابن المقرئ. روى عنه سعيد بن أبي الرّجاء هذين الكتابين. قلت: روى عنه "تهذيب الآثار" للطّحاويّ السّرّاج، جماعة من ابن المقرئ.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 365". 2 تاريخ حلب للعظيمي "344". 3 الكامل في التاريخ "9/ 650"، والبداية والنهاية "12/ 81". 4 سير أعلام النبلاء "18/ 152، 153"، وشذرات الذهب "3/ 287". 4 التاني: نسبة إلى التنائية وهي: الدهقنة، ويقال لصاحب الضياع والعقار: التاني "الأنساب "3/ 13".

حرف النُّون: 366- نَصْر بْن عليّ بْن محمد بْن عبد العزيز: أبو القاسم الهَمَذَانيّ الفقيه. روى عن: أبي بكر بن لال، وأبي الحسن بن جَهْضَم، وأبي الحسن بن فراس العَبْقَسيّ، ومحمد بن عبد اللَّه الْجُعْفيّ الكوفيّ، وأبي عليّ حَمْد بن عبد اللَّه الْأصبهانيّ، وخلق سواهم. قال شِيُروَيْه: كان صدوقًا فقيهًا وَاعِظًا، قانِعًا باليسير، مقبولًا عند النّاس. توفِّي في شعبان. حرف الهاء: 367- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عبد اللَّه بْن أَحْمَد المأمونيّ1: أبو الفضل البغداديّ. توفِّي في ربيع الآخر. الكنى: 368- الملك الرحيم أبو النصر2: ابن الملك أبي كاليجار ابن سلطان الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة ابن ركن الدولة ابن بُوَيْه آخر ملوك بني بُوَيْه. مات في الحبس بقلعة الرّيّ، وانتزع المُلك منه السُّلطانُ طُغْرُلْبك سنة سبعٍ وأربعين كما هو في الحوادث مذكور.

_ 1 تاريخ بغداد "14/ 72". 2 الكامل في التاريخ "9/ 650"، والعبر "3/ 224".

المتوفّون تقريبًا: حرف الألِف: 369- أَحْمَد بن رشيق1. أبو العبّاس الأندلُسيّ الكاتب، مولى ابن شهيد. نشأ بمرسية وتحوَّل إلى قُرْطُبَة، وطلب الآداب فبرع وبسق في التَّرسُّل وحُسْن الحظ، وتقدَّم فيهما إلى الغاية، وشارك في العلوم. وأكثر من الفقه والحديث، وبلغ من الرئاسة ما لا مزيد عليه، فقدَّمه الأمير مجاهد العامري على كُلِّ من في دولته، وكان من رجال الدَّهر رأيا وحزْمًا وسُؤْددًا وهيبةً ووقارًا. بالغ في إطرائه الحميدي وقال2: مات بعيد الأربعين وأربعمائة عن سنٍّ عالية. وله رسائل متداولة، وله مؤلَّف على تراجم صحيح البُخاريّ وبيان مُشكِله. وقد سمعت منه شِعرًا. 370- أَحْمَد بن محمد بن حُمَيْد بن الأشعث3: القاضي أبو نصر الكُشاني، وكُشانية على اثني عَشَر فرسخًا من سَمَرْقَند. روى عن: أَحْمَد بن محمد بن إسماعيل البخاريّ. روى عنه: إسحاق بن عمر الخطيب. قال ابن السَّمعانيّ: عاش مائة وعشرين سنة مُمَتّعًا بحدّة بصره. مات بعد سنة ثلاثٍ وأربعين. 371- أَحْمَد بن زكريّا: أبو نصر الضَّبيّ النَّيسابوري الزَّاهِد. ذكره عبد الغافر فقال: رجل معروف من أصحاب أبي عبد اللَّه.

_ 1 معجم الأدباء "3/ 33، 34"، ومعجم المؤلفين "1/ 223". 2 في الجذوة. 3 الأنساب "10/ 432".

صحِب الأستاذ أبا جعفر محمد بن أَحْمَد بن جعفر، من قدمائهم وزُهّادِهم، ثم صحب الْإِمام محمد بن الهَيْصَم، وأخذ العِلم عنه، وتخرَّج به، وكان ينوب عنه في بعض المدارس، وقد بلغ من الزُّهد والقنَاعة ومُصابرة الفقر الدّرجة القُصوى، وظهرت عليه كرامات. وحكى عنه أصحابه حكايات في المجاهدات. 372- إدريس بن اليمان بن سام1: أبو عليّ العبدريّ، المعروف بالشّينيّ الأندلُسيّ الشَّاعِر. قال ابن الأبّار: روى عن أبي العلاء صاعِد بن الحسن اللُّغَويّ. وعنه: خَلَف بن هارون. وكان أديبًا شاعرًا محسنًا2، لم يكُن بعد أبي عمرو بن درَّاج من يجري عندهم مجراه. وتوفِّي في نحو الخمسين وأربعمائة. 373- إسماعيل بن المؤمّل بن حسين: أبو غالب الْإِسكافيّ النَّحوي الضَّرير، أحد الشُّعراء الكِبار النُّحاة المُحقّقين ببغداد. روى عن مِهْيار الدَّيلمي "ديوانه". روى عنه: عزيزيّ بن عبد الملك الجيليّ، وأبو القاسم عبد الله بن ناقيا الشّاعر، والمبارك بن فاخر النَّحوي. ذكر محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ أنَّ الوزير أبا القاسم بن المسلمة ذكر إسماعيل الضرير فقال: ما أرى مفتوح العين في النَّحو إِلَّا هذا المُغمِض العين. وقد مات في صفر سنة ثمانٍ وأربعين.

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "170" رقم "313". 2 انظر بعضه في "الجذوة 170"، و"بغية الملتمس للضبي "236، 237".

ومن شِعره: سَرَت ومطايا بَيْنِها لم ترحلِ ... وزارت وحادي رَكْبِها لم يَحْمِلِ مُنَعّمةً تفترُّ إمّا ابتَسَمَتْ ... عن الدُّرّ أو نُورِ الأَقَاحِ المُظلَّل نعَمِنْا بها دَهْرًا، فَمِنْ لَثْمِ أَحْمَرٍ ... ومِنْ رَشْفِ مسكيٍّ وتَقْبيِلِ أَكْحُلِ كأنَّ العبيرَ الغضَّ علَّ سحيقُهُ ... بمشمولةٍ من خَمْرِ بابِلَ سَلْسَلِ تعلّ به وَهْنًا مجاجة رِيقِها ... وقد لحِقَت أُخْرى النُّجوم بأوَّلِ 374- إشراق السَّوداء: العَرُوضيّة، مولاة أبي المطرِّف عبد الرّحمن بن غَلْبُون القُرْطُبيّ الكاتب، سكنت بَلَنْسِية، وكانت قد أخذت عن مولاها النَّحو واللُّغة، ولكنَّها فاقته في ذلك، وبرعت في العروض. وكانت تحفظ "الكامل" للمبرّد، و"النّوادر" للقالي، وتشرحهما. قال أبو داود سليمان بن نجاح: قرأت عليها الكتابين، وأخذت عنها علم العَرُوض. تُوُفّيت بدانية بعد سيّدها، وموته في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. ذكرها ابن الأبّار. حرف الحاء: 375- الحسين بن أَحْمَد بن بكّار بن فارس: أبو عبد اللَّه الكِنديّ المقرئ. روى جزءًا عن عبد الوهّاب الكِلابي بمصر. سمعه منه: القاضي أبو الفضل السَّعدي، وعليّ بن بقاء الورّاق، وحدَّث عنه: محمد بن أحمد الرازي في مشيخته. حدَّث سنة أربعين. 376- الحُسَين بْن عَبْد اللَّه بن محمد بن المرزبان بن منجويه:

أبو عليّ الْأصبهانيّ. عن: أبي بكر بن المقري، وابن مَنْدَهْ. وعنه: سعيد بن أبي الرّجاء، وحبيب بن محمد الطّهْرانيّ. حرف العين: 377- عليّ بن الحسين بن عليّ بن شعبان: أبو الحسن الخولانيّ المصريّ. سَمِعَ: القاضي أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن الحسن بن عليّ بن الدقاق، وأحمد بن عبد اللَّه بن زريق المخزوميّ، وغيرهما. روى عنه: أبو عبد اللَّه الرازي في "مشيخته". 378- عليّ بن طاهر1: أبو الحسن القُرَشِي المَقْدسيّ الصُّوفيّ الحاجّ: حجّ قريبًا من أربعين مرّة. وروى عن: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وأحمد بن فارس العَبْقَسيّ. روى عنه: نصر المقدسيّ، وإبراهيم بن يونس، وعليّ بن محمد بن محمد بن شجاع، وغيرهم. 379- عليّ بن عبد الغالب بن جعفر2: أبو الحسن البغداديّ الضرّاب الحافظ. المعروف بابن الفتيّ، وبابن أبي معاذ. سمع: أَبَا أَحْمَد الفَرَضيّ، وابن الصَّلت المُجَبِّر، وأبا عمر بن مهديّ. ورحل إلى خُراسان مع الخطيب. وسمع من: أبي بكر الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيرفي.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 99، 100" رقم "3". 2 الأنساب "8/ 105".

وسمع بمصر من: أَبِي مُحَمَّد بْن النحاس، وبدمشق من: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر. رَوَى عنه: أبو بكر الخطيب، وعمر بن أَحْمَد الآمدي، وعليّ بن أَحْمَد بن ثابت العثمانيّ، وأبو عبد اللَّه القُضاعي، وعليّ بن محمد بن شُجاع، وأبو الوليد سليمان بن خلف البَاجيّ. وقال الباجيّ: شيخٌ ثِقة، لهُ بعض المِيز. حرف الميم: 380- محمد بن عليّ بن حسّول: أبو العلاء الكاتب الهَمَذَانيّ. صدر نبيلٌ عالم، له النَّظم والنَّثر. سمع من الصّاحب إسماعيل بن عبّاد، وسمع من: أبي الحسين أَحْمَد بن فارس "مجمله في اللُّغة". وروى عنه: شجاع الذُّهليّ، وأبو عليّ الحدّاد. وروى شيئًا من كتب الأدب ببغداد وأصبهان، وروى أيضًا بهمذان عنه: أَحْمَد بن سليم المقرئ. قال الذُّهلي: قَدِمَ علينا سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة.

الطبقة السادسة والأربعين

الطّبقة السّادسة والَأربعين حوادث سنة إحدى وخمسين وأربعمائة على سبيل الاختصار ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة السادسة والأربعين: أحداث سنة إحدى وخمسين وأربعمائة: على سبيل الاختصار: هرب آل البساسيريّ: فيها عَوْد الخليفة القائم بأمر اللَّه إلى دار الخلافة، وقتله البساسيريّ، وذلك أنّ السُّلطان طُغْرلْبَك1 رجع إلى العراق، فهرب آَلُ البساسيريّ وحَشَمُهُ، وانْهَزَمَ أَهْلُ الكَرْخ بأهاليهم على الصَّعب والذَّلول، ونَهَبَتْ بَنو شَيْبان النّاس وقُتِل طائفة. وكانت عدّة أيّام البساسيريّ سنة كاملة، فثار أهل باب البصرة فنهبوا الكَرخ، وأحرقوا درب الزَّعفرانيّ، وكان من أحسن الدُّروب2. الاحتفال باستقبال الخليفة القائم: وبعث طُغْرلبك الْإِمام أبا بكر أَحْمَد بن محمد بن أيّوب بن فُورك إلى قريش ليبعث معه أمير المؤمنين، ويشكره على ما فعل. وكان رأيه أن يأخذ الخليفة ويدخل به البرّيّة، فلم يوافقه مهارش، بل سار بالخليفة. فلمّا سمع طُغُرلْبَك بوصول الخليفة إلى بلاد بدر بن مهلهل أرسل مديره عميد المُلْك الكُنْدَرِيّ والَأمراء والحجَّاب بالسُّرادقات العظيمة والَأُهْبَة التّامة، فوصلوا وخدموا الخليفة، فوصل النَّهروان في الرابع والعشرين من ذي العقدة. وبرز السُّلطان إلى خدمته، وقبَّل الأرض، وهنَّأه بالسّلامة، واعتذر عن تأخره بعصيان أخيه إبراهيم يَنَال، وأنَّهُ قتلهُ عقوبةً لِمَا جرى منه من الوَهَنْ على الدَّوْلَة العبّاسيّة، وقال: أنا أمضي خلف هذا الكلب -يعني البساسيريّ- إلى الشَّام، وأفعل في حق صاحب مصر ما أجازى به.

_ 1 طغرلبك: اسم تركي مركب من "طغرل" وهو بلغة الترك علم لطائر معروف عندهم، و"بك" معناه: أمير. "شذرات الذهب "3/ 296". 2 المنتظم "8/ 205"، والعبر "3/ 224، 225".

فقلّدهُ الخليفة بيده سيفًا وقال: لم يبق مع أمير المؤمنين من داره سواه، وقد تبرَّك به أمير المؤمنين، وكشف غشاء الخركاه حتّى رآه الأمراء فخدموه1. ودخل بغداد، وكان يومًا مشهودًا، ولكن كان النّاس مشغولين بالغلاء والقحط المُفرِط2. مقتل البساسيريّ: ثمّ جهَّز السُّلطان ألفي فارس عليهم خُمَارتِكِين، وأضاف معهم سرايا بن منيع الخفاجيّ، فلم يشعُر البساسيريّ ودُبَيْس بن مزيد إِلَّا والعسكر قد وصل إليهم في ثامن ذي الحجّة، فثبت البساسيريّ والتقاهم بجماعته اليسيرة، فأُسِر من أصحابه أبو الفتح بن ورَّام، ومنصور، وبدران، وحمَّاد، وبنو دُبَيْس، وضُرِب قُريش البساسيريّ بنشَّابة، وأراد هو قطع تجفاف الهزيمة فلم ينقطع، وسقط عن فرسه، فقلته دوادار عميد المُلْك، وحمل رأسه على رُمْحٍ، وطِيفَ بِهِ ببغداد، وعُلِّق قبالة باب النُّوبيّ3 فلله الحمد. إقرار ابن وهسودان على أذربيجان: وفيها أَقَرّ السُّلطان طُغُرْلَبَك علان بن وهْسُودان على ولاية أبيه بأَذْرَبَيْجان. الصُّلح بين صاحب غَزَنَةَ والسُّلطان جُغْربيك: وفيها كان عقد الصُّلح بين السُّلطان إبراهيم بْن مسعود بْن محمود بْن سُبُكْتِكِين صاحب غَزْنَة، وبين السُّلطان جغربيك أخو طغرلبك، وكتبت النُّسخ بذلك بعد حروب كثيرة، حتى كلَّ كلُّ واحد من الفريقين، فوقع الاتفاق والأيمان، ففرح الناس4.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 82، 83". 2 المنتظم "8/ 208"، وزبدة التواريخ "63". 3 المنتظم "8/ 210"، والبداية والنهاية "12/ 83"، وشذرات الذهب "3/ 287". 4 الكامل في التاريخ "10/ 5، 6"، تاريخ الخلفاء "419، 420"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 180".

وفاة جغربيك صاحب خُراسان: ثم لم يَنْشَب جغربيك صاحب خراسان أن تُوُفّي في رجب من السّنة1، وقيل: تُوُفّي في صَفَر سنة اثنتين. عزل أبي الحسن بن المهتدي عن الخطابة بجامع المنصور: وفي سنة إحدى عُزِلَ أبو الحسين بن المهتدي باللَّه عن خطابة جامع المنصور؛ لكونه خطب للمُستنصِر العُبيْديّ بإلزام البساسيريّ، وولِّيَ مكانه الحَسَن بن عبد الودود بن المُهتدي باللَّه2. الَأعلام المُسْنِدون في هذا الوقت: وفي هذا الوقت كان مُسْنِد العراق: الجوهريّ3. ومُسْنِد خراسان: أبو سعْد الكَنْجَرُوذيّ. ومُسْنِده الحَرَم: كريمة المْرَوزِيّة. عُلُوّ الرَّفْض: والرَّفضُ عالٍ في الشّام، ومصر، وبعض المغرب، فلله الأمر.

_ 1 المنتظم "8/ 211"، والكامل في التاريخ "10/ 9". 2 سبقت ترجمته برقم "103". 3 سبقت ترجمته برقم "96".

أحداث سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة وقعة الفنيدق

أحداث سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة: وقعة الفُنَيْدِق: حاصر محمود بن شبل الدَّولة الكِلابيّ حلب، ثم رحل عنها، ثم حاصرها، فافتتح البلد عَنْوَةً، وامتنعت القلعة، وأُرسِل من بها إلى المُستَنْصِر باللَّه، فندب للكشف عنها ناصر الدّولة أبا عليّ الحُسين بن حمدان، فسار بعسكر من دمشق، فنزح عن حلب محمود، ودخلها ابن حمدان بعسكره فنهبوها، ثم التقى الفريقان بظاهر حلب، فانهزم ابن حمدان، وتملَّك محمود حلب ثانيا، واستقام أمره، وقَتَلَ عمَّه معزَّ الدَّوْلَة، وتُعرَف بوقعة الفُنيدِق1. وفاة ابن النسويّ: وفيها مات أبو محمد بن النَّسويّ صاحب شرطة بغداد عن نيِّفٍ وثمانين سنة2. تملُّك ابن مرداس الرَّحبة: وفيها حاصر عطيَّة بن صالح بن مِرداس الكِلابيّ الرَّحبة، وضيَّق عليهم فتملَّكها3. وفاة أمّ القائم بأمر اللَّه: وفيها توفِّيت قطر النَّدى أمُّ القائِم بأمر اللَّه، وقيل: اسمها بدر الدُّجى، وقيل: عَلَم؛ وهي أرمنية الْجِنس، ماتت في عَشْر التّسعين. ولاية تمَّام الدّولة دمشق ووفاته: وفيها ولي دمشق تمَّام الدّولة سُبُكْتِكِين التُّركيّ للمُسْتَنِصر، فمات بها بعد ثلاثة أشهر ونِصف بدمشق4.

_ 1 المنتظم "8/ 216"، والكامل في التاريخ "10/ 11، 12". 2 الكامل في التاريخ "10/ 12". 3 الكامل في التاريخ "10/ 12"، والعبر "3/ 227". 4 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "9/ 207".

أحداث سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة وزارة ابن دارست

أحداث سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة: وزارة ابن دارست: فيها ولي الوزارة للقائم بأمرالله أبو الفتح منصور بن أَحْمَد بن دارست1. تقليد الزّينبي نقابة النُّقباء: وفيها ولي شمس الدِّين أُسامة نقابة العلويين ببغداد، ولقِّب المرتضى2. وفاة أمير مكّة: وفيها تُوُفّي شُكْر الحُسَيْنيّ أمير مكّة3. ولاية حسام الدولة دمشق وعزله: وولِّي على دمشق الأمير حُسامُ الدّولة، ثم عُزِلَ بعد أشهر بولد ناصر الدّولة ابن حمدان4.

_ 1 المنتظم "8/ 226"، والكامل في التاريخ "10/ 14". 2 المنتظم "8/ 222". 3 الكامل في التاريخ "10/ 19". 4 ذيل تاريخ دمشق "91".

أحداث سنة أربع وخمسين وأربعمائة

أحداث سنة أربع وخمسين وأربعمائة: زواج بنت الخليفة بطغرلبك: فيها زوَّج الخليفةُ بنته بطغرلبك بعد أن دافع بكل ممكنة وانزعج واستعفى، ثم لأنَّ لذلك برغمٍ منه، وهذا أمرٌ لم ينله أحد من ملوك بني بُوَيْه مع قهرهم للخلفاء وتحكّمهم فيهم1. عزل ابن دارست من الوزارة ووفاته: وفيها عُزِلَ ابن دارست من وزارة الخليفة لعجزه وضعفه، وعاد إلى الأهواز؛ وبها تُوُفّي سنة سَبْعٍ وستّين. وزارة ابن جهير: وولي الوزارة فخر الّدّولة أبو نصر بن جهير وزير نصر الدّولة ابن مروان صاحب ديار بكر.

_ 1 المنتظم "8/ 226"، والبداية والنهاية "12/ 87، 88".

رخص الأسعار بالعراق: ورخُصت الأسعار بالعراق، ولطُف اللَّه1. غرق بغداد: وفي ربيع الأوَّل غرقت بغداد، ووصل الماء في الدُّروب، ووقعت الحيطان، ووقع بردٌ كِبار، الواحدة نحو الرَّطل، فأهلك الثِّمار والغِلال، وبلغت دِجلة إحدى وعشرين ذراعًا، وضايق الماء الوحوش وحَصَرَهم، فلم تكُن بهم مسلك، فكان أهل السّواد يسبحون ويأخذونهم بلا كلفة2. الواقعة بين معزّ الدّولة وملك الرّوم: وفيها كانت وقعة كبيرة بين معزّ الدولة ثمال بن صالح الكِلابيّ صاحب حلب، وبين ملك الرُّوم -لعنهم اللَّه، وكان المصاف على أرتاح3 بقرب حلب، فنُصِرَ المسلمون وقتلوا وأسروا وغنموا، حتّى إنّ الجارية المليحة أُبيعت بمائة درهم4. وفاة أمير حلب: وبعدها بيسير تُوُفّي ثمال أمير حلب، وولي بعده أخوه عطيّة5.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 23"، والبداية والنهاية "12/ 88". 2 المنتظم "8/ 225"، وشذرات الذهب "3/ 292". 3 أرتاح: اسم حصن منيع كان من العواصم من أعمال حلب "معجم البلدان 1/ 140". 4 العبر "3/ 231" شذرات الذهب "3/ 292". 5 الكامل في التاريخ "10/ 24"، والبداية والنهاية "12/ 88".

أحداث سنة خمس وخمسين وأربعمائة

أحداث سنة خمس وخمسين وأربعمائة: دخول السّلطان بغداد: فيها قَدِمَ السُّلطان بغداد ومعه من الأمراء أبو عليّ ابن الملِك أبي كالَيْجَار البويهيّ، وسرحاب بن بدر، فنزل جيشه بالجانب الغربيّ وأخرجوا النّاس من الدُّور وفَسَقوا، ودخل جماعة منهم حمَّامًا للنساء، فأخذوا ما استحسنوا من النساء؛ وخرج من بقي إلى الطّريق عُراةً، فخلّصهنَّ النّاسُ من أيديهم. فعلوا هذا بحمّامين1. وأعاد السُّلطان ما كان أطلقه رئيس العراقين من المواريث والمكوس. وعقد ضمان بغداد على أبي سعد والعابنيّ بمائةٍ وخمسين ألف دينار2. وفاة السُّلطان طُغْرُلْبَك: ثُمّ سار من بغداد، بعد أن دخل بابنةِ الخليفة، فوصل إلى الرَّيّ وفي صحبته زوجة الخليفة ابنة أخيه؛ لَأنّها شكت اطراح الخليفة لها، فمرض ومات في ثامن رمضان عن سبعين سنة3. وكان عقيمًا ما بُشِّر بولدٍ، فعمد عميد الدّولة الوزير الكُنْدُريّ فنصب في السَّلطنة سليمان بن جغرفيك4، وكان عمُّه طُغُرُلْبَك قد عهد إليه بالسَّلطنة لكونه ابن زوجته، فاختلفت عليه الأمراء، ومال كثيرٌ منهم إلى أخيه عضُد الدّولة ألْبِ أرسُلان صاحب خُراسان. الخطبة لعضُد الدّولة: فلمَّا رأى الكُنْدُريّ انعكاس الحال خطب بالرَّيّ لعضُد الدَّولة وبعده لَأخيه سليمان، وجمع عضُد الدّولة جيوشه، وسار نحو الرّيّ، فخرج لمُلْتقاه الكُندريُّ والَأمراء، وفرحوا بقدومه، واستولى على مملكة عمِّه مع ما في يدِه5. الوقعة بين صاحب سفاقس وملك إفريقية: وفيها خرج حمّو بن مليل صاحب سفاقس عن طاعة تميم بن باديس ملك إفريقيّة، وحشُد وجَمَع، وكان بينهما وقعة هائلة انتصر فيها تميم، وتشتَّت جمع حمّو6.

_ 1 المنتظم "8/ 228، 229"، وشذرات الذهب "3/ 294"، والبداية والنهاية "12/ 88". 2 المنتظم "8/ 229"، وشذرات الذهب "3/ 295". 3 الكامل في التاريخ "10/ 26"، والبداية والنهاية "12/ 89". 4 المنتظم "8/ 231" وزبدة التواريخ "63-65". 5 الكامل في التاريخ "10/ 29"، وتاريخ الزمان "106". 6 الكامل في التاريخ "10/ 29"، ونهاية الأرب "24/ 219".

الزلزلة بالشّام: وفيها كانت بالشّام زلزلة عظيمة تهدَّم منها سور طرابلس1. نيابة بدر المستنصريّ دمشق: وفيها ولي نيابة دمشق أمير الجيوش بدر للمُستَنصِر العُبيْديّ، فبقي عليها سنة وثلاثة أشهُر2. حصار ابن شِبل الدّولة حلب: وفيها نزل محمود بن شبل الدّولة الكِلابيّ على حلب، وحاصر عمَّه عطيّة، ثم لم يظفر بها وترحَّل3.

_ 1 المنتظم "8/ 231"، والبداية والنهاية "12/ 89". 2 الكامل في التاريخ "10/ 30". 3 ذيل تاريخ دمشق "92".

أحداث سنة ست وخمسين وأربعمائة

أحداث سنة ست وخمسين وأربعمائة: قتل الوزير عميد الدّولة: فيها قبض السُّلطان ألْبُ أرسلان على الوزير عميد الدّولة، ثم قتله بعد قليل1. وزارة نظام المُلْك: وتفرَّد بوزارته نظام المُلْك، فأبطل ما كان عمله عميد المُلْك من سبِّ الأشعريّة وانتصر للشّافعيّة، وأكرم إمام الحَرَمَيْن، وأبا القاسم القُشيْريّ2. تملُّك ألْبُ أرسلان هراة وغيرها: وفيها تملَّك السُّلطان ألْبُ أرسلان هَرَاة وصَغَانْيان وختّلان، فأمّا هَرَاة فكان بها

_ 1 المنتظم "8/ 235"، والبداية والنهاية "12/ 90"، وزبدة التواريخ "69/ 70". 2 الكامل في التاريخ "10/ 33"، والبداية والنهاية "3/ 90".

عمّه بيغو بن ميكايل، فأخذها منه بعد حصارٍ شديد، وأحسن إليه واحترمه ولم يؤذِه1. وأمّا ختّلان، فإنّ ملكها قُتِلَ بسهمٍ في الحصار. وأمّا صَغَانيان فافتتحها عَنْوَةً وقتل صاحبها. إعادة ابنة الخليفة من الرّيّ: وفيها أمر السُّلطان ألْبُ أرسلان ابنة الخليفة بالعَوْد من الرَّيّ إلى بغداد، وأعلمها أنّهُ لم يقبض على عميد المُلْك إِلَّا لِمَا اعتمده من نقلِها إلى الرَّيّ بغير رضى الخليفة، وبعث في خدمتها أميرًا ورئيسًا2. تقليد ألْبَ أرسلان السلطنة: وفيها قلّده القائم بأمر الله السَّلطنة، وبعث إليه بالخِلَع3. الوقعة بين السُّلطان وقُتلمِش: وفيها كانت وقعة بقُرب الريّ بين السُّلطان وبين قريبه قُتلمِش، وانكشفت المعركة عن قُتلمِش ميِّتًا مُلقى على الأرض، فحزن عليه السُّلطان ونَدِم، وجلس للعزاء، ثمّ تسلَّم الرَّيّ4. افتتاح السُّلطان عدة حصون للروم: وسار إلى أَذَرْبَيْجَان، فوصل إلى مَرَنْد عازِمًا على جهاد الرُّوم -لعنهم اللَّه، واجتمع له هناك من الملوك وعساكرها ما لَا يُحْصى، ودخلوا في طاعته وخضعوا له، وافتتح في هذه الغزوة عدّة حصون، وهابته المُلُوك، وبَعُدَ صِيتُهُ، وكَثُرَ الدُّعاء له لكثرة ما افتتح من بلاد النّصارى، وهادنه ملك الكَرْج والتزم بأداء الْجِزية، وقُرِئَ كتاب الفتح

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 34"، والعبر "3/ 237". 2 الكامل في التاريخ "10/ 35"، والبداية والنهاية "12/ 91". 3 الكامل في التاريخ "10/ 35"، ونهاية الأرب "23/ 235". 4 الكامل في التاريخ "10/ 36، 3 7"، وزبدة التواريخ "79-81".

المبارك ببغداد، وغَنِمَ جيشه في هذه النَّوبة ما لَا يُحدُّ ولا يوصَف كَثْرَةً1. ثم عاد فسار إلى أصبهان، ومنها إلى كرمان، فتلقّاه أخوه قاروت بك2. زواج ولديّ السُّلطان: ثم سار إلى مَرْو، فزوَّج ولده مُلْكشاه ببنت خاقان صاحب ما وراء النّهر، ودخل بها، وزوَّج ولده رسلان شاه ببنت سلطان غَزْنَة، واتّفقت الكلمة بينهما، ووقع الصُّلح، والحمد لله3. ندب بعض الْجَهَلَة على ملك الجنّ: وفيها اشتهر ببغداد وغيرها أنّ جَمَاعة أكراد خرجوا يتصيّدون، فرأوا في البريّة خيامًا سُودًا، وسمعوا منها لطمًا وعويلًا، وقائِلٌ يقول: مات سيّدوك ملك الجنّ، وأي بلدٍ لم يلطُم أهله ويعملون المآتم أُهلِكَ أَهْلُهُ، فخرج كثير من النّساء إلى المقابر يَلْطُمنَ ويَنُحْنَ، وفعل ذلك كثير من جهلة الرّجال، فكان ذلك ضحكة عظيمة4. نقابة العلويين ببغداد: وفيها ولي ببغداد نقابة العلويين أبو الغنائم المعمّر بن محمد بن عُبَيْد اللَّه، وإمارة الموسم، ولقِّب بالطاهر ذي المناقِب5. وفاة النّقيب أُسامة العلويّ: وكان النقيب أبو الفتح أسامة العلويّ قد بطل النّقابة، وصاهر بني خفاجة، وانتقل معهم إلى البريّة، وبقي إلى سنة اثنتين وسبعين، فتُوُفّي بمشهد عليّ -رضي اللَّه عنه6.

_ 1 زبدة التواريخ "96"، وشذرات الذهب "3/ 296". 2 الكامل في التاريخ "10/ 41"، وفيه: "قاورت بك". 3 المنتظم "8/ 235"، والكامل في التاريخ "10/ 41، 42". 4 تاريخ الزمان "106"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 185". 5 المنتظم "8/ 236". 6 الكامل في التاريخ "10/ 42".

ولاية حيدرة الكتّاميّ: وفيها هرب أمير الجيوش بدر متولِّي دمشق منها، فوليها أبو المُعَلّى حيدرة الكتاميّ، فحكم بها شهرين1. هروب بدر المستنصريّ من ولاية دمشق: وعُزِل بدريّ المُستَنصِريّ المُلقَّب شهاب الدّولة، فوليها أيّامًا في أواخر السّنة، ثُمّ عُزِلَ وولي إمرة الرَّملة، فبقي عليها إلى أن قُتِلَ سنة ستّين وأربعمائة2. عودة بدر إلى نيابة دمشق: وخلت دمشق من نائب إلى أن أُعيد عليها بدر أمير الجيوش سنة ثمانٍ وخمسين.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "92". 2 ذيل تاريخ دمشق "92". 3 ذيل تاريخ دمشق "92".

أحداث سنة سبع وخمسين وأربعمائة

أحداث سنة سبع وخمسين وأربعمائة: الوقعة بإفريقية بين تميم بن المُعِزّ والنّاصر بن علناس: فيها كان بإفريقية هَيَج عظيم وحروب، فكانت وقعة مهولة بين تميم بن المعزّ، وبين قرابته النّاصر بن علناس بن حمّاد ملك قلعة حمّاد، وانتصر فيها تميم؛ وقُتِل من زَنَاتَة وصِنهاجة أربعة وعشرون ألفًا، ونجا النّاصر في نفرٍ يسير. وكان مع تميم خلق من العرب، فغنِموا شيئًا كثيرًا واستغنوا، وكثُرَت أسلحتهم ودوابُّهم1. بناء مدينة بجّاية: فيها شرع النّاصر بن علناس في بناء مدينة بجّاية النّاصريّة، وكان مكانها مرعى للدّوابّ والمواشي2.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 44-46"، والبداية والنهاية "12/ 92". 2 الكامل في التاريخ "10/ 46"، ودول الإسلام "1/ 268".

عبور ألْبِ أرسلان نهر جيحون: وفيها عبر السُّلطان ألْبُ أرسلان نهر جَيْحُون، ونازل جُنْد1 وصَيْران2، وهما عند بُخَارَى، وجدُّه سلجوق مدفون بِجَنْد، فنزل صاحبها إلى خدمته، فلم يُغيّر عليه شيئًا، وعطف إلى خوارزم، ومنها إلى مرو3. بناء النظامية ببغداد: وفيها شرعوا في بناء النّظامية ببغداد4.

_ 1 جند: اسم مدينة عظيمة في بلاد تركستان قريبة من نهر سيحون "معجم البلدان "2/ 268". 2 صيران: وهي بليدة فيها قلعة عالية وراء نهر سيحون "معجم البلدان 3/ 391". 3 تاريخ الزمان "107"، الكامل في التاريخ "10/ 49"، وشذرات الذهب "3/ 304". 4 المنتظم "8/ 238"، والبداية والنهاية "12/ 92".

أحداث سنة ثمان وخمسين وأربعمائة

أحداث سنة ثمان وخمسين وأربعمائة: سلطنة مُلْكشاه: وفيها سَلْطَن ألْبُ أرسلان ولده مَلِكَشْاه، وجعله وليَّ عهده، وحمل بين يديه الغاشية، وخُطِب له معه في سائر البلاد1. الاحتفال بعاشوراء: وفي يوم عاشوراء أغلق أهل الكَرْخ الدكاكين، وعلّقوا المسوح، وأقاموا المآتم على الحسين، وجدَّدوا ما بطل من مُدّة، فقامت عليهم السُّنَّة، وخرج مرسوم الخليفة بإبطال ذلك، وحبس جماعةً مُدّة أيّام2. عودة أمير الجيوش بدر إلى دمشق: وفيها وصل سيف الْإِسلام أمير الجيوش بدر إلى دمشق واليا عليها ثانيةً، وعلى الشَّام بأسره، في شعبان، فأقام إلى أن تحرَّكت الفتنة بينه وبين عسكريّة دمشق، فخرج

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 50"، والبداية والنهاية "12/ 94". 2 المنتظم "8/ 239، 240".

من القصر، ونشبت الحرب بينهم في جُمَادَى الأولى سنة ستّين1. إقطاع الأنبار وغيرها لابن قريش: وفيها سار شرف الدّولة مسلم بن قُريش بن بدران صاحب الموصِل إلى ألْبِ أرسلان فأقطعه الأنبار، وهِيت، وحَرْبا2. استيلاء المُعِزّ على تونس: وفيها استولى تميم بن المُعِزّ على مدينة تونس، وصالحه صاحبها3. الزلزلة بخراسان: وفيها كانت زلزلة عظيمة بخرسان تردَّدت أيّامًا، وتصدَّعت منها الجبال، وأهلكت خلقًا كبيرًا، وانخسف منها عدّة قُرى. قاله ابن الأثير4. ولادة صغيرة برأسين: قال: وفيها وُلِدَت بباب الأزج صغيرة لها رأسان ووجهان ورقبتان على بدنٍ واحد5. ظهور كوكب بشعاع عظيم: وفيها: قال ابن نظيف: ظهر في السّماء كوكب كأنّه دارة القمر ليلة تمّه بشعاعٍ عظيم، وهال النّاس ذلك، وأقام كذلك مدّة عشرة ليالٍ، ثُمَّ تناقص ضوءهُ وغاب. وقال سبط ابن الجوزيّ6: في نيسان ظهر كوكبٌ كبير له ذؤابة عرضها نحو ثلاثة أَذْرُع، وطولها أَذْرُعٌ كثيرة، ولبث بضع عشرة ليلة، ثمّ ظهر كوكب قد استدار نوره عليه كالقمر، فارتاع النّاس وانزعجوا، وبقي أيّامًا7.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "93"، واتعاظ الحنفا "2/ 272". 2 الكامل في التاريخ "10/ 51"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 185". 3 الكامل في التاريخ "10/ 50، 51"، ونهاية الأرب "24/ 228". 4 في الكامل في التاريخ "10/ 52". 5 المنتظم "8/ 420"، والبداية والنهاية "12/ 93". 6 في مرآة الزمان. 7 المنتظم "8/ 95"، وشذرات الذهب "3/ 304".

أحداث سنة تسع وخمسين وأربعمائة

أحداث سنة تسع وخمسين وأربعمائة: التّدريس في النِّظاميّة: في ذي القعدة فرغت المدرسة النّظاميّة، وقرَّر لتدريسها الشّيخ أبو إسحاق، فاجتمع النّاس فلم يحضر، وسببه أنّه لقيه صبيٌّ فقال: كيف تدرِّس في مكان مغصوب؟ فتشكَّك واختفى، فلما أيِسُوا من حضوره درَّس ابن الصبَّاغ مصنَّف "الشَّامل"، فلما بلغ نظامَ المُلْك الخبر أقام القيامة على العميد أبي سعْد، فلم يزل أبو سعد يرفق بالشّيخ أبي إسحاق حتَّى درَّس، فكانت مدّة تدريسه -أي: ابن الصّباغ- عشرين يومًا1. مقتل الصُّليحي صاحب اليمن: وفيها قُتِلَ الصُّليحيّ صاحب اليمن بالمهجم2 في ذي القعدة؛ كذا ورَّخه ابن الأثير3 وورَّخه غيره سنة ثلاثٍ وسبعين. قال ابن الأثير4: أمِنَ الحاجّ في زمانه وأثنوا عليه، وكسا الكَعْبَة الحَريرَ الأبيض الصّينيّ. قلت: ترجمته في سنة ثلاثٍ وسبعين. بناء قُبّة فوق قبر أبي حنيفة: وفيها بنى عميد بغداد على قبر أبي حنيفة قبّة عظيمة، وأنفق عليها الأموال5.

_ . 1 المنتظم "8/ 246، 247"، والبداية والنهاية "12/ 95، 96". 2 المهجم: ولاية من أعمال زبيد باليمن، ويقال لناحيتها: خزار "معجم البلدان "5/ 229". 3 في الكامل في التاريخ "10/ 55، 56". 4 في تاريخه "10/ 56". 5 المنتظم "8/ 245"، والبداية والنهاية "12/ 95".

أحداث سنة ستين وأربعمائة

أحداث سنة ستين وأربعمائة: الزلزلة الهائلة بالرّملة: فيها كانت بالرّملة الزلزلة الهائلة التي خرَّبتها حتّى طلع الماء من رءوس الآبار، وهلك من أهلها كما نقل ابن الأثير1 خمسة وعشرون ألفا. وقال أبو يَعْلى بن القلانسيّ2: كان في مكتب الرَّملة نحوٌ من مائتيّ صبيّ، فسقط عليهم، فما سأل أحدٌ عنهم لموت أهليهم. وضُرِبَت بانياس. وقال ابن الصّابونيّ: حدَّثني علويٌّ كان في الحِجاز أنّ الزّلزلة كانت عندهم في الوقت المذكور، وهو يوم الثُلاثَاء حادي عشر جُمَادَى الأولى، فرمت شرَّافتين مِنْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وانشقّت الأرض بتيماء عن كنوز ذهب وفضّة، وانفجرت بها عين ماء، وأهلكت أَيْلَةَ ومن فيها. وظهرت بتبوك ثلاثة عيون، وهذا كلُّه في ساعةٍ واحدة. وأمّا ابن الأثير فَقَالَ3: وانشقَّت صخرة بيت المقدِس وعادت بإذن اللَّه، وأبعد البحر عن ساحله مسيرة يوم، فنزل النّاس إلى أرضه يلتقطون، فرجع الماء عليهم فأهلكهم4. القحط في مصر: وفيها كان بمصر القحط المتواتر من سنوات، وانقضى في سنة إحدى وستّين5. حصار مدينة الأربس: وفيها حاصر النّاصر بن علناس مدينة الأُرْبُس بإفريقيّة، فافتتحها بالأمان6.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 57". 2 في: ذيل تاريخ دمشق "94". 3 الكامل في التاريخ "10/ 57". 4 المنتظم "8/ 248"، والبداية والنهاية "12/ 96". 5 الكامل في التاريخ "10/ 58". 6 الكامل في التاريخ "10/ 58".

إمرة قطب الدّولة لدمشق: وفيها ولي إمرة دمشق قطب الدّولة بازرطغان للمصريين بعد هروب أمير الجيوش منها، فوليها ثمانية أشهر1.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "94".

وفيات الطبقة السادسة والأربعين

وفيات الطبقة السادسة والأربعين ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة السادسة والأربعين: وفيَّات سنة إحدى وخمسين وأربعمائة: حرف الألَف: 1- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن إسحاق: أبو بكر القاضي البغدادي المعدّل، نزيل مصر. روى عن: عليّ بن محمد الحلبيّ، وعبد الكّريم بن أبي جدار، وأبي مسلم الكاتب. وعنه: سهل بن بِشر الْإِسْفَرَائِينيّ، والحُمَيْديّ. تُوُفّي بمصر في رمضان. 2- أَحْمَد بن عليّ بن الحسن بن أبي الفضْل1: أبو نصر الكَفْرطابيّ، ثمّ الدّمشقيّ المقرئ. روى عن: عبد الوهاب الكلابي، وعبد الله الحِنّائيّ. روى عنه: نجا بن أَحْمَد، ومحمد بن الحسين الحِنّائيّ، وأبو القاسم النَّسيب. وَرّخَهُ الكتّانيّ. وقال غيره: توفِّي سنة اثنتين وخمسين. 3- أَحْمَد بن محمد بن الحسين الْأصبهانيّ الْإِسكاف: سمع: أبا عبد اللَّه بن مَنْدَهْ. وعنه: سعيد بن أبي الرّجاء. 4- أَحْمَد بن عمر بن الخلّ: أبو عمر الأبزاريّ.

_ 1 معجم البلدان "4/ 270"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 180".

عَن: عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد الصَّيدلانيّ، وأبي عمر بن مَهْدِيّ. وعنه: ابن أبي الصَّقر الأنباريّ، وأُبَيّ النَّرسي. 5- أَحْمَد بن مرحب بن أَحْمَد1: أبو الفَرَج الفارسيّ الصَّيرفي. توفِّي بِبَغداد. حدَّث عن: عيسى بن الوزير. 6- أَحْمَد بن يحيى بن أحمد بن سميق بن عمر بن واصل2: أبو عمر القُرْطُبيّ، نزيل طُلَيْطُلَة. روى عن: أبي المطرِّف بن فُطَيْس، وابن أبي زمنين، ويونس بن عبد الله، وأبي محمد بن بنُّوش، وابن الرسان، وأبي القاسم الوهراني، وطائفة سواهم. روى عنه: جماهر بن عبد الرحمن، وأبو جعفر بن مظاهر، وأبو الحسن الإلبيري3. وولي قضاء بلد طلبيرة4 فحمدت سيرته. وقد عني بالحديث وكتبه وسماعه وجمعه. وكان ذا مشاركة في عدة علوم حتى في الطب، مع العبادة الوافرة، وكثيرًا ما كان يتمثَّل: لله أيّام الشّاب وعصرهُ ... لو يُستعارُ جديدهُ فيُعارُ ما كان أقصرَ ليلهِ ونهارهِ ... وكذاك أيّام السُّرورِ قِصارُ5 توفِّي في ذي القعدة، وله ثمانون سنة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 172". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 56-58". 3 الإلبيري: نسبة إلى كورة كبيرة من الأندلس ومدينة متصلة بأراضي كورة قبرة بين القبلة والشرق من قرطبة "معجم البلدان "1/ 244". 4 طلبيرة: مدينة بالأندلس قديمة البناء على نهر تاجه "معجم البلدان "4/ 37". 5 الصلة "1/ 57".

7- إبراهيم ينال1. أخو السُّلطان طُغْرُلْبَك. له ذِكْرٌ في غير ما موضعٍ من الحوادث، وفي آخر الأمر حارب أخاه، وانتصر عَلَيْهِ وضايقه. وجرت له فصول، ثم التقاه بنواحي الرَّيّ، فانْهَزَمَ جمع إبراهيم، وأُخِذَ أسيرا هُوَ ومُحَمَّد وأحمد ولديّ أخيه، فأمر به طُغْرُلْبَك فخُنِقَ بوترٍ في جُمَادَى الآخرة سنة إحدى، وقتل الأخوين معه. 8- إبراهيم بن العبّاس الجيْليّ الفقيه2: أحد علماء جُرْجان. كان لا نظير له في المناظرة. سمع: أبا طاهر بن مَحْمِش، وأبا عبد الرَّحمن السُّلمي، وجماعة. ذكره عليّ بن محمد الْجُرْجَانيّ في "تاريخه"، وقال: لم يبق بنيسابور من يقاربه ولا من يقارنه. صار إليه التّدريس والفتوى. وتوفِّي في رجب. حرف الباء: 9- البساسيريّ الأمير3: فيها قُتِلَ، واسمه: أرسلان التُّركي. وأخباره مذكورة في سنة سبعٍ وستّين في ترجمة القائم بأمر اللَّه. وكان مملوك رجل يقال لَهُ البساسيريّ، وهي نسبةً -فيما نقل ابن خلَّكان- إلى مدينة فَسَا، ويقال

_ 1 المنتظم "8/ 202"، وسير أعلام النبلاء "18/ 112"، والبداية والنهاية "12/ 76". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 72". 3 الكامل في التاريخ "9/ 555-560"، وسير أعلام النبلاء "18/ 132، 133"، والبداية والنهاية "12/ 83، 84".

بَسَا، وأهل فارس ينسبون إليها هكذا، وهي نسبة شاذّة على خلاف الأصل. وأمّا من قال: "فَسَويّ" فعلى الأصل. حرف التَّاء: 10- تمَّام بن عفيف بن تمَّام1. أبو محمد الطُّليطليّ الزَّاهد الواعظ. أخذ عن: عبدوس بن محمد، وأبي محمد بن شِنْظير، وأبي جعفر بن ميمون. وشُهِرَ بالزُّهد والورع والصَّلاح؛ وكان يعظ ويأمر بالمعروف ويقنع بالقُوت، ويلبس الصُّوف، ويجتهد في أفعال البِر كلَّها، ويجتهد في نُصح المسلمين، توفِّي -رحِمَه اللَّه- فِي ذِي القِعدة. حرف الجيم: 11- جُغْربيك، الأمير داود بن ميكائل بن سلجوق2: أخو السُّلطان طُغْرُلْبَك، ووالد السُّلطان ألْبِ أرسلان. توفِّي بسَرْخَس في رجب، ونُقِلَ إلى مرو، وعاش سبعين سنة. وكان صاحب خرسان، وهو في مقابلة آل سُبُكْتِكِين، وكان فيه عدل ودِين، وكان ينكر على أخيه ظُلْمَه. حرف الحاء: 12- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن خَلَف3: أبو سعيد الكُتُبيّ، بغداديّ. قال الْإِمام أبو بكر الخطيب4: كتبتُ عنهُ، وكان صدوقًا، سمع: أبا حفص بن شاهين، وعيسى بن الوزير.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 121". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 106، 107"، والبداية والنهاية "12/ 79". 3 تاريخ بغداد "7/ 392"، والمنتظم "8/ 212". 4 في تاريخه.

13- الحسن بن غالب المباركيّ المقرئ1. قيل: توفِّي فيها، وسيأتي. 14- الحسن بن أبي الفضل2: أبو عليّ الشَّرمقاني المؤدّب المقرئ، نزيل بغداد. قال الخطيب: كان من العالمين بالقراءات ووجوهها. حدَّث عن: إبراهيم بن أَحْمَد الطّبريّ، وأبي القاسم عبيد اللَّه بن الصَّيدلانيّ. وقال لي: سمعت من زاهر بن أَحْمَد السَّرخسي. وشرمقان من قُرَى نَسَا، توفِّي في صَفَر. قلت: قرأ عليه: أبو طاهر بن سوّار، وأبو غالب بن القرار، وغيرهما، وكان زاهدًا ورِعًا قانِعًا باليسير. كان يخرج إلى دِجْلة، فيأخذ ورق الخسَّ المَرْميّ فيأكله، وكان ذلك أيام القَحْط، وكان يأوي إلى مسجدٍ بدرب الزَّعفران، فرآه ابن العلاف يأكل الورق، فأخبر الوزير رئيس الرّؤساء ابن المسلمة بذلك، فقال: نبعث له شيئًا. قال: لَا يقبله. فقال: نتحيّل فيه، وأمر غُلامًا أن يعمل لذلك المسجد مفتاحًا، وقال: احمل له كل يوم رغيفين ودجاجة مُطَجَّنة وقطعة حلاوة، فكان إذا جاء وفتح المسجد رأى ذلك في المحراب، فيتعجَّب ويقول: المفتاح معي، وما هذا إِلَّا من الجنَّة. وكتم أمره، فأخصب جسمه وسمن، فقال له ابن العلاف: ما لك قد سمنْت وأضاءت حالتك؟ فتمثَّل: مَن أَطْلَعُوه على سرٍّ فَبَاحَ بِهِ ... لم يَأْمَنُوهُ على الأَسْرَارِ ما عاشا ثم أخذ يُوَرّي ولا يُصرّح، فما زال به حتَّى أخبره بالكرامة، فقال: ينبغي أن تدعو للوزير، ففهم القضيَّة، وانكسر قلبُه، ولم تَطُل مُدَّتُهُ بعد ذلك. 15- الحسن بن محمد بن ذكوان3: أبو عليّ القُرْطُبيّ، ولي قضاء قُرْطُبة لَأبي الوليد محمد بن جَهور، ولم يكن

_ 1 غاية النهاية "1/ 226، 227". 2 تاريخ بغداد "7/ 402"، وسير أعلام النبلاء "18/ 104"، والبداية والنهاية "12/ 84". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 137، 138".

عنده كبير عِلم، ثم عُزل لَأشياء ظهرت منه. توفِّي في ذي القعدة، ولَهُ بِضْعٌ وثمانون سنة. 16- الحسين بن أبي عامر البغداديّ1: الغَزّال2 أبو يَعلى. قال الخطيب3: ثنا عن أبي حفص بن شاهين، وسماعه صحيح. حرف السين: 17- سعيد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن محمد بن بَحير4: أبو عثمان البَحيري النَّيْسَابُوريّ. سمع من: جدّه أبي الحسين أَحْمَد بن محمد، وزاهر بن أحمد الفقيه، وأبي أحمد الحاكم، وأبي عمرو بن حمدان، وأبي عليّ الحسن بن أَحْمَد بن محمد الحِيري والد القاضي أبي بكر، وأبي الهيثم محمد بن مكّيّ الكُشْمِيهَنيّ لقيه بمَرْو. ودخل بغداد فسمع من: أبي حفص الكتّاني، وأبي الحسين ابن أخي ميمي، ومحمد بن عمر بن بَهْتَة. وسمع من الحافظ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عبد الوهَّاب بإسفَراين5، وجماعة. قال عليّ بن محمد الْجُرْجَانيّ: ورد جُرجان مع أبيه، فسمع من أبي سعْد بن الْإِسماعيليّ، وحدَّث زمانًا على السَّداد، وخرَّج لهُ الفوائد، وحجّ ثلاث مرّات، وسمع بمكَّة من أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن رُزيق البغدادي. وغزا الرُّوم والهند مع السُّلطان محمود، وعقد الْإِملاء بعد موت أخيه أبي عبد الرحمن.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 80"، والمنتظم "8/ 213". 2 الغزال: اسم لمن يبع الغزل. "الأنساب "9/ 139". 3 في تاريخه. 4 سير أعلام النبلاء "18/ 103، 104"، وشذرات الذهب "3/ 288". 5 إسفراين: بليدة بنواحي نيسابور. "الأنساب "1/ 235".

وذكره عبد الغافر بن إِسْمَاعِيل1 فقال: شيخٌ كبير، ثقة في الحديث، سمع الكثير بخُراسان والعِرَاق، وخرَّج له الفوائد عن والده وجدّه، وأبي عَمْرو بن حمدان، ثم سمى جماعة. قال: وتوفِّي في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين. قلت: وروى عن زاهر السَّرخسيّ "المُوَطّأ". روى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الفضل الفرّاويّ، وهبة اللَّه بن سَهْل السِّنْديّ، وزاهر بن طاهر وغيرهم. وقع لنا من عواليه بالْإِجازة. حرف العين: 18- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حشكان2: أبو محمد النَّيسابوريّ الحاكم. حدَّث بأسْتِراباذ وجُرجان عَن أبي حفص بن شاهين، وأقرانه. 19- عبد اللَّه بن الحسن بن عليّ: أبو القاسم الهمذانيّ الصَّيْقَل3، إمام جامع هَمَذَان. روى عن: أبي الحُسَيْن بن سمعون الواعظ، وأبي عبد اللَّه بن شاذي الأستِراباذيّ، وجعفر الأَبْهريّ. قال شيرويَهْ: شيخ صالح مُتَديِّن صدوق. عاش سبعًا وتسعين سنة. 20- عبد اللَّه بن شبيب بن عبد الله4: أبو المظفر الأصبهاني الضبي المقرئ.

_ 1 في المنتخب من السياق "232، 233". 2 المنتخب من السياق "279". 3 الصيقل: "الأنساب 8/ 125". 4 سير أعلام النبلاء "18/ 104"، وشذرات الذهب "3/ 288".

روى عن: جدِّه أبي بكر محمد بن يحيى، وأبي عبد اللَّه بن منْده، وجماعة، وكان إمام أصبهان وخطيبها وواعظها ومُقرِئها، وقد قرأ بالرّوايات على غير واحِدٍ، منهم محمد بن جعفر الخُزاعي. قرأ عَلَيْهِ أبو القاسم الهُذليّ، وغيره. وحدَّث عنه: أبو القاسم إسماعيل الْإِخشيد، وأبو عبد اللَّه الخلال، وأبو عبد اللَّه الدَّقّاق. وسُئِل عنه إسماعيل بن محمد الحافظ فقال: إمام زاهد عابد، عالِم بالقراءات، سمع الكثير، وصلَّى بالنَّاس بالجامع سِنين. قلت: وتوفِّي -رحمه اللَّه- في صَفَر. 21- عَبْد العزيز بن عَبْد الرَّحمن بن أَحْمَد القَزْوِينيّ1: أبو الحسن الشَّافعيّ. سمع: أَحْمَد بن محمد البصير الرّازيّ، وأبا عمر بن مهديّ. روى عنه: أبو القاسم النّسيب، وغيره. وتوفِّي بِصُور في جُمَادَى الأولى. 22- عَقِيل بْن العبّاس بْن الحَسَن بْن العبّاس بْن الحسن بن أبي الجنّ حُسين بْن عليّ بْن محمد بن عليّ ابن إسماعيل بن جعفر الصّادق2: عماد الدّولة أبو البركات الحسيني النقيب الدمشقي. روى عن: الحسين بن أبي كامل الأطرابُلُسيّ. حدَّث عنه: ابن أخيه أبو القاسم عليّ بن إبراهيم النّسيب. توفِّي في رجب. 23- عليّ بن الحسين بن هندي3:

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "15/ 143، 144". 2 مرآة الزمان "1/ 167"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 123". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظر "17/ 259-264".

القاضي أبو الحسن الحمصيّ. أديبٌ له شِعْر. سمع بدمشق من: أحمد بن حرير السَّلَمَاسيّ1. حكى عنه: أبو الفضل بن الفُرات. وعاش إحدى وخمسين سنة. وتوفِّي بدمشق. حكى ابن الكفاني أنّهُ خلَّف عشرة آلاف دينار. وذكر لهُ ابن عساكر في "تاريخه" ثلاث قصائد. وهو جدّ بني هنديّ رؤساء حمص. 24- عليّ بن محمود بن ماخُرّة2: أبو الحسن الزُّوزني الصُّوفيّ، من كبار المشايخ. رحل إلى النّواحي، وسمع بدمشق من: عبد الوهَّاب الكِلابي؛ وبغيرها من: عليّ بن المثنَّى الأسْتِرَاباذيّ، ومحمد بن محمد بن ثَوابة، وأبي عبد الرّحمن السُّلمي. روى عنه: الخطيب، وقال3: لَا بأس به. قال لنا: إنّ ماخُرّة كان مَجُوسيًّا، وسألته عن مولده فقال: سنة ست وستين وثلاثمائة. ومات في رمضان. قلت: وروى عنه: عبد الرحمن الشّيخيّ، وجعفر السَّرّاج، وأُبَيّ النّرْسي، وأبو العِز بن كادِش، وغيرهم. حرف الفاء: 25- فَرُّخ زاد ابن السلطان مسعود ابن السلطان محمود بن سبكتِكين4:

_ 1 السلماس: نسبة إلى سلماس من بلاد أذربيجان. "الأنساب "7/ 107". 2 تاريخ بغداد "12/ 115"، وسير أعلام النبلاء "18/ 104"، والبداية والنهاية "12/ 84". 3 في تاريخه. 4 الكامل في التاريخ "10/ 5"، وسير أعلام النبلاء "18/ 133، 134".

صاحب غَزْنة. كان ملكًا شجاعًا مَهيبًا، واسع البلاد، هجم عليه مماليكه بالسّيوف وهو في الحمَّام، فاتُّفق أنَّهُ كان عنده سيفه فقاتلهم، وتَلَاحَق الحَرَس فَسَلِمَ وقتلوا أولئك، وصار بعد ذلك يُكْثِر ذِكر الموت ويزهد في الدُّنيا. وفي هذا العام أصابه قولْنج، فمات. وتملَّك بعده أخوه إبراهيم1، فعدل وأقام الجهاد، وفتح عدة حصون من بلاد الهند امتنعت على أَبِيهِ وجدّه. وكان مع عدله يصوم الأَشْهُر الثَّلاثَة. 26- الفضل بن جعفر بن أبي الكرام: أبو محمد المصريّ. توفِّي في ربيع الآخر. حرف القاف: 27- الْقَاسِم بن الفتح بن محمد بن يوسف2: أبو محمد بن الرّيُوليّ3 الأندلُسيّ، من أهل مدينة الفَرَج4. روى عن: أبيه، وأبي عمر الطلمنكي5، وأبي محمد الشنتجالي6. وحجَّ وأخذ عن أبي عمران الفاسيّ. وكان عالمًا بالحديث، عارفًا باختلاف الأئِمّة، عالمًا بالتفسير والقراءات، لم يكن يرى التَّقليد، وله تصانيف كثيرة، ولهُ شِعْرٌ رائق، مع صدْق ودينٌ ووَرَع وتقلُّل وقُنوع7.

_ 1 هو: ظهير الدولة أبو المظفر إبراهيم بن فرخ زاد. "تاريخ البيهقي "401". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 470-472"، وسير أعلام النبلاء "18/ 115، 116". 3 وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 107". 4 مدينة بالأندلس بين الجوف والشرق من قرطبة، وتوفي بوادي الحجارة. "معجم البلدان "4/ 247". 5 الطلمنكي: نسبة إلى طلمنكة وهي مدينة بالأندلس. "معجم البلدان "5/ 39". 6 معجم البلدان "3/ 367". 7 الصلة "2/ 470، 471".

قال القاضي أبو محمد بن صاعد: كان القاسم بن الفتح واحد النّاس في وقته في العِلم والعمل، سالِكًا سبيل السّلف في الورع والصِّدق، متقدِّمًا في علم اللِّسان والقُرآن وأصول الفقه وفروعه، ذا حظٍّ جليل من البلاغة، ونصيبٍ من قرض الشعر. توفِّي على ذلك، جميل المذهب، سديد الطَّريقة، عديم النّظير. وقال الحُميدي1: هو فقيه مشهور، عالِمٌ زاهِد، يتفقَّه بالحديث، ويتكلَّم على معانيه، وله أشعار كثيرة في الزُّهْد. ولهُ: أيامُ عُمْرك تَذْهَبُ ... وجميعُ سَعْيِك يُكتب ثُمّ الشّهيدُ عَلَيْكَ من ... ك فَأَيْنَ أَيْنَ المهربُ2 توفِّي -رحمه اللَّه- في صفر، ومولده سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة، وقد أثنى عليه جماعة. حرف الميم: 28- محمد بن أَحْمَد بن الكوفيّ: أبو الحسين. بغداديّ، روى عن: عمر بن إبراهيم الكتّانيّ. وتوفِّي في صَفَر، ولهُ اثنان وثمانون سنة. 29- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عليّ البقَّال: أبو طاهر. روى عن: ابن الصّلْت. 30- محمد بن عبد العزيز بن أَحْمَد بن محمد بن شاذان3: أبو بكر الجيري النَّيْسَابوريّ، الحافظ الفقيه السُّفْيانيّ. كان من أصحاب أبي عبد اللَّه الحاكم. جمع وصَنَّف، وكان زاهدًا صالحًا. توفِّي في رجب.

_ 1 في جذوة المقتبس "390". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 116". 3 المنتخب من السياق "45".

روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ وغيره. 31- محمد بن أبي القاسم: عبد الواحِد الدّارانيّ الْأصبهانيّ. روى عن: عبد اللَّه بن أَحْمَد. وعنه: الْإِخشيد، وغيره. 32- محمد بن عليّ بن الفتح: أبو طالب الحربيّ العُشاري. سمع: الدّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبا الفتح القوّاس، وطبقتهم. قال الخطيب1: كتبت عنه، وكان ثقة صالحا. وُلد في المحرّم سنة ست وستين وثلاثمائة. قال لي: كان جدّي طويلًا، فقيل لي2 العُشاريّ. قلت: وكان أبو طالب خيِّرًا زاهِدًا، عالمًا فقيهًا، واسع الرواية، صحب أبا عبد اللَّه بن بطَّة، وأبا عبد اللَّه بن حامد. وتفقَّه لأحمد. قال أبو الحسين بن الطُّيوريّ: قال لي بعض أهل البادية: نحنُ إذا قُحطنا استسقينا بابن العُشاري، فنُسقى3. وقال أبو الحسن بن الفرّاء في ترجمته في طبقات أصحاب أَحْمَد: حكى لي بعض أصحاب الحديث قال: قُرئ كتاب الرؤيا للدَّارَقُطْنيّ على العُشاريّ في حلقته بجامع المنصور، فلمَّا بلغ القارئ إلى حديث أمُّ الطُّفَيْل، وحديث ابن عبَّاس، قال القارئ: وذكر الحديث، فقال للقارئ: اقرأ الحديث على وجهه، فهذان الحديثان مثل السواري. وقال أبو الحسين: قال لي ابن الطُّيُوريّ: لمَّا قَدِمَ عسكر طُغْرلْبَك لقي بعضهم لابن العُشاريّ فقال: يا شيخ، أيش معك؟ قال: ما معي شيء.

_ 1 في تاريخ بغداد "3/ 107". 2 في تاريخ بغداد "فقيل له". 3 طبقات الحنابلة "2/ 192".

ثُمَّ ذكر أنّ في جَيْبِهِ نفقة، فناداه: تعال وأخرج ما معه، وقال: هذا معي. فهابه الرَّجُل وعظَّمهُ ولم يأخُذ النَّفَقَة. قلت: روى عنه: ابن الطيوري، وأبو العز كادِش، وأبو بَكْر قاضي المارِستان، وأحمد بن قريش. وقد أُدخل في سماعه أشياء باطلة، ولم يعلم. 33- محمد بن محمد بن عُبيد اللَّه بن المؤمّل1: أبو طاهر الأنباريّ البزَّاز. سكن بغداد، وحدَّث عن: أبي بكر الورَّاق، وغيره. قال الخطيب2: كتبت عنه، وكان صدوقا صالحًا. وقال السِّلفي: فيما أنا ابن الخَلال، عن الهمداني، عنه شجاع الهُذلي، عن ابن المؤمّل الأنباريّ فقال: هو محمد بن محمد بن عُبيد اللَّه بن المؤمّل البزّاز، أبو طاهر. حدَّث عن: إسماعيل الورَّاق، وأحمد بن محمد الدِّوسيّ الأنباريّ، وكان صالِحًا دَيِّنًا صدوقًا. مات سنة إحدى وخمسين. قال السِّلفيّ: أنا عنه أبو البركات بن الوكيل، عن ابن ماسي. 34- محمد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن أَبِي تمّام3: أبو منصور الهاشميّ الزَّينبيّ، أخو أبي نصر محمد، وطرّاد. سمع: عيسى بن الجرَّاح. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا. مات بواسط في آخر السَّنة، وقال أبو علي بن السَّكَن: لقبه كمال الدين.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 227"، وفيه: "عبد الله بن المؤمل". 2 في تاريخ بغداد "3/ 237". 3 تاريخ بغداد "3/ 237"، والأنساب "6/ 346". 4 في تاريخه.

قلت: روى عنه أهل واسط. 35- منصور بن النُّعْمان: أبو القاسم الصيمَري، ثُمّ المصريّ. سَمِعَ: القاضي أبا الحسن الحلبيّ، وغيره. روى عنه، أبو عبد اللَّه الحُميدي. توفِّي -رحِمَه اللَّه- فِي ذِي القعدة. حرف النّون: 36- نَصْر بن أبي نصر1: أبو منصور الطوسيّ المقرئ. حدَّث بِصُور وسكنها. عن: عبد الرَّحمن بن أبي نصْر، وغيره. روى عنه: ابنه إسماعيل بن نصر. حرف الياء: 37- يوسف بن هلال2: أبو منصور البغداديّ، الصَّيْرَفيّ. صاحب التَّميميّ. روى عن: عيسى بن الوزير. وفيَّات سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة: حرف الألِف: 38- أَحْمَد بن الحسين: أبو الحسين التميمي السلماسي.

_ 1 تاريخ دمشق "36/ 570". 2 تاريخ بغداد "14/ 328".

توفِّي بآمِد. قال أُبَيّ النرْسي: ثنا ببغداد عن أبي طاهر المُخلّص. 39- أَحْمَد بن عُبيد اللَّه بن فَضَال1: أبو الفتح الحلبيّ الموازينيّ. الشّاعر المعروف بالماهر. روى عَنْهُ من شِعره: أبو عَبْد اللَّه الصُّوريّ، وأبو القاسم النَّسيب. فمن شعره: يا من له سيف لحظٍ ... يدبّ فيه المَنون ومَن لجسمي وقلبي ... منه ضنًى وشُجون ما فكرتي في فؤادٍ ... سَبَته منك الْجُفون وإنّما فكرتي في ... هواك أين يكون؟ وله بيت مفرد: إذا امتطى قلمٌ يومًا أنامِلَهُ ... سدَّ المفاقرَ واستولى على الفِقَر ويندُر هكذا للماهر أبيات فائقة، وكان موازينيًّا بحلب، ثُمَّ ترك الصَّنعة وأقبل على الشِّعر، ومدح الملوك والَأُمراء. ولهُ وقد أجاد: برغمي أن أُعنَّفَ فيك دهرًا ... قليلًا همُّهُ بِمُعنّفيهِ وأن أرعى النُّجومَ ولَسْتَ فيها ... وأن أطأ التراب وأنتَ فيه 40- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى: أبو الفرج الملحميّ الْأصبهانيّ. سمع: عُبَيْد اللَّه بن يعقوب بن جميل. روى عنه: سعيد الصيرفي، وغيره.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "3/ 148، 149"، والعبر "3/ 227".

41- أَحْمَد بن نجا: أبو طاهر البغداديّ البزَّاز المقرئ. سمع: أبا أَحْمَد الفَرَضي، وابن رزقوَيْه، وجماعة. وعنه: أبو بكر الخطيب في تاريخه، ومسعود بن ناصر السجْزي، وأُبَيّ النَّرسي، وغيرهم. 42- إبراهيم بن محمد بن زيد: أبو أَحْمَد الأموي الكوفي. قال أُبَيّ النرسي: ثقة. ثنا عن: ابن غزال، وابن حُطيط. حرف الباء: 43- بابيّ بن أبي مسلم بابيّ1: أو يأتي بمُثَنّاه؛ كذا وجدته بمُثنّاه وليس بشيء، وصوابه بابيّ بلا همز وبالتّثقيل. أبو منصور الجبلي الفقيه. قال أُبَيّ: كان من أصحاب الشّيخ أبي حامد، سمعنا منه ببغداد. وقال غيره: ولي قضاء ربع الكرْخ، وكان من أئمّة الشّافعيّة. روى الحديث عن ابن الجُندي. حرف الجيم: 44- جعفر بن الحسين بن يحيى: أبو الفضل الدّقَّاق. توفِّي بمصر فِي ربيع الأخر. حرف الحاء: 45- الْحَسَن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن:

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 136"، والكامل في التاريخ "10/ 13"، والبداية والنهاية "12/ 85".

أبو منصور الشّيبانيّ. توفِّي في رمضان عن بضعٍ وثمانين سنة. رُمِيَ بالكذب. 46- الحَسَن بْن عليّ بْن أبي طَالِب: أبو منصور الهَرَوي الكرابيسيّ الأديب. توفِّي في رمضان. روى عن: زاهر بن أَحْمَد الفقيه، وأبي حامد النُّعيمي. 47- الحسن بن محمد: أبو عليّ الجارزيّ. راوي كتاب "الجليس والَأنيس" عن مُصنِّفه المعافى بن زكريا الجريريّ. روى عنه الكتاب: أبو العزّ بن كادِش. مات في ربيع الأوّل. 48- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم: أَبُو عَلِيّ اللّبّاد. توفِّي بأصبهان، وهو من شيوخ سعيد بن أبي رجا. 49- الحسين بن محمد: أبو يَعلى الخبّاز المقرئ. سمع: أبا طاهر المخلّص. وعنه: أبو عليّ بن البنَّاء. 50- الحسين بن الحسن بن الحسين بن أبي محمد الحسن بن عبد اللَّه بن حمدان1: ناصر الدّولة أبو علي التغلبي الأمير، أمير دمشق.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 335، 336"، والنجوم الزاهرة "5/ 13-15".

ولي أمرها للمصْريين. ولي دمشق سنة خمسين وأربعمائة، وسار سنة اثنتين وخمسين إلى حلب، فجرت بينه وبين بني كِلاب وقعة الفُنيدق بظاهر حلب، فكُسِر ابن حمدان، وأفلت مُنْهَزِمًا جريحًا، وأُسر سائر عسكره، وراح إلى مصر، فجرت له خُطوب وحُروب ذُكرت في الحوادث. وولي بعده هذا.. وهو: حرف السِّين: 51- سُبُكْتِكين1: أبو منصور التُّركيّ. ولي دِمشق من قِبَل صاحب مصر في سنة اثنتين وخمسين، فبقي بها ثلاثة أشهر ونِصف ومات. وكان قِبَل الولاية مُقيمًا بدمشق. روى عن: السَّكَن بن جُميع. وعنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وغيره. حرف الضَّاد: 52- ضياء بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب2: أَبُو عبد اللَّه الهرويّ الخيَّاط. سكن بغداد، وحدَّث عن: عمر بن شاذران القَرميسيني، وعيسى الديَنَوري، وعليّ بن أَحْمَد بن غسّان المصريّ. قال الخطيب3: كتبت عنه، وسماعه صحيح.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "9/ 207". 2 تاريخ بغداد "9/ 346". 3 في تاريخه.

حرف الطّاء: 53- طاهر بن عليّ بن محمد بن ممُّويه: أبو الفتح الْأصبهانيّ. سمع: أَبَا عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ، وإبراهيم بن خُرشيد قُولَه. وعنه: سعيد بن أبي رجا، وغيره. حرف العين: 54- عالي بن عثمان بن جِني1: أبو سعد بن أبي الفتح النحوي ابن النَّحويّ. عاش إلى هذا العام، وانقطع خبره. ذكره ابن ماكولا فقال: كان قد سمع من المَرْجَّى "مسند أَبِي يَعلى". قَالَ ابن عساكر: وحدث بصور عَن: المرجى، وعيسى بن الوزير، وتمَّام الرَّازيّ. روى عنه: أَبُو نصر عَلِيّ بْن هبة اللَّه بْن ماكولا، ومكّي الرُّميلي، وأحمد الرُّويدشتي. 55- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بُندار2: أبو محمد البغداديّ المقرئ الحذَّاء، المعروف بابن الخفَّاف. سمع: أبا الحسين بن المُظفَّر، وأبا حفص بن الزّيّات، وأبا بكر الورَّاق، وأبا حفص بن شاهين. قال الخطيب3: كتبتُ عنه، وكان سماعه صحيحا. توفِّي في المحرَّم وله خمسٌ وثمانون سنة. وقال ابن خَيرون: كان يكذب في القراءات.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "2/ 585"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "11/ 245". 2 تاريخ بغداد "10/ 146"، وميزان الاعتدال "2/ 499"، ولسان الميزان "3/ 355". 3 في تاريخه.

56- عبد الباقي بن أبي غانم الشّيرازيّ1: ذكرهُ أُبَيّ النَّرْسيّ فقال: وَرَدَ الخَبَر بوفاته، وكان ينفرد برواية كتاب يعقوب بن شيبة الحافظ بكماله. 57- عبد الجبَّار بن عليّ بن محمد بن خُشكان2: الَأستاذ أبو القاسم الإسَفرائيني، المُتَكلّم الأصم المعروف بالْإِسكاف. فقيه إمام أشعريّ، من تلامذة أبي إسحاق الإسفَرائيني، ومن المبرَّزين في الفتوى، زاهد عابد قانت كبير الشّأن، عديم النَّظير، قرأ عليه إمام الحرمين أبو المعالي الأصول. وقد سمع من: عبد اللَّه بن يوسف الْأصبهانيّ، وجماعة. توفِّي في ثامن وعشرين صفر. روى عنه: أبو سعيد بن أبي ناصر، وغيره. ويُعرف بأبي القاسم الْإِسكاف. 58- عبد الرّزاق بن محمد بن يزداد الْأصبهانيّ: قال: ثنا يونس بن أحمد بن خير سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. روى عنه: أبو عليّ الحدَّاد. مات فِي ذي القعدة. 59- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بن عثمان: أبو الحسن المجاشعيّ. عن: إسماعيل بن الحسن الصّرْصريّ. وعنه: أبو عليّ البَرَدانيّ، وأُبَيّ النَّرْسيّ. 60- عُبيد اللَّه بْن أحْمَد بْن عَلِيّ3: أَبُو الفضل الصيرفي البغدادي.

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 91". 2 المنتخب من السياق "342"، وفيه: "حسكان". 3 تاريخ بغداد "10/ 388"، وغاية النهاية "1/ 455".

قرأ القرآن على أبي حفْص الكتَّانيّ، وسمع منه، ولعلَّهُ آخِر من قرأ عليه. توفِّي في ذي الحجّة. وقد روى الحديث عن: المُخلص، وابن أخي ميمي. وكان بارعا في معرفة القراءات. 61- عدنان بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن شيبان: أبو الحسن البرجي1. من طلبة الحديث بأصبهان. سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن مَنْده، وغيره. رَوَى عَنْهُ: سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وقال: كان من عباد اللَّه الصّالحين، مؤذِّن الجامع. 62- عليّ بن أَحْمَد بن الرّبيع: الْإِمام أبو الحسن السّبكبائيّ. من أهل ما وراء النَّهر. تُوُفّي في يوم عرفة. روى عن: أبي سَعْد الْإِدريسيّ. روى عنه: عُبيد اللَّه بن عُمَر الكشّانيّ، وعلي بن عثمان الخراط، وعلي بن عالم الفاغي الصكاك. توفي الصكاك سنة إحدى عشرة. 63- علي بن أحمد بن محمد بن حامد البزاز: سمع: أبا حفص بن شاهين. وعنه: جعفر السراج، وغيره. توفِّي في ربيع الآخر.

_ 1 البرجي: نسبة إلى قرية برج، وهي من قرى أصبهان. الأنساب "2/ 132".

64- علي بن حُميد بن علي بن محمد بن حُميد بن خالد1: أبو الحسن الذُّهلي، إمام جامع همذان، ورُكن السُّنَّة بها، والمشار إليه في الورع والديانة. روى عن: أبي بكر بن لال، وابن تركان، وعبد الرَّحمن بن أبي اللَّيْث، وابن جانجان، وأبي بكر محمد بن أحمد ابن عبد الوهاب الإسفَرائيني الحافظ، ويوسف بن أحمد بن كج، وأبي عمر بن مهدي، وأبي العباس أحمد بن محمد البصير، وحَمد بن عبد الله الأصبهاني، وخلق كثير. قال شيرويه: ما أدركته، وحدَّثني عَنْه يوسف الخطيب وعامَّة كهولنا، وكان صدوقًا ثِقةً، أمينًا ورِعًا، جليل القدْر، محتشِمًا. عُنِيَ بهذا الشّأن، رأيت أختي بعد موتها فقلت لها: ما فعل أبو الحسن بن حُميد؟ قالت: طار مع الحواريّيّن في الهواء. وُلِدَ سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. وتوفِّي في ثاني عشر جُمَادَى الأولى، وقبره يُزار ويُتبرك به. وقد رثاه بعضهم. حرف الميم: 65- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ2: أبو عبد اللَّه بن أبي سَعْد القزوينيّ المقرئ، نزيل مصر مِنْ صِباه. قرأ بدمشق عَلَى أبي الحسن بن داود الداراني لابن عامر، وعلى الحسن بن سليمان الأنطاكيّ النّافعيّ3 للسُّوسّي، وعلى أبي الفَرَج محمد بن أَحْمَد بن أبي الجود للدُّوريّ، وعلى طاهر بن غَلبون "بالتّذكرة". روى بمصر كتاب "التّذكرة" عن مُصنِّفها أبي الحسن طاهر بن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 100، 101"، وشذرات الذهب "3/ 289". 2 العبر "3/ 228"، ومرآة الجنان "3/ 74". 3 نسبة إلى قراءة نافع "المشتبه في أسماء الرجال 2/ 665".

وحدَّث عن: عبد الوهّاب الكِلابي، وأبي الحسن عليّ بن محمد الحلبيّ، وميمون بن حمزة الحسيني، ومحمد ابن أَحْمَد بن جابر التّنيسيّ، وغيرهم. وكان من المذكورين بالقراءات بمصر. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وأبو الحسن يحيى بن عليّ الخشَّاب، وقرأ عليه القرآن هو وأبو عليّ الحسن ابن خَلَف بن بَلِّيمة، ومحمد بن أَحْمَد بن حمّوشة القَلْعيّ، وأبو عبد اللَّه الرّازيّ في مشيخته. وتوفِّي في ربيع الآخر. 66- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه: أَبُو الحسين البَصْريّ الزاهد المعروف بالزوْبج. سمع: أبا عامر الهاشمي، وعلي بن القاسم الشَّاهِد، وأبا عمر بن مهديّ، وابن المُتيّم، وابن الصّلْت الأهوازيّ. وخرَّج لهُ أبو بكر الخطيب جزءًا سمعه أبو الفضل بن خَيْرون، وجعفر السَّرّاج، وابن الطُّيوريّ. وقد روى عنه أبو بكر الخطيب في مُصنَّفاته. وتوفِّي بآمد في ثاني رجب. 67- محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد اللَّه1: أَبُو الحسين البغداديّ المؤدّب. كان مقرئًا ثقة، ضريرًا. مات في المحرَّم عن تسعين سنة. سمع: الدّارَقُطْنيّ، وعمر بن شاهين، والمخلّص. كتبت عنه، قاله الخطيب. وقد قرأ على أبي حفص الكتاني.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 476، 477".

68- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن الحسن1: أبو بكر الكرابيسيّ السِّمْسار الزَّاهد. ويعرَف بالحافظ السّيوفيّ2. توفِّي بِنَيْسَابوُر في ربيع الآخر. سمع: محمد بن الفضل بن محمد بن خُزيمة. روى عنه: زاهر بن طاهر الشَّحّاميّ. 69- محمد بن عبد الوهَّاب بن محمد3: أبو طاهر بن الشَّاطر العلويّ الكاتب، نقيب الطالبيين ببغداد. سمع: أبا حفص بن شاهين، وأبا الحسن الحربيّ، وابن المنتاب. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا. توفِّي في ربيع الأوّل. 70- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عُمْرُوس4: أبو الفضل البغداديّ الفقيه المالكيّ. قال الخطيب5: انتهت إليه الفتوى ببغداد. وسمع: أبا حفص بن شاهين، وأبا القاسم بن حَبابة، والمخلّص، وغيرهم. روى عنه: الخطيب، وغيره. وكان من القرَّاء المجوِّدين -رحمه الله.

_ 1 المنتخب من السياق "46، 47". 2 في المنتخب "السيوئي". 3 تاريخ بغداد "2/ 383". 4 تاريخ بغداد "2/ 339، 340"، والمنتظم "8/ 218"، وسير أعلام النبلاء "18/ 73-75"، والبداية والنهاية "12/ 86". 5 في تاريخه.

ذكره ابن عساكر في الأشاعرة1. توفِّي في أول العام وله ثمانون سنة. قال أبو إسحاق الشّيرازيّ: كان فقيهًا أُصوليّا صالِحًا. وقال النَّرْسيّ: كان صالِحًا، ممن انتهى إليه مذهب مالِك ببغداد. 71- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عليّ2: القاضي أبو سَعْد الحنفيّ، أحد علماء نَيْسابور. توفِّي في هذا العام تقريبًا. روى عن: أبي الحسن العَلَويّ. روى عنه: زاهر الشَّحّاميّ. 72- محمود بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن ماشاذة: أبو منصور الْأصبهانيّ، الأديب. سمع ببغداد: أبا القاسم بن حبابة. روى عنه: سعيد بن أبي الرَّجاء، وغيره. الكُنَى: 73- أبو محمد بن النَّسَويّ3: صاحب الشّرطة ببغداد، اسمه الحسن بن أبي الفضل. كان صارمًا فاتِكًا مَهيبًا ظلومًا، قيلَ: إنَّهُ كان يقتل النّاس ويأخذ أموالهم أيّام هَيْج الشُّطّار ببغداد، وشُهد عليه بذلك عند القاضي أبي الطَّيّب، فحكم بقتله، فصانع بمبلغ، فسلم.

_ 1 في "تبيين كذب المفتري "264، 265". 2 المنتخب من السياق "52". 3 الكامل في التاريخ "10/ 12"، والنجوم الزاهرة "5/ 68".

وكان من دُهاة زمانه، وقد اتَّفق مرَّةً السُّنّة والرَّافضة ببغداد على قتله، واصطلحوا على ذلك. وسَلِمَ وطال عمره. وفيَّات سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة: حرف الألِف: 74- أحْمَد بْن سَعيد بْن أَحْمَد بْن نفيس1: أبو العبَّاس المصريّ المقرئ. أصْلُهُ مِنْ طرابُلُسَ الغرب، انتقلت إليه رئاسة الْإِقراء بديار مصر، وكان عالي الْإِسناد. وقد قرأ على: أبي أحمد السامري، وأبي الطيب ابن غَلْبون، وأبي عدِيّ عبد العزيز بن عليّ الْإِمام، وجماعته. وفاق قُرَّاء الأمصار بعلُوِّ الْإِسناد. وقد سمع من: علي بن الحسين الأنطاكيّ، وأبي القاسم الجوهري مصنَّف "مُسْنَد المُوَطأ" وغيرهما. قرأ عليه: أبو القاسم الهُذلي، وأبو القاسم عبد الرّحمن بن الفحّام، وأبو الحسن بن بَلِّيَمة، وأبو الحسين الخشَّاب، وآخرون كثيرون من المشارقة والمغاربة. وحدَّث عنه: جعفر بن إسماعيل بن خَلَف الصِّقّليّ، وعبد الغنيّ بن طاهر الزعفراني، ومحمد بن أحمد الرّازيّ، وآخرون. قال أَحْمَد بن عمر البَّاجيّ: سمعت أحمد بن نفيس المقرئ الضرر يقول: قرأت عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ألف ختمة. قلت: ابن نفيس هذا آخر اسمه: 75- أَحْمَد بن عبد العزيز بن نفيس المقرئ2:

_ 1 المعين في طبقات المحدثين "131"، وشذرات الذهب "3/ 292"، وغاية النهاية "1/ 56، 57". 2 غاية النهاية "1/ 69".

بقي إلى حدود الخمسمائة، قرأ على الكازرينيّ. وأمَّا المُتَرجِم فتوفِّي في رَجَب، وقد جاوز التِّسعين، وذُكر أنَّ أبا عَمْرو الدّانيّ قرأ عليه. 76- أَحْمَد بن مروان بن دُوستك1: الَأمير نصر الدَّولة الكُرْديّ، صاحب ميّافارقين وديار بكر. ملك البلاد بعد أن قتل أخاه أبا سعيد منصورًا في قلعة الهَتَّاخ2. وكان عالي الهِّمّة، كثير الحزم، مُقبِلًا على اللذّات، عادِلًا في رعيّتِه. وقيل: لم تَفُتْه صلاة الصُّبح3 مع انهماكه على اللَّهو، وكان له ثلاثمائة جارية يخلو كلّ ليلة بواحدة، وخلَّف عِدّة أولاد. وقد قصده الشُّعراء ومدحوه. وَزَرَ له أبو القاسم الحسين بن عليّ بن المغربيّ صاحب الرسائل، والديوان والتصانيف.، وكان وزير خليفة مصر فانفصل عنه، وقَدِمَ على نصر الدولة فوزر له مرتين، ووزر له فخر الدولة أبو نصر بن جَهير، ثم انتقل بعده إلى وزارة بغداد4. ولم يزل على سعادته ووفور حشمته، ولقد أرسل إلى السلطان طُغرلبك تحفا عظيمة، من جملتها: الجبل الياقوت الذي كان لبني بُويه، وكان اشتراه من الملك أبي منصور بن جلال الدولة، وأرسل معه مائة ألف دينار سوى ذلك. وكانت رعيته معه في بُلهنية من العيش، حتى إنَّ الطّيور كانت تخرج من القرى فتُصاد، فأقرّ أن يطرح لها القمح من الأهراء، فكانت في ضيافته طول عمره، إلى أن تُوُفّي -رحمه اللَّه- في شوَّال، ودُفِن بظاهر ميّافارِقين. وعاش سبعًا وسبعين سنة. وكانت سلطنته إحدى وخمسين سنة. وملك بعده ولده نظام الدولة أبو القاسم نصر بن أحمد5.

_ 1 المنتظم "8/ 222، 223"، وسير أعلام النبلاء "18/ 117-120"، والبداية والنهاية "12/ 87". 2 الهتاخ: قلعة حصينة في ديار بكر قرب ميافارقين "معجم البلدان "5/ 392". 3 تاريخ الفارقي "171". 4 تاريخ الفارقي "181". 5 تاريخ الفارقي "177".

77- إبراهيم بن عليّ بن تميم1: أبو إسحاق القيروانيّ، الشاعر المعروف بالحُصري. كان شباب القيروان يجتمعون عنده، وسار شِعره، وله ديوان مشهور، وله كتاب "زهو الآداب"، وله كتاب "المصون في سرّ الهوى المكنون". وله: أورد قلبي الرَّدا ... لامُ عِذَارٍ بدا أسودٌ كالكُفْرِ في ... أبيضَ مثل الهُدا وقال ابن بسّام في "الذّخيرة": إنّه توفِّي سنة ثلاثٍ وخمسين. وقال غيره: توفِّي سنة خمسين. وهو ابن خالة أبي الحسن عليّ الحُصْريّ الشّاعِر2. حرف الحاء: 78- الحسين بن عيسى3: أبو علي الكلبي، قاضي مالقة. حجَّ وسمع من: أَبِي ذرٍّ الهَرَويّ، وأبي الحسن محمد بن إبراهيم الحوفيّ النَّحْويّ. وكان عالِم مالقة المُشار إليه، ورئيسها. روى عنه: أبو المطرِّف الشِّعْبيّ، وأبو عبد اللَّه بن خليفة. 79- الحسين بن مُبَشِّر4: أبو عليّ المُزكّيّ الكتّانيّ الدمشقي المقرئ.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 139"، ومعجم المؤلفين "1/ 64". 2 وفيَّات الأعيان "1/ 55". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 142". 4 غاية النهاية "1/ 249"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 364، 365".

حدّثَ عن أستاذه في القراءات محمد بن يونس الْإِسكاف، وعبد الرَّحمن بن أبي نصر، وعليّ بن بُشْرَى العطَّار. روى عنه: نجا بن أَحْمَد، وعليّ بن طاهر النَّحْويّ. قال الكتَّانيّ: توفِّي في ذي القعدة، وأقام خمسين سنة يقرئ في الجامع، وكان ديِّنًا ثِقةً، على مذهب الْإِمام أَحْمَد. 80- حمْد بن محمد بن عبد اللَّه: الفقيه أبو الفَرَج. عن: أبي جعفر الأَبْهَريّ، وابن مَنْدَهْ. مات في شعبان. كان مُتكلّمًا. حرف الصَاد: 81- صالح بن الحسين: أبو منصور البُرُوجِرديّ1، يُعْرَف بابن دوذين الفقيه. قدِم في هذه السَّنة هَمَذَان، فحدَّث عَن شعيب بن عليّ، وأبي القاسم الصَّرْصَريّ، وأبي محمد بن زكريّا البيِّع، وابن رزقوَيْه. وكان ثقةً زاهدًا. روى عنه: عبدوس الهَمَذَانيّ، وغيره. حرف العين: 82- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حَسْكويه2: أبو بكر النَّيْسَابُوريّ.

_ 1 البروجردي: نسبة إلى بروجرد من بلاد الجبل على ثمانية عشر فرسخًا من همذان "الأنساب "2/ 174". 2 تاريخ بغداد "1/ 146"، والمنتخب من السياق "287".

سمع: أَحْمَد بن محمد الخفّاف القَنْطريّ، ومحمد بن أَحْمَد بن عبدوس. كتب عنه: الخطيب1، وغيره. 83- عبد الرَّحمن بن غَزو بن محمد بن يحيى2: أبو مسلم النّهاونديّ العطّار. قَدِمَ هَمَذان في هذا العام، فحدَّث بها عن: ابن زنبيل النَّهَاوِنْديّ، وعبد الرَّحمن الْإِمام، وأبي أَحْمَد الفرَضي، وأبي الحسن الرَّفّاء، ومحمد بن بكران الرّازيّ، وأبي الحسن بن فراس العَبْقَسِيّ، وحمزة بن العبَّاس الطَّبَرِيّ، وخلقٌ سواهم. وقع لنا جزء من حديثه من رواية جعفر الهَمَذَانيّ. قال شيروَيْه: كان صدوقًا ثِقة، سمع منه العطَّار، وحدَّثني عنه أبو بكر الْإِخباريّ. قلت: روى عنه ولده أبو طاهر المُطهّر، وأبو الفتح المُظفّر بن شجاع الهَمَذَانيّ. قال السِّلفيّ: سمعت ولده المُطهّر يقول: توفِّي سنة 454. 84- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم بن يحيى بن مَنْدَهْ3: أبو أَحْمَد الْأصبهانيّ المُعَلِّم. حدَّث عن: عبيد الله بن جميل بـ"مسند أَحْمَد بن منيع". حدَّث به عنه سعيد بن أبي الرّجاء في سنة خمسين؛ سمعه منه. وقد حدَّث عن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن جِشنِس، وأبي عبد اللَّه بن مَنْدَهْ، وأبي بكر مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الفضل بْن شَهْريار، وعبد اللَّه بن عمر بن الهيثم، وغيرهم. وعنه: أبو عَليّ الحداد، وسعيد بن أبي الرجاء.

_ 1 في تاريخ بغداد. 2 العبر "3/ 229"، وسير أعلام النبلاء "18/ 96، 97". 3 العبر "3/ 229"، وسير أعلام النبلاء "18/ 95، 96".

قال أبو القاسم بن مَنْدَهْ: توفِّي عبد الواحد بن أَحْمَد البقّال المعروف بكُله في صفر. 85- عثمان بْن محمد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد بْن صالِح1: أبو عمرو الْأصبهانيّ الخلَّال. حدَّث بمُسْنَد أَحْمَد بن مَنِيع، عن عُبَيْد اللَّه بن جميل، عن جدِّهِ، عنه. روى عن: أبي عبد اللَّه بن أبي نُوَاس، وعبد اللَّه بن عمر المذكِّر. روى عنه: يحيى بن منده، وسعيد بن أبي الرجاء، وغيرهما. 86- علي بن إسحاق: والد الوزير نظام الملك. مات ببلْخ في رجب من السنة. 87- علي بن الحسين بن جابر: أبو الحسن التنيسي الفقيه. توفِّي في شوال. وهو راوي نسخة فُلَيح عن محمد بن عليّ النّقّاش. 88- عليّ بن رضوان بن عليّ بن جعفر2: أبو الحسن المصْريّ، صاحب المصنّفات. من كبار الفلاسفة الْإِسلاميين، وله دار بمدينة مصر في قصر الشَّمع تُعرَف بدار ابن رضوان، وقد تهدَّمت. قال عن نفسه: كانت دلالة النُّجُوم في مَوْلِدي تدُلُ على أنَّ صنعتي الطّبّ، فلمَّا بلغت عشر سنين سكنتُ القاهرة، وأجهدتُ نفسي في التَّعليم، فلمَّا بلغت أخذت في الطِّبّ والفلسفة، وكنتُ فقيرًا، فكنتُ أتكسَّبُ بالتَّنْجيم، ومرَّة بالطِّبّ، ومرّة بالتعليم، ولم أزل في غاية الاجتهاد في التّعليم إلى السنة الثانية والثلاثين فاشتهرت بالطب،

_ 1 التقييد لابن نقطة "400". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 105، 106"، وشذرات الذهب "3/ 291"، وكشف الظنون "1596"، ومعجم المؤلفين "7/ 94".

وحصَّلت منه إلى أن كسبت منه أملاكًا وأنا في السِّتّين. وكان أبوه خبَّازًا، ولم يزل يشتغل إلى أن تميَّز، وله صارت السُّمعة العظيمة، وخدم الحاكم صاحب مصر، فجعله رئيس الأطبَّاء، وطال عمره، وأدرك الغلاء قبل الخمسين وأربعمائة، فكان عنده ترْبية، وقيلَ: إنّها أخذت له نفائس وذهبًا كثيرًا، وهُرّبت، فتغيَّر حاله واضطّرب. وكان كثير الردِّ على أرباب فنِّه، وعنده سفهٌ في بحثه وتشنيع. ولم يكن له شيخ، بل أخذ من الكُتُب، وألَّف كتابًا أنَّ تحصيل الصناعة من الكُثُب أوفق من المُعلِّمين، وغلا في ذلك. وكانت وفاة عليّ بن رضوان في هذه السَّنة؛ سنة ثلاثٍ وخمسين. وكان يرجع إلى دينٍ وتوحيد، فإنَّهُ قال: أفضل الطَّاعات النّظر في الملكوت، وتمجيد المالك لها، ومن رُزِقَ ذَلِكَ فقد رُزق خير الدُّنيا والَآخرة، وطُوبَى لَهُ وحُسن مآب. وقد شرح عدة كتب لجالينوس، وله مقالة في دفع المضار بمصر عن الأبدان، وكتاب في أنَّ حال عبد اللَّه بن الطَّيّب حال السوفسطائية، وكتاب "الانتصار" لأرسطوطاليس، و"تفسير ناموس الطب" لأبقراط، كتاب "المعاجين والأشربة"، و"تذكرة في إحصاء عدد الحُميات"، و"رسالة في الأورام"، و"رسالة في علاج داء الفيل"، و"رسالة في الفالج"، و"كتاب مسائل جرت بينه وبن ابن الهيثم" المذكور في صدور الثّلاثين في المجرّة والمكان، وكتاب في "الأدوية المفردة"، و"رسالة في بقاء النفس بعد الموت"، و"مقالة في فضل الفلسفة"، و"مقالة في نُبوة مُحَمَّد رَسُولُ اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ التَّورية والفلسفة"، ومقالة في حدوث العالم، و"مقالة في توحيد الفلاسفة"، وكتاب في "الرَّد على ابن زكريا الرازي في العلم الإلهي"، و"إثبات الرسل"، و"مقالة في التّنبيه على حِيل المُنَجّمين" ويصف شرفها، "مقالة في جُمَل السياسة". وقد تركت أكثر ممّا ذكرت من تصانيفه التي ساقها ابن أبي أُصيبعة1.

_ 1 في عيون الأنباء "566، 567".

89- عليّ بن محمد بن يحيى بن محمد1: أبو القاسم السُّلَميّ الحُبَيْشيّ، المعروف بالسُّمْيَساطيّ2. واقف الخانقاه، وقبره بها. روى عن: أبيه، وعبد الوهَّاب الكِلابيّ. ولجدِّه سماع من عثمان بن محمد الذهبي. وكان أبو القاسم متقدما في علم الهندسة، وعلم الهيئة3. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وإبراهيم بن يونس المقدسي، وأبو القاسم النسيب، وأحمد بن المسلم الهاشمي، وأبو الحسن بن سعيد، وأبو الحسن بن قبيس المالكي، وجماعة. وولد بعد السبعين وثلاثمائة. قال الكتاني: توفِّي في ربيع الآخر، ودُفن بداره، ووقفها على الصوفية، ووقف علوَّها على الجامع، ووقف أكثر نعمته4. وحدَّث عن عبد الوهاب "بجزء ابن خُريم"، و"بالموطأ"، وعن والده "بجزء ابن زبّان"، وكان يذكر أنَّهُ وُلِدَ في رمضان سنة أربعٍ وسبعين. 90- عمر بن أَحْمَد بن الواثق5: أبو محمد الهاشميّ. سمع: محمد بن يوسف بن دوست العلاف، وأبا طاهر المخلّص. قال الخطيب: كتبتُ عَنْه، وكان صدوقًا. وقال غيره: يُعرف بابن الغريق. توفِّي في شوال.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 71، 72"، وشذرات الذهب "3/ 291". 2 السميساطي: نسبة إلى سميساط، وهي من بلاد الشام "الأنساب "7/ 153". 3 الإكمال "7/ 141، 142". 4 مختصر تاريخ دمشق "18/ 170". 5 تاريخ مختصر بغداد "11/ 276".

91- عُمَر بْن محمد بْن عليّ1: أبو طاهر بن رادة2 الأصبهاني الخرق الدَّلّال. سمع: أبا بكر بن المقري، وأبا عبد اللَّه بن مَنْدَهْ، وأبا عَمْر السُّلميّ. وعنه: سَعِيد بْن أَبِي الرَّجاء، والحسين بْن عَبْد الملِك الخلّال. وكان أُميّا لَا يكتب. حرف القاف: 92- قريش بن بدران بن مقلّد بن المسيّب العُقَيْليّ3: الَأمير أبو المعالي صاحب الموصِل. ولِيها عشر سنين. وقد ذكرنا أنّهُ ذبح عمَّهُ قرواشًا في مجلسه4، ثُمّ إن قريشًا قام مع البساسيريّ سنة خمسين، ونهب دار الخلافة، وكان موته بالطّاعون وله إحدى وخمسون سنة، وقام بعده ولده شرف الدَّولة أبو المكارم مسلم بن قُرَيْش، فاستولى على ديار ربيعة ومُضَر، وملك حلب، وأخذ الحمل من بلاد الرّوم. وكان حاصر دمشق وكاد أن يأخذها. حرف الميم: 93- محمد بن إبراهيم بن وهب القيسيّ الطُلَيطُليّ5: حجّ، ولقي أبا الحسن بن جَهْضَم، وأبا ذر الهرويّ فأخذ عنهما، وأقبل على التجارة وعمارة ماله.

_ 1 الأنساب "5/ 91". 2 في الأنساب: "زاده". 3 الكامل في التاريخ "10/ 17"، والعبر "3/ 230". 4 في سنة 444هـ، "وفيات الأعيان". 5 الصلة لابن بشكوال "2/ 537".

94- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن قُورتش1: أبو عبد اللَّه قاضي سرقُسطة. حجّ وكتب عن: عتيق بن إبراهيم القَرَوِيّ، وأبي عمران الفاسيّ، وجماعة. روى عنه: ابنه أبو محمد، وأبو الوليد الباجيّ. وكان ثقةً ضابطًا، راويةً للعِلم. وممّن روى عنه: أبو محمد بن حَزْم. 95- محمد بن الحسن بن عليّ2: الَأستاذ أبو بكر الطّبريّ المقرئ. من كبار القرَّاء بخُراسان. سمع الكثير، وحدَّث عن: أبيه طاهر بن خُزَيْمَة، وأبي محمد المخلديّ، والجوزقيّ، وجماعة. روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ. وكان من كبار أصحاب أبي الحسين الخبَّازيّ، وكان يُصلِّي في مساجد ثلاثة كل يوم في مسجد، والناس يتنقلون معه من مسجد إلى مسجد ليسمعوا تلاوته لِطِيب نغمته وحُسْن قراءته. وقد أملى مُدَّة. 96- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن محمد بن جعفر3: أبو سَعْد بن أبي بكر النَّيْسَابُوريّ الكَنْجَرُوذيّ الفقيه الأديب النَّحويّ الطّبيب الفارس، شيخ مشهور. قال عبد الغافر4: له قَدَم في الطِّب والفروسيّة وأدب السلاح.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 537"، وفيه: "فورنش". 2 المنتخب من السياق "52، 53". 3 العبر "3/ 230"، وسير أعلام النبلاء "18/ 101، 102"، وشذرات الذهب "3/ 291". 4 في المنتخب من السياق "44".

كان بارع وقته لاستجماعه فنون العلم. أدرك الأسانيد العالية في الحديث والَأدب، وأدرك ببغداد أئِمّة النّحو. وحدَّث عن: أبي عَمْرو بن حَمْدان، وأبي الحسين أَحْمَد بن محمد البَحْيريّ، وأبي سعيد بن محمد بن بِشر البَصْريّ، وشافع بن محمد الْإِسْفَرائِينيّ، وأبي بكر محمد بن محمد الطَّرازيّ، وأبي بكر أَحْمَد بن الحسن بن مهران، وأحمد بن محمد البالويّ، وأحمد بن الحسن المروانيّ، وأبي أَحْمَد الحاكم، والحسين بن علي التميمي حسينك، وأبي الحسين بن دهثم الطّرَسُوسيّ، وأبي سعيد عبد اللَّه بن محمد الرّازيّ، وطبقتهم. وسمع منه الخلق سنين، وختم بموته أكثر هذه الرّوايات، وله شِعرٌ حَسَن. قلت: روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ، وأبو عبد الله الفرّاوي، وعبد اللَّه السيدي، وتميم بْن أَبِي سَعِيد الْجُرْجَانيّ، وزاهر بن طاهر، وعبد المنعم بن الشّيريّ. قال عبد الغافر بن إسماعيل: وقد أجاز لي جميع مسموعاته وخطَّهُ عندي، وهو مما أعتدُّ به وأُعِدُّهُ من الاتفاقات الحسنة. قلت: توفِّي بِنَيْسَابُور في صفر، وقد سمعت جملةً من عواليه بالْإِجازة. 97- محمد بن محمد بْن يحيى بْن الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن عَلِيّ بْن عاصم1: الَأستاذ أبو عبد اللَّه الجوريّ. قال عبد الغافر2: شيخ مستور ثقة، عالم من أولاد العلماء، بيتهم بيت العلم والصّلاح، سمَّعه أبوه الأستاذ أبو عَمْرو من يحيى بن إسماعيل الحربيّ، وتوفّي فجأة في سابع عشر ذي القعدة. وقال عليّ بن محمد في "تاريخ جرجان": سمع الحسن بن أَحْمَد المَخْلَديّ، وأبا الحسين أَحْمَد بن محمد الخفّاف، وأبا بكر الجوزقيّ؛ وذكر جماعة. قال: وخرج لنفسه الفوائد.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 232"، والمنتخب من السياق "42". 2 في المنتخب وفيه تحرف "الجوري" إلى "الخوري".

98- المعزّ بن باديس1: قيل: توفِّي في هذا العام، وقيل: توفِّي سنة أربعٍ كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وفيَّات سنة أربع وخمسين وأربعمائة: حرف الألِف: 99- أَحْمَد بن إبراهيم بن موسى بن أحمد بن منصور2: أبو سعد المقري النَّيْسَابُوريّ الشّاماتيّ. عُرفَ بابن أبي شمس. له أربعون حديثًا سمعناها. روى عن: أبي بكر الجوزقي، أبي محمد المخلديّ، وأبي طاهر محمد بن الفضل بن خُزمة، وأبي نُعَيْم عبد الملك بن الحسن الْإِسْفَرَائيِنيّ، وأبي القاسم بن حبيب المُفسِّر. ورحل من نَيْسَابُور، فسمع بهراة من القاضي أبي منصور الأزديّ. روى عنه: أبو المظفّر عبد المنعم بن القُشَيْريّ، وزاهر بن طاهر الشَّحّاميّ، وغير واحد، وأحمد بن محمد بن صاعد القاضي. قال عبد الغافر3: شيخ فاضل مشهور، ثقة، عالم بالقراءات، متصرِّف في الأمور، اختاره المشايخ لنيابة الرّئاسة بِنَيْسَابُور مُدّة لحسن كفاءته، وفصله بالتّوسط بين الخصوم. عقد مجلس الْإِملاء، وأملى سنين. ومات في شعبان، وله نحوٌ من ثمانين سنة. وقد سمع كتابه "الغاية" من أبي بكر بن مهران في القراءات.

_ 1 انظر ترجمته في وفيات سنة "454هـ" برقم "124". 2 العبر "3/ 231"، وسير أعلام النبلاء "18/ 122"، وشذرات الذهب "3/ 292". 3 في المنتخب من السياق "96، 97".

100- إبراهيم بْن العبّاس بْن الحَسَن بْن العبّاس بْن الحسن بن أبي الجنّ الحُسَيْنيّ1: أبو الحسين، قاضي دمشق وخطيبها نيابةً عن قاضي القضاة بمصر أبي محمد القاسم بن النُّعمان قاضي المُستنصِر العُبَيْدي. روى بالْإِجازة عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي كامل الأطرابُلُسيّ. روى عنه: ابنه أبو القاسم النّسيب. توفِّي في شعبان عن ستّين سنة. حرف الباء: 101- بكر بن عيسى بن سعيد2: أبو جعفر الكِنْديّ القُرْطُبيّ الزّاهِد. روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، ومحمد بن عتّاب. قال أبو عليّ الغسناني: هو شيخي ومُعلِّمي، وأحد من أنعم اللَّه عليّ بصُحْبته، اختلفت إليه نحو خمسة أعوام في تعلُّم الفقه والَأدب، لم تر عيني قط مثله نُسكًا وزهدًا وصيانة، وانقباضًا عن جميع أهل الدُّنيا. توفِّي -رحمه اللَّه- في رجب. حرف الثّاء: 102- ثََمال بن صالح بن الزَّوْقَلِيّة3: الَأمير مُعِزّ الدّولة أبو علوان الكِلابيّ رئيس بني كِلاب. تملَّك حلب وغيرها، وكان بطلًا شجاعًا حليمًا كريمًا، أغنى أهل حلب بماله وعمَّهم بأفضاله، وأحسن إلى العرب.

_ 1 أخبار مصر لابن ميسر "2/ 14"، والنجوم الزاهرة "5/ 85". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 115". 3 الكامل في التاريخ "10/ 24"، والبداية والنهاية "12/ 88".

عزله صاحب مصر المُسْتَنْصِر ثمّ ردّه، وكان الفُضلاء يقصدونه ويأخذون جوائِزَهُ. توفِّي في ذي القعدة، وقبل ذلك بيسير كانت الوقعة المذكورة بينه وبين الرُّوم، ونُصِرَ عليهم، وقَتَل منهم خلقًا. حرف الحاء: 103- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن الحسن1: أبو محمد الجوهريّ الشّيرازيّ، ثم البغدادي المقنعي. مسند العراق، بل مُسنِد الدُّنيا في عصره. سمع: أبا بكر القَطيعي، وأبا عبد اللَّه العسكريّ، وعليّ بن لؤلؤ، ومحمد بن أَحْمَد بن كَيْسان، وأبي الحسن محمد بن المُظَفَّر، وعبد العزيز بن جعفر الخِرقيّ، وأبي عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبي بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وخلقًا سواهم. وأملى مجالس كثيرة. وحدَّث عن القَطيعيّ بمُسْنَد العَشَرة، وبِمُسْنَد أهل البيت من "مُسْنَد أَحْمَد". قال الخطيب2: سمعته يقول: ولدتُ في شعبان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وكان ثقةً أمينًا، كتبنا عنه. قلت: وروى عنه: أبو نصر بن ماكولا الحافظ، وأبو الغنائم محمد بن علي الترسي، ومحمد بن عليّ بن عيَّاش الدَّبّاس، وأبو عليّ البردانيّ، وقراتكين بن الأسعد، وأبو المواهب أَحْمَد بن محمد بن مُلوك، وشجاع الذُّهلي، وهبة اللَّه بن الحُصين، وأبو غالب أَحْمَد بن البنَّا، وأبو بكر قاضي المارستان، وهو آخر من سَمِعَ منه. وآخر من رَوَى عنه بالْإِجازة أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن خَيْرون. توفِّي في سابع ذي القعدة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 393"، والأنساب "3/ 379"، وسير أعلام النبلاء "18/ 68-70"، والبداية والنهاية "12/ 88". 2 في تاريخ بغداد "7/ 393".

وقيل لَهُ المقنعيّ؛ لَأنَّه كان يَتَطَيْلَس1 ويلتف بها من تحت عنكه2. 104- الحسن بن إبراهيم بن الفُرَات: أبو البركات. توفِّي في صفر بمصر. حرف الخاء: 105- خَلَف بن أَحْمَد بن بطَّال3. أبو القاسم البكريّ البَلَنْسيّ. روى عن: أبي عبد الله بن الفخَّار، وأبي عبد الرَّحمن بن جحّاف القاضي، ومحمد بن يحيى الزَّاهد، وغيرهم. حدَّث عنه: أبو داود سليمان بن نجاح المقرئ، وأبو بحر سُفْيان بن العاص. قال ابن خَزْرَج: لقيته بإشبيليّة سنة أربعٍ وخمسين، وكان فقيهًا أصوليًّا من أهل النَّظر والاحتجاج بمذهب مالك. قلت: توفِّي كهلًا بعد هذا. حرف الزّاي: 106- زُهير بن الحَسَن بن عليّ4: أبو نصر السّرخسيِّ الفقيه. قرأ الفقه ببغداد على: أبي حامد الإسفرائيني. وبرع في الفقه، وكان إليه المرجوع في المذهب. وقد روى الكثير.

_ 1 أي: يلبس الطيلسان. 2 هكذا في الأصل، ولعل الصحيح "حنكه". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 170، 171". 4 الأنساب "5/ 56"، والكامل في التاريخ "10/ 30"، وسير أعلام النبلاء "18/ 134، 135"، والبداية والنهاية "12/ 90".

سمع من: زاهر بن أَحْمَد السَّرخسيّ، وأبي طاهر المخلص، وغيرهما. وسمع "سنن أبي داود" من أبي عمر الهاشميّ، وطال عمره، وصار مُقَدّم أصحاب الحديث بسرخس. قال أبو سعد السَّمعانيّ1: لقيتُ من أصحابه أبا نصر محمد بن أبي عبد اللَّه بِسَرخس. وقد قال بعض الفقهاء: ما رأينا أحسن من تعليقة أبي نصر عن أبي حامد، لازمه ستّ سنين. وقيل: إنَّهُ توفِّي سنة خمسٍ وخمسين في شوَّال، وسنة أربع أشهُر. عاش بضعًا وثمانين سنة. حرف السِّين: 107- سَعْد بن أبي سَعْد محمد بن منصور2: أبو المحاسن الْجُولَكيّ3، توفِّي في رجب بأستِراباذ، وهو ابن بنت الْإِمام أبي سعد الْإِسماعيليّ. وُلِدَ سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، وتفقَّه، ورأس في أيام والده بعد الأربعمائة وهو أمرد، ودرَّس الفقه. وكان رئيسًا محتشمًا عالمًا محققًا، تخرّج به جماعة. وقد روى عن: جدّه أبي نصر، ووالده، وأبي بكر العدسيّ، وأبي محمد الكارزيّ4. قُتِلَ مظلومًا شهيدًا بأَسْتِراباذ -رحمه اللَّه تعالى. 108- سِيْد بن أحمد بن محمد5:

_ 1 في الأنساب "5/ 56". 2 المنتظم "8/ 228"، والمنتخب من السياق "241"، والبداية والنهاية "12/ 88". 3 الجولكي: نسبة إلى جولك الغازي البكراباذي "الأنساب "3/ 375". 4 الأنساب "3/ 377". 5 الصلة لابن بشكوال "1/ 228".

أبو سعيد الغافقيّ، نزيل شاطبة. شيخ مسند. سمع من: أبي محمد الأصيليّ، وأبي عمر بن المُكوي. وكان من أهل الضَّبط والَأدب. أخذ عنه أبو القاسم بن مُدبر كتاب البخاري. حرف الطاء: 109- طاهر بن أَحْمَد بن بابشاذ1: أبو الحسن الجوهري المصري النحوي، مصنّف "المقدمة" و"شرح الْجُمَل". كان صاحب ديوان الْإِنشاء بمصر، وله حلقة إشغال بجامع مصر، ثُمَّ تزهَّد وانقطع. ورَّخه القفْطيّ. وقال غيره: توفِّي سنة تسعٍ وستِّين، وأراه أشبه فسأُكَرّره. 110- طُغْرُلْبَك السُّلطان2: مات بالرّيّ، وعُمل عزاؤه في دار الخلافة ببغداد في رمضان. وهذا غَلَطٌ، إنَّما تُوُفّي سنة خمسٍ كما سيأتي. حرف العين: 111- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حَسِنكويه3: أبو بكر النيسابوري. سمع أبا الحسين الخفّاف.

_ 1 انظر ترجمته في وفيَّات سنة "469هـ" برقم "288". 2 ستأتي ترجمته برقم "133". 3 تقدَّمت ترجمته برقم "82".

112- عبد اللَّه بن المُظفّر بن محمد بن ماجه: أبو الفتح الْأصبهانيّ النّاقد. عن: ابن مَنْدَهْ. مات في المُحرَّم. 113- عبد الرحمن بن أَحْمَد بن الحسن بن بُندار1: أبو الفضل العِجلي الرّازيّ المقرئ، الزَّاهِد الْإِمام. أصله من الرّيّ، وَوُلِدَ بمكّة، وكان يتنقَّل من بلدٍ إلى بلد. كان مُقرِئًا جليل القدْر. قال أبو سَعْد في "الذَّيْل": كان مُقرِئًا فاضلًا، كثير التصانيف، حسن السيرة، زاهدًا متعبِّدًا، خَشِنَ العيْش، منفردًا عن النَّاس، قانعًا، أكثر أوقاته يُقرئ ويُسمع. وكان يسافر وحده ويدخل البراري. سمع بمكَّة: أَحْمَد بن فِراس، وعليِّ بن جعفر السَّيْرَوانيّ شيخ الحرم، وأبا العبّاس الرَّازيّ. وبالرّيّ: أبا القاسم جعفر بن فَنّاكي، وبنَيْسابور: أبا عبد الرّحمن السُّلمي، وبطوس: أَحْمَد بن محمد العمّاريّ، وبنَسا: محمد بن زهير بن أخطل النَّسويّ، وبجُرجان: أبا نصر محمد بن الْإِسماعيليّ، وبأصبهان: أبا عبد اللَّه ابن منده؛ وبأبرقوه2: الحسنين بن أَحْمَد القاضي، وببغداد: أبا الحسن الحمّاميّ، وبِسارية3، وتُستَر، والبصرة، والكوفة، وحرَّان، والرُّها، وأَرَّجَان، وكازَرُون4، وفَسا5، وحمص، ودمشق، والرّملة، ومصر، والْإِسكندريّة.

_ 1 المنتخب من السياق "308"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1128"، وسير أعلام النبلاء "18/ 135-138"، وشذرات الذهب "3/ 293". 2 أبرقوه: بليدة بنواحي أصبهان على عشرين فرسخًا منها. "معجم البلدان "1/ 169". 3 سارية: مدينة بطبرستان. "معجم البلدان "1/ 169". 4 كازرون: مدينة بفارس بين البحر وشيراز. "معجم البلدان "4/ 429". 5 فسا: مدينة بفارس. "معجم البلدان 4/ 260".

وكان من أفراد الدَّهر عِلمًا وورعًا. سمع منه جماعة من الأئِمّة كأبي العبّاس المستغفريّ، وأبي بكر الخطيب، وأبي صالح المؤذّن. وثنا عنه: محمد بن عبد الواحد الدّقّاق، والحسين بن عبد الملك الخلّال، وفاطمة بنت محمد البغداديّ. قلت: وروى عنه أيضًا: أبو عليّ الحدّاد، وأبو سهل بن سَعْدَوَيْه. وقرأ عليه بالرّوايات الحدَّاد، وقرأ عليه لنافع نصر بن محمد الشّيرازيّ، شيّخٌ تلا عليه السِّلَفيّ. قال بن عساكر1: قرأ عَلَى أبي الحسن عليّ بن داود الدَّارانيّ بحرف ابن عامر، وعلى أبي عبد اللَّه المجاهديّ. وسمع بمصر من: أبي مسلم الكاتب. وقال عبد الغافر الفارسيّ2: وكان ثِقةً جوَّالًا إمامًا في القراءات، أوحد في طريقته، وكان الشّيوخ يُعظِّمونه. وكان لَا يسكن الخوانق3، بل يأوي إلى مسجدٍ خَراب، فإذا عُرف مكانه تركه، وكان لا يأخذ من أحدٍ شيئًا، وإذا فُتِح عليه بشيء آثر به غيره. وقال يحيى بن مَنْدَهْ: قرأ عليه القُرآن جماعة، وخرج من عندنا إلى كرْمان فحدَّث بها، ومات بها في بلد أوشير في جُمَادَى الأُولى سنة أربعٍ وخمسين. قال: وبلغني أنَّهُ وُلِدَ سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. ثِقَةٌ ورِعٌ مُتَدَيِّن، عارف بالقراءات والرّوايات، عالم بالَأدب والنّحو، وهو أكبر من أن يدُل عَلَيْهِ مِثلي، وهو أشهر من الشَّمس، وأضوأ من القمر، ذو فنونٍ من العلم. وكان مهيبًا منظورًا، فصيحًا، حسن الطَّريقة، كبير الوَزْن.

_ 1 في تاريخ دمشق. 2 في المنتخب من السياق "308". 3 الخوانق: مفردها: خانقاه، وهي رباط الصوفية.

قلت: وسمع بدمشق من عبد الوهَّاب الكِلابيّ؛ وبسامِرّاء من: ابن يوسف الرّفّا راوي "الموطَّأ" عن الهاشميّ، عن أبي مُصْعَب. قال السِّلفيّ: سمعت أبا البركات عبد السَّلام بن عبد الخالق بن سَلَمَة الشِّيرازيّ بمَرَند يقول: اقتدى أبو الفضل الرّازيّ في الطّريقة بالسَّيْرَوَانيّ شيخ الحرم، وحدَّث عنه وصحبه، وصحب الشّيروانيّ أبا محمد المرتعِش، وصحب المُرْتَعِشُ الجُنيد، وهو صحب السَّقطيّ، وهو معروفًا، وهو داود الطائيّ، وهو حبيبًا العجميّ. وقال ابن عساكر1: أنبأنا أبو نصر عبد الحكيم بن المُظفّر من الكَرْج: أنشدني الْإِمام أبو الفضل الرَّازيّ لنفسه: أخي إنَّ صِرف الحادثات عجيبُ ... ومن أيقظته الواعظاتُ لَبِيبُ وإنَّ اللّيالي مفنِياتٌ نفوسَنا ... وكُلٌّ عليهِ للفَنَاءِ رقيبُ أيا نَفْسُ صَبْرًا فاصطِبَارُكِ راحةٌ ... لكُلِّ امرئٍ منها أخيّ نصيبُ وله مُضمّنًا فيها: إذا ما مضى القرْن الّذي أنت فِيهُمُ ... وخُلِّفت في قرنٍ فأنتَ غريبُ وإنّ امرءًا قد سار سبعين حَجّةً ... إلى منهلٍ من وِرْده لقريبُ البيتان مُضمّنان. وقال أبو عبد الله الخلّال: أنشدنا أبو الفضل لنفسِه: يا موتُ ما أجفاكَ من زائِرٍ ... تنزل بالمرء على رغمِهِ وتأخذ العذراء من خِدرها ... وتأخذ الواحد من أُمِّهِ قال الخلّال: خرج الْإِمام أبو الفضل من أصبهان متوجّهًا إلى كرْمان، فخرج النَّاس يُشيِّعونه، فصرفهم وقصد الطريق وحده وقال: إذا نحنُ أدلجنا وأنت إمامنا ... كفى لمطايانا بذكراك حاديا2 قرأت على أبي الفضل الأسديّ: أخبرك ابن خليل، أنا الخليل الدّاراني، أنا أبو

_ 1 في تاريخ دمشق "22/ 308". 2 تاريخ دمشق "22/ 308"، وسير أعلام النبلاء "18/ 137".

عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الدّقاق قال: وَرَدَ علينا الشّيخ الْإِمام الأوحد أبو الفضل عبد الرَّحمن بن أَحْمَد الرّازيّ، لقاه الله رضوانه، وأسكنه جنابه. وكان إمامًا من الأئِمّة الثِّقات في الحديث والرّوايات والسُّنَّة والقراءات، وذِكره يمْلأ الفم، ويُذرف العَيْن. قَدِمَ أصبهان مِرارًا، الأولى في أيّام ابن مَنْدَهْ، وسمع منه، سمعت منه قطعة صالحة. وكان رجلًا مَهيبًا، مَديد القامة، وليًّا من أولياء اللَّه، صاحب كرامات. طوَّف الدُّنيا مُفيدًا ومُستفيدًا. ثُمَّ ذكر الدَّقَاق شيوخه وباقي ترجمته. وقال الخلّال: كان أبو الفضل الرّازيّ في طريق، وكان معه قليل من الخبز، وشيء يسير من الفانيذ، فقصده جماعة من قطاع الطريق، وأرادوا أن يأخذوه، فَدَفَعَهُم بعصاه، فقيل لهُ في ذلك، فقال: إنّما منعتهم لأنَّ الّذي كانوا يأخذوهُ مِنّي كان حلالًا. ورُبّما كنت لا أجد مثله حلالًا1. ودخل كرْمان في هيئةٍ رثّة، وعليه أخلاقٌ وأسمال، فحُمل إلى الملك وقالوا: هو جاسوس، فقال الملك: ما الخبر؟ قال: تسألني عن خبر الأرض أو خبر السّماء؟ فإن كنت تسألني عن خبر السّماء، فـ {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] ، وإن كنت تسألني عن خبر الأرض، فـ {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] . فتعجَّب الملك من كلامه وأكرمه، وعرض عليه مالًا فلم يقبله2. 114- عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن مالك3: أبو القاسم الغسَّاني الأندلُسيّ البَجَّانيّ اللُّغَويّ. روى عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ، وغيره. أرّخه ابن بَشكُوال.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 419". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 138". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 336".

115- عَبْد الرَّحْمَن بْن غزْو بن محمد بن حامد بن غزو1: هذا موضعه، وقد تقدَّم في الماضية فليحوَّل. 116- عبد الرّحمن بن المُظفّر بن عبد الرحمن بن محمد2: أبو القاسم السُّلَميّ المصريّ الكحَّال النَّحْويّ. قال السِّلَفيّ: كان ليِّنًا في الحديث على ما ذكروا، واللَّه يعفو عنه. قلت: روى عَنْ: أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن محمد المُهندِس، وغيره. روى عنه: أبو زكريّا البخاريّ، والرّازيّ في مشيخته، وغير واحد. توفِّي بمصر في ربيع الأوّل. 117- عمر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسن بْن شاهين3. أبو حفص الشّاهينيّ الفارسيّ، مُسنِد تلك الدّيار. وعاش نيِّفًا وتسعين سنة. وعنده حديث عُتيبة بعُلُوٍّ، سمعه في سنة372 من ابن جابر بسماعه من محمد بن الفضل البَلْخيّ. سمع بسَمَرْقَنْد: أبا بكر محمد بن جعفر بن جابر، وأبا عليّ إسماعيل بن حاجب الكُشاني، وأبا سعد الْإِدريسيّ الحافظ. قال الحافظ أبو سَعْد4: روى عنه أهل سَمَرْقَنْد، وله أوقاف كثيرة، ومعروف، مات في ذي القعدة. قلت: روى على بن أَحْمَد الصّيرفيّ عنه، وغيره. 118- عمر بن عُبَيْد الله بن يوسف بن حامد5:

_ 1 تقدَّمت ترجمته "83". 2 ميزان الاعتدال "2/ 591"، ولسان الميزان "3/ 439". 3 الأنساب "7/ 272"، وسير أعلام النبلاء "18/ 127". 4 في الأنساب "7/ 272". 5 الصلة لابن بشكوال "2/ 399-401"، وسير أعلام النبلاء "18/ 219، 220"، وشذرات الذهب "3/ 293"، وطبقات الحفاظ "432".

أبو حفص الذُّهلي الزَّهْرَاويّ القُرْطُبيّ الحافظ. روى عَن القاضي أبي المُطَّرِّف بن فُطيس، وعبد الوارث بن سُفْيان، وأبي محمد بن أسد، وأبي الوليد بن الفَرَضيّ، وأبي عبد اللَّه بن أبي زَمَنين، وسَلَمة بن سعيد، وأبي المطرّف القنازعيّ، وعبد السّلام بن السّمح الزَّهْرَاويّ، وأبي القاسم بن عُصفور، وخلقٌ كثير بقُرْطُبة وإشبيليّة والزَّهْراء. وكتب إليه بالْإِجازة الفقيه أبو الحسن القابِسيّ، وكان معتنيا بنقل الحديث وسماعه وجَمْعِهِ. روى عنه: محمد بن عَتّاب، وابناه أبو محمد وأبو القاسم، وأبو مروان الطُّبْنيّ1، وأبو عمر بن مهديّ المقرئ، قال: وكان خيِّرًا مُتصاوِنًا، ثقة، قديم الطَّلب. وحدَّث عنه أيضّا أبو عليّ الغسّانيّ. وذُكر أنّه اختلط في آخر عمره. قال ابن بَشكوال2: أنا عنه أبو مُحَمَّد شيخنا. وقال لي: إنَّ أبا حفص لحقته في آخر عمره خَصاصة، فكان يتكفّفّ النّاس. وقرأت بخط أبي مروان الطُّبني: أخبرني أبو حفص قال: شددتُ في البيت ثمانية أحمال كُتُب لَأخرِجها إلى مكان، فلم يتم لي العزم، حتى انْتَهَبَنا البربر. توفِّي في نِصف صَفَر، وكان مولده في صفر أيضًا سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وكان مُسنِد أهل الأنْدَلُس في زمانه مع ابن عبد البرّ. حرف الميم: 119- محمد بن أَحْمَد بن مطرِّف3: أبو عبد اللَّه الكتّانيّ القرطبي المقري الطُّرفي.

_ 1 الطبني: هذه نسبة إلى طبن: بلدة بالمغرب. "الأنساب 8/ 212". 2 في الصلة "2/ 400". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 538".

روى عن: القاضي يُونُس بْن عَبْد اللَّه، وأبي مُحَمَّد بن الشَّقّاق. وقرأ بالرّوايات على مكّي، واختصَّ به، وبرع في القراءات. وكان صاحب ليلٍ وعبادة. قال ابن بشكوال: أنا عنه أبو القاسم بن صواب بجميع ما رواه، وغيره من شيوخنا، ووصفوه بالمعرفة والجلالة وكثرة الدُّعابة والمُزاح وحُسن الباطن. توفِّي -رحمه اللَّه- في صفر عن ستٍّ وستّين سنة. 120- محمد بن سلامة بن جعفر بن عليّ1: القاضي أبو عبد اللَّه القُضاعي، الفقيه الشّافعيّ، قاضي مصر ومُصنِّف كتاب "الشِّهاب". سمع: أبا مسلم محمد بن أَحْمَد الكاتب، وأحمد بن ثَرْثال، وأبا الْحَسَن بْن جَهْضَم، وأبا مُحَمَّد بْن النحاس، وخلقًا بعدهم. روى عنه: الحُميدي، وأبو سعد عبد الجليل السّاويّ، ومحمد بن بركات السَّعِيديّ، وسهل بن بشر الإسفرائيني، وأبو عبد الله الرّازيّ في مشيخته، وأبو القاسم النسيب، وجماعة كثيرة من المغاربة. قال الأمير ابن ماكولا2: كان متفنِّنًا في عِدّة علوم، ولم أر بمصر من يجري مجراه. وقال غيث الأَرْمَنَازيّ: كان ينوب في الحُكم بمصر، وله تصانيف، منها "تاريخ مختصر" في خمسة كراريس، من مبتدأ الخلق إلى زمانه، وله كتاب "أخبار الشّافعيّ". وقال غيره: له "معجم شيوخه"، وكتاب "دستور الحُكْم" كتب عنه الحُفّاظ كأبي بكر الخطيب، وأبي نصر بن ماكولا. وقال الفقيه نصر المقدسيّ: قَدِمَ علينا أبو عبد اللَّه القضاعي رسولًا صُور من

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 23"، والعبر "3/ 223"، وسير أعلام النبلاء "18/ 92، 93"، وشذرات الذهب "3/ 293". 2 الإكمال "7/ 147".

المصريين إلى بلد الرّوم، فذهب ولم أسمع منه، ثم إنِّي رويتُ عنه بالْإِجازة1. وقال الحبَّال: توفِّي في ذي الحجّة بمصر. وقال السِّلفي2: كان من الثقات الأثبات، شافعيّ المذهب والاعتقاد، مرضيّ الْجُملة. قلت: قد روى عن شيخٍ لقيه بالقُسْطَنْطِينيّة لمّا ذَهَبَ إليها رسولًا3. أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَامَةَ، عَنْ هِبَةِ اللَّه بْنِ عَلِيٍّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَرَكَاتٍ السَّعِيدِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّه بْنُ سَلَامَةَ الْقُضَاعِيُّ، أَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَاتِبُ، ثَنَا الْبَغَوِيُّ، ثَنَا شَيْبَانُ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ حَمْزَةَ الْعَطَّارُ، ثَنَا الحسن، عن عمران ابن حُصين، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَطْل الْغَنِيِّ ظُلم، وَمَسْأَلَةُ الْغَنِيِّ شينٌ فِي وَجْهِهِ، ومَسْأَلَةُ الْغَنِيِّ نَارٌ" 4. كَتَبَ عَنْهُ أَهْلُ بَلَدِهِ. 121- محمد بن عَبْدَة بن مَلّة الهَرَويّ: البزّاز. شيخٌ مُسِنّ. سَمِعَ: أبا محمد بن حَموَيْه السَّرْخَسيّ، وأبا حامد النُّعَيْمِيّ. 122- محمد بن محمد بن عليّ5: أبو الحسين البغداديّ الشُّرُوطيّ. حدَّث عن: المُعَافَى الجريريّ، وأبي القاسم بن حبابة. قال الخطيب: لم يكُن ديّنًا، كان يترفَّض. 123- محمد بن محسّن بن قريش6:

_ 1 تاريخ دمشق "38/ 3". 2 في معجم السفر "2/ 376". 3 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 62". 4 "حديث صحيح": مختصر بلفظ: $"ومسألة الغني شين في وجهه يوم القيامة" رواه أحمد، وصحَّحه الألباني "5871"، صحيح الجامع، ورواه القضاعي في مسنده "1/ 60". 5 تاريخ بغداد "3/ 238"، ولسان الميزان "5/ 371". 6 تاريخ بغداد "3/ 313".

أبو البركات البغداديّ الزّيّات. سمع: المخلّص. 124- المُعِزّ بن باديس بن منصور بن بُلُكِّين بن زِيريّ الحِميري الصِّنْهاجي1: سلطان إفريقية وما والاها من المغرب. كان الحاكم صاحب مصر قد لقَّبه "شرف الدّولة"، وأرسل إليه خلْعة وسِجلًا في سنة سبعٍ وأربعمائة، وعاش إلى هذا الوقت، واشتُهِرَ اسمه. وكان رئيسًا جليلًا عالي الهِّمّة، مُحِبًّا للعلماء، من بيت إمرةٍ وحشمة، انتجعه الأدباء ومدحوه، وكان شيخًا جوّادًا. وكان مذهب أبي حنيفة ظاهرًا بإفريقيّة، فحمل المعِز أهل مملكته على الاشتغال بمذهب مالك، وحسم مادة الخِلاف في المذاهب، وخلع طاعة المصريين، وخطب للإمام القائم بأمر اللَّه أمير المؤمنين، فكتب إليه المُستَنْصِر العُبيدي يتهدّده، فما فكّر فيه. فجَهَّز لحربه جيشًا من العُرْبان، فأخربوا حصون بَرْقَة وإفريقيّة، وافتتحوا قطعةً من بلاده، وتعب بهم، واستوطنوا برقة إلى الآن. ولم يُخطب لبني عُبيد بعد ذلك بإفريقيّة. وكان مولده في سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة. وتوفِّي في شَعْبان من بَرَصٍ أصابه، ورثاه شاعره الحسن بن رشيق القيروانيّ، ومات بالمهديَّة عند ولده تميم، وكان قد نَزَحَ من القيروان إلى المهدية من العَرَب. 125- منيع بن وثَّاب2: الَأمير أبو الزَّمَّام النُّميري، مُتَوَلِّي حرَّان والرِّقّة. فارس شجاع جوّاد. توفِّي في جُمَادَى الآخرة بعد الصرع.

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 355"، وسير أعلام النبلاء "18/ 140، 141". 2 الكامل في التاريخ "9/ 233".

وفيَّات سنة خمس وخمسين وأربعمائة: حرف الألِف: 126- أَحْمَد بن محمود بن أَحْمَد بن محمود1: أبو طاهر الثقفيّ الْأصبهانيّ المؤدِّب. وهو الجدّ الأعلى ليحيى الثّقفيّ. قال الحافظ أبو زكريا بن مَنْدَهْ: سمع كتاب "العَظَمَة" من أبي الشّيخ بن حيَّان، وكان يقول: سمعتُ من أبي الشّيخ، فلم يظهر سماعه إِلَّا بعد موته. وقد وُلد في سنة ستين وثلاثمائة. قال: وهو شيخٌ صالح ثقة، واسع الرّواية، صاحب أصول. حسن الخط مقبول، متعصّب لَأهل السُّنَّة. حدَّث عن: أبي بكر بن المقرئ، وأبي أَحْمَد بن جميل، وأبي مسلم عبد الرحمن بن شَهذل، وأبي علي الخلقاني، وأبي عبد الله بْن مَنْدَه، وعبد اللَّه بْن أبي القاسم، وغيرهم، إلا أني كرهت ذكرهم لكثرتهم. وسافر إلى الري، وسمع "مُسْنَد الرَّويانيّ"، ولكن ظهر سماعه له بعد موته، وكذا ظهر سماعه في كتاب "العظَمة" بعد موته بقليل. قلت: سماعه لمسند الرُّويَّانيّ من جعفر بن فنّاكيّ. روى عنه: يحيى بن مَنده، وسعيد بن أبي الرجاء، وأبو عبد الله الخلال، ومحمد بن محمد القطَّان، وسهل بن ناصر الكاتب، وخلْق. توفِّي في ربيع الأوَّل. 127- أحمد بْن محمد بن تهيون: أبو بكر الفارسيّ الصوفيّ الحافِظ، يُقال له: بلبل. سمع: أبا الحسين بن فراس بمكّة، وأبا عبد اللَّه الجُرجاني بأصبهان، مات بشيراز في سنة خمس وخمسين.

_ 1 العبر "3/ 234، 235"، وسير أعلام النبلاء "18/ 123، 124"، وشذرات الذهب "3/ 296".

قال يحيى بن مَنْدَهْ: سمعت أبا القاسم بن عليّ: سمعت أبا بكر، وأثنى عليه، يقول: كتبتُ عن ألف شيخ، وخرَّجتُ عن كُلِّ شيخٍ حديثًا. 128- إبراهيم بن منصور بن إبراهيم بن محمد1: أبو القاسم السُّلمي الكَرّانيّ الْأصبهانيّ، المعروف بسبْط بحْرُوَيه. وكرَّان محلَّة بأصبهان. روى "مُسْنَد أبي يَعْلَى" عن أبي بكر بن المقري. روى عنه: الحسين بْن عَبْد الملك الخلّال، وسعيد بْن أَبِي الرّجاء، وجماعة. قال يحيى بن مَنْدَهْ في تاريخه: كان -رحمه اللَّه- صالحًا عفيفًا، ثقيل السَّمع، مات في ربيع الأوّل2. سمع من أبي بكر "مسنَد أبي يَعلى"، وكتاب "التّفسير" لعبد الرّزّاق. مولده سنة اثنتين وستِّين. 129- إسحاق بن عبد الرّحمن بن أَحْمَد بن إسماعيل3: أبو يَعلى النَّيْسَابُورِيّ، الواعظ المعروف بالصّابونيّ. صاحب الأجزاء الفوائد العشرة الّتي سمعناها، وهو أخو الأستاذ أبي عثمان. سمع: أبا سعيد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهَّاب الرّازيّ، وأبا طاهر بن خُزيمة، وأبا محمد المَخْلَديّ، والخفّاف، وأبا مُعاذ الشّاه، وأبا طاهر المخلّص، وأبا محمد عبد الرَّحمن بن أبي شُريح، وطائفة سواهم. روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ لمّا قَدِمَ دمشق مع أخيه، وكان ينوب عن أخيه في الوَعْظ. قال ابن عساكر: ثنا عنه: زاهِر، والفرّاويّ، وهبة اللَّه السّيديّ، وعُبيد اللَّه بن محمد البيهقي.

_ 1 الأنساب "10/ 378"، وسير أعلام النبلاء "18/ 73"، وشذرات الذهب "3/ 296". 2 التقييد لابن نقطة "189". 3 الأنساب "8/ 6"، وسير أعلام النبلاء "18/ 75، 76"، والعبر "3/ 235"، وشذرات الذهب "3/ 296".

قال عبد الغافر بن إسماعيل1: هو شيخٌ ظريفٌ، ثِقة، على طريقة الصّوفيّة، سمع بِنَيْسَابُور، وهَرَاة، وبغداد، وتُوُفّي في رَبيع الآخر. وقال غيره: توفِّي في تاسع ربيع الأوّل، وكان مولده سنة 375. 130- إسماعيل بن خف بن سعيد بن عمران2: أبو الطاهر الأنصاريّ الأندلّسيّ المقرئ. مُصَنِّف "العنوان" في القراءات. قرأ على عبد الجبَّار بن أَحْمَد الطَّرَسُوسيّ بمصر، وسكنها وتصَّدر للإقراء. أخذ عنه: جُماهر بن عبد الرّحمن الفقيه، وأبو الحسين الخشَّاب، وابنه جعفر بن إسماعيل بن خَلَف. وكان مع براعته في القراءات إمامًا في النَّحْو، اختصر كتاب "الحجّة" لأبي علي الفارسي، وتوفِّي مُسْتَهَل المحرّم. حرف الخاء: 131- خَلَف بن أَحْمَد بن الفضل3: أبو القاسم الحَوْفيّ المصريّ الحَنَفيّ. سمع: عليّ بْن محمد بْن إِسْحَاق الحلبيّ، وأحمد بن ثرثال، والحافظ عبد الغنيّ، وأبا محمد النّحّاس. وانتقى عليه: أبو نصر الشّيرازيّ. روى عنه: الحُمَيْديّ، وأبو نصر بن ماكولا، وعليّ بن الحسين الفرَّاء، وغيرهم. وليس هو بالحوفيّ صاحب "الْإِعراب"، ذاك تقدَّم ذِكره. وهذا توفِّي في هذه السنة أو بعدها بقليل.

_ 1 في المنتخب من السياق "159". 2 الصلة لابن بشكوال "105"، ومعجم الأدباء "2/ 273"، وكشف الظنون "123، 141"، ومعجم المؤلفين "2/ 268". 3 الجواهر المضية "4/ 169"، والطبقات السنية رقم "843".

حرف الصَّاد: 132- صالح بن محمد بن أَحْمَد بن أبي الفيَّاض العِجَليّ الدِّينَوَريّ: أبو الفتح. حدَّث في هذه السّنة بهَمَذَان عن: جدّه أبي أحمد الحسن بن إبراهيم بن أبي عمران، ومحمد بن أَحْمَد بن موسى الرّازيّ، وحمْد بن عبد اللَّه الْأصبهانيّ، وأبي العبَّاس البصير، وأبي بكر بن لال، وجماعة كثيرة. قال شيروَيْه: لم يُقضَ لي السَّماع منه، وثنا عنه: الخطيب، وابن البصريّ، وأبو العلاء الحافظ. حرف الطَّاء: 133- طُغرلبك بن ميكائيل بن سُلْجُوق بن دَقَّاقّ1: السُّلطان الكبير رُكن الدّين أبو طالب، أول ملوك السَّلجُوقيّة. وأصلهم من برِّ بُخَارَى، وهم من قومٍ لهم عدد وقوَّة وشوكة، كانوا لا يدخلون تحت طاعة سُلطان، وإذا قصدهم من لَا طاقة لهم به دخلوا المفاوز والبراري، وتحصّنوا بالرّمال، فلمَّا عبر السُّلطان محمود إلى ما وراء النّهر وجدَ زعيم السَّلْجُوقيّة قويّ الشّوكة، فاستماله وتألَّفه، وخدَعه حتّى أقدمه عليه، ثُمَّ قبض عليه، واستشار الأعيان في كبار أولئك، فأشار بعضهم بتفريقهم، وأشار آخرون بقطع هاماتهم ليبطُل رَمْيُهُم، ثُمَّ اتّفق الرّأي على تفريقهم في النَّواحي، ووضع الخراج عليهم، فدخلوا في الطَّاعة، وتهذَّبوا، وطمع فيهم النّاس وظلموهم، فانفصل منهم ألفا بيتٍ، ومضوا إلى كَرْمَان، وملكها يومئذٍ بهاء الدولة بْن عَضُد الدولة بن بُوَيْه، فأكرمهم، وتوفِّي عن قريب، وهذا بعد الأربعمائة. فخافوا من الدَّيْلَم فقصدوا أصبهان ونزلوا بظاهرها، وصاحبها علاء الدّولة بن كاكَوَيْه، فرِغَب في استخدامهم، فكتب إليه السُّلطان محمود بن سُبُكتِكين يأمره بحربهم، فاقتتل الفريقان، وقُتل بينهما عدد، فقصد الباقون أذربيجان.

_ 1 المنتظم "8/ 233، 234"، والكامل في التاريخ "10/ 26-28"، وسير أعلام النبلاء "18/ 107-111"، والبداية والنهاية "12/ 89".

وانحاز الذين بخراسان إلى جبل خوارزم، فجرّد السُّلطان جيشًا، فتبعوهم في تلك المفاوز، وضايقوهم مُدَّة سنتين، ثُمّ قصدهم السُّلطان محمود بنفسه، ولم يزل حتَّى شتتهم، ثُمّ تُوُفّي، فقام بعده ابنه مسعود، فاحتاج إلى تكثير الجند، فكتب إلى الطائفة التي بأَذْرَبَيْجَان ليتوجّهوا إليه، فقَدِمَ عليه ألف فارس، فاستخدمهم ومضى بهم إلى خُراسان، فسألوه في أمر الباقين الّذين شتّتهم أبوه، فراسلهم وشرط عليهم الطَّاعة، فأجابوه إلى الطَّاعة، ورتَّبهُم كما رتبهم والده أوَّلًا. ثم دخل مسعود بن محمود بلاد الهند لاضطراب أحوالها عليه، فحلَت للسَّلْجُوقيّة البلاد فعاثوا. وجرى هذا كلُّه وطُغْرُلْبَك وأخوه داود ليسا معهم، بل في أرضهم بنواحي بُخَارَى، وجرت بين صاحب بُخارى وبينهم وقعة عظيمة، قُتل فيها خَلْقٌ كَثِيرٌ من الفريقين، ثُمّ كاتبوا مسعودًا وسألوه الأمان والاستخدام، فحبس رُسُلَهُم وجرَّد جيشّا لمواقعة مَنْ بخُراسان منهم، فالتقوه، وقُتِل منهم مقتلة كبيرة، ثُمّ إنّهم اعتذروا إلى مسعود، وبذلوا الطَّاعة لَهُ، وضمنوا له أخذ خوارزم من صاحبها، فطيَّب قلوبهم، وأطلق الرُّسُل، وأرسل إليهم زعيمهم الّذي اعتقله أبوه أوّلًا، فوصل طُغَرْلُبَك وداود إلى خُراسان في جيشٍ كبير، واجتمع الجميع. وجرت لهم أمور طويلة إلى أن استظهروا وملكوا الريَّ في سنة تسع وعشرين وأربعمائة1، ثُمّ ملكوا نَيْسَابُور في سنة ثلاثين. وأخذ داود مدينة بلْخ وغيرها2، واقتسموا البلاد، وضعُف عنهم السّلطان مسعود، فتَحَيَّز إلى غَزْنة. وكانوا في أوائل الأمر يخطبون له ويُدارونه حتَّى تمكَّنوا، ثُمّ راسلهم الخليفة، فكان رسوله إليهم قاضي القُضاة أبو الحسن الماوَرْدي. ثُمَّ إنَّ طُغرلبك طوى الممالك، وملك العراق في سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة، وعَدَلَ في النَّاس. وكان حليمًا كريمًا مُحافِظًا على الصَّلوات في جماعة، يصوم الخميس والاثنين، ويَعمر المساجد، ويُكثر الصدقات.

_ 1 انظر تاريخ البيهقي "579". 2 تاريخ البيهقي "601".

وقد سيَّر الشَّريف ناصر بن إسماعيل رسولًا إلى مَلِكة الرّوم، فاستأذنها الشَّريفُ في الصَّلاة بجامع القُسْطَنْطِينّيّة جماعة، فأذِنَت له، فصلَّى وخطب للَأمام القائم، وكان رسول المُستنصِر خليفة مصر حاضرًا، فأنكر ذلك، وكان ذلك من أعظم الأسباب في فساد الحال بين المصريين والرُّوم. ولمَّا تمهّدت البلاد لطُغْرُلْبَك سيَّر إلى الخليفة القائم يخطب ابنته، فشقَّ ذلك على الخليفة واستعفى، ثُمَّ لم يجد بُدًّا فزوَّجه بها. ثُمّ قدِم بغداد في سنة خمسٍ وخمسين، وأرسل يطلبها، وحمل مائة ألف دينار برسم نقْل جهازها، فعُمل العُرس في صَفَر بدار المملكة، وأُجلست على سرير مُلبَّس بالذَّهب، ودخل السُّلطان إليها فقبَّل الأرض بين يديها، ولم يكشف البرقُع عن وجهها إذ ذاك، وقدَّم لها تُحَفًا، وخَدَم وانصرف فرِحًا مسرورًا1، وبعث إليها بعُقدين فاخرين، وخُسرواني ذهب، وقطعة ياقوت كبيرة. ثمّ دخل من الغد فقبَّل الأرض، وجلس مقابلها على سريرٍ ساعة، وخرج وبعث لها جواهر وفُرجيّة نسيج مُكلَّلَة باللُّؤْلؤ، ومخنقة منسوجة باللُّؤْلؤ، وفعل ذلك مرَّةً أخرى أو أكثر، والخليفة صابرٌ متألِّم، ولكنَّهُ لم يُمتَّع بعد ذلك، فإنَّهُ توفِّي بعد ذلك بأشهر في رمضان بالرّيّ، وعاش سبعين سنة. وحُمل تابوته فدُفِنَ بمرو عند قبر أخيه داود، وقيل: بل دُفِنَ بالرّيّ. وانتقل مُلْكُهُ إلى ابن أخيه ألْبِ أرسلان. وأمَّا زوجته هذه فعاشت إلى سنة ست وتسعين وأربعمائة. هذا من "تاريخ شمس الدّين بن خلِّكان"2. قلت: وأخوه داود هو جَغربيك. وقد ذكر ابن السَّمعانيّ أنَّ السُّلطان مسعود بن محمود بن سُبُكتكين قصد بجيوشه طُغْرُلْبَك وجَغْربيك، فواقعهم في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، فانكسر بنواحي دندانقان، وتحيَّز إلى غَزْنة مُنْكَسِرًا3، وتملّك آل سَلْجوق البلاد وقسّموها، فصارت

_ 1 وفيات الأعيان "5/ 66، 67". 2 وفيات الأعيان "5/ 64-67". 3 زبدة التواريخ "45".

مَرْو وسرْخَس وبلْخ إلى باب غَزْنة لجغربيك، وصارت نَيْسابور وخوارزم لطُغرلبك، ثمّ سار طُغرلبك إلى العراق وملك الرّيّ وأصبهان وغير ذلك. وكان موصوفًا بالحلم والدّيانة، ولم يولَد لهُ ولد. ومن كرمه أنَّ أخاه إبراهيم يَنَال أسر بعض ملوك الرُّوم لمّا حاربهم، فبذل في نفسه أموالًا، فامتنع وبعث به إلى طُغرلبك، فبعث نصر الدّولة صاحب ديار بكر يشفع في فكاكه، فبعثه إلى نصر الدّولة بغير فداء، فأرسل ملك الرّوم إلى طُغرلبك ما لم يُحمل مثله في الزَّمن القديم، وذلك ألف وخمسمائة ثوب من الثياب المفتخرة، وخمسمائة رأس، ومائتيّ ألف دينار، ومائة لَبِنَة فضّة، وثلاثمائة شَهْريّ، وألف عَنْزٍ بيض الشُّعُور، سُود القرون. وبعث إلى نصر الدّولة عشرة أُمَنَاء مِسك1. مرَّ في الحوادث من أخبار طُغرلبك أيضًا. حرف العين: 134- عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى بْن المدبّر2: أبو الفضل الوزير. تُوُفّي بمصر. سمع: أبا محمد بن النّحّاس. 135- عبد الرّزاق بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب. أَبُو طاهر الشّاهد الْأصبهانيّ. سمع: أبا إسحاق بن خُرشيد قُولَه. روى عنه: أبو عليّ الحدّاد، وغيره. مات في المُحرَّم. 136- عبد الوهّاب بن محمد بن أَحْمَد: أبو القاسم بن أبي عبد الله البقال الأصبهاني.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 28". 2 أخبار مصر لابن ميسر "2/ 14".

روى عن: أبي عبد اللَّه بن مَنْدَهْ. وعنه: أبو عليّ الحدّاد أيضّا. 137- عطاء بن أَحْمَد بن جعفر: أبو الحسن الهرويّ الكِسائي. حدَّث في هذه السَّنة بِبُخَارى. روى عن: عَبْد الرَّحمن بْن أَبِي شُريح، وأبي عمر بن مهديّ الفارِسِيّ. 138- عليّ بن الخَضِر بن سليمان بن سعيد السُّلَمِيّ1: أبو الحسن الصُّوفيّ الورّاق الدّمشقيّ المحدِّث. روى عن: عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وتمَّام الرّازيّ، والحسين بن أبي كامل الأطرابلسي، وصَدَقة بن الدلم، وأبي الحسن بن جهضم، وخلق كثير. روى عنه: علي بن أحمد بن زهير، والمشرف بن مُرَجّا، وعلي بن محمد بن شجاع، وسهل بن بشر، وعبد المنعم بن الغَمْر الكلابي، وجماعة. وسمع منه أبو الحسن بن قُبيس الغساني، ولم يظهر سماعه منه إلا بعد موته. قال ابن عساكر2: قال الكتّانيّ: صنَّفَ كُتُبًا كثيرة، وخلَّطَ تخليطًا عظيمًا، ولم يكن هذا الشَّأن من صنعته. مات في جُمَادَى الآخرة، وروى أشياءً ليست له بسماعٍ ولا إجازة. 139- عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن محمد بن يوسف3: أبو الحسن الأزْديّ المُهَلَّبِيّ القُرْطُبِيّ، ويُعرف بابن الأستِجيّ. شيخٌ مُسنِد. روى عن: أبي محمد بن أسد، وأبي عمر بن الجَسور، وأبي الوليد بن الفَرضي.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 126"، ولسان الميزان "4/ 227، 228". 2 في تاريخ دمشق "29/ 140". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 415".

قال ابن خَزْرَج: كان نافِذًا في العلوم، قديم العناية بطلب العِلْم، شاعرًا مطبوعًا، بليغ اللسان، حَسَن الخطّ، صنَّفَ كُتُبًا كثيرة في غير فنّ. وُلِدَ سنة 377، وتوفِّي في ذي القعدة. وكان قد خرَّف قبل موته بيسير. 140- العلاء بن عبد الوهّاب بن أَحْمَد بن عبد الرّحمن بن سعيد بن حزم بن غالب الأموي1: مولاهم الفارسي الأصل الأندلسي، أبو الخطّاب بن أبي المغيرة. وأحمد جده هو ابن عمّ الْإِمام أبي محمد بن حَزْم الظّاهريّ. قال الحُمَيْديّ: كان من أهل العِلم والذّكاء والهِمَّة العالية في طلب العِلم. كتب بالَأندلُس فأكثر. رحل إلى المشرق فاحتفل في الجمع والرّواية، ودخل بغداد. وحدَّث عَن: أبي القاسم إبراهيم بن محمد الأُصيليّ، وعن: محمد بن الحسين الطَّفّال، وأبي العلاء بن سليمان المَعَرّيّ. أخذ عنه: أبو بكر الخطيب وهو من شيوخه، وجعفر السّرّاج. ومات عند وصوله إلى وطنه. قال ابن الأكفانيّ: توفِّي سنة خمسٍ وخمسين. وذكر ابن حَيَّان أنَّ أبا الخطَّاب هذا امتُحِنَ في رحلته بضروبٍ من المِحَن لم تُسمع لَأحدٍ قبله. وجمع من الكُتُب ما لم يجمعه أحد. قال: وتوفِّي بالمريَّة في شوَّال سنة أَرْبَعٍ وخمسين، ومولده سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. ومات شابًّا.

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "317"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "20/ 50".

حرف الفاء: 141- فارس بن الحسن بن منصور1. أبو الهيجاء البَلْخيّ، ثُمّ الدّمشقيّ. صنَّف كتابًا في سيرة أمير الجيوش أنوشْتَكِين. سمع منه: عبد العزيز الكتّانيّ شيئًا. حرف الميم: 142- محمد بن إبراهيم بن موسى بن عبد السّلام2: أبو عبد اللَّه شُقَّ الليل الأنصاريّ الطُّلَيِطُليّ. سمع: أبا إسحاق بن شَنْظير، وصاحبه أبا جعفر بن ميمون، وأكثر عنهما. وروى عن: أبي الحسن بن مصلح، والمنذر بن المنذر، وجماعة كثيرة. وحجَّ فأدرك بمكَّة أبا الحسن بن فِراس العَبْقَسيّ، وعُبَيْد اللَّه السَّقطيّ، وابن جهضم، وكتب عنهم. وبمصر عن: أبي محمد بن النَّحّاس، وعبد الغنيّ الحافظ، وابن ثرثال، وابن منير، وجماعة. وكان فقيهًا إمامًا متكلِّمًا، عارفًا بمذهب مالك، حافظًا للحديث، متقنًا، بصيرًا بالرّجال والعِلَل، مليح الخط، جيّد المشاركة في الفنون، وكان نَحْويًّا شاعرًا مُجِيدًا، لُغَوِيًّا ديّنًا فاضلًا، كثير التَّصانيف، حُلْو العبارة. توفِّي بطَلَبِيرة في منتصف شعبان -رحمه الله تعالى. وولد في حدود الثمانين وثلاثمائة.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "20/ 250". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 539، 540"، وكشف الظنون "2/ 1452"، وسير أعلام النبلاء "18/ 129، 130".

143- محمد بن بيان بن محمد1: الفقيه الكازَرُونيّ الشّافعيّ. سكن آمد، وتفقّه به جماعة، ورحل إليه الفقيه نصر المقدسيّ وتَفَقَّه عليه. ثم قَدِمَ دمشق حاجًّا، فحدَّث بها، وحدَّث عن: أَحْمَد بن الحسين بن سهل بن خليفة البلديّ، والقاضي أبي عمر الهاشميّ، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، وابن رزقويه، وغيرهم. روى عنه: الفقيه نصر، وإبراهيم بن فارس الأزديّ، وأبو غانم عبد الرزَّاق المعرّيّ، وعبد اللَّه بن الحسن بن النَّحّاس. قال ابن عساكر2: حدَّثني ضبَّة بن أَحْمَد أنَّهُ لقيه وسمع منه. قلت: وذكر ابن النّجار أنَّ أبا عليّ الفارِقيّ قرأ عليه القرآن، وأنّه توفِّي سنة 455. 144- محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد3: أبو الفضل التميميّ البَغْداديّ، ابن عم رزق اللَّه. سمع من: أبي طاهر المخلّص، وابن الصّلت، وجماعة. قال الحُمَيْدِيّ: كذلك من رِزْق اللَّه بن عَبْد الوهاب ابن عمّه. خرج إلى القيروان في أيَّام المُعزّ بن باديس، فدعاه إلى دولة بني العبَّاس، فاستجاب له. ودخل الأندلس فحظي عند ملوكها بأدبه وعلمه. وتوفِّي بطليطلة في شوال. وقيل: كان يكذب.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "22/ 53"، وسير أعلام النبلاء "18/ 171، 172"، وكشف الظنون "1/ 1"، وهدية العارفين "2/ 71". 2 في تاريخ دمشق "27/ 219". 3 جذوة المقتبس للحميدي "73، 74".

ولهُ شِعرٌ رائقٌ، فمنه: أَيَنْفَعُ قَوْلِي أَنّني لَا أُحِبُّهُ ... ودَمْعِي بِمَا يُمْلِيهِ وجْدي يكتبُ إذا قُلْتُ للواشين لَسْتُ بعاشقٍ ... يَقُولُ لَهُمْ فَيْضُ المَدَامِعِ يكذبُ وله: يا ذا الّذي خطَّ الْجَمَال بوجْهِهِ ... سَطْرَيْنِ هَاجَا لوْعة وَبَلابِلا ما صَح عندي أنّ لحظَكَ صارمٌ ... حتّى لبستَ بعارِضَيْك حَمَائِلا 145- محمد بن محمد بن جعفر1: العلَّامة أبو سعيد النَّاصحيّ النَّيسَابُوريّ. أحد الأئِمّة الأعلام، ومن كِبار الشّافعيّة. تفقَّه على أبي محمد الْجُوَيْنيّ، وسمع من: ابن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف بن مامَوْيه. ومات كهلًا. وكان عديم النَّظير علمًا وصلاحًا وورعًا. 146- محمد بن محمد بن حمدون2: أبو بكر السُّلميّ النَّيْسَابوريّ. سمع من: أبي عمرو بن حمدان، وهو آخر من حدَّث عنه. وعن: أبي القاسم بِشر بن ياسين. وسمع أيضًا من: أبي عَمْرو الفُراتيّ. سمع منه الأكابر والَأصاغر. قال عبد الغافر: كانوا يخرجون إلى قريته3، فيجمعون بين الفرجة والسَّماع منه. أنبا عنه والدي، وزاهر بن طاهر.

_ 1 المنتخب من السياق "63". 2 المنتخب من السياق "51، 52"، وسير أعلام النبلاء "18/ 98"، وشذرات الذهب "3/ 296". 3 وهي: بشتنقان.

قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ تَمِيمٌ الجُرجاني، وَغَيْرُهُمْ. وَوَثَّقَهُ عَبْدُ الْغَافِرِ، وَقَالَ: توفِّي فِي ثانِي عَشَرَ الْمُحَرَّمِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ: أَنَا عَبْدُ الْمُعِزُّ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ: أَنَا زَاهِرُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ، أَنَا أبو يَعلى، أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: "قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبْتُهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا لَهُ عَشْرَ حَسَنَات، إِلَى سَبْعِمَائَةِ ضِعفٍ، وَإِذَا همَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ أَكْتُبْهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَاحِدَةً" 1. 147- محمد بن المضفر بن عبد اللَّه بن المظفَّر بن نحرير2: أبو الحسين البغداديّ الخِرقي الشّاعر المشهور، النَّديم. صاحب النثر والمعاني البديعة، والغزل العذْب، والمدح والهجو، ولا يكاد يوجد ديوانه. روى عنه من شعره: أبو منصور محمد بن أَحْمَد العُكبَري، وأبو زكريَّا التِّبْرِيزِيّ، وأبو الحسين المبارك بن الطُّيُوريّ، وشُجاع الذُّهلي، وأبو المعالي عثمان بن أبي عمامة، وغيرهم. قال التِّبْرِيزيّ: أنشدنا ابن نحرير، وكان قد أنشد جلال الدَّولة بن بُوَيْه ثلاثة شُعَراء أحدهم أعمى، وابن نحرير أعور، فأعطى الأعمى صلةً، ولم يُعطِهِما شيئًا، فقال ابن نحرير: خدمت جلال الدّولة بن بهاء ... وعلّقتُ أمالي به ورجائي وكُنّا ثلاثًا من ثلاث قبائل ... من العُورِ والعميانِ والبُصَرَاءِ فلم يحظَ منَّا كُلُّنا غيرُ واحدٍ ... كأنّ لَهُ فضلًا على الشعراء

_ 1 حديث صحيح، أخرجه مسلم "204/ 128" عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري "6491" عن ابن عباس، وأحمد "1/ 310". 2 وفيَّات الأعيان "6/ 193، 194".

فقالوا ضريرٌ وهو موضع رحمةٍ ... وثَمّ له قومٌ من الشُّفَعَاءِ فقلت على التَّقْدير لي نصف ما به ... وإن أنصَفوا كنَّا من النُّظَرَاءِ فإن يُعط للعُميان فالدّاء شاملٌ ... وإن يعط للَأشعارِ أين عطائي؟ وقال أبو منصور محمد بن أَحْمَد بن النَّقّور: أنشدني ابن نحرير لنفسه: تولًّع بالعشق حتَّى عشق ... فلمَّا استقلَّ به لم يُطقْ فحين رأى أَدْمُعًا تُسْتَهَلُّ ... وأبصر أحشاءه تحترقْ تمنَّى الْإِفَاقَةَ مِنْ سُكْرِهِ ... فلم يستطعها ولمّا يفقْ رأى لُجّةَ ظنّها موْجةً ... فلمَّا توسَّط فيها غرقْ وقال أبو نصر عبد اللَّه بن عبد العزيز: أنشدنا ابن نحرير لنفسه: ولْما انْتَبَه الوَصْلُ ... ونامت أعيُن الهَجْرِ ووافقت ضَرة البَدْرِ ... وقد لَينها ضُرِّي شَرِبْنَا الخَمْرَ مِنْ طَرفٍ ... ومن خدٍّ ومِنْ ثَغْرِ وقُلْنَا قد صفا الدَّهْرُ ... وغابت أنجُمُ الغَدْرِ دَهَتْنَا صَيْحَةُ الدِّيكِ ... ووافت غُرة الفجرِ فقامت وهي لَا تدري ... إلى أين ولا أدري فيا ليت الدُّجَى طال ... وكان الطُّولُ من عُمريّ ومن شعره: لساني كتومٌ لَأسراركم ... ولكنّ دمعي لسريّ مُذيع فلولَا دموعي كتمتُ الهوى ... ولولَا الهوى لم تكُن لي دموع كتمتُ جوى حبُّكم في الحَشَى ... ولم تدْر بالسِّرِ مِنِّي الضُّلوع 148- المُظفَّر بْن محمد بْن عليّ بْن إسماعيل بْن عَبْد الله بْن ميكال1:

_ 1 المنتخب من السياق "449".

الَأمير أبو شجاع ابن الأمير أبي صالح النَّيْسَابوريّ. من بيت الْإِمرة والحِشْمة، ترك الرِّئاسة ولبس المُرقَّعة وتصوَّف، ونظر في العِلم. وسمع من: أَبِي الْحُسَيْن الخفّاف، ويحيى بْن إِسْمَاعِيل الحربي، وأبي بكر بن عَبْدُوس. وحدَّث. توفِّي نصف رجب. 149- منصور بن إسماعيل بن أَحْمَد بن أبي قُرة1: القاضي أبو المظفَّر الهَرَويّ، الفقيه الحنفيّ، قاضي هَرَاة وخطيبها ومُسْنِدها. روى عن: أبي الفضل بن خميروَيْه، وأبي الحسن أَحْمَد بن عيسى الغَيزاني، وزاهر بن أَحْمَد السرخسي. توفِّي في ذي القعدة عن قريب تسعين سنة. وهو آخر من روى عن ابن خَميرُوَيْه. وهذا الغَيزاني روى عن: أبي سعد يحيى بن منصور الهَرَوِيّ، وتوفِّي سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. حرف الهاء: 150- هارون بن طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن ماهلة: أبو محمد الهمداني الأمين. روى عَنْ: أَبِيه، وأبي بَكْر بْن لال، وابن بشار، وابن تركان. وعن: صالح بن أحمد الحافظ بالإجازة. قال شيروَيْه: صدوق ثقة. توفِّي في ذي الحجة. قلت: هو آخر من روى عن صالح.

_ 1 النجوم الزاهرة "5/ 74".

حرف الياء: 151- يحيى بن زيد بْن يَحْيَى بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عيسى بن الشّهيد زيد بن عليّ بن الشّهيد الحسين، سِبط رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1: أَبُو الحُسَيْن الحُسَيْنيّ الزَّيدي، قاضي دمشق. روى عن: أبي عبد اللَّه بن أبي كامل، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر. رَوَى عَنْهُ: أبو بكر الخطيب، وأبو طاهر الحِنّائيّ، وأبو الحسن بن الموازيني. قال الكتّانيّ: توفِّي الشريف معتمد الدَّولة ذو الجلالتين في ذي الحجّة، وهو يومئِذٍ ناظر أموال العساكر بدمشق -رحمه الله تعالى. وفيَّات سنة ست وخمسين وأربعمائة: حرف الألِف: 152- أَحْمَد بن عبد الواحد بن الحسن بن عيسى: أبو نعيم السُّكّريّ. فِي جُمَادَى الأُولى. 153- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر بن ديزكة2: أبو الطَّيّب الْأصبهانيّ التَّاجر، الرجل الصالح. سمع: أبا بكر المقري. روى عنه: الحداد، وغيره. أرّخه ابن مَنْدَهْ. حرف الحاء: 154- الْحَسَن بْن عَبْد الرَّحمن بْن الخصيب:

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "27/ 261". 2 التقييد لابن النقطة "172، 173".

أبو عليّ الكرَّانيّ الْأصبهانيّ. 155- الحسن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد1: الحافظ أبو الوليد البَلْخيّ الدَرْبَنْدِيّ. روى عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه محمد بْن أَحْمَد، وغُنْجار، وأبي الحسين بن بِشْران، وعبد الرّحمن بن أبي نصر التّميميّ الدّمشقيّ، وأبي القاسم بن ياسر الجَويري، وأبي عيسى بن شاذان، وأبي القاسم الحُرفي، وخلقٌ كثير. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعيد العزيز الكتّانيّ، وهما أقدم طلبًا منه، وأبو عليّ الحدَّاد، وطاهر النَّحّاميّ، والفرّاويّ، وعبد المنعم بن القُشَيْريّ، وآخرون. وتوفِّي بسَمَرْقنَدْ في رمضان. أخبرنا أَحْمَدَ بْنَ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي رَوْح: أنا زاهر، أنا أبو الوليد الحسن بن محمد بن عليّ، أنا أبو القاسم الحسن بن محمد الأنباريّ، ثنا محمد بن أحمد بن المسور، ثنا المقدام بن داود بن عيسى، فذكر حديثًا2. قال ابن النَّجّار: كان رديء الخط، ولم يكن لهُ كبير معرفة، غير أنّهُ مُكثِر، واسع الرِّحلة، صدوق. سمع ببَلْخ عليِّ بن أَحْمَد الخُزاعي، وبِنَيْسَابُور يحيى بن المُزكِّيّ، والحِيري، وبهراة أبا منصور الأَزْدِيّ، وبأصبهان، وهَمَدَان، والَأهواز. 156- الحسين بن أَحْمَد بن علي: أبو عبد اللَّه الأَبْهريّ الشّافعيّ. حدَّث في هذا العام بهمدان عن: حمْد بن عبد اللَّه، وأحمد بن محمد البصير، والحسين بن الحسن النعماني، وأبي الحسن السامري، وأبي أحمد الفَرضي، وأبي بكر لال، وجماعة. قال شيرويه: كان فقيها فاضلا صدوقا، روى عنه أحمد عمر البيع، وكهولنا.

_ 1 معجم البلدان "2/ 449"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1155، 1156"، وسير أعلام النبلاء "18/ 297، 298". 2 انظر سير أعلام النبلاء "18/ 298".

157- الحسين بن أحمد بن الحسين بن حي التُّجَيْبي القرطبي: أخذ علم العدد والهندسة عن محمد بن عمر بن برغوث، وصنَّف زيجًا مُختَصرًا، ولحق باليمن، وتقدَّم عند أميرها، ونفذه رسولًا إلى العراق. 158- حَيْدَرَة بن مَنْزُو بن النُّعمان1: الَأمير أبو المُعلَّى الكُتامي المغربيّ. ولي إمرة دمشق بعد هروب أمير الجيوش عنها، فوصلها في سنة ستٍّ وخمسين، ثُمّ عُزل بعد شهرين بالَأمير دُرّي المستنصريّ. حرف السّين: 159- سِراج بن عبد اللَّه بن محمد بن سراج2: أبو القاسم الأمويّ، مولاهم الأندلُسِيّ، قاضي الجماعة بقُرْطُبَة. سمع من أبي محمد الأصيليّ "صحيح بخاري" بفَوْتٍ يسير إجازة له. وسمع من: أبي عبد محمد بن زكريّا بن برطال، وأبي محمد بن سَلَمَة، وأبي المطرّف عبد الرّحمن بن فُطيس، وغيرهم. وولي القضاء في سنة ثمانٍ وأربعين، وإلى أن توفِّي، فلم تُنع عليه سقطة، ولا حُفظت له زلَّة. وكان فقيهًا صالحًا حليمًا على منهاج السَّلَف. توفِّي في شوَّال عن ستٍّ وثمانين سنة. حمل عنه جماعة من العلماء. حرف العين: 160- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الذهبي3:

_ 1 أمراء دمشق في الإسلام "28"، واتعاظ الحنفا "2/ 270". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 226، 227"، وسير أعلام النبلاء "18/ 178، 179". 3 تاريخ حلب للعظيمي، بتحقيق زعرور "346".

الَأَزْديّ الأندلُسيّ، الطّبيب الفيلسوف. كان كلِفًا بالكيمياء، مجتهدًا في طلبها. وصنَّفَ مقالةً في أنَّ الماء لَا يعدو. توفِّي ببلْنِسية في جُمَادى الآخرة. 161- عبد اللَّه بن موسى بن سعيد الأنصاريّ1: أبو محمد الطُّلَيْطُليّ، ويُعرف بالشّارِقيّ. سمع بقرطبة من: يونس بن عبد اللَّه، وأبي محمد بن دحّون، وأبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، وجماعة كثيرة. وحجَّ وسَمِعَ ورجع إلى وطنه. وكان زاهدًا عابدًا رافضًا للدُّنيا، يجلس للناس ويُذكِّرهم ويأمُرهم بالمعروف، ويُعلّمهم، ويتواضع لهم، ويصبر على أخلاقهم، ويقنع باليسير من السّترة والقوت. توفِّي في شوَّال. 162- عبد الجبَّار بن فاخر بن مُعَاذ: أبو المعالي السِّجْزي. توفِّي في شعبان. 163- عبد العزيز بن أَحْمَد2: شمس الأئِمّة الحلْوائي أبو مُحَمَّد، مفتي بُخَارى وعالمها. تفقَّه على القاضي أبي عليّ الحُسَيْن بن الخضر النَّسَفيّ. وحدَّث عن: عبد الرَّحمن بن الحُسين الكاتب، وأبي سهل أَحْمَد بن محمد بن مكِّي الأَنْماطيّ، وطائفة من شيوخ بُخَارى. تفقّه عليه، وسمع منه أئِمّة، منهم: شمس الأئِمّة أبو بكر محمد بن أبي سهل السَّرْخَسيّ، وفخر الْإِسلام عليّ، وصدر الْإِسلام أبو اليُسر محمد ابنا محمد بن الحُسَيْن البزْدَوي، والقاضي جمال الدّين أبو نصر أَحْمَد بن عبد الرّحمن، وشمس

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 277-279". 2 "الأنساب 4/ 194"، وسير أعلام النبلاء "18/ 177، 178".

الأئِمّة أبو بكر محمد بن عليّ الزَّرَنْجَرِيّ، وآخرون سمَّاهم أبو العلاء الفَرضي، ثم قال: مات بِبُخارى في شعبان سنة ستٍّ، ودُفِنَ بمقبرة الصُّدور. وقد ذكره السّمعانيّ في كتاب "الأنساب"1 فقال: عبد العزيز بن أَحْمَد بن نصر بن صالح، شمس الأئمّة البخاريّ الحَلْوائيّ -بفتح الحاء- إمام أهل الرأي ببخارى في وقته. حدَّث عن: غُنجار، وصالح بن محمد، وأبي سهل أحمد بن محمد الأنماطي. توفِّي بكش، حُمل إلى بخارى سنة ثمانٍ أو تسعٍ وأربعين. وذكره النخشبي في "معجمه" فقال: شيخ عالم بأنواع العلوم، معظم للحديث، غير أنّهُ يتساهل في الرّواية2. مات في شعبان سنة 52. قلت: سنة ستٍّ أصحّ، فإنّه بخط شيخنا الفَرضي. 164- عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم الحافظ3: النخْشبي4، ونخْشب هي نَسَف. سمع: جعفر بن محمد المستغفريّ، وأبا طالب بن غَيْلان، وأبا طاهر بن عبد الرَّحيم، وجماعة كثيرة بأصبهان، ودمشق، وبغداد، وخُراسان. روى عنه: أبو القَاسِم بْن أبي العلاء، وسهْل بْن بِشر الدّمشقيّان، وجماعة. وكان من كبار الحُفّاظ، خرج لجماعة وتوفِّي كهلًا، ولم يَرْوِ إِلَّا اليسير. ودخل أصبهان سنة ثلاثٍ وثلاثين فسمع من: أصحاب الطَّبراني. وسمع من: أبي الفرج الطَّناجِيريّ، ومحمد بن الحسين الحرّاني، وأبي منصور السوّاق، والصوري.

_ 1 الأنساب "3/ 193، 194". 2 الأنساب "4/ 194". 3 معجم البلدان "1/ 175"، والعبر "3/ 237"، وسير أعلام النبلاء "18/ 267، 268"، وشذرات الذهب "3/ 297". 4 النخشي: نسبة إلى نخشب، وهي بلدة من بلاد ما وراء النهر. "الأنساب "12/ 59".

وانتقى على القاضي أبي يَعلى خمسة أجزاء. وقال يحيى بن مَنْدَهْ: كان واحد زمانه في الحفظ والْإِتقان، لم نر مثله في الحفْظ في عصرنا، دقيق الخط، سريع الكتابة والقراءة، حسن الأخلاق1. توفِّي بنَخْشَب سنة سبعٍ وخمسين. وقال ابن عساكر2: تُوُفِّي سَنَة سِتٍّ وخَمْسين بِنَخْشَب، وقيل: بِسَمَرْقَند. وقال ابن السَّمعانيّ: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد العزيز النَّخْشَبيّ، فجعل يُعظِّمهُ ويُعظِّم أمره جدًّا، ويقول: ذاك النَّخْشَبيّ، ذاك النَّخْشَبيّ، وكان كبيرًا حافظًا، رحل الكثير3. 165- عبد الكريم بن محمد بن إِسْمَاعِيل بن عمر بن سَبَنك: أبو الفضل البَجَليّ. سمع جدَّهُ وابن الصَّلْت، وعنه ابن بدران الحلْواني، وابن كادش. وكان من علماء الشَّافعيَّة. توفِّي في ربيع الْأَوَّل. 166- عَبْد الواحد بن عَليّ بن بَرْهان4: العُكْبري النُّحْويّ أبو القاسم. بقية الشّيوخ العالِمين بالعربية والكلام والَأنساب. سمع: أبا عبد اللَّه بن بطَّة، إِلَّا أنَّهُ لم يروِ شيئًا عنه. قاله الخطيب5. وقال: كان مُضْطلِعًا بعلوم كثيرة، منها: النَّحو، واللغة، والنسب، وأيام العرب، والمتقدمين، وله أنسٌ شديد بعلْم الحديث.

_ 1 تذكرة الحفاظ "3/ 1157"، وسير أعلام النبلاء "18/ 268". 2 في تاريخ دمشق "24/ 259". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 1156"، وسير أعلام النبلاء "18/ 267". 4 تاريخ بغداد "11/ 17"، والكامل في التاريخ "10/ 42"، وسير أعلام النبلاء "18/ 124-127"، والبداية والنهاية "12/ 92". 5 في تاريخ بغداد "11/ 17".

وقال ابن ماكولا1: ابن برهان من أصحاب ابن بطَّة، سمع منه حديثًا كثيرًا، وأخبرني أبو محمد بن التَّميميّ أنّ أصل ابن بطَّة "بمعجم البَغَويّ" وقع عنده، وفيه سماع ابن بَرْهان، وأنَّهُ قرأهُ عليه لولديه. قال ابن ماكولا2: ذهب بموته عِلم العربيّة من بغداد، وكان أحد من يعرف الأنساب، ولم أرَ مثله، وكان فقيهًا حنفيًّا قرأ الفِقه، وأخذ الكلام عن أبي الحسين البَصْريّ، وتقدَّم فيه، وصار صاحب اختيار في عِلم الكلام. وقال ابن الأثير3: له اختيار في الفقه، وكان يمشي في الأسواق مكشوف الرَّأس، ولا يقبل من أحدٍ شيئًا، مات في جُمَادَى الآخرة، وقد جاوز الثَّمانين، وكان يميل إلى مذهب مرجئة المُعتَزَلة، ويعتقِد أنَّ الكُفّار لَا يخلَّدون في النّار4. قال ياقوت الحمويّ في "تاريخ الأُدَباء"5: نقلت من خط عبد الرّحيم بن النّفيس بن وهْبان قال: نقلت من خط أبي بكر محمد بن منصور السَّمعانيّ: سمعت المبارك بن عبد الجبَّار الصّيرفيّ: سمعت أبا القاسم بن بَرهان يقول: دخلتُ على الشَّريف المرَتَضَى في مرضِهِ، فإذا قد حوَّل إلى الحائط، فسمعته يقول: أبو بكر وعمر وليا فعدلا، واستُرحِمَا فرَحِمَا، أفأنا أقول: ارتدّا بعد أن أسلما؟ قال: فقمت وخرجت، فما بلغت عَتَبة الباب حتَّى سمعت الزَّعقة عليه. 167- عبد الواحد بن محمد بن مَوْهَب6: أبو شاكر التجَيْبي القَبْري، ثُمّ القُرْطُبيّ. نزيل بَلَنسية. سمع من: أبي محمد الأصيلي، وأبي حفصٍ بن نابل، وأبي عمر بن أبي الحُباب، وغيرهم.

_ 1 في الإكمال "1/ 246، 247". 2 في الإكمال "1/ 247". 3 في الكامل "10/ 42". 4 تاريخ ابن الوردي "1/ 371". 5 الاسم بالمشهور "معجم الأدباء". 6 الصلة لابن بشكوال "2/ 384، 385"، وسير أعلام النبلاء "18/ 179، 180".

وكتب إليه أبو محمد بن أبي زيد، وأبو الحسن القابسيّ بالْإِجازة. ولي القضاء والخطبة ببلَنْسية. قال فيه الحُميدي1: فقيه مُحَدِّث، أديب خطيب، شاعر. ولد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وتُوُفِّي في ربيع الآخر. قلت: وأظُنُّه آخر من حدَّث عن ابن أبي زيْد. كتب عنه: أبو عليّ الغسَّانيّ، وغيره. وهو خال أبي الوليد الباجيّ، وقد سكن أيضًا شاطبة مُدَّة. ولهُ شِعرٌ رائق، فمنه: يا رَوْضَتي ورِيَاضُ النَّاس مجدِبة ... وكوكبي وظلامُ اللّْيِلِ قد ركدا إن كان صرْف اللَّيالي عنكِ أبعدني ... فإن شَوْقي وحُزني عنكِ ما بُعدا وكان أبوه قد ارتحل وتفقَّه على ابن أبي زيد، والقابسي، هو الّذي أخذ الْإِجازة منهما لولده أبي شاكر هذا. 168- عليّ بْن أَحْمَد بْن سَعِيد بْن حزْم2 بْن غالب بن صالح بن خَلَف بن مَعْدَان بن سُفْيان بن يزيد: مولى يزيد بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ الأمويّ، الفارسيّ الأصل، ثمّ الأندلسيّ القُرْطُبيّ. الْإِمام أبو محمد. وجدُّه خَلَف أوَّل من دخل الأندلس. وُلد أبو محمد بقرطبة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. وسمع من: أبي عمر أَحْمَد بن الجَسور، ويحيى بن مسعود، ويونس بن عبد اللَّه القاضي، وضُمام بن أَحْمَد القاضي، ومحمد بن سعيد بن نبات، وعبد الله بن ربيع

_ 1 في جذوة المقتبس "290". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 415-417"، وسير أعلام النبلاء "18/ 184-212"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1146-1155"، والبداية والنهاية "12/ 91، 92".

التَّميميّ، وعبد اللَّه بن محمد بن عثمان، وأبي عمر أَحْمَد بن محمد الطلمَنْكي، وعبد الرّحمن بن عبد اللَّه بن خالد، وعبد اللَّه بن يوسف بن ناميّ، وجماعة. روى عنه: أبو عبد اللَّه الحُميدي، وابنه أبو رافع الفضل، وجماعة. وروى عنه بالْإِجازة: أبو الحسن شُريح بن محمد، وغيره. وأول سماعه من ابن الجَسور في حدود سنة أربعمائة1. وكان إليه المنتهى في الذَّكاء والحِفظ وكثرة العِلم، كان شافعيِّ المذهب، ثم انتقل إلى نفي القياس والقول بالظَّاهِر، وكان متفنِّنًا في علوم جمَّة، عاملًا بعلمه، زاهدًا بعد الرِّئاسة الّتي كانت لَأبيه، وله من الوزارة وتدبير المُلك. جمع من الكُتُب شيئًا، ولا سيِّما كُتُب الحديث. وصنّف في فقه الحديث كتابًا سمّاه "الْإِيصال إلى فهْم كتاب الخِصال الجامعة مُجمل شرائع الْإِسلام في الواجب والحلال والحرام والسُّنَّة والْإِجماع"، أورد فيه قول الصَّحابة فَمَن بعدهم في الفِقْه، والحُجَّة لكل قول، وهو كتاب كبير2. وله كتاب "الْإِحكام لَأصول الأحكام" في غاية التَّقَصّي. وكتاب "الفِصَل في المِلل والنِّحَل". وكتاب "إظهار تبديل اليهود والنَّصارى للتوراة والإنجيل وبيان تناقض ما بأيديهم مما لا يحتمله التّأويل"، وهو كتاب لم يُسبق إليه في الحُسن. وكتاب "المُجلّى في الفِقْه" مُجَلَّد. وكتاب "المُحلَّى في شرح المجلَّى" في ثمانية أسفار في غاية التَّقصّي. وله كتاب "التّقريب لحدِّ المنطق والمدخل إليه" بالَألفاظ العامّية والَأمثلة الفقهيّة. وكان شيخه في المنطق محمد بن الحسن المَذحِجي3 القرطبي المعروف بابن

_ 1 جذوة المقتبس "308". 2 في خمسة عشر ألف ورقة. "سير أعلام النبلاء 18/ 193". 3 المذحجي: نسبة إلى مذحج، وهي قبيلة من اليمن "الأنساب 11/ 212".

الكتاني1، وكان شاعرًا طبيبًا، مات بعد الأربعمائة2. قال الغزالي -رحمه اللَّه: قد وجدت في أسماء اللَّه كتابًا ألَّفه أبو محمد بن حزم الأندلُسيّ يدل على عِظم حِفظه وسَيَلان ذِهْنِه3. وقال أبو القاسم صاعد بن أَحْمَد: كان ابن حزمٍ أجمع أهل الأندلُس قاطِبة لعلوم الْإِسلام، وأوسعهم معرفة مع توسُّعُه في علم اللِّسان، ووفور حظّه من البلاغة والشِّعر، والمعرفة بالسّير والَأخبار. أخبرني ابنه الفضل أنَّهُ اجتمع عنده بخط أبيه محمد من تأليفه نحو أربعمائة مُجَلَّد، تشتمل على قريبٍ من ثمانين ألف ورقة4. وقال الحُمَيْدِيّ5: كان ابن حَزْم حافِظًا للحديث وفِقْهِهِ، مُسْتَنْبِطًا للَأحكام من الكِتاب والسُّنَّة، متفنِّنًا في علوم جمَّة، عاملًا بعلمه. وما رأينا مثله فيما اجتمع له مع الذّكاء، وسُرْعة الحِفْظ، وكَرَم النَّفس والتَّديُّن، وكان لهُ في الآداب والشِّعر نَفَس واسِع، وباعٌ طويل، وما رأيت من يقول الشِّعر على البديه أسرع منه. وشِعره كثير، جمعته على حروف المُعْجَم. وقال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عمر من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر، مدبِّر دولة المؤيّد باللَّه بن المُستنصِر، ثم وزر للمُظفّر بن المنصور، ووزر أبو محمد للمستظهر باللَّه عبد الرّحمن بن هشام، ثمّ نبذ هذه الطّريقة، وأقبل على العلوم الشَّرعيّة، وعُني بعلم المنطق، وبرع فيه، ثمّ أعرض عنه وأقبل على علوم الْإِسلام حتّى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالَأندلس قبله6. وقد حط أبو بكر بن العربيّ في كتاب "القواصم والعواصم" على الظّاهريّة فقال: هي أُمَّة سخيفة، تسوَّرَت على مرتبةٍ ليست لها، وتكلَّمَت بكلامٍ لم تفهمه، تلقَّفوه من أخوانهم الخوارج حين حكِّم عليٌّ يوم صفّين، فقال: لَا حُكم إِلَّا لِلَّه، وكانت أول بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن، فلمّا عُدت وَجَدتُ القَوُل بالظاهر قد ملَأ به

_ 1 جذوة المقتبس "45"، والوافي بالوفيات "2/ 348". 2 وفيَّات الأعيان "3/ 426". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 117"، وسير أعلام النبلاء "18/ 187"، ولسان الميزان "4/ 201". 4 الصلة "2/ 416"، وسير أعلام النبلاء "18/ 187"، ولسان الميزان "4/ 199". 5 في الجذوة "308، 309". 6 معجم الأدباء "12/ 237، 238".

المغرب سخيفٌ كان من بادية أشبيليّة يُعرف بابن حزم، نشأ وتعلَّق بمذهب الشّافعيّ، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكُل، واستقلَّ بنفسه، وزعم أنه إمام الأمة، يضع ويرفع، ويحكُم ويُشرّع، ينسب إلى دين اللَّه ما ليس فيه، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرًا للقلوب عنهم، وخرج عن طريق المشبَّهة في ذات اللَّه وصفاته، فجاء فيه بطَوامٍّ، واتَّفق كونه بين قومٍ لَا بصر لهم إِلَّا بالمسائل، فإذا طالبهم بالدّليل كاعوا1، فتضاحك2 مع أصحابه منهم، وعضَّدتهُ الرِّئاسة بما كان عنده من أدب، وبشُبَهٍ كان يَورِدُها على الملوك، فكانوا يحملونه ويَحْمُونَهُ بما كان يُلقي إليهم من شُبَه البِدَع والشرع، وفي حين عودي من الرِّحلة ألفيتُ حضرتي منهم طافحة، ونار ضلالهم لافحة، فقاسيتهم مع غير أقران، وفي عدم أنصارٍ، إلى حسادٍ يطأون عَقِبي، تارةً تذهب لهم نفسي، وأخرى ينكسر لهم ضرسي، وأنا ما بين إعراضٍ عنهم، أو تشغيبٍ بهم، وقد جاءني رجلٌ بجزءٍ لابن حزم سماه " نكل الْإِسلام"، فيه دواهي، فجرَّدتُ عليه نواهي، وجاءني آخر برسالة في اعتقاد، فنقضتها برسالة "الغُرّة"، والَأمر أفحش من أن يُنقض. يقولون: لَا قول إِلَّا ما قال اللَّه، فإنَّ اللَّه لم يأمُر بالاقتداءِ بأحدٍ، ولا بالاهتداء بهدْي بشر، فيجب أن تتحقق أنه ليس بهم دليل، إنَّما هي سخافَةُ في تهويل، فأوصيكم بوصيّتين: أنْ لَا تستدِلّوا عليهم، وأن تطالبوهم بالدّليل، فإنّ المُبتَدِع إذا استدللت عليه شَغّب عليك، وإذا طالبته بالدَّليل لم يجد إليهِ سبيلا. فأمَّا قولهم: لَا قول إِلَّا ما قال اللَّه، فحق، ولكن أرِني ما قال اللَّه. وأمَّا قولهم: لَا حُكم إِلَّا للَّه، فغير مُسَلَّمٍ على الْإِطلاق، بل من حُكْم اللَّه أن يجعل الحُكْمَ لغيره فيما قاله وأخبر به. صحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "وَإِذَا حاصرْت أَهْلَ حصنٍ فَلَا تُنزلهم عَلَى حُكْمِ اللَّه، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا حُكْمُ اللَّه، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حْكُمِكَ" 3. وَصَحَّ أَنَّهُ قَالَ: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وسنة الخلفاء "4 الحديث.

_ 1 كاعوا: جبنوا. 2 في سير أعلام النبلاء "18/ 189" "فيتضاحك". 3 حديث صحيح، أخرجه مسلم "1731"، وأبو داود "26112". 4 حديث صحيح، أخرجه أحمد "4/ 127"، وأبو داود "4607"، والترمذي "2676"، وابن ماجه "43"، والدارمي "1/ 44"، وصحَّحه الألباني في السنن.

قال اليسع بن حزم الغافقي، وذكر أبا محمد بن حزم فقال: أمَّا محفوظه فبحرٌ عُجاج، وماءٌ ثجاج، يخرج من بحره مَرْجان الحِكَم، وينبت بثَجّاجه أَلْفَافُ النِّعم في رياض الهِمم، لقد حفظ علوم المُسلمين، وأُربي على أهل كل دين، وألَّف "المِلل والنِّحل". وكان في صباه يَلْبس الحرير، ولا يرضى من المكانة إِلَّا بالسّرير، أنشد المُعتمد فأجاد، وقصد بَلَنسية وفيها المظفّر أحد الأطواد. حدثني عنه عمر بن واجب قال: بينما نحن عند أبي بِبَلَنْسِيَة، وهو يُدرِّس المذهب، إذا بأبي محمد بن حَزْم يَسْمَعُنا، ويتعجَّب ثُمّ سأل الحاضرين عن سؤال من القدريّة جُووِب عليه، فاعترض فيه، فقال لهُ بعض الحُضّار: هذا العلم ليس من مُنْتَحَلاتِك، فقام وقعد، ودخل منزله فعكف، وكَفَ منه وابلٌ فما كَفَّ. وما كان بعد أشْهُرٍ قريبة حتَّى قصدنا إلى ذلك الموضِع، فناظر أحسن مُناظرةً قال فيها: أنا أتبع الحقّ وأجتهِد، ولا أتقيَّد بمذهبٍ1. وقال الشّيخ عزّ الدّين بن عبد السَّلام: ما رأيتُ في كُتُب الْإِسلام في العِلم مثل "المجلّى" لابن حَزم، و"المغني" للشّيخ الموفَّق2. قلت: وقد امتُحن ابن حزم وشرّد عن وطنه، وجرت له أمور، وتعصَّب عليه المالكيَّة لطول لسانه ووقوعه في الفقهاء الكبار، وجرى بينه وبين أبي الوليد الباجيّ مُنَاظرات يطول شَرْحها. ونفرت عنهُ قلوب من النَّاس لحطِّه على أئِمَّتِهم، وتخطئته لهم بأفجّ عبارة، وأقطّ محاورة. وعملوا عليه عند ملوك الأندلس، وحذّروهم منه ومن غائلته، فأقْصته الدّولة وشرّدتهُ عن بلاده، حتى انتهى إلى بادية لَبلة، فتوفِّي بها في شعبان ليومين بقيا منه. وقيل: توفِّي في قَرْيةٍ له.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 190، 191"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1148"، ولسان الميزان "4/ 199". 2 في سير أعلام النبلاء "المحلى". 3 هو الإمام أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قدامة المقدسي الدمشقي المتوفَّى سنة 620هـ. 4 لبلة: قصبة كورة بالأنلدس. "معجم البلدان 5/ 10".

قال أبو العبَّاس بن العَرِيف1: كان يُقال: لِسَان ابن حَزْم وسَيْفُ الحَجَّاج شقيقان2. وقال أبو الخطَّاب بن دِحْيَة: كان ابن حَزْم قد بَرَص من أكل اللُّبَان، وأصابتهُ زَمَانَة، وعاش -رحمه اللَّه- اثنتين وسبعين سنة إِلَّا شهرًا3. قال أبو بكر محمد بن طرخان بن بُلْتِكين: قال لي الْإِمام أبو محمد عبد الله بن محمد العربي: توفِّي أبو محمد ابن حَزْم بقريته، وهي على خليج البحر الأعظم، في جُمَادَى الأولى سنة سبعٍ وخمسين. وقال أبو محمد بن العربيّ: أخبرني أبو محمد بن حزم أنَّ سبب تعلُّمُه الفِقه أنَّهُ شهِد جنازة، فدخل المسجد، فجلس ولم يركع، فقال له رجل: قم صلِّ تحيَّة المسجد، وكان قد بلغ سِتًّا وعشرين سنة. قال: فقمت فركعت، فلمَّا رجعنا من الصَّلاة على الجنازة ودخلت المسجد بادرت بالركوع، فقيل لي: اجلس اجلس، ليس ذا وقت صلاة -يعني: بعد العصر، فانصرفت وقد خُزيت. وقلت للَأُستاذ الّذي ربَّاني: دُلَّني على دار الفقيه أبي عبد اللَّه بن دحّون، فقصدته وأعلمته بما جرى عَلَيّ، فدلّني على "موطأ" مالك، فبدأتُ عليه قراءة من ثاني يوم، ثُمّ تتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحو ثلاثة أعوام، وبدأتُ المُناظرة. ثم قال ابن العربيّ: صحِبْتُ ابن حَزْم سبعَةَ أعوام، وسمعتُ منه جُمَيْع مُصَنَّفاته، سوى المجلَّد الأخير من كتاب "الفِصَل"، وهو سِتّ مُجلَّدات، وقرأنا عليه من كتاب "الْإِيصال" أربع مُجلَّدات في سنة ستٍّ وخمسين، وهو أربعة وعشرون مُجلَّدًا، ولي منه إجازة غير مرَّة4. وقال أبو مروان بن حيَّان: توفِّي سنة ست وخمسين وأربعمائة.

_ 1 هو: أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الصنهاجي الأندلسي المتوفَّى سنة 536هـ. 2 وفيَّات الأعيان "1/ 169". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 1150"، وسير أعلام النبلاء "18/ 198". 4 معجم الأدباء "12/ 240-243"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1150، 1151"، وسير أعلام النبلاء "18/ 199"، ولسان الميزان "4/ 199".

ثم قال: كان -رحمه اللَّه- حامل فنون من حديثٍ وفِقْهٍ وجَدَلٍ ونَسَبٍ، وما يتعلَّق بأذيال الأدب، مع المُشاركة في أنواع التّعليم القديمة من المنطِق والفلسفة. ولهُ كُتُب كثيرة لم يخلُ فيها من غَلطٍ لجُرأته في التسوّر على الفنون، لا سيما المنطِق، فإنَّهم زعموا أنَّهُ زلَّ هُناك، وضلَّ في سلوك تلك المسائل، وخالف أرسُطْوطاليس واضعَه مخالفة مَنْ لم يَفْهَم غَرَضَه، ولا أرتاض، ومال أوّلًا إلى النظر على رأي الشّافعيّ، وناضل عن مذهبه حتَّى وُسم بِهِ، فاستُهدف بذلك لكثير من الفُقَهاء، وعِيب بالشُّذُوذ، ثم عدَل إلى قول أصحاب الظّاهر، فنقَّحه وجادل عنه، وثَبُتَ عليه إلى أن مات. وكان يحمل علمه هذا، ويُجادل مَنْ خَالَفَهُ على استرسالٍ في طباعه، وبذْل لَأسراره، واستنادٍ إلى العهد الّذي أخذه اللَّه تعالى على العُلماء {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187] ، فلم يكُ يلطف صَدْعَه بما عنده بتعريض ولا بتدريج، بل يصَكُّ به معارضة صكَّ الجَندل، ويُنْشِقهُ إنشاق الخردل، فتنفر عنه القلوب، وتوقع به النّدوب، حتى استُهدِف إلى فقهاء وقته، فتمالئوا عليه، وأجمعوا على قتلِه، وشنَّعوا عليه، وحذَّروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامَّهم عن الدُّنُو منه، فطَفِقَ المُلوك يُقصونه عن قُرْبِهم، ويسيِّرونه عن بلادهم، إلى أن انتهوا به منقطع أثره بلده من بادية لَبلة، وهو في ذلك غفير مرتدعٍ ولا راجع، يبثُّ علمه فيمن ينتابه من بادية بلده من عامَّة المُقتبسين، فهم من أصاغر الطَّلبة الّذين لا يخشون فيه الملامة، يُحدّثهم، ويُفقّههم، ويُدارسهم. كمل من مُصَنَّفاته وِقر بَعِير، لم يَعْدُ أكثَرُها عَتَبَة باديته لزُهْدِ الفُقهاء فيها، حتَّى لَأُحرِق بعضها بإشبيليّة ومُزِّقت علانية. وأكثر معايبه -زعموا عند المنْصِف له- جهله بسياسة العِلم الّتي هي أعوص، وتخلُّفه عن ذلك على قوّة سَبْحِهِ في غماره، وعلى ذلك فلم يكن بالسَّليم من اضطراب رأيه، ومغيب شاهد علمه عند لقائه، إلى أن يُحرّك بالسُّؤال، فينفَجِر منه بحر علمٍ لَا تُكَدِّرُهُ الدِّلاء. وكان مِمّا يزيد في سيِّئاته تشيُّعهُ لَأمراء بني أُميَّة ماضيهم وباقيهم، واعتقاده لصحة إمامتهم، حتى نسِبَ إلى النصب لغيرهم1.

_ 1 معجم الأدباء "12/ 427-249"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1151، 1152"، وسير أعلام النبلاء "18/ 200، 201".

ألى أن قال: ومن تواليفه: كتاب "الصّادع في الرّد على من قال بالتَّقليد". وكتاب "شرح أحاديث المُوطَّأ". وكتاب "الجامع في صحيح الحديث باختصار الأسانيد"، وكتاب "التخليص والتّلخيص" في المسائل النّظريّة، وكتاب "مُنْتَقَى الْإِجماع"، وكتاب "كشف الالتباس لما بين أصحاب الظاهر وأصحاب القياس". قلت: ذكر في الفرائض من "المُحَلَّى" أنَّهُ صَنَّف كتابًا في أجزاءٍ ضخمة في ما خالف فيه أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ جمهور العلماء، وما انفرد به كل واحدٍ منهم، ولم يُسبق إلى ما قاله. ومن أشعاره: هل الدَّهر إِلَّا ما عرفْنَا وأدركْنا ... فجائِعُهُ تَبْقَى ولذّاته تَفْنَى إذا أَمْكَنَتْ فيه مَسَرَّةُ ساعةٍ ... تَوَلَّت كمرِّ الطَّرْفِ واستَخْلَفَتْ حُزنا إلى تبِعاتٍ في المَعاد وموقفٍ ... نودُّ لَدَيْهِ أنَّنَا لم نَكُنْ كنَّا حصلنا على همٍّ وإثمٍ وحسْرةٍ ... وفاز الّذي كنَّا نَلَذُّ بِهِ عَنا حنَيِنٌ لما ولَّى وشُغلٌ بما أتى ... وهمٌّ لِما نَخْشَى فعيشك لا يَهنا كأنَّ الَّذي كنّا نسُرّ بِكَوْنِهِ ... إذا حقَّقَتْهُ النَّفْسُ لفظٌ بلا معنى وله يفتخر: أنا الشُّمْس في جوِّ العلوم منيرةٌ ... ولكنّ عَيْبي أنْ مَطْلَعِيَ الغرْبُ ولو أنّني من جانب الشَّرقِ طالِعٌ ... لجَدَّ عليَّ مَا ضَاعَ مِنْ ذِكْرى النَّهْبُ ولي نَحْوَ أكنافِ العراقِ صَبابةٌ ... ولا غَرو أن يستوحِشَ الكِلَف الصّبُّ فإنْ يُنزل الرّحْمَنُ رحْلي بَيْنهمْ ... فحينئذٍ يبدو التأسُّف والكَرْبُ هنالك يُدري أنَّ للبُعْدِ قِصَّةٌ ... وأنَّ كَسَادَ العِلمِ آفَتُهُ القُرْبُ فواعَجَبًا مَنْ غابَ عنهم تشوّقوا ... له، ودُنُوّ المَرِء من دارهم ذنب2

_ 1 الأبيات في سير أعلام النبلاء "18/ 206، 207". 2 الأبيات في الجذوة "310"، وسير أعلام النبلاء "18/ 208، 209" ما عدا البيت الآخير.

وله: مُنَايَ مِنَ الدُّنيا عُلُومٌ أبُثُّهَا ... وأنْشُرُها في كُلِّ بَادٍ وحَاضِرِ دعاءٌ إلى القُرْآنِ والسُّنن الّتي ... تَنَاسَى رجالٌ ذِكْرَها في المحاضرِ1 وله وهو يماشي ابن عبد البرّ، وقد أقبل شابٌّ مليح، فأعجب ابن حزم، فقال أبو عمر: لعلّ ما تحت الثّياب ليس هناك. فقال بديهًا: وذي عَذَلٍ فيمن سباي حُسْنُهُ ... يُطيل مَلَامي في الهوى ويقولُ أيَنْ حُسْنِ وَجْهٍ لَاحَ لَمْ تَرَ غَيْرَهُ ... ولَمْ تدر كيف الْجِسْمُ أَنْتَ قَتِيلُ فقلتُ لَهُ: أسرفْت في الّلَوْمِ فَاتَّئِدْ ... فعندي ردٌّ لو أشاءُ طَوِيُلْ ألم تر أنني ظَاهِرِيٌ وأنَّني ... على ما بدا حتّى يقوم دليل2 وله: لا يشتمنَّ حاسِدي إن نكبةٌ عَرَضَت ... فالدّهرُ ليس على حالٍ بمُترَّكِ ذو الفضل كالتبر طورًا تحت منفعةٍ ... وتارةً في ذُرى تاجٍ على ملك ومن شعره يصف ما أحرق المُعتضد بن عبَّاد له من الكُتُب: فإن تحرِقوا القِرْطَاس لَا تُحرِقوا الّذي ... تضمّنه القِرْطَاس، بل هو في صدري يَسيرُ معي حيث استقلَّتْ رَكَائِبي ... وينزلُ إنْ أَنْزَل ويُدفَن في قبري دَعُونِي مِن إحرَاقِ رقٍّ وكاغدٍ ... وقولوا بعلمٍ كَيْ يَرَى النَّاسُ مَنْ يَدْرِي وإلا فَعُودُوا في المَكَاتِبِ بدْأةً ... فَكَم دُونَ ما تبغونَ لِلَّهِ مِن سِتْرِ كذاك النَّصَارى يحرقون إذا عَلَت ... أَكُفُّهُمُ القُرْآن في مُدُنِ الثَّغْرِ وقد ذُكر لابن حزم قول من قال: أجلّ المُصنَّفات "المُوَطَّأ"، فأُنكِر ذلك، وقال: أَوْلَى الكُتُب بالتّعْظيم "الصحيحان"، وكتاب سعيد بن السكن، و"المنتقى" لابن

_ 1 البيتان في الجذوة "310"، والصلة "2/ 417"، وسير أعلام النبلاء "18/ 206". 2 الأبيات في معجم الأدباء "12/ 243، 244"، ووفيات الأعيان "3/ 337".

الجارود، و"المنتقى" لقاسم بن أَصْبَغ، ثم بعد هذه الكُتُب "كتاب أبي داود"، و"كتاب النَّسائي"، و"مصنّف قاسم بن أصبغ"، و"مصنّف الطحَاوي"، و"مسند البزّاز"، "ومسند ابن أبي شيبة"، و"مسند أحمد"، "ومسند ابن راهويه"، و"مسند الطيالسي"، و"مسند أبي العباس النسوي"، و"مسند ابن سنْجر"، و"مسند عبد الله بن محمد المسندي"، و"مسند يعقوب بن شيبة"، و"مسند ابن المديني"، و"مسند ابن أبي غرزة"، وما جرى مجرى هذه الكُتُب التي أُفرِدت لكلام رسول اللَّه -صلّى اللَّه عليه وسلم- صِرفًا، وللفظه نصًّا، ثم بعد ذلك الكُتُب الّتي فيها كلامه -عليه السّلام، وكلام غيره، مثل: "مُصّنَّف عبد الرزّاق"، و"مصنف ابن أبي شيبة"، و"مصنَّف بقيّ من مَخْلد"، وكتاب محمد بن نصر المَرْوَزيّ، وكتابيّ ابن المُنْذِر الأكبر والَأصغر، ثمّ مصنَّف حمّاد بن سَلَمَة، ومُصَنَّف سعيد بن منصور، ومُصّنَّف وكيع، ومصنّف الفِريابي، و"موطأ" مالك، و"موطأ" ابن أبي ذئب، و"موطأ" ابن وهْب، و"مسائل" أَحْمَد بن حنبل، وفقه أبي عُبَيْد، وفقه أبي ثور1. ولَأبي بكر أَحْمَد بن سليمان المروانيّ يمدح ابن حزم -رحمه اللَّه: لمَّا تحلَّى بخُلْقٍ ... كالمِسْكِ أو نشر عودِ نجلُ الكرام ابن حَزْمٍ ... وَفَاقَ في العِلْمِ عُودِي فتواه جدَّد ديني ... جَدْوَاهُ أَوْرَقَ عُودي أَقُولُ إذ غبت عنه: ... يا سلعة السَّعدِ عُودي كملتْ. 169- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الفضل الكَفْرطَابيّ2: ثمّ الدّمشقيّ. حدَّث عن: عبد اللَّه بن محمد الحنَّائيّ. روى عنه: أبو الفضائل الحسن بن الحسن.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 202". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 219".

170- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبادل1: أبو الحسن الأنصاريّ الْإِشبيليّ. قرأ القرآن بقُرْطُبَة على: أبي المطرِّف القنازِعي. وحجَّ وسمع بمصر من: أبي محمد بن النَّحّاس، وغيره. وكانت له معرفة بالحديث ورجاله. وولد سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. 171- عمر بن أَحْمَد بن سبسوَيه التّاجر: أبو الفتح الْأصبهانيّ. مات في رمضان. 172- عميد المُلك2: أبو نصر الكُنْدريّ الوزير. اسمه: محمد بن منصور. سيأتي. حرف القاف: 173- قُتُلمش بن إسرائيل بن سَلْجُوق3: شهاب الدّولة سليمان، جدّ ملوك الرُّوم إلى دولة الظَّاهر. كانت له قلاع وحصون بعراق العجم، وعصى على ابن عمّه الملك ألْبَ أرسلان، فتواقعا بنواحي الرّي في هذا العام، وانجلت المعركة، فوُجد قُتُلمش ميِّتًا. قيل: إنَّهُ مات خوفًا وهلعًا، فاللَّه أعلم، فبكى السُّلطان عليه وتألَّم له، وجلس للعزاء، فسلّاه وزيره نظام المُلك. وكان قُتُلمش يتعانَى النُّجوم وأحكامها.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 415". 2 سيأتي برقم "179". 3 الكامل في التاريخ "10/ 36، 37"، وسير أعلام النبلاء "18/ 117، 113"، والبداية والنهاية "12/ 90"، وشذرات الذهب "3/ 301".

حرف الميم: 174- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد أَحْمَد بن حَسْنُون1: أبو الحسين بن النَّرْسيّ البغداديّ. سمع: أبا بكر محمد بن إسماعيل الورَّاق، وأبا الحسن الحربيّ، وابن أخي ميميّ، وطبقتهم ببغداد؛ وعبد الوهَّاب بن الحسن الكِلابيّ، وغيره بدمشق. روى عنه: الخطيب، وقال2: كان ثقة من أهل القرآن، وُلِدَ سَنَة سبعٍ وستين وثلاثمائة، وتوفِّي في صَفَر. وقال ابن عساكر: ثنا عَنْه أَبُو بكر قاضي المرِستان، وأبو غالب بن البنَّا، وأبو العِز بن كادِش. قلت: سمعنا مشيخته بإجازة الكِندي، بسماعه من القاضي، عنه. 175- محمد بن عليّ بن عبد الملك بن شبابة: أبو بكر الدّينوريّ البغداديّ القارئ. سمع: أبا القاسم إسماعيل بن الحسن الصَّرصَريّ، وجماعة. وعنه: أبو العزّ بن كادش، وجماعة. 176- محمد بن عليّ بن محمد بن صالح3: أبو عبد الله الدّمشقيّ المطرّز النَّحْويّ. مصَنِّف "المُقدِّمة" المشهورة. سمع من: تمام الرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، وأبو القاسم النَّسيّب. قال الكتَّانيّ: توفِّي في ربيع الأوَّل، وكان أشعريّ المذهب مُقرِئًا نحويًّا.

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 356"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1154"، وسير أعلام النبلاء "18/ 84، 85". 2 في تاريخه "1/ 356". 3 شذرات الذهب "3/ 301"، ومعجم المؤلفين "11، 50".

177- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن أحمد بن حبيب1: أبو سعيد الخشَّاب النَّيْسَابِوُرِيّ الصفَّار. تُوُفّي في ذي القعدة. قال عبد الغافر الفارسي: وكان محدثًا مفيدًا، من خواص خدَّام أبي عبد الرّحمن السُّلميّ، وكان صاحب كُتُب. صار بُندار كُتُب الحديث بنَيْسابور، وأكثر أقرانه سماعًا وأصولًا. قد رزقه اللَّه الْإِسناد العالي، وجمع الأبواب، وأسمع الصّبيان. وهو من بيت حديث وصلاح. وُلِدَ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. وسمع من: أبي محمد المَخْلدي، وأبي الحسين الخفَّاف، والسُّلَميّ. وحدَّثني من أثِق به أنَّ أبا سعيد أظهر سماعه من أبي طاهر بن خُزيمة بعد وفاة أبي عثمان الصَّابونيّ، فتكلَّم أصحاب الحديث فيه، وما رضوا ذلك منه، واللَّه أعلم بحاله. وأمَّا سماعه من غيره فصحيح، وقد أجاز لي مَرويّاته. وأنا عن جماعةٌ منهم: الوالد، وأبو صالح المُؤذِّن، وأبو سعد بن رامش، وغيرهم. قلت: وآخر من روى عنه: زاهر الشَّحّاميّ. تُوُفِّي فِي ذِي القِعْدَة. 178- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن يوسف بن جميل2: أبو عبد اللَّه الطَّرَطُوسيّ3 المعروف بابن السُّناط. إمام جامع دمشق. روى عن: عبد الرحمن بن أبي نصر يسيرًا. 179- محمد بن منصور بن محمد4:

_ 1 الأنساب "5/ 120"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1154"، وسير أعلام النبلاء "18/ 150، 151"، ولسان الميزان "5/ 307"، وشذرات الذهب "3/ 301". 2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "39/ 22"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "23/ 122". 3 في تاريخ دمشق ومختصره "الطرسوسي". 4 المنتظم "8/ 238، 239"، والكامل في التاريخ "10/ 31-34"، وسير أعلام النبلاء "18/ 113-115"، والبداية والنهاية "12/ 92، 93".

الوزير عميد المُلك، أبو نصر الكُنْدري1، وزير السُّلطان طُغرلْبك. كان أحد رجال الدَّهر شهامةً وكتابةً وكرمًا. قُتل بمَرو الرُّوذ في ذي الحجّة، وكان قد قطع مذاكِره ودَفَنَها بخُوارزم لأمرٍ وقع له، فلمَّا قتلوه حملوا رأسه إلى نَيْسَابُور، نَسْأَلُ اللَّه العافية. وقد سمَّاه أبو الحسن محمد بن الصابي في "تاريخه"، وعليّ بن الحسن الباخَرْزي في "دمْية القصر": منصور ابن محمد. وقال أبو الحسن الهَمَدَانيّ في كتاب "الوزراء": أبو نصر محمد بن محمد بن منصور. وكُندُر قَرْيَة مِن نَوَاحي نَيْسَابُور، بها وُلد سنة خمس عشرة بها. وتفقَّه لَأبي حنيفة، وتأدَّب، ثم صحب رئيسًا بنَيْسابور، فاستخدمه في ضياعه، ثم استنابه عنه في خدمة السُّلطان طُغرلْبك، فطلبه منه، فوصل في خدمته، وصار صاحب خبرة، ثُمّ ولاه خُوارَزم، وعظُم جاهه. وعصى خُوارَزم، ثم ظفر به السُّلطان، ونقم عليه أنَّهُ تزوَّج امرأة ملك خُوارَزم فخصاه، ثمّ رقّ له فداواه وعوفي. واستوزره وله إحدى وثلاثون سنة. وقدِم بغداد، وأقام بها مُدَّة، ولقَّبهُ الخليفة "سيِّد الوزراء". ونال من الجاه والحُرمة ما لم ينلْه أحد. وكان كريمًا جوَّادًا، متعصِّبًا لمذهبه، مُعتزليًّا مُتكلِّمًا، له النظْم والنَّثر، فلمّا مات طُغرلبك وتسلطن ابن أخيه ألْبُ أرسلان أقرَّه على وزارته قليلًا، ثم عزله، واستوزره نظام المُلك. ومن شِعره في غلامٍ له: أنا في غَمْرة حُبِّهِ ... وهو مشغولٌ بلعبهْ صانه اللَّه فما أكثر ... إعجابي بعجبهْ لو أراد الله نفعًا ... وصلاحًا لمحبهْ

_ 1 الكندري: نسبة إلى كندر من نواحي نيسابور. "الأنساب "10/ 482، 483".

تُفلت رقّة خدّيه ... إلى قسوة قلبهْ وقال أبو الحسن الهَمَذَانيّ في "تاريخه": إنَّ ابنة الْإِعرابيّ المُغنْية المشهورة وجوْقتها غنَّت عميد المُلك، فأطربته، فأمر لها بألف دينار، وأمر لَأولئك بألف دينار، وفرَّق في تلك الليلة أشياء، فلمَّا أصبح قال: كفَّارة ما جرى أن أتقرَّب بمثل ذَلِكَ، فتصدَّق بألفيّ دينار1. وقال أبو رجاء: أنشد عميد المُلك عند قتله: إن كان بالنَّاس ضيقٌ عن مُنافستي ... فالموتُ قد وسَّع الدُّنيا على النَّاسِ مَضَيْتُ والشَّامِتُ المَغْبُونُ يَتْبَعُني ... كُلٌّ بكأس المنايا شاربٌ حاسي2 وقيل: إنَّهُ قال للتُّركيّ الّذي جاء لكي يقتله: قُل للسُّلطان ألْبِ أرسلان: ما أسعدني بدولة آل سَلجوق، أعطاني طُغرلبك الدُّنيا، وأعطاني ألْبُ أرسلان الآخرة. وكانت وزارته ثمان سنين وثمانية أشهر، وزر لَأَلْب أرسلان شهرين وعزله، فتوجَّه إلى مَرْو الرَّوْذ في صَفَر سنة سبعٍ وخمسين، ومعه زوجته وابنته، أَوْلَدها قبل أن يُخصى، وأخذ ألْبُ أرسلان ضياعه جميعها والاته وغلمانه، وكانوا ثلاثمائة مملوك. ثمّ كتب له بمائتيّ دينار في الشَّهر، وتركه قليلًا، ثم أرسل إليه من قتله صَبْرًا، وحَمَل إليهِ رأسه، وله نيّفٌ وأربعون سنة. قلت: ويُقال إنَّ غُلامين دخلا عليه ليقتلاه، فأذنا له، فودَّع أهله، وصلَّى ركعتين، فأرادا خنقه فقال: لستُ بلصٍّ، وشرط خرقةً من كُمِّهِ وعصب عينيه فضربوا عنقه، وكان مُتعصِّبًا يقع في الشّافعيّ. 180- مُحَمَّد بْن هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحسين3: الْإِمام أبو سهل ابن جمال الْإِسلام أبي محمد الموفّق ابن القاضي العلّامة أبي عمر البَسْطاميّ ثمّ النَّيْسَابُوريّ. ذكره عبد الغافر فقال4: سلالة الْإِمامة، وقُرَّة عين أصحاب الحديث، انتهت

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 114". 2 البيتان في: الكامل في التاريخ "10/ 32، وسير أعلام النبلاء "18/ 114". 3 المنتخب من السياق "71، 72"، وسير أعلام النبلاء "18/ 142، 143". 4 في المنتخب "71".

إليه زعامةُ الشّافعيّة بعد أبيه، فأجراها أحسن مَجْرى، ووقعت في أيّامه وقائع ومحَن للَأصحاب، وكان يقيم رسْم التَّدريس، لكنَّهُ كان رئيسًا ديّنًا ذكيّا صيِّنًا قليل الكلام. وُلِدَ سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. وسمع من مشايخ وقته بخُراسان، والعراق، مثل النصْروبي، وأبي حسَّان المزكّيّ، وأبي حفص بن سرور. وكان بيتهم مجمع العلماء ومُلتقى الأئِمّة، فَتُوُفّي أبوه سنة أربعين، فاحتفَّ به الأصحاب، وراعوا فيه حقَّ والده، وقدّموه للرئاسة. وقام أبو القاسم القُشيْريّ في تهيئة أسبابه، واستدعى الكُلّ إلى متابعته، وطلب من السُّلطان ذلك فأُجيب، وأرسل إليه الخِلع، ولقّب بأبيه جمال الْإِسلام، وصار ذا رأيٍ وشجاعة ودهاء، فظهر له القَبول عند الخاصّ والعامّ، حتّى حسده الأكابر وخاصموه، فكان يخصمهم ويتسلَّط عليهم، فبدا له خُصُوم، واستظهروا بالسُّلطان عليه وعلى أصحابه، وصارت الأشعريَّة مقصودين بالْإِهانة والطَّرْد والنَّفْيّ، والمنع عن الوعظ والتَّدريس، وعُزلوا عن خطابة الجامع. ونبغ من الحنفيّة طائفة شربوا في قلوبهم الاعتزال والتَّشَيُّع، فخيَّلوا إلى وليّ الأمر الْإِزراء بمذهب الشَّافعيّ عمومًا، وتخصيص الأشعريَّة، حتّى أدَّى الأمر إلى توظيف اللعنة عليهم في الجُمع، وامتدَّ الأمر إلى تعميم الطَّوائِف باللعن في الخُطَب. واستعلى أولئك في المجامع، فقام أبو سهل أبلغ قيامٍ، وتردّدَ إلى العسكر في دفع ذلك، إلى أن ورد الأمر بالقبض على الرّئيس الفُرَاتيّ، والقُشَيْرِيّ، وأبي المعالي بن الْجُوَيْنيّ، وأبي سهل بن الموفّق، ونَفْيهم ومنْعهم عن المحافل، وكان أبو سهل غائبًا إلى بعض النَّواحي، ولمَّا قُرئ الكِتاب بنفْيهم أُغرى بهم الغاغة والَأوباش، فأخذوا بأبي القاسم القُشيري والفُراتي يجُرونهُما ويستَخِفّون بهما، وحُبسا بالقُهُندر. وكان ابن الْجُوَيْنيّ أحسّ بالَأمر، فاختفى وخرج على طريق كرْمان إلى الحجاز، وبقيا في السّجن مُفتَرِقين أكثر من شهر، فتهيَّأ أبو سهل من ناحية باخَرْز، وجمع من شاكريّته وأعوانه رجالًا عارفين بالحرب، وأتى بابن البلد، وطلب تسريح الفُرَاتيّ والقُشيري، فما أُجيب، بل هُدِّد بالقبض عليه، فما التفت، وعزم على دخول البلد ليلًا، والاشتغال بإخراجهما مُجاهرة ومُحاربة.

وكان مُتولّي البلد قد تهيَّأ للحرب، فزحف أبو سهل ليلًا إلى قرية له على باب البلد، وهيَّأ الأبطال، ودخل البلد مُغافصَةً إلى داره، وصاح من معه بالنّعرات العالية، ورفعوا عقائرهم، فلمّا أصبحوا تردّدت الرُّسُل والنُّصحاء في الصُّلح، وأشاروا على الأمير بإطلاق الرئيس والقُشيري، فأبى وبرز برجاله، وقصد محلّة أبي سهل، فقام واحد من أعوان أبي سهل واستدعى منه كفاية تلك النّائرة إيّاه أصحابه، فأذِن لهم، فالتقوا في السُّوق، وثبُت هؤلاء حتى فرغ نشاب أولئك، ثم حمل هؤلاء عليهم فهزموهم إلى رأس المربَّعة، وهمُّوا بأسر الأمير، وسبّوه وردّوه مجروحًا أكثر رجاله، مقتولًا منهم طائفة، مسلوبًا سلاح أكثرهم، ثمّ توسَّط السَّادة العلويّة، ودخلوا على أبي سهل في تسكين الفتنة، وأخرجوا الْإِثنين من الحبس إلى داره، وباتوا على ظَفَر. وأحبَّ الشّافعيَّة أبا سهل. ثمَّ تشاور الأصحاب بينهم، وعلموا أنَّ مخالفة السُّلطان قد يكون لها تَبِعَة، وأنّ الخصوم لَا ينامون، فاتّفقوا على مهاجمة البلد إلى ناحية أَسْتُوا، ثُمَّ يذهبون إلى الملك، وبقي بعض الأصحاب بالنَّواحي مُتَفَرِّقين، وحُبس أبو سهل في قلعة طورك أشْهُرًا. ثمّ صودِرً وأُبِيعتْ ضِيَاعُهُ، ثم عُفي عنه، وأُحيل ببعض ما أُخذ منه، ووُجّه إليها، فخرج إلى فارس، وحصَّل شيئًا من ذلك، وقصد بيت اللَّه فحجَّ ورجع، وحسُن حاله عند السُّلطان، وأذِن له في الرُّجوع إلى خُراسان، وأتى على ذلك سُنون إلى أن تبدَّل الأمر، ومات السُّلطان طُغرلبك، وتسلطن أبو شجاع ألْبُ أرسلان، فحظي عنده، ووقع منه موقعًا أرفع مِمَّا وقع أبوه من طُغرلبك. ولاح عليه أنه يستوزره، ففُصد سرًا، واحتيل في إهلاكه، ومضى إلى رحمة اللَّه في هذا العام، وحُمل تابوته إلى نَيْسَابور، وأظهر أهلها عليه من الجَزَع ما لم يُعهَد مثله، وبقيت النّوائح عليه مُدَّة بعده. وكانت مراثيه تُنْشَد في الأسواق والَأزِقّة، وبقيت مُصيبته جرْحًا لَا يندمِل، وأفضت نوبة القبول بين الأعوام إلى نجله، ولم يبق سواه أحد من نسله. وكان إذا حضر السلطان البلد يقدِّم له أبو سهل وللَأمراء من الحلواء والَأطعمة المُفتخرة أشياء كثيرة، بحيث يتعجَّب السُّلطان والَأعوان. ولقد دخل إليه يوم تلك الفِتنة زوج أخته الشَّريف أبو محمد الحسن بن زيد شفيعًا في تسكين النَّائِرة، فنثر على أقدامه ألف دينار، واعتذر بأنّه فاجأه بالدخول.

اختصرتُ هذا من "السّياق" لعبد الغافر. وذكر غيره أنَّ ألْبَ أرسلان بعثه رسولًا إلى بغداد، فمات في الطَّريق. 181- المحسّن بن عيسى بن شهفيروز1: أبو طالب البغداديّ الفقيه الشّافعيّ. توفِّي ببغداد في رمضان. وقد حدَّث عَن المُعافى بن زكريّا الجريريّ، وأبي طاهر المخلّص. وفيات سنة سبع وخمسين وأربعمائة: حرف الألف: 182- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحسن2. أبو الحسين الطَّرائفيّ الدّمشقيّ. سمع: تمَّام بن محمد الرّازيّ، وعبد الرَّحمن بْن أَبِي نصر. رَوَى عَنْهُ: الخطيب، وعبد اللَّه بن الأكفانيّ. 183- أَحْمَد بْن عبد العزيز بْن أَحْمَد3: أبو بَكْر بن الأطروش القُدُوريّ، البغداديّ المقرئ. قرأ القراءات على: أبي الفَرَج النَّهْرَوانيّ، وأبي الحسن الحماميّ. وسمع من: أبي الحسن بن الصلت، والسوسَنجِردي، وطائفة. قرأ عليه: هبة اللَّه بن الطّبر. وحدَّث عنه: رفيقه أبو عليّ بن البنَّا، والمختار بن سعيد، وأبو محمد عبد اللَّه بن الأبنُوسيّ. قال أَحْمَد بن خَيْرون: وُلِدَ سنة 381، وتوفِّي في جمادى الآخرة.

_ 1 تاريخ بغداد "13/ 157". 2 تاريخ دمشق "التيمورية" "2/ 492"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 151". 3 غاية النهاية "1/ 69، 70".

184- أَحْمَد بن القاسم بن ميمون بن حمزة: الشَّريف أبو إبراهيم الحُسيْنيّ المِصريّ. توفِّي في هذه السَّنة أو بعدها، وكان يجتهِد بمصر في نشر السُّنّة. روى عن جدّه، وعن أبي الحسن الحَلَبِيّ، وجماعة. روى عنه: أبو عبد اللَّه الحُميدي، ومحمد بن أَحْمَد الرّازيّ، وعلي بْن المؤمَّل بْن غسَّان الكاتب، وعلي بن الحُسَين الفرّاء، وأبو الحسن بن المُشَرِّف الأنماطيّ. 185- إسماعيل بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن فيلة: أبو القاسم المَدِينيّ. مات في ربيع الآخر بأصبهان. حرف السّين: 186- سعيد بن أبي سعيد أَحْمَد بن محمد بن نُعيم بن أَشْكاب1: الشّيخ أبو عثمان الصُّوفيّ، المعروف بالعيّار. حدَّث عن: أبي الفضل عُبيد اللَّه بن محمد الفاميّ، والحسن بن أَحْمَد المَخْلدي، وأبي طاهر بن خُزَيْمة، والخفَّاف. وحدَّث "بصحيح البُخاريّ" عن محمد بن عمر بن شبّويه، وقد سمعته في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة2. وقد انتقى له البَيْهَقيّ، وخرَّج لهُ موافقات. روى عنه: أبو عبد اللَّه الفرَّاويّ، وأبو القاسم الشّحّاميّ، وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسيّ. وحدَّث بأصبهان فروى عنه: غانم بن أَحْمَد الجُلودي، وفاطمة بنت محمد البغداديّ، والحسين بن طلحة الصَّالحانيّ، وعتيق بن حُسيْن الرُّوَيْدشتيّ، وغيرهم3.

_ 1 الإكمال "6/ 287"، والمنتخب من السياق "236"، والعبر "3/ 241"، وسير أعلام النبلاء "18/ 86-88"، وميزان الاعتدال "2/ 140". 2 التقييد لابن نقطة "289". 3 التقييد "289".

قال عبد الغافر1: سمع بمرْو "صحيح البُخاريّ" من أبي عليّ الشَّبَوي. قلت: وسمع بهُراة من عبد الرّحمن بن أبي شُريح. وتوفِّي بغَزنة في ربيع الأوَّل. وقال السِّلفيّ: سمعت أبا بكر محمد بن منصور السِّمعانيّ يقول: سمعت صالح بن أبي صالح المؤذّن يقول: كان أبي سيِّئ الرّأي في سعيد العيَّار ويتكلَّم فيه، ويطعن فيما رُوَى عَن بِشر الْإِسْفِرَائِينيّ خاصَّة2. قلت: ولهذا لم يُخرّج له البَيْهَقِيّ عن بِشر شيئًا، وسماعه منه ممكن، فقد ذكر الحافظ ابن نُقطة أنَّ مولده في سنة خمسٍ وأربعين وثلاثمائة3، وعلى هذا يكون قد عُمّر مائة وثلاث عشر سنة. وفي الْجُملة فهو مِمَّن عُمّر، فإنَّهُ رحل بنفسه إلى مَرْو سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة كما ذكرنا، واللَّه أعلم. قال فضل اللَّه بن محمد الطُّبْسِيّ: كان الشَّيخ سعيد العيَّار شيخًا بهيًّا طريفًا، من أبناء مائة واثني عشرة سنة. ذكِر أنَّهُ كان لا يروي شيئًا، فرأى بدمشق رؤيا حملته على رواية مسموعاته، وهي أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فأردت أن أسلِّم، فتلقّاني أبو بكر برسالة رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ لا تروي أخباري وتنشرها؟ قال: فأنا منذ ذلك أطوف في البلدان وأروي مسموعاتي4. قال غيث الأَرْمَنَازيّ: سألتُ جماعة لِمَ سُمِّيَ العيَّار؟ قالوا: لَأنَّهُ كان في ابتدائه يسلك مسالك العيَّارين. وقال ابن طاهر في "الضُّعفاء" له: يتكلَّمون فيه لروايته كتاب "اللُّمَع" عن أبي نصر السَّرّاج، وكان يزعم أنَّهُ سمع "الأربعين" لابن أسلم مِن زاهر السرخسي5.

_ 1 في المنتخب من السياق "236". 2 التقييد "289"، وفيه زيادة: "وذكر ابن السمعاني قصة ذهبت على". 3 التقييد "289". 4 تاريخ دمشق "15/ 369، 370" مختصر تاريخ دمشق "9/ 282". 5 تاريخ دمشق "15/ 370".

وقال محمد بن عبد الواحد الدَّقّاق: روى العيَّار عن بِشر بن أَحْمَد، وبِئس ما فعل؛ أفسد سماعاته الصّحيحة بروايته عنه. حرف العين: 187- عبد الصَّمَد بن أبي عبد اللَّه الحسين بن إبراهيم: الْأصبهانيّ الجمَّال، أبو نصر. توفِّي في ربيع الأوَّل. روى عن: أبي مسلم بن أبي جعفر بن المَرْزُبَان الأَبْهَريّ، عن أبيه، عن الحَزُورُّيّ. روى عنه: أبو عليّ الحدَّاد، وغيره. وسماعه نازل بمرَّة، وما أدري كيف لم يسمع عاليا. 188- عبد العزيز بن محمد1: أبو عاصم النَّخْشَبِيّ الحافِظ. توفِّي في هذا العام في قول يحيى بن مَنْدَهْ. وفي سنة ستٍّ في قول غيره؛ وقد تقدَّم. 189- عبد الملِك بن زيادة اللَّه بن علي بن حسن2: التَّمِيميّ ثمّ الحمّانيّ، أبو مروان الطُّبْنيّ. من بيت علمٍ ودين، أصلهم من طُبْنَة من عمل إفريقيّة. سمع بقرطبة من: محمد بن سعيد بن نبات، ويونس بن عبد اللَّه بن مغيث، وأبي المطرف القنازعي، ومكي ابن أبي طالب، وطائفة. وله رحلتان إلى المشرق. سمع من: أبي الحسن بن صَخْر، وطبقته.

_ 1 تقدمت ترجمته برقم "164". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 360-363".

وكان ذا عناية تامَّة بالحديث، وكان أديبًا لُغويًّا شاعِرًا. عاش سِتِّين سنة، وقُتِلَ في داره في ربيع الآخر -رحمه اللَّه1. 190- عبد الواحد بن محمد: أبو القاسم النصريّ الْأصبهانيّ البقَّال. روى عن: محمد بن أَحْمَد بن جَشْنِس. توفِّي في رجب. قاله أبو القاسم بن مَنْدَهْ. 191- عُبَيد اللَّه بْن عليّ بْن عُبَيد اللَّه: الشّيخ أبو المعالي الجيرُفْتِيّ2، المعروف بالعالِم. 192- عليّ بن إبراهيم بن جعفر بن الصَّبّاح: أبو طالب الأَسَدِيّ الهمدانيّ المزكّيّ. روى عَنْ: أَبِيه، وأبي بَكْر بْن لال، وابن خيران، وشعيب بن علي، وأبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وجماعة. قال شيرويه: كان ثقة صدوقا، وحدَّثني عنه أبو الفضل القُومسانيّ. توفِّي في سادس المُحرَّم، ووُلِدَ في سنة 361. حرف الفاء: 193- الفضل بْن محمد بْن إبراهيم. روى عن: أبي العبَّاس الأَسَديّ. مات في ربيع الأوّل، قاله عبد الرَّحمن بن مَنْدَهْ. حرف الميم: 194- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن علي3:

_ 1 الصلة "2/ 362، 363". 2 الجيرفتي: نسبة إلى جيرفت، وهي إحدى بلاد كرمان. "الأنساب "3/ 408، 409". 3 تاريخ بغداد "1/ 356"، والكامل في التاريخ "10/ 49".

أبو الحسين بن الأبنوسيّ البَغْداديّ. سمع: أبا القاسم بن حَبَابَة، وأبا حفص عمر بن إبراهيم الكتاني. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا1. 195- محمد بن علي2: أبو بكر الحداد. بغدادي زاهد صالح، كبير القدر، فقيه حافظ "مختصر الخرقي". وكان قوَّالًا بالحق، نهَّاءً عن المُنكر. توفِّي في شوَّال من السَّنة، وشيَّعه خلائق. حكى عنه الخطيب في ترجمة دَعْلَج. 196- موحِّد بن عليّ بن عبد الواحد بن الموحّد3: أبو الفرج بن البَرِّيّ الدَّمشقيّ. سمع: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصْر. روى عنه: أبو بكر الخطيب. وله إخوة ذكرهم الأمير ابن ماكولا بالفتح. قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: كذا ذكرهم الأمير في باب بَرّي -بفتح الباء، يعني أنه بالضم. وفيَّات سنة ثمان وخمسين وأربعمائة: حرف الألف: 197- أحمد بن الحسين بن علي بن موسى4:

_ 1 تاريخ بغداد "1/ 356". 2 تاريخ بغداد "8/ 389". 3 الإكمال "1/ 401"، وتاريخ دمشق "التيمورية" "43/ 516". 4 المنتظم "8/ 424"، ومعجم البلدان "1/ 538"، وسير أعلام النبلاء "18/ 163-170"، والبداية والنهاية "12/ 94"، وشذرات الذهب "3/ 304، 305".

الْإِمام أبو بكر البَيْهَقِيّ الخِسْروجِرْدِيّ، مصنِّف "السُّنن الكبير"، و"السنن الصغير"، و"السنن والآثار"، و"دلائل النبوة"، و"شعب الإيمان"، و"الأسماء والصِّفات"، وغير ذلك. كان واحد زمانه، وفرد أقرانه، وحافظ أوانه، ومن كبار أصحاب أبي عبد اللَّه الحاكم. أخذ مذهب الشَّافعيّ عَن أبي الفتح ناصر بن محمد العُمَرِيّ المَرْوَزِيّ، وغيره. وبرع في المذهب. وكان مولده في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة1. وسمع الكثير من: أبي الحسن محمد بن الحسين العلويّ، وهو أكبر شيخ له. ومن: أبي طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، أبي عبد اللَّه الحافظ الحاكم، وأبي عبد الرَّحمن السُّلَميّ، وأبي بكر بن فُورَك، وأبي عليّ الرُّوذَباريّ، وأبا بكر الحِيَرِيّ، وإسحاق بن محمد بن يوسف السّوسيّ، وعليّ بن محمد بن عليّ السَّقّاء، وأبي زكريّا المزكّيّ، وخلقٌ من أصحاب الأصم. وحجّ فسمع ببغداد من: هلال الحفَّار، وأبي الحسين بن بِشْران، وعبد اللَّه بن يحيى السُّكَريّ، وأبي الحسين القطَّان، وجماعة. وبمكّة من: أبي عبد اللَّه بن نظيف، والحسن بن أَحْمَد بن فِراس. وبالكوفة من: جَنَاح بن نذير المحاربيّ، وغيره. وشيوخه أكثر من مائة شيخ. لم يقع له "جامع التِّرْمِذِيّ"، ولا "سُنَن النَّسائيّ"، ولا "سُنَن ابن ماجه"، ودائرته في الحديث ليست كبيرة، بل بورِك له في مرويّاته، وحسن تصرُّفه فيها؛ لحذقه وخبرته بالَأبواب والرِّجال. روى عنه جماعة كثيرة، منهم: حفيده أبو الحسن عُبَيْد اللَّه بن محمد بن أبي بكر، وأبو عبد الله الفراوي، وزاهر ابن طاهر الشّحّاميّ، وعبد الجبَّار بن محمد الحواريّ، وأخوه عبد الحميد بن محمد، وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسيّ، وعبد الجبَّار بن عبد الوهاب الدهان، وآخرين.

_ 1 في الكامل في التاريخ "10/ 52" مولده سنة "387هـ".

بَعُدَ صِيتُهُ، وقيل: إنّ تصانيفه ألف جزء، سمعها الحافظان ابن عساكر، وابن السَّمعانيّ من أصحابه. وأقام مُدَّة بِبَيْهَق يصنِّف كُتُبَه، ثم إنّه طُلِبَ إلى نَيْسَابور لِنَشْر العلم بها فأجاب، وذلك في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، فاجتمع الأئِمَّة وحضروا مجلسه لقراءة تصانيفه. وهو أوَّل من جمع نصوص الشّافعيّ، واحتجَّ لها بالكتاب والسُّنّة. وقد صنَّف "مناقب الشَّافعيّ" في مجلد، و"مناقب أَحْمَد" في مُجلَّد، وكتاب "المدخل إلى السُّنن الكبير"، وكتاب "البعث والنُّشور" في مُجلَّد، وكتاب "الزُّهد الكبير" في مُجَلّد وسط، وكتاب "الاعتقاد" في مُجلَّد، وكتاب "الدَّعوات الكبير"، وكتاب "الدّعوات الصغير"، وكتاب "التّرغيب والتّرهيب"، وكتاب "الآداب"، وكتاب "الْإِسراء"، وله "خلافيّات" لم يُصَنَّف مثلها، وهي مُجلَّدان، وكتاب "الأربعين" سمعته بعلوٍّ. قال عبد الغافر1: كان على سيرة العُلماء، قانِعًا من الدُّنيا باليسير، متجمِّلًا في زُهْدِهِ وورعه، عاد إلى النّاحية في آخر عُمْرِه، وكانت وفاته بها، وقد فاتني السَّماع منه لغيبة الوالد، ولانتقال الشّيخ آخر عمره إلى النّاحية، وقد أجاز لي. وقال غير عبد الغافر: قال إمام الحَرَمَيْن: ما من شافعيٍّ إِلَّا وللشافعيّ عليه منَّة إلّا البيهقي، فإنَّ له على الشّافعيّ مِنّة لتصانيفه في نْصُرة مذهبه2. قلت: كانت وفاته -رحمه اللَّه- في عاشر جُمَادَى الأُولَى بنَيْسَابُور. ونُقِل تابوته فدُفِنَ بِبَيْهَق3، وهي ناحية كَحْوران، على يومين من نَيْسَابور وخسروجِرْد أُمّ تلك النّاحية4. 198- أَحْمَد بن محمد5: أبو العبَّاس الشّقّانيّ الحسنويّ الصُّوفيّ المُتكلِّم.

_ 1 في المنتخب من السياق "104". 2 المختصر في أخبار البشر "2/ 186". 3 التقييد "138، 139". 4 الأنساب "2/ 381". 5 المنتخب من السياق "107".

ذكره عبد الغافر فقال: واحد عصره في حالته وورعه وزهده، وتبحُّره في علم الأصول. تخرَّج به جماعة، وكان قانِعًا باليسير. 199- إبراهيم بن محمد بن موسى1: الْإِمام أبو إسحاق السَّرَوِيّ2، الفقيه الشَّافعيّ، من أهل سارية. قدِمَ بغداد في صباه، وسمع بها من: أبي حفص الكتَّانيّ، وأبي طاهر المخلّص، وتفَقَّه على الشّيخ أبي حامد. وأخذ الفرائض عن: ابن اللبَّان. وصنَّف في المذهب وأُصُوله، وصار شيخ تِلك النَّاحية. ووَلِيَ قضاء سارية مُدّة. ويُقال له: المُطَهَّريّ نسبةً إلى قرية مُطَهَّر -بفتح الهاء وطاء مُهْمَلة. روى عنه: مالك بن سنَّان، وغيره. توفِّي في صَفَر عن مائة سنة، "من الأنساب" للسَّمعانيّ ومن "الذَيْل" لهُ. حرف الحاء: 200- الحسن بن غالب بن المبارك3: أبو عليّ البغداديّ. شيَخ مُسِنٌّ، توفِّي في رمضان، وقد روى عن جماعة. قال أبو الفضل بن خَيْرُون: حدَّث عن جماعة لم يوجد له عنهم ما يُعوَّل عليه، كأبي الفضل الزُّهريّ، ومحمد بن أَحْمَد المُفيد. وحدَّث "بمُختصر الخِرقيّ" في الفقه، عن ابن سمعون، ولم يكن سماعه, وواقَفْتُهُ، وجَرَتْ لي معه نوب، وأقرأ بقراءات عن

_ 1 الأنساب "11/ 372"، وسير أعلام النبلاء "18/ 147، 148". 2 السروي: نسبة إلى سارية مازندران. "الأنساب 7/ 75". 3 تاريخ بغداد "7/ 400"، وميزان الاعتدال "1/ 516، 517"، والبداية والنهاية "12/ 94"، ولسان الميزان "2/ 243".

إدريس بن عليّ، ووقِّف عليها وتاب منها، وكُتِبَ عليه محضر. وقال الخطيب1: كتبنا عنه، وكان له سمْت وظاهر صَلاح، وأقرأ بما خَرَقَ به الْإِجماع فاستُتِيب. قلتُ: روى عنه: أبو غالب بن البنَّا، وأبو بكر محمد بن عبد الباقيّ، وغيرهما. وقرأ عليه بالرّوايات أَحْمَد بن بدران الحَلْوَانيّ. 201- حمزة بن فَضَالة: أبو أَحْمَد الهَرَويّ. سمع: عَبْد الرَّحمن بْن أَبِي شُريْح، وأبا مُعاذ شاه بن عبد الرّحمن. حرف الخاء: 202- الخضر بن الفتح2: أبو القاسم الدّمشقيّ الصُّوفيّ. سمع من: تمَّام الرّازيّ، وأبي نصر بن الجبّان. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر الخطيب، ونجا بْن أَحْمَد. حرف العين: 203- عبد اللَّه بن موسى3: أبو محمد الأنصاريّ الطُليطُليِّ الزَّاهِد، المعروف بالشَّارقيّ. روى عن: يونس بن عبد اللَّه، وأبي عمر الطَّلَمَنْكِيّ، وطبقتهما. وحجَّ، وكان من العلماء العاملين، ذا وَرَعٍ وتعبُّد وتألُّه وتواضُع ونَفْع للخلق -رحمه اللَّه.

_ 1 في تاريخه. 2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "12/ 508"، وتهذيب تاريخ دمشق "5/ 165". 3 تقدمت ترجمته برقم "161".

204- عبد الله ابن الْإِمام أبي عمر يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد البَرّ1: أبو محمد النِّمريّ الأندلُسيّ. روى عن: أبيه، وأبي العبّاس المهديّ. وكان من أهل الأدب البارع والبلاغة الرَّائعة. ولهُ شِعرٌ حَسَن. 205- عبد الرَّزّاق بن عمر بن موسى بن شَمَة2: أبو الطَّيّب الْأصبهانيّ التّاجر. حدَّث عن: أبي بكر بن المقري بكتاب "السُّنَن" لَأبي قرَّة الزَّبِيديّ. روى عنه: غانم بن خالد3، وفاطمة بنت ناصر، وأحمد بن الفضل سيروَيْه، وسعيد بْن أَبِي الرجاء، والحسين بْن عَبْد الملك، وغيرهم. ومات في جُمَادَى الآخرة. وشمة -بالفتح والتخفيف: قيده الحسين الخلال، وابن عساكر. وقيل: شِمَة -بكسر أوّله- كذا بخط أبي العلاء العطّار. 206- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الفضل4: أبو القاسم القطان. سمع: أبا طاهر المخلّص، وعُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد الصّيدلانيّ. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا. توفِّي في ربيع الأوَّل. 207- عُبَيْد اللَّه بن عبد الله بن هشام5:

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 279". 2 العبر "3/ 242"، وسير أعلام النبلاء "18/ 149، 150"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1135". 3 التقييد "420". 4 تاريخ بغداد "10/ 469". 5 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "15/ 332".

أبو القاسم العَنْسيّ1 الدَّارانيّ. سمع: عبد الرّحمن بن أبي نصر، والحسين بن أبي كامل الأطرابُلُسيّ. روى عنه: أبو بكر الخطيب2، وعبد الكّريم بن حمزة. توفِّي في ربيع الأوَّل. 208- عليّ بن إسماعيل3: أبو الحسن المُرسيّ اللُّغَويّ، المعروف بابن سِيدَه. مُصنِّف "المُحْكَم"4 في اللُّغة، ولهُ كتاب "المُخَصّص"، وكتاب "الأنيق في شرح الحماسة" عشرة أسفار، وكذا المُحْكم مقداره. وله كتاب "العالِم في اللُّغة على الأجناس" يكون نحو مائة مُجلَّد، بدأ بالفَلَك، وختم بالذَّرَّة، وله كتاب "شاذّ اللُّغة" في خمس مُجلَّدات. أخذ عن أبيه، وعن: صاعد بن الحسن البغداديّ. قال أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ: دخلت مُرْسِية فتشبَّث بي أهلها ليسمعوا عليَّ غريب المصنَّف، فقلت: انظروا لي من يقرأ لكم، وأمسك أنا كتابي، فأتوني برجلٍ أعمى يُعْرَف بابن سِيدَه، فقرأه عليَّ كله، فعجبت من حفظه، وكان أعمى ابن أعمى5. وقال الحُمَيْديّ6: إمام في اللُّغة والعربيّة، حافظًا لهما، على أنَّهُ كان ضريرًا، وقد جمع في ذلك جموعًا، وله مع ذلك في الشَّعر حظٌّ وتصرُّف. مات بعد خروجي من الأندلُس. وورَّخه القاضي صاعد بن أَحْمَد7 وقال: بلغ ستين سنة أو نحوها.

_ 1 العنسي: نسبة إلى عنس بن مالك بن أدد بن زيد. "الأنساب "9/ 79". 2 في موضح أوهام الجمع "2/ 317". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 144، 145"، والبداية والنهاية "12/ 95". 4 هو "المحكم المحيط الأعظم". 5 الصلة "2/ 417، 418". 6 في جذوة المقتبس "311". 7 طبقات الأمم "119".

وذكره الْيَسَع بن حَزْم، فذكر أنَّهُ كان يفضل العجم على العرب، هو رأي الشُّعوبيَّة. وحطَّ عليه السُّهَيْليّ في "الرَّوْض الأُنُف"، فَقَالَ: إنَّهُ يعثر في "المُحْكَم" وغيره عَثَرَاتٍ يَدْمَى منها الأَظَلُّ1، ويدحض دحضات تخرجه إلى سبيل مَنْ ضَلّ، بحيث أنَّهُ قال في الْجِمار: هي الّتي تُرمى بعَرَفة، وكذا يهمُّ إذا تكلَّمَ في النَّسَب، وقال أبو عمر بن الصَّلاح الشافعيّ: أضرّت به ضرارته. قلت: ولكنَّه حجّةٌ في اللُّغة، موثّقٌ في نقلها، لم يكن في عصره أحد يدانيه فيها. ولهُ شِعرٌ رائق، وكان مُنْقَطِعًا إلى الأمير أبي الجيش مجاهد العامريّ، فلمَّا تُوُفّي حَدَثت لَأبي الحَسَن نَبْوَة في أيَّام إقبال الدّولة، فهرب منه، ثمّ عمل فيه أبياتًا يستعطفه يقول فيها: ألا هل إلى تقبيل راحتك اليُمْنَى ... سبيلٌ فإنَّ الأمن من ذاك واليُمْنَا وإن تتأكَّد في دَمي لك نِيَّةٌ ... تصدَّق فإني لَا أحبّ له حَقْنا فيما مَلِكِ الأملاك إنّي مُحّومٌ ... على الوِرْدِ لَا عَنْهُ أُذَادُ ولا أُدْنَى ونِضْوِ هُمُوم طَلَّحَتْه طِيَاته ... فلا غارِبًا أبقيت منه ولا متْنا إذا ميتة أرضتك منها فَهَاتِها ... حَبْيِبٌ إلينا ما رضيت به عنّا2 وهي طويلة، ووقع بها الرِّضى عنه. 209- عليّ بْن أَبِي طَالِب محمد بْن عليّ بن عطية الملكي: أبو الحسن. وله مصنَّف "قوت القلوب". سمع: أباه، وأبا طاهر المُخلّص. 210- عمرو بن عبد الرحمن بن أحمد:

_ 1 الأظل: بطن الإصبع. 2 الأبيات في جذوة المقتبس "311، 312"، ومعجم الأدباء "12/ 234، 235".

أبو الحكم الكَرْمَانيّ، الأندلسيّ القُرْطُبِيّ، صاحِب الهندسة. كان إمامًا لَا يُشَقّ غباره في عِلم أوقليدس ودقائقة. رحل إلى المشرق، وأخذ بحرَّان عن فُضلائِها، ثم رجع وسكن مدينة سَرَقُسْطَة، وجلب معه رسائل إخوان الصّفاء. ولهُ يدٌ طولى في الطب، والجرح، والبط. وعمر، عاش تسعين سنة. ومات سنة ثمانٍ هذه، وهو من تلامذة سلمة المرجيطيّ. حرف الغين: 211- غانم بن أبي سهل عمرو بن أَحْمَد بن عمر الْأصبهانيّ: الصّفّار الفقيه. حرف الفاء: 212- فَرَج الزَّنْجانيّ1: الزَّاهد المعروف بفَرَج أخي. من كبار الصالحين بتلك الديار، هو الذي لبسنا خوقة السَّهرَوَرديّ من طريقه. قال السِّلفيّ: سمعتُ أَبَا حَفْص عُمَر بْن محمد بن عمّوَيْه السَّهْرورديّ ببغداد يقول: قُدِّمْتُ إليه وأنا ابن أربع سِنين. قال: ومات سنة ثمان وخمسين -رحمه اللَّه. حرف القاف: 213- قاسم بن محمد بن سليمان بن هلال2: أبو محمد القيسيّ الطُّلَيْطُليّ. روى عن: عبدوس بن محمد، وأبي إسحاق بن شنظير، وأبي جعفر بن ميمون،

_ 1 طبقات الأولياء لابن الملقن "495". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 472، 473".

وسعيد بن نصر، وابن الفَرَضيّ، ويونس بن عبد اللَّه القاضي، وجماعة. وحجَّ فأخذ عن: أبي الحسن بن جَهْضَم وهو في عَشْر التّسعين، وأبي ذَرّ، وغيرهما. وعُنِيَ بالعلم مع زهدٍ وصلاة وخَشْية. كتب بخطِّه الكثير، وكان ثِقَةً إمامًا في السُّنَّة، سيفًا على أهل الأهواء، صليبًا في الحقّ. توفِّي فِي رجب. حرف الميم: 214- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن عبَّاد1: القاضي أبو عاصم العَبَّاديّ الهَرَوِيّ، الفقيه الشّافعيّ. تفقّه على القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ بهَرَاة، وعلى القاضي أبي عمر البِسْطَاميّ بنَيْسَابُور. وكان إمامًا دقيق النَّظر، تنقَّل في النَّواحي، وصنَّف كتاب "المبسوط"، وكتاب "الهادي"، وكتاب "أدب القاضي". وله مصنَّف في "طبقات الفقهاء". أخذ عنه: أبو سعد الهَرَويّ2 وغيره. ومات في شوَّال عن ثلاثٍ وثمانين سنة. وكان من أعيان الشافعية، رَوى الحديث عَنْ: أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سهل القراب، وغيره. رَوى عَنْه: إِسْمَاعِيل بْن أبي صالح المؤذن.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 180، 181"، والعبر "3/ 243"، وشذرات الذهب "3/ 306"، ومعجم المؤلفين "9/ 10". 2 وفيات الأعيان "4/ 214".

215- محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد1: القاضي أبو يعلى ابن الفراء البغدادي الحنبلي، كبير الحنابلة. وُلِدَ في أول سنة ثمانين وثلاثمائة. وسمع: أبا الحسن الحربيّ، وإسماعيل بن سُوَيْد، وأبا القاسم بن حبابة، وعيسى بن الوزير، وابن أخي ميميّ، وأبا طاهر المخلّص، وأم الفتح بنت أَحْمَد بن كامل، وأبا الطَّيّب بن منْتاب، وابن معروف، وجماعة. وأملى مجالس. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وابنه القاضي أبو الحسن محمد، وأبو الخطَّاب الكلوذانيّ، وأبو الوفاء بن عقيل، وأبو غالب بن البنَّاء، وأخوه يحيى بن البنَّاء، وأبو العز بن كادش، وأبو بكر قاضي المَرِسْتان. وآخر من روى عنه أبو سَعْد أَحْمَد بن محمد بن عليّ الزَّوْزَنيّ الصّوفيّ فيما علِمت. وروى عنه من القدماء أبو علي الأهوازي، وبين وفاته ووفاة هذا تسعون سنة. قال الخطيب2: ولَأبي يَعْلى تصانيف على مذهب أَحْمَد، ودرَّسَ وأفتى سنين كثيرة، وولي القضاء بحريم دار الخلافة. وكان ثِقة. وتُوُفّي في شهر رمضان. ذكره ابنه أبو الحسين في كتاب الطَّبقات له، فقال: كان عالِم زمانه، وفريد أوانه، وفريد عصره، ونسيج وحده، وقريع دهره. وكان له في الأصول والفروع القدم العالي، وفي شرف الدِّين والدُّنيا المحلّ السَّاميّ، والحظّ الرفيع عند الْإِمامين القادر والقائم، وأصحاب الْإِمام أَحْمَد له يتبعون، ولتصانيفه يدرسون، وبقوله يُفتون، وعليه يُعوِّلون، والفُقَهاء على اختلاف مذاهبهم كانوا عنده يجتمعون، ولمقاله يسمعون، وبه ينتفعون.

_ 1 تاريخ بغداد "2/ 256"، والأنساب "9/ 256"، والأنساب "9/ 246"، وسير أعلام النبلاء "18/ 89-91"، والبداية والنهاية "12/ 94، 95". 2 في تاريخ بغداد "2/ 256".

وقد شُوُهِدَ له من الحال ما يُغْني عن المثال، لا سيما مذهب الْإِمام أَحْمَد، واختلافات الرّوايات عنه، وما صحَّ لديه منه، مع معرفته بالقرآن وعلومه، والحديث، والفتاوى، والْجَدَل، وغير ذلك من العلوم، مع الزهد والورع، والعفة القناعة، والانقطاع عن الدُنيا وأهلها، واشتغاله بالعِلْم ونشره. وكان أبوه أحد شهود الحضرة1، قد درس على الفقيه أبي بكر الرّازيّ مذهب أبي حنيفة، وتوفِّي سنة تسعين، وكان سِنّ الوالد إذ ذاك عشر سنين إِلَّا أيَّامًا، وكان وصيه رجل يعرف بالحربي يسكن بدار القَزّ، فنقله من باب الطَّاق إلى شارع دار القَزّ، وفيه مسجد يُصلِّي فيه شيخ يُعرف بابن مفرحة المقرئ يُقرئ القُرآن، ويُلَقِّن العبارات من مُختصر الخِرَقِيّ، فلقَّن الوالد ما جرت عادته، فاستزاده، فقال: إنْ أردت الزِّيادة فعليك بالشّيخ أبي عبد اللَّه بن حامد، فإنَّهُ شيخ الطَّائِفة، ومسجده بباب الشَّعير، فمضى الوالِد إليه، وصحبه إلى أن توفِّي ابن حامد سنة ثلاث وأربعمائة، وتفقَّه عليه. ولمَّا خَرَج ابن حامد إلى الحج سنة اثنتين وأربعمائة سأله محمد بن عليّ على مَنْ ندرس؟ وإلى مَنْ نجلس؟ فقال: إلى هذا الفتى. وأشار إلى الوالد. وقد كان لابن حامد أصحابٌ كُثُر2، فتفرَّس في الوالد ما أظهره اللَّه عليه. وأوَّل سماعه للحديث سنة خمسٍ وثمانين وثلاثمائة من السُّكّريّ، ومن موسى بن عيسى السَّرّاج، وأبي الحسن عليّ بن معروف. وسمَّى جماعة، ثم قال: ومن أبيه، ومن القاضي أبي محمد بن الأكفانيّ، ومن أبي نصر بن الشّاه. وسمع بمكَّة، ودمشق، وحلب3. قلت: سمع بدمشق من عبد الرحمن بن أبي نصر التَّميميّ4. قال: ولو بالَغْنَا في وَصْفِهِ لكُنَّا إلى التّقصير فيما نذكُرُه أقرب؛ إذ انتشر على

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 194". 2 في "طبقات الحنابلة" "2/ 195"، "كثيرون". 3 طبقات الحنابلة "2/ 196". 4 تاريخ دمشق "37/ 399".

لسان الخطير والحقير ذِكْرِ فضله، قصده الشّريف أبو عليّ بن أبي موسى دفعات ليشهد عند قاضي القُضاة أبي عبد اللَّه بن ماكولا، ويكون ولد القاضي أبي عليّ أبو القاسم تابعًا له، فأبى عليه، فمضى الشَّريف إلى أبي القاسم بن بِشْران، وسأله أن يشهد مع ولده، وقد كان ابن بِشْران قد ترك الشّهادة، فأجابه. وتُوُفّي الشّريف أبو عليّ سنة ثمانٍ وعشرين، ثم تكرَّرت سؤالات ابن ماكولا إلى الوالد أن يشهد عنده، فأجاب، وشهد كارِهًا لذلك1. وحضر الوالد دار الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة مع الزَّاهِد أبي الحسن القزوينيّ؛ لفسادِ قولٍ جرى من المُخالِفين لما شاع في كتاب "إبطال التأويل"، فخرج إلى الولد الاعتقادي القادري في ذلك يعتقده الوالد، وكان قبل ذلك قد التمس منه حمّل كتاب "إبطال التأويل" ليُتَأمَّل، فأُعيد إلى الوالد وشُكِر لهُ تصنيفه. وذكر بعض أصحاب الوالد أنَّهُ كان حاضرًا في ذلك اليوم فقال: رأيتُ قارئ التَّوقيع الخارج من القائم بأمر اللَّه قائمًا على قدميه، والمُوافق والمُخالِف بين يديه، ثم أُخِذت في تلك الصَّحيفة خطوط الحاضرين من العلماء على اختلاف مذاهبهم، وجُعِلت كالشَّرط المشروط، فكتب أوَّلًا القزوينيّ: هذا قول أهل السُّنَّة، وهو اعتقاديّ، وكتب الوالد بعده، والقاضي أبو الطَّيّب الطَّبَريّ، وأعيان الفقهاء بين موافقٍ ومخالف. قال: ثمّ توفِّي ابن القزوينيّ سنة اثنتين وأربعين، وحضره عَالَم كثير، فجرت أمور، فحضر الوالد سنة خمسٍ وأربعين دار الخلافة، فجلس أبو القاسم عليّ ابن رئيس الرُّؤساء، ومعه خلق من كبار الفقهاء، فقال أبو القاسم على رءوس الأشهاد: القرآن كلام اللَّه، وأخبار الصَّفات تمر كما جاءت، وأصلح بين الفريقين2. فلمَّا تُوُفّي قاضي القُضاة ابن ماكولا راسل رئيس الرُّؤساء الوالد ليلِي القضاء بدار الخلافة والحريم، فأبى، فكرَّر عليه السؤال، فاشترط عليهم أن لا يحضر أيَّام الموكِب، ولا يقصد دار السُّلطان، ويستخلف على الحريم فأُجيب. وكان قد ترشَّح لقضاء الحريم أبو الطَّيّب، ثم أُضِيف إلى الوالد قضاء حران وحلوان، فاستناب فيهما.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 197". 2 طبقات الحنابلة "2/ 198".

وقال تلميذه عليّ بن نصر العُكْبَريّ: رفع اللَّه رايةَ الْإِسلام ... حين رُدَّت إلى الأجلّ الإمام التقي النقي ذي المنطق الصا ... ئب في كلّ حجّةٍ وكلام خائفُ مُشفقٌ إذا حضر الخصما ... ن يخشى من هَوْل يوم الخصام في أبيات1. ولم يزل جاريا على سديد القضاء وإنفاذ الأحكام حتَّى توفِّي. ولو شرحنا قضاياه السَّديدة كانت كتابًا قائِمًا بنفسه. وقد قرأ القُرآن بالقراءات العشر، ولقد حضر النَّاس مجلسه وهو يُملي الحديث على كُرسيِّ عبد اللَّه ابن إمامنا أَحْمَد، فكان المُبلِّغون عنه والمستملون ثلاثة: خالي أبو محمد، وأبو منصور الأنباريّ، وأبو عليّ البَرَدَانيّ. وأخبرني جماعة ممن حضر الْإِملاء أنهم يسجدوا على ظهور النَّاس، لكثرة الزَّحمة في صلاة الجمعة، وحُزر العدد بالَألوف، وكان يومًا مشهودا2. وحضرتُ أنا أكثر أماليه. وكان يُقسّم ليله أقسامًا: قسم للمنام، وقسم للقيام، وقسم لتصنيف الحلال والحرام3. ومن شاهد ما كان عليه من السَّكينة والوقار، وما كسا اللَّه وَجْهَهُ من الأنوار، شهد له بالدّين والفضل ضرورة. وتفقَّه عليه: أبو الحسن4 البغداديّ، والشَّريف أبو جعفر الهاشميّ، وأبو الغنائم بن الغباريّ، وأبو عليّ بن البنَّا، وأبو الوفاء بن القوَّاس، وأبو الحسن النّهريّ، وأبو الوفاء بن عَقِيل، وأبو الحسن بن جدَّا5 العُكْبَرِيّ، وأبو الخطَّاب الكلوذاني، وأبو

_ 1 الأبيات في طبقات الحنابلة "2/ 199، 200". 2 طبقات الحنابلة "2/ 201، 202". 3 طبقات الحنابلة "2/ 203". 4 في طبقات الحنابلة "2/ 204": "أبو الحسين". 5 في طبقات الحنابلة "2/ 205": "زفر".

يَعْلى الكَيَّال1، وأبو الفرج المقدسيّ، ثم سمَّى جماعة. قال: ومصنَّفاته كثيرة، فمنها: "أحكام القُرآن"، و"مسائل الإيمان" و"المعتمد"، و"مختصره"، و"المقتبس"، و"عيون المسائل"، و"الرد على الأشعرية"، و"الرد على الكرامية"، و"الرد على المجسمة"، و"الرد على السالمية"، و"إبطال التأويلات لأخبار الصفات"2، و"مختصره"، و"الانتصار" لشيخنا أبي بكر، و"الكلام في الاستواء"، و"الكلام في حروف المعجم"، وأربع مُقدّمات في أصول الديانات، و"العمدة" في أصول الفقه، و"مختصره"، و"الكفاية" في أصول الفقه، و"مختصرها"، و"فضائل أَحْمَد"، وكتاب "الطِّبّ"، وكتاب "اللبّاس"، وكتاب "الأمر بالمعروف"، و"شروط أهل الذمة"، و"التوكل"، و"ذمّ الغناء"، و"الاختلاف في الذبح"، و"تفضيل الفقر على الغنى"، و"فضل ليلة الجمعة على ليلة القدر"، و"إبطال الحيل"، و"المجرد في المذهب"، و"شرح الخرقي"، وكتاب "الراويتين"، وقطعة من "الجامع الكبير"، و"الجامع الصغير"، و"شرح المذهب"، و"الخصال"، و"الأقسام"، وكتاب "الخلاف الكبير". وقد حمل النَّاس عنه علمًا كثيرًا، وهو مستغنٍ باشتهار فضله عن الإطناب في وصفه. توفِّي فصلى عليه أخو أبي القاسم، فقيل: إنَّهُ لم يُرَ في جنازة بعد جنازة أبي الحسن القَزْوِينيّ الْجَمْعُ الّذي حضر جنازته. وسمعت أبا الحسن النَّهريّ يقول: لمَّا قَدِمَ الوزير ابن دارست عبرتُ أبصرته، ففاتني الدرس، فلما قلتُ للقاضي: يا سيّدي تتفضَّل، وتُعيد لي الدَّرس، فقال: أين كنت؟ قال: مضيت أبصرت ابن دارس. فقال: وَيْحُك، تمضي وتنظر للظَّلْمَاء؟ وعنَّفني3. قال: وكان ينهانا دائمًا عن مُخالطة أبناء الدُّنيا، وعن النَّظر إليهم والاجتماع بهم، ويأمُر بالاشتغال بالعِلم ومجالسة الصّالحين. سمعتُ خالي عبد اللَّه يقول: حضرت مع والدك في دار رئيس الرُّؤساء بعد مجيء طُغْرُلْبَك، وقد أنفذ إليه غير مرَّة ليحضِر، فلمَّا حضر زاد في إكرامه وأجلسه

_ 1 في طبقات الحنابلة ابن الكيال. 2 الكامل في التاريخ "10/ 52". 3 طبقات الحنابلة "2/ 222".

إلى جانبه، وقال له: لم يزل بيت المُسلِمة وبيت الفرَّاء مُمتَزِجين، فما هذا الانقطاع؟ فقال له القاضي: رُوِيَ عن إبراهيم الحربيّ أنَّه استزاره المُعتّضِد، وقرَّبه وأجازه، فرصد جائزته، فقال له: أكتم مجلسنا، ولا تُخبِر بما فعلنا بك، ولا بما قابلتنا. فقال: لي إخوان لو علموا باجتماعي بك هجروني. قال: فقال له رئيس الرُّؤساء كلامًا أسرَّهُ إليه، ومدَّ كُمَّهُ، فتأخَّر القاضي عنه، وسمعته يقول: أنا في كفايةٍ ودِعة. فقلت له: يا سيِّدنا ما قال لك؟ قال: قال لي: معي شُويّ1 من بقيّة ذلك الْإِرث المُستطاب، وأُحِبُ أن تأخُذه، فقلت: أنا في كفاية. سمعتُ بعض أصحابنا يحكي، قال: لما حَصُبَ القائم وعُوفِيَ، حضر الشّيخ أبو منصور بن يوسف عند الوالد، وقال له: لو سهل عليك أن تمضي إلى باب القرية لتهنِّئ الخليفة بالعافية. فمضى إلى هُناك، فخرج إليه الحاجب، ومعه جائزة سنِّيّة، وعرَّفه شُكْرَ الْإِمام لسَعْيِه، وتبرُّكه بدعائه، وسأله قبول ذلك. قال: فَوَاللَّه ما مسَّها، ولا قبِلها. سمعتُ جماعة من أهلي أنَّ في سنة إحدى وخمسين وقع النَّهب بالجانب الغربيّ، انتقل الوالد، وكان في بيته خُبْزٌ يابس، فنقله معه، وترك نقل رَحْله، لتعذُّر من يحمله، فكان يقتات منه، وقال: هذه الأطعمة اليوم نُهُوبٌ وغُصُوب، ولا آكُل من ذلك شيئًا. فبقي ما شاء اللَّه يتقوَّت من ذلك الخُبز اليابس، ولحقه منه مرض2. وكان الوالد يختم في المسجد في كلِّ ليلة جمعة ويدعو، ما أخل بهذا سنين عديدة إِلَّا لعُذر. ولعلَّ يقول ناظِرٌ في هذا: كيف استجاز مدح والده؟ فإنَّما حَمَلَنا على ذلك كثرة قول المُخالفين، وما يُلْقون إلى تابعيهم من الزُّور والبُهْتان، ويتخرَّصون على هذا الإمام من التحريف والعدوان.

_ 1 في طبقات الحنابلة "2/ 223" "معي شيء". 2 طبقات الحنابلة "2/ 223".

أنشدني بعض أصحابه، فقال: من اقتنى وسيلةً وذُخْرا ... يرجو بها مَثُوبةً وأَجْرا فحجَّتي يوم أوافي الحشرا ... معتقدي عقيدة ابن الفرّا1 قال أبو الحسين: اعلم، زادنا اللَّه عِلمًا ينفعنا به، وجعلنا مِمَّن آثر الآيات الصّريحة، والَأحاديث الصحيحة، على آراء المُتَكلِّمين، وأهواء المتكلفين، وأنَّ الّذي دَرَجَ عليه سائر السَّلَف التَّمسُّك بكتاب اللَّه، واتِّباع سُنَّة محمد -صلّى اللَّه عليه وسلم، ثم ما روي عن الصَّحابة، ثم عن التّابعين والخالفين لهم من علماء المُسلمين الْإِيمان والتَّصديق بكلِّ ما وصف اللَّه به نَفْسَهُ، أو وصفه به رسوله، مع ترك البحث والتَّنْقير، والتّسليم لذلك، من غير تعطيلٍ ولا تشبيهٍ ولا تفسيرٍ ولا تأويل، وهي الطَّائفة المنصورة، والفرقة النَّاجية، فهُم أصحاب الحديث والَأثر، والوالدُ تابِعُهم. هم خلفاء الرّسول، وورثة حكمته، بهم يلحق التَّالي، وإليهم يرجع الغالي، وهم الّذين نبذهم أهل البِدَع والضَّلال أنَّهُم مُشَبِّهَةٌ جُهَّال. فاعتقد الوالد وسَلَفهُ أنَّ إثبات الصِّفات إنَّما هُوَ إثبات وجود لَا إثبات تحديد وكيفيَّة، وأنّها صفات لا تُشبه صفات البرّيّة، ولا يُدْرَك حقيقةُ عِلمها بالفِكر والرَّويّة2. فالحنبليّة لَا يقولون في الصِّفات بتعطيل المُعطِّلة، ولا بتشبيه المُشبِّهين، ولا بتأويل المُتأوّلين. بل مذهبهم حقٌّ بين باطِلَيْن، وهدًى بين ضلالتين، إثبات الأسماء والصِّفات، مع نفي التّشبيه والَأدوات، على أنَّ اللَّه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] . وقد قال الوالد في أخبار الصِّفات والمذهب في ذَلِكَ قبول هذه الأحاديث على ما جاءت به، غير عدول عنه إلى تأويلٍ يُخالِف ظاهرها، مع الاعتقاد بأنَّ الله سبحانه بخلاف كل شيء سواه.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 226"، وفيه: "معتقدي لمذهب ابن الفرا". 2 طبقات الحنابلة "2/ 208".

وكل ما يقع في الخواطر من تشبيه أو تكييف، فاللَّه يتعالى عن ذلك، واللَّه ليس كمثله شيء، لَا يوصف بصفات المخلوقين الدالة على حدثهم، ولا يجوز عليهم ما يجوز عليهم من التَّغيير، ليس بجسمٍ، ولا جوهر، ولا عَرَض، وإنَّهُ لم يزل ولا يزال، وصفاته لا تُشْبِه صفات المخلوقين. قلت: لم يكُن للقاضي أبي يَعْلَى خِبرَةٌ بعلل الحديث ولا برجاله، فاحتجَّ بأحاديث كثيرة واهية في الأصول والفُروع لعدم بصره بالَأسانيد والرِّجال. وقد حطَّ عليه صاحب الكامل فقال: هو مصنِّف كتاب الصِّفات، أتى فيه بكل عجيبة، وترتيب أبوابه يدل على التجسيم المحض، تعالى اللَّه عَن ذَلِكَ. وأمَّا في الفقه ومعرِفة مذاهب النَّاس، ومعرفة نصوص أَحْمَد -رحمه اللَّه- واختلافها، فإمام لَا يُدرَك قراره -رحمه اللَّه تعالى1. 216- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن: أَبُو بَكْر بن أبي الحسن الْأصبهانيّ الكرّانيّ المعدّل. مات في شوَّال. 217- محمد بن عليّ: 218- محمد بن الفضل بن جعفر: أبو سعد التَّمِيميّ الهَمَدَانيّ، المعروف بابن أبي اللَّيْث. روى عن: أبي بكر بن لال، وأبي بكر الشّيرازيّ، وابن تُرْكان، وطاهر بن ماهلة، وجماعة. قال شيروَيْه: كان صدوقًا. ومات في ذي الحجّة. 219- محمد بن وهب بن محمد الأندلُسيّ: الفقيه المعروف بنوع الغافقي. له درية علمًا وقراءة، توفي في رمضان.

_ 1 تاريخ دمشق "22/ 120".

وفيَّات سنة تسع وخمسين وأربعمائة: حرف الألِف: 220- أَحْمَد بن سعيد بن محمد بن أبي الفيَّاض1: أبو بكر الأندلُسيّ الأستجيّ. سمع ببلده من: يوسف بن عَمْرو. وبالمَرِيّة من: أبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، والمُهلَّب بن أبي صُفْرَة. وله تاريخ على الأخبار. وعاش قريبًا من ثمانين سنة. 221- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مَهْران: أبو العبَّاس الْأصبهانيّ. سمع "جُزء لُوَيْن" من ابن المَرْزُبان الأَبْهَرِيّ. وعنه: أبو عليّ الحدّاد. 222- أَحْمَد بن عبد الباقي بن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن طَوْق2: أبو نصر المَوْصِلِيّ. حدَّث بالموصِل، وبغداد عن: نصر المُرَجَّى، وعبد اللَّه بن القاسم الصوَّاف. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقة. قال لي: وُلِدت سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. وتوفِّي بالموصل في رمضان. قلت: روى عنه ابن خميس. 223- أَحْمَد بن مُغِيث بن أَحْمَد بن مُغيث3:

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 60". 2 تاريخ بغداد "4/ 272"، وشذرات الذهب "3/ 307". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 60"، وإنباء الرواة "1/ 135".

أبو جعفر الصدقي الطليطلي. كان من أهل البراعة والفهم والرئاسة في العِلم، متفنِّنًا عالِمًا بالحديث وعِلَلَه، وبالفرائِض، والحِساب، واللُّغة، والنَّحو، ولهُ يدٌ طولى في التَّفسير. ولهُ كتاب المُقْنِع في عقد الشّروط. روى عن: أبي بكر خَلَف بن أَحْمَد، وأبي محمد بن عبَّاس. وكان كَلِفًا بجمع المال. توفِّي في صَفَر عن ثلاثٍ وخمسين سنة. 224- أَحْمَد بن منصور بن خَلَفة حمّود1: أبو بكر المغربيّ، ثمّ النّيسابوريّ، وبها وُلِد. سمع من: أبي طاهر محمد بن الفضل بن خُزَيْمة، وأبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد الصيرفي، وأبي بكر الجوزقي. وحدَّث عن الْجَوْزَقِيّ بكتاب "المُتَّفَق" بفوتٍ لهُ فيه. قال عبد الغافر بن إسماعيل2: أمَّا شيخنا أبو بكر المغربي البزاز أخو خَلَف فشيخٌ نظيف، طاف به وبأخيه أبوهما الشّيخ منصور على مشايخ عصره، فسمع الكثير، وجمع لهُ الفوائد. سمع منهُ الأئِمَّة الكبار، ورزِقَ الرّواية سنين، وعاش عيشًا تقيًّا. توفِّي سنة اثنتين وستين وأربعمائة. هكذا قال. وقال غيره: تُوُفِّي سنة ستيّن. وقال أبو القاسم بن منده: توفي في رمضان سنة تسعٍ وخمسين. قلت: روى عنه: أبو عبد الله الفرواي، وزاهر الشَّحّاميّ، وعبد الرَّحمن بن عبد اللَّه البحيري، وعبد الغافر الفارسي، وآخرون.

_ 1 التقييد لابن نقطة "183، 184"، وسير أعلام النبلاء "18/ 94، 95". 2 في التقييد "184".

حرف الحاء: 225- الحسين بن محمد بن إبراهيم بن الحسين1: أبو القاسم الحنّائيِّ الدِّمَشقيّ المعدّل، صاحب الأجزاء الحنّائيّات العشرة التي خرَّجها لهُ النَّخشُبيّ. قال النّسيب: سألتُ الشّيخ الثِّقة الدَّيِّن الفاضل أبا القاسم الحنَّائيّ المُحدِّث عن مولده، فقال: في شوال سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة2. وقال ابن ماكولا3: كتبت عنه، وكان ثقةً، وهو منسوب إلى بيع الحنَّاء. وقال الكتَّانيّ: توفِّي في جُمَادَى الأولى، وهو آخر من حدَّث عَنِ الْحَسَن بْن محمد بن درسْتُوَيه. ودُفِن على أخيه عليّ بمقابر باب كَيْسان، وكانت له جنازة عظيمة ما رأينا مثلها من مُدَّة4. قلت: روى عن: عبد الوهَّاب الكِلابيّ، وابن درستُوَيْه، وعبد اللَّه بن محمد الحنائي، ومحمد بن أحمد بن عثمان ابن أبي الحديد، وتمَّام الرّازيّ، ومحمد بن عبد الرَّحمن القطَّان، وأبي الحسن بن جَهْضَم، وجماعة. روى عَنْه: أبو سعد السَّمّان، ومات قبله، وأبو بكر الخطيب، ومكّيّ الرُّمَيْليّ، وسهل بن بِشر، وعبد المنعم بن عليّ الكِلابيّ، وأبو القاسم النسيب، وهبة اللَّه بْن الأكْفَانيّ، وأبو طاهر محمد، وأبو الحسين عبد الرحمن ابناه، وأبو الحسين بن المَوَازِينِيّ، وطاهر بن سهل بن بِشْر، وعبد الكريم بن حمزة، وأبو الحسن بن سعيد الدِّمشقيِّون، وثعلب بن جعفر السّرّاج، وآخرون. 226- الحسن بن عليّ بن وَهْب5: أبو عليّ الدّمشقيّ الصوفي المقرئ، العبد الصالح.

_ 1 العبر "3/ 245"، وسير أعلام النبلاء "18/ 130، 131". 2 تاريخ دمشق "29/ 185". 3 في الإكمال "3/ 60". 4 تاريخ دمشق "29/ 185". 5 الإكمال "4/ 494"، ومختصر تاريخ دمشق ابن منظور "7/ 54".

روى عن: محمد بن عبد الرّحمن القطّان. وعنه: أبو نصر بن ماكولا، وهبة اللَّه بن الأكفانيّ. توفِّي في جُمَادى الأُولى. حرف الخاء: 227- الخِضر بن منصور الدّمشقيّ1: الضّرير، ويُعرف بابن الحبَّال. سمع: عبد الرَّحمن بن أبي نَصْر، وعقيل بن عبْدان. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وهبة اللَّه بن الأكفانيّ. حرف السّين: 228- سعيد بن عُبَيْدة بن طَلْحة2: أبو عثمان العَبْسيّ، خطيب إشبيليّة. وُلِدَ سنة خمسٍ وستين وثلاثمائة، وصَحِبَ أبا بكر الزُّبيْديّ وأكثر عنه وعن غيره. وحجَّ، ورحل سنة ثمان عشرة وأربعمائة. وكان من أهل الذَكاء والثِّقة. توفِّي في شعبان. 229- سعيد بن محمد بن الحسن المَرْوَزِيّ الْإِدريسي3: إمام جامع صُور وخطيبها. توفِّي أيضًا في شعبان.

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "12/ 512"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "8/ 77". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 222، 223". 3 الإكمال "4/ 421"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "10/ 8".

حدَّث عن: أَحْمَد بن فِراس العَبْقَسِيّ وأبي الحسين بن بِشْران المُعدّل، وجماعة. روى عنه: مكّيّ الرُّمَيْليّ، وأجاز لهِبَةِ اللَّه بن الأكفانيّ1. حرف الصَّاد: 230- صاعد بن منصور بن محمد بن محمد الهَرَوِيّ الأَزْديّ: قاضي هَرَاة وابن قُضاتها. صار زعيم أصحاب الحديث بهَرَاة، وهو ابن عمّ راوي التِّرْمِذيّ أبي عامر محمود بن القاسم. حرف العين: 231- عالي بن أبي الفتح عثمان بن جِنِّي2: أبو سعد الموصليّ. سمع من: نصر المُرَجِّي بالموصِل، وعيسى بن الوزير ببغداد، وسكن صُور. روى عنه: ابن ماكولا، ومكّي الرُّميليّ، وأبو زكريّا التِّبْرِيزِيّ، وكان أديبًا فاضلًا. أخذ عن أبيه، وهو صحيح السَّماع. مات بصَيْداء سنة ثمانٍ أو تسعٍ وخمسين، ولهُ ثمانون سنة. 232- عبد الجّليل بن مخلوف: الْإِمام أبو محمد المالكيّ. أفتى بمصر، ودرَّس أربعين سنة. روى السِّلفيّ وفاته في هذه السنة، عن شخص فاضل رآه.

_ 1 النجوم الزاهرة "5/ 79". 2 تقدمت ترجمته في وفيات سنة "452هـ" برقم "54".

قال: وصلَّى عليه رفيقه الفقيه عبد الحقّ بن محمد بن هارون السّبْتِيّ. قال: وفيها مات عبد الحق هذا ببيت المقْدِس. قال: وفيها مات الفقيه أبو إسحاق الأشِيريّ الفقيه. 233- عبد الصَّمد بن محمد بن تميم بن غانم التّميميّ1: أبو الفتح الدّمشقيّ إمام جامع دمشق. سمع: عبد اللَّه بن محمد الحِنَّائيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نْصر. رَوَى عَنْهُ: ابن بنته هبة اللَّه بن الأكفانيّ. وتوفِّي في المُحرَّم. 234- عبد الكريم بن عليّ2: أبو عبد اللَّه التّميميّ، المعروف بابن السُّنّي. بغداديّ. روى عن: ابن زَنْبور الورَّاق، والقاضي أبي محمد الأكفانيّ. قال الخطيب3: صدوق، كثير التِّلاوة. 235- عُبَيْد اللَّه بن محمد بن ميمون: أبو طاهر الأسديّ، قاضي الكوفة. ثقة، انتخب عليه أبو الغنائم محمد بن عليّ النَّرْسيّ. سمع من: محمد بن عبد اللَّه الْجُعَفيّ، وطبقته. 236- عليّ بن بكار4: أبو الحسن الصوريّ الشاهد.

_ 1 تاريخ دمشق "التيمورية" "24/ 147". 2 تاريخ بغداد "11/ 82"، والمنتظم "8/ 247". 3 في تاريخه. 4 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 218".

رحل وسمع من: أبي الحسن بن السِّمْسَار، وابن الطبيرز، وصالح بن أَحْمَد المَيَانِجِيّ، وأبي ذرٍّ الهرويّ. وعنه: مكّيّ الرُّميليّ، وسهل بن بِشر، وغيرهما. 237- عليّ بن الحسن بن عمر الزُّهْريّ الثَّمَانِينيّ1. الرّجل الصّالح. روى عن: أبي خازم بن الفرَّاء، وأبي القاسم الحِنّائيّ. روى عنه: أبو بكر الخطيب، ونَصْر المقدسيّ مع جلالتهما. 238- عليّ بن الخِضر العثمانيّ الدّمشقيّ2: الحاسب أبو الحسن، صاحب التّصانيف في الحساب. روى عن: رشأ بن نظيف، ومحمد بن عبد الرَّحمن بن أبي نصر وجمع وفيات مشايخ. روى عنه: أخوه لأمه الحسن بن الحسن الكلابي الماسح، وأبو بكر الخطيب، وهو أحد شيوخه. توفِّي في شوّال. 239- عليّ بْن محمد بْن الحسن بن يزداد3: القاضي أبو تمام الواسطي، مسند أهل واسط. حدث عن: أبي الحسين محمد بن المُظفّر، وأبي الفضل الزُّهْريّ، وغيرهما. وتُوُفّي في شوّال، ولعلَّهُ عاش تسعين سنة أو نحوها. قال الخطيب4: تقلَّد قضاء واسط مُدَّة، وكان مُعتزليا. روى عنه: أبو القاسم السَّمرقنديّ بالإجازة.

_ 1 تاريخ بغداد "5/ 245"، والأنساب "117". 2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "29/ 138". 3 تاريخ بغداد "12/ 103"، وسير أعلام النبلاء "18/ 212، 213"، ولسان الميزان "4/ 261". 4 في تاريخه.

حرف الفاء: 240- الفضيل محمد بن الفُضَيْل: أبو عاصم الفُضَيْليّ الهَرَوِيّ. سمع: أبا منصور محمد بن محمد الأَزْديّ، وأبا طاهر محمد بن محمد بن محمِش. روى عنه: ابنه إسماعيل. حرف الميم: 241- محمد بن أَحْمَد بن عَدْل1: أبو عبد اللَّه الأمويّ الأندلُسيّ الطُّلَيْطُلِيّ. سمع من: عبد اللَّه بن ذَنّين، وعبد الرَّحمن بن عبَّاس. وكان ثقةً عابدًا خاشعًا خائفًا. وكان يعظ النّاس. 242- محمد بن إسماعيل بن أَحْمَد بن عمرو2: القاضي أبو عليّ الطُّوسيّ، المعروف بالعراقيّ؛ لطول إقامته بالعراق، ولظُرفه. ولي قضاء طوس مُدَّة، وكان من كبار الشّافعيّة وأئِمّتهم. لهُ شُهرة بخُراسان. سمع من: أبي طاهر المخلّص، وتفقَّه على: أبي حامد الْإِسْفَرائينيّ، وأبي محمد البافيّ. وناظر بجرجان في مجلس أبي سَعْد الْإِسماعيليّ. أخذ عنه جماعة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 541". 2 المنتظم "8/ 247"، والبداية والنهاية "12/ 96"، وفيه: "محمد بن إسماعيل بن محمد".

243- محمد بن الحبيب بن طاهر بن عليّ بن شمَّاخ1: أبو عليّ الغافقيّ. من أهل غافق. سمع: بقُرْطُبة من يونس بن عبد اللَّه، ومكّيّ، وأبي محمد بن الشّقّاق، وجماعة. وحجَّ سنة إحدى وعشرين، فأخذ بمصر عن القاضي عبد الوهَّاب المالكيّ، وسمع منه كتاب "التَّلقين" لهُ. ولقي بمكَّة أبا ذَرّ. وكان من أهل الدّين والتواضع والطّهارة والَأحوال الصَّالحة. قال ابن بَشْكُوال: أنا عنه أبو مُحَمَّد بن عتّاب بجميع ما رواه عن عبد الوهَّاب. توفِّي فجأة بغافق في رمضان. 244- محمد بن عبد اللَّه بن عُمَر: أبو بكر العدويّ العُمَريّ الهرويّ الفقيه التّاجر. سمع: أبا محمد بن أبي شُرَيْح. روى عنه: زاهر الشّحّاميّ. 245- مُحَمَّد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مِهْرَبْزُد2: أبو مسلم الْأصبهانيّ، الأديب المفسِّر النّحوي المُعتزليّ. قال يحيى بن مَنْدَهْ في "تاريخه": إنَّه صنَّف "التَّفسير"، وحدَّث عن أبي بكر بن المقري، وكان عارفًا بالنحو، غاليا في مذهب الاعتزال، وهو آخر من حدَّث بأصبهان عن ابن المقري. مات في سنة تسع وخمسين.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 541". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 146، 147"، ولسان الميزان "5/ 297، 299"، وشذرات الذهب "3/ 307"، ومعجم المؤلفين "11/ 49، 50".

زاد غيره: في جُمَادى الآخِرة. وقال محمد بن عبد الواحِد الدَّقّاق: سألته عن مولده فقال: في سنة ست وستين وثلاثمائة. قلت: وله تفسير في عشرين مُجَلَّدًا، وكان به بمصر نُسخة للشَّرَف المُرْسيّ. وآخر من حدَّث عنه إسماعيل بن عليّ الحمّاميّ الْأصبهانيّ، روى عنه "جزء مأمون"، وغيره. حرف النُّون: 246- نجيب بن عمَّار1: أبو السَّرايا بن أبي فراس الغَنَوِيّ. شاعر رئيس، كان أبوه مُتَولِّي الرَّقّة. سمع: أبا محمد بن نَصْر، وغيره. وعنه: ابن الأكفاني. وفيَّات سنة ستين وأربعمائة: حرف الألِف: 247- أَحْمَد بن سعيد2: أبو جعفر اللَّوْزَنكيّ3، الفقيه المالكّيّ، مُفتي طُلَيْطُلَة. امتحنه المأمون رئيس طليطلة هو ووالد ابن مُغِيث، وولد ابن أسد، وثلاثة آخرين، وُشِي بهم عنده بالتُّهمة على سُلْطانه، فاستدعاهم مع قاضيهم أبي زيد القُرْطُبيّ، وقيَّدهم، فهمَّت العامَّة بالنُّفور إلى السِّلاح، فبذل السّيف فيمن أعلن سِلاحًا، فسكنوا. واستُبيحت دُور المذكورين المُمْتحَنِين ونهبت، وذلك في هذا العام، وسجنوا.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "26/ 122". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 64، 65"، وسير أعلام النبلاء "18/ 174، 175". 3 في الصلة "اللورانكي".

وسُجِن الوزير ابن غصْن الأديب1 مُصَنِّف كتاب "المُمْتَحِنين" من عهد آدم إلى زمانه من الأنبياء والصِّدّيقين والعلماء. واتُّهِمَ بالسَّعي بالمذكورين ابن الحديديّ، وحاز رئاسة البلد وحده. فمات المأمون، وولي بعده حفيده القادر، والَأمر في البلد لابن الحديديّ، فقيل للقادر في شأنه، فأخرج أضداده، وقتلوا ابن الحديديّ، وطافوا برأسه، ومعهم ابن اللَّوْزَنْكِيّ وقد أَضَرَّ. ولعلَّهُ بقي إلى بعد السَّبعين، فاللَّه أعلم. 248- أَحْمَد بن الفضل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر2: أبو بكر الباطِرقانيّ3 المقرئ الْأصبهانيّ الأُستاذ. قال يحيى بن مَنْدَهْ: كتب الكثير عن أبي عبد اللَّه بن مَنْدَهْ، وإبراهيم بن خُرشِيد قُولَه، وعبد اللَّه بن جعفر، وأبي مسلم بن شهدل، وأحمد بن يوسف الثَّقفيّ، والحسن بن محمد بن يَوَه. وهو كثير السَّماع، واسع الرِّواية، دقيق الخطّ. قرأ القُرآن على جماعة من الأئِمَّة القُدَماء، وصنَّف كتاب "الشَّواذ"، وكتاب "طبقات القُرَّاء". وقال لي: وُلِدْتُ سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة. وتوفِّي في ثاني وعشرين صَفَر. ذكره عمِّي يومًا، والحافظ عبد الغنيّ النَّخْشَبِيّ وجماعة حاضرون، فقال عبد الغني: صنَّف مستندًا ضمَّنه ما اشتمل على صحيح البُخاريّ إِلَّا أنَّهُ كتب أكثره من الأصل ثُمَّ ألحقه الإسناد.

_ 1 هو أبو مروان عبد الملك بن غصن الحجاري، من أهل وادي الحجارة "انظره في جذوة المقتبس "402، 403". 2 الأنساب "2/ 41"، وسير أعلام النبلاء "18/ 182، 183"، وشذرات الذهب "3/ 308"، ومعجم المؤلفين "2/ 45". 3 الباطرقاني: نسبة إلى باطرقان، وهي إحدى قرى أصبهان. "الأنساب 2/ 40".

وهذا ليس من شرط أصحاب الحديث وأهله. ثم قال يحيى: تكَّلم في مسائل لا يسع الموضوع ذكرها، لو اقتصر على التَّحديث والْإِقراء كان خيرًا له1. وهذا يدُل على أنَّه ثقةُ فيما روى، وإنَّما نُقِم عليه الكلام. روى عنه: أبو عليّ الحدَّاد، وقرأ عليه بالرّوايات، وسعيد بْن أَبِي الرجاء، والحسين بْن عَبْد الملِك الخلال، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق وأحمد بن الفضل المهاد، وشبيب بن محمد بن حورة2، وأبو الخير عبد السلام ابن محمد الحسناباذيّ، وجماعة سواهم. وحدَّث عنه من القُدَماء: الحافظ عبد الغنيّ النَّخْشَبيّ، والقاضي أبو عليّ الوَخْشيّ. وقد أمَّ بجامع أصبهان الكبير بعد أبي المظفّر بن شبيب. قال أبو عبد اللَّه الدَّقّاق في رسالته: ولم أرَ شيخًا بأصبهان جمع بين علم القُرآن والقراءات والحديث والرّوايات، وكثرة كتابته وسماعه أفضل من أبي بكر الباطِرْقانيّ. وكان إمام الجامع الكبير، حَسَن الخُلُق والهيئة والمنظر والقراءة والدِّراية. ثقة في الحديث. 249- أَحْمَد بن محمد بن عيسى بن هلال2: أبو عمر بن القطَّان القُرْطُبِيّ المالكيّ، رئيس المُفْتين بقُرْطُبة. وُلِدَ سنة تسعين وثلاثمائة. وروى عن: أبي بكر التُّجَيْبيّ، ويونس بن عبد اللَّه القاضي، وأبي محمد بن الشَّقّاق، وأبي محمد بن دحّون، وناظر عندهما. وكان فريد عصره بالَأندلُس حفظًا وعِلمًا واستِنْباطًا ومعرِفَةً بأقوال العلماء.

_ 1 معجم الأدباء "4/ 102". 2 في "سير أعلام النبلاء 18/ 182" "جورة" و"في الأنساب 2/ 41": "خورة". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 61، 62"، وسير أعلام النبلاء "18/ 305، 306".

صدمتهُ ريحٌ فخرج من قُرْطُبَة يُريد حمَّة المريّة، فتوفِّي بكورة باغة لسبعٍ بقين من ذي القعدة1. وقد قدمه المُسْتَظْهِر للشورى سنة أربع عشرة وأربعمائة علي يد قاضيها عبد الرّحمن بن بِشْر. أَحْمَد بن منصور2: تقدَّم. حرف الثَّاء: 250- ثابت بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن خُبَيْش: أبو روح السَّعْدِيّ الهرويّ الأزديّ، محدِّث هراة ونسَّابتها. سمع: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح، وأباه، وأبا سعد الزُّهْريّ. روى عنه: الخطيب محمد بن عبد اللَّه الهَرَوِيّ الواعظ، وغيره. توفِّي فِي ربيع الأخر. حرف الحاء: 251- الْحَسَن بن أبي طاهر بن الحسن3: الْإِمام أبو عليّ الخُتَليّ، الفقيه الشَّافعيّ القاضيّ. روى عن: العارف أبي سعيد فضل اللَّه المَيْهَنيّ شيئًا يسيرًا. روى عنه: عبد العزيز الكتَّانيّ، وقال: توفِّي أبو علي الخُتّليّ إمام جامع دمشق في شعبان سنة ستين وأربعمائة. 252- الحسن بن عليّ بن مكّيّ بن إسرافيل بن حماد:

_ 1 الصلة "1/ 62". 2 تقدَّمت ترجمته برقم "224". 3 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "9/ 464"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "6/ 343، 344".

لإمام أبو عليّ الحمّاديّ النّسفيّ الفقيه الحنفيّ، أحد الأعلام، كان حنيفيًّا فانتقل إلى مذهب الشَّافعيّ. رحل وسمع بِنَيْسَابُور أبا نُعَيْم عبد الملك بن الحسن الْإِسفرائينيّ، وإسماعيل بن محمد حاجب الكشَّانيّ. وعمِّر دهرًا. قال ابن السَّمعانيّ: ثنا عنه الحسين بن الخليل. 253- حنْبَل بن أَحْمَد بن حَنْبَل1: أبو عبد الرحمن الفارسيّ البيِّع، نزيل غَزْنَة. ذكره عبد الغافر فقال: شيخٌ مشهور معروف، له الثّروة الظاهرة، والنّعمة الوافرة. سمع بنيسابور: الحكم، وابن مَحْمِش، وأبا عبد الرَّحمن السُّلَمِيّ، والَأستاذ أبا سَعْد الزَّاهِد، وأبا بكر الحِيَرِيّ، وجماعة من شيوخ هَرَاة وبُسْت. وحدَّث بغَزْنَة. حرف الخاء: 254- خديجة بنت محمد بن عليّ الشَّاهْجَانيَّة2: البغداديّة الواعظة. كانت امرأة صالحة، كتبت عن ابن سمعون بعض أماليه بخطِّها. ووُلِدَت سنة ستٍّ وسبعين وثلاثمائة. قال أبو بكر الخطيب3: حدَّثتنا، وكانت صالحة صادقة. توفِّيت في المحرَّم.

_ 1 المنتخب من السياق "212، 213". 2 تاريخ بغداد "14/ 446"، والمنتظم "8/ 250"، والعبر "3/ 246"، وشذرات الذهب "3/ 308". 3 في تاريخ بغداد.

حرف الدَّال: 255- دُرّي المُستنصريّ1: شهاب الدّولة. قدِم دمشق أميرًا عليها لصاحب مصر بعد عَزْل حَيْدَرة، ثُمّ عُزِل بعد قليل، وولي الرَّملة، فقُتل في ربيع الآخر. حرف العين: 256- عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمان2: أبو محمد المَعَافِريّ الطُّلَيْطُلِيّ، المعروف بابن المؤذِّن. روى عن: أبي عمر الطلمنكي. وكان عالمًا دينًا محدثًا مقرئًا. كتب الكثير، وسمع النَّاس منه. 257- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ3: أبو الحسين الصَّيْداويّ الوكيل، ويُعْرَف بابن المُخّ. سمع من أبي الحُسَيْن بن جميع بعض معجمه. روى عنه: أبي بكر الخطيب، وابن ماكولا، وعمر بن حسين الصُّوفيّ، وغيث الأرمنازيّ. حدَّث في هذه السَّنة بصُور وانقطع خبره. 258- عبد الخالق بن عبد الوارث: أبو القاسم السُّيُوريّ، المغربيّ المالكيّ. خاتمة شيوخ القيروان، كان آيةً في معرفة المذهب، بل في معرفة مذاهب العلماء، زاهدًا صالحًا. تفقَّه عليه جماعة، وطال عمره.

_ 1 أمراء دمشق في الإسلام "31". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 279، 280". 3 الإكمال لابن ماكولا "7/ 215"، والأنساب "515".

259- عبد الدَّائم بن الحُسين بن عُبَيْد اللَّه1: أبو الحسن وأبو القاسم الهلاليّ الحَوْرَانيّ، ثمّ الدّمشقيّ. هو آخر من سمع مِن عَبْد الوهّاب الكِلابيّ. روى عَنْهُ: أبو بكر الخطيب، وعمر الرؤاسيّ، وهبة اللَّه بن الأكفانيّ، وطاهر بن سهل الْإِسْفَرائينيّ، وثعلب بن السرَّاج، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وآخرون. تُوُفّي في شعبان عن ثمانين سنة. 260- عَبْد المَلِك بْن مُحَمَّد بْن يوسف2: أَبُو منصور البغداديّ، الملقَّب بالشّيخ الأجلّ، سِبط أبي الحسن أَحْمَد السَّوسَنْجِرْديّ. سمع: أبا عمر بن مهديّ، وأبا محمد بن البيّع، وابن الصُّلت الأهوازيّ. روى عنه ابناه. وقال الخطيب3: كان أوحد وقته في فعل الخير ودوام الصَّدقة والَأفضال على العُلماء، والنَّصرة لَأهل السُّنَّة، والقمع لَأهل البِدَع. وتوفِّي في عَشْر السَّبعين. وقال ابن خيرون: توفِّي في المحرَّم، ودُفِن عند جدِّه لَأُمِّه، وحضره جميع الأعيان، وكان صالحًا عظيم الصّدقة مُتَعَصِّبًا لَأهل السُّنّة، وقد كفى عامَّة العُلماء والصلحاء -رحمه اللَّه. قلت: كان له صورة كبيرة عند الخليفة وحُرْمة زائدة، وكان رئيس بغداد وصدرها في وقته، مع الدّين والمروءة والصَّدَقات الوافرة، وقد استوفى أبو المظفر في "المرآة"4 أخباره.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "14/ 182"، والعبر "3/ 247". 2 تاريخ بغداد "10/ 434"، وسير أعلام النبلاء "18/ 333، 334"، والبداية والنهاية "12 97"، والنجوم الزاهرة "5/ 82". 3 في تاريخ بغداد "10/ 434". 4 أي: مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي.

قال أُبَيّ النَّرْسيّ: رأيتُ في جنازته خلقًا لم أر مثلهم قطّ كثرةً. 261- عَبْد الوهَّاب بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَهَّاب بن عبد القدُّوس1: أبو القاسم الأنصاريّ القُرْطُبيّ المقرئ. رحل وقرأ بالرّوايات على: أبي عليّ الأهوازيّ، وأبي القاسم الزَّيْدِيّ، وابن نفيس. وسمع من: أبي الحسن بن السِّمْسار. وكان خطيبًا بليغًا مُجوِّدًا للقراءات، بصيرًا بها، عارفًا بطرقها. رحل النَّاس إليه. مات في ذي القعدة وقد قارب السِّتّين، وقيل سنة إحدى فيحرَّر. 262- عُبَيْد اللَّه بن محمد بن مالك2: أبو مروان القُرْطُبِيّ، الفقيه المالكيّ. روى عن: حاتم بن محمد، وأبي عمر بن خضر، وأبي بكر بن مغيث، وكان حافِظًا للفقه والحديث والتّفسير، عالمًا بوجوه الاختلاف بين فقهاء الأمصار، متواضعًا كثير الورع، مجاهدًا مبتذلًا في لباسه، لهُ مُغَلٌّ يسيرٌ من سُمّاق وعِنبٌ يُنتَفع به. ومن محفوظاته: كتاب "معاني القُرآن" للنحّاس، ولهُ مصنَّف "مُختَصر في الفقه"، وله كتاب "ساطع البرهان" في سِفْر، قال ابن بشكوال: قرأته على أبي الوليد بن طَرِيف، وقرأه على مؤلِّفه مرَّات. تُوُفِّي في جُمَادَى الأولى، ولهُ ستُّون سنة. 263- عليّ بْن مُحَمَّد بْن جعفر الطُّرْيثِيثيّ: أبو الحسن، المعروف باللحساني، ويقال: اللحسائي. يروي عن: أبي مُعَاذ شاه بن عبد الرّحمن الهَرَويّ، وأبي الحسين الخفّاف، ومحمد بن جعفر الماليني.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 381"، ومعجم المؤلفين "6/ 229". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 303، 304"، ومعجم المؤلفين "6/ 245".

وعنه: زاهر الشَّحّاميّ، ومنصور بن أَحْمَد الطُّرَيْثِيثيّ. ولا أعلم متى تُوُفّي، لكن حدث في هذا العام. وقع لي حديثه بعُلُوٍّ. 264- عمر بن الحسن بن عبد الرحمن1: أبو حفص الهَوْزَنيّ الْإِشبيليّ. روى عن: محمد بن عبد الرحمن العوَّاد، وأبي القاسم بن عصفور، وابن الأحدب، وأبي عبد الله بن الباجيّ، وغيرهم. وحجَّ وأخذ عن: أبي محمد بن الوليد المالكيّ بمصر، وكان ذكيّا ضابطًا متفنِّنًا في العلوم. وُلِد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وقتله المُعتَضِد باللَّه عبّاد ظُلمًا بقصر إشبيليّة في ربيع الآخر، ذبحه بيده، ودُفِنَ بثيابه بالقصر من غير غُسلٍ ولا صلاة -رحمه اللَّه تعالى. حرف الميم: 265- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أحمد بن محمد بن منصور: أبو غالب بن العتيقيّ. حدَّث بدمشق عن: أبيه، وأبي عمر بن مهديّ. روى عنه: هبة اللَّه بن الأكفانيّ، وغيره. 266- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن البطر: القارئ أبو الفضل الضّرير، أخو أبي الخطَّاب نصر. روى عن: أبي عمر بن مَهْديّ، وأبي الحسن بن رزقويه، وأبي الحسين ابن بشران. وبإفادته سمع أبو الخطاب.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 402".

روى عنه: أبو السُّعود أَحْمَد بن المُجْلي. وكان من أعيان قُرَّاء الألحان، وكان يُصلّي بالْإِمام القائم الصّلوات. 267- محمد بن أَحْمَد بن أبي العلاء: أبو منصور السَّدوسيّ الصّيدلانيّ الكوفيّ. قال أُبَيّ النَّرسيّ: حدَّثنا عن ابن غزال. 268- محمد بن الحسن بن عليّ1: أبو جعفر الطُّوسِيّ، شيخ الشّيعة وعالمهم. تُوُفّي بالمشهد المبارك، مشهد أمير المؤمنين -رضي اللَّه عنه، في المحرَّم، ولَأبي جعفر الطُّوسيّ تفسير كبير عشرون مُجلَّدة، وعِدَّة تصانيف مشهورة، قَدِمَ بغداد وتعيِّن، وتفقَّه للشّافعيّ، ولزم الشّيخ المُفيد مُدَّة، فتحوَّل رافضيَّا. وحدَّث عن هلال الحفَّار. روى عنه ابنه أبو عليّ الحسن. وقد أُحْرِقت كتبه غير مرة، واختفى لكونه ينقص السَّلف2. وكان ينزل بالكَرْخ، ثمّ انتقل إلى مشهد الكوفة. 269- محمد بْن عبد اللَّه بْن مَسْلَمة3: أبو بكر التُّجَيْبيّ، الملقَّب بالمظفّر، صاحب بطليوس، ويعرف بن الأفطس. كان أديبًا جمَّ المعرفة، جمَّاعةٌ للكُتُب، لم يكن ملوك الأندلس يفوقه في الأدب. وله كتاب "التّذكرة" في عِدَّة فنون، خمسين مُجَلَّدًا. ورَّخه ابن الأبَّار.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 58"، وسير أعلام النبلاء "18/ 334، 335"، والبداية والنهاية "12/ 97"، ولسان الميزان "5/ 135"، ومعجم المؤلفين "9/ 202". 2 الكامل في التاريخ "10/ 58". 3 الوافي بالوفيات "3/ 323"، ومعجم المؤلفين "10/ 246".

270- محمد بْن علي بْن محمد بْن موسى1: أبو بكر السُّلَميّ الدّمشقيّ الحدَّاد. روى عن: أبي بكر بن الحديد، وعبد الرحمن بن عمر بن نَصر، والحسين بْن أَبِي كامل الأطْرَابُلُسيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن نصر، وطائفة كبيرة. روى عنه: أبي بكر الخطيب، وعمر الرّواسيّ، وابن ماكولا، وهبة الله بن الأكفاني، وآخرون. قال الكتاني: توفِّي في رمضان. قال: وكان يكذب، يدعي شيوخا ما سمع منهم بجهل، حدَّث عن ابن الصَّلت المُجبِر، فقيل له في ذلك، فقال: كان مسجده عندنا. وذاك لم يبرح بغداد. 271- مُحَمَّد بْن عَلي بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بن رجاء بن أبي العَيْش2: الَأطرابُلُسيّ الْجُمَحيّ، أبو العَيْش القاضي. حدَّث عن: منير بن أحمد بن الخلال، وأبي محمد بن النَّحّاس، وأبي عبد الله بن أبي الأَطْرَابُلُسِيّ. وولي قضاء صيداء. روى عنه: عمر الرُّواسيّ، ومكّي الرُّمَيْلِيّ. توفِّي في شعبان. 272- محمد بن محمد: أبو سعيد أميرجة الهَرَوِي الواعظ. حدَّث عن: القاضي أبي منصور الأزديّ، ويحيى بن عمَّار. سمع منه جماعة. 273- محمد بن موسى بن فتح3:

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 660"، ولسان الميزان "5/ 315". 2 معجم البلدان "2/ 492". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 542".

أبو بكر الأنصاريّ البَطَلْيُوسيّ، المعروف بابن القرّاب. سمع بقرطبة من: عبد الوارث بن سُفْيان، وأبي محمد الأصيليّ، وخلف بن القاسم، وجماعة. وكان عالِمًا بالَآثار والَأخبار، متفنِّنًا في العلوم، ديِّنًا مُنعزِلًا. روى عنه: أبو عليّ الغسَّانيّ. توفِّي ببطليوس في جمادى الآخرة. 274- ملحم بن إسماعيل بن مُضَر الضَّبيّ: أبو مُضَر الهَرَويّ. توفِّي بهراة، وكان عالي الْإِسناد. قد سمع من: الخليل بن أَحْمَد السِّجْزيّ، وغيره. روى عنه: محمد بن إسماعيل الفضيليّ، وطائفة. 275- منتجع بن أَحْمَد بن محمد بن المنتجع: أبو طاهر الكاتب. توفِّي بأصبهان. يروي عن: أبي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ. روى عَنْهُ: أبو عليّ الحدَّاد. حرف الياء: 276- يحيى ابن الأمير إسماعيل بن عبد الرحمن بن عامر بن ذي النُّون1: أبو زكريا المأمون الهوَّاريّ الأندلُسيّ. تغلَّب أبوه على طُليْطُلَة سنة بضعٍ وعشرين وأربعمائة، وذلك أنَّهُم خلعوا طاعة بني أُميَّة، فرأس عليهم إسماعيل، ثم مات سنة خمسٍ وثلاثين، فولي الأمر بعده ولده الميمون خمسًا وعشرين سنة.

_ 1 الكامل في التاريخ "9/ 288، 289"، وسير أعلام النبلاء "18/ 220، 221".

ثم ولي بعده يحيى القادر ولده، فاشتغل بالخلاعة واللَّعِب، وهادنَ الفرنج، وصادر الرَّعيَّة، واستعمل الرُّعَاع، فلم تزل الفرنج تطوي حصونه حتَّى تغلَّبت على طُلَيْطُلَة في سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة، تأخَّر هو إلى بَلَنْسِيَةَ. ومن أخبار المأمون أنّهُ أراد أن يستعني بالفرنج على أخذ المدن والحصون، فكتب إلى ملك الفرنْج الّذي من ناحيته أنْ تعال إليَّ في مائةٍ من فرسانك والقني في مكان كذا. ثمَّ سار للقيه في مائتيّ فارس، وجاء ذلك في ستَّة آلاف، فأمرهم أن يكمنوا، وقال: إذا رأيتمونا قد اجتمعنا، فأحيطوا بنا، فلمَّا اجتمعا أحاط بهم السِّتة آلاف، فلمَّا رآهم المأمون سُقِطَ في يده واضطرب، فقال له الفرنْجيّ: يا يحيى، وحقِّ الْإِنجيل ما كنتُ أظُنُّكَ إِلَّا عاقِلًا، أنت أحمقُ خَلْقِ اللَّه تعالى، خرجت إليَّ في هذا العدد القليل، وسلَّمت إليَّ مُهْجَتك بلا عهدٍ، ولا بيننا دين، فَوَحَقِّ الْإِنجيل لَا نجوت منِّي حتى تُعْطينيّ ما أشترطه. قال المأمون: فاشترِطْ واقْتَصِد. قال: تُعطيني الحصن الفلانيّ، والحصن الفُلانيّ، وسمَّى حصونًا، وتجعل لي عليك مالًا كل عام. ففعل المأمون ذلك، وسلَّم إليه الحصون، ورجع بشرِّ حال، وتراكم الخذلان عليه، ولا قوّة إِلَّا باللَّه. تُوُفّي سنة ستِّين. 277- يحيى بن صاعد بن محمد1: قاضي القُضاة، أبو سَعْد ابن القاضي أبي سعيد ابن القاضي عماد الْإِسلام أبي العلاء النَّيْسابوريّ الحنفيّ. ولد سنة إحدى وأربعمائة. وسمع من جدِّه، وولي قضاء الرِّيّ بعد نيسابور.

_ 1 المنتخب من السياق "484، 485".

وقد خرج له الفوائد، وأملى سنين، وكان من وجوه القضاة والأئمة الرؤساء. روى عنه: ابن أخيه قاضي القُضاة محمد بن أَحْمَد بن صاعد. وتوفِّي بالرّيِّ في ربيع الأوّل. ذكر المُتَوَفّين تقريبًا في هذا الوقت: حرف الألِف: 278- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن بلال المُرْسيّ النَّحويّ1: صاحب "شرح غريب المصنّف" لأبي عبيد، و"شرح إصلاح المنطق" لابن السُّكّيت، كان يُقرئ النَّاس العربيّة بالَأندلُس. قال ابن الأبَّار: توفِّي قريبًا من سنة ستين وأربعمائة. 279- أَحْمَد بن عليّ بن هارون بن البُنّ2: أبو الفضل السّامريّ الأديب، من رؤساء الشّيعة وفُضلائهم. سمع: الحسن بن محمد بن الفحَّام، وعليّ بن أَحْمَد الرَّفّاء السّامرييّن. أخذ عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو نصر بن ماكولا، وأبو الكرم فاخر، ومحمد بن هلال بن الصَّابئ. 280- أَحْمَد بن منصور بن أبي الفضل: الفقيه أبو الفضل الضُّبَعيّ السَّرخسيّ الهوذيّ3 الشَّافعيّ. من أقارب خارجة بن مُصْعَب الضّبعيّ -بضادٍ مُعَجَّمة. قدِمَ بغداد شابًّا فتفقَّه على: أبي حامد الْإِسْفَرَائينيّ. وسمع بها، وبخُرَاسان من طائفة. وكان بارعًا مناظرًا واعظًا، كبير القدر.

_ 1 الوافي بالوفيات "7/ 361"، وكشف الظنون "108"، ومعجم المؤلفين "2/ 66". 2 الإكمال لابن ماكولا "1/ 265"، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 95". 3 الهوذي: نسبة إلى هوذ، وهو بطن من عذرة، وهو الهوذ بن عمرو بن الأحباب. "الأنساب 12/ 354".

قال أبو الفتح العيَّاضيّ في "رسالته": وأبو الفضل الهوذيّ في الفقه ما أثبته، وعن مجلس النَّظر ما أنظره، وعلى المنبر ما أفصحه. وقال ابن السّمعانيّ: حدَّث بِسَرْخَس بسُنَن أبي داود، عن القاضي أبي عمر الهاشميّ1. وكانت ولادته تقريبًا في سنة سبعين وثلاثمائة. قلت: أتوهمه بقي إلى حدود الخمسين وأربعمائة. 281- أَحْمَد بن محمد بن الهيصم: أبو الفَرَج. من أماثل أولاد أبيه فضلًا وورعًا وزُهدًا ووعظًا، خرج من خُراسان إلى غَزْنَة، فدرّس بها مُدّة، ووعظ، ثُمّ عاد إلى خُراسان وروى الحديث وخرَّج. وكان حادّ الفراسة، قويّ الفِكْر. توفِّي سنة نيِّفٍ وخمسين، وكان أبوه من كبار علماء زمانه، ومن أئِمّة السُّنّة، إِلَّا أنَّهُ من الكرّاميّة، نسأل اللَّه السلامة. 282- أَحْمَد بن عبد الرحمن بن مَنْدُوَيْهِ2: أبو عليّ الْأصبهانيّ، صاحب "الرّسائل الأربعين في الطِّبّ". وله كتاب "الجامع المُختصر" في الطِّب، وكتاب "القانون الصّغير" المُلقَّب بـ"الكافي في الطِّب"، وكتاب "المُغيث" في الطِّب، وغير ذلك. 283- إبراهيم بن مسعود: أبو إسحاق التُّجَيْبِيّ الزاهد، المعرف بالْإِلْبِيريّ. كان من أهل غُرْنَاطة. روى عن: أبي عبد الله بن أبي زمنين.

_ 1 هو القاسم بْن جعفر بْن عبد الواحد بْن العباس الهاشمي، قاضي البصرة، وبها حدَّث بسنن أبي داود، توفِّي سنة414هـ، "تاريخ بغداد 12/ 451، 452". 2 الوافي بالوفيات "7/ 53-55"، وكشف الظنون "573، 849-853".

وكان شاعِرًا مُجَوِّدًا، لهُ في الحِكم والمواعظ. روى عنه: عبد الواحد بن عيسى، عمر بن خلف الإلبيريان. 284- إبراهيم بن الحسين بن حاتم بن صولة: أبو نصر البغدادي البزاز، نزيل مصر. روى عن: أبي أحمد بن أبي مسلم الفَرَضِيّ. روى عنه: هبة اللَّه بن عبد الوارث الشِّيرازيّ، ومحمد بن أَحْمَد الرَّازيّ، وابنه عليّ بن إبراهيم. حرف الثّاء: 285- ثابت بن أسلم بن عبد الوهّاب1: أبو الحسن الحلبيّ، أحد علماء الشّيعة. وكان من كبار النُّحاة، صنَّف كتابًا في تعليل قراءة عاصم وأنَّها قراءة قُريش. وكان من كبار تلامذة أبي الصلاح، وتصدَّر للإفادة بعده، وتولَّى خزانة الكُتُب بحلب، فقال مَنْ بحلب من الْإِسماعيليّة: إنَّ هذا يُفسِد الدَّعوة. وكان قد صنَّف كتابًا في كشف عوارهم، وابتداء دعوتهم، وكيف بُنِيت على المخاريق. فحُمِل إلى صاحب مصر فأمر بصَلْبِه، فصُلِبَ، فرحمه اللَّه ولعنَ من صلبه، وأُحْرِقت خزانة الكُتُب الّتي بحلب، وكان فيها عشرة آلاف مُجلَّدة من وقف سيف الدّولة بن حمدان، وغيره. حرف الحاء: 286- الحسين بن أَحْمَد بن علي2: أبو نصر النيسابوري القاضي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 176"، ومعجم المؤلفين "3/ 99". 2 المنتخب من السياق "200".

سمع: أبا الحسين الخفَّاف. روى عنه: زاهر الشَّحّاميّ، وغيره. 287- حَيْدرة بن الحسين1: الَأمير مُعتَز الدَّولة أبو المكرَّم، الملقَّب بالمؤيّد. ولي إمرة دمشق سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، فبقي عليها إلى سنة خمسين، ثم عُزِلَ، ثم ولي بعده أمير الجيوش بدر. روى عن الحسين بن أبي كامل الطَّرَابُلُسيّ. وعَنْه: الخطيب، والنَّسيب. 288- حَيْدَرَة بن مَنْزُو بن النُّعمان2: الَأمير أبو المعلّى الكُتّاميّ. ولي إمرة دمشق بعد هرب أمير الجيوش عنها، فحكم بها شهرين في سنة ست وخمسين. وعُزِلَ بدري المُستَنْصِريّ. حرف الرَّاء: 289- رئيس العراقين أبو أَحْمَد النَّهَاوِنْديّ: ورُتبته دون رُتبة الوزارة بقليل. جلس للمظالم بنفسه، وأباد المُفسِّرين من بغداد، واطَّرح كل راحةٍ إِلَّا النّظر في مصالح المسلمين، حتى أمن النَّاس، وصار الرجال والنِّساء يمشون بالليل والنهار مطمئنين ببغداد. وكفى أذى العجم عن النَّاس، وأقام الخُفراء وضبط الأمور، وأقام العدل، ونادى بأنَّ السُّلطان قد ردَّ المواريث إلى ذوي الأرحام. فاتَّفق موت إنسانٍ له بنت خلَّف ثلاثة آلاف دينار، فأخبروه، فقال: ردوا عليها النصف الآخر.

_ 1 تاريخ دمشق "التيمورية" "11/ 2"، وتهذيب تاريخ دمشق "5/ 22". 2 ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي "92، 96"، وتهذيب تاريخ دمشق "5/ 25".

وضرب للنَّاس الدراهم، وأبطل قراضة الذهب، ورفع بعض المكوس، فاتصلت الألسن بالدُّعاء له. وكانت سيرته تشبه سيرة عميد الجيوش. وعُمرت بغداد من الجانبين بهمته وقيامه، وقبض على أمير اللص وغرقه، وأراح الناس منه. وكان يهجم دور النّاس نهارًا ويأخذ أموالهم، وكان يؤدي إلى عميد العراق كل يومٍ دينارًا، وعميد العراق هو الّذي غرَّقه البساسيريّ، فدخل أميرك على صَيْرَفيّ وأخذ كيسه، فاستغاث الصَّيْرَفيّ، فلم يشعُر إِلَّا بأميرك وقد قبض على يده، وقال: ما لك؟ أنا أخذنه من بيتك، ولكنّ فيه ذَهَب زغل، ولا أفكك إلى عميد العراق. فخاف وقال: أنت في حِلٍّ منه فدعني، وهو يقول: واللَّه ما أُفارقك، فسألت النَّاسُ أميرَك، ودخلوا عليه حتّى أخذ خمسة دنانير منها ومضى. حرف الزَّاي: 290- زاهر بن عطاء النَّسويّ: سمع: أبا نعيم الْإِسْفَرَائِينيّ، وعنه: زاهر. حرف السِّين: 291- سَعِيد بْن محمد بْن محمد: أبو عثمان النَّيسابوريّ. عن: الخفّاف. وعنه: زاهر. 292- سعيد بن منصور بن مِسْعَر بن محمد بن حمدان1: أبو المُظَفَّر القُشَيْريّ النّيْسَابوريّ المؤدِّب، الصائغ. ثقة، صين.

_ 1 المنتخب من السياق "235، 2360".

سمع من: أبي طاهر بن خُزَيْمة، وغيره. وتُوُفّي في شعبان سنة نيفٍ وخمسين. روى عنه: أبو سعد عبد الواحد بن القُشَيْريّ، وزاهر الشَّحّاميّ. حرف الصَّاد: 293- صخر بْن مُحَمَّد1: أبو عُبَيْد الطُّوسيّ الحاكم. عن: أبي الحسن العَلَويّ، وعنه: زاهر. حرف العين: 294- عائشة بنت القاضي أبي عمر البَسْطَاميّ2. سمعت: الخفَّاف، وغيره. روى عنها: زاهر في "مَشْيَخَتِه". 295- عبد الرّحمن بن إسحاق: أبو أَحْمَد العامريّ النَّيْسَابُوريّ. شيخُ مسِنٌّ. سمع من: أَحْمَد بن محمد الخفَّاف. رَوى عَنْه: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي صالح المؤذن، وغيره. 296- عبد الرحمن بن إسماعيل بن جَوْشن3. أبو المُطرِّف الطُّليْطُليّ، الحافظ. عن: عبدوس بن محمد، وفتح بن إبراهيم، وخَلَف بن القاسم، وأبي المطرف القنازعي، وخلق.

_ 1 المنتخب في السياق "258". 2 المنتخب في السياق "404". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 336".

وعنه: الطبني، والزَّهْراويّ. وكان ثقة مكثرًا، عارفًا بالَآثار وأسماء الرّجال. 297- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن أبي صادق1: الَأستاذ أبو القاسم النَّيْسَابُوريّ، إمام عصره في الطَّبّ بخُراسان. له: شرح "فصول بُقْرَاط". قد حدَّث به في سنة ستين وأربعمائة. وكتبه في غاية الجودة، وكان شديد العناية بكتب جالينُوس، وقد اجتمع بابن سينا، وأخذ عنه. وله "شرح مسائل حنين"، و"شرح منافع الأعضاء" لجالينوس، أجاد فيه ما شاء، وغير ذلك، وجمع تاريخًا. 298- عليّ بن الحسين2: أبو نصر بن أبي سَلَمَة الصُّيْداويّ الورَّاق المُعدّل: روى عن: أبي الحسين بن جُمَيْع. وعنه: الخطب، ومكي الرميلي، وأبو طالب عبد الرحمن بن محمد الشيرازي. 299- علي بن عبد الله بن أحمد3: أبو الحسن بن أبي الطيب النيسابوري. كان رأسا في تفسير القرآن، له التفسير الكبير في ثلاثين مجلدة، و"الأوسط" في إحدى عشرة مجلدة، و"الصغير" ثلاث مجلدات. وكان يملي ذلك في حفظه، ولم يخلف من الكتب سوى أربع مجلدات، إلا أنَّهُ كان من حفَّاظ العِلم، وكان ذا ورع وعبادة.

_ 1 المنتخب من السياق "316". 2 تاريخ بغداد "1/ 256"، ومعجم البلدان "3/ 437". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 173، 174"، ومعجم المؤلفين "7/ 130".

قِيلَ: إنَّهُ حُمِلَ إلى السُّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين، فلمَّا دخل جلس بغير إذن، وأخذ في رواية حديثٍ بلا أمر، فأمر السُّلطان غلامًا فلكمه لكلمة أطرشته، وكان ثمَّ مَنْ عرَّف السُّلطان منزلته من الدين والعلم، فاعتذر إليه، وأمر له بمالٍ فامتنع، فقال السُّلطان: يا هذا، إنَّ للملك صَوْلَة، وهو محتاجٌ إلى السِّياسة، ورأيتك تعدَّيت الواجب، فاجعلني في حِلّ. قال: اللَّه بيننا بالمِرصاد، وإنَّما أحضرتني للوعظ وسماع أخبار الرَّسول -صلّى اللَّه عليه وسلم، وللخشوع، لَا لإقامة قوانين المُلْك، فخجل السُّلطان وعانقه1. ذكره ياقوت في "تاريخ الأدباء" وقال: مات في شوال سنة ثمان وخمسين وأربعمائة بسانْزُوار. 300- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ2: أَبُو الْحَسَن الزوزني البحائي، الأديب. شيخ فاضل عالم، وهو والد القاضي أبي القاسم. حدَّث عن: محمد بن أَحْمَد بن هارون الزَّوَزْنِيّ، عن أبي حاتم بن حبَّان. ذكره عبد الغافر مُختَصرًا. وروى عنه: هبة اللَّه بن سهل السِّيّديّ، وزاهر بن طاهر، وتميم بن أبي سعيد. وحدَّث في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وهو راوي كتاب "الأنواع والتَّقاسيم". 301- عليّ بن محمد بن عليّ بن المُصَحّح3: أبو الحسن بالبكري الدّمشقيّ. عن: عبد الرّحمن بن أبي نصر. وعنه: هبة اللَّه بن الأكفانيّ، وأبو محمد بن السمرقندي.

_ 1 معجم الأدباء "13/ 274، 275". 2 المنتخب من السياق "382". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 162، 163".

302- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ: أَبُو الْحَسَن بن الدُّوريّ. عن: عبد الرَّحمن بن أبي نصر. روى عنه "جزء ابن أبي ثابت". سمعه منه: عمر الرُّواسيّ، وأبو محمد بن السَّمَرْقَنْديّ، وغيرهما. 303- عمر بن شاه بن محمد1: أبو حفص النَّيْسابوريّ الصَّوّاف، مُقرئ مُسْنِد. سمع من: محمد بن أَحْمَد بن عبدوس المُزَكّيّ. روى عنه: إسماعيل بن المؤذِّن. حرف الميم: 304- محمد بن أَحْمَد2: أبو عبد اللَّه المَرْوَزيّ الفقيه الشَّافعيّ، المعروف بالخِضَريّ. كان يُضْرَب به المثل في قوَّة الحِفظ وقِلَّة النِّسيان، وكان من كبار أصحاب القَفَّال. وله في المَذهب وجوه غريبة نقلها الخُرَاسانيّون. وقد رُوِيَ أنَّ الشَّافعيّ صحَّح دلالة الصبيّ على القِبلة، وكان ثقة في نقله، وله معرفة بالحديث. ونسبته إلى الخِضْر بعض أجداده. توفِّي في عَشْر الثمانين. 305- محمد بن بيان بن محمد3: الفقيه الكازَرُونيّ الشافعي.

_ 1 المنتخب من السياق "368". 2 الإكمال لابن ماكولا "3/ 252"، وسير أعلام النبلاء "18/ 172، 173"، وتاريخ الخلفاء "423"، وشذرات الذهب "3/ 82". 3 تقدمت ترجمته برقم "143".

سكن آمِدْ. تقدَّم في سنة 455. 306- محمد بن الحسن بن عبد الرّحمن بن عبد الوارث الرّازيّ1: أبو بكر. سمع بمصر: أبا محمد عبد الرّحمن بن النَّحّاس، وبأصبهان من: أبي نُعَيْم الحافظ، وبالَأندلُس من: أبي عمرو الدَّانيّ. وكان صالحًا مُتواضِعًا حليمًا. حدَّث عَنْهُ: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبو محمد بن حَزْم، وأبو الوليد الباجيّ. قال الحُمَيْديّ: سمعنا منه. ومات غريقًا بعد الخمسين وأربعمائة بالَأندلس. 307- محمد بن الحُسين بن يحيى بن سعيد بن بِشْر: الفقيه أبو سَعْد الهمذانيّ الصَّفّار، مفتي همذان. روى عن: أبي بكر بن لال، وابن تركان، وأبي بكر أَحْمَد بن عبد الرحمن الشيرازي، وأبي القاسم الصرصري، والشيخ أبي حامد الإسفرائيني، وأبي أحمد الفرضي، وأبي عمر بن مهدي، وجماعة كثيرة. قال شيرويه: أدركته ولم يقض لي السَّماع منه، وكان ثقة. ويُقال: جُنَّ في آخر عمره، وكان يعرف الحديث. وُلِدَ سنة خمس وسبعين وثلاثمائة. قلت: وتوفِّي سنة إحدى وستِّين فِي جُمَادَى الأولى. 308- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن محمد بْن عليّ بن تَوْبة2: أبو طاهر البُخاريّ الزَّرّاد.

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "50"، وفيه: "محمد بن الحسن الوارث الرازي". 2 الأنساب "6/ 261"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "23/ 117"، وفيه: "بويه".

سمع: أبا عبد اللَّه الحسين..1 الحليميّ، وأبا نصر الكلاباذيّ، وعليّ بن أَحْمَد الخُزَاعيّ ببُخارى، وسمع أبا نصر الحبَّان بدمشق. روى عنه: أبو القاسم بن أبي العلاء المصّيصيّ، ومُحيي السُّنَّة الحسين بن مسعود البَغَويّ، وجماعة. 309- محمد بن عليّ بن الحَسَن بن عليّ2: أبو بكر بن البرّ، وهو لقب جدّ أبيه عليّ التميميّ، الصِّقليّ الدَّار القيروانيّ الأصل، اللُّغويّ، أحد أئِمَّة اللُسان. روى عن: أبي سعد المالينيّ، وغيره. أخذ عنه العربيّة والَأدب: عبد الرحمن بن عمر القصدريّ، وعبد اللَّه بن إبراهيم الصَّيْرَفيّ، وعبد المنعم بن الكماد، والعلامة عليّ بن القطَّاع، وأبو العرب الشّاعر. وكان حيًّا في سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة. وكان يتعاطى المُسْكِر. 310- محمد بن محمد بن عليّ3: الفقيه أبو سعد النَّيْسابوريّ الحنفيّ الوكيل. سمع من: يحيى بن إسماعيل الحربيّ، وأبي الحسن العلوي، غيرهما. روى عنه: زاهر الشَّحّاميّ، وإسماعيل الفارسيّ. 311- محمد بن محمد بن الحاكمي4: أبو الفضل الحاتميّ الجويني، محدِّث رجال. سمع: أبا نعيم عبد الملك الإسفرائيني، وأبا الحسن العلويّ، وأبا عبد اللَّه الحاكم، وحدَّث.

_ 1 بياض في الأصل. 2 إنباه الرواة "3/ 210"، وبغية الوعاة "1/ 178، 179". 3 المنتخب من السياق "52" رقم "100". 4 المنتخب من السايق "63".

312- محمد بن الفرج بن عبد الوليّ1: أبو عبد الله بن أبي الفتح الطُّلَيْطُليّ الصوَّاف المحدِّث. رحل وسمع بالقيروان ومصر من: حسن بن القاسم القُرَيْشيّ، ومحمد بن عيسى بن مناس، وأبي محمد بن النَّحّاس المصريّ. وبمكَّة من: أَحْمَد بن الحسن الرَّازيّ. ومنه: الحُمَيْدِيّ. سمع منه "صحيح مسلم"، وقال: كان صالحًا ثقة. توفِّي بمصر بعد الخمسين. 313- محمد بن سعيد: أبو عبد اللَّه المَيُورقيّ، الفقيه الأُصُوليّ. ذكره الأبَّار فقال: حجَّ صُحْبَةَ عبد الحق الصِّقَلّيّ، فقدم أبو المعالي الجويني مكة، فلزماه وحلا عنه تواليفه، ثم صدرا إلى مَيُورقة، وقعد أبو عبد اللَّه للإشغال، فلمَّا دخلها أبو محمد بن حزم كتب هذا إلى أبي الوليد الباجيّ، فسار إليه من بعض السَّواحل، وتظافرا معًا، ناظرا ابن حزم، ففمهاه وأخرجاه، وهذا إليه مبدأ العداوة بين ابن حَزْم والباجيّ. 314- محمد بن العبَّاس2: أبو الفوارس الصَّرْيِفِينيّ الأوَانيّ3 المقرئ. قرأ القرآن ببغداد لعاصم على أبي حفص الكتَّانيّ صاحب ابن مجاهد، قرأ عليه أبو العز القلانسيّ بأوانًا لَأبي بكر عن عاصم. ورواها أبو العلاء العطَّار، عن أبي العز في القراءات له. 315- محمد بن عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عليّ بن الحسن4:

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "85-87". 2 غاية النهاية "2/ 158". 3 الأواني: نسبة إلى أوانا، وهي قرية على عشرة فراسخ من بغداد عند صريفين على الدجلة. "الأنساب "1/ 379". 4 المنتخب من السياق "61، 62".

شرف السّادة أبو الحسن العلويّ الحسينيّ البَلْخيّ، صاحب النَّظْم والنَّثْر. قدِم رسولًا في سنة ستٍّ وخمسين من السُّلطان ألْبِ أرسلان، ومدح الْإِمام القائم. روى عنه: شجاع الذُّهْليّ، وأبو سَعْد المَرْوَزيّ من شِعْره. 316- محمد بن أبي سعيد بن شرف1: أبو عبد اللَّه الجذاميّ القيرواني، أحد فحول شعراء المغرب. روى عن: أبي الحسن القابسيّ، وغيره. وله تصانيف أدبيّة. قال ابن بَشْكُوال: أنبا عنه ولده الأديب أبو الفضل جعفر بن مُحَمَّد بالْإِجازة. 317- محمود بن عبد اللَّه بن عليّ بن ماشاذة2: أبو منصور الْأصبهانيّ المؤدّب. لهُ ذُرّيّة محدِّثون. حجّ وسَمِعَ علي بن جعفر السِّيروانيّ شيخ الحرم بمكَّة، وأبا القاسم بن حبابة ببغداد. روى عنه: سعيد بن أبي الرّجاء الصَّيْرَفيّ. ثم وجدتُ وفاة هذا، ورَّخها يحيى بن مَنْدَهْ في صَفَر سنة اثنتين وخمسين. تقدَّم. حرف الهاء: 318- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحُسَين العلوي3: أبو البركات بن أبي الحسن. سمع: أبا عليّ الرُّوذباريّ، وغيره. روى عنه: زاهر الشحامي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 604". 2 تقدمت ترجمته برقم "72" في وفيات سنة "452هـ". 3 المنتخب من السياق "475".

حرف الياء: 319- يوسف بن علي بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سَوَادة1: أبو القاسم الهُذَليّ المقرئ البَسْكريّ، وبَسْكرة بُليدة بالمغرب2. أحد الجوَّالين في الدُّنيا في طلب القراءات. لَا أعلم أحدًا رحل في طلب القراءات، بل ولا الحديث، أوسع من رحلته، فإنَّهُ رحل من أقصى المغرب إلى أن انتهى إلى مدينة فَرْغَانة، وهي من بلاد التُّرك. وذكر أنه لقي في هذا الشأن ثلاثمائة وخمسة وستين شيخًا. ومن كبار شيوخه: الشريف أبو القاسم عليّ بن محمد الزَّيْدِيّ، قرأ عليه بحرَّان. وقرأ بدمشق على: أبي عليّ الأهوازيّ، وبمصر عَلَى: تاج الأئِمّة أَحْمَد بن عليّ بن هاشم، وإسماعيل بن عمر، والحدّاد. وبحلب على: إسماعيل بن الطّبر. وبغيرها على: مهديّ بن طرادة، والحسن بن إبراهيم المالكيّ مصنِّف الرّوضة. وببغداد على أبي العلاء الواسطيّ. وروى عن: أبي نُعَيم الحافظ، وجماعة. وصنَّف كتاب "الكامل في القراءات المشهورة والشّواذ"، وفيه خمسون رواية، ومن أكثر من ألف طريق. روى عنه هذا الكتاب أبو العز محمد بن الحسين القَلَانِسِيّ، وحدَّث عنه: إسماعيل بن الأخشيد السِّرّاج. وكان في ذهني أنَّهُ توفِّي سنة ستِّين أو قريبًا منها. وقد قال ابن ماكولا: كان يدرس علم النّحو ويفهم الكلام. وقال عبد الغفار فيه3: الضرير، فكأنه أضرّ في كبره.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 680"، ومعجم البلدان "1/ 422"، والعبر "3/ 260"، وشذرات الذهب "3/ 324". 2 انظر "الأنساب "2/ 219، 220". 3 في المنتخب من السياق "490".

وقال: من وجوه القُرَّاء ورءوس الأفاضل، عالم بالقراءات. بعثه نظام الملك ليعقد في المدرسة للإقراء، فقعد سِنِين وأفاد، وكان مقدَّمًا في النَّحو والصَّرف، عارِفًا بالعلل. كان يحضر مجلس أبي القاسم القُشَيْريّ، ويقرأ عليه الأُصُول. وكان أبو القاسم القُشَيْريّ يراجعه في مسائل النَّحْو ويستفيد منه. وكان حضوره في سنة ثمانٍ وخمسين إلى أن تُوُفّي. الكُنَى: 320- أبو حاتم القزوينيّ1: العلّامة محمود بن الحسن الطَّبريّ، الفقيه الشّافعيّ المُتكلّم. ذكره الشِّيخ أبو إسحاق فقال: ومنهم شيخنا أبو حاتم المعروف بالقَزْوِينيّ، تفقَّه بآمل على شيوخ البلد، ثم قدِمَ بغداد، حضر مجلس الشّيخ أبي حامد ودرَسَ الفرائض على ابن اللّبّان، وأصول الفقه على القاضي أبي بكر الأشعريّ. وكان حافِظًا للمذهب والخلاف، صنَّف كُتُبًا كثيرة في الخلاف والَأصول والمذهب، ودرس ببغداد وآمُل، ولم أنتفع بأحد في الرِّحلة كما انتفعت به وبأبي الطِّيّب الطبريّ. توفِّي بآمُل. أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: أَنَا جَعْفَر الهَمَذَاني، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفي، ثَنَا أَبُو الفرج محمد بن أبي حاتم القزوينين إِمْلَاءً بِمَكَّةَ: أَنْبَأَ أَبِي بِآمُلَ، أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ النَّاتِلِيُّ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، أَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدٍ الأَعْلَى: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، لكن شرِّقوا أو غرِّبوا" 2.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18 128"، ومعجم المؤلفين "12/ 158". 2 حديث صحيح، متَّفَق عليه؛ أخرجه البخاري "394"، ومسلم "264"، وأبو داود "9"، والترمذي "8".

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع الطبقة الخامسة والأربعون "441-450هـ" "أحداث سنة إحدى وأربعين وأربعمائة" 3 اشتداد الخلاف بين السنة والشيعة. 3 انهزام الملك الرحيم. 3 امتلاك عسكر فارس الأهواز. 3 انهزام صاحب حلب. 3 إمرة الأمراء بدمشق. 4 الحرب بين أهل الكرخ وأهل القلايين. 4 الريح الغبراء. "أحداث سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة" 4 الصلح بين السنة والشيعة. 5 وقوع صاعقة بالحلة. 5 الرخص ببغداد. 5 استيلاء ألب رسلان على فَسا. 5 الاحتفال بزيارة مشهد بن الحسين. 5 أخذ طغرلبك أصبهان صلحًا. "أحداث سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة" 6 تجدُّد الفتنة بين السنة والشيعة. 6 كبس العيارين دار النسوي. 7 عمارة الري. 7 إحراق الأهواز. 7 الوقعة بين المغاربة والمصريين.

"أحداث سنة أربع وأربعين وأربعمائة" 7 عودة الفتن ببغداد. 8 الحرب بين عسكر خراسان وعسكر غزنة. 8 فتح الملك الدحيم البصرة. 8 نهب أطراف العراق. 8 القدح في نسب صاحب مصر. "أحداث سنة خمس وأربعين وأربعمائة" 8 إحراق الكرخ. 9 وصول الغُزّ إلى حلوان. 9 لعن الأشعري بنيسابور. 9 استيلاء الملك الرحيم على أرجان. "أحداث سنة ست وأربعين وأربعمائة" 9 شغب الأتراك على وزير السلطان. 10 وزارة أبي الحسين بن عبد الرحيم. 10 أخذ ابن بدران الأنبار. 10 عودة البساسيري إلى بغداد. 10 انكسار جيش المعز إلى القيروان. 11 انهزام المعز للمرة الثانية. 11 انتهاب القيروان. 12 انهزام زناتة أمام بلكين. 12 قتل أهل نقيوس للعرب. 12 نقصان النيل وتزايد الغلاء والوباء. 12 تكفين السلطان ثمانين ألف نفس. 12 تخريب الأعراب سواد العراق. 12 استيلاء طغرلبك على أذربيجان. "أحداث سنة سبع وأربعين وأربعمائة" 13 استيلاء أعوان الملك الرحيم على شيراز. 13 ابتداء الدولة السلجوقية.

14 انقراض بني بويه. 14 وفاة ذخيرة الدين. 14 عَيْث جيوش طغرلبك بالسواد. 15 الفتنة ببغداد. 15 ثورة الحنابلة ببغداد. 15 موت الملك الرحيم بالحبس. "أحداث سنة ثمان وأربعين وأربعمائة" 15 زواج القائم بأمر الله. 15 محاصرة تكريت. 16 الخطبة للعبيدي بالكوفة وواسط. 16 القحط والوباء بديار مصر. 16 عام الجوع الكبير بالأندلس. 16 الخطبة للمستنصر بالموصل. 16 وصول الخِلَع من مصر لنور الدولة. 17 إضرار عسكر طغرلبك بأهل العراق. "أحداث سنة تسع وأربعين وأربعمائة" 17 خلعة القائم بأمر الله على طغربك بالعهد. 17 مخاطبة الخليفة بملك المشرق والمغرب. 17 تسليم حلب لنواب المستنصر. 17 الجهد والجوع ببغداد. 18 الفناء الكبير ببخارى وسمرقند. "أحداث سنة خمسين وأربعمائة" 18 خلع القائم بأمر اللَّه والخطبة للمستنصر بالعراق. 19 دخول البساسيري بغداد. 19 القبض على وزير القائم وموته. 20 انتهاب دار الخلافة. 20 انقطاع الخطبة العبّاسية بالعراق. 20 اعتقال القائم بأمر اللَّه.

20 البيعة للمستنصر. 20 رواية ابن الْأثير عن قصد البساسيري الموصِل. 23 صلب رئيس الرؤساء. 23 مقتل عميد العراق. 23 ذم الوزير المغربي لفعل البساسيري. 23 اهتمام طغرلبك بإعادة الخليفة. 24 إحصاء ما وصل للبساسيري من المصريين. 24 إمرة ناصر الدولة بن حمدان على دمشق.

"الموتى في عام أحد وأربعين وأربعمائة" "حرف الْألف" 25 1- أَحْمَد بن حمزة بن محمد بن حمزة الهروي. 25 2- أَحْمَد بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن أَبِي نصر التميمي. 26 3- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن خرجة. 26 4- أحمد بن عمر بن أحمد البرمكي. 26 5- أحمد بن محمد بن أحمد بن منصور العتيقي. 27 6- أَحْمَد بن المظفّر بن أَحْمَد بن يزداد. 27 7- إبراهيم بن محمد بن زكريّا بن زكريّا الزهري الإفليلي. "حرف الباء" 28 8- بِشْروَيْه بن محمد بن إبراهيم الجرجاني. "حرف الحاء" 28 9- الحسين بن يعقوب الواسطي. 28 10- الحسين بن عقبة البصري. "حرف الراء" 29 11- رفق المستنصري. "حرف العين" 29 12- الملك العزيز أبو منصور خسرو فيروز. 30 13- العبّاس بن الفضل بن جعفر بن الفضل بن موسى. 30 14- عبد اللَّه بن إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني. 30 15- عبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم بن محمد بن عون القرطبي. 30 16- علي بن أحمد الحاكم الإستراباذي. 30 17- عبد الصمد بن أبي نصر المعاصمي. 31 18- علي بن إبراهيم بن نَصرُوَيْه بن سَخْتَام. 31 19- علي بن عبد اللَّه بن حسين بن الشيبه. 31 20- علي بن عمر بن محمد الحراني "حرف الفاء" 32 21- فارس بن نصر البغدادي.

32 22- الفضل بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن محمود الثقفي. "حرف القاف" 32 23- قِرواش بن مُقَلِّد بن المُسَيِّب العقيلي. "حرف الميم" 34 24- محمد بن إسحاق بن محمد القُهُستانيّ. 34 25- محمد بن أَحْمَد بن عليّ بن حمدان. 35 26- محمد بن أَحْمَد بن عيسى بن عبد الله السعدي. 35 27- محمد بن علي بن عبد الله الصوري. 37 28- مزيد بن محمد السلمي. 38 29- مودود بن مسعود بن محمد بن سبكتكين. 38 30- الملك العزيز أبو منصور بن جلال الدّولة. "وفيات سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة" "حرف الألف" 38 31- أحمد بن جعفر بن مهران. 39 32- أحمد بن علي بن الحسين التوزي. 39 33- أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب الأسدي البلدي. 40 34- أحمد بن محمد بن عبد الواحد المنكدري. "حرف الحاء" 40 35- الحسين بن الحسين بن يحيى بن زكريا البلخي. 40 36- الحسن بن خلف بن يعقوب. 41 37- الحسن بن عبد الواحد النجيرمي. 41 38- الحسن بن الشريف المرتضى. 41 39- الحسن بن محمد بن ناقة الرزاز. 41 40- حمد بن علي بن محمد الروياني. "حرف الخاء" 42 41- الخليل بن هبة الله التميمي. "حرف الدال" 42 42- داود بن محمد بن الحسين بن داود.

"حرف السين" 42 43- سعيد بن وهب الكوفي. 42 44- سلمة بن أمية بن وديع. "حرف العين" 43 45- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حسين الأصبهاني. 43 46- عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن فادويه. 43 47- عليّ بن الحسين بن عليّ بن شعبان. 44 48- علي بن عمر بن محمد القزويني. 47 49- علي بن محمد بن علي المقرئ الرازي. 47 50- عمر بن ثابت الثمانيني. "حرف القاف" 48 51- القاسم بن أَحْمَد بن القاسم بن أبان. "حرف الميم" 48 52- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن المحاملي. 48 53- محمد بن إسماعيل الجوهري. 48 54- محمد بن طلحة بن علي بن الصقر الكتاني. 48 55- محمد بن عبد الله بن فضلويه الوكيل. 49 56- محمد بن عبد المؤمن الإسكافي. 49 57- محمد بن عَبْد الواحد بْن زوج الحُرّة. 49 58- مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف العلاف. 50 59- محمد بْن علي بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن بهرام. 50 60- محمد بن محمد بن إسماعيل الطاهري. 50 61- محمد بن محمد بن أبي عبد الرحمن محمد بن يوسف. 51 62- محمد بن مهران بن أحمد الخويي. 51 63- منصور بن محمد بن عبد الله الأصبهاني. 51 64- ماجة بن عليّ بن أَحْمَد بن الحسن القزويني. 51 65- مهديّ بن أَحْمَد بن محمد بن شبيب.

"حرف الياء" 52 66- يونس بن أَحْمَد بن يونس بن عيشون. "وفيات سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة" "حرف الألف" 52 67- أحمد بن عثمان الجلاب. 52 68- أحمد بن علي بن أحمد المؤدب. 53 69- أَحْمَد بن عليّ بن محمّد بن سَلَمة الفَهْمي. 53 70- أحمد بن قاسم بن محمد بن سلمة الفهمي. 53 71- إسماعيل بن صاعد القاضي. "حرف الباء" 54 72- بركة بن مقلد. "حرف الحاء" 54 73- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد الشاموخي. 55 74- الحسين بن الحسن بن يعقوب الواسطي. "حرف الخاء" 55 75- خَلَف البَلَنسي. "حرف العين" 55 76- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عبْدان الَأزديّ. 55 77- عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن حسن الدمشقي. 56 78- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أبي علي أحمد الهمداني. 56 79- عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد بن عبد الأعلى الحراني. 57 80- عبد الرزاق بن القاضي أبي بكر أحمد اليزدي. 57 81- عبيد الله بن محمد بن قزعة النجار. 57 82- عُبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن لؤلؤ. 57 83- علي بن شجاع المصقلي. 58 84- علي بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني القطان. 58 85- علي بن محمد بن زيدان. 58 86- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بن عيسى الفارسي.

"حرف الميم" 58 87- محمد بن إسماعيل بن الحسن بن جعفر العلوي. 59 88- محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن عبيد الجذامي. 59 89- محمد بن علي بن عمرويه الوكيل. 59 90- محمد بن علي بن محمد بن صخر القاضي الأزدي. 60 91- محمد بن محمد بن خلف البصروي الشاعر. 60 92- مسافر بن الطيب بن عباد الزاهد. 61 93- مَسْعَدة بن إسماعيل بن أبي بكر أَحْمَد الجرجاني. "حرف الهاء" 61 94- هبة اللَّه بْن الحسين بْن علي كمال الملك. "وفيات سنة أربع وأربعين وأربعمائة" "حرف الألف" 61 95- أَحْمَد بن عليّ بن الحسين المروزي. 62 96- أَحْمَد بن محمد بن حُمَيْد بن الأشعث الكشاني. "حرف الحاء" 62 97- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ التميمي الواعظ. 64 98- الحسن بن عليِّ بن زيد بن الهَيْثَم الدهقان. 64 99- الحسن بن علي بن عمرو المصحح التميمي. 64 100- الحسين بن علي بن الدباغ الطائي. 65 101- حمزة بن علي الزبيري المصري. "حرف الرَّاء" 65 102- رشأ بن نظيف بن ما شاء الله الدمشقي. "حرف الزَّاي" 65 103- زيد بن أَحْمَد بن الصَّيْقَل النساج. "حرف السين" 66 104- سعيد بن محمد بن البغونش الطليطلي. 66 105- سوار بن محمد بن عبد اللَّه بن مطرف القرطبي. 66 106- سيف بن محمد العلوي.

"حرف العين" 66 107- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مكي السواق. 67 108- عبد الله بن محمد الجدلي الأندلسي. 67 109- عبد الرَّشيد بن الملك محمود بن سُبُكْتِكِين. 67 110- عبد العزيز عليِّ بن أَحْمَد بن الفضل الأزجي. 68 111- عبد الكريم بن إبراهيم الأصبهاني. 68 112- عبْد الوَهّاب بن أَحْمَد بن إبراهيم المقرئ. 68 113- عبيد الله بن أحمد بن معمر التميمي. 68 114- عُبَيْد اللَّه بن سعيد بن حاتم بن محمد بن علويه. 70 115- عثمان بن سعيد بن عثمان بن سيد بن عامر. 73 116- عليّ بن محمد بن صافي بن شُجاع الدمشقي. 73 117- عليّ بن محمد بن أَحْمَد بن جعفر البغدادي. "حرف الفاء" 74 118- الفضل بن إسحاق بن إبراهيم الأزدي. 74 119- الفضل بن محمد بن علي القصباني. "حرف القاف" 74 - قرواش صاحب الموصل. "حرف الميم" 75 120- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أحمد السمناني. 75 121- محمد بن إبراهيم بن عبد الله الأموي. 75 122- محمد بن إسماعيل بن عمر بن محمد بن سبنك. 76 123- محمد بن عبد العزيز بن العبّاس بن المهدي. 76 124- محمد بن أبي عدي بن الفضل السمرقندي. 76 125- مُحَمَّد بن عَلِيّ بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن داود البغدادي. 76 126- محمد بن محمد بن أخي سعاد الأسديّ. 77 127- محمد بن محمد بن مغيث بن أَحْمَد بن مغيث الصدفي. 77 128- المطهر بن محمد النهشلي. 77 129- مكي بن عمر المحتسب.

77 130- ناصر بن الحسين بن محمد بن عليّ القرشي. "وفيات سنة خمس وأربعين وأربعمائة" "حرف الألف" 78 131- أَحْمَد بن عليّ بن هاشم المصري. 79 132- أحمد بن عمر بن روح النهرواني. 79 133- أحمد بن محمد بن إبراهيم ابن رأس البغل. 79 134- إبراهيم بن عمر بن أَحْمَد بن إبراهيم البرمكي. 80 135- إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز الدمشقي. 81 136- إسماعيل بن عليّ بن الحسين بن زَنْجَوَيْهِ. "حرف الطّاء" 82 137- طَرَفَة بن أَحْمَد بن الكُمَيْت الحرستاني. "حرف العين" 82 138- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأصبهاني. 82 139- عبد الوهاب بن محمد بن محمد الخطابي. 82 140- عتبة بن عبد الملك بن عاصم الأندلسي. 83 141- عطيّة اللَّه بن الحسين بن محمد بن زهير الصوري. 83 142- علي بن سعيد بن علي الفقيه المعدل. 84 143- علي بن عبيد الله بن محمد الهمذاني الكسائي. 84 144- عمر بن أحمد بن محمد البوصيري. 84 145- عمر بن الواعظ أبي طالب محمد بن علي بن عطية المكي. "حرف الميم" 84 146- محمد بْن أحمد بْن عثمان السوادي. 85 147- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم الأصبهاني. 86 148- محمد بن إدريس بن يحيى الحَسَنيّ الأندلُسيّ. 86 149- محمد بن إسحاق بن مذويه الكوفي. 86 150- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن عَبْد الرحمن العلوي. 87 151- مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن بشران.

87 152- محمد بن عيسى بن محمد الأموي. 87 153- المهلب بن أبي صفرة. 88 154- محمد بن محمد بن عليّ بن الحَسَن النقيب. 88 155- محمد بن الفضل بن محمد بن سعيد القاساني. "حرف الهاء" 88 156- هبة الله بن محمد الشيرازي. "وفيات سنة ست وأربعين وأربعمائة" "حرف الألف" 89 157- أَحْمَد بن أبي الربيع الأندلُسيّ. 89 158- أحمد بن رشيق الثعلبي. 89 - أحمد بن رشيق الأندلسي. 90 159- أَحْمَد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن حمش. 90 160- أحمد بن محمد الجرجاني. 90 161- أَحْمَد بن محمد بن الأستاذ أبي عَمْرو الفراتي. 91 162- إبراهيم بن الحسن بن إسحاق الصواف. 91 163- إبراهيم بن محمد بن عمر العلوي. "حرف الحاء" 91 164- الحسن بن علي بن إبرهيم بن يزداد. 96 165- الحسين بن جعفر السلماسي. "حرف الخاء" 97 166- الخليل بن عبد اللَّه بن أحمد الخليلي. "حرف العين" 97 167- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عثمان الهمداني. 97 168- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أحمد اللبان. 99 169- عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد الخزرجي. 99 170- عبد الّرحمن بن عبد الوهّاب بن محمد بن حميد. 99 171- عبد الرحمن بن مَسْلَمة بن عبد الملك المالقي. 100 172- عبد السلام بن الحسين بن بكار.

100 173- عليّ بن الفضل بن أَحْمَد بن محمد بن الفرات. 101 174- علي بن ميمون بن حمدان الأسدي. 101 175- عمر بن محمد بن أَحْمَد بن جعفر البحيري. 101 176- عمر بن محمد بن قزعة المؤدب. "حرف القاف" 101 177- القاسم بن إبراهيم بن قاسم بن يزيد الأنصاري. "حرف الميم" 102 178- محمد بن الحسن بن زيد بن حمزة اليشكري. 102 179- محمد بن عبد الرحمن النيسابوري. 102 180- محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم. 103 181- محمد بن علي بن إبراهيم البيضاوي. 103 182- محمد بن الفضل بن محمد النيسابوري. 103 183- محمد بن محمد بن عيسى بن حازم البكري. 103 184- محبوب بن محبوب بن محمد الخشني. "حرف النون" 104 185- نصر بن سيّار بن يحيى الهروي. 104 186- بنت فايز القرطبي. "وفيات سنة سبع وأربعين وأربعمائة" "حرف الألِف" 104 187- أَحْمَد بن بابشاذ بن داود بن سليمان. 105 188- أحمد بن سلامة الأصبهاني. 105 189- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن ثابت الثابتي. 105 190- أحمد بن علي بن عبد الله الزجاجي. 106 191- أَحْمَد بن محمد بن أَحْمَد بن عبدوس. "حرف التّاء" 106 192- التّقي بن نجم بن عُبَيْد الله. 107 193- تمَّام بن محمد بن هارون الخطيب.

"حرف الجيم" 107 194- جعفر بن محمد بن عفّان المروزي. "حرف الحاء" 107 195- الحسن بن رجاء البغدادي. 107 196- الحَسَن بْن عليّ بْن عَبْد الله العطّار. 108 197- الحسين بن أَحْمَد بن محمد بن حبيب القادسي. 109 198- الحسين بن علي بن جعفر بن علكان. 109 199- الحُسَيْن بن عليّ بن محمد بن أبي المضاء. 109 200- حكم بن محمد بن حكم الجذامي. 110 201- حمزة بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الهاشمي. 111 202- حمزة بن القاسم بن عفيف المصري. "حرف الذَّال" 111 203- ذو النُّون بن أَحْمَد بن محمد المصري. "حرف الراء" 111 204- رافع بن نصر البغدادي. "حرف السين" 112 205- سُلَيْم بن أيوب بن سُلَيْم الرازي. 114 206- سُتَيْتَة بنت عبد الواحد بن محمد بن سبنك. 114 207- سهل بن طلحة. 114 208- سهل بن محمد بن الحسن القايني. "حرف الطّاء" 114 209- طلحة بْن عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد الأصبهاني. "حرف العين" 115 210- عبد الله بن الحسين الناصحي. 115 211- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حمويه. 115 212- عبد الرحيم بن الحسين الوزير الأوحد. 115 213- عبد الغفار بن محمد الآمدي. 116 214- عبد الملك بن عبد اللَّه بن محمود بن صهيب.

116 215- عبد الملك بن محمد بن محمد بن سلمان. 116 216- عبد الوهّاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزال. 117 217- عبد الوهاب بن محمد بن موسى الغندجاني. 117 218- عُبَيْد اللَّه بن عليّ بن أبي قربة العجلي. 117 219- عبيد الله بن محمد بن زمنانة الشيباني. 117 220- عبيد الله بن المعتز بن منصور النيسابوري. 118 221- منصور المعتز. 118 222- عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن جبريل القلانسي. 118 223- علي بن المحسن بن علي التنوخي. "حرف الفاء" 119 224- الفضل بن صالح بن عليّ الروذباري. "حرف القاف" 119 225- القاسم بن سعيد بن العبَّاس. "حرف الميم" 119 226- محمد بن أَحْمَد بن بدر الطليطلي. 120 227- محمد بن إسحاق بن أبي حصين. 120 228- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الليث الكشي. 120 229- محمد ذخيرة الدين. 121 230- محمد بن عليّ بن يحيى بن سِلْوان المازني. 121 231- "مكرر" محمد بن القاسم بن محمد بن إسماعيل الأموي. 121 231- مُحَمَّد بن القاسم بن مَيْمون بن حمزة. 122 232- محمد بن محمد بن عيسى بن حازم البكري. 122 233- محمد بن محمد الإسفرائيني الرافعي. 122 234- محمد بن يحيى الكرماني. 122 235- منصور بن عمر بن علي الكرخي. "حرف الهاء" 123 236- هاشم بن عبيد الجابري.

123 237- أبو بكر بن أحمد المنجم. "وفيات سنة ثمان وأربعين وأربعمائة" "من أعوام الوباء بمصر" "حرف الألف" 123 238- أحمد بن الحَسَن بن عليّ الشطرنجي. 124 239- أحمد بن الحسني بن الشيخ أبي بكر محمد المصري. 124 240- أحمد بن الحسين الفناكي. 124 241- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن يعقوب بْن قفرجل. 125 242- أَحْمَد بن أبي عليّ محمد بن الحُسين بن داود العلوي. 125 243- أَحْمَد بن محمد بن عليّ بن نُمَيْر الخوارزمي. 125 244- أَحْمَد بن محمد بن عبد الوهاب بن طاوان. 125 245- أحمد بن محمد بن الواحد بن بابشاذ. 126 246- إبراهيم بن محمد الفهمي الطليطلي. 126 247- إبراهيم بن سُليمان بن إبراهيم بن حمزة البلوي. 126 248- إسماعيل بْن الحَسَن بْن محمد بْن الحُسين العلوي. 126 249- إسماعيل بن عليّ بن الحسن بن بُنْدار بن المثنَّى. "حرف الجيم" 127 250- جعفر بن محمد بن المظفر النيسابوري. "حرف الحاء" 127 251- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن جابر الدهان. 128 252- الحسن بن الحسين الخلعي. 128 253- الحسن بن عبد الواحد بن سهل بن خلف. 128 254- الحسن بن محمد بن الحسن الصفار. 128 255- الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن حمشاذ. 129 256- الحسين بن أَحْمَد بن محمد بن عمر الأنصاري. 129 257- الحسين بن عثمان البرداني. 129 258- الحسين بن علي بن عمرويه الرمحاري.

129 259- الحسين بن عليّ بن محمد بن الفرحان. 129 260- حمزة بن محمد الجعفري الطوسي. 129 261- حُمَيْد بن المأمون بن حُمَيْد بن رافع القيسي. "حرف الدَّال" 130 262- داود بن الحسين بن غانم البغدادي. 130 263- داود بن سليمان الوكيل. "حرف السِّين" 130 264- سعيد بن محمد بن جعفر الأموي. "حرف العين" 130 265- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عبد الملك بن هاشم. 131 266- عَبْد اللَّه بن أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بن أحمد بن رَزْقُوَيْه. 131 267- عبد اللَّه بن الوليد بن سعيد بن بكر. 132 268- عبد الرزاق بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه البقال. 132 269- عبد العزيز بن بُنْدار بن عليّ بن الحسن الشيرازي. 132 270- عبد العزيز بن أحمد الحلوائيّ. 132 271- عَبْد الغافر بْن محمد بْن عَبْد الغافر الفارسي. 133 272- عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحامليّ. 134 273- عبد الملك بن محمد بن محمد بن سليمان البغدادي. 134 274- عبد الملك بن عمر بن خلف الرزاز. 134 275- عليّ بن أَحْمَد بن عليّ بن سلِّك الفاليّ. 135 276- عليّ بن إبراهيم بن عيسى الباقلاني. 135 277- عليّ بن عبد الواحد بن عيسى النجيرمي. 136 278- عليّ بن القاسم بن إبراهيم الأصبهاني. 136 279- عمر بن أَحْمَد بن عمر بن محمد بن مسرور. "حرف الفاء" 137 280- فرج بن أبي الحكم اليحصبي. "حرف القاف" 137 281- قاسم بن محمد بن هشام الرُّعينيّ.

"حرف الميم" 138 282- محمد بن أيّوب بن سليمان الوزير. 138 283- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن الحُسين النيسابوري. 139 284- محمد بن الحسين بن عليّ بن التَّرجمان الغزي. 139 285- محمد بن الحسين بن سعدون الموصلي. 140 286- محمد بن الحسين بن بقاء المصري. 140 287- محمد بن الحسين بن عبيد الله البرجي. 140 288- محمد بن عبد الله بن الصناع القرطبي. 140 289- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عثمان الخَوْلانيّ. 141 290- محمد بن عبد اللَّه بن مرثد. 141 291- محمد بن عبد الباقي بن الحسين بن فهم الأنصاري. 141 292- مُحَمَّد بن عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن بشران. 142 293- محمد بن عبد الملك الفارسي. 142 294- محمد بن عبد الواحد بن محمد البيع. 142 295- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن ميمون الدارمي. 143 296- محمد بن عبيد الله بن أحمد البغدادي الرزاز. 144 297- محمد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن إسماعيل الواعظ. 144 298- محمد بن عليّ بن يعقوب الإيادي. 144 299- محمد بن محمد بن المظفّر الدقاق. 144 300- محمد بن محمد بن عمرو الحاكم الزواهي. 145 301- المسلم بن عليّ بن طباطبا. "حرف الهاء" 145 302- هلال بن المحسِّن الصابئ. "حرف الياء" 145 303- يوسف بن سليمان بن مروان الرباحي. "وفيات سنة تسع وأربعين وأربعمائة" "حرف الألف" 146 304- أَحْمَد بن الحسن بن عنان الكنكشي.

146 305- أَحْمَد بْن عَبْد الله بن سليمان المعري الشاعر. 159 306- أحمد بن علي الإيادي. 159 307- أحمد بن علي بن عثمان السواق. 160 308- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ العزيز البجلي. 160 309- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن النعمان الذهبي. 161 310- أَحْمَد بن محمد بن أبي عُبَيْد أَحْمَد بن عروة. 161 311- أحمد بن مهلب بن سعيد البهراني. 161 312- إبراهيم بن محمد بن علي الكسائي. 162 313- إسماعيل بن عبد الرّحمن بن أَحْمَد بن إسماعيل الصابوني. "حرف الحاء" 165 314- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عليّ النسوي. 166 315- الحسين بن محمد بن عثمان النصيبي. 166 316- الحسين بن محمد بن القاسم بن طباطبا العلوي. "حرف الشِّين" 167 317- شيبان بن محمد بن جعفر الجوقوهي. "حرف العين" 167 318- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن زكريا الطليطلي. 167 319- عبد الواحد بن الحسين بن قرقر الحذاء. 167 320- عبد الغفّار بن محمد بن عمر بن العزيز. 167 321- عبد الوهاب بن أحمد بن هارون الجندي. 168 322- عبيد الله بن الحسين بن نصر العطار. 168 323- عليّ بن أَحْمَد بن إبراهيم بن غريب البزار. 168 324- علي بن الحسن السقلاطوني. 169 325- عليّ بن خَلَف بن عبد الملك بن بطال القرطبي. "حرف الميم" 169 326- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن الخبازي. 170 327- أبو بكر محمد بن الحسن بن عليّ الخبازي المقرئ. 170 328- محمد بن علي بن إبراهيم الدينوري.

171 329- محمد بن علي الكراجكي. 171 330- محمد بن ميمون بن محمد النرسي. "حرف الواو" 171 331- وليد بن عبد اللَّه بن عباس. "وفيات سنة خمسين وأربعمائة" "حرف الألف" 172 332- أحمد بن الحسين بن علي بن عمر الحربي. 172 333- أحمد بن سليمان النيسابوري. 172 334- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى الأبريسمي. 173 335- أحمد بن محمد بن حسين الخفاف. "حرف الحاء" 173 236- الحسين بن محمد بن عبد الواحد الوني. 173 337- الحسين بن محمد بن طاهر بن مهديّ البغداديّ. 173 338- حمزة بن أحمد بن حمزة القلانسي. "حرف الطّاء" 174 339- طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر بن عمر الطبري. "حرف الظّاء" 176 340- ظَفْر بن الفرج بن عبد الله بن محمد الخفاف. "عبد العين" 177 341- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد بن حسكان. 177 342- عبد اللَّه بن عليّ بن عَيّاض بن أبي عقيل. 177 343- عبد العزيز بن أبي الحسين عليّ بن محمد البغداديّ. 178 344- عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن المُظفّر الوراق. 178 345- عبد الوهاب بن عثمان المخبزي. 178 346- عبد الواحد بن الحسين بن أَحْمَد بن عثمان بن شيطا. 179 347- عبيد الله بن علي الرقي. 179 348- علي بن بقاء بن محمد المصري الوراق. 179 349- عليّ بْن الحُسين بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر بن الرفيل.

181 350- علي بن الحسين بن صدقة الشرابي. 181 351- عليّ بن عمر بن أَحْمَد بن إبراهيم البرمكي. 182 352- علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي. 184 353- عمر بن الحسين بن إبراهيم الخفاف. 184 354- عمر بن محمد بن عليّ بن مَعْدان. "حرف الميم" 184 355- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن ملهب بن مهلب القرطبي. 185 356- محمد بن أحمد بن الحسين الحربي السكري. 185 357- محمد بن الحسن بن المؤمل النَّيسابوري. 185 358- محمد بن عبد الجبار بن أحمد السمعاني. 186 359- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن إبراهيم الهمذاني. 186 360- محمد بن الفضل بن محمد بن محمد الهروي. 186 361- محمد بن محمد بن أَحْمَد بن إبراهيم الهاشمي. 187 362- محمد بن همام بن الصَّقر الموصلي. 187 363- مقلد بن نصر بن منقذ الكناني. 187 364- منصور بن الحسين الأسدي. 187 365- منصور بن الحسين بن عليّ بن القاسم التاني. "حرف النُّون" 188 366- نَصْر بْن عليّ بْن محمد بْن عبد العزيز الهمذاني. "حرف الهاء" 188 367- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عبد الله المأموني. "الكنى" 188 368- الملك الرحيم أبو النصر. "المتوفون تقريبًا" "حرف الألف" 189 369- أحمد بن رشيق الأندلسي. 189 370- أَحْمَد بن محمد بن حُمَيْد بن الأشعث. 189 371- أحمد بن زكريّا الضبي النيسابوري.

190 372- إدريس بن اليمان بن سام. 190 373- إسماعيل بن المؤمل بن حسين الإسكافي. 191 374- إشراق السَّوداء. "حرف الحاء" 191 375- الحسين بن أَحْمَد بن بكّار بن فارس الكندي. 191 376- الحُسَين بن عبد الله بن محمد بن المرزبان. "حرف العين" 192 377- عليّ بن الحسين بن عليّ بن شعبان. 192 378- علي بن طاهر القرشي المقدسي. 192 379- علي بن عبد الغالب بن جعفر الضراب. "حرف الميم" 193 380- محمد بن عليّ بن حسّول الهمذاني.

الطبقة السادسة والأربعين 451-460هـ "أحداث سنة إحدى وخمسين وأربعمائة على سبيل الاختصار" 195 هرب آل البساسيريّ. 195 الاحتفال باستقبال الخليفة القائم. 196 مقتل البساسيريّ. 196 إقرار ابن وهسودان على أذربيجان. 196 الصلح بين صاحب غزنة والسلطان جغربيك. 197 وفاة جغربيك صاحب خراسان. 197 عزل أبي الحسن بن المهتدي عن الخطابة بجامع المنصور. 197 الأعلام المسندون في هذا الوقت. 197 علوّ الرفض. "وفي سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة" 197 وقعة الفنيدق. 198 وفاة ابن النسويّ. 198 تملُّك ابن مرداس الرحبة. 198 وفاة أمّ القائم بأمر الله. 198 ولاية تمام الدولة دمشق ووفاته. "أحداث سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة" 198 وزارة ابن دارست. 199 تقليد الزينبي نقابة النقباء. 199 وفاة أمير مكة. 199 ولاية حسام الدولة دمشق وعزله. "أحداث سنة أربع وخمسين وأربعمائة" 199 زواج بنت الخليفة بطغرلبك. 199 عزل ابن دارست من الوزارة ووفاته. 199 وزارة ابن جهير.

200 رخص الأسعار بالعراق. 200 غرق بغداد. 200 الواقعة بين معزّ الدولة وملك الروم. 200 وفاة أمير حلب. "أحداث سنة خمس وخمسين وأربعمائة" 200 دخول السلطان بغداد. 201 وفاة السلطان طغرلبك. 201 الخطبة لعضُد الدولة. 201 الوقعة بين صاحب سفاقس وملك إفريقية. 202 الزلزلة بالشام. 202 نيابة بدر المستنصريّ دمشق. 202 حصار ابن شبل الدولة حلب. "أحداث سنة ست وخمسين وأربعمائة" 202 قتل الوزير عميد الدولة. 202 وزارة نظام الملك. 202 تملُّك ألب أرسلان هراة وغيرها. 203 إعادة ابنة الخليفة من الريّ. 203 تقليد ألب أرسلان السلطنة. 203 الوقعة بين السلطان وقتلمش. 203 افتتاح السلطان عدة حصون للروم. 204 زواج ولدي السلطان. 204 ندب بعض الجهلة على ملك الجنّ. 204 نقابة العلويّين ببغداد. 204 وفاة النقيب أسامة العلوي. 205 ولاية حيدرة الكتامي. 205 هرب بدر المستنصري من ولاية دمشق. 205 عودة بدر إلى نيابة دمشق.

"أحداث سنة سبع وخمسين وأربعمائة" 205 الوقعة بإفريقية بين تميم بن المعزّ والناصر بن علناس. 205 بناء مدينة بجّاية. 206 عبور ألب أرسلان نهر جيحون. 206 بناء النظامية ببغداد. "أحداث سنة ثمان وخمسين وأربعمائة" 206 سلطنة ملكشاه. 206 الاحتفال بعاشوراء. 206 عودة أمير الجيوش بدر إلى دمشق. 207 إقطاع الأنبار وغيرها لابن قريش. 207 استيلاء المعزّ على تونس. 207 الزلزلة بخراسان. 207 ولادة صغيرة برأسين. 207 ظهور كوكب بشعاع عظيم. "أحداث سنة تسع وخمسين وأربعمائة" 208 التدريس في النظامية. 208 مقتل الصُّليحي صاحب اليمن. 208 بناء قبّة فوق قبر أبي حنيفة. "أحداث سنة ستين وأربعمائة" 209 الزلزلة الهائلة بالرملة. 209 لقحط في مصر. 209 حصار مدينة الأربس. 210 إمرة قطب الدولة لدمشق.

"المتوفون في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة" "حرف الألَف" 211 1- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن إسحاق البغدادي. 211 2- أَحْمَد بن عليّ بن الحسن بن أبي الفضل الكفرطابي. 211 3- أَحْمَد بن محمد بن الحسين الْأصبهانيّ الْإِسكاف. 211 4- أحمد بن عمر بن الخلّ الأبزاري. 212 5- أحمد بن مرحب بن أحمد الفارسي. 212 6- أَحْمَد بن يحيى بن أَحْمَد بن سُمَيْق القرطبي. 213 7- إبراهيم بن ينال. 213 8- إبراهيم بن العبّاس الجيليّ. "حرف الباء" 213 9- البساسيريّ الأمير. "حرف التَّاء" 214 10- تمَّام بن عفيف بن تمَّام. "حرف الجيم" 214 11- جغربيك الأمير داود بن ميكائل. "حرف الحاء" 214 12- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن خلف الكتبي. 215 13- الحسن بن غالب المباركيّ المقرئ. 215 14- الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني. 215 15- الحسن بن محمد بن ذكوان القرطبي. 216 16- الحسين بن أبي عامر البغدادي الغزال. "حرف السين" 216 17- سعيد بن محمد بن أَحْمَد بن محمد البحيري. "حرف العين" 217 18- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حشكان. 217 19- عبد الله بن الحسن بن علي الهمذاني الصيقل 217 20- عبد اللَّه بن شبيب بن عبد اللَّه الأصبهاني. 218 21- عَبْد العزيز بن عَبْد الرَّحمن بن أَحْمَد القزويني.

218 22- عَقِيل بن العبّاس بن الحَسَن بن العبّاس الحسيني. 218 23- علي بن الحسين بن هندي. 219 24- علي بن محمود بن ماخُرّة الزوزني. "حرف الفاء" 219 25- فَرُّخ زاد بن السُّلطان مسعود. 220 26- الفضل بن جعفر بن أبي الكرام. "حرف القاف" 220 27- القاسم بن الفتح بن محمد بن يوسف الريولي. "حرف الميم" 221 28- محمد بن أَحْمَد بن الكوفيّ. 221 29- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن البقال. 221 30- محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن شاذان الحيري. 222 31- محمد بن أبي القاسم عبد الواحِد الدّارانيّ. 222 32- محمد بن علي بن الفتح الحربي. 223 33- محمد بن محمد بن عُبيد اللَّه بن المؤمل الأنباري. 223 34- محمد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن أَبِي تمام. 224 35- منصور بن النعمان الصيمري. "حرف النون" 224 36- نصر بن أبي نصر. "حرف الياء" 224 37- يوسف بن هلال البغدادي. "وفيات سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة" "حرف الألف" 224 38- أحمد بن الحسين التميمي السلماسي. 225 39- أحمد بن عُبيد الله بن فضال الموازيني. 225 40- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى الملحمي. 226 41- أحمد بن نجا البغدادي البزاز. 226 42- إبراهيم بن محمد بن زيد الأموي.

"حرف الباء" 226 43- بابيّ بن أبي مسلم بن بابيّ. "حرف الجيم" 226 44- جعفر بن الحسين بن يحيى الدقاق. "حرف الحاء" 226 45- الحسن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن الشيباني. 227 46- الحسن بن علي بن أبي طالب الهروي. 227 47- الحسن بن محمد الجارزي. 227 48- الحسن بن محمد بن إبراهيم اللباد. 227 49- الحسين بن محمد الخباز. 227 50- الحسين بن الحسن بن الحسين الأمير ناصر الدولة. "حرف السين" 228 51- سُبُكتكين التركي. "حرف الضَّاد" 228 52- ضياء بن أَحْمَد بن محمد بن يعقوب الهروي. "حرف الطّاء" 229 53- طاهر بن عليّ بن محمد بن ممُّويه. "حرف العين" 229 54- عالي بن عثمان بن جِني. 229 55- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بُندار. 230 56- عبد الباقي بن أبي غانم الشيرازي. 230 57- عبد الجبَّار بن عليّ بن محمد بن خُشكان. 230 58- عبد الرّزاق بن محمد بن يزداد الْأصبهانيّ. 230 59- عبد الواحد بن محمد بن عثمان المجاشعي. 230 60- عُبيد الله بن أحمد بن علي الصيرفي. 231 61- عدنان بن عبد الله بن أحمد البرجي. 231 62- علي بن أحمد بن الربيع السبكبائي. 231 63- علي بن أحمد بن محمد بن حامد البزاز. 232 64- علي بن حُميد بن علي بن محمد بن حُميد الذهلي.

232 65- محمد بن أحمد بن علي القزويني. 233 66- محمد بن أحمد بن عبد الله البصري الزويج. 233 67- محمد بن عبد الله بن عبيد الله المؤدب. 234 68- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن الحسن الكرابيسي. 234 69- محمد بن عبد الوهاب بن محمد العلوي. 234 70- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عمروس. 235 71- محمد بن محمد بن علي الحنفي. 235 72- محمود بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن ماشاذة. "الكنى" 235 73- أبو محمد بن النسوي. "وفيات سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة" "حرف الألِف" 236 74- أحْمَد بْن سَعيد بْن أَحْمَد بْن نفيس المصري. 236 75- أحمد بن عبد العزيز بن نفيس المقريء. 237 76- أحمد بن مروان بن دوستك الأمير. 238 77- إبراهيم بن علي بن تميم القيرواني. "حرف الحاء" 238 78- الحسين بن عيسى الكلبي. 238 79- الحسين بن مبشّر المزكي الكتاني. 239 80- حمْد بن محمد بن عبد اللَّه الفقيه. "حرف الصاد" 239 81- صالح بن الحسين البروجردي. "حرف العين" 239 82- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن حسنكويه. 240 83- عبد الرحمن بن غَزو بن محمد بن يحيى النهاوندي. 240 84- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن منده. 241 85- عثمان بْن محمد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد بْن صالح الخلال. 241 86- علي بن إسحاق والد الوزير نظام الملك.

241 87- عليّ بن الحسين بن جابر التنيسي. 241 88- عليّ بن رضوان بن عليّ بن جعفر المصري. 243 89- عليّ بن محمد بن يحيى بن محمد السلمي الحبيشي. 243 90- عمر بن أحمد بن الواثق الهاشمي. 244 91- عمر بن محمد بن علي الأصبهاني الخرقي. "حرف القاف" 244 92- قريش بن بدران بن مقلّد بن المسيّب العقيلي. "حرف الميم" 244 93- محمد بن إبراهيم بن وهب القيسي. 245 94- محمد بن إسماعيل بن قورتش. 245 95- محمد بن الحسن بن علي الطبري. 245 96- مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الكَنْجَرُوذيّ. 246 97- محمد بن محمد بن يحيى بن الحُسَين الجوري. 247 98- المعز بن باديس. "وفيات سنة أربع وخمسين وأربعمائة" "حرف الألِف" 247 99- أَحْمَد بن إبراهيم بن موسى الشاماتي. 248 100- إبراهيم بن العباس بن الحسن بن أبي الجن. "حرف الباء" 248 101- بكر بن عيسى بن سعيد. "حرف الثّاء" 248 102- ثَمال بن صالح بن الزَّوْقَلِيّة الأمير. "حرف الحاء" 249 103- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن الحسن الجوهري. 250 104- الحسن بن إبراهيم بن الفرات. "حرف الخاء" 250 105- خَلَف بن أَحْمَد بن بطَّال البكري البلنسي. "حرف الزّاي" 250 106- زُهير بن الحَسَن بن عليّ السرخسي.

"حرف السِّين" 251 107- سَعْد بن أبي سَعْد محمد بن منصور الجولكي. 251 108- سِيْد بن أحمد بن محمد الغافقي. "حرف الطاء" 252 109- طاهر بن أَحْمَد بن بابشاذ. 252 110- طغرلبك السلطان. "حرف العين" 252 111- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن حَسِنكويه. 253 112- عبد اللَّه بن المُظفّر بن محمد بن ماجه الناقد. 253 113- عبد الرحمن بن أَحْمَد بن الحسن بن بُندار العجلي. 256 114- عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن مالك الغساني. 257 115- عبد الرحمن بن غزْو بن محمد بن حامد بن غزو. 257 116- عبد الرّحمن بن المُظفّر بن عبد الرحمن الكحال. 257 117- عمر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسن بْن شاهين. 257 118- عمر بن عُبَيْد اللَّه بن يوسف بن حامد الذهلي. "حرف الميم" 258 119- محمد بن أَحْمَد بن مطرِّف الكتاني. 259 120- محمد بن سلامة بن جعفر بن عليّ القضاعي. 260 121- محمد بن عبدة بن ملة الهروي. 260 122- محمد بن محمد بن علي الشروطي. 260 123- محمد بن محسّن بن قريش الزيات. 261 124- المعز بن باديس بن منصور الصِّنْهاجي. 261 125- منيع بن وثّاب الأمير النميري. "وفيات سنة خمس وخمس وأربعمائة" "حرف الألِف" 262 126- أَحْمَد بن محمود بن أَحْمَد بن محمود الثقفي. 262 127- أحمد بن محمد بن نهيون الفارسي. 263 128- إبراهيم بن منصور بن إبراهيم الكراني. 263 129- إسحاق بن عبد الرّحمن بن أَحْمَد بن إسماعيل. 264 130- إسماعيل بن خف بن سعيد بن عمران.

"حرف الخاء" 264 131- خَلَف بن أَحْمَد بن الفضل الحوفي. "حرف الصَّاد" 265 132- صالح بن محمد بن أَحْمَد بن أبي الفيّاض العِجلي. "حرف الطَّاء" 265 133- طُغرلبك بن ميكائيل بن سُلْجُوق السلطان. "حرف العين" 268 134- عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى بْن المدبّر الوزير. 268 135- عبد الرزاق بن أحمد بن محمد بن يعقوب. 268 136- عبد الوهاب بن محمد بن أحمد البقال. 268 137- عطاء بن أحمد بن جعفر الهروي. 269 138- عليّ بن الخَضِر بن سليمان بن سعيد السلمي. 269 139- عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن محمد بن يوسف المهلبي. 270 140- العلاء بن عبد الوهاب بن أحمد الأموي. "حرف الفاء" 271 141- فارس بن الحسن بن منصور البلخي. "حرف الميم" 271 142- محمد بن إبراهيم بن موسى بن عبد السلام الطليطلي. 272 143- محمد بن بيان بن محمد الكازروني. 272 144- محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي. 273 145- محمد بن محمد بن جعفر الناصحي. 273 146- محمد بن محمد بن حمدون السلمي. 274 147- محمد بن المضفر بن عبد الله بن المظفر النديم. 275 148- المُظفَّر بن محمد بن عليّ بن إسماعيل الأمير. 276 149- منصور بن إسماعيل بن أَحْمَد بن أبي قُرة. "حرف الهاء" 276 150- هارون بن طاهر بن عبد الله الهمداني الأمين. 277 151- يحيى بن زيد بن يحيى بن عليّ الحسيني.

"وفيات سنة ست وخمسين وأربعمائة" "حرف الألِف" 277 152- أَحْمَد بن عبد الواحد بن الحسن السكري. 277 153- أَحْمَد بن محمد بن عمر بن ديزكة التاجر. "حرف الحاء" 277 154- الْحَسَن بْن عَبْد الرَّحمن بْن الخصيب. 278 155- الحسن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد البلخي. 278 156- الحسين بن أحمد بن علي الأبهري. 279 157- الحسين بن أحمد بن الحسين بن حي التُّجيبي. 279 158- حيدرة بن منزو بن النعمان الكتامي. "حرف السّين" 279 159- سِراج بن عبد اللَّه بن محمد بن سراج الأموي. "حرف العين" 279 160- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الذهبي الطبيب. 280 161- عبد الله بن موسى بن سعيد الشارقي. 280 162- عبد الجبّار بن فاخر بن معاذ. 280 163- عبد العزيز بن أحمد الحلوائي. 281 164- عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم النخْشبي. 282 165- عبد الكريم بن محمد بن إسماعيل البجلي. 282 166- عبد الواحد بن عليّ بن بَرْهان العُكْبَرِيّ. 283 167- عبد الواحد بن محمد بن موهب التجيبي. 284 168- عليّ بْن أَحْمَد بْن سعيد بْن حزْم الأندلسي. 293 169- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الفضل الكفرطابي. 294 170- علي بن محمد بن عبيد الله الإشبيلي. 294 171- عمر بن أحمد بن سبسوَيه التاجر. 294 172- عميد المُلك الكندري. "حرف القاف" 294 173- قُتُلمش بن إسرائيل بن سَلْجُوق.

"حرف الميم" 295 174- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد أحمد بن حسنون. 295 175- محمد بن عليّ بن عبد الملك بن شبابة. 295 176- محمد بن عليّ بن محمد بن صالح المطرز. 296 177- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن حبيب الخشاب. 296 178- محمد بن عليّ بن يوسف بن جميل الطرطوسي. 296 179- محمد بن منصور بن محمد الوزير عميد المُلك. 298 180- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحسين البسطامي. 301 181- المحسّن بن عيسى بن شهفيروز. "وفيات سنة سبع وأربعين وأربعمائة" "حرف الألف" 301 182- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحسن الطرائفي. 301 183- أحمد بن عبد العزيز بن أحمد القدوري. 302 184- أَحْمَد بن القاسم بن ميمون بن حمزة الشريف. 302 185- إسماعيل بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن فيلة. "حرف السّين" 302 186- سعيد بن أبي سعيد أَحْمَد بن محمد العيار. "حرف العين" 304 187- عبد الصمد بن أبي عبد الله الحسين الجمال. 304 188- عبد العزيز بن محمد النخشبي. 304 189- عبد الملِك بن زيادة اللَّه بن عليّ الطبني. 305 190- عبد الواحد بن محمد النصري البقال. 305 191- عُبَيد اللَّه بْن عليّ بْن عُبَيد اللَّه الجيرفتي. 305 192- عليّ بن إبراهيم بن جعفر بن الصَّبّاح الأسدي. "حرف الفاء" 305 193- الفضل بْن محمد بْن إبراهيم. "حرف الميم" 305 194- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن علي الأبنوسي. 306 195- محمد بن علي الحداد.

306 196- موحِّد بن عليّ بن عبد الواحد بن الموحّد. "وفيات سنة ثمان وخمسين وأربعمائة" "حرف الألف" 306 197- أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي. 308 198- أحمد بن محمد الشقاني الحسنوي. 309 199- إبراهيم بن محمد بن موسى السروي. "حرف الحاء" 309 200- الحسن بن غالب بن المبارك. 310 201- حمزة بن فضالة الهروي. "حرف الخاء" 310 202- الخضر بن الفتح الدمشقي. "حرف العين" 310 203- عبد الله بن موسى الأنصاري الطليطلي. 311 204- عبد اللَّه بن الْإِمام أبي عمر يوسف النمري. 311 205- عبد الرَّزّاق بن عمر بن موسى بن شمة التاجر. 311 206- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الفضل القطان. 311 207- عُبَيْد اللَّه بن عبد اللَّه بن هشام الداراني. 312 208- علي بن إسماعيل المرسي، ابن سيده اللغوي. 313 209- عليّ بْن أَبِي طَالِب محمد بْن عليّ بن عطية المكي. 313 210- عمرو بن عبد الرحمن بن أحمد الكرماني. "حرف الغين" 314 211- غانم بن أبي سهل عمرو بن أحمد الأصبهاني. "حرف الفاء" 314 212- فرج الزنجاني الزاهد. "حرف القاف" 314 213- قاسم بن محمد بن سليمان بن هلال الطليطلي. "حرف الميم" 315 214- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن محمد العبادي الهروي. 316 215- محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفراء.

323 216- مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن عبيد الله الكراني. 323 217- محمد بن عليّ. 323 18- محمد بن الفضل بن جعفر التميمي الهمداني. 323 219- محمد بن وهب بن محمد الأندلسي. "وفيات سنة تسع وخمسين وأربعمائة" "حرف الألِف" 324 220- أَحْمَد بن سعيد بن محمد بن أبي الفياض. 324 221- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مهران الأصبهاني. 324 222- أحمد بن عبد الباقي بن الحسن الموصلي. 324 223- أَحْمَد بن مُغِيث بن أَحْمَد بن مُغيث الصدفي. 325 224- أحمد بن منصور بن خلفة المغربي. "حرف الحاء" 326 225- الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي. 326 226- الحسن بن علي بن وهب الدمشقي. "حرف الخاء" 327 227- الخضر بن منصور الدمشقي. "حرف السّين" 327 228- سعيد بن عُبَيْدة بن طَلْحة العبسي. 327 229- سعيد بن محمد بن الحسن المَرْوَزِيّ الْإِدريسي. "حرف الصَّاد" 328 230- صاعد بن منصور بن محمد بن محمد الهروي. "حرف العين" 328 231- عالي بن أبي الفتح عثمان بن جني. 328 232- عبد الجليل بن مخلوف المالكي. 329 233- عبد الصَّمد بن محمد بن تميم بن غانم التميمي. 329 234- عبد الكريم بن علي التميمي بن السني. 329 235- عبيد الله بن محمد بن ميمون الأسدي. 329 236- علي بن بكار الصوري. 330 237- عليّ بن الحسن بن عمر الزُّهْريّ الثَّمَانِينيّ.

330 238- علي بن الخضر العثماني الدمشقي. 330 239- علي بن محمد بن الحسن بن يزداد الواسطي. "حرف الفاء" 331 240- الفضيل محمد بن الفضيل الفضيلي. "حرف الميم" 331 241- محمد بن أَحْمَد بن عَدْل الأموي. 331 242- محمد بن إسماعيل بن أَحْمَد بن عمرو الطوسي. 332 243- محمد بن الحبيب بن طاهر بن عليّ بن شماخ الغافقي. 332 244- محمد بن عبد الله بن عمر العدوي العمري. 332 245- مُحَمَّد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مهربزد. "حرف النون" 333 246- نجيب بن عمار الغنوي. "وفيات سنة ستين وأربعمائة" 333 247- أحمد بن سعيد اللوزنكي. 334 248- أَحْمَد بن الفضل بن محمد بن أَحْمَد الباطرقاني. 335 249- أَحْمَد بن محمد بن عيسى بن هلال القطان. 336 - أحمد بن منصور "حرف الثَّاء" 336 250- ثابت بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن خبيش. "حرف الحاء" 336 251- الحسن بن أبي طاهر بن الحسن الختلي. 336 252- الحسن بن عليّ بن مكّيّ بن إسرافيل النسفي. 337 253- حنبل بن أحمد بن حنبل الفارسي البيع. "حرف الخاء" 337 254- خديجة بنت محمد بن عليّ الشاهجانية. "حرف الدال" 338 255- دُرّي المستنصري.

"حرف العين" 338 256- عبد الله بن سليمان المعافري. 338 257- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصيداوي. 338 258- عبد الخالق بن عبد الوارث السيوري. 339 259- عبد الدَّائم بن الحُسين بن عُبَيْد اللَّه الهلالي. 339 260- عبد الملك بن محمد بن يوسف البغدادي. 340 261- عَبْد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَهَّاب القرطبي. 340 262- عبيد الله بن محمد بن مالك القرطبي. 340 263- علي بن محمد بن جعفر الطريثيثي. 341 264- عمر بن الحسن بن عبد الرحمن الهوزني. "حرف الميم" 341 265- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أحمد العتيقي. 341 266- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن البطر القارئ. 342 267- محمد بن أحمد بن أبي العلاء السدوسي. 342 268- محمد بن الحسن بن علي الطوسي. 342 269- محمد بن عبد الله بن مسلمة التجيبي. 343 270- محمد بن علي بت محمد بن موسى السلمي الحداد. 343 271- مُحَمَّد بْن عَلي بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بن رجاء بن أبي العيش. 343 272- محمد بن محمد أميرجة الهروي. 343 273- محمد بن موسى بن فتح البطليوسي. 344 274- ملحم بن إسماعيل بن مضر الضبي الهروي. 344 275- منتجع بن أَحْمَد بن محمد بن المنتجع. "حرف الياء" 344 276- يحيى ابن الأمير إسماعيل بن عبد الرحمن الهواري. 345 277- يحيى بن صاعد بن محمد النيسابوري. "ذكر المُتَوَفّين تقريبًا في هذا الوقت" "حرف الألِف" 346 278- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن بلال المرسي النحوي. 346 279- أَحْمَد بن عليّ بن هارون بن البُنّ السامري.

346 280- أحمد بن منصور بن أبي الفضل الضبعي. 347 281- أحمد بن محمد بن الهيصم. 347 282- أحمد بن عبد الرحمن بن مندويه. 347 283- إبراهيم بن مسعود التجيبي. 348 284- إبراهيم بن الحسين بن حاتم بن صولة. "حرف الثّاء" 348 285- ثابت بن أسلم بن عبد الوهاب الحلبي. "حرف الحاء" 348 286- الحسين بن أحمد بن علي النيسابوري. 349 287- حيدرة بن الحسين الأمير معتز الدولة. 349 288- حيدرة بن منزو بن النعمان الأمير الكتامي. "حرف الرَّاء" 349 289- رئيس العراقين أبو أَحْمَد النَّهَاوِنْديّ. "حرف الزاي" 350 290- زاهر بن عطاء النسوي. "حرف السِّين" 350 291- سَعِيد بْن محمد بْن محمد النيسابوري. 350 292- سعيد بن منصور بن مسعر القشيري. "حرف الصاد" 351 293- صخر بن محمد الطوسي. "حرف العين" 351 294- عائشة بنت القاضي أبي عمر البسطامي. 351 295- عبد الرحمن بن إسحاق العامري. 351 296- عبد الرحمن بن إسماعيل بن جوشن الطليطلي. 352 297- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن أبي صادق. 352 298- علي بن الحسين الصيداوي الوراق. 352 299- علي بن عبد الله بن أحمد النيسابوري. 353 300- علي بن محمد بن علي الزوزني. 353 301- عليّ بن محمد بن عليّ بن المُصَحّح البكري.

354 302- علي بن محمد بن علي الدوري. 354 303- عمر بن شاه بن محمد النيسابوري الصواف. "حرف الميم" 354 304- محمد بن أحمد المروزي الخضري. 354 305- محمد بن بيان بن محمد الكازروني. 355 306- محمد بن الحسن بن عبد الرّحمن بن عبد الوارث الرازي. 355 307- محمد بن الحُسين بن يحيى بن سعيد بن بشر. 355 308- محمد بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن توبة. 356 309- محمد بن عليّ بن الحَسَن بن عليّ الصقلي القيرواني. 356 310- محمد بن محمد بن علي النيسابوري الحنفي. 356 311- محمد بن محمد بن الحاكمي الحاتمي الجويني. 357 312- محمد بن الفرج بن عبد الولي الطليطلي. 357 313- محمد بن سعيد الميورقي. 357 314- محمد بن العباس الصريفيني الأواني. 357 315- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن عبيد الله البلخي. 358 316- محمد بن أبي سعيد بن شرف الجذامي القيرواني. 358 317- محمود بن عبد اللَّه بن عليّ بن ماشاذة. "حرف الهاء" 359 318- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحسين العلوي. "حرف الياء" 359 319- يوسف بن علي بن جبارة بن محمد الهذلي البسكري. "الكنى" 360 320- أبو حاتم القزويني الطبري. 361 فهرس الموضوعات.

المجلد الحادي والثلاثون

المجلد الحادي والثلاثون الطبقة السابعة والأربعون أحداث سنة إحدى وستين واربعمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة السابعة والأربعون: أحداث سنة إحدى وستين وأربعمائة: حريق جامع دمشق: في نصف شعبان حُرِقَ جَامِعِ دِمَشْقَ. قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: كَانَ سَبَبُ احتراقه حرب وقع بَيْنَ الْمَغَارِبَةِ وَالْمَشَارِقَةِ -يَعْنِي: الدَّوْلَةَ- فَضَرَبُوا دَارًا مُجَاوِرَةً لِلْجَامِعِ بِالنَّارِ فَاحَتْرَقَتْ، وَاتَّصَلَ الْحَرِيقُ إِلَى الْجَامِعِ1، وَكَانَتِ الْعَامَّةُ تُعِينُ الْمَغَارِبَةَ، فَتَرَكُوا الْقِتَالَ وَاشْتَغَلُوا بِإِطْفَاءِ النَّارِ، فَعَظُمَ الأَمْرُ، واشتدَّ الْخَطْبُ، وَأَتَى الْحَرِيقُ عَلَى الْجَامِعِ، فَدُثِرَتْ مَحَاسِنُهُ، وَزَالَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الأَعْمَالِ النَّفِيسَةِ، وتشوَّه مَنْظَرُهُ، وَاحْتَرَقَتْ سُقُوفُهُ المذهَّبة. تغلُّب حِصْنُ الدَّوْلَةِ عَلَى دِمَشْقَ: وَفِيهَا وَصَلَ حِصْنُ الدَّوْلَةِ مُعَلَّى بْنُ حَيْدَرَةَ الْكُتَامِيُّ إِلَى دِمَشْقَ، وَغَلَبَ عَلَيْهَا قَهْرًا مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ، بَلْ بِحِيَلٍ نمَّقها وَاخْتَلَقَهَا. وَذُكِرَ أَنَّ التَّقْلِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَافَاهُ، فصادر أهلها وبالغ وعاث، وزاد في الجَوْرِ إلى أن خربت أَعْمَالُ دِمَشْقَ، وَجَلا أَهْلُهَا عَنْهَا، وَتَرَكُوا أَمْلاكَهُمْ وَأَوْطَانَهُمْ، إِلَى أَنْ أَوْقَعَ اللَّهُ بَيْنَ الْعَسْكَرِيَّةِ الشَّحْنَاءَ2 وَالْبَغْضَاءَ، فَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، فَهَرَبَ إِلَى جِهَةِ بَانْيَاسَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، فَأَقَامَ بِهَا وَعُمَرُ الحمام وَغَيْرُهُ بِهَا، وَأَقَامَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِبْعِينَ بِهَا، فَنَزَحَ مِنْهَا إِلَى صُورَ خَوْفًا مِنْ عَسْكَرِ الْمِصْرِيِّينَ. ثُمَّ سَارَ مِنْ صُورَ إِلَى طَرَابُلْسَ، فَأَقَامَ عِنْدَ زَوْجِ أُخْتِهِ جَلالِ الْمُلْكِ بْنِ عَمَّارٍ مُدَّةً، ثُمَّ أُخِذَ مِنْهَا إِلَى مِصْرَ، وَأُهْلِك سَنَةَ 481، وَللَّهِ الْحَمْدُ3. وُصُولُ الرُّومِ إِلَى الثُّغُورِ: وَفِيهَا أَقْبَلَتِ الرُّومُ من القسطنطينية ووصلت إلى الثغور.

_ 1 "خبر صحيح": أورده ابن الأثير في الكامل في التاريخ "10/ 59"، وانظر صحيح التوثيق "7/ 507، 508". 2 الشحناء: الحقد والعداوة. 3 راجع: المنتظم "8/ 254، 255"، والبداية والنهاية "12/ 98"، والعبر "3/ 247"، وتهذيب تاريخ دمشق "5/ 24".

أحداث اثنتين وستين وأربعمائة

أحداث اثنتين وستين وأربعمائة: نزول ملك الروم على منبج: أقبل صاحب القسطنطينية -لعنه الله- في عسكرٍ كبير إلى أن نزل على مَنْبج، فاستباحها قْتلًا وأسْرًا، وهرب من بين يديه عسكر قِنسرين والعرب، ورجع الملعون لشدّة الغلاء على جيشه، حتى أبيع فيهم رِطل الخبز بدينار. محاصرة أمير الجيوش صور: وفيها سار بدر أمير الجيوش فحاصر صور، وكان قد تغلَّب عليها القاضي عين الدّولة بن أبي عَقِيل، فسار لنجدته من دمشق الأمير قرلوا في ستّة آلاف، فحصَر صَيْداء، وهي لأمير الجيوش، فترحَّل بدر، فردّ العسكر النَّجدة. ثمّ عاد بدر فحاصر صور بَرًا وبحرًا سنةً، فلم يقدر عليها، فرحل عنها. إعادة الخطبة للعباسيّين بمكة: وفيها ورد رسول أمير مكة محمد بن أبي هاشم، وولد أمير مكة على السلطان ألْب أرسلان، بأنّه أقام الخطبة العبّاسيّة، وقطع خطبة المستنصر المصريّ، وتركّ الأذان بحيِّ على خير العمل، فأعطاه السلطان ثلاثين ألف دينار وخِلْعًا، وقال: إذا فعل مُهَنّا أمير المدينة كذلك أعطيناه عشرين ألف دينار. القحط في مصر: وسببُ ذلك ذِلّة المصريين بالقحْط المُفْرِط، واشتغالهم بأنفسهم حتى أذلَّ بعضهم بعضًا، وتشتتوا في البلاد، وكاد الخراب يستولي على سائر الإقليم، حتى أبيع الكلبُ بخمسة دنانير، والهِرّ بثلاثة دنانير، وبلغ الإِرْدبّ مائة دينار. وردَّتِ التجارُ ومعهم ثياب صاحب مصر وآلاته نُهبت وأبيعت من الجوع، وقد كان فيها أشياء نُهبت من دار الخلافة ببغداد وقت القبض على الطائع لله وقت فتنة

البساسيري. وخرج من خزائنهم ثمانون ألف قطعة بِلَّور، وخمسة وسبعون ألف قطعة من الديباج القديم، وأحد عشر ألف كزاغند، وعشرون ألف سيف مُحلَّى، هكذا نقله ابن الأثير. قال صاحب "مرآة الزمان" والعُهده عليه: خَرجت امرأة من القاهرة وبيدها مُدّ جوهر، فقالت: مَن يأخذه بمُدّ بُرّ؟ فلم يلتفت إليها أحدٌ، فألقته في الطريق وقالت: هذا ما نفعني وقت الحاجة، ما أريده، فلم يلتفت أحدٌ إليه. وقال ابن الفضل يهنّئ القائم بأمر الله بقصيدة، منها: وقد علم المصريُّ أن جُنُوده ... سِنُو يوسفٍ فيها وطاعونُ عَمَوَاسِ أقامتْ به حتى استراب بنفسه ... وأوجَس منها خيفةً أيَّ إِيجاسِ

_ 1 انظر: البداية والنهاية "12/ 97"، والنجوم الزاهرة "5/ 84، 85"، وشذرات الذهب "3/ 38، 39"، تاريخ الخلفاء "ص: 669"، وصحيح التوثيق "7/ 508".

أحداث سنة ثلاث وستين وأربعمائة

أحداث سنة ثلاث وستين وأربعمائة ... أحداث ثلاث وستين وأربعمائة: الخطبة في حلب للخليفة القائم: فيها خطب محمود بن شبل الدولة بن صالح الكلابي صاحب حلب بها للخليفة القائم، وللسلطان ألب أرسلان، عندما رأى من قوة دولتهما، وإدبار دولة المستنصر، فقال للحلبيين: هذه دولة عظيمة نحن تحت الخوف منهم، وهم يستحلُّون دماءكم لأجل مذهبكم، يعني التشيُّع، فأجابوا ولبس المؤذنون السواد، فأخذت العامَّة حصر الجامع وقالوا: هذه حصر الإمام علي، فليأتِ أبو بكر بحصر يُصلّي عليها الناس، فبعث الخليفة القائم له الخِلَع مع طراد الزَّيْنبي نقيب النُّقَباء. مسير ألب أرسلان إلى حلب: ثم سار ألب أرسلان إلى حلب من جهة ماردين، فخرج إلى تلقِّيه من ماردين صاحِبُها نصْر بن مروان، وقدَّم له تُحَفًا، ووصلَ إلى آمِد فرآها ثغرًا منيعًا فتبرَّك به، وجعل يمر يده على السور ويمسح بها صدره، ثم حاصر الرها فلم يظفر بها، فترحل إلى حلب وبها طِرادٌ بالرسالة، فطلب منه محمود الخروج عنه إلى السلطان، وأن

يعفيه من الخروج إليه، فخرج وعرف السلطان بأنه قد لبس خلع القائم وخطب له، فقال: إيش تسوى خطبتهم ويؤذنون بحي على خير العمل؟ ولا بد أن يدوس بساطي. فامتنع محمود، فحاصرها مدَّةً، فخرج محمود ليلةً بأمه، فدخلت وخدمت وقالت: هذا ولدي فافعل به ما تحب. فعفا عنه وخلع عليه، وقدَّم هو تقادُم جليلة، فترحَّل عنه. موقعة منازكرد: وفيها الوقعة العظيمة بين الإسلام والروم. قال عزّ الدين في "كامله": فيها خرج أرمانوس طاغية الروم في مائتي ألف من الفرنج والروم والبجاك والكرج، وهم في تجمُّل عظيم، فقصدوا بلاد الإسلام، ووصل مَنَازْكِرْدٍ1 بُليدة من أعمال خلاط، وكان السلطان ألب أرسلان بخوي من أعمال أَذْرَبَيْجان، قد عاد من حلب، فبلغه كثرة جموعهم، وليس معه من عساكره إلا خمس عشرة ألف فارس، فقصدهم وقال: أنا ألتقيهم صابرًا محتسبًا، فإن سلمت فبنعمة الله تعالى، وإن كانت الشهادة فابني ملكشاه ولي عهدي. فوقعت مقدمته على مقدمة أرمانوس فانهزموا وأسر المسلمون مقدمهم، فأحضر إلى السلطان فجدع أنفه، فلمَّا تقارب الجمعان أرسل السلطان يطلب المهادنة، فقال أرمانوس: لا هدنة إلا بالري، فانزعج السلطان، فقال له إمامه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري الحنفي: إنك تقاتل عن دينٍ وَعَد الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله قد كتب باسمك هذا الفتح، فالقهم يوم الجمعة في الساعة التي يكون الخطباء على المنابر، فإنَّهم يدعون للمجاهدين. فلمَّا كان تلك الساعة صلى بهم، وبكى السلطان، فبكى الناس لبكائه، ودعا فأمَّنوا، فقال لهم: من أراد الانصراف فلينصرف، فما ههنا سلطان بأمر ولا بنهي، وألقى القوس والنشاب، وأخذ السيف، وعقد ذنب فرسه بيده، وفعل عسكره مثله، ولبس البياض وتحنَّط وقال: إن قتلت فهذا كفني.

_ 1 منازكرد: وقال في معجم البلدان "5/ 202": منازجرد -بعد الألف زاي ثم جيم مكسورة وراء ساكنة- وهي بلد مشهورة بين خلاط وبلاد الروم، يعدُّ في أرمينية، وأهله أرمن الروم.

وزحف إلى الروم، وزحفوا إليه، فلمَّا قاربهم ترجَّل وعفَّر وجهه بالتراب وبكى، وأكثر الدعاء، ثم ركب وحمل الجيش معه، فحصل المسلمون في وسطهم، فقتلوا في الروم كيف شاءوا، وأنزل الله نصره، وانهزمت الروم، وقتل منهم ما لا يحصى، حتى امتلأت الأرض بالقتلى، وأسر ملك الروم، أسره غلام لكوهرائين، فأراد قتله ولم يعرفه، فقال له خدم مع الملك: لا تقتله فإنَّه الملك. وكان هذا الغلام قد عرضه كوهرائين على نظام الملك، فرده استحقارًا له، فأثنى عليه أستاذُه، فقال نظام الملك: عسى يأتينا بملك الروم أسيرًا، فكان كذلك. ولما أحضر إلى بين يدي السلطان ألب أرسلان ضربه ثلاث مقارع بيده، وقال: ألم أرسل إليك في الهدنة فأبيت؟ فقال: دعني من التوبيخ وافعل ما تريد. قال: ما كان عزمك أن تفعل بي لو أسرتني؟ قال: أفعل القبيح. قال: فما تظن أنني أفعل بك؟ قال: إمَّا أن تقتلني، وإمَّا أن تشهرني في بلادك، والأخرى بعيدة، وهي العفو، وقبول الأموال، واصطناعي. قال له: ما عزمتُ على غير هذه. ففدى نفسه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار، وأن ينفذ إليه عسكره كلما طلبه، وأن يطلق كل أسير في مملكته، وأنزله في خيمةٍ، وأرسل إليه عشرة آلاف دينار ليتجهَّز بها، وخلع عليه وأطلق له جماعة من البطارقة، فقال أرمانوس: أين جهة الخليفة؟ فأشاروا له، فكشَفَ رأسه وأومأ إلى الجهة بالخدمة، وهادنه1 السلطان خمسين سنةً، وشيعه مسيرة فرسخ. وأمَّا الروم -لعنهم الله- فلمَّا بلغهم أنه أُسِرَ ملَّكوا عليهم ميخائيل، فلمَّا وصل أرمانوس إلى طرف بلاده بلغه الخبر، فلبس الصوف وأظهر الزهد2، وجمع ما عنده من المال، فكان مائتي ألف دينار وجوهر بتسعين ألف دينار، فبعث به، وحلف أنه لا بقي يقدر على غير ذلك.

_ 1 هادنه: أي أعطاه مصالحة، والهدنة: هي المصالحة بعد الحرب، أو فترة تعقب الحرب يتهيأ فيها العدوان للصلح، ولها شروط خاصة "ج" هُدَن. 2 الزهادة في الشيء: خلاف الرغبة فيه، والرضا باليسير مما يتيقن حله، وترك الزائد على ذلك لله تعالى.

ثم إن أرمانوس استولى على بلاد الأرمن. وكانت هذه الملحمة من أعظم فتح في الإسلام، ولله الحمد. مسير أَتْسِز بن أبق في بلاد الشام: قال: وفيها سار أَتْسِز بن أبق الخوارزمي من أحد أمراء ألب أرسلان في طائفةٍ من الأتراك، فدخل الشام، فافتتح الرملة، ثم حاصر بيت المقدس وبه عسكر المصريين فافتتحه، وحاصر دمشق، وتابع النهب لأعمالها حتى خرَّبها، وثبت أهل البلد فرحل عنه. قلت: ولكن خرب الأعمال ورعى الزرع عدة سنين حتى عدمت الأقوات بدمشق، وعظم الخطب والبلاء. فلا حول ولا قوة إلّا بالله1.

_ 1 وراجع: المنتظم "8/ 260-265"، ونهاية الأرب "26/ 313-315"، والبداية والنهاية "12/ 100، 101".

أحداث سنة أربع وستين وأربعمائة، أحداث سنة خمس وستين وأربعمائة

أحداث سنة أربع وستين وأربعمائة، أحداث سنة خمس وستين وأربعمائة: أحداث أربع وستين وأربعمائة: فتح نظام الملك حصن فضلون: فيها سار نظام الملك الوزير إلى بلاد فارس، فافتتح حصن فضلون، وكان يضرب المثل بحصانته، وأُسِر فضلون صاحبه، فأطلقه السلطان. الوباء في الغنم: وفيها كان الوباء في الغنم، حتى قيل: إن راعيًا بطرف خراسان كان معه خمسمائة شاة ماتوا في يوم. وفاة قاضي طرابلس ابن عمار: ومات قاضي طرابلس أبو طالب بن عمار، الذي كان قد استولى عليها، توفِّي في رجب. تملُّك جلال الملك طرابلس: وتملَّك بعده جلال الملك أبو الحسن بن عمار، وهو ابن أخي القاضي، فامتدت أيامه إلى بعد الخمسمائة، وأخذت منه الفرنج طرابلس، فلا قوة إلا بالله1. أحداث سنة خمس وستين وأربعمائة: مقتل ألب أرسلان: فيها قُتِلَ السلطان ألب أرسلان، وقام في الملك ولده ملكشاه2. انتقال السلطنة إلى نظام الملك: فسار أخو السلطان قاروت بك صاحب كرمان بجيوشه يريد الاستيلاء على السلطنه، فسبقه إلى الري السلطان ملكشاه ونظام الملك، فالتقوا بناحية همذان في رابع شعبان، فانتصر ملكشاه، وأسر عمه قاروت، فأمر بخنقه بوترٍ فخنق، وأقرَّ مملكته على أولاده، وردَّ الأمور في ممالكه إلى نظام الملك، وأقطعه أقطاعًا عظيمةً، من جملتها مدينة طوس، ولقَّبه "الأتابك"، ومعناه: الأمير الوالد، وظهرت شجاعته وكفايته، وحسن سيرته. الفتنة بين جيش المستنصر العبيدي والعبيد والعربان: وفيها، وفي حدودها وقعت فتنة عظيمة بين جيش المستنصر العبيدي، فصاروا فئتين: فئة الأتراك والمغاربة، وقائد هؤلاء ناصر الدولة أبو عبد الله الحسين بن حمدان، من أحفاد صاحب الموصل ناصر الدولة بن حمدان، وفئة العبيد وعربان الصعيد. فالتقوا بكوم الريش، فانكسر العبيد، وقُتِلَ منهم وغرق نحو أربعين ألفًا، وكانت وقعة مشهورة. وقويت نفوس الأتراك، وعرفوا حسن نية المستنصر لهم، وتجمَّعوا وكثروا، فتضاعفت عدتهم، وزادت كلف أرزاقهم، فخلت الخزائن من الأموال، واضطربت

_ 1 راجع: الكامل في التاريخ "10/ 71، 72"، والنجوم الزاهرة "5/ 89"، ونهاية الأرب "26/ 317، 318". 2 راجع: صحيح التوثيق "7/ 509".

الأمور، فتجمَّع كثير من العساكر، وساقوا إلى الصعيد، وتجمعوا مع العبيد، وجاءوا إلى الجيزة، فالتقوا هم والأتراك عدة أيام، ثم عبر الأتراك إليهم النيل مع ناصر الدولة بن حمدان، فهزموا العبيد. ثم إنهم كاتبوا أم المستنصر واستمالوها، فأمرت مَنْ عندها من العبيد بالفتك بالمقدمين، ففعلوا ذلك، فهرب ناصر الدولة، والتفت عليهم الترك، فالتقوا، ودامت الحرب ثلاثة أيام بظاهر مصر، وحلف ابن حمدان لا ينزل عن فرسه ولا يذوق طعامًا حتى ينفصل الحال، فظفر بالعبيد، وأكثر القتل فيهم، وزالت دولتهم بالقاهرة، وأخذت منهم الإسكندرية، وخلت الدولة للأتراك، فطمعوا في المستنصر، وقلَّت هيبته عندهم، وخلت خزائنه البتة. وطلب ابن حمدان العروض، فأخرجت إليهم، وقومت بأبخس ثمن، وصرفت إلى الجند، فقيل: إن نقد الأتراك كان في الشهر أربعمائة ألف دينار. تغلب العبيد على ابن حمدان: وأمَّا العبيد فغلبوا على الصعيد، وقطعوا السبل، فسار إليهم ابن حمدان، ففروا منه إلى الصعيد الأعلى، فقصدهم وحاربهم، فهزموه، وجاء الفَلُّ إلى القاهرة، ثم نُصِر عليهم وعظم شأنه، واشتدت وطأته، وصارحوا الكُلّ، فحسده أمراء الترك لكثرة استيلائه على الأموال، وشكوه إلى الوزير، فقوى نفوسهم عليه وقال: إنما ارتفع بكم. فعزموا على مناجزته، فتحوَّل إلى الجيزة، فنهبت دوره ودور أصحابه، وذلَّ وانحلَّ نظامه. انكسار ابن حمدان أمام المستنصر: فدخل في الليل إلى القائد تاج الملوك شاذي واستجار به، وحالفه على قتل الأمير إِلْدِكْز، والوزير الخطير، فركب إِلْدِكْز فقتل الوزير، ونجا إلدكز، وجاء إلى المستنصر فقال: إن لم تركب وإلا هلكت أنت ونحن، فركب في السلاح، وتسارع إليه الجند والعوام، وعبى الجيش، فحملوا على ابن حمدان فانكسر واستحر القتل بأصحابه.

تغلُّب ابن حمدان على خصومه من جديد: وهرب فأتى بني سنبس، وتَبِعَه فَلٌّ من أصحابه، فصاهر بني سنبس وتقوَّى بهم، فسار الجيش لحربه، فأراد أحد المقدمين أن يفوز بالظفر، فناجزه بعسكره، والتقوا فأسره ابن حمدان، وقتل طائفة من جُنْده. ثم عدَّى إليه فرقة ثانية لم يشعروا بما تمَّ، فحمل عليهم، ورفع رءوس أولئك على الرماح، فرعبوا وانهزموا، وقتلت منهم مقتلة. وساق وكبس بقية العساكر، فهزمهم، ونهب الريف، وقطع الميرة عن مصر في البرِّ والبحر، فغلت الأسعار، وكثر الوباء إلى الغاية، ونهبت الجند دور العامَّة، وعظم الغلاء، واشتد البلاء. رواية ابن الأثير عن الغلاء في مصر: قال ابن الأثير: حتى إنَّ أهل البيت الواحد كانوا يموتون كلهم في ليلةٍ واحدة. واشتدَّ الغلاء حتى حكي أنَّ امرأة أكلت رغيفًا بألف دينار، فاستبعد ذلك، فقيل: إنها باعت عروضها، وقيمته ألف دينار، بثلاثمائة دينار، واشترت به قمحًا، وحمله الحمَّال على ظهره، فنهبت الحملة في الطريق، فنهبت هي مع الناس، فكان الذي حصل لها رغيفًا واحدًا. مصالحة الأتراك لناصر الدولة بن حمدان: وجاء الخلق ما يشغلهم عن القتال، ومات خلق من جند المستنصر، وراسل الأتراك الذين حول ناصر الدولة في الصلح، فاصطلحوا على أن يكون تاج الملك شاذي نائبًا لناصر الدولة بن حمدان بالقاهرة يحمل إليه المال. الحرب بين ابن حمدان وتاج الملك شاذي: فلمَّا تقرَّر شاذي استبدَّ بالأمور، ولم يرسل إلى ابن حمدان شيئا، فسار ابن حمدان إلى أن نزل بالجيزة، وطلب الأمراء إليه فخرجوا، فقبض على أكثرهم، ونهب ظواهر القاهرة، وأحرق كثيرًا منها، فجهز إليه المستنصر عسكرًا، فبيتوه، فانهزم، ثم إنه جمع جمعًا وعاد إليهم، فعمل معهم مصافًا، فهزمهم، وقطع خطبة المستنصر بالإسكندرية ودمياط، وغلب على البلدين وعلى سائر الريف، وأرسل إلى العراق يطلب تقليدًا وخلعًا.

اضمحلال أمر المستنصر: واضمحلَّ أمر المستنصر وخمل ذكره، وبعث إليه ابن حمدان يطلب الأموال، فرآه الرسول جَالسًا على حصيرٍ، وليس حوله سوى ثلاثة خدم، فلما أدَّى الرسالة قال: أما يكفي ناصر الدولة أن أجلس على مثل هذه الحال؟ فبكى الرسول وعاد إلى ناصر الدولة فأخبره بالحال، فرقَّ له وأجرى له كل يومٍ مائة دينار. وقدِمَ القاهرة وحكم فيها، وكان يظهر التسنُّن ويعيب المستنصر. وكاتب عسكر المغاربة فأعانوه، ثم قبض على أمِّ المستنصر وصادرها، فحملت خمسين ألف دينار، وكانت قد قل ما عندها إلى الغاية. تفرق أولاد المستنصر: وتفرَّق عن المستنصر أولاده وكثير من أهله من القحط، وضربوا في البلاد، ومات كثير منهم جوعًا، وجرت عليهم أمورٌ لا توصف في هذه السنة بالديار المصرية من الفناء والغلاء والقتل. وانحطَّ السعر في سنة خمس وستين. المبالغة في إهانة المستنصر: قال ابن الأثير: وبالغ ناصر الدولة بن حمدان في إهانة المستنصر، وفرَّق عنه عامَّة أصحابه، وكان يقول لأحدهم: إنني أريد أن أوليك عمل كذا، فيسير إليه، فلا يمكنه من العمل، ويمنعه من العود، وكان غرضه من ذلك ليخطب للقائم بأمر الله أمير المؤمنين، ولا يمكنه ذلك مع وجودهم، ففطن له الأمير إِلْدِكْز، وهو من أكبر أمراء وقته، وعلم أنه متى تمَّ له ما أراد تمكَّن منه ومن أصحابه، فأطلع على ذلك غيره من أمراء الترك. قتل ابن حمدان: فاتفقوا على قتل ابن حمدان، وكان قد أمن لقوته وعدم عدوه. فتواعدوا ليلةً، وجاءوا سحرًا إلى داره، وهي المعروفة بمنازل العزِّ بمصر، فدخلوا صحن الدار من غير استئذان، فخرج إليهم في غلالةٍ؛ لأنَّه كان آمنًا منهم، فضربوه بالسيوف، فسبَّهم وهرب، فلحقوه وقتلوه، وقتلوا أخويه فخر العرب، وتاج المعالي، وانقطع ذكر الحمدانية بمصر. ولاية بدر الجمالي مصر: فلمَّا كان في سنة سبعٍ وستين ولي الأمر بمصر بدر الجمالي أمير الجيوش، وقتل إِلْدِكْز، والوزير ابن كُدِينَه، وجماعةً، وتمكَّن من الدولة إلى أن مات. ولاية الأفضل: وقام بعده ابنه الأفضل1.

_ 1 راجع: المنتظم "7/ 276، 277"، والبداية والنهاية "12/ 106"، والعبر "3/ 256"، والكامل في التاريخ "10/ 86"، ومرآة الجنان "3/ 89، 90".

أحداث سنة ست وستين وأربعمائة

أحداث سنة ست وستين وأربعمائة ... أحداث ست وستين وأربعمائة: الغرق العظيم ببغداد: فيها كان الغرق العظيم ببغداد، فغرق الجانب الشرقي، وبعض الغربي، وهلك خلق كبير تحت الهدم، وقام الخليفة يتضرَّع إلى اللَّه ويصلي. واشتدَّ الأمر، وأقيمت الجمعة في الطيار على ظهر الماء مرتين، ودخل الماء في هذه النوبة من شبابيك المارستان العضدي. وارتفعت دجلة أكثر من عشرين ذراعًا، وبعض المحال غرقت بالكلية، وبقيت كأن لم تكن، وهلكت الأموال والأنفس والدواب، وكان الماء كأمثال الجبال. وغرِقَت الأعراب والتركمان وأهل القرى، وكان من له فرس يركبه ويسوق إلى التُّلُول العالية، وقيل: إن الماء ارتفع ثلاثين ذراعًا، ولم يبلغ مثل هذه المرة أبدًا. وركب الناس في السفن، وقد ذهبت أموالهم، وغرقت أقاربهم، واستولى الهلاك على أكثر الجانب الشرقي.

رواية ابن الجوزي: قال سبط الجوزي: انهدمت مائة ألف دار وأكثر، وبقيت بغداد مَلَقَةً واحدة، وانهدم سورها، فكان الرجل يقف في الصحراء فيرى التاج. ونهب للناس ما لا يحصيه إلا اللَّه، وجرى على بغداد نحو ما جرى على مصر من قريب. رواية ابن الصابئ: قال ابن الصابئ في "تاريخه": تشققت الأرض، ونبع منها الماء الأسود، وكان ماء سخطٍ وعقوبة، ونهبت خزائن الخليفة، فلما هبط الماء أُخْرِجَ الناس من تحت الهدْم، وعلا الناسَ الذُّلُّ، ثم فسد الهواء بالموتى، ووقع الوباء، وصارت بغداد عِبْرةً ومَثَلًا. أخْذُ صاحب سمرقند مدينة تِرْمِذ: وكان صاحب سَمَرْقَنْد خاقان ألتكين قد أخذ ترمذ بعد قتل السلطان ألب أرسلان، فلمَّا تمكَّن ابنه ملكشاه سار إلى ترمذ وحصرها، وطمَّ خندقها، ورماها بالمنجنيق، فسلموها بالأمان. فأقام فيها نائبًا، وحصَّنها وأصلحها، وسار يريد سمرقند، ففارقها ملكها وتركها، وأرسل يطلب الصُّلْح ويضرَّع إلى نظام الملك ويعتذر، فصالحوه. وفاة إياس ابن صاحب سمرقند: وسار ملكشاه بعد أن أقطع أخاه شهاب الدين تكِش بلْخ وطخارِسْتان، ثم قدِمَ الري، فمات ولده إياس، وكان فيه شر وشهامة، بحيث أن أباه كان يخافه، فاستراح منه. بناء قلعة صَرْخَد: وفيها بنيت قلعة صرخد، بناها حسَّان بن مسمار الكلبي1.

_ 1 انظر: المنتظم "8/ 284-286"، والبداية والنهاية "12/ 109"، والعبر "3/ 261"، نهاية الأرب "23/ 239".

أحداث سنة سبع وستين وأربعمائة

أحداث سنة سبع وستين وأربعمائة ... أحداث سبع وستين وأربعمائة: دخول بدر الجمالي مصر وتمهيدها: قال ابن الأثير: قد ذكرنا في سنة خمسٍ ما كان من تغلُّب الأتراك وبني حمدان على مصر، وعجْز صاحبها المستنصر عن منعهم، وما وصل إليه من الشدة العظيمة، والفقر المدقع، وقتل ابن حمدان، فلما رأى المستنصر أن الأمور لا تنصلح ولا تزداد إلا فسادًا، أرسل إلى بدر الجمالي، وكان بساحل الشام، فطلبه ليوليه الأمور بحضرته، فأعاد الجواب: إنَّ الجند قد فسدوا، ولا يمكن إصلاحهم، فإن أذنت أن استصحب معي جندًا حضرت وأصلحت الأمور، فإذن له أن يفعل ما أراد، فاستخدم عسكرًا يثق بهم وبنجدتهم، وسار في هذا العام من عكَّا في البحر زمن الشتاء، وخاطر لأنه أراد أن يهجم مصر بغتةً. وكان هذا الأمر بينه وبين المستنصر سرًّا، فركب البحر في كانون الأول، وفتح الله له بالسلامة، ودخل مصر، فولاه المستنصر جميع الأمر، ولقَّبه "أمير الجيوش"، فلمَّا كان الليل بعث من أصحابه عدة طوائف إلى أمراء مصر، فبعث إلى كل أمير طائفة ليقتلوه ويأتوه برأسه، ففعلوا، فلم يُصبحوا إلا وقد فرغ من أمراء مصر، ونقل جميع حواصلهم وأموالهم إلى قصر المستنصر، وسار إلى دمياط، وكان قد تغلَّب عليها طائفة، فظفر بهم وقتلهم، وشيد أمرها. وسار إلى الإسكندرية فحاصرها ودخلها عنوة، وقتل طائفة ممن استولوا عليها. وسار إلى الصعيد فهذَّبه، وقتل به في ثلاثة أيام اثني عشر ألف رجل، وأخذ عشرين ألف امرأة، وخمسة عشر ألف فرس، وبيعت المرأة بدينار، والفرس بدينارٍ ونصف. فتجمَّعوا بالصعيد لحربه، وكانوا عشرين ألف فارس، وأربعين ألف راجل، فساق إليهم فكبسهم وهم على غرةٍ في نصف الليل، فأمر النفاطين1 فأضرموا النيران وضربت الطبول والبوقات، فارتاعوا وقاموا لا يعقلون، وألقيت النار في دَجْلةٍ هناك،

_ 1 النفاطين: هم الذين يستخرجون النفط من معدنه، والنفط: مزيج من الهدروكربونات يحصل عليها بتقطير زيت البترول الخام، أو قطران الفحم الحجري، وهو سريع الاشتعال.

وامتلأت الدنيا نارًا، وبلغت السماء، فولوا منهزمين، وقتل منهم خلق، وغرق خلق، وسلم البعض، وغنمت أموالهم ودوابُّهم. ثم عمل بالصعيد مصافًا آخر، ونصر عليهم، وأحسن إلى الرعية، وأقام المزارعين فزرعوا البلاد، وأطلق لهم الخراج ثلاث سنين، فعمرت البلاد وعادت -وذلك بعد الخراب- إلى أحسن ما كانت عليه. وفاة الخليفة القائم بأمر الله: وفي شعبان توفِّي أمير المؤمنين القائم بأمر الله العباسي، واستخلف بعده حفيده عبد الله بن محمد، ولقِّب بالمقتدي بأمر الله. وحضر قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي، والشيخ أبو نصر بن الصباغ، ومؤيد الملك ولد نظام الملك، وفخر الدولة بن جهير الوزير، ونقيب النقباء طراد العباسي، والمعمر بن محمد نقيب العلويين، وأبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي الفقيه، فكان أول من بايعه الشريف أبو جعفر، فإنه لمَّا فرغ من غسل القائم بايعه وتمثل: إذا سيد مضى قام سيد ثم ارتج عليه، فقال المقتدي: قئول لما قال الكرام فعول فلمَّا فرغوا من بيعته صلَّى بهم العصر. وكان أبوه الذخيرة أبو العباس محمد بن القائم قد توفي أيام القائم، ولم يكن له غيره، فأيقن الناس بانقراض نسل القائم، وانتقال الخلافة من البيت القادري، وكان للذخيرة جارية تسمَّى أرجوان، فلمَّا مات ورأت أباه قد جزع ذكرت له أنها حامل، فتعلقت الآمال بذلك الحمل، فولدت هذا بعد موت أبيه بستة أشهر، فاشتدَّ سرور القائم به، وبالغ في الإشفاق عليه، والمحبة له، وكان ابن أربع سنين في فتنة البساسيري، فأخفاه أهله، وحمله أبو الغنائم بن المحلبان إلى حران، ولمَّا عاد القائم إلى بغداد أعيد المقتدي، فلما بلغ الحلم جعله ولي عهده. وزارة ابن جهير: ولما استخلف أقرَّ فخر الدولة ابن جهير على وزارته بوصيةٍ من جده.

أخذ البيعة من السلطان ملكشاه: وسير عميد الدولة ابن فخر الدولة إلى السلطان ملكشاه لأخذ البيعة، وبعث معه تحفًا وهدايا. قطع الخطبة للعباسيين بمكة: وفيها بعث المستنصر بالله العبيدي إلى ابن أبي هاشم صاحب مكة هديةً جليلة، وطلب منه أن يعيد له الخطبة، فقطع خطبة المقتدي بالله، وخطب للمستنصر بعد أن خطب لبني العباس بمكة أربع سنين، ثم أعيدت خطبتهم في السنة الآتية. اختلاف العرب بإفريقية: وفيها اختلفت العرب بإفريقية وتحاربوا، وقويت بنو رياح على قبائل زغبة، وأخرجوهم عن البلاد. حريق بغداد: وفيها وقع ببغداد حريق عظيم بمرة، هلك فيه ما لا يعلمه إلا الله. قال صاحب "مرآة الزمان": أكلت النار البلد في ساعةٍ واحدة، فصارت بغداد تُلُولًا. تحديد المنجمين موعد النيروز: وفيها جمع نظام الملك المنجمين، وجعلوا النيروز أول نقطةٍ من الْحَمَلِ، وقد كان النيروز قبل ذلك عند حلول الشمس نصف الحوت، وصار ما فعله النظام مبدأ التقاويم. عمل الرصد للسلطان ملكشاه: وفيها عمل الرصد للسلطان ملكشاه، وأنفق عليه أموالًا عظيمة، وبقي دائرًا إلى آخر دولته. وفاة صاحب حلب: وفيها مات صاحب حلب عز الدولة محمود بن نصر، وتملَّك ابنه نصر بعده1.

_ 1 راجع البداية والنهاية "12/ 108، 109"، والنجوم الزاهرة "5/ 96-98"، وشذرات الذهب "3/ 324-329"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 191، 192".

أحداث ثمان وستين وأربعمائة

أحداث ثمان وستين وأربعمائة: استرجاع منبج من الروم: فيها أخذ صاحب حلب نصر بن محمود مدينة منبج من الروم. محاصرة أَتْسِز دمشقَ: وفيها حَصَرَ أَتْسِز مدينة دمشق، وَأَمِيرَهَا الْمُعَلَّى بْن حَيْدَرَةَ من جهة المستنصر، فلم يقدر عليها فترحَّل. هرب المعلى من دمشق وقتله: وفي ذي الحجة هرب المعلى بن حيدرة منها، وكان ظلومًا غشومًا للجند والرعية، فثاروا عليه، فهرب إلى بانياس، فأخذ إلى مصر، وحُبِس إلى أن مات. ولاية المصمودي دمشق: فلمَّا هرب اجتمعت المصامدة، وهم أكثر جند البلد يومئذٍ، فولوا على البلد رزين الدولة انتصار بن يحيى المصمودي، والمصامدة قبيلة من المغاربة. عودة أَتْسِز إلى دمشق: وكان أهل الشام في غلاء مفرط وقحط، فوقع الخلف بين المصامدة وأحداث البلد، فعرف أَتْسِز، فجاء من فلسطين ونزل على البلد يحاصره، وعُدِمت الأقوات، فسلّموا إليه البلد. وعَوَّض انتصار ببانياس ويافا، ودخلها في ذي القعدة، وخطب بها لأمير المؤمنين المقتدي، وقطع خطبة المصريين، وأبطل الأذان بحي على خير العمل، وفرح الناس به، وغلب على أكثر الشام، وعظُم شانه، وخافته المصريون، لكن حلَّ بأهل الشام منه قوارع البلاء، حتى أهلك الناس وأفقرهم، وتركهم على برد الديار1.

_ 1 انظر: الكامل في التاريخ "10/ 100"، والبداية والنهاية "12/ 112"، ونهاية الأرب "26/ 316"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 334"، والمنتظم "8/ 297"، وتاريخ الخلفاء "424".

أحداث سنة تسع وستين وأربعمائة

أحداث سنة تسع وستين وأربعمائة ... أحداث تسع وستين وأربعمائة: انهزام أَتْسِز عن مصر: فيها سار أَتْسِز بجيوشه الشامية، وقصد مصر وحاصرها، ولم يبق إلا أن يملكها، فاجتمع أهلها عند ابن الجوهري الواعظ، ودعوا وتضرَّعوا، فترحَّل عنهم شبه المنهزم من غير سبب. دخول أَتْسِز دمشق: وعصى عليه أهلُ القدس فقاتلهم، ودخل البلد عنوة، فقتل وعمل كل نحس، وقتل بها ثلاثة آلاف نفس، وذبح القاضي والشهود صبرًا بين يديه. وقيل: إنه إنما جاء من مصر منهزمًا في أنحس حالٍ بعد مصافٍ كان بينه وبين بدر الدين الجمالي، وهذا أشبه. الفتنة بين القُشَيري والحنابلة: وفيها قَدِمَ بغداد أبو نصر الأستاذ أبو القاسم القشيري، فوعظ بالنظامية، وبرباط شيخ الشيوخ، وجرى له فتنة كبيرة مع الحنابلة؛ لأنه تكلم على مذهب الأشعري، وحطَّ عليهم، وكثر أتباعه والمتعصبون له، فهاجت أحداث السُّنّة، وقصدوا نحو النظامية، وقتلوا جماعةً نعوذ بالله من الفِتَن. رواية ابن الأكفاني عن كسْرة أَتْسِز: قال هبة الله بن الأكفاني: كان كسرة أَتْسِز بن أوق بمصر، ثم رجع وجمع، وطلع إلى القدس ففتحها، وقتل بها ذلك الخلق العظيم، فمنهم حمزة بن علي العين زربي الشاعر. رواية ابن القلانسي: وقال أبو يعلى حمزة: سار أَتْسِز، فكسره أمير الجيوش، فأفلت في نفرٍ يسير وجاء إلى الرملة وقد قُتِل أخوه، وقُطِعِت يد أخيه الآخر، فسُرَّت نفوس الناس بمُصَابه، وتحكَّم السيف في أصحابه1.

_ 1 انظر: العبر "3/ 269"، وتاريخ ابن خلدون "3/ 473، 474"، ونهاية الأرب "23/ 243، 244"، ومرآة الجنان "3/ 97"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 192".

أحداث سنة سبعين وأربعمائة

أحداث سنة سبعين وأربعمائة: الصلح بين ابن باديس وابن علناس: فيها اصطلح تميم بن المعز بن باديس صاحب إفريقية مع الناصر بن علناس صاحب قلعة حمَّاد بعد حروبٍ وفصول تطول، وزوَّجه تميم بابنته، فبعث الصَّداق ثلاثين ألف دينار، فأخذ منها تميم دينارًا واحدًا وردَّ الباقي، وبعث معها جهازًا عظيمًا. الفتنة ببغداد: وفيها كانت ببغداد فتنة هائلة بسبب الاعتقاد، ونهب بعضهم بعضًا، فركب الجند وقتلوا جماعة، فسكنوا على حَنَقٍ، وتشفت الرافضة بهم. نزول ناصر الدولة الجيوشي على دمشق: وفيها نزل المصريون مع ناصر الدولة الجيوشي على دمشق، فأقام عليها مُدَيْدة، ثم ترحَّل عنها. نزول تتش على حلب: وفيها نزل تاج الدولة تتش على حلب مُحاصِرًا لها، ثم رحل عنها. منازلة دمشق ثانية: ثم جاء جيش مصر، فنازلوا دمشق ثانيًا1.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 112-117"، والنجوم الزاهرة "5/ 102-107"، وشذرات الذهب "3/ 329-338".

وفيات الطبقة السابعة والأربعون

وفيات الطبقة السابعة والأربعون: وفيَّات سنة إحدى وستين وأربعمائة: حرف الألف: - أحمد بن إسحاق بن شيث1: الإمام أبو نصر البخاري الصفَّار، الحنفي، المجاور بمكة. نشر علمه بالحَرَم، ومات بالطائف. وابنه: 1- إسماعيل2: كان قوَّالًا بالحق، إمامًا عالمًا عاملًا، قتله الخاقان نصر بن إبراهيم صبرًا لنهيه عن المنكر في سنة إحدى هذه، فالترجمة لإسماعيل لا لوالده، فتُحَول. 2- أحمد بن الحسن بن عليّ بن الفضل3: أبو الحسن البغدادي، الكاتب، أخو الشاعر أبي منصور عليّ صُرّدرّ. سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا الحسن الحماميّ، وأحمد بن علي الباداء. وعنه: شجاع الذُّهْليّ، وأبو علي البرداني، وأبو الغنائم النرسي، وعلي بن أحمد الموحد. وكان صالحًا خيرًا كبير الذِّكْر. توفِّي فِي ربيع الآخر، وَلَهُ خمسٌ وثمانون سنة. 3- أحمد بن عبد الواحد بن مَعْمَر4: أبو معمر الهروي البالكي المزكي.

_ 1 تاريخ بغداد "6/ 403"، وكشف الظنون "2/ 1428". 2 الفوائد البهيَّة "46"، والأنساب "8/ 77". 3 المنتظم "8/ 255". 4 الأنساب "2/ 56"، ومعجم البلدان "1/ 329".

سمع: عبد الرحيم بن أبي شُرَيْح، وغيره. وتوفِّي في شوال. وقد حدَّث "بالجعديات" كلها عن: ابن أبي شُرَيْح. روى عنه أهلُ هَرَاة. وكان من الفقهاء. 4- أحمد بن عليّ بن يحيى1: أبو منصور الأَسَدَاباذيّ المقرئ. حدَّث ببغداد عن: أبي القاسم عبيد الله بن أحمد الصيدلاني. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان يذكر أنه سمع من الدارقطني، ويذكر أشياء تدل على تخليطه. وعاش خمسًا وتسعين سنة. 5- أحمد بن عمر بن الحسن بن يوسف: أبو القاسم الأصبهاني المؤدب. في المحرَّم. رحل وروى عن: أبي عمر الهاشمي، وأبي عمر بن مهدي، وهلال الحفار. 6- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن مسعود2. أبو عمر الْجُذامي البِزِلْياني، القاضي ببَجَانَة. صحِبَ أبا بكر بن زرب، وأبا عبد الله بن مفرِّج، والزبيدي، وابن أبي زمنين. وكان من العلماء. حدَّث عنه: ابن خزرج، وقال: ولد سنة ستين وثلاثمائة. قلت: فيكون مبلغ عمره مائة سنة وسنة.

_ 1 تاريخ بغداد "4/ 325، 326"، والمنتظم "8/ 258"، وميزان الاعتدال "1/ 121" [482] . 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 62"، ومعجم البلدان "1/ 410".

7- إبراهيم بن يحيى بن محمد بن حُسَين بن أسد1. أبو بكر التميمي الحماني المقرئ، القرطبي، المعروف بابن الطُبْني. أخذ مع ابن عمه أبي مروان عن بعض شيوخه. وكان عالمًا بالطب، من بيت حشمة، وكان صديقًا لأبي محمد بن حزْن. مولده سنة ست وتسعين وثلاثمائة. 8- إسماعيل بن أبي نصر الصفار2: كان إمامًا قوالًا بالحق، قتله الخاقان ببخاري صبرًا لأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر. حرف الحاء: 9- حيدرة بن إبراهيم بن العباس بن الحسن3: النقيب أبو طاهر الحسيني ابن أبي الجن الدمشقي. ولي نقابة العلويين. قال ابن عساكر: بلغني أنه قُتِل بعكا، وسلخ في سنة إحدى. حرف العين: 10- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سعيد4: أبو محمد الأندلسي البشكلاري، نزيل قرطبة. وبشكلار: قرية من قرى جيان. روى عن: أبي محمد الأصيلي، وأبي حفصٍ بن نابل، وأحمد بن فتح الرسان، ومحمد بن أحمد بن حيوة، وخلف بن يحيى الطليطلي.

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "158، 159"، والصلة لابن بشكوال "1/ 95، 96". 2 تقدم في بداية هذه الطبقة. 3 معجم الأدباء "4/ 35"، والنجوم الزاهرة "5/ 85". 4 الصلة لابن بشكوال "1/ 280".

وكان ثقة فيما رواه، شافعي المذهب. روى عنه: أبو علي الغسَّاني، وأبو القاسم بن صواب، وأجاز له بخطه. توفِّي في رمضان، وولد سنة سبعٍ وسبعين وثلاثمائة. 11- عبد الرحمن بن محمد بن فوزان1: أبو القاسم المَرْوَزِيّ الفقيه، صاحب أبي بكر القفال. له المصنَّفات الكثيرة في المذهب والأصول والجدل، والملل والنحل. وطبق الأرض بالتلامذة. وله وجوه جيدة في المذهب. عاش ثلاثا وسبعين سنة، وتوفِّي في رمضان، وكان مقدم اصحاب الحديث الشافعية بمرو. سمع: علي بن عبد الله الطيسفوني، وأبا بكر القفال. روى عنه: عبد المنعم بن أبي القاسم القشيري، وزاهر، وعبد الرحمن بن عمر المَرْوَزِيّ. وصنَّف كتاب "الإبانة"، وغيرها. وهو شيخ أبي سعد المتولي صاحب "التتمة"، و"التتمة" هي تتمة لكتاب "الإبانة" المذكور، وشرحٌ لها. وقد أثنى أبو سعد على الفُورَانيّ هذا في خطبة "التتمة". وقد سمع منه أيضًا: محيي السُّنَّةَ البَغَويّ. وكان أبو المعالي إمام الحرمين يحط على الفورَانيّ، حتى قال في باب الأذان: والرجل غير موثوقٍ بنقْله. ونَقَمَ العلماء ذلك على أبي المعالي ولم يصوّبوا كلامه. 12- عبد الرحيم بن أحمد بن نصر بن إسحاق بن عمرو2:

_ 1 وفيَّات الأعيان "3/ 132" [264] ، والعبر "2/ 247"، والأعلام "4/ 102". 2 المختصر في تاريخ دمشق لابن منظور "15/ 85-87"، والنجوم الزاهرة "5/ 84".

الحافظ أبو زكريا التميمي البخاري المحدث، صاحب الرحلة الواسعة. سمع بالشام، والعراق، ومصر، واليمن، والثغور، والحجاز، وبُخَاري، والقيروان. وحدَّث عن: أبي نصر أحمد بن علي الكاتب، وأبي عبد الله محمد بن أحمد الغُنْجار، وأبي عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي الفقيه، وأبي يَعْلَى حمزة بن عبد العزيز المُهَلَّبي، وأبي عمر بن مهدي الفارسي، وهلال الحفار، وأبي محمد عبد الله بن عبيد الله بن البيع، وتمَّام بن محمد الرازي، وعبد الغني بن سعيد الأزدي، وابن النحاس، وابن الحاج الإشبيلي، وخلق كثير. روى عنه: أبو نصر بن الجبان، وهو من شيوخه، وعلي بن محمد الحنائي، والفقيه نصر المقدسي، ومشرف بن علي بن التمار، وجميل بن يوسف المادرائي، وأحمد بن إبراهيم بن يونس المقدسي، وأبو عبد الله بن أحمد الرازي، وآخرون. وكان مولده في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. وأكبر شيخ له إبراهيم بن محمد بن يزداد الرازي، حدثه عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، وذلك في مشيخة الرازي. وفي الرواة عن أبي زكريا سابقٌ ولاحقٌ، بينهما في الموت مائة سنة، وهما عبد الوهاب بن الجبان، والرازي. أَخْبَرَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ مُحمَّدِ بْنِ عَلَّانَ كَتَابَةً، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَلِيِّ بِنِ الْحَسَنِ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْمُسْلِمِ الْفَرَضِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الْكَتَّانِيُّ، أَنَا أَبُو نَصْرِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرِّيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بِنِ نَصْرٍ البخاري: قَدِمَ علينا طالب عِلْمٍ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ الْكَاتِبِ بِبُخَارَى، ثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ، ثَنَا قَيْسُ بْنُ أَنَيْفٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَالِكِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اغْسِلُوا ثِيَابَكُمْ، وَخُذُوا مِنْ شُعُورِكُمْ، وَاسْتَاكُوا، وَتَزَيَّنُوا، فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَ ذلك، فزنت نساؤهم"1.

_ 1 إسناده مظلم ولا يصح: قاله الذهبي في تذكرة الحفاظ "3/ 1158"، وأورده في سير أعلام النبلاء "13/ 584".

قال أَبُو عَبْد اللَّه الرازي: دخل أَبُو زكريا عَبْد الرحيم بلاد الأندلس وبلاد المغرب، وكتب بها، وكتب عمَّن هُوَ دونه، وَفِي شيوخه كثرة، وكان من الحفاظ الأثبات. قال السلفي: هَذَا على لسان الرازي فِي مشيخته، وورَّخ وفاته ابن الأكفاني فِي سنتنا هَذِهِ. وقال ابن طاهر المقدسي في كتاب "تكملة الكامل فِي الضعفان": إن شيخه سعد بْن علي الزنجاني حدَّثه أنه لم يرو كتاب "مشتبه النسبة" عن مؤلفه عَبْد الغني إلا ابن ابنه علي بْن بقاء، وأن عَبْد الرحيم حدَّث به. وَفِي قول الزنجاني نظر، فَإِن رشأ بْن نظيف قد روى هَذَا الكتاب، عن عَبْد الغني أيضًا، وهو وعبد الرحيم بْن أَحْمَد ثقتان. وبمثل هَذَا لا يحل تضعيف الرجل العالم. 13- عَبْد الواحد بن عَليّ بْن عَبْد الواحد بْن موحد بْن البَرِّي بالفتح1: أَبُو الفضل السُّلَمي. سمع: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن القطَّان، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي نصر. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعمر الرؤاسي، وابن أَخِيهِ علي بْن الْحَسَن بن البري. مات فِي المحرم. 14- عَبْد الغفار بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب: أَبُو مَنْصُور الأصبهاني المعدل. عن: إِبْرَاهِيم بْن خرشيد قوله. مات فِي ذي القعدة. 15- عَبْد الواحد بن أبي جعفر محمد بن أحمد بن المرزبان: أَبُو مُسْلِم الأبهري الأصبهاني. روى "جزء لوين" عن والده.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "15/ 259"، وتوضيح المشتبه "1/ 444".

رَوَى عَنْهُ: عَبْد الصمد بْن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم الجمَّال شيخ أَبِي علي الحداد. توفِّي فِي رجب، وله ثلاث وتسعون سنة. والعجب من الحدَّاد كيف لم يسمع منه وروى عَنْ رجلٍ عَنْهُ. 16- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صالح: أَبُو الفضل المعلم. سمع: أَبَا عَبْد اللَّه بْن منده، وخلقًا. 17- عَبْد الوَهَّاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب بن عبد القدوس1: أبو القاسم الْأَنْصَارِيّ القرطبي. حجَّ وَسَمِعَ من: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَليّ المطوعي بمكة. وقرأ القراءات بدمشق على: أَبِي علي الأهوازي. وسمع من أَبِي الْحَسَن السمسار، وأخذ بحران عن الشريف الزيدي. وأخذ بمصر عن أَبِي الْعَبَّاس بْن نفيس، وبمَيَّافارقين عن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الفارسي. وكان من جلة المقرئين، ومن الخطباء المجودين. كَانَتِ الرحلة إليه فِي القراءات. توفِّي فِي ذي القعدة، ومولده سنة ثلاث وأربعمائة. ولي خطابة قرطبة، وصنَّف "المفتاح" فِي القراءات. 18- عمر بن منصور بن أحمد بن محمد بْن مَنْصُور2: الحافظ أَبُو حَفْص الْبُخَارِيّ البزاز. محدِّث ما وراء النهر فِي وقته. سمع: أَبَا عليّ بْن حاجب الكشاني، وأبا نصر أحمد بن محمد الملاحمي، وأبا

_ 1 غاية النهاية "1/ 481" [2004] ، وهدية العارفين "1/ 637". 2 الأنساب "5/ 188، 189"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1158".

الفضل أَحْمَد بْن علي السليماني، وإبراهيم بْن مُحَمَّد الرازي، وطبقتهم. رَوَى عَنْهُ: الحافظ عَبْد الغني النَّخْشَبيّ، ومحمد بْن علي بْن سَعِيد المطهري، ومحمد بن عبد الله السرخكتي، وآخرون. قال النخشبي: هُوَ مكثر، صحيح السماع، فيه هزل. وقال أبو سعد بن السمعاني: مات بعد الستين وأربعمائة، هو سبط مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خنب. حرف الميم: 19- مُحَمَّد بْن مكي بْن عُثْمَان1: أَبُو الْحُسَيْن الْأَزْدِيّ الْمَصْرِيّ. سمع: أَبَا الْحَسَن علي بْن مُحَمَّد الحلبي، ومحمد بْن أَحْمَد الإخميمي، والمؤمل بْن أَحْمَد، والميمون بْن حَمْزَة الحسيني، وأبا مُسْلِم الكاتب، وعبد الكريم بْن أَحْمَد بْن أَبِي جرار الصواف، وجده لأمه أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن رُزَيْق البغدادي، وأبا علي أَحْمَد بْن عُمَر بْن خرشيد قوله، وغيرهم. حدَّث بمصر، ودمشق. حدَّث عَنْهُ: أَبُو بكر الخطيب، ونصر المقدسي، وعبد الواحد وعبد اللَّه ابنا أَحْمَد السمرقندي، وأبو القاسم النسيب، وهبة اللَّه بْن الأكْفَانيّ، وأبو القاسم بن بطريق، وعبد الكريم بْن حَمْزَة، وطاهر بْن سهل الإسْفَرائينيّ، وغيرهم. مولده سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. ووثَّقه الكتاني وقال: توفِّي فِي نصف جُمَادَى الأولى بمصر، رحمه اللَّه تعالى. 20- مُحَمَّد بْن وهْب بْن بُكَيْر2: أَبُو عَبْد اللَّه الكناني الأندلسي، قاضي قلعة رَبَاح. روى عن: أَبِي مُحَمَّد بْن ذُنين، وأبي عَبْد اللَّه بْن الفخار، ومحمد بن ممين.

_ 1 تاريخ بغداد "3/ 80"، والعبر "3/ 248". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 543".

وكان ينصر مذهب مالك مع الدين والخير. استوطن طليطلة، وبها توفي. 21- المسيب بْن مُحَمَّد بن المسيب1: أبو عمرو الأرغياني، وأرغيان قرية من أعمال نيسابور. رَحَل وسمع ببغداد: أَبَا عُمَر بْن مهدي، وبالبصرة: أَبَا عُمَر الهاشمي. روى عنه: زاهر الشحامي. وكان صالحًا دينًا، سكن نيسابور. 22- المظفر بْن الْحَسَن2: أَبُو سعد الهمداني سبط أَبِي بَكْر بْن لال. سكن بغداد، وحدَّث عن: جَدّه ابن لال، وأحمد بْن فراس العبقسي، وأبي أَحْمَد مُحَمَّد بْن عبد اللَّه بْن جامع الدهان. قال الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان ثقة. عاش ثمانين سنة. حرف النون: 23- نصر بْن عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد بْن نوح3: أَبُو الْحسين الفارسي الشيرازي، المقرئ المجود، نزيل مصر. أقرأ بها القرآن زمانًا، وأملى مجالس. وكان قد قرأ بالروايات على: أَبِي الْحُسَيْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه السَّوْسَنْجِرْديّ، وبكر بْن شاذان الواعظ، وأبي أحمد الفرضي، وأبي الحسين الحمامي، ومنصور بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُور صاحب ابن مجاهد، وجماعة.

_ 1 المنتخب من السياق "456" [1550] . 2 تاريخ بغداد "13/ 130" [7117] . 3 مرآة الجنان "3/ 85"، والنجوم الزاهرة "5/ 84".

قرأ عليه: أَبُو الحسين الخشاب، وأبو القاسم بْن الفحام، وغيرهما. وكان يتفرَّد بُنكتٍ عن: أَبِي حيان التوحيدي. وروى الحديث عن: أَبِي أَحْمَد الفرضي، وابن الصلت المجبر، وابن بشران المعدل. روى عنه: أبو عبد الله الرازي في مشيخته. ورحل إلى مصر هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، وعمر بن عبد الكريم الدهستاني في رأس سنة ستين وأربعمائة، فأدركاه وسمعا منه. وروى عنه: أحمد بن يحيى بن الجارود، وروزبة بن موسى الخزاعي. وكان من كبار أئمة القراء، قرأ بما فِي "الروضة" على جميع شيوخ مصنفها. حرف الياء: 24- يعقوب بْن مُوسَى بْن طاهر بْن أَبِي الحسام: أَبُو أيوب المُرْسِي. روى عن: أَبِي الْوَلِيد بْن ميْقل، وحاتم بْن مُحَمَّد، وجماعة. قال ابن مدبر: كان فقيهًا حافظًا متفنِّنًا. توفِّي فِي صَفَر. 25- يُونُس بْن عُمَر الأصبهاني: نزيل القدس. روى عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر التميمي. رَوَى عَنْهُ: نصر المقدسي، وأبو الفتيان الرؤآسي. وفيَّات سنة اثنتين وستين وأربعمائة: حرف الألف: 26- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن علي1:

_ 1 غاية النهاية "1/ 48"، والمنتظم "8/ 258".

أبو بكر بن اللحياني، البغداي الصفار، المقرئ. أحد قراء السبعة المحققين. قرأ بالروايات على: أَبِي الْحَسَن الحمامي، وغيره. وسمع من: أَبِي الفتح بْن أَبِي الفوارس، وأبي الْحُسَيْن بْن بشران. قرأ عليه: علي بْن المجلي. توفِّي فِي رجب، ورَّخه ابن خيرون وقال: قيل: إنه نسي القرآن. وقال أَبُو علي بْن البرداني: سَأَلْتُهُ عن مولده فقال: في أول سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. 27- أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن سعد الطرسوسي1: أَبُو الْحُسَيْن البزاز الشاهد الدَّمشقيّ، من أَهْل سوق الأحد. حدَّث عن: مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الشيرازي، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر. رَوَى عَنْهُ: عُمَر الرؤاسي، وهبة اللَّه بْن الأكفاني. 28- أَحْمَد بْن علي الأسداباذي القوهي2: حدَّث بدمشق عَن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد الصيدلاني، ومحمد بْن عَبْد اللَّه الجعفي. وعنه: عَبْد الْعَزِيز الكتاني، ونجا العطار. قال ابن خيرون: فيها توفي، وكان كذابًا، سمع لنفسه. 29- أَحْمَد بْن علي بن أبي قتيبة الأصبهاني: سمع: الحافظ ابن منده. 30- أحمد بْن مُحَمَّد بْن سياوش3: أَبُو بكر الكازروني الفارسي البيع.

_ 1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "3/ 341". 2 المنتظم "8/ 258"، وميزان الاعتدال "1/ 121" [482] . 3 أورده المصنف في السير بدون ترجمة.

شيخ ثقة، صالح، مكثر. قال أَبُو سعد: سمع: أَبَا أَحْمَد الفَرَضيّ، وابن الصلت المُجَبِّر، وهلالًا الحفار. وأكثر عن هذه ثنا عَنْه: أَبُو بكر قاضي المَرِسْتان، وأبو عُبَد الله السلال. توفِّي فِي جمادى الأولى. 31- أَحْمَد بْن مَنْصُور بْن خلف المغربي1: قد ذكر في سنة تسع وخمسين وأربعمائة. 32- إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن حاتم بن صولة: أبو نصر البغدادي البزاز، نزيل مصر، ووالد أَبِي الْحَسَن علي. سمع: أَبَا أَحْمَد الفرضي. وعنه: جَعْفَر السراج، وعلي بْن المؤمَّل بْن غسَّان الكاتب، وعلي بْن الْحَسَن الفراء، ومحمد بْن أَحمد الرازي المعدل، وغيرهم. وكان محدثًا، ثقة، عالمًا. 33- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد2: أَبُو إِسْحَاق الْأَزْدِيّ القرطبي. أَخَذَ عن: مكي، وأبي الْعَبَّاس المهدوي. وأقرأ الناس بقرطبة. حرف الثاء: 34- ثابت بْن مُحَمَّد بْن عليّ: أَبُو مُحَمَّد، وَأَبُو القاسم الطبقي الفزاري. سمع: أبا الحسن بن الصلت المجبر.

_ 1 تقدَّمت ترجمته في الطبقة السابقة. 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 96".

وعنه: أَبُو عُبَد اللَّه البارع، وعبيد اللَّه بْن نصر الزاغوني. حدَّث فِي هَذَا العام، ولم أعرف وفاته. حرف الحاء: 35- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي عِيسَى1: أَبُو عليّ الحسناباذي المحدث. روى عن: أَبِي بَكْر بْن مردويه الحافظ. ورحل فسمع ببغداد من أَبِي الْحَسَن بْن رزقويه، وطبقته، وكان يفهم. رَوَى عَنْهُ: عَبْد السلام الْحَسْنَاباذيّ، ومحمد بْن عَبْد الواحد الدقاق. 36- الْحَسَن بْن علي بْن عَبْد الصمد بْن مَسْعُود2: أَبُو مُحَمَّد الكلاعي اللباد، المقرئ الدَّمشقيّ. كان آخر من قرأ على الجبني أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد. سمع من: تمَّام الرازي، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، وعبد الوهاب الميداني. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر الخطيب، وعمر الرؤاسي، وسبطه مُحَمَّد بْن أَحْمَد اللباد، وأبو القاسم علي بْن إِبْرَاهِيم النسيب، وهبة اللَّه بْن الأكفاني، وقال: هُوَ ثقة ديِّن. قال لي: وُلِدتُ سنة 79. ومات فِي صَفَر. 37- الْحُسَيْن بْن أَحْمَد3: أبو علي الخفافي. توفِّي بنيسابور فِي شهر ربيع الآخر، وله تسع وستون سنة. 38- حُسَيْنِ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد القاضي4:

_ 1 الأنساب "4/ 140". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 231"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 48". 3 المنتخب من السياق "203" [607] . 4 الأنساب "522ب"، وكشف الظنون "1/ 424، 517".

أَبُو علي المروزي، يُقَالُ له أيضًا المروروذي الشافعي. فقيه خراسان فِي عصره. وكان أحد أصحاب الوجوه، تفقَّه على أَبِي بَكْر القفال. وله "التعليق الكبير"، و"الفتاوى". وعليه تفقَّه صاحب "التتمة"، وصاحب "التهذيب" محيي السنة. وكان يقال له: حبر الأمة. ومما نقل في تعليقه أنَّ البيهقي نقل قولًا للشافعي فِي أن المؤذن إذا ترك الترجيع فِي الأذان لا يصح أذانه. ورَوَى عَنْهُ: عَبْد الرزاق المنيعي، ومحيي السنة البغوي فِي تصانيفه. قلت: توفِّي القاضي حُسَيْنِ بمرو الروذ فِي المحرم من السنة. ويقال: إن أَبَا المعالي تفقَّه عليه أيضًا. 39- حمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز السكري: الأصبهاني العسال. سمع: أَبَا عَبْد اللَّه بْن منده. أرَّخه يحيى بْن منده. حرف الذال: 40- ذؤيب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد: أَبُو عُمَر الْقُرَشِيّ الهروي. روى عن: عَبْد الرَّحمن بْن أَبِي شُريْح. حرف الزاي: 41- زياد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن الحكم: أَبُو مُحَمَّد الأصبهاني الحلَّاب البقَّال.

سمع: أَبَا عَبْد اللَّه بْن منده، وجده. شيخ صالح. مات فِي شوال. قاله يحيى بْن منده. حرف السين: 42- سَعِيد بْن عِيسَى بْن أَحْمَد بْن لُبّ1: أَبُو عُثْمَان الرعيني الطليطلي، ويعرف بالقري وبالأصغر. وُلِدَ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، ودخل قرطبة طَالِب علمٍ فِي سنة تسعٍ وتسعين، فلقي علي بْن سُلَيْمَان الزهراوي، ومحمد بْن فضل اللَّه. وَلقي بمالقة نافعًا الأديب، وسمع منهم ومن خلق. وبرع فِي اللغة والنحو، وصنَّف شرحًا "للجمل"، وجلس للإفادة. أَخَذَ عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أفلح، وغيره. وعاش إحدى وثمانين سنة. حرف الْعَيْنِ: 43- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن طَلْحَة2: أَبُو مُحَمَّد التنيسي ابن النخاس. ويعرف أيضًا بابن الْبَصْرِيّ. قدم دمشق ومعه ابناه مُحَمَّد وطلحة، فسمعوا الكثير من أَبِي بَكْر الخطيب، وغيره. وحدَّث عن: ابن نظيف الفراء، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: نصر المقدسي، وهبة اللَّه بْن الأكفانيّ، وعبد الكريم بْن حَمْزَة، وعاش بضعًا وخمسين سنة. توفِّي تقريبًا.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 223"، وكشف الظنون "289". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "12/ 116"، ومعجم البلدان "2/ 54".

44- عَبْد اللَّه بْن محمود الدَّمشقيّ البرزي1: سمع عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصْر، وغيره. وعنه: هبة اللَّه الأكفاني، وغيره. وكان يحفظ "مختصر المُزَنيّ"، وكنيته أَبُو علي. 45- عَبْد اللَّه بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي العجائز2: القاضي أَبُو مُحَمَّد الأزْديّ الدّمشقيّ. ناب في الحكم بدمشق. سمع: أَبَاهُ، وأبا مُحَمَّد بْن أَبِي نَصْر، وأبا نصر بْن الْجُنْديّ. رَوَى عَنْهُ: الضّحّاك بْن أَحْمَد الخولاني، وهبة اللَّه بْن الأكفانيّ، وجماعة. توفِّي فِي رجب فِي الثمانين. 46- عَبْد الباقي بن محمد: ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الربيع بن ثابت بن وهب بن مشجعة بْن الْحَارِث بْن عَبْدِ اللَّهِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كعب بْن مالك الْأَنْصَارِيّ الْبَغْدَادِيّ3. أَبُو طاهر. والد القاضي أَبِي بَكْر. ساق نسبه أَبُو سعد السَّمعاني، وقال: شيخ صالح ثقة، راغب فِي الخير، مختلط بأهل العلم. سمع: أَبَا الْحَسَن بن الصلت المجبر، وأبا نصْر بْن حسنون النَّرْسيّ. ثنا عَنْهُ ولده. وذكره عَبْد الْعَزِيز النَّخْشَبيّ فِي مُعْجَمه. وقال أَبُو طاهر البزّاز: شيخ صالح ثقة، له كَرَم ونفقه على أَهْل العلم. وُلِدَ في حدود تسعين وثلاثمائة.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "14/ 32"، وتوضيح المشتبه "1/ 434". 2 الكامل في التاريخ "10/ 62"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "12/ 336، 337". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 260".

47- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يحيى بن منده1: أبو الحسن بن الحافظ أبي عبد الله العبدي الأصبهاني التاجر. روى عن: أَبِيهِ، وإبراهيم بْن خُرَّشِيد قُوله، وأبي جَعْفَر بْن المرزبان الأبهري، وأبي مُحَمَّد بْن يوة، وعمر بْن إِبْرَاهِيم بْن الفاخر، والحسين بْن مَنْجُوَيْه، وجماعة. قال شيرويه: قدِمَ همدان، وكان صدوقًا، من بيت العلم، وحدَّث عَنْهُ أصحابنا. وقال أخوه أَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن: توفِّي أخي أَبُو الْحَسَن بجِيرَفْتْ فِي عاشر ربيع الآخر. وأما يحيى بْن عَبْد الوهاب فورَّخه كذلك، لكن قال فِي سنة أربعٍ وستين، وأنه وُلِدَ سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. فعلى هَذَا تكون مدة عمره ثمانين سنة. قال: وله أعقاب. قلت: روى عَنْهُ: هُوَ، والحسين بْن عَبْد الملك الخلّال، وعدّة. وكان يشبه أَبَاهُ -رحمهما اللَّه. 48- عُبَيْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد2: أَبُو مُحَمَّد النجار الدَّمشقيّ، المعروف بابن كُبَيْبَة. سمع من: تمّام الرّازيّ، والحسين بْن أَبِي كامل، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: الخطيب، وابنه صاعد بْن عَبْد اللَّه، وهبة اللَّه بْن الأكفاني، وطاهر بْن الإسفرائيني، وإسماعيل بْن أَحْمَد السمرقندي. قال ابن ماكولا: هُوَ شيخ صالح، سمعنا منه بدمشق، وسمع منه الحُمَيْديّ. توفِّي فِي ربيع الآخر، وقد جاوز الثمانين. 49- عليّ بْن أَحْمَد بْن المَلَطيّ السراج: البغدادي.

_ 1 المنتخب من السياق "295"، وسير أعلام النبلاء "18/ 355". 2 الإكمال لابن ماكولا "7/ 158"، والمشتبه في أسماء الرجال "2/ 543".

سمع: ابن الصلت المجبر، وابن مهدي. وعنه: يحيى، وأبو غالب ابنا البناء، والمبارك بْن الطيوري. مات فِي جمادى الأولى، وله تسع وسبعون سنة. 50- علي بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْن شَريعة اللَّخْميّ الباجي1: أَبُو الْحَسَن، من أَهْل إشبيلية. روى عَنْ: والده. وكان نبيه البيت والحَسَب. رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن شُرَيْح بْن مُحَمَّد. ووُلِد فِي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وتوفِّي فِي ربيع الآخر. 51- عُمَر بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الكَرَجيّ: حدَّث بإصبهان عن: هبة اللَّه اللالكائيّ. وعنه: سَعِيد بْن أَبِي الرجاء. توفي فِي صفر. حرف الميم: 52- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن سهل2: أَبُو غالب الواسطي، المعروف بابن بشران، وبابن الخالة، المعدل الحنفي اللُّغَوِيِّ، شيخ العراق فِي اللغة. وأما نسبته إِلَى ابن بشران فلأنَّ جدَّه لأمه هُوَ ابن عُمَر أَبِي الْحُسَيْن بْن بشران المعدل. وُلد أبو غالب سنة ثمانين وثلاثمائة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 418" [893] . 2 الكامل في التاريخ "10/ 62"، وميزان الاعتدال "3/ 459"، والأعلام "4/ 314".

سمع: أَبَا القاسم علي بْن طَلْحَة بْن كُرْدان النحوي، وأبا الفضل التميمي، وأبا الْحُسَيْن علي بْن دينار، وأبا عَبْد اللَّه العلوي، وأبا عَبْد اللَّه بْن مهدي، وأبا الْحَسَن المطاردي، وأبا الحسن الصيدلاني، وأبا الحسين بْن السماك، وأبا بَكْر أَحْمَد بْن عُبَيْد بْن بيري. قال ابن السمعاني: كان الناس يرحلون إليه -يعني لأجل اللغة، وهو مُكْثر من كُتُب الأدب وروايتها. رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الحُمَيْديّ، وهبة اللَّه بْن مُحَمَّد الشيرازي. وبالإجازة: أَبُو القاسم بْن السمرقندي، والقاضي أبو عبد الله بن الجلابي. قلت: رَوَى عَنْهُ: علي بْن مُحَمَّد والد الجلابي، ومن خطه نقلت من الزيادات التالية "لتاريخ واسط" أنَّه توفِّي يوم الخميس الخامس عشر من رجب من سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وذكر مولده. وقال خميس: كان أحد الأعيان، تخصَّص بابن كُرْدان النَّحْوي وقرأ عليه "كتاب سيبويه"، ولازم حلقة أَبِي إسحاق الرِّفَاعِيّ صاحب السيرافي، وكان يقول: قرأتُ عليه من أشعار العرب ألف ديوان. وكان مكثرًا، حسن المحاضرة، إلا أنه لم ينتفع به أحدٌ. يعني: إنَّه لم يتصدَّر للإفادة. قال: وكان جيد الشعر، معتزليا. وممن رَوَى عَنْهُ: أَبُو المجد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جهور القاضي، وأبو نصر ابن ماكولا، وأهل واسط. وسمع هُوَ من خاله أبي الفرج محمد بن عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن بشران الواسطي. 53- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ القاضي أَبِي الْحَسَن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن حذلم1: أَبُو الْحَسَن الأسدي الدَّمشقيّ. سمع: أَبَاه، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، وصدقه بن المظفر، وجماعة.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 62"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "21/ 343".

رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر الخطيب، ونجا بْن أَحْمَد، وأبو القاسم النسيب، وعبد الكريم بْن حَمْزَة. ووثَّقه النسيب. وتوفِّي فِي ذي القعدة. 54- مُحَمَّد بْن أَبِي الحزم جَهْور بْنُ مُحَمَّد بْنُ جهور بْن عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الغمر1: الأمير أَبُو الْوَلِيد، رئيس قرطبة ومدبِّر أمرها لوالده. قرأ القرآن على أَبِي مُحَمَّد مكّيّ. وسمع من: أَبِي المطرِّف القَنَازِعيّ، ويونس بْن عَبْد اللَّه القاضي، وابن بُنّوش. وكان معتنيا بالرواية، وسمع الكثير. وتوفي معتقلًا فِي سجن المعتمد مُحَمَّد بْن عبَّاد فِي نصف شوال، وقد جاوز السبعين. لم يذكر ابن بشكوال شيئًا من سيرته، وقد ولي إمرة قُرْطُبة بعد والده فِي سنة خمسٍ وثلاثين، فحكم فيها مدة ثمانية أعوام إِلَى أنْ قويت شوكة المعتمد بن عباد واستولى على قرطبة، فسجن ابن جهور فِي حصن. 55- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي علانة2: أَبُو سعد الْبَغْدَادِيّ. سمع: أَبَا طاهر المخلص، وابن جمكان الفقيه. قال الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان سماعه صحيحًا. 56- مُحَمَّد بْن عتاب بْن محسن: مَوْلَى عَبْد الملك بْن أَبِي عتاب الجذامي3، أَبُو عَبْد اللَّه مفتي قرطبة وعالمها.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 546، 547" [1195] . 2 تاريخ بغداد "2/ 257"، والمنتظم "8/ 260". 3 العبر "3/ 250"، والنجوم الزاهرة "5/ 86"، وترتيب المدارك "4/ 811، 812".

ولد سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة. وروى عن: أَبِي بَكْر عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد التجيبي، وأبي القاسم خلف بن يحيى، وأبي المطرف القنازعي، وسعيد بْن سلمة، وأبي عَبْد اللَّه بْن نبات، ويونس القاضي، وعبد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن بشر القاضي، وأبي بَكْر بْن واقد القاضي، وأبي مُحَمَّد بْن بنوش القاضي، وأبي أيوب بْن عمرو القاضي، وأبي عُثْمَان بْن رشيق، وغيرهم. قال ابن بشكوال: وكان فقيهًا عالمًا عاملًا ورعًا، عاقلًا، بصيرًا بالحديث وطُرُقه، عالمًا بالوثائق لا يُجَارَى فيها، كتبها عمره فلم يأخذ عليها من أحدٍ أجرًا، وكان يُحْكَى أنه لم يكتبها حَتَّى قرأ فيها أزيد من أربعين مؤلَّفًا، وكان متفنِّنًا فِي علوم وفنون من العلم، حافظًا للأخبار والأمثال والأشعار، صُلْبًا فِي الحق، مريدًا له، منقبضًا عن السلطان وأسبابه، جاريا على سنن الشيوخ متواضعًا، مقتصدًا فِي ملبسه، يتولَّى حوائجه بنفسه، وكان شيخ أَهْل الشورى فِي زمانه، وعليه كان مدار الفتوى. دُعِي إِلَى قضاء قُرْطُبَة مِرارًا فأبى ذلك، وكان يهاب الفتوى ويخاف عاقبتها فِي الأخرى، ويقول: من يحسدني فيها جعله اللَّه مفتيا، وددت أني نجوت منها كفافًا. وكانت له اختيارات من أقاويل العلماء، يأخذ بها فِي خاصة نفسه. وذكره أَبُو علي الغساني فقال: كان من جلّة العلماء الأثبات، وممن عُنِي بالفقه وسماع الحديث وأقره، وقيده فأتقنه، وكتب بخطه علمًا كثيرًا. أخذتُ عَنْهُ. إِلَى أن قال: توفِّي لعشر بقينت من صفر، ومشى فِي جنازته المعتمد على اللَّه مُحَمَّد بْن عباد. قلت: رَوَى عَنْهُ: ولده عَبْد الرَّحْمَن، وخلْق من الأندلسيين -رحمه اللَّه تَعَالَى. 57- مُحَمَّد بْن علي بْن ممّوس1: أَبُو سعْد الهَمَذانيّ البزّاز. حدَّث عن: أَبِي بَكْر بْن لال، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي الليث، وأبي القاسم يوسف

_ 1 التقييد لابن نقطة "96" [103] .

ابن كج، والعلاء بن الحسين، وعلي بن إبراهيم بن حامد البزاز، وأبي بكر بن حمدويه الطوسي، وجماعة كبيرة. وكان شيخا صالحا. 58- محمد بن علي بن حميد بن علي بن حميد: أبو نصر الهمداني، إمام الجامع. روى عن: علي بْن إِبْرَاهِيم بْن حامد، وعلي بْن شعيب، والحسن بْن أَحْمَد بْن مموش، وجماعة. وهو صدوق. 59- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحمد بْن مَنْصُور1: أَبُو الغنائم بْن الغراء الْبَصْرِيّ المقرئ. رحل، وسمع: أَبَا الْحَسَن بْن جهضم بمكة، وأحمد بْن الْحَسَن الرازي بمكة، وحدث عَنْهُ "بصحيح مُسْلِم". وسمع: أَبَا مُحَمَّد بْن النحاس بمصر، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن القطَّان، وابن أَبِي نصر بدمشق. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر الخطيب، وأبو نصر بْن ماكولا، ومكي الرميلي، والفقيه نصر المقدسي، وغيرهم. سكن القدس، وبه توفِّي فِي شعبان وله ثمانون سنة. 60- مُوسَى بْن هُذَيل بْن مُحَمَّد بْن تاجِيت البكْريّ2: أَبُو مُحَمَّد القرطبي، ويعرف بابن أَبِي عَبْد الصمد. روى عن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن عابد، والقاضي يُونُس بْن عَبْد اللَّه، وأبي مُحَمَّد بن الشقاق، وأبي مُحَمَّد بْن دحون. وكان من أَهْل المعرفة والحفظ والصلاح، وكان مشاورًا فِي الأحكام بقرطبة. عزم

_ 1 الأنساب "9/ 131"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "23/ 196، 197". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 609، 610".

عليه مُحَمَّد بْن جهور أن يوليه القضاء بقرطبة فقال: أخرني ثمانية أيام حَتَّى نستخير اللَّه، فأخره، فعمي فِي تلك الأيام، فكانوا يرون أنه دعا على نفسه. قال أَبُو القاسم بْن بشكوال: أخبرني مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الفقيه: سمعت أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن فرج الفقيه يقول: قال لي أَبُو عَبْد اللَّه بْن عابد، ولابن أَبِي عَبْد الصمد معًا: لو رآكما مالك -رحمه اللَّه- لقرَّت عينه بكما. ووُلِدَ سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وتوفِّي فِي ربيع الأول. حرف النون: 61- نزار بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد: أَبُو مُضَر القُرْشيّ الهَرَويّ. يروي عن أَبِي مُحَمَّد بْن أبي شريح الْأَنْصَارِيّ. [الكنى] 62- أَبُو بَكْر بْن عُمَر البربري اللمتوني1: ملك المغرب. وكان ظهوره قبل الخمسين وأربعمائة، أو فِي حدود الأربعين. فذكر الأمير عزيز فِي كتاب "أخبار القيروان"، وقد رَأَيْت له رواية فِي هَذَا الكتاب فِي أوله عن الحافظ أَبِي القاسم بْن عساكر، ولا أعرف له نسبا ولا ترجمة، قال: أخبرني عَبْد المنعم بْن عُمَر بْن حسَّان الغسّانيّ قال: حَدَّثَنِي قاضي مركش علي بْن أَبِي فنون، أنَّ رجلًا من قبيلة جدالة من كبرائهم -يعني: المرابطين- اسمه الجوهر، قَدِمَ من الصحراء إِلَى بلاد المغرب ليحج، وكان مؤثرًا للدين والصلاح، وذلك فِي عشر الخمسين وأربعمائة، فمرَّ بالمغرب بفقيه يقرئ مذهب مالك، والغالب أنه عِمْرَانَ الفاسي بالقيروان. قلتُ: أَبُو عِمْرَانَ مات بعد الثلاثين وأربعمائة. قال: فآوى إليه وأصغى إِلَى العلم، ثُمَّ حجَّ وفيه قلبه من ذلك فعاد، وأتى ذلك

_ 1 وفيَّات الأعيان "7/ 113"، وتاريخ ابن الوردي "1/ 537"، والبداية والنهاية "12/ 134".

الفقيه، وقال: يا فقيه، ما عندنا فِي الصحراء من العلم شيء إلا الشهادتين فِي العامة، والصلاة فِي بعض الخاصة. فقال الفقيه: فخُذ معك من يُعلمّهم دينهم. فقال له الجوهر: فابعث معي فقيهًا وعليَّ حِفْظُه وإكرامه. فقال لابن أَخِيهِ: يا عُمَر، اذهب مع هَذَا السيد إِلَى الصحراء، فعلم القبائل دين اللَّه ولك الثواب الجزيل والشكر الجميل، فأجابه. ثُمَّ جاء من الغد فقال: دعني من الصحراء، فإنَّ أهلها جاهلية، وقد ألفوا ما نشأوا عليه. وكان من طلبة الفقيه رَجُلٌ اسمه عَبْد اللَّه بْن ياسين الجزولي، فقال: أيها الشَّيْخ، أرسلني معه، والله المعين. فأرسله معه، وكان عالمًا قوي النفس، ذا رأيٍ وتدبير، فأتيا قبيلةَ لمتُونة، وهي على ربوةٍ من الأرض، فنزل الجوهر، وأخذ بزمام الجمل الَّذِي عليه عَبْد اللَّه بْن ياسين تعظيمًا له، فأقبلت المشيخة يهنون الجوهر بالسلامة، وقالوا: من هَذَا؟ قال: هَذَا حامل سُنّة الرَّسُول -عليه السلام. فرحَّبوا به وأنزلوه، ثُمَّ اجتمعوا له، وفيهم أَبُو بَكْر بْن عُمَر، فقصَّ عليهم عَبْد اللَّه عقائد الْإِسْلَام وقواعده، وأوضح لهم حَتَّى فهم ذلك أكثرهم، فقالوا: أمَّا الصلاة والزكاة فقريب، وأما قولك من قتل يقتل، ومن سرق يقطع، ومن زنا يجلد، فلا نلتزمه، فاذهب إِلَى غيرنا. فرحل، وأخذ بزمامه الجوهر، وَفِي تلك الصحراء قبائل منهم وهم ينتسبون إِلَى حمير، ويذكرون أنَّ أسلافهم خرجوا من اليمن فِي الجيش الَّذِي جهزه الصديق إِلَى الشام، ثُمَّ انتقلوا إِلَى مصر، ثُمَّ توجَّهوا إِلَى المغرب مع مُوسَى بْن نصير، ثُمَّ توجَّهوا مع طارق إِلَى طنجة، فأحبوا الانفراد فدخلوا الصحراء، وهم لمتونة، وجدالة، ولمطة، وإيتنصر، وإينواي، وسوفة، وأفخاذ عدّة، فانتهي الجوهر وعبد اللَّه إِلَى جدالة قبيلة الجوهر، فتكلَّم عليهم عبدُ اللَّه، فمنهم من أطاع، ومنهم من عصى، فقال عَبْد اللَّه للذين أطاعوا: قد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤلاء الذين أنكروا دين الْإِسْلَام، وقد استعدوا لقتالكم وتحزَّبوا عليكم، فأقيموا لكم رايةً وأميرًا.

فقال له الجوهر: أنت الأمير. قال: لا يمكنني هَذَا، أَنَا حامل أمانة الشهد، ولكن كن أنت الأمير. قال: لو فعلت هَذَا تسلطت قبيلتي على الناس وعاثوا، فيكون وزر ذلك عليّ. قال له: فهذا أَبُو بَكْر بْن عُمَر رأس لمتونة، وهو جليل القدر، محمود السيرة، مطاعٌ فِي قومه، فسر إليه وأعرض عليه الإمرة، والله المستعان. فبايعوا أَبَا بَكْر، وعقدوا له رايةً، وسمَّاه عَبْد اللَّه أمير المؤمنين. وقام حوله طائفة من جدالة، وطائفة من قومه، وحضَّهم ابن ياسين على الجهاد، وسماهم "المرابطين". فتألَّبت عليهم أحزاب الصحراء من أَهْل الشر والفساد، وجيشوا لحربهم، فلم يناجزوهم القتال، بل تلطَّف عَبْد اللَّه بْن ياسين وأبو بَكْر واستمالوهم، وبقي قوم أشرار، فتحيَّلوا عليهم حَتَّى جمعوا منهم ألفين تحت زرب عظيم وثيق، وتركوهم فِيهِ أيامًا بغير طعام، وحصروهم فِيهِ، ثُمَّ أخرجوهم وقد ضعُفوا من الجوع وقتلوهم، فدانت لأبي بَكْر أكثر القبائل وقويت شوكته. وكان عَبْد اللَّه يبث فيهم العلم والسنة، ويقرئهم القرآن، فنشأ حوله جماعة فقهاء وصلحاء، وكان يعظهم ويخوفهم، ويذكر سيرة الصحابة وأخلاقهم، وكثر الدين والخير فِي أَهْل الصحراء. وأما الجوهر فإنَّه كان أخلصهم عقيدة، وأكثرهم صومًا وتهجُّدًا، فلمَّا رَأَى أن أَبَا بَكْر استبدَّ بالأمر، وأن عَبْد اللَّه بْن ياسين ينفّذ الأمور بالسُّنّة، بقي الجوهر لا حكم له، فداخله الهوى والحسد، وشرع في إفساد الأمر، فعلم بذلك منه، وعَقَدوا له مجلسًا وثبت ما قبل عَنْه، فحكم فِيهِ بأنه يجب عليه القتل؛ لأنه شق العصا، فقال: وأنا أحب لقاء اللَّه. فاغتسل وصلى ركعتين، وتقدم فضربت عنقه -رحمه اللَّه. وكثرت طائفة المرابطين، وتتبعوا من خالفهم فِي القبائل قتلًا ونهبًا وسبيا إلّا مَن أسلم، وبلغت الأخبار إِلَى الفقيه بما فعل عَبْد اللَّه بْن ياسين، فعظم ذلك عليه وندم، وكتب إليه ينكر عليه كثرة القتل والسَّبْي، فأجابه: أما إنكارك عليَّ ما فعلت، وندامتك على إرسالي، فإنك أرسلتني إِلَى أمةٍ كانوا جاهلية، يُخرِج أحدُهم ابنه وابنته لِرَعْي السوام، فتأتي البنتُ حاملًا من أخيها، فلا يُنكرون ذلك، وما دَأْبهم إلا إغارة بعضهم على بعض، ويقتل بعضهم بعضًا، ففعلتُ وفعلتُ، وما تجاوزت حكم اللَّه، والسلام.

وفي سنة خمسين وأربعمائة قحطت بلادهم وماتت مواشيهم، فأمر عَبْد اللَّه بْن ياسين ضعفاءهم بالخروج إِلَى السُّوس، وأخذ الزكاة، فخرج منهم نحو سبعمائة رَجُل، فقدموا سِجِلْماسَة، وسألوا أهلها الزكاة، وقالوا: نَحْنُ قومٌ مرابطون خرجنا إليكم نطلب حق اللَّه من أموالكم، فجمعوا لهم مالًا ورجعوا به. ثمّ إنَّ الصحراء ضاقت بهم، وأرادوا إظهار كلمة الحق، وأن يسيروا إِلَى الأندلس للجهاد، فخرجوا إِلَى السوس الأقصى، فاجتمع لهم أَهْل السوس وقاتلوهم وهزموهم، وقُتِل عَبْد اللَّه بْن ياسين. وهرب أَبُو بَكْر بْن عُمَر إِلَى الصحراء، فجمع جيشًا وطلب بلاد السوس فِي ألفي راكب، فاجتمعت لحربه من قبائل بلاد السوس وزناتة اثنا عشر ألف فارس، فأرسل إليهم رُسُلًا وقال: افتحوا لنا الطريق، فَمَا قصدنا إلا غزو المشركين، فأبوا عليه واستعدوا للحرب، فنزل أَبُو بَكْر وصلى الظهر على درقته وقال: اللَّهُمَّ إن كُنَّا على الحق فانصرنا عليهم، وإن كُنَّا على باطلٍ فأرِحْنا بالموتِ. ثُمَّ ركب والتقوا فهزمهم، واستباح أَبُو بَكْر أسلابهم وأموالهم وعُددهم، وقويت نفسه، ثُمَّ تمادى إِلَى سِجِلْماسَة فنزل عليها، وطلب من أهلها الزكاة، فقالوا لهم: إنما أتيتمونا فِي عددٍ قليل فوسعكم ذلك، وضعفاؤنا كثير، وما هَذِهِ حال من يطلب الزكاة بالسلاح والخيل، وإنما أنتم محتالون، ولو أعطيناكم أموالنا ما عمّتكم. وبرز إليهم مَسْعُود صاحب سِجِلْماسَة بجيشه، فحاربوه، وطالت بينهم الحربُ، ثُمَّ ساروا إِلَى جبلٍ هناك، فاجتمع إليهم خلق من كرونة، فزحفوا إلى سجلماسة وحاربوا مسعود بن واروالي إِلَى أن قُتِل، ودخلوا سِجِلْماسَة وملكوها، فاستخلف عليها أَبُو بَكْر بْن عُمَر يوسف بْن تاشفين اللمتوني، أحد بني عمه، فأحسن السيرة فِي الرعية، ولم يأخذ منهم شيئًا سوى الزكاة، وكان فتحها فِي سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة. ورجع أَبُو بَكْر إِلَى الصحراء فأقام بها مدة، ثُمَّ قَدِمَ سِجِلْماسةَ، فأقام بها سنة وخطب بها لنفسه، ثُمَّ استخلف عليها ابن أَخِيهِ أَبَا بَكْر بْن إِبْرَاهِيم بْن عُمَر، وجهز جيشًا عليهم يوسف بْن تاشفين إِلَى السوس فافتتحه. وكان يوسف دَيِّنًا حَازِمًا مُجَرِّبًا، داهية، سائسًا.

وفي سنة اثنتين وستين توفِّي أَبُو بَكْر بْن عُمَر بالصحراء، وتملك بعده يوسف، ولم يختلف عليه اثنان، وامتدت أيامه، وافتتح الأندلس، وبقي إلى سنة خمسمائة. وأول من كان فيهم الملك صنهاجة، ثم كتامة، ثم لمتونة، ثم مصمودة، ثم زناتة. وذكر ابن دريد وغيره أن كتامة، ولمتونة، ومصمودة، وهوارة من حمير، وما سواهم من البربر، وبربر هُوَ من ولد قندار بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم -عليهم السلام، ومن أمهات قبائل البربر: مليلة، وزنارة، ولواتة، وزواوة، وهوارة، وزويلة، وعُفْجومة، ومرطة، وعمارة. ويقال: إن دار البربر كَانَتْ فلسطين، وتملكهم جالوت، فَلَمَّا قتله دَاوُد -عليه السلام- جلت البربر إِلَى المغرب، وتفرقوا هناك فِي البرية والجبال، ونزلت لواتة أرض برقة، ونزلت هوارة أرض طرابلس، وانتشرت البربر إِلَى السوس الأقصى، وطول أراضيهم نحو من ألف فرسخ، والله أعلم. سنة ثلاث وستين وأربعمائة: حرف الألف: 63- أَحْمَد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الأزهر1: النيسابوري الشروطي، أَبُو حامد الأزهري. من أولاد المحدثين. سَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّد الْمَخْلَدِيّ، وأبي سَعِيد بْن حمدون، والخفّاف. وأصوله صحيحة. رَوَى عَنْهُ: زاهر ووجيه ابنا الشّحّامِي، وعبد الغافر بْن إِسْمَاعِيل وآخرون. توفِّي فِي رجب، وولد فِي سنة أربعٍ وسبعين وثلاثمائة، وله خبرة بالشروط. 64- أَحْمَد بْن علي بْن ثابت بْن أَحْمَد بْن مهدي2: الحافظ أَبُو بكر الخطيب، البغدادي.

_ 1 العبر "3/ 252"، وشذرات الذهب "3/ 311". 2 المنتظم "8/ 265-270"، والأنساب "5/ 166".

أحد الحفاظ الأعلام، ومن خُتِم به إتقان هَذَا الشأن، وصاحب التصانيف المنتشرة فِي البلدان. ولد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وكان أَبُوهُ أَبُو الْحَسَن الخطيب قد قرأ على أَبِي حَفْص الكتّاني، وصار خطيب قرية درزيجان، إحدى قرى العراق، فحضَّ ولده أَبَا بَكْر على السماع فِي صغره، فسمع وله إحدى عشرة سنة، ورحل إِلَى البصرة وهو ابن عشرين سنة، ورحل إِلَى نيسابور وهو ابن ثلاث وعشرين سنة. ثُمَّ رحل إِلَى إصبهان، ثُمَّ رحل فِي الكهولة إِلَى الشام، فسمع: أَبَا عُمَر بن مهدي الفارسي، وابن الصلت الأهوازي، وأبا الْحُسَيْن بْن المتيم، وأبا الْحَسَن بْن رزقويه، وأبا سعد الماليني، وأبا الفتح بْن أبي الفوارس، وهلال بْن مُحَمَّد الحفار، وأبا الْحُسَيْن بْن بشران، وأبا طَالِب مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن بَكْر، والحسين بْن الحسن الجواليقي الراوي عن مخلد العطار، وأبا إسحاق إبراهيم بن مخلد الباقرحي، وأبا الحسين مُحَمَّد بْن عُمَر البلدي المعروف بابن الحِطراني، والحسين بْن مُحَمَّد العُكْبَرِيّ الصّائغ، وأبا العلاء مُحَمَّد بْن الْحَسَن الورّاق، وأُممًا سواهم ببغداد. وأبا عمر القاسمي بن جعفر الهاشمي راوي "السُّنَن"، وعلي بْن القاسم الشاهد، والحسن بْن علي السابوري، وجماعة بالبصرة. وأبا بَكْر أَحْمَد بْن الحسن الحِيري، وأبا حازم عمر بن أحمد العبدويي، وأبا سعيد محمد بن موسى الصيرفي، وعلي بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الطِّرَازي، وأبا القاسم عَبْد الرَّحْمَن السّرّاج، وجماعة من أصحاب الأصَمّ، فَمَن بعده بنَيْسابور. وأبا الْحَسَن بْن علي بْن يحيى بْن عبدكوَيْه، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن شهريار، وأبا نُعَيْم أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الحافظ، وأبا عَبْد اللَّه الحمال، وطائفة بإصبهان. وأبا نصر أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الكسار، وجماعة بالدينور. ومحمد بْن عِيسَى، وجماعة بَهَمذَان. وسمع بالكوفة، والرِّيّ، والحجاز، وغيرها، وقدِم دمشقَ فِي سنة خمسٍ وأربعين ليحج منها، فسمع بها: أبا الحسن محمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر، وأبا علي الأهوازي، وخلقًا كثيرًا حَتَّى سمع بها عامة رُواة عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر؛ لأنه سكنها مدة.

وتوجه إِلَى الحج من دمشق فحج، ثُمَّ قدمها سنة إحدى وخمسين فسكنها، وأخذ يصنِّف فِي كُتُبه، وحدَّث بها بعامة تواليفه. روى عَنْهُ من شيوخه: أَبُو بَكْر البرقاني، وأبو القاسم الأزْهري، وغيرهما. ومِن أقرانه خَلْقٌ منهم: عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد الكتاني، وأبو القاسم بْن أَبِي العلاء. وممّن روى هُوَ عَنْهُ فِي تصانيفه فرووا عَنْهُ: نصْر المقدسي الفقيه، وأبو الفضل أَحْمَد بْن خَيْرون، وأبو عَبْد اللَّه الحُمَيْدي، وغيرهم. ورَوَى عَنْهُ: الأمير أَبُو نصر عليّ بْن ماكولا، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد السَّمَرْقَنْدي، وأبو الْحُسَيْن بْن الطُّيُوري، ومحمد بْن مرزوق الزَّعْفراني، وأبو بَكْر بن الخَاضِبة، وأبو الغنائم أُبَيّ النَّرْسيّ. وَفِي أصحابه الحفّاظ كثرة، فضلًا عن الرواة. قال الحافظ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ: أَبُو القاسم النسيب، وأبو مُحَمَّد بْن الأكفاني، وأبو الْحَسَن بْن قُبَيس، ومحمد بْن عليّ بْن أَبِي العلاء، والفقيه نصْر اللَّه بْن مُحَمَّد اللّاذقي، وأبو تراب حَيْدرة، وغَيْث الأرمنازي، وأبو طاهر بْن الْجَرْجَرائي، وعبد الكريم بْن حَمْزَة، وطاهر بْن سهل، وبركات النّجّاد، وأبو الْحُسَيْن بْن سَعِيد، وأبو المعالي بْن الشُّعَيري، بدمشق. والقاضي أَبُو بَكْر الأنصاري، وأبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْدي، وأبو السعادات أَحْمَد المتوكلي، وأبو القاسم هبة اللَّه الشُّرُوطي، وأبو بَكْر المَزْرَفي، وأحمد بن عَبْد الواحد بْن زُرَيْق، وأبو السُّعود بْن المُجْلي، وأبو مَنْصُور عَبْد الرَّحْمَن بن زُرَيق الشَّيْباني، وأبو منصور مُحَمَّد بن عَبْد الملك بن خَيْرون، وبدر بْن عَبْد اللَّه الشِّيحيّ ببغداد. ويوسف بْن أيوّب الهَمَذَاني، بمَرْو. قلتُ: وكان من كبار فقهاء الشّافعيّة، تفقَّه على أَبِي الْحَسَن بْن المَحَامِلي، وعلى القاضي أَبِي الطَّيِّب. وقال ابن عساكر: أنا أبو مَنْصُور بْن خَيْرُون، ثنا الخطيب قال: وُلِدتُ في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وأول ما سمعت فِي المحرَّم سنة ثلاثٍ وأربعمائة.

وقال: استشرتُ البَرْقانيّ فِي الرحلة إِلَى ابن النحاس بمصر، أو أخرج إِلَى نَيْسابور إِلَى أصحاب الأصم، فقال: إنك إنْ خرجت إِلَى مصر إنما تخرج إِلَى رَجُل واحد، إنْ فاتَكَ ضاعتْ رحلتك. وإنْ خرجتَ إِلَى نَيْسابور ففيها جماعة، إنْ فاتَكَ واحدٌ أدركتَ من بقي، فخرجت إِلَى نَيْسابور. وقال الخطيب فِي تاريخه: كنت كثيرًا أذاكر البرقاني بالأحاديث، فيكتبها عنِّي ويضمِّنها جُمُوعَه، وحدَّث عني وأنا أسمع، وَفِي غيبتي. ولقد حدَّثني عِيسَى بْن أَحْمَد الهَمَذَانيّ: أَنَا أَبُو بَكْر الخوارزمي فِي سنة عشرين وأربعمائة، ثنا أَحْمَد بْن علي بْن ثابت الخطيب، ثنا مُحَمَّد بْن مُوسَى الصَّيْرَفي، ثنا الأصم، فذكر حديثًا. وقال ابن ماكولا: كان أَبُو بَكْر آخر الأعيان مِمَّنْ شاهدناه معرفةً وحفظًا وإتقانًا وضبْطًا لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وتفنُّنًا فِي عِلَلِه وأسانيده، وعلمًا بصحيحه، وغريبه، وفَرْده، ومُنْكَره، ومطروحه. قال: ولم يكن للبغداديين بعد أبي الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ مثله. وسألت أَبَا عَبْد اللَّه الصوري عن الخطيب وعن أَبِي نصر السجزي أيهما أحفظ؟ ففضَّل الخطيب تفضيلًا بينًا. وقال المؤتمن الساجي: ما أخرجت بغداد بعد الدَّارَقُطْنِيّ أحفظ من أَبِي بَكْر الخطيب. وقال أَبُو علي البرداني: لعل الخطيب لم ير مثل نفسه. روى القولين الحافظ ابن عساكر فِي ترجمته، عن أَخِيهِ أَبِي الْحُسَيْن هبة اللَّه، عن أَبِي طاهر السلفي، عَنْهُمَا. وقال فِي ترجمته: سمعتُ محمود بْن يوسف القاضي بتفليس يقول: سمعتُ أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الفيروزاباذي يقول: أَبُو بَكْر الخطيب يُشبَّه بالدارقُطْني ونُظَرائه فِي معرفة الحديث وحِفْظه. وقال أَبُو الفتيان عُمَر الرُّؤاسي: كان الخطيب إمام هذه الصنعة، ما رَأَيْتُ مثله. وقال أَبُو القاسم النَّسيب: سمعت الخطيب يقول: كتبَ معي أَبُو بَكْر البرقاني

كتابًا إِلَى أَبِي نعيم يقول فِيهِ: وقد رحل إِلَى ما عندكم أخونا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن علي بْن ثابت -أيده اللَّه وسلمه؛ ليقتبس من علومك، وهو بحمد اللَّه مِمَّنْ له فِي هَذَا الشأن سابقه حسنة، وقدم ثابتة. وقد رحل فيه وفي طلبه، وحصل له منه ما لم يحصل لكثير من أمثاله، وسيظهر لك منه عند الاجتماع من ذلك، مع التورُّع والتحفُّظ، ما يُحسن لديك موقعُه. وقال عَبْد الْعَزِيز الكتاني: إنه -يعني: الخطيب- أسمع الحديث وهو ابن عشرين سنة، وكتب عَنْهُ شيخه أَبُو القاسم عُبَيْد الله الأزهري في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، وكتب عَنْهُ شيخه البرقاني سنة تسع عشرة وروى عَنْهُ، وكان قد علق الفقه عن أَبِي الطَّيّب الطبري، وأبي نصر بْن الصباغ، وكان يذهب إِلَى مذهب أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِيِّ -رحمه اللَّه. قلتُ: مذهب الخطيب فِي الصفات أنها تمر كما جاءت. صرَّح بِذَلِك فِي تصانيفه. وقال أَبُو سعد بْن السمعاني فِي "الذيل" فِي ترجمته: كان مهيبًا، وَقُورًا، ثقة، متحرّيا، حُجّة، حَسَن الخط، كثير الضَّبْط، فصيحًا، خُتِم به الحُفّاظ. وقال: رحل إِلَى الشام حاجًا، فسمع بدمشق، وصور، ومكّة، ولقي بها أَبَا عَبْد اللَّه القضاعي، وقرأ "صحيح الْبُخَارِيّ" فِي خمسة أيام على كريمة المَرْوَزِيّة، ورجع إِلَى بغداد، ثُمَّ خرج منها بعد فتنة البساسيري؛ لتشوش الحال، إِلَى الشام سنة إحدى وخمسين، فأقام بها إِلَى صفر سنة سبعٍ وخمسين. وخرج من دمشق إِلَى صور، فأقام بصور، وكان يزور البيت المقدَّس ويعود إِلَى صور، إلى سنة اثنتين وستين وأربعمائة، فتوجَّه إِلَى طرَابُلس، ثُمَّ إِلَى حلب، ثُمَّ إِلَى بغداد على الرَّحْبة، ودخل بغداد فِي ذي الحجّة. وحدَّث فِي طريقه بحلب، وغيرها. سمعتُ الخطيب مَسْعُود بْن مُحَمَّد بمرْو: سمعتُ الفضل بْن عُمَر النَّسَويّ يقول: كنتُ بجامع صور عند أَبِي بَكْر الخطيب، فدخل عليه علويٌّ وَفِي كمِّه دنانير فقال:

هَذَا الذهب تصرفه فِي مهماتك، فقطب وجهه وقال: لا حاجة لي فِيهِ. فقال: كانك تستقله؟ ونفض كُمَّه على سجادة الخطيب، فنزلت الدنانير، فقال: هذه ثلاثمائة دينار. فقام الخطيب خجلًا مُحْمرًّا وجهُهُ وأخذ سجادته ورمى الدنانير وراح، فَمَا أنسى عِزَّ خُرُوجِه، وَذُلَّ ذلك العلوي وهو يلتقط الدنانير من شقوق الحصير. وقال الحافظ ابن ناصر: حَدَّثَنِي أَبُو زكريا التبريزي اللغوي قال: دخلت دمشق فكنت أقرأ على الخطيب بحلقته بالجامع كتب الأدب المسموعة له، وكنت أسكن منارة الجامع، فصعِد إليَّ وقال: أحببتُ أن أزورك فِي بيتك، فتحدَّثنا ساعة، ثُمَّ أخرج ورقةً وقال: الهدية مستحبَّة، اشتر بهذا أقلامًا ونهض. قال: فإذا هِيَ خمسة دنانير مصرية، ثُمَّ إنه صعد مرة أخرى، ووضع نحوًا من ذلك، وكان إذا قرأ الحديث فِي جامع دمشق يسمع صوته في آخر الجامع، وكان يقرأ مُعْرَبًا صحيحًا. وقال أَبُو سَعِد: سمعت على ستة عشر نفسًا من أصحابه سمعوا منه، سوى نصر اللَّه المصيصي، فإنه سمع منه بصور، وسوى يحيى بن علي الخطيب، سمع منه بالأنبار. وقرأت بخط والدي: سمعت أَبَا مُحَمَّد بن الأبنوسي يقول: سمعت الخطيب يقول: كلما ذكرت فِي التاريخ عن رجلٍ اختلفَ فِيهِ أقاويل الناس فِي الجرح والتعديل، فالتعويل على ما أخّرت ذِكره من ذلك، وختمت به التَّرجمة. وقال ابن شافع فِي "تاريخه": خرج الخطيب إِلَى الشام فِي صفر سنة إحدى وخمسين، وقصد صور وبها عز الدولة الموصوف بالكرم، وتقرَّب منه، فانتفع به، وأعطاه مالًا كثيرًا. انتهى إليه الحِفْظ والإتقان والقيام بعلوم الحديث. وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَحْكِي، عَنْ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ خَيْرُونٍ أَوْ غَيْرِهِ، أنَّ أَبَا بَكْرٍ الْخَطِيبَ ذَكَرَ أَنَّهُ لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله تعالى ثلاث حَاجَاتٍ، أَخْذًا بِقَوْلِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ" 1، فَالْحَاجَةُ الْأُولَى أَنْ يحدِّث "بتاريخ بغداد" ببغداد، والثانية: أن يملي الحديث بجامع

_ 1 حديث صحيح: أخرجه ابن ماجه "3062"، وأحمد في مسنده "3/ 357"، والبيهقي في السنن "5/ 202، 248"، والدارقطني في سننه "2/ 289"، وانظر الصحيحة "2/ 572" للألباني.

المنصور، والثالثة أن يُدفن عند بِشْر الحافي، فقضى اللَّه الحاجات الثلاث له. وقال غَيْث الأرمنازي: ثنا أَبُو الفَرَجِ الإسْفَرَائيني قال: كان الخطيب معنا فِي الحج، فكان يختم كل يوم ختمة إِلَى قرب الغياب قراءة ترتيل، ثُمَّ يجتمع عليه الناس وهو راكب يقولون: حدِّثْنَا، فيُحدِّثهم. أو كما قال. وقال المؤتمن الساجي: سمعت عَبْد المحسن الشيحي يقول: كنت عديل أَبِي بَكْرٍ الخطيب من دمشق إِلَى بغداد، فكان له فِي كل يومٍ وليلة ختمة. وقال الحافظ أَبُو سعْد بْن السمعاني: وله ستة وخمسون مصنَّفًا، منها: "التاريخ لمدينة السلام" فِي مائة وستة أجزاء، "شَرَف أصحاب الحديث" ثلاثة أجزاء، "الجامع" خمسة أجزاء، "الكفاية فِي معرفة الرواية" ثلاثة عشر جزءًا، كتاب "السابق واللاحق" عشرة أجزاء، كتاب "المتفق والمفترق" ثمانية عشر جزءًا، كتاب "تلخيص المتشابه" ستة عشر جزءًا، كتاب "تالي التلخيص" أجزاء، كتاب "الفصل للوصل والمُدْرَج فِي النَّقْل" تسعة أجزاء كتاب "المكمل فِي المهمل" ثمانية أجزاء، كتاب "غنية الملتمس فِي تمييز الملتبس"، كتاب "من وافقت كُنْيتُه اسم أَبِيهِ"، كتاب "الأسماء المبْهَمَة" مجلَّد، كتاب "الموضح" أربعة عشر جزءًا، كتاب "مَن حدَّث ونسي"، جزء، كتاب "التطْفيل" ثلاثة أجزاء، كِتَابِ "القنوت" ثَلَاثَةٌ أجزاء، كِتَابِ "الرواة عن مَالِكِ" ستة أجزاء، كتاب "الفقيه والمتفقه" اثنا عشر جزءًا، كتاب "تمييز متصل الأسانيد" ثمانية أجزاء، كتاب "الحِيَل" ثلاثة أجزاء، "الآباء عن الأبناء" جزء، "الرحلة" جزء، "مسألة الاحتجاج بالشافعي" جزء، كتاب "البخلاء" أربعة أجزاء، كتاب "المُؤْتَنِفْ لتكملة المؤتلف والمختلف"، كتاب "مُبهم المراسيل"، "كتاب أن البَسْمَلَة من الفاتحة"، كتاب "الجهر بالبَسْمَلة" جزءان، كتاب "مقلوب الأسماء والأنساب"، كتاب "صحة العمل باليمين مع الشاهد"، كتاب "أسماء المدلسين"، كتاب "اقتضاء العلم العمل" جزء، كتاب "تقييد العلم" ثلاثة أجزاء، كتاب "القول فِي علم النجوم"، جزء، كتاب "روايات الصحابة من التابعين"، جزء، "صلاة التسبيح" جزء، "مُسْنَد نُعَيْم بْن همار" جزء، "النهي عن صوم يوم الشك" جزء، "الإجازة للمعدوم والمجهول" جزء، "روايات الستة من التابعين بعضهم عن بعض". وذكر تصانيف أُخَر، قال: فهذا ما انتهى إِلَيْنَا من تصانيفه، حجَّ وحدَّث، ونِعْمَ الشَّيْخ كان، ولمَّا حجَّ كان معه حمْل كُتُب ليُجاور، وكان فِي جملة كُتُبه "صحيح

الْبُخَارِيّ"، سمعه من الكُشْمِيهَنيّ، فقرأتُ عليه جميعَه فِي ثلاثة مجالس. وقد سُقنا هَذَا فِي سنة ثلاثين فِي ترجمة الحِيري، وهذا شيء لا أعلم أحدًا فِي زماننا يستطيعه. وقد قال ابن النجار فِي "تاريخه": وجدت فهرست مصنفات الخطيب وهي نيف وستون مصنفًا، فنقلت أسماء الكُتُب التي ظهرت منها، وأسقطتُ ما لم يوجد، فَإِن كُتُبَه احترقت بعد موته، وسلمَ أكثرها. ثمّ سرد ابن النّجّار أسماءَها، وقد ذكرنا أكثرها آنفًا، ومما لم نذكره: كتاب "معجم الرواة عن شُعْبَة" ثمانية أجزاء، كتاب "المؤتلف والمختلف" أربعة وعشرون جزءًا، "حديث مُحَمَّد بْن سوقة" أربعة أجزاء، "المسلسلات" ثلاثة أجزاء، "الرُّباعيّات" ثلاثة أجزاء، "طُرُق قبض العلم" ثلاثة أجزاء، "غُسُل الجمعة" ثلاثة أجزاء. وفيها يقول الحافظ السِّلَفيّ: تصانيف ابن ثابت الخطيبِ ... ألذُّ من الصبا الغَضّ الرطيب تراها إذْ رواها مَن حَواها ... رياضًا للفتى اليَقظِ اللّبيبِ ويأخذ حُسْنُ ما قد صاغ منها ... بِلُبٍّ الحافظ الْفَطِن الأرِيبِ فأيّةُ راحةٍ ونعيمِ عيش ... يوازي كتبها، بل أي طيب1؟ أنشدناها أبو الحسين اليُونيني، عن أَبِي الفضل الهَمَذَاني، عن السلفي. وقد رواها أَبُو سعد بْن السمعاني فِي "تاريخه"، عن يحيى بْن سعدون القُرْطُبّي، عن السِّلَفي، فكأنِّي سمعتها منه. وقال أَبُو الحَسَن محمد بْن عَبْد المُلْك الهمذاني في "تاريخه": وفيها توفِّي أَبُو بَكْر أحمد بْن علي بْن ثابت المحدث، ومات هَذَا العلم بوفاته، وقد كان رئيس الرؤساء، تقدَّم إِلَى الخطباء والوعاظ أن لا يرووا حديثًا حَتَّى يعرضوه عليه، فَمَا صححه أوردوه، وما رده لم يذكروه.

_ 1 الأبيات في معجم الأدباء لياقوت "4/ 33، 34"، وسير أعلام النبلاء "13/ 601"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1140"، والوافي بالوفيات "7/ 191".

وأظهر بعض اليهود كتابًا ادَّعى أنه كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بإسقاط الجزية عن أَهْل خيبر، وفيه شهادة الصحابة، وذكروا أنه خط علي -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ- فِيه، وحُمِل الكتاب إِلَى رئيس الرؤساء فعَرضه على الخطيب فتأمله ثُمَّ قال: هَذَا مزوَّر. قيل له: ومن أَيْنَ قلتَ ذلك؟ قال: فِيهِ شهادة مُعَاوِيَة وهو أسلم عام الفتح، وفتحت خيبر سنة سبْع، وفيه شهادة سعْد بْن مُعَاذ، ومات يوم بني قُرَيْظَة قبل فتح خيبر بسنتين. فاستحسن ذلك منه، ولم يُجْرِهم على ما فِي الكتاب. وقال أَبُو سعد السمعاني: سمعت يوسف بْن أيوب الهَمَذَانيّ يقول: حضر الخطيب درس شيخنا أَبِي إِسْحَاق، فروى الشَّيْخ حديثًا من رواية بحر بْن كُنيز السقاء، ثُمَّ قال للخطيب: ما تقول فِيهِ؟ فقال الخطيب: إنْ أذِنْتَ لي ذكرت حاله. فأسند الشَّيْخ ظهره إِلَى الحائط، وقعد كالتلميذ، وشرع الخطيب يقول: قال فِيهِ فلان كذا، وقال فِيهِ فلان كذا، وشرح أحواله شرحًا حسنًا، فاثني الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق عليه وقال: هُوَ دارقطني عصرنا. وقال أَبُو علي البرداني: أَنَا حافظ وقته أَبُو بَكْر الخطيب، وما رأيت مثله، ولا أظنه رَأَى مثل نفسه. وقال السلفي: سَأَلت أَبَا غالب شجاعًا الذهلي، عن الخطيب فقال: إمام مصنف حافظ، لم ندرك مثله. وقال أَبُو نصر مُحَمَّد بْن سَعِيد المؤدِّب: سمعتُ أَبِي يقول: قلت لأبي بَكْر الخطيب عند لقائي إياه: أنت الحافظ أَبُو بَكْر؟ فقال: انتهى الحفظ إِلَى الدَّارَقُطْنِي، أَنَا أَحْمَد بْن علي الخطيب. وقال ابن الأبنوسي: كان الحافظ الخطيب يمشي وَفِي يده جزءٌ يطالعه. وقال المؤتمن الساجي: كان الخطيب يقول: من صنَّف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس. وقال ابن طاهر فِي "المنثور": ثنا مكي بْن عَبْد السلام الرميلي قال: كان سبب خروج أَبِي بَكْر الخطيب من دمشق إِلَى صور أنه كان يختلف إليه صبي مليح، سماه

مكي، فتكلم الناس فِي ذلك. وكان أمير البلد رافضيا متعصبًا، فبلغته القصة، فجعل ذلك سببًا للفتك به، فأمر صاحب شرطته أن يأخذ الخطيب بالليل ويقتله، وكان صاحب الشرطة سنيا، فقصده تلك الليلة مع جماعةٍ، ولم يمكنه أن يخالف الأمر فأخذه، وقال: أمرت فيك بكذا وكذا، ولا أجد لك حيلة إلّا أني أعبر بك إلى دار الشريف ابن أبي الجن العلوي، فإذا حاذيت الباب اقفز وادخل الدار، فَإِنِّي لا أطلبك، وأرجع إِلَى الأمير، فَأَخْبَرَه بالقصة. ففعل ذَلِكَ، ودخل دار الشريف، فأرسل الأمير إِلَى الشريف أن يبعث به، فقال: أيها الأمير، أنت تعرف اعتقادي فِيهِ وَفِي أمثاله، وليس فِي قتله مصلحة. هَذَا مشهور بالعراق، إن قتلته قُتِل به جماعة من الشيعة، وخربت المشاهد. قال: فَمَا ترى؟ قال: أرى أن يخرج من بلدك. فأمرَ بإخراجه، فراح إِلَى صور، وبقي بها مدّة. قال ابنُ السمعاني: خرج من دمشق فِي صفر سنة سبعٍ وخمسين، فقصد صور، وكان يزور منها القدس ويعود، إلى أن سافر ستة اثنتين وستين إِلَى طرابلس، ومنها إِلَى حلب، فبقي بها أيامًا، ثُمَّ ورد بغداد فِي أعقاب السنة. قال ابن عساكر: سعى بالخطيب حسين بن علي الدمنشي1 إلى أمير الجيوش وقال: هو ناصبي يروي فضائل الصحابة وفضائل الْعَبَّاس فِي الجامع. وقال المؤتمن الساجي: تحاملت الحنابلة على الخطيب حَتَّى مال إلى ما مال إليه، فَلَمَّا عاد إِلَى بغداد وقع إليه جزء فِيهِ سماع القائم بأمر اللَّه، فأخذ الجزء وحضر إِلَى دار الخلافة، وطلب الإذن فِي قراءة الجزء. فقال الخليفة: هَذَا رَجُل كبير فِي الحديث، وليس له فِي السماع من حاجة، ولعلَّ له حاجة أراد أن يتوصل إليها بِذَلِك، فَسَلُوه ما حاجته؟ فَسُئل، فقال: حاجتي أن يُؤْذَن لي أن أُمْلي بجامع المنصور. فتقدم الخليفة إِلَى نقيب النقباء بالإذن له فِي ذلك، فأملي بجامع المنصور. وقد دُفن إِلَى جانب بشر.

_ 1 الدمنشي: نسبة إلى دمنش: هكذا قال ياقوت "معجم البلدان "2/ 71".

وقال ابن طاهر: سألتُ أَبَا القاسم هبة اللَّه بْن عَبْد الوارث الشيرازي: هَلْ كان الخطيب كتصانيفه فِي الحفظ؟ قال: لا. كُنَّا إذا سألناه عن شيء أجابنا بعد أيام، وإن ألححنا عليه غضب. وكانت له بادرة وحشة، ولم يكن حفظه على قدر تصانيفه. وقال أَبُو الْحُسَيْن الُّطيُوري: أكثر كُتُب الخطيب سوى "تاريخ بغداد" مُستقاة من كتب الصُّوري، كان الصُّوري ابتدأ بها، وكانت له أخت بصور خلِّف أخوها عندها اثني عشر عِدْلًا من الكُتُب، فحصَّل الخطيب من كُتُبه أشياء. وكان الصوري قد قسم أوقاته فِي نيفٍ وثلاثين شيئًا. أخبرنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْخَلّالِ، أَنَا جَعْفَرٌ، أَنَا السلفي، أَنَا مُحَمَّد بْن مرزوق الزعفراني، ثنا الحافظ أَبُو بَكْر الخطيب قال: أما الكلام فِي الصفات فإنَّ ما رُويَ منها فِي السُّنَن الصحاح مذهبُ السَّلف، إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عَنْهَا. وقد نفاها قوم، فأبطلوا ما أثبته اللَّه تعالى، وحققها قومٌ من المُثْبِتين، فخرجوا فِي ذلك إِلَى ضربٍ من التشبيه والتكييف، تعالى اللَّه عن ذَلِكَ، والقصد إنما هُوَ سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين، ودين اللَّه تعالى بين الغالي فِيهِ والمقصَّر عَنْهُ. والأصلُ فِي هَذَا أن الكلام فِي الصفات فرع الكلام فِي الذات، ويُحْتَذَى فِي ذلك حَذْوُهُ وَمِثَالُهُ، فَإِذَا كَانَ معلومٌ أن إثبات رب العالمين إنما هُوَ إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته، إنما هُوَ إثبات وجود لَا إثبات تحديد وتكييف، فَإِذَا قُلْنَا: لله يد وسمع وبصر، فَإنَّمَا هِيَ صفاتٌ أثبتها اللَّه تعالى لنفسه، ولا نقول إنها جوارح، ولا نشبهها بالأَيْدي والأسماع والأبصار التي هِيَ جوارح وأدوات للفِعْل، ونقول: إنما وجب إثباتها؛ لأن التوقيف وَرَدَ بها، ووجب نفي التشبيه عنها؛ لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} [الشورى: 11] و {لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد} [الإخلاص: 1] 1. وقال الحافظ ابن النجار فِي ترجمة الخطيب: وُلِد بقرية من أعمال نهر المُلْك، وكان أَبُوهُ يخطب بِدْرْزِيجان، ونشأ هُوَ ببغداد، وقرأ القرآن بالروايات، وتفقَّه على الطَّبَري، وعلّق عَنْهُ أشياء من الخلاف.

_ 1 راجع سير أعلام النبلاء "13/ 598".

إِلَى أن قال: ورَوَى عَنْهُ: أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن خَيْرُون، وأبو سعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الزَّوْزَني، ومُفْلح بْن أحمد الدومي، والقاضي مُحَمَّد بن عُمَر الأرمُويّ، وهو آخر من حدَّث عَنْهُ. قلتُ: يعني بالسماع1، وآخر من حدَّث عَنْهُ بالإجازة مَسْعُود الثّقفي. وخطَّ الخطيب خطٌّ مليح، كثير الشَّكل والضَّبْط، وقد قرأت بخطه: أنا علي بن محمد السَّمْسار، أَنَا مُحَمَّد بْن المظفَّر، ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحَجّاج، ثنا جَعْفَر بْن نوح، ثنا مُحَمَّد بْن عِيسَى، سمعتُ يزيد بْن هارون يقول: ما عزَّت النَّيّةُ فِي الحديث إلّا لشرفِه2. وقال أَبُو مَنْصُور عليّ بْن علي الأمين: لمَّا رجع الخطيب من الشام كَانَتْ له ثروة من الثياب والذهب، وما كان له عَقِب، فكتب إِلَى القائم بالله: إني إذا متُّ يكون مالي لبيت المال، فأْذَنْ لي حَتَّى أُفِّرق مالي على من شئت، فإذِن له، ففرَّقها على المحدِّثين3. وقال الحافظ ابن ناصر: أخبرتني أمي أن أَبِي حدَّثها قال: كنتُ أدخل على الخطيب وأُمرَّضه، فقلت له يومًا، يا سيّدي، إن أَبَا الفضل بْن خيرون لم يُعطني شيئًا من الذَّهب الَّذِي أمرته أن يفرقه على أصحاب الحديث. فرفَع الخطيب رأسه عن المخدَّة وقال: خُذْ هَذِهِ الخِرْقة باركَ اللَّه لك فيها. فكان فيها أربعون دينارًا. فأنفقتها مُدّةً فِي طلب العلم4. وقال مكّيّ الرُّمَيْليّ: مرض الخطيب ببغداد فِي رمضان فِي نصفه، إِلَى أن اشتد به الحال فِي غُرّة ذي الحجة، وأوصى إِلَى أَبِي الفضل بْن خَيْرُون، ووقَفَ كُتُبه على يده، وفرَّق جميعَ ماله فِي وجوه البِرّ وعلى المحدِّثين، وتوفِّي رابع ساعة من يوم الإثنين سابع ذي الحجة، ثُمَّ أخرج بُكرة الثلاثاء وعبروا به إِلَى الجانب الغربي، وحضره القضاة والأشراف والخلق، وتقدَّمهم القاضي أَبُو الْحُسَيْن بْن المهتدي بالله، فكبَّر عليه أربعًا، ودُفن بجنب بشر الحافي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 598". 2 المصدر السابق. 3 معجم الأدباء "4/ 27"، والمنتظم "8/ 269". 4 سير أعلام النبلاء "13/ 599"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1144".

وقال ابن خيرون: مات ضَحْوة الإثنين، ودُفِن بباب حرب. وتصدَّق بماله وهو مائتا دينار، وأوصى بأن يُتصدَّق بجميع ثيابه، ووَقف جميع كُتُبه، وأُخْرِجت جنازته من حجرةٍ تلي النظامية فِي نهر مُعَلَّى، وتبَعه الفُقهاء والخَلْق، وحُمِلت جنازته إِلَى جامع المنصور، وكان بين يدي الجنازة جماعة يُنادون: هَذَا الَّذِي كان يذبّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا الَّذِي كان يَنْفي الكذِب عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا الَّذِي كان يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وخُتِم على قبره عدّة ختمات1. وقال الكتاني: وردَ كتابُ جماعةٍ أَن أَبَا بَكْر الحافظ تُوُفّي فِي سابع ذي الحجة، وكان أحدَ من حمل جنازته الْإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشّيرازي، وكان ثقة، حافظًا، متقِنًا، مُتَحَرّيا، مصنّفًا2. وقال أَبُو البركات إِسْمَاعِيل بْن أَبِي سعْد الصُّوفيّ: كان الشَّيْخ أَبُو بَكْر بْن زهْراء الصُّوفي، وهو أَبُو بَكْر بْن عليّ الطُّرَيْثِيثيّ الصُّوفي، برباطنا قد أعدَّ لنفسه قبرًا إِلَى جانب قبر بِشْر الحافي، وكان يمضي إليه فِي كل أسبوع مرّة وينام فِيه، ويقرأ فِيهِ القرآن كلّه، فلمّا مات أَبُو بَكْر الخطيب، وكان قد أوْصى أن يُدفن إِلَى جنب قبر بِشْر الحافي، فجاء أصحاب الحديث إِلَى أَبِي بَكْر بْن زهراء وسألوه أن يدفنوا الخطيب فِي قبره وأن يُؤْثِرُوه به، فامتنع وقال: موضع قد أعددته لنفسي يؤخذ منّي؟! فلمَّا رأوا ذلك جاءوا إِلَى والد أَبِي سعْد، وذكروا له ذلك، فأحضرَ أَبَا بَكْر فقال: أَنَا لا أقول لك أعْطِهِم القبر، ولكن أقول لك لو أن بِشْرًا الحافي فِي الأحياء، وأنت إِلَى جانبه، فجاء أَبُو بَكْر الخطيب ليَقْعد دونك، أكان يَحْسُن بك أن تقعد أعلى منه؟ قال: لا، بل كنت أقوم وأُجِلسه مكاني. قال: فهكذا ينبغي أن تكون الساعة. قال: فطاب قلبه، وأذِن لهم فدفنوه فِي ذلك القبر3. وقال أَبُو الفضل بْن خَيْرُون: جاءني بعض الصالحين وأخبرني لمّا مات الخطيب أنه رآه فِي المنام، فقال له: كيف حالك؟ قال: أنا في روح وريحان، وجنة نعيم.

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 599"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1144". 2 انظر المصدر السابق. 3 انظر المصدر السابق.

وقال أَبُو الْحَسَن علي بْن الْحُسَيْن بْن جدّاء: رَأَيْت بعد موت الخطيب كأنَّ شخصًا قائمًا بحذائي، فأردتُ أن أسأله عن الخطيب، فقال لي: ابتِداءً أُنزِلَ وسطَ الجنّة حيث يتعارف الأبرار. رواها أبو علي البردانيي فِي "المنامات"، له عن ابن جدّاء1. وقال غَيْث الأرمنازيّ: قال مكّيّ بْن عَبْد السلام: كنت نائمًا ببغداد فِي ليلة ثاني عشر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وأربعمائة، فرأيتُ عند السَّحَر كأنَّا اجتمعنا عند أَبِي بَكْر الخطيب فِي منزله لقراءة "التاريخ" على العادة، فكأنَّ الخطيب جالس، والشيخ أَبُو الفضل نصر بْن إِبْرَاهِيم الفقيه عن يمينه، وعن يمين الفقيه نصر رجلٌ لم أعرفْه، فسألتُ عَنْه، فَقِيل: هَذَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَاءَ ليسمع "التاريخ"، فقلت فِي نفسي: هَذِهِ جلالة لأبي بَكْر؛ إذْ يَحْضُرْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مجلسَه. وقلتُ: وهذا ردٌّ لقول من يعيب التاريخ، ويذكر أنه فِيهِ تحاملٌ على أقوام. وقال أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن مرزوق الزَّعْفرانيّ: حَدَّثَنِي الفقيه الصالح أَبُو علي الْحَسَن بْن أَحْمَد الْبَصْرِيّ قال: رَأَيْت الخطيبَ فِي المنام، وعليه ثياب بيض حسان، وعمامة بيضاء، وهو فرحان يبتسم، فلا أدري قلتُ: ما فعل اللَّه بك؟ أو هُوَ بَدَأَني فقال: غفر اللَّه لي أو رحِمَني، وكلّ مَن نَجَا. فوقع لي أنه يعني بالتوحيد إليه يرحمه أو يغفر له، فأبشِروا. وذلك بعد وفاته بأيّام. وقال أَبُو الخطاب بْن الجرّاح يرثيه: فاقَ الخطيبُ الوَرَى صِدْقًا ومعرفةً ... وأعجزَ الناسَ فِي تصنيفه الكُتُبَا حَمَى الشريعَةَ مِن غاوٍ يدنِّسُها ... بوصْفه ونَفَى التَّدليسَ والكذبا جلا محاسن بغداد فأودعها ... تاريخًا مخلصًا لله محتسبًا وقال فِي الناس بالقِسْطاس منحرفًا ... عن الهوى، وأزال الشّكَّ والرِّيَبا سَقَى ثراكَ أَبَا بَكْرٍ على ظَمًأ ... جونٌ ركامٌ تَسُحُّ الواكفَ السَّرِبا ونُلْتَ فوزًا ورِضوانًا ومغفرةً ... إذا تحقَّقَ وعْدُ اللَّه واقتربا يا أحمدَ بْن عليّ طِبْتَ مُضْطجِعًا ... وباءَ شانِئُكَ بالأَوْزار محتقبا2

_ 1 الوافي بالوفيات "7/ 197". 2 الشواهد في سير أعلام النبلاء "13/ 601"، ومعجم الأدباء "4/ 37، 38"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1140".

وقال أبو الحسين بْن الطُّيُوريّ: أنشدنا أَبُو بَكْر الخطيب لنفسه: تغيب الخلق عن عيني سوى قمرٍ ... حسْبي من الخلْقِ طُرًّا ذلكَ القمرُ محلُّه فِي فؤادي قد تملَّكَه ... وحاز رُوحي فَمَا لي عَنْهُ مصطبرُ والشّمسُ أقربُ منه فِي تناولها ... وغايةُ الحظّ منه للوَرَى النّظرُ ودِدْتُ تقبيلَه يومًا مُخَالَسَةً ... فصار من خاطري فِي خدّه أثرُ وكم حليمٍ رآه ظنَّه مَلَكًا ... وردَّد الفِكر فِيهِ أنّه بشر وقال غيث الأرمنازيّ: أنشدنا أَبُو بَكْر الخطيب لنفسه: إن كنتَ تَبْغي الرَّشادَ مَحْضًا ... لأمرِ دُنياك والمَعَادِ فخالِفِ النَّفْس فِي هواها ... إن الهوى جامعُ الفسادِ وقال أَبُو القاسم النسيب: أنشدنا أَبُو بَكْر الخطيب لنفسه: لا تغبطنَّ أخا الدُّنيا لزُخْرُفِها ... ولا لِلَذَّةِ وَقْتٍ عُجِّلَتْ فَرَحَا فالدَّهْرُ أسْرَعُ شيءٍ فِي تَقَلُّبه ... وفِعْلُهُ بَيِّنٌ للخَلْق قد وَضَحا كم شاربٍ عسلًا فِيهِ مَنِيَّتُهُ ... وكم تقلَّد سيفًا من به ذُبِحا1 65- أَحْمَد بْنُ عَبْد اللَّه بْنُ أَحْمَد بْن غالب بْنُ زيدون2: أَبُو الْوَلِيد المخزومي الأندلسي القُرْطُبي، الشّاعر المشهور. قال ابن بسام: كان أَبُو الْوَلِيد غاية منثور ومنظوم، وخاتمة شعراء بني مخزوم، أحدُ من جرَّ الأيام جرًّا، وفاق الأنام طُرًّا، وصرَّف السّلطان نَفْعًا وضُرًّا، ووسَّع البيانَ نظْمًا ونثرًا، إِلَى أدبٍ ليس للبر تدفقه، ولا للبدر تألفه، وشِعرٍ ليس للسِّحْر بيانُه، ولا للنّجوم اقترانُه، وحظٍّ من النَّثْر غريب المباني، شعْريّ الألفاظ والمعاني، وكان من أبناء وجود الفقهاء بقرطبة.

_ 1 الأبيات في سير أعلام النبلاء "13/ 603"، ومعجم الأدباء "4/ 37، 38"، والبداية والنهاية "12/ 103". 2 العبر "3/ 253"، والنجوم الزاهرة "5/ 88"، وكشف الظنون "478، 481".

انتقل عن قُرْطُبة إِلَى المعتضد عَبَّاد صاحب إشبيلية بعد عام أربعين وأربعمائة، فجعله من خواصِّه، وبقي معه فِي صورة وزير. فَمَنْ شِعره قَوله: بَيْني وبَيْنَكَ ما لو شئت لم يضع ... سرٌّ، إذا ذاعت الأسرارُ لم يُذِعِ يا بائعًا حَظَّهُ مِنّي ولو بُذِلَتْ ... لِيَ الحياةُ بِحَظّي منهُ لم أبعِ يكفيك أنَّكَ لو حمَّلت قلبي ما ... لا تستطيعُ قلوبُ الناس يَسْتَطِعَ تِهْ أَحْتَمِل، وَاسْتَطِلْ أَصْبِر، وَعِزَّ أَهُنْ ... وَوَلِّ أُقْبِل، وقُلْ أَسْمَع، ومُرْ أُطِعِ وله: أَيَّتُها النّفسُ إليْهِ اذْهَبي ... فَمَا لِقَلْبِي عَنْهُ مِنْ مَذْهَبِ مُفَضَّضُ الثَّغْرِ لهُ نُقْطَةٌ ... مِن عَنْبَرٍ فِي خَدِّه المُذْهَب أيأسني التَّوْبَةَ من حُبِّهِ ... طُلُوعُهُ شَمْسًا مِن المغربِ وله القصيدة السائرة الباهرة: بِنْتُمْ وَبِنَّا فَمَا ابْتَلَّتْ جَوَانِحُنَا ... شوقًا إليكُمْ ولا جفَّتْ مَآقِينا كُنّا نرى اليأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه ... وقَدْ يَئِسْنا فَمَا لليّأْسِ يُغْرِينا نَكَادُ حينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمَائِرُنا ... يَقْضِي علَيْنا الأَسَى لولا تأسَينا طالت لِفَقْدكُم أيَّامُنا، فَغَدَتْ ... سُودًا، وكانَتْ بِكُمْ بيضًا ليالينا بالأمسِ كنَّا وما يُخشَى تَفَرُّقُنا ... واليومَ نحنُ وما يُرْجَى تَلَاقينا إِذْ جانِبُ العَيْشِ طَلْقٌ من تَأَلُّفِنا ... ومورد اللهو صافٍ من تصافينا كأنَّنا لَمْ نَبِت، والوصْلُ ثالِثُنا ... والسَّعْدُ قَدْ غَضَّ من أجْفَانِ واشِينا ليُسْقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السُّرُورِ فَمَا ... كُنْتُمْ لأَرواحِنا إِلّا رَياحِينا1 وهي طويلة. توفِّي ابن زيدون فِي رجب بإشبيلية.

_ 1 الأبيات في الديوان "298، 299"، والوافي بالوفيات "7/ 91، 92" ذكر بعضها.

وولي ابنه أَبُو بَكْر وزارة المعتمد بْن عبَّاد، وقُتِلَ يوم أَخَذَ يوسف بْن تاشفين قُرْطُبة من المعتمد سنة أربعٍ وثمانين. 66- أَحْمَد بْن علي بْن أَحْمَد بْن عُقْبة الأصبهاني: يروي عن: أبي عبد الله بن منده، وأبي إِسْحَاق بْن خُرَّشِيد قُولَه. وكان رجلًا صالحًا عفيفًا. مات فِي المحرَّم. 67- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز العُكْبَريّ: أَبُو طاهر، توفِّي بعُكْبَرا. حرف الباء: 68- بدْر الفَخْريّ: أَبُو النّجْم. عن: عُثْمَان بْن دُوَست. سمع منه: شجاع الذُّهْلي، وهبة اللَّه السَّقَطيّ. وتوفِّي فِي رمضان، كان يلزم الخطيب، ذكره فِي تاريخه. حرف الحاء: 69- حسَّان بْن سَعِيد1. أَبُو علي المَنِيعيّ المَرْوَرُّوذِيّ، بَلَغَنَا أنَّه من ذُرّية خَالِد بْن الْوَلِيد -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. سمع من: أبي طاهر بن مَحْمِش الزّيادي، وأبي الْقَاسِمِ بْنُ حبيب، وَأَبِي الْحَسَنُ السقاء، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: محيي السُّنَّةِ البغوي، وَأَبُو المظفّر عَبْد المنعم القُشَيْري، ووجيه الشحامي، وعبد الوهاب بن شاه.

_ 1 شرح السنة للبغوي "1/ 23"، والأنساب "11/ 509"، والمنتظم "8/ 370"، والبداية "12/ 103، 104".

وذكره عَبْد الغافر الفارسيّ فقال: هُوَ الرئيس أَبُو عليّ الحاجّي، شيخ الْإِسْلَام المحمود الخصال السَّنِيَّة، عمَّ الآفاق بخيره وبرَّه، وكان فِي شبابه تاجرًا، ثُم عظُم حتّى صار من المخاطبين من مجالس السَّلاطين، لم يستغنوا عن الاعتضاد به وبرأيه، فرغب إِلَى الخيرات، وأناب إِلَى التَّقْوى والورع، وبنى المساجد والرَّباطات، وبنى جامع مدينته مَرْو الرُّوذ. وكان كثير البِرّ والإيثار، يكسو فِي الشتاء نحوًا من ألف نفس، وسعى فِي إبطال الأعشار عن البلاد، ورفع الوظائف عن القُرى، ومن ذلك أنه استدعى صدقةً عامة على أَهْل البلد، غنيّهم وفقيرهم، فكان يطوف العاملون على الدُّور والأبواب، ويُعدّون سكانها، فيدفع إِلَى كل واحدٍ خمسة دراهم، وتمَّت هَذِهِ السُّنَّة بعد موته. وكان يُحيى اللَّيالي بالصلاة، ويصوم الأيام، ويجتهد فِي العبادة اجتهادًا لا يطيقه أحد. قال: ولو تتبعنا ما ظهر من آثاره وحسناته لَعَجَزْنا. وقال أَبُو سعْد السمعاني: حسَّان بْن سَعِيد بن حسّان بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن منيع بْن خَالِد بْن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ المنيعي، كان فِي شبابه يجمع بين الدّهْقَنة والتجارة، وسلك طريق الفتيان حَتَّى سادَ أَهْل ناحيته بالفُتُوّة والمروءة والثروة الوافرة، إِلَى أن قال: ولمّا تسلطت سلجوق ظهر أمره، وبنى الجامع بمرو الرُّوذ، ثُمَّ بنى الجامع الجديد بنَيْسابور، وبلغني أنَّ عجوزًا جاءته وهو يبنيه، ومعها ثوبٌ يساوي نصف دينار، وقالت: سمعتُ أنّك تبني الجامع، فأردت أن يكون لي فِي البقعة المباركة أثر. فَدَعا خازنه واستحضر ألف دينار، واشترى بها منها الثوب، وسلَّم المبلغَ إليها، ثمّ قبضه منها الخازن، وقال له: أنفِقْ هَذِهِ الألف منها فِي عمارة المسجد، وقال: احفظ هَذَا الثوب لكَفَنِي أَلْقى اللَّه فِيهِ. وكان لا يُبالي بأبناء الدنيا ولا يتضعضع لهم. وحُكِي أنَّ السلطان اجتاز بباب مسجده، فدخل مراعاةً له، وكان يُصلّي، فَمَا قطع صلاته، ولا تكلَّف حَتَّى أتمَّها، فقال السلطان: فِي دولتي مَن لا يخافني ولا يخاف إلّا الله.

قلت: مات سنة مائتين، وله ستٌّ وتسعون سنة. 34- أوس بْن عَبْد الله بْن بُريدة بْن الحُصَيْب الأسلميّ المَرْوَزِيّ1: روى عَنْ: أخيه سهل، والحسين بْن واقد، ولم يدرك أَبَاهُ، لعلّه مات وأوس حَمْل. روى عَنْهُ: سليمان بْن عُبَيْد الله، ومحمد بْن مقاتل، والحسين بْن حُرَيْث المَرْوَزِيُّون. قَالَ أبو حاتم: سألنا المَرَاوِزة عَنْهُ فعرفوه وقالوا: تَقَادَمَ موتُه. 35- أوس بْن عَبْد الله السَّلُوليّ البصْريّ2: عَنْ: بُرَيْد بْن أَبِي مريم. وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ومعلَّى بْنُ أَسَدٍ، ومُسَدّد، وغيرهم. وهو قديم الوفاة. 36- أيّوب بْن تميم: أبو سليمان التّميميّ الدّمشقيّ3. مقرئ أهل الشام. قرأ عَلَى: يحيى الذَّماريّ، وأبي عَبْد المُلْك الذَّماريّ. تلا عَليْهِ: ابن ذَكْوان، والوليد بْن عُتْبة. وحمل عَنْهُ الحروف: أبو مُسْهٍر، وهشام بْن عمّار. وقد روى الحديث عَنْ: الأوزاعيّ، وعثمان بْن أَبِي العاتكة، وغيرهما. حدَّث عَنْه: هشام، ودُحَيْم، وآخرون. وهو ثقة في الحديث والقراءة. مات بعد التسعين ومائة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 305، 306"، والميزان "1/ 278". 2 الجرح والتعديل "2/ 305"، والثقات لابن حبان "6/ 73". 3 الجرح والتعديل "1/ 205"، والثقات لابن حبان "6/ 59".

37- أيّوب بْن حسّان الْجُرشيّ الدّمشقيّ1: أبو حسّان. عَنْ: هشام بْن عُرْوة، ويونس بْن يزيد، والأوزاعي، وثور بْن يزيد، وطائفة. وعنه: هشام بْن عمّار، ودُحَيْم، وسليمان الشُّرَحْبيليّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعة الدّمشقيّ: مقارِب. 38- أيّوب بْن المتوكّل البصْريّ الصَّيْدلانيّ2: المقرئ الإِمَام. سَمِعَ: فَضَيْلَ بْن سليمان، وطبقته. وتلا عَلَى: الكِسائيّ، وعلى: سلام الطّويل، وحُسين الْجُعْفيّ. واختار لنفسه مَقْرءًا. روى عَنْهُ: عليّ بْن المَدِينيّ، ويحيى بْن مَعِين، ومحمد بْن يحيى القُطَعيّ. وَأَجَلُّ مِن تلا عَليْهِ القُطَعيّ. قَالَ ابن المَدِينيّ: نا أيّوب بْن المتوكّل، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ قَالَ: لا يكون إمامًا مِن أخذ بالشاذّ مِن العِلْم، ولا مِن روى عَنْ كلّ أحد، ولا مِن روى كلّ ما سمِع. ويقال: إنّ يعقوبَ الحضرميّ وقف عَلَى قبر أيّوب لما دُفِنَ وقال: يرحمك الله يا أيّوب، ما تركتَ خَلَفًا أعلم بكتاب الله منك. وعن أيّوب قَالَ: ما غلبتُ يعقوبَ إلا بالأثر. وقال إسحاق بْن إبراهيم الشهيديّ: دخلت الكوفة فأتيتُ ابنَ إدريس الأَوْديّ، فأوّل ما سألني عَنْ أيّوب، ما فعل أيّوب؟ قلت: بخير، قَالَ: يُقرئ؟ قلت: نعم. قال: ذاك أقرأ الناس.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 244". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 459"، وتاريخ بغداد "7/ 7، 8".

وقال أحمد بْن سِنان القطّان: سَمِعْتُ أيّوب بْن المتوكّل يَقُولُ: قرأت عَلَى يحيى القطّان، وطلب منّي كتاب الحروف، فسمِعه منه. قَالَ أبو حاتم السّجسْتانيّ: أيّوب بْن المتوكّل مِن أقرأ القرّاء وأرواهم للآثار في القرآن. قلت: وثَّقه ابن المَدِينيّ. ومات سنة مائتين كهْلا. 39- أيّوب بْن واصل البصْريّ1: سَمِعَ: ابن عَوْن. وعنه: إبراهيم بن المنذر، وعَبْد اللَّه بْن محمد المسِنديّ، ومحمد بْن أسد الخشنيّ، وجماعة. وهو قليل الحديث. قَالَ أبو حاتم: يكتب حديثه. 40- أيوب بن واقد الكوفي2 -ت: أبو الحسن، ويقال: أبو سهل. سكن البصرة، وحدَّث عَنْ: هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وعثمان بْن حكيم. وعنه: بِشْر بْن مُعَاذ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَدَاهِرُ بْنُ نوح، وجماعة. قَالَ أحمد: ضعيف الحديث. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عامَّة مَا يَرْوِيهِ لا يُتابع عَليْهِ. حرف الباء: 41- بشَّار بْن قيراط

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 261"، والميزان "1/ 259". 2 الجرح والتعديل "2/ 260"، والميزان "1/ 259".

أبو نُعَيْم النَّيْسابوريّ، نزيل الرَّيّ1. وهو أخو حمَّاد بْن قيراط. روى عَنْ: هشام بْن حسّان، وابن جُرَيج، وبكر بن معروف، والثوري، وجعفر بن محمد، وشعبة، وطبقتهم. وعنه: عبد الله بن الوليد بن مهران، وعمرو بن رافع القزويني، ونوح بن أنس. قال أبو حاتم: لا يُحْتَجُّ بِهِ. وقال أبو زُرعة: يكذب، وأخوه حمَّاد صَدُوق. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إِلَى الضَّعْفِ أَقْرَبُ. 42- بَزِيع بْن حسّان: أبو الخليل البصْريّ الخصّاف2. عَنْ: الأعمش، وهشام بْن عُرْوة، وثابت البُنانيّ. وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بْن المبارك، وأزهر بْن جميل، ومحمد بْن بكّار، ويحيى بْن سَعِيد العطّار، ومحمد بْن صدران. وهو متروك، اتَّهَمه ابن حيان، وغيره، أتى بعجائب لا تُحتَمل. 43- بِشْر بْن إبراهيم الأنصاريّ المفلوج3: عَنْ: ثور بْن يزيد، والأوزاعي، وأبي مُرَّة الرّقاشيّ، ومبارك بْن فَضَالَةَ. وعنه: داهر بْن نوح، وعبد الله بْن يوسف الْجُبيريّ، ويوسف بْن بحر، ومحمد بْن عبد الله بن بزيع، وجماعة. ضعفه أبو حاتم وغيره، وقال ابن عَدِيّ: هُوَ عندي ممّن يضع الحديث. 44- بِشْر بْن الحَسَن -ن: أبو مالك البصري4، أخو حسين بن الحسن.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 417"، والميزان "1/ 310". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 421"، والميزان "1/ 306". 3 الجرح والتعديل "2/ 351"، والميزان "1/ 311". 4 الجرح والتعديل "2/ 355"، والتهذيب "1/ 477".

عَنْ: ابن عَوْن، وأشعث بْن سوار، وابن جرَيْج. وعنه: عُمَر بْن شُعْبَة، وهارون الحمّال، وعثمان بْن أَبِي صفْوان، ومحمد بْن عَبْد الله المخرميّ. قَالَ هارون الحمَّال: ثقة ثقة. وقيل: كَانَ يحافظ عَلَى الصّفّ الأوّل خمسين سنة بجامع البصرة. 45- بِشْر بْن السَّريّ: أبو عمرو البصري الواعظ العابد الملقَّب بالأَفْوَه1. نزيل مكّة، سَمِعَ: مِسْعَرا، والثَّوْريّ، وزائدة، ومالكًا، وحمَّاد بْن سَلَمَةَ، وطائفة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وابن المَدِينيّ، والفلاس. قَالَ أحمد بْن حنبل: كَانَ متقنًا للحديث عَجَبًا. وقال أبو حاتم: ثَبْتُ صالح. وقال يحيى بْن مَعِين: ثقة. وقال ابن عدي: يقع في حديثه ما ينكر، وهو في نفسه لا بأس بِهِ. وقال العُقَيْليّ: هُوَ في الحديث مستقيم. حَدَّثَنَا أحمد الأبَّار، نا عوّام قَالَ: قَالَ الحُمَيْديّ: كَانَ بِشْر بْن السَّريّ جَهْميًا2، لا يحلّ أن يُكْتَب حديثه. قلت: قد صحَّ رجوعه عَنِ التجهُّم. حَدَّثَنَا جعفر الفريابي، ثنا أحمد بن محمد المقدمين، ثنا سليمان بْن حرب قَالَ: سَأَلَ بِشْر بْن السَّريّ حمَّاد بْن زيد فقال: الحديث الَّذِي جاء أنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا يتجوّل مِن مكان إلى مكان؛ فسكت حمَّاد ثمّ قَالَ: هُوَ في مكانه يقربُ من خلقه كيف شاء.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 358"، والتهذيب "1/ 450". 2 الجهمية: إحدى الفرق الضالة وهي تنفي صفات الله تعالى.

قلت: كَانَ مِن حمَّاد أن يزجر السائل ويقول: الله ورسولُه أعلم، فإنّ الخوض في هذا لا ينبغي، بل تمرّ الأحاديث كما جاءت ولا يُعترض عليها. وقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: بِشْر بْن السَّريّ تكلّم بمكّة بشيء، فوثب عَليْهِ ابن الحارث بْن عُمَير، يعني حمزة؛ فلقد ذلَّ بمكّة حتى جاء فجلس إلينا ممّا أصابه مِن الذلِّ. قَالَ عَبْد الله: يعني تكلّم في القرآن. ثمّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ الثَّوْريّ يستقله. قلتُ: لِمَ؟ قَالَ: سأله عَنْ شيء -يعني: عن أطفال المشركين- قال لَهُ سُفْيان: ما أنت وذا يا صَبي؟ قلت: مات في سنة خمسٍ وتسعين ومائة، أو سنة ستٌّ. 46- بِشْر بْن سَلْم بْن المسيّب البَجَليّ1: كوفِّي، روى عَنْ: إسماعيل بْن خَالِد، ومِسْعَر. وعنه: ابنه الحسن، وأحمد بن إبراهيم الدورقي. قال أحمد بن حنبل: قد رأيته ولم أسمع منه. 47- بشر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز بْن مروان الأموي2: روى عَنْ: عمّه عَبْد العزيز بْن عُمَر. وعنه: محمد بْن معاوية الأنماطيّ، ويحيى بْن مَعِين. وقال يحيى: لا بأس به. 48- بقية بن الوليد بن صائد3: الحافظ، أبو يُحْمِد الكَلاعيّ الحِمْيَريّ الميْتميّ الحمصيّ، أحد أعلام الحديث. روى عَنْ: محمد بْن زياد الأَلْهانيّ، وبَحير بْن سعْد، وثور بْن يزيد، وعبد الله بْن عُمَر، والزُّبَيْديّ، والأوزاعيّ، وابن جُرَيج، وصَفوان بْن عَمرو، ويونس بْن

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 358"، وتاريخ بغداد "7/ 54". 2 انظر: التاريخ الكبير "2/ 77"، والجرح والتعديل "2/ 361". 3 الجرح والتعديل "2/ 434-436"، والسير "8/ 455، 469".

يزيد، وخلْق لا يُحصَون، تسعة أعشارهم عامّة مجهولون. وعنه: مِن شيوخه: الأوزاعي، وشُعْبَة. ومن أقرانه: ابن المبارك، والوليد بْن مُسْلِم، وإسماعيل بْن عيّاش، وطائفة. وأبو مُسْهٍر، وحَيوة بْن شُرَيْح، وهشام بْن عمّار، ومحمد بْن مُصَفَّى، وداوود بْن رُشَيْد، وكثير بْن عُبَيْد، وعَمْرو بْن عفّان، وأبو عُتبة أحمد بْن الفَرَج الحجازيّ، وخلْق، فالحجازي آخرُهم موتًا. قَالَ يحيى بْن مَعِين، وأبو زُرْعة، وغيرها: إذا روى عَنْ ثقة فهو ثقة حُجّة. وقال ابن المبارك: أعياني بقيّة، يسمِّي الكَنى ويكنِّي الأسامي. وقال أبو حاتم: سَأَلت أبا مُسْهٍر عَنْ حديثٍ لبقيّة فقال: احذَرْ حديثَ بقيّةْ ... وكن منها عَلَى تقيّهْ فإنّها غير نقيّهْ وقال النَّسَائيّ: إذا قَالَ: ثنا وحَدَّثَنَا فهو ثقة، وإن قَالَ: عَنْ، فلا. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ، أَنَا هِبَةُ الرَّحْمَنِ القشيري، أنا عبد الحميد البحتري، نَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، ثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ بَقِيَّةَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ، وَأَبُو عُتْبَةَ قَالُوا: ثَنَا بَقِيَّةُ، نا الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ دُعِيَ إِلَى عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ" 1 خرّجه مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ بَقِيَّةَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ بَقِيَّةَ سِوَاهُ. قَالَ يزيد بْن عَبْد ربّه: سَمِعْتُ بقيّة يَقُولُ: وُلدت سنة عشر ومائة. قَالَ ابن مَعِين: كَانَ شُعْبَة مبجَّلا لبقيّة حيث قِدم عَليْهِ. وقال حَيوة بْن شُرَيْح: سَمِعْتُ بقيّة يَقُولُ: لما قرأت عليّ شُعْبَة نسخة بَحير بْن سعْد، قَالَ لي: يا أبا يُحْمِد، لو لم أسمع هذا منك لطرْت. وقال زكريّا بْن عَدِيّ: قَالَ لنا أبو إِسْحَاق الفَزَاريّ: خُذوا عَنْ بقيّة ما حدَّث عَنِ الثَّقات، ولا تأخذوا عَنْ إسماعيل بْن عيّاش ما حدَّث عَنِ الثقات وغير الثقات.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1429"، وابن عساكر "3/ 276"، "3/ 288"، "10/ 196" كما في تهذيب تاريخ دمشق.

إبراهيم بْن موسى الفرّاء، عَنْ رباح، عَنِ ابن المبارك، قَالَ: إذا اجتمع بقيّة وإسماعيل بْن عيَّاش فبقيّة أحبّ إليّ. ورواه سُفْيان بْن عَبْد المُلْك، عَنِ ابن المبارك، وقال: كَانَ صدوق الّلسان، ولكن يأخذ عمَّن أقبل وأدبر. وعن ابن المبارك: نعم الرجل بقيّة، لولا أنّه يكنِّي الأسامي ويُسميّ الكُنَى. كَانَ دهْرًا يحدّثنا عَنْ أَبِي سَعِيد الوحاظيّ فنظرنا فإذا هُوَ عَبْد القُدُّوس. وقال أحمد بْن حنبل: بقية أحبّ إليّ مِن إسماعيل، وإذا حدَّث عَنِ المجهولين فلا تقبلوه. وقال أحمد: روى بقيّة عَنْ عُبَيْد الله مناكير. عثمان الدارميّ، عَنِ ابن مَعِين: بقيّة ثقة. قلت لَهُ: هُوَ أحبّ إليك أو محمد بْن حرب؟ فقال: ثقة وثقة. وقال أحمد العِجليّ، ويعقوب بْن شَيْبة: بقيّة ثقة عَنِ المعروفين. وقال أبو إسحاق الجوجاني: رحِم الله بقيّة، ما كَانَ يبالي إذا وجد خُرافة عمَّن يأخذه، فإذا حدَّث عن الثقات فلا بأس. قلت: شرط أن يصرّح بالإخبار ولا يَقُولُ: عَنْ فلان. فإنّه قد دلّس عَنِ ابن جُرَيج، وعن الأوزاعي بطامّات. وقال ابن عَدِيّ: ولبقيّة حديث صالح، وفي بعض رواياته يخالف الثقات، وإذا روى عَنْ أهل الشام فهو ثَبْت، وإذا روى عَنْ غيرهم خلّط كإسماعيل بْن عيّاش. وقال أحمد بْن الحَسَن التَّرْمِذيّ، عَنْ أحمد بْن حنبل: لبقيّة مناكير عَنِ الثقات. وقال حجَّاج بْن الشّاعر: سُئِل ابن عُيَيْنَة عَنْ حديثٍ مِن هذه المُلَح، فقال: أبو العَجَب: أَنَا، أبَقيّةُ بنُ الوليد أَنَا؟ وقال ابن خُزَيْمَة: لا احتجّ ببقيّة. قلت: وكان في بقيّة دُعابه وحُسن خلق. قَالَ أبو التّقيّ اليَزَنيّ: سَمِعْتُ بقية ما يَقُولُ: ما أرحمني ليوم الثلاثاء ما يصومه أحد.

وقال بركة بْن محمد الحلبي: كنَّا عند بقيّة في غُرْفة، فسمع الناس يقولون: لا لا، فأخرج رأسه مِن الطاقة وجعل يصيح معهم: لا لا؛ فقلنا: يا أبا يُحمد، سبحان الله، أنت إمام يُقتدَى بك. قَالَ: أُسْكُتْ هذه سُنَّة بلدنا. وعن قَثَم بْن أَبِي قَتَادة قَالَ: سَمِعْتُ مِن يسأل بقيّة: كيف يُقال للعروس إذا دخلت عَلَى زوجها؟ قَالَ: ما زلنا نسمع عجائز الحيّ يقُلْن: ادخلي رجْلَك اليمني عَلَى المال والبنين. وقال عطيّة بْن بقيّة: قَالَ أَبِي: دخلت على الرشيد، فقال لي: يا بقيّة، إنّي لأُحبّك؛ فقلت: ولأهل بلدي؟ قَالَ: لا، إنَّهم جُنْد سَوْءٍ، لهم كذا وكذا غَدْرَة. ثمّ قَالَ: حَدَّثَنِي، فَقُلْتُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا سَابِقُ الْعَرَبِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ الْفُرْسِ، وَصُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّومِ، وَبِلالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ"1. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: "وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلْفًا، وَثَلاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي" 2. قَالَ: فامتلأ مِن ذَلِكَ فرحًا وقال: يا غلام، ناولني الدَّوَاة. وكان القيّم بأمره الفضل بْن الربيع ومرتبته بُعَيْدَة، فناداني وقال: يا بقيّة، ناوِلْ أمير المؤمنين الدَّواة بجانبك. قلت: ناوِلْه أنت يا هامان. فقال: سَمِعْتُ ما قَالَ لي يا أمير المؤمنين؟ قَالَ: اسكتْ، فما كنت عنده هامان حتّى أكون عنده فرعون.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "8/ 131" في الكبير، و"1/ 104" في الصغير، وعبد الرزاق "20432" في مصنفه، والطبري "22/ 66" في تفسيره، وابن سعد "1/ 1/ 2" في الطبقات الكبرى، وأبو نعيم "1/ 49" في تاريخ أصفهان. 2 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "2437"، وابن ماجه "4286"، وابن أبي شيبة "11/ 471"، وابن أبي عاصم "1/ 261"، والطبراني "7250" في الكبير.

قَالَ يعقوب الفَسَويّ: بقيّة يّذْكَر بحِفْظ، إلا أنّه يشتهي المُلَح والطرائف، فيروي عَنِ الضُّعفاء. وروى عَبْد الرَّحْمَن بن الحَكَم بْن بشير، عَنْ وكيع قَالَ: ما سَمِعْتُ أحدًا أجرأ عَلَى أَنْ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِن بقيّة. قُلْتُ: قَدْ خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ حَدِيثًا تُوبِعَ فِيهِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَلَهُ نُسْخَةٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهَا: "تَرِّبُوا الْكِتَابَ"1. وَمِنْهَا: "مَنْ أَدْمَنَ عَلَى حَاجِبِهِ الْمُشْطَ عُوفِيَ مِنَ الْوَبَاءِ"2. وَمِنْهَا: "إِذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلا يَنْظُرْ إِلَى فَرْجِهَا، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى"3. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذِهِ النُّسْخَةُ كُلُّهَا مَوْضُوعَةٌ، يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةُ سَمعِهَا مِنْ إِنْسَانٍ ضَعِيفٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فدلَّس عَنْهُ. وقال أبو حاتم: لا يُحْتَجّ ببقيّة. قَالَ يزيد بْن عَبْد ربّه، وأحمد، وأبو عُبَيْد، وخليفة، وابن مُصَفَّى، وابن سعْد: توفِّي سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. وقال الوليد بْن عُتْبَة: سنة ستٌّ، وقيل: سنة ثمانٍ. 49- بكّار بْن عَبْد اللَّه بْن مُصْعَب بْنُ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْن العوّام الأسَديّ4: الأمير أبو بَكْر، وُلّي المدينةَ للرشيد اثنتي عشرة سنة وأشهُرًا. وكان بِهِ مُعْجَبًا وعنده وجيهًا، أخرج عَلَى يديه أعطية جليلة ضخمة لأهل المدينة في ثلاث مرّات، مجموع ذَلِكَ ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار. وكان يكتب إِلَيْهِ: مِن عَبْد الله هارون، إلى أبي بكر بن عبد الله. ذكر هذا ولده الزبير بن بكار.

_ 1 حديث ضعيف: أخرجه ابن ماجه "3774"، وابن أبي شيبة "9/ 33"، و"9/ 34" في مصنفه. 2 حديث موضوع: أخرجه ابن الجوزي "3/ 54" في الموضوعات، وابن حبان "1/ 202" في المجروحين. 3 حديث موضوع: أخرجه ابن عدي "2/ 507"، وابن حبان "1/ 202" في المجروحين. 4 انظر: وفيّات الأعيان "6/ 37".

ثمّ قَالَ: وكان جوادًا ممدّحًا، قويّ الولاية، متفقَّدًا لمصالح العوامّ، شديدا عَلَى المُبْتَدعَة، أمِنَت أعمالُ المدينة في أيامه. مات سنة خمسٍ وتسعين ومائة. وقد طَوّل الزُّبَيْر ترجمة أَبِيه وبالَغَ فيه. 50- بكّار بْن عَبْد الله بْن عُبَيْدة الرَّبَذيّ1: عَنْ: عمّه موسى بْن عُبَيْدة. وعنه: أبو جعفر بْن نُفَيْلٍ، ومحمد بْن مِهْران الحمّال، وحفص بْن عُمَر الْجَنَدِيّ، وأبو حُصَين الرّازيّ. ذكره ابن أَبِي حاتم. 51- بَكْر بْن سليمان: أبو يحيى البصْريّ2. عَنْ: ابن إسحاق، وغيره. وعنه: خليفة بْن خيّاط، وشهاب بْن معمّر، ومحمد بْن عبّاد الْهُذَلِيِّ. قَالَ الْبُخَارِيّ: معروف. وقال أبو حاتم: مجهول. 52- بَكْر بن سليم الصواف الطائفي ثم المدني3: عَنْ: زيد بْن أسلم، وربيعة بْن أَبِي عبد الرحمن، وأبو طوالة، وسهيل، وابن المنكدر، وأبي صخر حمدي بْن زياد. وعنه: إسحاق الخَطْميّ، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وأبو الطّاهر أحمد بْن السرْح، وآخرون. وعُمَّر دهرًا. قَالَ أبو حاتم: يُكَتب حديثه.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 409"، والميزان "1/ 341". 2 الجرح والتعديل "2/ 387"، والميزان "1/ 345". 3 الجرح والتعديل "2/ 386"، والميزان "1/ 345".

وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن عَدِيّ: ضعيف ينفرد بما لا يُتابع عَليْهِ. 53- بَكْر بْن الشَّرُود: وهو بَكْر بْن عَبْد الله بْن الشَّرُود الصّنعانيّ1. عَنْ: مَعْمَر، وسُفْيان الثَّوْريّ، ومالك، وعبد الله بْن عُمَر العُمريّ، ويحيى بْن مالك بْن أنس، وغيرهم. وعنه: محمد بْن السَّريّ العسقلانيّ، ومَيمون بْن الحَكَم، ومحمد بْن يحيى بْن جَميل، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وغيره: ضعيف. وقال ابن حِبّان: يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل. 54- بَكْر بْن يزيد الحمصيّ الطّويل2: سكن بغداد، وحدَّث عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، وأبي بَكْر بْن أَبِي مريم. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وأحمد بْن حنبل، وأبو سَعِيد الأشج. صالح الحديث. 55- بَكْر بْن النّطّاح: أبو وائل الحنفيّ البصْريّ3. شاعر بديع القول، مدح الرشيد، وغيره. ولما توفِّي رثاه أبو العَتَاهية بأبيات. 56- بَكْر بْن يونس بْن بُكَير بن واصل الشيباني الكوفي4:

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "2/ 388"، والميزان "1/ 346". 2 الجرح والتعديل "2/ 394"، والثقات لابن حبان "8/ 146". 3 تاريخ بغداد "7/ 90"، معجم الدباء "3/ 92". 4 الجرح والتعديل "2/ 393"، والتهذيب "1/ 488".

عَنْ: موسى بْن عليّ بْن رباح، وعبد الله بْن لَهِيعة. وعنه: أبو كُرَيْب، وعُبَيْد بْن يَعِيش. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لا يُتابع عَليْهِ. 57- بَهْز بْن أسد: أبو الأسود العمي البصري1، أخو مُعَلَّى بْن أسد. ثقة مشهور. يروى عَنْ: شُعْبَة، ويزيد بْن إبراهيم التُّسْتَرِيّ، وأبي بَكْر بْن النَّسَائيّ. وعنه: أحمد بْن حنبل، وبُنْدار، وأحمد بْن سِنان، وعبد الرَّحْمَن بْن هاشم الطُّوسيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر العبْديّ، وآخرون. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن بِشْر: ما رَأَيْت رجلا خيرًا منه. يقال: مات سنة سبع وتسعين ومائة. حرف التاء: 58- تَلِيد بْن سليمان المُحَاربيّ الكوفي2: عن: أبي الجحاف داوود، وعبد المُلْك بْن عُمَير، وعطاء بْن السّائب، وجماعة. وعنه: أحمد بْن حنبل، وإسحاق بْن موسى، وابن نُمير، وأبو سَعِيد الأشجّ. قَالَ أحمد بْن حنبل: كَانَ مذهبه التشيّع، ولم نر به بأسًا. وقال داوود وغيره: رافضي خبيث. وقال يحيى بْن مَعِين: قَعَد مَعَ مولى لعثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فتذاكروا أمر عثمان، فتناوله تَلِيد، فقام إليه المولى فرماه مِن أعلى سطحٍ، فانكسرت رِجْلُه، فكان يمشي عَلَى عصا. وكان مقيمًا ببغداد، سَمِعْتُ منه وليس بشيء.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 431"، والميزان "1/ 353". 2 انظر: الجرح والتعديل "2/ 447"، والميزان "1/ 358".

وكذا ضعَّفه ابن عَدِيّ. وكذَّبه الْجَوْزَجانيّ. حرف الجيم: 59- الجرّاج بْن مليح: أبو عَبْد الرَّحْمَن البهراني الحمصي1. عن: الزبيدي، وحجاد بْن أرطأة، وبكر بْن زُرْعة، وغيرهم. وعنه: الحَسَن بْن خُمَير الحَرازيّ، وهشام بْن عمّار، وسليمان ابن بِنْت شُرَحْبِيل، وموسى بْن أيّوب النَّصيبيّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابن مَعِين: لا أعرفه. وقوّاه النَّسَائيّ. حرف الحاء: 60- الحارث بْن مرّة بْن مُجّاعة الحنفي اليماني2: أبو مرة. قدِمَ بغداد، وحدَّث عَنْ: كُلَيْب بْن منفعة، ويزيد الرقاشيّ، وجماعة فيهم نَكارة وجَهَالة. وعنه: ابن المَدِينيّ، وأحمد، ونصر بْن عليّ، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ويحيى بْن أكثم، وَآخَرُونَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. قلت: روى لَهُ أبو داوود حديثًا عن كليب، عن جده.

_ 1 الجرح والتعديل "2/ 523، 524"، والميزان "1/ 390". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 90"، والتهذيب "2/ 156".

61- الحارث بْن عُبَيْدة: أبو وهْب الكَلاعيّ الحمصيّ1، قاضي حمص. روى عَنْ: هشام بْن عُرْوة، ومحمد بْن الوليد الزُّبَيْديّ، وسعيد بن غزوان، والعلاء بن عتبة، وإسماعيل بن رافع، وغيرهم. وعنه: يزيد بن عبد ربه، وعبد الله بن عبد الجبار الخبايري، وعمرو بن عثمان، وآخرون. وَقِيلَ: أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وقد فرق بينه وبين صاحب ابن خثيم أبو عَبْد الله الْبُخَارِيّ. وقال أبو حاتم: هما واحد. قَالَ: وليس بالقويّ. وقال الدّارَقُطْنيّ: ضعيف. 62- حَجَّاج بْن سليمان الرُّعَيْنيّ2: أبو الأزهر الْمَصْرِيّ، ويُعرف بابن القَمْريّ. روى عَنْ: حَرْملة بْن عِمران، وَاللَّيْثِ، ومالك، وابن لَهِيعَة. وعنه: محمد بن سلمة المرادي، وغيره. قال ابن يونس: في حديثه خطأ ومناكير. توفِّي فجأة على حماره سنة سبع وتسعين ومائة. 63- حجاج بن سليمان الحضرمي المصري3: أبو الأسود. روى أيضا عَنْ: اللَّيْثُ، ومالك، وغيرهما. وعنه: ابنه محمد.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 81، 82"، والميزان "1/ 438". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 162"، والميزان "1/ 462، 463". 3 من علماء مصر الأفاضل، انظر "حسن المحاضرة" للسيوطي.

64- حُذيفة المَرْعشيّ1: الزّاهد القُدْوَة، صاحب سُفْيان الثَّوْريّ. سيأتي بعد المائتين. 65- الحسن بن حيب بن ندبة2: أبو سعد البصري. عَنْ: زكريّا بْن أَبِي زائدة، وأبي خَلْدة خَالِد بْن دينار، وهشام بْن عُروة، وجماعة. وعنه: يعقوب الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن المثنَّى، وعليّ بْن الحسين الدَّرْهميّ، وجماعة. قَالَ أحمد: ما بِهِ بأس. قلت: توفِّي سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. 66- الحَسَن بْن عليّ بْن عاصم بْن صُهَيْب الواسطيّ3: مات قبل والده، وقد أدرك التّابعين. وروى عَنْ: أيمن بْن نابل، وعن الأوزاعيّ. روى عنه: أخوه عاصم بن علي، وأحمد بن حنبل. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. 67- الحَسَن بْن محمد البلْخيّ4: الفقيه أبو محمد، قاضي مَرْو. متروك الحديث. روى عَنْ: حُمَيْد الطويل، وعوف الأعرابيّ، وهشام بن حسان.

_ 1 ستأتي الترجمة له. 2 الجرح والتعديل "3/ 8"، والتهذيب "2/ 261". 3 تاريخ بغداد "7/ 363"، والميزان "1/ 504". 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 35"، والميزان "1/ 519، 520".

وعنه: وراث بن الفضل، وإبراهيم بْن مهديّ، وأحمد بْن عَبْد الله الفِرْيانانيّ، وغيرهم. قَالَ ابن عَدِيّ: كل أحاديثه مناكير. - الحَسَن بْن هانئ: أبو نُوَاس، في الكُنَى. 68- الحَسَن بْن يحيى الخُشَنيّ الدّمشقيّ الغُوطيّ البَلاطيّ1: أبو عبد المُلْك. عَنْ: زيد بْن واقد، وهشام بْن عُرْوة، وابن جُرَيج، وعمر بْن قيس، والأوزاعي، وغيرهم. وعنه: سليمان بن عَبْد الرَّحْمَن، وهشام بْن عمّار، والحكم بْن موسى، وهشام بْن خَالِد الأزرق، وآخرون. قَالَ دُحَيْم: لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ سيء الحِفْظ. وقال النَّسَائيّ وغيره: لَيْسَ بثقة. وقال الدّارَقُطْنيّ: متروك. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء. قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا الحسن بن يحيى، نا بِشْرُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: أَقْبَلَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ حَتَّى وقَفَ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَبْنِي مَسْجِدَنَا هذا -يعني: مسجد البلاط- فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ له بيتًا في الجنَّة أفضل منه" 2.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 44"، والميزان "1/ 524". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 122"، ومسلم "2984"، والترمذي "318"، وابن ماجه "736".

69- الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ1: أَبُو عَبْدِ الله العلوي الكوفي، أحد الأشراف النبلاء. روى عَنْ: أَبِيه، وعن عمّه أَبِي جعفر الباقر، وإسماعيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وابن جُرَيج، وجعفر بْن محمد. وعنه: أبو مُصْعَب الزُّهْرِيّ، ونُعَيْم بْن حمَّاد، وإسحاق بْن موسى الخَطْميّ، وعبَّاد بْن يعقوب، وسعيد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزومي. قَالَ ابن عَدِيّ: وجدت في حديثه بعض النّكْرة، وأرجو أنّه لا بأس بِهِ. قلت: كَانَ شيخ الطالبيّة في عصره. أحسبه عاش بضعًا وثمانين سنة. 70- حفص بْن نبيل المرهبي الهمداني2: روى عن: الثوري، وزائدة، وداوود الطّائيّ. وعنه: أبو كريب، وأحمد بن بديل، وجماعة. محله الصدق. 71- حفص بن عبد الرحمن: الإمام أبو عمر البلخي، الفقيه المشهور بالنَّيْسابوريّ3. أحد الأعلام. روى عَنْ: عاصم الأحول، وداوود بْن أَبِي هند، وابن عَوْن، وأبي حنيفة، وابن أَبِي عَرُوبة، وسُفْيان الثَّوْريّ، وعيسى بْن طهمان، وإسرائيل، وطائفة. وعنه: الحسين بْن منصور، ومحمد بْن رافع القُشَيْريّ، وَسَلَمَةُ بْن شبيب، ومحمد بْن عقيل الخُزاعيّ، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ، وإبراهيم بْن عَبْد الله السَّعْديّ، وإسحاق بْن عَبْد الله بْن رَزِين، وعلي بْن الحسن الذهلي، وخلق.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 53"، والتهذيب "2/ 339". 2 لم نقف عليه. 3 الجرح والتعديل "3/ 176"، والتهذيب "2/ 404، 405".

قَالَ الحاكم: كَانَ أَبُوهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن عمر بْن فَرُّوخ بْن فَضَالَةَ البلْخيّ قد وُلّي قضاء نَيْسابور في أيام قُتَيْبة بْن مسلم الباهلي الأمر، وهو في الكوفة. وحفص هذا أفقه أصحاب أَبِي حنيفة الخُراسانيّة، وكان ولي القضاء ثمّ ندِمَ وأقبل عَلَى العبادة. وكان ابن المبارك يزوره. وقال فيه ابن المبارك: هذا اجتمع فيه الفقه والوقار والورع. قَالَ الحاكم: سكّة حفص بنيسابور منسوية إليه. وكان أبو عبد الله الْبُخَارِيّ إذا قدِمَ نَيْسابور يحدِّث في مسجده. قلت: ثمّ ساق لَهُ الحاكم عدّة أحاديث غرائب وأفراد. وقد احتجّ بِهِ النَّسَائيّ. وقال أبو حاتم: مضطّرب الحديث. قَالَ إبراهيم بْن حفص: مات أَبِي في ذي القعدة سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 72- حفص بْن عمر: الإمام أبو عِمران الرّازيّ الواسطيّ1، نزيل البصرة. عَنْ: العَوّام بْن حَوْشَب، وَقُرَّةَ بْن خَالِد، وعبد الحميد بْن جعفر، وابن المبارك. وعنه: حفص الرَّبَاليّ، والعلاء بن سالم الطبري. قال أبو حاتم والدارقطني: ضعيف. وقال الْبُخَارِيّ: يتكلَّمون فيه. قَالَ ابن عَدِيّ: لَيْسَ بِهِ حديث مُنْكَر المتن. ومنهم مِن يفرِّق بين الرّازيّ وبين الواسطي، ولا فرق. 73- حفص بن غياث بن طلق2:

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 180، 181"، والتهذيب "2/ 413، 414". 2 انظر: الميزان "1/ 567، 568"، السير "9/ 22، 34".

الإمام أبو عمر النخعي القاضي، أحد الأعلام. مولده سنة سبْعَ عشرة ومائة. وروى عَنْ: جَدّه طَلْق بْن معاوية، وعن عاصم الحول، وليث بْن أَبِي سُلَيْم، وهشام بْن عُرْوة، والأعمش، وداوود بْن أَبِي هند، وأبي إِسْحَاق الشَّيْبانيّ، وأبن أَبِي خَالِد، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وخلْق سواهم. وعنه: ابنه عُمَر بْن حفص، وأحْمَد بْن حنبل، وإسحاق، وابن المَدِينيّ، والحسن بْن حمّاد سَجّادة، وأبو بَكْر بْن أَبِي شيبة، وأخوه عثمان، وعَمُرو الناقد، ومحمد بْن مُثَنَّى، ويعقوب الدَّوْرقيّ، ويحيى بْن مَعِين، والحسن بْن عَرَفَة، وأحمد العُطارديّ، وخلْق. وقد وُلّي قضاء الجانب الشرقيّ ببغداد، ثمّ بُعِثَ عَلَى قضاء الكوفة بعد شَرِيك. روى عَبَّاس، عَنِ ابن مَعِين: حفص أثبت مِن عَبْد الواحد بْن زياد، وهو أثبت مِن عَبْد الله بْن إدريس. وقال العِجْليّ وغيره: ثقة، مأمون، فقيه. وقال داوود بْن رُشَيد: حفص كثير الغلط. وقال يعقوب بْن شَيْبة: هُوَ ثَبْتٌ إذا حدَّث مِن كتابه ويُتَّقَى بعض حِفْظه. وقال ابن عمَّار: عِسرٌ في الحديث جدًّا. روى سَعِيد بْن سعيد الجاري، عن طلْق بْن غنّام قَالَ: خرجت مَعَ حفص بْن غِياث في زُقاق، فأتت امرَأَة حسناء. فقالت: أيها القاضي زوّجني، فإنّ إخوتي يضرّون بي. فالتفت إليَّ فقال: يا طلْق اذهب فزوِّجها إنّ كَانَ الَّذِي يخطبها كَفُؤًا، فإن كَانَ يسكر مِن النّبيذ أو رافضيًا فلا تزوّجْه، فإنَّ الَّذِي يسكر يطلِّق وهو لا يدري، والرافضي فالطلاق عنده واحد1. وقيل: إنَّ أبا يوسف القاضي قَالَ لأصحابه: تعالَوا نكتب نوادر حفص بْن غياث في القضاء.

_ 1 تاريخ بغداد "8/ 193، 194".

فلمَّا وردت أحكامُه عَلَى أَبِي يوسف قِيلَ لَهُ: فأين النوادر التي زعمت؟ قَالَ: ويْحكم، إنّ حَفْصًا أراد الله فوفّقه. وقال أحمد بن زهير: نا محمد بْن زيد: سَمِعْتُ حفص بْن غياث قَالَ: كنَّا ببغداد يجيئنا أصحاب الحديث، فيقول لهم ابن إدريس: عليكم بالشِّعْر والعربيّة. فقلت: ألَا تتّقي الله؟ قوم يطلبون آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تأمرهم يطلبون هذا، لئن عُدت لأسوءنَّك1. قَالَ بِشْر الحافي: قَالَ حفص بْن غِياث: لو رَأَيْت أنِّي أُسُرٌ بما أَنَا فيه لهلكت. ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، نَا أبي قال: سمعت عمر بن حص قَالَ: لما احتضر أَبِي بكيت، فقال: ما يُبكيك؟ قلت: لفراقك ولد خولك في هذا الأمر. قَالَ: لا تبكِ، فما حللت سراويلي عَلَى حرام، ولا جلس إليّ خصمان، فباليت مِن توجّه لَهُ الحَكَم2. قَالَ حفص: مرض أبي خمسة عشر يومًا، فردّ معي مائة درهم إلى العامل قال: هذه لا حظَّ لي فيها، لم أحكم هذه الأيام. قَالَ يحيى القطّان: هُوَ أوثق أصحاب الأعمش. وقال ابن مَعِين: جميع ما حدَّث بِهِ حفص بْن غياث ببغداد وبالكوفة إنّما هُوَ مِن حفظه، ولم يُخْرج كتابًا. كتبوا عَنْه ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف حديث. وقال إبرايهم بْن مهديّ: سَمِعْتُ حفْصًا يَقُولُ لرجل يسأله عَنْ مسائل القضاء: لعلك تريد أن تكون قاضيًا؛ لَأَن يُدخل الرجلُ إصبَعه فيقلع عينه خيرٌ مِن أن يكون قاضيًا3. قال أبو جعفر المسنديّ: كَانَ حفص بْن غياث مِن أسخى العرب. وكان يَقُولُ: مِن لم يأكل طعامي لا أحدّثه. وإذا كَانَ لَهُ يوم ضيافة لا يبقى رأس في الرواسين.

_ 1، 2 تاريخ بغداد "8/ 190". 3 السابق.

قَالَ الحَسَن سَجّادة: كَانَ يُقال: ختم القُضاةَ حفصُ بْنُ غياث. وقال حفص: والله مَا وُلِّيتُ الْقَضَاءَ حَتَّى حَلَّتْ لِيَ الْمَيْتَةُ. ومات وعليه تسعمائة درهم. قَالَ أحْمَد بْن حنبل: رَأَيْت مقدَّم فم حفص، مضبَّبة أسنانُه بذَهَب. أَخْبَرَنَا المؤمّل البالِسيّ إجازة: أَنَا الكِنْديّ، أَنَا القزّاز، أَنَا أَبُو بَكْر الخطيب، أَنَا العشامي، أَنَا عليّ بْن عُمَر، أَنَا ابن مَخْلَد، سَمِعْتُ عَبْد الله بْن أحمد، سَمِعْتُ أبا مَعْمَر يَقُولُ: لما جيء بحفص بْن غِياث وابن إدريس ووكيع إلى القضاء طرّي حفصُ خضابَه حين قُرب إلى بغداد، فالتفت ابن إدريس إلى وكيع: أمّا هذا فقد قَبِلَ. قَالَ ابن أَبِي شيبة: ولي القضاء ببغداد سنتين، وولي بالكوفة ثلاث عشرة سنة. قال أبو داوود: كَانَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مهديّ لا يقدّم بعد الكِبار مِن أصحاب الأعمش غير حفص بْن غِياث، وقال حفص. قلت: مات في آخر سنة أربعٍ وتسعين ومائة، وفي هذا العام أرَّخه أحمد بْن عَبْد الجبّار، وجماعة. قَالَ سَلْم بْن جنادة: سنة خمسٍ وتسعين، وقيل: سنة ستٌّ، والأوّل الصحيح. 74- الحَكَم بْن أيّوب العبْديّ1: مولاهم الأصبهاني الفقيه، أبو محمد، مِن كبار أهل بلده. روى عَنْ: سَعِيد بْن أبي عَرُوبة، والثَّوْريّ، وزُفَر بْن الهّذَيل، وإسرائيل بْن يونس. روى عَنْهُ: محمد بْن المغيرة، وغيره. وحفيده هُوَ محمد بْن أحمد بْن الحَكَم الأصبهاني، مِن مشيخة أبي الشَّيْخ. 75- الحكم بن بشير2: حدَّث عَنْ: أَبِيه، وعمرو بْن قيس المُلائي، وخلاد بن عيسى الصفار.

_ 1 تاريخ أصبهان "1/ 297". 2 الجرح والتعديل "3/ 114"، والتهذيب "2/ 424".

وعنه: إبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن زُنَيْج، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَمُوسَى بْنُ نَصْرٍ الرَّازِيُّونَ. وكان مِن علماء الرَّيّ. قَالَ أبو حاتم: صدوق. 76- أبو مطيع البلْخيّ: هُوَ الحَكَم بْن عبد الله الفقيه1. صاحب كتاب الفقه الأكبر، تفقَّه بأبي حنيفة وروى عَنْهُ. وعن: ابن عَوْن، وهشام بْن حسّان، وعُبَيْد الله بْن عُمَر، وعبد الرَّحْمَن بْن حَرْمَلَة، وأبي الأشهب جعفر العُطارِديّ، وإبراهيم بْن طهمان، والحسن بْن دينار، وطبقتهم. وتفقَّه بِهِ أهل خُرَاسان، وولى قضاء بلخ، وكان بصيرًا بالرأي، حافظًا للمسائل. كَانَ ابن المبارك يعظّمه ويُجلُّه. روى عَنْهُ: أحمد بْن منيع، وأيّوب بْن الحَسَن الفقيه، وعقيق بْن محمد، وعليّ بْن الحسين الذُّهْليّ، ونصر بْن زياد، والخُراسانيّون. وقدِم بغدادَ مرّات. قَالَ محمد بْن الفُضَيْل البلْخيّ: سَمِعْتُ حاتمًا السَّقَطيّ: سَمِعْتُ ابن المبارك يَقُولُ: أبو مطيع لَهُ المنَّة عَلَى جميع أهل الدنيا. قلتُ: حاتم لا يُعرف، وما اعتقد في ابن المبارك أنّه يُطلق مثل هذه العبارة. قَالَ محمد بْن الفُضَيْل البلْخيّ: وقال حاتم: قَالَ مالك بْن أنس لرجل: مِن أَيْنَ أنت؟ قَالَ: مِن بلْخ. قَالَ: قاضيكم أبو مطيع، إنّه قام مقام الأنبياء2. قَالَ محمد بْن الفُضَيْل: سَمِعْتُ عَبْد الله بْن محمد العابد يَقُولُ: جاء كتابٌ -يعني: مِن الخلافة- وفيه لوليّ العهد: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] ليقرأ على الناس.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 121، 122"، والميزان "1/ 574". 2 تاريخ بغداد "8/ 224".

فسمع أبو مطيع فدخل عَلَى الوالي وقال: بلغ مِن خطر الدنيا أنّا نكفر بسببها. وكرَّر هذا مرارًا, حتى أبكى الأمير وقال لَهُ: إنّي معك ولكن لا أجترئ بالكلام. فتكلِّم وكنْ منّي آمنًا1. وكان أبو مطيع قاضيًا، فذهب الناس إلى الجمعة، وذهب أبو مُعَاذ متقلَّدًا سيفًا. وأخَّر يوم الجمعة، فارتقى أبو مجيع المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ أخذ لحيته وبكى وقال: يا معشر المسلمين، بلغ مِن خطر الدنيا أن تجرَّ إلى الْكُفْرِ. من قال: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} لغير يحيى بْن زكريّا فهو كافر. قَالَ: فرجّ أهل المسجد بالبكاء، وهرب اللّذان أتيا بالكتاب. وعن النضر بْن شُمَيْلٍ، قَالَ أبو مطيع: نزل الإيمان والإسلام في القرآن عَلَى وجهين، وهو عندي عَلَى وجهٍ واحد، فقلت لَهُ: ممّن ترى الغلط، منك، أم مِن الرَّسُول -عَليْهِ السلام، أو مِن جبريل، أو مِن الله تعالى؟ فبقي باهتًا2. وقد كَانَ أبو مطيع فيما نقل الخطيب مِن رءوس المُرْجِئة. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ أَبِي مطيع فقال: لا ينبغي أن يُروى عَنْهُ. ذكروا عَنْهُ أنّه كَانَ يَقُولُ: الجنّة والنّار خُلِقتا وسَتَفْنَيان، وهذا كلام جَهْم3. وقال ابن مَعِين: هُوَ ضعيف. وقال أبو داوود: تركوا حديثه، كَانَ جَهْميًا. قلت: وممّن روى عنه: محمد بن القاسم البلخي، وخلاد بْن أسلم الصَّفّار، ومحمد بْن يزيد السُّلَميّ. ومات سنة تسعٍ وتسعين ومائة، وله أربعٌ وثمانون سنة. 77- الحَكَم بْن عَبْد الله: أبو النعمان البصري4. عن: سعيد بن أبي عروبة، وشعبة.

_ 1 نفس المصدر السابق. 2 تاريخ بغداد "8/ 225". 3 يعني: الضال المضل جهم بن صفوان -قبَّحه الله. 4 انظر: الجرح والتعديل "3/ 122"، والتهذيب "2/ 429".

وعنه: أحمد بْن محمد البزّي، ومحمد بْن المِنْهال، ومحمد بْن المثنَّى، وأبو قُدامة السَّرْخَسيّ، وغيرهم. وكان ثِقةً من الحفَّاظ. مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة. 78- الْحَكَمُ بنُ مروان الكوفيّ1: أبو محمد. قَالَ الخطيب: حدَّث عَنْ: كامل أبي العلاء، وأزهر بْن سِنان، وفُرات بْن السّائب، وزُهير بْن معاوية. وعنه: أحمد بْن حنبل، وعبد الله بن محمد بْن أيّوب المخرميّ، والعبّاس بْن الفضل، ورُشَيد الطَّبَريّ. قَالَ أبو حاتم: لا بأس بِهِ. وقال ابن مَعِين: ضرير لَيْسَ بِهِ بأس. 79- حماد بن خالد الخياط2 المدني: عن: ابن أَبِي ذئب، ومعاوية بن صالح، وأفلح بن حُمَيْد. وَعَنْهُ: ابن معين، وَأَحْمَد بن حنبل، والحسن الزعفراني، وإسحاق بن بهلول. وكان أميًّا لا يكتب، بل كَانَ يتحفَّظ، وَهُوَ صدوق. قَالَ أحمد: كان حافظًا. 80- حمَّاد بن دليل المدائني3: قاضي المدائي، نزل مَكَّة وترك القضاء وصار يتجر. رَوَى عن: أَبِي حنيفة، وَالحَسَن بن عمارة، وسفيان الثوري. وعنه: الحميدي، وأسد بن موسى، وأحمد بن أبي الحواري. وثَّقه يحيى بن معين.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 129"، والميزان "1/ 579". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 136"، والتهذيب "3/ 7". 3 الجرح والتعديل "3/ 136"، والتهذيب "3/ 8".

81- حمَّاد بن واقد الصفار1: شيخ بصري. عن: ثابت البناني، وابن التياح، وأبان بن أَبِي عَيَّاش، وَعَبْد العزيز بن صهيب. وَعَنْهُ: أحمد بن المقدام، وَبِشْر بن معاذ، وَعُمَر بن شبه، وحفص الربالي، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر رُسْتة، وَمُحَمَّد بْن عَبْد الله الأرزي، وابنه فطر بن حَمَّاد الصَّفَّار. قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ معين: ضعيف. 82- حُمَيْد بْن حمّاد بْن خَوَار2: ويقال: ابن أبي الخُوَار، أبو الْجَهْم الكوفيّ. عَنْ: حمَّاد بْن أبي سليمان الفقيه، وسماك بْن حرب، والأعمش، وجماعة. وعنه: زيد بْن الحبا، وَأَبُو كُرَيْب، ومحمد بْن مَعْمَر البَحْرانيّ، ومحمود بن غيلان. ضعَّفه أبو داوود. وقال أبو حاتم: يُكَتب حديثه. 83- حنان بْن سَدِير الصَّيْرفيّ3: عَنْ: جعفر بْن محمد، وأُمَيّ الصَّيْرفيّ، وعَمْرو بْن قيس المُلائيّ، ومحمد بْن طلحة بْن مُصَرَّف. وعنه: العلاء بْن عَمْرو الحنفيّ، وعلي بْن محمد الطّنافسيّ، ومحمد بْن ثواب الهباربي، وعيسى بْن سَعِيد الرّازيّ، ومحمد بْن الْجُنيَد العابد. وثَّقه ابن حبان.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 150"، والتهذيب "3/ 21". 2 الجرح والتعديل "3/ 220"، والتهذيب "3/ 37". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 299"، ولسان الميزان "2/ 376".

حرف الخاء: 84- خالد بن حيان1: أبو يزيد الكندي مولاهم الخراز، مُهْمَل الأوسط. عَنْ: سالم بْن أَبِي المهاجر، وعليّ بْن عُرْوة الدّمشقيّ، وجعفر بْن بُرْقان. وعنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو كُرَيْب، وابن عَرَفَة. قَالَ النَّسَائيّ: لَيْسَ بِهِ بأس. مات بالرَّقَّة في ذي القِعْدة سنة إحدى وتسعين. وقال أحمد: لم يكن به بأس، كتبت عنه غرائب. ووثَّقه ابن معين. وأمَّا الفلاس فقال: ضعيف. 85- خَالِد بْن سليمان: أبو مُعَاذ البلْخيّ2، فقيه أهل بلْخ. مات سنة تسع وتسعين ومائة، كذا وجدته. 86- خَالِد بْن عَمْرو الْقُرَشِيّ الأمويّ الكوفيّ3: أبو سَعِيد، أحد المتروكين. عَنْ: هشام الدَّسْتُوائيّ، وسُفْيان الثَّوْريّ. وعنه: يوسف بْن عَدِيّ، وأبو عُبَيْد القاسم. قَالَ أحمد: متروك الحديث. وقال صالح جَزْرَة: كَانَ يضع الحديث. وقال ابن مَعِين: لَيْسَ بشيء.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 326"، والميزان "1/ 629"، والتهذيب "3/ 84، 85". 2 انظر: الجرح والتعديل "3/ 335"، والميزان "1/ 631". 3 الجرح والتعديل "3/ 343"، والميزان "1/ 635، 636".

وقال الْبُخَارِيّ: مُنْكَر الحديث. وهو مذكور أيضًا بعد المائتين. 87- خَالِد بْن يزيد العَتَكّي: أبو يزيد البصْريّ اللُّؤلؤيّ1. عَنْ: أَبِي جعفر الرّازيّ، وورقاء اليشْكُريّ. وعنه: أبو حفص الفلاس، ونصر الْجَهْضَميّ. قَالَ أبو زُرْعَة: لَيْسَ بِهِ بأس. 88- خَلَف بْن أيّوب العامريّ البلْخيّ2: أبو سعيد. مِن علماء أهل بلْخ. روى عَنْ: عوف الأعرابيّ، ومَعْمَر بْن راشد، وإسرائيل، وقيس بْن الربيع. وعنه: أحمد بْن حنبل، وزكريّا بْن يحيى اللؤلؤيّ، وأبو كُرَيْب، ومحمد بْن مقاتل المَرْوَزِيّ، وطائفة. ذكره ابن حِبّان في الثقات وقال: كَانَ مُرْجِئًا غاليًا يبغض مِن ينتحل السُّنَن. وقال ابن مَعِين: ضعيف. قلت: هُوَ معَادٌ في طبقة مكّيّ بْن إبراهيم البلْخيّ، والذي تحر لي أنه يحول من هناك ومن هناك، فيُقرَّر في طبقة الشّافعيّ -رحمه الله. 89- الخليل بْن أحمد بْن بِشْر بْن المستنير السُّلَميّ البصري3: قثليل الرؤية. سَمِعَ: المستنير بْن أخضر بْن معاوية بن قرة.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 361"، والسير "9/ 415". 2 الجرح والتعديل "3/ 370"، والتهذيب "3/ 147، 148". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 380"، والتهذيب "3/ 164-166".

وعنه: محمد بْن أَبِي سمينة، وإبراهيم بْن محمد بْن عَرْعَرَة، والعبّاس العنبريّ، وعبد الله بْن محمد الْجُعْفيّ. وثّقه ابن حِبّان. 90- خيران بْن العلاء الكَيْسانيّ الأصمّ1: عَنْ: الأوزاعي، وحمّاد بْن سَلَمَةَ. وعنه: عَبْد العزيز الأويْسيّ، وعليّ بْن حُجْر، وأحمد بْن عيسى التُّسْتَرِيّ. سكن مصر وروى اليسير. حرف الراء: 91- رِبْعيّ بْن إبراهيم الأسَديّ: أبو الحَسَن البصْريّ2، أخو الإمام إسماعيل بن علية لأبويه. عن: داوود بْن أَبِي هند، وسعيد بْن مسروق، ويونس بْن عُبَيْد، وعوف الأعرابيّ. وعنه: أحمد بْن حنبل، وأحمد بْن إبراهيم الدَّوْرقيّ، ومحمد بْن المثنَّى، وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر النَّيْسابوريّ، والحسن الزَّعْفرانيّ، وآخرون. وحدَّث عَنْهُ مِن القدماء عَبْد الرحمن بْن مهديّ، وقال: كنّا نَعُدُّه مِن بقايا شيوخنا. وقال أحمد الدَّوْرقيّ: كَانَ يفضَّل عَلَى أخيه إسماعيل. وقال يحيى بْن مَعِين: ثقة مأمون. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْكَاتِبُ، أَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَنَا الْخُلَعِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَعْرَابِيِّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، نا ربعي بن علية، عن داوود بن أبي هند، عن عامر،

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 405"، والميزان "1/ 669". 2 الجرح والتعديل "3/ 409، 410"، والتهذيب "3/ 336".

عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: جَاءَ بِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يا رسول الله، اشهد إِنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا، قَالَ: "كُلُّ بَنِيكَ نَحَلْتَ مِثْلَ الَّذِي نَحَلْتَ النُّعْمَانَ"؟ قَالَ: لا. قَالَ: "فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً"؟ قَالَ: بَلَى! قَالَ: "فَلا إِذًا" 1. هَذَا حَدِيثٌ مخرَّج فِي الصِّحَاحِ، مِنْ طريق حصين، وداوود بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَجَمَاعَةٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ. مات رِبْعيّ سنة سبْعٍ وتسعين ومائة. 92- ريْحان بْن سَعِيد بْن الْمُثَنَّى الشاميّ2: شيخ بصْريّ. عَنْ: عبّاد بْن منصور. وعنه: أبو خَيْثَمَة، وأبو بَكْر بْن أبي شيبة، وإبراهيم بْن سَعِيد الجوهريّ. قَالَ يحيى بْن مَعِين: ما أرى بِهِ بأسًا. حرف الزاي: 93- زاجر بْن الصَّلْت الطاحي النَّمِريّ3: عَنْ: الحارث بْن مالك، وجماعة. وعنه: أبو حفص الفلاس، ومحمد بْن مِهران الجمّال، وعثمان بْن أَبِي شَيبة، ومحمد بْن مرزوق الْبَاهِلِيَّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لا بَأْسَ بِهِ.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مالك "752" في الموطأ، والبخاري "3/ 206"، ومسلم "1623"، والترمذي "2586"، وابن ماجه "2376"، وأحمد "4/ 271-273". 2 الجرح والتعديل "3/ 517"، والميزان "2/ 62". 3 انظر: الجرح والتعديل "3/ 620، 621"، والثقات لابن حبان "4/ 269".

94- زياد بْن الحَسَن بْن الفُرات التّميميّ الكوفيّ القزاز1: روى عن: جده فرات القزاز، وأبان بن تَغْلِب، ومِسْعَر. وعنه: أبو سَعِيد الأشجّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَبْدُ الله بْن بَرَّاد الأشعريّ، وجماعة. ذكره ابن حِبّان في الثَّقات. 95- زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن زهير بْن ناشرة2. الفقيه الأندلسيّ شَبَطُون اللَّخْميّ، عالم الأندلس، وتلميذ مالك. كَانَ أوَّل مِن أدخل مذهب مالك إلى الجزيرة الأندلُسيّة، وقبل ذَلِكَ كانوا يتفقَّهون للأوزاعي، وغيره. قَالَ ابن القاسم الفقيه: سمعتُ زيادًا فقيه الأندلس يسأل مالكًا. قلت: وعليه تفقَّه يحيى بْن يحيى اللَّيْثي قبل أن يرحل. وسمع زيادًا مِن معاوية بْن صالح وتزوّج بابنته، وحدَّث عنه، وعن: مالك، والليث، وسليمان بْن بلال، ويحيى بْن أيّوب، وموسى بْن عليّ بْن رباح، وأبي مَعْشَر السّنْديّ، وطبقتهم. وكان أحد النُّسَّاك الوَرِعين. أراده هشام صاحب الأندلس عَلَى القضاء فأبى وهرب. وكان هشام يُكْرِمه ويحترمه ويسأله. قَالَ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ: كنَّا جُلُوسًا عَنْدَ زِيَادٍ؛ إِذْ جَاءَ كِتَابٌ مِنْ بَعْضِ الْمُلُوكِ، فَكَتَبَ فِيهِ وَخَتَمَهُ، فَذَهَبَ بِهِ الرَّسُولُ. فَقَالَ لَنَا زِيَادٌ: أتدرون عمَّا يسأل هذا؟ سأل عَنْ كفَّتي الْمِيزَانِ، أَمِنْ ذَهَبٍ هِيَ أَمْ مِنْ فِضَّةٍ؟ فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ: ثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يعنيه" 3.

_ 1 الجرح والتعديل "3/ 529"، والتهذيب "3/ 362". 2 انظر: وفيات الأعيان "6/ 143، 144". 3 حديث صحيح: أخرجه مالك "1629"، والترمذي "9/ 24"، وابن ماجه "3976".

وكان الأمير هشام يَقُولُ: صحبتُ الناس وبَلَوْتُهُم، فما رَأَيْت رجلا يُسِرّ الزُّهْد أكثر ممّا يُظْهِر إلا زياد بْن عَبْد الرَّحْمَن. قَالَ ابن يونس: كنية زياد أبو عَبْد الله. توفِّي سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة. قَالَ: وقيل: مات سنة تسعٍ وتسعين ومائة. 96- زيد بْن الحسن القرشي الكوفي1: أبو الحسين صاحب الأنماط. روى: عَنْ جعفر بْن محمد، وعليّ بْن المبارك الهُنائيّ، ومعروف بْن خَرَّبُوذ. وعنه: عليّ بْن المَدِينيّ، وابن رَاهَوَيْه، ونصر الوشّاء، وسَعْدُوَيْه. قَالَ أبو حاتم: مُنْكَر الحديث. وذكره ابن حِبّان في الثَّقات. 97- زيد بْن أبي الزرقاء الموصلي2: أبو محمد. روى عَنْ: جعفر بن بُرْقان، وعيسى بْن طَهْمان، وشُعْبَة، وعدّة. وعنه: عليّ بْن سهل، وأبو عُمَير عيسى الرَّمليّان، ومحمد بْن عَبْد الله بْن عمَّار، وسعيد بن أسد بْن موسى، وابنه هارون بْن زيد. قَالَ ابن مَعِين: لَيْسَ بِهِ بأس، كَانَ عنده جامع سُفْيان عَنْهُ. قلت: سكن الرملة قبلَّ موته سنة، وكان أحد العبَّاد والنسَّاك مِن أصدقاء الُمَعافَى بْن عِمران. ويُقال: إنّه غزا فأُسِرَ ومات في الأسر. مات سنة سبْعٍ وتسعين ومائة، وقيل: مات سنة أربعٍ وتسعين ومائة.

_ 1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 560"، والتهذيب "3/ 406". 2 الجرح والتعديل "3/ 575"، والسير "9/ 316، 317".

العِلم، فمضى إِلَى درس الفقيه أَبِي بَكْر الطُّوسي، فلازمه حَتَّى فرغ من التعليق، ثُمَّ اختلف إِلَى الأستاذ أَبِي بَكْر بْن فُورَك الأُصُوليّ، فأخذ عَنْهُ الكلام والنَّظَر، حَتَّى بلغ فِيهِ الغاية، ثُمَّ اختلف إِلَى أَبِي إِسْحَاق الإسْفَرائيني، ونظر فِي تواليف ابن الباقِلّانيّ. ثُمَّ زوَّجه أبو علي الدّقَاق بابنته فاطمة، فلمَّا تُوُفِّي أبو عليّ عاشَ أَبَا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمّي وصحِبه. وكتب الخط المنسوبَ الفائق. وبرع فِي عِلْم الفُروسية واستعمال السلاح، ودقَّق فِي ذلك وبالغ. وانتهت إليه رئاسة التّصوُّف فِي زمانه؛ لِمَا أتاه اللَّه من الأهوال والمجاهدات، وتربية المُريدين وتذكيرهم، وعباراتهم العذْبة، فكان عديم النظير في ذلك، طيب النَّفس، لطيف الإشارة، غوّاصًا على المعاني. صنَّف كتاب "نحر القلوب"، وكتاب "لطائف الإشارات"، وكتاب "الجواهر"، وكتاب "أحكام السماع"، وكتاب "آداب الصُّوفيّة"، وكتاب "عيون الأجوبة فِي فنون الأَسْوِلة"، وكتاب "المناجاة"، وكتاب "المنتهى فِي نُكَت أُولي النُّهَى"، وغير ذلك. أنشدنا أبو الْحُسَيْن عليّ بْن مُحَمَّد، أَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد، أَنَا السِّلَفيّ، أَنَا القاضي حسن بْن نصر بْن مرهف بِنَهَاوَند، أنشدنا أبو القاسم القُشَيْريّ لنفسه: البدرُ من وجهكَ مخلوقُ ... والسِّحْر من طَرْفِك مسروقُ يا سيّدًا يتمَّنَى حُبّهُ ... عَبْدُكَ من صَدِّكَ مرزوقُ1 سمع من: أَبِي الْحُسَيْن الخفاف، وأبي نعيم الإسفراييني، وأبي بَكْر بْن عَبْدُوس الحِيريّ، وعبد اللَّه بْن يوسف الأصبهاني، وأبي نُعَيْم أَحْمَد بْن مُحَمَّد المهرجانيّ، وعلي بن أَحْمَد الأهوازي، وأبي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبي سَعِيد مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الإسماعيليّ، وابن باكوَيْه الشّيرازيّ بنَيْسابور. ومن: أَبِي الْحُسَيْن بْن بشْران، وغيره. وكان إمامًا قُدوة، مفسِّرًا، محدِّثًا، فقيهًا، متكلِّمًا، نَحْويًّا، كاتبًا، شاعرًا.

_ 1 البيتان في "سير أعلام النبلاء" "13/ 567".

قال أبو سعْد السَّمعانيّ: لم يرَ أبو القاسم مثْلَ نفسه فِي كماله وبراعته، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية أُسْتُوا، وهو قُشَيْريّ الأب، سُلَميّ الأمّ. رَوَى عَنْهُ: ابنه عَبْد المنعم، وابن ابنه أبو الأسعد هُبة الرَّحْمَن، وأبو عَبْد اللَّه الفُراويّ، وزاهر الشّحّاميّ، وعبد الوهاب بْن شاه الشاذياخي، ووجيه الشحامي، وعبد الجبار الخُواري، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه البَحِيريّ، وخلْق سواهم. ومن القُدَماءَ: أبو بَكْر الخطيب، وغيره. وقال الخطيب: كتبنا عَنْهُ وكان ثقة، وكان يقص، وكان حَسَن الموعظة، مليح الإشارة، وكان يعرف الأصول على مذهب الْأَشْعَرِيّ، والفُروع على مذهب الشافعي. قَالَ لي: وُلِدتُ فِي ربيع الأوّل سنة ستٍّ وسبعين وثلاثمائة1. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةَ اللَّه، عَنْ أُمِّ الْمُؤَيَّدِ زَيْنَبَ الشِّعْرِيَّةِ، أنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ شَاهٍ أَخْبَرَهَا: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيّ، أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فورَك، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمود بن خرزاد، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الحَارِثِ الأَهْوَازِيُّ، ثنا سَلَمَةَ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَدَقَة بْنُ أَبِي عِمْرَانُ، ثنا عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَد، عَنْ زَاذَان، عَنِ الْبَرَاء قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "حَسِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُم، فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا" 2. قال القاضي شمس الدين بْن خلِّكان: صنَّف أبو القاسم القُشَيْري "التفسير الكبير" وهو من أجود التفاسير، وصنَّف "الرسالة" فِي رجال الطريقة. وحجَّ مع البَيْهقيّ، وأبي مُحَمَّد الْجُويني. وكان له فِي الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء. وقال فِيهِ أبو الحسن الباخَرْزي فِي "دُمْية القصر": لو قرع الصَّخْر بسَوْط تحذيره لَذَاب، ولو رُبِط إبليس في مجلسه لتاب، وله "فصل الخِطاب فِي فضل النُّطْق المُسْتطاب"، كما هُوَ التكلم على مذهب الْأَشْعَرِيّ، خارج أحاطته بالعلوم عن

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 566". 2 صحيح: أخرجه أبو داود "1468"، والدارمي "3501"، وأحمد في مسنده "4/ 283-285"، والحاكم في مستدركه "1/ 571-575"، وصحّحه الألباني كما في صحيح الجامع الصغير وزيادته.

الحد البشري، كلماته للمستفيد فرائد وفوائد، وعَتَبات مِنْبره للعارفين وسائد، وله شعرٌ يتوِّج به دروس مماليه إذا ختمت به أذناب أماليه. قال عبد الغافر في "تاريخه": ومن جملة أحواله ما خصّ به من المحنة فِي الدين، وظهور التعصُّب بين الفريقين فِي عشر سنة أربعين إِلَى خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وميل بعض الوُلاة إِلَى الأهواء، وسعي بعض الرؤساء إليه بالتخليط، حَتَّى أدى ذلك إِلَى رفع المجالس، وتفرُّق شمل الأصحاب، وكان هُوَ المقصود من بينهم حَسَدًا، حَتَّى اضطر إِلَى مفارقة الوطن، وامتدَّ فِي أثناء ذلك إِلَى بغداد، فورد على القائم بأمر اللَّه، ولقي فيها قبولًا، وعقد له المجلس فِي منازله المختصة به، وكان ذلك بمحضرٍ ومَرْأَى منه. وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه، فعاد إِلَى نيسابور، وكان يختلف منها إِلَى طوس بأهله وبعض أولاده، حَتَّى طلع صُبْح النَّوبة ألب أرسلانية سنة خمسٍ وخمسين، فبقي عشر سِنين مرفَّهًا محترمًا مُطاعًا معظَّمًا1. ولأبي القاسم: سقى اللهُ وقتًا كنتُ أخلو بوجهكُمْ ... وثَغْرُ الهَوى فِي رَوْضة الأُنْس ضاحِكُ أقمنا زمانًا والعيونُ قريرةٌ ... وأصبحتُ يومًا والْجُفُون سَوَافِكُ2 قال عَبْد الغافر الفارسي: توفِّي الأستاذ عَبْد الكريم صبيحة يوم الأحد السادس عشر من ربيع الآخر. قلت: وله عدة أولاد أئمة: عَبْد اللَّه، وعبد الواحد، وعبد الرحيم، وعبد المنعم، وغيرهم، ولمّا مرِض لم تَفُتْه ولا ركعة قائمًا حَتَّى توفِّي. ورآه فِي النوم أبو تُراب المَرَاغيَ يقول: أَنَا فِي أطيب عَيْش، وأكمل راحة. 141- عدنان بْن مُحَمَّد: أبو المظفّر الخطيب العزيزي، الخطيب بغاوردان، الهَرَويّ. سمع: إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الشاه صاحب المحبوبي. 142- علي بْن الْحَسَن بْن علي بن الفضل3:

_ 1 سير أعلام النبلاء "13/ 566، 567". 2 البيتان في وفيَّات الأعيان "3/ 207"، وسير أعلام النبلاء "13/ 567". 3 المنتظم "8/ 280-282"، والبداية والنهاية "12/ 108"، والأعلام "4/ 272".

أبو منصور، الكاتب الشاعر المشهور بلقب بصرّدرّ. صاحب ديوان الشعر، كان أحد الفُصَحاء المفوّهيّن، والشعراء المجوّدين، له معرفة كاملة باللّغة والأدب. وله فِي جارية سوداء: عُلِّقْتُهَا سَوْدَاءَ مَصْقُولَةً ... سَوَادُ قَلْبِي صُفَّةٌ فِيهَا مَا انْكَسَفَ الْبَدْرُ عَلَى تَمِّهِ ... ونوره إلّا ليحكيها ومن شعره: نزوان عن أذرعات يمينان ... وأشر لَسْنَ يطِقنَ البُرِينا كَلِفْنَ بنَجْدٍ، كأنّ الرِّيَاض ... أَخَذْنَ لنجدٍ عليها يمينا ولمّا استمعْنَ زفيرَ المَشُوقِ ... ونَوْحَ الحَمام تركْت الحنينا إذا جئتُما بانة الواديين، ... فأرخوا النسوغ حُلّو الوَضِينا وقد أنبأتْهُم مياهُ الْجُفُونِ ... أَنَّ بِقَلْبِكَ دَاءً دَفِينَا1 سمع الكثير من الحديث من: أبي الحسين بن بِشْران، وأبي الحَسَن الحمّاميّ. ورَوَى عَنْهُ: فاطمة بِنْت أَبِي حكيم الخبري، وعلي بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السلام، وأبو الزَّوْزَنيّ، وغيرهم. وتوفِّي فِي صفر، رَمَاهُ فرسه في زبية قد حُفِرت للأسد فِي قرية، فهلك هُوَ والفَرَس، وكان من أَهْل القرآن والسُّنّة، وكان أَبُوهُ يلقب بصرّ بعر لبخله، وقد يُدعى هُوَ بِذَلِك. وقيل: كان مخلطًا على نفسه. 143- علي بْن مُوسَى: الحافظ المفيد أبو سعد النيسابوري السكري الفقيه2.

_ 1 المنتظم "8/ 281"، والكامل في التاريخ "10/ 89". 2 المنتخب من السياق "385"، وتذكرة الحفاظ "3/ 116، 162".

سمع من: جَدّه عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر السُّكّريّ، وأبي بَكْر الحِيريّ، وأبي سَعِيد الصَّيْرفيّ، وأبي حُسَيْنِ المزكّيّ، ومحمد بْن أَبِي الحق المزكي، وطبقتهم. وكان يفهم الصَّنْعة، وانتقى على الشيوخ، وحدَّث، وتوفِّي راجعًا من الحجِّ. روى عنه: إِسْمَاعِيل بْن المؤذن، ويوسف بْن أيوب الهَمَذَانيّ. 144- عُمَر بْن القاضي أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن1: المؤيَّد أبو المعالي البِسْطاميّ، سِبْط أَبِي الطيب الصعلوكي. سمع: أَبَا الْحُسَيْن الخفَّاف، وأبا الْحَسَن العلوي. وأملى مجالس. رَوَى عَنْهُ: سِبْطه هبة اللَّه بْن سهل السّيّديّ، وزاهر ووجيه ابنا طاهر الشّحّاميّ، وغيرهم. وهو أخو عَائِشَة. 145- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن درهم: أبو القاسم البغداديّ البزّاز. حدَّث عن: أَبِي الْحُسين بْن بشران، وأبي الفتح بْن أَبِي الفوارس. وكان ثقة. روى عنه: أبو منصور القزاز، وغيره. حرف الغين: 146- غالب بْن عَبد اللَّه بْن أبي اليمن: أبو تمام القيسي الميورقي النحوي، المعروف بالقطيني. حرف الكاف: 147- كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية2: أمّ الكِرام، المجاورة بمكة.

_ 1 المنتخب من السياق "368، 369"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "5/ 525". 2 الإكمال لابن ماكولا "7/ 171"، والمنتظم "8/ 270"، والبداية والنهاية "12/ 105".

كَانَتْ كاتبة فاضلة عالمة. سمعت من: مُحَمَّد بن مكّي الكُشْمِيهَنيّ، وزاهر بْن أَحْمَد السَّرْخسيّ، وعبد اللَّه بْن يوسف بْن بامُوَيْه. وكانت تضبط كتابتها، وَإِذَا حدَّثت قابَلتْ بنسختها، ولها فهم ومعرفة. حدَّثت بالصحيح، وكانت بِكْرًا لم تتزوَّج، وطال عمرها، وأقامت بمكّة دهرًا. وحمل عَنْهَا خلْقٌ من المغاربة والمجاورين، وعلا إسنادها. روى عَنْهَا: أبو بَكْر الخطيب، وأبو الغنائم أُبَيّ النَّرْسيّ، وأبو طَالِب الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الزَّيْنَبيّ، ومحمد بْن بركات السَّعِيديّ، وعليّ بْن الحسين الفرّاء، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن صدقة بْن الغزّال، وأبو القاسم عليِّ بْن إِبْرَاهِيم النّسيب، وأبو المظفّر السَّمعاني. قال أُبَيّ: أَخرجَت إليَّ النسخة، فقعدتُ بحذائها، وكتبتُ سبع أوراق. وكنت أريد أن أعارض وحدي، فقالت: لا، حتّى تعارضَ معي. فعارضت معها، وقرأتُ عليها من حديث زاهر. وقال أبو بَكْر مُحَمَّد بْن مَنْصُور السمعاني: سمعتُ الوالد يذكر كريمة ويقول: هَلْ رَأَى إنسانٌ مثل كريمة؟ قال أبو بَكْر: وسمعتُ ابْنَة أخي كريمة تقول: لم تتزوَّج كريمة قط، وكان أبوها من كُشْميَهن، وأَمّها من أولاد السَّيَّاريّ، وخرج بها أبوها إِلَى بيت المقدس، وعاد بها إِلَى مكّة، وكانت قد بلغت المائة. قلتُ: الصّحيح وفاتها سنة ثلاثٍ كما مرَّ، لكنْ قال ابن نُقْطة: نقلتُ وفاتها من خطّ ابن ناصر فِي سنة خمسٍ وستين. حرف الميم: 148- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر بْن الْحَسَن بْن عُبَيْد بْن عمرو بن خَالِد بن الرفيل1: أبو جعفر ابن المُسْلِمة السُّلميّ الْبَغْدَادِيّ. أَسَلَم الرُّفَيْل على يد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه.

_ 1 الأنساب "11/ 313، 314"، والعبر "3/ 259، 260".

كان أبو جَعْفَر نبيلًا، ثقة، كثير السّماع، حسَن الطريقة، واسع الرّواية، رَحْلة العصر فِي علوِّ الإسناد. سمع: أَبَا الفضل الزُّهْريّ، وأبا مُحَمَّد بْن معروف القاضي، وإسماعيل بْن سُوَيد، وابن أخي ميمي، وعيسى بْن الوزير، وأبا طاهر المخلِّص. رَوَى عَنْهُ: الخطيب واستملى عليه، وقال: وُلِد فِي ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثلاثمائة. وقال أبو الفضل بْن خَيْرون: كان ثقة صالحًا. وقال السمعاني: سمعتُ إِسْمَاعِيل بْن الفضل بأصبهان يقول: هو ثقة محتشم. قلت: رَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر الأنصاري، ومحمد بْن أَبِي نصر الحُمَيْديّ، وأُبَيّ النَّرْسِيّ، وأبو الفتح عَبْد اللَّه بْن البَيْضاويّ، وأبو مَنْصُور بْن خَيْرون، وَأَبُو مَنْصُور عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد القَزَّاز، ومحمد بْن علي بْن الدّاية، ومحمد بن أحمد الطّرائفيّ، وأبو الفضل مُحَمَّد بْن عُمَر الأُرمويّ، وأبو تمَّام أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْمُخْتَار الهاشمي، وآخرون كثيرون. وهو آخر من روى عن الزُّهْريّ وابن معروف. توفِّي -رحمه اللَّه- فِي تاسع جُمَادى الأولى. 149- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قَفَرْجَل1: أبو البركات الْبَغْدَادِيّ المكاتب. ثقة، واسع الراية. سمع: أَبَا أَحْمَد الفَرَضيّ، وأبا الحسين بْن بِشْران. تصدَّق عند موته بألف دينار، وأوصَى بمثلها. وتوفِّي فِي جُمَادَى الآخرة وله سبعون سنة. وحدَّث بدمشق. رَوَى عَنْهُ: طاهر الخُشُوعيّ، وهبة الله الأكفاني.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "21/ 313"، والمنتظم "8/ 282، 283".

150- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ورقاء1: أبو عُثْمَان الأصبهاني الصُّوفيّ. سمع: أَبَا عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ بإصبهان، وأبا عُمَر الهاشمي بالبصرة، وأبا الْحُسَيْن بْن بشْران ببغداد، وأبا سعْد المالِينيّ، وجماعة. وقدِمَ الشام فِي شَيْبته، وصار شيخ الصُّوفية ببيت المقدس. وكان مولده سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. رَوَى عَنْهُ: نصْر المقدسيّ، وسلامة القطّان، ويحيى بْن تمّام الخطيب، وآخرون. 151- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مهدي2: أبو القاسم العَلَويّ الشّيعيّ النَّيْسابوريّ. سمع: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وغيرهما. رَوَى عَنْهُ: زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وعبد الغافر الفارسي، وقال: كان من دُعاة الشّيعة، عارف بطُرُقهم وعُلومهم، فتقدَّم فيهم. توفِّي فِي ذي القعدة. 152- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عُثْمَان: أبو بَكْر بْن البُنْدار الْبَغْدَادِيّ الأَدَميّ البقّال. روى عن: أَبِي الْحُسَيْن بْن بشْران، وأخيه عَبْد الملك، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، والحرفي. رَوَى عَنْهُ: شجاع الذُّهليّ، وأبو علي أَحْمَد بْن مُحَمَّد البَرَدَانيّ، وكان شيخًا صالحًا. مات في ربيع الآخر. ورَّخه ابن خيرون.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "21/ 312". 2 المنتخب من السياق "62" [120] .

153- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عليّ بْن الْحَسَن1: أبو المظفَّر الشُّجاعيّ النَّيْسابوريّ. سمع: أَبَا الْحُسَيْن الخفَّاف، وأبا الْحَسَن العلوي، وغيرهما. رَوَى عَنْهُ: وجيه بْن طاهر، وغيره. وكان فاضلًا موصوفًا بكتابة الشُّروط، بارعًا فِيهِ. توفِّي فِي ربيع الأول. 154- مُحَمَّد بْن أَبِي الْحُسَيْن بْن الْعَبَّاس الفَضْلَويّ الهَرَويّ: حدَّث في هذا العام، وانقطع خبره، بكتاب الأطعمة للدّارِمي، عن أَبِي حامد البشْريّ. وعنه: أبو الوقت. 155- مُحَمَّد بْن حَمْد بْن مُحَمَّد بْن حامد2: أبو نصْر بْن شيذلة الهَمَذانيّ الفقيه. روى عن: ابن لال، وعبد الرَّحْمَن الْإِمَام، والعلاء بن الحسين الزهيري، وأبي طلحة البوسنجي. ورحل فأخذ عن: أَبِي الْحُسَيْن بْن بشران، وأبي محمد السكري، وأبي الحسن الحمامي، وجماعة. وكان صدوقًا، ولكنَّه متَّهَم بالتشيُّع. وأمَّا أبو العلاء الهَمَذَانيّ فقال: كان متعصِّبًا للحنابلة، سيفًا على الْأَشْعَرِيِّ. مات فِي المحرَّم. 156- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن علي3: أَبُو الْحَسَن العلويّ الحُسينيّ، البلْخيّ، شيخ العلويين ببلخ، وخُراسان.

_ 1 المنتخب من السياق "53، 54" [104] . 2 لسان الميزان "5/ 148" [501] . 3 المنتخب من السياق "61، 62"، [119] .

له ديوان شعر مشهور. وقد حدَّث عن: عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد العاصمي صاحب الخطابي. ومن نثره: معاداة الأغنياء من عادات الأغبياء. الغنيّ مُعان، ومن عادى مُعانًا عادَ مُهانًا. ليس للفُسُوق سُوق، ولا للرياء رُواء. وعَلَّقْت من شِعْرِه كذا. 157- مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الصمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد: ابن المهتدي بالله أبي إسحاق محمد ابن الواثق بالله هارون بْن المعتصم بْن الرشيد1. الخطيب أبو الحُسَين العباسي الهاشمي الْبَغْدَادِي، المعروف بابن الغَرِيق، سيّد بني العباس فِي زمانه وشيخهم. سمع: الدَّارَقُطْنِيّ، وابن شاهين، وهو آخر من حدَّث عنهُما، وعليّ بْن عمُر الحربي، ومحمد بْن يوسف بْن دُوَسْت، وأبا القاسم بْن حَبَابَة، وأبا الفتح القواس، وطائفة. وله مشيخة في جزأين. قال أبو بَكْر الخطيب: وُلِدَ فِي ذي القعدة سنة سبعين وثلاثمائة، فِي مستهلَّه. وكان ثقة نبيلًا, وَلِي القضاء بمدينة المنصور، وهو ممّن شاع أمرُه بالعبادة والصّلاح، حَتَّى كان يُقَالُ له: راهب بني هاشم. كتبتُ عَنْهُ. وقال ابن السمعاني: جازَ أبو الْحُسَين قَصَبَ السَّبْق فِي كلّ فضيلة عقلًا، وعِلمًا، ودينًا، وحزْمًا، ورأيا، وورعًا، ووقف عليه علوّ الإسناد، ورحل إليه الناس من البلاد، ثَقُل سمْعُه بأخرة، فكان يتولَّى القراءة بنفسه، مع علوِّ سنده، وكان ثقة حُجّة، نبيلًا مُكْثِرًا. وكان آخر من حدَّث عن الدارقطني، وابن شاهين.

_ 1 المنتظم "8/ 283"، والإعلام بوفيات الأعلام "192".

وقال أبو بكر ابن الخاضبة: رَأَيْت كأنَّ القيامة قد قامت، وكأنّ قائلًا يقول: أين ابن الخاضبة؟ قفيل لي: أدخل الجنة. فلمَّا دخلت الباب، وصرت من داخل، استلقيت على قفاي، ووضعت إحدى رِجْلَيَّ على الأخرى، وقلت: آه، استرحتُ واللهِ من النَسْخ. فرفعت رأسي، وَإِذَا ببغَلَة مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ فِي يد غلام، فقلتُ: لمن هَذِهِ؟ فقال: للشريف أبي الحسين بن الغريق. فلمَّا كان صبيحة تلك الليلة نُعِيَ1 إلينا الشريف بأنه مات فِي تلك الليلة. وقال أبو يعقوب يوسف الهَمَذَانيّ: كان أبو الحسين به طرَش، فكان يقرأ علينا بنفسه، وكان دائم العبادة، قرأ علينا حديث المَلَكَيْن، فبكى بُكاءً عظيمًا وأبكى الحاضرين. وقال أُبَيّ النَّرْسِيّ: كان ثقة يقرأ للناس، وكانت إحدى عينيه ذاهبة. وقال أبو الفضل بْن خَيْرُون: مات فِي أول ذي الحجّة. قال: وكان صَائِمَ الدّهر زَاهدًا، وهو آخر من حدَّث عن الدَّارَقُطْنِيّ، وابن دُوَسْت. ضابط متحري، أكثر سماعاته بخطّه. ما اجتمع فِي أَحدٍ ما اجتمع فِيهِ، قَضى ستًا وخمسين سنة، وخطب ستًّا وسبعين سنة، لم يُعْرف له زَلّة. وكانت تلاوته للقرآن أحسن شيء. قلت: رَوَى عَنْهُ: يوسف الهَمَذَاني، وأبو بَكْر الْأَنْصَارِي، وخلق كثير، آخرهم أبو الفضل مُحَمَّد بْن عُمَر الأُرْمَويّ. وآخر من روى عنه في الأرض بإجازة مَسْعُود الثّقفيّ، ثمّ ظهر بُطلان الإجازة. 158- مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أَبِي عُثْمَان عمرو بْن مُحَمَّد بْن مُنتاب2: أبو سعد الدّقّاق الْبَغْدَادِيّ. أكثر عن: أَبِي عُمَر بْن مَهْدِيّ، وأبي بَكْر البَرْقانيّ، وأبي علي بن شاذان، وجماعة.

_ 1 نَعَى إلينا: يعني أذاع خبر موته أو أخبرنا بموته. 2 الوافي بالوفيات "4/ 140" [1659] .

وطلبَ بنفسه، وكان مليح الخطّ. كتب عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، وأبو عَبْد اللَّه الحُمَيْديّ. وتوفِّي فِي شوال. 159- مُحَمَّد بْن علي بْن عَبْد الْعَزِيز: أبو يَعْلَى الْبَغْدَادِيّ، الصَّيْرفيّ، المعروف بابن خراز. روى عن: القاضي مُحَمَّد بْن عُثْمَان النَّصِيبيّ، عن أبي طاهر الخامي. روى عنه: الحميدي، وأبو السعود بن المجلي. مات في جمادي الآخرة عن سنة 70 سنة. 160- مكّيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن المظفّر: أبو يَعْلَى بْن البصْريّ الهَمَذَانيّ. روى عن: أَحْمَد بْن تركان، ويوسف بْن كجّ، وغيرهما. روى عَنْهُ غير واحد. وتُوُفّي فِي جمادى الآخرة بهمذان. حرف النون: 161- نصر بْن أَحْمَد: أبو الفضل الكرنكي الأمير. توفِّي فِي رجب بسجِستان، وكان مولده فِي سنة ست وثمانين وثلاثمائة. حرف الهاء: 162- هَنَّادُ بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن نصْر1: أبو المظفَّر النَّسَفيّ، ونَسَف ممّا وراء النّهر. سكن بغداد، وولي قضاء بَعْقُوبا، وغيرها.

_ 1 الموضوعات لابن الجوزي "2/ 286"، وميزان الاعتدال "4/ 310"، والمنتظم "8/ 284".

وكان قد سمع وأكثر ورحل، وخرّج الفوائد، لكن الغالب على روايته الغرائب والمناكير. قال السمعانيّ: حَتَّى كنتُ أقول متعجّبًا: لعلّه ما روى فِي مجموعاته حديثًا صحيحًا إلا ما شاء اللَّه. سمع: أَبَا الحسين بْن بشران، وابن الفضل القطَّان ببغداد، وأبا عُمَر الهاشمي بالبصرة، والسُّلَميّ بنَيْسابور، والحافظ أَبَا عَبْد اللَّه الغُنْجار ببخاري، والمستغفريّ بنَسَف وهو تلميذه، وقيل: هُوَ الَّذِي سمَّاه هَنَّادًا. علّق عَنْهُ الخطيب وأشار إلى تضعيفه. وقال ابن خَيْرُون: توفِّي يوم السبت ثاني ربيع الأول، ومولده فِي سنة أربعٍ وثمانين وثلاثمائة، فِيهِ بعضُ الشيء. سمعت منه. رَوَى عَنْهُ: أبو علي البرداني، وأبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وأبو مَنْصُور القزّاز، وأبو البدْر الكرْخيّ، وآخرون. قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْخَلَّالِ: أَخْبَرَكُمُ جَعْفَرٌ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ السَّلَفِيُّ، أَنَا أَبُو عَلِيَّ البرداني، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الطُّيُورِيُّ قَالَا: أَنَا هَنَّادٌ النَّسَفِيُّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ غُنْجَارٌ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقجروانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو الطَّوَاوِيسِيُّ، سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ شَدَّادَ بْنَ حَكِيمٍ يَذْكُرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي الأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِيَتْ أَنَّ اللَّهَ يَهْبِطُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا.. وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الأَحَادِيثِ, قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: هَذِهِ الأَحَادِيثُ قَدْ رَوَتْهَا الثِّقَاتُ، فَنَحْنُ نَرْوِيهَا وَنُؤْمِنُ بِهَا وَلا نُفَسِّرُهَا. حرف الياء: 163- يوسف بْن عليّ بْن جُبارة1. أبو القاسم أبو الحجاج الهذلي المغربي، المقرئ.

_ 1 تقدمت ترجمته في الطبقة الماضية.

صاحب "الكامل فِي القراءات". قيل: إنه توفِّي فِي هَذِهِ السّنة. وقد مرَّ سنة ستِّين. وفيَّات سنة ست وستين وأربعمائة: حرف الألف: 164- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد بْن حَميل1 -بحاء مهملة مفتوحة: أبو عَبْد اللَّه العِجْليّ الكَرْخيّ الماسح. روى عن: إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَن الصَّرْصَريّ، وعن: علي بْن مُحَمَّد التهاميّ من شعره. وعنه: الحُمَيْدي، وأبو عليّ بْن البَرَدانيّ. قال ابن النّجّار: يُقَالُ إنّه ألْحَقَ بخطّه اسمَه فِي أجزاء لم يسمعها، وكان مذموم السيّرة، يسكن بدرب القيّار. وُلِد سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، ومات فِي آخر جُمَادَى الآخرة غريقًا فِيمَنْ غرق. 165- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّد بْنُ أَحْمَد بْنُ مُحَمَّد بْنُ أَحْمَد بْنُ مُحَمَّد بْنُ محمود بْن أَعْيَن2: أبو الْحُسَيْن بْن أَبِي جَعْفَر السِّمْناني. وليَ أَبُوهُ قضاء حلب فِي سنة سبع وأربعمائة. وكان مع أَبِيه، فتفقّه على أَبِيهِ فِي مذهب أَبِي حنيفة، وتنقلت به الأحوال، إِلَى أن تزوَّج قاضي القضاة أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن علي الدّامغانيّ بابنته، واستنابه فِي القضاء. وكان حَسَن الخَلْق والخُلق، متواضعًا من ذوي الهيئات والأقدار.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 79" [275] ، ولسان الميزان "1/ 130". 2 المنتظم "8/ 287"، والكامل في التاريخ "10/ 93".

ولد بسمنان في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وكان ثقة صدوقًا. سمع: ابن أَبِي مُسْلم الفَرَضي، وإسماعيل الصَّرْصَريّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الصلت المُجْبِر، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أبو مَنْصُور القزّاز، ويحيى بْن الطراح، وأبو البدر الكرْخيّ. قَالَ الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقًا. قلتُ: توفِّي فِي جُمَادَى الأولى ببغداد، وشيَّعه أرباب الدّولة، ودُفن فِي داره، ثُمَّ نقل منها إِلَى تربةٍ بشارع المنصور، ثُمَّ نُقِل منها إِلَى تُربة بالخَيْزُرانيّة، وكان يدري الكلام. 166- إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن تفاحة الأَزَجيّ1: سمع: إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَن الصَّرْصَري، والحفار. وعنه: عَبْد اللَّه السمرقندي. كان عشارًا صاحب كبائر لا يحضر جمعة. مات فِي شوال. أرَّخه شجاع. 167- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد2: أبو إِسْحَاق العَلويّ الكوفيّ، شريف فاضل، نحْويّ عارف باللّغة. شَرَحَ "اللُّمَع" لابن جنّي. ومات وله ثلاثٌ وستّون. وقد سكن مصر مدّة، ونفق على أهلها، وله شعرٌ جَزْل. رَوَى عَنْهُ: أبو البركات عُمَر بْن إِبْرَاهِيم العَلويّ. وتُوُفّي فِي شوال، ودُفِن بالكوفة بمسجد السّهلة -رحمه الله.

_ 1 لسان الميزان "1/ 27" [38] . 2 معجم الأدباء "2/ 10-14"، معجم المؤلفين "1/ 105".

حرف الجيم: 168- جُماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جُماهر1: أبو بَكْر الحجريُّ الطُّلَيْطِليّ المالكي الفقيه. روى عَنْ: أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن دُنّين، وأبي مُحَمَّد بْن عَبَّاس الخطيب، ومحمد الفخار، وخلف بن أحمد، والقاضي أبي عبد الله بن الحذاء. وحج سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، فأخذ عن كريمة، وسمع من القُضاعيّ "شهابه"، ومن أَبِي زكريّا الْبُخَارِيّ. ولقي بالإسكندرية أَبَا علي حسن بْن مُعَافَى، وكان حافظًا للفقه، ذكيًّا، سريع الجواب، متواضعًا. له مجلس للنّظَر والوعظ، وكانت العامّة تحبّه وتعظّمه، وكان سُنّيا فاضلًا، قصير القامة جدًّا. عاش ثمانين سنة، وازدحم الناسُ والخلْق على نعشه، ونادى منادٍ بين يديه: لا ينال الشَّفاعَة إلّا من أحبَّ السنَّة والجماعة. حرف الحاء: 169- الْحَسَن بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد العطّار2: أبو عليّ الدّمشقيّ الشّاهد. مقدَّم الشّهود بدمشق. وكان مذمومًا. سمع: الحسين بْن أَبِي كامل الأطْرابُلُسي، وغيره. رَوَى عَنْهُ: الفقيه نصْر المقدسيّ، وابن الأكفانيّ. ولِيّ شيئًا من الأمور فظلم وعَسَف. 170- الْحَسَن بْن علي بن أبي خلاد المقرئ:

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 132، 133" [302] . 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "6/ 337" [214] ، تهذيب تاريخ دمشق "446هـ" "4/ 178".

أبو الغنائم الْبَغْدَادِيّ البزّاز. قرأ القرآن على أَبِي الْحَسَن الحمامي. وروى عن: أبي عليّ بْن شاذان. أرَّخه ابن النّجّار فِي رَجَبها. 171- الْحَسَن بْن عُمَر بْن الْحسن بْن يُونُس1: أبو عليّ الأصبهاني الحافظ. ثقة مكثر، رحَّال. سمع: عُثْمَان بْن أَحْمَد البُرْجيّ، وابن مردوَيْه، وأبا عُمَر الهاشميّ، وأبا الْحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الصلت، وأبا عُمَر بْن مهديّ، والحفار. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق، ومحمود بْن أَحْمَد بْن ماشاذة، وأبو سَعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ثابت الخُجَنْدِيّ. تُوُفّي فِي ذي القعدة. وآخر مَن روى عَنْهُ إِسْمَاعِيل بْن عليّ الحماميّ. 172- الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن مظفّر بْن أَبِي خريصة الهَمَدانيّ الدّمشقي2: الفقيه المالكيّ الشّاهد. سمع: أَبَا مُحَمَّد بن أبي نصر، وأبا نصر عبد الوهاب بْن الجبّان، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: عَبْد القادر بْن عَبْد الكريم، وهبة اللَّه الأكفانيّ وقال: كان أشعريًّا. 173- الْحُسَيْن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُمَيْر: أبو علي، أخو أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد العُمَيْريّ الهَرَويّ. سمع: عَبْد الرَّحمن بْن أَبِي شُريْح، ورافع بْن عُصم، وأبا علي الخالدي، وجماعة.

_ 1 المنتخب من السياق "186" [517] ، والوافي بالوفيات "12/ 194". 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 289"، تبيين كذب المفتري "276".

حرف الزاي: 174- زكريا بْن غالب1: أبو يحيى الفِهْريّ الأندلسي القاضي. روى عن: أَبِي مُحَمَّد بْن دُنّين، وخَلَف بْن عَبْد الغفور، وأبي عَبْد اللَّه بْن الفخّار. ورحل فسمع من أَبِي ذَرّ الهَرَويّ. قال ابن بَشْكُوال: أنبأ عنه عبد الرحمن بن عبد الله المعدل، وأثنى عَلَيْهِ. حرف الشين: 175- شجاع بْن عليّ المصقلي2: مات فيها. وقيل: سنة سبْع. حرف العين: 176- عَائِشَة بِنْت الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم3: أمّ الفتح الوَرْكانيّة، الأصبهانية الواعظة، ووَرْكان محلّة بإصبهان. سَمعتُ: مُحَمَّد بْن أَحمد بْن جَشْنِس صاحب ابن صاعد، وعبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن شاه، ومحمد بْن إِسْحَاق بْنُ منده الْحَافِظُ، وجماعة. رَوَى عَنْهَا: أَبُو عَبْد الله الخلال، وسعيد بْنُ أَبِي الرجاء، وإسماعيل بْنُ مُحَمَّد بْنُ الفضل الحافظ. إن لم تكن تُوُفّيت فِي هَذِهِ السنة، وإلّا توفيت بعدها بيسير. قال أبو سَعْد السَّمعاني: سألتُ عَنْهَا إِسْمَاعِيل الحافظ فقال: إمرأة صالحة عالمة

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 191، 192" [438] . 2 الأنساب "11/ 349"، والتقييد لابن النقطة "297، 298" وسيأتي مكررًا قريبًا. 3 الأنساب "12/ 250"، والعبر "3/ 247".

تَعِظ النساء، وكتبت بخطّها أمالي ابن مَنْدَهْ عَنْهُ، وهي أوّل من سمعت منها الحديث. أنفدني أَبِي للسّماع منها. قال: وكانت زاهدة. قلت: آخر من روى عَنْهَا إِسْمَاعِيل الحماميّ. ومن الرُّواة عَنْهَا: مُحَمَّد بْن حمْد الكِبْريتيّ. 177- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن سِنان1: أبو مُحَمَّد الحلبيّ الخَفَاجي، الشاعر المشهور، صاحب "الدّيوان". أَخَذَ الأدب عن: أَبِي العلاء بْن سُلَيْمَان، وأبي نصر المنادي. وتُوُفّي بقلعة عَزَاز. 178- عَبْد اللَّه بْن محمود2: أبو عليّ البَرْزيّ الفقيه الشافعي. من علماء دمشق. كان يحفظ "المُزَنيّ". سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر. روى عَنْهُ: ابن الأكفاني. 179- عَبْد اللَّه بْن مُفَوّز3: الْإِمَام أبو مُحَمَّد المَعَافِريّ، زاهد الأندلس. أخو طاهر بْن مفوّز الحافظ، وحيْدرة بْن مفوّز المعبّر. كان عجْبًا فِي الزُّهد والتّقّلل والخير، مع براعة فِي الفقه وجودة العربية. تُوُفّي فِي شاطبة. وكانت جنازته مشهورة. وأمّا جدُّهم: - مفوّز بْن عبد الله بن مفوز بن غفول:

_ 1 الوافي بالوفيات "17/ 503، 508"، والنجوم الزاهرة "5/ 96". 2 توضيح المشتبه "1/ 434"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "4/ 32" وقد تقدم قريبًا. 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 240" [456] .

فهو أبو عَبْد اللَّه الزّاهد، ويسمَّى أيضًا محمدًا1. سمع من وهْب بْن مَسَرّة بقُرْطُبة، وكتب بالقيراون عن أَبِي العبَّاس بْن أَبِي العرب التميميّ. قال طاهر بْن مُفَوَّز الْحَافِظُ: كان منقطع القرين فِي الزُّهد والعبادة، متقلّلًا من الدنيا، وعرف بإجابة الدعوة. وسمع الناس منه كثيرًا، توفِّي سنة عشر وأربعمائة، أو أوّل سنة إحدى عشرة، وقد قارب المائة، وكانت جنازته مشهودة. 180- عَبْد الحقّ بْن محمد بن هارون2: أبو محمد السهميي الصَّقَلّي، الفقيه المالكي. أحد علماء المغرب. تفقَّه علي: أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي عِمْرَانَ الفارسيّ، وعبد اللَّه الأَجدابيّ. وحجَّ فَلَقِي الْقَاضِيَ عَبْدَ الْوَهَّابِ صَاحِبَ "التَّلْقِينِ"، وأبا ذَرّ الهَرَويّ. وجالس بمكّة بعد ذلك إمام الحرمين أَبَا المعالي، فباحثه وسأله عن أشياء ألّفها، وهي مصنَّف معروف. وكان مليح التصنيف، له كتاب "النُّكَت والفروق لمسائل المدوَّنة"، وصنَّف أيضًا كتابًا كبيرًا سمّاه "تهذيب الطّالب"، وله استدراك على "مختصر البَرَاذِعيّ"، وصنف "عقيدةً". توفِّي بالإسكندرية. 181- عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي بْن سُلَيْمَان3: المحدِّث أبو مُحَمَّد التميمي الكتاني الصُّوفيّ. مفيد الدَّماشقة. سمع الكثير، ونسخ ما لا ينحصر. وله رحلة ومعرفة جيّدة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 503" [1096] . 2 تذكرة الحفاظ "3/ 1660"، وكشف الظنون "1/ 515". 3 البداية والنهاية "12/ 109"، والأعلام "4/ 13".

سمع: صَدَقَة بْن مُحَمَّد بْن الدَّلم، وتمَّام بْن مُحَمَّد الرازي، وأبا نصر بْن هارون، وعبد الوهاب المُرِّيّ، وابن أَبِي نصر، وخلْقًا كثيرًا بدمشق، حتى سمع من أقرانه. ورحل فسمع ببَلَدَ من: أَحْمَد بْن خليفة بْن الصّبّاح، وأخيه مُحَمَّد جزءًا من حديثه عليّ بْن حرب. وسمع ببغداد من: أَبِي الْحَسَن الحمامي، وعليّ بْن داود الرزاز، والحرفي، ومحمد بْن الرُّوزْبَهَان. وسمع بالموصل، ونصيبين ومَنْبج، وأماكن. رَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، والحُمَيْديّ، وعمر الرؤاسي، وأبو القاسم النسيب، وأبو محمد بْن الأكفاني، وعبد الكريم بْن حَمْزَة، وإسماعيل بْن أَحْمَد السَّمَرْقَنْدي، وأحمد بْن عقيل الفارسي، وأبو الفضل يحيى بْن علي القُرَشي، وطائفة سواهم. ولد سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وبدأ بالسماع في سنة سبع وأربعمائة. قال ابن ماكولا: كتبَ عنّي وكتبتُ عَنْه، وهو مُكْثِر متقِن. وقال النسيب، بل الخطيب: هُوَ ثقة أمين. ووصفه ابن الأكفاني بالصِّدْق والاستقامة، وسلامة المذهب ودوام الدّرس للقرآن. وذكر لي أنَّ شيخه أَبَا القاسم عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد الأزهريّ سمع منه ببغداد، وكان قد رحل إليها فِي سنة سبْع عشرة وأربعمائة. وتوفِّي فِي العشرين من جُمَادَى الآخرة. وقال القاضي أبو بَكْر بْن العربيّ: قال لنا أبو مُحَمَّد بْن الأكفاني: دخلنا على الشَّيْخ أَبِي مُحَمَّد عَبْد الْعَزِيز الكتانيّ فِي مرض موته، فقال: أَنَا أُشْهدُكم أَني قد أجزتُ لكل مولودٌ الآن فِي الْإِسْلَام يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّه. قلت: روى عَنْهُ بهذه الإجازة غير واحدٍ، منهم: محفوظ بْن صَصْرى التَّغْلبيّ. 182- عَبْد الغافر بْن الْحُسَيْن بْن خَلَف بْن جبريل1: أبو الفتوح الألمعي الكاشغري.

_ 1 الأنساب "10/ 325".

سمع: أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر الخطّابي، وعمّه عُثْمَان الكاشغَري، وأبا بَكْر الطُّرَيْثيثيّ، ومحمد بْن عَبْد الملك الدَّنْدانْقَاني، وأبا جعفر بْن المسِلمة، وجماعة كثيرة من أمثالهم بالعراق، وخُراسان. رَوَى عَنْهُ: هبة اللَّه بْن الفَرَج الهَمَذَاني، ومحمد بْن أَبِي القاسم الغولْقاني المَرْوَزيّ. وكان فَهْمًا ذكيًّا، عارفًا بالحديث واللغة، حافظًا. مات فِي أيّام طلبه -رحمه اللَّه، وعاش أبوه بعده مُدّةٍ. 183- عَبْد الكريم بْن عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن دُوسْت العلّاف1: أبو مُحَمَّد بْن الشَّيْخ أَبِي عَمْرو العِجْليُّ الْبَغْدَادِيّ المالكي، ويعرف أيضًا بابن الشَّوْكيّ. من ساكني باب الشّام. كان زاهدًا عابدًا منقطعًا مُعَمَّرًا، ذا سَمْت وهيبة. سمع: أَبَا الْحَسَن بْن الصلت الأهوازي، وأحمد بْن عَبْد اللَّه السَّوْسَنْجِرديّ. سمع منه: مكّيّ الرُّمَيْلي، وغيره. 184- عليّ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه2: قاضي القضاة أبو الْحَسَن الحفصويّ المَرْوَزِيّ الفقيه. توفِّي ببلاد الروم فِي رجب. 185- علي بن علي بن عمر بْن بكرون: الفقيه أبو طَالِب النَّهْرواني، قاضي النهراون. حَكى عن المُعَافَى الْجَرِيري، وبقي إِلَى جُمَادَى الأولى من هَذِهِ السّنة. رَوَى عَنْهُ: الحُمَيْدي، وأبو البركات بْن السَّقَطيّ. عاش سبعا وثمانين سنة.

_ 1 راجع: الأنساب "9/ 98". 2 الأنساب: "4/ 174".

186- عليّ بْن مُوسَى بْن مُحَمَّد1: أبو سعد السُّكَّريّ النَّيْسابوريّ الحافظ الفقيه. سمع كثيرًا من أصحاب الأصم، وجمع وصنَّف، وأدركته المَنِية كهْلًا. وقد خرَّج خمسة أجزاء للكنجردي سمعناها. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الغافر. 187- زعيم المُلْك2: الوزير الكبير أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بن عبد الرحمن العراقي. وزر للملك أَبِي نَصْر خسرو بْن أَبِي كاليجار بْن سلطان الدّولة البُوَيْهيّ، بعد هلاك أَخِيهِ كمال المُلْك هبة اللَّه سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. ثمّ لمَّا غلب البساسيريّ على بغداد دخل زعيم المُلْك على يمينه، وكان يحترمه ويخاطبه بمولانا، ثمّ إنّه فرَّ إِلَى البَطِيحة، وبقي إِلَى أَنَ مات سنة ستٍّ وستين، وله سبعون سنة. 188- عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر: أبو القاسم البَغَويّ. قال شيروَيْه الهَمَذَانيّ: قدِمَ علينا فِي رمضان سنة ستٍّ وستين، فروى عن: مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز النِّيلي، وعليّ بْن مُحَمَّد الطّرّازي، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الْحَارِث الأصبهاني، وأبي حسّان مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر، وجماعة. وسمعتُ ثلاث مجالس من أماليه، وحضرَ مجلسه مشايخ هَمَذان. وكان مِن عمَّال الظَّلَمة. 189- عُمَر بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن اللّيث3: أبو مُسْلِم اللَّيْثيّ الْبُخَارِيّ الجيراخشتي، وهي قرية ببخارى.

_ 1 المنتخب من السياق "385"، وقد تقدم قريبًا في السنة الماضية. 2 المنتظم "8/ 288"، والكامل في التاريخ "9/ 641". 3 الأنساب "3/ 407، 11/ 48"، وهدية العارفين "1/ 782".

كان أحد الحفاظ الرحّالة. نزل إصبهان فِي الآخر، وحدَّث عن: عبد الغافر الفارسي، وأبي عُثْمَان الصابوني، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه الدّقّاق فأكثر، والحسين بْن عَبْد المَلِك الخلّال، ومحمد بْن أَبِي الرجاء الصّائغ. قال السِّلَفيّ: سَأَلت الحَوْزي عن: أَبِي مُسْلِم اللَّيْثيّ فقال: قدِم علينا فِي سنة تسعٍ وخمسين وقال: كتبتُ وكُتِبَ لي عشْرُ رواحل. وقد سَأَلت عَنْهُ ابن الخاضبة فأثنى عليه، وقال: كان له أنسٌ بالصّحيح. وأبو طاهر بركة بْن حسّان يقول: ناظرتُ أَبَا الْحَسَن المَغازليّ فِي التفضيل بين مالك والشافعي، ففضّلت الشافعي، وفضَّلَ مالكًا، وكان مالكيا وأنا شافعي، فاحتكمنا إِلَى أَبِي مُسْلِم اللَّيْثي، ففضّل الشافعي، فغضب المَغَازِليّ وقال: لعلّك على مذهبه؟ فقال: نَحْنُ أصحاب الحديث، الناسُ على مذاهبنا، ولسنا على مذهب أحد. ولو كنَّا ننتسب إِلَى مذهب أحد لقيل: أنتم تضعون له الحديث. وكان أبو مُسْلِم من بقايا الحفاظ. ذُكِر لإسماعيل بْن الفضل فقال: له معرفة بالحديث، سافَرَ الكثير وسمع، وأدرك الشيوخ. وذكره أبو زكريا يحيى بن منده فقال: أحد من يدعي الحفظ والإتقان، إلا أنه كان يُدلس، وكان متعصِّبًا لأهل البِدَع، أحوَل، شَرِه، وقّاح، كلّما هاجت ريحٌ قام معها. صنَّف "مُسْنَد الصحيحين"، وخرج إِلَى خُوزستان فمات بها. قال السمعاني: أبو مُسْلِم خرج على عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ عم يحيى، وكان يُردّ عليه. وقال الدّقّاق: وَرَدَ أبو مُسْلِم إصبهان، فنزل فِي جوار الشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَن، وتزوّج ثَمَّ، وأحسن إليه الشَّيْخ، ثُمَّ فارقه وخرج على الشَّيْخ وأفرط، وبالغ فِي سفاهته، وطاف فِي المساجد والقُرى، وشنَّع عليه، وسمّاهُ "عدوّ الرَّحْمَن"؛ ليأخذ منهم الشيء الحقير التّافه.

وكان ممّن يعرف علم الحديث والصحيح، وجمع بين "الصحيحين" في دفاتر كثيرة اشتريتها من تَرِكته لا من بَرَكته. ورَّخه ابن مَنْدَهْ -أعني يحيى- فِي هَذِهِ السّنة. حرف الغين: 190- غالب بْن عَبد اللَّه بْن أبي اليمن1: أبو تمام القيسي الميورقي، النحوي، المعروف بالقَطِينيّ. وُلِد بِقَطِين من أعمال مَيُورْقَة سنة ثلاثٍ وتسعين، وتحوَّل منها إِلَى البلد سنة سبع وأربعمائة، فسمع من: حبيب بْن أَحْمَد صاحب قاسم بْن أَصْبَغ. وسمع بقُرْطُبة من صاعد اللُّغويّ. وقرأ بالروايات على أبي عمرو الداني، وعلم العربية، وحمل عَنْهُ طائفة. وقرأ على: أَبِي الْحَسَن مُحَمَّد بْن قُتَيْبة الصّقِلّيّ صاحب أَبِي الطّيّب بْن غلبون، وعلى غيرهما. وأخذ عن: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البرّ. وكان قائمًا على كتاب "سيبويه"، بصيرًا به، رأسًا في معرفته. وكان متزهِّدًا، منقبضًا عن الناس، متعفِّفًا، قد أراده إقبال الدولة بن مجاهد على القضاء فامتنع. وممن قرأ عليه: عَبْد الْعَزِيز بْن شفيع، وذلك مذكورٌ فِي إجازات الشّاطبيّ. توفِّي -رحمه اللَّه- بدانِيّة. وله شعرٌ جيّد، فمنه: يا راحلًا عن سواد المُقلتَين إِلَى ... سواد قلبٍ عن الإضلاع قد رحلا بي للفِراق جَوًى لو مرَّ أبْرَدُهُ ... بجامدِ الماء مرَّ البرْقِ لاشتعلا2

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "325"، وغاية النهاية "2/ 352" [2536] . 2 البيتان في: جذوة المقتبس "325"، والصلة لابن بشكوال "2/ 457".

حرف القاف: 191- قاسم بْن سَعِيد1: أبو الفضل الهَرَويّ القطَّان. سمع: أَبَا عليّ الزُّهْريّ. حرف الميم: 192- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه2: أَبُو سهْل الحفصيّ المَرْوَزِيّ. روى "صحيح البخاريّ" عن أَبِي الهيثم الكُشْمِيهَنيّ. وحدَّث به بمرْو، وبنيسابور. وكان رجلًا مباركًا من العوام، أكرمه نظام الملك ووصله. توفِّي بمرو. رَوى عَنْه: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي صالح المؤذن، وأبو حامد الغزالي، وهبة الرحمن القشيري، وعبد الوهاب بْن شاه الشاذياخي، ووجيه الشحامي، وآخرون حدثوا عنه "بالصحيح". توفِّي بمرو. وقال أبو سعد السمعاني: لم يحدث "بالصحيح" بمرْو، وحمله النظام إِلَى نيسابور، فحدَّث "بالصحيح" فِي النّظامية، وسمع منه عالم لا يُحْصَوْن، وانصرف فِي سنة خمسٍ وستين، وفيها مات. وهو مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر بْن سَعِيد بْن حَفْص -رحمه اللَّه. 193- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أسد: أبو زَيْدُ الهَرَويّ الفقيه الحنفي، قاضي هَرَاة وعالمها ومفتيها. روى عن: أَبِي الْحَسَن الديناري، والقاضي أبي منصور الأزدي.

_ 1 لم أقف له على ترجمة فيما تحت يدي من مصادر. 2 الأنساب "4/ 175، 176"، والإعلام بوفيات الأعلام "192".

194- محمد بن إبراهيم بن عليّ1: أبو بَكْر الأصبهاني العطّار الحافظ، مُستملي الحافظ أَبِي نُعَيْم. قال أبو سعْد السمعانيّ: هُوَ حافظ عظيم الشأن عند أَهْل بلده، أملى عدّة مجالس. سمع: أَبَا بَكْر بْن مردوَيْه، وأبا سعيد النقاش، وهذه بإصبهان، وأبا عُمَر الهاشمي، وعليّ بْن القاسم النجاد، بالبصرة، والحرفي وأبا عليّ بْن شاذان، وجماعة ببغداد. حدَّث عَنْهُ: سَعِيد بْن أَبِي الرَّجاء، والحسين بْن عَبْد الملك الأديب، وإسماعيل بْن عليّ الحمامي، وفاطمة بِنْت مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ. وقال الدّقّاق: كان من الحفَّاظ يملي من حِفظه. توفِّي فِي صَفَر. 195- مُحَمَّد بْن سلطان بْن مُحَمَّد بْن حيُّوس2: الفقيه أبو المكارم الغَنَويّ الدّمشقيّ الفَرَضي، أخو الأمير الشّاعر أَبِي الفتيان مُحَمَّد. سمع من: خاله أَبِي نصر بْن الْجُنْدي، وأبي مُحَمَّد بْن أَبِي نصْر التميمي. رَوَى عَنْهُ: الخطيب، وأبو نصر بْن ماكولا، وأبو الفتيان الرؤاسي، وأبو القاسم النسيب، وأبو محمد بن الأكفاني، وقال: كان مستخلفًا مِن قِبَل الحكام على الفروض والتزويجات. قال: وكان دينًا حَسَن الطريقة، أوحدَ زمانه فِي الفرائض. مات فِي سلْخ ربيع الآخر. 196- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أبي الرعد3:

_ 1 المنتظم "8/ 288"، وشذرات الذهب "3/ 325". 2 المشتبه في أسماء الرجال "1/ 211"، والعبر "3/ 262". 3 المنتظم "8/ 289"، والنجوم الزاهرة "5/ 97".

القاضي أبو نصْر الحنفي قاضي عُكْبَرَا. ذكره ابن السمعاني فقال: أحد أجلَّاء الزّمان وعُظَمائهم وألِبّائهم. سمع: هلال بْن عُمَر الصريفيني، وابن دُوسْت العلّاف. سمع منه جماعة من الحفاظ، وتوفِّي بعُكْبَرا فِي ربيع الأول. وقال غيره: توفِّي فِي ربيع الآخر، وسمع أَبَا أَحْمَد الفَرَضيّ. رَوَى عَنْهُ: ابنه أبو الْحَسَن، ومكّيّ الرُّمَيْليّ. 197- مُحَمَّد بْن قاسم بْن مَسْعُود الطُّلَيْطِليّ1: أبو عَبْد اللَّه. روى عن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن الفخَّار وابن العَشَاريّ. وكان فقيهًا مشاوَرًا. توفِّي فِي رمضان. 198- المسلّم بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن2: أبو الفضل. ويقال أبو الغنائم الْأَنْصَارِيّ الكعكيّ الحلاويّ الدّمشقيّ. سمع: أَبَا مُحَمَّد بن أبي نصر. روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، وعمر الدّهستاني، وجمال الْإِسْلَام أبو الْحَسَن السُّلّميّ. توفِّي فِي رمضان. حرف النون: 199- نوح بْن مَنْصُور الشاشي: الفقيه، يروي عن: أبي بكر الحيري، وغيره.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 547". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "24/ 278"، الإكمال لابن ماكولا "7/ 244".

حرف الياء: 200- يعقوب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد1: أبو بَكْر النَّيْسابوريّ الصَّيْرَفيّ. شيخ محتشم، ثقة. سمع: أبا محمد المخلدي، وأبا الحسين الخفاف، وأبا نُعَيْم أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأزهري، وأبا عَبْد اللَّه الحاكم، وغيرهم. رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه الفُراوي، وزاهر ووجيه ابنا الشّحّامي، وإسماعيل بْن أَبِي صالح المؤذّن، وهبة الرَّحْمَن بْن القُشَيْريّ. ترجمه ابن نقطة، وغيره. توفِّي فِي سابع ربيع الأوّل. وثَّقه ابن السمعاني، وغيره. وفيَّات سنة سبع وستين وأربعمائة: حرف الألف: 201- أَحْمَد بْن أَبِي نصر عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد: الشَّيْخ أبو بَكْر الكوفاني الهَرَوِيّ الصَّوفي، ويُعْرَف بكاكو. رحل وسمع بمصر من أَبِي مُحَمَّد بْن النحاس جزءًا، رواه عَنْهُ أبو الوقت السجزيّ. توفِّي فِي ربيع الأوَّل. 202- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يعقوب بْن دَاوُد2: أبو عُمَر بن الحذاء، مولى بني أمية.

_ 1 المنتخب من السياق "488"، وشذرات الذهب "3/ 325". 2 شذرات الذهب "3/ 327"، والصلة لابن بشكوال "1/ 62، 63"، والعبر "3/ 264".

قرطبي، مشهور، مُكثر عن والده الحافظ أَبِي عبد الله. ندبه أبوه صغيرًا إِلَى طلب العلم والسماع. فأخذ عن: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أسد، وعن: سَعِيد بْن نصر، وعبد الوارث بْن سُفْيَان، وأبي القاسم عبد الرحمن الوهراني. وهؤلاء من كبار شيوخ بن عَبْد البر. أدرك أبو عُمَر بهم درجة أَبِيهِ. وأول سماعه فِي حدود سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة. ونزح عن قرطبة فِي الفتنة، فسكن سرقسطة، والمرية، وولي القضاء بطليطلة، ثُمَّ بدانية، ثُمَّ رد فِي الآخر إِلَى قرطبة، وإشبيلية. رَوَى عَنْهُ: أبو عليّ الغساني، وخلق كثير. وكان حسن الأخلاق، موطأ الأكناف، كيسًا عالمًا، سريع الكتابة. ولد سنة ثمانين وثلاثمائة. وتوفِّي فِي ربيع الآخر، ومشى فِي جنازته المعتمد على اللَّه راجلًا. وكان أسند من بقي بأقطار الأندلس فِي زمانه -رحمه اللَّه. 203- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُكْرَم1: أبو حامد العطّار. توفِّي بخراسان فِي رمضان، وله أربعٌ وثمانون سنة. سمع: أَبَا الْحُسَيْن العلوي، وأبا بَكْر بْن عبدوس. وحدَّث. 204- إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أسود2: أبو إِسْحَاق الغساني الأندلسي البجاني. سمع: أَبَا القاسم عَبْد الرَّحْمَن الوهراني، والمهلب بْن أَبِي صفرة، وأبا الْوَلِيد بْن ميقل. وكان مشهورًا بالعلم والفهم والصلاح.

_ 1 المنتخب من السياق "106" [235] . 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 96" [215] .

ذكره ابن مدبر، حكاه ابن بشكوال عَنْهُ. 205- إِبْرَاهِيم بْن شكر بْن مُحَمَّد بْن عليّ1. أبو إِسْحَاق العثماني الْمَصْرِيّ المالكي الواعظ، نزيل دمشق. قدمها شابًا فسمع من: عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن ياسر، وعبد الرَّحْمَن بْن الطُّبَيز، ومحمد بْن عوف، وصالح بْن أَحْمَد الميانجي، وجماعة. ثُمَّ سافر إلى العراق سنة بضع وعشرين وأربعمائة، فذكر أنه سمع من أَبِي القاسم بْن بشران. وكان ضعيفًا متَّهَمًا. قيل: إنه ادَّعى السماع من هبة اللَّه بْن سلامة المفسر. رَوَى عَنْهُ: غيث الأرمنازي، وأبو الْحَسَن علي بْن أَحْمَد بْن قبيس، وغيرهما. توفِّي بدمشق فِي ذي الحجة. حرف الحاء: 206- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُوسَى2: الشَّيْخ أبو مُحَمَّد الغَنْدَجاني، شيخ واسط ومسندها فِي زمانه. وغندجان من كور الأهواز. رحل وسمع مع ابن عمِّه أَبِي أَحْمَد عَبْد الوهاب الغَنْدَجانيّ من: أَبِي حَفْص الكتاني، والمخلص، وغيرهما. وعنه: مُحَمَّد بْن عليّ الجلابي، وأهل واسط. قال السمعاني: وُلِد ببغداد، وأقام بالأهواز مدة، وكان ثقة صدوقًا. وقال خميس: هُوَ جليل نبيل صدوق. فارق بغداد بعد الثلاثين وأربعمائة، وأقام بواسط متدبِّرًا لها.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 37"، والمغني في الضعفاء "1/ 16" [97] . 2 الأنساب "9/ 180، 181"، سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي "45، 46" [2] .

وقال السمعاني: ولد فِي شوال سنة ثلاثٍ وثمانين، ومات بواسط سنة سبع هَذِهِ. 207- الْحَسَن بْن عَبْد الودود بْن عَبْد المتكبر1: أبو علي بْن المهتدي بالله، خطيب جامع المنصور. سمع: أَبَا القاسم عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الصيدلاني. رَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، وأبو بَكْر الْأَنْصَارِي، وأبو مُحَمَّد بْن الطرَّاح. وكان نبيلًا متواضعًا، طريفًا، له أُبَّهَة. 208- الْحُسَيْن بْن عليّ2: أبو عَبْد اللَّه السجستاني، الخازن: شيخ صالح. سمع بدمشق من: ابن سلوان، وأبي عليّ الأهوازي. رَوَى عَنْهُ: وجيه الشحامي. توفي -رحمه اللَّه- بهراة. حرف الزاي: 209- زَيْدُ بْن عليّ3: أبو القاسم الفارسي النحوي اللغوي. توفِّي بأطرابلس الشام. حرف الشين: 210- شاذي بْن عَبْد اللَّه الأرمني4: سمع: أَبَا عَبْد اللَّه الجرجاني. توفِّي ببزد في جمادى الآخرة.

_ 1 تاريخ بغداد "7/ 344"، والمنتظم "8/ 295". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 114" [124] ، والتهذيب "4/ 314". 3 كشف الظنون "212، 691"، وبغية الوعاة "1/ 573". 4 لم أقف على ترجمته فيما تحت يدي من مصادر.

211- شجاع بْن علي بْن شجاع1: أبو مَنْصُور المصقلي الأصبهاني الصوفي. طلب وسمع الكثير من: أَبِي عَبْد اللَّه بْن منده، وأبي جَعْفَر الأبهري، وأحمد بْن يوسف الخشَّاب. قال يحيى بْن منده: هُوَ كثير السماع، معروف بالطلب. مات فِي المحرَّم. قلت: رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن عَبْد الملك، وأبو طاهر مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم المعروف بهاجر، ومحمود بْن مُحَمَّد بْن ماشاذة، وآخرون. 212- أبو زَيْدُ أَحْمَد بْن علي2: يروي عن أَبِي عُمَر السلمي، وطبقته. رَوَى عَنْهُ: غانم بْن خَالِد. حرف الْعَيْنِ: 213- عَبْد اللَّه أمير المؤمنين القائم بأمر الله3: أبو جعفر ابن القادر بالله أبي العباس أحمد ابن ولي العهد إِسْحَاق بْن المقتدر بالله أَبِي الفضل جَعْفَر بْن المعتضد، الهاشمي العباسي. ولد فِي نصف ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وبويع بالخلافة بقبة الْإِسْلَام مدينة السلام بغداد يوم الثلاثاء ثالث عشر ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وأمه أم ولد اسمها بدر الدُّجَى الأرمنية، وقيل: اسمها قطر الندى، كذا سماها الخطيب. أدركت خلافته، وعاشت بعدها ثلاثين سنة. بويع عند موت والده القادر، وكان ولي عهده فِي حياته، وهو الَّذِي لقَّبه بالقائم بأمر اللَّه. قال ابن الأثير: كان جميلًا، مليح الوجه، أبيض مشربًا حمرة، حسن الجسم

_ 1 الأنساب "11/ 349"، والتقييد لابن نقطة "297، 298"، وقد تقدم قريبًا. 2 الأنساب "11/ 349"، والتقييد "155". 3 المنتظم "8/ 295"، والعبر "3/ 264"، والبداية والنهاية "12/ 21-32".

ورعًا، زاهدًا، عالمًا، قوي اليقين بالله، كثير الصدقة والصبر، له عناية بالأدب، ومعرفة حسنة بالكتابة، ولم يكن يرضى أكثر ما يكتب من الديوان، وكان يصلح فِيهِ أشياء، وكان مؤثرًا للعدل والإحسان وقضاء الحوائج، ولا يرى المنع من شيءٍ يطلب منه. قال: وكان سبب موته مأشرا فافتصد ونام، فانفجر فصاده وخرج منه دم كثير، فاستيقظ وقد ضعف وسقطت قوته، فأيقن بالموت، وطلب ولي العهد ووصاه، ثُمَّ توفِّي -رحمه اللَّه. وحكى الْحَسَن بْن مُحَمَّد القيلوي فِي "تاريخه" قال: ولما رجع الخليفة إِلَى داره -يعني: نوبة البساسيري- لم يتجرَّد من ثيابه للنوم إِلَى أن مات، ولا نام على فراش غير مصلَّاه، وكان يصوم -فيما حُكِيَ عَنْه- أكثر الزمان، ويقوم الليل، وعفا عن كل من عرفه بفساد وأحسن إليه، ومنع من أذية من أذاه. قال السلفي: حَدَّثَنِي عَبْد السلام بْن على القيسراني المعدل بمصر، قال: حَدَّثَنِي شيوخ بغداد أن القائم لم يسترد شيئًا مما نهب من قصره إلا بالثمن، ويقول: هَذِهِ أشياء احتسبناها عند اللَّه، وأنه منذ خرج من مقرِّ عزه ما وضع رأسه على مخدة. وحين نهبوا قصره لم يجدوا فِيهِ شيئًا من آلات الملاهي. قال الخطيب فِي تاريخه: ولم يزل أمره مستقيمًا إِلَى أن قبض عليه فِي سنة خمسين، وكان السبب فِي ذلك أن أرسلان التركي البساسيري كان قد عظم أمره واستفحل شأنه، لعدم نُظرائه، وانتشر ذِكره، وتهيَّبته أمراء العرب والعجم، ودُعي له عَلَى المنابر، وجُبِي لَهُ الأموال، وخرَّب القُرى، ولم يكن القائم يقطع أمرًا دونه، ثُمَّ صحَّ عنده سوء عقيدته، وشهد عنده جماعة أن البساسيري عرَّفهم وهو باسط عزْمه على نْهب دار الخلافة، والقبض على أمير المؤمنين، فكاتب الخليفة أَبَا طَالِب مُحَمَّد بْن ميكال سلطان الغُزّ المعروف بطُغْرُلْبَك، وهو بالرِّيّ، يستنهضه فِي القدوم، ثُمَّ أُحرقت دار البساسيري. وقَدِمَ طُغْرُلْبَك فِي سنة سبعٍ وأربعين، فَذَهب البساسيري إِلَى الرحْبة، وتلاحق به خلْق من الأتراك، وكاتَبَ صاحب مصر، فأمدّه بالأموال. ثُمَّ خرج طُغْرُلْبَك بعد سنتين إِلَى نصيبين، ومعه أخوه ينال فِي سنة خمسين، فخالف عليه أخوه، وسار بجيش عظيم وطلب الريّ، وكان البساسيري قد كاتبه

وأطمعه بمنصب أَخِيهِ طُغْرُلْبَك، فسار طُغْرُلْبَك فِي أثر أَخِيه، فتفرَّقت عساكره، وتواقَع هُوَ وأخوه بهَمَذان، فظهر عليه ينال وحصَره بهمذان، فعزم الوزير الكُنْدُري والخاتون زَوْجَة طُغْرُلْبَك وابنها على نجدة طُغْرُلْبَك، فاضطرب أمر بغداد، وأرجفوا بمجيء البساسيري، فبطل عزم الوزير، فهمَّت خاتون بالقبض عليه وعلى ابنها، ففرَّا إِلَى الجانب الغربي، وقطعوا الجسر، فنهبت دُورهما، ومضَتْ هِيَ بجمهور الجيش نحو هَمَذان، وخرج ابنُها والوزير نحو الأهواز، فَلَمَّا كان فِي ذي القعدة رحل البساسيري إِلَى الأنبار، ولم يحضر الخطيب يوم الجمعة، ونزلوا من المئذنة، فأخبروا أنهم رأوا عسكر البساسيري، وصلى الناسُ ظُهْرًا. ثُمَّ وَرَد من الغد من عسكره مائتا فارس، فلمَّا كان يوم الأحد دخل البساسيري بغداد ومعه الرايات المصرية، فضرب مخيمه على دجلة، وأجمع أَهْل الكرْخ والعوام من الجانب الغربي على مُضافَرة البساسيري، وكان قد جمع العيّارين وأهل الرساتيق، وأطمعهم فِي نهب دار الخليفة، والناسُ إذ ذاك فِي قَحْط، وبقي القتال كل يومٍ بين الفريقين فِي السُّفن، فلمَّا كان يوم الجمعة المقبلة دُعي لصاحب مصر بجامع المنصور، وزِيد فِي الأذان بحيِّ على خير العمل، وأصلحوا الجسر، وعَبَرَ الجيش، فنزلوا بالزاهر، وكفوا عن المحاربة أيامًا. وخندّق الخليفة حول داره، وأصلح سُورَها، ثُمَّ حشد البساسيري أَهْل الكرْخ وغيرهم، ونهضَ بهم إِلَى حرب الخليفة، فتحاربوا يومين، وقُتِل قتلى كثيرون. وَفِي اليوم الثالث أتى البساسيري وجُموعه نحو دار الخليفة، وأحرقَ الأسواق بنهر مُعَلَّى، ووقع النَّهْب، وأحاطوا بدار الخلافة، وأُخذ منها ما لا يُحصى، ووجَّه الخليفة إِلَى قُرَيْش العُقَيْليّ البدوي، وكان قد جاء ناصرًا للبساسيري، فأذم للخليفة فِي نفسه، ولقيه فقبَّل بين يديه الأرض، وخرج الخليفة معه راكبًا وبين يديه رايةٌ سوداء، والأتراك بين يديه، ثُمَّ نزل بمخيمٍ ضُرِب له بأمر قريش، وقبض البساسيري على الوزير وعلى القاضي الدامغاني، وجماعة، وقيد الوزير والقاضي، فَلَمَّا كان يوم الجمعة من ذي الحجة، خطب لصاحب مصر فِي كل الجوامع إلا جامع الخليفة، ولما كان يوم عَرَفَة بُعِث الخليفة إِلَى عانة على الفُرات، وحُبِس هناك. وشهِّر الوزير فِي أواخر الشهر على جملٍ وطِيف به. ثم صلب حيًّا، وهو أبو

القاسم ابن المسلمة، ثُمَّ جعلوا فِي فكَّيْه كلوبين من حديد، فمات ليومه. وأُطْلِق قاضي القضاة. وأما طُغْرُلْبَك فظفر بأخيه وقتله، وكاتب متولي عَانَة فِي رد الخليفة إِلَى داره مُكْرَمًا. وذُكر لنا أن البساسيري عزم على ذلك لما بلغه أن طُغْرُلْبَك متوجه إِلَى العراق. وحصل الخليفة فِي مقر عزّه فِي الخامس والعشرين من ذي القعدة من سنة إحدى وخمسين. ثُمَّ جهز طُغْرُلْبَك جيشًا، فحاربوا البساسيري بِسَقي الفُرات، وظفروا به، فقُتل وحمل رأسُه إِلَى بغداد. وقال أبو الْحَسَن عَلِيّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السّلام الكاتب: سمعت الأستاذ، وأبا الفضل مُحَمَّد بْن علي بْن عامر قال: دخلنا فِي يومنا هَذَا إِلَى المخزن، فلم يبق أحد لقيني إلا وأعطاني قصَّة، فامتلأ كمي بالرقاع، فلمَّا رَأَيْت كَثْرَتَها قلتُ: لو كان القائم بأمر اللَّه أخي لأَقلَّ المراعاة لي ولضجر مني. وألقيتها فِي بركة، وكان القائم ينظر وأنا لا أعلم، فلمَّا وقفت بين يديه أمر بأخذ الرقاع من البركة، وبُسِطت فِي الشمس، ثُمَّ حُمِلت إليه، ووقَّع على الجميع. ثُمّ قال: يا عامّي، ما حملك على ما فعلت؟ وهل كنا عليك دركٌ فِي إيصالها إلينا؟ فقلتُ: خفت أن تملّ. فقال: ويْحك، ما أطلقنا شيئًا من أموالنا، بل نَحْنُ خزّانهم فيها. واحذر أن تعود إِلَى ما فعلت. قال أبو يَعْلَى بْن حَمْزَة بْن القلانِسيّ فِي "تاريخه": رُوي أن القائم لمّا اعتُقل نَوْبة البساسيري كتبَ قَصّةً ونفذها إِلَى بيت اللَّه مستعديا إِلَى اللَّه على من ظلمه، فَعلقت على الكعبة، وهي: "إِلَى اللَّه العظيم من المسكين عبده. اللَّهُمَّ إنَّك العالم بالسرائر، والمطَّلِع على الضمائر، اللهُم إنّك غنيٌّ بعلمك واطلاعك على خلقك، عن إعلامي، هَذَا عبدٌ قد كفر نِعَمك ومَا شَكَرها، وألقى العواقب وما ذكرها، أطغاه حلْمُك حَتَّى تعدَّى علينا بغْيا، وأساء إلينا عتوًا وعدوًا. اللَّهُمّ قلَّ الناصر، واعتزَّ الظالم، وأنت المطلع العالم، والمنصفُ الحاكم. بك نعتز عليه، وإليك نهربُ من يديه، فقد تعزَّز

علينا بالمخلوقين، ونحن نعززُ بك، وقد حاكمنا إليك، وتوكَّلنا فِي إنصافنا منه عليك، ورفعنا ظلامتنا هَذِهِ إِلَى حَرَمَك، ووثقنا فِي كشْفها بكرمك، فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين". توفِّي القائم بأمر اللَّه ليلة الخميس الثالث عشر من شعبان، ودُفن فِي داره بالقصر الحسني. وكانت دولته خمسًا وأربعين سنة، وغسّله الشريف أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي شيخ الحنابلة. وبُويع بعده المقتدي. 214- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الهيصم الكرّامي1: أبو بَكْر النَّيْسابوري، من وجوه أصحاب أَبِي عَبْد اللَّه بْن كرام. توفِّي أَبُوهُ الْإِمَام مُحَمَّد ولهذا إحدى عشرة سنة، وكان قد قرأ عليه شيئًا يسيرًا، ثم قرأ على أَخِيهِ عَبْد السلام، وحصل سرائر المذهب ودقائقه عن أَخِيهِ. واختلف إِلَى الأديب أَبِي بَكْر الخطابي، وأحكم عليه الأدب. وسمع من: أَبِي عَمْرو بْن يحيى، والقاضي أَبِي الهيثم، وعبد اللَّه بْن يوسف، وابن مَحْمِش، والحاكم أَبِي عَبْد اللَّه. وتوفِّي يوم عيد الفِطْر. وكان أَبُوهُ رأسا فِي بدعته. 215- عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُعَاذ الصَّيْرَفيّ: الهَرَويّ. وقد حجَّ وسمع: أَبَا الْحُسَيْن بْن بشران، وأبا أسامة المقرئ بمكة. 216- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن محمود: أبو سَعِيد الهَرَويّ المعلم. سمع من: الأمير خلف السنجري، وأبا علي منصور الخالدي. وحدَّث.

_ 1 المنتخب من السياق "287، 288" [950] .

217- عَبْد الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّد بْن المظفر بْن مُحَمَّد بْن دَاوُد بْن أَحْمَد بْن مُعَاذ بْن سهل بْن الحكم بْن شيرزاد1: أبو الحسن بن أبي طلحة الداودي البوشنجي، شيخ خُراسان، جمال الْإِسْلَام -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. ذكره أبو سعد السمعاني فقال: وجه مشايخ خُراسان فضلًا عن ناحيته، المعروف فِي أصله وفضله وسيرته وطريقته، له قَدَمٌ فِي التَّقْوى راسخْ، يستحق أن يُطْوَى للتبرُّك بلقائه فراسِخْ، وفضله فِي الفنون مشهور، وذِكْره فِي الكُتُب مسطور، وأيّامه غُرَر، وكلماته دُرَرْ. قرأ الأدب على أَبِي علي الفَنْجُكِرْدي، والفقه على: أَبِي بَكْر القفال المَرْوَزِي، وأبي الطيب سهْل الصُّعْلُوكي، وأبي طاهر بن محمش، والأستاذ أبي حامد الإسفرائيني، وأبي الْحَسَن الطَّبَسي، وأبي سَعِيد يحيى بْن مَنْصُور الفقيه البُوسنجيّ. وسمعتُ أنَّ ما كان يأكله فِي حالة التّفقُّه والمُقام ببغداد وغيرها يحمل إليه من فوشنج احتياطًا فِي المأكول. وصحِب أَبَا عليّ الدّقّاق، وأبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمّي بنَيْسابور، والإمام فاخر السِّجْزِيّ بِبُسْت فِي رحلته إِلَى غَزْنَة، ولقي يحيى بن عمار. ودخل بغداد سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، ورجع إلى وطنه سنة خمس وأربعمائة، وأخذ فِي مجلس التذكير والتدريس والفتوى والتصنيف، وكان له حظٌّ وافر من النَّظْم والنَّثْر. سمع ببوُشَنْج: عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حَمَّوْيه السَّرْخسيّ، وهو آخر من حدَّث عَنْهُ. وبهَرَاة: أَبَا مُحَمَّد بْن أَبِي شُرَيْح. وبنَيْسابور: أَبَا عَبْد اللَّه الحاكم، وأبا عَبْد اللَّه بن بامويه، وابن محمش.

_ 1 الأنساب "5/ 263، 264"، والمنتظم "8/ 296"، والبداية والنهاية "12/ 112"، والنجوم الزاهرة "5/ 99".

وببغداد: أَبَا الْحَسَن بْن الصَّلْت المُجْبِر، وأبا عُمَر بْن مَهْدِي، وعلي بْن عُمَر التّمّار. حَدَّثَنا عَنْهُ: مسافر بْن مُحَمَّد، وأخوه أَحْمَد، وأبو المحاسن أسعد بْن زياد الماليني، وأبو الوقت عَبْد الأول، وعائشة بِنْت عَبْد اللَّه البُوسَنْجيّة. قال السمعاني أبو سعْد: سمعتُ يوسف بْن مُحَمَّد بْن فارو الأندلسيّ: سمعتُ عليّ بْن سُلَيْمَان المرادي يقول: كان أبو الْحَسَن عَبْد الغافر بْن إِسْمَاعِيل يقول: سمعتُ "الصحيح" من أَبِي سهل الحفصي، وأجازه لي أبو الْحَسَن الداودي، وإجازة الداودي أحب إليَّ من السماع من الحفصي. وسمعت أسعد يقول: كان شيخنا الداودي بقي أربعين سنة لا يأكل اللحم وقت تشوشّ التُّرْكُمان واختلاط النَّهْب، فأضرَّ به، فكان يأكل السَّمَك ويُصطاد له من نهرٍ كبير، فحكي له أن بعض الأمراء أكل على حافة ذلك النهر، ونُفِضت سفرتُه، وما فضل منه فِي النَّهْر، فَمَا أكل السَّمَك بعد ذلك. قال أبو سعْد: وسمعتُ محمود بْن زياد الحنفي يقول: سمعتُ الْمُخْتَار بْن عَبْد الحميد البُوشَنْجيّ يقول: صلى الْإِمَام أبو الْحَسَن الداوديّ أربعين سنه، وكان يده خارجة من كُمّه استعمالًا للسُّنَّة، واحتياطًا لأحد القولين فِي وضع اليدين وهما مكشوفتان حالة السُّجود. قال أبو القاسم عبد الله بن علي، أخو نظام المُلْك: كان أبو الْحَسَن الداودي لا تسكُن شفته من ذكر اللَّه، فحُكي أن مُزَيّنًا أراد أن يقص شاربه فقال: سكِّن شفَتَك. فقال: قلْ للزمان حَتَّى يَسْكُن. ودخل أخي النظام عليه، فقعد بين يديه، وتواضعَ له، فقال لَهُ: أيُّها الرجل، إنّك سلطان اللَّه على عباده، فانظر كيف تجيبه إذا سألك عَنْهُمْ. ومن شعر الداوديّ: ربِّ تقبَّلْ عملي ... ولا تخيِّب أملي أَصْلِحْ أُموري كلّها ... قبل حلول الأجل1

_ 1 البيتان في طبقات الشافعية للإسنوي "1/ 252"، وسير أعلام النبلاء "13/ 563".

وله: يا شاربَ الخمر اغتنِمْ توبةً ... قبل الْتِفاف الساقِ بالسّاق الموتُ سلطانٌ له سطوةٌ ... يأتي على المَسقيّ والسّاقيّ1 قال عَبْد الغافر الفارسي: وُلِد الداوديّ فِي ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وثلاثمائة2. وقال الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الكُتُبيّ: توفِّي بفوُشَنْج فِي شوال. فُوشَنْج، ويقال بالباء، مدينة صغيرة بشين مُعْجَمَة على سبعة فراسخ من هَرَاة. رحمه اللَّه تعالى. 218- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بن عبد الكبير الطليطلي3: الطبيب ابن وافد، الوزير أبو المطرِّف اللَّخْميّ الأندلسي. من كبار العالمين بالطِّب، لا سيما بالأدوية المفردة، فإنه لم يُدرِك شَأْوَه فيها أحدٌ، وألّف كتابًا حافلًا جمع فِيهِ بين قول ديسقوريدوس، وقول جالينوس. وَلَهُ يَدٌ طُولَى فِي الْمُعَالَجَة، وسكن طُلَيْطُلَة، وكان له فِي دولة ابن ذي النون ذِكرٌ، وكان حيًّا فِي سنة ستين وأربعمائة. وذكر أنه ولد سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، وهو مشهور بابن وافد -بالفاءِ، وله أيضًا كتاب "الرّشاد" فِي الطِّب، وكتاب "تدقيق النّظر فِي عِلَل حَاسَّةِ الْبَصَرْ"، وكتاب "مجرَّبات الطّبّ". توفِّي فِي رمضان سنة سبْعٍ وستّين. ورَّخه الأبّار وقال: له كتاب "الفلاحة". أَخَذَ الطبّ عن خلف بْن عَبَّاس الزَّهْراويّ. 219- عَبْد السلام بن أحمد بن محمد بن عمر4:

_ 1 البيتان في سير أعلام النبلاء "13/ 563". 2 انظر المصدر السابق. 3 معجم المؤلفين "5/ 180، 181"، وأخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي "152". 4 المنتظم "8/ 296"، "16/ 169".

أبو الغنائم الْأَنْصَارِيّ الْبَغْدَادِيّ البابصري، نقيب الأَنْصَار، من ولد زَيْدُ بْن وديعة الْأَنْصَارِيّ -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. كان من أماثل الشيوخ وأعيانهم، ذا سَمْتٍ ووقار، ودِين وتواضع. وكان ثقة، صحيح السماع. سمع من: هلال الحفّار، وأبي الفتح بْن أَبِي الفوارس، وأبي الْحُسَيْن بْن بشران. سمع منه: مكّيّ الرُّمَيْلي، وأبو الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المقتدي بالله، وأبو عَبْد اللَّه الْحُسَيْن سبْط الخيّاط، وأبو المعالي بْن البدِن. وُلِد سنة تسعٍ وثمانين وثلاثمائة، وقيل: سنة ستٍّ وثمانين. وتوفِّي فِي يوم الجمعة السابع والعشرين من رمضان، وهو والد أَبِي الفضل مُحَمَّد شيخ شهدة. 220- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن سعيد البقال الأصبهاني: مات فِي شعبان. شيخ مستور عفيف صالح. روى عن: أَبِي عُمَر بْن عَبْد الوهَّاب، وأبي الْعَبَّاس المَخْلَديّ. 221- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الطيّب1: الرئيس الأديب، أبو الْحَسَن الباخرزِي2 الشاعر، مصنِّف "دُمْية القصر". كان واحدًا فِي فنه. تفقَّه فِي مذهب الشافعي، ولازم أَبَا مُحَمَّد الْجُوَيْنيّ والد إمام الحَرَمَين، ثُمَّ شرع فِي الأدب، وأقبل على الكتابة والإنشاء، واختلف إِلَى ديوان الرسائل، وتنقلت به الأحوال، ورأى عجائب فِي أسفاره، وسمع الحديث، وألف كتاب "دُمية القصر"، وهو ذيل "ليتيمة الدّهر" للثّعالبي فِي الشعراء، ذكر فِيهِ خلقًا كثيرًا، وقد وضع على كتابه أبو الْحَسَن عليّ بْن زَيْدُ البَيْهَقيّ كتابًا سماه "وشاح الدُّمية"، كذا سماه أبو سعد

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 11"، والبداية والنهاية "12/ 112"، وهدية العارفين "1/ 692". 2 الباخرزي: هذه نسبة إلى باخرز، ناحية من نواحي نيسابور "الأنساب 2/ 21".

السمعاني في "الذيل"، وسمَّاه العماد فِي كتاب "الخريدة" شرف الدين على بْن الْحُسَيْن البَيْهَقيّ. وللباخَرْزِيّ ديوان شِعْر كبير، منه: يا فالقَ الصُّبْح من لألاءٍ غُرّتِهِ ... وجاعِلَ الليلِ من أصْداغه سَكَنا بصورة الوَثَن استعبدتني، وبها ... فتنتني، وقديمًا هجت لي شَجَنا لا غَرْو أَنْ أحرقَتْ نار الهَوَى كَبِدي، ... فالنار حقُّ على من يعبُد الوَثَنا1 قُتِل بباخَرز، وهي ناحية من نواحي نَيْسابور، وذهبَ دمُه هَدْرًا فِي شهر ذي القعدة. 222- عليّ بْن الحُسين بْن أحْمَد بْن محمد بْن الحسين2: أبو الحسن التغلبي ابن صَصرى، أصلهم من مدينة بلدٍ. حدَّث عن: تمَّام الرّازي، وأبي عَبْد اللَّه بْن سهل، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر التميمي، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن نصر، وجماعة. رَوَى عنه: أبو بكر الخطيب، وعمر الرؤاسي، وأبو القاسم النسيب، وأبو مُحَمَّد بْن الأكفاني وقال: توفِّي فِي الثالث والعشرين من المحرَّم بدمشق. وكان ثقة كتب له تمَّام الجزء الأول من فوائد الْحُسَيْن بْن يحيى الشّعراني، وكتب عليه علامة السماع له من أَبِي بَكْر بْن أَبِي الحديد، فدَفعه إليَّ وقال: لم أسمع من أَبِي بَكْر شيئًا، كتب لي تمّام هَذَا الجزء، ولم يتَّفق لي سماعه من أَبِي بَكْر. حرف الميم: 223- مُحَمَّد بْن بديع الأَسَدَاباذي3. أبو الفتح. سمع: عَبْد الرَّحْمَن بن أبي نصر. روى عنه: الخطيب مع تقدمه، وغيث الأرمنازي.

_ 1 الأبيات في: معجم الأدباء "13/ 48"، ووفيَّات الأعيان "3/ 388". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 226"، والعبر "3/ 265". 3 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية" "37/ 198".

مات بالرملة قاصدًا القدس. 224- مُحَمَّد بْن المحدِّث أَبِي مُحَمَّد الجوهري: أبو الحسن. سمع: أَبَا عليّ بْن شاذان. وعنه: أبو عليّ البَرَدَاني، وشجاع الذُّهْلي، وطائفة. 225- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ1: أبو الحُسَين الأزْديّ الدِّمشقيّ المعروف بابن أَبِي العجائز، الخطيب. نزيل بيروت، وبها توفِّي. روى عن: عبد الرحمن بن أبي نصر، وأبي نصر بْن هارون. وعنه: عُمَر الرُّؤاسي، وابن الأكفاني، وغيرهما. 226- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ: أَبُو بَكْر القصّار المَدِيني، يُعرف بالغزّال. مات فِي جُمَادَى. 227- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن الْعَبَّاس بْن الحُصَين: أبو عَبْد اللَّه الشَّيْباني، والد هبة اللَّه بْن الحُصَين. مات فيها، ومات ابنُه عَبْد الواحد بعده بأيام. 228- مُحَمَّد بْن عقيل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المنعم بْن هاشم2: أبو عَبْد اللَّه القُرَشيّ الدّمشقيّ البزّاز. صدوق. سمع من: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر. رَوَى عنه: غيث الأرمنازي، وابن الأكفاني.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "22/ 280، 281". 2 الإكمال لابن ماكولا "6/ 239"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "23/ 60".

229- محمد بْن علي بْن محمد بْن موسى1: أبو بَكْر الخيّاط المقرئ الْبَغْدَادِيّ. قرأ القراءات على: أَبِي أَحْمَد بْن أَبِي مُسْلِم الفَرَضي، وأبي الْحَسَن السَّوْسَنْجِرْدي، وبكر بْن شاذان، والحماميّ. وتفرَّد بالعُلُو، فِي رواية أَبِي نشيط، عن قالون. وَفِي اختيار خَلَف، وَفِي رواية سجّادة عن اليزيْديّ. وكان عالمًا متقنًا، ورِعًا صالحًا، خشن الطّريقة، حنبلي المذهب. سمع الحديث من: ابن الصَّلْت المُجْبِر، والفَرَضي، وأبي عُمَر بْن مَهْدي، وإسماعيل بْن الحَسَن الصَّرْصَري، وجماعة. وتصدَّر للإقراء، وكان بقية شيوخ العراق، فقيرًا قانعًا بكَّاءً عند الذِّكْرِ. رَوَى عَنْهُ: الخطيب فِي تاريخه، ومكّيّ الرُّمَيْلي، وأبو مَنْصُور القزّاز، وعبد الخالق بْن البدِن، ويحيى بْن الطّرّاح، وأحمد بن ظفر المغازلي. وقرأ عليه القرآن جماعة، منهم: أبو الحسين بْن الفراء الحنبلي، وهبة الله بن الصرّ الحريري، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن المَزْرَفي، وأبو عَبْد اللَّه البارع. وكان مولده فِي سنة ست وسبعين وثلاثمائة. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى. 230- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد: أبو يَعْلَى بْن الحرْبيّ2 البزّاز. روى عن: هلال الحفّار. وعنه: أبو عليّ البَرَدَانيّ وقال: تُوُفّي فِي المحرم. 231- محمود بْن نصر بن صالح بن مرداس الكلابي3:

_ 1 المنتظم "8/ 297"، ومعرفة القراء الكبار "1/ 426". 2 الحربي: نسبة إلى محلة الحربية بغربي بغداد "الأنساب "4/ 99". 3 المنتظم "8/ 300"، والعبر "3/ 266".

الأمير عزّ الدولة صاحب حلب. كَانَتْ مدّة مملكته حلب بعد أن تسلَّمها من عمِّه عطية عشر سنين. وكان شجاعًا كريمًا عادلًا، يُداري المصريين والعراقيين. مدَحَه ابن حيّوس بقصائد. توفِّي سنة سبْعٍ هَذِهِ، وتملَّك بعده ابنه الأمير نصْر، وأمُّه هِيَ بِنْت الملك الْعَزِيز أبي منصور جلال الدولة ابن بُوَيْه، فبقي سنة، قتله بعض الأتراك بظاهر حلب. 232- المسلم بْن الْحَسَن بْن هلال الأزْديّ1: البزّاز المقرئ. توفِّي بصور فِي ربيع الأول. قرأ بعدّة روايات، وتلا على: عليّ بْن الْحَسَن بْن أَبِي زروال الرَّبَعي. وسمع من عَبْد الرَّحْمَن بْن الطّبَيْز، والعَقِيقيّ. قال ابن الأكفاني: لم يحدِّث بشيء. حرف الياء: 233- يوسف بْن أَحْمَد بْن صالح2: أبو القاسم الغُوريّ. لقّن خلْقًا ببغداد، وكان من أعيان أصحاب الحماميّ. مات فِي رجب. سمع منه: مكّيّ الرُّمَيْلي، وأبو مُحَمَّد بْن السَّمَرْقَنْديّ. 234- يوسف بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن حسن بْن عُثْمَان: أبو القاسم الرازي، الخطيب.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "24/ 279"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "5/ 65" [1673] . 2 الأنساب "9/ 190"، وما بعدها، واللباب "2/ 38".

وفيَّات سنة ثمان وستين وأربعمائة: حرف الألف: 235- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عُمَر البرمكي1: أبو الحسين ابن الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق. ديِّن خيِّر منعزِل. سمع: أَبَا الفتح بْن أَبِي الفوارس. ورَوَى عَنْهُ: قاضي المَرِستان أبو بَكْر، وأصلهم من قرية اسمها البرمكية. توفِّي فِي ذي القعدة. 236- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد. أبو بَكْر المقدسي القطّان المقرئ. قرأ القراءات على جماعةٍ؛ منهم: أبو القاسم عليّ بْن مُحَمَّد الزَّيديّ بحَرّان، وأبو علي الأهوازيّ بدمشق، ومحمد بْن الْحُسَيْن الكارَزِينيّ بمكّة، وعُتْبَة بْن عَبْد الملك العثماني، وجماعة ببغداد. وسمع الكثير. رَوَى عَنْهُ: أبو بكر المرزفي. 237- أَحْمَد بْن علي بْن القاضي أَبِي عَبْد اللَّه محمد بْن الْحُسَيْن النصيبيّ2: ثُمَّ الدَّمشقي، جلال الدولة أبو الْحَسَن. سمع: أَبَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي كامل فيما زعم، وهو جدُّه لأُمّه. وولي قضاء دمشق فِي دولة المستنصر العُبَيْديّ، وهو آخر قضاة العُبَيْدييّن بدمشق، ولي بعده الشريف أبو الفضل، وكان يُرمَى بالكذِب. أَخَذَ عَنْهُ هبة اللَّه بْن الأكفاني.

_ 1 المنتظم "355، 3449". 2 أخبار مصر لابن ميسر "2/ 24"، وميزان الاعتدال "1/ 121"، والنجوم الزاهرة "5/ 102".

وحكى الشريف النسيب عن أَبِي الفتيان بْن حيوس أنه كان يومًا مع الشريف أَحْمَد، فقال الشريف: ودِدْت أَنّي كنتُ فِي الشجاعة مثل علي، وَفِي السّخاء مثل حاتم، فقال له ابن حيُّوس: وَفِي الصِّدْق مثل أَبِي ذَرّ -يعرِّض بأنّه كذَّاب. قال ابن الأكفانيّ: توفِّي قاضيا بدمشق وأعمالها. 238- أَحْمَد بْن عليّ بْن أَحْمَد1: أبو سَعِيد بْن الأزرق السوسي ثُمَّ البغدادي. وُلِدَ سنة تسعين وثلاثمائة. وسمع من: أَبِي أَحْمَد الفَرَضي، وأبي عُمَر بْن مَهْديّ. وكانت أُصوله جيّدة. سمع منه: مكي الرُّمَيْليّ، وغيره. وتوفِّي ليلة عيد الفِطْر -رحمه الله. رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيل السَّمَرْقَنْديّ. 239- أَحْمَد بْن مَنْصُور بْن مُحَمَّد الغساني الغَنْميّ2: الفقيه أبو العبّاس الدّارَانيّ الدَّمشقي، الفقيه المالكي، المعروف بابنُ قُبيس. سمع: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصْر، وعبد الرَّحْمَن المَيْداني، وأبا نصر عَبْد الوهاب المُرِّي، وابن ياسر الْجَوْبَرِيّ. وأوّل سماعه سنة اثنتين وأربعمائة بداريّا. رَوَى عَنْهُ: ابنه علي، وعمر الرّؤاسي، وهبة اللَّه بْن الأكفاني، وعليّ بْن المسلم. ومات فِي شعبان وقت نزول التُّرْك على دمشق. قال هبة اللَّه: كان ثقة حافظًا متحرِّزًا، مشتغلًا بالعلم. قلت: وأخذ من الفقه عن القاضي عَبْد الوهّاب المالكيّ -رحمه اللَّه لمَّا مَرَّ بدمشق.

_ 1 المنتظم "8/ 298"، "16/ 172". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 305، 306"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 100".

240- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر: أبو طاهر الأصبهاني البقال النقَّاش. حدَّث فِي هَذِهِ السنة عن: عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ الحافظ. رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه الخلال، وأبو سعْد الْبَغْدَادِيّ. 241- إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الطَّيّب1: القاضي أبو عليّ بْن كَمَارِيّ الواسطي، الفقيه. سمع من أَحْمَد بْن عُبَيْد بْن بِيري، وجماعة. مات فِي جُمادى الْأولى عن أربعٍ وثمانين سنة. وولِي قضاء واسط مدّة. وسمع أيضًا من: عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أسد، وابن خَزَفَة، وابن دينار، وأبي عبد الله بن مهدي. أخذ عنه أَهْل بلده، وقد وُثّق. 242- انتصار بْن يحيى2: زين الدولة المصموديّ المغربي. غلب فِي هَذَا العام على دمشق عند هروب مُعَلَّى بْن حَيْدرة عَنْهَا، فاجتمعت المَصَامِدة إِلَى انتصار وقوَّوا نفَسه، ورضي به أكثر الناس لجودة سيرته، فبقي متوليّها تسعة أشهُر، حَتَّى قدم أَتْسِز، فعوَّضه عن دمشق بانياس ويافا، وذهب إليهما. حرف الحاء: 243- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مجالد بْن بِشْر: أبو عليّ البَجَليّ الكوفيّ. ذكره أُبَيّ النَّرْسيّ فقال: كان أوحد عصره فِي علم الشروط، ثنا عن جده، عن أبي العباس بن عقدة.

_ 1 الإكمال لابن ماكولا "7/ 175"، والمنتظم "8/ 298". 2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 137"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "5/ 60".

قلت: جده مات سنة أربعمائة. 244- الْحَسَن بْن القاسم بْن عليّ الواسطي المقرئ1: أبو علي، إمام الحرمين، المشهور بغلام الهراس. أحد من عُنِيَ بالقراءات، وسافر فيها إلى النواحي. قرأ في حدود الأربعمائة على شيوخ العراق. قال خميس الحوزي: قرأ على عَبْد اللَّه بْن أَبِي عَبْد اللَّه العَلَويّ. وهذا العَلَويّ قرأ على النَّقاش. قال: ورحل إِلَى بغداد فقرأ على: عَبْد الملك بْن بَكْران النَّهْرواني، والسَّوْسَنْجِرْدي، والحمَّامي. وقرأ بمكّة على الكارَزِيني، وبمصر على ابن نفيس، وبحرّان على العلوي، وبدمشق على: الرَّهَاوي، والأهوازي، وسمع منه مصنَّفاته، وكان يُقرئ معه بجامع دمشق، ثُمَّ عاد إِلَى واسط وقد كُفَّ بصرُه، وكان قديمًا أعور، ورحل الناس إليه من الآفاق، وقرأوا عليه، رَأَيْته وقبَّلت يده، وجلست بين يديه كثيرًا. وتُوُفّي فِي أواخر سنة سبْعٍ وستين، وكان يلقَّب إمام الحرمين. قال: والبغداديون لهم فيه كلام. روى الحديث عن ابن خَزَفَة، وسمعت من أصحابنا مَن يقول: سمعتُ أَبَا الفضل بْن خَيْرُون، وقيل له: أبو عليّ غلام الهرّاس، عن أَبِي عليّ الأهوازي، فقال: مطرَّز مُعْلَمٌ كذَّاب عن كذّاب. قلت: قرأ عليه أبو العزّ القلانِسيّ بروايات كثيرة، وجميع كتابيه "الكفاية" و"الإرشاد" مَدارُهُما على أَبِي علي، وفيهما أنّه قرأ على: الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن دَاوُد بْن الفحَّام، والقاضي أَحْمَد بْن عَبْد الله بن عبد الكريم، وأبي أحمد عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي مُسْلِم الفَرَضي، وأبي العلاء مُحَمَّد بْن عليّ بْن يعقوب الواسطي، وأبي القاسم بُكَير بْن شاذان الواعظ، والقاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن الْحُسَيْن الْجُعْفيّ الهَرَواني، وأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن هارون التميمي النحوي

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 518"، والمنتظم "8/ 298، 299".

شيخ الكوفة، والحسن بْن عليّ بْن بشار السابُوري1 المصري، وعليّ بْن مُوسَى الصابوني الْبَغْدَادِي، والحسن بْن ملاعب الحلبي، وجماعة مذكورين فِي الكتابَيْن، أكبرهم أبو القاسم عُبَيْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم مقرئ أَبِي قرّة، قرأ عليه لأبي عمرو في سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وأخبره أنَّه قرأ على ابن مجاهد. ونبَّه على هَذَا الشَّيْخ أيضًا أبو سعْد السَّمعاني، ثُمَّ قال: قال هبة اللَّه بْن الْمُبَارَك السقطي: كنت أحد من رَحَل إِلَى أَبِي علي غلام الهرّاس، فألفيتُ شيخًا عالِمًا، فهمًا، صالحًا، صدوقًا، متيقظًا، مُسْنِدًا، نبيلًا، وَقُورًا. قال: ووجدت بخطِّ أَحْمَد بْن خَيْرُون الأمين: غلام الهرّاس كان مقرئًا، غير أنَّه خلّط فِي شيءٍ من القراءات، وادَّعى إسنادًا فِي شيء لا حقيقة له، وروي عجائب، وُلِدَ سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. قال: وتوفِّي يوم الجمعة سابع جُمَادَى الأولى سنة ثمانٍ وستين بواسط. قلتُ: هَذَا أصح مما ورّخ خميس. قال الحافظ ابن عساكر: روى عَنْهُ مكّيّ الرُّمَيْلي، وجماعة، وأجازَ لجماعةٍ من شيوخنا. وقال ابن السمعاني: قرأ بالأمصار، وسافر فِي طلب إسناد القراءات، وأتعب نفسَه في التجويد والتحقيق، حتى صار طبقة العصر، ورحل إليه الناس من الأقطار. قلتُ: وممن قرأ عليه: عليّ بْن عليّ بْن شِيران، وأبو المجد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جَهْوَر قاضي واسط، والمبارك بْن الْحُسَيْن الغسّال، وأحمد بْن عَبْد السلام بْن حيوخار. 245- حَمْدُ بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن وُلْكِنْز: أبو سهل الصَّيْرَفيّ الْأصبهانيّ. سمع: أَبَا عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ. وعنه: أبو عَبْد اللَّه الخلّال، وأبو سعْد الْبَغْدَادِي، وعبد المغيث بْن أَبِي عدنان. توفِّي في ذي الحجة.

_ 1 السابوري: هذه نسبة إلى سابور الذي يقولها الناس بالعجمية بشاوور. "الأنساب "7/ 4".

246- حَمْزَة بْن أَبِي الْحُسَيْن بْن أَبِي حَمْزَة الغُورَجي الهَرَويّ: أبو المظفَّر، مات فِي رجب. حرف السين: 247- سُفيان بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن حُسَيْنِ بْن عَبْد اللَّه بْن فَنْجُوَيْه الثَّقفِيّ1: الدِّينَوَرِي، ثُمَّ الهَمَذَانيّ، أبو القاسم. رَوَى عن: أبيه أبي عبد الله، وأبي عمر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن البسْطامي، ويحيى بْن إِبْرَاهِيم المزكي، وأبي حازم العَبْدَوِيّ. قال شيروَيْه: سَمِعْتُ منه. ثقة زاهد، كُفَّ بَصَرُه فِي آخر عمره. وقال لي: ولدت سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وأخي أبو بَكْر سنة أربعٍ وتسعين. مات بَهَمَذان. حرف الظاء: 248- ظفْرُ بْنُ عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان: أبو الفتح الأصبهاني. سمع: إِبْرَاهِيم بْن خُرَّشِيد قُولَه، وغيره. توفِّي فِي جُمَادَى الأولى. حرف الْعَيْنِ: 249- عَبْد الجبار بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن بُرْزَة2: أبو الفتح الرّازيّ الأرْدَسْتانيّ الجوهريّ الواعظ. أحد التجار المعروفين.

_ 1 المشتبه في أسماء الرجال "2/ 510". 2 المنتظم "8/ 299"، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 56"، وشذرات الذهب "3/ 330".

كان يسافر كثيرًا إِلَى خُراسان، والعراق، والشّام، ثُمَّ سكن فِي الآخر إصبهان، وبها مات فِي المحرَّم. وقد سكن دمشق مدَّة. وحدَّث عن: علي بْن مُحَمَّد القصّار، وأبي طاهر بْن مَحِمِش، والسُّلَمّي، وعبد اللَّه بْن يوسف بْن بامويّه، والحسن بْن شهاب العُكْبَرِي، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، وسهل بْن بِشْر، وهبة اللَّه بْن الأكفاني، وَأَبُو سعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِي، وجماعة آخرهم موتًا إِسْمَاعِيل بْن عليّ الحمامي. وكان سَمَاعه من القصَّار قديمًا في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وله سبْعُ سِنين، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حدَّث عَنْهُ. قَالَ ابْنُ ماكولا: كان عَبْد الجبّار يبيع الجوهر. سمعتُ منه بدمشق وبغداد1. 250- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيَّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنُ الْحُسَيْن بْنُ مُوسَى2: أبو نصر النَّيْسابوريّ المزكيّ التّاجر. سمع: أَبَا الحسين الخفَّاف، ويحيى بن إسماعيل الحربي، وأبا القاسم علي بْن أَحْمَد الخُزَاعي، وأبا أَحْمَد بْن أَبِي مُسْلِم الفَرَضي، وأبا عُمَر بْن مهدي، وطائفة سواهم بنيسابور، وبغداد. قال عَبْد الغافر الفارسي: رحل إِلَى العراق فِي صباه، وسمع من أصحاب ابن صاعد، والمحاملي، وحدَّث، حَتَّى حدَّث بالكثير. وقال السمعاني: ثنا عَنْهُ زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وهبة الرَّحْمَن القُشَيْري، وغيرهم. وكان ثقة صالحًا مكثِرًا. 251- عَبْد الغفار بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن حبشان3: أبو الفَرَج الهَمَذَانيّ البزاز.

_ 1 راجع: تاريخ دمشق "39/ 426". 2 العبر "3/ 267"، والإعلام بوفيات الأعلام "193". 3 لسان الميزان "4/ 41".

روى عن: ابن عبدان الشيرازي، والقاضي أَبِي عُمَر القاسم بْن جَعْفَر الهاشمي، وأبي علي بْن فَضَالة، وجماعة. وقال شيروَيْه: سمعتْ منه، وكان مائلًا إِلَى المبتدعة. توفِّي فِي رابع عشر صَفَر. 252- عَبْد الكريم بْن أَحْمَد بْن طاهر1: أبو سعد التيمي الطَّبري، المعروف بالوزّان. روى بهَمَذَان ووَلِي قضاءها فِي هَذِهِ السنة، ولا أعرف كم عاش بعدها. روى عن: مَنْصُور السَّمَرْقَنْديّ الكاغدي، وأبي بَكْر عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد القفَّال المَرْوَزِي، وأبي بَكْر الحيري، وعليّ بْن مُحَمَّد الطّرّازي، وعبد الرَّحْمَن السّرّاج. قال شيروَيْه: كان صدوقًا، سمعتُ منه. وكان واسع العلم قد استمليت عليه. قلت: توفِّي سنة ثمانٍ أو تسعٍ وستين. رَوَى عَنْهُ: زاهر الشّحّامي، وأبو عليّ أَحْمَد بْن سعْد العِجْليّ. وقال السمعاني: نزل الرِّي وسكنها. وكان من كبار عصره فضلًا وحشمة وجاهًا، له القَدَم الرّاسخ فِي المناظرة وإفحام الخصوم، تفقَّه على القفَّال، وبرع فِي الفقه، ووُلِدَ سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، ومات سنة 68، وقيل: سنة 69. 253- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ2: أَبُو الْحَسَن الواحديّ النَّيْسابوري، من أولاد التُّجّار. أصله من ساوة، وله أخٌ اسمه عَبْد الرَّحْمَن، قد تفقَّه وحدَّث أيضًا. كان الأستاذ أبو الْحَسَن واحد عصره فِي التفسير، لازم أَبَا إِسْحَاق الثعلبي المفسِّر وأخذ عَنْهُ. وأخذ العربية عن: أَبِي الْحَسَن القهندزي الضرير. ودأب في العلوم.

_ 1 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 242، 243". 2 الكامل في التاريخ "10/ 101"، والبداية والنهاية "12/ 114"، وهدية العارفين "1/ 692".

وسمع: ابن مَحْمِش، وأبا بَكْر أَحْمَد بْن الْحَسَن الحِيري، وأبا إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم الواعظ، ومحمد بن المزكّي إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يحيى، وعبد الرَّحْمَن بْن حمدان النصروي، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم النجَّار، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أَحْمَد بْن عُمَر الأرْغِياني، وعبد الجبار بْن مُحَمَّد الخُواري، وطائفة من العلماء. صنَّف التفاسير الثلاثة "البسيط" و"الوسيط" و"الوجيز"، وبهذه الأسماء سمَّى الغزالي كُتُبَه الثلاثة فِي الفقه، وصنَّف "أسباب النزول" في مجلد، و"التحبير في شرح أسماء الله الحسنى"، و"شرح ديوانَ المتنبي". وكان من أئمة العربية واللغة. وله أيضًا كتاب "الدعوات"، وكتاب "المغازي"، وكتاب "الإغراب فِي الإعراب"، وكتاب "تفسير النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم"، وكتاب "نفي التحريف عن القرآن الشريف"1. وتصدَّر للإفادة والتدريس مدّة، وكان معظَّمًا محترمًا، لكنه كان يُزْري على العلماء فيما قيل، ويبسط لسانه فيهم بما لا يليق. وله شِعرٌ مليح. توفِّي بنيسابور فِي جُمَادَى الآخرة، وعاش بعده أخوه تسع عشرة سنة. وقد قال الواحدي فِي مقدمة "البسيط": وأظنني لم آلُ جهْدًا فِي إحكام أُصُول هَذَا العلم على حَسب ما يليق بزماننا. إِلَى أن قال: فأمَّا اللغة فقد درسْتُها على أَبِي الفضل أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف العَرُوضي، وكان قد خنقَ التسعين فِي خدمة الأدب، وروي عن أَبِي مَنْصُور الأزهريّ كتاب "التهذيب"، وأدرك العامري، وجماعة، وسمع أَبَا الْعَبَّاس الأصم، وله مصنَّفات كبار، وقد لازمتُه سِنين، وأخذتُ التفسير عن الثعلبي، والنحو عن أَبِي الْحَسَنِ عليَّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الضرير، وكان من أبرع أَهْل زمانه فِي لطائف النحو وغوامضه، علّقتُ عَنْهُ قريبًا من مائة جزء فِي المسائل المُشْكِلة، وسمعت منه أكثر مصنَّفاته، وقرأت القراءات على جماعة، سمَّاهم وأثنى عليهم.

_ 1 وراجع: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة "1/ 464".

وقد قال الواحديُّ كلمةً تدلُّ على حُسْن نقيّته فيما نقله أبو سعْد السمعانيّ فِي كتاب "التذكرة" له فِي ذِكر الواحديّ. قال: وكان حقيقًا بكل احترام وإعظام، لكن كان فِيهِ بسْطُ اللسان فِي الأئمة المتقدمين، حَتَّى سمعت أَبَا بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن بشار بنيسابور مذاكرة يقول: كان عليّ بْن أَحْمَد الواحدي يقول: صنَّف أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ كتاب "حقائق التفسير"، ولو قال إن ذاك تفسير للقرآن لكفِّر بِهِ. قلتُ: صدقَ واللهِ. 254- عَبْد الغني بْن الحاجي الهوسمي1: أبو مُحَمَّد النَّيْسابوري، أحد الزهَّاد المنقطعين إِلَى اللَّه تعالى. تفقَّه وسمع من: أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمي، وغيره. ثُمَّ ترهَّب وتوحَّد فِي جبل نيسابور نحوًا من ثلاثين سنة، ويحضر الجمعة. ثُمَّ شاخ وعجز، وكان يُزار، وعنده قمح من بذر إِبْرَاهِيم -عليه السلام، فكان يزرعه ويخبز منه، ويطعم من يزوره. قاله أبو سعْد السَّمعاني. قال: ومات فِي رمضان سنة ثمان أو تسع وستين وأربعمائة وشيّعه الخلْق. رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن مَنْصُور الحَرَضي، وغيره، رحمه اللَّه. 255- عَبْد الْعَزِيز بْن طاهر: أبو طاهر البابصري، سمع: بْن رزقَوَيْه. وعنه: أبو السعود بن المجليّ. وكان مختلّ العقل. قاله الحُمَيْديّ. مات فِي جُمَادَى الأولى. 256- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن جَنِيّ البيّع2: أبو الْحَسَن. بغدادي، روى عن: أَبِي الحسن بن رزقويه.

_ 1 المنتخب من السياق "362" [1195] . 2 راجع: المشتبه في أسماء الرجال "1/ 260".

رَوَى عَنْهُ: هبة اللَّه السَّقَطي، وشجاع الذُّهْليّ. 257- علي بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن جدَّا1: أبو الْحَسَن العُكْبَرِي، الفقيه الحنبلي. كان شيخًا صالحًا، متعبِّدًا، حسَن التلاوة، فصِيحًا، لسِنًا، مناظِرًا مباحِثًا، له مصنَّف فِي السُّنّة، ومصنَّف فِي الْجَدَل والمناظَرَة. سمع: أَبَا عليّ بْن شاذان، والبرقاني، وأَبَا علي بْن شهاب العُكُبَرِي، وأبا القاسم بْن بِشْران، وغيرهم. رَوَى عنه: محمد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد القزّاز. قال ابن خَيْرُون: كان مستورًا صيِّنًا، ثِقَةً. وقال أبو الحسين بْن الفرّاء: توفِّي فجأةً فِي الصلاة فِي شهر رمضان. 258- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن عليَّك2: أبو القاسم النَّيْسابوريّ. فاضل عالم من أولاد المحدِّثين. تنقَّل فِي البلاد، وسكن إصبهان مدّة، وحدَّث بها وببغداد، وأذَرْبَيْجان. قال الخطيب فِي "تاريخه": حدَّث عن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن العلوي، وأبي نُعَيْم عَبْد الملك الإسفرائيني، والحافظ ابن البيِّع، وحمزة المُهَلَّبيّ. كتبتُ عَنْه، وكان صدوقًا. وقال ابن نقطة: حدَّث عن: أَبِي الحسين الخفَّاف، وعبد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهِيم المُزَكّيّ. سمع منه: أبو نصر بْن ماكولا، والمؤتمن السّاجيّ. قلتُ: ورَوَى عَنْهُ: سَعِيد بْن أَبِي الرجاء، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي القاضي، وأبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، وإسماعيل بن محمد بن الفضل

_ 1 شذرات الذهب "3/ 331"، والمنتظم "8/ 299". 2 تاريخ بغداد "12/ 33" [6402] ، وشذات الذهب "3/ 330، 331".

الحافظ، وأحمد بْن عُمَر الناتاني المقرئ شيخ السِّلَفّي وقال: قدِم علينا تِفْلِيس وتوفِّي بها. قال: ثنا الخفّاف. قلت: وهو من أكبر شيوخ إِسْمَاعِيل المذكور. قال ابن السمعاني: سَأَلت إسماعيل عنه، فقال: كتبت عنه وله سماع، ولأبيه حديث، وكان سيئ الرأي فِيهِ. وسمعتُ مُحَمَّد بْن أَبِي نصْر اللَّفْتُوانيّ يقول: كان أبو القاسم بْن عليَّك على أوقاف الجامع بإصبهان، فحُوسِب، فانكسر عليه مال، وكان للوقف دكان حلواني أَخَذَ من صاحبها حلاوة كثيرة، فكان الناس يضحكون منه ويقولون: ترى الجامع أكل الحلاوة؟! سألتُ أَبَا سَعِيد الْبَغْدَادِيّ عن ابن عليَّك فقال: كان فاضلًا، ما سمعت فِيهِ إلّا خيرًا، وكان والده محدِّثًا كتبَ الكثير، وما سمعت قَدْحًا فِي سماعاته، وكتبَ عَنْهُ الْجَمُّ الغفير "مُسْنَد أَبِي عَوَانَة" إلّا أنّه كان أشعريا. وقرأتُ بخطّ أَبِي عليّ البَرَدَانيّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الخاطئ قال: مات ابن عليِّك فِي رابع رجب بِتَفْلِيس. قلتُ: وللحافظ ابن ناصر من أَبِي القاسم بْن عليِّك إجازة. 259- علي بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عبد الحميد1: أبو الفرج البجلي الحريري الهَمَذَاني. روى عَنْ: أَبِيه، وأبي بَكْر بْن لال، وابن تُرْكوان، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن أَبِي اللَّيْث، وأبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وعلي بن أحمد بن عبدان، وطائفة بهمذان، وأبي القاسم الحرفي، وأحمد بن علي الجعفري الكوفي، ومحمد بن الحسين بن يوسف الأصبهاني نزيل صنعاء. قال شيرويه: سمعت منه عامَّة ما مرَّ له، وكان ثقة عدْلًا، من بيت الإمارة والعلم، من أولاد جرير بْن عَبْد اللَّه -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وكان أحدَ تُنّاءِ بلدنا. وتوفِّي فِي ثامن وعشرين رمضان، وسمعته يقول: وُلِدتُ سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.

_ 1 الأنساب "3/ 242"، والتقييد لابن النقطة "414" [550] .

قال ابن نُقْطة: حدَّث عن ابن لال "بالسُّنَن" لأبي دَاوُد، حدَّث عَنْهُ: هبة اللَّه ابن أخت الطّويل، وأحمد بْن سعْد العِجْليّ. 260- عليّ بْن مُحَمَّد بْن نصْر الدِّينَوَرِيّ1: أبو الْحَسَن اللَّبّان، نزيل غَزْنَة. كان أحد الجوالين فِي الحديث، المَعْنِييّن بجَمْعه. سمع الكثير وعمَّر حَتَّى رحل الناس إِلَى لُقِيّه، وروى الكثير بغَزْنَة. سمع: أَبَا عُمَر بْن مَهْدِيّ ببغداد، وأبا عمر الهاشمي بالبصرة، وأبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمي، وأبا بَكْر الحِيري، وأبا بَكْر أَحْمَد بْن منجوَيْه الحافظ بنَيْسابور، ومحمد بْن عليّ النّقّاش بإصبهان، وهذه حرف. رَوَى عَنْهُ: مسافر وأحمد أبنا مُحَمَّد بْن عليّ البِسْطاميّ، وأجاز لحنبل بْن عليّ. قال أبو سعد السَّمعانيّ: سمعت الموفّق بْن عَبْد الكريم الهَرَويّ يقول: كان شيخنا أبو الْحَسَن بْن اللّبّان الدِّينورِيّ بغَزْنَة وعنده "الحِلية" عن أَبِي نُعيْم، فأتاه صوفي ليسمع الكتاب، فقال له: إن هذا الكتاب في ذكر المُمْتَحَنين، فإنْ أردت أن تقرأه فوطِّن نفسك على المحنة، فقال الصُّوفيّ: نعم. فابتدأ فِي قراءته، فقرأ أيامًا إِلَى أن انتهى إِلَى ذِكر أَبِي حنيفة وذَمَّه، فكان فِي المجلس حنفي، فسَعى بالشيخ إِلَى القاضي، ورُفع الأمر إِلَى السلطان، فأمرَ الشيخَ بلُزُوم بيته، وأغلَق مسجده، ومُنِعَ من التحديث، وكان ذلك فِي آخر عمره، وضُرِب الصُّوفيّ ونُفي، وصحَّت فراسة الشَّيْخ. تُوُفّي بعد سنة سبْعٍ وستين سنة ثمانٍ. 261- عَليّ بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن زكريا2: الحافظ أبو الحسن الزبَحي الْجُرْجاني، مصنف "تاريخ جُرْجان"، وخال الحافظ عبد الله بن يوسف الْجُرْجانيّ. سمع: أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي، وحمزة بن يوسف السهمي، وعبد

_ 1 الوافي بالوفيات "22/ 149"، والتقييد لابن النقطة "415" [553] . 2 المنتخب من السياق "385"، وكشف الظنون "1/ 290".

الله بن عبد الرحمن البُنَاني الحُرُضي، وعبد الواحد بن محمد المُنيريّ الْجُرْجاني، وعليّ بن محمد الحنّاطيّ المؤدِّب. قال السمعاني: هو منسوب إلى الزبَح، وظنّي أنها من قرى جُرْجان، سكن هَرَاة، وتوفِّي بها في صفر، وله ستٌّ وسبعون سنة. رَوى عَنْه: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي صالح المؤذّن، وأبو العلاء صاعد بن سيّار. والزبَحي: ضبطه أبو نُعَيْم بن الحدّاد، ومحمد بن إبراهيم الْجَرْبَاذْقانيّ بالحَرَكَة، وكنتُ أحسب الزبَحيّ -بالسُّكون، فقيّده ابن نُقْطَة بالفتح. حرف الميم: 262- محمد بن أحمد بن أسِيد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أسيد بن عاصم الثقفي: الشَّيْخ الصالح أبو بَكْر المَدِينيّ، مات فِي شعبان بإصبهان. روى عن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ. وعنه: أبو نصر البار، ويحيى بن منده، والحسين بن عبد الملك. وكان عالما، من أكابر أهل أصبهان. 263- محمد بن أحمد: الشيخ أبو الفضل التميمي المروزي، أحد أئمة مرو ورؤسائها. سمع: الحسين بن علي المنصوري. روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشحامي. 264- محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز1: أبو نعيم الواسطي المعدل. سمع: علي بن عبد الرحيم بن غيلان صاحب المحاملي. وتوفِّي -رحمه الله- في شعبان.

_ 1 سؤالات الحافظ السلفي "65" [26] .

265- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى1: أبو تمَّام الهاشمي العباسي. من ولد مَعْبَد بْن الْعَبَّاس. سمع: أَبَاه، والحسين بْن الْحَسَن الغَضَائريّ. وعنه: ابنه عَبْد الرحيم، وأبو بَكْر قاضي المَرِسْتان، وكان صالحًا رئيسًا. 266- مُحَمَّد بْن عَمُوَيْه: واسم عَمُوَيْه: عَبْد اللَّه بْن سعد السُّهْرَوَرْدي، جدّ الشَّيْخ أَبِي النجيب، ووالد جد الشَّيْخ شهاب الدين السُّهْرَوَرْديّ. قال السِّلفيّ: سمعتُ أَبَا حَفْص عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَموَيْه يقول: مات أَبِي سنة ثمان وستين وأربعمائة، وقد بلغ من العُمر مائةً وعشرين سنة. 267- محمد بن القاسم بن حبيب بن بْن عَبْدُوس2: أبو بَكْر النَّيْسابوريّ الصفَّار الفقيه المفتي الشافعي. سمع: أَبَا نُعَيْم عَبْد الملك الإسفرائيني، وأبا الحسن العلوي، وأبا عبد الله الحاكم، وعبد اللَّه بْن يوسف. رَوَى عَنْهُ: زاهر ووجيه الشحاميّان. تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. وذكره ابن السمعاني فقال: تفقَّه على أَبِي مُحَمَّد الْجُوَيْنيّ وخلفَه فِي حلقته لمَّا حجَّ، وسمعتُ أَبَا عاصم العبّادي يقول: ما رَأَيْت أحسن فُتْيا منه وأَصْوَب. قال: وتوفِّي -رحِمَه اللَّه- فِي ربيع الآخر. 268- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد3: القاضي أبو الحسن البيضاوي البغدادي الفقيه، قاضي الكرخ.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 113"، والمنتظم "8/ 299". 2 المنتظم "8/ 299"، والبداية والنهاية "12/ 113"، والعبر "3/ 268". 3 الأنساب "2/ 368"، والبداية والنهاية "12/ 113".

خَتَنُ القاضي أَبِي الطيب الطَّبَريّ، وعليه تفقَّه حَتَّى صار من كبار الْأَئِمَّةِ، وكان خيرًا صالحًا، سليم المعتَقَد. سمع من: أَبِي الْحَسَن بْن الْجُنْدي، وإسماعيل بْن الْحَسَن الصَّرْصَريّ. رَوَى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن الطراح، وأبو عَبْد اللَّه السلال، وقاضي المَرِسْتان. وقال الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقًا. وُلِد أبو الْحَسَن سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وتوفِّي -رحمه الله- في شعبان. 269- محمد بن مُحَمَّد بْن مَخْلَد: أبو الْحَسَن الأَزْديّ الواسطي البزّاز. توفِّي فِي رمضان. سمع بإفادة أَبِيهِ أَبِي طَالِب من أَحْمَد بْن عُبَيْد بْن بِيرِي، وأبي عَبْد اللَّه العَلَوي، وأبي عليّ مُعَاذ، وابن خَزَفَة، والناس. قال السِّلفيّ: سَأَلت الحَوْزيّ عَنْهُ فقال: سمع بإفادة أَبِيه، وكان جيّد الأصول، ثقة، جيّد الخَطّ. تُوُفّي سنة ثمان وستين. قلت: وقال الحَوْزيّ: إنّ العَلَويّ المذكور، واسمه الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد، ثقة روى عن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مبشر "مُسْنَد أَحْمَد بْن سِنَان"، وإنَّ آخر مَنْ حدَّث عَنْهُ أبو الْحَسَن بن مَخْلَد، والد أَبِي المفضل. وذكر الحوْزي أنَّ العَلَويّ أيضًا آخر من حدَّث عن الخليل بْن أَبِي رافع الطّحَان صاحب تميم بْن المنتصر. 270- مَسْعُود بْن الْمُحْسِن بْن عَبْد الْعَزِيز1: أبو جَعْفَر البياضي العباسي الشريف، أحد شعراء بغداد المجوّدين. قال أبو سعد السمعاني: ما أظن أنه سمع شيئًا من الحديث، رُوِيَ لنا من شعره.

_ 1 المنتظم "8/ 300، 301"، والكامل في التاريخ "10/ 101، 102"، والأعلام "7/ 218".

قال أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْدي، وأبو سعد الروني، وغيرهما: تُوُفّي فِي ثامن عشر ذي القعدة. وله ديوان شِعْرٍ معروف، فمنه: يقولون لي: إنْ كان سمعْك عاشقًا ... فَمَا بال دمْعُ العين فِي الخدِّ جاريا فقلت لهم: قد لُمْتُ طَرْفي، فقال لي: ... أَتَمْنَعُني من أن أساعد جاريا؟ وله: يا مَن لَبُسْتُ بِهَجْرِهِ ثَوْبَ الضَّنَا ... حَتَّى خَفِيتُ بِهِ عَنِ العُوّاد وَأَنِسْتُ بِالسَّهَرِ الطَّوِيلِ فأُنْسِيَتْ ... أَجْفَانُ عَيْنِي كَيْفَ كَانَ رُقَادِي إِنْ كَانَ يُوسُفُ بِالْجَمَالِ مقطِّع الأ ... يدي، فَأَنْتَ مُقَطِّعُ الْأَكْبَادِ 271- مكّيّ بْن جَابار1: أبو بَكْر الدينوري الحافظ الفقيه. رحل، وسمع بمصر والشام، ولقي: خَلَف بْن مُحَمَّد الواسطي، وعبد الغني بْن سَعِيد الأزْدي، وصَدَّقَة بْن الدَّلم الدَّمشقي، وجماعة. وكتب الكثير، وكان سُفْيانيّ المذهب. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الْعَزِيز الكتاني، وغَيْث الأرمنازي، وأبو طاهر الحِنَّائيِّ. قال هبة اللَّه الأكفاني: كَانَتْ له عناية جيدة بمعرفة الرجال. حدَّث بشيءٍ يسير، وولي القضاء بدَميرة، وامتنع بأخَرة من إسماع الحديث، وكان الخطيب قد طلب أن يسمع منه، فأبى عليه. توفِّي فِي رجب. حرف النون: 272- ناصر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن العباس2:

_ 1 تبصير المنتبه "1/ 330"، ومختصر التاريخ لابن منظور 250/ 236، 237". 2 المنتخب من السياق "361، 362"، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 27".

أبو نصر الطُّوسيّ الفقيه الشافعي. من كبار الأئمة. تفقَّه على أَبِي مُحَمَّد الْجُويني، وكانت له كُتُب مفتخرة كثيرة. روى عن: ابن مَحمِش الزيادي، وأبي بَكْر الحِيريّ. وأكثر عن المتأخِّرين. 273- ناصر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عُمَر1: أبو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ التُّركيّ الأصل، صهر أَبِي حكيم الخَبْرِيّ، ووالد الحافظ أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن ناصر، أفنى عمره فِي القراءات وطلب أسانيدها، وكان حاذقًا مجوِّدًا لُغَوِيًّا. سمع الكثير من كتب اللُّغة، وسمع الناس بقراءته الكثير. وكان أبو بَكْر الخطيب يرى له ويقدِّمه على من حضر، ويأمره بالقراءة. وهو الَّذِي قرأ عليه "التاريخ" للناس، وكان ظريفًا صبيحًا مليحًا حيِّيًّا. مات فِي الشبيبة وقد روى القليل. سمع: الخطيب، وأبا جَعْفَر بْن المسلمة، والصَّرِيفيني، وهذه الطبقة. قال ابن ناصر: وُلِدَ أَبِي فِي جمادى الأولى سنة سبعٍ وثلاثين وأربعمائة، وأخبرتني والدتي رابعة بِنْت الخَبْرِيّ أنَّ والدي توفي فِي رابع عشر ذي القعدة سنة ثمانٍ وستين -رحمه اللَّه تعالى. قَلت: توفِّي وابنه طفل يرضع بعد، وكان قد قرأ بواسط على غلام الهراس، وببغداد علي: أَبِي بكر محمد بن علي الخياط، وأبي علي بن البناء، وجماعة. وكتب بخطه المليح كثيرًا، وصنَّف فِي القراءات كتابًا. وقد رثاه البارع بقصيدة2. 274- نصر بْن محمود بْن نصر بْن صالح بن مرداس3:

_ 1 البداية والنهاية "12/ 114"، والمنتظم "8/ 201-303". 2 راجع المنتظم "8/ 301-303"، "16/ 176-179". 3 وفيات الأعيان "4/ 438-441"، والنجوم الزاهرة "5/ 101".

تملّكَ حلب بعد أَبِيهِ سنة، ووثب عليه الأتراك فقتلوه بظاهر حلب، وكان جوادًا ممدَّحًا جيِّد السيرة. ولابن حيوس فِيهِ مدائح، وقد أجازه مرّةً بألف دينار. وتملَّك بعده أخوه سابق آخر ملوك بني مرداس. حرف الياء: 275- يحيى بْن سَعِيد بْن أَحْمَد بْن يَحْيَى1: أَبُو بَكْر بْن الحديدي الطُّلَيْطِليّ. سمع من: أَبِي مُحَمَّد بْن عَبَّاس، وحمَّاد بْن عمار. وناظر على: أَبِي بَكْر بْن مغيث. وكان نبيلًا، متفنِّنًا، فصيحًا، مقدَّمًا فِي الشورى، وكان له مكانة عند المأمون يحيى بْن ذي النون؛ دخل معه قرطبة إذ ملكها، وكان غالبًا عليه، فلمَّا تُوُفّي المأمون استثقله حفيده القادر بالله حَتَّى قُتِلَ بقَصره فِي محرَّم سنة ثمانٍ. 276- يَعْلَى بْن هبة اللَّه بْن الفُضَيْل2: أبو صاعد الفُضِيلي، الهَرَويّ، القاضي. من بقايا الشيوخ بهَرَاة. روى عن: عَبْد الرَّحمن بْن أَبِي شُريْح، وغيره. وعنه: أبو الوقت، وهو آخر من حدَّث عَنْهُ، عاش أربعًا وثمانين سنة. ومن الرواة عَنْهُ: أبو الفخر جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب الهروي. 277- يوسف بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد3: أبو القاسم المهرواني الهمذاني.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 669، 670". 2 المعين في طبقات المحدثين "134" [1484] . 3 المنتظم "8/ 303"، والبداية والنهاية "12/ 114".

كان يسكن رباط الزَّوزني، وكان صالحًا، زاهدًا، ورِعًا، ثقة، معَمَّرًا. سمع: أَبَا أَحْمَد بْن أبي مسلم الفرضي، وأبا عمر بن مهدي، وأبا الْحَسَن بن الصلت، وأبا مُحَمَّد بْن البيِّع، وأبا الْحُسَيْن بْن بشران. وخرَّج له أبو بَكْر الخطيب خمسة أجزاء، وابن خيرون ثلاثة أجزاء. رَوَى عَنْهُ: يوسف بْن أيوب الهَمَذَاني، وأبو بَكْر الْأَنْصَارِي، وإسماعيل بْن السَّمَرقندي، وأبو مَنْصُور القزّاز، ويحيى بْن الطراح، والأرموي. توفِّي فِي رابع عشر ذي الحجّة، ودُفِن على باب رباط الزَّوزني. 278- يوسف بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن حسن1: أبو القاسم الهَمَذَانيّ الخطيب المحدِّث. رحل، وصنَّف، وجمعَ الجموع، وانتشرت روايته. سمع بهمذان: أَبَا سهل عُبَيْد اللَّه بْن زِيرَك، وأبا بَكْر بْن لال، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم التميمي، وأبا طاهر بْن سلمة. وببغداد: أَبَا أَحْمَد الفرضي، وأبا الْحَسَن بْن الصلت، وابن مَهْديّ الفارسي، وأبا الفتح بْن أَبِي الفوارس. رَوَى عَنْهُ: حفيده أبو مَنْصُور سعد بْن سَعِيد الخطيب، وأبو عليّ أَحْمَد بْن سعد العجلي، وهبة اللَّه بْن الفَرَج، والرئيس أبو تمام إِبْرَاهِيم بْن أحمد الهَمَذَانيّ البُرُوجِرْديّ2. قال أبو سعد السمعاني: سمعت هبة اللَّه بْن الفَرَج يقول: كان يوسف بْن مُحَمَّد الخطيب شيخًا كبيرًا صاحب كرامات. وذكره إلكيا شيرويه الدَّيْلَمي فأثنى عليه، ووصفه بالصِّدق والدّيانة، وقال: مولده في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. قال: وتوفِّي في خامس ذي القعدة.

_ 1 المنتظم "8/ 304"، "16/ 179"، والعبر "3/ 268". 2 البروجردي: نسبة إلى بروجرد، وهي بلدة من بلاد الجبل على ثمانية عشر فرسخًا من همدان "الأنساب 2/ 174".

وفيَّات سنة تسع وستين وأربعمائة: حرف الألف: 279- أَحْمَد بْن عَبْد الرحيم بْن أَحْمَد1: أبو الْحَسَن الإسماعيلي النَّيْسابوري، الحاكم المعدل. حدَّث عن: أَبِي الْحُسَيْن الخفَّاف، ويحيى بْن إِسْمَاعِيل الحربي، وأبي العباس السليطي، وأبي علي الروذباري. وعُمّر دهرا. رَوى عَنْه: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي صالح المؤذن، وزاهر ووجيه ابنا الشحامي، وعبد الغافر الفارسي ووثَّقه. وكذا وثَّقه ابن السمعاني، وكان يعظ. إلى أن قال السمعاني: وروى "السُّنَن" لأبي دَاوُد، عن أَبِي عليّ الْحَسَن بْن دَاوُد بْن رضوان السَّمَرْقَنْديّ صاحب ابن داسة. وقيل: إنه سمعه أيضًا من الرُّوذَبَاريّ. توفِّي -رحمه اللَّه- فِي رابع عشر جُمَادَى الآخرة. 280- أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن الحَكَم السُّلَميّ الدَّمشقيّ2: أبو الْحَسَن بْن أَبِي الحديد. سمع: جدّه، وأباه لِأُمِّهِ أَبَا نصر بْن هارون، وأبا الْحَسَن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن جهضم، لقِيَه بمكّة، وابن أَبِي كامل، وابن أَبِي نصر. رَوَى عَنْهُ: أبو بكر الخطيب، وعمر الرؤاسي، وأبو القاسم النسيب، وأبو محمد ابن الأكفاني، وعبد الكريم بْن حَمْزَة، وعليّ بْن المسلم الفقيه، وطاهر بْن سهل الإسْفَرَائينيّ، وإسماعيل بن السمرقندي، وآخرون.

_ 1 تذكرة الحفاظ "4/ 1275"، والمنتخب من السياق "105، 106" [234] . 2 معجم البلدان "1/ 158، 454"، والعبر "3/ 269".

وكان ثقة جليلًا، متفقدًا لأحوال الطَّلَبة الغرباء. وُلِدَ سنة ست وثمانين وثلاثمائة. وقال ابن الأكفاني: كان ثقة عَدْلًا رِضي، توفِّي في ربيع الأوَّل. 281- أحمد بْن محمد بْن أَحْمَد بْن القاسم بْن سهلويه1: أبو العباس الطهراني الأصبهاني. وطهران: قرية على باب إصبهان. سمع: أَبَا عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ. رُويَ عَنْهُ: أَبُو سَعْد أحمد البغدادي. ومات في رمضان. وروى عَنْهُ: يحيى بْن مَنْدَهْ، وأبو عليّ الحدّاد. وهو ابن أخت الجوّاز. 282- أَسْبَهْدُوست بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن2: أبو مَنْصُور الدَّيْلَمي الشاعر. أَخَذَ عن عَبْد السلام بْن الْحُسَيْن البصري اللغوي، والحسين بْن أَحْمَد بْن حجَّاج المحتسب، وأبي نصر عبد العزيز بن نباتة وروى عنه ديوانه. وكان شيعيًّا غاليا، ثُمَّ ترك ذلك. وَفِي شعره سُخْفٌ ومُجُون، ومعانٍ بديعة. رَوَى عَنْهُ: أَحْمَد بْن خَيْرون، وعبيد اللَّه بْن عَبْد الْعَزِيز الرسولي، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِي، وأبو سعد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الزوزني، وأبو مَنْصُور القزّاز، وآخرون. وله فِي أَبِي الفتوح الواعظ، ولم يكن فِي زمانه أحسن منه صورة: وواعظٍ تَيَّمَنَا وعْظُهُ ... فعُرفه شِيب بإنكارِ

_ 1 الأنساب "8/ 271". 2 المنتظم "8/ 308"، ووفيات الأعيان "3/ 246، 247".

ينْهى عن الذَّنْب وألْحاظه ... تأمرُ فِي الذَّنْب بإصرار وما رأينا قبله واعظًا ... مُكسِب آثامٍ وأوزارٍ لسانُهُ يدعو إِلَى جنةٍ ... ووجهُهُ يدعو إِلَى النارِ توفِّي -رحمه اللَّه- فِي ربيع الأول، وله سبع وثمانون سنة. حرف الحاء: 283- حاتم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خاتم1: أبو القاسم التميمي القرطبي، المعروف بابن الطَّرابُلسيّ. أصله من طرَابُلس الشام. شيخ معمَّر محدّث مُسْند، مولده بخطّ جدّه فِي نصف شعبان سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. سمع من: عُمَر بْن حُسَين بْن نابِل الأُمَويّ صاحب قاسم بْن أصْبغ، ومن أَبِي المطرِّف بْن فُطَيْس الحاكم، ومحمد بْن عُمَر بْن الفخار، وحماد الزاهد، والفقيه أَبِي مُحَمَّد ابن الشقاق، والطلمنكي. ورحل سنة اثنتين وأربعمائة فلازم أَبَا الْحَسَن القابسي وأكثر عَنْه، إِلَى أن توفِّي الشَّيْخ فِي جمادي الأولى سنة ثلاث، فحجَّ فِي بقية السنة. وأدرك أَحْمَد بْن فراس العبقسي وسمع منه، وحمل "صحيح مسلم" عن أَبِي سَعِيد السِّجزي عُمَر بْن مُحَمَّد صاحب الْجُلُودي، ولم يكتب بمصر شيئًا. وأخذ عن أبي عبد الله محمد بْن سُفْيان كتابه "الهادي" فِي القراءات. وتفقَّه بالقيروان، ودخل بلد الأندلس بعلمٍ جم، وسكن طُلَيْطُلَة، وأخذ بها عن أَبِي مُحَمَّد بْن عَبَّاس الخطيب، وخَلَف بْن أَحْمَد، وعليّ بْن إِبْرَاهِيم التِّبْرِيزيّ. وسمعَ ببجّانة من أَبِي القاسم عبد الرحمن الوهراني.

_ 1 هدية العارفين "1/ 259"، الصلة لابن بشكوال "1/ 157-160"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "2/ 67-74".

قال الغساني: كان شيخنا مِمَّنْ عُنِيَ بتقييد العلم وضبطه، ثقة فيما يروي، كتب أكثر كُتُبه بخطّه، وكان مليح الكتابة. وقال أبو الحسن بن مغيث: كانت كتبه في نهاية الإتقان، ولم يزل مثابرًا على حمل العلم وبثه، والقعود لإسماعه، والصبر على ذلك مع كِبَر السنّ. أَخَذَ عَنْهُ الكبار والصغار لطول سنِّه. قال: وقد دُعِيَ إِلَى القضاء بقُرْطُبة فأبى، وكان فِي عِداد المشاورين بها، وممن روى عن حاتم: أبو مُحَمَّد بْن عَتّاب. وكان أسند من بالأندلس فِي زمانه. توفي -رحمه الله- في عاشر ذي القعدة. 284- حيان بْن خلف بْن حُسَيْنِ بْن حيان1: أبو مروان القرطبي، مَوْلَى بني أمية. شيخ الأدب ومؤرخ الأندلس. لزم الشَّيْخ أَبَا عُمَر بْن أَبِي الحُباب النحوي صاحب الفالي، وأبا العلاء صاعد بْن الْحَسَن. وسمع الحديث من: أَبِي حَفْص عُمَر بْن حُسَيْنِ بْن نابل، وغيره. ورَوَى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن عتاب، وأبو الْوَلِيد مالك بْن عَبْد الله السهلي، وأبو علي الغساني، ووصفه بالصدق وقال: وُلِدَ سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. وقال أبو عبد اللَّه بْن عَوْن: كان أبو مروان بْن حيّان فصيحًا بليغًا، وكان لا يتعمَّد كذِبًا فِيما يحكيه فِي تاريخه من القصص والأخبار. قلت: له كتاب "المقتبس فِي تاريخ الأندلس" فِي عشر مجلَّدات، وكتاب "المتين فِي تاريخ الأندلس" أيضًا ستين مجلّدًا، ذكرهما ابن خلِّكان القاضي -رحمه اللَّه. ورآه بعضهم فِي النوم، فسأله عن "التاريخ" الَّذِي عمله، فقال: لقد ندِمُت عليه، إلا أنَّ اللَّه أقالني وغفر لي بلُطْفه. توفِّي فِي أواخر ربيع الأول.

_ 1 جذوة المقتبس للحميدي "200"، والعبر "3/ 270"، والأعلام "2/ 289".

285- حيْدر بْن عليّ بْن مُحَمَّد1: أبو المنَجَّا القحطاني الأنطاكي المالكي، المعبر. حدَّث بدمشق عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، والقاضي عَبْد الوهاب بْن عليّ المالكي، والحسن بْن علي الكَفَرْطابيّ. رَوَى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن الأكفاني، وأبو الْحَسَن بْن المسلم الفقيه، وعليّ بْن أَحْمَد بْن قُبَيْس، وأبو الفضل بْن يحيى بْن عليّ القُرَشيّ. قال ابن الأكفانيّ: كان من أَهْل الدين. قال: وكان يذكر انه يحفظ فِي علم تعبير الرؤيا عشرة آلاف ورقة. وثلاثمائة ونيّفًا وسبعين، كان يقول: زدتُ على أستاذي عَبْد الْعَزِيز بْن عليّ الشهرُزُوريّ المالكي بحِفْظ ثلاثمائة وسبعين ورقة. قلتُ: هكذا كَانَتْ أيُّها اللَّعاب هِمَمُ العلماء وأذهانهم؟ وأين هَذَا من محفوظات علمائنا اليوم! حرف الراء: 286- رِزْقُ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الأخضر الأنباريّ2: أخو أَبِي الْحَسَن الأقطع. كان ثقة. روى عن: أَبِي عُمَر بْن مَهْديّ. وتوفِّي ليلة عيد الفِطْر. رَوَى عَنْهُ: قاضي المارِسْتان. حرف السين: 287- سليمان بن عبد الرحيم بن محمد3:

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 295، 296"، وتهذيب تاريخ دمشق "5/ 25". 2 المنتظم "8/ 309"، والكامل في التاريخ "10/ 106". 3 الأنساب "4/ 138، 139"، ومعجم البلدان "2/ 259".

أبو العلاء الحَسْنَابَاذيّ الْأصبهانيّ. روى عن: أَبِي عبد اللَّه بن منده، وإبراهيم بن خرَّشيد قوله. روى عنه: أبو عبد الله الخلال، وغيره. مات في ذي الحجة. حرف الطاء: 288- طاهر بن أَحْمَد بن بابشاذ1: أبو الحسن المصري الجوهري النحوي، صاحب التصانيف. ورد العراق تاجرًا فِي اللؤلؤ، وأخذ عن علمائها، ثُمَّ رجع وخدم بمصر فِي ديوان الرسائل لإصلاح المكاتبات وإعرابها، وقرروا له فِي الشهر خمسين دينارًا، ثُمَّ استعفى من ذلك فِي آخر عمره، وتزهَّد فِي منارة جامع عَمْرو بْن العاص. وكان شيخ الديار المصرية فِي الأدب، ألَّف شرحًا للجُمَل فِي غاية الحُسْن، وصنَّف كتاب "المحسبة فِي النحو"، ثُمَّ شرحها. أَخَذَ عَنْهُ: أبو القاسم بْن الفحام المقرئ، ومحمد بْن بركات السَّعِيديّ شيخ ابن برّيّ. وصنَّف كتابًا سماه "تعليق الفرقة" فِي النحو، ألّفه أيام انقطاعه. وبَلَغنَا أن سبب تزهُّدِه أنه كان إذا جلس للغداء جاءه سنور2 فوقف بين يديه، فإذا ألقى له شيئًا لا يأكله، بل يحمله ويمضي، فتبِعَه يومًا لينظر أَيْنَ يذهب، فإذا هُوَ يحمله إلى موضع مظلم في الدار، فيه سِنَّورٌ أُخرى عمياء، فيُلْقِيه لها فتأكله، فبُهِتَ من ذلك، وقال: إن الَّذِي سخَّر هَذَا السنور لهذه المسكينة ولم يهمله، قادرٌ أن يُغْنِيني عن هَذَا العالم، فلزم منارة الجامع كما ذكرنا.

_ 1 المنتظم "8/ 309"، والعبر "3/ 271"، والأعلام "3/ 220". 2 السنورة: حيوان أليف من الفصيلة السنورية ورتبة اللواحم، من خير مآكله الفأر، ومنه أهلي وبريّ، وهي سنورة "ج" سنانير.

ثُمَّ خرج ليلة لشيء عرض له، والليلة مقمرة، وَفِي عينيه بقية من النوم، فسقط من المنارة إِلَى سطح الجامع، فمات. وأبوه من مشيخة أَبِي عَبْد اللَّه الرازي، وقد مرَّ. حرف الْعَيْنِ: 289- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ1: أبو القاسم الطوسي الزاهد، المعروف بكركان، من أَهْل الطابران، شيخ الصوفية فِي عصره، ذو المجاهدة والأحوال. خدم الكبار، ولازم الفقراء. وله الدُّوَيَرة والأصحاب الذين اهتدوا بهدْيه، وكان زكي النَّفْس، مبارَك الصُّحْبَة، بقيت آثاره على المنتمين فِي الطريقة إليه. سمع: عَبْد اللَّه بْن يوسف، وحمزة بْن عَبْد الْعَزِيز المهلبي، وأحمد بْن الْحَسَن الحِيري، وأصحاب الأصمّ. قدِمَ بغدادَ فِي صِباه، وسمع بمكة من: محمد بن أبي سَعِيد الإسْفَرائيني، وغيره. قال السمعاني: ثنا عَنْهُ ابن بنته عَبْد الواحد ابن القُدوة أَبِي علي الفضل الفارمذي، وعبد الجبار. مات فِي ربيع الأوّل. 290- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عُمَر2 بْن أَحْمَد بن مجيب بْن المجمِّع بْن بحر بن معبد بْن هَزَارْمَرْد: أبو مُحَمَّد الصريفيني. خطيب صريفين. اختلفوا فِي نسبه فِي تقديم "مجيب" على "مجمِّع"، وُلِدَ فِي صفر سنة أربعٍ وثمانين. وسمع: أَبَا القاسم بْن حَبَابَة، وابن أخي ميمي الدّقّاق، وأبا حَفْص الكتاني، وأبا طاهر المخلّص، وأَمَةَ السلام بِنْت القاضي أَحْمَد بْن كامل، وجماعة.

_ 1 وفيات الأعيان "2/ 516، 517"، وتاريخ ابن الوردي "1/ 379". 2 المنتظم "8/ 309، 310"، والكامل في التاريخ "10/ 106"، والبداية والنهاية "12/ 116، 117".

ذكره الخطيب فقال: المعروف والده بَهَزارْمَرد، قدِم بغداد دُفعات، وحدَّث بها، وكان صدوقًا. وقال أبو سعد السمعاني: هُوَ شيخ صالح خيِّر، صارت إليه الرحلة من الأقطار، وُلِدَ ببغداد وسكن صريفين. قال: وكان أَحْمَد الناس طريقة، وأجلهم طبقة، وأخلصهم نية، وأصفاهم طوية، سمع من الكبار مثل قاضي القضاة أَبِي عَبْد اللَّه الدامغاني، وأبي بَكْر الخطيب، والحميدي، وجدّي أَبِي المظفر السمعاني، وهبة اللَّه الشيرازي، ومحمد بْن طاهر المقدسي. وثنا عَنْهُ أبو بكر الأنصاري، وأبو القاسم بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وعلي بْن علي بْن سكينة. وحكى ابن طاهر أن هبة اللَّه بْن عبد الوارث كان مصعدًا إلى الشام، منصرفًا من بغداد، فدخل صريفين، فرأى شيخًا ذا هيئةٍ قاعدًا على باب داره، فسأله: هَلْ سمعت شيئًا؟ فقال: سمعت ابن حَبَابَة، والمخلِّص، وأبا حَفْص الكتاني، وطبقتهم، فتعجب من ذلك، وطالبه بالأُصُول، فأخرج له أُصولًا عُتْقًا بخط ابن البقال، وغيره، وفيها سماعه. فقرأ هبةُ اللَّه ما كان عنده ونَسَخه، ونمَّ الخبر إِلَى عُكْبَرَا، وبغداد. قال: فرحل الناسُ إليه وسمعوا منه. وقال أبو الفضل بْن خيرون، أبو محمد بن هزار مرد ثقة، وله أصول جِياد، قرأتُ بخطّ والده: وُلِدَ ابني ليلة الجمعة لخمسٍ خَلَوْن من صَفَر، وسمع من المخلِّص كتاب "النسب"، وكتاب "الفتوح"، وكتاب "المزني"، و"أخبار الأصمعي"، وكتاب "البرّ والصِّلَة"، وكتاب "الزُّهْد" لابن الْمُبَارَك، وكتاب "مُزاح النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم"، ومن الفوائد جملة. توفِّي ابن هزارمرد فِي ثالث جُمَادَى الآخرة. 291- عَبْد الباقي بْن أحمد بن عمر1: أبو نصر الواعظ.

_ 1 المنتظم "8/ 310"، "16/ 187".

من أَهْل الأدب واللغة والشِّعْر. سمع: أَبَا الْحُسَيْن بْن بشران، وأبا عليّ بْن شاذان. رَوَى عَنْهُ: يحيى بْن الطراح. ومات فِي شعبان. 292- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم: العلامة أبو مُحَمَّد الأصبهاني الشافعي الكروني، مفتي البلد وإمام الجامع العتيق. سمع: ببغداد من الحمامي، وابن بِشْران. أرَّخه يحيى بْن مَنْدَهْ. 293- عَبْد الحميد بْن عَبْد الرَّحمن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد1: أبو مُحَمَّد البَحِيريّ النَّيْسابوريّ. فقيه خيِّر. روي مُسْنَد أَبِي عَوَانة عن أَبِي نُعَيْم الأسْفَرائينيّ. رَوَى عَنْهُ: وجيه الشّحّامي، وهبة الرَّحْمَن القُشَيْريّ. قرأ عليه أبو المظفّر السمعاني جميع "مُسْنَد أَبِي عَوَانَة". 294- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن طاهر2: أبو زَيْدُ المُرْسيّ. روى عن: أَبِي الْوَلِيد بْن مِيقل، وأبي القاسم الإفليليّ. وحجّ فسمع من أَبِي ذر، وجماعة. وكان فقيهًا مُفْتيا، عاش اثنتين وستين سنة. 295- عَبْد الكريم بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن رزمة3:

_ 1 المنتخب من السياق "345، 346"، [1135] . 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 339" [724] . 3 المنتظم "8/ 310"، "16/ 181".

أبو طاهر الخبّاز الكَرْخيّ. صالح صدوق، صاحب أُصول جِياد. سمع: أَبَا عُمَر بْن مَهْدي، وأبا الْحَسَن بْن رزقُوَيْه. رَوَى عَنْهُ: يوسف بْن أيوب الهَمَذَاني، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْدي، وعليّ بْن عَبْد السلام، وغيرهم. ووثَّقه أبو الفضل بْن خَيْرُون، وقال: توفِّي فِي ثاني عشرين ربيع الآخر. 296- عُبَيْد اللَّه1: أبو القاسم، ولد القاضي أبي يَعْلَى بْن الفراء الفقيه، أخو أَبِي الْحُسَيْن وأبي حازم. قرأ القراءات على: أَبِي بَكْر محمد بن علي الخيَّاط، وأبي علي بن البنَّا. وتفقَّه على والده، ثُمَّ على: أَبِي جعفر بْن أَبِي مُوسَى. وسمع من الخطيب. وأكثر من الحديث، وتوسَّع من العلم. وتوفِّي شابًّا بطريق مكّة، وهو ابن سبْعٍ وعشرين سنة. حدَّث عَنْهُ: أخوه أبو الْحُسَيْن، وعمر الرُّؤاسي، والمبارك بْن عَبْد الجبَّار. 297- عليّ بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن اللبَّان2: المحدِّث. ذُكِرَ فِي العام الماضي. 298- عُمَر بْن أَحمد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى3: الحافظ أبو مَنْصُور الْجُوري الحنفي الصوفي. كان متعبِّدًا منعزلًا على طريقة السلف، ومن خواص أصحاب أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السلمي، أكثر عنه، وكتب عنه مصنَّفاته.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 235، 236". 2 الوافي بالوفيات "22/ 149"، التقييد لابن النقطة "415"، وقد تقدم قريبًا. 3 المنتخب من السياق "369"، والإكمال لابن ماكولا "3/ 11".

وسمع قبله من: أَبِي الْحُسَيْن الخفَّاف، وأبي نُعَيْم عَبْد الملك بْن الْحَسَن، ومحمد بْن الْحُسَيْن العلوي، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ. وتوفِّي فِي جُمادى الآخرة. وروى عَنْهُ أيضًا: عَبْد الغافر بْن إِسْمَاعِيل، وإسماعيل بْن المؤذّن، وأبو عَبْد اللَّه الفُراوي. وهو من جُور نَيْسابُور. حرف الفاء: 299- الفضل بْن الفَرَج1: أبو القاسم الأصبهاني الأحدب، من سادة الصُّوفيّة. كان عابدًا قانتًا مجتهدًا، ترك فراشه ثلاثين سنة، وكان يقوم أكثر الليل، وقد جاوَر مدّةً. قال يحيى بْن مَنْدَهْ: كان والله للقرآن تاليا، وعن الفَحْشَاء ساهيا، وعن المُنْكَر ناهيا، ومن دُنياه خاليا، وَفِي الأحوال لله شاكرًا. مات فِجأة فِي الحمام فِي شوّال. حرف الميم: 300- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن هارون2: أبو الْحَسَن البَرَدَاني الحنبلي الفَرَضيّ. وُلِد بالبَرَدَان فِي سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، وسكن بغداد من صِغَره. وسمع: أَبَا الْحَسَن بْن رِزْقُوَيْه، وأبا الحسين بْن بشْران، وأبا الفتح بْن أَبِي الفوارس، وأبا الفضل التميمي، وأبا الحسن بن الباداء، والحفَّار.

_ 1 لم أقف على ترجمته فيما تحت يدي من مصادر. 2 الأنساب "2/ 136"، والمنتظم "8/ 311"، وهدية العارفين "2/ 33".

رَوَى عَنْهُ: ابنه أبو عليّ الحافظ، وأبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ. وكان دينًا ثقة، عارفًا بالفرائض. كتب الكثير. توفِّي فِي ذي القِعْدَة. 301- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن سَعِيد1: أبو عبد اللَّه بن الفراء الجياني المقرئ. كان فاضلًا زاهدًا، أَخَذَ القراءات عن مكّيّ بْن أَبِي طَالِب. وأقرأ الناس، وحجَّ فِي آخر عمره. ومات بمكّة. قرأ عليه بالروايات عليّ بْن يوسف السالمي. 302- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن مُحَمَّد بْن منظور بْن عَبْد اللَّه بْن منظور القَيْسيّ2: أبو عُبَد اللَّه الإِشْبيليّ. حجَّ وجاور سنةً، وسمع "الصحيح" من أَبِي ذَرّ. وكان من أفاضل الناس، حسن الضَّبْط، جيِّد التقييد، صدوقًا نبيلًا. توفِّي فِي شوال. رَوَى عَنْهُ: نسيبه أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن منظور، وأبو عليّ الغسّاني، ويونس بْن مُحَمَّد بْن مغيث، وشُرَيْح بْن مُحَمَّد، وآخرون. وكان موصوفًا بالصلاح والفضل، من كبار الأئمّة. لقي أيضًا أَبَا النجيب الأُرْمَوِي، وأبا عَمْرو السَّفاقسيّ. وعاش سبعين سنةً -رحمه اللَّه. 303- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن وهْب: أبو الحسين الهمذاني البيِّع.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 548"، وغاية النهاية "2/ 63". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 548، 549".

روى عن: ابن تُرْكان، وأبي عُمَر بْن مَهْديّ الفارسي. قال شيرويه: سمعتُ منه، وكان صدوقًا. قال لي: وُلِدت سنة 84. وتوفِّي ثالث عشر جُمَادَى الأولى. 304- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الْحُسَيْن بْن سِكّينة1: أبو عُبَد اللَّه الْبَغْدَادِيّ الأنْماطي. صالح ورعِ ثقة، وُلِدَ سنة تسعين وثلاثمائة. سمع الكثير، لكن ذهبت أصوله فِي النَّهْب؛ نهْب البساسيري. سمع: عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد الصيدلاني، ومحمد بْن فارس الغوريّ. رَوَى عَنْهُ: أبو بكر الأنصاري، وأبو القاسم بن السمرقندي، وعبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يوسف، وعبد المنعم بْن أَبِي القاسم القُشَيْريّ. ومات فِي ذي القعدة -رحمه اللَّه. قال الخطيب: كتبتُ عَنْه، وكان لا بأس به. 305- مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن صالح2: الأستاذ أبو طاهر الجبُّليّ، ويُعرف بصاحب الجبُّليّ، وبابن العلّاف، وبالمؤدِّب الشاعر. روى عن: أَبِي عليّ بْن شاذان. روى عنه: المبارك بن الطيوري، وأبو غالب القزاز، وهبة الله بن عبد الله الواسطي، وجماعة. قال السلفي: أنشدنا محمد بن عبد الملك الأسدي، أنشدنا أبو طاهر صاحب الْجَبُّليّ لنفسه: قد سَتَرَتْ وجْهَها عن البَشَرِ ... بساعدٍ جلّ عِقد مُصْطَبَري كأنه والعيونُ ترمقه ... عمود نور في دارة القمر

_ 1 تاريخ بغداد "11/ 401"، والمنتظم "8/ 311"، والبداية والنهاية "12/ 117". 2 الوافي بالوفيات "4/ 128".

وممّا سار له قوله: أتأذَنُ لي فِي أن أبُثَّك ما ألقي؟ ... فلستُ وَإنْ دام التَّجَلُّد ليّ أبقا حَظَرت على طَرْفي الهجوع فلم أَنَمْ ... وأطْلقت عيني بالدموع فَمَا ترقا جرى فِي مجاري الروح حُبُّكَ وانْثَنَى ... فلم يُبْق لي عظمًا ولم يُبْقِ لي عِرْقا أيا مُتْلِفي شَوْقًا، ويا مُحْرِقي جَوًى ... ويا مُلْبِسي سُقْمًا، ويا قاتلي عِشْقا أرى كل مملوكٍ يُسر بعتْقِه ... سواي، فَإِنِّي عاشقٌ أكْره العتْقا توفِّي -رحمه اللَّه- فِي المارستان عن ستٍ وثمانين سنه. 306- مُعَاوِيَة بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُعارك1: أبو عَبْد الرَّحْمَن العقيقي القُرْطُبيّ. شيخ محدِّث ومقرئ مجوّد. روى عن: عُمَر بْن حُسَيْنِ بْن نابِل، وأبي بَكْر بْن وافد القاضي، وأبي القاسم الوَهْراني، وأبي المطرِّف القَنَازِعي، وأبي مُحَمَّد بْن بنّوش، ويونس بْن مغيث. وعني بالعلم وسماعه وتقييده، وكان مجوِّدًا للقرآن. وكان ينوب في إمامة جامع قُرْطُبة. ودُفِنَ يوم عيد الفِطْر. 307- مغيث بْن مُحَمَّد بْن يونس بْن عَبْد الله بن مُحَمَّد بْن مُغيث2: أبو الْحَسَن القرطبي. لزِم جدَّه يُونُس وأكثر عَنْهُ. رَوَى عَنْهُ: حفيده يُونُس بْن مُحَمَّد بْن مغيث. وتوفِّي فِي ربيع الأوّل محبوسًا بإشبيلية للمحنة التي نزلت به -قدَّس اللَّه روحه، عن ست وسبعين سنة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 614، 615". 2 انظر السابق.

حرف النون: 308- نجا بْن أَحْمَد بْن عَمْرو بْن حرب1: أبو الْحُسَيْن الدَّمشقيّ العطار المحدِّث. سمع: أَبَا الْحَسَن بْن السِّمْسار، وأبا علي، وأبا الْحُسَيْن ابنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، ومحمد بْن الْحُسَيْن الطّفّال الْمَصْرِي، وخلقًا سواهم. وكتب الكثير وخرّج لنفسه مُعْجَمًا. رَوَى عَنْهُ: الحافظ عَبْد الْعَزِيز الكتاني وهو من شيوخه، وعمر الرؤآسي، وأبو مُحَمَّد بْن الأكفاني، وأبو الْحَسَن بْن المسلم الفقيه. وقد سمع ببيروت من عَبْد الوهاب بْن برهان، وبمكّة، ومصر. قال غيث الأرمنازي: كان سماعه صحيحًا، إلا أنه لم يكن له فَهْمٌ بالحديث؛ ففي مُعْجَمه من الخطأ والتصحيف ما اللَّه بْه عليم. وُلِدَ سنة أربعمائة، وتوفِّي فِي عاشر صَفَر، وأوّل سماعه بعد الثلاثين. حرف الياء: 309- يحيى بْن عليّ بْن محمد2: أبو القاسم الحمدويي الكُشْمِيهَنيّ، المَرْوَزِي، الفقيه الشافعي. قال السمعاني: كان فقيهًا، مدرِّسًا، ورِعًا، متقنًا. قيل: إنه تفقَّه على أَبِي مُحَمَّد والد إمام الحرمين، وسمع الحديث وأملى عدة مجالس. وحجَّ سنة ثلاثٍ وعشرين وأربعمائة. سمع: أَبَاه، وأبا الهيثم مُحَمَّد بْن مكّيّ الكُشْمِيهَني، كذا قال ابن السمعاني، وأبا سعد الماليني، وأَبَا بَكْر البَرْقاني، وأبا عليّ بْن شاذان.

_ 1 ميزان الاعتدال "4/ 248"، ومعجم المؤلفين "13/ 76". 2 الأنساب "4/ 211"، واللباب "1/ 378".

وفيَّات سنة سبعين وأربعمائة: حرف الألف: 310- أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان1: أَبُو عَبْد اللَّه الواسطي التاجر. سمع: أَبَا أحمد بن أبي مسلم الفرضي، وأبا عمر بْن مَهْدي، وعليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن بشران. وروي اليسير. وتوفِّي بخوزستان. رَوَى عَنْهُ: أبو الْحَسَن بْن عَبْد السلام، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ. توفِّي فِي ربيع الأوّل، وقد خانق السبعين. 311- أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن عليّ بن أحمد عَبْد الصمد بْن بَكْر2: أبو صالح النَّيْسابوري، المؤذِّن الحافظ الصُّوفيّ. محدِّث نَيْسابور. سمع: أَبَا نعيم عبد الملك الإسفرائيني، وأبا الحسن العلوي، وأبا طاهر الزيادي، وأبا يَعْلي المهلَّبَي، وعبد الله بن يوسف بن مامويه، وأبا عبد اللَّه الحاكم، وأبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلميّ، وخلْقًا من أصحاب الأصم. ورحل فسمع بجُرْجَان من حَمْزَة بْن يوسف الحافظ، وبإصبهان من أبي نعيم، وببغداد من أبي القاسم بن بشْران، وبدمشق من: المسدَّد الأُمْلُوكي، وعبد الرَّحْمَن بْن الطُّبَيز، وأمثالهم. وبمكَّة من أَبِي ذَرّ الهَرَوي، وبَمْنبج من الْحَسَن بْن الأشعث المَنْبِجِيّ. وصَحِب فِي الطريقة أَبَا عليّ الدّقّاق، وأحمد بن نصر الطالقاني.

_ 1 المنتظم "8/ 313"، "16/ 192". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 1162-1165"، والنجوم الزاهرة "5/ 106".

وعمل مسوَّدَة "تاريخ مَرْو". قال زاهر الشّحّاميّ: خرَّج أبو صالح ألف حديث عن ألف شيخ له، وقال الخطيب: قدِمَ أبو صالح علينا في حياة ابن بشران، وكتب عنِّي وكتبت عَنْهُ، وقال لي: أوَّل سماعي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وكنتُ إذ ذاك قد حفظت القرآن. وكان ثقة. قلت: وُلِدَ سنة ثمانٍ وثمانين، وأوَّل سماعه كان من أَبِي نُعَيْم الإسْفَرائيني لمَّا قَدِمَ نيسابور، وحدَّث بمُسْنَد الحافظ أَبِي عَوَانَة. وذكره أبو سعد السمعاني فقال: صوفي، حافظ، متقن، نسيج وحده فِي الجمع والإفادة، وكان الاعتماد عليه فِي الودائع من كُتُب الحديث التي فِي الخزائن الموروثة عن المشايخ، والموقوفة على أصحاب الحديث، فيتعهَّد حفظها، ويتولَّى أوقاف المحدثين من الحبر والكاغد، وغير ذلك، ويؤذن فِي المدرسة البَيْهَقّية مدة سنين احتسابًا، ووعظ المسلمين وذكَّرهم الأذكار فِي الليالي فِي المأذنة، وكان يأخذ صَدَقَات الرؤساء والتُّجّار ويوصِّلها إِلَى المستحقين والمستورين. قلت: روى عَنْهُ ابنه إِسْمَاعِيل، وزاهر ووجيه ابنا الشّحّامي، وعبد الكريم بْن الحسين البسطامي، ومحمد بْن الفضل الْفُرَاوِيّ، وعبد المنعم بْن القُشَيْري، وأبو الأسعد القُشَيْري، وآخرون. وقال الحافظ عَبْد الغافر بْن إِسْمَاعِيل: أبو صالح المؤذن، الأمين، المتقن، المحدِّث، الصوفي، نسيج وحده فِي طريقته، وجمعه، وإفادته، ما رأينا مثله، حَفِظَ القرآن، وجمع الأحاديث، وسمع الكثير، وجمع الأبواب والشيوخ، وأذن سنين حسبةً، وتوفِّي فِي سابع رمضان. وكان يحُثُّني على معرفة الحديث، ولم أتمكَّن من جمع هَذَا الكتاب إلا من مسودَّاته ومجموعاته، فهي المرجوع إليها فيما أحتاج إِلَى معرفته وتخريجه. إِلَى أن قال: ولو ذهبت أشرح ما رَأَيْت منه لسودت أوراقًا جمَّة، وما انتهيت إِلَى استيفاء ذلك، سمعتُ منه كتاب "الحلية" لأبي نعيم بتمامه، و"معجم الطبراني"، و"مسند

الطيالسي"، و"الأحاديث الألف"، وما تفرَّغ لعقد الإملاء من كثرة ما هُوَ بصدده من الاشتغال والقراءة عليه. أَخْبَرَنَا أَحْمَدَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمُعِزِّ الْهَرَوِيِّ، أَنَا زَاهِرٌ، أَنَا أَبُو صَالِحٍ الْمُؤَذِّنُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزِّيَادِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْبَزَّازُ، ثنا عبد الرحمن بن بشر، ثنا بِشْرِ بْنِ السَّرِيّ، ثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُراجِعَها1. وقال أبو جعفر محمد بن أبي علي الهَمَذَانيّ: سمعتُ أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن أَبِي زكريا المزكي يقول: ما يقدر أحد أن يكذب فِي الحديث فِي هَذِهِ البلدة وأبو صالح حيٌ. وسمعتُ أَبَا المظفر مَنْصُور بْن السمعاني يقول: إذا دخلتم على أَبِي صالح فادخلوا بالحُرْمة، فإنه نجم الزمان، وشيخ وقته فِي هَذَا الأوان. قال أبو سعد السمعاني: رآه بعض الصالحين ليلة وفاته، كأن النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قد أَخَذَ بيده وقال له: جزاك اللَّه عنِّي خيرًا، فنِعْمَ ما أقمت بحقي، ونِعْمَ ما أدَّيتَ من قولي، ونشرت من سُنَّتي. 312- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن النَّقُّور2: أبو الْحُسَيْن الْبَغْدَادِيّ البزّاز، مُسْنِد العراق فِي وقته. رحل الناسُ إليه من الأقطار، وتفرَّد فِي الدنيا بنسَخٍ رواها البغوي عن أشياخه؛ نسخة هُدْبة بْن خَالِد، ونسخة كامل بن طلحة، ونسخة عمر بن زرارة، ونسخة مُصْعب الزُّبَيْريّ. وكان مُتَحَرِّيا فيما يرويه. سمع: علي بْن عُمَر الحربي، وعلي بْن عَبْد العزيز بن مردك، وعبيد اللَّه بْن حَبَابَة، وعمر بْن إِبْرَاهِيم الكتاني، ومحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخلص، ومحمد ابن أخي ميمي الدقاق.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "4908"، "5251"، ومسلم "1471"، وأبو داود "2179"، والترمذي "1175، 1176"، وابن ماجه "2019"، والترمذي "1175، 1176"، وابن ماجه "2019" وغيرهم. 2 المنتظم "8/ 314"، والعبر "3/ 272، 273".

روى عنه: الخطيب، وأبو بكر ابن الخاضبة، وابن طاهر المقدسي، والمؤتمن السَّاجي، والحسين بْن عليّ سبط الخياط، وإسماعيل بْن أَحْمَد السَّمَرْقَنْدي، وأبو البركات عمرو بْن إِبْرَاهِيم الحسيني الكوفي، وأبو الْحَسَن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن صرما، وأبو الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المهتدي بالله، وأبو نصر أَحْمَد بْن علي الغازي الأصبهاني، وأبو سعد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الزوزني، وأبو نصر إِبْرَاهِيم بْن الفضل البَأر، وأبو البدر إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الكرخي، والقاضي مُحَمَّد بْن عُمَر الأرموي، وخلق كثير. قال الخطيب: كان صدوقًا. وقال ابن خيرون: هُوَ ثقة. وقال الْحُسَيْن سبط الخيام: كنَّا نكون فِي مجلس ابن النقور، فإذا تكلم أحدٌ من الحلقة قال لكاتب الأسماء: لا تكتب اسمه. وقال أبو الْحَسَن بْن عَبْد السلام: كان أبو مُحَمَّد التميمي يحضر مجلسه ويسمع منه، ويقول: حديث ابن النَّقُّور سبيكة الذَّهَب. وكان يأخذ على نسخة طالوت بْن عَبّاد دينارًا. قال ابن ناصر: وإنمّا أَخَذَ ذلك لأنَّ الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق الشيرازي أفتاه بِذَلِك؛ لأنَّ أصحاب الحديث كانوا يمنعونه من الكسب لعياله، وكان أيضًا يمنع من ينسخ فِي سماع الحديث. وقال أبو عليّ الْحَسَن بْن مَسْعُود الدَّمشقيّ ابن الوزير: كان ابن النَّقُّور يأخذ على جزء طالوت دينارًا، فجاء غريب فقير، فأراد أن يسمعه، فقرأه عليه، عن شيخه، قال: ثنا البغوي، ثنا أبو عثمان الصَّيْرَفي، فَمَا عرف ابن النَّقُّور أنه طالوت، وحصل للغريب الجزء كذلك. وُلِدَ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة فِي جُمَادَى الأولى. ومات فِي سادس عشر رجب. وآخر من روى حديثه عاليا الأَبَرْقُوهيّ. 313- أحمد بن محمد بن يعقوب1 بن حُمَّدوه: ويقال حُمَّدويه،

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 242"، والمنتظم "8/ 313".

أبو بَكْر الْبَغْدَادِيّ المقرئ الرّزّاز. من أَهْل النَّصْرية. عُمّر، وكان آخر من حدَّث عن أَبِي الْحُسَيْن بْن سمعون. سمع: ابن سمعون، وأبا الفتح بْن أَبِي الفوارس، وأبا الْحُسَيْن بْن بشْران، وأبا نصر بْن حسْنُون النَّرسيّ. وقرأ لعاصم على الحمامي. ووُلِدَ فِي صفر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنْماطي، والمبارك السِّمِّذيّ وأبو بَكْر القاضي. قال أبو سعْد السمعاني: كان زاهدًا، منقطعًا، حسن الطريقة، خشنها، أجهد نفسه فِي الطاعة والعبادة، ودرس عليه خلق القرآن. قال الخطيب: كتبتُ عَنْه، وكان صدوقًا. وقال غيره: توفِّي فِي ذي الحجة. 314- أَحْمَد بْن مُحَمَّد1: أبو صالح السّواجيّ الفقيه. شيخ رئيس، بهيٌّ ظريفٌ لطيف. سمع من: عَبْد الغافر بْن مُحَمَّد الفارسي. ولم يحدِّث. وقد صاهر بيت القُشَيْريّ. 315- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى: أبو طاهر الحربي الدلّال. سمع: ابن رزقُوَيْه، وأبا الْحُسَيْن بْن بشران.

_ 1 المنتخب من السياق "118" [262] .

وعنه: عَبْد اللَّه بْن السَّمَرْقَنْدي، وغيره. توفِّي فِي ربيع الآخر. 316- إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد بْن عُثْمَان بْن وَرْدُون1: أبو إِسْحَاق النُّمَيْريّ الأندلسي. من أَهْل المَرِيّة، روى عَنْ: أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه الوَهْراني، وأبي عَبْد اللَّه بْن حمّود، وعمر بْن يوسف. وكان مَعْنِيا بالعلم والرّواية. أَخَذَ الناس عَنْهُ الكثير. قال ابن بَشْكُوال: أنبأ عَنْهُ غير واحد من شيوخنا، واسْتُقْضِيّ بالمَرِيّة فِي سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وعُزِل بعد سنتين. وعاش إحدى وثمانين سنة. حرف الحاء: 317- الحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن طلاب2: أبو نصْر القُرَشيّ الدَّمشقيّ الخطيب. مَوْلَى عِيسَى بْن طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ. رَوَى عَنْ أَبِي الْحُسَيْن بْن جُمَيْع "مُعْجَمَه". وعن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الحديد، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، وعطية اللَّه الصَّيْداويّ، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه بْن أَبِي الحديد، وعمر الرُّؤاسي، وأبو القاسم النسيب، وأبو الْحَسَن بْن قُبَيْس، وجمال الْإِسْلَام، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ. وقال النسيب: هُوَ ثقة أمين.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 96، 97". 2 العبر "3/ 273"، والوافي بالوفيات "13/ 48، 49".

وقال ابن قُبَيْس: كان ابن طَلَّاب قد كَسب فِي الوكالة كسْبًا عظيمًا، فحدَّثني قال: لمّا استوفيت سبعين سنةً قلت: أكثر ما أعيش عشر سِنين أخرى، فجعلت لكلّ سنة مائة دينار. قال: فعاش أكثر من ذلك، وكان له مِلْكٌ بالشّاغور. وقال النسيب: سَأَلْتُهُ عن مولده، فقال: فِي آخر سنة تسعٍ وسبعين، ودُفِنَ بباب الصغير. قال: وكان فاضلًا كثير الدّرْس للقرآن، ثقة، مأمونا. قال: وكان يخطب للمصريين، ثُمَّ تخلَّى عن ذلك. وذكر النسيب أنه مات بَصْيدا فِي المحرَّم، والأول أصح. حرف السين: 318- سعد بْن عليّ1: أبو الوفاء النَسَويّ. حدَّث بأطْرابُلُس "بالبخاري" فِي هَذِهِ السَّنة، وادَّعى أنه سمعه من مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُلَيْجَة، عن الفِرَبْريّ، وكذا افترى أنه سمع من إِبْرَاهِيم الشرابي، وحدَّثه عن عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، فكَذَب. حرف الطاء: 319- طَلْحَة بْن أَحْمَد: أبو القاسم الأصبهاني القصَّار الغسّال، المالكّي. سمع: أَبَا عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ. روى عَنْهُ: أبو نصر البأَّر، وأبو عَبْد اللَّه الخلّال. مات في ربيع الآخر.

_ 1 ميزان الاعتدال "2/ 142"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 92".

حرف الْعَيْنِ: 320- العاص بْن خَلَف1: أبو الحَكَم الإشبيليّ المقرئ. مصنِّف "المذكرة" فِي القراءات السَّبْع، وكتاب "التّهذيب". ذكره ابن بَشْكُوال مختصرًا. 321- عَبْد اللَّه بْن الحافظ أَبِي مُحَمَّد الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن علي الخلال2: أبو القاسم الْبَغْدَادِيّ. قال السمعاني: كان شيخًا صالحًا صدوقًا، صحيح السماع، من أولاد المحدثين، بكَّر به أَبُوهُ لسماع الحديث، وسمعه من عُمَر بن إبراهيم الكتاني، وأبي الحسن ابن الْجُنْدي، وأبي طاهر المخلص، وأبي القاسم الصَّيْدلاني، وغيرهم. وعُمّر حَتَّى نقل عَنْهُ الكثير. روى لنا عَنْهُ: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْدي، وأبو الفضل بْن المهتدي باللَّه، وأبو الْحَسَن بْن صِرْما، وجماعة سواهم. ووثّقه أبو الفضل بْن خَيْرُون. وقال الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، وكان صدوقًا. وقال لي: وُلِدت في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. وقال شجاع الذُّهْليّ: توفِّي فِي ثامن عشر صَفَر. 322- عَبْد الخالق بْن عِيسَى بْن أَحْمَد3 بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن معْبد بْن العبّاس بْن عَبْد المطلب بن هاشم:

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 451"، ومعجم المؤلفين "5/ 51". 2 المنتظم "8/ 314، 315"، والبداية والنهاية "12/ 118". 3 العبر "3/ 273، 274"، والبداية والنهاية "12/ 119".

الشريف أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي الفقيه. إمام الطائفة الحنبلية فِي زمانه بلا مُدافعة. سمع: أَبَا القاسم بْن بِشْران، وأبا الحسين بْن الحَرَّاني، وأبا مُحَمَّد الخلّال، وأبا إِسْحَاق البرمكي، وأبا طَالِب العُشَاريّ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي، وغيره. وهو أجلّ أصحاب القاضي أَبِي يَعْلَى. قال السمعاني: كان حَسَن الكلام فِي المناظرة، ورِعًا زاهدا، متقِنًا، عالمًا بأحكام القرآن والفرائض، مَرْضِيّ الطريقة. وقال أبو الْحُسَيْن بْن الفراء: لِزمَتُه خمسَ سِنين. قال: وكان إذا بلغه مُنْكَر قد ظهر عظُم ذلك عليه جدًّا، وكان شديدًا على المبتدِعة، لم تَزَلْ كلمته عالية عليهم، وأصحابُه يقمعونهم، ولا يردّ يدَه عَنْهُمْ أحد، وكان عفيفًا نزها، وكان يدرِّس بمسجده، ثُمَّ انتقل إِلَى الجانب الشرقي يدرِّس فِي مسجد آخر، ثُمَّ انتقل فِي سنة ستٍّ وستين لأجل ما لحق نهر المُعَلَّى من الغرق إِلَى باب الطاق، ودرَّس بجامع المهديّ. ولما احتضر القاضي أبو يَعْلَى أوصى أن يغسّله الشريف أبو جعفر، فلما احْتِضِر القائم بأمر اللَّه أوصى أيضًا أن يغسّله، ففعل. وكان قد وصَّى له القائم بأمر اللَّه بأشياء كثيرة، فلم يأخذْها، فَقِيل له: خُذْ قميص أمير المؤمنين للبركة، فأخذ فُوطته فنشّف بها القائم، وقال: قد لحِق الفُوطة بركة أمير المؤمنين. ثُمَّ استدعاه المقتدي، فبايعه منفردًا. ولمّا توفِّي كان يوم جنازته يومًا مشهودًا، وحُفِر له إِلَى جانب قبر الإمام أحمد، ولزم الناس قبره ليلًا نهارًا، حَتَّى قيل: خُتِمَ على قبره أكثر من عشرة آلاف ختمة. ورُؤي فِي النوم، فَقِيل له: ما فعل اللَّه بك؟ قال: لَقِيني أَحْمَد بْن حنبل فقال: يا أَبَا جَعْفَر، لقد جاهدتَ فِي اللَّه حقَّ جهاده، وقد أعطاك اللَّه الرضا.

وطوَّل ترجمته ابن الفرَّاء إِلَى أن قال فيها: وأُخِذ الشريف أبو جَعْفَر بْن أَبِي مُوسَى فِي فتنة أَبِي نصر بْن القُشَيْري، وحُبِس أيامًا، فسرد الصَّوم وقال: ما آكل لأحدٍ شيئًا. ودخلتُ عليه فِي تلك الأيام، فرأيته يقرأ فِي المصحف، فقال لي: قال اللَّه تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاة} [البقرة: 45] ، الصَّبرُ الصوم، ولم يُفْطِر إِلَى أن بلغ منه المرض، فَلَمَّا ثَقُل وضجّ الناس من حبْسه، أُخرج إِلَى الحريم الطاهري، فمات هناك. ومولده سنة إحدى عشر وأربعمائة. وقال شجاع: توفِّي فِي نصف صفر سنة سبعين -رحمه اللَّه ورضي عَنْهُ. 323- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن مَنْدَهْ: واسمه إِبْرَاهِيم بْن الْوَلِيد1، أبو القاسم ابن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه العبدي الأصبهاني. كان كبير الشأن، جليل المقدار، حسن الخط، واسع الرواية، أمّارًا بالمعروف، نهّاءً عن المنكر، ذا وقارٍ وسكون وسَمْتٍ. له أصحاب وأتْباع يقتفون بآثاره. وُلِدَ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وهو أكبر الإخوة، أجاز له زاهر بْن أَحْمَد السَّرْخَسِي، وسمع الكثير من: أَبِيه، وإبراهيم بْن خُرَّشِيد قُوله، وإبراهيم بْن مُحَمَّد الجلاب، وأبي بَكْر بْن مردويه، وأبي جَعْفَر بْن المرزبان الأبهري، وأبي ذر بن الطَّبَراني، وأبي عُمَر الطَّلْحيّ. وسافر إِلَى بغداد سنة ست وأربعمائة، فأدرك نفرًا من أصحاب المَحَامِلي، وسمع بواسط من ابن خزَفَة الواسطي، وبمكة من أَبِي الْحَسَن بْن جَهْضَم، وابن نظيف الفرّاء. وسمع بشيراز، والدِّينَور، وهَمَذَان، ودخل نيسابور، وسمع من: أَبِي بَكْر الحِيري، ولم يروِ عَنْهُ لأشعريته، كما فعل شيخ الْإِسْلَام عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْأَنْصَارِي، فإنه قال: تركت الحِيريّ لله.

_ 1 المنتظم "8/ 315"، والنجوم الزاهرة "5/ 105".

وقال أبو عَبْد اللَّه الدّقّاق: وُلِدَ الشَّيْخ السديد أبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن فِي سنة إحدى وثمانين، فِي السنة التي مات فيها أَبُو بَكْر بْن المقري. قال: وفضائله ومناقبه أكثر من أن تُعَدّ، وأقول أَنَا: ومَن أَنَا لنشر فضيلته؟ سمع من أَبِيهِ، ثُمَّ سمى أشياخه، إِلَى أن قال: وكان صاحب خُلُق وفُتُوة، وسخاء وبهاء، والإجازة كَانَتْ عنده قوية. وكان يقول: ما حدَّثتُ بحديث إلا على سبيل الإجازة، كي لا أُوبَق، فأدخل فِي كتاب أَهْل البِدْعة. وله تصانيف كثيرة، ورُدُود جمَّة على المبتدعين والمنحرفين فِي صفات اللَّه تعالى وغيرها. وقال أبو سعد السمعاني: له إجازة من زاهر، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي شُرَيْح، وأبي عَبْد اللَّه الحاكم، وحمد بْن عَبْد اللَّه الأصبهاني ثُمَّ الرّازي، ومحمد بن عبد الله بن زكريا الجوزقي. روى لنا عَنْهُ: أبو نصر الغازي، وأبو سعد الْبَغْدَادِي، وأبو عَبْد اللَّه الخلّال، وأبو بَكْر الباغْبان، وأبو عَبْد اللَّه الدّقّاق، وجماعة كثيرة. قال ابن طاهر المقدسي: سمعتُ أَبَا علي الدّقّاق بإصبهان يقول: سمعتُ أَبَا القاسم بْن مَنْدَهْ يقول: قرأتُ على أَبِي أَحْمَد الفَرَضيّ ببغداد جزءًا فأردت أخْذَ خطّه بِذَلِك، فقال: يا بُنيّ، لو قال لك قائلٌ بإصبهان: ليس هَذَا خطّ فلان، بم كنت تجيبه؟ ومَن كان يشهد لك؟ قال: فبعد ذلك لم أطلب من شيخٍ خطًّا. قال السمعاني: سمعتُ الْحُسَيْن بْن عَبْد الملك الخلّال يقول: سمعتُ أَبَا القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَبْد اللَّه الحافظ يقول: قد تعجَّبت من حالي فِي سَفَري وحَضَري مع الأقربين منّي والأبعدين، والعارفين بي والمُنْكِرين، فإنّي وجدتُ بمكة وبخُراسان وغيرهما من الآفاق التي قصدتها، من صِبايّ وإلى هَذَا الوقت، أكثر من لقيته بها، موافقًا أو مخالفًا، دعاني إِلَى مساعدته على ما يقوله، وتصديق قوله، والشهادة له فِي فِعْله على قبولٍ ورِضى، فإنْ كنت صدقته فيما كان يقوله، وأجزت له ذلك كما يفعل أَهْل هَذَا الزّمان، سماني موافقًا، وإنْ وقفتُ فِي حرف من قوله، وَفِي شيء من فِعله، سمَّاني مخالفًا، وإنْ ذكرت في واحد منهما أنَّ الكتاب والسُّنّة بخلاف ذلك

سمَّاني خارجيًّا، وإنْ قرئَ عليَّ حديثٌ فِي التوحيد سمَّاني مشبِّهًا، وإنْ كان فِي الرؤية سمَّاني سالميًّا. إِلَى أن قال: وأنا متمسكٌ بالكتاب والسُّنّة، متبرّئ إِلَى اللَّه من الشِّبْه والمِثْل، والضد والنّد، والجسم والأعضاء والآلات، متبرّئ إِلَى اللَّه مِن كل ما يشبه الناسبون إليّ، ويدّعيه المدّعون عليّ، ومن أن أقول فِي اللَّه شيئًا مِن ذلك، أو قلته، أو أراه، أو أتوهّمه، أو أتجرّأه، أو أنتحله، أو أصفه به، وإن كان على وجه الحكاية -سبحانه وتعالى- عمَّا يقولُ الظالمون عُلُوًّا كبيرًا. وقال أبو زكريّا يحيى بْن مَنْدَهْ: كان عمِّي -رحمه اللَّه- سيفًا على أَهْل البِدَع، وأكبر من أن يُثني عليه مثلي، كان والله آمِرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، وفي الغدوِّ والآصال ذاكرًا، ولنفِسه فِي المصالح قاهرًا، فأعقب اللَّه من ذكَره بالشّرّ الندامة إِلَى يوم القيامة، وكان عظيم الحِلْم كثير العلم. وُلِد سنة ثلاثٍ وثمانين. قرأت عليه حكاية شُعبة: مَن كتبُ عَنْهُ حديثًا فأنا له عبدٌ، فقال عمِّي: مَن كَتب عني حديثًا فأنا له عبْدٌ. وسمع أبي أبا عمرو يقول: اتّفق أنَّ ليلةً كُنَّا مجتمعين للإفطار فِي رمضان، وكان الحَرُّ شديدًا، وكنَّا نأكل ونشرب، وكان عَبْد الرَّحْمَن يأكل ولا يشرب، فقلتُ أَنَا على سبيل اللَّعِب: مِن عادة أخي أن يأكل ليلةً ولا يشرب، ويشرب ليلةً أخرى ولا يأكل. قال: فَمَا شرب تلك الليلة، وَفِي الليلة الآتية كان يشرب ولا يأكل. فلمَّا كَانَتِ الليلة الثالثة قال: أيها الأخ، لا تلعب بعد هَذَا بِمِثْلِه، فَإِنِّي ما اشتهيت أن أكذِّبك. قلت: وقال الدّقّاق فِي رسالته: أول شيخ سمعتُ منه الشَّيْخ الْإِمَام السّيّد السديد الأوحد أبو القاسم بْن مَنْدَهْ، فرزقني اللَّه -جلَّ جلاله- ببركته وحُسْن نيّته، وجميل سيرته، وعزيز طريقته، فَهْمَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكان جِذْعًا فِي أعيُن المخالفين؛ أَهْل البِدَع والتّبدّع المتنطّعين، وكان مِمَّنْ لا يخاف فِي اللَّه لومه لائم، ووَصْفُه أكثر من أن يحصَى. ذكر أبو بَكْر أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد اللُّورُدجاني أنه سمع من لفظ أبي

القاسم سعد الزنجاني بمكة يقول: حفظ اللَّه الْإِسْلَام برجُلَين؛ أحدهما بإصبهان، والآخر بهَرَاة؛ عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ. وقال السمعاني: سمعتُ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الرّضا العَلَويّ يقول: سمعتُ خالي أَبَا طَالِب بْن طَبَاطَبَا يقول: كنت أشتمُ أبدًا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ إذا سمعتُ ذِكره، أو جرى ذِكْره فِي محفَل، فسافرت إِلَى جَرْباذَقْان، فرأيت أمير المؤمنين عُمَر بْن الخطاب -رَضِيَ اللَّه عَنْهُ- فِي المنام، ويده فِي يد رَجُل عليه جُبّة زرقاء، وَفِي عينه نكتة، فسلّمتُ عليه، فلم يردّ وقال: لِم تشتُم هَذَا إذا سمعت اسمه؟ فقيل لي في هذا المنام: هَذَا أمير المؤمنين عُمَر، وهذا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ. فانتبهت، ثُمَّ رجعتُ إِلَى إصبهان، وقصدت الشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَن، فلمَّا دخلت عليه ورأيته، صادفته على النَّعت الَّذِي رَأَيْته فِي المنام، وعليه جُبّة زرقاء، فلمَّا سلمت عليه قال: وعليك السلام يا أَبَا طَالِب. وقبل ذلك ما رآني ولا رَأَيْته، فقال لي قبل أن أكلّمّه: شيءٌ حرَّمه اللَّه ورسوله، يجوز لنا أنْ نُحلَّه؟ فقلتُ له: اجعلني فِي حِلٍّ، ونَشَدْتُه اللَّه، وقبَّلت عينيه، فقال: جعلتك فِي حلٍّ فيما يرجع إليَّ. قال السمعاني: سألت أبا القاسم إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن الفضل الحافظ، عن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَبْد اللَّه، فسكت ساعة وتوقف، فراجعته، فقال: سمع الكثير، وخالف أَبَاهُ فِي مسائل، وأعَرض عَنْهُ مشايخ الوقت، وما تركني أَبِي أسمع منه. ثُمَّ قال: كان أخوه خيرًا منه. وقال المؤيّد ابن الإخوة: سمعت عَبْد اللطيف بْن أَبِي سعد الْبَغْدَادِي، سمعت أَبِي، سمعتُ صاعد بْن سيّار الهَرَويّ، سمعت الْإِمَام عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ يقول فِي عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ: كان مضرَّته فِي الْإِسْلَام أكثر من مَنْفَعَته. ذكر يحيى أن عمَّه توفِّي فِي سادس عشر شوال، وغسّله أَحْمَد بْن مُحَمَّد البقَّال، وصلى عليه أخوه عَبْد الوهاب، وحضَر جنازته مَن لا يعلم عدَدَهم إلا اللَّه -عزّ وجلّ. وأوّل ما قُرِئ عليه الحديث سنة سبع وأربعمائة. سمع عليه: عليّ بْن عَبْد الْعَزِيز بْن مقرن.

324- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن: أبو القاسم النيسابوري، المعروف بالحافظ. قدِمَ همذان فِي هَذَا العام، وحدَّث عن: أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الإسفرائيني، وأبي العلاء صاعد بْن مُحَمَّد، ويحيى بْن إِبْرَاهِيم المزكيّ. 325- عَبْد الرزّاق بْن سلْهب الأصبهاني: صالح خير. روى عن: أبي عبد اللَّه بن مَنْدَهْ. وقع من سلَّمٍ فمات فِي ذي القعدة. وكان خيَّاطًا. 326- عَبْد الكريم بْن أَبِي حاتم السِّجِسْتانيّ: أبو بِشْر الحافظ. توفِّي فِي هَذَه السنة بسِجِسْتان. 327- عَبْد الملك بْن عَبْد الرَّحْمَن1: أبو سعْد السَّرْخَسِيّ الحنفي، من علماء بغداد. ولِيَ قضاء البصرة، وبها مات فِي شوال. سمع من: هلال الحفَّار ببغداد، ومن عليّ بْن مُحَمَّد الطّرّازي بنيسابور، ومن عليّ بْن مُحَمَّد بْن نصر الدِّينَوري. كتب عَنْهُ: أبو طاهر بْن سوار، وغيره. ورَوَى عَنْهُ: عَبْد المغيث بْن مُحَمَّد العَبْديّ. 328- عَبْد الملك بْن عَبْد الغفَّار بْن مُحَمَّد2: أبو القاسم الهَمَذَانيّ الفقيه الملقَّب ينجير.

_ 1 الجواهر المضية "2/ 470، 471"، والطبقات السنية "1333". 2 البداية والنهاية "12/ 118".

روى عن: أَبِيه، وأبي طاهر بْن سَلَمَة، وأبي سَعِيد بْن شبَانة، وابن عبدان، وأبي القاسم بْن بِشْران، والحسن بْن دُوما النّعّالي، وأبي نُعَيْم الحافظ، والحسين الفلاكيّ. قال شيروَيْه: سمعتُ منه، وكان فقيهًا حافظًا، أحد أولياء اللَّه، ما رأيتُ مثله، توفِّي فِي المحرَّم. كان يكتب لنا ويقرأ لنا. قلت: رَوَى عَنْهُ: أَحْمَد بْن سعد العجلي، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن بطال، لقِيه بهمذان. 329- عَبْد الوهاب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان1: أبو عمرو بْن أَبِي عقيل السلمي النَّيْسابوريّ المائقي، ابن خال الأستاذ أَبِي القاسم القُشَيْري. شيخ كبير نبيل ثقة، من كبار شيوخ الصُّوفية العارفين بلغة القوم ورموزهم فِي الحقائق. توفِّي فِي حدود هَذِهِ السنة. سمع: أَبَا طاهر بْن مَحْمِش، وعبد اللَّه بْن يوسف. وببغداد: أَبَا الحسين بْن بِشْران. رَوَى عَنْهُ: حفيده عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الوهّاب، وأبو الأسعد هبة الرحمن القشيري. وعادل القُشَيْريّ فِي المحمل إِلَى الحجاز. 330- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُثْمَان2: أبو مُحَمَّد بْن أَبِي الحديد، السلمي الدَّمشقيّ المعدل. سمع: جَدّه، وأباه، وعبد الرحمن بن أبي نصر. روى عنه: غيث بْن علي، وعمر الرَّؤاسي، وأبو القاسم النسيب. روى عن جده شيئًا يسيرًا.

_ 1 الأنساب "11/ 108، 109"، ومعجم البلدان "5/ 50". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "15/ 340".

331- عليّ بْن الْحَسَن بْن عليّ العطار: أخو فاطمة بِنْت الأقرع. سمع من: ابن مَخْلَد "جزء ابن عَرَفَة". وعنه: القاضي أبو بَكْر. 332- عليّ بْن الْحَسَن بْن القاسم بْن عنان: القاضي أبو الْحَسَن الأَسَدَاباذي، نزيل قسنان. روى عن: القاضي أَبِي مُحَمَّد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْميّ. قال شِيرُوَيْه: سمعت منه، وكان صدوقًا متعبِّدًا فاضلًا، ومولده سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. 333- عليّ بْن الخَضِر بْن عَبْدَان بْن أَحْمَد بْن عَبْدان1: أبو الْحَسَن الدَّمشقيّ المعدل. حدَّث عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصْر، ومنصور بْن رامش. رَوَى عَنْهُ: طاهر الخُشُوعي، وهبة اللَّه بْن الأكفاني، وأبو الْحَسَن بْن المسلم. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى. 334- عليْ بْن مُحَمَّد بْن عليّ2: أبو القاسم التَّيْميّ الكوفي، ثُمَّ النَّيْسابوريّ. سمع: أَبَا زكريا يحيى بْن المزكي، وأبا بَكْر الحيري. رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيل بْن السَّمَرْقَنْدي، وعبد المنعم بْن القُشَيْريّ. وكان صوفيًّا. حجَّ مرات، وحدَّث بهمذان. وتوفِّي -رحمه اللَّه- بطريق مكة، وكان صدوقًا.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 279". 2 التقييد لابن نقطة "414، 415".

335- عليّ بْن ناعم بْن عليّ بْن سهل: أبو الْحَسَن البغدادي البزّاز الحنبليّ. صالح ورِع مقرئ. سمع: أَبَا الفتح بْن أَبِي الفوارس، وأبا الْحَسَن بْن بشْران. وعنه: قاضي المَرِسْتان، وابن السَّمَرْقَنْدي، وأبو الْحَسَن بْن عَبْد السلام. توفِّي فِي رجب. حرف الميم: 336- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن مَخْلَد بن عبد الرحمن بن أَحْمَد بْن بَقِيّ بْن مَخْلَد بْن يزيد القُرْطُبيّ1: أبو عَبْد اللَّه قاضي قُرْطُبَة. روى عن: أَبِيه، وعمِّه عَبْد الرَّحْمَن. وولي القضاء مرَّتين، ولم تُحْفَظ له قضية جَوْر. رَوَى عنه: أبو علي الغساني، وابناه أبو الْحَسَن وأبو القاسم ابنا أَبِي عَبْد اللَّه. وعُزِل ثاني مرة، وامتُحِنَ بسبب القضاء محنة عظيمة. ومات بعد إطلاقه من السجن فِي صَفَر بإشبيلية، وله ثلاث وسبعون سنة. 337- مُحَمَّد بْن أَحمد بْن مأمون: أبو عَبْد اللَّه الكرتيّ. توفِّي فِي هَذِهِ السنة ببلده. 338- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه2: أبو الْحَسَن بْن الورَّاق النَّحْوي، شيخ العربية ببغداد. قال السمعانيّ: تفرَّد بعِلم النَّحْو، وانتهى إليه علم العربية فِي زمانه، وكان له فِي القراءات وعلوم القرآن يد ممتدة، وباع طويل.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 550". 2 بغية الوعاة "1/ 255، 256"، وإنباه الرواة "3/ 227".

يوجد سقط بالنسخة

يوجد سقط بالنسخة

حدَّث عن: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن الْجُعْفيّ، ومحمد بْن جَعْفَر النّجّار. وعنه: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ. قال الخطيب: كتبت عَنْهُ، وكان سماعه صحيحًا. وقال هبة اللَّه السَّقَطيّ: كان زَيْديًّا. وقال ابن خَيْرُون: توفِّي هبة الله بن علي بن الجاز في ربيع الأول. المتوفون هذه السنة تقريبًا: حرف الألف: 345- أَحْمَد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه1. أبو نصر الدِّينَوَريّ السُّلَميّ الصُّوفيّ المقرئ. سمع: أَبَا الْحَسَن بْن جَهْضَم، وأبا مُحَمَّد بْن النحاس، وأبا سعد الماليني، وأبا مُحَمَّد بْن أَبِي نصر. رَوَى عَنْهُ: نصر المقدسي، ومكي الرميلي، وأبو بكر ابن الخاضبة، وغيرهم. توفِّي بعد الستين وأربعمائة، أو قبلها. 346- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد. أبو القاسم البْصريّ المناديليّ المقرئ المعدّل. سمع من أحمد بن يعقوب المعدل سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، ومن: القاضي أَبِي عُمَر الهاشمي، وعليّ بْن أَحْمَد بْن غسّان الحافظ، وطائفة. وعنه: الغِطْرِيف بْن عَبْد اللَّه، ومحمد بْن أَبِي نصر الأُشْنانيّ شيخ السِّلَفيّ، وغير واحد. حدَّث سنة ستٍّ وستين بالبصرة، وقَعَ لنا من حديثه جزءان.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 183-185".

347- إِسْمَاعِيل بْن عليّ1: الأديب أبو مُحَمَّد الدَّمشقيّ، الكاتب المعروف بابن العين زَرْبِيّ. شاعرٌ مُفلقٌ. توفِّي سنة سبع وستين وأربعمائة، وهو القائل: ترك الظاعنون جسمي بلا قل ... بٍ وعيني عينًا من الهَمَلانِ وَإِذَا لم تفِضْ دمًا سُحُبُ أجفا ... ني على بُعْدكمْ فَمَا أجفاني حلَّ فِي مقلتي فلو فتّشوها ... كان ذاك الْإِنْسَان فِي إنساني حرف التاء: 348- تُبَّع بْن القاسم بْن نصر: أبو الْحَسَن التبَّعيّ الهَمَذَانيّ، نزيل بغداد. وكان له بها آثار جميلة من قنوات، ومنائر. وكان فقيرًا مُعانًا كثير التّلاوة. سمع: أَبَا بَكْر أَحْمَد بْن عليّ بْن لال. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ. حرف الثاء: 349- ثابت بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الفَزَاريّ: أبو القاسم ابن الطبقي. سمع: ابن الصلت المجبر. رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه البارع، وغيره.

_ 1 معجم البلدان "4/ 178"، والوافي بالوفيات "9/ 168-170".

يوجد سقط بالنسخة

يوجد سقط بالنسخة

أَبُو مُحَمَّد المصريّ المَحَامِليّ. سمع: مُحَمَّد بْن الحسن بْن عُمَر الصَّيْرفيّ، وغيره. رَوَى عَنْهُ: صالح بْن حُمَيْد اللبَّان، وعلي بْن الْحُسَيْن الفرّاء، وغيرهما. أخبرنا أبو بَكْر بْن عُمَر النَّحْويّ: أَنَا الْحَسَن بْن أَحْمَد الأوقيّ، أَنَا السِّلفيّ، أَنَا صالح بْن حُمَيْد، أَنَا عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد اللَّه المَحَامِليّ، أَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن، أَنَا مُحَمَّد بْن مُوسَى النّقّاش، نا مُحَمَّد بْن صالح الخَوْلانيّ، نا مُحَمّد بْن إِبْرَاهِيم الخَوْلانيّ، نا سَعِيد بْن نصر، ثنا حُسَيْنُ الْجُعْفي قال: كان أبو يُونُس يطوف فِي كل يومٍ سبعين أسبوعًا. 356- عَبْد الجليل بْن أَبِي بَكْر الرَّبَعيّ القَرَوِيّ: أبو القاسم الدّيباجيّ، المعروف بالصابوني، المتكلم. أَخَذَ عن: أبي عمران الفارسي، وأبي عبد الله الأزدي صاحب ابن الباقِلّانيّ. وصنَّف كتاب "المستوعب" فِي أصول الفقه، وكتاب "نُكَت الانتصار"، وألَّف معتقدًا. درَّس بقلعة حمّاد، وبفاس. أَخَذَ عَنْهُ الأصول: أبو عَبْد اللَّه بْن شبرين. ورَوَى عَنْهُ: أبو عبد الله بْن الخير، وأبو عَبْد اللَّه بْن خليفة، ومحمود بْن دَاوُد القلعيّ، وأبو الحَجّاج يوسف بْن الملجوم. 357- عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد: أبو حنيفة الزَّوْزَنيّ، الفقيه الشّافعيّ، نزيل نَيْسابور. شيخ بهيّ رئيس، كثير التلاوة، بارع الخط. كان يداوم على كتابة المصاحف ويتأنَّق فيها. ونَفَقَ سُوقه وازدحموا على مصاحفه. سمع: أَبَا بَكْر الحِيريّ، ومنصور بْن رامش. توفِّي سنة نيِّفٍ وستين.

358- عَبْد الكريم بْن أَحْمَد بْن طاهر بْن أحمد1: أبو سعد التَّيمي الوزّان، من أَهْل طَبَرِسْتان. سكن الرَّيّ، وكان من كبار عصره فضلا وحشمة وجاها، له قَدَم فِي المناظرة، وإفحام الخصوم. تفقَّه بمَرْو علي الْإِمَام أَبِي بَكْر القفَّال. 359- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن مروان بْن زُهر: أبو مروان الإيَاديّ الإشبيليّ. تفقَّه وتفنَّن فِي العِلْم، ثُمَّ حجّ، وتعلَّم الطّبّ، فتقدَّم فِيهِ وسكن دانية. وَفِي ذرّيته أطبّاء. وهو والد الطبيب أَبِي العلاء بْن زُهْر. مات فِي حدود السبعين وأربعمائة. 360- عَبْد الوهاب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن أَحْمَد2: أبو عَمرو السُّلَميّ الزّاهد. من نُبلاء مشيخة نَيْسابور، ومن أعيان الصُّوفيّة. سمع: عَبْد اللَّه بْن يوسف، وابن مَحْمِش، وأبا الْحُسَيْن بْن بِشْران، وعدّة. وعاش تسعين سنة. رَوَى عَنْهُ: أبو الأسعد هبة الرَّحْمَن. 361- عَقِيل بْن مُحَمَّد بْن عليّ3: أبو الفضل الفارسي ثُمَّ البَعْلَبَكِّيّ، الفقيه الشافعي. روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن القطان، وعبد الرحمن بن أبي نصر.

_ 1 المنتخب من السياق "335، 336" [1105] . 2 المنتخب من السياق "355" [1175] . 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 128، 129"، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي "3/ 294".

رَوَى عَنْهُ: عُمَر الرؤاسي، وهبة اللَّه بْن الأكفاني، وابنه أَحْمَد بْن عقيل، وكان يحفظ "مختصر المُزَنيّ". 362- عليّ بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر1: أبو الْحُسَيْن اللّحْسانيّ الطُّرَيْثيثي. وطُرَيْثِيث من نواحي نَيْسابور. قال السمعاني: كان شيخًا صالحًا عفيفًا صوفيًّا ظريفًا. حجَّ مرات، وكان يحدَّث بَنْيسابور ويرجع إِلَى ناحيته. سمع بَهَراة: شاه بْن عَبْد الرَّحْمَن، ومحمد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر المالِينيّ، وبنَيْسابور: أَبَا الْحُسَيْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الخفّاف. رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه الفرَّاويّ، وأبو القاسم الشّحّاميّ. وتوفِّي بعد سنة ستين، وقد جاوز الثمانين. 363- عليّ بْن مُحَمَّد بْن نصر الدينوري2: نزيل غزنة. ذُكِر فِي سنة ثمانٍ وستين ظنًّا. 364- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن3: أبو الْحَسَن بْن أَبِي عِيسَى الحَسْنَابَاذِيّ الأصبهاني. مشهور، صدوق، عارف بالرواية. سمع: أَبَا بَكْر بْن مردوَيْه، وببغداد أَبَا الْحَسَن بْن الصَّلْت، وابن رزقوّيْه، قال السمعاني: روى لنا عَنْهُ: ابن عمّه أبو الخير عَبْد السلام بْن محمود، ومحمد بْن الفضل الخانيّ، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق.

_ 1 المنتخب من السياق "383" [1289] . 2 التقييد لابن نقطة "415"، والوافي بالوفيات "22/ 149". 3 الأنساب "4/ 140".

365- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن1: أبو الحَسَن الْبَغْدَادِيّ الحنْبليّ. أحد الأئمة الكِبار. خرج فِي فتنةِ البساسيريّ فسكن ثغر آمِد. كان أحد الأذكياء المعدودين. تفقَّه على القاضي أَبِي يَعْلَى. وسمع من: أَبِي القاسم بْن بِشْران، وأبي الحسين بن الحراني، وأبي علي ابن المُذهِب. ورحل إليه أبو القاسم بْن الفراء للتفقُّه عليه. توفِّي بآمد سنة سبع أو ثمان وستين وأربعمائة. 366- عليّ بْن غنائم2: أبو الْحَسَن الأوْسيّ المصريّ، المالكيّ. سمع: ابن نظيف، وصِلَة بْن المؤمل، وأبا حازم بْن الفرّاء، وجماعة. وعنه: عليّ بْن طاهر، وجمال الْإِسْلَام عليّ بْن المسلّم، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ. وثقة ابن الأكفاني. حرف الفاء: 367- الفضل بْن عطاء3: أبو إِبْرَاهِيم المِهْرانيّ النَّيْسابوريّ. شيخ بهيّ فاضل، من بيت الزُّهْد والورع. سمع الكثير من: أَبِي عَبْد اللَّه الحاكم، وغيره.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 234" [670] . 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 146" [49] . 3 المنتخب من السياق "409، 410".

وكان مبالغًا فِي الزُّهْد والورع. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه البَحِيريّ. وتوفِّي سنة نيّف وستين، وله سبعون سنة. حرف الميم: 368- مُحَمَّد بْن خَلصَة1: أبو عَبْد اللَّه النحوي الشذونيّ، نزيل دانية. كان كفيفًا ذكيًّا ظريفًا، من كبار النُّحَاة المذكورين، والشعراء المشهورين، أخذ عن أَبِي الْحَسَن بْن سِيدَه. وبرعَ فِي اللغة والنحو، وأشغل مدة. أخذ عنه: أبو عمر بن شرف، وأبو عبد الله بن مطرِّف، وغيرهما. وشعره مدون، فمنه: أمدنف نفسي بالهوى أَمْ جَلِيدُهَا ... غَدَاةَ غَدَتْ فِي حَلْبةِ الْبَيْنِ غيدها تحدُ بِأَلْحَاظٍ لَهَا وَجَنَاتُهَا ... وترهبُ أن تنقَدَّ لِينًا قُدودُها فَيا لَدِماء الأُسْد تسفكها الدِّما ... وللصيد من عُفْرِ الظِّباء تَصِيدُها قال الأَبّار: بقي إلى بعد سنة ثمان وستين وأربعمائة. 369- مُحَمَّد بْن أَحْمَد2: الفقيه أبو المظفّر التميمي المَرْوَرُّوذِيّ الشافعي الواعظ. روى عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر التميمي الدَّمشقيّ، وجماعة. رَوَى عَنْهُ: عَبْد الْعَزِيز الكتاني، وعليّ بْن الخَضِر، ومحيي السنة أبو محمد البغوي.

_ 1 الوافي بالوفيات "3/ 42، 43"، ومعجم البلدان "3/ 329". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "21/ 325".

370- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد1: القاضي أبو عَمْرو النَّسَويّ، الملقَّب بأقضى القُضاة. من أكابر أهل خُرَاسان فضلًا وحشمةً وإفضالًا وجاهًا. وكان رسول الملوك إِلَى الخلافة المشرفة. سمع: أَبَا بَكْر الحِيريّ، وأبا إِسْحَاق الإسفْرائيني، ومحمد بْن زهير النَّسائيّ. وبمكَّة: أَبَا ذَرّ الهَرَويّ، وابن نظيف، وبدمشق: أَبَا الْحَسَن بْن السِّمْسار. أملى سنين وتكلَّم على الأحاديث. رَوَى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه الفرَّاويّ، وأبو المظفَّر القُشَيريّ، وإسماعيل بْن أَبِي صالح المؤذّن، وعبد الغافر الفارسي في تاريخه، وأطنب فِي وصفه، وقال: وقَفَ بعضَ بساتينة بنسا على مدرسة الصوفية المنسوية إِلَى أَبِي علي الدّقّاق بنَسَا. وله بخُوارَزْم مدرسة اتخذها لمَّا ولي قضاءها، وعاش ثمانين سنة. وولي قضاء خُوارَزْم وأعمالها، وصنَّف كُتُبًا فِي التفسير والفقه. حرف الواو: 371- واصل بْن حَمْزَة بْن علي2: أبو القاسم الخُنبونيّ3، وخُنبون: قرية من قرى بُخارَى. الصُّوفي الحافظ، ثقة صالح، خيرّ، رحّال. سمع: عَبْد الكريم بْن عَبْد الرَّحْمَن الكَلّابَاذيّ، وأحمد بْن ماما الأصبهاني الحافظ، وإبراهيم بْن سَلْم الشِّكَّانيّ ببُخَارَى، وأبا العبّاس المستغفريّ بنسف، وأبا الحسين بْن فاذشاه، وأصحاب الطبراني بأصبهان.

_ 1 طبقات الشافعية الكبرى "3/ 74، 75"، والمنتخب من السياق "71" [153] . 2 تاريخ بغداد "13/ 493" [7345] ، والأنساب "5/ 189". 3 الخنبوني: نسبة إلى خنبون. قاله السمعاني في الأنساب "5/ 189". وقال ياقوت: هي نسبة إلى قرية من قرى بخارى بما وراء النهر "معجم البلدان "2/ 391".

قال الخطيب: كتبتُ عَنْهُ، ولم يكن به بأس. ورَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر قاضي المارِسْتان. قال أبو زكريا بْن مَنْدَهْ: كان يرجع إِلَى الحِفْظ والدّيانة، وجمعَ الأبواب والطُّرُق، ثُمَّ ترك ذلك كلَّه واشتغل بشيء لا يرضاه اللَّه. وقال السمعاني: حدَّث في سنة سبع وستين.

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الموضوع رقم الصفحة الطبقة السابعة والأربعون: "461-470هـ" "أحداث سنة إحدى وستين وأربعمائة" الصفحة الموضوع 3 حريق جامع دمشق. 3 تغلب حصن الدولة على دمشق. 4 وصول الروم إلى الثغور. "أحداث اثنتين وستين وأربعمائة" 4 نزول ملك الروم على منبج. 4 محاصرة أمير الجيوش صور. 4 إعادة الخطبة للعباسيين بمكة. 4 القحط في مصر. "أحداث ثلاث وستين وأربعمائة" 5 الخطبة في حلب للخليفة القائم. 5 مسير ألب أرسلان إلى حلب. 6 موقعة منازكرد. 8 مسير أَتْسِز بن أبق في بلاد الشام. "أحداث أربع وستين وأربعمائة" 8 فتح نظام الملك حصن فضلون. 8 الوباء في الغنم.

8 وفاة قاضي طرابلس ابن عمار. 9 تملك جلال الملك طرابلس. "أحداث خمس وستين وأربعمائة" 9 مقتل ألب أرسلان. 9 انتقال السلطة إلى نظام الملك. 9 الفتنة بين جيش المستنصر العبيدي والعبيد والعربان. 10 تغلب العبيد على ابن حمدان. 10 انكسار ابن حمدان أمام المستنصر. 11 تغلب ابن حمدان على خصومه من جديد. 11 رواية ابن الأثير عن الغلاء في مصر. 11 مصالحة الأتراك لناصر الدولة ابن حمدان. 11 الحرب بين ابن حمدان وتاج الملك شاذي. 12 اضمحلال أمر المستنصر. 12 تفرق أولاد المستنصر. 12 المبالغة في إهانة المستنصر. 12 قتل ابن حمدان. 13 ولاية بدر الجمالي مصر. 13 ولاية الأفضل. "أحداث ست وستين وأربعمائة" 13 الغرق العظيم ببغداد. 14 رواية ابن الجوزي. 14 رواية ابن الصابئ. 14 أخذ صاحب سمرقند مدينة ترمذ.

14 وفاة إياس ابن صاحب سمرقند. 14 بناء قلعة صرخد. "أحداث سبع وستين وأربعمائة" 15 دخول بدر الجمالي مصر وتمهيدها. 16 وفاة الخليفة القائم بأمر الله. 16 وزارة ابن جهير. 17 أخذ البيعة من السلطان ملكشاه. 17 قطع الخطبة للعباسيين بمكة. 17 اختلاف العرب بإفريقية. 17 حريق بغداد. 17 تحديد المنجمين موعد النيروز. 17 عمل الرصد للسلطان ملكشاه. 18 وفاة صاحب حلب. "أحداث ثمان وستين وأربعمائة" 18 استرجاع منبج من الروم. 18 محاصرة أتسز دمشق. 18 هرب المعلَّى من دمشق وقتله. 18 ولاية المصمودي دمشق. 18 عودة أتسز إلى دمشق. "أحداث تسع وستين وأربعمائة" 19 انهزام أتسز عن مصر. 19 دخول أتسز دمشق. 19 الفتنة بين القشيري والحنابلة.

19 رواية ابن الأكفاني عن كسرة أتسز. 19 رواية ابن القلانسي. "أحداث سنة سبعين وأربعمائة" 20 الصلح بين ابن باديس وابن علناس. 20 الفتنة ببغداد. 20 نزول ناصر الدولة الجيوشي على دمشق. 20 نزول تتش على حلب. 20 منازلة دمشق ثانية.

الطبقة السابعة والأربعون: المتوفون في سنة إحدى وستين وأربعمائة من المشاهير: حرف الألف: 21 - أحمد بن إسحاق بن شيث. 21 1- إسماعيل بن أحمد بن إسحاق بن شيث. 21 2- أحمد بن الحسن بن عليّ بن الفضل. 21 3- أحمد بن عبد الواحد بن معمر. 22 4- أحمد بن علي بن يحيى. 22 5- أحمد بن عمر بن الحسن بن يوسف. 22 6- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن مسعود. 23 7- إبراهيم بن يحيى بن محمد بن حُسَين بن أسد. 23 8- إسماعيل بن أبي نصر الصفار. حرف الحاء: 23 9- حيدرة بن إبراهيم بن العباس بن الحسن. حرف العين: 23 10- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سعيد. 24 11- عبد الرحمن بن محمد بن فوران. 24 12- عبد الرحيم بن أحمد بن نصر بن إسحاق بن عمرو. 26 13- عَبْد الواحد بن عَليّ بْن عَبْد الواحد بن موحد بن البري. 26 14- عَبْد الغفار بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب. 26 15- عَبْد الواحد بْن أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن أحمد بن المرزبان. 27 16- عبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صالح. 27 17- عَبْد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَهَّاب بن عبد القدوس.

27 18- عمر بن منصور بن أحمد بن محمد بن منصور. حرف الميم: 28 19- مُحَمَّد بْن مكي بْن عُثْمَان. 28 20- محمد بن وهب بن بكير. 29 21- المسيب بن محمد بن المسيب. 29 22- المظفر بن الحسن. حرف النون: 29 23- نصر بْن عَبْد الْعَزِيز بْن أحمد بن نوح. حرف الياء: 30 24- يعقوب بْن مُوسَى بْن طاهر بن أبي الحسام. 30 25- يونس بن عمر الأصبهاني. وفيَّات سنة اثنتين وستين وأربعمائة: حرف الألف: 30 26- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن علي. 31 27- أحمد بن الحسين بن سعد الطرسوسي. 31 28- أحمد بن علي الأسداباذي القوهي. 31 29- أَحْمَد بْن علي بْن أَبِي قُتَيْبَة الأصبهاني. 31 30- أحمد بن محمد بن سياوش. 32 31- أحمد بن منصور بن خلف المغربي. 32 32- إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن حاتم بن صوله. 32 33- إبراهيم بن محمد. حرف الثاء: 32 34- ثابت بن محمد بن علي.

حرف الحاء: 33 35- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي عيسى. 33 36- الْحَسَن بْن علي بْن عَبْد الصمد بْن مسعود. 33 37- الحسين بن أحمد. 33 38- حسين بن محمد بن أحمد القاضي. 34 39- حمد بن محمد بن العزيز السكري. حرف الذال: 34 40- ذؤيب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد. حرف الزاي: 34 41- زياد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن الحكم. حرف السين: 35 42- سَعِيد بْن عِيسَى بْن أَحْمَد بن لُب. حرف العين: 35 43- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن طلحة. 36 44- عبد الله بن محمود الدمشقي البرزي. 36 45- عَبْد اللَّه بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي العجائز. 36 46- عبد الباقي بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحمن. 37 47- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يحيى بن منده. 37 48- عبيد الله بن إبراهيم بن أحمد النجار. 37 49- علي بن أحمد بن الملطي السراج. 38 50- علي بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه اللخمي الباجي. 38 51- عمر بن أحمد بن الحسين الكرجي.

حرف الميم: 38 52- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سهل. 39 53- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حذلم. 40 54- مُحَمَّد بْن أَبِي الحزم جهور بْن مُحَمَّد بن جهور. 40 55- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن أبي علانة. 40 56- محمد بن عتاب بن الحسن الجذامي. 41 57- محمد بن علي بن مهوس. 42 58- محمد بن علي بن حميد بن علي بن حميد. 42 59- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن منصور. 42 60- مُوسَى بْن هُذَيل بْن مُحَمَّد بْن تاجِيت البكري. حرف النون: 43 61- نزار بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد. الكُنَى: 43 62- أَبُو بَكْر بْن عُمَر البربري اللمتوني. وفيَّات سنة ثلاث وستين وأربعمائة: حرف الألف: 47 63- أَحْمَد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن الأزهر. 47 64- أَحْمَد بْن علي بْن ثابت بْن أَحْمَد بن مهدي. 61 65- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن غالب بن زيدون. 63 66- أَحْمَد بْن علي بْن أَحْمَد بْن عُقْبة الأصبهاني. 63 67- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز العُكْبَريّ. حرف الباء: 63 68- بدر الفخري.

حرف الحاء: 63 69- حسَّان بن سعيد. 65 70- الحسن بن رشيق. 66 71- الحسن بن عبد الله. 66 72- حمْد بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن ولْكيز. حرف السين: 66 73- سعيد بن أحمد. حرف الطاء: 66 74- طاهر بْن أَحْمَد بْن عليّ بن محمود. حرف العين: 67 75- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن أبي الأزهر الغافقي. 67 76- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جُماهر الحَجْري الطليطلي. 67 77- عبد الله بن محمد بن عباس. 67 78- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سهل الماليني. 68 79- عبد الرزاق بن عبد الله بن الحسن بن حمد بن الفضيل. 68 80- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن أَبِي القاسم بن محمد. 69 81- عليّ بْن عَبْد الوهاب بْن علي المقرئ الدمشقي. 69 82- عليَّ بْن يوسُف بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف. 69 83- عمر بن عبد الله بن أحمد. حرف الكاف: 70 84- كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم. حرف الميم: 70 85- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن عليّ بن داود بن حامد.

72 86- محمد بن الحسن بن علي الجُلْفَري. 72 87- محمد بن علي بن الحسن. 73 88- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الطالقاني. 73 89- محمد بن أبي نصر المروزي. 73 90- محمد بن أبي الهيثم عبد الصمد المروزي. 74 91- محمد بن وشاح الزينبي. 74 92- المبارك بن محمد بن عثمان الحرمي. 75 93- المشرف بن علي بن الخضر التمار. حرف الياء: 75 94- يوسف بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ البر النمري. وفيات سنة أربع وستين وأربعمائة: حرف الألف: 78 95- أَحْمَد بْن أسعد بْن مُحَمَّد بن حسين الهروي. 79 96- أحمد بن عبد العزيز بن محمد. 79 97- أَحْمَد بْن عُثْمَان بْن الفضل بْن جَعْفَر المخبزي. 79 98- أَحْمَد بْن عليّ بْن شجاع بْن مُحَمَّد المصقلي. 80 99- أحمد بن الفضل بن أحمد الجصاص. 80 100- أحمد بن محمد بن مسلم الأصبهاني. 80 101- أحمد بن محمد الكناني الفلسطيني. 80 102- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن بُنْدار. حرف الباء: 80 103- بكر بن محمد بن علي بن حيد.

حرف الجيم: 81 104- جَابِر بْن ياسين بْن الْحَسَن بن محمد الحنائي. حرف الخاء: 81 105- الخضر بْن عَبْد اللَّه بْن كامل المري. حرف العين: 82 106- عبَّاد بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بن عبَّاد. 84 107- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أحمد بن جعفر. 84 108- عَبْد الرحمن بْنُ سوار بْنُ أَحْمَد بْنُ سوار. 85 109- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن رجاء الأطرابلسي. 85 110- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إبراهيم الهمذاني. 85 111- عبد العزيز بن موسى المروزي. 86 112- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن يحيى بن منده. 86 113- عتيق بن علي بن داود الصقلي. 86 114- علي بن الحسين بن سهل المروزي. حرف الميم: 87 115- المبارك بن الحسين الأنصاري. 87 116- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن منظور القيسي. 87 117- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصمد الهاشمي. 88 118- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن شاذة بْن جَعْفَر الأصبهاني. 88 119- محمد بن الحسن المروزي. 88 120- مُحَمَّد بْن عَقِيل بْن أَحْمَد بْن بُنْدار. 88 121- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الْحَسَن بْن زكريّا الطريثيثي. 88 122- محمد بن علي بن محمد بن إسحاق النيسابوري.

حرف النون: 89 123- نصر بْن الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم البالسي. الكُنَى: 89 124- أبو طالب بن عمَّار. وفيَّات سنة خمس وستين وأربعمائة: حرف الألف: 89 125- أَحْمَد بْن الحَسَن بْن عَبْد الودود بن عبد المتكبر. 90 126- أحمد بن الفضل بن أحمد الجصاص. 90 127- ألب أرسلان بن جغري بك. حرف الباء: 92 128- بَكْر بْن مُحَمَّد بْن أَبِي سهل السبعي. حرف الحاء: 92 129- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن فهد بن العلاف. 92 130- الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد النيسابوري. 93 131- الحسين بن الحسن بن الحسن بن ناصر الدولة الحمداني. 93 132- الحسين بن محمد الهاشمي البغدادي. 93 133- حمزة بن محمد الشريف الجعفري. حرف الطاء: 94 134- طاهر بن عبد الله الإيلاقي التركي. حرف العين: 94 135- عَائِشَة بِنْت أَبِي عُمَر مُحَمَّد بن الحسين البسطامي. 94 136- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المنعم الأبهري. 95 137- عبد الرحمن بن محمد بن عيسى الطليطلي.

95 138- عَبْد الصمد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الفضل الهاشمي. 96 139- عبد الكريم بن أحمد بن الحسن الشالوسي. 96 140- عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة. 99 141- عدنان بن محمد الخطيب. 99 142- علي بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن الفضل صردر. 100 143- على بن موسى المقيد النيسابوري. 101 144- عُمَر بْن القاضي أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن الحسين البسطامي. 101 145- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن درهم البغدادي. حرف الغين: 101 146- غالب بْن عَبد اللَّه بْن أبي اليمن. حرف الكاف: 101 147- كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية. حرف الميم: 102 148- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عمر بن الحسن بن عبيد. 103 149- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قَفَرْجَل البغدادي. 104 150- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ورقاء. 104 151- محمد بن أحمد بن مهدي العلوي. 104 152- محمد بن إبراهيم بن عثمان الآدمي. 105 153- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عليّ بْن الْحَسَن الشجاعي. 105 154- مُحَمَّد بْن أَبِي الْحُسَيْن بْن الْعَبَّاس الفَضْلَويّ الهروي. 105 155- مُحَمَّد بْن حَمْد بْن مُحَمَّد بْن حامد الهمذاني. 105 156- محمد بن عبيد الله بن علي العلوي. 106 157- محمد بن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الصمد الهاشمي.

107 158- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الدقاق. 108 159- محمد بن علي بن عبد العزيز البغدادي. 108 160- مكّيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن المظفر. حرف النون: 108 161- نصر بن أحمد الكرنكي. حرف الهاء: 108 162- هنَّاد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن نصر النسفي. حرف الياء: 109 163- يوسف بن علي بن جبارة الهذلي. وفيَّات سنة ست وستين وأربعمائة: حرف الألف: 110 164- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد بن حميل العجلي. 110 165- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد السمناني. 111 166- إبراهيم بن أحمد بن تفاحة الأزجي. 111 167- إبراهيم بن محمد بن محمد العلوي. حرف الجيم: 112 168- جُماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جماهر الحجري. حرف الحاء: 112 169- الْحَسَن بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد العطار الدمشقي. 112 170- الْحَسَن بْن عليّ بْن أَبِي خلاد المقرئ. 113 171- الْحَسَن بْن عُمَر بْن الْحسن بْن يُونُس الأصبهاني. 113 172- الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن مظفّر بْن أَبِي خريصة الهمداني. 113 173- الْحُسَيْن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُمَيْر العميري.

حرف الزاي: 114 174- زكريا بن غالب الفهري. حرف الشين: 114 175- شجاع بن علي المصقلي. حرف العين: 114 176- عَائِشَة بِنْت الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم الوركانية. 115 177- عبد الله بن محمد بن سَعِيد بن سنان الخفاجي. 115 178- عبد الله بن محمود البرزي. 115 179- عبد الله بن مفوز المعافري. 115 - مفوّز بْن عَبْد اللَّه بْن مفوّز بْن غفول. 116 180- عبد الحق بن محمد بن هارون السهمي. 116 181- عَبْد الْعَزِيز بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي التميمي الكتاني. 117 182- عَبْد الغافر بْن الْحُسَيْن بْن خَلَف بْن جبريل. 118 183- عَبْد الكريم بْن عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن يوسف بن دُوسْت العلّاف. 118 184- علي بن الحسين بن عبد الله الحفصويّ. 118 185- علي بن علي بن عمر بن بكرون النهرواني. 119 186- علي بن موسى بن محمد السكري. 119 187- زعيم الملك الوزير العراقي علي بن الحسين. 119 188- عمر بن عبد الله بن جعفر البغوي. 119 189- عُمَر بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن اللّيث الليثي. حرف الغين: 121 190- غالب بْن عَبد اللَّه بْن أبي اليمن القيسي.

حرف القاف: 122 191- قاسم بن سعيد الهروي. حرف الميم: 122 192- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد الله الحفصي. 122 193- محمد بن إبراهيم بن أسد الهروي. 123 194- محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني العطار. 123 195- محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس. 123 196- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أبي الرعد. 124 197- محمد بن قاسم بن مسعود الطليطلي. 124 198- المسلّم بن أحمد بن الحسين الكعكي. حرف النون: 124 199- نوح بن منصور الشاشي. حرف الياء: 125 200- يعقوب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد النيسابوري. وفيَّات سنة سبع وستين وأربعمائة: حرف الألف: 125 201- أَحْمَد بْن أَبِي نصر عَبْد الرحمن بن أحمد الكوفاني. 125 202- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن أَحْمَد بن محمد الحذَّاء. 126 203- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بن مكرم. 126 204- إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أسود الغساني. 127 205- إِبْرَاهِيم بْن شكر بْن مُحَمَّد بْن عليّ العثمان. حرف الحاء: 127 206- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُوسَى الغندجاني.

128 207- الْحسَن بْن عَبْد الودود بْن عَبْد المتكبر. 128 208- الحسين بن علي السجستاني. حرف الزاي: 128 209- زيد بن علي الفارسي. حرف الشين: 128 210- شاذي بْن عَبْد اللَّه الأرمني. 129 211- شجاع بن علي بن شجاع المصقلي. 129 212- أبو زيد أحمد بن علي. حرف الْعَيْنِ: 129 213- عَبْد اللَّه أمير المؤمنين القائم بأمر اللَّه. 133 214- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الهيصم الكرَّامي. 133 215- عبد الله بن أبي معاذ الصيرفي. 133 216- عبد الرحمن بن محمد بن محمود الهروي. 134 217- عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي. 136 218- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكبير الطليطلي. 136 219- عَبْد السلام بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر البابصري. 137 220- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن سعيد البقال الأصبهاني. 137 221- عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الطيب الباخرزي. 138 222- عليّ بْن الحُسين بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسين التغلبي. حرف الميم: 138 223- محمد بن بديع الأسداباذي. 139 224- محمد بن المحدِّث أبي محمد الجوهري. 139 225- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عبد الله بن علي الأزدي.

139 226- محمد بن عبد الله بن الحسن القصَّار. 139 227- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن العباس الشيباني. 139 228- مُحَمَّد بْن عقيل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المنعم القرشي. 140 229- محمد بْن علي بْن محمد بْن موسى الخياط. 140 230- محمد بن علي بن محمد الحربي البزاز. 140 231- محمود بن نصر بن صالح بن مرداس الكلابي. 141 232- المسلم بن الحسن بن هلال الأزدي. حرف الياء: 141 233- يوسف بْن أَحْمَد بْن صالح الغوري. 141 234- يوسف بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن حسن بن عثمان الرازي. وفيَّات سنة ثمان وستين وأربعمائة: حرف الألف: 142 235- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عُمَر البرمكي. 142 236- أحمد بن الحسن بن أحمد المقدسي. 142 237- أَحْمَد بْن علي بْن القاضي أَبِي عَبْد الله محمد النصيبي. 143 238- أحمد بن علي بن أحمد السوسي. 143 239- أَحْمَد بْن مَنْصُور بْن مُحَمَّد الغساني الغَنْميّ. 144 240- أحمد بن محمد بن عمر الأصبهاني البقال. 144 241- إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الطَّيّب الواسطي. 144 242- انتصار بن يحيى المصمودي. حرف الحاء: 144 243- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَبْد الله بْن مجالد بن بشر البجلي. 145 244- الْحَسَن بْن القاسم بْن عليّ الواسطي المقرئ.

146 245- حَمْدُ بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن وُلكِنْز. 147 246- حَمْزَة بْن أَبِي الْحُسَيْن بْن أَبِي حَمْزَة الغورجيّ. حرف السين: 147 247- سُفيان بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بن حسين الثقفي. حرف الظاء: 147 248- ظفْرُ بْنُ عَبْد الرحيم بْن محمد بن سليمان. حرف الْعَيْنِ: 147 249- عَبْد الجبَّار بْن عَبْد اللَّه بن إبراهيم بن محمد بن برزة. 148 250- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن أحمد النيسابوري. 148 251- عَبْد الغفار بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن حبشان. 149 252- عبد الكريم بن أحمد بن طاهر التيمي. 149 253- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي الواحدي. 151 254- عبد الغني بن الحاجي الهوسمي. 151 255- عبد العزيز بن طاهر البابصري. 151 256- عليّ بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن جَنِيّ البيع. 152 257- علي بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن جدَّا. 152 258- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن عليَّك. 153 259- علي بن محمد بن علي بن محمد البجلي الجريري. 154 260- علي بن محمد بن نصر الدينوري. 154 261- عَليّ بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن علي الجرجاني. حرف الميم: 155 262- محمد بن أحمد بن أسِيد بن عبد الله الثقفي. 155 263- محمد بن أحمد التميمي المروزي.

155 264- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن عبد العزيز الواسطي. 156 265- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن محمد الهاشمي. 156 266- محمد بن عَموَيْه الهروردي. 156 267- محمد بن القاسم بن حبيب بن بن عبدوس. 157 268- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد البيضاوي. 157 269- محمد بن محمد بن مخلد الأزدي. 157 270- مسعود بن المحسن بن عبد العزيز البياضي. 158 271- مكي بن جابار الدينوري. حرف النون: 158 272- ناصر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن العباس الطوسي. 159 273- ناصر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عُمَر البغدادي التركي. 159 274- نصر بْن محمود بْن نصر بْن صالح بن مرداس. حرف الياء: 160 275- يحيى بْن سَعِيد بْن أحمد بن يحيى الحديدي. 160 276- يعلى بن هبة الله بن الفضيل. 160 277- يوسف بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد المهرواني. 161 278- يوسف بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن حسن الهمذاني. وفيَّات سنة تسع وستين وأربعمائة: حرف الألف: 162 279- أَحْمَد بْن عَبْد الرحيم بْن أحمد الإسماعيلي. 162 280- أحمد بْن عبد الواحد بْن أَبِي بَكْر محمد السلمي الدمشقي. 163 281- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن القاسم بن سهلويه الطهراني. 163 282- أسبهدوست بن محمد بن الحسن الديلمي.

حرف الحاء: 164 283- حاتم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن بن حاتم الطرابلسي. 165 284- حيَّان بْن خلف بْن حُسَيْنِ بْن حيان القرطبي. 166 285- حيدر بن علي بن محمد القحطاني. حرف الراء: 166 286- رِزْقُ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الأخضر الأنباريّ. حرف السين: 166 287- سُلَيْمَان بْن عَبْد الرحيم بْن محمد الحسناباذي. حرف الطاء: 167 288- طاهر بن أَحْمَد بن بابشاذ المصري. حرف العين: 168 289- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطوسي. 168 290- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر بن أحمد الصريفيني. 169 291- عبد الباقي بن أحمد بن عمر الواعظ. 170 292- عبد الله بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني الكروني. 170 293- عَبْد الحميد بْن عَبْد الرَّحمن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد البجري. 170 294- عبد الرحمن بن محمد بن طاهر المرسي. 170 295- عَبْد الكريم بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن رزمة. 171 296- عبيد الله بن أبي يعلى بن الفراء. 171 297- عليّ بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن اللبّان. 171 298- عُمَر بْن أَحمد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى الجوري. حرف الفاء: 172 299- الفضل بن الفرج الأصبهاني.

حرف الميم: 172 300- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الحسن بن هارون. 173 301- محمد بن أحمد بن سعيد الجياني. 173 302- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن مُحَمَّد بن منظور الإشبيلي. 173 303- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بن وهب الهمذاني. 174 304- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الْحُسَيْن بْن سِكّينة. 174 305- مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن صالح الجبلي. 175 306- مُعَاوِيَة بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُعارك العقيقي. 175 307- مغيث بن محمد بن يونس القرطبي. حرف النون: 176 308- نجا بْن أَحْمَد بْن عَمْرو بن حرب الدمشقي. حرف الياء: 176 309- يحيى بْن عليّ بْن محمد الحمدويي. وفيَّات سنة سبعين وأربعمائة: حرف الألف: 177 310- أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الواسطي. 177 311- أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن عليّ بْن أحمد عبد الصمد. 179 312- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن النَّقُّور. 180 313- أحمد بن محمد بن يعقوب بن حُمَّدوْه. 181 314- أحمد بن محمد السواجي. 181 315- أحمد بن محمد بن يحيى الحربي. 182 316- إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد بْن عُثْمَان بْن وَرْدُون.

حرف الحاء: 182 317- الحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الحسين بن طلاب. حرف السين: 183 318- سعد بن علي النسوي. حرف الطاء: 183 319- طلحة بن أحمد الأصبهاني القصار. حرف العين: 184 320- العاص بن خلف الإشبيلي. 184 321- عَبْد اللَّه بْن الحافظ أَبِي مُحَمَّد الْحَسَن بن محمد الخلال. 184 322- عبد الخالق بن عيسى بن أحمد الهاشمي. 186 323- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن منده. 190 324- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن النيسابوري. 190 325- عبد الرزاق بن سلهب الأصبهاني. 190 326- عبد الكريم بن أبي حاتم السجستاني. 190 327- عبد الملك بن عبد الرحمن السرخسي. 190 328- عَبْد الملك بْن عَبْد الغفار بْن مُحَمَّد الهمذاني. 191 329- عَبْد الوهاب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بن سليمان السلمي. 191 330- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أحمد السلمي. 192 331- علي بن الحسن بن علي العطار. 192 332- علي بن الحسن بن القاسم بن عنان الأسداباذي. 192 333- عليّ بْن الخَضِر بْن عبدان بْن أَحْمَد الدمشقي. 192 334- علي بن محمد بن علي التيمي. 193 335- عليّ بْن ناعم بْن عليّ بْن سهل.

حرف الميم: 193 336- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مَخْلَد بْن عَبْد الرحمن القرطبي. 193 337- محمد بن أحمد بن مأمون الكرتي. 193 338- محمد بن هبة الله الوراق. 194 339- مُحَمَّد بن عَليّ بن الحَسَن بن مُحَمَّد الدقاق. 194 340- محمد بن عيسى بن أحمد الهاشمي. 194 341- منصور أبو القاسم النيسابوري. 195 342- مُوسَى بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ الصقلي. حرف الهاء: 195 343- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد البروني. 195 344- هبة اللَّه بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن محمد القرشي. المتوفون تقريبًا: حرف الألف: 196 345- أَحْمَد بْن عليّ بن عبيد الله الدينوري. 196 346- إبراهيم بن محمد بن أحمد المناديلي. 197 347- إسماعيل بن علي العين زربي. حرف التاء: 197 348- تُبَّع بْن القاسم بْن نصر التبعي. حرف الثاء: 197 349- ثابت بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الفزاريّ. حرف الحاء: 198 350- الْحَسَن بْن مَكّيّ بْن الْحَسَن الشيرازي. 198 351- الحسين بن عبد الله بن الحسين ابن الشويخ.

حرف الشين: 198 352- شبيب بن أحمد بن محمد بن خشنام. حرف العين: 199 353- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم الكروني. 199 354- عبد الله بن عبد الرحمن البحيري. 199 355- عبد الله بْنُ عُبَيْد الله بْنُ مُحَمَّد المحاملي. 200 356- عَبْد الجليل بْن أَبِي بَكْر الرَّبَعيّ القَرَوِيّ. 200 357- عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الزوزني. 201 358- عَبْد الكريم بْن أَحْمَد بْن طاهر بْن أحمد الوزان. 201 359- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن مروان بْن زُهر الإيادي. 201 360- عَبْد الوهاب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بن سليمان السلمي. 201 361- عقيل بن محمد بن علي الفارسي. 202 362- علي بن محمد بن جعفر اللحساني. 202 363- علي بن محمد بن نصر الدينوري. 202 364- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الحسناباذي. 203 365- علي بن محمد بن عبد الرحمن البغدادي. 203 366- علي بن غنائم الأوسي. حرف الفاء: 203 367- الفضل بن عطاء المهراني. حرف الميم: 204 368- محمد بن خلصة النحوي. 204 369- محمد بن أحمد التميمي المروروذي. 205 370- محمد بن عبد الرحمن بن أحمد النسوي.

حرف الواو: 205 371- واصل بْن حَمْزَة بْن علي الخُنْبُوني. 207 فهرس الموضوعات.

المجلد الثاني والثلاثون

المجلد الثاني والثلاثون الطبقة الثامنة والأربعون أحداث سنة إحدة وسبعين وأربعمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثامنة والأربعون: أحداث إحدى وسبعين وأربعمائة: عزل ابن جَهِير من الوزارة: فيها: عزل فخر الدّولة بن جَهِير من وزارة المقتدي بالله بأبي شجاع بن الحسين، لكونه شذَّ من الحنابلة. وكتب أَبُو الحسن محمد بن علي بن أبي الصَّقر الفقيه الواسطيّ إلى نظام المُلْك هذه الأبيات: يا نظامَ المُلْك قد حُلّ ... ببغدادَ النّظامُ وابنُك القاطنُ فيها ... مستهانٌ مستضام وبها أودى له قتيـ ... ـلًا غلامٌ، وغلامٌ والّذي منهم تبقَّى ... سالمًا فيه سهام يا قوام الدّين لم يبـ ... ـق ببغداد مقام عظم الخطب، وللحر ... ب اتّصال، ودوام فمتى لم تحسم الدّا ... ء أياديك الحسام ويكفّ القوم في بغـ ... ـداد قتلٌ، وانتقام فعلى مدرسة فيـ ... ـها، ومَن فيها السّلامُ واعتصامٌ بحريمٍ ... لك، من بعدُ، حرامُ1 فَعَظم هذا الخَطْب على النّظام، وأعاد كوهرائين إلى شحنكّية بغداد، وحمّله رسالة إلى المقتدي تتضّمن الشَّكوى من ابن جهير. وأمر كوهرائين بأخْذ أصحاب ابن جهير، وإيصال المكروه والأذى إليهم.

_ 1 الكامل "10/ 109، 110" لابن الأثير.

فسار عميد الدّولة بن فخر الدّولة بن جَهير إلى النظام، وتلطّف في القضيّة إلى أن لانَ لهم. دخول تاج الدّولة تتش دمشق ومقتل أتْسِز: وفيها: سار المَلك تاج الدّولة تُتُش أخو السّلطان ملكشاه فدخل الشّام، وتملك دمشق بأمر أخيه بعد أن افتتح حلب. وكان معَه عسكرٌ كثيرٌ من التُّركمان. وذلك أن أتْسِز، وَالعامّة تُغيُّره يقولون أقسيس، صاحب دمشق لمّا جاء المصريّون لحرْبه استنجد بتتش، فسارَ إليه من حلب، وطمع فيه. فلمّا قارب دمشق أجفل1 العسكر المصريّ بين يديه شبه الهاربين، وفرح أتسِز، وخرج لتلقّيه عند سور المدينة، فأبدى تتش صورةً، فأظهر الغَيْظ من أتسِز، إذ لم يُبعِد في تلقّيه، وعاتبه بغضبٍ، فاعتذر إليه، فلم يقبل، وقبض عليه وقتله في الحال، وملك البلد. وأحسن السيرة، وتحبَّب إلى النّاس. ومنهم مَن ورَّخ فتْحَ تُتش لدمشق في سنة اثنتين وسبعين. وكان أهل الشّام في ويْلٍ شديد مع أتسز الخوارزميّ المقتول.

_ 1 أجفل: جفولًا: شرد ونفر، أو مضى وأسرع، أو انزعج وفزع، فهو جافل وجفول، فأجفل: مضى وأسرع. المعجم الوجيز "ص/ 109".

أحداث سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة

أحداث سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة: أخذ مسلم بن قريش حلب: كتب شرف الدّولة مسلم بن قُريش بن بدران العُقَيْليّ صاحب الموصل إلى السّلطان جلالا الدّولة ملِكْشاه ابن السلطان عضُد الدّولة ألْب أرسلان السَّلجوقيّ يطلب منه أن يسلَّم إليه حلب على أن يحمل إليه في العام ثلاثمائة ألف دينار. فأجابه إلى ذلك وكتب له توقيعًا بها. فسار إليها وبها سابق آخر ملوك بني مرداس. فأعطاه مسلم بن قريش إقطاعًا بعشرين ألف دينار، على أن يخرج من البلد، فأجاب. فوثب عليه أخواه فقتلاه واستوليا على القلعة، فحاصرهما مسلم، ثمّ أخذها صلحًا. وفاة صاحب ديار بكر: وفيها: مات نصر بن أحمد بن مروان صاحب ديار بكر، وتملَّك بعده ابنه منصور. غزوة صاحب الهند: وفيها: غزا صاحب الهند إبراهيم بْن مسعود بْن محمود بْن سُبُكْتِكِين في الكفّار غزوةً كبرى.

أحداث سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة

أحداث سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة: الخلاف بين السلطان ملكشاه وأخيه: فيها: عرضَ السّلطان ملِكْشاه جيشه بالرَّيّ، فأسقط منهم سبعة آلاف لم يرض حالهم. فساروا إلى أخيه تكش، فقوي بهم وأظهر العصيان، واستولى على مَرْو وتِرْمذ، وسار إلى نَيْسابور؛ فسبقه إليها السّلطان، فردَّ وتحصّن بتِرْمذ، ثمّ نزل إليه، فعفا عنه1.

_ 1 انظر: المنتظم "8/ 120"، الكامل "10/ 111"، البداية والنهاية "12/ 119-121"، صحيح التوثيق "7/ 514".

أحداث سنة أربع وسبعين وأربعمائة

أحداث سنة أربع وسبعين وأربعمائة: خطبة الخليفة المقتدي بنت السّلطان: فيها: بعث الخليفة المقتدي بالله الوزير أبا نصر بن جهير يخطُب ابنَة السّلطان. فأجابوا: على أن لا يتسرّى عليها1، ولا يبيت إلّا عندها. حصار مدينة قابس: وفيها: حاصر تميم صاحب إفريقية مدينة قابس، وأتلفَ جُندُه بساتينها، وضيَّق على أهلها.

_ 1 لا يتسرى عليها: أي لا يتخذ سرية، وهي ملك اليمين من الجواري والإماء.

فتح تتش لأنطرطوس: وفيها: سار تتش صاحب دمشق، فافتتح أَنْطَرَطُوس، وغيرها. أخذ صاحب الموصل لحرّان: وفيها: أخذ شرف الدّولة صاحب الموصل حرّان من بني وثّاب النُّمَيْريّين، وصالحه صاحب الرُّها وخطب له. وفاة الأمير داود بن ملكشاه: وفيها: مات الأمير داود ولد السّلطان ملكشاه، فجزع عليه، ومنع مِن دفنه حتّى تغيرت رائحته، وأراد قتل نفسه مرّات فيمنعونه. كذا نقل صاحب الكامل. تملّك عليّ بن مقلّد حصن شَيْزر: وفيها: تملك الأمير سديد الدولة أبو الحَسَن عَليّ بن مُقَلّد بن نصر بن مُنْقذ الكِنَانيّ حصن شَيْزَر، وانتزعه من الفرنج. وكان له عشيرة وأصحاب، وكانوا ينزلون بقرب شَيْزَر، فنازلها ثمّ تسلّمها بالأمان. فلم تزل شَيْزَر بيده ويد أولاده، إلى أن هدمتها الزَّلزلة وقتلت أكثر مَن بها، فأخذها السّلطان نور الدين محمود، وأصلحها وجدَّدها. وفاة سديد الدّولة ابن منقذ: وأما سديد الدّولة فلم يحيى بعد أن تملّكها إلّا نحو السّنة. وكان فارسًا شجاعًا شاعرًا. وتملَّك بعده ابنه أبو المرهف نصر. وفاة الأمير دُبَيْس الأسَديّ: وفيها: مات نور الدّولة دُبَيْس بن الأمير سند الدّولة عليّ بن مزيد الأسديّ، وقد وُلْي الإمارة صبيًّا بعد أبيه من سنة ستًّ وأربعمائة، وبَقِي رئيس العرب هذه المدّة كلّها. وكان كريمًا عاقلًا شريفًا، قليل الشّرّ والظلم1.

_ 1 انظر: الكامل "10/ 121"، البداية والنهاية "12/ 123"، صحيح التوثيق "7/ 515".

أحداث سنة خمس وسبعين وأربعمائة

أحداث سنة خمس وسبعين وأربعمائة: الخلاف بين الواعظ الأشعريّ والحنابلة ببغداد: فيها: قدِم الشريف أبو القاسم البكْريّ الواعظ الأشعريّ بغداد، وكان جاء من الغرب وقصد نظام المُلْك فأحبّه ومال إليه، وبعثه إلى بغداد، فوعظ بالنّظامية، وأخذ يذكر الحنابلة ويرميهم بالتّجسيد، ويثني على الإمام أحمد ويقول: {مَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 102] . ثمّ وقَعَ بينه وبين جماعة من الحنابلة سبٌّ، فَكَبَس دُورَ بني الفرّاء، وأخذ كتابَ أبي يَعْلَى الفرّاء، رحمه الله، في إبطال التّأويل، فكان يُقرأ بين يديه وهو جالس على المنبر، فيشنَّع به، فلقّبوه عَلَم السّنَّة. ولمّا مات دفنوه عند قبر أبي الحَسَن الأشعريّ. إيفاد الشيرازيً رسولًا: وفي آخر السّنة بعث الخليفة الشّيخ أبا إسحاق الشّيرازيّ رسولًا إلى السّلطان يتضمّن الشَّكوى من العميد أبي الفتح. ضرب الطبول لمؤيد المُلْك: وفيها: قدِم مؤيد الملك بن نظام المُلْك من إصبهان، ونزل بالنّظاميّة، وضُربت على بابه الطُّبول أوقات الصَّلوات الثلاثة، فأعطي مالًا جزيلًا حتّى قطعها وبعث بها إلى تِكْرِيت.

أحداث سنة ست وسبعين وأربعمائة

أحداث سنة ست وسبعين وأربعمائة: وزارة ابن المسلمة: فيها: عُزِل عميد الدّولة بن جَهير عن وزارة الخليفة، ووُلْي أبو الفتح المظفَّر بن رئيس الرؤساء ابن المسلمة. وسار ابن جَهير وأبوه إلى السّلطان فأكرمهم. ولاية فخر الدّولة على ديار بكر: وعقد لابنه فخر الدّولة على ديار بكر وأعطاه الكوسات والعساكر، وأمره أن ينتزعها من بني مروان. عصيان أهل حرّان على مسلم بن قريش: وفيها: عصى أهلُ حرّان1 على شرف الدّولة مسلم بن قريش، وأطاعوا قاضيهم ابن جلبة الحنبليّ، وعَزَموا على تسليم حَرّان إلى جَنق أمير التّركمان لكونه سُنّيا، ولكون مسلم رافضيًّا. وكان مسلم على دمشق يحاصر أخا السّلطان تاج الدّولة تُتُش في هوى المصريّين، فأسرع إلى حرّان ورماها بالمنجنيق، وافتتح البلد، وقتل القاضي وولديه، رحمهم اللَّه. قصْد تاج الدّولة أنطاكية: وكان تاج الدّولة قد سار فقصد أنطاكية. عزل المظفّر ووزارة أبي شجاع: وفيها: عزل المظفّر ابن رئيس الرؤساء من وزارة الخليفة، وولي أبو شجاع محمد بن الحُسين، ولقّبه الخليفة ظهير الدّين، ومَدَحته الشعراء فأكثروا. مقتل سيّد الرؤساء ابن كمال المُلْك: وفيها: قتلة سيد الرؤساء أبي المحاسن بن كمال المُلْك بن أبي الرّضا، وكان قد قرُب من السّلطان مَلِكْشاه إلى الغاية. وكان أبوه كمال المُلْك يُكْتَب الإنشاء للسلطان. فقال أبو المحاسن: أيُّها الملك، سلِّم إليَّ نظام المُلْك وأصحابَه وأنا أعطيك ألف ألف دينار، فإنَّهم قد أكلوا البلاد.

_ 1 بلدة حران من أشهر أعمال دمشق قديما، سوريا اليوم، ومنها ابن تيمية شيخ الإسلام، رحمه الله تعالى، والنسبة إليها حراني.

فبلغ ذلك نظام المُلْك، فمدَّ سماطًا1 وأقام عليه مماليكه، وهم أُلُوف من الأتراك، كذا قال ابن الأثير، وأقام خَيْلهم وسلاحهم. فلمّا حضر السّلطان قال له: إنّني في خدمتك وخدمة أبيك وجدّك، وُلْي حقّ خدمة. وقد بَلَغَكَ أخذي لأموالك، وصَدَق القائل. أنا آخذ المال وأعطيه لهؤلاء الغلمان الذين جمعتهم لك. وأصرفه أيضًا في الصَّدقات والوقوف والصِّلات التي مُعظم ذِكرها وأجرها لك. وأموالي وجميع ما أملكه بين يديك، وأنا أقنع بمرقَّعة وزاوية. فصفَا له السّلطان، وأمر أن تُسْمَل عينا أبي المحاسن، ونفَّذه إلى قلعة ساوة. فسمع أبوه كمال المُلْك الخبر. فاستجار بنظام المُلْك وحمل مائتي ألف دينار، وعُزِل عن الطُّغراء، يعني كتابة السّرَّ، ووليها مؤيَّد الملك ابن النظام. محاصرة المهدية والقيروان: وفيها: خرج على تميم بن المُعزّ: ملكُ بنُ علويّ أمير العرب، وحاصر المهديّة، وتعب معه تميم، ثمّ سار إلى القيروان فملكها، فجهز إليه تميم جيوشه، فحاصروه بالقيروان، فعجز وخرج منها، وعادت إلى يد تميم. رخْص الأسعار: وفيها: رخصت الأسعار بسائر البلاد، وعاش النّاس، ولله الحمد.

_ 1 سماط: هو ما يمد ليوضع عليه الطعام كالمفارش في المآدب ونحوها. والجمع سُمُطٌ، وأسمطةٌ.

أحداث سنة سبع وسبعين وأربعمائة

أحداث سنة سبع وسبعين وأربعمائة: الحرب بين العرب والتركمان عند آمِد: فيها: بعث السّلطان جيشًا عليهم الأمير أُرْتُق بن أكسُب نجدةً لفخر الدّولة بن جَهير. وكان ابن مروان قد مضى إلى مشرف الدّولة صاحب الموصل، واستنجد به، على أن يُسلّم إليه آمد، وحلف له على ذلك، وكانت بينهما إحنٌ قديمة، فاتفقا على حرب ابن جهير وسارا، فمالَ ابنُ جهير إلى الصُّلْح، وعلمت التُّرْكُمان نيّته، فساروا في الليل، وأتوا العرب فأحاطوا بهم، والْتَحم القتال، فانهزمت العرب، وأُسِرَت أمراء بني عقيل، وغنمت التُركمان لهم شيئًا كثيرًا. واستظهر ابن جَهير وحاصر شرف الدّولة، فراسَلَ شرف الدّولة أرتق وبذل له مالًا، وسأله أن يمُن عليه، ويمكنه من الخروج من آمد. فإذن له، فساق على حميّةٍ، وقصد الرَّقة، وبعث بالمال إلى أرتق. وسافر فخر الدّولة إلى خلاط. وبلغ السّلطان أنّ شرف الدّولة قد انهزم وحُصر بآمد، فجهَّز عميد الدّولة ابن جهير في جيشٍ مدادًا لأبيه، فقدِم الموصل، وفي خدمته من الأمراء: قسيم الدّولة آقسنقر جد السّلطان نور الدين رحمه الله، والأمير أرتق، وفتح له أهل الموصل البلد فتسلّمه. مصالحة السّلطان وشرف الدّولة: وسار السّلطان بنفسه ليستولي على بلاد شرف الدّولة ابن قريش، فأتاه البريد بخروج أخيه تكش بخُراسان، فبعث مؤيّد الدّولة ابن النظام إلى شرف الدّولة، وهو بنواحي الرحبة، وحلف له، فحضر إلى خدمة السّلطان، فخلع عليه، وقدَّم هو خيلًا عربيّة من جملتها فرسَه بَشّار، وكان فرسًا عديم النظير في زمانه، لا يُسْبق. فأُجري بين يديه، فجاء سابقًا، فوثب قائمًا من شدّة فرحه، وصالح شرف الدّولة. عصيان تكش على أخيه السّلطان: وعاد إلى خُراسان لحرب أخيه، وكان قد صالحه. فلما رأى تكش الآن بُعد السّلطان عنه عاد إلى العصيان، فظفر به السّلطان فكحّله وسجنه، وليته قتله، فإنّه قصد مَرْو، فدخلها وأباحها لعسكره ثلاثة أيام، فنهبوا الأموال، وفعلوا العظائم1، وشربوا في الجامع في رمضان. استرجاع أنطاكية من الروم: وفيها: سار سُليمان بن قُتْلُمِش السلْجوقيْ صاحب قونية وأقصرا بجيوشه إلى الشّام، فأخذ أنطاكية، وكانت بيد الروم من سنة ثمانٍ وخمسين وثلاثمائة، وسبب أخذها أنّ صاحبها كان قد سار عنها إلى بلاد الروم، ورتَّب بها شحنة. وكان مسيئًا

_ 1 العظائم: يعني المنكرات من الأفعال والأقوال.

إلى أهلها وإلى جُنده حتّى أنه حبس ابنه. فاتّفق ابنه والشّحنة على تسليم البلد إلى سُليمان، فكاتبوه يستدعونه، فركب في البحر في ثلاثمائة فارس، وجمع من الرّجّالة، وطلع من المراكب، وسار في جبالٍ وعرة ومضائق صعبة حتّى وصل إليها بغتةً ونصب السلالم ودخلها في شعبان. وقاتلوه قتالًا ضعيفًا، وقتل جماعة وعفا عن الرعيّة، وعدل فيهم، وأخذ منها أموالًا لا تُحصى. ثمّ أرسل إلى السّلطان ملكشاه يبشّره، فأظهر السّلطان السرور، وهنأه النّاس. وفيها يقول الأبِيوَرْدِيّ قصيدته: لَمَعْت كناصية الحِصان الأشقرِ ... نارٌ بمعتَلِج الكثيبِ الأعفَرِ منها: وفتحتَ أنطاكيَّة الرّوم التي ... نَشَرَتْ مَعَاقِلَها على الإسكندرِ وطِئَتْ مناكبَها جيادُك فانْثَنَت ... تُلقِي أجنتَّها بناتُ الأصفرِ وأرسل شرف الدّولة مسلم بن قريش إلى سُليمان يطلب منه الحَمل الذي كان يحمله إليه صاحبُ أنطاكية. فبعث يقول له: إنّما ذاك المال كان جزية رأس الفردروس، وأنا بحمد اللَّه فمؤمن، ولا أعطيك شيئًا. فنهب شرف الدّولة بلاد أنطاكيّة، فنهب سُليمان أيضًا بلاد حلب، فاستغاث له أهلُ القرى، فرقَّ لهم، وأمرَ جُنْدَه بإعادة عامّة ما نهبوه. مقتل شرف الدولة بنواحي أنطاكية: ثمّ إنّ شرف الدّولة حشد العساكر، وسار لحصار أنطاكية، فأقبل سُليمان بعساكره، فالتقيا في صَفَر سنة ثمانٍ وسبعين بنواحي أنطاكية، فانهزمت العرب، وقُتل شرف الدّولة بعد أن ثبت، وقتِل بين يديه أربعمائة من شباب حلب. وكان أخوه إبراهيم في سجنه، فأخرجوه وملّكوه. حصار حلب: وسار سُليمان فنازل حلب وحاصرها أكثر من شهر، وترحّل عنها. ولاية آقسنقر شحنكية بغداد: وفيها: وُلْي شحنكيّة1 بغداد قسيم الدّولة آقسنقر.

أحداث سنة ثمان وسبعين وأربعمائة

أحداث سنة ثمان وسبعين وأربعمائة: استيلاء الأدفُونش على طليطلة: كان قد جمع الأدفونش، لعنه الله، جيوشَه، وسار فنزل على مدينة طُليطلَة من بلاد الأندلس في السّتين الماضية، فحاصرها سبْع سِنين، وأخذها في العام من صاحبها القادر بالله ولد المأمون يحيى بن ذي النون، فازداد قوّةً وطغى وتجبَّر. موقعة الملثّمين بالأندلس: وكان ملوك الأندلس، حتّى المعتمد صاحب قُرْطُبة وإشبيلية، يحمل إليه قطيعة كلّ عام. فاستعان المعتمد بن عبّاد على حربه بالملثّمين من البربر، فدخلوا إلى الأندلس، فكانت بينهم وقعة مشهورة، ولكن أساء يوسف بن تاشفين ملك الملثمين إلى ابن عبّاد، وعمل عليه، وأخذ منه البلاد، وسجنه بأغمات إلى أن مات. رواية ابن حزم عن كتاب الأدفونش إلى المعتمد بن عبّاد: وذكر اليَسَع بن حَزْم قال: كان وجّه أدفونش بن شانجة رسولًا إلى المعتمد. وكان من أعيان ملوك الفرنج يقال له: البرهنس، معه كتاب كتبه رجلٌ من فقهاء طُلَيْطلة تنصَّر ويُعرف بابن الخيّاط، فكان إذا عُيِّر قال: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] والكتاب: من الإنبراطور ذي الملّتين الملك أدفونش بن شانجة، إلى المعتمد بالله، سدّد الله آراءه، وبصّره مقاصد الرشاد. قد أبصرت تَزَلْزُل أقطار طُلَيْطُلة، وحصارها في سالف هذه السّنين، فأسلمتم إخوانكم، وعطّلتم بالدَّعة زمانكم، والحذر من أيقظ بالَهَ قبل الوقوع في الحبالة. ولولا عهدٍ سَلَفَ بيننا نحفظ ذِمامه نهض العزم، ولكن الإنذار يقطع الأعذار، ولا يعجل إلا من يخاف الفوت فيما يرومه، وقد حمّلنا الرّسالة إليك السّيد البرهانس، وعنده من التسديد الذي يلقى به أمثالك، والعقل الذي يدبّر به بلادك ورجالك، ما أوجب استنابته فيما يدق ويجلّ.

_ 1 الشحنكية: هي الجماعة التي يقيمها الحاكم، أو الوالي لكي تقوم بضبط أحوال الرعية.

فلمّا قدم الرسول أحضر المعتمد الأكابر، وقرئ الكتاب، فبكى أبو عبد الله بن عبد البَر وقال: قد أبصرنا ببصائرنا أنَّ مآل هذه الأموال إلى هذا، وأن مسالمة الّعين قوّة بلاده، فلو تضافرنا لم نصبح في التّلاف تحت ذلّ الخلاف، وما بَقِي إلّا الرجوع إلى الله والجهاد. وأما ابن زيدون وابن لَبُون فقالا: الرأي مهادنته ومسالمته. فجنح المعتمد إلى الحرب، وإلى استمداد ملك البربر، فقال جماعة: نخاف عليك من استمداده. فقال: رعْي الْجِمال خيرٌ من رعي الخنازير. جواب المعتمد بن عبّاد إلى الأدفونش: ثمّ أخذ وكتب جواب أدفونش بخطِّهِ، ونصّه: الذّلُّ تأباه الكرامُ ودِيننا ... لك ما ندين به من البأساءِ سمناك سلمًا ما أردت وبعد ذا ... نغزوك في الإصباح والإمساءِ الله أعلى من صليبك فادرع ... لكتيبة خطبتك في الهيجاء سوداء غابت شمسها في غَيْمها ... فجرت مدامُعها بفَيْض دماءِ ما بيننا إلّا النّزال وفتنة ... قدحت زِناد الصّبر في الغماءِ من الملك المنصور بفضل الله المعتمد على الله محمد بن المعتضد بالله، إلى الطّاغية الباغية أدفونش الّذي لقَّب نفسه ملك الملوك، وتسمّى بذي الملَّتين. سلام على من اتَّبع الهُدى، فأول ما نبدأ به من دعواه أنه ذو المِلَّتين والمسلمون أحقّ بهذا الاسم؛ لأنّ الذي نملكه من نصارى البلاد، وعظيم الاستعداد، ولا تبلغه قدرتكم، ولا تعرفه ملّتكم. وإنّما كانت سِنَةُ سعدٍ اتَّعظ منها مناديك، وأغفل عن النّظر السّديد جميل مُناديك، فركبنا مركب عجز يشحذ الكْيس، وعاطيناك كؤوس دعةٍ، قلت في أثنائها: ليس. ولم تستحي أن تأمر بتسليم البلاد لرجالك، وإنّا لنعجب من استعجالك وإعجابك بصنعٍ وافقك فيه القَدَر، ومتى كان لأسلافك الأخدمين مع أسلافنا الأكرمين يدٌ صاعدة، أو وقفة مساعدة، فاستعد بحربٍ، وكذا وكذا.. إلى أن قال: فالحمد لله الذي جعل عقوبة توبيخك وتقريعك بما الموت دونه، والله ينصر دينه ولو كره الكافرون، وبه نستعين عليك.

ثمّ كتب إلى يوسف بن تاشفين يستنجده فأنجده. استيلاء ابن جهير على آمد وميافارقين: وفيها: استولى فخر الدّولة ابن جهير على آمد وميافارقين، وبعث بالأموال إلى السّلطان مَلِكْشاه. ملْكَ ابن جهير جزيرة ابن عَمْر: ثمّ ملك جزيرة ابن عَمْر بمخامرة من أهلها، وانقرضت دولة بني مروان. محاصرة أمير الجيوش دمشق: وفيها: وصل أمير الجيوش في عساكر مصر، فحاصر دمشق، وضيّق على تاج الدّولة تُتُش، فلم يقدر عليها، فعاد إلى مصر. الفتنة بين السُّنة والشيعة: وفيها: كانت فتنة كبيرة بين أهل الكرْخ الشيعة وبين السّنة، وأحرقت أماكن واقتتلوا. الزلزلة بأرَّجان 1: وجاءت زلزلة مهُولة بأرَّجان، مات خَلقُ منها تحت الردم. الريح والرعد والبرق ببغداد: وفيها: كانت الرّيح السّوداء ببغداد، واشتدّ الرَّعد والبرق، وسقط رملٌ وتراب كالمطر، ووقعت عدّة صواعق، وظنّ النّاس أنّها القيامة، وبقيت ثلاث ساعات بعد العصر، نسأل الله السلامة. وقد سقت خبر هذه الكائنة في ترجمة الإمام أبي بكر الطُّرطوشيّ؛ لأنّه شاهدها وأوردها في أماليه. وكان ثقة ورعًا، رحمه الله تعالى.

_ 1 أرجان من أعمال بلاد خراسان القديم.

أحداث سنة تسع وسبعين وأربعمائة

أحداث سنة تسع وسبعين وأربعمائة: مقتل ابن قُتْلُمش عند حلب: لمّا قُتِل شرف الدّولة نازل سُليمان بن قُتْلُمش حلب، وأرسل إلى نائبها ابن الحتيتيّ العبّاسيّ منه أن يسلِّمه إليه، فقدَّم تقدمة، واستمهله إلى أن يكاتب السّلطان ملكشاه. وأرسل العبّاسيّ إلى صاحب تُتُش، وهو أخو السّلطان يحرضه على المجيء ليتسلم البلد. فسار تُتُش بجيشه، فقصده قبل أن يصل إليها سُليمان، وكان مع تُتُش أرتق التُّركمانيّ جدّ أصحاب ماردين، وكان شجاعًا سعيدًا، لم يحضر مصَافًا1 إلًا وكان الظَّفر له. وقد كان فارق ابن جَهير لأمرٍ بدا منه، ولحق بتاج الدّولة تُتُش، فأعطاه القدس. والتقى الجمعان، وبلى يومئذٍ أرتق بلاءً حسنًا، وحرَّض العرب على القتال، فانهزم عسكر سُليمان، وثبت سُليمان بخواصه إلى أن قُتِل، وقيل: بل أخرج سِكّينًا عند الغَلَبة قتلَ بها نفسه. ونهب أصحاب تُتُش شيئًا كثيرًا. ثمّ إنه سار لأخذ حلب، فامتنعوا، فحاصرها وأخذها بمخامرةٍ جَرَت. دخول السّلطان حلب: وأما السّلطان فإنّ البُرْدَ وصلت إليه بشُغُور حلب من ملكٍ، فساق بجيوشه من إصبهان، فقدمها في رجب، وهرب أخوه عنها ومعه أرتق. وكانت قلعة حلب عاصيةً مع سالم ابن أخي شرف الدّولة، فسلّمها إلى السّلطان، وعوضه عنها بقلعة جَعْبَر، فبقيت في يده ويد أولاده إلى أن أخذها نور الدين. إقرار الأمير نصر بن عليّ على شَيْزَر: وأرسل الأمير نصر بن عليّ بن منقذ إلى السّلطان ملكشاه ببذْل الطاعة، وسلَّم إليه لاذقيه وكفر طاب وفامية، فترك قصده وأقرَّه على شَيْزَر. ثمّ سلمَّ حلب إلى قسيم الدّولة أقسنقر، فعمّرها وأحسن السّيرة.

_ 1 المصاف: أقامهم في الحرب صفوفا، والمعنى: ما دخلت معركة إلا خرجت منتصرًا.

افتقار ابن الحُتَيتي: وأمّا ابن الحُتَيتيّ فإنّ أهلها شكوه، فأخذه السّلطان معه، وتركه بديار بكر، فافتقر وقاسى. وأمّا ولده فقتلته الفرنج بأنطاكية لمّا ملكوها. خبر وقعة الزلاقة بالأندلس: وهو أنّ الأدفونش، لعنه الله، تمكّن وتمرَّد، وجمع الجيوش فأخذ طُلَيْطُلة، فاستعان المسلمون بأمير المسلمين يوسف بن تاشفين صاحب سبتة ومراكش، فبادر وعدَّى بجيوشه، واجتمع بالمعتمد بن عبّاد بإشبيلية، وتهيَّأ عسكرها وعسكر قُرْطُبة، وأقبلت المطَّوَّعة من النواحي. وسار جيش الإسلام حتّى أتوا الزلاقة، من عمل بطليوس، وأقبلت الفرنج، وتراءى الجمعان، فوقع الأدفونش على ابن عبّاد قبل أن يتواصل جيش ابن تاشفين، فثبت ابن عبّاد وأبلى بلاءً حسنًا، وأشرف المسلمون على الهزيمة، فجاء ابن تاشفين عرضًا، فوقع على خيام الفرنج، فنهبها وقتل من بها، فلم تتمالك النصارى لما رأت ذلك أن انهزمت، فركب ابن عبّاد أقفيتهم، ولقيهم ابن تاشفين من بين أيديهم، ووضع فيهم السيف، فلم ينج منهم إلّا القليل. ونجا الأدفونش في طائفة. وجمع المسلمون من رؤوس الفرنج كومًا كبيرًا، وأذّنوا عليه، ثمّ أحرقوها لما جيفت. وكانت الوقعة يوم الجمعة في أوائل رمضان، وأصاب المعتمد بن عبّاد جراحات سليمة في وجهه. وكان العدو خمسين ألفًا، فيقال: لم يصل منهم إلى بلادهم ثلاثمائة نفس. وهذه ملحمة لم يعهد مثلها. وحاز المسلمون غنيمة عظيمة. استيلاء ابن تاشفين على غرناطة: وطابت الأندلس للملثَّمين، فعمل ابن تاشفين على أخذها، فشرع أوّلًا، وقد سار في خدمته ملك غرناطة، فقبض عليه وأخذ بلده، واستولى على قصره بما حوى، فيقال: إنّ في جملة ما أخذ أربعمائة حيّة جوهر، فقوَّمت كلّ واحدةٍ بمائة دينار.

تلقيب ابن تاشفين بأمير المسلمين: ونقل ابن الأثير أنّ ابن تاشفين أرسل إلى المقتدي بالله العباسيّ يطلب أن يسلطنَه، فبعث إليه الخِلع والأعلام والتّقليد، ولقِّب بأمير المسلمين. دخول السّلطان ملكشاه بغداد: ولمّا افتتح السّلطان ملكشاه حلب وغيرها رجع ودخل بغداد، وهو أوّل دخوله إليها، فنزل بدار المملكة ولعب بالكُرة، وقدَّم تقادم للخليفة، ثمّ قدِم بعده نظام المُلْك. ثمّ سار فزار قبور الصالحين. وفيه يقول ابن زكَرَوْيه الواسطيّ: زُرْتَ المشاهدَ زَوْرةً مشهودةً ... أرْضت مضاجع من بها مدفونُ فكأنّك الغَيْثُ استهلّ بتُربها، ... وكأنّها بك روضةٌ ومعينٌ ثمّ خرج وتصيّد، وأمر بعمل منارة القرون من كثرة ما اصطاد من الغزلان وغيرها. ثمّ جلس له الخليفة ودخل إليه وأفرغ الخِلَع عليه. ولم يزل نظام المُلْك قائمًا يقدَّم أميرًا أميرًا إلى الخليفة، وكلما قدَّم أميرًا قال: هذا العبد فلان، وأقطاعه كذا وكذا، وعدّة رجاله وأجناده كذا وكذا؛ إلى أن أتى على آخرهم. ثمّ خلع على نظام المُلْك. وكان يومًا مشهودًا. وجلس نظام المُلْك بمدرسته، وحدَّث بها، وأملى مجلسًا. ثمّ سار السّلطان من بغداد إلى إصبهان في صفر من سنة ثمانين. الفتنة بين السُّنة والشيعة: وفيها: كانت فتنة هائلة بين السُّنّة والشّيعة، وكادت الشيعة أن تملك، ثمّ حجز بينهم الدّولة. تدريس الدبّوسيّ بالنظامية: وفيها: قدِم الشريف أبو القاسم عليّ بن أبي يَعْلَى الحُسينيّ الدّبّوسيّ بغداد في تجمُّل عظيم لم يُرَ مثلُه لِعالِم، ورُتب مدرسًا بالنظامية بعد أبي سعْد المتولّي.

زواج ابن صاحب الموصل وإقطاعه البلاد: وفيها: زوّج السّلطان أخته زليخا بابن صاحب الموصل، وهو محمد بن شرف الدّولة مسلم بن قريش، وأقطعه الرحْبَة، وحَرّان، والرَّقَّة، وسَرُوج، والخابور. وتسلَّم هذه البلاد سوى حَرّان، فإنّ محمد بن الشّاطر امتنع من تسليمها مدّة، ثمّ سلّمها. عزْل ابن جهير عن ديار بكر: وفيها: عزل فخر الدّولة ابن جهير عن ديار بكر بالعميد أبي على البلْخيّ، بعثه السّلطان وجعله عاملًا عليها. الخطبة للمقتدي بالحرمين: وفيها: أُسقطت خطبة صاحب مصر المستنصر بالحَرَمَيْن، وخُطِب لأمير المؤمنين المقتدي. إسقاط المكوس بالعراق: وفيها: أسقط السّلطان المُكوُس والاجتيازات بالعراق. محاصرة قابس وسفاقس: وفيها: حاصر تميم بن باديس قابِس وسَفَاقُس، وفرق عليهما جيوشه1.

_ 1 انظر: البداية والنهاية "12/ 127-134"، والنجوم الزاهرة "5/ 125-127"، وصحيح التوثيق "7/ 516".

أحداث سنة ثمانين وأربعمائة

أحداث سنة ثمانين وأربعمائة: عرس الخليفة المقتدي: في أوّلها عُرْسُ أمير المؤمنين على بنت السّلطان ملكشاه، عندما ذهب السّلطان للصّيد. فنُقل جهازها إلى دار الخليفة، فيما نقل ابن الأثير، على مائةٍ وثلاثين جَمَلًا مجلَّلة بالدّيباج الروميّ، وعلى أربعة وسبعين بغلًا مجلَّلة بألوان الدّيباج، وأجراسها وقلائدها الذَّهب، فكان على ستة بغال اثنا عشر صندوقًا فيها الحُلِيّ والمَصَاغ، وثلاثة وثلاثون فرشًا عليها مراكب الذَّهب مرصّعة بأنواع الجوهر والحُلِيّ، ومهْد كبير كثير الذّهب، وبين يدي الجهاز الأميران كوهرائين وبُرسق. فأرسل الخليفة وزيره أبا شجاع إلى تركان خاتون، وبين يديه ثلاثمائة مركبيّة، ومثلها مشاعل، ولم يبق في الحريم دكّان إلّا وقد أشعل فيها الشّمع. وأرسل الخليفة محفّة لم يُرَ مثلها. وقال الوزير لتُرْكان: يقول أمير المؤمنين: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] ، وقد أَذِن في نقل الوديعة إليه. فأجابت، وحضر نظام المُلْك فمن دونَه، وكلٌّ معهم الشمع والمشاعل. وكان نساء الأمراء بين أيديهن الشّمع والمشاعل. ثمّ أقبلت الخاتون في محفّةٍ مجلَّلة بألوان الذَّهب والجواهر الكوشيّ، قد أحاط بالمحفة مائتا جارية من الأتراك بالمراكب العجيبة، فسارت إلى دار الخلافة. وكانت ليلة مشهودة لم يُرَ ببغداد مثلها. وعمل الخليفة من الغد سِماطًا لأمراء السّلطان، يُحكى أنّ فيه أربعين ألف مَنًّا من السُّكّر، وخلع عليهم. وجاءه منها ولد في ذي القعدة سمّاه جعفرًا. وجاء السّلطان في هذه السّنة من تركان خاتون ولده محمود الذي ولي الملك.

وفيات الطبقة الثامنة والأربعون

بسم الله الرحمن الرحيم وفيات الطبقة الثامنة والأربعون: وفيات سنة إحدى وسبعين وأربعمائة: "حرف الألف": 1- أحمد بن الحافظ أبي عَمْرو عثمان بْن سَعِيد الدّاني1. المقرئ أبو العبّاس. قرأ على أبيه، وأقرأ الناس بالروايات. أخذ عنه: أبو القاسم بن مُدير. تُوُفّي في ثامن رجب. 2- أحمد بن عليّ بن محمد بن الفضل. أبو الحَسَن بن أبي الفرج البغداديّ البَشّاريّ، المعروف أيضًا بابن الوازع2. شيخ معمّر، وجدَ ابن ماكولا سماعَه من أبي الطّاهر المخلّص في جزء من الفتوح لسيف. فأفادَه الناسَ، وسمعوه منه. روى عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل وله 94 سنة. 3- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه. أبو الحسين الدّمشقيّ الأكفانيّ3 والد الأمين أبي محمد. حدَّث عن: المسدَّد الأمْلُوكيّ، وعبد الرحمن بن الطُّبيز. وعنه: ابنه. مات في ربيع الأوّل.

_ 1 غاية النهاية "1/ 80". 2 الإكمال "7/ 443". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 82" لابن بدران.

4- أتْسِز بن أوّق الخُوارَزْميّ التُركيّ1. صاحب دمشق. قال ابن الأكفاني: غلت الأسعار في سنة حصار الملك أتْسِز بن الخُوارَزْميّ دمشق، وبلغت الغرارة أكثر من عشرين دينارًا. ثمّ ملك البلد صُلحًا، ونزل دار الإمارة داخل باب الفراديس، وخطب لأمير المؤمنين المقتدي بالله عبد الله بن أبي العبّاس، وقُطِعت دعوة المصريّين، وذلك في ذي القعدة سنة ثمانٍ وستين. وقال ابن عساكر: إنّه ولي دمشق بعد حصاره إيّاها دفعات، وأقام الدّعوة لبني العبّاس، وتغلب على أكثر الشّام، وقصد مصر ليأخذها فلم يتمّ له ذلك. ثمّ وجّه المصريّون إلى الشّام عسكرًا ثقيلًا في سنة إحدى وسبعين، فلمّا عجز عنهم راسل تُتُش بن ألب أرسلان يستنجد به. فقدم تتش دمشق، وغلب على دمشق، وقتل أتْسِز في ربيع الآخر، واستقام الأمر لتتش. وكان أتسز لمّا أخذ دمشق أنزل جُنْدَه في دُور النّاس، واعتقل من الرُّؤساء جماعةً وشمّسهم بمرج راهط حتّى افتدوا نفوسهم منه بمالٍ كثير، ونزح جماعة إلى طرابُلُس. وقَتَلَ بالقُدس خلقًا كثيرًا كما مرَّ في الحوادث إلى أن أراح النّاس منه. 5- إبراهيم بن إسماعيل. أبو سعْد اليعقوبيّ2. مات بمرْو في شعبان. 6- إبراهيم بن عليّ. الشّيخ أبو إسحاق القبانيّ3. شيخ الصُّوفيّة بدمشق. أقام بدمشق، وأقام بصور أربعين عامًا.

_ 1 السير "18/ 431"، وفيات الأعيان "1/ 295". 2 لم نقف عليه. 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 233".

وسمع بالرملة من: شيخه أبي الحسين بن التّرجُمان، وبصيدا من: الحَسَن بن جُمَيْع. روى عنه: نصر المقدسيّ، وغيث الأرمنازيّ، وجماعة. وكان صالحًا صدوقًا له معاملة. "حرف الحاء": 7- الحَسَن بن أحمد بن عبد الله1. الفقيه أبو عليّ بن البنّا البغداديّ الحنبليّ، صاحب التّصانيف والتّخاريج. سمع من: هلال الحفّار، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، وأبي الحَسَن بن رزقوَيْه، وأبي الحسين بن بِشْران، وعبد اللَّه بن يحيى السُّكَّريّ، وهذه الطبّقة فأكثر. روى عنه: أحمد بن ظَفَر المَغَازِليّ، وأبو منصور عبد الرحمن القزّاز، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وجماعة، وولداه يحيى وأحمد، وأبو الحسين بن الفرّاء، وقاضي المرِستان. وقرأ بالرّوايات على أبي الحسن الحمَّاميّ. وعلّق الفقه والخلاف عن القاضي أبي يَعْلَى قديمًا. ودرّس في أيّامه، وله تصانيف في الفقه والأصول والحديث. وكان له حلقتان للفتوى وللوعْظ؛ وكان شديدًا على المُبْتَدِعَة، ناصرًا للسُّنَّة. آخر من روى عنه بالإجازة الحافظ محمد بن ناصر. قال القفطيّ: كان من كبار الحنابلة. سأل فقال: هل ذكرني الخطيب في تاريخه مع الثقات أو مع الكذابين؟ فقيل له: ما ذكرك أصلًا. فقال: ليته ذكرني ولو مع الكذابين. قال القفطيّ: كان مشارًا إليه في القراءات واللّغة والحديث. حكي عنه أنّه قال: صنّف خمسمائة مصنَّف.

_ 1 السير "18/ 380"، وغاية النهاية "1/ 206".

قال: إلًا أنّه كان حنبليّ المعتَقَد، تكلّموا فيه بأنواع. تُوُفّي في رجب. قلت: ما تكلَّم فيه إلّا أهل الكلام لكونه كان لهجًا بمخالفتهم، كثير الذّمّ لهم، مَعْنِيا بأخبار الصِّفات. قرأ عليه جماعة. ولم يذكره الخطيب في تاريخه؛ لأنّه أصغر منه، ولا ذكر أحدًا من هذه الطّبقة إلّا من مات قبله. وذكره ابن النّجّار فقال: كان يؤدَّب بني جَرْدَة. قرأ بالرّوايات على الحمّاميّ، وغيره. وكتب بخطه كثيرًا. إلى أن قال: وتصانيفه تدلّ على قلّة فَهْمه، كان صحفيًّا قليل التحصيل. روى الكثير، وأقرأ ودرّس، وأفتى، وشرح الإيضاح لأبي عليّ الفارسي. إذا نظرت في كلامه بانَ لك سوء تصرُّفه. ورأيت له ترتيبًا في غريب أبي عُبَيْد قد خَبَطَ كثيرًا وصحّف. حدَّث عنه: أولاده أحمد ومحمد ويحيى، وابن الحُصَين، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو منصور القزاز، وأحمد بن ظَفَر المَغَازِليّ. قال شجاع الذُّهليّ: كان أحد القراء المجوّدين، سمعنا منه قطعة من تصانيفه. وقال المؤتمن السّاجيّ: كان له رواء ومنظر، ما طاوعتْني نفسي للسَّماع منه. وقال إسماعيل بن السَّمرقنديّ: كان واحدٌ من المحدّثين اسمه الحَسَن بن أحمد بن عبد الله النَّيسابوريّ. سمع الكثير، فكان ابن البنّا يكشِط بُورِي منه ويمدّ السّين، فتصير البنّا كذا قيل: إنّه كان يفعل ذلك. 8- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جعفر. الحافظ أبو عليّ البلْخيّ الوَخْشي1، ووَخْش: من أعمال بلْخ. رحال حافظ كبير سمع بدمشق من: تمّام الرّازيّ، وعَقِيل بن عَبْدان. وببغداد من: أبي عَمْر بن مهديّ.

_ 1 السير "18/ 365"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1171".

وبالبصرة من: أبي عَمْر الهاشميّ. وبمصر من: أبي محمد عبد الرحمن بن عَمْر بن النَّحّاس. وبخُراسان من: أصحاب الأصمّ. قال أبو بكر الخطيب: علّقت عنه ببغداد، وإصبهان. وقال ابن السَّمعانيّ: كان حافظًا فاصلًا ثقة، حَسَن القراءة. رحل إلى العراق، والجبال، والشّام، والثغور، ومصر. وذاكَرَ الحُفّاظ. وسمع ببلْخ من: أبي القاسم عليّ بن أحمد الخُزَاعيّ؛ وبنَيْسابور من: أبي زكريّا المزكّي، والحِيريّ؛ وببغداد من: أبي مهديّ، وابن أبي الفوارس؛ وبإصبهان من: أبي نُعَيْم. روى لنا عنه: عمر بن محمد بن عليّ السَّرخسيّ، وعمر بن عليّ المحموديّ. روى عنه الخطيب في تصانيفه، وذكر الحافظ عبد العزيز النَّخشبيّ أنّه كان يتَّهم بالقَدَر. قال السَّمعانيّ: وُلِد سنة خمسٍ وثمانين وثلاثمائة. وتُوُفّي في خامس ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين ببلْخ. قلت: انتقى على أبي نُعَيم خمسة أجزاء مشهورة بالوَخْشِيّات، وسمعنا جزءًا من حديثه رواه من حِفْظه. سُئِل عن إسماعيل بن محمد التَّيميّ فقال: حافظ كبير. قلت: روى عن الوخْشِيّ كتاب السُّنن لأبي داود: الحسنُ بن عليّ الحُسَيْنيّ البلْخيّ، والذي قيّد وفاته صاحبُه عَمْر السَّرخسيّ. وقد حدَّث المحموديّ عنه في سنة ستًّ وأربعين وخمسمائة وقال: كنتُ قد راهقت لمّا تُوُفّي الوخْشِيّ وحضرتُ جنازته، فلمّا وضعوه في القبر، سمعنا صيحةً، فقيل: إنّه لمّا وضع في القبر خرجت الحشرات من المَقْبُرَة؛ وكان في طَرفنا وادي، فانحدَرَت إليه الحشرات، فذهبتُ وأبصرتُ البَيْضَ الصِّغار، والعقارب، والخنافس، وهي منحدرة إلى الوادي بعينيَّ، والنّاس ما كانوا يتعرَّضون لها.

قال ابن النّجّار: سمع ببلْخ من عليّ بن أَحْمَد الخزاعيّ، وبهَمَذان محمد بن أحمد بن مَزْدين، وبحلب، وبعَكّا. وسمع منه: نظام المُلْك ببلخ، وصدّره بمدرسته ببلْخ. وقال: جُعتُ بعسقلان أيامًا حتّى عجزت عن الكتابة، ثمّ فتح الله. وقال فيه إسماعيل التيَّميّ: حافظ كبير. 9- الحسين بن عَقِيل بن محمد بن عبد المنعم بن ريش الدّمشقيّ البّزار1. الشاعر. سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر. روى عنه: الخطيب مع تقدُّمه، وأبو الحَسَن بن المسلم الفقيه. "حرف السين": 10- سعْد بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن حسين. أبو القاسم الزَّنجانيّ، الحافظ الزّاهد2. سمع: أبا عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف، وأبا عليّ الحسين بن ميمون الصّدَفيّ بمصر؛ وبغزة عليّ بن سلامة، وبزَنْجَان محمد بن أبي عُبَيْد؛ وبدمشق عبد الرحمن بن ياسر، وأبا الحَسَن الحبّان، وجماعة. روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، وأبو المظفّر منصور السَّمعانيّ الفقيه، ومكّيّ الرُّميليّ، وهبة الله بن فاخر، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد المنعم القُشَيْريّ، وآخرون. وجاوَرَ بمكة زمانًا، وصار شيخ الحَرَم. قال أبو الحَسَن محمد بن أبي طالب الفقيه الكَرَجيّ: سألت محمد بن طاهر عن أفضل من رأى، فقال: سعد الزَّنجانيّ، وعبد الله بن محمد الأنصاريّ، فسألته أيُّهما أفضل؟ فقال: عبد الله كان متفننًا، وأمّا الزَّنجانيّ فكان أعرف بالحديث منه. وذلك

_ 1 معجم الأدباء "10/ 124-126". 2 السير "14/ 642" طبعة التوفيقية، والبداية والنهاية "12/ 120".

أنّي كنت أقرأ على عبد الله فأترك شيئًا لأجرّبه، ففي بعضٍ يرُد، وفي بعضٍ يسكت، والزَّنجانيُّ، كنتُ إذا تركت اسمَ رجلٍ يقول: تركتَ بين فُلان وفُلان اسمَ فُلان. قال ابن السَّمعانيّ: صَدَق. كان سعد أعرف بحديثه لقلَّته، وعبد الله كان مكثرًا. قال أبو سعد السَّمعانيّ: سمعتُ بعض مشايخي يقول: كان جدّك أبو المظفّر قد عزم على أن يُقيم بمكّة ويجاور بها، صُحْبَةَ الإمام سعْد بن عليّ، فرأى ليلةً من اللّيالي والدته كأنّها قد كشفت رأسها وقالت له: يا بُنَيّ، بحقّي عليك إلّا ما رجعتَ إلى مرو، فإنّي لا أطيق فِراقَك. قال: فانتبهتُ مغمومًا، وقلت أشاور الشّيخَ سعْد، فمضيتُ إليه وهو قاعد في الحَرَم، ولم أقدر من الزّحام أن أكلّمه، فلمّا تفرَّق النّاس وقام تبِعْتُه إلى داره، فالتفت إليّ وقال: يا أبا المظفَّر، العجوز تنتظرك. ودخل البيت. فعرفت أنّه تكلَّم على ضميري، فرجعتُ مع الحاجّ تلك السّنة. قال أبو سعْد: كان أبو القاسم حافظًا، متقِنًا، ثقة، ورِعًا، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات. وإذا خرج إلى الحرم يخلون المطاف، ويقبّلون يده أكثر ممّا يقبلون الحجر الأسود1. وقال محمد بن طاهر: ما رأيت مثله، سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: لم يكن في الدّنيا مثل أبي القاسم سعْد بن عليّ الزَّنجانيّ في الفضل. وكان يحضر معنا المجالس، ويُقرأ الخطأ بين يديه، فلا يردّ على أحدٍ شيئًا، إلّا أن يُسأل فيُجيب. قال ابن طاهر: وسمعت الفقيه هياج بن عبيد إمام الحرم ومفتيه يقول: يومٌ لا أرى فيه سعد بن علي لا أعتد أني عملت خيرًا. وكان هياج يعتمر ثلاث مرات. وسيأتي ذكره. قال ابن طاهر: كان الشّيخ سعْد لمّا عزم على المجاورة عزم على نيِّفٍ وعشرين عزيمة أنّه يُلْزِمَها نفسَه مِن المجاهدات والعبادات. ومات بعد أربعين سنة ولم يخلّ منها بعزيمةٍ واحدة.

_ 1 السير "14/ 642".

وكان يُملي بمكّة، ولم يكن يُمْلي بها حين تولّى مكة المصريّون، وإنّما كان يُمْلي سرًّا في بيته. وقال ابن طاهر: دخلتُ على الشّيخ أبي القاسم سعْد وأنا ضيّق الصَّدر من رجلٍ من أهل شيراز لا أذكره، فأخذت يده فقبَّلتها، فقال لي ابتداءً من غير أن أُعْلِمه بما أنا فيه: يا أبا الفضل، لا تضيِّق صدْرَك، عندنا في بلاد العجم مَثَلٌ يُضْرَب، يقال: بُخْلُ أهوازيّ، وحَمَاقةُ شِيرازيّ، وكَثْرةُ كلام رازيّ. ودخلتُ عليه في أول سنة سبعين لمّا عزمتُ على الخروج إلى العراق حتّى أودّعه، ولم يكن عنده خبرٌ من خروجي. فلمّا دخلت عليه قال: أَرَاحِلُون فنبكي، أم مُقِيمونا؟ ... فقلت: ما أمر الشّيخ لا نتعدّاه فقال: على أيَّ شيءٍ عَزَمْت؟ قلت: على الخروج إلى العراق لألحق مشايخ خُراسان. فقال: تدخل خُراسان، وتبقى بها، وتفوتك مصر، ويبقى في قلبك. فاخرج إلى مصر، ثمّ منها إلى العراق وخراسان، فإنه لا يفوتك شيء. ففعلتُ، وكان في ذلك البركة. سمعتُ سعد بن عليّ -وجرى بين يديه ذِكْر الصّحيح الذي خرَّجه أبو ذَر الهَرَويّ- فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب، وليس من شرط الصّحيح. قال أبو القاسم ثابت بن أحمد البغداديّ: رأيتُ أبا القاسم الزَّنجانيّ في المنام يقول لي مرة بعد أخرى: إنّ الله بنى لأهل الحديث بكلّ مجلسٍ يجلسونه بيتًا في الجنّة. ولد سعد في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة، أو قبلها. وتُوُفّي في سنة إحدى وسبعين، أو في أواخر سنة سبعين بمكّة. وله قصيدة مشهورة في السُّنّة. وقد سئل عنه إسماعيل الطّلْحيّ فقال: إمامٌ كبيرٌ عارفٌ بالسُّنَّة. 11- سُلمان بن الحَسَن بن عبد الله1. أبو نصر، صاحب ابن الذّهبيّة البغداديّ. رجل صالح معمَّر.

_ 1 المنتظم "8/ 321"، وهو في عداد العلماء المستوردين، لا بأس به.

روى عن: أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن محمد بن مَخْلَد صاحب الصّفّار. روى عنه: محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وعبد الوهّاب الأنماطيّ وقال: عاش أكثر من مائة سنة. مات أبو نصر في رجب. 12- سهل بن عَمْر بن محمد بن الحسين. أبو عمر بن المؤَّيد أبي المعالي البِسْطاميّ ثمّ النيَّسابوريّ1. من بيت الإمامة والحشمة، وهو خَتَن عمه الموفّق بابنته. روى عن: أبي الفضل عَمْر بن إبراهيم الهَرَويّ، وأصحاب الأصم. تُوُفّي في شوّال. "حرف الطاء": 13- طاهر بن محمد شاه فور. أبو المظفّر الطٌّوسيّ2. مات بطوس في شوّال. يروي عن: ابن مَحْمِش الزّياديّ، وغيره. وعنه: زاهر الشحّاميّ. وكان إمامًا مفسِّرًا أُصوليا. وسمّاه عبد الغافر. شاهفور. "حرف العين": 14- عَبْد اللَّه بْن سبعون بْن يحيى: أبو محمد المسلّميّ القيروانيّ3.

_ 1 لم نقف عليه. 2 طبقات الشافعية "3/ 175" للسبكي. 3 البداية والنهاية "12/ 120".

محدَّث عارف. سكن بغداد ونقل بخطّه الكثير، وقرأ بنفسه. سمع: أبا القاسم عبد العزيز الأَزَجيّ وأبا طالب بن غيلان، وجماعة. وبمكة: أبا نصر السِّجزيّ، وأبا الحَسَن بن صخْر. وبمصر: عليّ بن منير. روى عنه: أبو القاسم السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن بن عبد السّلام. تُوُفّي في رمضان. 15- عبد الباقي بن محمد بن غالب1. أبو منصور بن العطّار الأزجيّ وكيل أميرَيِ المؤمنين: القائم، والمقتدي. قال السمعانيّ: كان حَسَن السِّيرة، جميل الأمر، صحيح السّماع. سمع: أبا طاهر المخلّص، وأحمد بن محمد بن الْجُنْديّ. روى عنه: يوسف بن أيّوب الهَمذانيّ، وعبد المنعم القُشَيْريّ، وأبو نصر أحمد بن عَمْر الغازي، وآخرون. قلت: كان قليل الرّواية، رئيسًا. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا. قال لي: وُلِدتُ سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. تُوُفّي ابن العطّار في ربيع الآخر. 16- عبد الحميد بن الحَسَن بن محمد. أبو الفَرَج الهَمَذانيّ الدّلّال الفُقَاعيّ2. روى عن: أبي بكر بن لال، وعبد الرحمن الإمام، وعبد الرحمن المؤَّدب الهمذانيين. قال شيرويه: سمعتُ منه وليس التّحديث من شأنه. وسماعه مع أخيه علي.

_ 1 السير "18/ 400"، تاريخ بغداد "11/ 91". 2 لم نقف عليه.

ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. وتوفي في ثامن عشر ذي القعدة. 17- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن عبد الله بن منصور الطَّبريّ1. قال السَّمعانيّّ: أبو القاسم بن الزُّجاجي كان ينزل باب الطّاق من بغداد، وكان خيّرًا ثقة صدوقًا. سمع من: أبي أحمد الفَرَضيّ، وثنا عنه أبو بكر الأنصاريّ، وأبو محمد بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو نصْر أحمد بن عَمْر الغازي. تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. 18- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُلْوان بن عَقِيل. أبو القاسم الشَّيْبانيّ البغداديّ، أخو عبد الواحد2. سمع من: عبد القاهر بن عِترة. روى عنه: قاضي المَرِسْتان؛ ووثَّقه أبو الفضل بن خَيْرُون. 19- عبد العزيز بن عليّ بن أحمد بن الحسين الأنْماطيّ3. أبو القاسم ابن بنت السُّكّريّ العتّابيّ. من محلّة العتابين ببغداد. قال الخطيب: حدَّث عن أبي طاهر المخلِّص. كتبتُ عنه، وكان سماعه صحيحًا. قلت: روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وعبد الوهّاب الأنماطيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ. وقال عبد الوهّاب الأنماطيّ: هو ثقة. وُلِد أبو القاسم في سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة، ومات في رجب. وآخر من حدَّث عنه أحمد بن الطّلّاية. قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ: أَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الْجُودِ، أَنَا أَحْمَدُ بن أبي غالب

_ 1 المشتبه "1/ 335". 2 المنتظم "8/ 421". 3 السير "13/ 648".

الزَّاهِدُ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لأَنْ يتصدَّق الرَّجُلُ فِي حَيَاتِهِ بدرهمٍ خيرٌ مِنْ أَنْ يتصدَّق بِمَائَةِ دينارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ"1. 20- عبد القاهر بن عبد الرحمن. أبو بكر الْجُرْجانيّ النَّحويّ المشهور2. أخذ النَّحو بجُرْجان عن: أبي الحسين محمد بن الحَسَن الفارسيّ ابن أخت الشّيخ أبي عليّ الفارسيّ. وعنه أخذ عليّ بن أبي زيد الفَصِيحيّ. وكان من كبار أئمّة العربيّة. صنَّفَّ كتاب "المغني في شرح الإيضاح" في نحوٍ من ثلاثين مجلَّدًا، وكتاب "المقتصد في شرح الإيضاح" أيضًا، ثلاث مجلّدات، وكتاب "إعجاز القرآن" الكبير، وكتاب "إعجاز القرآن" الصغير، وكتاب "العوامل المائة"، وكتاب "المفتاح"، وكتاب "شرح الفاتحة" في مجلَّد، وكتاب "العُمَد في التّصريف"، وكتاب "الْجُمَل" وهو مشهور. وله كتاب "التّلْخيص" في شرح هذا الْجُمَل. وكان شافعيَّ المذهب، متكلّمًا على طريقة الأشعريّ، مع دين وسكون3. وقد ذكره السَّلفيّ في مُعْجَمه فقال: كان ورِعًا قانعًا، دخل عليه لصٌّ وهو في الصلاة فأخذ ما وجد، وعبد القاهر ينظر، فلم يقطع صلاته. سمعتُ أبا محمد الأبِيوَردِيّ يقول: ما مَقَلَتْ عيني لُغَويًّا مثله. وأمّا في النَّحْو فعبد القاهر. وله نظمٌ، فمنه: كبِّر على العقل لا تَرُمْه ... ومِلْ إلى الْجَهْل مَيْلَ هائِمْ وعِشْ حمارًا تَعشْ سعيدًا ... فالسَّعد في طالع البهائم

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه أبو داود "2866"، وابن حبان "821"، في سنده شرحبيل بن سعد، وهو في عداد الضعفاء. 2 السير "13/ 672"، وفيات الأعيان "3/ 337". 3 السير "13/ 673".

تُوُفّي عبد القاهر، رحمه الله سنة إحدى وسبعين، وقيل: سنة أربعٍ وسبعين، فالله أعلم. 21- عليّ بن أحمد بن عليّ1. أبو القاسم السَّمْسار الأصبهانيّ. مات فِي ربيع الأول. 22- علي بن مُحَمَّد بن أحمد بن حمدان بن عبد المؤمن. أبو الحَسَن المَيْدانيّ، ميدان زياد الذي على باب نَيْسابور. سكن هَمَذان. روى عن: محمد بن يحيى العاصميّ، وأبي حفص بن مسرور. ورحل فسمع من: عبد الملك بن بُشْران، وبِشْر الفاتنيّ، وطائفة كبيرة. قال شيروَيْه: سمعتُ منه. وكان ثقة، صدوقًا، مَعْنِيا بها الشّأن، متقنًا، زاهدًا، صامتًا، لم تَرَ عيناي مثله. وسمعتُ أحمد بن عمر الفقيه يقول: لم يَرَ أبو الحَسَن المَيْدانيّ مثلَ نفسه. قال شيروَيْه: ازدحموا على جنازته، وأطنبوا2 في وصْفه وفضله. تُوُفّي يوم الجمعة ثامن عشرة صَفَر. قلت: روى عنه هبة الله بن الفَرَج. 23- عليّ بن محمد بن عليّ بن هارون. أبو القاسم التَّيميّ الكوفيّ ابن الإدلابيّ النَّيسابوريّ3. حدَّث عن: أبي بكر بن المُزكّى، وعبد الرحمن بن محمد السّرّاج، وأبي بكر الحِيريّ، وابن نظيف المصريّ، وعبد الملك بن بشران. وحدَّث ببغداد بمسند الشّافعيّ.

_ 1 لم نقف عليه. 2 أطنبوا: أسهبوا أو أكثروا. 3 المنتظم "8/ 322".

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو البركات بن أبي سعّد، ومحمد بن طلحة الرّازيّ. وكان ثقة. مات في ربيع الأوّل سنة إحدى وسبعين. 24- عَمْر بن عبد الملك بن عَمْر بن خَلَف. أبو القاسم بن الرّزّاز1. أحد عُدول بغداد وفقهائها. سمع: أبا الحَسَن بن رزقويه، وأبا القاسم الحرفيّ، وابن شاذان. روى عنه: ابن السَّمرقنديّ. تُوُفّي في رجب. 25- عَمْر بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْر. أَبُو الفضل بن البقّال البغداديّ الأَزَجيّ المقرئ2. قرأ القرآن على أبي الحَسَن الحمّاميّ. وسمع: أبا أحمد بن أبي مسلم الفَرَضيّ. وختم عليه خلْق. وكان وِرْدُه كلَّ يومٍ ختمة. روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأحمد بن عَمْر الغازي. وكان مولده سنة 395. "حرف الفاء": 26- الفُضيل بن يحيى بن الفضيل.

_ 1 طبقات الشافعية "4/ 8" للسبكي. 2 المنتظم "8/ 322".

أبو عاصم الفُضَيْليّ الهَرَويّ، الفقيه1. راوي المائة وغيرها. عن: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح، وأقرانه. ذكره أبو سعد السَّمعانيّ، فقال: كان فقيهًا، مزكِّيًا، صدوقًا، ثقة. عمِّر حتّى حُمِل عنه الكثير. روى عنه: أبو الوقت. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وثمانين وثلاثمائة، وتوفّي في جمادى الأولى. روى عن: أبي عليّ منصور بن عبد الله الخالديّ، وأبي الحسين بن بشران. وقدم بغداد. وروى عنه: عبد السّلام بَكْبَرة، ومحمد بن الحسين العَلَويّ. "حرف الميم": 27- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي توبة2. أَبُو بكر الكُشْمِيهَنيّ. تُوُفّي بمرّو، وكان واعظًا فقيهًا. تفقَّه على أبي بكر القفّال، وسمع من جماعة. 28- محمد بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد اللَّه. أبو بكر المستعمل السِّمسار3. سمع: البرقانيّ، وأبا عليّ بن شاذان. روى عنه: عبد الله، وإسماعيل ابنا السَّمرقنديّ. 29- محمد بن عثمان بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي بْن مزدين.

_ 1 السير "13/ 649، 650"، وطبقات الشافعية "4/ 10، 11". 2 لم نقف عليه. 3 انظر السابق.

أبو الفضل القومساني، ثمّ الهَمَذانيّ، ويُعرف بابن زيرَك1. قال شيرُوَيْه: هو شيخ عصره ووحيد وقته في فنون العلم، روى عن: أبيه، وعمّه أبي منصور محمد، وخاله أبي سعد عبد الغفار، وابن جانجان، وعلي بن أحمد بن عبدان، ويوسف بن كج، والحسين بن فنجويه الثقفي، وعبد الله بن الأفشين، وجماعة. وروى بالإجازة عن أبي عبد الرحمن السُّلميّ، وأبي الحَسَن بن رزقوَيْه. وسمعتُ منه عامة ما مرَّ له. وكان صدوقًا ثقة، له شأن وحشمة. وله يد في التفسير، حَسَن العبارة والخطّ، فقيهًا، أديبًا، متعّبدًا. تُوُفّي في سَلْخ ربيع الآخر. وقبره يُزار ويتبرَّك به. وسمعته يقول: ولدت سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة. قَالَ شِيرُوَيْهِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَكِّيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْقُومَسَانِيَّ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: رَأَيْتُ رَجُلا دَفَعَ إليَّ كِتَابًا، فَأَخْذُتُه، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْقُومَسَانِيِّ، سلامٌ عَلَيْكُمْ. وسمعتُ إبراهيم بن محمد القزّاز الشّيخ الصّالح يقول: رأيتُ ابن عَبَدان ليلة مات أبو الفضل القُومَسَانّي، فأخذ بيدي ساعة، ثمّ قرأ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41] يريد موته. سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْقُومَسَانِيّ يَقُولُ: رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، وَاجْعَلْهُمَا الْوَارِثَ مِنِّي" 2. مَعْنَاهُ مشكلٌ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ قَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ يَرِثَانِهِ بَعْدَهُ دُونَ سَائِرِ أَعْضَائِهِ؟ فَتَأَوَّلُوهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الدُّعَاءَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: "إِنِّي لَا غِنَى بِي عَنْهُمَا، فَإِنَّهُمَا مِنَ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ السَّمع وَالْبَصَرِ مِنَ الرَّأْسِ" 3. فَكَأَنَّهُ دَعَا بِأَنْ يُمَتَّعَ بِهِمَا في حياته، وأن يرثا خِلَافَةَ النُّبوَّة بَعْدَ وَفَاتِهِ. وَلَا يَجِدُ الْعُلَمَاءُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَجْهًا وَلَا تَأْوِيلًا غَيْرَ هَذَا.

_ 1 السير "13/ 673"، وشذرات الذهب "3/ 341". 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "3513"، والحاكم "1/ 523"، وصححه، وأقره الذهبي. 3 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "3671"، والحاكم "3/ 69"، والخطيب "8/ 459، 460"، وله شاهد من حديث عبد الله بن حنطب، أخرجه الحاكم "3/ 69"، وصححه، وأقره الذهبي.

فرأيتُ أبا هريرة في النّوم، وكنتُ مارًا في مقبرة سراكسلهر فقال لي: أتعرفني؟ فقلت: لا. قال: أنا أبو هريرة. أصبتَ ما قلتَ، أنا رويتُ هذا الحديث وكذا أراد به النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- ما فسرتَ1. سمعتُ أبا الفضل يقول: مرضتُ حتّى غلب علي ظنّي أنّي سأموت، فأشتدّ الأمرُ وعندي أبي وعمر خادم لنا، فكان أبي يقول: يا بُنَيّ أَكْثِر من ذِكْر الله. فأشهدته وعمر على نفسي، أنّي على دين الإسلام، وعلى السُّنّة. فرأيتُ وأنا على تلك الحال كأنّ هَيْبةً دخلت قلبي، فنظرتُ فإذا أنا برجلٍ يأتي من جهة القِبْلة، ذو هَيْبة وجمال، كأنّه يسبح في الهواء، فازدَدْتُ له هيبة. فلمّا قرُب مني قال لي: قلْ. قلت: نعم. وهِبْته أنْ أقول له: ماذا أقول؟ وكرَّر عليّ وقال: قلْ. قلت: نعم، أقول. فقال: قل: الإيمان يزيد وينقُص، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته، وأنّ الله تعالى يُري في الآخرة، وقُلْ: بفضل الصّحابة، فإنّهم خيرٌ من الملائكة بعد الأنبياء. قلتُ: لست أطيق أن أقول ذلك من الهيبة. فقال: قُلْ معي. فأعاد الكلام فقلتها معه، فتبسَّم وقال: أنا أشهد لك عند العرش. فلمّا تبسَّم سكن قلبي، وذهبت عنّي الهَيبة، فأردت أن أسأله هل أنا ميت؟ فكأنه عرف فقال: أنا لا أدري. أو قال: من أين أدري؟ فقلت في نفسي: هذا ملك. وعُوفيتُ من المرض. وسمعته يقول: أصابني وجعٌ شديد، فرأيتُ في المنام كأنّ قائلًا يقول لي: أقرأ على وَجَعِك الآيات التي فيها اسمُ الله الأعظم. فقلت: ما هي؟ قال: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} إلى قوله: {اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 101-103] فقرأتها فعوفيت.

_ 1 هذا التأويل ليس بصحيح، ولا يصح الاعتماد على المنامات.

وسمعته يقول: أتاني رجلٌ من خُراسان فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتاني في منامي وأنا في مسجد المدينة، فقال لي: إذا أتيتَ هَمَذان فاقرأ على أبي الفضل بن زيرَك منّي السَّلام. قلت: يا رسول الله، لماذا؟ قال: لأنه يُصلّى عليَّ في كلّ يومٍ مائة مرّة. وقال: أسألك أن تعلّمنيها. فقلتُ: إنّي أقولُ كل يوم مائة مرّة أو أكثر: اللهمَّ صلَّ على محمد النّبيّ الأُمّيّ، وعلى آل محمد، جزى الله محمدًا، -صلَّى الله عليه وسلّم، عنّا ما هو أهله. فأخذها عنّي، وحَلَفَ لي: وإني ما كنتُ عرفتك ولا اسمك حتّى عرَّفك لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فعرضت عليه بِرًّا؛ لأنّي ظنَنْتُه متزيِّدًا في قوله، فما قبِل منّي وقال: ما كنتُ لأبيع رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعرضٍ من الدّنيا. ومضى فما رأيته بعد ذلك. 30- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بن المهديّ بالله1. الهاشميّ العبّاسيّ البغدادي الشّاعر. ويعرف بابن الحنْدَقُوقيّ. سمع: أبا الحَسَن بن رزقوَيْه، وأبا الحسين القطّان. وسمع بالبصرة من القاضي أبي عمر الهاشميّ. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ. تُوُفّي فِي ذي الحِجّة، وهو فِي عَشْر الثمانين. 31- محمد بن عَمْر. أبو طاهر الأصبهاني، النّقّاش2. 32 - محمد بن أبي عمران موسى بن عبد الله. أبو الخير المَرْوَزِيّ الصّفّار3. آخر من روى صحيح البخاريّ في الدّنيا بعلوٍّ.

_ 1 المنتظم "8/ 322". 2 لم نقف عليه. 3 السير "13/ 640"، والميزان "4/ 52".

رواه عن أبي الهيثم الكُشْمِيهنيّ. قال ابن طاهر المقدسي: ظهر سماعه على الأصل بالصّحيح، فقُرئ عليه. ثمّ استحضره الوزير نظام المُلْك، وسمعوا منه. فسقط يومًا عن دابّته، وحُمِل إلى بيته فمات. قلت: روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل المروزي الخراجي، والحافظ أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني الخطيب، وهو آخر أصحابه. قال الحافظ ابن طاهر: سمعتُ عبد الله بن أحمد السَّمرقنديّ يقول: لم يصحّ لهذا الرجل، أبي الخير بن أبي عمران، من الكُشْمِيهنيّ سَمَاع، وإنّما وافق الاسمُ الاسمَ، وكان هذا آخر من روى الكتاب بمرْو. حُمِل إلى الوزير نظام الملك ليقرأ عليه، فقرئ عليه بعضه، وطرحته البغلة فمات، ولم يتمّ. وقد رأيتُ أهل مرْو يحكون: إذا قيل: إنّ أبا الخير بن أبي عمران سمع من أبي الهيثم، ويشيرون إلى أنّ هذا غير ذلك. وقال أبو سعد السَّمعانيّ: كان صالحًا سديد السِّيرة. حدَّث بالبخاريّ، وحدَّث ببعض الجامع للتِّرْمِذيّ، عن أحمد بن محمد بن سراج الطّحّان. وعُمّر، وصار شيخ عصره. تكلَّم بعضهم في سماعه، وليس بشيء. أنا رأيتُ سماعَه في القدر الموجود من أصل أبي الهيثم، وأثنى عليه والدي1. وقال الأمير ابن ماكولا: سألتُ أبا الخير عن مولده، فقال: كان لي وقت ما سمعتُ الصحيح عشْر سِنين. وسمع في سنة 88، وتُوُفّي في رمضان. 33- محمد بن المهديّ2. وهو محمد بن عبد العزيز بن العبّاس ابن المهديّ الهاشميّ البغداديّ، والد أبي عليّ محمد.

_ 1 السير "13/ 641". 2 لم نقف عليه.

روى عن: أبي عَمْر الهاشمي البصْريّ. وعَنْه: ابنه. 34- مهديُّ بنُ نصْر. أبو الحَسَن الهَمَذانيّ الفقيه المِشظّيّ1. روى عن: نافع القاضي، وطاهر الإمام. قال شيرُوَيْه: صدوق، سمعتُ منه. "حرف الهاء": 35- هبة الله بن حسين بن المهلَّب البزّاز2. أبو محمد. بغداديّ. سمع: أبا عَمْر بن مهدي، وأبا الحسين بن بشران، وابن رزقوَيْه، وغيرهم. روى عنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو بكر القاضي، وأبو نصر الغازي. قال ابن خيرون: كان سماعه صحيحًا. قال السمعانيّ: كان من ملاح البغداديّين ممّن يُشار إليه في الدّعابة والولع. مات في ربيع الآخر. وفيات سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة: "حرف الألف": 36- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد. أبو العبّاس القارئ مسكويه3.

_ 1 انظر السابق. 2 في عداد العلماء المستورين لا بأس به. 3 لم نقف عليه.

مات في جُمَادَى الْآخرة. 37- أَحْمَد بن محمد بن أحمد. أبو ذَرّ الإسكاف1. حدَّث بأصبهان عن: أبي سعيد محمد بن موسى الصَّيرفيّ. روى عنه: سعيد بْن أَبِي الرجاء. 38- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عثمان. الأستاذ أبو عمر البَشْخُوانيّ2. شيخ الصُّوفيّة. كان مولده في سنة أربعمائة، وهو من ذرّية الحسن بن سُفيان النَّسويّ. وبَشْخُوان: من قرى نَسَا. وُلْي الخطابة ونيابة القضاء، ثمّ ترك ذلك وتجرَّد، وحجّ ورجع، فخدم أبا سعيد المِيهنيّ، وأبا القاسم القُشَيْريْ، وظهرت عليه أحوال الطريقة، وصار من أصحاب الكرامات، وسمع من شيخ الإسلام أبي عثمان الصّابونيّ، وبنى بقريته الخانقاه، وصار شيخ تلك الناحية. أضرّ في آخر عمره3. وذكره السمعانيّ. "حرف التاء": - تُبّع. تقدَّم في السّنة الماضية في تقريبها.

_ 1 انظر السابق. 2 المنتظم "8/ 324". 3 يعني أصيب بالعمى.

"حرف الحاء": 39- الْحَسَن بْن إسماعيل بن صاعد بن محمد1. قاضي القضاة أبو عليّ الحنفيّ النيَّسابوريّ. سمع الكثير من: أبي يَعْلَى حمزة، وعبد الله بن يوسف، وأبي الحسن بن عبدان. تُوُفّي في جُمادى الأولى. 40- الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن العبّاس بن جعفر بن أبي جعفر المنصور العبّاسيّ2. أبو عليّ المكّيّ الشّافعيّ الحنّاط. شيخ ثقة، كان يبيع الحنطة. روى عن: أَحْمَد بن إبراهيم بن فِراس، وعُبَيْد الله بن أحمد السَّقطيّ. وغيرهما. روى عنه: أبو المظفر منصور السَّمعانيّ، وعبد النعم بن القشيري، ومحمد بن طاهر، وأحمد بن محمد العباسي المكي، وطائفة من حجاج المغاربة، وغيرهم. قيل: إنه توفي في شهر ذي القعدة.. وكان أسند من بقي بالحجاز. وثقه ابن السَّمعانيّ في الأنساب. وقال محمد بن محمد بن يوسف الفاشاني: كنت أقرأ على هبه الله بن عبد الوارث الشيرازي فقال: قرأتُ على أبي عليّ الشّافعيّ بمكة: ألَا لَيْتَ شِعْري هِل أبيتنَّ ليلةً ... بفَخٍّ................................ قال هبة الله: فقرأته بالتّصحيف بفَجٍّ. فقال أبو عليّ: وأخرجني إلى ظاهر مكّة، وأتى بي إلى موضعٍ فقال: يا بنّي، هذا هو الفخّ، بالخاء المعجمة، وهو الموضع الّذي تمنّى بلال أن يكون به.

_ 1 لا بأس به، وهو في عداد المستورين. 2 السير "18/ 384".

وقد سأل ابنَ السّمعانيّ إسماعيلُ بنُ محمد الحافظ، عن أبي عليّ المذكور فقال: عدلٌ ثقة، كثير السّماع. 41- الحسين بْن عليّ بْن أبي شريك الحاسب1. كان آيةً في الهندسة والحساب، ولم يكن بذاك. سمع: عبد الودود بن عبد المتكبِّر. روى عنه: أبو القاسم هبة الله الحاسب. "حرف العين": 42- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عثمان2. أبو محمد بن أبي الخير البغداديّ السكَّريّ صاحب الزّاهد عبد الصّمد. كان أمينًا مطبوعًا، صحيح الأُصُول. سمع: أبا أحمد الفَرَضيّ، ومحمد بن بكران الرّازيّ. روى عنه: أبو نصر الغازي بإصبهان، ويحيى بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ. وكان يعرف بابن المّطوِّعة. 43- عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَحّاف. أبو المطرِّف المَعَافِريّ، الفقيه البَلَنْسيّ3. قاضي بَلَنْسِيَة. روى عن: خَلَف بن هانئ الطُّرطوشيّ. روى عنه: أبو بحر سُفيان بن العاص الأسَديّ، وأبو اللَّيث السَّمرقنديّ. وسمع خَلَف من أحمد بن الفضل الدَّينوريّ.

_ 1 لم نقف عليه. 2 المنتظم "8/ 324". 3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

44- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عبّاس. أبو محمد القُرْطُبيّ المقرئ1. قرأ على: مكّيّ بن أبي طالب بالروايات. وسمع من: حاتم بن مُحَمَّد، وَأَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عتّاب. قال ابن بَشْكُوال: كان مع جلَّة المقرئين، وخيارهم. عارفًا بالقراءات، ضابطًا لها، مجوَّدًا، مع الدّين والعَفاف. أنبا عنه جماعة. وتُوُفّي -رحمه الله- في ذي الحِجّة. 45- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد بن مسلم. أبو سعيد الأبْهريّ المالكيّ2. سمع بمصر من: عليّ بن منير، وعبد الله بن الوليد الأندلسيّ. وحدَّث بدمشق. روى عنه: نصر المقدسيّ، وهبة الله بن الأكفانيّ، ونصر الله المصِّيصيّ وآخرون. 46- عبد الملك بن الحسين بن خَيْران. أبو نصر الدّلّال3. سمع: أبا بكر بن الإسكاف. مات في جُمَادَى الأولى. 47- علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد. أَبُو القاسم المحميّ4.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 439". 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 البداية والنهاية "16/ 207". 4 لا بأس به.

شيخ رئيس من بيت الرواية والتَّزكية. سمع: ابن مَحْمِش، وأبا بَكْر الحِيريّ، وجماعة. مولده سنة أربعمائة. روى عنه: إسماعيل بن عبد الرحمن العَصَائِديّ، وغيره. 48- عليّ بن أبي القاسم بن عبد الله بن علي. أبو الحَسَن السَّرقسطيّ، نزيل طُلَيْطُلة1. حجّ، وأخذ عن أبي ذر الهَرَويّ، وأبي الحَسَن بن صخْر، والقاضي عبد الوهّاب المالكيّ، وجماعة. وكان رجلًا صالحًا، فاضلًا، لم تكن له خبرة بالإسناد. وفي كُتُبه تخليط كثير. تُوُفّي في ربيع الأوّل، وكانت له جنازة مشهودة بقُرْطُبة. "حرف الفاء": 49- الفضل بن عبد الله بن محمد بن المحبّ2. قال عبد الغافر: تُوُفّي في المحرَّم سنة اثنتين. وقال غيره: تُوُفّي في سنة ثلاثٍ وسبعين وهو هناك. "حرف الميم": 50- محمد بن حسّان بن محمد. أبو بكر المُلْقَابَاذيّ النَّيسابوريّ3. سمع مُسْنَد أبي عَوَانه من أبي نُعَيم، وحدَّث به. وكان من كبار الفقهاء.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 419". 2 السير "18/ 378". 3 السير "18/ 390".

روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وعُبَيْد الله بن جامع الفارسيّ، وأحمد بن سهل المطرَّزيّ، وآخرون مِن آخرهم وفاةً أبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحنْزَبارانيّ. قال أبو سعْد: محمد بن أبي الوليد حسّان بن محمد بن القاسم فقيه، ثقة، عدل مشتغل بنفسه، غير دخّال في الأمور، أدرك الأسانيد العالية. سمع: أبا الحَسَن العلويّ، وعبد الله بن يوسف، وابن مَحْمِش. وروى عنه جدي أبو المظفّر في الأحاديث الألف. وُلِد في المحرَّم سنة أربعٍ وتسعين وثلاثمائة. ومات بَنْيسابور في ذي القعدة سنة اثنتين. 51- محمد بن الحَسَن بن محمد بن الأنماطيّ الخُزاعيّ الكوفيّ1. أبو عبد الله. سمع: أبا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُعفيّ القاضي، وغيره. وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ. ولد سنة أربعمائة. ومات في شوّال. 52- محمد بن الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن دينار بن يزدانيار2. أبو جعفر السَّعيديّ الهَمَذانيّ الصُّوفيّ. ويُعرف بالقاضي. روى عن: يوسف بن أحمد بن كَجّ، وأبي عبد الله بن فَنْجُوَيْه، ومحمد بن أحمد بن حَمْدَوَيْه الطُّوسيّ، وعبد الرحمن بن الإمام، وأحمد بن الحسن الإمام، وأحمد بن عمر حموش، ونصر بن الحارث، وجماعة كبيرة. قال شيرويه: سمعت منه، وكان ثقة صدوقا فقيرًا. وكان أصمّ، وكنتُ إذا دخلتُ بيته ضاق لمّا أرى من حاله. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وكان مولده في سنة ثمانين وثلاثمائة.

_ 1، 2 لم نقف عليه.

53- محمد بن أبي مسعود عبد العزيز بن محمد. أبو عبد الله الفارسي الهَرَويّ. راوي جزء أبي الْجَهْم، ونُسْخة مُصْعَب الزُّبيريّ، وأجزاء ابن صاعد السّتّة، وغير ذلك عن عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح. روى عنه: محمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد السّلام بن أحمد بن بَكْبَرَة؛ وأبو الفتح محمد بن عليّ المُضَريّ، وأبو الوقت عبد الأوّل، وأهل هراة. ورحل ابن طاهر إليه بالقصد إلى هُرَاة، فحكى أنّه مُنِع من الدخول، فتنازل إلى أن يدخل ويقرأ عليه حديثًا واحدًا، فإذن له. فلمّا دخل عليه قرأ عليه الحديث الذي في ذِكْر خيبر، وقد رواه البخاريّ بواسطة ثلاثة بينه وبين مالك، والشيخ يروي هذا الحديث بواسطة ثلاثة كالبخاريّ، فقال لابن طاهر: لِمَ اخترت هذا الحديث؟ فوصف له عُلُوّه فيه. فقال: اقرأ باقي الجزء ولازمة حتّى أكثر عنه1. تُوُفّي في شوّال. 54- محمد بن عبد العزيز بن محمد. أبويعلى بن المناطقيّ البغداديّ الدّلّال في الملك2. سمع: ابن رزقويه، وأبا الحسين بن بشران. وعنه: أحمد بن المجلّيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ. ومات في رمضان. 55- محمد بن عليّ بن محمود بن إبراهيم بن ماخرة. أبو بكر الزَّوزنيّ الصُّوفيّ3. ولد الشّيخ أبي الحَسَن. سمع: أبا الحسن بن مخلد، وأبا القاسم الخرقيّ.

_ 1 السير "18/ 377". 2 المنتظم "8/ 325". 3 المنتظم "8/ 325".

روى عَنْهُ: أبو عليّ البَرْدانيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ. ومات رحمه الله في ذي القعدة عن ستين سنة. 56- محمد بن قاسم بن هلال التِّنِّيسيّ. الطلُّليطليّ، الفقيه1. حدَّث عن: أبيه، وأبي عمر الطَّلمنكيّ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 57- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحُسَيْن بْن عَبْد العزيز2. أبو منصور العُكْبريّ الإخْباريّ النّديم، فارسيّ الأصل. كان راوية للأخبار والحكايات، مليح النادرة، حادّ الخاطر، طيب العشرة، من أولاد المحدّثين. وُلِد سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. وسمع بالكوفة من: محمد بن عبد الله الْجُعْفيّ، وببغداد من: هلال الحفار، وابن رزقُوَيْه، وأبي الحَسَن بن بِشْران. روى عنه: عبد الله النحَّويّ، والحسين سِبْط الخيّاط، ويحيى بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ. وقال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا. وقال عبد الله بن عليّ سبط الخيّاط: كان يتشيَّع. وقال ابن خَيْرُون: إنّه خلّط في غير شيء، وسمّع لنفسه فيه. وتُوُفّي في رمضان. قال أبو سعْد السَّمعانيّ: قول ابن خَيْرُون لا يقدح فيه؛ لأنّ عُمدة قدْحه كَوْنه استعار منه جزءًا، فنقل فيه سماعَه وردّه، وما زالت الطَّلبة يفعلون ذلك.

_ 1 الصلة "2/ 551". 2 السير "13/ 646" طبعة التوفيقية.

قلت: وقع لنا المُجْتَبَى لابن دُرَيْد بعُلُوّ من طريقه، سمعناه من أبي حفص ابن القوّاس، عن الكِنْديّ إجازة: أنا سِبْط الخياط، أنا أبو منصور النديم، أنا أبو الطّيّب محمد بن أحمد بن خَلَف بن خاقان العُكْبريّ، أنا أبو بكر بن دُرَيْد. والنّديم أيضًا بنزول، عن ابن أيّوب الشّافعيّ، عن ابن الجّراح، عنه. 58- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن منصور1. أبو بكر بن الحافظ أبي القاسم الطَّبريّ اللّالَكائيّ ثمّ البغداديّ. ثقة، مكثر. سمّعه أبوه من هلال الحفَّار، وأبي الحسين بن بِشْران، وأبي الحسين بن الفضل القطّان. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو محمد سبط الخيّاط، وعبد الوهّاب الأنماطيّ. ومولده في ذي الحجّة سنة تسعٍ وأربعمائة. قلت: فيكون سماعه من الحفار حُضُورًا. تُوُفّي في جمادى الأولى. وكان شافعيّ المذهب، تبادر من أورده في علماء الشّافعيّة، فإنّه ليس هناك. 59- محمد بن يحيى بن سعيد. أبو عبد لله السِّرقسطيّ، خطيب سَرَقُسْطَة. ويعرف بابن سَمَاعة2. حدَّث عن: أبي عمر الطَّلمنكيّ. روى عنه: أبو عليّ بن سكَّرة. وهو مشهور بالصَّلاح التّامّ. "حرف النون": 60- نصر بن أحمد بن مروان الكرديّ.

_ 1 السير "18/ 447". 2 الصلة "2/ 551".

صاحب ديار بكر1. مات عن سنٍّ عالية، وتملَّك ابنه منصور سنة اثنتين وسبعين. "حرف الهاء": 61- هياج بن عُبَيْد بن حسين2. الفقيه الزّاهد أبو محمد الحِطّينيّ. وحِطّين قرية بين عكّا وطبرية، بها قبر شعيب عليه السلام فيما قيل. سمع: أبا الحَسَن عليّ بن موسى السِّمسار، وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن الطُّبيز، ومحمد بن عَوْف المُزَنّي، وجماعة بدمشق؛ وأبا ذر الهَرَويّ بمكة؛ وعبد العزيز الأزَجيّ، وغيره ببغداد. ومحمد بن الحسين الطّفّال، وعليّ بن حمِّصة بمصر. والسَّكن بن جميع بصيداء. ومحمد بن أحمد بن سهل بقَيْسارية. روى عنه: هبة الله الشّيرازيّ في مُعْجَمه فقال: أنا هيّاج الزّاهد الفقيه، وما رأت عيناي مثله في الزُّهد والورع. وروى عنه: محمد بن طاهر، وعَمْر الرُّؤاسيّ، ومحمد بن أبي عليّ الهَمَذانيّ، وثابت بن منصور القَيْسرانيّ وإبراهيم بن عثمان الرّازقيّ، وأبو نصر هبة الله السِّجزيّ، وغيرهم. قال ابن طاهر المقدسيّ: كنّا جلوسًا بالحرم، فتمارى اثنان أيُّهما أحسن: مصر، أو بغداد؟ فقلت: هذا يطول، ولا يفصل بينكما إلا من دخل البلدَين. فقالوا: من هو؟ قلت: الفقيه هيَّاج. فقمنا بأجمعنا إليه، قال: فِيَم جئتم؟ فقصصت عليه وقلت: قد احتكما إليك. فأطرق ساعةً ثمّ قال: أقول لكما أيُّهما أطيب؟ قلنا: نعم.

_ 1 تاريخ ابن الوردي "1/ 380". 2 السير "13/ 647"، طبقات الشافعية الكبرى "4/ 529" للسبكي.

فقال: البصرة. قلت: إنّما سألا عن مصر وبغداد، فقال: البصرة أطيب؛ ذاك الخراب وقلة الناس، ويطيب القلب بتلك المقابر والزيارات. وأما بغداد ومصر، فليس فيهما خير من الزَّحمة والأكاسرة. وكان هياج فقيه الحرم بعد رافع الحمال. وسمعته يقول: كان لرافع الحمَّال في الزُّهد قِدَم، وإنّما تفقّه أبو إسحاق الشيرازيّ، وأبو يَعْلَى بن الفرّاء بمُراعاة رافع. كانوا يتفقهون، وكان يكون معهما، ثمّ يروح يحمل على رأسه، ويعطيهما ما يتقوَّتان به. قال ابن طاهر: وكان هَيّاج قد بلغ من زُهْده أنه يصوم ثلاثة أيام، ويواصل ولا يُفْطِر إلّا على ماء زمزم. فإذا كان آخر اليوم الثالث من أتاه بشيء أكله، ولا يسأل عنه. وكان قد نيف على الثمانين، وكان يعتمر في كلّ يومٍ ثلاث عُمَر على رِجْلَيه، ويدرس عدّة دروس لأصحابه. وكان يزور عبد الله بن عبّاس بالطائف كلّ سنة مرّة، يأكل بمكة أكله، وبالطائف أخرى. وكان يزور النبّيَّ -صلى الله عليه وسلم- كلّ سنة مع أهل مكّة. كان يتوقّف إلى يوم الرحيل، ثمّ يخرج، فأوّل من أخذ بيده كان في مؤنته إلى أن يرجع، وكان يمشي حافيا من مكّة إلى المدينة ذاهبًا وراجعًا. وسمعته يقول، وقد شكى إليه بعض أصحابه أنّ نَعْلَه سُرقت في الطّواف: اتَّخذ نَعْلَين لا يسرقهما أحد. ورُزق الشهادة في وقعةٍ وقعَتَ لأهل السُّنَّة بمكّة، وذلك أنّ بعض الرّوافض شكى إلى أمير مكّة: أنّ أهل السُّنَّة ينالون منّا ويبغضوننا. فأنفذ وأخذ الشّيخ هيَّاجًا، وجماعة من أصحابه، مثل أبي محمد بن الأنماطي، وأبي الفضل بن قوّام، وغيرهما. وضربهم، فمات الاثنان في الحال، وحُمل هيّاج إلى زاويته، وبَقِي أيّامًا، ومات من ذلك -رضي الله عنه1.

_ 1 السير "13/ 647، 648".

وقال السّمعانيّ: سألت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، عن هيّاج بن عُبَيْد، فقال: كان فقيهًا زاهدًا. وأثنى عليه. "حرف الياء": 62- يحيى بن محمد بن الحسين1. الشريف أبو محمد بن الأقساسيّ العلويّ الكوفيّ. من ولد زيد بن عليّ بن الحسين. وأقساس: قرية من قرى الكوفة. ثقة، روى عن: محمد بن عبد الله الجعفيّ. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو الفضل الأُرْمَويّ. توفّي في حدود هذه السّنة. وفيات سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة: "حرف الألف": 63- أحمد بن حاتم بن بسّام بن عامر2. أبو العبّاس البكريّ التَّيميّ الأصبهاني الشاهد له رحلة إلى خُراسان وإلى بغداد سنة عشرين، فسمع من جماعة. روى عن: أبي عليّ بن شاذان. روى عنه: الحسين بن عبد الملك الأديب. وتُوُفّي في صَفَر. 64- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن سرابان3. أبو طاهر الرُّوذباريّ الصّائغ ابن الزّاهد.

_ 1 الأنساب "1/ 333" للسمعاني. 2 في عداد المجهولين. 3 لم نقف عليه.

روى عن: أحمد بن تُركان، وعبد الرحمن المؤدب، وأبي سَلَمة الهمدانيين، ومنصور بن رامش. قال شيرويه: سمعتُ منه، وكان ثقة متقنًا. تُوُفّي في شوّال، وله ثمانون سنة. 65- أحمد بن محمد بن أحمد الأخضر البغداديّ المقرئ1. كان من أحسن النّاس تلاوة في المحراب. وكان مُقِلًّا قانعًا. روى عن: أبي عليّ بن شاذان. وعنه: ابن السَّمرقنديّ، وعلي بن أحمد بن بكار المقرئ. 66- أحمد بن محمد بن الحسين بن الحسن. الخياط الأنصاري2. روى عن: ابن خرَّشيد قُولَه، وأبي الفَرَج البُرْجيّ. 67- إسماعيل بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الحيريّ3. أبو ممد الَّنيسابوريّ، البزاز. شيخ معمَّر، صالح، مجاور بالجامع. سمع الكثير، وحدَّث عن أبي الحسين العلويّ، وأبي طاهر بن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف بن مامَوْيه، وأبي عبد الرحمن السُّلميّ. روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ وقال: تُوُفّي في رابع ذي الحِجّة، والحسين بن عليّ الشحّاميّ، وسعيدة بنت زاهر الشحّاميّ، وآخرون. 68- أَمَةُ الرحمن بنت عَمْر بن محمد بن يوسف بن دوست العلاّف4. أمّ الخير.

_ 1 المنتظم "8/ 327". 2 لم نقف عليه. 3 لا بأس به، في عداد المستورين. 4 لم نقف عليه.

صالحة مستورة، رَوَت عن: عمّها عثمان بن دُوَسْت. وماتت في شوّال. 69- أَمَةُ القاهر بنت محمد بن أبي عَمْرو بن دُوَسْت العلاف. أمّ العزّ1. عن: جدّها. وعنها: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وغيره. أرخها ابن النجّار. "حرف الحاء": 70- الحسين2 بن عليّ بن عُمَر بن عَلِيّ. أَبُو عَبْد اللَّه الأنطاكي3. كان ينوب بدمشق في القضاء عن أبي الفضل بن أبي الْجِنّ العلويّ. سمع من: تمّام الرّازيّ، وعبد الرحمن بن أبي نصر. وكان يسكن بالشاغور، وهو آخر من حدَّث عن تمّام. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وهبة اللَّه بن أحمد الأكفانيّ، وجمال الإسلام أبو الحَسَن، وعليّ بن قُبيس. وسأله غيث عن مولده، فقال: سنة أربعٍ وتسعين وثلاثمائة. وتُوُفّي في المحرَّم. 71- الحسين بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إسحاق. أبو القاسم النَّيسابوريّ المختار4.

_ 1 لم نقف عليها. 2 تحرف في السير إلى "الحسن". 3 السير "13/ 640"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 349". 4 لم نقف عليه.

حدَّث عن: عبد الله بن يوسف، وابن محمش، والأستاذ أبي سعْد، وأصحاب الأصمّ. ودفن إلى جانب ابن نُجَيْد. وله كلام في المعرفة. 72- الحسين بن محمد بن مبشّر. أبو عليّ الأنصاري السَّرقسطيّ. ويعرف بابن الإمام1. أخذ القراءة من: أبي عَمْرو الدّانيّ، وأبي عليّ الإلبِيريّ. ورحل وسمع من: أبي ذر عبد بن أحمد، وإسماعيل الحدّاد المقرئ. وأقرأ النّاس. وكان خيِّرًا فاضلًا، رحمه الله. "حرف السين": 73- سعيد بن يوسف. أبو طالب2. صَلَبوه بَهَمَذَان في شوّال. رحمه الله. 74- سُفيان بن الحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه3. ورّخه بعضهم فيها، والصّحيح ما تقدَّم. "حرف الشين": 75- شبيان بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد. أبو المعمّر البرجيّ، الأصبهانيّ المحتسب4.

_ 1 غاية النهاية "1/ 252". 2 لم نقف عليه. 3 انظر السابق. 4 لم نقف عليه.

تُوُفّي في ربيع الآخر. شيخ صالح صاحب سُنّة. يعِظ في القُرى. سمع: أبا عبد الله بن مَنْدَهْ، والْجُرْجانيّ، وأبا سعْد المالينيّ، وأبا بكر بن مَرْدَوَيْه. أرّخه يحيى بن مَنْدَهْ. "حرف العين": 76- عبد الله بن عبد العزيز. أبو محمد بن عزّون التّميميّ المهدويّ المغربيّ المالكيّ1. من أصحاب أبي عمران الفاسيّ، وأبي بكر عبد الرحمن. وكان أحد الفقهاء الأربعة الذين نزحوا بعد خراب القيروان عنها، وهم: عبد الحميد الصائغ، وأبو الحَسَن اللَّخميّ، وهذا، وأبو الرّجال المكفوف. وكان ابن عزون متفنِّنًا في العلوم. تخرَّج به ابن حسّان، والقاضي ابن شُغْلان، وكان من أقيم النّاس على "المدوَّنة"، وأبحثِهم في أسرارها. تُوُفّي -رحمه اللَّه- فِي حدود هذا العام. 77- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عليّ بن أيّوب2. أبو القاسم العُكْبريّ. من بيت العلم والعدالة. كان تقة ورعًا، أضرّ في آخر عمره. سمع: عمّ أبيه الحسين، وعَمْر بن أحمد بن أبي عَمْرو، وعبد الله بن عليّ بن أيّوب العُكْبريّين. روى عنه: ابن السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن بن عبد السّلام. حدَّث في هذا العام.

_ 1 ترتيب المدارك "4/ 796". 2 لم نقف عليه.

78- عبد الرحمن بْن عيسى بن محمد. أبو زيد الأندلسيّ، قاضي طُلَيْطُلة1. ويُعرف بابن الحشاء. سمع بقرطبة من: يونس بن عبد اللَّه، وأبي المطِّرف القَنَازعيّ. وسمع بدَانِيَة من: أبي عَمْرو المقرئ، وأبي الوليد بن فَتْحُون. وبمكّة من: أبي ذَرّ الهَرَويّ، وأبي الحَسَن بن صَخْر. وبالمغرب من: عبد الحقّ بن هارون الصَّقلّيّ وبمصر من: أبي القاسم عبد الملك بن الحَسَن، وعليّ بن إبراهيم الحَوْفيّ. وبالقيروان من: أبي عمران الفاسيّ الفقيه. استقضاه المأمون يحيى بن ذي النُّون بطُلَيْطُلة بعد أبي الوليد بن صاعد. وحُمدت سيرتُه، ثم استُقْضى بدانِيَة. وقال أبو بكر الطّرْطُوشيّ: ولمّا ولي جدّي، يعني لأمّه، أبو زيد بن الحَشَاء القضاء بطُلَيْطُلة جمع أهلَها وأخرج لهم صندوقًا فيه عشرة آلاف دينار، وقال: هذا مالي، فلا تحسبوا ظهور حالي من ولايتكم، ولا نموَّ مالي مِن أموالكم. 79- عبد السلام ابن شيخ الشيوخ أبي الحَسَن بن سالبة. أبو الفتح2. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. كأنه إصبهانيّ. 80- عبد الواحد بن محمد بن عُبَيْد الله. أبو القاسم البغداديّ الزّجّاج. ثمّ الخبّاز3. سمع: ابن بشران، وابن رزقويه.

_ 1 الصلة "2/ 340". 2 المنتظم "8/ 328". 3 لم نقف عليه.

وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ. ومات في ربيع الأوّل سنة ثلاثٍ وسبعين. 81- عبد الواحد بن المطهر بن عبد الواحد بن محمد البُزَانيّ الأصبهاني1. قدِم بغداد عميدًا على العراق، ومات كهْلًا قبل أبيه. 82- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن حمزة. القاضي أبو الحَسَن الهاشميّ العبّاسيّ، الفقيه الشّافعيّ2. سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر. وعنه: جمال الإسلام. 83- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ3. أَبُو الحَسَن الصُّليحيّ، الخارج باليمن. ذكره القاضي ابن خلِّكان فقال: كان أبوه قاضيا باليمن، سنِّيّ المذهب. وكان الدّاعي عامر بن عبد الله الزّواخيّ يلاطف عليًّا، فلم يزل به حتّى استمال قلبَه وهو مراهق، وتفرَّس فيه النّجابة. وقيل: كانت عنده حليته في كتاب الصُّور وهو من الذّخائر القديمة، فأوقف عليًّا منه على تنقُّل حالِه، وشَرَف مآله، وأطلعه على ذلك سِرًا من أبيه. ثمّ مات عامر عن قريب، وأوصى لعليّ بكُتُب، فعكف علي على الدّرس والمطالعة، فحصّل تحصيلًا جيدًا. وكان فقيهًا في الدّولة المصرية الإماميّة، مستبصرًا في علم التأويل، يعني تأويل الباطنّية، وهو قلبُ الحقائق، ولُبّ الإلحاد والزَّندقة. ثمّ صار يحجّ بالنّاس على طريق السَّراة والطائف خمس عشرة سنة. وكان النّاس يقولون له: بَلَغَنَا أنك ستملك اليمن بأسره، فيكره ذلك، ويُنْكر على قائله. فلمّا كان في سنة تسعٍ وعشرين وأربعمائة، ثار عليٌّ بجبل مسار، ومعه

_ 1 المشتبه "1/ 57". 2 لسان الميزان "5/ 207". 3 السير "13/ 625".

ستون رجلًا، قد حلفوا له بمكّة على الموت والقيام بالدّعوة. وآووْا إلى ذروةٍ منيعة برأس الجبل، فلم يتمّ يومهم إلّا وقد أحاط بهم عشرون ألفّا، وقالوا: إنْ لم تنزل وإلّا قتلناك ومن معك جوعًا وعطشًا. فقال: ما فعلتُ هذا إلّا خوفًا علينا وعليكم أن يملكه غيرنا، فإن تركتموني أحرسه، وإلّا نزلت إليكم. وخَدعهم، فانصرفوا عنه. ولم تمض عليه أشهر حتّى بناه وحصّنه وأتقنه، وازداد أتباعه، واستفحل أمره، وأظهر الدّعوة فيما بين أصحابه لصاحب مصر المستنصر. وكان يخاف من نجاح صاحب تهامة، ويلاطفه، ويعمل عليه، فلم يزل به حتّى سقاه سُمًّا مع جاريةٍ مليحة أهداها له في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وكتب إلى المستنصر يستأذنه في إظهار الدّولة، فإذن له. فطوى البلاد طيًّا، وطوى الحصون والتّهائم. ولم تخرج سنة خمسٍ وخمسين حتّى ملك اليمن كلَّه، حتّى أنه قال يومًا وهو يخطب في جامع الْجُنْد: في مثل هذا اليوم نخطب على منبر عَدَن. ولم يكن أخذها بعد. فقال بعض من حضر: سبُّوح قدُّوس. يستهزئ به. فأمر بالحَوْطَة عليه، وخطب يومئذٍ على منبر عدن كما قال. واتّخذ صنعاءَ كرسيَّ مملكته، وأخذ معه ملوك اليمن الذّين أزال مُلكهم، وأسكنهم معه، وبنى عدّة قصور، وطالت أيامه1. وقال صاحب "المرآة": في سنة خمسٍ وخمسين دخل الصُّليحيّ إلى مكّة، واستعمل الجميل مع أهلها، وطابت قلوبُ النّاس، ورخصت الأسعار، ودعوا له. وكان شابًا أشقر، أزرق، إذا جاز على جماعةٍ سلَّم عليهم. وكان ذكيًّا فطنًا لبيبًا، كسا البيت ثيابًا بيضاء، ودخل البيتَ ومعه الحُرّة زوجته التي خُطِب لها على منابر اليمن. وقيل: إنّه أقام بمكّة شهرًا ورحل، وكان يركب فرسًا يألف دينار، وعلى رأسه العصائب. وإذا ركبت الحُرّة ركبت في مائتي جارية، مُزيّنات بالحُلِيّ والجواهر، وبين يديها الجنائب بسُرُوج الذَّهب. قال ابن خَلِّكان: وقد حجّ في سنة ثلاثٍ وسبعين، واستخلف مكانه ولده الملك المكرَّم أحمد. فلمّا نزل بظاهر المَهْجَم وثب عليه جيّاش بن نجاح وأخوه سعيد فقتلاه بأبيهما نجاح الّذي سمّه.

_ 1 وفيات الأعيان "3/ 413".

فانذعر النّاس، وكان الأخوان قد خرجا في سبعين راجلًا بلا مركوب ولا سلاح بل مع كلّ واحدٍ جريدة في رأسها مسمار حديد، وساروا نحو السّاحل. وسمع بهم الصُليحيّ فسيّر خمسة آلاف حَرْبة من الحبشة الذين في ركابه لقتالهم فاختلفوا في الطّريق. ووصل السبعون إلى طرف مخيّم الصُّليحيّ، وقد أخذ منهم التّعب والحفا، فظنَّ النّاس أنّهم من جملة عُبَيْد العسكر، فلم يشعر بهم إلّا عبد الله أخو الصُّليحيّ، فدخل وقال: يا مولانا أركب، فهذا والله الأحول سعيد بن نجاح. وركبَ عبد الله، فقال الصُّليحيّ: إنّي لا أموت إلّا بالدُّهيم وبئر أمّ مَعْبَد. معتقدًا أنّها أمّ مَعْبَد التي نزل بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمّا هاجر. فقال له رجل من أصحابه: قاتِلْ عن نفسك، فهذه والله الدُّهيم، وهذه بئر أمّ مَعْبَد. فلمّا سمع ذلك لحِقَه زَمَع اليأس من الحياة على بغْتة وبال، ولم يبرح من مكانه حتّى قطع رأسه بسيفه، وقُتِل أخوه وأقاربه، وذلك في ذي القعدة من السنّة. ثمّ أرسل ابن نجاح إلى الخمسة آلاف فقال: إنّ الصُّليحيّ قد قُتِل، وأنا رجلٌ منكم، وقد أخذت بثأر أبي، فقدِموا عليه وأطاعوه. فقاتَلَ بهم عسكر الصُّليحيّ، فاستظهر عليهم قتْلًا وأسْرًا، ورفع رأس الصُّليحيّ على رمح، وقرأ القارىء: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] . ورجع فملك زبيد، وتِهَامَة، إلى أن عملت على قتله الحرَّة، ودبّرت عليه، وهي امرأة من أقارب الصُّليحيّ. فقُتِل سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. قال محمد بن يحيى الزَّبيديّ الواعظ: أنشدني الفقيه عبد الغالب بن الحَسَن الزَّبيديّ لنفسه بزبيد: أيُّها ذا المغرور لم يدم الدَّهـ ... ـر لعادٍ الأولى ولا لثَمُودِ نقّبوا في البلاد، واجتاب مجتا ... بهم الصَّخر، باليَفَاع المشيدِ والذي قد بنى بأيدٍ متينٍ ... إرمًا هل وراءها من مزيد؟ وقرونا من قبل ذاك ومن بعـ ... ـد جنودًا أهلكن بعد جنود والصُّليحيّ كان بالأمس ملكًا ... ذا اقتدارٍ وعدّةٍ وعديد دخل الكعبة الحرام، وزارت ... منه للشحر خافقات البنود فرماه ضحىً بقاصمة الظَّهـ ... ـر قضاء أتيح غير بعيد

وأبو الشّبل إذ يتيه بما أعـ ... ـطي من مخلبٍ ونابٍ جديد وأخو المخطم المدلَّ بنابين ... كجذعين من سقى مجود وهي قصيدة طويلة. 84- عليّ بن أحمد بن الفَرَج. أبو الحَسَن العُكْبريّ البزّاز الفقيه الحنبليّ، ويعرف بابن أخي أبي نصر1. كان مفتي عُكْبَرا وعالمها. وكان ورعًا، زاهدًا، ناسكًا، فرضيا، مقرِئًا، له محلٌّ رفيع عند أهل عُكْبَرا. سمع: أبا عليّ بن شاذان، والحسن بن شهاب العُكْبريّ. روى عنه: مكي الرُّميليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ. وتُوُفّي في ربيع الآخر. 85- عليّ بن مقلّد بن عبد الله بن كرامة. أبو الحَسَن الأَطْهَريّ، البوّاب الحاجب2. صَدوق، خيّر. سمع: محمد بن محمد بن الرُّوزبهان، والحسين بن الحَسَن الغضائريّ. روى عنه: هبة الله الكاتب، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ. تُوُفّي في ربيع الآخر. 86- عليّ بن عبد الغافر بن عليّ بن الحَسَن. أبو القاسم الخُزاعيّ النَّيسابوريّ3. حدَّث عن: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وابن مَحْمِش، وجماعة. توفّي في ثاني شوّال.

_ 1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 47". 2 وفيات الأعيان "3/ 362". 3 لم نقف عليه.

"حرف الفاء": 87- الفضل بن عبد الله بن المُحِبّ. أبو القاسم النَّيسابوري، الواعظ1. سمع: أبا الحسين الخفّاف، وتفرَّد في وقته عنه. وسمع: السّيد أبا الحَسَن العلويّ، وعبد الله بن يوسف، وابن مَحْمِش. وهو معروف بالوعظ، قد صنَّف فيه. وكان من أهل الخير والسَّداد والعلم. أثنى عليه ابن السَّمعاني فيما انتقى لولده عبد الرحيم. وممّن حدَّث عنه: سعيد بن الحسين الجوهريّ، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، ومحمد بن إسماعيل بن أحمد المقرئ، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وَمُلَيْكَة بنت أبي الحَسَن الفَنْدُورَجيّ ومحمد بن طاهر، وزاهر الشّحّاميّ، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الكَنْجَروذيّ الحِيريّ، ومحمد بن إسماعيل الشّاماتيّ، وآخرون. وبالإجازة: وجيه الشّحّاميّ، والحافظ ابن ناصر. وقال ابن طاهر: رحلت من مصر إلى نيْسابور لأجل الفضل بن عبد الله المحبّ صاحب الخفّاف، فلمَّا دخلتُ قرأتُ عليه في أوّل المجلس جزءين من حديث السّرّاج، فلم أجد لذلك حلاوة، واعتقدتُ أنّي نلْته بلا تعب؛ لأنّه لم يمتنع عليَّ، ولا طالبني بشيء، وكل حديثٍ من الجزأين يَسْوَى رحلة. "حرف الميم": 88- محمد بن حارث بن أحمد بن منيوه. أبو عبد الله السَّرقسطيّ النَّحويّ2. كان من جِلّة الأُدباء. روى عن: أبي عَمْر أحمد بن صارِم الباجيّ كثيرًا من كتب الأدب.

_ 1 السير "18/ 378". 2 الصلة "2/ 552".

أخذ عنه بغَرْناطَة: أبو الحَسَن عليّ بن أحمد المقرئ في هذا العام. وبَقِي بعده. 89- محمد بن الحَسَن بن الحسين1. أبو عبد الله المَرْوَزِيّ، الفقيه الشّافعيّ. تفقّه بمَرْو على أبي بكر القفّال. وسمع بهَرَاة من: عَمْر بن أبي سعد، وجماعة. وكان إمامًا، متفنّنًا، متقنًا، ورِعًا، عابدًا. وقيل: تُوُفّي سنة 74، فالله أعلم. 90- محمد بن الحسين بن عبد الله. أبو عليّ بن الشِّبل البغداديّ2، الشّاعر المشهور. له ديوان سائر، وقد سمع غريب الحديث من: أحمد بن عليّ بن الباديّ، وكان ظريفًا، نديمًا، مطبوعًا، رقيق الشِّعر. روى عنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن بن عبد السلام، وأبو سعد الزَّوزنيّ. وهو القائل: ما أطيبَ العَيْش في التّصابي ... لو أنّ عهد الصّبَى يدوم أو كان طِيب الشّباب يبقى ... لم يتْلُهُ الشَّيب والهموم وله: خُذْ ما تعجّل واتْرُكْ ما وُعِدْتَ به ... فِعْل الأريب فللتّأخير آفاتُ فلِلسّعادة أوقاتٌ ميسَّرة ... تُعطي السُّرور وللأَحزان أوقاتُ 91- محمد بن سلطان بن محمد بن حيُّوس3.

_ 1 ستأتي له ترجمة. 2 السير "18/ 430" وفيات الأعيان "4/ 393". 3 السير "18/ 413"، وفيات الأعيان "4/ 438".

الأمير مصطفى الدّولة أبو الفتيْان الغَنَويّ الدّمشقيّ. أحد فُحُول الشعراء، له ديوان كبير. سمع من: خاله أبي نصر بن الْجُنْديّ. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو محمد بن السَّمرقنديّ. وروى عنه من شعره: أبو القاسم النّسيب، وأبو المفضل يحيى بن عليّ القُرَشيّ. وقال ابن ماكولا: لم أدرك بالشام أشعر منه. وقال النّسيب: مولده بدمشق في سنة 394. وورد أنّ أباه كان من أمراء العرب. وقد مدح في شِعره ملوكًا وأكابر، وتُوُفّي بحلب في شعبان. ومن شِعره: طالما قلتُ للمُسائل عنهْم ... واعتِمَادي هدايةُ الضُّلاّل إنّ تُرِد عِلْمَ حالهم عن يقينٍ ... فالْقَهُمْ في مكارمٍ أو نزال تلْقَ بِيضَ الأَعْراضِ سُوَد مُثار النَّقْعِ ... خُضْرَ الأكنافِ حُمْرَ النِّضال وله: أسُكانَ نُعمان الأراك تيقَّنوا ... بأنكم في ربع قلبي سُكّانُ ودُوموا على حفْظ الوداد فطَال ما ... منينا بأقوامٍ إذا استحفظوا خانوا سلوا اللَّيل عنّي قد تناءت دياركم ... هل اكتحلت بالنّوم لي فيه أجفان وهل جرَّدت أسياف برقٍ دياركم ... فكانتْ لها إلا جفوني أجفان 92- مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بن عَبْد الرَّحْمَن. أبو سعيد الكرابيسيّ الصّفّار المؤذّن1. سمَّعه أبوه من: عبد الله بن يوسف بن ماموَيْه، وأبي عبد الرحمن السُّلميّ. روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وغيره.

_ 1 لا بأس به في عداد العلماء المستورين.

ومات في ذي الحِجّة. وروى عنه أيضًا: عبد الغافر بن إسماعيل. وسمع أيضًا من: ابن مَحْمِش، وأكثر عن السُّلميّ. وكان من الصّالحين الثّقات. روى عنه أيضًا: هبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وجامع السّقّاء، ومحمد بن منصور الكاغذِيّ بالإجازة. 93- محمد بن محمد بن عليّ. أبو الفضل العُكْبريّ المقرئ1. من نُبلاء القرّاء. قرأ عَلَى أبي الفرَجَ عبد الملك النَّهروانيّ، وأبي الحَسَن الحمّاميّ، والحسن بن محمد بن الفحّام. وأتقن القراءات. وسمع من: ابن رزقُوَيْه. وكان صدوقًا. تُوُفّي في ربيع الآخر بعُكْبَرا عن سنٍّ عالية. روى عنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأخوه. وقد حدَّث عن: ابن رزقُوَيْه، وكان ضريرًا. ويقال له: الْجَوْزَرَانيّ، بجيم ثم زاي. 94- محمد بن يحيى الهاشمي السَّرقسطيّ2. تُوُفّي في هذه الحدود. سمع بمصر: أبا العبّاس بن نفيس. وكان يحفظ صحيح البخاريّ كلّه، والموطَّأ رحمه الله. 95- محمود بن جعفر بن محمد. أبو المظفّر الأصبهاني الكَوْسَج التّميميّ3.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 434". 2 الصلة "2/ 552". 3 لم نقف عليه.

سمع من: عمّ أبيه الحسين بن أحمد الكَوْسَج، والحَسَن بْن عليّ بْن أحمد بْن سُليمان البغداديّ ثمّ الأصبهاني، وغير واحد. وسُئِل عنه إسماعيل بن محمد الحافظ فقال: عدلُ مرضيّ رحمه الله. "حرف النون": 96- نصر بن أحمد بن مزاحم الخطيب. أبو الفتح السِّمنجانيّ البلْخيّ1. سمع: أبا عليّ بن شاذان البزّاز، وغيره. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر محمد بْن عَبْد الباقي القاضي، وأبو غالب بن البنّا. وكتب عنه: أبو الفضل بن خَيْرُون مع تقدُّمه. وكان يترسّل إلى الإطراف من الدّيوان. وقد سمع ببُخَارى من: منصور بن نصر الكرْمينيّ، وغيره. 97- نصر بن المظفّر بن طاهر البُوسَنْجيّ2. أبو الحَسَن. تُوُفّي بإصبهان في رجب. "حرف الهاء": 98- هيّاج بن عُبَيْد الحِطّينيّ الزّاهد3. ورد أيضًا أنه تُوُفّي في ذي الحِجّة من هذه السّنة. وقد مرّ في سنة اثنتين.

_ 1 المنتظم "8/ 329". 2 لم نقف عليه. 3 سبق الترجمة له.

"حرف الياء": 99- يحيي بن أبي نصر الهَرَويّ1. الفقيه أبو سعد. سمع من: أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ القاضي، وأبي بكر الحِيريّ. 100- يحيى بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن. أَبُو مُحَمَّد بْن الأقساسيّ العلويّ الحُسَينيّ الكوفيّ2. روى عن: محمد بن عبد الله الجعفيّ. وعنه: ابن الطُّيوريّ، والمؤتمن الساجيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو الفضل الأرمويّ. وُلِد سنة 395 ومات سنة 73. وفيات سنة أربع وسبعين وأربعمائة: "حرف الألف": 101- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن عليّ. أبو طالب الشُّروطيّ الْجُرْجانيّ، ثمّ البغداديّ3. ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. وسمع: أباه، وبكر بن شاذان الواعظ، وأبا عليّ بن شاذان. وأوّل سماعه سنة أربع وأربعمائة من أبيه عن بِشْر الإسفرائينيّ. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، ويحيى بن الطّرّاح. وتُوُفّي في المحرَّم.

_ 1 لم نقف عليه. 2 سبق الترجمة له. 3 المنتظم "8/ 332".

102- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بن مُنْتاب1. أبو محمد بن أبي عثمان البصْريّ، ثمّ البغداديّ الدّقّاق، المقرئ. كان ثقة، مكثرًا من الحديث، مهيبًا، جليلًا. ختم عليه جماعة. سمع: أباه، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرصريّ، وأحمد بن محمد المُجْبِر، وأبا عمر بن مهديّ، وأبا أحمد الفَرَضي، والحسن بن القاسم الدّبّاس، وابن البيِّع. وعنه: مكّيّ الرُّميليّ، وهبة الله الشّيرازيّ، وعبد الغافر بن الحسين الكاشْغَرِيّ، وعَمْر الرُّؤاسيّ، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، ومحمد بن عبد الملك بن خَيْرون. ومولده سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة. قال يحيى بن الطّرّاح: أنا أبو محمد بن أبي عثمان: أنا الحَسَن بن القاسم سنة أربعمائة حضورًا، أنا أحمد وكيل أبي صخرة، فذكر حديثًا. وقال إسماعيل بن السَّمرقنديّ: سُئِل أبو محمد أخو أبي الغنائم بن أبي عثمان أن يستشهد، فامتنع، فكلِّف، فقال: أصبروا إلى غدٍ. ودخل البيت، فأصبح ميتًا رحمه الله. ومثلها حكاية نصْر بن عليّ الْجَهْضَميّ لمّا ورد عليه الكتاب بتوليته القضاء، فاستصبرهم وبات يُصلّي إلى السَّحر، فسجد طويلًا ومات. تُوُفّي أبو محمد في ذي القعدة، وشيَّعه قاضي القُضاة الدّامغانيّ، والشيخ أبو إسحاق، وخلائق، وأمَّهم أخوه أَبُو الغنائم. 103- أحمد بن محمد بن إبراهيم بن علي. أبو طاهر الخُوارَزْميّ القصار2. سمع: أبا عَمْر بن مهديّ، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرصريّ. روى عنه: ابنه محمد، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وجماعة. مات في ذي الحِجّة. وكان صحيح السَّماع، فاضلًا.

_ 1 السابق. 2 السابق.

104- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه شاهكوَيْه1. الصُّوفيّ. كأنّه إصبهانيّ. 105- أحمد بن المطهّر بن الشّيخ أبي نزار محمد بن عليّ. أبو سعْد العبْديّ العَبقسيّ الأصبهاني2. روى عن: جدّه، والحافظ أبي بكر بن مَرْدَوَيْه. 106- أَحْمَد بْن هِبَةُ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف بن صَدَقَة. أبو بكر الرحْبيّ الدّبّاس3. قِيلَ: إنّه من ولد سعد بن مُعاذ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. كان شيخًا معمَّرًا، نيَّف على المائة، ويسكن بغداد محلّة النَّصرية. سمع: أبا الحَسَين بن بِشْران، ومحمد بن الحسين القطّان. روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم السَّمرقنديّ. قال شجاع الذُّهليّ: حدَّثني غير مرّة أنّه وُلِد سنة سبعين وثلاثمائة. وقال ابن ناصر: مات أبو بكر الرَّحبيّ في رجب، وقد بلغ مائة وأربع سنين. وقال ابن النّجّار: كان يذكر أنّه سمع من أبي الْحُسَيْن بن سمعون، والمخلِّص، وأنّ أُصوله ذهبت في النَّهب. 107- إبراهيم بن عقيل بن حبش. أبو إسحاق القُرَشيّ السّاميّ النَّحويّ، المعروف بالمَكْبَرَيّ4. روى عن: عليّ بن أحمد الشّرابيّ، وعن خيثمة الأطرابلسيّ.

_ 1 لم نقف عليه. 2 انظر السابق. 3 السير "18/ 548". 4 الميزان "1/ 49".

روى عنه: الخطيب في كتاب "التلخيص". ضعفه ابن الأكفانيّ، واطّلع عليه بتركيب سندٍ مستحيلٍ للنَّحو. 108- أرسلان تكين بن ألْطُنْطَاش. أبو الحارث التُّركيّ1. ببغداد. ويُعرف أبوه بسيف المجاهدين. روى عن: أبي عليّ بن شاذان. وعنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ. مات في جُمَادَى الأولي. "حرف الحاء": 109- الحسين بن عبد الرحمن بن عليّ الْجُنَابَذِيّ. أبو عليّ الفقيه2. حدَّث عن: ابن مَحْمِش، وأبي إسحاق الإسْفَرائينيّ، والحيريّ. ومات رحمه الله بنَيْسابور. 110- الحسين بن علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن محمود. أبو بكر النَّيسابوريّ الحاكم الحنفيّ الدّهّان3. من أعيان مذهبه. روى عن: أبي الحَسَن بن عَبْدان، وجماعة من أصحاب الأصمّ. وتُوُفّي في ذي الحِجّة. 111- حَمْدُ بنُ عبد العزيز. أبو القاسم الأصبهانيّ المعدّل4.

_ 1 لم نقف عليه. 2، 3 لم نقف عليه. 4 انظر السابق.

حدَّث في هذه السّنة عن: أبي عبد الله الْجُرْجانيّ. روى عنه: مسعود الثّقفيّ، والحسن بن العبّاس الرُّستميّ. 112- حَمْد بن محمد بن أحمد بن العبّاس. أبو عبد الله الأسديّ الزُّبيديّ الآمُليّ1. ولي القضاء والرئاسة بآمُل، وطَبَرسْتان سِنين. وكان من رجال الدَّهر رأيا وكفاءة. وصاهر نظام الملك. وكان يلقَّب بناصر السُّنَّة. روى عن: أبيه، وناصر العُمريّ، وأبي محمد الْجُوَيْنيّ. وتُوُفّي في ربيع الأوّل، وله بضعٌ وخمسون سنة. "حرف الدال": 113- دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيَد الأسديّ2. نور الدّولة أمير عرب العراق. كان نبيلًا، جوادًا، ممدَّحًا، بعيد الصِّيت. عاش ثمانين سنة، ومات في شوّال فرثاه الشُّعراء فأكثروا. وولي بعده ابنه بهاء الدّولة أبو كامل منصور، فسارَ إلى السّلطان، وخلع عليه الخليفة أيضًا، وأعطاه الحلَّة كأبيه. "حرف السين": 114- سعْد بن محمد بن يحيى. أبو المظفّر الجوهريّ الأصبهاني، المؤدَّب الضرير3. حدَّث أيضًا في هذه السّنة عن عثمان البرجيّ.

_ 1 طبقات الشافعية "3/ 164" للسبكي. 2 السير "18/ 557". 3 لم نقف عليه.

وعنه: مسعود، والرُّستميّ. وهو أخو سعيد شيخ السّاميّ. 115- سُليمان بن خَلَف بن سعْد بن أيّوب بن وارث. الإمام أبو الوليد التُّجيبي القُرْطُبيّ الباجيّ1. صاحب التصانيف. أصله بَطَلْيُوسيّ، وانتقل آباؤه إلى باجة، وهي مدينة قريبة من إشبيلية. وُلد في ذي القعدة سنة ثلاثٍ وأربعمائة. أخذ عن: يونس بن عبد الله بن مغيث، ومكّيّ بن أبي طالب، ومحمد بن إسماعيل، وأبي بكر محمد بن الحَسَن بن عبد الوارث، وجماعة. ورحل سنة ستٍّ وعشرين، فجاوَرَ ثلاثة أعوام. ولزِم أبا ذرٍّ، وكان يروح معه إلى السَّراة، ويتصرف في حوائجه، وحمل عنه عِلمًا كثيرًا. وذهب إلى بغداد، فأقام بها ثلاثة أعوام. وأظنه قدِمها من على الشّام؛ لأنّه سمع بدمشق أبا القاسم عبد الرحمن بن الطُّبيز، وعليّ بن موسى السِّمسار، والحسين بن جُمَيْع. وسمع ببغداد: أبا طالب عَمْر بن إبراهيم الزُّهريّ، وعبد العزيز الأَزَجيّ، وعُبَيْد الله بن أحمد الأزهريّ، وابن غَيْلان، والصُّوريّ، وجماعة. وأخذ الفقه عن: أبي الطّيِّب الطَّبريّ، وأبي إسحاق الشّيرازيّ. وأقام بالموصل على أبي جعفر السمِّنانيّ سنةً يأخذ عنه علم الكلام والأصول. وأخذ أيضًا عن القاضي: أبي عبد الله الحسين بن علي الصَّيمريّ الحنفيّ، وأبي الفضل بن عَمْرُوس المالكيّ، وأحمد بن محمد العَتِيقيّ، وأبي الفتح الطَّناجيريّ، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمةً، وطبقتهم.

_ 1 السير "18/ 535".

حتّى برع في الحديث وبرز فيه على أقرانه، وأحكم الفقه وأقوال العلماء. وتقدَّم في علم النظر بالكلام. ورجع إلى الأندلس بعد ثلاث عشرة سنة بعلومٍ كثيرة. روى عنه: الحافظ أبو بكر الخطيب، والحافظ أبو عمر بن عبد البَرّ، وهما أكبر منه، ومحمد بن أبي نصر الحُمَيْدِيّ، وعليّ بْن عَبْد اللَّه الصّقلّيّ، وأَحْمَد بْن عَلِيّ بن غَزْلُون، وأبو عليّ بن سكَّرة الصَّدفيّ، وابنه العلّامة الزّاهد أبو القاسم أحمد بن سُليمان، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد القاضي، وأبو بكر محمد بن الوليد الطُّرطوشيّ، وابن شبرين القاضي، وأبو عليّ بن سهل السَّبتي، وأبو بحر سُفيان بن العاص، ومحمد بن أبي الخير القاضي، وآخرون. وتفقَّه به جماعة كثيرة. وكان فقيرًا قانعًا، خَدَم أبا ذر بمكّة1. قال القاضي عياض: وأجَّر نفسه ببغداد لحراسة درب. وكان لمّا رجع إلى الأندلس يضرب ورق الذَّهب للغزْل، ويعقد الوثائق. وقال لي أصحابه: كان يخرج إلينا للقراءة عليه، وفي يده أثَرُ المِطْرقة، إلى أن فشا عِلْمُه، وهُنّيَت الدنيا به، وعظُم جاهه، وأُجْزِلَت صِلاتُه، حتّى مات عن مالٍ وافر. وكان يستعمله الأعيان في التَّرسُّل بينهم، ويقبل جوائزهم. وولي قضاء مواضع من الأندلس. صنَّف كتاب "المُنْتَقَى" في الفقه، وكتاب "المعاني" في شرح الموطّأ، عشرين مجلّدًا، لم يؤلَّف مثله. وكان قد صنَّف كتابًا كبيرًا جامعًا بلغ فيه الغاية سمّاه كتاب "الاستيفاء"، وصنَّف كتاب "الإيماء" في الفقه، خمس مجلَّدات، وكتاب "السراج في الخلاف". لم يتمَّم، و"مختصر المختصر" في مسائل المدوَّنة، وكتاب "اختلاف الموطآت"، وكتاب "الجرح والتعديل"، وكتاب "التّسديد إلى معرفة التّوحيد" وكتاب "الإشارة" في أُصُول الفقه، وكتاب "إحكام الفصول في أحكام الأصول"، وكتاب "الحدود"، وكتاب "شرح المنهاج"، وكتاب "سُنن الصّالحين وسُنن العابدين"، وكتاب "سُبُل المهتدين"، وكتاب "فرق الفقهاء"، وكتاب "تفسير القرآن"، لم يتمّه، وكتاب "سُنَن المنهاج وترتيب الحجّاج".

_ 1 ترتيب المدارك "4/ 802".

ابن عساكر: حدَّثني أبو محمد الأشِيريّ: سمعتُ أبا جعفر بن غَزْلُون الأُمَويّ الأندلسيّ: سمعتُ أبا الوليد الباجيّ يقول: كان أبي من تجّار القَيْروان من باجة القيروان، وكان يختلف إلى الأندلس ويجلس إلى فقيهٍ بها يقال له: أبو بكر بن سماح، فكان يقول: تُرى أرى لي ابنًا مثلك؟ فلمّا أكثر من ذلك القول قال: إنْ أحببت ذلك فاسكُنْ قُرْطُبة، والزَمْ أبا بكر القَبْريّ، وتزوج بنته، عسى أن تُرزق ولدًا مثلي. ففعل ذلك، فجاءه أبو الوليد، وآخر صار صاحب صلاة، وثالثُ كان من الغزاة. وقال أبو نصر بن ماكولا: أمّا الباجيّ ذو الوزارتين أبو الوليد سُليمان بن خَلَف القاضي، فقيه، متكلم، أديب، شاعر، رحل وسمع بالعراق، ودَرَس الكلام على القاضي السِّمنانيّ، وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي، ودرس وصنَّف. وكان جليلا رفيع القدر والخطر. توفي بالمرية من الأندلس، وقبره هناك يزار. وقال أبو علي بن سكَّرة: ما رأيت أحدًا على سمته وهيبته وتوقير مجلسه مثل أبي الوليد الباجي. ولما كنت ببغداد قدم ولده أبو القاسم، فسرت معه إلى شيخنا قاضي القضاة أبي بكر محمد بن المظفر الشامي، وكان ممن صحبه أبو الوليد الباجي قديما، فلما دخلت عليه قلت له: أدام الله عزَّك، هذا ابن شيخ الأندلس. فقال: لعلّه ابن الباجي؟ قلت: نعم. فأقبل عليه. وقال عياض القاضي: حَصَلت لأبي الوليد من الرؤساء مكانة، وكان مخالطًا لهم، يترسَّل بينهم في مهِم أمورهم، ويقبل جوائزهم. وهم له في ذلك على غاية التِّجلَّة، فكثُرت القالة فيه من أجل هذا. وولي قضاء مواضع من الأندلس تصغُر عن قدره كأوريُولة وشبهها، فكان يبعث إليها خلفاء، وربما أتاها المرَّة ونحوها. وكان في أول أمره مقلا حتى احتاج في سفره إلى القصد بشعره، واستئجار نفسه في مقامه ببغداد فيما سمعته مستفيضا لحراسة درب، فكان يستعين بإجارته على نفقته وبضوئه على دراسته، وكان بالأندلس يتولى ضرب ورق الذهب للغزال والأنزال، ويعقد الوثائق.

وقد جمع ابنه شعره. وكان ابتدأ كتابا سماه "الاستيفاء" في الفقه، لم يضع منه غير الطهارة في مجلَّدات. قال عياض: ولما قدم الأندلس وجد بكلام ابن حزم طلاوة إلّا أنّه كان خارجًا عن المذهب، ولم يكن بالأندلس مَن يشتغل بعلمه، فقَصُرت أَلْسِنةُ الفقهاء عن مجادلته وكلامه، واتَّبعه على رأيه جماعةٌ من أهل الجهل، وحلّ بجزيرة مَيُورقَة، فَرَأس فيها، واتَّبعه أهلّها. فلّما قدِم أبو الوليد كلِّم في ذلك، فدخل إلى ابن حزْم وناظَرَه، وشهرَ باطلَه، وله معه مَجَالس كثيرة. ولمّا تكلَّم أبو الوليد في حديث البخاريّ ما تكلَّم من حديث المقاضاة يوم الحُدَيْبية، وقال بظاهر لفظه، أنكرَ عليه الفقيه أبو بكر بن الصّائغ وكفّره بإجازته الكَتْبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الآي، وأنّه تكذيبٌ للقرآن، فتكلَّم في ذلك مَن لم يفهم الكلام، حتّى أطلقوا عليه الفتنة، وقبّحوا عند العامة ما أتى به، وتكلّم به خطباؤهم في الجمع. وفي ذلك يقول عبد الله بن هند الشّاعر قصيدة منها: بَرئتُ ممّن شَرَى دُنْيا بآخِرةٍ ... وقال: إنّ رسولَ الله قد كَتَبَا فصنَّف أبو الوليد في ذلك رسالةً بيَّن فيها أن ذلك لا يقدح في المعجزة، فرجع جماعة بها. ومن شعره: قد أفلح القانتُ في جُنْح الدُّجى ... يتلو الكتابَ العربيَّ النيِّرا له حنينٌ وشهيقٌ وبُكا ... بيلَ من أَدْمُعِهِ تُرَب الثَّرا إنّا لسفرٌ نبتغي نَيْل المَدَى ... ففي السُّرا بُغْيتُنا لا في الكَرَى مَن ينصَبِ اللّيلَ يَنَلْ راحتَه ... عند الصّباح يَحْمَدُ القَومُ السُّرا وله: إذا كنت أعلمُ عِلْمًا يقينًا ... بأنّ جميعَ حياتي كساعَة فلِمْ لا أكون ضنينًا بها ... وأجعلها في صلاح وطاعة؟ وله يرثي أمَّه وأخاه رحمهما الله تعالى: رعى اللهُ قبرَيْن استكانا ببلدةٍ ... هما أسكناها في السّواد من القلب

لئن غيِّبا عن ناظري وتبوَّءا ... فؤادي لقد زاد التباعد في القُرب يقرُّ بعيني أن أزور رباهما ... وألزق مكنون التّرائب بالتُّرب وأبكي، وأبكي ساكنيها لعلّني ... سأنجد من صحبٍ وأسعد من سحب فما ساعدت ورق الحمام أخا أسي ... ولا روَّحت ريح الصَّبا عن أخي كرب ولا استعذبت عيناي بعدهما كرى ... ولا ظمئت نفسي إلى البارد العذب أحنُّ ويثني اليأس نفسي على الأسى ... كما اضطُّرّ محمولٌ على المركب الصَّعب وله: إلهي، قد أفنيت عمري بطالة ... ولم يثنني عنها وعيدٌ ولا وعد وضيَّعته ستين عامًا أعدُّها ... وما خير عمر إنما خيره العدُّ وقدمت إخواني وأهلي، فأصبحوا ... تضمُّهم أرضٌ ويسترهم لحد وجاء نذير الشيب لو كنت سامعًا ... لوعظ نذير ليسٍ من سمعه بدُّ تلبست بالدنيا، فلمّا تنكرت ... تمنيت زهدًا حين لا يمكن الزُّهد وتابعت نفسي في هواها وغيهِّا ... وأعرضت عن رشدي وقد أمكن الجهد ولم آت ما قدمته عن جهالةٍ ... يمكنني عذرٌ ولا ينفع الجحد وها أنا من ورد الحمام على مدى ... أراقب أن أمضي إليه وأن أعدو ولم يبق إلّا ساعة إنّ أضعتها ... فما لي في التوفيق نقدٌ ولا وعد قال ابن سكَّرة: تُوُفّي بالمَريّة لتسع عشرة ليلة خَلَت من رجب. ذكره ابن السّمعانيّ فقال: باجة بين إشبيلية وشنترين من الأندلس. وذكر ابن عساكر في تاريخه أنّ أبا الوليد قال: كان أبي من باجة القيروان تاجرًا، كان يختلف إلى الأندلس. وهذا أصحّ. "حرف العين": 116- العبّاس بن محمد بن عبد الواحد بن العبّاس. أبو الفضل الدّارانيّ1.

_ 1 لم نقف عليه.

إصبهانيّ. تُوُفّي في صَفَر. 117- عبد الله بن عبد العزيز بن الشدّاد. بغداديّ1. سمع من: أبي الحَسَن بن رزقُوَيْه، ومحمد بن فارس الغُوريّ. روى عنه: قاضي المرستان، وعبد الوهّاب الأنماطيّ. وكان صدوقًا. 118- عبد الرحمن بن منصور بن رامش الزّاهد. أبو سعْد الدَّينوريّ، نزيل نَيْسابور2. سمع: أباه، وأبا طاهر بن مَحْمِش، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، والحاكم أبا عبد الله، جماعة. وكان ثقة، صوفيًّا، نبيلًا، رئيسًا، كثير الكتابة. روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وعبد الغافر الفارسيّ. تُوُفّي في شعبان. 119- عبد القاهر بن عبد الرحمن. أبو بكر الْجُرْجانيّ3. قيل: تُوُفّي فيها. وقد مرّ. 120- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ. أَبُو القاسم البسريّ البغداديّ البندار4. والد الحسين.

_ 1 لم نقف عليه. 2 انظر السابق. 3 سبق الترجمة له. 4 السير "18/ 402، 403".

قال أبو سعْد السَّمعانيّ: كان شيخًا صالحًا، ثقة فهمًا، عالمًا، عُمّر، وحدَّث بالكثير، وانتشرت عنه الرواية. سمع: أبا طاهر المخلّص، وأبا أحمد الفَرَضيّ، وأبا الحَسَن بن الصَّلت المُجْبر، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرصريّ، وأبا عمر بن مهديّ، وجماعة. وأجاز له: نصر بن أحمد بن الخليل المُرجي، وأبو عبد الله بن بطّة؛ وأبو الحَسَن محمد بن جعفر التّميميّ. وكان حسن الأخلاق متواضعًا، ذا هَيْبَة ورُواء. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا. قال أبو سعْد: وسألت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ عنه، فأثنى عليه وقال: شيخ ثقة. وسأله الخطيب عن مولده فقال: في صفر سنة ستًّ وثمانين وثلاثمائة. روى عنه: أبو الفضل محمد بن المهتديّ بالله، وعليّ بن طِراد الزَّينبيّ، وإسماعيل بن أحمد السَّمَرْقَنديّ، والزاهد يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو منصور موهوب الجواليقيّ، والإمام أبو الحَسَن عليّ بن الزّاغونيَّ، وأخوه أبو بكر محمد، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، والحافظ عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو القاسم سعيد بن البنا، وأبو الفضل محمد بن ناصر، ونصر بن نصر العُكْبريّ، وخلْق كثير. وآخر من روى عَنْهُ بالإجازة، والله أعلم، أبو المعالي بن اللّحّاس. وتُوُفّي في سادس رمضان. 121- عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد0 أَبُو الحَسَن البغداديّ الصابونيّ1. سمع: أبا عَمْر بن مهديّ. روى عنه: عَبْد الوهاب الأَنْماطيّ. وتُوُفّي -رحمه اللَّه- فِي ذي الحِجّة.

_ 1 لم نقف عليه.

"حرف القاف": 122- قُتَيْبة بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عثمان بن عبد الله. أبو رجاء العثماني النَّسفيّ الحافظ، نافلة أبي العبّاس المستغفريّ1. سمع الكثير بسَمَرْقَنْد، وأملى بها وبنَسَف مجالس كثيرة. روى عنه: المستغفريّ، وعبد الملك بن القاسم، وطائفة. قال عمر بن محمد النَّسفيّ في كتاب "القند": مولده سنة تسعٍ وأربعمائة، وهو أوّل من سمعت منه، أملى علينا في صفر من السّنة. وتُوُفّي في ربيع الآخر. "حرف الميم": 123- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن فارس: أبو عبد الله الشّيرازيّ الكاغَذِيّ. كان له دُكّان يبيع فيها الكُتُب ببغداد. وكان ظاهريّ المذهب. ولد سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة بشيراز. وسمع بها من: عبد الرحمن بن محمد الرّشيقيّ. وبمصر من: ابن نظيف الفرّاء. وبدمشق من: الحسين بن محمد الحلبيّ. روى عنه: أبو الحسين بن الطُّيوريّ، وأبو بكر قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، ومحمد بن القاسم بن المظفّر الشَّهرزوريّ. قال شجاع بن فارس: كان غير ثقة. وقال ابن ناصر: سَّمع لنفسه. وقال أحمد بن خيرون: تُوُفّي في نصف المحرَّم. وحدَّث عن أبي القاسم بن بِشْران. قال: وقيل: إنّه حدَّث عن أبي حيّان التّوحيديّ، ولم يكن له عنه ما يعوَّل عليه.

_ 1 انظر السابق.

124- محمد بن الحَسَن بن الحسين. أبو عبد الله المروزيّ المهربندقشائيّ1. نسبة إلى قريةٍ على بريدٍ من مَرْو. كان إمامًا ورعًا، عابدًا، فقيهًا، مُفْتيا. سمع الكثير، وتفقّه على أبي القفّال. وسمع منه، ومن مسلم بن الحَسَن الكاتب، ومحمد بن محمود السَّاسجرديّ. ورحل إلى هَرَاة، فسمع: أبا الفضل عمر بن إبراهيم بن أبي سعد، وأبا أحمد محمد بن محمد المعلّم، وأحمد بن محمد بن الخليل. روى عنه: محمد بن أبي ناصر المسعوديّ، ومحمد بن أبي النَّجم البزّاز، ومُصْعَب بن عبد الرزّاق، وعبد الواحد بن أبي عليّ الفارْمَذِيّ، وآخرون. تُوُفّي في سنة أربعٍ. وقيل: سنة ثلاثٍ، وقد ذكرته فيها مختصرًا. 125- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرَّحِيم بن أحمد بن العجوز. الفقيه أبو عبد الله الكُتَاميّ السَّبتيّ2. من كبار فُقهاء المالكيّة، وعليه وعلى ابن الثُّريا كانت العُمدة في الفتوى. أخذ عن أبي إسحاق التُّونسيّ بالقيروان. وكانت بينه وبين المذكور وبين حمّود مطالبات ومشاحنات، جرت عليه منها محنة بسبب كلمةٍ قالها. وذلك أنّه خطب الخطيب، فقال: "وأعدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ من عدَّة". فقال النّاس: أخطأ الخطيب، أبدل مكان "قوَّة" "عدَّة". فقال هو: الوزن واحد. فقيل: كَفَر. وأفتى عليه أولئك الفُقهاء بالاستتابة، فسُجن؛ ثمّ أخرج، فرحل إلى فاس، فولاه أمير المؤمنين ابن تاشفين قضاء فاس، فأحسن السيرة. تفقه عليه أبو عبد الله بن عيسى التّميميّ، والفقيه أبو عبد الله بن عبد الله. تُوُفّي في رمضان، وخلّف ثلاثة أولاد: عبد الرحمن وهو فقيههم وكبيرهم، وعبد الله، وعبد الرّحيم.

_ 1 معجم البلدان "5/ 233". 2 السير "18/ 551".

126- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن جُولة. أبو بكر الأبْهَريّ الأصبهاني المؤدَّب1. روى عن: محمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ. وعنه: مسعود الثّقفيّ. تُوُفّي في حدود هذا العام. 127- محمد بن محمد بن أحمد. أبو جعفر الشاماتيّ النَّيسابوريّ الأديب2. سمع: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبا طاهر بن مَحْمِش، وأبا عبد الرَّحمن السُّلميّ. روى عنه: الحافظ عبد الغافر وقال: شيخ فاضل، عفيف. تخرَّج به جماعة من المتأدّبين، وله الخَطّ المنسوب المشهور بالحسن، والحظّ الوافر في التّأديب. وروى عنه: وجيه الشحامي، وأبو نصر الغازي. أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنا إسماعيل بن عثمان كتابةً: أنا وجيه بن طاهر حضورًا: أنا أبو جعفر محمد بن محمد، أنا أبو عبد الرحمن السُّلميّ: نا جدّي إسماعيل بن نُجَيْد قال: سمعتُ أبا بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيْمَة، وسُئِل هل تكفّر من قال: القرآن مخلوق؟ قال: نعم. ولِمَ لا أُكفّره وقد سمعتُ المُزَنّي، والربيع يقولان: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر. وقالا: سمعنا الشّافعيّ يقول: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر. ثمّ قال: وما لي لا أكفّره وقد كفّره مالك، وابن أبي ذئب قالا: مَن قال: القرآن مخلوق لا يُستتاب، بل يُقتل، فإنه كفرٌ به وارتداد. 128- محمد بن محمد بن المختار. أبو الفتح الواسطيّ النَّحويّ3. أخذ عن: أبي القاسم بن كردان، وأبي الحسن بن دينار.

_ 1 المشتبه "1/ 274". 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 معجم الأدباء "19/ 5".

وسمع من: أبي الحَسَن بن عبد السلام بن عبد الملك البزّاز، ومحمد بن أحمد السَّقطيّ. وكان حَسَن الفَهْم، متيقظًا في الشّهادة. عاش تسعين سنة. قاله خميس الحَوْزيّ. 129- محمد بن مكّيّ بن أبي طالب بن محمد بن مختار1. أبو طالب القَيْسيّ القُرْطُبيّ. روى الكثير عن أبيه، وعن: يونس بن عبد الله القاضي، وأبي القاسم بن الإفليليّ. وولي إمامة جامع قُرْطُبة، وأحكام السُّوق. وكان عالمًا، مشكور السّيرة. توفّي في المرَّم عن ستين سنة. 130- محمد بن يحيى بْن إبراهيم بْن محمد بْن يحيى بن سخْتَوْيه2. أبو بكر المزكّى النَّيسابوريّ، المحدَّث ابن المحدَّث أبي زكريّا بن المزكّى أبي إِسْحَاق. قال عبد الغافر الحافظ: هو من أظراف المشايخ الذين لقيناهُم، وأكثرهم سماعًا وأُصوُلًا. جمع لنفسه فبلغ عدد شيوخه خمسمائة شيخ. وكان يروي عن نحوٍ من خمسين من أصحاب الأصَمّ. وأكثر عَن أبيه، وعن أبي عبد الرحمن السُّلميّ. وأملى ببغداد، فحضر مجلسه القاضي أبو الطّيّب الطَّبريّ، وحضره أكثر من خمسمائة محبرة. وأوصى لي بعد وفاته بالكُتُب والأجزاء. وقال أبو سعْد السَّمعانيّ: كان من أظرف الشيوخ وأرغبهم في التّجمُّل والنظافة، وأحفظهم لأيّام المشايخ.

_ 1 الصلة "2/ 552". 2 السير "18/ 398".

خرج إلى الحجّ، وبقي بالعراق وغيرها نحوًا من عشرين سنة، ثمّ رجع إلى نيسابور وأملى، ورزق الرواية، ومتِّع بما سمع. سمع: أبا عبد الله الحاكم، وعبد الله بن يوسف، ومحمد بن محمد بن مَحْمِش، والسُّلميّ. ثنا عنه: وجيه الشّحّاميّ، وهبة الرحمن القُشَيْريّ، وأبو نصر الغازي. وقال الخطيب في ترجمته في تاريخه: أنا محمد بن يحيى، نا عبد الرحمن بن بالويه: نا محمد بن الحسين القطّان، ثنا قطن، فذكر حديثًا. وقع لنا عاليًا في مجلس ابن مالويه هذا. قال السّمعانيّ: كان الخطيب متوقفًا فيه، فإنّه قال: كتبتُ عنه، ثمّ عاد إليّ بعد ستّ سنين، فحدَّث عن الحاكم، ولم يكن حدَّث فيما تقدَّم. ولم نر له أصلًا، وإنما كان يروي من فروع. وتُوُفّي في رجب وله ثمانون سنة. "حرف الياء": 131- يعقوب بن أحمد. أبو سعْد الأديب النَّيسابوريّ1. من علماء العربيّة. روى عن: أبي بكر الحِيريّ وغيره. روى عنه: وجيه الشّحّاميّ. وتُوُفّي في رمضان. قال: عبد الغافر فيه: أستاذ البلد في العربيّة واللّغة، كثير التصانيف والتلامذة. تلمذ للحاكم أبي سعيد بن دُوسْت، وقرأ عليه الأصول. وقرأ الحديث الكثير على المشايخ. وأفاد أولاده.

_ 1 بغية الوعاة "2/ 347".

وحدَّث عن: أبي القاسم السّرّاج، وابن فَنْجُوَيْه، وطبقة أصحاب الأصمّ. ثمّ روى عنه عبد الغافر حديثًا. 132- يونس بن أحمد بن يونس. أبو الوليد الأزْديّ الطُّليطليّ. ويُعْرَف بابن شَوْقَةْ1. روى عن: قاسم بن هلال، وأبي عمر بن سُمَيْق، وجماهر بن عبد الرحمن. وكان خيِّرًا، فاضلًا، زاهدًا، له بصرٌ بالفِقه، وتصرُّف في الحديث، وفيه مروءة. توفّي بمجريط. وفيات سنة خمس وسبعين وأربعمائة: "حرف الألف": 133- أحمد بن الحَسَن المانْدكانيّ. أبو نصْر الأصبهاني المعروف بالقاضي2. تُوُفّي فِي شوّال. أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن حَسْنَوَيْه. أبو نصر الخُراسانيّ. سمع: أبا بكر الحِيريّ، والصَّيرفيّ، والطّرازيّ. "حرف الباء": 135- بُديل بن عليّ بن بُديل. أبو محمد البَرْزَنْديّ الشّافعيّ3. سكن بغداد، وتفقه، وسمع من: أبي الطيّب الطّبريّ، والبرمكيّ. وكتب الكثير.

_ 1 الصلة "2/ 687". 2 معجم البلدان "5/ 44". 3 معجم البلدان "1/ 382".

روى عن: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو العزّ بن كادش، وجماعة. صالح، خيِّر، من أهلِ السُّنّة. قال ابن خَيْرُون: مات في جُمَادَى الآخرة. 136- بكر بن محمد بن أبي سهل السُّبعيّ الصُّوفيّ1. أَبُو عليّ النَّيسابوريّ. حدَّث ببغداد عن: أَبِي بكر الحيري. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ. وكان جدّه مثريًا فوقف سبع أملاكه، فلذا قيل له: السُّبعيّ. توفّي ببغداد. "حرف الجيم": 137- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد القرطبي، ثم الطُّليطليّ2. أبو أحمد. قرأ القرآن على أبي المطرِّف عبد الرحمن بن مروان القنازعي، وسمع منه الكثير في سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وقرأ الأدب على: قاسم بن محمد المرواني، وحكم بن منذر. وأخذ أيضا عن: أبي محمد بن عباس الخطيب، وغير واحد. قال ابن بشكوال: وكان ثقة فيما رواه، فاضلا منقبضا. سمع الناس منه. وأخذ عنه أبو علي الغساني، وأنبا عنه محمد بن أحمد الحاكم وقال لي: قتل بداره ظلما ليلة عيد الأضحى، ومولده سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائةٍ. قلت: هذا من مسندي الأندلس في عصره، وشيخه القنازعيّ قرأ على الأنطاكيّ.

_ 1 الأنساب "7/ 31". 2 الصلة "1/ 129".

"حرف الحاء": 138- الحَسَن بنِ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حمُّويه. أَبُو عليّ النَّيسابوريّ، الصّفّار الفقيه1. سمع: أبا بكر الحِيريّ. وعنه: زاهر الشّحّاميّ، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحِيريّ، وغيرهما. مات فِي صَفَر. 139- الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ2. أبو عَبْد الله بن عريبة الرَّبعيّ، والد أبي القاسم عليّ. سمع مع ولده من: أبي الحَسَن بن مَخْلَد البزّاز. روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر محمد بْن عَبْد الباقي. وتُوُفّي في ذي الحِجّة. 140- حَمْد بن الفضل بن أحمد بن منصور الرّازيّ3. الفقيه. تُوُفّي في ربيع الآخر. "حرف الخاء": 141- خَلَف بن محمد بن جعفر. أبو القاسم الأندلسيّ4. من أهل المريَّة. حجّ، وأخذَ عن: أبي عِمران الفاسيّ، وأبي ذرّ عبد بن أحمد.

_ 1 لم نقف عليه. 2 انظر السابق. 3 لم نقف عليه. 4 الصلة "1/ 171".

روى عنه: أبو جعفر بن أحمد بن سعيد. ولي خَطَابة بلده. وعاش ثمانين سنة. "حرف السين": 142- سهل بن عبد الله بن علي. أبو الحَسَن الغازي الأصبهاني الزّاهد1. سمع: عثمان بن أحمد البُرْجيّ، ومحمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ، وابن مَرْدَوَيْه. روى عنه: مسعود الثقفيّ، وأبو عبد الله الرُّستميّ. مات في ربيع الآخر. "حرف العين": 143- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن أبي الحسين. أبو الحسين النَّيسابوريّ الشّاماتيّ، الأديب2. سمع من: أبي الحسين بن عبد الغافر، وغيره. وأدَّب بالعربيّة بنيسابور، وصنَّف شرحًا لديوان المتنّبي، وشرحًا للحماسة، وشرحًا لأمثال أبي عُبَيْد، وغير ذلك. وتُوُفّي في رابع عشر رجب. 144- عبد الله بْن مفوَّز بْن أَحْمَد بْن مفوَّز3. أبو محمد المَعَافِريّ الشّاطبيّ. روى الكثير عن أبي عمر بن عبد البَرّ، ثمّ زهَدَ فيه لصُحْبته السّلطان. وروى عن: أبي تمّام القُطينيّ، وأبي العبّاس العذْريّ. وكان رحمه الله مشهورًا بالعِلْم والزُّهد. وهو أخو الحافظ طاهر.

_ 1 لا بأس به. 2 بغية الوعاة "2/ 32". 3 الصلة "1/ 284".

145- عبد الوهّاب بْن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بن محمد بن يحيى بن مَنْدَهْ1. أبو عمرو العَبْديّ الأصبهاني. وكان أصغر من أخويه عبد الرحمن، وعُبَيْد الله. وكان حسن الأخلاق، متواضعًا، رحيمًا باليتامى والأرامل، حتّى كان يقال له: أبو الأرامل. وسمع الكثير من والده، وسمع من: إبراهيم بن خرَّشيد قوله، وأبي عمر بن عبد الوهّاب، وأبي محمد الحسن بن يَوَه. وسمع بمكّة الحَسَن بن أحمد بن فِراس. ووقع لنا أجزاء من حديثه. وروى بالإجازة عن أبي الحسين الخفّاف القَنْطَرِيّ، وأبي عبد الله الحاكم، وجماعة. وحديثه في هذا الوقت بالإجازة من العوالي. روى عنه: إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، ومحمد بن طاهر، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأخوه خالد بن عمر، وأبو سعْد البغداديّ، وأحمد بن محمد بن أحمد بن الفتح الْفيج، والحسن بن العبّاس الرُّستميّ، وأبو الخير محمد بن أحمد بن الباغْبان، ومسعود بن الحَسَن الثّقفيّ، وآخرون. ورحل النّاس إليه من البلدان. قال أبو سعْد السَّمعانيّ: رأيتُ النّاس بإصبهان مُجْمِعِين على الثناء عليه والمدْح له. وكان شيخنا إسماعيل الحافظ كثير الثناء عليه والرواية عنه. وكان يفضله على أخيه أبي القاسم. وقال ابنه أبو زكريّا يحيى: تُوُفّي ليلة تاسع عشر من جُمَادَى الآخرة. قرأتُ على فاطمة بنت سُليمان، وغيرها، عن محمود بن إبراهيم، أنّ أبا الخير محمد بن أحمد أخبرهم: أنبا عبد الوهّاب بن محمد: ثنا أبي: سمعتُ الحسين بن عليّ النَّيسابوريّ: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمة يَقُولُ: دخلَ إليَّ جماعة من الكُلابية، وسماهم بأسمائهم، قال: فقلت لهم: إنْ كان كما تزعمون أنّ الله لم يكن

_ 1 السير "13/ 676، 677" طبعة التوفيقية، والبداية والنهاية "12/ 123".

خالقًا حتّى خلق الخلْق، فأنتم تزعمون أن الله ليس بالآخر، والله يقول: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: 3] ، وأنّه ليس بمالِك يوم الدين؛ لأنّ يوم الدّين يوم القيامة. فبُهِتوا ورجعوا. وقال السِّلفيّ: سألت المؤتمن السّاجيّ، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ فقال: لم أرَ شيخًا أَقْعَدَ منه وأثبتَ منه في الحديث. قرأت عليه إلى أن فاضت نفْسُه، ولم أُفْجَع بموت شيخٍ لقيتُهُ كما فجعت به رحمه الله. 146- عليّ بن عبد الملك بن محمد بن عَمْر بن إبراهيم بن بِشْر. أبو الحَسَن الحفصيّ1. من أهل إسْتِراباذ. قدِم بغداد، وسمع من: هلال الحفّار، وغيره. وحدَّث بإسْتِراباذ. سمع منه: محمد بن طاهر، وعبد الله بن أحمد السَّمرقنديّ، ومحمد بن أبي عليّ الهَمَذانيّ. وُلِد سنة ستٍّ وتسعين وثلاثمائة. وتُوُفّي بإسْتِراباذ. 147- عليّ بن هبة الله بن ماكولا2. الحافظ. يقال: إنّه قُتِل فيها. وسيأتي في سنة سبعٍ وثمانين. "حرف القاف": 148- قُتَيْبة بن سعْد بن محمد البقّال3. تُوُفّي بكَرْمان.

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "18/ 569"، والبداية والنهاية "12/ 123". 3 تاريخ بغداد "9/ 114".

"حرف الميم": 149- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ. أبو بكر السَّمْسار1. إصبهانيّ، مُسْنِد. سمع: إبراهيم بن خرَّشيد قوله، وجعفر بن محمد بن جعفر، وأبا الْفَضْلِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيُّ، وغيرهم. روى عنه: أبو عبد الله الرُّستميّ، ومسعود الثّقفيّ. ومات في نصف شوّال عن سنٍّ عالية. قال السَّمعانيّ: سألتُ أبا سعْد البغداديّ عنه، فأثنى عليه وقال: كان من المعمَّرين. سمعته يقول: وُلدت سنة خمسٍ وسبعين. وعاش مائة سنة. 150- محمد بن أحمد بن علان. أبو الفرج الكرجي، ثم الكوفيّ2. حدَّث في هذا العام عَنْ القاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عبد الله الهَرَوانيّ الكوفيّ. روى عنه: أبو الحَسَن بن عَنْبَرة. 151- محمد بن الحَسَن بن عليّ. كمال المُلْك أبو جعفر ابن الوزير نظام المُلْك3. كان هُمَام الطَّبع، شجاع القلْب. كانت فيه نَخْوَةُ الوزارة وكِبْرياء المُلْك. جمع خزائن أموالًا، وعدّة غلمان وحجّاب، وأشياء لم تجتمع إلّا لأبيه. ووَزَرَ مدّةً للأمير تِكِش. وكان أكبر أولاد أبيه، ففجع به.

_ 1 السير "18/ 484". 2 لم نقف عليه. 3 المنتظم "9/ 5".

152- محمد بن عَمْر بن محمد بن تانَة. أبو نصر الأصبهاني الخَرْجانيّ1. وخَرْجان: محلّة بإصبهان. تُوُفّي في شهر رجب. يروي عن: الحافظ ابن مَرْدَوَيْه. ورحل فسمع من أبي عليّ بن شاذان. روى عنه: أبو سَعْد أَحْمَد بن محمد البغداديّ، وأبو عبد الله الرُّستميّ، وإسماعيل الحافظ. وكان عارفًا بالقراءات، ليس بالصّالح. 153- محمد بن فارس بن عليّ. أبو الوفاء الأصبهاني الصُّوفيّ2. سمع: أحمد بن موسى بن مَرْدَوَيْه الحافظ. وعَنْه: الرُّستميّ. تُوُفّي رحمه الله ليلة عيد الفِطْر. 154- محمد بن المحسن بن الحَسَن بن عليّ. أبو حرب العَلَويّ الدَّينوريّ النَّسَّابة3. قال شيرُوَيْه: قدِم علينا من بغداد في جُمَادَى الآخرة سنة خمسٍ وسبعين. وروى عن: أبيه، وأبي عليّ بن شاذان، وأبي الطَّيّب الطَّبريّ. وكان فاضلًا، استمليتُ عليه.

_ 1 المشتبه "1/ 45". 2 لم نقف عليه. 3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

155- مسعود بن عبد الرحمن بن القاضي أبي بكر أحمد بن الحَسَن. أبو البركات الحيري النَّيسابوريّ1. سمع الكثير من جدّه، ومن جماعة. وتوفّي في ربيع الآخر عن إحدى وسبعين سنة. وعنه: عبد الغافر. 156- مسعود بن عليّ. أبو نصر النَّيسابوريّ المحتسب2. روى عن: أبي بكر الحِيريّ، والصَّيرفيّ، والطّرازيّ. ومات في رجب. 157- المطهّر بن عبد الواحد بن محمد. أبو الفضل اليَرْبُوعيّ البُزانيّ الأصبهاني3. سمع: أبا جعفر بن المَرْزُبان، وأبا عبد اللَّه بن مَنْدَهْ، وأبا عَمْر بن عبد الوهّاب السُّلميّ، وجماعة، وإبراهيم بن خرَّشيد قوله أيضًا. وطال عُمره، وأكثر النّاسُ عنه. ولا أعلم متى تُوُفّي، ولكنّه بقي إلى هذا العصر. روى عنه: مسعود الثّقفيّ، والرُّستميّ. وكان رئيسًا كاتبًا. سأل السّمعانيّ أبا سعْد البغداديّ عنه، فقال: كان والده محدّثًا، أفاده في صِغَره. "الكنى": 158- أبو عَبْد الله بْن أَبِي الحَسَن بْن أَبِي قدامة4. القرشيّ الخراسانيّ الأمير. مات في رجب.

_ 1 انظر السابق. 2 لا بأس به. 3 السير "18/ 549". 4 لم نقف عليه.

159- الأمير أبو نصر بن ماكولا1. تُوُفّي فيها في قَوْلٍ، ويُذكر في سنة سبعٍ وثمانين. وفيات سنة ست وسبعين وأربعمائة: "حرف الألف": 160- أحمد بن عليّ. أوب الخطّاب2. يُذكر بكنيته. 161- أحمد بن محمد بن الفضل. الإمام أبو بكر الفَسَويّ3. تُوُفّي بسَمَرْقَنْد. ذكره عبد الغافر في تاريخه فقال: الإمام ذو الفنون، دخل نَيْسابور، وحصّل بها العلوم. قرأ على الإمام زَين الإسلام، يعني القُشَيْريّ، الأُصول. وسمع من أبي بكر الحِيريّ، وأقام بَنْيسابور مدّةً، ثمّ خرج إلى ما وراء النّهر. وصار من أعيان الأئمّة. وشاع ذِكره، وانتشر عِلمه. 162- إبراهيم بن عليّ بن يوسف. الشيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ الفيروزآباديّ4. شيخ الشّافعيّة في زمانه. لقبه: جمال الدّين. ولد سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة.

_ 1 سبق الترجمة له. 2 سبق الترجمة له. 3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به. 4 انظر: السير "13/ 7-10"، طبقات الشافعية "3/ 88" للسبكي.

تفقَّه بشيراز على: أبي عبد الله البَيْضاويّ، وعلى: أبي أحمد عبد الوهّاب بن رامين. وقدِم البصرة فأخذ عن الخَرَزَيّ. ودخل بغداد في شوّال سنة خمس عشرة وأربعمائة، فلازمَ القاضي أبا الطَّيِّب وصحبَه، وبرع في الفقه حتّى نابَ عن أبي الطَّيِّب، ورتَّبه مُعِيدًا في حلقته. وصار أنظر أهل زمانه. وكان يُضرب به المَثَل في الفصاحة. وسمع من: أبي عليّ بن شاذان، وأبي الفَرَج محمد بن عُبَيْد الله الخَرْجُوشيّ. وأبي بكر البَرْقانيّ، وغيرهم. وحدَّث ببغداد، وهَمَذَان، ونَيْسابور1. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الوليد الباجيّ، وأبو عبد الله الحُمَيْدِيّ، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو البدر إبراهيم بن محمد الكَرْخيّ، ويوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو نصر أحمد بن محمد الطُّوسيّ، وأَبُو الحسن بن عبد السّلام، وطوائف سواهم. وقرأت بخطّ ابن الأنْماطيّ أنّه وجد بخطٍّ قال: أبو عليّ الحَسَن بن أحمد الكَرْمانيّ الصُّوفي، يعني الّذي غسّل الشّيخ أبا إسحاق، سمعته يقول: ولدت سنة تسعين وثلاثمائة، ودخلتُ بغداد سنة ثماني عشرة وله ثمانٍ وعشرون سنة. ومات لم يخلّف دِرهمًا، ولا عليه درهم. وكذلك كان يقضي عُمْرَه. قال أبو سعْد السَّمعانيّ: أبو إسحاق إمام الشّافعيّة، والمدرّس بالنّظاميّة، شيخ الدّهر، وإمام العصر. رحل النّاس إليه من البلاد، وقصدوه من كلّ الجوانب، وتفرَّد بالعلم الوافر مع السيرة الجميلة، والطريقة المَرْضيّة. جاءته الدّنيا صاغرة، فأباها واقتصر على خشونة العَيْش أيّام حياته. صنَّف في الأصول، والفروع، والخلاف، والمذهب. وكان زاهدًا، ورعًا، متواضعًا، ظريفًا، كريمًا، جوادًا، طلْق الوجه، دائم البشْر، مليح المجاورة. تفقَّه بفارس على أبي الفرج البيضاويّ، وبالبصرة على الخرزي.

_ 1 السير "13/ 7".

إلى أن قال: حدَّثنا عنه جماعة كثيرة. وحُكي عنه أنّه قال: كنتُ نائمًا ببغداد، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ أبو بكر وعمر، فقلت: يا رسول الله بلغني عنك أحاديث كثيرة عن ناقلي الأخبار، فأريد أن أسمع منك خبرًا أتشرَّف به في الدنيا، وأجعله ذخيرةً للآخرة. فقال: يا شيخ، وسمّاني شيخًا وخاطبني به، وكان يفرح بهذا. ثمّ قال: قُلْ عنّي: مَن أراد السّلامة فلْيَطْلُبْها في سلامة غيره1. رواها السّمعانيّ، عن أبي القاسم حَيْدَر بن محمود الشّيرازيّ بمرْو، أنّه سمع ذلك من أبي إسحاق. وورد أنّ أبا إسحاق كان يمشي، وإذا كلبٌ، فقال فقيهٌ معه: اخسأ. فنهاه الشّيخ، وقال: لِمَ طَرَدْتَه عن الطريق؟ أما علِمت أنّ الطريق بيني وبينه مشتركٌ؟ وعنه قال: كنتُ أشتهي ثَرِيدًا بماء باقِلّاء أيّام اشتغالي، فما صحَّ لي أكلةٌ، لاشتغالي بالدّرس، وأخْذي النَّوبة2. قال السَّمعانيّ: قال أصحابنا ببغداد: كان الشّيخ أبو إسحاق إذا بَقِي مدّةً لا يأكل شيئًا صعِد إلى النَّصريّة، فله فيها صديق، فكان يثرد له رغيفًا، ويشربه بماء الباقِلّاء. فربما صعِد إليه، وقد فرغ، فيقول أبو إسحاق: {تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} [النازعات: 12] . ويرجع3. قال أبو بكر الشّاشيّ: الشّيخ أبو إسحاق. حجة الله تعالى على أئمّة العصر. وقال الموفّق الحنفيّ: أبو إسحاق، أمير المؤمنين فيما بين الفقهاء. قال السَّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عليّ الخطيب: سمعتُ محمد بن يوسف الفاشانيّ بمرْو، وسمعت محمد بن محمد بن هانئ القاضي يقول: إمامان ما اتَّفق لهما الحَجّ: أبو إسحاق، والقاضي أبو عبد الله الدّامغانيّ. أما أَبُو إسحاق فكان فقيرًا، ولكن لو أيّدوه لحملوه على الأعناق، والدّامغانيّ، لو أراد الحجّ على السُّندس والإسْتَبْرَق لأَمْكَنَه.

_ 1 السير "13/ 8". 2 السابق. 3 السير "13/ 8، 9" طبعة التوفيقية.

قال: وسمعتُ القاضي أبا بكر محمد بن القاسم الشَّهرزوريّ بالمَوْصل يقول: كان شيخنا أبو إسحاق إذا أخطأ أحدُ بين يديه قال: أيُّ سكتةٍ فاتَتْك وكان يتوسوس. سمعتُ عبد الوهّاب الأنماطيّ يقول: كان أبو إسحاق يتوضأ في الشّطّ، وكان يشك في غَسْل وجهه، حتّى غسّله مرات، فقال له رجل: يا شيخ، أما تستحيي، تغسل وجهك كذا وكذا نَوْبَة؟ فقال له: لو صحّ لي الثلاث ما زدتّ عليها. قال السّمعانيّ: دخل أبو إسحاق يومًا مسجدًا ليتغذّى على عادته، فنسي دينارًا معه وخرج، ثمّ ذكر، فرجع، فوجده، ففكّر في نفسه وقال: ربّما وقع هذا الدّينار من غيري، فلم يأخذه وذهب1. وبَلَغَنَا أنّ طاهرًا النَّيسابوري خرَّج للشّيخ أبي إسحاق جزءًا، فكان يذكر في أوّل الحديث: أنا أبو عليّ بن شاذان، وفي آخر: أنا الحَسَن بن أحمد البزّاز، وفي آخر: أنا الحَسَن بن أبي بكر الفارسي، فقال: من هذا؟ قال: هو ابن شاذان، فقال: ما أريد هذا الجزء. هذا فيه تدليس، والتّدليس أخو الكذِب2. وقال القاضي أبو بكر الأنصاريّ: أتيت الشَّيخ أبا إسحاق بفُتْيا في الطّريق، فناولته، فأخذ قلم خبّازٍ ودَوَاته، وكتب لي في الطريق، ومسح القلم في ثوبه3. قال السّمعانيّ: سمعتُ جماعة يقولون: لمّا قدِم أبو إسحاق رسولًا إلى نَيْسابور، تلقّاه النّاسُ لمّا قدِم، وحَمَلَ الإمام أبو المعالي الْجُوَيْنيّ غاشيةَ فرسِهِ، ومشى بين يديه، وقال: أنا أفتخر بهذا. وكان عامّة المدرّسين بالعراق والجبال تلامذتَه وأشياعَه وأتباعه، وكفاهم بذلك فَخْرًا. وكان يُنِشد الأشعار المليحة ويُوردُها، ويحفظ منها الكثير. وصنَّف "المهذّب" في المذهب، و"التّنبيه"، و"اللُّمع" في أصول الفقه، و"شرح اللُّمع"، و"المعونة في الجدل"، و"الملخَّص في أصول الفقه"، وغير ذلك. وعنه قال: العلم الذي لا ينتفع به صاحبه، أن يكون الرجل عالمًا، ولا يكون عاملًا.

_ 1 السير "13/ 8، 9" طبعة التوفيقية. 2 السابق "13/ 9". 3 السابق.

ثمّ أنشد لنفسه: علِمْتَ ما حلّل المَوْلَى وحرَّمه ... فاعملْ بعِلْمك، إنّ العِلَم للعمل وقال: الجاهل بالعلم يقتدي، فإذا كان العالِم لا يعمل، فالجاهل ما يرجو من نفسه؟ فالله الله يا أولادي، نعوذ بالله من علم يصير حجَّةً علينا. وقيل: إنّ أبا نصر عبد الرحيم بن القُشَيْريّ جلس بجنْب الشّيخ أبي إسحاق، فأحسّ بثِقَلٍ في كُمّه، فقال: ما هذا يا سيدنا؟ قال: قُرْصي الملّاح. وكان يحملهما في كُمْه طَرْحًا للتكلُّف. قال السّمعانيّ: رأيتُ بخطّ أبي إسحاق -رحمه الله- في رُقْعة: "بسم الله الرحمن الرحيم، نسخةُ ما رآه الشّيخ السّيّد أبو محمد عبد الله بن الحَسَن بن نصْر المَزْيَدِيّ، أبقاه الله. رأيتُ في سنة ثمانٍ وستّين وأربعمائة ليلة جُمعة أبا إسحاق إبراهيم بن عليّ بن يوسف الفيروزآباديّ -طوَّل الله عُمره- في منامي يطير مع أصحابه، وأنا معهم استعظامًا لتلك الحال والرؤية. فكنتُ في هذه الفكرة، إذ تلقى الشّيخ ملكٌ، وسلَّم عليه، عن الرّبّ تبارك وتعالى، وقال له: إنّ الله تعالى يقرأ عليك السّلام ويقول: ما الذي تدرَّس لأصحابك؟ فقال له الشّيخ: أدرَّس ما نُقِل عن صاحب الشَّرع. فقال له المَلَك: فاقرأ عليَّ شيئًا لأسمعه. فقرأ عليه الشّيخ مسألة لا أذكرها، فاستمع إليه المَلَك وانصرف، وأخذ الشّيخ يطير، وأصحابه معه. فرجع ذلك المَلَك بعد ساعة، وقال للشيخ: إنّ الله يقول: الحقُّ ما أنت عليه وأصحابك، فادخُلِ الجنة معهم1. وقال الشّيخ أبو إسحاق: كنت أعيدُ كلّ قياسٍ ألف مرة، فإذا فرغت، أخذتُ قياسًا آخر على هذا، وكنتُ أُعيد كلَّ درسٍ مائة مرة، فإذا كان في المسألة بيتُ يُستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت. كان الوزير عميد الدّولة بن جهير كثيرًا ما يقول: الإمام أبو إسحاق وحيد عصره، وفريد دهره، ومستجاب الدّعوة. وقال السّمعانيّ: لمّا خرج أبو إسحاق إلى نَيْسابور، وخرج في صحبته جماعةٌ من

_ 1 السير "13/ 10".

تلامذته، كانوا أئمّة الدّنيا، كأبي بكر الشاشيّ، وأبي عبد الله الطَّبريّ، وأبي مُعاذ الأندلسيّ، والقاضي عليّ المَيَانِجيّ، وأبي الفضل بن فتيان قاضي البصرة، وأبي الحَسَن الآمدي، وأبي القاسم الزَّنجانيّ، وأبي عليّ الفارقيّ، وأبي العبّاس بن الرُّطبيّ1. وقال أبو عَبْد الله بْن النّجّار في تاريخه: وُلِد، يعني أبا إسحاق، بفيروزآباد، بُلَيدة بفارس، ونشأ بها. ودخل شِيراز. وقرأ الفقه على أبي عبد الله البَيْضاويّ، وابن رامين. وقرأ على أبي القاسم الدّراكيّ، وقرأ الدّارَكيّ على المَرْوَزِيّ صاحب ابن سُرَيْج. وقرأ أبو إسحاق أيضًا على الطَّبريّ، عن الماسَرْجِسيّ، عن المَرْوَزِيّ. وقرأ أبو إسحاق أيضًا على الزَّجاجيّ، وقرأ الزَّجّاجيّ على ابن القاصّ صاحب ابن سُرَيْج. وقرأ أصول الكلام على أبي حاتم القَزْوينيّ، صاحب أبي بكر بن الباقلَّانيّ. وكان أبو إسحاق خطُّه في غاية الرَّداءة. أنبأني الخشوعي، عن أبي بكر الطُّرطوشيّ قال: أخبرني أبو العبّاس الْجُرْجانيّ القاضي بالبصرة قال: كان أبو إسحاق لا يملك شيئًا من الدنيا، فبلغ به الفقر حتّى كان لا يجد قُوتًا ولا مَلْبَسًا. ولقد كنّا نأتيه وهو ساكن في القطيعة، فيقوم لنا نصف قَوْمة، كي لا يظهر منه شيءٌ من العُرْي. وكنتُ أمشي معه، فتعلَّق بنا باقلَّانيّ وقال: يا شيخ، أفقرتني وكسرتني، وأكلت رأس مالي، ادفع إليَّ ما لي عندك. فقلنا: وكم لك عنده؟ قال: أظنّه قال: حبَّتان من ذهب أو حبَّتان ونصف2. وقال أبو بكر محمد بن أحمد ابن الخاضبة: سمعتُ بعض أصحاب الشّيخ أبي إسحاق يقول: رأيتُ الشّيخ كان يركع رَكْعَتين عند فراغ كلّ فصل من المهذَّب. قال: قرأتُ بخطّ أبي الفُتُوح يوسف بن محمد بن مقلّد الدّمشقيّ: سمعتُ الوزير ابن هُبَيْرة: سمعتُ أبا الحسن محمد بن القاضي أبي يَعْلَى يقول: جاء رجل من ميَّافارقين إلى والدي ليتفقه عليه، فقال: أنت شافعيٌّ، وأهل بلدك شافعية، فكيف تشتغل بمذهب أحمد؟ قال: قد أحببته لأجلك.

_ 1 السابق. 2 السابق "13/ 11".

فقال: يا ولدي ما هو مصلحة. تبقى وحدك في بلدك ما لكَ من تذاكره، ولا تذكر له درسًا، وتقع بينكم خصومات، وأنت وحيد لا يطيب عَيْشُك. فقال: إنّما أحببته وطلبته لِمَا ظهر من دينك وعِلْمك. قال: أنا أدلّك على من هو خيرٌ مني، الشّيخ أبو إسحاق. فقال: يا سيدي، إنّي لا أعرفه. فقال: أنا أمضي معك إليه. فقام معه وحمله إليه، فخرج الشّيخ أبو إسحاق إليه، واحترمه وعظّمه، وبالغ. وكان الوزير نظام المُلَك يُثني على الشّيخ أبي إسحاق ويقول: كيف لنا مع رجلٍ لا يفرَّق بيني وبين بهروز الفرّاش في المخاطبة؟ لمّا التقيتُ به قال: بارك الله فيك. وقال لبهروز لما صبّ عليه الماء: بارك الله فيك. وقال الفقيه أبو الحَسَن محمد بن عبد الملك الهَمَذانيّ: حكى أبي قال: حضرتُ مع قاضي القضاة أبي الحَسَن الماوَرْديّ عزاء النّابتيّ قبل سنة أربعين، فتكلَّم الشّيخ أبو إسحاق وأجاد، فلمّا خرجنا قال الماوَرْديّ: ما رأيت كأبي إسحاق، لو رآه الشّافعيّ لتجمَّل به1. أَنَا ابن الخلال، أَنَا جَعْفَر، أَنَا السِّلفيّ قال: سألت شجاعا الذُّهليّ، عن أبي إسحاق فقال: إمام الشّافعيّة، والمقدَّم عليهم في وقته ببغداد. كان ثقة، ورِعًا، صالحًا، عالمًا بمعرفة الخلاف، عِلْمًا لا يُشاركه فيه أحد. أنبأنا عن زَيْن الأُمَناء: أنا الصائن هبة الله بن الحَسَن، أنا محمد بن مرزوق الزَّعفرانيّ: أنشدنا أبو الحَسَن عليّ بن فضّال القَيْروانيّ لنفسه في "التَّنبيه"، للإمام أبي إسحاق: أكتابُ "التّنبيه" ذا، أمْ ريَاضُ ... أم لآلي فَلَوْنُهُن البَياضُ جمع الحسن والمسائل طرَّا ... دخلت تحت كله الأبعاض كلُّ لفظٍ يروق من تحت معنى ... جرية الماء تحته الرَّضراض قلَّ طولًا، وضاق عرضًا مداه ... وهو من بعد ذا الطّوال العراض

_ 1 السير "13/ 11".

يدع العالم المسمَّى إمامًا ... كفتاةٍ أتى عليها المخاض أيُّها المدعون ما ليس فيهم ... ليس كالدُّرّ في العقود الحضاض كلُّ نعمى عليَّ يا ابن عليّ ... أنا إلا بشكرها نهاض ما تعدَّاك من ثنائي محالُ ... لَيْسَ في غير جوهرٍ أعراض أنت طودٌ لكنه لا يسامى، ... أنت بحرٌ، لكنه لا يخاض فأبق في غبطةٍ وأنت عزيز ... ما تعدى عن المنال انخفاض وقال أبو الحَسَن محمد بْن عَبْد المُلْك الهَمَذانيّ: نَدَب المقتدي بالله الشّيخ أبا إسحاق الشيرازيّ للخروج في رسالةٍ إلى المعسكر، فتوجه في ذي الحِجّة سنة خمسٍ وسبعين، وكان في صُحْبَته جماعةٌ من أصحابه، فيهم الشاشيّ، والطَّبريّ، وابن فتيان، وإنّه عند وصوله إلى بلاد العجم كان يخرج إليه أهلُها بنسائهم وأولادهم، فيمسحون أردانه1، ويأخذون تراب نَعْلَيْه يستشْفُون به. وحدَّثني القائد كامل قال: كان في الصُّحبة جمال الدّولة عفيف، ولمّا وصلنا إلى ساوة خرج بياضها وفُقهاؤها وشهودُها، وكلّهم أصحاب الشّيخ، فخدموه. وكان كلّ واحدٍ يسأله أن يحضر في بيته، ويتبرَّك بدخوله وأكْله لمّا يحضره. قال: وخرج جميع مَن كان في البلد من أصحاب الصِّناعات، ومعهم من الذي يبيعونه طُرَفًا ينثرونه على محفَّته. وخرج الخبازون، ونثروا الخبز، وهو ينهاهم ويدفعهم من حَوَاليه ولا ينتهون. وخرج من بعدهم أصحاب الفاكهة والحلْواء وغيرهم، وفعلوا كفِعْلهم. ولمّا بلغت النَّوبة إلى الأساكفة خرجوا، وقد عملوا مداساتٍ لطافًا للصَّغار ونثروها، وجعلت تقع على رؤوس النّاس، والشيخ أبو إسحاق يتعجَّب. فلمّا انتهوا بَدَأ يُداعبنا ويقول: رأيتم النّثار ما أحسنه، أيّ شيء وصل إليكم منه؟ فنقول لعْلمِنا أنّ ذلك يعجبه: يا سيدي؟ وأنت أيّ شيء كان حظَّك منه؟ فيقول: أنا غطّيت نفسي بالمحفّة2.

_ 1 أردانه: الرُّدن: الكم، وأردن القميص ونحوه: جعل له ردنا، والجمع: أردان، وأردنة، المعجم الوجيز "ص/ 261". 2 السير "13/ 12"، والمحفة: الهودج الذي لا قبة له.

وخرج إليه من النِسْوة الصُّوفيات جماعة، وما منهن إلّا من بيدها سُبْحة، وألقوا الجميع إلى المحفة، وكان قصدهن أنْ يلمسها بيده، فتحصل لهنّ البَرَكَة، فجعل يمرَّها على بَدَنه وجسده، وتبرَّك بهنّ، ويقصد في حقّهنّ ما قَصَدْن في حقّه1. وقال شيرُوَيْه الدَّيلميّ في تاريخ هَمَذان: أبو إسحاق الشيرازيّ إمام عصره، قدِم علينا رسولًا من أمير المؤمنين إلى السّلطان ملِكْشاه. سمعتُ منه ببغداد، وهَمَذان؛ وكان ثقة، فقيهًا، زاهدًا في الدّنيا. على الحقيق أوحد زمانه2. قال خطيب المَوْصل: حدَّثني والدي قال: توجَّهت من الموصل سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة إلى بغداد، قاصدًا للشّيخ أبي إسحاق، فلمّا حضرتُ عنده بباب المراتب، بالمسجد الذي يدرّس فيه رحّب بي، وقال: من أين أنت؟ قلت: من المَوْصل. قال مرحبًا: أنت بلدييّ. فقلت: يا سيّدنا، أنت من فَيْروزاباد، وأنا من المَوْصل! فقال: أما جَمَعتنا سفينةُ نوحٍ عليه السلام؟ وشاهدتُ من حُسن أخلاقه ولطافته وزهده ما حبَّب إليَّ لزومه، فصحبتُه إلى أن تُوُفّي. قلت: وقد ذكره ابن عساكر في طبقات الأشعرية. ثمّ أورد ما صورته قال: وجدتُ بخطّ بعض الثقات: ما قول السّادة الفُقّهاء في قومٍ اجتمعوا على لعن الأشعريّة وتكفيرهم؟ وما الّذي يجب عليهم؟ أفْتُونا. فأجاب جماعة، فمن ذلك: الأشعريّة أعيان السُّنّة انتصبوا للرّدّ على المبتدعة من القدريّة والرّافضة وغيرهم. فَمَن طعن فيهم فقد طعن على أهل السُّنّة، ويجب على النّاظر في أمر المسلمين تأديبه بما يرتدع به كلّ أحدٍ. وكتبَ إبراهيم بن عليّ الفَيْروزاباديّ. وقال: خرجت إلى خُراسان، فما دخلت بلدةً ولا قريةً إلّا كان قاضيها، أو خطيبها، أو مُفْتيها، تلميذي، أو من أصحابي.

_ 1 هذه أعمال لا أصل لها، وكل عمل ليس عليه أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو مردود على صاحبه. 2 السير "13/ 12" طبعة التوفيقية.

ومن شعره: أُحِبّ الكأسَ من غير المُدام ... وألهو بالحسان بلا حرام وما حبّي لفاحشةٍ ولكنْ ... رأيتُ الحبّ أخلاق الكرامِ وله: سألت النّاسَ عن خِلّ وفيٍّ ... فقالوا: ما إلى هذا سبيلُ تمسكْ إنْ ظفِرت بودّ حُرٍّ ... فإنّ الحرَّ في الدّنيا قليلُ وله: حكيم يرى أنّ النّجومَ حقيقةٌ ... ويذهب في أحكامها كلَّ مَذْهبِ يُخبّر عن أفلاكها وبُرُوجِها ... وما عند علمٌ بما في المغيَّب ولسَلار العقبيّ: كفاني إذا عنّ الحوادث صارمٌ ... يُنيلُني المأمول في الإثْر والأَثَرْ يُقدّ ويغري في اللّقاء كأنّه ... لسان أبي إسحاق في مجلس النّظرْ ولعاصم بن الحَسَن فيه: تراه من الذّكاء نحيفَ الجسم ... عليه من توقُّده دليلُ إذا كان الفتى المَعَالي ... فليس يَضيره الجسمُ النَّحيل ولأبي القاسم عبد الله بن ناقِيا يرثي أبا إسحاق، رحمه الله تعالى: أجرى المدامع بالدّم المهراق ... خطبٌ أقيام قيامةَ الآماقِ خطبٌ شَجَا منّا القلوبَ بلوعةٍ ... بين التَّراقي ما لها من رَاق ما للّيالي لا تألّف شملّها ... بعد ابن بَجْدَتها أبي إسحاقِ إنْ قيل: مات، فلم يَمُتْ من ذِكْرُهُ ... حيٌّ على مرّ اللّيالي باقي تُوُفّي ليلة الحادي والعشرين من جُمَادَى الآخرة، ودُفن من الغد، وأحضِر إلى دار المقتدي بالله أمير المؤمنين، فصلّى عليه، ودُفن بباب أبْرز. وجلس أصحابه للعزاء بالمدرسة النظاميّة، وكان الذي صلّى عليه صاحبه أبو عبد الله الطَّبريّ. ولمّا انقضى

العزاء رتَّب مؤيَّد الدّولة ابن نظام المُلْك أبا سعد المتولّي مدرّسًا، فلمّا وصل الخبر إلى نظام المُلْك، كتب بإنكار ذلك، وقال: كان من الواجب أن تُغلق المدرسة سنةً من أجل الشّيخ. وعابَ على من تولّى مكانه، وأمر أنّ يدرس الشّيخ أبو نصر عبد السّيّد بن الصّبّاغ مكانه. "حرف الطاء": 163- طاهر بن الحسين بن أحمد بن عبد الله1. أبو الوفا القوّاس البغدادي، الفقيه الحنبليّ الزّاهد، من أهل باب البصرة. ولد سنة تسعين وثلاثمائة. وسمع من: هلال الحفَّار، وأبي الحسين بن بِشْران، وأبي سهل محمود العُكْبريّ، وجماعة. روى عنه: أبو محمد، وأبو القاسم ابنا السَّمرقنديّ، وأبو البركات عبد الوهّاب الأنماطيّ، وعليّ بن طراد، وآخرون. ذكره السَّمعانيّ فقال: من أعيان فقهاء الحنابلة وزُهّادهم، أجَهَد نفسه في الطاعة والعبادة، واعتكف في بيت الله تعالى خمسين سنة. وكان يواصل ليله بنهاره. وكان قارئًا للقرآن، فقيهًا، ورعًا، خشن العيش. كانت له حلقة بجامع المنصور. قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: سأله رجلٌ في حلقته عن مسألةٍ، فقال: لا أجيبك حتّى تقوم وتخلع سراويلك وتتكشّف. كان قد رآه كذلك في الحمام. فقال: هذا لا يمكن، وأنا أستحيي. فقال: يا فلان، فهؤلاء بعينهم هم الذين رأوك في الحمّام بلا مِئْزر، إيش الفرق بين هنا وبين الحمام؟ فخجل. وذكر الشّيخ فصلًا في النَّهي عن كشف العورة. تُوُفّي يوم الجمعة سابع عشر شعبان.

_ 1 السير "18/ 452"، البداية والنهاية "12/ 125".

"حرف العين": 164- العباس بن أحمد بن محمد بن العبّاس بن بكران. أبو الفضل الهاشميّ البغداديّ1. روى عنه: الحُسين بن الحَسَن الغضائريّ. روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 165- عَبْد الله بْن إبراهيم بْن عَبْد الله. أبو حكيم الخبريّ الفقيه الفرضيّ2. تفقه على: أبي إسحاق الشّيرازيّ. وبرع في الفرائض، والحساب، والعربيّة، واللّغة. وسمع من: الحسين بن حبيب القادِسيّ، والحسين بن عليّ الجوهريّ. وصنَّف الفرائض وشرح كتاب "الحماسة"، وديوان البُحْتُريّ، و"ديوان المتنبِّي"، و"ديوان الشريف الرَّضيّ". وكان متدينًا صدوقًا. روى عنه: ابن بنته أبو الفضل محمد بن ناصرن وأبو العزّ بن كاذش. قال السِّلفيّ: سألت الذُّهليّ، عن أبي حكيم فقال: كان يسمع معَنا من الجوهريّ ومن بعده. وكان قيِّمًا بعِلم الفرائض، وله فيها مصَّنف، وله معرفة بالآداب صالحة. قال ابن ناصر كان جدّي أبو حكيم يكتب المصاحف، فبينما هو يومًا قاعدًا مستندًا يكتب، وَضَع القلم واستند، وقال: والله إنّ هذا موت مُهنّأ، موتُ طيّب. ثمّ مات. ورّخ أبو طاهر الكرجيّ موته في ذي الحجّة.

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "18/ 558"، طبقات الشافعية "3/ 203" للسبكي.

166- عبد الله بن عطاء بن عبد الله بن أبي منصور بن الحَسَن بن إبراهيم. أبو محمد الإبراهيميّ الهَرَويّ1. أحد من عني بهذا الشأن. وسمع: أبا عَمْر عبد الواحد المليحيّ، وجمال الإسلام أبا الحَسَن الدّاووديّ، وأبا إسماعيل شيخ الإسلام. ورحل فسمع ببغداد من: أبي الحَسَن بن النَّقُّور، وعبد العزيز بن السُّكَّريّ، وهذه الطبقة. وسمع بإصبهان، ونَيْسابور. روى عنه زاهر الشّحّاميّ، وأبو بكر سِبْط الخيّاط، وأبو بكر بن الزّاغونيّ، وأبو المعالي النّحّاس، وغيرهم. قال يحيى بن مَنْدَهْ: كان أحد من يفهم الحديث ويحفظ، صحيح النَّقل، حسن الفهم، سريع الكتابة، حسن التّذكير. قال هبة الله السَّقطيّ: كان يصحف في الأسماء والمُتُون، ويُصرّ على غَلَطه، وكان متهافتًا، تظهر على لسانه الأباطيل، ويركِّب الأسانيد، فمن ذلك ما ثنا قال: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيُّ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينوريّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَنْبَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ زِيَادٍ الأصْبَهَانِيُّ، نا الحسين بْنُ مَحْمُودِ بْنِ وَكِيعٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَدُّوا الزَّكاة وتحرُّوا بِهَا أَهْلَ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ أَبَرُّ وَأَتْقَى"2. قال السّمعانيّ: محمد بن موسى، وشيخه، مجهولان، وهو موضوع لا شكّ فيه. تُوُفّي الإبراهيميّ راجعًا من الحجّ بقرب العراق سامحه الله. وروى عنه وجيه الشّحّاميّ. قال خميس الحَوْزيّ: رأيته ببغداد ملتحقًا بأصحابنا، متخصّصًا بالحنابلة، يخرَّج لهم أحاديث الصِّفات وأضْدادُه يقولون: هو يضعها، وما علمت ذلك فيه.

_ 1 الميزان "3/ 119". 2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي "2/ 150" في الموضوعات وانظر: الفوائد المجموعة "60"، وتنزيه الشريعة "2/ 128"، اللآلئ المصنوعة "2/ 37"، تذكرة الموضوعات "60" للفتني.

167- عبد الله بن علي بن بحر1. أبو بكر. توفّي ببوسنج برجب. 168- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عيسى بن زياد. أبو عيسى الأصبهاني التّانيّ، الأديب2. كان يشبه الصّدر الأوّل. عنده "جزء لوين"، و"غريب القرآن" للقُتبيّ. مات في شعبان سنة ستٍّ. وُجِد سماعُه في آخر عُمره. روى عنه: مسعود الثقفيّ، وغيره. 169- عَبْد الرَّحْمَن بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عاصم3. أبو عطاء الهَرَويّ الجوهريّ. روى عن: محمد بن محمد بن جعفر المالينيّ، وأبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ، وأبي حاتم بن أبي حاتم محمد بن يعقوب، وجماعة. روى عنه أبو الوقت السِّجزيّ، ووجيه، وعبد الجليل بن أبي سعْد الهَرَويّ. تُوُفّي في شعبان. قال السّمعانيّ: كان شيخًا ثقه، صدوقًا. تفرَّد عن أبي مُعاذ الشّاة، والمالينيّ. سمع منه جماعة كثيرة. ولد سنة سبعٍ أو ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة. حدَّثنا عنه أحمد بن أبي سهل الصوفي، وعبد الواسع بن أميرك.

_ 1، 2 لم نقف عليه. 3 السير "8/ 494".

170- عبد السّميع بن عبد الودود بن عبد المتكبّر بن هارون بن عُبَيْد الله بن المهتدي بالله1. أبو أحمد الهاشميّ، أخو الحَسَن. سمع: أبا الحسن بن بِشْران. سمع منه: الحُمَيْدِيّ، وشُجاع الذُّهليّ. قال إسماعيل بن السَّمرقنديّ: سألته عن مولده فقال: سنة أربعٍ وأربعمائة. مات في جُمَادَى الأولى سنة 76. 171- عبد الوهّاب بن أحمد بن جَلبَة. الفقيه أبو الفتح الخزاز البغداديّ ثمّ الحرانيّ، الحنبليّ2. مفتي حَران وعالمها. تفقه على القاضي أبي يَعْلَى ولازمه، وكتبَ عنه تصانيفه. وسمع من: أبي بكر البَرْقانيّ، وأبي عليّ بن شاذان، وأبي عليّ الحَسَن بن شهاب العُكْبريّ. سمع منه: هبة الله الشّيرازيّ، ومكّيّ الرُّميليّ، والرَّحّالة بحران. وقُتِل شهيدًا مظلومًا. قال أبو الحَسَن بن أبي يَعْلَى: ولي أبو الفتح بن جَلَبة قضاء حران من قبل الوالد، وكتب به سجِلًا، وكان ناشرًا للمذهب، داعيا له في تلك الدّيار. وكان مفتيها وواعظها وخطيبها وقاضيها. قتل -رحمه الله- على يد قُريش العُقَيْليّ في سنة ستٍّ وسبعين، عند اضطراب أهل حرّان على ابن قُريش، لما أظهر سبَّ السَّلف -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم. قلتُ: جاء في حديث ماكِسِين من "أربعين السِّلفيّ". وقال السِّلفيّ: أنا أحمد بن محمد حامد الحرّانيّ قاضي ماكسين، أنبا عبد الوهّاب، فذكر حديثًا.

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "18/ 560"، ذيل طبقات الحنابلة "1/ 42-44".

172- عتيق: أبو بكر المغربيّ الواعظ المعروف بالبكْريّ1. كان من غُلاة الأشاعرة ودُعاتهم. هاجر إلى باب نظام الملك، فأنفق عليه، وكتبَ له كتابًا بأنْ يجلس بجوامع بغداد، فقدم وجلس للوعظ، وذكر ما يُلْطخ به الحنابلة من التّجسيم، وهاجت الفِتَن ببغداد، وكفَّر بعضهم بعضًا. ولمّا همَّ بالجلوس بجامع المنصور، قال نقيب النُّقباء: اصبروا لي حتّى أنقل من هذه النّاحية؛ لأنّي أعلم أنه لابد مِن قتلٍ ونهبٍ يكون. ثمّ إنّ أبواب الجامع أُغْلِقت سوى بابٍ واحد، فصعِد البكريّ على المِنبر، والأتراك بالقسِيّ والنشّاب حوله، كأنّه حرْب. فنعوذ بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن. ولقبوه بعَلم السُّنّة، وأعطوه ذَهَبًا وثيابًا، فتعرَّض لأصحابه قومٌ من الحنابلة، فكسب دُورُ بني القاضي أبي يَعْلَى، وأُخِذَت كُتُبُهم، ووُجد فيها كتاب الصفات. فكان يقرأ بين يدي البكْريّ وهو على مِنْبر الوعظ، وهو يُشنّع عليهم. وكان عميد بغداد أبو الفتح بن أبي اللَّيث، فخرج البكْريّ إلى المُعَسْكر شاكيا منه، فلمّا عاد مرض ومات. ولمّا تكلَّم بجامع المنصور رَفَع من الإمام أحمد وقال: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 102] فجاءته حَصَاةً، وأُخرى، فأحسَّ بذلك النّقيب، فكشف عن الأمر، فكانوا ناسًا من الهاشميّين من أصحاب أحمد اختفوا في السُّقوف، فأخذهم فعاقبهم. مات في جُمَادَى الأولى. ذكره ابن النّجّار. 173- عليّ بن أحمد بن عبد الله: الأستاذ أبو الحَسَن الطَّبريّ2. تُوُفّي في شهر ربيع الآخر.

_ 1 السير "13/ 77" طبعة التوفيقية. 2 لم نقف عليه.

174- عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الحَسَن بْن عليّ بْن الحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. الحسنيّ أبو طالب الهَمَذانيّ1. قال شيرُوَيْه: وحيد زمانه في الفصل والخُلُق، وطراز البلد. روى عن: جدّه لأمّه أبي طاهر الحسين بن عليّ بن سَلَمة، وأبي منصور القُومسانيّ، وعبد الله بن حسّان، ورافع بن محمد القاضي، وأبي بكر عبد الله أحمد بن بَيْهَس. ورحل فسمع بَنْيسابور من: أبي سعْد الفضل بن عبد الرحمن بن حمدان النَّضروييّ، وأبي حفص بْن مسرور، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسيّ. وسمع بإصبهان من أبي ريذة، وعبد الكريم بن عبد الواحد الحَسْنَابَاذيّ، وأحمد بن محمد بن النُّعمان، وعامة أصحاب ابن المقرئ. وسمع بالدَّينور من: أبي نصر أحمد بن الحسين بن بوّان الكسّار، وعامّة مشايخ زمانه. سمعتُ منه واستمليتُ عليه. وكان صدوقًا، حسن الخُلُق، خفيف الرُّوح، كريم الطَّبع، ملجأ أصحاب الحديث، أديبًا، فاضلًا، من أدباء وقته. وُلِد سنة إحدى وأربعمائة. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، ودُفن في داره. 175- عليّ بن عبد الله بن سعيد. أبو الحَسَن النَّيسابوريّ. التّاجر الحنفيّ الفقيه2. شيخ ثقة. سمع الكثير من أصحاب الأصمّ.

_ 1 لا بأس به، فقد روى عن جمع، وعنه جمعٌ. 2 الجواهر المضية "2/ 575".

وتُوُفّي في عاشر رجب، وله خمسُ وثمانون سنة. 176- عَمْر بن عَمْر بن يونس بن كُرَيِب. أبو حفص الأصبحيّ السَّرقسطيّ. نزيل طُلَيْطُلة1. روى عن: عليّ بن موسى بن حزب الله، ويحيى بن محارب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وخَلَف بن هشام العَبْدريِ القاضي. وكان فاضلًا ثقة. عمَّر وأسنّ. قاله ابن بَشْكُوال. 177- عَمْر بْن واجب بْن عُمَر بْن واجب. أَبُو حفص البَلَنْسيّ2. روى عن: أبي عَمْر الطَّلمنكيّ. وسمع من أبي عبد الله بن الحذّاء صحيح مسلم. وكان صاحب أحكام بَلنْسِيَة. روى عنه: حفيده أبو الحَسَن محمد بن واجب بن عَمْر، وأبو عليّ بن سكَّرة. "حرف الفاء": 178- فَرَج: مولى سيّد بن أحمد الغافقيّ الكُتُبيّ. أبو سعيد الطُّليطليّ. حجّ وسمع: أبا ذر الهَرَويّ. وكان صالحًا ثقة. روى عنه: عبد الرحمن بن عبد الله المعدّل، وغيره.

_ 1 الصلة "2/ 402". 2 الصلة "2/ 462".

"حرف الميم": 179- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَمْر بن شَبُوَيْه1. أبو نصر الأصبهاني التاجر، سمع بَنْيسابور من: أبي بكر الحِيَريّ، وأبي سعيد الصَّيرفيّ. روى عنه: الرُّستميّ، ومسعود الثقفيّ. تُوُفّي فِي المحرَّم. 180- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن إسماعيل. أبو طاهر بن أبي الصَّقر اللّخْميّ الأنباريّ، الخطيب2. له مشيخة في جزءين، سمعناها. وله رحلة إلى الشّام، والحجاز، ومصر. وسمع: عبد الرحمن بن أبي نصر التّميميّ، وأبا نصر بن الحِبّان، وأبا عبد الله بن نظيف، ومحمد بن الحُسَين الصَّنعانيّ، وإسماعيل بن عَمْرو الحدّاد المصريّ، وعبد الوهّاب المُرّيّ، وأبا العلاء بن سُليمان المعرَّيّ، وأبا محمد الجوهريّ، وصلة بن المؤمل المصريّ. وكان دخوله إلى مصر سنة ثلاثٍ وعشرين. وأكبر شيوخه ابن أبي نصر. روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعبد الله بن عبد الرّزّاق بن الفُضَيل، وإسماعيل بن أحمد السَّمرقنديّ، وأبو الفتح محمد بن أحمد الأبياريّ الخلّال، وعبد الوهّاب الأنماطيّ، والحافظ ابن ناصر، وموهوب بن أحمد بن الْجَوَالِيقيّ. وآخر من رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بن الزَّعْفرانيّ. ولد سنة ستًّ وتسعين وثلاثمائة.

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "18/ 578"، والبداية والنهاية "12/ 125".

قال السّمعانيّ: سمعتُ خليفة بن محفوظ بالأنبار يقول: كان ابن أبي الصَّقر صوامًا قوَّامًا. سأله بعض النّاس: كم مسموعات الشّيخ؟ قال: وقر جملٍ، سوى ما شذّ عنّي. قال خليفة: وكان قد أصيب ببعضها. وقال السّمعانيّ: سمعتُ خطيب الأنبار أبا الفتح بن الخلَّال يقول: خرج شيخنا ابن أبي الصَّقر إلى الرحلة قبل سنة ثمان عشر وأربعمائة. وله شعرٌ، فمنه: حبيبٌ خصَّ بالكَرَم ... إمام الحُسَن في الأُممِ بوجه نور جوهره ... يريك البدرَ في الظُّلم مهذَّبة خلائقُهُ ... شُمًّا بالأصل والشِّيمِ حلفتُ على الوِدادِ لهُ ... بربّ البيتِ والحَرمِ لأنتَ أعزّ مِن بَصَري ... عليَّ وكلّ ذِي رحِمِ فقال: لك الوفاء بِذا ... ولو لم تأتِ بالقَسَمِ تُوُفّي -رحمه الله- بالأنبار فِي جُمَادَى الآخرة. 181- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بن جَرْدة. أبو عبد الله العكبريُّ التّاجر1. كان رأس ماله نحو مائتي درهم يتَّجر بها من عُكْبرا إلى بغداد، فاتَّسعت عليه الدّنيا، إلى أن ملك ثلاثمائة ألف دينار. وصاهَرَ أبا منصور بن يوسف على بنته، وبنى دارًا عظيمة في غاية الكِبَر والحُسن، واتَّخذ لها بابين، وعلى كلّ باب مسجدًا. ولمّا دخل البساسيريُّ بغداد بذل لقُرَيش بن بدران عشرة آلاف دينار حتّى حمى داره، واختفت عنده زوجة السّلطان طُغرُلْبَك فلمّا قدِم طُغْرُلْبَك بغداد جاء إلى داره متشكرًا.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 125، 126".

وله برٌّ معروف، وأوقاف، وآثار جميلة. روى شعرًا عن الوزير أبي القاسم المغربيّ. وروى عنه: أبو العزّ بن كادش، وغيره. ومات في عاشر ذي القعدة عن إحدى وثمانين سنة. وكان سِبْط الخيّاط إمام مسجده الكبير. 182- محمد بن أحمد بن علان. أبو الفرج الكَرَجيّ، ثمّ الكوفيّ1. ثقة، مُسْند، مشهور. روى عن: أبي الحَسَن بن النّجّار، وأبي عبد الله الهروانيّ. كتب عنه: أبو الغنائم النَّرسيّ، وغيره. وآخر من بقي من أصحابه أبو الحسن بن غبرة الذي أجاز لكريمة. قال النَّرسيّ: كان ثقة، من عدول الحاكم. تُوُفّي في شعبان. 183- محمد بن الحسن بن محمد بن القاسم بن المنثور. أبو الحسن الجهني الكوفي2. من الرؤساء لكنّه سّيئ المعتقد، شيعي. وهو آخر من حدَّث عن محمد بن عبد اللَّه الْجُعْفيّ الهَرَوانيّ. تُوُفّي في شعبان. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعَمْر بن إبراهيم الحُسَيْنيّ، ومحمد بن طُرْخان. وعاش اثنتين وثمانين سنة.

_ 1 الأنساب "12/ 324" للسمعاني. 2 لسان الميزان "6/ 136".

184- محمد بن الحسين. أبو بكر البغداديّ البنّا1. ويعرف بأخي فُبَيْدة، بالضّمّ وبموحّدة. سمع: البَرْقانيّ، وأبي عليّ بن شاذان. وعنه: إسماعيل، وعبد الله ابنا السَّمرقنديّ. وكان مقرئًا خيرًا، مات في شهر رجب. ذكره ابن نقطة. 185- محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شُرَيْح2. أبو عبد الله الرُّعينيّ الإشبيليّ المقرئ، مصنَّف كتاب "الكافي"، وكتاب "التّذكير"، وخطيب إشبيلية. كان من جلَّة المقرَّبين في زمانه بالأندلس. رحل وحجّ، وسمع من أبي ذرَّ الهَرَويّ، وأجاز له مكّيّ القَيْسيّ. وسمع بمصر من: أبي العبّاس بن نفيس، وأبي القاسم الكحّال؛ وبإشبيلية من: عثمان بن أحمد القيشطاليّ. وقرأ بالروايات بمكّة على القنطريّ، وبمصر على ابن نفيس. روى عنه: ابنه الخطيب أبو الحَسَن شُرَيْح، وقال: تُوُفّي عصر يوم الجمعة الرابع من شوّال، وله 84 عامًا إلّا 55 يومًا. 186- محمد بن طلحة بن محمد. أبو مسعد الْجُنَابَذِيّ النَّيسابوريّ التّاجر3. سمع من أصحاب الأصمّ. وسمع بدمشق من عبد الرحمن بن الطُّبيز.

_ 1 المشتبه "2/ 536". 2 السير "18/ 554"، البداية والنهاية "2/ 153". 3 تاريخ دمشق "38/ 133".

روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل وقال: كان صالحًا ثقة كثير البِر. وروى عنه بالإجازة وجيه الشحاميّ. 187- محمد بن عليّ بن أَحْمَد بن الحسين. أبو الفضل السَّهلكيّ البسْطاميّ الفقيه1. شيخ الصُّوفية. له الأصحاب والتصانيف في الطّريق. سمع: أبا بكر الحِيريّ، وغيره. وحدَّث بَنْيسابور. وقيل: تُوُفّي سنة 77، فالله أعلم. "حرف الياء": 188- يوسف بن سُليمان بن عيسى2. أبو الحَجَّاج الأندلسيّ النَّحويّ المعروف بالأَعْلَم. من أهل شَنْتَمَريّة. رحل إلى قُرْطُبة في سنة ثلاثٍ وثلاثين، وأتى أبا القاسم إبراهيم بن محمد الإفْلِيليّ فلازمه. وأخذ عن: أبي سهل الحَرّانيّ، ومسلم بن أحمد الأديب. وكان عالما باللُّغات والإعراب والمعاني، واسع الحفظ، جيد الضَّبط، كثير العناية بهذا الشأن. اشتهر اسمه، وسار ذكره. وكانت الرحلة إليه في وقته. أخذ عنه: أبو علي الغساني، وطائفة كبيرة. وكف بصره في آخر عمره. وكان مشقوق الشَّفة العليا شقا كبيرا. توفي بإشبيلية، وله ستٌّ وستون سنة. قال أبو الحسين شريح بن محمد: توفي أبي في منتصف شوال فأتيت أبا الحجّاج

_ 1 الإكمال "7/ 45". 2 السير "18/ 555".

الأعلم فأعلمته بموته، فإنّهما كانا كالأخوين، فانتخب وبكى، وقال: لا أعيش بعده إلّا شهرًا. فكان كذلك1. "الكنى": 189- أبو الخطاب الصّوفيّ. هو أحمد بن عليّ بن عبد الله المقرئ البغداديّ المؤدَّب2. أحد الحذَّاق. قرأ القراءات على الحمّاميّ. وله قصيدة مشهورة في السُّنَّة، رواها عنه عبد الوهّاب الأنْماطيّ. وقصيدة في آي القرآن، رواها عنه قاضي المَرِسْتان. قرأ عليه: هبة الله بن المجليّ، والخطيب أبو الفضل محمد بن المهتدي بالله. قال أبو الفضل بن خَيْرون: كان عنده عن ابن الحمّاميّ السّبعةُ تلاوةً. وقال شُجاع الذَّهليّ: كان أحد الحفّاظ للقرآن المجوِّدين. يذكر أنه قرأ بالرّوايات على الحمَّاميّ، ولم يكن معه خطٌّ بذلك، فأحسن النّاسُ به الظّنّ، وصدقوه، وقرأوا عليه. مات في رمضان سنة ستّ. كذا ورّخه ابن خَيْرُون. ووُلِد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. وفيات سنة سبع وسبعين وأربعمائة: "حرف الألف": 190- أحمد بن الحسين بن محمد بن محمد. أبو الحسين البغداديّ العطّار3.

_ 1 وفيات الأعيان "7/ 82". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 446". 3 لم نقف عليه.

سمع: أبا الحَسَن بن رزقُوَيْه، وأبا الفضل عبد الواحد التّميميّ، وأبا القاسم الحرفيّ. وعنه: إِسْمَاعِيل بْن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب بْن الأنْماطيّ. وأثنى عليه عبد الوهّاب، ووصفه بالخير، وقال: ما كان يعرف شيئًا من الحديث. ولد سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة، ومات في سادس ذي القعدة. 191- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد. أبو الحسين النَّيسابوريّ الكيّاليّ المقرئ1. سمع أبا نصر محمد بن عليّ بن الفضل الخُزاعيّ صاحب محمد بن الحسين القطّان. رَوى عَنْه: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي صالح المؤذّن. 192- أحمد بن محمد بن الفضل. أبو بكر الفَسَويّ نزيل سَمَرقند2. كان إمامًا ذا فنون وورع وديانة. سمع: أبا نُعَيم الحافظ، وأبا بكر الحِيريّ، ومحمد بن موسى الصَّيرفيّ، والحسين بن إبراهيم الحمّال. مات في رمضان عن بضعٍ وسبعين سنة. روى عنه بالإجازة أحمد بن الحسين الفراتيّ. 193- أحمد بن عبد العزيز شيبان: أبو الغنائم بن المُعَافَى التّميميّ الكرخيّ3. سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا محمد السُّكَّريّ.

_ 1 انظر السابق. 2 لا بأس به، في عدد العلماء المستورين. 3 لا بأس به.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب الأنماطيّ. مات في ربيع الأوَّل. 194- أحمد بْن محمد بْن عبد الله الأصبهاني البقّال1. تُوُفّي في رجب. 195- أحمد بْن مُحَمَّد بْن رِزْق بن عبد الله. أبو جعفر القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ2. تفقّه بابن القطّان، وأخذ عن: أبي عبد الله بن عتاب، وأبي شاكر بن قَهْب، وابن يحيى المرييّ. ورحل إلى ابن عبد البر فسمع منه. وكان فقيها، حافظا للرأي، مقدّمًا فيه، ذاكرًا للمسائل، بصيرًا بالنّوازل. كان مدار طلبة الفقه بقرطبة عليه في المناظرة والتَّفقُّه، نفع الله به كلَّ من أخذ عنه. وكان صالحا، دينا، متواضعا، حليما. على هدى واستقامة. وصفه بذلك ابن بشكوال وقال: أنا عنه جماعة من شيوخنا، ووصفوه بالعلم والفضل. وقال عياض القاضي: تخرّج به جماعة كأبي الوليد بن رُشْد، وقاسم بن الأصْبَغ، وهشام بن أحمد شيخنا. وذكره أبو الحَسَن بن مغيث فقال: كان أذْكى مَن رأيت في علم المسائل، وألْيَنَهُم كلمةً، وأكثَرَهُم حرصا على التعليم، وأنفقهم لطالب فرُع على مشاركةٍ له في علم الحديث. تُوُفّي ابن رزق فجأةً في ليلة الإثنين لخمسٍ بقين من شوّال، وكان مولده سنة سبعٍ وعشرين وأربعمائة. 196- أحمد بن المحسِّن بن محمد بن عليّ بن العبّاس. أبو الحَسَن بن أبي يَعْلَى البغداديّ العطّار الوكيل3.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 السير "18/ 563". 3 غاية النهاية "1/ 99".

أحد الدُّهاة المتبحّرين في علم الشُّروط والوثائق والدَّعاوي، يُضرب به المثل في التّوكيل. قال أبو سعْد السّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عبد الباقي الأنصاريّ يقول: طلّق رجل امرأته، فتزوَّجت بعد يوم، فجاء الزوج إلى القاضي أبي عبد الله بن البيضاوي، فطلبها القاضي ليشهِّرها، فجاءت إلى ابن المحسّن الوكيل، وأعطته مبلغًا، فجاء إلى القاضي فقال: الله الله، لا يسمع النّاس. فقال: أين العُدّة؟ قال: كانت حاملًا فوضعت البارحة ولدًا ميتًا، أفلا يجوز لها أن تتجوَّز؟!. قال عبد الوهّاب الأنماطيّ: كان صحيح السّماع، قليل الأفعال والحيْل. قلت: روى عن: أبي القاسم الحرقيّ، وأبي عليّ بن شاذان، ومحمد بن سعيد بن الرُّوزبهان. قرأ القرآن على أبي العلاء الواسطيّ، وأقرأ مدّة. روى عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وَيَحْيَى بن الطّرّاح، وَعَبْد الوهاب الأنماطيّ. تُوُفّي في رجب. ووُلد في سنة إحدى وأربعمائة. وأبوه اسمه المحسّن عند ابن السّمعانيّ، والحسين ابن النّجّار، فلعلّهما إسمان، واتفقت وفاتهما في سنةٍ واحدة. ويقوّي أنّهُما اثنان اختلاف كُنْيتهما ونسبهما، وأنّ كنية أحمد بن الحسين: أبو الحسين، وأنّ اسم جدّه محمد بن محمد بن سلمان، وأنّه ليس بوكيل، وأنّه مات في ذي القعدة، وغير ذلك. 197- إسماعيل بن مَسْعَدة بن إسماعيل بن الإمام أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل. المفتي أبو القاسم الإسماعيليّ الْجُرْجانيّ1. صدر محتشم، نبيل القدر، تامّ المروءة، واسع العلم، صدوق.

_ 1 السير "18/ 564".

كان يعِظُ ويُمْلي على فهمٍ ودراية. وحدَّث ببلاد كثيرة. وكان عارفًا بالفقه، مليح الوعْظ، له يدٌ في النَّظم والنَّثر والتَّرسُّل. حدَّث بكتاب "الكامل" وبـ"المعجم" لابن عديّ، وبـ"تاريخ جُرْجان". سمع: أباه، وعمّه المُفَضَّل، وحمزة السَّهميّ، والقاضي أبا بكر محمد بن يوسف الشالنجي، وأحمد بن إسماعيل الرَّباطيّ، وجماعة. روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، وإسماعيل بن السَّمرقندي، وأبو منصور بن خيرون، وأبو الكرم الشهرزوري، وأبو البدر الكرخيّ، وآخرون. ولد في سنة سبعٍ وأربعمائة. قال إسماعيل السَّمرقنديّ: سمعتُ ابن مَسْعَدة: سمعتُ حمزة بن يوسف: سمعتُ أبا بكر الإسماعيليّ يقول: كتْبه الحديث رِق الأبد. تُوُفّي ابن مَسْعَدة بجُرْجان. "حرف الباء": 198- بيبي بنت عبد الصّمد بن عليّ بن محمد1. أم الفَضل، وأم عزَّي الهرثميَّة الهَرَويّة. راوية الجزء المنسوب إليها. عن: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح صاحب البغويّ، وابن صاعد. توفيت فِي هذا العام أو فِي الّذِي بعدَه. وقد كمَّلت التسعين وتعدَّتها. روى عنها: ابن طاهر المقدسي، ووجيه الشحامي، وأبو الوَقْت السِّجزيّ، وَعَبْد الجليل بن أَبِي سَعْد الهروي وهو آخر من روى عنها. قال أبو سعد السَّمعانيّ: هي من أهل بخشة، قرية على أربعة فراسخ من هراة، صالحة عفيفة. عندها جزء من حديث ابن أبي شريح تفرَّدت برواية ذلك في عصرها. سمع منها عالمٌ لا يُحصون. وكانت ولادتها في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة.

_ 1 السير "18/ 403".

قال: وماتت في حدود خمسٍ وسبعين بهراة. روى لنا أبو الفتح محمد بن عبد الله الشيرازيّ، وعبد الجبّار بن أبي سعْد الدّهّان، وجماعة. قلت: وقد روى أبو عليّ الحدّاد في معجمه، عن ثابت بن طاهر الهَرَويّ، عن بيبي الهرثمية. وَقَدْ أَدْخَلَ بَعْضُ الْمُتَفَضِّلِينَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي رَوَتْهُ حَدِيثًا مَوْضُوعًا، رَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ أَخِي مِيمِيٍّ، عَنِ الْبَغَوِيِّ. أخبرناه أبو الْحُسَيْن اليُونِينيّ. وأبو عَبْد اللَّه بْن النّحاس النَّحويّ، وآخرون أنّ أبا المنجَّى بن اللُّتّيّ أخبرهم، وَأَنَاهُ أَبُو الْمَعَالِي الْأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا زَكَرِيَّا الْعُلَبِيُّ قَالَا: أَنَا عَبْدُ الْأَوَّلِ السِّجزيّ. ح. وَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ إِجَازَةً، أَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْمُعَدَّلُ، قَالَا: أَخْبَرَتْنَا بيبي: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبير،. وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسٌ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي بَعْضِ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، مَعَهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ يَتَمَارَوْنَ، وَقَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ، يَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَا الَّذِي كُنْتُمْ تُمَارُونَ قَدِ ارْتَفَعَتْ فِيهِ أَصْوَاتُكُمْ وَكَثُرَ لَغَطُكُمْ"؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَيْءٌ تكلَّم فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَاخْتَلَفَا، فَاخْتَلَفْنَا لاخْتِلَافِهِمْ. فَقَالَ: "وَمَا ذَاكَ"؟ قَالُوا: فِي الْقَدَرِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُقَدِّرُ اللَّهُ الْخَيْرَ، وَلَا يقدَّر الشَّرَّ. وَقَالَ عُمَرُ: يُقَدِّرُهُمَا جَمِيعًا. فَقَالَ: "أَلَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا فِيهِ بِقَضَاءِ إِسْرَافِيلَ بَيْنَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ1؟ قَالَ جِبْرِيلُ مَقَالَةَ عُمَرَ، وَقَالَ مِيكَائِيلُ مَقَالَةَ أَبِي بَكْرٍ"؛ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ. تأملتُ هذا الحديث يومًا فإذا هو يشبه أقوال الطُّرقيّة، فجزمت بوضعه، لكونه بإسنادٍ صحيح. ثمّ سألت شيخنا ابن تيمية عنه، فقال: هذا كذب، فاكتب على النُّسخ أنّه موضوع.

_ 1 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي "1/ 273" في الموضوعات. انظر: الميزان "4/ 374، 375"، واللسان "6/ 253، 254"، وتنزيه الشريعة "2/ 315".

قلت: والظّاهر أنّ بعض الكذابين أدخله على البغويّ لمّا شاخ وانهزم. وأمّا ابن الجوزيّ فقال في الموضوعات: المتَّهم به: يحيى بن زكريّا، قال ابن مَعِين: هو دجّال هذه الأمّة. "حرف الثاء": 199- ثابت بن أحمد بن الحسين. أبو القاسم البغداديّ1. قدِم دمشق من بغداد حاجًّا، وذكر أنّه سمع أبا القاسم بن بِشْران، وأبا ذر عبد بن أحمد الهَرَويّ، ومحمد بن جعفر الميماسيّ. روى عنه: الفقيه نصر المقدسيّ، وأحمد بن حسين سبط الكامليّ. قال غَيْث الأرمنازيّ: قدِم علينا وذكر أنّه سمع من عبد الملك بن بشران وأبي ذرّ. وأجاز لنا في ربيع الأوّل سنة سبعٍ وسبعين، وانّ مولده في أوّل سنة إحدى وأربعمائة. وروى نصر في أماليه، أنّ ثابتًا هذا حدّثه أنه شاهد رجلًا أذّن بمدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند قبره -صلى الله عليه وسلم- للصبح، وقال في الأذان: الصّلاة خير من النوم، فجاء بعض خَدَم المسجد فلطمَهُ، فبكى الرجل وقال: يا رسول الله في حضْرتك يُفعل بي هذا! ففُلِج الخادم في الحال، فحملوه إلى بيته، فمات بعد ثلاثٍ. "حرف الحاء": 200- الحُسين بن أحمد بن عليّ بن البقال2. أبو عبد الله الأزجيّ، الفقيه الشّافعيّ، تلميذ أبي الطّيّب الطَّبريّ. علَّامة مدقّق، زاهد متعبد. وُلْي قضاء الحريم مدّة. ودرَّس وأفتى. وحدَّث عن: عبد الملك بن بِشْران. في شعبان عن ستٍّ وسبعين.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 312". 2 الكامل في التاريخ "10/ 141".

201- الحسين بن عثمان بن أبي بكر النَّيسابوريّ1. حدَّث عن عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وغيره. تُوُفّي في ربيع الأوّل. 202- الحسين بن محمد بن الحُسين. أبو الغنائم بن السّراج الشّاذانيّ. بغداديّ2. سمع من: عبد الله بن يحيى السُّكَّريّ. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ. وله سميٌّ في الطبقة الآتية. "حرف الخاء": 203- خَلفَ بْن إبراهيم بْن محمد. أبو القاسم القيسيّ الطُّليطليّ3، نزيل دانِية. قرأ على: أبي عَمْرو الدّانيّ. وأقرأ النّاس. مات رحمه الله في ربيع الأوّل. "حرف الطاء": 204- طاهر بن هشام بن طاهر. أبو عثمان الأزْديّ، الفقيه المالكيّ الأندلسيّ4. مفتي المريّة.

_ 1 لم نقف عليه. 2 الأنساب "7/ 237". 3 غاية النهاية "1/ 271، 272". 4 الصلة "1/ 240".

روى عن: المهلب بن أبي صُفْرة؛ ورحل وأخذ عن: أبي عمران الفاسي، وأبي ذر الهَرَويّ. قال ابن بشكوال: أنبا عنه جماعة من شيوخنا. وقيل: إنّه عاش ستًا وثمانين سنة. "حرف العين": 205- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الكريم بن هوازن. الإمام أبو سعْد بن القُشَيْريّ1. كان أكبر أولاد الشّيخ، وكان كبير الشّأن في السُّلوك والطّريقة، ذكيًّا أصوليًّا، غريز العربيّة. سمع: أبا بكر الحِيريّ، وأبا سعيد الصَّيرفيّ، وهذه الطبقة. ومولده سنة أربع عشرة وأربعمائة، وقدم بغداد مع أبيه. وسمع من: أبي الطَّيِّب الطَّبريّ، وأبي محمد الجوهريّ. قال السّمعانيّ: كان رضيع أبيه في الطريقة، وفخر ذويه وأهله على الحقيقة. ثمّ بالغ في تعظيمه في التَّصوُّف، والأصول، والمناظرة، والتفسير. قال: وكانت أوقاته ظاهرًا مستغرقًا في الطّهارة والاحتياط فيها، ثمّ في الصلوات والمبالغة في وصل التّكبير، وباطنًا في مراقبة الحقّ، ومشاهدة أحكام الغيب. لا يخلو وقته عن تنفُّس الصُّعداء وتذكر البُرَحاء، وترنُّم بكلامٍ منظومٍ أو منثور، يُشعرُ بتذكر وقتٍ مضى، وتأسُّفٍ على محبوب مَرّ وانقضى. وكان أبوه يعاشره معاشرة الإخْوة، وينظر إلى أحواله بالحُرمة. روى عنه: ابن أخته عبد الغافر بن إسماعيل الفارسيّ، وابن أخيه هبة الرحمن، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وعائشة بنت أحمد الصّفّار، وجماعة. وذكر عبد الغافر أنّ خاله أصابته علّة احتاج في معالجتها إلى الأدوية الحارّة،

_ 1 السير "18/ 562، 563".

فظهر به علّةٌ من الأمراض الحادّة، وامتدّت مدّة مرضه ستة أشهر، إلى أن ضعف ومات في سادس ذي القعدة قبل أمّه بأربع سنين، وهي فاطمة بنت الدّقّاق. قال عبد الغافر: هو أكبر الإخوة، من لا ترى العيون مثله في الدُّهور، ذو حظٍّ وافر من العربيّة، وحصّل الفقه، وبرع في علم الأصول بطبْع سيّال، وخاطر، إلى مواقع الإشكال ميّال، سباق إلى درَك المعاني، وقاف على المدارك والمباني. وأمّا علوم الحقائق فهو فيها يشقّ الشَّعر. قلت: وطوّل ترجمته. 206- عبد الرحمن بن محمد بن عفيف1. أبو منصور البّوشنجيّ الهَرَويّ، المعروف بكُلّاريّ. سمع: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح. وقيل: إنّه آخر من روى عَنْهُ. روى عَنْهُ: أَبُو الوقت، ووجيه الشّحّاميّ، وأبو عليّ الحَسَن بن محمد بن السَّنجبستيّ، ومحمد وفضيل ابنا إسماعيل الفُضَيْليّان، وضحاك بن أبي سعْد الخباز، وزهير بن عليّ بن زهير الجذاميّ السرَّخسيّ، وعبد الجليل بن أبي سعْد. وقع لنا من طريقه بعُلُوّ حكايات شُعْبة للبَغَويّ. وكان صالحًا معمَّرًا. مات في رمضان ببُوشَنْج. 207- عبد السّيّد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ بن جعفر2. ابن الصّبّاغ الفقيه أبو نصر البغداديّ الشّافعيّ، فقيه العراق، ومصِّنف كتاب "الشامل". كان يقدَّم على الشّيخ أبي إسحاق في معرفة المذهب. ذكره السّمعانيّ فقال: ومن جملة التّصانيف الّتي صنَّفها: "الشّامل"، و"الكامل"، و"تذكرة العالم والطريق السالم". قال: وكان يضاهي أبا إسحاق. وكانوا يقولون: هو أعرف بالمذهب من أبي إسحاق. وكانت الرحلة إليهما في المختلف والمتفق.

_ 1 السير "18/ 442". 2 السير "18/ 464".

قال: وكان أبو نصر ثبتا حجة ديِّنًا خيرا. ولي النظامية بعد أبي إسحاق، وكفَّ بصره في آخر عمره. وحدَّث بجزء ابن عرفة، عن محمد بن الحسين القطّان. وسمع أيضًا أبا عليّ بن شاذان. روى لنا عنه: ابنُه أبو القاسم عليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو نصر الغازي، وإسماعيل بن محمد بن الفضل، وغيرهم. ومولده في سنة أربعمائة. وقال الحاكم، وابن خلَّكان: كان تقيا، صالحًا، له كتاب "الشّامل"، وهو من أصحّ كُتُب أصحابنا، وأثبتها أدِلةً. درَّس بالنظامية ببغداد أوّل ما فتحت، ثمّ عُزِل بأبي إسحاق بعد عشرين يومًا. وذلك في سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة. وكان النّظّام أمر أن يكون المدرَّس بها أبو إسحاق، وقرروا معه أن يحضر في هذا اليوم للتدريس، فاجتمع النّاسُ، ولم يحضر أبو إسحاق، فطلب، فلم يوجد، فأُرسل إلى أبي نصر وأحضِر، ورتَّب مدرَّسها، وتألم أصحاب أبي إسحاق، وفَتَرُوا عن حضور درسه، وراسلوه أنّه إنْ لم يدرس بها لزِموا ابن الصّبّاغ وتركوه. فأجاب إلى ذلك، وصُرف ابن الصّبّاغ. قال شُجاع الذُّهليّ: تُوُفّي أبو نصر بن الصَّبَّاغ في يوم الثّلاثاء ثالث عشر جُمَادَى الأولى، ودفن من الغد في داره بدرب السَّلوليّ. قال ابن السّمعانيّ: ثمّ نُقِل إلى مقابر باب حرب. وقد درس بعد أبي إسحاق سنة، ثمّ عُزِل أيضًا وعَمِي. 208- عبد الوهّاب بن عليّ بن عبد الوهّاب: البغداديّ السُّكّريّ البزاز المعروف بابن اللَّوح1. سمع من: هلال الحفّار.

_ 1 لم نقف عليه.

وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ. وتُوُفّي في رمضان وله 76 سنة. وسمع من: أبي أحمد الفرضيّ أيضًا. 209- عليّ بن أحمد بن عبد العزيز بن طُبَيز. أبو الحَسَن الأنصاريّ المَيُورْقيّ، الأندلسيّ1. حكى عن: أبي عَمْر بن عبد البرّ، وغيره. وسمع بدمشق من: عبد العزيز الكتّانيّ، وابن طلّاب. وكان من علماء اللغة والنَّحو، دينًا، فاضلًا، فقيهًا، عارفًا بمذهب مالك كتبَ بصور عامَّة تصانيف أبي بكر الخطيب وحصلها. وحدَّث بالقُدس، والبحرين، وبغداد. حكى عنه: شيخاه: الخطيب، والكتّانيّ، وعَمْر الرُّؤاسيّ. وأثنى عليه الحافظ ابن ناصر وقال: انحدر إلى البصرة وتُوُفّي بها. وقال: سمعتُ أبا غالب محمد بن الحَسَن الماوَرْديّ يقول: قدِم علينا أبو الحَسَن سنة تسعٍ وستِّين، فسمع السُّنن من أبي عليّ التُّستريّ، وأقام عنده نحوًا من سنتين، ثمّ ذهب بعد ذلك إلى عُمان، والتقيتُ به بمكّة في سنة ثلاثٍ وسبعين. وأخبرني أنّه ركبَ البحر إلى بلاد الزَّنج، وكان معه من العلوم أشياء فما نفق عندهم إلَّا النَّحو. وقال: لو أردت أن أكسب منهم آلافًا لأمكن ذلك، وقد حصل لي نحوٌ من ألف دينار، وأسِفوا على خروجي من عندهم. ثمّ إنّه عاد إلى البصرة على أن يقيم بها، فلمّا وصل إلى باب البصرة وقع عن الجمل، فمات بعد رجوعه من الحجّ. وقال ابن عساكر: ثنا عنه هبة الله بن الأكفانيّ ووثقه. قلت: وذكر وفاته هبة الله في هذه السُّنّة. وأما ابن السّمعانيّ وغيره فقالوا: تُوُفّي سنة أربعٍ وسبعين، وهو أشبه.

_ 1 بغية الوعاة "2/ 144".

210- عليّ بن محمد: أبو الحَسَن الغَزْنَويّ1. ولي قضاء دمشق في أيام تاج الدّولة تُتُش بن ألْب أرسلان. وفي هذه السّنة ضُرِب وسجن، وولي القضاء نجم القضاة. وذكره ابن عساكر مختصرًا. "حرف الفاء": 211- الفضل بن محمد. أبو عليّ الفارَمْذِيّ2. تُوُفّي -رحمه الله- في شهر ربيع الآخر. وكان شيخ الصُّوفيّة في زمانه. ذكره عبد الغافر فقال: هو شيخ الشيوخ في عصره وزمانه، المنفرد بطريقته في التذكير التّي لم يُسبق إليها في عبارته وتهذيبه، وحسن آدابه، ومليح استعاراته، ودقيق إشارته ورقة ألفاظه، ووقع كلامه في القلوب. دخل نَيْسابور، وصحب زينَ الإسلام القُشَيْريّ، وأخذ في الاجتهاد البالغ. وكان ملحوظًا من الإمام بعين العناية، موفرًا عليه منه طريقة الهداية. وقد مارس في المدرسة أنواعًا من الخدمة، وقعد سنين في التفكير، وعَبَر قناطر المجاهدة، حتّى فُتِح عليه لوامع من أنوار المشاهدة. ثمّ عاد إلى طُوس، واتصل بالشيخ أبي القاسم الكركانيّ الزّاهد مصاهرةً، وصُحبةً، وجلس للتذكير، وعفّى على من كان قبله بطريقته، بحيث لم يعهد قبله مثله في التذكير. وصار من مذكّري الزّمان، ومشهوري المشايخ. ثمّ قدِم نَيْسابور، وعقد المجلس، ووقع كلامه في القلوب، وحصل له قبول عند نظام المُلْك خارج عن الحدّ، وكذلك عند الكبار. وسمعتُ ممّن أثق به أنّ الصّاحب خدمه بأنواع من الخدمة، حتّى تعجَّب الحاضرون منه.

_ 1 تاريخ دمشق "37/ 385". 2 السير "18/ 565".

وكان ينفق على الصوفية أكثر مما يُفتح له به. وكان مقصدًا من الأقطار للصُّوفيّة. وكان مولده في سنة سبعٍ وأربعمائة. وسمع من: أبي عبد الله بن باكويه، وأبي حسّان المزكّى، وأبي منصور البغداديّ، وابن مسرور، وجماعة. روى عنه عبد الغافر، وعبد الله بن عليّ الحركوشيّ، وعبد الله بن محمد الكوفيّ العلويّ، وأبو الخير صالح السّقّاء، وآخرون. 212- أبو الفضل بن القاضي أبي بكر أحمد بن الحَسَن بن أحمد الحِيريّ1. تُوُفّي فِي صفر. "حرف الميم": 213- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إبراهيم بن سلة. أبو الطّيِّب الأصبهاني2. عن: أبي عليّ الحَسَن بن عليّ بن أحمد البغداديّ. وعنه: الحافظ أبو سعْد البغداديّ، وأبو القاسم الطّلْحيّ، وأبو الخير الباغبان، وآخرون. حدَّث في ذي الحِجّة من السنة، وانقطع خبره. 214- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن القاسم. أبو الفضل ابن العلّامة أبي الحَسَن المَحَامليّ3. الفقيه الشّافعيّ. سمع: أبا الْحُسَيْن بْن بشران، وأبا عليّ بْن شاذان، وجماعة. أخذ عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وغيره.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لم نقف عليه. 3 المنتظم "9/ 13".

وكان من الأذكياء. مات في رجب عن إحدى وسبعين سنة. 215- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن فرُّوخ زاد. القاضي أبو سعيد النَّوقانيّ، الفرخزاديّ الطُّوسيّ1. قال السّمعانيّ: فاضل، عالم، سديد السّيرة، مُكثر من الحديث. وسمع من: ابن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف الأصبهاني، والسُّلميّ، ويحيى المُزَكّيّ، وأبي عَمْر البسطاميّ. وسمع من: الثَّعلبيّ أكثر تفسيره. مولده سنة تسعين. وقيل: نيّفٌ وتسعين وثلاثمائة. حدَّث عنه: أبو سعد محمد بن أحمد الحافظ، والعباس بن محمد العصّاريّ، وأحمد بن محمد بن بِشْر النَّوقانيّ، ومحمد بن أحمد بن عثمان النَّوقانيّ، وصخر بن عبيد الطّابَرَانيّ. تُوُفّي سنة سبعٍ وسبعين. قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بِنُوقَانَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أنا أَبُو طَاهِرٍ مَحْمِشٌ، أنا صَاحِبُ ابْنِ أَحْمَدَ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، نَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ: حدَّثنيّ الْحَسَنُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى خَشَبَةٍ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قَالَ: "ابْنُوا لِي مِنْبَرًا لِلْحَدِيثِ" 2. 216- محمد بن عمّار. أبو بكر المهري الأندلسيّ، ذو الوزارتين3.

_ 1 لا بأس به. 2 "حديث حسن": أخرجه أحمد "3/ 226"، وابن خزيمة "1776"، وابن المبارك "361" في الزهد، والبيهقي "2/ 559" في دلائل النبوة، وابن حبان "574"، ولكن يخشى من عنعنة الحسن، وهو من المدلسين. 3 السير "18/ 582".

شاعر الأندلس. كان هو وابن زيدون الأندلسيّ القُرْطُبيّ كَفَرَسَيْ رِهان. وكان ابن عمّار قد اشتمل عليه المعتمِد بن عبّاد، وبلغ الغاية القصوى، إلى أن استوزره، ثمّ جعله نائبًا له على مَرْسِية، فعصى بها على المعتمد، فلم يزل يحتال عليه ويتلطف إلى أن وقع في يده، فذبحه صبرًا بيده، لعصيانه، ولكونه هجا المعتمِد وآباءه، بقوله: مما يُقَبِّحُ عندي ذِكْر أندلسٍ ... سماعُ معتمدٍ فيها ومُعْتَضِد أسماءُ مملكةٍ في غير موضعها ... كالهرّ يَحكي انتفاخًا صَوْلَةَ الأسدِ وقيل: قتله في سنة تسعٍ وسبعين. ومن شعره: أَدرِ الزُّجاجة فالنّسيمُ قد انْبَرى ... والنَّجم قد صرف العِنانَ عن السُّرى والصُّبح قد أهدى لنا كافورِهُ ... لمّا استردّ اللَّيل منّا العنبرَا ومنه: ملكٌ إذا ازدحم الملوكُ بموردٍ ... ونَحَاهُ لا يردوه حتّى يصدُرا أنْدَى على الأكباد من قَطْرِ النَّدى ... وأَلَذُّ في الأجفان من سِنة الكرى قدَّاح زند المجد لا ينفكُّ من ... نار الوَغَى إلَّا إلى نار القِرى جلَّلت رمحك من رؤوس كُمَاتِهِم ... لمّا رأيت الغُصْنَ يُعَشْق مُثِمرًا والسَّيف أفصحُ من زيادٍ خُطْبةً ... في الحرب إنْ كانت يمينُك مِنْبَرا1 وله: عليَّ وإلَّا ما بكاءُ الغمائمِ؟ ... وفيَّ وإلَّا ما نِياحُ الحمائمِ؟ وعنيّ أثارَ الرَّعد صَرْخَةَ طالبٍ ... لثأرٍ وهزَّ البْرقُ صفحة جارم وما لبست زهر النُّجوم جدادها ... لغيري ولا قامت له في مأتمِ ومنه: أبى الله أنْ تَلْقاه إلَّا مقلَّدًا ... حَمِيلةَ سيفٍ أو حمالة غارم2

_ 1 المغرب في حُلي المغرب "1/ 391". 2 السير "18/ 584".

وقد جال ابن عمّار في الأندلس، ومدح الملوك والرؤساء، حتّى السُّوقة؛ حتّى أنّه مدح رجلًا مرة، فأعطاه مِخلاة شَعِير لحماره، وكان ذلك الرجل فقيرًا. ثمّ آل بابن عمّار الأمر إلى أن نفق على المعتمد، وولَّاه مدينة شِلْب، فملأ لصاحب الشعير مخلاةً دراهم، وقال للرسول: لو ملأتها بُرًا لملأناها تِبْرًا. ولمّا استولى على مُرْسِية خلع المعتمد، ثمّ عمل عليه أهل مُرْسية فهربَ ولجأ إلى بني هُود بسرَقُسْطَة، فلم يقبلوه، ثمّ وقع إلى حصن شقُّورة فأحسن متولّيه نُزُلَه، ثمّ بعد أيّام قيَّده، ثمّ أُحضر إلى قُرْطُبة مقيَّدًا على بغلٍ بين عِدْلي تبنٍ لِيَراه النّاس. وقد كان قبل هذا إذا دخل قُرْطُبة اهتزت له، فسجنه المعتمد مدَّةً، فقال في السّجن قصائد لو توسل بها إلى الزّمان لنَزَع عن جَوْره، أو إلى الفُلْك لكَفّ عن دَوْره، فكانت رقيً لم تنْجَع، وتمائم لم تنفع، منها: سجاياكَ -إن عافَيتَ- أنْدى وأسْجحُ ... وعُذرك -إنّ عاقبتَ- أجْلَى وأوْضحُ وإنْ كان بين الخطَّتين مزيَّة ... فأنتَ إلى الأدْنى من الله تجنح حنانيك في أخْذي برأيك، لا تُطِعْ ... عِدايَ، ولو أثْنَوا عليك وأفصحوا أقِلْني بما بيني وبينك مِن رضى ... له نحو روح الله بابٌ مفتَّح ولا تلتفت قولَ الوشاة ورأيهم ... فكُل إناءٍ بالّذي فيه يَرْشَحُ 217- محمد بن محمد بن أصبغ: أبو عبد الله الأزْديّ القُرْطُبيّ1، خطيب قرطبة. جوَّد القرآن على مكّيّ بن أبي طالب. وأخذ عن: حاتم بن محمد، ومحمد بن عتّاب، وجماعة. وكان فاضلًا، ديّنًا، متواضعًا، مقرئا، كثير العناية بالعِلم. ولا نعلمه حدَّث. 218- محمد بن محمود بن سَوْرة2. الفقيه أبو بكر التّميميّ النَّيسابوريّ، ختن أبي عثمان الصابونيً على ابنته.

_ 1 غاية النهاية "2/ 239". 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

سمع: ابن مَحْمِش الزياديّ، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ. روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وجماعة. تُوُفّي في ربيع الأوّل. وروى عنه: سعيدة بنت زاهر، وعبد الله بن الفُراويّ. 219- محمد بن محمد بن جعفر. أبو الحَسَن النّاصحّي النَّيسابوري الفقيه1. كان ديِّنًا ورِعًا فاضلًا. روى عن: أصحاب الأصمّ. روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل. يروى عن: الحِيريّ، والسُّلميّ. وتفقه على أبي محمد الْجُوَيْنيّ. 220- مسعود الرَّكّاب2. الحافظ. قال ابن النّجّار: قدم بغداد بعد الثّلاثين وأربعمائة، فسمع من بُشْرَى مولى فاتن، وجماعة. وبواسط من: أحمد بن المظفّر العطّار. سمع منه الصُّوريّ، وهو شيخه. وقال عبد الغافر الفارسيّ: كان متقنًا ورعًا، قصير اليد، زجّى عمره كذلك إلى أن ارتبطه نظام المُلْك بَبْيَهق مدّةً، ثمّ بطُوس للاستفادة منه. وكان يُسمع إلى آخر عمره. وقال أحمد بن ثابت الطُّرفيّ: سمعتُ ابن الخاضبة يقول: كان مسعود قدريا. سمعته قرأها: "فحجَّ آدم"، بالنَّصب.

_ 1 الأنساب "12/ 16". 2 السير "18/ 532".

221- مسعود بن ناصر بن أبي زيد عبد الله بن أحمد1. أبو سعيد السِّجزيّ الرّكّاب الحافظ. أحد الرّحّالين والحُفّاظ، صنَّف التّصانيف وجمع الأبواب؛ وسمع بسِجِسْتان من: أبي الحَسَن عليّ بن بُشْرَى، وأبي سعيد عثمان النُّوقانيّ. وبَهَراة من: محمد بن عبد الرحمن الدّبّاس، وسعيد بن العبّاس القُرَشيّ، وأبي أحمد منصور بن محمد بن محمد الأزْديّ. وبنيسابور من: أبي حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبي سعد النَّصرويي، وأبي حفص بن مسرور. وبَبغداد من: ابن غَيْلان، وأبي محمد الخلَّال، والتَّنوخيّ. وبإصبهان من: ابن رِيذَة، وخلْق كثير. روى عنه: محمد بن عبد العزيز العِجْليّ المَرْوَزِيّ، وأبو بكر عبد الواحد بن الفضل الطُّوسيّ، وأبو نصر الغازي، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وأبو الغنائم النّرْسيّ، والحافظ أبو بكر الخطيب مع تقدُّمه، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق وقال: ولم أر فيهم -يعني المحدّثين- أجود إتقانًا ولا أحسن ضَبْطًا منه. وقال زاهر الشّحّاميّ: كان مسعود بن ناصر يذهب إلى رأي القدريّة، ويميل إليهم - وكان يقرؤها في الحديث: "فحجَّ آدَمَ مُوسَى" 2. وقد روى أبو بكر الخطيب عن مسعود.

_ 1 السير "14/ 59" طبعة التوفيقية. 2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6614"، ومسلم "2652"، وأبو داود "4701"، والترمذي "2141"، وأحمد "2/ 248، 264، 268، 298، 448". وقال ابن حجر في الفتح "11/ 157": اتفق الرواة والنقلة والشراح على أن آدم بالرفع وهو الفاعل، وشذ بعض الناس فقرأها بالنصب على أنه المفعول، وموسى في محل الرفع على أنه الفاعل، نقله الحافظ أبو بكر بن الخاصية عن مسعود بن تامر السجزي، وكان قدريًّا. وهو محجوج بالاتفاق قبله على أن آدم بالرفع على أنه الفاعل، وقد أخرجه أحمد من رواية الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بلفظة: "فحجه آدم"، وهذا يرفع الإشكال، فإن رواته أئمة حفاظ، والزهري من كبار الفقهاء الحفاظ، فروايته هي المعتمدة في ذلك، ومعنى حجه: غلبه بالحجة.

وتُوُفّي بَنْيسابور في جُمَادَى الأولى، وصلى عليه أبو المعالي الْجُوَيْنيّ، ووقفَ كُتُبَه بَنْيسابور، وكانت كثيرة نفيسة. 222- منصور بْن عَبْد الله بْن محمد بْن منصور المنصوريّ. الفقيه أبو القاسم الطُّوسيّ1. روى عن أصحاب الأصمّ، مثل أبي بكر الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيرفيّ، وروى عنه عبد الغافر وقال: تُوُفّي ليلة عيد الأضحى، وكان صالحًا مكثرًا. "حرف النون": 223- نصْر بن بِشْر. أبو القاسم الشَّافعيّ2. سمع: أبا عليّ بن شاذان، وجماعة. وتفقه على القاضي أبي الطّيّب. ونزل البصرة. سمع منه: الحُمَيْدِيّ، وشُجاع الذَّهليّ. وفيات سنة ثمان وسبعين وأربعمائة: "حرف الألف": 224- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أبي الحسين. الشّيخ أبو الحَسَن الكيّاليّ النَّيسابوريّ المشّاط المقرئ3. شيخ ثقة، جليل، عالم، ذو ثروة وحِشْمة. روى عن: أبي نصر محمد بن الفضل بن عقيل، وابن مَحْمِش الزِّياديّ، وعبد الله بن يوسف الأصبهانيّ.

_ 1 لا بأس به. 2 طبقات الشافعية "4/ 29" للسبكي. 3 وثقه المصنف، ولم نقف عليه.

ثم سمع الكثير مع ابنه مسعود من: أبي بكر الحيريّ، وأبي الحسين السّقّاء، وأبي سعْد الصَّيرفيّ. ذكره عبد الغافر فأثنى عليه وقال: قيل: كان له سماع من أبي الحُسين الخفّاف. وُلِد سنة أربعٍ وثمانين. وتوفّي في سابع عشر جُمَادَى الأولى سنة ثمانٍ. روى عنه: عبد الغافر المذكور، وإسماعيل بن المؤذّن، وإسماعيل بن عبد الرحمن العصائديّ، وأحمد بن الحَسَن الكاتب، وآخرون. وقلَّ ما روى. 225- أحمد بن عَمْر بن أنّس بن دُلْهاث بن أنّس بن فَلْذان بن عَمْر بن مُنيب. أبو العبّاس العُذْريّ الدَّلايي1. ودَلايةَ من عمل المَريّة. رحل مع أبَوَيْه فدخلوا مكَّة في رمضان سنة ثمانٍ وأربعمائة، وجاوروا بها ثمانية أعوام، فأكثر عن أبي العبّاس الرّازيّ راوي صحيح مسلم، وأبي الحسن بن جهضم، وأبي بكر بن نوح، وعليّ بن بندار القزوينيّ. وصحب أبا ذرّ، وسمع منه البخاريّ سبْعَ مرات. وسمع من جماعة من الحَجَّاج، ولم يسمع بمصر شيئًا. وكتب بالأندلس عن أبي عليّ البجَّانيّ الحسين بن يعقوب صاحب سعيد بن فَحْلُون، وعن أبي عَمْر بن عفيف، والقاضي يونس بن عبد الله، والمهلَّب بن أبي صُفْرة، وأبي عمرو السَّفاقسيّ. وكان معينًا بالحديث، ثقة، مشهورًا، عالي الإسناد، ألحَقَ الأصاغر بالأكابر حدَّث عَنْه: إماما الأندلس: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرَّ، وأبو محمد بن حَزْم، وأبو الوليد الوَقْشيّ، وطاهر بن مفوَّز، وأبو عليّ الغسّانيّ، وأبو عبد الله الحُمَيْدِيّ وأبو عليّ الصَّدفيّ، وأبو بحر سُفيان بن العاص، والقاضي أبو عبد الله بن شبرين، وجماعة كثيرة. ووُلِد في رابع ذي القعدة سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة. ومات في سَلْخ شعبان. وصلى عليه ابنه أنس.

_ 1 السير "18/ 567".

وقد صنَّف كتاب "دلائل النُّبوَّة"، وكتاب "المسالك والممالك". قلت: أحسبه آخر من روى عن ابن جَهْضَم في الدُّنيا. قال ابن سكَّرة: أنا أبو العبّاس العُذريّ، ثنا محمد بن نوح الأصبهاني بمكّة، ثنا أبو القاسم الطّبَرانيّ، فذكر حديثًا. 226- أحمد بن عيسى بن عبّاد بن عيسى بن موسى. أبو الفضل الدَّينوريّ، المعروف بابن الأستاذ1. قدم هَمَذان قبل السَّبعين، وحدَّث عن: أبيه أبي القاسم، وأبي بكر بن لال، وأحمد بن تُرْكان، وعبد الرحمن الإمام، وعبد الرحمن الصَّفَّار، وطاهر بن ماهلة، وأبي عمر بن مهديّ، وعليّ البيِّع، وجماعة. قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه بهمذان، والدَّينور، وكان صدوقًا. سألته عن مولده فقال: وُلدتُ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. ومات بالدِّينور سنة ثمانٍ. قلت: فيكون عمره سبْعًا وتسعين سنة، وكان رحمه الله مُسْنِد تلك الدِّيار في زمانه. 227- أحمد بن محمد. أبو العبّاس النَّيسابوريّ التّاجر الصّوفيّ، المعروف بأحمد محمود2. خادم الفقراء في مدرسة الحدّادين سنين. وقد خدم الشّيخ محمود الصُّوفي مدّة، ولِذا نُسب إليه. وقد ورث عن أبيه أموالًا جمَّة، أنفقها على الفقراء. وقد تخرَّج به جماعة، وكان له نفسُ صادق، وقَبُول بين الأكابر. يفتح على يديه ولسانه للفقراء أنواع الفتوح. وقد سمع من أبي حفص بن مسرور. وتُوُفّي رحمه الله بناحية جوين في شعبان كهلًا.

_ 1 السير "18/ 584". 2 لم نقف عليه.

228- أحمد بن محمد بْن الحَسَن بْن فُورَك1. أبو بَكْر الزُّهريّ النَّيسابوريّ سبط الأستاذ أبي بكر بن فورك. كان أحد الكتَّاب والمترسِّلين، يلبس الحرير. سمع مسند الشّافعيّ من أبي بكر الحِيريّ. وسمع من أبي حفص بن مسرور، وجماعة. وكان زوج بنت القُشَيْريّ، ذكيًّا مُناظرًا، واعظًا، شَهْمًا، مُقبِلًا على طلب الجاه والتّقدُّم، وبسببه وقعت فتنةٌ ببغداد بين الحنابلة والأشاعرة. وقد روى عنه: إسماعيل بن محمد التَّميميّ الحافظ، وأبو القاسم إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وغيرهما. ووعظ ببغداد، ونَفَقَ سُوقُه وزادت حشمته وأملاكه ببغداد، وتردّد مرّاتٍ إلى المعسكر. وكان نظام المُلْك يُكرمه ويحترمه. قال ابن ناصر: كان داعيةً إلى البدْعة، يأخذ مَكْس الفحْم من الحدادين. 229- أحمد بن محمد بن الحَسَن بن داود الأصبهاني. الخيّاط، سِبْط محمد بن عَمْر الجرواآنيّ2. مات فجأةً في سَلخ ذي القِعْدة. 230- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن يحيى ين خليل بن ماسوَيْه. أبو العبّاس بن الحدّاد الأنصاريّ البَلَنْسِيّ3. حجّ سنة اثنتين وخمسين، ودخل إلى خُراسان، وعاد إلى مصر. وكان واسع العلم والرواية. ذكره ابن الآبّار في تاريخه.

_ 1 البداية "12/ 127". 2 في عداد المجهولين. 3 لم نقف عليه.

231- إسماعيل بن أحمد بن عبد العزيز. أبو القاسم السّياريّ العطّار النَّيسابوريّ1. شيخ، معتَمَد، رئيس. صحب أبا محمد الْجُوَيْنيّ، وسمع ابن مَحْمِش الزّياديّ. وحدَّث ببغداد بعد السّبعين. وتُوُفّي سنة ثمانٍ. ثمّ حضر إليَّ تاريخ عبد الغافر فإذا فيه: 232- إسحاق بن أحمد بن عبد العزيز بن حامد. أبو يعقوب المحمَّداباذيّ الزّاهد، المعروف بإسحاقك2. شيخ ثقة من العُبّاد، عديم النَّظير في زُهْده وورعه. وكان من أصحاب أبي عبد الله. قليل الاختلاط بالناس، محتاط في الطهارة والنّظافة. وُلِد سنة أربعمائة. وسمع من أبي سعيد الصَّيرفيّ. وتُوُفّي عاشر جُمَادَى الأولى سنة 78. 233- إسماعيل بن عَمْرو بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر. أبو سعيد البَحِيريّ النَّيسابوري3. حدَّث في هذا العام -لمّا حجّ- بَهَمَذان، عن: أبيه أبي عثمان، وأبي حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبي سعد النَصروييّ، والحسين بن إبراهيم الكَيْسَليّ، ومحمد بن عبد العزيز النّيليّ، وبِشْرُوَيْه بن محمد المغفَّليّ، وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم النَّصراباذيّ. قال شيرُوَيْه: سمعت منه، وكان صدوقًا.

_ 1 انظر السابق. 2 السابق. 3 الأنساب "2/ 97".

"حرف الحاء": 234- الحسين بن عليّ بن أبي نزار. الحاجب الصدر أبو عبد الله المردوسيّ1، حاجب باب النُّوبيّ. محمود السيرة، ديِّن، خيِّر، متعبّد. مات فِي ذي القعدة، وله أربعٌ وتسعون سنة. لم يروِ شيئًا. 235- حمزة بن عليّ بن محمد بن عثمان بن السّوّاق. أبو الغنائم البغداديّ البُنْدار2. ولد سنة اثنتين وأربعمائة. وسمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا الفَرَج أحمد بن عَمْر العَصائديّ صاحب جعفر الخُلديّ. وعنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب الأنماطي، والمبارك بن أحمد. مات في شعبان. "حرف الزاي": 236- زياد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن زياد3. أبو عبد الله الأنصاريّ الأندلسيّ، خطيب قُرْطُبة. أخذ عن: يونس بن عبد الله. وحجّ فسمع من: أبي محمد بن الوليد. وأجاز له أبو ذرّ.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 127، 128". 2 المنتظم "9/ 18". 3 الصلة "1/ 189، 190".

قال ابن بَشْكُوال: وكان فاضلًا، ديَّنًا، ناسكًا، خطيبًا، بليغًا، محبَّبًا إلى النّاس، معظَّمًا عند السُّلطان، جامعًا لكلّ فضيلة، حَسَن الخُلُق، وافر العقل. أخبروني عن: محمد بن فَرَج الفقيه، قال: ما رأيت أعقل من زياد بن عبد الله. تُوُفّي زياد في رمضان، وله ستٌّ وثمانون سنة. أنبا عنه أبو الحَسَن بن مغيث. "حرف السين": 237- سُليمان بن أحمد الواسطيّ1: عن: ابن شاذان. وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ. "حرف الطاء": 238- طلْحة بن عليّ بن يوسف. أبو محمد الرّازيّ. ثمّ البغداديّ، الصُّوفيّ الفقيه2. من ساكني رباط أبي سعْد. كان حسن السيرة. سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا القاسم الخِرَقِيّ. وعنه: ابنه محمد بن طلْحة، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ. تُوُفّي رحمه الله في صَفَر. "حرف الظاء": 239- ظَفَر بن عبد الواحد بن عبد الرّحيم. أبو محمد الأصبهاني3. مات في ذي الحجّة.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 في عداد المجهولين.

"حرف العين": 240- عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بن خَزْرَج. أبو محمد اللَّخميّ الإشبيليّ الحافظ المؤرِّخ1. ولد سنة سبعٍ وأربعمائة. وروى عن: أبي عَمْرو المرشانيّ، وأبي الفتوح الْجُرْجانيّ، وأبي عبد الله الخَوْلانيّ، وخلْق. وعدد شيوخه مائتان وستّون رجلًا. وكان مع حِفْظه فقيهًا مشاورًا. أكثر النّاسُ عنه. روى عنه: شُرَيْح بن محمد، وأبو محمد بن يَرْبُوع. مات رحمه الله في شوّال بإشبيلية. 241- عبد الرحمن بن الحَسَن. أبو القاسم الشّيرازيّ الفارسيّ2. إمامٌ ذو فنون، سافر الكثير، وسكن ميهنة، قَصَبة خابران، في آخر عمره، وكان من مُريدي أبي سعيد بن أبي الخير المَيْهَنيّ. سمع ببغداد: أبا يَعْلَى بن الفرَّاء؛ وبدمشق: الحسين بن محمد الحِنّائيّ، وبالمعرَّة: أبا صالح محمد بن المهذَّب، وجماعة. روى عنه: أبو بكر المحتاجي الخطيب بمَيْهَنَة. وحدَّث في هذا العام، ولم نعرف وفاته. 242- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ الباجيّ3. أبو محمد اللَّخميّ. من أهل إشبيلية.

_ 1 السير "18/ 488". 2 لا بأس به. 3 الصلة "1/ 285".

سمع من: جدّه. وكان فقيهًا فاضلًا. روى عنه: أحمد بن عبد الله بن جابر. 243- عبد الرحمن بن مأمون بن عليّ. الإمام أبو سعْد المتولّي النيَّسابوري، الفقيه الشّافعيّ1. أحد الكبار. قدِم بغداد، وكان فقيهًا محقِّقًا، وحبْرًا مدقِّقًا. وُلْي تدريس النّظاميّة بعد الشّيخ أبي إسحاق، ودرَّس وروى شيئًا يسيرًا. ثمّ عُزِل بابن الصّبّاغ في أواخر سنة ستٍّ وسبعين، ثمّ أُعيد إليها سنة سبعٍ وسبعين. وقد تفقّه على القاضي حسين بمَرْو الرُّوذ، وعلى أبي سهل أحمد بن عليّ الأَبيوَرْديّ ببُخَارى، وعلى أبي القاسم عبد الرحمن الفورانيّ بمَرْو، حتّى برع وتميَّز. وكان مولده في سنة ستٍّ وعشرين وأربعمائة. وتُوُفّي ببغداد. وله كتاب "التَّتمَّة" تمَّم به "الإبانة" لشيخه الفورانيّ، ولكنّه لم يُكْمِلْه، وعاجَلَتْه المنيَّة، وانتهى فيه إلى الحدود. وله مختصر في الفرائض، ومصنَّف في الأصول، وكتاب في الخلاف جامعٌ للمآخِذ. 244- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن زياد. أبو عيسى الأصبهاني الأديب الزّاهد2. لا أعرف متى توفّي. وتوفّ في هذه الحدود. وسمع: أبا جعفر بن المرزبان الأبهريّ.

_ 1 السير "18/ 585"، البداية والنهاية "12/ 128". 2 السير "18/ 585"، طبقات الشافعية "3/ 225".

روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، ويحيى بن عبد الله بن أبي الرجاء، ومحمد بن أبي القاسم الصالحاني، ومسعود الثقفيّ، والحسن بن العبّاس الرُّستميّ، وآخرون. وكان رحمه الله من بقايا الصّالحين والعُلماء. 245- عبد الرحمن بن محمد بن سَلَمة. أبو المطرِّف الطُّليطليّ1. عن: أبيّ عَمْر الطَّلمنكيّ، وأبي عَمْر بن عبّاس الخطيب. وكان من كبار الفقهاء المُفْتِين. مات فجأةً. في صَفَر، وله سبعٌ وسبعون سنة. 246- عَبْد الكريم بْن عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد بن عليّ. أبو مَعْشَر الطّبريّ القطّان المقرئ2، مقرئ مكّة. كان إمامًا مجودًا، بارعًا، مصنفًا، له كُتُبُ في القراءات. قرأ بحرّان على أبي القاسم الزَّيديّ، وبمصر على أصحاب السّامرّيّ، وأبي عديّ عبد العزيز. قرأ بمكة على أبي عبد الله الكارَزينيّ. وسمع بمصر من: أبي عبد الله بن نظيف، وأبي النُّعمان تُراب بن عَمْر، وعبد الله بن يوسف بتنيس، وأبي الطّيّب الطَّبريّ ببغداد، وعبد الله بن عَمْر بن العبّاس بغزّة. وسمع بمنْبج، وحَرّان، وآمِد، وحلب، وسَلَمَاس، والجزيرة. روى عنه: أبو نصر أحمد بن عَمْر الغازي، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، وأبو تمّام إبراهيم بن أحمد الصَّيمريّ. قال ابن طاهر: سمعتُ أبا سعْد الحَرَميّ بهَرَاة يقول: لم يكن سماع أبي مَعْشَر الطَّبريّ في جزء ابن نظيف صحيحًا، وإنّما أخذ نسخةً فرواها.

_ 1 الصلة "2/ 342". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 435".

قلت: قرأ القراءات خلق، منهم أبو عليّ بن العرجاء، وأبو القاسم خَلَف بن النّحّاس، وأبو عليّ بن بَليّمة. وله كتاب "سوق العروس"، يقال: فيه ألف وخمسمائة طريق. تُوُفّي بمكّة. وله كتاب "الدُّرر" في التفسير، وكتاب "الرّشاد" في شرح القراءات الشاذّة، وكتاب "عيون المسائل"، وكتاب "طبقات القرّاء"، وكتاب "مخارج الحروف"، وكتاب "الورد"، وكتاب "هجاء المصاحف"، وكتاب في اللّغة. وقد روى كتاب "شفاء الصُّدور" للنّقّاش، عن الزَّيديّ، عنه، و"مسند أحمد" عن الزَّيديّ، عن القطيعيّ، و"تفسير الثّعلبيّ". رواه عن مؤلِّفه. وكان فقيهًا شافعيا، رحمه الله. 247- عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف بْن محمد بن حيُّويه1. إمام الحَرَمَيْن أبو المعالي ابن الإمام أبي محمد الْجُوَيْنيّ، الفقيه الملقَّب ضياء الدّين. رئيس الشّافعيّة بَنْيسابور. قال أبو سعْد السّمعانيّ: كان إمام الأئّمة على الإطلاق، المُجْتَمع على إمامته شرقًا وغربًا، لم تَرَ العيون مثله. وُلِد سنة تسع عشرة وأربعمائة في المحَّرم، وتفقَّه على والده، فأتى على جميع مصنفاته، وتُوُفّي أبوه وله عشرون سنة، فأُقعِد مكانه للتّدريس، فكان يدرّس ويخرج إلى مدرسة البَيْهقيّ. وأحكم الأصول على أبي القاسم الإسفرائينيّ الإسكاف. وكان ينفق من ميراثه وممّا يَدْخله من معلومه، إلى أن ظهر التعّصُّب بين الفريقين، واضطّربت الأحوال، واضطُر إلى السَّفر عن نَيْسابور، فذهب إلى المعسكر، ثمّ إلى بغداد. وصحب أبا نصْر الكُنْدُريّ الوزير مدّةً يطوف معه، ويلتقي في حضرته بالأكابر من العلماء، ويُناظرهم، ويحتكّ بهم، حتّى تهذَّب في النَّظر وشاع ذكْرُه. ثمّ خرج

_ 1 السير "13/ 17، 18" طبعة التوفيقية.

إلى الحجاز، وجاور بمكّة أربع سنين، يدرّس ويفتي، ويجمع طرق المذاهب، إلى أن رجع إلى بلده بَنيْسابور بعد مُضِي نوبة التعصب، فأُقعِد للتّدريس بنظاميّة نَيْسابور، واستقامت أمور الطَّلبة، وبَقِيّ على ذلك قريبًا من ثلاثين سنة غير مُزاحَم ولا مُدافَع، مسلَّم له المحراب، والمِنبر، والخطابة والتّدريس، ومجلس الوعْظ يوم الجمعة. وظهرت تصانيفه، وحضَر درسَه الأكابر والْجَمْع العظيم من الطَّلبة. وكان يقعد بين يديه كلَّ يومٍ نحو من ثلاثمائة رجل. وتفقه به جماعة من الأئّمة. وسمع الحديث من أبيه، ومن: أبي حسّان محمد بن أحمد المزكّي، وأبي سعد البصروييّ، ومنصور بن رامش، وآخرين. ثنا عنه: أبو عبد اللَّه الفرَّاويّ، وأبو القاسم الشّحّاميّ، وأحمد بن سهل المسجديّ، وغيرهم. أخبرنا أبو الحسين اليُونينيّ، أنا الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ قال: تُوُفّي والد أبي المعالي، فأُقعِد مكانه، ولم يكمّل عشرين سنةً، فكان يدرِّس، وأحكم الأُصول على أبي القاسم الإسكاف الإسفرائينيّ. وجاوَرَ بمكّة أربع سنين، ثمّ رجع إلى نَيْسابور، وجلس للتدريس بالنّظاميّة قريبًا من ثلاثين سنة، مسلَّم له المحراب، والمِنْبَر، والخطابة، والتّدريس، والتّذكير. سمع من أبيه، ومن: عليّ بن محمد الطِّرازيّ، ومحمد بن إسحاق المزكّى، وأبي سعْد بن عليَّك، وفضل الله أبي الخير الميهنيِّ، والحسن بن عليّ الجوهريّ البغداديّ. وأجاز له أبو نُعَيم الحافظ. قال المؤلف: في سماعه من الطِّرازيّ نظر، فإنّه لم يَلْحق ذلك، فلعلّه أجاز له. قال السّمعانيّ: قرأتُ بخطّ أبي جعفر محمد بن أبي عليّ الهَمَذانيّ: سمعتُ أبا إسحاق الفَيْرُوزآباديّ يقول: تمتَّعوا بهذا الإمام، فإنّه نزهة هذا الزمان، يعني أبا المعالي الْجُوَيْنيّ. قال: وقرأتُ بخط أبي جعفر أيضًا: سمعتُ أبا المعالي يقول: قرأت خمسين ألفًا

في خمسين ألفًا، ثمّ خلّيت أهل الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظّاهرة وركبت البحر الخضمَّ1 العظيم، وغُصْتُ في الذي نُهي أهل الإسلام منها، كلّ ذلك في طلب الحقّ. وكنتُ أهربُ في سالف الدّهر من التّقليد، والآن رجعتُ من الكُلّ إلى كلمة الحقّ. عليكم بِدِين العجائز. فإنْ لم يدركْني الحقُّ بلطيف بِرّه، فأموت على دين العجائز، ويختُم عاقبة أمري عند الرحيل على بُرهة أهل الحقّ، وكلمة الإخلاص: لا إله إلَّا الله، فالويْلُ لابن الْجُوَيْنيّ يريد نفسه2. وكان أبو المعالي مع تبحُّره في الفقه وأصوله لا يدري الحديث. ذكر في كتاب "البرهان" حديث مُعَاذ في القياس، فقال: هو مدوَّنُ في الصّحاح، متَّفق على صحته. كذا قال، وأنَّى له الصّحّة، ومداره على الحارث بن عَمْرو، مجهول، عن رجالٍ من أهل حمص لا يُدْري من هم، عن مُعاذ. وقال المازِريّ رحمه الله في شرح البرهان في قوله: إنّ الله تعالى يعلم الكلّيات لا الْجُزْئيّات: ودِدْتُ لو مَحَوْتُها بدمي. قلت: هذه لفظة ملعونة. قال ابن دِحْية: هذه كلمة مكذِّبة للكتاب والسَّنة، مكفّر بها، هَجَره عليها جماعة، وحلف القُشَيْريّ لا يكلّمه أبدًا؛ ونُفي بسببها مدّةً. فجاورَ وتاب3. قال السّمعانيّ: وسمعت أبا الفَرَج بن أبي بكر الأُرْمَويّ مذاكرةً يقول: سمعتُ أستاذي غانم الموُشيليّ. سمعتُ الإمام أبا المعالي الْجُوَيْنيّ. يقول: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا اشتغلت بالكلام. وقال أبو المعالي الْجُوَيْنيّ في كتاب "الرسالة النظاميّة": اختلفت مسالك العلماء في الظّواهر الَّتي وردت في الكتاب والسُّنّة، وامتنع على أهل الحقّ اعتقاد فَحْواها، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السُّنن. وذهب أئّمةُ السَّلف إلى الانكفاف عن التّأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب تعالى.

_ 1 البحر الخضم: الواسع الضخم. 2 السير "13/ 18". 3 السابق "13/ 19".

والذي نرتضيه رأيا، وندين الله به عقدا اتِّباع سلف الأمة؛ فالأولى الاتِّباع وترك الابتداع، والدليل السَّمعيُّ القاطع في ذلك أنّ إجماع الأمّة حُجّةٌ متبعة وهو مُسْتَنَدُ معظَم الشريعة. وقد دَرَج صَحْبُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ترك التّعريض لمعانيها، ودَرْك ما فيها، وهو صفوة الإسلام المستقلون بأعباء الشريعة، وكانوا لا يأْلُون جهدًا في ضبط قواعد الملَّة، والتّواصي بحفظها، وتعليم النّاس أن يكون اهتمامهم ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغًا أو محتومًا لأوْشَك أن يكون اهتمامهم بفروع الشريعة، فإذا تصرَّمَ عصرهم وعصْر التابعين. على الإضراب عن التأويل، كان ذلك قاطعّا بأنّه الوجه المتَّبع، فحقَّ على ذي الدّين أن يعتقد تنزه الباري تعالى عن صفات المُحْدَثين، ولا يخوض في تأويل المشْكَلات، وَيَكل معناها إلى الرّبّ فَلْيُجْر آية الاستواء والمجيء وقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ، و {يَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] ، و {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] ، وما صح من أخبار الرسول كخبر النُّزُول وغيره على ما ذكرناه1. وقال محمد بن طاهر الحافظ: سمعتُ أبا الحسن القروانيّ الأديب بَنْيسابور، وكان يسمع معنا الحديث، وكان يختلف إلى درس الأستاذ أبي المعالي الْجُوَيْنيّ، يقرأ عليه الكلام، يقولُ: سمعتُ الأستاذ أبا المعالي اليوم يقول: يا أصحابنا، لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفتُ أنَّ الكلام بلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به2. وحكى أبو عبد الله الحَسَن بن العبّاس الرُّستميّ فقيه إصبهان قال: حكى لنا أبو الفتح الطَّبرّي الفقيه قال: دخلتُ على أبي المعالي في مرضه فقال: اشهدوا عليَّ أنّي قد رجعت عن كلّ مقالةٍ تخالف السَّف، وأنّي أموت على ما تموت عليه عجائز نيسابور3. وذكر محمد بن طاهر أنّ المحدِّث أبا جعفر الهَمَذانيّ حضر مجلس وعْظ أبي المعالي فقال: كان الله ولا عرش، وهو الآن على ما كان عليه. فقال أبو جعفر: أخبرنا يا أستاذ عن هذه التي نجدها، ما قال عارفٌ قطّ: يا الله؛ إلّا وجَدَ من قلبه ضرورة تطلب العلوَّ، لا نلتفت يَمْنَةً ولا يَسْرَة، فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفُسنا؟ أو قال: فهل عندك من دواء لدفع هذه الضرورة التي نجدها؟ فقال: يا حبيبي، ما ثمَّ إلَّا الحَيْرَة. ولَطَمَ على رأسه ونزل، وبَقِيّ وقتُ عجيب، وقال فيما بعد: حيرَّني الهمذانيّ4.

_ 1، 2 السير "13/ 20، 21". 3، 4 السابق.

ولأبي المعالي من التصانيف: كتاب "نهاية المَطْلَب في المذهب"، وهو كتابٌ جليل في ثمانية مجلَّدات، وكتاب "الإرشاد في الأصول"، وكتاب "الرسالة النظاميّة في الأحكام الإسلامية"، وكتاب "الشامل في أصول الدّين"، وكتاب "البرهان في أصول الفِقه"، و"مدارك العُقُول" لم يتمُّه، وكتاب "غياث الأُمم في الإمامة"، وكتاب "مغيث الخلق في اختيار الأحقِّ"، و"غنية المسترشدين" في الخلاف. وكان إذا أخذ في علم الصُّوفية وشرح الأحوال أبكى الحاضرين1. وقد ذكره عبد الغافر في تاريخه فأسهب وأطْنَب، إلى أن قال: وكان يذكر في اليوم دروسًا يقع كلّ واحدٍ منها في عدّة أوراق، لا يتلعثم في كلمةٍ منها، ولا يحتاج إلى استدراك عثرةٍ، مارًّا فيها كالبرق بصوت كالرَّعد. وما يوجد في كُتُبه من العبارات البالغة كُنْه الفصاحة غَيْض من فيض ما كان على لسانه، وغره من أمواج ما كان يعهد من بيانه، تفقّه في صباه على والده. وذكر التّرجمة بطولها. وقال عليّ بن الحَسَن الباخَرْزِيّ في "الدُمْية"، وذكر الإمام أبا المعالي فقال: فالفقه فقه الشَّافعيِّ، والآدب أدب الأصمعيّ، وفي بصره بالوعظ الحَسَن البصْريّ. وكيف ما هو، فهو إمامُ كلّ إمام، والمستَعْلي بهمّته على كلّ هُمام. والفائز بالظَّفر على إرغام كلّ ضِرْغام. إذا تصدَّر للفقه، فالمزنيّ من مُزْنَتِه قَطْرَه، وإذا تكلَّم فالأشعريّ من وفْرته شَعْرَه، وإذا خطب ألجم الفصحاء بالعي شقاشقه الهادرة، ولثم البلغاء بالصَّمت حقائقه البادرة. وقد أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه وغيره في كتابهم عن الحافظ عبد القادر الرّهاويّ أنّ الحافظ أبا العلاء الهَمَذانيّ أخبره قال: أخبرني أبو جعفر الهَمَذانيّ الحافظ قال: سمعتُ أبا المعالي الْجُوَيْنيّ، وقد سُئل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] فقال: كان الله ولا عرش. وجعل يتخبَّط في الكلام، فقلت: قد علِمنا ما أشرت عليه، فهل عندك للضّرورات من حيلة؟ فقال: ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارات؟ فقلتُ: ما قال عارف قطّ يا ربّاه، إلَّا قبل أن يتحرّك لسانه قام من باطنه قصْدٌ، لا يلتفت يَمْنَةً ولا يَسْرةً، يقصد الفَوق. فهل لهذا القصد

_ 1 السير "13/ 21".

الضّروريّ عندك من حيلةٍ، فنبِّئْنا نتخلَّص من الفوق والتَّحت؟ وبكيتُ، وبكى الخلْق، فضرب بكُمه على السرير، وصاح بالحَيْرة. وخرَّق ما كان عليه، وصارت قيامة في المسجد، ونزل ولم يُجِبْني إلَّا: بيا حبيبي، الحَيْرَة الحَيْرَة والدّهشة الدّهشة1. فسمعتُ بعد ذلك أصحابه يقولون: سمعناه يقول: حيَّرني الهَمَذانيّ. وقد تُوُفّي أبو المعالي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر، ودُفِن في داره، ثمّ نُقِل بعد سنين إلى مقبرة الحسين، فدُفن إلى جانب والده وكُسِر مِنْبَره في الجامع، وأُغلقت الأسواق، وَرَثَوْه بقصائد. وكان له نحو من أربعمائة تلميذ، فكسروا محابرهم وأقلامهم، وأقاموا على ذلك حولًا. وهذا من فعل الجاهلية والأعاجم، لا من فِعْل أهل السُّنّة والإتّباع. 248- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ. أَبُو الحَسَن الشَّهرستانيّ2، شيخ الصُّوفيّة برباط شهرستان. خدم الكبار، وعُمِر وأسنَّ، ولعله نيفٌ على المائة. قال عبد الغافر: اجتمعت به وأكرم موردي في سنة ثمان، توفِّي بعدُ بقريب. 249- عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي سعْد الهَرَويّ الشُّروطيّ3. أبو الحسين. سمع من: الحاكم أبي الحَسَن الدِّيناريّ، والقاضي أبي عَمْر البسْطاميّ. 250- عليّ بن الحَسَن بن سلمُوَيْه. أبو الحَسَن النَّيسابوري الصُّوفيّ التّاجر4. روى عن: أبي بكر الحِيريّ، والطّرازيّ، والصَّيرفيّ، وغيرهم. وتوفيّ في شعبان. روى عنه: عمر بن محمد الدّهستانيّ.

_ 1 السير "13/ 22". 2 لم نقف عليه. 3 انظر السابق. 4 انظر السابق.

251- عليّ بن عبد السلام الأرمنازيّ1. له شِعْر حسن. روى عنه: المحدِّث غَيْث، والحافظ محمد بن طاهر. 252- عليّ بن عبد العزيز بن محمد2. أبو القاسم النَّيسابوري الخشاب. من شيوخ الشّيعة. سمع الكثير عن: أبي نُعَيم الإسفرائيني، وأبي الحَسَن السقاء الإسفرائيني، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وطائفة. توفي رحمه الله في ربيع الأول، وله تسعون سنة. 253- عليّ بن محمد. أبو الحَسَن القيراونيّ، الفقيه المالكيّ المعروف باللَّخميّ3؛ لأنّه ابن بنت اللَّخميّ. تفقَّه بابن مُحْرز، وأبي الفضل ابن بنت خلدون، والسيوريّ. وظهرت في أيّامه له فتاوٍ كثيرة، وطال عمره، وصار عالم إفريقيّة، وتفقَّه به جماعة من السفاقُسيّين. وأخذ عنه: أبو عبد الله المازِريّ، وأبو الفضل ابن النَّحويّ، وأبو عليّ الكَلاعيّ، وعبد الحميد السَّفاقسيّ. وله تعليق كبير على "المدوَّنة" سمّاه "التَّبصرة". 254- عَوَضُ بن أبي عبد الله بن حمزة. السّيّد أبو الرضيّ العَلَويّ الهَرَويّ4. تُوُفّي في رمضان.

_ 1 معجم الأدباء "13/ 211". 2 لسان الميزان "4/ 241". 3 ترتيب المدارك "4/ 797". 4 في عداد المجهولين.

"حرف الفاء": 255- فَرَجُ بن عبد الملك الأنصاريّ القُرْطُبيّ1. روى عن: مكّيّ. وصحِب محمد بن عتّاب. وتقدَّم في الفقه والحديث. كان يحفظ. 256- الفضل بن محمد بن أحمد. أبو القاسم الأصبهاني البقّال المؤدِّب2. عُرِف بتانة. سمع: محمد بن إبراهيم الخَرْجانيّ، وعليّ بن مَيْلَة. وكان صالحًا عابدًا. روى عنه: مسعود الثّقفّي، وأبو عبد الله الرُّستميّ. 257- فيّاض بن أميرجة. أبو القاسم الهَرَويّ السَّوْسَمانيّ3. مات بالكوفة. "حرف الميم": 258- محمد بن إبراهيم بن سُليمان. أبو الطّيّب الأصبهانيّ4. في ذي الحجّة بأصبهان.

_ 1 الصلة "2/ 463". 2 لم نقف عليه. 3 انظر السابق. 4 في عداد المجهولين.

259- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن أحمد بن الوليد. شيخ المعتزلة أبو عليّ بن الوليد الكَرْخيّ1. ولد سنة ستٍّ وتسعين وثلاثمائة، وأخذ علم الكلام عن أبي الحسين البصريّ، وحفظ عنه حديثًا واحدًا بإسناده، وهو حديث القعنبيّ: "إذا لم تستحي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ". رَوَاهُ عَنْهُ: أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ السَّمرقنديّ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وأخذ عنه: ابن عقيل شيخ الحنابلة، وبه انحرف عن السُّنَّة. قال محمد بن عبد الملك في تاريخه: في ذي الحِجّة تُوُفّي أبو عليّ بن الوليد شيخ المعتزلة وزاهدهم، ولم نعرف في أعمارنا مثل تورُّعه وقناعته. تورَّع عن ميراثه من أبيه، وقال: لم أتحقق أنه أخذ حرامًا، ولكنّي أعافُه. ولمّا كبر وافتقر جعل ينقض داره، ويبيع منها حسبةً، يتقوَّت بها، وكانت من حِسان الدُّور. وكان يلبس الخَشِن من القُطْن. وقال أبو الفضل بن خيرون: تُوُفّي في خامس ذي الحِجّة، ودُفن في الشُّونِيزيّة، إلى جَنْب أبي الحَسَن البصْريّ أستاذه، وكان يدرّس الاعتزال والمنطق. وكان داعية إلى الاعتزال. 260- محمد بن خيرة. أبو عبد الله بن أبي العافية الأندلسيّ2، من كبار فقهاء المَرِيّة، وممّن شُهِر بالحِفْظ. يروى عن حاتم بْن محمد. 261- محمد بْن عَبْد اللَّه بن محمد. أبو بكر القصّار، المعروف بابن الكنداجيّ، البغداديّ المقرئ3. روى عن: أبي الحسين بن بِشْران، وأبي الحَسَن الحمّاميّ، والحرفيّ.

_ 1 السير "18/ 489". 2 الصلة "2/ 554". 3 لم نقف عليه.

روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو بكر بن الزّاغونيّ. تُوُفّي في صَفَر. 262- محمد بن علي بن مُحَمَّد بن المطّلب1. أبو سعْد الكرْمانيّ الكاتب، والد الصّاحب الوزير أبي المعالي هبة الله. قدم أبوه من كرمان، وولد هو ببغداد. ونظر في الأدب وأخبار الأوائل. ومع من: أبي الحسين بن بِشْران، وأبي عليّ بن شاذان. روى عنه: يحيى بن البنّا، وشُجاع الذُّهليّ. وكان شاعرًا هجًّا، بليغ الفحش، مقدّمًا في ذلك. عُزِل لهجوه، فقال: عُزِلتُ وما خُنْتُ فيما وُلِيتُ ... وغيري يخونُ ولا يُعْزَلُ وهذا يدلُّ على أنَّ من ... يولِّي ويَعْزِل لا يعقِلُ ومن شعره: يا حسرتي مات حظّي من قلوبكُمُ ... وللحُظُوظ كما للنّاس آجالٌ تصرَّم العُمُر لم أحظى بقربكم ... كم تحت هذِي القبورِ الخُرْس آمالُ قال هبة الله السَّقطيّ: كنتُ أجتمع بأبي سعْد كثيرًا، فقلَّ أن انفصلتُ عنه إلَّا بنادرةٍ أو شِعْر، ولم تنزل الحالُ به إلى أنْ تاب، وأُلْهِم الصّلاة والصَّوم والصَّدقات، وغَسَلَ مسوَّدات شِعْره قبل موته رحمه الله. مات في ربيع الآخر، وَلَهُ أربعٌ وثمانون سنة. 263- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حسن بن عبد الوهّاب بن حسُّويه. قاضي القُضاة أبو عبد الله الدَّامغانيّ، الحنفيّ2. شيخ حنفيّة زمانه. تفقَّه بخراسان، ثمّ قدِم بغداد في شبيبته، ودرس على القدوريّ.

_ 1 السير "18/ 490"، البداية والنهاية "12/ 319". 2 السير "18/ 485"، البداية والنهاية "12/ 129".

وسمع الحديث من: القاضي أبي عبد الله بن عليّ الصَّيمريّ، والحافظ محمد بن عليّ الصُّوريّ، وشيخه أبي الحسين أحمد بن محمد القُدُوريّ. روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعليّ بن طِراد الزَّينبيّ، والحسين المقدسيّ، وغيرهم. وتفقّه به جماعة. وكان مولده بدَامَغَان سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة، وحصّل للعلم على الفقر والقنوع. قال أبو سعْد السَّمعانيّ: قال والدي: سمعتُ أحمد بن الحسين البصْريّ الخبّاز يقول: رأيتُ أبا عبد الله الدّامَغَانيّ كان يحرس في درْب الريّاح، وكان يقوم بعيشته إنسان اسمُه أبو العشائر الشيْرَجيّ. قلتُ: ثمّ آل به الآمرُ إلى أن ولي قضاء القُضاة للمقتدي بالله، ولأبيه قبله. وطالت أيّامه، وانتشر ذِكْرُه، وكان مثل القاضي أبي يوسف قاضي الرّشيد في أيّامه حشمةً وجاهًا وسُؤْدُدًا وعَقْلًا، وبَقِيّ في القضاء نحوًا من ثلاثين سنة. ولي أولًا في ذي القعدة سنة سبعٍ وأربعين، بعد موت قاضي القُضاة أبي عبد اللَّه بن ماكولا. وقال محمد بن عبد الملك الهَمَذانيّ في "طبقات الفُقَهاء": قال قاضي القضاة الدّامغانيّ: قرأتُ على أبي صالح الفقيه بدامَغَان، وهو من أصحاب أبي عبد الله الْجُرْجانيّ، وأصابني جُدَرِيّ فاكتحلتُ، وجئت إلى المجلس بعدما برأتُ فقال: أنت مجدور، فقم. فقمت وقصدت من دامغان نيسابور، فأقمت أربعة أشهر، وصحِبْتُ أبا العلاء صاعد بن محمد الأستوائي قاضيها. قرأت على أبي الحَسَن المصَّيصيّ لِدِينه وتواضعه. وجَرَت فتنة بين الطَّوائف هناك، فمنعهم محمود بن سُبُكْتِكِين مِن الْجَدَل، فخرجتُ إلى بغداد وورَدْتُها. قال محمد: فقرأ على القُدُوريّ إلى أن توفّي سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، ولازم أبا عبد الله الصَّيمريّ فلمّا مات، انفرد بالتَّدريس، وصار أحد شهود بغداد. ثمّ ولي قضاء القائم بأمر الله، وبعده لابنه ثلاثين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام. وقد شهد عنده شيخ الشّافعيّة أبو الطَّيِّب الطَّبريّ.

وكان أبو الطّيّب يقول: أبو عبد الله الدّامَغَاني أَعْرفُ بمذهب الشّافعيّ من كثيرٍ من أصحابنا. قال: وكان عندنا بدامَغَان أبو الحَسَن صاحب أبي حامد الإسفرائينيّ، يعني فاستفاد منه الدّامَغَانيّ. وكان الدّامَغَانيّ قد جمع الصّورة البهيّة، والمعاني الحسنة من الدّين والعقل والعِلْم والحِلْم، وكَرَم المعاشرة للنّاس، والتّعصُّب لهم. وكانت له صَدَقات في السّرِّ، وإنصافٌ في العِلْم لم يكن لغيره. وكان يورد من المداعبات في مجلسه والحكايات المضحكة في تدريسه نظيرَ ما يورده الشّيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ، فإذا اجتمعا صار اجتماعهما نُزْهة. عاش ثمانين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام، وغَسَله أبو الوفاء ابن عَقِيل الواعظ، وصاحبه الفقيه أبو ثابت مسعود بن محمد الرّازيّ، وصلّى عليه ولده قاضي القُضاة أبو الحَسَن على باب داره بنهر القلَّايين. ولقاضي القُضاة أصحاب كثيرون انتشروا بالبلاد، ودرَّسوا ببغداد فمنهم أبو سعْد الحَسَن بن داود بن بابشاذ المصريّ، ومات قبل الأربعين وأربعمائة. ومنهم نور الهدى الحسين بن محمد الزَّينبيّ، ومنهم أبو طاهر الياس بن ناصر الدَّيلميّ. ومات في حياته منهم أبو القاسم عليّ بن محمد الَّرحبيّ ابن السَمَنانيّ، وآخرون فيهم كَثْرة ذكرهم ابن عبد الملك الهَمَذانيّ. تُوُفّي في رابع وعشرين رجب. ودُفن في داره بنهر القلَّايين، ثمّ نُقِل ودُفن في القُبّة إلى جنب الإمام أبي حنيفة رحمهما الله. 264- محمد ن عَمْر بن محمد بن أبي عَقِيل1. أبو بكر الكَرَجيّ الواعظ. وُلِد بالكَرَج سنة أربع وأربعمائة ورحل إلى إصبهان فسمع مُعْجَم الطَّبرانيّ، عن شيوخه من أبي ريذة. وسمع بالشّام من: محمد بن الحسين بن التُّرجمان، والسَّكن بن جُمَيْع، وجماعة. روى عنه: الفقيه نصر، وهبة الله بن طاوس. وتُوُفّي في رجب بدمشق.

_ 1 تاريخ دمشق "39/ 54".

265- محمد بن محمد بن موسى. أبو عليّ النعُّيميّ النَّيسابوريّ1. حدَّث عن: أبي الحَسَن محمد بن الحسين العَلَويّ. وعمَّر أربعًا وتسعين سنة. وتُوُفّي رحمه الله في رجب. 266- مسلم ابن الأمير أبي المعالي قُرَيْش بن بدران بن مقلّد حسام الدّولة أبي حسّان بن المسيب بن رافع العُقَيْليّ2. السّلطان الأمير شرف الدّولة أبو المكارم. كان أبوه قد نهب دار الخلافة مع البساسيريّ، ومات سنة ثلاثٍ وخمسين كَهْلًا، فقام شرف الدّولة بعده، واستولى على ديار ربيعة، ومُضَر، وتملَّك حلب، وأخذ الحمْل والإتاوة من بلاد الرّوم، أعني من أنطاكيّة، ونحوها. وسار إلى دمشق فحاصرها. وكان قد تهيَّأ له أخذها، فبلغه أنّ حرّان قد عصى عليه أهلُها، فسار إليهم، فحاربهم وحاربوه، فافتتحها وبذل السَّيف، وقتل بها خلقًا من أهل السُّنَّة. وكان رافضيا خبيثًا، أظهر ببلاده سبّ السَّلف، واتسعت مملكته، وأطاعته العرب، واستفحل أمرُه حتّى طمع في الاستيلاء على بغداد بعد وفاة طُغْرُلْبَك. وكان فيه أدبٌ، وله شعرٌ جيّد. وكان له في كلّ قرية قاض، وعامل، وصاحب خبر. وكان أحول، له سياسة تامّة. وكان لهيبته الأمنُ، وبعض العدْل في أيّامه موجودًا. وكان يصرف الجزية في بلاده إلى العلويِّين. وهو الذي عمَّر سُور المَوْصل وشيّدها في ستّة أشهر من سنة أربع وسبعين. ثمّ إنّه جرى بينه وبين السّلطان سُليمان بن قُتْلُمش السَّلجوقيّ ملك الرّوم مصافٌّ في نصف صَفَر على باب أنطاكيّة فقُتِل فيه مسلم، وله بضعٌ وأربعون سنة. قال صاحب الكامل، والقاضي شمس الدّين بن خَلِّكان.

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "18/ 482".

وقال المأمونيّ في تاريخه: بل وثب عليه خادمٌ في الحمام فخنقه. ثمّ إنّ السّلطان ملكشاه رتَّب ولده في الرَّحبة، وحَرّان وسَرُوج، وزوّجه بأخته زُلَيْخا. "حرف الهاء": 267- هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد. أبو الحَسَن القَصْريّ السيبيّ1. من أهل قصر هبيرة. قدِم بغداد مع عمّه أبي عبد الله بن السيبيّ. وسمع الحديث من: أبي الحَسَن بن بِشْران، وغيره. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وعليّ بن عبد السلام. وكان فاضلًا. قرأ طَرَفًا من النَّحو والفقه، وولي القضاء بناحيته. ثمّ إنه طُلِب لتأديب أمير المؤمنين المقتدي بالله وبَنيه من بعده. وولي القضاء بالحريم الشّريف. وكان وَقُورًا مهيبًا فهمًا عالمًا. تُوُفّي في ثاني عشر المحرَّم عن بضعٍ وثمانين سنة. "حرف الياء": 268- يحيى بن محمد بن القاسم بن محمد. أبو المعمَّر بن طَبَاطَبَا العلويّ الشّيعيّ2. من كبار الإماميّة. روى عن الحسين بن محمد الخلَّال. وشارك في العلم. روى عنه: أبو نصر الغازي، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 130". 2 بغية الوعاة "2/ 342".

وفيات سنة تسع وسبعين وأربعمائة: "حرف الألف": 269- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن شيبان. البغداديّ1. روى عن: أبي الحسين بن بِشْران، وعبد اللَّه بن يحيى السُّكَّريّ. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب الأنماطيّ. 270- أحمد بن عُبَيْد الله. أبو غالب بن الزّيّات البيّع الخيّاط المؤذّن. سمع: ابن شاذان، والحرفيّ. وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو بكر بن الزّاغُونيّ. تُوُفّي فِي شعبان. 271- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن دوست دَادَا. شيخ الشيوخ أبو سعْد النَّيسابوريّ الصُّوفيّ2. صحِب الزّاهد القُدوة أبا سعيد فضل اللَّه بْن أَبِي الخير الميْهَنيّ، وسافر الكثير. وكان ذا همّةٍ شريفة وأخلاق سَنِيّة. حجّ على التجريد مرّات؛ لأنّ الطّريق كان منقطعًا. وكان يجمع جماعة من الفُقراء والصُّوفيّة، ويدور في قبائل العرب، وينتقل من حلّة إلى حلّة، إلى أن يصل مكّة. وكان بينه وبين نظام المُلْك مودَّة أكيدة. اتفق أنّه كان منصرفًا من إصبهان إلى حضرة نظام المُلْك، فنزل بنهاوند، وكان قد غَرُبَت الشمس، فنزل فأتى خانقاه أبي العبّاس النَّهاونديّ، فمُنع من الدّخول وقيل: إنْ كنت من الصُّوفيّة، فليس هذا وقت دخول الخانقاه، وإنْ كنتَ لست منهم، فليس هذا موضعك.

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "13/ 31" طبعة التوفيقية.

فباتَ تلك الليلة على باب الخانقاه في البرد، فقال في نفسه: إنْ سهْل الله لي بناء خانقاه أمنع من دخولها أهل الجبال، وتكون موضع نزول الغرباء من الخُراسانيّين. قال أبو سعْد السّمعانيّ: بَلَغَني أنّه خرج مرّةً إلى البادية، فأضافه صاحبه أحمد بن زَهْراء، وكانت له زاوية صغيرة يجتمع فيها الفقراء، فلمّا دخلها أبو سعْد قال: يا شيخ لو بنيت للأصحاب موضعًا أوسع من هذا، وبابًا أرفع من هذا، حتّى لا يحتاج الدّاخل إلى انحناء ظهره. فقال له أحمد: إذا بنيت أنت رِباطًا للصُّوفيّة في بغداد، فاجعل له بابًا يدخل فيه الجمل وعليه الرّاكب. فضربَ الدَّهر ضرباته، وانصرف أبو سعْد، إلى نَيْسابور، وباعَ أملاكه، وجمع ما قدر عليه، وقدِم بغداد، وبنى الرّباط، وحضر فيه الأصحاب، وأحضر أحمد بن زَهْراء وركب واحدٌ جملًا حتَّى دخل من باب الرِّباط. وسمعت ولده أبا البركات إسماعيل يقول: لما غرق جميع بغداد في سنة ستٍّ وستين وأربعمائة، وكان الماء يدخل الدُّور من السُّطوح، وضرب الجانب الشّرقيّ بالكلّية، اكترى والدي زورقًا، وركب فيه، وحمل أصحابه الصُّوفيّة وأهله. وكان الزَّورق يدور على الماء، والماء يخرّب الحِيطان، ويحمل الأخشاب إلى البحر، فقال أحمد بن زَهْراء لوالدي: لو اكتريت1 زورقًا ورجلًا يأخذ هذه الْجُذُوع ويربطها في موضع، حتَّى إذا نقص الماء بنيت الرّباط، كان أخفَّ عليك. قال: يا شيخ أحمد هذا زمان التفرقة، ولا يمكن الجمع في زمن التفرقة. فلمّا هبط الماء بنى الرّباط أحسن ممّا كان. تُوُفّي في ربيع الآخر، وهو الذي تولّى رباط نهر المعلَّى. وكان عالي الهمّة، كثير التّعصُّب لأصحابه، جدَّد تربة معروف الكَرْخيّ بعد أن احتَرَقَت. وكان ذا منزلةٍ كبيرةٍ عند السُّلطان، وحُرْمة عند الدّولة. وكان يقال: الحمد لله الذي أخرج رأس أبي سعْد من مرقَّعةٍ، فلو خرج من قباء لَهَلَكْنا. وابن زَهراء هذا هو أبو بكر الطُّريثيثيّ.

_ 1 الاكتراء: الإيجار.

272- أحمد بن محمد بن مفرّج. أبو العبّاس الأنصاري القُرْطُبيّ1. يُعرف بابن رُمَيْلَة. كان معنيا بالعِلم، وصحبة الشّيوخ. وله شعر حسن في الزُّهد، وفيه عبادة. واستُشهد بوقعة الزّلّاقة، مقبِلًا غير مُدبْر رحمه الله وكانت يوم الجمعة ثاني عشر رجب على مقربةٍ من بَطَلْيُوس. قُتِل فيها من الفرنج ثلاثون ألف فارس، ومن الرَّجَّالة ما لا يحصى؛ وهي من الملاحم المشهورة كما يأتي. 273- أحمد بن يوسف بن أصبغ. أبو عمر الطُّلَيطليّ2. سَمِعَ: أَبَاهُ، وعبد الرحمن بْن محمد بْن عبّاس. وكان ماهرًا في الحديث والفرائض والتّفسير، ورحل إلى المشرق وحجّ. وولي قضاء طُلَيْطُلة. ثمّ عُزِل. وكان ثقة رضيً. توفِّي في شعبان. 274- إبراهيم بن عبد الواحد بن طاهر القطّان. أبو الخطاب البغداديّ3. ثقة صالح. سمع: البرقاني، وأبا القاسم الحرفيّ، وابن بِشْران. وعنه: ابن السَّمرقنديّ، والأنْماطيّ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 275- إسماعيل بن زاهر بن محمد. أبو القاسم النوُّقانيّ النيسابوريّ4.

_ 1 الصلة "1/ 68". 2 السابق "1/ 68، 69". 3 لم نقف عليه. 4 السير "18/ 446".

قال السَّمعانيّ: فقيه صالح، صدوق، كثير السّماع. سمع: أبا الحَسَن العَلَويّ، وأبا الطَّيِّب الصعلوكيِّ، وعبد الله بن يوسف بن مامويه، وابن مَحْمِش بَنْيسابور. وأبا الحسين بن بِشْران، ونحوه ببغداد. وجناح بن بدر بالكوفة؛ وابن نظيف، وأبا ذر بمكّة. روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وأبو نصر بن عَمْر الغازي، وإسماعيل بن عبد الرحمن القارئ. وقد تفقَّه على الطُّوسيّ، وعقد مجلس الإملاء، وأفاد الكثير. وكان مولده سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة. ومن آخر مَن روى عنه عبد الكريم بن محمد الدّامَغَانيّ. قال عبد الغافر: هو من أركان فقهاء الشّافعيّة. سمعتُ منه بعض أماليه. وروى عنه أيضًا: سعيد بن عليّ الشّجّاعيّ، وعائشة بنت أحمد الصّفّار، وأبو الفتوح عبد الله بن عليّ الخركوشيّ، وعبد الكريم بن عليّ العَلَويّ، وَعَبْد الملك بن عَبْد الواحد بن القُشَيْريّ، ومحمد بن جامع خيّاط الصُّوف، وغيرهم. ومن مسموعاته: كتاب "تاريخ الفَسَويّ". رواه عن ابن الفضل القطّان، عن ابن دَرَسْتَوَيْه، عن الفَسَويّ. 276- إسماعيل بن محمد بن أحمد. أو سعْد الحَجَّاجيّ الفقيه1. سمع: الحسين بن محمد بن فنجُوَيْه الثقفيّ، وأبا بكر الحِيريّ، وأبا سعيد الصَّيرفيّ، وابن حيد. وعنه: إسماعيل بن أبي صالح، وعبد الغافر الفارسيّ، وعبد الله بن الفراويّ.

_ 1 لا بأس به في عداد العلماء المستورين.

"حرف الثاء": 277- ثابت بن الحسين بن شراعة. أبو طالب التّميميّ الهَمَذانيّ الأديب1. روى عن: أبي طاهر بن سَلَمة، ومنصور بن رامش، وابن عيسى وجماعة. قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه، وكان صدوقًا. تُوُفّي في صَفَر. "حرف الجيم": 278- جَعبْر بن سابق. الأمير سابق الدّين القُشَيْريّ2، صاحب قلعة جَعْبَر، الحصن الّذي على فُرات. قتله السّلطان ملكشاه السَّلجوقيّ لمّا قدِم حلب؛ لأنّه بلغه أنّ ولديه يقطعان الطّريق. يُقال لقلعة جَعْبَر أيضًا: الدَّوسريّة؛ لأنّ دَوْسَر غلام ملك الحيرة النُّعمان بن المنذر بناها. "حرف الحاء": 279- الحَسَن بن محمد بن القاسم بن زَيْنَة. أبو عليّ البغداديّ الدّقّاق الكاتب3. قال السّمعانيّ: شيخ صالح، ثقة مأمون. سمع الكثير، وتفرّقت كُتُبُه. وكان يُسْمع من أصول غيره. روى عن: هلال الحفّار. ثنا عنه: إسماعيل السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب الأنماطي، وأحمد بن الأخوَّة. مات في صفر، وله ثمانون سنة.

_ 1 لا بأس به، ولم نقف عليه. 2 السير "18/ 552". 3 المنتظم "9/ 31".

280- حمْد بن أحمد الحلمقريّ الهَرَويّ. يروي عن أبي منصور الأزْديّ1. "حرف السين": 281- سَعِيد بْن فضل اللَّه بْن أَبِي الخير2. الشّيخ أبو طاهر ابن الإمام القدوة، أبي سعيد الميهني. توفي في شعبان. وهو أكبر أولاد أبيه. وجلس في المشيخة بعد والده ولم يحدّث. روى عن: أبي بكر الحِيريّ، وعن والده. 282- سُليمان بن قُتُلْمِش بن سلْجُوق3. أمير قُونية، وجدّ سلاطين الرّوم. قُتِلَ في صَفَر في المصافّ بأرض حلب، وقام بعد ابنه قلج أرسلان. "حرف الشين": 283- شافع بن محمد بن شافع. أبو بكر الأَبِيوَرْدِيّ4. "حرف الصاد": 284- صالح بن أحمد بن يوسف. أبو رجاء البُسْتيّ5، المعبّر. جاور بمكّة مدّةً، وحدَّث عن: أبي المستعين محمد بن أحمد البُسْتيّ، وطاهر بن

_ 1 لم نقف عليه. 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 السير "18/ 449". 4 لم نقف عليه. 5 لا بأس به.

العبّاس المَرْوَزِيّ، وأبي ذَرّ الهَرَويّ، سمع منه: عمر الرُّؤاسيّ، وغيره. تُوُفّي بعد سنة ثمانٍ وسبعين. "حرف الطاء": 285- طاهر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف. أبو عبد الرحمن الشّحّاميّ النَّيسابوريّ المستملي1. والد زاهر ووجيه. كان أحد من عنى بالحديث وأكثر منه. وسمَّع أولاده. وحدَّث عن: أبي بكر الحيريّ، وأبي عيد الصَّيرميّ، وفضل الله بن أبي الخير الميهَنِّيّ الزّاهد، ووالده أبي بكر محمد بن محمد الرجل الصّالح، والأستاذ أبي إسحاق الإسفراينيّ، وصاعد بن محمد القاضي. روى عنه: ابناه، وحفيده عبد الخالق بن زاهر، وفاطمه بنت خَلَف، وعبد الغافر الفارسيّ. وصنَّف كتابًا بالفارسيّة في الشرائع والأحكام. واستملى على نظام المُلْك، وغيره. وكان فقيهًا، أديبًا، بارعًا، شُرُوطيًّا، صالحًا، عابدًا، تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وله ثمانون سنة. "حرف العين": 286- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصّمد ابن المهتدي بالله ابن الواثق ابن المعتصم ابن الرشيد. الخطيب أبو جعفر العبّاسيّ البغداديّ، والد أبي الفضل محمد بن عبد الله2. كان خطيبًا جليلًا رئيسًا صالحًا، يخطب بجامع الحربيّة.

_ 1 السير "18/ 448". 2 المنتظم "9/ 32".

سمع: أبا القاسم بن بشران، وغيره. وعن: ابن السَّمرقنديّ. ومات في شعبان. 287- عَبْد الجليل بْن عَبْد الْجَبّار بْن عَبْد اللَّه بْن طلحة. أبو المظفّر المَرْوَزِيّ، الفقيه الشّافعيّ1. قدِم دمشق، وتفقَّه به جماعةُ منهم: أبو الفضل يحيى بن عليّ القُرَشيّ. وكان قد تفقَّه على الكارزونيّ، وولي القضاء حين دخل التُّرك إلى دمشق. وكان فاضلًا مهيبًا عفيفًا. حدَث عن: عبد الوهّاب بن برهان، وغيره. وعنه: غيث الأرمنازيّ، وهبة الله بن طاوس. 288- عبد الخالق بن هبة الله بن سلامة. أبو عبد اله الواعظ ابن المفسِّر، خال رزق الله التّميميّ2. صالح، زاهد، ورِع، نبيل، مَهِيب. سمع: أبا عليّ بن شاذان. روى عنه: عبد الوهّاب الأنماطيّ. مولده سنة تسعين وثلاثمائة. 289- عبد الكريم بن عبد الواحد3. أبو الفتح الأصبهاني، الصّوّاف الدّلَّال. سمع: عثمان بن أحمد البُرْجيّ، وأبا عبد الله الْجُرْجانيّ. روى عنه: الثَّقفيِّ، والرُّستميّ

_ 1 طبقات الشافعية "3/ 221" للسبكي. 2 المنتظم "29/ 3". 3 لم نقف عليه.

290- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السميع بن إسحاق1. أبو الفضل بن الطَّوابيقيّ، العبّاسيّ. من أولاد الواثق بالله. سمع: أبا الحَسَن عليّ بن هبة الله العيسَويّ. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وغيره. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة ببغداد. 291- عُبَيْد الله بن عثمان بن محمد بن يوسف دوست. أبو منصور بن العلَّاف2. من أولاد الشيوخ. روى عن: الحسين بن الحَسَن الغَضَائِريّ، وعُبَيْد الله بن منصور الحربيّ. وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب الأنماطي، وعمر بن السّنبك. تُوُفّي في شعبان عن ستٍّ وثمانين سنة. قال ابن النّجّار 292- عليّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن بحر. أبو عليّ التُّستريّ، ثمّ البصْريّ السَّقطيّ3. كانت الرحلة إليه في سماع سنن أبي داود. رواها عن: أبي عمر الهاشميّ. وروى عن: عمه أبي سعيد الحَسَن بن عليّ. روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، وعبد الله بن أحمد السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن محمد بن مرزوق الزَّعفرانيّ، وأبو غالب بن الحَسَن الماوَرْدِيّ، وعبد الملك بن عبد الله، وآخرون. وكان صدوقًا.

_ 1 المنتظم "9/ 32". 2 لا بأس به. 3 السير "18/ 481".

وآخر من حدَّث عنه أبو طالب محمد بن محمد بن أبي زيد العلويّ النّقيب. روى عنه الجزء الأوّل من السُّنن بالسَّماع، والباقي إجازةً إنّ لم يكن سماعًا. وبقي إلى سنة ستِّين وخمسمائة. 293- عليّ بن أحمد بن عليّ. الأديب أبو القاسم الأُسَديّ النّجّاشيّ1. سمع: أبا عليّ بن شاذان، وطبقته. وكان إخباريا، عارفًا، راوية. روى عنه: أبو محمد بن السَّمرقنديّ، وهبة الله بن المُجْلي. يُعرف بابن الكوفيّ. تُوُفّي في رجب. 294- عليّ بن فضّال بن عليّ بن غالب. أبو الحَسَن القَيْروانيّ، المُجاشِعيّ التّميميّ، الفَرَزْدَقيّ النَّحويّ2. صاحب التَّصانيف. مسقط رأسه هجَر، وطوَّف الأرض حتّى وصل إلى غَزْنَة، وأقبل عليه أكابرها. وانخرط في صحبة الوزير نظام المُلْك. وصنَّف "بُرهان العَمِيديّ في التفسير"، في عشرين مجلدًا، وكتاب "الإكسير في علم التَّفسير" خمسة وثلاثون مجلَّدًا، وكتابًا في النَّحو، في عدَّة مجلدات وهو كتاب "إكسير الذّهب في صناعة الأدب"، وغير ذلك. قال ابن طاهر المقدسيّ: سمعتُ إبراهيم بن عثمان الأديب الغَزّيّ يقول: لمّا دخل أبو الحَسَن بن فضّال النَّحويّ نَيْسابور اقترح عَليه أبو المعالي الْجُوَيْنيّ أنّ يصنّف باسمه كتابًا في النَّحو، فصنَّفه وسمّاه "الإكسير". ووعده بألف دينار، فلمّا صنَّفه وفرغ ابتدأ أبو المعلي بقراءته عليه، فلمَّا فرغ من القراءة انتظر أيامًا أن يدفع إليه ما وعده، فلم

_ 1 المنتظم "9/ 33". 2 السير "18/ 528"، معجم الأدباء "14/ 90".

يُعْطه شيئًا، فأرسل إليه: إنّك إنّ لم تَفِ بما وعدتَ وإلَّا هجوتُك. فأنفذ إليه على يد الرسول: نكثتها، عرضي فداؤك. ولم يُعطِه حبة. وقيل: إنّ ابن فَضّال روى أحاديث، فأنكرها عليه عبد الله بن سبعون القيروانيّ، فاعتذر بأنّه وهْم. وقد صنَّف ابن فَضّال بغَزْنة عدَّة كُتُب بأسماء أكابر غَزْنَة. وكان إمامًا في اللغة، والنَّحو، والسِّير، وأقرأ الأدب مدّةً ببغداد. ومن شعره: وإخواني حسِبْتُهُمُ دُرُوعًا ... فكانوها ولكنْ للأعادي وخِلْتُهُم سهامًا صائباتٍ ... فكانوها ولكنْ في فؤادي وقالوا: قد صَفَتْ منّا قُلُوبٌ ... لقد صدقوا ولكنْ عن وِدادي وله: لا عُذْرَ للصَّبّ إذا لم يكُنّ ... يخلَعُ في ذاك العذار العِذارْ كأنّه في خدّهِ إذْ بدا ... ليلٌ تبدّى طالعًا في نهارْ وشعره كثير. وله من التّصانيف أيضًا: كتاب "النُّكَّت في القرآن"، وكتاب "البَسْمَلة وشرحها" مجلّد، وكتاب "العوامل والهوامل" في الحروف خاصّة، وكتاب "الفُصُول في معرفة الأُصُول"، وكتاب "الإشارة في تحسين العبارة"، وكتاب "شرح عنوان الإعراب"، وكتاب "العَرُوض"، وكتاب "معاني الحروف"، وكتاب "الدُّول في التّاريخ"، وهو كبير وُجد منه ثلاثون مجلَّدًا، وكتاب "شجرة الذَّهب في معرفة أئمة الأدب"، وكتاب "معارف الأدب"، وغير ذلك مع ما تقدَّم. قال ابنُ ناصر: تُوُفّي ابن فَضّال المُجَاشِعيّ في ثاني وعشرين ربيع الأوّل. 295- عَليّ بن مقلَّد بن نصر بن مُنْقذ بن محمد. الأمير سديد المُلْك أبو الحسن الكنانيِّ صاحب شيزر1.

_ 1 السير "18/ 553".

أديب شاعرٌ. قدِم دمشقَ مرَّات. واشترى حصن شَيْزَر من الرّوم وكان أخا محمود بن صالح صاحب حلب من الرضاعة. ومن شعره في غلام: أَسْطُو عليه وقلبي لو تمكّن من ... يديَّ غلَّهما غيْظًا إلى عُنقي وأستعير إذا عاتبتُه حَنَقًا ... وأين ذلُّ الهَوَى من عِزّة الحَنقِ وكان قبل تملُّك شَيْزَر ينزل في نواحي شيزر، على عادة العرب؛ وقيل: إنّه حاصرها وأخذها بالأمان في سنة أربعٍ وسبعين. ولم تزل في يد أولاده إلى أن هدمتها الزَّلزلة، وقتلت سائر من فيها في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وكان جوادًا ممدَّحًا، مدحَه ابن الخيّاط، والخَفَاجيّ، وغيرهما. وقيل: بل تُوُفّي سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة. وهلك في الزَّلزلة حفيده تاج الدّولة محمد بن سلطان بن عليّ ابن عمّ الأمير أسامة الشاعر. "حرف الفاء": 296- الفضْل ابن العلَّامة أبي محمد عليّ بْن أَحْمَد بْن سعيد بن حَزْم. أبو رافع القُرْطُبيّ1. روى عن: أبيه، وابن عبد البَرّ. وكتب بخطه علما كثيرا. وكان ذا أدبٍ ونباهة، وذكاء. توفي رحمه الله بوقعة الزّلَّاقة شهيدا. وكان مع مخدومه المعتمد. "حرف الميم": 297- محمد بْن أحْمَد بْن عثمان بْن أحْمَد بْن محمد. أبو الفتح الخزاعيّ المطيريّ. المعروف بالباهر2.

_ 1 الصلة "2/ 464". 2 المنتظم "9/ 33".

خطيب قصر هبيرة، من أعمال سامراء. روى عن: عَلِيّ بْن أحمد بْن محمد بْن يوسف السّامرّيّ الرّفّاء، وأبي محمد الحَسَن بن محمد بن يحيى الفحام، وأبي عليّ شهاب الدّين العُكْبريّ، وأبي الحَسَن محمد بن جعفر بن محمد التّميميّ النَّحويّ الكوفيّ، وجماعة. روى عنه: هبة الله السَّقطيّ، وأبو العزّ بن كادش. وُلِد في رمضان سنة خمسٍ وثمانين وثلاثمائة. وقال السَّقطيّ: مات بقصر هُبَيْرة. فذكر السّنة وقال: تسمَّح في حديثه عن الرّفّاء خاصة. 298- محمد بن أحمد بن محمد بن يونس الأنصاريّ. أبو عبد الله السَّرقسطيّ المقرئ1. أخذ عن: أبي عَمْرو الدَّانيّ، وأبو عُمَر بن عبد البَرّ. روى عنه: هبة الله بن الأكفانيّ. 299- مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف. أبو بكر البغداديّ، أخو أحمد2. كان ورِعًا صالحًا لا يخرج من منزله إلَّا للصَّلوات. سمع: أبا الفتح بن أبي الفوارس، وابا الحسين بن بِشْران، والحمَّاميّ. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب الأنماطي. قال ابن ناصر: كان عالمًا، متقنًا، مجوَّدًا، كثير السّماع، ورِعًا، ثقة. هجر أخاه لكونه حضر مجلس أبي نصر بن القُشَيْريّ. مات في ربيع الأوّل.

_ 1 لم نقف عليه. 2 المنتظم "9/ 34".

300- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد. أبو الفضل الصّرّام النَّيسابوريّ الصّالح العابد1. سمع: أبا نعيم عبد الملك بن الحسن، وعبد الله بن يوسف بن ماموَيْه، وأبا الحَسَن العلويّ، وأبا عبد الله الحاكم، وجماعة. روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وإسماعيل بن المؤذن، ومحمد بن جامع الصّوّاف، وعبد الله بن الفُراويّ، وجماعة. وطال عُمره، ومات في شعبان، وكان أبوه من رؤساء نَيْسابور، وهو، فكان يقرأ القرآن في ركعة أو ركعتين. ويديم التّعبُّد والتلاوة رحمه الله. 301- محمد بن الحَسَن بن منازل. أبو سعْد المَوْصليّ الحدّاد الإسكاف2. سمع: ابن مَخْلَد الرّزّاز، وأبا القاسم بن بِشْران. وزعم أنّه سمع شيئًا من أبي الحسين بن بِشْران. روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وعبد الوهّاب الأنماطيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وإسماعيل بن محمد الطّلْحيّ. مات في شعبان. قاله السّمعانيّ. 302- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هلال. أبو الحَسَن بن الخبّازة، المستعمل العتّابي، الملقَّب بالْجُنَيد3. سمع: أبا الحَسَن بن رزقُوَيْه، وأبا الحسين بن بِشْران، وغيرهما. روى عنه: يحيى بن الطّرّاح، وابن السَّمرقنديّ، ومحمد بن مسعود بن السَّدنك. توفّي في ذي الحجّة.

_ 1 السير "18/ 483". 2 لا بأس به. 3 الأنساب "8/ 31".

303- محمد بن عليّ بن إبراهيم الأُمَويّ. يُعرف بابن قرْذِيال، أبو عبد الله الطُّليطليّ1. سمع من: جماعة من رجال بلده. وكان يُقرئ الفقه. وله تصنيفٌ في شرح البخاريّ. ذكره ابن بَشْكُوال. - محمد بن عمَّار. قيل: قُتِل فيها. وقد مرّ سنة سبعٍ. 304- محمد بن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عبد الوهّاب بْن سُليمان بْن مُحَمَّد بْن سُليمان بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم الإمام بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عبّاس بن عبد المطّلب. أبو نصْر الهاشميّ العبّاسيّ، الزَّينبيّ2. مُسْنِد العراق في زمانه، وآخر من حدَّث عن المخلّص. قال السّمعانيّ: شريف، زاهد، صالح، متعبِّد، دين، هجر الدّنيا في حداثته، ومال إلى التّصوُّف. وكان منقطعًا إلى رباط شيخ الشّيوخ أبي سعْد. وانتهى إسناد البَغَوي إليه. ورحل إليه الطَّلبة. وسمع: المخلّص، وأبا بكر محمد بن عمر الورّاق، وأبا الحَسَن الحمّاميّ، وغيرهم. ثنا عنه: ابنا أخيه عليّ ومحمد ابنا طِرَد، وأبو الفضل الأرْموَيّ، والفُرَاويّ، ووجيه الشّحّاميّ، وأبو تمّام أحمد بن محمد المؤيَّد بالله، ومحمد بن القاسم الشَّهرزوريّ، والمظفر بن أبي أحمد القاضي بسنجار، وإسماعيل الحافظ، وأبو نصر الغازي، وآخرون. ثمّ قال: أنا فُلان وفُلان، إلى أن سمى سبعَة عشر رجلًا قالوا: ثنا أبو نصر

_ 1 الصلة "2/ 555". 2 السير "18/ 443".

الزَّينبيّ، أنا المخلّص، ثنا البغويّ، نا أبو نصر التّمّار، عن حمّاد، فذكر حديث: "يوم يقوم النّاس لرب العالمين". وقد وقع لي عاليا في أوّل المخلّصيّات. وقال السّمعانيّ: سمعتُ أبا الفضل محمد بن المهتدي بالله يقول: كان أبو نَصْر إذا قُرئ عليه اللَّحن ردّه لكثرة ما قُرِئت عليه تلك الأجزاء. قلت: كان أبو نصر أسند مَن بقي. وكذا أخوه طِراد، وكذا أخوهما نور الهدى الحسين، ومات سنة 512 عن اثنتين وتسعين سنة. قال السّمعانيّ: سمعتُ إسماعيل الحافظ بإصبهان يقول: رَحَلَ أبو سعْد البغداديّ إلى أبي نصر الزَّينبيّ، فدخل بغداد، ولم يلْحقه، فحين أخبر بموته خرَّق ثوبه، ولطم، وجعل يقول: من أين لي عليّ بن الْجَعْد، عن شُعْبة؟ سألت إسماعيل الحافظ، عن أبي نصر فقال: زاهد صحيح السَّماع، آخر من حدَّث عن المخلّص. قلتُ: آخر من حدَّث عنه هبة الله الشّبليّ القصّار؛ وبقي بعده يروي بالإجازة عن أبي نصْر أبي الفتح بن البطّيّ. قال السّمعانيّ: وُلِد في صفر سنة سبعٍ وثمانين وثلاثمائة. وتُوُفّي في حادي وعشرين من جُمَادَى الآخرة. 305- محمد بن محمد بن عليّ. أبو الحسين البَجَليّ الكوفيّ، ويُعرف بالرُّزّيّ1. عن: أبي الطّيّب أحمد بن عليّ الجعفريّ بن عشيق سمع منه سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. روى عنه: أبو الحَسَن بن الطُّيوريّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ. ومات في جُمَادَى الآخرة سنة سبعٍ. 306- محمد بن أبي جعفر محمد بن أحمد بن عمر بن المُسْلِمة2. أبو عليّ.

_ 1 لم نقف عليه. 2 المنتظم "9/ 33".

سمع من: جدّه أبا الفَرَج، وهلالًا الحفّار. وعنه: أبو بكر قاضي المَرِسْتان، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ. تُوُفّي في رمضان وله ثمانون سنة. قال ابن النَّجَّار: كان زاهدًا متعبّدًا، له كرامات. وسئل عنه المؤتمن بن أحمد فقال: كان شيخًا شديدًا في السُّنَّة ثَبْتًا في الحديث، لا يخرج إلَّا لجمعة. 307- محمد بن أبي القاسم عبد الجبّار بن عليّ الإسفرائينيّ. أبو بكر الإسكاف المتكلّم إمام الجامع المَنِيعيّ1. سمع: أبا عبد الرحمن السُّلميّ، وأبا إسحاق الإسفرائينيّ المتكلّم، وجماعة. أخذ عنه: أبو المظفّر السّمعانيّ، والكبار. قال عبد الرحيم بن السّمعانيّ: ثنا عنه: إسماعيل العصائديّ، وأحمد بن العباس الشّقّانيّ، وأبو العبّاس الشّقّانيّ، وأبو القاسم محمد بن الحسين العَلَويّ. مات في جُمَادَى الأولى سنة سبعٍ بَنْيسابور. 308- مسعود بن سهل بن حَمَك. أبو الفتح العميد النَّيسابوريّ2. أحد الأكابر. حدَّث في هذا العام ببغداد. توفي في شوّال. عن: عليّ بن أحمد بن عَبْدان، والحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه الثَّقفيّ. روى عنه: أبو محمد، وأبو القاسم ابنا السَّمرقنديّ. وقد تزهَّد وحجَّ، وأنفق الأموال على الصُّوفية والعُبّاد، ولبس المرقَّعة. وكان مولده سنة 458.

_ 1 لا بأس به. 2 المنتخب من السياق "435 رقم 1474".

309- المعتزّ بن عُبَيْد الله بن المعتزّ بن منصور1. أبو نصْر البَيْهَقيّ، ولد الرئيس أبي مسلم. سمع: عليّ بن محمد بن عليّ بن السّقاء الإسْفَرايينيّ، وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السّرّاج. روى عنه: أبو البركات بن الفُراويّ، وعبد الرحمن بن عبد الصّمد الفاينيّ المقرئ. عاش خمسًا وسبعين سنة. 310- منصور بن دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيَد الأَسَديّ2. أمير العرب بهاء الدّولة، صاحب الحلّة والنّيل. كان فارسًا شجاعًا مذكورًا. أديبًا شاعرًا. ذا رأي وسماحة. قرأ الأدب وأخبار الجاهلية وأشعارها. وقرأ النَّحو على: عبد الواحد بن برهان. وكان عادلا حسن السيرة. مات في الكهولة سامحه الله. وولي بعده ولده سيف الدولة صدقة بن منصور. "حرف الواو": 311- واقد بن الخليل بن عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن الخليل3. الخطيب أبو زيد بن أبي يعلى القزويني، صاحب أبي الحَسَن عليّ بن إبراهيم القطّان. قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه بَهَمَذان وقزوين. وكان فقيهًا، فاضلًا، صدوقًا، مفتيًا.

_ 1 لم نقف عليه. 2 وفيات الأعيان "2/ 491". 3 التدوين "4/ 202".

"حرف الهاء": 312- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بن المهتدي بالله. أبو الحَسَن بن أبي الحسين بن الغريق. أحد الأعيان، وخطيب جامع القصْر1. سمع: أبا بكر البَرْقانيّ. روى عنه: ابن السَّمرقنديّ. وكان أفصح خُطَباء بغداد. قُتِل رحمه الله في صَفَر في الفتنة. "حرف الياء": 313 -يحيى بن الموفق بالله أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل بن زيد. أبو الحسين العَلَويّ الحُسينيّ الزَّيديّ الشَّجريّ الرّازيّ2. كان مفتي الزَّيدية ومقدّمهم وعالمِهم. وكان متفننًا من العِلم، والأدب، واللّغة. سمع: ابن غَيْلان، والصُّوريّ، والعَتِيقيّ ببغداد، وأبا بكر بن ريذَة، وابن عبد الرّحيم الكاتب بإصبهان. روى عنه: محمد بن عبد الواحد الدّقّاق، ونصْر بن مهديّ العَلَويّ، وأبو سعد يحيى بن طاهر السّمّان. وكان ممّن عُنِي بالحديث والرحلة فيه. تُوُفّي بالرَّيّ في سنة تسعٍ وسبعين. وفيات سنة ثمانين وأربعمائة: "حرف الألف": 314- أحمد بن الحَسَن بن عليِّ بن عَمْر بن جعفّر بن عبد السَّلام. أبو نصر بن الحدّاد الأزديّ التّبريزيّ3.

_ 1 المنتظم "9/ 34". 2 البداية والنهاية "12/ 132". 3 لم نقف عليه.

قدِم في صَفَر إلى هَمَذَان، وحدَّث عن: محمد بن منصور الميْمذيّ. قال شيرُوَيْه: قرأتُ عليه مصنَّفًا له في أُصول السُّنَّة، فأنكرتُ عليه مسائل فيه، فرجع إليَّ فيها. 315- أحمد بن عليّ بن محمد. أبو نصر الهبَّاري، البصْريّ1. شيخ مُسنّ يخضب. قدِم مَرْو، وحدَّث بسُنَن أبي داود عن: أبي عمر الهاشميّ. وحدَّث بالسُّنن ببُخَارى، واتُّهم في ذلك. قال محمد بن عبد الواحد فيه: كذّاب لا تحلّ الرواية عنه. وكذا كذبه غيره. وحدَّث بمَرْو في هذا العام. وسيُعاد. 316- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُمَر. أَبُو الحَسَن البغداديّ الأَوَانيّ البزّاز2. سمع: أبا علي بن شاذان. روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ. وتُوُفّي فِي شوال. 317- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد. أبو القاسم العاصميّ البُوشَنْجيّ3. سمع: أبا الحسين بن العالي، وعفيف بن محمد الخطيب. روى عنه: أبو الوقْت، وعبد الجليل بن منصور العدْل. مات في المحرَّم عن نحوٍ من ثمانين سنة.

_ 1 الميزان "1/ 122". 2 لم نقف عليه. 3 لا بأس به.

318- أحمد بن أبي الربيع محمد بن أحمد بن عبد الواحد. الحافظ أبو طاهر الإسْتِرَاباذيّ1. سمع: أباه، وأبا سعْد المالينيّ، وعليّ بن عَمْر الأَسَدَابَاذيّ. روى عنه: الرُّستميّ، وطائفة. مات في رجب. 319- إسماعيل بن عبد الله بن موسى. أبو القاسم السّاويّ2. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. كان صدوقًا فاضلًا، أملى مجالس. سمع: أبا بكر الحِيريّ. ورحل فسمع ببغداد: أبا محمد السُّكّريّ، وابن الفضل القطّان، وجماعة. روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وابنه عبد الخالق، وأخوه وجيه، وعبد الله بن الفُراويّ. "حرف الحاء": 320- الحَسَن بن عليّ بن العلاء بن عَبْدَوَيْه3. أبو عليّ البُشْتيّ، وبُشت: بالمعجمة، ناحية من أعمال نَيْسابور، غير بُسْت التي بالمهملة. كان واعظًا فاضلًا، كبير القدْر. لكنه كان قليل العقل، يأكل في الطُّرق، ويسفّه، ويطرق على الأبواب. ثمّ عَمِي، وبقي في حالٍ زَرِيّ، فكان يؤذيه الصِّبْيان، ويبسط هو لسانه فيهم. قاله ابن السّمعانيّ.

_ 1 انظر السابق. 2 البداية والنهاية "12/ 133". 3 الأنساب "2/ 226".

سمع: ابن مَحْمِش الزياديّ، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ، وعليّ بن محمد السقاء وغيرهم. روي عنه: أبو الأسعد هبة الرحمن، وشريفة بنت الفراوي، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وآخرون. تُوُفّي في رمضان. وكان أبوه أبو الحَسَن من كبار الشّافعيّة. "حرف الشين": 321- شافع بْن صالح بْن حاتم1. الفقيه أبو محمد الجيليّ الحنبليّ، الفقيه الزّاهد. قدِم بغداد بعد الثَّلاثين وأربعمائة. ولزم القاضي أبا يَعْلَى، وكتب معظم مصنَّفاته، وبرع في الأُصُول والفروع، وسمع الحديث، ودرّس وأفاد. وكان ذا تقشُّف. وعنه سمع من ابن غَيْلان. "حرف العين": 322- عبد الله بن الحسين. الإمام أبو الفضل ابن الجوهريّ المصريّ الواعظ2. منن جلَّة مشايخ بلده ومن بيت العِلْم. روى عن: أبي سعْد المالينيِّ. أخذ عنه: أبو عبد الله الحُمَيْدِيّ، وغيره. وكان أبوه من كبار العلماء والصُّلحاء. أنشد أبو الفضل على كرسي وعظه: أقبل جيش الهجر في موكبٍ ... بين يديه علمٌ يخفق

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 247". 2 السير "18/ 495".

وصار قلبي في حصار الهوى ... كأنما النار له تحرق مات في سابع عشر شوال من السّنة. وروى عنه: علي بن المشرف الأنماطي، وطائفة من مشيخة السلفي. واسم جده سعيد. 323- عبد الله بن سهل بن يوسف. أبو محمد الأنصاري الأندلسي المرسي المقرئ1. أخذ عن: أبي عَمْر الطَّلمنكيّ، ومكّيّ، وأبي عمرو الدّانيّ. ورحل فأخذ بالقيروان عَن مصنّف الهادي في القراءات، أبي عبد الله محمد بن سُفيان، وأبي عبد الله محمد بن سُليمان الأُبِّيّ. وكان ضابطًا للقراءات وطُرُقها، عارفًا بها، حاذقًا بمعانيها. أخذ النّاس عنه. قال أبو عليّ بن سكَّرة: هو إمام أهل وقته في فنّه، لقيته بالمريّة. لازم أبا عَمْرو الدّانيّ ثمانية عشر عامًا، ثمّ رحل ولقي جماعة. وأقرأ بالأندلس، وبَعُد صِيتُه. فمن شيوخه: الطَّلمنكيّ، ومكّيّ، وأبو ذر الهَرَويّ، وأبو عِمران الفاسيّ، وأبو عبد الله بن غالب، وحسن بن حمَّود التونسيّ، وعبد الباقي بن فارس الحمصيّ. قال: وجرت بينه وبين أبي عَمْرو شيخه عند قدومه منافسه، وتقاطعا، وكان أبو محمد شديدًا على أهل البِدَع، قوّالًا بالحقّ مَهيبّا، جَرَت له في ذلك أخبار كثيرة، وامتحِن بالتّغرُّب، ولَفَظَتْهُ البلاد، وغمزه كثيرٌ من النّاس، فدخل سبْتة، وأقرأ بها مُدَيْدة، ثمّ خرج إلى طَنْجَة، ثمّ رجع إلى الأندلس، فمات برُنْدَة. قال ابن سكَّرة، عزمتُ على القراءة عليه، فقطع عن ذلك قاطعٌ. قال القاضي عياض: وقد حدَّث عنه غير واحدٍ من شيوخنا، وثنا عنه شيخنا أبو إسحاق بن جعفر. وحدَّث عنه خالي أبو بكر محمد بن عليّ.

_ 1 الميزان "2/ 437".

وقال أبو الإصبغ بن سهل: أشْكَلَتْ عليَّ مسائل من علم القرآن، لم أجد في من لقيت من يشفيني، حتّى لقيته. قال: وكانت بينه وبين القاضي أبي الوليد الباجي منافرة عظيمة، بسبب مسألة الكتابة، فكان ابن سهل يلعنه في حياته، وبعد موته، فأدى ذلك أصحاب الباجيّ إلى القول في ابن سهل، والإكثار عليه. قلت: وقرأ عليه بالروايات أبو الحَسَن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع المذكور في أسانيد الشّاطبيّ. 324- عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله: أبو الحَسَن البزاز. صهْر المقرئ أبي عليّ الأهوازيّ1. دمشقيّ، سمع من: الأهوازيّ، وأبي عثمان الصابوني، وابن سلوان المازنيّ. روى عنه: أبو القاسم الخضر بن عَبَدان. وذكر هبة الله بن طاوس أنّ هذا زوَّر سماعًا لنفسِه في جزء. 325- عبد الرحيم بن أبي عاصم بن الأحنف. أبو سعْد الهَرَويّ الزّاهد2. سمع من: أبي محمد حاتم بن محمد بن يعقوب الميت في سنة 454. 326- عبد الملك بن الحَسَن بن خَبْرون بن إبراهيم. أبو القاسم الدّبّاس، أخو الحافظ أبي الفضل أحمد3. كان من خيار البغداديّين وسراتهم وصُلحائهم. سمع من: البَرْقَانيّ، وعبد الملك بن بِشْران. روى عنه: ابنهُ المقرئ أبو منصور محمد، وعبد الوهّاب الأنماطيّ. ومات في ذي الحجّة.

_ 1 لسان الميزان "3/ 383". 2 في عداد المجهولين. 3 المنتظم "9/ 39، 40".

327- عبد الواحد بن إسماعيل. الإمام أبو القاسم البوشنجيّ الفقيه1. 328- عَليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن اللَّيث. أبو الحسن الناتقيّ، ثمّ النيَّسابوريّ2. سمع: أبا طاهر بن مَحْمِش. وعنه: زاهر الشّحّاميّ، وبنته سعيدة بنت زاهر، وعائشة بنت الصّفّار، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، وغيرهم. تُوُفّي في سلخ جُمَادَى الأولى. 329- عليّ بْن أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف. أبو الحسن الفارسيّ ثمّ النَّيسابوريّ3. سمع: ابن مَحْمِش، وأبا بكر الحِيريّ، وجماعة. حدَّث عنه: عبد الخالق بن زاهر، وغيره. أرَّخه السّمعانيّ في رابع ربيع الأوّل. "حرف الفاء": 330- فاطمة بنت الحَسَن بن عليّ4. أمّ الفضل البغداديّة الكاتبة، المعروفة ببنت الأقرع. كانت تكتب طريقة ابن البوَّاب. كتب النّاس وجوَّدوا على خطها، وهي التي أُهِّلَتْ لكتابة كتاب الهُدْنة إلى ملك الروم من الدّيوان العزيز.

_ 1 طبقات الشافعية "3/ 283" للسبكي. 2 لا بأس به. 3 انظر السابق. 4 السير "18/ 480".

يُضرب المثل بحُسن خطها. وكان لها سماعٌ عالٍ. رَوَت عن: أبي عَمْر بن مهديّ، وغيره. روى عنها: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو البركات الأنْماطيّ، وأبو سعْد البغداديّ الأصبهاني، وقاضي المرستان، وغيرهم. قال السّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عبد الباقي: سمعتُ فاطمة بنت الأقرع قالت: كتبتُ ورقةً لعميد الملك أبي نصر الكُنْدُريّ، فأعطاني ألف دينار تُوُفِّيت في المحرَّم. 331- فاطمة بنت الأستاذ أبي عليّ الحَسَن بن عليّ الدّقّاق. أمّ البنين النيَّسابوريّة الحُرّة الزّاهدة، زوجة أبي القاسم القُشَيْريّ وأمّ أولاده1. سمعت: أبا نُعَيم عبد الملك الإسفرائينيّ، وأبا الْحَسَن العَلَويّ، وعبد اللَّه بْن يوسف الأصبهاني، وأبا عليّ الرُّوذباريّ، وأبا عبد الله الحاكم، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ، وغيرهم. روى عنها: سِبْطُها أبو الأسعد هبة الرحمن، وعبد الله بن الفُراويّ، وزاهر الشّحّاميّ، وآخرون. وأوّل سماعٍ لها من أبي الحَسَن العَلَويّ، وذلك في سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة. وعُمرت تسعين سنة. وكانت عابدةً، قانتة، مُتَهجِّدة، متبتِّلة. تُوُفّيت في ثالث عشر ذي القعدة. قال أبو سعْد السّمعانيّ: كانت فخر نساء عصرها، ولم يُرَ نظيرها في سيرتها، كانت عالمة بكتاب الله، فاضلة. إلى أن قال: سمعت من أبي نُعَيم، والعَلَويّ. ثمّ قال: ولدت سنة إحدى وأربعمائة؛ وهذا غلظٌ بيّن والصّواب أنّها وُلِدت قبل ذلك بمدّة. 332- الفضل بن محمد بن أحمد. أبو القاسم المدينيّ البقّال2. مات في رمضان.

_ 1 السير "18/ 479". 2 لم نقف عليه.

"حرف الميم": 333- محمد بن إبراهيم بن علي. العلّامة أبو الخطّاب الكعْبي الطَّبريّ شيخ الشّافعيّة ببُخارى1. تفقَّه بأبي سهل أحمد بن عليّ الأَبيوَرْديّ. وكان من العلماء الزُّهّاد، تخرَّج به الأصحاب. قال السّمعانيّ: حتّى كان يقعد بين يديه أكثر من مائتي فقيه على ما قيل. سمع من شيخه أبي سهل، والحسن بن أبي المبارك الشّيرازيّ الحافظ، ومكّيّ بن عبد الرّزّاق الكُشْمِيهَنيّ، ومحمد بن عبد العزيز القنْطريّ، وعبد الكريم بن عبد الرحمن الكَلَاباذيّ، والمظفّر بن أحمد. نا عنه عثمان بن عليّ البِيكَنْدِيّ. مات ببُخَارى في ربيع الأوّل. 334- محمد بن الحَسَن بن عليّ بن أحمد2. أبو طاهر الحلبيّ المعروف بابن المِلْحيّ. روى عن: رشأ بن نظيف، وأبي عليّ الأهوازيّ، وجماعة. وعنه: ابن الأكفانيّ. 335- محمد بن أبي سعيد أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن سُلَيْمَان. أبو الفضل البغداديّ، ثمّ الأصبهاني3. من بيت العِلم والحديث. كان واعظًا، عالمًا، فصيحًا، حلو المَنْطق، عارفًا بالتّفسير، له مشيخة خرَّج فيها عن جماعة منهم: أبوه، وأبو الحسين بن فاذشاه، وابن ريذَة، وعبد العزيز بن أحمد بن فادويه، وغيرهم.

_ 1 لا بأس به. 2 انظر السابق. 3 السير "18/ 531".

روى عنه: ابنه الحافظ أبو سعْد أحمد، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب بن الأنماطيّ. حجّ، ورجع، فأدركه أجله ببَغْدَاد، في صَفَر، رحمه الله. 336- مُحَمَّد بْن هلال بْن المحسِّن بْن إِبْرَاهِيم بن هلال بن الصّابئ: أبو الحَسَن البغداديّ، غرس النّعمة1. من بيت الكتابة والبلاغة والتَّاريخ. جمع ذيلًا على تاريخ أبيه. وكان عاقلًا، لبيبًا، رئيسًا مُبَجّلًا. سمع: أبا عليّ بن شاذان، وغيره. روى عنه: ابن السَّمرقنديّ، والأنماطيّ. وتُوُفّي في ذي القعدة عن ستِّين سنة، أو أربعٍ وستّين سنة. وله أيضًا كتاب "الربيع"، وكتاب "الهفَوات". 337- مسعود بن سهل بن حَمَك2. أبو الفتح النَّيسابوريّ، نزيل مَرْو. كان أحد الرؤساء المتموّلين. روى عن: عليّ بن أحمد بن عَبْدان الأهوازيّ، وجماعة. تُوُفّي في حدود هذه السَّنة. وقد ذُكر سنة تسعٍ أيضًا. ومن المتوفين تقريبًا: "حرف الألف": 338- إسماعيل بن أحمد بن حسن. الفقيه أبو سريج الشّاشيّ الصُّوفيّ3.

_ 1 وفيات الأعيان "6/ 101-105". 2 سبق الترجمة له. 3 لا بأس به.

شيخ جوّال، لقي المشايخ والصُّلحاء، وحدَّث بَنْيسابور، وغيرها. سمع بهَرَاة: أبا الحَسَن محمد بن عبد الرحمن الدّبّاس، وأبا عثمان سعيد بن العبّاس القُرَشيّ. روى عنه: عبد الغفّار الفارسيّ ووثّقه، وأثنى عليه في سياقه، ولقِيه سنة سبعين. 339- إسماعيل بْن أحمد بْن محمد بن محمد بْن يحيى بن مُعَاذ الرّازيّ1. أبو إبراهيم. شيخ من أهل نَيْسابور. صدوق خيّر. سمع: عبد الملك بن أبي عثمان الخَرْكُوشيّ الواعظ، وغيره. روى عنه: سعيد بن الحُسين الجوهريّ، شيخٌ لعبد الرحيم بن السّمعانيّ. 340- إفرائيم بن الزّفّان. أبو كثير اليهوديّ المصريّ، الطَّبِيب2. خدم ملوك الباطنية بمصر، ونال دنيا عريضة، واقتنى من الكُتُب شيئًا كثيرًا. وهو أمهرُ تلامذة عليّ بن رضوان المذكور في سنة ثلاثٍ وخمسين. وكان إفرائيم في أيَّام الأفضل ابن أمير الجيوش. وخلَّف من الكُتُب ما يزيد على عشرين ألف مجلَّد، ومن الأموال شيئًا كثيرًا. "حرف الجيم": 341- الْجُنَيْد بن القاسم. أبو محمد المُحْتاجي، خطيب مَيْهَنَة3. سمع: أبا بكر الحيريّ، وأبا إسحاق الإسفرائينيّ.

_ 1 انظر السابق. 2 الوافي بالوفيات "9/ 296". 3 لم نقف عليه.

روي عَنْهُ: حفيده محمد بْن أَحْمَد بْن الْجُنَيْد. وسماعه منه في سنة اثنتين وسبعين. "حرف السين": 342- سعيد بن محمد بن أَحْمَد بن سعيد بن صالح1. البقّال أبو القاسم الأصبهاني الحافظ. عن: ابن المَرْزُبان الأبْهَريّ، وابن مَرْدَوَيْه، وخلْق. وهو والد قُتَيْبة بن سعيد البقّال، وأخته لامِعَة، ذكرهم ابن نُقْطَة مختصرًا. 343- سُليمان بن أبي الفضل عبّاس بن سُليمان2. الشّيخ أبو محمد القيروانيّ، مُسْنِد معمَّر، أجاز له من الحجاز أبو الحَسَن أحمد بن إبراهيم بن فراس، وأبو القاسم عُبَيْد الله السَّقطيّ. وأجاز له من القيروان أبو الحَسَن القابسيّ. سمع منه: أبو عليّ الصَّدفيّ، وغيره. وقال: قال لي: لمّا ولدتُ ذهب أبي إلى أبي الحَسَن القابسيّ، فقال: سمِّه باسم الأعمش. أنا سُليمان، أنا ابن فِراس كتابةً، أنا نافلة بن المقرئ، فذكر حديثًا. "حرف الشين": 344- شبيب بن أحمد بن محمد بن خُشنام البَسْتِيغيّ النَّيسابوريّ3. أبو سعْد. وُلِد سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة. سمع: أبا نعيم عبد الملك الإسفرائيني، وأبا الحسن العلويّ، وغيرهما.

_ 1 انظر السابق. 2 لا بأس به. 3 سبق الترجمة له.

روى عنه: أبو عبد اللَّه الفراوي، وزاهر الشَّحّاميّ، وأخوه وجيه، وأبو الأسعد القُشَيْريّ. ذكره ابن السَّمعانيّ في الأنساب، وقال: كان من الكرَّاميّة. وبَسْتِيغ: قرية من سواد نَيْسابور. تُوُفّي في ... وسبعين وأربعمائة. "حرف العين": 345- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُمَر. أبو محمد الطُّليطليّ، ويُعرف بابن الأديب1. روى عن: الصّاحبين أبي إسحاق بن شَنْظِير، وأبي جعفر بن ميمون، وعَبْدُوس بن محمد، وأبي عبد الله الفخّار. وسمع على: أبي القاسم البراذعيّ كتابه في اختصار المدوّنة. وعُمّر دهرًا. وحمل النّاس عنه. قال ابن بَشْكُوال: كان في عشر الثّمانين وأربعمائة. 346- عبد الرحمن بن عبد الله بن أسد الْجُهَنيّ. أبو المطرِّف الطُّليطليّ2. روى عن: محمد بن مغيث، وأبي محمد القشاريّ. ولقي بمكّة أبا ذر الهَرَويّ. وكان ثقة، محدّثًا، فقيهًا، مشاوَرًا، ذا خيرٍ وتواضع، وسنّ وجلالة. تُوُفّي قبل الثمانين. 347- عبد الرحمن بن محمد بن اللّبّان. الصّنهاجيّ القرطبيّ3.

_ 1 الصلة "1/ 285". 2 الصلة "1/ 343". 3 السابق.

روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، وأبي عَمْر أحمد بن مهديّ. واختص بمحمد بن عتَّاب. وكان عارفًا، نبيهًا، يقظًا، كامل الأدوات، مليح الخطّ. تُوُفّي في نحو الثَّمانين أيضًا. 348- عبد الرحمن بن محمد بن يونس بن أفلح. أبو الحَسَن الأندلسيّ1. من كبار النُّحاة. أخذ عن: أبي تمّام القطينيّ، وأبي عثمان الأصفر. حمل النّاس عه. ومات بإشبيلية في حدود الثّمانين أو بعدها. 349- عبد الصّمد بن سعدون. أبو بكر الصَّدفيّ، المعروف بالرّكانيّ الطُّليطليّ2. روى عن: قاسم بن محمد بن هلال. وحجّ، وسمع بمصر من: أبي محمد بن الوليد، وأبي العبّاس أحمد بن نفيس، وأبي نصر الشيرازيّ. وكان صالحًا يلقّن القرآن. وتُوُفّي بعد سنة خمسٍ وسبعين، قاله ابن بَشْكُوال. 350- عبد الوهّاب بْن محمد بْن الحَسَن بْن إبراهيم. أبو محمد الجزريّ البروجرديّ3، نزيل اليمن. مقرئ فاضل.

_ 1 الصلة "2/ 344". 2 السابق "2/ 377". 3 لا بأس به.

سمع: أبا عمر بن مهدي ببغداد، وأبا محمد بن النّحّاس بمصر. روى عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وابن طاهر المقدسيّ، ومحمد بن القاسم الحلوانيّ. تُوُفّي بعد السّبعين. قاله السّمعانيّ. 351- عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد بن حسْكان1. القاضي أبو القاسم بن الحذَّاء القُرَشيّ النَّيسابوريّ الحنفيّ الحاكم، الحافظ. شيخ متقن، ذو عناية تامّة بالحديث والسَّماع. أسنّ وعُمِّر، وهو من ذُرّيّة عبد الله بن عامر بن كُرَيْز. سمع وجمع وصنَّف، وجمع الأبواب والطُّرف، وتفقَّه على القاضي أبي العلاء صاعد. وحدَّث عن: جدّه، والسّيد أبي الحَسَن العَلَويّ، وأبي عبد الله الحاكم، وابن مَحْمِش الزّياديّ، وعبد الله بن يوسف، وأبي الحَسَن بن عَبْدان، وابن فَنْجُوَيْه، وأبي الحَسَن بن السّقّاء، وابن باكُوَيْه، وأبي حسّان المُزَكّيّ، ومن بعدهم إلى أبي سعْد الكَنْجَرُوذيّ، وطبقته. واختصّ بأبي بكر بن الحارث الأصبهاني، وأخذ عنه. وكذا أخذ العلم عن أحمد بن عليّ بن فَنْجُوَيْه. وما زال يَسمع ويُسمع ويُحدِّث ويفيد. وقد أكثر عنه أبو الحَسَن عبد الغفّار بن إسماعيل، وذكره. ولم أجدْه ذكر له وفاةً. وقد بقي إلى بعد السّبعين وأربعمائة. ووجدتُ له مجلسًا في تصحيح "ردّ الشَّمس وترغيم النّواصب2 الشُّمس". وقد تكلَّم على رجاله كلامَ شيعيٍّ عارفٍ بفنّ الحديث. ويُعرف بالحَسّكانيّ. فابن حسْكوَيْه الذي روى عنه عبد الخالق الشّحّاميّ آخر يأتي سنة ثمانٍ وثمانين، اسمه عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بن أحمد بن حسكويه أبو سعد.

_ 1 السير "18/ 268". 2 النواصب: الشيعة.

352- علي بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن بَكْر. أبو الحَسَن المحكَّميّ الأسَتِرَاباذيّ الفقيه الأديب1. سمع الحديث، وأكثر منه. وعُمّر حتّى حدَّث وحُمل عنه. سمع بأسداباذ: أبا عبد الله بن شاذي الْجِيليّ، وأبا القاسم نصْر بن أحمد. وببغداد: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا الحَسَن الحمَّاميّ، وجماعة. وبَنْيسابور: أبا بكر الحِيريّ، وغيره. وبإصبهان وغيرها. روى عنه: هبة الله ابن أخت الطّويل الهَمَذانيّ. ووُلِد سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة. "حرف الميم": 353- محمد بْن أحمد بْن عثمان. أبو عبد الله القَيْسيّ الأندلسيّ ابن الحدّاد الشّاعر المشهور. ولقَبُه: مازن2. من أهل مدينة وادي آش، سكن المَرِيّة. ذكره ابن الأبّار فقال: كان من فُحُول الشُّعراء، وأفراد البُلَغاء، له ديوان كبير، ومؤلَّف في العروض. اختصَّ بالمعتصم محمد بن مَعْن بن صُمَادح، وفيه استفرغ مدائحه. ثمَّ سار عنه إلى سَرَقُسْطَة وأقام في كنف المقتدر بن هود. توفّي في حدود الثّمانين وأربعمائة. 354- محمد بن أحمد بن أبي الحَسَن العارف المَيْهَنيّ3. أبو الفضل. شيخ صالح، ثقة، صوفيّ. سمع الكثير.

_ 1 المشتبه "2/ 577". 2 السير "18/ 601". 3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

حدَّث بمرو عن: أبي بكر الحِيريّ، وأبي سعد الصَّيرفيّ، وجماعة. وعن: جدّه أبي العبّاس. سمع منه أبو المظفّر السّمعانيّ وابنُه "مُسْنَد الشّافعيّ" في سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة. روى عنه: أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب الكُشْمِيهَنيّ، والحافظ أبو سعْد محمد بن أحمد بن محمد بن الخليل، ومحمد بن أحمد بن الْجُنَيْد المُحْتاجيّ، والعبّاس بن محمد العصّاريّ، وعبد الواحد بن محمد التُّونيّ، وسعيد بن سعْد المَيْهَنيّ، وآخرون. سمع منهم عبد الرّحيم بن السّمعانيّ. 355- محمد بن عليّ بن حيدرة. أبو بكر الهاشميّ الجعفريّ البخاريّ1. تفقَّه على القاضي أبي عليّ الحُسَيْن بن الخضر النَّسفيّ. وسمع الكثير، وأملى عن: أبي الطَّيِّب إسماعيل بن إبراهييم الميدانيّ صاحب خَلَف الخيّام. وعن: إبراهيم بن سَلَم الشِّكَانيّ، وأبي مقاتل أحمد بن محمد بن حمدي، ومحمد بن أحمد الغُنْجار الحافظ. ولد قبل الأربعمائة. حدَّث عنه: عثمان بن عليّ البَيْكَنْديّ، وجماعة. 356- محمد بن عليّ بن محمد بن جُولة. أبو بكر الأبْهَريّ الأصبهاني2. عن: أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ، وأبي بكر بن مَرْدَوَيْه. وعنه: أبو المُنَازِل عبد العزيز الأدميّ، وأبو سعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ، وأحمد بْن حامد بن أحمد بن محمود الثّقفيّ، وأبو مسعود عبد الجليل كوتاه.

_ 1 الأنساب "3/ 267". 2 المشتبه "1/ 274".

357- محمد بن الفضل بن جعفر1. أبو عبد الله المَرْوَزِيّ الخَرَقِيّ الزّاهد. من أهل قرية: خَرَق. قال السّمعانيّ: كان فقيهًا ورعًا زاهدًا متبرِّكًا به. سمع: محمد بن عمر بن طُرفة السِّجْزِيّ، وعليّ بن عبد الله الطَّيسفونيّ. وكان في الزُّهد والورع إلى غاية. وُلِد قبل سنة أربعمائة، وبقي إلى حدود سنة ثمانٍ وسبعين. ثنا عنه عبد الواحد بن محمد التُّونيّ. 358- محمد بْن محمد بْن زيد بْن عليّ بْن موسى2. الشّريف المُرْتَضَى أبو المعالي، وأبو الحَسَن. ذو الشَّرفين، العَلَويّ، الحُسَينيّ. وُلِد ببغداد وسمع بها من: أبي القاسم الحرفيّ، وأبي عبد الله المَحَامليّ، والبَرْقَانيّ، وطلحة الكِنَانيّ، ومحمد بن عيسى الهَمَذانيّ، وأبي عليّ بْن شاذان، وأبي القاسم بْن بِشْران، وطائفة. وتخرَّج بأبي بكر الخطيب ولازمه. روى عنه: الخطيب شيخه، وأبو العبّاس المُسْتَغفِريّ أحد شيوخه، وزاهر الشّحّاميّ، ويوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو الأسعد بن القُشَيْريّ، وهبة الله السّيِّديّ، وخلْق آخرهم وفاةً الخطيب أبو المعالي المَدِينيّ. وممّن حدَّث عنه: أبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحِيريّ، وأبو الفتح أحمد بن الحسين الأديب السمَّرقنديّ؛ حدَّث هذا عنه بالإجازة. قال فيه السّمعانيّ: أفضل عَلويّ في عصره، له المعرفة التّامّة بالحديث. وكان يرجع إلى عقلٍ وافر، ورأيٍ صائب. وبرع على الخطيب في الحديث. ونقل عنه الخطيب، أظنُّ في كتاب "البخلاء". ورُزق حسن التّصنيف وسكن في آخر عُمره سمرقند، ثمَّ قدم بغداد وأملى بها.

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "18/ 520".

وحدَّث بإصبهان، ثمّ ردّ إلى سَمَرْقَند. سمعتُ يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ يقول: ما رأيت علويًّا أفضل منه. وأثنَى عليه. وكان من الأغنياء المذكورين. وكان كثير الإيثار، ينفّذ كلّ سنةٍ إلى جماعةٍ من الأئمّة إلى كلّ واحدٍ ألف دينار أو خمسمائة أو أكثر، وربّما يبلغ مبلغَ ذلك عشرةَ آلاف دينار، ويقول: هذه زكاة مالي، وأنا غريب، ففرِّقوا على من تعرفون استحقاقه. ويقول: كلّ من أعطيتموه شيئًا، فاكتتبوا له خطًّا، وأرسِلُوه حتَّى نُعطيه من عُشْر الغلَّة. وكان يملك قريًا من أربعين قرية خالصة بنواجي كِش. وله في كلّ قرية وكيلٌ أوْفَى من رئيسٍ بسَمَرْقَند. قلت: هذا من فرط المبالغة من السّمعانيّ. ثمّ قال: سمعتُ أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك، وكان من أصحاب الشّريف. وسمعتُ أبا المعالي يقول: إنَّ الشّريف عمل بستانًا عظيمًا، فطلب ملك سمرقند وما وراء النَّهر الخضر خاقان أنْ يحضر البُسْتان، فقال الشّريف السّيّد لحاجب الملك: لا سبيل إلى ذلك. فألح عليه، فقال: لكنْ لا أحضُر، ولا أهيّئ آلة الفِسْق والفساد لكم، ولا أفعل ما يعاقبني الله عليه في الآخرة. فغضب الملك، وأراد أن يمسكه، فاختفى عن وكيل له نحو شهرين، ونُوديَ عليه في البلد، فلم يظفروا به. ثمّ أظهروا النَّدم على ما فعلوه، فألحّ عليه أهله حتّى ظهر، وجلس على ما كان مدّة. ثمّ إنّ الملك نفَّذ إليه يطلبه ليشاوره في أمر، فلمَّا استقرَّ عنده أخذه وسجنه، وأخذ جميع ما يملكه من الأموال والجواهر والضّياع، فصبَر وحمد الله، وقال: مَن يكون من أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا بدّ وأن يُبتَلَى. وأنا قد ربِّيت في النّعمة،

وكنتُ أخاف لا يكون وَقَعَ خَلَلٌ في نسبي، فلمَّا وقع هذا فرِحْتُ، وعلمتُ أنّ نسبي متّصل1. قال لنا أبو المعالي: فسمعنا أنّهم منعوه من الطّعام حتّى مات جوعًا. ثمّ أُخرج من القلعة ودُفن2. وهو من ولد عليّ بن زين العابدين عليّ بن الحسين -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قال السّمعانيّ: قال أبو العبّاس الجوهريّ: رأيتُ السّيّد المرتضى أبا المعالي بعد موته وهو في الجنّة، وبين يدية مائدة من طعام، وقيل له: ألا تأكل؟ قال: لا، حتى يجيء ابني، فإنّه غدًا يجيء. فلمّا انتبهت، وذلك في رمضان سنة اثنتي وتسعين، قُتِل ابنه أبو الرّضا في ذلك اليوم. وُلِد السّيّد المرتضى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- في سنة خمسٍ وأربعمائة، واستشهد بعد سنة ستٍّ وسبعين، وقيل: سنة ثمانين. قتله الخاقان خَضِر بن إبراهيم صاحب ما وراء النَّهر. وقد قدِم رسولًا من سلطان ما وراء النَّهر إلى الخلفية القائم بأمر الله في سنة ثلاثٍ وخمسين. قلت: وقع لنا من تصنيفه كتاب "فرحة العالِم"، سمعناه بالإجازة العالية من ابن عساكر. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ، كِتَابَةً: أنا أَبُو الأَسْعَدِ بْنُ الْقُشَيْرِيِّ، أنا أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِيُّ الْحَافِظُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارِسِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: "أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه كأنّما على رؤوسهم الطَّير"3. الفارسيّ هو ابن شاذان. 359- مُطَهَّر بن يحيى بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن محمد بن بَحِير. أبو القاسم البحيريّ النّيسابوريّ4.

_ 1، 2 السير "18/ 522". 3 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "4/ 278"، والطيالسي "1747"، وأبو داود "2015"، والترمذي "2109"، وابن ماجه "3436"، والحاكم "4/ 399"، وصححه، وأقره الذهبي. 4 لا بأس به.

حدَّث عن: أبيه، والحاكم، وحمزة المهلَّبيّ، وابن محمش. وعنه: ابن ماكولا، وابن طاهر المقدسي، وعبد الغافر وقال: شيخ معروف سديد. "حرف النون": 360- نصْر بْن عليّ بْن أَحْمَد بن منصور بن شاذوَيْه. أبو الفتح الحاكميّ الطُّوسيّ1. شيخ عالم مشهور معمَّر. حدَّث بالسُّنن لأبي داود، عن أبي عليّ الرُّوذباريّ. وسمع أيضًا من أبي بكر الحيريّ. وأحضر إلى نيسابور، فسمعوا منه السُّنن. قال أبو سعد السَّمعاني: فسَمعه منه جدّي. روى عنه لولدي عبد الرّحيم: صخُر بن عُبيد الطّابَرَانّي، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وأبو الفتح محمد بن أبي أحمد الحصريّ. مات عد السَّبعين والأربعمائة.

_ 1 انظر السابق.

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: الطبقة الثامنة والأربعون: "471-480هـ" الصفحة الموضوع "أحداث سنة إحدى وسبعين وأربعمائة": 3 عزل ابن جهير من الوزارة. 4 دخول تاج الدّولة تتش دمشق ومقتل أتْسِز. "أحداث سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة": 4 أخذ مسلم بن قريش حلب. 5 وفاة صاحب ديار بكر. 5 غزوة صاحب الهند. "أحداث سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة": 5 الخلاف بين السلطان ملكشاه وأخيه. "أحداث سنة أربع وسبعين وأربعمائة": 5 خطبة الخليفة المقتدي بنت السلطان. 5 حصار مدينة قابس. 6 فتح تتش لأنطرطوس. 6 أخذ صاحب الموصل لحران. 6 وفاة الأمير داود بن ملكشاه. 6 تملك علي بن مقلد حصن شيزر. 6 وفاة سديد الملك ابن منقذ. 6 وفاة الأمير دبيس الأسدي. "أحداث سنة خمس وسبعين وأربعمائة": 7 الخلاف بين الواعظ الأشعري والحنابلة ببغداد. 7 إيفاد الشيرازي رسولًا. 7 ضرب الطبول لمؤيد الملك.

الصفحة الموضوع "أحداث سنة ست وسبعين وأربعمائة": 7 وزارة ابن المسلمة. 8 ولاية فخر الدولة على ديار بكر. 8 عصيان أهل حرّان على مسلم بن قريش. 8 قصد تاج الدولة أنطاكية. 8 عزل المظفر ووزارة أبي شجاع. 8 مقتل سديد الرؤساء ابن كمال الملك. 9 محاصرة المهديَّة والقيروان. 9 رخص الأسعار. "أحداث سنة سبع وسبعين وأربعمائة": 9 الحرب بين العرب والتركمان عند آمد. 10 مصالحة السلطان وشرف الدولة. 10 عصيان تكش على أخيه السلطان. 10 استرجاع أنطاكية من الروم. 11 مقتل شرف الدولة بنواحي أنطاكية. 11 حصار حلب. 12 ولاية آقسنقر شحنكية بغداد. "أحداث سنة ثمان وسبعين وأربعمائة": 12 استيلاء الأدفونش على طليطلة. 12 موقعة الملثمين بالأندلس. 12 رواية ابن حزم عن كتاب الأدفونش إلى المعتمد بن عباد. 13 جواب المعتمد بن عباد إلى الأدفونش. 14 استيلاء ابن جهير على آمد وميافارقين. 14 ملك ابن جهير جزيرة ابن عمر. 14 محاصرة أمير الجيوش دمشق. 14 الفتنة بين السنة والشيعة. 14 الزلزلة بأرَّجان. 14 الريح والرعد والبرق ببغداد.

الصفحة الموضوع "أحداث سنة تسع وسبعين وأربعمائة": 15 مقتل ابن قتلمش عند حلب. 15 دخول السلطان حلب. 15 إقرار الأمير نصر بن عليّ على شَيْزَر. 16 افتقار ابن الحُتَيتي. 16 خبر وقعة الزلَّاقة بالأندلس. 16 استيلاء ابن تاشفين على غرناطة. 17 تلقيب ابن تاشفين بأمير المسلمين. 17 دخول السلطان ملكشاه بغداد. 17 الفتنة بين السنة والشيعة. 17 تدريس الدبوسي بالنظامية. 18 زواج ابن صاحب الموصل وإقطاعه البلاد. 18 عزل ابن جهير عن ديار بكر. 18 الخطبة للمقتدي بالحرمين. 18 إسقاط المكوس بالعراق. 18 محاضرة قابس وسفاقس. "أحداث سنة ثمانين وأربعمائة": 18 عرس الخليفة المقتدي.

وفيات الطبقة

"وفيات الطبقة الثامنة والأربعون": الصفحة الموضوع "وفيات سنة إحدى وسبعين وأربعمائة": "حرف الألف": 20 1- أحمد ابن الحافظ أبي عَمْرو عثمان بْن سَعِيد الدّاني. 20 2- أحمد بن عليّ بن محمد بن الفضل البشاري. 20 3- أحمد بن محمد بن هبة الله الأكفاني. 21 4- أتسز بن أواق الخوارزمي التّركي. 21 5- إبراهيم بن إسماعيل اليعقوبي. 21 6- إبراهيم بن عليّ القباني. "حرف الحاء": 22 7- الحسن بن أحمد بن عبد الله البنا. 23 8- الحسن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جعفر البلخي الوخشي. 25 9- الحسين بن عَقِيل بن محمد بن عبد المنعم بن ريش الدّمشقيّ. "حرف السين": 25 10- سعْد بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن حسين الزِّنْجاني. 27 11- سلمان بن الحسن بن عبد الله البغدادي. 28 12- سهل بن عَمْر بن محمد بن الحسين البسطامي. "حرف الطاء": 28 13- طاهر بن محمد شاه فور الطوسي. "حرف العين": 28 14- عبد الله بن سبعون بن يحيى المسلمي. 29 15- عبد الباقي بن محمد بن غالب الأزجي. 29 16- عبد الحميد بن الحسن بن محمد الهمذاني الدلال. 30 17- عبد الرحمن بن علي بن عبد الله بن منصور الطَّبريّ. 30 18- عبد الرحمن بن علوان بن عقيل الشَّيباني. 30 19- عبد العزيز بن عليّ بن أحمد بن الحسين الأنماطي. 31 20- عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني. 32 21- عليّ بن أحمد بن عليّ السمسار. 32 22- عليّ بن محمد بن أحمد بن حمدان بن عبد المؤمن.

الصفحة الموضوع 32 23- عليّ بن محمد بن عليّ بن هارون الإدلابي. 33 24- عَمْر بن عبد الملك بن عَمْر بن خلف. 33 25- عمر بن عبد الله بن عمر الأزجي. "حرف الفاء": 33 26- الفُضَيل بن يحيى بن الفُضَيل الفضيلي. "حرف الميم": 34 27- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي توبة الكُشْميهني. 34 28- محمد بن عبد الواحد بن عبد الله المستعمل. 34 29- محمد بن عثمان بن أحمد بن محمد القومساني. 37 30- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بن المهديّ بالله. 37 31- محمد بن عمر الأصبهاني النّقّاش. 37 32- محمد بن أبي عمران موسى بن عبد الله المروزي. 38 33- محمد بن المهديّ الهاشمي. 39 34- مهديُّ بن نصر الهمذاني. "حرف الهاء": 39 35- هبة الله بن حسين بن المهلَّب البزّاز. "وفيات سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة": "حرف الألف": 39 36- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد القارئ. 40 37- أحمد بن محمد بن أحمد الإسكاف. 40 38- أحمد بن محمد بن عثمان البَشْخُواني. "حرف التاء": 40 - تُبَّع. "حرف الحاء": 41 39- الحسن بن إسماعيل بن صاعد بن محمد الحنفي. 41 40- الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن محمد العبّاسيّ. 42 41- الحسين بْن عليّ بْن أبي شريك الحاسب. "حرف العين": 42 42- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عثمان السكري.

الصفحة الموضوع 42 43- عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جحّاف. 43 44- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عبّاس القرطبي. 43 45- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد الأبهري. 43 46- عبد الملك بن الحسين بن خيران الدلال. 43 47- عليّ بن عبد الرحمن بن محمد المحمي. 44 48- عليّ بن أبي القاسم بن عبد الله بن علي السرقطسي. "حرف الفاء": 44 49- الفضل بن عبد الله بن محمد بن المحب. "حرف الميم": 44 50- محمد بن حسّان بن محمد الملقاباذي. 45 51- محمد بن الحَسَن بن محمد بن الأنماطيّ. 45 52- محمد بن الحسين بن أحمد بن إبراهيم السعيدي. 46 53- محمد بن أبي مسعود عبد العزيز بن محمد الفارسي. 46 54- محمد بن عبد العزيز بن محمد المناطقي. 46 55- محمد بن عليّ بن محمود بن إبراهيم بن ماخرة. 47 56- محمد بن قاسم بن هلال التِّنِّيسيّ. 47 57- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الحُسَيْن العكبري. 48 58- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن منصور. 48 59- محمد بن يحيى بن سعيد السرقسطي. "حرف النون": 48 60- نصر بن أحمد بن مروان الكرديّ. "حرف الهاء": 49 61- هياج بن عُبَيْد بن حسين الحِطِّيني. "حرف الياء": 51 62- يحيى بن محمد بن الحسين الأقساسي. "وفيات سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة": "حرف الألف": 51 63- أحمد بن حاتم بن بسّام بن عامر البكري.

الصفحة الموضوع 51 64- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن سرابان. 52 65- أحمد بن محمد بن أحمد الأخضر. 52 66- أحمد بن محمد بن الحسين بن الحسن الخياط. 52 67- إسماعيل بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الحيريّ. 52 68- أَمَةُ الرحمن بنت عَمْر بن محمد بن يوسف بن دوست. 53 69- أَمَةُ القاهر بنت محمد بن أبي عَمْرو العلَّاف. "حرف الحاء": 53 70- الحسين بن عليّ بن عمر بن عليّ الأنطاكي. 53 71- الحسين بن عليّ بن محمد بن أحمد النيسابوري. 54 72- الحسين بن محمد بن مبشّر السرقسطي. "حرف السين": 54 73- سعيد بن يوسف. 54 74- سُفيان بن الحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه. "حرف الشين": 54 75- شبيان بن عبد الله بن أحمد البرجي. "حرف العين": 55 76- عبد الله بن عبد العزيز التميمي. 55 77- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن العكبري. 56 78- عبد الرحمن بن عيسى بن محمد الأندلسي. 56 79- عبد السلام ابن شيخ الشيوخ أبي الحَسَن بن سالبة. 56 80- عبد الواحد بن محمد بن عُبَيْد الله الزجاج. 57 81- عبد الواحد بن المطهر بن عبد الواحد البُزانّي. 57 82- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن حمزة الهاشمي. 57 83- عليّ بن محمد بن عليّ الصُّلَيحي. 60 84- عليّ بن أحمد بن الفرج العكبري. 60 85- عليّ بن مقلّد بن عبد الله بن كرامة الأطهري. 60 86- عليّ بن عبد الغافر بن عليّ بن الحسن الخزاعي. "حرف الفاء": 61 87- الفضل بن عبد الله بن المحبّ النيسابوري.

الصفحة الموضوع "حرف الميم": 61 88- محمد بن حارث بن أحمد بن مِنْيَوة. 62 89- محمد بن الحسن بن الحسين المروزي. 62 90- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الشبل الشاعر. 62 91- محمد بن سلطان بن محمد بن حيُّوس الغنوي. 63 92- مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بن عَبْد الرَّحْمَن الكرابيسي. 64 93- محمد بن محمد بن عليّ العكبري. 64 94- محمد بن يحيى الهاشميّ السَّرقسطيّ. 64 95- محمود بن جعفر بن محمد الأصبهاني الكوسج. "حرف النون": 65 96- نصر بن أحمد بن مزاحم الخطيب. 65 97- نصر بن المظفر بن طاهر البوسنجيّ. "حرف الهاء": 65 98- هيّاج بن عُبَيْد الحِطّينيّ الزّاهد. "حرف الياء": 66 99- يحيي بن أبي نصر الهَرَويّ. 66 100- يحيى بن محمد بن الحسن العلوي. "وفيات سنة أربع وسبعين وأربعمائة": "حرف الألف": 66 101- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن عليّ الشروطي. 67 102- أَحْمَد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو. 67 103- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن علي الخوارزمي. 68 104- أحمد بن محمد بن عبد الله شاهكوَيْه. 68 105- أحمد بن المطهّر بن الشّيخ أبي نزار العبدي. 68 106- أَحْمَد بْن هِبَةُ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف بن صدقة الرحبي. 68 107- إبراهيم بن عقيل بن حبش. 69 108- أرسلان تكين بن ألْطُنطاش. "حرف الحاء": 69 109- الحسين بن عبد الرحمن بن عليّ الجُنابذيّ.

الصفحة الموضوع 69 110- الحسين بن عليّ بن عبد الرحمن النيسابوري. 69 111- حمد بن عبد العزيز الأصبهاني. 70 112- حَمْد بن محمد بن أحمد بن العبّاس. "حرف الدال": 70 113- دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيد الأسديّ. "حرف السين": 70 114- سعْد بن محمد بن يحيى الجوهري. 71 115- سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث. "حرف العين": 75 116- العبّاس بن محمد بن عبد الواحد الدّارانيّ. 76 117- عبد الله بن عبد العزيز بن الشدّاد. 76 118- عبد الرحمن بن منصور بن رامش الزّاهد. 76 119- عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني. 76 120- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي البُسري. 77 121- عليّ بن محمد بن أحمد الصابوني. "حرف القاف": 78 122- قُتَيْبة بن محمد بن مُحَمَّد العثماني النسفي. "حرف الميم": 78 123- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن فارس الشيرازي. 79 124- محمد بن الحسن بن الحسين المروزي. 79 125- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرَّحِيم الكتامي. 80 126- محمد بن عليّ بن محمد بن جعفر بن جولة. 80 127- محمد بن محمد بن أحمد الشاماتي. 80 128- محمد بن محمد بن مختار الواسطي. 81 129- محمد بن مكّيّ بن أبي طالب بن محمد القيسي. 81 130- محمد بن يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي. "حرف الياء": 82 131- يعقوب بن أحمد الأديب النيسابوري. 83 132- يونس بن أحمد بن يونس الأزدي الطليطلي.

الصفحة الموضوع "وفيات سنة خمس وسبعين وأربعمائة": "حرف الألف": 83 133- أحمد بن الحسن الماندكانيّ. 83 134- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن حسنويه. "حرف الباء": 83 135- بُديل بن عليّ بن بُديل البرزندي. 84 136- بكر بن محمد بن أبي سهل السُّبعيّ. "حرف الجيم": 84 137- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد القرطبيّ. "حرف الحاء": 85 138- الحَسَن بن محمد بن محمد بن حمُّويه. 85 139- الحسين بن عبد الله بن عليّ الربعي. 85 140- حَمْد بن الفضل بن أحمد بن منصور الرّازيّ. "حرف الخاء": 85 141- خَلَف بن محمد بن جعفر الأندلسي. "حرف السين": 86 142- سهل بن محمد بن عليّ الغازي. "حرف العين": 86 143- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن أبي الحسين الشاماتي. 86 144- عبد الله بن مفوَّز بن أحمد بن مفوَّز. 87 145- عبد الوهّاب بن الحافظ محمد بن إسحاق العبدي. 88 146- علي بن عبد الملك بن محمد بن عمر الحفصي. 88 147- عليّ بن هبة الله بن ماكولا. "حرف القاف": 88 148- قُتَيْبة بن سعْد بن محمد البقّال. "حرف الميم": 89 149- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ السمسار. 89 150- محمد بن أحمد بن علان الكرجي. 89 151- محمد بن الحَسَن بن عليّ كمال المُلْك.

الصفحة الموضوع 90 152- محمد بن عَمْر بن محمد بن تانَة الخرجاني. 90 153- محمد بن فارس بن عليّ الأصبهاني. 90 154- محمد بن المحسّن بن الحسن العلوي. 91 155- مسعود بن عبد الرحمن بن أحمد الحيري. 91 156- مسعود بن عليّ النيسابوري. 91 157- المطهّر بن عبد الواحد بن محمد اليربوعي. "الكنى": 91 158- أبو عَبْد الله بْن أَبِي الحَسَن بْن أَبِي قدامة. 92 159- الأمير أبو نصر بن ماكولا. "وفيات سنة ست وسعبين وأربعمائة": "حرف الألف": 92 160- أحمد بن عليّ أبو الخطّاب. 92 161- أحمد بن محمد بن الفضل الفسوي. 92 162- إبراهيم بن عليّ بن يوسف الشيرازي. "حرف الطاء": 102 163- طاهر بن الحسين بن أحمد القوَّاس. "حرف العين": 103 164- العبَّاس بن أحمد بن محمد بن العبّاس الهاشمي. 103 165- عَبْد الله بْن إبراهيم بْن عَبْد الله الخبري. 104 166- عبد الله بن عطاء بن عبد الله الإبراهيمي. 105 167- عبد الله بن عليّ بن بحر. 105 168- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الأصبهاني. 105 169- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الهروي. 106 170- عبد السّميع بن عبد الودود بن عبد المتكبِّر. 106 171- عبد الوهّاب بن أحمد بن جَلَبَة الخزاز. 107 172- عتيق المغربي البكري. 107 173- عليّ بن أحمد بن عبد الله الطبري. 108 174- عليّ بن الحسين بن الحسن الحسني. 108 175- عليّ بن عبد الله بن سعيد النيسابوري.

الصفحة الموضوع 109 176- عَمْر بن عَمْر بن يونس بن كُرَيِب الأصبحي. 109 177- عَمْر بن واجب بن عمر بن واجب البلنسي. "حرف الفاء": 109 178- فَرَج مولى سيّد بن أحمد الغافقي. "حرف الميم": 110 179- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُمَر بن شبويه الأصبهاني. 110 180- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل اللخمي. 111 181- محمد بن أحمد بن الحسن بن جردة العكبري. 112 182- محمد بن أحمد بن علَّان الكرجي. 112 183- محمد بن الحسن بن محمد بن القاسم. 113 184- محمد بن الحسين البغدادي البنا. 113 185- محمد بن شريح بن أحمد بن محمد الرعيني. 113 186- محمد بن طلحة بن محمد الجُنَابذي. 114 187- محمد بن عليّ بن أَحْمَد بن الحسين السهلكي. "حرف الياء": 114 188- يوسف بن سُليمان بن عيسى الأندلسي. "الكنى": 115 189- أبو الخطّاب الصّوفيّ. "وفيات سنة سبع وسبعين وأربعمائة": "حرف الألف": 115 190- أحمد بن الحسين بن محمد بن محمد البغدادي. 116 191- أحمد بن عبد الرحمن بن محمد النيسابوري. 116 192- أحمد بن محمد بن الفضل الفَسَوي. 116 193- أحمد بن عبد العزيز بن شيبان التميمي. 117 194- أحمد بن محمد بن عبد الله الأصبهاني. 117 195- أحمد بن محمد بن رِزْق بن عبد الله القرطبي. 117 196- أحمد بن المحسِّن بن محمد البغدادي العطار. 118 197- إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي.

الصفحة الموضوع "حرف الباء": 119 198- بيبي بنت عبد الصّمد بن عليّ. "حرف الثاء": 121 199- ثابت بن أحمد بن الحسين البغدادي. "حرف الحاء": 121 200- الحسين بن أحمد بن علي بن البقّال. 122 201- الحسين بن عثمان بن أبي بكر. 122 202- الحسين بن محمد بن الحسين الشاذاني. "حرف الخاء": 122 203- خَلفَ بْن إبراهيم بْن محمد الطليطلي. "حرف الطاء": 122 204- طاهر بن هشام بن طاهر الأزدي. "حرف العين": 123 205- عبد الله بن عبد الكريم بن هوازن. 124 206- عبد الرحمن بن محمد بن عفيف البوشنجي. 124 207- عبد السَّيّد بْن محمد بْن عبد الواحد الصباغ. 125 208- عبد الوهّاب بن عليّ بن عبد الوهّاب السكري. 126 209- عليّ بن أحمد بن عبد العزيز بن طُبيز. 127 210- عليّ بن محمد الغزنوي. "حرف الفاء": 127 211- الفضل بن محمد الفارمذي. 128 212- أبو الفضل بن القاضي أبي بكر أحمد الحيريّ. "حرف الميم": 128 213- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن سلة. 128 214- محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن القاسم المحاملي. 129 215- محمد بن سعيد بن محمد بن فرُّوخ زاد. 129 216- محمد بن عمّار المهري الأندلسي. 131 217- محمد بن محمد بن أصبغ الأزدي. 131 218- محمد بن محمود بن سورة التميمي.

الصفحة الموضوع 132 219- محمد بن محمد بن جعفر الناصحي. 132 220- مسعود الرَّكّاب. 133 221- مسعود بن ناصر بن أبي زيد. 134 222- منصور بن عبد الله بن محمد المنصوريّ. "حرف النون": 134 223- نصر بن بشر الشافعي. "وفيات سنة ثمان وسبعين وأربعمائة": "حرف الألف": 134 224- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد الكيالي. 135 225- أحمد بن عَمْر بن أنّس بن دُلْهاث. 136 226- أحمد بن عيسى بن عبّاد الدينوري. 136 227- أحمد بن محمد النيسابوري التاجر. 137 228- أحمد بن محمد بن الحَسَن بن فُورك. 137 229- أحمد بن محمد بن الحَسَن بن داود الخياط. 137 230- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد البلنسي. 138 231- إسماعيل بن أحمد بن عبد العزيز السياري. 138 232- إسحاق بن أحمد بن عبد العزيز المحمدآباذي. 138 233- إسماعيل بن عمرو بن محمد البحيري. "حرف الحاء": 139 234- الحسين بن عليّ بن أبي نزار المردوسي. 139 235- حمزة بن عليّ بن محمد بن عثمان بن السّوّاق. "حرف الزاي": 139 236- زياد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن زياد الأنصاري. "حرف السين": 140 237- سليمان بن أحمد الواسطيّ. "حرف الطاء": 140 238- طلْحة بن عليّ بن يوسف الرازي. "حرف الظاء": 140 239- ظَفَر بن عبد الواحد بن عبد الرّحيم.

الصفحة الموضوع "حرف العين": 141 240- عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بن خزرج. 141 241- عبد الرحمن بن الحسن الشيرازي. 141 242- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أحمد الباجيّ. 142 243- عبد الرحمن بن مأمون بن عليّ المتولي. 142 244- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن زياد. 143 245- عبد الرحمن بن محمد بن سلمة الطليطلي. 143 246- عَبْد الكريم بْن عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد بن عليّ الطبري. 144 247- عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني. 149 248- عليّ بن أحمد بن عليّ الشهرستاني. 149 249- عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي سعد الهرويّ. 149 250- عليّ بن الحسن بن سلمويه. 150 251- عليّ بن عبد السّلام الأرمنازيّ. 150 252- عليّ بن عبد العزيز بن محمد النيسابوري. 150 253- عليّ بن محمد القيرواني. 150 254- عَوَضُ بن أبي عبد الله بن حمزة. "حرف الفاء": 151 255- فَرَجُ بن عبد الملك الأنصاريّ القرطبي. 151 256- الفضل بن محمد بن أحمد الأصبهاني البقال. 151 257- فيّاض بن أميرجة الهروي. "حرف الميم": 151 258- محمد بن إبراهيم بن سُليمان الأصبهاني. 152 259- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بن الوليد الكرخي. 152 260- محمد بن خيرة الأندلسي. 152 261- محمد ن عبد الله بن محمد القصَّار. 153 262- محمد بن عليّ بن محمد بن المطّلب الكرماني. 153 263- محمد بن عليّ بن محمد بن حسن الدامغاني. 155 264- مُحَمَّد بْن عَمْر بْن مُحَمَّد بْن أَبِي عقيل الكرجي. 156 265- محمد بن محمد بن موسى النعيمي.

الصفحة الموضوع 156 266- مسلم بن قريش بن بدران العقيليّ. "حرف الهاء": 157 267- هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بن أحمد القصري. "حرف الياء": 157 268- يحيى بن محمد بن القاسم بن طباطبا العلوي. "وفيات سنة تسع وسبعين وأربعمائة": "حرف الألف": 158 269- أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن شيبان البغدادي. 158 270- أحمد بن عبيد الله البيع. 158 271- أحمد بن محمد بن دوست دادا. 160 272- أحمد بن محمد بن مفرجّ القرطبي. 160 273- أحمد بن يوسف بن أصبغ الطليطلي. 160 274- إبراهيم بن عبد الواحد بن طاهر القطّان. 160 275- إسماعيل بن زاهر بن محمد النوقاني. 161 276- إسماعيل بن محمد بن أحمد. "حرف الثاء": 162 277- ثابت بن الحسين بن شراعة. "حرف الجيم": 162 278- جعبر بن سابق القشيري الأمير. "حرف الحاء": 162 279- الحَسَن بن محمد بن القاسم بن زَيْنة. 163 280- حمد بن أحمد الحلمقريّ الهرويّ. "حرف السين": 163 281- سَعِيد بْن فضل اللَّه بْن أَبِي الخير. 163 282- سليمان بن قتلمش بن سلجوق. "حرف الشين": 163 283- شافع بن محمد بن شافع. "حرف الصاد": 163 284- صالح بن أحمد بن يوسف البستي.

الصفحة الموضوع "حرف الطاء": 164 285- طاهر بن محمد بن محمد الشحامي. "حرف العين": 164 286- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن محمد العباسي. 165 287- عبد الجليل بن عبد الجبّار المروزي. 165 288- عبد الخالق بن هبة الله الواعظ. 165 289- عبد الكريم بن عبد الواحد الصواف. 166 290- عبد الواحد بن محمد بن عبد السميع. 166 291- عُبَيْد الله بن عثمان بن محمد بن يوسف. 166 292- عليّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن بحر. 167 293- عليّ بن أحمد بن عليّ الأسدي. 167 294- عليّ بن فضّال بن عليّ بن غالب. 168 295- علي بن مقلَّد بن نصر أمير شيزر. "حرف الفاء": 169 296- الفضل بن عليّ بْن أَحْمَد بْن سعيد بْن حزْم. "حرف الميم": 169 297- محمد بْن أحمد بْن عثمان الخزاعي المطيري. 170 298- محمد بن أحمد بن محمد بن يونس الأنصاريّ. 170 299- محمد بن عبد القادر بن محمد البغدادي. 171 300- محمد بن عبيد الله بن محمد الصرام. 171 301- محمد بن الحسن بن منازل الموصلي. 171 302- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هلال العتابي. 172 303- محمد بن عليّ بن إبراهيم الأمويّ. 172 - محمد بن عمار. 172 304- محمد بن محمد بن عليّ بن الحَسَن الهاشمي. 173 305- محمد بن محمد بن عليّ البجلي. 173 306- محمد بن أبي جعفر محمد بن أحمد بن عمر بن المسلمة. 174 307- محمد بن عبد الجبّار بن عليّ الإسفرائينيّ.

الصفحة الموضوع 174 308- مسعود بن سهل بن حمك. 175 309- المعتزّ بن عبيد الله بن المعتزّ البيهقي. 175 310- منصور بن دُبَيْس بن علي بن مزيد. "حرف الواو": 175 311- واقد بن الخليل بن عبد الله القزويني. "حرف الهاء": 176 312- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ الغريق. "حرف الياء": 176 313- يحيى بن الموفّق بالله الزيدي. "وفيات سنة ثمانين وأربعمائة": "حرف الألف": 176 314- أحمد بن الحَسَن بن عليّ التبريزي. 177 315- أحمد بن عليّ بن محمد الهباري. 177 316- أحمد بن محمد بن أحمد الأَوَاني. 177 317- أحمد بن محمد بن أحمد العاصمي البوشنجي. 178 318- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الواحد. 178 319- إسماعيل بن عبد الله بن موسى الساوي. "حرف الحاء": 178 320- الحَسَن بن عليّ بن العلاء بن عبدوَيه. "حرف الشين": 179 321- شافع بْن صالح بْن حاتم الجيلي. "حرف العين": 179 322- عبد الله بن الحسين المصري الواعظ. 180 323- عبد الله بن سهل بن يوسف الأندلسي. 181 324- عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله البزاز. 181 325- عبد الرحيم بن أبي عاصم بن الأحنف الهروي. 181 326- عبد الملك بن الحَسَن بن خَبْرون بن إبراهيم. 182 327- عبد الواحد بن إسماعيل البوشنجي. 182 328- عليّ بن احمد بن محمد الناتقي.

الصفحة الموضوع 182 329- عليّ بن أبي بكر أحمد بن محمد الفارسي. "حرف الفاء": 182 330- فاطمة بنت الحَسَن بن عليّ أم الفضل. 183 331- فاطمة بنت الحسن بن عليّ الدّقّاق أم البنين. 183 332- الفضل بن محمد بن أحمد المدينيّ. "حرف الميم": 184 333- محمد بن إبراهيم بن علي الكعبي الطبري. 184 334- محمد بن الحسن بن عليّ الحلبي المعروف بابن الملحي. 184 335- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ البغدادي. 185 336- محمد بن هلال بن المحسّن الصّابئ. 185 337- مسعود بن سهل بن حمك. "ومن المتوفين تقريبًا": "حرف الألف": 185 338- إسماعيل بن أحمد بن حسن الشاشي. 186 339- إسماعيل بن أحمد بن محمد الرّازيّ. 186 340- إفرائيم بن الزّفّان اليهودي. "حرف الجيم": 186 341- الجنيد بن القاسم المحتاجي. "حرف السين": 187 342- سعيد بن محمد بن أَحْمَد الأصبهاني. 187 343- سليمان بن عبّاس بن سليمان القيرواني. "حرف الشين": 187 344- شبيب بن أحمد بن محمد بن خشنام. "حرف العين": 188 345- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عمر الطليطلي. 188 346- عبد الرحمن بن عبد الله بن أسد الجهنيّ. 188 347- عبد الرحمن بن محمد بن اللّبّان. 189 348- عبد الرحمن بن محمد بن يونس الأندلسي. 189 349- عبد الصّمد بن سعدون الصدفي.

الصفحة الموضوع 189 350- عبد الوهّاب بن محمد بن الحسن الجَزَري. 190 351- عُبَيْد الله بن عبد الله بن أحمد القرشي النيسابوري. 191 352- عليّ بن الحَسَن بن عليّ بن بكر المحكمي. "حرف الميم": 191 353- محمد بْن أحمد بْن عثمان القيسي. 191 354- محمد بن أحمد بن أبي الحَسَن العارف الميهنيّ. 192 355- محمد بن عليّ بن حيدرة الهاشمي الجعفري. 192 356- محمد بن عليّ بن محمد بن جُولة الأبهري. 193 357- محمد بن الفضل بن جعفر المروزي. 193 358- محمد بن محمد بن زيد الشريف المرتضي. 195 359- مطهر بن يحيى بن محمد البحيري. "حرف النون": 196 360- نصْر بْن عليّ بْن أَحْمَد الحاكمي الطوسي. 197 فهرس الموضوعات.

المجلد الثلاث والثلاثون

المجلد الثلاث والثلاثون الطبقة التاسعة والأربعون أحداث سنة إحدى وثمانين وأربعمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة التاسعة والأربعون: أحداث سنة إحدى وثمانين وأربعمائة: "استيلاء الفرنج عَلى مدينة زَوِيلَة": فيها: استولت الفرنج على مدينة زَوِيلَة من بلاد إفريقيّة، جاءوا في البحر في أربعمائة قطعة فنهبوا وسَبوا، ثمّ صالحهم تميم بْنُ بَادِيس1، وبذَل لهم من خزانته ثلاثين ألف دينار فردّوا جميع ما حَوَوْه2. "وفاة النّاصر بن علناس": وفيها مات النّاصر بن عَلنّاس بن حمّاد، وولي بعده ابنه المنصور، فجاءته كُتُب تميم بن المعزّ، وكُتُب يوسف بن تاشفين صاحب مَرّاكُش بالعزاء والهناء3. "وفاة ملك غَزْنَة": وفيها مات ملك غَزْنَة الملك المؤيّد إبراهيم بْن مسعود بْن محمود بْن سُبُكْتِكِين4 وكان كريمًا، عادلًا، مجاهدًا، عاقلًا، له رأي ودهاء، ومن مخادعته أنّ السّلطان ملكشاه سار بجيوشه يقصده، ونزل بإسْفِزَار5، فكتب إبراهيم كُتُبًا إلى جماعةٍ من أعيان أمراء ملكشاه يشكرهم، ويعتذر لهم بما فعلوه من تحسينهم لملكشاه أن يقصده: ليتمّ لنا ما استقرّ بيننا من الظَّفَر به، وتخليصكم من يده، ويَعِدُهم بكلّ جميل. وأمر القاصد بالكُتُب أن يتعرَّض لملكشاه في تصيُّده، فأُخِذَ وأحضر عند

_ 1 هو تميم بن المعز بن باديس. 2 الكامل في التاريخ "10/ 166". 3 الكامل في التاريخ "10/ 166، 167". 4 تاريخ الخلفاء "425". 5 أسفزار: بفتح الهمزة وسكون السين والفاء تضم وتكسر وزاي وألف وراء. مدينة من نواحي سجستان من جهة هراة "معجم البلدان 1/ 178".

ملكشاه فقرّره، فأنكر، فأمر بضربه، فأقرّ واخرج الكُتُب، فلمّا فتحها وقرأها تخيّل من أمرائه، وكتم ذلك عنهم خوفَ الوحشة، ورجع من وجهه. وكان إبراهيم يكتب في العالم خَتْمَةً، ويهديها ويتصدَّق بثمنها، وكان يقول: لو كنتُ بعد وفاة جدّي محمود لما ضَعُفَ ملكُنا، ولكنّي الآن عاجز أن أستردّ ما أُخذ منّا من البلاد لكثرة جيوشهم1. "ولاية جلال الدّين مسعود المُلْك": وقام في المُلْك بعد ولده جلال الدّين مسعود، الّذي كان أبوه زوّجه بابنة السّلطان ملكشاه، وناب نظام المُلْك في عُرْسِه عليها مائة ألف دينار2. "منازلة متولّي حلب لشَيْزَر": وفيها: جمع أقْسُنْقُر متولّي حلب العساكر، ونازل شيزر، ثمّ صالحه صاحبه ابن منقذ3. "وفاة الملك أحمد بن ملكشاه": وفيها: مات الملك أحمد بن السّلطان ملكشاه، وله إحدى عشرة سنة، وكان قد جعله وليَّ عهدٍ أوّل، ونثَر الذَّهَب على الخُطَباء في البلاد عند ذِكْره. فلمّا مات عُمل عزاؤه ببغداد سبعة أيّام بدار الخلافة، ولم يركب أحد فرسًا وناح النّساء في الأسواق عليه، وكان منظرًا فظيعًا4. "توجُّه ملكشاه إلى سمرقند": وفيها: توجَّه ملكشاه إلى سَمَرْقَنْد ليملكها5.

_ 1سير أعلام النبلاء "18/ 321". 2 الكامل في التاريخ "10/ 168". 3 الكامل في التاريخ "10/ 168". 4 الكامل في التاريخ "10/ 169". 5 سير أعلام النبلاء "18/ 321".

أحداث سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة

أحداث سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة: "الفتنة بين السُّنَّة والشِّيعة": في صَفَر كَبَس غَوْغَاء السُّنَّة الكَرْخَ، وقتلوا رجلًا وجرحوا آخر، فأغلق أهل الكَرْخ أسواقهم، ورفعوا المصاحف وثياب الرّجُلين بالدّماء، ومضوا إلى دار كمال المُلْك الدّهسْتانيّ مستغيثين، فأرسل إلى النّقيب طِراد يطلب منه إحضار الرّجُلين القاتلين، فلم يقدر، وكفّ النّاسَ، فلمّا سار السُّلطان عادت الفتنة1. "تملُّك السلطان ما وراء النّهر": وفيها: ملك السّلطان ما وراء النَّهْر، وذلك لأنّ سَمَرْقَنْد تملّكها ابن أخي تُرْكان زوجة السّلطان، وكان صبيًّا ظلومًا غَشُومًا، كثير المصادرة فكتبوا إلى السّلطان سِرًّا يستغيثون به ليتملّك عليهم، فطمع السّلطان، وتحرّكت همّته، وسار من إصبهان بجميع جيوشه، وعَبَر النَّهر، وقَصَد بُخَارى فملكها2، وقصد سَمَرْقَنْد ونازَلها، وكاتب أهلها، ففرح به التُّجّار والرّؤساء، وفرَّق صاحبها أحمد خان الأبرِجة على الأمراء، وسلَّم برج العيّار إلى رجلٍ علويّ، فنصح في القتال، وكان ولده ببُخَارى "أسيرًا"3 فبعث إليه ملكشاه يهدّده بقتله، ففتر عن القتال، ورمى السّلطان عدّة أماكن من السُّور بالمنجنيقات، فلمّا صعِدوا السّورَ اختفى أحمد خان في بيت عاميّ، فغُمِز عليه، وحُمِلَ إلى السّلطان يُجَرّ بحبْل، فأكرمه السلطان وأطلقه، وأرسله تحت الاحتياط إلى إصبهان. ورتَّب لسَمَرْقَنْد أبا طاهر عميد خُوارَزْم. ثمّ قصد كاشْغَر4، فبلغ إلى يوزكَنْد5، وهي بلدة يجري على بابها نهرٌ، فأرسل رُسُلَه إلى ملك كاشغر يأمره بإقامة الخطْبة والسّكّة له، ويتهدّده إنْ خالف. فدخل في الطّاعة، وجاء إلى الخدمة، فأكرمه السّلطان وعظمه، وأنعم عليه، ورده

_ 1 البداية والنهاية "12/ 134" "حوادث سنة 481هـ". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 321"، البداية والنهاية "12/ 135". 3 في الأصل بياض والمستدرك من "الكامل "10/ 172". 4 كاشغر: مدينة وقرى ورساتيق يسافر إليها من سمرقند وتلك النواحي. وهي في وسط بلاد الترك. 5 في الأصل: بئر كند والمثبت عن: "الكامل في التاريخ "10/ 172"، بلد بما وراء النهر يقال له: أوزكند.

إلى بلده. ثمّ ردَّ إلى خُرَاسان، فوثب عسكر سَمَرْقَنْد بالعميد أبي طاهر، فاحتال حتّى هرب منهم1، وكان كبيرهم عين2 الدّولة، ثمّ ندم وخاف، فكاتب يعقوب أخا الملك صاحب كاشغر فحضر واتّفق معه، وجَرَت أمورٌ، فلمّا اتّصلت الأخبار بالسّلطان كرّ راجعًا إلى سَمَرْقَنْد، فهرب يعقوب3 وكان قد قتل عين الدّولة، فلحِق بفَرْغَانة وهي ولايته، ثمّ هادنه، ورجع بعد فصولٍ طويلة4. "وفاة ابنة السّلطان": وكانت ابنة السّلطان زوجة الخليفة أرسلت تشكو من الخليفة لكثره اطّراحه لها، فأرسل يطلب ابنته طلبًا لا بد منه، فأذِن لها الخليفة، ومعها ولدُها جعفر، وسعد الدّولة كوهرائين، فذهب إلى إصبهان، فأدركها الموت في ذي القعدة من السّنة، وعمل الشّعراء فيها المراثي5.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 171-173". 2 في نهاية الأرب "26/ 328"، "عز". 3 في نهاية الأرب: "يعقوب تكين". 4 البداية والنهاية "12/ 135"، ونهاية الأرب "26/ 328". 5 سير أعلام النبلاء "18/ 321، 322

أحداث سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة

أحداث سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة: "تسلُّم المصريّين صور وصيدا وعكا وجبيل": وفيها جاءت عساكر مصر وحاصروا صور، وكان قد تغلب عليها القاضي عين الدّولة ابن أبي عَقِيل، ثمّ تُوُفّي ووليها أولاده، فسلَّموها لضعفهم1. وسارت العساكر إلى صيدا فتسلموها2. ثمّ ساروا إلى عكا، فحاصروها وضيّقوا على المسلمين فافتتحوها3.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 322"، والكامل في التاريخ "10/ 176". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 322". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 322".

وملكوا مدينة جُبَيْل، ورتّبوا نوّاب المستنصِر بها، ورجعوا إلى مصر منصورين ظافرين بعزْم أمير الجيوش1. "تعاظم الفتنة بين السُّنّة والشِّيعة": وفيها عظُمت البليّة ببغداد بين السُّنّة والشِّيعة، وقُتِل بينهم بشرٌ كثير، وركب شِحْنة بغداد ليكفّهم فعجز، وذلّت الرَّافضة بإعانة الخليفة أعوانه عليهم، وأجابوا إلى إظهار السُّنّة، وكتبوا بالكَرْخ على أبواب مساجدهم: خير النّاس بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عليّ فعظُمَ هذا على جهلتهم وشُطّارهم، فثاروا ونهبوا شارع ابن أبي عَوْف، وفي جملة ما نهبوا دار المحدّث أبي الفضل بن خَيْرُون، فذهبَ مستصرخًا ومعه خلْق، ورفعت العامّة الصُّلْبان وهجموا على الوزير وما أَبَوْا ممكنًا، وقُتِل يومئذٍ رجل هاشميّ بسهمٍ غرْبٍ، فقتلت السُّنّة عِوَضَه رجلًا علويًّا واحرقوه. وجَرَت أمور قبيحة، فطلب الخليفة من صدقة ابن مَزْيَد عسكرًا فبعث عسكرًا، وتتبَّعوا المفسدين إلى أن خمدت الفتنة2. "القحط بإفريقية": وفيها: كان بإفريقيّة قحطٌ وحروب، ثمّ أمِنوا ورخصت الأسعار3. "بناء المدرسة التّاجيّة ببغداد": وفيها: عُمِلت ببغداد مدرسة لتاج المُلْك مستوفي الدّولة بباب أبرز، ودرّس بها أبو بكر الشّاشيّ، وتُعرف بالمدرسة التّاجيّة4. "عمارة منارة جامع حلب": وفيها: عمرت منارة جامع حلب5.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 176"، "وكلها في حوادث سنة 482هـ". 2 الكامل في التاريخ "10/ 176، 177"، "حوادث سنة 482هـ"، وسير أعلام النبلاء "18/ 322"، والبداية والنهاية "12/ 135". 3 الكامل في التاريخ "10/ 179". 4 البداية والنهاية "12/ 135"، "حوادث سنة 482هـ". 5 البداية والنهاية "12/ 135"، والكامل في التاريخ "10/ 180".

"إمساك النَّحْويّ السارق": وفيها سَرَق رجلٌ نَحْويٌّ أشقر ثيابًا فأُخِذ وهمّوا به فهرب وذهب إلى بلاد بني عامر، "وبلاده متاخمة الإحساء"1 وقال لأميرهم: أنت تملك الأرض ويتمّ لك وأنت أجدادك أفعالهم بالحاجّ في التّواريخ. وحسّن له نَهْب البصْرة فجمعَ العُربان، وقصدوا البصرة بغتةً، والنّاسُ آمِنون بهيبة السّلطان، فملكها ونهبها، وفَعَلوا كلّ قبيح، وأحرقوا عدّة أماكن، وجاء الصريخ إلى بغداد، فانحدر سعد الدّولة كواهرئين، وسيف الدّولة صَدَقَة بن مَزْيَد، فوجدوا الأمر قد فات، ثمّ أُخِذَ ذلك النَّحْويّ فشُهِّر وصُلِب ببغداد2. "تعيين مدرّسين في النظامية": ووصل للنظاميّة مُدرّسان، كلّ واحدٍ معه منشورٌ بها من نظام المُلْك، وهما أبو محمد عبد الوهّاب الشّيرازيّ، وأبو عبد الله الطَّبَريّ. ثمّ تقررّ الأمرُ أنّ كلّ واحدٍ يدرِّس يومًا3. "وفاة ابن جَهِير": وفيها: مات فخر الدّولة ابن جَهِير4. "تسلُّم رئيس الإسماعيليّة قلعة إصبهان": وفي شعبان تسلَّم ابن الصّبّاح رأس الإسماعيليّة قلعة أصبهان، وذلك أول ظهورهم5. وسيأتي ذكرهم في سنة أربع وتسعين.

_ 1 في الأصل بياض وما بين الحاصرتين من الكامل في التاريخ "10/ 183". 2 البداية والنهاية "12/ 136". 3 البداية والنهاية "12/ 136". 4 البداية والنهاية "12/ 136"، والكامل في التاريخ "10/ 182". 5 المختصر في أخبار البشر "2/ 200".

أحداث سنة أربع وثمانين وأربعمائة

أحداث سنة أربع وثمانين وأربعمائة: "عزل أبي شجاع عن الوزارة": وفيها: عُزِل عن الوزارة ببغداد أبو شجاع بعميد الدّولة ابن جَهِير وأُمِرَ بلزوم داره، فتمثل عن نفسه: تولاها وليس له عدو ... وفارقها وليس له صديقُ1 "سجن الصّاحب بن عبّاد": وفيها: استولى أمير المسلمين يوسف على بلاد الأندلس قُرْطُبة، وإشبيلية، وسجَنَ ابن عبّاد، وفعل في حقه ما لا ينبغي لملك، فإنّ الملوك إمّا أن يُقتلوا، وإمّا أن يُسجنوا، ويُقرَّر لذلك المحبوس راتبٌ يليق به، وهذا لم يفعل ذلك، بل استولى على جميع ممالكه وذخائره، وسجنه بأغْمات2، ولم يُجْرِ على أولاده ما يكفيهم، فكان بناتُ المعتمد بن عَبّاد يغزلْن بأيديهنَّ، وينفقن على أنفسهنّ، فأبان أمير المسلمين بهذا عن صِغَر نَفْسٍ، ولُؤْم طَبْع3. "بدء المرابطين": واتّسعت مملكته واستولى على المغرب وكثير من إقليم الأندلس، وترك كثيرًا من جيوشه بثغور الأندلس، وطاب لهم الخصب والرفاهية، واسترحوا من جبال البربر وعَيْشِها القشب، ولقَّبهم بالمرابطين. وسالمه المستعين بالله ابن هود صاحب شرق الأندلس، وكان يبعث إليه بالتُّحَف. وكان هو وأجناده ممّن يُضْرَب بهم المثل في الشجاعة، فلما اختصر يوسف بن تاشفين أوصى وَلَده عليًّا ببني هود وقال: اتركهم بينك وبين العدوّ، فإنّهم شجعان4.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 186، 187". 2 أغمات: ناحية في بلاد البربر من أرض المغرب قرب مراكش "معجم البلدان "1/ 225". 3 البداية والنهاية "12/ 137". 4 الكامل في التاريخ "10/ 192، 193".

"استيلاء الفرنج على صقليّة": وفيها: استولت الفرنج على جميع جزيرة صَقَلّية، وأوّل ما فتحها المسلمون بعد المائتين، وحكم عليها آلُ الأغلب دهرًا، إلى أن استولى المهديّ العُبَيْديّ على الغرب، وكان العزيز العُبَيْديّ صاحب مصر قد استعمل عليها الأمير أبا الفتوح يوسف بن عبد الله فأصابه فالج فاستناب ولده جعفرًا فضبط الجزيرة، وأحسن السيرة إلى سنة خمس1 وأربعمائة، فخرج عليه أخوه عليّ في جَمْعٍ من البربر والعبيد، فالتقوا فقُتِل خلْقٌ من البربر والعبيد، وأُسِرَ عليّ، وقتله أخوه، فعظُم قتْلُه على أبيه وهو مفلوج، وأمر جعفر بنفْي كل بربريّ بالجزيرة، فطُرِدوا إِلى إفريقيّة، وقتلوا سائر العبيد، واستخدم له جُنْدًا من أهل البلاد، فاختلف عسكره، ولم تمض إلّا أيّام حتّى أخرجوه وخلعوه، وأرادوا قتله. وكان ظَلُومًا لهم، عَسوفًا، فعملوا حِسْبَتَه، وحَصَروه في قصره سنة عشر وأربعمائة، فخرج لهم أبوه أبو الفتوح في مِحَفَّةٍ، فَرَقُّوا لحاله، وأرضاهم، واستعمل عليهم ابنه أحمد المعروف بالأكحل. ثمّ جهزّ ابنه في البحر في مركب إِلى مصر، وسار هو بعد ابنه ومعهما من العين ستّمائة ألف وسبعون ألف دينار. وكان ليوسف من الخيل ثلاث عشرة ألف حجرة، سوى البِغال وغيرها. ومات يوم مات وما له إلّا فرسٌ واحد. وأمّا الأكحل فكان حازمًا سائسًا أطاعه جميع حصون صقلّية الّتي للمسلمين، ثمّ إنّ أهل صَقَلّية اشتكوا منه، وبعث المعزّ بن باديس جيشًا عليهم ولده، فحصروا الأكحل، ووثب عليه طائفة من البلد، فقتلوه في سنة تسْعٍ وعشرين وأربعمائة. ثمّ رأوا مصلحتهم في طرد عسكر ابن باديس عنهم، فالتقوا، فانهزم الإفريقيّون، وقُتِل منهم ثمانمائة نفس، ورجع الباقون بأسوأ حال، فولّى أهل صقلّية عليهم الأمير حَسَنًا الصِّمْصام أخا الأكحل، فلم يتّفقوا وغلب كلّ مقدّم على قلعةٍ، واستولى الأراذل.

_ 1 في المختصر في أخبار البشر "2/ 200" "إلى سنة عشر".

ثمّ أخرجوا الصِّمْصام فانفرد القائد عبد الله بن متكون1 بمَازَرَ2 وطَرَابُنُش3، وانفرد القائد عليّ عليّ بن نعمة بقَصْرُيَانِه4 وجُرْجنْت وانفرد ابنُ الثُمنة بمدينة سَرَقُوسة5 وقَطَانِيَة6، وتحاربَ هو وابن نِعْمة، وجَرَت لهم خُطُوب، فانهزم ابن الثُمنة، فسوّلت له نفسه الانتصار بالنّصارى، فسار إلى مالطة، وقد أخذتها الفرنج بعد السبعين وثلاثمائة وسكنوها، فقال لملكها: أنا أملك الجزيرة، وملأ يدَ هذا الكلب خسايا، فسارت الفرنج معه في سنة أربع وأربعين وأربعمائة، فلم يلقوا من يمنعهم، فأخذوا ما في طريقهم، وحاصروا قَصْرُيَانِهْ، وعمل معه ابن نعمة مُصَافًا، فهزموه، فالتجأ إلى القصر، وكان منيعًا حصينًا. فحلوا عنه واستولوا على أماكن كثيرة، ونَزَحَ عنها خلْقٌ من الصّالحين والعلماء، واجتمع بعضهم بالمعزّ، فأخبره بما النّاس فيه من الوَيْل مع عدوّهم، فجهَّز أسطولًا كبيرًا، وساروا في الشّتاء، فغرَّق البحر أكثرهم، وكان ذلك ممّا أضعف المعزّ، وقويت عليه العرب، وأخذت البلاد منه، وتملّك الفرنج أكثر صَقَلّية. واشتغل المعزّ بما دهمِه من العرب الّذين بعثهم صاحب مصر المستنصِر لحربه وانتزاع البلاد منه، فقام بعده ولده تميم في المُلْك، فجهَّز أسطولًا وجيشًا إلى صَقَلّية، فَجَرَت لهم حروبٌ وأمورٌ طويلة، ورجع الأسطول، وصحِبهم طائفة من أعيان أهل صَقَلّية، ولم يبق أحدٌ يمنع الفرنج، فاستولوا على بلاد صَقَلّية، سوى قَصْرُيَانِهْ وجُرْجنْت7، فحاصروا المسلمين مدّة حتّى كلّوا، وأكلوا الميتة من الجوع، وسلم أهل جرجنت بلدهم، ولبث8 قَصْرُيَانِهْ بعده ثلاث سِنين في شدَّةٍ من الحصار، ولا أحد يغيثهم، فسلَّموا بالأمان، وتملَّك رُجار جميعَ الجزيرة، وأسكنها الرومَ والفرنجَ مع أهلها.

_ 1 في الكامل في التاريخ "1/ 195"، "منكوت" ومثله في المختصر في أخبار البشر "2/ 201". 2 مازر: مدينة بصقلية "معجم البلدان" "5/ 40". 3 طرابنش: مدينة بجزيرة صقلية "معجم البلدان 4/ 26". 4 قصريانه: مدينة كبيرة بجزيرة صقلية على سن جبل "معجم البلدان 4/ 365". 5 في الأصل "سرقوس" والتصحيح من: معجم البلدان "3/ 214"، وهي الآن عاصمة جزيرة صقلية. 6 قطانية: مدينة على سواحل جزيرة صقلية وتعرف بمدينة الفيل "معجم البلدان 4/ 370". 7 في الأصل: "جرجنته" والتصحيح من الكامل في التاريخ "10/ 197". 8 في الأصل: "ولبث".

وهلك رجار قبل التسعين وأربعمائة، وتملّك بعده ابنه، فاتَّسَعت ممالكه، وعمّر البلاد، وبالغ في الإحسان إلى الرّعيّة، وتطاول إلى أخذ سواحل إفريقيّة1. "دخول السلطان بغداد للمرّة الثّانية": وفي رمضان وصل السّلطان إلى بغداد، وهي القدْمة الثّانية، وبادر إلى خدمته أخوه تاج الدّولة تُتُش صاحب دمشق وقسيم الدّولة أقْسُنْقُر صاحب حلب، وغيرهما من أمراء النّواحي2 فعمل الميلاد ببغداد، وتأنّقوا في عمله على عادة العجم، وانبهر الناس، وأروا شيئًا لم يعهدوه من كثرة النّيران، حتّى قال شاعرهم3: وكُلُّ نارٍ على العُشَّاق مُضْرَمَةٌ ... مِن نار قلبي أو من ليلة الصَدَقِ نارٌ تَجَلَّت بها الظَّلْمَاءُ فاشتبهتْ ... بسُدْفةِ اللَّيل فيه غُرَّةُ الفَلَقِ وزارتِ الشّمسُ فيه البدرَ واصطلحا ... على الكواكب بعد الغَيْظِ والحَنَقِ مُدّت على الأرض بسطٌ من جواهرها ... ما بين مجتمع دارٍ ومفترقِ مثلَ المصابيح إلّا أنّها نزلتْ ... من السّماء بلا رجمٍ ولا حَرَقِ أعْجِبْ بنارٍ ورضوانٌ يُسعّرُهَا ... ومالكٌ قائمٌ منها على فَرَقِ في مجلسٍ ضحِكَتْ روضُ الْجِنَانِ لهُ ... لمّا جلى ثغْرُهُ عن واضحٍ يَقَقِ وللشُّمُوع عيونٌ كلْما نظرتْ ... تظلّمتْ من يديها أنْجُمُ الغَسَقِ من كلّ مرهفةٍ الأعطافِ كالغُصْن الـ ... ـمياد لكنّه عارٍ من الوَرَقِ إنِّي لأعجب منها وهي وادعةٌ ... تبكي وعِيشَتُهَا من ضَرْبة العُنُقِ4 "بناء جامع السّلطان ببغداد": وفي آخرها أمر السّلطان بعمل جامعٍ كبير له ببغداد، وعمل الأمراء حوله دورًا

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 322"، والبداية والنهاية "12/ 138". 2 البداية والنهاية "12/ 137". 3 هو "المطرز" كما في الكامل "10/ 199". 4 الخبر والأبيات في الكامل في التاريخ "10/ 199، 200".

لهم ينزلونها، ولم يدروا أن دولتهم قد ولت، وأيامهم قد تصرمت نسأل الله خاتمةً صالحةً1. "الزّلزلة بالشّام": وفيها: كانت زلازل عظيمة مزعجة بالشّام، تخرّب من سور أنطاكية تسعون برجًا، وهلك من أهلها عالمٌ كثير تحت الرَّدْم، فأمر السّلطان بعمارتها2.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 137". 2 البداية والنهاية "12/ 138"، والكامل في التاريخ "10/ 200".

أحداث سنة خمس وثمانين وأربعمائة

أحداث سنة خمس وثمانين وأربعمائة: "وقعة جيان بالأندلس": فيها: وقعة جَيّان1 بالأندلس: كانت بعد وقعة الزّلّاقة، وتُقاربُها في الكِبَر فإنّ الأذفونش جمع جُموعًا عظيمة، وقصد بلاد جَيّان، فالتقاه المرابطون فانهزم المسلمون، وأشرف النّاسُ على خُطّةٍ صعبة، ثمّ أنزل الله النّصر، فثبتوا وهزموا الكُفّار، ووضعوا السّيف فيهم، ونجا الأذفونش في نَفَرٍ يسير2. "نسخة كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هرقل": ثمّ تهيّأ في العام القابل، وأغار على القُرى وحرَّق الزَّرع، وبقي النّاس معه في بلاءٍ شديد، وشاخ وعُمِّر، وكان من دُهاة الرّوم، وهو أكبر ملك للفرنج، تحت يده عدّة ملوك وجعل دار مملكته طُلَيْطُلَة، فبقي مجاورًا لبلاد الإسلام. وهو من ذُرّيّة هِرَقْل. وكان عنده كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جدّه. قال الْيَسَعُ بنُ حزْم: حدّثنا الفقيه أبو الحسن بن زيدان قال: لمّا توجّهنا إلى ابن بنتِه رُسُلًا أنا وفُلان، أمرَ فأُخْرِج سفْطٌ فيه حق ذهب مرصع بالياقوت والدر،

_ 1 جيان: مدينة لها كورة واسعة بالأندلس "معجم البلدان 2/ 195". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 322"، والكامل في التاريخ "10/ 202".

فاستخرج منه الكتاب كما نصّه في "صحيح البخاري"1 فلما رأيناه بكينا، فقال: مم تبكون؟ فقلنا: تذكرنا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: إنّما هذا الكتاب شَرَفي وشَرَف آبائي من قبلي. "تسيير عسكر السلطان ملكشاه لفتح بلاد السّاحل": وفيها أمرَ السّلطان ملكشاه لقسيم الدّولة وبوران وغيرهما أن يسيرا في خدمة أخيه تُتُش، حتّى يستولوا على ما بيد المستنصِر العُبَيْديّ بالسّواحل، ثمّ يسيرون بعد ذلك إلى مصر فيفتحوها، فسَاروا إلى أن نزلوا على حمص، وبها صاحبها ابن مُلاعِب، وكان كثير الأذِيّة للمسلمين، فأخذوا منه البلد بعد أيّام2. ثمّ ساروا إلى حصْن عِرْقه، فأخذوه بالأمان3. ثمّ نازل طرابُلُس، فرأى صاحبُها جلال المُلْك ابن عَمّار جيشًا لا قِبَل له به، فأرسل إلى الأمراء الّذين مع تُتُش، ووعدهم ليُصلِحوا حاله، فلم ير فيهم مطعمًا ثمّ سيّر لقسيم الدّولة ثلاثين ألف دينار وتقادُم فسَعى له عند تُتُش هو وكاتبُه، فغضب تتش وقال: هل أنت إلا تابع لي: فخلاه في الليل، ورحل إِلى حلب، فاضطّر تُتُش إلى التَّرحُّل عن طرابلس وانتقض ما قرَّر لهم السّلطان من الفتوح4. "فتح اليمن للسّلطان": وفيها: فتح للسّلطان اليمنُ: كان فيمن حضر إلى خدمته ببغداد جنق5 أمير التّركمان صاحب قرميسين، فجهَّزَه السّلطان في جماعة أمراء من التُّرْكُمان إلى الحجاز واليمن، وأن يكون أمرهم إلى سعْد الدّولة كوهرائين، فاستعمل عليهم كوهرائين عِوَضَه ترشك، فساروا إلى اليمن واستولوا عليها، فظلموا وعَسفوا وفَسَقوا فأسْرَفوا، ومَلَكوا عدن، وظهر عَلَى ترشك جدري أهلكه بعد جمعة من وصوله إلى عدن.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري رقم "7"، ومسلم "1773"، وأبو داود "5136"، والترمذي "2618". 2 البداية والنهاية "12/ 139". 3 البداية والنهاية "12/ 140". 4 الكامل في التاريخ "10/ 202، 203". 5 في الكامل "10/ 203" "جبق".

وعاش سبعين سنة فنقله أصحابه معهم، ودُفِن ببغداد عند مشهد أبي حنيفة1. "وفاة السلطان": قال صاحب "المرآة": في غُرَّة رمضان توجّه السلطان من إصبهان إلى بغداد عازمًا على تغيير الخليفة؛ فوصل بغدادَ في ثامن عشر رمضان، فنزل داره، ثمّ بعث إلى الخليفة يقول: لا بُدّ أن تترك لي بغداد، وتذهب إلى أيّ بلدٍ شئت. فانزعج الخليفة وقال: أمهلني ولو شهرًا. فقال: ولا ساعة. فبعث الخليفة إلى وزير السّلطان تاج المُلْك، فطلب المهلة عشرة أيّام. فاتَّفق مرض السّلطان وموته، وعُدَّ ذلك كرامةً للخليفة2. "مقتل الوزير نظام المُلْك": وفي عاشر رمضان قُتِل نظام المُلْك الوزير بقُرب نهاوند، أتاه شابٌّ دَيْلَميّ من الباطنيّة في صورة مستغيث فضربه بسِكّين عندما أُخْرجت محفَّته إلى خيمة حُرَمِه بعد إفطاره، وتَعِس الباطنيّ فلحِقُّوه وقتلوه3. وكان مولده سنة ثمان وأربعمائة4. وقيل: إنّ السّلطان هو الّذي دسّ عليه من قتله، لأن ابن ابن نظام المُلْك كان شابًا طريا، ولي نظر مرْو ومعه شِحْنة للسّلطان، فعمد وقبض عليه، فغضب السّلطان، وبعث جماعةً إلى نظام الملك يعنقه ويوبِّخه ويقول: إن كنتَ شريكي في المُلْك فلذلك حكمٌ! وهؤلاء أولادك قد استولى كلّ واحدٍ على كورةٍ كبيرة، ولم يكفهم حتّى تجاوزوا أمر السّياسة. فقوّى نفسه، ولقد يمُتّ بأمورٍ ما أظنّ عاقلًا يقولها، ويقول: إن كان ما علم أني شريكه فليعلم5.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 322"، البداية والنهاية "12/ 140". 2 المنتظم "9/ 62"، "16/ 299، 300". 3 البداية والنهاية "12/ 139، 140". 4 الكامل في التاريخ "10/ 204". 5 الكامل في التاريخ "10/ 205".

"وفاة السلطان ملكشاه": فازداد غضب السّلطان ملكشاه وعمل عليه، ولكنّه ما مُتِّع بعده، إنّما بقي خمسةٍ وثلاثين يومًا ومات1. "سلطنة محمود بن ملكشاه": فلمّا مات السّلطان كتمت زوجته تُرْكان، مَوْتَه، وأرسلت إلى الأمراء سرًّا فاستحلفتهم لولدها محمود ابن السّلطان، وهو في السّنة الخامسة من عمره. فحلفوا له2، وأرسلت إلى المقتدي بالله في أنْ يُسلْطنه، فأجاب، وخُطِب له، ولُقِّب ناصر الدُّنيا والدِّين3، وأرسلت في الحال تُرْكان إلى إصبهان من قَبَضَ على بركيارُوق4 أكبر أولاد السّلطان فَقُبِض عليه5. "خلاف بركياروق": فلمّا اشتهر موتُ أبيه وثب المماليك بإصبهان، وأخرجوه وملّكوه بإصبهان. وطالبت العساكرُ الوزيرَ بالأرزاق، فوعدهم فلمّا وصل إلى قلعة برجين التي فيها الخزائن صعِد إليها ليفرّق فيهم، فأغلقها وعصى على تركان فنهبت العساكر أثقاله، وذهبت هي إلى إصبهان. فندم ولحِقها، وزعم أنّ متولِّي القلعة حبَسه، وأنّه هرب منه، فقبلت عُذْرَه6. وأمَّا بَركيَارُوق ففارق إصبهان، وبادر إلى الريّ، وانضم إليه فرقةٌ من العسكر، وأكثرهم من المماليك النّظامية، لبُغضهم لتاج المُلْك لأنّه كان عدوًّا لمولاهم، وهو المُتَّهم بقتْلِه، فنازلوا قلعة طبرك، وأخذوها عنوةً7.

_ 1 تاريخ الخلفاء "5252". 2 البداية والنهاية "12/ 139". 3 تاريخ الزمان "121". 4 في تاريخ الزمان "121" "تركياروق وفي الكامل "10/ 215" "بركيارق". 5 الكامل في التاريخ "10/ 214، 215". 6 الكامل في التاريخ "10/ 215". 7 المختصر في أخبار البشر "2/ 203"، والكامل في التاريخ "10/ 215".

"انهزام عسكر تُركان وأسر تاج المُلْك": وجهَّزت تُركان عساكرها لحربهم، فالتقى الجمعان بناحية بَرُوجِرْد، فخامَر طائفة، والتفّوا أيضًا على بَركيَارُوق، واشتدّ الحرب. ثمّ انهزم عسكر تُركان، وساق بركياروق في أثرهم، فنازل إصبهان في آخر السّنة. وأُسِر بعد الوقعة تاج المُلْك، فأُتِي به بَركيَارُوق وهو على إصبهان، فأراد أن يستوزره1. "مقتل تاج المُلْك": وأخذ تاج المُلْك في إصلاح كبار النّظامية، وفرَّق فيهم مائتي ألف دينار، وبلغ ذلك عثمان بنَ نظام المُلْك2، فشغب عليهم سائر الغلمان الصِّغار، وقال: هذا قاتل أستاذكم. ففتكوا به، وقطّعوه في المحرَّم سنة ستٍّ. وكان كثير المحاسن والفضائل وإنّما غطّى ذلك ممالأته على قتل نظام الملك، ولأنّ مدّته لم تَطُلْ. وعاش سبْعًا وأربعين سنة3. "إيقاع عرب خفاجة بالرّكب العراقي": وأمّا عرب خَفَاجَة فطمعوا بموت السّلطان، وخرجوا على الركْب العراقيّ، فأوقعوا بهم، وقتلوا أكثر الْجُنْد الّذين معهم، ونهبوا الوفد، ثمّ أغاروا على الكوفة، فخرجت عساكر بغداد وتبعَتْهم حتّى أدركتهم فقُتِل من خَفَاجَة خلْق، ولم تقْوَ لهم شوكةٌ بعدَها4. "حريق بغداد": وفيها كان الحريق المَهُول ببغداد، وكان من الظُّهر إلى العصر. قال صاحب "الكامل": واحترق من النّاس خلْق كثير، واحترق نهر معلى، من

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 216". 2 في الكامل في التاريخ "10/ 216": "عثمان نائب نظام الملك". 3 الكامل في التاريخ "10/ 216". 4 سير أعلام النبلاء "18/ 322"، والبداية والنهاية "12/ 139".

عقد الحديد إلى خزانة1 الهرّاس، إلى باب دار الضَّرب، واحترق سوق الصَّاغة، والصّيارف، والمخلّطين والرَّيْحانيّين، وركب الوزير عميد الدّولة2 بن جَهير وأتى، فما زال راكبًا حتّى أُطْفِئ3. "وقوع البَرَد بالبصرة": وفيها: وقع بالبصرة بَرَد عظيمٌ كبار، أهلك الحرث والنَّسْل. كانت البَرَدة من خمسة أرطال إلى عشرة أرطال4.

_ 1 في الكامل "خربة" وفي المنتظم "خرابة". 2 في الأصل "عميد الله" والتصحيح من: الكامل والمنتظم. 3 البداية والنهاية "12/ 139". 4 البداية والنهاية "12/ 139"، والمنتظم "9/ 61" "16/ 301".

أحداث سنة ست وثمانين وأربعمائة

أحداث سنة ست وثمانين وأربعمائة: "وزارة عزّ الملك": استُهِلَّت وبركياروق مُنَازِلٌ إصبهان، فخرج إليه جماعة من أولاد نظام المُلْك، فاستوزر عزّ المُلْك بن نظام المُلْك الّذي كان مُتولّي خَوارَزْم1. "استيلاء تاج الدّولة تُتُش على الرّحبة ونصيبين": وأمّا تاج الدّولة تُتُش صاحب دمشق، فلمّا علم بموت أخيه ملكشاه جمع الجيوش وأنفق الأموال، وسار يطلب السّلطنة، فمرّ بحلب وبها قسيم الدّولة أقْسُنْقُر فصالحه وصار معه، وأرسل إلى ياغي سيان صاحب أنطاكية، وإلى بوزان صاحبُ الرّها وحَرّان، يشير عليهما بطاعة تُتُش، فصاروا معه، وخطبوا له في بلادهم، وقصَدَوا الرَّحْبة، فملكوها في المحرّم سنة ستٍّ2. ثمّ سار بهم وحاصر نصيبين، فسبُّوه ونالوا منه، فغضب وأخذها عَنْوَةً، وقتل بها خلْقًا ونهبها. ثمّ سلّمها إلى محمد بن شرف الدّولة العُقَيْليّ، وقصدَ الموصل3.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 219". 2 البداية والنهاية "12/ 144". 3 الكامل في التاريخ "10/ 220"، والبداية والنهاية "12/ 144".

"وزارة ابن جهير": واستوزر الكافي ابن فخر الدّولة بن جَهير، أتاه من جزرة ابن عمر1. "وقعة المُضَيَّع": وكان قد تغلَّب على الموصل إبراهيم بن قُرَيش أخو شرف الدّولة، فعمل معه مصَافًّا، وتُعرف بوقعة المُضَيَّع2، فكان هو في ثلاثين ألفًا، وكان تُتُش في عشرة آلاف فتمَّت الكسْرة على جيش إبراهيم، وأخِذ أسيرًا، ثمّ قُتِل صبْرًا3. وقيل: إنّ تقدير القتلى من الفريقين عشرة آلاف، امتلأت الأيدي من السَّبْي والغنائم، حتّى أبيع الْجَمَل بدينار، وأمّا الغنم فقيل: أُبيعت مائة شاة بدينار. ولم يُشَاهد أبشع من هذه الوقعة، وقتل بعض نُسوان العرب أنفسهنَّ خوف الفضيحة، ومنهنّ من غرَّقت نفسَهَا. وأقرَّ تُتُش على الموصل الأمير عليّ بن شرف الدّولة وأمّه صفيّة، وهي عمّة تُتُش، ثمّ بعث إلى بغداد يطلب تقليدًا بالسّلطنة، وساعده كوهرائين فتوقّفوا قليلًا4. "استقامة الأمور لتاج الدّولة تتش": وسار تُتُش فملك ميّافارقِين5، وديار بكر وقصد أَذَرْبَيْجَان6، وغلب على بعضها، فبادر بركياروق ليدفع عنه تتش عن البلاد، وقصده، فالتقيا، فقال قسيم الدّولة لبوزان: إنّما أطعنا هذا لننظر ما يكون من أولاد السّلطان، والآن فقد ظهر ابنُه هذا، وينبغي أن نكون معه، ففارقا تُتُش وتحوّلا بعسكرهما إلى بَركيَارُوق، فلمّا رأى ذلك تُتُش ضَعُف ورجع إلى الشّام، واستقام دست بركياروق7.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 144". 2 في الأصل: "المصنع" والتصحيح من الكامل "10/ 221". 3 الكامل في التاريخ "10/ 221". 4 الكامل في التاريخ "10/ 221، 222". 5 الكامل في التاريخ "10/ 222". 6 الكامل في التاريخ "10/ 222"، والتاريخ الباهر "13". 7 البداية والنهاية "12/ 145"، والكامل في التاريخ "10/ 223".

"تملك عسكر مصر مدينة صور": وفيها في جُمَادى الآخرة جاء عسكر المصريّين، فتملِّكوا مدينة صور بمخامرة أهلها، وأُخِذ متولّيها إلى مصر، فقُتِل هو وجماعة1. "امتناع الحجّ العراقي": ولم يحجّ أحدٌ من العراق، بل خرج ركْبٌ من دمشق، فنهبهم أمير مكّة محمد بن أبي هاشم، وخرجت عليهم العُربان غير مرّة ونهبوهم، وتمزَّقوا، وقتِل جماعة، ورجع سلم في حالٍ عجيب2. "الفتنة بين السُّنّة والرَّافضة": وأمّا بغداد فهاجت فيها فتنةٌ مزعجة على العادة بين السُّنّة والرَّافضة3. "دخول صدقة بن مزيد في خدمة السلطان ملكشاه": وسار سيف الدّولة صَدَقَة بن مَزْيَد أميرُ العرب، فلقي السّلطان بركياروق بنَصِيبِين، وسار في خدمته إلى بغداد، فوصلها في ذي القعدة. وخرج عميد المُلْك ابن جَهير الوزير والنّاس معَه إلى لقائه4. "وفاة جعفر بن المقتدي بالله": ومات جعفر بن المقتدي بالله، وله ستُّ سِنين، وهو سِبْط السّلطان ملكشاه5.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 225". 2 الكامل في التاريخ "10/ 225". 3 الكامل في التاريخ "10/ 226". 4 الكامل في التاريخ "10/ 226". 5 البداية والنهاية "12/ 145"، والكامل في التاريخ "10/ 227".

أحداث سنة سبع وثمانين وأربعمائة

أحداث سنة سبع وثمانين وأربعمائة: "الخطبة لبركياروق بالسّلطنة": في أوّلها خُطب للسّلطان بَركيَارُوق، ولُقِّب "رُكن الدّولة" وعلَّم الخليفة على تقليده1. "وفاة الخليفة المقتدي": ومات الخليفة المقتدي من الغد فجأة2. "خلافة المستظهر": وبويع بالخلافة ولده المستظهر3. "قتْل تُتُش لآقْسُنْقُر صاحب حلب": وأمّا تاج الدّولة تتش فإنه رجع وشرع يجمع العساكر، وصار قسيم الدّولة وبوزان ضدًّا له، وأمدَّهما بركياروق بعسكر، فكان بينهما مصافٌّ بتلّ السّلطان4، على بريد من حلب، فانهزم، جَمْع أقْسُنْقُر صاحب حلب، وثبت هو، فأُخِذ أسيرًا، وأُحضر بين يدي تُتُش، فقال له: لو كنتَ ظفرتَ بي ما كنت تفعل بي؟ قال: كنت أقتلك. فذبحهُ صبْرًا5. "تغلّب تتش على حلب وغيرها": وساق إلى حلب وقد دخلها المنهزمون، فحاصرها حتّى ملكها، وأخذ الأميرين بوزان وكربوقا أسيرين، فقتل بوزان6 ثمّ بعث برأسه إلى حران والرها، فخافوه،

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 229". 2 البداية والنهاية "12/ 146". 3 البداية والنهاية "12/ 146". 4 تل السلطان: موضع قريب من حلب فيه خان ومنزل للقوافل. قال ابن الأثير: بينه وبين حلب نحو ستة فراسخ "التاريخ الباهر 15". 5 الكامل في التاريخ "10/ 232". 6 البداية والنهاية "12/ 145"، وفيه "بوران".

وسلَّموا إليه البلدين1، وسجن كربوقا بحمص، ثمّ سار إلى بلاد الجزيرة فملكها، ثمّ ملك خِلاط وغيرها، ثمّ سار فافتتح أَذَرْبَيْجَان جميعها، وكثرت جيوشه واستفحل أمره2. "سلطنة بركياروق على إصبهان": وسار بركياروق في طلب عمّهِ، فبيَّتَه ليلةً عسكر تُتُش، فانهزم بَركيَارُوق في طائفة يسيرةٍ، ونُهِبت أثقالُه، فقصد إصبهان لمّا بلغه موت امرأة3 أبيه تُركان، ففتحوا له خديعةً، وقبضوا عليه، وأرادت الأمراء أن يكحلوه، فاتفق أن أخاه محمود بن السّلطان ملكشاه جدّر، فقال لهم الطّبيب4: ما رأيته يسْلَم، فلا تَعْجَلوا بكَحْل هذا، وأنتم تكرهون أن يملك تاج الدّولة تُتُش، فدعوا هذا حتّى تنظروا في أمركم، فمات محمود في سَلْخ شوّال وله سبْعٌ سنين، فملّكوا بركياروق، ووزر له مؤيّد المُلْك بن نظام المُلْك، لأن أخاه الوزير عزّ المُلْك مات بناحية الموصل مع السّلطان. فأخذ مؤيّد المُلْك يكاتب له الأمراء ويتألَّفهم، فقوي سلطانه وتمّ5. "وفاة المستنصر بالله العُبَيْديّ": وفيها: مات المستنصر بالله الرّافضيّ صاحب مصر6. "خلافة المستعلي بالله": وقام بعده ابنه المستعلي7. "وفاة بدر أمير الجيوش": وفيها: مات بدر أمير الجيوش قبل المستنصر بأشهر8.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 145". 2 الكامل في التاريخ "10/ 233". 3 في الأصل: "امرأت". 4 هو: أمين الدولة ابن التلميذ الطبيب كما في "الكامل 10/ 234". 5 الكامل في التاريخ "10/ 234، 235". 6 الكامل في التاريخ "10/ 237"، وتاريخ الخلفاء "426". 7 الكامل في التاريخ "10/ 237". 8 البداية والنهاية "12/ 147".

"وفاة أمير مكّة": ومات محمد بن أبي هاشم الحسينيّ1 أمير مكّة، وقد نيّف على السّبعين وكان ظالمًا2 قليل الخير، أمرَ بنهب الرَّكْب في هذا العام. "قتل تكش عمّ السلطان بركياروق": وفيها قتل السّلطان بَركيَارُوق عمّه تكش وغرقه، وكان محبوسًا مكحولًا بقلعة تِكْريت، لأنّه اطّلع منه على مكاتبات3. "وفاة الخاتون تُركان": وكانت تُركان الخاتون قد بعثت جيشًا مع الأمير أُنَرْ4 لأخْذ فارس من الملك تورانشاه بن قاروت بك، فانهزم تورانشاه، وعمل معه مصافًّا، فانهزم أنر، ومات تورانشاه من سَهْم أصابه، ومرضت تُركان وهي بنت طمغان خان5 أحد ملوك الترك، وكان لها هيبة وصَوْلة، وأمرٌ مُطاع، لأنّها بنت ملك كبير، ولأنّ زوجها سلطان الوقت كان، وابنها ولي عهْد، وهي حماة المقتدر بالله، إلى غير ذلك، وكانت قد تجهَّزت تريد المسير إلى تاج الدّولة لتتزوّج به، فأدركها الأجَل، وأوصت بولدها إلى الأمير أُنَرْ، ولم يكن بقي له سوى إصبهان6. "دخول الرّوم بَلَنْسِيَة": وفيها: دخلت الروم -لعنهم الله- بَلَنْسِيَة7 صُلْحًا بعد حصار عشرين شهرًا8، فلا قوة إلا بالله.

_ 1 في الأصل: الحسين. 2 الكامل في التاريخ "10/ 239". 3 الكامل في التاريخ "10/ 239". 4 في الأصل: "أتر" والتصحيح من الكامل "10/ 240". 5 في الكامل: "طنغاج" "10/ 240". 6 الكامل في التاريخ "10/ 240". 7 بلنسية: مدينة مشهورة بالأندلس "معجم البلدان 1/ 490". 8 تاريخ الخلفاء "426".

أحداث سنة ثمان وثمانين وأربعمائة

أحداث سنة ثمان وثمانين وأربعمائة: "قتْل صاحب سمرقند": في المحرّم قتل أحمد خان صاحب سَمَرْقَنْد، وكان قد كرهه جُنْدُهُ واتَّهموه بالزَّنْدَقة، لأنّ السّلطان ملكشاه لمّا تملّك سَمَرْقَنْد وأسَرَ أحمد خان وَكَلّ به جماعة من الدَّيْلَم، فحسَّنوا له الانْحلال، وأخرجوه إلى الإباحة. فلمّا عاد إلى سَمَرْقَنْد كان يظهر منه الانحلال، وعصى طُغْرُل يَنال بقلعةٍ له، فسَار لحصاره، فتمكَّن الأمراء وقبضوا عليه، ورجعوا به، وأحضروا الفُقهاء، وأقاموا له خصومًا ادَّعوا عليه بالزَّنْدَقة، فأنكر، فشهدوا عليه، فأفتى العلماء بقتْله، فخنقوه، وملّكوا ابن عمّه1. "انتهاب ابن أبق باجِسْرى وبعقوبا": وفي صَفَر بعث تتش شَحْنة لبغداد، وهو يوسف بن أبق التُّرْكُمَانيّ، فجاء صَدَقَة بن مَزْيَد صاحِبُ الحلّة ومانَعه، فسار نحو طريق خُراسان، ونهب باجِسْرى2، وبَعْقُوبا3 أفْحَش نهْبٍ ثمّ عاد إلى بغداد، وقد راح منها صدَقَة، فدخلها وأراد نَهْبها، فمنعه أميرٌ معه، فجاء الخبر بقتْل تتش فترحّل إلى الشّام4. "مقتل تاج الدّولة تتش": وذلك أنّ تتش لمّا هزم بَرْكيارُوق سار بركياروق فحاصر هَمَذَان، ثمّ رحل عنها، ومرض بالْجُدَرِيّ، وقصد تتش إصبهان وكاتب الأمراء يدعوهم إلى طاعته، فتوقّفوا لينظروا ما يكون من بركياروق، فلمّا عُوفي فرحوا به، وأقبلت إليه العساكر حتّى صار في ثلاثين ألفًا والتقى هو وتتش بقرب الرّيّ فانكسر عسكر تتش، وقاتل هو حتّى قُتِل، قتله مملوكٌ لقسيم الدّولة، وأخذ بثأر مخدومه5.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 243، 244". 2 بلدة في شرقي بغداد "معجم البلدان 1/ 313". 3 يعقوبا: قرية كبيرة بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من أعمال خراسان "معجم البلدان 1/ 453". 4 الكامل في التاريخ "10/ 244". 5 البداية والنهاية "12/ 148".

"تفرُّد بركياروق بالسّلطنة": وانفرد بركياروق بالسّلطنة، ودانت له المماليك بعد أن انهزم من عمّه بالأمس في نفرٍ يسير إلى إصبهان، ولو اتّبعه عشرون فارسًا لأسروه، لأنّه بقي على باب إصبهان أيّامًا، ثمّ خدعوه وفتحوا له، ثمّ قبضوا عليه وهموا بكحْله فحُمّ أخوه محمود وجدَّر ومات فملّكوه عليهم، وشرعت سعادته1. "تملّك رضوان بن تُتُش حلب": وقد كان تُتُش بعث إلى ولده رضوان يأمره بالمجيء إلى بغداد، وينزل بدار السّلطنة، فسار في عسكرٍ كبير، فلمّا قارب هِيت2 جاءه نعيُ أبيه، فردّ إلى حلب، وتملّكها بعد أبيه، وجعل زوجَ أمّه جناحَ الدّولة حسينَ بنَ أيْدكين أتَابِكَه ومدبِّر دَولته، فأحسن السّياسة3. وصالحهم صاحب أنطاكيّة ياغي سِيان التُّرْكُمَانيّ، فقصدوا ديار بكر، والتفّ عليهم نُوّابُ الأطراف الّذين لتتش، فساروا يريدون سَرُوج، فسبقهم إليهم الأمير سقمان بن أرتق، فحكم عليها4. ثمّ ملك رضوان الرها، ووهبها لصاحب أنطاكيّة، ثمّ وقع بينهم اختلاف، فسار جناح الدّولة مُسرعًا إلى حلب، ثمّ قدِم رضوان5. "تملُّك دُقَاق دمشق": وأمّا أخوه دُقَاق الملك فإنّه كان في خدمة عمّه السّلطان ملكشاه، وهو صبيٌّ قد خطب ابنة السّلطان، وسار بعد موت عمّه مع تُركان إلى إصبهان. ثمّ خرج إلى بركياروق، فصار معه، ثمّ هرب إلى أبيه، وحضر مقتل أبيه، وهرب مع بعض المماليك إلى حلب، فبقي مع أخيه، فراسله الخادم ساوتِكِين متولّي قلعة دمشق سرًّا،

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 245". 2 هيت: بالكسر. بلدة على الفرات من نواحي بغداد. 3 الدرة المضية "444". 4 المختصر في أخبار البشر "2/ 206". 5 المختصر في اخبار البشر "2/ 206، 207".

يدعوه ليملّكه فهرب، وأرسل أخوه وراءه فوارس، فلم يُدركوه، وفرح الخادم بقدومه، وتملّك دمشق1. "مجيء طغتكين إلى دمشق وتمكُّنه": واتّفق مجيء طُغْتِكين هو وجماعة من خواصّ تتش قد سَلِموا، فخرج لتلقّيهم دُقَاق وأكرمهم، وقيل: كانوا أُسروا يوم المصافّ، ثمّ تخلّصوا، وكان طُغْتِكِين زوجَ أمِّ دُقَاق، فتمكَّن من الأمور، وعمل على قتل الخادم فقتله2. "وزارة الخُوارَزْميّ": وجاء إلى الخدمة ياغي سيان صاحب أنطاكيّة، ومعه أبو القاسم الخُوارَزْميّ، فاستوزره دُقَاق3. "وفاة المعتمد بن عَبَّاد": وفيها تُوُفّي المعتمد بن عَبَّاد مسجونًا بأغْمات4 وكان من محاسِن الدّنيا جُودًا، وشجاعةً، وسُؤْدُدًا، وفصاحةً، وأدبًا، وما أحسن قوله: سلَّت عليَّ يدُ الخُطُوبِ سُيوفَها ... فَجَذَذْنَ من جَسَدي الخصيب الأفتنا ضرَبَتْ بها أيدي الخطوبِ وإنّما ... ضَرَبَتْ رقابَ الآمِلينَ بنا المُنى يا آملي العاداتِ من نَفَحاتنا ... كُفُّوا فإنّ الدّهرَ كفَّ أكُفَّنا5 "وفاة الوزير أبي شجاع": وفيها: توفي الوزير أبو شجاع وزير الخلفة مجاورًا بالمدينة6.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 148". 2 الكامل في التاريخ "10/ 248". 3 البداية والنهاية "12/ 149". 4 الكامل في التاريخ "10/ 248". 5 الأبيات في "الكامل في التاريخ 10/ 249". 6 الكامل في التاريخ "10/ 250".

"بناء سور الحريم ببغداد": وفيها: عملوا سور الحريم ببغداد، فزيّنوا البلد لذلك، وعملوا القباب والمغاني، وجدّوا فيه1. "جرْح السّلطان بركياروق": وفي رمضان وثب رجلٌ فجرح السّلطان بركياروق2. "قدوم الغزالي الشام وتصنيفه كتاب الإحياء": وفيها: قدِم الغزاليّ رحمه الله إلى الشّام متزهِّدًا، وصنَّف كتاب " الإحياء " واسْمَعَه بدمشق، وأقام بها سنتين، ثمّ حجّ، وسار إلى خُراسان3. "وزارة فخر المُلْك لبركياروق": وفيها: عزل بَركيارُوق مؤيّد المُلْك بن نظام المُلْك من الوزارة بأخيه فخر الملك4.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 149". 2 البداية والنهاية "12/ 149". 3 الكامل في التاريخ "10/ 252"، والبداية والنهاية "12/ 149". 4 الكامل في التاريخ "10/ 252".

أحداث سنة تسع وثمانين وأربعمائة

أحداث سنة تسع وثمانين وأربعمائة: "تملُّك كربوقا الموصل": قد ذكرنا أنّ تُتُش سجنه فأطلقه رضوان بن تتش، وأطلق أخاه ألْتُونْتاش، فالتفّ عليهما كثيرٌ من العسكر البطّالين، فأتيا حرّان، وجاء إليهما محمد بن شرف الدّولة مسلم بن قُريش يستنصِر بهما على أخيه علي صاحب الموصل من جهة تتش، فسار كربوقا، ثمّ غدر بمحمد، وقبض عليه، وغرَّقه، ونازل الموصل على فَرْسخٍ منها، ونزل أخوه ألْتُونْتاش من الجهة الأخرى، فجاء صاحب الجزيرة العُمرية جكرمِش ليكشف عنهم، فهزمه ألْتُونْتاش، وطالت مصابرتهما لأهل الموصل حتّى عُدِمت بها الأقوات، وكلّ شيء حتّى ما يوقدونه، ودام الحصار تسعة أشهر، ففارقها صاحبُها،

وسار إلى الحلّة إلى الأمير صَدَقَة، واستولى كربوقا على الموصل، وشرع ألْتُونْتاش في مُصادرة النّاس، فقتله أخوه وأحسن السّيرة، ثمّ سار فملك الرَّحْبة1. "اجتماع الكواكب السبعة وغرق الحجّاج": وفيها: اجتمعت الكواكب السَّبعة، سوى زُحَل في برج الحوت، فحكم المُنجِّمون بطوفانٍ يقارب طوفانَ نوح، فاتّفق أنّ الحُجَّاج نزلوا في وادي المناقب2، فأتاهم سَيْلٌ، فغرق أكثرهم. كذا ذكر "ابن الأثير"3، ونجا من تعلَّق بالجبال، وذهبت الْجِمال والأزواد4. "تدريس الطَّبريّ بالنّظامية": وفيها: درّس بالنّظامية ببغداد أبو عبد الله الطَّبَريّ الفقيه5.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 152". 2 في الكامل "المياقت". 3 الكامل في التاريخ "10/ 259، 260". 4 سير أعلام النبلاء "19/ 100"، والبداية والنهاية "12/ 152". 5 البداية والنهاية "12/ 152".

أحداث سنة تسعين وأربعمائة

أحداث سنة تسعين وأربعمائة: "قتل الملك أرسلان أرغون": فيها: قُتِل الملك أرسلان أَرْغُون، ابن السّلطان ألْب أرسلان السَّلْجُوقيّ بمَرْو، وكان قد حكمَ على خُراسان. وسبب قتله أنّه كان مؤذيًا لغلمانه، جبّارًا عليهم، فوثب عليه غلامٌ بسِكّين قتله1. وكان قد ملك مَرْو، وبَلْخ، ونَيْسابور، وتِرْمِذ، وأساء السّيرة، وخرّب أسوار مُدُن خُراسان، وصادر وزيره عماد المُلْك بن نظام المُلْك وأخذ منه ثلاثمائة ألف دينار، ثمّ قتله2.

_ 1 دول الإسلام "2/ 18". 2 الكامل في التاريخ "10/ 262-264".

"عصيان متولي صور وقتله": وفيها: عصى متولّي صور على المصريّين، فسار لحربه جيش، وحاصروه، ثمّ افتتحوها عَنْوَةً وقتلوا بها خلْقًا ونهبوها، وحُمِل واليها إلى مصر، فقُتِل بها1. "تسلُّم بركياروق سائر خراسان": وكان بَركيَارُوق قد جهَّز العساكر مع أخيه الملك سَنْجَر لقتال عمّه أرسلان أرغون المتغلِّب على خُراسان، فلمْا بلغوا الدّامَغان أتاهم قتْلُه، ثمّ لحِقهم السّلطان بَركيارُوق، وسار إلى نَيْسابور، فتسلَّمها ثمّ تسلّم سائر خُراسان بلا قتال، ثمّ نازل بلْخ وتسلّمها، وبقي بها سبعة أشهر، وخطبوا له بسَمَرْقَنْد، وغيرها، ودانت له البلاد، وخضعت له العباد، واستعمل أخاه سنجر على خُراسان، ورتَّب في خدمته من يسوس الممالك، لأنّه كان حَدَثًا2. "ولاية محمد بن أنوشتكين على خُوارَزْم": وفيها: أقرَّ بركياروق الأمير محمد بنَ أَنُوشتِكِين على خُوارَزْم، وكان أبوه مملوك الأمير بلكابك3 السلجوقي، فطلع نحيبًا، كامل الأوصاف، فولد له محمد هذا، فعلِّمه وأدَّبه، وترقِّت به الحال إلى أن ولي خُوارَزْم، ولُقِّب خُوارَزْم شاه. وكان كريمًا، عادلًا، محسِنًا، مُحِبًّا للعلماء، فلمّا تملك السّلطان سنجر أقرَّ محمدًا على خُوارَزْم، ولمّا تُوُفّي ولي بعده ولده أتسز بن خُوارَزْم فمدَّ ظُلَل الأمن، ونَشَر العدل، وكان عزيزًا على السّلطان سنجر، واصلًا عنده لشهامته وكفايته وشجاعته، وهو والد السّلطان خُوارَزْم شاه محمد الذي خرج عليه جنكزخان4. "انهزام دُقَاق عند قنّسرين أمام أخيه": وفيها: نازل رضوان صاحب حلب مدينة دمشق؛ ليأخذها من أخيه دقاق، فرأى

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 264". 2 الكامل في التاريخ "10/ 265". 3 في الكامل "بلكباك". 4 البداية والنهاية "12/ 154".

حصانتها، فسَار ليأخذ القدس فلم يُمكنه، وانقطعت عنه العساكر. وكان معه ياغي سِيان ملك أنطاكيّة، فانفصل عنه، وأتى دمشق، وحسّن لدُقَاق محاصرةَ حلب، فسَار معه، واستنجد رضوان بسُقْمان بن أرتق، فنجده بجيش التُّركمان، وخاض الفُرات إليه. والتقى دقاق ورضوان بقنسرين، فانهزم وجَمْعه، ونُهِبوا، ورجعوا بأسوأ حال. ثمّ قُدّم رضوان في الخطبة على أخيه بدمشق، واصطلحا1. "الخطبة للمستعلي بالله بولاية رضوان بن تتش": وفيها: خُطب للمستعلي بالله المصريّ في ولاية رضوان بن تُتُش، لأنّ جناح الدّولة زوج أمّ رضوان رأى من رضوان تغيُّرًا، فسَار إلى حمص، وهي يومئذٍ له، فجاء حينئذٍ ياغي سيان إلى حلب، وصالح رضوان، وكان لرضوان منجمٌ باطني اسمه أسعد، فحسّن له مذهب المصريّين، وأتته رُسُل المستعلي تدعوه إلى طاعته، على أن يمدّه بالجيوش، ويبعث له الأموال ليتملّك دمشق، فخطب للمستعلي بحلب، وأنطاكيّة، والمَعَرّة، وشَيْزَر شهرًا. فجاءه سُقْمان، وياغي سِيان، فأنكرا عليه وخوّفاه، فأعاد الخُطْبة العبّاسيّة2. "منازلة الفرنْج أنطاكيّة": وردّ ياغي سِيان إلى أنطاكية، فما استقرّ بها حتّى نازَلَتْها الفرنج يحاصرونها3. وكانوا قد خرجوا في هذه السّنة في جَمْعٍ كثير، وافتتحوا نيقية، وهو أوّل بلدٍ افتتحوه، ووصلوا إلى فامية، وكَفِرْطَاب، واستباحوا تلك النّواحي. فكان هذا أوّل مظهر من الفرنْج بالشّام، قدِموا في بحر القُسطنطينيّة في جَمْعٍ عظيمٍ، وانزعجت الملوك والرّعيّة، وعظُم الخَطْب، ولا سيما سلطان بلاد الرّوم سليمان، فجمع وحشد، واستخدم خلقًا من التركمان، وزحف إلى معابرهم، فأوقع بخلقٍ من الفرنْج، ثمّ إنّهم التقوه، ففلّوا جَمْعَه، وأسروا عسكره، واشتدّ القلق وزاد الفَرَق، وكان المصافّ في رجب4.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 269". 2 الكامل في التاريخ "10/ 269، 270". 3 نهاية الأرب "27/ 73". 4 دول الإسلام "2/ 19".

وفيات الطبقة التاسعة والأربعون

بسم الله الرحمن الرحيم وفيات الطبقة التاسعة والأربعون: فيات سنة إحدى وثمانين وأربعمائة: "حرف الألف": 1- أحمد بن إبراهيم: أبو بكر القُرَشيّ الدّرْعيّ الهَرَويّ. تُوُفّي بهَرَاة في شهر صَفَر. سمع: أبا الفضل الجاروديّ 2- أحمد بن عبد الصّمد بن أبي الفضل1: أبو بكر الغُورَجيّ2 الهَرَويّ التّاجر. سمع "الجامع" لأبي عيسى من الجرّاح. روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، وعبد الملك الكَرُوخيّ. وتُوُفّي في ذي الحجّة بهَرَاة. وثّقه الحسين بن محمد الكُتُبيّ3. 3- أحمد بن محمد بن حسن بن خضر4. أبو طاهر الجواليقيّ5، والد أبي منصور الجواليقيّ. كان صالحًا صحيح السماع6.

_ 1 انظره في الكامل في التاريخ "10/ 168"، وسير أعلام النبلاء "19/ 7" رقم "3". 2 الغورجي: غورج: قرية من قرى هراة "معجم البلدان "4/ 216". 3 التقييد "148". 4 انظره في الأنساب "3/ 336، 337". 5 الجواليقي: نسبة إلى الجواليق، وهي جمع جوالق. الأنساب "3/ 335". 6 وقال ابن السمعاني: والد شيخنا أبي منصور كان شيخًا سديدًا "الأنساب".

سمع: أبا القاسم بن بِشْران. وعنه: عبد الوهّاب الأنماطيّ. 4-أحمد بْن محمد بْن أحمد: أبو نصر الثّعالبيّ1 الصُّوفيّ. تُوُفّي في رجب بخراسان. روى عنه: ابن محمش، وأبي عبد الرحمن السلمي، وجماعة. 5 -أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه: أَبُو الفضل الرصاص الأصبهاني. سمع: محمد بن إبراهيم الجرجاني. وعنه: مسعود الثقفي، والرستمي. توفي في هذه السنة تقريبا. 6- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم2: أَبُو إِسْحَاق الأصبهاني الطيان القفال. سمع: إبراهيم بن خرشيد قوله. وعنه: مسعود الثقفي، والرستمي. توفي في صفر3. وقد سئل أبو سعد البغدادي عنه فقال: شيخ صالح. سمعت أنّه كان يخدم ابن خُرَّشِيد قُولَه في صِغَره، وما سمعتُ فيه إلّا خيرًا. 7- إسماعيل بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه4. أَبُو الفضل الدّلشاذيّ الفقيه.

_ 1 الثعالبي: نسبة إلى خياطة جلود الثعالب وعمل الفراء منها. "الأنساب". 2 انظره في الإعلام بوفيات الأعلام "198". 3 قال ابن السَّمعانيّ: تُوُفّيّ في حدود سنة ثمانين وأربعمائة "الأنساب". 4 انظره في: المنتخب من السياق "143، 144"، رقم "328".

من تلامذة أبي محمد الجُوينيّ. صالح مستور. حدَّث عن: أبي القاسم عبد الرحمن السّرّاج، وأبي بكر الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيَرْفيّ. روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ، وقال: تُوُفّي في الحادي والعشرين من المحرّم. 8- إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن محمد بن نوح1. القاضي الخطيب أبو محمد النُّوحيّ2 السَّمَرْقَنْديّ. تُوُفّي يوم عيد الأضحى. وحدَّث عن: جعفر المستغفِريّ. وعنه: عمر بن محمد النَّسَفيّ، وغيره. وعاش تسعًا وخمسين سنة3. "حرف الجيم": 9- جعفر بن حيدر4. أبو المعالي العَلَويّ الهَرَويّ الزّاهد. أحد الكبار، بنى بهَرَاة الخانقاه. وكان له مريدون وأصحاب أشعريّون. سمع: عبد الغافر الفارسيّ5، وجماعة.

_ 1 انظره في: الأنساب "12/ 151". 2 النوحي: هذه النسبة إلى نوح، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. 3 قال ابن السمعاني: كتب الحديث بسمرقند وجلس فيها للعامة كثيرًا، وخطب على منبر سمرقند، وكانت ولادته في شعبان سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. 4 المنتخب من السياق "176" رقم "463". 5 سمع منه "صحيح مسلم" وسمع مشايخ الوقت كابن مسرور وشيخ الإسلام.

"حرف الحاء": 10- حَجّاج بن قاسم1: أبو محمد المأمونيّ السّبْتيّ الفقيه. سمع من: أبيه؛ وبمكّة من: أبي ذَرّ عبدٍ الهَرَويّ، وأبي بكر المُطَّوِّعيّ2. وسكن المَرِية، وصار رئيس علمائها. وبعد ذلك انتقل إلى سَبْتَة. وحدَّث "بصحيح البخاريّ". سمع منه: قاضي القضاة أبو محمد بن منصور، وأبو عليّ بن طريف، وأبو القاسم بن العجوز وكان أبوه القاسم ابن محمد الرُّعَيْنيّ ممّن لقي ابن أبي زيد، تُوُفّي سنة ثمانٍ وأربعين "ث": يعني أباه. 11- الحسن بْن محمد بْن الحسن3. أبو القاسم الخَوَافيّ4. نزيل نَيْسابور. سمع من: ابن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف، والسُّلَميّ. روى عنه: أبو البركات الفُراويّ، وعائشة بنت الصّفّار، ومحمد بن الحسن الزُّوزَنيّ. قال ابن السَّمعانيّ: مات بعد سنة ثمانين. "حرف العين": 12- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن جعفر بن منصور بن مَتّ5. شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ الهرويّ الحافظ العارف.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 7، 8". 2 نسبة إلى المطوعة، وهم جماعة فرغوا أنفسهم للغزو ومرابطة الثغور "اللباب 3/ 226". 3 المنتخب من السياق "188" رقم "530". 4 الخوافي: نسبة إلى خواف، وهي من نواحي نيسابور "الأنساب "5/ 199". 5 سير أعلام النبلاء "18/ 503-518" رقم "260".

من ولد صاحب النّبيّ صلى الله عليه وسلم أبي أيّوب الأنصاريّ. قال أبو النَّضْر الفامي: كان بكر الزمان وواسطة عقد المعاني، وصورة الإقبال، في فنون الفضائل، وأنواع المحاسن، منها نضرة الدّين والسُّنّة من غير مداهنةٍ ولا مراقبة لسلطان ولا وزير. وقد قاسى بذلك قصْد الحُسّاد في كلّ وقت، وسَعَوا في روْحه مرارًا، وعمدوا إلى هلاكه أطْوارًا فوقاه الله شرّهم، وجعل قَصْدهم أقوى سببٍ لارتفاع شأنه1. قلت: سمع من: عبد الجبّار الْجَرَّاحيّ "جامع التِّرْمِذِيّ"؛ وسمع من: الحافظ أبي الفضل محمد بن أحمد الجاروديّ، والقاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزديّ، وأحمد بن محمد بن العالي، ويحيى بن عمّار السِّجْزيّ المفسّر، ومحمد بن جبريل بن ماحٍ، وأبي يعقوب القَرّاب، وأبي ذَرّ عبد بن أحمد الهَرَويّ. ورحل إلى نَيّسابور، فسمع من: محمد بن موسى الحرشيّ، وأحمد بن محمد السّليطيّ، وعلي ن محمد الطّرّازيّ الحنبليّ أصحاب الأصمّ، والحافظ أحمد بن عليّ بن فَنْجُوَيْه الأصبهاني. وسمع من خلقٍ كثير بهراة، أصحاب الرّفّاء فمن بعدهم. وصنَّف كتاب "الفاروق في الصّفات" وكتاب "ذمّ الكلام" وكتاب "الأربعين حديثًا" في السُّنَّة. وكان جِذْعًا في أعين المتكلِّمين، وسيفًا مسلولا على المخالفين، وطودًا في السّنة لا تزعزعه الرّياح. وقد امْتُحِن مرَّاتٍ. قال الحافظ محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسماعيل الأنصاريّ يقول بهَرَاة: عُرِضتُ على السَّيف خمس مرّات، لا يقال لي: ارجع عن مذهبهم، لكن يقال لي: اسكُت عمّن خالفك، فأقول: لا أسكت2. وسمعته يقول: أحفظ اثني عشر ألف حديث أَسْرُدُها سَردًا3. قلت: خرّج أبو إسماعيل خلْقًا كثيرًا بهَرَاة، وفسّر القرآن زمانًا، وفضائله كثيرة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 510". 2 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 53، 54". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 509".

وله في السُّوق كتاب "منازل السّائرين"1 وهو كتاب نفيس في التَّصوُّف، ورأيت الاتحاديّة تعظّم هذا الكتاب وتنتحله، وتزعم أنّه على تصوّفهم الفلسفيّ. وقد كان شيخنا ابن تيمية بعد تعظيمه لشيخ الإسلام يحطّ عليه ويرميه بالعظائم سبب ما في هذا الكتاب. نسأل الله العفو. وله قصيدة في السُّنّة2، وله كتاب في مناقب أحمد بن حنبل، وتصانيف أُخر لا تحضُرني. روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد الله بن أحمد السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الصّبور بن عبد السّلام الهَرَويّ، وعبد الملك الكَرُوخيّ، وأبو الفتح محمد بن إسماعيل الفاميّ، وعطاء بن أبي الفضل المعلّم، وحنبل بن عليّ البخاريّ، وأبو الوقت عبد الأوّل، وعبد الجليل بن أبي سعد، وخلْق سواهم. وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الفتح نصر بن سيّار. قال السِّلَفيّ: سألت المؤتمن عنه فقال: كان آيةً في لسان التّذكير والتّصوُّف، من سلاطين العلماء3. سمع ببغداد من أبي محمد الخلّال، وغيره. يروي في مجالس وعْظِه أحاديث بالإسناد، ويَنْهَى عن تعليقها عنه. وكان بارعًا في اللُّغة، حافظًا للحديث، قرأت عليه كتاب "ذمّ الكلام"، وكان قد روى فيه حديثًا عن: عليّ بن بُشْرى، عن أبي عبد الله بن مَنْدَهْ، عن إبراهيم بن مرزوق. فقلت له: هذا هكذا؟ قال: نعم. وإبراهيم هو شيخ الأصمّ وطبقته. وهو إلى الآن في كتابه على هذا الوجه4. قلتُ: وكذا سقط عليه رجلان في حديثين مخرجين من "جامع الترمذي".

_ 1 طبع مع شرحه "مدارج السالكين" لابن قيم الجوزية. 2 طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى "2/ 248". 3 التقييد لابن نقطة "323". 4 التقييد "323، 324".

وكذا، وقعت لنا في "ذمّ الكلام" نبّهت عليه في نسختين، واعتقدتها سقطت على "المنتقى من ذمّ الكلام" ثمّ رأيت غير نسخةٍ كما في "المنتقى"1. قال المؤتَمَن: وكان يدخل على الأمراء والجبابرة، فما كان يُبالي بهم، وكان يرى الغريب من المحدِّثين، فيُكْرمه إكرامًا يتعجَّب منه الخاصّ والعام2. وقال لي مرّة: هذا الشّأن شأن من ليس له شأن سوى هذا الشّأن3. يعني طَلَب الحديث. وسمعته يقول: تركت الحِيريّ لله، يعني القاضي أبا بكر أحمد بن الحسن صاحب الأصمّ4. قال: وإنّما تركه لأنّه سمع منه شيئًا يخالف السُّنّة5. وقال: أبو عبد الله الحسين بن عليّ الكُتُبيّ في "تاريخه": خرّج شيخ الإسلام لجماعة الفوائد بخطّه، إلى أن ذهب بصره، فلمّا ذهبَ بصرُهُ أمر واحدًا بأن يكتب لهم ما يخرِّج، ثمّ يصحّح عليه، وكان يخرّج لهم متبرعًا لحبّه للحديث، وقد تواضع بأن خرَّج لي فوائد. ولم يبق أحدٌ خرّج له سواي6. وقال الحافظ محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسماعيل الأنصاريّ، يقول: إذا ذكرتُ التّفسير، فإنّما أذكره من مائةٍ وسبعة تفاسير7. وسمعت أبا إسماعيل ينشد على المنبر: أنا حنبليٌّ ما حَييت وإنّ أمُت فوصيّتي للنّاس أن يتحنبلوا8 وسمعتُ أبا إسماعيل يقول: لمّا قصدتُ الشّيخ أبا الحسن الحرقاني الصوفي،

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 505، 506". 2 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 60". 3 التقييد "324". 4 المنتخب من السياق "285". 5 سير أعلام النبلاء "18/ 506". 6 تذكرة الحفاظ "3/ 1186"، وسير أعلام النبلاء "18/ 506". 7 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 58". 8 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 53".

وعزمتُ على الرّجوع، وقع في نفسي أنّ أقصد أبا حاتم بن حاموش الحافظ بالرَّيّ وألتقي به وكان مقدَّم أهل السُّنّة بالرَّيّ، وذلك أنّ السّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين لمّا دخل الرَّيّ، وقتل بها البّاطنيّة، منع سائر الفِرَق من الكلام على المنابر، غير أبي حاتم، وكان مَن دخل الرّيّ مِن سائر الفِرَق، يعرض اعتقاده عليه، فإنْ رَضَيَه إذِن له في الكلام على النّاس وإلّا منعه، فلمّا قَرُبْتُ من الرَّيّ كان معي في الطّريق رجلٌ مَن أهلها، فسألني عن مذهبي. فقلت: أنا حنبليٌّ. فقال: مذهبٌ ما سمعتُ به وهذه بدْعة. وأخذ بثوبي وقال: لا أفارقك حتّى أذهب بك إلى الشّيخ أبي حاتم. فقلت: خيْرة. فذهب بي إلى داره، وكان له ذلك اليوم مجلسٌ عظيم، فقال: هذا سألته عن مذهبه، فذكر مذهبًا لم أسمع به قطّ. قال: ما قال؟ قال: أنا حنبلي. فقال: دعه، فكل من لم يكن حنبليًّا فليس بمُسلمٍ. فقُلت: الرجلُ كما وُصِف لي: ولزِمْتُه أيّامًا وانصرفت1. قال ابن طاهر: حكى لي أصحابنا أنّ السّلطان ألْب أرسلان قدِم هَرَاة ومعه وزيره نظام المُلْك، فاجتمع إليه أئمّة الفريقين من الشّافعيّة والحنفيّة للشّكاية من الأنصاريّ، ومطالبته بالمناظرة. فاستدعاه الوزير، فلمّا حضر قال: إنّ هؤلاء قد اجتمعوا لمناظرتك، فإنّ يكن الحقّ معك رجعوا إلى مذهبك، وإنّ يكن الحقّ معهم إمّا أن ترجع وإمّا أن تسكت عنهم. فقام الأنصاريّ وقال: أناظر على ما في كُمَّيَّ؟ فقال: وما في كُمَّيْكَ؟ قال: كتاب الله، وأشار إلى كُمِّه الأيمن، وسُنَّة رسوله، وأشار إلى كُمِّه اليسار، وكان فيه "الصّحيحان". فنظر الوزير إليهم كالمستفهم لهم، فلم يكن فيهم مَن يمكنه أن يناظره من هذا الطريق2.

_ 1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 51، 52". 2 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 54".

وسمعتُ أحمد بن أميرجة القَلانسِيّ خادم الأنصاريّ يقول: حضرتُ مع شيخ الإسلام على الوزير أبي عليّ، يعني نظام المُلْك، وكان أصحابه كلّفوه الخروج إليه، وذلك بعد المحنة ورجوعه من بلْخ. قلتُ: وكان قد غُرِّب عن هَرَاة إلى بَلْخ. قال: فلمّا دخل عليه أكرمه وبجله، وكان في العسكر أئمّة الفريقين. في ذلك اليوم، قد علموا أنّ الشّيخ يأتي، فاتَّفقوا على أن يسألوه عن مسألةٍ بين يدي الوزير، فإنْ أجاب بما يجيب بهراة سقط عين الوزير، وإنْ لم يُجِبْ سقط من عيون أصحابه، فلمّا استقرّ به المجلس قال العلوي الدبوسي: يأذن الشيخ الإمام في أن أسأل مسألة. قال: سَلْ. فقال: لِمَ تَلْعن أبا الحسن الأشعريّ؟ فسكت، وأطرق الوزير، فلمّا كان بعد ساعةٍ، قال له الوزير: أَجِبْه. فقال: لا أعرف الأشعريّ، وإنّما ألعَن من لم يعتقد أنّ الله في السّماء، وأنّ القرآن في المصحف، وأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نبيٌّ غير خطّاء. ثمّ قام وانصرف، فلم يمكن أحدٌ أن يتكلّم بكلمةٍ من هيبته وصلابته وصَوْلته، فقال الوزير للسّائل أو مَن معَه: هذا أردتم، كنّا نسمع أنّه يذكر هذا بهَرَاة، فاجتهدتم حتّى سمعناه بآذاننا. وما عسى أن أفعل به؟ ثمّ بعث خلقه خِلَعًا وصِلَةً، فلم يقبلْها، وخرج من فوره إلى هَرَاة ولم يتلبّث1. قال: وسمعت أصحابنا بهَرَاة يقولون: لمّا قدم السّلطان ألْب أرسلان هَرَاة في بعض قِدْماته اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه، ودخلوا على أبي إسماعيل الأنصاريّ، وسلّموا عليه وقالوا: قد وَرَدَ السّلطان، ونحن على عزْمٍ أنْ نخرج ونسلّم عليه، فأحببنا أن نبدأ بالسّلام على الشّيخ الإمام، ثمّ نخرج إلى هناك. وكانوا قد تواطئوا على أن حملوا معهم صنمًا من نحاس صغيرًا، وجعلوه في المحارب تحت سجّادة الشّيخ، وخرجوا. وذهبَ الشّيخ إلى خلوته.

_ 1 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 54، 55".

ودخلوا على السّلطان، واستغاثوا من الأنصاريّ أنّه مجسِّم، وأنّه يترك في محرابه صَنَمًا، ويقول إنّ الله على صورته، وإنْ بعث السلطانُ الآن يجد الصَّنَم في قِبْلة مسجده. فعظُم ذلك على السّلطان، وبعث غلامًا ومعه جماعة، ودخلوا الدّار وقصدوا المحراب، وأخذوا الصَّنَم من تحت السّجّادة، ورجع الغلام بالصّنم، فوضعه بين يدي السّلطان، فبعث السّلطان من أحضر الأنصاريّ، فلمّا دخل رأى مشايخ البلد جلوسًا، ورأى ذلك الصَّنِم بين يدي السّلطان مطروحًا، والسّلطان قد اشتدّ غضبه، فقال له السّلطان: ما هذا؟ قال: هذا صنمٌ يُعْمل من الصُّفْر شِبْه اللُّعْبة. قال: لست عن هذا أسألك. فقال: فَعَمّ يسألني السّلطان؟ قال: إنّ هؤلاء يزعمون أنّك تعبد هذا، وأنّك تقول: إنّ الله على صورته. فقال الأنصاريّ: سبحانك، هذا بُهْتَانٌ عظيم. بصوتٍ جَهُوريّ وصَوْلَة، فوقع في قلب السّلطان أنَّهم كذبوا عليه، فأمرَ به فأُخْرِج إلى داره مكرمًا. وقال لهم: أصدِقُوني. وهددهم، فقالوا: نحن في يد هذا الرّجل في بليةٍ من استيلائه علينا بالعامّة، فأردنا أنْ نقطع شرّه عنّا، فأمَرَ بهم، ووكّلّ بكلٍّ منهم، ولم يرجع إلى منزله حتّى كتب بخطّه بمبلغٍ عظيم يحمله إلى الخزانة. وسَلِموا بأرواحهم بعد الهوان والجناية1. وقال أبو الوقت السِّجْزيّ: دخلت نَيْسابور، وحضرتُ عند الأستاذ أبي المعالي الْجُوَينيّ فقال: مَن أنت؟ قلت: خادم الشّيخ أبي إسماعيل الأنصاريّ. فقال: رضي الله عنه2. وعن أبي رجاء الحاجّيّ قال: سمعتُ شيخ الإسلام عبد الله الأنصاريّ يقول: أَبُو عَبْد اللَّه بْن مَنْدَه سيّد أهل زمانه.

_ 1 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 55، 56". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 513".

وقال شيخ الإسلام في بعض كُتُبه: أنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني أحفظ مَن رأيت مِن البشر. وقال ابن طاهر: سمعتُ أبا إسماعيل الأنصاريّ يقول: كتاب أبي عيسى التِّرْمِذِيّ عندي أفْيَد من كتاب البخاري ومسلم. قلتُ: لِمَ؟ فقال: لأنّ كتاب البخاري ومسلم لا يصل إلى الفائدة منهما إلّا مَن يكون مَن أهل المعرفة التّامّة، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبيَّنها فيصل إلى فائدته كلّ واحدٍ من النّاس من الفُقَهاء، والمحدِّثين، وغيرهم1. قال ابن السَّمعانيّ: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد الله الأنصاريّ، فقال: إمام حافظ2. وقال في ترجمته عبد الغافر بن إسماعيل3 كان علي حظ تام من المعرفة العربيّة، والحديث، والتّواريخ والأنساب، إمامًا كاملًا في التّفسير، حَسَن السّيرة في التَّصوُّف، غير مشتغلٍ بكسبٍ، مُكْتَفيا بما يباسط به المريدين والأتباع من أهل مجلسه في السنة مرة ومرتين على رأس الملأ، فيحصل على ألوفٍ من الدّنانير، وأعدادٍ من الثّياب والحُلِيّ، فيجمعها ويفرقها على القصّاب والخبَّاز، وينفق منها، ولا يأخذ من السّلاطين ولا من أركان الدّولة شيئًا، وقلَّ ما يُراعيهم، ولا يدخل عليهم، ولا يُبالي بهم، فبقي عزيزًا مقبولًا أتمّ من الملك، مُطاع الأمر، قريبًا من ستّين سنة، من غير مزاحمة. وكان إذا حضر المجلس لبس الثّياب الفاخرة، وركب الدّوابّ الثّمينة، ويقول: إنّما أفعل هذا إعزازًا للدّين، ورغْمًا لأعدائه، حتّى ينظروا إلى عزّي وتحمُّلي، ويرغبوا في الإسلام، ثمّ إذا انصرف إلى بيته عاد إلى المُرَقَّعَة، والقُعُود مع الصُّوفيّة في الخانقاه، يأكل معهم، ولا يتميَّز في المطعوم ولا في الملبوس. وعنه أخذ أهل هَرَاة، التَّكْبير بالصُّبح، وتسمية أولادهم في الأغلب بالعبد المضاف إلى أسماءِ الله، كَعَبْد الهادي، وعبد الخلّاق، وعبد المعز4.

_ 1 في الأصل: "وغيرهما" والمثبت عن: الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 59". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 513". 3 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 64" باختلاف يسير في الألفاظ. 4 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 65".

قال ابن السّمعانيّ: كان مُظْهِرًا للسُّنَّة، داعيا إلهيًّا، محرِّضًا عليها، وكان مكتفيا بما يباسط به المُريدين، ما كان يأخذ من الظَّلَمة والسلاطين شيئًا، وما كان يتعدى إطلاقًا ما ورد في الظّواهر من الكتاب والسُّنَّة، معتقدًا ما صحّ، غير مصرِّحٍ بما يقتضيه من تشبيه1. نُقِل عنه أنّه قال: من لم ير مجلسي وتذكيري وطعَن فيَّ، فهو في حِلٍّ. ومولده سنة ست وتسعين وثلاثمائة. وقال أبو النَّضْر الفاميّ: تُوُفّي رحمه الله في ذي الحجّة. وقد جاوز أربعًا وثمانين سنة. 13- عبد العزيز بن طاهر بن الحسين بن عليّ2. أبو طاهر البغداديّ الصَّحراويّ. زاهد، عابد، قانت. لازم التَّفرُّد والعُزلة. روى شيئًا يسيرًا عن: أبي الحسن بن رزقوَيْه، وعثمان بن دُوَسْت العلّاف. تُوُفّي في شعبان. 14- عبد الكريم بن أبي حنيفة بن العباس3. أبو المظفر الأندقي4 البخاري، شيخ الحنفية في زمانه. ولد بما وراء النهر. تفقه على الإمام عبد العزيز بن أحمد الحلوائي5. وسمع من: محمد بن علي بن أحمد الإسماعيلي، وأبي إبراهيم إسماعيل بن محمد المزكي، وجماعة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 514". 2 الكامل في التاريخ "10/ 169". 3 معجم البلدان "1/ 261". 4 الأندقي: نسبة إلى أندقي: من قرى بخاري على عشرة فراسخ "الأنساب". 5 وقال ابن السمعاني: من أهل أندقي كان إمامًا فاضلا زاهدًا ورعًا حسن السيرة متواضعًا، ولد بعد الأربعمائة.

روى عنه: عثمان بن علي البيكندي، وغيره. توفي في شعبان عن نحو ثمانين سنة، وأنْدَقى قريةٌ من قُرى بُخَارى. 15- عبد الملك بن أحمد1. أبو طاهر بن السّيُوريّ2. شيخ صالح، بغداديّ. سمع: أبا القاسم بن بشْران، وبِشْر بن الفاتِنيّ، وعثمان بن دُوَسْت. روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وجماعة. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. وروى عنه أبو محمد سِبْط الخيّاط3. 16 - عثمان بن محمد بن عُبَيْد الله4. أبو عَمْرو المَحْميّ5 النَّيْسابوريّ المزكّيّ. حدَّث عن: أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفرائيني، وعبد الرحمن بن إبراهيم المزكيّ، وأبي عبد الله الحاكم، وجماعة. روى عنه: محمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد الغافر بن إسماعيل، وعبد الله بن الفُرَاويّ6، وهبة الرحمن القُشَيْريّ، وعبد الخالق بن زاهر، ومحمد بن جامع الصَّيْرفيّ، وعبد الكريم بْن الحَسَن الكاتب، وأخوه أحمد والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، وعبد الرحمن بن يحيى النّاصحيّ وأخوه أبو نصر أحمد، وخلْق كثير. قال عبد الغافر: سمع المشايخ والصُّدور، وأدرك الإسناد العالي، وحضر الوقائع.

_ 1 المنتظم "9/ 45" رقم "67" "16/ 279 رقم 3589". 2 الأنساب "7/ 232". 3 ذيل تاريخ بغداد "15/ 15". 4 سير أعلام النبلاء "18/ 579، 580 رقم 300"، والبداية والنهاية "12/ 343". 5 المحمي: نسبة إلى محم، وهو بيت كبير بنيسابور يقال لهم: المحمية. 6 الأنساب "9/ 256".

وكان شيخا حسن الصحبة والعشرة. وتوفي في صفر. قلت: روى عنه بالإجازة محمد بن ناصر الحافظ. وقيل: هو عثماني. 17- عطاء بن الحسن. أبو خالد الخراساني. توفي في ذي الحجة. 18- عَليّ بن الحُسَيْن بن علي بن عمرويه1. أبو الحسن. نيسابوري مستور. روى عن: الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيْرفيّ، وأبي عبد الله بن فَنْجُوَيْه. وتُوُفّي في نصف شوّال. 19- عليّ بن منصور بن الفرّاء2. أبو الحسن القَزْوينيّ، ثمّ البغداديّ المؤدِّب. سمع: أبا علي بن شاذان، وأبا بكر البرقاني، واللالكائيّ. ونسخ بخطّه الكثير. وكان صالحًا خيِّرًا3. روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الكرّام الشَّهْرُزُورِيّ، وأبو منصور محمد ولده. 20- عمر بن الحُسين الدُّونيّ4. الصُّوفيّ الفقيه، السُّفْيانيّ المُذْهِب، نزيل صور.

_ 1 المنتخب من السياق "389" رقم "1314". 2 التدوين في أخبار قزوين "3/ 424، 425". 3 وقال القزويني الرافعي: وكان من أهل الفقه والحديث. 4 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 258" رقم "177".

سمع من: السَّكَن بن جُمَيْع1. وعنه: الأرْمنازيّ2. مات في ذي الحجّة، وقد جاوز الثّمانين. "حرف الغين": 21- غانم بن عبد الواحد بن عبد الرّحيم3. أبو شُكْر الأصبهانيّ، الفقيه الشّافعيّ إمام جامع إصبهان. أحد العلماء. سمع: محمد بن إبراهيم الْجُرجَانيّ. روى عنه: مسعود الرُّسْتُميّ، وجماعة. تُوُفّي في ثالث رجب. "حرف الفاء": 22- الفضل بن عبد الله بن عليّ بن عمر الأذيوجانيّ: أبو سعد المعروف بالقاضي. قال شِيرُوَيْه: قدِم هَمَذَان في رجب للتحديث. وروى عنه: عُبَيْد الله بن أبي حفص بن شاهين، وأبي منصور محمد بن محمد السّوّاق، وأبي محمد الخلال، وجماعة. انْتُخِب عليه، وكان ثقة له أُصُولٌ مقيَّدة بخطّ أبي بكر الخطيب وغيره. "حرف القاف": 23- القاسم بن عليّ4. أبو عدنان القُرَشيّ الشريف، العميد الهروي.

_ 1 هو: السكن بن جميع الصيداوي المتوفى سنة "436هـ". 2 هو: غيث4 بن علي الأرمنازي خطيب صور. 3 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 8، 9". 4 المنتخب من السياق "421" رقم "1437".

روى عن: أبي منصور محمد بن محمد القاضي، وأبي الحسن الدّيناريّ وغيرهما. "حرف الميم": 24- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الحسن1. أبو بكر بن ماجه الأبْهَريّ، أبهر إصبهان لا زِنْجَان وهي قرية كبيرة، وُلِد سنة ست وثمانين وثلاثمائة. روى "جزء لُوَيْن" عن أبي جعفر بن المَرْزُبان، وطال عُمره، وأكثروا عنه. تُوُفّي في هذه السّنة. روى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، وأبو سعيد البغْداديّ، وأبو القاسم التَّيميّ، ومحمود بن محمد بن ماشَاذَه، وأبو منصور عبد الله بن محمد الكِسائيّ، وعبد المغيث بن أبي عدنان، وأبو الغنائم مسعود بن إسماعيل، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو الخير محمد بن أحمد الباغيان، ومحمود بن عبد الكريم بن فُورَجَة2، وأبو الغنائم محمد بن عبد المؤمن، وأبو رشيد أحمد بن حمد الحرفي، وعبد المنعم بن محمد بن سعْدُوَيْه، والحسن بن رجاء بن سُلَيْم، والأديب محمد بن أبي القاسم الصّالحانيّ، وغيرهم. 25- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد بن جعفر3. أبو الحسن الباقرجي4 البغداديّ الصَّيْرَفيّ. سمع: ابن المُتيَّم وابن رزقوَيْه، وغيرهما. روى عنه: محمد بن ناصر. 26- محمد بْن الحُسين بْن عليّ بْن محمد بْن محمود5.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 581، 582" رقم "302". 2 في سير أعلام النبلاء "18/ 582" "يورجه". 3 معجم البلدان "1/ 327". 4 نسبة إلى باقرح، وهي قرية من نواحي بغداد "الأنساب". 5 المنتظم "9/ 46" رقم "72"، "16/ 280 رقم 3594".

أبو يعلى الهَمَذَانيّ السّرّاج. سمع بمكّة "صحيح البخاري" من كريمة المَرْوَزِيّة. وبمصر من القاضي أبي عبد الله محمد القُضَاعيّ. وببغداد من الجوهريّ. وكان صدوقًا، حَسَن السّيرة كثير الصَّدَقة. تُوُفِّي فِي صَفَر. 27- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد1. أَبُو بَكْر النَّيْسابوريّ الماوَرْديّ الصُّوفيّ الحنفيّ، صوفيّ، نظيف، ظريف، ورِع. روى عن: أبي العلاء صاعد بن محمد. وعنه: عبد الغافر بن إسماعيل؛ وهو وصفه. 28- محمد بن محمد بن بشير2. أبو عبد الله المعافري القرطبي الصيرفي المقرئ، صاحب مكّيّ. روى عنه أبو عليّ الغسّانيّ، وقال: كان رجلًا صالحًا، طلب الأدب عند أبي بكر مسلم بن أحمد الأديب. وقرأ القرآن على مكّي بن أبي طالب. وحجّ، وكتب "صحيح مسلم" بمصر، عن أبي محمد بن الوليد، وكان رجلًا منقبضًا، مقبلًا على ما يعنيه. وتُوُفّي في رمضان. 29- محمد بن هشام بن محمد بن عثمان بن نصر3. أو بكر القَيسيّ الوزير القُرْطُبيّ، ويُعرف بابن المُصْحَفيّ. روى عن: أبيه، وعن: ثابت بن محمد الْجُرْجَانيّ، وأبي الحسن التِّبريزيّ، وأبي عبد الله بن فَتْحون، وصاعد بن الحسن اللُّغويّ، وأبي عمر بن عفيف.

_ 1 المنتخب من السياق "66" رقم "135". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 555"، رقم "1219". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 556، 557" رقم "1221".

روى عنه: أبو عليّ الغسّانيّ، وقال: كان من المتحقّقين بالأدب، الدّائبين على طلبه مدّة عُمره. وكان ذا صيانة وجلالة. أكثر النّاسُ عنه. وقال ابن بَشْكُوال: أنبأ عنه غير واحد. وقال أبو الحسن بن مغيث: كان حافل الأدب، متّسع المعرفة، من بيت نباهةٍ ووجاهة، دَمِث الأخلاق، مثابرًا على المطالعة. وكانت كُتُبه في غاية الإتقان والتّقييد. تُوُفّي الوزير أبو بكر في ثالث جُمَادى الأولى، وله ثمانون سنة. 30- محمد بن يبقى1. أبو عبد الله الأندلسيّ اللّخْميّ. من أهل المَرِية. كان فقيهًا عالمًا بالأثر. اختلفَ إلى الشّيوخ كثيرًا. ورّخه أبو القاسم بن مدير، وقال: ما تركت بالمَرِية أحدًا فوقه. 31- مسعود بن سعيد بن عبد العزيز النِّيليّ2. أبو الفضل النَّيْسابوريّ الطبيب. قال السمعاني: ولد سنة أربعٍ وأربعمائة، وتُوُفّي في سنة نيفٍ وثمانين. يروي عن الحسين بن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ. ثنا عنه: أبو البركات بن الفُرَاويّ، وغيره. وعبد الخالق الشّحّاميّ. 32- مُعَلَّى بن حَيْدَرة3. الأمير حصن الدّولة أبو الحسن الكنانيّ. تغلّب على إمرة دمشق في شوّال سنة إحدى وستّين بعد هروب أمير الجيوش بدر، وبعد بارزطغان، فأساء السّيرة، وصادر النّاس وعذَّبهم. وزعم أنّ التّقليد وصل إليه من المستنصر صاحب مصر. وعَمَّ بلاؤه إلى أن خرِبت أعمال البلد وجَلَا كثير من النّاس، ووقعت بينه وبين العسكر وَحْشة فخافهم وهرب إلى بانياس في آخر سنة سبع

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 555" رقم "1218". 2 المنتخب من السياق "433، 434" رقم "1470". 3 قد مر في حوادث سنة "461هـ".

وستين، وأراح الله منه. ثُمَّ خاف من عسكرٍ قدم من مصر سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، وهرب إلى صور، ومنها إلى طرابُلُس، فأُخِذ منها، وحُمِل أسيرًا إلى مصر، وبقي بها إلى أن قُتِل فِي هذه السَّنَة. "حرف الهاء": 33- هبة اللَّه بن عليّ. أبو سعْد الكوّاز1 القارئ. تُوُفّي ببغداد في رجب. يروي عن: عبد الملك بن بِشْران. وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل الطّلْحيّ. 34- هِبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مَخْلَد2. أبو المفضل3 بن الجلخت الأزدي الواسطي الزاهد، المقرئ. اسمه: عليّ بن عبد الله الطَّرَسُوسيّ، وأبا تمّام عليّ بن محمد العِبْدريّ، وعمر بن عليّ الميمونيّ. روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وغيره. قال خميس الخوري: أبو المفضل شيخنا يَقْصُر الوصَف عمّا كان عليه من خشونة الطّريقة وحُسْنها. صام وقته كلّه، ولازم الجامع معتكفًا، يُقرئ القرآن ويحدِّث. وكان حسن المعرفة بالفقه والحديث، جماعةٌ لخلال الخير، ذا جاهٍ عظيم عند السّلطان. تُوُفّي في أوّل السّنة، ودُفِن بداره، وله سبعٌ وخمسون سنة. "الكنى": 35- أبو يَعْلى بن عبد الواحد بن أحمد المليحي الهروي. اسمه.

_ 1 الكواز: نسبة لمن يعمل الكيزان الخزفية "الأنساب 10/ 491". 2 الأنساب "3/ 301، 302". 3 في الأنساب: "أبو الفضل".

وفيات سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة: "حرف الألف": 36- أحمد بْن عُمَر بْن أحمد بْن علي. أبو بكر الهمذاني الصندوقي1 البزار المعبّر. روى عن: أبي طاهر بن سَلَمَة، وأبي سعيد بن شبابة، ومحمد بن عيسى وأكثر عنه، وابن المحتسب، وجعفر الأَبْهَريّ، وطاهر بن أحمد الإمام، وعليّ بن أحمد، وعليّ بن شعيب، وأبي نصر بن الكسار، وأبي الفضل عمر ابن إبراهيم بن أبي سعْد الهَرَويّ، ومنصور بن رامش، وأبي حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش الرّازيّ الفقيه، وخلْق كثير. قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه كثيرًا، وكان ثقة صدوقًا، عارفًا بأحوال البلد وأهلها، وبأخبار المشايخ. وكان أحد دُهاة الفُرس. حَسَن السّيرة، اعتكف في الجامع نيِّفًا وأربعين سنة. تُوُفّي في ذي الحجّة، وتولّيت غُسْلَه. 37- أحمد بن محمد بن أحمد2. أبو العبّاس الْجُرجَانيّ الفقيه، قاضي البصرة وشيخ الشّافعيّة بها. وهو مذكور في أعيان الأدباء، له تصانيف. وسمع من: أبي طالب بن غَيْلان، وابي الحسن القزْوينيّ، والصُوريّ. روى عنه: الحسين بن عبد الملك الأديب بإصبهان. وله كتاب سمّاه كتاب "الأدباء" أورَد فيه نفائس من النَّظم والنَّثْر، وكان من أجلاد العالَم. تفقه على الشيخ أبي إسحاق.

_ 1 الأنساب "8/ 90". 2 المنتظم "9/ 50" رقم "76".

وقد روى عنه أبو عليّ بن سُكّرة الحافظ، وأثنى عليه. وروى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ. 38- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر1. أبو الفتح الأصبهاني الوَبَرِيّ2 المقرئ. قرأ بالرّوايات على أبي المظفّر عبد الله بن شبيب، والباطِرْقانيّ. وسمع من: أبي نُعَيْم، وجماعة. وروى اليسير، وكان مقرئ إصبهان في وقته. 39- أحمد بن محمشد بن صاعد بن محمد3. أبو نصر القاضي الصّاعديّ، رئيس نَيْسابور وقاضيها. أجرى رئاسة بلده ورسومها على أحسن مجاريها، وكان معظّمًا عند السلطان، وله معرفة بالفروسية ورمْي القَوْس، وكان من أعيان الحنفيّة. سمع من: جده أبي العلاء صاعد بن محمد القاضي، والقاضي أبي بكر الحِيريّ، ومحمد بن موسى الصَّيْرَفيّ، وعليّ بن محمد الطّرّازيّ، ويحيى بن إبراهيم المزكّيّ. وسمع ببغداد في الكُهولة من القاضي أبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وغيره. وكان مولده في سنة عشرٍ وأربعمائة. روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو سعد البغدادي، وسفيان بن منده، وزاهر روجيه ابنا الشّحّاميّ، ومنصور بن محمد حفيده، وعبد اللَّه بْن الفَرَاويّ، وَعَبْد الخالق بْن زاهر، وأبو الغنائم منصور بن محمد الكُشْمِيهَنيّ، وإسماعيل العصائدي، وأحمد بن علي المقرئ البهيقي، ومحمد بن عليّ بن دُوَسْت، وآخرون. قال السمعاني: تعصب بأخرة في المذهب، حتى أدى إلى إيحاش العلماء،

_ 1 المنتظم "9/ 50" رقم "75". 2 الأنساب "12/ 219". 3 المنتخب من السياق "112-114" رقم "246"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1194".

وأغرى بعض الطّوائف على بعضٍ، حتّى غيّرت الخُطَباء، وشرع اللّعن على أكثر الطّوائف مِن المسلمين، فانتهى الأمرُ إلى السّلطان ألْب أرسلان، والوزير نظام الملك، فأبطل ذلك، ولزم القاضي أبو نصر بيته مدّة إلى دولة ملكشاه، ففوض القضاة إليه، وكان العدل والإنصاف في أيّامه. وعقد مجلس الإملاء في خمسيات رمضان، وكان يحضر إملاءه من دبَّ ودَرَج1. تُوُفّي في ثامن رمضان، وكان أحد من يُقال له: شيخ الإسلام. 40- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن محمد بن عليّ بن شجاع2. الأستاذ أبو حامد الشُّجَاعيّ السَّرْخَسِيّ ثمّ البلْخيّ، الفقيه. كان إمامًا مبرِّزًا كبير القدْر. تفقّه على: أبي عليّ السِّنْجيّ. ودرَّس مدّة، وله أصحاب. سمع الحديث من: الليث بن الحسن اللَّيْثيّ، وغيره. روى عنه: ابن أخيه محمد بن محمود السَّرَهْ مَرْد بسَرْخس، وأبو حفص عمر بن محمد بن القاسم القاضي الشَّهْرُزُورِيّ، وآخرون. سمع منهم: أبو سعْد السّمعانيّ. وتُوُفّي رحمه الله ببلْخ. وقع لنا مجلسٌ من أماليه. 41- إبراهيم بن سعيد بن عبد الله3. الحافظ أبو إسحاق النُّعْمانيّ، مولاهم المصريّ، المعروف بالحبّال. قال أبو عليّ بن سُكّرة: أخبرنيّ أن مولده في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة،

_ 1 المنتخب من السياق "112، 113". 2 تذكرة الحفاظ "3/ 1194". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 495-503" رقم "259".

وأنّه سمع من الحافظ عبد الغنيّ بن سعيد سنة سبعٍ وأربعمائة وأنّ عبد الغنيّ تُوُفّي سنة ثمانٍ. قلتُ: سمع: أحمد بن عبد العزيز بن ثَرْثال صاحب المَحَامِليّ، وهو أكبر شيخٍ له، وعبد الغني المذكور، ومحمد ابن أحمد بن شاكر القطّان، ومحمد بن ذَكْوان التِّنِّيسيّ سِبْط عثمان السَّمَرْقَنْديّ، وأحمد بن الحسين بن جعفر النُّخَاليّ1 العطّار، وقال: ما أُقَدِّم عليه أحدًا من شيوخي في الثّقة وجميع الخِصال الّتي اجتمعتْ فيه؛ وعبد الرحمن بن عمر النحاس، واحمد بن محمد بن الحاجّ الإشبيليّ، ومنير بن أحمد، والخصيب بن عبد الله، ومحمد بن محمد النَّيْسابوريّ صاحب الأصمّ، وابن نظيف، وخلْقًا سواهم. وجمع لنفسه عوالي سُفْيان بن عُيَيْنَة، وغير ذلك. وكان يتّجر في الكُتُب، ولهذا حصّل من الأُصُول والأجزاء ما لا يوصف. وكان متقنًا، ثقة، حافظًا مُتَحَرِّيا، صادقًا. روى عنه: أبو عبد الله الحُمَيْديّ، وإبراهيم بن الحسن العَلَويّ المصريّ النّقيب، وعبد الكريم بن سوار التككيّ2، وعطاء بن هبة الله الإخْمِيميّ3، ووفاء بن ذبيان النّابُلُسيّ، ويوسف بن محمد الأَرْدَبيليّ4، سمع السِّلَفيّ من خمستهم، ومحمد بن محمد بن جماهر الطُّلَيْطُلِيّ، ومحمد بن إبراهيم البكريّ الطُّلَيْطُلَيّ، وأبو الفتح سلطان ابن إبراهيم المقدسيّ، وأبو الفضل محمد بن بُنان الأنباريّ، وعليّ بن الحُسين المَوْصِليّ الفرّاء، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي قاضي المَرِسْتان. وآخر من روى عنه بالإجازة الحافظ محمد بن ناصر. وكان خلفاء مصر الرّافضة قد منعوه من التّحديث، وأخافوه، قاتَلَهم الله، فلِهذا انقطع حديثُه بوقتٍ. قال أبو عليّ بن سُكَّرة: مُنِعْتُ من الدُّخول إليه، فلم أدخل عليه إلّا بشرط أن لا

_ 1 نسبة إلى النخالة، وهي ما يستخرج من الدقيق "الأنساب 12/ 58". 2 نسبة إلى تكك، وهي جمع تكة "الأنساب 3/ 68". 3 الإخميمي: نسبة إلى إخميم، وهي بلدة من ديار مصر من الصعيد "الأنساب 1/ 155". 4 الأنساب "1/ 177".

يُسْمِعَني، ولا يكتب إجازة، فأوّل ما فاتحتُه الكلام خلّط في كلامه، وأجابني على غير سؤالي حَذرًا أنْ أكون مدسوسًا عليه، حتّى بسطتّه، وأعلمته أنّي من أهل الأندلس أريد الحج، فأجاز لي لفظا، وامتنع من غير ذلك1. وقال ابن ماكولا2: كان الحبّال مكثِرًا ثقة، ثبْتًا، ورِعًا، خيِّرًا. ذكر أنّه مولى لابن النُّعْمان قاضي قُضاة مصر. وحدَّث عنه ابن ماكولا وذكر أنّه ثبَّته في غير شيء. وروى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب إجازة، ثمّ قال: وحدَّثني عنه أبو عبد الله الحُمَيْديّ3. وقد أتى الحبّال بعض الطَّلَبة، قبل أن يمنعه بنو عُبَيْد من الرّواية، ليسمعوا منه جزءًا، فأخرج به عشرين نسخة، وناول كلّ واحدٍ نسخةً يُعارض بها4. وقال الحافظ محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: كان بمصر رجلٌ يسمع معنا الحديث، وكان متشدّدًا. وكان يكتب السماع على الأصول، ولا يكتب اسم رجلٍ حتّى يستحلفه أنّه سمع الجزء، ولم يذهب عليه منه شيء. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنَّا نَقْرَأُ عَلَى شيخٍ جُزْءًا، فَقَرَأْنَا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ" 5. وَكَانَ فِي الْجَمَاعَةِ رجلٌ مِمَّنْ يَبِيعُ الْقَتَّ، وَهُوَ عَلَفُ الدَّوَابِّ، فَقَامَ وَبَكَى، وَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ بَيْعِ الْقَتِّ. فَقِيلَ: لَيْسَ هُوَ الَّذِي يَبِيعُ الْقَتَّ، وَلَكِنَّهُ النَّمَّامُ الَّذِي يَنْقُلُ الْحَدِيثَ مِنْ قومٍ إِلَى قَوْمٍ. فَسَكَنَ بُكَاؤُهُ وَطَابَتْ نَفْسُهُ6. قال ابن طاهر: كان شيخنا الحبّال لا يُخْرِجُ أصلَه من يده إلّا بحضوره، يدفع الجزء إلى الطّالب، فيكتب منه قدْر جلوسه، فإذا قام أخذ الأصل منه. وكان له بأكثر كُتُبه عدة نُسَخ، ولم أرَ أحدًا أشدّ أخْذًا منه، ولا أكثر كتبًا منه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 497". 2 في الإكمال "2/ 379". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 498". 4 سير أعلام النبلاء "18/ 499". 5 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6056"، ومسلم "169/ 105"، وأحمد "5/ 382"، وأبو داود "4871"، والترمذي "2026". 6 سير أعلام النبلاء "18/ 499".

وكان مذهبه في الإجازة أن يقدّمها على الأخبار. يقول: أجاز لنا فُلان، أنا فلان، ولا يقول: أنا فلان إجازة. يقول: ربّما تُترك إجازة، فيبقى إخبارًا، فإذا ابْتُدِئ بها، ولم يقع الشّكّ، فيه1. وسمعته يقول: خرَّج أبو نصر السِّجَزيّ الحافظ على أكثر من مائة شيخ، لم يبق منهم غيري. قال ابن طاهر: كان قد خرَّج له عشرين جزءًا في وقت الطَّلب، وكتبها في كاغدٍ عتيق، فسألت الجبال عن الكَاغَد، فقال: هذا من الكاغَد الّذي كان يحمل إلى الوزير من سَمَرْقَنْد، وَقَعت إليَّ من كُتُبه قطعة، فكنتُ إذا رأيتْ ورقةً بيضاء قَطَعْتُها، إلى أن اجتمع هذا القدْر، فكنتُ أكتب فيه هذه الفوائد. قال ابن طاهر: لمّا دخلت مصر قصدتُ الحبّال، وكان قد وصفوه لي بحِلْيَتْه وسِيرته، وأنّه يخدم نفسِه، فكنتُ في بعض الأسواق لا أهتدي إلى أين أذهب. فرأيت شيخنا على الصّفة الّتي وُصِف بها الحبّال، واقِفًا على دُكّان عطّار، وكُمَّيه ملأى من الحوائج. فوقع في نفسي أنّه هو، فلمّا ذهبَ سألت العطار: هذا من الشّيخ؟ فقال: وما تعرفه، هذا أبو إسحاق الحبّال. فتَبِعْتُه وبلغته رِسالةَ سعْد بن عليّ الزَّنْجَانيّ، فسألني عنه، وأخرج من جيبه جزْءًا صغيرًا، فيه الحديثان المسلسلان اللّذان كان يرويهما. أحدهما: وهو أول وهو أوّل حديثٍ سمعته منه. فقرأهما عليَّ وأخذت عليه الموعد كل يوم في عَمْرو بن العاص إلى أن خرجتُ رحمه الله2. قلت: كان لقي ابن طاهر له في سنة سبعين وأربعمائة، وقد سمع منه القاضي أبو بكر الأنصاريّ في سنة ستٍّ وسبعين. وإنّما منعوه من التّحديث بعد ذلك. 42- إبراهيم بن عثمان بن إبراهيم بن يوسف3.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 500". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 500، 501". 3 التحبير في المعجم الكبير "2/ 36، 51".

أبو القاسم الخلّال، مُسْنِد جُرْجَان في زمانه. تُوُفّي بعد الثّمانين. ذكره أبو سعد السّمعانيّ، فقال: ثقة، مُكثِر، مُعمّر. روى الكثير. سمع: أبا نصْر محمد بن الإسماعيليّ، وحمزة السَّهْميّ، والحسن بن محمد الأديب، وأبا مسلم غالب بن علي الرّازيّ الحافظ، والمفضّل بن إسماعيل الإسماعيليّ، وأبا عمرو بن عبد الرحمن بن محمد الْجُرْجَانيّ، وأخاه عبد الواسع، وأبا الفضل محمد بن جعفر الخُزَاعِيّ، وأبا سعْد المالِينيّ، وبِشْر بن محمد الأبيورديّ، وطبقتهم. مولده في ذي القعدة سنة تسعين وثلاثمائة. قال: وتوفي بجرجان سنة نيفٍ ثمانين. أُنْبئتُ عن أبي المظفّر بن السّمعانيّ قال: أنا سعد بن علي العصاري: أنا إبراهيم الخلّاليّ1 بجُرْجَان، فذكر حديثًا. 43- أَصْرَم بن عبد الوهاب بن محمد بن خريم: الأصبهاني، أبو نهشل. سمع: أبا بكر بن أبي عليّ، وأبي سعيد بن حسنَوَيْه. مات في شوّال. أرّخه يحيى بن مَنْدَهْ. "حرف الحاء": 44- الحَسَن بْن أحمد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عثمان بن الوليد2. أبو عبد الله السُّلَميّ الدمشقي، ابن أبي الحديد المعدل، الخطيب.

_ 1 الخلالي: نسبة إلى الخل وإلحاق الياء في مثل هذا الانتساب أكثرها بجرجان وطبرستان وخوارزم "الأنساب 5/ 218". 2 الكامل في التاريخ "10/ 180".

حكم بين النّاس بدمشق حين عُزِل عنها القاضي الغَزْنَويّ إلى حين وصول الشَّهْرسْتانيّ من الحجّ. وحدَّث عن: المُسَدَّد الأُمْلُوكيّ1، وأبي الحسن بن السِّمْسار، وأبي الحسن العتيقيّ، وعبد الرحمن بن الطُّبَيْز، وجماعة. روى عنه: حفيده أبو الحسين الخطيب، وهبة الله بن الأكفانيّ، وهبة الله بن طاوس، وأبو القاسم بن البُنّ، وعليّ بن عساكر الخشّاب، وعليّ بن أحمد الحَرَسْتانيّ2. تُوُفّي في آخر السّنة: وكان مولده سنة ستّ عشرة. أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْفَقِيهُ بِدِمَشْقَ، وَسَنُقِرُّ الْمَحْمُودِيُّ بِحَلَبَ، قَالا: أنا مُكْرَمٌ التَّاجِرُ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بِحَرَسْتَا سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ، أنا الْمُسَدَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْحَلَبِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّافَقِيُّ: ثنا صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ النَّوْفَلِيُّ: ثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَلا أُرِيكُمْ صَلاةُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَرَفَعَ يَدَهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ. 45- الحسن بن عبد الصّمد بن أبي الشّخْباء3: أبو عليّ، الشّيخ المُجيد العسْقلانيّ، صاحب الرّسائل والخطب. كان القاضي الفاضل جُلّ اعتماده على حِفْظ كلام الشّيخ المُجيد4. تُوُفّي مقتولًا في سجن خزانة البُنُود بالقاهرة في هذه السّنة. فمن شِعره: ما زال يختار الزّمانُ ملوكَه ... حتى أصاب المصطفى المتخيرا

_ 1 الأنساب "1/ 349". 2 الأنساب "4/ 106". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 587" رقم "308". 4 معجم البلدان "9/ 152".

قُلْ للأُلَى ساسوا الوَرَى وتقدّموا ... قِدْمًا هَلُمُّوا شاهدوا المتأخّر تجدوه أوسَعَ في السّياسة منكمُ ... صدْرًا وأحمد في العواقب مَصْدَر قد صام والحسناتُ مِلْءُ كتابه ... وعلى مثالِ صيامه قد أفطرا1 46- الحسن بن عليّ بن عبد الواحد بن الموحّد2. أبو محمد السُّلَميّ الدمشقيّ، المعروف بابن البُرِّيّ. سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر، وأبا نصر عبد الوهاب بن الجبان، ومنصور بن رامش. روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، والفقيه نصر المقدسيّ، وأبو الفضل يحيى بن عليّ القاضي، ونصْر بن قاسم المقدسيّ، ونصر بن أحمد بن مقاتل. توفي في نصف رمضان. كذا ورّخه ابن الأكفانيّ. ووردَ عن غيث أنّه تُوُفّي في صَفَر. 47- الحسين بن عليّ بن أحمد: أبو طاهر الأصبهاني، الشّيخ الصّالح. روى عن: أبي عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبي بكر بن مردويه. ومولده سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة. مات في شوال. قاله يحيى بن منده. "حرف الطاء": 48- طاهر بْن بركات بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بن محمد3. أبو الفضل القُرَشيّ الدّمشقيّ، المعروف بالخُشُوعيّ. سمع: أبا القاسم الحِنائيّ، وأبا الحسين بن مكّيّ، وعبد الدّائم الهلاليّ، والكتاني، والخطيب، وطبقتهم.

_ 1 الأبيات في: وفيات الأعيان "2/ 90". 2 الإكمال لابن ماكولا "1/ 401". 3 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 50".

وخرَّج "مُعْجم شيوخه". سمع منه: الفقيه نصر المقدسيّ، وهو من شيوخه، ومكّيّ الرُّمَيليّ. قال ابن عساكر الحافظ1: سألت ابنه أبا إسحاق لِمَ سُمّوا الخُشُوعيّ؟ فقال: كان جدّنا الأعلى يؤمّ النّاسَ، فتُوُفّي في المحراب، وذكر أنّ أباه طاهرًا تُوُفّي وقد ناهز الخمسين سنة. "حرف الظاء": 49- ظاهر بن أحمد بن عليّ2. الحافظ المفيد أبو محمد السَّلِيطيّ3 النَّيْسابوريّ. ويُسمّى أيضًا عبد الصّمد. وُلِد بالرَّيّ ونشأ بها، وكتب الكثير بخطّه المتقن الصّحيح. سمع: أبا عليّ بن المُذْهِب، والتَّنُوخيّ، والجوهريّ، وطبقتهم. روى عنه: ابن بدران الحَلْوَائيّ4، وأبو بكر المَرْوَزِيّ. وسكن هَمَذَان. 50- ظَفَر بن الدّاعي بن مهديّ بن حسن5. السّيّد أبو الفضل العَلَويّ، من ذرّيّة مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. من أهل أسْتِراباذ. سمع الكثير، وأملى مدّة. روى عن: والده، وحمزة السَّهْميّ، وإبراهيم بن مطرف، وعلي بن أحمد ابن عبدان الأهوازي، وأبي بكر الحيري.

_ 1 في تاريخه. 2 المنتخب من السياق "271" رقم "886". 3 الأنساب "7/ 119". 4 نسبة إلى عمل الحلوى وبيعها "الأنساب 4/ 193". 5 المنتخب من السياق "270" رقم "883".

وأجاز له السهمي1. مات في هذه الحدود بعد الثمانين. روى عنه: عبد الله بن الفراوي، وعائشه بنت الصفار. "حرف العين": 51- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بن غريب الخال. سمع: الحرفيّ2، وعثمان بن دُوَسْت، وأبا عليّ بن شاذان. روى عنه: أبو غالب بن البنّاء، وابنه سعيد بن البنّاء، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ. 52- عبد الرحمن بن الأستاذ أَبِي القَاسِم عَبْد الكريم بْن هَوَازن3. أَبُو منصور القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ. كان صالحًا عابدًا، سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصرويي4، وأبا عبد الله بن باكُوَيْه بنَيْسابور، وأبا الطّيّب الطَّبَريّ، وجماعة ببغداد. روى عنه: أبو الأسعد هبة الرحمن، وأبو حفص عمر الفَرغوليّ5. وتُوُفّي بمكّة هذه السّنة. 53- عبد السلام بن منصور بن الياس. أبو الفتح الهَرَويّ. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. وتُوُفّي أخوه عبد البديع قبله بيوم. 54- عبد الصّمد بن أحمد بن علي6.

_ 1 هو حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي صاحب تاريخ جرجان المتوفى سنة "427هـ". 2 الأنساب "4/ 112". 3 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 223". 4 الأنساب "12/ 91". 5 نسبة إلى فرغول قرية من قرى دهستان "الأنساب 9/ 278". 6 البداية والنهاية "12/ 135".

أبو محمد السَّلِيطيّ النَّيْسابوريّ المعروف بظاهر. أصله رازيّ، كان أحد أئمّة الحفّاظ، نسخ الكثير بخطّه المتقن، ورحل فسمع: أبا عليّ بن المُذْهِب، وأبا طاهر الصّبّاغ، وأبا الطّيّب الطَّبَريّ، والجوهريّ. وخرَّج للجوهريّ أمالي معروفة. روى عنه: محمد بن بطّال بهَمَذَان، وعبد الواحد بن الفضل الفارَمْذِيّ1، ومحمد بن أميرك. إلّا أنّه أخذ كُتُب النّاس في نهْب البساسيريّ، وجمعَها، ولم ينفعه الله بها. توفي بنواحي هَمَذَان. 55- عَبْد الواحد بْن عليّ بْن أَحْمَد2. أَبُو الفضل الهَمَذَانيّ الكرابيسيّ، المعروف بابن يُوّغة الصُّوفيّ. روى عن: ابن تُرْكان، وعليّ بن أحمد البيِّع، وسعد بن علويه، ومحمد بن علي بن خذاداذ، وجماعة. قال شيرويه: شيخ الصوفية صدوق. سمعتُ منه جمع ما مرّ له. ومات في سلْخ ذي الحجّة، ومولده في سنة تسعين وثلاثمائة. وقال السّمعانيّ: سمع أبا بكر بن حمدُوَيْه الطُّوسيّ، وأجاز له أبو بكر بن لال، ثنا عنه حمدان بن الحسن الضّرير، وأبو الفخر سعْد بن محمد الصُّوفيّ، وأبو المكارم عبد الكريم بن عبد الملك الكرابيسيّ. وكان شيخ الصُّوفيّة بهَمَذَان. 56- عبد الواحد بن عليّ بن البختري. أبو القاسم. بغدادي مقل.

_ 1 نسبة إلى فارمذ، وهي قرية من قرى طوس "الأنساب 9/ 218". 2 التحبير في المعجم الكبير "1/ 245" رقم "156".

روى عن: أبي القاسم بن بِشْران. كتب عنه: أبو محمد بن السَّمَرْقَنْديّ، وأخوه. ومات في صَفَر. 57- عبد الواحد بْن محمد بْن عُمَر. أبو زيد الطَّرَسُوسيّ. مات في ربيع الأوّل. 58- عَبْد الوهّاب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زكريّا1. أبو منصور الثّقفيّ النَّيْسابوريّ الأُطْرُوش2. قال السّمعانيّ: شيخ ظريف، خفيف، أصمّ، صُوفيّ، سافر الكثير ولقي المشايخ، وتبرَّع بأنواعٍ من القُرَب من عمارة القبور، وإعادة الأسماء على مشاهدة الأئمّة، واتّخاذ الأواني النّحاس للصُّوفيّة. وسمع بخُراسان، والعراق، وكان يقرأ بنفسه لصَمَمَه. حدَّث عن: أبي بكر الحِيريّ، وأبي عبد الرحمن السُّلَميّ، وأبي الحسن الطّرّازيّ، وأبي عليّ السِّخْتِيانيّ، وأبي عبد الله بن باكُوَيْه. روى عنه: أبو عثمان العصائديّ، وأبو الوقت عبد الأوّل. تُوُفّي في خامس رجب. وقع لنا من طريقه مجلسا السُّلَميّ، وابن باكُوَيْه. 59- عُبَيْد الله بن عمر بن محمد بن أبي عبد الرحمن3. البَحِيريّ النَّيْسابوريّ. قال عبد الغافر: هذا الشّيخ رقيق الحال في التَّزْكيّة والعدالة. سمع من: أبي عبد الله الحاكم، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وجماعة.

_ 1 المنتخب من السياق "356" رقم "1178". 2 الأطروش: هذه النسبة لمن بأذنه أدنى صمم "الأنساب 1/ 305". 3 المنتخب من السياق "297، 298" رقم "985".

تُوُفّي في تاسع ذي الحجّة وله خمسٌ وثمانون سنة وأيّام. قلت: روى عنه: عبد الغافر، وغيره، والأمير أحمد بن محمد الفُراتيّ. 60- عبد الكريم بن زكريّا بن سعْد بن عمار. أبو محمد البخاري الخبازي البزار. فقيه حافظ فاضل، يفهم الحديث. سمع الكثير، وأملى عن: أبي نصر أحمد بن الحَسَن المَرَاجليّ1، وحمزة بن أحمد الكَلاباذيّ، والحُسَين بن الخضر النَّسَفيّ، وطبقتهم. وعنه: عثمان بن عليّ البيكندي، وجماعة. ولد سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة. ومات في ربيع الأوّل. 61- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بن حَنَوَيْه2. أبو الحسن الشّهرستانيّ الفاروزيّ الكاتب. سمع: اللّيْث بن الحسن اللَّيْثيّ بسَرْخَس، وأبا بكر الحِيريّ. وصحِب: أبا عبد الله بن باكُوَيْه. تُوُفّي في ذي القعدة عن مائة سنة. 62- عليّ بن أبي نصْر المَنَاديليّ3. أبو الحسن النَّيْسابوريّ الحافظ. كان من نوادر الزّمان. جمع ما لم يجمعه غيره من أنواع العلوم، حتى فاق أقرانه في القراءات، ومعرفة أسماء الرّجال، والمُتون، والطّبّ، وغير ذلك. بالغَ الحافظ عبد الغنيّ في وصفه، وقال: ما رأيت أحسن ولا أصحّ من قراءته.

_ 1 نسبة إلى المراجل وعملها، وهي جمع مرجل. الأنساب "11/ 220". 2 الأنساب "9/ 220، 221". 3 المنتخب من السياق "392" رقم "1325".

سمع من: أبي القاسم القُشَيْريّ، والفضل بن المُحِبّ، وطبقتهما. ولم يتكهَّل ولم يبلغ أوان الرّواية. قال عبد الغافر: لمّا عاد من بغداد سمعته يقول: ما استفدت من غيري في سفري، بل كلّ من لقيته استفاد منّي. وقال لي: لست أطالع شيئًا مرّةً أو مرّتين إلّا وحفظته ولا أنساه، فُقِد من البلد ولا يدري ما تمّ له. 63- عليّ بن أبي يَعْلَى بن زيد بن حمزة1. أبو القاسم الحسينيّ الدَّبَوسيّ. ودَبوسيّة: بلدة بقرب سَمَرْقَنْد. كان من كبار أئمّة الشّافعيّة، متوحدًا متفرِّدًا في الفقه والأصول واللُّغة والنَّحو والنَّظر والجدل. وكان حسن الخَلق والخُلق، سمْحًا، جوادًا، كثير المحاسن. قدِم بغداد، وولي تدريس النّظاميّة، تفقّه عليه جماعة من البغداديّين، ومن الغرباء. وأملى ببغداد مجالس. سمع: أبا عَمْرو بن عبد العزيز القنطريّ، وأبا سهل أحمد بن عليّ الأبِيوَرْديّ، وأبا مسعود أحمد بن محمد البَجَليّ. روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو غانم مظفّر البَروجِرْديّ، ومحمد بن أبي نصر المسعوديّ المَرْوَزِيّ، وآخرون2. تُوُفّي ببغداد في شعبان، وهو من ذرية الحسين الأصغر ابن زيد العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه. 64- عليّ بن محمد بن حسين ابن المحدِّث عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن مجاهد3.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 135". 2 الأنساب "5/ 275". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 602، 603" رقم "319".

الإمام أبو الحسن البَزْدَوِيّ النَّسَفيّ الزّاهد، صاحب التَّصانيف الجليلة، والمدرِّس بسَمَرْقَنْد. تُوُفّي بكِسّ1 في رجب. قال السّمعانيّ: كان إمام أصحاب أبي حنيفة بما وراء النَّهْر، يُضْرب به المَثَل في حِفْظ المذهب. وطريقته مفيدة. ظهر له الأصحاب، وهو أخو القاضي أبي اليُسْر. تفقّه بالشّمس عبد العزيز بن أحمد الحَلْوائيّ، وسمع منه، ومن: عمر بن منصور بن خنْب، وأبي الوليد الحسن بن محمد الدَّرْبَنْديّ. وكان مولده في حدود الأربعمائة. روى عنه: أبو المعالي محمد بن نصر الخطيب. 65- عليّ بْن محمد بْن عبد العزيز بْن حَمْدين2. أبو الحسن القرطبي. روى عن: يحيى بن محمد القليعيّ، ومحمد بن عَتَّاب، وأبي جعفر الكِنْديّ الزّاهد وهو خاله: وكان من أهل العلم والفْقه والصَّلاح والتّلاوة والإقبال على نشر العلم، صدرًا مشاوَرًا في الأحكام، معظَّمًا في النُّفوس، متعيّنًا للوزارة. قال اليسع بن حزْم: له همَّة انتعلت السّماك، وتبوّأت الأفلاك، كتب مرّة إلى المعتمد بن عَبَّاد: يا مَن حَلَلْتُ جِوارَه ... والْجُودُ طَوْعُ يمينهِ أتجير من ألقى إليـ ... ـك بنفسه وبدينه حاشى نهاك بأنْ يرى ... بُخْلًا بعين مَعِينه إنّي غرست به الثّنا ... فقطعتُ حُسْن يقينهِ وُلد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في ربيع الأوّل رضي الله عنه.

_ 1 قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان على جبل "معجم البلدان "4/ 460-462". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 420، 421" رقم "900".

66- عليّ بن محمد بن الحسين بن موسى. أبو الحسن الأَسَديّ الفارِقيّ1 الشّيعيّ. غال، كثير المجون والدغابة. سمع: أبا الحسن بن مَخْلَد البزّاز. وعنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ. 67- عيسى بن نصر بن عيسى. أبو الطّيّب الرّازيّ البزّاز. رحل وسمع بمصر: أبا عبد الله بن نظيف، وشعيب بن المنهال. روى عنه: أبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو البركات الأَنْماطيّ. وتُوُفّي في شوّال. "حرف الغين": 68- غانم بن محمد بن عبد الواحد بن عُبَيْد الله الأصبهاني. الحافظ أبو سهل. تُوُفّي بإصبهان في جُمَادى الأولى. يروي حُضورًا عن عليّ بن مَنْدَهْ الفقيه الزّاهد. "حرف الميم": 69- محمد بن أحمد بن حامد بن عُبَيْد2. أبو جعفر البَيْكَنْديّ البخاريّ المتكّلم، المعروف بقاضي حلب3. وَرَدَ بغداد في أيّام عبد الملك بن محمد بن يوسف، فمنعه من دخولها فلمّا مات ابن يوسف دخلها وسكنها، وكان رأسًا في الاعتزال، داعيةً إليه.

_ 1 نسبة إلى ميافارقين "الأنساب 9/ 217". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 586، 587" رقم "307". 3 في لسان الميزان "5/ 52": "قاص حلب".

روى عن: أبي عامر عدنان بْن مُحَمَّد الضبي، وأبي الفَضْل أَحْمَد بْن عليّ السليماني، ومنصور بْن نصر الكاغدي، وطائفة. روى عَنْهُ: عليّ بن هبة الله بن زهمُوَيْه، وثابت بن منصور الكيليّ1، وصَدَقَة السّيّاف، وأبو غالب بن البنّاء، وغيرهم. روى عن: إسماعيل بن حاجب الكُشَانيّ2، واتُّهِم في ذلك. ورماه بالكَذِب عبد الوهّاب الأنْماطيّ3، وغيره. وُلِد سنة اثنتين وتسعين. وقال مرّةً أخرى: سنة أربعٍ وتسعين. ومات في رابع المحرّم ببغداد4. 70- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه5. أَبُو الفتح بن سَمْكُوَيْه الأصبهاني6 نزيل هَرَاة. أحد الحفّاظ المذكورين. سمع الكثير، وحصّل الأصول، ونسخ كثيرًا. سمع ببغداد من: أبي محمد الحسن بن محمد الخلّال، وطبقته. وبنَيْسابور من: أبي عثمان الصّابونيّ، وأبي حفص بن مسرور، والطّبقة. وبإصبهان: أصحاب ابن المقرئ. وبشيراز من: الحافظ أبي بكر بن أبي عليّ. وبسمرقند من: ابن شاهين السمرقندي.

_ 1 نسبة إلى بلاد متفرقة وراء طبرستان. الأنساب "3/ 414". 2 نسبة إلى كشانية، وهي بلدة من بلاد الصغد بنواحي سمرقند، وقد تصحف في لسان الميزان "5/ 61" إلى: "الكسائي". 3 المنتظم "9/ 52" "16/ 188". 4 لسان الميزان "5/ 61". 5 سير أعلام النبلاء "19/ 16، 17" رقم "10"، والبداية والنهاية "12/ 136". 6 زاد في البداية والنهاية "12/ 136"، "المعروف بمسارفة".

ومولده بإصبهان في سنة تسعٍ وأربعمائة. صنَّف، وجمع الأبواب. روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وكان يُتَبَرَّك بدعائه. وقال أبو عبد الله1 في "رسالته": كان لابن سَمْكُوَيْه التّواليف الكثيرة الوافرة في كتب الحديث، وَوَهْمه أكثر من فهمه. خرج إلى نَيْسابور في صُحْبة عبد العزيز النَّخْشبيّ، ثمّ خرج إلى ما وراء النّهر، وأقام بهَرَاة سِنين يورّق، صادقته بها وبنَيْسابور، وبيني وبينه ما كان من الحِقْد والحَسد2. وتُوُفّي بنَيْسابور. قلت: في ذي الحِجَّة. 71- محمد بن أحمد بن عليّ بن شَكْرُوَيْه3. القاضي أبو منصور الأصبهاني. تُوُفّي بإصبهان في شعبان. قال يحيى بن مَنْدَهْ: هو آخر من روى عن أبي عليّ بن البغدادي، وأبي إسحاق بن خرشيذ قُولَهْ، وسافر إلى البصرة. وسمع من: أبي عمر الهاشميّ، وعليّ بن القاسم النّجّاد، وجماعة. إلّا أنّه خلط في كتاب "السُّنَن" ما سمعه بما لم يسمعه، وحكَّ بعض السَّماع، كذلك أراني مؤتمن السّاجيّ، ثمّ ترك القراءة عليه، وخرج إلى البصرة، وسمع الكتابَ من أبي عليّ التُّسْتَرِيّ4. وقال المؤتمن السّاجيّ: ما كان عند ابن شكرويه عن ابن خرشيذ قوله،

_ 1 هو "الدقاق" كما في سير أعلام النبلاء "19/ 17". 2 وهذا من كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به. راجع ميزان الاعتدال "1/ 111". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 493، 494" رقم "256". 4 نسبة إلى "تستر" من بلاد خوزستان. الأنساب "3/ 54".

والْجُرْجَانيّ، وهذه الطّبقة فصحيح، وأطلعني ابن شَكْرُوَيْه على كتابه لـ"لسُنَن أبي داود" فرأيت تخليطًا ما استحللتُ معه سماعه. وقال أبو طاهر: لمّا كنّا بإصبهان كان يُذكر أنّ "السُّنَن" عند ابن شَكْرُوَيْه، فنظرتُ فإذا هو مضطّرب، فسألتُ عن ذلك، فقيل: إنّه كان له ابن عمّ، وكانا جميعًا بالبصرة، وكان القاضي أبو منصور مشتغلًا بالفقه، وإنّما سمع اليسير من القاضي أبي عمر الهاشميّ، وكان ابن عمّه قد سمع الكتابَ كلَّه، وتُوُفّي قديمًا. فكشَط أبو منصور اسم ابن عمّه، وأثبت اسمَه، فخرجتُ إلى البصرة، وقرأتُه على التُّسْتَرِيّ1. وقال السّمعانيّ: سألتُ أبا سعْد البغداديّ، عن أبي منصور بن شَكْرُوَيْه، فقال: كان أشعريًّا، لا يُسلِّم علينا ولا نُسلِّم عليه، ولكنّه كان صحيح السّماع. وقال يحيى بن مَنْدَهْ: كان أبو منصور على قضاء قرية سين، سافر البصرة فسمع من الهاشميّ، وأبي الحسن النّجّاد، وأبي طاهر بن أبي مسلم. وُلِد ابن شكرويه سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، ومات في العشرين من شعبان. وقد روى عنه: إسماعيل الحافظ، وابن طاهر المقدسيّ، ونصر الله بن محمد المصيصي، وهبة الله بن طاوس الدّمشقيّان، وأبو عبد الله الرُّسْتُميّ، وطائفة كبيرة منهم أبو سعْد البغداديّ، وعبد العزيز الأَدَميّ، والْجُنَيْد القايِنيّ. 72- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن هارون2 بن زرا3. أبو الخير الأصبهاني. سمع: أبا عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبا بكر بن مردُوَيْه، وعثمان بن أحمد البُرجيّ. وعنه: إسماعيل الحافظ، ومسعود الثّقفيّ، والرُّسْتُميّ، ومحمد بن عبد الوهّاب المَغَازِليّ، وأبو البركات الفُرَاويّ، وعبد المنعم بن محمد بن سَعْدُوَيْه، وآخرون. مات في رجب.

_ 1 التقييد "54". 2 شذرات الذهب "3/ 367". 3 في شذرات الذهب "زر".

وكان صالحًا واعظًا فقيهًا متعبدًا. أمَّ بجامع إصبهان مدّة. وممّن روى عنه: عبد العزيز بن محمد الشّيرازيّ الأدَميّ. مات في رجب. 73- محمد بن أحمد بن أبي جعفر الطَّبَسيّ النَّيْسابوريّ1. أبو الفضل. محدِّث زاهد، عالم، صنَّف كتاب "بستان العارفين" وسمع من: أبي عبد الله الحاكم، وأبي طاهر بن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف بن مامَوْيه، وأصحاب الأصمّ. روى عنه: الْجُنَيْد بن محمد القايِنيّ2، وجماعة من القدماء. وأملى مدّة. وممّن روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وأبو الأسعد القُشَيْريّ، وجماعة. تُوُفّي في رمضان. وقال عبد الغافر بن إسماعيل3: شيخ، فاضل، زاهد، صوفيّ، ورِع، ثقة، كتب الكثير، وجمع التّصانيف المفيدة. وقد سمع "مُسْنَد أبي الموجَّه" بمَرْو، ومن القاضي أبي بكر الصَّيْرَفيّ. قدِم علينا، وأفادنا في آخر عمره، وأملى بالنّظاميّة أيّامًا، ثمّ عاد إلى طَبَس، وبها مات. 74- محمد بن أحمد بْن الْحُسَيْن بْن علي. أبو عَبْد اللَّه ابن الإمام الكبير أبي بكر البَيْهَقيّ. مات في شعبان. 75- محمد بن علي بن محمد بن جعفر. أبو سعد الرستمي البغدادي.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 588" رقم "309". 2 القايني: نسبة إلى قاين. بلدة قريبة من طبس. الأنساب "10/ 37". 3 في المنتخب من السياق "58".

ولد سنة أربعمائة. وسمع: أبا الحسين بن بشْران، وأبا الفضل القطّان. روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وعبد الوهّاب الأنْماطي. وكان رجلًا خيِّرًا. تُوُفّي -رحمه الله- في ربيع الأوّل. 76- محمد بن منصور بن عمر بن علي1. أبو بكر ابن الإمام الفقيه أبي القاسم الكرْخيّ، الفقيه الشّافعيّ، والد الشّيخ أبي البدر إبراهيم الكرْخيّ. صالح، متديِّن، عالم. روى عنه: إسماعيل بن أحمد السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ. ومات في جُمَادى الأولى. وأمّا أبوه فَمِن كبار أئمّة الشّافعيّة، سمع أبا طاهر المخلص، ودرس على الأستاذ أبي حامد الإسفرائيني، وصنَّف واشتغل. 77- محمد بن نعمة2. أبو بكر الأسدي ابن القيروانيّ الصّابر. روى عن: أبي عمران الفاسيّ، ومروان بن عليّ البُونيّ3 وعلي بن أبي طالب الصابر وله كتب في التعبير، سكن المرية، وحمل الناس عنه. قال ابن بشكوال: سمعت بعضهم يضعفه. توفي سنة إحدى واثنتين وثمانين. 78- مرزوق بن فتح بن صالح4.

_ 1 الأنساب "10/ 393"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 206". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 603"، "رقم "1323". 3 البوني: نسبة إلى بونة: بلد بإفريقية "المشتبه 1/ 101". 4 الصلة لابن بشكوال "2/ 630، 631" رقم "1387".

أبو الوليد القيسيّ الأندلسيّ الطّلبِيريّ. روى عن: محمد بن موسى بن عبد السّلام، والوليد بن فَتُّوح، وأبي محمد بن عبّاس الخطيب، وأبي محمد الشنجالي، وجماعة. وحج سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، ولقي أبا ذر فسمع منه. وسمع بمصر، وكان من أهل المعرفة والتيقظ والمحافظة على الرواية. ترجمه ابن بشكوال، أنبا عنه غير واحد. وتُوُفّي فِي جُمَادى الآخرة. "حرف الهاء": 79- هبة اللَّه بن أبي الصَّهْباء1 محمد بن حيدر القُرَشيّ. الشّريف العدْل أبو السّنابل. شيخ نبيل رئيس، من أهل نيسابور. سمع: الأستاذ أبا إسحاق الإسفرائيني، وأبا بكر الحِيريّ، وعبد الله بن يوسف بن بامويه، وابن مَحْمِش، ويحيى بن إبراهيم المزكيّ، وأبا عبد الرحمن السُّلَميّ، وجماعة. روى عنه: عبد الخالق بن زاهر، وعائشة بنت أحمد الصّفّار، ووجيه الشّحّاميّ، ومحمد بن جامع الصَّوّاف، وآخرون. وكان ثقة مُكْثِرًا، روى الكثير. وقد سمع "سُنَن النَّسَائيّ" من: الحسين بن فَنْجُوَيْه الدِّينَوريّ، ولد سنة إحدى وأربعمائة، وعاش نَيِّفًا وثمانين سنة وهو من أولاد الأمير عَبْد اللَّه بْن عامر بْن كُرَيْز العَبْشَميّ2. 80- هبة اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المُجْليّ. الحافظ أبو نصْر البغدادي البابصري.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 589" رقم "310". 2 العبشمي: نسبة إلى بني عبد شمس بن عبد مناف "الأنساب 8/ 368".

ولد سنة اثنتين وأربعمائة. وسمع: عبد الصّمد بن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة، وابن المهتديّ بالله، وطبقتهم. وعنه: أخوه أبو السُّعُود أحمد بن عليّ، وأبو البركات بن أبي سعْد، وهبة الله بن الشّبْليّ. وله تصانيفٌ وخُطَب. قال السّمعانيّ: فاضل ديّن، ثقة، وله تخريجات وجُمُوع، وكتب الكثير، أدركته المنيّة شابًّا. قلت: مات في جُمَادى الأولى. 81- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عبد الغفار. أبو القاسم البغدادي ابن السّمسميّ المذهّب. سمع: أبا عليّ بن شاذان. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي. ومات فجأة في ربيع الأوّل. وكان مليح الكتابة، يكتب المصاحف وغيرها ويذهّبها ويزوّقها. وكان في الطّبقة العليا في التّذهيب، وكان حَسَنَ الخَلق والخُلق، متودّدًا مطبوعًا. 82- هبة الله بن محمد بن أحمد. أبو طاهر الْجَنْزيّ1، المؤدّب. تُوُفّي بإصبهان في سابع جُمَادى الآخرة. "حرف الواو": 83- الوليد بن عبد الملك بن أبي عَمْرو عبد الوهاب ابن الحافظ بن منده:

_ 1 الجنزي: نسبة إلى جنزة، وهي بلدة من بلاد أذربيجان "الأنساب 3/ 323، 324".

الأصبهاني، أبو غالب التّاجر. مات في السَّفَر. وقد تُوُفّي بإصبهان في هذه السّنة جماعة لا أعرفهم. وفيات سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة: "حرف الألف": 84- أحمد بن عثمان بن أحمد بن نفيس1. أبو البركات الواسطيّ. حدَّث بواسط وبغداد عن: التُّبانيّ، وعليّ بن خَزَفَة، وأبي الْفَضْلِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيُّ، وغير واحد. روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وسعد بن عبد الكريم الغندجاني الواسطي، وأبو محمد عبد الله بن علي سبط الخياط. توفي في جمادى الأولى، وله إحدى وثمانون سنة، وكان مؤدبا. 85- أحمد بن يحيى بن هلال. أبو الفضل بن العداد البغدادي الخياط المقرئ، إمام النظامية. روى عن: أبي القاسم بن بشْران. وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنماطي. توفي في جمادى الآخرة. 86- إسماعيل بن محمد النوحي2. القاضي.

_ 1 المشتبه في الرجال "2/ 486". 2 المشتبه في الرجال "1/ 118".

"حرف الجيم": 87- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن جعفر1. المكتفي بالله العباسي، أحد المعمرين. عاش ستا وتسعين سنة2. وفاته السماع من المخلص، وطبقته. حدث عن: أبي القاسم بن بشران. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي. "حرف الخاء": 88- خُوَاهَرْ زاذَة3. شيخ الحنفيّة، اسمه محمد بن الحسين بن محمد، أبو بكر البخاريّ القُدَيْديّ4، الحنفيّ الفقيه، ابن أخت القاضي أبي ثابت محمد بن أحمد البخاري، ولهذا قيل له بالعجميّ: خُوَاهَرْ زاذَة، وتفسيره: ابن أخت عالم. كان أبو بكر إمامًا كبير الشّأن، بحرًا في معرفة المذهب، وطريقته أبسط طريقة للأصحاب، وكان يحفظها. سمع: أباه، وأبا الفضل منصور بن نصر الكَاغدِيّ، وأبا نصر أحمد بن عليّ الخارقيّ، وسعيد بن أحمد الأصبهاني، والحاكم أبا عمر محمد بن عبد العزيز القَنْطَريّ. وأملى ببُخَارى مجالس، وخرّج له أصحاب أئمّة، وكان عالِم ما وراء النّهر. روى عنه: عثمان بن عليّ البَيْكَنديّ، وعمر بن محمد بن لقمان النسفي، وغيرهما.

_ 1 المنتظم "9/ 53، 54" رقم "85" "16/ 290 رقم 3607". 2 في المنتظم. وبلغ تسعًا وستين سنة. 3 سير أعلام النبلاء "13/ 14، 15" رقم 8. 4 القديدي: نسبة إلى قديد، وهو منزل بين مكة والمدينة "الأنساب 10/ 77".

تُوُفّي ببُخارى في جُمَادى الأولى. ذكره السّمعانيّ في "الأنساب". "حرف العين": 89- عاصم بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عاصم بن مهران1. أبو الحسين العاصميّ البغداديّ، العطّار الكرْخيّ الشَّاعر. أحد ظُرفاء البغداديّين وأكياسهم، كان صاحب مُلَح ونوادر، وله الشِّعْر الرائق، مع الصلاح والورع والعفة. سمع الكثر، ورحل إليه الطلبة واشتهر اسمه، وسار نظمه، وحدَّث عن: أبي الحسين بن المُتَيّم الواعظ، وأبي عمر بن مهديّ، وهلال الحفّار، وأبي الحسين بن بشْران، ومحمد بن عبد العزيز البَرْذَعيّ. روى عنه: الحافظ أبو بكر الخطيب في كتاب "المؤتنف"2، وإسماعيل بن محمد، وأبو نصر أحمد بن عمر، وأبو سعْد أحمد بن محمد الأصبهانيون، وهبة الله ابن طاوس، ونصر الله بن محمد المصّيصيّ الدّمشقيّان، ووجيه الشحامي، وأبو عبد الله الفراوي النيسابوري، وعبدُ الخالق بن أحمد اليُوسفيّ، ومُحَمَّد بن ناصر، وسعيد بن البنّا، وأحمد بن عبد الباقيّ قَفرجل، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وهبة اللَّه بْن الْحَسَن الدّقّاق، ومُحَمَّد بْن عَبْد العزيز البيِّع، وابن البطّيّ، وخلْق سواهم. قَرَأْتُ عَلَى الأَبَرْقُوهِيِّ: أَخْبَرَكَ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ عَمَّهُ أَبَا بَكْرٍ الْبَيِّعَ أَخْبَرَهُمْ: أَنَا عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا الْمَحَامِلِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا مات الإنسان انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةِ، أَوْ علمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ ولدٍ صالحٍ يدعو له" 3.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 136"، وسير أعلام النبلاء "18/ 898-600" رقم "316". 2 وتوفي قبله بعشرين سنة. الأنساب "8/ 315". 3 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1631"، والترمذي "1390"، والنسائي "6/ 251"، وأحمد "2/ 372".

قال السمعاني: سألت أبا سعد أحمد بن محمد الحافظ، عن عاصم بن الحسن، فقال: كان شيخًا، متقنًا، أديبًا، فاضلًا، كان حُفّاظ بغداد يكتبون عنه، ويشهدون بصحّة سماعه. قال: وسمعتُ الحافظ عبد الوهّاب بن المبارك يقول: ضاع الْجُزء الرّابع من جزء عبد الرزاق، لابن عاصم، وكان سماعه، قرءوه عليه بالسّماع قبل أنْ ضاع، ثمّ بعد أن ضاع ما كان يرويه إلّا إجازةً، فلمّا كان قبل موته بأيّام جاءني شجاع الذُّهْليّ وقال: وجدتُ أصل ابن عاصم الرّابع، تعال حتّى نسمعه منه. فمضينا وأريناه الأصل، فسجَد لله، وقرأنا عَلَيْهِ بالسّماع. قال لي عبد الوهّاب: كان عاصم عفيفًا، نَزِه النَّفس صالحًا، رقيق الشِّعْر، مليح الطَّبْع، قال لي: مرضت، فغسلت ديوان شِعْري1. تُوُفّي عاصم في جُمَادى الآخرة2، وقد استكمل ستًّا وثمانين سنة3. وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة: كَانَ عاصم ثقة فاضلا، ذا شعر كثير، كَانَ يلزمني، وكان لي منه مجلسٌ يوم الخميس، لو أتاه فيه ابن الخليفة لم يمكنه. أنبأني أبو اليمن بن عساكر: أنشدنا أبو القاسم بن صصرى، أنشدنا أبو المظفر ابن التُّرَيكيّ من كتابه: أنشدنا عاصم بن الحسن لنفسه: لو كان يعلم من أُحِبُّ بحالي ... لَرَثَى لقلبي من جرْي البِلْبالِ لكنّه ممّا أُلاقي سالمٌ ... من أين يعلم بالكئيب الخالي لَهْفى على صَلِف أَحَلَّ قطيعتي ... ظُلْمًا وحرَّم زَوْرَتي ووِصالي يقْظانُ يَبْخَلُ باللّقاءِ فَلَيْتَهُ ... في النَّوْم يسمح لي بطَيْف خيالِ 90- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد. أَبُو القاسم المَرْوَزِيّ الكناني القرينيني4.

_ 1 المنتظم "9/ 52"، "16/ 287". 2 البداية والنهاية "12/ 136". 3 وقال السلفي: سألت الذهلي عن عاصم بن الحسن العاصمي فقال: حدث عن جماعة وله شعر مطبوع، وكان صدوقًا من أهل السنة وقد سمعت منه. مولده سنة سبع وتسعين وثلاثمائة "المستفاد 134". 4 نسبة إلى القرينين، وهي بليدة على وادي مرو "الأنساب 10/ 126".

عالمٌ صيّن. سمع: أبا بكر محمد بن الحسن بن عبوَيْه الأنباريّ، وأزدشير بن محمد الهشاميّ. حدَّث في هذا العام، ولم تُضْبَط وفاته. روى عنه: الحسن بن عليّ القطّان، وغيره. 91- عبد الرّزّاق بن عمر بن بَلْدَج1. أبو بكر الشّاشيّ المقرئ. رحل إلى مصر، وأخذ عن: عبد الباقيّ بن فارس المقرئ، وخلف بن أحمد الحوفيّ، وجماعة. روى عنه: الحسين بن الحسن بن البُنّ، وأبو الحسن بن المسلم. وتوفي -رحمه الله- بدمشق في جُمادى الآخرة. 92- عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن إبراهيم بْن ثُمَامَة2. أبو نصْر التِّرْياقيّ الهَرَويّ. سمع "جامع التِّرْمِذِيّ" سوى الجزء الأخير منه، وهو من أوّل مناقب ابن عبّاس، من عبد الجبّار الجراحيّ. سمعه منه: المؤتمن السّاجيّ، وأبو الفتح عبد الملك الكَرُوخيّ. وتِرْياق: قرية من قُرى هَرَاة. وسمع أبو نصْر أيضًا من: القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ وأبي الفضل الجاروديّ. وكان ثقة أديبًا. تُوُفّي في رمضان وُلِد سنة "94"3.

_ 1 مختصرتاريخ دمشق لابن منظور "15/ 95" رقم "75". 2 سير أعلام النبلاء "9/ 6، 7" رقم 2. 3 في سير أعلام النبلاء "19/ 7": "وعمر أربعًا وتسعين سنة".

93- عبد الغنيّ بن بازل1. أبو محمد الألواحيّ المصريّ. من بُليدة ألواح. شيخ، صالح فقيه شافعيّ. رحل، وسمع: أبا إسحاق الرمليّ، وأبا الحسن الماوَرْدِيّ، وأبا بكر أحمد بن الحسين البَيْهَقيّ، وأبا عثمان البِحِيريّ. روى عنه: أبو سعْد أحمد بن البغداديّ، وإسماعيل بن عليّ الحماميّ. 94- عليّ بن عبد الله بن فَرَح2. أبو الحسن الْجُذَاميّ الطُّلَيْطُلَيّ المقرئ، خطيب طُلَيْطُلَة. ويعرف بابن الإليبري3. أخذ عن: مكّيّ بن أبي طالب، وعن: أبي القاسم وليد بن العربيّ المقرئ، وأبي محمد بن عبّاس الخطيب، وأبي الربيع بن صُهَيْبَة، ومحمد بن مساور، وجماعة كثيرة وأقرأ النّاس بالرّوايات، وكان عارفًا بها، عاقلًا وقورًا ثقة، صالحًا واعظًا مذكّرًا، قدِم قُرْطُبة، فَقُدِّم إلى الإقراء بجامعها في سنة ثلاثٍ وثمانين، فأقرأ النّاس بها نحو شهرين، ومات رحمه الله. ومولده سنة عشر وأربعمائة. 95- عليّ بْن محمد بْن محمد بْن الطّيّب4. أبو الحسن الواسطيّ المَغَازِليّ، ويُعرف بابن الْجُلابيّ. سمع الكثير، وسمّع ابنه أبا عبد الله، وذيّل "تاريخ واسط" في كراريس. سمع: عليّ بن عبد الصّمد الهاشميّ، وأبا غالب بن بشران.

_ 1 الأنساب "1/ 342". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 421" رقم "901". 3 معجم البلدان "1/ 244". 4 الأنساب "3/ 400".

روى عنه: ابنه. ونزل ليتوضّأ فغرِق في دجلة في صفر ببغداد، وثمّ أُحْدِر إلى واسط. 96- عليّ بن محمد بن عليّ بن الطراح1. أبو الحسن المدير. والد يحيى بن الطّرّاح. سمع: أبا القاسم بن بِشْران، ومَن بعده. روى عنه: ابنه يحيى، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ وأثنى عليه. تُوُفّي في ذي الحجّة. 97- عيسى بن إبراهيم2. أبو الأصْبَغ السَّرَقسطيّ. روى عن: أبي عمر الطَّلَمْنكيّ، وغيره. وكان من أهل المعرفة والأدب والفَهْم. حدَّث عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة. "حرف القاف": 98- القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد3. أبو سعْد الخلقاني4 النيسابوري. حدث عن: ابن محمش، وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي بكر الحيري. وتوفي في ربيع الآخر عن ثمانين سنة. روى عنه: عبد الغافر في "تاريخه".

_ 1 الأنساب "11/ 200". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 438" رقم "941". 3 المنتخب من السياق "421، 422" رقم "1438". 4 الخلقاني: نسبة إلى بيع الخلق من الثياب وغيرها "الأنساب "5/ 163".

"حرف الميم": 99- محمد بن أحمد الخبّاز1. أبو الحسن اللّحّاس البغداديّ. عن: أبي الحسن بن رزقوَيْه، وأبي الحسين بن بِشْران، وابن أبي الفوارس. وعنه: أبو عليّ أحمد بن أحمد بن الخراز، وحفيده أبو المعالي محمد بن محمد. مات في ثامن رجب. 100- محمد بن إسماعيل بن محمد بن السَّرِيّ بن بَنُّون بن حُمَيْد2. أبو بكر التَّفْلِيسيّ ثمّ النَّيْسابوريّ الصُّوفيّ، المقرئ. شيخ صالح مستور، سليم النّفس، صوفيّ الطَّبْع. سمع من: أبي يَعْلَى حمزة المهلَّبيّ، وعبد الله بن باموَيْه، وأبي صادق الصَّيْدَلانيّ، وأبي عبد الرحمن السُّلَميّ، وجماعة من أصحاب الأصمّ. وأملى وحدَّث سِنين. وكان مولده في سنة أربعمائة في رَجَبها. روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل وأثنى عليه، وإسماعيل بن المؤذّن، ووجيه الشّحّاميّ، وآخرون. تُوُفّي في سَلْخ شوّال. وقد سئل عنه إسماعيل بن محمد الحافظ فقال: شيخ صالح يُتبرَّك بدعائه، سمع الكثير من المهلَّبيّ. 101- محمد بن ثابت بن حسن3. أبو بكر الجندي4، أحد فحول المتكلمين.

_ 1 المنتظم "9/ 55" رقم "91" "16/ 291" رقم "3/ 36". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 11، 12" رقم 6. 3 شذرات الذهب "3/ 368"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 50، 51". 4 الخجندي: نسبة إلى خجند، وهي بلدة كبيرة على طرف سيحون من بلاد المشرق "الأنساب 5/ 52".

كان يعِظ ويتكلّم في كلّ فنٍّ، ويقع كلامه من القلوب الموقع العظيم. استوطن إصبهان ونفق على أهلها وصار من رؤساء علمائها ومحتشميهم، وتفقّه به جماعة في مذهب الشّافعيّ، وانتشر ذِكْره، وولي تدريس نظاميّة إصبهان. وتفقّه على أبي سهل الأبِيَوْرديّ1. وحدَّث عن والده. وتُوُفّي في ذي القعدة. - محمد بن الحسين. أبو بكر البخاريّ الفقيه. هو خُوَاهَرْ زاذَة، تقدَّم ذِكْره2. 102- مُحَمَّد بن سَهْل بن مُحَمَّد بن أَحْمَد3. أبو نصْر الشّاذْيَاخيّ السّرّاج. كان أسند مَن بقي بنَيْسابور. سمع: أبا نُعَيْم عبد الملك بن الحسن، وعبد الله بن يوسف بن مامويه، والإمام سهل الصلعوكي، وابن مَحْمِش، وجماعة. روى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، وإسماعيل بن محمد الحافظ، وعبد الله بن الفراوي، ومحمد بن جامع خياط الصوف، وآخرون، والحافظ عبد الغافر وقال: شيخ نظيف طريف، مختص بمجالس الصّاعديّة للمنادمة والخدمة. سمع الكثير. وتوفي في صفر وله تسعون سنة. 103- محمد بْن عَبْد الله بْن محمد. أبو نصْر الأصبهاني المعروف بالصَّيْقل. قدِم بغداد حاجًّا، فحدَّث بها عن: الحسين بن إبراهيم الجمّال، وأبي الحسين بن فاذشاه، وأبي ذر محمد بن إبراهيم الصالحاني.

_ 1 نسبة إلى أبيورد من بلاد خراسان "الأنساب 1/ 128". 2 انظر الترجمة رقم "88". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 529" رقم "269".

كتب عنه أبو بكر ابن الخاضبة. وروى عنه: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد المَلِك بْن عليّ بْن يوسف، وغيرهم. ذكره ابن النّجّار. 104- محمد بن عليّ بن الحَسَن1. أبو طالب بن الواسطيّ، الكَرْخِيّ، البزار، النبلي2، التّاجر، السّفّار. سمع، وكتب بخطّه، وحدَّث بنَيّسابور وهَرَاة. وسمع ابن غَيْلان، وأبا محمد الخلّال، وأبا الطّيّب الطَّبريّ، وأبا القاسم التّنوخيّ، وجماعة. روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وأبو البركات عبد الله بن الفُرَاويّ. ومات بنَيّسابور. 105- محمد بن محمد بن جَهير3. الوزير فخر الدّولة4، أبو نصْر التَّغْلبيّ، مؤيّد الدّين، ناظر ديوان حلب، ووزير ميّافارقين. وكان من رجال العالم حزّمًا ودهاءً ورأيا، سعى إلي أن قدِم بغداد، وتوصّل إلى أن ولي وزارة أمير المؤمنين القائم بأمر الله في سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة. ودامت دولته مدّة. ولمّا بويع المقتدي بالله أقرّه على الوزارة عامين، ثمّ عزله في حدود سنة سبعين. وفي سنة ستٍّ وسبعين استدعاه السّلطان ملكشاه، فعقد له على ديار بكر، وسار

_ 1 المنتظم "9/ 54"، رقم "88" "16/ 291 رقم 3610". 2 النبلي: نسبة إلى النبيل، وهي بليدة على الفرات بين بغداد والكوفة "الأنساب 12/ 186". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 608، 609" رقم "324". 4 في سير أعلام النبلاء "فخر الدين".

معه الأمير أُرْتُق بن أكسب صاحب حُلْوان، فلمّا وصلوا فتح زعيم الرّؤساء أبو القاسم بن الوزير أبي نصر مدينة أمِد، بعد أن حاصرها حصارًا شديدًا. ثم فتح أبو فخر الدّولة ميافارقين بعد أشهر. وكان رئيسًا جليلًا، مدحه الشُّعراء، وعاش نيِّفًا وثمانين سنة، وتُوُفّي بالموصل، وكان قد قدِمها متولّيا من جهة ملكشاه في سنة اثنتين وثمانين. وكان الخليفة قد أعاده إلى الوزارة مدّة، قبل سنة ثمانين، وفي حدودها. ووُلِد في ثالث المحرم سنة اثنتين وأربعمائة. قال ابن النّجّار في "تاريخه": ذكر أبو الحسن محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ أنّه نشأ بالموصل، وبها وُلِد، وكان مشتغلًا بالتّجارة، ثمّ تركها. وصحب قِرْواش بن المقلّد بن المسيّب أمير عبادة، فلمّا قبض الأمير بركة على أخيه قِرْواش قرْبَ منه أبو نصر، وأنفذه رسولًا إلى القُسْطَنطينيّة. ثمّ كاتَبَه ابن مروان صاحب ديار بكر، فورد عليه ووَزَرَ له في أوّل سنة ستٍّ وأربعين وأربعمائة، وذلك في آخر أيّام ابن مروان، فاستولى أبو نصر على الأمور، ووصل إلى ما لم يصل إليه غيره بشهامته وإقدامه، على صعاب الأمور، فأقام الهيبة، وأكثر العطاء والبذْل، وكاتَبَه ملوك الأطراف بالشّيخ الأجلّ النّاصح كافيّ الدّولة، ومَدَحه الشُّعَراء، وقصَدَه العلماء، فلمّا مات ابن مروان سنة ثلاثٍ وخمسين أقام ولده نصر بن أبي نصر في الإمرة، فحاربه إخوته سعيد، وأبو الفوارس، واختلفوا، فسَفَّر أبو نصر أمواله، وكاتب القائم في وزارته، وبذل له ثلاثين ألف دينار، فخرج إليه طراد النّقيب، وأظهر أنّه في رساله إلى ابن مروان، فلمّا عاد طراد من ميافارقين خرج ابن جَهير لتوديعه، فصَحِبه إلى بغداد، ومعه ولداه عميد الدّولة أبو منصور محمد، وزعيم الرّؤساء أبو القاسم، فتلقّاه أرباب الدّولة، ووَزَرَ للقائم، ولقَّبه فخر الدّولة، وكانت الخطْبة بالشّام جميعه إلى عانَة تقام للمصريّين، فكاتب فخر الدّولة أهلَ دمشق، وبني كلب ومحمود بن الروقلية صاحب حلب والمتميّزين بها وجماعتهم أصدقاؤه، يدعوهم إلى الدّعوة العبّاسيّة، فأجابوه، وجاءت رُسُلهم بالطّاعة. قال: وعزل القائم في سنة ستّين، وأُخرج من بغداد، ورشّح للوزارة أبو يَعْلَى كاتب هزارسب، وطُلب من همذان، فأتته المنيّة بغتةً لسعادة ابن جَهير فطلبه القائم

وأعاده إلى الوزارة، وبقي إلى أن عُزِل في أول سنة سبعين، فإن السعادة سَعَت بينه وبين نظام المُلْك وزير السّلطان، فكلَّف النّظّام السّلطان إن يكتب إلى الخليفة يطلب منه أن يعزل ابن جَهير، فعزله. ثمّ صارت الوزارة إلى ولده عميد الدّولة. قال محمد بن أبي نصر الحُمَيْديّ: حدَّثني أبو الحسن محمد بن هلال بن الصّابئ: حدثني الوزير فخر الدولة بن جهير: حدَّثني نصير الدّولة أبو نصر صاحب آمِد وميافارقين قال: كان بعض مقدَّمي الأكراد معي على الطّبق، فأخذت حجلةً مَشْوِيّة، فناولته، فأخذها وضحِك. فقلتُ: ممّ تضحك؟ قال: خبرٌ. فألححت عليه، ودافع عن الجواب، حتّى رفعت يدي وقلت: لا آكل حتّى تعرّفني. فقال: شيء ذكَّرَتْنيه الحجْلة، كنتُ أيّام الشّباب قد أخذت تاجرًا وما معه، وقرَّبته لأذبحه خوفًا من غائلته، فقال: يا هذا أخذتَ مالي، فَدَعني أرجع إلى عيالي فأكدّ عليهم، وبكى وتضرَّع إليَّ، فلم أرقّ له، فلمّا آيس من الحياة التفتَ إلى حجْلين على جبلٍ وقال: اشهدا لي عليه عند الله أنّه قاتلي ظُلْمًا. فقتلته فلمّا رأيت الحجلة الآن ذكرت حمقه في استشهاده الحجل عليَّ. قال ابن مروان: فحين سمعت قوله اهتززت حتّى ما أملك نفسي، وقلت: قد والله شهدت الحجلتان عليك عند مَن أقادك بالرجل، وأمرتُ بأخْذه، وكتّفوه، ثمّ ضُرِبت رقبته بين يدي، فلم آكل حتّى رأيتُ رأسَه يتبرّأ من بدنه. قلتُ للوزير: قد والله ذكر التّنُوخيّ في كتاب "النّشْوار"1 مثل هذه الحكاية بعينها، عن الراسبي عامل خورسان، لا تزيد حرفًا، ولا تنقص حرفًا، وعَجِبْنا من اتفاق الحكايتين. تُوُفّي فخر الدّولة في يوم الثّلاثاء ثامن صفر سنة ثلاثٍ بالموصل. 106- محمد بن المؤمّل بن محمد بن إسحاق2. أبو صالح النيسابوري البشتي.

_ 1 نشوار المحاضرة -"3/ 208-210". 2 الأنساب "2/ 228، 229".

شيخ صالح عابد. سمع: أبا عبد الرحمن السُّلَميّ، وأبا زكريّا المزكيّ، وتُوُفّي بإصبهان. روى عنه: سفيان بن مَنْدَهْ، وإسماعيل الحافظ، وعبد الخالق الشّحّاميّ. 107- الموفّق بن طاهر. أبو نصر الجوزقيّ الإمام. سمع بهَرَاة: أبا الفضل عمر بن أبي سعد، وأبا يعقوب القرّاب. "حرف الهاء": 108- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن بُنْدَار بن أحمد بن فُورَك بن بطّة. أبو منصور الأديب. أظنّه إصبهانيًّا. "الكنى": 109- أبو القاسم. المحسّن بن محمد بن المحسّن بن سَبْسنُوَيْه الأصبهاني الطّرّاق. سمع: أبا بكر بن مردوَيْه. ورخه ابن منده. وفيات سنة أربع وثمانين وأربعمائة: "حرف الألف": 110- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي بكر محمد بن أبي عليّ أَحْمَد بن عبد الرحمن1. أبو الحسين الهَمَذَانيّ الذَّكْوانيّ الأصبهاني.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 103، 104" رقم 58".

سمع: جدّه أبا بكر، وأبا الفَرَج عثمان بن أحمد البُرْجيّ، وأبا بكر أحمد بن موسى بن مردوَيْه، وأبا طاهر السِّيرنْجانيّ، ومحمد بن إبراهيم الجرجاني. روى عنه: الحفاظ إسماعيل الطلحي، وأبو نصر الغازي، وأحمد بن محمد أبو سعْد البغداديّ، ومحمد بن أبي نصر اللّفْتوانيّ، وعبد الجليل كُوتَاه، وعِدّة. وعاش تسعين سنة. تُوُفّي يوم عَرَفَة، وكان صدوقًا نبيلًا. 111- أُرْتُق بن أكسب التُّرْكُمانيّ1. جدّ الملوك الأُرْتُقيّة. كان أميرًا مُطاعًا، تغلّب على حلوان والجبل، وكثر أتباعه، فسار إلى الشام، وملك ولده سُقْمان بيت المقدس. وذرّيّته هم ملوك ماردين من مائتي سنة وإلى وقتنا هذا. 112- الياس بن مُضَر بن محمد. أبو عَمْرو التّميميّ الهَرَويّ، شيخ المزكّين بهَرَاة. كان فاضلا أدبيًا. سمع: عبد الرحمن بن أبي أحمد السرخستي، ويحيى بن عمّار الواعظ، والقاضي محمد بن محمد الأزْديّ، ومحمد بن عليّ الباشانيّ، وعدّة. وعنه: عبد الصَّبُور بن عبد السلام الفاميّ، وحفيدته جوهر ناز بنت مُضَر. مات في صفر، وله أربعٌ وثمانون سنة. "حرف الحاء": 113- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن الحسن. أبو عليّ الدّقّاق. تُوُفّي في رمضان.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 138".

إصبهانيّ، ثقة، حافظ، وبصُحبة محمد بن عبد الواحد الدّقّاق لأبي عليّ الدّقّاق عُرِف محمد بالدّقّاق. وكان أبو عليّ أحد الرّحّالين، كتب الكثير بخطّه، وسمع العالَم بقراءته، وكانت له معرفة وفهم. سمع منه: مكّيّ الرُّمَيْليّ، وابن طاهر. حدَّث عن: ابن ريذة، وأصحاب ابن المقرئ. وحدَّث "بالمعجم الصَّغير". 114- الحسين بن عليّ بن خَلَف بن جبريل1. الألمعيّ الكاشْغَريّ. رحل، وسمع من: عبد العزيز الأزَجيّ، ومحمد بن عليّ الصُّوريّ، ومحمد بن محمد بن غَيْلان، وأبي عبد الله العَلَويّ الكوفيّ. روى عنه: محمد بن محمود السَّرَه مَرْد، وأبو سُفْيان العبدويي، بسَرْخَس. وكان بكّاءً خائفًا واعظًا، لا يخاف في الله لومة لائم، تاب على يديه خلْقٌ كثير، لكنّ في حديثه مناكير. قال السّمعانيّ: قال محمد بن عبد الحميد: كان الكَاشْغَرِيّ يضع الأحاديث. قال السّمعانيّ: وقرأتُ بخطّ عطاء بن مالك النَّحْويّ فهرسّتَ تصانيف أبي عبد الله الكَاشْغَرِيّ: "المُقْنِع في تفسير القرآن" كتاب "التّوبة"، كتاب "الورع"، كتاب "الزُّهد". إلى أن ذكر السّمعانيّ له أكثر من مائة تصنيف، سائرها في التّصوّف والآداب الدينيّة. ثمّ ورّخ وفاته فقال: بعد سنة أربعٍ وثمانين وأربعمائة. 115- الحسين بن محمد2. أبو عليّ الدّلفيّ المقدسيّ، ثم البغدادي الزاهد.

_ 1 معجم البلدان "4/ 430"، وميزان الاعتدال "1/ 544" رقم "2033". 2 الأنساب "5/ 331، 332".

تُوُفّي في ذي الحجّة. قال أبو عليّ بن سُكَّرَة: لم ألق ببغداد أزهد منه، وقد سمع من أبي بكر محمد بن جعفر الميماسيّ بعسقلان، وتفقّه على أبي نصْر بن الصّبّاغ ببغداد. وروى عنه: هبة الله بن عليّ بن مُجْليّ، وأبو سعْد أحمد بن محمد البغداديّ. وسمع منه أبو بكر ابن الخاضبة. "حرف الطاء": 116- طاهر بن مُفَوَّز بن أحمد بن مُفَوَّز1. الحافظ أبو الحسن المَعَافريّ الشاطبي صاحب أبي عمر بن عبد البَرّ، اختصّ به، وهو من أثبت النّاس فيه، وأكثرهم عنه. وسمع من: أبي العبّاس العُذْريّ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي شاكر الخطيب، وأبي الفتح السَّمَرْقَنْديّ. وسمع بقُرْطُبة من: حاتم بن محمد، وأبي مروان بن حيّان. وكان من أهل العلم والذّكاء، عُني بالحديث أتمّ عناية، وشُهِر بحفظه وإتقانه ومعرفته، وكان حَسَن الخطّ، جيّد الضَّبْط، مع الفضل، والصّلَاح، والورع، والانقباض، والوقار. وكان أخوه عبد الله أزهد النّاس بالأندلس. تُوُفّي أبو الحسن في رابع شعبان، وفيه وُلِد سنة تسعٍ وعشرين. عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة. "حرف العين": 117- عبد الخالق بن الحسن بن أحمد بن المحتسب. أبو سعد النيسابوري.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 88، 89" رقم 48.

شيخ صالح، سمع من: ابن مَحْمِش، وأبي بكر الحِيريّ، والصَّيْرَفيّ، وجماعة. تُوُفّي في المحرَّم، وولد سنة أربعمائة. روى عنه: عبد الغافر. 118- عبد الرحمن بن أحمد بن علّك1. أبو طاهر السّاويّ، أحد أئمة الشافعية. ولد بأصبهان بعد الثلاثين وأربعمائة، وحُمِل إلى سَمَرْقَنْد، فتفقَّه بها. وصحِب عبد العزيز النَّخْشَبيّ، وأخذ منه علم الحديث. سمع: أبا الربيع طاهر بن عبد الله الإملاقيّ، وأحمد بن منصور المغربيّ، النَّيْسابوريّ، وأبا الحسين بن النَّقُّور. روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، ومحمد بن علي الإسفرائيني، نزيل مَرْو. تُوُفّي ببغداد. 119- عبد الرّزّاق بن عبد الكريم بن عبد الواحد2. أبو الفتح الحسناباذي الأصبهاني. روى عن: أبي عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبي الحسين بن بِشْران المعدّل، وله رحلة إلى بغداد. روى عنه: إسماعيل الحافظ، وهبة الله بن طاوس الدّمشقيّ. 120- عبد الغفّار بن محمد بن أحمد. أبو مطيع الطُّيُوريّ الأصبهاني الأديب. سمع: أبا عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبي الفَرَج البُرْجيّ. 121- عبد الملك بن عليّ بن خَلَف بن محمد بن النَّضْر بن شَغَبَة3. أبو القاسم الأنصاريّ البصْريّ الحافظ، الزّاهد.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 138". 2 الأنساب "4/ 139". 3 سير أعلام النبلاء "19/ 50، 51".

قال أبو سُكَّرَة: أدركته وقد ترك كلّ شيء وأقبل على العبادة، وهو في نهاية السِّنّ، فدخلت عليه مسجده بعد صلاة الصُّبْح، فوجدته مستقبل القِبلة يدعو ويبكي، فَانْحَنَيْتُ لأقبّل رأسَه، فانقبض عنّي، فقالوا لي: دعْه، فتركتُه حتّى أكمل غرضَه، ثمّ قرأت عليه شيئًا من الحديث، ولم أتكرّر عليه، ورُزق الشّهادة في آخر عمره. قال: وكان عنده جملة من "سُنَن أبي داود"، عن أبي عمر الهاشميّ، وكان كثير الحديث. وقال السّمعانيّ: شيخ متقِن، حافظ، ثقة، مكثِر. سمع: أبا عمر الهاشميّ، ويوسف بن غسّان، والحسن بن بشّار السّابوريّ، وأبا طاهر أحمد بن محمد بن أبي مسلم، وعليّ بن هارون التّميميّ المالكيّ، وغيرهم. ثنا عنه: أبو نصر الغازي بإصبهان، وجابر الأنصاريّ بالبصرة. وقد روى عنه أبو نصر بن ماكولا، وحضر مجلس إملائه. قُتِل ابن شَغَبَة في هذا العام رحمه الله. وروى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، وعبد الله بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو غالب الماوَرْدِيّ. 122- عليّ بن الحسن بن عليّ1. الزّاهد أبو الحسن الصَّنْدَليّ، النَّيْسابوريّ الحنفيّ. ذكره عبد الغافر فقال: وجْه أئمّة أصحاب أبي حنيفة في عصره، وصاحب القبول الخارج عن الحدّ المعهود. شرح "آثار الطّحاويّ" عن: أبي بكر أحمد بن عليّ الأصبهاني. وتُوُفّي في ربيع الآخر. ودُفِن في مدرسته. 123- عليّ بن الحسن بن طاوس بن سكر2.

_ 1 المنتخب من السياق "391" رقم 1321. 2 الأنساب "301 أ" "7/ 97"، والكامل في التاريخ "10/ 201".

كذا في "تاريخ ابن النّجّار"1، وفي "المشتبه"2: سُكّر. أبو الحسن العاقوليّ، المعروف بتاج القُرَّاء. سكن دمشق، وسمع بها من: أبي الحسين بن أبي نَصْر التّميميّ، وابن سلْوان المازنيّ. وسمع بغداد من: أبي القاسم بن بِشْران، والقاضي أبي عبد الله الحسين بن عليّ الصَّيْمَريّ، وأحمد بن عليّ التَّوَّزِيّ، وجماعة. روى عنه: غَيْث الأرمنازيّ، ونصر الله بن محمد المصّيصيّ، وإبراهيم أبو البركات الخُشُوعيّ، ونصر بن أحمد السُّوسيّ. قال غيث: كان فكهًا، حسن المحادثة، لا بأس به، حدَّثني أنّه نسخ إحدى وثمانين ختْمة، ونحوًا من ثلاثين ألف ورقة، مثل "الصحيحين" و"سنن أبي داود". ورأيته يكتب في تعليقه القاضي أبي الطّيّب، وكان سريع الكتابة جدًا. قال ابن الأكْفَانيّ: تُوُفّي بصور في شَعبان، وله نحوٌ من سبعين سنة. وقال ابن عساكر: كان ثقة. 124- عليّ بن الحسين بن عليّ بن الحسن بن عثمان بن قُرَيش3. أبو الحسن الحربيّ النَّصْريّ، من محلّة النَّصْريّة، البنّاء. قال السّمعانيّ: كان صالحًا، ثقة، صدوقًا. سمع: أحمد بن محمد بن الصَّلْت الأهوازيّ، وأبا الحسن الحمامي، وأبا القاسم الحرفي. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطيّ، ومحمد بن ناصر، وآخرون. تُوُفّي في ذي الحجة.

_ 1 ذيل تاريخ بغداد "17/ 271". 2 "1/ 363". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 518، 519" رقم "261".

ومن آخر أصحابه أحمد بن هبة الله بن الفُرْضيّ المقرئ وعبد الخالق بن يوسف. 125- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن البَطِر1. أبو الحسن الدّقّاق، أخو أبي الفضل محمد وأبي الخطّاب. سمع من: أبي عليّ بن شاذان. وحدَّث عن: ابن رزقوَيْه؛ فتكلّموا فيه. مات في صَفَر. روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأحمد بن عليّ الدّلّال، وغيرهما. 126- عليّ بن أحمد بن محمد بن حُمَيْد. أبو الحسن الواسطي الناقد البزار. سمع: أبا الحسين بن بشران، وابن الفضل القطّان. وكان صالحًا مستورًا. روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد الخالق بن البَدِن. مات فِي رجب. "حرف الميم": 127- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد. أبو الحسن البغداديّ العطّار الجبّان. روى عن: أبي الحسين بن بِشْران، وغيره. وعن: أحمد بن عِمران الإسْكَافيّ. روى عنه: حفيده أبو المعالي محمد بن محمد شيخ ابن اللّتّيّ. 128- محمد بن أحمد بن عليّ بن حامد2.

_ 1 المنتظم "9/ 59" رقم "94" "16/ 296" رقم "3616". 2 الأنساب "10/ 398"، والبداية والنهاية "12/ 138".

أبو نصر الكُرْكَانْجيّ المَرْوَزِيّ، الأستاذ المقرئ، صاحب أبي الحسين الدّهّان. قال أبو سعْد السّمعانيّ: كان إمامًا في علوم القرآن، له مصنفات في ذلك مثل كتاب "المعول" وكتاب "التذكرة"1 طوف الكثير إلي العراق، والحجاز، والشام، والجزيرة، والسواحل في القراءة علي الشيوخ، إلي أن صار أوحد عصره، وكان زاهدًا ورِعًا. حكى لي بعض المشايخ أنّ أبا نصر المقرئ قال: غرِقْتُ نوبةً في البحر2، فكنت أغوص3 في الماء، ويلعب بي الموج، فنظرتُ إلى الشّمس، فرأيتها قد زالت. قال: فغصتُ في الماء، ونويت فَرْضَ الظُّهر، وشرعت في الصّلاة، فخلَّصني الله ببَرَكَة ذلك. قرأ بمَرْو على أستاذه أبي الحسن عبد الله4 بن محمد الدّهّان؛ وبنَيْسابور على: محمد بن عليّ الخبّازيّ، وسعيد بن محمد المعدّل؛ وببغداد على أبي الحسن الحمّاميّ مُسْنِد العراق في القراءات، وبالموصل على الحسين بن عبد الواحد المعلّم، وبحَرّان على أبي القاسم عليّ بن محمد الشّريف الزَّيْديّ، وبدمشق على الحسين بن عُبَيْد الله الرُّهاويّ، وبصور على أحمد بن محمد المصريّ، وبمصر على إسماعيل بن عَمْرو بن راشد الحداد. مولده في سنة تسعين وثلاثمائة تقريبًا، وَتُوُفِّي في ذي الحجّة سنة أربعٍ وثمانين، فالله أعلم، والصّواب الأوّل5. ذكره مؤرّخ خُوارَزْم. أخذ عنه خلْق كثير. 129- محمد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم6.

_ 1 في "معجم الأدباء 17/ 231": "التذكرة لأهل البصرة". 2 زاد في "معجم الأدباء 17/ 231"، "وانكسر المركب". 3 في معجم الأدباء: "أخوض". 4 في معجم الأدباء وسير أعلام النبلاء "18/ 601"، "عن أبي الحسين عبد الرحمن". 5 لم يذكر المؤلف ما هو الأول. ولقد أرخ ابن السمعاني وفاته بسنة 481هـ "الأنساب" "10/ 398". 6 الأنساب "11/ 451، 452".

أبو منصور القَزْوينيّ، راوي "سُنَن ابن ماجه" عن القاسم بن أبي المنذر الخطيب. سمع الكثير في سنة ثمانٍ وأربعمائة وبعدها من القاسم. ومن: الزُّبَير بن محمد بن أحمد بن عثمان، وعبد الجبّار بن أحمد المتكلّم، وجماعة. وحدث بالرَّيّ في هذه السّنة. ولم أقع بوفاته1. وقد سأله ابن ماكولا عن مولده، فقال: في سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة. روى عنه: مِلْكداذ بن عليّ العَمْرَكيّ، وعليّ بن شافعيّ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن الرّازيّ، وأبو العلاء زيد، وأبو المحاسن مسعود ابنا عليّ بن منصور الشّرُوطيان، ومحمد بن طاهر المقدسي، وابنه أبو زُرْعة المقدسيّ، وهو آخر من حدَّث عنه. 130- محمد بن الحسن بن محمد بن سُلَيْم2. القاضي أبو بكر الأصبهاني. سمع: أبا عبد الله الجرجاني، وأبا بكر بن مردويه، وجماعة. ورحل فسمع ببغداد من: أبي عليّ بن شاذان، وغيره. روى عنه: مسعود الثّقفيّ، والحسن الرُّسْتُميّ، وعامّة الأصبهانيين. ومات بإصبهان في ذي القعدة. 131- محمد بْن عبد اللَّه بن الحسين3. قاضي القُضاة أبو بكر النّاصحيّ النَّيْسابوريّ. سمع: أبا بكر الحيري، وأبا سعيد الصيرفي، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي.

_ 1 قال ابن السمعاني: كانت وفاة المقومي في حدود سنة ثمانين وأربعمائة. الأنساب "11/ 452". 2 التحبير في المعجم الكبير "1/ 616". 3 سير أعلام النبلاء "19/ 19، 20" رقم 12، والبداية والنهاية "12/ 138".

قال فيه عبد الغافر بن إسماعيل1: قاضي القُضاة ابن إمام الإسلام أبي محمد النّاصحيّ، أفضل عصره في أصحاب أبي حنيفة، وأعرفهم بالمذهب، وأوجههم في المناظرة، مع حظٍّ وافر من الأدب، وحِفْظ الأشْعَار والطّبّ، أُقْعِد في التَّدريس في حياة والده في مدرسة السّلطان، وفوِّض إليه أمرها وأمور أوقافها، وهي الآن برسم أولاده، ثم ولي القضاة بنَيْسابور في أيّام السّلطان ألْب أرسلان، فبقي في القضاة عَشْر سِنين، ونال من الحشْمة والدّرجة لأصلِه وفضلِه وبراعتِه، وكان فقيه النَّفْس، حسَن الإيراد تكلَّم في مسائل مع إمام الحرمين أبي المعاليّ، شاهدتُ ذلك، وكان الإمام يُثني عليه. وبقي على ذلك إلى ابتداء الدّوله الملكشاهيّة، فشُكيَ قلّة تعاونه في قبض يده ووكلاء مجلسه وأصحابه عن الأموال، وفشا منهم زيادة البَسْط في التَّرِكات، وأشرف بعضُ الحقوق عَلَى الضَّيَاع من فتح أبواب الرّشا، فعُزِل ولم يُهمل لعَظَمته، فولي قضاء الرَّيّ، وكانت تلك الديار أكثر احتمالًا، فبقي على ذلك إلى أن تُوُفّي منصَرَفَه من الحجّ في رجب. قلت: وقد شاخ. روى عنه: عبد الوهّاب بن الأنماطي، وأبو بكر الزاغوني، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وجماعة. ومات على فراسخ من إصبهان في غُرّة رجب. 132- محمد بن عبد السّلام بن عليّ بن عفان2. أبو الوفاء البغداديّ الواعظ. مذكر حسَن الوعْظ، رضيّ السّيرة، له صِيت وقبول. سمع: أبا علي بن شاذان. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي وتوفي في جمادى الآخرة.

_ 1 في المنتخب "67". 2 المنتظم "9/ 59" رقم "97".

133- محمد بن عبد السّلام بن عليّ بن نظيف1. أبو سعْد البغداديّ، الضّرير. سمع: أبا طالب عمر الزهري، وأبا الحسين النهراوي، وعبد الملك بن بِشْران. روى عنه: عبد الوهّاب الأنماطيّ، وعبد الخالق بن عبد الصّمد. تُوُفّي -رحمه الله- في ذي القعدة. 134- محمد بن معْن بن محمد بن أحمد بن صُمادح2. السّلطان أبو يحيى التُّجَيبيّ الأندلسيّ، الملَقَّب بالمعتصم. كان جدّه محمد صاحب مدينة وَشْقة3، فحاربه ابن عمه منذر بن يحيى، فعجز عنه: فترك له شقة وهرب، وكان من الدهاة، وكان ابنه معن مصاهرا لعبد العزيز بن عامر صاحب بَلَنْسِية والمَرِيّة، فاستخلف معنا على المرية، فخانه وتملكها، وتم له الأمر، ثم انتقل ملكها إلى ولدها المعتصم، وكان حليما جوادا، مدحه الشعراء، وهو أحد من داخل ابن تاشفين واختص به، ثم إن ابن تاشفين عزم على أخذ البلاد من المعتصم، وكان معه المرية وبجانة والصمادحية، فأظهر المعتصم العصيان، وكان له مع الله سريرة، فلم يكن بينه وبين حلول الناقرة إلا أياما يسيرة، فمات واستراح وهو في عزه وبلده. وقد روى عن أبيه، عن جده مختصر في "غريب القرآن" روى عنه: إبراهيم بن أسود الغسّانيّ. حكت جارية قالت: إنّني لَعِنْده وهو يُوصي، وقد غُلِب، وجيشُ ابن تاشَفين بحيث تعد خيامهم، ونسمع أصواتهم، إذا سَمَعَ وجَبَة من وجَبَاتهم، فقال: لا إله إلّا الله، نُغِّص علينا كلّ شيء حتى الموت. فدمعت عينيّ، فلا أنساه وهو يقول بصوتٍ ضعيف:

_ 1 المنتظم "9/ 60" رقم "98". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 592-494 رقم 313". 3 وشقة: بليدة بالأندلس "معجم البلدان".

ترفَّقْ بدمْعِكَ لا تُفْنِهِ فبين يديك بكاءٌ طويلُ1 تُوُفّي فِي ربيع الآخر. "حرف الياء": 135- يَحْيَى بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد2. أبو بكر الغَافقيّ القُرْطُبيّ المعروف بالرُّشْتسانيّ. حجّ وأخذ عن: أبي محمد بن الوليد. وسمع بإشبيليّة من: أبي عبد الله بن منظور؛ وكتب للقاضي أبى عبد الله بن بقى. وكان ثقة فاضلا. أخذ عنه: أبو الحسن بن مغيث. وتوفي في ذي القعدة. وفيات سنة خمس وثمانين وأربعمائة: "حرف الألف": 136- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله3: أبو الحسن المَحْميّ النَّيْسابوريّ. 137- أحمد بن محمد. أبو غالب الأَدَميّ القارئ بين يديّ الوعّاظ. سمع: أبا عليّ بن شاذان، وأبا القاسم الحرفي. وعنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي. مات في ذي الحجة ببغداد.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 594". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 670" رقم "1477". 3 المنتخب من السياق "109" رقم 240.

"حرف التّاء": 138- تميم بن عبد الواحد. أبو طاهر الأصبهاني المؤدّب. "حرف الجيم": 139- جعفر بن يحيى بن إبراهيم1. أبو الفضل التّميميّ المكّيّ الحكاك. قال السمعاني: كان ثقة، متقنًا خيرًا صالحًا، كثير السّماع، كان يترسَّل عن أمير مكّة إلى الخلفاء. سمع: أبا الحسن بن صخْر، وأبا ذَرّ الهَرَويّ، وأبا نصر السَّجْزيّ. وانتقى ببغداد على أبي الحسن بن النَّقُّور، وتكلّم على التَّخريج بكلام مفيد، سمع من أئمّة، وثنا عنه، أبو القاسم بن السمرقندي، وإسماعيل بن محمد الحافظ، ومحمد بن ناصر. وقد سمع بإصبهان من أصحاب أبي بكر المقرئ. وكان مولده في سنة ست عشرة وأربعمائة. سألت عبد الوهّاب الأنْماطيّ عنه، فقال: ثقة مأمون. وتُوُفّي في رابع عشر صَفَر. أمير مكّة هو ابن أبي هشام، كان جعفر يتولّى ما يُدفع إليه مِن المال، فيقبضه مع كِسْوة الكعبة2. "حرف الحاء": 140- الحسن بن الحسين بن جعفر3. أبو عليّ بن الدّيناراباذيّ الخطيب.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 131، 132" رقم 69، والبداية والنهاية "12/ 140". 2 المنتظم "9/ 64 "16/ 302". 3 معجم البلدان "2/ 545".

حدَّث بهَمَذَان مرّات عن: القاضي أَبِي مُحَمَّد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْميّ اللّبّان، وعبد الصّمد بن أحمد الهَيْثَميّ، وأحمد بن منصور الحنفيّ. قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه، وكان شيخًا، فاضلًا متديِّنًا. تُوُفّي في شعبان بدينارآباذ. 141- الحسن بن عليّ بن إسحاق بن العبّاس1. الوزير أبو عليّ الطُّوسيّ، الملقَّب نظام المُلْك قِوام الدّين. ذكره السّمعانيّ فقال: كعبة المجد، ومنبع الْجُود، كان مجلسه عامرًا بالقُرَّاء والفُقَهاء، أَمَر ببناء المدارس في الأمصار، ورغَّب في العِلم كلَّ أحد. سمع الحديث، وأملى في البلاد، وحضَر مجلسَه الحفّاظ. وابتداء حالهِ أنّه كان من أولاد الدّهّاقين بناحية بَيْهَق وأنّ أباه كان يطوف به على المرضِعات فيُرضعنه حسْبة، فنشأ، وساقه التّقدير إلى أنْ علِق بشيء من العربيّة وقاده ذلك إلى الشُّروع في رسوم الاستيفاء، وكان يطُوف في مُدُن خُراسان فوقع إلى غَزْنَة في صُحْبة بعض المتصرّفين ووقع في شُغل أبي عليّ بن شاذان المعتَمَد عليه ببلْخ من جهة الأمير جغري حتّى حسُن حالُه عند ابن شاذان إلى أن توفي. وكان أوصى به إلى السّلطان ألْب أرسلان ملك بَلْخ يومئذٍ، فنَصبه السّلطان مكان ابن شاذان وصار وزيرًا له، فاتّفق وفاة السّلطان طُغْرُلُبَك ولم يكن له من الأولاد من يقوم بالأمر، فتوجّه الأمر إلى ألْب أرسلان، وتعيَّن للمُلْك، وخُطِب له على منابر خُراسان، والعراق، وكان نظام المُلْك يُدبِّر أمره، فجرى على يده من الرُّسوم المستحسَنة ونفْي الظُّلْم، وإسقاط المُؤَن، وحُسْن النَّظر في أمور الرَّعيّة، ورتَّب أمور الدّواوين أحسن ترتيب، وأخذ في بذْل الصِّلات وبناء المدارس والمساجد والرّباطات، إلى أن انقضت مدّة السّلطان ألْب أرسلان في سنة خمسٍ وستّين، وطلع نجم الدولة المِلكْشاهيّة وظهرت كفاية نظام المُلْك في دفْع الخُصُوم حتّى توطّدت أسباب الدّولة، فصار المُلْك حقيقةً لنظامه، ورسْمًا للسّلطان ملكشاه بن ألْب أرسلان، واستمرّ على ذلك عشرين سنة. وكان صاحب أناةٍ وحلْم وصمْت، ارتفع أمره، وصار سيّد الوزراء من سنة خمسٍ وخمسين وإلى حين وفاته.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 94-96" رقم 53، والبداية والنهاية "12/ 140، 141".

حكى القاضي أبو العلاء الغَزْنَويّ في كتاب "سرّ السُّرور": أنّ نظام المُلْك صادف في السَّفَر رجلًا في زِيّ العلماء، قد مسّه الكلال، فقال له: أيّها الشّيخ، أعييت أمْ عييت؟ فقال: أعييت يا مولانا. فتقدَّم من حاجبه أن يركبه جنْبيًّا، وأن يُصلح من شأنه، واخذ في اصطناعه، وأنّما أراد بسؤاله اختباره، فإن عيي في اللّسان، وأعيى: تعِب. ورُوِيَ عن عبد الله السّاوجيّ أنّ نظام المُلْك استأذن ملكشاه في الحجّ، فأذِن له، وهو إذ ذاك ببغداد، فعبر الجسر، وهو بتلك الآلات والأقمشة والخيام، فأردتُ الدّخول عليه، فإذا فقيرٌ تلوح عليه سيماء القوم فقال لي: يا شيخ، أمانة ترفعها إلى الوزير، قلت: نعم: فأعطاني ورقةً، فدخلتُ بها، ولم أفتحها فوضعتها بين يدي الصّاحب، فنظر فيها وبكي بكاءً كثيرًا، حتّى ندمتُ وقلت في نفسي: ليتني نظرتُ فيها. فقال لي: أَدْخِلْ عليَّ صاحبَ الرُّقْعة. فخرجت فلم أجده، وطلبته فلم أره، فأخبرتُ الوزير، فدَفَعَ إليَّ الرُّقْعَة، فإذا فيها: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام فقال لي: اذهب إلى حَسَن، وقُلْ له: اين تذهب إلى مكّة؟ حجُّك هنا: أما قلتُ لك أقِم بين يدي هذا التُّرْكيّ، وأغث أصحاب الحوائج من أمتي? فبطل النظام الحج، وكان يودّ أن يرى ذلك الفقير. قال: فرأيته يتوضّأ ويغسل خُرَيْقات، فقلت: إنّ الصّاحب يطلبك. فقال: ما لي وله: إنما كان عندي أمانةٌ أدّيتها. قال ابن الصّلاح: كان السّاوجيُّ هذا شيخَ الشّيوخ، نَفَقَ على النّظام حتّى أنفق عليه وعلى الفقراء باقتراحه في مدةٍ يسيرةٍ قريبًا من ثمانين ألف دينار1. رجعْنا إلى تمام التّرجمة: وكان ملكشاه منهمكًا في الصَّيد واللهو. سمع النّظام من أبي مسلم محمد بن عليّ بن مهريز الأديب، بإصبهان، ومن: أبي القاسم القُشَيْريّ، وأبي حامد الأزهريّ، وهذه الطّبقة. روى لنا عنه: عمّي أبو محمد الحسن بن منصور السّمعانيّ، ومُصْعَب بن عبد الرزاق

_ 1 المنتظم "16/ 303".

المُصْعَبيّ، وعليّ بن طراد الزَّيْنبيّ. قلت: ونصر بن نصر العُكْبَريّ، وغيرهم. قال: وكان أكثر مَيْله إلى الصُّوفيّة. وحُكي عن بعض المعتَمدين، قال: حاسبتُ نفسي، وطالعت الجرايد، فبلغ ما قضاه الصَّدْر من ديوانٍ واحدٍ من المنتمسين المقبولين عنده في مدّة سنين يسيرةٍ ثمانين ألف دينار حُمْر1. وقيل: إنّه كان يدخل عليه أبو القاسم القُشَيّريّ، وأبو المعالي الْجُوَيْنيّ، فيقوم لهما، ويجلس في مُسْنَده كما هو، ويدخل عليه الشّيخ أبو عليّ الفارْمَذيّ فيقوم ويجلس بين يديه، ويُجْلِسه مكانه، فقيل له في ذلك، فقال: أبو القاسم وأبو المعالي وغيرهما، إذا دخلوا عليَّ يُثّنُون عليَّ ويُطْروني بما ليس فيّ، فيزيدني كلامُهم عُجْبًا وتِيهًا، وهذا الشّيخ يذكّرني عيوبَ نفسي، وما أنا فيه من الظُّلم، فتنكسر نفسي، وأرجع عن كثير ممّا أنا فيه. مولده يوم الجمعة من ذي القعدة سنة ثمانٍ وأربعين، وأدْرَكَته الشّهادة -سامحه الله ورحمه- في شهر رمضان، فقُتِل غِيلةً وهو صائم، وذلك بين إصبهان وهمذان، أتاه شابٌ في زِيّ صوفيّ، فناوله ورقةً، فتناولها منه، فضربه بسكينٍ في فؤاده، وقُتِل قاتلُه2. وقيل: إنّ السّلطان سئم منه، واستكثر ما بيده من الأموال والأقطاع، فدسّ هذا عليه، ولم يبق بعده السّلطان إلّا مدّةً يسيرة. وهو أوّل مَن بنى المدارس في الإسلام، بنى نِظاميّة بغداد، ونِظاميّة نَيْسابور، ونِظاميّة طُوس، ونِظاميّة إصبهان. وقال القاضي ابن خلِّكان: إنّ نظام المُلْك دخل على الإمام المقتدي بالله، فأذِن له في الجلوس، وقال له: يا حسن، رضِي الله عنك كرِضَى أمير المؤمنين عنك. وكان النّظام إذا سمع الآذان أمسك عمّا هو فيه حتّى يَفّرَغ المؤذن3.

_ 1 المنتظم "16/ 303". 2 زبدة التواريخ "139، 140". 3 المنتظم "16/ 304".

ومن شِعره: بعد الثّمانين ليس قُوَّه ... قد ذهبت شِرّةُ الصُّبْوة كأنّني والعصا بكفّي ... موسى ولكنْ بلا نُبُوّه قال شيروَيْه في "تاريخ هَمَذَان": قدِم نظام المُلْك علينا في سنة سبعٍ وسبعين إرغامًا لأنُوفنا بما أصابنا من الجور والظُّلم. روى عن: أبي مسلم الأديب صاحب ابن المقرئ، وأبي سهل الحفْصيّ، وإسماعيل بن حمدون، وبُنْدَار بن عليّ، وأحمد بن الحسن الأزهريّ، وأميرك القَزْوينيّ، ويوسف الخطيب، وقاضينا عبد الكريم بن أحمد الطَّبَريّ. وسمعتُ منه بقراءة أبي الفضل القومساني. وقتل بغندجان1 ليلة الجمعة حادي عشر رمضان. وقال السِّلَفيّ: سمعتُ صوابَ بن عبد الله الخَصِيّ ببغداد يقول: قُتِل مولاي نظام المُلْك شهيدًا بقُرب نهاوند في رمضان. قال: وكان آخر كلامه أنّ قال: لا تقتلوا قاتلي، فقد عفوت عنه: وتشهَّد ومات. وقد طوَّل ابن النّجّار في سيرة النّظام2. 142- حَنْدور بن فتّوح بن حُمَيْد. أبو محمد الزّناتيّ، الفقيه المالكيّ الأصيليّ. أصله من أصيلا. نزل سَبْته، وأخذ عن: أبي إسحاق بن يربوع، ويوسف بن أبي مسلم. وسافر للتّجارة إلى الأندلس. انفرد برئاسة الفُتْيَا بِسَبْته في دولة برغوطة، وكان صالحًا خيِّرًا، والخير أغلب عليه من العلم.

_ 1 في الأصل: بغنديجان والتصحيح من: معجم البلدان "4/ 216". 2 المنتظم "16/ 306".

"حرف الخاء": 143- خلف بن مروان1. أبو القاسم الأموي القرطبي المقرئ. أخذ عن: مكّيّ بن أبي طالب، ومسلم بن أحمد الأديب. وحجّ، ولقي: أبا محمد بن الوليد. وكان صالحًا، متواضعًا، ديِّنًا، ورِعًا، نحْويًّا، لُغويًّا، يؤمّ بجامع قُرْطُبة ويُقرئ القرآن، ويعلِّم النَّحْو. قال ابن بَشْكُوال2: أنبا عنه جماعة من شيوخنا، ووصفوه بما ذكرته. ولد سنة سبعٍ وأربعمائة. وتُوُفّي في سابع ذي الحجة. "حرف العين": 144- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أبي أحمد3. أبو أحمد الطُّوسيّ الصُّوفيّ. شيخ جليل طيّب الوقت. فتى من الفتيان. خدم الفُقَراء، ولقي الأستاذ: أبا عليّ الدّقّاق في صِباه. وسمع: أبا بكر الحِيريّ، وغيره. روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ، وقال: تُوُفّي رحمه الله في عاشر ذي القعدة. 145- عبد الباقي بن الحسن بن علي الشاموخي4.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 171، 172" رقم 391، وفيه: "خلف بن رزق". 2 في الصلة "1/ 172". 3 المنتخب من السياق "284" رقم 935. 4 الأنساب "7/ 264"، وكنيته "أبو محمد".

الزّاهد، خطيب البصرة. روى عن: أبيه. روى عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة، وقال: كان مشهورّا بزهدٍ وخيرٍ وأمرٍ بمعروف، وكان العامّةُ حزبه، قدم بغداد، فأدركه أجله بها، وكانت جنازته، حفلة. لقد تجمعت الصوفية وجماعة من الأئمة، وختم على قبره عدة ختم. توفي في ربيع الآخر سنة خمس. 146- عبد الباقي بن محمد بن الحسين بن داود بن ناقيا1. أبو القاسم الحريمي2 البغدادي الشاعر. شاعر مجود، صنف عدة كتب منها: "تفسير الفصيح" لثعلب، و"الأغاني" وغير ذلك، إلا أنّه كان معثَّرًا ثلّابة، يطعن على الشّريعة3، ويذهب إلى رأي الأوائل، وله مقالة في التّعطيل، لعنه الله. وكان كثير المُجُون والهزْل، سمع أبا القاسم الحرفيّ. ترجمه السّمعانيّ، وقال: رُوي لنا عنه: ثنا عنه: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو الفضل بن ناصر. وسألت عبد الوهّاب عنه: فقال: ما كان يُصلّي، وكان يقول: في السّماء نهرٌ من خمر، ونهرٌ من لبن، ونهرٌ من عسل، لا ينقط منه شيء، بل ينقط هذا الّذي يخرّب البيوت، ويهدم السقوف. مات في المحرَّم وله خمسٌ وسبعون سنة، اللهم لا ترحم الزّنادقة. 147- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن أحمد بن إبراهيم بن الفضل بن شجاع بن هاشم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُديل بن وَرْقَاء بن نَوْفَل4. أبو محمد الخزاعي النيسابوري الشيعي.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 141". 2 نسبة إلى الحريم الطاهري محلة كبيرة ببغداد بالجانب الغربي منها "الأنساب 4/ 125". 3 الكامل في التاريخ "10/ 218". 4 التحبير "1/ 327، 2/ 328".

نزيل الرَّيّ. محدِّث حافظ رحّال، كثير الفضائل، لكنّه غالٍ في التَّشيُّع. سمع ببغداد: هَنَاد بن إبراهيم النَّسَفيّ، وابن المهتدي بالله، وأبا الحسين بن النَّقُّور. ورحل إلى الشّام، والحجاز، وخراسان. قال ابن السمعاني: ثنا عنه: أبو البركات عمر بن إبراهيم الزَّيْديّ، وأبو حرب المجتبي ابن الدّاعي بن الحَسَنيّ، وأحمد بن عبد الوهّاب الصَّيْرَفيّ كلاهما بالرَّيّ. طالعتُ عدّة مجالس من أماليه بالرَّيّ، فرأيت فيها مجلسًا أملاه في إسلام أبي طالب، غير أنّه كان مكثِرًا من كَتْب الحديث، وله به أَنَسَة1. وتُوُفّي سنة خمس2. وقد قال ابن أبي طيئ: كان عبد الرحمن الخُزَاعيّ من أعلم النّاس بالحديث، وأبصرهم به وبرجاله، ثنا شيخنا رشيد الدّين، عن أبيه قال: حضرت مجلس الإمام الخُزَاعيّ، فكان في مجلسه أكثر من ثلاثة آلاف محبرة3 مُسْتَمْلي. وكان إذا قيل له في الحديث: هل جاء في "الصّحيحين"؟ قال: ذَرُوني من المكسورَيْن، والله لو حوققنا، وأنصف النَّاس فيهما لما سلم لهما إلا القليل؟ قال: وما سئل عن حديثٍ إلّا وعرف علّته وصحّته من سَقَمِه، وكان يقول: أُذاكِرُ بمائة ألف حديث، وأحفظ مائة ألف حديث. وكان يقول: لو أنّ لي سلطانًا يشدّ على يدي، لأسقطت خمسين ألف حديث يُعمل بها، ليس لها صحة ولا أصل. قلت: عين ما مدحه به ابن أبي طيئ من هذه الفضائل هو عين ما ندمع به، فأنّ هذا كلام مَن في قلبه غِلٌ على الإسلام وأهله، لا بارَكَ الله فيه. 148- عبد الرحمن بن أحمد بن شاه4.

_ 1 لسان الميزان "3/ 404"، وفيه: "وله به الشغف". 2 في لسان الميزان "3/ 405": "مات سنة خمس وأربعين وأربعمائة". 3 لسان الميزان "3/ 404، 405". 4 الأنساب "7/ 225".

الفقيه أبو أحمد السِّيقذَنْجيّ. نسبةً إلى قريةٍ على ثلاثة فراسخ من مَرْو. كان يُعرف بفقيه الشّاه. سمع: الإمام أبا بكر عبد الله بن أحمد القفّال، وعبد الرحمن بن أحمد الشِيرْنَخْشِيريّ1، وغيرهما. ذكره ابن السّمعانيّ في "الأنساب" وقال: ثنا عنه محمد بن أبي بكر السّنْجيّ، وأبو حنيفة محمد بن النُّعْمان، ومحمد بن أبي سعيد، وغيرهم. قال: تُوُفّي بعد سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة. 149- عبد الرحمن بْن إبراهيم بْن أَبِي نصر السّقّاء النَّيْسابوريّ. الصُّوفيّ، أبو نصر. له حال عجيب في السّماع. سمع عبد الرحمن النَّصّرويّ، وحدَّث. 150- عبد الرحمن بن محمد بن الحسن. أبو سَلْم الصّبّاغ الأصبهاني. تُوُفّي في رجب. 151- عبد الصّمد بن عبد الملك بن عليّ2. أبو سعْد النَّيْسابوريّ العدل الحنفيّ. مشهور، نبيل، ثقة، محترم. سمع: أبا بكر الحِيريّ، وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج، وأبا سعيد الصرفي. وحدَّث باليسير. قدِم بغداد ليحجّ فتُوفّي -رحمه الله- بها في شوال.

_ 1 نسبة إلى شيرنخشير، وهي قرية من قرى مرو "الأنساب: 7/ 463". 2 المنتخب من السياق "351 رقم 1162".

152- عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة المُرْسيّ. سمع من: أبيه، وأبي عَمْرو الدَّانيّ. وأجاز له أبو عبد الله بن عائذ، وغيره. مات في جُمَادى الآخرة. روى عنه: ولده أحمد. 153- عُرْوة بن أحمد بن محمد بن عُرْوة1. الحاكم أبو القاسم النَّيْسابوريّ الحنفيّ. من أركان مجلس الحكم. سمع الكثير، وحدَّث عن، أبي بكر الحِيريّ، وجماعة. وأكثر عن المتأخّرين. وتُوُفّي في رمضان. "حرف الفاء": 154- الفضل بن القاسم بن سعيد بن عثمان بن سعيد. أبو سعيد الهَرَويّ القطّان. روى عن: إسحاق بن يعقوب القرّاب، وأقرانه. وعاش اثنتين وسبعين سنة. "حرف الميم": 155- مُحَمَّد بْن الحُسَين بْن عبد الله بن فَنْجُوَيْه. أبو بكر الثّقفيّ الدِّينَوَريّ ثمّ الهَمَذَانيّ. روى عن: أبيه أبي عبد الله، وأبي عمر البسْطاميّ، وسعْد بن عبد الله القطّان. قال شيروَيْه: كتبتُ عنه. وكان شيخًا صُوَيْلحًا. عاش تسعين سنة.

_ 1 المنتخب من السياق "402 رقم 1367".

156- محمد بن خَلَف بن مسعود بن شعيب1. أبو عبد الله بن السّقّاط الأندلسيّ، قاضي قونكة. حج سنة خمس عشرة وأربعمائة، وسمع "الصّحيح" من أبي ذَرّ. وأخذ كتاب الْجَوْزَقيّ عن: أبي بكر بن عقال، عن المؤلف. وأخذ عن: أبي بكر المطَّوِّعيّ، ومحمد بن خميس. ونسخ بمكة "صحيح البخاريّ" قال ابن بَشْكُوال: كان سريع الكتابة، حَسَن الخطّ، ثقة فيما رواه وعُني به. وروى بالأندلس عن: أبي القاسم خَلَف بن أبي مسرور صاحب أبي محمد الباجيّ، عن المنذر بن المنذر، وأبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، وأبى عمرو الداني. وأخذ عن: أبي الحسن بن بطّال كتابه في "شرح البخاريّ". وولي القضاء بمدينته قُونْكَة. وكان مُحبَّبًا إلى أهلها، امْتُحِن في آخر عُمره، وذهبَ مالُه وكُتُبُه. وتُوُفّي بدانِية سنة خمسٍ وثمانين أو نحوها. وولد سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة. 157- محمد بن خَلَف بن سعيد بن وهْب2. الأندلسيّ، المَرِيّيّ، القاضي أبو عبد الله بن المرابط، قاضي المَرِيّة ومفتيها وعالمها. سمع: أبا القاسم المهلَّب بن أبي صُفْرة، وأبا الوليد بن مِيقُل. وأجاز له أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عَمْرو الدّانيّ. وصنَّف كتابًا كبيرًا في "شرح البخاريّ" ورحل إليه النّاس، وسمعوا منه. وكان من العالمين بمذهب مالك. قال القاضي عياض: أخذ عَنْهُ: شيخنا أَبُو عَبْد اللَّه بْن عيسى التّميميّ، وقاضي القُضاة أبو عليّ بن سُكَّرة، وأبو محمد بن أبي جعفر الفقيه، وغيرهم. توفي في شوال.

_ 1 معجم البلدان "4/ 415". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 66، 67 رقم 36".

158- محمد بن سعدوان بن عليّ بن بلال1. أبو عبد الله القَيْروانيّ الفقيه المالكيّ. سمع من: أبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الفقيه، ومحمد بن محمد بن النَّاطور، وحجّ، فسمع بمصر من أبي الحسن عليّ بن منير، وجماعة، ومن: أبي حِمِّصة الحرّانيّ، والطّفّال. وبمكة من: أبي ذَرّ الهَرَويّ، وأبي بكر محمد بن عليّ المطَّوُّعيّ، وأبي الحسن بن صخْر القاضي. وتفقّه على: أبي عبد الله، وأبي الحسن ابني الأجدابي، وأبي القاسم اللبيدي، وابن الناطور، وأبي عليّ الزّيّات الفقيه، وأحمد بن محمد القُرَشيّ. روى عنه: أبو عليّ الغسّانيّ، وأبو عليّ بن سُكَّرة الصَّدَفيّ، وأبو الحسن طاهر بن مُفَوَّز، وأبو بحر سُفْيان بن العاص، فَمَن بعدهم. وكان عالمًا بالأصول والفُروع، بارِعًا في المذهب. صنَّف كتاب " إكمال التّعليق " لأبي إسحاق التُّونسيّ على "المدوَّنة"2. وقال ابن بَشْكُوال3: أنبأ عنه، من شيخونا أبو بحر بن العاص، وأبو عليّ الصَّدِفيّ، وأبو الحسن بن مغيث، ومحمد بن عبد العزيز القاضي، وأبو محمد بن أبي جعفر، وأبي عامر بن حبيب. وتُوُفّي بأغْمات في جُمَادى الأولى، وحدَّث بقُرْطُبة، وبَلَنْسِيّة، والمَرِيّة. 159- محمد بن طاهر بن مَمَّان بن الحسن. أبو العلاء الهَمَذَانيّ النّجّار العابد، المعروف بابن الصّبّاغ. روى عن: ابن المحتسب، وأبي سعيد بن شَبَانَة، وعليّ بن إبراهيم بن حامد، وعلي بن شعيب، وأحمد بن زَنْجُوَيْه العمريّ، ومحمد بن عيسى، وأبي الفضل الهروي، وأبي بكر الأردستاني، وخلق كثير.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 602، 603 رقم 1322". 2 ترتيب المدارك "4/ 799". 3 في الصلة "2/ 603".

قال شيرويه: سمعت منه عامة ما مر له، وكان أحد العباد في الجبل، صوامًا قوَّامًا، لا يفتر عن عبادة الله باللّيل والنّهار، ثقة صدوقًا. تُوُفّي رضي الله عنه فِي ذي الحجَّة. 160- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن حامد1. الإمام أبو بكر الشّاشيّ، الفقيه الشّافعيّ، صاحب الطّريقة المشهورة2، تفقّه ببلده على الإمام أبي بكر السّنْجيّ، وكان من أنظر أهل زمانِه، ثمّ ارتحل إلى حضرة السّلطان بغَزْنَة، فأقبل الكلُّ عليه، وقيّدوه بالإحسان والتّبجيل، واستفاد علماؤهم منه، وتأهّل، ووُلِد له الأولاد، ثمّ في آخر أمره بعدما ظهرت له التّصانيف استدعاه نظام المُلْك إلى هَرَاة، وأشار عليهم بتسريحه، وكان يشقّ عليهم مفارقة تلك الحضرة، فما وجدوا بُدًّا من امتثال أمر الصّاحب، فجهّزوه مكرَّمًا بأولاده إلى هَرَاة، فدرَّس بها مدّة بالمدرسة النّظاميّة بهَرَاة3، ثمّ قصد نَيْسابور زائرًا. قال عبد الغافر الفارسيّ: قدِمَها في رمضان سنة إحدى وتسعين -كذا قال- ولم يتّفق لي الالتقاء به لغيبتي إلى غَزْنَة، وأكرم أهل نَيْسابور مورده، فسمعتُ غير واحدٍ من الفُقَهاء يقول: إنه لم يقع منهم الموقع الّذي كانوا يعتقدونه فيه، فلقد كان بعيد الصِّيت، عظيم الاسم بين الفقهاء، ولم تَجْرِ مناظرته على الدّرجة المشهورة به، وعاد إلى هَرَاة، وحدَّث عن منصور الكاغَديّ، عن الهيثم بن كلب، وأنبا عنه والدي. وكان مولده بالشاش سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة وتوفي في شوال سنة خمسٍ وتسعين وأربعمائة بهَرَاة، كذا قال عبد الغافر في وفاته، فيما قرأت بخطّ أبي عليّ البكْريّ. وقال غيره، فيما قرأت بخطّ الحافظ الضّياء، في جزء "وفيات على السّنين": سنة خمسٍ وثمانين، فيها مات السّلطان ملكشاه، والإمام أبو بكر محمد بن علي الشاش بهَرَاة في سادس شوّال، وهو ابن أربعٍ وتسعين سنة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 525، 526 رقم 266". 2 في الجدل. كما في "طبقات الشافعية للإسنوي 2/ 94". 3 المنتخب "66".

وفيها قُتِل نظام المُلْك، ودُفِن بإصبهان. نقلتُ ترجمته من "تاريخ" عبد الغافر. ثمْ نقلت من كلام أبي سعْد السّمعانيّ أنّ ولادته في سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة. قال: وتُوُفّي في شوّال سنة خمسٍ وثمانين، وزرتُ قبرَه بهَرَاة. روى لنا عنه: محمد بن محمد السّنْجيّ الخطيب، وأبو بكر محمد بن سليمان المَرْوَزيّان. 161- محمد بن عليّ بن أحمد بن مبارك الدّمشقيّ1. أبو عبد الله البزّاز. سمع: أبا عثمان الصّابونيّ، ومحمد بن عَوْف المُزَنيّ، وجماعة. روى عنه: جمال الإسلام أبو الحسن، وأبو المعالي محمد بن يحيى القُرَشيّ، والخضر بن عَبْدان. وعاش ستّين سنة. 162- محمد بن عيسى بن فَرَج2. أبو عبد الله التُّجَيْبيّ المَغَاميّ الطُّلَيْطُلِيّ المقرئ صاحب أبي عَمْرو الدّانيّ، روى عنه، وعن: مكّيّ بن أبي طالب، وأبي الربيع سليمان بن إبراهيم. قال ابن بَشْكُوال: كان عالمًا بوجوه القراءات، ضابطًا لها، متقِنًا لمعانيها، إمامًا ديِّنًا، أنبا عنه غير واحد من شيوخنا، ووصفوه بالتّجويد والمعرفة. وقال ابن سُكَّرة: أجاز لنا، وهو مشهور بالتّقدُّم والإمامة في الإقراء، وشدّة الأخذ على القُرّاء والالتزام للسَّمْت والهيبة معهم. ومن شيوخه مكّيّ، وأبو عمر الطَّلَمَنْكيّ. ومَغَام: حصنٌ بثغر طليطلة.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "23/ 66 رقم 98". 2 شذرات الذهب "3/ 376"، وفيه: "مزح".

ووُلِد في ربيع الأوّل سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة. وقد وصَفَ كُتُبَه. 163- محمد بن نصْر بن الحسن. أبو بكر الجميليّ البخاري الخطيب. قال السّمعانيّ: كان إمامًا فاضلًا ورِعًا، سديد السّيرة، خطب مدّة بجامع بُخَارى. وسمع من: منصور بن عبد الرحيم الكاغَديّ، والحسين بن الخضر النَّسَفيّ، وعبد العزيز بن أحمد الحَلْوائيّ، وجماعة. روى لنا عنه: عثمان بن عليّ البَيْكَنديّ. ولد في حدود سنة أربعمائة ومات في ثامن شوّال. 164- مالك بن أحمد بن عليّ بن إبراهيم1. أبو عبد الله بن الفرّاء البانْياسيّ الأصل، البغداديّ. كان يقول: سمّاني أبي مالكًا، وكنّاني بأبي عبد الله، وسمّتني أمّي عليًّا، وكنَّتني أبا الحسن، فأنا أُعرَف بهما. قال السّمعانيّ2: كان يسكن في غُرْفة بسوق الرَّيْحانيّين، شيخ صالح ثقة، متديِّن، مسِن، عُمّر حتّى أخذ عنه الطَّلَبة، وتكابّوا عليه. سمع: أبا الحسن بن الصَّلْت، وأبا الفتح بن أبي الفوارس، وأبا الحسن بن بِشْران، وابن الفضل القطّان. سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه، فقال: شيخ صالح مُسِن. وقال أبو محمد بن السَّمَرْقَنْديّ: كان مالك آخر مَن حدَّث عن ابن الصلت، وكان ثقة، سمعته يقول: ولدت سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة. وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة وقد روى عنه: كان شيخًا صالحًا مالكيًّا، وقعت النّار

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 526، 527 رقم 267". 2 في الأنساب "2/ 64".

ببغداد بقرب حُجرته، وقد زَمِن، فأُنزِل في قفةٍ إلى باب الحُجْرة، فوجد النّار عند الباب فتركه الّذي أنزله وفرّ، فاحتَرَق هو رحمه الله. قلت: روى عنه: أبو عامر محمد بن سعدون العَبْدريّ، وأبو الفضل بن ناصر السُّلاميّ، وأبو بكر بن الزّاغُونيّ، وأبو الحسن عليّ بن عبد الرحمن بن تاج القرّاء، وخلْق كثير. قال محمد السَّمَرْقَنْديّ: احترق سوق الرّيْحانيّين وسط النّهار في تاسع جُمَادى الآخرة وهلك فيه، جماعة منهم شيخنا مالك البانْياسيّ. قلت: آخر من روى عنه: أبو الفتح بن البطّيّ رحمهم الله. 165- مسعود بن عبد العزيز: أبو ثابت بن السّمّاك الرّازيّ الفقيه الحنفيّ. قدِم بغداد فتفقّه بها على أبي عبد الله الصَّيْمريّ، وأبي الحسن القُدوريّ، ثمّ على قاضي القُضاة أبي عبد الله. وبرع في المذهب والخلاف. وأفتى ودرّس، ونُفِّذ رسولًا من الدّيوان إلى صاحب غَزْنَة، فأدركه أجَلُه بخُراسان في شعبان. روى عن: ابن غَيْلان، والصَّيْمَريّ. سمع منه: إسماعيل بن محمد بن الفضل، وعبد الله بن السَّمَرْقَنْديّ. 166 - مَلِكْشَاه1. السّلطان جلال الدّولة أبو الفتح ابن السّلطان ألْب أرسلان محمد بن داود السُّلْجُوقيّ. أوصى إليه أبوه بالمُلْك، ووصّى به وزيره نظام الملك، وأوصى إليه يفرّق البلادَ على أولاده، وأن يكون مرجعهم إلى ملكشاه، وذلك في سنة خمسٍ وستّين، فخرج عليه عمّه صاحب كرْمان، فتواقعا وقعةً كبيرة بقُرب هَمَذَان، فانهزم عمّه، ثمّ أُتي به أسيرًا فقال: أمراؤك كاتبوني، وأحضر كُتُبَهم في خريطة، فناولها لنظام الملك ليقرأها،

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 54-58 رقم 34"، والبداية والنهاية "12/ 142، 143".

فرمى بها في مِنْقَل نارٍ بين يديه، فأحرقها، فسكنت قلوب الأمراء، وبذلوا الطّاعة. وكان ذلك سبب ثبات ملكه، وخنق عمَّه بوَتَر. وتمَّ له الأمر، وملك من الأقاليم ما لم يملك أحدٌ من السّلاطين، فكان في مملكته جميع بلاد ما وراء النّهر، وبلاد الهَيَاطِلَة، وباب الأبواب، وبلاد الرّوم، والجزيرة، والشّام. وملك من مدينة كَاشْغَر، وهي أقصى مدينة بالتُّرْك إلى بيت المقدس طولًا، ومن القُسْطَنْطِينيّة إلى بلاد الخَزَر وبحر الهند عرضًا. وكان من أحسن الملوك سيرة، ولذلك كان يُلقَّب بالسّلطان العادل، وكان منصورًا في حروبه، مُغْرى بالعمائر وحفْر الأنهار، وعمّر الأسوار والقناطر، وعمَّر جامعًا ببغداد، وهو جامع السّلطان، وأبطل المُكُوس والخفّارات في جميع بلاده، كذا نقل ابنُ خَلِّكان في "تاريخه"1 فالله أعلم. قال: وصنع بطريق مكّة مصانع للماء، غرِم عليها أموالًا كثيرة، وكان لهِجًا بالصَّيْد، حتّى قِيل: إنّه ضُبط ما اصطاده بيده، فكان عشرة آلاف وحش، فتصدَّق بعشرة آلاف دينار، وقال: إنّي خائف من الله تعالى لإزهاق الأرواح من غير مأكَلَةٍ. شيَّع مرّةً الحاجّ، فتعدَّى العُذَيْب2، وصاد في طريقه وحشًا كثيرًا، يعنى هو وجنده فبنى هناك منارةً، من حوافر حُمْر الوحْش وقرون الظِّباء؛ وهي باقية تعرف بمنارة القرون. وأما السبيل فأمِنَت في أيّامه أمرًا زائدًا، ورخصت الأسعار، وتزوج أمير المؤمنين المقتدي بالله بابنته، وكان السّفير بينهما الشّيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ، وكان زفافها إلى الخليفة سنة ثمانين وأربعمائة، وفي صبيحة دخول الخليفة بها عمل وليمةً هائلة لعسكر ملكشاه، كان فيها أربعون ألفًا منًّا سُكَّر، فأولدها جعفرًا3. ودخل ملكْشَاه بغداد مرَّتين، وكان ليس للخليفة معه سوى الاسم، وقدمها ثالثًا متمرِّضًا. وكان المقتدي قد جعَل ولده المستظهر بالله وليَّ العهد، فألزم ملكشاه الخليفة أن

_ 1 وفيات الأعيان "5/ 284". 2 العذيب: هو ماء بين القادسية والمغيثة "معجم البلدان 4/ 92". 3 الكامل في التاريخ "10/ 160، 161"، وفيات الأعيان "5/ 288".

يعزله، ويجعل ابن ابنته، جعفرًا وليّ العهد، وكان طفلًا؛ وأن يسلّم بغداد إلى السّلطان ويخرج إلى البصرة، فشقَّ ذلك على الخليفة، وبالغ في استنزال السّلطان ملكشاه عن الرّأي، فأبى فاستمهله عشرة أيّام ليتجهَّز، فقيل إنّه جعل يصوم ويطوي، فإذا أفطر جلس على الرَّماد يدعو على ملكشاه، فقوي به مرضه، ومات في شوّال. وكان نظام المُلْك قد مات من أكثر من شهر، فقيل: إنّ ملكشاه سُمّ في خلالٍ تخلّل به فهلك، ولم تشهده الدّولة، ولا عُمِل عزاؤه، وحُمِل في تابوت إلى إصبهان، فدُفِن فيها في مدرسةٍ عظيمة، ووقى الله شرَّه، وتزوّج المستظهر بالله بخاتون بنته الأخرى. 167- منصور بن أحمد بن محمد. أبو المظفّر البسْطاميّ، ثمّ البلْخيّ، الفقيه الحنفيّ، أحد الأعلام. كان ذا حشمةٍ وأموالٍ وجاهٍ وتقدُّم. سمع: أباه، وعبد الصّمد بن محمد العاصميّ، وأبا بكر محمد بن عبد الله بن زكريّا الْجَوْزَقيّ. كذا قال السّمعانيّ: إنّه سمع من الْجَوْزَقيّ، وهو وهْم. قال: وأبا عليّ بن شاذان، وأبا طاهر عبد الغفار المؤدّب، وأبا القاسم عبد الرحمن بن الطّبَيّز بدمشق، وأبا القاسم الزَّيْديّ بحَرَّان، ومصر، وحلب، وهَرَاة. روى عنه: السّمعانيّ محمد بن القاسم بن المظفّر الشّهْرُزُوريّ، وعمر بن عليّ المحموديّ قاضي بلْخ. وتُوُفّي ببلْخ في رمضان. "حرف الهاء": 168- هبة الله بن عبد الوارث بن عليّ1. أبو القاسم الشّيرازيّ، الثقة الحافظ الجوال.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 17-19 رقم 11"، والبداية والنهاية "12/ 144".

سمع بخُراسان، والعراق، والجبال، وفارس، وخُورستان، والحجاز، واليمن، ومصر، والشّام، والجزيرة. وحدَّث عن: أبي بكر محمد بن الحسن بن اللَّيْث الشّيرازيّ، وأحمد بن عبد الباقي بن طَوْق، وعبد الباقي بن فارس المقرئ، وعبد الجبّار بن عبد العزيز بن قيس الشّيرازيّ، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصّمد بْن المأمون، وعبد الرّزّاق بن شمة، واحمد بن الفضل الباطِرقانيّ1، وخلْق كثير. وصنَّف "تاريخ شيراز" قال السمعانيّ: كان ثقةً صالحًا ديِّنًا خيِّرًا، حَسَن السّيرة. كثير العبادة، مشتغلًا بنفسه. خرَّج التّخاريج، واستفاد وأفاد، وسمع جماعةً من الطلبة ببركته وقراءته، وانتفعوا بصُحْبته. وورد بغداد سنة سبعٍ وخمسين. روى لنا عنه: أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب، وعمر بن أحمد الصّفّار، وأحمد بن ياسر المقرئ، وأبو نصر محمد بن محمد بن يوسف الباشانيّ، وأبو القاسم إسماعيل الحافظ، وأبو بكر اللَّفْتُوانيّ، وغيرهم. وسكن في آخر عمره مَرْو، وتُوُفّي بها. وقال ابن عساكر2: روى عنه نصر المقدسيّ، وغيْث بن عليّ. وثنا عنه: هبة الله بن طاوس، وأَبُو نصر اليُونَارتيّ، فحدَّثنا عنه ابن طاوس: ثنا أبو زُرْعة أحمد بن يحيى الخطيب بشيراز إملاءً، أنا الحسن بن سعيد المطَّوِّعيّ، ثنا أبو مسلم الكجّيّ، فذكر حديثًا. وقال عبد الغافر في "تاريخه"3: هو شيخ عفيف، فاضل، طاف البلاد، وسمع الكثير، وخطّه مشهور معروف، كان كثير الفوائد. وقال محمد بن محمد الفاشانيّ: كنتُ إذا مضيت إلى أبي القاسم هبة الله، وكان قد نزل برباط يعقوب الصُّوفيّ بظاهر مرو، وأخذ بيدي وأخرجني إلى الصحراء

_ 1 نسبة إلى باطرقان، وهي إحدى قرى أصبهان "الأنساب 2/ 40". 2 في تاريخ دمشق "45/ 481". 3 في المنتخب "477".

وقال: اقرأ ما تريد، فالصُّوفيّة يتبرَّمون بمن يشتغل بالعلم والحديث، ويقولون: هم يشوّشون علينا أوقاتَنَا. وقال عمر أبو الفتيان الرُّؤاسيّ: إنّ هبة الله مات بمَرْو في شهور سنة ستٍّ وثمانين. وقال أبو نصر اليُونَارتيّ: تُوُفّي هبة الله بمرْو بالبُطْن في رمضان سنة خمسٍ وثمانين. وقال محمد بن محمد الفاشانيّ: احتاج هبة الله ليلةَ مات إلى القيام سبعين كرّةً، أقل أو أكثر، وفي كلّ نوبةٍ يغتسل في النّهر، إلى أنْ تُوُفّي على الطّهارة1، رحمه الله. وقال المؤتمن السّاجيّ: بذلَ نفسَه في طلب الحديث جدًّا، وسألني فخرجت جزءين في صلاة الضُّحى، ففرح بهما شديدًا. وفيات سنة ست وثمانين وأربعمائة: "حرف الألف": 169- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد2. أبو الحسين التّغلبيّ الأرتاحيّ. تُوُفّي بدمشق. روى عن: أبي الحسن الحِنّائيّ. روى عنه: ابن صابر شيئًا 170- أحمد بن عليّ بن قُدامة. القاضي أبو المعالي الحنفيّ، من بني حنيفة، البغداديّ، الكرْخيّ، الشّيعيّ، من أجلاد الرّافضة وعلمائهم وصلحائهم، له خبرة بالكلام والجدل والفقه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 19". 2 تاريخ دمشق "أحمد بن عتبة -أحمد بن محمد بن المؤمل" "19 رقم 13".

قرأ على: الشريف المرتَضَى، وعلى أخيه الشّريف الرّضيّ. روى عنه: الحسن بن محمد الأسْتِراباذيّ الفقيه، وأحمد بن محمد العُطَارديّ الكرْخيّ. ذكره ابن السّمعانيّ في "الذَّيل". وتُوُفّي فِي شوال. 171- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن إبراهيم: الخبّاز الأصبهاني المؤدب. مات في المحرَّم. عبدٌ صالحٌ، خيّر. سمع من: أبي منصور بن معمَّر، وأبي الحسن الْجُرْجَانيّ. 172- أحمد بن محمد بن أبي العبّاس1. اللّبّاد. قُتِل في آخر شعبان. 173- إبراهيم بن محمد2. أبو إسحاق البَجَليّ البُوشَنْجيّ3. سكن دمشق، وأمَّ بمسجد دار بِطّيخ، وكان يكتب المصاحف، ثمّ ولي إمامة الجامع مدّة. وسمع: أبا علي بن نصر التّميميّ، ورشأ بن نظيف، والأهوازيّ. روى عنه: أبو القاسم بن عَبْدان، وأبو القاسم بن جابر. تُوُفّي في المحرَّم، وكان ثقة صالحًا. مولده سنة 407.

_ 1 المنتظم "9/ 77 رقم 111". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "4/ 160 رقم 159". 3 البوشنجي: نسبة إلى بوشنج بليدة من نواحي هراة "معجم البلدان 1/ 508".

174- إسماعيل بن عليّ بن عبد الله1. الحاكم أبو الحسن النّاصحيّ الحنفيّ النَّيْسابوريّ. روى عن: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، والحاكم أبي الحسن بن السّقّاء، وأبي سعيد الصَّيْرَفيّ. وعنه: عبد الغافر، وقال: مات في جُمَادى الآخرة. "حرف الباء": 174- بلال بن الحسين السّقْلاطُونيّ. سمع: أبا القاسم بن بِشْران. وعنه: أبو الوفاء بن الحُصَيْن، وغيره. مات سنة 487. "حرف التّاء": 176- تاج المُلْك. الوزير. اسمه مَرْزُبان، يأتي2. "حرف الحاء": 177- الحسن بن عَنْبَس بن مسعود3. أبو محمد الرّافقيّ الشّيخ المعمّر الشّيعيّ، العارف بمذهب القوم. ذكر الكراجكيّ أنّه اجتمع به بالرَّافقة، ورأى له حلقةً عظيمة يقرءون عليه مذهب الإمامية، وكان بصيرًا بالأصول.

_ 1 المنتخب من السياق "144 رقم 329". 2 سيأتي برقم "201". 3 لسان الميزان "2/ 232 رقم 1018".

يذكر أنّه قرأ على الشّيخ المفيد، ولقي القاضي عبد الجبّار. مات وقد نيَّف على المائة. 178- الحسين بن عبد العزيز. أبو عبد الله النخاس البزّاز. بغداديّ، سمع: عبد الملك بن بِشْران. وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ. وسمع: ابن أبي الفوارس، وأبي الحسين بن بِشْران. 179- حَمْد بن أحمد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مهرة1. أبو الفضل الأصبهاني الحدّاد، أخو المقرئ أبي عليّ الحدّاد. قدِم بغداد حاجًّا سنة خمسٍ وثمانين، وحدَّث بكتاب "الحلية" لأبي نُعَيْم، عنه2. وسمع: أبا الحسن عليّ بن ميْلة، وعليّ بن عَبْدكُوَيْه، وأبا سعيد بن حَسْنَوَيْه، وأبا بكر بن أبي عليّ الذَّكّوانيّ، وعليّ بن أحمد بن محمد بن حسين، وجماعة. قال السّمعانيّ: كان إمامًا صحيح السّماع، محقّقًا، فاضلًا في الأخذ. ثنا عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، ومحمد بن البطّيّ، وغير واحد3. قلت: ورّخه بعض الأصبهانيين في هذا العام في جُمَادى الأولى. وقال السمعاني: ورد نعيه من إصبهان إلى بغداد في ذي الحجّة سنة ثمانٍ وثمانين. "حرف الخاء": 180- خلف بن أحمد بن داود.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 20، 21 رقم 13". 2 وحدث بمسند أبي داود الطيالسي "التقييد 255". 3 سير أعلام النبلاء "19/ 21".

أبو القاسم الصَّدَفيّ البَلَنْسيّ. سمع: أبا عمر بن عبد البر، وأبا الوليد الباجي. وتفقه في الشّعر. ومات في ذي الحجّة في حصار بَلَنْسِيَة. "حرف السّين": 181- سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان1. الحافظ أبو مسعود الأصبهاني المِلَنْجيّ. سمع الكثير، ورحل وتعب. قال السّمعانيّ، كانت له معرفة بالحديث، جمع الأبواب، وصنَّف التّصانيف، وخرَّج على الصّحيحين2. سمع: بإصبهان أبا عبد الله الجرجاني، وأبا بكر بن مردويه، وأبا سعد أحمد بن محمد الماليني، وأبا نُعَيْم الحافظ، وأبا سعيد النّقّاش، وابن جولة الأَبْهريّ، وجماعة كثيرة. وببغداد: أبا عليّ بن شاذان، وأبا بكر البَرْقانيّ، وأبا القاسم بن بِشْران، وأبا بكر بن هارون المنقّيّ، وأبا القاسم الحرفي، وطبقتهم. سمع منه: شيخه أبو نُعَيْم. وروى عنه: أبو بكر الخطيب مع تقدُّمه؛ وثنا عنه: إسماعيل بن محمد التَّيْميّ، وأحمد بن عمر الغازي، وهبة الله ابن طاوس، وخلْق ببلاد عديدة. وسألتُ أبا سعد البغداديّ عنه فقال: لا بأس به، ووصفه بالرحلة والجمع والكثة، وقد كنّا يومًا في مجلسه، وكان يُمْلي، فقام سائلٌ وطلب شيئًا، فقال سليمان: من شؤم السّائل أن يسأل أصحاب المحابر. وسألت إسماعيل الحافظ عنه، فقال: حافظ، وأبوه حافظ3.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 21-24 رقم 14"، والبداية والنهاية "12/ 145". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 23"، ولسان الميزان "3/ 76". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 1198"، وسير أعلام النبلاء "19/ 23".

وقال أبو عبد الله الدّقّاق في "رسالته": سليمان بن إبراهيم الحافظ له الرحلة والكثرة، وأبوه إبراهيم يُعْرف بالفَهْم والحِفْظ، وهما أصحاب أبي نُعَيْم، تُكلِّم في إتقان سليمان، والحفْظ: الإتقان، لا الكثرة. قال السّمعانيّ: وسألت أبا سعد البغداديْ عن سليمان نوبةً أخرى، فقال: شنَّع عليه اصحاب الحديث في جزءٍ ما كان له به سماع، وسكتّ أنا عنه. وقال يحيى بن مَنْدَهْ في "طبقات الأصبهانيين" في ترجمة سليمان: إلّا أنّه في سماعه كلام، سمعتُ من الثّقات أنّ له أخًا يسمى إسماعيل، وكان أكب منه، فحكّ اسمه وأثبت اسم نفسِهِ مكانه، وهو شيخٌ شَرِه لا يتورَّع، لحانٌ وَقَاح. وقال عبد الله بن السَّمَرْقَنْديّ: إنّ سليمان وُلِد في رمضان سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة. وقال غيره: تُوُفّي في ذي القعدة1. وممّن روى عنه: أبو جعفر محمد بن الحسن الصَّيْدَلانيّ، وأبو عليّ شرف بن عبد المطّلب الحسيني، ومحمد ابن طاهر الطُّوسيّ، ومحمد بن عبد الواحد المَغَازليّ، ومسعود بن الحسن الثّقفيّ، ورجاء بن حامد المَعْدانيّ. أَنْبَأَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ عَلَّانَ، وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَنَا أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو المنصور الْقَزَّازُ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو مَسْعُودٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ الْبَغْدَادِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ، نا زُهَيْرٌ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عن عمر بْنِ الْحَارِثِ خَتَنِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً، وَلَا شَيْئًا إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ، وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً"2. أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بن الحسن الأرموي: أخبرنا كَرِيمَةُ الْقُرَشِيَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّيْدَلَانِيِّ قَالَ: أنا سُلَيْمَانُ الْحَافِظُ، فَذَكَرَهُ. هَذَا حديثٌ عالٍ، وَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً، مِنْ حَيْثُ أَنَّ البخاري رواه عن إبراهيم بن

_ 1 قال المؤلف في "ميزان الاعتدال "2/ 195": بقي إلى سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وقال ابن السمعاني: وتوفي سنة نيف وثمانين وأربعمائة. الأنساب "11/ 474". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "2739"، وأحمد "4/ 279"، والنسائي "6/ 229".

الْحَارِثِ، وَأنَّ الْخَطِيبَ رَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ، وَعَاشَ الصَّيْدَلَانِيُّ هَذَا بَعْدَ الْخَطِيبِ مَائَةَ سَنَةٍ وَخَمْسِ سِنِينَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. "حرف العين": 182- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ محمد بن زِكْرِيّ1. أبو الفضل الدّقّاق الكاتب، بغداديّ مشهور. سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا الحسن الحمّاميّ. وعنه: إسماعيل بن محمد، وأبو سعْد البغداديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ وأبو بكر بن الزّاغُونيّ، ومحمد بن أحمد بن سوار. قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: كان صالحًا ديِّنًا، ثقة. وقال القاضي عياض: سألت أبا عليّ بن سُكَّرَة عن عبد الله بن زِكْريّ فقال: كان شيخًا عفيفًا، كنّا نقرأ عليه في داره. وقال غيره: ولد سنة أربعمائة في آخرها. وكانت وفاته في ذي القعدة. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْن عَبْد الرَّحْمَن: أَنَا عَبْد اللَّه بْن أحمد، أنا هبة بْنُ الْحَسَنِ الدَّقَّاقُ، أنا أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، كَمَا تَنْظُرُونَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يُغْلَبَ عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا فَلْيَفْعَلْ" 2. 183- عبد الله بن عمر بن مأمون. إمام أهل سجِسْتان، شيخ كبير القدْر. سمع: عليّ بن بشرى الليثي، وجماعة بسجستان.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 603، 604 رقم 302". 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "554"، وأبو داود "4729"، والترمذي "2675"، وأحمد "3/ 16، 17، 26، 27".

أكثر الحافظ أَبُو محمد الرّهاويّ، عن حفيده أبي عَرُوبة، عنه. مات في ذي الحجّة. 184- عبد الباقي بن أحمد البزار1. دمشقيّ. يروي عن: أبي الحسن بن السّمْسار. روى عنه: عبد الله، وعبد الرحمن ابنا صابر. 185- عبد الحميد بن محمد. الفقيه أبو محمد بن الصائغ القيرواني. سكن سوسة، وأدرك أبا بكر بن عبد الرحمن، وأبا عمران الفاسي، وتفقه بالعطار، وجماعة. وله تعليقة على "المدونة". وعليه تفقه المازري المهدوي، وأبو علي بن البربري، وجماعة. طلبه صاحب المَهْدَيّة تميم بن المُعِزّ بن باديس؛ ليكون مفتي البلد، فأقام عنده مدّة. وتُوُفّي في هذا العام. 186- عبد الحميد بن منصور بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله2. الأستاذ أبو محمد البَجَليّ، الجريريّ، العراقيّ، المقرئ المجوّد. شيخ القرّاء بسَمَرْقَنْد. تُوُفّي في ذي الحجّة بسَمَرْقَنْد. روى عن: الحسين بن عبد الواحد الشّيرازيّ. روى عنه: محمد بن عمر كاك البخاري.

_ 1 لسان الميزان "3/ 383 رقم 1535". 2 غاية النهاية "1/ 361 رقم 1545".

186- عبد الحميد. أبو محمد التُّونسيّ الزّاهد. تفقّه على: أبي عمران الفاسيّ، وأبي إسحاق التُّونسيّ. ومال إلى الزُّهد والتَّقشُّف، وسكن مالقة، واستقرّ أخيرًا بأغْمات، ودرس النّاسُ عليه الفقْه، ثمّ تركه لمّا رآهم نالوا به الخطط والعمالات، وقال: صرْنا بتعليمنا لهم كبائع السّلاح من اللّصوص. قال ابن بَشْكُوال: وكان ورِعًا متقلّلًا من الدّنيا، هاربًا عن أهلها. تُوُفّي بأغْمات رحمه الله. 188- عبد القادر بن عبد الكريم بن حسين1. أبو البركات الدّمشقيّ الخطيب. أصله من الأنبار. سمع: محمد بن عَوْف، وغيره. روى عنه: الخضر بن عبْدان، ونصر بن مقاتل. ووثّقه أبو محمد بن صابر. خطب بدمشق لبني العبّاس وللمصريّين. 189- عَبْد الواحد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أحمد2. الشّيخ القُدْوة، أبو الفَرَج الفقيه الحنبليّ، الواعظ الشّيرازيّ الأصل الحرّانيّ المولد. وكان يُعرف في بغداد بالمقدسيّ. سمع بدمشق من: أبي الحسن عليّ بن السّمْسار، ومن: عبد الرّزّاق بن الفضل الكَلاعيّ، وشيخ الإسلام أبي عثمان الصَّابونيّ. ورحل إلى بغداد، ولزِم القاضي أبا يَعْلَى، وتردَّد إليه سِنين عديدة، ونسخ واستنسخ تصانيف القاضي، وبرع في الفقه.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "15/ 167 رقم 158". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 51-53 رقم 32".

وسافر إلى الرَّحْبَة، ثمّ رجع إلى دمشق، وبَثَّ بها مذهب أحمد، وبأعمال بيت المقدس. وصنَّف التّصانيف في الفِقْه والأُصُول. قال أبو الحسن بن الفرّاء1: صحِب والدي، وسافر إلي الشّام وحصل له الأتباع والغلمان. قال: وكانت له كرامات ظاهرة، ووقعات مع الأشاعرة، وظهر عليهم بالحجّة في مجالس السّلاطين بالشّام. قال أبو الحسين: ويقال إنّه اجتمع بالخضر مرّتين، وكان يتكلّم على الخاطر، كما كان يتكلّم على الخاطر الزاهد ابن القَزْوينيّ، وكان تُتُش يعظّمه، لأنّه تمّ له معه مكاشفة، وكان ناصرًا لاعتقادنا، متجرِّدًا في نشره. وله تصانيف في الفقه والوعْظ والأُصُول. وأرَّخ وفاته ابن الأكْفَانيّ في يوم الأحد الثّامن والعشرين من ذي الحجّة بدمشق. قلت: وقبره مشهور بجباية باب الصَّغير، يُزار ويُقْصَد، ويُدعى عنده. وله ذُرّيّة فُضَلاء، وكان أبوه الشّيخ أبو عبد الله صوفيًّا من أهل شيراز، قدِم الشّام، وكان يعرف بالصافي. ذكر له ابن عساكر2 ترجمة لأبي الفَرَج فقال: سكن دمشق وكان صوفيًّا. سمع أبا الحسن بن السّمْسار، وأبا عثمان الصّابونيّ. وصنَّف جزءًا في قِدم الحروف، رأيته يدلُّ على تقصير كثير. 190- عَبْد الواحد بن علي بن مُحَمَّد بن فهد3. أبو القاسم بن العلّاف البغداديّ. قال السّمعانيّ: شيخ صالح صدوق مكثْر، انتشرت عنه الرواية، وكان خيرًا،

_ 1 في طبقات الحنابلة "2/ 248". 2 هكذا في الأصل: والصحيح أن يقال: ذكر ابن عساكر. 3 سير أعلام النبلاء "18/ 604، 605 رقم 321".

ثقة، مأمون، متواضعًا، سليمَ الجانب، على جادّة القدماء، وكانت بلاغاته في كُتُب النّاس، لأنّ كُتُبه ذهبت حريقًا ونَهْبًا. سمع: أبا الفتح بن أبي الفوارس، وأبا الفَرَج الغُوريّ، وهو آخر من حدَّث عنهما. وسمع: أبا الحسين بن بشْران. روى لنا عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو سعْد البغداديّ، وأبو القاسم إسماعيل الطلحي، وعبد الخالق ابن يوسف. وتُوُفّي في سادس عشر ذي القعدة. قلت: آخر من حدَّث عنه: أبو الفتح بن البطّيّ، وقع لي من عواليه. 191- عُبَيْد الله بن أبي العلاء صاعد بن محمد1. القاضي أبو محمد. تُوُفّي بنَيْسابور في خامس شعبان، وكان صالحًا زاهدًا. وُلِد سنة تسعٍ وأربعمائة. وسمع من: أبي بكر الحِيَريّ، وأبي سعيد الصَّيْرَفيّ، ووالده. وعنه: عبد الغافر. 192- عُبَيْد الله بن عبد العزيز بن البِراء بن محمد بن مُهاصِر2. أبو مروان القُرْطُبيّ. روى عن: إبراهيم بن محمد الإفْليليّ، وغيره. وكان من أهل اللُّغة والأدب، مَعْنيًّا بذلك، شُرُوطيًّا. روى عنه: أبو الحسن بن مغيث. 193- عُبَيْد الله بن محمد بن أدهم3.

_ 1 المنتخب من السياق "298 رقم 986". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 304 رقم 673". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 304 رقم 671".

أبو بكر القُرْطُبي قاضي الجماعة بقُرْطُبة. استقضاه المعتمد على الله في سنة ثمانٍ وستّين وأربعمائة، وكان من أهل الصّرامة والحقّ والعدْل، لا يخاف في الله لومةَ لائم، نزِهًا متعاونًا، تفقّه على أبي عمر بن القطّان، وسمع من: حاتم بن محمد، وغيره. ولم يزل على القضاء بقُرْطُبة عشرين سنة. وتُوُفّي في شعبان. وقد استكمل سبعين سنة. 194- عليّ بن أحمد بْن يوسف بْن جعفر بْن عَرَفَة بن المأمون بن المؤمّل بن الوليد بن القاسم بن الوليد بْن عُتْبَة بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ1. القُرَشيّ الأُمويّ أبو الحسن الهَكَّاريّ2. وقيل: سقط بين الوليد وبين القاسم خالد، وانّه الوليد بن خالد بن القاسم. قال السّمعانيّ3: شيخ الإسلام هذا تفرَّد بطاعة الله في الجبال، وابتنى أربطةً ومواضع يأوي إليها الفقراء والمنقطعون إلى الله، وكان كثير العبادة، حسن الزّهادة "صافي النّيّة، خالص الطّويّة، لطيفًا" مقبولًا وقُورًا. قدِم بغداد، ونزل برباط الزَّوْزَنيّ، ورحل وسمع بمصر: أبا عبد الله بن نظيف، وغيره. وبمكّة: أبا الحَسَن بن مَنْهر، وببغداد: أبا القاسم بن بشْران، وبالرّملة: أبا الحُسَين بن التُّرْجُمان، روى لنا عنه: يحيى بن عَطّاف الموصِليّ بمكّة، وعبد الرحمن بن الحسن الفارسيّ ببغداد، والحسن بن محمد بن أبي عليّ المقرئ، وجماعة سواهم. وقال عبد الغفّار الكرْجيّ: ما رأيت مثل شيخ الإسلام الهَكّاريّ زُهدًا وفضلًا4. وقال يحيى بن مَنْدَهْ: قدِم علينا أبو الحُسَين الهَكّاريّ إصبهان وكان صاحب صلاة وعبادة واجتهاد، مشهور معروف، أحد كبراء الصوفية.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 145"، ولسان الميزان "4/ 195 رقم 519". 2 نسبة إلى الهكارية بلدة وناحية عند جبل في الموصل "الأنساب 12/ 336". 3 في الأنساب "12/ 336". 4 سير أعلام النبلاء "19/ 68".

قال: ولدت سنة تسعٍ وأربعمائة. وقال ابن ناصر: توفي في أول المحرم بالهكارية، وهي جبال فوق الموصل. وقال ابن عساكر: لم يكن موثقا في روايته. قال ابن النجار: كان يسكن جبال الهكارية بقرية اسمها دارس. وقد ابتنى هناك أربطة ومواضع، سمع الحديث الكثير، وسافر في طلبه، وجمع كُتُبًا في السُّنّة والزّهد وفضائل الأعمال، وحدَّث بالكثير، وانتقى عليه محمد بن طاهر، وكان الغالب على حديثه الغرائب والمنكرات، وفي ذلك مُتُونٌ موضوعة مركَّبة، رأيت بخطّ بعض المحدِّثين أنّه كان يضع الحديث. روى عنه: يحيى بن البنّا، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ. وقيل: تكلَّم فيه ابن الخاضبة. 195- عليّ بن عبد الواحد بن عليّ بن صالح: أبو يَعْلَى الهاشميّ، قيّم مشهد باب أبرز. سمع: أبا الحسين بن بشْران، وابن الفضل القطّان. روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وغيره. ووُلِد سنة ثلاثٍ وأربعمائة. 196- عليّ بن محمد بن محمد بن يحيى بن شعيب بن حسن الشَّيْبانيّ1. أبو الحسن الأنباري ابن الأخضر، خطيب الأنبار. تفقّه ببغداد على مذهب أبي حنيفة. قال السّمعانيّ: كان ثقة، نبيلًا، صدوقًا، معمَّرًا، مُسْنِدًا، عُمّر حتّى صار يُقصد ويرحل إليه إلى الأنبار، وانتشرت عنه الرّواية في الآفاق. وقد قُطِعت يدُه في فتنة البساسيريّ. وكان يَقْدَم بغداد احيانًا. سمع: أبا أحمد الفرَضي، وأبا عُمَر بن مَهْدي، وأبا الْحَسَن بن بشران، وابن رزقويه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 605، 606 رقم 322"، والبداية والنهاية "12/ 145".

ثنا عنه: إسماعيل بن محمد، وأبو نصر الغازي، وأبو سعد بأصبهان؛ وهبة الله طاوس، ونصْر الله المصّيصيّ بدمشق، وجماعة يطول ذكرهم. وسألت إسماعيل الحافظ عنه فقال: ثقة. وقال ابن سكرة في مشيخته: كان شيخًا أبو الحسن أقطع اليد، حنفيّ المذهب، قال لي إنّه سأل وهو صبيّ في مجلس الشيخ. أبي حامد الإسفرائيني عن الوضوء من مَسِّ الذَّكَر. وقال لي: رأيتُ "يحيى"1 جدّ جدّي، وأنا اليوم جدُّ جدٍ. قال ابن سُكَّرَة: لم ألقَ مَن يحدث عن أبي أحمد الفرضي سواه، وإنما عنده عنه حديثان. قلت: وقعا لنا بعلو، قرأتهما على عبد الحافظ، عن أبن قُدَامة، عن ابن البطّيّ، عنه. قال ابن ناصر: مات في شوّال بالأنبار. وهو آخر من حدَّث عن الفَرَضيّ. قلتُ: وآخر من حدَّث عنه أبو الفتح بن البطّيّ. 197- عيسى بن سهل2. أبو الأصْبَغ الأسدي الجيَّانيّ المالكيّ، نزيل قُرْطُبة. تفقّه بابن عَتّاب القُرْطُبيّ، واختصّ به. وسمع من: حاتم الأَطْرابُلُسيّ، وبقُرْطُبة من: يحيى بن زكريّا، وبطُلَيْطُلَة من: ابن أسد القاضي، وابن رافعْ رأسَه. وله في الأحكام كتابٌ حَسَنٌ. قدِم سَبْتة، فنوّه باسمه صاحبها الأمير البَرَاغُوطيّ، فرأسَ بها. وأخذ عنه: القاضي أبو محمد بن منصور، والقاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد البصري.

_ 1 إضافة من "سير أعلام النبلاء "18/ 606". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 25، 26 رقم 15".

وسمع منه خالا القاضي عياض أبو محمد وأبو عبد الله ابنا الْجَوْزِيّ، وولي قضاء غَرْناطة وغيرها. كذا ترجمه القاضي عياض. وزاد ابن بَشْكُوال فقال1: روى عن مكّيّ القَيْسيّ، وأبي بكر بن الغرّاب، وابن الشّمّاخ. وتُوُفّي مصروفًا عن قضاء غَرْناطة في المحرَّم سنة ستٍّ، وله ثلاثٌ وسبعون سَنة، وكان من جِلّة الفُقَهاء الأئمّة. "حرف الميم": 198- محمد بن إسماعيل بن أحمد بن حَسْنَوَيْه2. أبو عبد الله النَّيْسابوريّ. سمع: الحِيريّ. 199- محمد بن عليّ بن حسن بن العَميش الحربيّ3. عن: أبي القاسم بن بشْران. وعنه: إسماعيل السَّمَرْقَنْديّ. 200- محمد بن المطهّر4. أبو سعْد البَحِيريّ النَّيْسابوريّ المزكيّ. سمع من: الطّرازيّ، وأبى نصر المفسر. 201- المرزبان بن خسرو بن دارست5. تاج الملك أبو الغنائم.

_ 1 في: الصلة "2/ 438". 2 المنتخب من السياق "70 رقم 151". 3 المشتبه في الرجال "2/ 474". 4 المنتخب من السياق "65 رقم 131". 5 سير أعلام النبلاء "19/ 100، 101 رقم 56" والبداية والنهاية "12/ 144".

كان يناوئ نظام الملك ويعاديه، فلما قتل نظام الملك عام أول استوزر ملكشاه هذا، ثم إن غلمان نظام الملك وثبوا علي هذا وقطعوه في المحرم، وله سبعٌ وأربعون سنة. ومن أخبار تاج الملك أنّه كان كاتبًا بسَرْهنك، فلمّا مات مخدومه قصده نظام المُلْك وقال: عندك بسَرْهنك ألف ألف دينار. فقال: إذا قيل عنّي هذا وقد خدمتُ أحد الأمراء، فكيف بمن خدم ثلاثين سنة سلطانَين؟ يعرِّض. ولكن أنا القائم بمال سَرْهنك. وحمل إليهم ألفي ألفي دينار، فتقدَّم عند السّلطان ملكشاه، وعوّل عليه، وقرُب منه، فتألَّم النّظام من قُربه، وكان يعظّم النّظام في الظّاهر، وينال منه باطنًا، فلمّا قُتِل النّظام، قرر تاج الملك وزيرًا، لكن فَجَأَ ملكشاه الموتُ، فوَزَرَ لابنه محمود، وجرَّدت أمّ محمود معه الجيش لمحاربة بَرْكَيارُوق، فانكسر عسكرها، وأُسِر تاج المُلْك وقُتِل في ثاني المحرم، وأراد بركياروق أن يستبقه، وعُرِفت مكانته وحشمته، فهجم عليه غلمان النّظام، ففتكوا به، وزعموا أنّه هو قتل مولاهم. وكان ينتسك ويُكْثِرُ الصَّوم. 202- المشطّب بن محمد بن أُسامة بن زيد1. أبو المظفّر الفَرَغانيّ التُّرْكيّ، الحنفيّ. تفقّه وبرع في المذهب والْجَدَل، وورد العراق في صُحبة نظام المُلْك وناظَرَ الأئمّة، وجَرَت له قصص، وكان بالأجناد أشبه منه بالعلماء. وكان جماعًا للمال، مناعًا، دنئ النَّفس، له في البُخل حكايات، يلبس الحرير، ويرتكب المحظورات. سمع: محمود بن جعفر الكَوْسَج، وأبا عليّ الحسن بن عبد الرحمن الشّافعيّ المكّيّ. روى عنه: هبة الله بن السَّقَطيّ، وكمار بن ناصر.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 227".

قال عبد الغافر بن إسماعيل1: كان من فحول أهل النَّظر، مستظهرًا بالخدم والحشم والعَبيد والتّجمُّل، ينادم الوزراء، ويُزاحم الصُّدور. قُرئ بخطْ أبي الخطّاب الكلوذانيّ: مولد المشطّب سنة أربع عشرة وأربعمائة، ومات بالمعَسْكَر ببغداد في شوّال سنة 86. 203- موسى بن عبد الله بن أبي الحُسَين يحيى بن جعفر بْن عليّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر الصّادق2. العَلَويّ الحُسينيّ. أصله كوفيّ، ثمّ صار إلى صقلّية، ودخل الأندلس مجاهدًا. يُكَنّى أبا البسّام. كان عنده عِلْمٌ وأدبٌ، ومعرفة بالأصول على مذاهب السُّنَّة أخذوا عنه بمَيُورقَة، وله شِعرٌ بديع. قال ابن بَشْكُوال: ثمّ رجع إلى بلاد بني حمّاد، فامْتُحِن هنالك وقُتِل ذبْحًا ليلة سبْعٍ وعشرين من رمضان. قلتُ: وابنه السّيّد الشّريف أبو عليّ الحسن بن موسى، تجوّل بعد والده في الأندلس، ثمّ استقرّ بمَيُورقَة، وولي خطابتها. وكان رفيع القدْر. فلمّا غلب عليها الرُّوم في سنة ثمانٍ وخمسمائة، انهزم وسكن قُرْطُبة. وابنه أبو محمد عبد العزيز أحد بُلَغَاء العصر، كتب الإنشاء وصنَّف وأفاد. 204- موسى بن عمران3. أبو المظفّر الأنصاريّ النَّيْسابوريّ. كان أسْنَد مَن بقي بنَيْسابور تفرَّد بالرّواية عن أبي الحسن العَلَويّ وسمع من: أبي عبد الله الحاكم وأبي القاسم السّرّاج.

_ 1 في "المنتخب 457" مع اختلاف يسير. 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 613". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 530، 531 رقم 271".

وعُمّر ثمانيا وتسعين سنة وهو موسى بن عمران بن محمد بن إسحاق بن يزيد الصُّوفيّ. قال عبد الغافر: شيخ وجيه، حَسَن المنظر والرُّواء، راسخ القدم في الطّريقة لقي الشيخ أوحد وقته أبا سعيد ابن أبي الخير الميهم وخدمه، وصحِب القُشَيريّ وخَدَمَه، وكان من أركان الشّيوخ الّذين عَهِدْنَاهم من الصُّوفيّة. وقد روى الكثير. قلت: حدث عنه: عمر بن أحمد الصّفّار، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وزاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وأبو عمر محمد بن عليّ بن دوِسْت الحاكم، وآخرون. تُوُفْي -رحمه الله- في ربيع الأوّل. 205- موهوب بن إبراهيم. الخبّاز البقّال. أبو نصر. بغداديّ، سمع: عبد الملك بن بشْران. وعنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وغيره. 206- الموفّق بن زياد بن محمد. أبو نصر الحنفي الهروي التاجر. ولد سنة عشرة وأربعمائة، وسمع من: عمر بن إبراهيم الزّاهد. روى عنه ولده زياد، وغيره. مات في شعبان. "حرف النّون": 207- نَصْر بن الحسن بن القاسم بن الفضل1.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 91 رقم 50".

أبو اللَّيْث، وأبو الفتح التُّرْكيّ التُّنْكتيّ الشّاشيّ، نزيل سَمَرْقَنْد، وتُنْكُت: بلده عند الشّاش. وُلِد سنة ست وأربعمائة1، ورحل في كِبَرِه، فسمع بنَيْسابور "صحيح مسلم" من عبد الغافر الفارسيّ. وسمع من: أبي حفص بن مسرور، وأبي عامر الحسن النَّسَويّ. وبصور من: أبي بكر الخطيب. وبمصر من: أبي الحسن بن الطّفّال وغيره. وبالإسكندرية من: الحُسَين بن محمد المَعَافِريّ. وبالأندلس من: أحمد ابن دِلْهَاث العُذْريّ، وجماعة. ودخل الأندلس وغيرها تاجرًا، وأقام بالأندلس ثلاث سِنين، وصدر عنها في شوّال سنة ثلاث وستّين. وقال: كنّاني أبي اللّيْث، فلمّا قدِمْتُ مصرَ كنّوني أبا الفتح، حتّى غَلَبَ عليَّ. قال السّمعانيّ2: روى لنا عنه: أبا القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الخالق بن أحمد، ونصر العُكْبَريّ ببغداد؛ وعبد الخالق بن زاهر بنَيْسابور. وسكن نَيْسابور في آخر عمره، وبها تُوُفّي. ومن جملة خيراته السّقاية والمِرْجَل في وسط الجامع الحديد بها. قال: وقيل: إنّ تَرِكَتَه قُوِّمَت بعد موته مائةً وثلاثين ألف دينار. وقال عبد الغافر بن إسماعيل: هو شيخ مشهور، ورِع، نظيف، بهيّ متجمِّل، متطلّس، جال في الآفاق، وحدث، ورأى العز والقبول بسبب تسميع "مسلم". وسمع منه الخلْق في تلك الدّيار، وبورك له في كسْبه، حتّى حصل على أموالٍ جمّةٍ، وعاد إلى نَيْسابور، وكانت معه أوقارٌ من الأجزاء والكُتُب، وحدث ببعضها.

_ 1 المنتخب "467". 2 في الأنساب "3/ 89، 90".

وقال ابن بَشّكُوال1: كان عظيم اليَسَار، كريمًا، كثير الصَّدَقات، كامل الخَلْق، حَسَن السَّمْت والخُلُق نظيف المكسب والملبس، ينمُّ عليه من الطِّيب ما يعرفه مَن يأْلَفَهُ، وإنْ لم يُبْصر شخْصَهُ، وما يبقى على ما يسلك من الطّريق رائحته بُرْهة، فيَعرف به من يسلك ذلك الطّريق إثره أنّه مشى عليه. وقال الحميدي2: نصر بن الحسن بن أبي قاسم بن أبي حاتم بن الأشعث الشّاشيّ التُّنْكُتيّ نزيل سَمَرْقَنْد، دخل الأندلس، وحدَّث، ولقيناه ببغداد، وسمعنا منه. وكان رجلًا مقبول الطّريقة، مقبول اللّقاء ثقة فاضلًا. قلت: ورَّخ السّمعانيّ3 وفاته في السّابع والعشرين من ذي القعدة، سنة ستٍّ وثمانين، ودُفِن بالحِيرة، وهذا الصّحيح، ووهِم مِن قال سواه. قال أبو الحسن بن مُفَوَّز: اتّصل بنا أنّ أبا الفتح هذا تُوُفّي في أَطْرابُلُسَ الشّام سنة إحدى وسبعين وأربعمائة4. وقيّده ابن نُقْطَة فقال: التُّنْكُتيّ: بضمّ التّاء والكاف. "حرف الهاء": 208- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن موسى5. أبو الحسن بن الصّفّار النُّعْمانيّ الأصل ثمّ الواسطيّ. الكاتب النَّحْويّ المقرئ. قرأ القراءات على: أبي عليّ أحمد بن محمد بن عَلّان صاحب الحُضَينيّ، وعلى: ابن الصّوّاف، وغيرهما. وهو آخر من سمع من الحسن بن أحمد بن التُّبَانيّ. تُوُفّي في رمضان. ترجمه خميس الحافظ وقال: قرأت عليه القرآن.

_ 1 في الصلة "2/ 637". 2 في جذوة المقتبس "356". 3 في الأنساب "3/ 90". 4 الصلة "2/ 638". 5 غاية النهاية "2/ 352".

"حرف الياء": 209- يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن سُطُورا1. القاضي أبو عليّ العُكْبَريّ البَرْزَبِينيّ، وبَرْزَبِين: قرية بين بغداد وأوانا. تفقّه على القاضي أبي يَعْلَى حتّى برع في مذهب أحمد، وبرز على أقرانه، وكانت له يدٌ قويَّة في القرآن، والحديث، والأصول، والفقْه، والمحاضرات. قرأ عليه خلقٌ من الفُقَهاء وانتفعوا به، وكان جميل السّيرة. وقال أبو الحسين بن الفرّاء: كان له غلْمان كثيرون، وصنَّف في الأصول والفُروع، وكان مبارك التّعليم لم يدرس عليه أحد إلّا وأفلح. وعليه تفقّه أخي أبو خازم. قلت: حدَّث عن أحمد بن عمر بن ميخائيل العُكْبَريّ، وأجاز لأبي نصر الغازي، ولأبي عبد الله الخلّال، وغانم بن خالد الأصبهانييّن. تُوُفّي فِي شوّال عَنْ سبعٍ وسبعين سنة2. وقد ذكره السّمعانيّ في "الذّيل" وعظمه، قال: جرت أموره في أحكامه على سداد واستقامة3، وحدث بشيءٍ يسير عن ابن ميخائيل. وفيات سنة سبع وثمانين وأربعمائة: "حرف الألَف": 210- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن سعيد الهَرَويّ. سمع: أبا الفضل الجاروديّ. وعنه: أبو النّضْر الفاميّ. 211- أَحْمَد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عمر بن خلف4.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 93، 94 رقم 52". 2 طبقات الحنابلة "2/ 246، 247". 3 الأنساب "2/ 147". 4 سير أعلام النبلاء "19/ 478، 479 رقم 242".

أبو بكر الشّيرازيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ الأديب العلّامة، مُسْنِد نَيْسابور في وقته. أكثر عن: أبي عبد الله الحاكم، وحمزة بن عبد العزيز، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، ومحمد بن محمد بن مَحْمِش، وأبي بكر بن فُورَك، والسُّلَميّ. روى عنه: عبد الله بن السَّمَرْقَنْديّ، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد الغافر بن إسماعيل، ووجيه الشّحّاميّ، وعمر بن أحمد الصّفّار، وأحمد بن سعيد المِيهَنيّ، وخلْق كثير سواهم، آخرهم أبو سعد عبد الوهّاب الكَرْمانيّ المُتَوَفَّى سنة تسعٍ وخمسين وخمسمائة. قال عبد الغافر1: أمّا شيخنا ابن خَلَف فهو الأديب المحدِّث، المتقن السّماع، الصحيحه، ما رأينا شيخًا أورع منه، ولا أشدّ إتقانًا، حصل على حظٍّ وافرٍ من العربيّة، وكان لا يسامح في فَوات كلمة ممّا يُقرأ عليه، ويراجع في المشكلات ويبالغ، رحل إليه العلماء من الأمصار، وكانت ولادته في سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة، وسمع في سنة أربعٍ وأربعمائة، سمّعه أبوه أبو الحسن الكثير، وأملى على الصّحّة. سمعنا منه الكثير، وتُوُفّي في ربيع الأوّل. وقال إسماعيل بن محمد الحافظ: كان حسن السّيرة، من أهل العلم والفضل، محتاطًا في الأخْذ، سمع الكثير، وكان ثقة2. وقال ابن السّمعانيّ: كان فاضلًا عارفًا باللُّغة والأدب، ومعاني الحديث، في كمال العفَّة والورع، رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 212- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد. الشّيخ أبو نصْر العِجْليّ البخاريّ. من بيت العلم والخير، ولد بعيد الأربعمائة، وسمع من منصور الكاغَديّ صاحب الهيثم بن كُلَيْب. ومن: أحمد بن الحسين الماجليّ. وبقي إلى هذا العام. آخر من حدَّث عنه: عثمان بن علي البيكندي.

_ 1 في المنتخب "110". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 479".

213- أحمد بن محمد بن سعيد بن محمد1. أبو نصر القيسي الدّمشقيّ الصُّوفيّ. سمع: عليّ بن منير الخلّال، وأبا الحسن الطّفّال بمصر، وأبا عليّ بن أبي نصر، وابن سلْوان بدمشق. روى عنه: عمر الرُّؤاسيّ، وجمال الإسلام أبو الحسن السُّلَميّ. تُوُفّي في رجب عن سبعٍ وثمانين سنة. 214- أحمد بن يحيى بن محمد. أبو سعْد بن أبي الفَرَج الشّيرازيّ الواعظ، المعروف بابن المطبخيّ، له مسجد كبير بدرب القيّار يُعرف به. سمع: أبا الحسن بن مَخْلَد، وأبا القاسم بن بشْران. روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ. كذا قال ابن النّجّار. وقال ابن السَّمَرْقَنْديّ: سألته عن مولده، فقال: سنة ثمان عشرة وأربعمائة. قلت: فتبين أنه لم يدرك السماع من ابن مَخْلَد. قال شجاع الذُّهْليّ: تُوُفّي في شوّال سنة 487. 215- آقْسُنْقُر قسيم الدّولة2. أبو الفتح الحاجب، مملوك السّلطان ملكشاه. وقيل: هو لصيق به. وقيل: اسم أبيه أكّ تُرْغَان. تزوّج داية السّلطان إدريس بن طُغان شاه، وحظي عند السّلطان ملكشاه وقدِم معه حلب، حين قصد تاج المُلْك أخاه فانهزم، وملكها ملكشاه في سنة تسعٍ وسبعين، وملك أنطاكيّة، وقرر نيابة حلب لقسيم الدّولة في أوّل سنة ثمانين، فأحسن فيها السّياسة، وأقام الهيبة، وأباد قُطّاع الطّريق، وتتبّعهم، وبالَغ، فأمِنَت البلاد، وعُمِّرت حلب، ووردها التُّجّار، ورغبوا في سُكناها للعدل.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 263 رقم 309". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 129، 130 رقم 67".

وعمّر منارة حلب1، فاسمُه منقوشٌ عليها، وبنى مشهد قرنبيا، ومشهد الدّكّة. وكان أحسن الأمراء سياسة لرعيّته وحفظًا لهم. وتحدَّث الرُّكْبانُ بِحُسْن سيرتِه. وكان يستغلّ حلبَ في كلّ يومٍ ألفًا وخمسمائة دِينار. وأمّا تُتُش فتملّك دمشق. ولمّا كان ربيع الأوّل سنة سبعٍ وثمانين هذه خرج تُتُش، وجمع معه خلْقًا من العرب، ووافاه عسكر أنطاكية بحماه، ورعوا ونهبوا، فاتّصل الخبر بأقْسُنْقُر، فكاتَبَ السّلطان بَرْكَيارُوق، وخطب له بحلب، فجمع وحشد، وأنجده كربُوقا صاحب الموصل، وبُزان صاحب الرُّها، ويوسف بن أبق صاحب الرَّحْبَة، في ألفين وخمسمائة فارس، وتهيّأ قسيم الدّولة لِلّقاء، فقيل: إنّه عرض عشرين ألف فارس، فلمّا التقوا أوّل من برز للحرب قسيم الدّولة، وحمي القتال، فحمل عسكر تُتُش، فانهزم العرب الّذين مع قسيم الدّولة، وكُسر كربُوقا وبُزان، ووقع فيهم القتْل، وثبت قسيم الدّولة، فأُسر في طائفةٍ من أصحابه وحُمل إلى تُتُش، فأمر بضرب عنقه وأعناق جماعة من أصحابه2. وذلك في شهر جُمَادى الأولى، ودُفن بالمدرسة الزّجاجية داخل حلب، بعدما كان دُفن مدّةً بمشهد قرنبيا. وإنّما نقله ولده زِنْكي، وعمل عليه قُبَّة. وهو جدّ نور الدّين. 216- أَمَةُ الرحمن بنت عبد الواحد بن حسين. أمّ الدلّال البغدادية. عُرف أبوها بالجُنيد. زاهدة عابدة. سمعت: أبا الحسن بن بشْران. وعنها: أبو الحسن بن عبد السّلام، وأبو بكر بن الزّاغُونيّ. ومولدها عام أربعمائة. وماتت في شوال.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 135". 2 انظر الحوادث سنة "487هـ".

"حرف الباء": 217- بلال بن الحسين بن نقيش. أبو الغنائم، بغداديّ. روى عن: عبد الملك بن بشْران. تُوُفّي فِي ربيع الأوّل. "حرف الحاء": 218- الْحَسَن بْن أسد1. أبو نصر الفارقيّ الأديب قال القِفْطيّ2: هو معدِن الأدب، ومنبَع كلام العرب، وعلّامة زمانه. له النَّظم الذَّائع، والنّثر الرّائع، والتّصنيف البديع في شرح "اللُّمَع"، وأشياء ليس للأديب في مثلها طمع. وكان في أيّام نظام المُلك على ديوان آمِد. ثمّ صودر. وله كتاب مشهور في "الألغاز". وكان عَزْبًا مدّة عُمره، ولمّا صُودر أُطلِق سراحه، فانتقل إلى ميّافارقين، وقد باضت الرّياسة في رأسه وفرَّخَتْ. واتّفق أنّ مَيّافارقين خَلَت من مُتَوَلٍّ، فأجمع رأي أهلها على تولية رجلٍ من أولاد ابن نُباتة، فأقام أيّامًا، ثمّ اعتزلهم، فتهيّأ لها ابن أسد، ونزل القصر وحكم، ثمّ انفصل غيرَ محمودٍ، وخاف من الدّولة، فتسحَّب إلى حلب، فأقام بها، ثمّ حمله حبُّ الرّياسة فعاد إلى الجزيرة، فلمّا صار بحَرّان قبض عليه نائبها، وشنقه في هذا العام3. ومن شِعره: ونديمةٍ لي في الظلام وحيدةٍ ... أبدًا مجاهدة كمثل جهادي فاللّونُ لَوني والدَّمعُ كأدْمُعي ... والقلبُ قلبي والسُّهادُ سهادي

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 80، 81 رقم 44". 2 في إنباه الرواة "1/ 294". 3 إنباه الرواة "1/ 296".

لا فَرْقَ فيما بيننا لو لم يكن ... لَهبي خَفِيًّا وهو منها بادي 219- الحسن بن عبد الملك بن الحسين بن عليّ بن موسى بن إسرائيل1. الحافظ أبو عليّ النَّسَفيّ. سمع الكثير من: أبي العبّاس المستغفِريّ. وحدَّث ببُخَارى وسَمَرْقَنْد. ومات بنَسَف في ثاني وعشرين جمادى الآخرة وله ثلاث وثمانون سنة. وروى عنه خلْقٌ بما وراء النّهر، وكان أبوه القاضي أبو الفوارس مفتي نسف. وروى أبو عليّ أيضًا عن: معتمر بن محمد المكحوليّ، وأبي نُعَيْم الحسين بن محمد، وخلْق لا أعرفهم. وروى عنه: عثمان بن علي البيكندي، وأبو ثابت الحسين بن علي البزودي، وأبو المعالي محمد بن نصر، وعدّة. وشيخه أبو نُعَيْم سمع من خَلَف الخيّام. "حرف السين": 220- ساتكين بن أرسلان2. أبو منصور الرتكي المالكيّ النَّحْويّ. له مقدِّمة نَحْو. تُوُفّي بالقدس في آخر السّنة. 221- سعد الله بن صاعد الرَّحْبيّ الخلّال3. من كبار الدّمشقيّين، له حمّام القصر والدّار الّتي بقُربه الّتي عملها السّلطان نور الدين مدرسة، وتعرف بالعمادية.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 143، 144 رقم 73". 2 إنباء الرواة "2/ 69 رقم 290". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "9/ 230 رقم 107".

سمع من: المسدد الأملوكي، وحمد بن عَوْف المُزَنيّ. روى عنه: ابن أخته هبة الله بن المسلم. حدَّث في هذه السّنة. ولم يؤرَّخ موته. "حرف العين": 222- عبد الله بن حيّان بن فَرّحُون1. أبو محمد الأنصاريّ الإشبيليّ. سكن بَلَنْسِيَة، وحدَّث عن: أبي عمر بن عبد البَرّ، وعثمان بن أبي بكر السّفاقُسيّ، وأبي القاسم الإفْليليّ. وكان ذا همةٍ في اقتناء الكُتُب، جمع منها شيئًا عظيمًا. توفي في شوّال. 223- عبد الله بن عبد العزيز بن محمد2. أبو عُبَيْد البكريّ. نَزَل قُرْطُبة، وحدَّث عن: أبي مروان بن حيّان، وأبي بكر المُصْحفيّ. وأجاز له "ابن" عبد البَرّ، وكان إمامًا، لّغويًّا، إخباريًّا، متقِنًا، علّامة. صنَّف كتبًا في أعلام النُّبُوّة. روى عنه: محمد بن عمر المالقيّ، وأبو بكر بن عبد العزيز اللَّخْميّ. وصنَّف كتاب "اللالي في شرح نوادر أبي عليّ القاليّ"، وكتاب "المقال في شرح كتاب الأمثال" لأبي عُبَيْد، وكتاب "اشتقاق الأسماء"، وكتاب "معجم ما استعجم من البلاد والمواضع"، وكتاب " النّبات"، وغير ذلك. تُوُفّي في شوّال. وكان من أوعية العلم وبحور الأدب.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 288 رقم 634". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 287 رقم 633".

فأمّا: 224- البكْريّ صاحب القصص، فهو أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد البكْريّ1. كان أيضًا في هذا الزّمان أو قبله. وإليه المُنْتَهَى في الكذِب والاختلاق، ومَن طَالَعَ تواليفه جَزَمَ بذلك. 225- عبد الله بن عطاء بن أبي أحمد بن بكر البغاوَرْديّ2. حدَّث بـ"الترمذي"، عن عبد الجبّار الجرّاحيّ. رواه عنه: أبو نصر اليُونَارتيّ3، وأبو النّضْر الفاميّ، وجماعة. قال الكُتُبيّ: تُوُفّي في رمضان. وقال السّمعانيّ: هو أبو المظفّر عبد الله بن ظَفَر. كذا سمّاه4. 226- عبد الله5. أبو القاسم أمير المؤمنين المقتدي بأمر الله ابن الأمير ذخيرة الدّين أبي العبّاس محمد بن القائم بأمر اللَّه عبد اللَّه بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدر بن المعتضد الهاشميّ العبّاسيّ. بويع بالخلافة في ثالث عشر شعبان سنة سبعٍ وستّين، وهو ابن تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر6. وتُوُفّي أبوه الذّخيرة والمقتدي حَمْل، وأُمُّه أمةٌ اسمها أُرْجُوان7. ظهرت في أيّامه خيراتٌ كثيرة، وآثارٌ حسنة في البلدان.

_ 1 ميزان الاعتدال "1/ 112 رقم 440"، ولسان الميزان "1/ 202 رقم 639". 2 الأنساب "3/ 214، 215". 3 اليونارتي: نسبة إلى يونارت، وهي قرية إلى باب أصبهان "الأنساب 12/ 433، 434". 4 المنتخب "324". 5 سير أعلام النبلاء "18/ 318-324 رقم 147". 6 المنتظم "8/ 290". 7 سير أعلام النبلاء "18/ 323".

وتُوُفّي في ثامن عشر المحرَّم، وهو ابن تسع وثلاثين سنة فجأةً. وكان قد أُحضِر إليه تقليد السلطان بَرْكَيارُوق ليُعلّم عليه، فقرأه وعلّم عليه، ثمّ تغذّى وغسل يديه، وعنده فتاته شمس النّهار، فقال لها: ما هذه الأشخاص قد دخلوا بغير إذْنٍ؟ قالت: فالتفتُّ، فلم أَرَ شيئًا، ورأيته قد تغيّر حالُه، واسترخت يداه وسقط. فظننتُ أنّه غُشِي عليه. ثمّ تقدَّمتُ إليه، فرأيت عليه دلائلَ الموت، فقلت لجاريةٍ عندي: ليس هذا وقت النَّعي، فإنْ صحْتِ قتلتُك. وأحضرتُ الوزير، فأخبرته، فأخذوا في البيعة لولده المستظهر بالله أحمد. وعاشت أمُّه إلى خلافة ابن ابنها المسترشد بالله1. وكانت قواعد الخلافة في أيّامه باهرة، وافرة الحُرمة، بخلاف مَن تقدَّمه. ومِن محاسنه أنّه أمَر بنفْي المغنيّات والخواطي من بغداد، وأن لا يدخل أحدٌ الحمّام إلّا بمئْزَرٍ. وضرب أبراج الحمام صيانةً لحُرَم النّاس. وكان ديِّنًا خيرًا، قوي النفس، عالي الهمة، من نخباء بني العبّاس. وقيل: إنّ جاريته سمّته. وقد كان السّلطان ملكشاه صمَّم على إخراجه مِن بغداد، فحار في نفسه، وعجز، وأقبل على الابتهال إلى الله، فكفاه الله كيدَ ملكشاه ومات2. 227- عبد الله بن فَرَح بن غزلون3. أبو محمد اليَحْصُبيّ الطُّلَيْطُلِيّ ابن العسّال. روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وابن أرفعْ راسه، وابن شقّ اللّيل، وطائفة. وكان متقِنًا فصيحًا مفوّهًا، حافظًا للحديث، خبيرًا بالنَّحْو واللُّغَة والتّفسير. وكان شاعرًا مُفْلِقًا، وله مجلسٌ حفل. روى عنه جماعةٌ من مشيخة ابن بشكوال. مات في عشر التسعين.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 230". 2 المنتظم "8/ 292". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 285، 286 رقم 629".

228- عبد الله بن أبي طاهر محمد بن محمد بن حُسين. أبو محمد الْجُوَينيّ1 البغداديّ. سمع: أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ، وأبا القاسم بن بشْران. وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ. قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: كان -رحمه الله- ثقة، وله خُلُق ميشوم. 229- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد2. أَبُو القاسم الواحديّ. سمع: ابن مَحْمِش، ويحيى بن إبراهيم المزكيّ، وغيرهما. وعنه: زاهر الشّحّاميّ. وهو أخو المفسّر أبي الحسن الواحديّ. وممّن روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وعبد الخالق، وعبد الله بن الفرواي، وعدّة. وكان ثقة. أملى زمانًا. 230- عبد السّيّد بن عَتَّاب3. أبو القاسم البغداديّ الضّرير المقرئ المجوّد. تُوُفّي في نصف ذي القعدة. قرأ القراءات عَلَى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عُمَر الحمّاميّ شيخ العراق، وعلى: أبي العلاء محمد بن عليّ الواسطيّ، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبيّ، وأبي بكر محمد بن علي بن زلال المطرز، والحسين ابن أحمد الحربيّ الزّاهد، وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المَرْزُبَان الأصبهاني صاحب ابن فورك القباب، والحسن بن

_ 1 نسبة إلى جوين متصلة بحدود بيهق "الأنساب 3/ 385". 2 المنتخب من السياق "314 رقم 1030". 3 ميزان الاعتدال "2/ 619 رقم 5068"، ولسان الميزان "4/ 19 رقم 50".

الفضل الشَّرْمقَانيّ1 والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار، وأبي محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأصبهاني الأشعري المعروف بابن اللبان قاضي إيذج2، والحسن بْن عليّ بْن الصَّقْر الكاتب صاحب زيد بن أبي بلال الكوفيّ، وعليّ بن أحمد داود الرزاز، عن قراءته على أبي بكر بن مُقْسم. قرأ عليه: أبو منصور بن خَيْرُون، وأبو عليّ بن سُكَّرَة الصَّدَفيّ، وأبو الكَرَم المبارك بن الشَّهْرُزُوريّ، وجماعة. وكان من كبار المقرئين في زمانه. عاش نيِّفًا وسبعين سنة أو نحوها. 231- عطاء بن عبد الله بن سيف. أبو طاهر الدّارميّ الهَرَويّ القرّاب. تُوُفّي في شوال عَنْ ثلاثٍ وثمانين سنة. سمع من أصحاب حامد الرّفّاء. 232- عليْ بْن أَبِي الغنائم عَبْد الصَّمَد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن الفضل بن المأمون. أبو الحسن الهاشميّ البغداديّ. سمع: أبا عليّ بن شاذان، وغيره. وكان المقدَّم بعد أبيه في الموكب. وكبُر حتّى انقطع عن الخروج. وكان سالكًا نهْج أبيه في إيثار الخمول، وسلوك الطّريقة المُثْلى، والتَّفرُّد والعُزلة عن الخَلْق. روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ. وتُوُفّي في المحرَّم، ودُفِن بقصر بني المأمون.

_ 1 نسبة إلى "شرمقان" وهي بلدة قريبة من إسفرايين بنواحي نيسابور "الأنساب 7/ 323". 2 بلد بين خوزستان وأصبهان "معجم البلدان 1/ 288".

233- علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن أحمد بن أبي العلاء1. أبو القاسم المصّيصيّ الأصل، الدّمشقيّ، الفقيه الشّافعيّ، الفَرَضيّ. وُلِد في رجب سنة أربعمائة. وسمع: محمد بن عبد الرحمن القطّان، وأبا محمد بن أبي نصر، وعبد الوهّاب بن جعفر الميّدانيّ، وأبا نصْر بن هارون، وعبد الوهاب المري، وطائفة بدمشق؛ وأبا الحسن بن الحمّاميّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأحمد بن عليّ الباداء، وهبة الله اللّالكائيّ، وطلحة الكتّانيّ، وجماعة ببغداد؛ وأبا نصْر بن البقّال بعُكْبَرَا؛ ومحمدًا وأحمد ابني الحسين بن سهل بن خليفة ببلد؛ وأبا عبد الله بن نظيف، وأبا النُّعْمان تراب بن عمر، وجماعة بمصر. روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، والفقيه نصر المقدسيّ، والخضر بن عَبْدان، وأبو الحسن جمال الإسلام، وهبة الله بن الأكفانيّ، وأبو القاسم بن مقاتل السُّوسيّ، وأخوه عليّ، وأبو العشائر محمد بن خليل الكرديّ، وأبو يَعْلَى حمزة بن الحُبُوبيّ، وأبو القاسم الحسين بن البُنّ الأسَديّ، وهبة الله بن طاوس، وأبو المعالي محمد بن يحيى قاضي دمشق، وآخرون. وذكر محمد بن عليّ بن قبيس أنّه وُلِد بمصر. وقال ابن عساكر: كان فقيهًا فَرَضيًّا2، من أصحاب القاضي أبي الطّيّب. وتُوُفّي بدمشق في حادي عشر جُمَادى الآخرة، ودُفِن بمقبرة باب الفراديس. قلت: كريمة آخر من روى حديثه بعُلُوّ. 234- علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن عليّ بن محمد بن دُلْف بن الأمير أبي دُلْف القاسم بن عيسى ابن إدريس بن مَعْقِل العِجْليّ3. وعِجْل بطنٌ من بكر بن وائل من أَمَة ربيعة أخي مُضَر ابني نِزار بن مَعَدّ بن عدنان.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 12-15". 2 مختصر تاريخ دمشق "18/ 165". 3 البداية والنهاية "12/ 123، 124، 145، 146".

وقد استوفى السّمعانيّ نَسَبَه إلى عدنان. وقال بعضهم فيه: علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن علّكان، بدل عليّ. أصلهم من جَرْباذْقان، بلد بين هَمَذَان وإصبهان، وداره ببغداد، يُلقَّب بالأمير أبي نصْر. وقال شِيروَيْه في "طبقاته": يُعرف بالوزير سعْد المُلْك ابن ماكولا. قدِم رسولًا مِرارًا، أوّلها سنة تسعٍ وستّين. روى عن: أبي طالب بن غَيْلان، وعبد الصّمد بن محمد بن مُكْرَم، وعُبَيْد الله بن عمر بن شاهين، وأبي بكر محمد بن عبد الملك بن بِشران، وبِشْر بن الفاتنيّ، وأبي الطّيّب الطَّبَريّ. سمعتُ منه، وكان حافظًا متقنًا، أحد من عُني بهذا الشّأن، ولم يكن في زمانه بعد أبي بكر الخطيب أحدٌ أفضل منه، وحضَر مجلسَه الكبار من شيوخنا، وسمعوا منه، وسمع منهم. وقال: وُلِدتُ بعُكْبَرَا في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة. وقال ابن عساكر1: وَزَرَ أبوه للخليفة القائم، وولي عمُّه قضاء القُضاة، وهو الحسين بن عليّ. قال: وسمع ابن غَيْلان، والعتيقيّ، وأبا منصور محمد بن محمد السّوّاق، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأحمد بن القاسم بن ميمون المصريّ، وخلْقًا. روى عنه: الخطيب شيخه، والفقيه نصر المقدسيّ، وعمر الدّهسْتانيّ. ووُلِد بعُكْبَرَا سنة إحدى وعشرين في شعبان. قال أبو عبد الله الحُمَيْديّ: ما راجَعتُ الخطيب في شيءٍ إلّا وأحالني على الكتاب، وقال: حتّى أبصره. وما راجَعتُ أبا نصْر بن ماكولا في شيءٍ إلّا وأجابني حِفْظًا، كأنّه يقرأ من كتاب2. وقال أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني: لمّا بلغ أبا بكر الخطيبَ أنّ ابن

_ 1 تاريخ دمشق "18/ 617". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 574".

ماكولا أخذ عليه في كتابه "المؤتنف"، وصنَّف في ذاك تصنيفًا، وحضَر عنده ابن ماكولا، سأله الخطيب عن ذلك، فأنكر ولم يُقِرّ به وأصرّ على الإنكار، وقال: هذا لم يخطر ببالي. وقيل: إنّ التّصنيف كان في كُمّه، فلمّا مات الخطيب أظهره ابن ماكولا، وهو الكتاب الّذي سمّاه "مستمرّ الأوهام"1. قلت: لي نسخة به، وهو كتاب نفيس، يدلّ على تبحُّر مصنِّفه وإمامته. قال ابن طاهر: سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يمدح أبا نصر بن ماكولا ويُثْني عليه، ويقول: دخل مصر في زِيّ الكَتَبَة، فلم نرفع به رأسًا، فلمّا عرفناه كان من العلماء بهذا الشّأن. وقال أبو سعد السمعاني: كان لبيبًا، عالمًا، عازفًا، حافظًا، ترشّح للحفظ، حتّى كان يقال له الخطيب الثّاني. وصنَّف كتاب "المؤتلف والمختلف" وسمّاه كتاب "الإكمال". وكان نحْويًّا، مجوّدًا، وشاعرًا مبرّزًا جَزْلَ الشِّعْر، فصيح العبارة، صحيح النَّقل، ما كان في البغداديّين في زمانه مثله. رحل إلى الشام، والسواحل، وديار مصر، والجزيرة، والحبال، وخُراسان، وما وراء النّهر. وطاف الدّنيا وجال في الآفاق ورجع إلى بغداد وأقام بها2. وقال ابن النّجّار: أحبَّ العِلْمَ منذ صِباه، وطلب الحديث، وكان يُحضر المشايخ إلى منزله، وسمع منهم. ورحل إلى أن برع في الحديث، وأتقن الأدب. وله النَّظم والنَّثْر والمصنَّفات. وأنفذه المقتدي بأمر الله رسولًا إلى سَمَرْقَنْد وبُخَارى، لأخذ البَيْعة له على ملكها طَمْغان الخان. روى عنه: الخطيب، والفقيه نصر، والحُمَيْديّ، وأبو محمد الحسن بن أحمد السَّمَرْقَنْديّ، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وشجاع الذُّهْليّ، ومحمد بن طرْخان، وأبو عليّ محمد بن محمد بن المهديّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعليّ بن عبد الله بن عبد السلام، وآخرون.

_ 1 تذكرة الحفاظ "4/ 1104"، وسير أعلام النبلاء "18/ 574". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 575".

وقال هبة الله بن المبارك ابن الدواني: اجتمعت بالأمير ابن ماكولا، فقال لي: خذ جزأين من الحديث، واجعل متن الحديث الّذي في هذا الجزء على إسناد الّذي في هذا الجزء، من أوّله إلى آخره، حتّى أردّه إلى حالته الأولى، من أوّله إلى آخره. أخبرني أبو عليّ بْن الخلّال، أَنَا جعفر، أنا السلفي، قال: سألت شجاعا الذهلي عن ابن ماكولا فقال: كان حافظًا، فهْمًا، ثقةً، صنَّف كُتُبًا في علم الحديث1. وقال المؤتَمَن السّاجيّ: لم يلزم ابن ماكولا طريق أهل العلم، فلم ينتفع بنفسه. وقال أبو الحسن بن عبد السّلام: لمّا خرج الأمير أبو نصر إلى خُراسان في طلب الحديث، كتب إلى بغداد، والشِّعْرُ له: قَوِّضْ خِيَامَكَ عن دارٍ أُهِنْتَ بها ... وجَانِبِ الذُّلَّ إنَّ الذُلَّ يُجْتَنَبُ وارْحَلْ إذا كانتِ الأوطانُ مَضْيَعةً ... فالمنزلُ الرَّطْبُ في أوطانِهِ حَطَبُ وللأمير: ولمّا تَوَاقَفْنَا تباكَتْ قُلُوبُنا ... فَمُمْسِكُ دَمْع يومَ ذاك كساكِبِه فيا كَبِدي الحَرَّى الْبِسِي ثَوْبَ حَسْرَةٍ ... فِرَاقُ الّذي تَهْوينَهُ قد كساكِ به قال ابن عساكر2: سمعتُ ابن السَّمَرْقَنْديّ يذكر ابنَ ماكولا قال: كان له غلمان تُرْك أحداث، فقتلوه بجرجان سنة نيفٍ وسبعين وأربعمائة3. وقال ابن النّجّار: قال ابن ناصر: كان ابن ماكولا الحافظ بالأهواز، إمّا في سنة ستٍّ أوْ سبعٍ وثمانين. وقال السّمعانيّ في أوائل ترجمته: خرج من بغداد إلى خُوزسّتان، وقُتِل هناك بعد الثّمانين4. وذكر أبو الفرج بن الجوزي: في "المنتظم" إنه قتل سنة خمسٍ وسبعين، وقيل: في سنة ست وثمانين.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 575، 576". 2 في تاريخ دمشق "18/ 617". 3 تذكرة الحفاظ "4/ 1205"، وسير أعلام النبلاء "18/ 576". 4 سير أعلام النبلاء "19/ 576".

وقال غيره: قتل في سنة تسعٍ وسبعين. وقيل: في سنة سبعٍ وثمانين بخُوزسْتان. حكى هذين القولين القاضي شمس الدّين بن خَلِّكان1. 235- عُمَر بْن أحْمَد بْن عُمَر. أَبُو حفص السمسار الأصبهاني الفقيه الفَرَضيّ. سمع: عليّ بن عَبْدكُوَيْه، وأبا بكر بن أبي عليّ الذَّكْوانيّ، وغيرهما. روى عنه: مسعود الثّقفيّ، وأبي عبد الله الرُّسّتُميّ. 236- عيسى بن خِيرة2. مولى ابن بُرْد الأندلسيّ المقرئ، أبو الأصْبَغ. روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، وحاتم بن محمد، ومحمد بن عَتّاب، وأبي عمر بن الحذّاء، وأبي عَمْرو السّفَاقّسيّ. وكان مجوّدًا للقراءات، وَرِعًا، زاهدًا، فاضلًا، متواضعًا، محبَّبًا إلى النَّفس. ولي إمامة قُرْطُبة، ثمّ تخلّى عن ذلك. ومولده سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وتُوُفّي في ثامن جُمَادى الآخرة. وكانت جنازته مشهودة. "حرف الفاء": 237- الفضل بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي العبّاس النَّيْسابوريّ الفُرَاويّ3. والد الفقيه المحدِّث أبي عبد الله محمد بن الفضل. مولده سنة أربع عشرة وأربعمائة. سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصروي، وأبا سعيد عبد الرحمن بن عليك، وطائفة.

_ 1 في وفيات الأعيان "3/ 306". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 438، 439". 3 المنتخب من السياق "411، 412".

روى عنه: ابنه، وعبد الغافر بن إسماعيل. وكان صوفيًّا صالحًا، محدِّثًا، جيّد القراءة، مليح الخطّ. تُوُفّي فِي صفر. "حرف الميم": 238- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن عَبْد العزيز. أبو عبد الله الطّاهريّ البغداديّ، من ساكني الحريم. سمع: أبا الحسن بن الباداء. وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ. تُوُفّي في آخر السّنة. 239- محمد بن إبراهيم بن محمد. أبو عبد الله الدِّينَوَريّ المؤذّن. سمع بدمشق من: المسدّد الأُمْلُوكيّ وعليّ بن السِّمْسار، وغيرهما. روى عنه: القاضي أبو المعالي محمد بن يحيى القُرَشيّ، وغيره. 240- محمد بن الحُسين بن محمد بن طلحة1. أبو الحسن الإسفرائيني، الأديب الرّئيس. شاعر محسن، له ديوان شِعْر. سمع: ابن مَحْمِش الزِّياديّ، وأبا الحسن عليّ بن محمد السّقّاء، وحمزة بن يوسف السَّهْميّ، وغيرهم. وكان أبوه من رؤساء نَيْسابور، وهو سِبْط القاضي أبي عمر البسْطاميّ. وكان يسلك طريق الفتيان ولا يتكلّف ويحفظ أشعارًا كثيرة. وله في نظام المُلْك قصيدة ومَطْلَعُهَا: ليهن الهوى إنّي خَلَعتُ عِذَارِي ... وودَّعتُ من بعد المشيب وقاري

_ 1 المنتخب من السياق "59 رقم 113".

فقال له نظام المُلْك: أيُّها الشّيخ، بالرّفاء والبَنِين. فقال: يا مولانا، هذه التّهنئة منك أحبُّ إليَّ من شِعري. ومن مليح شعره قوله: بنفسِي مَن سمحتُ له بروحي ... ولم يسمح بطيفٍ من خيالِهِ وقد طُبع الخيال على مثالي ... كما طُبع الجمال على مثالِه ولمّا أنْ رأى تَدْليه عقلي ... وشدّة حُرْقتي ورخاء بالِه تبسَّم ضاحكًا عن بَرْقِ ثَغْرٍ ... يكاد البرقُ يخرج من خلالِه وله: بيضاء آنسة الحديث كأنها ... شمس الضحى لن تستطيع منَالَها وأشدُّ ما بي في هواها أَنّها ... قد أطْمعتْ في الوصْل ثمّ بدا لها قلت: روى عنه: سعيد بن سعد الله المِيهَنيّ، وسعد بن المُعْتَزّ، وجماعة. 241- محمد بن عبد الله بن موسى بن سهل1. أبو عبد الله الْجُهَنيّ القُرْطُبيّ، ويُعرف بالبيّاسيّ. مُكثِر عن حاتم الأطرابلسي. وروى عن: أبي عبيد الله بن عابد، وأبي عبد الله بن عتّاب، وأبي عُمَر بن الحذّاء. وكان مجتهدًا في طلب العِلْم وسماعه. 242- محمد بن عبد السّلام بن عليّ بن نظيف: أبو البركات الصيدلاني الحمامي أخو أبي سعد محمد المكور من ثلاث سِنين. سمع: عبد الملك بن بشران. وعنه: شجاع الذهلي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 559".

243- محمد بن عُبَيْد الله بن عبد البَرّ بن ربيعة. الحافظ أبو عبد الله البلنسي. ورّخه الأّبار فقال: سمع: أبا عمر بن عمر بن عبد البَرّ، وأبا المطرِّف بن حجّاف، وغيرهما. وكان فقيهًا حافظًا مُفْتيا. حدَّث عنه: خُلَيْص بن عبد الله. مات في حاصر الرُّوم بَلَنْسِيَة رحمه الله. 244- محمد بن أبي هاشم العلويّ1. صاحب مكّة. كان يخطب مرّةً لبني عُبَيْد، ومرّةً لأمير المؤمنين، بحسب مَن يقوى منهما، ويأخذ جوائز هؤلاء. مات في هذا العام. 245- محمود بن القاسم ابن القاضي أَبِي مَنْصُور مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حسين بن محمد ابن مقاتل بن صُبَيْح بن ربيع بن عبد الملك بن يزيد بن المهلَّب2. القاضي أبو عامر الأزْديّ، المُهَلَّبيّ الهَرَويّ، من ولد المهلَّب بن أبي صُفْرَة. إمامٌ فقيه علّامة، شافعيّ. حدث "بجامع الترمذي"، عن: عبد الجبار الجراجي. روى عنه: مؤتَمَن السّاجيّ، ومحمد بن طاهر، وأبو نصر اليُونَارتيّ، وأبو العلاء صاعد بن سيّار، وزاهر الشّحّاميّ، وأبو عبد الله الفُرَاويّ، وأبو جعفر محمد بن أبي عليّ الهَمَذَانيّ، وطائفة آخرهم موتًا أبو الفتح نصر ابن سيّار. قال السّمعانيّ: هو جليل القدْر، كبير المحل، عالمٌ فاضل. سمع: الجراجي، ومحمد بن محمد الأَزْديّ جدّه، وأبا عمر محمد بن الحسين البسطامي، وأبا معاذ

_ 1 البداية والنهاية "12/ 148". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 32-34"، وشذرات الذهب "3/ 382".

أحمد بن محمد الصَّيْرَفيّ، وأحمد الجاروديّ، وأبا معاذ بن عيسى الداغاني، وبكر بن محمد المَرْوَرُّوذيّ، وجماعة. قال أبو النضر الفامي: عديم النظير زهدًا وصلاحًا عفةً. ولم يزل ذلك من ابتداء عُمره وإلى انتهائه. وكانت إليه الرّحلة من الأقطار والقصد لأسانيده1. وُلِد سنة أربعمائة، وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة قال أبو جعفر بن أبي عليّ: كان شيخنا أبو عامر من أركان مذهب الشّافعيّ بهَرَاة، وكان إمامنا شيخ الإسلام يزوره، ويعوده في مرضه ويتبرَّك بدعائِه. وكان نظام المُلْك يقول: لولا هذا الإمام في هذه البلدة كان لي ولهم شأن. يهدّدهم به. وكان يعتقد فيه اعتقادًا عظيمًا، لكونه لم يقبل منه شيئًا قطّ. ولمّا سمعت منه "مُسْنَد التِّرْمِذِيّ" هنّاني شيخ الإسلام، وقال: لم تخسر في رحلتك إلى هَرَاة2. وكان شيخ الإسلام قد سمع الكتاب قديمًا من محمد بن محمد بن محمود، عن الحسين بن الشّمّاخ، ومحمد بن إبراهيم قالا: أنا أبو عليّ التَّرّاب، عن أبي عيسى؛ ثمّ سمعه من الجراحيّ3. 246- محمود بن منصور البغداديّ. المعروف بطاس سمع: عبد الملك بن بشْران. وعنه: شُجاع الذُّهْليّ، وغيره. تُوُفّي في صَفَر. 247- مَعَدّ4. أبو تميم الملقَّب بأمير المؤمنين المستنصر بالله بن الظّاهر بالله بن الحاكم بأمر الله بن العزيز بن المُعزّ العُبَيْديّ، صاحب مصر والمغرب.

_ 1 التقييد "442"، وسير أعلام النبلاء "19/ 33". 2 التقييد "442". 3 التقييد "442، 443". 4 البداية والنهاية "12/ 148"، وشذرات الذهب "3/ 382".

بويع بعد موت أبيه الظّاهر في شعبان، وبقي في الخلافة ستّين سنة وأربعة أشهر. وهو الّذي خُطب له بإمرة المؤمنين على منابر العراق، في نوبة الأمير أبي الحارث أرسلان البساسيري، في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. ولا أعلم أحدًا في الإسلام -لا خليفة ولا سلطانًا- طالت مُدّته مثل المستنصر هذا. ولي الأمر وهو ابن سبْع سِنين ولمّا كان في سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة قطع الخطْبة له من المغرب الأمير المُعزّ بن باديس1، وقيل: بل قطعها في سنة خمسٍ وثلاثين، وخطب لبني العبّاس، وخرج عن طاعة بني عُبَيْد الباطنيّة. وحَدَث في أيّام هذا المتخلّف بمصر الغلاء الّذي ما عُهِد مثلُه منذ زمان يوسف صلى الله عليه وسلم، ودام سبْع سِنين، حتّى أكل النّاس بعضهم بعضًا، حتّى قيل: إنّه بِيع رغيفٌ واحدٌ بخمسين دينارًا. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وحتّى إنّ المستنصر هذا بقي يركب وحده وخواصّه ليس لهم دوّاب يركبونها. وإذا مشوا سقطوا من الجوع. وآل الأمر إلى استعارة المستنصر بغلةً يركبها حامل الخُبز من ابن هبة صاحب ديوان الإنشاء2. وآخر شيء توجَّهت أُمُّ المستنصر وبناته إلى بغداد خوفًا من أن يمُتْنَ جوعًا. وكان ذلك في سنة ستين وأربعمائة. ولم يزل هذا الغلاء حتّى تحرَّك الأمير بدر الجماليّ والد الأفضل أمير الجيوش من عكاء، وركب في البحر حسبما ذُكِر في ترجمة الأفضل شاهنشاه، وجاء إلى مصر وتولّى تدبير الأمور، وشرع الأمر في الصّلاح3. تُوُفّي المستنصر في ذي الحجّة؛ وفي دولته كان الرَّفْضُ والسّبّ فاشيا مجهورًا، والسُّنَّة والإسلام غريبًا مستورًا، فسبحان الحليم الخبير الّذي يفعل في مُلْكه ما يشاء. وقام بعده ابنه المستعلي أحمد، أقامه أمير الجيوش بدر، واستقامت الأحوال، فخرج أخوه نزار من مصر خفية، فصار إلى نصر الدّولة أمير الإسكندريّة، فأعانه ودعا إليه، فتمّت بين أمير الجيوش وبينهم حروب وأمور، إلى أن ظفر بهم.

_ 1 وفيات الأعيان "5/ 229". 2 وفيات الأعيان "5/ 230". 3 وفيات الأعيان "5/ 230".

"حرف الهاء": 248- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن عِراك بن أبي اللّيث. أبو القاسم الأندلسيّ المقرئ نزيل تُسْتَر. قرأ بمصر، والشّام، والعراق، القراءات، فقرأ على الأهوازيّ بدمشق، وعلى أبي الوليد عُتْبَة بن عبد الملك العثمانيّ ببغداد. قرأ عليه القراءات في هذه السّنة بتّسْتَر: أبو سعد محمد بن عبد الجبّار الفارسيّ. "حرف الواو": 249- واضح بن محمد بن عمر بن واضح بن أبروَيْه. الصُّوفيّ الأصبهاني. مات فِي ذِي القَعْدة. "حرف الياء": 250- يَحْيَى بْن الحسين بن شراعة. أبو الحسين التيمي الهَمَذَانيّ المؤذّن. روى عن: أبي طاهر بن سَلَمَة، ومحمد بن عيسى، وغيرهما. وعنه: شيروَيْه، وقال: صدوق. وفيات سنة ثمان وثمانين وأربعمائة: "حرف الألف": 251- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن خَيْرُون1. أبو الفضل البغداديّ الباقِلانيّ الحافظ.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 105-108"، والبداية والنهاية "12/ 149".

ذكره السّمعانيّ فقال: ثقة، عدل، متقن واسع الرّواية، كتب بخطّه الكثير. وكان له معرفة بالحديث1. روى عنه الخطيب في "تاريخه" فوائد. سمع: أبا بكر البَرْقانيّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأحمد بن عبد الله بن المَحَامِليّ، وعثمان بن دوست العلاف، وأبا القاسم الحرفي، وعبد الملك بن بشْران، وأبا يَعْلَى أحمد بن عبد الواحد؛ فمَن بعدَهم، إلى أن سمع من أقرانه. وكتب بخطّه ما لم يدخل تحت الوصف. قلت: وأجاز له أبو الحسين بن المُتيَّم، وأبو الحسن بن الصَّلْت الأهوازيّ، وأبو الفَرَج محمد بن فارس الغُوريّ، وابن رزقوَيْه. وتفرَّد بإجازة جماعة من الكبار. روى عنه: أبو عامر العَبْدريّ، وأبو عليّ بن سُكَّرَة، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل بن محمد التَّيْميّ، وأبو بكر الأنصاريّ، وشيخ الشّيوخ إسماعيل، وأبو الفضل بن ناصر، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وخلْق كثير آخرهم أبو الفتح محمد بن البطّيّ2. قال السّمعانيّ: سمعتُ أبا منصور بن خَيْرُون يقول: كتبَ عمّي أبو الفضل عن أبي عليّ بن شاذان ألف جزء3. قال: وسمعت عبد الوهاب يقول: ما رُؤيَ مثل أبي الفضل بن خَيْرُون، لو ذكرت له كتبه وأجزاءه التي سمعتها تول: عمّن سمع؟ وبأيّ طريقٍ سمع؟ وكان يذكر الشّيخ وما يروي وما يتفرَّد به4. وقال أبو منصور: كتبوا مرّةً لعمّي "الحافظ"، فغضب وضرب عليه وقال: إيشْ قرأنا حتّى يُكتب لي الحافظ؟

_ 1 تذكرة الحفاظ "4/ 1208"، سير أعلام النبلاء "19/ 106". 2 ميزان الاعتدال "1/ 92"، ولسان الميزان "1/ 155". 3 تذكرة الحفاظ "4/ 1207". 4 سير أعلام النبلاء "19/ 107".

قلت: وقد أقرأ النّاسَ بالرّوايات، فقرأ على: أبي العلاء الواسطيّ، وعليّ بن طلحة البصْريّ. قرأ عليه: ابنُ أخيه محمد بن عبد الملك بن خَيْرُون. قال أبو عليّ الصَّدَفيّ: قرأتُ عليه عدّة خِتَم. وممّن روى عنه أيضًا: هبة الله بن عبد الوارث، وعمر الرواسي. وكان يُقال: هو في زمانه كيحيى بن مَعِين في زمانه؛ إشارة إلى أنّه كان يتكلَّم في شيوخ وقته جَرْحًا وتعديلًا، ولا يحابي حدًّا. قال السلفي: كان يحيى بن معين إمام وقته1؛ وُلِد في جُمَادى الآخرة سنة ستٍّ وأربعمائة، ومات في رابع عشر رجب، رحمه الله تعالى. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُدَامَةَ، أنا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْبَطِّيِّ، أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونَ: أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ شَاذَانَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، نا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَلَهُ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طعام لا سمرآء". م، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، عَنِ الْعَقَدِيِّ، فَوَقَعَ بَدَلًا عَالِيا. 252- أحمد بن زاهر بن محمد2. أبو بكر بن أبي سعيد النَّيْسابوريّ المقرئ التّاجر. روى عن: أبي حسّان المزكيّ، ومحمد بن إبراهيم الفارسيّ. وحدَّث بإصبهان "بمسلم"، فحمله عنه طائفة. قال يحيى بن مَنْدَهْ: تُوُفّي سنة سبعٍ، أو ثمانٍ وثمانين وأربعمائة، رحمه الله. 253- أحمد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه. أبو سَعْد الحُصْريّ. القزّاز. شيخ بغداديّ مسن، يعرف بابن تحريش.

_ 1 التقييد "134". 2 المنتخب من السياق "116".

سمع: أبا الحسين بن بشران. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي وعمر المَغَازِليّ، وأبو الكرم الشَّهْرُزُورِيّ. ولم يكن يعرف شيئًا. 254- إبراهيم بن محمد بن سعدوَيْه. أبو نصر الأصبهاني. سمع من: أبي بكر بن أبي عليّ، وجماعة. ومولده سنة سبعٍ وأربعمائة. 255- إسماعيل بن محمد بن أحمد1. أبو القاسم الزاهري المرزوي الدندانقاني. كان يدخل مروًا أحيانًا من قريته. وكان عالمًا ورِعًا صدوقًا. أثنى عليه أبو المظفّر منصور بن السّمعانيّ. أكثر النّاس عنه. سمع من: أبيه أبي الفضل، وأبي بكر عبد الله بن أحمد القفال، وعبد الرحمن بن أحمد الشرنخشيري2، وأبي إبراهيم إسماعيل بن يَنَالَ المحبوبيّ، وأحمد بن محمد بن عَبْدُوس الحافظ النَّسَائيّ. روى عنه: عبد الكريم بن بدر، وأبو طاهر محمد بن محمد السِّنْجيّ، وغير واحد. مات في ربيع الآخر عن 91 سنة. 256- إسماعيل بن الفُضَيْل بن محمد. الإمام أبو محمد الفُضَيْليّ الهَرَويّ. كان فقيهًا متفنّنًا في العلوم، نبيلًا. وكان أبوه عالم هَرَاة وخطيبها. وله شعرٌ رائق. وهو والد محمد بن إسماعيل شيخ أبي روح.

_ 1 الأنساب "6/ 229، 230". 2 الشيرنخشيري: نسبة إلى شيرنخشير، وهي قرية من قرى مرو "الأنساب 7/ 156".

"حرف الباء": 257-بَدْر1. أمير الجيوش. أرمنيّ الجنس. ولي إمارة دمشق من قِبل المستنصِر العُبَيْديّ سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة2، إلى أنّ جَرَت بينه وبين الجند والرّعيّة فتنة، وخاف على نفسه، فهَرَب في رجب سنة ستٍّ وخمسين. ثمّ وليها في سنة ثمانٍ وخمسين والشّام بأسره، ثمّ وقع الخِلاف بينه وبين أهل دمشق، فهَرب سنة ستّين. وأخْرَب القصر الّذي كان خارج باب الجابية. أخربه أهل البلد والعسكر خرابًا لم يُعَمَّر بعد، ومضى إلى مصر، فَعَلَت رتبتُه، وصار صاحبَ الأمر، فبعث إلى دمشق عسكرًا بعد عسكر، فلم يظفر بها. وتُوُفْي بمصر. وهو بدر الجماليّ، وهو الّذي بنى جامع العطّارين بالإسكندريّة. وفيه يقول عَلْقَمة العُلَيْميّ: يا بَدْرُ أُقْسِمُ لو بِكَ اعتصمَ الوَرَى ... ولجوا إليك جميعُهم ما ضاعوا3 اشتراه جمال الدّين بن عمّار وربّاه. وقيل: ركب البحر في الشّتاء من صور إلى الدّيار المصريّة في سنة ستٍّ وستّين، والمستنصِر في غاية الضَّعْف واختلال الدّولة للغلاء والوباء الّذي تمّ من قريب، ولاختلاف الكلمة، فولّاه الأمور كلَّها، من وزارة السّيف، والقلم، وقضاء القُضاة، والتَّقدُّم على الدُّعاة، فضبط الأمور، وزال قُطُوع4 المستنصِر واستفاق. ولمّا دخل قرأ القاريء: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: 123] ووقف، فقال المستنصِر: لو أتمَّها لَضَرَبتُ عُنُقَه. ولم يزل إلى أن مات في ذي القعدة سنة ثمانٍ وثمانين.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 81-83"، والبداية والنهاية "12/ 147، 148". 2 أمراء دمشق "16". 3 الكامل في التاريخ "10/ 236". 4 القطوع: الإدبار والنحس.

وبنى مشهد الرّأس بعسقلان. وقد وَزَرَ ولده الأفضل في حياته لمّا مرض. "حرف التّاء": 258- تُتُش بن ألْب أرسلان أبي شُجاع محمد بن داود بن ميكال بن سلجوق بن دُقَاق1. الملك أبو سعيد تاج الدّولة السُّلْجُوقيّ، ولد السّلطان وأخو السّلطان. تُركيّ محتشم، شجاع، من بيت ملك وتقدُّم. مرّ كثيرٌ من سيرته وفتوحاته العظيمة في الحوادث. استنجد به صاحب دمشق أتّسِز على قتال عسكر المصريّين الرّافضة، فقدِم دمشق في سنة اثنتين وسبعين، وقتل أتْسِز في تلك الأشْهر، وملك دمشق، وقيل: إنّه كان حَسَن السّيرة. وبقي على دمشق إلى صَفَر سنة ثمانٍ هذه، فقُتِل بمدينة الرَّيّ. وكان قد سار من دمشق إلى خُراسان عندما سمع بموت أخيه السّلطان ملكشاه ليتملّك، فلقِيه ابن أخيه بَرْكيَارُوق، فقُتِل تُتُش في المعركة، وتسلطن بعده بدمشق ابنُه دُقَاق الملقَّب شمس الملوك، أخو فخْر الملوك رضوان. وكان تتش معظمًا للشيخ أبي الفرح الحنبليّ. وقد جَرَت في مجلسه بدمشق مناظرة عقدها لأبي الفَرَج وخصومه في قولهم: إنّ القرآن يُسمع ويُقرأ ويُكتب، وليس بصوتٍ ولا حرف. فقال الملك: هذا مثل قول من يقول هذا قَباء، وأشار إلى قبائه، على الحقيقة، وليس بحرير، ولا قُطْن، ولا كتّان. وهذا الكلام صَدَر من تُركيّ أعجميّ، فأيّد الله شرف الإسلام أبا الفَرَج، فجاهد في الإسلام حقّ جهاده؛ ثمّ خلّف ولدًا نجيبًا عالمًا سيفًا مسلولًا على المخالفين، وهو شرف الإسلام عبد الوهّاب. "حرف الجيم": 259- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن جحّاف. أبو أحمد المَعَافِريّ، قاضي بلنسية ورئيسها في الفتنة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 83-85"، والبداية والنهاية "12/ 148".

سمع: أبا عمر بن عبد البَرّ. صارت إليه ولاية بَلَنْسِيَة بعد خلْع القادر بن ذي النُّون وقتله على يديه، فلم تُحْمَد دولته. امْتُحن بالكنبيطور الكلب الّذي أخذ بَلَنْسِيَة، فأخذ ماله وعذّبه، وأحرقه بالنَّار. "حرف الحاء": 260- حَمْد بن أحمد بن الحسن1. أبو الفضل الحدّاد. قال ابن السّمعانيّ: ورد نعِيُّه من إصبهان إلى بغداد في ذي الحجّة سنة ثمانٍ وثمانين. قلت: قد ذكرته في سنة ستٍّ، لأنّي رأيت وفاته في تاريخٍ لبعض الأصبهانيين في جُمَادى الأولى سنة ستٍّ، وهو أشبه. 261- الحسن بن عبد الله بن الحسين بن الحسن بن سَلَمَة. أبو عليّ الهَمَذَانيّ المعدل. إمام الجامع بهَمَذَان. روى عن: إبراهيم بن جعفر الأسَديّ، وعليّ بن إبراهيم بن حامد، والحسين بن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ، ومحمد بن عيسى، وابن سَلَمَة، وغيرهم. قال شيروَيْه: سمعتُ منه جميع ما كان عنده مِرارًا، وكان ثقة، صدوقًا، متديِّنًا، جمالًا للمحراب، زَيْنًا للمجالس والمحافل. من بيت العلم. تُوُفّي في صَفَر، وتَولَّيْتُ غسْلَه. قال: وكان مولده في شعبان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. 262- الحسن بن محمد بن الحسن2. الفقيه أبو علي الساوي3 الشافعي، المتكلم الأشعري.

_ 1 المنتظم "9/ 8"، وتقدم برقم "179". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 66". 3 نسبة إلى ساوة بلدة بين الري وهمذان "الأنساب 7/ 19".

حدَّث بدمشق عن: أبي طالب بن غَيْلان، وأبي ذَرّ الهَرَويّ، وأبي الحسن صخر، وغيرهم. روى عنه: الفقيه نصر المقدسيّ وهو من أقرانه، وهبة اللَّه بْن طاوس. وتُوُفّي فِي ذي القعدة، وله ستٌّ وسبعون سنة. 263- الحسين بن إسماعيل1. أبو عبد الله العَلَويّ الحَسَنيّ النَّيْسابوريّ فخر الحَرَمين. روى عن: عبد الرحمن بن حمدان النصرويي، وناصر بن الحسين العَمْريّ. روى عنه: أبو سعْد خيّاط الصُّوف. مات في شوّال، وقد جاوز الثّمانين. "حرف الخاء": 264- خديجة بنت أبي عثمان إسماعيل الصّابونيّ النَّيْسابوريّ2. ماتت في رمضان: وكانت صالحة عابدة. ولدت سنة أربعٍ وأربعمائة، وسمعت من أصحاب الأصمّ، ومن: أبي نصر عمر بن عبد العزيز بن قَتَادَة، والحسين ابن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ. وعنها: أبو البركات بن الفُرَاويّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ، وعمر بن الصّفّار، وغيرهم. ماتت في رمضان، وستأتي أختُها ستيك3. "حرف الراء": 265- رِزْقُ الله بن عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد4.

_ 1 المنتخب من السياق "202"، ولسان الميزان "2/ 273". 2 المنتخب من السياق "219". 3 ستأتي برقم "348". 4 سير أعلام النبلاء "18/ 609-615"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1208"، والبداية والنهاية "12/ 150"، وشذرات الذهب "3/ 384".

الإمام أبو محمد بن أبي الفَرَج التّميميّ البغدادي، رئيس الحنابلة ببغداد. ولد سنة أربعمائة، وقيل: سنة إحدى وأربعمائة. قال السّمعانيّ: هو فقيه الحنابلة وإمامهم. قرأ القرآن، والحديث، والفقه، والأصول، والتّفسير، والفرائض، واللُّغة، وعُمّر حتى صار يقصد من كل جانب. وكان مجلسه جم الفوائد. وكان يجلس في حلقة أبيه بجامع المنصور للوعظ والفتوى. وكان فصيح اللسان. قرأ القرآن على أبي الحسن الحمامي. وسمع منه، ومن: أبيه، وأبي الحسين أحمد بن محمد بن المتيَّم1، وأبي عمر بن مهدي، وأبي الحسين بن بشران، وابن الفضل القطان، والحرفي، وابن شاذان، وجماعة. روى لنا عنه خلْق كثير، ووَرَد إصبهان رسولًا في سنة ثلاثٍ وثمانين. وثنا عنه من أهلها أكثر من ستّين نفسًا. ثُمَّ قَالَ: أنبا الْمَشَايِخُ، فَذَكَرَ سِتِّينَ بِإصبهان، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ نَفْسًا مِنْ غَيْرِهَا. ثُمّ قَالَ: وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ، قَالُوا: أنبا رِزْقُ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ، فَذَكَرَ حَدِيثَ: "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا" 2. وَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَد رِزْقُ اللَّهِ بِعُلُوِّهِ. أنبا أبو المعالي الهَمَذَانيّ، أنا أبو بكر بن سابور، أنا عبد العزيز الشّيرازيّ، أنا رزق الله إملاءً، فذكر مجلسًا أوّله هذا الحديث. قال السّمعانيّ: سمعت أحمد بن سعْد العِجْليّ بهَمَذَان يقول: كان شيخنا أبو محمد التّميميّ إذا روى هذا الحديث قال: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ} [الطور: 15] ؟! وقال السِّلَفيّ: فيما أنا الدّمياطيّ، أنا ابن رَوَاج، أنا أبو طاهر بن سِلَفَة قال: رزق الله شيخ الحنابلة، قدِم إصبهان رسولًا من قِبَل الخليفة إلى السّلطان، وأنا إذ ذاك صغير. وشاهدته يوم دخوله. كان يومًا مشهودًا كالعيد، بل أبْلَغ في المَزِيد. وأُنْزِل بباب القصر، محلتنا، في دار سلطان. وحضرت في الجامع الجورجيري مجلسه

_ 1 في ذيل طبقات الحنابلة "1/ 77" "التميم" وهو تحريف. 2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6502".

متفرِّجًا، ثمّ لمّا تصدَّيت للسّماع، قال لي أبو الحسن أحمد بن معمر اللبناني1، وكان من الأثبات: قد استجرته لك في جملة من كتبتُ اسمه مِن صبياننا. فكتب خطّه بالإجازة. وقال أبو غالب هبةُ الله قصيدةً أوّلها: بمَقْدِم الشّيخ رِزْقِ الله قد رُزِقَتْ ... أهلُ إصبهان أسانيدًا عَجيباتِ ثمّ قال السِّلَفيّ: وروى بالإجازة عن أبي عبد الرحمن السُّلَميّ. قال ابن النّجّار: وقرأ بالرويات على الحمّاميّ. وقرأ عليه جماعةٌ من القرّاء. وتفقّه على أبيه، وعمّه أبي الفضل. وله مصنَّفاتٌ حَسَنَة2. وكان واعظًا، مليح العبارة، لطيف الإشارة، فصيحًا، ظريف المعاني. له القبول التّامّ والحُرْمة الكاملة. ترسَّل إلى ملوك الأطراف. وقال أَبُو زكريا يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَهْ: سمعتُ أبا محمد رزق الله الحنبليّ بإصبهان يقول: أدركتُ من أصحاب ابن مجاهد واحدًا يُقال له: أبو القاسم عُبَيْد الله بْن محمد الخفّاف، وقرأت عَليْهِ سورة البقرة، وقرأها عَلَى أَبِي بَكْر بن مجاهد3. وأدركتُ أيضًا أبا القاسم عمر بن تعويذ من أصحاب الشِّبْليّ، وسمعته يقول: رأيت أبا بكر الشِّبْليّ في درب سليمان بن عليّ في رمضان، وقد اجتاز على البقّال، وهو يُنادي على البَقَل: يا صائم من كلّ الألوان. فلم يزل يكرر هذا اللّفْظ ويبكي، ثمّ أنشأ يقول: خليليَّ إنْ دام هَمُّ النُّفوس ... على ما أراه سريعًا قَتَلْ فَيَا سَاقيَ القَومِ لا تَنْسَني ... ويَا رَبَّةَ الخِدْر غنِّي رَمَلْ لقد كان شيءٌ يُسمَّى السُّرُورُ ... قديمًا سمعنا به ما فعل4

_ 1 اللبناني: نسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان ولها باب يقال له: باب لبنان "الأنساب: 11/ 32". 2 الوافي بالوفيات "14/ 113". 3 سير أعلام النبلاء "18/ 612، 613". 4 سير أعلام النبلاء "18/ 163".

وقال السّمعانيّ: أنشدنا هبة الله بن طاوس: أنْشدنا رزق الله التّميميّ لنفسِهِ: وما شَنَّأَنَّ الشَّيْبَ من أجل لَوْنِهِ ... ولكنَّهُ حادٍ إلى البين مسرع إذا ما دبت منه الطَّليعة آذَنَتْ ... بأنّ المَنَايا خَلْفَها تتطلَّعُ فإنْ قصَّها المِقْراضُ صاحت بأُخْتها ... فتظهرُ تَتْلُوها ثلاثٌ وأربعُ وإنْ خُضِبَتْ حالَ الخِضَاب لأنه ... يُغَالبُ صُنْعَ اللهِ واللهُ أصنعُ إذا ما بَلَغَت الأربعينَ فقُلْ لِمَنْ ... يَوَدُّك فيما تشتهيه ويُسْرعُ هَلُمُّوا لِنَبْكي قبل فُرْقة بَيْننا ... فما بَعْدَها عيشٌ لذيذٌ ومَجْمَعُ وخَلِّ التَّصَابي والخلاعَةَ والهَوَى ... وأُمَّ طريقَ الخير فالخيرُ أنْفعُ وخُذْ جنة تُنْجي وزادًا من التُّقى ... وصُحْبَة مأمومٍ فقصدُك مفزعُ قال أبو عليّ بن سُكَّرَة: رِزقُ الله التّميميّ، قرأت عليه برواية قالون خِتْمةً، وكان كبيرَ بغداد وجليلَها، وكان يقول: كلّ الطّوائف تدعيني1. سمعته يقول: يَقْبُحُ بكم أن تستفيدوا منّا ثمّ تذكرونا، فلا تترحّموا علينا؛ فرحمه الله. قلتُ: وآخر من روى عنه سماعًا أبو الفتح بن البطّيّ، وإجازةً أبو الطاهر السِّلَفيّ. قال ابن ناصر: تُوُفّي شيخنا أبو محمد التّميميّ في نصف جُمَادى الأولى سنة ثمانٍ. ودُفِن في داره بباب المراتب. ثمّ دُفِن في سنة إحدى وتسعين إلى جنْب قبر الإمام أَحْمَد2. قال أبو الكَرَم الشَّهْرُزُوريّ: سمعته يقول: دخلت سَمَرْقَنْد، فرأيتهم يرْوون "النّاسخ والمنسوخ" لجدّي هبة الله، عن خمسةٍ، إليه، فرويته عن جدي لهم.

_ 1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 78". 2 طبقات الحنابلة "2/ 251"، المنتظم "9/ 89".

"حرف الشّين": 266- شافع بن عليّ1. أبو الفضل الطُّرَيْثيثيّ، الصُّوفيّ النَّيْسابوريّ الزّاهد. كان عالِمًا عامِلًا، قانتًا عابدًا، ناسكًا كبير القْدر، صاحب مقامات وأحوال. من سكان دويرة أبي عبد الرحمن السلمي. توفي في ذي الحجة. وقد سمع بمكة من ابن صخْر؛ وبالبصرة من إبراهيم بن طلحة بن غسّان. روى عنه: عبد الله بن الفُرَاويّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ. "حرف الصّاد": 267- صالح بن أحمد بن رضوان بن محمد بن رضوان جالينوس. أبو عليّ التّميميّ البغداديّ المعدّل. روى عن: عبد الملك بن بشْران، وغيره. روى عنه: محمد بن عليّ بن عبد السّلام الكاتب. تُوُفّي في رجب. "حرف العين": 268- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن حمزة بن الحسن بن حمدان بن ذكوان2. أبو محمد البَعْلَبَكيّ. يُعرف بابن أبي فجّة. سمع: عليّ بن محمد الحِنّائيّ، وعبد الرحمن بن ياسر الْجَوْبَريّ، وعليّ بن السّمْسار، وأحمد بن محمد العتيقيّ، وأبا نصر بن الحبّان. وأجاز له الحسين بن أبي كامل صاحب خيثمة.

_ 1 المنتخب من السياق "253"، رقم "815". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "12/ 116".

سمع منه: عبد الرحمن وعبد الله ابنا صابر. قال ابن عساكر: ثنا عنه ابن ابنه عليّ بن حمزة، والخَضِر بن عليّ. وتُوُفّي في ذي القعدة. 269- عبد الله بن طاهر بن محمد شَهْفُور1. أبو القاسم التّميميّ الفقيه، نزيل بلْخ. من أهل إسْفَرائين. قال السّمعانيّ: كان إمامًا فاضلًا نبيلًا، بَرَعَ في الفقه والأصول، ودرَّس بالمدرسة النّظاميّة ببلْخ. حَسَن الأخلاق، ظهرت له الحشمة التّامّة حتّى صار من أهل الثروة. وكان له مروءة وحسان، وتفقُّد للفقراء، وسَعْيٌ جميل في الحقوق. سمع بنَيْسابور: عليّ بن محمد الطّرّازيّ، وعبد الرحمن النصرويي، وجده أبا منصور عبد القاهر البغدادي. روى لنا عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، والمبارك بن خيرون الوزان. سمعوا منه لمّا حجّ. وثنا عنه بهَرَاة: أبو شُجاع البسْطاميّ؛ وببلْخ: أخوه أبو الفتح محمد البسّطاميّ. 270- عبد الجبّار بن الحسين بن محمد بن القاسم. أبو يَعْلَى الهاشميّ البغداديّ الشُّرُوطيّ، المعروف بابن أبي عيسى. وهم أربعة أخوة: محمد, وعبد الجبّار، وعبد السّميع، وعبد المهيمن. سمع: أبا عليّ بن شاذان. وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعليّ بن عبد العزيز بن السّمّاك. تُوُفّي في شعبان. 271- عبد الرحيم بن عثمان بن أحمد2. أبو القاسم السُّنِّيّ الحنفي النيسابوري.

_ 1 المنتخب من السياق "288" رقم "952"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 204". 2 المنتخب من السياق "323 رقم 1066".

حدَّث عن: أبي سعيد الصَّيْرَفيّ، وأصحاب الأصمّ، وعنه: عبد الغافر، وقال: تُوُفّي في رمضان. 272- عبد السّلام بن محمد بن يوسف بن بُنْدَار1. أبو يوسف القَزْوينيّ. شيخ المعتزلة. نزل بغداد، وسمع: أبا عمر بن مَهْديّ الفارسيّ، وعبد الجبّار بن أحمد الهَمَذَانيّ القاضي المعتزليّ، ودرس عليه الكلام بالرَّيّ. وسمع بهَمَذَان: أبا طاهر بن سَلَمَة، وبِحَرّان: أبا القاسم عليّ بن محمد الزَّيْديّ؛ وبإصبهان: أبا نُعَيْم الحافظ. وسمع من: أبيه، وعمّه إبراهيم، وسماعه قبل الأربعمائة. روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو غالب بن البنّاء، وهبة الله بن طاوس، ومحمود بن محمد الرَّحْبيّ، وإسماعيل بن محمد الأصبهاني الحافظ، وأبو بكر قاضي المَرِسْتان، وأبو البركات الأنْماطيّ، وأحمد بن محمد أبو سعْد البغداديّ، وآخرون. قال السّمعانيّ: كان أحد المعمَّرين المقدَّمين، جمع "التّفسير الكبير" الّذي لم يُرَ في التّفاسير كتابٌ أكبر منه، ولا أجمع للفوائد، ولولا أنّه مَزَجَه بكلام المعتزلة، وبثَّ فيه مُعْتَقَدَه، وما اتَّبع نهج السَّلَف فيما صَنَّفه من الوقوف على ما ورَدَ في الكتاب والسُّنّة والتّصديق بهما. وأقام بمصر سِنين، وحصَّل أحْمالًا من الكُتُب، وحملها إلى بغداد، وكان داعيةً إلى الاعتزال. سمعتُ أبا سعْد البغداديّ الحافظ يقول: كان يصرّح بالاعتزال، وقال ابن عساكر: هو مُصنِّفٌ مشهور. سكن طَرَابُلُس مدّةً، ثمّ عاد إلى بغداد. سمعتُ الحسين بن محمد البلْخيّ يقول: إنّ أبا يوسف صنَّف "التّفسير" في ثلاثمائة مجلَّد ونيّف، وقال: من قرأه عليّ وهبْتُه النسخة. فلم يقرأه عليه أحد.

_ 1 معجم البلدان "2/ 332"، والكامل في التاريخ "10/ 253"، وسير أعلام النبلاء "18/ 616-620"، والبداية والنهاية "12/ 150".

وسمعتُ هبة الله بن طاوس يقول: دخلتُ على أبي يوسف ببغداد وقد زمن، من أين أنت؟ قلت: من دمشق. قال: بلد النَّصْب1. وقال ابن النّجّار: قرأتُ بخطّ أبي الوفاء بن عقيل الفقيه: قدِم علينا أبو يوسف القَزْوينيّ من مصر، وكان يفتخر بالاعتزال. وكان فيه توسُّع في القدْح في العلماء الّذين يخالفونه وجُرأة. وكان إذا قصد باب نظام المُلْك يقول لهم: استأذِنوا لأبي يوسف القَزْوينيّ المعتزليّ. وكان طويل اللّسان بعلمٍ تارةٍ، وبسفهٍ يؤذِي به النّاسَ أخرى. ولم يكن محقّقًا إلّا في التّفسير، فإنّه لَهِجَ بالتفاسير حتى جمع كتابًا بلغ خمسمائة مجلد، حشى فيه العجائب، حتى رأيت منه مجلَّدةً في آيةٍ واحدة، وهي قوله تعالى: {وَاتَبَعُوا مَا تَتْلُو الشَيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102] فذكر فيه السَّحَرة والملوك الّذين نَفَقَ عليهم السِّحْرُ وأنواع السِّحر وتأثيراته2. وقال أبو الحَسَن محمد بْن عَبْد المُلْك: ملكَ أبو يوسف القَزْوينيّ كُتُبًا لم يملك أحدٌ مثلَها. فكان قومٌ يقولون ابتاعها من مصر بالخبز وقت شدة الغلاء. وحدَّثني أبو منصور عبد المحسن بن محمد أنّه ابتاعها بالأثمان الغالية. وكان يحضر بيع كُتُب السِّيرافيّ، وهو شاهدٌ معروف بمصر، وبيعت كُتُبُه في سنتين، وزادت على أربعين ألف مجلَّدة. قال: وكان أبو يوسف يبتاع في كلّ أسبوع بمائة دينار، ويقول: قد بعتُ رَحْلي وجميعَ ما في بيتي. وكان الرُّؤساء هناك يواصلونه بالذَّهب. وقيل: إنّه قدِم بغداد معه عشرة أحمال كُتُب، وأكثرها بالخطوط المنسوبة. وعنه قال: ملكتُ ستين تفسيرًا، منها "تفسير ابن جرير"، و"تفسير الجبائي"، و"تفسير ابنه أبي هاشم"، و"تفسير أبي مسلم بن بحر"، و"تفسير البلخي".

_ 1 النصب: من الناصبة، وهم الذين يبغضون عليًّا رضي الله عنه. 2 المنتظم "9/ 90".

قال محمد بن عبد الوهّاب: وأهدى أبو يوسف لنظام المُلْك أربعة أشياء ما لأحدٍ منها: "غريب الحديث" لإبراهيم الحربيّ في عشر مجلدات بخط أبي عمر بن حيويه، و"شعر الكميت" في ثلاث عشر مجلدات بخط أبي منصور، و"عهد القاضي عبد الجبّار بن أحمد" بخطّ الصّاحب بن عبّاد وإنشائه، فسمعتُ أبا يوسف يقول: كان سبعمائة سطر، كل سطر في ورقة سَمَرْقَنْديّ، وله غلاف آبنُوس يطبق كالأُسْطُوانة الغليظة، وأهدى له مُصْحَفًا بخطٍّ منسوب واضح، وبين الأسطر القراءات بالحُمْرة، وتفسير غريبه بالخُضْرة، وإعرابه بالزُّرْقَة، وكتب بالذّهب علامات على الآيات التّي تصْلُح للانتزاعات في العهود، والمكاتبات، والتعازي، والتهاني، والوعيد. فأعطاه نظام الملك ثلاثمائة دينار. فسمعت من يسأل أبا يوسف عند نظام المُلْك فقال: أعطيته أكثر ممّا أعطاني، وإنما رضيت منه بالإكرام، وغدرته حين قال: ليس عندي حلال لا شُبْهة فيه سوى هذا القدر1. وسُئل عنه المؤتَمَن السّاجيّ فقال: قطعته رأسًا لِما كان يتظاهر به من خِلاف الطّريق. وقال محمد بن عبد الملك في "تاريخه": كان أبو يوسف فصيح العبارة، حُلْو الإشارة، يحفظ غرائب الحكايات والأخبار. وكان زَيْديَّ المذهب، وفسَّر بمصر القرآن في سبعمائة مجلدٍ كبار. قلت: وقد دخل عليه الإمام أبو حامد الغزاليّ، وجلس بين يديه، فسأله: من أين أنت؟ فقال: من المدرسة ببغداد. وقال الغزاليّ: علمتُ أنّه ذو اطّلاعٍ ومعرفة، فلو قلت إنّني من طوس، لذكر ما يُحكى عن أهل طُوس من التّغفيل، من أنّهم توسَّلوا إلى المأمون بقبر أبيه، وكونه عندهم، وطلبوا منه أن يحوِّل الكعبة، وينقلها إلى عندهم: وأنّه جاء عن بعضهم أنّه سُئل عن نجمه، فقال بالتّيس. فقيل له في ذلك، فقال: من سِنين كان بالْجَدْي، والآن فقد كَبُر. قال ابن عساكر2: وسمعتُ من يحكي أنّه كان بأَطْرابُلُس، فقال له ابن البرّاج: متكلِّم الرّافضة: ما تقول في الشيخين؟ فقال: سفلتان ساقطان.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 618، 619"، لسان الميزان "4/ 11، 12". 2 في تاريخ دمشق".

قال: مَن تَعْني؟ قال: أنا وأنت. وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة الصَّدَفيّ: أبو يوسف القَزْوينيّ كان معتزليًّا داعيةً، كان يقول: لم يبقَ مَن ينصُرُ هذا المذهبَ غيري، وكان قد بلغ من السّنّ مبلغًا يكاد أن يُخفى في الموضع الّذي كان يجلس فيه، وله لسانٌ شاب1. ذكر لي أن تفسيرًا في القرآن في نحو ثلاثمائة مجلد، سبعة منها في سورة الفاتحة. كان عنده جزءٌ ضخمٌ، من حديث محمد بن عبد الله الأنصاريّ، رواية أبي حاتم الرّازيّ، عنه، كنتُ أودّ أن يكون عند غيره بما يشقّ عليّ. قرأت عليه بعضه، رواه عن القاضي عبد الجبّار المعتزليّ، عنه. وكان سبب مَشْيي إليه أنّ شيخنا ابن سوار المقرئ سألني أنْ أمضي مع ابْنَيه لأُسْمِعَهُمَا عليه، فأَجَبْتُه، وقرأ لهما شيئًا من حديث المحاملي، وأنا أنّه سمع ذلك سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة، وهو ابن أربع سِنين أو نحوها2. قال لي: كنتُ في سنّ هذا، يعني وَلَد شيخنا ابن سِوَار، وكنتُ أعقل من أبيه. وكان لا يُسالم أحدًا من السَّلَف؛ وكان يقول لنا: أُخرجوا تدخل الملائكة يريد المحدِّثين. قال: ولم أكتب عنه حرفًا؛ يعنى ابن سُكَّرَة أنّه لا يحدِّث عنه؛ وقد روى عنه شِعْرًا، وذكره في مشيخته. قال شجاع الذُّهْليّ: أبو يوسف القَزْوينيّ أحد شيوخ المعتزلة، عاش ستًّا وتسعين سنة، ذكر لي أنّ مولده في سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة. وقل ابن ناصر: مات في رابع عشر ذي القعدة، وقال مرةً: ولدت نصف شعبان. 173- عبد الصمد بن أحمد ابن الرُّوميّ: أبو القاسم البغداديّ. سمع: أبا عليّ بن شاذان.

_ 1 سير أعلام النبلاء "18/ 619"، لسان الميزان "4/ 12". 2 سير أعلام النبلاء "18/ 620".

روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، ومحمد بن عليّ بن عبد السّلام. تُوُفّي في صَفَر. 274- عبد الغفار بن نصر. أبو طاهر الهَمَذَانيّ المقرئ البزّاز ويُعرف بابن هاموش. قال شيروَيْه: روى عن: ابن عَبْدان، وعبد الغافر الفارسيّ، وأبي حفص ابن مسرور، والنيسابوريين. قرأت عليه القرآن، وتوفي المحرَّم. 275- عبد الملك بن عبد الله1. أبو سهل الدَّشْتيّ الفقيه. نَيْسابوريّ عالى الإسناد. سمع: أبا طاهر الزّياديّ، وعبد الله بن يوسف بن ماموَيْه، وأبا عبد الرحمن السُّلَميّ. ومات في شوّال. روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ، وقال؛ شيخ من بيت العِلم والتّصوّف والثّروة. وقال السّمعانيّ2: كان شيخًا مستورًا، صدوقًا من بيت العلم والصلاح. ولد سنة ست وأربعمائة. قلت: روى عنه: عبد الخالق بن زاهر، وعمر بن أحمد الصّفّار، وأبو البركات بن الفرواي، وعبد الرحمن بن الحسن الكَرْمانيّ، وآخرون. 276- عُبَيْد الله بن عبد الله بن حَسكوَيْه3. أبو سعد النَّيْسابوريّ. شيخ مُسْنِد، روى عن: أبي بكر الحيري، والطرازي، والصيرفي.

_ 1 الأنساب "5/ 134، 135"، والمنتخب من السياق "330". 2 في الأنساب "5/ 341". 3 تذكرة الحفاظ "3/ 1201"، وسير أعلام النبلاء "18/ 269، 270".

روى عنه: وجيه، وعبد الخالق بن زاهر. وقد مرّ أبوه سنة ثلاثٍ وخمسين. 277- عليّ بن أحمد بن عليّ بن زُهَير1. أبو الحسن التّميميّ المالكيّ. دمشقي مشهور. روى عن: عليّ بن الخضر، وعليّ بن السّمْسار، ومحمد بن عبد الله بن بُنْدَار، وأحمد بن الحسن بن الطّيّان، وأبي عثمان الصّابونيّ، وجماعة. روى عنه: جمال الإسلام السُّلَميّ، ونصر بْن أَحْمَد بْن مقاتل، وناصر بْن محمود القُرَشيّ. قال أبو محمد بن جابر: لم يكن المالكيّ ثقة. وكذلك قال أبو القاسم بن جابر، وقال: أخرج لنا جزءًا من حديث ابن زَبر، قد كتب عليه سمَاعَه من ابن السِّمْسار سنة خمسٍ وثلاثين. ومات ابن السّمْسار سنة أربعٍ وثلاثين. تُوُفّي في ذي القعدة، وله ثلاثٌ وسبعون سنة. 278- عليّ بن أحمد بن خُشْنَام2. أبو سعيد الصَّيْدلانيّ. شيخ نَيْسابوريّ صالح. سمع: محمد بن محمد بن مَحْمِش. وهو أخو شبيب البَسْتيغيّ3. روى عنه: عمر بن أحمد الصفار وإسماعيل العصايدي.

_ 1 ميزان الاعتدال "3/ 112"، ولسان الميزان "4/ 517". 2 التحبير "1/ 559"، والمنتخب من السياق "388". 3 البستيغي: نسبة إلى بستيغ، وهي قرية بسواد نيسابور "الأنساب 2/ 207".

279- عليّ بن عَمْرو الحرّانيّ1. الفقيه الحنبليّ، الرّجل الصّالح. يُكنى أبا الحسن. مات بسَرُوج. وكان من أصحاب القاضي أبي يَعْلَى. تُوُفّي في شعبان. 280- عليّ بن عبد الصّمد بن عثمان بن سلامة2. أبو الحسن العسقلانيّ، المعروف بطيف. سمع: أبا عبد الله بن نظيف بمصر، ومحمد بن جعفر الميماسيّ بغزّة، وعليّ بن السِّمّسار بدمشق. قال غيث بن عليّ: سمعتُ منه في سنة ثمانٍ وثمانين، ما علمتُ من أمره إلّا خيرًا. 281- عليّ بن عبد الغنيّ3. أبو الحسن الفِهْريّ المقرئ الحُصْريّ. الشَّاعر الضّرير. أقرأ النّاس بسَبْتَة وغيرها. قال ابن بَشْكُوال4: ذكره الحُمَيْديّ5 وقال: شاعر أديب، رخيم الشِّعْر، دخل الأندلس ولقي ملوكها؛ وشعره كثير، وأدبه موفور. قلت: وكان عالِمًا بالقراءات وطُرُقَها. قال ابن بَشْكُوال: روى لنا عنه أبو القاسم بن صواب، أخبرنا عنه بقصيدته الّتي نَظَمَها في قراءة نافع، وهي مائتا بيت وتسعة أبيات، قال: لقيته بمُرْسِية. ومن شعره، وقد كتب إليه المعتمد وبعث خمسمائة دينار يتجهز بها ليفد عليه، فقال:

_ 1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 86، 87". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 128". 3 سير أعلام النبلاء "19/ 6، 27"، وشذرات الذهب "3/ 385، 386". 4 في الصلة "2/ 432". 5 في الجذوة "314".

أمرتني بركوب البحر أَقْطَعُهُ ... غيري لك الخير فاخْصُصْه بذا الدّاءِ ما أنتَ نوحٌ فَتُنْجِيني سفينَتُهُ ... ولا المسيحُ أنا أمشي على الماءِ "حرف الفاء": 282- الفضل بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى1. أَبُو القاسم بن أبي حرب الْجُرْجَانيّ الزّجّاجيّ. شيخٌ نَيْسابوريّ الدّار، ثقة، صالح، حسن السّيرة، تاجر أمين. سمع: أبا عبد الرحمن السّلَميّ، وابن مَحْمِش، والحِيريّ، وغيرهم. روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأحمد بن سعْد العجلي الهمذاني، وأبو عثمان العصايدي المرزوي، وعمر ابن أحمد الصّفّار، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وأحمد بن مبارك بن قُفْرَجَل، وصَدَقَة بن محمد السّيّاف. حدَّث ببُلْدان، وحكى عنه جيرانه كثرةَ تِلاوةٍ وبُكاء. ولد سنة خمسٍ وأربعمائة، وتُوُفّي في رمضان. قال ابن النّجّار: أمين صدوق، صالح، عفيف، من التّجّار، كثير الصَّدَقة. وقيل: كان أبوه حاتم وقته. "حرف الميم": 283- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الله بْن إبراهيم2. الوزير ظهير الدّين أبو شُجاع الرُّوذرَاوَريّ. وَزَرَ للمقتدي بالله بعد عزْل عميد الدّولة منصور بن جهير سنة ستٍّ وسبعين، وصُرِف سنة أربعٍ وثمانين، وأُعيد ابن جَهِير. ولمّا عُزِل قال: تولّاها وليس له عدوّ ... وفارقها وليس له صديق3

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 40، 41". 2 المنتظم "9/ 90-94"، وسير أعلام النبلاء "19/ 27-31"، والبداية والنهاية "2/ 150، 151". 3 الكامل في التاريخ "10/ 187"، وسير أعلام النبلاء "19/ 30".

ثمّ إنّه حجّ وجاوَرَ بالمدينة إلى أن مات بها كَهْلًا. وكان ديِّنًا عالمًا، من محاسن الوزراء. قال العِماد الكاتب: لم يكن في الوزراء من يحفظ أمر الدّين والشَّرع مثله. وكان عصره أحسن العصور رحمه الله. "ذكره" صاحب "المرآة"1. ولمّا ولي وزارةَ المقتدي كان سليمًا من الطَّمع في المال، لأنّه كان يملك حينئذٍٍ ستمائة ألف دينار، فأنفقها في الخيرات والصَّدقات. قال أبو جعفر الخرفي: كنتُ أنا واحدًا من عشرة نتولّى إخراج صَدَقَاته، فحسبْت ما خرج على يديّ، فكان مائة ألف دينار. وكان يبيع الخطوط الحَسَنة، ويتصدَّق بها، ويقول: أنا أَحَبّ الأشياء إليَّ الدّينار والخطّ الحسن، فأنا أتصدَّق بمحبوبي لله. وجاءته قصة بأن امرأةً وأربعة أيتام عرابًا، فبعث من يكسوهم، وقال: والله لا ألبس ثيابي حتّى ترجعَ. وتعرَّى، فعاد الغلام وهو يرعد من البرد. وكان قد ترك الاحتجاب ويكلِّم المرأة والصّبيّ، ويحضر مجالسة الفُقَهاء والعَوَامّ، ولا يمنع أحدًا. وأُسقطت المُكُوس في أيّامه، وألبسَ الذّمّة الغيار. ومحاسنه كثيرة، وصَدَقَاته غزيرة، وتواضعه أمر عجيب، فرحمه الله تعالى. 284- محمد بن عبّاد بن محمد بن إسماعيل بن قُريش2. السّلطان المعتمد على الله أبو القاسم ابن السّلطان المعتضد بالله أبي عمرو ابن الإمام الفقيه قاضي إشبيليّة، ثمّ سلطانها الظّافر المؤيّد بالله أبي القاسم بن أبي الوليد اللَّخْميّ، من ولد النُّعْمان بن المنذر صاحب الحِيرة. كان المعتمد صاحب إشبيليّة وقُرْطُبة، وأصلهم من بلاد العريش الّتي كانت في أوّل رمل مصر، فدخل أبو الوليد الأندلس. مات المعتضد سنة إحدى وستين وأربعمائة، فتملك بعده المعتمد هذا. وكان

_ 1 أي مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي. 2 الكامل في التاريخ "10/ 248-250"، وسير أعلام النبلاء "19/ 58-66".

عالمًا، ذكيًّا، أديبًا، شاعرًا مُحْسِنًا، وكان أندى الملوك راحةً، وأَرْحَبَهم مساحةً، كانت حضرته مَلْقَى الرّحال، وموسم الشُّعراء، وقِبلة الآمال ومَأْلَفَ الفُضَلاء. وشِعره في غاية الحُسْن، وهو مدوَّن موجود. قال أبو بكر محمد بن عيسى اللَّخْميّ الدّانيّ المعروف بابن اللّبّانة الشّاعر: ملك المعتمد بن مسوَّرات البلاد ما بين أمصارٍ ومُدُنٍ وحصون مائتي مسوَّر وإحدى وثلاثين مسوَّرًا. وخُلِع من ملكه عن ثمانمائة سريّة1، ووُلِد له مائةٌ وثلاثةٌ وسبعون ولدًا. وكان راتبه كل يومٍ ثمانمائة رِطْل لحم. وكان له ثمانية عشر كاتبًا. وذكر القاضي شمس الدين ابن خلكان2، قال: كان الأذفونش بن فرذلَنْد ملك الفرنج بالأندلس قد قوي أمُره، وكانت ملوك الطّوائف من المسلمين بجزيرة الأندلس يصالحونه، ويؤدُّون إليه ضريبة، ثمّ إنّه أخذ طليطلة في سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة بعد حصارٍ شديد، وكانت للقادر بالله بن ذي النُّون. وكان المعتمد مع كونه أكبر ملوك الجزيرة يؤدي الضريبة للأذفونش، فلمّا ملك الكلب طُلَيْطُلَة قويت نفسه، ولم يقبل ضريبة المعتمد، وأرسل إليه يتهدده ويقول: تنزل عن الحصون الّتي بيدك، ويكون لك السَّهْل. فضربَ المعتمدُ الرسولَ، وقتلَ من كان معه. فبلغ الأدفونش الخبر وهو متوجهٌ لحصار قُرْطُبة، فرجع إلى طُلَيْطُلَة لأخْذ آلات الحصار، فأتى المشايخ والعلماء إلى أبي عبد الله محمد بن أدهم، وفاوضوه فيما نزل بالمسلمين، فاجتمع رأيهم أن يكتبوا إلى الأمير أبي يعقوب يوسف بن تاشَفين صاحب مرّاكش، يستنجدونه ليُعدّي بجيوشه إلى الأندلس، ويُنجد الإسلام. واجتمع القاضي بالمعتمد على الله، وأعلمه بما جرى فقال: مَصْلَحَة3. ثمّ، إنّ ابن تاشَفين نزل سَبْتَة، وأمر جيشه، فعبروا إلى الجزيرة الخضراء، ولمّا تكامل له جُنْدُه عبرَ هو في السّاقة. ثمّ إنّه اجتمع بالمعتمد. وقد عرض المعتمد عساكره. وأقبل المسلمون من كلّ النّواحي طلبًا للجهاد. وبلغ الأذفونش الخبر فخرج

_ 1 الحلة السيراء "2/ 55". 2 في وفيات الأعيان "5/ 27". 3 الروض المعطار "288".

في أربعين ألف فارس، وكتبَ إلى ابن تاشَفين يتهدّده، فكتب ابن تاشَفين جوابه في ظهر كتابه: "الّذي يكون سَتَراه". وردّه إليه. فلمّا وقف عليه ارتاع لذلك، وقال: هذا رجل عازم. ثمّ سارَ حزبُ الإسلام وحزبُ الصّليب والتقى الْجَمْعَان بالزّلّاقة من بلد بَطَلْيُوس، فكانت ملحمةً كبرى، وهزم الله الأذفونش، بعد استئصال عسكره، ولم يَسْلَم معه سوى نفرٍ يسير. وذلك في يوم الجمعة من رمضان سنة تسعٍ وسبعين. وأصاب المعتمدَ جراحاتٌ في وجهه وبدنه، وشهدوا له بالشّجاعة، وغنم المسلمون شيئًا كثيرًا1. وعاد ابن تاشَفين إلى بلاده. ثمّ إنّه في العام المقبل، عدَّى إلى الأندلس، وتلقّاه المعتمد، وحاصرا بعض حصون الفرنج، فلم يقدروا عليها، فرحل ابن تاشَفين، ومر بغرناطة إليه صاحبها عبد الله بن بُلُكِّين تقادُم سَنِيّه، وتلقّاه، فغدر به ابن تاشَفين، ودخل بلده وقصره، وأخذ منه ما لا يُحصى، ثمّ رجع إلى مَرّاكش، وقد أعجبه حَسْن الأندلس وبساتينها وبُناها ومطاعمها الّتي لا توجد بمَرّاكش، فإنّها بلاد بربر وأجْلاف العُربان. وجعل خواصُّ ابن تاشَفين يُعظِّمون عنده الأندلس، ويُحسِّنون له أخذها، ويُغْرون قلبه على المعتمد بأشياء2. وقال عبد الواحد بن عليّ المَرّاكشيّ في "تاريخه": غلبَ المعتمد على قُرْطُبة في سنة إحدى وسبعين، فأخرج منها ابن عُكّاشة، ثمّ رجع إلى إشبيلية؛ واستخلف عليها ولده عبّادًا، ولقّبه المأمون. وفي سنة تسعٍ وسبعين جاز المعتمد البحرَ إلى مَرّاكش مستنصرًا بيوسف بن تاشَفِين على الرُّوم، فَلَقِيه أحسن لقاء، وأسرع إجابته وقال: أنا أول منتد لنِصْرة الدّين. فرجع مسرورًا، ولم يدرِ أنّ تدميره في تدبيره، وسلَّ سيفًا عليه لا له. فأخذ ابن تاشَفِين في أُهْبة العبور إلى الأندلس، واستنفر النّاس، وعبر في سبعة آلاف فارس، سوى الرّجّالة، ونزل الجزيرة الخضراء، وتلقاه المعتمد، وقدم له تحفًا

_ 1 الروض المعطار "289-291". 2 وفيات الأعيان "5/ 27-30".

جليلة، وسأله أن يدخل إشبيلية، فامتنع وقال: نريد الجهاد. ثمّ سار بجيوشه إلى شرقيّ الأندلس. وكان الأدفونش، لعنه الله يحاصر حصنًا، فرجع إلى بلاده يستنفر الفرنج، وتلقّى ابن تاشَفِين ملوك الأندلس الّذين كانوا على طريقه كصاحب غَرْناطة، وصاحب المَرِيّة، وصاحب بَلَنْسِيَة، ثمّ استعرض جُنْدَه على حصن لُورَقَة، وقال للمعتمد: هَلُمَّ ما جئنا له من الجهاد. وجعل يصغّر قدر الأندلس ويقول: في أوقاتٍ كان أمر هذه الجزيرة عندنا عظيمًا، فلما رأياها وقعت دون الوصف. وهو في ذلك كلّه يُسِّرُّ حَسْوًا في ارتقاء. فسار المعتمد بين يديه، وقصد طُلَيْطُلَة، فتكامل عدد المسلمين زُهاء عشرين ألفًا، فالتقوا هم والعدوّ بأوّل بلاد الرّوم، لعنهم الله، وجاء الأدفونش في جيشٍ عظيم بمرّة، فلمّا رآهم يوسف قال للمعتمد: ما كنت أظن هذا الخنزير يبلغ هذا الحدّ. فالتقوا في ثاني عشر رمضان، وصَبَر البربر، وأبلوا بلاء حَسَنًا، وهزم الله النَّصارى، وكانت ملحمة مشهودة. ونجا الأدفونش في تسعةٍ من أصحابه. وتُسمَّى هذه وقعة الزّلّاقة. ففرح أهل الأندلس بالبربر، وتيمَّنوا بهم، ودعوا لابن تاشَفِين على المنابر، فقوي طمعه في الأندلس. وقد كانت الفرنج تأخذ الإتاوة من ملوكها قاطبة. ثم جال ابن تاشَفِين في الأندلس على سبيل التَّفرُّج، وهو يُضْمر أشياءً، ويُظْهر إعظام المعتمد ويقول: إنّما نحن في ضيافته، وتحت أمره. وكان المعتصم مَعْن بن محمد بن صُمادِح، صاحب المَرِيّة، يحسد المعتمد، فداخَلَ ابنَ تاشَفِين، وحظي عنده، فأخذ يعيب المعتمد، وقدَّم لابن تاشَفِين هدايا فاخرة، ولم يدرِ ابن صُمادِح أنّه يسقط في البئر الّذي حَفَر. وأعانه جماعةٌ على تغيير قلب ابن تاشفين يقول الزُّور، وبأنّه يَتَنَقَّصَك. فعبرَ إلى بلاده مُرّاكش. وفهِم المعتمد أنّه قد تغيّر عليه. ثمّ اتّفق رأي ابن تاشَفِين أن يراسل المعتمد، يستأذنه في رجالٍ صُلَحاء أصحاب ابن تاشَفِين رغِبوا في الرّباط في حصون الأندلس. فاذِن له. وأراد ابن تاشَفِين أن يكون له بالأندلس أعوانًا لوقت الحاجة. وقد كانت قلوب الأندلسيّين قد أُشْرِبَت حُبَّ ابن تاشَفِين، فانتخب رجالًا، وأمّر عليهم قرابته بُلَّجِين، وقرَّر معه أمورًا، فبقوا بالأندلس إلى أن ثارت الفتنة. ومبدؤها في شوّال سنة ثلاثٍ وثمانين. فملك المرابطون جزيرة طريف، ونادوا فيها بدعوة أمير المسلمين يوسف.

ثمّ زحف المرابطون الّذين في الحصون إلى قُرْطُبة فحاصروها، وفيها المأمون بعد أن أبدى عذرًا وأظهر في الدّفاع جَلَدًا وصبرًا في صَفَر سنة أربعٍ وثمانين. فزادت الإحْنة والمحنة، وعَلَت الفتنة. قال ابن خَلِّكان1: وحاصروا إشبيليّة، وبها المعتمد، أشدّ المحاصرة، وظهر من شدّة بأس المعتمد ومصابرته وتَرَاميه على الموت بنفسه، ما لم يسمع بمثله. فلما كان في رجب سنة أربعٍ هجم ابن تاشَفِين البلدَ، وشنُّوا فيه الغارات. ولم يتركوا لأحدٍ شيئًا. وخرج النّاس يسترون عوراتهم بأيديهم. وقبضوا على المعتمد. وقال عبد الواحد المذكور: وفي نصف رجب ثاروا على المعتمد، فبرز من قصْره وسيفه بيده، وغلالته ترفّ على جسده، لا درع عليه، ولا دَرَقَة معه، فلقي فارسًا مشهور النَّجْدة فرماه الفارس بحربةٍ، فأصاب غِلالَتَه، وضرب هو الفارس بالسّيف على عاتقه، فخرَّ صريعًا. فانهزمت تلك الْجُموع، وظنَّ أهل إشبيليّة أن الخِناق قد تنفّس. فلمّا كان وقت العصر، عاودهم البربر، فظهروا على البلد من واديه، وشبّت النّار في شوانيه2، فعندها انقطع العمل. وكان الّذي ظهر عليها من جهة البَرّ جُدَيْر بن البربريّ، ومن الوادي الأمير أبو حمامة. والْتَوَتِ الحال أيّامًا، إلى أن قدِم سِير ابن أخي يوسف بن تاشَفِين بعساكره، والنّاسُ في تلك الأيّام يرمون أنفسهم من الأسوار. فاتَّسع الخَرْق على الرّاقع بمجيء سِير، ودُخِل البلد من واديه، وأُصيب حاضره وبادِيه بعد أن جدّ الفريقان في القتال، وشُنَّت الغارة في إشبيليّة، ولم يترك البربر لأهلها سبدًا ولا لبدًا. ونُهِبت قصور المعتمد، وأُخِذ أسيرًا. ثمّ أُكْرِه على أن يكتب إلى ولديه: أن تُسلِّما الحصنَيْن، وإلّا قُتِلتُ. وإنّ دمي رهنٌ على ذلك. وهما الراضي بالله، والمعتمد بالله، وكانا في رُنْدَة ومارْتلة، فنزلا بعد عهودٍ مبرمة. فأما المعتمد، فعند نزوله قبض عليه القائد الواصل إليه، وأخذ كلّ أمواله، وأمّا الآخر فقتلوه غِيلَةً. وذهبوا بالمعتمد وآلِه بعد استئصال جميع أحواله، وعبروا بِهِ إِلى طنجة، فبقي بها أيامًا، ثُمَّ نقلوه إلى مِكْناسَة، فتُرِك بها أشهرًا، ثم نقلوه إلى مدينة

_ 1 في وفيات الأعيان "5/ 30". 2 هي السفن الحربية.

أغْمات، فبقي بها أكثر من سنتين محبوسًا. ومات. وللمعتمد مراثٍ في ولديه اللّذين قتلوهما. وله في حاله: تَبَدَّلْتُ من ظِلِّ عزِّ البُنُود ... بِذُلِّ الحديد وثِقْل القُيُودِ وكان حديدي سِنانًا ذَلِيقًا ... وعَضْبًا رَقيقًا صَقيلَ الحديد وقد صار ذاك وذا أدهمًا ... يعض بساقي الأسُودِ1 وقيل: إنّ بنات المعتمد دخلن عليه السّجنَ في يوم عيدٍ، وكُنَّ يغْزِلن للنّاس بالأُجرة في أغْمات، فرآهنّ في أطمارٍ رثَّةٍ، فَصَدَعْنَ قلبه، فقال: فيما مضى كنتَ بالأعياد مسرورًا ... فساءك العيدُ في أَغْماتَ مأسورا ترى بناتِك في الأطمار جائعةٍ ... يغزلن للناس لا يملكن قِطْميرا بَرَزْنَ نحوك للتّسليم خاشعةً ... أبصارهُنَّ حسيراتٍ مَكَاسيرا يَطَأْنَ في الطِّين والأقدامُ حافيةٌ ... كأنّها لم تَطَأَ مِسْكًا وكافورا من بات بعدَكَ في ملكٍ يُسَرُّ به ... فإنّما بات بالأحلام مسرورا ودخل عليه ولده أبو هاشم، والقيود قد عضّت بساقيه، فقال: قَيْدي أما تَعْلَمُني مُسْلمًا ... أبيتَ أن تُشْفق أو تَرْحما دمي شرابٌ لك واللّحم قد ... أكلْتَه لا تهشم الأعظُما يُبصرني فيك أبو هاشمٍ ... فينثني والقلب قد هُشِّما ارْحم طُفَيْلًا طائشًا لُبُّه ... لم تَخشَ أن يأتيك مسترحما وارحم أخياتٍ له مثله ... جرّعتهُنَّ السُّمّ والعَلْقَما وللمعتمد، وقد أُحيط به: لمّا تماسكتِ الدّموعُ ... وتَنَهْنَهَ القلبُ الصَّدِيعُ قالوا الخضوعُ سياسةٌ ... فَلْيَبْدُ منك لهم خضوع

_ 1 الأبيات في ديوان المعتمد بن عباد "94"، وسير أعلام النبلاء "19/ 64".

وألذ من طعم الخضو ... ع على فمي السم النقيع إن تسلب عنِّي الدُّنَا ... مّلْكي وتُسْلِمُني الْجُمُوعُ فالقلبُ بين ضُلُوعِهِ ... لم تُسّلِمِ القلبَ الضُّلُوعُ قد رُمْتُ يوم نِزَالِهم ... أنْ لا تحصِّنني الدُّرُوعُ وبرزت ليس سوى قميـ ... ـصٍ عن الحشَى شيءٌ دَفُوعُ أجَليَ تأخّر لم يكُنْ ... بِهَوَايَ ذُلِّي والخُضُوعُ ما سِرتُ قطُّ إلى القتا ... ل وكان في أملي الرجوعُ شِيَمُ الأُولَى أنا منهمُ ... والأصل تتْبعهُ الفروعُ ولأبي بكر محمد بن اللّبّانة الدّانيّ فيه قصائد سائرة، وكان منقطعًا إليه؛ من ذلك: لكلّ شيءٍ من الأشياء ميقاتُ ... وللمُنى من مناياهنّ غاياتُ والدّهر في صِيغة الحِرْباء منغمسٌ ... ألوانُ حالاته فيها استحالاتُ ونحن من لعب الشّطرنج في يده ... ورُبّما قُمِرت بالبَيْدق الشّاةُ أنفض يديك من الدّنيا وساكِنها ... فالأرضُ قد أقْفرتْ والنّاسُ قد ماتوا وقُلْ لعالَمِها الأرضيّ قد كَتَمتْ ... سريرةَ العالَمِ العُلْويِّ أَغْماتُ وهي طويلة. وله فيه قصائد طنّانة، هي: تنشَّق رياحينَ السّلامِ فإنّما ... أفُضُّ بها مِسْكًا عليك مُخَتَّما وقل لي مَجازًا إن عَدِمْتَ حقيقةً ... بأنّك في نُعْمَى فقد كنتَ مُنْعِمَا أفكِّرُ في عصرٍ مضى لك مُشْرقًا ... فيرجعُ ضَوءُ الصُّبْح عندي مُظْلِما وأعْجَبُ من أُفْقِ المجَرَّةِ إذ رأى ... كُسُوفَكَ شمسًا كيف أطْلَعُ أنْجُمَا فتاةٌ سَعَتْ للطَّعنِ حتّى تقَصَّدَتْ ... وسيفٌ أطال الضَّربَ حتّى تثلَّما بكى آلُ عَبّادٍ ولا لمحمدٍ ... وأبنَائهِ صَوْبُ الغَمَامة إذ هُمَا

صَبَاحُهُمْ كُنَّا به نَحْمَدُ السُّرَى ... فلمَّا عَدِمْنَاهُمْ سَرَيْنَا على عَمَى وكُنّا رَعَيْنا العزَّ حولَ حِمَاهُمُ ... فقد أجْدَبَ المَرْعَى وقد أقفر الحِمى وقد أَلْبَسَت أيْدي اللّياليَ مَحَلَّهُم ... منَاسِيجَ سَدَّى الغَيْثُ فيها وألحَمَا قصورٌ خَلَتْ من ساكنيها فما بها ... سوى الأدم تمشي حولَ وَاقِفَةِ الدُّما كأنْ لم يكنْ فيها أنيسٌ ولا التَقَى ... بها الوفدُ جَمْعًا والْجَميشُ عَرَمْرَمَا حكيتَ وقد فارقْتَ مُلْكَكَ مالكًا ... ومِن وَلَهِي أبكي عليك مُتمَّما تضيقُ عليَّ الأرضُ حتّى كأنّني ... خُلِقْتُ وإيّاها سِوارًا ومعْصَمَا وإنّي على رسْمي مقيمٌ فإن أَمُتْ ... سأجْعلُ للباكِينَ رسْمي مَوْسِمَا بَكَاكَ الحَيَا والرّيحُ شقَّتْ جُيُوبَها ... عليكَ وناح الرَّعْدُ باسمِكَ مُعْلِما ومُزِّق ثوبُ البَرْق واكتَسَتِ السّما ... حِدَادًا وقامتْ أنْجُم اللّيل مأْتَمَا وما حلَّ بدْرُ التَّمِّ بعدَك دارَةً ... ولا أظْهَرَتْ شمس الظَّهِيرة مبسما سيُنْجيك مَن نجَّى من الْجُبُّ يُوسُفًا ... ويؤويك من آوى المسيح ابن مرْيَمَا ثمّ إنّه وفد على المعتمد وهو في السّجن وفادةَ وفاءٍ لا استجداء، وحكى أنّه لمّا عزم على الانفصال عنه بعث إليه عشرين دينارًا، وتفصيلة، وأبياتًا يعتذر فيها، قال: فَرَدَدْتُها عليه لعلمي بحاله، وأنّه لم يترك عنده شيئًا. قال ابن خَلِّكان: مولده سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. ومات في شوال سنة ثمانٍ وثمانين. قلت: وقد سمّى ابن اللّبّانة أولاد المعتمد الّذين في الحياة بأسمائهم وألقابهم، فذكر نحوًا من ثلاثين ذكرًا. قال: وعدد بناته أربعٌ وثلاثون بنْتًا. 285- مُحَمَّد بن عَبْد الواحد. أَبُو بَكْر الإصبهاني. عُرف بخوروسْت. شيخ مسن.

قال السِّلَفيّ: لم يَمُت أحدٌ من شيوخي قبله. روى عن: أبي منصور بن مَهْرُيَرْد. 286- محمد بن عثمان بن عليّ بن حسّان1. أبو سعيد البُسْتيّ الغازيّ القّوّاس، ابن الأديب النَّحْويّ أبي طاهر. سمع من أصحاب الأصمّ. وكان أحد الرُّماة المذكورين. وتُوُفّي في ذي الحجَّة عَنْ أربعٍ وثمانين سنةٍ بنَيْسابور. روى عنه: أبو البركات الفُرَاويّ، وأُمُّ سَلَمَة بنت عبد الغافر. 287- محمد بن عليّ بن الحسين بن يحيى بن حميدون2. القاضي أبو عبد الله الصُّوريّ تُوُفّي بصُور في رمضان. 288- محمد بن عليّ بن أبي عثمان. أبو الغنائم. قال شُجاع الذُّهْليّ: تُوُفّي فيها. وقد مرّ سنة ثلاث. 289- مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله. أبو عليّ الشّاذياخيّ الصُّوفيّ. حدَّث عن: أبي حسّان محمد بن أحمد المزكيّ، وأبي بكر بن الحارث، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم المزكيّ. وُلِد سنة خمس عشرة وأربعمائة. وتوفي في صفر. 290- محمد ين عليّ بن أبي صالح البَغَويّ الدّبّاس. سمع: الجراحيّ، ومسعود بن محمد البِغِويّ، وعليّ بن أحمد الإسْتِراباذيّ3 وغيرهم. وهو آخر من روى "جامع" التِّرْمِذِيّ بِعُلُوّ. روى عنه: ابنه عثمان، وأبو الفتح محمد بن عبد الله الشّيرازيّ، وأحمد بن

_ 1 المنتخب من السياق "65"، وفيه "صبيان" بدل "حسان". 2 تاريخ دمشق "38/ 573". 3 الإستراباذي: نسبة إلى بلدة إستراباذ من أعمال طبرستان "الأنساب 1/ 214".

ياسر المقرئ، وأبو الفتح محمد بن أبي علي، ومحمد بن عبد الرحمن الحمدويي، وآخرون كثرون. وتُوُفّي ببغشُور في ذي القعدة. وكان من الفقهاء. عاش ثمانيا وثمانين. وكنْيته أبو سعيد. 291- محمد بن المظفّر بن بكران بن عبد الصّمد1. العلّامة قاضي القُضاة أبو بكر الشّاميّ الحموي الفقيه الشافعي. ولد بحماة سنة أربعمائة، ورحل إلى بغداد شابًّا، فسكنها وتفقّه بها. وسمع الحديث من: عثمان بن دُوَسّت، وأبي القاسم بن بشْران، وأبي طالب بن غَيْلان، وأبي محمد الخلّال، وأبي الحسن العتيقيّ، وجماعة. روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وإسماعيل بن محمد الحافظ، وهبه الله بن طاوس المقرئ. وكان دخوله بغداد في سنة عشرين. قال السّمعانيّ: هو أحد المتقنين لمذهب الشّافعيّ، وله اطّلاع على أسرار الفقه. وكان ورِعًا زاهدًا متَّقيا. وجَرَت أحكامه على السَّداد. ولي قضاء القُضاة ببغداد بعد موت أبي عبد الله الدّامغانيّ سنة ثمانٍ وسبعين، إلى أن تغيّر عليه المقتدي بالله لأمرٍ، فمنع الشُّهُود من حضور مجلسه مدّةً، فكان يقول: ما أنعزِل ما لم يتحقَّقوا عليِّ الفِسْق. ثمّ إنّ الخليفة خلع عليه، واستقام أمره2. وسمعت الفقيه أحمد بن عبد الله بن الأبنوسيّ يقول: جاء أمير إلى قاضي القُضاة الشّاميّ، فادّعى شيئًا، فقال: بيّنتي فلان والمشطّب الفَرَغانيّ الفقيه. فقال: لا أقبل شهادة المشطّب؛ لأنه يلبس الحرير. فقال: السّلطان ملِكْشاه ووزيره نظام الملك يلبسانه.

_ 1 الأنساب "4/ 229"، وسير أعلام النبلاء "19/ 85-88"، والبداية والنهاية "12/ 151". 2 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 83".

فقال: ولو شهِدا عندي ما قَبِلتُ شهادتهما أيضًا1. وقال ابن النّجّار: كان رحمه الله قد تفقّه على أبي الطّيّب الطّبريّ، وكان يحْفظ تعليقته، وولي قضاء القُضاة، وأبى أن يأخذ على القضاء رِزْقًا. ولم يغيّر مأكَلَه ولا مَلْبَسه، ولا استناب أحدًا في القضاء. وكان يسوّي بين الشّريف والوضيع في الحُكْم، ويقيم جاه الشَّرْع. فكان هذا سبب انقلاب الأكابر عنه، فألصقوا به ما كان منه بريًّا من أحاديث مُلَفَّقّةٍ، ومعاييب مزوَّرة. وصنَّف كتاب "البيان عن أُصول الدّين". وكان على طريقة السَّلَف، ورِعًا نَزِهًا. وأنبأنا أبو اليُمْن الكِنْديّ أنّ أحمد بن عبد الله بن الأبنوسي أخبره قال: كان لقاضي القُضاة الشّاميّ كِيسان، أحدهما يجعل فيه عمامته، وهي كتّان، وقميصًا من القطْن الحَسَن، فإذا خرج لبسهما. والكيس الآخر فيه فتيت، فإذا أراد الأكل جعل منه في قصْعة، وجعل فيه قليلًا من الماء، وأكل منه2. وكان له كادك في الشّهر بدينار ونصف، كان يقتات منه. فلمّا ولي القضاء جاء إنسان فدفع فيه أربعة دنانير، فأبى، وقال: لا أغير ساكني. وقد ارتبتُ بك؛ لِمَ لا كانت هذه الزّيادة مِن قِبل القضاء؟ وكان يشدّ في وسَطِه مِئْزرًا، ويخلع في بيته ثيابه، ويجلس. وكان يقول: ما دخلتُ في القضاء حتّى وجب عليّ، وأعصي إن لم أقبله. وكان طُلّاب المنصب قد كثُروا، حتّى أنّ أبا محمد التّميميّ بذل فيه ذهبًا كثيرًا، فلم يُجب. وقال "ابن" الجوزيّ: لمّا مات الدّامغانيّ سنة ثمانٍ وسبعين أشار الوزير أبو شجاع على الخليفة3 أن يولّيه القضاء، فامتنع، فما زالوا به حتّى تقلَّده، وشرط أن لا يأخذ رزقًا، ولا يقبل شفاعة، ولا يغيّر ملبوسه، فأجيب إلى ذلك، فلم يتغيّر حاله، بل كان في القضاء كما كان قبله رحمه الله. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيَّ يَقُولُ: كان قاضي القضاة الشامي حسن الطريقة؛ ما كَانَ يَتَبَسَّمُ فِي مَجْلِسِهِ، وَيَقْعُدُ مُعْبِسًا، فَلَمَّا منعت الشهود

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 253". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 87". 3 هو المقتدي بالله.

مِنْ حُضُورِ مَجْلِسِهِ، وَقَعَدَ فِي بَيْتِهِ، نَفَّدَ إِلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ الْقَزْوِينِيُّ الْمُعْتَزَلِيُّ1: مَا عَزَلَكَ الْخَلِيفَةُ، إِنَّمَا عَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ قَالَ: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ" 2. وَأَنْتَ طُولُ عُمْرِكَ غَضْبَانُ. وقال محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ: كان حافظًا لتعليقة أبي الطّيّب، كأنّها بين عينيه، لم يقبل من سلطانٍ عطيّةً، ولا من صديقٍ هديّة. وكان يُعاب الحِدّة وسوء الخُلُق. وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة: ورعٌ زاهدٌ، وأمّا العِلْم فكان يقال: لو رُفِع مذهب الشّافعيّ أمكنه أن يُمْليه من صدْرِه3. علّق عنه القاضي أبو الوليد الباجيّ. قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: كان قاضي القضاة الشامي حسن الطريقة، ما كان يتبسم في مجلس قضائه. قال السّمعانيّ: تُوُفّي في عاشر شعبان، ودُفِن في تربةٍ له عند أبي العباس بن سريح. وله ثمانية وثمانون عامًا. 292- محمد بن أبي نصر فتُّوح بن عبد الله بن فتُّوح بن حُمَيْد بن يصل4. الحافظ أبو عبد الله الأزْديّ الحُمَيْديّ الأندلسيّ المَيُورقيّ. ومَيُورقة جزيرة قريبة من الأندلس. سمع بالأندلس، ومصر، والشّام، والحجاز، وبغداد واستوطنها. وكان من كبار أصحاب أبي محمد بن حزْم الفقيه. قال: ولدت قبل العشرين وأربعمائة.

_ 1 عبد السلام بن محمد بن يوسف القزويني تقدمت ترجمته رقم "272". 2 حديث صحيح: أخرجه ابن ماجه "2316"، وأخرجه "1334" بلفظ: "لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان"، وأبو داود "3589" بنحوه. 3 سير أعلام النبلاء "19/ 87". 4 الأنساب "4/ 233"، وسير أعلام النبلاء "19/ 120-167".

سمع: ابن حزْم، وأخذ عنه أكثر كُتُبه؛ وأبا العبّاس أحمد بن عمر العُذْريّ، وأبا عمر بن عبد البَرّ. ورحل سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة، فسمع بإفريقيّة كثيرًا، ولقي كريمة1 بمكّة. وسمع بمصر: القاضي أبا عبد الله القضاعي، وعبد العزيز بن الضّرّاب، وابن بقاء الورّاق، والحافظ أبا زكريّا البخاريّ. وبدمشق: أبا القاسم الحسين الحِنائيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبا بكر الخطيب. وببغداد: أبا الغنائم بن المأمون، وأبا الحسين بن المهتدي بالله، والطّبقة. وبواسط: أبا غالب بن بشْران اللُّغَويّ. ولم يزل يسمع ويُكْثِر حتى كتب عن أصحاب الجوهريّ. روى عنه: شيخه الخطيب في مصنَّفاته، وأبو نصر بن ماكولا، وأبو عليّ بن سُكَّرَة، وأبو الحَسَن بن سَرْحان، وأبو بكر بن طَرْخَان، وهبة الله بن الأكفانيّ، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، والحافظ إسماعيل بن محمد، وصدّيق بن عثمان التِّبْريزيّ، وأبو إسحاق الغَنَويّ، وأبو الفضل محمد بن ناصر، وطائفة آخرهم أبو الفتح بن البطّيّ. سمع الكثير ورحل وتعب. وكان من كبار الحفّاظ. كان ثقة، متدينًا، يصيرًا بالحديث، عارفًا بفنونه، خبيرًا بالرجال، لاسيما بأهل الأندلس وأخبارها، مليح النَّظر، حَسَن النِّغْمة في قراءة الحديث، صيِّنًا ورِعًا، جيّد المشاركة في العلوم. وكان ظاهريّ المذهب، ويُسِرّ ذلك بعض الشيء2. قال ابن طَرْخَان: سمعتُه يقول: كنتُ أُحْمَلُ للسّماع على الكتِف سنة خمسٍ وعشرين وأربعمائة، وأوّل ما سمعتُ من الفقيه أبي القاسم أَصْبَغ بن راشد. وكنتُ أفهم ما يُقرأ عليه. وكان ممّن تفقّه على أبي محمد بن أبي زيد. وأَصْلُ أبي من قُرْطُبة، من محلةٍ يُقال لها: الرّصافة، وسكن جزيرة ميورقة، وبها ولدت3.

_ 1 هي كريمة المروزية "تذكرة الحفاظ 4/ 1218". 2 تذكرة الحفاظ "4/ 1221". 3 سير أعلام النبلاء "19/ 122".

قال يحيى بن البنّا: كان الحُمَيْديّ مِن حِرصه واجتهاده ينسخ باللّيل في الحَرّ، فكان يجلس في إجّانة1 ماءٍ يتبرّد به. وقال الحسين بن محمد بن خسْرُو: جاء أبو بكر بن ميمون، فدّق على الحُمَيْديّ، وظنّ أنّه قد أُذِن له فدخل، فوجده مكشوف الفخذ، فبكى الحُمَيْديّ وقال: والله لقد نظرت إلى موضعٍ لم ينظره أحدٌ منذ عَقَلْت2. وقال ابن ماكولا: لم أرَ مثل صديقنا الحُمَيْديّ في نزاهته وعفّته وورعه وتشاغله بالعلم. صنَّف تاريخًا للأندلس. وقال السِّلَفيّ: سألت أبا عامر محمد بن سعدون العبديّ، عن الحُمَيْديّ فقال: لا يُرى قطٌّ مثله، وعن مثله يسأل! جمع بين الفقيه والحديث والأدب، ورأى علماء الأندلس. وكان حافظًا. قلت: لقي حفّاظ العصر ابن عبد البَرّ، وابن حَزْم، والخطيب، والحبّال. وقال يحيى بن إبراهيم السلماسي: قال أبي: لم تَرَ عينايَ مثل الحُمَيْديّ في فضله ونُبْله وغزارة عِلْمه وحرْصه على نشر العلم. قال: وكان ورِعًا تقيًّا إمامًا في الحديث وعِلَله ورُواته، متحقّقًا في علم التّحقيق والأصول على مذهب أصحاب الحديث، بموافقة الكتاب والسُّنّة، فصيح العبارة، متبحِّرًا في علم الأدب والعربيّة والترسل. وله كتاب "الجمع بين الصحيحين"3، و"تاريخ الأندلس"، و"جمل تاريخ الإسلام"، وكتاب "الذَّهَب المسبوك في وعظ الملوك"، وكتاب في "التَّرسُّل"، وكتاب "مخاطبات الأصدقاء"، وكتاب "ما جاء من الآثار في حفظ الجار"، وكتاب "ذمّ النّميمة". وله شعرٌ رصينٌ في المواعظ والأمثال. قلت: وقد جاء عن الحُمَيْديّ أنّه قال: صيّرني "الشّهاب" شهابًا. وكان يُسمع عليه كثيرًا، عن مصنّفه القُضَاعيّ. وقال ابن سُكَّرَة: كان يدلّني على المشايخ، وكان متقلّلًا من الدنيا، يمونه ابن

_ 1 الإجانة: وعاء يغسل فيه الثياب. 2 تذكرة الحفاظ "4/ 1219". 3 سماه الدمياطي: تجريد الصحيحين للبخاري ومسلم والجمع بينهما "المستفاد 35".

رئيس الرؤساء. ثم جرت لي معه قصص أوجبت انقطاعي عنه. وكان يبيت عند ابن رئيس الرّؤساء كلّ ليلة. وحدَّثني أبو بكر ابن الخاضبة أنّه لم يسمعه يذكر الدّنيا قطّ1. وقال أبو بكر بن طرْخان: سمعت أبا عبد الله الحُمَيْديّ يقول: ثلاثة كُتُب من علوم الحديث يجب تقديم الهِمم بها: كتاب "العِلل" وأحسن كتاب وُضع فيه كتاب الدَّارَقُطْنيّ، وكتاب "المؤتلف والمختلف" وأحسن كتاب وُضِع فيه كتاب الأمير ابن ماكولا، وكتاب "وَفَيات الشّيوخ" وليس فيه كتابٌ، وقد كنت أردت أن اجمع في ذلك كتابًا، فقال لي الأمير: رتبه على حروف المعجم، بعد أن ترتبه على السِّنين2. قال ابن طرْخان: فشغله عنه الصّحيحان، إلى أن مات. قلت: قد فتح الله بكتابنا هذا، يسّر الله إتمامه، ونفع به، وجعله خالصًا من الرياء والرياسة. وقد قال الحُمَيْديّ في "تاريخ الأندلس": أنا عمر بن عبد البَرّ، أنا أبو محمد عبد الله بن محمد الْجُهَنيّ، بمصنّف أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النَّسَائيّ، قراءةً عليه، عن حمزة بن محمد الكنَانيّ، عن النَّسَائيّ. وللحُمَيْديْ رحمه الله تعالى: كتابُ الله عزّ وجلّ قَولي ... وما صحَّتْ به الآثارُ ديني ما اتّفق الجميعُ عليه بَدْءًا ... وعَودًا فهو عن حقٍّ مُبينِ فَدَعْ ما صَدَّ عن هذا وخُذْها ... تكُنْ منها على عين اليقينِ3 وقال القاضي عياض: محمد بن أبي نصر أبو عبد الله الأزْديّ الأندلسيّ، سمع بمَيُورْقَة من أبي محمد بن حَزْم قديمًا. وكان يتعصَّب له، ويميل إلى قوله. وكانت قد أصابته فيه فتنة، ولمّا شُدِّد على ابن حَزْم وأصحابه خرج الحُمَيْديّ إلى المشرق. ومن شِعْره: طريقُ الزُّهْد أفضلُ ما طريق ... وتَقْوَى الله تأدية الحقوق

_ 1 الصلة "2/ 560". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 561"، ومعجم الأدباء "18/ 284". 3 الأبيات في سير أعلام النبلاء "19/ 127"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1222".

فثِقْ بالله يكْفِكَ واسْتَعِنْهُ ... يُعِنْكَ ودَعْ بُنيّات الطريق وله: لقاء النّاس ليس يُفيدُ شيئًا ... سوى الهَذَيان من قيلٍ وقالِ فاقْللْ من لقاءِ النّاس إلّا ... لأخْذِ العلمِ أو إصلاح حالِ قال السّمعانيّ: روى لنا عنه: يوسف بن أيّوب الهَمَذَانيّ، وإسماعيل الحافظ، ومحمد بن عليّ الحلابيّ، والحسين بن الحسن المقدسيّ، وغيرهم. وتُوُفّي في سابعٍ عشر ذي الحجّة، ودُفِن بمقبرة باب أبْرَز بالقرب من قبر الشّيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ، وصلّى عليه الفقيه أبو بكر الشّاشيّ بجامع القصر. ثمّ نُقِل في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة إلى مقبرة باب حرب، ودُفِن عند قبر بِشْر الحافي. ونقل ابن عساكر في "تاريخه" إنّ الحُمَيْديّ أوصى إلى الأجلّ مظفّر ابن رئيس الرّؤساء أن يُدْفن عند بِشْر بن الحارث، فخالف وصيّته، فلمّا كان بعد مدّة رآه في النّوم يُعاتبه على ذلك، فنقله في صَفَر سنة إحدى وتسعين، وكان كَفَنَه جديدًا، وبدنه طَرِيًّا، يفُوح منه رائحة الطِّيب. ووقفَ كُتُبَه رحمه الله. وقع لنا "تذكرة الحُمَيْديّ" بِعُلُوّ. 293- محمد بن محمد بن جُمَاهر1. أبو بكر الحَجْريّ الطُّلَيْطُلِيّ. روى عن: عمّه جُماهر، وقاسم بن هلال، وأبي عمر بن سُميْق. وحجّ، وسمع من: أبي العبّاس بن نفيس، والقُضَاعيّ. وكان شديد العناية بالسّماع، وليس عنده كبير علم. ورّخه ابن بَشْكُوال. 294- محمد بن منصور بن عمر. أبو بكر الكَرْخيّ، الفقيه الشافعي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 561، 562".

والد أبي البدر إبراهيم الكرْخيّ. فقيه صالح؛ سمع: أبا الحسن بن مَخْلَد، وأبا عليّ بن شاذان. وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ. تُوُفي في جُمَادى الأولى. 295- موسى بن محمد بن موسى. أبو عِمران الأصبهاني، ثمّ البغداديّ المؤدّب. سمع: عبد الملك بن بِشْران، وغيره. روى عنه: أبو غالب بن البنّا، وابنه سعيد بن البنّا. "حرف النون": 296- نجيب بن ميمون بن سهل بن عليّ1. أبو سهل الواسطيّ، ثمّ الهَرَويّ. سكن أبوه هَرَاة. وسمع نجيب من: والده؛ ومن: أبي عليّ منصور بن عبد الله الخالديّ، ورافع بن عُصم الضّبيّ، وطائفة من مُسْندي هَرَاة في زمانه. روى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، ووجيه الشحامي، وأبو النصر الفامي، وخلْق سواهم منهم: عُبَيْد الله بن حمزة الموسويّ، وأخوه عليّ بن حمزة، والمطهّر بن يَعْلَى العَلَويّ، ومحمد بن المفضل الدّهّان، والْجُنَيْد بن محمد القاينيّ، ومحمد بن رَيْحان النَّسَائيّ، وأبو الفتح نصر بن سيّار، وعليّ بن سهل الشّاشيّ، وأَمَةُ الله بنت محمد العارف، وعبد الملك بن عبد الله العَلَويّ. قال الدّقّاق: ليس بقي في الدّنيا من يروي عن الخالديّ سواه2. وسمع من: حاتم بن محمد بن أبي حاتم الهَرَويّ، وأحمد بن عليّ بن أحمد الشّارعيّ ومحمد بن منصور الْجُولَكيّ، ومحمد بن محمد الأزدي القاضي. \

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 36، 37"، وشذرات الذهب "3/ 392". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 37".

وكان مولده في شعبان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، ومات في الثّاني والعشرين من رمضان سنة ثمان. "حرف الهاء": 297- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الطيب. أبو القاسم بن أبي الصّبّاغ. من سُراة البغداديّين. سمع: أباه، وعثمان بن دُوَسْت، وغيرهما. روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعمر بن ظَفَر الشَّيْبانيّ، وأبو الفتح محمد بن عبد السّلام. قال ابن ناصر: تُوُفّي في سادس ذي القِعْدَة. "حرف الياء": 298- يعقوب بن سليمان بن داود. أبو يوسف الإِسْفَرَايِينِيّ. نزيل بغداد وخازن كُتُب النّظاميّة. حدَّث "بسُنَن النَّسَائيّ" عن أبي نصر الكسّار. وحدَّث عن: عبد العزيز الأزجيّ، والطّبريّ. وتُوُفّي في العشرين من ذي القعدة. 299- يَلْبَرْ بن خَطْلع. أبو منصور الفانيذيّ الكرْخيّ. سمع مشيخة أبي عليّ بن شاذان منه. روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ. وكان صالحًا، صحيح السّماع. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.

"الكنى": - أبو شُجاع الوزير1. اسمه محمد كما تقدم. وفيات سنة تسع وثمانين وأربعمائة: "حرف الألف": 300- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن الحسن بن خُداداد2. أبو طاهر الكَرَجيّ الباقلاني. ولد سنة ست عشرة وأربعمائة3. وسمع: أبا علي بن شاذان، وأبا القاسم بن بشْران، وأبا بكر البَرْقانيّ. وسمع كُتُبًا كِبارًا، وتفرَّد بها، من ذلك: "سُنَن سعيد بن منصور"، تفرد به على أبي عليّ بن شاذان. ولأبي طاهر السِّلَفيّ منه إجازة، بمروياته. روى عنه: ابن ناصر، وعمر الدّهسْتانيّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو عليّ بن سُكَّرَة. وهو ابن خال ابن خَيْرُون. قال السّمعانيّ: كان شيخًا عفيفًا، زاهدًا، منقطعًا إلى الله، ثقة، فهمًا، لا يظهر إلّا يوم الجمعة. سمعت عبد الوهّاب الحافظ يقول: كان أبو طاهر الباقلّانيّ أكثر معرفة من أبي الفضل بن خَيْرُون. وكان زاهدًا حَسَن الطّريقة4، وما كان له حلقة في الجامع، ولا قرئ فيه حديث. كان يقول لأصحاب الحديث: أنا لكم من السّبت إلى الخميس، ويوم الجمعة أنا بحكم نفسي للتكبير5 والتلاوة.

_ 1 تقدمت ترجمته برقم "283". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 144، 145"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1227". 3 التقييد "135". 4 التقييد "134". 5 أي للتبكير إلى صلاة الجمعة.

وسمعتُ عبد الوهاب يقول: جاء نظام المُلْك إلى بغداد، وأراد أن يسمع من شيوخها، فكتبوا له أسماء الشيوخ، وكتبوا في جملتهم اسمه، وسألوه أن يحضر دار نظام المُلْك حتّى يسمع منه. فامتنع، وألحّوا عليه، فما أجاب، ثمّ قال: إنّ ابن خَيْرُون قرابتي، وما انفردت أنا بشيء، بل كلّ ما سمعت أنا سمعه هو، وهو في خزانة الخليفة على عملكم، فسمعوا منه. تُوُفّي في رابع ربيع الآخر. 301- أحمد بن عبد الرحمن بن مظاهر1. أبو جعفر الأنصاريّ الطُّلَيْطُلِيّ. روى عن: خاله جُماهر بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن عبد السّلام الحافظ، وقاسم بن هلال، وجعفر ابن عبد الله، وجماعة كثيرة. وعُني بسماع العِلم ولقاء الشّيوخ، وكان ذا بَصَرٍ بالمسائل، ومَيْلٍ إلى الأثَر. صنِّف "تاريخ فُقهاء طُلَيْطُلَة". رواه عنه: القاضي أبو الحسن بن بَقِيّ. وكان ثقة. 302- أحمد بن عمر بن الأشعث2. ويقال: ابن أبي الأشعث. أبو بكر السَّمَرْقَنْديّ المقرئ. نزيل دمشق، ثم نزيل بغداد. سمع: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا عليّ بن أبي نصر، وأبا عليّ الأهوازيّ وقرأ عليه بالرّوايات. روى عنه: أبو الكرم الشّهْرُزُورِيّ، وابنه أبو القاسم إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الفتح بن البطّيّ. وقال أبو الحسن عليّ بن أحمد بن قُبَيْس الغسّانيّ: كان أبو بكر يكتب المصاحف من حفظه.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 70". 2 المنتظم "9/ 98"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 192، 193".

وكان إذا فرغ من الوجه كتب الوجه الآخر إلى أن يجفّ، ثمّ يكتب الوجه الّذي بينهما فلا يكاد أن يزيد ولا ينقص، مع كونه يكتب قطعٍ كبير، وقطع لطيف. قال: وكان مزّاحًا. وخرج مع جماعة في فُرْجة، فقدَّموه يُصلّي بهم، فلمّا سَجَد بهم تركهم في الصّلاة، وصعِد شجرة، فلمّا طال عليهم، رفعوا رءوسهم من السَّجْدَة، فلم يجدوه، ثمّ إذا به في الشّجرة يصيح: نَوّ نَوْ؛ فسقط من أعينهم وانتحس، وخرج إلى بغداد، وترك أولاده بدمشق. قلت: ثمّ أرسل أخذ أهله. وسمَّع ابنيه بدمشق سنة بضعٍ وخمسين. وببغداد سنة نيفٍ وستين وأربعمائة. وأقرأ القرآن ببغداد. قال ابن النّجّار: هو من أهل سَمَرْقَنْد، سافر إلى الشّام، وكان محمودًا، متقنًا، عارفًا بالرويات، محقّقًا في الأخذ، متحرِّيا، صدوقًا ورِعًا. وكان يكتب على طريقة الكوفيّين، ويجمع بين نَسْخ المُصْحف من حِفْظه، وبين الأخذ على ثلاثة، ويضبط ضبطًا حَسَنًا. ثنا ابن الأخضر، ثنا ابن البطّيّ: أنا أحمد بن عمر السَّمَرْقَنْديّ: أنبا الحسين بن محمد الحلبيّ: ثنا أحمد بن عطاء الرُّوذْباريّ إملاءً بِصُور. قلت: مات الحلبي1 سنة ستٍّ وثلاثين، وهو أقدم شيخ للسَّمَرْقَنْديّ. قال: الحسين بن محمد البلْخيّ: كان شيخنا أبو بكر السَّمَرْقَنْديّ لا يكتب لأحدٍ خطّه إذا قرأ عليه، إلّا أن يكون مجوّدًا في الغاية. وما رأيته كتب إلّا لمسعود الحلاويّ، وقال: ما قرأ عليّ أحدٌ مثله. فجاء إليه الطّبّال، فقرأ خَتْمات، وأعطى وَلَد الشّيخ دنانير، فردّها الشّيخ وقال: لا أستحلّ أن أكتبَ له. قال البلْخيّ: وكان أبو بكر لمّا جاء من دمشق اتّصل بعفيف القائميّ الخادم، فأكرمه وأنزله، فكان إذا جاءه الفرّاش بالطعام بكى، فسأله عن بكائه، فقال: إن لي بدمشق أولادًا في ضيق.

_ 1 هو: أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد بن المنيقير الحلبي الأنصاري.

فأخبر الفرّاش عفيفًا، فأرسل مَن جاء بهم من دمشق، فجاءوا أباهم بغتةً، ولم يزالوا في ضيافة عفيف حتّى مات1. وُلِد أبو بكر سنة ثمان وأربعمائة، ومات في سادس عشر رمضان. قال محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ في "تاريخه": هو مشهور في التَّقدُّم بالقرآن ونسْخ المصاحف، جَعَل دأبَه أن ينسخ، ويُقرئ جماعةً بروايات مختلفة، ويرد على المخطئ منهم. فكان له في هذا كلّ عجيبة، رحمه الله. قلت: قرأ عليه جماعة، وكانت قراءته على الأهوازيّ في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. 303- أحمد بن محمد بن عليّ2. أبو بكر الهَرَويّ المقرئ الضّرير. سكن دمشق، وسمع بها، رشأ بن نظيف، وأبا عليّ الأهوازيّ، وعليّ بن الخضر السُّلَميّ. وسمع بصور من: عبد الوهاب بن برهان. سمع منه: عمر الدّهسْتانيّ، وطاهر الخُشُوعيّ، وأبو محمد بن صابر ووثّقه. وتُوُفّي بالقدس في ربيع الآخر. قرأ على الأهوازيّ، وعاش اثنتين وثمانين سنة، ووُلِد بهَرَاة. وقد صنف في القراءات الثمان كتابًا سمّاه "التّذكرة". قرأ عليه القراءات: إبراهيم بن حمزة ابن الْجَرْجَرائيّ، وغيره. 304- إسماعيل بن حَمْد بن محمد بن خيران3. أبو محمد الهَمَذانيّ البزّاز. سمع: أبا الحسين الفارسي، وعمر بن مسرور.

_ 1 تاريخ دمشق "75، 76". 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 66، 67"، ومعجم المؤلفين "2/ 136". 3 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 89".

وحدَّث ببغداد. روى عنه: محمد بن سعدون العبْدَريّ أبو عامر، وأبو البركات بن السَّقَطيّ. وكان محدِّثًا مُكثِرًا. 305- إسماعيل بن حمزة بن فَضَالَة. أَبُو القاسم الهَرَويّ الحنفيّ العطّار. عالم صدوق. حدَّث بصحيح الإسماعيليّ، عن الحسين بن محمد الباشانيّ. وسمع أيضًا من سعيد بن العبّاس القُرَشيّ. روى عنه: الْجُنَيْد بن محمد "القاينيّ"، والقاسم بن الحسين الحصيريّ، مات في ربيع الأوّل. 306- إسماعيل بن عبد الملك1. الفقيه أبو القاسم الطُّوسيّ، الفقيه المعروف بالحاكميّ. قدِم دمشق. عديل الإمام أبي حامد الغزاليّ. وسمع من: نصر المقدسيّ في سنة تسعٍ وثمانين. قال أبو المفضل يحيى بن عليّ القُرَشيّ القاضي: كان أعلم بالأصول من الغزاليّ، وكان شافعيًّا. قلت: لا أعلم وفاته مَتى هي. 307- إسماعيل بن عثمان بن عمر الأبْرِيسَميّ2. نَيْسابوريّ. روى عن: أبي سعيد محمد بن موسى الصَّيْرفيّ. روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وغيره. وقيل: تُوُفّي سنة تسعين.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 29"، وتهذيب تاريخ دمشق "3/ 37". 2 المنتخب من السياق "144، 145".

308- أَمةُ الرحمن بنت أبي القاسم عبد الواحد بن حسين بن الْجُنَيْد. امرأة عالمة صالحة، متبركٌ بها. سمعت أبا القاسم بن بشْران. روى عنها: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وابن عبد السلام الكاتب. وولدت سنة أربعمائة، وعُمّرت. "حرف الحاء": 309- الحُسَين بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بن عمر. أبو عبد الله بن السّرّاج البغداديّ النّصريّ. كان من أهل الصّلاح والسَّداد. سمع: أبا القاسم الحرفي، وعثمان بن دُوَسْت العلّاف، وعبد الملك بن بشْران، ونصْر بن علالة. روى عنه: أبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد الخالق اليوسفي، ومسعود بن محمد ابن شُنَيْف، وآخرون. تُوُفّي في صَفَر. أخبرونا عن ابن اللُّتّيّ، عن مسعود، عنه، بجزء ابن عفّان. 310- حمزَة بْن مُحَمَّد بْن الحسن بْن مُحَمَّد1. أبو القاسم القُرَشيّ الأسَديّ الزُّبَيْريّ البغداديّ. شيخ صالح. سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان. روى عنه: الأنْماطيّ، وعمر بن ظَفَر، وابن ناصر، وآخرون. تُوُفّي في شعبان عن نيفٍ وثمانين سنة.

_ 1 المنتظم "9/ 99".

"حرف السّين": 311- سُلَيْمَان بْن أَحْمَد بْن محمد1. أبو الربيع الأندلسيّ السَّرَقُسْطيّ. دخل بغداد، وسمع بها من: أبي القاسم بن بِشْران، وأبي العلاء الواسطيّ، وجماعة2. وكان عارفًا باللُّغَة، لكن قال ابن ناصر: كان كذّابًا، وكان يُلْحِق اسمه. قال السّمعانيّ: ثنا عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وابنه منصور بن سليمان. وسألتُ أبا منصور بن خَيْرُون عنه، فأساء القول فيه، وقال: نهاني عمّي أبو الفضل أن أقرأ عليه. وتُوُفّي في ربيع الآخر. "حرف الشين": 312- شافع بْن عليّ بْن أَبِي الفضل الطُّرَيْثيثيّ3. الصُّوفيّ. من ساكني نَيْسابور. شيخ صالح ظريف، له مجاهدة وحفظ أوقات وجمع همة. صحِب السّادة وحجّ؛ وسمع بمكة: أبا الحسن بن صخْر. وبالبصرة: إبراهيم بن طَلْحة بن غسّان. روى عنه: وجيه الشّحّاميّ. ولد سنة أربعمائة، وتوفي في ذي الحجة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 200"، وميزان الاعتدال "2/ 195". 2 وقال ابن بشكوال: روى عن عبد العزيز بن أحمد بن مغلس القيسي وغيره وحدث ببغداد، حكى ذلك الحميدي وأخذ عنه بها "الصلة 1/ 200". 3 تقدمت ترجمته برقم "266".

"حرف الظّاء": 313- ظَفَرُ بنُ هبة الله بن القاسم. أبو نصر الكِسائيّ الهَمَذَانيّ التّانيّ1. قال شيروَيْه: روى عن: ابن المحتسب، وعليّ بن إبراهيم بن حامد، وأبي طاهر بن سَلَمَة، وابن عَبْدان، وأبي بكر الأردستاني2. سمعت منه وولداي شهردار وزينب، وهو شيخ. توفي في جمادى الأولى، وصلينا عليه يوم الجمعة. "حرف العين": 314- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن علي بْن حسين الأموي3. أبو محمد السعيداني، البصري. من ولد أمير مكة عتاب بن أسيد رضي الله عنه. كان أبو محمد محتسب البصرة. وقد سمع الكثير من: عليّ بن هارون المالكيّ، والمبارك بن عليّ بن حمدان، والحسن بن أحمد الدّبّاس، وطلحة بن يوسف المواقيتيّ، وجماعة. ورحل إلى بغداد، وسمع وحدَّث. ولد سنة تسعٍ وأربعمائة، وأوّل سماعه سنة ثمان عشرة. وكان حافظًا محدَّثًا، حدَّث عنه: أبو عبد الله البارع، وأبو غالب الماوَرْديّ. ووثّقه الحافظ جابر بن محمد البصْريّ، وقال: عنهُ أخذتُ عِلْمَ الحديث. وقد كتب عن السَّعِيدَانيّ: أبو عبد الله الحُمَيْديّ، ومكّيّ الرُّمَيّليّ، وشجاع الذهلي.

_ 1 الثاني: نسبة إلى التناية، وهي الدهقنة ويقال لصاحب الضباع والعقار: التاني "الأنساب 3/ 13". 2 الأردستاني: نسبة إلى أردستان، وهي بليدة قريبة من أصبهان على طرف البرية عند أزوارة بينهما "الأنساب 1/ 177". 3 سير أعلام النبلاء "19/ 79، 80".

وقد تقدَّم ذكره. ورَّخ ابن النّجّار وفاته في هذه السّنة. 315- عبد الله بن يوسف1. القاضي أبو محمد الْجُرْجَانيّ المحدِّث. صنَّف "فضائل الشافعي" و"فضائل أحمد بن حنبل". ودخل هَرَاة. وتُوُفّي في ذي القعدة. وسماعاته في حدود الثلاثين وأربعمائة. روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وغيره، وعبد الغافر الفارسيّ. سمع من: عمر بن مسرور، وأبي الحسين الفارسيّ، وأبي سعْد الكَنْجرُوذيّ، وأبي عثمان البَحِيريّ، وطبقتهم، ومَن بعدهم فأكثر. وهو ثقة صاحب حديث. قال السّمعانيّ: وُلِد بجُرْجَان سنة تسعٍ وأربعمائة سمع من: حمزة السَّهْميّ، وأحمد بن محمد الخَنْدقيّ، ومحمد بن عليّ بن محمد الطّبريّ، وكريمة بنت محمد المَغَازليّ، والأربعة سمعوا من ابن عدِيّ. وسمع من: أبي نُعَيْم عبد المالك بن محمد الأسْتِراباذيّ، الصّغير صاحب الإسماعيليّ. روى لنا عنه: الْجُنَيْد بن محمد القاينيّ، وعبد الملك بن عبد الله العدويّ، وأخوه أبو الفتح سالم، وعليّ بن حمزة المُوسُويّ، وهبة الرحمن القُشَيْريّ، وآخرون2. قال: ومات في تاسع ذي القعدة. 316- عبد الجبّار بن عبد الواحد بن أحمد بن سبوَيْه. أبو الفضل بن أبي طاهر، التّاجر، الأصبهاني. حدَّث عن: أبي نعيم.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 159، 160"، والوافي بالوفيات "17/ 684، 685". 2 المنتخب "282".

سمع منه: المؤتَمَن السّاجيّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الفتح بن عبد السّلام. وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين وأربعمائة، وتُوُفّي ببغداد في شوّال سنة تسعٍ وثمانين. 317- عبد المحسن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن عليّ1. أبو منصور الشِّيحيّ التّاجر السفار المعروف بابن شُهْدَانْكه، من أهل محلّة النَّصْريّة ببغداد. سمع الكثير من: أبي منصور محمد بن محمد بن السّوّاق، وأبي بكر أحمد بن محمد بن الصَّقْر، وعبد العزيز بن عليّ الأزجيّ، وابن غَيْلان، وأبي محمد الخلّال، والعتيقيّ، وطبقتهم. وكتب بخطّه أكثر مسموعاته. وسمع بمصر: أبا الحسن الطّفّال، وأبا القاسم عليّ بن محمد الفارسيّ، وعبد الملك بن مسكين. وبدمشق: أبا الحسين محمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا عبد الله محمد بن يحيى بن سلوان. وبالرَّحْبة: عُبَيْد الله بن أحمد الرَّقّيّ، وطائفة سواهم. وكتب بخطّه أكثر مصنَّفات الخطيب. وروى الكثير. حدَّث عنه: شيخه أبو بكر الخطيب، وأبو السُّعُود أحمد بن عليّ، وأبو حامد العَبْدَرِيّ، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الفتح محمد بن عبد السّلام، وسعيد بن محمد الرزّاز الفقيه، وأبو بكر بن الزّاغُونيّ، وأبو الفضل بن ناصر، وخلْق سواهم. سُئل إسماعيل بن محمد الحافظ عنه فقال: شيخ فاضل ثقة. وقال شُجاع الذُّهْليّ: كان صَدُوقًا. وقال أبو عامر العَبْدَرِيّ: كان من أنبل من رأيت وأوثقه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 152-154"، والبداية والنهاية "12/ 153".

وقال أبو عليّ الصَّدَفيّ: كان فقيهًا نبيلًا كيِّسًا ثقة. وكان عنده أصل أبي بكر الخطيب بتاريخه، خصَّه به. قلت: لأنّه فيما قال السّمعانيّ هو الّذي حمل الخطيب إلى العراق، فأهدى إليه الخطيب تاريخه بخطّه. وقال غيْث بن عليّ: سألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. وأوّل سماعي سنة سبعٍ وعشرين1. وقال أبو عليّ البَرَدَانيّ: كان من المتموّلين، وكان أمينًا سَرِيًّا، كتب كثيرًا. وتُوُفّي في جُمَادى الأولى. قال السّمعانيّ: سمعتُ شيخًا لنا يقول: إنّ الخطيب لمّا حدَّث بالجزء الأوّل من "تاريخه" استأذنه أبو الفضل بن خَيْرُون أو شجاع الذُّهْليّ في التّسميع في أيّ موضعٍ يكتب، فقال: استأذِنوا الشّيخ عبد المحسن، فإنَّ النُّسخة له، ولو كان عندي شيءٌ أعزّ منه أهديته له2. وقال أبو الفضل محمد بن عطّاف: كان شيخنا عبد المحسن على طريقةٍ حَسَنة مَرْضِيّة، حَسَن العناية بالعِلْم، وكان مالكيًّا ثقة أمينًا. قال لي: وُلِدتُ في رجب سنة إحدى وعشرين. وقال ابن ناصر: تُوُفّي شيخنا عبد المحسن بن الشِّيحيّ في سادس عشر جُمَادى الأولى. قلت: وأبوه من شِيحة، قريةٌ من قرى حلب. 318- عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد3. أبو الفضل المقدسيّ الهَمَذَانيّ الفَرَضيّ، نزيل بغداد. كان واحد عصره في الفرائض.

_ 1 تاريخ دمشق "24/ 366". 2 المتنخب "9/ 100". 3 الكامل في التاريخ "10/ 161"، وسير أعلام النبلاء "19/ 31، 32"، ولسان الميزان "4/ 57".

سمع: الحسن بن محمد الشّاموخيّ1 بالبصرة، وعبد الواحد بن هبيرة العِجْليّ، وجماعة. روى عنه: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ. وقيل: كان معتزليًّا. تُوُفّي في رمضان ببغداد، وهو والد المؤرّخ محمد. 319- عبد الملك بن سِراج بن عبد اللَّه بن محمد بن سِراج2. الإمام أبو مَرْوان الأُمَويّ، مولاهم القُرْطُبيّ. إمام اللُّغَة بالأندلس. غير مدافع. روى عن: أبيه، ويونس بن عبد الله القاضي، وإبراهيم بن محمد الإفْليليّ، ومكّيّ بن أبي طالب، وأبي عَمْرو السَّفاقِسيّ، وجماعة. روى عنه: أبو عليّ الصَّدَفيّ، وقال: هو أكثر مَن لقيته عِلْمًا وبضروب الآداب ومعاني القرآن والحديث. وقال القاضي أبو عبد الله بن الحاجّ: كان شيخنا أبو مروان بن سِراج يقول: حدَّثنا وأخبرنا واحدٌ، ويحتجّ بقوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4] فجعل الحديث والخبر واحدًا3. وقال القاضي عياض4: الوزير أبو مروان الحافظ اللُّغَويّ النَّحْويّ إمام الأندلس في وقته في فنّه، وأَذْكرهم للسان العرب، وأوثقهم على نقله. وكان أبوه أبو القاسم قاضي قُرْطُبة من أفضل العلماء. قال عياض: وأخبرني ابنه أبو الحسين الحافظ أنّ أبا محمد مَكِّيًّا المقرئ كان يعرض عليه بعض مصنَّفاته، ويأخذ رأيه فيها، وإليه كانت الرّحلة من أقطار الأندلس.

_ 1 الشاموخي: نسبة إلى شاموخ، وهي قرية بنواحي البصرة "الأنساب 7/ 264". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 133، 134"، وشذرات الذهب "3/ 392، 393". 3 الصلة "2/ 364". 4 في ترتيب المدارك "4/ 816".

وقال الْيَسَعُ بنُ حَزْم: لكن ابن سِراج زَيْن الإيمان، وحَسَنة الزّمان، العلّامة، النّسّابة، ذو الدعوة المستجابة، والتسهيل والإجابة. كان المعتمد يزوره ويعظّمه. وقال أبو الحسن بن مُغِيث: كان أبو مروان من بيت خيرٍ وفضل، من مشاهير الموالي بالأندلس. كان جدّهم سِراج من موالي بني أُمَيّة، على ما حكاه أهل النَّسَب، إلّا أنّ أبا مروان قال لي غير مرّةٍ: أنّه من العرب، من كَلْب بن وَبْرَة، أصابهم سِبَاء. اختلفت إليه كثيرًا ولازمته، وكان واسع الرّواية والمعرفة، حافِلَهُما، بحرُ علمٍ، عالمًا بالتّفاسير، ومعاني القرآن، ومعاني الحديث، أحفظ النّاس للسان العرب، وأصدَقهم فيما يحمله، وأقَوَمَهم بالعربيّة والأشعار والأخبار والأيّام والأنساب. عنده يسقط حفظ الحفّاظ ودونه يكون علم العلماء. فاق النّاس في وقته، وكان حَسَنَة من حسنات الزمان، وبقية الأشراف والأعيان. قال أبو عليّ الغسّانيّ: سمعته يقول: مولدي في ثاني عشر ربيع الأول سنة أربعمائة. ومُتِّع بجوارحه على اعتلاء سنِّه، إلى أن تُوُفّي، وهو حسن البقيّة، متوقِّد الذّهن، سريع الخاطر، في تاسع ذي الحجّة يوم عَرَفَة، وصلّى عليه ابنه أبو الحسن سِراج. رحمه الله. وأبا بكر الحِيريّ، وأبا سعيد الصَّيْرَفيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن أَحْمَد بْن حبيب القاضي، ومحمد بن محمد بن بالوَيْه الصائغ، والحسين بن عبد الرحمن التاجر، وعبدا لرحمن بن بالوَيْه، وعليّ بن أحمد بن عَبْدان الشّيرازيّ، وأبا عَمْرو محمد بن عبد الله الرَّزْجاهيّ، وعليّ بن محمد بن خَلَف، وأبا حازم عمر بن أحمد العبدوي، وجماعة بنَيْسابور. وهلال بن محمد الحفّار، وأبا الحسين بن بِشْران، وابن الفضل القطّان والغَضَائريّ، والإياديّ، وجماعة ببغداد. وأبا عبد الله بن نظيف بمكّة. روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو طاهر أحمد بن حامد الثّقفيّ، ونُعمان بن محمد الكُنْدُوج، وشَيْبان بن عبد الله المؤدّب، وبُنْدَار بن غانم، وعبد الجبّار بن محمد بن علي الصالحاني.

"حرف القاف": 320- القاسم بْن الفضل بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بن محمود1. أبو عبد الله الثّقفيّ الأصبهاني. رئيس إصبهان وكبيرها ومُسْنِدُها. وُلِد سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة. وأوّل سماعه في ذي الحجّة سنة ثلاثٍ وأربعمائة. سمع: أبا الفَرَج عثمان بْن أحمد بْن إِسْحَاق بْن بُنْدار البُرْجيّ، وعبد الله بن أحمد بن حولة الأبْهَريّ، ومحمد بن إبراهيم الْجُرْجَانيّ، وأبا بكر بن مردوَيْه2، وعليّ بن فيلة الفَرَضيّ، وأحمد بن عبد الرحمن اليَزْديّ، وجماعة بإصبهان. ومحمد بن محمد بن مَحْمِش، ومحمد بن الحُسَين السُّلَميّ، ويحيى بن إبراهيم المزكّيّ، وأبو المطهَّر الصَّيْدَلانيّ القاسم بن الفضل، وأَبُو جعْفَر مُحَمَّد بن الْحَسَن الصَّيْدلانيّ، وأَبُو رشيد محمد بن عليّ بن محمد البَاغْبَان3، وأبو عبد الله الحسن بن العبّاس الرُّسْتُميّ، وحفيده مسعود بن القاسم الثّقفيّ، والحافظ أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو رشيد عبد الله بن عمر الأصبهاني، وخلْق سواهم. قال السّمعانيّ: كان ذا رأيٍ وكفاءةٍ وشهامة. وكان أيسر أهل عصره ثروةً ونعمةً وبضاعةً ونقْدًا4. وكان منفقًا كثير الصَّدَقة، دائم الإحسان إلى الطّارئين والمقيمين وأهل الحديث عمومًا، وإلى العَلَويّة خصوصًا، كثير الإنفاق عليهم. وصُرِف في آخر عمره، يعني عن رئاسة البلد، وصودر، فدفع مائة ألف دينار حُمْر في مدةٍ يسيرة، لم يَبع في أدائها ضياعًا ولا عقارًا، ولا أظهر من نفسه انكسارًا إلى أن خرج من عُهْدة ذلك. وكان رجلًا من رجال الدّنيا. وعُمّر حتّى سُمع منه، الكثير، وانتشرت عنه الرّواية في الأقطار، ورحلت الطَّلَبة من الأمصار. وكان صحيح السماع، غير أنه كان يميل إلى التَّشيُّع على ما سمعتُ جماعةً من أهل أصبهان.

_ 1 تذكرة الحفاظ "4/ 1227"، وسير أعلام النبلاء "19/ 8-11"، وشذرات الذهب "3/ 393". 2 التقييد "430". 3 الباغبان: نسبة إلى حفظ الباغ، وهو البستان "الأنساب 2/ 44". 4 المتخب من السياق "422".

وقال يحيى بن مَنْدَهْ: لم يحدِّث في وقته أوثق في الحديث منه وأكثر سماعًا، وأعلى إسنادًا، إلّا أنّه كان يميل إلى الرَّفْض فيما قيل. سمع "تاريخ يعقوب الفَسَويّ" من ابن الفضل القطّان، عن ابن درستُوَيْه، عَنْهُ. وسمع "تاريخ ابن مَعِين" من أبي عبد الرحمن السُّلَميّ1. حُكي لي أنّه وُلِد سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة، وقيل: سنة سبعٍ. وقال غيره: تُوُفّي في رجب. وقال السِّلَفيّ كان الرّئيس الثّقفيّ عظيمًا كبيرًا في أعيُن النّاس، على مجلسه هيبةٌ ووقار. وكان له ثروة وأملاك كثيرة. وذكر ابن السّمعانيّ في تخريجٍ لولده عبد الرّحيم فقال: كان محمود السّيرة في ولايته، مُشْفِقًا على الرّعيّة. سمعتُ أنّ السّلطان ملِكْشاه أراد أن يأخذ مالًا من أهل البلد إصبهان، فقال الرّئيس: أنا أُعطي النِّصْف، ويُعطي الوزير يعني النّظام، وأبو سعد المستوفي النّصف. فما قام حتّى وَزَنَ ما قال. وظنِّي أنّ المال كان أكثر من مائة ألف دينار أحْمَر. وكان يَبَرُّ المحدِّثين بمالٍ كثير، ورحلوا إليه من الأقطار. "حرف الميم": 321- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الباقي بن منصور2. الحافظ أبو بكر ابن الخاضبة3، البغداديّ الدّقّاق. مفيد بغداد، والمشار إليه في القراءة الصحيحية مع الصّلاح والورع. حدَّث عن: أبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وأبي الحسين ابن النقور، وعبد الرّحيم بن أحمد البخاريّ، وأحمد بن علي الدينوري. وأكثر عن أصحاب المخلص.

_ 1 التقييد "430". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 109-113"، والبداية والنهاية "12/ 153". 3 في البداية والنهاية "الحاضنة".

ورحل إلى الشّام، والقدس. وسمع بدمشق من: إمام الجامع عبد الصّمد بن محمد بن تميم. وأقدم شيخٍ له: مؤدّبه أبو طالب عُمَر بن محمد بن الدَّلْو، فإنّه يروي عن أبي عُمَر بن حَيَّوَيْهِ، وتُوُفّي سنة ست وأربعين وأربعمائة. وسمع بالقدس من: محمد بن مكّيّ بن عثمان الأزْديّ، وعبد الرّحيم البخاريّ، وأبي الغنائم محمد بن الفرّاء. روى عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة. وكان محبوبًا إلى النّاس كلّهم، فاضلًا، حَسَن الذِّكْر. ما رأيت مثله على طريقته. وكان لا يأتيه مستعير كتابًا إلّا أعطاه، أو دلّه عند مَن هو. وسمعتُ أبا الوفاء بن عقيل الحنبليّ الإمام يقول، وذَكَر شدَّةً أصابته بمطالبةٍ طُولِب بها، وأنّه كانت له عند ذلك خَلوات يدعو ربَّه فيها ويناجيه، فقرأ في مناجاته: فَلَئنْ قلتَ لي يا ربّ: هل واليتَ فيَّ وليًّا؟ أقول: نعم يا رب، أبو بكر ابن الخاضبة. ولئن قلتَ هل عاديتَ فيَّ عدُّوًا؟ أقول: نعم يا ربّ فُلانًا ولم يُسمِّه لنا. فأخبرت ابن الخاضبة بقوله. فقال: اغترّ الشّيخ. وقال ابن السّمعانيّ: نسخَ "صحيح مسلم" سنة الغرق بالأُجرة سبْع مرّات. وقال ابن طاهر: ما كان في الدّنيا أحسن قراءةً للحديث من ابن الخاضبة في وقته، لو سمع بقراءته إنسانٌ يومين لَمَا ملَّ من قراءته. وقال السِّلَفيّ1: سألتُ أبا الكرم الحَوْزِيّ عن ابن الخاضبة، فقال: كان علّامةً في الأدب، قُدْوَةً في الحديث، جيّد اللّسان، جامعًا لخلال الخير، ما رأيتُ ببغداد من أهلها أحسنَ قراءةً للحديث منه، ولا أعرف بما يقوله. وقال ابن النّجّار: كان ابن الخاضبة ورِعًا، تقيًّا، زاهدًا، ثقة، محبوبًا إلى النّاس. روى اليسير. وقال أبو الحسن عليّ بن محمد الفصيحيّ: ما رأيت في أصحاب الحديث أقوم باللغة من ابن الخاضبة.

_ 1 في سؤالاته لخميس الحوزي "120".

وقال السِّلَفيّ: سألت أبا عامر العَبْدَرِيّ عنه، فقال: كان خيرَ موجودٍ في وقته. وكان لا يحفظ، إنّما يعوّل على الكُتُب. وقال ابن طاهر: سمعتُ ابن الخاضبة، وكنتُ ذكرت له أنّ بعض الهاشميّين حدَّثني بإصبهان، أنّ الشّريف أبا الحسين بن الغريق1 يرى الاعتزال، فقال لي: لا أدري، ولكن أحكي لك حكاية: لمّا كان في سنة الغَرَق وقعت داري على قماشي وكُتُبي، ولم يكن لي شيء. وكان عندي الوالدة والزّوجة والبنات، فكنتُ أنسخ للنّاس، وأُنفق عليهنّ، فأعرف أنّني كتبتُ "صحيح مسلم". في تلك السَّنة سبْع مرّات، فلما كان ليلة من اللّيالي رأيتُ كأنّ القيامة قد قامت، ومناديا ينادي: أين ابن الخاضبة؟ فأُحْضِرتُ، فقيل لي: أدخل الجنة. فلما دخلت الباب وصرت من داخل استلقيت على قفاي، ووضعت إحدى رِجْليَّ على الأخرى، وقلت: استرحتُ والله من النّسخ. فرفعتُ رأسي، فإذا ببغْلة في يد غلام فقلت: لمن هذه؟ فقال: للشريف أبي الحسين ابن الغريق. فلمّا أصبحت نُعي إلينا الشّريف2. وقال ابن عساكر3: سمعتُ أبا الفضل محمد بن محمد بن عطاف يحكي أنه طلع في بعض بني الرّؤساء ببغداد إصبعٌ زائدة، فاشتدّ تألُّمُه منها ليلةً، فدخل عليه ابن الخاضبة، فشكا إليه وجَعَه، فمسح عليها وقال: أمرُها يسير. فلمّا كانت اللّيلة الثّانية نام وانتبه، فوجدها قد سقطت. أو كما قال. تُوُفّي -رحمه الله- في ثاني ربيع الأوّل ببغداد، وكان يومًا مشهودًا، وخُتِم على قبره خَتْمات. 322- محمد بن الحسن4. أبو بكر الحضْرميّ، المعروف بالمُرَاديّ القيرواني. دخل الأندلس، وأخذ عنه أهلها.

_ 1 في سير أعلام النبلاء "19/ 112" "أبا الحسين بن المهتدي بالله". 2 تذكرة الحفاظ "4/ 1226"، وسير أعلام النبلاء "19/ 112"، والبداية والنهاية "12/ 153". 3 في تاريخ دمشق "36/ 330". 4 الصلة لابن بشكوال "2/ 604، 605"، ومعجم المؤلفين "9/ 188".

روى عنه: أبو الحسن المقرئ ابن الباذش، وقال فيه: كان رجلًا نبيهًا عالمًا بالفقه، وإمامًا في أصول الدّين، وله في ذلك تصانيف حِسان مفيدة، وله حظٌّ وافر من البلاغة والفصاحة. وقال أبو العبّاس: دخل قُرْطُبة في سنة سبعٍ وثمانين رجل من القَرَويّين، وهو أبو بكر المُرَاديّ، له نُهُوضٌ في علم الاعتقادات، ومشاركة في الأدب والقريض. اختلف إلى أبي مروان بن سِراج في سماع "التَّبْصرة" لمكّيّ، وحدَّثني بكتاب "فقه اللّغة" مشافهةً، عن عبد الرحمن بن عُمَر التّميميّ القصديريّ، عن محمد بن عليّ التّميميّ، عن إسماعيل بن عَبْدوس النَّيْسابوريّ، عن مصنِّفه أبي منصور الثَّعالبيّ، وبلغني موته سنة 89. قلت: له رسالة "الإيماء إلى مسألة الاستواء". 323- محمد بن عليّ بن محمد بن عُمَير الزّاهد1. أبو عبد الله العُمَيْريّ الهَرَويّ، الرّجل الصّالح. وُلِد سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة. وأول سماعه سنة سبعٍ وأربعمائة. سمع من أبيه عليّ بن محمد بن عُمَيْر بن محمد بن عُمَير، عن العبّاس بن الفضل النَّضْرويّ. وسمع من: عليّ بن أبي طالب الخَوارَزْميّ، وعليّ بن جعفر القُهُندُزِيّ2، وعبد الرحمن بن محمد أبي الحسن الدّيناريّ، ومحمد بن أبي اليمان منصور الخطيب وأبي إسماعيل محمد بن عبد الرحمن الحدّاد، ويحيى بن عبد الله البزّاز، ومحمد بن إبراهيم بن أُمَيَّة، وأبي بِشْر الحسن بن محمد بن أحمد القُهُندُزِيّ، وشُعَيب بن محمد البُوسَنْجيّ، وضمام بن محمد الشَّعْرانيّ، وخلْق كثير بهَرَاة؛ وأبي بكر أحمد بن الحسن الحِيريّ النَّيْسابوريّ بها. وأبي عليّ بن شاذان، وطبقته ببغداد. وقال الفامِيّ في "تاريخ هَرَاة": العُمَيْريّ تفرَّد عن أقرانه، وتوحّد عن أبناء زمانه

_ 1 تذكرة الحفاظ "4/ 1227"، وسير أعلام النبلاء "19/ 69-71". 2 القهندزي: نسبة إلى قهندز: المدينة الداخلة المسورة "الأنساب 10/ 274".

بالعِلْم والزُّهْد في الدّنيا، والإتقان في الرّواية، والرغبة في التحديث، والتجرد من الدّنيا، والإعراض عن حطامها والإقبال على الآخرة. وقال محمد بن عبد الواحد الدقاق: أبو عبد الله العُمَيْريّ ليس له نظيرٌ بخُراسان، فكيف بهَرَاة. وقال في رسالته: ولم أرَ في شيوخي كالإمام الزّاهد المتقن أبي عبد الله العُمَيْريّ، رحمةُ الله عليه. وقال غيره: كان فقيهًا إمامًا ورعًا قدوة، واسع الرواية، حدَّث بالكثير وقد حجّ في سنة عشرين وأربعمائة. قال السّمعانيّ: ودخل بلاد اليمن، ورجع، فقدِم بغداد سنة ثلاثٍ وعشرين. وسمع بمكّة من محمد بن الحُسَين الصَّنْعانيّ. وبنَيْسابور من: أبي بكر الحِيَريّ، وأبي سعيد الصَّيْرفيّ. وببغداد من: الحرفي، وابن شاذان، وعثمان بن دُوَسْت. وبهَرَاة من: يحيى بن عمّار، وأبي يعقوب القرّاب، ومحمد بن جبريل بن ماحٍ. روى عنه: أبو طاهر المقدسيّ، والمؤتَمَن السّاجيّ، وأبو عبد الله الدّقّاق، وأبو الوقت عبد الأوّل، وعليّ بن حمزة، والْجُنَيد بن محمد، والقاسم بن عمر الفصّاد ومحمد بن أبي عليّ الهَمَذَانيّ وأبو النَّضْر الفامِيّ. وقال أبو جعفر محمد بن أبي عليّ: قال لي أبو إسماعيل الأنصاريّ: احفظ الشّيخ أبا عبد الله العُمَيْريّ، واكتب عنه، فإنّه متقنٌ. مع ما كان بينهما من الوحشة. قال أبو جعفر: وكان فقيهًا محدّثًا سُنّيًّا. وسُئل إسماعيل الحافظ عنه: فقال: إمامٌ زاهد. تُوُفّي العُمَيْريّ رحمه الله في المحرَّم. 324- محمد بن عليّ بن محمد الحماميّ1. أبو ياسر البغدادي.

_ 1 المنتظم "9/ 101، 102"، وغاية النهاية "2/ 214".

قال السّمعانيّ: كان إمامًا في القراءات، ضابطًا لها. كتب بخطّه الكثير من القراءات والحديث والكُتُب الكبار في معاني القرآن. وكان ثقة. قرأ على: أَبِي بَكْر محمد بْن عليّ بْن موسى الحنّاط. ورحل إلى غلام الهرّاس فأكثر عنه. وسمع من: أبي جعفر ابن المسلمة، وجماعة. وتُوُفّي في المحرَّم. 325- محمد بن عليّ1. القاضي أبو سعيد البَغَوي الدّبّاس. مرَّ في العام الماضي. أعدتّه لقول بعضهم: تُوُفّي سنة تسعٍ وثمانين. روى عنه: محمد بن عبد الرحمن الحمدونيّ، وأحمد بن ياسر المقرئ، وأبو الفضل اللّيث بن أحمد، وعبد الصّمد ابن محمد الخطيب، وعبد الرحمن بن محمد بن عمر، وخلق كثير. 326- محمد بن محمد بن أحمد بن هميماه2. أبو نصر الرّامشيّ النَّيْسابوريّ المقرئ، ابن بنت الرّئيس منصور بن رامش. سمع من أصحاب الأصمّ. وسمع بمكّة، والعراق، والشّام، وهراة. وحدَّث عن: أبي الفضل عمر بن إبراهيم الزّاهد، وعبد الرحمن بن محمد السّرّاج، وعليّ بن محمد الطّرازيّ، وعليّ بن محمد بن عليّ السّقّاء، والحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ، ومحمد بن الحسين بن التُّرْجُمان الرَّمْليّ، وأبي عليّ بن أبي نصر التّميميّ، وأبي العلاء بن سليمان المقرئ.

_ 1 تقدمت ترجمته برقم "290". 2 الأنساب "6/ 50"، والمنتظم "9/ 102".

قال عبد الغافر1: ولد سنة أربعٍ وأربعمائة. وسمع مع أخواله. وعقد مجلس الإملاء في المدرسة العميديّة فأملى سِنين. وأنشدني لنفسه: سَوَّدَ أيّامي المَشِيبُ ... وابْيَضَّتِ الرَّوضةُ العشيبُ وكان روضُ الشّبابِ غَضًّا ... نوّارُ أشجارِهِ رطيبُ فصار عَيْشي مريرَ طعمٍ ... وعَيْشُ ذي الشَّيْب لا يَطيبُ وله: وكنت صحيحًا والشّبابُ مُنادِمي ... فأنْهَلَني صَفْوَ الشّراب وعلَّني وزدتُ على خمسٍ ثمانين حجّةً ... فجاء مشيبي بالضَّنَى فأعلّني قال ابن عساكر: كان عارفًا بالنَّحْوِ وعلوم القرآن. حدَّثنا عنه: عمر بن أحمد الصّفّار، وعبد الله بن الفُرَاويّ. وقال عبد الغافر: لمّا طعن في السّنّ تبرّز في القراءات وعلوم القرآن، وكان له حظٌّ صالح من النحو. وهو إمام في فنّه. ارتبطه نظام المُلْك في المدرسة المعمورة بنَيْسابور، ليُقرِئ في المسجد المَبْنِيّ فيها، فتخرَّج به جماعة. وتُوُفْي في جُمَادى الأولى. قلت: وروى عنه: عبد الخالق بن زاهر، وإسماعيل العَصَائدي، وجماعة. 327- محمد بن عبد الواحد بن محمد. أبو بكر الأصبهاني. سمع: أبا منصور بن مهريُزد صاحب أبا عليّ الصّحّاف. قال أبو طاهر السِّلَفيّ: لم يمت أحدٌ من شيوخي قبله، ولا أنا عن ابن مهرزاد سواه. قلت: مات قبيل الرئيس الثقفي2.

_ 1 في المنتخب "64". 2 تقدمت ترجمته برقم "320".

328- محمد بن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن1. أبو عَبْد اللَّه المَدِينيّ المقرئ. سمع مجلسًا من أحمد بن عبد الرحمن اليَزْديّ في سنة تسعٍ وأربعمائة. وهو من كبار شيوخ السِّلَفيّ، لا أعلم وفاته، بل سُمِع منه في هذه السّنة. قال السِّلَفيّ: هو أوّل من كتبتُ عَنْهُ الحديث. ثمّ وجدت في "تاريخ ابن النّجّار" قد زاد في نسبه محمد بن إبراهيم بن عبد الوهّاب بن بَهْمَن بن كُوشِيذ. سمع: القاضي أبا بكر اليَزْديّ، وأبا بكر بن أبي عليّ المزكّيّ، وعبد الرحمن بن محمد بن عُبَيْد الله، ومحمد بن صالح العطّار. وحدَّث ببغداد. سمع منه: أبو بكر محمد بن منصور السّمعانيّ، والسِّلَفيّ. وقال أبو زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ: كان شُرُوطيًّا، ثقة، أمينًا، أديبًا، وَرِعًا. قرأ كتاب "الحُجّة" لأبي عليّ الفارسيّ، على أبي عليّ المَرْزُوقيّ، ولزِمه مدّة. ولد سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة. ومات في حادي عشر شعبان سنة 89. 329- مُظهر بن أحمد بن عبد الله. أبو سعْد المُضَريّ2 السُّكّريّ الأصبهاني. قدِم بغداد للحجّ. وحدَّث عن: أبي بكر بن أبي علي الذكواني، وأبي الحسين بن فاذشاه. روى عنه: عمر بن ظفر، وغيره. وله شعرٌ حسن. توفي في شعبان.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 72، 73"، وغاية النهاية "2/ 241". 2 المضري: نسبة إلى مضر القبيلة المعروفة التي ينسب إليها قريش "الأنساب 11/ 357".

330- مُعَمّر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن أبان1. أبو منصور العبدي اللنباني الأصبهاني. شيخ الصوفية. قال السلفي: هو شيخ شيوخ أصبهان. لم يكن يدانيه في رتبته أحدٌ. روى لنا عن: أبي الحسين بن فاذشاه، وأبي بكر بن رُنْدَة، وعليّ بن أحمد بن مهْران الصّحّاف. وله إجازة من أبي علي بن شاذان. وتفقه على أبي محمد الكروني الشافعي، ورزق جاها وهيبة عند السلاطين. وتوفي في شهر رمضان سنة تسعٍ وثمانين. وجدهم أحمد يروي عن: ابن أبي الدّنيا، والحارث بن أبي أُسامة. 331- منصور بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبار بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن عبد الجبار بن الربيع بن مسلم بن عبد الله2. الإمام أبو المظفّر السَّمعانيّ التّميميّ المَرْوَزِيّ، الفقيه الحنفيّ ثمّ الشّافعيّ. تفقّه على والده الإمام أبي منصور حتّى برع في مذهب أبي حنيفة وبرّز على أقرانه. وسمع: أباه، وأبا غانم أحمد بن عليّ الكُراعيّ3 وهو أكبر شيوخه، وأبا بكر التُّرابيّ. وبنَيْسابور: أبا صالح المؤذّن، وجماعة. وبجُرْجَان: أبا القاسم الخلّال. وببغداد: عبد الصّمد بن المأمون، وأبا الحسين بن المهتدي بالله.

_ 1 الأنساب "11/ 32، 33"، والتحبير "2/ 53". 2 المنتظم "9/ 102"، وسير أعلام النبلاء "19/ 114-119"، والبداية والنهاية "12/ 153، 154". 3 الكراعي: نسبة إلى بيع الأكارع والرءوس اشتهر بهذه النسبة أهل بيت بمرو من رواة الحديث منهم أبو غانم الكراعي "الأنساب 10/ 374".

وبالحجاز: أبا القاسم سعد بن عليّ، وأبا عليّ الشّافعيّ، وطائفة سواهم. قال حفيده الحافظ أبو سعْد: نا عنه عمّي الأكبر، وعمر بن محمد السَّرْخَسِيّ، وأبو نصر محمد بن محمد بن يوسف الفاشانيّ، ومحمد بن أبي بكر السنجي، وإسماعيل بن محمد التيمي الحافظ أبو القاسم، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازيّ، وأبو سعْد البغداديّ، وجماعة كثيرة سواهم. ودخل بغداد في سنة إحدى وستّين وأربعمائة، وسمع الكثير بها. واجتمع بأبي إسحاق الشّيرازيّ، وناظر أبا نضر بن الصّبّاغ في مسألةٍ. وانتقل إلى مذهب الشّافعيّ. وسار إلى الحجاز في البرّيّة. وكان الرَّكْبُ قد انقطع لاستيلاء العرب، فقصد مكّة في جماعة، فأُخِذوا، وأُخِذ جدّي معهم، ووقع إلى حلل العرب، وصبرَ إلى أن خلّصه الله، وحملوه إلى مكّة، وبقي بها في صُحْبة الشّيخ أبي القاسم الزَّنْجانيّ. وسمعتُ محمد بن أحمد المَدِينيّ يحكي عن الحسين بن الحسن الصوفي المرزوي، عن أبي المظفّر السّمعانيّ قال: لمّا دخلت البادية انقطعتُ، وقطعَت العرب علينا الطّريق، وأُسِرنا وكنتُ أخرج مع جِمالهم أرعاها. وما قلتُ لهم أنّي أعرِف شيئًا من العلم، فاتّفق أنّ مقدَّم العرب أراد أن يزّوج بنتَه من رجلٍ، فقالوا: نحتاج أنْ نخرج إلى بعض البلاد، ليعقد هذا العقْد بعضُ الفُقهاء. فقال واحدٌ من المأخُوذين: هذا الرّجل الّذي يخرجُ مع جِمالكم إلى الصّحراء فقيه خُراسان. فاستدعوني، وسألوني عن أشياء، فأجبتهم، وكلّمتهم بالعربيّة، فخجلوا واعتذروا، وعقدت لهم العقْد، وقرأتُ الخطبة، ففرحوا، وسألوني أن أقبل منهم شيئًا، فامتنع، فحملوني إلى مكّة في وسط السّنة1. وذكره أبو الحسن عبد الغافر في "سياقه"2، فقال: هو وحيد عصره في وقته فضلًا، وطريقة، وزُهدًا، وورعًا، من بيت العلم والزُّهْد. تفقّه بأبيه، وصار من فُحُول أهل النَّظر، وأخذ يُطالع كُتُب الحديث، وحجّ، فلمّا رجع إلى وطنه، ترك طريقته الّتي ناظر عليها أكثر من ثلاثين سنة، وتحوَّل شافعيًّا. أظهر ذلك في سنة ثمانٍ

_ 1 طبقات الشافعية الكبرى "4/ 22". 2 المنتخب من السياق "442".

وستين وأربعمائة. واضطّرب أهل مرْو لذلك، وتشوَّش العَوَامّ، إلى أن وردت الكتب من جهة بلكا بك من بلْخ في شأنه والتّشديد عليه، فخرج من مرْو في أوّل رمضان، ورافقه ذو المجدين أبو القاسم المُوسَويّ، وطائفة من الأصحاب. وخرج في خدمته من الفقهاء وصار إلى طُوس، وقصد نَيْسابور، فاستقبله الأصحاب استقبالًا عظيمًا. وكان في نوبة نظام المُلْك وعميد الحضرة أبي سعد محمد بن منصور، فأكرموا مورده، وأنزلوه في عزٍّ وحِشْمة، وعقد له مجلس التّذكير في مدرسة الشّافعيّة. وكان بحرًا في الوعْظ، حافظًا لكثير من الرّوايات والحكايات والنُّكَت والأشعار، فظهر له القبول عند الخاصّ والعامّ. واستحكم أمره في مذهب الشّافعيّ ثمّ عاد إلى مرْو، ودرّس بها في مدرسة أصحاب الشّافعيّ، وقدّمه نظام المُلْك على أقرانه، وعلا أمرُه، وظهر له الأصحاب. وخرج إلى إصبهان، ورجع إلى مرْو. وكان قبوله كلَّ يومٍ في عُلُوّ. واتّفقت له تصانيف في الخلاف مشهورة، مثل كتاب "الاصطلام"، وكتاب "البرهان"، و"الأمالي" في الحديث. وتعصب للسُّنّة والجماعة وأهل الحديث. وكان شوكًا في أعيُن المخالفين، وحُجّةً لأهل السُّنّة. قال أبو سعْد1: صنَّف في التّفسير، والفقه، والأصول، والحديث، "فالتفسير" في ثلاث مجلدات، وكتاب "البرهان" و"الاصطلام " الّذي شاع في الأقطار، وكتاب "القواطع" في أصول الفقه. وله في الآثار كتاب "الانتصار" و"الرد على المخالفين"، وكتاب "المنهاج لأهل السنة"، وكتاب "القدر". وأملى قريبًا من تسعين مجلسًا2. وسمعتُ بعض المشايخ يحدّث عن رفيق جدّي في الحجّ الحُسَين بن الحسن الصُّوفيّ قال: اكْترينا حمارًا ركِبه الإمام أبو المظفّر إلى خَرَق، وهي ثلاثة فراسخ من مرو، فنزلها بها، وقلت: ما مَعَنَا إلّا إبريق خَزَف، فلو اشترينا آخر. فأخرج من جيبه

_ 1 في الأنساب "7/ 139". 2 الأنساب "7/ 140".

خمسة دراهم، وقال: يا حُسَين، ليس معي إلّا هذا، خُذ واشترِ ما شئت، ولا تطلب بعد هذا منّي شيئًا. فخرجنا على التّجريد، وفتح الله لنا. سمعتُ شهردار بن شيروَيْه بهَمَذَان يقول: سمعتُ منصور بن أحمد الإسفزاري، وسأله أبي، فقال: سمعتُ أبا المظفّر السّمعانيّ يقول: كنتُ على مذهب أبي حنيفة، فبدا لي أن أرجع إلى مذهب الشّافعيّ، وكنتُ متردّدًا في ذلك. فحججْتُ، فلمّا بلغت سميراء، رَأَيْت ربّ العِزّة فِي المنام، فقال لي: عُدْ يا أبا المظفّر. فانتبهت، وعلمتُ أنّه يريد مذهب الشّافعيّ، فرجعتُ إلى مذهب الشّافعيّ1. وقال الحسين بن أحمد الحاجيّ: خرجتُ مع الإمام أبي المظفّر إلى الحجّ، فكلّما دخلنا بلدةً نزل على الصُّوفيّة، وطلب الحديث من المشيخة. ولم يزل يقول في دعائه: اللهمّ بيّن لي الحقّ من الباطل. فلمّا دخلنا مكّة، نزل على أحمد بن عليّ بن أسد، ودخلتُ في صُحْبة سعْد الزَّنْجانيّ، ولم يزل معه حتّى صار ببركته من أصحاب الحديث. فخرجنا من مكّة، وتركنا الكُلّ، واشتغل هو بالحديث2. قرأتُ بخطّ أبي جعفر الهِمَذَانيّ الحافظ قال: سمعتُ أبا المظفّر يقول: كنت في الطّواف، فوصلتُ إلى الملتَزَم، وإذا برجلٍ قد أخذ بطرف ردائي، فالتفت، فإذا بالإمام سعْد الزَّنْجانيّ، فتبسّمت إليه، فقال: أما ترى أين أنت؟ هذا مقام الأنبياء والأولياء. ثمّ رفعَ طرْفه إلى السّماء وقال: اللهمّ كما أوصلته إلى أعزّ المكان، فأعطه أشرف عزٍّ في كلّ مكان وزمان. ثمّ ضحك إليَّ، وقال لي: لا تخالفني في سِرّك، وارفع معي يدك إلى ربِّك، ولا تقولنّ البتّة شيئًا، واجمع لي همّتك، حتّى أدعو لك، وأَمِّن أنتَ، ولا تخالفني عهَدَك القديم. فبكيتُ، ورفعتُ معه يدي، وحرَّك شفتيه، وأمَّنت. ثمّ قال: مُرْ في حفْظ الله، فقد أُجِيب فيك صالح دُعاء الأُمّة. فمضيت من عنده، وما شيءٌ في الدّنيا أبغض إليَّ من مذهب المخالفين. قرأتُ بخطّ أبي جعفر أيضًا: سمعتُ الإمام أوحد عصره في علمه أبا المعالي الْجُوَيْنيّ يقول: لو كان من الفقه ثوبًا طاويا لكان أبو المظفّر بن السمعاني طرازة.

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "4/ 118". 2 طبقات الشافعية الكبرى "4/ 23".

وقرأتُ بخطّه: سمعتُ الإمام أبا عليّ بن أبي القاسم الصّفّار يقول: إذا ناظرتُ أبا المظفّر السّمعانيّ فكأنّي أُناظِرُ رجلًا من أئمةّ التّابعين، ممّا أرى عليه من آثار الصّالحين سمْتًا، وحُسْنًا، ودينًا. سمعتُ أبا الوفاء عبد الله بن محمد الدُّشّتيّ المقرئ يقول: سمعتُ والدك أبا بكر محمد بن منصور السِّمعانيّ يقول: سمعتُ أبي يقول: ما حفظتُ شيئًا فنسيته1. سمعتُ أبا الأسعد هبة الرحمن القُشَيْريّ يقول: سُئل جدّك أبو المظفّر في مدرستنا هذه، بحضور والدي، عن أحاديث الصّفات فقال: عليكم بدين العجائز2. ثمّ قال: غُصْتُ في كلّ بحرٍ، وانقطعت في كلّ بادية، ووضعتُ رأسي على كلّ عَتَبة، ودخلتُ من كلّ باب. وقد قال هذا السّيّد، وأشار إلى أبي عليّ الدّقّاق، أو إلى أبي القاسم القُشَيْريّ: لله وصفٌ خاصٌ لا يعرفه غيره. وُلِد جدّي في ذي الحجّة سنة ستٍّ وعشرين وأربعمائة. وتوفي يوم الجمعة الثّالث والعشرين من ربيع الأوّل. "حرف الهاء": 332- هشام بن أحمد بن خالد بن سعيد3. أبو الوليد الكِنانيّ الطُّلَيْطُلِيّ، ويُعرف بالوَقَّشِيّ. ووقَّش قرية على اثني عشر ميلًا من طليطلة. أخذ العلم عن: أبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، وأبي محمد بن عباس الخطيب، وأبي عمر السَّفاقِسيّ، وأبي عمر بن الحذاء، وجماعة. قال أبو القاسم صاعد: أبو الوليد الوقَّشيّ أحد رجال الكمال في وقته، باحتوائه على فنون المعارف، وجَمْعه لكليّات العلوم. هو من أعلم النّاس بالنَّحْو، واللُّغة، ومعاني الشِّعْر، وعلم العَرَوض، وصناعة البلاغة. بليغ، شاعر، حافظ للسُّنَن وأسماء

_ 1 المنتظم "9/ 102". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 119". 3 سير أعلام النبلاء "19/ 134-136".

الرّجال. بصير بالاعتقادات وأُصُول الفِقْه، واقف على كثير من فتاوى فقهاء الأمصار، نافذ في علوم الشُّرُوط والفرائض، متحقّق بعلم الحساب والهندسة، مشرف على جميع آراء الحكماء، حَسَن النَّقْد للمذاهب، ثاقب الذّهن، يجمع إلى ذلك آداب الأخلاق، مَعَ حُسْن المعاشرة، ولِين الكَنَف، وصدْق اللهجة. وقال ابن بَشْكُوال1: أنبا عنه أبو بحر الأَسَديّ، وكان مختصًّا به، وكان يعظّمه ويقدّمه على من لَقِيَه من شيوخه، ويصفه بالاستبحار في العلوم. وقد نُسِبتْ إليه أشياء الله أعلم بحقيقتها، وسائلهُ عنها ومُجَازِيه بها. وكان الشّيخ أبو محمد الرُيْوَاليّ يقول فيه: وكان من العلوم بحيث يُقْضَى ... لَهُ في كلِّ عِلْمٍ بالجميع وقال عتيق بن عبد الحميد: تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. وكان مولده سنة ثمانٍ وأربعمائة. وقال القاضي عياض: كان غايةً في الضَّبْط والإتقان، نسّابة، له تنبيهات ورُدود على كِبار التّصانيف التّاريخية والأدبية، وناهيك من حُسن كتابه في "تهذيب الكنَى" لمسلم، الّذي سمّاه بعكس الرُّتْبة، ومن تنبيهاته على أبي نصر الكَلابَاذِيّ، و"مؤتلف" الدارقطني. لكنه اتُّهِم بالاعتزال، وظهر له تأليف في القدَر، والقرآن. فزهد فيه النّاسُ، وتركه جماعة من الكبار2. وفيات سنة تسعين وأربعمائة: "حرف الألف": 333- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن زكريّا بن دينار3. أبو يَعْلَى العبْدي البصْري، الفقيه، شيخ مالكيّة العراق، ويُعرف بابن الصّوّاف. كان ينزل القَسَامِل، إحدى محال البصرة. ولد سنة أربعمائة.

_ 1 في الصلة "2/ 653، 654". 2 معجم البلدان "5/ 381". 3 المنتظم "9/ 103"، وسير أعلام النبلاء "19/ 156، 157"، والبداية والنهاية "12/ 154".

وسمع بالبصْرة: محمد بن عبد الرحمن الكازْرُونيّ1، ومحمد بن أحمد بن داسة، وعليّ بن هارون التّميميّ، والحسن القَسَامِليّ، وإبراهيم بن طلحة بن غسّان، وجماعة. وقدِم بغداد سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وسمع بها من: أبي عليّ بن شاذان، وأبي بكر البَرْقانيّ. روى عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة الصَّدَفيّ، وقاضي سَبْتَة أبو بكر عتيق النَّفْرَاويّ، وجابر بن محمد البصْريّ، وأبو الحسن الصُّوفيّ البُوشَنْجيّ، وآخرون. وتفقّه على القاضي أبي الحسن عليّ بن هارون المالكيّ؛ وصنَّف التّصانيف، ودرَّس بالبصرة، وتخرَّج به الأصحاب. تفقّه عليه أبو منصور بن باخي، وأبو عبد الله بن ضَابِح، ومالكيّة البصرة. قال القاضي عياض2: كان يُمْلي الحديث وعلى رأسه مستمليان يُسمعان النّاس. سمعَ منه عالَم عظيم. وقال أبو سعْد السّمعانيّ: كان فقيهًا، مدرّسًا، متزّهدًا، خشن العيش، مجدًا في عيادته، ذا سمتٍ ووقار3. وكان جابر بن محمد البصري يقول: ثنا أبو يَعْلَى العبْديّ فريد عصره. وكان به معرفة الحديث. وقال غيره: كان إمامًا، زاهدًا، عابدًا، إمامًا في عشرة أنواع من العلم. قال جابر: تُوُفّي في ثالث عشر رمضان. قلت: قد أكمل تسعين سنة، رحمه الله. 334- أحمد بن محمد. أبو بكر بن أبي طالب البغداديّ المقرئ الملقن، ويعرف بابن الكسائي.

_ 1 الكازروني: نسبة إلى كازرون، وهي إحدى بلاد فارس "الأنساب 10/ 318". 2 في ترتيب المدارك "4/ 791". 3 المنتظم "9/ 103".

سمع أبا الحسن القزويني، وأبا محمد الخلال. وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ. توفي في ذي الحجة. 335- أَحْمَد بن محمد بن إسماعيل بن عليّ1. أبو الحسن الشُّجاعيّ النَّيْسابوريّ أمين مجلس القضاء بنَيْسابور. كان من ذوي الرّأي الكامل. ومن الشّافعيّة المتعصّبين لمذهبه. وكان له ثروة ودُنيا ورئاسة، وولي أوقافًا وأنظارًا، ولم يكن بالمتحرّي فيها. وقد أملى سنين. وحدَّث عن أصحاب الأصمّ، كابي بكر الحِيريّ، وغيره. وكان مولده في سنة عشرٍ وأربعمائة. وتُوُفّي في ثامن عشر المحرَّم سنة تسعين. روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل، ومن "تاريخه" اختصرته؛ ومحمد بن جامع خيّاط الصُّوف، وعمر بن أحمد الصّفّار، ومحمد بن أحمد بن الْجُنَيْد الخطيب، وعبد الخالق بن زاهر، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وهبة الرحمن القُشَيْريّ. روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل. أمّا: 336- أبو حامد أحمد بن محمد الشُّجاعيّ الفقيه2. فقد ذكرنا وفاته ببلْخ في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وهو أشهر مِن ذا. 337- إبراهيم بن عبد الوهّاب بن محمد بن إسحاق بن مَنْدَهْ3. الشّيخ الصّالح أبو إسحاق. تُوُفّي في ذي الحجة في طريق الحج رحمه الله.

_ 1 المنتخب من السياق "114، 115". 2 تقدم برقم "40". 3 المنتظم "9/ 103، 104".

سمع: ابن رَيْدة، وأبا يَعْلَى الصّابونيّ، وعدّة. روى عنه: السِّلَفيّ، وغيره. 338- أرغش النّظاميّ1. الأمير. مملوك نظام الملك. كان من أكب أمراء دولة بَرْكيارُوق، فزوّجه بنت عمّه. وثبَ عليه باطنيّ بالرَّيّ فقتله. 339- إسماعيل بن عثمان بن عمر2. أبو عثمان الإبريسميّ النَّيْسابوريّ. ذكره عبد الغافر فقال: ثقة صالح مشتغل بالتّجارة. حدث عن: أبي القاسم السراج، وأبي بكر الحيري، وأبي إسحاق الإسفرائيني. قلت: روى عنه: عبد الله بن الفُرَاويّ، والعبّاس بن محمد العصاريّ ومحمد بن جامع الصيرفي. قال عبد الغافر: سمعتُ منه. وتُوُفّي فِي ربيع الأول. "حرف الباء": 340- بُرْسُق الأمير3. من كبار الدّولة الملكشاهيّة. وثَبَ عليه دَيْلَميٌّ من الباطنيّة فضَرَبه بسِكِّينٍ بين كتفَيْه، فقضى عليه. وكان بُرْسُق من أصحاب طُغْرُلْبَك. وهو أوّل شِحْنة ولي بغدادَ للسَّلْجُوقيّة. 341- بنجير بن منصور بن عليّ. أبو ثابت الهَمَذَانيّ. شيخ الصوفية.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 271". 2 تقدم برقم "307". 3 الكامل في التاريخ "10/ 271"، وزبدة التواريخ "148، 192".

روى عن: شيخه جعفر الأبْهَريّ، ومحمد بن عيسى، وأبي الفضل عمر بن إبراهيم الهَرَويّ، وغيرهم. قال شيروَيْه: سمعتُ منه عامّة ما مر له. وكان صدوقًا. تُوُفّي في ذي الحجّة وأنا تولّيتُ غسْله. وكان شيخ وقته، ووحيد عصره في خدمة الفقراء واحتمالهم، رحمه الله. قلت: أجاز للسِّلَفيّ. "حرف الحاء": 342- الحسن بن أحمد بن محمد بن إسماعيل الشُّجاعيّ. النَّيْسابوريّ. تُوُفّي في المحرم. 343- الحسين بن علي بن محمد بن مَسْلَمَة بن نجاح1. القاضي أبو عليّ الأزْديّ. سمع: أبا عثمان الصّابونيّ بدمشق. روى عنه: جمال الإسلام. وتُوُفّي في ربيع الأوّل. 344- الحسين بن محمد بن الحسين. أبو القاسم الدِّهْقان المقرئ الصَّرِيفينيّ2؛ صَرِيفين الكوفة. ختم عليه القرآن خلقٌ. وكان أحد العارفين بمذهب زيد بن عليّ. وكان الزَّيْديّة، يستفتونه. سمع من: جناح بن نذير المحاربيّ، وزيد بن جعفر العلوي. وحدث، وعاش ستًّا وثمانين سنة.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 161". 2 الصريفيني: نسبة إلى صريفين "الأنساب 8/ 58".

روى عنه: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل الطَّلْحيّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأحمد بن سعْد العِجْليّ الهَمَذَانيّ، وغيرهم. تُوُفّي في المحرَّم. 345- الحسين بن محمد بن أحمد. القزّاز. أبو نصر العتّابيّ. سمع: عبد الملك بن بشران. روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وغيره. ومات في صَفَر. 346- الحسين بن المظفّر بن الحسن. أبو عبد الله الصائغ. ويعرف بصهر ابن لؤلؤ البغداديّ. مُعَمَّر، وُلِد سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة. وسمع: أبا بكر أحمد بن طلحة المُنَقّيّ. روى عنه أيضًا: عبد الوهّاب. وتُوُفّي في خامس المحرَّم. "حرف الذّال": 347- ذو النُّون بن سهل. أبو بكر الأُشْنانيّ1 الأصبهاني. سمع: أبا نعيم. روى عنه: السلفي.

_ 1 الأشناني: نسبة إلى بيع الأشنان وشرائه "الأنساب "1/ 280".

"حرف السّين": 348- سُتَيْك بنتُ الشّيخ أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصّابونيّ1. فقيرة، عابدة، صوفية. ولدت سنة خمس عشرة وأربعمائة. وسمعت من: أبي الحسن الطّرّازيّ صاحب الأصمّ. وعنها: عبد الله بن الفُرَاويّ، ومحمد بن عبد الكريم المطرّز. ماتت في جُمَادى الأولى. 349- سعْد بْن عبد الله بْن أَبِي الرجاء محمد بن عليّ: القاضي أبو المطهَّر بن القاضي الأثير الأصبهاني. حجّ في هذه السّنة. وحدث بغداد "بمُسْنَد الحارث"، عن أبي نُعَيّم. روى عنه: عبد الوهاب الأنْماطيّ، ومحمد بن ناصر. 350- سعد بن عبد الرحمن2. الفقيه أبو محمد الأسترباذي. سمع: أبا الحسين الفارسيّ، وأبا حفص بن مسرور الكَنْجَرُوذيّ3. وكان فقيهًا بارعًا، إمامًا، مختصًّا، بإمام الحَرَمين. وتفقّه أيضًا على القاضي حسين المَرْوَرُّوذِيّ. تُوُفّي في نصف شوّال. "حرف الشين": 351- شُعْبة بن عبد الله بن علي4.

_ 1 المنتخب من السياق "249، 250". 2 المنتخب من السياق "241"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 166". 3 الكنجروذي: نسبة إلى كنجروذ قرية على باب نيسابور "الأنساب 10/ 479". 4 الأنساب "1/ 136".

أبو بكر الطُّوسيّ الأثريّ. سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصروني، وأبا حسّان المزكيّ. ومات في رجب. "حرف العين": 352- عبد الرَّحْمَن بْن عليّ بن القاسم1. أبو القاسم الصوفي العدل. ويُعرف بابن الكامليّ. سمع: أبا الحسين بن أبي نصر، وأبا عليّ الأهوازيّ، وسُلَيم بن أيّوب، وجماعة. روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، وغيث الأرمنازي، وابن أخيه أحمد بن الحسين الكامليّ. وسكن صُور، وبها تُوُفّي في رمضان. ووُلِد سنة تسع عشرة. 353- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يوسف2. أو نصر الأصبهاني السِّمْسار. آخر من حدَّث عَنْ أَبِي عَبْد الله محمد بْن إبراهيم الجرجاني. روى عنه، وعن: عليّ بن ميْلة الفقيه، وأبي بكر بن أبي عليّ الذَّكْوانيّ، وغيرهم. روى عنه: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في المحرَّم. وسئل عنه إسماعيل الحافظ فقال: شيخ لا بأس به.

_ 1 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 20"، وتهذيب تاريخ دمشق "3/ 287". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 34، 35"، وشذرات الذهب "3/ 359".

354- عبد الرحيم بن أحمد بن عليّ1. أبو الحسن النَّيْسابوريّ الدرديرانيّ. شيخ صالح عفيف. سمع: أبا بكر الحِيريّ، ومن بعده. وعنه: عبد الغافر، وقال: تُوُفّي في ربيع الأوّل. 355- عبد الملك بن منصور بن حمد بن زائدة. أبو المعاليّ الكاتب. إصبهانيّ من شيوخ السّلَفيّ القُدماء. مات في جُمَادى الأولى. سمع: ابن حَسْنَوَيْه. 356- عبد المهيمن بن الحسين بن محمد بن القاسم. أبو منصور الهاشميّ البغداديّ. تُوُفّي في حدود هذه السّنة. سمع: أبا عليّ بن شاذان. وعنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعمر المَغَازِليّ، وغيرهما. 357- عَبْدُوس بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن عَبْدُوس2. أبو الفتح بن أبي محمد الرُّوذَبَاريّ3، الفارسيّ، ثمّ الهَمَذَانيّ. رئيس هَمَذَان. سمع: أباه، وعمَّ أبيه عليّ بن عَبْدُوس، ومحمد بن أحمد بن حمدويه

_ 1 المنتخب من السياق "323". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 97"، ولسان الميزان "4/ 95". 3 الروذباري: نسبة لمواضع عند الأنهار الكبيرة يقال لها الروذبار، وهي بلاد متفرقة منها موضع على باب الطابران بطوس "الأنساب 6/ 180".

الدُّوسيّ، شيخ روى عن الأصمّ، وأبا طاهر الحسين بن سَلَمة، ومحمد بن عيسى المحتسب، ورافع بن محمد القاضي، وحمْد بن سهل، وحميد بن المأمون، والحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه. وسمع بالدِّينَوَر: أبا نصر الكسّار. وبنَيْسابور: منصور بن رامِش، وأبا عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسيّ، وجماعة. أجاز له أبو بكر أحمد بن علي بن لال، وأبو عبد الرحمن السُّلَميّ، وأبو الحسن بن جهضم. وكان أَسْنَد مَن بقي بهَمَذَان. حدَّث ببغداد في سنة ستٍّ وستّين، فروى عنه: أبو الحُسين بن الطُّيُوريّ، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الفضل محمد بن بُنَيْمان الهَمَذَانيّ. قال شيروَيْه: وسمعتُ من عَبْدُوس، وكان صدوقًا، متقنًا، فاضلًا، ذا حشمةٍ وصِيت؛ حَسَن الخطّ، حُلْو المنطق. كُفّ بصره، وصُمّت أُذُناه في آخر عمره. وسماع القدماء1 منه أصحّ إلى سنة نيفٍ وثمانين. ومات في جُمَادى الآخرة، وأنا غسّلته. وقال: وُلِدتُ سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة. وقال محمد بن طاهر: لمّا دخلت هَمَذَان بأولادي، كنتُ سمعتُ أنّ "سُنَن النَّسَائيّ" يرويه عَبْدوُس، فقصدته، وأَخْرَج إليَّ الكتاب، والسّماع فيه ملحقٌ بخطّه، سماعًا طريًّا. فامتنعت من قراءته. وبعد مدّة خرجت بابني أبي زُرْعة إلى الدُّونيّ2، وقرأته على هارون بن حمْدله. قلت: أبو زُرْعة آخِر من روى عن عَبْدُوس، وله عنه جزءان من حديث الأصمّ، رواهما عبد اللّطيف بن يوسف، عنه. وأنا التّاج عبد الخالق، عن الموفّق، عن أبي زُرْعة، عن عبدوس بحديثٍ واحد.

_ 1 في لسان الميزان "4/ 95"، "وسماع الغرباء". 2 الدوني: نسبة إلى دون قرية من أعمال دينور "معجم البلدان "2/ 490"، وجاء في "لسان الميزان 4/ 95" "الدؤلي".

358- عليّ بن طاهر بن أحمد بن الملقّب. أبو الحسن الموصلي البزار. سمع: أبا الحسن محمد بن محمد بن مَخْلَد. روى عنه: ابنه إسماعيل، وعبد الوهّاب الأنماطي، وإسماعيل السَّمَرْقَنْديّ. وقرأ القرآن على ابن شِيطا. وتُوُفّي في رجب، وله ستٌ وثمانون سنة. 359- عليّ بن عبد الملك. أبو الحسن الدّبيقيّ المالكيّ. مات بعكاء في جُمَادى الأولى. ورّخه هبة الله بن الأكفانيّ. 360- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عليّ الحاكم1. أبو الحسن الأشقر. نَيْسابوريّ صالح. روى عن: أبي نصر المفسّر صاحب الأصمّ، وغيره. وتُوُفّي في ربيع الآخر. 361- عليّ بْن محمد بْن عُبَيْد الله2. أبو القاسم الْجُوزجانيّ النَّيْسابوريّ. سمع: أَبَا القاسم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السّرّاج. روى عنه: عبد الله بن الفُرَاويّ، ومنصور بن محمد الصّاعديّ، وعائشة بنت الصّفّار. مات في جمادى الآخرة.

_ 1 المنتخب من السياق "390 رقم 1316". 2 المنتخب من السياق "390 رقم 1317".

"حرف الفاء": 362- الفضل بن عبد الواحد الأصبهاني الخبّاز. يروى عن: أبي نُعَيْم. روى عنه: أبو طاهر بن سِلَفَة، وقال: مات فِي ذي الحجَّة. 363- الفضل بْن محمد بن أحمد بن سعيد الحدّاد. أخو أبي الفتح الحدّاد الأصبهاني. روى عن: أبي بكر بن عليّ الذَّكْوانيّ، وعليّ بن عبدكوَيْه، والحسين بن إبراهيم الجمّال. وعنه: السِّلَفيّ، وقال: مات في ذي القعدة. "حرف الكاف": 364- كمشتكين الرومي. عتيق بن مروان الأصبهاني، يكنى أبا طاهر. تُوُفّي غريبًا بالبصرة. روى عن: أبي القاسم بن البُسّريّ. وعنه: السِّلَفيّ. "حرف الميم": 365- ماجد بن عليّ. أبو الجيش الأعْرَابيّ الضّبيّ. حدَّث في هذا العام بإصبهان. سمع سنة عشر وأربعمائة من أبي بكر الذَّكْوانيّ. وعنه: عبد الله بن علي الطامذي1.

_ 1 الطامذي: نسبة إلى طامذ قرية من قرى أصبهان "الأنساب 8/ 179".

المجلد الرابع والثلاثون

المجلد الرابع والثلاثون الطبقة الخمسون أحداث سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الخمسون: أحداث سنة إحدى وتسعين وأربعمائة: ابتداء دولة الإفرنج: قَالَ ابن الأثير: ابتداء دولة الإفرنج، لعنهم اللَّه، في سنة ثمان وسبعين فملكوا طُلَيْطُلَة وغيرها من الأندلس، ثمّ قصدوا صقلية في سنة أربع وثمانون فملكوها، وأخذوا بعض أطراف إفريقية. بدء حملات الإفرنج إلى بلاد الشام: وخرجوا في سنة تسعين إلى بلاد الشّام، فجمع ملكهم بردويل جَمْعًا كثيرًا، وبعث إلى الملك رُجَار صاحب صِقِلّية يَقُولُ: أَنَا واصل إليك وسائرٌ من عندك إلى إفريقية أفتحها، وأكون مجاورًا لك، فاستشار رُجَار أكابر دولته، فقالوا: هذا جيّد لنا وله، وتصبح البلاد بلاد النّصرانيّة، فضرط1 ضرطةً وقال: وحقّ ديني هذا خيرٌ من كلامهم. قَالُوا: ولِمَ ذلك؟ قال: إذا وصل احتاج إلى كلْفة كبيرة ومراكب وعساكر من عندي فإن فتحوا إفريقية كانت له ويأخذون أكثر مُغَلّ بلادي، وإن لم يفتحوا رجعوا إلى بلادي وتأذَّيْت. ويقول تميم يعني ابن بادريس: غدرت ونقضت العهد ونحنُ إنْ وجدنا قوة أخذنا إفريقية. ثمّ أحضر الرَّسُول، إذا عزمتم عَلَى حرب المسلمين فالأفضل فتح بيت المقدس، تخلّصونه من أيديهم، ويكون لكم الفخر، وأمّا إفريقيّة فبيني وبين صاحبها عُهُود وأَيْمان. فتركوه وقصدوا الشّام. وقيل: إنّ صاحب مصر لمّا رأى قوّة السَّلْجُوقيّة واستيلائهم عَلَى الشام ودخول أَتْسِز إلى القاهرة وحصارها، كاتب الإفرنج يدعوهم إلى المجيء إلى الشام ليملكوه.

_ 1 ضرط: ضرطًا، وضُراطًا: أخرج ريحًا من إسته مع صوت. فهو ضروط، وضرَّاط، والضراط: الريح الخارجة من الإست مع الصوت. المعجم الوجيز "ص/ 380".

عبور الإفرنج خليج القسطنطينية إلى أنطاكية: وقيل: إنهم عبروا خليج القسطنطينية وقدموا إلى بلاد قليج أرسلان بْن سلمان بْن قُتُلْمش السَّلْجوقيّ، فالتقاهم، فهزموه في رجب سنة تسعين. واجتازوا ببلاد ليون الأرمني فَسَلكوها. وخرجوا إلى أنطاكية فحاصروها، فخاف ياغي سِيان من النَّصارى الذين هُمْ رعيته، فأخرج المسلمين خاصّة لعمل الخندق أيضًا، فعملوا فيه إلى العصر، ومنعهم من الدخول، وأغلق الأبواب، وأَمِن غائلة النّصارى. وحاصرته الإفرنج تسعة أشهر، وهلك أكثر الإفرنج قتلًا وموتًا بالوباء وظهر من شجاعة ياغي سيان وحزْمه ورأيه ما لم يُشاهد من غيره، وحفظ بيوت رعية النّصارى بما فيها. ثمّ إنّ الإفرنج راسلوا الزّرّاد أحد المقدَّمين، وكان متسلّمًا برجًا من الوادي، فبذلوا لَهُ مالًا، فعامد عَلَى المسلمين يطلعوا إلى أن تكاملوا خمسمائة، فضربوا البوق وقت السَّحَر، ففتح ياغي سيان الباب، وهرب في ثلاثين فارسًا، ثمّ هرب نائبه قي جماعة. استباحة الإفرنج أنطاكية: واستُبيحت أنطاكية فإنا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون، وذلك في جُمَادَى الأولى من سنة إحدى وتسعين. وأُسْقِط في يد يغيسيان صاحبها، وأكل يديه ندمًا حيث لم يعد ويقاتل عَنْ حُرَمه حتّى يقتل. فلشدة ما لحقه سقط مغشيا عَلَيْهِ، وأراد أصحابه أنّ يُرْكِبُوه، فلم يكن فيه حَيْلٌ يتماسك بِهِ، بل قد خارت قوّته فتركوه ونجوا. فاجتاز بِهِ أَرمنيّ حطّاب، فرآه بآخر رَمَق، فقطع رأسه وحمله إلى الإفرنج. رواية سبط ابن الجوزي: وقال صاحب "المرآة": وكثر النّفير عَلَى الإفرنج، وبعث السّلطان بَرْكِيارُوق إلى العساكر يأمرهم بالميسر إلى عميد الدّولة للجهاد. وتجهّز سيف الدّولة فمنعه ابن مُزْيَد. فجاءت الأخبار إلى بغداد بأنّ أنطاكية أُخذت، وأنّ الإفرنج صاروا إلى المعرة،

وكانوا في ألف ألف إنسان، فنصبوا عليهم السّلالم، ودخلوها، وقتلوا منها مائة ألف إنسان، وسبوا مثل ذلك، وفعلوا بكفر طاب كذلك. قلت: دافع أهل المَعَرّة عَنْهَا وقاتلوا قتال موت حتى خذلوا، فقتل بها عشرون ألف، فهذا أصحّ. رواية ابن القلانسي: وقال أبو يَعْلَى بْن قلانسيّ: وأمّا أنطاكيّة فقُتِل بها وسُبِي بها من الرجال والنّساء والأطفال ما لم يدركه حصر. وهرب إلى القلعة تقديرُ ثلاثة آلاف تحصنوا. قَالَ أبو يَعْلَى: وبعد ذَلِكَ أخذوا المَعَرّة في ذي الحجّة. رواية ابن الأثير: قَالَ ابن الأثير: ولمّا سمع قوام الدولة كبر بوقا صاحب المَوْصِل بذلك، جمع الجيوش وسار إلى الشّام، ونزل بمرج دابق فاجتمعت معه عساكر الشام، تُركها وعَرَبُها سوى جُنْد حلب. فاجتمع معه دقاق وطغتكين أتابك، وجناح الدّولة صاحب حمص، وأرسلان صاحب سُنْجار، وسليمان بْن أُرْتُق وغيرهم، فعظمت المصيبة عَلَى الإفرنج، وكانوا في وهْن وقَحْط. وسارت الجيوش فنازلتهم. ولكن أساء السّيرةَ كبربوقا في المسلمين، وأغضب الأمراء وتحامق، فأضمروا لَهُ الشّرّ، وأقامت الإفرنج في أنطاكيّة بعد أنّ ملكوها ثلاثة عشر يومًا، وليس لهم ما يأكلونه، وأكل ضعفاؤهم الميتة وورق الشجر، فبذلوا البلد بشرط الأمان، فلم يعطهم كبربوقا. حربة المسيح عَلَيْهِ السّلام المزعومة: وكان بردويل، وصنجيل وكندفري، والقمص صاحب الرُّها وبَيْمُنْت صاحب أنطاكيّة، ومعهم راهب يراجعون إلَيْهِ، فقال: إنّ المسيح كانت لَهُ حَرْبَةٌ مدفونة بأنطاكية، فإن وجدتموها نُصِرْتُم، ودفن حرْبةً في مكانٍ عفّاه، وأمرهم بالصَّوم والتّوبة ثلاثة أيام، ثم أدخلهم في مكان، أمر بحفْره، فإذا بالحَرْبة، فبشّرهم بالظَّفَر وخرجوا للقاء، وعملوا مصافًا، فولّى بعض العساكر حرب كبربوقا، لِما في قلبهم منه، وما كَانَ ذا وقت ذا، فاشتغل بعضهم ببعض، ومالت عليهم الإفرنج فهزمتم، وهربوا من غير أن يقاتلوا، فظنت الإفرنج أنها مكيدة، إذا لم يجر قتال يوجب الهزيمة. وثبت

جماعة من المجاهدين، وقاتلوا خشية، فحطمتهم الإفرنج، واستشهد يومئذ ألوف، وغنمت الإفرنج من المسلمين معظم ثقلهم ودوختهم. دخول الإفرنج المَعَرّة: ثمّ ساروا إلى المَعَرّة فحاصروها أيامًا، ثمّ دخل المسلمين فشل هلع، وظنوا أنهم إذا تحصنوا بالدُّور الكبار امتنعوا بها، فنزلوا من السور إلى الدور، فرآهم طائفة أخرى، ففعلوا كفعلهم، فخلا مكانهم من السُّور، فصعدت الإفرنج عَلَى السّلالم، ووضعوا فيهم السيف ثلاثة أيّام، وقتلوا ما يزيد عَلَى مائة ألف، وملكوا جميع ما فيها. محاصرة الإفرنج عرقة: وساروا إلى عرقة، فحصروها أربعة أشهر، ونقّبوا أماكن، ثمّ صالحهم عليها صاحب شيزر ابن منقذ. منازلة الإفرنج حمص: فساروا ونازلوا حمص، ثمّ صالحهم جناح الدولة عَلَى طريق عكا. شغب الْجُنْد عَلَى السلطان بَركيَارُوق: وفيها شغب الْجُنْد عَلَى السلطان بَركيَارُوق وقالوا: لا نسكت لك حتّى تسلّم لنا مجد المُلْك القُمّيّ المستوفي -وكان قد أساء السّيرة، وضيّق الأرزاق-. فقال: واللَّه لا أمكنهم منك. وعزم إلى إخفائه، فقيل لَهُ: متي خرج عنك قتلوه، ولكن اشفع فيه. فبعثه وقال للأمراء: السلطان يشفع إليكم فيه فثاروا بِهِ وقتلوه. ثمّ جاءوا وقبلوا الأرض من بين يدي بَركيَارُوق، فسكت. خروج بيت المقدس من يد ابن أُرْتُق: وقال أبو يَعْلَى: وسار أمير الجيوش أحمد حتّى نازل بيت المقدس وحاصره، وأخذه من سقمان بن أرتق1.

_ 1 انظر: الكامل "10/ 272-275"، البداية والنهاية "12/ 148-155"، النجوم الزاهرة "5/ 153-162"، تاريخ الخلفاء "ص/ 676"، صحيح التوثيق "7/ 522".

أحداث سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة

أحداث سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة: مقتل أُنَرْ عامل بَركيَارُوق: لمّا سار السلطان بَركيَارُوق إلى خُراسان، استعمل أُنَرْ عَلَى فارس وبلادها، وكان قد تغلب عليها خوارج الأعراب، واغتضدوا بصاحب كرْمان ابن قاروت، فالتقاهم أُنَرْ، فهزموه وجاءَ مَفْلُولًا. ثمّ ولي إمارة العراق، يعني قبل بَركيَارُوق، فأخذ يكاتب الأمراء المجاورين لَهُ، وعسكر بأصبهان، ثم سار إلى إقطاعه بأذربيجان، وقد عاد، وانتشرت دعوة الباطنية بأصبهان، فانتدب لقتالهم، وحاصر قلعةً لهم بأرض أصبهان. واتصل به مؤيد الملك ابن نظام الملك، وجرت له الأمور. ثمّ كاتب غياث الدين محمد بْن ملكشاه، وهو إذ ذاك بكنجة، ثمّ سار إلى الرّيّ في نحو عشر آلاف، وهَمَّ بالخروج على بركياروق، فوثب عليه ثلاثة فقتلوه في رمضان بعد الإفطار. فوقعت الصيحة ونهبت خزائنه، تفرق جَمْعُه، ثمّ نقل إلى إصبهان، فدفن في داره. استيلاء الإفرنج عَلَى بيت المقدس: وفيها أحدق الإفرنج ببيت المقدس. لما كَسَرَت الإفرنج خذلهم اللَّه، المسلمين عَلَى أنطاكية في العام الماضي قووا وطغوا، وكان تاج الدّولة تتش قد استولى عَلَى فلسطين وغيرها، وانتزع البلاد من نُوّاب بني عُبَيْد، فأقطع الأمير سُقْمان بْن أُرْتُق التُّرْكيّ بيتَ المقدس، فرتبه وحصّنه، فسار الأفضل بْن بدر أمير الجيوش، فحاصر الأمير سُقْمان وأخاه إيلغازي، ونصبوا عَلَى القدس نيفًا وأربعين منجنيقًا، فهدموا في سوره. ودام الحصار نيفًا1 وأربعين يومًا، وأخذوه بالأمان في شَعْبان سنة تسع وثمانين. وأنعم الأفضل عَلَى سُقْمان وأخيه، وأجزل لهم الصِّلات. فسار سُقْمان واستولى عَلَى الرُّها، وذهب أخوه إلى العراق. ووُلّي عَلَى القدس افتخار الدّولة، فدام فيه إلى هذا الوقت. وسارت الجيوش النصرانية من حمص،

_ 1 نيف: هو الزائد على غيره، وهو من واحدٍ إلى ثلاثة، كما في المعجم الوجيز "ص/ 640".

ونازلت عكّا أيّامًا، ثمّ ترحّلوا وأتوا القدس، فحاصروه شهرًا ونصف، ودخلوا من الجانب الشمالي ضحوة نهار الجمعة لسبعٍ بقين من شَعْبان، واستباحوه، فإنا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون. واحتمى جماعة ببرج دَاوُد، ونزلوا بعد ثلاثٍ بالأمان، وذهبوا إلى عَسْقَلان. رواية ابن الأثير عَنْ دخول الإفرنج بيت المقدس: قَالَ ابن الأثير: قتلت الإفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد عَلَى سبعين ألفًا، منهم جماعة من العلماء والعبّاد والزُّهّاد، وممّا أخذوا أربعين قِنْديلًا من الفضّة، وزن القنديل ثلاثة آلاف وستمائة درهم. وأخذوا تنُّورًا1 من فضة، وزنه أربعون رِطْلًا بالشّاميّ، وغنموا ما لا يُحْصَى. وورد المستنفرون من الشام إلى ببغداد صحبة القاضي أَبِي سعْد الهَرَوِيّ، فأوردوا في الديوان كلامًا أبكى العيون وجرح القلوب. وبعث الخليفة رُسُلًا، فساروا إلى حلوان، فبلغهم قتل مجد الملك الباسلانيّ، فردّوا من غير بلوغ أربٍ، ولا قضاء حاجة، واختلف السلاطين، وتمكنت الإفرنج من الشام. وللأَبِيوَرْدِيّ: مزجنا دماء بالدموع السواجم ... فلم يبق منا عرضة للمراحم وشر سلاح المرء دمع يفيضه ... إذا الحرب شبت نارها بالصوارم فإيها بني الإسلام، إنّ وراءكم ... وقائع يلحقن الذرى بالمناسم أتهويمةٌ في ظل أمنٍ وغبطةٍ ... وعيش كنوار الخميلة ناعم وكيف تنام العين ملء جفونها ... عَلَى هفوات أيقظت كلّ نائم؟ وإخوانكم بالشام يضحي مقيلهم ... ظهور المذاكي أو بطون القشاعم تسومهم الروم الهوان وأنتم ... تجرون ذيل الخفض فعل المسالم فكم من دماءٍ قد أبيحت، ومن دمي ... توارى حياءً حسنها بالمعاصم بحيث السيوف البيض محمرة الظبا ... وسمر العوالي داميات اللهاذم

_ 1 التنور: الفرن.

يكاد لهن المستجن بطيبةٍ ... ينادي بأعلى الصوت: يا آل هاشم أرى أُمتي لا يشرعون إلى العدى ... رماحهم، والدين واهي الدعائم ويجتنبون النار خوفًا من الردى ... ولا يحسبون العار ضربة لازم أترضى صناديد الأعاريب بالأذى ... وتغضي على ذلِّ كماة الأعاجم فليتهم لم يردوا حمية ... عن الدين ضنوا غيرة بالمحارم رواية سبط ابن الجوزي: قَالَ أَبُو المظفّر سبط ابن الْجَوْزيّ: سارت الإفرنج ومقدمهم كُنْدفْري في ألف ألف، بينهم خمسمائة ألف مقاتل، عملوا برجين من خشب مُطلين عَلَى السور، فأحرق المسلمون البرج الّذي كَانَ بباب صهيون، وقتلوا من فيه، وأمّا الآخر فزحفوا بِهِ حتى ألصقوه بالسور وحكموا بِهِ عَلَى البلد وكشفوا من كَانَ بإزائهم، ورموا بالمجانيق والسّهام رمية رجلٍ واحدٍ، فانهزم المسلمون من السور. قلت: هذه مجازفة بينة، بل قَالَ ابن منقذ: إنّ جزءًا كَانَ بخيل، وإن قومًا وقفوا عَلَى سورها بأمر الوالي في مضيق لا يكاد يعبر منه إلّا واحدٌ بعد واحد. قَالَ: فكان عدد خيلهم ستة آلاف ومائة فارس، والرجالة ثمانية وأربعون ألفًا. ولم تزل دار الإسلام منذ فتحها عُمَر -رضى الله عنه. وكان الأفضل لما بلغه نزولهم عَلَى القدس تجهز وسار من مصر في عشرين ألف، فوصل إلى عسقلان ثاني يوم الفتح، ولم يعلم. وراسل الإفرنج. قَالَ ابن الأثير: فأعادوا الرَّسُول بالجواب، ولم يعلم المصريون بشيء فبادلوا السلاح بالخيل، وأعجلتهم الإفرنج فهزموهم، وقتلوا منهم من قُتِل، وغنموا خيامهم بما فيها. ودخل الأفضل عسقلان، وتمزق أصحابه. فحاصرته الإفرنج بعسقلان، فبذل لهم ذهبًا كثيرًا، فردوا إلى القدس. قال أبو يعلى بن القلانسيّ: قتلوا بالقدس خلقًا كثيرًا وجمعوا اليهود في الكنيسة وأحرقوها عليهم، وهدموا المساجد. ابتداء دولة محمد بْن ملكشاه: وفيها ابتداء دولة محمد بن ملكشاه. لمّا مات أبوه ببغداد سار مَعَ أخيه محمود والخاتون تركان إلى إصبهان، ثمّ إنّ أخاه بَركيَارُوق أقطعه كنجة، وجعل لَهُ أتابكًا،

فلما قوي محمد قتل أتابك قتلغ تكين، واستولى عَلَى مملكة أرّان، وطلع شهمًا شجاعًا مهيبًا، قطع خطبة أخيه، واستوزره مؤيد الملك عَبْد اللَّه بن نظام المُلْك. فإنه التجأ إِلَيْهِ بعد قتل مخدومه أُنَرْ. واتفق قتل مجد الملك الباسلاني، واستيحاش1 العسكر من بَركيَارُوق، ففارقوه وقدموا عَلَى محمد، وكثر عسكره فطلب الرّيّ، وعرّج أخوه إلى إصبهان، فعصوا عَلَيْهِ، ولم يفتحوا لَهُ، فسار إلى خوزستان. وأما محمد فاستولى عَلَى الرّيّ وبها زبيدة والدة السلطان بَركيَارُوق، فسجنها مؤيد الملك الوزير، وصادرها وأمر بخنقها. ولكن أظفر اللَّه بَركيَارُوق بالمؤيد فقتله. الخطبة للسلطان محمد: وسار سعْد الدولة كوهرائين من بغداد إلى خدمة السلطان محمد، فخلع عَلَيْهِ وردّه إلى بغداد نائبًا لَهُ، وأقيمت الخطبة ببغداد، ولقب "غياث الدنيا والدين" في آخر السنة. الغلاء والوباء بخراسان: وفيها، وفي العام الماضي، كَانَ بخراسان الغلاء المفرط2، والوباء، حتى عجزوا عن الدفن، وعظم البلاء. نقل المُصْحَف العُثْمانيّ من طبرية إلى جامع دمشق: وفيها نقل الأتابك طغتكين من طبرية المُصْحَف العُثْمانيّ خوفًا عَلَيْهِ إلى دمشق، وخرج النّاس لتلقيه، فأقره في خزانةٍ بمقصورة الجامع3.

_ 1 استيحاش: خوف. 2 المفرط: الشديد. 3 انظر: النجوم الزاهرة "5/ 162-165".

أحداث سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة

أحداث سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة: دخول عسكر بَركيَارُوق الحلة: لما سار بَركيَارُوق إلى خوزستان دخلها بجميع من معه وهم في حالٍ سيئة، ثمّ سار عسكره إلى واسط، فظلموا النّاس، ونهبوا البلاد وسار إلى خدمته الأمير صدقة بْن مُزْيَد صاحب الحلة. إعادة الخطبة لبركياروق ببغداد: ثمّ سار ودخل بغداد في سابع عشر من صَفَر، وأعيدت خطبته وتراجع إِلَيْهِ بعض الأمراء، ولم يؤاخذ كواهرئين، وخلع عَلَيْهِ، وقبض عَلَى وزير بغداد عميد الدولة ابن جهير، والتزم بحمل مائة وستين ألف دينار. هزيمة بَركيَارُوق أمام أخيه محمد: ثمّ سار بالعساكر إلى شهرزور، وانضم إِلَيْهِ عسكرٌ لجب، فالتقى الأخوان فكان محمد في عشرين ألفًا، وكان عَلَى ميمنته أمير آخر، وعلى مسيرته مؤيّد الملك والنظامية. وكان على ميمنة بركياروق كوهرائين، والأمير صدقة، وعلى مسيرته كبربوقا صاحب المَوْصِل، فهزم كوهرائين مَيْسَرة محمد، وهزم أميرٌ آخر بميسرة محمد ميمنة بَركيَارُوق، فعاد كوهرائين فكبا به الفرس، فأتاه فارس فقتله، وانهزمت عساكر بركياروق وذل، وبقي في خمسين فارسًا. وأسر وزيره الجديد الأعز أبو المحاسن، فبالغ مؤيد الملك وزير محمد في احترامه، وكفله عمادة بغداد، وإعادة الخطبة لمحمد، فساق إلى بغداد، وخطب لمحمد ثاني مرة في نصف رجب. ترجمة سعْد الدولة كوهرائين: وكان سعْد الدولة كوهرائين خادمًا كبيرًا محتشمًا، ولي بغداد وخدم ملوكها، ورأى ما لم يره أميرٌ من نفوذه الكلمة والعزّ. وكان حليمًا كريمًا حَسَن السيرة. وكان خادمًا تركيا للملك أَبِي كالَيْجَار بن سلطان الدولة بْن بهاء الدولة بْن عضد الدولة بن بويه. وبعث بِهِ أَبُوهُ مَعَ ابنه أَبِي نَصْر إلى بغداد، فلم يزل معه حتّى قدِم السلطان طغرلبك بغداد، فحبسه مَعَ مولاه. ثمّ خدم السلطان ألب أرسلان. وفداه بنفسه. وثب عَلَيْهِ يوسف الخوارزمي، وكان صاحب صلاة، وتهجدٍ، وصيام، ومعروف، رحمه اللَّه.

مسير بَركيَارُوق إلى نيسابور وغيرها: وأما السلطان بَركيَارُوق، فسار بعد الوقعة إلى إسفرائين، ثمّ دخل نَيْسابور وضيق عَلَى رؤسائها. وعمل مصافًا مَعَ أخيه سنجر، فانهزمت الفتيان، وسار بَركيَارُوق إلى جرجان، ثم دخل البرية مع عسكر يسير، وطلب إصبهان، فسبقه أخوه محمد إليها. فتح ابن باديس مدينة سفاقس: وفيها فتح تميم بْن المعز بْن باديس مدينة سفاقس، وغيرها واتسع سلطانه. وقوع بيمند الإفرنجي في أسر كمشتكين: وفيها لقي كمشتكين ابن الدنشمند صاحب مَلَطْية، وسيواس بيمند الإفرنجي صاحب أنطاكية، بقرب مَلَطْية، فأسر بيمند. أخذ الإفرنج قلعة أنكورية: ووصل في البحر سبعة قوامص1، فأخذوا قلعة أنكورية، وقتلوا أهلها، ثمّ التقاهم ابن الدنشمند. قال ابن الأثير: فلم يفلت أحد من الإفرنج، وكانوا ثلاثمائة ألف، غير ثلاثة آلافٍ هربوا ليلًا. كذا قَالَ: والعهدة عَلَيْهِ. ثمّ سار الإفرنج من أنطاكية، فالتقاهم وكسرهم. وزارة الدهستانيّ: ووزر للخليفة أبو المحاسن عَبْد الجليل بْن عليّ الدهستانيّ جلال الدولة، فجاء بركياروق يحثه على اللحاق به، ماستوزر الخليفة المستظهر باللَّه سديد الملك أبا المعالي الفضل بن عبد الرزاق الأصفهانيّ، قاله صاحب "المرآة". رواية فيها مجازفة لصاحب مرآة الزمان: وفيها: خرج سعْد الدولة الطواشيّ من مصر، فالتقى الإفرنج عَلَى عسقلان،

_ 1 قوامص: القُمَّصُ في المسيحية: أحد أصحاب المراتب الكنسية، وهو أعلى من القس كما في المعجم الوجيز "ص/ 515".

وقاتل بنفسه حتّى قتل، وحمل المسلمون عَلَى النصاري فهزموهم إلى قيسارية. قَالَ: فيقال: أنهم قتلوا من الإفرنج ثلاثمائة ألف. قلت: هذه مجازفة عظيمة من نوع المذكورة آنفًا. القحط بالشام: وفيها كَانَ القحط بالشام، والخوف من الإفرنج1.

_ 1 انظر: النجوم الزاهرة "5/ 163-167".

أحداث سنة أربع وتسعين وأربعمائة

أحداث سنة أربع وتسعين وأربعمائة: هزيمة السلطان محمد وذبح وزيره مؤيد الملك: في وسطها كَانَ مصاف كبير بين السلطانين: محمد، وبركياروق. كَانَ مَعَ بَركيَارُوق خمسون ألفًا، فانهزم محمد، وأسر وزيره مؤيد الملك، فذبحه بركياروق بيده. وكان بخيلًا سيئ الخلق، مذموم السيرة، إلّا أَنَّهُ كَانَ من دهاة العالم، عاش خمسين سنة. دخول بَركيَارُوق الرّيّ: ودخل بَركيَارُوق الرّيّ وسجد لله، وجاء إلى خدمته صاحب المَوْصِل كبربوقا، ونور الدولة دُبَيْس ولد صَدَقَة. تحالف السلطان محمد وأخيه سنجر: وانهزم محمد إلى خراسان، فأقام بجرجان، وراسل أخاه لأبَوَيْه الملك سَنْجار يطلب منه مالًا وكسوة، فسيَّر إِلَيْهِ ما طلب. ثمّ تحالفا وتعاهدا واتّفقا. ولم يكن بقي مَعَ محمد غير ثلاثمائة فارس، فقدم إليه أخيه سَنْجَر وانضمّ إليهما عسكرٌ كثير، وتضرّر بالعسكر أهل خُراسان. تراجع بَركيَارُوق إلى هَمَذَان: وأمّا السّلطان بَركيَارُوق فسار جيشه قريبًا من مائة ألف، فغلت الأسعار،

واستأذنته الأمراء في التّفرّق بالفلاة1، فبقي في عسكر قليل، فبلغ ذَلِكَ أخَوَيْه، فقصداه وطَوَيا المراحل، فتقهقر ونقصت هيبته، وقصد هَمَذَان، فبلغه أنّ إياز متولّيها قد راسل محمدًّا ليكون معه، فسار إلى خُوزِسْتان، ثمّ خرج إلى حُلْوان. مرض بَركيَارُوق: وأمّا إياز فلم يقبله محمد، فخاف وهرب إلى عند بَركيَارُوق، فدخلت أصحاب محمد ونهبوا حواصله، فيقال: إنهم الخمسمائة فرس العربيّة. وتكامل مَعَ بَركيَارُوق خمسة آلاف ضعيف، قد ذهبت خيامهم وثقلهم، وقدم بهم بغداد، ومرض، وبعث يشكو قلّة المال إلى الدّيوان، فتقرَّر الأمر عَلَى خمسين ألف دينار حُمِلت إِلَيْهِ، ومد أصحابه أيديهم إلى أموال الرّعية وظلموهم. خروج صاحب الحلّة عَنِ الطاعة: وخرج عَنْ طاعته صاحب الحلّة، وخطب لأخيه محمد. دخول السلطان محمد بغداد: وفي آخر العام وصل محمد وسَنْجَر إلى بغداد، وجاء إلى خدمته إيلغازي بْن أُرْتُق، وتأخر بَركيَارُوق وهو مريض إلى واسط، وأصحابه ينهبون القُري والمؤنة. وفرح الخليفة والناس بالسّلطان محمد. ظهور الباطنيّة 2 ببغداد: وفي حدودها ظهرت الباطنيّة ببغداد ونواحيها، وكثروا. رواية ابن الْجَوْزيّ عَنِ الباطنية: قَالَ أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ: وأوّل ما عُرف من أخبار الباطنيّة، يعني الإسماعيليّة، أنّهم اجتمعوا فَصَلُّوا العيد في ساوَة، ففِطن بهم الشحنة، فأخذهم وحبسهم، ثم

_ 1 الفلاة: الصحراء. 2 الباطنية: فرقة من الفرق الضالة، تنتمي إلى الشيعة، وتعتقد أن للشريعة ظاهرًا وباطنًا، وتستحل أعراض المسلمين وأموالهم.

أطلقهم، ثمّ اغتالوا مؤذنًا من أهل ساوة فاجتهدوا أنّ يدخل في مذهبهم، فامتنع فخافوا أنّ ينمّ عليهم، فقتلوه، فرُفِع ذَلِكَ إلى نظام المُلْك، فأخذ رجلًا نجارًا اتّهمه بقتله، وهو أوّل من فتكوا بِهِ، وكانوا يقولون: قلتم منّا نجّارًا فقتلنا بِهِ نظام المُلْك. ثمّ استفحل أمرهم بأصبهان. ولمّا مات السّلطان ملكشاه، آل أمرهم إلى أنّهم كانوا يسرقون النّاس فيقتلوهم ويُلْقُونهم بالآبار، فكان الإنسان إذا دنا وقتٌ ولم يعد إلى منزله يئسوا منه. وبلغ من حيلهم امرأة عَلَى حصير لا تبرح منها، فدخلوا الدّار، يعني الأخَوان، فأزالوها، فوجدوا تحت الحصير بئرًا فيها أربعون قتيلًا. فقتلوا المرأة، وهدموا الدّار. وكانوا يجلسون ضريرًا عَلَى باب زُقاقهم، فإذا مرّ بِهِ إنسان سأله أنّ يقوده إلى رأس الزُّقاق، فإذا فعل جذبه من في الدار إليها فقتلوه. فجدّ أهل إصبهان فيهم، فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا. وأوّل قلعة ملكوها بناحية إصبهان، تسمّى الرُّوذَبار، وكانت لقراج صاحب ملكشاه، وكان متهمًا بمذهبهم. فلمّا مات ملكشاه أعطوه ألفًا ومائتي دينار، فسّلمها إليهم في سنةٍ ثلاثٍ وثمانين. وقيل: لم يكن ملكشاه مات. مقدَّم الباطنيّة: وكان مقدَّمهم يقال لَهُ: الحَسَن بْن الصّبّاح، وأصله من مَرْو، وكان كاتبًا لبعض الرؤساء، ثمّ صار إلى مصر وتلقّى من دعاتهم، وعاد داعيةً للقوم، وحصل على هذه القلعة، وكان لا يدعو إلّا غنيا، ثم يذكر لَهُ ما تمّ عَلَى أهل البيت من الظلم، ثمّ يَقُولُ لَهُ: إذا كانت الأزارقة والخوارج سمحوا بنفوسهم في القتال مَعَ بني أُميّة، فما سبب تخلُّفك بنفسك عَنْ إمامك؟ فيتركه بهذه المقالة طُعْمةً للسِّباع. طاعة الباطنيّة لمقدَّمهم: وكان ملكشاه نفَّذ إِلَيْهِ يتهدّده ويأمره بالطّاعة، ويأمره أنّ يكفّ أصحابه عَنْ قتل العلماء والأمراء، فقال للرسول: الجواب ما تراه. ثمّ قَالَ لجماعةٍ بين يديه: أريد أنّ أُنْفذكم إلى مولاكم في حاجةٍ، فمن ينهض بها؟ فاشرأبّ كلُّ واحدٍ منهم، وظنّ الرَّسُول أنّها حاجة، فأومى إلى شابّ فقال: اقتل نفسك. فجذب سكّينًا، فقال بها في عاصمته، فخرَّ ميتًا. وقال لآخر: إرمِ نفسَك من القلعة. فألقى نفسه فتقطّع.

فقال للرسول: قل لَهُ: عندي من هَؤُلَاءِ عشرون ألفًا هذا حدّ طاعتهم، فعاد الرَّسُول وأخبر ملكشاه، فعجب، وأعرض عَنْ كلامهم. حيلة للباطنية في الاستيلاء عَلَى قلعة: وصار بأيديهم قلاعٌ كثيرة، منها قلعةٌ عَلَى خمسة فراسخ من إصبهان، وكان حافظها رجلًا تركيا، فصادقه نجارُ منهم، أهدى لَهُ جارية، وقوسًا فوثق بِهِ، وكان يستنيبه في حفظ القلعة. فاستدعى النّجّار ثلاثين رجلًا من أصحاب ابن عطاش، وعمل دعوة، ودعا التُّرْكيّ وأصحابه، وسقاهم الخمر، فلمّا سكروا تسلّق الثّلاثون بحبال إِلَيْهِ، فقتلوا أصحاب التُّرْكيّ، وسلم هُوَ وحده، فهرب. وتسلموا القلعة. وقطعوا الطُّرقات ما بين فارس وخورزستان. ثم ظفر جاولي بثلاثمائة منهم، فأحاط هُوَ وجنده بهم فقتلوهم، وكان جماعة منهم في عسكر بَركيَارُوق، فاستغووا خلقًا منهم، فوافقهم، فاستشعر أصحاب السلطان منهم، ولبسوا السّلاح، ثمّ قتلوا منهم مائة رَجُل. من خُزَعْبَلات 1 الباطنيّة: وكان بنواحي المشان رَجُل منهم يتزهد ويدّعي الكرامات. أحضر مرّةً جَدْيًا مَشْوِيًّا لأصحابه، وأمر برد عظامه على التنور، فردت، وجعل على التنور طبقًا. ورفع الطبق فوجدوا جديا يرعى حشيشًا، ولم يروا نارًا ولا رمادًا. فتلطف بعض أصحابه حتّى عرف بأن التنور كَانَ يفضي إلى سرداب، وبينهما شقُّ من حديد يدور بلَوْلَب، فيفرك اللَّوْلَب، فتدور النّار، ويجيء بدلها الجدْيُ والمَرْعَى. وقال الغزالي في كتاب "سرّ العالمين": شاهدتُ قصة الحَسَن بْن الصّبّاح لمّا تزهّد تحت حصن أَلَمُوت، فكان أهل الحصن يتمنون صعوده إليهم، ويمتنع ويقول: أما ترون المُنْكَر كيف فشا؟ وفسد الناس وبعثنا إليهم خلقًا. فخرج أمير الحصن يتصيّد، وكان أكثر تلامذته في الحصن، فأصعدوه إليهم وملّكوه، وبعث إلى الأمير من قتله. ولمّا كثرت قلاعهم، واشتغل عَنْهُمْ أولاد ملكشاه باختلافهم اغتالوا جماعةً من الأمراء والأعيان. وللغزاليّ -رحمه اللَّه- كتاب فضائح الباطنيّة، ولابن الباقِلّانيّ، والقاضي عَبْد الجبّار،

_ 1 حزعبلات: خرافات.

وجماعة: ردّ عَلَى الباطنيّة. وهم طائفة خبيثة، ويظهرون الزهد، والمراقبة، والكشف، فيضلّ بهم كلّ سليمِ الباطن. رواية ابن الأثير عَن الباطنيّة: قَالَ ابن الأثير وفي شَعْبان سنة أربعٍ وتسعين أمر السّلطان بَركيَارُوق بقتل الباطنيّة، وهم الإسماعيليّة، وهم القرامطة. قَالَ: وتجرّد بأصبهان للانتقام منهم أبو القاسم مسعود بْن محمد الخُجُنْديّ الفقيه الشّافعيّ، وجمع الْجَمَّ الغفير بالأسلحة، وأمر بحفر أخاديد أوقدوا فيها النيران، وجعل فيها رجلًا لقّبوه مالكًا، وجعلت العامّة يأتون ويلقونهم في النار، إلى أنّ قتلوا منهم خلقًا كثيرًا. إلى أنّ قَالَ: وكان الحَسَن بْن الصّبّاح رجلًا شهمًا، كافيا، عالمًا بالهندسة، والحساب، والنّجوم، والسحر، وغير ذَلِكَ. وكان رئيس الرّيّ أبو مُسْلِم، فاتهم ابن الصّبّاح بدخول جماعة من دعاة المصريّين عَلَيْهِ، فخافه ابن الصّبّاح وهرب فلم يُدركْه أبو مُسْلِم. وكان ابن الصّبّاح من جملة تلامذة أحمد بْن عطّاش الطّبيب الّذي ملك قلعة إصبهان. وسافر ابن الصّبّاح فطاف البلاد، ودخل عَلَى المستنصر صاحب مصر، فأكرمه وأعطاه مالًا، وأمره أنّ يدعو النّاس إلى إمامته، فقال لَهُ الحَسَن بْن الصّبّاح: فَمَن الْإِمَام بعدك؟ فأشار إلى ابنه نِزَار. الدَّعوة للمستعلي ونِزار: ولمّا هلك المستنصر واستخْلف ولده المُسْتعلي صار نزار هذا إلى الإسكندريّة، ودعى إلى نفسه، فاستجاب لَهُ خلْقٌ، ولُقّب بالمصطفى لدين اللَّه. وقام بأمر دولته ناصر الدّولة أفتكين مَوْلَى أمير الجيوش بدر. هذا في سنة سبع وثمانين وأربعمائة. حصار المصريّين للإسكندرية: فسار عسكر مصر لحصار الإسكندريّة في سنة ثمانٍ، فخرج ناصر الدولة وطرهم فردّوا خائبين. ثمّ سار الأفضل فحاصر الإسكندرية وأخذها، وأسر نزار، وأفتكين وعدة.

إقامة ابن الصبّاح بقلعة ألَمُوت: ودخل ابن الصّبّاح خراسان وكاشغر، والنّواحي، يطوف عَلَى قومٍ يضلهم، فلمّا رأى قلعة أَلَمُوت بقزوين أقام هناك، طمع في إغوائهم، ودعاهم في السر، وأظهر الزُّهد، ولبس المُسُوح، فتبعه أكثرهم. وكان نائب أَلَمُوت رجلًا أعجميًّا عَلَويًّا، فيه بَلَهٌ وسلامة صدرٍ، وكان حسن الظن بالحسن، يجلس إليه، ويتبرك فيه. فلما أحكم الحسن أمره دخل يومًا على العلوي فقال: أخرج من هذه القلعة. فتبسم، وظنه يمزح، فأمر الحَسَن بعض أصحابه فأخرجوه، وأعطاه ماله. فبعث نظام الملك لمّا بلغه الخبر عسكريًّا، فنازلوه ضايقوه، فبعث من قتل نظام الملك، وترحّل العسكر عَنْ أَلَمُوت. ثمّ بعث السلطان محمد بْن ملكشاه العسكر وحاصروه. ومن جملة ما استولوا عَلَيْهِ من القلاع: قلعة طَبَس، وزوزن، وقاين، وسيمكوه. وتأذّى بهم أهل البلد، واستغاثوا بالسّلطان، فبعث عسكرًا حاصروه ثمانية أشهر، وفُتحت، وقُتِل كلّ من فيها. ولهم عدّة قلاعٍ سوى ما ذكرنا. قَالَ: وكان تيرانشاه ابن تورانشاه بْن قاروت بك السَّلْجُوقيّ بكرْمان قد قتل الإسماعيليّة الأتراك أصحاب الأمير إسماعيل، وكانوا قومًا سُنّة، قتلَ منهم ألفي رَجُل صبْرًا، وقطع أيدي ألفَيْن، ونفق عَلَيْهِ أبو زُرْعة الكاتب، فحسّن لَهُ مذهب الباطنيّة، فأجاب. وكان عنده الفقيه أحمد بْن الحُسين البلْخيّ الحنفيّ، وكان مُطاعًا في النّاس، فأحضره عنده ليلةً، وأطال الجلوس، فلما خرج أَتْبَعه من قتله فلمّا أصبح دخل عَلَيْهِ النّاس، وفيهم صاحب جيشه، فقال: أيُّها الملك، من قتل هذا الفقيه؟ فقال: أنت شِحْنةُ البلد، تسألني مَن قتل هذا! وأنا أعرف قاتله!، ونهض. ففارقه الشِّحْنَة في ثلاثمائة فارس، وسار من كرْمان إلى ناحية إصبهان. فجهز الملك خلفه ألفي فارس فقاتلوهم وهزمهم، وقدم إصبهان وبها السلطان محمد فأكرمه. وأمّا عسكر كرْمان، فخرجوا على تيرانشاه، وطردوه عَنْ مدينة بردشير الّتي هِيَ قصبة كرمان، وأقاموا عليهم ابن عمّه أرسلانشاه. وأمّا تيرانشاه فالتجأ إلى مدينة صغيرة، فمنعته أهلها وحاربوه، وأخذوا خزائنه ثمّ تبعه عسكره، فأخذوه، وأخذوا أبا زُرْعة، فقتلهما أرسلان شاه.

لباس الدروع تحت الثياب خوفًا من الباطنيّة: واستفحل أمر الباطنيّة وكثروا، وصاروا يتهدّدون من لا يوافقهم بالقتل، حتّى صارت الأمراء يلبسون الدّروع تحت أثيابهم. وكان الوزير الأعزّ أبو المحاسن يلبس زَرَدِيّةً تحت ثوبه. وأشارت الأمراء إلى بَركيَارُوق السّلطان بقصْدهم قبل أنّ يعجز عَنْ تلافي أمرهم. فأذن في قتلهم. وركب هُوَ والعسكر وطلبوهم، وأخذوا جماعة من خيامهم. وممّن اتُّهم وقُتِل بأنه مقدَّمهم الأمير محمد بْن كاكَوَيْه صاحب يزد. وقتل جماعة بُرَآء سعى بهم أعداؤهم. الباطنيّة في عهد المقتدي باللَّه: وقد كَانَ أهالي عانة نسبوا إلى هذا المذهب قديمًا من أيّام المقتدي باللَّه، فأنهي حالهم إلى الوزير أَبِي شجاع، فطلبهم، فأنكروا وجحدوا، فأطلقهم. اتّهام الهراسيّ بالباطنية: واتُّهم إلكيّا الهَرَاسّي مدرْس النّظَاميّة بأنّه باطنيّ فأمر السّلطان محمد بالقبض عَلَيْهِ، ثمّ شهد لَهُ ببراءة السّاحة، فأُطْلِق. حصار الأمير بزغش حصن طَبَس: وفيها حاصر الأمير بزغش، وهو أكبر أمراء الملك سَنْجَر، حصن طبس الّذي فيه الإسماعيليّة، وضيّق عليهم، وخرّب كثيرًا من أسوارها بالمنجنيق، ولم يبق إلّا أخذها، فرحل عَنْهُمْ وتركهم، فبنوا السّور، وملأوا القلعة ذخائر. ثمّ عاودهم بزغش سنة سبعٍ وتسعين. مقتل كُنْدفْري صاحب القدس: وفيها سار كُنْدفْري صاحب القدس إلى عكّا فحاصرها، فأصابه سهمٌ فقتله. انكسار بغدوين: فسار أخوه بَغْدَوِين، ويقال: بردويل، إلى القدس في خمسمائة، فبلغ الملك دُقَاق

صاحب دمشق، فنهض إليه وجَنَاح الدّولة صاحب حمص، فانكسرت الإفرنج. مَلْك الإفرنج سَرُوج: وفيها ملكت الإفرنج سَرُوج، من بلاد الجزيرة؛ لأنّهم كانوا قد مَلَكوا الرُّها بمكاتبةٍ من أهلها النّصارى، وليس بها من المسلمين إلّا القليل، فحاربهم سُقْمان، فهزموه في هذه السنة. وساروا إلى سروج، فأخذوها بالسّيف، وقتلوا وسبوا. ملك الإفرنج حيفا: وفيها ملكوا مدينة حَيْفا، وهي بقرب عكّا عَلَى البحر. أخذوها بالأمان. مَلْكهم أرسوف: وأخذوا أَرْسُوف بالأمان. مَلْكهم قيسارية: وفي رجب أخذوا قَيْساريّة بالسّيف، وقتلوا أهلها. إعادة صلاة التراويح والقنوت: وفي رمضان أمر المستظهر باللَّه بفتح جامع القصر، وأن تصلى فيه التراويح، وأن يجهر بالبسملة لهذا عادة. وإنّما تركوا الجهر بالبسملة في جوامع بغداد مخالفةً للشّيعة أصحاب مصر. وأمر أيضًا بالقنوت عَلَى مذهب الشّافعيّ. حكاية ابن قاضي جَبَلة أَبِي محمد عُبَيْد اللَّه بْن صُلَيْحَة: كانت جَبَلَة تحت حكم ابن عمّار صاحب طرابُلُس، فتعانى ابن صليحة الجندية. وكان أَبُوهُ قاضيا، فطلع هُوَ فارسًا شجاعًا، فأراد ابن عمّار أنّ يمسكه، فعصى عَلَيْهِ، وأقام الخطبة العبّاسيّة، وحوصر، فلم يقدروا عَلَيْهِ لمّا غلبت الإفرنج إلى الشام، فرحلت الإفرنج. ثمّ عاودوه، فأرجفهم بمجيء المصريين، فرحلوا. ثمّ عادوا لحصاره، فقرّر مَعَ رعيّته النّصارى أنّ يراسلوا الإفرنج، ويَعِدُوهُم إلى بُرْجٍ ليطلعوا منه، فبادروا وندبوا1 ثلاثمائة من شجعانهم، فلم يزالوا يطلعون في الحبال واحدًا واحدًا، وكلما

_ 1 ندبوا: حضوا وحرضوا.

طَلَع واحدٌ قتله ابن صُلَيْحة، إلى أنّ قتلهم أجمعين، فلما طلع الضوء صفف الرؤوس عَلَى السّور. ثمّ إنّهم هدموا بُرجًا، فأصبح وقد عمله. وكان يخرج من الباب بفوارسه يقاتل. فحملوا مرةً عَلَيْهِ، فانهزموا، وجاء النصر عَلَيْهِ، وأسر مقدّم الإفرنج. ثمّ علم ابن صُلَيْحة أنّ الإفرنج لا ينامون عَنْهُ، فسلّم البلد إلى صاحب دمشق. وسار إلى بغداد بأمواله وخزائنه، وأخذ لَهُ السّلطان بَركيَارُوق شيئًا كثيرًا. كسرة الإفرنج أمام قِلِج أرسلان: وفيها أقبل جيش الإفرنج، نحو خمسين ألف، فمروا ببلاد قِلِج أرسلان، فحشد وجمع وعَرَض ستة آلاف فارس، وعمل لَهُ كمينًا، فكسر الإفرنج كسْرةً مشهورة، وغنم ما لا يوصف. جموع الإفرنج حسب وصف المستوفي: قَالَ ابن مُنْقِذ: حدثني محمد المستوفي رسول جناح الدّولة إلى ملك الروم، أنهم اعتبروا عدتهم، فكانوا ثلاثمائة ألف وخمسة وأربعين ألف إنسان، ومعهم خمسون حِمْل ذهب وفضةٍ وديباجٍ، فانضاف إليهم الذين انهزموا من الوقعة المذكورة، فجمع قلج رسلان التَّرْك ببلاده، فزادوا عَلَى خمسين ألفًا. وغوّر الماء الّذي في طريقهم، وأحرق العُشْب، وأخلى القُرى، فأقبلوا في أرضٍ بلا ماء ولا مَرْعَى. رواية رسول رضوان عَنْ جموع الإفرنج: قَالَ: حدَّثني رسول رضوان إلى ملك الإفرنج طتكين أَنَّهُ اجتمع مَعَ الملك تنين صاحب هذا الجمع، فقال: خرجت من بلادي في أربعمائة ألف، منهم ألفا شرابيّ، وألف طبّاخ، وألف فراش، وسبعمائة بغْل ديباج، ومال، والخيّالة تزيد عَلَى خمسين ألفًا، ولمّا سرتُ عَن القسطنطينيّة أيّامًا، لم أجد مرفقًا، ولا قبلت من صَنْجيل في هذه الطّريق ولا أتمكن من العودة لضعف النّاس والعَطَش والجوع، فعند اليأس خرجت في ثلاثة نفر، معنا كلاب ديارات، وأوهمت أنّي أتصيّد، وسرت إلى البحر، ونزلت في مركب، وتركت العسكر. وبَلَغَني أنّ التُّرْك دخلوه، فلم يمنع أحدٌ عَنْ نفسه، وهلكوا بالموت والقتْل. وغنم التُّرْكمان ما لا يوصف. ثمّ سار تنين وحجّ القدس، ورجع إلى بلاده في الفجر.

انهزام المصريين والإفرنج عند عسقلان: وفيها قدِم عسكر المصريين فالتقاهم الإفرنج، فانهزم الفريقان بعد معركة كبيرة بقرب عسقلان، والله أعلم1.

_ 1 انظر: المنتظم "5/ 110-120"، والكامل "10/ 395"، البداية والنهاية "12/ 160"، صحيح التوثيق "7/ 523".

أحداث سنة خمس وتسعين وأربعمائة

أحداث سنة خمس وتسعين وأربعمائة: وفاة المستعلي باللَّه العُبَيْديّ: فيها تُوُفّي المستعلي باللَّه أحمد بْن المستنصر باللَّه مَعَدّ العُبَيْديّ الشيعي صاحب مصر. خلافة الآمر بأحكام اللَّه العُبَيْديّ: وقام بعده ولده الآمر بأحكام اللَّه منصور، طفلٌ لَهُ خمسُ سنين. والأمور كلها إلى أمير الجيوش الأفضل. أقام هذا الصّغير ليتمكّن من جُمَيْع الأمور، وذلك في سابع عشر صَفَر. المصافّ الثالث بين الأخوين محمد وبركياروق: وكان المصاف الثالث بين الأخوين محمد وبَركيَارُوق. كَانَ محمد ببغداد أوّل السنة، ورحل منها هُوَ وأخوه سَنْجَر، فقصد سَنْجَر بلاده بخراسان، وقصد هَمَذَان السلطان محمد. وسار بَركيَارُوق معه أربعة آلاف، وكان معه مثلها. فالتقوا بروذراود، وتصافوا، ولم يجري بينهم قتالٌ لشدّة البرد. وتصافوا من الغد، فكان الرجل يبرز فيبارزه آخر، فإذا تقابلا اعتنق كلٌّ منهما صاحبه، وسلّم عَلَيْهِ، ويعود عنه. مصالحة الأخوين: ثمّ سعت الأمراء في الصُّلْح لِمَا عمّ المسلمين من الضّرَر والوهْن، فتقرّرت القاعدة عَلَى أنّ يكون بَركيَارُوق السلطان، ومحمد الملك، ويضرب لَهُ ثلاث نوب، ويكون لَهُ

جنزة وأعمالها وأذْرَبَيْجان، وديار بَكْر، والموصل، والجزيرة. وحَلَف كلٌّ واحدٍ منهما لصاحبه، وانفصل الْجَمْعان من غير حربٍ، ولله الحمد. وسار كلّ أمير مع أقطاعه، هذه في ربيع الأوَّل. المصافّ الرابع بين الأخوين: فلمّا كَانَ في جُمَادَى الأولى كَانَ بينهما مصافّ رابع. وذلك أنّ السّلطان محمدًا سار إلى قَزْوين، ونسب الأمراء الذين سعوا في صورة الصُّلْح إلى المخامرة، فكحل الأمير أيدكين، وقتل الأمير سمل. وجاء إلى محمد الأمير ينال، وتجمع العسكر، وقصده بَركيَارُوق، وكانت الوقعة عند الرّيّ، فانهزم عسكر محمد، وقصدوا نحو طَبَرِسْتان، ولم يُقتل غير رجلٍ واحد، قُتِل صبْرًا ومضت قطعةٌ منهم نحو قَزْوين، ونهبت خزائن محمد. وانهزم في نفر يسير إلى إصبهان في سبعين فارسًا، وحصنها ونصب مجانيقها، وكان معه بها ألف فارس. وتبعه بَركيَارُوق بجيوش كثيرة تزيد عَلَى خمسة عشر ألف، فحاصره وضيّق عَلَيْهِ. وكان محمد يدور كلّ ليلةٍ عَلَى السّور ثلاث مرّات. وعدمت الأقوات فأخرج من البلد الضُّعفاء. واستقرض محمد من أعيان البلد أموالًا عظيمة، وعثرهم وصادرهم، واشتد عليهم القحط، وهانت فيهم الأمتعة. وكانت الأسعار عَلَى بَركيَارُوق رخيصة. ودام البلاء إلى عيد الأضحى، فلمّا رأى محمد أموره في إدبار، فارق البلد، وساق في مائة وخمسين فارسًا، ومعه الأمير ينال، وفحمل بَركيَارُوق وراءه عسكرًا، فلم ينصحوا في طلبه، وزحف جيش بَركيَارُوق عَلَى إصبهان ليأخذوها، فقاتلهم أهل البلد قتال الحريم، فلم يقدروا عليهم. فأشار الأمراء عَلَى بَركيَارُوق بالرحيل، فرحل إلى هَمَذَان. منازلة ابن صَنْجيل طرابلس: وفيها نازل ابن صَنْجيل الإفرنجي طرابلس، فسار عسكر دمشق مَعَ صاحب حمص جناح الدولة، فالتقوا، فانكسر المسلمون ورجعوا. انهزام بردويل أمام عسكر المصريّين: قال ابن المظفر سبط ابن الْجَوْزيّ: جهّز الأفضل عساكر مصر فوصلوا في رجب

إلى عسقلان مَعَ الأمير نُصَيْر الدّولة يُمْن. وخرج بردويل من القدس في سبعمائة، فكبس المصريّين، فثبتوا له، وقتلوا معظم رجاله، وانهزم هُوَ في ثلاثة أنفار، واختبأ في أَجَمَةِ قَصَب. فأحاط المسلمون بِهِ وأحرقوا القَصَب، فهرب إلى يافا. نجدة عسكر دمشق لطرابلس: وأمّا عسكر دمشق، فعادوا وكشفوا عَنْ طرابلس الإفرنج. وفاة جناح الدولة صاحب حمص: ومات صاحب حمص جناح الدولة حسين بْن ملاعب، وكان بطلًا شجاعًا مذكورًا. قفز عَلَيْهِ ثلاثةٌ من الباطنيّة يوم الجمعة في جامع حمص، فقتلوه، وقُتِلوا. تسلّم شمس الملوك دُقَاق مدينة حمص: فنازَلَها صاحب أنطاكيّة الّذي تملّكها بعد أسْر بَيْمُنت بالإفرنج، فصالحوه عَلَى مال. وجاء شمس الملوك دُقَاق فتسلّمها. مقتل الوزير الدّهسْتاني: وفيها قُتِل الوزير الأعزّ أبو المحاسن عَبْد الجليل الدهستاني وزير بركياروق. وجاءه شابٌ أشقر، وقد ركب إلى خيمة السّلطان وهو نازل عَلَى إصبهان، فقيل: كَانَ مملوكًا لأبي سَعِيد الحدّاد الّذي قتله الوزير عام أوّل، وقيل: كَانَ باطنيا فأثخن الوزير بالجراحات. وزارة المَيْبُذِيّ: ووَزَرَ بعده الخطير أبو منصور المَيْبُذِيّ الّذي كَانَ وَزَرَ للسّلطان محمد. وكان في حصار إصبهان متسلّمًا بعض السّور، وطالبه محمد بمالٍ للجند، ففارقه في اللّيل وخرج إلى مدينة مَيْبُذ، وتحصّن بها، فبعث بَركيَارُوق من حاصره، فنزل بالأمان. ثمّ رضي عَنْهُ بركياروق واستوزره.

الفتنة بين شحنة بغداد إيلغازي والعامّة: وفيها كانت فتنة كبيرة بين شحنة بغداد إيلغازي بْن أُرْتُق وبين العامّة. أتى جُنْديٌ من أصحابه ملّاحًا ليعبُرَ به وبجماعة، فتأخّر، فرماه بنشابةٍ فقتله، فأخذت العامّة القاتل، فجروه إلى باب النوبي، فلقيهم ابن إيلغازي فخلّصه، فَرَجمتهم العامّة. فتألم إيلغازي، وعبر بأصحابه إلى محلّة الملّاحين، فنهبوها، وانتشرت الشُّطّار، فعاثوا هناك وبدَّعوا، وغرق جماعة، وقتل آخرون. وجمع إيلغازي التُّركمان، وأراد نَهْب الجانب الغربيّ من بغداد، ثمّ لَطَفَ اللَّه تعالى. وفاة قوام الدولة كبر بوقا التركيّ: وفيها ساق صاحب المَوْصِل قِوامُ الدّولة كبربوقا التُّركيّ في ذي القعدة عند مدينة خُوَيّ. وكان السلطان بَركيَارُوق قد أرسله في العام الماضي إلى أذْرَبَيْجان، فاستولى عَلَى أكثرها، ومرض ثلاثة عشر يوما، ودفن بخُوَيّ. وأوصى أمراءه بطاعة سُنْقُرجاه. فسار بهم ودخل المَوْصِل، وأقام ثلاثة أيّام. مقتل سُنْقُرجاه صاحب المَوْصِل: وكان كبيروها قد كاتبوا الأمير موسى التُّركمانيّ، وهو بحصن كَيْفا، ينوب عَنْ كبربوقا. فسار مجدًا، فظن سُنْقُرجاه أَنَّهُ قدِم إلى خدمته، فخرج يتلقاه، ثمّ ترجل كلٌّ واحدٍ منهما للآخر، واعتنقا، وبكيا عَلَى كبربوقا، ثمّ ركبا، فقال سُنْقُرجاه: أَنَا مقصودي المِخَدّةُ والمنصب، وأمّا الأموال والولايات فلكم. فقال موسى: الأمر في هذا إلى السلطان. ثمّ تنافسا في الحديث، فجذب سُنْقُرجاه سيفه، وضرب موسى صَفْحًا عَلَى رأسه فجرحه، فقال موسى نفسه، وجذب سُنْقُرجاه إلى الأرض ألقاه، جذب بعض خواص موسى سكينًا قتل بها سُنْقُرجاه. ودخل موسى البلد، وخلع عَلَى أصحاب سُنْقُرجاه، وطيّب قلوبهم، وحكم عَلَى المَوْصِل.

مقتل الأمير موسى التركماني: ثمّ غدر بِهِ عسكره وانضموا إلى شمس الدّولة جَكَرْمِش، فافتتح نصيبين، ثمّ نازل المَوْصِل، وحاصر موسى مدة، فأرسل موسى إلى سُقْمان بْن أُرْتُق يستنجد بِهِ، عَلَى أنّ أطلق لَهُ حصن كيفا وعشرة آلاف دينار. فسار من ديار بَكْر ونَجَدَه، فرحل عَنْهُ جكرمش. فخرج موسى يتلقّى سُقْمان، فوثب عَلَيْهِ جماعة فقتلوه، وهرب خواصُّه. وملك سُقْمان حصن كيفا، فبقيت بيد ذريته إلى سنة بضع وعشرين وستمائة. وكان بها في دولة الملك ابن العادل محمود بْن مُحَمَّد بْن قُرا رسلان بْن دَاوُد بْن سُقْمان بْن أُرْتُق صاحبها. استيلاء جَكَرْمِش عَلَى المَوْصِل والخابور: ثمّ سار جكرمِش وحاصر المَوْصِل، فتسلّمها صُلْحًا، وأحسن السيرة، وقتل الذين وثبوا عَلَى موسى. واستولى بعد ذَلِكَ عَلَى الخابور، وغيره، وقوي أمره. موقعة صَنْجيل الإفرنجي عند طرابلس: قَالَ ابن الأثير: وكان صَنْجيل الإفرنجي، لعنه اللَّه، قد لقي قلج أرسلان بْن سليمان بْن قُتُلْمش صاحب الروم، فهزمه ابن قُتُلْمش، وأسر خلقًا من الإفرنج، وقتل خلقًا، وغنم شيئًا كثيرًا. وبقي مَعَ صنجيل ثلاثمائة، فوصل بهم إلى الشام، فنازل طرابلس، فجاءت نجدةُ دمشق نحو ألفي فارس، وعسكر حمص، وغيرهم، فالتقوا عَلَى باب طرابلس، فرتب صَنْجيل مائة في وجه أهل البلد، ومائةً لملتقى عسكر دمشق، وخمسين فارسًا للحمصيّين، وبقي هُوَ في خمسين. فأمّا عسكر حمص، فلم يثبتوا للحملة، وولوا منهزمين، وتَبِعَهم عسكر دمشق. وأمّا أهل البلد، فقتلوا المائة الذين بارزتهم، فحمل صنجيل بالمائتين، فكسروا أهل طرابلس، وقتل منهم مقتلة، وحاصرهم، وأعانه أهل البَرّ، فإنّ أكثرهم نصارى. ثمّ هادنهم عَلَى مالٍ. ونازل أَنْطرسَوُس، فافتتحها وقتل أهلها.

إطلاق سراح بيمند صاحب أنطاكية: وفيها أطلق ابن الدانشمند بيمند الإفرنجي صاحب أنطاكية، وكان أسَرَه كما تقدم، فباعه نفسه بمائة ألف دينار، وبإطلاق ابنه ياغي سِنان صاحب أنطاكية، وكان أسرها لمّا أخذ أنطاكية من أبيها. فقدم أنطاكية، وقويت نفوس بأهلها بِهِ. وأرسل إلى أهل قِنَّسْرين والعواصم يطالبهم بالإمارة، وانزعج المسلمون. حصار صَنْجيل لحصن الأكراد: وفيها سار صنجيل إلى حصن الأكراد فحاصره، فجمع جناح الدّولة عسكرًا ليسير إِلَيْهِ وليكسبهم، فقتله كما قتل باطني، بالجامع. وقيل: إن ربيبه الملك رضون جهّز عَلَيْهِ من قتله. منازلة صَنْجيل حمص: وأصبح صَنْجيل حمص فنازلها. محاصرة القُمص عكّا: ونزل القُمّص عَلَى عكّا، وجَدَّ في حصارها وكاد أنّ يأخذها، فكشف عَنْهَا المسلمون. محاصرة صاحب الرُّها لبيروت: وفيها سار القُمّص صاحب الرُّها إلى أنّ نازل بيروت، فحاصرها مدّةً، ثمّ عجز عَنْهَا وترحل. طمع صاحب سمرقنْد في خراسان: وأمّا سنجر، فإنه لمّا عاد من بغداد إلى خُراسان خطب لأخيه محمد بجميع خراسان. وطمع صاحب سمرقنْد جبريل بْن عُمَر في خراسان، وجمع عسكرًا تملأ الأرض -قِيلَ: كانوا مائة ألف فيهم خلْقٌ من الكفار- وقصد خُراسان. وكان قد كاتبه كُنْدُغدي أحد أمراء سَنْجَر، وأعلمه بمرض سَنْجَر، وبأن السلطانين في شُغلٍ بأنفسهما. وعُوفي سَنْجَر، فسار لقصده في ستّة آلاف فارس، إلى أنّ وصل بلخ،

فهرب كُنْدُغدي إلى خدمة قدرخان، وهو صاحب سَمَرْقَنْد جبريل بْن عُمَر، ففرح بمَقْدَمِه، وسار معه فملك تِرْمِذ، وقرُب قدرخان بجيوشه إلى بلْخ، فجاءت العيون إلى سَنْجَر، أنّ قدرخان ذهب يتصيد في ثلاثمائة فارس، فندب الأمير بزغش لقصْده، فساق ولحقه وقاتله، فانهزم أصحاب قدرخان لقلتهم، وأسر قدرخان وكُنْدُغْدي، وأُحضرا بين يدي سَنْجَر فقبَّل قدرخان الأرض واعتذر فأمر بِهِ فقُتِل وتملّس كُنْدُغدي، ونزل في قناة مشى فيها قدْر فرسَخَيْن تحت الأرض، عَلَى ما بِهِ من النِّقْرِس، وقتل فيها حَيَّتين، وطلع من القناة، فصادف أصحابه، فسار في ثلاثمائة فارس إلى غَزْنَة. وفاة كُنْدُغدي: قَالَ ابن الأثير: وقيل: بل جمع سَنْجَر عساكر كثيرة، والتقى بصاحب سَمَرْقَنْد، وكثُر القْتلُ بين النّاس، وانهزم قدرخان صاحب سَمَرْقَنْد، وأسر، ثمّ قتل. وحاصر سَنْجَر تِرْمِذ، وفيها كُنْدُغدي، فنزل بالأمان، وأمره بمفارقة بلاده، فسار إلى غَزْنَة، فأكرمه صاحبها علاء الدّولة وبالغ، ثمّ خاف منه كُنْدُغدي، ثمّ هرب، فمات بناحية هَرَاة. تملُّك سَنْجَر بْن محمد على سَمَرْقَنْد: وأحضر السلطان سَنْجَر محمد بْن سليمان بْن بُغْراخان نائب مَرْو، وملّكه سَمَرْقَنْد، وبعثه إليها. وهو من أولاد الخانيّة بما وراء النّهر، وأُمُّه ابنة السلطان ملكشاه، وسنجر خاله، فدفع عَنْ مملكة آبائه، فقصد مَرْو، وأقام بها إلى الآن، فعظم شأنُه، وكثرت جموعه، إلّا أَنَّهُ انتصب له هاغوابك، وزاحمه في المُلْك، وجرت لَهُ معه حروب. استرجاع بَلَنْسِيَة من النصارى: وفيها نازل المسلمون بَلَنْسِيَة، واسترجعوها من النصارى بعد أنّ بقيت بأيديهم ثمانية أعوام، فجدد محراب جامعها. ودامت دار إسلام إلى أنّ أخذتها النّصارى المرة الثانية سنة ست وثلاثين وستمائة1.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 163"، النجوم الزاهرة "5/ 180".

أحداث سنة ست وتسعين وأربعمائة

أحداث سنة ست وتسعين وأربعمائة: خلعة المستظهر باللَّه عَلَى ينّال بْن أنوشتكين: كَانَ يَنّال بْن أنُوشْتِكِين الحُساميّ من أمراء السلطان محمد، فسار هُوَ واخوه عليّ من جهة محمد إلى الرّيّ، فورد إِلَيْهِ الأمير برسق من جهة السلطان بَركيَارُوق، فاقتتلا بظاهر الرّيّ، فانهزم ينّال وسلك الجبال، وقُتِل خلْقٌ من أصحابه، فقدم بغداد في سبعمائة فارس، فأكرمه المستظهر باللَّه وخلع عَلَيْهِ، واجتمع هو، وإيلغازي، وسقمان ابنا أرتق، تحالفوا عَلَى مناصحة محمد، وساروا إلى سيف الدولة صدقة، فحلف لهم. ظلم ينّال ببغداد: ورجع ينّال فظلم ببغداد وعَسَف، واستطال عسكرُه عَلَى العامة بالضرب والأذية البالغة والمصادرة، تزوج هُوَ بأخت إيلغازي، فبعث الخليفة إِلَيْهِ ينهاه عَن الظلم، فلم ينته. إفساد ينّال في البلاد: وسار بعد أشهرُ إلى أوانا، فنهب وقطع الطّريق، وأقطع القرى لأصحابه، ثمّ شغب باجِسْرا، وقصد شهربان، فمنعه أهلُها، فقاتلهم، فقتل منهم طائفة، وسار، لا سلّمه اللَّه، إلى أذْرَبَيْجان قاصدَا مخدومه السّلطان محمد. الفتنة في بغداد: وكان قد ورد قبله إلى بغداد كَمُشْتِكِين شِحْنةً من قبل بَركيَارُوق، وكان بها أيضًا شحنة لمحمد، وهو إيلغازي بْن أُرْتُق، فحرك الفتنة، وترك الخطبة والدعوة للسلطان، واقتصروا عَلَى الدّعوة للخليفة لا غير. وجاء سُقْمان نجدةً لأخيه، فعاث وأفسد ونهب، واجتمع بأخيه فيها، ونهبا دجيلًا، ولم يبقيا على أحد، وافتضت الأبكار، وعملا ما لا تعمله التّتار، وغَلَت الأسعار.

مقاتلة سيف الدولة لكمشتكين: وسار القيصريّ، وهو كَمُشْتِكِين، إلى واسط، فتِبعه سيف الدّولة بالعرب وهزمهم. المصافّ الخامس بين بَركيَارُوق وأخيه: وفي جُمَادَى الآخرة، كَانَ المصافّ الخامس بين بَركيَارُوق ومحمد عَلَى باب خُوَيّ، فانهزم عسكر محمد، وانهزم هُوَ إلى أَرْجِيش من أعمال خِلاط، ثمّ سار إلى خِلاط. واتصل بِهِ الأمير عليّ صاحب أَرْزَن الرُّوم. القبض عَلَى الوزير سديد الملك: وفي رجب قبض الخليفة عَلَى وزيره سديد الملك أَبِي المعالي، وحُبِس. وزارة ابن الموصلايا: وولى النّظر في الوزارة أبو سَعِيد بْن الموصلايا الملقب بأمين الدّولة. تسلُّم الملك دُقَاق الرحبة وحمص: وفيها سار الملك دُقَاق إلى الرَّحْبة وحاصرها، وتسلّمها وحصّنها، ورجع وتسلم أيضًا حمص بعد صاحبهاجناح الدّولة. انهزام الإفرنج أمام عسكر مصر في يافا: وفيها قِدمت عساكرُ مصر، فحاصرت يافا وفيها الإفرنج، ثمّ التقوا هُمْ والإفرنج، فهزموهم وقتلوهم، وقتلوا من الإفرنج أربعمائة. ودخلوا في ثلاثمائة. أسير. زيارة الإفرنج لبيت المقدس: ثمّ جاء الخلق من الإفرنج في البحر لزيارة بيت المقدس. استمرار حصار طرابلس: وفيها كَانَ الحصار مستمرًّاعلى طرابلس، والناس في بلاءٍ من الإفرنج بالشام.

استيلاء الإفرنج عَلَى كثير من الشام: وفيها نازلت الإفرنج الرستن1، ثم ترحلوا، وجرت لهم وقعات، واستولوا عَلَى شيء كثير من الشام، وهادنهم أمراء البلاد عَلَى مالٍ يؤدُّونه كلّ عام، فلا قوة إلّا باللَّه2.

_ 1 الرستن: هي الاستراحات في الطرق عبر المسافات الطويلة. 2 انظر: شذرات الذهب "3/ 404-407".

أحداث سنة سبع وتسعين وأربعمائة

أحداث سنة سبع وتسعين وأربعمائة: الصلح بين بَركيَارُوق وأخيه محمد: في ربيع الآخر، وقع الصلح بين السلطانين بَركيَارُوق ومحمد؛ وسببه أنّ الحرب لما تطاولت بينهما وعم الفساد، وصارت الأموال منهوبة، والدّماء مسفوكة، والبلاد مخرَّبة، والسلطنة مطموعًا فيها، محكومًا عليها، وأصبح الملوك مقهورين بعد أنّ كانوا قاهرين. وكان بَركيَارُوق حاكمًا حينئذٍ عَلَى الرّيّ، والجبال، وطبرستان، وفارس، وديار بَكْر، والجزيرة، والحَرَمين، وهو بالرَّيّ. وكان محمد بأذربيجان وهو حاكم عليها وعلى إرمينية، وأران، وأصبهان، والعرق جميعه سوى تكريت، وبعض البطائح. وأما خراسان فإن السلطان سَنْجَر كَانَ يخطب لَهُ فيها جميعها، ولأخيه محمد، وبقي بَركيَارُوق ومحمد كفَّتي رهان، فدخل العقلاء بينهم بالصلح، وكتبت بينهم أَيْمان وعُهُود ومواثيق، فيها ترجيح جانب بَركيَارُوق، واقيمت له الخطبة ببغداد، وتسلم لأصبهان بمقتضى الصُّلْح، وأرسل الخليفة خلع السلطنة إلى بَركيَارُوق. حصار الإفرنج لطرابلس ورفعه: وفيها جاءت الإفرنج في البحر، فأعانوا صَنْجيل عَلَى حصار طرابلس، وبالغوا في الحصار أيامًا، فلم يغن شيئًا، ففارقوه.

استيلاء الإفرنج عَلَى جبيل: ونازلوا مدينة جبيل أيامًا، وجدوا في القتال، فعجز أهلُها وتسلموها بالأمان، فغدروا بأهلها، وأخذوا أموالهم وعذبوهم. استيلاء الإفرنج عَلَى عكّا: ثمّ ساروا إلى عكا نجدةً لبردوين صاحب القدس، فحاصروها برًّا وبحرًا، وأميرها زهر الدّولة بنا الجيوشي، فزحفوا عليها مرّةً غير مرّة، إلى أنّ عجز بنا عن عكا، ففارقها ونزل إلى البحر، وأخذتها الإفرنج بالسيف، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقدم واليها إلى دمشق، ثمّ رحل إلى مصر، وعفا عَنْهُ أمير الجيوش الأفضل. وقعة نهر البَلِيخ: وفيها نازلت الإفرنج حران، فسار لجهادهم سُقْمان وجكرمش في عشرة الآف فارس، فكانت الواقعة عَلَى نهر البَلِيخ، فانهزم المسلمون أوّلًا، وتبعتهم الإفرنج فرسخين، ثمّ عاد المسلمون عليهم فقتلوهم كيف شاؤوا، وغنموا أسلابهم، وكان فتحًا عظيمًا أذلّ نفوس الإفرنج بالمرة. هرب صاحب أنطاكية وصاحب الساحل: وكان بيمند صاحب أنطاكيّة وتنكري صاحب السّاحل قد كمنا وراء جبل، فلما خرجا رَأيا أصحابهم منهزمين، فتسحبّا باللّيل، وفطن بهم المسلمون فتبعوهم، وقتلوا وأسروا. وأَفْلَت المَلِكان في ستة فرسان. وقوع قُمْص الرُّها في الأسر: وأسروا قُمْص الرُّها، وحاز الغنيمة عسكرُ سُقْمان، ولم يَظْفِرْ عسكرُ جَكَرْمِش صاحب المَوْصِل بطائل. تملك سُقْمان الحصون من الإفرنج: ورحل سُقْمان وألبس أصحابه أسلاب الإفرنج، ورفع أعلامهم، وكان يأتي

الحصن فتخرج الإفرنج منه، ظنًّا أنّ هَؤُلَاءِ أصحابهم، فيقتلونهم، وتملك سُقْمان الحصن فعل ذَلِكَ بعدّة حصون. سير جَكَرْمِش إلى حران ومحاصرته الرُّها: وأمّا جَكَرْمِش فإنّه سار إلى حَرّان وتسلّمها، وقرّر بها نائبه، وسار فحاصر الرُّها خمسة عشر يومًا وبها الإفرنج. مفاداة القُمص بالمال والأسرى: ثمّ ترحّل إلى المَوْصِل وفي أسره القُمْص، ففاداه بخمسة وثلاثين ألف دينار، ومائة وستّين أسيرًا من المسلمين. حكاها ابن الأثير، وقال: كَانَ عدّة القَتْلَى تُقارب اثني عشر ألف قتيل. وفاة شمس الملوك دُقَاق صاحب دمشق: وفيها مات صاحب دمشق شمس الملوك دُقاق بْن تتش، وأُقيم ولده بتدبير الأتابك طُغْتِكِين. وفاة أرتاش أخي دُقاق: وقيل: بل لمّا مات دُقَاق أحضر طُغْتِكِين أرتاش أخا دقاق من بعلبك، كان أخوه حَبَسه بقلعتها، فلمّا قدِم سَلْطَنَه طُغْتِكِين، فبقي في المُلْك ثلاثة أشهر، ثمّ هرب سرًّا لأمرٍ توهَّمه من طُغْتِكِين. فذهب إلى بَغْدَوِين الّذي ملك القدس مستنصرًا بِهِ، فلم يحصل منه عَلَى أملٍ، فتوجه إلى العراق عَلَى الرَّحْبة فهلك في طريقه. حصن صَنْجيل ومهاجمة ابن عمّار لَهُ: وأمّا صَنْجيل -لعنه اللَّه- فطال مُقامُه عَلَى طرابلس، حتّى أَنَّهُ بنى عَلَى ميلٍ منها حصناٍ صغيرًا، وشحنه بالرّجال والسّلاح. فخرج صاحب طرابلس ابن عمّار في ذي الحجّة، فهجم أهل الحصن وملكه، وقتل كل من فيه، وهدم بعضه، ودخل البلد

بالغنائم منصورًا. وكان بطلًا، شجاعًا، مهيبًا، برز إلى الإفرنج مرات، وينصر عليهم، بذل وسعه في الجهاد. تخريب المقدّم بزغش حصون الإسماعيلية: وفيها جمع بزغش مقدَّم جيش سَنْجَر عسكرًا كثيرًا وخلقًا من المُطَّوِّعة، وسار إلى قتال الإسماعيليّة، وقدم طَبَس وهي لهم فخربها وما جاء وراءها من القلاع والقرى، وأكثر فيهم النَّهْب والسَّبْي والقتْل، وفعل بهم الأفعال العظيمة. تأمين الإسماعيليّة وسخط النّاس عَلَى السلطان: ثمّ إنّ أصحابه أشاروا بأن يؤمَّنُوا، ويشترط عليهم أن لا يَبْنُوا حصنًا، ولا يشترون سلاحًا، ولا يَدْعُون أحدًا إلى عقائدهم، فسخط كثيرٌ من النّاس هذا الأمان، ونقموه عَلَى السّلطان سنجر. ومات بزغش، ختم له بغزو هؤلاء الكلاب الزنادقة1.

_ 1 انظر: الكامل "10/ 328-344"، والبداية والنهاية "12/ 162-164"، النجوم الزاهرة "5/ 186"، صحيح التوثيق "7/ 524".

أحداث سنة ثمان وتسعين وأربعمائة

أحداث سنة ثمان وتسعين وأربعمائة: وفاة السلطان بَركيَارُوق: في ربيع الآخر، مات السّلطان بَركيَارُوق، وملّكت الأمراء بعده ولَدَه جلالَ الدّولة ملكشاه، وخطب لَهُ ببغداد وهو صبيّ دون الخمس سِنين. دخول جَكَرْمِش في طاعة السلطان محمد: وأمّا السّلطان محمد، فكان مقيمًا بتبريز، فسار إلى مراغة يريد جَكَرْمِش، فحصّن المَوْصِل، وجعل أهل الضِّياع إلى البلد، فنازله محمد، وجَدّ في قتاله، وقاتل في جَكَرْمِش أهل المَوْصِل لمحبّتهم فيه، ودام القتال مدّةً، فلمّا بلغت جَكَرْمِش وفاة بَركيَارُوق، أرسل إلى محمود يبذل الطّاعة، فدخل إِلَيْهِ وزير محمد سعْد المُلْك، وخرج معه جَكَرْمِش، فقام لَهُ محمد واعتنقه وقال: ارجع إلى رعيّتك،

فإن قلوبهم إليك، فقبّل الأرض وعاد، فقدّم للسّلطان وللوزير تُحَفًا سَنِيّة، ومدّ سِماطًا عظيمًا بظاهر المَوْصِل. سلطنة محمد على بغداد: ثمّ أسرع محمد إلى بغداد وفي خدمته صاحب المَوْصِل. وكان ببغداد ملكشاه بْن بَركيَارُوق الصّبيّ الّذي سَلْطَنه الخليفة، وأتابك الصّبيّ إياز. فبرز وأمّن بغداد، وتحالفوا عَلَى حرب محمد، ومَنْعه من السّلطنة. وجاء محمد ونزل بالجانب الغربيّ، وخُطِب لديه، ثمّ ضعُف إياز والأمراء، فراسلوا محمدًا في الصُّلْح - وليُعطي إيازَ أمانًا عَلَى ما سَلَفَ منه. وتمّ الدَّسْتُ لمحمّد، واجتمعت الكلمة عليه، فاستخلف السّلطانَ إلْكِيا الهرّاسيّ، وأقام السّلطان محمد ببغداد ثلاثة أشهر، وتوجّه إلى أصبهان. مقتل إياز أتابك ملكشاه: وأمّا إياز أتابك ملكشاه، فإنّه لمّا سلّم السّلطنة إلى محمد عمل دعوةً عظيمة في داره ببغداد، دعى إليها محمدًا، وقدم إليه تُحَفًا، منها الحبل البُلخُشيّ الّذي أخذه من ترِكة مؤيّد المُلْك ابن النّظّام. وحضر مَعَ السّلطان الأمير سيف الدّولة صَدَقَة بْن مَزْيَد. فاعتمدوا إياز اعتمادًا رديئًا، وهو أَنَّهُ ألبس مماليكه العُدَد1 والسّلاح ليعرضوا عَلَى محمد، فدخل عليهم رَجُلٌ مَسْخَرَة فقالوا: لا بُدَّ أنّ نُلْبسك دِرْعًا. وعبثوا بِهِ يصفعونه، حتّى كَلَّ وهرب، والْتجأ إلى غلمان السّلطان، فرآه السّلطان مذعورًا وعليه لباسٌ عظيم، فارتاب2. ثمّ جسّه3 غلام، فإذا درْع تحت الثياب الفاخرة، فاستشعر، وقال محمد: إذا كَانَ أصحاب العمائم قد لبسوا السّلاح، فكيف الأجناد؟ وتحيّل لكونه في داره، فنهض وخرج. فلمّا كَانَ بعد أربعة أيّام استدعى إياز وجَكَرْمِش صاحب المَوْصِل وجماعة وقال: بَلَغَنَا أنّ المُلْك قِلِج أرسلان بْن سُليمان بن قتلمش قصد ديار بَكْر ليأخذها، فانظروا من يُنْتَدب لَهُ. فقالوا: ما لَهُ إلّا الأمير إياز. فطلب إيازًا إلى بين يديه لذلك، وأعدّ جماعةً ليفتكوا به إذا ما دخل، فضربه واحد

_ 1 العدد: مفردها عُدة: وهي آلة الحرب. 2 ارتاب: شك. 3 جس: يقال: جس الأرض جسًّا: وطئها، وجس يد المريض: مسها ليتعرف حاله، وجس الشيء بيده: مسه.

أبان رأسه، فغطّى صدقة وجهه بكُمّه. وأما الوزير فغشي عَلَيْهِ. ولُفّ إياز في مسحٍ، وألقي عَلَى الطّريق. فركب أجناده وشغبوا ثمّ تفرقوا. وهذا1 أمر عدّة المزاح، نسأل اللَّه السّلامة. ثمّ أخذه قوم من المطّوّعة، وكفنوه ودفنوه. وعاش نحو الأربعين سنة. وكان من مماليك السّلطان ملكشاه. وكان شجاعًا غزير المروءة، ذا خبرة بالحروب. ثمّ قتلوا وزيره بعد شهرين. هلاك صَنْجيل: وفيها هلك الطّاغية صَنْجيل الذي حاصر طرابلس في هذه المدة، وبنى بقربها قلعة وكان من شياطين الإفرنج ورؤوسهم. ووصل إلى الشام ليحج القدس، فأخذ بأرض صيداء وذهب حينئذٍ عينُه. ودار في بلاد الشّام بزيّ التُّجّار؛ فلمّا تُوُفّي السّلطان ملكشاه واختلفت الكلمة دخل إلى بلاده، وجمع الإفرنج للحجّ، ودخل أنطاكيّة، وحارب المسلمين مرّات، وتمكّن. ثمّ شنّ الغارة من حصنه، فبرز لَهُ ابن عمّار من طرابُلُس، وكبس الحصن بغتةً، فقتل من فيه، ورمى بالنيران في جوانبه، ورجع صَنْجيل، فدخل الحصن، فانخسف بِهِ سقفُهُ، ثمّ مرض وغُلِب، فصالح صاحبَ طرابُلُس. ثمّ مات في سنة ثمانٍ. فقام بعده أخيه؛ وجَد في حصار طرابُلُس، والأمر بيد اللَّه تعالى. وفاة الأمير سقمان بن أرتق: وفيها توفي الأمير سقمان بن أرتق، وكان فخر الملك ابن عمّار صاحب طرابُلُس كاتبه واستنجد بِهِ، فتهيأ لذلك، فأتاه وهو عَلَى العزْم كتاب طُغْتِكِين صاحب دمشق: بأنّي مريض أخاف إنّ متّ أنّ تملك الإفرنج دمشقَ، فأَقْدِمْ عليَّ فبادر إلى دمشق، ووصل القريتين، وأسقط في يد طُغْتِكِين وندم، فلم يلبث أنّ أتاه الخبر بموت سُقْمان بالقريتين بالخوانيق، وكانت تعتريه1 كثيرًا، فمات في صَفَر، ورجع بِهِ عسكره، ودُفن بحصن كَيْفا. وكان دينًا حازمًا مجاهدا، فيه خيرٌ في الجملة. قتل الإسماعيليّة للحجّاج الخُراسانيّين: وأمّا الإسماعيليّة فثاروا بخراسان، ولم يقفوا عَلَى الهدنة فعاثوا بأعمال بيهق،

_ 1 تعتريه: تصيبه.

وبيَّتوا الحُجّاج الخُراسانيّين بنواحي الرَّيّ ووضعوا فيهم السيف، ونجا بعضهم بأسوأ حال. قتل الإسماعيليّة ابن المشّاط: وقتلوا الْإِمَام أبا جعفر المشّاط أحد شيوخ الشّافعيّة، وكان يعظ بالرَّيّ، فلمّا نزل عَن الكرسيّ وثب عَلَيْهِ باطنيّ قتله. استيلاء الإفرنج عَلَى حصن أرتاح: وفيها كانت وقعة بين الإفرنج ورضوان بْن تُتُش صاحب حلب، فانكسر رضوان. وذلك أنّ تنكري صاحب أنطاكيّة نازل حصنًا، فجمع رضوان عسكرًا ورجّالة كثيرة، فوصلوا إلى تبريز. فلمّا رأى تنكري كثرة سوادهم راسل بطلب الصُّلْح، فامتنع رضوان، فعملوا مصافّات، فانهزمت الإفرنج من غير قتال. ثمّ قَالُوا: نعود ونحمل حملة صادقةً، ففعلوا، فانخطف المسلمون، وقُتِل منهم بَشَرٌ كثير. ولم ينْجُ من الأسر إلّا الخيّالة. وافتتح الإفرنج الحصن. ويقال لَهُ: حصن أرتاح. وذلك في شَعْبان. الموقعة بين المسلمين والإفرنج بين يافا وعسقلان: وفيها قدِم المصريّون في خمسة آلاف، وكاتبوا طغتكين أحب دمشق، فأرسل ألفًا ثلاثمائة فارس، عليهم الأمير إصْبَهْبَذ صَبَاوَة فاجتمعوا، وقصدهم ببغدوين صاحب القدس وعكا في ألف وثلاثمائة فارس، وثمانية آلاف راجل، فكان المصافّ بين يافا وعسقلان، وثبت الفريقان، حتّى قُتِل من المسلمين ألفٌ ومائتان، ومن الإفرنج مثلُهم، فقُتِل نائب عسقلان جمال المُلْك. ثمّ قطعوا القتال وتحاجزوا. وقلّ أنّ يقع مثل هذا. ثمّ ردّ عسكر دمشق، ودخل المصريّون إلى عسقلان. شِحْنكيّة بغداد: وفيها عزل عَنْ شِحْنكيّة بغداد إيلغازي بْن أُرْتُق، وجعل السّلطان محمد عَلَى بغداد قسيم المُلْك سُنْقُر البُرْسُقيّ، وكان ديِّنًا عاقلًا من خوّاص محمد.

دخول السّلطان محمد إصبهان: ودخل محمد إصبهان سلطانًا متمكنًا، مهيبًا، كثير الجيوش، بعد أنّ كَانَ خرج منها خائفًا، يترقب، وبسط العدل، وأحسن إلى العامّة. الْجُدَريّ والوباء في بغداد: وفيها كَانَ ببغداد جُدَريّ مُفْرِط، مات فيه خلْقٌ من الصّبيان لا يحصون وتبعه وباءٌ عظيم. مواصلة حصار طرابُلُس: وكان الحصار متواترًا عَلَى طرابُلُس. وكتب أهلها متواصلة إلى طُغْتِكِين يستصرخونه لإنجادهم وعونهم، فأهلك اللَّه تعالى صَنْجيل مقدم الإفرنج، وقام غيره كما سبق1.

_ 1 انظر: الكامل "10/ 416، 417"، البداية والنهاية "12/ 165، 166"، صحيح التوثيق "7/ 525".

أحداث سنة تسع وتسعين وأربعمائة

أحداث سنة تسع وتسعين وأربعمائة: قتل متنبئ بنهاوند: وفيها ظهر بنواحي نَهَاوَنْد ولدٌ فادّعى النُّبُوة، وكان يُمَخْرق بالسِّحْر والنجوم، وتبعه الخلْق، وحملوا إِلَيْهِ أموالهم، فكان لا يدّخر شيئًا. وسمّى أصحابه بأسماء الصّحابة أَبِي بَكْر، وعُمَر. قتل خارج يطلب المُلْك بنهاوند: وخرج أيضًا بنهاوند من ولد ألْب أرسلان السّلطان رجلٌ يطلب المُلْك، فأُخذا وقُتِلا في وقتٍ واحد. استرجاع طُغْتِكِين حصنين من الإفرنج: وفيها شرع الإفرنج وعملوا في حصنٍ بين طَبَريّه والبثنيّة يقال لَهُ: عال، فبلغ

طُغْتِكِين صاحب دمشق، فسار وأخذ الحصن، وأعاد الأسارى والغنائم وزيّنت دمشق أسبوعًا. ثمّ سار إلى حصن رفنية، وصاحبه ابن أخت صَنْجيل، فحاصره طغتكين وملكه، وقتل به خمسمائة من الإفرنج. امتلاك الإسماعيليّة حصن فامية: وفيها مَلَك الإسماعيليّة حصنَ فامِيَة وقتلوا صاحبه خلف بْن مُلاعب الكِلَابيّ. وكان خَلَف قد تغلّب عَلَى حمص، وقطع الطّريق، وعمل أنْحَس ممّا تعمله الإفرنج فطرده تُتُش عَنْ حمص، فذهب إلى مصر، فما التفتوا إِلَيْهِ. فاتّفق أنّ نقيب فَامِيَة من جهة رضوان بْن تُتُش أرسل إلى المصريّين، وكان عَلَى مذهبهم، يستدعى منهم من يسلّم إِلَيْهِ الحصن، فطلب ابن مُلاعب منهم أنّ يكون واليا عَلَيْهِ لهم. فلمّا ملك خلع طاعتهم. فأرسلوا من مصر يتهدّدونه بما يفعلونه بولده الّذي عندهم رهينة، فقال: لا أنزل من قلعتي، وابعثوا إليَّ بعض أعضاء ابني حتّى آكُله. وبقي بفامية يقطع الطريق، ويخيف السبيل، وانضم إليه الكثير من المفسدين. قتل ابن مُلاعب بحيلة قاضي سرمين: ثمّ أخذت الإفرنج سَرْمِين، وأهلها رافضة، فتوجّه قاضيها إلى ابن مُلاعب فأكرمه وأحبّه، ووثق بِهِ، فأعمل القاضي الحيلة، وكتب إلى أبي طاهر الصائغ أحد رؤوس الباطنيّة ومن الواصلين عند رضوان صاحب حلب واتفق معه على الفتك بابن ملاعب. وأحس ابن ملاعب فأحضر القاضي، فجاء وفي كمه مصحف، وتنصل وخدع ابن ملاعب، فسكت عَنْهُ؛ وكتب إلى الصائغ يشير إليه بأن يحسن لرضوان إنفاذ ثلاثمائة رجلٍ من أهل سَرْمِين الذين نزحوا إلى حلب، ويُنفذ معهم خيلًا من خيول الإفرنج، وسلاحًا من سلاحهم، ورؤوسًا، من رؤوس الإفرنج، فيأتون ابن مُلاعب في صورة أنّهم غُزاة، ويشكون من سوء معاملة رضوان المُلْك لهم. وأنّهم فارقوه، فلقيتهم طائفة من الإفرنج، فنصروا على الإفرنج، وهي رؤوسهم. ويحملون على جُمَيْع ما معهم إِلَيْهِ، فإذا أذِن لهم في المقام عنده اتّفق عَلَى إعمال الحيلة. ففعل الصائغ جميع ذلك، وجاؤوا بتلك الرؤوس، وقدّموا لابن مُلاعب ما معهم من خيل وغيرها، فانزلهم ابن مُلاعب في رَبَض1 فَامِيَة. فقام

_ 1 ربض: طرف المكان.

القاضي ليلةً هُوَ ومن معه بالحصن، فدلوا حبالًا، وأصعدوا أولئك من الربض، ووثبوا إلى أولاد ابن مُلاعب وبني عمّه فقتلوهم، وأتوا ابن مُلاعب وهو مع امرأته فقال: من أنت؟ قَالَ: مَلَك الموت جئت لقبْض روحك. ثمّ قتله. ثم وصل الخبر إلى أَبِي طاهر الصّائغ، فسار إلى فَامِيَة، وهو لا يشكّ أنّها لَهُ. فقال القاضي: إنّ وافقتَني وأقمتَ معي، وإلّا فارجع. فآيس ورجع. قتْلُ الإفرنج قاضي سَرْمِين: وكان عند طُغْتِكِين الأتابك ولدٌ لابن مُلاعب فولّاه حصنًا، فقطع الطّريق، وأخذ القوافل كأبيه. فهَمّ بالقبض عَلَيْهِ طُغْتِكِين، فهرب إلى الإفرنج، واستدعاهم إلى فَامِيَة، وقال: ما فيها إلّا قُوت شهر. فنازلوه وحصروه، وجاع أهله، ومَلَكَتْه الإفرنج، فقتلوا القاضي المذكور. وظفروا بالصّائغ فقتلوه، وهو الّذي أظهر مذهب الباطنيّة بالشّام، فقيل: لم يقتلوه وإنّما بَقِيّ إلى سنة سبعٍ وخمسمائة، فقتله ابن بديع رئيس حلب بعد موت رضوان صاحبها. إفساد ربيعة والعرب في البصرة ونواحيها: وفيها ملك ضيف الدّولة صدقة بْن مَزْيَد الأَسَديّ البصرة، وحكم عليها، وأقام بها نائبًا، وجعل معه مائة وعشرين فارسًا. فاجتمعت ربيعة، والعرب، في جَمْعٍ كبير، وقصدوا البصرة، فقاتلهم النّائب، فأسروه، ودخلوا البلد بالسّيف، فنهبوا وأحرقوا، وما أبقوا ممكِنًا، وانتشر أهلُها بالسّواد. وأقامت العرب تُفْسد شهرًا، فأرسل صدقة عسكرًا وقد فات الأمر. اشتداد الحصار عَلَى طرابُلُس: وأمّا ابن عمّار فكان يخرج من طرابُلُس وينال من الإفرنج، وخرّب الحصن الّذي أقامه صَنْجيل، وحرق فيه، فرجع صَنْجيل ومعه جماعة من القمامصة والفرسان، فوقف عَلَى بعض السُّقُوف المحترقة، فانخسف، فمرض صَنْجيل عشرة أيّام ومات، لعنه اللَّه تعالى؛ وحملت جيفةُ الملعون إلى القدس، فدفنت بِهِ. ولم يزل الحرب بين أهل طرابُلُس والإفرنج خمسَ سِنين إلى هذا الوقت. فعدموا الأقوات، وافتقر

الأغنياء، وجلا الفُقراء، وظهر من ابن عمّار ثَباتٌ، وشجاعة عظيمة، ورأيٌ، وحزْم. وكانت طرابُلُس من أعظم بلاد الإسلام وأكثرها تجمُّلًا وثروة، فباع أهلُها من الحُلي والآلات الفاخرة ما لا يوصف بأقلّ ثمن، ولا أحد يغيثهم، ولا يكشف عَنْهُمْ. وامتلأت الشّام من الإفرنج1.

_ 1 انظر: النجوم الزاهرة "5/ 190-192"، شذرات الذهب "3/ 407، 413"، صحيح التوثيق "7/ 525".

أحداث سنة خمسمائة

أحداث سنة خمسمائة: وفاة يوسف بْن تاشفين: فيها: تُوُفّي أمير المغرب والأندلس يوسف بْن تاشَفِين. سلطنة عليّ بْن يوسف بْن تاشَفِين: وولي المُلْك بعده ابنه عليُّ بْنُ يوسف. وكان قد بعث فيما تقدم تقدمة جليلة، ورسلًا إلى المستظهر بالله، يلتمس أن يولى السلطة، وأن يُقَلَّدَ ما بيده من البلاد، فكتب لَهُ تقليدًا، ولقب أمير المسلمين، وبعث لَهُ خِلَع السّلطنة، ففرح بذلك، وسُرَّ فُقهاء المغرب بذلك. وهو الّذي أنشأ مدينة مَرّاكُش. مقتل فخر المُلْك ابن نظام المُلْك: ويوم عاشوراء قتل فخر الملك علي بن نظام المُلْك. وثب عَلَيْهِ واحدٌ من الإسماعيلية في زيّ متظلّم، فناوله قَصَّةً، ثمّ ضربه بسكِّينٍ فقتله. وعاش ستًّا وستّين سنة. ونقل "ابن الأثير" أَنَّهُ كَانَ أكبر أولاد النّظّام، وأنّه وَزَرَ للسّلطان بَركيَارُوق، ثمّ انفصل عَنْهُ، وقصد نَيْسابور، فأقام عند السّلطان سَنْجَر، ووَزَر لَهُ. فأصبح يوم عاشوراء صائمًا، فقال لأصحابه: رأيت اللّيلة الحُسين بْن عليّ -رضي الله عَنْهُمَا- وهو يَقُولُ: عجّل إلينا، ولْيكُنْ إفطارُك عندنا. وقد اشتغل فكري، ولا محيد عَنْ قضاء اللَّه وقدره. فقالوا: يكفيك اللَّه، والصّواب، أنْ لا تخرج اليومَ واللّيلة. فأقام يومَه كلّه يُصلّي ويقرأ، وتصدّق بشيءٍ كثير، ثمّ خرج وقت العصر يريد دار النّساء، فسمع صياح

مُتَظَلِّم، شديد الحُرْقة، وهو يَقُولُ: ذهب المسلمون، فلم يبق من يكشف كُرْبةً، ولا يأخذ بيد ملْهوف. فطلبه رحمةً لَهُ، وإذا بيده قَصّة، وذكر الحكاية. القبض عَلَى الوزير سعْد الملك وصلبه: وفيها قبض السلطان محمد علي وزيره سعد الملك أبي المحاسن، وصلبه عَلَى باب إصبهان، وصلب أربعةً من أصحابه نُسِبوا أنّهم باطنيّة. وأمّا الوزير فَاتهم بالخيانة، وكانت وزارته سنتين وتسعة أشهر. وكان عَلَى ديوان الاستيفاء في أيّام وزارة مؤيّد المُلْك ابن نظام المُلْك، ثمّ خدم السّلطان محمد وقام معه، فاستوزره. ثمّ نَكَبَه1 وصَلَبَه. وزارة قِوام المُلْك: ثمّ استوزر قِوام الملك أبا ناصر أحمد بن نظام المُلْك. انتزاع قلعة إصبهان من الباطنيّة وقتل صاحبها: وفيها انتزع السّلطان محمد قلعة إصبهان من الباطنيّة، وقتل صاحبها أحمد بْن عَبْد المُلْك بْن غطّاس وكانت الباطنيّة بأصبهان قد ألبسوه تاجًا، وجمعوا له الأموال، وقدموه؛ لأن أباه عَبْد المُلْك كَانَ من علمائهم لَهُ أدب وبلاغة، وحُسْن خَطّ، وسُرعة جواب، مَعَ عِفّةٍ ونزاهة، وطلع ابنه أحمد هذا جاهلًا. قِيلَ لابن الصّبّاح صاحب ألَمُوت: لماذا تعظم ابن غطّاس عَلَى جَهْله؟ قَالَ: لمكان أَبِيهِ، فإنه كَانَ أستاذي. وكان ابن غطاس قد استفحل أمرُه، واشتد بأسُه، وقطعت أصحابُه الطَّرُقَ، وقتلوا النّاس. رواية ابن الأثير عَنْ قتل ابن غطاس: قَالَ ابن الأثير: قتلوا خلقًا كثيرًا لا يمكن إحصاؤهم، وجعلة لهم عَلَى القُرى والأملاك ضرائب يأخذونها، ليكفوا أَذَاهم عَنْهَا. فتعذَّر بذلك انتفاعُ النّاس بأملاكهم، والدّولة بالضّياع. وتمشّى لهم الأمر بالخُلْف الواقع. فلمّا صفا الوقت لمحمد لم يكن همّه سِواهم. فبدأ بقلعة إصبهان، لتسلُّطها عَلَى سرير ملكه، فحاصرهم بنفسه، وصعد الجبل الذي يقابل القلعة، ونصب له التخت.

_ 1 نكبهُ: أصابه بنكبةٍ، والنكبة: المصيبة، المعجم الوجيز "ص/ 633".

واجتمع من إصبهان وأعمالها لقتالهم الأُممُ العظيمة، فأحاطوا بجبل القلعة، ودَوْرُهُ أربعةُ فَرَاسخ، إلى أنّ تعذّر عليهم القُوت، وذلّوا، فكتبوا فُتْيا: ما يَقُولُ السادة الفُقَهاء في قوم يؤمنون باللَّه وكُتُبه ورُسُلِه واليوم الآخر، وإنّما يخالفون في الْإِمَام، هَلْ يجوز للسّلطان مهادنتهم ومُوادعتهم، وأن يقبل طاعتهم؟ فأجاب الفُقهاء بالجواز، وتوقّف بعض الفُقَهاء. فجُمعوا للمناظرة، فقال أبو الحَسَن عليّ بْن عَبْد الرحمن السّمنجانيّ: يجب قتالهم، ولا ينفعهم اللَّفْظ بالشّهادتين، فإنّهم يقال لهم: أَخْبِرُونا عَنْ إمامكم إذا أباح لكم ما حذّره الشّارع أيقبلون منهم؟ فإنّهم يقولون: نعم، وحينئذ تُباح دماؤهم بالإجماع. وطالت المناظرة في ذَلِكَ. ثمّ بعثوا يطلبون من السّلطان من يناظرهم، وعيّنوا أشخاصًا، منهم شيخ الحنفيّة القاضي أبو العلا صاعد بْن يحيى قاضي إصبهان، فصعدوا إليهم، وناظروهم، وعادوا كما صعدوا. وإنّما كَانَ قصدهم التَّعَلُّل، فلجّ السّلطان حينئذٍ في حصرهم. فأذعنوا1 بتسليم القلعة على أن يعطوا قلعة خالنجان، وهي عَلَى مرحلةٍ من إصبهان. وقالوا: إنا نخاف عَلَى أرواحنا من العامّة، ولا بُدّ من مكانٍ نأوي إِلَيْهِ. فأُشير عَلَى السّلطان بإجابتهم، فسألوا أنّ يؤخّرهم إلى يوم النَّوْرُوز، ثمّ يتحوّلون. فأجابهم إلى ذَلِكَ. هذا، وقصْدُهُم المطاولة إنتظارًا لفتقٍ يَنْفَتِق، أو حادث يتجدّد. ورتّب لهم الوزير سعْد المُلْك راتبًا كلّ يوم. ثمّ بعثوا مَن وثب عَلَى أميرِ كَانَ جدّ في قتالهم، فجُرِح وسَلِم، فحينئذٍ خرّب السّلطان قلعة خالنجان، وجدّد الحصار عليهم. فطلبوا أنّ ينزل بعضهم، ويرسل السّلطان معهم من يحميهم إلى قلعة الناظر بأَرَّجَان، وهي لهم، وإلى قلعة طَبَس، وأن يقيم باقيهم في ضرس القلعة إلى أنّ يصل إليهم من يخبرهم بوصول أصحابهم، فأجابهم إلى ذَلِكَ، وذهبوا، ورجع من أخبر الباقين بوصول أولئك إلى القلعتين. فلم يسلّم ابن غطاس النّاس الذين احتموا فيه، ورأى السّلطان منه الغدر والرجوع عما تقرر، فزحف الناس عليه عامة، في ثاني ذي القعدة. وكان قد قل عنده من يمنع أو يقاتل، وظهر منه بأسٌ شديد، وشجاعة عظيمة، وكان قد استأمن إلى السّلطان إنسانٌ من أعيانهم فقال: أَنَا أدلكم عَلَى عورة لهم، فأتى بهم إلى جانب السّنّ لا يُرام فقال: اصعدوا من ههنا. فقيل: إنّهم قد ضبطوا هذا المكان وشحنوه بالرجال.

_ 1 أذعنوا: خضعوا، واستسلموا.

فقال: إنّ الّذي ترون أسلحة وكُزاغنْدات1 قد جعلوها كهيئة الرجال، وذلك لقلتهم. وكان جُمَيْع من بقي ثمانين رجلًا. فصعد النّاس من هناك، وملكوا الموضع، وقتلوا أكثر الباطنيّة، فاختلط جماعة منهم عَلَى من دخل فسلموا، وأُسِر ابن غطاس، فشهر بأذربيجان، وسُلِخ، فتجلّد حتّى مات، وَحُشِيَ جِلْدُهُ تبْنًا وقتل ولدُه، وبُعث برأسيهما إلى بغداد. وألْقَتْ زوجته نفسها من رأس القلعة فهلكت. وضرب محمد القلعة. وكان والده السّلطان جلال الدولة هُوَ الّذي بناها. يقال: إنّه غرم عَلَى بنائها ألفي ألف دينار ومائتي ألف دينار، فاحتال عليها ابن غطاس حتى ملكها، وأقام بها اثنتي عشرة سنة. عزل الوزير ابن جهير: وفي صَفَر عُزِل الوزير أبو القاسم عليّ بْن جهير، كان قد وزر للخليفة ثلاثة أعوام وخمسة أشهر. فهرب إلى دار سيف الدولة صدقة بْن مُزْيَد ببغداد ملتجئًا إليها، وكانت ملجأ لكلّ ملهوف. فأرسل إِلَيْهِ صدقة من أحضره إلى الحلة، وأمر الخليفة بأن تُخَرَّب داره. وزارة أبي المعالي بن المطلب: ثم تقررت الوزارة في أول السنة إحدى وخمسمائة لأبي المعالى هبة اللَّه بْن المطّلب غرق قلج أرسلان: وفيها غرق قِلِج أرسلان بْن سليمان بْن قُتُلْمش صاحب قونية، سقط في الخابور فغرق. ووجد بعد أيّام منتفخًا، والحمد لله عَلَى العافية. استنجاد طُغْتِكِين وابن عمّار بالسلطان السَّلْجوقيّ: وتتابعت كُتُب أتابك طُغْتِكِين وفخر الملك ابن عمار ملك الشّام، وإلى السّلطان غياث الدين محمد بْن ملكشاه، بعظيم ما حلّ بالشّام وأهله من الإفرنج،

_ 1 كزغندات: أشياء في هيئة الأشخاص من الأقسمة ونحوها.

ويستصرخون بِهِ، ويستنجدون بِهِ لِيُدركهم، فندب جيشًا عليهم جاولي سقاوة، وكاتب صَدَقَةَ بْن مَزْيَد، وصاحب المَوْصِل وغيرهما لينهضوا إلى حرب الكُفّار. فثقُل ذَلِكَ عَلَى المكاتبين ونكلوا عَن الجهاد، وأقبلوا عَلَى حظوظ الأنفس، فلا قوة إلّا باللَّه. استظهار الروم عَلَى الإفرنج: وكان ابن قُتُلْمش نَفَذَ بعض جيشه لإنجاد صاحب قسطنطينيّة عَلَى بَيْمُنْد وإفرنج الشام، فلمّا التقى الْجَمْعان استظهر الرّوم وكسروا الإفرنج شرّ كسْرَة، أتت عَلَى أكثرهم بالقتل والأسْر. وفصل الأتراك جُنْد ابن قُتُلْمش بعد أنّ خلع عليهم طاغية الروم وأكرمهم. انتهت الوقائع ولله الحمد والمنّة. ويتلوها طبقات المتوفين في هذه السنتين إن شاء الله تعالى، وبه أستعين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. وكان الفراغ من هذا الكتاب يوم الثلاثاء الساعة الثالثة ونصف من شهر ربيع الثاني من شهور سنة الخامسة والثلاثين بعد الثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وأزكى التحية. والله أعلم1.

_ 1 انظر: الكامل "10/ 417، 418"، والبداية والنهاية "12/ 165، 166"، والنجوم الزاهرة "5/ 189-192"، صحيح التوثيق "7/ 525".

المتوفون في الطبقة الخمسون

بسم الله الرحمن الرحيم المتوفون في الطبقة الخمسون: وفيات سنة إحدى وتسعين وأربعمائة: "حرف الألف": 1- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد: أبو العبّاس بْن الحَطّاب الرّازيّ1، ثمّ الْمَصْرِيّ الفقيه الشّافعيّ. سمع: أبا الحَسَن بْن السِّمْسار بدمشق، وشُعَيب بْن المنهال، وإسماعيل بْن عَمْرو الحدّاد، وعليّ بْن منير الخلّال بمصر، وجماعة كثيرة. روى عَنْهُ: ابنه أبو عَبْد اللَّه الرّازيّ صاحب المشيخة والسُّداسيّات، وغيث بْن عليّ. وكتب عَنْهُ من القدماء: أبو زكريّا عَبْد الرحيم البخاري، ومكي الرميلي. قال ابنه: قَالَ أَبِي في سَكْرَة الموت: ما لي في الدّنيا حسْرة إلّا أنّي مشيت في ركاب الشّيوخ، وسافرت إليهم باليمن والشّام، ومصر، وها أَنَا أموت، ولم يؤخذ عنّي ما سَمِعْتُهُ عَلَى الوجه الّذي أردت. قَالَ أَبِي: وحججت سنة أربع عشرة وأربعمائة، وقرأت بمكّة بروايات عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه الكارِزينيّ. 2- أحمد بْن الحُسين بْن أحمد بْن جعفر. أبو حامد الفقيه الهمذاني2. روى عَنْ: أَبِيهِ، ومحمد بْن عيسى، وأبي نَصْر أحمد بن الحسين الكسار، وجعفر بن محمد الحسيني. قال شيرويه: سمعته، وكان أحد المشايخ البلد ومفتيه. مات في صفر في سادس وعشرين وكان من جلة الشافعية. 3- أحمد بن سهل أبو بكر النيسابوري السراج3. روى عَنْ: محمد بْن موسى الصَّيْرفيّ، وأبي بَكْر الحِيّريّ، وعليّ بْن محمد الطّرازيّ، وكان فقيهًا ورعًا، عابدًا صالحًا. ولد سنة ثمان وأربعمائة، وكان يتكلم عن الحديث وشرحه. حدّث

_ 1 السير "19/ 190". 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 انظر السابق.

عنه: أبو سعيد محمد بْن أحمد الخليليّ النَّوقانيّ الحافظ، وعُمَر بن أحمد الصفار، وعبد اللَّه بْن الفَرَاويّ، وَعَبْد الخالق بْن زاهر، وأبوه زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وجماعته. تُوُفّي فِي ليلة السّابع والعشرين من رمضان. 4- أحمد بْن عَبْد الغفار بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن أَشْتَه. أبو العبّاس الأصبهاني الكاتب1. شيخ مكثِر مُسْنِد. سمع: أبا سَعِيد النّقّاش، وعليّ بْن ميلة الفقيه، وابن عقيل البارودي، والفضل بْن شَهْرَيار، وغيرهم. وتُوُفّي في ذي الحجّة عَن اثنتين وثمانين سنة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وأبو سَعِيد البغداديّ. 5- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحيم التَّيْميّ. المعروف بابن اللبان المتكلم2. يروي عَنْ: أَبِي نُعَيْم، وغيره. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وورخه. 6- أحمد بن عبد اللعزيز. الْإِمَام أبو سعْد البردعي الحنفيّ الفقيه3. كَانَ عَلَيْهِ مَدَار الفتوى بنَيْسابور. وكان يعقد مجالس الوعظ من غير تكلُّف عَلَى طريقة أهل الورع، ويذكر مسائل أهل الفقه مما ينفع العوامّ. وكان يميل إلى الاعتزال. ثمّ صار يحضر مجالس الشّافعيّة، يستطيب طريقة أهل السُّنَّة ويظهر أَنَّهُ تاركٌ لما كَانَ عَلَيْهِ. ومال إلى التصوّف. تُوُفّي في ثامن عشر ذي القعدة. وما أظنه حدَّثَ. 7- أحمد بْن المبارك أبو سعْد البغداديّ الأكفانيّ المقرئ4. شيخ مَعْمَر. قرأ عَلَى: أَبِي الحَسَن الحمّاميّ إلى سَورَة سبأ. قرأ عَلَيْهِ: أبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ. وروى عَنْ: بِشْر بْن القاسم. روى عَنْهُ: ابن السمرقندي، وابن ناصر. وكان سمسارًا.

_ 1 السير "19/ 183". 2 في عداد المجهولين. 3 الجواهر المضية "1/ 191، 192". 4 غاية النهاية "1/ 99".

8- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بن بشرويه. أبوالعباس الأصبهاني الحافظ1. سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن حَسَنْكُوَيْه، ومحمد بْن عليّ بْن مُصْعَب، وأبا نُعَيْم الحافظ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن شَهْرَيار، والهيثم بْن محمد الخرّاط، وإبراهيم بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم الجلّاب، وأبا ذَرّ محمد بْن إِبْرَاهِيم الصّالحانيّ، ومن بعدهم. قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ من أهل المعرفة بالحديث والفقه والفرائض، كتبنا بانتخابه كثيرًا، وأكثرنا عَنْهُ لثبته ومعرفته. وسمعته يَقُولُ: ولدت سنة خمس عشرة. قلت: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وروى عَنْهُ: هبة اللَّه بْن طاوس. وقيل: مات سنة سبعٍ. 9- إِبْرَاهِيم بْن خَلَف بْن إِبْرَاهِيم بْن لُبّ. أبو إِسْحَاق التُّجَيْبيّ القُرْطُبيّ2، ويُعرف بابن الحاجّ. سمع من: بَكْر بْن عيسى الكِنْديّ، وحجّ ورأى أبا ذر الهروي، ولم يسمع عنه. وأجاز لابن أخيه محمد بْن أحمد بْن خَلَف في هذا العام، وانقطع خبره بعد. 10- إِبْرَاهِيم بْن سُلَيْم بْن أيّوب أبو سعْد الرّازيّ3. سمع من والده؛ ومن أَبِي الحُسين بن الطّبّال بمصر؛ ومن عَبْد الوهاب بْن بُرهان الغزالي بصور؛ ومن كريمة بمكّة؛ ومن الجوهريّ ببغداد. وتُوُفّي بدمشق في ذي الحجّة. سمع منه: غَيْث، وأبو محمد بْن صابر. 11- إِبْرَاهِيم بْن يحيى بْن موسى. أبو إِسْحَاق الكَلاعيّ القُرْطُبيّ4. ويُعرف بابن العطّار. سمع من: أَبِي محمد الشَّنْتَجاليّ. وحجّ، وسمع من: أَبِي زكريّا عَبْد الرحيم الْبُخَارِيّ، وغيره. قَالَ أبو بحر الأَسَديّ: لقيته في سنة إحدى وتسعين بالجزائر، وكان ثقة نبيهًا. 12- إِبْرَاهِيم بْن يونس بْن محمد. أبو إسحاق المقدسي الخطيب الأصبهاني الأصل5.

_ 1 السير "19/ 218". 2 في عداد المجهولين. 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 214". 4 الصلة "1/ 97، 98". 5 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 314".

سمع بدمشق: أبا القاسم إِبْرَاهِيم بْن محمد الحِنّائيّ، وأبا القاسم عليّ بْن محمد السُّمَيْساطيّ. وبالقدس: الفقيه أبا محمد عَبْد اللَّه بْن الوليد الأندلسيّ، وعليّ بْن طاهر، وعبد الرحيم بْن أحمد الْبُخَارِيّ الحافظ، وخَزْرُون بْن الحَسَن، وجماعة. روى عنه: أبو محمد بْن الأكفاني، والخضر بْن عَبْدان، ونصر بْن أحمد بْن مقاتل. وكان تلا القرآن. توفي بدمشق في ذي الحجة، له سبعون سنة. 13- إسماعيل بْن عليّ بْن طاهر. أبو القاسم الرّازيّ السِّلَفيّ1. من شيوخ إصبهان. روى عن: أبي بكر بن أبي علي الذكواني المعدل، وأبي بكر بن محمد بن حمويه، وعلي بن أحمد الجرجاني. وعنه: أبو طاهر السلفي، وقال: توُفيّ في ربيع الآخر. "حرف الجيم": 14- جعفر بْن حيدر بْن محمد2. الشَّيْخ أبو المعالي العلوي الهروي، شيخ الصوفية. وكان ورعًا زاهدًا. سمع بنَيْسابور: شيخ الإسلام أبا عثمان الصابوني، وأبا سَعِيد الكَنْجَرُوذيّ. وتُوُفّي بهراة. ذكر السمعاني في الذِّيل. "حرف الحاء": 15- حاتم بْن محمد بْن عليّ بْن أَبِي محمد حاتم محمد بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن محمود أبو محمد الهَرَوِيّ الحاتميّ3. شيخ صالح. سمع: أبا منصور محمد بْن عَبْد اللَّه بْن إبراهيم الفاسي صاحب حامد الرّفّاء. روى عَنْهُ: عليّ بْن حمزة الموسويّ، وعبد الفتّاح بْن عطاء، وعبد الواسع بْن أَبِي بَكْر السَّقَطيّ. مات بهَرَاة في جُمَادَى الأولى عَنْ نيفٍ وثمانين سنة. 16- حديد بن حسن المؤدب الشيباني4.

_ 1 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 2 انظر السابق. 3 انظر السابق. 4 في عداد المجهولين.

حدَّثَ عَنْ أَبِي إِسْحَاق البَرْمكيّ، تُوُفّي في شوّال. 17- الحَسَن بْن أحمد بْن محمد الحافظ أبو محمد السَّمَرْقَنْديّ1 صاحب الحافظ جعفر بْن محمد المُسْتَغِفريّ. تُوُفّي في ذي القعدة بنَيْسابور عَن اثنتين وثمانين سنة. كَانَ مكثِرًا فاضلًا، وغيره أتقن وأحفظ منه. وقال ابن السّمعانيّ: سألت إسماعيل الحافظ عَن الحَسَن السَّمَرْقَنْديّ فقال: إمام حافظ. سمع وجمع وصنَّف. سمع من: المُسْتَغِفريّ، وعبد الصَّمد العاصمي، وشيوخ بُخاري، وبلْخ، ونيسابور. وأكثر السّماع عَنْهُمْ. قلت: روى عَنْهُ خلْقٌ من شيوخ عَبْد الرحيم بْن السّمعانيّ. وقال عُمَر بْن محمد بْن لُقمان النَّسَفيّ في كتاب القنْد: ذكر الْإِمَام الحافظ قوامُ السُّنَّة أبو محمد الحَسَن بْن أحمد بْن محمد بْن القاسم بْن جعفر السَّمَرْقَنْديّ اللّوخميتنيّ نزيل نَيْسابور: لم يكن في زمانه في فنّه مثله في الشرق والغرب، لَهُ كتاب بحر الأسانيد في صحاح المسانيد، وجمع فيه مائة ألف حديث، ورتَّب وهذّب، لم يقع في الإسلام مثله وهو ثمانمائة جزء. وذكر عَبْد الغافر فقال: عديم النظير في حفظه. قدِم نَيْسابور، وسمع ابن مسرور، وأبا عثمان الصابونيّ، والكَنْجَرُوذيّ. وطائفة. وعاد إلي سمرقند. ثم قدم نيسابور واستوطنها. وهو مكثر عَن المستغفريّ. قلت: روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن القُشَيْريّ، ومحمد بْن جامع خيّاط الصُّوف، والْجُنَيْد القاينيّ. وأكبر شيخ لَهُ منصور الكاغديّ. 18- الحُسين بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن أيّوب بْن مُعَافَى. أبو عَبْد اللَّه العُكْبَريّ2. سمع: أبا الحُسين بْن بِشْران، ومحمود بْن عُمَر العُكْبَريّ. وعنه: إسماعيل السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ، وعُمَر بْن ظفر. مات في شوّال، وقيل: في رمضان عَنْ ثمانٍ وثمانين سنة.

_ 1 السير "19/ 205، 206". 2 لا بأس به.

19- الحُسين بْن الحَسَن الفقيه، أبو عَبْد اللَّه الشِّهْرستانيّ الشّافعيّ1. قاضي دمشق. سمع بنَيْسابور من: أَبِي القاسم القُشَيْريّ؛ وبجرجان من إسماعيل بْن مَسْعَدَة؛ وبالعراق من ابن هزارمرد الصَّرِيفينيّ. قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ هبة اللَّه بْن طاوس، وكان حَسَن السيرة في الأحكام. ولي قضاء دمشق سنة سبعٍ وسبعين في أيّام تتش، وكان شديدًا عَلَى من خالف الحقّ. واستُشْهد بظاهر أنطاكيّة بيد الإفرنج يوم المصافّ. 20- الحُسين بْن عليّ الدّمشقيّ المقرئ. ويُعرف بالدّمنْشيّ2. سمع أبا الحُسين بْن أَبِي الحديد. وكان رافضيًّا. سعى بالحافظ أَبِي بَكْر الخطيب إلى أمير الجيوش وقال: هُوَ ناصبيّ يروي فضائل الصّحابة، وفضائل بني العبّاس في جامع دمشق. فكان ذَلِكَ سبب نفْي الخطيب من دمشق. "حرف الراء": 21- رَوْح بْن محمد بْن عَبْد الواحد بْن عَبَّاس. أبو طاهر الرازامي الصُّوفيّ3. سمع: أبا الحَسَن عليّ بْن عَبْدكُوَيْه، وأبا بكر بن أبي علي الذكواني، وعبد الواحد منصور الكاغذي الباطرقانيّ، وعليّ بْن أحمد الْجُرْجانيّ. وتُوُفّي في شَعْبان. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ. "حرف السين": 22- سَعِيد بْن محمد بْن يحيى أبو الحُسين الأصبهاني الجوهريّ4، من كبار شيوخ السلفي. يروي عن: علي بن ميلة الفرضي، وأبي نُعَيْم الحافظ. تُوُفّي في المحرَّم. وكان فقيهًا عالمًا، وأبوه يروي عَن ابن المقرئ. حدث عنه أبو سعيد المُطَرِّزِيّ. قِيلَ: ظهر لسعيد سماع من ابن مردويه.

_ 1 انظر السابق. 2 غاية النهاية "1/ 246". 3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 4 كانت هذه الترجمة في غير ترتيبها فوضعت هنا ليصلح الترتيب.

23- سهل بن بشر بن أحمد بن سعيد. أبو الفَرَج الإسْفَرائينيّ الصُّوفيّ المحدّث1، نزيل دمشق. سمع عَلَى: حِمِّصَة، وعليّ بْن منير، وعليّ بْن ربيعة، ومحمد بْن الحُسين الطّفّال، والحَسَن بْن خَلَف الواسطيّ صاحب الرّياشيّ بمصر. وسمع بجُرْجان: محمد بْن عَبْد الرّحيم. وببغداد: الجوهريّ. وبدمشق: رشأ بْن نظيف، وابن سلْوان، وهذه الطّبقة. وبالرملة: ابن التّرجمان الصُّوليّ. وبصور سُلَيْم بْن أيّوب. وبتنِّيس: عليّ بْن الحُسين بْن جابر. روى عنه: ابناه طاهر والفضل، وجمال الإسلام أبو الحَسَن، وهبة اللَّه بْن طاوس، ومحفوظ النّجّار، ونصر اللَّه المصِّيصيّ الفقيه، وأحمد بْن سلامة، وحمزة بْن علي الحُبُوبيّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الحَسَن الدّارانيّ، وجماعة. وقال: ولدت سنة تسعٍ وأربعمائة. تُوُفّي في ربيع الأوّل. وقال غَيْث: سألت أبا بَكْر الحافظ عَنْ سهل بْن بِشْر فقال: كَيِّسٌ صَدُوق. "حرف الطاء": 24- طِرَاد بْن مُحَمَّد بن عَليّ بن الحَسَن بن محمد. النّقيب، الكامل، أبو الفوارس بْن أَبِي الحَسَن بْن أبي القاسم بْن أَبِي تمّام الهاشْميّ العبّاسيّ الزينبي البغداديّ2، نقيب النُّقَباء. قَالَ السّمعانيّ: ساد الدَّهْر رُتْبةً وعُلُوًّا وفضلًا ورأيا وشهامة. ولي نقابة العباسيّين بالبصرة، ثمّ انتقل إلى بغداد. وكان من أكفى أهل الدَّهْر، متّعه اللَّه بسمعه وبصره وقوّته وحواسِّه. وكان يترسّل من الدّيوان إلى الملوك، وحدَّثَ بأصبهان كذلك، وصارت إِلَيْهِ الرحلة من الأقطار. وأملى بجامع المنصور، وكان يحضر مجلسَ إملائه جميعُ أهل العلم من الطوائف وأصحاب الحديث والفُقهاء. ولم يُرَ ببغداد عَلَى ما ذُكِر مثل مجالسه بعد أَبِي بَكْر القَطِيعيّ. وأملى سنة تسعٍ وثمانين بمكّة، والمدينة، وألحق الصِّغار بالكبار. سمع هلال بْن مُحَمَّد الحفّار، وأبا نَصْر أحمد بن محمد بن

_ 1 السير "19/ 162، 163". 2 السير "19/ 37"، تذكرة الحفاظ "4/ 1228".

حنسون النَّرْسيّ، وأبا الحُسين بْن بِشْران، والحسين بْن عُمَر بْن برهان، وأبا الفَرَج أحمد بْن المقرّب الكَرْخيّ، ويحيى بْن ثابت البقّال. وشُهْدَة بنت الإبريّ، وخلْق كثير آخرهم وفاة أبو الفضل خطيب المَوْصِل، وقال أبو عليّ الصَّدَفيّ: كَانَ أعلى أهل بغداد منزلة عند الخليفة، وكنا نكر إليه، فيتعذر علينا السّماع منه والوصول إِلَيْهِ، وعند بابه الحُجّاب، ولعلّ زِيّ بعضهم فوق زِيّه. وكنّا نقرأ عليه وهو يركع، إذ ليس مثله ما يردّ. وربّما اتّبعناه ونحن نقرأ عَلَيْهِ إلى أنّ يركب. وقال السِّلَفيّ: كَانَ حنفيًّا من جِلّة النّاس وكُبَرائهم، ثقة فاضلًا، ثبتًا، لم أَلْحَقْه. وقال أبو الفضل بْن عطّاف: كَانَ شيخنا طِراد شيخًا حَسَنًا، حَسَن اليقظة، سريع الفِطْنة، جميل الطّريقة في الرّواية، فَقِه في جُمَيْع ما حدَّث بِهِ. وقال غيره: وُلِد في شوّال سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة. وقال ابن الناصر: توفي في سلخ شعبان: ودُفن بداره، ثمّ نُقِل في السّنة الآتية إلى مقابر الشّهداء. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُدَامَةَ: أَخْبَرَتْنَا شهدة بقراءتي عَلَيْهَا: أَنَا طِرادُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ عُمَرَ تَوَضَّأَ مِنْ بَيْتِ نَصْرَانِيَّةٍ1. "حرف العين": 25- عَبْد الرّزّاق بْن حسّان بْن سَعِيد بْن حسّان بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن منيع بْن خَالِد بْن عَبْد الرَّحْمَن ابن سيف اللَّه خَالِد بْن الوليد المخزوميّ المَنِيعيّ2. أبو الفتح بْن أَبِي عليّ المَرْوَرُّوذِيّ، الحاجّيّ، الخطيب، محتشم خُراسان كوالده. وكان زاهدًا، عابدًا، عاملًا، متبتلًا، ورعًا، فقيهًا، قُدْوة. تفقّه عَلَى القاضي حسين، وعلّق عَنْهُ المذهب. وكان خطيب جامع والده. وقد حجّ وسمع ببغداد، وصار رئيس نَيْسابور. وقعد للتّدريس بالجامع، واجتمع عليه الفقهاء.

_ 1 خبر صحيح. 2 الأنساب "11/ 510".

وعقد مجلس الإملاء، وحدَّث عَنْ: أَبِي الحُسين بْن النَّقُّور، وأبي بَكْر البَيْهقيّ، وسعد الزّنْجانيّ، وأبي مسعود أحمد بْن مُحَمَّد البَجَليّ. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو شحمة مُحَمَّد بْن عليّ المعلّم المَرْوَزِيّ، وإسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن العصائديّ، وآخرون. تُوُفّي في ثامن عشر ذي القعدة وله ثمانون سنة. 26- عَبْد الأحد بْن أحمد بْن الفضل: أبو الحارث العَنْبريّ الأصبهاني1. سمع: هارون بْن مُحَمَّد الكاتب، وأحمد بْن فاذشاه الوزير. ولي رُنْدَة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ. 27- عَبْد اللَّه بْن المبارك بْن عَبْد اللَّه: أبو مُحَمَّد المَدِينيّ2. سمع: عليّ بْن أحمد بْن مِهْران الصّحّاف. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ وقال: تُوُفّي في شوّال. 28- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بَلِّيزَة. أبو القاسم الخِرَقيّ الأصبهاني المقرئ3. سمع: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شَمَهْ. وقرأ القرآن عَلَى أحمد بْن مُحَمَّد المِلَنْجيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن زَنْجَوَيْه. وتلاوته عَلَى ابن زنجوَيْه في سنة ثلاثٍ وعشرين وأربعمائة. سمع منه: السِّلَفيّ، وتلا عَلَيْهِ ختّمة لقُنْبُل في هذا الوقت، ولم يؤرخ وفاته. 29- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن هارون: أبو نَصْر الخُراسانيّ النّاسخ4. سمع: أبا بَكْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث التَّميميّ النَّحْويّ، وأبا بكر الحيري. ولد سنة ثلاث عشرة، وأملى مدّة. ومات في المحرَّم. روى عَنْه: أبو سعد محمد بن أَحْمَد بن محمد الخليليّ النَّوْقانيّ الحافظ، ومحمد بْن أحمد الْجُنَيْد الخطيب، وعُمَر بْن أحمد بْن الصّفّار، وأبو البركات بن الفراوي، وعبد الخالق الشحامي، شافع بْن عليّ، وآخرون. 30- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن عتّاب بْن محسن. أبو القاسم القُرْطُبيّ5 أخو عبد

_ 1 لم نقف عليه. 2 انظر السابق. 3 غاية النهاية "1/ 407". 4 السابق "1/ 418". 5 الصلة "2/ 371".

الرَّحْمَن. روى عَنْ: أَبِيهِ كثيرًا، وعن: حاتم الطرابلسي. وأجاز له أبو حفص الزّهْراويّ، وأبو عُمَر بْن الحذّاء، وجماعة. وكان عارفًا بمذهب مالك، بصيرًا بالفتوى، مقدمًا في الشُّروط، لَهُ عناية بالحديث ونقله. وكان مهيبًا، وقورًا، معظمًا عند الخاصّة والعامّة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى عَنْ إحدى وخمسين سنة. روى اليسير. 31- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن هارون. أبو نَصْر الخُراسانيّ1 النّاسخ. سمع: أبا بَكْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث التَّميميّ النَّحْويّ، وأبا بكر الحيري. ولد سنة ثلاث عشرة. 32- عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد اللَّه بْن المحسِّن. أبو غانم بن أَبِي حصن التّنُوخيّ المَعَرّيّ القاضي2. سمع: أَبَاهُ، وأبا صالح مُحَمَّد بْن المهذب، وأبا عثمان إسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن الصّابونيّ، والسُّمَيْساطيّ، وأبا إِسْحَاق الحبّال الحافظ، وطائفة بدمشق، والقدس ومصر. روى عَنْهُ: الخطيب مَعَ تقدُّمه شيئًا ممّا سمعه، وأبو البيان مُحَمَّد بْن أَبِي غانم، وغيرهما. وتُوُفّي بالمَعَرَّة. 33- عَبْد السّميع بْن عليّ بْن عَبْد السَّميع3. أبو الحُسين الهاشْميّ. من أهل البصرة ببغداد. سمع: أبا الحَسَن بْن مَخْلَد. روى عَنْهُ: أبو البركات الأَنْماطيّ، وأبو بَكْر الزّاغُوانيّ. وتُوُفّي في ربيع الآخر. ومولده سنة تسعٍ. 34- عَبْد الواحد بْن أحمد بْن إِبْرَاهِيم: أبو طاهر المغازليّ الأصبهاني الشّرابيّ4. سمع: أبا نُعَيْم الحافظ. وعنه: السِّلَفيّ، وقال: مات في صَفَر. 35- عُمَر بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الخليل: أبو حفص البَغَويّ5. سمع مُسْنِد إِسْحَاق الكَوْسَج، من أَبِي الهنديّ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد إسماعيل البَغَويّ. ومات بعد شَعْبان في هذا العام أو بعده. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن المظفّر البنّا، وأسعد بْن أحمد الخطيب، وأبو أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي نصر البغويون.

_ 1 سبقت الترجمة له. 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 لم نقف عليه. 4، 5 انظر السابق.

36- عَبْد الواحد بْن عُلْوان بْن عَقِيل بْن قيس الشِّيبانيّ1: أبو الفتح السَّقْلاطُونيّ البغداديّ النَّصْريّ من النَّصْريّة. شيخ ثقة صَدُوق. سمع: أبا نصر بن حسنون، وأبا القاسم الحرفي، وعثمان بْن دُوَسْت، وهو أخو عَبْد الرَّحْمَن بْن عُلْوان. روى عَنْهُ: عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الأنصاري، وولده أبو بَكْر، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وآخرون. وآخر من روى عَنْهُ فخر النّساء شُهْدَة. تُوُفّي في رجب. 37- عَبْد الوهّاب بْن رزق اللَّه بْن عَبْد الوهّاب2: أبو الفضل التَّميميّ، أخو عَبْد الواحد. سمع: أَبَاهُ، وأبا طَالِب بْن غَيْلان. وكان حَسَن الصورة، ظريفًا بارعًا في الوعظ. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الدقاق، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ. 38- علي بن محمد بن حسين خِذَام3. أبو الحَسَن الخِذاميّ الْبُخَارِيّ الواعظ. كَانَ معمّرًا مكثِرًا من السّماع. تفرَّد بشيوخ. روى عَنْ: القاضي أَبِي عليّ الحُسين بْن الخضر النَّسَفيّ، ومنصور الكاغدي، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن القاسم الفارسيّ، وأحمد بْن الحَسَن المراجليّ، وخلْق أخذ عَنْهُم الكبار. روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، وأبو ثابت الحَسَن بْن عليّ البَرْدعيّ وأبو رجاء مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وعدّة. وعُمِّر تسعين سنة. مات في هذا العام. "حرف الفاء": 39- فارس بْن الحُسين بْن فارس بْن حسين بْن غرب. أبو شجاع الذُّهْليّ السَّهْرُوَرْديّ، ثمّ البغداديّ4. شيخ فاضل، صالح، ثقة، لُغَوِيّ، شاعر. سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وعبد المُلْك بْن بشران.

_ 1 السير "19/ 128". 2 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 85". 3 السير "19/ 180، 181". 4 لم نقف عليه.

روى عَنْهُ: قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر. توفي في ربيع الآخر وقد تجاوز التّسعين رحمه اللَّه. وابنه شجاع حافظ معروف. 40- الفضل بْن علي بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد: أبو سعْد الأصبهاني المقرئ1. سمع: أبا سعيد محمد بن علي بن النّقّاش، وعليّ بْن ميْلة، ومَعْمَر بْن زياد. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في رجب. وكنّاه أبا نَصْر. "حرف الميم": 41- المحسن بْن المحسن بْن مُحَمَّد بْن جُمْهُور: أبو الرِّضا الْأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ الفرّاء2 المعدّل. إمام الجامع الأموي، ثمّ ولي نظر الأوقاف وعمادة الأملاك السُّلطانيّة، فظلم وجار. وحدَّثَ عَنْ: مُحَمَّد بْن عَوْف المُزَنيّ، وغيره. روى عَنْهُ: عُمَر الرُّؤاسيّ. 42- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد: أَبُو عَبْد اللَّه الميبذي البغدادي اللغوي3. من كببار أئمّة العربيّة. سمع: أبا جعفر بن المسلمة. روى عَنْهُ: ابن ناصر. 43- مُحَمَّد بْن جامع بْن مُحَمَّد بْن عليّ: أبو بَكْر القطّان الهمذاني الجوهريّ4. روى عَنْ: أَبِيهِ، والزَّنْجانيّ. قَالَ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه، وكان كَيِّسًا صدوقًا. 44- مُحَمَّد بْن الحُسين بْن مُحَمَّد. أبو سعْد الحرمي الْمَكِّيّ الحافظ5، نزيل هَرَاة. أحد الحفّاظ والزُّهّاد. سمع بمصر: مُحَمَّد بْن الحُسين الطّفّال، وأبا الفتح بْن بابشاذ، وعليّ بْن حِمّصة، وعليّ بْن بُغَا الورّاق. وبمكّة: أبا نَصْر السِّجْزيّ الحافظ، وعبد العزيز بْن بُنْدار الشِّيرازيّ. وببغداد: أبا بَكْر الخطيب، والموجودين. قَالَ مُحَمَّد بْن أَبِي عليّ الهَمَذانيّ: كَانَ أبو سعْد الحَرَميّ من العباد، ولم أر بعيني

_ 1 انظر السابق. 2 لم نقف عليه. 3 المنتظم "9/ 107". 4 لم نقف عليه. 5 السير "19/ 202"، والعقد الثمين "2/ 7، 8".

أحفظ منه. وقال الواعظ أبو حامد الخيّام: إنّ كَانَ لله بهَرَاة أحدٌ من أوليائه فهو هذا وأشار إلى أَبِي سعْد. مات فِي شَعْبان. 45- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد: أبو المحاسن المَحْمِيّ النَّيْسابوريّ الحنفيّ1. أحد الرؤساء والأكابر. خالف أهل بيته؛ لأنّ المَحْمية شافعيّون. وقد سمع من أصحاب الأصمّ. وكان يضيف الطبلة. تُوُفّي في شَعْبان عَنْ ثمانين سنة. روى عَنْهُ: عُمَر بْن أحمد بْن الصّفّار، وعَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ. روى عَنْ: أَبِي بَكْر الحيري. 46- محمد بن محمد: أبو سعيد الخداشيّ2. تُوُفّي بنسف وله ثمانٍ وثمانون سنة. سمع بهراة: إسحاق الفرات، وأبا عثمان القرشي. 47- مروان بن عبد الملك: أبو محمد اللواتي الطنجي3، الفقيه المالكي، نزيل مصر. كان متفننًا في العلوم، بارعًا في المذهب. قرأ القراءات على أبى العباس أحمد بن نفيس، وسمع منه. ومن: أَبِي هاشم، وأبي محمد الوليد. قَالَ القاضي عِيَاض: كَانَ ذا عِلمٍ بالقراءات، والنَّحْو، واللّغة، خطيبًا مفَوَّهًا مِصْقَعًا، ولي القضاء والخطبة بسبتة في دول البرغواطيّ، وسمع منه كثيرًا. وكان ذا هَيْبة وسَطْوة. سمع عَلَيْهِ: القاضي عَبُّود بْن سَعِيد، وأبو إِسْحَاق بْن جعفر، وخالاي أبو عَبْد اللَّه وأبو مُحَمَّد ابنا الْجَوْزيّ. وله بَنُون نُجَباء أئمّة. وكان أخوه أبو الحَسَن من كبار الأئمّة. وله ابنان، أحدهما عَبْد اللَّه ولي قضاء غُرْناطة وغيرها، وعبد الرَّحْمَن ولي قضاء مِكْناسة مدّة؛ ثمّ ولي قضاء تِلمْسان بعد الثلاثين وخمسمائة عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن. 48- المظفّر بْن عليّ بْن الحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد: الصّدر أبو الفتح ابن رئيس الرؤساء أَبِي القاسم بن المسلمة4. ناب في الوزارة في خلافة المقتدي باللَّه بعد عزل الوزير عميد الدولة أَبِي منصور بْن جهير، إلى أنّ ولي أبو شجاع الوزارة. وكانت دار أَبِي الفتح مجمعًا لأهل العلم والدين.

_ 1 لم نقف عليه. 2 انظر السابق. 3 السير "19/ 191". 4 البداية والنهاية "12/ 156".

ومن جملة من أقام في داره ومرض عنه، ومات أبو إِسْحَاق مصنّف "التّنبيه". وممّن كَانَ يقيم عنده أبو عَبْد اللَّه الحُمَيْديّ. سمع الحديث من: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ بإفادة الخطيب. كُتُب عَنْهُ: الحُمَيْديّ، وغيره. وتُوُفّي في ذي القعدة وله أربعٌ وخمسون سنة. 49- مكّيّ بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن عِلّان السّلّار: الرئيس أبو الحَسَن الكَرَجيّ1. رئيس كَرَج ومعتَمَدُها. حدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، ومُحَمَّد بْن القاسم الفارسيّ، وأبي الحسين بن بشران المعدل، وأبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي، وأبي القاسم هبة الله اللالكائي. قال شيرويه: رحلت إليه إلى الكرج، وسمّعتُ منه ولديَّ، وكان شيخًا لا بأس بِهِ، محمودًا بين الرؤساء، محسِنًا إلى الفقراء والعلماء. قلت: روى عَنْهُ: أبو الحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك الكَرَجيّ الفقيه، وأبو المكارم أحمد بْن مُحَمَّد بْن عِلّان البلديّ، وأبو أحمد بْن نَصْر بْن دُلَف، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق، وإسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، ورجاء بْن حامد المَعدّانيّ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن ماشاذة، وأبو زُرْعة طاهر المَقْدِسيّ والقاسم بْن الفضيل الصَّيْدلانيّ وأبو طاهر السِّلَفيّ. قَالَ ابن طاهر: دخلت بابني أَبِي زُرْعة الكَرَج حتّى سمع "مسند الشافعي" من السلارمكي، وكان قد سمعه بنَيْسابور، وورَّق لَهُ ابن هارون، وكانت أصوله صحيحة جيّدة. وقال السِّلَفيّ: كَانَ السّلّار جليل القدْر، نافذ الأمر، محبوبًا إلى رعيته بجود سَجِيِّته. وآخر ما قدِم إصبهان كنت أوّل من قرأ عَلَيْهِ. وقال السّمعانيّ: هُوَ من رؤساء الكَرَج، كانت لَهُ الثّروة الكبيرة والدُّنيا العريضة الواسعة، والتّقدُّم ببلده. عُمّر حتّى صار يُرحل إِلَيْهِ. ونُقل عَنْهُ الكثير؛ لأنّه لحِقَ إسناد العراق وخُراسان. وقال أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ: تُوُفّي بأصبهان في سَلْخ جُمَادَى الأولى، ووُلِد سنة سبعٍ أو تسعٍ وتسعين وثلاثمائة. "حرف النون": 50- نَصْر بْن عَليّ بْن مُقَلّد بْن نَصْر بْن منقذ2: الأمير الجليل عزّ الدولة

_ 1 السير "19/ 71، 72". 2 تاريخ دمشق "43/ 451".

أبو المُرْهَف الكِنَانيّ، صاحب شَيْزَر تملّكها بعد أَبِيهِ. ولمّا قدِم إلى الشام السّلطان ملكشاه سلَّم إِلَيْهِ أبو المُرْهَف الّلاذقيّة، وفامية، وكَفَرْطَاب، وبقيت لَهُ شَيْزَر. وكان سمحًا، كريمًا، شاعرًا فارسًا، عاقلًا، ديِّنًا، عابدًا، خيّرًا، وكان بارًّا أَبَاهُ، وأحسن إلى أخوته وربّاهم. وله برٌّ كثيرُ وصَدَقات، رحمه اللَّه. ويُحكَى عَنْهُ أنّه كَانَ يقوم عامّة اللّيل. تُوُفّي في شَيْزَر فِي جمادى الآخرة. "حرف الهاء": 51- هبة اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن اللَّيْث1: أبو الحَسَن الْأَنْصَارِيّ الأشهليّ السَّعْديّ البغداديّ، من ولد سعْد بْن مُعَاذ -رضي الله عنه-. سمع: هلال بْن مُحَمَّد الحفّار، وأبا الحُسين بْن بِشْران، وأبا الْفَضْلِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيُّ. وتفرّد بالرواية عَن التَّميميّ. وكان أحد قرّاء المواكب، ومن ذوي الهيئات النبلاء، وأرباب الديانات، وصحيح السِّماع. قَالَ ابن السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو البركات الأَنْماطيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وجماعة كبيرة. وسمعتُ بعض مشايخي يَقُولُ: إنّ الشّريف هبة اللَّه الْأَنْصَارِيّ كَانَ يأخذ عَلَى جزء الحفار دينارًا صحيحًا. وُلِد هبة الله في سنة اثنتين وأربعمائة، وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من ربيع الآخر. قلت: وروى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن مُحَمَّد الطُّوسيّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس الحرّانيّ، وجماعة. وللسِّلَفيّ منه إجازة، ولكنّه ما درى بأنّ عنده مثل جزء الحفّار، ولا خَرَّج عَنْهُ شيئًا. 52- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هارون بْن مُحَمَّد. الأديب أبو غالب الهارونيّ التّانيّ الأصبهاني2. سمع من: جدّه هارون صاحب الطَّبَرانيّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: مات في رجب، وكان لَهُ حظٌّ وافر من الأدب، وإذا قرأ الحديث أطْرب.

_ 1 السير "19/ 44، 45". 2 لم نقف عليه.

"حرف الياء": 53- ياسين بْن سهل: أبو رَوْح القايَنِيّ الخشّاب الصُّوفيّ1 شيخ الصُّوفيّة ببيت المقدس طوف البلاد، وسمع، وأباه وأبا الحَسَن بْن الطّفّال، ورشأ بْن نظيف، وأبا الحَسَن بْن صخر، وطبقتهم. روى عَنْهُ: هبة اللَّه بْن الأكفانيّ، وأبو المعالي مُحَمَّد بْن يحيى الْقُرَشِيّ، وإسماعيل بْن أَبِي سَعِد النَّيْسابوريّ، وابن السَّمَرْقَنْديّ، ويحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن الطُّوسيّ. تُوُفّي في آخر السنة، وكان كبير القدر، زاهدًا. قال غيث الأرمنازي: تحدّث ياسين الصُّوفيّ، وكان عندهم محتشمًا مميَّزًا قدم علينا، ومات بالقدس في ذي الحجّة. 54- يحيى بْن مُحَمَّد: أبو بَكْر بْن الفَرَضِيّ الدّاني النَّحْويّ2. نزيل المَرِيّة. وكان رأسًا في العربيّة واللّغة. أخذ عَنْهُ: أبو الحَجّاج بْن سبعون، وأبو عبد الله بن سعيد ابن غلام الْقُرَشِيّ، وأبو بَكْر بْن خطاب، وجماعة. كان حيًّا في سنة إحدى هذه. وفيات سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة: "حرف الألف": 55- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بن طاوس بْن موسى: أبو البَرَكات المقرئ3. ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ببغداد، وقرأ القراءات عَلَى أَبِي الحَسَن عَليّ بْن الحَسَن العطّار، وعلى: مُحَمَّد بْن عليّ بْن فارس الخيّاط. وسمع: أبا عُبَيْد اللَّه الأزهريّ، وأبا طَالِب بْن بُكَيْر بْن غَيْلان، والعَتِيقيّ وجماعة. قدِم دمشق، سنة إحدى وخمسين وأربعمائة فسكنها، وسمع من: أَبِي القاسم الحِنّائيّ، وجماعة.

_ 1 تاريخ دمشق "46/ 19، 20". 2 بغية الوعاة "2/ 344". 3 غاية النهاية "1/ 47".

وصنَّف في القراءات. وأقرأ النّاس. وكان إمامًا ماهرًا، مجوِّدًا، ثقة، ديِّنًا. روى عَنْهُ: الفقيه نَصْر المَقْدِسيّ وهو أكبر منه، وابنه هبة اللَّه بْن طاوس، والفقيه نَصْر اللَّه المصِّيصيّ، وحمزة بْن أحمد، وكردوس. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وقرأ عَلَيْهِ ابنه. 56- أحمد بن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف: أَبُو الحُسين البغداديّ1. قَالَ السّمعانيّ: شيخ ثقة، جليل القدر، خيّر، مرضيّ الطريقة، حَسَن السّيرة. سافر الكثير ووصل إلى الغرب. وسمع: أبا القاسم الحرفي، وأبا عَمْرو بْن دُوَسْت، وأبا عليّ بْن شاذان، وأبا القاسم بْن بِشْران، وجماعة. وبمكة: أبا الحَسَن بْن صخر، وأبا نَصْر السِّجْزيّ؛ وبالرملة: مُحَمَّد بْن الحُسين بْن التّرجُمان؛ وبمصر: أبا الحَسَن بْن حِمِّصَة. روى عَنْهُ: بنوه عَبْد اللَّه، وعبد الخالق، وعبد الواحد، وأبو الفضل بْن ناصر، وأبو الفتح بْن البطّيّ، وشُهْدَة، وخطيب المَوْصِل، وآخرون. قَالَ ابن ناصر: كَانَ صالحًا ثقة. وقال عَبْد الخالق ابنه: حدَّثني أخي قَالَ: رأيتُ أَبِي في النّوم، فقلت: يا سيّدي، ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي. تُوُفّي فِي شَعْبان، وله إحدى وثمانون سنة. 57- أحمد بن مسلم بن مُحَمَّد بْن عليّ: الشَّيْخ أبو منصور الشَّعيِريّ الأصبهاني2. قَالَ السِّلَفيّ: روى عَنْهُ عَبْد الواحد بْن أحمد الباطِرْقانيّ، وأبو نُعَيْم كَتْبنا عَنْهُ ومات في شوّال سنة اثنتين. 58- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد: أَبُو القاسم الخليليّ الدُّهْقان3. حدَّثَ ببلْخ بمُسْنِد الهَيْثَم بْن كُلَيْب، عَنْ أَبِي القاسم الخُزاعيّ، عَنْهُ. وعاش مائة سنة وسنة، فإن أبا نَصْر اليُونَارتيّ قَالَ: سألته عَنْ مولده، فقال: في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. وأنّه سمع من الخِزاعيّ لمّا قدِم عليهم بلخ في سنة ثمانٍ وأربعمائة.

_ 1 السير "19/ 163، 164". 2 لم نقف عليه. 3 السير "19/ 73".

وقال السّمعانيّ: تُوُفّي في صَفَر. قلت: حدَّثَ عَنْهُ بالمُسْنِد أبو شجاع عُمَر البسْطانيّ، ومسعود بن مُحَمَّد الغانميّ، ومُحَمَّد بْن إسماعيل الفُضَيْليّ، واليُونارتيّ، وآخرون. قَالَ: وكان ثقة، صحيح السّماع. روى الشّمائل أيضًا. 59- إِبْرَاهِيم بْن مسعود بْن محمود بْن سُبُكْتِكِين1: السّلطان أبو المظفّر. تُوُفّي بغَزْنَة في شوّال. وكان عادلًا، منصفًا، شجاعًا، جوادًا، منقادًا إلى الخير، محبوبًا إلى الرَّعيّة، واسع المملكة. عاش أكثر من سبعين سنة. وتُوُفّي في السَّلْطَنَة أكثر من أربعين سنة. 60- أسعد بْن عليّ: أبو القاسم الزَّوْزَنيّ2، الشّاعر المشهور. تُوُفّي ليلة الأضحى بنَيْسابور. ذكره عَبْد الغافر فقال: شاعر عصره وواحد دهره في فنّه، وديوان شِعْره أكبر من أن يحصيه مجموع، وهو في الفضل ينبوع. لَهُ القصائد الفريدة قديمًا وحديثًا، والمعاني الغريبة. شاع ذِكْره، وسار في البلاد شْعره، ومدح عميد المُلْك الكُنْدُرِيّ وأركان دولة السّلطان طُغْرُلْبَك، ثمّ أركان الدولة الملكشاهيّة. وكان مَعَ ذَلِكَ سمع الحديث وكتبه. 61- الأَطْهَرُ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن زيد3. الحسيني العلوي أبو الرضا ابن السّيّد الأجلّ الحافظ المعروف، مُسْنِد بغداد، نزيل سَمَرْقَنْد. كَانَ أبو الرِّضا يلقَّب بسيّد السّادات. ذكره عَبْد الغافر فقال: سيّد السّادات، الفائق حشمته ودولته ومالُه وجاهُه، مُطَّرِد العادات. وأبوه كان من الأفاضل السّادة وأكثرهم ثروة. وله السّماع العالي والتصانيف الحسان في الحديث والشِّعر وهذا النّحل السّريّ. ورد نَيْسابور بعد وفاة أَبِيهِ، وطلب ما كَانَ لَهُ من الودائع والبضائع، وأخذها وعاد. ولم يزل يعلو شأنُه ويرتفع إلى أنّ بلغت درجتُه المُلْك، وناصب الخان وباض شيطان الولاية في رأسه، وفرّخ. وكان في نفسه وهمّته متكبّرًا أبلج. ما كَانَ همّته تسمح إلا بالملك، حتى سمعت

_ 1 السير "19/ 156". 2 الأنساب "6/ 321". 3 لم نقف عليه.

أَنَّهُ أمر بضرب السُّكَّة عَلَى اسمه، ورتّب أُلُوفًا من الأعوان والشّاكريّة والأتباع. وكان يضبط الولاية ويجبي المال ويجمع ويفرّق، إلى أنّ انتهت أيّامه وامتلا صاعُ عُمره، واستعلى عَلَيْهِ من ناصَبَه، فسَعَى في دمه وقَدَّه1 نصفَيْن وعلّقه في السّوق، وأغار عَلَى أمواله وخَدمه، وسار حديثًا يُسْمَرُ بِهِ، ولم يبق منهم نافخٌ نار. قتل سنة اثنتين وتسعين. 62- إِبْرَاهِيم بْن أَبِي نَصْر بْن إِبْرَاهِيم: أبو إِسْحَاق الأصبهاني الْبُخَارِيّ2، نزيل بَلْخ. شيخ صالح، تاجر متموّل. سمع من: منصور الكاغَديّ صاحب الهَيْثَم بْن كُلَيْب جزئين؛ وسمع من جماعة. تُوُفّي ببلْخ، حدَّثَ عَنْهُ: أبو شجاع عمر بن محمد البسطاني، وغيره. ورّخه السّمعانيّ. "حرف الباء": 63- بَرَكة بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه: أبو غالب الواسطيّ البزّار3. سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأحمد بْن المقرئ، وهبة اللَّه بْن هلال الدّقّاق، وإسماعيل بْن الحافظ. وتُوُفّي في ذي الحجّة وله نيِّفٌ وثمانون سنة. وثّقه عَبْد الوهّاب. 64- بَكْر بْن نَصْر بْن أحمد: أبو مُحَمَّد الْبُخَارِيّ الخيّاط4. شيخ صالح سمع ببُخَارى: عُمَر بْن منصور بْن خبّ؛ وبالرّيّ: عَبْد الكريم بْن أحمد الوزّان؛ وببغداد: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وهناد بْن إِبْرَاهِيم، وطائفة. تُوُفّي ببخارى بعد هذه السنة أو فيها. روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ بْن البِيكَنْديّ، وصاعد بْن عَبْد الرَّحْمَن. "حرف الحاء": 65- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن عليّ5: العلامة أبو علي ابن الشَّيْخ أَبِي جعفر الطُّوسيّ رأس الرّافضة. وُلِد ببغداد.

_ 1 قده: قطعه. 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 المنتظم "9/ 110". 4 لم نقف عليه. 5 من رؤوس الشيعة.

وسمع من: أَبِي مُحَمَّد الخلّال، وأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ. وأمَّ بالمشهد بالكوفة. روى عَنْهُ: عُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ، وهبة اللَّه بْن السَّقَطيّ، وجماعة. بَقِيّ إلى هذه السّنة، وكان متديّنًا قاعر النَّسَب. 66- الحُسين بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن أيّوب1: أبو عَبْد اللَّه العُكْبَريّ أحد الأذكياء النُّدمَاء. وُلِد سنة ثلاثٍ وأربعمائة. وسمع أحمد بْن عليّ بْن أيّوب العُكْبَريّ، وأبا الحُسين بْن بِشْران. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر بْن ظفر، ومُحَمَّد بْن علي بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السلام، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عطاف. ومات في رمضان. وقد أجاز للسِّلَفيّ، وذكره ولم يترجمْه ولا عَرَفَه. 67- الحُسين بْن عَبْدُوس بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْدُوس2. أبو عَبْد اللَّه الهَمَذانيّ التّانيّ. روى عَنْ: أَبِي نَصْر الكسّار، ومُحَمَّد بْن عيسى، وحمد بْن سهل، ومنصور بْن ربيعة، وجماعة. قَالَ الحافظ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه: وكان صدوقًا. تُوُفّي في المحرَّم، ودفن بجنب والده. "حرف الزاء": 68- زيد بْن الْحَسَن بْن زَيْدُ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد3: أبو مُحَمَّد بْن أميرك الحُسَينيّ الهَرَوِيّ الوضّاع الدّجّال. قَالَ السّمعانيّ: سافر إلى الشام، ومصر، والعراق، وفرّق حيَّاته وعقاربه بها، واختلق أربعين حديثًا تقشعرّ منها الْجُلُود. وكان يترك الجمعة فيما قِيلَ. وأكثر شيوخه مجاهيل. مات في ذي القعدة بنَيْسابور. "حرف السين": 69- سعْد بْن أحمد بْن مُحَمَّد. القاضي أبو القاسم النسوي4.

_ 1 لم نقف عليه. 2 انظر السابق. 3 الميزان "2/ 17". 4 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 82".

سكن دمشق. حدَّثَ عَنْ: أَبِي الحَسَن بْن ضمر، وعبد الواحد بْن يوسف. وعنه: نَصْر اللَّه المصِّيصيّ، والخضر بْن عَبْدان، وأبو العشائر مُحَمَّد بن خليل الكردي. ولد سنة عشرين وأربعمائة. وقُتِل إلى رحمة اللَّه فيما قِيلَ يوم أخذت الفرنج البيت المقدس. 70- سعْد بْن زيد بْن أَبِي نَصْر الهَرَوِيّ: عاش إلى هذه الحدود. وحدث عَنْ: عليّ بْن أَبِي طَالِب الخوارزمي. "حرف الصاد": 71- صاعد بْن سهل بْن بِشْر: أبو رَوْح الإسْفَرائينيّ1، ثمّ الدّمشقيّ. سمع: أبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب، وغيرهما. وحدَّثَ. سمع منه: أبو مُحَمَّد، وأبو القاسم ابنا صابر. وتُوُفّي في الكهولة فِي رَمَضَان. "حرف العين": 72- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن. أبو مُحَمَّد الكَلاعيّ الدّمشقيّ2. سمع: مُحَمَّد بْن عَوْف، ورشأ بْن نظيف، والعَتِيقيّ، وطبقتهم. قَالَ ابن عساكر: سمع منه خالي، وكان يكثر الرواية عَنْهُ لأجل خدمته بعض الْجُنْد. وثنا عَنْهُ أبو مُحَمَّد بْن صابر ووثَّقهُ. 73- عَبْد الأعلى بْن عَبْد الواحد3: أبو عطاء بْن أَبِي عُمَر المَلِيحيّ الهَرَوِيّ. تُوُفّي في هذه السنة في رمضانها. روى عن: القاضي أبي عمر محمد بْن الحُسين البسْطاميّ، وإسماعيل بْن إِبْرَاهِيم المقرئ السَّرْخَسيّ، مصنف كتاب درجات التّائبين، والقاضي أَبِي منصور مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ. وعنه: عليّ بْن حمزة المُوسَويّ، وأبو النَّضْر عَبْد الرَّحْمَن الفامي، وأبو صالح

_ 1 السابق "6/ 262". 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 الأنساب "11/ 476".

ذَكْوان بْن سيّار، وابن أخته مُحَمَّد بْن المفضل بْن سيّار، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرحيم الدّارميّ، وعبد السّلام بْن مُحَمَّد المؤدّب، وأهل هَرَاة. وعاش نحوًا من تسعين سنة، فإن مولده في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة. 74- عَبْد الباقي بْن يوسف بْن عليّ بْن صالح بْن عَبْد المُلْك بْن هارون1. أبو تراب المراغي التَّبْرِيزيّ. نزيل نَيْسابور. ذكره السّمعانيّ فقال: الْإِمَام، عديم النظير في فنّه، بهيّ المنظر، سُلَيْم النّفس، عاملٌ بعِلْمه، حَسَن الخُلُق، نفّاع للخَلق، فقيه النّفس، قويّ الحِفْظ. تفقّه ببغداد عَلَى القاضي أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ. وسمع أبا القاسم بْن بِشْران، وأبا عليّ بْن شاذان، وجماعة. وبأصبهان: أبا طاهر بْن عَبْد الرحيّم؛ وبالرَّيّ ونيسابور. روى عَنْهُ: عُمَر بْن سهل الدّامغانيّ، وأبو عثمان العصائديّ، وزاهر الشّحّاميّ، وابنه عَبْد الخالق بْن زاهر، وآخرون. وقرأت بخط أبي جعفر محمد بن أبي علي بهمذان قَالَ: سَمِعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد البسطامي غيره يَقُولُ: كنّا عند الْإِمَام أَبِي تراب المراغيّ حين دخل عَلَيْهِ عَبْد الصَّمد، ومعه المنشور بقضاء همذان، فقال أبو تراب، وصلّى ركعتين، وأقبل علينا وقال: أَنَا بانتظار المنشور من اللَّه تعالى عَلَى يد عبده مَلَك الموت، وقدومي عَلَى الآخرة، أَنَا بهذا المنشور أَلْيَق من منشور القضاء. ثمّ قال: قعودي في هذا المسجد ساعة على القلب، أحب إليَّ من أنّ أكون ملك العراقين. ومسألة في الفقه يستفيدها منّي طالبٌ عالِم أحب إليَّ من عمل الثَّقَلْين2. سألت إسماعيل الحافظ عَنْ أَبِي تراب المراغي فقال: كَانَ مفتي نَيْسابور. أفتى سنين عَلَى مذهب الشّافعيّ، وكان حَسَن الهيئة، بهيًّا، عالمًا. وقيل: ولد سنة إحدى وأربعمائة، وتوفي في رابع ذي القعدة. وقيل: عاش ثلاثًا وتسعين سنة. 75- عَبْد الجليل الرّازيّ3: الزّاهد القدوة. ممّن قتل بالقدس يوم أخذها. 76- عَبْد العزيز: أخو أَبِي نَصْر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عليّ الزَّيْنَبيّ4.

_ 1 السير "19/ 170، 171". 2 المنتظم "9/ 110، 111". 3، 4 لم نقف عليه.

حدث عن: أبي الحسن بْن أحمد الحمّاميّ بشيء يسير. ويُعرف بالشريف أَبِي الهيجاء. مات في المحرَّم. روى عَنْهُ: ابن المظفر الغادنيّ. 77- عَبْد الكريم بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن خُشْنَام: أبو نَصْر الخُشْناميّ1 تُوُفّي في ذي القعدة بنَيْسابور. سمع أبا بَكْر الحِيّريّ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن أَحْمَد الصّفّار، وعبد الخالق بْن زاهر. 78- عليّ بْن الحَسَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد2: القاضي أبو الحُسين المَوْصِليّ الأصل، الْمَصْرِيّ، الفقيه الشّافعيّ المعروف بالخِلْعيّ. وُلِد بمصر في أول سنة خمسٍ وأربعمائة. وسمع: أبا مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّحّاس، وأبا الحَسَن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحاجّ الإشبيليّ، وأبا الحَسَن الخصيب بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد القاضي، وأبا سعْد أحمد بْن مُحَمَّد المالينيّ، وأبا العبّاس بْن منير بْن أحمد بْن الخشّاب، وأبا مُحَمَّد إسماعيل بْن رجاء الأديب، والحَسَن بْن جعفر الكِلَليّ، وأبا عَبْد اللَّه بْن نظيف الفرّاء، وجماعة. وكان مُسْنِد ديار مصر. رَوَى عَنْهُ: الحَمِيدِيُّ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بِمُدَّةٍ، فَقَالَ فِي تَارِيخِهِ: أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، أَنَا ابْنُ الْحَاجِّ، أَنَا غُنْدَرٌ: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو نُوَاسٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، مرفوعًا: "لا يموتن أحدكن حتى يحسن الله". الْحَدِيثَ. روى عَنْهُ: أبو عليّ بْن سكرة، وأبو الفضل بْن طاهر المَقْدِسيّ، وأبو الفتح سلطان بْن إِبْرَاهِيم الفقيه، وسليمان بْن مُحَمَّد بن أبي دَاوُد الفارسيّ، وعليّ بْن مُحَمَّد بْن سلامة الرَّوِحاني، وعبد الكريم بْن سَوَّار التِّكَكيّ، وعبد الحقّ بْن أحمد البايناسيّ الكاتب، ومُحَمَّد بْن حمزة العِرْقيّ اللُّغَويّ. وبقي إلى سنة {....} 3 وخمسين، وطائفة سواهم. وآخر من حدَّثَ عَنْهُ عَبْد اللَّه بْن رفاعة السَّعْديّ خادمه. وقال فيه ابن سكرة: ففيه لَهُ تصانيف، ولي القضاء وحكم يومًا واحدًا واستعفى وانزوى بالقرافة. وكان مُسْنِد مصر بعد الحبّال. وقال الفقيه أبو بَكْر بْن العربيّ: شيخ معتزل في القرافة، لَهُ عُلُوٌّ في الرّواية، وعنده فوائد. وقد حدَّثَ عَنْهُ: أبو عبد الله الحميدي، وكنى عنه

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "19، 74، 75". 3 بياض في الأصل.

بالقرافيّ. وقال غيره: كَانَ يبيع الخِلَع لملوك مصر. قَالَ ابن الأَنْماطيّ: سَمِعْتُ أبا صادق عَبْد الحقّ بْن هبة اللَّه القضاعيّ المحدث بمصر: سَمِعْتُ العالم الزّاهد أبا الحَسَن عليّ بْن إبراهيم ابن بِنْت أَبِي سعْد يَقُولُ: كَانَ القاضي أبو الحسن الخلعي يحكم بين الجن، وأنهم أبطأوا عَلَيْهِ قدر جُمعة، ثمّ أتوه وقالوا: كَانَ في بيتك شيء من هذا الأُتْرُجّ، ونحن لا ندخل مكانًا يكون فيه. قَالَ المحدث أبو الميمون عَبْد الوهّاب بْن وردان، فيما حكى عَنْ والده أَبِي الفضل، قَالَ: حدَّثني بعض المشايخ، عن أبي الفضل الجوهري ابن الواعظ قَالَ: كنت أتردّد إلى الخِلَعيّ، فقمت في ليلة مُقْمرة ظننت أنّ الفجر قد طلع، فلما جئت بباب مسجده وجدت فَرَسًا حَسَنَة عَلَى بابه، فصعدت، فوجدت بين يديه شابًا لم أر أحسن منه، يقرأ القرآن، فجلست أسمع، إلى أن قرأ جزءًا، ثم قان للشيخ: آجرك اللَّه. فقال لَهُ: نفعك اللَّه. ثمّ نزل، فنزلت خلفه من علو المسجد، فلمّا استوى عَلَى الفرس طارت بِهِ، فغشي عليَّ من الرُّعْب، والقاضي يصيح بي: اصْعَدْ يا أبا الفضل. فصعدت، فقال: هذا من مؤمني الجنّ الذين آمنوا بنصيبين، وإنّه يأتي في الأسبوع مرةً يقرأ جزءًا ويمضي1. قَالَ ابن الأَنْماطيّ: قبر الخِلَعيّ بالقرافة، يُعرف بقبر قاضي الجن والإنس، ويُعرف بإجابة الدّعاء عنده2. وسألت شجاعًا المُدْلجيّ وغيره من شيوخنا عَن الخِلَعيّ، نسبة إلى أيّ شيء؟ فما أخبرني أحدٌ شيء. وسألت السديد الرَّبَعِيّ، وكان عارفًا بأخبار المصريين وكان معدّلًا، فقال: كَانَ أَبُوهُ يُزار، وكانت أمراء المصريّين وأهل القصر يشترون الخِلَع من عنده. وكان يتصدق بثُلُث مَكْسَبه. وذكر ابن رفاعة أَنَّهُ سمع من الحبّال، وأنّه أتى إلى الخِلَعيّ، فطرده مدّة. وكان بينهما شيء أظن من جهة الاعتقاد. وكان أبو الحَسَن عليّ بْن أحمد العابد: سَمِعْتُ الشَّيْخ ابن بَخِيسَاه قَالَ: ندخل عَلَى القاضي أَبِي الحَسَن الخِلَعيّ في مجلسه، فنجده في الشتاء والصَّيف وعليه قميص واحد، فسألته عَنْ ذَلِكَ، وقلت: يا سيدنا، إنّا لنُكْثِر من الثّياب في هذه الأيّام، وما يُغْني ذَلِكَ عنّا من شدّة البرد، ونراك عَلَى حالةٍ واحدة في الشّتاء والصيف لا يرتدّ عَلَى قميص واحد، فبالله يا سيدي أخبرني.

_ 1 "خبر ضعيف": السير "19/ 76" فيه جهالة أحد الرواة. 2 هذا مما لا أساس له من الصحة.

فتغيرّ وجهه ودَمَعَتْ عيناه، ثمّ قَالَ: أتكتم عليَّ ما أقول؟ قلت: نعم. فقال: غشِيَتْني حُمّاه يومًا، فنمت في تِلْكَ الليلة، فهتف بي هاتف، فناداني باسمي، فقلت: لبيك داعيَ اللَّه. فقال: لا. قل: لَبَّيْك رَبّيَ اللَّه. مَا تجد من الألم؟ فقلت: إلهي وسيّدي، قد أَخَذَتْ منّي الحُمّى ما قد علمت. فقال: قد أمرتها أنّ تُقْلِع عنك. فقلت: إلهي والبرد أيضًا. فقال: قد أمرت البرد أيضًا أنّ يُقْلع عنك، فلا تجد ألم البرد ولا الحَرّ. قَالَ: فوالله ما أحسّ ما أنتم منه من الحر ولا من البرد. قَالَ ابن الأكفانيّ: تُوُفّي بمصر في السادس والعشرين من ذي الحجة. 79- علي بن الحسين بن علي بْن أيّوب: البغداديّ البزّاز1. كَانَ يسكن باب المراتب. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ من خيار البغداديّين ومميَّزيهم، ومن بيت الصَّوْن، والعفاف، والنزاهة، والثّقة، والدّيانة. سمع أبا عليّ بْن شاذان، وأبا القاسم الحرفي، وعبد الغفار بْن مُحَمَّد المؤدِّب، وغيرهم. سأله أبو محمد السَّمَرْقَنْديّ عن مولده فقال: سنة عشر وأربعمائة. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والفضل بْن ناصر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو الفتح بْن البطّيّ، وشُهْدَة. وآخر من حدث عَنْهُ أبو الفضل خطيب المَوْصِل. تُوُفّي يوم عَرَفَة يوم الخميس، ودُفن ليومه. ومولده سنة 411. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: صحيح السَّماع، ثقة. وقال ابن العربيّ: ثقة عدْل. 80- عليّ بْن الفضيل بْن عَبْد الرّزّاق: القاضي أبو طاهر اليَزْديّ الأصبهاني2. روى عن: أبي بكر بن أبي علي الذكواني، والجمال، وأبي حفص الزعفراني. روى عنه: السلفي، وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وسمعته يَقُولُ: ولدت سنة سبعٍ وأربعمائة. 81- عليّ بْن مُحَمَّد: أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ3 المطرز، الزّاهد، العابد، الفقيه، ذكره عَبْد الغافر فقال: عديم النظير في زهده، وتُوُفّي في عاشر صفر وولد سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة. ولم يذكر له رواية.

_ 1 السير "19/ 145، 146". 2 لم نقف عليه. 3 انظر السابق.

"حرف الغين": 82- الغضنفر بْن فارس بْن حَسَن: أبو الوحش البلخي1، ثم الدمشقي البتلهي. سمع: ابن سلوان، وأبا القاسم السُّمَيْساطيّ. وعنه: أبو مُحَمَّد بْن صابر. "حرف الفاء": 83- فضلان بْن عثمان بْن مُحَمَّد بْن هُدْبَة بْن خَالِد بْن قيس بْن ثوبان2، وليس هُدْبَة بهدبة بْن خَالِد بْن الأسود صاحب حمّاد بْن سَلَمَة. أبو أحمد القَيْسيّ الأصبهاني. روى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن أَبِي بَكْر بن أبي علي، وعلي بن عبد كويه، وعبد الواحد الباطرقاني. وعنه السلفي، وقال: مات في ربيع الأوَّل. وكان أَبُوهُ عثمان من طلبة الحديث. "حرف الكاف": 84- كامل بْن ديسم بْن مجاهد: أبو الحَسَن العسقلاني3، الفقيه المعروف بالمقدسيّ. سمع: مُحَمَّد بْن الحُسين بْن التّرجُمان، وأبا نَصْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الهارونيّ، وعليّ بْن صالح العسقلانيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: ابنه أبو الحُسين، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وغيرهما. قتلته الفرنج يوم دخولهم القدس وهو يصلّي، رحمه اللَّه. "حرف الميم": 85- المبارك عليّ بْن الحَسَن: أبو سعْد الْبَصْرِيّ البزّاز4، ويسمّى أيضًا: عليًّا. سمع: عَبْد المُلْك بْن بِشْران. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وغيره. 86- المبارك بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه: أبو الحُسين بن السوادي الواسطي الفقيه5. نزيل نيسابور.

_ 1 لم نقف عليه. 2 لا بأس به. 3 انظر السابق. 4 لم نقف عليه. 5 السير "19/ 212، 213".

قَالَ السّمعانيّ: شيخ كبير فاضل، من أركان الفُقَهاء المكثِرين، الحافظين للمذهب والخلاف. تفقَّه بواسط، وقدم بغداد، فتفقَّه عَلَى القاضي أَبِي الطَّيِّب. وكان قويّ المناظرة، ينقل طريقة العراقيّين. درّس بالمدرسة الشّطبيّة بنَيْسابور، وكان متجملًّا قانعًا. وقد سمع الحديث بواسط، والبصرة، وبغداد، ومصر. وأضرّ في آخر عمره، وسُرِقت أصوله. سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وأبا عَبْد اللَّه بْن نظيف. روى عَنْهُ: طاهر بْن مَهْديّ الطَّبَريّ بمرو، إسماعيل الحافظ بأصبهان وشافع بْن عليّ بنَيْسابور. وكان يُلْقي الدّرس فتُوُفّي فجأةً فِي ربيع الآخر، وله سبْعٌ وثمانون سنة. وقال السّمعانيّ فيما انتخب لولده: إمامٌ فاضل، ومُفت مُصلب، عديم النظير، وورِع، حَسَن السّيرة، متجمّل، قانع بقليل من التّجارة. ثنا عنه عبد الخالق بن زاهر، وعمران الصّفّار، وجماعة. 87- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ1: أَبُو بَكْر الطُّوسيّ، الصُّوفيّ المقرئ، إمام صخرة بيت المقدس. روى عن عمر أحمد الواسطي. وعنه: أبو القاسم محمد بْن السَّمَرْقَنْديّ. قتلته الفرنج في شَعْبان فيمن قتلوا. 88- مُحَمَّد بْن سليمان بْن لوبا: البغداديّ2. سمع: عَبْد المُلْك بْن بِشْران. 89- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عُبَيْد اللَّه بْن بُرْدَة3: القاضي أبو طاهر الفَزَاريّ، قاضي شيراز. حدَّثَ بأصبهان عَنْ: أَبِي بكر مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن اللَّيْث الصفار، وجماعة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ وقال: تُوُفّي في صَفَر بشيراز. 90- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حسين أبو سعْد ابن المؤذِّن الشِّيرازيّ ثمّ البغداديّ روى عَنْ أَبِي عليّ بْن دوما، وبِشْر بْن الفاتنيّ روى عَنْهُ: المبارك بْن المبارك بن السراج. 91- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الواحد بْن جعفر4. أبو غالب بن الصباغ

_ 1 لم نقف عليه. 2 انظر السابق. 3 لم نقف عليه. 4 لا بأس به.

البغداديّ. سمع من: أَبِي الحَسَن أَحْمَد بْن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد بن قفرجل، وأبي إِسْحَاق البَرْمكيّ. وتفقّه عَلَى ابن عمه القاضي أبي النصر بْن الصّبّاغ. روى عَنْهُ: ابنه أبو المظفّر عَبْد الواحد، وهزارست الهَرَوِيّ. ومات في شَعْبان، وقد شهد عنه قاضي القضاة أَبِي عَبْد اللَّه الدّامغانيّ وقبله. 92- مجد المُلْك1: أبو الفضل البلاشانيّ الوزير، واسمه أسعد بْن موسى. وَزَرَ للسلطان بَركيَارُوق. من أولاد الكُتّاب، فيه دين خير وقلّة ظُلْم وعدم سفْكٍ للدّماء. عاش إحدى وخمسين سنة. تقدّم في الدّولة الملكشاهيّة، وعظُم محلُّه، وصار يعتضد بالباطنية في مقاصده، فقيل: إنّه وضع باطنيا عَلَى قتل الأمير بُرسْقُ سنة تسعين، واتهمه أولاده بذلك، ونفرت الأُمراء منه، واختلفوا عَلَى بَركيَارُوق، وصعدوا فوق تلٍّ، وهم طُغْرُلْ، وأمير آخر، وبنو بُرْسُق، وراسلوا السلطان في أن يسلّمه إليهم فمنعهم سنةً ثمّ اضطرّ إلى أن يسلّمه إليهم واستوثق منهم بالأَيْمان، عَلَى أن يحبسوه؛ لأنّه كَانَ عزيزًا عَلَيْهِ، فلمّا توثّق منهم وبعثه إليهم لم يدعه غلمانهم أن يصل إليهم حتّى قتلوه، سامحه اللَّه. وكان شيعيًّا قد أعدّ كَفَنَه فيه تربة وسعْفَة، فلمّا أُحضر بين يديه تفكّر وقال: ما أصنع بهذا؟ ومن يحفظه، واللَّه ما أبقى إلّا لقًا وطريحًا. فأنطقه اللَّه. بما يصير وأحس قلبه. وكان لَهُ وردٌ باللّيل يقومه، ولا يتعاطى مُسْكِرًا، ومولاته دارّة عَلَى العلويّين. قتلوه في ثاني عشر رمضان بطَرَف خُراسان. 93- مُحَمَّد بْن الفَرَج بْن منصور بْن إِبْرَاهِيم2: أبو الغنائم الفارقيّ الفقيه. قدِم بغداد مَعَ أَبِيهِ سنة نيفٍ وأربعين. فسمع من: عَبْد العزيز الأَزَجيّ، وأبي إِسْحَاق البَرْمكيّ؛ وتفقّه عَلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق، وبرع في المذهب، وعاد إلى ديار بَكْر، ثمّ قدِم بعد حين، وحدَّثَ ودرس. ثمّ عاد فسكن جزيرة ابن عُمَر. روى عَنْهُ: أبو الفتح بْن البطي. توفي في مستهل شَعْبان سنة اثنتين وتسعين. وكان موصوفًا بالزهد والورع. 94- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عليّ: أبو بَكْر الشِّبْليّ3 القصّار المدبر. شيخ مسند من أهل البصرة. وسمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأبا

_ 1 انظر السابق. 2 السير "19/ 180". 3 الأنساب "7/ 281".

بَكْر البَرْقانيّ. وعنه: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، والمبارك بْن أحمد الكِنْديّ. تُوُفّي في ثامن عشر صَفَر. قَالَ الأَنْماطيّ: كَانَ رجلًا ثقة، خيّرًا. 95- مقرّن بْن عليّ بْن مقرّن: العلّامة أبو القاسم الأصبهاني الحنفيّ1. من أعيان المناظرين. روى عَنْ: ابن رندة، وغيره. حدَّثَ عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في صَفَر سنة اثنتين. 96- مكّيّ بْن عَبْد السّلام بْن الحسين بْن القاسم: أبو القاسم بن الرُّمَيْليّ2، المقدسيّ الحافظ. قَالَ السّمعانيّ: أحد الجوّالين في الآفاق. وكان كثير النَّصَب والسَّهَر، والتِّعَب تغرّب، وطلب، وجمع، وكان ثقة، متحرِّيا، ورِعًا، ضابطًا. شرع في "تاريخ بيت المقدس وفضائله" جمع فيه شيئًا وحدَّث باليسير؛ لأنّه قُتِل قبل الشيخوخة. سمع بالقدس: مُحَمَّد بْن يحيى بْن سلْوان المازنيّ، وأبا عثمان بْن ورقاء، وعبد العزيز بْن أحمد النَّصِيبيّ. وبمصر: عَبْد الباقي بْن فارس، وعبد العزيز بْن الحَسَن الضّرّاب. وبدمشق: أبا القاسم إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ، وعليّ بْن الخضر. وبعسقلان: أحمد بْن الحُسين الشّمّاع. وبصور: أبا بَكْر الخطيب، وعبد الرَّحْمَن بْن عليّ الكامليّ. وبأطْرابُلُس: الحُسين بْن أحمد. وببغداد: أبا جعفر بن المسلمة، وعبد الصَّمد بْن المأمون، وطبقتهما. وسمع بالبصرة، والكوفة، وواسط، وتكريت، والموصل، وآمِد، وميّافارِقين. سمع منه: هبة اللَّه الشِّيرازيّ، وعُمَر الرُّؤاسيّ. وروى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد المهرجانيّ، بمَرْو، وأبو سعْد عمّار بْن طاهر التّاجر بهمذان، وإسماعيل بن السمرقندي بمدينة السلام، وجمال الإسلام، والسُّلَميّ، وحمزة بْن كَرَوَّس، وغالب بْن أحمد بدمشق. وُلِد يوم عاشوراء سنة اثنتين وثلاثين.

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "19/ 178، 179".

قال السمعاني: أَنَا عمّار بهمذان: ثنا مكّيّ الرُّمَيْليّ ببيت المقدس، ثنا موسى بْن الحُسين: حدَّثني رَجُل كَانَ يؤذّن في مسجد الخليل -عَلَيْهِ السّلام- قَالَ: كنت أُؤَذّن الأَذَان الصّحيح، حتّى جاء أمير من المصريين، فألزمني بأنْ أؤذّن الأذان الفاسد، فأذّنت كما أمرني، ونمت تِلْكَ الليلة، فرأيت كأنّي أذَّنت كما أمرني الأمير، فرأيت عَلَى باب القبة الّتي فيها قبر الخليل عليه السلام رجلًا شيخًا قائمًا، وهو يستمع أذاني. فلمّا قلت: مُحَمَّد وعليّ خير البشر، قَالَ لي: كذبت، لعنك اللَّه. فجئت إلى رَجُل آخر غريب صالح فقلت: ما تحتشم من اللَّه تلعن رجلًا مسلمًا. فقال لي: واللَّه ما أَنَا لعنتك إِبْرَاهِيم الخليل لعنك1. قَالَ ابن النجار: مكي بن عَبْد السّلام الْأَنْصَارِيّ المقدسيّ من الحفاظ، رحل وحصّل، وكان مفتيا عَلَى مذهب الشّافعيّ. سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان. قَالَ المؤتمن: السّاجيّ: كانت الفتاوى تجيئه من مصر، والسّاحل، ودمشق. وقال أبو البركات السَّقَطيّ: جمعت بيني وبينه رحلةُ البصرة، وواسط. وقد عرّض نفسه ليخرج "تاريخ بيت المقدس"، ولما أخذ الفرنجي القدس، وقبض عليه أسيرًا، ونودي عَلَيْهِ في البلاد ليُفْتَدَى بألف مثقال، لمّا علموا أَنَّهُ من علماء المسلمين، فلم يَفْتَدِه أحدٌ، فقُتِل بظاهر باب أنطاكية، رحمه اللَّه. وكان صدوقًا، متحريًّا، ثبتًا، كاد أنّ يكون حافظًا. وقال مكّيّ: ولدت يوم عاشوراء سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة وقال غَيْث الأرمنازيّ: حدَّثني مُحَمَّد بْن خَلَف الرَّمْليّ قَالَ: قُتِل مكّيّ بْن عَبْد السّلام، قَتَلَتْه الإفرنج بالحجارة في ثاني عشر سنة اثنتين وتسعين عند النزول، وكنت معهم إذا ذاك مأسورًا. 97- مقرّن بن عليّ بْن مقرّن بْن عَبْد العزيز: أبو القاسم الحنفيّ الفقيه2. أحد أعيان فقهاء إصبهان. روى عَنْ: ابن رندة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في صفر.

_ 1 "خبر ضعيف": فيه جهالة أحد الرواة. 2 سبقت الترجمة له.

"حرف النون": 98- نجاح بْن عليّ بْن زقاقيم: أبو القاسم البغداديّ الطّحّان1. سمع: أبا عليّ بْن شاذان. وعنه: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ. تُوُفّي في ربيع الآخر. 99- نَصْر بْن أحمد بْن الفتح: أبو القاسم الهَمَذانيّ المؤدِّب2. قدِم دمشق وسمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان، ورشأ بْن نظيف، وجماعة. قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ محفوظ بْن الحَسَن بْن صَصَرَى، وأبو القاسم بْن عَبْدان، وعبد الرَّحْمَن الدّارانيّ. "حرف الهاء": 100- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد السّميع3. أبو تمام الهاشْميّ. أحد الأشراف ببغداد. سمع: أبا الحَسَن بْن مَخْلَد. والبزّار. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وأبو بَكْر بْن الزّاغُونيّ. "حرف الياء": 101- يوسف بْن إِبْرَاهِيم: أبو الفتح الزّنْجانيّ الصُّوفيّ. ممّن قُتِل بالقدس. 102- يوسف بْن عليّ: أبو الحَجّاج بن الملجوم الْأَزْدِيّ الفاسيّ أحد الأعلام. تفقّه بأبيه، وولي قضاء الجماعة لابن تاشَفين وغزا معه مرّات. وكان رأسًا في الفقه والحديث والآداب. روى عَنْهُ: ابنه أبو موسى تُوُفّي في ذي الحجة. وفيات سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة: "حرف الألف": 103- أحمد بن الحسن بن الحسين بْن كيلان: أبو بَكْر البغداديّ المقرئ الخبّاز4. سمع: أبا القاسم الحرفي. روى عنه.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لا بأس به. 3 انظر السابق. 4 لم نقف عليه.

104- أَحْمَد بْن عَبْد الوهّاب: أبو مَنْصُور الشِّيرازيّ الواعظ1 الشّافعيّ الفقيه المغسّل، نزيل بغداد. تفقّه عَلَى: أَبِي إِسْحَاق. وسمع من: أحمد بْن مُحَمَّد الزَّعْفرانيّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ. سمع منه: ابن طاهر، وعبد اللَّه بْن أحمد بْن السَّمَرْقَنْديّ. ذكره ابن الصّلاح في "طبقات الشّافعيّة". 105- أحمد بْن سليمان بْن خَلَف بْن سعْد بْن أيّوب بْن أيّوب2: الأستاذ أبو القاسم بن القاضي أَبِي الوليد الباجيّ. سكن سَرَقُسْطَة وغيرها. وروى عَنْ أَبِيهِ مُعْظَم عِلْمُه، وخلفه في حلقته بعد وفاته. وأخذ عَنْ: حاتم بن محمد، وابن جيان، ومحمد بن عتاب ومعاوية بن محمد العقيلي، ويوسف بن الفرج. وغلب عليه علم الأصول والنظر. وله تصانيف تدل على حذقه وتوسعه في المعارف. وله كتاب "العقيدة في المذاهب السديدة"، ورسالة "الاستعداد للخلاص من المعاد". وكان غاية في الورع، معدودا في الأذكياء. توفي بجدة بعد منصرفه. ودخل بغداد ولم يقم بها. وتحول منها إلى البحرين، وإلى اليمن، وأجاز للقاضي عياض. وقال ابن بشكوال: أَخْبَرَنَا عَنْهُ غير وأحد من شيوخنا، ووصفوه بالنّباهة والجلالة. وكان من كبار المالكيّة. وقال القاضي عِيَاض: خَلَف أَبَاهُ في الحلقة، وكان حافظًا للخلاف والمناظرة، أديبًا، ناظمًا، ورعًا، تخلى عَنْ تَرِكَة أَبِيهِ لقبوله جوائز السّلطان، وكانت وافرة. وخرج عَنْ جميعها، حتّى احتاج بعد ذَلِكَ رحمه اللَّه. 106- أَحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن محمود بْن علّكان: الفقيه أبو بَكْر الهَمَذانيّ الشروطيّ3 البيّع. ويُعرف بابن المحتسب. روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن عبدان، وأبي عبد الله التوثي، وأبي سعد بن زيرك، وحمد بن المأمون، وبندار بن الحسين الزاهد، وأبي عبد الله بن خرجة النهاوندي، وغيرهم. قال شيرويه: إنه سمع منه، وإنّه كَانَ صدوقًا صالحًا، مثابرًا للمتعلّمين. تُوُفّي في رمضان. قلت: روى عَنْهُ شهردار بْن شِيرُوَيْه كتاب "الألقاب" لأبي بَكْر الشيرازي، وقد وقع لنا.

_ 1 لا بأس به، في عداد المستورين. 2 الصلة "1/ 71". 3 لَا بأس به.

107- أحمد بْن مُحَمَّد بْن سميكة. البغداديّ1: أحد وكلاء الخليفة. روى عن: أبي علي بن شاذان. روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وغيره. مات فِي شوّال. 108- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بن يوسف بن دينار: أبو طالب الكندلاني2. وكندلان من قرى إصبهان. روى عَنْ: أبي بكر بن أبي علي المعدل، وغلام محسن، والجمال. روى عنه: السلفي، وغيره. وقيل: إنه سمّع لنفسه في شيء. قَالَ السِّلَفيّ: سَمِعْتُهُ يقول: ولدت سنة اثنتين وأربعمائة. ونا عَن النّقّاش. قَالَ السّمعانيّ: نا عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد المَغَازليّ. 109- أحمد بْن محمد: أبوالقاسم الأصبهاني الباغبان3. والد أَبِي الخير. وأبي بَكْر. حدَّثَ عَنْ: أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ. ومات كهْلًا. 110- إِبْرَاهِيم بْن يحيى: أبو إسحاق التجيبي الطليطلي4، النقاش. المعروف بابن الزرقالة. كان واحد عصره في علم العدد والرصد، وعلل الأزياج. لم تخرج الأندلس أحدًا مثله، مع ثقوب الذهن والبراعة في عمل الآلات النجومية. وله رصد بقرطبة. وتوفى في ذي الحجّة. 111- إسماعيل بْن إِبْرَاهِيم بْن عُبَيْد اللَّه: أبو الفَرَج البَردِيّ5. سمع: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسْنَوَيْه. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: مات في شَعْبان سنة 493. 112- أحمد بْن عَبْد الرحيم بْن القاضي: أبو نَصْر الْبُخَارِيّ الحمّال الواعظ6. سمع: أَبَاهُ، وأحمد بْن القاسم، وطاهر بْن حسين المطَّوِّعيّ. وأملى مدّة. وُلِد سنة أربع عشر.

_ 1 لم نقف عليه. 2 الأنساب "10/ 485". 3 المنتظم "9/ 114". 4، 5 لم نقف عليه. 6 تأتي ترجمته.

حدَّثَ عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أَبِي بَكْر الصّابونيّ، وأبو رجاء مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْبُخَارِيّ. "حرف الباء": 113- بُرَيْدَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُرَيْدَةَ: أبو سهل الأسْلَميّ المَرْوَزِيّ1. سمع: إسماعيل بْن يَنال المحبوبيّ صاحب مُحَمَّد بْن أحمد بْن محبوب ومولاه، وأبا بَكْر مُحَمَّد الحَسَن بْن عبوَيْه. قَالَ ابن السّمعانيّ: هُوَ الشَّيْخ الصّالح بُرَيْدَةُ بْن مُحَمَّد بْن بُرَيْدَةَ بْن مُحَمَّد بْن بُرَيْدَةَ بْن أحمد بْن عَبَّاس بْن خَلَف بْن بُرْد بْن سرجس بْن عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ بْن الخصيب، كَانَ صالحًا جميل الأمر، فقيه أهل بيته. تُوُفّي في ذي الحجة، كان مولده في سنة ثمان وأربعمائة، روى لنا عَنْهُ: مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السِّنْجيّ، وجماعة. "حرف الثاء": 114- ثابت بْن رَوْح بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد: أبو الفتح الرَّارَانّي الأصبهاني2، جدّ خليل بْن أَبِي الرجاء. سمع: أبا بَكْر بْن رنْدة، وأبا طاهر بن عَبْد الرحيم. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن طاهر المَقْدِسيّ، وأبو عامر العبْدريّ، والسِّلَفيّ. صوفي كبير. "حرف الجيم": 115- جعفر بْن مُحَمَّد بْن الفضل: أبو طاهر الْقُرَشِيّ العَبَّادانيّ الْبَصْرِيّ3. حدَّثَ عَنْ أَبِي عُمَر الهاشمي بأجزاء من "مُسْنِد" عليّ بن إبراهيم المادرائي، وشيء من إملاء أَبِي عُمَر الهاشْميّ، وغير ذَلِكَ. روى عَنْهُ: أبو غالب مُحَمَّد بْن أَبِي الحَسَن الماوردي، وعلي بن عبد الله الواعظ، وطلحة بْن عليّ المالكيّ، وعبد اللَّه بن علي الطامذي، ومحمد بن طاهر

_ 1 لا بأس به. 2 الأنساب "6/ 39". 3 السير "19/ 41-43".

المَقْدِسيّ، وعبد اللَّه بْن عُمَر بْن سَلِيخ، وآخرون. وآخر من حدَّثَ عَنْهُ: ابن سَلِيخ. وآخر من حدَّثَ عَنْهُ بالإجازة أبو طاهر السِّلَفيّ. وأمّا قول أَبِي نَصْر اليُونَارتيّ إنّه روى عَنْ أَبِي دَاوُد عَن الهاشْميّ، فقولٌ لا يُتَابَع عَلَيْهِ، فإنّ النّاس ازدحموا عَلَى أَبِي عليّ التُّسْتَريّ، ورحل إِلَيْهِ ابن طاهر، والمؤتَمَن السّاجيّ، وعبد اللَّه بْن السَّمَرْقَنْديّ، ومُحَمَّد بْن مرزوق الزَّعْفرانيّ، وطائفة سواهم. وقد مات من سنة تسع وسبعين، فلو كَانَ العَبَّادانيّ يروي الكتاب إلى عامنا هذا، لرحل النّاس إِلَيْهِ ممّا رُحِل إلى التُّسْتَريّ، وأيضًا، فلا نعلم أحدًا حدَّثَ بالسُّنَن عَن العَبَّادانيّ إلّا ما قاله أبو نَصْر واثبته لأهل إصبهان، ولو كَانَ هذا معروفًا بالعراق لسمعوا "السُّنَن" عَلَى ابن سَلِيخ بالإجازة من العَبَّادانيّ وأسمعه أهل مصر، عَلَى السِّلَفيّ، عَن العَبَّادانيّ، مَعَ أنّ الاحتمال باقٍ. قرأتُ عَلَى عَبْد المؤمن الحافظ: أخبركم ابن روَاج، أَنَا السِّلَفيّ، كُتُب إلينا أبو طاهر جعفر بن مُحَمَّد من البصرة، وحدثني عَنْهُ شجاع الكناني: أنا أبو عمر الهاشمي، ثنا علي بن إسحاق، ثنا علي بن حرب، ثنا عبد الله بن إدريس، عَن الأعمش، عَنْ شقيق قَالَ: كَانَ ابن مسعود يَقُولُ: إنّي لأُخْبَرُ بمكانكم، فما يمنعني أنّ أخرج إليكم إلّا كراهية أنّ أُمِلَّكُم. أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يتخَولُّنا بالموعظة كراهية السّامة علينا1، قَالَ ابن سُكَّرَة: أبو طاهر رَجُل صالح أُمّيّ. قلت: قَالَ السِّلَفيّ في "مُعْجَم إصبهان": سَمِعْتُ يحيى بْن مُحَمَّد البَحْرانيّ يَقُولُ: تُوُفّي العَبَّادانيّ في جُمَادَى الأولى سنة ثلاثٍ. ونودي في البصرة عَلَى ابن العَبَّادانيّ الزّاهد فليحضُرْ، فلعله لم يتخلف من أهل البلدة إلّا القليل2. قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ يروي عَن الهاشْميّ، وأبي الحَسَن النّجّاد. ومن مَرْوِيّاته كتاب السُّنَن لأبي دَاوُد. يرويه عَنْ أَبِي عُمَر الهاشْميّ. كذا قَالَ السِّلَفيّ: "حرف الحاء": 116- الحَسَن بْن تميم: أبو عليّ الْبَصْرِيّ3. سمع كتاب "الشهاب" من

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "68"، ومسلم "2821"، وأحمد "1/ 377، 378، 425، 443، 462"، والترمذي "2855"، وأبو نعيم "1/ 116" في الحلية. 2 السير "14/ 134". 3 لا بأس به.

القُضاعيّ. وسمع ببغداد من ابن النَّقُّور، وبالبصرة من أَبِي عليّ التُّسْتَريّ. روى عَنْهُ: عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد المَدِينيّ في مشيخته. وسمع منه السِّلَفيّ بأصبهان بعض الشّهاب. تُوُفّي في رجب. 117- حمزة بْن مكّيّ: أبو طاهر الخبّاز1. بغداديّ يروي عَنْ: عبد المُلْك بْن بِشْران. وعنه: عُمَر بْن ظَفَر المَغَازليّ. تُوُفّي في رجب. 118- الحُسين بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ2. أبو عَبْد اللَّه النِّعَاليّ. شيخ مَعْمَر من كبار المُسْنَدين ببغداد. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، إلّا أَنَّهُ ما كَانَ يُعرف شيئًا. وكان حمّاميا. قلت: ولهذا يقال لَهُ: الحافظ؛ لأنّه كَانَ قعّادًا لحِفْظ ثياب النّاس في الحمّام. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: صحيح السَّماع، خالٍ من العِلْم والفَهْم. سَمِعْتُ منه. وبخطّ أَبِي عامر العَبْدَريّ قَالَ: الحُسين بن طلحة عامّيّ، أُمّيّ، رافضيّ، لا يحلّ أنّ يُحمل عَنْهُ حرف. وبخطّه أيضًا: كَانَ أُمّيًّا، لا يدري ما يُقرأ عَلَيْهِ. لم يكن أهلًا أنّ يؤُخْذ عَنْهُ. وكذا نعته بعضُ شيوخ السّمعانيّ بعدم الفهم، وقال: لا أروي عَنْهُ. سمعه جَدّه من أَبِي عُمَر بْن مَهْديّ، وأبي سعْد الماليني، وأبي الحسين مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الحِنّائيّ، وأبي سهل العُكْبَريّ، وأبي القاسم بْن المنذر القاضي وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُمْ. قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ جماعة ببلاد. وسألت إسماعيل الحافظ بأصبهان عَنْهُ، فقال: هُوَ من أولاد المحدثين، سمع الكثير. وسألت أبا الفَرَج إِبْرَاهِيم بْن سليمان عَنْهُ، فقال: سَمِعْتُ منه، ولا أدري عَنْهُ. كَانَ لا يُعرف ما يُقرأ عَلَيْهِ. وسمعت عَبْد الوهّاب الأَنْماطي يَقُولُ: دلَّنا عَلَيْهِ أبو الغنائم بْن أَبِي عثمان فمضينا إِلَيْهِ، فقرأت عَلَيْهِ الجزء الّذي فيه اسمه وسألناه: هَلْ عندك من الأُصوُل شيء؟ فقال: كَانَ عندي شدة3 بعتها ابن الطيوري، وما أدري أيش فيها.

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "14/ 168، 169". 3 شدة: أي بعض الأوراق أو الكتب المربوطة بالخيوط.

فمضينا إلى ابن الطُّيُوريّ، فأخرج لنا شدة فيها سماعاته من المالينيّ وغيره، فقرأناها عَلَيْهِ1. قلت: روى عَنْهُ خلق كثير منهم: أبو الفتح بْن البطّيّ، ويحيى بْن ثابت بْن بُنْدار، وهبة اللَّه بْن الحَسَن الدّقّاق، والقاضي أبو المعالي حَسَن بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن جعفر الكَرْخيّ، والقاضي أبو مُحَمَّد عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة الثَّقْفي، وأبو القاسم هبة اللَّه بْن الفضل القطّان، ومسعود بْن عَبْد الواحد بْن الحصين، وأبو البركات سعْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حمدي البزّاز، وأبو الغمْر خُرَيْفَة، والهاطر أو المبارك بْن هبة اللَّه بْن العقاد، وأبو المظفّر مُحَمَّد بْن أحمد بْن مُحَمَّد عَبْد الوهّاب بْن الدّبّاس، والمبارك بْن المبارك السمسار، وعبد الله بن المنصور المَوْصِليّ، ومُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن الصّابئ، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن العلّاف، وصالح بْن الرِّخْلَة، وأبو عليّ أحمد بْن مُحَمَّد الرَّحْبيّ، وتركناز بنت عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الدّامغانيّ، وكمال بنت عَبْد اللَّه بْن السمرقندي، وشهدة الكاتبة، ونفيسة البزازة، وتجني الوهبانية، وأحمد بْن المقرّب2. ومات في صَفَر. "حرف الخاء": 119- خَلَف بْن مُحَمَّد بْن خَلَف. أبو الحزن العَبْدَريّ السَّرَقُسطيّ3. أجاز لَهُ جَدّه أبو الحزْم خَلَف بْن أحمد بْن هاشم قاضي وشقة. وسمع من خاله موسى بْن خَلَف وولي الأحكام. وكان فقيهًا صالحًا. مات في ذي الحجة عَنْ نيف وثمانين سنة. وكانت جنازته مشهودة. توفي جده سنة إحدى وعشرين. "حرف السين": 120- سعْد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك: أبو منصور البغداديّ النَّحْويّ4. سمع الكثير، ونسخ، وحدَّثَ عَنْ: أَبِي طالب بن غيلان، والجوهري.

_ 1، 2 السير "14/ 168، 169". 3 الصلة "1/ 173". 4 لا بأس به.

روى عَنْهُ: هبة اللَّه السَّقَطيّ. ومات في ربيع الأوَّل، وكان صحيح النَّقْل. 121- سلمان بْن أَبِي طَالِب عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الفتى، أبو عَبْد اللَّه النَّهْروانيّ النَّحْويّ1. من كبار أئمّة العربيّة. صنَّف كُتُبًا في اللُّغة من ذَلِكَ كتاب القانون في عشرة أسفار في اللغة، قليل المثل. وصنف كتاب في تفسير القرآن وشرح الإيضاح لأبي عليّ الفارسي. وصنف من عِلَل القراءات ونزل إصبهان، وتخرّج بِهِ أهلها. قرأ الأدب على: أبي الخطاب الجيلي، الثمانيني. وقدم بغداد بعد الثلاثين وأربعمائة. وله شعر جيد. وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا الطَّيِّب الطَّبَريّ. روى عَنْهُ: أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ، وأبو القاسم إسماعيل الطّلْحيّ، وأبوى طاهر السِّلَفيّ. وهو والد مدرّس النّظاميّة أَبِي عليّ الحُسين بْن سلمان. قَالَ السِّلَفيّ: هُوَ إمامٌ في اللُّغة. أخذ عَن ابن برهان، وطائفة. "حرف الصاد": 122- صالح بْن الحافظ أَبِي صالح أحمد بْن عَبْد المُلْك النَّيْسابوريّ2. المؤذِّن أبو الفضل. تُوُفّي في شَعْبان. روى اليسير، ومات في الكُهُولة. "حرف الطاء": 123- طاهر بْن الحُسين بْن عليّ بْن عَبْد المطلب بْن حَمْد. أبو المظفّر النَّسَفيّ3. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ من العلماء الزُّهاد. سمع: الحُسين بْن عَبْد الواحد الشِّيرازيّ الحافظ، وميمون بْن عليّ النَّسَفيّ الأديب. ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، ومات في رابع رمضان عن ثمانين سنة.

_ 1 معجم الأدباء "11/ 234". 2 لم نقف عليه. 3 انظر السابق.

"حرف العين": 124- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي منصور: الحافظ أبو مُحَمَّد الطَّبَسيّ1. يوصف بالفهم والحفظ. سمع: ابن النَّقُّور، وعبد الوهّاب بْن مسور. وكان مشتغلًا بإخراج الصّحيح والموافقات. مات بخُراسان. 125- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن علي بْن صابر بْن عُمَر2: أبو القاسم السُّلَميّ الدمشقي أخو عَبْد الرحمن. ويُعرف بابن سيده. محدِّث مشهور؛ كُتُب الكثير وسمع واستنسخ. وروى عَنْ: الحافظ عَبْد العزيز الكتّانيّ وأبي عَبْد اللَّه بْن أَبِي الحديد، وأبي القاسم بن أبي العلاء. روى عنه: أبو القاسم بْن مقاتل. وعاش إحدى وأربعين سنة. 126- عَبْد اللَّه بْن جَابِر بْن ياسين بْن الحُسين: أبو مُحَمَّد العسْكريّ الحِنّائيّ3، الفقيه الحنبليّ. تفقّه عَلَى: القاضي أَبِي يَعْلَى، وكان خال أولاده. وسمع: أبا علي بن شاذان، وأبا القاسم بن بشران. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وابن أخيه أبو الحُسين بْن أَبِي يَعْلَى، وعُمَر بْن ظفر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صدوقًا. مليح المحاضرة، حسن الحظ، بهيّ المنظر. كَانَ يستملي للقاضي أَبِي يَعْلَى بجامع المنصور. وقال السِّلَفيّ: كَانَ من مشاهير المحدثين وثقاتهم. وقال أبو الحُسين: تُوُفّي خالي في العشرين من شوّال. وكان مولده سنة تسع عشرة. 127- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن العربيّ. أبو مُحَمَّد المعافري الإشبيليّ4. قَالَ ابن بَشْكُوال: هُوَ والد شيخنا القاضي أَبِي بَكْر بْن العربيّ. سمع ببلده من مُحَمَّد بْن أحمد بْن منظور، ومن أَبِي مُحَمَّد بْن خزرج. وبقرطبة من مُحَمَّد بْن عتّاب. وأجاز لَهُ أبو عُمَر بْن عَبْد البر. ورحل مَعَ ابنه سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة، وحج.

_ 1 لا بأس به. 2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 287". 3 طبقات الحنابلة "2/ 252". 4 السير "19/ 30".

وسمعا بالشام والعراق. وكان أبي مُحَمَّد من أهل الآداب الواسعة، واللّغة، والبراعة، والذكاء، والتقدم في معرفة الخبر والشعر والافتتان بالعلوم وجمعها. تُوُفّي بمصر في المحرَّم منصرفًا عَن المشرق. وكان مولده في سنة خمسٍ وثلاثين وأربعمائة. وقال ابن عساكر في ترجمته: أنبأني أبو بَكْر مُحَمَّد بْن طَرْخان قَالَ: قَالَ لي أبو محمد العربيّ: صَحِبْتُ الْإِمَام أبا مُحَمَّد بْن حَزْم سبعَةَ أعوام، وسمعتُ منه جُمَيْع مُصَنَّفاته سوى المجلَّد الأخير من كتاب القصد، وسوى أكثر كتاب الإيصال. قلت: مدح الوزير عميد الدّولة ابن جَهِير بعدّة قصائد. 128- عَبْد الجليل بْن مُحَمَّد بْن الحُسين أبو سعْد السّاوي1 التّاجر. كَانَ يتاجر في مصر والشام، ويسمع ويكتب. وشهد عند قاضي القضاة الدامغاني في سنة خمس وستين وأربعمائة. ثم ارتفع شأنه، ورتب في أعماله جليلة. سمع بمصر: اقاضي أبا عبد الله القضاعي، عبد العزيز بْن الحَسَن الضّرّاب. وبآمِد: أحمد بْن عَبْد الباقي بْن طوق المَوْصِليّ. وبتنيس: رمضان بْن عليّ. وبدمياط: عَبْد اللَّه بْن عَبْد الوهاب: وبدمشق: أبا القاسم الحُسين بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ، وعبد الصَّمد بْن تميم. وبالبصرة أبا عليّ التُّسْتَريّ: وببغداد: أبا الحُسين بْن المهتدي بالله. وخلقًا سواهم. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، ومُحَمَّد بْن البطّيّ، وشُهْدَة، وغيرهم. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: مات في رجب. 129- عَبْد الصَّمد بْن عليّ بْن الحُسين بن البدن: أبو قاسم الصّفّار البغداديّ2، والد الشَّيْخ عَبْد الخالق. سمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان. روى عَنْهُ: ابنه، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ. كَانَ سُنِّيًّا قويّ النَّفس، يَضرب ويُعاقب بمحلّته. 130- عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن أحمد الزَّعْفرانيّ3. الأصبهاني. روى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن أَبِي عليّ. وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ. توفي في صفر.

_ 1 تاريخ دمشق "39/ 448". 2 المنتظم "9/ 116، 117". 3 في عداد المجهولين.

131- عَبْد الغفّار بْن طاهر بْن أحمد بْن جعفر بْن دوّاس1. البزّار، أبو أحمد. تُوُفّي في أواخر رمضان. روى عَنْ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأَرْدَسْتانيّ صحيح الْبُخَارِيّ، وروى عَنْ أَبِي مسعود البَجَليّ. قَالَ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه ولم يكن التحدث من شأنه. 132- عَبْد القاهر بْن عَبْد السّلام بْن عليّ: أبو الفضل العبّاسيّ2 الشّريف النُّقيب الْمَكِّيّ. تلميذ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحُسين الكارَزِينيّ. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ فقيه الهاشميّين. وكان من سراة النّاس، استوطن بغداد، وتصدّر للإقراء، وصار قدوة. كان قيمًا بالقراءات، أخذها عَن الكارَزِينيّ وسمع من: أَبِي الحَسَن بْن صخر، وسعد الزّنْجانيّ. قرأ عَلَيْهِ بالرّوايات: أبو مُحَمَّد سِبْط الخيّاط، وصنّف كتاب "المبهجي" في رواياته عنه. وقرأ عليه: أبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ، ودعوان بْن عليّ. وقرأت بخطّ أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عطّاف قَالَ: رحمة اللَّه عَلَى هذا الشريف، فلقد كَانَ عَلَى أحسن طريقةٍ سلكها الأشراف من دين مكين وعقل رزين، قدِم من مكّة وأقام بالمدرسة النظامية، فأقرأ بها القرآن عَنْ جماعة، وحدَّث. جميل الأمر. وقال غيره: تُوُفّي في يوم الجمعة من جُمَادَى الآخرة، وقال: وُلِدت سنة خمس وعشرين. 133- عَبْد الكريم بْن المؤمِّل بْن المحسن بْن عليّ. أبو الفضل السُّلَميّ3 الكفرطابيّ، ثمّ الدّمشقيّ البزار. سمع جزءًا من عبد الرحمن من أَبِي نَصْر التَّميميّ. روى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن صابر، وطاهر الخشوعي، وعُمَر الدهستاني، وأبو المكارم عبد الوهاب. ووثقه بْن صابر وقال: سألته عَنْ مولده فقال: سنة عشر وأربعمائة. وتُوُفّي في المحرَّم. ووقع لنا ذَلِكَ الجزء. 134- عليّ بْن سَعِيد بْن محرز. العلّامة أبو الحَسَن العَبْدَريّ الميورقي4، نزيل بغداد. من كبار الشافعية. سمع من: القاضيين أَبِي الطَّيِّب، والماورديّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ. وتفقّه بالشيخ أَبِي إِسْحَاق.

_ 1 لم نقف عليه. 2 شذرات الذهب "3/ 400". 3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 4 طبقات الشافعية "3/ 298" للسبكي.

وصنَّف في المذهب والخلاف كتبًا. وكان ديِّنًا حسن الطريقة. روى عن: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وسعد الخير وعبد الخالق بْن يوسف. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ. ذكره ابن النّجّار. 135- عَبْد الهادي بْن عبد الله بن محمد: أبو عروبة بن شيخ الإسلام الْأَنْصَارِيّ الهَرَوِيّ1. 136- عليّ بْن المبارك بْن عُبَيْد اللَّه. أبو القاسم الوقاياتي2. مات ببغداد في شَعْبان. روى عَنْ: أَبِي القاسم بْن بِشْران. وكان صالحًا ضريرا فقيرا يسكن ترب الرصافة. 137- علي بن محمد بن حسين: أبو الحسن البخاري3، ويعرف بابن خذام. روى عَنْ: أَبِي الفضل منصور الكاغدي. وقيّده أبو العلاء الفَرَضِيّ بالكسر وبدال مهملة، وقال: روى عَنْ منصور؛ وعن: جَدّه لأمّه الحُسين بْن الخضر النَّسَفيّ، وأبي نَصْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُسْلِم. وعنه: صاعد بْن مُسْلِم وأبو جعفر الخُلْميّ، وأبو المعالي بْن أَبِي اليُسْر المَرْوَزِيّ، وعُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ الحافظ. سمع أبو سعْد السّمعانيّ وابنه من خلْق من أصحابه. "حرف الكاف": 138- كامكار بْن عَبْد الرّزّاق بْن محتاج أبو مُحَمَّد المحتاجي المَرْوَزِيّ الأديب4. كُتُب الكثير، وعلَّم العربية، وتخرَّج بِهِ جماعة. ورحل في الحديث. سمع: أحمد بْن مُحَمَّد بن إبراهيم الصدفي، أردشير بن محمد الهشامي، وطائفة. وعنه: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، والنعمان بْن مُحَمَّد، وتميم بْن مُحَمَّد، وعتيق بْن عليّ، وعبد الكريم بْن بدر المراوزة شيوخ عَبْد الرحيم بن السّمعانيّ. وُلِد بعد عشر وأربعمائة، ومات في عاشر رمضان سنة 93.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 انظر السابق. 3 السير "19/ 180، 181". 4 لا بأس به، في عداد المستورين.

"حرف اللام": 139- لامعة بنت سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد بْن مَعْدان البقال1. الأصبهانية سَمِعْتُ من: أَبِي سَعِيد بْن حَسْنَوَيْه الكاتب. وروت كثيرًا بالإجازة من: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، وعليّ بْن ميلة، وأبي القاسم بْن بشران. أخذ عنهما: أبو بَكْر الصقلي السمنطاري في سنة تسعٍ وعشرين وأربعمائة وهي شابة. وأكثر عَنْهَا: أبو طاهر السِّلَفيّ، وقال: مات أبو بَكْر بصقلية في سنة 464 قبلها بنحو ثلاثين سنة. قلت: وقع لنا من حديثها. "حرف الميم": 140- مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبرويْه الأسكوراني2. وأسكوران من ضياع إصبهان. قَالَ السِّلَفيّ: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى: وأنا قَالَ: أَنَا جدي منصور بن محمد بن بهران، أَنَا أبو الشَّيْخ، فذكر أحاديث. 141- مُحَمَّد بْن الحُسين بْن هرمية. أبو منصور. بغداديّ3 من قدماء شيوخ شُهْدَة، يروي عَنْ: البَرْقانيّ وروى عَنْه: عُمَر بْن ظفر المَغَازليّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ. 142- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بن المحدث عبد الكريم بن موسى بن عيسى بْن مجاهد العلّامة أبو اليسر البزدوي النَّسَفيّ4، شيخ الحنفيّة بما وراء النهر. قَالَ عُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ في كتاب القند: كَانَ إمام الأئمّة عَلَى الإطلاق، والموفود إِلَيْهِ من الآفاق. ملأ الشرق والغرب بتصانيفه من الأُصُول والفُروع. وكان قاضي قضاة سَمَرْقَنْد. وكان يدرس في الدّار الجوزجانيّة ويُمْلي فيها الحديث. توفي ببخارى في تاسع

_ 1 حدث خلط في الأصل، فتقدمت تلك الترجمة في حرف "العين"، وهي لا بأس بها، مستورة. 2 في عداد المجهولين. 3 لم نقف عليه. 4 السير "19/ 49".

رجب. قَالَ السّمعانيّ: عرف بالقاضي الصدر، وُلِد في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. ثنا عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، وأحمد بْن نَصْر الْبُخَارِيّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أَبِي بَكْر الصّابونيّ، وأبو رجاء محمد بن محمد الخِرَقيّ. 143- مُحَمَّد بْن سابق. أبو بَكْر الصقلي1. روى عَنْ: كريمة المَرْوَزِيّة بغرناطة. وكان خبيرًا بعلم الكلام. روى عَنْهُ: أبو بَكْر، وعليّ بْن أحمد المقرئ. مات بمصر في ربيع الأوَّل. 144- المحسن أبو نَصْر الفرقدي الأصبهاني2. وُلِد سنة عشر وأربعمائة، وسمع في كِبَرِه من: هارون بْن مُحَمَّد الكاتب صاحب الطّرّاز. حدَّثَ عَنْهُ السِّلَفيّ، وترجمه هكذا فيها. 145- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الحُسين بْن الدّوانيّ: أبو طاهر الدّبّاس3. شيخ بغداديّ. حدث عن أبي القاسم بن بشران. روى عَنْهُ: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنماطي. ومات في شعبان. 146- محمد بن إبراهيم بن الحسن: الزاهد أبو بكر الرازي، الفقيه الحنفي، الرجل الصالح4. قال ولد الزكي عبد العظيم: هو الشيخ الصالح، صاحب الكرامات الظاهرة، والدعوات المجانية السائرة. سكن الإسكندرية، وحدث عن: اسحاق الحبال الحافظ. وتوفي بالإسكندرية سنة ثلاثٍ وتسعين. 147- مُحَمَّد بْن محمد بن جهير: الزير عميد الدّولة أبو منصور ابن الوزير فخر الدّولة5. وَزَرَ في أيّام والده، وخدم ثلاثة خُلفاء، ولمّا احتضر القائم بأمر اللَّه أوصى به ولده المقتدي باللَّه. وولي الوزارة للمقتدي سنة اثنتين وسبعين، فبقي فيها خمس سنين، وعُزِل بالوزير أَبِي شُجاع. ثمّ عاد إلى الوزارة عند عزْل أَبِي شجاع سنة أربعٍ وثمانين، فبقي في الوزارة تسعة أعوام. وكان خيِّرًا، كافيًا، مدبرًا،

_ 1 الصلة "2/ 604". 2 في عداد المجهولين. 3 لم نقف عليه. 4 انظر السابق. 5 وفيات الأعيان "5/ 131"، السير "19/ 175".

شجاعًا، نبيلًا، رئيسًا، تياهًا مُعْجَبًا، فصيحًا، مفوّها، مرسلًا يتقعّر في كلامه، وله هَيْبة وسكون، وكلماته معدودة، وفضائله كثيرة. وللشعر فيه مدائح كثيرة وآخر أمره أنّ الخليفة حبسه في داره بعد أنّ صادره وزير السلطان بركياروق وأخذ في خمسة وعشرين ألف دينار في رمضان. ثم أخرج في دار الخلافة، ميتا في سادس عشر شوال، وحمل إلى بيته، وغسل ودفن بتربة له، فقيل: إنه أهلك في حمام أغلق عليه. وقيل: بل أهلك بأمراض وأوجاع مع شدة الخوف والفَرَق1. وكان قد اشتهر بالوفاء والعفة، وجودة الرأي، ووفور الهيبة، وكمال الرئاسة، لم يكن يعاب بأكثر من التكبر الزائد. فمن الذي كان يفرح بأن ينظر إِلَيْهِ نظرة أو يكلّمه كلمة. قَالَ مرّة لولد الشَّيْخ أَبِي نَصْر بْن الصّبّاغ: اشتغِلْ وتأدَّب، وإلّا كنت صبّاغًا، بغير أب فلمّا خرج من عنده هنَّأه من حضر بأن الوزير خاطبه بهذا، ولمّا تغيّر المستظهر عَلَيْهِ بسعْي صاحب الدّيوان هبة اللَّه بْن المطَّلِب، وناظر الخزانة الحَسَن بْن عَبْد الواحد بْن الحصين، وصاحب ديوان الإنشاء ابن الموصلايا إلى المستظهر وكانوا قد خافوا منه، وخرج المرسوم بحِفْظ باب العامة لأجله، فأمر زوجته بالخروج إلى الحلة، وهيأ لنفسه صدوقًا يدخل فيه، وبكون من جملة صناديق زوجته، فلمّا قعد فيه أسرع الخروج منه وقال: لا يتحدّث النّاس عنّي بمثل هذا. وكان خواصّ الخليفة أيضًا قد ملّوه وسئموه، فأُخِذ وحُبِس. قَالَ ابن الحُصَيْن المذكور: وجدتُ عميد الدّولة قد استحال في محبسه، واشتدّ إشفاقه، جعل يخاطبني ويقول: يا روحي ويا قُرّة عيني، وأنشد لي في عَرْض حديثه ثمّ قَالَ: نازلت الحصون وشهدت الوقائع والحروب فاستهنت بحظّنا، وقد قنطت من النّجاة، ولا أعرفها إلّا منك. وأريد المُقام في مُقامٍ آمر فيه بسفارتك، فقد غرقت بالمصيبة. فوعدته بأنّني أستعطف الخليفة، وخرجت وجلست أكتب ما أُرَقّق بِهِ قلب الخليفة عَلَيْهِ. فدخل عليَّ أبو نَصْر بْن الموصلايا، فجذب الورق مني، وقال: لأن خرج، فما يبعد هلاكنا بتوصُّلِه؛ لأنّه يعلم أنّ القبض عَلَيْهِ كَانَ من جانبك. فترك ابن الحُصَيْن الكتابة. وقال ابن الحُصَيْن: آخر ما سُمع منه التَّشهُّدُ والرجوع إلى اللَّه. وكان المستظهر باللَّه قد أقطع عميد الدّولة إقطاعًا بثلاثين ألف دينار؛ فعمَّره، فقال الّذين تكلّموا فيه للخليفة: إنّه قد أخرب نواحيك وعمر نواحيه، وأنه وأنه:

_ 1 الفَرَق: الخوف الشديد الذي يبلغ حد الفزع.

فقنص عَلَيْهِ وكان مولده في أوّل سنة خمسٍ وثلاثين. وقدِم بغدادَ مَعَ أَبِيهِ وله عشرون سنة، فسمع الحديث في الكهولة من: أَبِي نَصْر النَّرْسيّ، وعاصم بْن الحَسَن، وأبي إسحاق الشيرازي، وأبي القاسم البسري، وسمع منه: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عمر البخاري المعروف بِكَاك، وقاضي القُضاة أبو القاسم عليّ بْن الحسين الزينبي وغيرهم. وقد شكا إِلَيْهِ الحرّاس بأمر أرزاقهم، فكتب عَلَى رقعتهم: من باع حطبًا بقُوت يومه فسَبيله أنّ يُوَفَّى، وهؤلاء قوم ضُعفاء. وقال قاضي القُضاة أبو الحَسَن عليّ بْن الدّامغانيّ: كنّا بحضرة عميد الدّولة، فسقط من السَّقْف حيَّة عظيمة، واضطّربت بين يديه، فبعدنا، واستحالت ألوانُنا، سواه، فإنه جلس موضعه حتّى قتلها الفرّاشون، ومن شِعر عميد الدولة: إلى مَتَى أنت في حل وترحال ... تبغي العلا والمعالي مَهْرُها غَالي؟ يا طالبَ المجدِ، دونَ المجدِ مَلْحَمةٌ ... في طَيِّها خَطَرٌ بالنّفسِ والمالِ ولليالي صروف قل ما انْجَذَبَتْ ... إلى مُرادها في سعي ولا مال 148- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد: أبو طَالِب بْن الصّبّاغ الأَزَجيّ1 أخو الْإِمَام أبو نصر منصف الشّامل. سمع: أبا القاسم بْن بِشْران. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ. 149- مُحَمَّد بْن مأمون بْن عليّ. أبو بَكْر الأَبِيوَرْديّ المتولّي2. سمع بنَيْسابور أبا بَكْر الحِيّريّ. روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ، وابنه، وخيّاط الصّوف، وغيرهم، وقيل: سنة أربع. 150- مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن الحَسَن بْن هلال: أبو طاهر الْأَزْدِيّ الدّمشقيّ المعدّل3. سمع من: جَدّه لأمّه أَبِي القاسم بْن أَبِي العلاء المصِّيصيّ وغيره. ومات كَهْلًا. روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الحُسين الدّارانيّ. 151- المختار بْن مَعْبَد: أبو غالب الكاتب4. سمع: الجوهريّ، ومحمد بن

_ 1 في عداد المجهولين. 2 لا بأس به، في عداد المستورين. 3 لم نقف عليه. 4 كانت هذه الترجمة في حرف "العين".

أحمد النَّرْسيّ، وطائفة. روى عَنْهُ: أبو البركات، والقسطي. وخرّج لَهُ أبو عامر العَبْدَريّ جزءًا تُوُفّي في ربيع الآخر عَنْ تسعٍ وسبعين سنة، وإنّما سمع وهو في عَشْر الأربعين. 152- المظفّر بْن عَبْد الغفّار أبو الفتح البُرُوجِرْديّ1 قرأ بالروايات على أبي بكر محمد بن علي الخياط، وأبي علي بن البنا. وتفقه على الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق. قرأ عَلَيْهِ جماعة. قَالَ ابن ناصر: قرأت عَلَيْهِ القرآن؛ وأثنى عَلَيْهِ. وسمع من الجوهري. وسمع منه: الحسين بن خسرو البلخي. مات في ثامن ذي القعدة. "حرف النون": 153- نصر بن إبراهيم بن نصر2: السّلطان شمس المُلْك صاحب ما وراء النّهر. قال السمعاني: كان من أفاضل الملوك علما ورأيًا وحزمًا وسياسة، وكان حسن الحظ، كتب مصحفا ودرس الفقه في دار الجوزجانية، وخطب على منبر سمرقند وبخارى، وتعجب الناس من فصاحته، وأملى الحديث عَن الشّريف. حَمْد بْن مُحَمَّد الزُّبَيْريّ، وكتب النّاس عَنْهُ. ونجز بيده بابًا لمقصورة باب الخطابة. تُوُفّي في شهر ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين. أنبأت عَنْ أَبِي المظفّر بن السّمعانيّ: أَنَا أبو المعالي محمد بن النصر المديني الخطيب: ثنا الملك العالم شمْس المُلْك. فذكر حديثًا موضوعًا في فضل أَبِي بَكْر وعُمَر. "حرف الهاء": 154- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن أَبِي الغنائم3. أبو مُحَمَّد البزّار: شيخ صالح، بغداديّ. روى عَنْ أَبِي طَالِب بْن غَيْلان أحاديث. 155- هبة اللَّه بْن علي. أبو تراب بن الشُّرَيْحيّ البغداديّ البزّار4. سمع: ابن دُوما النِّعَاليّ. روى عَنْهُ: أبو الحَسَن بْن حرّاز الخيّاط والحافظ سعد الخير.

_ 1 انظر السابق. 2 السير "19/ 192". 3، 4 لم نقف عليه.

"حرف الياء": 156- يحيى بْن عيسى بْن جَزْلَة: أبو عليّ البغداديّ الطَّيِّب1، مصنِّف المنهاج في الأدوية والعقاقير. كان نصرانيًّا فأسلم، وصنف رسالته في الرّدّ عَلَى النّصارى وبيان عوار مذهبهم. وكان يقرأ الكلام عَلَى أَبِي عليّ بْن الوليد المعتزلّي، فكان يورد عليهم الحجج والدّلائل حتّى أسلم. وبرع أيضًا في الطّبّ. وصنَّف كُتُبًا للإمام المقتدي باللَّه، فمن ذَلِكَ: تقويم الأبدان وكتاب الإشارة، وأشياء. تُوُفّي في شَعْبان. وكان إسلامه في سنة ست وستين وأربعمائة. ذكره بن خلكان، وابن النجار. وفيات سنة أربع وتسعين وأربعمائة: "حرف الألف": 157- أحمد بْن عليّ بْن الفضل بْن طاهر بْن الفُرات2. أبو الفضل الدّمشقيّ سمع: أَبَاهُ، وأبا مُحَمَّد بْن أَبِي نَصْر ومنصور بْن رامش، وأحمد بْن مُحَمَّد العَتِيقّي، ورشأ بْن نظيف، وأبا عَبْد اللَّه بْن سَعْدان. قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ هبة اللَّه بْن طاوس، ونصر بْن أحمد السُّوسيّ، والحسين بْن أُشْليها، وابنه عليّ بْن الحُسين، وأحمد بْن سلامة، قَالَ: وكان من أهل الأدب والفضل، إلّا أَنَّهُ كَانَ مُتَّهمًا برقة الدّين رافضيًّا. وهو واقف الكُتُب الّتي في الجامع في حلقة شيخنا أبو الحُسين بْن الشَّهْرَزُوريّ. قَالَ ابن صابر: سألته عَنْ مولده فقال: بدمشق في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وأربعمائة. قَالَ: وهو رافضيّ، سألته عَنْ نَسَبه، فانتمى إلى الوزير ابن الفُرات. وتُوُفّي في صَفَر. وله شِعرٌ جيّد. وقد هجاه جعفر بْن دَوّاس. قلت: آخر من روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن الدّارانيّ شيخ كريمة. وهو راوي. 158- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه: أبو إِسْحَاق العقيلي الجزري3، المقرئ نزيل نيسابور.

_ 1 السير "19/ 188". 2 السير "19/ 128". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 289".

حدَّثَ عَنْ: أَبِي الحَسَن عليّ بْن السِّمْسار. وعن: أَبِيهِ مُحَمَّد، والحافظ أحمد بْن عليّ بن فنجويه الأصبهاني ثم النيسابوري والشريف بن القاسم الزَّيْديّ الحرّانيّ وغيرهم. قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ عمّي: وجماعة. وتُوُفّي في شَعْبان بنَيْسابور. وهو مقرئ صالح ثقة. قَالَ ابن عساكر: ونا عَنْهُ إسماعيل التَّيْميّ، وشافع بْن أَبِي الحَسَن. 159- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عليّ. أبو ياسر الحربيّ1. سمع: أبا الحَسَن القَزْوينيّ. وأبا مُحَمَّد الخلّال. وعنه: عَبْد اللَّه بْن أحمد، وجحشَويْه، والقاضي عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد المَدِينيّ. تُوُفّي في صَفَر. 160- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد. أبو منصور الصّبّاغ2. تفقّه عَلَى: عمّه أبي نصر، وأبي الطيب الطبري، وأستمتع منه. ومن: الجوهريّ. وقد ناب في القضاء، وولي الحسبة، وله منصفات. روى عَنْهُ: أبو الحَسَن بْن أنجل. 161- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل بْن زيد: أبو إِسْحَاق الشَّهْرَزُوريّ الدّمشقيّ3، الفقيه الفَرَضيّ الواعظ. خال جمال الإسلام أَبِي الحَسَن بْن المسلم الفقيه. سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان، وعبد الوهّاب، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: عليّ بْن نجا بْن أسد، والخضر بْن عَبْدان. ومات وقد قارب السّبعين. 162- أسعد بْن مسعود بْن عليّ: أبو إِبْرَاهِيم العُتْبيّ4. من وُلِد عُتْبة بْن غَزْوان بنَيْسابور. مُسْنِد كبير، روى عَنْ: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، وأبي سَعِيد الصَّيْرفيّ. روى عَنْهُ: عَبْد الخالق والفضل، وطاهر بنو زاهر الشّحّاميّ، وعَبْد اللَّه بن الفُرَاويّ، وآخرون.

_ 1 الأنساب "4/ 99". 2 البداية والنهاية "12/ 160". 3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 297". 4 المنتظم "9/ 125".

وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى وله تسعون سنة. وكان كاتبًا فضعُف ولِزم بيته. وقنع باليسير. وله نظم حسن. مات عَنْ سبْعٍ وثمانين سنة. "حرف الحاء": 163- الحَسَن بْن أَحْمَد بْن عليّ1. عَنْ: ابن شاذان، وأبي القاسم بن بشران. روى عنه: ابن المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وعُمَر بْن ظفر، وسعد الخير الأندلسيّ، وشُهْدَة الكاتبة، والسلفي، وتُوُفّي في رمضان. "حرف السين": 164- سَعْد بْن عليّ بْن الحَسَن: أبو منصور العِجْليّ الأَسَدَاباذيّ2، الفقيه، نزيل هَمَذَان. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ ثقة مُفْتيا، حَسَن المناظرة، كثير العِلْم والعمل، سمع: أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ وأبا إسحاق البرمكي؛ وبمكة: كريمة المروزية، عبد العزيز بن بندار. وروى عَنْهُ: ابنه أحمد، وإسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والسِّلَفيّ إذْنًا. وقال شِيرُوَيْه: قرأت عَلَيْهِ شيئًا من الفقه، كان حَسَن المناظرة، كثير العبادة، هيوبًا. مات في ذي القعدة. 165- سَعْد بْن مُحَمَّد بْن جعفر أبو نَصْر الأَسَدَاباذيّ، ثمّ الحَلْوائيّ3، خدم أبا طَالِب يحيى بْن عليّ الدَّسْكَريّ. وسمع: ابن مسرور الزّاهد، وأبا عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسي. وروى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن سَعْد، وعبد الخالق بْن زاهر. تُوُفّي في شَعْبان عَنْ نيِّفٍ وتسعين سنة. "حرف الظاء": 166- ظَبْيان بْن خَلَف: أبو بَكْر المالكيّ4 المتكلّم. قَالَ ابن عساكر: كَانَ متورعًا في المعيشة، موسوسًا في الضوء. سمع: مُحَمَّد بْن مكّيّ الْمَصْرِيّ، والكتّانيّ. سمع منه: غيث الأرمنازي، وعمر الرؤاسي.

_ 1 لم نقف عليه. 2 طبقات الشافعية "3/ 166" للسبكي. 3 بغية الوعاة "2/ 24". 4 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 120".

"حرف العين": 167- عاصم بْن أيّوب. أبو بَكْر البَطَلْيُوسيّ الأديب1. روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الغراب، وأبي عُمَر السّفاقُسِيّ ومكّيّ بْن أَبِي طَالِب وكان لُغَويًّا أديبًا، فاضلًا، خيّرًا، ثقة روى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن السّيّد، شيخٌ لابن بَشْكُوَال. 168- عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن ماهُوَيْه: أبو مُحَمَّد بْن أَبِي عليّ2 الطَّبَسيّ الحافظ، سمع: أبا القاسم القشيري، وأبا الحسن بن المظفر الدوادي، وأبا صالح المؤذن، وخلقًا كبيرًا بخُراسان؛ وأبا مُحَمَّد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، وابن البُسْريّ وطبقتهم ببغداد. وانتقى عَلَى الشيوخ، واستوطن مَرْو الرُّوذ وكان رديء الكتابة. قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ ثقة يُحسِن هذا الشّأن، ورِعًا، مشتغلًا بإخراج الصّحيح والموافقات، مواظبًا عَلَى ذَلِكَ. وقال المؤتَمن السّاجيّ: لم يكن يتحرَّى فيما يحدِّث بِهِ الصِّدْقَ فسقط، وعاش نيّفًا وخمسين سنة. 169- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد بْن أحمد: أبو بَكْر التُّرَابيّ المَرْوَزِيّ3. صالح خيِّر. روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الشّيرنخشِيرِيّ، وغيره. قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد المقرئ بمَرْو: أَنَا التُّرَابيّ، فذكر حديثًا. مات بعد ربيع الأوَّل من العام. 170- عَبْد الجبّار بْن سَعِيد: أبو نَصْر بْن البَحِيرِيّ أَبِي عثمان4. رَجُل خيّاط خَيّر، سمّعه أَبُوهُ من: أَبِي سمعة الصَّيْرفيّ، وأبي بَكْر الحِيّرِيّ. روى عَنْهُ: أبو البركات الفُرَاويّ، وأحمد بْن مُحَمَّد البَيِّع، وجوهر نار بنت زاهر الشّحّاميّ، وأخوها عَبْد الخالق، وآخرون. مات في صَفَر. 171- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن غَيْلان5.

_ 1 بغية الوعاة "2/ 24". 2 البداية والنهاية "12/ 160". 3 الأنساب "3/ 36". 4 لا بأس به. 5 في عداد المجهولين.

أبو محمد ابن الشيخ أبي طالب البزار. روى عَنْ: أَبِيهِ. قَالَ ابن ناصر: ما كَانَ يُعرف شيئًا. مات في المحرَّم. 172- عَبْد الحميد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد. أبو القاسم العَيْداني1 الحنفيّ. أحد الأئمّة. سمع: مُحَمَّد بْن أَبِي الهَيْثَم التُّرَابيّ، وخاله عليّ بْن الحسين الدهقان. خواهرزادة. ولم يكن في عصره حنفيّ أطْلَبَ للحديث منه. 173- عَبْد الخالق بْن مُحَمَّد بْن خَلَف: أبو تراب البغداديّ المؤدِّب2، ويُعرف بابن الأبرص. سمع: هبة اللَّه بْن الحَسَن اللّالْكائيّ، وعبد الرحمن الحرفي. وعنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السلفي. ولد سنة خمس وأربعمائة، وتُوُفّي في آخر رمضان. وقال الأَنْماطيّ: كَانَ رجلًا صالحًا، أدَّبني. 174- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن زاز بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حُمَيْد بْن أَبِي عَبْد اللَّه النّوَيْزيّ3: فقيه مَرْو، الأستاذ أبو الفَرَج السَّرْخَسيّ، الفقيه الشّافعيّ، المعروف بالزّازّ. كَانَ أحد من يُضرب بِهِ المثل في حفظ المذهب. وكان رئيس الشافعية بمَرْو. ورحل إِلَيْهِ الأئمّة، وسارت تصانيفه. وكان ورعًا ديّنًا. تفقّه عَلَى القاضي حسين. وتُوُفّي في شهر ربيع الآخر، وله نيف وستون سنة. ومصنفه الّذي سمّاه الإملاء انتشر في الأقطار. وكان عديم النّظير في الفتوى، ورِعًا، ديّنًا، محتاطًا في مأكله وملبسه إلى الغاية. وكان يأكل الرُّزّ لكونه لا يزرعه إلّا الْجُنْد، ويأخذون مياه النّاس غالبًا ويسقونه. سمع: الحَسَن بْن عليّ المطَّوِّعيّ، وأبا المظفّر مُحَمَّد بْن أحمد التَّميميّ، وأبا القاسم القُشَيْريّ، وخلقًا. روى عَنْهُ: أحمد بْن إسماعيل النَّيْسابوريّ، وأبو طاهر السنجي، وعمر بن أبي مطيع، وآخرون.

_ 1 الجواهر المضيئة "2/ 365، 366". 2 لا بأس به. 3 السير "19/ 154".

175- عَبْد الغفّار بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر: الصُّوفيّ الهَمَذانيّ أبو بَكْر الصّائغ1. أجاز للسِّلَفيّ. رحل، وسمع من: أَبِي الحُسين بْن المهتدي باللَّه، وابن النَّقُّور، وجماعة. قَالَ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه، وكان أحد مشايخ الصُّوفيّة، كثير العبادة، تُوُفّي في شوّال. 176- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بُنْدار: الْإِمَام أَبُو منصور2. خطيب هَمَذَان ومفتيها. يروي عَنْ: ابن عيسى، وابن مأمون، وابن مسعود البجلي. أجاز للسلفي. مات في فرات. 177- عبد الواحد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زيد بن إبراهيم: الخطيب أبو القاسم النيسابوري، المعروف بالحكم3. مات بالشاش فِي جُمادى الآخرة وله سبعٌ وثمانون سنة. روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الخطيب، وغيره. 178- عَبْد الواحد بْن عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة. الإمام أبو سعيد ابن الْإِمَام أَبِي القاسم القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ الخطيب4. قَالَ السّمعانيّ فيه: أوحد عصره فضلًا ونفسًا وحالًا، الثاني من ذُكور أولاد أَبِي القاسم. نشأ في العلم والعبادة، وكان قويّ الحفظ، بالغًا فيه. تخرّج في العربيّة وضرب في الكتابة والشِّعْر بسهمٍ وافر. وأخذ في تحصيل الفوائد من أنفاس والده، وضبط حركاته وسكناته وما جرى لَهُ وصار في آخر عُمره سيّد عشيرته، وحجّ ثانيا بعد الثّمانين. وحدَّثَ ببغداد والحجاز. ثمّ عاد إلى نَيْسابور مشتغلًا العبادة، لا يفتر عَنْهَا ساعة. سمع: عليّ بْن مُحَمَّد الطّرازيّ، وأبا نَصْر منصورًا المفسّر، وأبا سعد النصرويي. وببغداد: أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبا مُحَمَّد الجوهريّ. ثنا عَنْهُ ابنه هبة الرَّحْمَن، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو صالح عَبْد المُلْك ابنه الآخر، وغيرهم. ومولده في صَفَر سنة ثمان عشرة وأربعمائة. ومات في جُمَادَى الآخرة. وقال غيره: خطب نحو خمس عشرة سنة، فكان يُنشئ الخُطَب ولا يكرِّرها. وروى عَنْهُ أيضًا: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ. وسماعه من الطّرازيّ والمفسّر حضورًا في الرابعة أو نحوها.

_ 1 لم نقف عليه. 2 لا بأس به. 3 في عداد المجهولين. 4 طبقات الشافعية "3/ 284" للسبكي.

179- عزيزيّ بْن عَبْد المُلْك بْن منصور: أبو المعالي الْجَيليّ القاضي، الملقب شَيْذَلَة1. ورد بغداد وسكنها، وولي قضاء باب الأَزَج مدّة، وكان مطبوعًا، فصيحًا، كثير المحفوظ حلو النّادرة. جمع كتابًا في "مصارع العشاق" ومصائبهم. وَسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عليّ الصوري، والحسين بْن مُحَمَّد الوَني الفَرَضِيّ، وجماعة. وحدَّثَ بيسير، وكان شافعيّ المذهب. مات في سابع صَفَر. روى عَنْهُ: فخر النّساء شُهْدَة، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة وقال: كَانَ زاهدًا، متقلّلًا من الدّنيا، وكان شيخ الوعّاظ ومعلّمهم الوعظ بتصانيفه وتدريبه. 180- عليّ بْن أحمد بْن عَبْد الغفّار: أبو القاسم البَجَليّ المؤدِّب2: سمع من: أبي العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبي طالب عمر بن إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعبد الخالق الغزّال، والسِّلَفيّ، وجماعة ببغداد. ومات في شَعْبان. 181- عليّ بْن أحمد بْن أَبِي ذكرى النّجّاد3: شيخ صالح. سمع: ابن غَيْلان. روى عنه: عمر بن ظفر، وأبو المعمر الْأَنْصَارِيّ. 182- عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن إسماعيل بْن أبي الطيب أخرم: أبو الحسن المديني ابن النَّيْسابوريّ، الصَّيْدلانيّ4 المؤذِّن الزّاهد. وُلِد في رجب سنة خمس وأربعمائة. ذكره عَبْد الغافر فقال: شيخ عابد، جليل، فاضل، من تلامذة الْإِمَام أَبِي مُحَمَّد الْجُوَينيّ. كَانَ يسكن المدينة الداخلة في المسجد المعروف به، لزمه سنين منزويًا عم النّاس، قلّ ما يخرج ويدخل. سمع: أبا زكريّا المُزَكيّ، والشيخ أبا عليّ عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبا القاسم عَبْد الرَّحْمَن السّرّاج، وأبا بَكْر الحِيّريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: خلق كثير. وتُوُفّي في ثامن عشر المحرَّم سنة أربعٍ وتسعين. عقد مجلسًا للإملاء، وحضره الأعيان. روى عَنْهُ: أبو البركات الفُرَاويّ، والعبّاس العصاريّ، وعُمَر بْن الصّفّار، والفلكيّ، وعبد الخالق بن الشحامي.

_ 1 السير "19/ 174". 2 لا بأس به، في عداد المستورين. 3 وردت هذه الترجمة وما قبلها في حرف "الميم" والصواب أنها ههنا. 4 السير "19/ 157، 158".

183- علي بن محمد بن الحسين بْن أَبِي ثابت: أبو الحَسَن الزُّهْرِيّ الأَبِيوَرْديّ، عرف بالأيوبي1. إمام فاضل خليل. روى عَنْ: أَبِي منصور عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ، وفضل اللَّه بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ، وأبي حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث الأصبهاني، وعدّة. وكان مولده بعد الأربعمائة. روى عنه: ابنه عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ، وفضل اللَّه بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ، وأبي حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث الأصبهاني، وعدة. وكان مولده بعد الأربعمائة. روى عَنْهُ: ابنه عَبْد المُلْك وجماعة. وتُوُفّي في هذه السنة، أو في الماضية. "حرف الفاء": 184-الفضل بْن عَبْد الواحد بْن الفضل: أَبُو العبّاس السَّرْخَسيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ الحنفيّ2 التّاجر. سمع: أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السّرّاج، وأبا بَكْر الحِيرِيّ، وصاعد بْن مُحَمَّد القاضي. وسمع بمَرْو: أبا بَكْر بْن مُحَمَّد بن عبويه الأنباري، وأبا غانم الكراعي. وببخارى: أبا سهل الكَلَاباذيّ. وتفرَّد بالرّواية في الدّنيا عَنْ أَبِي سهل بْن حَسْنَوَيْه، وأبي عليّ بن عبدان صاحبي الأصم. ومولده سنة أربعمائة. قال السمعاني: شيخ حسن السيرة، مسن، معمر، ذو نعمة وثروة. ورد بغداد مع والده في سنة عشر وأربعمائة. روى لنا عنه: عمي الحسن بن منصور، وأبو طاهر السنجي، وأبو مضر الطبري، وعبد الله بن الفراوي، وناصر بن سليمان الأنصاري، وجماعة كبيرة. وكان صلبا في مذهب أبي حنيفة. وقرأت بخط إسماعيل بن عبد الغافر قَالَ: طلبوا من الفضل بْن عَبْد الواحد ألْفي دينار، وأخذوه وضربوه، وحملوه إلى دار القاضي صاعد، وضمِنه أبو المعالي بْن صاعد، وبقي أيّامًا في داره. وتُوُفّي في أوائل جُمَادَى الأولى سنة أربعٍ وتسعين، وخلّوه في التابوت في داره أيّامًا، وما وجدوا لَهُ شيئًا، فإنّ ابنه هرب وأصحابه.

_ 1 لا بأس به. ووردت هذه الترجمة في حرف "النون" والصواب أنها ههنا. 2 السير "19/ 147".

"حرف الميم": 185- مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن لُقْمان. أبو بَكْر النَّسَفيّ1 المقرئ، والد أَبِي حفص عُمَر، مؤرخ سمرقند. ولد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. وسمع من: القاضي أَبِي الفوارس النَّسَفيّ، والإمام يوسف بْن مُحَمَّد المَوْدُوديّ، وأحمد بْن جعفر الكاسَنيّ، وأبي بَكْر بْن إِبْرَاهِيم النُّوحيّ. ودخل بُخَارى، وسَمَرْقَنْد. وتُوُفّي في أوّل صَفَر. 186- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الباقي بْن طرق: أبو الفضائل الربعي الموصلي2. أحد الفُقَهاء الشّافعية. سكن بغداد، وسمع من: أبي إسحاق من البَرْمكيّ، وأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وابن غَيْلان. وتفقَّه عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. روى عَنْهُ: كثير بْن مماليق، وأبو نَصْر الحَرَشِيّ الشّاهد. تُوُفّي في صَفَر. 187- مُحَمَّد بْن الحَسَن: الفقيه أبو عَبْد اللَّه الرّاذانيّ3. أحد العُبّاد الحنابلة. قَالَ السّمعانيّ: من الزُّهّاد والمنقطعين، والعُبّاد الورعين. مُجاب الدّعوة، صاحب كرامات. سمع: أبا يَعْلَى الفقيه الحنبليّ، وغيره. حُكي عَنْهُ أَنَّهُ أراد أن يخرج إلى الصّلاة، فجاء ابنه إِلَيْهِ، وكان صغيرًا، فقال: أريد غزالًا ألعب بِهِ، فسكت الشَّيْخ، فالحَّ عَلَيْهِ وقال: لا بُدّ لي من غزال. فقال لَهُ: أسكت، غدًا يجيئك غزال. فجاء من الغد غزال، ووقف عَلَى باب الشَّيْخ، وجعل يضرب بقرنيه الباب، إلى أن فتحوا لَهُ ودخل، فقال الشَّيْخ: يا بني، جاءك الغزال. تُوُفّي رحمه اللَّه فِي رابع عشر جُمَادَى الْأولى. 188- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد: أَبُو مسعود السوذرجاني4. شيخ السلفي.

_ 1 لم نقف عليه. 2 البداية والنهاية "12/ 161". 3 السابق "12/ 161". 4 السير "19/ 194".

يروي عَنْ: عليّ بْن ميلة الفَرَضِيّ، وغيره. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى عَنْ سِنٍّ عالية. 189- مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الرحيم بْن أحمد: العلّامة أبو سَعْد العيداني الخراساني المروزني، الحنفي1. ويُعرف بخُوَاهَرْزَادَة. كَانَ مائلًا إلى الحديث وكتابته. كبير الشّأن في مذهبه. روى عَنْ خاله القاضي عليّ بْن الحَسَن الدِّهْقان، والخطيب عَبْد الوهّاب الكسائي، وطائفة. ومات بمَرْو. ذكره ابن شيخنا قاضي الحَسَن. 190- مُحَمَّد ابْن الوزير الشهيد أَبِي القاسم رئيس الرؤساء عليّ بْن الحسن بن المسلمة. أبو النصر2. ولد نصر. ولد سنة أربعين وأربعمائة، وولي الأستاذ داريّة في العراق. وكان صدرًا محتَشِمًا مُعَظَّمًا. مات في المحرَّم. 191- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن وَدْعَان3. القاضي أبو نَصْر المَوْصِليّ. قدِم بغداد في سنة ثلاثٍ وتسعين قبل موته بعام، وروى الأربعين الوَدْعَانيّة الموضوعة الّتي سرقها عمّه أبو الفتح بن ودعان من الكذاب زيد ين رفاعة. سمعها منه: هبة اللَّه الشِّيرازيّ، وعُمَر الرؤاسي. وكان مولده سنة اثنتين وأربعمائة. ومات بالموصل. قَالَ السّمعانيّ: حدَّثَ عَنْ عمّه أبي الفتح أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن سليمان بْن وَدْعَان، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بْن عليّ بْن بحشل، والحسين بْن مُحَمَّد الصَّيْرفيّ. وروى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ. وقال السِّلَفيّ: قرأتُ عَلَيْهِ الأربعين جَمْعَه، ثمّ تبيّن لي حين تصفّحتها تخليطٌ عظيم يدلّ عَلَى كذِبه وتركيبه الأسانيد. وقال هُزَارسْت: سألته عن مولده، فقال: ليلة النصف من شعبان سنة إحدى وأربعمائة، أول سماعي سنة ثمان وأربعمائة. وقال ابن ناصر: رأيته ولم أسمع منه؛ لأنّه كَانَ متهمًا بالكذب، وكتابهُ في الأربعين سرقة من ابن رفاعة، وحذف منه الخطْبة، وركَّب عَلَى كلّ حديثٍ رجلًا أو رجلين إلى شيخ زيد بْن رفاعة واضع الكتاب. وكان كذابًا، وألف بين كلماتٍ قد قالها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبين كلمات من

_ 1 الجواهر المضيئة "3/ 1358". 2 الكامل "10/ 326". 3 السير "19/ 164"، البداية والنهاية "12/ 161".

كلام لُقْمان والحُكماء، وطوَّل الأحاديث. وقال السِّلَفيّ: تُوُفّي في المحرَّم بالموصل، ولم يكن ثقة. 192- مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم عليّ بْن المحسن بْن عليّ بْن مُحَمَّد: أبو الحُسين التّنُوخيّ البغداديّ المعدّل1. شهد عند قاضي القُضاة أَبِي عَبْد اللَّه الدّامغانيّ فقبله. وروى عَنْ أَبِيهِ، وغيره، مقطّعات من الشِّعْر. روى عَنْهُ: مفلح الدُّونيّ. ومات في شوّال وانقرض بيته. 193- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أحمد: أبو البركات بن الحُلْوانيّ البغداديّ2 من الوُكَلاء عَلَى باب قاضي القُضاة أَبِي عَبْد اللَّه بْن الدّامغانيّ، فمن بعده. سمع: أبا مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد الخلّال، ومُحَمَّد بْن عليّ الصُّوريّ، وجماعة. وعنه: الحافظ ابن ناصر، وغيره. تُوُفّي في ذي الحجّة؛ وقيل: في سنة ثلاثٍ. 194- مُحَمَّد بْن القاسم بْن أَبِي غُدّان. أبو الفتح الفقيه3. روى عَنْ: أَبِي إِسْحَاق القرّاب. 195- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أبي الرعد العُكْبَريّ4: أبو الحَسَن. سمع: الحَسَن بْن شهاب العُكْبَريّ. روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ. ومات في صَفَر. وقد أجاز للسِّلَفيّ. 196- مُحَمَّد بْن مامُوَيْه بْن عليّ. أبو بَكْر المتولّي الأَبِيوَرْديّ5. كَانَ متولّي أمور مدرسة البَيْهقيّ، وكان في أسلافه من تولّى الأوقاف. سمع: أبا بَكْر الحِيّريّ، وغيره. روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى وغسّلته امرأته، ودُفِن ليلًا مخافة الظَّلَمة والأعوان، وكان في زمان الغلاء والتّشويش. وقد مرّ عام أوّل. 197- مُحَمَّد بْن المفرّج بْن إِبْرَاهِيم: أبو عَبْد اللَّه البَطَلْيُوسيّ المقرئ6. قَالَ ابن بَشْكُوَال: روى عَنْ أَبِي عَمْرو الدّانيّ فيما كَانَ يزعمُ، وذكر أنّ له رحلة

_ 1 معجم الأدباء "14/ 113". 2 لم نقف عليه. 3 في عداد المجهولين. 4 في عداد المجهولين. 5 سبقت الترجمة له. 6 الميزان "4/ 46".

إلى المشرق روى فيها عَن الأهوازيّ. وكان يكذب فيما ذكره. وتُوُفّي بالمَرِيّة. قلت: وقد روى أبو القاسم بْن عيسى القراءات، وليس هو بثقة، عن عبد المنعم بن الخلوف، عَنْ أَبِيهِ، عَن ابن المفرّج هذا، وزعم أَنَّهُ قرأ عَلَى مكّيّ، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وأبي عليّ الأهوازيّ، وأبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحُسين الكارَزِينيّ. 198- منصور بْن بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حِيد بْن عَبْد الجبّار بْن النَّضْر. أبو أحمد بْن أَبِي منصور النَّيْسابوريّ التّاجر1. سمع: جَدّه أبا بَكْر مُحَمَّد بْن عليّ صاحب الأصمّ. وقدِم بغداد وسكنها. وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا عليّ بْن المذهب، وعبد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ. روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظفر المَغَازليّ، وأبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وخطيب المَوْصِل، وآخرون. تُوُفّي في شوّال. "حرف النون": 199- نَصْر بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن البَطِر: أبو الْخَطَّاب البغداديّ البزّاز المقرئ2. سمع بإفادة أخيه من: أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن البَيِّع، وعُمَر بْن أحمد العُكْبَريّ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن رَزْقُوَيْه، وأبي الحسين بن بشران، وأبي بكر المنقي، ومكّيّ بْن عليّ الحريريّ، وجماعة. وتفرّد في وقته، ورُحِل إِلَيْهِ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وابن ناصر، وسعد الخير الأندلسيّ، وأحمد بْن عَبْد الغني البَاجِسْرَائيّ، وأبو الفتح بْن البَطِّيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن السَّكَن، وشُهْدَة الكاتبة، وخطيب المَوْصِل أبو الفضل الطُّوسيّ، وخلْق سواهم، آخرهم موتًا. قَالَ صاحب "المرآة": جرت لَهُ حكاية، كَانَ عَلَى دواليب البقر مشرفًا عَلَى عُلُوفاتهم، فكتب إلى المستظهر باللَّه رقعة: العبد ابْن البقر المشرف عَلَى البَطَر: فلمّا رآها الخليفة ضحك. وكان ذَلِكَ تغفُّلًا منه. قَالَ أبو عليّ بْن سُكَّرَة: شيخ مستور. أَنَا الحَسَن بْن عليّ، أَنَا أبو الفضل الهمذاني، أنا أبو طهر السِّلَفيّ: سألتُ شُجاعًا الذُّهْليّ عَن ابن البَطَر فقال: كان

_ 1 السير "19/ 181". 2 السابق "19/ 46".

قريب الأمر لَيِّنًا في الرّواية، فراجعْتُهُ في ذَلِكَ وقلت: ما عرَفْنا ممّا ذكرت شيئًا، وما قرئ عليه شي تشك فيه. وسماعاته كالشم وُضُوحًا. فقال: هُوَ لَعَمْرِي كما ذَكَرْت، غير أني وجدت في بعض الأحيان ما كَانَ لَهُ بِهِ نسخة سماعًا، يشهد القلب ببُطْلانه. ولم يُحْمَلْ عَنْهُ شيءٌ من ذَلِكَ. وقال السِّلَفيّ: سألت ابن البَطَر عَنْ مولده، فقال: سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة وقد دخلت بغداد في الرّابع والعشرين من شوّال، فسَاعَةَ دخولي لم يكن لي شُغل إلّا أنّ مضيت إلى ابن البَطَر، وقد حكمت عَلَيْهِ، وكان شيخًا عِسرًا فقلت: قد وصلت من إصبهان لأجلك. فقال: اقرأ. وجعل موضع الراء من اقرأ غنيًّا. فقرأت عَلَيْهِ وأنا متكئ لأجل دمامل في موضع جلوسي. فقال: أبصِر ذا الكلب يقرأ وهو متّكئ! فاعتذرت بالدماميل، وبكيت من كلامه. وقرأت عَلَيْهِ سبعةً وعشرين حديثًا، وقمت. ثمّ تردّدتُ، وقرأت عَلَيْهِ خمسة وعشرين جزءًا، ولم يكن بذاك. تُوُفّي ابن البَطَر في سادس عشر ربيع الأول. وقد أنبأ بلال المغيثيّ عَن ابن رَواج، عَن السِّلَفيّ، عَنْهُ، بجزء حديث الإفك، للآجُرِّيّ. وروى هذا الجزء أبو الفتح بْن شاتيل، وهو غلط من بعض الطلبة وجَهْل، فإنّ أبا الفتح لم يلْحقه. وقال السّمعانيّ: كَانَ أبو الخطّاب يسكن باب الغَرَبَة عند المَشْرَعَة، ممّا يلي البدريَّة، وعُمِّر حتّى صارت إِلَيْهِ الرِّحْلة من الأطراف، وتكاثر عَلَيْهِ الطّلبة. وكان شيخًا صالحًا صَدُوقًا، صحيح السّماع. سمع: ابن البَيِّع، وابن رزقوَيْه، وابن بشران، وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُمْ. "حرف الهاء": 200- هبة اللَّه بْن حمزة: أبو الجوائز العبّاسيّ1. روى عَنْ: ابن غَيْلان. وهو ابن الكاتبة بنت الأقرع. تُوُفّي في صَفَر. "الكنى": 201- أبو الحَسَن بْن زفر العُكْبَريّ: المقرئ الفقيه الحنبليّ2. تُوُفّي عَنْ تسعين سنة، وقيل: إنه صام خمسًا وسبعين سنة.

_ 1 لم نقف عليه. 2 طبقات الحنابلة "2/ 253".

وفيات سنة خمس وتسعين وأربعمائة: "حرف الألف": 202- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عيسى: أبو العبّاس الكِنَانيّ القُرْطُبيّ1، ويُعرف بالبييرّس. روى عَنْ: مُحَمَّد بْن هشام المصحفي، وأبي مروان بْن سراج، وعيسى بْن خيرة، وخلف بْن رزق، وجماعة. وبرع في النَّحْو واللُّغة، وصار أحد أعلام العربية، مَعَ مشاركةٍ في الحديث والفقه والأصُول، وبذ أهل زمانه في الحفظ والإتقان، مَعَ خيرٍ وانقباض، وحُسْن خُلُق، ولِينِ جانب. 203- إسماعيل بْن الحَسَن بْن عليّ بْن الحَسَن بْن علي بْن الْحَسَن بْن عليِّ بْن عُمَر بْن حَسَن بْن عليّ بْن عليّ ابن رَيْحَانَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحُسين2 -رضي الله عنه-. أبو الهادي العَلَويّ الأصبهاني. كثير السّماع، نبيل. سمع: بمكّة: أبا الحَسَن بْن صخْر الْأَزْدِيّ. وبأصبهان: أبا نُعَيْم، وأبا الحُسين بْن فاذشاه. وقدم بغداد في هذه السنة ليحج، فحدث. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره. وقد قرأ بالرّوايات عَلَى أبي عَبْد اللَّه المليحي بأصبهان. وكان ناسكًا صالحًا. تُوُفّي في شَعْبان من أوّل السنة. قرأ بمكّة عَلَى: عليّ الكازَرُونيّ. قَالَ السِّلَفيّ: انتقى عَلَيْهِ أحمد بْن بِشْر، وإسماعيل التَّيْميّ؛ وكان مفسرًا. 204- أحمد بْن مَعَدّ: أبو القاسم، الملقَّب بالمستعلي باللَّه بْن المستظهر بْن الظّاهر بن الحاكم بن العزيز بن المُعِزّ العُبَيْديّ3، صاحب مصر. ولي الأمر بعد أَبِيهِ في سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وسنه يومئذ إحدى وعشرون سنة. وفي أيّامه وهت دولتهم، واختلفت أمورهم، وانقطعت دعوتهم من أكثر مدن الشّام، واستولى عليها أتراك وفرنج، فنزل الفرنج عَلَى أنطاكية، وحاصروها ثمانية أشهر، وأخذوها في سادس عشر رجب سنة إحدى وتسعين، وأخذوا المَعَرّة سنة اثنتين وتسعين، والقدس فيها أيضًا في شَعْبان. واستولى الملاعين على كثير من مدن السّاحل. ولم يكن للمستعلي مَعَ الأفضل أمير الجيوش حُكْم. وفي أيّامه هرب أخوه

_ 1 الصلة "1/ 71، 72". 2 غاية النهاية "1/ 163". 3 الدرة المضيئة "453"، وحسن المحاضرة "2/ 14".

نزار إلى الإسكندريّة، هُوَ منتسب أصحاب الدّعوة بقلعة الأَلموت، فأخذ لَهُ البيعة عَلَى أهل الثّغر أفتكين، وساعده قاضي الثّغر ابن عمّار، وأقاموا عَلَى ذَلِكَ سنة، فجاء الأفضل سنة ثمان وثمانين، وحاصَر الثغر، وخرج إِلَيْهِ أفتكين، فهزمه أفتكين. ونازلها ثانيا، وافتتحها عَنوة، فقتل جماعة، وأتى القاهرة بنزار وأفتكين، فذبح أفتكين صبرًا، وبنى المستعلي عَلَى أخيه حائطًا، فهو تحته إلى الآن. تُوُفّي المستعلي في ثالث عشر صَفَر سنة خمسٍ وتسعين، قاله ابن خَلِّكان، وغيره. "حرف الجيم": 205- جناح الدّولة: صاحب حمص، مر في الحوادث. "حرف الحاء": 206- الحُسَيْن بن مُحَمَّد بن أَحْمَد: أبو عليّ الكَرْمانيّ السِّيرَجَانيّ الصالح الصُّوفيّ1، أحد من عُني بطلب الحديث وأكثر منه ببغداد، لكنّه أفسد نفسه وادّعى ما لم يسمعه. وهو الّذي دمّر عَلَى الطُّرَيثيثيّ وأَلْحَقَ اسمه في أجزاء، فعُرِفت. وكان قد كتب عَنْ مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الترجمان بالشام. وحدَّثَ عَنْهُ السِّلَفيّ فقال: ثنا من أصله ببغداد، وسمع من عاصم، ورزق اللَّه. وكان صالحًا زاهدًا. 207- الحُسين بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المَرْزُبان: أبو عَبْد اللَّه الهَمَذانيّ الخطيب2. روى عَنْ: ابن حُمَيْد، وابن الصّبّاغ، ومُحَمَّد بْن يَنَال الصُّوفيّ، وابن عزو، وجماعة. قال شيرويه: وكان صدوقًا فاضلًا، كثير النسخ، متدينا، عابدا. 208- الحسين بن محمد بن أبي علي الحسين: الطبري، ثم البغدادي3، الفقيه الشافعي، توفي بأصبهان. وقد درس بنظامية بغداد مرتين، إحداهما استقلالا بعد الغزالي سنة تسع وثمانون. وقد تفقه علي أبي الطيب، وسمع منه، ومن: الجوهريّ. ثمّ لازم الشَّيْخ أبا إِسْحَاق حتّى برع في الفِقْه. ثمّ استُدْعِيّ إلى أصبهان من

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 244". 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 السير "19/ 210".

جهة أميرها، فقدمها، وأفاد أهلها ثلاث سنين، وانتقل إلى رحمة اللَّه تعالى. فهذا غير شيخ الحَرَم. "حرف الخاء": 209- خَالِد بْن عَبْد الواحد بْن أحمد بْن خَالِد الأصبهاني: أبو طاهر التّاجر1، أخو غانم. سمع: أبا نُعَيْم الحافظ؛ وبغداد: بشْرى بْن الفاتنيّ، ومُحَمَّد بْن رُزْمَة، وابن غَيْلان. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وجماعة. وُلِد سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وتوجفي في شَعْبان. 210- خَلَف بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن عَبَّاس بْن مُدِير: أبو القاسم الْأَزْدِيّ الخطيب2 بجامع قُرْطُبَة. روى عَنْ: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ كثيرًا، وأبي العبّاس العُذْريّ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي شاكر القَبْريّ، وجماعة. وسكن المَرِيّة ثمّ استوطن قُرْطُبَة، وأقرأ النّاس بها، وحدَّثَ. وكان ثقة، كثير الجمع والتفنيد. كتب بيده الكثير. وُلِد سنة سبْعٍ وعشرين وأربعمائة، وتُوُفّي في رمضان. "حرف السين": 211- سَعِيد بْن هبة اللَّه بْن الحُسين: أبو الحَسَن البغداديّ3. شيخ الأطباء بالعراق. وكان بارعًا أيضًا في العلوم الفلسفية، مشتهرًا بها. وخدم المفتدي باللَّه بصناعة الطّبّ. وانتهى في عصره معرفة الطّبّ إِلَيْهِ. 212- سلمان بْن حمزة بْن الخضِر السُّلَميّ الدمشقي4: أخو عَبْد الكريم: سمع: أبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب. وحدَّثَ باليسير.

_ 1 السابق "19/ 185". 2 الصلة "1/ 173". 3 وفيات الأعيان "6/ 73". 4 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 212".

"حرف الصاء": 213- صاعد بْن سَيَّار بْن يحيى بْن مُحَمَّد بْن إدريس: أبو العلاء الكِنَانيّ الهَرَوِيّ قاضي1 القُضاة بهَرَاة. سمع: جَدّه القاضي أبا نَصْر يحيى، وأبا سَعِيد مُحَمَّد بْن موسى الصَّيْرفيّ، وعليّ بْن مُحَمَّد الطّرَازِيّ، والقاضي أبا العلاء صاعد بْن مُحَمَّد، وأبا بِشْر الحَسَن بن أحمد المُزَكيّ، وسعيد بْن العبّاس النَّرْسيّ. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن طاهر، وجماعة آخرهم حفيده نَصْر بْن سيّار. وكان صَيِّنًا، نَزِهًا، إمامًا، انقاد لتقدُّمه جُمَيْع الطّوائف، وعُمَّر، وانتخب عَلَيْهِ شيخ الإسلام مع تقدمه. ولد سنة خمس وأربعمائة في جمادى الآخرة. من الرواة عنه: حفيد شهاب بن يسار، وعليّ بْن سهل الشّاشيّ، وعبد المعز بْن بِشْر المُزَنيّ، ومُحَمَّد بْن المفضل الدّهّان، وعبد الواسع بْن عطاء، ومسرور بْن عَبْد اللَّه الحنفيّ. تُوُفّي في رجب سنة أربع. أخذ عَنْ: أَبِي العلاء بْن التّلميذ والد أمين الدّولة؛ وعن: أَبِي الفضل كتفات، وعَبْدان الكاتب. وصنَّف كُتُبًا كثيرة في الطّبّ وهو صغير، وكتاب "الإقناع" وهو كبير، وكتاب التّلخيص النظامي، كتاب خلْق الإنسان، كتاب اليرقان، مقالة في الحدود، مقالة في تحديد مبادئ الأقاويل الملفوظ بها. وعليه اشتغل أمين الدّولة بْن التّلميذ النصراني. توفي في سادس ربيع الأول عَنْ ثمانٍ وخمسين سنة. وله عدة تلاميذ. "حرف العين": 214- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إسْمَاعِيل بْن قُورْتس. أبو مُحَمَّد السَّرَقُسطيّ2. روى عَنْ: أَبِيهِ، وأبي الوليد الباجيّ. وأجاز لَهُ أبو عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عُمَر السّفاقُسِيّ. وكان وقورًا مهيبًا فاضلًا، ذا نظر، عليمًا في المسائل وولي قضاء سرقسطة. تُوُفّي في صَفَر.

_ 1 السير "19/ 182"، وشذرات الذهب "3/ 402". 2 الصلة "1/ 289".

215- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن ثابت: أبو القاسم الثّابتيّ الخِرَقيّ1. من قرية خَرَق بمَرْو. كَانَ من أئمّة الشّافعيّة الكبار، ورِعًا زاهدًا. تفقّه بمَرْو عَلَى أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن الفُورانيّ؛ وبمرو الرُّوذ عَلَى القاضي حسين. وأخذ ببغداد عَنْ أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. وحجّ ورجع إلى قريته، وأقبل عَلَى العبادة والزُّهْد والفتوى. سمع: عبد الله الشيرتحشيري، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: ابنه عَبْد اللَّه، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن بشّار. تُوُفّي في ربيع الأوَّل. 216- عَبْد الصَّمد بْن موسى بن هزيل بْن تاجيت2. أبو جعفر البَكْريّ قاضي الجماعة بقرطبة. روى عن: أبيه، وحاتم بن محمد، ناظر عند: أَبِي عُمَر بْن القطّان الفقيه. وولي قضاء قُرْطُبَة. وكان لَهُ حظٌّ من الفِقْه والشروط. وكان يؤم الناس في مسجده، ويلزم الأذان فيه. واستمّر عَلَى ذَلِكَ مدّة قضائه. وكان وقورًا شهمًا متصاونًا، من بيت عِلْم وجلة. ثم صرف عَن القضاء ولزم بيته إلى أنّ مات في ربيع الآخر، وله نحوٌ من سبعين سنة. 217- عَبْد العزيز بْن الحُسين الدّمشقيّ الدّلّال3: سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سَلْوان، وغيره. ووثَّقهُ أبو مُحَمَّد بْن صابر. روى عَنْهُ: علي بن زيد بن المؤدِّب. 218- عَبْد العزيز بْن عَبْد الوهّاب بْن أَبِي غالب: أبو القاسم القَرَويّ4. روى بمكّة، أي سمع بها من القاضي أَبِي الحَسَن بن صخر، وأبي القاسم بن عَبْد العزيز بْن بُنْدار. قَالَ ابن بَشْكُوَال: حدَّثَ عَنْهُ جماعة من شيوخنا، منهم: يحيى بْن موسى القُرْطُبيّ، وعليّ بْن أحمد المقرئ. وقال: كَانَ شيخًا جليلًا لَهُ روايات عالية، قدِم علينا غرناطة. وكتب إليَّ أبو عليّ الغسّانيّ يَقُولُ: إنّه قدِم عليكم رَجُل صالح عنده روايات، فخُذْ عَنْهُ ولا يفوتك. تُوُفّي في ذي القعدة.

_ 1 طبقات الشافعية "3/ 227" للسبكي. 2 الصلة "2/ 376". 3 لم نقف عليه. 4 الصلة "2/ 376".

219- عَبْد الواحد بْن عَبْد الرَّحْمَن. أبو مُحَمَّد الزُّبَيْريّ الوَرْكيّ الفقيه الزّاهد1. ذكره أبو سَعْد السمعاني وقال: عمر مائة وعشر سِنين. رحل النّاس إِلَيْهِ من الأقطار، وروى عَنْ: عمّار؛ وعن: إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يزداد الرّازيّ، وإسماعيل بْن الحَسَن الْبُخَارِيّ، وإِسْحَاق بن محمد المُهَلّبيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن سليمان الجوديّ. روى عَنْهُ جماعة من ابن السّمعانيّ، وقال: قبره بوركي عَلَى فرسخين من بُخَارى، زرت قبره. قلت: هذا نظر لَهُ في العالم، ولو كَانَ قد سمع بأصبهان أو نَيْسابور ونحوهما لأدرك إسنادًا عظيمًا. ولكنه سمع بما وراء النهر، وما إسنادهم بعالٍ. وقد أدرك والله إسنادا عاليا بمرة، فإن شيخه أبا ذر المذكور روى عَنْ يحيى بْن صاعد. وقد ذكرنا في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة موته. روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، وأبو العطاء أحمد بْن أَبِي بَكْر الحمّاميّ، ومحمد بن أبي بكر عثمان البَزْدَويّ، وأخوه عُمَر الصّابونيّ، ومُحَمَّد بْن ناصر السرخسي، ومحمود بْن أَبِي القاسم الطُّوسيّ، وخلْق سواهم. عندي جزءٌ من حديثه بعُلُوّ. أرّخ السّمعانيّ وفاته في سنة خمس هذه، وقال: هُوَ فقيه إمام زاهد. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ التَّمِيمِيِّ: أَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَيْكَنْدِيُّ، أَنَا الْإِمَامُ أبو محمد بن عبد الواحد بن عبد الرحمن بِقَرْيَةِ وَرْكِي فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ: ثنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْقُرَشِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَه". فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: "فُتح لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يُرْضِي عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ" 2. 220- عثمان بن عبد الله: أبو عمر النَّيْسابوريّ الجوهريّ3، نزيل بغداد. قَالَ: حضرت مجلس أَبِي بَكْر الحِيّريّ، وصحِبْت أبا عثمان الصّابونيّ، وصحبت

_ 1 السير "19/ 104". 2 "حديث حسن": أخرجه أحمد "5/ 224"، "4/ 200"، والبخاري في تاريخه الكبير "8/ 302"، وابن حبان "1822"، وابن أبي عاصم "1/ 175" في السنة، والطبراني "8/ 130، 204" في الكبير، والطحاوي "3/ 261" في شرح المشكل. 3 ذيل تاريخ بغداد "2/ 209".

بصور الفقيه بن أيوب، وبمصر أبا عبد الله القضائي. روى السِّلَفيّ وسأله في هذه السّنة عَنْ سِنِّه فقال: جاوزت التّسعين. 221- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَصِيدة: أبو الحَسَن البغداديّ الغزّال1. أحد القرّاء الحذّاق. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: كَانَ آخر من يذكر أَنَّهُ قرأ القرآن عَلَى أَبِي الحَسَن الحمّاميّ. 222- عليّ بْن عَبْد الواحد بْن فاذشاه: أبو طاهر الإصبهانيّ. سمع: أَبَا نُعَيْم، وهارون بْن مُحَمَّد. وعنه: السِّلَفيّ. وبقي إلى هذه الحدود. "حرف الميم": 223- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الكامَخِيّ2: أبو عَبْد اللَّه السّاويّ. قَالَ أبو سَعْد: إنّه محدّث مشهور، معروف بالطّلب. رحل وسمع بنفسه، وأكثر. سمع بنَيْسابور: أبا بَكْر الحِيّريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ. وببغداد: أبا القاسم هبة اللَّه اللَّالَكائيّ، وأبا بَكْر البَرْقانيّ. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، وغيره. وآخر من روى عَنْهُ أبو زُرْعة المَقْدِسيّ. قلت: أخبرتنا عَائِشَة بنت المجد عيسى بجزء سفيان بن عيينة، عَنْ جدّها أَبِي زُرْعة، عَنْهُ. وتُوُفّي في هذه السنة عَلَى ظَنٍّ، أو في حدودها. قد حدث بمسند الشّافعيّ، من غير أصل. قَالَ ابن طاهر: سماعه فيما عداه صحيح. وممّن روى عَنْهُ: سَعِيد بْن سَعْد اللَّه المِيهَنيّ، وأخواه راضية، وهبة اللَّه. 224- مُحَمَّد بْن أحمد بْن عَبْد الواحد: أبو بَكْر الشِّيرازيّ، البغداديّ، المعروف بابن الفقيرة3. رَجُل صالح من أهل النَّصْريّة، محلّة ببغداد. سمع: أبا القاسم بْن بِشْران. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره. قَالَ عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ: كَانَ ابن الفقيرة يمضي ويخرّب قبر أَبِي بَكْر الخطيب ويقول: كَانَ كثير التحامل على أصحابنا الحنابلة. فرأيته يومًأ، فأخذت الفأس من يده، وقلت: هذا كَانَ إمامًا كبير الشأن. وتوّبته وتاب، وما رجع إلى ذَلِكَ. تُوُفّي يوم تاسع المحرم.

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "19/ 184". 3 المنتظم "9/ 133".

225- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز: أبو غالب الرّازيّ البغداديّ، المعروف بابن أخت الْجُنَيْد1. سمع أبا القاسم بْن بِشْران. وكان إمام جامع الرّصافة، وكان رجلًا صالحًا، توفي في المحرم. وروى عَنْهُ: عُمَر بْن ظَفَر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ السِّلَفيّ. وقع لنا حديثه في الثالث من البُسْرانيّات. 226- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه: أبو ياسر البغداديّ الخيّاط2. سمع: البَرْقانيّ، وأبا عليّ بْن شاذان، وابن بُكَيْر النّجّار، وأبا القاسم بْن بِشْران. وكان رجلًا خيّرًا. تُوُفّي في جُمَادَى. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الفضل، خطيب المَوْصِل، وجماعة، وسعد الخير الأندلسيّ. 227- مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب: أبو الفرج الكوفي الخزاز3، ويعرف بالشعيري. روى ببغداد عَنْ: مُحَمَّد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ. وعنه: السِّلَفيّ. 228- مُحَمَّد بْن عليّ: الْإِمَام أبو بَكْر الشّاشيّ4. قِيلَ: تُوُفّي في هذا العام، والأصحّ ما تقدَّم وهو سنة خمسٍ وثمانين. 229- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن ثابت. الْإِمَام أبو نَصْر البَنْدنَيْجيّ الشّافعيّ5، فقيه الحَرَم. كَانَ من كبار أصحاب الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. وقد سمع من: أَبِي إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ، وجماعة. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الفضل الحافظ، ورفيقه أبو سعد أحمد بن محمد

_ 1 لا بأس به. 2 انظر السابق. 3 لم نقف عليه. 4 سبقت الترجمة له. 5 السير "19/ 196".

البغداديّ، وعبد الخالق بْن يوسف. قَالَ السِّلَفيّ: سَمِعْتُ حُمَيْد بْن أَبِي الفتح الأصبهاني الشَّيْخ الصّالح بمكّة يَقُولُ: كَانَ الفقيه أبو نَصْر البَنْدنَيْجيّ يقرأ في كلّ أسبوع ستّة آلاف مرة: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ، ويعتمر في رمضان ثلاثين عُمْرة، وهو ضرير يؤخذ بيده. وقال غيره: تُوُفّي بمكّة وقد جاوز أربعين سنة، وعاش بضعًا وثمانين سنة. وكان مُفْتيا مدرّسًا، بارعًا، صاحب جدّ وعبادة. 230- مقاتل بْن مَطْكُوذ بْن تمريان: أبو مُحَمَّد السُّوسيّ المغربي الضّرير1 المقرئ. قدِم دمشق، وقرأ بها عَلَى أَبِي عليّ الأهوازي. وسمع منه، ومن: عليّ بْن مُحَمَّد بْن شجاع، وأبي عليّ أحمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر. روى عَنْهُ: حفيده نَصْر بْن أحمد، وغيره. وقدم دمشق سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، وعُمره إحدى وعشرين سنة. مات في صَفَر. 231- منصور بْن المؤمِّل الغزّال. الضّرير2، أبو أحمد. سمع: ابن غَيْلان. روى عَنْهُ: أبو البركات السَّقَطيّ، والسِّلَفيّ. قَالَ الذُّهْليّ: تُوُفّي في شَعْبان. "حرف الياء": 232- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن الحُسين: القاضي أبو صالح الناصح3. ولد قاضي قضاة نَيْسابور. مدرّس، مفتٍ عَلَى مذهب أَبِي حنيفة. ناب في القضاء مدة. حدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ؛ وعن أَبِي حسان المُزَكيّ، وأبي سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن حَمْدان النَّصْرويّ. وعنه: ابناه عَبْد الرَّحْمَن، وأحمد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وإسماعيل العصائديّ. مات في ذي الحجة، وله سبعون سنة. "الكنى": 233- أبو الحَسَن بْن أَبِي عاصم العَبَّادي4: الفقيه الشّافعيّ، مصنِّف كتاب الرقم في المذهب. توفي عَنْ ثمانين سنة، وكان من كبار فقهاء المراوزة. له ذكر في الروضة.

_ 1 السير "20/ 248". 2 لم نقف عليه. 3 لا بأس به. 4 السير "19/ 185".

وفيات سنة ست وتسعين وأربعمائة: "حرف الألف": 234- أحمد بن الحسن بن الحسن: البغداديّ البزّاز، المعروف بابن الزّرد1. شيخ صالح. سمع: عَبْد المُلْك بْن بِشْران، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن رزْمة. وعنه: ابن ناصر، والسِّلَفيّ، وطائفة. 235- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد: أبو الفتح السُّوذَرْجانيّ الأصبهاني2. أخو أَبِي مسعود مُحَمَّد المتوفي سنة أربع وتسعين، وعاش أحمد بعده مدة. سمع: عليّ بْن مَيْلَة الفرضي، واحسبه آخر من روى عنه، أبا بكر بن علي بن الذّكْوانيّ. وعُمِّر تسعين سنة. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو رُشَيْد إسماعيل بْن غانم البَيِّع، ومحمود بْن أَبِي القاسم بْن حَمَكا. ثمّ ظفرِتُ بوفاته في صَفَر سنة ستٍّ وتسعين. وآخر أصحابه أبو الفتح الخِرَقيّ. وكان من كبار الأُدباء والنُّحاة بأصبهان. خرَّج لَهُ الحُفّاظ. 236- أحمد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْر بْن سِوار: الأستاذ أبو طاهر البغدادي3، مقرىء العراق، مصنف كتاب المستنير في القراءات العشْر. وُلِد سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ ثقة أمينًا، مقرئًا فاضلًا، حَسَن الأخذ للقرآن. ختم عَلَيْهِ جماعة كتاب اللَّه، وكتب بخطّه الكثير من الحديث. سمع: مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن رزْمة، ومُحَمَّد بْن الحُسين الحرّانيّ، وأبا طَالِب بْن غَيْلان، والتّنُوخيّ، وجماعة. وهو والد شيخنا هبة اللَّه بْن مُحَمَّد. ثنا عَنْهُ: أبو الفضل بْن ناصر، والخطيب مُحَمَّد بْن الخضر المُحَوَّليّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ. قلت: وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وجماعة. قَالَ السّمعانيّ: سألتُ ابن ناصر عَنْهُ، فقال: نبيل ثبت، متقن أنبأونا عَنْ حمّاد الحرّانيّ أَنَّهُ سمع السِّلَفيّ يَقُولُ، وذكر ابن سَوَّار: كان فاضلًا عالمًا من أعيان أهل

_ 1 لا بأس به. 2 السير "19/ 193، 194". 3 السير "19/ 225، 226"، البداية والنهاية "12/ 163".

زمانه في علم القراءات، وله كتاب فيها، سمعناه منه. وقرأ عَلَيْهِ خلْق كثير. وكان ثقة، ثبتًا، أمينًا. قلت: أَخْبَرَنَا بكتابه "المستنير" أبو القاسم عليّ بْن بَلبان إجازةً، بسماعه من أبي طالب بن النّبطيّ، أَنَا أبو بَكْر أحمد بْن المقرئ سماعًا، أَنَا المؤلِّف سماعًا. وممّن قرأ عَلَيْهِ القراءات العَشْر أبو عليّ بْن سُكَّرَة، وقال: هُوَ حنفيّ المذهب، ثقة، خيِّر، حبس نفسه عَلَى الإقراء والحديث. قلت: وممّن قرأ عَلَيْهِ: أبو مُحَمَّد المقرئ سِبْط الحنّاط. ومن شيوخه: أبو عليّ الشّرْمقانيّ، وعُتْبة العُثْمانيّ. وأسانيده موجوده في صدر كتابه. قَالَ ابن النّجّار: قرأ القرآن عَلَى: أَبِي القاسم فرج بْن عُمَر الضّرير، والقاضي أَبِي العلاء الواسطيَّيْن، وأبي نَصْر بْن مسرور، وعليّ بْن طلحة، وعُتْبة بْن عَبْد المُلْك، والحَسَن بْن عليّ العطّار. وكان إمامًا، ثقة، نبيلًا. قرأ عَلَيْهِ: سِبْط الحنّاط، والشَّهْرَزُوريّ. مات في رابع شَعْبان. 237- إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد: أبو طاهر السلماني الواعظ1. روى عَنْ: أَبِي القاسم بْن عَلِيَّك النَّيْسابوريّ، وغيره. روى عَنْهُ: هبة بْن السَّقَطيّ، وأبو عامر العَبْدَريّ، وولده الواعظ يحيى بْن إِبْرَاهِيم، وآخرون. وكان شيخًا بهيا، فاضلًا، عظيم اللّحية. قَالَ ابنه: كَانَ أَبِي علّامةً في عِلم الأدب، والتفسير، والحديث، ومعرفة الأسانيد والمُتُون، وأوحد عصره في عِلْم الوعظ والتّذكير. أدرك جماعة من الأئمّة، وكتب بخطّه مائة وخمسين مجلّدًا. وكان من الورع وصِدْق الحديث بمكان. ولد سنة ثلاثة وثلاثين وأربعمائة، ومات بخُوَيّ في جُمَادَى الآخرة. "حرف الحاء": 238- حمد بن مراون بْن قيصر: أبو عُمَر الأُمَويّ، الزّاهد المعروف بابن اليُمنَالِش2. من أهل المَرِيّة أخذ عَنْ: المُهَلَّب بْن أَبِي صُفْرة، وغيره. قَالَ ابن بَشْكُوَال: فاق في الزُّهد والورع أهلَ وقته. وكان العمل أَمْلَك بِهِ. وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وتوفي في صفر.

_ 1 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 2 لم نقف عليه.

239- الحُسين بْن الحُسين بْن عليّ بْن العبّاس: أبو أسعد الهاشْميّ الفانِيذيّ البغداديّ1. سمع: أبا عليّ بْن شاذان روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وآخرون. أثنى عَلَيْهِ عَبْد الوهّاب، وذكر شجاع الذُّهْليّ أَنَّهُ تغيّر في آخر عمره، وُلِد سنة ثمانٍ وأربعمائة، وتوفي في شوال. قال السلفي: نقص بآخرة. 240- الحُسين بْن مُحَمَّد. أبو عبد الله الكتبي الحاكم2. محدث هراة. توفي عن سبْعٍ وثمانين سنة. صنف التاريخ، وسمع من: أَبِي مَعْمَر سالم بْن عَبْد اللَّه، وطبقته من أصحاب الرّفاء، وابن خميرُوَيْه. روى عَنْهُ: أبو النَّضْر الفامي، وأهل هَرَاة، وعبد الرّشيد بْن ناصر، وعبد المُلْك بْن عَبْد اللَّه العُمَريّ، ومسعود بْن مُحَمَّد الغانميّ، وعدة. أثنى عَلَيْهِ السّمعانيّ، وقال: يُعرف بحاكم كرّاسة، لَهُ عناية تامة بالتّواريخ. سمع: سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، وأبا يعقوب القرّاب. وُلِد سنة تسعٍ وأربعمائة، ومات في صَفَر بهَرَاة. "حرف الخاء": 241- خازم بْن مُحَمَّد بْن خازم: أبو بَكْر المخزوميّ القرطبي3. ولد سنة عشر وأربعمائة، وروى عَنْ: يونس القاضي، ومكّيّ بن أَبِي طَالِب، وأبي مُحَمَّد الشَّنْتَجاليّ، وأبي القاسم بْن الإفليليّ، وجماعة. قَالَ ابن بَشْكُوَال: وكان قديم الطَّلب، وافر الأدب. ولم يكن بالضّابط، وكان يخلط في أسمعته. وقفت لَهُ عَلَى أشياء قد اضطّرب فيها. وكان أبو مروان بْن سراج، ومُحَمَّد بْن فَرَج الفقيه يضعّفاه. قُلْتُ: آخِرُ من رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل نزيل مَرّاكش، قَالَ أبو الوليد بْن الدّبّاغ: كَانَ من جلة أهل الأدب، وله اعتناء بالحديث.

_ 1 لا بأس به. 2 السير "19/ 152". 3 معرفة القراء الكبار "1/ 445".

"حرف السين": 242- سليمان بْن أَبِي القاسم نجاح: مولى أمير المؤمنين بالأندلس المؤيَّد باللَّه بْن المستنصر الأُمَويّ، الأستاذ أبو دَاوُد المقرئ1. سكن دانيَة، وَبَلَنْسِيَة. قرأ القراءات عَلَى أَبِي عَمْرو الدّانيّ، وأكثر عَنْهُ. وهو أثبت النّاس فيه. وروى عَنْ: عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي العبّاس العُذْريّ، وأبي عَبْد اللَّه بْن سعدون القَرَويّ، وأبي شاكر الخطيب، وأبي الوليد الباجيّ، وغيرهم. قرأ عَلَيْهِ خلْق كثير، وأخذوا عَنْهُ منهم: أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن محمد بن سعيد ابن غلام الفَرَس، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو العباس بن أحمد بن عبد الرحمن بن عاصم الثقفي، وأحمد بْن عليّ الثَّقْفيّ، وأحمد بْن عليّ بْن سَحْنُون المُرْسي، وابن أحمد بْن خَلَف، وجماعة، وإبراهيم بْن البَكْريّ الدّانيّ، وجعفر بْن يحيى المعروف بابن غتّال، ومُحَمَّد بْن عليّ النوالشيّ، وعبد اللَّه بْن الفَرَج الزُّهَيْريّ، وأبو الحَسَن عليّ بْن هذيل، وأبو نَصْر فتح بْن خَلَف البَلَنْسِيّ، وأبو نَصْر فتح بْن أَبِي كُبَّة البَلَنْسِيّ، وأبو دَاوُد سلمان بْن يحيى القُرْطُبيّ، وآخرون. قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ من جلة المقرئين وفضلائهم وخيارهم. علمًا بالقراءات ورواياتها وطُرُقها، حَسَن الضِّبْط. أَخْبَرَنَا عَنْهُ جماعة ووصفوه بالعِلْم، والفضل، والدّين. وتُوُفّي ببَلَنْسِيَة، في سادس عشر رمضان. وكان مولده في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وأحفل النّاس بجنازته، وتزاحموا عَلَى نعشه. قلت: وقرأت بخطّ بعض أصحاب أَبِي دَاوُد: تسمية الكُتُب الّتي صنّفها أبو دَاوُد: كتاب البيان الجامع لعلوم القرآن، في ثلاثمائة جزء؛ وكتاب التّبيين بهجاء التّنزيل، وفي ستٍّ مجلدات؛ وكتاب الرَّجْز المسمّى بالاعتماد الذي عارض بِهِ المقرئ أبا عَمْرو في أصول القرآن وعقود الديانة، عشرة أجزاء، وهو ثمانية عشر ألف بيت وأربعمائة وأربعون بيتًا وكتاب الجواب عَنْ قوله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] ، مجلَّد وذكر تتمة ستة وعشرين مصنفًا.

_ 1 السير "19/ 168"، شذرات الذهب "3/ 403".

"حرف العين": 243- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن الشُّرُوطيّ1. عَنْ: ابن غَيْلان. وعنه: السِّلَفيّ. مات فجأة في رجب. 244- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم. أبو الحُسين بْن أَبِي القاسم الحِنّائيّ الدّمشقيّ2. سمع الكثير من أَبِيهِ. ومن: أَبِي عليّ الأهوازيّ، وأبي عَبْد اللَّه بْن سَلْوان، وجماعة كثيرة. قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه النَّسائيّ، وأبو الحُسين الأبّار. وثّقه أبو مُحَمَّد بْن صابر وقال: سألته عَنْ مولده، فقال: في رجب سنة أربعين وأربعمائة. وتُوُفّي في ذي القعدة. قلتُ: روى عَنْهُ: سليمان بْن عليّ الرَّحْبيّ المُتَوَفَّى سنة تسعٍ وستين وخمسمائة بدمشق. 245- عُبَيْد اللَّه بْن طاهر بْن الحُسين: الشَّيْخ أبو الحَسَن الرَّوَقيّ3 سِبْط أَبِي بَكْر بْن فُورَك. من علماء طُوس. عُمِّر دهرًا في صيانةٍ وعِلْم. سمع: أَبَاهُ، وأبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ، وأبا مُحَمَّد الْجُوَينيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ. مات في رمضان. قَالَ عَبْد الرحيم السّمعانيّ: روى لنا عَنْهُ: أبو حامد مُحَمَّد بْن الفضل الطّابَرَانيّ، والمُوَفَّق بْن مُحَمَّد الصّكّاك، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وسعد بْن عُبَيْد عاش ثمانين سنة. 246- عليّ بْن أحمد بْن عُمَر بْن الخَلِيّ: أبو الحَسَن الكَرْخيّ البغداديّ4. سمع: أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن الحاملي، وعبد المُلْك بْن بِشْران، وغيرهما. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، والمظفر بْن جَهِير، ويحيى بْن ثابت، وأبو عليّ أحمد بْن مُحَمَّد الرَّحْبيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وغيرهم. وأحسبه قرابة الفقيه أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بْن الخَلِيّ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وله ثمانٍ وتسعون سنة. والخَلِيّ بفتح الخاء. 247- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد: أبو الحَسَن بْن الدُّوش، ويقال: الدش، الشاطبي المقرئ5.

_ 1 في عداد المجهولين. 2 تاريخ دمشق "22/ 512". 3 لا بأس به. 4 انظر السابق. 5 الصلة "2/ 422".

روى القراءات عَنْ أَبِي عَمْرو الدّانيّ تلاوةً. سمع منه: ومن: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وغيرهما. قَالَ ابن بَشْكُوَال: أقْرَأَ النّاس وأسمعهم الحديث، وكان ثقة فيما رواه، ثبتًا فيه؛ دَيِّنًا، فاضلًا. تُوُفّي في رابع شَعْبان بشاطبة. قلت: قرأ عَلَيْهِ القراءات: أبو عَبْد الله مُحَمَّد بْن الحسن ابن غلام الفَرَس، وأبو داود سليمان بْن يحيى بْن سَعِيد القُرْطُبيّ، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن خليفة النِّفْزيّ الدّانيّ، وعلي بْن مُحَمَّد بْن أَبِي العَيْش الطَّرْطُوشيّ ثمّ الشّاطبيّ، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن خَلَف التُّجَيْبيّ، وآخرون. وإبراهيم من آخرهم وفاةً. 248- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن فُورَجَة: أبو الحسن الأصبهاني التّاجر. يروي عَنْ: عليّ بْن عَبْدكَويْه، وغيره. تُوُفّي يوم عاشوراء. وروى عَنْ أَبِي بَكْر الذّكْوانيّ، والجمّال، وجماعة. "حرف الفاء": 249- الفَرَج بْن مُحَمَّد بْن المقرون: النّجّار. بغداديّ1، سمع: عَبْد اللَّه بْن شاهين، وأبا مُحَمَّد الخلّال. روى عَنْهُ: هبة اللَّه السَّقَطيّ. تُوُفيَ فِي ذي القعْدة. "حرف الميم": 250- مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار بْن مُحَمَّد الضَّبّيّ: الفُرْسانيّ الأصبهاني2، أبو العلاء. شيخ صالح مُكْثِر. سمع: أبا بَكْر بْن أَبِي عليّ الذكواني، وأبا القاسم بن الأَسْترَاباذيّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وَأَبُو سَعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد البَغْدَادِيّ، وجماعة. تُوُفّي في ربيع الآخر. وهو من قرية فُرْسان بالضّمّ والكسْر؛ وقد ذكره ابن نقطة فقال: حدَّثَ عَنْ عليّ بْن عَبْدكَويْه، والجمّال. وحدَّثَ عَنْهُ: أبو نَصْر أحمد بْن مُحَمَّد طاهر الكواز، وإسماعيل بن محمد بن أحمد الزتاني. وكان يروي أبوه أيضًا عَنْ أَبِي بَكْر المقرئ. ومات قبل أبي نعيم الحافظ.

_ 1 لم نقف عليه. 2 لا بأس به.

251- محمد بن عبيد الله بن محمد كادش: أبو ياسر الحنبلي المحدِّث1، أخو أبي العِزّ. قرأ الكثير بنفسه ونَسَخَ وحصّل. وسمع: أقضى القضاة أبا الحُسين الماوَرْدِيّ، وأبا مُحَمَّد الجوهري، وأكثر عَنْ طراد بْن البَطَر، وطبقتهما. وهو من شيوخ السِّلَفيّ. وكان قارئ أهل بغداد والمستملي بها. وكان يلْحن قليلًا، وله صوت جهوريّ. 252- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه: أبو طاهر الكَرّانيّ2 الأصبهاني. سمع: ابن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ، وغيره. وحدَّثَ. 253- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن جعفر: أبو بَكْر الأصبهاني ابن عزيزة الفقيه3. روى عَنْ: ابن فاذشاه، وابن رَيْدَة، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الذّكْوانيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن العتر، وأبي ذَرّ الصالحاني، وجماعة. وعنه: أبو سعيد بن محمد حامد، وأبو طاهر السِّلَفيّ. 254- مُحَمَّد بْن المُنْذِر بْن ظَبْيان بْن المُنْذِر: أبو البركات الكَرْخيّ المؤدِّب4. سمع أبا القاسم بْن بِشْران. وهو أحد شيوخ السلفي في عض أمالي ابن بِشْران. وروى عَنْهُ أيضًا: إسماعيل السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ. وتُوُفّي في صَفَر. قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: سَمِعْتُ ابن ناصر يَقُولُ: كَانَ كذابًا. وقال السِّلَفيّ: هُوَ مُسْتَفاد ظبيان. 255- معالي العابد5: أحد الزُّهاد المنقطعين إلى الله. كان مقيمًا بمسجد ببغداد، وتحكى عنه الكرامات ومجاهدات. قَالَ أبو مُحَمَّد سِبْط الحنّاط: كَانَ لا ينام إلا جالسًا، ويبلس ثوبًا واحدًا في الصيف والشّتاء، فإذا بُرْد شدّ المِئْزر عَلَى كتفه. مات في ذي الحجة.

_ 1 ذيل طبقات الحنابلة "2/ 94". 2 الأنساب "10/ 377". 3 لم نقف عليه. 4 لا بأس به. 5 البداية والنهاية "12/ 163".

"حرف النون": 256- نصر بن عبد الجار بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الجبّار: أبو منصور التَّميميّ القَزْوينيّ1 الواعظ. سمع: أبا يَعْلَى الخليل بْن عَبْد اللَّه الحافظ، وأبا بَكْر أحمد بن الخضر القزويني، وجماعة. وبغداد: أبا مُحَمَّد الجوهريّ، وابن الفتح العشّاريّ. وسمع بأماكن، وجمع لنفسه مُعْجَمه. وكان من أهل الفضل والدين. وقدم بغداد في هذه السنة، وهو آخر العهد بِهِ. وروى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والمعمر بْن البَيِّع، والسِّلَفيّ وقال: هو محدث ابن محدِّث ابن محدّث، وبيتهم بقزُّوين. كتب بني مندة بأصبهان، وكتب أولاد السّمعانيّ بمَرْو، وسألته عَنْ مولده فقال: في سنة خمسٍ وعشرين وأربعمائة. "حرف الياء": 257- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي زيد: أبو الحَسَن اللَّوَاتيّ المُرْسِي، المعروف بابن البيّاز2. روى القراءات عَنْ: مكّيّ بْن أَبِي طَالِب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وجماعة. ورحل إلى المشرق. قَالَ ابن بَشْكُوَال: حجّ ولقي بمصر عَبْد الوهّاب القاضي المالكيّ، وأخذ عَنْهُ التّلقين من تأليفه. وأقرأ النّاس القرآن، وعُمّر وأَسَنَّ. قلت: وسمع القراءات من عَبْد الجبار بْن أحمد الطَّرَسُوسيّ، وهو آخر من روى عَنْهُمَا. قَالَ الحافظ أبو القاسم خَلَف بْن بَشْكُوَال: أَخْبَرَنَا عَنْهُ جماعة من شيوخنا، وسمعتُ بعضهم يضعفه وينسبه إلى الكذب، وادعاء الراوية عَنْ أقوامٍ لم يَلْقَهَم ولا كاتبوه. ويشبه أنّ يكون ذَلِكَ في وقت اختلاطه؛ لأنّه اختلط في آخر عُمره. تُوُفّي بمرسية في ثالث المحرَّم وله تسعون سنة. قلت: روى عَنْهُ القراءات: أبو عَبْد اللَّه بْن سَعِيد الدّانيّ، وعلي بْن عَبْد اللَّه بْن ثابت الخزرجي، وأبو داود، وسليمان بن يحيى بن سعيد المقرئ، وآخرون.

_ 1 التدوين "4/ 161" للقزويني. 2 معرفة القراء الكبار "1/ 449".

وقد وقع لنا إسناده بالقراءات عاليا للإمام عَلَم الدين القاسم الأندلسيّ، فإنه تلا بها عَلَى أَبِي جعفر الحصّار، عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه بْن سَعِيد المذكور. وقد روى الموطّأ عن يونس بن عبد الله بن مغيث. 258- يحيى بْن منصور: أبو زكريّا الصُّوفيّ الْجَنْزيّ1، والد الْإِمَام مُحَمَّد بْن يحيى الفقيه. سكن بنَيْسابور، ونَفَقَ عَلَى نظام المُلْك، وصادِهُ بحُسْن كلامه. وسيرته قصيرة. شيخ رباطه، تُوُفّي في رمضان بنيسابور. وفيات سنة سبع وتسعين وأربعمائة: "حرف الألف": 259- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يونس: الخطيب أبو الحَسَين المَقْدِسيّ2. سمع ببلده: أبا الغنائم مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الفرّاء، وأبا عثمان بْن ورقاء، وأبا زكريّا عَبْد الرحيم الْبُخَارِيّ. سمع منه: عَبْد الرَّحْمَن، وعبد اللَّه ابنا صابر. وتُوُفّي بدمشق. 260- أحمد بْن بُنْدار بْن إِبْرَاهِيم: أبو ياسر البقّال القطّان3، أخو أَبِي المعالي ثابت. سمع: بِشْر بْن الفاتِنيّ، وأبا عليّ بْن دُوما، وأبا طاهر مُحَمَّد بْن عليّ العلّاف، وجماعة. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وأبو المُعَمَّر المبارك بْن أحمد وأثنيا عَلَيْهِ، وشُهْدَة، والسِّلَفيّ، وجماعة. ومات في رجب. 261- أحمد بْن عليّ بْن الحُسين: أبو المعالي بْن الحدّاد البغداديّ4 الدّلّال المستعمل. سمع: أبا عليّ بْن المذهب، والعشاريّ، والجوهريّ. وعنه: أبو نَصْر النُّوربانيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ. مات في ربيع الآخر ببغداد. 262- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة: القاضي أبو الحَسَن الكوفي، الثقفي5.

_ 1 لم نقف عليه. 2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 3 السير "19/ 186". 4 لا بأس به. 5 السير "19/ 186".

سمع: أبا طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن الصّبّاغ، ومُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن فدوَيْه، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن الحَسَن العَلَويّ، وطائفة. وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدّامغانيّ ببغداد. وسمع ببغداد من: البَرْمكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن حبيب الفارسي. روى عَنْه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو الحَسَن بْن الخَلِيّ الفقيه، والسِّلَفيّ. وثّقه عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ. وقال أَبِي النَّرْسيّ: تُوُفّي في سادس عشر رجب. قلت: وله خمسٌ وسبعون سنة. 263- أحمد بْن مُحَمَّد بْن بِشْرُوَيْه: الأصبهاني1. قد مرّ في سنة إحدى وتسعين. وقال يحيى بْن مَنْدَهْ: مات في صَفَر سنة سبعٍ. 264- أحمد بْن عليّ بْن الْحَسَن بْن زكريّا: أبو بَكْر الطُّرَيْثيثيّ، ثمّ البغداديّ الصُّوفيّ المعروف بابن زَهْراء2. قَالَ السّمعانيّ: شيخٌ لَهُ قَدَمٌ في التَّصَوُّف. رأى المشايخ وخدمهم، وكان حَسَن التّلاوة. صحب أبا سَعْد النَّيْسابوريّ. وسمع: أَبَاهُ، وابن الحسين القطان، وأبا القاسم اللاكائي الحافظ، وأبا القاسم الحرفي، وأبا الحسن بن مخلد، وأبا علي بن شاذان، وجماعة. قلت: روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وابن ناصر، وأبو الفتح بن البطي، وأبو طاهر السلفي، وطائفة آخرهم موتا أبو الفضل خطيب الموصل. وسمع منه: الكبار: عبد الغافر الألمعي، وهبة الله الشيرازي، وعمر الرؤاسي، وابن طاهر المقدسي. قال السمعاني: صحيح السماع في أجزاء، لكنه أفسد سماعاته بأنْ روى منها شيئًا، وادّعى أَنَّهُ سمعه من أبي الحَسَن بْن رزقويه، ولم يصح سماعه منه. وقال فيه شجاع الذُّهْليّ: مُجْمَعٌ عَلَى ضعفه، وله سماعات صحيحة خلط بها غيرها. وقال أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ: دخلت عَلَى أحمد بْن زهراء الطُّرَيْثيثيّ وهو يقرأ عَلَيْهِ جزءٌ من حديث ابن رزقويه، فقلت: مَتَى؟ فقال: في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. فقلت: وابن رزقوَيْه في هذه السنة تُوُفّي. وأخذت الجزء من يده، وقد سمعوا فيه، فضربت عَلَى التسميع، فقام وخرج من المسجد. وقال ابن ناصر: كان كذابا لايحتج بروايته. قلت: ولهذا كَانَ السِّلَفيّ يَقُولُ: أَنَا الطريثيثي من أصل سماعه. وقال في معجمه: هذا أجلُّ شيخ شاهدته ببغداد، من شيوخ الصوفية،

_ 1 في عداد المجهولين. 2 السير "19/ 160"، الميزان "1/ 122".

وأكثرهم حرمة وهيبة عند الصحابة. قد افتدى بأبي سَعِيد بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ فيما أظن. وأنا عَنْ جماعة لم يحدثنا عَنْهُمْ سواه. ولم يقرأ عَلَيْهِ إلّا من أصول سماعة، وهي كالشمس وضوحًا. وكف بصره بآخر. وكتب لَهُ أبو عليّ الكَرْمانيّ أجزاء طرية، فحدث بها اعتمادًا عَلَيْهِ، ولم يكن ممن يُعرف طرق المحدثين، ودقائقهم وإلّا لكان من الثْقات الأثبات. وذكره ابن الصّلاح في طبقات الشّافعيّة. وقال أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ: مولده في شوّال سنة إحدى عشرة. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. قلت: قرأت بخطّ السِّلَفيّ أَنَّهُ سمع الطُّرَيْثيثيّ يَقُولُ: وُلِدتُ في شوّال سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. 265- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين العُكْبَريّ: ثمّ الواسطي المقرئ أبو الحَسَن1. قرأ القراءات عَلَى أصحاب أَبِي عليّ بْن عَلّان. وسمع: الحَسَن بْن موسى الغَنْدَجانيّ. وقدِم بغداد فقرأ بها عَلَى: سليمان بْن أحمد السرقسطي، ورزق اللَّه التميمي. وسمع: أبا القاسم البُسْريّ. واقرأ النّاس. وهو الّذي سمع مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ المحتسب، ولمّا مات رثاه خميس الحوزيّ. روى عنه: الكتّانيّ المذكور. 266- أرتاش، ويقال: ألْتاش، بْن السّلطان تُتُش بْن ألْب رسلان2: أخو صاحب دمشق دُقَاق. سجنه أخوه بعلبك، فلمّا مات دُقاق أطلقه الأمير طُغْتِكِين وأقدمه دمشق، وأقامه في السَّلْطَنَة في هذه السّنة، ثمّ خرج سرًّا بعد ثلاثة أشهر لأمر تخيله من طُغْتِكِين، فذهب إلى بَغْدَوِين ملك الفرنج طمعًا في أنّ يكون لَهُ ناصرًا، فلم يحصل منه على أمل، فتوجّه عَلَى الرَّحْبَة إلى الشّرق، فهلك هناك. 267- إسماعيل بْن عليّ بْن حَسَن: الشَّيْخ أبو عليّ الجاجَرْميّ النَّيْسابوريّ الأصمّ الزّاهد3. كَانَ حَسَن الطّريقة صالحًا واعظًا. ولد سنة ست وأربعمائة، وسمع: أبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ، وأبا بَكْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث، وأبا سَعِيد فضل اللَّه بْن أَبِي الخَير المِيهَنيّ، وعبد القاهر بْن طاهر التَّميميّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجماعة. وخرج لَهُ صالح المؤذِّن فوائد. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وجماعة من شيوخ السّمعانيّ، وقال: دفن عند ابن خزيمة.

_ 1 لا بأس به. 2 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 368". 3 المنتظم "9/ 139".

وذكره عَبْد الغافر فقال: شيخ ظريف، خفيف الحركة، اشتغل مدّة بنَيْسابور، وكان واعظًا بكاءً حصل لَهُ قبول زائد. تُوُفّي في المحرَّم. 268- إسماعيل بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن: أَبُو عليّ النَّيْسابوريّ القلانسي، عُرِف بالتُّرْكيّ1. شيخ صالح، سمع من: أَبِي سَعِيد الصَّيْرفيّ. وعنه: عُمَر بْن أحمد الصّفّار، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وأبو الأسعد بْن القُشَيْريّ. مات في المحرَّم، وهو في عشر المائة. 269- إسماعيل بْن أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن عثمان: أبو الفَرَج القُومسانيّ، ثمّ الهَمَذانيّ2، الحافظ، شيخ هَمَذَان. قَالَ شيرويه: هو شيخ البلد والمشير إِلَيْهِ بالصَّلاح والدّيانة. روى عَنْ: أَبِيهِ مُحَمَّد بن عثمان بن أحمد بن مزين، وجدّه عثمان، وابن هُبَيْرة، وعُمَر بْن جاباره الأَبْهَريّ، وأبي الحُسين بْن المهتدي باللَّه، والصَّرِيفِينيّ، وابن النَّقُّور، وابن عزْو النَّهاوَنْديّ، وهارون بْن طاهر بْن ماهلة، وطائفة. وكان حافظًا ثقة صدوقًا، حَسَن المعرفة بالرجال والمُتُون، أمينًا مأمونًا، وحيد عصره في حفظ شرائع الإسلام وشعاره. وكان ابن ثمانٍ وخمسين سنة. تُوُفّي في المحرم، وتولَّيتُ غسْلَه. قلت: قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ غير واحد، وهو القائل لابن طاهر المقدسي: ثلاثة لا أحبّهم لتعصّبهم: الحاكم، وأبو نُعَيْم، والخطيب. وذكره السِّلَفيّ ممّن أجاز لَهُ، وأنّه مشهور بالمعرفة التّامّة بالحديث. 270- أردشير بْن أَبِي منصور: الأمير أبو الحسين المروزي العبادي الواعظ3، قدم نيسابور ووعظه فأبدع وأعجب المستمعين بحُسْن إيراده، ونُكَت أنفاسه، وملاحة قصصه. وظهر لَهُ القبول عند الخاصّ والعامّ بغرابة إشاراته، ووقْع كلماته المطابقة لجلالته. وكان لَهُ سكونٌ وهَيْبة وأَناة وتُؤَدَة، وطريقة غريبة في تمهيد كلام سَنيِّ غير مسبوق عَلَى نَسَقٍ واحدٍ، مشحون بالإشارات الدّقيقة والعبارات الرّشيقة الحُلْوة. خرج إلى العراق ولقي ببغداد قَبُولًا بالغًا، ثمّ عاد إلى نَيْسابور، وأقام بها مدة،

_ 1 السير "19/ 155". 2 السابق "19/ 155". 3 البداية والنهاية "12/ 164".

وسُلِّم إِلَيْهِ المدرسة بباب الجامع المَنِيعيّ، فسكنها، ولم يزل قبوله في ازدياد. وسمع الحديث في كبره، ولم يحدث. ومات كهلًا في جُمَادَى الآخرة. قَالَ ابن النّجّار: هُوَ والد الواعظ المشهور أَبِي منصور بْن المظفّر. قدِم أبو الحُسين الأمير بغداد سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة ليحجّ، فحجّ وعاد ووعظ، وازدحموا، وازداد التعصب له إلى أنّ مُنِع من الجلوس فردّ إلى بلده. وكان بديع الأفاظ حُلْو الإيراد، غريب النُّكَت. سمع من: أَبِي الفضل بْن خَيْرُون، وغيره. وحدَّثَ بمَرْو. قَالَ ابن السّمعانيّ: سَمِعْتُ عليّ بْن عليّ الأمين يَقُولُ: اتّفق أنّ واحدًا بِهِ عِلّة جاء إلى العبادي، قرأ عَلَيْهِ شيئًا، فعُوفي. فمضيت معه إلى زيارة قبر أحمد، فلمّا خرجنا إذا جماعة من العُميان والزمني عَلَى الباب، فقالوا للأمير: نسألك أنّ تقرأ علينا. فقال: لست بعيسى بْن مريم، وذلك قولٌ وافق القدر. وقيل: إنّ بعض النّاس دخل عَلَى العَبّاديّ، فقال لَهُ: قُم اغتسِل. فقام، وكان جُنُبًا. وجاء عَنْهُ زُهْد وتعبُّدٌ، وتكلّم عَلَى الخواطر، وتاب عَلَى يده خلْق كثير، وكان أمّارًا بالمعروف، مُرِيقًا الخُمُور، مُكَسِّرًا للملاهي، وصَلُح أهل بغداد تِلْكَ الأيام بِهِ، واللَّه يرحمه ويغفر لَهُ. "حرف الجيم": 271- جامع بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد: أبو سهل النَّيْسابوريّ1. قَالَ السّمعانيّ: ثقة، صالح. سمع على: مُحَمَّد الطّرَازِيّ. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وغيره. "حرف الحاء": 272- الحَسَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد: أبو مُحَمَّد الكِلَابيّ الدّمشقيّ2. رئيس دمشق المعروف بابن الصُّوفيّ. سمع: مُحَمَّد بْن عَوْف المُزَنيّ. وحدَّثَ باليسير؛ وأصلهم من حلب.

_ 1 لم نقف عليه. 2 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 174".

273- الحُسين بْن عَبْد المُلْك بْن مُحَمَّد بْن يوسف: أبو مُحَمَّد اليُوسُفيّ البغداديّ1 ابن الشَّيْخ الأَجَلّ. سمع: ابن غَيْلان، وإِسْحَاق البَرْمكيّ، وجماعة. وحدث. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وابن الخَلِيّ، وخميس، وجماعة. وكان ذا أموال وحشمة. 274- الحُسين بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد: أَبُو عَبْد اللَّه الأصبهاني النظنزي الأديب. صاحب التّصانيف الأدبية. وله النَّظْم والنَّثْر. سمع: أبا بَكْر بْن ريذة، وغيره. وحدَّثَ. أظنّ أنّ السِّلَفيّ روى عَنْهُ. قَالَ يحيى بْن مَنْدَهْ: مات في المحرَّم. 275- الحُسين بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد: أبو عَبْد اللَّه بْن البُسْيريّ البُنْدار2. محدِّث بغداد وابن محدّثها، كَانَ رجلًا صالحًا. تفرّد بالرّواية عَنْ عَبْد اللَّه السُّكّريّ. وسمع أيضًا من: أَبِي الحَسَن بْن مَخْلَد وغيره. روى عَنْهُ: أبو علي بن سكرة، وسعد الخير الْأَنْصَارِيّ، والسِّلَفيّ، وشُهْدَة، وأبو الفتح بْن شاتيل، وأبو هاشم الدّوشانيّ، وآخرون كثيرون، آخرهم ابن شاتيل. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، ووُلِد سنة تسعٍ أو عشر. قَالَ السِّلَفيّ: لم يرو لنا عن السكري سواه. قال: وروى عَنْ: ابن مَخْلَد، والبَرْقانيّ، وأبي عليّ بْن شاذان. "حرف الدال": 276- دُقَاق: شمس الملوك أبو نَصْر بْن تُتُش بْن ألْب أرسلان3. ولي دمشق بعد قتل أبيه تاج الدولة، وذلك في سنة سبْعٍ وثمانين. وكان دُقاق بحلب، فراسَلَه خادمُ أَبِيهِ ونائبه بقلعة دمشق سرًا من أخيه رضوان ملك حلب، فخرج دقاق وقدم دمشق فتملكها. ثم عمل هو والأتابك طغتكين زوج أمه على خادم أبيه المذكور، واسمه ساوتكين، فقتلاه. ثمّ إنّ رضوان قدِم دمشق وحاصرها، فلم يقدر عَلَيْهِ، فرجع. ثمّ إنّ دُقَاق عرض لَهُ مرضٌ تطاول بِهِ إلى أن

_ 1 لا بأس به. 2 السير "19/ 185". 3 السير "19/ 186"، البداية والنهاية "12/ 163".

تُوُفّي في ثامن عشر رمضان. فغلب طُغْتِكِين على دمشق، وأقام في اسم الملك بن طُغْتِكِين طفلٌ لَهُ سنة. ثمّ مات الطفل بعد قليل واستقل الأتابك ظهير الدين طُغْتِكِين بمملكة دمشق وأعمالها. وقيل: إنّ أمّ دُقَاق رتّبت لَهُ جاريةً فسمَّت لَهُ عُنْقُودَ عنب نقبته بإبرة فيها خيط مسموم، ثمّ أطعمته، فندمت بعد ذَلِكَ، وتهرَّى ومات ودُفِن بخانكاه الطّواويس. "حرف الزاي": 277- زيد بْن عَليّ بْن عَبْد اللَّه: أَبُو الْقَاسِم الفَسَويّ الفارسي النَّحْويّ1. ذكر أنّ أبا عليّ الفارسيّ النَّحْويّ خاله، فلعلّه خال أَبِيهِ أو أمّه، وإلّا فما يُمكن أنّ يكون أبو عليّ أخا أمّه لقِدَم زمانه. قدِم الشّام، وأخذ النّاس عَنْهُ بحلب، وسكن دمشق مدة، وأملى بها "شرح الإيضاح" لأبي عليّ، وشرح الحماسة، وحدَّثَ عَنْ أَبِي الحَسَن بْن أَبِي الحديد. سمع منه: عُمَر الدهستاني، وأبو المفضل يحيى الْقُرَشِيّ. وكانت وفاته بأطْرَابُلُس. وقرأ عَلَيْهِ بحلب، أبو البركات عُمَر بْن إِبْرَاهِيم العَلَويّ الكوفي كتاب الإيضاح. رواه عَنْهُ. "حرف الطاء": 278- طاهر بْن أسد بْن طاهر بْن عليّ بْن هاشم بْن نزار: أبو ياسر الطّبّاخ الأَجَمِيّ2 الشِّيرازيّ. ثمّ البغدادي. ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وعبد الباقي بْن مُحَمَّد الطّحّان. روى عَنْهُ: أبو القاسم السِّلَفيّ، وآخرون. وقع لنا حديثه عاليا. وقد قَالَ السّمعانيّ: كَانَ يُعرف النّجوم، وكان متميزًا. سكن دار الخلافة، وكان صاحب الفنجان للصّلوات والسّاعات. تُوُفّي في منتصف رجب. "حرف العين": 279- عَبْد اللَّه بْن إسماعيل: أبو مُحَمَّد الإشبيليّ3. قال ابن بشكوال: كان

_ 1 معجم الأدباء "11/ 176". 2 لا بأس به. 3 الصلة "1/ 289".

من أهل العلم التّام والحفظ للحديث والفقه. كَانَ يميل في فقهه إلى النظر واتباع الحديث. وكان متقشفًا. سكن المغرب مدة، وولي قضاء أغْمات. ثمّ نقل إلى قضاء الحضرة، فتقلدها إلى أنّ تُوُفّي. وكان مشكور السيرة، حَسَن المخاطبة، كثيرًا ما يَقُولُ لمن يحكم عَلَيْهِ: خذوا بيدي سيّدي إلى السجن. وله تصنيفان في شرح المدوّنة، ومختصر ابن أَبِي زيد مُلِئت عِلْمًا. 280- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن: أبو مُسْلِم السِّمْنانيّ1، ثمّ البغداديّ ابن ابن القاضي أَبِي جعفر السِّمْنانيّ. سمع: أبا علي بن شاذان. روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السلفي، وجعفر بْن عَبْد اللَّه الدّامغانيّ، وآخرون. وثّقه الأنماطي. وولده سنة ست عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في تاسع عشر المحرَّم. وقال السِّلَفيّ: كان حنيفًا أشعريًّا قلت: أخذ الكلام عَنْ جَدّه أَبِي جعفر. 281- عَبْد الرَّحْمَن بْن قاسم: أبو المطرِّف الشَّعْبِيّ المالقيّ. قَالَ ابن بَشْكُوَال: روى عَنْ: أَبِي العبّاس أحمد بْن أَبِي الربيع الإلبيريّ، وقاسم بْن مُحَمَّد المأمونيّ، وإسماعيل بْن حمزة، والقاضي يونس بْن عَبْد اللَّه إجازة، وغيرهم. وكان ذاكرًا للمسائل، فقيهًا، مشاورًا. سمع النّاس منه: وعُمّر وأسنّ، وشُهِر بالعِلْم والفضل. وُلِد سنة اثنتين وأربعمائة. وتُوُفّي في عاشر رجب. وقال فيه القاضي عياض: فقيه بلدهم وكبيرهم في الفتاوى والراوية. سمع بالمرية من قاسم المأموني، وتفقّه عند أَبِي الحَسَن بْن عيسى المالقيّ. وأجاز لَهُ يونس القاضي والشّنتجاليّ. روى عَنْهُ شيخنا أبو عُبَيْد اللَّه بْن سليمان، وولي قضاء بلده في أيّام الصنهاجي. ثمّ عزله، وجعل سجنه داره الأشياء بَلَغَتْه عَنْهُ. فلمّا دخل المرابطون دعاه أمير المسلمين للقضاء، فامتنع، وأشار عَلَيْهِ بأبي مروان بن حسنون، فقلده جملة القضاة، فكان أبو مروان لا يقطع أمرًا دونه. وبينه وبين ابن الطّلّاع في الوفاة جُمعة.

_ 1 المنتظم "9/ 140".

282- العلاء بْن حَسَن بْن وهْب بْن الموصلايا: أبو سَعْد البغدادي1 الكاتب المنشئ بدار الخلافة. أسلم، وكان نصرانيا، عَلَى يد المقتدي باللَّه، وحَسُن إسلامُه. وله الرّسائل المشهورة الرّائقة، والأشعار الفائقة. عُمِّر دهرًا، وكُفّ بَصَرُه. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. ذكره ابن خلكان وقال: لَقَبُهُ أمين الدّولة. وقال صاحب المرآة: خدم في كتابه الإنشاء خمسًا وستين سنة، وأسلم سنة أربعٍ وثمانين. ثمّ ناب في الوزارة مرّات. وكان كريم الأخلاق، حَسَن الفعال، أفصح أهل زمانه، كَانَ ظاهر اللّسان. كَانَ يُمْلي عَلَى ابن أخته العلّامة أَبِي نَصْر الإنشاء إلى أنّ مات فجأة. وكان الوزير عميد الدّولة ابن جَهِير يُثْني عَلَيْهِ وعلى تفهُّمه، ويقول: هما يمينًا الدّولة وأميناها. أَنْبَأَ أحمد بْن سلامة الخيّاط: أَنْبَأَنَا العماد والكاتب في الخريدة: أنشدني عبد الرحيم ابن الأُخُوَّة البغداديّ، أنشدني أبو سَعْد بن الموصلايا لنفسه: يا خليليَّ خلِّياني ووجْدي ... فملام العَذول ما لَيْسَ يُجْدِي ودعاني فقد دعاني إلى الحكم ... غَريم الغريم للدَّين عندي فعساهُ يرِقُّ إذ بملك الرّقّ ... بنقدٍ من وصْله أو بوعدي ثمّ من ذا يُجيز عَنْهُ إذا جا ... ر؟ ومَن ذا عَلَى تعدّيه يُعدي قَالَ ابن الثير: كَانَ أمين الدولة أبو سَعْد بْن الموصلايا كثير الصدفة، جميل المحضر، صالح النية. وقف أملاكه عَلَى أبواب البِرّ. ولمّا مات خُلْع عَلَى ابن أخته أَبِي نَصْر، ولقب نظام الحضرتين. وقُلَّدَ ديوان الإنشاء. قَالَ ياقوت في تاريخ الأدباء: خرج توقيع الخليفة بإلزام الذّمّة بلُبْس الغيار، فأسلم بعضهم وهرب طائفة. وفي ثاني يوم أسلم الرئيسان أبو سَعْد بن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء، وابن أخته أبو نصر ابن صاحب الخبر عَلَى يد الخليفة، بحيث يَرَيَانِه ويسمعان كلامه. ناب أبو سَعْد في الوزارة عدّة نُوَب، ورسائله وأشعاره مدوَّنة متداولة. أخذ عَنْهُ: أبو منصور بْن الجواليقيّ، وأبو حرب الخياط، وعلي بن الحسن بْن دينار، وآخرون. ومن شعره: أحَنّ إلى رَوض التّصابي وأرتاحُ ... وأَمْتَحُ من حوض التّصافي وأمتاح

_ 1 السير "19/ 198"، البداية والنهاية "12/ 164".

وأشتاق ريمًا كلّما رُمْتُ صَيْدَهُ ... تَصُدُّ يَدِي عَنْهُ سُيُوفٌ وأرماحُ غزالٌ إذا ما لاح أو فاح نشْرُهُ ... تُعَذّبُ أرواحٌ وتَعْذُبُ أرواحُ وتفتضح الأعذار فيهم إذا بَدَوا ... ويفتضح اللّاحون منهم إذا لاحوا ومات بعده بسنة وأشهر ابن أخته. 283- أبو نَصْر هبة اللَّه1: صاحب ديوان الإنشاء. 284- عليّ بْن الحَسَن: أبو القاسم العَلَويّ الخراساني2. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ عالمًا، ورعًا، رئيسًا. سمع عَبْد الرَّحْمَن بْن حَمْدان النَّصْرُويّيّ، وتُوُفّي بأَبِيوَرْد. 285- عليّ بْن الحُسين بْن أَبِي نزار: الشَّيْخ أبو المعالي المردستيّ3. أحد الرؤساء ببغداد. سمع في الكهولة من: أَبِي مُحَمَّد الجوهريّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ. عاش تسعين سنة. 286- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن هارون بْن عيسى بْن هارون بْن الجرّاح الرئيس أبو الخطّاب الشّافعيّ4، الكاتب، البغداديّ، المقرئ، النَّحْويّ. كَانَ حَسَن الإقراء والأخذ. ختم عَلَيْهِ خلْق. وصنَّف منطومة في القراءات. سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن بُكَيْر النّجّار، وغيرهما. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وعمر المَغَازليّ، والسلفي، وخطيب الموصل، وجماعة. وذكر السِّلَفيّ فقال: إمام في اللغة، وشعره في أعلى درجة. وخطه من أحسن الخطوط، والقول يتسع في فضائله، وكان يصلّي بأمير المؤمنين المستظهر باللَّه التّراويح. وقال غيره: وُلِد سنة تسعٍ أو عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في العشرين من شهر ذي الحجّة سنة سبعٍ. 287- عيسى بْن الحافظ أَبِي ذَرّ عَبْد بْن أحمد: أبو مكتوم الْأَنْصَارِيّ الهَرَوِيّ5، ثمّ السَّرَوِيّ. تزوج أبو ذَرّ في العرب في سروات بني شبابة، وسكن

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 397" لابن الأثير. 2 لم نقف عليه. 3 انظر السابق. 4 المنتظم "9/ 140". 5 السير "19/ 171".

هناك مدّة، ووُلِد لَهُ أبو مكتوم في حدود سنة خمس عشرة وأربعمائة. سمع من أَبِي عَبْد اللَّه الصَّنعانيّ صاحب "التقوي" جملة من مُسْنِد عَبْد الرّزّاق. وسمع من أَبِيهِ صحيح الْبُخَارِيّ، وكتاب الدّعوات لأبيه، وغير ذَلِكَ. روى عَنْهُ الصحيح جماعة، منهم: أبو التوفيق مسعود بْن سعيد الأندلسي، وأبو عُبَيْد نعمة بْن زيادة اللَّه الغِفَارِيّ، وعليّ بْن حُمَيْد بْن عمار المكي. وروى عَنْهُ بالإجازة أبو طاهر السِّلَفيّ. أَخْبَرَنَا عَبْد المؤمن الحافظ قَالَ: قرأتُ على ابن رواج: أخبركم السِّلَفيّ قَالَ: قد اجتمعنا أَنَا وأبو مكتوم بن أبي ذَرّ في عرفات سنة سبعٍ وتسعين لمّا حَجَجْت مَعَ والدي، فقال لي الْإِمَام أبو بَكْر مُحَمَّد بْن السّمعانيّ: اذهب بنا إِلَيْهِ نقرأ عَلَيْهِ شيئًا. فقلت: هذا الموضع موضع عبادة، فإذا دخلنا إلى مكّة نسمع عَلَيْهِ، ونجعله من شيوخ الحرم. فاستصوب ذَلِكَ. وقد كَانَ ميمون بْن ياسين الصنهاجيّ من أمراء المرابطين رغب في السماع منه بمكّة، واستقدمه من سراة بُنيّ شَبَابةُ، واشترى منه "صحيح الْبُخَارِيّ" أصل أَبِيهِ الّذي سمعه منه بجملةٍ كبيرة، وسمعه عَلَيْهِ في عدّة أشهر، قبل وصول الحجيج. فلمّا حجّ ورجع من عرفات إلى مكّة رحل إلى السّراة مَعَ النَّفَر الأوَّل من أهل النَّفَر. قلت: وانقطع خبره من هذا الوقت. ورواية الصّحيح في وقتنا من طريقه حسنة عالية. رواه جماعة عَنْ أمّ حرميّ، عَن ابن عمّار، عَنْهُ. "حرف الميم": 288- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن النَّقُّور1: أبو منصور بن أبي الحُسين البزّاز. سمع: أَبَاهُ، وأبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وابنه أبو بَكْر عَبْد اللَّه. وقال السِّلَفيّ: لم يكن بذاك، ولكنه سمع الكثير، وكان ابنه أبو بَكْر يسمع معنا. 289- محمد بن عبد الله بن محمد: أبو الفضل البغداديّ2، النّاقد السِّمْسار. سمع: ابن غَيْلان، وأبا منصور مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن السّوّاق. وعنه: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، والسلفي. وكان شيعيًّا. مات في المحرم.

_ 1 لا بأس به. 2 السابق.

290- محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز: أبو مطيع المديني1، صاحب الأمالي المشهورة. نسبه عَبْد الرحيم بن أبي الوفا الأصبهاني فقال: محمد بن عبد الواحد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أحمد بْن زكريّا. قلت: وبعد زكريّا أحمد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن اللَّيْث بْن الضب بْن عَوْف الضَّبّيّ المجلد الناسخ المصاحف المعروف بالمصريّ. مُسْنِد أهل إصبهان. عاش بضعًا وتسعين سنة. وتفرّد بالرّواية عَنْ جماعة. سمع: من الحافظ أحمد بن موسى بن مردويه ثلاثة مجالس، وأبي سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وأبي منصور مَعْمَر بْن أحمد بْن زياد الصُّوفيّ، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل البارودي، والحسين بْن إِبْرَاهِيم الإكماليّ، والفضل بْن عُبَيْد اللَّه، وأبي بَكْر بْن أَبِي عليّ، وأبي زُرْعة رَوْح بْن مجد الرّازيّ، والحافظ أَبِي نُعَيْم، وجماعة. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، ومُحَمَّد بْن مَعْمَر اللنبانيّ، وأبو حنيفة مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الخطيبيّ، وأحمد بْن ينال التُّرْكيّ، وعبد اللَّه بْن أحمد أبو الفتح الخِرَقيّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ الأصبهاني المقرئ، وعُمَر بْن أَبِي سَعْد، وخلق من الأصبهانيين. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُدَامَةَ، أَنَا أَبُو حَنِيفَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، أَنَا أَبُو مُطِيعٍ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْحَافِظُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ حُمَيْدٍ الْحُصْرِيُّ: نبا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَامِرٍ، هُوَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ"، قِيلَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: "الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 2. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ حُصَيْنٍ. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ شيخًا صالحًا مُعَمّرًا، أديبًا فاضلًا. 291- مُحَمَّد بْن فرج: أبو عَبْد اللَّه مولى مُحَمَّد بْن يحيى، المعروف بابن الطَّلّاع القُرْطُبيّ3، الفقيه المالكيّ، مفتي الأندلس ومُسْنِدها في الحديث. وُلِد في سلخ ذي القعدة سنة أربع وأربعمائة. ذكره ابن بَشْكُوَال فقال: بقيّة الشّيوخ الأكابر في وقته، وزعيم المفتين بحضرته.

_ 1 السير "19/ 176". 2 سبق تخريجه. 3 السير "19/ 199".

روى عَنْ: يونس بْن عَبْد اللَّه القاضي، ومكّيّ بْن أَبِي طَالِب، وأبي عَبْد اللَّه بْن عابد، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عليّ الحدّاد الأندلسيّ، وابن عَمْرو المرشانيّ، ومعاوية بْن مُحَمَّد العُقَيْليّ، وأبي عُمَر بْن القطّان. قَالَ: وكان فقيهًا عالمًا، حافظًا للفقه، حاذقًا بالفتوى، مقدَّمًا في الشُّورَى، مقدَّمًا في عِلَل الشُّرُوط، مشاركًا في أشياء، مَعَ دِينٍ وخير وفضل، وطول صلاة، قوالًا بالحقّ وإن أُوذِيَ فيه، لا تأخذه في اللَّه لومةُ لائم، معظَّمًا عند الخاصّة، والعامّة يعرفون لَهُ حقه. ولي الصّلاة بُقْرطُبة، وكان مجودًا لكتاب اللَّه. أفتى النّاس بالجامع، وأسمع الحديث، وعمّر حتّى سمع منه الكبار والصغار، وصارت الرّحْلة إليه. ألف كتابا حسنا في أحكام النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قرأته عَلَى أَبِي رحمه اللَّه عَنْهُ. وتُوُفّي لثلاث عشرة ليلة خَلَت من رجب، وشهده جَمْعٌ عظيم. وقال القاضي عِيَاض: كَانَ صالحًا قوالًا بالحق، شديدًا عَلَى أهل البِدَع، غير هَيُوبٍ للأمراء، شوور عند موت ابن القطّان، إلى أنّ دخل المرابطون فأسقطوه من الفُتْيا لتعصُّبه عليهم، فلم يُسْتَفْت إلى أنّ مات. سمع منه عالمٌ كثير، ورحل النّاس إِلَيْهِ من كلّ قُطْر لسماع المُوَطّأ ولسماع المدوَّنة لعُلُوّة في ذلك. وحدث عنه أبي عليّ بْن سُكَّرَة، وقال في مشيخته الّتي خرّجها لَهُ عِيَاض: سمع يونس بْن عَبْد اللَّه بْن مغيث، وحمل عَنْهُ المُوَطّأ وسُنَن النَّسَائيّ. وكان أسند من بقي، صحيحًا، فاضلًا، عنده بَلَهٌ تامّ بأمر دُنْياه وغَفْلَة، ويؤثر عَنْهُ في ذَلِكَ طرائف. وكان شديدًا عَلَى أهل البدع، مُجانبًا لمن يخوض في غير الحديث. وروى الْيَسَع بْن حَزْم عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابن الطّلّاع في بستانه، فإذا بالمعتمد بْن عَبّاد يجتاز من قصره، فرأى ابن الطّلّاع، فنزل عَنْ مركوبه، وسأل دُعاءه وتذمّم وتضرّع، ونذر وتبرَّع، فقال لَهُ: يا مُحَمَّد انتبه من غفلتك وسِنَتِك. قلت: وآخر من روى عَنْهُ عَلَى كثرتهم: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل القَيْسيّ اللّبليّ نزيل مراكش، وبقي إلى سنة سبعين وخمسمائة. وقد أجاز لنا رواية المُوَطّأ أبو مُحَمَّد بْن هارون الطّائيّ قَالَ: ثنا القاسم أحمد بْن بَقِيّ قَالَ: ثنا مُحَمَّد بْن عَبْد الحق الخزرجي القرطبي قال: ثنا الطّلّاع بإسناده. وروى عَنْهُ: عليّ بْن حُنَيْن، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل كتاب المُوَطّأ، وهما من شيوخ ابن دِحْيَة.

292- المؤمَّل بْن أحمد بْن المؤمَّل: أبو البركات المصِّيصيّ الدّمشقيّ1. سمع: ابن سلْوان، ورشأ بْن نظيف، والأهوازيّ. سمع منه: أبو مُحَمَّد بْن صابر وقال: كَانَ يكذب في انتمائه إلى عثمان -رضي الله عنه. "حرف الياء": 293- يزيد: مولى المعتصم باللَّه مُحَمَّد بْن مَعْن بْن صُمَادح2. أبو خَالِد، من أهل المَرِية. روى الكثير عَنْ: أَبِي العبّاس العُذْريّ. قَالَ ابن بَشْكُوَال: روى عَنْهُ غير واحدٍ من شيوخنا، وكان معتنيا بالأثر وسماعه، ثقة في روايته. وكان مقرئًا فاضلًا. تُوُفّي في المحرَّم. قلت: روى عَنْهُ: أبو العبّاس بْن العريف الزّاهد، وأبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عاصم الثقفي. وفيات سنة ثمان وتسعين وأربعمائة: "حرف الألف": 294- أحمد بن الحسين بن محمد بْن إِبْرَاهِيم: أبو طَالِب الْبَصْرِيّ3، ثمّ البغداديّ الكَرْخيّ الخبّاز. شيخ عامي صحيح السَّماع. سمع سنة إحدى وعشرين وأربعمائة من عَبْد المُلْك بْن بِشْران. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وهو من شيوخ السِّلَفيّ في البشْرانيّات. 295- أحمد بْن خَلَف بْن عَبْد المُلْك بْن غالب: أبو جعفر بْن القَلَعيّ4، من أهل غَرْناطة. روى عَنْ: حاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عَبْد اللَّه بْن عتّاب، وجماعة. قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ ثقة صدوقًا. أخذ النّاس عَنْهُ، وتُوُفّي في ربيع الآخر. 296- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الخطيب: أبو منصور الهاشْميّ المعروف بابن الدبخ5 الكوفيّ. سمع: مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ، ومُحَمَّد بن

_ 1 الميزان "6/ 137". 2 الصلة "2/ 690". 3 لم نقف عليه. 4 الصلة "1/ 72". 5 لا بأس به.

فَدُّوَيْه. وعنه: المبارك بْن أحمد الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ. تُوُفّي في ذي الحجّة. 297- أحمد بْن نَصْر بْن أحمد: أبو منصور الخراساني الخوجاني الواعظ1. قدِم بغداد في هذا العام. وروى عَنْ: أَبِي عثمان الصّابونيّ. سمع منه: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وغيرهما. 298- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَسَن: الحافظ أبو عليّ البَرَدَانيّ2 البغدادي. ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة، وأوّل سماعه في سنة ثلاثٍ وثلاثين من أبي طالب العشاري. قال السمعاني: كان أحمد المتميّزين في صنعة الحديث وأحد حفاظه، خرّج لنفسه وللشّيوخ، وكتب الكثير. وكان ثقة صالحًا. سمع: عَبْد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ، وأبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبا مُحَمَّد الجوهريّ، والقاضي أبا يَعْلَى، وأبا بَكْر الخطيب، وطبقتهم. وكان حنبليا؛ واستملى لأبي يَعْلَى. حَدَّثَنَا عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ. قلت: وقد جمع مجلدًا في "المقامات النبوية"، انتخبه السِّلَفيّ، وسمعه منه، وهو مما يرى اليوم بعُلُوّ بالنسبة إِلَيْهِ. تُوُفّي في حادي وعشرين شوّال. قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ أبو عليّ أحفظ وأعرف من شُجاع الذُّهْليّ. وكان ثقة ثَبْتًا، لَهُ مصنَّفات. قَالَ: وكانا حنبَليَّيْن. قلت: وروى عَنْهُ: عليّ بْن طراد الوزير، وأحمد بْن المقرّب، وجماعة. قرات بخط أبي عليّ: أَنْبَأَ عثمان بْن مُحَمَّد بْن دُوست العلّاف إجازة كتبها لي سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، وفيها مات، أَنَا أبو بَكْر الشّافعيّ، فذكر حديثًا. وقد سأله السِّلَفيّ في كراسٍ عَنْ جماعة من الرجال، فأجابه جواب عارفٍ محقِّق. 299- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن مَرْدُوَيْه بْن فُورَك بْن موسى: أبو بَكْر سِبْط الحافظ أَبِي بَكْر بْن مَرْدُوَيْه الحافظ3. سمع: أبا منصور محمد بْن سلمان الوكيل، وعُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن الهَيْثَم الواعظ، وغلام محسن، والحسين بْن إِبْرَاهِيم الحمّال، وأبا بكر بن أبي علي

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "19/ 219"، شذرات الذهب "3/ 408". 3 السير "19/ 207"، شذرات الذهب "3/ 408".

الذّكْوانيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن قُولُوَيْه التّاجر، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم الثَّقْفيّ الواعظ، وجماعة. قَالَ السِّلَفيّ: كتبنا عَنْهُ كثيرًا، وكان ثقة جليلًا، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُتُب الحافظ. قلت: روى عَنْهُ: أبو رُشَيْد إسماعيل بْن غانم، وعدّة. تُوُفّي بسُوذَرْجان، إحدى قرى إصبهان. قَالَ يحيى بن منده: ولد سنة تسع وأربعمائة، وكان كثير السَّماع، واسع الرّواية. قلت: بقي حفيده عليّ بْن عَبْد الصَّمد إلى سنة 57 يحدِّث عَن الثَّقْفيّ، أمّا هُوَ فرأيت لَهُ "طُرُق طلب العِلم" تذكّر عَلَى معرفته، وحِفْظَه، لم يلحق الأخذ عَنْ جَدّه. "حرف الباء": 300- بَركيَارُوق: السُّلطان أبو المظفّر رُكْن الدين ابن السّلطان الكبير ملِكْشاه بْن ألْب أرسلان بْن دَاوُد بْن ميكائيل بْن سلْجُوق بْن دُقَاق السَّلْجوقيّ1 ويُلَقَّب أيضًا شهاب الدّولة. تملَك بعد موت أَبِيهِ، وكان أَبُوهُ قد ملك ما لم يملكه غيره. وكان السّلطان سَنْجَر نائب أخيه رُكْن الدين عَلَى بلاد خُراسان. وكان ملازمًا للشُّرْب. بقي في السَّلْطنة اثنتي عشرة سنة، وتُوُفّي ببرُوجِرْد في شهر ربيع الأوَّل، وقُتِل الآخر. وأمّا أخوه سَنْجَر، فامتدّت أيّامه، وعاش إلى بعد سنة خمسين وخمسمائة. وبركياروق فتح الباء الموحَّدة. تمرّض بأصبهان بالسُّلّ والبواسير، فسار منا في مِحَفَّة طالبًا بغداد، فضعُف في الطريق وعجز. ولمّا احتضر خلع عَلَى ولده ملكشاه، وله نحو خمس سنين، وجعله وليَّ عهده بمشورة الأمراء، وحلفوا لَهُ، ومات -وهو ببروجرد، ودُفن بأصبهان في تربة لَهُ. وعاش خمسًا وعشرين سنة، قاسى فيها من الحروب واختلاف الأمور ما لم يُقاسه أحد، واختلفت بِهِ الأحوال ما بين انخفاض وارتفاع، فلمّا قوي أمره، وصار كبير البيت السَّلْجوقيّ أدركته المنية. وكان مَتَى خُطِب لَهُ ببغداد وقع الغلاء، ووقفت المعايش، ومع ذَلِكَ يحبّونه ويختارونه. وكان فيه حلْم وكَرَم وعقْل وصَفْح، عفا الله عنه.

_ 1 السير "19/ 195"، البداية والنهاية "12/ 164".

"حرف الثاء": 301- ثابت بْن بُنْدار بْن إِبْرَاهِيم بْن بُنْدار: أبو المعالي الدِّيَنَوَريّ الأصل، البغداديّ، المقرئ البقّال1. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، ثقة، فاضلًا، واسع الرّواية. أقرأ القرآن، وحدَّثَ بالكثير. سمع: أبا القاسم الحرفي، وأبا بكر البرقاني، وأبا علي بن شاذان، وعثمان بْن دُوَسْت، وأبا عليّ بْن دوما. روى لنا عَنْهُ: ابنه يحيى، وابن السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر، وعبد الخالق بْن أحمد اليُوسُفيّ، وجماعة كثيرة بمَرْو، وبلْخ، وبُوشَنْج. وقرأت بخطّ والدي: ثابت ثابت. وقال عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ: ثقة مأمون. وقال غيره: كَانَ يُعرف بابن الحمامي، ولد سنة ست عشرة وأربعمائة. وقرأ عَلَى: ابن الصقر الكاتب، وأبي تَغْلِب المُلْحَميّ. قرأ عَلَيْهِ سِبْط الخيّاط، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن شُنَيْف. وروى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأحمد بْن المبارك المرقعاني، وأحمد وعُمَر ابنا تيمان المستعمل، وشُهْدَة الكاتبة، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وحدَّثَ عَنْهُ بالإجازة الفقيه نَصْر المَقْدِسيّ. "حرف الحاء": 302- الحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز: أبو بَكْر الطّائيّ المُرْسِي النَّحْويّ2، ويُعرف بالفقيه الشّاعر لغلبة الشعر عَلَيْهِ. روى عن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن عتاب، وأبي عمر بن القطان، وأبي محمد بن المأموني، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس، وابن أرفع رأسه. وجالس أبا الوليد بن مقيل. وله كتاب المقنع في النَّحْو. تُوُفّي في رمضان، وله ستٍّ وثمانون سنة. 303- الحُسين بْن عليّ بْن الحُسين: أبو عَبْد اللَّه الطَّبَريّ الفقيه3. نزيل مكة ومحدثها.

_ 1 السير "19/ 204"، شذرات الذهب "3/ 408". 2 الصلة "1/ 138". 3 السير "19/ 203"، شذرات الذهب "3/ 408".

ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة بآمُل طَبَرِسْتان، ورحل نَيْسابور سنة تسعٍ وثلاثين. سمع صحيح مُسْلِم من عَبْد الغافر الفارسيّ، وسمع: عمرو بْن مسرور، وأبا عثمان الصّابونيّ وسمع بمكّة صحيح الْبُخَارِيّ من كريمة. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ حَسَن الفتاوى، تفقّه عَلَى ناصر بْن الحُسين العُمَريّ المَرْوَزِيّ، وصار لَهُ بمكّة أولاد وأعقاب. قلت: روى عَنْهُ: إسماعيل الحافظ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو غالب الماوَرْدِيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد العبّاسيّ الْمَكِّيّ، ورَزِين بْن معاوية العَبْدَريّ مصنِّف جامع الأصول، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن العربيّ القاضي، وأبو الحَجّاج يوسف بْن عَبْد العزيز المَيُورقيّ، ووجيه الشّحّاميّ، وخلق بن المغاربة. قَالَ ابن سكرة في مشيخته التي خرّجها عِيَاض لَهُ: هُوَ شافعي أشْعَريّ جليل. قَالَ: وبعضهم يكنّيه بأبي عليّ، ويُدْعَى إمام الحرمين، لازم التّدريس لمذهب الشّافعيّ والتّسميع بمكّة نحْوًا من ثلاثين سنة، وكان أسند من بقي في "صحيح مُسْلِم"، يعني بمكّة؛ سمعه منه عالم عظيم. وكان من أهل العلم والعبادة. وجرت بينه وبين أَبِي مُحَمَّد هياج بْن عُبَيْد الشّافعيّ وغيره من الحنابلة ممّن يَقُولُ من أصحاب الحديث بالحرف والصَّوت خُطُوب. وقال هبة اللَّه بْن الأكفانيّ: تُوُفّي بمكّة في العشر الأواخر من شَعْبان. وقال ابن السّمعانيّ: سَمِعْتُ أَنَّهُ انتقل إلى إصبهان، فمات بها. 304- الحُسين بْن مُحَمَّد بْن أحمد: الحافظ أبو عليّ الغسّانيّ الْجَيَّانيّ1. ولم يكن من جَيّان، إنّما نزلها أَبُوهُ في الفِتْية، وأصلهم من الزهراء. رئيس المحدثين بقرطبة، بل بالأندلس. قَالَ ابن بَشْكُوَال: روى عَنْ: حَكَم بْن مُحَمَّد الْجُذَاميّ، وأبي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي شاكر القَبْريّ عَبْد الواحد، وأبي عَبْد اللَّه بن عتاب، وحاتم بن محمد، وأبي عمر بن الحذاء، وسراج بن عبد الله القاضي، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي العبّاس العُذْريّ، وجماعة كثيرين سمع منهم وكتب عَنْهُمْ. وكان من جهابذة المحدّثين وكبار العلماء المسندين، وعني بالحديث وضبْطه، وكان بصيرًا باللُّغة، والإعراب، والغريب، والشِّعْر، والأنساب، جمع من ذَلِكَ كلّه ما لم يجمعه أحدٌ في وقته. ورحل النّاس إليه، وعولوا في الرواية عليه. وجلس لذلك بجامع قرطبة.

_ 1 السير "19/ 148"، شذرات الذهب "3/ 408".

وسمع منه الأعلام، وأنبأ عَنْهُ غير واحد، وصفوه بالجلالة، والحِفْظ، والنّباهة، والتّواضع، والصّيانة. قَالَ السهيلي في الروض: حدَّثني أبو بَكْر بْن طاهر، عَنْ أَبِي عليّ الغساني، أنّ أبا عُمَر بْن عَبْد البَرّ قَالَ لَهُ: أمانةُ اللَّه في عُنُقِك، مَتَى عبرتَ عَلَى اسمٍ من أسماء الصّحابة لم أذْكُرُه، إلّا أَلْحَقْتَه في كتابي الّذي في الصّحابة. وقال ابن بَشْكُوَال: قال شيخنا أبو الحسن بن مغيث: كان من أكمل من رأيت عِلْمًا بالحديث، ومعرفة بطُرُقُه وحِفْظًا لرجاله. عانى كُتب اللغة، وأكْثَرَ من رواية الأشعار، وجمع من سعة الرّواية ما لم يجمعه أحد. أدركناه، وصحّح من الكُتُب ما لم يصحّحه غيرُه من الحُفّاظ. كُتُبه حُجّةٌ بالغة. جمع كتابًا في رجال الصّحيحين سمّاهُ "تقييد المُهْمَل وتمييز المُشْكَل" وهو كتابٌ حَسَن مفيد، أخذه النّاس عَنْهُ. قَالَ ابن بَشْكُوَال: وسمعناه عَلَى القاضي أَبِي عَبْد اللَّه بْن الحَجّاج، عَنْهُ، وتُوُفّي ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلةٍ خَلَت من شَعْبان، ومولده في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة. وكان قد لزم داره قبل موته بمدة لزَمانَةٍ لِحقَتْه. قلت: روى عَنْه: مُحَمَّد بْن الحَكَم الباهليّ شيخ العُمانيّ، والسِّلَفيّ في سماع "تقييد المُهْمَل"، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن إِبْرَاهِيم الْجَيَّانيّ المشهور بالبغداديّ، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو العلاء زهر بْن عَبْد المُلْك الإياديّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن سماك الغَرْناطيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن أَبِي ليلى الْأَنْصَارِيّ الحافظ، ويوسف بْن يَبْقى النَّحْويّ، وخلْق كثير، آخرهم فيما أرى وفاءً: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل التِّنِّيسيّ مُسْنِد مُرّاكش، سمع منه صحيح مُسْلِم، وتُوُفّي في سنة سبعين وخمسمائة. "حرف السين": 305- سقمان، ويقال: سكمان، ابن أُرْتُق بْن أَكْسَب التُّرْكُمانيّ1: ولي هُوَ وأخوه إيل غازي إمرةَ القُدس الشَريف بعد أبيهما، فقصدهما الأفضل شاهنشاه أمير الجيوش، وأخذ منهما في شوّال سنة إحدى وتسعين، فتوّجها إلى الجزيرة، وأخذا ديا بكر، ثم توفي سقمان بين طرابس وماردين هِيَ إلي اليوم لذُرِّيّته. وقد ساق صاحب الكامل أخباره في أماكن، إلى أنّ ذكر وفاته، فحكى أن ابن عمار طلبه ليكشف عنه الفرنج على مالٍ يعطيه، وأن صاحب دمشق مرض وخاف على دمشق،

_ 1 السير "19/ 234"، شذرات الذهب "3/ 409".

فطلبه ليسلّم إِلَيْهِ البلد، فسار إلي دمشق ليملكها، ويتجهز منها لغزو الفرنج، فأخذته الخوانيق، وتُوُفّي بالقريتين، ونُقِل فدُفن بحصن كَيْفا. قَالَ: وأمّا ملكه ماردين فإنّ صاحب المَوْصِل كَرْبُوقا قصد آمِد، فجاء سُقْمان ليكشف عَنْهَا، فالتقوا، وكان عماد الدين زنكي بْن آقسُنْقُر حينئذٍ صبيًّا مع كربوقا، فتظهر سُقْمان عليهم، فألقى الصَّبيَّ إلى الأرض، وصاح مماليك أَبِيهِ: قاتِلُوا عَنْ زنكي. فصدقوا حينئذ في القتال، فانهزم سُقْمان، وأسروا ابن أخيه فسجنوه بماردين، وهي لإنسان مغني للسّلطان بَركيَارُوق، غنّاه مرّةً، فأعطاه ماردين، فمضت زوجة أُرْتُق تسأل لصاحب المَوْصِل أنّ يطلق الشاب من حبس ماردين، فأطلقه، فنزل تحت ماردين، وبقي يفكر كيف يتملكها. وكان الأكراد الذين يجاورونها قد طمعوا في صاحبها المغني، وأغاروا عَلَى ضياع ماردين، فبعث ياقوتي ابن أخي سقمان، أعني الذي كان مسجونًا بها، إلى صاحبها يَقُولُ: قد صار بيننا مَوَدَّة، وأريد أنّ أُعمِّر بلدك، وأمنع الأكراد منه، وأقيم في الرُّبَض. فأذِن لَهُ، فبقي يُغِير من بلاد خلاط إلى أطراف بغداد، وصار ينزل معه بعض أجناد القلعة، وهو يكرمهم، ويكسبون معه، إلى أنّ صار ينزل معه أكثرهم، فلمّا عادوا من الغارة أمسكهم وقيَّدهم، وساق إلى القلعة، فنادى أهاليهم: إنّ فتحتم الباب وإلّا ضربت أعناقهم. فامتنعوا، فقتل إنسانًا منهم، فسلّموا القلعة إِلَيْهِ. ثمّ جمع جمعًا، وأغار عَلَى جزيرة ابن عُمَر، فجاء صاحبها جَكَرْمِش، وكان ياقوتي قد مرض، فأصابه سهم فسقط. وجاء جَكَرْمِش، فوقف عَلَيْهِ وهو يجود بنفسه، فبكى عَلَيْهِ، فمضت امرأة أُرْتُق إلى ابنها سقمان، وجمعت التركمان، وطابت بأار ابن ابنها، وحاصر سُقْمان نصيبين. وملك ماردين عليّ أخو ياقوتي، ودخل في طاعة صاحب المَوْصِل، وسار إلى خدمته، واستناب بها أميرًا، فعمل عَلَيْهِ سُقْمان وقال: إنّ ابن أختك يريد أن يسلم ماردين لجكرمش، فتملكها سُقْمان. "حرف العين": 306- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن يوسف بن بشر: أبو محمد المعافري القرطبي1.

_ 1 الصلة "1/ 290".

من بيت فقهٍ وقضاء. روى عَنْ: حَكَم بْن مُحَمَّد، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عَبْد اللَّه بْن عتاب، وأبي عُمَر بْن الحدّاد. وكان حَسَن الطّريقة، ذا سمتٍ وهديٍ صالح، وله اعتناء بالعِلْم والرّواية. سمع منه النّاس. توفي أبو محمد بن بشر في المحرَّم، وله أربعٌ وثمانون سنة، ومات معه ابنه عُبَيْد اللَّه قاضي الجماعة. 307- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الْجُنَيْد: الحاكم أبو نَصْر النَّيْسابوريّ الحنفيّ1. شيخ صالح. سمع: أبا الحسن بن علي بن مُحَمَّد الطّرَازِيّ، وأبي سَعْد الصَّيْرفيّ. وعنه: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن الصّفّار، وعبد الخالق بْن زاهر، وأبو طاهر السِّنْجيّ. مات في شوّال في عَشْر التّسعين. 308- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز: أبو غالب بْن الدّهّان الطّرائفيّ2. بغداديّ. سمع: ابن غَيْلان، وغيره. وعنه: السِّلَفيّ. وقال شجاع الذُّهْليّ: لا بأس بِهِ. 309- عليّ بْن خَلَف بْن ذي النُّون بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن هُذَيْل. أبو الحَسَن العَبْسيّ القُرْطُبيّ الإشبيليّ الأصل3، المقرئ، أحد الأعلام والزهاد والأئمة والأوتاد، أولو العِلْم والعمل. سمع من: أَبِي مُحَمَّد بْن خَزْرَج. ورحل فأخذ بمصر عَنْ: أَبِي العبّاس بْن نفيس تلاوة، وأبي عَبْد اللَّه القُضاعيّ كتاب الشّهاب، وعليه يعوَّل النَّاس فيه. وروى عَنْ: أَبِي مُحَمَّد بْن الوليد الأندلسيّ، والفقيه نَصْر المَقْدِسيّ. أخذ عَنْهُ: عَبْد الجليل بْن عَبْد العزيز الأُمَويّ، وعبد اللَّه بْن موسى القُرْطُبيّ، ويحيى بْن مُحَمَّد بْن سعادة المقرئ. قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ رحمه اللَّه من جلة المقرئين، وفضلائهم، وعُلمائهم، وخيارهم. وأقرأ النّاس بالمسجد الجامع بُقْرطُبة، وأسمعهم الحديث. وكان ثقة، شُهِر بالخير والزهد في الدنيا، والتَّقَلُّل والصّلاح والتّواضع، وشُهِرت إجابة دعوته، وعُلِمَت في غير ما قصة.

_ 1 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين. 2 انظر السابق. 3 معرفة القراء الكبار "1/ 460".

تُوُفّي لثلاث عشرة تبقّى من جُمَادَى الأولى، وكانت جنازته مشهودة. ومولده في سنة سبْعٍ عشرة وأربعمائة. 310- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن قُنيْن. أبو الحَسَن العبْديّ الكوفي الخزّاز1. قدِم في هذه السّنة بغداد، وحدَّثَ بها عَنْ أَبِي طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الصّبّاغ، سمعه في سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربعمائة. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن السّمعانيّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ. 311- عليّ بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل العراقي: أبو الحَسَن الشّافعيّ2، ويُلَقِّب بقاضي القضاة. ولي القضاء بطُوس، وتفقه عَلَى: أَبِي مُحَمَّد الْجُوَينيّ. وسمع: أبا حفص بْن مسرور، وأبا عثمان إسماعيل الصّابونيّ، وابن المهتدي باللَّه، وعدة. روى عنه: أبو طاهر محمد بن محمد السِّنْجيّ. تُوُفّي بطوس في أوّل رمضان، وله أربع وثمانون سنة. 312- عيسى بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم: الواعظ أبو المؤيد الغَزْنَويّ3. كاتب، شاعر، متفنّن، متعصُب للأشعريّ. قدِم بغداد ووعظ وحصّل لَهُ قبولٌ عظيم، ثمّ ذهب، فمات بإسْفَراين في هذه السّنة. "حرف الفاء": 313- الفضل بْن عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الفضل بْن يعقوب4: أبو عَبْد اللَّه بن أبي قاسم بن الشيخ أبي الحسن بْن القطّان المَتُّوثيّ. قَالَ السّمعانيّ: هُوَ والد شيخنا هبة اللَّه الشاعر. كَانَ من أولاد المحدّثين، وكان بقية بيته. سمع: مُحَمَّد بْن علي كردي، وأبا طَالِب بْن غَيْلان، وغيرهما. وروى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الحافظ، ومُحَمَّد بْن ناصر، وأبو طاهر السِّنْجيّ المَرْوَزِيّ. قلت: وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ. وقع لي جزء من طريقه. ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة. وتوفي لست بقين من ربيع الأول.

_ 1 المشتبه "2/ 538". 2 طبقات الشافعية "3/ 303" للسبكي. 3 البداية والنهاية "12/ 165". 4 لا بأس به.

314- فِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن شاذي: أبو الحُسين الشَّعْرانيّ الهَمَذانيّ1. قدم بغداد سنة تسعين حاجًّا. وحدَّثَ: وسمع: أبا الفضل عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الهَرَوِيّ، وعليّ بْن شُعَيْب القاضي، وأبا منصور أحمد بْن عُمَر، وأبا مسعود البجلي، وأحمد بن زنجويه، منصور بن رامش، وعلي بن إبراهيم سخْتام، ومُحَمَّد بْن عيسى محدِّث هَمَذَان، وأحمد بْن عَبْد الواحد بْن شاذي. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، مكثرًا، صدوقًا، من أولاد المحدثين، عُمِّر حتّى انتشرت عَنْهُ الرّواية. روى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر المَغَازليّ، وأبو طاهر السنجي، وغيرهم. ولد فيد في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في أواخر ربيع الآخر. قلت: وممّن روى عَنْهُ: أبو الفتوح الطّائيّ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ. مات بهَمَذَان. "حرف الميم": 315- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قَيْداس: أبو طاهر التُّوثيّ الحطّاب2، من محلّة التُّوثَة. سمع أبا علي بن شاذان، وأبا القاسم الحرفي. وأجاز لَهُ أبو الحُسين بْن بِشْران. وُلِد سنة عشر وأربعمائة. وتُوُفّي في المحرَّم. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ. 316- مُحَمَّد بْن عَبْد السّلام بْن أحمد بْن مُحَمَّد: الشريف أبو الفضل الْأَنْصَارِيّ البزّار3. كَانَ ثقة صالحًا، من بيت حديثٍ وخير. سمع: أبا القاسم الحرفيّ. وأبا عليّ بن شاذان، وأبا بَكْر البَرْقانيّ. وغيرهم. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وأبو المظفَّر يحيى بْن عليّ الخيميّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وخطيب المَوْصِل. ومات في ربيع الآخر، وَلَهُ أربعٌ وثمانون سنة.

_ 1 المشتبه "2/ 514". 2 المشتبه "1/ 102". 3 شذرات الذهب "3/ 309".

317- محمد بن علي بن الحسن بن أبي الصَّقْر. أبو الحَسَن الواسطيّ الفقيه الشّافعيّ1 الكاتب. أحد الشُّعراء، لَهُ ديوان في مجلدٍ؛ وعاش بضعًا وثمانين سنة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره تفقّه عَلَى إِسْحَاق الشِّيرازيّ، وكان يتردّد ما بين واسط وبغداد. وحدَّثَ عَنْ: عُبَيْد اللَّه بْن القطّان. روى عَنْهُ: كثير بْن شماليق ناصر أيضًا. ومن شِعره: من عارضَ اللَّه في مشيئته ... فما من الدّين عنده خَبَرُ لا يقدر النّاس باجتهادهم ... إلّا عَلَى ما جرى بِهِ القَدَرُ وعمل فيهم أشعارًا. 318- مُحَمَّد بْن فَتُّوح بْن عليّ بْن وليد: أبو عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ الطَّلْبيريّ، قاضي غرناطة2. روى عَنْ: أَبِي جعفر بْن مغيث، والطَّلَمَنْكيّ، وأبي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي عُمَر بْن سميق، وجماعة. وكان عالمًا بالرأي والوثائق. تُوُفّي بمالقة في صَفَر. 319- مُحَمَّد بْن محمود بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم: أبو عَبْد اللَّه الرّشِيديّ النَّيْسابوريّ الفقيه3. خَدَم أبا عثمان الصّابونيّ، وكان تقيًّا رضِيّ الأخلاق، منفقًا عَلَى أهل العلم. سمع: ببغداد من: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان؛ ويحتمل أَنَّهُ سمع من أصحاب الأصمّ، فإنّه أدرَّ لهم. وأملى مجالس. وتُوُفّي في شوّال وله سبْعٍ وثمانون سنة. وقد سمع من أبي سعد فضل الله المهيني. روى عَنْهُ: أبو البركات بْن الفُرَاويّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أحمد الصّفّار، وأبو نَصْر أحمد بْن عَبْد الوهّاب، وجماعة. 320- مُحَمَّد بن محمد بن محمد بن الطيب: أبو الفضل ابن الصّبّاغ البزّار. سمع: ابن دُوَسْت العلّاف، وأبا القاسم بْن بِشْران. وعنه: سِبْط الحناط، وابن ناصر، والسِّلَفيّ. مات في صَفَر.

_ 1 السير "19/ 238"، البداية والنهاية "12/ 165". 2 الصلة "2/ 565". 3 لم نقف عليه.

"حرف النون": 321- نَصْر اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان: أبو عليّ الخُشْناميّ النَّيْسابوريّ1. ثقة صالح: قاله أبو سَعْد السّمعانيّ. سمع: أبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبا بَكْر الحِيّري، وعليّ بْن أحمد بْن عَبْدان، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ. وصار مُسْنِد خُراسان. وطال عُمره، وما أراه يروي عَنِ السُّلَميّ إلّا حُضورًا، فإن السّمعانيّ قَالَ: ولد في رمضان سنة تسعٍ وأربعمائة. قَالَ: وتُوُفّي في شَعْبان. روى لنا عَنْهُ خلق. قلت: وقع لنا حديثه في جزء الفَلكَيّ. وروى عَنْهُ: حفيده مسعود بْن أحمد، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وعبد الخالق بْن زاهر، وعُمَر بْن الصّفّار، وخلْق. 322- نَصْر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أحمد: أبو المكارم الوكيل2، شيخ بغداد. سمع من: القاضيَيْن: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبي يَعْلَى بْن الفُرَاويّ. عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الوفاء أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحُصَيْن. تُوُفّي في المحرَّم. "حرف الهاء": 323- هبة اللَّه بْن الحسين بْن عليّ3: الكاتب تاج الرؤساء أبو نَصْر ابن أخت أمين الدّولة بْن المُوصلايا، وقد أسلما معًا. لأبي نَصْر رسائل مدوّنة، وعاش سبعين سنة. ذكره ابن خَلَّكان: أبو نَصْر بْن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء بدار الخلافة، قُلِّدَ الديوان بعد عمه أبي سعيد، فبقى نحو سنتين، ومات عَنْ سبعين سنة، وكان يبخل، إلّا أَنَّهُ كَانَ كثير الصدقة، ولم يخلف وارثًا. وفيات سنة تسع وتسعين وأربعمائة: "حرف الألف": 324- أحمد بْن خَلَف: أبو عمر الأموي القرطبي المؤدب4. جود القرآن

_ 1 السير "19/ 167"، شذرات الذهب "3/ 409". 2 لا بأس به. 3 وفيات الأعيان "3/ 480". 4 الصلة "1/ 72".

عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه الطّرَفيّ المقرئ. وسمع من حاتم بْن مُحَمَّد. روى عَنْهُ: القاضي أبو عَبْد اللَّه بْن الحاجّ. 325- أحمد بْن عَبْد المنعم بْن أحمد بْن بُنْدار: القائد أبو الفضل بْن الكُرَيْديّ1. سمع أبا القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن الطّبيز، وأحمد بْن مُحَمَّد العتيقي، وأبا بكر أحمد بن حريز السلماني، وعليّ بْن السِّمْسار. قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ أبو الحَسَن النّابُلسيّ، وعبد اللَّه بْن خليفة وغالب بْن أحمد، وأبو الحَسَن بْن مهديّ الهلاليّ، وآخرون. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى بدمشق. 326- أحمد بْن الفضل بْن أَبِي القاسم الأصبهاني2: أبو الفضل القصّار، شيخ صالح. سمع: أبا القاسم سِبْط بَحْرُوَيْه. وبمكّة: سَعْد بْن عليّ، وهَيّاج بْن عَبْد الزّاهد. تُوُفّي من البرد بطريق مكّة. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ. 327- أحمد بْن عليّ بْن عَبْد الغفّار: أبو طاهر البَيِّع البغداديّ3. روى عَنْ أَبِي تمام، عَنْ عليّ بْن مُحَمَّد الواسطيّ، وأبي الحَسَن محمد بْن أحمد بْن الحُسين السُّكّريّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وعبد الخالق بْن يوسف، وعُمَر بْن ظفر المَغَازليّ. وقد سمع: أبا مُحَمَّد الخلّال، وضاع سماعه. تُوُفّي في رمضان عَنْ نيف وثمانين سنة. 328- أحمد بْن مُحَمَّد: أبو بَكْر المَوَازِينيّ الإسكاف4، شيخ بغداديّ. سمع منه: السِّلَفيّ. توفي في صفر. "حرف الباء": 329- بدر النشوي: أبو النجم الصوفي5: سافر الكثير، وصحب المشايخ، وسكن بغداد، وسمع بها من: أَبِي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزينبي. وحدَّثَ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حبيب بْن العامريّ، ومُحَمَّد بْن علي بن فولاذ الطبري. سمعوا من هذا العام. وقال: أَنَا في عشر الثمانين.

_ 1 لا بأس به. 2 لم نقف عليه. 3 لا بأس به. 4 لم نقف عليه. 5 لم نقف عليه.

330- بنجر بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَمُّوَيْه: أبو الوفاء الزّنْجانيّ، ثمّ الهَمَذانيّ1. قَالَ شِيرُوَيْه: كهل، سمعنا. روى عَنْ: أَبِي الفَرَج البَجَليّ، وعبد الحميد بْن الحَسَن الفُقَاعيّ، ومُحَمَّد بْن الحُسين، وعامة مشايخنا. مات في صَفَر، وكان صالحًا متديِّنًا صدوقًا. "حرف الحاء": 331- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ بْن فتحان بْن منصور بْن عَبْد اللَّه بْن دَلف ابن الأمير أَبِي دُلَف العِجْليّ ابن الشَّهْرَزُوريّ2: العطّار أبو منصور، من ساكني خرابة ابن جرادة. قرأ القرآن عَلَى: أَبِي نَصْر أحمد بْن مسرور. وسمع من: أحمد بن علي الثوري، وأبي علي المذهب، وطائفة. قرأ عَلَيْهِ ولده شيخ القراء المبارك. وحدَّثَ عَنْهُ هُوَ، والسِّلَفيّ. مات في جُمَادَى الآخرة. ذكره ابن النّجّار. "حرف الدال": 332- دارا بن العلاء بْن أحمد: أبو الفتح الفارسيّ3 الكاتب البليغ. ذو النَّظْم النَّضير كاتب السّلطان ملكشاه. سمع مَعَ نظام المُلْك من: ابن شكْرُويه الأصبهاني، وطائفة. وأخذ عَنْهُ: السِّلَفيّ، وهزارسْت. أرّخه ابن النّجّار. "حرف الحاء": 333- الحُسين بْن إِبْرَاهِيم: أبو عَبْد اللَّه النَّطَنْزِيّ الأصبهاني، النَّحْويّ، الملقب بذي اللّسانين4. من كبار أئمة العربية. 334- الحُسين بْن سَعْد الآمِديّ5: الأديب. حدَّثَ بأصبهان عن ابن غيلان، وبها توفي.

_ 1 لا بأس به. 2 الأنساب "7/ 420". 3 لم نقف عليه. 4 سبقت الترجمة له. 5 في عداد المجهولين.

"حرف الخاء": 335- خمارتِكِن: أبو منصور الجستانيّ1، أمير الحاجّ. قَالَ السِّلَفيّ: قرأنا عَلَيْهِ بالمدينة النبوية: أخبركم أبو مُحَمَّد الجوهريّ. تُوُفّي بمراغة في المحرَّم. "حرف السين": 336- سهل بْن أحمد بْن عليّ: الحاكم أبو الفتح الأَرْغِيَانيّ2 الفقيه الشّافعيّ الزّاهد، أحد الأئمة. تفقّه عَلَى القاضي حسين؛ وأخذ الأصول والتفسير عَنْ شهفور الإسْفَرائينيّ بطُوس. وأخذ عَنْ أَبِي المعالي الْجُوَينيّ علم الكلام. وولى القضاء بناحيته أرغيان، وهي قرى كثيرة من عمال نَيْسابور. ثمّ تعبد وترك القضاء وآوى إلى الخانقاه، ووقف عليها، ولزم العبادة، وصحب الزّاهد حَسَن السِّمْنانيّ. وله فتاوى مجموعة معروفة بِهِ. وقد سمع: أبا حفص بْن مسرور، وأبا عثمان الصّابونيّ، وهذه الطبقة فأكثر. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وغيره. تُوُفّي في يوم النَّحْر. "حرف العين": 337- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن إِسْحَاق بْن العبّاس: أبو القاسم الطُّوسيّ3، أخو نظام المُلْك. قَالَ السّمعانيّ: أحد مشايخ نَيْسابور في عصره، العفيف في نفسه، النّظيف في ملابسه ومجالسه وصلواته، المواظب عَلَى قراءته للقرآن في أكثر أحواله. دخل نَيْسابور في طلب العلم، وسمع الحديث؛ وكان من أولاد الدّهاقين، لهم ضيعةٌ موروثة، وكان يتجمّل بها. ثمّ استمرّ بِهِ الحال إلى أن تَرَقّى أمرُ أخيه، فما غير هيئته. سمع: أبا حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأبا عثمان الصابوني، وحفص ابن مسرور. سمع منه والدي. روى لنا عَنْهُ جماعة. وحدَّثَ ببغداد، ثنا عَنْهُ بها ابن السَّمَرْقَنْديّ. وكان مولده في سنة أربع عشرة وأربعمائة، ومات في جُمَادَى الآخرة. 338- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخوّاص البغداديّ: أبو نَصْر الدّبّاس4.

_ 1 لم نقف عليه. 2 طبقات الشافعية "3/ 169" للسبكي. 3 السابق "3/ 206". 4 لا بأس به.

سمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا القاسم التّنُوخيّ. روى عَنْهُ: المبارك بْن أحمد، والسِّلَفيّ، وغيرهما. قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ مشهورًا بالصلاح، وسماعه صحيح. 339- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن أحمد: أبو مُسْلِم الشِّيرازيّ1 اللُّغَويّ النَّحْويّ. لَهُ عدة مصنَّفات. قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ من أفراد الدّهر وأعيان العصر، متفنّنًا، نحويا، لُغَويا فقيهًا، متكلمًا، شاعرًا. لَهُ مصنَّفات كثيرة وكان حافظًا للتواريخ. ما رأينا في معناه مثله. تُوُفّي في ذي الحجة وقد نيّف على التّسعين. حضرت الصّلاة عَلَيْهِ. 340- عليّ بْن الحَسَن بْن عَبْد السّلام بْن أَبِي الخَرَوَّر: الْأَزْدِيّ الدّمشقيّ2، أبو الحَسَن. سمع: أبا الحَسَن بْن السِّمْسار، ومُحَمَّد بْن عَوْف، وأبا عثمان الصّابونيّ. وعنه: الخضر بْن عَبْدان، ونصر بْن أحمد السُّوسيّ. تُوُفّي في ربيع الأوَّل. وكان يقرأ عَلَى القبور. 341- عليّ بْن هبة اللَّه بْن الْحَسَن بْن أَبِي صادق: أبو سَعْد الحِيّريّ النَّيْسابوريّ3. حدَّثَ في آخر هذه السنة، ولا أعلم مَتَى مات. سمع: عليّ بْن مُحَمَّد الطّرَازِيّ صاحب الأصمّ، وأبا عُمَر، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الرَّزْجاهيّ، وأبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم المُزَكيّ. روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه التَّفْتازَانيّ. 342- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف: أبو الحَسَن الْأَنْصَارِيّ العَبّاديّ الطُّلَيْطُليّ4، ويُعرف بابن اللونقه. روى عَنْ: أَبِي المطرِّف بْن سَلَمَة، وأبي سَعِيد الورّاق، وابن عَبْد البَرّ النمري. وكان فقيها، ورعًا، بصيرًا بالطب، أخذه عن أبي المطرف بن واقد. توفي بقرطبة في هذه السنة أو في التي قبلها. روى عنه: ابنه الحسن. 343- عمر بن المبارك بن عمر بن عثمان بن الخرقي: أبو الفوارس المحتسب البغدادي5. قال السمعاني: شيخ صالح دين خير.

_ 1 بغية الوعاة "2/ 102". 2 لا بأس به. 3 السير "19/ 224". 4 لا بأس به. 5 السير "19/ 224".

سمع أبا القاسم بْن بِشْران. ثنا عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر المَغَازليّ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ. قلت: وروى عَنْهُ السِّلَفيّ في البشرانيات. تُوُفّي في نصف جُمَادَى الآخرة. "حرف الميم": 344- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ بْن عَبْد الرّزّاق: الشَّيْخ أبو منصور الخياط البغداديّ1 المقرئ الزّاهد. قَالَ السّمعانيّ: ثقة صالح عابد، يقرئ النّاس ويلقن. قلت: سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن الأخضر الفقيه، وعبد الغفار بْن مُحَمَّد المؤدِّب وحدث عنه بمسند الحُمَيْديّ. وقرأ القرآن عَلَى الشَّيْخ أَبِي نَصْر بْن مسرور المقرئ. وكان قديم المولد، فلو أنه سمع في حدود العشر وأربعمائة، فكان يمكن أنّ يقرأ عَلَى أَبِي الحَسَن الحمّاميّ، ولكنّ هذه الأشياء قسمية. روى عَنْهُ جماعة منهم: سِبْطاه أبو عَبْد اللَّه الحُسين، والمقرئ الكبير أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه شيخنا الكِنْديّ، وابن ناصر، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الفضل خطيب المَوْصِل، وسعد اللَّه بْن الدّجاجي، وأحمد البَاجِسْرَائيّ. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ لَهُ ورد بين العشائين، يقرأ فيه سبعًا من القرآن قائمًا وقاعدًا، حتّى طعن في السّنّ وكان صاحب كرامات. قَالَ ابن ناصر: كانت لَهُ كرامات. وقال أبو منصور بْن خَيْرُون: ما رأيت مثل يوم صُلِّيَ عليّ أَبِي منصور الخيّاط من كثرة الخلْق والتبرك بالجنازة. وقال السّمعانيّ: وقد رُؤيَ بعد موته في المنام، فقيل لَهُ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي بتعليمي الصبّيان فاتحة الكتاب. وكان إمام مسجد ابن جَرْدَة بالحَرَم الشّريف، واعتكف فيه مدة يعلِّم العُمْيان القرآن لله، ويسأل لهم، وينفق عليهم. قَالَ ابن النّجّار في تاريخه: إلى أنّ بلغ عدد من أقرأهم القرآن من العُميان سبعين ألفًا. قَالَ: هكذا رأيته بخط أَبِي نَصْر اليُونَارْتيّ. قلت: هذا غلطٌ لا ريب فيه، لعلّه أراد أنّ يكتب سبعين نفسًا، فكتب سبعين ألفًا. ولا شك أنّ من ختم عليه القرآن سبعون أعمى يعزّ وقوع مثله. قَالَ السِّلَفيّ: ذكر لي المؤتمن السّاجيّ في ثاني جمعة من وفاة منصور: اليوم ختموا عَلَى رأس قبره مائتين وإحدى وعشرين ختمة، يعني أنهم كانوا

_ 1 السابق "19/ 222".

قد قرأوا الختم قبل ذَلِكَ إلى سَورَة الإخلاص، فاجتمعوا هناك، ودعوا عقيب كل ختمة. قال السلفي: وقال أبو عليّ بْن الأمير العُكْبَريّ، وكان رجلًا صالحًا: حضرت جنازة أَبِي منصور، فلم أر أكثر خلقًا منها، فاستقبلنا يهودي، فرأى كثرة الزّحام والخلْق فقال: أشهد أنّ هذا هُوَ الحقّ، وأسلم. تُوُفّي يوم الأربعاء سادس عشر محرَّم سنة تسعٍ، ودفن بمقبرة باب حرب. 345- مُحَمَّد بن إبراهيم بن محمد بن خَلَف: أبو نعيم الواسطي ابن الْجُمَّاريّ1. روى مُسْنِد مسدَّد، عَنْ أحمد بْن المظفّر العطّار. روى عَنْهُ: عليّ بْن نغوبا، وهبة اللَّه بْن البوقي، وهبة اللَّه بْن الحلخت، وأبو طَالِب مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ. وثّقه الحافظ خميس الحَوْزيّ. آخر ما حدَّثَ في هذه السنة. ولم تُؤرَّخ وفاته. 346- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى: أبو البركات بْن الوكيل، الخباز، المقرئ، الشِّيرَجيّ2. أحد الفُضَلاء بالكَرْخ. قرأ القراءات عَلَى: أَبِي العلاء الواسطيّ، والحسن بْن الصَّقْر، وعليّ بْن طلحة الْبَصْرِيّ، ومُحَمَّد بْن بُكَيْر النّجّار. وتفقّه عَلَى: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ. وسمع ديوان المتنبيّ من عليّ بْن أيّوب. وسمع: أبا القاسم بْن بِشْران. قرأ عليه: أبو الكرم الشهروزري، والسِّلَفيّ، والسبط الحنّاط. وروى عَنْهُ: أبو بَكْر محمد بن منصور السماعي، وابن ناصر، والسِّلَفيّ، وأبو بَكْر عَبْد اللَّه بْن النَّقُّور. قَالَ ابن ناصر: كَانَ رجلًا صالحًا، اتُّهِمَ بالإعتزال، ولم يكن يذكره، ولا يدعو إِلَيْهِ. وقال أبو المُعَمَّر المبارك بْن أحمد: دخلت عَلَيْهِ مَعَ المؤتَمَن السّاجيّ في مرضه، فقال لَهُ المؤتمن: يا شيخنا، بلغنا عنك أشياء. فقال: ذَلِكَ صحيح، وأنا قد رجعت إلى الله، وتبت عن ذَلِكَ الاعتقاد. وُلِد في رمضان سنة ستٍّ وأربعمائة، ومات في ربيع الأوَّل، وله ثلاثٌ وتسعون سنة. 347- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الحَسَن بْن الحُسين بْن أَبِي البقاء. أبو الفَرَج البصري3، قاضي القضاة بالبصرة.

_ 1 السير "19/ 245". 2 غاية النهاية "2/ 187، 188". 3 البداية والنهاية "12/ 166".

كَانَ عالمًا، فهمًأ، فصيحًا، كثير المحفوظ، مهيبًا تام المروءة، متدينًا. قدِم بغداد وسمع: الطَّبَريّ، والتنوخي، وأبا الحَسَن الماوَرْدِيّ. وكان يقرئ كُتُب الأدب. تُوُفّي في المحرَّم بالبصرة. وقد سَمِعَ بالكوفة من: مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ. وبالبصرة من: الفضل بْن مُحَمَّد القصباني، وعيسى بْن موسى الأندلسيّ؛ وبواسط من: أبي غالب بْن أحمد بْن بِشْران. وأملى مجالس بجامع البصرة. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة الصَّدَفيّ وقال: كَانَ من أعلم النّاس بالعربية واللّغة. وله تصانيف، ما رأيت مجلسًا أوقر من مجلسه. وَقَالَ السِّلَفِيُّ: أَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفٍ، عَنِ ابْنِ رَوَاجٍ، عَنْهُ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو الْفَرَجِ قَالَ: أنبا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ، أَنَا طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنا أَبُو خَلِيفَةَ، نا مُسَدَّدٌ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، نا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رجلٍ فَلَهُ وَلَاؤُهُ"1. قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ من أجلّاء القُضاة، وبنى دارًا للعِلْم بالبصرة في غاية الحَسَن والزخرفة، ووقف بها اثني عشر ألف مجلَّدة، ثمّ ذهبت عند فتنة العرب والتُّرْك لمّا نُهْبت البصْرة. 348- المُعَمَّر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن إسماعيل: أبو البقاء الكوفيّ، الحبّال2، الخزّاز، المعروف في بلده. بخُرَيْبَة. روى بالكوفة وبغداد عَن الكبار. سمع: القاضي جناح بْن نذير المُحَارِبيّ، وزيد بْن أَبِي هاشم العَلَويّ، وأبا الطَّيِّب أحمد بْن عليّ الجعفري. روى عنه: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وكثير بْن سماليق، والمبارك بْن أحمد الْأَنْصَارِيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وابن ناصر، والسِّلَفيّ. قَالَ السّمعانيّ: شيخ ثقة، صحيح السّماع، انتشرت عَنْهُ الرّواية، وعُمّر حتّى روى كثيرًا. وقال: قليل السّماع، إلّا أَنَّهُ بُورك لَهُ فيما سمع. روى لنا عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو المعالي الحُلْوانيّ بمَرْو؛ وأبو القاسم إسماعيل الحافظ بأصبهان.

_ 1 "حديث ضعيف": أخرجه ابن عدي "6/ 2397" في الكامل، والدارقطني "4/ 181" في سننه، والطبراني "7781" في الكبير، وابن عبد البر "3/ 84" في التمهيد، والبيهقي "10/ 298" في سننه الكبرى. 2 السير "19/ 209".

وقد سأله هُزَارسْت بْن عوض عَنْ مولده، فقال: سنة عشرٍ وأربعمائة. وقال أبو بَكْر بْن طُرْخان، والحسين بْن خَسْرُو: وسألناه عَنْ مولده فقال: سنة ثلاث عشرة. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة بالكوفة. 349- مكّيّ بن جبير بْن عَبْد اللَّه بْن مكّيّ بْن أحمد: أبو مُحَمَّد الهَمَذانيّ الشّعّار1. سمع من: شيخه أَبِي القاسم نَصْر بْن عليّ، وابن حُمَيْد، وابن أَبِي اللَّيْث، وأبي سَعْد بن الصّفّار، وأبي سَعْد بْن ممسوس وأبي طَالِب بْن الصّبّاح، وهارون بْن ماهلة، وابن مأمون، وعامّة مشايخ هَمَذَان. ورحل إلى بغداد، فسمع من أَبِي مُحَمَّد الجوهريّ، وأبي جعفر بْن المسلمة. وجمع كُتُبًا كثيرة في العلوم. قَالَ شِيرُوَيْه: كُنَّا نسمع بقراءته من مشايخ البلد ومن القادمين، وكان حسن السيرة، شديدًا في السُّنّة، متعصِّبًا لأهل الأثر، مؤمنًا، متواضعًا. قلت: روى عنه: أبو طاهر محمد بن محمد السنجي: أبو الفتوح مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الطّائيّ، وطائفة سواهم. تُوُفّي في ثامن وعشرين جُمَادَى الآخرة. 350- مُهَارِش بْن مجلي بْن عُكَيْث: أبو الحارث مجير الدين العقيلي2 أمير العرب بعانة والحُدَيْثَة. كَانَ كثير الصلاة والخير والبِرّ، يتصدق كل يوم بثلاثمائة رطل خُبْز. ولمّا خرج أرسلان البساسيريُ في سنة خمس وأربعمائة عَلَى الخليفة القائم، انحاز الخليفة، فآوى إلى مُهَارِش هذا كما تقدَّم، فكان يخدم الخليفة بنفسه تِلْكَ السّنة. ورد القائم شاكرًا لَهُ. وقد مدحه مُهَارِش بقصيدةٍ، وبعث بها إِلَيْهِ، أولها: لولا الخليفة ذو الأفضال والمنن ... نجل الخلائف آل الفرض والسنن ما بعث قومي وهم خير الأنام ولا ... أصبحت أعرف بغدادَ أو تعرفني حاربتُ فيه ذوي القُرْبَى، وبعت به ... ما كنت أهواه من دارٍ ومن سكن ما استحق سواي مثل منزلتي ... ما دام عَدْلُكَ هذا اليوم ينصفني توفي عن سن عالية.

_ 1 لا بأس به. 2 وفيات الأعيان "5/ 269"، السير "19/ 224".

351- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الطَّيِّب بْن سَعِيد بْن الصّبّاغ: أبو الفضل البغدادي البزاز1. ولد الشَّيْخ أَبِي الحُسين. سمع: عثمان بْن مُحَمَّد بن دوست العلاف، وعبد الملك بن بشران، وجماعة. وعنه: ابن ناصر، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وأبو مُحَمَّد سِبْط الحناط، والسِّلَفيّ. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: مات في أوّل ربيع الأوَّل سنة تسعٍ. وأمّا أبو عامر العَبْدَريّ فقال: مات في صفر سنة ثمانٍ وتسعين كما ذكرناه. وقال: في العشرين منه. قلت: ومولده سنة عشرين أو إحدى وعشرين وأربعمائة. نقله ابن النجار. وفيات سنة خمسمائة: "حرف الألف": 352- أحمد بن الحسين بن علي بْن عَمْروَيْه: أبو منصور النَّيْسابوريّ2. سمع: أَبَاهُ وأبا سَعِيد النَّصْرويّ، وعبد الغافر الفارسي، والكَنْجَرُوذيّ. وتوفي في سادس شعبان وله أربعٌ وثمانون سنة. 353- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد: أبو الفتح الحدّاد المقرئ3 الأصبهاني التّاجر، سِبْط الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ. كَانَ شيخًا جليل القدْر، ورعًا، خيِّرًا، كثير الصَّدقات. تفرّد بالإجازة من إسماعيل بْن يَنّال المحبوبيّ الّذي يروي عَن ابن محبوب "جامع التِّرْمِذيّ". وأجاز لَهُ أبو سَعِيد الصَّيْرفيّ، وعليّ بن مُحَمَّد الطّرَازِيّ. وسمع: أبا سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وعليّ بن عبد كويه، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يَزْداد غلام محسن، وأبا سهل عُمَر بْن أحمد بْن عُمَر الفقيه، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن الحُسين الدّشْتيّ، وأبا سعيد الحسين بن محمد عَبْد اللَّه بْن حَسْنَوَيْه، وعبد الواحد بْن أحمد الباطرقاني، وأبا الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وطائفة كبيرة. روى عَنْهُ: أبو طاهر السلفي، وأبو الفتح عبد الله الخرقي، وجماعة. بأصبهان؛ وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وصدقة بْن مُحَمَّد ببغداد. وقد قرأ القراءات عَلَى:

_ 1 المنتظم "9/ 148". 2 لم نقف عليه. 3 السير "19/ 216"، وشذرات الذهب "3/ 410".

أَبِي عُمَر الخرقي، وشاكر بْن عليّ الأسْواريّ. وبمكّة عَلَى: أَبِي عَبْد اللَّه الكارَزِينيّ، وهو آخر أصحابه وفاة، وعبد اللَّه السِّلَفيّ العاصميّ إلى {حم عسق} . [الشورى: 1] وكان مولده في سنة ثمانٍ وأربعمائة. وتُوُفِّي فِي ذي القعدة. 354- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُظَفَّر: الْإِمَام أبو المظفَّر الخَوَافيّ1 الفقيه الشّافعيّ، عالم أهل طُوس مَعَ الغزاليّ. كَانَ من أنظر أهل زمانه، وهو رفيق الغزالي في الاشتغال عَلَى إمام الحَرَمين. وخواف: قرية من أعمال نَيْسابور. وكما رُزِق الغزاليّ السّعادة في تصانيفه، رزق الخوافي السعادة في مناظرته. تُوُفّي بطُوس. 355- أحمد بن مُحَمَّد بْن أحمد بْن زنْجُوِيه. الفقيه أبو بَكْر الزّنْجانيّ2. وُلِد سنة ثلاث وأربعمائة، وتُوُفّي في عشر المائة. سمع ببغداد من: أَبِي عليّ بن شاذان، وغيره. وسمع من: القاضي أَبِي عَبْد اللَّه الحَسَن بْن مُحَمَّد الفلاكي، وأبي طَالِب الدَّسْكَريّ، وأبي طَالِب عَبْد الله بن عمر الشاذني، وعبد القاهر بْن طاهر البغداديّ، والحَسَن بْن عليّ بْن معروف الزّنْجانيّ، وجماعة. قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ فقيهًا متقنًا، رحلتُ إِلَيْهِ مَعَ ابن شهردار، وسمعنا منه بزنجان. قلت: وروي عَنْهُ: سَعِيد بْن أَبِي شكر بأصبهان، والحافظ مُحَمَّد بْن طاهر، وأبو طاهر السِّلَفيّ. لا أعلم مَتَى تُوُفّي، لكنه حدَّثَ في العام. وكان شيخ ناحيته ومسندها ومفتيها. تفقّه بأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وسمع "مُسْنِد الْإِمَام أحمد الفلاكيّ" سنة نيف وعشرين، بسماعه من القَطِيعيّ. وسمع "مُسْنِد أَبِي يَعْلَى" من أَبِي عليّ المعروفي صاحب ابن المقرئ. وسمع غريب أَبِي عُبَيْد، من ابن هارون التَّغْلِبيّ، عَنْ عليّ بْن عَبْد العزيز، عَنْهُ. وقرأ لأبي عَمْرو، عليّ ابن الصقر صاحب زيد بْن أَبِي بلال. وكان الرّحلة إِلَيْهِ، ومدار الفتيا عَلَيْهِ. ورأيت لَهُ ترجمة بخط الحافظ عَبْد الغنيّ سمعها من أَبِي طاهر السِّلَفيّ، فيها بعض ما قدَّمنا، وأنّه تلا بحرف أَبِي عَمْرو عليّ الحَسَن بْن عليّ بْن الصّقْر الكاتب. وقرأ كتاب المرشد عَلَى مؤلفه أَبِي يَعْلَى بْن السّرّاج. وتلا عَلَيْهِ بما في المرشد من الرّوايات. وكتب بنَيْسابور تفسير إسماعيل الضّرير، عَنْهُ. وسمع من أَبِي عليّ بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ. وكانت الرحلة إِلَيْهِ لفضله وعُلُوّ إسناده. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَفْتَى من سنة تسعٍ وعشرين.

_ 1 السير "19/ 251"، شذرات الذهب "3/ 410". 2 السير "19/ 236".

وقيل لي عَنْهُ: إنّه لم يفت خطأ قطّ، وأهل بلده يبالغون في الثناء عَلَيْهِ، الخواص والعوام، ويذكرون ورعه، وقلة طعمه. 356- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد: الشَّيْخ أبو منصور بن الذنح، الهاشمي. الموسوي1، الكوفي، الخطيب. ولد سنة 22 وأربعمائة، وحدَّثَ ببغداد عَنْ: العَلَويّ، وابن فَدَويْه. وعنه: أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين، والسِّلَفيّ. لم أجد وفاته. 357- إسماعيل بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن حِبّان: أبو عَبْد اللَّه النَسَويّ الصُّوفيّ. من خواص أَبِي القاسم القَسْريّ. سمع: عَمْرو بْن مسرور، وغيره. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ. ومات في صَفَر. "حرف الجيم": 358- جعفر بْن أحمد: أبو مُحَمَّد البغداديّ السّرّاج القارئ2. سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وأبا محمد الخلال، وعبيد الله بن عمرو بْن شاهين، ومُحَمَّد بْن إسماعيل بْن عُمَر بْن سُنْبُك، وأحمد بْن عليّ التَّوَّزيّ. وعليّ بْن عُمَر القَزْوينيّ، وابن غَيْلان، والبَرْمكيّ، والتّنُوخيّ، وأبا الفتح عَبْد الواحد بْن شيطا، وغيرهم ببغداد؛ والحافظ أبا نَصْر عُبَيْد اللَّه السِّجْزيّ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأَرْدَسْتانيّ بمكة؛ وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب بدمشق؛ وعبد العزيز الضراب بْن الحُسين، وجماعة بمصر. وخرج لَهُ الحافظ أبو بَكْر الخطيب خمسة أجزاء مشهورة مَرْوِيّة. روى عَنْهُ: ابنه ثعلب، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، ومُحَمَّد بْن ناصر، ومُحَمَّد بْن البطي، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وسلمان بْن مسعود الشحام، وأبو الحَسَن بْن الخَلِيّ الفقيه، وعبد الحق بْن يوسف، وشُهْدَة الكاتبة، وأبو الفضل خطيب المَوْصِل، وخلق كثير. وكتب بخطّه الكثير. وصنَّف كتاب مصارع العشاق، وكتاب حكم الصبيان، وكتاب مناقب السودان. ونظم الكثير في الفقه، واللّغة، والمواعظ وشعره

_ 1 لم نقف عليه. 2 السير "19/ 228"، شذرات الذهب "3/ 411".

حلو سهل في سائر فنون الشعر. وكان لَهُ اعتناء بالحديث. انتخب السِّلَفيّ من كتبه أجزاء عديدة. وحدَّثَ ببغداد، ودمشق، ومصر. قَالَ شجاع الذُّهْليّ. كَانَ صدوقًا، ألّف في فنون شتى. وقال أبو عليّ الصَّدَفيّ: هُوَ شيخ فاضل، جميل، وسيم، مشهور، يفهم. عنده لغة وقراءات. وكان الغالب عَلَيْهِ الشِّعْر. ونظم التنبيه لابن إِسْحَاق الشِّيرازيّ، ونظم "مناسك الحجّ". وذكره الفقيه أبو بَكْر بْن العربيّ، فقال: ثقة، علم، مقرئ، لَهُ أدب ظاهر، واختصاص بالخطب. وقال السِّلَفيّ: سألته عَنْ مولده، فقال: إمّا في آخر سنة سبْعٍ عشرة، وأمّا في أوّل سنة ثمان عشرة وأربعمائة ببغداد. وقال السِّلَفيّ: وكان ممّن يفتخر برؤيته وروايته لديانته ودرايته، وله تواليف مفيدة. وفي شيوخه كثرة. وأعلاهم إسنادًا ابن شاذان. وقال حمّاد الحرّانيّ: سُئل السِّلَفيّ عَنْ جعفر السّرّاج فقال: كَانَ عالمًا بالقراءات، والنحو، واللّغة، وله تصانيف وأشعار كثيرة. وكان ثقة، ثبتًا. وقال ابن ناصر: كان ثقةً، مأمونًا، عالمًا، فهمًا، صالحًا، نَظَمَ كُتُبًا كثيرة، منها المبتدأ لوهب بْن منبه، وكان قديمًا يستملي عَلَى القَزْوينيّ، وأبي مُحَمَّد الخلّال. تُوُفّي في صَفَر رحمه اللَّه. "حرف الخاء": 359- خَلَف بْن مُحَمَّد. أبو القاسم الْأَنْصَارِيّ القُرْطُبيّ، المعروف بابن السّرّاج1. مُكْثِر عَنْ حاتم بْن مُحَمَّد. وكان رجلًا صالحًا ورعًا يشار إِلَيْهِ بإجابة الدّعوة، وكان النّاس يقصدونه ويتبرّكون بلقائه ودُعائه، وسمعوا منه. تُوُفّي ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان. "حرف العين": 360- عَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن أحمد البَرَدَانيّ2: أبو الفضل سمع: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن غَيْلان، وغيره. تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل. 361- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه: أبو الحسن التجيبي الطليطلي ابن المشاط.

_ 1 الصلة "1/ 175". 2 الأنساب "2/ 135".

روى عَنْ: أحمد بْن مغيث، وجماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي مُحَمَّد الفارقيّ. قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ من أهل العلم، مقدمًا في الفهم، حافظًا، ذكيا، لغويا أديبًا، شاعرًا، متيقظًا. جمع كُتُبًا في غير ما فنّ. أخبرني عَنْهُ أبو الحَسَن بْن مغيث، وقال: تردّد في الأحكام بناحية إشبيلية، ثمّ صُرف عَنْهَا، وقصد مالقة فسكنها، وبها تُوُفّي في سابع رمضان، وشهده جمعٌ عظيم. 361- عَبْد الوَهَّاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب بْن مُحَمَّد: الفاميّ الفارسيّ1، أبو مُحَمَّد، الفقيه الشّافعيّ. قدِم بغداد سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة على تدريس النظامية، وكان مدرسها يومئذٍ الحُسين بْن مُحَمَّد الطَّبَريّ، فتقرر أنّ يدرس كل واحد منهما يومًا. فبقيا عَلَى ذَلِكَ سنة وعُزِلا. فأملى أبو مُحَمَّد بجامع القصر عن: أبي بكر أحمد بن الحسين بْن اللَّيْث، الشِّيرازيّ الحافظ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن حَمْدان بْن عبدك، وعليّ بْن بُنْدار الحنفي، وجماعة من شيراز. قَالَ أبو عليّ بْن سُكَّرَة: قدِم عَبْد الوهّاب الفاميّ وأنا ببغداد، وخرج كافّة العلماء والقُضاة لتلقِّيه. وكان يوم قرئ منشوره يومًا مشهودًا، سَمِعْتُ عَلَيْهِ كثيرًا، وسمعته يَقُولُ: صنفت سبعين تأليفًا في ثمانية عشر عامًا. ولي كتاب في التفسير ضمنه مائة ألف بيت شاهدًا. أملى بجامع القصر، وحُفِظ عَلَيْهِ تصحيفٌ شنيع. ثمّ أجْلِب عَلَيْهِ وطُولِب، ثمّ رمي بالإعتزال حتّى فر بنفسه. وقال السمعاني: أنا أَبُو الْعَلَاءِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْحَافِظُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ ثَابِتٍ الطَّرْقِيَّ الْحَافِظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ، أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ الشِّيرَازِيَّ أَمْلَى بِبَغْدَادَ حَدِيثًا مَتْنُهُ: "صَلَاةٌ فِي أَثَرِ صَلَاةٍ كِتَابٌ فِي عليين" 2، فصحف وقال: كناز فِي عِلِّيِّينَ. وَكَانَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْخُجَنْدِيُّ حَاضِرًا فَقَالَ: مَا مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: النَّارُ في الغلس يكون أضوأ. قال الطرقي: وسألته بعض أصدقائي عَنْ جامع أَبِي عيسى التِّرْمِذيّ: هل لك بسماع؟ فقال: ما الجامع، ومن أبو عيسى؟ ما سَمِعْتُ بهذا قطّ. ثمّ رأيته بعد ذَلِكَ يعده في مسموعاته. قَالَ الطرقي: ولما أراد أن يملي بجامع القصر قلت لَهُ: لو استعنت بحافظٍ ما، ينتقي الأحاديث، ويرتبها عَلَى ما جرت به عادتهم؛ فقال: إنما

_ 1 السير "19/ 248"، شذرات الذهب "3/ 413". 2 "حديث حسن": أخرجه أبو داود "1288"، وأحمد "5/ 263"، "5/ 268"، والطبراني "7582"، "7734"، "7887" في الكبير، و"1/ 173" في الصغير.

يفعل ذَلِكَ من قلت معرفته بالحديث، أَنَا حفظي يغنيني، وامتحنت بالاستملاء. فأول ما حدَّثَ رأيته يسقط من الإسناد رجلًا، ويبدل رجلًا برجل، ويجعل الواحد رجلين، وفضائح أعجز عَنْ ذكرها. ففي غير موضعٍ: نا الحَسَن بْن سُفْيَان، عَنْ يزيد بْن زريع، فأمسك أهل المجلس، وأشاروا إليّ، فقلت: سقط إمّا مُحَمَّد بْن منهال، أو أميّة بْن بِسْطام. فقال: اكتبوا كما في أصلي. وأورد: أَنَا سهل بْن بحر أَنَا سألته، فقال: إننا سالبة، وأما تبديل عَمْرو بعُمَر، وكذا جَميل بِجُمَيْل، وقال في سعيد بن عمرو والأشعثي: سعيد بن عمر، والأشعثي، فجعل واو عمرو واو العطف، فقلت: إنّما نسبه، فقال: لا. فقلت: فمن الأشعثي؟ قَالَ: فضول منك. وقال في الطور: الطَّوْد. وقال السّمعانيّ: كانت لَهُ يد في المذهب. وحدَّثَ عَنْ عَبْد الواحد بْن يوسف الخرّاز، وأبي زُرْعة أحمد بْن يحيى الخطيب، والحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عثمان بْن كرامة، وجماعة من الفارسيين. روى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، والحسين بْن عَبْد المُلْك الخلّال، ومحمود بْن ماشاذة. وقال يحيى بْن مَنْدَهْ: أبو مُحَمَّد الفاميّ أحفظ من رأيناه لمذهب الشّافعيّ. صنف كتاب "تاريخ الفُقَهاء"، وقال فيه: مات جدي أبو الفَرَج عَبْد الوهّاب سنة أربع عشرة وأربعمائة، وفيها وُلِدتُ. وقال غيره: تُوُفّي في الرابع والعشرين من رمضان بشيراز. 363- عليّ بْن طاهر بْن جعفر: أبو الحَسَن الدّمشقيّ1، النَّحْويّ. سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلوان: وأبا نَصْر الكَفَرْطابيّ، وعليّ بْن الخضر السُّلَميّ، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا القاسم السُّمَيْساطيّ. روى عَنْهُ: جمال الإسلام أبو الحسن، وأبو المعالي محمد بن يحيى الْقُرَشِيّ، وجميل بْن تمام، وحفاظ بْن الحَسَن، والخضر بْن هبة اللَّه بْن طاوس، وأبو المعالي بْن صابر. قَالَ ابن عساكر: كَانَ ثقة. وكان لَهُ حلقة في الجامع وقف عندها كُتُبه. تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل. "حرف الميم": 364- مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أحمد بْن الحَسَن بْن خُذَاداذا: أبو غالب الباقلّاني2، البقال، الفاميّ، البغداديّ، الشَّيْخ الصالح المحدّث. سمع من أَبِي علي

_ 1 بغية الوعاة "2/ 170". 2 السير "19/ 235"، شذرات الذهب "3/ 412".

ابن شاذان، وأبي بَكْر البَرْقانيّ، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ، وطائفة. روى عَنْهُ أبو بكر السمعاني، وإسماعيل بن محمد بن التَّيْميّ، وابن ناصر، والسلفي، وخطيب المَوْصِل، وشُهْدَة، وخلق. أثنى عَلَيْهِ عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ. وقال ابن ناصر: كَانَ كثير البكاء من خشية اللَّه. قلت: عاش ثمانين سنة أو أزيد، وتُوُفّي في شهر ربيع الآخر سنة خمس مائة. وهو أخو الشيخ الإمام أبي طاهر أحمد بن الحسن الكَرْخيّ المذكور. 365- المبارك بْن عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن القاسم بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه. الشَّيْخ الأمام، المحدث، العالم المفيد، بقية النقلة المكثرين، أبو الحُسين البغداديّ، الصَّيْرفيّ ابن الطيوري1. ولد سنة إحدى عشرة وأربعمائة. سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان، ثمّ أبا الفَرَج الطَّنَاجِيريّ، وأبا مُحَمَّد الخلال، وابن غيلان، وأبا الحَسَن العَتِيقيّ، ومُحَمَّد بْن عَلَى الصُّوريّ، وعليّ بْن أحمد الغاليّ، وأبا طَالِب العُشاريّ، وعددًا كثيرًا. وارتحل فسمع بالبصرة أبا عليّ بْن الشّاموخيّ، وغيره. قَالَ السّمعانيّ: أكثر عَنْهُ والدي، وثنا عَنْهُ أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو المعالي الحَلْوانيّ بمَرْو، وإسماعيل بْن مُحَمَّد بأصبهان، وخلق يطول ذكرهم. وكان المؤتمن الساجي سيئ الرأي فيه، وكان يرميه بالكذب ويصرح بذلك. وما رأيت أحدًا من مشايخنا الثّقات يوافقه، فإني سألت جماعة مثل عَبْد الوهّاب الأنماطي، وابن ناصر، وغيرهما، فأثنوا عَلَيْهِ ثناء حسنًا، وشهدوا لَهُ بالطلب والصدق والأمانة، وكثرة السماع. وسمعت سلمان بْن مسعود الشحام يَقُولُ: قدِم علينا أبو الغنائم بْن النَّرْسيّ، فانقطعنا عَنْ مجلس ابن الطُّيُوريّ أيامًا، واشتغلنا بالسماع منه. فلمّا مضينا إلى ابن الطُّيُوريّ قَالَ لنا: لم انقطعتم عني هذه الأيام؟ قُلْنَا: قدِم شيخ من الكوفة كُنَّا نسمع منه. قَالَ: فانشرا عليَّ ما عنده. قُلْنَا: حدَّثَ عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن البكائي. فقال الشَّيْخ أبو الحُسين، وأخرج لنا شدة من حديث البكائي، وقال: هذا من حديثه، سماعي من أَبِي الفَرَج بْن الطَّنَاجِيريّ. قَالَ السّمعانيّ: وأظن أنّ هذه الحكاية سمعها من الحافظ ابن ناصر. وُلِد ابن

_ 1 السير "19/ 213".

الطيوري في سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وقد روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وعبد الحق اليُوسُفيّ، وخطيب المَوْصِل، وأبو السّعادات. وذكره أبو عليّ بْن سُكَّرَة فقال: الشَّيْخ الصالح الثقة. كَانَ ثبتًا فهمًا، عفيفًا، متفننًا، صحب الحفاظ ودرب معهم. وسمعت أبا بكر ابن الخاضبة يَقُولُ: شيخنا أبو الحُسين ممّن يستشفى بحديثه. وقال ابن ناصر في أماليه: ثنا الثبت الصدوق أبو الحُسين. وقال السِّلَفيّ: ابن الطُّيُوريّ محدث كبير، مفيد، ورع، لم يشتغل قطّ بغير الحديث، وحصّل ما لم يحصّله أحد من التفاسير، والقراءات، وعلوم القرآن، والمسانيد، والعلل، والكُتُب المصنفة، والأدبيات في الشعر. رافق الصُّوريّ، واستفاد منه، والنخشبيّ، وطاهر النَّيْسابوريّ. وكتب عَنْهُ مسعود السِّجْزيّ، والحُمَيْديّ، وجعفر بْن الحكاك، فأكثروا عَنْهُ. ثمّ طوّل السِّلَفيّ الثناء عَلَيْهِ: وذكر أبو نَصْر بْن ماكولا فقال: صديقنا أبو الحُسين بن الحمّاميّ مخففًا، سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وخلْقًا كثيرًا بعده؛ وهو من أهل الخير والعفاف والصّلاح. قَالَ ابن سُكَّرَة: ذكر لي شيخنا أبو الحُسين أنّ عنده نحو ألف جزءٍ بخطّ الدَّارَقُطْنيّ، أو أخبرت عنه بمثل ذلك. وأخبرني أنّ عنده نحو ألف جزءٍ بخطّ الدَّارَقُطْنيّ، أو أخبرت عَنْهُ بمثل ذَلِكَ. وأخبرني أنّ عنده لابن أَبِي الدّنيا أربعة وثمانين مصنفًا. وقال علي بن أحمد النهراوني: تُوُفّي في نصف ذي القعدة. 366- المبارك بْن فاخر بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن فاخر بن محمد بن يعقوي: أبو الكرم بن الدّبّاس1، النَّحْويّ. من كبار أئمة العربية واللُّغة، لَهُ فيهما باعٌ طويل. وُلِد سنة ثمانٍ وأربعمائة. وقيل: سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وهو أصح، والأوّل غلط. أخذ عَنْ: أَبِي القاسم عَبْد الواحد بْن برهان الأَسَديّ. وسمع الحديث من: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ. أخذ عَنْهُ: الشَّيْخ أبو مُحَمَّد سِبْط الحناط. وروى عنه: أبو المعمر النصاري، وجماعة. وله كتاب المعلّم في النَّحْو، وكتاب نحو العرف، وكتاب شرح خطبة أدب الكاتب. وكان ابن ناصر يرميه بالكذب، ويقول: كَانَ يدَّعي سماع ما لم يسمعه. وقال أبو منصور بْن خَيْرُون: كانوا يقولون: إنه كذاب. توفي في ذي القعدة.

_ 1 السير "19/ 302"، وشذرات الذهب "3/ 412".

367- مطهر بْن أحمد بْن عُمَر بْن صالح: أبو الفَرَج الهَمَذانيّ1. روى عَنْ: أَبِي طَالِب بْن الصّبّاح، وهارون بْن طاهر، وأبي الفتح بْن الضّرّاب، وابن غزْو، وعامّة مشايخ هَمَذَان الّذين أدركهم. قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ صدوقًا، حَسَن السيرة، لين الجانب، فاضلًا. مات فِي جُمَادَى الآخرة. "حرف الياء": 368- يَحْيَى بْن سَعِيد بْن حبيب: أبو زكريّا المُحَارِبيّ الْجَيَّانيّ2. قرأ بالسبع عَلَى: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد الفرّاء الزّاهد. وسمع من: مُحَمَّد بْن عتّاب الفقيه، وسراج القاضي. وأقرأ النّاس بُقْرطُبة، ثمّ استقضي بجَيّان، وخطب بها. قَالَ عِيَاض: شيخ صالح مسن، أندلسي، سكن فاس، وقدم سَبْتَةَ مِرارًا، وحجّ. وكان مباركًا في الأصول، مائلًا إلى النَّظَر، لكنْ لم يكن يستعمل ... 3. 369- يوسف بْن تاشَفِين: السّلطان أبو يعقوب اللُّمْتُونيّ المغربيّ البربريّ4، الملقَّب بأمير المسلمين، وبأمير المرابطين، وبأمير الملثَّمين. والأوّل هُوَ الّذي استقرّ. كَانَ أحد من ملك البلاد، ودانت بطاعته العباد، واتسعت ممالكه، وطال عُمره. وقلَّ أنّ عُمِّرَ أحدٌ من ملوك الإسلام ما عُمِّر. هُوَ الّذي بنى مدينة مراكش، وهو الّذي أخذ الأندلس من المعتمد بْن عَبّاد وأسره. فمن أخباره أنّ بَرّ البربر الجنوبيّ كَانَ لزَنَاتَة، فخرج عليهم من جنوبيّ المغرب من البلاد التي تتاخم أرض السودان الملثَّمون عليهم أبو بَكْر بْن عُمَر، وكان رجلًا خيِّرًا ساذجًا، فأخذت الملثَّمة البلادَ من زنَاتَة من تِلمْسان إلى البحر الأكبر. فسمع أبو بَكْر أنّ امرأةً ذهبت ناقتها في غارةٍ فبكيت وقالت: ضيَّعَنَا أبو بَكْر بدخوله إلى المغرب. فتألم واستعمل عَلَى المغرب يوسف بْن تاشَفِين هذا، ورجع أبو بَكْر إلى بلاد الجنوب. وكان ابن تاشَفِين بطلًا شجاعًا، عادلًا، اختطّ مراكش، وكان مكمنًا للّصوص مأوى الحَرَاميّة، فكان المارون به يقول

_ 1 تأخرت هذه الترجمة في الأصل إلى حرف الياء، وموضعها ههنا. 2 الصلة "2/ 671". 3 بياض في الأصل. 4 السير "19/ 252"، شذرات الذهب "3/ 412".

بعضُهم لبعض: مُرّاكش. وكان بناء مدينة مُرّاكش في سنة خمسٍ وستين وأربعمائة، اشتراها يوسف بماله الّذي خرج بِهِ من الصحراء. وكان في موضعها غابة من الشَّجَر وقرية. فيها جماعة من البربر، فاختطهّا، وبنى بها القصور والمساكن الأنيقة. وهي في مرجٍ فسيحٍ وحولها جبال على فراسخ منها، وبالقرب منها جبل عَلَيْهِ الثلج، وهو الّذي يعدّل مِزَاجَها. وقيل: كانت لعجوزٍ مَصْمُوديّة. فأسكن مُرّاكش الخَلْق، وكثرت جيوشه وبعد صِيتُه، وخافتْه ملوك الأندلس، وكذلك خافته ملوك الفرنج؛ لأنّها علمت أَنَّهُ ينجد الأندلسيّين عليهم. وكان قد ظهر للملثَّمين في الحروب ضَرَبات بالسّيوف تقدّ الفارس، وطعنات تنظم الكُلَى، فكتب إِلَيْهِ المعتمد يتلطّف بِهِ، ويسأله أنّ يعرض عَنْ بلاده لمّا رأى هِمَّتَه عَلَى قصْد الأندلس، وأنه تحت طاعته. فيقال كان في المتاب: فإنك إنّ أعرضت عنّا نُسِبْتَ إلى كَرَمٍ، ولم تُنْسَب إلى عَجْز، وإنْ أَجَبْنا داعيك نُسِبنا إلى عقلٍ، ولم نُنْسَب إلى وهْن، وقد اخترنا لأَنْفُسِنا أجمل نسبتَيْنا. وإنّ في استبقائك ذوي البيوت دوامًا لأمرك وثبوت. وأرسل لَهُ تُحَفًا وهدايا. وكان بربريًّا لا يكاد يفهم، ففسَّرَ لَهُ كاتبه تِلْكَ الكلمات، وأحسن في المشورة عَلَيْهِ، فأجاب إلى السلم. وكتب كاتبه عَلَى لسانه: من يوسف بْن تاشَفِين، سلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته تحيّة من سالمكم، وسلّم إليكم، حكَّمَهُ التّأييد والنَّصْر فيما حكم عليكم، وإنّكم في أوسع إباحة ممّا بأيديكم من المُلْك، وأنتم مخصوصون منّا بأكرم إيثار، فاسْتَدِيموا وفاءنا بوفائكم، واستصلحوا إخاءنا بإصلاح إخائكم، واللَّه وليُّ التّوفيق لنا ولكم، والسلام. ففرح بكتابه ابن عَبّاد وملوك الأندلس، وقويت نفوسهم عَلَى دفع الفرنج، ونَوَوْا إنْ رأوا من ملك الفرنج ما يرِيُبهُم أن يستنجدوا بابن تاشَفِين. وصارت لابن تاشَفِين بفعله محبّةٌ في نفوس أهل الأندلس. ثمّ إنّ الأذفُونْش أَلحَّ عَلَى بلاد ابن عَبّاد، فقال ابن عَبّاد في نفسه: إنْ دُهِينا من مُداخله الأضداد، فأَهْوَن الأمرَيْن أمر الملثَّمين، ورعاية أولادنا جمالهم أهون من أن يَرْعَوْا خنازير الفرنج. وبقي هذا الرأي نصب عينه، فقصده الأذفونش في جيشٍ عَرَمْرَمٍ، وجفل النّاس، فطلب من ابن تاشَفِين النجدة، والجهاد. وكان ابن تاشَفِين عَلَى أتم أهبةٍ، فشرع في عُبور جيشه. فلمّا رأى ملوك الأندلس عبور البربر للجهاد، استعدوا أيضًا للنجدّة، وبلغ ذَلِكَ الأذفونش، فاستنفر دِينَ النَّصرانيّة، واجتمع لَهُ جنودٌ لا يُحْصِيهم إلّا اللَّه. ودخل مَعَ ابن تاشفين شيء عظيمٌ من الجمال، ولم يكن أهل جزيرة

الأندلس يكادون يعرفون الجمال، ولا تعوَّدتها خيلُهُم، فتجافلت منها ومن رُغائها وأصواتها. وكان ابن تاشفين يحدق بها عسكره، ويحضرها الحروب، فتنفر خيل الفرنج عنها. وكان الأذفونش نازلًا بالزّلّاقة بالقرب من بَطَلْيُوس، فقصده حزب اللَّه، وقدم ابن تاشَفِين بين يديه كتابًا إلى الفرنج يدعوهم إلى الإسلام، أو الحرب، أو الجزية. ثمّ أقبلت الجيوش، ونزلت تجاه الفرنج فاختيار ابن عَبّاد أنْ يكون هُوَ المصادم للفرنج أوّلًا، وأن يكون ابن تاشَفِين ردفًا لَهُ. ففعلوا ذلك، فخذل الفرنج، استمر القتل فيهم، فقيل: إنه لم يفلت منهم إلا الأذفونش في أقل من ثلاثين. وغنم المسلمون غنيمة عظيمة. وذلك في سنة تسع وسبعين وأربعمائة. وعفّ يوسف عَن الغنائم، وآثر بها ملوك الأندلس ليتمّ لَهُ الأجر، فأحبوه وشكروا لَهُ. وكانت ملحمةً عظيمةٍ قَلَّ أنْ وقع في الإسلام مثلها. وجرح فيها ملك الفرنج، وجمعت رؤوس الفرنج، فكانت كالتّلّ العظيم. ثمّ عزم ابن عَبّاد عَلَى أمير المسلمين يوسف، ورام أنّ ينزل في ضيافته. فأجابه فأنزله الله في قصوره عَلَى نهر إشبيلية. فرأى أماكن نزهة، كثيرة الخير والحُسْن والرّزْق. وبالغ المعتمد بْن عَبّاد وأولاده في خدمة أمير المسلمين، وكان رجلًا بربريا. قليل التّنعُّم والتّلذُّذ والرّفاهية، فرأى ما هاله من الحشمة والعرش والأطعمة الفاخرة، فأقبل خواصّه عَلَيْهِ ينبهونه عَلَى تِلْكَ الهيئة ويحسنونها، ويقولون: ينبغي أنّ تتخذ ببلادك نحو هذا. فأنكر عليهم، وكان قد دخل في الشيخوخة وفنيت إرادته، وأدمن عَلَى عيش بلاده. ثمّ أخذ يعيب طريقة المعتمد وتنعمه المُفْرِط، وقال: مَن يتعانى هذه اللّذات لا يمكن أنّ يعدل كما ينبغي أبدًا. ومن كَانَ هذا همته في حفظ بلاده ورعيته. ثمّ سأل يوسف: هَلْ يفعل المعتمد هذا التنعم في كلّ أوقاته؟ فقيل لَهُ: بل كلّ زمانه عَلَى هذا. فسكت، وأقام عنده أيّامًا، فأتى المعتمد رجلٌ عاقل ناصح، فخوّفه من غائلة ابن تاشَفِين، وأشار عَلَيْهِ بأن يقبض عَلَيْهِ، وأن لا يُطْلقه حتّى يأمر كلَّ من بالأندلس من عسكره أنّ يرجع من حيث جاء: ثمّ تتّفق أنت وملوك الأندلس عَلَى حراسة البحر من سفينة تجري له، ثم تتوثق منه الأيمان أن لا يغدر، ثمّ تُطْلِقه، وتأخذ منه عَلَى ذَلِكَ رهائن. فأصغى المعتمد إلى مَقَالته واستوصبها، وبقي يفكّر في انتهاز الفرصة، وكان لَهُ نُدَماء قد انهمكوا معه في الّلذّات، فقال أحدهم لهذا الرجل: ما كَانَ أمير المؤمنين، وهو إمامُ أهل المَكْرُمات ممّن يُعامل بالحَيْف ويغدر بالضَّيْف. قَالَ: إنّما الغَدْر أَخْذُ الحقّ

ممّن هُوَ لَهُ، لا دفْع المرء عَنْ نفسه. قَالَ النّديم: بل كَظْمٌ مَعَ وفاءٍ، خيرٌ من حزْمٍ مَعَ جفاء. ثمّ إنّ ذَلِكَ النّْاصح استدرك الأمر وتلافاه، وشكر لَهُ المعتمد، وأجازه، فبلغ الخبرُ ابن تاشَفِين، فأصبح غاديا. فقدَّم لَهُ المعتمد هدايا عظيمة، فقبِلَها وعبر إلى سَبْتَة. وبقي جُلُّ عسكره بالجزيرة يستريحون. وأمّا الأذفونش، فقدم إلى بلده بأسوأ حال، فسأل عَنْ أبطاله وبَطَاركته، فوجد أكثرهم قد قتلوا، وسمع نَوْح الثُّكَالَى عليهم، فلم يأكل ولا الْتَذّ بعيشٍ حتّى مات غَمًّا، وخلَّف بنتًا، فتحصَّنت بطُلَيْطُلَة. ثمّ أخذ عسكرُ ابن تاشَفِين يغيرون، حتّى كسبوا من الفرنج ما تجاوز الحدّ، وبعثوا، بالمغانم إلى مُرّاكش. واستأذن مقدّمهم سِير بْن أَبِي بَكْر لابن تاشَفِين في المقام بالأندلس، وأعلمه أَنَّهُ قد افتتح حصونًا، ورتّب فيها، وأنّه لا يستقيم الأمر إلّا بإقامته. فكتب إِلَيْهِ ابن تاشَفِين يأمره بإخراج ملوك الأندلس من بلادهم وإيجافهم في العدْوَة، فإن أَبَوْا عَلَيْهِ حاربهم. وليبدأ بالثغور: ولا تتعرّض للمعتمد. فابتدأ سير بملوك بُنيّ هود يستنزلهم من قلعة روطة، وهي منيعة إلى الغاية، وماؤها يُنْبُوعٌ في أعلاها، وبها من الذخائر المختلفة ما لا يوصف. فلم يقدر عليها، فرحل عَنْهَا. ثمّ جَنَّد أجنادًا عَلَى زِيّ الفرنج، وأمرهم أنّ يقصدوها كالمُغِيرين، وكمن هُوَ والعسكر، ففعلوا ذَلِكَ. فرآهم ابن هود، فاستضعفهم، ونزل في طلبهم، فخرج عَلَيْهِ سير فأسره وتسلَّم القلعة. ثمّ نازل بُنيّ ظاهر بشرق الأندلس، فسلموا إِلَيْهِ، ولحِقُوا بالعدْوَة. ثمّ نازل بني صُمَادِح بالمَرِيّة، فمات ملكهم في الحصار، فسلّموا المدينة. ثمّ نازلوا المتوكلّ عُمَر بْن الأفطس ببَطَلْيُوس، فخامر عَلَيْهِ أصحابه، فقبضوا عَلَيْهِ، ثمّ قتل صبرًا. ثمّ إنّ سير كُتُب إلى ابن تاشَفِين أَنَّهُ لم يبق بالجزيرة غير المعتمد فأمره أن يعرض عَلَيْهِ التّحوّل إلى العدْوَة بأهله وماله، فإن أبى فنازله. فلمّا عرض عَلَيْهِ سير ذَلِكَ لم يُجِبْ، فسَار وحاصره أشْهُرًا ثمّ دخل عَلَيْهِ البلد قهرًا، وظفر بِهِ، وبعثه إلى العدْوَة مقيَّدًا، فحُبِس بأَغْمات إلى أن مات. وتسلّم سير الجزيرة كلَّها. وقال ابن دحية أو غيره: نزل يوسف عَلَى مدينة فاس في سنة أربع وستين وأربعمائة وحاصرها. ثم أخذها، فأقر العامة، ونفا البربر والجند عنها، بعد أن حبس رؤوسهم، وقتل منهم، وكان مؤثرًا إلى يوم العلم والدّين، كثير المَشُورَة لهم. وكان معتدل القامة، أسمر، نحيفًا، خفيف العارضيْن، دقيق الصوت، حازمًا، سائسًا. وكان يخطب لبني العبّاس. وهو أوّل من سُمّي بأمير المسلمين. وكان يحبّ العفْو والصَّفْح، وفيه خيرٌ وعدل. وقال أبو الحجاج البيّاسيّ في كتاب تذكير الغافل: إنّ يوسف بن

تاشَفِين جاز البحر مرة ثالثة، وقصد قُرْطُبَة، وهي لابن عَبّاد، فوصلها سنة ثلاثٍ وثمانين، فخرج إِلَيْهِ المعتمد بالضيافة، وجري معه عَلَى عادته. ثمّ إنّ ابن تاشَفِين أخذ غرناطة من عَبْد اللَّه بْن بلقين بْن باديس، وحبسه، فطمع ابن عَبّاد في غَرْناطة، وأن يُعطِيَه ابن تاشَفِين إيّاها، فعرض لَهُ بذلك، فأعرض عَنْهُ ابن تاشَفِين إلى مُرّاكش في رمضان من السّنة. فلمّا دخلت سنة أربع عزم عَلَى العبور إلى الأندلس لمنازلة المعتمد بْن عَبّاد، فاستعدّ لَهُ ابن عَبّاد، ونازلته البربر، فاستغاث بالأذفونش، فلم يلتفت إِلَيْهِ. وكانت إمرة يوسف بْن تاشَفِين عند موت أَبِي بَكْر بْن عُمَر أمير المسلمين سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وكانت الدولة قبلها لزَنَاتَة، وكانت دولة ظالمة فاجرة. وكان ابن تاشَفِين وعسكره فيهم يبس وديانة وجهاد، فافتتح البلاد، وأحبته الرعية. وضيق لثمامه هُوَ وجماعته. فقيل: إنهم كانوا يتلثّمون في الصّحراء كعادة العرب، فلمّا تملّك ضيّق ذَلِكَ اللثام. قال عزيز: وما رأيته عيانًا أَنَّهُ كَانَ لي صديقٌ منهم بدمشقٍ، وبيننا مودة. فأتيتُه، فدخلت وقد غسَل عمامته، وشدّ سِرواله عَلَى رأسه، وتلثَّم بِهِ. هذا بعد أنّ انقضت دولتهم، وتفرقوا في البلاد. وحكى لي ثقة أَنَّهُ رأى شيخًا من الملثَّمين بالمغرب مترديا في نهر يغسل ثيابه وهو عريان، وعورته بادية، ويده اليُمْنى يغسل بها، ويده اليُسْرى يَسْتر بها وجهه. وقد جعل هَؤُلَاءِ اللّثام جُنَّةً، فلا يُعرف الشيخ منهم من الشباب، فلا يزيلونه ليلًا ولا نهارًا، حتّى أنّ المقتول منهم في المعركة لا يكاد يعرفه أهله، حتّى يجعلوا عَلَى وجهه لثامًا. ولبعضهم: قوم لهم درك العلا في حميرٍ ... وإن انتموا صنهاجة فهم هموا لما حووا إحراز كل فضيلةٍ ... غلب الحياء عليهم، فتلثموا1 وتزوج ابن تاشَفِين بزينب زوجة أَبِي بَكْر بْن عُمَر، وكانت حاكمة عَلَيْهِ، وكذلك جُمَيْع الملثمين يكبرون نساءهم، وينقادون لأمرهم، وما يسمّون الرَجل منهم إلّا بأمّه. وهنا حكاية، وهي أنّ ابن خلوف القاضي الأديب كَانَ لَهُ شِعْرٌ، فبلغ زينبَ هذه أَنَّهُ مدح حوّاء امرأة سير بْن أَبِي بَكْر، وفضَّلها عَلَى جُمَيْع النّساء بالجمال، فأمرت بعزْله عَن القضاء. فسار إلى أَغْمات، واستأذن عليها، فدخل البوّاب فأعلمها بِهِ، فقالت: يمضي إلى التي مدحها ترده إلى القضاء.

_ 1 وفيات الأعيان "7/ 130".

فأبلغه، فَعَزَّ عَلَيْهِ، وبقي بالحضرة أيّامًا حتّى نفيت نَفَقَتُه، فأتى خادمها فقال: قد أردت بيع هذا المهر، فأعطني مثقالين أتزود بهما إلى أهلي، وخذه فأنت أولى. فسرَّ الخادم وأعطاه، ودخل مسرورًا بالمهر، وأخبر السّتّ، فرقَّت لَهُ، وقالت: ائتني بِهِ. فأسرع وأدخله عليها، فقالت: تمدح حواء وتسرف، وزعمت أَنَّهُ لَيْسَ في النّساء أحسن منها، وما هذه منزلة القُضاة. فقال في الحال: أنت بالشمس لاحِقَهْ ... وهي بالأرض لاصقهْ فمتى ما مدحتها ... فهي في سيرَ طالقهْ فقالت: يا قاضي طَلّقْتَها؟!. قَالَ: نعم. ثلاثة وثلاثة وثلاثة. فضحكت حتّى افتضحت، وكتبت إلى يوسف يردّه إلى القضاء. قلت: ولا رَيْب أنّ يوسف ملكٌ من الملوك، بَدَت منه هنّات وزلّات، ودخل في دهاء الملوك وغدرهم. ولمّا أخذ إشبيلية من المعتمد شن عسكر ابن تاشَفِين الغارة بإشبيلية، وخلّوا أهلها عَلَى برْد الدّيار، وخرج النّاس من بيوتهم يسترون عوراتهم بأيديهم، وافتُضَّت الأبكار. وتتابعت الفتوحات لابن تاشَفِين، وكانت فقهاء الأندلس قالوا: له لا يجب طاعتُك حتّى يكون لك عهد من الخليفة. فأرسل إلى العراق قومًا من أهله بهدايا. وكتابًا، يذكر فيه ما فعل بالفرنج. فجاءه أمر المستظهر باللَّه أحمد رسول بهديّة، وتقليد وخِلْعة، وراية. وكان يقتدي بآراء العلماء، ويعظّم أهل الدين. ونشأ ولده عليّ في العفاف والدّين والعِلْم، فولّاه العهدَ في سنة تسعٍ وتسعين وأربعمائة. وتُوُفّي يوسف في يوم الإثنين ثالث المحرَّم سنة خمسمائة، ورخه ابن خلكان، وقبله عز الدين بن الأثير، وغيرهما. وعاش تسعين سنة. قَالَ الْيَسَعُ بْن حَزْم: فمِن فضله أَنَّهُ لما أراد بناء مُرّاكش ادّعى قومٌ مَصَامِدَةٌ فيها أرضًا، فأرضاهم بمالٍ عظيم. وكان يلبس العباء، ويُؤثر الحياء، ويقصد مقاصد العز في طُرُق المعالي، ويكره السفساف، ويحب الشرف المتعالي، ويقلد العلماء، ويؤثر الحُكَماء، يتدبّر مَرْضَاتهم. وإذا دخل عَلَيْهِ من طَوْل ثيابه وجرّها ... 1 إِلَيْهِ وجهه، وأعرض عَنْهُ، فإن كَانَ ذا ولاية عزله. وكان كثير الصدقة عظيم البِرّ والصّلة للمساكين، رحمه اللَّه.

_ 1 بياض في الأصل.

370- يوسف بْن عليّ الزّنْجانيّ1: أبو القاسم الشّافعيّ من كبار أصحاب أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. مات في صَفَر. المتوفون تقريبًا: 371- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن: أَبُو العبّاس الْأَنْصَارِيّ، الشّارقيّ الواعظ2. حجّ وسمع كريمة، وتفقّه عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. ودخل العراق وفارس، وسكن سَبْتَةَ، وفاس. وكان صالحًا، دينًا، ذاكرًا، بكاءً، واعظًا. توفي بشرق الأندلس في نحو الخمسمائة. قال ابن بَشْكُوَال. 372- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الفضل بْن شَهْرَيار: أبو عليّ الأصبهاني3. سمع: أبا الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وغيره. وكان من أبناء التسعين. روى عَنْهُ: السلفي، وأبو طاهر السنجي. مات قبل الخمسمائة بقليل. * أحمد بْن عَبْد اللَّه السُّوذَرْجانيّ4: 373- عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن أحمد: أبو منصور الشرابي الأصبهاني5 توفي قبل الخمسمائة أو بعدها. روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن اللَّيْث الصّفّار صاحب ابن خميروَيْه الهَرَوِيّ. روى عَنْهُ: أَبُو سَعْد مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الصائغُ. 374- عَبْد الرَّحْمَن بْن إسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد. أبو بَكْر ابن الْإِمَام أَبِي عثمان الصّابونيّ النَّيْسابوريّ6. خَلَف أَبَاهُ في حضور المجالس، وكان لَهُ قبول تامّ لأجل والده. وكان مليح الشّمائل، متجمّلًا بهيًّا. بَقِيّ عَلَى التّصوّن قليلًا، ثمّ لعب وأخذ في الصّيد والتنزه، فقبر أمره، ثمّ أصابه في الآخر نقْرس وزَمِنَ، فباع بقية ضيعةٍ لَهُ. سمع: أَبَاهُ، وعمّه أبا يَعْلَى، وأبا حفص بْن مسرور. روى عَنْهُ: محمد بن

_ 1 البداية والنهاية "12/ 169". 2 الصلة "1/ 73". 3 لا بأس به. 4 سبقت الترجمة له. 5 لم نقف عليه. 6 لا بأس به.

الحُسين الآمُليّ، وعَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن أَحْمَد الصَّفَّار، وآخرون. وقد سمع صحيح مُسْلِم من عَبْد الغافر الفارسيّ. روى عَنْهُ أيضًا: هبة الله بن محمد بْن حَسَنة، وتيمان بْن أَبِي الفوارس، وأبو رُشَيْد بْن إسماعيل بْن غانم، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وعدد كبير. 375- أسعد بْن مسعود بْن عليّ: أبو إِبْرَاهِيم النَّيْسابوريّ1، أحد الرؤساء والعُلماء. تأدَّب عَلَى منصور بْن عَبْد الملك الثّعالبيّ. وسمع من: الحِيّريّ، والصَّيْرفيّ. ومن جَدّه أَبِي نَصْر العُتْبيّ، وقال: مات جدي سنة أربع عشرة. روى عَنْهُ: مسعود بْن أحمد الحوافيّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ، وجماعة. تزهد بأخرة. عاش بضعًا وثمانين سنة. 376- غالب بْن عيسى بْن نعم الخَلَف: أبو تمّام الْأَنْصَارِيّ الأندلسيّ2. طوّف الشّام، والعراق، واليمن. وجاور مكة. سمع: أبا مُحَمَّد الجوهريّ، وجماعة ببغداد؛ وأبا غالب بن بشران النحوي بواسطة؛ وأبا العلاء بْن سليمان بالمَعَرَّة؛ وأحمد بْن الفضل الباطرقاني بأصبهان. سمع منه: أبو بَكْر السّمعانيّ في سنة ثمانٍ وتسعين بمكّة، وقال: كَانَ قد نيَّف عَلَى المائة وزمِن وعُمِّر. 377- المظفّر بْن الحُسين بْن إِبْرَاهِيم بْن هَرْثَمَة: أبو منصور الفارسيّ الأَرَّجانيّ، ثمّ الغَزْنَويّ3. قَالَ السّمعانيّ: شيخ، إمام، فقيه، عارف بالحديث وطُرُقه. صنف تصانيف في الحديث. وسمع بغَزْنَة حنبل بْن أحمد بْن حنبل البَيِّع، وبالهند أبا الحَسَن مُحَمَّد بْن الحَسَن الْبَصْرِيّ، وببغداد أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، وبدمشق أبا عَبْد اللَّه بْن سلوان، وبمصر أبا الحَسَن الطّفّال، وعبد الملك بْن مسكين. قدِم بلْخ فحدَّث بها. روى عَنْهُ: أبو شجاع عُمَر البسطامي، وأبو حفص بْن عُمَر الأشهبيّ، وغيرهما. وتُوُفّي بعد التّسعين وأربعمائة.

_ 1 سبقت الترجمة له. 2 لا بأس له. 3 انظر السابق.

378- عَبّاد بْن الحُسين بْن غانم الطّائيّ: الوزير أبو منصور1. وَزَرَ لبعض ملوك العجم، وحدَّثَ ببغداد عَن ابن رَيْدَة الأصبهاني. روى عَنْهُ: أبو الوفاء أحمد بْن الحُصَيْن، وأبو طاهر السِّلَفيّ. 379- إِبْرَاهِيم بْن عليّ بْن الحَسَن. أبو أحمد الْبَصْرِيّ البُجَيْرميّ2. سمع: إِبْرَاهِيم بْن طلحة بْن غسّان. وعنه: السِّلَفيّ. 380- مُحَمَّد بْن المظفّر بن عُبَيْد اللَّه النَّهَاوَنْديّ3: المعدّل. سمع: القاضي أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الرّاوي عَن البكّائيّ. أخذ عَنْهُ السِّلَفيّ بنهاوند. 381- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن عليّ. أبو الفتح الأصبهاني الزّجّاج4. سمع: علي بن ماشذة، وأبا عليّ أحمد بْن مُحَمَّد بْن حَسَن المرزوقيّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ، والحسين بْن أحمد بْن سَعْد الرّازيّ. قَالَ السِّلَفيّ: لم يروِ منّا عَن المرزوقي سواه. 382- مُحَمَّد بْن إدريس بْن خَلَف: أبو تمّام القَرَتَّائي الْبَصْرِيّ5. روى عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن طَلْحة بْن غسان. سمع منه: السِّلَفيّ بالبصرة. 383- سَعْد بْن عليّ بْن حُمَيْد: أبو علّان المُضَريّ المَرَاغيّ6. روى عن: أحمد بن الحسين التراسي. وعن السِّلَفيّ. 384- عليّ بْن هبة اللَّه التّرّاسيّ7. عَنْ: أحمد بن الحُسين التّرّاسيّ. وعنه: السِّلَفيّ، وغيره.

_ 1 لم نقف عليه. 2 في عداد المجهولين. 3 لم نقف عليه. 4 لا بأس به. 5 لم نقف عليه. 6 انظر السابق. 7 في عداد المجهولين.

385- مُحَمَّد بْن علي بْن عَبْد الرّزّاق: أبو الحَسَن الأصبهاني الكاغدي1. شيخ مسن، مُسْنِد. روى عَنْ: عليّ بْن ميلة الفَرَضِيّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ. 386- أحمد بْن أبي هاشم: أبو طَالِب الْقُرَشِيّ الأصبهاني2. سمع أبا سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وأبا سَعِيد الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن حَسْنَوَيْه الكاتب، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شاذان الأعرج. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ عَنْهُمْ، وعن: أَبِي بَكْر بْن أَبِي عليّ. 387- مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد: أبو المظفّر الأصبهاني3 الفاشاني المعدل. سمع: سفيان بْن مُحَمَّد بْن حَسَنْكُوَيْه، وأبا نُعَيْم. وعنه: السِّلَفيّ. 388- لاحق بْن مُحَمَّد بْن أحمد: أبو القاسم التَّميميّ، الأصبهاني الإسكاف4. سمع: أبا عليّ أحمد بْن مُحَمَّد بْن يزداد، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ، وإبراهيم بْن عليّ الخيّاط، والفضل بْن شَهْرَيار، وأبا عَبْد اللَّه الجمّال، وابن عَبْدكَويْه، وأبا حفص الزعفراوي، وأبا نعيم. وأجاز له أبو سعيد النقاش، وعلي بن ميلة، والقاضي أبو بكر الحيري. روى عنه السلفي فأكثر عنه، ولم يؤرّخ وفاته. 389- مُحَمَّد بْن أحمد بْن جعفر: أبو صادق الأصبهاني5. سمع: الفضل بْن عُبَيْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ. وجماعة. وعنه: السِّلَفيّ وقال: كَانَ كاتبًا مكثِرًا، من رؤساء البلد. 390- مُحَمَّد بْن الحُسين بْن مُحَمَّد: أبو إِبْرَاهِيم البالويّ النَّيْسابوريّ6. صالح سديد. سمع الْإِمَام أبا إِسْحَاق الإسْفَرائينيّ، وحدَّثَ عَنْهُ بثلاثة أجزاء. وعاش إلى سنة ثلاثٍ وتسعين. روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو البركات الفُرَاويّ، وعبد الخالق الشحامي.

_ 1 لم نقف عليه. 2 لا بأس به. 3 لم نقف عليه. 4 لا بأس به. 5 لا بأس به. 6 السابق.

391- مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بْن أحمد: أبو بَكْر الأصبهاني العسّال1. سمع: أبا نُعَيْم الحافظ، وسُفْيَان بْن مُحَمَّد بن حسنويه. وعنه: السِّلَفيّ. 392- حَمْد بْن عُمَر بْن سَهْلُوَيْه. أبو العلاء الأصبهاني الشّرابيّ2 سمع: أبا نُعَيْم الحافظ، ويوسف بن حسن الرّازيّ. وعنه: السِّلَفيّ. 393- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بْن عليّ بْن الخصيب: الفقيه أبو سَعِيد الْجَرْبَاذْقانيّ الخانساريّ3. سمع: أبا طاهر بْن عَبْد الرّحيم الكاتب، وأحمد بْن الفضل الباطرقانيّ. روى عَنْهُ السِّلَفيّ جزءًا من حديثه سمعناه. 394- عَبْد اللَّه بْن يوسف: الحافظ أبو مُحَمَّد الْجُرْجانيّ القاضي4. صنَّف "فضائل الشّافعيّ"، وفضائل أحمد بْن حنبل، وغير ذَلِكَ. وسمع الكثير. قَالَ أبو النضر الفامي: توفي بعد العشرين وأربعمائة. 395- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلُّويَه: أبو الفتح الأصبهاني5. سمع: أبا بَكْر الذّكْوانيّ. وحدَّثَ في سنة اثنتين وتسعين، وهو إنّ شاء اللَّه من شيوخ السِّلَفيّ. وآخر من روى عَنْهُ: أبو الفتح الخِرَقيّ. 396- سداد بن محمد بن أحمد بن جعفر: القاضي أبو الرجاء الخلقاني الأصبهاني6. روى عن: أبي نعيم الحافظ، والهيثم بن محمد الخراط، وأبي القاسم عبد الله بن الحسن المطيعي. قال السلفي: كان مكثرًا من الطلب والمعرفة، وتكلم فيه بغير حجة. روى عنه: السلفي، وجماعة. وآخر أصحابه أبو الفتح الخرقي.

_ 1 السابق. 2 السابق. 3 لا بأس به. 4 السير "19/ 159". 5 لا بأس به. 6 السابق.

397- محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد: أبو غالب البغدادي1. حدَّث في هذه السنة؟ بواسط عَنْ أَبِي القاسم التّنُوخيّ بالطّوالات. رواها عَنْهُ أبو طَالِب مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ. 398- إسماعيل بْن الحُسين بْن حمزة: السّيد أبو الحَسَن العَلَويّ الهَرَوِيّ2. رئيس محتشم، كبير الشّأن، علي الرتبة ببلده. سمع: أبا عثمان بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، وغيره. روى عَنْهُ: عَبْد الغافر بن إسماعيل، وذكر أنه عاش إلى سنة نيفٍ وتسعين وأربعمائة، وأنّه حدَّثَ بنَيْسابور سنة أربعٍ وتسعين. 399- عَبْد الملك بْن الحَسَن بْن بِتِنَّة: أبو مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ3. شيخ صالح، مجاور بمكّة. سمع: أبا القاسم عليّ بْن الحُسين بْن مُحَمَّد الفَسَويّ، والشيخ عبد العزيز بن بُنْدار الشِّيرازيّ. سمع منه: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو بَكْر السّمعانيّ، وغيرهما بمكّة. ذكره السِّلَفيّ في معجمه، وأنّه حجّ سبْعًا وسبعين حَجَّة، وزار النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَ عَشْرَةَ مرّة. وله في كلّْ سنة مائة عمرة في رجب، وشعبان ورمضان، وذي الحجّة. وبِتِنَّة: بكسر الباء والتّاء، ثمّ تشديد النُّون، ورأيتها مرّةً بفتْحها. 400- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد: أبو الحَسَن الفارسي ثمّ الْمَصْرِيّ الورّاق، الكُتُبيّ4. شيخ فاضل. حدَّثَ عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه بْن نظيف، وغيره. وكان ذا هيئة ومعرفة. روى عَنْهُ: أبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو بَكْر بْن الفَزَاريّ، وقال: شيخ مفيد له علو. قلت: بقي إلى حدود الخمسمائة، وأظن سمع منه الشريف الخطيب أبو الفتوح.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 180". 2 بياض في الأصل. 3 لا بأس به. 4 السابق.

401- مُحَمَّد بْن خَلَف بْن قاسم الخَوْلانيّ: الإشبيلي1. أبو عَبْد اللَّه. يروي عَنْ: ابن حَزْم، وأبي مُحَمَّد بْن خَزْرَج. قرأ عَلَيْهِ: أبو العبّاس أحمد بْن مُحَمَّد "صحيح مُسْلِم" في سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة. 402- المطهر بْن الفضل بْن عَبْد الوهّاب بْن أحمد بْن بطَّة: أبو عليّ الأصبهاني2. وُلِد سنة ست وأربعمائة. وسمع: أبا عبد الجمال، وأبا نعيم، وجماعة. وعنه: السلفي. 403- المظهر بْن عليّ: أبو الفتح البَنْدنَيْجيّ المالحانيّ3. سمع: الجوهريّ. روى عَنْهُ: السِّلَفيّ. لقيَه في سنة سبعٍ وتسعين. 404- إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن أسود: أبو إِسْحَاق الغساني المريي4. من علماء أهل المَرِيّة من الأندلس. روى عَنْ: أَبِيهِ إِبْرَاهِيم، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عمر بن عبد البر، وأبي لأصبغ عيسى بْن مُحَمَّد، وطائفة. وكان شديد العناية بالرّواية. ذكره الأَبّار فقال: روى عَنْهُ: ابنه القاضي أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد، وعبد الرحيم بْن مُحَمَّد الخَزْرَجيّ، وأبو عَبْد اللَّه بْن إحدى عشرة. توفي نحو الخمسمائة. 405- أحمد بْن نَصْر بْن أحمد: أبو العلاء الهَمَذانيّ5. روى عَنْ: ابن حُمَيْد، وابن الصّبّاح، وهارون بْن ماهلة، وأبي الفَرَج بْن عَبْد الحميد، ونصر بن علي الفقيه، وعدد كبير. روى عنه السلفي، وغيره. وكان حافظا أديبا ناصرا للسنة عارفا بمذهب أحمد، ثقة. أملى مجالس من حفظه. يأتي في سنة 51. 406- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن هاشم: أبو مُحَمَّد القَيْسيّ المَرِيّيّ الفقيه، ويُعرف بحفيد هاشم6. شرح كتاب التفريع لابن الجلاب في ست مجلدات، وأجمع

_ 1 لا بأس به. 2 لم نقف عليه. 3 السابق. 4 لا بأس به. 5 السابق. 6 لم نقف عليه.

أهل المَرِيّة عَلَى تقديمه للقضاء، فقال: إنّ فعلتم فررت عَنْ أهلي وولدي، واللَّه أسألكم. فتركوه. قرأ عَلَيْهِ صِهْره الخطيب أبو عَبْد الله الحمزي. وكان موجودًا في حدود الخمسمائة. 407- مُحَمَّد بْن جابار بْن عليّ: الواعظ المذكّر أبو الوفاء الهَمَذانيّ1. ممن أجاز للسِّلَفيّ سنة أربعٍ وتسعين. ذكره شِيرُوَيْه فقال: صالح، ديّن، زاهد، صدوق، متعصب للحنابلة جدًّا. روى عَنْ: عليّ بْن حُمَيْد، وحُمَيْد بْن المأمون، وطائفة. سَمِعْتُ منه أحاديث. 408- الحَسَن بْن الفتح بْن حمزة بْن الفتح: أبو القاسم الهَمَذانيّ2 الأديب. من أولاد الوزراء والأعيان. كما يرجع إلى معرفة باللّغة، والمعاني، والبيان. قدِم بغداد سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة، فكتب عَنْهُ: هُزَارسْت الهَرَوِيّ، والحسين بْن خَسْرُو. ذكر السّمعانيّ، ولم يذكر لَهُ وفاة. وقال السِّلَفيّ: كَانَ من أهل الفضل والتّقدُّم في الفرائض، والتّفسير، والآداب، وله تفسير حَسَن، وشِعْرٌ فائق. علّقت عَنْهُ حكايات وشِعْر. وقد صحب أبا إِسْحَاق الشِّيرازيّ، وتفقه عَلَيْهِ. وله: نسيم الصَّبا إنّ هجت يومًا بأرضها ... فقولي لها حالي علت عَنْ سؤالك فها أنذا إنّ كنت يومًأ تعتبي ... فلم يبقَ لي إلّا حشاشة هالك قال ابن صلاح: رأيت مجلدين من تفسيره من تجزئة ثلاث مجلّدات، واسمه كتاب البديع في البيان عَنْ غوامض القرآن فوجدته ذا عناية بالعربيّة والكلام ضعيف الفقه. 409- الحُسين بْن أحمد بْن أحمد: القاضي أبو عَبْد اللَّه بْن الصّفّار3. من فُقهاء هَمَذَان. كَانَ ينوب عَن القضاة بها. وهو من رُواة الزُّهْد. أخذ عَن ابن المُذْهِب. سمع: ابن الكسار، وبِشْر بْن الفاتنيّ، والحسن بْن دوما النِّعَاليّ، والحسين بْن عليّ الطَّنَاجِيريّ، وابن غَيْلان، وخلقًا سواهم. كُتُب عَنْهُ: أبو شجاع شيرويه الديلمي

_ 1 لا بأس به. 2 الوافي بالوفيات "12/ 200". 3 لا بأس به.

وقال: كان صحيح السماع، من الأشعريه. وذكر ابن السّمعانيّ، ولم يذكر لَهُ وفاة. 410- عليّ بْن الحسن بْن أَبِي سهل: أبو القاسم النَّيْسابوريّ الأَدَميّ السّرّاج1. شيخ مبارك، سمع: على بن محمد الطرازي، وجماعة. وبقي إلى سنة بضعٍ وتسعين. روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعبد الله بن الفراوي، ومحمد بن أحمد الصفار، وجماعة.

_ 1 السابق.

الفهرس العام للكتاب

الفهرس العام للكتاب: رقم الصفحة الموضوع الطبقة الخمسون "أحداث سنة إحدى وتسعين وأربعمائة" 3 ابتداء دولة الإفرنج 3 بدء حملات الإفرنج إلى بلاد الشام 4 عبور الإفرنج خليج القسطنطينية إلى أنطاكية 4 استباحة الإفرنج أنطاكية 4 رواية سبط ابن الجوزي 5 رواية ابن القلانسي 5 رواية ابن الأثير 5 حربة المسيح -عليه السلام- المزعومة 6 دخول الإفرنج المَعَرَّة 6 محاصرة الإفرنج عرقة 6 منازلة الإفرنج حمص 6 شغب الجند على السلطان بركياروق 6 خروج بيت المقدس من يد ابن أُرْتُق "أحداث سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة" 7 مقتل أُنر عامل بركياروق 7 استيلاء الإفرنج على بيت المقدس 8 رواية ابن الأثير عَنْ دخول الإفرنج بيت المقدس 9 رواية سبط ابن الجوزي 9 ابتداء دولة محمد بن ملكشاه 10 الخطبة للسلطان محمد 10 الغلاء والوباء بخراسان 10 نقل المُصْحَف العُثْمانيّ من طبرية إلى جامع دمشق "أحداث سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة" 10 دخول عسكر بركياروق الحلة 11 إعادة الخطبة لبركياروق ببغداد 11 هزيمة بركياروق أمام أخيه محمد 11 ترجمة سعد الدولة كوهرائين

12 مسير بركياروق إلى نيسابور وغيرها 12 فتح ابن باديس مدينة سفاقس 12 وقوع بيمُنْد الإفرنجي في أسر كمشتكين 12 أخذ الإفرنج قلعة أنكورية 12 وزارة الدهستاني 12 رواية فيها مجازفة لصاحب مرآة الزمان 13 القحط بالشام "أحداث سنة أربع وتسعين وأربعمائة" 13 هزيمة السلطان محمد وذبح وزيره مؤيد المُلْك 13 دخول بركياروق الري 13 تحالف السلطان محمد وأخيه سنجر 13 تراجع بركياروق إلى همذان 14 مرض بركياروق 14 خروج صاحب الحلة عن الطاعة 14 دخول السلطان محمد بغداد 14 ظهور الباطنية بغداد 14 رواية ابن الجوزي عن الباطنية 15 مقدم الباطنية 15 طاعة الباطنية لمقدمهم 16 حيلة للباطنية في الاستيلاء على قلعة 16 من خزعبلات الباطنية 17 رواية ابن الأثير عن الباطنية 17 الدعوة للمستعلي ونزار 17 حصار المصريين للإسكندرية 18 إقامة ابن الصباح بقعلة ألموت 19 لباس الدروع تحت الثياب خوفًا من الباطنيّة 19 الباطنية في عهد المقتدي بالله 19 اتهام الهراسي بالباطنية 19 حصار الأمير بزغش حصن طَبَس 19 مقتل كندفري صاحب المقدس 19 انكسار بغدوين 20 ملك الإفرنج سَرُوج 20 ملك الإفرنج حيفا 20 ملكهم أرسوف

20 ملكهم قيسارية 20 إعادة صلاة التراويح والقنوت 20 حكاية ابن قاضي جَبَلة أَبِي محمد عُبَيْد الله بن صُلَيحة 21 كسرة الإفرنج أمام قلج أرسلان 21 جموع الإفرنج حسب وصف المستوفي 21 رواية رسول رضوان عن جموع الإفرنج 22 انهزام المصريين والإفرنج عند عسقلان "أحداث سنة خمس وتسعين وأربعمائة" 22 وفاة المستعلي بالله العبيدي 22 خلافة الآمر بأحكام الله العبيدي 22 المصاف الثالث بين الأخوين محمد وبركياروق 22 مصالحة الأخوين 23 المصاف الرابع بين الأخوين 23 منازلة ابن صنجيل طرابلس 23 انهزام بردويل أمام عسكر المصريين 24 نجدة عسكر دمشق لطرابلس 24 وفاة جناح الدولة صاحب حمص 24 تسلم شمس الملوك دقاق مدينة حمص 24 مقتل الوزير الدهستاني 24 وزارة المَيْبُذي 25 الفتنة بين شحنة بغداد إبلغازي والعامة 25 وفاة قوام الدولة كبربوقا التركي 25 مقتل سنقرجاه صاحب الموصل 26 مقتل الأمير موسى التركماني 26 استيلاء جكرمش على الموصل والخابور 26 موقعة صنجيل الإفرنجي عند طرابلس 27 إطلاق سراح بيمند صاحب أنطاكية 27 حصار صنجيل لحسن الأكراد 27 منازلة صنجيل حمص 27 محاصرة القمص عكا 27 محاصرة صاحب الرها لبيروت 27 طمع صاحب سمرقند في خراسان 28 وفاة كندغدي 28 تملك سنجر بن محمد علي سمرقند

28 استرجاع بلنسية من النصارى "أحداث سنة ست وتسعين وأربعمائة" 29 خلعة المستظهر باللَّه عَلَى ينّال بْن أنوشتكين 29 ظلم ينال ببغداد 29 إفساد ينال في البلاد 29 الفتنة في بغداد 30 مقاتلة سيف الدولة لكمشتكين 30 المصاف الخامس بين بركياروق وأخيه 30 القبض على الوزير سديد الملك 30 وزارة ابن الموصلايا 30 تسلم دقاق الرحبة وحمص 30 انهزام الإفرنج أمام عسكر مصر في يافا 30 زيارة الإفرنج لبيت المقدس 30 استمرار حصار طرابلس 31 استيلاء الإفرنج على كثير من الشام "أحداث سنة سبع وتسعين وأربعمائة" 31 الصلح بين بركياروق وأخيه محمد 31 حصار الإفرنج لطرابلس ورفعه 32 استيلاء الإفرنج على جُبيل 32 استيلاء الإفرنج على عكا 32 وقعة نهر البُلَيخ 32 هرب صاحب أنطاكية وصاحب الساحل 32 وقوع قُمّص الرها في الأسر 32 تملك سقمان الحصون من الإفرنج 33 سير جكرمش إلى حران ومحاصرته الرها 33 مفاداة القمص بالمال والأسرى 33 وفاة شمس الملوك دقاق صاحب دمشق 33 وفاة أرتاش أخي دقاق 33 حصن صنجيل ومهاجمة ابن عمار له 34 تخريب المقدم بزغش حصون الإسماعيلية 34 تأمين الإسماعيلية وسخط الناس على السلطان "أحداث سنة ثمان وتسعين وأربعمائة" 34 وفاة السلطان بركياروق 34 دخول جكرمش في طاعة السلطان محمد

35 سلطنة محمد علي بغداد 35 مقتل إياز أتابك ملكشاه 36 هلاك صنجيل 36 وفاة الأمير سقمان بن أرتق 36 قتل الإسماعيلية للحجاج الخراسانيين 37 قتل الإسماعيلية ابن المشاط 37 استيلاء الإفرنج على حصن أرتاح 37 الموقعة بين المسلمين والإفرنج بين يافا وعسقلان 37 شحنكية بغداد 38 دخول السلطان محمد أصبهان 38 الجُدَري والوباء في بغداد 38 مواصلة حصار طرابلس "أحداث سنة تسع وتسعين وأربعمائة" 38 قتل متنبئ بنهاوند 38 قتل خارج يطلب الملك بنهاوند 38 استرجاع طغتكين حصنين من الإفرنج 39 امتلاء الإسماعيلية حصن فامية 39 قتل ابن ملاعب بحيلة قاضي سرمين 40 قتل الإفرنج قاضي سرمين 40 إفساد ربيعة العرب في البصرة ونواحيها 40 اشتداد الحصار على طرابلس "أحداث سنة خمسمائة" 41 وفاة يوسف بْن تاشَفِين 41 سلطنة عليّ بْن يوسف بن تاشفين 41 مقتل فخر الملك ابن انظام الملك 42 القبض على الوزير سعد الملك وصَلبه 42 وزارة قوام المُلْك 42 انتزاع قلعة إصبهان من الباطنيّة وقتل صاحبها 42 رواية ابن الأثير عَنْ قتل ابن غطاس 44 عزل الوزير ابن جهير 44 وزارة أبي المعالي ابن المطلب 44 غرق قلج أرسلان 44 استنجاد طغتكين وابن عمار بالسلطان السلجوقي 45 استظهار الروم على الإفرنج

"الطبقة الخمسون" "وفيات سنة إحدى وتسعين وأربعمائة" "حرف الألف" 46 1- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد الرازي 46 2- أحمد بْن الحُسين بْن أحمد بْن جعفر الهمذاني 46 3- أحمد بن سهل النيسابوري 47 4- أحمد بْن عَبْد الغفار بْن أحمد بْن علي بن أشته 47 5- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحيم التيمي 47 6- أحمد بن عبد العزيز البردعي 47 7- أحمد بن المبارك الأكفاني 48 8- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بن بشرويه 48 9- إِبْرَاهِيم بْن خَلَف بْن إِبْرَاهِيم بْن لُبّ التجيبي 48 10- إبراهيم بن سليم بن أيوب الرازي 48 11- إبراهيم بن يحيى بن موسى الكلاعي 48 12- إبراهيم بن يونس بن محمد المقدسي 49 13- إسماعيل بن علي بن طاهر السيلقي "حرف الجيم" 49 14- جعفر بْن حيدر بْن محمد العلوي الهروي "حرف الحاء" 49 15- حاتم بْن محمد بْن عليّ الهروي 49 16- حديد بن حسن الشيباني 50 17- الحسن بن أحمد بن محمد السمرقندي 50 18- الحسين بن أحمد بن عبد الرحمن العكبري 51 19- الحسين بن الحسن الشهرستاني 51 20- الحسين بن علي الدمشقي "حرف الراء" 51 21- رَوْح بْن محمد بْن عَبْد الواحد الرازي "حرف السين" 51 22- سَعِيد بْن محمد بْن يحيى الأصبهاني 52 23- سهل بن بشر بن أحمد الإسفرائيني "حرف الطاد" 52 24- طراد بن محمد بن علي الزينبي

"حرف العين" 53 25- عَبْد الرّزّاق بْن حسّان بْن سعيد المنيعي 54 26- عبد الأحد بن أحمد بن الفضل العنبري 54 27- عَبْد اللَّه بْن المبارك بْن عَبْد اللَّه المديني 54 28- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن بَلّيزة الخرقي 54 29- عبد الله بن الحسين بن هارون الخراساني 54 30- عبد العزيز بن محمد عتاب القرطبي 55 31- عبد الله بن الحسين بن هارون الخراساني 55 32- عبد الرزاق بن عبد الله بن المحس التنوخي 55 33- عَبْد السّميع بْن عليّ بْن عَبْد السَّميع 55 34- عبد الواحد بن أحمد بن إبراهيم المغازلي 55 35- عُمَر بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الخليل البغوي 56 36- عبد الواحد بن علوان بن عقيل السقلاطوني 56 37- عَبْد الوهّاب بْن رزق اللَّه بْن عَبْد الوهاب التميميِّ 56 38- علي بن محمد بن الحسين الخذامي "حرف الفاء" 56 39- فارس بْن الحُسين بْن فارس الذهلي 57 40- الفضل بن علي بن أحمد الأصبهاني "حرف الميم" 57 41- المحسن بْن المحسن بْن مُحَمَّد بن جمهور 57 42- محمد بن أحمد بن محمد الميْبُذي 57 43- محمد بن جامع بن محمد القطان 57 44- محمد بن الحسين بن محمد الحرمي 58 45- محمد بن عبد الله بن أحمد المحمي 58 46- محمد بن محمد الخداشي 58 47- مروان بن عبد الملك اللواتي 58 48- المظفّر بْن عليّ بْن الحَسَن بْن أحمد 59 49- مكي بن منصور بن محمد بن علاف السلار "حرف النون" 59 50- نَصْر بْن عَليّ بْن مُقَلّد بن نصر بن منقذ "حرف الهاء" 60 51- هبة اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق الأشهلي 60 52- هبة الله بن محمد بن هاروت الهاروني

"حرف الياء" 61 53- ياسين بن سهل القايني 61 54- يحيى بن محمد الداني "وفيات سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة" "حرف الألف" 61 55- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن علي بن طاوس المقرئ 62 56- أحمد بن عبد القادر بن محمد البغدادي 62 57- أحمد بن مسلم بن محمد بن علي 62 58- أحمد بن محمد بن محمد الخليلي 63 59- إبراهيم بْن مسعود بْن محمود بْن سُبُكْتِكِين 63 60- أسعد بن علي الزوزني 63 61- الأَطْهَرُ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن زيد الحسيني 64 62- إبراهيم بن أبي نصر بن إبراهيم البخاري "حرف الباء" 64 63- بَرَكة بْن أحمد بْن عَبْد الله الواسطي 64 64- بكر بن نصر بن أحمد البخاري "حرف الحاء" 64 65- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن عليّ الطوسي 65 66- الحسين بن أحمد بن عبد الرحمن العكبري 65 67- الحسين بن عبدوس الهمذاني "حرف الزاي" 65 68- زَيْد بْن الحَسَن بْن زيد الهروي "حرف السين" 65 69- سعْد بْن أحمد بْن مُحَمَّد النسوي 66 70- سعد بن يزيد الهروي "حرف الصاد" 66 71- صاعد بْن سهل بْن بِشْر الإسفرائيني "حرف العين" 66 72- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق الكلاعي 66 73- عبد الأعلى بن عبد الواحد المليحي 67 74- عبد الباقي بن يوسف بن علي المراغي 67 75- عبد الجليل الرازي 67 76- عبد العزيز بن محمد بن علي الزينبي

68 77- عَبْد الكريم بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن خشنام 68 78- علي بن الحسن بن الحسين الموصلي 70 79- عليّ بْن الحُسين بْن عليّ بْن أيّوب البزاز 70 80- علي بن الفضيل بن عبد الرزاق اليزدي 70 81- علي بن محمد النيسابوري "حرف الغين" 71 82- الغضنفر بن فارس البلخي "حرف الفاء" 71 83- فضلان بْن عثمان بْن مُحَمَّد القيسي "حرف الكاف" 71 84- كامل بْن ديسم بْن مجاهد العسقلاني "حرف الميم" 71 85- المبارك علي بن الحسن البصري البزاز 71 86- المبارك بن محمد بن عبيد الله السوادي 72 87- محمد بن أحمد بن علي الطوسي 72 88- محمد بن سليمان بن لوبا 72 89- محمد بن عبد الله بن الحسين الفزاري 72 90- محمد بن عبد الله بن محمد الشيرازي 72 91- محمد بن علي بن عبد الواحد الصباغ 73 92- مجد الملك البلاشاني 73 93- محمد بن الفرج بن منصور الفارقي 73 94- محمد بن محمد بن أحمد الشبلي 74 95- مقرن بن علي بن مقرن الحنفي 74 96- مكي بن عبد السلام الرميلي 75 97- مقرن بن علي بن مقرن الحنفي "حرف النون" 76 98- نجاح بْن عليّ بْن زقاقيم الطحان 76 99- نصر بن أحمد بن الفتح الهمذاني "حرف الهاء" 76 100- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي الهاشمي "حرف الياء" 76 101- يوسف بن إبراهيم الزنجاني 76 102- يوسف بن علي بن الملجوم

"وفيات سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة" "حرف الألف" 76 103- أحمد بن الحسن بن الحسين بن كيلان البغدادي 77 104- أحمد بن عبد الوهاب الشيرازي 77 105- أحمد بن سليمان بن خلف الباجي 77 106- أحمد بن عمر بن محمد الهمذاني الشروطي 78 107- أحمد بن محمد بن سُمَيكة 78 108- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن يوسف بْن دينار الكندلاني 78 109- أحمد بن محمد الأصبهاني الباغبان 78 110- إبراهيم بن يحيى التجيبي الطليطلي 78 111- إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله البردي 78 112- أحمد بن عبد الرحيم بن القاضي الْبُخَارِيّ "حرف الباء" 79 113- بُرَيْدَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بريدة الأسلمي "حرف الثاء" 79 114- ثابت بْن رَوْح بْن مُحَمَّد الراراني "حرف الجيم" 79 115- جعفر بْن مُحَمَّد بْن الفضل العباداني "حرف الحاء" 80 116- الحسن بن تميم البصري 81 117- حمزة بن مكي الخباز 81 118- الحُسين بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ النعالي "حرف الخاء" 82 119- خَلَف بْن مُحَمَّد بْن خَلَف العبدري "حرف السين" 82 120- سعْد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك البغدادي 83 121- سلمان بْن أَبِي طَالِب عَبْد اللَّه بْن محمد بن الفتى النهرواني "حرف الصاد" 83 122- صالح ابن الحافظ أَبِي صالح أحمد بْن عَبْد المُلْك النيسابوري "حرف الطاء" 83 123- طاهر بْن الحُسين بْن عليّ النسفي "حرف العين" 84 124- عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن أبي منصور الطبسي

84 125- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن علي بْن صابر السلمي 84 126- عبد الله بن جابر بن ياسين العسكري 84 127- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن العربي المعافري 85 128- عبد الجليل بن محمد بن الحسين الساوي 85 129- عبد الصمد بن علي بن الحسين بن البدن الصفار 85 130- عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن أحمد الزَّعْفرانيّ 86 131- عبد الغفار بن طاهر بن أحمد البخار 86 132- عبد القاهر بن عبد السلام العباسي 86 133- عبد الكريم بن المؤمل بن المحسن الكفرطابي 86 134- علي بن سعيد بن محرز العبدري 87 135- عبد الهادي بن عبد الله الهَرَوِيّ 87 136- عليّ بْن المبارك بْن عُبَيْد اللَّه الوقاياتي 87 137- علي بن محمد بن حسين البخاري "حرف الكاف" 87 138- كامكار بْن عَبْد الرّزّاق بْن محتاج "حرف اللام" 88 139- لامعة بنت سَعِيد بْن مُحَمَّد "حرف الميم" 88 140- محمد بن الحسن بن محمد الأسكوراني 88 141- محمد بن الحسين بن هرمية 88 142- محمد بن محمد بن الحسين البزدوي 89 143- محمد بن سابق الصقلي 89 144- المحسن الفرقدي 89 145- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الحُسين بْن الدّوانيّ 89 146- محمد بن إبراهيم بن الحسن الرازي 89 147- محمد بن محمد بن جهير الوزير 91 148- محمد بن محمد بن عبد الواحد الصباغ 91 149- محمد بن مأمون بن علي الأبيوردي 91 150- مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن الحَسَن بْن هلال 91 151- المختار بن معبد 92 152- المظفر بن عبد الغفار البروجردي "حرف النون" 92 153- نصر بن إبراهيم بن نصر السلطان

"حرف الهاء" 92 154- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن أبي الغنائم 92 155- هبة الله بن علي الشريحي "حرف الياء" 93 156- يحيى بْن عيسى بْن جَزْلَة "وفيات سنة أربع وتسعين وأربعمائة" "حرف الألف" 93 157- أحمد بْن عليّ بْن الفضل بن طاهر 93 158- إبراهيم بن محمد بن عبد الله العقيلي الجزري 94 159- أحمد بن محمد بن علي الحربي 94 160- أحمد بن محمد بن محمد الصبَّاغ 94 161- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل بْن زيد الشهرزوري 94 162- أسعد بن مسعود بن علي العتبى "حرف الحاء" 95 163- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ "حرف السين" 95 164- سَعْد بْن عليّ بْن الحَسَن العجلي 95 165- سعد بن محمد بن جعفر الأسداباذي "حرف الظاء" 96 166- ظبيان بن خلف المالكي "حرف العين" 96 167- عاصم بن أيوب البطليوسي 96 168- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن ماهويه 96 169- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد بْن أحمد الترابي 96 170- عبد الجبار بن سعيد البحيري 96 171- عبد الباقي بن محمد البزار 97 172- عبد الحميد بن عبد الرحمن العَيْداني 97 173- عبد الخالق بن محمد بن خلف 97 174- عبد الرحمن بن أحمد بن محمد السرخسي 98 175- عَبْد الغفّار بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الهمذاني 98 176- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن بندار 98 177- عبد الواحد بن عبد الرحمن بن زيد النيسابوري 98 178- عَبْد الواحد بْن عَبْد الكريم بْن هوازن القشيري

99 179- عزيزي بن عبد الملك بن منصور الجيلي 99 180- علي بن أحمد بن عبد الغفار البجلي 99 181- عليّ بْن أحمد بْن أَبِي ذكرى النّجّاد 99 182- علي بن أحمد بن محمد المديني الصيدلاني 100 183- علي بن محمد بن الحسن الزهري "حرف الفاء" 100 184- الفضل بْن عَبْد الواحد بْن الفضل السرخسي "حرف الميم" 101 185- مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل بن محمد النسفي 101 186- محمد بن أحمد بن عبد الباقي الربعي 101 187- محمد بن الحسن الراذاني 101 188- محمد بن عبد الله بن أحمد السُّوذَرْجاني 102 189- مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الرحيم العيداني 102 190- محمد ابن الوزير الشهيد علي بن الحسن بن المسلمة 102 191- محمد بن علي بن عبيدان بن ودعان الموصلي 103 192- محمد بن علي بن المحسن التنوخي 103 193- محمد بن هبة الله بن أحمد الحلواني 103 194- محمد بن القاسم بن أبي غدان 103 195- محمد بن محمد بن عبيد الله العكبري 103 196- محمد بن مامويه بن علي المتولي 103 197- محمد بن المفرج بن إبراهيم البطليوسي 104 198- منصور بْن بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عليّ النيسابوري "حرف النون" 104 199- نَصْر بْن أحمد بْن عَبْد الله بن البطر البزاز "حرف لهاء" 105 200- هبة الله بن حمزة العباسي "الكنى" 105 201- أبو الحسن بن زفر العكبري "وفيات سنة خمس وتسعين وأربعمائة" "حرف الألف" 106 202- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بن الكناني القرطبي 106 203- إسماعيل بن الحسن بن علي العلوي 106 204- أحمد بن معد المستعلي بالله العُبَيدي

"حرف الجيم" 107 205- جناح الدولة صاحب حمص "حرف الحاء" 107 206- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أحمد الكرماني 107 207- الحسين بن علي بن محمد الهمذاني 107 208- الحسين بن محمد بن أبي علي الطبري "حرف الخاء" 108 209- خَالِد بْن عَبْد الواحد بْن أحمد الأصبهاني 108 210- خلف بن عبد الله بن سعيد الأزدي "حرف السين" 108 211- سَعِيد بْن هبة اللَّه بْن الحسين البغدادي 108 212- سلمان بن حمزة بن الخضر السلمي "حرف الصاد" 109 213- صاعد بْن سَيَّار بْن يحيى الكناني "حرف العين" 109 214- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل السرقسطي 110 215- عبد الرحمن بن محمد بن ثابت الثابتي 110 216- عبد الصمد بن موسى بن هذيل البكري 110 217- عبد العزيز بن الحسين الدمشقي الدلال 110 218- عَبْد العزيز بْن عَبْد الوهّاب بْن أَبِي غالب القروي 111 219- عبد الواحد بن عبد الرحمن الزبيري الوركي 111 220- عثمان بن عبد الله النيسابوري 112 221- علي بن محمد بن عصيدة البغدادي الغزال 112 222- علي بن عبد الواحد بن فاذشاه "حرف الميم" 112 223- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الكامخي 112 224- محمد بن أحمد بن عبد الواحد الشيرازي 113 225- محمد بن عبد العزيز الرازي 113 226- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه الخياط 113 227- محمد بن عبد الوهاب الكوفي الخزاز 113 228- محمد بن علي الشاشي 113 229- محمد بن هبة الله بن ثابت البندنيجي 114 230- مقاتل بن مطكوذ بن تمريان السوسي

114 231- منصور بن المؤمل الغزال "حرف الياء" 114 232- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن الحسين الناصح "الكنى" 114 233- أبو الحَسَن بْن أَبِي عاصم العَبَّادي "وفيات سنة ست وتسعين وأربعمائة" "حرف الألف" 115 234- أحمد بن الحسن بن الحسين البغدادي البزاز 115 235- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد السُّوذَرْجانيّ 115 236- أحمد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْر بن سوار 116 237- إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد السلماسي "حرف الحاء" 116 238- حَمْدُ بْن مروان بْن قيصر 117 239- الحُسين بْن الحُسين بْن عليّ بْن العبّاس الفانيذي 117 240- الحسين بن محمد الكتبي "حرف الخاء" 117 241- خازم بْن مُحَمَّد بْن خازم المخزومي "حرف السين" 118 242- سليمان بْن أَبِي القاسم نجاح "حرف العين" 119 243- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن محمد بن الشروطي 119 244- عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ 119 245- عبيد الله بن طاهر بن الحسين الروقي 119 246- عليّ بْن أحمد بْن عُمَر بْن الخَلِيّ 119 247- علي بن عبد الرحمن بن أحمد بن الدوش 120 248- علي بن محمد بن علي بن فورجة "حرف الفاء" 120 249- الفَرَج بْن مُحَمَّد بْن المقرون "حرف الميم" 120 250- مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار بْن محمد الضبي الفرساني 121 251- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن كادش الحنبلي 121 252- محمد بن عمر بن عبد الله الكراني 121 253- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن جعفر الأصبهاني

121 254- محمد بن المنذر بن ظبيان المنذر الكرخي 121 255- معالي العابد "حرف النون" 122 256- نَصْر بْن عَبْد الْجَبّار بْن عَبْد اللَّه بْن عبد الجبار "حرف الياء" 122 257- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي زيد اللواتي 123 258- يحيى بن منصور الصوفي الجَنْزي "وفيات سنة سبع وتسعين وأربعمائة" "حرف الألف" 123 259- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يونس المقدسي 123 260- أحمد بن بندار بن إبراهيم البقال 123 261- أحمد بن علي بن الحسين بن الحداد الدلال 123 262- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة الكوفي 124 263- أحمد بن محمد بن بشرويه الأصبهاني 124 264- أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي 125 265- أحمد بن محمد بن الحسين العكبري 125 266- أرتاش بن تُتُش بن ألب أرسلان 125 267- إسماعيل بن علي بن حسن الجاجرمي 126 268- إسماعيل بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن النيسابوري 126 269- إسماعيل بْن أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن عثمان القومساني 126 270- أردشير بن أبي منصور المروزي "حرف الجيم" 127 271- جامع بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد النيسابوري "حرف الحاء" 127 272- الحَسَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد الكلابي 128 273- الحسين بن عبد الملك بن محمد اليوسفي 128 274- الحسين بن إبراهيم بن أحمد النطنزي 128 275- الحسين بن علي بن أحمد البندار "حرف الدال" 128 276- دقاق بن تتش "حرف الزاي" 129 277- زيد بْن عليّ بْن عَبْد الله الفسوي

"حرف الطاء" 129 278- طاهر بْن أسد بْن طاهر الطباخ الأجمي "حرف العين" 129 279- عبد الله بن إسماعيل الإشبيلي 130 280- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن السمناني 130 281- عبد الرحمن بن قاسم الشعبي المالقي 131 282- العلاء بْن حَسَن بْن وهْب بْن الموصلايا 132 283- أبو نصر هبة الله 132 284- علي بن الحسن العلوي الخراساني 132 285- علي بن الحسين بن أبي نزار المردستي 132 286- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن هارون بْن الجراح 132 287- عيسى بْن الحافظ أَبِي ذَرّ عَبْد بْن أحمد "حرف الميم" 133 288- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الله بن النقور 133 289- محمد بن عبد الله بن محمد الناقد السمسار 134 290- محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز المديني 134 291- محمد بن فرج بن الطلاع 136 292- المؤمل بن أحمد بن المؤمل المصيصي "حرف الياء" 136 293- يزيد مولى المعتصم باللَّه مُحَمَّد بن معن "وفيات سنة ثمان وتسعين وأربعمائة" "حرف الألف" 136 294- أحمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم البصري 136 295- أحمد بن خلف بن عبد الله بن غالب القلعي 136 296- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الخطيب الهاشمي 137 297- أحمد بن نصر بن أحمد الخراساني الخوجاني 137 298- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد البرداني 137 299- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُوسَى بْن مردويه "حرف الباء" 138 300- بركياروق "حرف الثاء" 139 301- ثابت بْن بُنْدار بْن إِبْرَاهِيم الدينوري

"حرف الحاء" 139 302- الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد الطائي 140 303- الحسين بن علي بن الحسين الطبري 140 304- الحسين بن محمد بن أحمد الغساني "حرف االسين" 141 305- سقمان بن أرتق بن أكسب التركماني "حرف العين" 143 306- عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله المعافري 143 307- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الجنيد 143 308- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز الدهان 143 309- علي بن خلف بن ذي النون العبسي 144 310- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن قُنيْن العبدي 144 311- علي بن محمد بن إسماعيل العراقي الشافعي 144 312- عيسى بن عبد الله بن القاسم الغزنوي "حرف الفاء" 144 313- الفضل بْن عَبْد العزيز بْن محمد المتوثي 145 314- فِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن شاذي "حرف الميم" 145 315- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن قيداس التوثي 145 316- محمد بن عبد السلام بن أحمد الشريف البزار 146 317- محمد بن علي بن الحسين بن أبي الصقر الواسطي 146 318- مُحَمَّد بْن فَتُّوح بْن عليّ بْن وليد الطلبيري 146 319- مُحَمَّد بْن محمود بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم الرشيدي 147 320- محمد بن محمد بن محمد بن الطيب البزار "حرف النون" 147 321- نَصْر اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان الخشنامي 147 322- نَصْر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أحمد الوكيل "حرف الهاء" 147 323- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن علي الكاتب "وفيات سنة تسع وتسعين وأربعمائة" "حرف الألف" 148 324- أحمد بن خلف الأموي 148 325- أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن بندار

148 326- أحمد بْن الفضل بْن أَبِي القاسم الأصبهاني 148 327- أحمد بن علي بن عبد الغفار البيع 148 328- أحمد بن محمد الموازيني "حرف الباء" 149 329- بدر النشوي الصوفي 149 330- بنجر بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَمُّوَيْه الزنجاني "حرف الحاء" 149 331- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ بْن فتحان العجلي "حرف الدال" 149 332- دار ابن العلاء بن أحمد الفارسي "حرف الحاء" 150 333- الحسين بن إبراهيم النظنزي 150 334- الحسين بن سعد الآمدي "حرف الخاء" 150 335- خمارتكن الجستاني "حرف السين" 150 336- سهل بْن أحمد بْن عليّ الأرغياني "حرف العين" 150 337- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن إسحاق بن العباس الطوسي 151 338- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخوّاص البغداديّ 151 339- عبد العزيز بن محمد بن أحمد الشيرازي 151 340- علي بن الحسن بن عبد السلام الأزدي 151 341- علي بن هبة الله بن حسن الجيري 151 342- علي بن عبد الرحمن بن يوسف الأنصاري 151 343- عمر بن المبارك بن عمر بن عثمان بن الخرقي "حرف الميم" 152 344- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ بن عبد الرزاق الخياط 153 345- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن خَلَف الواسطي 153 346- محمد بن عبد الله بن يحيى الخباز 153 347- محمد بن عبيد الله بن الحسن البصري 154 348- المُعَمَّر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن إسماعيل الكوفي 155 349- مكّيّ بْن بجير بْن عَبْد اللَّه بْن مكي الهمذاني 155 350- مهارش بن مجلي بن عكيث

156 351- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الطيب البغدادي "وفيات سنة خمسمائة" "حرف الألف" 156 352- أحمد بن الحسين بن علي بن عمرويه 156 353- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن سَعِيد الحداد 157 354- أحمد بن محمد بن مظفر الجوافي 157 355- أحمد بن مُحَمَّد بْن أحمد بْن زنجُويه 158 356- أحمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي 158 357- إسماعيل بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن حِبّان النسوي "حرف الجيم" 158 358- جعفر بن أحمد السراج "حرف الخاء" 159 359- خلف بن محمد القرطبي "حرف العين" 159 360- عَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن أحمد البرداني 160 361- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه التجيبي 161 362- عَبْد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَهَّاب الفامي 161 363- علي بن طاهر بن جعفر الدمشقي "حرف الميم" 161 364- مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أحمد بن الحسن الباقلاني 162 365- المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الطيوري 162 366- المبارك بن فاخر بن محمد بن يعقوب الدباس 164 367- مطهر بْن أحمد بْن عُمَر بْن صالح الهمذاني "حرف الياء" 164 368- يحيى بْن سَعِيد بْن حبيب المحاربي 164 369- يوسف بن تاشفين 170 370- يوسف بن علي الزنجاني "المتوفون تقريبًا" 170 371- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الشارقي 170 372- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الفضل بْن شَهْرَيار 170 أحمد بْن عَبْد اللَّه السُّوذَرْجانيّ 170 373- عَبْد الرحيم بن محمد بن أحمد الشرابي 170 374- عَبْد الرَّحْمَن بْن إسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن الصابوني

171 375- أسعد بن مسعود بن علي العتبي 171 376- غالب بن عيسى بن نعم الخلف الأندلسي 171 377- المظفّر بْن الحُسين بْن إِبْرَاهِيم بْن هَرْثَمَة الفارسي 172 378- عباد بن الحسين بن غانم الطائي 172 379- إبراهيم بن علي بن الحسن البجيرمي 172 380- مُحَمَّد بْن المظفّر بن عُبَيْد اللَّه النَّهَاوَنْديّ 172 381- محمد بن عبد الواحد بن علي الزجاج 172 382- محمد بن إدريس بن خلف القرتائي 172 383- سعد بن علي بن حميد 172 384- علي بن هبة الله التراسي 173 385- محمد بن علي بن عبد الرزاق الكاغدي 173 386- أحمد بن أبي هاشم القرشي 173 387- محمد بن أحمد بن سعيد الفاشاني 173 388- لاحق بن محمد بن أحمد التميمي 173 389- محمد بن أحمد بن جعفر الأصبهاني 174 390- محمد بن الحسين بن محمد البالوي 174 391- محمد بن عبد العزيز بن أحمد العسال 174 392- محمد بن عمر بن سهلويه 174 393- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بْن عليّ بْن الخطيب 174 394- عبد الله بن يوسف الجرجاني 174 395- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلُّويَه 174 396- سداد بن محمد بن أحمد الخلقاني 175 397- محمد بن أحمد بن طاهر بن أحمد البغدادي 175 398- إسماعيل بن الحسين بن حمزة العلوي 175 399- عبد الملك بن الحسن بن بتنه 175 400- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد الفارسي 176 401- محمد بن خلف بن قاسم الخولاني 176 402- المطهر بن الفضل بن عبد الوهاب الأصبهاني 176 403- المظفر بن علي البندنيجي 176 404- إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم الغساني 176 405- أحمد بن نصر بن أحمد الهمذاني 176 406- عبد الله بن إبراهيم بن هاشم القيسي 177 407- محمد بن جابار بن علي الهمذاني

177 408- الحَسَن بْن الفتح بْن حمزة بْن الفتح الهمذاني 177 409- الحسين بن أحمد بن أحمد 178 410- علي بن الحسن بن أبي سهل النيسابوري 179 فهرس الموضوعات

المجلد الخامس والثلاثون

المجلد الخامس والثلاثون الطبقة الحادية والخمسون أحداث سنة إحدى وخمسمائة ... بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الطبقة الحادية والخمسون: أحداث سنة إحدى وخمسمائة فتنة العميد عَلَى سيف الدّولة صَدَقة بْن مَزْيَد: كَانَ سيف الدّولة صَدَقة قد صار ملك العرب في زمانه، وبنى مدينة الحلة وغيرها. وقبل ذَلِكَ كَانَ صاحب عمود وسيف، فعظُم شأنُه، وارتفع قدْره، وصار ملجأ لمن يستجير. وكان معينًا للسّلطان محمد عليّ حروبه مَعَ أخيه، وناصرًا لَهُ، فزاد في إقطاعه مدينة واسط، وأذِن لَهُ في أخذ البصْرة. ثمّ افتن ما بينهما العميد أبو جعفر محمد بْن الحسين البلْخيّ مَعَ ما كَانَ يفعله صَدَقة مِن إجارة مِن يلتجئ إِلَيْهِ مِن أعداء السّلطان محمد. وشغَّب العميدُ السّلطان عَليْهِ، ثمّ زاد عَليْهِ بأنْ صبغه بأنّه مِن الباطنية، ولم يكن كذلك؛ كَانَ شيعيّا. وسخط السّلطان عَلَى سَرْخاب بْن دُلَف صاحب ساوة، فهرب منه، فأجاره صَدَقة، فطلبه السّلطان منه، فامتنع. إلى أمور أُخر، فتوجّه السّلطان إلى العراق. فاستشار صَدَقة أصحابه، فأشار إِليْهِ ابنه دُبَيْس بأن ينفّذه إلى السّلطان بتقادُم وتُحَف وخيل، وأشار سَعِيد بْن حُمَيْد صاحب جيش صَدَقة بالحرب، فأصغى إليه، وجمع العساكر، وبذل الأموال، فاجتمع لَهُ عشرون ألف فارس، وثلاثون ألف راجل. فأرسل إليه المستظهر ينهاه عَنِ الخروج، ويعده بأن يُصْلح أمره. وأرسل السّلطان يطلبه ويطيّب قلبه، ويأمره بالتّجهّز معه لقصد غزو الفرنج، فأجاب بأنّهم ملأوا قلب السّلطان عليّ، ولا آمن مِن سطوته1. وقال صاحب جيشه: لم يبق لنا في صُلْح السّلطان مَطْمَع. دخول السّلطان بغداد: ودخل السّلطان بغداد في العشرين مِن ربيع الآخر جريدة لَا يبلغ عسكره ألفَيْ فارس، فلمّا اطمأنّ ببغداد، وتحقّق معاندة صَدَقة لَهُ بعث شِحْنة بغداد سنقر البرسقي

_ 1 دول الإسلام "2/ 29".

في عسكر، فنزل عَلَى صَرْصَرْ، وبعث بريدًا يستحثّ عساكره فأسرعوا إليه. الحرب بين السّلطان وصدقة بْن مَزْيَد: ثمّ نشبت الحرب بين الفريقين شيئًا فشيئًا، وتراسلوا في الصُّلح غير مُرَّة، فلم يتّفق، وجرت لهم أمور طويلة. ثمّ التقى صَدَقة والسلطان في تاسع عشر رجب، فكانت الأتراك ترمي الرَّشْقَة عشرة آلاف سهْم، فتقع في خيل العرب وأبدانهم. وبقي أصحاب صَدَقة كلمّا حملوا منعهم نهرٌ بين الفريقين مِن الوصول، ومن عَبَر إليهم لم يرجع. وتقاعدت عُبادة وخَفَاجة شفقةً عَلَى خيلها. وبقي صَدَقة يصيح: يا آل خُزَيْمَة، يا آل ناشرة، ووعد الأكراد بكلّ جميل لَمَّا رَأَى من شجاعتهم. وَكَانَ راكبا على فرسه المهلوب، ولم يكن لأحدٍ مثله، فجُرح الفَرَس ثلاث جراحات. وكان لَهُ فرس آخر قد ركبه حاجبه أبو نصر، فلمّا رَأَى التُّرْكَ قد غشوا صَدَقة هرب عَليْهِ، فناداه صَدَقة، فلم يردّ عَليْهِ. وحمل صَدَقة عَلَى الأتراك وضرب غلامًا منهم في وجهة بالسّيف، وجعل يفتخر ويقول: أَنَا ملك العرب، أَنَا صَدَقة. فجاءه سهْمٌ في ظهره، وأدركه بزغش1 مملوك أشلّ، فجذبه عَنْ فَرَسه فوقع فقال: يا غلام أرفق. فضربه بالسّيف قتله، وحمل رأسه إلى السّلطان، وقُتل مِن أصحابه أكثر مِن ثلاثة آلاف فارس، وأُسِر ابنه دُبَيْس، وصاحب جيشه سَعِيد بْن حُمَيْد2. ترجمة صَدَقة بْن منصور: وكان صَدَقة كثير المحاسن بالجملة، محبَّبًا إلى الرعيّة، لم يتزوَّج عَلَى امرأته، ولا تَسَرَّى عليها. وكان عنده ألوف مجلَّدات مِن الكُتُب النفيسة. وكان متواضعًا محتملًا، كثير العطاء3. سفر فخر المُلْك ابن عمّار إلى بغداد: وأمّا طرابُلُس، فلمّا طال حصارها، وقلَّت أقواتُها، وعظُمت بليّتُها ولا حول ولا

_ 1 المنتظم "9/ 156". 2 المنتظم "9/ 156"، والكامل في التاريخ "10/ 440-448"، والعبر "4/ 1"، والبداية والنهاية "12/ 169"، وشذرات الذهب "4/ 2". 3 المنتظم "9/ 159"، والكامل في التاريخ "10/ 448، 449"، والنجوم الزاهرة "5/ 196".

قوّة إلّا بالله، منَّ الله عليهم سنة خمسمائة بميرة جاءتهم مِن البحر، فتقوَّوْا شيئًا. واستناب فخر المُلْك أبو عليّ بْن عمار عَلَى البلدان ابن عمه، وسلف المقاتلة رزق ستة أشهر. وسار منها إلى دمشق ليمضي إلى بَغْدَاد فأظهر ابن عمه العصيان، ونادى بشعار المصريّين، فبعث فخر المُلْك إلى أصحابه، فأمرهم بالقبض عَليْهِ، ففعلوا بِهِ ذَلِكَ. واستصحب فخر المُلْك معه تُحَفًا ونفائس وجواهر وحُلي غريبة، فأحترمه أمير دمشق وأكرمه، ثمّ سار إلى بغداد، فدخلها في رمضان قاصدًا باب السّلطان، مستنفرًا عَلَى الفرنج، فبالغ السّلطان محمد في احترامه. وكان يوم دخوله مشهودًا. ورتَّب لَهُ الخليفة الرّواتب العظيمة. ثمّ قِدم للسّلطان التّقادم، وحادثه السّلطان في أمر قتال الفرنج، فطلب النّجدة، وضمن الإقامة بكفاية العساكر، فأجابه السّلطان. وقدّم للخليفة أيضًا، وحضر دار الخلافة وخُلع عَليْهِ. وجرّد السّلطان معه عسكرًا لم يُغْنِ شيئًا1. دخول فخر المُلْك جبلة: ثمّ وصل إلى دمشق في المحرَّم سنة اثنتين، وتوجّه بعسكر دمشق إلى جَبَلَة، وأطاعه أهلها2. القبض عَلَى جماعة ابن عمّار: وأمّا أهل طرابُلُس فراسلوا المصريّين يلتمسون واليا وميرَة في البحر، فجاءهم شرف الدّولة ومعه الميرة الكثيرة، فلمّا دخلها قبض عَلَى جماعة مِن أقارب ابن عمّار، وأخذ نعمهم وذخائرهم، وحمل الجميع إلى مصر في البحر3. إظهار السّلطان العدل ببغداد: وفي شَعْبان أطلق السّلطان الضّرائب والمُكُوس ببغداد، وكثُر الدّعاء لَهُ، وشرط عَلَى وزير الخليفة العدل وحُسْن السيرة، وأن لَا يستعمل أهل الذّمّة، وعاد إلى إصبهان بعد إقامة نحو السّتّة أشهر، فأحسن فيها ما شاء. وكتب في يوم أربعمائة

_ 1 الكامل في التاريخ "20/ 452، 453"، والبداية والنهاية "12/ 169". 2 الكامل في التاريخ "10/ 454"، ونهاية الأرب "28/ 267". 3 الكامل في التاريخ "10/ 454"، وأخبار مصر لابن ميسر "2/ 43".

فقير. ومضى يومًا إلى مشهد أَبِي حنيفة، فانفرد وغلّق عَليْهِ الأبواب يصلّي ويتعبَّد، وكفّ غلمانه عَنْ ظُلْم الرّعيّة، وبالغ في ذَلِكَ1. بِناء حصن عند صور: وفيها حاصر بغدوين ملك الفرنج صور، وبنى تلقاءها حصنًا، وضيّق عليهم، فبذل لَهُ متولّيها سبعة آلاف دينار، فرحل عنها2. منازلة الفرنج صيدًا: ونازل صيدًا ونصب عليها البُرج الخشب، وقاتَلَها في المراكب. وجاء أصطول ديار مصر ليكشف عَنْهَا، فقاتلهم أصطول الفرنج، وظهر المسلمون، وبلغ الفرنج مسيرُ عسكر دمشق نجدةً لأهل صيدا، فتركوها ورحلوا عَنْهَا3. أسْر صاحب طبريّة: وأغار أمير دمشق طُغتِكِين عَلَى طبريّة، فخرج ملكها جرْفاس -لعنة الله- فالتقوا، فقُتل خلْق مِن عسكره وأُسِر هُوَ، وفرح المسلمون4.

_ 1 المنتظم "9/ 155، 156"، وذيل تاريخ دمشق "162"، والكامل في التاريخ "10/ 454". 2 الكامل في التاريخ "10/ 455"، ودول الإسلام "2/ 30". 3 ذيل تاريخ دمشق "162"، والكامل في التاريخ "10/ 456". 4 ذيل تاريخ دمشق "161، 162"، ودول الإسلام "2/ 30".

أحداث سنة اثنتين وخمسمائة

أحداث سنة اثنتين وخمسمائة حصار مودود المَوْصِل: كَانَ السّلطان قد بعث الأمير مودود إلى المَوْصِل فحاصرها مدّة، وانتزعها مِن يد جاولي سقاووا. وكان جاولي قد سار في سنة خمسمائة في المحرَّم منها، قد بعثه السّلطان محمد إلى المَوْصِل والأعمال الّتي بيد جكرمِش، وكان جاولي سقاووا قبل هذا قد استولى عَلَى البلاد الّتي بخوزستان وفارس، فأقام بها سنتين، وعمَّر قلاعها، وظلم وعَسف، وقطع، وشنق، ثمّ خاف جاولي مِن السّلطان، فبعث إليه السّلطان

الأمير مودود، فتحصّن جاولي، وحصره مودود ثمانية أشهر، ثمّ نزل بالأمان ووصل إلى السّلطان فأكرمه، وأمره بالمسير لغزو الفرنج، واقطعه المَوْصِل ونواحيها1. الحرب بين جاولي وجكرمش: وكان جكرمش لما عاد مِن عند السّلطان قد التزم بحمل المال وبالخدمة، فلما حصل ببلاده لم يف بما قَالَ، فسار جاولي إلى بغداد ثمّ إلى المَوْصِل، ونهب في طريقه البواريج بعد أن أمّن أهلها، ثمّ قصد إربل، فتجمّع جكرمش في ألْفَين، وكان جاولي في ألف، فحمل جاولي عَلَى قلب جكرمش فانهزم مِن فيه، وبقي جكرمش وحده لَا يقدر عَلَى الهزيمة، فعالج بِهِ فأسروه. ونازل جاولي المَوْصِل فحاصرها وبها زنكي بْن جكرمش، ومات جكرمش أمام الحصار عَنْ نحو ستين سنة2. تملك قلج أرسلان المَوْصِل: وأرسل غلمان جكرمش إلى الأمير صَدَقة بْن مَزْيَد وإلى قسيم الدّولة البُرْسُقيّ وإلى صاحب الرّوم قلج أرسلان قُتُلْمِش يستدعون كُلًا منهم ليكشف عَنْهُم، ويسلّمون إِليْهِ المَوْصِل. فبادر قلج أرسلان، وخاف جاولي فترحَّل. وأمّا البُرْسُقيّ شِحنة بغداد فسار فنزل تجاه الموصل بعد رحيل جاولي بيوم، فما نزلوا إِليْهِ، فغضب ورجع، وتملّكها قلج أرسلان، وحلفوا لَهُ في رجب. وأسقط خطبة السّلطان محمد، وتألّف النّاس بالعدل وقال: مِن سعى إلى في أحدٍ قتلتُه3. منازلة جاولي الرحبة: وأمّا جاولي فنازل الرَّحْبة يحاصرها، ثمّ افتتحها بمخامرة وأنْهبها إلى الظُّهْر. وسار في خدمته صاحبها محمد بن سباق الشيباني4.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 457-459"، والعبر "4/ 3". 2 الكامل في التاريخ "10/ 457، 458"، وتاريخ مختصر الدول "198". 3 الكامل في التاريخ "10/ 426، 427". 4 الكامل في التاريخ "10/ 429".

غرق قلج بالخابور: ثمّ سار قلج أرسلان ليحارب جاولي، فالتقوا في ذي القِعْدة فحمل قلج أرسلان بنفسه، وضرب يد صاحب العِلْم فأبانها، ووصل إلى جاولي فضربه بالسّيف. فقطع الكُزَاغَنْد1 فقط. وحمل أصحاب جاولي عَلَى الآخرين فهزموهم فعلم قلج أرسلان أنّه مأسور، فألقى نفسه في الخابور، وحمى نفسه مِن أصحاب جاولي، فدخل بِهِ فَرَسُه في ماءٍ غميق، فغرق، وظهر بعد أيّام، فدُفن ببعض قرى الخابور2. تملُّك جاولي المَوْصِل: وساق جاولي إلى المَوْصِل، ففتح أهلها لَهُ وتملكها، وكثُر رجاله وأمواله، ولم يحمل شيئًا مِن الأموال إلى السّلطان. فلمّا قِدم السّلطان بغداد لحرب صَدَقة جهّز عسكرًا لحرب جاولي، وتحصّن هُوَ بالموصل وعَسَف وظَلَم، وأهلك الرعيّة3. دخول مودود المَوْصِل: ونازل العسكر المَوْصِل في رمضان سنة إحدى وخمسمائة وافتتحوه بمعاملة مِن بعض أهله، ودخلها الأمير مودود، وأمن النّاس، وعَصَت زَوْجَة جاولي بالقلعة ثمانية أيّام، ثمّ نزلت بأموالها4. أخذ جاولي بالِس: وأمّا جاولي فإنّه كَانَ في عسكره بنواحي نَصِيبّين. وجَرَت لَهُ أمور طويلة، وأخذ بالِس وغيرها، وفتك ونهب المسلمين5. وقعة جاولي وصاحب أنطاكية: ثمّ فارقه الأمير زنكي بْن أقسُنْقُر، وبكتاش النّهاونْديّ، وبقي في ألف فارس،

_ 1 الكزاغند: كلمة فارسية وهو المعطف القصير يلبس فوق الزردية. 2 الكامل في التاريخ "10/ 429، 430"، والعبر "4/ 3". 3 الكامل في التاريخ "10/ 457، 458"، وتاريخ الزمان "130"، والعبر "4/ 3". 4 الكامل في التاريخ "10/ 458"، 459"، وتاريخ مختصر الدول "199". 5 الكامل في التاريخ "10/ 459".

فخرج لحربه صاحب أنطاكية تنكري في ألف وخمسمائة مِن الفرنج، وستّمائة مِن عسكر حلب، فانهزم جاولي لمّا رَأَى تقلّل عسكره، وسار نحو الرحْبة، وقُتِل خلْقٌ مِن الفريقين1. صفْح السّلطان عن جاولي: ثمّ سار جاولي إلى باب السّلطان، وهو بقرب إصبهان، فدخل وكَفَنُه تحت إبْطه، فعفا عَنْهُ. وكان السّلطان محمد كثير الحلم والصَّفْح2. غزوة طغتكين إلى طبرية: وفيها سار طُغتِكين متولّي دمشق غازيا إلى طبرية، فالتقى هُوَ وابن أخت صاحب القدس بغدوين. وكان المسلمون ألفي فارس سوى الرَّجّالة، وكانت الفرنج أربعمائة فارس وألفَيْ راجل. فأشتدّ القتال، وانهزم المسلمون فترجّل طُغتِكين، فتشجَّع العسكر وتراجعوا، وأسروا ابن أخت بغدوين، ورجعوا منصورين. وبذل في نفسه ثلاثين ألف دينار3، وإطلاق خمسمائة أسير فلم يقنع منه طُغتِكين بغير الإسلام، ثم ذبحه بيده، وبعث بالأسرى إلى بغداد4. مهادنة طُغتِكين وبغدوين: ثم تهادن طُغتِكين وبغدوين عَلَى وضع الحرب أربع سنين. أخذ الفرنج عرقة: ثمّ سار طُغتِكين لتسلُّم حصن عرقة، أطلقه لَهُ ابن عمّار لعَجْزه عَنْ حِفْظه، فقصده السّرْدانيّ بالفرنج، فتقهقر عسكر طُغتِكين ووصلوا إلى حمص كالمنهزمين، وأخذ السّرْدانيّ عرقة بالأمان من غير كلفة5.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 464، 465"، وتاريخ الزمان "131". 2 الكامل في التاريخ "10/ 466". 3 تاريخ الزمان "131". 4 الكامل في التاريخ "10/ 467". 5 الكامل في التاريخ "10/ 467، 468"، والعبر "4/ 3".

وزارة ابن جَهير: وفيها عُزِل الخليفة هبة الله بْن المطّلب بأبي القاسم عليّ بْن أَبِي نصر بْن جَهير1. زواج المستظهر بالله: وفيها تزوَّج المستظهر بالله بأخت السّلطان محمد عَلَى مائة ألف دينار، وعقد العقْد القاضي أبو العلاء صاعد بْن محمد النَّيْسابوريّ الحنفيّ، وقبل العقد ابن نظام المُلْك، وذلك بإصبهان2. شحنة بغداد: وفيها وُلّي شِحْنكيّة بغداد مجاهد الدّين بهروز3. مقتل قاضي إصبهان: وفيها قتلت الباطنّية قاضي إصبهان عُبَيْد الله بْن عليّ الخطيبيّ بَهَمَذَان، وكان يحرّض عليهم، وصار يلبس دِرْعًا تحت ثيابه حَذَرًا منهم. قتله أعجميّ يوم الجمعة في صَفَر4. مقتل قاضي نَيْسابور: وقتلوا يوم الفِطْر أبا العلاء صاعد بْن محمد قاضي نَيْسابور وقُتِل قاتله، واستشهد كهلًا5. أخذ الفرنج قافلة مِن دمشق: وفيها تجمّع قَفْلٌ كبير، وسار مِن دمشق طالبين مصر، فأخذتهم الفرنج6.

_ 1 المنتظم "9/ 159"، والكامل في التاريخ "10/ 470، 471". 2 المنتظم "9/ 159"، والكامل في التاريخ "10/ 471"، والبداية والنهاية "12/ 170". 3 الكامل في التاريخ "10/ 471". 4 الكامل في التاريخ "10/ 471"، والعبر "4/ 4". 5 الكامل في التاريخ "10/ 472"، وشذرات الذهب "4/ 4". 6 الكامل في التاريخ "10/ 472".

قتل الباطنية بشيزر: وفيها ثار جماعة مِن الباطنية لعنهم الله في شيزر عَلَى حين غَفْلةٍ مِن أهلها، فملكوها وأغلقوا الباب، وملكوا القلعة، وكان أصحابها أولاد مُنْقذ قد نزلوا يتفرّجون عَلَى عيد النَّصارى، فبادر أهل شيزر إلى الباشورة، فأصعدهم النّساء في حبالٍ مِن طاقات، ثمّ صعِد أمراء الحصْن، واقتتلوا بالسّكاكين، فخُذِل الباطنيّة في الوقت، وأَخَذَتْهُم السُّيوف، وكانوا مائةً، فلم ينْجُ منهم أحد1. مقتل الروياني شيخ الشافعية: وفيها قتلت الباطنيّة شيخ الشّافعية أبا المحاسن عَبْد الواحد الرّويانيّ2. أخْذُ طرابلس: وفيها عَلَى ما ذكر أبو يَعْلَى حمزة أخذت طرابلس.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 472"، ودول الإسلام "2/ 31"، والعبر "4/ 4". 2 المنتظم "9/ 160"، وشذرات الذهب "4/ 4".

أحداث سنة ثلاث وخمسمائة

أحداث سنة ثلاث وخمسمائة: سقوط طرابُلُس بيد الفرنج: قَالَ ابن الأثير1: في حادي عشر ذي الحجّة تملّك الفرنج طرابُلُس، وكانت قد صارت في حكم صاحب مصر مِن سنتين، وبها نائبه، والمدَدُ يأتي إليها، فلمّا كَانَ في شَعْبان وصل أصطول كبير مِن الفرنج في البحر، عليهم رَيْمُنْد بْن صَنْجِيل، ومراكبه مشحونة بالرجال والمِيرة، فنزل عَلَى طرابُلُس مَعَ السّرْدانيّ ابن أخت صَنْجيل الّذي قام بعد موت صَنْجيل، وهو مُنَازِلٌ لها، فوقع بينهما خُلْفٌ وقتال، فجاء تَنْكرِي صاحب أنطاكية نجدةً للسّرْداني، وجاء بغدوين صاحب القدس، فأصلح بينهما، ونزلوا جميعهم عَلَى طرابُلُس، وجدُّوا في الحصار في أوّل رمضان، وعملوا أبراجًا وألْصَقوها بالسّور، فخارت قِوى أهلها وذلّوا، وزادهم ضعفًا تأخّر الأصطول المصريّ بالنَّجدة والمِيرة، وزحفت الفرنج عليها، فأخذوها عنوة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 475، 476".

ونجا واليها وجماعة مِن الْجُنْد التمسوا الأمان قبل فتْحها، فوصلوا إلى دمشق1. أخذ بانياس: وسار تنْكري إلى بانياس فأخذها بالأمان2. أخذ جبلة: ونزل بعض الفرنج عَلَى جبلة وبها فخر المُلْك بْن عمّار الَّذِي كَانَ صاحب طرابُلُس، فحاصروها أيّامًا، وسلّمت بالأمان لقلّة الأقوات بها، وقصد ابن عمّار شَيْزَر، فأكرمهُ سلطان بْن عليّ بْن منقذ الكنانيّ، فاحترمه وسأله أن يقيم عنده، فسار إلى دمشق فأكرمه طُغتِكين وأقطعه الزَّبَدانيّ3. وذكر سِبط الْجَوزيّ4: أخْذ طرابُلُس في سنة اثنتين، وذكر الخلاف فيه. محاصرة حصن الألموت: وفيها سار وزير السّلطان محمد، وهو أحمد بْن نظام المُلْك فحاصر الألَمُوت، وبها الحَسَن بْن الصّبّاح، ثمّ رَحَل عَنْهَا لشدّة البرد5. إقامة السّلطان ببغداد: وفي ربيع الآخر قدم السلطان بغداد، فأقام بها أشهرًا6. جرح الباطنية ابن نظام المُلْك: وفي شَعْبان ظفر باطنيّ عَلَى الوزير ابن نظام المُلْك فجرحه، فتعلّل أيّامًا وعوفي،

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "163"، والكامل في التاريخ "10/ 475، 476"، والبداية والنهاية "12/ 171"، وشذرات الذهب "4/ 6". 2 ذيل تاريخ دمشق "163، 164"، والكامل في التاريخ "10/ 476"، والعبر "4/ 6". 3 البداية والنهاية "12/ 171"، والنجوم الزاهرة "5/ 180"، وتاريخ طرابلس "1/ 457". 4 في مرآة الزمان "ج8 ق1/ 27". 5 الكامل في التاريخ "10/ 477، 478"، ونهاية الأرب "26/ 369". 6 المنتظم "9/ 163".

وسُقِيَ الباطنيّ خمرًا وقُرّرَ، فأقّر جماعة بمسجد المأمونيّة، فأُخذوا وقُتِلوا1. موت صاحب آمد: وفيها مات إبراهيم بْن ينال صاحب آمد، وكان ظَلُومًا غَشومًا، نزح كثيرًا مِن أهل آمِد عَنْهَا لجوره. وتملك بعده ابنه2. تعويق محمد بْن ملكشاه عَنِ الغزو: وفيها عزم محمد بْن ملكشاه عَلَى غزو الفرنج، وتهيأ. ثمّ عرضت لَهُ عوائق3. أخْذُ الفرنج طرسوس وحصن شَيْزر: وفيها أخذ تَنْكري صاحب أنطاكيّة طَرَسُوس، وقرَّر عَلَى شَيْزر ضريبة في السنّة وهي عشرة آلاف دينار. وتسلم الحصن4.

_ 1 المنتظم "9/ 163"، والبداية والنهاية "12/ 171". 2 ذيل تاريخ دمشق "167"، والكامل في التاريخ "10/ 478". 3 ذيل تاريخ دمشق "165". 4 ذيل تاريخ دمشق "167"، والعبر "4/ 6"، ومرآة الجنان "3/ 173".

أحداث سنة أربع وخمسمائة

أحداث سنة أربع وخمسمائة: سقوط بيروت: نزل بغدوين وابن صَنْجيل عَلَى بيروت، وجاءت الفرنج الْجَنَويّة في أربعين مركبًا، وأحاطوا بها، ثمّ أخذوها بالسّيف1. سقوط صيدا: ثمّ نازلوا صيدا في ثالث ربيع الآخر، فأخذوها في نيّفٍ وأربعين يومًا، وأمنّوا أهلها، فتحوّل خلْقٌ مِن أهلها إلى دمشق، وأقام أكثر النّاس رعية للفرنج، وقُرّر عليهم في السنة قطيعة عشرين ألف دينار2.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 475"، والعبر "4/ 7"، وتاريخ طرابلس "1/ 458، 459". 2 ذيل تاريخ دمشق "171"، والبداية والنهاية "12/ 172".

عصيان نائب عسقلان: وكان نائبُ بعسقلان شمس الخلافة، فراسل بغدوين صاحب القدس وهادنه وهاداه، وخرج عَنْ طاعة صاحب مصر، فتحيّلوا للقبض عَليْهِ فعجزوا. ثمّ إنّه أخرج الّذي عنده مِن عسكر مصر خوفًا منهم، وأحضر جماعة مِن الأرمن واستخدمهم، فمقته أهل عسقلان وقتلوه، ونهبوا داره، فسُرَّ بذلك أمير الجيوش الأفضل، وبعث إليها أميرًا1. أخْذ الفرنج حصني الأثارب وزَرْدَنا: وفيها نازل صاحب أنطاكيّة حصن الأثارب، وهو عَلَى بريدٍ مِن حلب، فأخذوه عنْوةً2، وقتل ألفَيْ رجلٍ، وأسر الباقين3. ثمّ نازل حصن زَرْدَنا، وأخذه بالسّيف. وجَفَل أهل مَنْبِج، وأهل بالِسَ، فقصدت الفرنج البلدين، فلم يروا بها أنيسًا4. تعاظم البلاء: وعظُم بلاء المسلمين، وبلغت القلوب الحَنَاجر، وأيقنوا باستيلاء الفرنج عَلَى سائر الشّام، وطلبوا الهدنة، فامتنعت الفرنج إلّا عَلَى قطيعة يأخذونها. فصالحهم المُلْك رضوان السَّلْجوقي صاحب حلب عَلَى اثنتين وثلاثين ألف دينار، وغيرها مِن الخيل والثّياب، وصالحهم أمير صور عَلَى شيء، وكذا صاحب شَيْزر، وكذا صاحب حماه عليّ الكُرَديّ، صالحهم هذا عَلَى ألفَيْ دينار، وكانت حماه صغيرة جدّا5. ثورة الناس ببغداد: وسار طائفة مِن الشّام إلى بغداد يستنفرون النّاس، واجتمع عليهم خلْق مِن الفُقهاء والمطّوّعة، واستغاثوا وكسروا منبر جامع السّلطان، فوعدهم السلطان بالجهاد.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 480، 481"، ودول الإسلام "2/ 32". 2 العبر "4/ 7". 3 الكامل في التاريخ "10/ 481"، والعبر "4/ 7". 4 الكامل في التاريخ "10/ 482"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 224". 5 الكامل في التاريخ "10/ 482"، ونهاية الأرب "28/ 269، 270".

ثمّ كثُروا وفعلوا أبلغ مِن ذَلِكَ بكثير مِن جامع القصر، وكثُر الضّجيج، وبَطَلت الجمعة، فأخذ السّلطان في أُهبة الجهاد1. وزارة المَيْبذي: وفيها عُزِل وزير السّلطان محمد نظام المُلْك بْن أحمد بْن نظام المُلْك ووَزَر الخطير محمد بْن حسين الميَبْذيّ2. زواج الخليفة ببنت السّلطان: وفي رمضان دخل الخليفة ببنت السّلطان ملكشاه، وزُيّنت بغداد وعُمِلت القِباب، وكان وقْتًا مشهودًا3. الريح السوداء بمصر: وفيها هبّت بمصر ريح سوداء مظلمة أخذت بالأنفاس، حتّى لَا يبصر الرجل يده، ونزل عَلَى النّاس رمل، وأيقنوا بالهلاك. ثمّ تجليّ قليلًا وعاد إلى الصفرة. وكان ذلك من العصر إلى بعد المغرب4. مهادنة طغتكين بغدوين: وفيها غدر بغدوين ونازل طبريّة، وبرز طُغتِكين إلى رأس الماء، ثمّ وقعت هدنة5. وفيها حَيْفٌ عَلَى المسلمين وإذلال، ولم ينجدهم لَا جيش الشّرق ولا جيش مصر، واستنصرت الفرنج بالشّام.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 172". 2 الكامل في التاريخ "10/ 483". 3 البداية والنهاية "12/ 172". 4 الكامل في التاريخ "10/ 484". 5 دول الإسلام "2/ 33".

أحداث سنة خمس وخمسمائة

أحداث سنة خمس وخمسمائة: محاصرة المسلمين الرُّها: وفيها سارت عساكر العراق والجزيرة لقتال الفرنج، فحاصروا الرُّها، ولم يقدروا عليها، واجتمعت جموع الفرنج، فلم يكن وقعة1. مسير المسلمين إلى الشام: ثمّ سار المسلمون وقطعوا الفرات إلى الشّام ونازلوا تلّ باشِر خمسة وأربعين يومًا، ورحلوا فجاءوا إلى حلب، فأغلق في وجوههم صاحبها رضوان بابها، ومات مقدّمهم سُقْمان القُطبيّ، واختلفوا ورجعوا، وما فعلوا شيئًا، إلّا أنّهم أطمعوا في المسلمين عساكر الفرنج2. حصار صور: فتجمّعت الملاعين، وساروا مَعَ بغدوين فحاصروا صور3. قَالَ ابن الأثير: عملوا عليها ثلاثة أبراج خشب، عُلوّ البرج سبعون ذراعًا، وفيه ألف رَجُل؛ فألصقوها بالسّور4. وكان نائب المصريّين بها عزّ المُلْك، فأخذ المسلمون حِزَم حطب، وكشفت الحُماة بين أيديهم إلى أن وصلوا إلى البرج، فألقوا الحطب حوله، وأوقدوا النّار فيه، واشغلوا الفرنج عَنِ النّزول مِن البرج بالنُّشّاب، وطرشوهم بجرار ملأى عُذْرَةً في وجوههم، فخبلوهم، وتمكّنت النّار، فهلك مِن في البرج إلّا القليل. ثمّ رموا البرجين الآخرين بالنّفْط فاحترقا. وطلبوا النّجدة مِن صاحب دمشق، فسار إلى ناحية بانياس، واشتدّ الحصار5. قلت: وجرت فصول طويلة.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 485، 486". 2 الكامل في التاريخ "10/ 486"، والعبر "4/ 9". 3 الكامل في التاريخ "10/ 488"، والبداية والنهاية "12/ 173". 4 في الكامل في التاريخ "10/ 488". 5 ذيل تاريخ دمشق "178-180"، والبداية والنهاية "12/ 173".

غارات طُغتِكين: وكان تِلْكَ الأيّام يغير طُغتِكين عَلَى الفرنج وينال منهم؛ وأخذ لهم حصنًا في السّواد، وقتل أهله. وما أمكنه مناجزة الفرنج لكثرتهم1. إحراق المراكب بصيدا: ثمّ جمع وسار إلى صور، فخندقوا عَلَى نفوسهم ولم يخرجوا إليه، فسار إلى صيدا وأغار عَلَى ضياعها، وأحرق نحو عشرين مركبًا عَلَى السّاحل2. وبقي الحصار عَلَى صور مدة، وقاتل أهلها قتال مِن آيس مِن الحياة، فدام القتال إلى المُغَلّ، فخافت الفرنج أن يستولي طُغتِكين على غلات بلادهم، وبَذَل لهم أهل صور مالًا ورحلوا عَنْهَا3. الملحمة بالأندلس: وفيها كانت ملحمة كبيرة بالأندلس بين عليّ بْن يوسف بْن تاشفين وبين الأَذْفُونش لعنه الله، نُصر فيها المسلمون، وقتلوا وأسروا وغنموا ما لَا يعبَّر عَنْهُ. فخاف الفرنج منها، وامتنعوا مِن قصد بلاد ابن تاشفين، وذل الأذفونش حينئذٍ وخاف فإنّها وقعة عظيمة أبادت شجعان الفرنج4. وانصرف ابن الأذْفُونش حينئذٍ جريحًا، فهلك في الطّريق. وكان أَبُوهُ قد شاخ وارتعش.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 490". 2 الكامل في التاريخ "10/ 490"، والنجوم الزاهرة "5/ 181". 3 البداية والنهاية "12/ 173". 4 الكامل في التاريخ "10/ 490، 491"، والعبر "4/ 9".

أحداث سنة ست وخمسمائة

أحداث سنة ست وخمسمائة أحداث سنة ست وخمسمائة ... أحداث سنة ست وخمسمائة: موت بسيل الأرمني: فيها مات المُلْك بسيل الأرمنيّ صاحب الدّروب، فسار تَنْكري صاحب أنطاكية الفرنجيّ ليملكها فمرض، فعاد ومات بعد أيّام. وتملّك أنطاكية بعده سَرْخالة ابن أخته1. موت قراجا صاحب حمص: وفيها مات قراجا صاحب حمص، وقام بعده ولده قرجان. وكلاهما ظالم2. قدوم القادة للجهاد في الإفرنج: وفي أواخر السّنة، خاض الفرات صاحبُ المَوْصِل مودود بْن الْتُون تكِين، وصاحب سنجار تميرك، والأمير إياز بْن إيلغازي بنية الجهاد، فتلقّاهم صاحب دمشق طُغتِكين إلى سلمية، وكان كثير المودة بمودود3. وكانت الفرنج قد تابعت الغارات عَلَى حَوْران، وغلت الأسعار بدمشق، فاستنجد طُغتِكين بصديقه مودود، فبادر إليه، فاتّفق عَلَى قصْد بغدوين صاحب القدس، فساروا حتّى صاروا إلى الأردنّ، ونزل بغدوين على الصنبرة وبينهما الشريعة4.

_ 1 الكامل "10/ 493"، ودول الإسلام "2/ 34". 2 الكامل في التاريخ "10/ 493"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 226". 3 ذيل تاريخ دمشق "178". 4 الكامل في التاريخ "10/ 495، 496".

أحداث سنة سبع وخمسمائة

أحداث سنة سبع وخمسمائة: موقعة المسلمين والفرنج عند الشريعة: في ثالث عشر المحرَّم التقى عسكر دمشق الجزيرة وعسكر الفرنج بقرب طبريّة، وصبر الفريقان، واشتدّ الحرب، وكانت وقعة مشهورة، ثمّ انكسرت الفرنج ووضع المسلمون فيهم السّيف، وأسروا خلقًا، وأُسِر ملكهم بغدوين، لكن لم يُعرف، فأخذ الَّذِي أسره سلاحه وأطلقه، فنجا جريحًا، ثمّ مات بعد أشْهُر. وغرق منهم في الشّريعة طائفة. وغنم المسلمون الغنيمة1. ثم جاء عسكر أنطاكية وعسكر طرابلس، فقويت نفوس المنهزمين وعاودوا

_ 1 البداية والنهاية "12/ 175، 176".

الحرب، فثبت لهم المسلمون فانحاز الملاعين إلى جَبَل، ورابط المسلمون بإزائهم يرمونهم بالنُّشّاب، فأقاموا كذلك ستّةً وعشرين يومًا1، وهذا شيء لم يُسمع بمثاله قطّ، وعُدِموا الأقوات. ثمّ سار المسلمون إلى بَيْسان، فنهبوا بلاد الفرنج وضياعهم مِن القدس إلى عكّا، ورجعوا فنزلوا بمرج الصفر، وسافرت عساكر المَوْصِل2. اغتيال مودود صاحب المَوْصِل: ودخل مودود في خواصّه دمشق، وأقام عند صاحبه طُغتِكين، وأمر عساكره بالبحر في الربيع ونزل هُوَ وطغتكين يوم الجمعة في ربيع الأول للصلاة، ومشى ويده في يد طغتكين في صحن الجامع، فوثب عَلَى مودود باطنيّ جرحه في مواضع، وقُتِل الباطنيّ وأُحرق3. قَالَ أبو يَعْلَى حمزة4: ولمّا قُضَيت الجمعة تنفّل بعدها مودود، وعاد هُوَ والأتابك وحولهما مِن الأتراك والدَّيلم والأحداث بأنواع السّلاح مِن الصّوارم والصّمصامات والخناجر المجرَّدة ما شاكل الأَجَمَة المشتبكة، فلمّا حصلا في صحن الجامع وثب رجلٌ لَا يُؤبَه لَهُ، فقرب مِن مودود كأنّه يدعو لَهُ ويتصدَّق عَليْهِ، فقبض ببند قبائه، وضربه بخنجر أسفل سُرَّته ضربتين، هذا والسّيوف تنزل عَليْهِ. ومات مودود ليومه صائمًا. وكان فيه عدل وخير. فقيل: إنّ الإسماعيلية قتلته. وقيل: بل خافه طُغتِكين، فجهز عَليْهِ الباطني، وذلك بعيد. قَالَ ابن الأثير5: حدَّثني والدي -رحمه الله- أنّ ملك الفرنج كتب إلى طُغتِكين كتابًا فيه: وإنّ أمّة قتلت عميدها، يوم عيدها، في بيت معبودها، لحقيق على الله أن يبيدها.

_ 1 التاريخ الباهر "19"، والعبر "4/ 12"، وعيون التواريخ "12/ 21". 2 الكامل "10/ 495، 496"، والعبر "4/ 12". 3 البداية والنهاية "12/ 173"، وشذرات الذهب "4/ 20، 21". 4 في ذيل تاريخ دمشق "187". 5 في الكامل في التاريخ "10/ 497"، والتاريخ الباهر "19".

ودُفن مودود في تربة دُقَاق بخانكاه الطّواويس، ثمّ حُمِل بعد ذَلِكَ إلى بغداد، فدُفن في جوار الإمام أَبِي حنيفة، ثمّ نُقل إلى أصبهان1. وتسلّم صاحب سنجار حواصله وحملها إلى السلطان محمد، فأقطع السّلطان المَوْصِل والجزيرة لأقْسُنْقُر البُرْسُقيّ، وأمره أن يتوافق هُوَ والأمير عماد الدين زنكي ابن أقسُنْقُر، ويتشاوروا في المصلحة لنهضته وشهامته. نقل المصحف العثماني إلى دمشق: وكان بطبريّة مُصْحَف. قَالَ أبو يَعْلَى القلانسيّ2: كَانَ قد أرسله عثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- إلى طبريّة، فحمله أتابك طُغتِكين منها إلى جامع دمشق. وفاة الوزير ابن جَهير: وفيها مات الوزير أبو القاسم عليّ بْن جَهير، ووليّ وزارة الخليفة بعده ربيب الدّين أبو منصور الحسين بْن الوزير أَبِي شجاع3. وفاة المُلْك رضوان: وفيها توفي الملك رضوان صاحب حلب، وولي بعده ألب أرسلان الأخرس فقتل أخوين لَهُ مباركشاه وملكشاه، وقتل رأس الباطنيّة أبا طاهر الصّائغ في جماعة مِن أعيانهم، فرحلوا عَنْ حلب، وكان لهم بها مَنْعة وشوكة قويّة. وكان رضوان قد عمل لهم دار دعوة بحلب لقلّة دينه، وكان ظالمًا فاتكًا يقرّب الباطنيّة، ويستعين بهم، وقتل أخَويه بهرام، وأبا طَالِب، وكان غير محمود السّيرة4. ثورة الباطنية بشيزر: وفيها، ذكر سِبط الجوزي ثورة5 الباطنيّة بشَيْزَر، وقد مرّ لنا ذَلِكَ قبل هذه السّنة6.

_ 1 الكامل "10/ 497". 2 في ذيل تاريخ دمشق "187". 3 المنتظم "9/ 175"، والكامل "10/ 498". 4 الكامل في التاريخ "10/ 499"، والعبر "4/ 13"، والنجوم الزاهرة "5/ 205". 5 في مرآة الزمان "8 ق1/ 45". 6 اتعاظ الحنفا "3/ 52".

مهادنة بغدوين أهل صور: وفيها هادن بغدوين أهل صور، وأَتَتْهم النجدة والإقامات مِن مصر في البحر.

أحداث سنة ثمان وخمسمائة

أحداث سنة ثمان وخمسمائة: خروج البُرْسُقيّ لحرب الفرنج: في أوّلها قدم أقْسُنْقُر البُرْسُقيّ عَلَى مملكة المَوْصِل، وسيَّر معه السّلطان محمد ولده مسعودًا في جيشٍ كبير لحرب الفرنج. فنازل البُرْسُقيّ الرُّها في خمسة عشر ألف راكب، فحاصرها شهرين، ثمّ رحل لقلة الميرة، وعاد إلى شحنان، فقبض عَلَى إياز بْن إيلغازي، ونهب أعمال ماردِين1. ثمّ تسلَّم حصن مَرْعَش مِن الفرنج صُلْحًا. حرب صاحب ماردين والبرسقي: وأمّا صاحب ماردين فغضب لخراب بلاده ولأسْر ولده، فنزل وحشد، ونزل معه ابن أخيه صاحب حصن كيفا رُكْن الدّولة دَاوُد بْن سُقْمان، فالتقى هُوَ والبُرْسُقيّ في أواخر السّنة، فانهزم البُرْسُقيّ وخلص أياز، ولكن خاف إيلغاز مِن السّلطان، فسار إلى دمشق، وكان صاحبها خائفًا مِن السّلطان أيضًا لأنّه نسب قتْل مودود صاحب المَوْصِل إليه، فاتّفقا عَلَى الامتناع والاعتضاد بالفرنج، فأجابهما إلى المعاوية صاحب أنطاكيّة وجاء، فاجتمعوا بِهِ عَلَى بُحَيْرة حمص، وتحالفوا وافترقوا2. أسر إيلغازي وإطلاقه: وسار إيلغازي إلى ديار بَكْر، فنزل بالرَّسْتَن ليستريح، وشرب فسكر، فتبعه صاحب حمص، فأسره ودخل بِهِ حمص، ثمّ طلب أن يصاهره ويُطْلقه، ويأخذ ولده إياز رهينة، فأطلقه خوفًا من طغتكين3.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 501"، والإعلام والتبيين "23". 2 الكامل في التاريخ "10/ 502، 503". 3 ذيل تاريخ دمشق "191"، والكامل في التاريخ "10/ 503".

وفاة سلطان الهند: وفيها مات سلطان الهند وغزنة علاء الدّولة مسعود1، وجرت بعده أمور سُقْتُها في ترجمته. الزلزلة بالجزيرة والشام: وفيها جاءت زلزلة مهولة بالجزيرة والشّام، هلك خلْق كثير تحت الهدْم2. وفاة الشريف بدمشق: وفيها مات الشّريف النّسيب بدمشق3. مقتل صاحب حلب: وفيها قُتل صاحب تاج الدّولة ألْب أرسلان بْن المُلْك رضوان بْن تُتُش، قتله غلمانه. وكان المستولي عَليْهِ الخادم لؤلؤ. وملّكوا بعده سلطان شاه أخاه بإشارة الخادم4. هلاك بغدوين: وفيها هلك بغدوين الفرنجيّ صاحب القدس مِن جراحة، أصابته في مصافّ طبرية5. موت صاحب مَرَاغة: وفيها مات الأمير أحمديل صاحب مراغة، وكان شجاعًا جوادًا، إقطاعه تغل في

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 504"، ودول الإسلام "2/ 36". 2 المنتظم "19/ 180، 181"، والبداية والنهاية "1/ 178". 3 هو: أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس بن الحسن الحسيني. الكامل في التاريخ "10/ 508"، والنجوم الزاهرة "5/ 208". 4 ذيل تاريخ دمشق "191"، والبداية والنهاية "12/ 178". 5 العبر "4/ 15"، والنجوم الزاهرة "5/ 308".

العام أربعمائة ألف دينار، وعسكره خمسة آلاف دينار. وثب عَليْهِ ثلاثة مِن الباطنية، فقتلوه وقُتِل1. بل قُتل بعد ذَلِكَ بقليل، وكذا بغدوين تأخر موته2 فيحرر ذلك.

_ 1 العبر "4/ 15"، وشذرات الذهب "4/ 21". 2 إلي ذي الحجة من أواخر سنة 511هـ، كما في: الكامل في التاريخ "10/ 543".

أحداث سنة تسع وخمسمائة

أحداث سنة تسع وخمسمائة: عصيان صاحبي ماردين ودمشق عَلَى السّلطان: لمّا بلغ السّلطان عصيان صاحب ماردين وصاحب دمشق غضب، وبعث الجيوش لحربهما، فساروا وعليهم برسق صاحب همذان في رمضان من السّنة الماضية، وعدّوا الفُرات في آخر العام، فأخذوا حماه عَنْوَةً ونهبوها، وهي لطُغتِكين، فاستعان بالفرنج فأعانوه1. استرجاع كفر طاب مِن الفرنج: وسار عسكر السّلطان وهم خلْقٌ كثير، فأخذوا كَفرَ طاب مِن الفرنج واستباحوها2. خذلان المسلمين أمام الفرنج: ثمّ ساروا إلى المَعَرَّة، فجاء صاحب أنطاكية في خمسمائة فارس وألْفَيْ راجل، فوقع عَلَى أثقال العساكر، وقد تقدّمتهم عَلَى العادة، فنهبوها وقتلوا السّوقيّة والغلمان، وأقلبت العساكر متفرّقة، ولم يشعروا بشيءٍ، فكان الفرنج يقيلون كلّ مِن وصل. وأقبل بُرْسُق مُقَدَّم العساكر في مائة فارس، فرأى الحال، فصعِد تلّا هناك، والتجأ إليه النّاس وعليهم ذُلّ وانكسار، فأشار عَلَى بُرْسُق أخيه بأنّنا ننزل وننجو. فنزل بهم عَلَى حميّة، وساق وراءهم الفرنج نحو فرسخ. ثمّ ردّوا، فتمّموا الغنيمة والأسْر، وأحرقوا كثيرًا مِن النّاس، واشتدّ البلاء، وتبدَّل فرح المسلمين خوفًا وحزنًا،

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 509"، والعبر "4/ 17". 2 البداية والنهاية "12/ 179".

لأنّهم رجوا النَّصر مِن عساكر السّلطان، فجاء ما لم يكن في الحساب، وعادت العساكر بأسوأ حال، نعوذ بالله مِن الخذْلان1. موت بُرْسُق وأخيه: ومات بُرْسُق، وأخوه زنكي بعد سنة2 {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 16] . استرداد رفنية مِن الفرنج: وجالت الفرنج بالشّام، وأخذوا رَفَنية، فساق إليهم طُغتِكين عَلَى غرّة، واستردّ رَفَنيَة، وأسر وقتل3. اجتماع طُغتِكين بالسلطان: ثمّ رَأَى المصلحة أن يتلافى أمر السّلطان، فسار بنفسه إلى بغداد بتقادُم وتُحَف للسّلطان والخليفة، فرأى مِن الإكرام والتّبجيل ما لَا مَزِيد عَليْهِ، وشُرّف بالخِلَع4، وكتب لَهُ السّلطان منشورًا بإمرة الشّام جميعه5. وكان السّلطان هذه السّنة قد قِدم بغداد واجتمع بعه طُغتِكين في ذي القِعْدة6. مصالحة بغدوين والأفضل: قَالَ سِبْط الجوزيّ: وفيها صالح بغدوين صاحب القدس الأفضل متولّي الدّيار المصرية. وكان بغدوين صاحب القدس قد سار إلى السّنجة المعروفة ممّا يلي العريش، فأخذ قافلة عظيمة جاءت مِن مصر، فهادنه الأفضل، وأمِن النّاس قليلًا7.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 510، 511"، والبداية والنهاية "12/ 179". 2 أي سنة 510هـ، كما في الكامل "10/ 511". 3 الكامل في التاريخ "10/ 512"، وذيل تاريخ دمشق "192"، وتاريخ طرابلس "1/ 489". 4 الكامل "10/ 514". 5 البداية والنهاية "12/ 179". 6 المختصر في أخبار البشر "2/ 229". 7 النجوم الزاهرة "5/ 209".

أحداث سنة عشر وخمسمائة

أحداث سنة عشر وخمسمائة: قتل صاحب مَرَاغة: الأصح أنّ أحمدِيَّل صاحب مَرَاغة قُتِل في أوّل سنة عشر ببغداد بدار السّلطان، وكان جالسًا إلى جانب طُغتِكين صاحب دمشق أتاه رَجُلٌ فبكى وبيده قَصّة، وتضرَّع إليه أن يوصلها إلى السّلطان محمد، فأخذها منه، فضربه بسِكّين، فجذبه أحمديل في الحال، وبرك فوقه، فوثب باطنيّ آخر، فضرب أحمديل بسِكّين، فأخذتهما السّيوف. ووثب رفيق لهما والسيوف تنزل عليهما، فضرب أحمديل ضربة أخرى، فَهَبروه أيضًا1. موت جاولي: وفيها مات جاولي الَّذِي كَانَ قد حكم عَلَى المَوْصِل، ثمّ أخذها السّلطان منه، فخرج عَلَى الطّاعة. ثمّ إنّه قصد السّلطان لِعلْمه بحِلْمه، فرضي عَنْهُ. وأقطعه بلاد فارس، فمضى إليها وحارب وُلاتها وحاصرهم، وأوطأهم ذُلًا إلى أن مات2. محاصرة ابن باديس تونس: وفيها حاصر عليّ بْن يحيى بْن باديس مدينة تونس وضيَّق عليها، فصالحه صاحبها أحمد بْن خُراسان عَلَى ما أراد3. فتح ابن باديس جَبَل وسْلات: وفيها افتتح ابن باديس جَبَل وَسْلَاتِ وحكم عَليْهِ. وهو جَبَل منيع كَانَ أهله يقطعون الطّريق، فظفر بهم، وقتل منهم خلقًا4.

_ 1 المنتظم "9/ 185"، والكامل في التاريخ "10/ 516". 2 المنتظم "9/ 185"، والكامل في التاريخ "10/ 516، 517". 3 الكامل في التاريخ "10/ 521". 4 الكامل في التاريخ "10/ 522".

فتنة مشهد الرضا: وفي يوم عاشوراء كانت فتنة في مشهد عليّ بْن موسى الرّضا بطُوس؛ خاصمَ عَلَويٌ فقيهًا، وتشاتما وخرجا، فاستعان كلٌ منهما بحزبه، فثارت فتنةٌ عظيمة هائلة، حضرها جميع أهل البلد، وأحاطوا بالمشهد وخرّبوه، وقتلوا جماعة، ووقع النَّهْب، وجرى ما لَا يوصف، ولم يُعمر المشهد إلى سنة خمس عشرة وخمسمائة1. حريق بغداد: ووقع ببغداد حريق عظيم، ذهب للنّاس فيه جملة2. هرب ابن صَنْجيل بالبقاع: وقال أبو يَعْلَى بْن القلانسيّ: وفي سنة عشر ورد الخبر بأنّ بدران بْن صَنْجيل صاحب طرابُلُس جمع وحشد، ونهض إلى البقاع، وكان سيف الدّين سُنْقُر البرسقي صاحب المَوْصِل قد وصل ألى دمشق لمعونة الأتابك طغتكين، فتلقاه وسُرَّ بِهِ، فاتّفقا عَلَى تبييت الفرنج، فساقًا حتى هجما عَلَى الفرنج وهم غارُّون، فوضعوا فيهم السّيف قتْلًا وأسْرًا، فقيل هلك منهم نحو ثلاثة آلاف نفْس، وهرب ابن صَنْجيل، وغنِم المسلمون خيلهم وسلاحهم، ورجعوا. وردّ البُرْسُقيّ إلى المَوْصِل، وقد استحكمت المودّة بينه وبين طُغتِكين3. مقتل الخادم لؤلؤ: وفيها قُتِل الخادم لؤلؤ المستولي عَلَى حلب. وكان قد قتل ألْب أرسلان بْن رضوان، وشرع في قتل غلمان رضوان، فعملوا عَليْهِ وقتلوه4. والصحيح أنه قتل في السنة الآتية.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 522، 523". 2 المنتظم "9/ 184"، والكامل في التاريخ "10/ 523". 3 ذيل تاريخ دمشق "197". 4 البداية والنهاية "12/ 180"، والنجوم الزاهرة "5/ 211".

حج الركْب العراقي: وفيها حج بالرَّكْب العراقي أمير الجيوش الحبشي مولى المستظهر بالله، ودخل مكة بالأعلام والكؤوسات والسّيوف المسلَّلة، لأنّه أراد إذلال أمير مكّة وعبيده1.

_ 1 المنتظم "9/ 184"، والنجوم الزاهرة "5/ 211".

المتوفون في الطبقة الحادية والخمسون

المتوفون في الطبقة الحادية والخمسون: وفيات سنة إحدى وخمسمائة: "حرف الألف": 1- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن يزداد. أبو العز المستعملي. روى عن: الجوهريّ، والعُشاريّ. 2- أحمد بْن الحسين بْن أحمد1. أبو طاهر بْن النّقّار الحِمْيَريّ. وُلِد بالكوفة سنة ثمان عشرة وأربعمائة، ونشأ ببغداد. وكان يعرف القراءات ويفهمها. قرأ عَلَى: خاله أبي طَالِب بْن النّجّار. وقرأ الأدب عَلَى أَبِي القاسم بْن بُرهان، ثمّ انتقل إلى دمشق وإلى مصر، وسكن طرابُلُس. وبدمشق تُوُفّي فِي رمضان. 3- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سبعون2. أبو بَكْر القَيْسيّ، القَيْروانيّ، ثمّ البغداديّ. سَمِعَ: أبا الطّيّب الطَّبَريّ، وأبا محمد الجوهريّ. وعنه: ابنه عَبْد الله، وعمر بْن ظَفَر. 4- إبراهيم بْن مَيّاس القُشَيْريّ الدّمشقيّ3. سَمِعَ: أبا عَبْد الله بْن سلوان، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا الحسين بن المهتدي بالله، وغيره ببغداد.

_ 1 إنباء الرواة للقفطي "1/ 35، 36". 2 المنتظم "9/ 158". 3 المنتظم "9/ 158"، والكامل في التاريخ "10/ 456".

سَمِعَ منه: الصّائن هبة الله، وغيره. تُوُفّي في شَعْبان، وله خمسٌ وستون سنة. 5- إسماعيل بن عمرو بْن محمد بْن أحمد1. أبو سَعِيد بْن أبي عَبْد الرَّحْمَن البَحيريّ، النَّيْسابوريّ. ثقة، صالح، محدّث، مِن بيت الحديث. وكان صحيح القراءة. قَالَ السمعانيّ: سَمِعَ بإفادته خلْق، وتفقَّه عَلَى ناصر العُمَريّ. وكان يقرأ دائمًا "صحيح مُسْلِم" للغرباء والرحّالة عَلَى أَبِي الحسين عَبْد الغافر الفارسي، وكُفّ بصره بأخرة. سَمِعَ مِن: أَبِي بَكْر أحمد بن عليّ بْن منْجُوَيْه الحافظ، وأبي حَيّان المُزَكّيّ، وأبي العلاء صاعد بْن محمد، وعَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان النَّصْرويّ. روى لنا عَنْهُ: إسماعيل بْن جامع بمَرْو، وواكد بْن محمد العالم بسمنان، وأبو شجاع البسْطاميّ ببخارى، وأبو القاسم الطّلْحيّ بإصبهان. قَالَ ابن النّجّار: كَانَ نظيفًا، عفيفًا، اشتغل بالتّجارة وبُورك لَهُ فيها، وحصّل جملة. وقال ابن السّمعانيّ: وقرأت بخطّ والدي قَالَ: سَمِعْتُ أبا سَعِيد البحيري يَقُولُ: قرأت "صحيح مُسْلِم" عَلَى عَبْد الغفّار أكثر مِن عشرين مُرَّة. وولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في آخر السّنة بنَيْسابور. وقد أملى مجالس بنيسابور، وتوفي ابنه محمد قبله. 6- إسماعيل بْن يحيى بْن حسين. أبو نصر الملّاح. بغداديّ. حدَّث بشيءٍ يسير عن الجوهري. وتوفي في صفر.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 272، 273".

"حرف التاء": 7- تميم بْن المعزّ بْن باديس1 بْن المنصور بْن بُلّكين بْن زيْري بْن مَنَاد. السّلطان أبو يحيى الحِمْيَريّ الصُّنْهاجيّ2، ملك إفريقية بعد أَبِيهِ. كَانَ حسن السّيرة، مُحِبًا للعلماء، قصده الشّعراء مِن النّواحي، وامتدحه الحَسَن بْن رشيق القَيْرواني، وغيره. وكان ملكًا جليلًا، شجاعًا، مَهيبًا، فاضلًا، شاعرًا، جوادًا، ممدّحًا. وُلِد سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، ولم يزل بالمهدية منذ ولّاه أَبُوهُ إيّاها مِن صَفَر سنة خمسٍ وأربعين إلى أن تُوُفّي أَبُوهُ بعد أشهر في شَعْبان. ومن شِعْره: سَلِ المطَرَ العام الَّذِي عمّ أرضكم ... أجاء بمقدار الّذي فاض مِن دمعي إذا كنتَ مطبوعًا عَلَى الصّدّ والجفا ... فمِن أَيْنَ لي صبر فأجعلَهُ طبْعي؟ ولابن رشيق فيه، وأجاد: أصحّ وأعلى ما سِمعْناه في النَّوَى ... منَ الخَبَر المأثور مُنذ قديم أحاديث ترويها السُّيُول عَنِ الحَيَا ... عَنِ البحر عَنْ كفّ الأمير تميمِ وفي أيّامه اجتاز ابن تُومَرْت بإفريقية وأظهر الإنكار عَلَى مِن خرج عَنِ الشّرع، وراح إلى مَرّاكُش. امتدّت دولة تميم إلى هذه السنة، وتوفي في رجب. وخلّف مِن البنين أكثر مِن مائة وُلِد، ومن البنات ستّين عَلَى ما ذكره حفيده العزيز بْن شدّاد بْن تميم، وملَك بَعْده ولده يحيى وقد تكهَّل، فأحسن السّيرة في الرعية، وافتتح حصْنًا كبيرًا امتنعَ على أبيه، ولم يزل مظفرًا منصورًا.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 263، 264"، والبداية والنهاية "12/ 170". 2 الصنهاجي: نسبة إلى صنهاجة وهي قبيلة مشهورة من جمير وهي بالمغرب "انظر وفيات الأعيان "1/ 266".

"حرف الحاء": 8- الْحَسَن بْن محمد بْن عَبْد العزيز1. أبو عليّ التّكَكيّ. بغدادي صالح، صحيح السّماع. سَمِعَ: أبا عليّ بْن شاذان. روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وسلْمان الشّحّام، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو بَكْر بْن النَّقُّور. تُوُفّي في رمضان. أَخْبَرَنَا ابْنُ الْفَرَّاءِ: أَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النَّرْسِيِّ: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، أَنَا عُثْمَانُ، وَهُوَ ابْنُ السَّمَّاكِ: ثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، نا حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَيُدْخِلُ الْعَبْدَ الْجَنَّةَ بِالأَكْلَةِ أَوِ الشَّرْبَةِ يَحْمَدُهُ عَلَيْهَا" 2. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، مَعَ لِينٍ فِي مُوسَى الْوَشَّاءِ. 9- حمزة بْن هبة الله بْن سلامة3. أبو يَعْلَى العثمانيّ، الدّمشقيّ. روى عَنْ: عليّ بْن الخَضِر السُّلَميّ، وغيره. سَمِعَ منه: أبو محمد بْن صابر، وغيره. "حرف الراء": 10- رَزْماشوب بْن زايار4. الإمام، الأديب، أبو نصر الدَّيْلَميّ. أرَّخه السّلَفيّ في السّنة. مات في رمضان. وروى عَنْهُ في "جزء ابن قلبنا"، وقال: كَانَ مِن أفراد الدّهر، ونوادر العصر. لَهُ نظْمٌ رائق، ونْثرٌ فائق، ورياسة.

_ 1 الأنساب "3/ 68". 2 "حديث صحيح": أخرجه مسلم "2734"، والترمذي "1876"، وأحمد "3/ 100، 117". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 270"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 456". 4 معجم السفر للسلفي "1/ 261"، 262".

"حرف الصاد": 11- صَدَقة بْن منصور بْن دبيس بْن عليّ بْن مَزْيَد1. الأمير سيف الدّولة ابن بهاء الدّولة الأَسَديّ، النّاشريّ2، صاحب الحلة السيفية. كَانَ يُقال لَهُ ملك العرب. وكان ذا بأس وسطوة. نافَرَ السّلطان محمد بْن ملكشاه، وأفْضَت بينهما الحالُ إلى الحرب، فتلاقيا عند النعْمانية3، فقتُل صَدَقة في المعركة يوم الجمعة سلخ جُمَادَى الآخرة وحمل رأسه إلى بَغْدَاد. وكانت وفاة أَبِيهِ سنة تسع وسبعين، ووفاة جدّه في سنة ثلاثٍ وسبعين. "حرف العين": 12- عَبْد الرَّحْمَن بْن حمْد بْن الحَسَن بن عبد الرحمن4. أبو محمد الذوني، الصُّوفيّ، الزّاهد. مِن بيت زُهد وعبادة، مِن قرية الدُّون، ويقال: دُونه. وهي عَلَى عشْر فراسخ مِن هَمَذَان، ممّا يلي الدّيَنَور5. روى كتاب "السُّنَن" للنَّسَائيّ، عَنِ ابن الكسّار، وهو آخر مِن حدَّث بِهِ عَنْهُ. قرأه عَليْهِ السلفي بالدون في سنة خمسمائة، وقال: قَالَ لي ابنه أبو سَعْد: لوالدي خمسون سنة ما أفطر بالنّهار. وقال شِيرَوَيْه في تاريخه: كان صدوقًا، متعبدًا، سمعت منه "السنن"، و"رياضة المتعبدين". وقال السلفي: كان سفياني المذهب، ثقة. بلغنا أنه توفي في رجب.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 440-449"، وسير أعلام النبلاء "19/ 264، 265"، والبداية والنهاية "12/ 170"، وشذرات الذهب "4/ 2". 2 الناشري: نسبة إلى ناشرة بن نصر بن سواءة بن الحارث بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة "اللباب 3/ 289". 3 النعمانية: بلدة بين الحلة وواسط. 4 سير أعلام النبلاء "19/ 239، 240"، والوافي بالوفيات "18/ 142". 5 معجم البلدان "2/ 490".

قال: وولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة في رمضان. وقال غيره: سَمِعَ "السُّنَن" في شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. وحدَّث عَنْهُ: أبو بَكْر محمد بْن منصور السّمعانيّ، وأبو العلاء الحَسَن بْن أحمد العطّار، والسلفي، وأبو زُرْعة المقدسي، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وأَحْمَد بْن يَنال التُّرْكَ، وعبد الرّزّاق بْن إسماعيل القُومسانيّ الهَمَذانيّ، وابن عمّه المُطَهّر بْن الكريم، ومحمد بْن سليمان، وأبو الفتوح الطّائيّ، وأبو الحَسَن سعْد الخير الأندلسي، وخلْق. وأجاز للحافظ أَبِي القاسم بْن عساكر. 13- عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَف بْن مسعود1. أبو الحَسَن الكِنانيّ القُرْطُبيّ. روى عَنْ: حَكَم بْن محمد، ومحمد بْن عَتّاب، وابن عُمَر بْن القطّان. وكان مُعتنيا بالسَّماع الكثير، وكان يعظ ويُذكّر في مسجده. وهو ديّن، ثقة، عالم. 14- عَبْد الكريم بْن المسلّم بْن محمد بْن صَدَقة. الشّبليّ، العطّار. سَمِعَ: أبا القاسم الحِنَّائيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ. وهو دمشقيّ، قليل الرّواية. "حرف الميم": 15- مُحَمَّد بْن أحمد بْن مَسْعُود بْن مفرّج2. أَبُو عَبْد الله الأندلُسيّ، الشبلي، الفقيه. كَانَ مُفتي تِلْكَ النّاحية. تفقَّه عَلَى: أَبِيهِ. وسمع "صحيح الْبُخَارِيّ" بإشبيلية مِن أبي عَبْد الله بْن منظور. وكان بصيرًا بالفتوى، إمامًا، ثقة. توفي في ذي الحجة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 345". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 566، 567".

16- محمد بْن سليمان بْن يحيى. أبو عَبْد الله القَيْسيّ، المقرئ. قرأ عَلَى أصحاب عَمْرو الدّانيّ بالرّوايات. ومات كهْلًا. 17- محمد بْن عَبْد المُلْك بْن عَبْد القاهر بْن أسد1. أبو سعْد الأَسَديّ، البغداديّ، المؤدّب. سَمِعَ: أبا عليّ بْن شاذان، وابن بِشْران، وغيرهما. روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وعبد الحقّ، وخطيب المَوْصِل، وجماعة. ضعّفه ابن ناصر لأنّه كَانَ يُلْحق سماعاته مَعَ أبيه، وكان الإلحاق بيّنا طريا. تُوُفّي في رمضان وقد جاوز الثّمانين بيسير. قَالَ السّمعانيّ2: ألْحق سماعه في أجزاء. 18- محمد بْن عبد الواحد بْن عليّ. أبو الغنائم بن الأزرق. سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا محمد الخلّال، وعبد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ. روى عنه: عمر بن عبد الحربيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وجماعة. ويُعرف بابن الشّهْرسْتانيّ. وممّن روى عنه مسعود بْن أبي علّان شيخ أحمد بْن طَبَرْزَد. 19- محمد بْن العراقيّ بْن أبي عنان القَزْوينيّ، الطّاوسيّ3. أبو جعفر. حدَّث في شوّال مِن السّنة بهَمَذَان، عن محمد بْن الحسين المقوّميّ بأحاديث. وكان صالحًا، قُدْوةً. 20- محمد بْن عُمَر بْن قَطَريّ4. أبو بَكْر الزُّبَيْديّ، الإشبيليّ. سَمِعَ مِن: أَبِي الوليد الباجي، وجماعة.

_ 1 الأنساب "1/ 231"، وميزان الاعتدال "3/ 633"، ولسان الميزان "5/ 267". 2 في الأنساب. 3 التدوين في أخبار قزوين "1/ 452، 453". 4 الصلة لابن بشكوال "2/ 567"، وبغية الوعاة "1/ 199".

ورحل إلى المشرق. وسمع مِن: أَبِي بَكْر الخطيب، وجماعة. وكان عالمًا بالنَّحْو والأصُول. تُوُفّي بسَبْتة. 21- محمد بْن محمود بْن حسن بْن محمد بْن يوسف1. أبو الفَرَج ابن العلّامة أَبِي حاتم الأنصاريّ القَزْوينيّ. مِن آمُل طَبَرِسْتان. فقيه، دَيِّن، صالح، صاحب معاملة. حجّ سنة سبْعٍ وتسعين، وأملى بمكّة مجلسًا. وضاع ابنٌ لَهُ قبل وصوله المدينة. قَالَ بعضهم: فرأيناه فِي مسجد النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتمرَّغ في التّراب ويتشفَّع بالنَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في لُقيّ ولده، والخَلْق حوله، فبينا هُوَ في تِلْكَ الحال إذ دخل ابنه مِن باب المسجد، فاعتنقا زمانًا. رواها السّمعانيّ، عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي العبّاس ... المَرْوَزِيّ، أنّه حجّ تِلْكَ السُّنَّة، ورآه يتمرَّغ في التّراب، والخلْق مجتمعون عَليْهِ، وهو يَقُولُ: يا رَسُول اللهِ جئتكم مِن بلدٍ بعيد زائرًا، وقد ضاع ابني، لا أرجع حتّى تردّ عليَّ ولدي. وردَّد هذا القول، إذ دخل ابنه، فصرخ الحاضرون. سَمِعَ: أباه، ومنصور بْن إِسْحَاق الحافظ، وسهل بْن ربيعة، وأبا عليّ الحُسَينيّ. روى عَنْهُ: ابن ناصر، والسّلَفيّ، وابن الخلّ، وشُهْدَة، وآخرون. تُوُفّي بآمُل في المحرَّم سنة إحدى. وكان أَبُوهُ مِن كبار الفقهاء2. 22- مُحَمَّد بْن هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن المأمون الهاشميّ. أبو نصر. سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري وأثنى عليه.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 217، 218"، وشذرات الذهب "4/ 3". 2 التدوين "2/ 16، 17".

تُوُفّي فِي ربيع الأول. قَالَ ابن النّجّار: سَمِعَ أيضًا مِن: أبي عليّ بْن المُذْهب، وابن المحسن التّنُوخيّ. وكان مِن سَرَوات بيته، صالحًا، متديّنًا. روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وعبد الحق اليُوسُفيّ. 23- منصور بْن الحسن بْن عاذل1. أبو الفَرَج البَجَليّ، البَوَازيجيّ. والبَوَازيج: بين تِكْريت والموصل. قِدم بغداد، وتفقَّه بأبي إِسْحَاق الشّيرازيّ، ولازمَهَ. وسمع مِن: ابن المهتدي بالله، وغيره، روى عَنْهُ: عليّ بْن أحمد اليَزْدي، ومحمد بْن أَبِي الغنائمّ التّكْريتيّ. وكان مِن العقلاء، الصُّلَحاء. وُلّي قضاء البوازيج، وعاش إلى هذا العام. "حرف الهاء": 24- هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسنون2. أبو طاهر بْن أَبِي الحسين بْن أبي نَصْرٍ النَرْسيّ، البغداديّ، المعدّل، الشّاهد. مِن أولاد المحدّثين. سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وعبد المُلْك بن عمر الرّزّاز. روى عَنْهُ: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السنجي، وغيرهما. وتوفي فِي ربيع الآخر. "حرف الياء": 25- يَحْيَى بْن محمد بْن بذّال. أبو نصر الحَريميّ، الطّاهريّ، ولد محمد. شيخ صالح.

_ 1 الأنساب "2/ 321"، ومعجم البلدان "1/ 503"، وتوضيح المشتبه "1/ 628". 2 الأنساب "12/ 70".

سَمِعَ: أبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، والجوهريّ. روى عَنْهُ: أبو المعمر الأنصاري. توفي في رمضان. وفيات سنة اثنتين وخمسمائة: "حرف الألف": 26- أبق بن عبد الرزاق1. الأمير أبو منصور، عَضْبُ الدّولة، الَّذِي بالتّربة العَضْبيّة، خارج باب الفراديس. أخو الأمراء الكبار، مِن خواصّ صاحب دمشق تاج الدّولة تُتُش. وهو الَّذِي مدحه ابن الخيّاط بقصيدته الطّنّانة: سَلوا سَيْفَ أَلْحاظه المُمُتَشَقْ ... أعِنْدَ القلوبِ دَمٌ للحَدَقْ 27- أحمد بْن عَبْد العزيز. الدّلّال، البغداديّ، المعروف بالخُرَّميّ. روى عَنْ: أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ يسيرًا. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد الله بن منصور الموصلي. تُوُفّي في جُمادى الأولى. 28- أحمد بْن عليّ بن أحمد بن سعيد. الخطيب أبو حاتم النيسابوري، الصوفي. سمع: أبا عثمان الصابوني. وحدث ببغداد. روى عنه: سعد الخير الأنصاري، والسلفي. حدَّث في هذه السنة، ولا أعلمُ متى توفي. مولده سنة إحدى وعشرين.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي "263".

29- أحمد بن علي بن حسين1. الشابرخواستي، القاضي أبو طاهر، الصالح، الزاهد، العابد. روى عن علي بن القاسم البصري، عن أبي روق الهزاني. روى عنه السلفي في البلد التاسع والعشرين. توفي في هذه السنة. "حرف الباء": 30- بَدْرُ بْن خَلَف بْن يوسف2. أبو نجم الفَرَكيّ، والفرك: قرية من قرى إصبهان. سمع: أبا نصر الكسار، وغيره. وعاش ثلاثا وثمانين سنة. روى عنه أبو طاهر السلفي قطعة من ذاك الجزء المتبقي من "سنن النسائي". وسمع من أبي نصر إبراهيم بن الكساري أيضا. "حرف الحاء": 31- الحسين بن علي بن الحسين3. أبو الفوارس ابن الخازن الكاتب، الديلمي. روى عن: أبي محمد الجوهري. حدَّث عَنْهُ: السّلَفيّ وقال: كَانَ أحسن النّاس خطًا. قلت: هُوَ صاحب الخطّ الفائق، كَانَ مشتهرًا بلعب النَّرْد. وقيل: إنّه نسخ خمسمائة مُصْحَف4، وكتب مِن "مقامات الحريريّ" عدّة نُسَخ، ومن "الأغاني"

_ 1 معجم السفر للسلفي ق "1/ 121، 122". 2 الأنساب "9/ 281"، ومعجم البلدان "4/ 255". 3 الكامل في التاريخ "10/ 415"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 224". 4 الكامل "10/ 415".

ثلاث نُسَخ. ولم يخلّف وارثًا. وكان يسكن بدرب حبيب ببغداد. وله شعر جيّد، فمنه: عَنَّتِ الدُّنيا لطالبها ... واسْتراح الزّاهد الفطِن كُلُّ مَلْكٍ نال زُخْرُفَها ... حسْبُهُ ممّا حوى كَفَن يَقْتَني مالًا ويتركُهُ، ... في كِلا الحالتين مُفْتَتَنُ أكره الدُّنيا وكيفَ بها، ... والذي تسخو بِهِ وَسَنُ لم تدُمْ قبلي عَلَى أحدٍ، ... فلماذا الهمُّ والحَزَنُ؟ توفي فجأة في ذي الحجّة. وقيل: تُوُفّي سنة تسع وتسعين. وسيأتي في سنة ثمان عشرة ابن الخازن الشّاعر الكاتب. 32- حَمْد بْن عَبْد الله بْن أحمد بْن حَنّة. أبو أحمد المعبّر، إصْبهانيّ، فقيه، مشهور. سَمِعَ: أبا الوليد الحَسَن بْن محمد الدَّربَنْديّ، وأبا طاهر بْن عَبْد الرحيم الكاتب، وأحمد بْن محمد بْن النُّعْمان الصّائغ، ومنصور بْن الحسين سِبْط بحروَيْه، وجماعة. وأملى عدّة مجالس. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وآخرون. قَالَ السّلَفيّ: ذكره ابن نُقْطة فقال: خرَّج لَهُ إسماعيل بْن محمد بْن الفُضَيْل الحافظ فوائده. وكان يؤم في الجامع الأعظم ثلاث صَلَوات، ويُفتي، ويعبّر الرؤيا. وكان مِن شيوخ الصُّوفيّة. قَالَ لي إسماعيل بْن محمد بْن الفُضَيْل: النّزول عَنْ أَبِي الصّلْت الطّهراني، ومحمد بْن عزيزة، وحمْد بْن حنّة، أحبّ إليّ مِن العلو عمن سواهم فهم لا يدرون ما يروون.

"حرف الزاي": 33- زيد بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْن الحُسَيْن بْن حَسَن بْن القاسم بْن محمد بْن القاسم بْن الحَسَن بْن زيد بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ1. أبو هاشم الحُسَيْنيّ الهَمَذَانيّ، رئيس البلد وأميره. روى عَنْ أَبِي سعْد جامع بْن محمد الأديب حديثًا واحدًا. وكان هَيُوبًا، مُطاعًا، سائسًا. جمع الأموال، وظلم، وعسَف. وكان يطرح الشّيء الَّذِي يساوي درهمًا بثلاثة دراهم وأكثر. واستعبد الناسُ، وعُمّر دهرًا. تُوُفّي في رجب وله ثلاث وتسعون سنة. وهو ابن بِنْت الصّاحب إسماعيل بْن عبّاد. "حرف الصاد": 34- صاعد بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن2. أبو العلاء الْبُخَارِيّ، القاضي. قَالَ السّمعانيّ: هُوَ مِن أهل إصبهان، الإمام المقدَّم في زمانه عَلَى أقرانه فضلًا، وعلمًا، وزهدًا، وتواضعًا. تفقَّه عَلَى مذهب أَبِي حنيفة حتّى صار مفتي إصبهان. سمع مِن أصحاب ابن المقرئ ولقي ببغداد ابن النَّقُّور، وبمكّة أبا عليّ الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن الشّافعيّ. قُتِل في جامع إصبهان يوم عيد الفِطْر وله خمسٌ وخمسون سنة. قتله باطِنيّ. "حرف الطاء": 35- طاهر بْن سَعِيد بْن فضل اللَّه بْن أَبِي الخيْر3. أبو الفتح الميهني. والد أحمد. وأبي القاسم.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 473، 474". 2 المنتظم "9/ 160"، والكامل في التاريخ "10/ 472"، وشذرات الذهب "4/ 4". 3 معجم البلدان "5/ 247"، والكامل في التاريخ "11/ 123".

كَانَ مِن أهل الخير، ومن بيت المشيخة والتَّصُوّف. أقام ببغداد مدّة يسمع ويطلب، وسافر الكثير، ولقي الكبار. وسمع مِن: جدّه الشَّيْخ أَبِي سَعِيد فضل الله، وخلف بْن أحمد الأبيوَرديّ، وأبي القاسم القُشَيْريّ، وأبي عليّ الحَسَن بْن غالب المقرئ البغداديّ، وأبي الغنائم بْن المأمون. روى عَنْهُ: أبو شجاع عُمَر بْن محمد البِسْطاميّ، وغيره. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وكان ذا تعبّد وتألُّه وخير. "حرف العين": 36- عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم. أبو عليّ الدّيَنَوريّ، المؤذّن. حدث عن: عَبْد الرّزّاق بْن الفُضَيْل الكَلاعيّ. سَمِعَ منه: سهل بْن بِشْر مَعَ تقدُّمه، وأبو محمد بْن صابر. 37- عَبْد الله بْن سَعِيد بْن حَكَم1. الزّاهد، أبو محمد القُرْطُبيّ، المقتليّ. قرأ القرآن عَلَى أَبِي محمد مكّيّ بْن أَبِي طَالِب. وكان آخر مِن قرأ عَليْهِ. وكان أحد العُبّاد الزُّهّاد، المتبرَّك بهم. 38- عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن محمد بْن أَحْيَد2. أبو القاسم الكُشانيّ، الخطيب. ثقة، إمام، مشهور. أملى مدة سِنين، وطال عمره. سَمِعَ: محمد بْن الحَسَن الباهليّ، وعليّ بْن أحمد السَّنْكَبَاثيّ3، وأبا سهل عَبْد الكريم الكَلاباذيّ، وأبا نصر أحمد بْن عَبْد الله بْن الفضل، وعبد العزيز بن أحمد الحلواني.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 290، 291". 2 الأنساب "10/ 433، 434". 3 السنكباثي: نسبة إلى سنكباث، وهي قرية من قرى أربنجن بسمرقند "الأنساب 7/ 172".

قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ إبراهيم بْن يعقوب الكُشَانيّ، وأبو العلاء آصف بْن محمد النسفيّ، وعطاء بْن مالك النّقّاش، وآخرون كثيرون بما وراء النَّهر. وُلِد في حدود سنة عشر وأربعمائة. وتوفي في رجب. 39- عَبْد الله بْن يحيى1. أبو محمد التُّجَيْبيّ، الأندلسيّ، الأُقليشيّ، ويعرف بابن الوَحْشيّ. أخذ القراءات بطُلَيْطلَة عَنْ أَبِي عَبْد الله المَغَاميّ. وسمع مِن: خازم بْن محمد، وأبي بَكْر بْن جُمَاهر. وكان مِن أهل المعرفة والذّكاء. واختصرَ كتاب "مُشْكل القرآن" لابن فُورَك، وولي أحكام أُقْليش. 40- عَبْد الله بْن أَبِي بَكْر2. أبو القاسم النَّيْسابوريّ، البزّاز، الفقيه شيخ الحنفية في عصره، ومُناظرهم، وواعظهم. سَمِعَ مِن: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسي، وغيره، وأبي طاهر محمد بْن عليّ الإسماعيلي الْبُخَارِيّ، سَمِعَ منه "الشّمائل". قَالَ: أنبا إبراهيم بْن خَلَف، أَنَا الهيثم الشّاشيّ، ثنا التّرْمِذيّ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 41- عَبْد الباقي بْن محمد بْن سَعِيد بْن أصْبَع3. أبو بَكْر الأنصاريّ، الحجازيّ، الأندلسيّ، ويُعرف بابن بُريال. روى عَنْ: المنذر بْن المنذر، وهشام بْن أحمد الكِناني، وابن عم الطَّلَمَنْكيّ، والقاسم بْن فتح. وكان نبيلًا، حافظًا، ذكيًا، شاعرًا، محسنًا.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 291"، ومعجم البلدان "1/ 237". 2 المنتخب من السياق "288"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "رقم 428". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 385".

قَالَ ابن بَشْكُوال: ثنا عَنْهُ غير واحدٍ مِن شيوخنا. وتُوُفّي في شَعْبان ببَلنْسِية. وكان مولده سنة ست عشرة وأربعمائة. قلت: أخذ عَنْهُ ابن العريف وله سماع أيضًا مِن أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، عرضَ عَليْهِ القرآن. 42- عَبْد الواحد بْن إسماعيل بْن أحمد بْن محمد1. أبو المحاسن الرُّويَانيّ2، الطَّبَريّ، فخر الإسلام، القاضي؛ أحد الأئمّة الأعلام. لَهُ الجاه العريض، والقَبُول التّامّ في تِلْكَ الدّيار. سَمِعَ: أبا منصور محمد بْن عَبْد الرحمن الطبري، وأبا محمد عبد الله بْن جعفر الخبّازيّ، وأبا حفص بْن مسرور، وأبا بَكْر عَبْد المُلْك بْن عَبْد العزيز، وأبا عَبْد الله محمد بْن بيان الفقيه، وأبا غانم أحمد بن علي الكراعي، وعبد الصّمد بْن أَبِي نصر العاصميّ الْبُخَارِيّ، وأبا نصر أحمد بْن محمد البلْخيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجدّه أبا العبّاس أحمد بْن محمد بن أحمد الروياني، وتفقه عليه. وسمع بمَرْو، وغَزْنَة، وببُخارى مِن طائفة. روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ وأبو رشيد إسماعيل بْن غانم، وأبو الفتوح الطّائيّ، وعبد الواحد بْن يوسف، وإسماعيل بْن محمد التَّيْميّ الحافظ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وجماعة كثيرة. وُلِد في ذي الحجّة سنة خمس عشرة وأربعمائة، وتفقَّه ببُخارى مدّة، وبرع في المذهب، حتّى كَانَ يَقُولُ فيما بَلَغَنَا: لو احترقت كُتُب الشّافعيّ أَمْلَيتها مِن حِفْظي3. وله مصنفات في المذهب ما سبق إليها منها: كتاب "بحر المذهب" وهو من أطول كُتُب الشّافعيّة، وكتاب "مناصيص الشّافعيّ"، وكتاب "الكافي"، وكتاب "حِلْية المؤمن". وصنَّف في الأُصول والخلاف. وكان قاضي طبرستان.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 260-262"، والبداية والنهاية "12/ 170". 2 الروياني: نسبة إلى رويان بلدة بنواحي طبرستان "الأنساب 6/ 189". 3 الكامل في التاريخ "10/ 473".

قَالَ السّلَفيّ: بَلَغَنَا أَنَّهُ أملى بآمُل، وقُتِل بعد فراغه مِن الإملاء، بسبب التّعصُّب في الدّين، في المحرَّم. قَالَ: وكان العماد محمد بْن أَبِي سعْد صدر الرَّيّ في عصره يَقُولُ: القاضي أبو المحاسن، شافعيّ عصره. وقال مَعْمَر بْن الفاخر: قتل بجامع أمُل يوم الجمعة ثالث عشر المحرَّم؛ قَتَلَتْه الملاحدة. وكان نظام المُلْك كثير التّعظيم لَهُ. رُويان: بلدة بنواحي طَبَرِسْتان. 43- عَبْد الواحد بْن محمد بْن عُمَر بْن هارون1. الفقيه أبو عُمَر الوَلاشْجِرْدِيّ. وولاشْجِرْد مِن قرى كِنكْوَر2، وهي قرية مِن هَمَذَان. كَانَ فقيهًا، دَيّنًا، خيّرًا. سَمِعَ ببغداد في رحلته مِن: أَبِي الحُسَيْن بْن المهتدي بالله، والصّرِيفِينيّ، والخطيب. وتُوُفّي بكِنْكَوِر. 44- عُبَيد اللَّه بْن عليّ بْن عُبَيد اللَّه3. أبو إسماعيل الخطيبيّ الفقيه، قاضي القُضاة بإصبهان. سَمِعَ عَبْد الرّزّاق بْن شَمَة. روى عَنْهُ السّلَفيّ: وقال: قُتِل بهَمَذَان شهيدًا، وأنا بها، في صَفَر رحمه الله. قتلته الباطنيّة. 45- عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن محمد بْن أَحْيَد4. الخطيب، العالم، أبو القاسم الكشاني.

_ 1 الأنساب "12/ 299"، ومعجم البلدان "5/ 383"، واللباب "3/ 377". 2 كنكور: بليدة بين همذان وقرميسين "معجم البلدان 4/ 484". 3 المنتظم "9/ 160"، والكامل في التاريخ "10/ 471، 472"، والعبر "4/ 24". 4 تقدمت ترجمته برقم "38".

ثقة، مُكْثِر، مَعْمَر، وُلِد في حدود سنة عشر وأربعمائة، وروى الكثير. وأملى عَنْ: محمد بْن الحَسَن الباهليّ، وعليّ بْن أحمد بْن ربيع الشَّنْكباثيّ، وأبي سهل عبد الكريم الكلاباذي، وطائفة. وعنه: إبراهيم بْن يعقوب الكُشانيّ، وأبو العلاء أحفُ بْن محمد الخالديّ، وعطاء بْن مالك بْن أحمد النّقّاش، وأبو المعالي محمد بْن نصر المَدِينيّ، وآخرون. مات في سادس عشر رجب عَنْ نيّفٌ وتسعين سنة. 46- عُبَيْد الله بْن محمد بْن طلحة1. الدّامَغَانيّ2، القاضي، ابن أخت قاضي القُضاة أَبِي عَبْد الله محمد بْن عليّ الدّامَغَانيّ. شهد عند خاله في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وولي قضاء ربع الكَرْخ سنة سبعين. وكان صالحًا، ورِعًا، عفيفًا. سَمِعَ: أبا القاسم التّنُوخيّ، وعبد الكريم بْن محمد بْن المَحَامِليّ. روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعمر بن ظفر، وأبو طاهر السلفي. وتوفي في صَفَر. وكان مولده بالدّامغان سنة ثلاثٍ وعشرين وأربعمائة. 47- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن الإخوة3. المحدّث، المفيد، أبو الحَسَن البيّع، الحريميّ. مِن كبار المحدّثين. سَمِعَ: الخطيب، وأبا الغنائم بْن المأمون، وغيره. انتقى عليه أبو علي البَرَدانيّ. وكتب عَنْهُ: أبو عامر العَبْدَريّ، وابن ناصر. مات كهلًا.

_ 1 ذيل تاريخ بغداد لابن النجار "1/ 124، 125". 2 الدامغاني: بلدة من بلاد قومس "الأنساب 5/ 259". 2 ذيل تاريخ بغداد لابن النجار "3/ 102، 103".

48- علي بْن الحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن عُرَيْبَة1. أبو القاسم الرَّبَعيّ، البغداديّ. تفقَّه عَلَى أقضى القُضاة، أَبِي الحَسَن المَاوَرْديّ، وأبي الطَّيّب الطَّبَريّ. ولم يبْرع في المذهب. ثمّ صحِب أبا عليّ بْن الوليد وغيره مِن شيوخ المعتزلة، وأخذ عَنْهُمْ. وقد سَمِعَ: أبا القاسم بن بشران، وأبا الحسين بْن مَخْلَد البزّار. رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن منصورٍ السّمعانيّ، وعَبْد الخالق بْن أحمد اليُوسُفيّ، وأبو طاهر السّنْجيّ، وابن ناصر، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو محمد بْن الخشّاب النَّحْويّ، وشُهْدَة. قَالَ شُجاع الذُّهْليّ: كَانَ يذهب إلى الاعتزال. وقال أبو سعْد السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا المَعْمَر الأنصاريّ إنْ شاء الله، أو غيره يذكر أنّه رجع عَنْ ذَلِكَ، وأشهد المؤتمن السّاجيّ وغيره عَلَى نفسه بالرجوع عَنْ رأيهم، والله أعلم. قَالَ: وسمعت عليّ بْن أحمد اليَزْديّ يَقُولُ: قَالَ لي أبو القاسم الربعي: ولدت في سنة أربع عشرة وأربعمائة. تُوُفّي في ثالث وعشرين رجب. 49- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن2. أبو الحَسَن السّمِنْجَانيّ، الفقيه. أحد الأئمّة. تفقَّه ببُخارى عَلَى أَبِي سهل الأبيوردي. وسمع مِن: محمد بْن عَبْد العزيز القَنْطَريّ، وغيره. روى عَنْهُ: تامر بْن عليّ الصُّوفيّ، وإسماعيل بْن محمد الحافظ، والسّلَفيّ. تُوُفّي فِي شَعْبان. 50- علي بْن عَبْد الوهاب بْن موسى. أبو الكرم الهاشمي، الخطيب. بغدادي جليل.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 194، 195"، وشذرات الذهب "4/ 4". 2 الأنساب "7/ 150".

حدَّث مجلسين عَنْ أَبِي عليّ بْن المُذْهب. روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ. 51- عليّ بْن أَبِي طَالِب محمد بْن عليّ بْن عُبَيْد الله. المؤدب، أبو الحَسَن الهَمَذَانيّ، ثمّ البغداديّ. روى عَنْ أَبِي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي محمد الجوهريّ. "حرف الميم": 52- محمد بْن عَبْد القادر1. أبو الحُسَيْن بْن السّمّاك البغداديّ. روى عَنْ: ابن غَيْلان، وغيره. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن محمد الحافظ، وأبو طاهر السلفي. وتوفي في رجب. وكان واعظًا. رماه ابن ناصر بالكذِب كأبيه. 53- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّطيف بْن مُحَمَّد بْن ثابت بْن الحَسَن. المُهَلَّبيّ، الخُجَنْدِيّ2، أبو بَكْر، صدْر الدّين، ويُعرف بصدر العراق على الإطلاق في زمانه. كذا قَالَ أبو سعْد في "الذَّيْل". وكان إمامًا، مناظرًا، وواعظًا، جوادًا، سَمْحًا، مَهيبًا. كَانَ يروي الحديث، في وعْظه مِن حِفْظه. وكان السّلطان محمود يصدر عَنْ رأيه. وكان بالوزراء أشبه منه بالعلماء. وقد درَّس ببغداد وناظر، وسمع مِن أَبِي عليّ الحدّاد. يؤخَّر خمسين سنة. 54- محمد بْن عَبْد الكريم بْن خُشَيْش3. أبو سعْد البغداديّ.

_ 1 المنتظم "9/ 161"، وميزان الاعتدال "3/ 630"، ولسان الميزان "5/ 263". 2 الخجندي: نسبة إلى خجند على طرف سيحون من بلاد المشرق "الأنساب 5/ 52". 3 سير أعلام النبلاء "19/ 240، 241"، والعبر "4/ 5".

سمع: أبا علي بن شاذان وغيره. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وشهدة، وأبو السعادات القزاز. وسمع "جزء بن عَرَفَة" مِن أَبِي مَخْلَد. وكان شيخًا صالحًا، صحيح السَّماع. تُوُفّي في عاشر ذي القِعْدة، وله تسعٌ وثمانون سنة. 55- محمد بْن يحيى بْن مُزَاحم1. أبو عَبْد الله الأَشْبُونيّ2، ثمّ الطُّلَيْطُليّ. المقرئ؛ مصنَّف كتاب "النَّاهج" في القراءات. وقد رحل إلى مصر وأكثر السَّماع، وحمل عن القُضاعيّ وطبقته. مات في أول السّنة. وذكره أحمد بْن محمد بْن حرب المستملي أنّه قرأ عَليْهِ القرآن، وأنّه قرأ عَلَى أَبِي عَمْرو الدّانيّ. 56- محمد بْن يوسف بْن عَطّاف. أبو عَبْد الله الأَزْدِيّ، قاضي المَرِيّة. روى عَنْ: أبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مالك، وأبي عَبْد الله بْن القزّاز، الفقيه. وغيرهما مِن علماء الأندلس. وكان فقيهًا، مُدرّسًا، يُناظَر عَليْهِ، ويُجْتَمَعُ في علم الرّأي إِليْهِ. أخذ عَنْهُ: أبو بَكْر بْن أسود، وعبد الرحيم بن الفرس، وأبو عَبْد الله بْن أَبِي يد، وأبو الحسن بن اللواتي، وغيرهم. تُوُفّي بالمَريّة. 57- مسعود بْن عثمان بْن خَلَف3. أبو الخيار الشّْنتمَريّ. رحل وَسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سلامة القضاعي. وكان شيخًا صالحًا. توفي بمرسية.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 562، 563"، ومعجم المؤلفين "12/ 111". 2 الأشبوني: نسبة إلى أشبون مدينة بالأندلس يقال لها تشبونة "معجم البلدان 1/ 195". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 618".

58- منصور بْن أحمد بْن الفضل بْن نصر بْن عصام1. أبو القاسم المنْهاجيّ، الإسْفِزَاريّ، الفقيه الصّالح. كَانَ ورِعًا، حَسَن السّيرة، ظهر لَهُ القبول التام بالجبال ونواحيها، وبنى بهمذان وغيرهما خانقاهات، وكثُر عَليْهِ المريدون، وازدحَمَ، عَليْهِ النّاس، وتبرَّكوا بلقائه. وكان قد تفقَّه بمَرْو عَلَى الإمام أَبِي المظفَّر السّمعانيّ، ولزِمه مدّة. وسمع ببَغْشُور2 "جامع التّرْمِذيّ" مِن أَبِي سعْد محمد بْن عليّ البَغَويّ الدّبّاس. وقُتِل فتْكًا عَلَى باب خانقاه المقرى بهَمَذَان فِي شوّال. "حرف الهاء": 59- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن إِبْرَاهِيم بْن سعْد الزُّهْرِيّ بن المَوْصِليّ3. أبو عَبْد الله، مِن أهل باب المراتب ببغداد. شيخ صالح، صحيح السَّماع. سَمِعَ: عَبْد المُلْك بْن بِشْران، والحسين بْن عليّ بْن بطْحا. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَّنْماطيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وابن ناصر، والسّلَفيّ، وخطيب المَوْصِل، وشهده، وآخرون. وكان مولده في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وقيل: في ربيع الآخر. وتُوُفّي في شوّال. 60- هبة الله بْن محمد بْن بديع4. الوزير أبو النّجْم الإصْبهانيّ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا طاهر بْن عَبْد الرحيم الكاتب، وإبراهيم سِبْط بحرُوَيْه، وغيرهم. وانتقى عَليْهِ الحافظ أحمد بْن محمد بن شيرويه.

_ 1 الأنساب "1/ 239، 240". 2 بغشور: بليدة بين هراة ومرو الروذ "معجم البلدان 1/ 467". 3 المنتظم "9/ 161"، وسير أعلام النبلاء "19/ 260". 4 ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي "161، 163"، وزبذة الحلب "2/ 129".

روى عَنْهُ: أبو نصر اليُونَارتيّ، وأبو مسعود عَبْد الجليل كُوتاه، وأبو طاهر السّلَفيّ. وقدم دمشق، ووَزَرَ بحلب لرضوان بْن تُتُش1. ثمّ استوزره طُغتِكين أتابك مدّة، ثمّ صادره في هذا العام، وخُنِق، وأُلقيَ في جُبّ بقلعة دمشق. وكان مولده في سنة ستٌّ وثلاثين وأربعمائة. "حرف الياء": 61- يحيى بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن بِسْطام2. أبو زكريّا الشَّيْبانيّ، التّبْرِيزيّ3، الخطيب، اللُّغَويّ، أحد الأعلام في علم اللّسان. رحل إلى الشّام، وقرأ اللّغة والأدب عَلَى أَبِي العلاء بْن سليمان بالمَعَرَّة، وعلى عُبَيْد الله بْن عليّ الرَّقيّ، وأبي محمد الدّهّان اللُّغويّ. وسمع بصور مِن سُلَيْم بْن أيّوب الفقيه، ومن عَبْد الكريم بْن محمد السَّيَّاريّ. وسمع كُتُبًا عديدة أدّبته مِن أَبِي بَكْر الخطيب، ومن أَبِي ثمال، ومن ابن برهان. وأقام بدمشق مدّة، ثمّ سكن بغداد وأقرأ بها اللُّغة. روى عنه: أبو منصور موهوب بْن الجواليقيّ، وابن ناصر الحافظ، وسعْد الخير الأندلسيّ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو طاهر محمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ. وقد روى عَنْهُ شيخه الخطيب في تصانيفه. وكان موثَّقًا في اللغة ونَقْلها. تخرَّج عَليْهِ خلْق، وصنَّف "شرح الحماسة"، و"شرح ديوان المتنبي"، و"شرح سقط الزند"، و"شرح السَّبْع قصائد المعلَّقات"، وكتاب "تهذيب غريب الحديث". وكانت له نسخة بـ "تهذيب اللُّغة" للأزهريّ فحمله في مِخْلاةٍ عَلَى ظهره من تبريز إلى المعرة.

_ 1 زبدة الحلب "2/ 129". 2 الأنساب "3/ 21"، والكامل في التاريخ "10/ 473"، وسير أعلام النبلاء "19/ 269-271"، والبداية والنهاية "12/ 171"، وشذرات الذهب "4/ 5". 3 التبريزي: نسبة إلى تبريز، وهي من بلاد أذربيجان "الأنساب 3/ 21".

ودخل إلى مصر أيضًا، وأخذ عَنْ أَبِي الحَسَن طاهر بْن بابْشَاذ، وغيره. ومن شِعْره: خليلّي ما أحلى صُبُوحي بدجلةٍ ... وأطْيبُ منه بالصُّراة غُبُوقي شربتُ عَلَى الماءين مِن ماء كَرْمةٍ ... فكانا كدُرّ ذائبٍ وعقيق عَلَى قَمَري أفقٍ وأرض تَقَابلا ... فمن شائق حُلْو الهوى ومَشُوقِ فما زلت أسقيه وأشرب رِيقَه ... وما زال يسقيني ويشرب ريقي وقلت لبدر التّمّ تعرفُ ذا الفتى؟ ... فقال نعم هذا أخي وشقيقي1 ومما رواه عَنْ شيخه ابن نحرير مِن شِعْره: يا نساء الحيّ مِن مُضَر ... إنّ سَلْمى ضَرّةُ القَمر إنّ سلمى لَا فُجِعْتُ بها ... أسلمتْ طَرْفي إلى السَّهَر فهي إنْ صدّتْ وإنْ وصلتْ ... مُهجتي منها عَلَى خطرِ وبياضُ الشّعْر أسكنها ... في سواد القلب والبصرِ2 كَانَ أبو زكريّا يُقرئ الأدب بالنّظامية. وقال أبو منصور بْن مُحَمَّدُ بْن عَبْد المُلْك بْن خيرون: ما كانْ بَمْرضيّ الطّريقة، وذكر منه أشياء. توفي في جمادى الآخرة لليلتين بقيتا منه. وعاش إحدى وثمانين سنة. وقال ابن نُقْطة: ثقة في علِمه، مخلّطًا في دينه، لُعَبَة بلسانه. وقيل إنّه تاب مِن ذَلِكَ. وقال ابن ناصر، عَنْ أَبِي زكريّا: التّبْريزيّ، بكسر التّاء. 62- يحيى بْن المفرّج. أبو الحسين اللخمي، المقدسي، الفقيه، الشافعي.

_ 1 وفيات الأعيان "6/ 193". 2 وفيات الأعيان "6/ 194".

قاض الإسكندريّة. تفقَّه عَلَى الفقيه نصر المقدسيّ، وحدث عنه. وفيات سنة ثلاث وخمسمائة: "حرف الألف": 63- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن محمد1. الدّيَنَوريّ، ثمّ الدّمشقيّ. سَمِعَ: رشأ بْن نظيف، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجماعة. سَمِعَ منه: أبو محمد بْن صابر. 64- أحمد بْن عليّ بْن أحمد2. أبو بَكْر بْن العُلثِيّ، الحَنْبليّ، العَبْد الصّالح. كَانَ أحد المشهورين بالصّلاح والزُّهْد، وإجابة الدّعوة. وظهر لَهُ قبولٌ زائد. تفقَّه عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى، وحدَّث عَنْهُ بشيءٍ يسير. روى عَنْهُ: عليّ بْن المبارك بْن الصُّوفيّ، وابن ناصر، وأبو طاهر محمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ. وكان في صباه يعمل في صنعة الجصّ والإسفيذاج، ويتنزّهُ عَنِ التّصوير3. وورث مِن أَبِيهِ عقارًا، فكان يبيع منه شيئًا بعد شيء، ويتقوَّت بِهِ. حجَّ في هذا العام، وتُوُفّي عشيّة عَرَفة بعَرَفَة مُحْرِمًا، فَحُمِل إلى مكّة، وطيف بِهِ، ودُفِن عند قبر الفُضَيْل بْن عياض. وقيل: كان إذا حج يجيء إلى قبر الفُضَيْل، ويخطّ بعصاه، ويقول: يا رب ها هنا، يا رب هنا هنا. فأتّفق أنّه مات ودُفن عنده، رحمهما الله4.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 14، 15". 2 المنتظم "9/ 163، 164"، والبداية والنهاية "12/ 171"، وشذرات الذهب "4/ 6". 3 طبقات الحنابلة "2/ 255". 4 طبقات الحنابلة "2/ 256، 257".

وروى عَنْهُ السّلَفيّ، وقال: كَانَ مِن زُهّاد بغداد، ومن القوّالين بالحقّ، والنّاهين عَنِ المنكر. 65- أحمد بْن المظفَّر بْن الحُسَيْن بْن عَبْد الله بْن سُوسَن1. أبو بَكْر البغداديّ، التّمّار. حدَّث عَنْ: أَبِي عليّ بْن شاذان، وأبي القاسم الحرفي، وأبي القاسم بن بشران. روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنْماطيّ، وابن سِلَفَهِ، وآخرون. وكان ضعيفًا. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ يُلحق سماعاته في الأجزاء. قاله شجاع الذُّهْليّ. تُوُفّي في صَفَر، وله اثنتان وتسعون سنة. وقال عَبْد الوهاب الأنْماطيّ: هُوَ شيخ مقارِب. 66- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن المهتدي بالله. الخطيب، أبو تمام بن الغريق، الهاشميّ، البغداديّ. سمع: جَدَّه القاضي أبا الحُسَيْن محمد بْن عليّ. وحدَّث. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وكان مِن كبار المعدّلين. روى عَنْهُ: السّلَفيّ. 67- إسماعيل بْن إبراهيم بْن العبّاس2. أَبُو الفضل الحسيني، أخو أَبِي الْقَاسِم النسيب. كان إمامًا كبير القدر، ولي قضاء دمشق وخطابتها بعد والده. وسمع: أبا الحُسَيْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي نصر التّميميّ. سمع منه: أبو محمد بن صابر.

_ 1 المنتظم "9/ 164"، وسير أعلام النبلاء "19/ 241، 242"، ولسان الميزان "1/ 311". 2 ذيل تاريخ دمشق "96، 97"، والوافي بالوفيات "1/ 62".

وتُوُفّي في صَفَر عَنْ ثلاثٍ وثمانين سنة1. "حرف الحاء": 68- حمْد بْن الفضل بْن محمد. الإصبهانيّ، الخوّاص، أبو محمد. تُوُفّي في ذي الحجة، وصلّى عَليْهِ القاضي أبو زُرْعة، واجتمع لجنازته خلْق كثير. "حرف العين": 69- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن البقّال. أبو الكَرَم المقرئ، البغداديّ. سَمِعَ: الحَسَن بْن المقتدر، وابن غَيْلان، وأبا طاهر محمد بْن عليّ العلّاف. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو بَكْر بْن النَّقُّور. وتُوُفّي في ذي القِعْدة وله سبْعٌ وسبعون سنة. 70- عليّ بْن عليّ بْن شِيران2. أبو القاسم الواسطيُّ المقرئ، المجوّد للقراءات. كَانَ حافظًا للقراءات، جيّد الأخْذ. قِدم بغداد في شعبان مِن السّنة. وحدث عن: الحَسَن بْن أحمد الغَنْدَجَانيّ. روى عَنْهُ: عليّ بْن أحمد اليَزْديّ. وقال سعْد الله بْن محمد الدّقّاق: كَانَ يميل إلى الاعتزال. 71- عليّ بْن محمد بْن الحبيب بْن شمّاخ3. أبو الحَسَن الغافقيّ. مِن أهل مدينة غافق بالأندلس. روى عَنْ: أبيه، والقاضي أبي عَبْد الله بْن السّفّاط. وكان مِن أهل المعرفة والنُّبْل والذّكاء. وُلّي قضاة بلدة مدة. وحمدت سيرته.

_ 1 مولده سنة "420هـ". 2 الجواهر المضية "2/ 584"، وغاية النهاية "1/ 557". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 424".

72- عُمَر بْن عَبْد الكريم1 بْن سَعْدُوَيْه بْن وَهْمَت. أبو الفتيان الدّهسْتانيّ2، الرَّوَّاسيّ3، الحافظ، الرّحّال. رحل إلى خُرَاسان، والعراق، والحجاز، والشّام، ومصر، والسّواحل. وكأن أحد الحُفّاظ المبرّزين، حسن السّيرة، جميل الأمر. كتب ما لَا يوصف كثرةً. وسمع: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا حفص بْن مسرور، وأبا الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسيّ، وطائفة. وببغداد: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وابن الَّنُّقور. وبمَرْو، ومصر. وسمع بِدِهِسْتان. أبا مسعود البَجَليّ وبه تخرَّج. وسمع بحرّان: مُبادر بْن عليّ بْن مبادر. روى عَنْهُ: شيخه أبو بَكْر الخطيب، وأبو حامد الغزاليّ، وأبو حفص عُمَر بْن محمد الْجُرْجانيّ، ومحمد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق، وشيخه نصر المقدسيّ الفقيه، وهبة الله بْن الأكفانيّ، وإسماعيل بْن محمد التَّيْميّ الحافظ، ومحمد بْن أبي الحُسَيْن الْجُوَيْنيّ، وآخرون، والسّلَفيّ بالإجازة. ودخل طوس في آخر عمره، وصحَّح عَليْهِ أبو حامد الغزاليّ "الصّحيحين". ثمّ خرجَ مِن طوس إلى مَرْو قاصدًا إلى الإمام أَبِي بَكْر السمعاني باستدعائه إيّاه، فأدركته المَنِيّة بسرخس، فتُوُفّي في ربيع الآخر كما هُوَ مؤرَّخ عَلَى بلاطة قبره. قَالَ أبو جعفر محمد بْن أبي عليّ الهَمَذَانيّ الحافظ: ما رَأَيْت في تِلْكَ الدّيار أحفظ منه، لَا بل في الدّيار كلّها. كَانَ كَتّابًا، جوّالًا، دار الدنيا لطلب الحديث. لقِيتُه بمكّة، ورأيت الشّيوخ يثُنون عَليْهِ ويُحسنون القول فيه. ثمّ لقِيتُه بجُرجان، وصار من إخواننا.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 317-320"، والبداية والنهاية "12/ 171، 172". 2 الدهستاني: نسبة إلى دهستان بلدة مشهورة عند مازندان وجرجان "الأنساب "5/ 378". 3 الرواسي: "الأنساب 6/ 172".

وقال أبو بَكْر بْن السّمعانيّ: قَالَ لي إسماعيل بْن محمد بْن الفُضَيْل بإصبهان: كَانَ عُمَر خرّيج أبي مسعود البَجَليّ. سمعته يَقُولُ: دخل أبو مسعود دِهستان، فأشترى مِن أَبِي رأسًا، ودخل المسجد يأكله. فبعثني والدي إِليْهِ، فقال لي: تعرف شيئًا؟ فقلت: لَا. فقال لوالدي: سلَّمه إليَّ فسلّمني أبي إِليْهِ، فحملني إلى نَيْسابور، وأفادني، وانتهى أمري إلى حيث انتهى1. وقال خُزَيْمَة بْن عليّ المَرْوَزِيّ الأديب: سقطت أصابعُ عُمَر الرَّوَّاسيّ في الرحلة مِن البرد الشّديد. وقال الدّقّاق في رسالته: إنّ عمر حدث بطوس بـ "صحيح مُسْلِم" مِن غير أصله، وهذا أقبح شيء عند المحدثين. وحدَّثني أنّ مولده بدِهستان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وأنّه سَمِعَ منه هبة الله بْن عبد الوارث الشيرازي في سنة ست وخمسين وأربعمائة. قال ابن نقطة في كتابه "الإستدرارك": سَمِعْتُ غير واحدٍ مِن أهل العِلْم، أنّ أبا الفتيان سَمِعَ مِن ثلاثة آلاف وستّمائة شيخِ. وقال الرَّوَّاسيّ: أريد أن أخرج إلى مَرْو وسرخس عَلَى الطّريق، وقد قِيلَ: إنّها مقبرة العِلْم، فلا أدري كيف يكون حالي بها. قَالَ الراوي: فبَلَغَنَا أنّه تُوُفّي بها. قَالَ ابن طاهر2، وغيره: الرَّوَّاسيّ نسبة إلى بيع الرءوس. وقال ابن ماكولا3: كتب الرَّوَّاسيّ عني، وكتبت عَنْهُ، ووجدته ذكيّا. وقال السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا الفضل أحمد بْن محمد السّرْخَسيّ يَقُولُ: لمّا قِدم عُمَر بْن أَبِي الحَسَن الرَّوَّاسيّ سرخس روى بها وأملى. حضر مجلسه جماعة كثيرة فقال: أَنَا أكتب أسماء الجماعة عَلَى الأصل بخطّي. وسأل الجماعة وأثبت، ففي المجلس الثّاني حضرت الجماعة، فأخذ القلم وكتب أسماءهم كلّهم عَنْ ظهر قلب، بحيث ما احتاج أن يسألهم. أو كما قال.

_ 1 الأنساب "6/ 173". 2 في الأنساب المتفقة "72". 3 في الإكمال "7/ 99".

ثمّ سَمِعْتُ محمد بْن محمد بْن أحمد يَقُولُ: حضرت هذا المجلس، وكان الجمْع اثنان وسبعون نفسًا. وقال عبد الغافر بْن إسماعيل1: عُمَر بْن أَبِي الحَسَن الرَّوَّاسيّ، مشهور، عارف بالطُّرُق. كتب الكثير، وجمع الأبواب، وصنَّف، وكان سريع الكتابة. وكان عَلَى سيرة السَّلَف، مُقِلًا، مُعيلًا. خرج مِن نَيْسابور إلى طوس، فأنزله الغزاليّ عنده وأكرمه، وقرأ عَليْهِ "الصحيح"، ثمّ شرحه. "حرف الميم": 73- مُحَمَّد بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سَنْدَة2. الإصبهانيّ، المطرّز، أبو سعْد، خازن الرئيس أَبِي عَبْد الله. سَمِعَ: الحُسَيْن بْن إبراهيم الجمّال، وأبا نُعَيْم، أحمد بْن عَبْد الله الحافظ، وأبا عليّ بْن يزداد غلام محسّن، وأبا الحَسَن بْن عَبدكَويْه، ومحمد بْن عبد الله العطّار. كنيته أبو سعْد. وُلِد في ربيع الأول سنة إحدى عشرة وأربعمائة. روى عنه: أبو طاهر السلفي، وسعد الخير الأندلسي، وأبو طاهر محمد بن محمد السّنْجيّ، وجماعة مِن الإصبهانيّين. وروى عنه حضورًا الحافظ أبو موسى المَدِينيّ وقال: تُوُفّي في الثّاني والعشرين من شوّال سنة ثلاثٍ، وهو أول من حضرت عنده للسّماع. قَالَ السّمعانيّ: ثقة، صالح. وقال السّلَفيّ في معجمه: كَانَ في الفضل عَلَى غاية من الجلالة، قرأنا عليه عن غلام محسّن، وابن مُصْعَب، وجماعة. وقرأتُ عَليْهِ القرآن، عَنْ أَبِي بَكْر بْن البقاء المقرئ صاحب أَبِي عليّ بْن حَبَش، وغيره. خرَّج لَهُ غانم بْن محمد الحافظ خمسة أجزاء، سمعناها.

_ 1 في المنتخب من السياق "370". 2 سير أعلام النبلاء "10/ 254، 255"، وشذرات الذهب "4/ 7".

74- مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الرَّحْمَن. أبو بكر الْقُرَشِيّ، الزُّهْرِيّ، الْبُخَارِيّ. كَانَ فقيهًا، صالحًا، مُسِنًا، خيّرًا. سمّعه أَبُوهُ مِن جماعة من المتقدمين، وعمر حتى حدث وأملى. وتوفي في رجب، وله ثمانون سنة. 75- محمد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد1. أَبُو عَبْد الله الطُّلَيْطُليّ. سَمِعَ مِن: عَبْد الرَّحْمَن بْن سَلَمَة، وقاسم بْن هلال، وأبي الوليد الباجي. وولي خطابة فاس، ثمّ سَبْتَة. وكان أعمى، صالحًا. تُوُفّي خطيبًا بسَبْتَة في المحرَّم. 76- محمد بْن عَبْد العزيز بْن السّنْدِوانيّ2. أَبُو طاهر البَغْدَادِيّ، شيخ صالح من أهل نهر الدجاج. حدَّث عَنْ: أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ، وأبي إِسْحَاق البرمكيّ. روى عنه: أبو طالب بن خضير. وتوفي في ربيع الأوّل. 77- المُحَسَّر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحُسَيْن. أَبُو طاهر الإسكاف، الإصبهانيّ. حدث بـ "المعجم الكبير" للطّبَرانيّ عَنْ: ابن أَبِي الحُسَيْن بْن فاذشاه. قَالَ مَعْمَر، وغيره: مات فِي ربيع الآخر. "حرف الهاء": 78- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ3. أبو المعالي الكرماني، ويُعرف بابن المطلب الوزير.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 567". 2 الأنساب "7/ 168"، ومعجم البلدان "3/ 268"، واللباب "2/ 148". 3 المنتظم "9/ 165".

وَزَرَ للخليفة مدة. وسمع مِن: أَبِي الحُسَيْن بْن المهتدي بالله. وما كأنّه حدَّث. وُلِد سنة أربعين وأربعمائة، وتوفي في ثاني شوّال. وكان كاتبًا مجيدًا حاسبًا بارعًا، تفرَّد في زمانه بعلم الديوان والتَّصَرُّف. ومدة وزارته سنتان وأربعة أشهر. وكان ذا بر ومعروف وجلالة. وفيات سنة أربع وخمسمائة: "حرف الألف": 79- أحمد بْن أَبِي الفتح عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن القاسم1. أبو العبّاس الإصبهانيّ، الخِرَقيّ. سَمِعَ: ابن رِيذة، وأبا القاسم بْن أَبِي بَكْر الذَّكْوانيّ، ومحمد بْن أحمد بْن عَبْد الرحيم الكاتب، وغيرهم. روى عنه: ابنه أبو الفتح عَبْد الله، والحافظ أبو موسى المَدِينيّ، وجماعة. تُوُفّي في السّابع والعشرين مِن ذي القِعْدة. نعم. روى عَنْهُ السّلَفيّ، وجماعة مِن شيوخ ابن اللّتّيّ الّذين بالإجازة. وخرق: موضع بإصبهان. قَالَ السلفي: كَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ببغداد مِن أَبِي عليّ بْن شاذان مَعَ سليمان الحافظ. 80- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله2. أبو المكارم بْن السُّكّري، الكاتب، البغداديّ. سَمِعَ: الحَسَن بْن المقتدر بالله. روى عنه: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وغيره، والسلفي.

_ 1 الأنساب "5/ 91، 92". 2 المنتظم "9/ 166".

81- إسماعيل بْن عَبْد الغافر بْن محمد بْن عَبْد الغافر بْن أحمد1. أبو عَبْد الله ابن الشّيخ أَبِي الحُسَيْن الفارسي، ثمّ النَّيْسابوريّ. زوج بِنْت القُشَيْريّ. سَمِعَ في صباه مِن: أَبِي حسّان محمد بْن أحمد المُزَكّيّ، وأبا سعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان النَّصرويّ، وأحمد بن محمد بن الحارث النحوي، ومحمد ابن عَبْد العزيز النّيْليّ. ورحل سنة ثلاثٍ وخمسين، وبقي يطوف عشر سنين في خوزستان وفارس. وكتب قريبًا مِن ألف جزء بخطّه. وسمع ببغداد: عَبْد الصّمد بْن المأمون، وقبله أبا محمد الجوهريّ، وجماعة. روى عَنْهُ: عَبْد الله بْن الفَرَاويّ، وعبد الخالق بْن الشّحّاميّ، وأبو شجاع عُمَر البِسْطاميّ، وأمّ سَلَمَة، والحافظ عبد الغافر، وعمر بْن الصَّفّار، وأبو بَكْر التّفْتَازانيّ، وطائفة سواهم. وتُوُفيّ فِي ذي القعدة. وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ فاضلًا، عالمًا، لم يفتر مِن السّماع والتّحصيل. "حرف الحاء": 82- الحُسَيْن بْن عليّ. أبو عَبْد الله بْن الحبّال، الحنبليّ، المقرئ. سَمِعَ: أبا محمد الخلّال، والغسّانيّ. مات في ذي القِعْدة. 83- حمزة بْن محمد بْن عليّ2. أبو يَعْلَى، أخو طِراد الزَّيْنَبيّ، الهاشميّ. توفي في رجب، في سادس عشره.

_ 1 المنتظم "9/ 166"، وسير أعلام النبلاء "19/ 262، 263"، وشذرات الذهب "4/ 7، 8". 2 العبر "4/ 8"، وسير أعلام النبلاء "19/ 352، 353".

قَالَ السّلَفيّ: كَانَ أبو يَعْلَى جليل القدر. ولد سنة سبع وأربعمائة. وروى لنا عن أَبِي العلاء الواسطيّ، وأبي محمد الخلّال. وذكر لي أنّه قرأ "الفصيح" عَلَى عليّ بْن عيسى الرَّبَعيّ. قلت: وكذا ورّخ ابن السّمعانيّ مولده، ولو أنّ حمزة سُمّع في صغره مثل أخيه طِراد، لسَمِعَ مِن أَبِي الحُسَيْن بْن بِشْران، وهلال الحفّار، ولصار مُسْنَد الدُّنيا في عصره، وأنا أتعجّب كيف لم يسمّعوه1؟. قَالَ السّلَفيّ: قَالَ لي أبو يَعْلَى: قد سَمِعْتُ عَلَى القاضي أبا الحُسَيْن التَّوَّزيّ، وأبي الحَسَن بْن فشش المالكيّ. وتموَّل الوزير ابن أَبِي الرّيّان عَلَى حملي إلى أَبِي الحَسَن بْن الحمّاميّ المقرئ، فلم يتّفق ذَلِكَ، ولا سَمِعْتُ منه. قلت: عاش سبْعًا وتسعين سنة. "حرف العين": 84- عَبْد الغفّار بْن عَبْد المُلْك بْن عَبْد الغفار. أبو منصور البصْريّ الأديب، مِن شيوخ هَمَذَان. ثقة صدوق. لَهُ رحلة إلى بغداد. سَمِعَ مِن: أَبِي الحُسَيْن بْن الَّنُّقور، وطبقته. تُوُفّي في رجب. وقد روى اليسير. 85- عَبْد المنعم بْن عليّ بْن أحمد بْن الغَمْر. أبو القاسم الكِلابيّ، الدّمشقيّ، الورّاق، المعروف بالمُدَيد. سَمِعَ: أبا عَبْد الله بْن سلْوان، وأبا القاسم بْن الفُرات، وأبا عليّ الأهوازي، ورشأ بْن نظيف، وأبا الحُسَيْن بْن أَبِي نصر، وجماعة. روى عَنْهُ: الصّائن هبة الله بْن عساكر، وأبو المعالي بن صابر، وغيرهما.

_ 1 وقال المؤلف الذهبي في السير "19/ 352": وأنا أتعجب من هذا كيف لم يسمع من أبي الحسين بن بِشْران، وأبي عليّ بن شاذان.

وكان مولده في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. وأوّل سماعه بعد الأربعين. وتوفي في ثامن ذي القِعْدة. فذكر ابن الأكفانيّ أنّه نزل في بركة حمّام حارّة فمات. 86- عَبْد الوهاب بْن هبة اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ1. أبو الفَرَج السّيِبيّ2، ثمّ البغداديّ. كَانَ يعرف النَّحْو واللُّغة، وأدّب أولاد الخليفة. سَمِعَ: أبا محمد الصَّريْفينيّ. تُوُفّي في المحرَّم، وقد جاوز الثّمانين، في طريق الحجّ، ودُفِن بالمدينة المنورة. 87- عليّ بْن الحُسَيْن بْن المبارك. أبو الحَسَن، ابن أخت المَزْرَفيّ. إمام مسجد درب السّلْسلة. كَانَ إمامًا فاضلًا، حسن الإقراء؛ ختم عَليْهِ خلْق. وكان قد قرأ عَلَى: أَبِي بَكْر الخيّاط، وأبي عليّ بْن البنا، وغيرهما. قرأ عَليْهِ القرآن سعْد الله الدّقّاق وقال: كَانَ أوحد عصره في حُسن الأداء، والقراءة الحَسَنة، والنَّغَمة الطّيّبة. وما كَانَ لسانه يفتر عَنْ ذِكر الموت. تُوُفّي في ربيع الأخر. 88- عليّ بْن محمد بْن عليّ إلْكيا3. أبو الحَسَن الهرّاسيّ، الطَّبَرِسْتانيّ، الفقيه الشّافعيّ، عماد الدين. تفقَّه بنَيْسابور مدّةً عَلَى إمام الحرمين، وكان مليح الوجه، جهْوريّ الصوت، فصيحًا، مطبوع الحركات، زكي الأخلاق.

_ 1 المنتظم "9/ 167". 2 السيبي: نسبة إلى سيب قرية بنواحي قصر ابن هبيرة "الأنساب 7/ 215". 3 سير أعلام النبلاء "19/ 350-352"، والبداية والنهاية "12/ 172، 173"، وشذرات الذهب "4/ 8-10"، ومعجم المؤلفين "7/ 220".

ثمّ خرج إلى بيْهق، فأقام بها مدّة، ثمّ قِدم العراق، وولي تدريس النّظاميّة ببغداد إلى أن تُوُفّي. وحظي بالحشمة والجاه والتّجمُّل، وتخرَّج بِهِ الأصحاب. وروى شيئًا يسيرًا عَنْ أَبِي المعالي، وغيره. روى عنه: سعْد الخير الأنصاريّ، وعبد الله بْن محمد بْن غلّاب الأنباريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ. وكان يستعمل الحديث في مناظراته. وإلْكِيا: بالعجميّ هُوَ الكبير القدْر، المُقدَّم. تُوُفّي أوّل المحرَّم. وكان مولده في سنة خمسين. وأربعمائة. وقد رُمي إلْكِيا، رحمه الله، بأنّه يرى في المناظرة رأيَ الإسماعيلية، وليس كذلك، بل وقع الاشتباه على القائل بإن صاحب الأَلمُوت ابن الصّبّاح يلقَّب بإلْكِيا أيضًا. فافْهم ذَلِكَ، وأمّا الهَراسيّ فبرئ مِن ذَلِكَ. قَرَأْتُ عَلَى الْعَلَّامَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْمُؤْمِنِ بن خَلَفَ الْحَافِظِ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ الْحَافِظُ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ إِمْلَاءً، أَنَّهُ قَرَأَ مِن حِفْظِهِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُفَضَّلِ الْحَافِظِ قَالَ: ثَنَا أَبُو طَاهِرِ بْنُ سِلَفَةِ الْحَافِظِ، ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ إِلْكِيَا: أَنَا إِمَامُ الْحَرَمَيْن أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَنَا وَالِدِي أَبُو مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ- قَالَ: "الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ" 1. مُتَّفَقٌ عَليْهِ. وَمِمَّنْ يَشْتَبِهُ بِإِلْكِيَا الْهَرَّاسِيِّ مُعَاصِرُهُ الْإِمَامُ الْقَاضِي: 89- أبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن عليّ الطَّبَرِسْتانيّ الآمُليّ2. سمع من

_ 1 أخرجه البخاري "2079"، ومسلم "1531"، والنسائي "7/ 248"، ومالك "1363"، وأحمد "2/ 56". 2 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "5/ 291-296".

الحافظ عَبْد الله بْن جعفر الخبّاز بآمُل في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، ومن أبي يعلى الخليلي، وأبي جعفر بن المسلمة، وابن المأمون. وله قصيدة رثى بها إمام الحرمين. ذكره ابن الصّلاح في "الشافعية"، ولم يذكر لَهُ وفاة. وكأنّه مات قبل هذا الأوان، فالله أعلم. روى عنه: قاضي آمُل ابن أخته أبو جعفر محمد بْن الحُسَيْن بْن أميركا. "حرف الميم": 90- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ بن الصَّنْدليّ. أبو بَكْر المقرئ البابَصْريّ. سَمِعَ: أبا محمد الخلّال. وحدَّث. روى عَنْهُ: سعْد الله بْن محمد الدّقّاق. ومات في صَفَر. 91- محمد بْن صالح بْن حمزة بْن مُحَمَّد1. أَبُو يَعْلَى بْن الهبّارّية، الهاشميّ، العبّاسيّ الشّريف البغداديّ نظام الدّين. أحد الشّعراء المشهورين. أكثر شِعْره في الهجاء والسُّخْف. وكان ملازمًا لخدمة نظام المُلْك. وله كتاب "نتائج الفطْنة في نظمْ كليلة ودِمْنَة". وديوان شِعْره في ثلاث مجلَّدات. وهو القائل: رأيتُ في النّوم عرسي وهي ممسكةٌ ... ذقني وفي كفّها شيءٌ مِن الأَدَمِ مِعْوجَ الشّكل مسْوَدّ بِهِ نُقَط ... لكّن أسفله في هيئة القَدَم حتّى تنبّهتُ مُحَمَّر القَذَال، فلو ... طال الرقاد على الشيخ الأديب عم2

_ 1 الأنساب "12/ 306"، وسير أعلام النبلاء "19/ 392"، ولسان الميزان "5/ 367". 2 وفيات الأعيان "4/ 455".

قَالَ العماد الكاتب1: تُوُفّي بِكَرْمان سنة أربعٍ وخمسمائة. وهبّار جدّ لأمّه. وقيل: تُوُفّي سنة تسعٍ، فسأعيده هناك. 92- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي النَّضْر2. أبو بَكْر البَلديّ3، النَّسَفّي، المحدّث. منسوب إلى بلد نَسَف، يعني أنّه لَيْسَ مِن قُرى نَسَف. حدَّث بالكُتُب الكبار كـ "الصحيح" لعمر بن محمد بن بجير. سَمِعَ مِن: جعفر بْن محمد المستغفري، وأحمد بْن عليّ المايْمَرْغِيّ4، وغيرهما. قَالَ ابن السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ نحو مِن عشرين نفسًا. وقال عمر بن محمد النسفي في كتاب "القند": إنّه تُوُفّي في ثالث صَفَر سنة خمسٍ وخمسمائة، وإنه ولد في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. قَالَ أبو سعْد: كَانَ إمامًا فاضلًا، وعُمَّر العُمر الطّويل حتّى روى الكثير. وسمع: أَبَاهُ أبا نصر، ومحمد بْن يعقوب السّلاميّ، وأبا مسعود أحمد بْن محمد البجلي، والحسين بْن إبراهيم القَنْطريّ. روى لنا عَنْهُ أحمد بْن عَبْد الجبّار البلديّ، والحسن بْن عَبْد الله المقرئ، ومسعود بْن عُمَر الدّلّال، وميمون بْن محمد الدّرْبيّ. 93- محمد بْن الحسين5. أبو جعفر السّمِنْجانيّ. إمام مسجد راعُوم. تفقَّه ببُخارى عَلَى: أَبِي سهل الأبِيَوَرْدِيّ. وبمَرْو الرّوذ عَلَى: القاضي حسين.

_ 1 في الخريدة "2/ 72". 2 الأنساب "2/ 288، 289". 3 النسفي: نسبة إلى نسف، وهي من بلاد ما وراء النهر "الأنساب 12/ 80". 4 المايمرغي: نسبة إلى مايمرغ، وهي قرية كبيرة على طريق بخارى "الأنساب 11/ 109، 110". 5 الأنساب "7/ 150".

وأملى ببلْخ. قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ جماعة بما وراء النّهر، وخُراسان، ومات ببلْخ. 94- محمد بْن علي بْن محمد. أبو الحَسَن بْن الحديثي1، البغداديّ، عُرِف بابن الشّدّاد. سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان. وعنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، والسّلَفيّ. 95- محمد بْن عمر بْن أَبِي العصافير2. الخزرجيّ، الْجَيّانيّ. أَبُو عَبْد الله. كَانَ فقيهًا مبُرّزًا، تفقَّه عَلَى أَبِي مروان بْن مالك بقُرْطُبَة. ورحل فأخذ عَنْ عَبْد الحقّ بْن هارون الفقيه. وشُوور في الأحكام. وطال عُمره، وشاخ. "حرف الياء": 96- يحيى بْن عليّ بْن الفَرَج3. أبو الحُسَيْن الْمَصْرِيّ، الخشّاب، المقرئ، الأستاذ. قرأ عَلَى: أَبِي العبّاس بْن نفيس، ومصنَّف "العنوان" أَبِي الطّاهر إسماعيل بْن خَلَف، ومحمد بْن أحمد القَزْوينيّ، وأبي الحُسَيْن الشّيرازيّ، وجماعة. قرأ عَليْهِ الشّريف أبو الفُتُوح الخطيب شيخ أبي الجود، وغيره. وتوفي في هذه السّنة. فأمّا: 97- عليّ بْن أحمد. المَصّيصيّ، الأبْهريّ، الضّرير، صاحب أَبِي عليّ الأهوازيّ، فلم أظفر لَهُ بترجمة، وهو أكبر شيخ للشريف الخطيب. تلا عليه بعد عام خمسمائة.

_ 1 الحديثي: نسبة إلى الحديثة، وهي بلدة على الفرات فوق هيت والأنبار "الأنساب 4/ 84". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 567". 3 العبر "4/ 8"، والنجوم الزاهرة "5/ 202"، وشذرات الذهب "4/ 10".

وفيات سنة خمس وخمسمائة "حرف الألف": 98- أحمد بْن الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن كوشيذ. أبو غالب الإصبهانيّ. تُوُفّي في غرة جُمَادَى الأولى، وله ثمانون سنة. مِن شيوخ الحافظ أبي موسى المَدِينيّ، سَمِعَ منه جميع "الكبير"1 للطّبَرانيّ، عَنِ ابن رِيذة. 99- أحمد بْن عُمَر بْن عطية2. أبو الحُسَيْن الصَّقَلّيّ، المؤدّب. سَمِعَ: أبا القاسم السّمَيْساطيّ، وعبد العزيز الكَتَّانيّ. وكان يؤدب في مسجد رحْبة البَصل. قَالَ الحافظ ابن عساكر: أدركته وأجاز لي، وتُوُفّي في ربيع الآخر، وهو ثقة. سأله ابن صابر عن مولده فقال: سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. 100- أصْبَغ بْن محمد بن أصْبَغ3. أبو القاسم الأَزْديّ، القُرْطُبيّ، العلّامة، كبير المُفْتين بقُرْطُبَة. روى الكثير عَنْ: حاتم بْن محمد. وتفقَّه عَلَى أبي جعفر رزق. وأخذ عَنْ: أَبِي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني. وأجاز له أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبو عُمَر بْن الحذّاء ما رووه. وكان مِن جِلّة العلماء وكبار الفقهاء، بارعًا في المذهب، قُدْوة في الشروط لا يجارى. وأم بجامع قرطبة.

_ 1 هو "المعجم الكبير". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 193، 194"، وتهذيب تاريخ دمشق "1/ 417". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 109، 110".

وكان مجوّدًا للقرآن، فاضلًا، متصوَّنًا، عزيز النّفس. سَمِعَ النّاس منه، وناظروا عَليْهِ. تُوُفّي في صَفَر. ووُلِد في سنة خمسٍ وأربعين. 101- إبراهيم بْن سعد بْن إبراهيم1. النَّيْسابوريّ. شيخ، صالح، دلّال. سَمِعَ: أبا حفص بْن مسرور، وأبا عثمان الصّابوني، وجماعة. تُوُفّي فجأة. 102- إبراهيم بْن محمد2. الفقيه أبو إسحاق الْجُرْجانيّ، الزّاهد، نزيل إسفراين. ذكره عَبْد الغافر، وأنّه تُوُفّي سنة خمس تخمينًا، وقال: أحد الأولياء والعُبّاد، وأرباب الفنون، المشتغلين بمراعاة الأنفاس مع الله، المعرضين عَنِ الدُّنيا؛ بنى دوَيْرة بإسْفَراين. إلى أن قَالَ: وكان مِن أصحاب الكرامات الظّاهرة، رحمه الله. "حرف الباء": 103- بركات بْن الفضل بْن محمد. التَّغْلبيّ، الفارقيّ. سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن المهتدي بالله، وأبا الحُسَيْن بْن الَّنُّقور، وابن البَطِر، وجماعة في كهولته. مولده بميّافارِقين سنة سبع وعشرين وأربعمائة. وتوفي بصور. قال ابن عساكر: ثنا عَبْدان بْن رزين، ثنا بركات الفارقيّ في سنة تسع وثمانين وأربعمائة، أنا ابن البطر.

_ 1 المنتخب من السياق "127". 2 المتنخب من السياق "126".

"حرف التاء": 104- تَمِرتاش بْن ... كين التُّرْكيّ. روى عن: أبي جعفر بن المسلمة. ذِكره شجاع الذُّهْليّ في "مُعْجَمه". "حرف الحاء": 105- الحَسَن بْن إسماعيل بْن حفص. أبو المعالي المصريّ. روى عن: أَبِي القاسم بْن القطّاع. روى عَنْهُ: أبو محمد العثمانيّ. 106- الحَسَن بْن عبد الأعلى. أبو عليّ الكَلاعيّ، السَّفَاقُسِيّ. أخذ ببلده عَنْ أبي الحَسَن اللَّخْميّ. وسمع بالأندلس من: أبي عبد الله بن سعدن، وأبي علي الغساني. وسكن سبتة، وأريد علي قضاء الجزيرة فامتنع. وكان فقيها، متكلما، عارفا بالهندسة والفرائض. مات كهلا. 107- الحسن بن عبد الواحد بن أحمد بن الحصين1. أبو القاسم الدسكري، ويعرف بابن الفقيه، وكيل الخليفة المستظهر، وناظر المخزن. ذهب رسولًا إلى أصبهان. وحدث عَنْ: الصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور. روى عَنْهُ: محمد بن عبد الخالق الجوهري، وطائفة.

_ 1 المنتظم "9/ 168".

"حرف الخاء": 108- خَلَف بْن سُلَيْمَان بْن خَلَف بْن مُحَمَّد بْن فتحون1. أبو القاسم الأندلسيّ. من أهل أوريوله. روى عَنْ: أَبِيهِ، وابن الوليد الباجي، وطاهر بن مفوز. وكان فقيها، أديبا، شاعرا، مفلقا. ولي قضاء شاطبة، ودانية. روى عنه: ابنه محمد، وزياد بن محمد. وكان يصوم الدهر. وله مصنف في الشروط، رحمه الله. "حرف السين": 109- سعد بن محمد بن المؤمل. أبو نصر النيسابوري. سمع: أبا حفص بن مسرور. قال يحيى بن منده: سَمِعْتُ منه، وقدِم إصبهان مرارًا. مات في ربيع الآخر، وله إحدى وسبعون سنة. "حرف العين": 110- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بن الآبنُوسيّ2. أبو محمد، أخو أَبِي الحَسَن أحمد الفقيه. كَانَ أحد وكلاء القاضي أَبِي عَبْد الله الدّامَغَانيّ، وغيره مِن القُضاة. وكان قد اشتغل وحصّل، وسمع الحديث مِن: التّنُوخيّ، والجوهريّ، وأبي طَالِب العُشَاريّ. وسمع "التّاريخ" مِن الخطيب.

_ 1 معجم شيوخ الصدفي "104". 2 العبر "4/ 9"، وسير أعلام النبلاء "19/ 277، 278".

روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعبد الله الحلْوانيّ بمَرْو، وجماعة ببغداد، والسّلَفيّ. قَالَ أبو بَكْر السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا محمد الآبنُوسيّ يَقُولُ: كنت لَا أسمع مُدّة مِن التّنُوخيّ لما أسمع من مليه إلى الاعتزال، ثمّ سَمِعْتُ منه حتّى صرت عنده أعز مِن كلّ أحد، وكان يسمّيني يحيى بْن مَعِين. وُلِد سنة ثمانٍ وعشرين. وتُوُفّي في يوم الثّلاثاء سادس عشر جُمَادَى الأولى. 111- عبد المُلْك بْن محمد بْن حسين1. البزوغاني، الحربيّ، أبو محمد. روى عَنْ: أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ. روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو المُعَمَّر، وغيرهما، وعبد الحقّ. مات في المحرَّم. 112- عبد الواحد بْن أحمد بْن عُمَر بْن السَّمَرْقَنْديّ. أَبُو طاهر، أخو عَبْد الله، وإسماعيل. سَمِعَ: أبا محمد الصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور. ومات في صَفَر، ولم يَرْوِ. 113- علي بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب2. أبو الحَسَن بْن أَبِي طاهر بن العلّاف البغداديّ. مِن بيت الحديث والقراءة. وكان أحد حجّاب الخليفة. عُمّر حتّى رحل إِليْهِ النّاس، وكان ذا طريقةٍ جميلة وخصالٍ حميدة. وهو آخر مِن روى عن الحمّاميّ. وسمع عبد الملك بن بشران أيضًا.

_ 1 المنتظم "9/ 168". 2 المنتظم "9/ 168"، وسير أعلام النبلاء "19/ 242"، وشذرات الذهب "4/ 10".

روى عَنْهُ: ابنه أبو طاهر محمد، ومحمد بْن محمد السّنْجيّ، والسّلَفيّ، وخطيب المَوْصِل، وأبو بَكْر بْن الَّنُّقور، وخلق كثير. وآخر مِن حدَّث عَنْهُ أبو السّعادات القزّاز. وقال أبو بَكْر السّمعانيّ بعد أن ذكر مِن لحِق مِن أصحاب ابن بِشْران فسمّى ابن العلّاف، وقال: هُوَ أجلّ أصحابه عندي. سمعته يَقُولُ: ولدت في المحرم سنة ست وأربعمائة، وسمعتُ مِن أَبِي الحُسَيْن بْن بِشْران. وقال: وعظ والدي النّاس سبعين سنة. تُوُفّي في الثّالث والعشرين مِن المحرَّم سنة خمسٍ. وكمّل تسعًا وتسعين سنة. "حرف الميم": 114- المبارك بْن سعيد1. أبو الحسن الأسدي، البغدادجي، التّاجر، ويُعرف بابن الخشّاب. سمع: القُضاعيّ، وأبا بكر الخطيب. ودخل الأندلس تاجرًا، فحدث بـ "تاريخ بغداد". سَمِعَ منه: أبو عليّ الغسّاني، والكبار. وسمع هُوَ مِن أَبِي مروان بْن سِراج. قال ابن يشكوال: كَانَ مِن أهل الثّقة والثّروة. رجع إلى بغداد. وقال ابن السّمعانيّ: كَانَ أحد الشُّهُود المُعدّلين. مات في ذي القِعْدة. 115- المبارك بْن فاخر بْن محمد بْن يعقوب2. الأستاذ، إمام النحو، أبو الكرم بن الدقاق. ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، ولازم ابن برهان الأسدي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 634". 2 ميزان الاعتدال "3/ 431"، ولسان الميزان "5/ 11".

وروى عَنْ: الجوهري، وابن المسلمة، والقاضي أبي يَعْلَى، وغيره. أخذ عَنْهُ: ابن ناصر، والسّلَفيّ، وابن السّجْزيّ. وصنَّف، وتصدَّر، وبرع. تُوُفّي في ذي القِعْدة. حطّ عَليْهِ ابن ناصر وكذّبه. 116- محمد بْن أحمد بْن أَبِي النَّضْر بْن موسى بن سعيد بن منذر بن صاحب1. البَلَديّ، أبو بَكْر النَّسَفيّ. محدّث ما وراء النَّهر. قد ذكرناه في السّنة الماضية، والأصحّ وفاته في هذه، فينقل إلى هنا. 117- محمد بْن حَيْدَرة بْن مفوَّز بْن أَحْمَد بْن مفوَّز2. أبو بَكْر المَعَافِريّ، الشّاطبيّ. روى عَنْ: عمّه طاهر، وأبي عليّ الغسّانيّ وأكثر عَنْهُمَا. وأخذ أيضًا عَنْ: أبي مروان بْن سراج، ومحمد بْن فرج الطلّاع. وأجاز له أبو عمر بن الحذاء، وأبو الوليد الباجي. وكان حافظا للحديث وعلله، عارفا برجاله، متقنا، ضابطا، عارفا بالأدب، والشعر، والمعاني، كامل العناية بذلك. أسمع الناس بقرطبة، وخلف أبا علي شيخه في مجلسه، وأقرأ على ابن حزم في جزء، وتصدر وعلم إلى أن تُوُفّي سنة خمس وخمسمائة. وكان مولده سنة ثلاثٍ وستّين، رحمه اللَّه. 118- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد3. أبو عبد الله بن المحتسب القرطبي، المقرئ.

_ 1 تقدمت ترجمته برقم "92". 2 الصلاة لابن بشكوال "2/ 567، 568". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 568".

أخذ عَنْ: أَبِي محمد بْن أَبِي شعيب، وأبي مروان بن سراج. وكان نحويا، لغويا، علامة. أخذ الناس عنه. 119- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم. أَبُو سعد الإصبهاني المديني، يعرف بسر فرتج الثاني. كان من أجلاء الكتبة. روى عَنْ: أَبِي نُعَيْم الحافظ. وحدث عنه جماعة، منهم أبو موسى المديني، وهو من كبار شيوخه. توفي في آخر يوم من السنة. وقد حدَّث ببغداد. وروى عَنْهُ: أبو الفتح بْن البَطّيّ، والسّلَفيّ. وقد خدم بالشّام. 120- محمد بْن عليّ بْن محمد1. شيخ الحنابلة، أبو الفتح الحلوانيّ، الزّاهد. تُوُفّي يوم الأضحي، وشيّعه خلائق. صحِب القاضي أبا يَعْلَى قليلًا، ثمّ بَرَع عَلَى الشّريف أَبِي جعفر. وأفتى، ودرّس، وتعبّد، وتألّه. 121- محمد بْن عيسى بْن حسن2. القاضي أبو عَبْد الله التّميميّ، الفقيه، المالكيّ، السّبْتيّ. أخذ عَنْ: أَبِي محمد المَسِيليّ، ولزمه مدّة. وتفقَّه أيضًا عَلَى أَبِي عَبْد الله بْن العجوز. وسمع بالمَريّة صحيح البخاري على ابن المرابط.

_ 1 المنتظم "9/ 170"، ومعجم المؤلفين "11/ 50". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 605"، وسير أعلام النبلاء "19/ 266".

ورحل إلى قُرْطُبَة، فأخذ عَنْ: عَبْد المُلْك بْن سِراج، وأبي عليّ الغسّانيّ، ومحمد بْن فرج. وكتان حسن السَّمْت، وافر العقل، مليح المَلْبَس. تفقَّه بِهِ أهل سَبْتَة، وكان يُسمّى: الفقيه العامل. تفقَّه عَليْهِ: أبو محمد بْن شَبُونَة، والقاضي عِياض، وأبو بَكْر بْن صلاح. ورحل إليه النّاس مِن النُواحي، وبَعُد صِيته، واشتهر اسمُه، ونَجَب مِن أصحابه خلْق. وكان خيّرًا، رقيق القلب، سريع الدّمْعَة، مُؤْثرًا للطَّلَبَة. بنى جامع سَبْتَة، وعَزَل نفسه مِن القضاء بأخرة. ثمّ ولّوه قضاء الجماعة بفاس، فلم تُعجبه الغُربة، فرجع، وتُوُفّي بسَبْتَة في جُمَادَى الآخرة. قاله تلميذه أبو عَبْد الله محمد بْن حمادة الفقيه، وبالغ في تعظيمه حتّى قَالَ: كَانَ إمام المغرب في وقته. ولم يكن في قُطْر مِن الأقطار منذ يحيى بْن يحيى الأندلسيّ مِن حَمَل النّاس عَنْهُ أكثر منه، ولا أكثر نجابةً مِن أصحابه. وقال عياض1: مولده سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. 122- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد2. الإمام زين الدّين أبو حَامد الغزّاليّ، الطّوسيّ، الفقيه الشّافعيّ، حُجّة الإسلام. قرأ قطعة مِن الفقه بطُوس عَلَى أحمد الرّاذكَانيّ3، ثمّ قِدم نيسابور في طائفة مِن طَلَبة الفقه، فجدّ واجتهد، ولزِم إمام الحرمين أبا المعالي حتّى تخرَّج عن مدّة قريبة، وصار أنْظَرَ أهل زمانه، وواحد أقرانه، وأعادً للطّلبة، وأخذ في التّصنيف والتّعليق. وكان الإمام أبو المعالي مَعَ عُلُوّ درجته وفرط ذكائه، لا يطيب له تصديه

_ 1 في ترتيب المدارك "4/ 584". 2 المنتظم "9/ 168-170"، وسير أعلام النبلاء "19/ 322-346"، والعبر "4/ 10"، والبداية والنهاية "12/ 173، 174". 3 الراذكاني: نسبة إلى راذكان بليدة بأعالي طوس "الأنساب "6/ 37".

للتّصنيف، وإن كَانَ في الظّاهر مبتهجًا بِهِ1. ثمّ إنّ أبا حامد خرج إلى المعسكر، فأقبل عَليْهِ نظام المُلْك، وناظر الأقران بحضرته، فظهر اسمُه، وشاع أمره، فولّاه النّظّام تدريس مدرسته ببغداد، ورسَم لَهُ بالمصير إليها، فقدِمها، وأعجبَ الكُلّ مناظرته. وما لَقِي الرجل مثل نفسه. ثمّ أقبل عَلَى عِلم الأصول، وصنَّف فيها وفي المذهب والخلاف، وعظُمَت حشْمته ببغداد، حتى كانت تغلب حشمة الأمراء والأكابر، فانقلب الأمر مِن وجهٍ آخر، وظَهَر عَليْهِ بعد مطالعة العلوم الدّقيقة، ومُمارسة التّصانيف طريق التّزهُّد والتّألُّه فترك الحشمة، وطرح الرُّتْبة، وتزوَّد للمَعَاد، وقصد بيت الله، وحجّ، ورجع عَلَى طريق الشّام، وزار القدس، وأقام بدمشق مدّة سِنين2، وصنف بها "إحياء علوم الدّين" وكتاب "الأربعين"، و"القسطاس"، و"محك النَّظَر"، وغير ذَلِكَ. وأخذ في مجاهَدَة النَّفْس، وتغيير الأخلاق، وتهذيب الباطن، وانقلب شيطان الرُّعونة، وطلب الرئاسة والتّخلُّق بالأخلاق الذّميمة، إلى سكون النَّفْس، وكرم الأخلاق، والفراغ عَنِ الرسوم، وتَزَيّا بزيّ الصّالحين. ثمّ عاد إلى وطنه، لازمًا بيته، مشتغلًا بالتّفكير، مُلازِمًا للوقت، فبقي عَلَى ذَلِكَ مدّة. وظهرت لَهُ التّصانيف. ولم يبدُ في أيّامه مناقضةٌ لِما كَانَ فيه، ولا اعتراضٌ لأحدٍ عَلَى مآثره، حتّى انتهت نوبة الوزارة إلى فخر المُلْك، وقد سَمِعَ وتحقَّق بمكان أَبِي حامد وكمال فضله، فحضره وسمع كلامه، فطلب منه أن لَا تبقى أنفاسه وفوائده عقيمة، لَا استفادة منها ولا اقتباس من أنوارها، وألح عليه كل الإلحاح، وتشدد في الاقتراح إلى أن أجاب إلى الخروج، وقدم نَيْسابور. وكان اللَّيْثُ غائبًا عَنْ عرينه، والأمر خافيا في مستور قضاء الله ومكنونه. ورُسِم لَهُ بأن يُدرسّ بالمدرسة النّظامية، فلم يجد بُدًا من ذَلِكَ. قَالَ هذا كلّه وأكثر منه عَبْد الغافر بْن إسماعيل في "تاريخه". ثمّ قَالَ: ولقد زُرْته مِرارًا، وما كنتُ أحدُسُ في نفسي مَعَ ما عهِدْته في سالف الزّمان عَليْهِ مِن الزَّعارة، وإيحاش النّاس، والنّظر إليهم بعين الازدراء، والاستخفاف بهم كِبَرًا وخُيَلاء واغتِرارًا بما رُزِق مِن البسْطة في النُّطْق، والخاطر، والعبارة، وطلب الجاه، والعُلُوّ في المنزلة أنه

_ 1 انظر طبقات ابن الصلاح "1/ 260". 2 انظر طبقات ابن الصلاح "1/ 261".

صار عَلَى الضّدّ، وتصفيّ مِن تِلْكَ الكُدُورات. وكنت أظنّ أنّه متلفّعٌ بجلباب التَّكَلُّف، متنمّس بما صار إليه، فتحققت بعد السَّبْرِ والتَّنقير أنّ الأمر عَلَى خلاف المظنون، وأنّ الرجل أفاق بعد الجنون. وحكى لنا في ليالٍ كيفيّة أحواله، مِن ابتداء ما ظهر لَهُ بطريق التّألُّه، وغَلَبة الحال عليه، بعد تبحُّره في العلوم، واستطالته عَلَى الكلّ بكلامه، والاستعداد الّذي خصّه الله بِهِ في تحصيل أنواع العلوم، وتمكّنه مِن البحث والنَّظَر، حتّى تبرَّم بالاشتغال بالعلوم العَريَّة عَنِ المعاملة، وتفكَّر في العاقبة، وما ينفع في الآخرة؛ فابتدأ بصُحبة أبي عليّ الفارْمَذيّ1، فأخذ منه استفتاح الطّريقة، وامتثل ما كَانَ يشير بِهِ عَليْهِ مِن القيام بوظائف العبادات، والإمعان في النّوافل، واستدامة الأذكار والاجتهاد والجدّ، طلبًا للنّجاة، إلى أن جاز تِلْكَ العِقاب، وتكلّف تِلْكَ المشاقّ، وما حصل عَلَى ما كَانَ يرومه. ثم حكى أنه راجع العلوم، وخاض في الفنون، وعاود الْجَدّ في العلوم الدّقيقة، والتقى بأربابها، حتّى تفتَّحت لَهُ أبوابها، وبقي مدّةً في الوقائع، وتكافؤ الآداب، وأطراف المسائل. ثمّ حكى أنّه فُتِح عَليْهِ بابٌ مِن الخوف، بحيث شغله عَنْ كلّ شيء، وحمله عَلَى الإعراض عمّا سواه، حتّى سهل ذَلِكَ عَليْهِ. وهكذا إلى أن ارتاض كلّ الرياضة، وظهرت لَهُ الحقائق، وصار ما كنّا نظن به ناموسًا وتخلقًا، طَبْعًا وتحقُّقًا. وأنّ ذَلِكَ أثر السّعادة المُقَدَّرة لَهُ مِن الله تعالى. ثمّ سألناه عَنْ كيفية رغبته في الخروج مِن بيته، والرجوع إلى ما دُعيَ إليه مِن أمر نَيْسابور. فقال معتذرًا: ما كنت أجوّز في ديني أن أقف عَنِ الدّعوة، ومنفعة الطّالبين، وقد خفَّ عليَّ أن أبوح بالحقّ، وأنطق بِهِ، وأدعو إِليْهِ. وكان صادقًا في ذَلِكَ2. فلمّا خفّ أمر الوزير، وعلم أنّ وقوفه عَلَى ما كان فيه ظهور وحشة وخيال طلب جاهٍ وحِشْمة، ترك ذَلِكَ قبل أن يُتْرَك، وعاد إلى بيته، واتَّخَذَ في جواره مدرسة لطلبة

_ 1 الفارمذي: هو الفضل بن محمد بن علي، لسان خراسان وشيخها. توفي سنة 477هـ"، وقد تقدمت ترجمته في الطبقة الثامنة والأربعين. 2 طبقات ابن الصلاح "1/ 262"، وتبيين كذب المفتري "294، 295".

العِلْم، وخانقاه للصُّوفيّة، ووزّع أوقاته عَلَى وظائف الحاضرين، مِن ختْم القرآن، ومجالسته أصحاب القلوب، والقعود للتّدريس لطالبه، إلى أن توفّاه الله بعد مُقاساة أنواع مِن القَصْد، والمناوأة مِن الخصوم، والسّاعين بِهِ إلى الملوك، وكفاية الله إيّاه، وحِفْظه وصيانته عَنْ أن تنوشه أيدي النَّكَبَات، أو يُنتهكَ سِتْرُ دينه بشيءٍ مِن الزّلّات. وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب حديث المصطفى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومجالسة أهله، ومطالعة "الصّحيحَين". ولو عاش لسبق الكلّ في ذَلِكَ الفنّ بيسيرٍ مِن الأيّام. ولم يتَّفق لَهُ أن يروي، ولم يُعْقِبْ إلّا البنات. وكان لَهُ مِن الأسباب إرثًا وكسْبًا ما يقوم بكفايته، وقد عرضت عليه أموال فما قَبِلَها1. وممّا كَانَ يُعترض بِهِ عَليْهِ، وقوعُ خَلَلٍ مِن جهة النَّحْو يقع في أثناء كلامه، ورُوجع فيه، فأنْصف من نفسه، واعترف بأنّه ما مارسه، واكتفى بما كَانَ يحتاج إليه في كلامه، مَعَ أنّه كَانَ يؤلّف الخُطَب، ويشرح الكُتُب بالعبارة التّي يعجز الأدباء والفُقهاء عَنْ أمثالها. وممّا نُقِم عَليْهِ أيضًا ما ذَكَر مِن الألفاظ المستبشعة بالفارسيّة في كتاب "كيمياء السّعادة والعلوم"، وشرح بعض الصُّوَر والمسائل، بحيث لَا يوافق مراسم الشّرع، وظواهر ما عَليْهِ قواعد الإسلام. وكان الأَوْلَى بِهِ، والحقّ أحقّ ما يُقال، ترك ذَلِكَ التّصنيف، والإعراض عَنِ الشّرح لَهُ2، فإنَّ العَوام ربّما لَا يُحكمون أُصول القواعد بالبراهين والحُجَج، فإذا سمعوا أشياء مِن ذَلِكَ تخيَّلوا منه ما هُوَ المُضِرّ بعقائدهم، ويَنْسِبُون ذَلِكَ إلى بيان مذهب الأوائل عَلَى أنّ المنصف اللّبيب إذا رَجَع إلى نفسه، علم أنّ أكثر ما ذكره ممّا رمز إليه إشارات الشّرع، وإنْ لم يَبُحْ بِهِ. ويوجد أمثاله في كلام مشايخ الطّريقة مرموزةً، ومصرَّحًا بها، متفرّقة. وليس لفظٌ منه إلّا وكما يُشعر أحدُ وجوهه بكلامٍ موهوم، فإنّه يُشِعر بسائر وجوهه بما يوافق عقائد أهل الملة، فلا يجب إذا حمْله إلّا عَلَى ما يوافق، ولا ينبغي أن يتعلَّق بِهِ في الرّدّ عَليْهِ متعلّق، إذا أمكنه أن يبيّن لَهُ وجهًا. وكان الأَوْلَى بِهِ أن يترك الإفصاح بذلك كما تقدم.

_ 1 تبيين كذب المفتري "296". 2 المنتخب من السياق "74".

وقد سمعت أنه سمع مِن "سنن أَبِي داود"، عَنِ القاضي أَبِي الفتح الحاكميّ الطّوسيّ. وَسَمِعَ مِن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أحمد الخُوَاري، مَعَ ابنيه الشّيخين: عَبْد الجبّار، وعبد الحميد، كتاب "المولد" لابن أَبِي عاصم، عَنْ أبي بَكْر أحمد بْن محمود بْن الحارث، عَنْ أَبِي الشّيخ، عَنْهُ1. قلت: ما نقم عَبْد الغافر عَلَى أَبِي حامد مِن تِلْكَ الألفاظ الّتي في "كيمياء السّعادة" فلأبي حامد أمثاله في بعض تواليفه، حتّى قَالَ فيه، أظّنه تلميذه ابن العربيّ: بَلَغ شيخنا أبو حامد الفلاسفة، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع. رَأَيْت غير واحدٍ مِن الأئمّة يقولون، إنّه ردّ عَلَى الفلاسفة في مواضع، ووافقهم عليها في بعض تواليفه، ووقع في شكوك، نسأل الله السّلامة واليقين، ولكنّه مثال حسن القصْد. وللإمام أَبِي عَبْد الله محمد بْن عليّ المازريّ الصَّقَلّيّ كلام عَلَى "الإحياء" يدلّ عَلَى تبحُّره وتحقيقه، يَقُولُ فيه: وبعد فقد تكرّرتْ مكاتبتُكُم في استعلام مذهبنا في الكتاب المترجم بـ "إحياء علوم الدّين"، وذكرتم أنّ آراء النّاس فيه اختلفت، فطائفة انتصرت وتعصّبت لإشهاره، وطائفة منه حذّرت وعنه نفّرت، وطائفة لعَيْبِه أظهرت، وكُتُبه حرّقت، ولم تنفردوا أهل المغرب باستعلام ما عندي، بل كاتبني أهل المشرق مثل ذَلِكَ، فوجب عندي إبانة الحق. ولم نتقدّم إلى قراءة هذا الكتاب سوى نُبَذٍ منه. فإن نفس الله العمر، مددت في هذا الكتاب للأنفاس، وأزلت عن القلوب الالتباس. واعلموا أنّ هذا الرجل، وإن لم أكن قرأت كتابه، فقد رَأَيْت تلامذته وأصحابه، فكلٌ منهم يحكي لي نوعًا مِن حاله وطريقته، استلْوح منها مِن مذاهبه وسيرته، ما قام لي مقام العِيان، فأنا أقتصر في هذا الإملاء عَلَى ذِكر حال الرجل، وحال كتابه، وذِكر جُمِل مِن مذاهب الموحّدين، والفلاسفة، والمتصوّفة وأصحاب الإشارات. فإنّ كتابه متردّد بين هذه الطّرائق الثّلاث، لَا تعدوها، ثمّ أُتْبع ذَلِكَ بذِكر حيَل أهل مذهبٍ عَلَى أهل مذهب آخر، ثُمَّ أبين عن طرق الغرور، وأكشف عما فيه من خيال الباطل، ليُحذَر مِن الوقوع في حبائل صائده. ثمّ أثنى المازَريّ عَلَى أَبِي حامد في الفقه، وقال: هُوَ بالفقه أعرف منه بأُصُوله، وأمّا عِلم الكلام الَّذِي هُوَ أُصول الدّين، فإنّه صنف فيه أيضًا، وليس بالمستبحر فيها،

_ 1 المنتخب من السياق "74" وفيه: "وتمام الكتاب من جزءين مسموع له".

ولقد فطنت لسبب عدم استبحاره، وذلك لأنّه قرأ علوم الفلسفة قبل استبحاره في فنّ الأُصُول، فِأكسَبَتْه قراءةُ الفلسفة جُرأةً عَلَى المعاني، وتسهُّلًا للهجوم عَلَى الحقائق، لأنّ الفلاسفة تمرّ مَعَ خواطرها، وليس لها حُكْم شَرْع يزَعُها، ولا يَخاف مِن مخالفة أئمّة تتعبها. وعرّفني بعض أصحابه أنّه كَانَ لَهُ عُكُوف عَلَى رسائل إخوان الصّفاء، وهي إحدى وخمسون رسالة، ومصنفها فيلسوف قد خاض في عِلْم الشّرْع والنَّقْل، فخرج ما بين العِلْمَيْن، وذكر الفلسفة، وحسّنها في قلوب أهل الشّرع بآياتٍ يتلو عندها، وأحاديث يذكرها. ثمّ كَانَ في هذا الزّمان المتأخّر رجلٌ مِن الفلاسفة يُعرف بابن سينا، ملأ الدُّنيا تواليف في علوم الفلسفة، وهو فيها إمامٌ كبير، وقد أدّاه قُوتُه في الفلسفة إلى أن حاول ردّ أُصول العقائد إلى علم الفلسفة، وتلطّف جَهْدَه حَتَّى تم لَهُ ما لم يتم لغيره. وقد رَأَيْت جملا من دواوينه، ووجدت هَذَا الغَزَالِي يعوّل عليه في أكثر ما يشير إِليْهِ مِن علوم الفلسفة. إلى أن قَالَ: وأمّا مذاهب الصُّوفيّة، فلست أدري عَلَى مِن عوَّل فيها، ولكنّي رَأَيْت فيما علّق عَنْهُ بعضُ أصحابه، أنّه ذكر كُتُب ابن سينا وما فيها، وذكر بعد ذَلِكَ كُتُب أَبِي حَيّان التّوحيديّ، وعندي أنّه عَليْهِ عوّل في مذاهب الصُّوفيّة. وقد أُعْلِمتُ أنّ أبا حَيّان ألّف ديوانًا عظيمًا في هذا الفنّ، ولم يُنقل إلينا شيءٌ منه. ثمّ ذكر المازَرِيّ تَوَهُّنَه أكثر ما في "الإحياء" مِن الأحاديث. وقال: عادة المتورّعين أن لَا يقولوا: قَالَ مالك، قَالَ الشّافعيّ. فيما لم يثبُت عندهم. وفي كتابه مذاهب وآراء في العمليّات هِيَ خارجة عَنْ مذاهب الأئمّة. واستحسانات عليها طلاوة، لَا تستأهل أن يُفتى بها. وإذا تأمّلتَ الكتابَ وجدتَ فيه مِن الأحاديث والفَتْوى ما قلته، فَيَستحسن أشياء مبناها عَلَى ما لَا حقيقة لَهُ، مثل قصّ الأظْفار أن تبدأ بالسَّبّابة، لأنّ لها الفضل عَلَى بقيّة الأصابع، لأنها المُسَبّحة، ثمّ نقصّ ما يليها مِن الوسطى، لأنّها ناحية اليمين، ونختم بإبهام اليمنى. وذَكَر في ذَلِكَ أثرًا. وقال: مِن مات بعد بلوغه ولم يعلم أنّ البارئ قديم، مات مسلمًا إجماعًا. ومن تَساهلَ في حكاية الإجماع في مثل هذا الَّذِي الأقرب أن يكون فيه الإجماع يعكس ما قَالَ، الحقيق أن لَا يوثَّق بما فعل. وقد رَأَيْت لَهُ في الجزء الأوّل أنّه ذكر أنّ في علومه هذه ما لَا يسوغ أن تُودَع في

كتاب. فليت شِعْري، أحقٌ هُوَ أو باطل؟ فإنْ كَانَ باطلًا فصَدق، وإن كَانَ حقًا، وهو مُرادُه بلا شكّ، فلِمَ لَا يودَع في الكُتُب، أَلغُمَوضه ودِقّته؟ فإن كَانَ هُوَ فَهْمُه، فما المانع لأن يفهمه غيره1. قَالَ الطُّرْطُوشيّ محمد بْن الوليد في رسالة لابن المظفَّر: فأمّا ما ذكرت مِن أمر الغزّاليّ، فرأيت الرجل وكلّمته، ورأيته جليلًا مِن أهل العلم، قد نهضت به فضائله، واجتمع فيه العقل والفَهْم، وممارسة العلوم طول عُمره. وكان عَلَى ذَلِكَ مُعْظَم زمانه، ثمّ بدا لَهُ عَنْ طريق العالم، ودخل في غُمار العُمّال، ثمّ تصوّف، فهجر العلومَ وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب العقول، ووساوس الشّيطان، ثم شابَها بآراء الفلاسفة، ورموز الحلّاج، وجعل يطعن عَلَى الفقهاء والمتكلّمين. ولقد كَاد أن ينسلخ مِن الدّين. فلمّا عمل "الإحياء" عمد يتكلّم في عُلُوم الأحوال ومرامز الصُّوفيّة، وكان غير أنيسٍ بها، ولا خبير بمعرفتها، فسقط عَلَى أمّ رأسه وشحن كتابه بالموضوعات. وقال أبو عَمْرو بْن الصّلاح: فصْلٌ لبيان أشياء مهّمة أُنْكِرتْ عَلَى الغزّاليّ في مصنَّفَاته، ولم يَرْتضِها أهلُ مذهبه وغيرهم مِن الشّذوذ في تصرّفاته، منها قولُه في المنطق: هُوَ مقدّمة العلوم كلّها، ومن لَا يحيط بِهِ، فلا ثقة لَهُ بمعلومه أصلًا، وهذا مردودٌ، فكلّ صحيح الذّهْن مَنْطِقيّ بالطَّبْع، وكيف غفل الشّيخ أبو حامد حال مشايخه مِن الأئمّة، وما رفعوا بالمنطق رأسًا. قَالَ ابن الصّلاح2: وأمّا كتاب "المضْنوُن بِهِ عَلَى غير أهله"، فَمَعَاذ الله أن يكون لَهُ. شاهدتُ عَلَى نسخة بخطّ القاضي كمال الدِّين محمد بن عبد الله بن الشّهْرزُوريّ أنّه موضوعٌ عَلَى الغزاليّ، وأنّه مخَتَرعٌ مِن كتاب "مقاصد الفلاسفة"، وقد نقضه بكتاب "التّهافُت". وقال أبو بَكْر الطُّرْطُوشيّ: شحن الغزاليّ كتابه "الإحياء" بالكذِب عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا أعلم كتابًا عَلَى بسطة الأرض أكثر كذبًا عَلَى رَسُول اللهِ منه. ثم شبكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل إخوان الصَّفَاء وهم قومٌ يرون النُّبُوَّة اكتسابًا. فليس نبيّ في زعمهم أكثر مِن شخص فاضل، تخلَّق بمحاسن الأخلاق، وجانب سفاسفها،

_ 1 انظر طبقات ابن الصلاح "1/ 255-259". 2 في طبقاته "263".

وساس نفسه، حتّى مَلَك قيادها، فلا تغلبه شهواته، ولا يقهره سوء أخلاقه، ثمّ ساس الخلق بتلك الأخلاق. وزعموا أنّ المعجزات حِيَل ومخاريق. وقال الحافظ أبو القاسم بْن عساكر في ترجمته: ثمّ حجّ، ودخل الشّام، وأقام بها نحوًا مِن عشر سِنين، وصنَّف، وأخذ نفسه بالمجاهدة، وكان مُقامه بدمشق في المنارة الغربيّة مِن الجامع. وقد سَمِعَ "صحيح الْبُخَارِيّ" من أبي سهل محمد بْن عُبَيْد الله الحفْصيّ. وقدم دمشق في سنة تسعٍ وثمانين. قلتُ: وجالس بها الفقيه نصر المقدسيّ. وقال القاضي شمس الدّين بْن خَلّكان1: إنّه لزِم إمامَ الحرمين، فلمّا تُوُفّي خرج إلى نظام المُلْك، فبالغ في إكرامه، وولّاه نظاميّة بغداد، فسار إليها في سنة اربعٍ وثمانين، وأقبل عَليْهِ أهْل العراق، وارتفع شأنه. ثمّ ترك ذَلِكَ في سنة ثمانٍ وثمانين، وتزهَّد، وحجَّ، ورجع إلى دمشق، فاشتغل بها مدّة بالزّاوية الغربيّة، ثمّ انتقل إلى بيت المقدس، وجُدَّ في العبادة، ثمّ قصد مصر، وأقام مدّة بالإسكندرية، ويقال إنّه عزم عَلَى المُضِيّ إلى الأمير يوسف بْن تاشفين سلطان مَرّاكُش، فبلغه نَعيُّه. ثمّ أنّه عاد إلى وطنه بطُوس. وصنَّف التصانيف: "البسيط"، و"الوسيط، والوجيز"، و"الخلاصة في الفقه"، و"إحياء علوم الدين". وفي الأصول: "المستصفى"، و"المنخول"، و"اللباب"، و"بداية الهداية"، و"كيمياء السعادة"، و"المأخذ"، و"التحصين"، و"المعتقد"، و"إلجام العوام"، و"الرد على الباطنية"، و"الاقتصاد في اعتقاد الأوائل"، و"جواهر القرآن"، و"الغاية القصوى"، و"فضائح الإباحية"، و"عود الدّور". وله: "المِنْجَل في عِلم الْجَدَل"، وكتاب "تهافت الفلاسفة"، وكتاب "محك النظر"، و"معيار العلم"، و"المضنون به على غير أهله". و"شرح الأسماء الحسنى"، و"مشكاة الأنوار"، و"المنقذ من الضلال"، و"حقيقة القولين"، وغير ذلك من الكتب. وقد تصدر للإملاء.

_ 1 في وفيات الأعيان "4/ 216".

ولد سنة خمسين وأربعمائة. وقال عَبْد الغافر1: تُوُفّي يوم الإثنين رابع عشر جُمَادَى الآخرة سنة خمس، ودُفِن بمقبرة الطّابران، وهي قصبة بلاد طوس. وقولهم: الغزّاليّ، والعطّاريّ، والخبّازيّ، نسبة إلى الصَّنائع بلغة العجم، وإنّما ينبغي أن يقال الغزّال، والعطّار، ونحوه. وللغزاليّ أخٌ واعظ مدرّس لَهُ القَبُول التّامّ في التّذكير واسمه: - أبو الفتوح أحمد. درّس بالنظاميّة ببغداد، نيابة عن أخيه لمّا ترك التّدريس، قليلًا، وبقي إلى حدود سنة عشرين وخمسمائة. وقال ابن النّجّار في "تاريخه": الغزّاليّ إمام الفُقهاء عَلَى الإطلاق، وربّانيّ الأمة بالاتّفاق، ومجتهد زمانه، وعين أوانه. برع في المذهب، والأُصول، والخلاف، والْجَدَل، والمنطق، وقرأ الحكمة، والفلسفة، وفهم كلامهم، وتصدّى للرّدّ عليهم. وكان شديد الذّكاء، قويّ الإدراك ذا فِطْنة ثاقبة، وغوص عَلَى المعاني، حتى قِيلَ إنّه ألّف كتابه "المنخول"، فلمّا رآه أبو المعالي قَالَ: دَفنتني وأنا حيّ، فهلّا صبرتَ حتّى أموت، لأنّ كتابك غطّى عَلَى كتابي2. ثمّ روى ابن النّجّار بسنده، أنّ والد الغزّاليّ كَانَ رجلًا مِن أرباب المِهَن يغزل الصُّوف، ويبيعه في دُكّانه بطُوس، فلمّا احتضر أوصى بولديه محمد وأحمد إلى صديقٍ لَهُ صوفيّ صالح، فعلّمهما الخطّ، وفني ما خلَّف لهما أبوهما، وتعذّر عليهما القُوت، فقال: أرى لكما أن تلجأ إلى المدرسة كأنّكما طالبَيْن للفِقْه، عسى يحصل لكما مقدار قُوتكما. ففعلا ذَلِكَ. وقال أبو العبّاس أحمد الخطيبيّ: كنت يومًا في حلقة الغزّاليّ، رحمه الله، فقال: مات أَبِي، وخلّف لي ولأخي مقدارًا يسيرًا، ففني، بحيث تعذّر القُوت علينا، وصرنا إلى مدرسةٍ نطلب الفقه، لَيْسَ المراد سوى تحصيل القُوت. وكان تعلُّمنا لذلك لا لله. فأبى أن يكون لله.

_ 1 في المنتخب "74/ 75". 2 المنتظم "9/ 168، 169".

وقال أسعد المَيْهنيّ: سَمِعْتُ الغزّاليّ يَقُولُ: هاجرت إلى أَبِي نصر الإسماعيلي بجُرْجان، فأقمت إلى أن أخذت عَنْهُ "التّعليقة"1. قَالَ ابن النّجّار: وقرأتُ عَلَى أبي القاسم الأَسَديّ العابد بالثّغر، عن أبي محمد عبد الله بن علي الأشيري قال: سمعت أبا محمد عبد المؤمن بن علي القيسي، سمعت أبا عبد الله محمد عَبْد الله بْن تُومرْت السُّوسيّ يَقُولُ: أبو حامد الغزّاليّ قرع الباب وفُتِح لنا. قَالَ ابن النّجّار: بلغني أنّ أبا المعالي الْجُوَيْنيّ كَانَ يصف تلامذته يَقُولُ الغزّاليّ بحرٌ مُغْرِق، إلْكِيا أسدٌ مخرِق، والخَوَافي نارٌ تحرق. وقال أبو محمد العثمانيّ، وغيره: سمعنا محمد بْن يحيى بْن عبد المنعم العَبْدَريّ المؤدّب يقول: رأيت بالإسكندرية سنة خمسمائة كأن الشّمس طلعت مِن مغربها، فعبّره لي عابرٌ ببدعةٍ تَحْدُث فيهم، فبعد أيّامٍ وصل الخبر بإحراق كُتُب الغزّاليّ بالمَرِية. وقال أبو عامر العَبْدري الحافظ: سَمِعْتُ أبا نصر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القاهر الطُّوسيّ يحلف بالله أنّه أبصر في نومه كأنّه ينظر في كُتُب الغزّاليّ، فإذا هِيَ كلّها تصاوير. قلت: للغزّاليّ غَلَط كثير، وتناقض في تواليفه، ودخولٌ في الفلسفة، وشُكوك. ومن تأمَّل كُتُبُه العقْليّة رَأَى العجائب. وكان مزجيّ البِضاعة مِن الآثار، عَلَى سعة علومه، وجلالة قدره، وعظمته. وقد روى عَنْهُ أبو بَكْر بْن العربيّ الإمام "صحيح الْبُخَارِيّ"، بروايته عَنِ الحفصيّ، فيما حكى ابن الحدّاد الفاسي، ولم يكن هذا بثقة، فالله أعلم. أَنَا صَبٌّ مُسْتهامُ ... وهمومٌ لي عظام طال ليلي دون صحبتي ... سهرتْ عينيّ وناموا بي غليلٌ وعليل ... وغريم وغرامُ ففؤادي لحبيبي ... ودمي لَيْسَ حرامُ ثمّ عرضي لعذولي ... أمة العشق كرام

_ 1 انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "16/ 195".

123- مقاتل بْن عطيّة بْن مقاتل1. أبو الهَيْجا البكْريّ، الحجازي. الأمير شبْل الدّولة. مِن أولاد أمراء العرب. دخل خُرَاسان، وغَزْنَة لوحشةٍ وقعت بينه وبين إخواته، واختصّ بالوزير نظام المُلْك وصاهره، ثمّ عاد إلى بغداد لمّا قُتِل النّظام. وله شِعْر جيد. ثمّ قصد كَرْمان ليمتدح وزيرَها ناصر الدّين مُكْرَم بْن العلاء، فوفد عَليْهِ، فوصَلَه بألفيْ دينار لمّا أنشده قصيدته: دَعِ العِيسَ تذْرعُ عرْضَ الفلا ... إلى ابنِ العَلاءِ وإلا فلا ثمّ إنّه دخل هَرَاة، وأحبّ بها امرأةً، وقال فيها الأشعار، ثمّ مرض، وغلبت عَليْهِ السَّوداء، وتُوُفّي في حدود هذه السّنة، في ربيع الأوّل بمرو وله ديوان. "حرف الهاء": 124- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن الفَضْل. أبو سعْد الشّيرازيّ، الأديب. سَمِعَ: أبا طَالِب محمد بْن محمد بْن غَيْلان. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عليّ زُفرة المفيد الإصبهاني، وغيره. وتُوُفّي في صَفَر عَنْ: أربعٍ وسبعين سنة. "حرف الياء": 125- يوسف بْن عَبْد العزيز بْن عُدَيْس2. أبو الحَجّاج الأنصاريّ، الأندلسيّ. مكثر عَنْ: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ. وسمع بطُلَيْطلَة من جُماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن. وسكنها وتفقَّه بها.

_ 1 وفيات الأعيان "5/ 257-260"، وسير أعلام النبلاء "19/ 271". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 681، 682".

وكان حافظًا، ذكيا، متقنًا، مصنفًا. روى عنه: أبو عامر بْن حبيب الشّاطبيّ. تُوُفّي في نصف شوال. وفيات سنة ست وخمسمائة "حرف الألف": 126- أحمد بْن الفَرَج بْن عُمَر1. أبو نصر الدّيَنَوريّ، الإبريّ، والد شُهْدَة. شيخ، زاهد، ثقة، خيّر. سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفراء، وأبا الغنائم بْن المأمون، وجماعة. روى عَنْهُ: بنته. وتوفي في جمادى الأولى مِن السّنة. 127- أحمد بْن أَبِي عاصم. الصَّيْدلانيّ، الهَرَويّ. أحد المعمَّرين. سَمِعَ: أبا يعقوب القرّاب الحافظ. قَالَ أبو سعْد السّمعانيّ: أجاز لي مَرْويّاته في سنة ستٌّ هذه. 128- أحمد بْن محمد بْن عُمَر بْن إبراهيم. أبو منصور الكرمانيّ، ثمّ الإصبهاني، الواعظ، الزّاهد، ويُعرف بابن إدريس. روى عَنْ: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم. روى عَنْهُ: أبو موسى الحافظ وقال: تُوُفّي في تاسع صَفَر. ودُفِن عند قبر حُممة الدَّوْسيّ. 129- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن محمد بن القارئ2. أبو غالب الهَمَذَانيّ، الخفّاف، العدْل. كَانَ شيخًا مُسِنًا، مَعْمَرا، مِن أهل الشّهادات. وُجِد سماعه في كتب المحدثين.

_ 1 المنتظم "9/ 172"، والكامل في التاريخ "10/ 493، 494". 2 العبر "4/ 11"، وشذرات الذهب "4/ 13، 14".

روى عَنْ: أَبِي سَعِيد بْن شُبانة، ومنصور بْن عَبْد الرَّحْمَن الحنبليّ، والحسين بن عمر النهاوندي الصوفي. روى عنه: السلفي، وشهردار بن شيرويه. وأظن الحافظ أبا العلاء روى عنه. وآخر من روى عنه أبو الكرم علي بن عبد الكريم. وقد حدَّث في سنة ستٌّ هذه. ولم يذكر لَهُ شِيرَوَيْه وفاة. 130- أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحُسَيْن1. الأستاذ أبو الحسين الكرماني، الزاهد، شيخ الصوفية. ذكره عَبْد الغافر الفارسيّ فقال: أحد أولياء الله، ومن أفراد عصره مجاهدة ومعاملة وخلقًا مشاهدة. ورد نَيْسابور، وأقام عند أَبِي القاسم القُشَيْريّ، وسلك طريق الإرادة ونفذ منها. وكان أبو القاسم يعتني بِهِ. وحصّل مِن العلوم ما يحتاج إليه مِن الأصول والفُروع، وجمع كتب أَبِي القاسم وسمعها، ثمّ غلب عَليْهِ قوة الحال، فصار مستغرقًا في الإرداة. وكان ظريف اللّقاء، مقبول المشاهدة، رخيم الصَّوْت، ولم يزل في صُحْبة الشَّيْخ أَبِي القاسم إلى أن تُوُفّي، فعاد إلى كَرمان، وقد طاب وقتُه مرّةً، فخرج مِن الكُتُب الّتي حصّلها، ووضعها في الوسط، فأشار عَليْهِ أبو القاسم بحِفْظ ذَلِكَ. وقال: احفظها وديعةً عندك، ولم يأذن لَهُ في بَيْعها ولا هِبتها، فكان يستصحبها، يصونُها ولا يُطالعها، ويقول: إنّها وديعة للإمام عندي. واشتغل بما كَانَ لَهُ مِن الأحوال العالية الصّافية، ثمّ بعدما صار إلى كَرْمان، بقي شيخَ وقته، ووقع لَهُ القبول عند الملوك، والوزراء، والأكابر، واستكانوا لَهُ، وتبرَّكوا بِهِ. وما كَانَ يرغب فيهم ولا يأخذ أموالهم، بل كَانَ يجتنبهم، ويختار العُزلة والإنزواء ببعض القرى.

_ 1 المنتخب من السياق "116".

جاء نِعيُّه إلى نَيْسابور في سنة أربعٍ وسبعين وأربعمائة، ثمّ ظهر خلاف ذَلِكَ، وعاش إلى سنة ست وخمسمائة، فجاء نعيُّه في منتصف ربيع الأوّل. سَمِعَ الكثير، وما روى إلّا القليل. قلت: عاش سبعين أو ثمانين سنة. 131- أحمد بْن عليّ بْن محمد بْن عَبْدُوس1. أبو حامد بْن الحذاء النَّيْسابوريّ. ذكره عَبْد الغافر فقال: شيخ مستور مِن أقارب الحاكم الحسكانيّ. سَمِعَ مِن: صاعد بْن محمد. وسمع "مُسْنَد العشرة" مِن أَبِي سعْد النّصرويّ. وسمع "فضائل الصّحابة" لأحمد بْن حنبل مِن النّصروي، بسماعه مِن أَبِي بَكْر القَطِيعيّ سنة سبْعٍ وستّين. أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَد: نا أَبِي وقرئ عَليْهِ بدلالة الوالد عَليْهِ. واسم أَبِي سعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان. وُلِد أحمد في سنة ثمان عشرة، وتُوُفّي في شوّال. روى عَنْهُ: عُمَر بْن أحمد الصَّفّار، وجماعة مِن مشيخة عَبْد الرحيم السّمعانيّ. 132- أحمد بن عبد الواحد بن مُحَمَّد بن الدّبّاس. أبو سعْد، ويُعرف بابن السّقْلاطونيّ وبابن الحريريّ. حدَّث عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ. وعنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طاهر السلفي. توفي في شعبان. 133- أحمد بن أبي نصر. البغدادي، الغضاري. سمع: الحسن بن محمد الخلال. روى عنه: المبارك بن كامل، وأبو طالب بن خضير. توفي في ذي الحجة، ودفن بباب حرب، رحمه الله.

_ 1 المنتخب من السياق "117".

134- إبراهيم بن حمزة بن ينكي بن محمد بن علي1. أبو محمد الخداباذي، البخاري. حج سنة خمسمائة، فسمع بالبصرة، وسمع بمكّة أبا محمد بْن بتنّة. روى عَنْهُ ابنه حمزة ببُخارى. تُوُفّي بالمدينة، ودُفِن بالبقيع يوم عاشوراء. 135- إدريس بْن هارون بْن الحُسَيْن. أبو محمد البغداديّ، الصّائغ، المقرئ. شيخ صالح، روى قليلًا عَنْ أَبِي الحُسَيْن بْن الَّنُّقور. وتُوُفّي في رمضان. روى عنه: السلفي، وأبو عامر العبدري. وما زال يسمع إلى أن مات. 136- إسماعيل بْن أَحْمَد بْن محمد بْن أَحْمَد. أبو الرجاء ابن الشَّيْخ أَبِي الفتح الحداد الأصبهاني. روى عن: أبي بكر بْن رِيذة، وعبد العزيز بْن أحمد بْن ماذَوْيه، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم. روى عَنْهُ: المبارك بْن المبارك السَّرَّاج، والمبارك بْن أحمد الأنصاريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ. سكن بغداد، ثمّ سكن مصر، وبها تُوُفّي. 137- إسماعيل بْن الحَسَن بْن عليّ بْن حمدون2. أبو القاسم السَّنْجَبَسْتيّ الفرائضيّ، القاضي، مُسْنَد وقته. وُلِد في حدود سنة عشر وأربعمائة. وسمع: أبا بَكْر أحمد بْن الحَسَن الحِيريّ، والصَّيْرفيّ، وأبا عليّ الحَسَن البلْخيّ. وسمع منه الآباء والأبناء، وعُمّر دهرًا طويلًا، وكان ذا مروءة وحشمة.

_ 1 الأنساب "5/ 55"، ومعجم البلدان "2/ 348". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 244"، والعبر "4/ 11".

روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو شجاع عُمَر بْن محمد البِسْطاميّ، ومحمد بْن الحُسَيْن الواعظ بواسط، وأبو الفتوح الطّائيّ، وجماعة كثيرة. تُوُفّي في شهر صَفَر بسَنْجَبَسْت. وثّقه عَبْد الغافر. وسَنْجَبَسْت: عَلَى مرحلة مِن نَيْسابور. وكان يدخل البلد ويحدّث. "حرف الجيم": 138- جعفر الحنبليّ1. المعروف بالدَّرْزِيجانيّ، الفقيه. صاحب القاضي أَبِي يَعْلَى بْن الفرّاء. ذكره أَبُو الْحُسَيْن بْن الفرّاء فِي "طبقات أصحاب أحمد". وقد لقّن خلْقًا القرآن. وكان جوادًا، مَهيبًا، ذا سطوة وجلالة. وهو جعفر بْن الحَسَن. وبالغ في تعظيمه ابن النّجّار، وأنّه كَانَ يختم كلّ يَوْمٍ القرآن في رَكْعةٍ واحدة، وأنّه تفقَّه عَلَى أَبِي يَعْلَى. "حرف الحاء": 139- حبيبة بِنْت عَبْد العزيز بْن موسى بْن سباع. الأندلُسيّة، زَوْجَة أَبِي القاسم بْن مُدبر. سَمِعْتُ: أبا عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبا العبّاس العُذْريّ. وكان لها خطّ مليح ومعرفة، وفيها دين. وولدت سنة سبع وثلاثين. 140- الحسين بن الحاكم أحمد بن عبد الرحيم2. الإسيماعيلي أبو سعيد.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 257"، وسير أعلام النبلاء "19/ 414، 415". 2 المنتخب من السياق "189".

سَمِعَ من: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وجماعة. وتُوُفّي في ذي الحجة. 141- الحَسَن بْن محمد بْن محمود بْن سَوْرَة1. أبو سَعِيد النَّيْسابوريّ، سِبْط شيخ الإسلام أبي عثمان الصّابونيّ. ذكره عَبْد الغافر فقال: فاضل، عالم، عَهْدِناه أفضل أهل بيته. سَمِعَ مِن جدّه ومشايخ عصره، وسمع مِن الواحديّ تفسيره. وعقد مجلس الإملاء. تُوُفّي في شوّال في آخر الكهولة. 142- حَمْد بْن إسماعيل بْن حَمْد بْن محمد2. أبو الْحَسَن الْهَمَذَانيّ، المعروف بالشّيخ الزكيّ. كَانَ صدوقًا حَجّاجًا. سَمِعَ: ابن غَيْلان، والخلّال، والطَّنَاجيريّ، وعبد العزيز بْن عليّ الأزَجيّ، وابن المُذْهِب. روى عَنْهُ: عَبْد الخالق بْن يوسف، والسّلَفيّ. وتُوُفّي في نصف ربيع الأوّل بالمدينة، ودُفِن بالبقيع. روى عَنْهُ السّلَفيّ في البلد الأوّل مِن أربعيه. 143- حمْد بْن محمد بْن أحمد بْن منصور. أَبُو القاسم الأصبهاني، القصاب، والصوفي، الطّويل. 144- حَمْدُ بْن محمد بْن أَبِي بَكْر. أبو شُكْر الإسكاف. 145- حمد بْن طاهر بْن أحمد. أبو الفضل الأنماطيّ، المؤذّن. إصبهانيّ يروي عن الباطِرْقانيّ. روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ.

_ 1 التحبير "1/ 209"، والمنتخب من السياق "190". 2 معجم السفر للسلفي ق "1/ 167، 168".

146- حَيْدَرة بْن أحمد بْن حُسَين1. أبو تراب الأنصاريّ، الدّمشقيّ المقرئ، المعروف بالخروف. سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن مكّيّ، وأبا القاسم الحِنَّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب. قَالَ ابن عساكر: سمعتُ منه جزءًا من "تاريخ بغداد". وكان مكثرًا. وتوفي في ربيع الأوّل. قلت: وهو أقدم شيخ لابن عساكر موتا. "حرف الخاء": 147- خَلَف بْن محمد2. الشَّيْخ أبو القاسم بْن الْمَرِيّيّ. كَانَ مِن سكان الْمَرِية مِن الأندلس. قَالَ ابن الدباغ: رأيته سنة ست وخمسمائة. سمع من: أَبِي العبّاس العُذريّ. ولقي أبا عَمْرو عثمان بْن سَعِيد الدّانيّ. وكان عنده أدب. "حرف الصاد": 148- صاعد بْن منصور بْن إسماعيل بْن صاعد3. أبو العلاء النَّيْسابوريّ، الخطيب، القاضي، المدرّس، قاضي القُضاة. كَانَ إمام الحرمين يُثني عَليْهِ، وكان محبوبًا، مقبولًا، رضيّ الأخلاق، خَلَف أَبَاهُ في الخطابة، والتّدريس، والوعظ، ثمّ وُلّي قضاة خُوارَزْم. وحجّ، وأقام ببغداد مدّةً، ثم عاد إلى نَيْسابور، وعقد مجلس الإملاء. سَمِعَ جدّه: أبا الْحَسَن، وعمّه أبا عليّ، وأباه القاضي أبا القاسم، وعمر بن

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 295". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 175". 3 المنتخب من السياق "260"، والمنتظم "9/ 172"، والبداية والنهاية "12/ 175".

مسرور، وأبا عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسي، والحسن بن محمد الدَّربَنْديّ، وجماعة. روى عنه: أبو عثمان إسماعيل العصائديّ، وأبو شجاع عُمَر البِسْطاميّ، وغيرهما. تُوُفّي في رمضان. "حرف الطاء": 149- طُونة بِنْت عَبْد العزيز بْن موسى بْن طاهر1. العالمة، زوجة أبي القاسم بْن مدبّر. أخذت عَنْ أَبِي عُمَر بْن عبد الْبَرّ، وكتبت تصانيفه. وكانت حسَنة الخطّ. عاشت سبعين سنة. "حرف العين": 150- العبّاس بْن أحمد بن محمد2. أبو الفضل الْحَسْنَويّ، النَّيْسابوريّ، الشَّقَّانيّ، الفقيه، المحدّث. أنفق عمره في طلب الحديث، وأفاد، وكتب، وكان رقيق الحال، فقيرًا، قانعًا. سَمِعَ: عَبْد الرَّحْمَن بن حمدان النصروبي، وأحمد بْن محمد بْن الحارث التّميميّ الإصبهانيّ، وأبا حسّان محمد بْن أحمد بْن جعفر، ومحمد بن إبراهيم المزكي، وجماعة كثيرة. وقل أن يوجد بنَيْسابور جزء إلّا قد سمعه. روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعمر بْن محمد البِسْطاميّ، وعبد الرحيم بْن الإخوة، وآخرون كثيرون.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 696، 697". 2 المنتخب من السياق "402، 403"، والأنساب "7/ 360".

وتُوُفّي في ذي الحجّة. وكان مِن المُسْنِدِين بنَيْسابور. وكان أَبُوهُ أبو العبّاس مِن الأئمّة. وابنه أبو بَكْر محمد: يروي عَنِ القُشَيْريّ. سوف يأتي. والآخر اسمه أحمد، يأتي أيضًا. 151- عَبْد الله بْن الْحَسَن بْن هلال بْن الْحَسَن1. أبو القاسم الأزْديّ، الدّمشقيّ. سَمِعَ: أبا عليّ الأهوازيّ، وأبا عَبْد الله بْن سَعْدان، ورشأ بن نظيف، وسحنام، وجماعةً سواهم. وكان يسكن بقرية سَقْبا، ولم يكن الحديث مِن شأنه. روى عَنْهُ: الصّائن هبة الله، وجماعة. تُوُفّي في سقبا، في ذي القِعْدة، وبها دُفِن. 152- عَبْد الجبّار بْن عُبَيْد الله بْن أَبِي سَعْد محمد بْن ظوروَيْه. أبو بَكْر الإصبهانيّ، الدّلّال، الصَّفّار. وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وسمع مِن: أَبِي نُعَيْم. روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وغيره. ومات في ربيع الآخر. 153- عَبْد المُلْك بْن عَبْد الله بْن أحمد بْن رضوان2. أبو الحسين الْمَرَاتبيّ، مِن أهل باب المراتب. كَانَ صالحًا، خيرًا، رئيسًا، كثير الصَّدَقة. وكان صاحب ديوان الرسائل لأمير المؤمنين المستظهر بالله.

_ 1 معجم البلدان "3/ 226"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "12/ 119". 2 المنتظم "9/ 172".

روى عن1: أَبِي محمد الجوهريّ. وعنه: أبو المعمر الأنصاري. وتوفي في شوّال. 154- عليّ بْن عَبْد المُلْك بْن محمد بْن شاذان2. أبو الْحَسَن الطّوسيّ، الجوهريّ، الصُّوفيّ، الزّاهد، سَمِعَ الكثير بنفسه مِن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وأبي سَعْد الكنْجَرُوذيّ. ورحل فسمع مِن: أَبِي يَعْلَى بْن الْفَراء، وابن المهتديّ بالله. روى عَنْهُ: عليّ بْن الْحَسَن المقرئ، ومحمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ، وغيرهما. قَالَ ابن السّمعانيّ: توفي بعد سنة أربع وخمسمائة، وكان مُقرئًا، صالحًا. قلت: إنّما كتبته هنا على سبيل التقريب، لا أنه تُوُفّي في هذا العام. 155- عليّ بْن ناصر بْن محمد بْن الْحَسَن3. أبو الفضل الْعَلَويّ المحمدّي. مِن وُلِد محمد بْن الحنفيّة. وكان نقيب مشهد باب التّبْن. وكان يسكن الكرْخ، وله معرفة بالأنساب. سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ. روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وغيرهما. وحدَّث في هذه السّنة، ولم تؤرَّخ وفاته. "حرف الفاء": 156- الفضل بْن أحمد بْن محمد بْن مَتُّوَيْه4. أبو عَمْرو الكاكويي. كان يقال لأبيه كاكو.

_ 1 من هنا يبدأ النقص في نسخة "آيا صوفيا" والمستدرك ما بين الحاصرتين عن نسخة دار الكتب المصرية. 2 التحبير "1/ 100". 3 الأنساب "11/ 170". 4 الأنساب "10/ 330، 331"، واللباب "3/ 77".

سَمِعَ مِن: عَبْد الغافر الفارسيّ، وأبي عثمان الصّابونيّ، وابن مسرور بإفادة والده. قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أجاز لي، وحدَّثني عَنْهُ جماعة. وتُوُفّي ليلة عيد الفِطْر. وكان مولده في سنة تسعٍ وثلاثين. ومن الرُّواة عَنْهُ ولده، وبقي إلى سنة أربعٍ وخمسين. وروى أَبُوهُ أحمد كاكُو عَنْ: أَبِي عَبْد الله بْن نظيف. 157- الْفَضْلُ بْن محمد بْن عُبَيْد بْن محمد بْن محمد بْن مهديّ1. أبو محمد القُشَيْريّ، النَّيْسابوريّ. شيخ، ثقة، مشهور، مِن بيت العدالة والصّلاح. كَانَ مبالغًا في الاحتياط في الشّهادات، ومن أعيان العدول. كَانَ صوفيا، مليحًا، خيرًا. سمع: عبد الرحمن بن حمدان النضرويي، وعبد القاهر أبا منصور البغداديّ، وأبا حسّان المُزَكّيّ، وأبا الحُسَيْن الفارسيّ. وحدَّث ببغداد لمّا حجّ. روى عَنْهُ: أبو الفتح محمد بْن عَبْد السلام الكاتب، وغيره. وُلِد سنة عشرين وأربعمائة. وتُوُفّي في رمضان. وهو آخر عُبَيْد القُشَيْريّ، سيأتي. 158- فضل الله بْن محمد بْن أحمد بْن أَبِي جعفر2. أبو محمد بْن أَبِي الْفَضْلُ الطَّبَسيّ3. مِن أولاد المحدّثين. سافر الكثير، وسمع، ونسخ.

_ 1 المنتخب من السياق "414، 415"، والعبر "4/ 11"، وشذرات الذهب "4/ 14". 2 المنتخب من السياق "417". 3 الطبسي: نسبة إلى طبس، وهي بين نيسابور وأصبهان وكرمان "الأنساب 8/ 209".

سَمِعَ ببلده: أَبَاهُ، وأبا عثمان العيّار، وأبا بَكْر الْبَيْهَقيّ، وعبيد الله بْن محمد بْن مَنْدَهْ. وبنَيْسابور. وسمع ببغداد مِن: أَبِي الْفَضْلُ بْن خيرون. وبالبصرة مِن: أَبِي عليّ القُشَيْريّ. وبإصبهان مِن: إبراهيم بْن محمد القفّال. روى عَنْهُ: عَبْد العزيز بْن محمد بْن سيما، وجماعة. وأجاز للجُنَيْد القاينيّ في هذه السّنة. ولم تُضبط وفاته. "حرف الميم": 159- محمد بْن أَبِي القاسم الْفَضْلُ بْن محمد بْن عَبْد الله. أبو بَكْر الإصبهانيّ الأعسر، القِرابيّ القصّار. عبدٌ صالحٌ، يقال إنّه كَانَ مِن الأبدال. روى عَنْ: ابن رِيذَة. روى عَنْهُ: أبو موسى في مُعْجَمه. وتُوُفّي فِي ذي الحجّة. 160- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أيّوب بْن محسّن1. أبو محمد القطواني، السمرقندي. وقطوان: على خمسة فراسخ من سمرقند كَانَ إمامًا في الوعظ، لَهُ القبول2. التّامّ مِن الخاصّ والعامّ، سَمِعَ مِن جماعة، وحدَّث. روى عَنْهُ جماعة مِن أهل سَمَرْقَنْد. وكان مولده في سنة أربع وأربعين وأربعمائة.

_ 1 الأنساب "10/ 198"، والمنتظم "9/ 172، 173". 2 إلى هنا ينتهي النقل من نسخة دار الكتب المصرية والعودة إلى نسخة آيا صوفيا.

رماه فرسه فاندقّت عنقه. وتُوُفّي مِن الغد في سادس رجب. 161- محمد بْن محمد بْن الْحَسَن بْن عَيْشُون. موفَّق المُلْك، أبو الْفَضْلُ المنجّم. كَانَ رأسًا في صنعة التّنجيم بالعراق، وله شِعْر رقيق. روى عنه: أبو الوفاء أحمد بْن محمد بْن الحُصَين. فمن شِعْره: أنت يا مغرور ميت ... فتأهّب للفِرَاق وذَرِ الحرص على الرز ... ق فما أنت بباقِ فالأماني والمنايا ... تتَجَارَى في سَباقِ لك بالأخرى اشتغالٌ ... فتهيَّأ للتَّلاقِ 162- محمد بْن موسى بْن عَبْد اللَّه1. القاضي أبو عَبْد اللَّه التُّرْكيّ، الْبَلاسَاغُونيّ2، الحنفيّ. سَمِعَ ببغداد مِن شيخه القاضي أبي عَبْد الله الدّامَغَانيّ، ومن: أبي الفضل بن خَيْرون. ونزل بدمشق. روى عَنْهُ: أبو البركات الحضريّ عَبْد الحارثيّ. وولي قضاء القدس مُدّة، فَشَكوه وعُزِل. ثمّ وُلّي قضاء دمشق، وكان قد عزم عَلَى نصْب إمام حنفيّ بجامع دمشق، مِن محبّته في مذهبه، وعيّن إمامًا، فامتنع أهل دمشق مِن الصّلاة خلفه، وصلّوا بأجمعهم في دار الْخَيْل، وهي الْقَيْساريّة الّتي قبل المدرسة الأمينية.

_ 1 الأنساب "2/ 351، 352"، وميزان الاعتدال "4/ 51، 52"، والبداية والنهاية "12/ 175". 2 البلاساغوني: نسبة إلى بلاساغون، وهي بلدة من ثغور الترك وراء نهر سيحون قريبة من كاشغر "الأنساب 2/ 351".

وهو الَّذِي رتَّب الإقامة في الجامع مَثْنَى مَثْنَى، فبقي إلى أن أزيل في أيّام صلاح الدّين في سنة سبْعين. قَالَ ابن عساكر1: سمعتُ أبا الْحَسَن بْن قُبَيْس الفقيه يذمّه، ويذكر أنّه كَانَ يَقُولُ: لو كَانَ لي أمرٌ لأخذتُ مِن الشّافعيّة الْجِزْية. وكان مبغِضًا للمالكيّة أيضًا. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 163- محمود بْن يوسف بْن حسين2. أبو القاسم التَّفْلِيسيّ، الشّافعيّ. قِدم بغداد، وتفقَّه بها عَلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق. سَمِعَ مِن: أَبِي يَعْلَى بْن الفرّاء، وعبد الصّمد بْن المأمون، وجماعة. ورجع إلى بلاده. روى عنه: الطَّيّب بْن محمد الغضائري. وتوفي في هذه السنة أو بعدها. 164- مُصْعَب بْن محمد بْن أَبِي الفُرات3. أبو العرب الْقُرَشِيّ الْعَبْدَريّ، الصَّقَلّيّ، الشّاعر المشهور. دخل الأندلس عند تغلُّب الرّوم عَلَى صَقَلّية. وحظي عند المعتمد بْن عبّاد. وديوانه بأيدي النّاس. روى عن: أبي عمر بن عبد البر. أخذ عَنْهُ: أبو عليّ بْن عُرَيْب "أدب الكاتب" لابن قُتَيْبة، ثمّ أنّه صار في آخر أمره إلى صاحب مَيُورقَة ناصر الدّولة، فتُوُفّي هناك. وله: كأن أديمَ الأرضِ كفّاكَ إنْ يَسِرْ ... بِهِ راكبٌ تَقْبض عَليْهِ الأناملا

_ 1 في تاريخه ومختصره "23/ 269". 2 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 308". 3 عيون التاريخ "12/ 15-19".

فأين يَفِرُّ المرءُ عنكَ بجُرمِهِ ... إذا كَانَ في كفّيَكْ يَطْوِي الْمَرَاحلا 165- المُعَمَّر بْن عليّ بْن المُعَمَّر بْن أبي عمامة1. أبو سَعْد الْحَنْبليّ، الواعظ. بغداديّ كبير، درّس، وأفتى، وناظَر، وحفظ الكثير مِن النّوادر والغُرَر، وانفرد بالكلام عَلَى لسان الوعظ، وانتفع الخلق بمجالسه. وكان يُبكي الحاضرين ويُضْحِكهم، وله قَبُولٌ عظيم. وله مِن سرعة الجواب، وحدّة الخاطر، ما شاع وذاع، ووقع عَليْهِ الإجماع. وكان يؤُمّ المقتدي بالله في التّراويح ويُنادِمه. وسمع مِن: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان، والخلّال، والأَزَجيّ، والحسن بْن المقتدر، وجماعة. روى عَنْهُ: ابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ. وُلِد في سنة تسعٍ وعشرين وأربعمائة. وتوفي في ربيع الأوّل. قاله ابن النّجّار. "حرف النون": 166- ناجية بنت أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن جَرَدة. وتُعرف بستّ السُّعود، الحاجبة. رَوَت عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ. روى عَنْهَا: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ. وتُوُفّيت في شوال، ودفنت بالحربية. وفيات سنة سبع وخمسمائة: "حرف الألف": 167- أحمد بْن أحمد بْن هبة الله. أبو الفتح العراقي.

_ 1 المنتظم "9/ 173، 174"، وسير أعلام النبلاء "19/ 451، 452"، والبداية والنهاية "12/ 175"، وشذرات الذهب "4/ 14، 15".

روى عَنْ: الأمير حسن بْن المقتدر، والحسن بْن محمد الخلّال، وأبي القاسم التّنُوخيّ. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري. وتوفي في شوّال وله تسع وثمانون سنة. وقد سَمِعَ "ديوان المطرّز" منه. وعنه أيضًا: المبارك بْن خُضَيْر، وغيره. 168- أحمد بْن عثمان بْن عليّ بْن قُرايا. أبو الْحَسَن البغداديّ البزّاز. سَمِعَ: الحُسَيْن بْن جعفر السَّلَمَاسيّ، صاحب أَبِي حفص بْن شاهين. روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، والسلفي. 169- أحمد بن أبي نصر القصاري. البغدادي. سمع: أبا محمد الخلال. مات في ذي الحجة. 170- أحمد بْن علي بْن بدران بن علي1. أبو بكر الحلواني، البغدادي، المعروف بخالوه. شيخ صالح، دين. سمع الكثير بنفسه، وكتب، وخرج له الحميدي فوائد عَنْ شيوخه. سمع: أبا بكر محمد بن علي بن شبانة الدّيَنَوريّ، وأبا الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبا الْحَسَن الماورديّ، والجوهريّ. روى عَنْهُ: أبو القاسم السَّمَرْقَنْديّ، والسّلَفيّ، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وخطيبُ الْمَوْصِل أبو الْفَضْلُ، وخلْق آخرهم ابن كُلَيْب. ذكره ابن ناصر فقال: شيخ صالح، ضعيف، لَا يُحتجّ بحديثه، ولم يكن لَهُ معرفة بالحديث.

_ 1 المنتظم "9/ 175"، وسير أعلام النبلاء "19/ 380، 381"، وغاية النهاية "1/ 84".

ولد في حدود سنة عشرين وأربعمائة. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة ستٌّ، وأوصى أن يُدْفن بجنْب إبراهيم الْحَرْبيّ. وقال السّلَفيّ: كَانَ ثقة، زاهدًا. وقال ابن النّجّار: قرأ بالرّوايات عَلَى أبي عليّ الْحَسَن بْن غالب، وعليّ بْن محمد بْن فارس الخيّاط. وسمع الكثير وخرَّج تخريجات. وأثنى عَليْهِ الحُمَيْديّ. قرأ عَليْهِ أبو الكرم الشّهْرَزُورِيّ. 171- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عمروس1. الفقيه، أبو العبّاس المالكيّ. مِن أهل محلّه النَّصْريّة ببغداد. كَانَ صالحًا، خيرَّا، عارفًا بمذهب مالك. وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وأجاز لَهُ أبو عليّ بْن شاذان، وأحمد بْن الباداء. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: قرأتُ عَليْهِ بهذه الإجازة مِن نحو ثلاثين سنة. وقال غيره: كَانَ أبوه إمامًا مبّرزا في مذهب مالك. وتُوُفّي في ثالث عشر رمضان. حدَّث عَنْهُ: المبارك بْن خُضَيْر، ونصر الله بْن القزّاز. 172- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلَام بْن قَيْداس. أبو نصر. سَمِعَ: أبا بَكْر محمد بْن عليّ الدّيَنَوريّ المقرئ، وأبا بَكْر بْن بِشْران. روى عَنْهُ: أبو محمد بْن الخشّاب. وتُوُفّي في هذه السّنة أو بعدها. 173- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله. أبو منصور الصيرفي، المراتبي.

_ 1 المنتظم "9/ 175"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1241"، وفيه: "أحمد بن محمد بن عروس".

روى عن أبي الحسن القزويني يسيرا. روى عَنْهُ: المبارك، وعبد الوهاب الصابوني. 174- إبراهيم بن عبد الواحد بن أبي ذر محمد بن إبراهيم بن علي. الصالحاني، الإصبهاني. تُوُفّي فِي جمادى الآخرة. وهو من شيوخ أبي موسى الحافظ. روى عَنِ ابن ريذة. 175- إسماعيل بْن الحُسَيْن بْن حمزة. أبو الْحَسَين العلويّ، الْهَرَويّ، العمري، من ولد عمر بن علي بن أبي طالب. ولد سنة تسع وأربعمائة. وسمع: سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ. مات في سابع المحرَّم، وله مائة إلّا سنتين. 176- إسماعيل بْن الإمام أبي بَكْر أحمد بْن الحُسَيْن بْن عليّ بْن موسى1. شيخ القُضاة أبو عليّ الْبَيْهَقيّ، الخسْروْجرْديّ. حدَّث عَنْ أبيه، وعن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسيّ. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل بْن أَبِي سَعْد الصُّوفيّ. وأجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة في بَيْهق. وكان قد سافر عَنْهَا نحو ثلاثين سنة، وعاد إليها قبل وفاته بأيّام. وسكن خُوارَزْم مدّةً، ثمّ بَلْخ وكان إمامًا، مدرّسًا، فاضلًا، عالمًا. وُلِد سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة.

_ 1 المنتظم "9/ 175، 176"، وسير أعلام النبلاء "19/ 313، 314"، والبداية والنهاية "12/ 176"، والنجوم الزاهرة "5/ 205".

"حرف الحاء": 177- الحُسَيْن بْن عقيل بْن سِنان1. الْخَفَاجيّ، الحلبيّ، المعدّل، الأصُوليّ، الشّيعيّ. لَهُ كتاب "المُنْجي مِن الضّلال في الحرام والحلال"، فقه، بلغ عشرين مجلّدة، ذكر فيه خلاف الفقهاء، يدلّ عَلَى تبحّره. "حرف الخاء": 178- خَيْرون بْن عبد المُلْك بْن الْحَسَن بْن خَيْرون الدّبّاس. أخو محمد. سَمِعَ الكثير مِن: أَبِي عليّ بْن المُذْهِب، وأبي إِسْحَاق البرمكيّ، والجوهريّ. روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيره. وتُوُفّي في المحرّم. "حرف الراء": 179- رابعة بِنْت محمود بْن عَبْد الواحد. أمّ الغيث الإصبهانيّة. سَمِعْتُ: سَعِيد بْن أبي سَعِيد العيّار، وأبا بَكْر الباطِرْقاني. وحدَّثت ببغداد لمّا حجّت. روى عنها: عُمَر بْن ظَفَر. 180- رضوان ابن سلطان دمشق تُتُش بْن ألْب رسلان السّلْجُوقيّ2. وُلّي سلطنة حلب بعد أَبِيهِ إلى أن مات بها في هذه السّنة. وولي بعده ابنه ألْب رسلان الأخرس، وله ستّ عشرة وكان رضوان لمّا مات أَبُوهُ بالرَّيّ في القتال. أقيمت السّكّة والخطبة بدمشق أيّامًا لرضوان، ثمّ استقرّ عَلَى إمرة حلب ونواحيها. ومنه أخذت الفرنج أنطاكيّة سنة اثنتين وتسعين. وقد ذكر مِن سيرته المذمومة في الحوادث.

_ 1 لسان الميزان "2/ 299"، ومعجم المؤلفين "4/ 26، 27". 2 الكامل في التاريخ "10/ 252"، وسير أعلام النبلاء "19/ 315، 316".

"حرف السين": 181- سِرَاج بْن عَبْد المُلْك بْن سِرَاج بْن عَبْد الله1. الإمام أبو الحُسَيْن بْن العلّامة اللُّغَويّ أَبِي مروان. وقد مرَّ أبوه بعد الثمانين وأربعمائة. سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا عَبْد الله بْن عتّاب. وخَلَف أَبَاهُ بالأندلس في معرفة الأدب. وكان مِن أذكياء العالم. تُوُفّي بقُرْطُبَة. قاله ابن الدّبّاغ. "حرف الشين": 182- شجاع بْن فارس بْن الحُسَيْن بْن فارس بْن الحُسَيْن بْن غريب بْن بشير بْن عَبْد الله بْن مُنخل بْن ثور بْن مَسْلَمة بْن سَعْنة بْن سَدُوس بْن شيبان بْن ذُهَل بْن ثعلبة2. الحافظ أبو غالب الذُّهْليّ، السُهْروَرْديّ، ثمّ البغداديّ، الْحَريميّ. قَالَ ابن السّمعانيّ: نسخ بخطّه مِن التّفسير، والحديث، والفقه، ما لم ينسخه أحدٌ مِن الورّاقين. قَالَ لي عَبْد الوهّاب الأنْماطي: دخلت عَليْهِ يومًا، فقال لي: تَوّبْني. فقلت: مِن أيّ شيء؟ قَالَ: كتبت شِعر ابن الْحَجّاج3 بخطّي سبْعٍ مرّات. سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وعبد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ، والأمير أبا محمد بْن المقتدر، وأبا محمد الجوهري، وأبا جعفر بن المسلمة، وأبا بَكْر الخطيب، وطبقتهم، ومن بعدهم، إلى أن سمع مِن جماعة من طبقته.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 227"، والوافي بالوفيات "15/ 128". 2 الأنساب "7/ 198"، والمنتظم "9/ 176"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1240"، وسير أعلام النبلاء "19/ 355-357"، والبداية والنهاية "12/ 176". 3 هو: حسين بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن محمد بْن الحجاج النيلي البغدادي، توفي سنة 391هـ"، انظر وفيات "381-400هـ"، وفيها مصادر ترجمته.

روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنْماطيّ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وعمر بْن ظَفَر، وسلمان بن جزوان، وطائفة مِن الطّلبة. وملكتُ بخطّه عدّة أجزاء. قَالَ عَبْد الوهاب: قَلّ ما يوجد بلدٌ مِن بلاد الإسلام إلّا وفيه شيء بخطّ شجاع الذُّهْليّ، وكان مفيد وقته ببغداد، ثقة، سديد السّيرة. أفنى عمره في الطَّلَب. وكان قد عمل مسوَّدة "تاريخ بغداد" ذيلًا عَلَى "تاريخ" الخطيب، فغسَله في مرض موته. تُوُفّي في ثالث جُمَادَى الأولى، ووُلِد في سنة ثلاثين. "حرف العين": 183- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عُمَر بْن جحشوَيْه. أبو محمد الطَّوَابيقيّ1، الآجُرّيّ، الحربيّ، القصّار. شيخ صالح، سَمِعَ: أبا الْحَسَن الْقَزْوينيّ، والجوهريّ. روى عَنْهُ: المبارك بْن خُضَيْر، ومحمد بْن جعفر بن عقيل، وغيرها. وتوفي في صَفَر. 184- عَبْد الله بْن مرزوق بْن عَبْد الله2. الْهَرَويّ، أبو الخير الحافظ، مولى أَبِي إسماعيل عَبْد الله بْن محمد الأنصّاريّ. كَانَ أصمّ، غير أنّه تعلَّم ورُزِق فهْم الحديث. وكان حسن السّيرة. جميل الأمر، متقِنًا، متثّبتًا. سَمِعَ: أبا إسماعيل الأنصاريّ، وغيره بهَرَاة، وأبا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وغيره بإصبهان، وأبا القاسم بْن البُسْري، وطبقته ببغداد، وأبا الْفَضْلُ محمد بْن أحمد الحافظ بطَبَس. وجال في الآفاق، ثم سكن أصبهان.

_ 1 الطوابيقي: نسبة إلى التطواربيق، وهي الآجر الكبير الذي يفرش في صحن الدار "الأنساب 8/ 259". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 300، 301"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1246".

روى عَنْهُ: حنبل الفخاريّ، وأبو العلاء أحمد بْن محمد بْن الفُضَيْل الإصبهاني، وآخرون. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وأكبر شيخ لَهُ أبو عمر المليحي. 185- عبد القدر بْن محمد1. أبو محمد الصَّدَفيّ، الْقَرَويّ، المعروف بابن الحنّاط، نزيل الْمَريّة. روى عَنْ: أَبِي بَكْر أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى الصَّقَلّيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد الخِرقيّ، وأبي مروان عبد الملك بْن زيادة الله الطُبّيّ، سَمِعَ منه بالقيروان، ومحمد بْن الْفَرَج، سَمِعَ منه بمصر، وعبد الله بْن محمد الْقُرَشِيّ، والفقيه عَبْد الحقّ الصَّقَلّيّ، وغيرهم. وكان صالحًا، زاهدًا، مُعْتنيا بالعلم والرّواية. روى عَنْهُ جماعة. وتُوُفّي في ربيع الأوّل عَنْ بضعٍ وثمانين سنة. 186- عَبْد الوهّاب بن أحمد بن عبيد الله بن الصحنائي2. أبو غالب البغداديّ، المستعمليّ. سَمِعَ: أبا محمد الخلّال، وعليّ بْن محمد بْن قُشَيْش، وأبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا القاسم الأَزَجيّ. روى عنه: عمر بن ظفر، وأبو المعمر الأنصاري، وعبد الحقّ اليُوُسُفيّ، وآخرون. تُوُفّي فِي ذي الحجة. وكان مولده فِي سنة عشرين وأربعمائة. 187- علي بن الحسين المردستي. أبو الفوارس الحاجب.

_ 1 الغنية للقاضي عياض "99"، "في ترجمة أحمد بن سعيد بن خالد بن بشتغير اللخمي". 2 ذيل تاريخ بغداد لابن النجار "1/ 319-321".

سَمِعَ: أبا محمد الجوهري. وكان شيعيا مِن بيت حشمة. 188- عليّ بْن عليّ بْن عَبْد السّميع بْن الْحَسَن. الهاشميّ، العبّاسيّ، أبو الحارث. سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان. وحدَّث. سمع منه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ. 189- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن إسماعيل1. الواعظ، أبو منصور الأنباريّ. كَانَ يسكن دار الخلافة. سَمِعَ الكثير، وانتشرت عَنْهُ الرّواية. سَمِعَ: ابن غَيْلان، وأبا بَكْر بْن بِشْران، وأبا إِسْحَاق البرمكيّ، وجماعة. وقرأ بالروايات عَلَى أَبِي عليّ الشَّرْمقَانيّ. وتفقَّه عَلَى القاضي أبي يَعْلَى. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وأبو المُعَمَّر الأَزَجيّ، وجماعة. تُوُفّي في ذي الحجّة، ووُلِد سنة خمسٍ وعشرين. وهو مِن علماء الحنابلة. 190- عُمَر بْن أحمد بْن رزق2. أبو بَكْر بْن الْفَصيح التُّجَيْبيّ، الأندلسيّ. مِن أهل الْمَريّة. روى عَنْ: أبي عمرو الداني المقرئ، وغيره.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 257، 258"، وسير أعلام النبلاء "19/ 281"، وشذرات الذهب "4/ 17، 18". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 403".

قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ ثقة فيما رواه. أخذ النّاس عَنْهُ. أخبرني بأمره يحيى بْن محمد صَاحُبنا. "حرف الميم": 191- مالك بْن عَبْد الله1. أبو الوليد العُتْبيّ، السَّهْليّ، القُرْطُبيّ، اللُّغَويّ. مِن أئمّة الأدب. سَمِعَ مِن: محمد بْن عتّاب، وحاتم بْن محمّد، وأبي مروان بْن حَيّان المؤرخ، وسِراج القاضي. روى النّاس عَنْهُ كثيرًا. ومات بقُرْطُبَة. 192- محمد بْن أحمد بْن الحُسَيْن بْن عمر2. الإمام أبو بَكْر الشّاشيّ، الفقيه، الشافعي، مؤلف "المستظهري"، بميافارقين سنة تسع وعشرين وأربعمائة. وتفقَّه عَلَى الإمام أبي عَبْد الله محمد بْن بيان الكازْرُونيّ. وتفقَّه عَلَى قاضي ميَّافارقين أَبِي منصور الطّوسيّ3 تلميذ الأستاذ أَبِي محمد الجويني. ثم رحل أبو بَكْر إلى العراق، ولازم الشَّيْخ أبا إِسْحَاق، وكان مُعيد درسه. وكان يتردّد إلى أَبِي نصر بْن الصّبّاغ، فقرأ عَليْهِ "الشّامل". وسمع الحديث مِن الكازْرُونيّ شيخه، ومن ثابت بْن أبي القاسم الخيّاط. وبمكّة مِن أَبِي محمد هَيّاج الحِطّينيّ. وسمع ببغداد مِن: أَبِي بَكْر الخطيب، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأَزَجيّ، وأبو الْحَسَن عليّ بْن أحمد الْيَزْديّ، وأبو بَكْر بْن النُّقور، وشُهْدة، والسّلَفيّ، وغيرهم.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 620، 621". 2 المنتظم "9/ 179"، وسير أعلام النبلاء "19/ 393، 394". 3 هو: أبو منصور محمد بن شاذان الطوسي وليس القضاء بميارفارقين سنة "435 أو 436هـ"، وعزل سنة "449هـ"، انظر: تاريخ الفارقي "162-174".

وتفقَّه بِهِ جماعة. قَالَ القاضي ابن خَلّكان1: أبو بَكْر الشّاشيّ، الفارقيّ، المعروف بالمُسْتَظهري، الملقّب فخر الإسلام. كان فقيه وقته. ودخل نَيْسابور صُحبة الشَّيْخ أبي إِسْحَاق، وتكلّم في مسألة بين يدي إمام الحرمين؛ وتعيَّن في الفِقْه ببغداد بعد أستاذه أَبِي إِسْحَاق. وانتهت إِليْهِ رئاسة الطّائفة الشّافعيّة، وصَنَّف تصانيف حَسَنَة، مِن ذَلِكَ كتاب "حلْية العلماء" في المذهب ذكر فيه مذهب الشّافعيّ، ثمّ ضمّ إلى كلّ مسألةٍ اختلافَ الأئمّة فيها، وسمّاه "المستظهريّ"، لأنّه صنَّفه للإمام المستظهر بالله. وصنَّف أيضًا في الخلاف. وولي تدريس النظامية ببغداد بعد شيخه، وبعْد ابن الصّباغ، والغزاليّ. ثمّ وليها بعد موت إلْكِيا الْهَرَّاسيّ سنة أربع وخمسمائة في المحرَّم. ودرّس بمدرسة تاج المُلْك وزير ملكشاه. وتوفي في خامس وعشرين شوّال، ودُفِن مَعَ شيخه أَبِي إِسْحَاق في قبرٍ واحد. وقيل: دُفِن إلى جانبه. وكان أشعرّيا، أُصُوليا. 193- محمد بْن إبراهيم بْن سَعِيد بْن نِعَم الخلفاء2. أبو عَبْد الله الرُّعَيْنيّ، الأندلسيّ. سَمِعَ بسَرَقُسْطَة مِن أَبِي الوليد الباجيّ، ورحل وحجّ. وقرأ القراءات عَلَى أَبِي معشر الطَّبَريّ. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة. وتوفي بأورْيُولة. وكان ثقةً، خيارًا. 194- محمد بْن الحُسَيْن بْن وهْبان. أبو المكارم الشَّيْبانيّ. عَنْ: القاضي الطَّبَريّ، والجوهريّ. سَمِعَ لنفسه مِن ابن غَيْلان.

_ 1 في وفيات الأعيان "4/ 219". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 569".

195- محمد بْن طاهر بْن عليّ بْن أحمد1. الحافظ أبو الْفَضْلُ المقدسيّ، ويُعرف بابن الْقَيْسَرانيّ، الشَّيْبانيّ. لَهُ الرحلة الواسعة. سَمِعَ ببلده مِن: نصر المقدسيّ، وابن وَرْقاء، وجماعة. ودخل بغداد سنة سبْعٍ وستّين، فسمع مِن: الصَّريْفينيّ، وابن النّقور، وطبقتهما. وحجَّ، وجاور فسمع مِن: أَبِي عليّ الشّافعيّ، وسعْد الزَّنْجانيّ، وهَيَّاج الحِطّينيّ. وصحِب الزَّنْجانيّ2، وتخرّج بِهِ في التّصوُّف، والحديث، والسُّنَّة، ورحَلَ بإشارته إلى مِصْر، فَسَمِعَ بها مِن أَبِي إِسْحَاق الحبّال. وبالإسكندرية مِن الحُسَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّفْراويّ. وبتِنّيس مِن عليّ بْن الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بن أحمد بْن الحدّاد، حدَّثه عَنْ جدّه، عَنْ أحمد بْن عيسى الوشاء، عن عيسى بن زُغْبَة؛ وذلك مِن أعلى ما وقع لَهُ في الرحلة المصرية. وسمع بدمشق مِن أَبِي القاسم بْن أبي العلاء الفقيه. وبحلب مِن الْحَسَن بْن مكّيّ الشيرازي. وبالجزيرة العمرية من أبي أحمد عَبْد الوهّاب بْن محمد اليمنيّ، عَنْ أبي عُمَر بْن مَهْديّ. وبالرَّحْبَة مِن الحُسين بْن سعدون. وبصور مِن القاضي عليّ بْن محمد بْن عبد الله الهاشميّ. وبإصبهان مِن: عَبْد الوهاب بن منده، وإبراهيم بن محمد القفال، وطائفة. وبنيسابور من: الفضل بن المحب، وموسى بن عمران، وأبي بكر بن خلف. وبهراة من: محمد بن أبي مسعود الفارسي، وكلار، وبيبى، وشيخ الإسلام.

_ 1 التحبير "1/ 82"، والمنتظم "9/ 177-179"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1242"، وسير أعلام النبلاء "19/ 361-371"، والبداية والنهاية "12/ 176، 177". 2 نسبة إلى زنجان، وهي بلدة على حد أذربيجان من بلاد الجبل "الأنساب 6/ 306".

وبجرجان من: إسماعيل بن مسعدة، والمظفر بن حمزة البيع. وبآمد من قاسم بن أحمد الخياط الأصبهاني، وهو من كبار شيوخه، سمع سنة أربع وثمانين وثلاثمائة مِن محمد بْن أحمد بْن جِشْنس، صاحب ابن صاعد. وبأَسْتِراباذ مِن: عليّ بْن عبد المُلْك الحفْصي، حدَّثه عَنْ هلال الحفّار. وببُوشَنْج مِن: عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عفيف كُلار. وبالبصرة مِن: عَبْد المُلْك بْن شَغَبَة. وبالدّيَنورَ مِن: أَحْمَد بْن عِيسَى بْن عَبّاد الدّيَنَوريّ، عَنِ ابن لال الْهَمَذَانيّ. وبالرَّيّ مِن: إسماعيل بْن عليّ الخطيب، عَنْ يحيى بْن إبراهيم المُزَكّيّ. وبسَرْخَس مِن: محمد بْن عَبْد المُلْك المظفَّري، عَنْ أحمد بْن محمد بْن الْفَضْلُ الكرابيسيّ، عَنْ محمد بْن حَمْدَوَيْه الْمَرْوَزِيّ. وبشيراز مِن: عليّ بْن محمد بْن عليّ الشّرَوطيّ، عَنِ الْحَسَن بْن أحمد بْن محمد بن الليث الحافظ إملاء سنة إحدى وأربعمائة، ثنا ابن الْبَخْتَرِيّ ببغداد. وبقزوين مِن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عليّ العِجْليّ الإمام، عَنْ أَبِي عُمَر بْن مهديّ، قِدم عليهم. وبالكوفة مِن: أَبِي القاسم الحُسَيْن بْن محمد، مِن طريق ابن أبي غَرْزَة. وبالْمَوْصل مِن: هبة الله بْن أحمد المقرئ، عَنْ محمد بْن عليّ بْن بحشَل، عَنْ محمد بْن يحيى بْن عَمْر بْن عَلِيّ بْن حرب. وبمرو: محمد بن الحسن المهربندقشابي، عَنْ أحمد بْن عَبْدُوس النَّسَويّ. وبمَرْو الرّوذ مِن: الْحَسَن بْن محمد الفقيه، عَنِ الحِيريّ. وبنُوقان مِن: محمد بْن سَعِيد الحاكم، عَنِ السُّلَميّ. وبنهاوند مِن: عُمَر بْن عُبَيْد الله القاضي، عَنْ عَبْد المُلْك بْن بِشْران. وبهَمَذَان مِن: عَبْد الواحد بْن علي الصُّوفيّ، عَنْ محمد بْن عليّ بْن حَمْدَوَيْه الطّوسيّ. وبالمدينة النبويّة مِن: طِراد الزَّيْنَبيّ.

وبواسط مِن صَدَقة بْن محمد المتولّي. وبساوة مِن: محمد بْن أحمد الكامِخيّ. وبأسَدَاباذ مِن: أبي الْحَسَن عليّ بْن محمد المحلميّ، عَنِ الحِيريّ. وبالأنبار مِن: أَبِي الْحَسَن عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الخطيب. وبإسْفَرايِن مِن: عَبْد المُلْك بْن أحمد العدْل، عَنْ عليّ بْن محمد بْن عليّ السّقّاء. وبآمُل طَبَرِسْتان مِن: الْفَضْلُ بْن أحمد البصْريّ، عَنْ جدّه، عَنْ أبي أحمد بن عَدِيّ. وبالأهواز من: عُمَر بْن محمد بْن حَيْكان النَّيْسابوريّ، عَنِ ابن ريذة. وببِسْطام مِن: أبي الْفَضْلُ محمد بْن عليّ السَّهْلكيّ، عَنِ الحيريّ. وبخُسْرُوجِرْد مِن: الْحَسَن بْن أحمد الْبَيْهَقيّ، عن الحيري. فهذه أربعون مدينة قد سمع فيها الحديث، وسمع في بلدان أُخَر تركتُها. روى عَنْهُ: شِيرَوَيْه الْهَمَذَانيّ، وأبو جعفر محمد بْن الْحَسَن الْهَمَذَانيّ، وأبو نصر أحمد بْن عمر الْغَازي، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وابن ناصر، والسّلَفيّ، وطائفة كبيرة، آخرهم موتًا محمد بْن إسماعيل الطَّرَسُوسيّ الإصبهانيّ. قَالَ أبو القاسم بْن عساكر: سمعتُ إسماعيل بْن محمد بْن الْفَضْلُ الحافظ يَقُولُ: أحفظ مِن رَأَيْت محمد بْن طاهر. وقال يحيى بْن مَنْدَهْ في "تاريخه": كَانَ أحد الحُفّاظ، حسن الاعتقاد، جميل الطّريقة، صدوقًا، عالمًا بالصحيح والقيم، كثير التّصانيف، لازمًا للأثَر. وقال السّلَفيّ: سَمِعْتُ ابن طاهر يقول: كتبت "صحيح البخاري" و"مسلم" و"ابن داود" سبْعٍ مرّات بالوراقة، وكتبت "سُنَن ابن ماجه" بالوراقة عشر مرّات، سوى التّفاريق بالرَّيّ. وقال ابن السّمعانيّ: سَأَلت أبا الْحَسَن محمد بْن أَبِي طَالِب عَبْد المُلْك الفقيه بالْكَرَج، عَنْ محمد بْن طاهر، فقال: ما كَانَ عَلَى وجه الأرض لَهُ نظير. وعظَّمَ أمره، ثمّ قَالَ: كَانَ داوديَّ المذهب.

قَالَ لي: اخترت مذهب داود. فقلت: لَهُ: ولم؟ قَالَ: كذا اتّفق. فسألته عَنْ أفضل من رأى، فقال: سعد الزنجاني، وعبد الله بْن محمد الأنصاريّ. وقال أبو مسعود الحاجّيّ: سَمِعْتُ ابْن طاهر يَقُولُ: بُلْتُ الدَّم في طلب الحديث مرَّتين. مرَّة ببغداد، ومرّة بمكّة. وذاك أنّي كنت أمشي حافيا في حرّ الهواجر، فلحِقَني ذَلِكَ. وما ركبتُ دابّةً قطّ في طلب الحديث. وكنتُ أحمل كُتُبي عَلَى ظهري، إلى أن استوطنت البلاد. وما سَأَلت في حال الطّلب أحدًا. وكنت أعيش عَلَى ما يأتي مِن غير مسألة1. وقال ابن السّمعانيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ بعض المشايخ يَقُولُ: كَانَ ابن طاهر يمشي في ليلة واحدة قريبًا مِن سبعة عشر فرسخًا. وكان يمشي عَلَى الدّوام باللّيل والنّهار عشرين فرسخًا. أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا خليل بْن أَبِي الرجاء الرازانيّ، نا محمد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق قَالَ: محمد بْن طاهر كَانَ صوفيا مَلامتّيا، سكن الرَّيّ، ثمّ هَمَذَان. لَهُ كتاب "صَفْوة الصُّوفيّة". لَهُ أدنى معرفة بالحديث في باب شيوخ الْبُخَارِيّ ومسلم، وغيرهما. شاهدناه بجرجان، ونيسابور. ذكر لي عَنْهُ حديث الإباحة، أسأل الله أن يُجَنّبنا منها، وممن يَقُولُ بها من الرجال والنساء، والأخابث الكحلية من جوانية زماننا، وصوفيّة وقتنا، وأن ينقذنا مِن المعاصي كلّها، وهم قومٌ ملاعين، لهم رموز ورَطَانات، وضلالة، وخذْلان، وإباحات، إنّ قولهم عند فعل الحرام المنع شُؤم، والسّراويل حجاب. وحال المذنبين مِن شربة الخمور والظَّلَمة، يعني خير منهم. وقال ابن ناصر: محمد بْن طاهر ممّن لَا يُحْتَجّ بِهِ. صنَّف كتابًا في جواز النَّظر إلى المُرْد، أورد فيه حكاية يحيى بْن مَعِين أنّه قَالَ: رَأَيْت جارية بمصر مليحة صلّي الله عَليْهَا. فقيل لَهُ: تُصلّي عليها؟! فقال: صلى الله عليها وعلى كل مليح.

_ 1 تاريخ دمشق، مختصر تاريخ دمشق "22/ 247".

ثمّ قَالَ ابن ناصر: كَانَ يذهب مذهب الإباحة. يعني في النَّظَر إلى المِلاح. وإلّا فلو كَانَ يذهب إلى إباحة مطلَقَة لكان كافرًا، والرجل مُسْلم متَّبِع للأثر، سَيّء. وإن كَانَ قد خالف في أمورٍ مثل جواز السّماع، وقد صنَّف فيه مصنّفًا ليته لَا صنّفه. وقال ابن السّمعانيّ: سألت عَنْهُ إسماعيل الحافظ، فتوقّف، ثمّ أساء الثّناء عَليْهِ. وسمعت أبا القاسم بْن عساكر يَقُولُ: جمع ابن طاهر أطراف الصّحيحين، وأبي داود، والتّرْمِذيّ، والنَّسَائيّ، وابن ماجه، وأخطأ فيه في مواضع خطأ فاحشًا. رَأَيْته يخطّ عند أَبِي العلاء العطّار. وقال ابن ناصر: محمد بْن طاهر كَانَ لُحَنَة وكان يصحّف. قرأ وإنّ جبينه لَيَتَقَصَّدُ عرقًابالقاف1 فقلتُ: بالفاء، فكابَرَني. وقال السّلَفيّ: كَانَ فاضلًا يعرف، ولكنه كان لحنة. حكى لي المؤتمن قَالَ: كنّا بهَرَاة عند عَبْد الله الأنصاريّ، وكان ابن طاهر يقرأ ويَلْحَن، فكان الشَّيْخ يحرّك رأسه ويقول: لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ. وَقَالَ ابن طاهر: وُلِدتُ في شوّال سنة ثمانٍ وأربعين ببيت المقدس، وأوّل ما سَمِعْتُ سنة ستّين2. ورحلت إلى بغداد سنة سبْعٍ وستّين. ثمّ رجعت إلى بيت المقدس، فأحرمت مِن ثَمَّ إلى مكّة. وقال ابن عساكر3: كَانَ ابن طاهر لَهُ مصنَّفات كثيرة، إلّا أنّه كثير الوهْم، وله شِعْر حسن، مَعَ أنّه كَانَ لَا يُحسن النَّحْو. وله كتاب "المختلف والمؤتلف". وقال ابن طاهر في "المنثور": رحلت مِن مصر إلى نَيْسابور، لأجل أَبِي القاسم الْفَضْلُ بْن المحبّ صاحب أَبِي الحُسَيْن الْخَفّاف، فلمّا دخلت عَليْهِ قرأت في أوّل مجلس جزءين مِن حديث أَبِي العبّاس السَّرَّاج فلم أجد لذلك حلاوة، واعتقدت أنّي نلته بغير تعبٍ، لأنّه لم يمتنع علي، ولا طالبني بشيء، وكل حديث من الجزءين يسوى رحلة.

_ 1 يريد الحديث الذي أخرجه البخاري "2"، ومسلم "2333". 2 التقييد لابن نقطة "69". 3 في تاريخ دمشق ومختصر تاريخ دمشق "22/ 247".

وقال: لمّا قصدت الإسكندرية كَانَ في القافلة مِن رشد إليها رجلٌ مِن أهل الشّام، ولم أدْرِ ما قصْده في ذَلِكَ. فلمّا كانت اللّيلة الّتي كُنَّا في صبيحتها ندخل الإسكندريّة رحلنا باللّيل، وكان شهر رمضان، فمشيت قُدّام القافلة، وأخذتُ في طريق غير الجادّة، فلمّا أصبح الصّبّاح، كنت عَلَى غير الطّريق بين جبال الرّمْل، فرأيتُ شيخًا في مِقْثأة، فسألته عَنِ الطّريق، فقال: تصعد هذا الرمل، وتنظر البحر وتقصده، فإنّ الطريق عَلَى شاطئ البحر. فصعدت الرمل، ووقعت في قصب الأقلام، وكنت كلما وجدت قلمًا مليحًا اقتلعته، إلى أن اجتمع مِن ذَلِكَ حزْمة عظيمة، وحمِيَت الشمس وأنا صائم، وكان الصَّيْف. فتعبت، فأخذت أنتقي الجيّد، وأطرح سواه، إلى أن بقي معي ثلاثة أقلام لم أر مثلها؛ طول كلّ عُقْدة شِبْرين وزيادة: فقلت إنّ الْإنْسَان لَا يموت مِن حمل هذه. ووصلتُ إلى القافلة المغرب، فقام إليَّ ذَلِكَ الرجل وأكرمني. فلمّا كَانَ في بعض اللّيل رحلت القافلة، فقال لي: إنّ في هذه اللّيلة مُكس، ومعي هذه الفضّة، وعليها العُشر، فإنْ قدرت وحملتها معك، لعلّها تَسْلَم، فعلتَ في حقّي جميلًا. فقلت: أفعل. قَالَ: فحملتها ووصلت الإسكندرية وسلمت، ودفعتها إِليْهِ فقال: تحبّ أن تكون عندي، فإنّ المساكنة تتعذّر. فقلت: أفعل. فلمّا كَانَ المغرب صلّيت، ودخلت عَليْهِ، فوجدته قد أخذ الثّلاثة الأقلام، وشقّ كلّ واحدٍ منها نصفين، وشدّها شدّة واحدة، وجعلها شبه المسرَجَة وأقعد السَّرَّاج عليها. فلحِقَني مِن ذَلِكَ مِن الغمّ شيءٌ لم يمكنيّ أن آكل الطّعام معه، واعتذرت إليه، وخرجت إلى المسجد، فلمّا صلّيت التّراويح، أقمت في المسجد، فجاءني القيّم وقال: لم تجر العادة لأحدٍ أن يبيت في المسجد. فخرجت وأغلق الباب، وجلست عَلَى باب المسجد، لا أدري إلى أَيْنَ أذهب، فبعد ساعةٍ عبر الحارس، فأبصرني، فقال لي: مِن أنت؟ فقلت: غريب مِن أهل العِلْم، وحكيت لَهُ القصّة.

فقال: قُم معي. فقمت معه، فأجلسني في مركزه، وثمَّ سراجٌ جيّد، وأخذ يطوف ويرجع إلى عندي، واغتنمت أَنَا السَّرَّاج، فأخرجت الأجزاء، وقعدت أكتب إلى وقت السَّحَر، فأخرج إليَّ شيئًا مِن المأكول، فقلت: لم تجر لي عادة السُّحُور. وأقمتُ بعد هذا بالإسكندرية ثلاثة أيّام، أصوم النّهار، وأبيت عنده، واعتذر إليه وقت السَّحَر، ولا يعلم إلى أن سهَّل الله بعد ذَلِكَ وفتح. وقال: أقمت بِتّنيس مدّةً عَلَى أبي محمد بْن الحدّاد ونُظَرائه، فضاق بي، ولم يبق معي غير درهم، وكنت في ذَلِكَ أحتاج إلى خبز، وأحتاج إلى كاغَذ، فكنت أتردّد إنْ صرفته في الخبر لم يكن لي كاغذ، وإنْ صرفتُهُ في الكاغَذْ لم يكن لي خبز، ومضى على هذا ثلاثة أيّام ولياليهنّ لم أُطْعَم فيها، فلمّا كَانَ بُكْرَةَ اليوم الرابع قلت في نفسي: لو كَانَ لي اليوم كاغَذ لم يمكن أن أكتب فيه شيئًا لما بيَ مِن الْجُوع، فجعلت الدّرهم في فمي، وخرجتُ لأشتري الخبز، فبَلَعْتُه، ووقع عليّ الضَّحك، فلِقيني أبو طاهر بْن حُطَامة الصّائغ، المواقيتيّ بها وأنا أضحك، فقال لي: ما أضحكك؟ فقلت: خير. فألحَّ علي وأبيت، فحلف بالطّلاق لَتَصْدُقَنّي لم تضحكْ؟ فأخبرته. وأخذ بيدي، وأدخلني منزله، وتكلَّف لي ذَلِكَ اليوم أطعمة، فلمّا كَانَ وقت صلاة الظُّهر خرجت أَنَا وهو إلى الصّلاة، فاجتمع بِهِ بعض وكلاء عامل تِنّيس، فسأله عنّي، فقال: هُوَ هذا. فقال: إنّ صاحبي منذ شهر أمرني أن أوصل إِليْهِ في كلّ يوم عشرة دراهم، قيمتها ربع دينار، وسهوت عنه. قال: فأخذ منه ثلاثمائة درهم، وجاءني وقال: قد سهّل الله رزقًا لم يكن في الحساب. وأخبرني بالقصّة، فقلت: تكون عندك، ونكون عَلَى ما نَحْنُ من الاجتماع إلى وقت الخروج، فإنني وحدي. ففعل. وكان بعد ذَلِكَ يصِلُني ذَلِكَ القدر، إلى أن خرجت مِن البلد إلى الشّام. وقال: رحلت مِن طوس إلى إصبهان لأجل حديث أبي زُرْعة الرّازيّ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْهُ في "الصّحيح"1، ذاكَرَني بِهِ بعض الرّحّالة باللّيل، فلمّا أصبحت شددت عليَّ، وخرجت إلى إصبهان، فلم أحلُلْ عنّي حتّى دخلت عَلَى الشَّيْخ أبي

_ 1 انظر صحيح مسلم "2739"، باب: أكثر أهل الجنة الفقراء.

عَمْرو، فقرأته عَليْهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْر القطّان، عَنْ أَبِي زُرْعة، ودفع إليَّ ثلاثة أرغفة وكُمّثْراتَيْن، ثمّ خرجتُ مِن عنده إلى الموضع الَّذِي نزلت فيه، وحَللْت عنّي. وقال: كنت ببغداد في أوّل الرحلة الثّانية مِن الشّام، وكنت أنزل برباط الزّوزنيّ وكان بِهِ صوفيّ يُعرف بأبي النّجم، فمضى علينا ستّة أيام لم نطْعَم فيها، فدخل عليَّ الشَّيْخ أبو عليّ المقدسيّ الفقيه، فوضع دينارًا وانصرف، فدعوتُ بأبي النّجم وقلت: قد فتح الله بهذا، أيّ شيء نعمل بِهِ؟. فقال: تعبر ذاك الجانب، وتشتري جبزًا، وشِواءً، وحلْواء، وباقِلَّى أخضر، ووردًا، وخسًا بالجميع، وترجع. فتركت الدّينار في وسط مجلَّدة معي وعبرت، ودخلت عَلَى بعض أصدقائنا، وتحدّثت عنده ساعة، فقال لي: لأيّ شيءٍ عبرت؟. فقلت لَهُ. فقال: وأين الدينار؟ فظننت أني قد تركته في جيبي، فطلبته فلم أجده، فضاق صدري ونمت، فرأيت في المنام كأنّ قائلًا يَقُولُ لي: أليس قد وضعته في وسط المجلَّدة؟ فقمت مِن النّوم، وفتحت المجلَّدة، وأخذت الدّينار، واشتريت جميع ما طلب رفيقي، وحملته عَلَى رأسي، ورجعت إِليْهِ وقد أبطأتُ عليه، فلم أُخبره بشيءٍ إلى أن أكلت، ثمّ أخبرته، فضحك وقال: لو كَانَ هذا الأكل لكنت أبكي. وقال: كنت ببغداد في سنة سبْعٍ وستّين، فلمّا كَانَ عشيّة اليوم الَّذِي بويع فيه المقتدي بأمر الله دخلنا عَلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق جماعة مِن أهل الشّام، وسألناه عَنِ الْبَيْعة، كيف كانت؟ فحكى لنا ما جرى، ثم نظر إلي، وأنا يؤمئذ مختطّ، وقال: هُوَ أشبهُ النّاس بهذا. وكان مولد المقتدي في الثاني عشر مِن جمادي الأولى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ومولدي في سادس شوّال مِن هذه السّنة. قَالَ أبو زُرْعة طاهر بْن محمد بْن طاهر: أنشدني أَبِي لنفسه: لمّا رَأَيْت فتاة الحيّ قد برزَتْ ... مِن الحِطَم تَرُوم السَّعيَ في الظُّلمِ ضوءُ النّهار بدا مِن ضوء بهجتها ... وظُلْمةُ اللّيل مِن مسْوَدّها الفحمِ خدعتها بكلامِ يُستلَذُّ بِهِ ... وإنّما يُخْدع الأحرارُ بالكلمِ وقال المبارك بْن كامل الخفّاف: أنشدنا ابن طاهر لنفسه:

ساروا بها كالبدر في هودجٍ ... يميس محفوفًا بأترابه فاستعبرتْ تبكي، فعاتَبْتُها ... خوفًا مِن الواشي وأصحابه فقلت: لَا تبكِ عَلَى هالكٍ ... بعدَكِ ما يبقى عَلَى ما بِهِ للموت أبوابٌ، وكل الورى ... لا بد أن تدخل مِن بابه وأحسنُ الموتِ بأهل الهوى ... مِن مات مِن فُرْقة أحبابه وله: خلعتُ العِذارَ بلا مِنّةٍ ... عَلَى مِن خلعت عَليْهِ العِذارا وأصبحت حَيْران لَا أرتجي ... جَنانًا ولا أتّقي فيه نارًا1 وقال شِيرَوَيْه في "تاريخ هَمَذَان": محمد بْن طاهر سكن هَمَذَان، وبنى بها دارًا. وكان ثقة، صدوقًا، حافظًا، عالمًا بالصّحيح والسّقيم، حسن المعرفة بالرجال والمُتُون، كثير التّصانيف، جيّد الخطّ، لازمًا للأثر، بعيدًا مِن الفُضول والتّعصُّب، خفيف الرّوح، قويّ السَّير في السَّفَر، كثير الحجّ والعُمْرة. كتب عَنْ عامّة مشايخ الوقت. قَالَ شجاع الذُّهْليّ: مات ابن طاهر عند قدومه بغداد من الحجّ يوم الجمعة في ربيع الأوّل. وقال أبو المُعَمَّر: تُوُفّي يوم الجمعة النّصف مِن ربيع الأوّل ببغداد. 196- محمد بْن أَبِي العباس أحمد بن محمد أحمد بْن إسحاق2. الرئيس أبو المظفَّر الأُمَويّ، الْمَعَاويّ، الأبِيَوَرْدِيّ، اللُّغَويّ، الشّاعر المشهور، مِن أولاد عَنْبَسة بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ. كَانَ أوحد عصره، وفريد دهره في معرفة اللُّغة والأنساب، وغير ذَلِكَ. وله تصانيف كثيرة مثل "تاريخ أَبِيَوردْ ونَسَا". وكان حَسَن السّيرة، جميل الأمر، مَنْظرانيا مِن الرجال، وكان فيه تيه تكبر.

_ 1 عيون التواريخ "12/ 26". 2 المنتظم "9/ 176، 177"، والكامل في التاريخ "10/ 500"، واللباب "3/ 230"، وسير أعلام النبلاء "29/ 283-292"، والبداية والنهاية "12/ 176".

وكان يفتخر بنسَبِه ويكتب: الْعَبْشَميّ الْمَعَاويّ، لا أنّه مِن وُلِد معاوية بْن أبي سُفْيان، بل مِن وُلِد معاوية بْن محمد بْن عثمان بْن عَنْبَسة بْن أَبِي سُفْيان1. وله شِعْرٌ فائق، وقسَّم ديوان شِعْره إلى أقسام، منها العراقيّات، ومنها النَّجْديّات2، ومنها الْوَجْديّات. وأثنى عليه أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ في "تاريخه" بحسن العقيدة، وحميد الطريقة، وكمال الفضلية. وقال ابن السّمعانيّ: صنَّف كتاب "المختلف"، وكتاب "طبقات العِلْم"، "وما اختلف وائتلف مِن أنساب العرب". وله في اللُّغة مصنَّفات ما سُبِق إليها. سَمِعَ: إسماعيل بْن مَسْعدة الإسماعيليّ، وأبا بَكْر بْن خلف الشّيرازيّ، ومالك بْن أحمد البانياسي، وعبد القاهر الْجُرْجانيّ النَّحْويّ. وسمعتُ غير واحد من شيوخي يقولون: إنّه كَانَ إذا صلّي يَقُولُ: اللهمَّ ملّكني مشارق الأرض ومغاربها. وذكره عَبْد الغافر فقال: فَخْر العرب، أبو المظفّر الأبِيَوَرْدِيّ، الكوفنيّ، الرئيس، الأديب، الكاتب، النَّسّابة، مِن مفاخر العصر، وأفاضل الدهر. لَهُ الفضائل الرائقة، والفصول الفائقة، والتّصانيف المعجزة، والتّواليف المعجبة، والنَّظْم الَّذِي نسخ أشعار المحدثين، ونسج فيه عَلَى منْوال الْمَعَرّي ومن فوقه مِن المفلِقين. رَأَيْته شابًا قام في درس إمام الْحَرَمَيْن مِرارًا، وأنشأ فَيه قصائد طِوالًا كبارًا، يلفظها كما يشاء زَبَدًا مِن بحر خاطره، كما نشأ ميسّر لَهُ الإنشاء، طويل النَّفَس، كثير الحِفْظ، تلتفت في أثناء كلامه إلى النّثْر والوقائع والاستنباطات الغريبة. خرج إلى العراق، وأقام مدّة يجذب فضله بطبعه، ويشتهر بين الأفاضل كمال فضله، ومتانة طبْعه حتّى ظهر أمره، وعلا قَدره، وحصل لَهُ مِن السّلطان مكانة ونعمة. ثمّ كَانَ يرشح مِن كلامه نوعُ تشبُّث بالخلافة، ودعوةٌ إلى أتّباع فضله، ادّعاء استحقاق الإمامة. تبيض وساوس الشّيطان في رأسه وتفرّخ، ويرفع الكِبْرَ بأنفه،

_ 1 الأنساب "11/ 387". 2 الأنساب "11/ 387".

ويَشْمُخ، فاضطّره الحال إلى مفارقة بغداد، ورجع إلى هَمَذَان، فأقام بها يدرّس ويفيد، ويصنَّف مدّة. ومن شِعْره: وهَيْفاء لَا أُصغي إلى مِن يَلُومُني ... عليها ويُغْريني أن يَعيبَها أميل بإحدى مُقْلَتَيَّ إذا بَدَتْ ... إليها، وبالأُخْرى أُراعي رقيبَها وقد غَفَلَ الواشي فلم يدْرِ أنّني ... أخَذْتُ لعيني مِن سُلَيْمَى نصيبَها1 وله: أكوكبٌ ما أرى يا سَعْد أمْ نارُ ... تشُبُّهَا سَهْلَةُ الْخَدَّين مِعْطارُ بيضاءُ إنّ نَطَقَتْ في الحيّ أو نَظَرَتْ ... تَقَاسَمَ الشَّمْس أسماعٌ وأبصارُ والرَّكْبُ يسيرون والظَّلْماءُ راكدةٌ ... كأنَّهُمْ في ضمير اللّيل أسرارُ فاسْرَعُوا وطُلا الأعناقِ مائلةٌ ... حيثُ الوسائدُ للنُّوَّام أكوارُ2 عَنْ حمّاد الْحَرّانيّ قَالَ: سَمِعْتُ السّلَفيّ يَقُولُ: كَانَ الأبِيَوَرْدِيّ -والله- مِن أهل الدّين والخير والصَّلاح والعِفّة، قَالَ لي: والله ما نمت في بيتٍ فيه كتاب الله، أو حديث رسول لله، احترامًا لهما أن يبدو منّي شيء لَا يجوز. أنشدنا أبو الحُسَيْن النُّوبيّ، أَنَا جعفر، نا السّلَفيّ: أنشدنا الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه: وشادنٍ زارني عَلَى عَجَلٍ ... كالبدر في صَفْحة الدُّجا لَمَعَا فلم أزلْ مُوهِنًا لحديثه ... والبدْرُ يُصْغي إليّ مستعما وصلْتُ خدّي بخدّه شَغَفًا ... حتى التقى الرَّوْض والغدِيرُ معًا3 وقال أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ: سُئل الأديب أبو المظفَّر الأبِيَوَرْدِيّ عَنْ أحاديث الصّفات، فقال: نُقِرَّ ونَمُرّ. وقال أبو الْفَضْلُ بْن طاهر المقدسيّ: أنشدنا أبو المظفَّر الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه:

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 287"، وعيون التواريخ "12/ 29". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 287". 3 سير أعلام النبلاء "19/ 285".

يا مِن يُساجِلُني وُلّيس بمُدْرِكٍ ... شأوي، وأين لَهُ جلالةُ مَنْصبي لا تَتْعَبَنّ فدُونَ ما حاوَلْتَهُ ... خَرْطُ الْقَتَادة وامتطاءِ الكواكبِ والمجدُ يعلمُ أيُّنَا خيرٌ أبًا ... فأسالْهُ يعلم أيُّ ذي حَسَبٍ أَبِي جدّي مُعاويةُ الأَغَرّ سَمَتُ بِهِ ... جُرثُومةٌ مِن طِينها خُلِق النَّبِيّ ورّثْتُهُ شرَقًا رفعتُ مَنَاره ... فبنو أُمَيَّة يفخرون بِهِ وبي1 وَقِيلَ: إِنَّهُ كتب رقعة إلى الخليفة المستظهر بالله، وَعَلَى رأسها: المملوك المعاوي، فحك الخليفة الميم، فصار العاوي، ورد إِلَيْهِ الرقعة2. ومن شِعْره: تنكَّر لي دهري ولم يدر أنّني ... أعزّ وأحداث الزّمان تَهُونُ فبات يُريني الخطْب كيف اعتداؤه ... وبِتُّ أريه الصَّبْرَ كيف يكون3 ومن شِعْره: نزلنا بنُعْمان الأراكِ وللنَّدَى ... سَقيطٌ بِهِ ابتلَّتْ علينا المطارفُ فبِتُّ أُعاني الوجْدَ والركْبُ نُوَّمُ ... وقد أخَذَتْ منّا السّرَى والتّنائفُ وإذا خُودًا إنْ دَعاني عَلَى النَّوَى ... هواهَا أجابتْهُ الدّموعُ الذَّوارفُ لها في مَغَاني ذَلِكَ الشّعْبِ منزلٌ ... لئنْ أنْكَرَتْه العينُ فالقلبُ عارفُ وقفتُ بِهِ والدَّمْع أكثرُهُ دَمٌ ... كأنيّ مِن جفني بنعمان راعف أنشدنا أبو الحسن ببَعْلَبَكّ: أنشدنا أبو الْفَضْلُ الْهَمَذَانيّ: أنشدنا السّلَفيّ: أنشدنا الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه: مِن رَأَى أشباحَ تِبْرٍ ... حُشيَتْ رِيقةَ نَحلهْ فجمعناها بُذُورًا ... وقَطَعْناها أهِلَّهْ توفي بأصبهان في ربيع الأول مسمومًا.

_ 1 معجم الأدباء "17/ 262"، وسير أعلام النبلاء "19/ 287، 288". 2 الأنساب "11/ 387". 3 سير أعلام النبلاء "19/ 287"، والبداية والنهاية "12/ 176"، والنجوم الزاهرة "5/ 207".

197- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن الحَجّاج بْن مندوَيْه. أبو منصور الإصبهاني، الشُّرُوطيّ، المعدّل. سَمِعَ: أبا نُعَيْم. روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في الثّامن، وقيل: السّادس، والعشرين مِن جُمَادَى الآخرة. 198- محمد بْن عيسى بْن محمد اللَّخْميّ1. أبو بَكْر الأندلسيّ، الشّاعر، المعروف بابن اللّبّانة الدّانيّ. كَانَ مِن جِلّة الأُدباء وفحول الشّعراء، مَعِين الطّبع، واسع الذَّرْع، عزيز الأدب، قويّ العارضة، متصرّفًا في البلاغة. لَهُ تصانيف. لَهُ كتاب "مناقل الفتنة"، وكتاب "نَظْم السلوك في وعظ المملوك"، وكتاب "سقيط الدّرّ ولقيط الزّهر" في شِعْر ابن عبّاد، ونحو ذَلِكَ. وديوان شِعْره موجود. أخذ عَنْهُ: أبو عَبْد الله بْن الصَّفّار. وتُوُفّي بمَيُورقَة. وقد سُقْتُ من شِعْره في ترجمة المعتمد بْن عبّاد. وكان مِن كبراء دولة محمد بن صمادح. وهو القائل في صاحب مَيُورقَة مبشّر العامريّ: وضَحتْ وقد فضحتْ ضياءَ النّيّر ... فكأنّما التحفتُ ببشِرْ مبشّر وتبسّمتْ عَنْ جوهرٍ فحسِبْتُهُ ... ما قلّدته محامدي مِن جوهر وتكلَّمتْ فكان طِيبُ حديثها ... متعب منه بطيب مسك وإذفر هزّت بنَغَمة لفْظِها نفسي كما ... هزّت بذِكراه أعالي المنبر ولئمت فاها فاعتقدت بأنّني ... مِن كفّه سوّغت لثْم الخنصر

_ 1 العبر "4/ 15"، وشذرات الذهب "4/ 20"، ومعجم المؤلفين "11/ 108".

بمعاطِف تحت الذّوائب خِلْتُها ... تحت الخوافق ما لَهُ مِن سمْهَرِي ملك أزِرّة بُردِه ضُمّت عَلَى ... بأس الوصيّ وعزْمة الإسكندر وهي طويلة. 199- محمد بْن محمد بْن أحمد بْن محمد. الآبنُوسي، أبو غالب بْن أبي الحُسَيْن. روى عَنْ أبيه. وعنه: المُعَمَّر بْن أحمد، وأبو طاهر السّلَفيّ. مات في شوّال، وله ثمانون سنة. 200- محمد بْن مكّيّ بْن دُوَسْت1. أبو بَكْر البغداديّ. يروي عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ، والقاضي أَبِي الطَّيّب. وعنه: السّلَفيّ، وابن خُضَيْر. 201- محمد بن وهبان. أبو المكارم البغداديّ. روى عَنْ: أَبِي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي محمد الجوهريّ. تُوُفّي في صَفَر. روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل. 202- المفضَّل بْن عَبْد الرّزّاق2. سديد الدّين، أبو المعالي الإصبهانيّ، صاحب ديوان الحسن ببغداد. ولد بعد الأربعين وأربعمائة. وتفقه عَلَى: أبي بَكْر محمد بْن ثابت الخُجَنْديّ. وولي ديوان العرض، ورأى مِن الجاه والمال ما لم يكن لعارض.

_ 1 المنتظم "9/ 179". 2 الكامل في التاريخ "10/ 329".

قِدم بغداد مَعَ السّلطان بَركْيَارُوق سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة فأقام بها، فسفر لَهُ أبو نصر بْن الْمَوْصِلايا كاتب الإنشاء في الوزارة، وطلب، وخلع عَليْهِ خِلَع الوزارة. وكان ابن الْمَوْصلايا يجلس إلى جانبه فيسدّده، لأنه كَانَ لَا يعرف الاصطلاح، ثمّ عُزِل بعد عشرة أشهر. وكانت حاشيته سبعين مملوكًا مِن الأتراك، فاعتُقِل بدار الخلافة سنةً، ثمّ أُطِلق بشفاعة بركْيَارُوق، فتوجّه إلى المعسكر، فولّاه السّلطان الاستيفاء، ثمّ صودر، وجَرَت لَهُ أمور. تُوُفّي في ربيع الأوّل. ورخّه أبو الْحَسَن الْهَمَذَانيّ. 203- مَلَكَةُ بنتُ دَاوُد بْن محمد1. الصُّوفيّة، العالمة. سَمِعْتُ بمصر سنة اثنتين وخمسين مِن الشّريف أحمد بْن إبراهيم بْن ميمون الحُسَينيّ. وبمكة مِن كريمة. وسكنت مدّة بدُوَيْرة السُّمَيْساطيّ بدمشق. سَمِعَ منها: غيث بْن عليّ، وقال: سألتها عَنْ مولدها، فذكرت انّه عَلَى ما أخبرتها أمُّها في ربيع الأول سنة وأربعمائة، بناحية جَنْزة، ونشأت بتَفْلِيس. توفيت بشوال سنة سبْعٍ، ولها مائة وخمسُ سِنين. قَالَ ابن عساكر: أجازت لي، وحضرتُ دفْنَها بمقبرة باب الصّغير. 204- المؤتمن بْن أحمد بن عليّ بن الحسين بن عبد الله2. الحافظ أبو نصر الرَّبَعيّ، الدَّيْرعَاقُوليّ، ثمّ البغداديّ، المعروف بالسّاجيّ. أحد أعلام الحديث. حافظ كبير، متقْن، حُجّة، ثقة، واسع الرحلة، كثير الكتابة، ورِع، زاهد. سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن النّقور، وعبد العزيز بْن علي الأنماطي، وأبا القاسم بن البسري، وأبا القاسم عبد الله بن الجلال، وأبا نصر الزَّيْنَبيّ، وإسماعيل بْن مَسْعَدة، وخلْقًا ببغداد.

_ 1 تاريخ دمشق "تراجم النساء 393". 2 المنتظم "19/ 179، 180"، وسير أعلام النبلاء "19/ 308-311"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1246-1248"، والبداية والنهاية "12/ 7178".

وأبا بَكْر الخطيب بصور؛ وأبا عثمان بْن ورقاء ببيت المقدس؛ والحسن بْن مكّيّ الشّيرازيّ بحلب. ولم أره سَمِعَ بدمشق، ولا كأنّه رآها. ودخل إلى إصبهان فسمع: أبا عَمْرو عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَهْ، وأبا منصور بْن شكروَيْه، وطبقتهما. وبنَيْسابور: أبا بَكْر بْن خلف. وبهَراة: أبا إسماعيل الأنصاريّ، وأبا عامر الأزْديّ، وهؤلاء وأبا علي التستري وجماعة بالبصرة. ثم سَمِعَ ببغداد ما لَا يُحْصَر، ثمّ تزهّد وانقطع. روى عَنْهُ: سَعْد الخير الأنصاريّ، وأبو الْفَضْلُ بْن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، ومحمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو سعد البغداديّ، وأبو بَكْر بْن السّمعانيّ، ومحمد بْن عليّ بْن فولاذ، وطائفة. قَالَ ابن عساكر: سَمِعْتُ أبا الوقت عَبْد الأوّل يَقُولُ: كَانَ الإمام عَبْد الله بْن محمد الأنصاريّ إذا رَأَى المؤتمن يَقُولُ: لَا يمكن أحد أن يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما دام هذا حيا. حدَّثني أخي أبو الحُسَيْن هبة الله قَالَ: سَأَلت السّلَفيّ، عَنِ المؤتمن السّاجيّ، فقال: حافظ متقن، لم أر أحسن قراءةً منه للحديث، تفقَّه في صباه عَلَى الشَّيْخ أبي إِسْحَاق، وكتب "الشامل"، عَنِ ابن الصَّبّاغ بخطّه، ثمّ خرج إلى الشّام، فأقام بالقدس زمانًا. وذكر لي أنّه سَمِعَ مِن لفظ أَبِي بَكْر الخطيب حديثًا واحدًا، بصور، غير أَنَّهُ لم يكن عنده نسخة. وكتب ببغداد كتاب "الكامل" لابن عَدِيّ، عَنِ ابن مَسْعَدة الإسماعيليّ؛ وكتب بالبصرة السُّنَن عَنِ التُّسْتَرِيّ. وانتفعت بصُحبته ببغداد، ونُعي إليَّ وأنا بثغر سَلَمَاس، وصلّينا عَليْهِ صلاة الغائب يوم الجمعة. وقال أبو النَّضْر الفاميّ: أقام المؤتمن بهَرَاة نحو عشر سنين، وقرأ الكثير، وكتب "الجامع" للتّرْمِذيّ ستٌّ كرّات. وكان فيه صَلَفُ نفْسِ، وقناعة، وعفّة واشتغال بما يعنيه. وقال أبو بَكْر محمد بْن منصور السّمعانيّ: ما رَأَيْت بالعراق من يفهم الحديث غير رجلين: المؤتمن السّاجيّ ببغداد، وإسماعيل بْن محمد التَّيْميّ بإصبهان.

وسمعت المؤتمن يَقُولُ: سَأَلت عَبْد الله بْن محمد الأنصاريّ، عَنْ أَبِي عليّ الخالديّ، فقال: كَانَ لَهُ في الكذب قصّة، ومن الحِفْظ حِصّة. وقال السّلَفيّ: لم يكن ببغداد أحسن قراءةً للحديث منه، يعني السّاجيّ، كَانَ لَا يملّ قراءته وإن طالت. قرأ لنا عَلَى أَبِي الحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ كتاب "الفاضل" للرّامَهُرْمُزِيّ في مجلس. وقال يحيى بْن مَنْدَهْ الحافظ: قِدم المؤتمن السّاجيّ إصبهان، وسمع مِن والدي كتاب "معرفة الصحابة" وكتاب "التوحيد" و"الأمالي"، و"حديث ابن عُيَيْنَة" لجدّي، فلمّا أخذ في قراءة "غرائب شُعْبَة" بلغ إلى حديث عُمَر في لبْس الحرير فلمّا انتهى إلى آخر الحديث كَانَ الوالد في حال الانتقال إلى الآخرة، وقضى نحْبه عند انتهاء ذَلِكَ بعد عشاء الآخرة. هذا ما رأينا وشاهدنا وعَلِمْنا. ثمّ قدم أبو الْفَضْلُ محمد بْن طاهر سنة ست وخمسمائة، وقرأنا عَليْهِ جزءًا مِن مجموعاته، وقرأ عَليْهِ أبو نصر اليُونارتيّ جزءًا مِن الحكايات فيه. سَمِعْتُ أصحابنا بإصبهان يقولون: إنّما تَمَّم المؤتمن السّاجيّ كتاب "معرفة الصّحابة" عَلَى أَبِي عَمْرو بعد موته، وذلك أنّه كَانَ يقرأ عَليْهِ وهو في النَّزْع، ومات وهو يقرأ عَليْهِ. وكان يُصاح بِهِ: نريد أن نغسّل الشَّيْخ. قَالَ يحيى: فلمّا سَمِعْتُ هذه الحكاية قلت: ما جرى ذَلِكَ، يجب أن تصلح هذا، فإنه كذِب وزور. وكتب اليُونارتيّ في الحال عَلَى حاشية النّسخة صورة الحال. وأمّا قراءة "معرفة الصّحابة" فكان قبل موت الوالد بشهرين. وكان المؤتمن والله، متورعًا، زاهدًا، صابرًا عَلَى الفقر، رحمه الله. وقال أبو بَكْر محمد بْن فولاذ الطَّبَريّ: أنشدنا المؤتمن لنفسه. وقالوا كُنْ لنا خَدْنًا وخِلًا ... ولا والله أفعل ما شاءوا أُحابيهم ببعضي أو بكلّي ... وكيف وجلّهم نعَمٌ وشاءُ وقال ابن ناصر: سَأَلت المؤتمن عَنْ مولده فقال: في صَفَر سنة خمس وأربعين وأربعمائة. وتوفي في صَفَر سنة سبْعٍ. وصلّيت عَليْهِ. وكان عالمًا، فهْمًا، ثقة، مأمونًا.

205- مودود بْن ألْتُونكين1. سلطان الْمَوْصِل. قُتل بدمشق في رمضان صائمًا، كما هو مذكور في الحوادث. "حرف النون": 206- ناصر بْن أحمد بْن بكران. القاضي أبو القاسم الخُوَيّيّ2. قِدم بغداد وتفقَّه عَلَى: أَبِي إِسْحَاق الشّيرازيّ. وسمع: أبا الحُسَيْن بْن النُّقور. وقرأ العربية وبرع فيها. روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: كتبنا عَنْهُ بخُوَيّ. وكان شيخ الأدب ببلاد أَذرْبَيْجان بلا مدافعة، وله ديوان شِعْر ومصنَّفات. وولي القضاء مدة كأبيه. تُوُفّي في ربيع الآخر. 207- نصر بْن عَبْد الجبّار بْن منصور بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن3. أَبُو منصور التّميميّ، الْقَزْوينيّ، الواعظ، المعروف بالقُراّئيّ. مِن أهل قَزْوين. كَانَ واعظًا، صالحًا، صَدُوقًا، قِدم بغداد. وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا طَالِب العُشَاريّ. وسمع بقَزْوين مِن: أبي يَعْلَى الخليل بْن عَبْد الله الحافظ. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن أَبِي الْفَضْلُ النّاصحيّ، وطيّب بْن محمد الأبِيَوَرْدِيّ، وأظنّ السّلَفيّ سَمِعَ منه. وقد حدث في سنة سبع وخمسمائة، ولا أعلم وفاته. وقد جمع لنفسه مُعْجَمًا.

_ 1 المختصر في أخبار البشر "2/ 226"، والدرة المضية "476". 2 الخويي: نسبة إلى خوى، وهي إحدى بلاد أذربيجان "الأنساب 5/ 213". 3 التدوين في أخبار قزوين "4/ 169"، وفيه اسمه: "نصير".

"حرف الهاء": 208- هادي بْن إسماعيل بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن أَبِي محمد الْحَسَن بْن علي بْن الْحَسَن بْن عليِّ بْن عُمَر بن الحسن بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِب1. الشّريف أبو المحاسن الْعَلَويّ، الحُسَيْني، الإصبهانيّ. قَالَ السّمعانيّ: كان لَهُ تقدُّم ووجاهة، وصيت وشُهْرة ببلده. وَرَدَ بغداد حاجًا، فتُوُفّي بها بعد حَجّة. روى عَنْ: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم، وأبي عثمان العيّار. روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو العلاء أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْفَضْلُ الإصبهاني، وعبد الحقّ بْن يوسف. تُوُفّي في ثالث عشر ربيع الأوّل، وهو أخو داعي. وقد تقدَّم في سنة تسعين وأربعمائة وفاة سَميّه هادي بْن الْحَسَن العلويّ. وفي سنة خمسٍ وتسعين ذُكر والده إسماعيل. وقال السّلَفيّ في معجم إصبهان: قرأنا عَليْهِ، وعلى أبيه، وأخيه، وهذا فأحسنهم خُلُقًا، وكتابةً، وخطًا. وأنشدنا فيه أبو عَبْد الله النَّضْريّ: لهادي بْن إسماعيل خلال أربع ... بها غدا مستوجبًا للإمامة خطابُ ابن عَبّادٍ وخطّ ابن مُقْلَة ... وخلق ابن يعقوب وخُلُق أُمامة "حرف الياء": 209- يحيى بْن أحمد بْن حُسين. أبو زكريّا الْغَضَائريّ2، الدّرْبَنْديّ. سَمِعَ بمصر: أبا عَبْد الله القُضاعيّ؛ وبمكّة: كريمة الْمَرْوَزيّة؛ وبآمد: أبا منصور بن أحمد الإصبهانيّ؛ وبنَيْسابور: أبا القاسم القُشَيْريّ. روى عنه: إسماعيل بن الفضيل بطبرستان، وغيره.

_ 1 المنتظم "9/ 139". 2 الغضائري: نسبة إلى الغضارة، وهو إناء يؤكل فيه الطعام "الأنساب 9/ 155".

وكان عالمًا، فاضلًا، صالحًا، ورعًا، متميزًا. كَانَ حيا في سنة سبْعٍ. 210- يحيى بْن عَبْد الله بْن الجدّاء1. أبو بَكْر الفِهْريّ، اللّبْليّ، نزيل إشبيلية. كَانَ جامعًا لفنون مِن العِلْم، وشُوِور في الأحكام بإشبيلية. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 211- يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن عثمان بْن الْفَضْلُ. أبو سالم بْن المخْبزيّ، البغداديّ، ابن خال أبي الحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ. صالح، خير. سَمِعَ: أبا الطَّيّب الطَّبَريّ، والجوهريّ. روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، والسّلَفيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاري، وغيرهم. ومات في جمادى الأولى. وفيات سنة ثمان وخمسمائة "حرف الألف": 212- أحمد بْن بَغْراج2. أبو نصر البغداديّ. سَمِعَ: أبا الْحَسَن الْقَزْوينيّ، وغيره، وأبا محمد الخلّال. تُوُفّي يوم عاشوراء. روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، وابن ناصر. وقد قرأ بالروايات عَلَى أبي الخطّاب الصُّوفيّ، وأبي ياسر محمد بن علي الحمامي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 672". 2 المنتظم "9/ 181"، وغاية النهاية "1/ 118".

قرأ عَليْهِ يوسف بْن إبراهيم الضّرير. وكان شيخًا صالحًا، كثير التّلاوة. تُوُفّي في المحرَّم، وهو أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن بغراج. 213- أحمد بْن الْحَسَن1. المُخَلَّطِيّ، أبو العبّاس الْحَنْبليّ، الفقيه. مِن علماء بغداد وثقاتهم. سَمِعَ مِن: القاضي أبي يَعْلَى. 214- أحمد بْن خَالِد الطّحّان. تُوُفّي في رجب ببغداد. روى عَنْ: أبي يَعْلَى أيضًا. 215- أحمد بْن عُبَيْد الله بْن أَبِي الفتح محمد بْن أحمد2. أبو غالب المُعيّر، البغداديّ، المقرئ. ابن خال أَبِي طاهر بْن سوَار. قرأ لابن عَمْرو على عبد الله بْن مكّيّ السّوّاق، عَنْ أَبِي الْفَرَج الشَّنَبُوذيّ. قَالَ المبارك بْن كامل: قرأت عَليْهِ برواية أبي عمرو. وقد سمع: محمد بْن غَيْلان، ومحمد بْن الحُسَيْن الحرّانيّ، وأبا محمد الخلّال، وأبا الفتح الْمَحَامِليّ، وأحمد بْن عليّ التَّوَّزيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو الحُسَيْن عبد الحق. وكان ثقة، مقرئًا، صالحًا. وتوفي في جُمَادَى الأولى، وله ثمانون سنة. 216- أحمد بْن محمد بْن أحمد. أبو نصر البغداديّ، سِبْط الأقفاليّ، الزّاهد. سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ. وعنه: السّلَفيّ. سقط مِن سطح فمات في جمادى الأولى.

_ 1 طبقات الحنابلة "2/ 258"، والمنتظم "9/ 181". 2 المنتظم "9/ 181"، وسير أعلام النبلاء "19/ 313"، وغاية النهاية "1/ 79".

217- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن غلبُون1. أبو عَبْد اللَّه الخَوْلانيّ، القُرْطُبيّ، ثمّ الإشبيليّ. روى عَنْ أبيه الحافظ أَبِي عَبْد الله الْخَوْلانيّ كثيرًا. وسمع معه مِن: أَبِي عُمَر، وعثمان بْن أحمد القشْطاليّ، وأبي عَبْد الله الأحدب، وأبي محمد الشّنْتجاليّ، وعليّ بْن حَمُّوَيْه الشّيرازيّ. وأجاز لَهُ يونس بْن عَبْد الله القاضي، وأبو عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عَمْرو المرشاني الَّذِي لَهُ إجازة أَبِي بَكْر الآجُرّيّ، وَأَبُو ذَرّ عَبْد بْن أحْمَد الهَرَوِي، وَأَبُو عِمران الفاسيّ، ومكّيّ بْن أبي طَالِب، وأبو عَمْرو الدّانيّ المقرِئان. قَالَ ابن بَشْكُوال2: وكان شيخًا، فاضلًا، عفيفًا، مُنقبضًا، مِن بيت عِلْم، ودِين، وفضل. ولم يكن عنده كبير عِلْم أكثر مِن روايته عَنْ هَؤلَاءِ الْجِلّة. وكانت عنده أيضًا أُصُول يلجأ، ويعوّل عليها. أخذ عَنْهُ جماعة مِن شيوخه وكبار أصحابنا. قَالَ لي أبو الوليد بْن الدّبّاغ إنّ هذا وُلِد سنة ثمان عشرة وأربعمائة وتُوُفّي في شَعْبان، وله تسعون سنة. وهو خال أبي الْحَسَن شُرَيْح. وقد أجاز لابن الدّبّاغ. وسمع من خلْق منهم عليّ بْن الحُسَيْن اللُّوَاتيّ. وقرأ عَليْهِ ابن الدّبّاغ "الموطّأ"، بسماعه مِن عثمان بْن أحمد، والْحَرَميّ. روى عَنْهُ كتابةً أبو ... 3. 218- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن بَغْراج4. أبو نصر السّقْلاطُونيّ. كان مولده في سنة ثلاث وعشرون.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 73"، وعيون التواريخ "12/ 49". 2 في الصلة "1/ 73". 3 بياض في الأصل: وقد قال القاضي عياض: سمع منه أعيان من الشيوخ واستجازوه وحدثوا عنه، منهم: القاضي أبو عبد الله بن الحاج، وأبو بكر بن مفوز، وأبو بكر بن فتحون، والقاضي أبو الحسن بن شريح ابن أخته، وأبو عبد الله مالك بن وهيب "الغنية 107". 4 تقدم قبل قليل رقم "212".

وقد ذُكِر في أوّل السّنة فنُسِب إلى أَبِيهِ. 219- إبراهيم بْن محمد بْن مكّيّ بْن سعد1. الفقيه أبو إِسْحَاق السّاوي، الملقَّب بشيخ الملك. فاضل معروف، مشتغل بالتجارة والدهقفة. وكان يُعدّ مِن دُهاة الرجال. روى عَنْ: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وأبي عثمان الصّابونيّ، والحاكم أبي عَبْد الرَّحْمَن الشّاذْياخيّ، وغيرهم. ومرض مدّة، وقاسي حتّى تُوُفّي في سلْخ صَفَر. 220- إسماعيل بْن المبارك بْن وصيف2. أبو خازم الْحَنْبليّ. تفقَّه عَلَى أبي يَعْلَى بْن الفرّاء، وسمع منه. ومن: أبي محمد الجوهري. وتوفي في رجب. روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل؛ وبالإجازة ابن كُلَيب. 221- ألْب رسلان ابن السّلطان رضوان ابن السّلطان تُتُش بْن ألْب التُّرْكيّ3. وُلّي إمارة حلب في جُمَادَى الآخرة بعد أَبِيهِ صاحب حلب وله ستٌّ عشرة سنة. وولي تدبير مملكته البابا لؤلؤ، فقتل أخويه ملكشاه ومباركًا، وقتل جماعة مِن الباطنيّة، والقرامطة، وكانت دعوتهم قد ظهرت في أيّام أَبِيهِ. ثمّ قِدم دمشق في رمضان مِن سنة سبْعٍ، فتلقّاه طُغتِكين والأعيان، وأنزلوه في القلعة، وبالغوا في خدمته، فأقام أيّامًا، ثمّ عاد إلى حلب وفي خدمته طُغتِكين، فلمّا وصلا إلى حلب لم يَرَ منه طُغتِكين ما يحبّ، ففارقه وردّ إلى دمشق4. ثمّ إنّ ألْب رسلان ساءت سيرته بحلب، وانهمك في المعاصي واغتصاب الحرم،

_ 1 المنتخب من السياق "126". 2 الذيل على طبقات الحنابلة "1/ 112". 3 الكامل في التاريخ "10/ 508"، والعبر "4/ 16"، وشذرات الذهب "4/ 23". 4 ذيل تاريخ دمشق "189-191".

وخافه البابا لؤلؤ، فقتله في ربيع الآخر سنة ثمانٍ1، ونصّب في السّلطة أخًا لَهُ طفلًا عُمره ستٌّ سِنين. ثمّ قُتِل لؤلؤ ببالِس في سنة عشر2. "حرف الباء": 222- بغدوين3. ملك الفرنج الَّذِي أخذ القدس. هلك -لعنة الله- مِن جراح أصابته يوم مصافّ طَبريّة. وقيل: بل تُوُفّي بعد ذَلِكَ كما هُوَ في الحوادث. "حرف الخاء": 223- خَلَفُ بْن مُحَمَّد بْن خَلَف4. أبو القاسم بْن الْعَربيّ، الأنصاريّ، الأندلسيّ. مِن أهل المريّة. روى عَنْ: أحمد بْن عُمَر العُذْريّ، وأبي بَكْر ابن صاحب الأحباس، وأبي عليّ الغسّانيّ. وكان مَعْنيا بالآثار، جامعًا لها. كتب بخطّة عِلْمًا كثيرًا ورواه. وكان متقنًا، أديبًا، شاعرًا. يذكر أنّه لقي أبا عَمْرو الدّانيّ، وأخذ عَنْهُ قليلًا. وكان مولده في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. "حرف الدال": 224- دَعْجاء بنتُ أَبِي سهل الْفَضْلُ بْن محمد بْن عَبْد الله الإصبهانيّ الكاغدِيّ. رَوَت عَنْ جدّها أحمد بْن محمد بْن محمد بْن زْنجُوَيْه، عَنِ ابن فُورَك القبّاب. روى عنها: أبو موسى المديني.

_ 1 زبدة الحلب "2/ 167-170". 2 زبدة الحلب "2/ 177". 3 العبر "4/ 15"، ودول الإسلام "2/ 36"، وعيون التواريخ "12/ 48". 4 الصلة لابن بشكوال "1/ 175".

225- دلال بِنْت الخطيب أبي الْفَضْلُ محمد بْن عَبْد العزيز بْن المهتدي بالله1. سَمِعْتُ: أباها، وأبا عليّ بْن المُذْهب. روى عَنْهَا: ابن ناصر. أرّخها ابن النّجّار. "حرف الراء": 226- رَيْحان. غلام أَبِي عَبْد الله بْن جَرَدة البغداديّ. روى عَنْهُ أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، عَنْ أَبِي عليّ بْن البنّا. تُوُفّي في ربيع الآخر. "حرف السين": 227- سالم بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَسَن. أَبُو عَبْد اللَّه الجرّار، البغداديّ، الْمَرَاتبيّ. سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء. وعنه: أبو المُعَمَّر. 228- سُبَيْع بْن المسلم بْن عليّ بْن هارون2. المعروف بابن قيراط. أبو الوحش الدّمشقيّ، المُقْرِئ، الضّرير. قرأ لابن عامر عَلَى رشأ بْن نظيف، والأهوازي، وسمع منهما. ومن: عَبْد الوهّاب بْن برهان بصور، وأبي القاسم السّميساطيّ، وجماعة. وانتهت إليه الرئاسة في الدّعوة بدمشق، وصار أعلى النّاس فيها إسنادًا. وكان يُقرئ القرآن مِن ثُلث اللّيل إلى قريب الظُّهْر. وأُقْعِد، فكان يُؤتَى به محمولًا إلى الجامع.

_ 1 المنتظم "9/ 181". 2 ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي "192"، والعبر "4/ 16"، وشذرات الذهب "4/ 23"، وتهذيب تاريخ دمشق "6/ 66".

قال ابن عساكر1: سَمِعْتُ منه: وكان ثقةً. ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة. وتُوُفّي في شَعْبان سنة ثمانٍ. 229- سراج بْن عبد الملك بن سراج بن عبد الله2. الوزير أبو الحُسَيْن القُرْطُبيّ. روى عَنْ أَبِيهِ كثيرًا؛ وعن: محمد بْن عتّاب الفقيه. وبرع في الآداب واللّغة، وحمل النّاس عَنْهُ الكثير. وله شِعْر رائق. مات في جمادي الآخرة وقد ناطح السبعين. وهو مِن بيت علم وجلالة. 230- سليمان بْن حسين3. أبو مروان الأنصاريّ، الأندلسيّ. سَمِعَ بقُرْطُبَة: أبا عبد الله محمد بْن عَتَّاب، وأبا عِمران بْن القطّان، وحاتم بْن محمد. وبشرق الأندلس: أبا عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ، وأبا الوليد الباجيّ. ووليّ قضاء لَارِدَة. روى عَنْهُ: ابنه أبو الوليد يحيى، والحافظ أبو محمد القلنيّ. وعاش أكثر مِن تسعين سنة. 231- سَعِيد بْن إبراهيم بْن أحمد. أبو الفتح الإصبهانيّ، الصَّفّار. يروي عن: أَبِي طاهر بْن عبد الرحيم. روى عَنْهُ: الحافظ أبو موسى. توفي في ذي الحجة.

_ 1 تاريخ دمشق "15/ 117". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 227"، وإنباء الرواة "2/ 66"، وبغية الوعاة "1/ 576". 3 التكملة لابن الأبار رقم "1977".

232- سَعِيد بْن محمد بن سَعِيد1. أبو الْحَسَن الْجُمَحيّ، الأندلسيّ، المعروف بابن قوطة الفرجي. من أهل مدينة الفرج. له راحلة في القراءآت، قرأ فيها عَلَى عَبْد الباقي فارس، وغيره. وأخذ أيضًا عَنْ: أَبِي عَمْرو الدّانيّ، وأبي الوليد الباجيّ. وأقرأ النّاس ببلده. وأخذ عَنْهُ غيرُ واحد. تُوُفّي سنة ثمانٍ أو تسع وخمسمائة. "حرف العين": 233- عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن أحمد بْن حزمون2. أبو الأَصْبَغ القُرْطُبيّ. روى عَنْ: حاتم بْن محمد، وأبي جعفر بْن رزق وناظر عَليْهِ. وأجاز لَهُ أبو العبّاس العُذْري. وكان إمامًا بصيرًا بالفتوى، أخذ النّاس عَنْهُ وتفقّهوا لَهُ. وولي الإمامة بجامع قُرْطُبَة. وتُوُفّي بشعبان وله ثمانٌ وستّون سنة. 234- عَبْد الله بْن الحُسَيْن بْن أحمد بْن جعفر. أبو جعفر النّوبيّ، الْهَمَذَانيّ. شيخ صالح، مُسِنّ، هُوَ آخر من روى عَنْ أَبِي منصور محمد بن عيسى الْهَمَذَانيّ. وسمع أيضًا من والده، وتوفي والده سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، ومن: أبي حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش الرازي، وجعفر بن محمد بن مظفر، وجماعة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 223، 224". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 372".

قال شيرويه الحافظ: سَمِعْتُ منه، وكان صدُوقًا، حسن السيرة، عدْلًا، مَرْضيا. تُوُفّي في السّادس والعشرين مِن رمضان. وقال السّلَفيّ في مُعْجَمه: كَانَ مِن أعيان الْهَمَذَانيّين وشُهودهم. وكان لَهُ كتاب وأصول جيّدة. وما كتبته عَنْهُ قد أودعته بسلماس. قلت: سَمِعَ منه: محمد بْن السّمعانيّ، ومحمد بْن محمد السّنْجيّ، والسّلَفيّ. ومات في رمضان. 235- عثمان بْن إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْفَضْلُ1. أبو عَمْرو الأَسَديّ، الفضْليّ، الْبُخَارِيّ. كَانَ شيخًا، مَعْمَرا، صالحًا، عالمًا. سَمِعَ: إبراهيم بْن الرّيْوَرْثُونيّ2، وعليّ بْن الحُسَيْن السُّغْديّ، القاضي. قَالَ ابن السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ جماعة كثيرة. وعاش اثنتين وثمانين سنة وكان ابنه السّيف عَبْد العزيز قاضي بُخَارى. 236- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن فتحان3. أبو الْحَسَن الشّهْرَزُورِيّ، البغداديّ. شيخ كبير مُسِنّ، صالح. سَمِعَ مجلسًا مِن إملاء أَبِي القاسم بْن بِشْران. وسمع أيضًا أبا عليّ بْن المُذْهب. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، والسلفي، وابن الخشّاب، وجماعة. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، ووُلِد سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. 237- عليّ بْن إبراهيم بْن العباس بْن الحُسَيْن بْن العبّاس بْن الْحَسَن بْن الرئيس أبي الجنّ حُسين بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن إسماعيل بْن الصّادق جعفر بْن محمد4.

_ 1 الأنساب "9/ 314". 2 الريورثوني: نسبة إلى ريورثون من قرى بخارى "معجم البلدان 3/ 115". 3 المنتظم "9/ 181، 182". 4 الكامل في التاريخ "10/ 508"، وسير أعلام النبلاء "19/ 358-360"، وعيون التواريخ "12/ 49"، وشذرات الذهب "4/ 21".

الشّريف، النّسيب أبو القاسم الحُسَيْني، الدّمشقيّ، الخطيب. كَانَ صدْرا، نبيلًا، مَرْضيا، ثقة، محدّثًا، مَهيبًا، سُنّيا، ممدوحًا بكلّ لسان خرج لَهُ شيخه الخطيب عشرين جزءًا سمّعها بكاملها؛ وعلى أكثر تصانيف الخطيب خطّه وسماعه. وأوّل سماعه في سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. وكان مولده في سنة أربعٍ وعشرين. وقرأ القرآن عَلَى أَبِي عليّ الأهوازيّ، وغيره. وسمع: أبا الحُسَيْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن التّميميّ، ورشأ بْن نظيف، ومحمد بْن عليّ المازنيّ، وسليمان بْن أيّوب الفقيه، وأبا عَبْد الله القُضَاعيّ، وكريمة الْمَرْوَزيّة، وأبا القاسم الحِنَّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب، وجماعة. روى عَنْهُ: هبة الله الأكفانيّ، والْخَضِر بْن شِبْل الحارثيّ، وعبد الباقي بْن محمد التّميميّ، وعبد الله أبو المعالي بْن صابر، والصّائن، وأبو القاسم ابنا ابن عساكر، وخلق سواهم. قَالَ ابن عساكر1: كَانَ ثقة مُكِثرًا، لَهُ أُصُول بخطوط الورّاقين. وكان متسننًا، وسبب تسنُّنه مؤدّبُه أبو عِمران الصَّقَلّيّ وكثْرةُ سماعه للحديث. سَمِعَ منه شيخه عَبْد العزيز الكتّانيّ، وسمعتُ منه كثيرًا. وحكى لي أنني لما ولدت سَأَلَ أبي: ما سمَّيْتَه وكَنَّيْتَه؟ فقال: أبو القاسم عليّ. فقال: أخذت اسمي وكنيتي. قال لي أبو القاسم السّمَيْساطيّ، أو قَالَ أبو القاسم بْن أبي العلاء، إنّه ما رَأَى أحدًا اسمه عليّ وكُنّي أبا القاسم إلّا كَانَ طويل العُمر. وذكر أنّه صلّى عَلَى جنازةٍ، فكبّر عليها أربعًا. قَالَ: فجاء صاحب مصر إلى أَبِيهِ يُعاتبه في ذَلِكَ، فقال لَهُ أبوه: لَا تُصَلّ بعدها عَلَى جنازة. قلت: كان صاحب مصر رافضيًا.

_ 1 في تاريخ دمشق "28/ 458".

قَالَ ابن عساكر1: كانت لَهُ جنازة عظيمة، ووصّى أن يُصلّي عَليْهِ أبو الْحَسَن الفقيه جمال الإسلام، وأن يُسنم قبرُهُ، وأن لَا يتولّاه أحد مِن الشّيعة. وحضرت دفنه. وتُوُفّي فِي الرابعِ والعشرينَ مِن ربيع الآخرِ، ودُفِن في المقبرة الفخريّة في المُصلّي، ولَقَبُه نسيب الدّولة، وإنْما خُفّف فقيل: النّسيب. 238- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جَهير2. الوزير، ابن الوزير، ابن الوزير زعيم الدّولة أبو القاسم. وُلّي نظر ديوان الزّمام في أيّام جدّه، ووَزَرَ للمستظهر بالله مرّتين، تخلّلهما الوزير أبو المعالي بْن المطَّلب. وكان عاقلًا، حليمًا، سديد الرأي، مُعْرِقًا في الوزارة. مات في أوائل الشّيخوخة. "حرف الميم": 239- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد. الأستاذ أبو بَكْر بْن الصَّنّاع، المقرئ، الملقّب بالهدهد. مِن أهل بَلَنْسِية. أخذ القراءات عَنْ أبي دَاوُد، وكان أنبل أصحابه. أخذ عنه: أبو عَبْد الله بْن أبي إِسْحَاق الْمَرييّ؛ وأقرأ بقُرْطُبَة. وتُوُفّي كَهْلًا. 240- محمد بْن سليمان3. أبو بَكْر الْكَلاعيّ، الإشبيليّ، الكاتب المعروف بابن القصيرة. رأس أهل البلاغة في زمانه.

_ 1 في تاريخ دمشق "28/ 458". 2 المنتظم "9/ 182"، والكامل في التاريخ "10/ 498"، والنجوم الزاهرة "5/ 308"، الصلة لابن بشكوال "2/ 539"، وعيون التواريخ "12/ 47، 48".

أخذ عَنْ: أَبِي مروان بْن سِراج، وغيره. وكان مِن أهل الأدب البارع، والتّفنُّن في أنواع العلوم. وتوفي عَنْ سِن عالية، وقد خَرِف. 241- محمد بْن عَبْد الواحد بْن الْحَسَن1. أبو غالب الشَّيْبانيّ، البغداديّ، القزّاز. قرأ القراءات عَلَى: الشّرمَغَانيّ، وأبي الفتح بْن شيطا. وحدَّث عن: أَبِي إِسْحَاق الْبَرْمَكِيّ، وَالْجَوْهَرِيّ، والعشاري، وجماعة. وكان مولده سنة ثلاثين وأربعمائة. نَسَخ الكثير، وسمع، وسمّع ولده أبا منصور عَبْد الرَّحْمَن. وتوفي في رابع شوّال. وكان ثقة، مقرئًا، فاضلًا، حاذقًا بالقراءات. روى عَنْهُ: حفيده نصر الله بْن عَبْد الرَّحْمَن، وسعد الله الدّقّاق، ويحيى بْن السدنك. 242- مُحَمَّد بن عليّ بْن محمد2. القاضي أبو سَعِيد الْمَرْوَزِيّ الدّهّان. سَمِعَ: أبا غانم الكراعيّ، وابن عَبْد العزيز الْقَنْطَريّ، وجماعة. أجاز للسّمعانيّ، وعنده "تفسير ابن راهَوَيْه"، يرويه عَنِ الحاكم محمد بْن عَبْد العزيز الْقَنْطريّ، عَنِ الحاكم محمد بْن الحسين الحدّادي، عَنْ محمد بْن يحيى بْن خَالِد الْمَرْوَزِيّ، عَنْهُ. وُلِد في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة. وقيل: مات سنة عشر. 243- مُحَمَّد بْن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بن حمدين3. أبو عبد الله، قاضي القضاة بقرطبة.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 464"، وغاية النهاية "2/ 192، 193". 2 التحبير في المعجم الكبير "2/ 189، 190". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 570"، والغنية للقاضي عياض "46، 47".

تفقَّه عَلَى والده. وروى عَنْهُ، وعن: محمد بْن عتّاب، وجماعة. وكان مِن أهل التّفنُّن في العلوم. وكان حافظًا، ذكيا، فطنًا، أديبًا، شاعرًا، لغويًا أُصُوليا. وُلّي القضاء سنة تسعين، فحُمدت سيرته. وتوفي في المحرم سنة ثمان وخمسمائة. وكان مولده سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. 244- محمد بْن المختار بْن محمد بْن عبد الواحد بْن عَبْد الله بْن المؤيّد بالله1. أبو العزّ الهاشميّ، العبّاسيّ، المعروف بابن الخُصّ. والد الشَّيْخ أَبِي تمّام وأحمد. نزيل خُراسان. مِن أهل الْحَرَم الطّاهري، شريف، ثقة، صالح، ديّنْ، سَمِعَ الكثير، وعُمّر حتى حمل عنه. روى عَنْ: أَبِي الْحَسَن الْقَزْوينيّ، وأبي عليّ بْن المُذْهِب، وعبد العزيز الأَزَجيّ، والْبَرْمكيّ. روى عَنْهُ: أبو عليّ الرحْبيّ، وأحمد بْن السَّدنك، وابن كليب. وتوفي في عاشر المحرّم وله ثمانون سنة. 245- ميمون بْن محمد بْن محمد بْن مُعْتَمد بْن محمد بْن محمد بْن مكحول بْن الْفَضْلُ. الإمام، الزّاهد، أبو المعين المكحوليّ، النَّسَفيّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. قَالَ عُمَر بْن محمد النَّسَفيّ في كتاب "الْقَنْد": هو أستاذي. كَانَ بسَمَرْقَنْد مدّة، وسكن بُخَارى، يغترفُ علماءُ الشّرق والغرب مِن بحاره، ويستضيئون بأنواره. تُوُفّي في الخامس والعشرين مِن ذي الحجة، وعمره سبعون سنة. قلت: روى عَنْهُ شيخ الإسلام محمود بْن أحمد الشاغرجيّ، وعبد الرشيد بْن أبي حنيفة الوأوالجي.

_ 1 المنتظم "9/ 182"، وسير أعلام النبلاء "19/ 383، 384".

"حرف الهاء": 246- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن محمد1. الحافظ، الزّاهد، أبو الخير الأَبَرْقُوهيّ. رحل إلى إصبهان. وسمع مِن: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم، وطبقته. وقع لنا مِن حديثه. روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وأبو موسى الْمَدِينيّ، وأبو الفتح الخِرَقي. وآخرون. تُوُفّي بأبَرْقُوه في شَعْبان، وكان قد عُمّر. قَالَ السّلَفيّ: كَانَ قاضي أبَرْقُوه، وهي بقرب يَزْد. وكان من المكثرين، من أهل الفضل، ثقة. وفيات سنة تسع وخمسمائة: "حرف الألف": 247- أحمد بْن أبي القاسم الْحَسَن بن أحمد بن محمد بن أحمد. أبو العبّاس الإصبهانيّ، المعروف بنجَّوكه. روى عَنْ: أَبِي نُعَيْم الحافظ. وتُوُفّي في عَشْر التّسعين. روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في ثامن شوّال. 248- أحمد بْن الحُسَيْن بْن أَبِي ذَرّ محمد بْن إبراهيم بْن عليّ. أبو العبّاس، الصّالْحانيّ2، الواعظ. الرجل الصّالح. وُلِد في حدود سنة أربع وعشرين وأربعمائة.

_ 1 الأنساب "1/ 115، 116"، ومعجم البلدان "1/ 69، 70"، واللباب "1/ 24". 2 الصالحاني: نسبة إلى صالحان، وهي محلة كبيرة بأصبهان "الأنساب 7/ 12".

وحدث عَنْ جدّه أبي ذَرّ. روى عَنْهُ: أبو موسى وقال: تُوُفّي في ربيع الآخر. وقال غيره: في ربيع الأوّل. 249- إبراهيم بْن حمزة بْن نصر1. أبو طاهر الْجَرْجَرائي2، ثمّ الدّمشقيّ، المقرئ، المعدّل. قرأ عَلَى أَبِي بَكْر أحمد الْهَرَويّ صاحب الأهوازيّ. وسمع: الْحَسَن بْن عليّ اللّباد، وأبا بَكْر الخطيب. وعنه: أبو القاسم بن عساكر وقال: توفي في ربيع الأول. 250- إبراهيم بْن غالب. أبو إسحاق الفقيه، الشّافعيّ، ابن الآمديّة. مِن علماء الإسكندرية. روى عنه: أبو محمد العثماني. 251- إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بْن أَبِي سَعِيد بْن مَلَّة3. أبو عثمان المحتسب، الواعظ، الإصبهانيّ، صاحب المجالس الْمَرْوية. سَمِعَ: أبا بَكْر بْن رِيذة، وأبا طاهر بْن عَبْد الرحيم، وجماعة من أصحاب ابن المقري، وغيره. وأملى بجامع المنصور. روى عَنْهُ: ابن ناصر، وظاعن بْن محمد الخيّاط، وجماعة آخرهم موتًا عَبْد المنعم بْن كُليب. وكان ضعيفًا. قَالَ ابن ناصر: وضع حديثًا وأملاه، وكان يخلط.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "4/ 48"، وتهذيب تاريخ دمشق "2/ 209". 2 الجرجائي: نسبة إلى جرجرايا، وهي بلدة قريبة من الدجلة بين بغداد وواسط "الأنساب 3/ 223". 3 المنتظم "9/ 183"، وسير أعلام النبلاء "19/ 381، 382"، والبداية والنهاية "12/ 179"، ولسان الميزان "1/ 434"، وشذرات الذهب "4/ 22".

تُوُفّي في ثاني ربيع الأوّل بإصبهان. قلت: روايته عَنِ ابن رِيذة حضور، فإنّه قَالَ: وُلِدْتُ في رجب سنة ستٌّ وثلاثين. قلت: ومات ابن ريذة سنة أربعين. وقال أبو نصر اليُونَارْتيّ في "معجمه": إسماعيل بْن ملّة كَانَ مِن الأئمّة الْمَرْضيين، يرجع في كلّ فن مِن العِلْم إلى حظً وافر. وروى عَنْهُ السّلَفيّ فقال: هُوَ مِن المكثرين. يروي عَنْ عَبْد العزيز فاذوَيْه، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن مِن أَبِي بَكْر الذَّكْوانيّ. وكان يعظ. وأبوه يروي عَنْ عُمَر بْن أبي محمد بْن زكريّا البيّع. "حرف الجيم": 252- جامع بْن أبي بَكْر الْحَسَن بْن عليّ. أبو الْحَسَن الفارسيّ. سَمِعَ: أباه، وأبا حفص بْن مسرور، وجماعة. وتوفي في شَعْبان. 253- جامع بْن الْحَسَن بْن عليّ. أبو عليّ الْبَيْهَقيّ. ذكر أبو عليّ السّمعانيّ أنّه حضر عَليْهِ بقراءة والده، وأنّه كَانَ مَعْمَرا. سَمِعَ مِن: أَبِي بَكْر أحمد بْن محمد بْن الحارث الإصبهانيّ، والفضل بْن عَبْد الله الأبيوردي. وأن مولده بعد العشرين وأربعمائة. ومات في شَعْبان أيضًا. "حرف الحاء": 254- الْحَسَن بْن نصر بْن عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن محمد بْن علّان. النّهَاونديّ، أبو عَبْد الله بن المُرْهَف. فقيه فاضل، قِدم بغداد.

وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وجماعة. وحدَّث بإصبهان، ونهاوند. روى عَنْهُ: مَهْديّ بْن إسماعيل الْعَلَويّ. وتُوُفّي في المحرَّم. 255- حَمْدُ بْن نصر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن معروف1. أبو العلاء الأديب، ويُعرف بالأعمش. هَمَذَانيّ، حافظ، مُكثِر، ثقة. سَمِعَ بهَمَذَان مِن: عُبَيْد الله بْن أَبِي عَبْد الله بْن مَنْدَهْ، وأبي مُسْلِم بْن غزو النهاوندي، وأبي محمد بن ماهلة. وولد في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أجاز لي في ذي القِعْدة سنة تسعٍ. قلت: روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو العلاء العطّار، وجماعة. وكان مَعَ بصره بالحديث عارفًا بمذهب أحمد، ناصرًا للسُّنّة، وافر الحُرْمة. أملى عدّة مجالس مِن حفظه، رحمه الله تعالى. وكان أحد الأدباء بارعًا في فضائله. وقع لنا من روايته في السلماسية، مات سنة اثنتي عشرة. وسيُعاد فيُضمّ ما هنا إلى هناك. "حرف الشين": 256- شِيرَوَيْه بْن شُهْردَار بْن شِيرَوَيْه بْن فَنّاخسرو بن خَسْرُكان2. الحافظ، أبو شجاع الدَّيْلَميّ، الْهَمَذَانيّ، مؤرّخ هَمَذَان، ومصنف كتاب "الفِرْدوس". سَمِعَ الكثير بنفسه، ورحل.

_ 1 التحبير في المعجم الكبير "1/ 329، 438"، وسير أعلام النبلاء "19/ 276، 277"، وطبقات الحفاظ "454"، وشذرات الذهب "4/ 31". 2 التدوين "3/ 85"، والعبر "4/ 18"، وسير أعلام النبلاء "19/ 294، 295"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1259"، وشذرات الذهب "4/ 23، 24".

سَمِعَ: أبا الْفَضْلُ محمد بن عثمان القُومَسَانيّ، ويوسف بْن محمد بْن يوسف المستملي، وسُفْيان بْن الحُسَيْن بْن محمد بْن فَنْجُوَيْه الدّيَنَوريّ، وعبد الحميد بْن الْحَسَن الفقاعي الدلال، وأبا الْفَرَج علي بن مُحَمَّد بن علي الجريري الْبَجَليّ، وأحمد بْن عيسى بْن عبّاد الدّيَنَوريّ، وخلقًا سواهم. وببغداد: أبا منصور عَبْد الباقي بن محمد العطار، وأبا القاسم بن البسري، وخلقًا. وبإصبهان: أبا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وغيره. وبقزوين والجبال. قَالَ فيه يحيى بْن مَنْدَهْ: شاب كيّس، حسن الخلق والخُلُق، زكيّ القلب، صلْب في السُّنَّة، قليل الكلام. روى عَنْهُ ابنه شهردار، ومحمد بْن الْفَضْلُ الإسْفرائينيّ، ومحمد بن أبي القاسم الساوي، وأبو العلاء أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْفَضْلُ الحافظ، وآخرون. وتُوُفّي في تاسع عشر رجب. وهو متوسط المعرفة، وليس هُوَ بالمُتْقِن. وُلِد سنة خمس وأربعين وأربعمائة. وكان صلْبًا في السُّنَّة. دخل إصبهان في سنة خمس وخمسمائة، فروى عَنْهُ أبو موسى الْمَدِينيّ، وطائفة. "حرف الصاد": 257- صَدَقة بْن محمد بْن صَدَقة. أبو الْكَرَم الإسكاف. شيخ صالح بغداديّ. سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وأبا الحُسَيْن بْن المهتدي بالله. روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظَفَر. "حرف الظاء": 258- ظفر بن عبد الملك. الخلال، والأصبهاني.

ورّخه عبد الرحيم الحاجّيّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل. كأنّه أخو الحُسَيْن. "حرف العين": 259- عَبْد الله بن بننان1. أبو محمد النَّحْويّ، نزيل إشبيلية. روى عَنْهُ: أَبِي عَبْد الله بْن يونس الحجازيّ، وعاصم بْن أيّوب، وابن الحجاج الأعلم. روى عَنْهُ: أبو الوليد بْن خيرة، وأبو عامر بْن ربيع الأشعريّ، وهارون بْن أبي الْغَيْث، وأبو الحسن بن فيل. وكان حافظًا لكتب الآداب، ذاكرًا "للكامل" للمبردّ، "وأمالي القالي". علّم النّاسَ النَّحْو بقُرْطُبَة. وكان حيا في هذه السنة. قاله ابن الأبّار. 260- عبد الرَّحْمَن بن عبد العزيز بْن ثابت2. أبو محمد الأُمَويّ، الأندلسيّ. خطيب شاطبة. روى كثيرًا عَنْ أَبِي عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ. وعن: أَبِي العبّاس العُذْريّ. وكان زاهدًا، ورِعًا، فاضلًا، منقبضًا. سَمِعَ منه جماعة، ورحلوا إِليْهِ، واعتمدوا عَليْهِ. وُلِد سنة ست وأربعين وأربعمائة. وقال: زارنا ابن عَبْد الْبَرّ مرّةً في منزلنا، فحفظت مِن لفظه يَقُولُ: لَيْسَ المزارُ عَلَى قدْر الودادِ ولو ... كانا كفيّيْن كنّا لا نزال معًا

_ 1 الوافي بالوفيات "17/ 88"، وبغية الوعاة "2/ 35". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 346".

261- عَبْد الله بْن عَبْد العزيز بْن المؤمّل. الأديب، أبو نصر الزَّيْتُونّي. كَانَ إخباريا، علّامة. روى عن: أحمد بن عمر النهرواني، وعلي بْن محمود الزّوزَنيّ، ومحمد بْن الحُسَيْن بْن الشّبْل، وجماعة مِن الشُّعراء. روى عنه: عبد الخالق اليوسفي، وعبد الرحيم ابن الإخوة، والسّلَفيّ، وآخرون. قَالَ السّمعانيّ: ما كَانَ مَرْضِيّ السّيرة. كَانَ جماعة مِن شيوخي يسيئون الثّناء عَليْهِ. تُوُفّي في ذي القِعْدة، وله تسعون سنة. 262- عَبْد الوهّاب بْن أحمد بْن عُبَيْد الله بْن الصَّحْنائيّ1. أبو غالب المستعمل. عَنْ: جدّه لأمّه عَبْد الوهّاب بْن أحمد الدّلّال، وابن غَيْلان، وعبد العزيز الأَزَجيّ، وعدّة. وعنه: عُمَر المغازليّ، وآخرون. مات في ذي الحجّة عن تسعين سنة. 263- عليّ بْن أحمد بْن سعيد2. أبو الْحَسَن الْيَعْمريّ، الشّاعر، الأندلسيّ، الأديب. أخذ بقُرْطُبَة عَنْ أَبِي مروان بْن سِراج. وأقرأ العربيّة والأدب. وكان كاتبًا، شاعرا، فقيهًا. توفي وهو في عشر الثمانين. 264- عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد3. أَبُو الْحَسَن النيسابوري، الواعظ.

_ 1 سبقت ترجمته في وفيات سنة "507هـ" برقم "186". 2 تكملة الصلة لابن الأبار رقم "1840". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 123".

وأصلة من إصبهان. سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا الحسين بن عبد الغافر، وغيرهما. قال السلفي: بلغني أنه تُوفي سنة تسع وخمسمائة. وقال ابن عساكر: أجاز لي سنة عشر. قلت: سأعيده سنة عشر. 265- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه1. أبو الْحَسَن الْجُذَاميّ، الأندلسي، مِن أهل الْمَريّة، ويُعرف بالْبَرْجيّ، بفتح الباء. أخذ القراءات عن: أبي داود، وابن الدش. وسمع مِن أبي عليّ الغسّانيّ. وكان مقرئًا حاذقًا، وفقيهًا، مُفْتيا، مِن أهل الخير، والصّلاح، والتّفنُّن في العِلْم. قَالَ ابن الأبّار: دارت لَهُ مَعَ قاضي الْمَريّة مروان بْن عَبْد المُلْك قصّة غريبة في إحراق ابن حمْدين كتب الغزالي وأوجب فيها حين اسفتي تأديب مُحرقها، وضمّنه قيمَتَها. وتبِعه عَلَى ذَلِكَ أبو القاسم بْن ورد، وعمر بْن الفصيح. أخذ عَنْهُ: عُمَر بْن نَمارة، والشّيخ أبو العبّاس بْن العريف. 266- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ. أَبُو الْحَسَن الأنْدش، النَّيْسابوريّ، الشّعريّ. وُلِد سنة خمس عشرة وأربعمائة. وسمع: أبا العلاء صاعد بْن محمد، وابن مسرور. قال السمعاني: حضرت عليه "جزء ابن نُجَيْد". ومات في رمضان. "حرف الغين": 267- غْيث بْن عليّ بن عبد السلام بْن محمد2.

_ 1 الأنساب "1/ 140"، والوافي "22/ 49، 50". 2 معجم البلدان "1/ 158"، وسير أعلام النبلاء "19/ 389"، والعقد الثمين "1/ 472"، ولسان الميزان "1/ 322"، وشذرات الذهب "4/ 24".

أبو الفَرَج الصُّوري، الأَرْمَنَازيّ. خطيب صور، ومحدّثها مُفيدها. سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب، وعليّ بْن عُبَيْد الله الهاشميّ، وجماعة. وقدم دمشق، وسمع: أبا نصر بْن طلاب، وأبا الحَسَن أحمد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي الحديد، وجماعة. ورحل إلى تِنّيس، فسمع بها في سنة تسعٍ وستّين مِن: رمضان بْن عليّ. وبمصر، والإسكندرية. وكتب الكثير، وسوَّد تاريخًا لصُور. وكان ثقة، ثْبتًا، حسن الخطّ. روى عَنْهُ: شيخه الخطيب شِعْرا. وسكن دمشق في الآخر، وبها تُوُفّي في صَفَر، وله ستٌّ وستون سنة. وروى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وجماعة. "حرف القاف": 268- قوام بْن زيد بْن عيسى1. الإمام أبو الفَرَج الْقُرَشِيّ، التَّيْميّ، البكْريّ، الدّمشقيّ، المُرّيّ، الفقيه الشّافعيّ. سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب بدمشق، والصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور ببغداد. روى عنه: الصّائن بْن عساكر، وأخوه الحافظ، وعبد الصّمد بن سعد النسوي، وغيرهم. قال الحافظ ابن عساكر: كَانَ شيخًا ثقة. حدَّث عَنْهُ الفقيه نصر الله المصيصي. وتوفي في رمضان، وحضرتُ دفنه. قلت: عاش سبْعًا وسبعين سنة. "حرف الميم": 269- محمد بْن الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْن القاسم الزَّيْنَبيّ بْن إبراهيم طباطبا بْن إسماعيل.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "21/ 92".

العلويّ الإصبهانيّ. شيخ جليل مَعْمَر. يروي عَنْ: أبي سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عُمَر الصَّفّار. روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ. وتُوُفّي في ثاني رمضان. كنيته أبو العسّاف. 270- محمد بْن الخلف بْن إسماعيل1. أبو عَبْد الله الصَّدّفيّ، البَلنْسيّ، المعروف بابن علْقَمَة الكاتب. صنَّف "تاريخ بَلَنْسِيَة"، وحمله النّاس عَنْهُ عَلَى سوء ما رصفه. تُوُفّي في شوّال، وقد جاوز الثمانين. 271- محمد بْن أَبِي العافية2. أبو عَبْد الله الإشبيليّ النَّحْويّ، المقرئ. إمام جامع إشبيلية. أخذ عن: أبي لحجاج الأعلم النَّحْويّ. وكان بارعًا في النَّحْو، واللغة. حمل النّاس عَنْهُ. وقد قرأ بالقراءات عَلَى أَبِي عَبْد الله محمد بْن شُرَيح. 272- محمد بن علي بن الحسن بن أبي المضاء محمد بْن أحمد بْن أبي المضاء3. أبو المضاء البَعْلَبَكّيّ، ويُعرف بالشّيخ الدَّيّن. سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ، وجماعة. روى عنه: الصائن هبة الله.

_ 1 تكملة الصلة لابن الأبار "146"، والوافي بالوفيات "3/ 45". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 570، 571". 3 معجم البلدان "1/ 454، 455"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "23/ 76، 77".

وأجاز للحافظ أبي القاسم. تُوُفّي في شَعْبان وله أربعٌ وثمانون سنة. وأول سماعه سنة ست وأربعين وأربعمائة. 273- محمد بْن سَعْد1. الإمام أبو بَكْر البغداديّ، الحَنْبليّ، الغسّال، المقرئ، الملقّب بالتّاريخ. حدَّث عَنْ: أَبِي نصر الزَّيْنَبيّ، وعدّة. وكان رأسًا في حفْظ القرآن، وحسن الصَّوت، خيّرا، ثقة، صالحًا. كبير القدْر، محسنًا إلى النّاس. كانت جنازته مشهودة. عاش بِضْعًا وأربعين سنة. 274- محمد بْن كُمار بْن حسن بْن عليّ. الفقيه أبو سَعِيد الدّيَنَوريّ، ثمّ البغداديّ. قَالَ: وُلِدتُ سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وكانت زَوْجَة أَبِي بَكْر الخطيب تُرضِعُني، فلمّا كبرت أسمعني مِن: ابن غَيْلان، وأبي محمد الخلّال، وأبي إسحاق البرمكيّ، وأبي الحَسَن القالي، وغيرهم. وقرأتُ القرآن عَلَى أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ، وسمعت منه الحديث. وقرأت "المقنع" عَلَى القاضي أبي الطَّيّب الطَّبَريّ، ثمّ علّقت تعليقة كاملة في الخلاف عَنْ أَبِي إسحاق الشّيرازيّ، وقرأت الفرائض على أبي عبد الله الوني، إلا أن كُتُبي ذهبت كلّها في النَّهْب، ولم يبق عندي منها شيء إلّا ما بقى بأيدي النّاس مِن مسموعي. ووزَنّا عشرة دنانير حتّى سمعنا "المُسْنَد" من ابن المُذْهب. وسمعت مِن الأَزَجيّ، يعني عَبْد العزيز، كتاب "يوم وليلة" للمعْمريّ. قلت: روى عَنْهُ: الحُسَيْن بْن خُسْرُو البلْخيّ، والسّلَفيّ، عَنِ البرمكيّ، والفالي. ثم انحدر إلى واسط، وبها مات في جمادى الآخرة سنة تسع.

_ 1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 113".

275- محمد بن الهبارية1. هو محمد بن محمد بن صالح بن حمزة بن مُحَمَّد بن عيسى بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ داود بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْن عَبْد اللَّه بن عباس، أبو يعلي الهاشمي، العباسي، البصري. والهبارية هي من جداته، وهي من ذرية هبار بن الأسود بن المطلب. قرأ الأدب ببغداد، وخالط العلماء، وسمع الحديث، ومدح الوزراء والأكابر. وله معرفة بالأنساب، وصنَّف كتاب "الصّادح والباغم والحازم والعازم"، نظمه لسيف الدّولة صَدَقة، وضمّنه حكَمًا وأمثالًا، ونظم كليلة ودِمْنة. وله كتاب "مجانين العقلاء"، وغير ذَلِكَ. وله كتاب "ذِكر الذّكْر وفضل الشّعْر". وقد بالغ في الهجو حتّى هجا أَبَاهُ وأمّه. وشعره كثير سائر، فمنه قصيدة شهيرة: أوّلها: حَيّ عَلَى خير العمل ... عَلَى الغزال والغَزَل يَقُولُ فيها: لو كان لي بِضاعهْ ... أو في يدي صِناعهْ ألقى بها المَجَاعَهْ ... لم أخلع الخلاعةْ ولم أُفِقْ مِن الخذَل ولا درستُ مسألَهْ ... ولا رحلت بعملهُ ولا قطعت مجهلهْ ... ولا طلبت منزلهْ ولا تعلّمتُ الْجَدَل ولا دخلتُ مدرسهْ ... سِباعها مفترسهْ وجوههم معبَّسَهْ ... ما لي وتلك المَنْحَسَةْ لولا النفاق والخبل

_ 1 اللباب "3/ 284"، وسير أعلام النبلاء "19/ 392"، ولسان الميزان "5/ 367"، والنجوم الزاهرة "5/ 210".

الأصفر المنقوش ... شيدت بِهِ العروش بِهِ الفتى يعيش ... وباسمه يطيش مولاه ما شاء فعل يا عجبًا كلّ العَجَب ... لا أدبٌ ولا حَسَب ولا تُقَى ولا نَسَب ... يُغْني الفتى عَنِ الذَّهَب سبحانه عزّ وجل بؤسًا لربّ المحبره ... وعيشه ما أكدره ودرسه ودفترهْ ... يا ويله ما أدْبَرَهْ إنّ لم تصدّقني فَسَل اصعد إلى تِلْكَ الغُرَف ... وانظر إلى قلب الحِرفَ وابك لفضلي والشَّرَف ... واحكم لضريّ بالسَّرَف واضربْ بخذلاني المَثَل وله أيضًا القصيدة الطّويلة التي أولها: لو أن لي نَفْسًا هَربتْ لِما ... أَلْقى ولكنْ لَيْسَ لي نَفْسُ ما لي أُقيمُ لدى زعانفةٍ ... شُمّ القُرُون أُنُوفُهم فُطْسُ لي مأتمٌ مِن سوء فِعْلِهِمُ ... ولهم بحُسن مدائحي عُرْسُ1 وهجا في هذه القصيدة الوزير، والنقيب، وأرباب الدّولة بأسرهم فأطيح دمه، فاختفى مدّة، ثمّ سافر ودخل إصبهان، وانتشر ذِكره بها، وتقدَّم عند أكابرها، فعاد إلى طبْعه الأوّل، وهجا نظام المُلْك، فأهدر دمه، فاختفى، وضاقت عَليْهِ الأرض. ثمّ رمى نفسه عَلَى الإمام محمد بْن ثابت الخُجَنْديّ، فتشفّع فيه، فعفا عَنْهُ النظام، فاستأذن في مديح، فأذن لَهُ فقام، وقال قصيدته الّتي أوّلها: بعزّة أمرك دار الفلك ... حنانيك فالخلق والأمر لك

_ 1 الخريدة "2/ 81".

فقال النظام: كذبْتَ، ذاك هُوَ الله تعالى. وتمّم القصيدة، ثمّ خرج إلى كَرمان وسكنها1، ومدح بها، وهجا عَلَى جاري طبيعته. وحدَّث هناك عَنْ: أَبِي جعفر بن المسلمة. سمع منه: محمد بن عبد الواحد الدقاق، ومحمد بن إبراهيم الصيقلي في آخر سنة ثمان وتسعين. وروى عنه: القاضي أحمد بن محمد الأرجاني، الشاعر، حديثًا عَنْ مالك البانْياسيّ. قَالَ ابن النّجّار: فأخبرنا محمد بْن مَعْمَر الْقُرَشِيّ كتابةً، أنّ أبا غالب محمد بْن إبراهيم أخبره: أَنَا أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح العبّاسيّ الشّاعر بكَرْمان، أَنَا أبن المسلمة سنة ستين وأربعمائة، أَنَا أبو الفَضْلُ الزُّهْرِيّ، أنبا الفِرْيابيّ، ثنا إبراهيم بْن الحجاج، نا عَبْد الوارث، نا محمد بْن حجادة، فذكر حديثًا. وقد روى عَنْهُ مِن شِعْره: عُمَر بْن عَبْد الله الحربيّ، وأبو الفتح محمد بْن عليّ النَّطَنْزِيّ2، وأحمد بن محمد بْن حفص الكاتب، وآخرون. ومن غُرر قصائده قولّه: يا صاحبي هات المُدامَة هاتِها ... فصبيحة النَّيْرُوز مِن أوقاتها كَرْميّة، كَرَميّةً، ذهبيّةً ... لهبيّةً، بِكْرًا تقوم بذاتها رقَّت وراقت في الزّجاج فخِلْتُها ... جادت بها العشّاق مِن عَبراتها مِن كفّ هَيْفَاء القوام كأنّما ... عصرت سلّاف الخمْر مِن وَجَناتها السّحْر في ألحاظها، والغَنْجُ في ... ألفاظها، والدل في حركاتها أو ما ترى فصلَ الرّبيع وطِيبَه ... قد نَبّه الأرواح مِن رَقَداتها والطَّيْرُ تصدح في الغُصون كأنمّا ... مدحت نظام الملك في نغماتها

_ 1 الخريدة "2/ 71، 72". 2 النظنزي: نسبة إلى نظنز، وهي بليدة بنواحي أصبهان "الأنساب 12/ 110".

فانهض بنا وانشط لنأخُذَ فُرصةً ... مِن لذّة الأيّام قبل فَوَاتها يا صاحِبَيْ سرّى فلا أُخفيكما ... ما أطيب الدُّنيا عَلَى عِلّاتِها قُمْ فاسقِنيها بالكبير، ورُحْ إلى ... راحٍ تُريح النَّفْس مِن كُرُباتها إنْ مِتُّ فخلّني وغوايتي ... إنّ الغواية حُلْوةٌ لِجُناتها ولقد جريت عَلَى الصَّباية والصّبي ... وجذبت أقراني إلى غاياتها ثمّ ارْعَوَيْتُ وما بكفّي طائل ... مِن لذّة الدُّنيا سوى تبعاتها وهي قصيدة طويلة. قَالَ الأرجانيّ: سَأَلت ابن الهبّاريّة عن مولده، فقال: سنة أربع عشرة وأربعمائة. وقال أبو المكارم يعيش بْن الفَضْلُ الكرماني الكاتب: مات بكرمان في جُمَادَى الآخرة سنة تسع وخمسمائة. ولابن الهبّاريّة: وإذا البيادق في الدُّسْوت تَفَرْزَنَتْ ... فالرأي أن يتبيذق الفرزان خذ جملة البوى ودعْ تفصيلها ... ما في البَريّة كلّها إنسانُ 276- مغاور بْن الحَكَم. أبو الحَسَن السُّلَميّ، الشاطبي، المؤدّب. أخذ القراءات عَنْ: أَبِي الحَسَن بْن الدّش. وأقرأ النّاس. أخذ عَنْهُ: ابنه محمد، وأبو عَبْد الله بْن بركة، وعبد الغنيّ بْن مكّيّ. 277- مهذّب الدولة1. أمير البطائح. هُوَ أبو العبّاس أحمد بْن محمد بْن عُبَيْد بْن أبي الجبْر الكنانيّ. أديب، فاضل، شاعر، إخباريّ، دوّن شِعْره. وُلّي البطيحة وأعمالها. وتولّى النَّظَر بواسط وأعمالها، مضافًا إلى إمرة البطيحة. ولم يزل آباؤه وأجداده أمراء البطيحة.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 448، 449".

وله شِعْر في المستظهر بالله. تُوُفّي في المحرَّم. "حرف الهاء": 278- هابيل بْن محمد بْن أحمد بْن هابيل1. أبو جعفر الألْبِيريّ، الأندلسيّ. أخذ بقُرْطُبَة عَنْ: أَبِي القاسم بْن عَبْد الوهّاب المقرئ، وأبي مروان الطّبنيّ، وأبي مروان بن سِراج. روى عَنْهُ: أبو الحَسَن بْن الباذش المقرئ. وتوفي في رمضان سنة تسعٍ، ويُحتمل أن تكون سنة سبْعٍ. 279- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن هِبَة اللَّه بْن الرَّحْبيّ. أبو القاسم الدّبّاس. مِن أولاد الشّيوخ. سَمِعَ: أبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأحمد بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وعليّ بْن المحسّن. روى عَنْهُ: عمر المغازليّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ. 280- هبة الله بْن المبارك بْن موسى بْن عليّ2. أبو البركات السَّقَطيّ، المفيد. أحد مِن عُني بهذا الشأن، وسمع ببغداد، وإصبهان، والموصل، والكوفة، والبصرة، وواسط. وتعب وبالَغ. وكان فيه فضل ومعرفة باللُّغة. جمع الشّيوخ، وخرّج الفوائد، وقيل: إنّه ذيّل عَلَى "تاريخ الخطيب"، وما ظهر ذَلِكَ. وله "مُعْجم" في مجلَّد، ادّعى فيه لُقيّ أُناس كأبي محمد الجوهريّ، ولم يدركه؛ وضعفه شُجاع الذُّهْليّ، وكذّبه ابن ناصر.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 659". 2 المنتظم "9/ 183"، وسير أعلام النبلاء "19/ 282، 283"، والبداية والنهاية "12/ 179"، ولسان الميزان "6/ 189، 190".

روى عَنْهُ: ابنه أبو العلاء وجيه، وأبو المعمر الأزجي، وعبد القادر الجيلي، وغيرهم. وتوفي في ربيع الأوّل، سامحه الله. 281- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن المطلب1. أبو المعالي الكرمانيّ، الكاتب الوزير. مِن رؤساء بغداد. تفرَّد في عصره بكتابه الحساب والدّيوان. ووَزَر للمستظهر سنتين ونصف، ثمّ عُزِل. وكان فقيهًا شافعيا. سَمِعَ: عَبْد الصّمد بْن المأمون، وطبقته. وله معروف وصَدَقات. روى اليسير. ولَقَبَهُ مجد الدّين. ولد سنة 443، وكان مِن الأذكياء حسن المحاضرة. عزل سنة اثنتين وخمسمائة. ومات سنة تسع. 282- هشام بْن أحمد بْن سَعِيد2. أبو الوليد القُرْطُبيّ، المعروف بابن العوّاد. تلميذ أَبِي جعفر أحمد بْن رزق، وأخذ أيضا عن: أبي مروان بن سراج، ومحمد بْن فَرَج الفقيه، وأبي علي الغساني. وكان من جلة الأئمة وأعيان المفتين بقرطبة. مقدما في الرأي والمذهب على جميع أصحابه، ذا دين وورع، وانقباض عَنِ الدّولة، وإقبال عَلَى نشر العِلْم وبثّه، واسع الخُلُق، حسن اللّقاء، مُحَبَّبًا إلى النّاس، حليمًا متواضعًا. دُعي إلى القضاء فامتنع. تفقَّه بِهِ خلْق كثير نفعهم الله به.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 438-444". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 654".

تُوُفّي في صَفَر، وشيعّه عالم كثير، ومتولّي قرطبة. مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وعاش سبْعًا وخمسين سنة، رحمه الله، ورضي عَنْهُ. "حرف الياء": 283- يحيى بْن السّلطان تميم بْن المُعِزّ بْن باديس1. المُلْك أبو طاهر الحِمْيَريّ، الصّنْهاجيّ صاحب إفريقية وبلادها. تسلطن بعد أَبِيهِ، وخلع عَلَى الأمراء، ونشر العدل، وافتتح قِلاعًا لم يتمكّن أَبُوهُ مِن فتحها. وكان كثير المطالعة لكتب الأخبار والسّيَر، شفوقًا عَلَى الرعيّة والفقراء، مقرَّبًا للعلماء، جوادًا، مُمَدَّحًا. وفيه يَقُولُ أبو الصّلْت أُمَيَّة بْن عَبْد العزيز بْن أبي الصّلْت: وارغب بنفسك إلّا عَنْ ندًى ووغًى ... فالمجد أجمعُ بين البأْسِ والْجُودِ كدأْب يحيى الَّذِي أحْيَتْ مَواهبُهُ ... مَيْتَ الرَّجاء بإنجاز المواعيد معطي الصوارم والهيف النواعم والـ ... جرد الصُّلادِم والبُزْلِ الْجَلاميدِ إذا بدا بسريرِ المُلْك مُحْتبِيا ... رَأَيْتَ يوسُفَ في مِحراب داودِ تُوُفّي يحيى يوم الأضحي فجأة أثناء النّهار، وخلّف ثلاثين ولدًا ذَكَرًا، وقام بالمُلك بعده ابنه عليّ، فبقي ستٌّ سنين ومات، فأقاموا في المملكة ابنه الحسن بن عليّ، وهو صبيّ ابنُ ثلاث عشرة سنة، فامتدت دولته إلى أن أخذت الفرنْج أَطْرابُلُسَ المغرب بالسيّف، وقتلوا أهلها في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، فخاف الحَسَن وخرج هاربًا مِن المَهدّية هُوَ وأكثرُ أهلها. ثمّ إنّه التجأ إلى السّلطان عَبْد المؤمن بْن عليّ. وممّا تمَّ ليحيى أن ثلاثة غرباء كتبوا إليه أنهم كيمائيون، فأحضرهم ليعملوا ويتفرَّج. وكان عنده الشّريف أبو الحسن وقائد الجيش إبراهيم، فجذب أحدهم

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 512-514"، وسير أعلام النبلاء "19/ 412-414"، والبداية والنهاية "12/ 179"، وشذرات الذهب "4/ 26".

سكّينًا، وضرب يحيى، فلم يصنع شيئًا، ورفسه يحيى ألقاه عَلَى ظهره، ودخل المجلس وأغلقه، وأما الثّاني، فضرب الشّريف قتله، وجذب الأمير إبراهيم السّيف وحطّ عليهم، ودخل الغلمان فقتلوا الثّلاثة، وكانوا من الباطنية. وفيات سنة عشر وخمسمائة: "حرف الألف": 284- أحمد بن الحسين بن علي بْن قريش1. أبو العبّاس البغداديّ، البنّاء، النّسّاج، المقرئ. سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا إسحاق البرمكيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأحمد بْن الطّلّاية الزّاهد، وابن ناصر، والسّلَفيّ، وفارس الحفّار. ومات في رجب وله خمسٌ وثمانون سنة. وكان صالحًا ثقة. أجاز لابن كليب. 285- أحمد بْن عَبْد الله بْن مُظَفَّر بْن محمد بن ماجه. أبو الرجاء الإصبهانيّ. روى عَنْ: ابن ريذَة، وغيره. روى عَنْهُ: أبو موسى الحافظ. 286- أحمد بْن محمد بن عمر. المركزي أبو البركات. شيخ مؤدب ببغداد. كَانَ يروي عَنْ: إِسْحَاق البرمكيّ. وعنه: السّلَفيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ. مات في نصف شَعْبان. 287- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْم. أبو الفَضْلُ بْن أَبِي بَكْر بْن أبي عليّ. مِن بيت حديث.

_ 1 المنتظم "9/ 185".

تُوُفّي في صَفَر. روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، عَنْ عليّ بْن أحمد بْن يوسف. 288- إبراهيم بْن أحمد1. أبو الفَضْلُ المخرّميّ، البغداديّ. روى عَنْ: الصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور. 289- إسماعيل بْن الفَضْلُ بْن إسماعيل. أبو القاسم بْن أبي عامر التّميميّ، الْجُرْجاني. قِدم في هذه السّنة بغداد ليحجّ، فحدّث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد العسكريّ، عَنْ أبي أحمد الغطْريفيّ. روى عنه: المبارك بن كامل، وروح بن أحمد الحديثي قاضي القضاة، ويحيى بن هبة الله البزاز، وأحمد بن سالم المقرئ، وأبو الفتح عبد الوهاب بن الحسن الفرضي. "حرف الحاء": 290- حبيب بن أبي مسلم محمد بن أحمد بن يحيى. الفقيه الزاهد الكبير، أبو الطيب الطهراني، الأصبهاني. روى عَنْ: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم. وعنه: أبو موسى، وغيره. تُوُفّي ليلة الثّلاثاء، ثاني عشر ربيع الأوّل. وهو مِن شيوخ السّلَفيّ ومن أقاربه. 291- الحَسَن بْن أحمد بْن يحيى2. أبو أحمد بْن أبي سَلَمَة الكاتب، النَّيْسابوريّ، أحد المعروفين بالفضل والشّعْر. سَمِعَ مِن: الأمير أَبِي الفَضْلُ عُبَيْد الله بْن أحمد الميكالي، وأبي الحسين عبد الغافر.

_ 1 المنتظم "9/ 185". 2 المنتخب من السياق "189"، وعيون التواريخ "12/ 68".

روى عَنْهُ: ولده أحمد. وتوفي في ربيع الأوّل. 292- الحَسَن بْن عَبْد الكريم. أبو حرب العبّاسيّ، الإصبهانيّ، النّقيب. سَمِعَ: أبا أحمد المكفوف. كتب عَنْهُ: يحيى بْن مَنْدَهْ. تُوُفّي في المحرَّم. "حرف الخاء": 293- خميس بْن علي بن أحمد بْن علي بْن الحَسَن1. الحافظ، أبو الكرم الواسطيّ، الحَوْزيّ. ورد بغداد، وسمع: أبا القاسم بْن البُسْري، وطبقته. وسمع بواسط: عليّ بْن محمد النّديم، وهبة الله بْن الجلخْت، وخلْقًا سواهم، وكتب وجمع. روى عَنْهُ: أبو الجوائز سَعْد بن عبد الكريم، وأبو طاهر السّلَفيّ، وآخر مِن روى عَنْهُ أبو بِشْر عَبْد الله بْن عِمران الباقلّانيّ، المقرئ. وله شِعْر جيّد، فمنه: إذا ما تعلّق بالأشعريّ ... أُناسٌ، وقالوا: وثيق العُرى وطائفة رأت الاعتزال ... صوابًا، وما هُوَ فيما ترى وأخرى رَوَافضُ لَا تستحقّ ... إذا ذُكر النّاس أن تذكرا فنحن معاشرُ أهل الحديث ... علِقْنا بأذيال خير الورى فمن لم يكن دأبُهُ دأبنا ... فنحن وأحمد منه بُرَا وقد سال السّلَفيّ خميسًا عَنْ أهل واسط المتأخّرين، فأجابه في جزء، وانتقى

_ 1 العبر "4/ 20"، وسير أعلام النبلاء "19/ 346، 347"، وشذرات الذهب "4/ 27"، ومعجم المؤلفين "4/ 130".

عليه جزءا سمعناه، وكان يثني عليه ويقول: كان عالما ثقة، يملي علي من حفظه. وقد ذكره ابن نقطة1، فذكر معه الحسن بن إبراهيم بن سلامويه. قال: والحوز قرية بشرقي واسط. حدَّث عَنْ عَبْد العزيز بْن علي الأنماطي، ومحمد بن محمد العُكْبَريّ النديم. قَالَ: وكان لَهُ معرفة بالحديث والأدب. قَالَ: ومولده في شَعْبان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة. ومات أيضًا في شَعْبان. "حرف الطاء": 294- طاهر بْن أحمد بْن الفَضْلُ. أبو القاسم الإصبهانيّ، الخطّاط، المعروف بالبزّاز. تُوُفّي في شَعْبان، وله تسعون سنة. روى عَنْ: ابن رِيذَة. وعنه: أبو موسى المَدِينيّ. "حرف العين": 295- عَبْد الرَّحْمَن بن عبد العزيز بن ثابت2. أبو محمد الأندلسيّ، ثمّ الشّاطبيّ، البلاليّ. وبلالة مِن عمل شاطبة. ديّن، عاقل، عالم. سَمِعَ مِن: ابن عَبْد البَرّ، وأبي العبّاس العُذْري. وعنه: أبو الوليد يوسف بْن الدّبّاغ، وقال: سَمِعْتُ منه كتاب الصحابة، وكتابي التقصي، وكتاب الأنباء.

_ 1 في الاستدراك "138 ب، 138 أ". 2 تقدم في وفيات السنة السابقة برقم "260".

وقرأت عليه "الموطأ" و"السيرة". أَنَا بجميع ذَلِكَ، عَنْ أبي عُمَر، وقال: كَانَ بيننا وبين أَبِي عُمَر مصاهرة. ومولده في سنة ست وأربعين وأربعمائة. 296- عَبْد الغفّار بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن عليّ بْن شِيرَوَيْه بْن عليّ1. أبو بَكْر الشّيرُويّيّ، النَّيْسابوريّ، التّاجر. سَمِعَ: أبا بَكْر الحِيريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ. وهو آخر من روى فِي الدّنيا عَنْهُمَا. وروى عَنْ: أبي حسّان المُزَكّيّ، وأحمد بْن محمد بْن الحارث النَّحْويّ، ووالده. روى عنه: الحافظ أبو سعد السمعاني، وأبو الفتوح الطائي، وعبد المنعم الفراوي، وخلق كثير. وروى عنه بالإجازة: ذاكر بن كامل الخفاف، وأبو المكارم أحمد بن محمد اللبان. وكان مولده في ذي الحجَّة سنة أربع عشرة. وتوفي في ثامن عشر ذي الحجة، وقد استكمل ستا وتسعين سنة. قال السمعاني في كتاب "الأنساب"2: كان صالحا، عابدا، معمرا، رحل إليه من البلاد، وسمع الحيريّ، والصَّيْرفيّ، وعبد القاهر بن طاهر، ومحمد بن إبراهيم المزكي. وقد دخل إصبهان، وسمع بها مِن ابْن رِيذَة، وأَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم. أحضرني والدي مجلسه. وكان أَبُوهُ يروي عَنِ المخلّص. وهو فقد أجاز لمن شاء الرواية عَنْهُ. وهو مِن قرية كُونابَذ، ثمّ عربت، فقيل: جنابذ، بفتح الباء3.

_ 1 التحبير "1/ 464-468"، وسير أعلام النبلاء "19/ 246-248"، والنجوم الزاهرة "5/ 213"، وشذرات الذهب "4/ 27". 2 ج "7/ 467". 3 الأنساب "3/ 306".

وهي مِن قُهِسْتان مِن رساتيق نَيْسابور. وكان صالحًا، عفيفًا، تَجَر إلى البلاد مُضاربةً بأموال النّاس، ثمّ عجز، وانقطع لتسميع الحديث. وكان مُكْثِرًا. ومن شيوخه أبو سَعِيد نصر الدّين بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ، وأبو منصور عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ. ألْحق الأحفاد بالأجداد، وسمع منه مِن دبّ ودَرَج. وسار ذِكْرُه، ولم تتغير حواسَّه، إلّا بصره فضَعُف1. ومن شيوخه: أبو عَبْد الله بْن باكُوَيْه السَّرَّاج. قَالَ الفَضْلُ بْن عَبْد الواحد الإصبهانيّ: سَمِعْتُ الرئيس الثَّقَفيّ يَقُولُ: لَا جادنا مِن خُراسان ناصر إلّا بأبي بَكْر الشّيرُويّيّ، فإنّه أخْيَرهم وأنفعهم2. قَالَ السّلَفيّ: سَمِعْتُ منه الكثير، وُلّي ثلاث سنين ونصف بقراءة أبي. وسمّع أخي في الخامسة، فمن ذَلِكَ جزء سُفْيان، وخمسة أجزاء مِن ثمانية مِن "مُسْنَد الشّافعيّ" خمسة أجزاء مِن ثمانية أجزاء. 297- عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يونس. أبو محمد بْن خَيْرُون الأندلسيّ، القُضاعيّ. محدّث مُكِثر عَنِ ابن عَبْد البَرّ. وسمع: أبا الوليد الباجيّ، وابن دلْهاث. وكان عارفًا بالفقه، والشّعر. وُلّي قضاء قَربيطر. روى عَنْهُ: أبو محمد بْن عَلْقَمة، ومحمد بْن محمد بْن يعيش، وعبد الوهّاب التُّجَيْبيّ، وآخرون.

_ 1 التحبير "1/ 465". 2 التحبير "1/ 466".

298- عليّ بْن أحمد بن محمد بْن بَيَان1. أبو القاسم بْن الرّزّاز، البغداديّ. مُسْنَد الدُّنيا في عصره. روى عَنْهُ خلْق لَا يُحْصَوْن. سمع: أبا الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، وطلحة بن الصقر الكتابي، وأبا علي بن شاذان، وأبا القاسم بن بِشْران الواعظ، وأبا القاسم الحُرْفيّ، وأبا العلاء الواسطي، وجماعة. ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وكانت إِليْهِ الرحلة مِن الأقطار. وهو آخر مِن حدَّث بنسخة ابن عَرَفَة. قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: وكان يأخذ عَلَى روايتها دينارًا عَنْ كلّ واحدٍ عَلَى ما سَمِعْتُ. وأجاز لي، وحدَّثني عَنْهُ جماعة كثيرة. سَمِعْتُ أبا بَكْر محمد بْن عَبْد الباقي يَقُولُ: كَانَ أبو القاسم بْن بيان يَقُولُ: أنتم ما تطلبون الحديث والعِلْم، أنتم تطلبون العُلُوّ، وإلّا ففي دَرْبي جماعة سمعوا منّي هذا الجزء، فاسمعوه منهم، ومن أراد أن يسمع منّي يَزِن دينارًا. سَمِعْتُ أبا بَكْر محمد بْن عَبْد العطّار بمَرْو يَقُولُ: وزنت الذّهب لأبي القاسم بْن بيان، حتّى سَمِعْتُ منه جزء ابن عَرَفَة. وكذا ذكر لي محمد بْن أَبِي العبّاس بسمرقند، أنّه أعطاه دينارًا حتّى سَمِعَ منه. قلت: روى عَنْهُ: أبو الفُتُوح الطّائيّ، والسّلَفيّ، وخطيب المَوْصِل، وأحمد بْن محمد بْن قُضاعة، وأحمد بْن محمد المنبجيّ، وأبو محمد عَبْد الله بْن الخشّاب النَّحْويّ، ومحمد بْن عبد الباقي بن النَّرْسيّ، والمبارك بْن محمد بْن سكّينة، ووفاء بْن أسعد التُّركيّ، والحافظ أبو العلاء العطّار، ومحمد بْن بدر الشّيحيّ، ومحمد بْن جعفر بْن عَقيل، وأبو الفَرَج محمد بْن أحمد حفيد ابن نبهان، وأبو الفتح بْن شاتيل، وَأَحْمَد بْن المبارك بْن دُرّك، وأحمد بْن أَبِي الوفاء الصّائغ، وأبو السّعادات نصر الله القزّاز، وأبو منصور عَبْد الله بْن عَبْد السلام، وعبد المنعم بْن كُلَيب. تُوُفّي في سادس شعبان.

_ 1 الأنساب "6/ 107"، والمنتظم "9/ 186"، والكامل في التاريخ "10/ 523، 524"، وسير أعلام النبلاء "19/ 257، 258"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1261"، والبداية والنهاية "12/ 180"، وشذرات الذهب "4/ 27".

299- عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد1. أَبُو الحَسَن النَّيْسابوريّ، الواعظ. تُوُفّي في سلْخ المحرَّم، وله نيّف وتسعون سنة. روى بإصبهان عَنْ: ابن حفص بْن مسرور. وعنه: أبو موسى الحافظ، وأبو طاهر السّلَفيّ، ومحمد بن حمزة الزنجاني، وأبو غانم بْن زينة، وزيد بْن حمزة الطُّوسيّ. وروى عَنْهُ بالأجازة أبو القاسم بْن عساكر. وقد سَمِعَ: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسيّ. وبدمشق: أبا القاسم الحِنائيّ. رَوَى عَنْهُ: الفقيه نصر المَقْدِسِيّ، قُلْتُ: وَهُوَ أكبر منه، وَأَبُو موسى. وَذَلِكَ يدخل في السابق واللاحق. قَالَ السّلَفيّ: أَبُو الحَسَن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن الصّبّاغ، ذكر أنّه يُعرف بنَيْسابور بالإصبهانيّ، وبإصبهان بالنَّيْسابوريّ. وكان يعقد المجلس في جامع إصبهان، ثقة. "حرف الغين": 300- غانم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد. أبو سهل بْن الشَّيْخ أبو الفتح الحدّاد. يروي عَنْ: أَبِي القاسم بْن أَبِي بَكْر الذَّكْوانيّ، والإصبهانيّين. وعنه: أبو موسى، وجماعة. وحدَّث ببغداد عَنْ: الذَّكْوانيّ، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم، وأبي نصر الكِسائيّ. تُوُفّي في ربيع الأول. وهو أخو صاحب الأموال الجزيلة أَبِي سعيد الحدّاد ووالد محمد ومحمود. سَمِعَ أيضًا مِن أَبِي طاهر بن عبد الرحيم، وأبي الوليد الدَّربَنْديّ، وإبراهيم بن محمد الكسائي، وعدة. أجاز للسمعاني.

_ 1 تقدم في وفيات سنة "509هـ" برقم "264".

"حرف الميم": 301- المبارك بْن الحُسَيْن بْن أحمد1. الغسّال أبو الخير البغداديّ، الشّافعيّ، المقرئ. كَانَ صالحًا، ثقة، متميّزًا. قرأ القرآن عَلَى: أَبِي القاسم بْن الغُوريّ، وأبي بَكْر محمد بْن عليّ الخيّاط، وأبي عليّ الحَسَن بْن غالب المقرئ، وأبي بَكْر بن الأُطْرُوش، وأبي بَكْر اللّحْيانيّ. ورحل إلى واسط في طلب القراءات، فقرأ عَلَى أَبِي عليّ غلام الهرّاس، وتصدّر للإقراء، وقصده الطلبة. وكان محافظًا، مجودًا، يتكلّم عَلَى معاني القرآن. وسمع الحديث من: أبي محمد الخلال، وأبي جعفر بن المسلمة، وأبي يَعْلَى بْن الفرّاء. روى عَنْهُ: أبو طاهر محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعليّ بْن أحمد المحموديّ، وسعد الله بْن محمد. وآخر مِن روى عَنْهُ: عَبْد المنعم بْن كُلَيب. وقد أجاز لابن السّمعانيّ. وكان مولده قبل الثلاثين وأربعمائة. وتوفي في غُرّة جُمَادَى الأولى والغَسّال بغين معجمة. 302- المبارك بن محمد بْن عليّ2. أبو الفَضْلُ الهَمَذَانيّ. سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وابن المسلمة. وأجاز لَهُ أبو محمد الجوهريّ. روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيره. تُوُفّي في ربيع الآخر.

_ 1 المنتظم "9/ 190"، وطبقات الحنابلة "1/ 113"، والعبر "4/ 21"، وسير أعلام النبلاء "19/ 357، 358"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1261"، ولسان الميزان "5/ 8". 2 المنتظم "9/ 190".

303- محفوظ بْن أحمد بْن الحَسَن بْن الحُسَيْن1. الإمام، أبو الخطّاب الكَلْوذانيّ2، الأَزَجيّ، شيخ الحنابلة. كَانَ مُفْتيا، صالحًا، ورِعًا، دينًا، وافر العقل، خبيرًا بالمذهب، مصنَّفا فيه، حسن العِشْرة والمجالسة. لَهُ شِعْر رائق. صنَّف كتاب "الهداية" المشهور في المذهب، و"رءوس المسائل". وتفقَّه عَلَى: أَبِي يَعْلَى. وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا طَالِب العُشَاريّ، وأبا عليّ محمد بْن الحُسَيْن الجازريّ، حدَّث عَنْهُ بكتاب "الجليس والأنيس" للمعافَى. روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، والمبارك بْن خُضَيْر، وأبو الكرم بْن الغسال. وتفقَّه عَليْهِ أئمّة. وكان مولده في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة3. ولأبي الخطّاب قصيدة في العقيدة يَقُولُ فيها: قَالُوا أَتَزْعُم أنّ عَلَى العرش استوى ... قلت الصّواب كذاك خُبّر سيّدي قَالُوا فما معنى استواهُ أَبِنْ لنا، ... فأجبتُهُم هذا سؤال المعتدي قال السمعاني: أنشدنا دلف بن عَبْد الله بْن التّبّان بسَمَرْقَنْد في فتوى جاءت إلى أَبِي الخطّاب: قلَّ للإمام أبي الخطّاب مسألةً ... جاءت إليك وما إلّا سواك لها ماذا عَلَى رجلٍ رام الصّلاة، فإذ ... لاحت لناظِرِهِ ذاتُ الْجَمال لَهَا فكتب في الحال: قُلْ للأديب الَّذِي وافَى بمسألةٍ ... سَرَّتْ فؤادي لما أن أصخت لها

_ 1 الأنساب "10/ 461"، والمنتظم "9/ 190-193"، واللباب "3/ 107"، وسير أعلام النبلاء "19/ 348-350"، والبداية والنهاية "12/ 180". 2 الكلوذاني: نسبة إلى كلواذان، وهي قرية من قرى بغداد "الأنساب 10/ 460". 3 الكامل في التاريخ "10/ 524".

المجلد السادس والثلاثون

المجلد السادس والثلاثون الطبقة الثالثة والخمسون سنة إحدى وعشرين وخمسمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الثالثة والخمسون: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ: حَرْبُ الْخَلِيفَةِ وَالسُّلْطَانِ فِي بَغْدَادَ: قد ذكرنا أنّ أهل بغداد كانوا بالجانب الغربي، وعسكر محمود في الجانب الشرقي، وتراموا بالنَّشّاب، ثم إن جماعة من عسكر محمود حاولوا الدّخول إلى دار الخلافة من باب النّوبي، فمنعتهم الخاتون، فجاءوا إلي باب الغربة في رابع المحرَّم، ومعهم جمع من الساسة والرُّعاع، فأخذوا مطارق الحدّادين، وكسروا باب الغربة، ودخلوا إلي التاج فنهبوا دار الخلافة من ناحية الشّطّ، فخرج الجواري حاسرات تلْطُمْن، ودخَلْنَ دار خاتون؛ وضجّ الخلْق، فبلغ الخليفة، فخرج من السرداق، وابن صَدَقة بين يديه، وقدّموا السُّفن دفعةً واحدة، ودخل عسكر الخليفة، وألبسوا الملاحين السّلاح، وكشفوا عنهم. ورمى العيّارون أنفسهم في الماء وعبروا. وصاح المسترشد بالله بنفسه، يا آل بني هاشم. فصَدَق الناس معه القتالَ، وعسكرُ السلطان مشغولون بالنَّهْب، فلما رأوا عسكر الخليفة ذلّوا وولوا الأدْبار، ووقع فيهم السيف، واختفوا في السراديب، فدخل وراءهم البغداديون وأسروا جماعة، وقتلوا جماعة من الأمراء ونهب العامة دور أصحاب السلطان، ودار وزيره، ودار العزيز أبى نصر المستوفي، وأبي البركات الطيب وأُخذ من داره ودائع وغيرها بما قيمته ثلاثمائة ألف. وقُتِلَ من أصحاب السلطان عدةٌ وافرةٌ في الدروب والمضائق. ثم عبر الخليفة إلى داره في سابع المحرَّم بالجيش، وهم ثلاثين ألف مقاتل بالعوام وأهل البر، وحفروا بالليل خنادق عند أبواب الدروب، ورتب على أبواب المحال من يحفظها. وبقي القتال أيامًا إلى يوم عاشوراء، انقطع القتال، وترددت الرسل، ومال الخليفة إلى الصُّلح والتحالف، فأذعن السلطان وأحب ذلك، وراجع الطاعة، وأطمأن الناس، وطُمَّت الخنادق. ودخل أصحاب السلطان يقولون: لنا ثلاثة أيام ما أكلنا خبزا، ولولا الصلح لمتنا جوعًا. فكانوا يسلقون القمح ويأكلونه. فما رؤي سلطانٌ

حاصر فكان هو المحاصَر، إلا هذا. وظهر منه حلم وافر عن العوام1. إرسال الخِلَع إلى ابن طراد: وبعث الخليفة مع علّي بن طِراد إلى سَنْجر خِلعًا وسيفين، وطوقًا ولواءين، ويأمره بإبعاد دُبَيْس من حضرته2. مقتل وزير سَنجْر: وجاء الخبر بأن سنجْر قتل من الباطنية اثني عشر ألفًا، فقتلوا وزيره المعين، لأنه كان يحرّض عليهم وعلى استئصالهم. فتجمل رجل منهم، وخدم سائسا لبغال المعين، فلما وجد الفرصة وثب عليه وهو مطمئن فقتله، وقُتِلَ بعده، وكان هذا الوزير ذا دِين ومروءة، وحُسن سيرة3. مرض السلطان محمود: ومرض السّلطان محمود في الميدان، وغُشى عليه، ووقع من فرسه، واشتد مرضه. ثم تماثل فركب، ثم انتكس، وأُرجِف بموته ثمّ خُلع عليه وهو مريض، وأشار عليه الطّبيب بالرواح من بغداد، فرحل يطلب هَمَذَان، وفوّض شِحْنكيَّة بغداد إلي عماد الدين زنكي4. القبض على المستوفي والوزير: وبعد أيام جاء الخبر من همذان بأن السلطان قَبض على العزيز المستوفي وصادره وحبسه، وعلى الوزير فصادره فحبسه وكان السبب أنّ الوزير تكلَّم على العزيز، وأن برتقش الزكوي تكلم على الوزير. وزاره أنوشروان: ثمّ بعث السلطان إلي أنوشروان بن خالد الملقب بشرف الدين، فاستوزره، فلم

_ 1 المنتظم "10/ 2-4"، العبر "4/ 49"، البداية والنهاية "12/ 197". 2 المنتظم "10/ 5". 3 النجوم الزاهرة "5/ 232"، المنتظم "10/ 5"، دول الإسلام "2/ 45". 4 المنتظم "10/ 4، 5"، ذيل تاريخ دمشق "218"، العبر "4/ 99".

يكن له ما يتجهَّز به حتى بعث له الوزير جلال الدين من عند الخليفة الخِيَم والخيل، فرحل إلي أصبهان في أول رمضان في السنة. أقام في الوزارة عشرة أشهر، واستعفى وعاد إلي بغداد1. تفويض بهروز ببغداد والحلَّة: وفي رمضان وصل مجاهد الدّين بهروز إلي بغداد، وقد فوض إليه السلطان بغداد والحِلَّة2. تفويض زنكي الموصل: وفوّض إلى زنكي الموصل، فسار إليها. وفاة مسعود بن آقْسُنْقُر: ومات عزّ الدّين مسعود بن آقْسُنْقُر البُرْسُقيّ في هذه السّنة. وكان قد وصل إلى الموصل بعد قتل والده، واتفق موتُه بالرَّحْبَة، فإنه سار إليها. وكان بطلًا شجاعًا، عالي الهمَّة. ردّ إليه السُلطان جميع إقطاع والده، وطمع في التّغلُّب على الشّام، فسار بعساكره، فبدأ بالرَّحْبَة، فحاصرها، ومرض مرضًا حادًّا، فتسلم القلعة، ومات بعد ساعة، وبقي مطروحًا على بساط، وتفرق جيشه، ونهب بعضُهم بعضًا، فأراد غلمانه أن يُقيموا ولده، فأشار الوزير أنوشروان بالأتابك زنكي لحاجة الناس إلى من يقوم بإزاء الفرنج، لعنهم الله3. سؤال الإسفرائيني عن حديث: وَفِيهَا سُئِلَ أبو الفتح الإسفرائيني فِي مَجْلِسِهِ بِبَغْدَادَ عَنِ الْحَدِيثِ: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ". فَقَالَ: لَمْ يَصِحَّ4.

_ 1 المنتظم "10/ 5"، الكامل في التاريخ "10/ 642". 2 المنتظم "10/ 5"، الكامل في التاريخ "10/ 647". 3 الكامل في التاريخ "10/ 643، 644"، تاريخ مختصر الدول "203"، نهاية الأرب "27/ 77". 4 المنتظم "10/ 6".

خبر الإسفرائيني: أبو الفتح الإسفرائيني، رضوان الله عليه من كبار أهل السُّنَّة ومن ذوي الكرامات الظاهرة. وما نسب إليه من الاستخفاف بالقرآن كذِب وزُور هو وغيره من الأشاعرة يصرحون بتكفير من استخفّ بالمصاحف وشيخنا الذّهبيّ غيرّ عادته بهم، وأذن برأيهم، والحديث في الصّحيح. وقال يومًا على المنبر: قيل لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كيف أصبحت؟ فقال: "أعمى بين العُمْيان، ضالًّا بين الضّالّين". فاستحضره الوزير، فأقرّ، وأخذ يتأول تأولات فاسدة، فقال الوزير للفُقهاء: ما تقولون؟ فقال ابن سلمان مدرّس النّظاميَّة: لو قال هذا الشّافعي ما قبِلْنا منه، ويجب على هذا أن يجدد إيمانه وتوبته. فمُنع من الجلوس بعد أن استقرّ أنّه يجلس، ويشدّ الزّنّار، ثم يقطعه ويتوب، ثم يرحل. فنصره قومٍ من الأكابر يميلون إلى اعتقاده، وكان أشعريًا. فأعادوه إلى الجلوس، وكان يتكلَّم بما يُسقِط حُرْمة المُصْحَف من قلوب العوامّ، فافتتن به خلْق، وزادت الفِتن بِبغداد. وتعرَّض أصحابه بمسجد ابن جردة فرجموه، ورُجم معهم أبو الفتوح. وكان إذا ركب يلبس الحديد ومعه السيوف مُسَلَّلَة، ثم اجتاز بسوق الثُّلاثاء، فرُجم ورُميت عليه الميتات، ومع هذا يقول: ليس هذا الّذي نتلوه كلام الله، إنما هو عبارة ومجاز. ولما مات ابن فاعوس انقلبت بغداد، وغُلَّقت الأسواق، وكان عوامّ الحنابلة يصيحون على عادتهم: هذا يوم سُنّيّ حنبلي لَا أشعريّ ولا قُشيَريّ ويصرخون بأبي الفتوح هذا. فمنعه المسترشد بالله من الجلوس، وأمره أن يخرج من بغداد. وكان ابن صَدَقة يميل إلى السُّنَّة، فنصرهم. ثم ظهر عند إنسان كرّاس قد اشتراها، فيها مكتوب القرآن، وقد كُتِب بين الأسطر بالأحمر أشعار على وزن أواخر الآيات. ففُتَّش على كاتبها، فإذا هو مؤدب، فكبس بيته، فإذا هو كراريس كذلك، فحُمل إلى الديوان، وسُئل عن ذلك، فأقرّ، وكان من أصحاب أبي الفتوح، فنُودي عليه على حمار، وشُهر، وهمّت العامَّة بإحراقه. ثم أذن لأبي الفتوح، فجلس1.

_ 1 المنتظم "10/ 6".

ظهور الشيخ عبد القادر الحنبليّ: وظهر في هذه الأيام الشيخ عبد القادر الحنبليّ، فجلس في الحَلبة، فتشبَّث به أهل السُّنَّة، وانتصروا بحسن اعتقاد الناس فيه1. وقعة مرج الصُّفَّر: قال ابن الأثير: كانت وقعة مرج الصُّفَّر بين المسلمين، أنهم التقوا في أواخر ذي الحّجة، واشتد القتال، فسقط طُغتكين، فظن الْجُنْد أنه قُتِلَ فانهزموا إلى دمشق، وركب فرَسَه ولحقهم، فساقت الفرنج وراءهم، وبقية رجالة التركمان قد عجزوا عن الهزيمة، فحملوا على رجَّالة الفرنج، فقتلوا عامّتهم، ونهبوا عسكر الفرنج وخيامهم، ثم عادوا سالمين غانمين إلى دمشق. ولما ردّت خيالة الفرنج من وراء طُغتِكين، رأوا رجالتهم صَرْعى، وأموالهم قد راحت، فتمّوا منهزمين. قال: وهذا من الغريب أنّ طائفتين تنهزمان2.

_ 1 المنتظم "10/ 7". 2 الكامل في التاريخ "10/ 639"، المختصر في أخبار البشر "2/ 238"، تاريخ ابن الوردي "2/ 33".

وفيات سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة

وفيات سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة: وفاة ابن صدقة: فيها تُوُفّي ابن صَدَقة الوزير، وناب في الوزارة عليّ بن طِراد. مصالحة السلطان محمود وسنجر: وفيها ذهب السّلطان محمود إلى السلطان سنجر، فأصلحا بعد خشونة، ثم سلّم سنجر إليه دُبَيْسا وقال: تعزل زنكي ابن آقْسُنْقُر عن الموصل والشّام. وتسلّم البلاد إلى دُبَيْس، وتسأل الخليفة أن يرضى عنه. فأخذه ورحل. وقال أبو الحسن الزّاغونيّ: تقدم إلى نقيب النُّقباء ليخرج إلى سنجر، فرفع إلى الخزانة ثلاثين ألف دينار، وتقدم إلى شيخ الشّيوخ ليخرج، فرفع إلى الخزانة خمس عشر ألف دينار ليعفى1. الطموح للوزارة: وتطاول للوزارة عز الدين بن المطلب، ابن الأنباريّ، وناصح الدّولة ابن المسلمة، وأحمد بن نظام المُلْك، فمُنِعوا من الكلام في ذلك2. مَلْك زنكيّ حلب: وفي أول السّنة سار عماد الدّين زنكي فملك حلب، وعظُم شأنه، واتسعت دولته3.

_ 1 المنتظم "10/ 9"، العبر "4/ 50"، تاريخ ابن الوردي "2/ 34". 2 المنتظم "10/ 9". 3 الكامل في التاريخ "10/ 649"، دول الإسلام "2/ 45"، العبر "4/ 50".

سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة

سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة: الختم عَلَى وقف مدرسة أَبِي حنيفة: في المحرَّم دخل السلّطان محمود بغداد، وأقام دُبَيْس في بعض الطّريق، واجتهد في أن يُمكن دبيس فامتنع. وأمر السلطان بالختم على أموال وقف مدرسة أبي حنيفة ومطالبة العمّال بالحساب، ووكّل بقاضي القُضاة الزَّيْنَبيّ كذلك. وكان قد قيل للسّلطان إن دَخْلَ المكان ثمانين ألفًا، ما يُنفق عليه عُشْره1. وزارة علي بن طراد: وفي ربيع الآخرة خلع المسترشد على أبي القاسم عليّ بن طِراد واستوزره. إقرار زنكيّ في مكانه: وضمن زنكي أن ينفذ السلطان مائة ألف دينار، وخيلًا، وثيابًا، على أن يقر في مكانه. واستقر الخليفة على مثل ذلك، على أن لَا يولّي دُبَيْس شيئًا2.

_ 1 المنتظم "10/ 11". 2 المنتظم "10/ 11"، العبر "4/ 52"، البداية والنهاية "12/ 199"، النجوم الزاهرة "5/ 234".

بيع عقار للخليفة: وباع الخليفة عقارًا بالحرم، وقُرئ لذلك، وما زال يصحح. دخول دُبَيْس بغداد: ثم إن دُبَيْسًا دخل إلى بغداد بعد جلوس الوزير ابن طِراد، ودخل دار السلطان، وركب في الميدان ورآه الناس. تسليم الحلَّة بهروز: وجاء زنكيّ فخدم. وسلَّمت الحِلَّة والشَّحْنكيَّة إلى بهروز. خطْف دُبَيس ولدًا للسلطان: وكانت بنت سنْجر التي عند ابن عمّها السّلطان محمود قد تسلّمت دُبَيْسًا من أبيها، فكانت تشدّ منه وتمانع عنه، فماتت، ومرض السّلطان محمود، فأخذ دُبَيْس ولدًا صغيرًا لمحمود، فلم يعلم به حتّى قُرب من بغداد، فهرب بهروز من الحِلة، فقصدها دُبَيْس ودخلها في رمضان وبعث بهروز عرَّف السّلطان، فطلب قزل والأجهيليّ وقال: أنتما ضمنتما دُبَيْسًا، فلا أعرفه إلا منكما1. أخْذُ دُبَيْس الأموال من القرى: وساق الأجهيليّ يطلب العراق، فبعث دُبَيْس إلى المسترشد: إن رضِيتَ عنّي ردْدتُ أضعاف ما نفذ من الأموال. فقال الناس: هذا لَا يؤمن. وباتوا تحت السلاح طول رمضان، ودُبَيْس يجمع الأموال، ويأخذ من القرى، حتّى قيل: إنه حصل خمسمائة ألف دينار2، وإنه قد دوَّن عشرة آلاف، بعد أن كان قد وصل في ثلاثمائة فارس. مساومة دُبَيْس للسلطان: ثمّ قدِم الأجهيليّ بغداد، وقبل يد الخليفة، وقصد الحلة.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 655"، عيون التاريخ "12/ 202"، تاريخ الزمان "142". 2 دول الإسلام "2/ 46"، العبر "4/ 52"، عيون التواريخ "12/ 202".

وجاء السّلطان إلى حُلْوان، فبعث دُبَيْس إلى السّلطان رسالة وخمسة وخمسين مهْرًا عربيَّة، وثلاثة أحمال صناديق ذَهب، وذكر أنْه قد أعدَّ إن رضي عنه الخليفة ثلاثمائة حصان، ومائتي ألف دينار، وإنْ لم يرض عنه دخل البّريَّة. فبلغه أنّ السّلطان حنق عليه، فأخذ الصّبيّ وخرج من الحِلة، وسار إلى البصرة، وأخذ منها أموالا كثيرة. وقدم السّلطان بغداد، فبعث لحربه قزل في عشرة آلاف فارس، فسار دُبَيْس ودخل البرّيَّة1. غدْرُ زنكيّ بسونج بن بُوري: وفي سنة ثلاث أظهر عماد الدّين زنكيّ بن آقْسُنْقُر أنّه يريد جهاد الفرنج، وأرسل إلى تاج المُلُوك بوريّ يستنجده، فبعث له عسكرًا بعد أن أخذ عليه العهد والميثاق، وأمر ولده سونج أن يسير إليه من حماة. ففعل فأكرمهم زنكي، وطمنهم أيّامًا، وغدر بهم، وقبض على سونج، وعلى أمراء أبيه، ونهب خيامهم، وحبسهم بحلب، وهرب جُنْدهم. ثمّ سار ليومه إلى حماة، فاستولى عليها، ونازل حمص ومعه صاحبها خرخان فأمسكه، فحاصرها مدَّة، ولم يقدر عليها ورجع إلى الموصل. ولم يُطْلق سونج ومن معه حتّى اشتراهم تاج الملوك بوري منه بخمسين ألف دينار. ثم لم يتم ذلك. ومقت النّاس زنكيّ على قبيح فِعْله. مقتل ابن الخُجَنْدي: وفيها وثبت الباطنّية على عبد اللطيف بن الخُجَنْدي رئيس الشَافعية بأصبهان، ففتكوا به. الفتنة في وادي التّيم: وأما بهرام، فإنه عتى وتمرد على الله، وحدثته نفسه بقتل برق بن جنْدل من مقدّمي وادي التَّيْم لَا لسبب، فخدعه إلى أن وقع في يده فذبحه. وتألّم النّاس لذلك لشهامته وحُسْنه وحداثة سِنّه، ولعنوا من قتله علانية، فحملت الحميَّة أخاه الضحاك

_ 1 المنتظم "10/ 12، 13"، دول الإسلام "2/ 46"، البداية والنهاية "12/ 200".

وقومه على الأخذ بثأره، فتجمعوا وتحالفوا على بذل المهج في طلب الثأر. فعرف بهرام الحال، فقصد بجموعه وادي التّيم، وقد استعدوا لحربه، فنهضوا بأجمعهم نهضة الأسود، وبيَّتوه وبذلوا السّيوف في البهراميَّة، وبهرام في مخيَّمه، فثار هو وأعوانه إلى السّلاح، فأزهقتهم سيوف القوم وخناجرهم وسهامهم، وقطع رأسُ بهرام لعنه الله1. الانتقام من الباطنية في وادي التّيم: ثمّ قام بعده صاحبه إسماعيل العَجميّ، فجدُّوا في الإضلال والاستغواء، وعامله الوزير المَزْدقانيّ بما كان يعامل به بهرامًا، فلم يُمْهله الله، وأمر الملك بوري بضرب عُنقه في سابع عشر رمضان، وأحرق بدنه، وعلّق رأسه، وانقلب البلد بالسّرور وحُمِد الله وثارت الأحداث والشُّطّار في الحال بالسّيوف والخناجر يقتلون من رأوا من الباطنية وأعوانهم، ومن يتهم بمذهبهم، وتتبعوهم حتى أَفْنَوْهم، وامتلأت الطُرُق والأسواق بجِيَفهم. وكان يومًا مشهودًا أعز الله فيه الإسلام وأهله. وأُخِذ جماعةٌ أعيانٌ منهم شاذي الخادم تربية أبي طاهر الصَائغ الباطنيّ الحلبيّ، وكان هذا الخادم رأس البلاء، فعوقب عقوبة شَفَت القلوب، ثمّ صُلِب هو وجماعة على السُّور2. الحذر من الباطنيَّة: وبقي صاحب دمشق يوسف فيروز، ورئيس دمشق أبو الذّواد مفرّج بن الحسن بن الصّوفيّ يلبسان الدّروع، ويركبان وحولهما العبيد بالسّيوف، لأنهما بالغا في استئصال شأفة الباطنيَّة. تسليم بانياس للفرنج: ولمّا سمع إسماعيل الدّاعي وأعوانه ببانياس ما جرى انخذلوا وذلُّوا، وسلَّم إسماعيل بانياس إلى الفرنج، وتسلّل هو وطائفة إلى البلاد الإفرنجيَّة في الذَّلَة والقِلَّة.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 656"، نهاية الأرب "27/ 79"، المقفى الكبير "2/ 518". 2 المنتظم "10/ 13"، الكامل في التاريخ "10/ 656"، عيون التواريخ "12/ 203".

هلاك داعية الباطنية: ثمّ مرض إسماعيل بالإسهال، وهلك في أوائل سنة أربعٍ وعشرين. موقعة جسر الخشب: فلما عرف الفرنج بواقعة الباطنيَّة، وانتقلت إليهم بانياس، قويت نفوسهم، وطمعوا في دمشق، وحشدوا وتألّبوا، وتجمّعوا من الرُّها، وأنطاكّية، وطرابُلُس، والسّواحل، والقدس، ومن البحر، وعليهم كُنْدهر الّذي تملّك عليهم بعد بغدوين، فكانوا نحوًا من ستّين ألفًا، ما بين فارسٍ وراجل، فتأهّب تاج الملوك بوري، وطلب التُّرْكُمان والعرب، وأنفق الخزائن. وأقبل الملاعين قاصدين دمشق، فنزلوا على جسر الخشب والميدان في ذي القعدة من السّنة، وبرز عسكر دمشق، وجاءت التُّركمان والعرب، وعليهم الأمير مُرَّة بن ربيعة وتعبّوا كراديسٍ في عدَّة جهات، فلم يبرز أحد من الفرنج، بل لزِموا خيامهم، فأقام الناس أيّامًا هكذا، ثمّ وقع المَصَافّ، فحمل المسلمون، وثبت الفرنج، فلم يزل عسكر الإسلام يكرّ عليهم ويفتك بهم إلى أن فشلوا وخُذلوا. ثمّ ولّى كليام مقدَّم شجعانهم في فريقٍ من الخّيالة، ووضع المسلمون فيهم السّيف، وغُودروا صَرْعَى، وغنم المسلمون غنيمة لَا تُحَدّ ولا توصف، وهرب جيش الفرنج في اللّيل، وابتهج الخلْق بهذا الفتح المبين1. ومنهم من ذكر هذه الملحمة في سنة أربعٍ كما يأتي، وانفرجت الكُرْبة من نصر الله تعالي ما لم يخطر ببال. وأمن النّاس، وخرجوا إلى ضياعهم، وتبدّلوا بالأمن بعد الخوف. قتْل الباطنيَّة بدمشق: وفيها قُتِلَ مَن كان يُرمى بمذهب الباطنيَّة بدمشق، وكان عددهم ستَّة آلاف2. قتل الأسداباذي ببغداد: وكان قد قِتل ببغداد من مُدَيْدَة إبراهيم الأَسَدَاباذيّ، وهرب ابن أخيه بهرام إلى

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 657، 658"، دول الإسلام "2/ 46". 2 المنتظم "10/ 13"، العبر "4/ 52"، شذرات الذهب "4/ 66".

الشّام وأضَلّ خلفاءَه واسْتَغْواهم، ثمّ إنّ طُغتكين ولّاه بانياس، فكانت هذه من سيّئات طُغتكين، عفا الله عنه1. قتال الباطنيّه في وادي التّيم: وأقام بهرام له بدمشق خليفة يدعو إلى مذهبه، فكُثر بدمشق أتباعه. وملك بهرام عدَّة حصون من الجبال منها القَدْمُوس. وكان بوادي التَّيْم طوائف من الدَّرْزيَّة والنُصَيْريَّة والمجوس، واسم كبيرهم الضَحّاك، فسار إليهم بهرام وحاربهم، فكبس الضّحّاك عسكر بهرام، وقتل طائفة منهم، ورجعوا إلى بانياس بأسوأ حال. خيانة المزدقاني وقتله: وكان المَزْدقانيّ وزير دمشق يُعينهم ويُقوّيهم. وأقام بدمشق أبا الوفاء، فكثُر أتباعه وقويت شوكته، وصار حكمه في دمشق مثل حكم طُغتِكين. ثمّ إنّ المَزْدقاني راسلَ الفرنج، لعنهم الله، ليُسلِّم إليهم دمشق، ويُسلَّموا إليه صور. وتواعدوا إلى يوم جمعة، وقررّ المَزْدقاني مع الباطنيَّة أن يحتاطوا ذلك اليوم بأبواب الجامع، لا يمكنون أحدًا من الخروج، ليجيء الفرنج ويملك دمشق. فبلغ ذلك تاج المُلوك بوري، فطلب المَزْدقاني وطمّنه، وقتله وعلَّق رأسه على باب القلعة، وبذل السّيف في الباطنيَّة، فقتل منهم ستة آلاف. وكان ذلك فتحا عظيمًا في الإسلام في يوم الجمعة نصف رمضان. فخاف الّذين ببانياس وذلُّوا، وسلّموا بانياس إلى الفرنج، وصاروا معهم، وقاسوا ذلًّا وهوانًا2. انكسار الفرنج: وجاءت الفرنج ونازلت دمشق، فجاء إلى بغداد في النّفير عبد الوهّاب الواعظ الحنبليّ، ومعه جماعة من التّجّار، وَهَمُّوا بكسر المنبر، فوُعِدوا بأن ينفّذ إلى السّلطان في ذلك. وتناخى عسكر دمشق والعرب والتركمان، فكسبوا الفرنج، وثبت الفريقان، ونصر الله دينه فقُتل من الفرنج خلق، وأسر منهم ثلاثمائة، وراحوا بشر خيبة، ولله الحمد3.

_ 1 العبر "4/ 52، 53"، شذرات الذهب "4/ 66". 2 الكامل في التاريخ "10/ 657"، دول الإسلام "2/ 46"، العبر "4/ 53"، شذرات الذهب "4/ 67". 3 الكامل في التاريخ "10/ 658"، دول الإسلام "2/ 46"، العبر "4/ 53".

سنة أربع وعشرين وخمسمائة

سنة أربع وعشرين وخمسمائة: المطر والحريق بالموصل: وردت أخبار بأنّ في جُمَادى الأولى ارتفع سحاب أمطر بلدَ الموصل مطرًا عظيمًا، وأمطر عليهم نارًا أحرقت من البلد مواضع ودُورًا كثيرة، وهرب النّاس1. كسرة الإفرنج عند دمشق: وفيها كُسِرت الإفرنج على دمشق، وقُتِلَ منهم نحو عشرة آلاف، ولم يفلت منهم سوى أربعين. وَصَل الخبر إلى بغداد بذلك، وكانت ملْحمة عظيمة2. الملحمة بين ابن تاشفين وابن تومرت: وفيها كانت ملحمة كبرى بين ابن تاشَفين، وبين جيش ابن تومرت، فقُتل من الموحّدين ثلاثة عشر ألفًا، وقُتِلَ قائدهم عبد الله الوَنْشريسيّ، ثم تحيّز عبد المؤمن بباقي الموحدين. وجاء خبر الهزيمة إلى ابن تومرت وهو مريض، ثمّ مات في آخر السّنة. غدْر زنكي بسونج مرة أخرى: وفيها راسل زنكيّ ابن آقْسُنْقُر صاحب حلب تاج الملوك بوري يلتمس منه إنفاذ عسكره ليحارب الفرنج، فتوثّق منه بأيمانٍ وعُهُود، ونفذ إلى زنكي خمسمائة فارس، وأرسل إلى ولده سونج وهو على حماة أن يسير إلى زنكيّ، فأحسن ملتقاهم وأكرمهم، ثمّ عمل عليهم، وغدر بهم، وقبض على سونج وجماعة أمراء، ونهب خيامهم، وهرب الباقون.

_ 1 المنتظم "10/ 14"، البداية والنهاية "12/ 200"، تاريخ الخلفاء "435". 2 المنتظم "10/ 15".

تملُّك زنكي حماة: ثمّ زحف إلى حماة فتملكها، ثم ساق إلى حمص، وغدر بصاحبها خرخان بن قُراجا واعتقله، ونهب أمواله، وتحلّف منه أن يسلّم حمص، ففعل، فأبى عليه بوّابه بها، فحاصرها زنكيّ مدَّة، ورجع إلى الموصل ومعه سونج، ثمّ أطلقه بمالٍ كثير. مقتل الخليفة الآمر: وفيها قُتِلَ صاحب مصر الخليفة الآمر بأحكام الله. استيلاء سنجر على سمرقند: وفي سنة أربعٍ قُتِلَ أمير سمرقند، فسار السّلطان سنجر فاستولى عليها، ونزل محمد خان من قلعتها بالأمان، وهو زوج بنت سنجر، وأقام سنجر بسمرقند مدَّة1. انكسار الإفرنج أمام زنكيّ عند الأثارب: وأمّا أهل حلب فكانوا مع الفرنج الّذين استولوا على حصن الأثارب في ضُرٍّ شديد لقربهم منهم. والأثارب على ثلاثة فراسخ من غربيّ حلب، فجاء عماد الدّين زنكيّ في هذا العام وحاصره، فسارت ملوك الفرنج لنجدته وللكشف عنه، فالتقاهم زنكيّ، واشتدّ الحرب، وثبت الفريقان ثباتًا كُلّيًا ثمّ وقعت الكسرة على الملاعين، ووُضع السّيف فيهم، وأُسِر فيهم خلْق. وكان يومًا عظيمًا. وافتتح زنكيّ الحصن عَنْوةً، وجعله دكًّا2. محاصرة زنكيّ حارم: ثمّ نزل على حارِم، وهي بالقرب من أنطاكيَّة، فحاصرها، وصالحهم على نصف دَخْلها. ومنها ذلَّت الفرنج، وعلموا عجزهم عن زنكيّ، واشتدّ أزر المسلمين3.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 661، 662"، البداية والنهاية "12/ 200"، عيون التواريخ "12/ 207". 2 الكامل في التاريخ "10/ 662، 663"، المختصر في أخبار البشر "2/ 3، 4"، العبر "4/ 55". 3 الكامل في التاريخ "10/ 663".

انهزام صاحب ماردين أمام زنكيّ: وعدّى زنكيّ الفُرات، فنازل بعض ديار بكر، فحشد صاحب ماردين لقتاله، ونَجَده ابن عمُّه داود بن سُقْمان من حصن كَيْفا، وصاحب آمِد، حتى صاروا في عشرين ألفًا، فهزمهم زنكيّ، وأخذ بعض بلادهم1. خلافة الحافظ بمصر: وفيها مات الآمر بأحكام الله صاحب مصر، وولي بعده الحافظ. وفاة زوجة السلطان: وفيها ماتت زوجة السّلطان محمود خاتون بنت السّلطان سنجر. مقتل صاحب أنطاكية: وفيها قُتِلَ بيمُنْد صاحب أنطاكية. وزارة ابن الصوفي بدمشق: وفيها وَزَر بدمشق الرّئيس مفرّج ابن الصّوفي. ظهور عقارب طيّارة: وفيها ظهر عقارب طيارة، لها شوكتان، وخاف النّاس منها وقد قتلت جماعة أطفال2. ملْك السّلطان قلعة ألَموت: وفيها ملك السّلطان محمود قلعة ألموت.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 644". 2 الكامل في التاريخ "10/ 666"، العبر "4/ 55"، النجوم الزاهرة "5/ 236"، البداية والنهاية "12/ 200".

ومن سنة خمس وعشرين وخمسمائة

ومن سنة خمس وعشرين وخمسمائة: رواية ابن الأثير عن دُبَيْس: وقد ساق "ابن الأثير" قصَّة دُبَيْس فقال: لمّا فارق البصرة قصد الشّام، لأنه جاءه مَن طلبه إلى صرخد، وقد مات صاحبها، وغلبت سريّتُه على القلعة، وحدّثوها بما جرى على دبيس، فطلبته للتزوج به، وتُسلَّم إليه صَرْخَد بما فيها. فجاء إلى الشّام في البرّيَّة، فضلّ ونزل بأُناس من كلْب بالمرج، فحملوه إلى تاج الملوك، فحبسه، وعرف زنكيّ صاحب الموصل، فبعث يطلبه من تاج الملوك، على أن يُطْلق ولده سونج ومَن معه مِن الأمراء، وإن لم يفعل جاء وحاصره بدمشق، وفعل وفعل؛ فأجاب تاج الملوك، وسلّم إليه دُبَيْسًا، وجاءه ولده والأمراء. وأيقن دُبَيْس بالهلاك للعداوة البليغة الّتي بينه وبين زنكيّ، ففعل معه خلاف ما ظنّ، وبالغ في إكرامه، وغرِم عليه أموالًا كثيرة، وفعل معه ما يفعل مع أكابر الملوك1. ولما جرى على الباطنية ما ذكرناه عام ثلاثةٍ وعشرين تحّرقوا على تاج الملوك، وندبوا لقتله رجلين، فتوصلا حتّى خدما في ركابه، ثمّ وثبا عليه في جُمادَى الآخرة سنة خمسٍ، فجرحاه، فلم يصنعا شيئًا، وهبروهما بالسّيوف، وخيط جرح بعُنقه فبرأ، والآخر بخاصرته، فتنسّر، وكان سببًا لهلاكه. وفاة الدبّاس: وفيها تُوُفّي الشَيخ حمّاد الدّبّاس الزّاهد ببغداد. عودة زنكيّ إلى الموصل: قال ابن واصل: وفى المحرَّم سنة خمسٍ وعشرين توجّه زنكيّ راجعًا من الشّام إلى الموصل. ردّ العراق إلى زنكيّ: وفي ربيع الآخر من السّنة ردّ السّلطان محمود أمر العراق إلى زنكيّ، مُضافًا إلى ما بيده من الشّام والجزيرتين2.

_ 1 المنتظم "10/ 20"، البداية والنهاية "12/ 202"، دول الإسلام "2/ 47". 2 الكامل في التاريخ "10/ 669".

سنة خمس وعشرين وخمسمائة: القبض على دُبَيْس وبيعه: فمن الحوادث أنّ دُبَيْسًا ضلّ في البرّيَّة، فقبض عليه مَخْلَد بن حسّان بن مكتوم الكلْبيّ بأعمال دمشق، وتمزّق أصحابه وتقطّعوا، فلم يكن له منجى من العرب، فحُمل إلى دمشق، فباعه أميرها ابن طُغتكِين مِن زنكيّ بن آقسنقر صاحب الموصل بخمسين ألف دينار. وكان زنكي عدوّه، لكنّه أكرمه وخوّله المال والسّلاح، وقدّمه على نفسه1. وفاة المسترشد: وتُوُفّي للمسترشد ابنٌ بالْجُدَريّ، وعُمره إحدى وعشرين. الحرب بين السلطان داود وعمّه مسعود: وتُوُفي السلطان محمود، فأقاموا ابنه داود مكانه، وأقيمت له الخطبة ببلاد الجبل وأذربيجان، وكثرت الأراجيف. وأراد داود قتل عمّه مسعود بقيام عمّه سَنْجَر. وكان طُغْرُل يوم المصافّ على ميمنة عمّه، وكان على الميسرة خُوارَزْم بن أتسِز بن محمد، فبدأهم قُراجا بالحملة، فحمل على القلب بعشرة آلاف، فعطف على حنيتي العشرة آلاف ميمنة سنجر وميسرته، فصار في الوسط، وقاتلوا قتال الموت وأثخن قراجا بالجراحات، ثم أسروه، فانهزم الملك مسعود، وذلك في ثامن رجب. وقيل: وجاء مسعود مستأنسًا إلى السلطان، فأكرمه وأعاده إلى كنجة وصفح عنه2.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 668، 669". 2 الكامل في التاريخ "10/ 669، 670".

سنة ست وعشرين وخمسمائة

سنة ست وعشرين وخمسمائة: الحرب على السلطنة في بغداد: فيها سار الملك مسعود بن محمدٍ إلى بغداد في عشرة آلاف فارس، وورد قُراجا السّاقي معه سلْجُوق شاه بن محمد أخو مسعود، وكلاهما يطلب السّلطنة. وانحدر زنكيّ من الموصل لينضم إلى مسعود أو سلْجوق، فأرجف الناس بمجيء عمهما سنجر، فعملت السور وجنى العقار، وخرجوا جريدة بأجمعهم مُتَوَجهين لحرب سَنْجَر، وألزم المسترشد قُراجا بالمسير، فكرهه ولم يجد بُدًّا من ذلك، وبعث سَنْجَر يقول: أنا العبد، ومهما أُريدَ مني فعلت. فلم يقبل منه. ثمّ خرج المسترشد بعد الجماعة، وقُطعت خطبة سَنْجَر، فقدِم سَنْجَر هَمَذَان، فكانت الوقعة قريبًا من الدَّينَوَر1. رواية ابن الجوزي: قال ابن الْجَوْزيّ: وكان مع سَنْجَر مائة ألف وستّون ألفًا. وكان مع قُراجا ومسعود ثلاثون ألفًا. وكانت ملحمة كبيرة، أُحصِي القتلى فكانوا أربعين ألفًا، وقُتِلَ قُراجا، وأُجلس طُغْرُل على سرير المُلْك، وعاد سَنْجَر إلى بلاده2. هزيمة زنكيّ ودُبَيْس: وجاء زنكيّ ودُبَيْس في سبعة آلاف ليأخذ بغداد، فبلغ المسترشد اختلاط بغداد، وكسْرة عسكره، فخرج من السّرداق بيده السّيف مجذوب، وسكن الأمر. وخاف هو، وعاد من خانقين، وإذا بزنكيّ ودُبَيْس قد قاربا بغداد من غربيّها، فعبر الخليفة إليهم في ألفَين، وطلب المهادنة، فاشتطا عليه، فحاربهما بنفسه وعسكره، فانكسرت ميسرته، فكشف الطّرحة ولبس البُرْدة، وجذب السّيف، وحمل، فحمل العسكر، فانهزم زنكيّ ودُبَيْس، وقتل من جيشهما مقتلة عظيمة، وطلب زنكي تكريت، ودبيس الفرات منهزمين3.

_ 1 المنتظم "10/ 25، 26"، الكامل في التاريخ "10/ 676 - 678"، العبر "4/ 67"، البداية والنهاية "12/ 203". 2 الكامل في التاريخ "10/ 676 - 678"، المنتظم "10/ 25، 26"، دول الإسلام "2/ 47، 48". 3 الكامل في التاريخ "10/ 678"، العبر "4/ 67"، البداية والنهاية "12/ 203".

هلاك بغدوين: وفيها هلك بغدوين الرويس ملك الفرنج بعكّا، وكان شيخًا مُسِنًّا، داهية، ووقع في أسْر المسلمين غير مرَّة في الحروب، ويتخلّص بمكرْه وحِيَله، وتملّك بعده القُومْص كُنْدانحور، فلم يكن له رأس، فاضطّربوا واختلفوا ولله الحمد. تملّك شمس الملوك دمشق: وتملّك دمشق شمس الملوك بعد أبيه تاج الملوك بوري بن طُغتِكين، فقام بالأمر، وخافَتْه الفرنج، ومهّد الأمور، وأبطل بعد المظالم، وفرح النّاس بشهامته وفَرْط شجاعته، واحتملوا ظُلْمه. وقعة همذان: وفيها كانت وقعة بهَمَذان بين طُغْرُل بن محمد وبين داود بن محمود بن محمد، فانتصر طغرل1. وزارة أنوشروان: وفيها وَزَر أنُوشُرْوان بن خالد للمسترشد بعد تمنُّع، واستعفى. هزيمة دُبَيْس: وعاد دُبَيْس بعد الهزيمة يلوذ ببلاده، فجمع وحشد. وكانت الحِلَّة وأعمالها في يد إقبال المسترشديّ، وأُمِدَّ بعسكرٍ من بغداد، فهزم دُبَيْس، وحصل دُبَيْس في أَجَمة فيها ماء وقصب ثلاثة أيّام، لَا يأكل شيئًا، حتّى أخرجه جمّاس على ظهره وخلّصه2. قدوم الملك داود بغداد: وقدم الملك داود بن محمد إلى بغداد. القبض على الوزير شرف الدين: وفيها قبض الخليفة على الوزير شرف الدّين، وأخذ سائر ما في دياره.

_ 1 المنتظم "10/ 26"، البداية والنهاية "12/ 204". 2 المنتظم "10/ 27"، الكامل في التاريخ "10/ 679".

سنة سبع وعشرين وخمسمائة

سنة سبع وعشرين وخمسمائة: الخطبة بالسلطنة لمسعود: خُطِب لمسعود بن محمد بالسّلطنة ببغداد في صَفر، ومِن بعده لداود، وخُلِع عليهما وعلى الأمير آقْسُنْقُر الأحمديليّ مقدَّم جيوش السّلطان محمود، وهو المقيم داود بعده في الملك. واستقرّ مسعود بهمذان1. انهزام طُغْرل: وكانت وقعة انهزم فيها طُغْرُل. مقتل آقسنقر: ثمّ قُتِلَ آقْسُنْقُر، قتلته الباطنيَّة. غارة التركمان على بلاد طرابلس: وفيها قصد أمير التّركمان الجزريّين بلاد الشام، فأغاروا على بلاد طرابُلُس، وصموا وسبوا، فخرج ملك طرابُلُس بالفرنج، فتقهقر التُرْكُمانيّ، ثمّ كرّوا عليه فهزموه، وقتلوا في الفرنج فأكثروا وأطنبوا، فالتجأ إلى حصن بَعرين، فحاصرته التُرْكُمان أيّامًا. وخرج في اللّيل هاربًا، فجمعت الفرنج لنجدته ملوكهم، وردّ فواقع التُرْكُمان ونال منهم2. الخلاف بين الفرنج: وفيها وقع الخُلْف بين الفرنج بالشّام، وتحاربوا وقُتِلَ منهم، ولم يجر لهم بذلك سابقة.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 686"، المنتظم "10/ 29"، البداية والنهاية "12/ 204". 2 الكامل في التاريخ "11/ 7، 8"، دول الإسلام "2/ 48"، البداية والنهاية "12/ 204".

وقعة الأمير سوار بالفرنج: وفيها واقع الأمير سوار نائب زنكيّ على حلب الفرنج، فقتل من الفرنج نحو الألف، ولله الحمد. محاولة اغتيال شمس الملوك: وفيها وثب على شمس الملوك صاحب دمشق مملوك نجدة، فضربه بسيفٍ لم يُغن شيئًا، وقتلوه بعد أن أقرّ على جماعة وادعى أنه إنما فعل ذلك ليريح المسلمين من ظُلمه وعسفه، فقُتِلَ معه جماعة1. مقتل سونج: وقتل شمس الملوك أخاه سونج الذي أسره زنكيّ، فحزن النّاس عليه. انهزام دُبَيْس بواسط: وفيها جمع دُبَيْس جمْعًا بواسط، وانضم إليه جماعة من واسط، فنفّذ الخليفة لحربه البازدار وإقبال الخادم، فهزموه وأسروا بختيار2. حصار المسترشد الموصل: وعزم المسترشد على المسير إلى الموصل، فعبرت الكوسات والأعلام إلى الجانب الغّربي في شعبان، ونودي ببغداد: من تخلّف مِن الْجُنْد حُلّ دمُهُ. ثمّ سار أمير المؤمنين في اثني عشر ألف فارس، ونفِّذ إلى بهروز يقول له: تنزل عن القلعة، وتسلّم الأموال، وتدخل تحت الطّاعة. فقال: أنا رجل كبير عاجز، ولكن أنفَّذ الإقامات وتقدمه. ففعل وعفى عنه. ووصل الخليفة الموصل في العشرين من رمضان، فحاصرها ثمانين يومًا، وكان القتال كل يوم. ووصل إليه أبو الهيج الكرديّ من الجبل في عساكر كثيرة. ثمّ إنّ زنكيّ بعث إلى الخليفة: إني أعطيك الأموال، فترحل عنّا. فلم يُجِبْه، ثم

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 8، 9"، المختصر في تاريخ البشر "3/ 8". 2 المنتظم "10/ 29".

رحل، فقيل كان سبب رحيله أنّه بلغه أنّ السّلطان مسعودًا قد غار وقتل الأحمديليّ، وخلع على دُبَيْس1. وعظ ابن الجوزي بجامع المنصور: وقال "ابن الجوزي": وتوفي شيخنا ابن الزّاغونيّ، فأخذ بحلقته بجامع القصر أبو عليّ بن الراذاني، ولم أعطها لصغري، فحضرت عند الوزير أنوشروان، وأوردت فصلًا في الوعظ، فأذِن لي في الجلوس بجامع المنصور، فحضر مجلسي أوّل يومٍ الكبار من أصحابنا عبد الواحد بن شُنَيْف، وأبو على ابن القاضي، وابن قساميّ، وقوي اشتغالي بفنون العلم. وأخذت عن أبي بكر الدِّينَوَرِيِّ الفقه، وعن ابن الجواليقيّ اللّغة، وتتبّعتُ مشايخ الحديث2. أخْذ بانياس من الفرنج: وفيها أخذ شمس الملوك بانياس من الفرنج بالسّيف، وقلعتها بالأمان، فلما نزلوا أسروهم. وقدم شمس الملوك دمشق مؤيدا منصورا، والأسرى بين يديه ورءوس القتلى. ورأى النّاس ما أقرّ أعينهم، فلله الحمد. وكان يومًا مشهودًا3. وفاة صاحب مكة: وفيها مات صاحب مكَّة أبو فُلَيْتَة، وولي بعده أبو القاسم. حصار مدينة أفراغه بالأندلس: وفيها نازل ابن رُدْمير مدينة أفراغه، فحاصرها وبها ابن مردنش.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 5، 6"، المنتظم "10/ 30"، تاريخ مختصر الدول "203، 204". 2 المنتظم "10/ 30". 3 الكامل في التاريخ "10/ 684، 685"، دول الإسلام "2/ 48"، النجوم الزاهرة "5/ 250".

سنة ثمان وعشرين وخمسمائة

سنة ثمان وعشرين وخمسمائة: الخِلْعة لإقبال الخادم: فيها خُلِع على إقبال الخادم خِلْعة المُلْك، ولُقِّب بسيف الدّولة ملك العرب. مصالحة زنكيّ: ووقع الصُلح مع زنكيّ بن آقْسُنْقُر، وجاءَ منه الحمل. وزارة ابن طِراد: وصُرِف عن الوزارة أنوشروان، وأُعيد أبو القاسم بن طراد. وقبص على بطر الخادم وسُجن وأُخِذت أمواله. وخُلِع على ابن طِراد خِلْعة الوزارة، وأُعطي فَرَسًا برُقْية، وثلاثة عشر حمْل كوسات، وأعلامًا ومَهْدًا. الخِلعة لابن الأنباري: وقدِم رسول السّلطان سنْجر، فخلع عليه، وأرسل إلى سنجر مع رسوله ومع ابن الأنباري خلَعًا عظيمة الخطر بمائة وعشرين ألف دينار1. محاصرة بهروز: وبعث الخليفة إلى بهروز الخادم، وهو بالقلعة، يطلب منه حملًا فأبى، فبعث جيشًا لقتاله، فحاصروه. خدمة السَّلحدار: وقدِم ألْبقش السَّلحدار التُّرْكي طلبًا للخدمة مع الخليفة. استعراض الخليفة الجيش: ثمّ إنّ الخليفة خلع على الأمراء، وعرض الجيش يوم العيد، ونادى: لَا يختلط بالجيش أحد. ومن ركب بَغْلًا أو حمارًا أُبيح دَمُه. وخرج الوزير وصاحب المخزن والقاضي ونقيب النُقباء وأركان الدَولة في زِيّ لم يُرَ مثله من الخيل والزّينة والعسكر والملبس، فكان الجيش خمسة عشر ألف فارس2.

_ 1 المنتظم "10/ 35"، العبر "4/ 72"، مرآة الجنان "3/ 253". 2 المنتظم "10/ 35".

توطُّد المُلك لطُغْرل: وعاد طُغْرُل إلى هَمذان وانضمت إليه عساكر كثيرة، وتوطّد له المُلْك، وانحل أمر أخيه مسعود. وسببه أنّ الخليفة بعث بخلع إلى خوارزم شاه، فأشار دُبَيْس على طُغْرُل بأخذها، وإظهار أنّ الخَليفة بعثها له. ففعل1. الخلاف بين الخليفة ومسعود: وبعث الخليفة يحثّ مسعودًا على المجيء ليرفع عنه، فدخل أصبهان في زِيّ التُرْكُمان، وخاطر إلى أن وصل بغداد في ثلاثين فارسًا، فبعث إليه الخليفة تُحَفًا كثيرة. وعثر على بعض الأمراء أنه يكاتب طُغْرل، فقبض عليه الخليفة، فهرب بقيَّة الأمراء إلى مسعود، وقالوا: نحن عبيدك، فإذا خَذَلْتنا قَتَلَنا الخليفة، فطلبهم الخليفة، فقال مسعود: قد التجئوا إليّ. فقال الخليفة: إنما أفعل هذا لأجلك، أو يصيبك نوبة بعد نوبة. ووقع الاختلاف بينهما، وشاش العسكر، ومدوا أيديهم إلى أذى المسلمين، وتعذر المشْي بين المَحَالّ، فبعث إليه الخليفة يقول له: تنصرف إلى بعض الجهات، وتأخذ العسكر الّذين صاروا إليك. فرحل في آخر السّنة والخواطر متوحّشة. فأقام بدار الغربة. وجاءت الأخبار بتوجُّه طُغْرُل إلى بغداد. فلّما كان يوم سلْخ السّنة نفّذ إلى مسعود الخِلع والتّاج، وأشياء بنحو ثلاثين ألف دينار نِعَم2. هزيمة ابن رُدمير وموته: وفيها حاصر ملك الفرنج ابن رُدمير مدينة أفراغه من شرق الأندلس، وكان إذ ذاك على قُرْطُبة تاشَفين ابن السّلطان، فجهّز الزّبير اللُّمتُونيّ بألفي فارس، وتجهّز أمير مُرْسيَّة وبَلَنْسِيَة -يحيى بن غانية- في خمسمائة وتجهز عبد الله بن عياض صاحب لارَدَة في مائتين، فاجتمعوا وحملوا الميرة إلى أفراغه. وكان ابن عياض فارس زمانه، وكان ابن رُدْمير في اثني عشر ألف فارس. فأدركه العجب، وقال لأصحابه: اخرجوا

_ 1 المنتظم "10/ 35"، الكامل في التاريخ "11/ 12، 13". 2 المنتظم "10/ 35، 36".

خُذُوا هذه الميرة. ونفّذ قطعة من جيشه، فهزمهم ابن عياض، فساق ابن رُدْمير بنفسه، والْتحم الحرب، واسْتَحَر القتْل في الفرنج، وخرج أهل أفراغه الرّجال والنّساء، فنهبوا خِيَم الروم. فانهزم الطّاغية، ولم يفلت من جيشه إلا القليل، ولحق بسَرَقُسْطة، فبقي يسأل عن كبار أصحابه، فيقال له: قُتِلَ فُلان، قُتِلَ فُلان، فمات غمًّا بعد عشرين يومًا. وكان بليَّة على المسلمين، فأهلكه الله1. فتح الموحّدين لتادلة: وفيها خرج عبد المؤمن في الموحِّدين من " ... "2 فافتتح تادلة ونواحيها، وسار في تلك الجبال يفتتح معموره. حرب تاشفين للموحّدين: وأقبل تاشفين من الأندلس باستدعاء ابنه، فانُتدِب لحرب الموحّدين. مسير الفرنج إلى حلب: وفيها سار صاحب القدس بالفرنج؛ فقصد حلب، فخرج إليه عسكرها، فالتقوا، فانهزم المسلمون، وقُتِلَ منهم مائة فارس، ثمّ التقوا ونَصَر الله. محاولة اغتيال شمس الملوك: وفيها وثب إيليا الطّغتِكينيّ في الصيد على شمس الملوك بأرض صيدنايا بالسّيف، فغطس عنها، ورمى بنفسه إلى الأرض، وضربه ثانية، فوقعت في رقَبَة الفَرَس أتْلَفَتْه. وتلاحقت الأجناد فهرب إيليا، ثمّ ظفروا به، فقتله صبرًا، وقتل جماعة بمجرّد قول إيليا فيهم، وبنى على أخيه حائطًا، فمات جوعًا. وبالغ في الظُلْم والعَسف، وبنى دار المَسَرَّة بالقلعة، فجاءت بديعة الحسن3.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 23، 24". 2 بياض في الأصل. 3 الكامل في التاريخ "11/ 8، 9"، نهاية الأرب "27/ 84"، النجوم الزاهرة "5/ 52".

خلاف الإسماعيلية والسُنَّة بمصر: وفيها جاءت الأخبار من مصر بخُلْف ولدي الحافظ لدين الله عبد المجيد وهما: حيدرة، والحسن. وافترق الْجُند فِرقتين، إحداهما مائلة إلى الإسماعيلية، والأخرى إلى مذهب السُّنَّة. فاستظهرت السُّنَّة، وقتلوا خلقًا من أولئك، واستحر القتْل بالسّودان، واستقام أمر وليّ العهد حسن، وتتبّع من كان ينصر الإسماعيليَّة من المقدَّمين والدُّعاة، فأبادهم قتْلًا وتشريدًا. قال أبو يَعْلى حمزة: فورد كتاب الحافظ لدين الله شمس الملوك بهذا الخلاف1. نقض الفرنج الهدنة: وفيها فسخت الفرنج الهدنة وأقبلت بخُيَلائها، فجمع شمس الملوك جيشه، واستدعى تُرْكُمان النواحي، وبرز في عساكره نحو حَوران، فالتقوا. وكانت الفرنج في جمعٍ كثيف، فأقامت المناوشة بين الفريقين أيامًا، ثم غافلهم شمس الملوك، ونهض ببعض الجيش، وقصد عكا والناصرة، فأغار وغنم، فانزعجت الفرنج، وردوا ذليلين، وطلبوا تجديد الهدنة2.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "242"، نهاية الأرب "28/ 299، 300"، المقفي الكبير "3/ 416- 419". 2 ذيل تاريخ دمشق "242، 243"، الكامل في التاريخ "11/ 11، 12"، المختصر في أخبار البشر "3/ 8".

سنة تسع وعشرين وخمسمائة

سنة تسع وعشرين وخمسمائة: إخراج مسعود من بغداد: قد ذكرنا أنّ الخليفة قال لمسعود: أرحل عنّا. وأنه بعث إليه بالخلع والتاج، ثم نفذ إلى الجاوليّ شِحْنَة بغداد، مصانِعًا له على الخروج، وأمره إن هو دافع أن يرمي خيمته. ثمّ أحسَّ منه أنّه قد باطَنَ الأتراك، واطّلع منه على سوء نِية، فأخرج أمير المؤمنين سُرَادقه، وخَرَج أرباب الدّولة، فجاء الخبر بموت طُغْرُل، فرحل مسعود جريدةً، وتلاحَقَتْه العساكر، فوصل هَمَذَان، واختلف عليه الجيش، وانفرد عنه قُزُل، وسُنْقُر، وجماعة، فجهز لحربهم، وفرّق شملهم، فجاء منهم إلى بغداد جماعة، وأخبروا سوء نيته، منهم البازدار، وقُزُل، وسُنْقُر1. القبض على أنوشروان: وسار أنوشروان بأهله إلى خُراسان لوزارة السّلطان مسعود، فأُخِذ في الطّريق. استرجاع زنكيّ المعرَّة: وفيها افتتح الأتابك زنكيّ بن آقْسُنْقُر المَعَرَّة، فأخذها من الفرنج. وكان لها في أيديهم سبعٌ وثلاثون سنة، وردّ أملاكهم، وكُثر الدّعاء له2. طاعة ابن زنكيّ للخليفة: وفيها قدِم الموصلَ ابن زنكيّ من عند والده بمفاتيح المَوصل مُذْعِنًا بالطّاعة والعُبوديَّة للخليفة، فخرج الموكب لتلقّيه، وأكرم مورده. ونزل وقَبل العَتَبَة. موت رسول دُبَيْس: وجاء رسول دُبَيْس يقول: أنا الخاطئ المُقِرّ بذنْبه. فمات رسوله، فذهب هو إلى مسعود. كتاب ابن الأنباريّ: وجاء السّديد بن الأنباري من عند السّلطان سنْجر، ومعه كتابه يقول فيه: أنا العبد المملوك. ثم توارت الأخبار بعزم مسعود على بغداد، وجمع وحشد، فبعث الخليفة إلى بكبة نائب البصرة، فوعدَ بالمجيء. ووصل إلى حُلوان دُبَيْس وهو سائس عسكر مسعود، فجهّز الخليفة ألفيْ فارس تقدّمه، وبعث إلى أتابك زنكيّ، وكان مُنازِلًا دمشق3.

_ 1 العبر "4/ 75"، المنتظم "10/ 41"، الكامل في التاريخ "11/ 19، 24، 25". 2 العبر "4/ 75"، زبدة الحلب "2/ 259". 3 المنتظم "10/ 42".

انفصال الأمراء عن جيش مسعود: وبعث سَنْجَر إلى مسعود أن هؤلاء الأمراء، وهم البازدار وابن برسُق، وقُزُل، وبرتقش، ما يتركونك تنال غَرَضًا لأنّهم عليك، وهم الّذين أفسدوا أمر أخيك طُغْرُل، فابعث إليَّ برءوسهم. فأطْلَعهم على الكتاب، فقبّلوا الأرض وقالوا: الآن علمنا أنّك صافٍ لنا، فابعث دُبَيْسًا في المقدّمة. ثمّ اجتمعوا وقالوا: ما وراء هذا خير، والرأي أن نمضي إلى أمير المؤمنين، فإن له في رقابنا عهدًا. وكتبوا إليه: إنا قد انفصلنا عن مسعود، ونحن في بلاد برسُق، ونحن معك، وإلّا فاخطب لبعض أولاد السّلاطين، ونفّذه نكون في خدمته. فأجابهم: كونوا على ما أنتم عليه، فإني سائر إليكم. وتهيأ للخروج، فلما سمع مسعود ساق لكبسهم، فانهزموا نحو العراق، فنهب أموالهم. وجاءت الأخبار، فهيّأ لهم الخليفة الإقامات والأموال1. مهاجمة مقدّمة جيش الخليفة: وخرج عسكر بغداد والخليفة، وانزعج البلد. وبعث مسعود خمسة آلاف ليكسبوا مقدّمة الخليفة، فبيّتوهم وأخذوا خيلهم وأموالهم، فأقبلوا عُراة، ودخلوا بغداد في حالٍ رديئة. فأطلق لهم ما أصلح أمرهم. وجاء الأمراء الكبار الأربعة في دجلة فأكرموا وخُلِع عليهم، وأُطلق لهم ثمانون ألف دينار، ووُعدوا بإعادة ما مضى لهم2. قطع الخطبة لمسعود: وقُطعت خطبة مسعود وخُطِب لسَنْجَر، وداود. استمالة مسعود الأطراف إليه: ثمّ برز الخليفة، وسار في سبعة آلاف فارس، وكان مسعود بهمذان في ألفٍ وخمسمائة فارس؛ ثم أفسد نيّات الأطراف بالمكاتبة، واستمالهم حتّى صار في نحو

_ 1 المنتظم "10/ 43"، الكامل في التاريخ "11/ 24، 25"، الإنباء في تاريخ الخلفاء "221". 2 المنتظم "10/ 44"، الكامل في التاريخ "11/ 25".

خمسة عشر ألف فارس، وتسلَّل إليه ألفا فارس من عسكر المسترشد. ونفّذ زنكيّ إلى الخليفة نجدةً، فلم يلحق1. أسر المسترشد: ووقع المصافّ في عاشر رمضان، فلمّا التقى الْجَمْعان هرب جميع العسكر الّذين كانوا مع المسترشد، وكان على ميمنته قزل، والبازدار، ونور الدّولة الشحنة، فحملوا على عسكر مسعود، فهزموهم ثلاثة فراسخ ثمّ عادوا فرأوا المَيْسَرَة قد غدرت، فأخذ كلّ واحدٍ منهم طريقًا وأُسِر المسترشد وحاشيته، وأُخِذ ما معه، وكان معه خزائن عظيمة، فكانت صناديق الذَّهب على سبعين بغلا أربعة آلاف ألف دينار، وكان الثّقْل على خمسة آلاف جَمَل، وخزانة السبق أربعمائة بغْل. ونادى مسعود: المال لكم، والدَّمُ لي، فمن قُتِلَ أَقَدْتُه. ولم يُقتل بين الصَّفَّيْن سوى خمسة أنْفُس غَلَطًا. ونادى: من أقام من أصحاب الخليفة قُتِلَ. فهرب النّاس، وأخذتهم التُّرْكُمان، ووصلوا بغداد وقد تشقَّقت أرجُلُهم، وبقي الخليفة في الأسر2. كتاب الخليفة إلى أستاذ الدار: وبعث بالوزير ابن طِراد وقاضي القُضاة الزَّيْنبيّ، وبجماعةٍ إلى قلعة، وبعث شِحْنة بغداد ومعه كتاب من الخليفة إلى أستاذ الدّار، أمره مسعود بكتابته، فيه: ليعتمد الحسين بن جَهِير مُراعاة الرّعيَّة وحمايتهم، فقد ظهر من الولد غياث الدّنيا والدّين، أمتع الله به في الخدمة ما صدقت به الظُّنُون. فلْيجتمع وكاتب الزّمام وكاتب المخزن إلى إخراج العمّال إلى النّواحي، فقد ندب من الجانب الغياثيّ هذا الشِّحْنة لذلك، ولْيَهْتمّ بكِسوَة الكعبة، فنحن في إثر هذا المكتوب3.

_ 1 المنتظم "10/ 44، 45"، الكامل في التاريخ "11/ 25"، مرآة الجنان "3/ 255". 2 المنتظم "10/ 43-48"، الكامل في التاريخ "11/ 24-26"، سير أعلام النبلاء "19/ 565-568". 3 المنتظم "10/ 45، 46".

ثورة أهل بغداد: وحضر يد الفِطْر، فنفر أهل بغداد ووثبوا، ووثبوا على الخطيب، وكسروا المنبر والشّبّاك، ومنعوه من الخطْبة، وَحَثَوْا في الأسواق على رءوسهم التُّراب يبكون ويضجّون، وخرج النّساء حاسراتٍ يندُبن الخليفة في الطُّرُق وتحت التّاج، وهمّوا برجْم الشِّحْنة، وهاشوا عليهم، فاقتتل أجناده والعوامّ، فقتِل من العوامّ مائة وثلاثة وخمسون نفْسًا، وهرب أبو الكَرَم الوالي، وحاجب الباب إلى دار خاتون، ورمى أعوان الشحنة الأبواب الحديد التي عَلَى السور، ونقبوا فِيهِ فتحات، وأشرفت بغداد على النَّهْب، فنادى الشِّحْنة: لَا ينزل أحدٌ في دار أحد، ولا يؤخذ لأحدٍ شيء، والسّلطان جاي بين يدي الخليفة، وعلى كتفه الغاشية. فسكن النّاس. وطلب السّلطان من الخليفة "نظر الخادم" فنفّذ أطلقه، وسار بالخليفة إلى داود، إلى مَرَاغة1. زلزلة بغداد: وقال ابن الجوزيّ: وزلزلت بغداد مِرارًا كثيرة، ودامت كلّ يومٍ خمس أو ست مرّات إلى ليلة الثّلاثاء، فلم تزل الأرض تَمِيد من نصف اللّيل إلى الفجر، والنّاس يستغيثون2. تفاقم الأمر ببغداد: وتصّرف عمّال السّلطان في بغداد، وعوّقوا قرى وليّ العهد، وختموا على غلّاتها، فافْتَكّ ذلك منهم بستّمائة دينار، فأطلقوها. وتفاقم الأمر، وانقطع خبر العسكر، واستسلم النّاس3. رسالة سَنْجَر إلى مسعود بطاعة الخليفة: ثمّ أرسل سَنْجَر إلى ابن أخيه مسعود يقول: ساعة وقوف الولد غياث الدّنيا والدّين على هذا المكتوب يدخل على أمير المؤمنين ويُقبّل الأرض بين يديه، وتسأله

_ 1 المنتظم "10/ 43-46"، الكامل في التاريخ "11/ 26"، العبر "4/ 77". 2 المنتظم "10/ 46"، الكامل في التاريخ "11/ 34"، البداية والنهاية "12/ 208". 3 المنتظم "10/ 46"، التاريخ الباهر "52".

العفْو والصَّفح، وتتنصّل غاية التّنصُّل، فقد ظهرت عندنا من الآيات السّماويَّة والأرضية ما لَا طاقة لنا بسماع مثلها، فضلًا عن المشاهدة من العواصف والبُرُوق والزلازل، ودوام ذلك عشرين يومًا، وتشويش العساكر وانقلاب البلدان، ولقد خِفْت على نفسي من جانب الله وظهور آياته، وامتناع الناس من الصّلوات في الجوامع، ومنْع الخُطَباء ما لَا طاقة لي بحمله، فالله الله بتلافي أمرك، وتعيد أمير المؤمنين إلى مقّر عزّه، وتسلِّم إليه دُبَيْسًا ليحكم فيه، وتحمل الغاشية بين يديه أنت وجميع الأمراء، كما جرت عادتنا وعادة آبائنا. فنفّذ مسعود بهذه المكاتبة مع الوزير، ونظر، فدخلا على الخليفة، واستأذنا لمسعود، فدخل وقبّل الأرض، ووقف يسأل العفو، فقال: قد عُفِي عن ذنْبك، فاسكن وَطِبْ نفْسًا1. شفاعة مسعود بدُبَيْس: ثمّ عامله مسعود بما أمره به عمّه، وسأل من الخليفة أن يُشَفَّعه في دُبَيْس، فأجابه، فأحضروه مكتوفا بين أربعة أمراء، ومع واحد سيف مجذوب، وكَفَن منشور، وأُلقي بين يدي السّرير، وقال مسعود: يا أمير المؤمنين هذا السّبب الموجب لِما تمّ، فإذا زال السّبب زال الخلاف، ومهما تأمر نفعل به. وهو يبكي ويتضرَّع ويقول: العفو عند المقدرة، وأنا أقَلّ وأَذَلّ. فعفي عنه وقال: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} [يوسف: 92] فخلّوه، وقبّل يد أمير المؤمنين وأَمرَّها على وجهه، وقال: بقرابتك من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلّا ما عفوت عنّي، وتركتني أعيش في الدّنيا، فإنّ الخوف منك قد برّح بي2. نقضْ سور بغداد: وأمّا بكبة شِحْنة بغداد، فإنّه أمر بنقْض السُّور ببغداد، فنُقِض مواضع كثيرة. وقال: عمرتموه بفرح، فانقضوه لذلك.

_ 1 المنتظم "10/ 47"، الكواكب الدرية "100"، أخبار الدول "2/ 169، 170". 2 المنتظم "10/ 48".

وضربت لهم الدبادب، وردوا الباب الحديد الّذي أُخِذ من جامع المنصُور إلى مكانه1. قتل الباطنيَّة الخليفة المسترشد: وقدِم رسولٌ ومعه عسكر يستحثّ مسعود أمر جهة عمّه على إعادة الخليفة إلى بغداد، فجاء في العسكر سبعة عشر من الباطنيَّة، فذُكر أنّ مسعودًا ما علم بهم، فالله أعلم، فركب السّلطان والعساكر لتلقي الرسول، فهجمت الباطنيَّة على الخليفة، ففتكوا به رحمه الله، وقتلوا معه جماعة من أصحابه، فعلم العسكر، فأحاطوا بالسُّرادق فخرج الباطنيَّة وقد فرغوا من شُغلهم، فقُتِلَوا. وجلس السّلطان للعزاء، ووقع النّحيب والبكاء؛ وذلك على باب مَرَاغة، وبها دُفن. وجاء الخبر، فطلب الرّاشد النّاس طول الليل فبايعوه ببغداد، فلمّا أصبح شاع قتْله، فأغلق البلد، ووقع البكاء والنّحيب، وخرج النّاس حُفاةً مُخَرَّقي الثّياب، والنّساء منشّرات الشُّعور يلْطِمْن، ويقُلْن فيه المراثي على عادتهنّ، لانّ المسترشد كان محبَّبًا فيهم بمرة، لما فيه من الشّجاعة والعدل والرَّفْق بهم2. فمن مراثي النّساء فيه: يا صاحب القضيب ونور الخاتم ... صار الحريم بعد قتلك رائم اهتزّت الدّنيا ومَن عليها ... بعد النّبيّ ومن ولي عليها قد صاحت البومة على السُّرادق ... يا سيّدي ذا كان في السّوابق تُرَى تراك العينُ في حريمك ... والطَّرحة السّواد على كريمك وَعُمِلَ العزاء في الديوان ثلاثة أيام، تولى ذلك ناصح الدّولة ابن جَهير، وأبو الرّضا صاحب الدّيوان. بيعة الراشد بالخلافة: ثمّ شرعوا في الهناء، وكتب السلطان إلى الشحنة بكبة أن يبايع للراشد.

_ 1 المنتظم "10/ 48، 49". 2 الكامل في التاريخ "11/ 27"، المنتظم "10/ 49"، سير أعلام النبلاء "19/ 561، 573"، البداية والنهاية "12/ 208".

وجلس الراشد في الشباك في الدار المثمنة المقتدرية، وبايعه الشحنة من خارج الشّبّاك، وذلك في السابع والعشرين من ذي القعدة. وظهر للنّاس؛ وكان أبيض جسيمًا بحمرةٍ مستحسَنَة. وكان يومئذٍ بين يديه أولاده وإخوته، ونادى بإقامة العدل وردّ بعض المظالم1. ظهور التشيّع أيام الغدير: وفي أيّام الغدير ظهر التَّشيُّع، ومضى خلقٌ إلى زيارة مشهد عليّ ومشهد الحسين. منازلة زنكيّ دمشق: وفيها نازل زنكيّ دمشق، وحاصرها أشدّ حصار، فقام بأمر البلدان أتمّ قيام، وأحبّه النّاس، فجاء زنكيّ رسول المسترشد بالله يأمره بالرحيل2. مسير سَنْجَر إلى غزنة وهرب ملكها: وفي ذي القعدة سار السّلطان سَنْجَر بالجيوش إلى غَزْنَة فأشرف عليها، وهرب منه ملكها، فأمّنه ونهاه عن ظُلْم الرّعيَّة، وأعاده إلى مملكته، وهو بهرام شاه. ورجع السّلطان فوصل بلْخ في شوّال من سنة ثلاثين3.

_ 1 المنتظم "10/ 50"، الكامل في التاريخ "11/ 28"، المختصر في أخبار البشر "3/ 10". 2 الكامل في التاريخ "11/ 21، 22"، المختصر في أخبار البشر "3/ 9"، الكواكب الدرية "103". 3 الكامل في التاريخ "11/ 28-30".

سنة ثلاثين وخمسمائة

سنة ثلاثين وخمسمائة: رفض الراشد بالله مضمون كتاب المسترشد: جاء برتقش بأمورٍ صعبة، فقالوا للراشد بالله: جاء مطالبًا بخطٍ كتبه المسترشد بالله لتخليص من أسره بمبلغ، وهو سبعمائة ألف دينار، ويطالب لأولاد صاحب المخزن بثلاثمائة ألف، وبقسط على أهل بغداد خمسمائة ألف دينار. فاستشار الراشد الكبار، فأشاروا عليه بالتّجنيد، وأرسل الخليفة إلى برتقش: أما الأموال المضمونة فإنما تُكْتَب لإعادة الخليفة إلى داره، وذلك لم يكن، وأنا مطالب بالثّأر، وأما مال البيعة، فلَعَمري، لكن ينبغي أن تُعاد إلى أملاكي وإقطاعي، حتى يتصوَّر ذلك. وأما الرعيَّة فلا سبيل لكم عليهم، وما عندي إلّا السّيف. ثمّ أحضر بكبة وخلع عليه، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار، وقال له: دوّن بهذه العسكر كله. وجمع العسكر، وبعث إلى برتقش يقول: قد تركنا البلد مع الشِّحْنة والعميد، فلما جئت بهذه الأشياء فعلنا هذا1. انزعاج أهل بغداد: وانزعج أهل بغداد، وباتوا تحت السّلاح، ونقل النّاس إلى دار الخلافة ودار خاتون متاعهم، وقيل للخليفة إنهم قد عزموا على كبس بغداد وقت الصّلاة، فركب العسكر، وحفظ النّاس البلد، وقطع الجسر، وجرى في أطراف البلد قتال قويٌ2. وفي صَفَر قدِم زنكيّ، والبازدار، وإقبال، عليهم ثياب العزاء، وحسّنوا للراشد الخروج فأجابهم، واستوزر أبا الرضا بن صَدَقة، واتفقوا على حرب مسعود3. دخول السلطان دار المملكة: وجاء السّلطان داود بن محمود فنزل بالمزرفة، ثمّ دخل دار المملكة، وأظهر العدل، وجاء إليه أرباب الدّولة ومعهم تقدمة من الراشد، فقام ثلاث مرّات، فقبّل الأرض. تقديم صدقة بن دُبَيْس الطاعة: وجاء صَدَقة ولد دُبَيْس ابن خمس عشرة سنة وقبّل الأرض بإزاء التّاج وقال: أنا العبد ابن العبد جئت طائعًا. قطع الخطبة لمسعود: وقُطعت خطبة مسعود، وخُطِب لداود.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 36"، البداية والنهاية "12/ 210"، المنتظم "10/ 55". 2 المنتظم "10/ 54، 55"، الكامل في التاريخ "11/ 35"، العبر "4/ 79". 3 المنتظم "10/ 55".

القبض على إقبال الخادم: وقبض على إقبال الخادم ونُهب ماله، فتألّم العسكر من الخليفة لذلك. ونفَّذ زنكيّ يقول: هذا جاء معي. ويعتب ويقول: لَا بدّ من الإفراج عنه. ووافقه على ذلك البازدار. وغضب كجبة ومضى إلى زنكيّ، فرتَّب مكانه غيره. واستشعر العسكر كلهم وخافوا، وجاء أصحاب البازدار وزنكيّ فخرّبوا عقْد السُّور، فشاش البلد، وأشرف على النَّهْب. وجاء زنكيّ فضرب بإزاء التّاج، وسأل في إقبال سؤالًا تحته إلزام، فأُطلِق له1. الإفراج عن ابن طِراد: وأما السّلطان مسعود فإنه أفرج عن الوزير ابن طِراد، وقاضي القُضاة والنّقيب وسديد الدّولة ابن الأنباريّ. فأما نقيب الطالبيين أبو الحسن بن معمر فتُوُفيّ حين أُخرج. وأما القاضي الزَّينبيّ فدخل بغداد سرًا، وأقام الباقون مع مسعود. القبض على ابن جَهير: وقبض الراشد على أستاذ داره أبي عبد الله بن جَهِير، فخاف النّاس من الراشد وهابوه. تأخر ابن صدقة عن الخليفة: ثمّ نفّذ زنكيّ إلى الراشد يقول: أريد المال الّذي أُخذ من إقبال، وهو دخل الحلَّة، وذلك مال السّلطان. وتردد القول في ذلك، ثمّ نفّذ الراشد إلى الوزير ابن صَدَقة وصاحب الدّيوان يقول: ما الّذي أقْعَدكُما؟ وكانا قد تأخّرا أيامًا عن الخدمة خوفًا من الراشد، فقال ابن صَدَقة: كلّما أُشير به يفعل ضدّه، وقد كان هذا الخادم إقبال بإزاء جميع العسكر، وأشرت بأن لَا يُمسك، فما سمع مني، وأنا لَا أوثر أن تتغيّر الدّولة وينْسَب إليّ. فإن هذا ابن الهاروني الملعون قصد إساءة السمعة وإهلاك المسلمين2.

_ 1 المنتظم "10/ 55". 2 المنتظم "10/ 55، 56".

قتل ابن الهارونيّ: فقبض الخليفة على ابن الهارونيّ في ربيع الأوّل. فجاءت رسالة زنكيّ يشكو ما لقي من ابن الهارونيّ وتأثيراته في المُكُوس والحواضر، ويسأل تسليمه إلى المملوك ليقتله، فقال: ندبّر ذلك. ثمّ أمر الوالي بقتله فقتله، وصُلب وَمَثَّلَ به العوامّ، فسرقه أهله بالليل، وعفَّوْا أثره. وظهر له أموال، ووصل إلى الخليفة من ماله مائتا ألف1. إقطاع أملاك الوكلاء: وأُقطِعت أملاك الوكلاء. وسببه أن زنكيّ طلب من الخليفة مالًا يجهّز به العسكر لينحدروا إلى واسط، فقال: الأموال معكم، وليس معي شيء، فاقطعوا البلاد2. مصانعة زنكيّ: ثمّ استقر أن يُدفع إلى زنكيّ ثلاثون ألفًا مصانعةً عن الأملاك؛ ثمّ بات الحَرَس تحت التّاج خوفًا من زنكيّ. وزارة ابن صدقة: ثمّ أشار زنكيّ على ابن صَدَقة أن يكون وزيرًا لداود، فخلع عليه بذلك. ثمّ استوثق زنكيّ من اليمين من الخليفة وعاهده، وقبّل يده. وطلب الخليفة أبا الرضا بن صَدَقة فجاء، ففوَّض إليه الأمور كلّها3. مسير الخليفة لحرب مسعود: وأمر السّلطان داود والأمراء بالمسير لحرب مسعود، فساروا، فبلغهم أنّه رحل يطلب العراق، فردّهم الراشد وحلَّفهم وقال: أريد أن أخرج معكم. فلمّا انسلخ شَعبان خرج الخليفة ورحلوا، وخاض العّامة، وشرعوا في إصلاح

_ 1 المنتظم "10/ 56". 2 المنتظم "10/ 56". 3 المنتظم "10/ 57"، الكامل في التاريخ "11/ 37".

السُّور، ولبِسوا السّلاح، فكان الأمراء ينقلون اللَّبِن على الخيل، وهم نقضوه. وجاءت كتبٌ، إلى سائر الأمراء من مسعود، فأحضروها جميعها إلى الخليفة، وأنكر شِحْنة بغداد المكاتبة وأخفاها، ثمّ كتب جوابها إلى مسعود، فأخذه زنكيّ فغرّقه1. منازلة عسكر مسعود بغداد: وفي وسط رمضان جاء عسكر مسعود فنازلوا بغداد، ووقع القتال، وخامر جماعة أمراء إلى الخليفة، فخلع عليهم وقبَّلهم، ثمّ بعد أيّام كان وصول رسول مسعود يطلب الصّلح، فقُرِئت الرسالة على الأمراء، فأبوا إلّا القتال. وصلّى النّاس العيد داخل السّور، فوصل يومئذٍ أصحاب مسعود فدخلوا الرّصافة، وكسروا أبواب الجامع ونهبوا، وقلّعوا شبابيك التُّرَب وعاثوا. وجاء مسعود في رابع شوّال في خمسة آلاف راكب على غفْلة، وخرج النّاس للقتال، ودام الحصار أيّامًا. وجاء ركابي لزنكيّ، فقتله العّيارون فقال زنكيّ: أريد أن أكبس الشارع والحريم، وآخذ ما قيمته خمسمائة ألف دينار من الحرير والقماش والذهب والفضَّة2. نهب مسعود النعمانية: ونفّذ مسعود عسكرًا إلى واسط فأخذها، والنُّعمانية فنهبها، فتبِعهم عسكر الخليفة ونُودي: لَا يبقى ببغداد أحد من العسكر. دخول الراشد بغداد: وخرج الراشد فنزل على صرصر، واستشعر بعض العسكر من بعض، فخشي زنكيّ من البازدار والبقش، فعاد إلى ورائه، فرجع أكثر العسكر منهزمين، ودخل الراشد بغداد. وقيل: إن مسعودًا كاتَب زنكيّ سرًّا، وحلف له أنه يُقِرّه على الموصل والشّام، وكاتب الأمراء أيضا فقال: مَن قبض منكم على زنكي أو قتله أعطيته بلاده.

_ 1 المنتظم "10/ 57". 2 المنتظم "10/ 57، 58"، الكامل في التاريخ "11/ 37".

فعرف زنكيّ بذلك، فأشار على الراشد أن يرحل صُحْبته. وفي رابع عشر ذي القعدة ركب الخليفة ليلًا وسار، وزنكيّ قائم ينتظره، فدخل دار برتقش. ولم ينم النّاس، وأصبحوا على خوفٍ شديد. وخرج أبو الكرم الوالي يطلب الخليفة فأُسر وحُمِل إلى مسعود، فأطلقه وأكرمه، وسلَّم إليه بغداد. ورحل الراشد يومئذٍ ولم يصحبه شيء من آلة السفر، لأنه لما بات في دار برتقش أصبحوا، ودخل خواصه يصلحون له آله السَّفر، فرحل على غفلة1. دخول مسعود بغداد: ودخل مسعود بغداد، ونهب دوابَّ الْجُنْد، وجاء صافي الخادم فقال: لم يفعل الخليفة صوابًا بذهابه، والسّلطان له على نيَّة صالحة. وسكن النّاس. وأظهروا العدل، واجتمع القُضاة والكبار عند السّلطان مسعود، وقدحوا في الراشد، وبالغ في ذلك الوزير عليّ بن طِراد2. وقيل: بل أخرج السلطان خط الراشد: "إني متى جَنَّدْت أو خرجت انعزلت". فشهد العُدول أنّ هذا خطّ الخليفة3. والقول الأوّل أظهر. كتابة محضر بحقّ الراشد: ثمّ أحكم ابن طِراد النّوبة، واجتمع بكلٍ من القُضاة والفُقهاء، وخوّفهم وهدّدهم إن لم يخلعوه. وكتب محضرًا فيه: إنّ أبا جعفر بن المسترشد بدا منه سوء أفعال وسفْك دماء، وفعل ما لَا يجوز أن يكون معه إمامًا. وشهد بذلك الهَيْتِيّ، وابن البيضاوي، ونقيب الطّالبيّين، وابن الرّزّاز، وابن شافع، ورَوْح بن الحُدَيْثيّ، وأُخر. وقالوا: إنّ ابن البيضاويّ شهد مُكْرَهًا. وحكم ابن الكرْخيّ قاضي البلد. بخلْعه في سادس عشر ذي القعدة، وأحضروا

_ 1 المنتظم "10/ 59". 2 الكامل في التاريخ "11/ 42". 3 المنتظم "10/ 59"، تاريخ الزمان "151"، العبر "4/ 80"، النجوم الزاهرة "5/ 258".

أبا عبد الله محمد بن المستظهر بالله، وهو عم المخلوع1. البيعة للمقتفي بالله: قال سديد الدولة ابن الأنْباريّ: أرسل السّلطان إلى عمّه السّلطان سَنْجَر: من نُوَلي؟ فكتب إليه: لَا تولّي إلّا من يضمنه الوزير، وصاحب المخزن، وابن الأنباريّ؛ فاجتمع مسعود بنا، فقال الوزير: نولّي الزّاهد الدَّيِّن محمد بن المستظهر. فقال: وتَضْمَنُه؟ قال: نعم. وكان، صهرًا للوزير على بنته، فإنها دخلت يومًا في خلافة المستظهر، فطلب محمد بن المستظهر هذا من أبيه تزويجها، فزوّجه بها، وبقيت عنده، ثمّ تُوُفّيت. قلت: فبايعوه، ولُقِّب المقتفي لأمر الله. ولُقِّب بذلك بسبب. قال ابن الجوزي: قرأتُ بخطّ أبي الفَرَج بن الحسين الحدَّاد قال: حدَّثني من أثق به أنّ المقتفي رأى في منامه قبل أن يُسْتَخْلف بستَّة أيام رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يقول له: "سيصل هذا الأمر إليك، فاقتفي بي". فلُقِّب المقتفي لأمر الله. ثمّ بويع اليوم الثّاني البيعة العامَّة في محلٍ عظيم. وبعث مسعود بعد أن أظهر العدل، ومهد بغداد، فأخذ جميع ما في دار الخلافة من دوابّ، وأثاث، وذهب، وسُتُور، وسُرَادق، ومساند، فلم يترك في إصطبل الخلافة سوى أربعة أفراس، وثمانية أبغال برسم الماء. فيُقال: بأنّهم بايعوا المقتفي على أن لَا يكون عنده خيل ولا آله سَفَر، وأخذوا من الدّار جواري وغلمانًا، ومضت خاتون تستعطف السلطان، فاجتازت بالسوق وبين يديها القراء والأتراك. وكان عندها حظايا الراشد وأولاده، فأطلق لهم القرى والعقار. ثمّ إنّ السّلطان ركب سفينة، ودخل إلى المقتفي، فبايعه يوم عَرَفة. وفي ثاني الأضحى وصلت الأخبار بأنّ الراشد دخل الموصل، وبلغه أنّه خُلِع من الخلافة2. أتابكية دمشق: وفي جُمادى الأولى ولي أتابكية جيش دمشق الأمير أمين الدولة كُمُشْتِكين

_ 1 المنتظم "10/ 59"، الكامل في التاريخ "10/ 40-44"، العبر "4/ 80، 81". 2 المنتظم "10/ 60-62"، الكامل في التاريخ "11/ 42، 43"، البداية والنهاية "12/ 210".

الأتابكي الطُّغتِكيني، واقف الأمينّية، متولّي بُصرى وصَرْخَد، وأُنزل في دار الأتابك بدمشق، وخُلِع عليه. قتل الأمير يوسف بن فيروز: ثمّ بعد يومين قُتِلَ الأمير يوسف بن فيروز الحاجب في الميدان، وكان من أكبر الأمراء، تملّك مدينة تدْمُر مدَّةً، وكان فيه ظُلْم وشرّ. شدّ عليه الأمير بُزْواش فقتله، ثمّ حُمِل إلى المسجد الّذي بناه فيروز بالعَقَبة، فدُفن في تربته. أتابكية بُزْواش: وجَرَت أمور؛ ثمّ صُرِف أمين الدّولة. وولي الأتابكية الأمير بُزْواش المذكور، ولُقِب بجمال الدّين. وتوجّه أمين الدّولة مُغاضبًا إلى ناحية صَرْخَد. السيل العظيم بدمشق: وفيها، في أيّار، جاء بدمشق سيلٌ عظيم لم يُسمع بمثله، وطلعت على البلد سحابة سوداء، بحيث صار الجوّ كالليل، ثمّ طلع بعدها سحابة حمراء، صار النّاظر يظنّها كالنار الموقَدَة1. كبس نائب حلب اللاذقية: وفي شَعْبانها، اجتمعت عساكر حلب مع الأمير سوار نائب حلب، وكبسوا اللاذقيَّة بغتة، فقتلوا وأسروا وغنموا. قال ابن الأثير: كانت الأسرى سبعة آلاف نفس بالصغار والكبار، ومائة ألف رأس من الدواب والمواشي، وخَربوا اللاذقية، وخرجوا إلى شَيْزَر سالمين. وفرح المسلمون بذلك فرحًا عظيمًا. ولم يقدر الفرنج، لعنهم الله، على أخْذ الثأر عجزًا ووهنًا2.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "256"، الكواكب الدرية "105، 106". 2 المختصر في أخبار البشر "3/ 11"، العبر "4/ 81"، شذرات الذهب "4/ 94".

وفيات الطبقة الثالثة والخمسون: وفيات سنة إحدى وعشرين وخمسمائة: "حرف الألف": 1- أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بن محمد بن الشمس عُبَيْد الله بن محمد بن أبي عيسي بن المتوكل1. أبو السّعادات المتوكّليّ الهاشميّ البغدادي. شريف صالح، حافظ لكتاب الله. سمع الكثير، وحدَّث عن: أبي بكر الخطيب، وابن المسلمة. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وعبد الرحمن بن جامع بن غُنَيْمَة. قال أبو بكر المفيد: ختم أبو السّعادات القرآن في التّواريخ ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان، ورجع إلى بيته، فوقع من السَّطح في محلَّة التّوثة فمات لساعته، وعاش ثمانين سنة. 2- أحمد بن ثابت بن محمد2. أبو العبّاس الطَّرْقيّ الحافظ، نزيل يزد. وطرق من قُرى أصبهان، ويزد بين أصبهان وكرْمان من نواحي إصْطَخْر. كان حافظًا عارفًا بالفقه والأصول والأدب، حَسَن التّصنيف. رحل وسمع: أباه، وأبا عَمرو بن مَنْدَهْ، والمُطَهَّر بن عبد الواحد البُزَاني. ورحل إلى نَيْسابور، وإلى الأهواز، وهَرَاة. قال ابن السّمعانيّ: سمعت جماعة من الشّيوخ يقولون: إنّه كان يقول: إن الروح قديمة.

_ 1 المنتظم "10/ 7"، سير أعلام النبلاء "19/ 498، 499"، الوافي بالوفيات "6/ 227"، النجوم الزاهرة "5/ 232". 2 الأنساب "8/ 235، 236"، ميزان الاعتدال "1/ 86، 87"، لسان الميزان "1/ 143".

توفي بعد العشرين وخمسمائة بَيزْد. قال عبد الخالق بن أحمد بن يوسف: تُوُفّي في شوّال سنة إحدى وعشرين. وقد سمع ببغداد من: أبي القاسم عليّ بن البُسْريّ، وأبي نصر الزَّيْنَبيّ. وبَهَراة: شيخ الإسلام. 3- أحمد بن عبد السلام بن محمد المَدِينيّ. أبو عبد الله الصُّوفيّ ابن الصُّوفيّ، شيخ الصُّوفيَّة بنَيْسابور بدُوَيْرة السُّلَميّ. سمع من: أبى سعد الحبيبيّ، وأبى القاسم القُشَيْريّ. وله نفسٌ وقبول عند الصُّدور، وإنفاق على الصُّوفيَّة ومعرفة برسومهم. 4- أحمد بن محمد بن عبد الوهاب. أبو البركات الدّبّاس، أخو الشَيخ أبي عبد الله البارع. سمع: أبا يَعْلَى بن الفرّاء، والحسن بن غالب المقرئ. روى عنه: المبارك بن أحمد الأنصاري، وذاكر بن كامل، وابن يونس. مات في سابع شوّال. 5- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز بن حَمْدين1. أبو القاسم الثعلبي الأندلسي، قاضي الجماعة بقُرْطُبة. تفقّه على أبيه، وسمع من: محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغسّاني، وجماعة. وتقلّد القضاء مَرتين. وكان نافذًا في أحكامه، جزْلًا في أفعاله، من بيت عِلم وجلالة. وتُوُفّي على القضاء في ربيع الآخر، وصلّى عليه ابنه أبو عبد الله، وعاش خمسين سنة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 78، 79"، الدرة المضية "498".

"حرف العين": 6- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله بن يوسف1. أبو الحسن بن عفيف، وعفيف جدّه لأمه، الأُمَويّ الطُّلَيطُليّ، نزيل قُرْطُبَة. سمع: قاسم بن محمد بن هلال، وجُمَاهِر بن عبد الرحمن. وأجاز له محمد بن عَتَّاب مَرْويّاته. وكان فاضلًا عفيفًا يعِظ النَّاس، ويُصلى بجامع قُرْطُبَة. وكانت العامَّة تعظّمه لصلاحه، ولم يكن بالضابط. كان كثير الوهْم في الأسانيد. قال ابن بَشْكُوال وقال: روينا عنه. وتُوُفّي في جمادى الآخرة. وولد سنة بضعٍ وثلاثين وأربعمائة. 7- عبد الوهّاب بن عبد الله بن عبد العزيز2. أبو محمد الصَّدَفي القُرْطُبيّ. أخذ عن: أبي بكر المرادي. وتفقّه على: أبي الوليد هشام بن أحمد. وكان ملازمًا لمجلس أبي الوليد بن رشد. وكان حافظًا للفقه، ذاكرًا للمسائل والفرائض والأصول. تُوُفّي في ذِي الحجَّة. 8- عليُّ بن عبد الله بن محبوب3. الطَّرَابُلُسيّ المغربي. قال السِّلَفيّ: قدِم الإسكندرية متفقّهًا، وكان له اهتمام بالتواريخ. صنف تويريخًا لطَرَابُلُس حدَّثني به. وكُتِب عنه. وكان فاضلًا في فنون. توفي بمكة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 350". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 382". 3 معجم البلدان "3/ 523".

9- على بن عبد الواحد بن أحمد1. أبو الحسن الدِّينَوَري، ثمّ البغداديّ. سمع: أبا الحسن القَزْوينيّ، وأبا محمد الخلّال، وابا محمد الجوهريّ، وغيرهم. روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاري، والحافظ ابن عساكر، وأخوه الصّائن، وابن الجوزيّ. قال ابن السّمعانيّ: كان صاحب الخبر. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 10- عليّ بن المبارك بن عليّ بن الفاعوس2. أبو الحسن البغدادي، الإسكاف، الزاهد. كان شيخًا صالحًا، خيرًا، متقشّفًا، من أصحاب الشّريف أبي جعفر بن أبي موسى. كان يقرأ للنّاس يوم الجمعة الحديث بلا سَنَد، وكان صاحب إخلاص، وله قبولٌ تامّ عند العامَّة. سمع: أبا يَعْلَى بن الفّراء، وأبا منصور العطّار. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر. قال أبو سعد السّمعاني: سمعت أبا القاسم بدمشق يقول: ابن الفاعوس كان يتعسر في الرّواية، وأهل بغداد يعتقدون فيه. وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ كان يقول: إن أبا بكر ابن الخاضبة يقول لابن الفاعوس الحَجَريّ لأنه كان يقول: الحجر الأسود يمينُ الله حقيقةً. قلت: هذا تشغيب وأذية لرجلٍ صالح، وإلا فهذا نزاع مَحْض في عبارة، وعرفنا مُراده بقوله: يمينُ الله حقيقةً، كما تقول: بيت الله حقيقةً، وناقةُ الله حقيقةً، إن ذلك إضافة ملْك وتشريف، فهي إضافة حقيقة، وإن شئت قلت: يمين الله مجازًا،

_ 1 المنتظم "10/ 7"، العبر "4/ 50"، سير أعلام النبلاء "19/ 525، 526"، شذرات الذهب "4/ 64". 2 المنتظم "10/ 7"، العبر "4/ 50"، سير أعلام النبلاء "19/ 521-523"، شذرات الذهب "4/ 24".

وهو أفصح وأظهر، لأنّ في سياق الحديث ما يوضَّح ذلك. وهو قوله: فمن صافَحَه فكأنما صافح الله1، يعني هو بمنزلة يمين الله في الأرض. قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: نبا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الرُّكْنَ الأَسْوَدَ يَمِينُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ، يُصَافِحُ بِهِ عِبَادَهُ مُصَافَحَةَ الرَّجُلِ أَخَاهُ. وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُسْلِمِ بْن هُرمز، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِيَ بإسناد آخر، عن عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حسين، عن ابن عباس. ورواه عبد الرّزّاق، عن أبيه، عن وهْب بن منبّه. قوله: فإما أن يكون أراد به يمين الله، استغفر الله، حقيقة باعتبار صفة الذّات، فهذا لَا يعتقده بشرٌ، فضلًا عن أنْ يعتقده مسلم، بل ولا يدور في ذهْن عاقل. وأما قوله: كان يتعسر بالرواية، فكان يفعل ذلك إزراءً على نفسه، وتفويتًا لحظَّة. وقد رأينا غير واحدٍ من الصالحين يمتنع من الرواية، لكن من فعل ذلك ثقالةً ونكادةً كابن يوسف الإرْبِليّ وغيره من شيوخنا، فهو مذموم. وقال أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ: تُوُفّي فِي تاسع عشر شوّال، وانقلبت بغداد بموته، وغُلِّقَت الأسواق، وضجّ العوامّ بذِكْر السّنة، ولعن أهل البِدَع. ودُفن بمقبرة الإمام أحمد. "حرف الفاء": 11- فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن فضلُوَيْه الرازي2. العالمة المعروفة ببنت حمزة. واعظة مشهورة ببغداد، متعبدة، لها رباط تأوي إليه النساء.

_ 1 حديث موضوع: أخرجه البغوي في شرح السنة معلقًا باب "27"، كتاب الحج، والخطيب في تاريخه "6/ 328"، وابن عدي في الكامل "1/ 342"، وفيه إسحاق بن بشر الكاهلي وهو كذاب. 2 المنتظم "10/ 7، 8".

رَوَت عن: ابن المسلمة، وأبي بكر الخطيب. روى عنها: أبو القاسم بن عساكر، وقال: تُوُفّيت في ربيع الأوّل. روى عنها: ابن ناصر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ. "حرف الهاء": 12- هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بن الحسن ابن البَصيْدائيّ1. وبَصِيدَاء: من قرى بغداد. أبو البقاء؛ أحد الرؤساء والأكابر. سمع: أبا محمد الجوهريّ، وغيره. روى عنه: أبو المعمّر الأنصاريّ، وأبو القاسم الحافظ. تُوُفّي فِي صَفَر. "حرف الياء": 13- يحيى بْن عُبَيْد بن سعادة. الزّاهد الخيّر. من أهل الإسكندرية. قال السِّلَفيّ: أنبا عن: أبي العبّاس أحمد بن إبراهيم الرّازي. 14- يحيى بن عَمرو بن بقاء2. أبو بكر الحزاميّ المرجونيّ. نزل قُرْطُبَة، وأخذ بها عن: محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني. وتفقّه عند أبي الحسن بن حمدين. وكان حافظًا للفقه، بارعًا في الشّروط، حصّل منها دينًا. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وله بضعٌ وستّون سنة.

_ 1 الأنساب "2/ 237". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 672".

وفيات سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة" "حرف الحاء": 15- الحسين بن عليّ بن صَدَقة1. أبو عليّ الوزير جلال الدّين، وزير المسترشد بالله. كان من رجال الدّهر رأيًا وحزْمًا؛ وله في مخدومه المسترشد بالله: وجَدتُ الوَرَى كالماء طعْمًا ورِقَّةً ... وأَنّ أمير المؤمنين زُلالُهُ وصوَّرْتُ مَعْنَى العقل شخصًا مصوَّرًا ... وأنَّ أمير المؤمنين مِثالُهُ ولولا مكان الدّين والشَّرْع والتُّقَى ... لَقُلتُ من الإعظام جَلّ جلالُهُ تُوُفّي في رجب. قاله ابن الجوزيّ. وقد تكرر ذِكره في الحوادث. وذكره ابن النّجّار فقال: وُلد بنصيبين سنة تسعٍ وخمسين، وخدم إبراهيم بن قرْواش صاحب الموصل، فلما أُمسك هرب جلال الدّين إلى بغداد، ثمّ خدم بها، ولم يزل في ارتقاء إلى أن تزوَّج بابنة الوزير ابن المطّلب. ثمّ ولي وزارة في سنة ثلاث عشرة. ثمّ قُبض عليه بعد ثلاث سنين، ونُهبت داره؛ ورضوا عنه ثمّ أعيد إلى الوزارة سنة سبْع عشرة، فكان يومًا مشهودًا. وكان منسّبًا بليغًا أديبًا. 16- الحسين بن علي بن أبي القاسم2. الشَيخ أبو علي الّلامشيّ السَّمَرْقنْدي الحنفي. قال السّمعاني: إمام فاضل متديّن يُضرب به المثل في النَّظر وعلم الخِلاف. وكان على طريقة السَّلف من طَرْح التّكلُّف والأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنْكَر. روى شيخه دينار لنا عن القاضي محمد بن الحسن بن منصور النسفي.

_ 1 المنتظم "10/ 8، 9"، الكامل في التاريخ "10/ 652، 653"، العبر "4/ 51" البداية والنهاية "12/ 199". 2 المنتظم "10/ 10"، معجم البلدان "5/ 8".

وسمع أيضًا من: الحافظ عبد الرحمن بن عبد الرحيم القصّار، وأبي علي الحسين بن عبد الملك النَّسفيّ. وتُوُفّي في رمضان. قال ابن الجوزيّ: قدِم رسولًا من خاقان ملك سَمَرْقَنْد. قال السّمعانيّ: مرّ بمْرو رسولًا من ملك سَمَرْقَند محمد بن سليمان. ولامش مِن قُرى فَرغَانَة. سمعتُ منه بقراءة عمّي أبي القاسم. ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وكان قوّالًا بالحقّ. "حرف السين": 17- سهل بن إبراهيم المسْجدي السُّبعيّ1. أبو القاسم النَّيْسابوريّ. يروي عن: أبي حفص بن مسرور، وعبد الغافر الفارسيّ، وأبي محمد الجويني. سمع منه حضورًا أبو سعد السّمعانيّ. وكان والده يقرأ كلّ يوم سُبْعَين، وابنه أحمد بن سهل يروي عن يعقوب بن أحمد الصَّيْرفيّ. تُوُفّي سهل سنة نيَّف وعشرين. قال السّمعاني: كان صالحًا حَسَن السّيرة، كثير العبادة، سمع الكثير، وعمّر الطّويل، وتفرد عن جماعته. قلت: روى عن: أبي عثمان الصّابونيّ، ودِحية بن أبي الطّيّب الحلّاب، والكَنْجَرُوديّ. روى عنه: حفيده محمد بن أحمد، وأبو المعالي بن الفُرَاويّ، وعبد الرحيم بن عبد الرحمن الشّعريّ، وأبو سعد الصّفّار، وابن ياسر الجيّانيّ، وآخرون. وكان خادم مسجد المطرز؛ دين صالح.

_ 1 المنتخب من السياق "246، 247"، الأنساب "7/ 32"، سير أعلام النبلاء "19/ 523، 524".

"حرف الطاء": 18- طُغْتِكِين1. الأمير أبو منصور، المعروف بأتابك. من أمراء تاج الدولة. زوّجه بأم ولده دُقاق. وكان مع تاج الدّولة لمّا سار إلى الرَّيّ لقتال ابن أخيه. فلما قُتِلَ تاج الدولة رجع إلى دمشق، وصار أتابك دُقاق. فلّما مات دُقاق تملَّك بدمشق. وكان شَهْمًا، مَهِيبًا، شديدًا على الفرنج والمفسدين، ولَقَبُه ظهير الدّين. وهو والد تاج المُلوك بوري بن طُغْتِكِين. قال ابن الأثير: تُوُفّي أتابك طُغْتِكِين -كذا سمّاه ابن الأثير- في ثامن صَفَر، وهو من مماليك الملك تُتُش بن ألْب أرسلان. وكان عاقلًا خبيرًا، كثير الغزوات والجهاد للفرنج، حِسَن السّيرة في رعيته، مُؤْثِرًا للعدل. وملك بعده ابنه بوري أكبر أولاده بوصيةٍ منه، فاقر وزير أبيه أبا علي طاهر بن سعد المَزْدغانيّ على وزارته. وقال سِبْط الجوزيّ: كان طُغْتِكِين شجاعًا، شَهْمًا، عادلًا، حزن عليه أهل دمشق، ولم يبق فيها محلَّة ولا سوق إلا والمأتم قائم عليه فيه، لأنه كان حَسَن السّيرة، ظاهر العدل، مدبّرًا للممالك. أقام حاكمًا على الشّام خمسة وثلاثين سنة. وسار ابنه سيرته ثمّ تغيّرت نيته، وأضمر السُّوء لأصحاب أبيه، والظُّلم للرعية، وتمكن وزيره المَزْدَغاني من أهل دمشق، وصادق الباطنية، واستعان بهم. وقبض بوري على خواصّ أبيه، فاسترابوا به، ونَفَرَت القلوب منه. وقال أبو يَعْلَى بن القلانِسِيّ: مرض أتابك طُغْتِكِين مرضًا أنْهك قوّته، وأَنْحَل جسمه. وتُوُفّي في ثامن صَفَر، فأبكى العيون، وأنكأ القلوب، وفتَّ في الأعضاد، وفتّت الأكباد، وازداد الأسف، فرحمه الله وبرّد مضْجعه. وماتت زوجته الخاتون شرف النّساء، أمّ بوري، بعده بثلاثة أشهر، ودُفنت بتُربتها الّتي خارج باب الفراديس. قلت: ومات في هذه السّنة ودُفن بتُربته، قِبليّ المُصَلَّى ثامن صفر.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 652"، وفيات الأعيان "2/ 423"، سير أعلام النبلاء "19/ 519، 521".

"حرف العين": 19- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن سعيد بن سليمان بن يربوع1. الأستاذ الحافظ أبو محمد الأندلسيّ الشَنْتَرينيّ ثمّ الإشبيليّ. نزيل قُرْطُبة. سمع "صحيح البخاريّ" من محمد بن أحمد بن منظور، عن أبي ذَرّ الهَرَويّ. وسمع من: أبي محمد بن خَزْرج، وحاتم بن محمد، وأبي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني. وأجاز له أبو العباس العذري. قال ابن بَشْكُوال: وكان حافظًا للحديث وعِلَله، عارفًا برجاله وبالجرح والتّعديل، ضابطًا، ثقة. كتب الكثير، وصحب أبا علي الغسانيّ واختص به. وكان أبو علي يفضله، ويِصفهُ بالمعرفة والذّكاء. صنَّف كتاب "الإقليد في بيان الأسانيد"، وكتاب "تاج الحلية وسراج البغية في معرفة أسانيد الموطأ"، وكتاب "المنهاج في رجال مسلم" وسمعتُ منه مجالس. وتُوُفّي في صَفَر. ومولده في سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة. 20- عبد الرحمن بن سعيد بن هارون2. أبو المطرف الفهمي السرقسطي المقرئ ابن الوراق. روى عن: أبي عبد الله المغامي، والحسن بن مبشّر، وأبي داود، وغيرهم من القرّاء. وجوّد القراءات. وسمع من: أبي الوليد الباجيّ. وأجاز له أبو عمر بن عبد البر.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 282، 283"، العبر "4/ 51"، سير أعلام النبلاء "19/ 578، 579". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 351".

وأقرأ الجناس بجامع قُرْطُبة، وأَمّ بالناسّ فيه. أخذ الناس عنه، وكان ثقة. تُوُفّي في صَفَر، وله ثمانون سنة. أجاز لابن بَشْكُوال. 21- علي بن أستِكِين1. الأمير أبو الحسن العميديّ، الحاجّيّ، النَّيْسابوريّ. كان خفيف الرّوح، صالحًا عابدًا. ترك الخدمة ولبس لباس الصّالحين، وقنع بما له من ميراث. وحدَّث عن: أبي الحسن محمد بن محمد الحسينيّ العَلَويّ، والحسن بن محمد الصّفار، وأبي نصر عبد الرحمن التّاجر، وغيرهم. توفي بنيسابور. 22- علي بن الحسن بن علي بن سعيد بن محمد2. أبو الحسن الدّمشقيّ العطّار. كان أبوه مقدّم الشُّهُود ورئيسهم بدمشق، وكان مُثْريًا فاشترى لابنه جارية مغنِّية، فتعلَّم منها الغناء؛ ثمّ افتقر وتعثّر، فكان يغنّي في مجالس الخمر، ويغنّي ويشرب، ثمّ كبر وضعف. قال ابن عساكر: سمع الكثير من أبي القاسم السميساطي، وأبي القاسم الحِنّائيّ، وأبي بكر الخطيب، فأتيناه فرغّبناه في التّوبة، فتاب وترك الغناء، وسمعنا منه كُتُبًا. تُوُفّي فِي صَفَر. وكان مولده فِي سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة. 23- علي بن الحسن بن محمد بن محمد3. الإمام أبو القاسم ابن الإمام أبي علي النيسابوري الصفار.

_ 1 المنتخب من السياق "398". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 219". 3 المنتخب من السياق "397".

فاضل، علّامة، متفّنن. روى عن: أبي عثمان البَحِيريّ، وأبي سعد الكَنْجَرُوذيّ، وأحمد بن منصور المغربيّ، وأصحاب الخفاف. ثم عن: أصحاب الحاكم، وابن يوسف. ثمّ عن: أصحاب الحِيريّ. وله النسخ والأجزاء. وكان بإسفرايين وبها مات في رمضان. "حرف الميم": 24- محمد بْن أبي شجاع العُبَيْدي1. الأمير ابن الأمير، المأمون بن نور الدّولة. كان المأمون وزير الآمر بأحكام الله العُبَيْديّ المصريّ ومدبر دولته، بقي على ذلك أربع سنين. ثم قبض الآمر عليه في سنة تسع عشرة وخمسمائة، ثمّ قُتِلَ في رجب سنة اثنتين وعشرين، وصُلِب بظاهر القاهرة. 25- موسى بن أحمد بن محمد2. أبو القاسم النّشَادريّ، الفقيه الحنبليّ. سمع الكثير، وقرأ بالروايات. وتفقه على أبي الحسن بن الزَّاغُونيّ؛ وناظر. وتُوُفّي في رجب شابًا. "حرف الهاء": 26- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن محمد3.

_ 1 الوافي بالوفيات "4/ 313، 314". 2 المنتظم "10/ 10". 3 لسان الميزان "6/ 188".

أبو القاسم المَرْوَزِيّ، ويُعرف بقاضي مَرْغَرْن، وهي قرية من قرى مَرْو. محدث كثير المحفوظ، حريص على عقْد المجالس. له قبول عند العامَّة، إلّا أنّه غير ثقة. كان لَا يبالي ما يقول بحسب الوقت. سمع: أبا إسماعيل الأنصاريّ بَهَراة. وعاش نيِّفًا وستّين سنة. وفيات سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة: "حرف الجيم": 27- جعفر بن عبد الواحد بن محمد بن محمود بن أحمد1. أبو الفضل الثّقفيّ الأصبهانيّ، الرئيس، النّبيل. سمع: ابن رِيذة الثّاني، وعبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي المعدّل، وعبد الرّزّاق بن أحمد الخطيب، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وأحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وسعيد بن أبي سعيد العَيَّار، ومحمد بن عبد الرحمن بن زياد الأَرْزُنَانيّ. روى عنه: أحمد بن أبي منصور بن الزَّبْرَقان، والحافظ أبو موسى، وأسعد بن أبي طاهر الثَقفيّ، وعبد الواحد بن أبي المطّهر الصيدلانيّ، وعبد الجليل بن أبي نصر بن رجاء، ومحمد بن أحمد المَهَّاد، وناصر بن محمد الوِيرج الأصبهانيون. وقد ذكره السّمعانيّ في "التَّحبير". يقال: كان صالحًا، سديدًا، وكان خير من روى عن الرجال، عن ابن رِيذَة. ومن مَرْوِيّاته: شروط الذّمة لأبي الشَيخ، والسُّنَّة له، والعتْق له، والضّحايا والعقيقة له، والنّوادر له، وفوائد العراقيَّين له، وأحاديث طلحة بن مصرّف له، وكتاب السَّبق والرَّمي له، وكتاب القطع والسّرقة له، وغير ذلك. روى الجميع عن ابن عبد الرحيم، عنه. وكتاب "الأدب" لابن أبي عاصم، وكتاب "معجم ابن المقرئ" و"فوائده" التي

_ 1 التحبير "1/ 159-166"، سير أعلام النبلاء "19/ 527، 528"، النجوم الزاهرة "5/ 235".

في خمسة عشر جزءًا، وكتاب "حرملة"، وكتاب "الأسماء والكنى" لأبي عروبة، وكتاب "الجامع" لأحمد بن الفرات، و"سنن الشافعي"، رواية ابن عبد الحكم، وكتاب "الآحاد والمثاني" لابن أبي عاصم، وكتاب "طبقات أصبهان" لأبي الشَيخ، وكتاب "الصّلاة" لأبي نُعَيْم الفضل بن دُكَيْن، وكتاب "البكاء" للفِرْيابيّ، وكتاب "شواهد الشعر" لأبي عروبة. وسمع "صحيح البخاريّ" من سعيد العيّار. وكان مولده في سنة أربعٍ وثلاثين وأربعمائة، وتُوُفّي في تاسع جُمَادى الأولى، وله ثمانون سنة. "حرف الحاء": 28- الحسن بن المظفّر بن الحسن بن المظفّر بن يزيد1. أبو علي بن أبي سعد السِّبْط. كان أبوه سِبْط أبي بكر بن لال الهَمَذَانيّ. سمع: أباه، وأبا محمد الجوهريّ، وأبا الحسين بن المهتديّ بالله. روى عنه: ابنه هبة الله، ويحيى بن يوسف، وأبو القاسم بن عساكر، وآخرون. تُوُفّي في ربيع الأوّل. وثّقه ابن عساكر. 29- حمزة بن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن داود2. أبو الغنائم بن أبي البركات العَلَوي الحَسَنيّ النَّيْسابوريّ. كان جده محدَّث نَيسابور. وكان هو حَسَن السّيرة محدَّث بالكثير، وتفرّد في وقته. وسمع: أباه، وأبا نصر محمد بن الفضْل النَّسَويّ، وأبا الحسين عبد الغافر

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 73"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 254". 2 التحبير "1/ 255، 256"، الكامل في التاريخ "10/ 660"، المنتظم "10/ 13، 14".

الفارسيّ، وأبا حفص بن مسرور، وعبد الرحمن بن محمد الأَنْماطيّ صاحب أبي بكر الإسماعيليّ، وعَمْرو بن أبي عَمْرو البَحِيريّ. وحجَّ فسمع ببغداد من: القاضي أبي عبد الله الدَّامَغانيّ، وأبي يوسف عبد السّلام القزوينيّ. وقال ابن السمعاني: أجاز لي، وحدَّثني عنه جماعة. وكان زيديّ المذهب. تُوُفّي في سادس المحرَّم، وله ستٌّ وتسعون سنة. "حرف الطاء": 30- طاهر بن سعد1. الوزير كمال الدين أبو عليّ المَزْدَغَانيّ، وزير صاحب دمشق تاج الملوك بُوري بن طُغْتِكِين. اتهم بمذهب الباطنيَّة، فقُتِلَ في رمضان، ونُصِب رأسه على باب القلعة، ووضع الْجُنْد السَّيف في الباطنيَّة بدمشق، فقتلوا منهم ستَّة آلاف نفس، كما مرَّ في الحوادث. "حرف العين": 31- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن شاذان2. أبو الفتح بن عَلُّوَيْه السَّعِيديّ السَّرْخَسِيّ، الفقيه. سمع: اللَّيْث بن الحَسَن اللّيثي، وزهير بن الحَسَن، والحافظ محمد بن محمد بن زيد العَلَويّ. ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. أجاز لابن السّمعانيّ، وقال: مات يوم التَّرْوِية بسَرْخَس. 32- عبد الله بن أبي المعمر شيبان بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد3. الحافظ أبو محمد البرجي، الأصبهاني، المحتسب.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 652، 657"، سير أعلام النبلاء "19/ 520". 2 التحبير "1/ 362، 363". 3 التحبير "1/ 369".

وُلِد سنة سبعٍ وأربعين، وسمع: سِبْط حرويه، وجماعة. وكان عارفًا برجال الصّحيحين. وكان صحّافًا. روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ. 33- عُبيد الله بن محمد ابن الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين بن عليّ1. أبو الحسن البَيْهَقيّ الخُسْرَوْجِرْدِيّ. لم يكن يعرف شيئًا من العلم، بل سمع الكتب من جدّه. وسمع من: أبي يَعْلَى إسحاق بن عبد الرحمن الصّابونيّ، وأبي سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ. وقدِم الحجّ بعد العشرين، فحدَّث ببغداد. روى عنه: ابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو الفتح المَنْدَائيّ، وآخرون. قال ابن السّمعاني: كره السّماع منه جماعةٌ لقلَّة معرفته بالحديث، وسألت عنه أبا القاسم الدّمشقيّ فقال: ما كان يعرف شيئًا. وكان يتغالى بكُتُب الإجازة ويقول: ما أجيز إلا بطَسُّوج. قال: وسمع لنفسه في جزءٍ، عن جدّه تسميعًا طَريًا. وكان سماعه فيما عداه صحيحًا. وقال أبو محمد بن الخشاب: سألته عن مولده فقال: سنة تسعٍ وأربعين. وقال ابن ناصر: مات في ثالث جُمَادَى الأولى ببغداد. مرض ثلاثة عشر يومًا. 34- علي بن عبد المجيد بن يوسف بن شعيب. أبو الحسن السُّلَمي السَّمَرْقَنْديّ. أحد الأئمة. تُوُفّي في شوال وله اثنتان وثمانون سنة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "19/ 503، 504"، ميزان الاعتدال "3/ 15"، لسان الميزان "4/ 116".

روى عن: أبي حمية محمد بن أحمد الحنْظَليّ. وعنه: عمر النُّسَفيّ. 35- علي بن عبد الواحد بن الحسن بن علي بن شواش1. أبو الحسن الدّمشقيّ المعدّل. سمع: أبا الحسن بن قبيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وقال: كان أمينًا على المواريث، ووقْف الأشراف. وكان ثقة. 36- عُمَر بْن أَبِي عِيسَى أَحْمَد بْن عُمَر بن أبي عيسى. الإمام أبو بكر المَدِينيّ الأصبهانيّ المقرئ. وُلِد سنة أربعٍ أو خمسٍ وستين وأربعمائة بمدينة جيّ. ثمّ انتقل به أبوه إلى أصبهان وهو يرضع. روى عن: أبي عَمرو بن مَنْدَهْ، وغيره. روى عنه: ابنه الحافظ أبو موسى، وقال: كانت له يدّ قويَّة في معرفة القرّاء والقراءات وعِلم الفرائض. وتُوُفّي خامس رجب. 37- عيسى بن موسى بن سعيد. أبو الأصْبَغ الأنصاريّ البَلَنْسيّ، ويُعرف بالمُتَوَلّيّ. روى عن: أبيه، وأبي داود المقرئ. وأجاز له أبو الوليد الباجيّ. وقدَّم للشُّورَى. وصَدَق في علم الرأي، واشتغل وأفتى ببلنسية. روى عنه: محمد بن سليمان القَلْعيّ. وتُوُفّي في ربيع الأول.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 131".

"حرف الميم": 38- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن إسماعيل1. أبو عامر الطُّلَيْطُليّ، نزيل قُرْطُبة. روى عَنْ: أَبِي المُطَرف عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد، وأبي المطرّف عبد الرحمن بن أسد، وأبي أحمد جعفر بن عبد الله، ومحمد بن خلف السقاط، ومحمد بن محمد بن جماهر، وجماعة. وأجاز له أبو الوليد الباجي، وأبو العباس العذري، وغيرهم. قال ابن بَشْكُوال: كان مُعتنيًا بلقاء الشّيوخ، جامعًا للكُتُب والأُصُول. كانت عنده جُملة كبيرة من أصول علماء بلده وفوائدهم، وكان ذاكرًا لأخبارهم وأزمانهم. وقد سمع منه أصحابنا. وترك بعضهم التحديث عنه لأشياء اضطرب فيها شاهدتها منه مع غيري، وتوقّفنا في الرِّواية عنه. وقد كنت أخذت عنه كثيرًا ثمّ زهدت فيه لأشياء أوجبت ذلك. تُوُفّي في ربيع الأوّل. وكان مولده سنة 453. 39- محمد بن سعد بن الفَرَج بن مهمت. أبو نصر السّيبانيّ الحلْوانيّ المؤدب. شيخ بغداديّ، فاضل، ثقة. روى عن: أبي الغنائم بن المأمون، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، وابن النَّقُّور. وخرّج له عبد الوهاب الأنماطيّ فوائد في جزء. وروى عنه: ابن ناصر، وأبو محمد بن سوفتين، وذاكر بن كامل. 40- المقّرب بن الحسين بن الحسن. أبو منصور العُقَيْليّ العِيسَوِيّ النّسّاج، والد أحمد الكَرْخيّ. شيخ صالح، خير.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 578، 579"، لسان الميزان "5/ 59".

سمع: أبا يَعْلَى بن الفرّاء، وأبا جعفر ابن المسلمة، وغيرهما. روى عنه: السَّلَفيّ، وابن بوش. وتُوُفّي رحمه الله في ربيع الأوّل. 41- منصور بن هبة الله بن محمد المَوْصِليّ. أبو الفوارس الحنفيّ، من كبار أئمة المذهب. وُلي القضاء بأماكن من السّواد. "حرف الياء": 42- يحيى بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن عابد. أبو محمد الرِّيَاحِي الأندلسيّ. قال ابن السّمعانيّ: شيخ صالح، عفيف، سمع الكثير ونَسَخ، وبالَغ في الطَّلب؛ وكان ثقة صدوقًا. جاوَرَ مدَّة، وقدِم بغداد، ومضى إلى ما وراء النَّهر. وكان موته ببُخَارَى. سمع: أبا مكتوم عيسى بن أبي ذَرّ، وعلي بن المفرّج الصَّقَلّيّ، وأبا إسماعيل الأنصاريّ، وأبا عبد الله العُمَيْريّ، وأبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ. وسمع أيضًا بسَمَرْقَنْد، ونَسف. وأكثر التّرحال. وروى لي عنه: الأمير أبو علي أحمد بن محمد بن جبريل الطرازي، وجماعة سمعوا منه. وفيات سنة أربع وعشرين وخمسمائة: "حرف الألف": 43- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بن عبد الملك بن رضوان1. أبو نصر البغدادي المراتبي.

_ 1 مشيخة ابن عساكر "7/ 2"، سير أعلام النبلاء "19/ 530".

شيخ صالح من باب المراتب. سمع: أبا محمد الجوهريّ؛ وسماعه صحيح. روى عنه: محمد بن طاهر المقدسيّ مع تقدّمه، وأبو القاسم بن عساكر. ومات في جُمادَى الآخرة وله إحدى وثمانون سنة. وقد أجاز له عبد العزيز الأزَجيّ الحافظ. قال ابن النّجّار: روى لنا عنه أبو القاسم ابن السُّبْط. وكان شيخًا صالحًا أمينًا، كثير الصّلاة والصدقة. سمع أيضًا أبا يَعْلَى بن الفرّاء. 44- أَحْمَد بن عبد الواحد بن الحسن بن زُرَيْق. الشَّيْبانيّ البغداديّ القزّاز، عم أبي منصور عبد الرحمن بن محمد. شيخ صالح. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين بن النَّقُّور. تُوُفّي في شعبان. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ. 45- إبراهيم بن عثمان بن محمد1. أبو إسحاق، وقيل أبو مَدْيَن الكلْبيّ الغزّيّ، الشّاعر المشهور. أحد فُضلاء الدّهر، ومَن يُضرب به المثل في صناعة الشِّعر. ذو الخاطر الوقّاد، والقريحة الجيّدة. تنقّل في البُلدان، ومدحَ الأعيان، وهجا جماعة. ودوَّر في الجبال، وخُراسان. وسار شِعْره. وقد سمع بدمشق من الفقيه نصر سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. قال ابن النّجّار: هو إبراهيم بن عثمان بن عيّاش بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه الأشهبي الكلبي.

_ 1 المنتظم "10/ 15، 16"، الكامل في التاريخ "10/ 666، 667"، سير أعلام النبلاء "19/ 554، 555"، النجوم الزاهرة "5/ 236".

ثمّ قال: هكذا رأيت نَسَبه بخطّ محمد بن طُرْخان التّركيّ. روى ببغداد كثيرًا من شِعره. وعنه من أهلها: محمد بن جعفر بن عَقِيل البصريّ، ومحمد بن علي بن المِعْوَجّ، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الأخوة. وروى السِّلَفيّ عنه. وروى أيضًا عن يوسف بن عبد العزيز المَيُورقيّ، عنه. ومن شِعره: أَغْيدُ للعين حين تَرْمُقُهُ ... سلامةٌ في خلالها عطَبُ واخضرُ في وجْنَتَيْه ... ... ... الماء ينبتُ العشبُ يدير فينا بخدّه قَدَحا ... يجتمع الماءُ فيه واللهَبُ قلت: وقيل: هو إبراهيم بن يحيى بن عثمان بن محمد. أقام بالنّظامية ببغداد سِنين كثيرة. وله ديوان شعر مختار نحو ألْفي بيت. وقال العماد في "الخريدة": مدح ناصر الدّين مُكْرَم بن العلاء وزير كرْمان بالقصيدة الّتي يقول فيها: حملنا من الأيام ما لَا نُطِيقهُ ... كما حمل العظْمُ الكسِيرُ العصائبا وليلٍ رَجَوْنا أن يَدبّ عِذَارُهُ ... فما اختطّ حتّى صار بالصُّبح سائبا قال ابن السّمعانيّ: ما اتّفق أنيّ سمعت منه شيئًا، وكان ضنينًا بشِعْره، إلا أنّه اتّفق له الخروج من مَرْو إلى بلْخ، فباع قريبًا من عشرة أرطال من مُسَوَّدات شِعره من بعض القلانِسيّين، ليفسدها في القلانِس، فاشتراها منه بعض أصدقائي، وحملها إليَّ، فرأيت شِعرًا أُدْهِشْت من حُسنه وجَوْدة صنعته. فبيّضت منه أكثر من خمسة آلاف بيت. وُلِد رحمه الله سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. وقال ابن نُقْطة في "استدراكه" على الأمير: نبا أبو المعالي محمد بن أبي الفَرَج البغداديّ: حدَّثني سعد بن الحسن التّورانيّ الخُراسانيّ الشاعر قال: كنا نسمع على إبراهيم الغزّيّ ديوانه، فاختلف رجلان في إعراب بيت، فقال: قوموا، فَوَالله لَا أسْمَعْتُ بقيّته، ولأبيعنَّ ورقَهَ للعطّارين يصرّون فيه الحوائج.

ومن شعره: قالوا تركت الشَّعْر قلت ضرورةً ... باب الدّواعي والبواعث مُغْلَقُ خَلَت الدَّيار فلا كريم يرتجى منه ... النّوالُ ولا مليحٌ يُعشَقُ ومن العجائب أنه لَا يُشْتَرَى ... ومع الكَسَاد يُخانُ فيه ويسرق وله: أإحتمال خدّ يوم وَجرة أمْ جيد ... أمّ اللّحْظُ فيما غازَلَتْكَ المَها الغِيدُ سَفَرْنَ فقال الصُّبح لست بسفيرٍ ... ومِسنَّ فقال البانُ ما فيّ أملودُ وخوطّية المهتزّ أمكن وصْلها ... وطرفٌ رقيت الحيّ بالنوم مصفود لك النّومُ تحت السَّجْف والطّيبُ والحُلَى ... ولى عَزَماتي والعلندات والبيدُ فقالت أَمِطّ عنك القريضَ وذِكْرَهُ ... فما لَكَ في نَظْم القصائدِ تجويدُ وله: طولُ حياةٍ ما لها طائل ... نقص عندي كلّما يُشْتَهى أصبحت مثل الطَّفْل في ضَعْفه ... تشابه المبتدأ والمُنْتَهى فلا تَلُم سمعي وإن خانني ... إن الثّمانين وبُلّغْتُها وله: بجَمْعِ جَفْنيك بين البُرْء والسَّقَم ... لا تَسْفِكي من دموعي بالفِراقِ دمي إشارةٌ منكِ تكفيني وأحسن ما ... رُدَّ السّلامُ وغَدَاة البَيْنِ بالعَنَمِ تَعليقُ قلبي بذاتِ القُرْطِ يُؤلمهُ ... فينكر القُرْطُ تعليقًا بلا ألم وما نسيت ولا أنسى تجشُّمَها ... ومنسم الجوّ غفلٌ غير ذي عَلَمِ حتى إذا طاح منها المِرْط من دهشٍ ... وانْحَلّ بالضّمّ سلْك العُود في الظُّلَم تبسّمت فأضاء الجوّ فالتقطتْ ... حبّات متعثّر في ضوء منتظم وله: إذا ما قلّ عقلُ المرءِ قلّت هُمُومُه ... ومن لم يكنْ ذا مقلةٍ كيف يرمد

وقد تصقل الضبات وهي كليلةٌ ... وتصيد أحدّ السِّيفِ وهو مُهَنَّد وله: إني لأَشْكُو خُطُوبًا لَا أعيّنها ... ليبرأ النّاسُ من لَومي ومن عذْلي كالشّمع يبكي ولا يُدرى أَعَبْرَتُهُ ... من حُرْقة النّار أو من فرقةِ العَسَلِ وله القصيدة السّائرة: أحِطْ عن الدُّرر الزّهر اليَوَاقِيتا ... واجعل لحجّ تَلاقِينا مواقيتا فثغرك اللؤلؤ المبيض لا الحجر الـ ... ـمسود طالبه يطوي السّباريتا لنا بذِكراك أذكى الطَّيب رائحةً ... ونورُ وجْهِكَ ردّ البَدر مبهوتا وفتية من كُماه التُّرْكِ ما تركَتْ ... للرَّعْد كنانهم صَوْتًا ولا صِيتا قوم إذا قُوبلوا كانوا ملائكةً ... حُسْنًا وإن قُوتلوا كانوا عفاريتا مُدَّت إلى النَّهْب أيديهم وأعيُنُهم ... وزادهم قلق الأخلاق تثبيتا وله: طفقت تقول أسيرة الكَلَل ... لك ناظرٌ أَهدى فؤادَكَ لي وأراك رائد مهمَّة قذف ... ما عاقَهَا القَمَران عن زُحَلِ من ضنها بالطَّيْف توعدنا ... جود النبأ يعد في البخل استغفر الله المركب في أسل ... القُدُودِ لها ذمّ المُقَل فاسننْ عليك دلاص تسليةٍ ... فاللحظ يُبْطل حُجَّةَ البطلِ بك من جواري السّرب نازلةٌ ... بالحُسْن بين مراكز الأَسَلِ بدويَّة الحِلَل افتتنْتُ بها ... لما بَدَت خصريَّة الحُلَلِ يا دُمْيةً سَفَكَت دمي عشارًا ... أنا ابن بجدة حَوْمة الوهلِ ما ضقتُ يومًا بتحيّتي لهم ... إلّا وكان نزالُهُمْ نزلي ومن السّفاهةِ مَقْتُ ذي معةٍ ... ومن العناء عتابُ ذِي ملل

وله: وربّ خطيبٍ حللْتُ عُقْدَتَه ... بمنزلٍ لَا تحل فيه حبا وما لك جئت نحوه ظلمًا ... فزرته مشرق المُنى شحبا جاد بما يملأ الحقائب لي ... وحدّث بالمدْح يملأ الحُقبا وكم تصيّدته والصِّبى شركي ... شرب ظبا لحاطمين ظبا على عذير بروده نَظَمتْ ... نوادرها حول بدره شُهُبا يدقّ فيه الغمام أسهُمَهُ ... فيكتسي من نصالها حَسَبا ويعجم الطَلّ ما يحطّ على ... صفحته مرّ شمال وصبا ضروب نقشٍ كأنما خلع الز ... هر عليهن بُرده طَرَبا لو كنّ يتّقين ظنّهن صفيّ ... الدّولة الأحرف التي كتبا قال ابن السّمعاني: خرج الغّزي متوجّهًا من مَرْو إلى بلْخ في سنة أربعٍ وعشرين، فأدركته المَنِيَّة في الطريق، فحُمِل إلى بلْخ ودُفن بها، وله ثلاثٌ وثمانون سنة. 46- إسماعيل بن الفضل بن أَحْمَد بن محمد بن علي الإخشيد1. التّاجر الأصبهانيّ المعروف بالسّرّاج. سمع: أبا القاسم بن أبي بكر الذَّكوانيّ، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وعليّ بن القاسم المقرئ، وأبا العباس بن النُّعْمان الصّائغ، وأحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وأبا الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازيّ، وجماعة. روى عنه: أبو طاهر السِّلَفيّ، وكنّاه أبا سعيد ووثقه، وأبو موسى المديني، ويحيى الثقفي، وناصر الويرج، وخلف بن أحمد الفراء، وأسعد بن أحمد الثقفيّ، وأبو جعفر الصَّيْدلانيّ، وآخرون. سمعه أبو موسى يقول: وُلِدت ليلة نصف شعبان سنة ستٍ وثلاثين وأربعمائة. قال: وكان أبي اسمه محمد، وكنيته أبو الفضل، فغلب عليه الفضل.

_ 1 التحبير "1/ 101-104"، سير أعلام النبلاء "19/ 555، 556"، غاية النهاية "1/ 167".

قلت: وكان من المكثرين في السّماع والرّواية، وقرأ القرآن على المشايخ. وكان تاجرًا أمينًا. كنّاه أبو سعد السّمعانيّ أبو الفتح وقال: كان سديد السّيرة. قرأ بروايات، ونسخ أجزاء كثيرة، وكان واسع الرواية، موثوقًا به. كتب لي الإجازة. فمن مسموعاته: "طبقات الصّحابة" لأبي عَروبة، في أربعةٍ وعشرين جزءًا، بروايته عن أبي طاهر بن عبد الرحيم، عن ابن المقري، عنه؛ وكتاب "الإشراف في اختلاف العلماء" لابن المنذر، بروايته عن ابن عبد الرحيم، عن ابن المقري، عنه؛ وكتاب "السُّنَن" للحلوانيّ، رواية الفضل الْجُنْديّ، عنه. قلت: تُوُفّي رحمه الله في رمضان، وقيل في شعبان. وله فوائد مَرْوِيَّة. "حرف الخاء": 47- خَلَف بن عمر بن عيسى1. أبو القاسم الحضّرميّ الْقُرْطُبيّ. روى عن: سراج بن عبد الملك. وتفقّه عند: هشام بن أحمد الفقيه. قال ابن بَشْكُوال: عن جماعة معنا. وكان رحمه الله من العلماء المتفنّنين. تُوُفّي في رجب. "حرف السين": 48- سهل بْن إبراهيم بْن أَبِي القاسم2. أبو القاسم النَّيسابوريّ المسجديّ النَّسفيّ، خادم مسجد المطرّز. قال السّمعانيّ، وقد أجاز له: كان شيخًا صالحًا، كثير العبادة، معمَّرًا، متفردًا

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 177". 2 تقدم برقم "17".

بالرواية عن مثل أبي سعيد بن أبي الخير المِيهَنيّ، وأبي محمد الْجُوَيْنيّ، وأبي عبد الرحمن محمد بن أحمد بن مُحَمَّد الشاذياخي. وسمع من: عبد الغافر الفارسي، وابن مسرور. سمعني والدي منه أجزاء. وُلِد في حدود سنة ثلاثين، وحدَّث في آخر سنة ثلاث، ووفاته بعد ذلك. 49- سهل بن محمود بن محمد بن إسماعيل1. أبو المعالي البخاريّ البَرّاني. وبرّانية من قرى بُخارى. كان إماما، ذكيًا، واعظًا، صالحًا، عابدًا، حجّ على التّجريد، وبقي مع وِفاقه حافيًا عُرْيَانًا، حتى توصلوا إلى مكَّة بعد الرّفقة. وجاوَرَ بمكَّة حتى حجّ. ودخل اليمن، وركب البحر إلى كَرمان. سمع: أباه، والمظفر بن إسماعيل الْجُرْجانيّ. روى عنه: ابنه حمزة. وتُوُفّي ببُخَارَى. "حرف الطاء": 50- طِراد بن علي بن عبد العزيز2. أبو فِراس السُّلَمي الدّمشقيّ الكاتب المعروف بالبديع. مات متوليًا بمصر. وكان مولده بدمشق في سنة أربع وخمسين. قال السَّلفيّ: علّقت عنه شِعرًا. وكان آيةً في النظم والنثر. له مقامات ورسائل. قلت: ومن شِعره في تاج الدّولة تُتُش بن ألب رسلان: غزالٌ غزا قلبي بعينٍ مريضةٍ لها ضعف أجفانٍ تهدّ قوى صبري

_ 1 المنتظم "10/ 19"، الأنساب "2/ 122". 2 معجم الأدباء "12/ 229"، الوافي بالوفيات "2/ 131، 133"، شذرات الذهب "4/ 90".

له لِينُ أعطافٍ أرقُّ من الهَوَى ... وقلبٌ على العُشّاق أقسى من الصَّخْرِ وهى طويلة. ومن شعره أيضًا قوله: قيل لي لما جلست في طرف القو ... م وأنتَ البديعُ ربُّ القوافي قلت: آثرته لأنّ المناديـ ... ـل يُرى طَرْزُها على الأطرافِ وكفاني من الفخار بأني نازلٌ ... في منازلِ الأشرافِ "حرف العين": 51- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن عبد الملك1. أبو محمد الهلاليّ الغَرْناطيّ، يعرف بابن سَمَجُون. أحد جِلَّة العُلماء والفُقَهاء. ولي قضاء غَرْناطة. وأخذه عنه: أبو جعفر بن البادش، وعبد الحق بن بونة. وعاش بضعًا وسبعين سنة. يروى عن: أبي علي الغسانيّ، وطبقته. 52- عبد الله بن محمد بن إسْمَاعِيل بن صَدَقة2. أبو محمد المصريّ، المجاور بمكَّة. ويُعرف بابن الغَزال. شيخ كبير صالح. سمع: أبا عبد الله القُضاعيّ بمصر، وأبا القاسم الحِنّائيّ، والكتّانيّ بدمشق؛ وكريمة المَرْوزية. وطال عُمره وكفّ بصره. قال ابن عساكر: سمعت من لفظه حديثًا واحدًا لصممٍ شديد كان به. لقَّنَّاه الحديث. وذكر لي أن جدّه لُقِب بالغزال لسرعة عدوه.

_ 1 بغية الملتمس "336"، تكملة الصلة لابن الأبار "2/ 819"، الوافي بالوفيات "17/ 326". 2 مختصر تاريخ دمشق "13/ رقم 80"، مرآة الجنان "3/ 232".

تُوُفّي أبو محمد في صفر. وقال السّلفيّ: أجاز لي، وقد أخبرني عنه بأصبهان إسماعيل بن محمد الحافظ سنة ثلاثٍ وتسعين وأربعمائة. وحججت سنة تسعٍ وتسعين ولم أعلم به. سمع: عبد العزيز بن الضّرّاب، وأبا محمد المَحَامليّ، والمقرئ أبا الحسين الشيرازيّ. وكان مقرئًا صالحًا. وسمعت من أخيه إبراهيم بمصر. 53- عَبْد الحق بْن أحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحقّ1. أبو محمد الخَزْرَجيّ القُرْطُبيّ. روى عن: الفقيه محمد بن فَرَج واختص به؛ وناظر عند: أبي جعفر بن رزق، وأبي الحسن بن حمدين. وأجاز له أبو العباس بن العُذْريّ. وكان فقيهًا إمامًا شُرُوطيًّا مدرسًا. تُوُفّي في صَفَر، وله اثنان وسبعون عامًا. 54- عبد العزيز بن محمد بن معاوية2. أبو محمد الأنصاريّ الدَّوْرقيّ الأطْرُوش. سكن قُرْطُبة. وحدث عن: أبي بكر محمد بن مفوّز، وأبي علي الصَّدفيّ، وأبي عبيد الله الخَوْلانيّ. وكان حافظًا، عارفًا بالعلل والصحيح والسقيم والرجال، مقدّمًا في جميع ذلك على أهل وقته، قاله ابن بَشْكُوال؛ وجمع كُتُبًا مفيدة. سمعنا منه، وكان حرجًا نكد الخلق. تُوُفّي في ربيع الآخر.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 386". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 373".

55- عبد الملك بن عبد العزيز بن فِيرَّة بن وهْب1. أبو مروان المُرْسِيّ. سمع من: أبي علي الغسانيّ، وغيره. وحجّ، ودخل بغداد، ودمشق وروى هناك. ولم يذكره ابن عساكر. وكان حافظًا للرأي، ذاكرًا للمسائل، صالحًا خيّرًا. وعاش إحدى وسبعين سنة. 56- عبد المنعم بن مروان بن عبد الملك بن سَمَجون. أبو محمد اللُّواتيّ الطَّنْجيّ. نشأ بغَرْناطَة وتفقه بها على: أبي محمد عبد الواحد بن عيسى. وسمع من: أبي علي الغسانيّ. وكان فقيهًا، جزْلًا، مهيبًا. ولي قضاء إشبيلية بعد عزل أبي مروان الباجيّ. ثمّ نُقِل إلى قضاء غَرْناطَة. وتُوُفّي في شعبان. 57- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بن سيدة. أبو المظفر الأصبهاني المقرئ. تُوُفّي في رمضان. 58- عثمان بن منصور بن عبد الكريم. أبو عَمْرو الطّرازيّ النّظاميّ. سكن بلخ، وحدَّث عن: أبي الحسن محمد بن محمد الحسينيّ. روى عنه: عبد الله بن عمر الفقيه ببلْخ، ومحمد بن الفضل المارشكيّ بطُوس. وكان رجلا جليل القدر، واعظًا، محتشمًا.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 365".

"حرف الفاء": فاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم بن عَقِيل1. أمّ إبراهيم، وأم الغيث، وأمّ الخير الْجُوزْدانيَّة. قال أبو موسى المَدِينيّ: قدِمت علينا من جُوزدان، وكان مولدها نحو الخمس والعشرين وأربعمائة. وسمعت من: أبي بكر بن رِيذة سنة خمسٍ وثلاثين. وهي آخر أصحابه. قلت: هي أسند أهل العصر مُطلقًا، وهي للأصبهانيّين كابن الحُصَيْن للبغداديّين. سمعَتْ من ابن رِيذَة "المعجم الكبير" و"المعجم الصّغير" للطَّبرانيّ، وكتاب "الفِتَن" لنُعَيم بن حمّاد. روى عنها: أبو العلاء الهَمَذانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وَمَعْمَرُ بن الفاخر، وأبو جعفر الصَّيدلانيّ، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وعائشة بنت مَعْمَر، وعفيفة بنت أحمد، وأبو سعيد محمد الأَرَّجَانيّ الحلليّ، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الأُخوَّة، وداود بن سليمان بن نظام المُلك، وشعيب بن الحسن السَّمَرْقَنْديّ، وفاطمة بنت سعد الخير، لها عنها حضور، وجماعة كثيرة. أنبا أبو علي القلانِسِيّ: أنبأتْنا كريمة: عن أبي مسعود عبد الرحيم الحاجي أنهل تُوُفّيت في غُرَّة شعبان. وقال ابن نُقْطة: في رابع عشر رجب. 60- فضل الله بن محمد بن وهْب الله بن محمد2. أبو القاسم الأنصاريّ المقرئ. أقرأ بجامع قُرطُبة مدَّة، وأخذ القراءات عن: أبي محمد بن شعيب، وأبي عبد الله بن شُرَيح. وسمع من: محمد بن فَرَج الطّلاعيّ، وأبي محمد بن خزرج.

_ 1 التحبير "2/ 428، 429"، سير أعلام النبلاء "19/ 504، 505"، شذرات الذهب "4/ 69، 70". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 465".

روى عنه: ابن بَشْكُوال، وقال: تُوُفّي في رمضان، وله سبعون سنة. وقرأ عليه بالروايات: علي بن محمد بن خاف، شابّ قرْطُبيّ. "حرف الميم": 61- محمد بن سعدون بن مُرجيّ بن سعدون1. الإمام أبو عامر القُرَشيّ العَبْدَريّ المَيُورقيّ المغربيّ، نزيل بغداد. أحد الحُفاظ والعلماء المبرزين، ومن كبار الفُقهاء الظّاهرية. رحل إلى بغداد. وسمع: أبا عبد الله البانياسي، وأبا الفضل بن خَيْرُون، وطِراد بن محمد، ويحيى السّبْتيّ، والحُميديّ، وابن البَطر، وخلْقًا سواهم. قال القاضي أبو بكر محمد بن المغربيّ في "مُعجَمه": أبو عامر العَبْدريّ هو أنبل من لقِيته. وقال ابن ناصر: كان فهْمًا، عالمًا، متعففًا، مع فقره، وكان يذهب إلى أنّ المناولة كالسّماع. وذكره السَّلفيّ في "مُعْجَمه" فقال: كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السّلام، متصرفٌ في فنون من العلوم أدبًا ونحْوًا، ومعرفةً بالأنساب. وكان داوودي المذهب، قُرَشِيّ النَّسَب. كتب عنّي وكتبت عنه. ومولده بقُرْطُبَة من مدن الأندلس. قال ابن نقطة: نبا أحمد بن أبي بكر البندنيجيّ أنّ الحافظ ابن ناصر قال: لما دفنوا أبا عامر العَبْدريّ: خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصفِري مات أبو عامر حافظ أحاديث رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَنْ شاء فلْيَقُلْ ما شاء. وقال ابن عساكر: كان فقيهًا على مذهب داود، وكان أحفظ شيخٍ لقيته ذكر أنّه دخل الشّام في حياة أبي القاسم بن أبي العلاء، وسمعتُ أبا عامر وقد جرى ذِكر مالك، فقال: جلفٌ جاف، ضرب هشام بن عمار بالدرة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 534"، المنتظم "10/ 19"، سير أعلام النبلاء "19/ 579، 583"، الوافي بالوفيات "3/ 93، 94".

وقرأتُ عليه "الأموال" لأبى عُبَيْد، فقال، وقد مرّ قول لأبي عُبَيْد: ما كان إلا حمارًا مغفلًا لَا يعرف الفِقْه. وقيل لي عنه: إنّه قال في إبراهيم النَّخَعيّ: أعورُ سُوء. فاجتمعنا يومًا عند ابن السَّمَرْقَنْديّ في قراءة "الكامل"، فنقل فيه قولًا عن السَّعْديّ، فقال: يكذب ابن عَدِيّ، إنما هو قول إبراهيم الْجَوْزَجانيّ. فقلت له: فهو السَّعْديّ؛ فإلى كم نحتمل منك سوء الأدب. تقول في إبراهيم النَّخَعيّ كذا، وتقول في مالك كذا، وفي أبي عُبَيْد كذا؟! فغضب وأخذته الرِّعْدَة وقال: كان ابن الخاضبة والبَرَدانيّ وغيرهما يخافوني، فآل الأمر إلى أن تقول فيّ هذا. قال له ابن السمرقندي: هذا بذاك. فقلت: إنما نحترمك ما احترمت الأئمَّة. فقال: والله قد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممّن تقدَّم، وإني لأعلم من "صحيح البخاري" و"مسلم" ما لم يعلماه. فقلت مستهزئًا: فعِلْمُك إذا إلهامٌ. وهجرته. قال: وكان سيئ الاعتقاد، ويعتقد من أحاديث الصّفات ظاهرَهَا. بَلَغَني أنّه قال في سوق باب الأَزَج: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] فضرب على ساقه وقال: ساقٌ كساقي هذه. وبَلَغَني أنّه قال: أهل البِدَع يحتجّون بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} [الشورى: 11] أي في الإلهيَّة، فأما في الصّورة فهو مثلي ومثلك. قال الله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: 32] أي في الحُرْمة. وسألته يومًا عن أحاديث الصّفات، فقال: اختلف النّاس فيها، فمنهم مَن تأوَّلها، ومنهم من أمسك، ومنهم من اعتقد ظاهرها. ومذهبي آخر هذه الثلاثة مذاهب. وكان يُفْتي على مذهب داود بن علي، فبلغني أنّه سُئل عن وجوب الغُسْل على من جامَعَ ولم يُنْزِل، قال: لَا غُسْل عليه، الآن فعلتُ ذلك بأمّ أبي بكر، يعني ولده، وكان بَشِع الصّورة، زَرِيّ اللّباس.

وقال ابن السّمعاني: حافظ مبرّز في صَنْعه الحديث، داوودي المذهب، سمع الكثير، ونسخ بخطّه إلى آخر عُمره. وكان يسمع وينسخ. وقال ابن ناصر: فيه تساهُل في السَّماع، يتحدَّث ولا يُصْغي ويقول: يكفيني حضور المجلس. ومذهبه في القراءات مذهب سوء. مات في ربيع الْآخر. قلت: روى عَنْهُ أَبُو القاسم بْن عساكر، ويحيى بن بوش، وأبو الفتح المندائيّ، وجماعة. وخمل ذِكره لبِدْعته. 62- محمد بن عبد الله بن تُومَرْت1. أبو عبد الله الملَّقب نفسَه بالمهديّ المَصْمُودي، الهَرْغيّ، المغربيّ، صاحب دعوة السّلطان عبد المؤمن ملك المغرب. كان يدّعي أنّه حَسَنيّ عَلَويّ، وهو من جبل السَّوس في أقصي المغرب. نشأ هناك، ثمّ رحل إلى المشرق لطلب العِلْم، ولقي أبا حامد الغزّاليّ، وإلِكيا أبا الحسن الهَرّاسيّ، وأبا بكر الطُّرْطُوشيّ. وجاوَرَ بمكة، وحصّل طَرَفًا جيّدًا من العلم. وكان متورّعًا، متنسّكًا، مَهِيبًا، متقّشفًا، مخشَوْشِنًا، أمَّارًا بالمعروف، كثير الإطراق، متعبّدًا، يبتسم إلى من لقِيه، ولا يصحبه من الدنيا إلى عصاةٌ وركْوَة. وكان شجاعًا، جريئًا، عاقلًا، بعيد الغور، فصيحًا في العرب، قد طُبع على النَّهْي عن المُنْكَر، متلذّذًا به، متحملًا المشقَّة والأذى فيه. أوذِي بمكة لذلك، فخرج إلى مصر، وبالغ في الإنكار، فزادوا في أَذَاه وطُرِد. وكان إذا خاف من البْطش وإيقاع الفعل به خلّط في كلامه ليظنّوه مجنونًا، فخرج إلى الإسكندرية، فأقام بها مُدَّة. ثمّ ركب البحر إلى بلاده. وكان قد رأى في منامه وهو بالمشرق كأنه قد شرب ماء البحر جميعه كرّتين، فلمّا ركب السّفينة شرع ينكر، وألْزمهم بالصّلاة والتّلاوة، فلما انتهى إلى المَهْديَّة، وصاحبها يومئذٍ يحيى بن تميم الصَّنْهاجيّ، وذلك في سنة خمسٍ وخمسمائة، نزل بها

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 569-582"، سير أعلام النبلاء "19/ 539-552"، البداية والنهاية "12/ 186، 187".

في مسجد مُغْلَق على الطّريق. وكان يجلس في طاقته، فلا يرى مُنْكرًا من آلة الملاهي أو أواني الخُمور إلا نزل وكسرها. فتسامع به الناس، وجاءوا إليه، وقرءوا عليه كُتُبًا في أصول الدّيانة، وبلغ خبرُه الأمير يحيى، فاستدعاه مع جماعةٍ من الفقهاء، فلّما رأى سَمْتَه وسمع كلامه أكرمه، وسأله الدّعاء، فقال له: أَصْلَحَك اللهُ لرعيّتك. ثمّ نزح عن البلد إلى بَجَّايَة، فأقام بها يُنْكر كدأبه، فأخرج منها إلى قرية ملالة، فوجد بها عبد المؤمن بن علي القَيْسيّ، فيقال: إنّ ابن تُومَرْت كان قد وقع بكتاب فيه صفة عبد المؤمن وصفة رجلٍ يظهر بالمغرب الأقصى مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدعو إلى الله يكون مقامه ومدفنه بموضعٍ من المغرب، يُسَمّى ت ي ن م ل، ويجاوز وقته المائة الخامسة. فوقع في ذهنه أنّه هو. وأخذ يتطلب صفة عبد المؤمن فبلغ إلى أن رأى في الطريق شابًّا قد بلغ أشده على الصفة الّتي معه، فقال: يا شابّ ما أسمك؟ قال: عبد المؤمن. فقال: الله أكبر، أنت بُغْيَتي، فأين مقصِدُك؟ قال: المشرق لطلب العِلم. قال: قد وجدتُ عِلْمًا وَشَرَفًا وصحِبني شلة. ثمّ نظر في حِلْيته فوافَقَتْ، وقال: ممّن أنت؟ قال: من كُومية. فربط الشّابّ، وألقي إليه سرّه. وكان ابن تُومَرْت قد صحِبَه عبدُ الله الوَنْشَرِيسيّ ممّن تهذَّب وتفقّه، وكان جميلًا، فصيحًا في العربية، فتحدَّثا يومًا في كيفية الوصول إلى الأمر المطلوب، فقال لعبد الله: أرى أن تستر ما أنتَ عليه من العلم والفصاحة عن الناس، فتُظْهر من العيّ واللَّكَن والجهل ما تشتهر به، لتجد الخروج عن ذلك، وإظهار العلم دفعةً واحدة، فيكون ذلك معجزة. ففعل ذلك. ثمّ استدنى محمد أشخاصًا أجلادًا في القوى الجسْمانيَّة، أغمارًا، فاجتمع له ستَّة، فتوجهوا إلى مَراكُش، وملِكها علي بن يوسف بن تاشفين، وكان ملكًا حليمًا، عادلًا، متواضعًا، وكان بحضرته مالك بن وُهَيْب الأندلسيّ الفقيه، فأخذ ابن تُومَرْت في الإنكار، حتى أنكر على ابنه الملك، وذلك في قصةٍ طويلة، فبلغ خبرُه الملك، وأنه يحدّث في تغيير الدّولة، فكلّم مالك بن وهيب في أمره، وقال: نخاف من فَتح بابٍ يَعْسُرُ علينا سَدُّه. وكان محمد وأصحابه مقيمين في مسجدٍ خراب بظاهر البلد، فأحضرهم في محفلٍ من العلماء، فقال الملك: سَلُوَا هذا ما يبغي. فكلّموه، وقال: ما الّذي يُذكر عنك من القول في حقّ الملك العادل الحليم المُنْقاد إلى الحق؟ فقال: أما ما نُقِل عنّي،

فقد قلتُهُ، ولي من ورائه أقوال، وأما قولك: إنّه يُؤْثِرَ طاعةَ الله على هواه، وينقاد إلى الحقّ، فقد حضر اعتبارُ هذا القول عليه، ليعلم بتعرّيه عن هذه الصِّفة. إنّه مغرورٌ بما تقولون له وتُطرونه به، مع عِلمكم أنّ الحُجَّة عليه متوجّهة. فهل بلغك يا قاضي أنّ الخمر تُباع جَهَارًا، وتمشي الخنازير بين المسلمين، وتؤخذ أموال اليتامى؟ وعدّد من ذلك أشياء، حتّى ذَرَفَتْ عينا الملك، وأطرق حياءً، ففهم الدُّهاة من كلامه طَمَعَه في المُلْك. ولّما رأوا سكوت الملك وانخداعه له لم يتكلّموا، فقال مالك بن وُهَيْب: إنّ عندي نصيحة، إنْ قبِلَها الملكُ حَمَدَ عاقبتها، وإنْ تَرَكَها لم آمَنْ عليه. قال: وما هي؟ قال: إنّي خائف عليك من هذا الرجل، وأرى أن تسجنه وأصحابه، وتنفق عليهم كلّ يومٍ دينارًا، وإلّا أنفقْتَ عليه خزائنك. فوافقه الملك، فقال الوزير: أيُّها الملك، يقبح أن تبكي من موعظة هذا، ثمّ تُسيء إليه في مجلسٍ واحد. وأن يظهر منك الخوف مع عِظَم ملْكك، وهو رجل فقير لَا يملك سدّ جوعه. فأخَذتَ المَلِكَ العِزَّةُ، واسْتَهْوَن أمره وصَرَفه، وسأله الدّعاء. وقيل: إنّه لما خرج من عنده لم يزل وجهه تلقاء وجهه، إلى أن فارقه، فقيل له: نراك تأدّبت مع الملك. فقال: أردت أن لَا يفارق وجهي الباطل حتى أغيّره ما استطعت. ولما خرج قال لأصحابه: لَا مُقام لنا بمراكُش مع وجود مالك بن وهيب، فإنا نخاف مكره، وإنا لنا بأَغْمات أخًا في الله فنقصده، فلم نُعدم منه رأيًا ودُعاء. وهو الفقيه عبد الحق بن إبراهيم المصمودي. فسافروا أليه فأنزلهم، وبثوا إليه سرّهم، وما جرى لهم، فقال: هذا الموضع لَا يحميكم، وإنّ أحصن الأماكن المجاورة لهذا البلد تين مل، وهي مسيرة يوم في هذا الجبل، فانقطعوا فيه بُرْهةً ريثما ينسى ذكركم. فلّما سمع ابن تُومَرْت بهذا الاسم تجدد له ذكر اسم الموضع الّذي رآه في الكتاب فقصده مع أصحابه. فلما أتَوْه رآهم أهل ذلك المكان على تلك الصّورة فعلِموا أنّهم طلّاب علم. قال: فتَلَقَّوْهُم وأكرموهم وأنزلوهم.

وبلغ الملكَ سفرُهُم، فَسُرَّ بذلك. وفشا مع أهل الجبل بوصول ابن تُومَرْت، فجاءوه من النّواحي يتبرَّكون به، وكان كلّ من أتاه استدناه، وعرض عليه ما في نفسه من الخروج، فإنْ أجابه أضافه إلى خواصّه، وإنْ خالَفَه أعرض عنه. وكان يستميل الشّباب والأغمار، وكان ذَوُو الحِلْم والعقل من أهاليهم يَنْهَوْنَهُم ويحذّرونهم من أتِّباعه خوفًا عليهم من المَلِك، فكان لَا يتمّ له مع ذلك حال. وطالت المدَّة، وكثُرَت أتباعُه من أهل جبال دَرَنْ، وهو جبل لَا يفارقه الثَّلْج، وطريقه ضيَّق وعسر. قال الْيَسَع بن حزْم: لَا أعلم مدينة من تينمل، لأنها بين جبلين، ولا يسع الطّريق إليها إلّا الفارس، وقد ينزل عن فرسه في أماكن صَعْبة، وفيها مواضع لَا يُعْبَر فيها إلّا علي خشب، فإذا أُزيلت خشبة لم يمرّ أحد. وهذه الطّريق مسافة يوم. فأخذ أصحابه يغيرون على النّواحي سبْيًا وقتْلًا، وتقوَّوا وكثروا. ثمّ إنّه غدر بأهل تينَمَل الّذين آوَوْهُ ونصروه، وأمر أصحابه، فقتلوا منهم مقتلةً عظيمة، قاتله الله. فقال له الفقيه الإفريقيّ، وهو أحد العشرة، عن ما فعل بأهل تينَمَل: هؤلاء قوم أكرمونا وأنزلونا دُورهم قَتَلْتَهُم؟ فقال لأصحابه: هذا شَكَّ في عصْمتي، خُذُوه فاقتلوه. فقتلوه، وعلّقوه على جِذْع. قال: وكل ما أذكره من حال المَصَامِدة فمنه ما شاهدته، ومنه ما أخذته بنقل التّواتر. وَكَانَ فِي وَصِيَّتِهِ إِلَى قَوْمٍ إِذَا ظَفِرُوا بمرابطٍ أَوْ أحدٍ مِنْ تِلِمْسَانَ أَنْ يُحَرِّقُوهُ. فَلَمَّا كَانَ فِي عَامِ تِسْعَةَ عَشَرَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ يَوْمًا، فَقَالَ: تَعْلَمُونَ أَنَّ الْبَشِيرَ، الَّذِي هُوَ الْوَنْشَرِيسِيُّ، إِنَّهُ أُمِّيٌّ لَا يَقْرَأُ وَلَا يَكْتُبُ وَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ عَلَى دَابَّةٍ، وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ مُبَشِّرًا لَكُمْ مُطَّلِعًا عَلَى أَسْرَارِكُمْ، وَهُوَ آيَةٌ لَكُمْ، فَإِنَّهُ حَفِظَ الْقُرْآنَ، وَتَعَلَّمَ الرُّكُوبَ. ثُمَّ اسْتَعْرَضَهُ الْقُرْآنُ، فَقَرَأَهُ لَهُمْ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَرَكِبَ حِصَانًا وَسَاقَهُ، فَتَعَجَّبُوا وَعَدُّوا ذَلِكَ آيَةً، وَصَحَّ لابْنِ تُومَرْتَ بِذَلِكَ مَا أَطْوَاهُ عَلَى نفوسٍ سَلِيمَةٍ لَا يَعْرِفُونَ بَوَاطِنَ الْأُمُورِ، فَتَحَقَّقَ تَصْدِيقُهُمْ إِيَّاهُ. فَقَامَ خَطِيبًا وَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ

الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الأنفال: 37] فَقَالَ: {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110] . وَهَذَا الْبَشِيرُ مُطَّلِعٌ عَلَى الأَنْفُسِ مُحَدَّثٌ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّ فِي أُمَّتِي مُحَدَّثِينَ. وَإِنَّ عُمَرَ مِنْهُمْ" 1. وَقَدْ صَحِبَنَا أقوامٌ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى سِرِّهِمْ وَنِفَاقِهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِيهِمْ، وَيُتَمِّمُّ الْعَدْلَ فِيهِمْ. ثُمَّ نُودِيَ فِي جِبَالِ المصامدة: من كان مطيعًا للإمام فلْيُقْبِل. فكانوا يأتون قبائل قبائل، فيُعرضون عليه، فيخرجون قومًا على يمينه، ويعدّهم من أهل الجنَّة، وقومًا على يساره، ويقول: هؤلاء شاكّون في الأمر. حتّى كان يؤتى بالرجل فيقول: رُدّوا هذا على اليمين، فإنّه تائب، وقد كان قبل كافرًا، ثمّ أحدَث البارحة توبة، فيَعترف بما أخبر به. واتّفقت له فيهم عجائب. وكان يطلق أهل اليَسَار وهم يعلمون أنّ مآلهم إلى القتْل فلا يفرّ منهم أحد. وكان إذا اجتمع منهم كثير قتلهم قراباتُهُم، يقتل الأب ابنه، والأخُ أخاه، وابن العمّ ابن العَمّ. فالّذي صحّ عندي إنّه قُتِلَ منهم سبعون ألفًا على هذه الصّفة، ويسمُّونها التّمييز. ولما كمل التّمييز وجّه جُمُوعه مع البشير نحو أَغْمات، فالتقوا المرابطين فهزموهم، وَقُتِلَ خلقٌ من المَصَامِدة لكونهم ثبتوا، وَجُرِحَ عمر الهِنْتانيّ جراحات، فحملوه على أعناقهم وهو كالميت، لَا يَنْبض له عِرْق. فقال لهم البشير: إنّه لَا يموت حتّى يفتح البلاد، ويغزو في الأندلس. وبعد مدَّة من استماتته فتح عينيه، فزادهم ذلك إيمانًا بأمرهم. ولّما أَتَوْا عزّاهم ابن تُومَرْت وقال: يومٌ بيوم، وكذلك حرْبُ الرُّسُلِ. ونقل عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي في كتاب "المعجب" الذي اختصرته، أن ابن تُومَرْت رحل إلى بغداد، فأخذ الأصول عن أبي بكر الأصوليّ الشّاشيّ، وسمع من المبارك بن عبد الجبار ابن الطيوري.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3469، 3689"، وأحمد في المسند "2/ 339"، من حديث أبي هريرة، وفي الباب عن عائشة: أخرجه مسلم "2398"، والترمذي "3693"، وأحمد في المسند "6/ 55"، والحميدي في مسنده "253"، وابن حبان في صحيحه "6894".

وقال: إنّ أمير الإسكندرية نفاه منها؛ فبَلَغَني أنّه استمر يُنكر في المركب إلى أنّ أَلْقوْه في البحر. فأقام نصفَ يومٍ يجري في ماء السّفينة ولم يغرق، فأنزلوا إليه من أطلعه وعظَّموه، إلى أن نزل بَجَّايَة، ووعظ بها، ودرَّس، وحصل له القبول، فأمره صاحبها بالخروج منها خوفًا منه، فخرج، ووقع بعبد المؤمن؛ وكان بارعًا في خطّ الرمْل. ووقع بجفرٍ فيما قيل، وصحِبَهما من ملالة عبدُ الواحد الشّرقيّ، فتوجّه الثّلاثة إلى أقصى المغرب. وقيل إنّه لقي عبد المؤمن ببلاد متيحة، فرآه يعلم الصبيان، فأسر إليه، وعرفه بالعلامات. وكان عبد المؤمن قد رأى رؤيا، وهي أنّه يأكل مع أمير المسلمين علي بن يوسف في صحفةٍ؛ قال: ثمّ زاد أكلي على أكله، ثمّ اختطفت الصَّحْفَة منه. فقصها على عابرٍ فقال: هذه لَا ينبغي أن تكون لك، إنما هي لرجلٍ ثائر يثور على أمير المسلمين، إلى أن يغلب على بلاده. وسار ابن تُومَرْت إلى أن نزل في مسجد بظاهر تِلِمْسان، وكان قد وضع له هيبةً في النُّفُوس. وكان طويل الصَّمت، كثير الانقباض، إذا انفصل عن مجلس العلم لَا يكاد يتكلم. أخبرني شيخٌ عن رجلٍ من الصالحين كان معتكفًا في ذلك المسجد أنّ ابن تُومَرْت خرج ليلةً فقال: أين فُلان؟ قالوا: مسجون. فمضى من وقته ومعه رجلٌ، حتى أتى إلى باب المدينة، فدقّ على البوّاب دقًا عنيفًا. ففتح له بسرعة، فدخل حتّى أتى الحْبس، فابتدر إليه السّجّانون يتمسّحون به. ونادى: يا فُلان. فأجابه، فقال: أخرج، فخرج والسّجّانون باهتون لَا يمانعونه، وخرج به حتّى أتى المسجد. وكانت هذه عادته في كلّ ما يريد، لَا يتعذّر عليه. قد سُخِّرت له الرّجال. وعظُم شانه بتِلَمْسان إلى أن انفصل عنها، وقد استحْوَذَ على قلوب كُبَرائها. فأتى فاسَ، وأظهر الأمر بالمعروف، وكان جلّ ما يدعو إليه عِلم الاعتقاد على طريقة الأشعرية. وكان أهل المغرب ينافرون هذه العلوم، ويعادون من ظهرت عليه.

فجمع والي فاس الفُقَهاء له، فناظرهم، فظهر عليهم لأنه وجد جوّا خاليًا وناسًا لَا عِلْمَ لهم بالكلام، فأشاروا على المتوليّ بإخراجه. فسار إلى مَراكُش، وكتبوا بخبره إلى ابن تاشفين، فجمع له الفُقهاء، فلم يكن فيهم من يعرف المناظرة إلّا مالك بن وُهَيْب، وكان متفنّنًا قد نظر في الفلسفة. فلّما سمع كلامه استشعر حِدَّته وذكاءه فأشار على أمير المسلمين ابن تاشفين بقتْله، وقال: هذا لَا تُؤمن عائلتُه، وإنْ وقع في بلاد المصامدة قَوِيُّ شرُّه، فتوقّف عن قتْله دِينًا، فأشار عليه بحبْسه، فقال: عَلَامَ أسجن مسلمًا لم يتعيَّن لنا عليه حقّ. ولكنْ يخرج عنّا. فذهب هو وأصحابه إلى السُّوس، ونزل تينمل. ومن هذا الموضع قام أمرُه، وبه قبره، فلّما نزله اجتمع إليه المَصَامِدة، فشرع في بثّ العلم والدّعاء إلى الخير. وكتم أمره، وصنَّف لهم عقيدةً بلسانهم، وعظُم في أعيُنهم، وأحبته قلوبُهُم. فلما استوثق منهم دعا إلى الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنْكَر، ونهاهم عن سفْك الدّماء، فأقاموا على ذلك مدَّة، وأمر رجالًا منهم ممّن استصلح عقولهم بنصب الدَّعوة. واستمال رؤساء القبائل، وأخذ يذكّر المَهْديّ ويشوّق إليه، وجمع الأحاديث الّتي جاءت في فضله، فلّما قرّر عندهم عَظَمة المهديّ ونَسَبه ونعته، ادّعى ذلك لنفسه، وقال: أنا محمد بن عبد الله، وسرد له نَسَبًا إلى علي عليه السلام، وصرَّح بدعوى العِصْمة لنفسه، وأنّه المهديّ المعصوم، وبسط يده للمبايعة فبايعوه، فقال: أبايعكم على ما أبايع عليه أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصنَّف لهم تصانيف في العِلم، منها كتاب سماه "أعزّ ما يطلب"، وعقائد على مذهب الأشعريّ في أكثر المسائل إلّا في إثبات الصّفات، فإنّه وافق المعتزلةِ في نفْيها، وفي مسائل غيرها قليلة. وكان يُبْطن شيئًا من التَّشَيُّع. ورتَّب أصحابه طبقات، فجعل منهم العشّرة، وهم الأوّلُون السّابقون إلى إجابته. وهم الملقَّبون بالجماعة. وجعل منهم الخمسين، وهم الطّبقة الثّانية. وهذه الطّبقات لَا تجمعها قبيلة، بل هم من قبائل متفرقة. وكان يسمّيهم المؤمنين، ويقول لهم: ما على وجه الأرض من يؤمن إيمانكم، وأنتم العصابة المَعْنيُّون

بقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تزال طائفة بالمغرب ظاهرين على الحقّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ الله" 1. وأنتم الّذين يفتح الله بكم الرّوم، ويقتل بكم الدجال، ومنكم الأمير الذي يصلي بعيسى ابن مريم. هذا مع جزيئات كان يخبرهم بها وقع أكثرها. وكان يقول: لو شئتُ أن أَعُدَّ خُلفاءكم خليفةً خليفةً لَعَدَدْتُ. فعظُمَت فتنةُ العوام به، وبالغوا في طاعته، إلى أن بلغوا حدًّا لو أمر أحدهم بقتْل أبيه أو أخيه أو أبنه لقتله. وسهّل ذلك عليهم ما في طباعهم من القسوة المعهودة في أهل الجبال، لا سيما الخاربة البربر، فإنّهم جُبلوا على الإقدام على الدماء، واقتضاه إقليمهم. حتّى قيل إنّ الإسكندر أُهديت له فرسٌ لَا تُسبق، لكنها لَا تصهل، فلّما حلّ بجبال دَرَنْ، وهي بلاد المَصَامدة هذه، وشربت تلك الفرس من مياهها صهلت. فكتب الإسكندر إلى الحكيم يخبره، فكتب إليه: هذه بلاد سر وقسوة، فعجِّل بالخروج منها. وأنا فقد شاهدت من إقدامهم على القتْل لمّا كنت بالسُّوس ما قضيت منه العجب. قال: وقوي أمر ابن تومرت في سنة خمس عشرة وخمسمائة، فلما كان في سنة سبْع عشرة جهّز جيشًا من المَصَامِدة، جُلُّهم من أهل تينمل والسُّوس، وقال لهم: اقصدوا هؤلاء المارقين المبدّلين الّذين تسمَّوا بالمرابطين، فادْعُوهم إلى إماتة المُنْكَر، وإزالة البِدَع، والإقرار بالإمام المهديّ المعصوم، فإنْ أجابوكم فهُمْ إخوانكم، وإلّا فقاتِلُوهم، وقد أباحت لكم السُّنَّةُ قتالَهم. وقدم عليهم عبد المؤمن، فسار بهم قاصدًا مَرّاكُش، فخرج لقتالهم الزُّبَير بن أمير المسلمين عليّ بْن يُوسُف بْن تاشفين، فلّما تراءى الْجَمْعان كلموا المرابطين بما أمرهم به

_ 1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1925"، وأبو يعلي "2/ 118"، وأبو نعيم في الحلية "3/ 95، 96"، وقال الشيخ الألباني رحمة الله في الصحيحة "965": واعلم أن المراد بأهل الغرب في هذا الحديث أهل الشام لأنهم يقعون في الجهة الغربية الشمالية بالنسبة للمدينة المنورة التي فيها نطق عليه الصلاة والسلام الحديث الشريف، وبهذا فسر الحديث الإمام أحمد رحمه الله، وأيده شيخ الإسلام ابن تيمية في عدة مواضع من الفتاوي "7/ 446، 27/ 41، 507، 28/ 531، 552".

ابن تُومَرْت، فردَوا عليهم أسوأ ردّ، ووقع القتال، فانهزم المَصَامِدة، وَقُتِلَ منهم مقتلة، ونجا عبد المؤمن. فلمّا بلغ الخبرُ ابن تُومَرْت قال: أَلَيْس قد نجا عبد المؤمن؟ قيل: نعم. قال: لم يُفْقَد أحد. ثمّ أخذ يهوّن عليهم، ويقرر عندهم أنّ قتلاهم شُهداء، فزادهم حِرْصًا على الحرب. وقال الأمير عزيز في كتاب "الجمع والبيان في أخبار القيروان" إنّ ابن تُومَرْت أقام بتينمل، وسمّى أصحابه وأتباعه بالموحدين، والمخالفين أمره: مجسّمين. وأقام على ذلك نحو العام، فاشتهر أمره سنة خمس عشرة، وبايعته هَرْغَة على أنّه المهديّ، فجهّز له علي بن يوسف جيشًا من الملثَّمين، فقال ابن تومرت لأصحابه الّذين بايعوه: إنّ هؤلاء قد جاءوا في طلبي، وأخاف عليكم منهم، والرأي أن أخرج عنكم بنفسي إلى غير هذه البلاد لِتَسْلموا أنتم. فقام بين يديه ابن توفيان، من مشايخ هَرْغَة، وقال له: تخاف شيئًا من السماء؟ قال: لَا، بل من السّماء تُنصر. فقال ابن توفيان: فدع كل من في الأرض يأتينا. ووافقه جميع قبيلته على ذَلِكَ القول. فقال: إنما أردت أن أختبر صبرَكم وثَبَاتَكم وأمّا الآن، فأبشروا بالنَّصْر، وأنكم تغلبون هؤلاء الشِّرْذمة، وبعد قليل تستأصِلون دولتهم، وترثون أرضهم. فالتقوا جيش الملثمين فهزموهم، وأخذوا الغنيمة، ووثقت نفوسُهم بالمهديّ، وأقبلت إليه أفواج القبائل من النّواحي ووحَّدَتْ قبيلة هنتانة، وهي من أقوى القبائل؛ إلى أن قال: ثمّ نَهَجَ لهم طريقَ التَّودُّد والآداب، فلا يخاطبون الواحد منهم إلّا بضمير الجْمع في وقارٍ وبشاشة، ولا يلبسون إلّا الثّياب القصيرة الرخيصة، ولا يخلون يومًا من طِراد ومناصفة ونضارة. وكان في كل قبيلةٍ قومٌ أشرارٌ مفسدون، فنظر ابن تُومَرْت في ذلك، فطلب مشايخ القبائل ووعظهم، وقال: لَا يصحّ دِينكم إلّا بالنَّهي عن المُنْكَر، فابحثوا عن كلّ مفسد وانهوه، فإنْ لم ينْتَه فاكتبوا أسماءهم، وارفعوها إليَّ.

ففعلوا ذلك ثم أمرهم بذلك ثانيًا وثلاثًا. ثمّ جمع الأوراق، فأخذ ما تكرّر من الأسماء، فأفردها عنده. ثمّ جمع القبائل كلّها وحضهم على أن لا يغيب منهم أحد. ودفع الأسماء الّتي أفردها إلى عبد الله الوَنْشَرِيسيّ، الملقَّب بالبشير، ثمّ جعل يعرضهم رجلًا رجلًا، فمن وجد اسمه أفرده في جهة الشّمال، ومن لم يجده جعله في جهة اليمين. إلى أن عرض القبائل جميعها. ثمّ أمر بتكتيف جهة الشّمال، وقال لقبائلهم: هؤلاء أشقياء من أهل النار قد وَجَب قتلُهم. ثمّ أمر كلّ قبيلة أنّ تقتل أشقياءها، فقُتِلوا كلّهم. وكانت واقعة عجيبة. وقال: بهذا الفِعل يصحّ لكم دِينكم ويقوى أمركم. وعلى ذلك استمرّت الحالة في جميع بلادهم. ويسمّونه: التّمييز. وكان له أصحاب عشرة يُسمَّون أهل عشرة. وأصحاب من رءوس القبائل سمّاهم أهل خمسين، كانوا ملازمين مجلسَه. فأما العشرة: فعبد المؤمن، والشَيخ أبو إبراهيم الهَزْرَجيّ، والشَيخ أبو حفص عمر بن يحيى الهِنْتَانيّ المعروف بعمرانينيّ، والشَيخ أبو محمد عبد الله البشير، والشَيخ أبو محمد عبد الواحد الزّواويّ، وكان يُعرف بطير الجنَّة، والشَيخ أبو محمد عبد الله بن أبي بكر، والشَيخ أبو حفص عمر بن أَرْناق، والشَيخ أبو محمد وإسناد الأَغْماتيّ، والشَيخ أبو إسحاق إبراهيم بن جامع، وآخر. فهؤلاء الّذين سبقوا وتعرَّفوا به لأخذ العِلْم عنه. وكان اجتماعهم به أفرادًا في حال تَطْوافه في البلاد، فآثرهم واختصّهم. وفي أوّل سنة أربعٍ وعشرين جهّز جيشًا زُهاء عشرين ألف مقاتل، قدم عليهم البشير، ثمّ دونه عبد المؤمن، بعد أمورٍ وحروب. فساروا إلى مَرّاكُش، وحاصروها عشرين يومًا، فأرسل عليّ بن يوسف بن تاشفين إلى عامله على سجلْماسَة، فجمع جيشًا وجاء من جهة، وخرج ابن تاشفين من البلد من جهة، ووقع الحرب، واستَحَرَّ يومئذٍ القتل بجيش المَصَامِدة، فقتل أميرهم عبد الله البشير، فالتفُّوا على عبد المؤمن، ودام القتال إلى اللّيل. وصلّى بهم عبد المؤمن صلاة الخوف والحرب قائمة. وتكاثر الملثّمون، وتحيّز المصامدة إلى بستانٍ هناك ملتفٍ بالشجر يُعرف بالبحيرة، فلذا

قيل وقعة البحيرة. وبلغت قتلاهُم ثلاثة عشر ألفًا. وأُنهي الخبر إلى المهديّ فقال: عبد المؤمن سالم؟ قيل: نعم. قال: ما مات أحد، الأمر قائم. وكان مريضًا، فأمر بأتّباع عبد المؤمن، وعقد له من بعده، وسمّاه أمير المؤمنين، وقال لهم: هذا الّذي يفتح الله البلاد على يده، فلا تشُكّوا فيه وأعْضدوه بأموالكم وأنفسكم. ثمّ مات في آخر سنة أربعٍ وعشرين. قال اليَسَع بن حزْم: سَمَّى ابن تُومَرْت أتباع المرابطين مجسّمين، وما كان أهل المغرب يدينون إلّا بتنزيه الله تعالى عمّا لَا يجب له، وصفته بما يجب له، وترك الخوض فيما تقصر العقول عن فهمه. وكان علماء المغرب يعلّمون العامَّة أنّ اللّازم لهم أنَّ اللَّه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البصير؛ إلى أن قال: فكفّرهم ابن تُومَرْت بوجهين، بجهل العرض والجوهر. وأنّ من لَا يعرف ذلك لَا يعرف المخلوق، ولم يعرف الخالق. الوجه الثّاني إنّ من لم يهاجر إليه ولم يقاتل المرابطين معه فهو كافر، حلال الدّم والحريم. وذكر أنّ غضبه لله، وإنّما قام حِسْبةً على قومٍ أغرموا النّاس ما لَا يجب عليهم. وهذا تناقض، لأنّه كفّرهم، وإنّ كانوا مسلمين. فأخذ المرابطين منهم النَّزْر اليسير أشبه من قتْلهم ونهبهم. وحصل له في نفوس أتباعه من التصديق له والبركة ما لا يجوزه الوصف. وقال القاضي شمس الدّين: طالت المدَّة على ابن تُومَرْت، فشرع في حيلة، وذلك أنّه رأى أولاد المصامدة شُقْرًا زُرْقًا، ولون الآباء سُمْر، قال لهم عن ذلك، فلم يجيبوه، فلمّا ألحّ عليهم فقالوا: نحن من رعيَّة أمير المسلمين عليّ، وله علينا خَراج. وفي كلّ سنة تصعد مماليكه إلينا، وينزلون في بيوتنا، ويخرجونا عنها، ويخلُون بنسائنا وما لنا قُدرة على دفع ذلك. فقال ابن تُومَرْت: والله، الموتُ خيرٌ من هذه الحياة. كيف رضيتم بهذا، وأنتم أضربُ خلْق الله بالسّيف وأطعنهم بالرُّمح؟ قالوا: بالرّغم منّا.

قال: أرأيتم لو أنّ ناصرًا نصركم على هؤلاء، ما كنتم تصنعون؟ قالوا: كنّا نقدَّم أنفسنا بين يديه للموت، فمن هو؟ قال: ضيفكم. فقالوا: السّمع والطّاعة. فبايعهم، ثمّ قال: استعدوا لحضور هؤلاء بالسّلاح. فإذا جاءوكم فأجْرُوهم على عادتهم، ثمّ مِيلُوا عليهم بالخُمُور، فإذا سكروا فآذنوني بهم. فلمّا جاءوهم ففعلوا ذلك بهم وأعلموه، فأمر بقتلاهم، فلم تمض ساعة من اللّيل حتّى أتوا على آخرهم، وأفلت منهم واحد، فلحِق بمَرّاكُش، فأخبر الملك، فندِم على فوات محمد من يده حيث لَا ينفعه النّدم. وجهّز جيشًا. وعرف ابن تُومَرْت أنه لَا بد من عسكرٍ يغشاهم. فأمر أهل الجبل بالقعود على أنقاب الوادي، فلّما وصلت إليهم الخيل نزلت عليهم الحجارة من جانَبي الوادي كالمطر، ودام القتال إلى اللّيل، فرجع العسكر، وأخبروا الملك، فعلم أنّه لَا طاقة لنا بأهل الجبل لتحصُّنهم، فأعرض عنهم. ثمّ قال ابن تُومَرْت لعبد الله الوَنْشَريسيّ: هذا أوان إظهار فضائلك وفصاحتك دفعةً واحدة. ثمّ اتّفقا على أن يُصلّي الصُّبح، ويقول بلسانٍ فصيح: إني رأيت في النّوم أنّه نزل بي مَلَكان من السماء، وشقّا فؤادي، وغسّلاه، وحَشَياه عِلْمًا وحكمة. فلّما أصبح فعل ذلك، فدُهشوا وعجبوا منه، وانقادوا إليه كلّ الانقياد. فقال له ابن تُومَرْت: فعجِّل لنا الْبُشْرَى في نفسنا، وعرّفنا أَسُعَداءُ نحن أمْ أشقياء. فقال له: أمّا أنت فإنّك المهديّ القائم بأمر الله، مَن تبعك سَعد، ومَن خالفك شقي. ثمّ قال: أعرضْ أصحابك حتّى أميّز أهل الجنَّة من أهل النّار. وعمل ذلك حيلةً، قتل فيها من خالف أمر ابن تُومَرْت؛ ثمّ لم يزل إلى أن جهّز، بعد فصولٍ طويلة، عشرة آلاف مقاتل. وأقام هو في الجبل، فنزلوا لحصار مَرّاكُش، فأقاموا عليها شهرًا، ثمّ كُسِروا كسرة شنيعة وهرب من سَلِم من القتْل، وَقُتِلَ الوَنْشَرُيسيّ المذكور. وقال عبد الواحد بن عليّ المَرّاكُشيّ: ثمّ جعلوا يشنون الغارات على قرى

مَرّاكُش، ويقطعون عنها الْجَلَب، ويقتلون ويَسْبون الحريم. وكثر الدّاخلون في دعوتهم المنحاشون إليهم، وابن تُومَرْت في ذلك كلّه يُكثِر الزُّهد والتَّقَلُّل والعبادة. أخبرني من رآه يضرب على الخمر بالأكمام والنعال وعُشْب النَّخْلِ كفعل الصّحابة. وأخبرني من شهده وقد أُتيَ برجلٍ سَكْران فحدّه، فقال يوسف بن سليمان، أحد الأعيان: لو شَدَدْنا عليه حتى يخبرنا من أين شرِبَها. فأعرض عنه، فأعاد قوله، فقال: أرأيت لو قال شربتها في دار يوسف بن سليمان ما كنّا نصنع؟ فاستحى وسكت. ثمّ ظهر أنّ عبيد يوسف بن سليمان سقَوْه، فزادهم هذا ونحوه فتنةً بابن تُومَرْت. قال اليَسَع بن حزْم: ألّف ابن تُومَرْت كتاب "القواعد"، وممّا فيه: أن التّمادي على ذرةٍ من الباطل كالتمادي على الباطل كله. وألّف لهم كتاب "الإمامة"، يقول فيه: حتّى جاء الله بالمهديّ، يعني نفسه، وطاعته صافية نقيَّة، لَا ضدّ له ولا مثل له، ولا ندّ في الورى. وإنّ به قامت السّموات والأرض. قال اليَسَع: هذا نصّ قوله في الإمامة، وهذا نصّ تلقّيته من قراءة عبد المؤمن بن عليّ. دوّن لهم هذا بالعربيّ وبالبربريّ. فلما قرءوا هذين الكتابين زادهم ذلك شدَّةً في مذهبهم من تكفير النّاس بالذّنوب، وتكفيرهم بالتّأخُّر عن طاعة المهديّ الّذي قامت به السّموات والأرض. هذا نص ما قاله اليَسَع. قال: وأمرهم بجمع العساكر، فخرجوا إلى ناحية مَرّاكُش، فوجدوا جيشًا للمرابطين، فالتقوا، فانهزم المرابطون هزيمة مات فيها أكثر من شهِدَها، وصَبَر فيها الموحِّدون. فلّما كان في سنة إحدى وعشرين تألّفوا في أربعين ألف راجل وأربعمائة فارس، ونزلوا يريدون حضرة مَرّاكُش؛ فحدَّثني جماعة أنّهم نزلوا على باب أَغْمات بعد أن خرج إليهم المرابطون في أكثر من مائة ألف، بين فارسٍ وراجل، فخُذِلوا ودخلوا المدينة في أسوأ حالة. فجاء من الأندلس ابن همبك في مائة فارس، فشجّع أمير المسلمين، وخرج فقاتل، فانتصر المرابطون، وَقُتِلَ من المصامدة نحوٌ من أربعين ألفًا، فما سلِم منهم إلا نحو أربعمائة نفس.

كذا قال اليَسَع. وقال ابن خلِّكان: حَضَرت ابن تُومَرْت الوفاةُ، فأوصى أصحابه وشجّعهم، وقال: العاقبة لكم. ومات في سنة أربعٍ وعشرين إثر الوقعة الّتي قُتِلَ فيها الوَنْشَرِيسيّ، ودُفِن بالجبل، وقبرُه مشهورٌ معظّم. ومات كهلًا. وكان رَبْعةً، أسمر، عظيم الهامة، حديد النّظر، مَهِيبًا. وقيل فيه: آثاره تُغنيك عن أخباره حتّى كأنّك بالعَيَان تراه، قدمٌ في الثَّرَى وهامة في الثريا، ونفس ترى إراقة ماء الحياء دون ماء المُحيّا. أغفل المرابطون ربطْه حتّى دبّ دبيب الفَلَق في الغَسَق، وترك في الدّنيا دَوِيًّا. وكان قُوتُه من غزْل أخته رغيفًا في كلّ يومٍ، بقليل سمنٍ أو زيت. فلم ينتقل عن ذلك حين كثُرت عليه الدّنيا. ورأى أصحابه يومًا وقد مالت نفوسُهم إلى كثْرة ما غنموه، فأمر بإحراق جميعه، وقال: من كان يبتغي الدّنيا فما له عندي إلّا هذا، ومن كان يبتغي الآخرة فجزاؤه عند الله. ومن شعره: أخذت بأعضادهم إذْ نأوا ... وخَلْفك القوم إذْ ودّعوا فكم أنت تُنْهَى ولا تنتهي ... وتُسْمع وعظًا ولا تَسْمعُ فيا حجر الشَّحْذ حتّى متى ... تسنّ الحديد ولا تقطعُ وكان يتمثّل كثيرًا من قول: تجرّد من الدّنيا فإنك إنما ... خرجت إلى الدُّنيا وأنت مجرَّدُ ولم يتملك شيئًا من البلاد، وإنما قرّر القواعد ومهّدها، وبَغَتَه الموت. وكانت الفتوحات على يد عبد المؤمن. وقد كان الملك أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن في أيّامه، وقد زار قبر ابن تُومَرْت بمحضرٍ من الموحّدين، فقام شاعر وانشد هذه القصيدة، وفيها جُمل ممّا كان يعتقده ابن تُومَرْت يخبر به: سلامٌ على قبر الإمام الممجَّدِ سلالةِ خير العالِمين محمد

وشبهه في خلْقه ثمّ في اسْمِه ... وفي اسم أبيه والقَضاء المسدّد أتتنا به البُشْرى بأنْ يملا الدّنا ... بقسطٍ وعدلٍ في الأنام مخلّد ويفتتح الأمصار شرقًا ومغربًا ... ويملك عربًا من ثعير ومنجد فمن وصفه أثني واجلي وأن ... علاماته خمس تبين لمهتدي زمان واسم والمكان ونسبه ... وفعل له في عصمة وتأبُّد ويلبث سبْعًا أو فتِسْعًا يعيشها ... كذا جاء في نصٍّ من النَّقْلِ مُسْندِ فقد عاش تسعًا مثل قَوْل نبيّنا ... فذلكُمُ المهديُّ باللهِ يهتدي وخرج إلى مدْح عبد المؤمن وبنيه. ولابن تُومَرْت أخبار طويلة عجيبة. 63- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي الغنائم عَبْد الصمد بن عليّ بن المأمون. أبو غانم الهاشميّ. يروى عن: جدّه. وعنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو طاهر السِّلَفيّ. 64- محمد بن عليّ بن محمود1. المعمّر أبو منصور الزُّولَهيّ التاجر، المعروف بالكُرَاعيّ، ويقال: إنّ اسمه أحمد. وكتب له محمد وأحمد من قرية زولاه، إحدى قرى مرْو. شيخ صالح صائن، رحلَ إليه النّاس، وصارت زولاه مقصد الطّلبة والفُقهاء بسببه. وكان آخر من روى عن جده لأمّه أبي غانم الكُرَاعيّ. وكان قدّر مسموعاته قريبًا من عشرين جزءًا. سمعت منه. قاله أبو سعد السمعاني.

_ 1 التحبير "2/ 196، 197"، الأنساب "6/ 345"، معجم البلدان "2/ 959".

وقال: سمعت منه بقراءة السّنجيّ اثني عشر جزءًا. ثمّ أحضره شيخنا الخطيب أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن المَرْوَزِيّ في الخانقاه، وقرأ عليه الأجزاء المسموعة له، فسمعتها منه. وُلِد في العشرين من شوّال سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. ومات في أواخر سنة أربعٍ وعشرين أو في أوائل سنة خمسٍ بقريته. قلت: هو في زمانه لأهل خراسان كفاطمة الْجُوزدَانيَّة لأهل أصبهان، وكابن الحُصَيْن لأهل بغداد، وكالرّازيّ لأهل مصر. وقد حدَّث عنه بالشّام محمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن المروزي، وبقي إلى سنة ثمانين وخمسمائة. 65- منصور1. أبو عليّ. الآمر بأحكام الله ابن المستعليّ بالله أبي القاسم أحمد بن المستنصر بالله أبي تميم مَعَدّ بن الظّاهر بالله عليّ بن الحاكم بن العزيز بن المُعِزّ العُبَيْديّ المصريّ، صاحب مصر. كان رافضيًا كآبائه. فاسقًا، ظالمًا، جائرًا، مستهزئًا لعّابًا، متظاهرًا باللَّهْو والمُنْكَر، ذا كبرٍ وجَبَرُوت. وكان مدبّر سلطانه الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش. ولي الأمر وهو صبيّ، فلمّا كبر قتل الأفضل وأقام في الوزارة المأمون أبا عبد الله محمد بن مختار بن فاتك البطائحيّ، فظلم وأساء السّيرة إلى أن قبض عليه الآمر سنة تسع عشرة وخمسمائة، وصادره ثمّ قتله في سنة اثنتين وعشرين وصَلَبه، وقتل معه خمسةً من إخوته. وفى أيّام الآمر أخذت الفرنج عكّا سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة، وأخذوا طرابلس الشام في سنة اثنتين وخمسمائة فقتلوا وسبوا، وجاءتها نجدة المصريّين بعد فوات المصلحة؛ وأخذوا عرفة، وبانياس، وجبيل.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 664، 665"، المنتظم "10/ 15، 16"، البداية والنهاية "12/ 200، 201".

وتسلموا سنة إحدى عشرة وخمسمائة قلعة تبنين، وتسلّموا صور سنة ثمان عشرة، وأخذوا بيروت بالسيف في سنة ثلاثٍ وخمسمائة، وأخذوا صيدا سنة أربع. ثمّ قصد الملك بردويل الإفرنجيّ مصرَ ليأخذها ودخل الفَرَما، وحرق جامعها، والفَرَما قريبة من قطْيا من ناحية البحر، خربت وأحرق مساجدها، فأهلكه الله قبل أن يصل إلى العريش، فشقّ أصحابه بطنه وصبَّروه، ورموا حشوته هناك، فهي تُرجم إلى اليوم بالسَّبْخة، ودفنوه بقُمَامَة. وكان هو الّذي أخذ بيت المقدس، وعكّا، وعدَّة حصونٍ من السّواحل. وذلك كلّه بتخلُّف هذا المشئوم الطَّلْعة. وفي أيّامه ظهر ابن تُومَرْت؛ وفي أيّام أبيه أخذت الفرنج أنطاكّية، والمَعَرَّة، والقدس. وجرى على الشام أمرٌ مهول من ظهر الرَّفْض والسّبّ، ومن استيلاء الفرنج وَالسَّبْيِ والأسْر، نسأل الله العفو والأمن. ووُلِد الآمر في أول سنة تسعين وأربعمائة، واستخلف وله خمسُ سِنين، وبقي في المُلْك تسعًا وعشرين سنة وتسعة أشهر، إلى أن خرج من القاهرة يومًا في ذي القعدة، وعدَى على الجسر إلى الجيزة، فكمن له قومٌ بالسّلاح، فلمّا عبر نزلوا عليه بأسيافهم، وكان في طائفةٍ يسيرة، فردّوه إلى القصر مُثْخَنًا بالجراح، فهلك من غير عقب، وهو العاشر من أولاد المهديّ عُبَيْد الله الخارج بسجلْمَاسَة، وبايعوا بالأمر ابن عمّه الحافظ أبا الميمون عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بالله، فعاش إلى سنة أربعٍ وأربعين. وكان الآمر رَبْعةً، شديد الأُدْمَةِ، جاحظَ العينين، حَسَن الخطّ، جيّد العقل والمعرفة. وقد ابتهج النّاس بقتله لعسَفه وسفْكه الدّماء، وكثرة مطاردته، واستحسانه الفواحش. وعاش خمسًا وثلاثين سنة. وبنى وزيره المأمون بالقاهرة الجامع الأقمر.

"حرف الهاء": 61- هبة اللَّه بْن القاسم بْن عطاء بن محمد1. أبو سعد المِهْرانيّ النَّيْسابوريّ. قدِم بغداد، وسمع: أبا محمد الصَّرِيفِينيّ. وكان قد سمع من عبد الغافر الفارسيّ "صحيح مسلم". وسمع من: أبي عثمان الصّابونيّ، وأبي سعد الكنجروذي، وأبو نُعَيْم بسرويه بن محمد. ووُلِد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. قال أبو سعد السّمعانيّ: كان شيخًا أصيلًا نبيلًا، نظيفًا، من بيت العِلم والزُّهد والورع، حافظًا للقرآن، قانعًا بالكفاف. انزوى في آخر عمره، وترك النّاس، وأقبل على العبادة. أجاز لي؛ وحدَّثني عنه جماعة، منهم: سعيد بن محمد الطُّيُوريّ، وأبو منصور عليّ بن محمد الغيد الطُّرَيْثيثي. وتُوُفّي في العشرين من جُمَادَى الأولى بنَيْسابور، وعمره ثلاث وتسعون سنة. قلت: وروى عنه: أبو بكر محمد بن عليّ بن ياسر الحيّانيّ. "حرف الواو": 67- وَهْبُ الله ابن الحافظ الكبير أَبِي القاسم عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد بن حشكان بن حسين بن عبد الله بن الحَكَم بن الوليد بن عُقْبة بن عامر بن عبد المجيد ابن الأمير عَبْد اللَّه بْن عامر بْن كُرَيز بن ربيعة بن حبيب بن عَبْد شمس بن عبد مَنَاف2. العبْشَميّ، الكُرَيْزيّ، النَّيْسابوريّ، ابن الحذاء.

_ 1 التحبير "2/ 364، 365"، المنتظم "10/ 19"، الكامل في التاريخ "10/ 667"، شذرات الذهب "4/ 73". 2 المنتخب من السياق "473".

سمع: أباه، وأحمد بن محمد بن مُكْرَم الصَّيْدلانيّ، وأبا يعلى بن الصابوني. مات في سابع شوال عن أربعٍ وسبعين سنة. كنيته أبو الفضل. وفيات سنة خمس وعشرين وخمسمائة: "حرف الألف": 68- أحمد بن حامد بن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن عليّ بْن محمود بْن هبة اللَّه بن آله1. وآله هو العقاب بالعجميّ. عزيز الدّين أبو نصر الأصبهانيّ المستوفيّ، عمّ العماد الكاتب. كان رئيسًا نبيلًا، وكاتبًا بليغًا، كثير البر والصلات. روى الحديث عن: أبي مطيع محمد بن عبد الواحد المَدِينيّ. روى عنه: سعد الله بن الدّجاجيّ، وغيره. وقد ولي مناصب في الدولة السلجوقية، ومدحه الشعراء. وفيه يقول الحسن بن أحمد بن حكينا: فميلوا بنا نحو العراق رِكابَكُمْ ... لِنَكْتَال من مالِ العزيز بصاعِهِ وكان في الآخر متولّي خزانة السّلطان محمود بن محمد السَّلْجُوقيّ، فتزوّج محمود ببنت عمّه سَنْجَر، فماتت عنده، فطالبه عمّه بما كان خرج معها، فجحده محمود، وخاف من العزيز أن يشهد عليه بما وصل صُحبتها لأنّه كان مطّلعًا على ذلك، فقبض عليه، وسَيَّره إلى قلعةِ تِكْريت، وكانت له، فحبسه بها. ثمّ قتله على يد متولّيها في أوائل سنة خمسٍ وعشرين، وله ثلاثٌ وخمسون سنة. 69- أحمد بن علي بن محمد2.

_ 1 المنتظم "10/ 28"، وفيات الأعيان "1/ 188-190". 2 المنتظم "10/ 21"، العبر "4/ 64"، عيون التواريخ "12/ 248".

أبو السّعود بن المُجَلّيّ البغداديّ البزّاز. شيخ، صالح، صَبور على القراءة، ولم يكن يعرف شيئًا من الحديث. وكان يعِظ ويذكّر بجامع المنصور. سمّعه أبوه هبة الله من: القاضي أبي يعلى بن الفراء، وعبد الصمد بن المأمون، وأبي جعفر ابن المسلمة، وابن المهتدي بالله، وأبي بكر الخطيب، وجماعة. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابن الْجَوزيّ، وأبو الفتوح بن غَيْث، والحسن بن عبد الرحمن الفارسيّ، وأبو الفتح المندائيّ، وجماعة. وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة، وتُوُفّي في ثامن ربيع الأوّل رحمه الله. "حرف الحاء": 70- حماد بن مسلم بن ددوة1. أبو عبد الله الدباس الرّحْبيّ، رحبة مالك بن طَوْق. الزّاهد العارف؛ وُلِد بالرحْبَة، ونشأ ببغداد. وكان له كاركة للدبْس، يجلس في غرفتها. وكان من الأولياء أولي الكرامات. صحِبَه خلْق، فأرشدهم إلى الله تعالى، وظهرت بركته عليهم، وكان يتكلم على الأحوال. وقد كتبوا من كلامه نحوًا من مائة جزء. وكان أميًّا لا يكتب. قال عبد الرحمن بن محمد بن حمزة الشّاهد: رأيت في المنام كأنّ قائلًا يقول لي: حمّاد شيخ العارفين والأبدال. وعن حمّاد قال: مات أبوايَ في يومٍ واحد، ولي نحو ثلاثين سنة. وكانا من أهل الرحْبَة. وقال أحمد بن صالح الجيليّ: سمع من أبي الفضل بن خَيْرُون، وكان يتكلَّم على آفات الأعمال في المعاملات، والرياضات، والورع، والإخلاص. وقد جاهد نفسه بأنواع المجاهدات، وزوال أكثر المهن والصنائع في طلب الحلال.

_ 1 المنتظم "10/ 22، 23"، الكامل في التاريخ "10/ 671"، سير أعلام النبلاء "19/ 594-596". البداية والنهاية "12/ 202".

وكان كأنه مسلوب الاختيار، مكاشفًا بأكثر الأحوال. ومن كلام الشَيخ حمّاد: إذا أحبّ الله عبدًا أكثر همّه فيما فَرَّط، وإذا أبغض عبدًا أكثر همّه فيما قَسَمه له ووعده به. العلم محجةٌ، فإذا طلبته لغير الله صار حُجَّة. وقال أبو سعد السّمعانيّ: سمعت أبا نصر عبد الواحد بن عبد الملك يقول: كان الشَيخ حمّاد يأكل من النَّذْر، ثمّ تركه لمّا بلغه قوله عليه السّلام: "إنّه يستخرجه به من البخيل" 1، فكره أكْلَ مال البخيل. وصار يأكل بالمنام. كان الإنسان يرى في النّوم أنّ قائلًا يقول له: أعط حمّادًا كذا فيصبح ويحمل ذلك إلى الشَيخ. وقال الشَيخ أبو النّجيب عبد القاهر: مرض الشَيخ حمّاد، فاحتاج إلى التَّنَشُّق بماء ورد، فحمل إليه أبو المظفر محمد بن عليّ الشّهْرُزُورِيّ الفَرَضيّ منه شيئًا، فلما وضع بين يديه قال: رُدّوه فإنه نجِس. فردّوه إلى أبي المُظَفَّر فقال: صَدَق الشَيخ، كان قد وقع في طَرَفه نجاسة وتركته وحده لأريقه، فنسيت. وقال المبارك بن كامل: مات الشَيخ العارف الورع الناطق بالحكمة حمّاد الدّبّاس في سنة خمس، ولم أرَ في زماني مثله صحِبْتُه سنين وسمعت كلامه. وكان مكاشَفًا يتكلَّم على الخواطر، مسلوب الاختيار، زِيّه زي الأغنياء، وتارة زَيّه زِيّ الفقراء متلوّن، كيف أُدير دار. وكان شيخ وقته، يشبه كلامه كلام الحصريّ. كانت المشايخ إذا جاءت إليه كالميت بين يدي الغاسل، لَا يتجاسر الشّخص أن يختلج. وقال ابن الْجَوزي قاتَلَه الله: كان حمّاد الدّبَاس على طريقة التّصوّف، يدّعي المعرفة والمكاشفة وعلوم الباطن، وكان عاريًا عن علم الشَّرْع فلم ينفق إلّا على الْجُهّال. وكان ابن عَقِيل ينفّر النّاس عنه، حتّى بلغه أنّه يعطي كلّ من يشكو الْحُمَّى لوزةً وزبيبة ليأكلها فيبرأ، فبعث إليه ابن عَقِيل: إنْ عُدْت إلى مثل هذا ضربتُ عُنقَك. فكان يقول: ابن عقيل عدوي.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "6608-6693"، ومسلم "1639"، وأبو داود "3287"، والنسائي "3810، 3811، 3812"، وابن ماجه "2122".

وصار النّاس يَنْذُرُون له النُّذُور. ثمّ تركه، وصار يأخذ بالمنامات، ويُنْفق على أصحابه ما يُفْتَح له، ومات في رمضان. قلت: وقد نقم "ابن الأثير" و"أبو المظفَّر بن قزغليّ" في تاريخيهما على ابن الجوزيّ، حيث حطّ على الشَيخ حمّاد، فقال أبو المظفَّر: ولو لم يكن لحمّاد من الفضائل الّتي اتّصف بها في زهادته وطريقته، إلّا أنّ الشَيخ عبد القادر أحد تلامذته. "حرف الخاء": 71- خَلَف بن مُفَرِّج بن سعيد. أبو القاسم بن الحبان الشّاطبيّ الكِنانيّ. عاش تسعين سنة إلّا أشْهُرًا. وروى عن: أبي الوليد الباجيّ، وأبي عبد الله بن سعدون، وطاهر بن مُفَوَّز. وكان فقيهًا، مشاوَرًا، مدرّسًا. روى عنه: أبو عبد الله بن مفاوز، وعبد الغنيّ بن مكّيّ، وأبو عبد الله المِكْناسيّ. "حرف الزاي": 72- زُهر بْن عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن مروان بن زهر1. أبو العلاء الإيادي الإشبيلي الطبيب. رحل إلى قرطبة فأخذ عن: أبي عليّ الغسّانيّ، وعبد الله بن أيّوب، وأبي بكر بن مفوّز. وأخذ الطَّبّ عن والده فمهَر فيه، وصنَّف فيه حتّى إنّ الأندلسيين ليفخرون به، وحلَّ من السّلطان محلًا عظيمًا. وكانت إليه رئاسة إشبيلية. وكان بارعًا في الأدب، شاعرًا، محسنًا.

_ 1 وفيات الأعيان "4/ 436"، سير أعلام النبلاء "19/ 596"، شذرات الذهب "2/ 74، 75".

روى عنه: ابنه أبو مروان، وأبو بكر بن أبي مروان، وأبو عامر بن يبق، وغيرهم. وكان محتشمًا جوادًا، لكن فيه بذاءة لسان. وله كتاب "الخواصّ"، وكتاب "الأدوية المُفْرَدَة"، وكتاب "الإيضاح في الطّب"، وكتاب "حلّ سلوك الرّازيّ على الكتب"، وكتاب "النكت الطبية"، وغير ذلك. وكان أبوه أبو مروان من رءوس الأطبّاء، وكان جدّه محدَثًا، فقيهًا، مشهورًا. وتُوُفّي بقُرْطُبة منكوبًا. ومن شِعره: يا راشقي بسهامٍ ما لها غَرَضُ ... إلّا الفؤاد وما منها لنا عوضُ ومُمْرِضي بجفونٍ كلّها غنجٌ ... صحت وفي طبعها التحريض والمرض جد لي ولو بخيالٍ منك يَطْرُقُني ... وقد يَسُدّ مَسَدَّ الجوهرِ الْعَرَضُ "حرف العين": 73- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نجا بن عليّ بن محمد بن شاتيل. أبو محمد المراتبيّ الدّباس. شيخ صحيح السّماع، أضرّ في آخر عمره. وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا محمد الصَّرِيفِينيّ. وعنه: أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم الحافظ. وكان لَا يعرف شيئًا. وهو والد أبي الفتح عُبَيْد الله. تُوُفّي في نصف المحرَّم. 74- عبد الباقيّ بن الحسين بن إبراهيم. أبو الحسين النّجّاد، كشلة. بغداديّ لهُ دكّان بسوق الثُّلاثاء. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، والصَّرِيفينيّ.

وقرأ القراءات على: أبي عليّ بن البنّا. قال ابن السّمعانيّ: حدَّثني عنه جماعة، وسمعت أنّه ما كانت له سيرة حسنة. تُوُفّي في نصف المحرَّم أيضًا. 75- عبد الباقيّ بن عامر بن زيد1. أبو المجد الأنصاريّ الهَرَويّ، سِبْط أبي إسماعيل، شيخ الإسلام. واعظ حَسَن الإيراد، بارز العدالة، نبيل، عالم. سمع: جدّه، ومحمد بن عبد العزيز الفارسيّ، وأبا عطاء الجوهري. وأملى مجلسًا بجامع المنصور. وتوفي رجب. 76- عليّ بن طاهر البغداديّ. المغازليّ. قال المبارك بن كامل: هو عمّ والدتي. عاش مائة وعشرين سنة. ورأى: أبا الحسن القَزْوينيّ. وسمع قليلًا. 77- عيسى بْن حزْم بْن عَبْد اللَّه بْن اليَسَع2. أبو الأصبَغ الغافقيّ، نزيل المَرِيَّة. أخذ القراءات عن: أبيه. وروى عن: أبي داود، وابن الدّوش، وجماعة. وتصدّر للإقراء. وكان محمودًا، محققًا، صالحًا. ولي خطَّة الشُّورى والخطابة بالمرية. وحدث عن: ابن الطلاع، وأبي علي الغساني.

_ 1 التحبير "1/ 419، 420"، المنتخب من السياق "363، 364". 2 غاية النهاية "1/ 608".

أخذ عنه: أبو القاسم بن حُبَيْش، وأبو العبّاس البَرَاذِعيّ، وأبو عبد الله بن عبّاد الحِنّائيّ. ولا يعلم وفاته، لكنه حدَّث في هذا العام. وأكثر عنه ولده أبو يحيى اليَسَع صاحب المغرب. "حرف الميم": 78- مالك بن يحيى بن أحمد بن عامر1. أبو عبد الله الإشبيليّ، أحد رجال الكمال والارتسام بمعرفة العلوم على تفارقها. سمع من: أحمد بن محمد الخَوْلانيّ، وغيره. ومات رحمه الله تعالى بمَرّاكُش عن اثنتين وسبعين سنة. ورّخه ابن بَشْكُوال. 79- محمد بْن أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد2. أَبُو عَبْد اللَّه الرّازيّ، ثمّ المصريّ. المعدّل الشّاهد؛ ويُعرف بابن الخطّاب. مُسْنِد الدّيار المصرية وشيخ الإسكندريَّة. وُلِد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وعُني به أبوه وأسمعه الكثير في سنة أربعين. سمع: أباه، وأبا الحسن بن حِمّصة الحَرّانيّ، وعلي بن ربيعة، ومحمد بن الحسين الطّفّال، وعلي بن محمد الفارسيّ، وأحمد بن محمد بن الفتح الحكيميّ، وأبا الفضل أحمد بن محمد السَّعْديّ، وأَحْمَد بْن عَلِيّ بْن هاشم تاج الْأئمة، وأبا الفتح أحمد بن بابشاذ والد طاهر، وعبد الملك بن مسكين، ومحمد بن الحسين بن سعدون المَوْصِليّ، ومحمد بن الحسين بن التَّرْجُمان، وتتمة سبعة وأربعين شيخًا، تخرج عنهم في مشيخته، وترفد بالرّواية عن كثيرٍ منهم، فانقطع إسنادٌ عالٍ بموته، رحمه الله. روى عنه: أبو طاهر السَّلَفيّ، ويحيى بن سعدون القُرْطُبيّ، وأبو محمد العثمانيّ، وعبد الواحد بن عسكر المخزوميّ، وأبو القاسم علي بن مهدي الفقيه ابن

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 621". 2 سير أعلام النبلاء "19/ 583-585"، النجوم الزاهرة "5/ 247"، شذرات الذهب "4/ 75".

قليتا، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وبدر الحذاء داوبي، وأبو طالب أحمد بن المسلم التنوخي، والفقيه أبو الطاهر إسماعيل بن عوف، وإسماعيل بن صالح بن ياسين، وخلْق آخرهم موتًا عبد الرحمن بن موقا. وتوفي سادس جُمَادى الأولى، وله إحدى وتسعون سنة. ولو عاش أصحابه بعده كما عاش هو بعد شيوخه لتأخروا إلى سنة عشرٍ وستمائة. والسّماع قسميَّة. 80- محمد بن الحَسَن بن عليّ بن الحسن1. الشيخ أبو غالب الماوردي الصادق. ولد بالبصرة سنة خمسين وأربعمائة. وسمع: أبا عليّ التُّسْتَرِيّ، وعبد الملك بن شُعْبة، وجماعة بالبصرة. وأبا الحسين بن النَّقُّور، وعبد العزيز الأنْماطيّ، وعبد الله بن الحسن الخلّال ببغداد. وأبا عمر بن مَنْدَهْ، ومحمود بن جعفر الكَوْسَج، والبُرَانيّ بأصبهان. ومحمد بن أحمد بن علان أبا الفرج، وأبا الحسن محمد بن الحسن بن المنوّر الْجُهنَيّ بالكوفة. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وأبو أحمد بن سُكَيْنَة، وابن بُوش، وجماعة. قال ابن الجوزيّ: كتب بخطّه الكثير، وكان يورّق للنّاس. وكان صالحًا. تُوُفّي في رمضان ببغداد. قال: ورُؤُيَ في المنام فقال: غفر الله لي ببركات الحديث، وأعطاني جميع ما أَمَّلْتُه. 81- محمد بن داود بن عطيَّة. أبو عبد الله العكّيّ القلعي القيرواني الأصل.

_ 1 المنتظم "10/ 23"، الكامل في التاريخ "10/ 671"، سير أعلام النبلاء "19/ 589"، شذرات الذهب "4/ 75".

روى بالأندلس عن: عبد الجليل الرَّبَعيّ؛ وأكثر عن أبي علي الغساني. واستقضى بتِلِمْسَان وبعدها بإشبيلية، ثمّ بفاس. وكان من جِلَّة العلماء. وقد حدَّث. تُوُفّي في عاشر ذي القعدة في عَشْر الثّمانين. 82- محمد بن عمر بن عبد العزيز1. أبو بكر البخاريّ الحنفيّ المقرئ المعروف بكاك. إمام أصحاب أبي حنيفة بمكَّة. كان فقيهًا، صالحًا، محدثًا. سمع: عبد الباقيّ بن يوسف المراغيّ، وأبا بكر أحمد بن سهل السّرّاج، وجماعة. وعنه: أبو القاسم بن عساكر، ومحمود بن محمد بن بابشاذ، وغيرهما. وعاش أربعًا وسبْعين سنة. "حرف الهاء": 83- هبة الله بن محمود بن عبد الواحد بن حمد بن العبّاس بن الحُصَيْن2. أبو القاسم الشَّيْبانيّ الهَمَذَانيّ، ثمّ البغداديّ، الكاتب. مسنِد العراق. وُلِد في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة في رابع ربيع الأوّل. وسمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا علي بن المذهب، وأبا محمد بن المقتدر، وأبا القاسم التَّنُوخيّ، والقاضيّ أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ. قال ابن السّمعانيّ: شيخ ثقة، ديّن، صحيح السّماع، واسع الرواية، عُمّر حتّى صار اسْنَد أهل عصره. ورحلَ إليه الطّلبة، وازدحموا عنده. حدث "بمُسْنَد أحمد" وأحاديث أبي بكر الشّافعيّ، واليَشْكُريّات. وهو آخر من حدث بهذه الكتب.

_ 1 المنتظم "10/ 24". 2 المنتظم "10/ 24"، الكامل في التاريخ "10/ 671"، سير أعلام النبلاء "19/ 536-539"، البداية والنهاية "12/ 203".

وحدَّثني عنه: أبو بكر بن أبي القاسم الصّفّار، وأبو عبد الله حامد المَدِينيّ الحافظ، وأبو أحمد مُعَمَّر بن الفاخر، وأبو الخير عبد الرحيم الأصبهانيّ، والحافظ أبو القاسم الشّافعيّ، وجماعة كثيرة. وكانوا يصِفُونه بالسَّداد والأمانة والخيريَّة. وقال ابن الجوزيّ: بكّر به أبوه وبأخيه عبد الواحد فأسمعهما، وعُمّر حتّى صار اسْنَد أهل عصره. وكان ثقة صحيح السَّماع. سمعت منه "المسند" جميعه، و"الغيلانيات" جميعها، وغير ذلك. وأملى عدَّة مجالس باستملاء شيخنا ابن ناصر. قلت: هي أربعون مجلسًا. قال: وتُوُفّي في رابع عشر شوّال، وصلّى عليه ابن ناصر بوصيةٍ منه. تُوُفّي بعد الظُّهر يوم الأربعاء، وتُرِك إلى يوم الجمعة، يعني حتّى دُفِن. قال الحسين بن خسْرُو: دُفِن يوم الجمعة بباب حرْب في اليوم الثالث من وفاته. قلت: حدَّث عنه: الحافظ أبو العلاء الهَمَذَانيّ، والحافظ أبو موسى المَدِينيّ، والإمام أبو الفتح بن الْمُنَى، وقاضي القُضاة أبو الحسن عليّ بن أحمد بن الدّامغَانيّ، وقاضي الشّام أبو سعد بن أبي عصْرون، وأبو منصور عبد الله بن محمد بن حمدِيّه، وأخوه أبو طاهر إبراهيم، وأبو محمد بن شَدقيني، وعبد الرحمن بن سعود القصْريّ، والعلّامة مجير الدّين أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطيّ، ويحيى بن ياقوت النّجّار، وعبد الخالق بن هبة الله البُنْدار، والقاضي عُبَيْد الله بن محمد السّاويّ، وعلي بن المبارك بن جابر العدل، وعبد الرحمن بن أبي الكرم بن ملّاح الشّط، وعبد الله بن أبي بكر بن الطَّويلة، وعلي بن عمر الحربيّ الواعظ، وعبد الله بن أبي المجد الحربيّ، وهبة الله بن أبي المجد الحربيّ، وهبة الله بن الحَسَن السِّبْط، وعليّ بن محمد بن عليّ الأنباريّ، وعبد الله بن نصر بن مزروع التّلّاحيّ، وعبد الرحمن بن أحمد العُمريّ، والحسن بن إبراهيم بن أُشْنَانَة، وعبد الله بن محمد بن عُليان الحربيّ، ولاحق بن قَنْدَرَة، روى "المُسْند" سنة ستّمائة، وفاطمة بنت سعد الخير، وأبو القاسم بن شدّقينيّ، وعمر بن جُرَيرة القطّان، والمبارك بن إبراهيم بن مختار بن السّبتي.

وبقي بعد السّتّمائة من أصحابه: عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أيّوب البَقَليّ: تُوُفّي سنة إحدى. وحنبل المكبّر: تُوُفّي في أوّل سنة أربع؛ وأبو الفتح محمد بن أحمد المنْدائيّ، وهو آخر من حدَّث بالمُسْنَد كاملًا: تُوُفّي في شعبان سنة خمسٍ، ودُفِن بداره بواسط. والحسين بن أبي نصر بن القارص الحريميّ، وتُوُفّي في شعبان أيضًا. وعبد الوهّاب بن سُكَيْنة، وتُوُفّي سنة سبعٍ في ربيع الآخر. وعمر بن طَبرزد، وفيها تُوُفّي في رجب، وهو آخر أصحابه. وتُوُفّي أبوه محمد بن عبد الواحد الكاتب سنة تسعٍ وستّين. وفيات سنة ست وعشرين وخمسمائة: "حرف الألف": 84- أحمد ابن الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجماليّ1. الأرمنيّ، ثمّ المصريّ، صاحب مصر وسلطانها، الملك الأكمل أبو عليّ، ابن صاحبها ووزيرها. ولمّا قُتِلَ أبوه في سنة خمس عشرة وخمسمائة، وأخذ الآمر بأحكام الله جميع أمواله سجَن هذا مدَّة، فلمّا مات الآمر أشغلوا الوقت بعده بابن عمه الحافظ عبد المجيد إلى أن يولد حَمل للآمر، فجاء بنتًا. وأخرجوا من السّجن أبا عليّ عند موت الآمر، وجعلوا الأمور إليه. وكان شَهْمًا شجاعًا مَهِيبًا، عالي الهِمَّة كأبيه وجدّه، فاستولى على الدّيار المصرية، وحفظ على الآمر، ومنعه من الظهور، وأودعه في خزانة، فلا يدخل إليه أحد إلّا بأمر الأكمل. وعمد إلى القصر فأخذ جميع ما فيه إلى داره كما فعل الآمر بأبيه جزاءً وِفاقًا، وأهمل الخلفاء العُبَيْديين والدعاء لهم، لأنه كان في تسنُّن كأبيه. وأظهر التّمسُّك بالإمام المنتظر، فجعل الدعاء في الخطبة له، وأبطَلَ من الأذان "حيِّ على خير العمل" وغيرَّ قواعد الباطنيَّة، فأبغضه الأمراء والدُّعاة.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 672، 673"، العبر "4/ 67"، عيون التواريخ "12/ 251".

وأمر الخُطباء بأن يخطبوا له بهذه الألقاب الّتي نصَّ لهم عليها، وهي: السيّد الأفضل الأجل، سيد ممالك أرباب الدولة، المحامي عن حَوْزة الدّين، ناشر جَناح العدْل على المسلمين، ناصر إمام الحقّ في غيبته وحضوره والقائم بنُصْرته بماضي سيفه وصائب رأيه وتدبيره، أمين الله على عباده، وهادي القُضاة إلى اتباع شرع الحقّ واعتماده، ومرشد دُعاة المؤمنين بواضح بيانه وإرشاده، مولى النِّعَم، ورافع الجور عن الأمم، ومالك فضيلتي السيف والقلم، أبو علي ابن السيد الأجل الأفضل، شاهنشاه أمير الجيوش. فكرهوه وصمموا على قتله، فخرج في العشرين من المحرم للعب بالكرة فكمن له جماعة، وحمل عليه مملوك إفرنجي للحافظ، فطعنه فقتله، وقطعوا رأسه، وأخرجوا الحافظ وبايعوه. ونهب دار أبي علي، وركب الحافظ إلى الدار فاستولى على خزائنه، واستوزر مملوكه أبا الفتح يانس الحافظي، ولقبه أمير الجيوش، فظهر شيطانا ماكرا بعيد الغور، حتى خاف منه الحافظ، فتحيل عليه بكل ممكن، وعجز حتى واطأ فراشه بأن جعل له في الطّهارة ماءً مسمومًا، فاستنجي به، فعمل على سِفْله ودوَّد، فكان يعالج بأن يلصق عليه اللحم الطري، فيتعلق به الدود، فترجع للعافية، وأتاه الحافظ عائدًا، فقام له، وجلس الحافظ عنده لحظةً وانصرف، فمات من ليلته في السّادس والعشرين من ذي الحجَّة من السّنة، وكانت وزارته إحدى عشر شهرًا. واستوزر الحافظ ولده وليَّ عصره الحَسَن الّذي قُتِلَ سنة تسعٍ وعشرين. 85- أَحْمَد بن عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن محمد بن أحمد1. أبو العزّ بن كادش، السُّلَمي البغداديّ العُكْبَرِيّ. سمع: أقضى القُضاة أبا الحسن الماوَرْديّ، وهو آخر من حدَّث عنه، وأبا الطَّيَّب الطَّبَريّ، وابن الفتح العُشَاريّ، وأبا محمد الجوهريّ، وأبا عليّ الجازريّ. روى الكثير، وأثنى عليه جماعة. قال ابن الجوزيّ: كان مُكْثِرًا ويفهم الحديث.

_ 1 المنتظم "10/ 28"، الكامل في التاريخ "10/ 683"، سير أعلام النبلاء "19/ 558-560".

وقال ابن السّمعانيّ: شيخ مُسْنِد سمع بنفسه، وكان يفهم، وأجاز لي، ونبا عن جماعة. ونبا ابن ناصر أنّه سمع إبراهيم بن سليمان يقول: سمعتُ أبا العزّ بن كادش يقول: أنا وضعت حديثًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان ابن ناصر سيئ الرأي فيه. وقال لي عبد الوهّاب الأنماطيّ: كان مخلِّطًا. وأما أبو القاسم بن عساكر وأبو محمد بن الخشّاب فأثنيا عليه. وروى عنه: ابن عساكر، ويحيى بن بوش، وهبة الله بن الحسن السِّبط، وأبو موسى المَدِينيّ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أيّوب الحربيّ، وإبراهيم بن بركة البيَّع، وآخرون. وتُوُفّي في جمادى الأولى، وله تسعون سنة أو جازها. قال ابن النّجّار: كان مخلّطًا كذّابًا لَا يُحْتَجّ به. قرأت بخطّ عمر بن عليّ القُرَشيّ القاضي: سمعت أبا القاسم عليّ بن الحسن الحافظ يقول: قال لي أبو العزّ بن كادش: وضع فلان حديثًا في حق علي، فوضعت حديثًا في حقّ أبي بكر، بالله أليس فعلت جيّدًا؟ قال ابن النّجّار: رأيت لأبي العزّ كتابًا سمّاه "الانتصار لدم القِحاب" على نظم جماعةٍ من الشُّعراء يقول فيه: أنشدَتْني فُلانة المغنّية، وأنشدتني ستّوت المغنية بأُوَانا. وخطُّه رديء إلى الغاية في التّعقُّد والتّسلسل. قيل: مولده سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. 86- أحمد بن عمر بن خَلَف1. أبو جعفر بن قِبْلَيْل الهَمْدانيّ، الغَرْناطيّ، الفقيه. روى عن: أبي عليّ الغسّانيّ، وأبي عبد الله الطلاعي، وأصبغ بن محمد. حدَّث عَنْهُ: أبو عبد الله بْن عبد الرحيم، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو جعفر بن البادش، وأبو القاسم بن بَشْكُوال. قال ابن الأبّار: دارت عليه الْفُتْيَا ببلده. وكان من جِلَّة الفقهاء المشاوَرين. توفي في ذي القعدة.

_ 1 بغية الملتمس "184"، تكملة الصلة "1/ 135"، سير أعلام النبلاء "19/ 609".

"حرف الجيم": 87- جهور بن إبراهيم بن محمد بن خَلَف1. أبو الحزْم التُّجَيْبيّ الأندلسيّ. حجّ وسمع "صحيح مسلم" من أبي عبد الله الطَّبَريّ. قال ابن بَشْكُوال: بإشبيلية لقيته وأجاز لي. وكان رجلًا فاضلًا، منقبضًا، مُقبلًا على ما يعنيه تولّى الصّلاة بموضعه، يعني بقرية مورور. "حرف الحاف": 88- الحسين بن محمد بن خسْرُو. أبو عبد الله البلْخيّ، ثمّ البغداديّ. السَّمسار، مفيد أهل بغداد ومحدث وقته. سمع من: أبي الحسين الأنباريّ، والبانياسيّ، وعبد الواحد بن فهد العّلاف، وأبي عبد الله الحُمَيْديّ، وطبقتهم، وخلقٍ بعدهم. وسمع بإفادته جماعة كثيرة. روى عنه أبو القاسم بن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وجماعة. قال السّمعانيّ: سألت أبا القاسم الحافظ فقال: ما كان يعرف شيئًا. وسألت ابن ناصر عنه فقال: كان يذهب إلى الاعتزال. وكان حاطبَ ليلٍ، يسمع من كل أحد. ومات ابن خسْرُو في شوّال، رحمه اللَّه. "حرف العين": 89- عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر محمد بْن عبد الله بْن أحمد2. العلّامة أبو محمد الخُشْنِيّ المُرْسِيّ، الفقيه. أخذ بقُرْطُبة عن: أبي جعفر أحمد بن رزق الفقيه. وتخرَّج به أبو محمد بن أبي جعفر.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 131، 132". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 494، 495"، العبر "4/ 69"، شذرات الذهب "4/ 78".

وسمع من: حاتم بن محمد كتاب "الملخّص" بسماعه من القابسيّ. وحجّ فسمع "صحيح مسلم" من الحسين بن عليّ الطَّبَريّ. وقال القاضي عياض: سمع من: أبي عمر بن عبد البر، وأبي العباس العذري، وابن مسرور، والطليطلي. وقال ابن بشكوال: روى عن: أبو الوليد الباجيّ، ومحمد بن سعدون القرويّ. وكان حافظا للفقه على مذهب مالك، مقدما فيه على جميع أهل وقته، بصيرا بالفتوى، مقدما في الشورى، عارفا بالتفسير، ذاكرا له. يؤخذ عنه الحديث، ويتكلم على بعض معانيه. انتفع به الطلبة. وكان رفيعا في أهل بلده، معظما فيهم، كثير الصدقة والذكر لله تعالى. كتب إلينا بإجازة مروياته. قال محمد بن حمادة الفقيه: كان غالبًا عليه الفقه. دخلتُ عليه بمُرْسِيَة سنة إحدى وعشرين وهو ينام، والقارئ يقرأ عليه، ولُعابه يسيح عن فمه، فسألني عن سبتة وأهلها. ثمّ رفعت مسالةً فيمن خرج باغيًا أو عاديًا، فاضطرّ إلى الميتة، فقلت: مشهورُ مذهب مالك أنّه لَا يباح له أكْلُها. وقال عبد الله بن حبيب: له أكلها. فقال: ليس هو ابن حبيب إنما هو ابن الماجِشُون. ثمّ قال لصبيّ: قُم إلى الخزانة، وأخْرِج السِّفْر الفُلانيّ، ثمّ اقلب منه كذا وكذا ورقة. قال: فإذا بالمسألة كما ذكر. فتعجّبت من حِفْظه وهو على تلك الحال. وأجاز لي كتاب "الموطّأ". وحجّ فسمع منه بسبْتَه قاضينا أبو عبد الله بن عيسى التّميميّ، وجماعة. وطالَ عُمره، ورحلَ النَّاس إِلَيْهِ من الْأقطار. وقد سمع "صحيح مسلم" من أبيه أبي بكر، ومات أبوه في سنة أربعٍ وتسعين وأربعمائة، بسماعه من أبي حفص عمرو الهوزني المذبوح في سنة ستين وأربعمائة، بسماعه من عبد الله بن سعيد السّبتجاليّ، عن أبي سعد بن عمرو بن محمد السجري، عن الْجُلُوديّ نازلًا.

قال ابن بَشْكُوال: وُلد بمُرْسِية سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة وتُوُفّي في ثالث رمضان. يُعرف بابن أبي جعفر. 90- عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه1. أبو محمد القُرْطُبيّ. روى عن: حازم بن محمد، ومحمد بْن فَرَج، وأبي علي الغسّانيّ، وأبي الْحَسَن العبسي المقرئ. وحدَّث. قال ابن بَشْكُوال: عُنِي بالحديث عناية كاملة، وكان متفننًا في عدَّة علوم مع الحِفْظ والإتقان. وتُوُفّي في صفر. 91- عبد الرحمن ابن الفقيه محمد ابن الفقيه عبد الرحمن ابن الفقيه عبد الرحيم ابن الفقيه أحمد بن العجوز. الفقيه أبو القاسم الكُتَاميّ السّبتيّ، قاضي الجزيرة الخضراء، ثمّ قاضي سلا. كان أحد الأعلام. قال القاضي عِياض: حضرت مجلسه في تدريس "المدوَّنة"، فما رأيت أحدًا أحسن منه احتجاجًا، ولا أَبْيَن منه تعليلًا. وكان سل سمتٌ وهمَّة. تُوُفّي بفاس. نبا عن أبيه، عن جدّه. 92- عبد الكريم بن حمزة بن الخضر بن العبّاس2. أبو محمد السُّلميّ الدّمشقيّ الحدّاد. سمع: أبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بكر الخطيب، ومحمد بن مكي الأزدي المصري، وعبد الدائم بن الحسن، وعبد العزيز الكتاني، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وعُبَيْد الله بن عبد الله الدّارانيّ، وجماعة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 294". 2 التقييد لابن نقطة "366، 367"، سير أعلام النبلاء "19/ 600"، النجوم الزاهرة "5/ 249".

وأجاز له: أبو جعفر ابن المسلمة، وأبو الحسن بن مَخْلَد الواسطيّ. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر وقال: كان ثقة مستورًا سهلًا، قرأتُ عليه الكثير، وتُوُفّي في ذي القعدة؛ وأبو طاهر السِّلَفيّ، وعبد الرحمن بن عليّ الخِرَقيّ، وإسماعيل الخبرويّ، وبركات الخُشُوعيّ، وأبو القاسم بن الحَرَسْتانيّ، وآخرون. وكان من أسند شيوخ الشّام في عصره. 93- عليّ بن الحسين بن محمد بن مهديّ1. الأستاذ أبو الحسن البصْريّ، الصُّوفيّ، العارف. دار في الشام، ومصر، والجزيرة، وأذَرْبَيْجان، ولقي العُبّاد. وكانت له مقامات، وأحوال، وكرامات. وسكن بغداد في الآخر. سمع: أبا الحسن الخِلَقيّ، والمُثَنَّى بن إسحاق القُرَشيّ الأَذَرْبَيْجانيّ. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر. ويُروى أنّه حضرت عنده امرأة فقالت: يا سيّدي، ضاع كتابي الّذي شهدت فيه، وأريد أن تشهد. قال: ما أشهد إلّا بشيء حلْو. قال: فتعجّب الحاضرون منه. فمضت وعادت ومعها كاغَد حَلْواء. فضحك وقال: والله ما قلت لكِ إلّا مُزاحًا، اذهبي وأطْعِميه لأولادك. ولمح الكاغد الذي فيه الحلواء فقال: أرينيه. فأرته، فإذا هو كتابُها، وفيها شهادته، فقال: ما ضاعت الحلْواء، هذا كتابك. تُوُفّي أبو الحسن البصْريّ في جُمَادَى الأولى. 94- عمر بن يوسف. القُدوة، الزّاهد، أبو حفص ابن الحذّاء القَيْسيّ الصَّقَليّ، نزيل الثَّغْر. سمع منه: السِّلَفيّ، عن أبي بكر عتيق بن عليّ السْمنْطَاريّ بصقلية: نبا أحمد

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 258، 259".

ابن إسحاق المِهرانيّ، ثنا أبو بكر بن خلّاد، ثنا، تمتام، نبا القَعْنَبيّ بحديث: الّذي تفوته العصر. قال السِّلَفيّ: كان من مشاهير الزُّهاد وأعيان العُباد. له مجدٌ كبير عند أهل صَقَلّية. وكان من أهل العِلم. تمنع مِن الرّواية كثيرًا تورُّعًا، وجرى بيني وبينه خطبٌ طويل. وقفت على سماعه من السّمنْطاريّ بموطّأ القَعْنَبيّ، بهذا الإسناد. وُلِد بصَقَلّية سنة ثلاثين وأربعمائة، وحجّ سنة إحدى وخمسين. وقرأ على جماعة القرآن. تُوُفّي في المُحرم، رحمه الله. "حرف الميم": 95- منصور بن الخيّر بن تمكيّ1. أبو عليّ المغراويّ، المالقيّ، المقرئ الأحدب. حجّ، وأدرك أبا مَعْشَر الطَّبَريّ وأخذ عنه. ولقي أبا عبد الله محمد بن شريح وأخذ عنه. وجالس أبا الوليد الباجيّ. وعُنِي بالقراءات، وصنّف فيها كُتُبًا أخذها عنه الناس. قال ابن بشكوال؛ قال: وسمعت بعض شيوخنا يضعّفه. تُوُفّي بمالقة في شوال. قلت: قرأ عليه: محمد بن أبي العيسى الطُّرْطُوشيّ، ومحمد بن عُبَيْد الله بن العويص. وقيل: إنّه مُتَّهم في لُقِيّ أبي مَعْشَر، مع أنّه رأس في القراءات، قيم بتجويدها وعللها.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 620"، غاية النهاية "2/ 312"، لسان الميزان "6/ 93-95".

قال اليَسَع بن حزْم: رحلت إليه، فوجدته بحرًا في علوم القراءات، بعيد الغَوْر والغايات، فجلست واستفدت وتشكّلت، فقال: ما حجَّة من جَهَر وحجَّة من أخفى؟ فقلت: حجَّة الجهر {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ} [النحل: 98] ، وأخفوا لئلّا يتوهّم أنهّا آية من القرآن. وذكر باقي الكلام. قال أحمد بن ثعبان: انصرفت من مكَّة، فلقِيَني منصور بن الخيّر فقال: ما فعل أبو مَعْشَر؟ قلت: توفي. فلما حج رجع إلى الأندلس وقال: قرأت على أبي معشر. وفيات سنة سبع وعشرين وخمسمائة: "حرف الألف": 96- أحمد ابن الشَيخ الإمام أبي عليّ الحسن بن أحمد بن عبد الله1. أبو غالب بن البنّا البغداديّ الحنبليّ. شيخ صالح، كثير الرّواية، عالى السَّنَد. سمع: أبا محمد الجوهري، وأبا الحسين بن حسنون النرسي، وأبا يعلى بن الفراء، وأبا الغنائم بن المأمون ووالده، وابن المهتدي، بالله وطائفة. وله مشيخة. وكان مولده في سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة. وأجاز له: أبو الطَّيب الطَّبريّ، وأبو إسحاق البَرْمكيّ، وأبو بكر بن بِشْران، والعُشَاريّ. وثّقه ابن الجوزي، وروى عنه هو، و: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وهبة الله بن مسعود البابذينيّ، ومحمد بن هبة الله أبو الفَرَج الوكيل، وعبد الوَهاب بن الشَيخ عبد القادر، وإسماعيل بن عليّ القطّان، وعمر بن طَبَرْزد، وخلْق سواهم. وتُوُفّي في صفر. وقيل: في ربيع الأوّل. وتفرد بالأجزاء القطعيات الّتي لم يبق ببغداد شيء أعلى منها في وقته.

_ 1 المنتظم "10/ 31"، سير أعلام النبلاء "19/ 603، 604"، البداية والنهاية "12/ 206".

97- أحمد بن عمّار بن أحمد بن عمّار بن المسلم1. أبو عبد الله الحسينيّ الكوفيّ، مجد الشّرف، الشّاعر المشهور. مدح المسترشد، والوزير أبا عليّ بن صَدَقة. ومن شعره: وباكية أبكت فأبدت محاسنًا ... أراقت فراقت أنفس الركْب عن عمد حبابًا على خمرٍ وليلٍ على ضُحى ... وغصنًا على دعصٍ وذرا على وردِ وله: ناس يسيء برأيه ويري ... صَرْفَ الحوادث غير متَّهمِ لك في الّذي تُبْديه معذرةً ... من نام لم ينفك في حُلمِ عاش اثنتين وخمسين سنة. 98- أسعد بن صاعد بن منصور بن إسماعيل2. أبو المعالي النَّيْسابوريّ الحنفي، خطيب نيسابور. سمع: جده، وأبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وموسى بن عمران الصُّوفيّ، وأبا بكر الشّيرُويّ. كان إليه الخطابة والوعظ والتّدريس ببلده، وكان مقبولًا عند السّلطان. توفي في ذي القعدة، وقد قدم بغداد رسولًا من السّلطان سَنْجَر، فسمع منه ابن عساكر، وغيره. "حرف العين": 99- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عليّ بن جحشوَيه. المحدِّث المفيد أبو محمد البغدادي. سبط قريش.

_ 1 عيون التواريخ "12/ 267-269"، الوافي بالوفيات "7/ 256". 2 المنتخب من السياق "168"، المنتظم "10/ 31، 32"، الوافي بالوفيات "9/ 15".

طلب بنفسه وكتب الكثير، وسمع من: النّعاليّ، وطرّاد، وابن البَطِر، وطبقتهم. وحدَّث بأكثر مسموعاته. روى عنه: عبد الله بن أبي المجد الحربيّ، وغيره. قال ابن النّجّار: مات في شوال سنة سبعٍ وعشرين. 100- عبد الجبّار بن أبي بكر بن محمد1. أبو محمد الأزْديّ، الصَّقَلّيّ، الشّاعر. له ديوان مشهور. دخل الأندلس ومدح المعتمد بن عباد. وتوفي هذه السّنة في رمضان بجزيرة مَيُورقَة. وجزيرة صَقَلّية يحيط بها البحر، وهي بحذاء إفريقية. أخذتْها النصارى في سنة أربعٍ وستين وأربعمائة. 101- عبد الكريم بن إسحاق. أبو زُرْعة البزّاز الرّازيّ. قدِم سنة إحدى وثمانين ببغداد، وسمع عاصم بن الحَسَن، وجماعة. وسمع بالرّي من: عبد الكريم الوزّان؛ وبأصبهان من: أبي عبد الله الرفقي. قال أبو سعد السّمعانيّ: كان صدوقًا، ثقة. حدّثنا عنه جماعة. وعاش سبْعًا وثمانين سنة. 102- عبد الملك بْن عبد الله بن داود2. أبو القاسم الحمزيّ. من حمزيّ مدينة بالمغرب. قدِم بغداد وسكنها. قدِم على أبي عليّ التُّسْتَري، فسمع منه "سنن أبي داود".

_ 1 وفيات الأعيان "3/ 212-215"، الوافي بالوفيات "18/ 41-47"، البداية والنهاية "12/ 206". 2 الأنساب "4/ 220".

وسمع ببغداد من: أبي نصر الزينبي. سمع منه: أبو القاسم بن عساكر السُنَن، وحدَّث عنه هو، وأبو المعمّر. تُوُفّي في ربيع الآخر. 103- عليّ بن عُبَيْد الله بن نصر بن عُبَيْد الله بن سهل1. الإمام أبو الحسن بن الزاغوني، شيخ الحنابلة ببغداد. سمع الكثير بنفسه، ونسخ بخطه. وولد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. حدث عن: أبي جعفر بن المسلمة، وابن هزار مرد، وعبد الصّمد بن المأمون، وعلي بن البُسْريّ، وأبي الحسين بن النَّقُور، وجماعة. وقرأ بالرّوايات، وتفقَّه على يعقوب البَرْزَبِينيّ. وكان إمامًا فقيهًا، متبحّرًا في الأصول والفروع، متفننًا، واعظًا، مُناظرًا، ثقة، مشهور بالصّلاح، والدّيانة، والورع، والصّيانة، كثير التّصانيف. قال ابن الجوزيّ: صحِبته زمانًا، وسمعت منه، وعلَّقت عنه الفِقْه والوعظ. وتُوُفّي في سابع عشر المحرَّم. وكان الْجَمع يفوت الإحصاء. وقال أبو سعد السّمعانيّ: روى لنا عنه: عليّ بن أبي تُراب، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو القاسم الحافظ. وسمعت حامد بن أبي الفتح المَدِينيّ: سمعت أبا بكر محمد بن عُبَيْد الله بن الزّاغُونيّ يقول: حكى بعض النّاس ممّن يوثق بهم أنّه رأى في المنام ثلاثة يقول واحد منهم: اخْسِفْ؛ وواحد يقول: أَغْرِق؛ وواحد يقول: أَطْبِق. يعني البلد. فأجاب أحدهم: لَا، لأنّ بالقرب منّا ثلاثة أحدهم أبو الحسن بن الزاغُونيّ، والثاني أحمد بن الطّلّاية، والثالث محمد بن فلان من الحربيَّة. قلت: وروى عنه: بركات بن أبي غالب السقلاطوني، ومسعود بن غيث

_ 1 المنتظم "10/ 32"، الكامل في التاريخ "11/ 9"، سير أعلام النبلاء "19/ 605، 607".

الدّقّاق، وأبو القاسم بن معالي بن شدّقينيّ، وأبو الحسن عليّ بن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو حفص بن طَبَرْزَد، وطائفة سواهم. وهو من متكلّمي الحنابلة ومصنّفيهم. أملى عليّ القاضي عبد الرحيم بن عبد الله، أنّه قرأ بخط أبي الحسن بن الزاغُونيّ: قرأ أبو محمد عبد الله بن أبي سعد الضّرير عليَّ القرآن من أوّله إلى آخره، بقراءة أبي عَمْرو، رواية اليَزِيديّ، طريقة ابن مجاهد، وكنت رأيت فِي المنام رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره بهذه القراءة المذكورة، وهو -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يسمع، وإني لما بلغت في سورة الحجّ إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الحج: 14] الْآيَةَ، أشار بيده أي اسمع، ثمّ قال: "هذه الآية من قرأها غُفِر له" ثمّ أشار أن اقرأ، فلمّا بلغت أول يس، قال لي: "هذه السّورة من قرأها أَمن من الفَقْر"؛ فلمّا بلغت إلى سورة الإخلاص قال لي: "هذه السّورة من قرأها، فكأنّما قرأ ثلث القرآن". فلمّا كملت الخْتمة قال لي: "ما أَعطى الله أحدًا ما أُعطي أهل القرآن". وإنّي قلت له كما قال لي. وكتب عليّ بن عُبَيْد الله بن الزاغُونيّ قال: وقرأ عليَّ هذا الكتاب، يعني مختصر الخِرَقيّ، من أوّله إلى آخره أبو محمد الضّرير مِن حِفْظه، ورويته لي عن أبي القاسم الخِرَقيّ رحمه الله. وكتب ابن الزاغوني سنة تسعٍ وخمسمائة. 104- عليّ بن يَعْلَى بن عَوَض1. أبو القاسم الهاشميّ العلويّ العُمريّ، من ولد عمر بن عليّ بن أبي طالب. شيخ جليل واعظ مشهور، صاحب قَبُولٍ. من أهل هَرَاة. سمع من: أبي عامر الأزْديّ، ونجيب بن ميمون، ومحمد بن عليّ العُميريّ الزّاهد. وورد بغداد فوعظ بها، وسمع من: أبي القاسم بن الحصين.

_ 1 المنتظم "10/ 32"، الأنساب "9/ 60"، الكامل في التاريخ "11/ 9"، البداية والنهاية "12/ 208".

وكان يورد في مجلس وعْظه الأحاديث بأسانيدها، ويُظهر السُّنَّة. قال ابن الجوزيّ: حصل له ببغداد مالٌ وكُتُب وَقَبُولٌ كثير، وحُمِلت إليه وأنا صغير، وحفّظني مجلسًا من الوعظ، فتكلّمت بين يديه يوم ودّع النّاس وسافر إلى مَرْو. وقال ابن السّمعانيّ: سمعتُ منه حديثًا واحدًا. 105- عمر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن موسى. أَبُو جعفر الشّاشيّ، نزيل قاشان، إحدى قرى مَرْو. تفقّه على الإمام أبي الفضل التّميميّ، وسمع منه. ومنه: أبو عبد الله محمد بن الحسين المهْربَنْدَشانيّ، وإسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني. وقدم بغداد قبل الثمانين وأربعمائة حاجًا، وسمع أبا عبد الرحمن بن ميمون المتولّي. وحدَّث. تُوُفّي سنة سبعٍ وعشرين، فيُحوَّل إليها. "حرف الكاف": 106- كريم المُلْك1. أبو الحسن. وأسمه: أحمد بن عبد الرّزّاق. وزير الملك شمس الملوك صاحب دمشق. مات في ذي الحجَّة، وتأسّف النّاس عليه لحسن طريقته، وحميد خلاله، وكثْرة تلاوته. 107- كريمة بنت الحافظ أبي بكر محمد بن أحمد ابن الخاضبة. رَوَت عن: أبي الحسين بن النقور. وعنها: أبو القاسم بن عساكر، وأبو المعمّر الأنصاري، وغيرهما.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "240".

وتُوُفّيت في رجب. قال ابن السّمعانيّ: رأيت نسخةً "بتاريخ بغداد" كاملةً بخطّها. "حرف الميم": 108- محمد بن إدريس. أبو عبد الله الجذاميّ الغرناطي. حدث بـ"صحيح البخاريّ"، عن بكّار، عن أبي ذَرّ الهَرَويّ، وكان فقيهًا، مُفْتيًا. روى عنه: أبو خالد بن رفاعة. 109- محمد بْن الحسين بْن عليّ1. أبو بَكْر البغداديّ المِزْرَفيّ، ومِزْرَفَة بين عُكْبرا وبغداد، الفَرَضيّ الحاجيّ. وُلِد سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة ببغداد. وسكن به أبوه مُدَّةً في أيّام الفتنة بالمِزْرفة. وقرأ بالروايات وجوّد. وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتديّ بالله، وعبد الصّمد بن المأمون، وأبا عليّ بن البنّا، والصَّرِيفينيّ، وخلْقًا سواهم. وتلا على أصحاب الحمّاميّ. روى عنه: ابن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو الفتح المنْدائيّ، وطائفة. وأقرأ القراءات. ويقول الحافظ ابن عساكر وغيره إنّه مات ساجدًا. مات في أوّل السّنة. وقال ابن الجوزيّ: كان ثقة، عالمًا، حسن العقيدة رحمه الله.

_ 1 المنتظم "10/ 33، 34"، سير أعلام النبلاء "9/ 631، 632"، الوافي بالوفيات "3/ 10"، غاية النهاية "2/ 131".

110- منصور بن محمد بن محمد بن الطَّيِّب1. أبو القاسم العَلَويّ العُمَريّ الهَرَويّ، المعروف بالفاطميّ. كان فقيهًا، مناظرًا، وواعظًا، رئيسًا. كان رفيع المنزلة عند الخاصّ والعامّ، ذا ثروةٍ وأموال. يقال كان له ثلاثمائة وستون طاحونة. سمع بهَرَاة من: جدّه لأمه أبي العلاء صاعد بن منصور الأزْديّ، ومحلّم بن إسماعيل، ومحمد بن أبي عاصم العُمَريّ. وبنَيْسابور من: أبي القاسم القُشَيْريّ، وأبي شجاع المكيالي. وقَدِم بغداد مرَّتين. وروى عنه: ابن ناصر، والسِّلَفيّ، ويحيى بن بوش. قال ابن السّمعانيّ: كان شيخنا أبو الحسن الأزدي سيئ الرأي فيه، قال: لَا أروي عنه حرفًا. تُوُفّي أبو القاسم الفاطميّ بَهَراة في رمضان. وقال السّمعانيّ في "التّحبير": أجاز لنا، وكان فقيهًا مبّرزًا مدقّقًا، مولده سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة. وفيات سنة ثمان وعشرين وخمسمائة: "حرف الألف": 111- أَحْمَد بْن عليّ بْن إِبْرَاهِيم2. الشَيخ أبو الوفاء الشّيرازيّ، القُدْوة، الزّاهد، الفيروز أباذيّ، شيخ الرِّباط الّذي حِذَاء جامع المنصور ببغداد. قَدِم بغداد وسمع من: أبي طاهر الباقلاني، وأبي الحسن الهكاري شيخ الإسلام.

_ 1 التحبير "2/ 318، 319"، اللباب "2/ 193"، طبقات الشافعية الكبرى "7/ 306، 307". 2 المنتظم "10/ 36"، الكامل في التاريخ "11/ 9"، البداية والنهاية "12/ 206".

وخدم المشايخ، وسكن بالرّباط المذكور. ويُعرف برباط الزَّوْزَنيّ. قال ابن السّمعانيّ: اتّفقَت الأَلْسُن على مدحه. صحب المشايخ بفارس، وكان يحفظ من كلام القوم وسِيَرَهم وأحوالهم، ومن الأشعار المناسبة لذلك شيئًا كثيرًا. واتَّفق أنّ أبا عليّ المغربيّ أحضر رجلًا يقال له: محمد المغربيّ إلى الشَيخ أبي الوفاء وأثنى عليه، وقال: إنّه يصلح لخدمتك، فاستخدمه الشَيخ وقرّبه، وكان يسعى في مَهَمّاته، فضاق منه أبو عليّ المغربيّ، فقال لأبي الوفاء: أريد أن تُخْرجه من الرباط ولا يخدمك. فقال: ما يحسُن هذا. تُثنى على رجلٍ فتقرّبه، ثمّ تضيق منه فتُخْرجه. هذا لَا يليق. فعمل أبو عليّ: إن خلي أبا الوفا ... في صفاي أبي الوفا باع ودّي بردٍ من ... لُطْفه غاية الجفا وقال أبو الفَرَج بن الجوزيّ: كان أبو الوفاء على طريقة مشايخه في سماع الغناء والرَّقْص. وكان يقول لشيخنا عبد الوهاب: إني لأدعو الله في وقت السَّماع. وكان شيخنا يتعجَّب ويقول: أَلَيْس يعتقد أنّ ذلك وقت إجابة، وهذا غاية القُبْح. وحكى أبو الوفاء أنّ فقيرًا كان يموت وعياله يبكون، ففتح عينيه وقال: لمَ تبكون، أَلِمَوْتي؟ قالوا: لَا، الموت لَا بدّ منه، ولكن نبكي على فضيحتنا، لأنّه ليس لك كَفَن. فقال: إنّما نفتضح لو كان لي كفن. قال ابن الجوزيّ: تُوُفّي أبو الوفاء في حادي عشر صفر. وصلّى عليه خلْق، منهم أرباب الدّولة وقاضي القُضاة. ودُفن على باب الرّباط. وعمل له الخادم نَظَر بعد يومين دعوة عظيمة، أنفق فيها مالًا على عادة الصُّوفيَّة، واجتمع فيها خلق. وكان أبو الوفاء ينشد أشعارًا، أنشد مرَّة لأبي منصور الثّعالبيّ:

وخيط نمَّ في حافّات وجهٍ ... له في كلّ يومٍ ألفُ عاشقٍ كأنّ الرّيحَ قد مرّت بمسكٍ ... وذرَّت ما حَوَتْهُ من الشّقائقِ 112- أحمد بن عليّ بن الحسن بن سَلْمُوَيْه. أبو عبد الله النَّيسابوريّ الصُّوفيّ. شيخ طريفٌ معمَّر. وُلِد قبل الأربعين. وحدَّث عن: عبد الغافر بن محمد الفارسيّ، وعمر بن مسرور، وأبي سعد الكَنْجرُوذيّ. ورحل مع والده، وسمع من: أبي محمد الصَّرِيفِينيّ، وغيره. وخدم أبا القاسم القشيري، وكان يقرئ بين يديه الأبيات بصوت رخيم ليّن. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: تُوُفّي سنة 528 أو قبلها. 113- أحمد بن عليّ بن محمد بن السَّكَن. أبو محمد بن المِعْوَجّ. سمع: عليّ بن البُسْريّ، وجماعة. وعنه: مُعَمَّر بن الفاخر، ومحمود الخيّام، وغيرهما. 114- أُمَيَّة بن عبد العزيز بن أبي الصَّلْت1. أبو الصَّلْت الأندلسيّ الدّانيّ، مصنّف كتاب "الحديقة". كان عالمًا بالفلسفة، ماهرًا في الطّبّ، إمامًا فيه وفي علوم الأوائل. سكن الإسكندرية مدَّةً، وكان مولده بدانية في سنة ستين وأربعمائة. أخذ عن: أبي الوليد الوقْشيّ قاضي دانية، وغيره. وقَدِم الإسكندرية سنة تسعٍ وثمانين، ونفاه الأفضل شاهنشاه من مصر في سنة خمسٍ وخمسمائة. ثمّ دخل إلى المَهْديَّة، وحلّ من صاحبها عليّ بن يحيى بن باديس بالمحلّ الجليل.

_ 1 معجم الأدباء "7/ 52-70"، سير أعلام النبلاء "19/ 634، 635"، الوافي بالوفيات "9/ 402".

وكان بارعًا في معرفة النّجوم والوقت، بارعًا في الموسيقى وفي الشَّعر، حاذقًا بلعب الشّطرنج. وله رسالة مشهورة في الأسطُرلاب. وله كتاب "الوجيز" في علم الهيئة، وكتاب "الأدوية المفردة"، وكتاب في المنطق، وكتاب "الانتصار" في أصول الطّب. صنَّف بعضها في سجن الأفضل. وقيل: إنّ أمير الإسكندرية حبسه مُدَّةً لأنّه قدِم إلى الإسكندرية مركبٌ موقرٌ نحاسًا، فغرق وعجزوا عن استخراجه، فقال أبو الصَّلْت: عندي فيه حيلة. فطاوعه الأمير، وبذل له أموالًا لعمل الآلات، وأخذ مركبًا كبيرًا فارغًا، وعمل على جنبيه دواليب بحبالٍ حرير، ونزل الغطّاسون، فأوثقوا المركب الغارق بالحبال، ثمّ أُديرت الدّواليب، فارتفع المركب الغارق بما فيه إلى أن لاطخ المركب الّذي فيه الدّواليب وتمّ ما رامه، لكن انقطعت الحبال وهبط، فغضب الأمر للغرامة وسجنه. ومن شِعره: إذا كان أصلي من تُراب فكلُّها ... بلادي وكُلُّ العالمين أقاربي ولا بُدّ لي أن أسأل العِيسَ حاجَةً ... تشُقَّ على شُمّ الذُّرَى والغَوارِبِ وله: وقائلةٍ ما بالُ مثلِكَ خاملٌ ... أأنت ضعيفُ الرّأي أم أنتَ عاجزُ فقلت لها ذنبي إلى القوم أنني ... لما لم يحُوزُوه من المجدِ حائزُ وله: ومهفهفٌ تركتْ محاسنُ وجهِهِ ... ما مَجَّهُ في الكأسِ من إبريقِهِ فَفِعالُها من مُقْلَتْيه ولَوْنها ... من وجْنَتَيه وطَعْمُها من ريقِهِ وله: عجِبْتُ من طَرْفِكَ في ضَعْفهِ ... كيف يَصيدُ البَطَلَ الأصْيَدا يفعَلُ فينا وهو في غِمْدِهِ ... ما يفعلُ السَّيفُ إذا جُرِّدا ومن شِعره، وأوصى أن يُكتب على قبره، وهو يدلّ على أنّه مسلم الاعتقاد:

سكنتُك يا دارَ الفَناء مصدِّقًا ... بأنّي إلى دار البقاء أصيرُ وأعظم ما في الأمر أنّي صائرٌ ... إلى عادلٍ في الحُكْم ليسَ يجور فيا ليت شعري، كيف ألفاه عندها ... وزادي قليل، والذّنوبُ كثيرُ فإنْ أك مُجَزِيًا بذنْبي فإنّني ... بشرٌ عقابِ المذنبين جديرُ وأنْ يكُ عفوٌ منه عنّي ورحمةٌ ... فثمّ نعيمٌ دائمٌ وسُرورُ تُوُفّي رحمه الله بمرض الاستسقاء بالمهديَّة في منسلخ العام، وقيل: في مستهلّ سنة تسعٍ. "حرف الثاء": 115- ثابت بن منصور الكيليّ1. أبو العزّ مِن أهل العراق. سمع الكثير ونسخ، وعُنِي بالحديث. سمع: رزق الله التّميميّ، وعاصم بن الحسن، ومحمد بن إسحاق الباقَرْحيّ. قال ابن ناصر: هو صحيح السّماع ما يعرف شيئًا. تُوُفّي في ذي الحجَّة. وقال غيره: كان يحفظ ويدريّ. وقال ابن النّجّار: خرَّج في فنون، وكان صدوقًا. روى لنا عنه: مظفّر بن عليّ الخيّاط، وستّ الكَتَبة بنت يحيى الهَمَذانيّ. وروى عنه: السِّلَفيّ وقال: كان فقيهًا على مذهب أحمد. كتب كثيرًا معنا وقبلنا، وكان ثقة زعر الأخلاق. "حرف الحاء": 116- الحسن بن أحمد بن محمد بن جكينا. أبو محمد الحريميّ الشّاعر المشهور، صاحب الرَّشاقة، والحلاوة، والظّرافة في شِعْره. وكان هجّاءً، غوّاصًا على المعاني. ويلقّب بالبرغوث.

_ 1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 186-188".

وهو القائل: ولائمٌ لام في التّحالي ... لمّا استباحوا دم الحُسَيْني فقلت دعني أحقّ عضو ... ألبسه بالحِداد عيني مات في ربيع الأوّل، ترجمه ابن النّجّار. 117- الحسن بن أبي الذّكْر محمد بن عبد الله بن حسين1. القُدوة، أبو عبد الله المصريّ، الجوهريّ، الزّاهد، النّاطق بالحكمة. قال السِّلَفيّ: قرأنا عليه، عن أبي إسحاق الحبال، وغيره. وكان حلو الوعظ. وتوفي في جُمَادى الأولى. "حرف الخاء": 118- الخَفِرةُ بنت مبشر بن فاتك. الدمشقية الجديدة. روت عن: محمد بن الحسين الطّفّال، وأبي طاهر محمد بن سعدون المَوْصِليّ، وغيرهما. روى عنها: أبو طاهر السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّيت في جُمَادى الأولى أيضًا. قلت: هي آخر من حدّث عن الطّفّال. وكان أبوها محمود الدّولة من أمراء المصريّين، صنَّف في الطّبّ، والمنطق، وغير ذلك. "حرف العين": 119- عَبْد اللَّه بْن المبارك بْن الحسن2. أبو محمد البغداديّ المقرئ، ويعرف بابن ينال. سمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وعاصمًا، وأبا الغنائم بن أبي عثمان.

_ 1 معجم السفر للسلفي "1/ 162". 2 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 185"، المنتظم "10/ 38"، شذرات الذهب "4/ 85".

وتفقه على: أبي الوفاء بن عَقِيل، وأبي سعد البَرَدانيّ. وباع ملكًا له واشترى كتاب "الفنون" وكتاب "الفصول" لابن عَقِيل، ووقَفَهُما. وتُوُفّي رحمه اللَّه فِي جُمَادَى الأولى. 120- عَبْد الخلّاق بْن عَبْد الواسع بْن عَبْد الهادي ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي1. الأنصاري الهروي، أبو الفتوح بن أبي رفاعة، من أبي عَرُوبة. كان حَسَن الأَخلاق، حُلْو الشّمائل. سمع محمد بن علي العُمَيْريّ، ونجيب بن ميمون الواسطيّ. وحدَّث ببغداد. روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو القاسم بن عساكر. وتُوُفّي في شعبان. 121- عبد الواحد بن شنيف2. أبو الفَرَج البغداديّ. تفقّه على أبي عليّ البَرَدانيّ. وكان فقيهًا، مناظرًا، مجوِّدًا. له مال ورئاسة. تُوُفِّي فِي شَعْبان. 122- عَلِيّ بْن أحْمَد بْن عليّ3. العلّامة أبو حسن السّجْزِيّ، ثمّ البلخيّ، الفقيه المعروف بالإسلاميّ. مقدّم أصحاب أبي حنيفة، رحمه الله، ببلْخ. عُمّر دهرًا، وروى الكثير، وكان زاهدًا، حَسَن السّيرة. روى عنه بالإجازة: السمعانيّ، وقال: سمع: منصور بن إسحاق الحافظ،

_ 1 المنتظم "10/ 39". 2 المنتظم "10/ 39"، ذيل طبقات الحنابلة "1/ 185، 186". 3 التحبير "1/ 561"، سير أعلام النبلاء "19/ 635، 636"، الطبقات السنية "1442".

والوخْشيّ، والعَيَّار. فمن ذلك "صحيح البخاريّ"، سمعه من منصور ابن إسحاق، عن إسماعيل الكُشَانيّ، ويرويه أيضًا عن أبي عثمان العَيَّار. وسمع "سُنَن أبي داود" من الوخْشيّ. مات في سلْخ ربيع الآخر، وقيل: ليلة نصف ذي الحجَّة. 123- عليّ بن عطيَّة الله بن مُطَرِّق1. أبو الحسن اللّخْميّ، البَلَنْسِيّ، الشّاعر المشهور بابن الزَّقّاق. أخذ عن أبي محمد البَطَلْيُوسيّ، وبرع في الآداب، وتقدَّم في صناعة الشِّعر، وامتدح الكِبار، واشتهر اسمه، ودُوِّن شِعْره، ولم يبلغ الأربعين. سمع منه: الحافظ أبو بكر بن رزق الله. "حرف الميم": 124- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ2. أبو بكر القطّان البغداديّ، ويُعرف بابن الحلّاج. حدَّث عن: أبي الغنائم بن أبي عثمان. قال ابن الجوزي: كان خيرًا، زاهدًا، كثير العبادة، دائم التّلاوة، حَسَن الأخلاق. كان النّاس يتبرّكون به، وكنت أزوره. وقال غيره: سمع من: مالك البانياسيّ، وقرأ على أبي طاهر بن سوار. روى عنه: الحافظان ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ. 125- محمد بن حبيب بن عبيد الله بن مسعود3. أبو عامر الأُمَويّ الشّاطبيّ. روى عن: طاهر بن مفوّز، وأبي داود المقرئ، ويوسف بن عديس.

_ 1 فوات الوفيات "2/ 135"، عيون التواريخ "12/ 286، 290"، شذرات الذهب "4/ 89". 2 المنتظم "10/ 39"، البداية والنهاية "12/ 207". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 579، 580".

قال ابن بَشْكُوال: أجاز لنا، وسمع منه أصحابنا ووصفوه بالجلالة والفضل والدّيانة. تُوُفّي بشاطبة. 126- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن مَسْعُود1. الْإِمَام أَبُو الفضل المَرْوَزِيّ، الزّاهد، المسعوديّ، الواعظ. قال السّمعاني: كان حَسَن الموعظة والنُّصْح، سريع الدَّمْعة، كان السّلطان سَنْجَر يزوره. سمع من جماعة، وحدَّث. مولده في سنة إحدى وخمسين، ومات في جُمَادى الأولى. 127- محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن زُغَيْبة2. أبو عبد الله الكِلابيّ الأندلسي المرسي. ولد سنة خمسين وأربعمائة. وروى عن: أبي العبّاس العُذريّ، والقاضي أبي عبد الله بن المرابط، وعبد الجبار بن أبي قحافة، وأبي عليّ الغساني، وجماعة. وكان ذاكرًا للمسائل، عارفًا بالنوازل، حاذقًا بالفتوى. قاله ابن بَشْكُوال. وقال: أجاز لنا؛ وتُوُفّي في ذي الحجَّة. أَنْبَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، أَنْبَا أَحْمَدُ بْنُ الْغَمَّازِ، أَنْبَا أَبُو الرَّبِيعِ بْنُ سَالِمٍ، أَنْبَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنْبَا ابْنُ زُغَيْنَةَ قِرَاءَةً، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْعُذْرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الرَّازِيِّ، أَنْبَا ابْنُ عَمْرُوَيْهِ، ثنا ابْنُ سُفْيَانَ، نبا مُسْلِمٌ: قَالَ ابْنُ قَعْنَبٍ: نبا أَفْلَح بْن حُمَيْد، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِي لحرمه حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت3.

_ 1 التحبير "2/ 131، 132"، الأنساب "11/ 308". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 579". 3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1539"، ومسلم "1191"، وأبو داود "1745"، والنسائي "2684"، وغيرهم.

128- محمد بن عليّ بن عبد الواحد1. أبو رشيد الآمُليّ. وُلِد سنة سبعٍ وثلاثين؛ وحجّ، وجاور، وكان زاهدًا متبتّلًا، مشتغلًا بنفسه. قيل: إنّه فارق أصحابه من المركب، وأقام في جزيرة يتعبَّد، ثمّ رجع إلى آمُل. وتُوُفّي في جُمَادى الأولى. 129- مَعَالِي بْن هِبة الله بْن الحَسَن بْن الحُبُوبيّ2. أبو المجد الدّمشقيّ، البزّاز. سمع: أبا القاسم المصِّيصيّ، ونصر المقدسيّ، وسهل بن بِشْر. روى عنه: ابن عساكر ووثّقه، ومحمد بن حمزة بن أبي الصَّقْر. تُوُفّي في سلْخ رمضان. ويروى عنه: ابن الحرستاني. وفيات سنة تسع وعشرين وخمسمائة: "حرف الألف": 130- أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد بْن حبيب3. الفقيه، أبو الطّيّب المقدسيّ، الواعظ، إمام جامع الرّافقة. سمع من: نصر المقدسيّ، والحسين بن عليّ الطَّبَريّ. وله ديوان شِعر. وكان مستورًا، قصيرًا، مُعِيلًا. سمع منه: أبو القاسم بن عساكر في هذا العام بالرّافقة، وهي الرَّقَّةُ الجديدة. وله يقول: يا واقفًا بين الفُرات ودِجْلة ... عَطْشان يطلبُ شَرْبَةً من ماء

_ 1 المنتظم "10/ 4"، الكامل في التاريخ "11/ 18". 2 مختصر تاريخ دمشق "24/ 386". 3 مختصر تاريخ دمشق "3/ 157"، الوافي بالوفيات "7/ 72".

إنَّ البلادَ كثيرةٌ أنهارُها ... وسَحَابُها فكثيرة الأنواءِ أرضٌ بأرضٍ والّذي خَلَق الوَرَى ... قد قسّم الأرزاق في الأحياء له: يا ناظري ناظري دَنِفٌ على السَّهَر ... ويا فؤادي فؤادي منك في ضَرَرِ ويا حياتي حياتي غير طيبةٍ ... وهل تطيب بفقْد السَّمع والبَصَرِ ويا سُروري سروري قد ذهبْتَ بِهِ ... وإنْ تَبَقّى قليلٌ فهو في الأثَرِ والعينُ بعدَكِ يا عيني مَدَامِعُها ... تَسْقي مَغَانيكَ ما يغني عن الْمَطَرِ وله: مَن لصبٍ نازح الدّارِ ... نَهْبَ أشواقٍ وأفكارِ مُسْتَهام القلبِ محترقٍ ... بهوَى أذْكَى من النّارِ فَنَيْتُ بالبُعْد أرْمُقُهُ ... فهو يبكي بالدّمِ الجاري فإلى من أشتكي زَمَنًا ... عالّني في حكمه الجاري صرتُ أرضى بعد رؤيتكم ... بخيالٍ أو بأخبارِ 131- إبراهيم بن الحسن بن محمد بن الحسين1. الشّريف، أبو إسحاق الحُسَينيّ، الكليميّ، النّقيب بالدّيار المصرّية. روى لنا عن: عبد العزيز بن الضّرّاب، وأبي إسحاق الحبال، وعبيد الله ابن أبي مطر الإسكندراني. قاله السلفي. وقال: تُوُفّي في جُمادى الآخرة وله خمسٌ وسبعون سنة. 132- أُمَيَّة بن عبد العزيز بن أبي الصَّلْت. قال السِّلَفيّ: تُوُفّي في أول سنة تسعٍ وعشرين. وقد تقدَّم في سنة ثمانٍ.

_ 1 المقفي الكبير "1/ 138".

"حرف الحاء": 133- الحسن بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العُبَيْديّ1. المصريّ. استوزره أبوه وجعله وليّ عهده في سنة ستٍ وعشرين، فظلم وعَسَف وسفك الدّماء، وقتل أعوان أبي عليّ الوزير الّذي قبله، حتّى قيل: إنّه قتل في ليلةٍ أربعين أميرًا، فخافه أبوه، وجهّز لحربه جماعةً، فحاربهم، واختلطت الأمور، ثمّ دسَّ أبوه من سقاه السُّمّ، فهلك في هذه السّنة. ولكنّه كان يميل إلى أهل السُّنَّة. 134- الحسن بن المبارك بن أحمد الأنْماطيّ. أخو الحافظ عبد الوهّاب. حدَّث عن: أبي نصر الزَّيْنبيّ. تُوُفّي في جُمَادى الأولى. "حرف الطاء": 135- طُغْرل بن محمد بن ملكشاه السَّلْجُوقيّ2. أحد الملوك السّلْجوقيَّة. تُوُفّي بهَمَذَان في أول السّنة. وهو أخو السّلطان محمود والسّلطان مسعود. "حرف الميم": 136- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الملك3. الفقيه أبو القاسم الصَّدَفيّ الإشبيليّ. روى عَنْ: أَبِي عبد الله محمد بْن فرج، وأبي علي الغساني.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 22-24"، العبر "4/ 78"، الوفيات بالوفيات "12/ 94". 2 المنتظم "10/ 453"، الكامل في التاريخ "11/ 19"، العبر "4/ 75". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 580".

وكان فقيهًا حافظًا للمسائل، مُفْتيًا معظمًا ببلده. تُوُفّي في أوائل سنة 29. 137- محمد بن أبي الخِيار1. العلّامة أبو عبد الله العَبْدَريّ، القُرطُبيّ، صاحب التّصانيف. روى عن: أَصْبَغ بْن مُحَمَّد، وأبي عَبْد اللَّه بْن حمدين. وتفقه بهما، وبالشّهيد أبي عبد الله بن الحاجّ. ذكره ابن الأبّار، وقال: كان من أهل الحِفْظ والاستبحار في عِلم الرأي. دَرّس ونوظر عليه. وله ثُنَائيَّة على "المدوّنة"، وردّ على أبي عبد الله بن الفخار. وصنَّف كتاب "السّجاج"، وكتاب "أدب النّكاح". ورأسَ قبل موته في النَّظر، فترك التّقليد، وأخذ بالحديث، وبه تفقّه: أبو الوليد بن خير، وأبو خالد بن رفاعة. قال أبو القاسم بن الشّهيد بن الحاجّ: قرأت عليه "المدوَّنة" تفقُّهًا وَعَرْضًا. تُوُفّي إلى رحمة الله في عاشر ربيع الأوّل. 138- محمد بن عليّ بن محمد العربيّ2. أبو سعيد السِّمَنَانيّ. سمع: أبا القاسم القُشَيْريّ، وكان من مُرِيديه. حدَّث وأملى، وروى عنه جماعة. ذكره ابن السّمعانيّ فقال: أحد المشهورين بالفضل والعلم والزُّهْد، وكان مُتَحَلِّيًا بالأخلاق الزّكيَّة. رأيت النّاس مُجْمعين على الثّناء عليه. وتُوُفّي قبل دخولي سِمَنَان قبل سنة ثلاثين بسنة أو سنتين رحمه الله. 139- المفضّل بْن عبد الله بْن أَبِي الرجاء محمد بْن عَلي بْن أحمد بْن جَعْفَر. أَبُو المعالي، التّميميّ، المعدّل.

_ 1 تكملة الصلة لابن الأبار "163"، الوافي بالوفيات "3/ 51"، معجم المؤلفين "9/ 293". 2 التحبير "2/ 193"، الأنساب "8/ 425".

أصبهاني جليل. روى عن: أبي مسلم بن مَهربزد صاحب ابن المقري. روى عنه: أبو موسى الحافظ، وَقَالَ: سَأَلْتُهُ عن مولده فَقَالَ: سنة أربعٍ وخمسين. وتُوُفّي في رجب. 140- منصور بن محمد بن عليّ. أبو المظفَّر الطّالقانيّ، نزيل مَرْو. قدِمَها وتفقّه على الإمام أبي المظفّر السّمعانيّ. قال أبو سعد السّمعانيّ: كان منبسطًا في شبيبته، دخّالًا في الأمور، ثمّ حسُنت طريقته، وترك ما لَا يعنيه، واشتغل بالعبادة، وأقبل على المطالعة. حجّ وحدَّث ببغداد. وكان لَيِّنًا فصيحًا. سمع: جدّي، والفضل بن أحمد بن مَتُوَيْه الصُّوفيّ، وإسماعيل بن الحسين العلويّ. وكتبتُ عنه. وسمع منه: أبو القاسم بن عساكر ببغداد. توفي في رمضان بنواحي أبي ورد. وفيات سنة ثلاثين وخمسمائة: "حرف الألف": 141- أحمد بن الحسن بن هبة الله1. أبو الفضل ابن العالمة، عُرف بالإسكاف. شيخ، صالح، مقرئ، إمام، فقيه، مجوّد، قَنوع، خيّر، حَسَن التّلاوة، محدِّث. سمع الكثير من: أبي الحسين بن النَّقُّور، وأبي محمد الصَّرِيفينيّ. وحدث؛ وتوفي في شوال.

_ 1 المنتظم "10/ 62"، معرفة القراء الكبار "1/ 478، 479".

وقد قرأ بالروايات على: أبي الوفاء بن القوّاس؛ وتلقَّن على الزّاهد أبي منصور الخيّاط. روى عنه: ابن الجوزيّ، وغيره. وكان مولده في رمضان سنة تسعٍ وخمسين. ومن شيوخه في القراءات، عبد السيد بن عتاب. أقرأ بالروايات مدَّة. 142- أحمد بن عليّ بن محمد بن موسى المقرئ. أبو بكر الأصبهانيّ، الأديب، المؤدب. روى عن: أبي الطّيّب بن شمة. روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وقال: كان والدي وأخي في مكتبه، وتُوُفّي في سادس شوّال. وقال السّمعانيّ في مُعْجَمه الملقّب "بالتّحبير": يُعرف بالزَّين العَلَم. ومن مسموعاته: فضل رمضان لسَلَمَة بن شبيب، سمعه من أحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، عن محمد بن أحمد بن الحسين، عن الفضل بن الخصيب، عنه، وكتاب "الحجَّة في القراءات الثمان" تأليف أبي الفضل الخزاعي، رواه عن الباطِرْقانيّ عنه. 143- أحمد بن أبي الفضل محمد بن عبد العزيز بن عبد الواحد. أبو الرَّجاء القارئ. روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وقال: لم أرَ مثله في طريقته من الطِّراز الأوّل. روى عن: أبي الحسين ابن المهتديّ بالله. 144- إبراهيم بن الفضل1. أبو نصر الأصبهاني البئار المفيد.

_ 1 الأنساب "2/ 27"، سير أعلام النبلاء "19/ 629، 631"، الوافي بالوفيات "6/ 90"، لسان الميزان "1/ 89".

قال ابن السّمعانيّ: رحل، وسمع، ونَسَخ، وجمع، وما أظنّ أنّ أحدًا بعد محمد بن طاهر المقدسيّ رحل وطوّف مثلَهَ، وجمع كجمْعه، إلّا أنّ الإدبار لحِقَه في آخر الأمر، وكان يقف في أسواق أصبهان، ويروي من حفظه بالسَّنَد. وسمعت أنّه يضع في الحال. سمع: أبا الحسين بن النَّقُّور، وعبد الرحمن بن مَنْدَهْ، وأخاه أبا عَمْرو عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، والفضل بن عبد الله بن المحبّ، وأبا عَمْرو المَحْمِيّ، وأبا إسماعيل الأنصاريّ شيخ الإسلام، وخلْقًا من معاصريهم. قال لي إسماعيل بن الفضل الحافظ: أشكر الله لئن ما لحقت إبراهيم البارّ، وأساء الثّناء عليه. تُوُفّي البئّار سنة ثلاثين. روى عنه جزءًا من حديثه: يحيى الثّقفيّ، وداود بْن سُلَيْمَان بْن أَحْمَد بْن نظام المُلْك، وأبو طاهر السِّلَفيّ وقال: كان يسمّي بدَعْلَج، له معرفة، وسمعنا بقراءته كثيرًا، وغيره أرضى منه. وقال مَعْمَرُ بن الفاخر: رأيت إبراهيم البئار واقفًا في السّوق، وقد روى أحاديث مُنْكَرَة بأسانيد صحاح، فكنت أتأملُه تأمُّلًا مُفْرِطًا، ظنًّا منّي أنّه الشّيطان على صورته. قال: وتُوُفّي في شوال. قلت: كان أبوه يحفر الآبار. قال ابن طاهر المقدسيّ: حدَّثته عن مشايخ مكّيُين ومصريّين، فبعد أيامٍ بلغني أنّه حدَّث عنهم، فبلغت القصْد إلى شيخ البلد، أبي إسماعيل الأنصاريّ، فسأله عن لُقِيّ هؤلاء بحضرتي، فقال: سمعت مع هذا. فقلت: ما رأيته قَطّ إلّا هنا. قال الشَيخ: حججت؟ قال: نعم. قال: فما علامات عَرَفات؟ قال: دخلناها باللّيل. قال: يجوز، فما علامة مِنى؟ قال: كنّا بها بالليل.

قال: ثلاثة أيّام وثلاث ليالٍ لم يُصبح لكم الصُّبح؟ لَا بارك الله فيك. وأمر بإخراجه من البلد، وقال: هذا دجّال. ثمّ انكشف أمره بعد هذا حتّى صار آيةً في الكذِب. "حرف الحاء": 145- الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جعفر1. أبو عبد الله النَّهْرُبِينيّ المقرئ الفقيه. سمع: ابن طلْحة النّعَاليّ، ويحيى بن أحمد السَّبْتيّ. قال ابن عساكر: ذكر لي إنّه سَمِعَ من: أَبِي الحسين بْن النَّقُّور، وسكن دمشق بالمدرسة الأمينية. كتبت عنه، وكان خيرًا، ثقة، يؤم بالناس في مسجد سوق الغزل المعلَّق، ويُقرئ القرآن. تُوُفّي بقرية الحُدَيْثة عند أخيه أحمد الفلّاح بالغُوطة. 146- الحسين بن عبد الرّزّاق. أبو عليّ الأبْهَريّ الفقيه، المعروف بالقاضي الرحبة، قاضي هَمَذَان كان صدوقًا، محمودًا في عمله، داهيةً، بعيد النَّظَر والغَوْر. سمع: عليّ بن محمد بن محمد الخطيب الأنباريّ، وجماعة ببغداد. وكان مولده في سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة. وتُوُفّي فِي هَذِهِ السّنة، أو فِي الّتي بعدها. "حرف الدال": 147- دُردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد الفارسيّ2. أَمَةُ الغافر النَّيْسابوريّ. والدة أبي حفص عمر بن أحمد الصفار.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 167، 168"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 357، 358". 2 المنتخب من السياق "221".

سمعت من: جدّها أبي القاسم القُشَيْريّ، ويعقوب بن أحمد الصَّيْرفي، وأبي حامد الأزهريّ. وعنها: الحافظ ابن عساكر، والسّمعانيّ. ماتت في صفَر عن أربعٍ وثمانين سنة. "حرف الشين": 148- شهفيروز بن سعد بن عبد السّيد1. أبو الهيجا، البغداديّ، الشّاعر. رقيق النَّظْم، لطيف الطَّبْع. أنشأ مقامات. وقد سمع من: أبي جعفر ابن المسلمة. وعنه: ابن ناصر، ويحيى بن بوش، وجماعة. وكتب عنه: أبو عليّ البَرَدَانيّ، وسمّاه أحمد. مات في ربيع الأوّل عن سنٍّ عالية. "حرف العين": 149- عبد الواحد بن الفضل بن محمد بن علي2. أبو بكر ابن القُدْوة أبي عليّ الفَارْمَذِيّ الطّابرائيّ. كان جليل القدر، حَسَن الأخلاق، مُكرِمًا للغرباء. سافر وصحِب المشايخ. وكان بقيَّة أولاد الشَيخ. سمع ببغداد من أبي القَاسِم بْن بيان، وابن نبهان. وكان قد سمع بمرْو من: أَبِي الخير مُحَمَّد بْن أَبِي عِمران؛ وبنَيْسابور من: أبي بكر بن خلف الشيرازي.

_ 1 معجم الأدباء "4/ 262"، الوافي بالوفيات "1/ 386"، عيون التواريخ "12/ 323". 2 الأنساب "9/ 219، 220".

قال ابن السّمعانيّ: كتبت عنه بطُوس. تُوُفّي فِي صَفَر. 150- عليّ بْن أَحْمَد بْن الحسن1. الموحّد أبو الحسن بن البقسلام الوكيل. مِن أعيان البغداديّين ومتميّزيهم. وله معروف كثير. وُلِد سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة. وسمع: أبا يَعْلَى بن الفرّاء، وهناد بن إبراهيم النسفي، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتدي بالله، وابن المأمون، والصَّرِيفينيّ، وأبا عليّ محمد بن وشاح، وخلْقًا كثيرًا. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وعبد الله بن صافي الخازنيّ. وسئل ابن عساكر عن عليّ الموحّد فأثنى عليه ووثّقه. وقال أبو بكر بن كامل: وإنما قيل البقسلام، لأنّ جدّه أو أباه مضى إلى قرية سلام، وكانت كثيرة البَقّ، فكان يقول طول اللّيل: بقّ سلام، فلزِمه ذلك لَقَبًا. وقال ابن ناصر: كان أبو الحسن في خدمة الدّولة، وكان يظلم جماعة من أهل السّواد. وكان في أيّام الفتنة ولم يكن من أهل السُّنَّة، ولا العارفين بالحديث، فلا يُحْتَجّ بروايته. وتُوُفّي في رمضان. 151- عليّ بن الخَضِر2. أبو محمد البغداديّ الفَرَضيّ. قرأ الفرائض على أبي حكيم الخَبْريّ، وأبي الفضل الهَمَذَانيّ. وسمع: أبا الحسين بن النقور، وابن البسري.

_ 1 المنتظم "10/ 62، 63". 2 المنتظم "10/ 63".

وكان قيِّمًا بعلم الفرائض. تُوُفّي في ثالث ربيع الأوّل. 152- عليّ بن عبد القاهر بن خضر. أبو محمد بن آسة الفَرَضيّ تلميذ الخَبْريّ. سمع: عبد الرحمن بن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة. وعنه: هبة الله بن الحَسَن السَّبْط. وكان شيخًا صالحًا. عاش 85 سنة. مات في ربيع الأوّل سنة 530. 153- عمر بن عبد الرحيم1. أبو بكر الشّاشيّ، المَرْوَزِيّ الصُّوفيّ، نزيل رباط الشَيخ يعقوب. ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ مُسِنّ، حَسَن السّيرة، كثير الصّلاة والعبادة. صحِب المشايخ. رأيته. وسمع من: جدّي أبي المظفَّر، وأبي القاسم إسماعيل الزّاهديّ، وهبة الله الشّيرازيّ الحافظ. كتبتُ عنه، وتُوُفّي بمرْو في سنة ثلاثين. 154- عيسى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن عيسى بن مؤمْل الزُّهْريّ2. الشّنْتَرينيّ. سمع من: أبي الوليد الباجيّ، والدّلائيّ، وأبي شاكر وابن الفلّاس، وأبي الحَجَاج الأعلم. ذكره ابن بَشْكُوال فقال: رحل إلى المشرق وأخذ عن: كريمة المَرْوَزِيَّة، وأبي مَعْشَر الطَّبَريّ، وأبي إسحاق الحبّال وذكر عنه أنّه كان إذا قرئ عليه حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يبكي بكاء كثيرًا، يعني الحبّال؛ ولقي جماعة غير هؤلاء. أخذ الناس عنه، وسكن العدوة.

_ 1 التحبير "2/ 518، 519". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 440، 441".

وتوفي نحو الثلاثين وخمسمائة. كتبه لي القاضي عِياض بخطّه، وذكر أنّه أخذه عنه. "حرف الفاء": 155- الفضل بن أبي الحَسَن بن أبي القاسم بن أبي عليّ بن أبي زيد. الميمونيّ الآمليّ، أبو زيد، التّاجر. كان محسنًا لأهل العلم، حريصًا على الطَّلَب. حصّل الأصول، وأنفق المال في جَمْعها، وحجّ تسعًا وعشرين حَجَّة. وورد بغداد غير مرَّة، ومات بطريق الحجّ بحلولا. سمع: أبا المحاسن الرّويانيّ بآمل، وأبا منصور الكُرَاعيّ بمرْو، وأبا علي الحداد بأصبهان، وأبا سعد الطُّيُوريّ ببغداد. وحدَّث. قال ابن السّمعانيّ: أجاز لي، وحدّثني عنه: عليّ بن محمد بن جعفر الفاروثيّ وقال: تُوُفّي في شوّال. "حرف الميم": 156- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن سَعْدُويْه1. أبو سهل الأصبهانيّ المزكّي. حدَّث ببغداد، وأصبهان "بمُسْنَد الرُّويانيّ" عن أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرّازيّ. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، والمبارك بن عليّ الطّبّاخ، والمؤيد ابن الأخوة، وَيَحْيَى بن بَوْش، وَعَبْد الخالق بن الصَّابُونيّ، وإبراهيم وعبد الله ابنا محمد بن أحمد بن حمديّه.

_ 1 المنتظم "10/ 63"، التحبير "2/ 55، 56"، سير أعلام النبلاء "10/ 47"، غاية النهاية "2/ 45، 46".

ومن شيوخه: إبراهيم بن منصور سِبط بحرُوَيْه، والحافظ محمد بن الفضل الحلاويّ، وآخرون. وُلِد سنة ست وأربعين وأربعمائة، وتُوُفّي في ذي القعدة. 157- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حبيب1. أبو بكر العامريّ الصُّوفيّ الواعظ، ويُعرف بابن الخبّاز. وُلِد سنة تسعٍ وستين وأربعمائة، أظنّ ببغداد. وسمع: رزق الله التّميميّ، وطرادًا الزَّيْنَبيّ، وابن البَطِر، وابن طلحة النّعاليّ. ورحل وسمع من: عبد الغفّار بن شيرُوَيْه، وعليّ بن أبي صادق؛ وبنَيْسابور، وبلْخ، وهَراة. روى عنه: أبو الفَرَج بن الجوزيّ كتاب "الشّهاب". وكانت له معرفة بالحديث والفقه، وكان يعظ ويتكلّم على طريقة التّصوّف والمعرفة من غير تكلف الوعاظ. وكم من يومٍ المِنْبر وفي يده مِرْوَحة، وليس عنده من يقرأ، كما يفعل الوعّاظ. قرأت عليه كثيرًا من الحديث والتّفسير، وكان نعْم المؤدِّب يأمُر بالإخلاص وحُسْن القصْد، وبنى رباطًا بقراح ظَفَر واجتمع فيه جماعة من المتزهّدين فلمّا احتضر قال له أصحابه: أوصنا. قال: أوصيكم بتقوى الله ومراقبته في الخلْوة، واحذروا مصرعي هذا، فقد عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيت الدّنيا. ثمّ قال لبعض أصحابه: أنظر هل ترى جبيني يعرق؟ فقال: نعم. قال: الحمد لله هذه، علامة المؤمن. ثمّ بسط يده وقال: ها قد بسط يدي إليك فَرُدَّها ... بالفضل لَا بشماتة الأعداء تُوُفّي في نصف رمضان، ودُفن برباطه رحمه الله. والبيت من شِعْر أبي نصر القُشَيْريّ.

_ 1 المنتظم "10/ 64، 65"، الكامل في التاريخ "11/ 46".

158- مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَبِي ذَرّ محمد بن إبراهيم1. أبو بكر الصّالحانيّ الأصبهانيّ. والصّالحان محلَّة. سمع: أبا طاهر بن عبد الرحيم. وهو آخر من حدَّث عنه. ومولده في سنة ثمانٍ وثلاثين وأربعمائة. روى عنه خلْق كثير منهم: أبو موسى المَدِينيّ، وتميم بن أبي الفُتُوح المقرئ، وخَلَف بن أحمد بن حميد، وسعد بن رَوْح الصّالحانيّ، وعُبَيْد الله بن أبي نصر اللُّفْتُوانيّ، ومحمد بن أبي عاصم بن زينة، ومحمد بن أبي نصر الحدّاد الضّرير، وزاهر بن أحمد الثقفي، وأبو مسلم ابن الأخوة، وإدريس بن محمد العّطار، ومحمود بن أحمد المصّريّ، والمخلّص محمد بن مَعمَر بن الفاخر، وعين الشمس بنت أحمد الثقفية. ووصفه أبو موسى المَدِينيّ بالصّلاح، وقال: تُوُفّي في ثاني جمادى الآخرة. وهو آخر من روى حديث أبي الشَيخ بعُلُوّ. قلت: وآخر أصحابه عين الشّمس، وسماعها منه حضورًا. 159- محمد بن عبد الله بن أبي الحسن2. قاضي مَرْو أبو جعفر الصّايغيّ المَرْوَزِيّ. إمام ورعٌ، كبير القدّر، سديد الأحكام. كان خطيب مَرْو. تفقّه على القاضي أبي بكر محمد بن الحسين الأرسابَنْديّ. وحدَّث عنه. عاش سبعين سنة. 160- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عبد الله3. أبو الفتح المضري الهروي.

_ 1 التحبير "2/ 186"، الأنساب "8/ 13"، سير أعلام النبلاء "19/ 585"، شذرات الذهب "4/ 96". 2 الأنساب "8/ 27، 28". 3 التحبير "2/ 183، 184"، التقييد "94"، المشتبه في الرجال "2/ 594".

سمع: أبا عبد الله الفارسيّ، ويَعْلَى بن هبه الله الفُضَيْليّ، وأبا عاصم الفضل، وبيبي الهرثمية. وببلخ: أبا حامد أحمد بن محمد. وبنَيْسابور: فاطمة بنت الدّقّاق، وجماعة. قدِم بغداد، وحدَّث "بجامع التِّرْمِذيّ". وكان صدوقًا مكثِرًا. روى عنه: هبة الله بن المُكْرَم الصُّوفيّ، وعليّ بن أبي سعيد الخبّاز، ويحيى بن بوش، وجماعة. تُوُفّي في ذي القعدة بخُرَاسان. 161- محمد بن القاسم بن محمد1. أبو العز البغداديّ، المقرئ، المعروف بابن الزُّبَيْديَّة. قرأ القراءات وجوَّدَها، وقال الشَّعر الرّائق، وتفقّه. وسمع الكثير، ومدح المسترشد بالله. ومات شابا. 162- محمد بن موهوب2. أبو نصر البغدادي الفرضي الضرير. له مصنفات في الفرائض. مؤرخ في "المنتظم". 163- محمد بن هشام بن أحمد بن وليد بن أبي حمزة3. أبو القاسم الأموي المرسي. أخذ عن: أبي عليّ بْن سُكَّرة؛ وصحِبَ أبا محمد عبد الله بن أبي جعفر، وتفقه عنده.

_ 1 عيون التواريخ "12/ 311، 312". 2 المنتظم "10/ 64". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 581".

وناظر عند الفقيه هشام بن أحمد، وغيره. وكان من أهل الحفظ، والفهم، والذكاء. استقضي بغرناطة فنفع الله بها أهلها لصرامته، ونفوذ أحكامه، وقويم طريقته. تُوُفّي بمُرْسِية في صدر رمضان. 164- مظفَّر بن الحسين بن عليّ بن أبي نزار1. أبو الفتح المردوستيّ. أحد الحُجاب. ثمّ ترك الحجابة وتصوّف وتزهّد. سَمِعَ: أبا القاسم بْن البُسْريّ، وأبا منصور العُكْبَرِيّ. روى عنه: أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم الحافظ. ووُلِد في سنة ستٍّ وخمسين وأربعمائة. وتُوُفّي سنة ثلاثين، أو قبلها بأشهر. 165- مفرِّج بن الحَسَن2. أبو الذّوّاد الكِلابيّ، رئيس دمشق، وابن رئيسها، ويُعْرف بابن الصُّوفيّ محيي الدّين. روى عن: الفقيه نصر المقدسيّ، وأبي الفضل بن الفرات. قرأ عليه أبو البركات بن عُبَيْد "صحيح البخاريّ". وكان ذا بِرّ ومعروف وحشمة. ولي الوزارة، بعد قتل أبي علي المزدقاني، لتاج الملوك بوري، ثم صادره وآذاه، ثم أعاده إلى المنصب، إلى أن مات بوريّ، فوَزَرَ بعده لابنه شمس الملوك إسماعيل. ثمّ قُتِلَ ظُلْمًا في رمضان. أغلظ للأمراء فقتلوه. "حرف الهاء": 166- هشام بن أحمد بن هشام3.

_ 1 المنتظم "10/ 66". 2 الكامل في التاريخ "10/ 666". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 655، 656".

أبو الوليد الهلاليّ، الغَرْناطيّ، نزيل المَرِيَّة. ويُعرف بابن بقري. سمع عامَّة شيوخ المَرِيَّة: طاهر بن هشام، وصَحّاج بن قاسم، وخَلَف بن أحمد الجراديّ. ومن الطّارئين عليها: القاضي أبي الوليد الباجيّ، ومن أبي العّباس أحمد بن عمر العُذْريّ. ثمّ خرج سنة ثمانين وأربعمائة إلى غَرْنَاطة بلده، وولي الأحكام بها مُدَّة وبغيرها. قال ابن بَشْكُوال: كان من حُفاظ الحديث المعتنين بالسبر عن معانيه، واستخراج الفقه منه، مع التَّقدُّم في حفْظ الفقه، والبَصَر بعقْد الوثائق، والتّقدُّم في معرفة أصول الدّين. روى عنه جماعة من أصحابنا. ووُلِد في صَفَر سنة أربعٍ وأربعين. وتُوُفّي بغَرْناطة في ربيع الأوّل. "حرف الياء": 167- يعيش بن مفرّج اللَّخْميّ البابريّ. أبو البقاء، نزيل إشبيلية. سمع سنة خمسٍ وتسعين وأربعمائة "جامع التِّرْمِذيّ" ببابرة من أبي القاسم الهَوْزَنيّ، وحجّ، فسمع من: أبي عبد الله الرّازيّ، وأبي طاهر السِّلَفيّ. وروى عنه: أبو بكر بن طبر. وسمع منه في هذه السنة أبو القاسم بن بَشْكُوال كتاب "المحدِّث الفاصل"، بسماعه من السِّلَفيّ، فابن بَشْكُوال في هذا الكتاب في طبقة شيخنا أبي الفتح القرشي.

المتوفون ما بين العشرين والثلاثين وخمسمائة: "حرف الألف": 168- أحمد بن إسماعيل بن عيسى1. أبو بكر الغَزْنَويّ، الجوهريّ، المفسّر، أحد أئمة غَزْنَة وفُضَلائهم. سافر إلى خُراسان، والحجاز، والعراق، ولقي أبا القاسم القشيري، وسمع منه، ومن: الحاكم أحمد بن عبد الرّحيم السّراج، وجماعة. وخرّج لنفسه أربعين حديثًا، وعاش إلى بعد العشرين. وله شُهرة بغَزْنَة. 169- أحمد بن الفضل بن محمود. الصاحب أبو نصر، سيّد الوزراء، مختصّ الملوك والسّلاطين، أحد الأعيان المشهورين. ذكره عبد الغافر فقال: أحد أكابر العراق، وخراسان، المجمع على علوم قدْره كلُّ إنسان، ارتضع ثدْي الدّولة في النَّوْبة الملِكْشَهائيَّة ولقي أكابر المتصرفين، وتَلْمَذ للأستاذِين، ومارس الأمور العظام، وصحب الملوك، ومَهَر في أنواع التّصرّف ورسوم الدّولة. وزاد على ما عهد من سنيّ المراتب، وعَليّ المناصب، حتّى اشتهر أنه بذل بعد الإعراض عن ملابسة الأشغال ومُداخلة الأعمال في إرضاء الخصوم، وتدارك ما سلف له من المظالم، يتقرر من المظلوم آلافًا مؤلفة، وصارت أوقاته عن أوضار الأوزار منطقة. وبقي مدة عن طلب الولاية خاليًا، وبرتبة الفقاعة خاليًا، إلى أن ضرب الدّهرُ ضرباته، ودار تبدُّل الأمور والأحوال دَوَرانه، واستوفى أكثر الكُفَاة في الدّولة أعمارهم، وانقرض من الصُّدور بقايا آثارهم. واحتاجت المملكة إلى من يلمّ شَعْثَها، وينفي خَبَثَها، ويحلّ صدْر الوزارة مستحقّها، ويرجحن بالظّلم جانب النّصْفة وشتّها، فاقتضى الرأي المصيب الاستضاءة في المُلْك بنور رأيه، فصار الأمر عليه فَرْض عَيْن، ووقع الاختيار عليه من البَيْن. والتزم قصر اليد عن الرشا والتحف، وإحياء رسوم العدل والإنصاف.

_ 1 طبقات المفسرين "1/ 31"، للداوودي.

وهو الآن على المسيرة الّتي التزمها يستفرغ في مناقبة أهل العلم أكثر أوقاته، صَرَف الله عنه بوائق الدّهر وآفاته. وذكر الكثير من هذا. "حرف العين": 170- عبد الملك الطَّبَريّ. الزّاهد، شيخ الحَرَم في زمانه. ذكره ابن السّمعانيّ في "ذيله" فقال: كان أحد المشهورين بالزُّهْد والورع: أقام بمكَّة قريبًا من أربعين سنة على الجهد والاجتهاد في العبادة، والرّياضة، وقهْر النَّفْس. وكان ابتداء أمره أنه كان يتفقه في المدرسة، فلاح له شيءٌ فخرج على التّجريد إلى مكَّة، وأقام بها. وكان يلبس الخشِن، ويأكل الخشب، ويُزْجي وقتَه على ذلك صابرًا. سمعتُ أبا الأسعد هبة الرحمن القُشَيْريّ يقول: لمّا كنت بمكَّة أردتُ زيارته فأتيته فوجدته محمومًا مُنْطَرِحًا، فتكلَّف وجلس، وقال: أنا إذا حُمِمت أفرح بذلك، لأنّ النّفْس تشتغل بالحُمَّى، فلا تشغلني عمّا أنا فيه، وأخلُو بقلبي كما أريد. وقال الحسين الزّغنْديّ: رأيت حوضًا يقال له: عنبر، والماء في أسفله، بحيث لَا تصل إليه اليد، فرأيت غير مرةٍ أنّ الشَيخ عبد الملك توضّأ منه، وارتفع الماء إلى أن وصل إليه، ثمّ غارَ الماء، ونزل بعد فراغه. وكنت معه ليلةً في الحَرَم، وكانت ليلةً باردة، وكان ظهْرُه قد تشقّق من البَرد، وكان عريانًا، فنام على باب المسجد، ووضع يده اليمنى تحت خدّه اليمنى، واليد اليُسْرَى على رأسه، وكان يذكر الله. فقلت له: لو نمت في زاوية من زوايا المسجد كان يكُنُّك من البرد. فقال: نمت في بعض اللّيالي، فرأيت شخصين دخلا المسجد، وتقدَّما إليَّ، وقالا لي: لَا تَنَمْ في المسجد، فقلت لهما: من أنتما؟ فقالا: نحن مَلَكان. فانتبهت، وما نمت بعد ذلك في المسجد. وقلتُ له: أراك صَبُورًا على الجوع. قال: آكل قليلًا من ورق الغضا فأشبع. 171- عليّ بن الحسين بن محمد بن مهديّ. أبو الحَسَن المصريّ الصُّوفيّ، من مشايخ الصُّوفيَّة الكبار.

تغرّب إلى الشّام، ومصر، والجزيرة، واستقر ببغداد. وكان ذا عبادة، وطريقة جميلة. حدَّث عن: أبي الحسن الخِلَعيّ. وعنه: جماعة. تُوُفّي بعد سنة خمسٍ وعشرين. 172- عليّ بن عبد القاهر بن الخَضِر بن عليّ. أبو محمد المراتبيّ الفَرَضيّ؛ المعروف بابن آسة، لأنّ جدّه وُلِد تحت آسةٍ، فسُميّ بها. إمامٌ في الفرائض، صالح، خيّر، منقبض عن النّاس. سَمِعَ: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصّمد بن المأمون وجماعة. سمع منه: أبو القاسم بن عساكر. وأجاز لابن السّمعانيّ. وتُوُفّي بعد ثلاثٍ وعشرين. 173- عليّ بن عليّ بن جعفر بن شيران1. أبو القاسم الضّرير، الواسطيّ، المقرئ. قرأ بالروايات على: أبي عليّ غلام الهرّاس. وحدَّث عن: الحسن بن أحمد الغَنْدَجَانيّ. وتصدر للإقراء مدَّة مع أبي الفَرّاء القلانِسيّ. قرأ عليه: أبو بكر عبد الله بن منصور الباقِلانيّ، وأبو الفتح نصر الله بن الكيّال، وجماعة. وكان قدم بغداد في سنة ثلاث وخمسمائة، وحدَّث بها. روى عنه: عليّ بن أحمد اليزدي. وقيل عنه: إنّه كان يميل إلى الاعتزال. تُوُفّي في سنة نيفٍ وعشرين بواسط.

_ 1 معرفة القراء الكبار "1/ 475، 476"، الجواهر المضية "1/ 368"، غاية النهاية "1/ 557".

"حرف الغين": 174- غالب بْن أَحْمَد بْن محمد بْن إبْرَاهِيم. أبو نصر البغداديّ الأَدَميّ. القارئ بالألحان، المغنّي بالقضيب. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة. روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو القاسم بن عساكر. وامتنع بعضهم من السّماع منه للغناءِ. "حرف الميم": 175- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن بن علي بن قريش. أبو غالب البغداديّ، النَّصْريّ، الحنفيّ. سمع: عبد الصمد بن المأمون، وأبا يَعْلَى بن الفرّاء، وجماعة. روى عنه: مسعود بن غَيْث الدّقّاق، وعمر بن طَبَرْزَد. وبقي إلى سنة 527. "حرف الياء": 176- يوسف بن أحمد بن حسدائيّ بن يوسف. الإسرائيليّ المسلم الأندلسيّ، أبو جعفر، الطبيب. من أعيان الفُضَلاء في الطب، وله مصنَّفات. قدِم ديار مصر، واتصل بالدولة، وكان خصّيصًا بالمأمون وزير الآمر بأحكام الله، وشرح له بعض كُتُب أبقراط. وله كتاب "الإجمال" في المنطق. وهو من بيت طبّ وفلسفة، وأجداده من فضلاء اليهود وأخيارهم، لعنهم الله. آخر الطبقة الثالثة والخمسين من تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للحافظ شمس الدين الذهبي غفر الله له وللمسلمين أجمعين.

وفيات الطبقة الثالثة والخمسون

وفيات الطبقة الثالثة والخمسون ...

الطبقة الرابعة والخمسون

بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الرابعة والخمسون: سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة: القبض على أبي الفتوح بن طلحة وجباية الأموال: وَرَد أبو البركات بن مَسْلَمَة وزير السّلطان مسعود، فقبض على أبي الفتوح بن طلحة، وقرَّر عليه بحمل مائة ألف دينار من ماله ومن دار الخلافة، فبعث إليه المقتفي يقول: ما رأينا أعجب من أمرك، أنت تعلم أنّ المسترشد سار إليك بأمواله، فجرى ما جرى. وأنّ المسترشد ولي ففعل ما فعل، ورحل وأخذ ما تبقى، ولم يبق إلّا الأثاث، فأخذته كلّه وتصرّفت في دار الضَّرب، وأخذت التَّرِكات والجوالي، فمن أيّ وجهٍ نقيم لك هذا المال؟ وما بقي إلّا نخرج من الدّار ونسلّمها، فإني عاهدت أنّ لَا آخذ من المسلمين حبَّةً ظُلْمًا. قال: فأسقط ستّين ألفًا، وقام أبو الفتوح صاحب المخزن من ماله بعشرة آلاف دينار، وأمر السّلطان بجباية الأملاك، فلقي النّاس من ذلك شدَّة، فخرج رجل صالح يُقال له: ابن الكوّاز إلى السّلطان إلى الميدان، وقال: أنت المطالَب بما يجري على النّاس، فما يكون جوابك؟ فانظر بين يديك، ولا تكن ممن {إِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} [البقرة: 206] ، فأسقَطَ ذلك1. الوباء بهمذان وأصبهان: وجاءت الأخبار بأنّ الوباء شديد بهَمَذَان وأصبهان. ثمّ عادت الجباية من الأملاك، وصودر التُّجار، ولم يُتْرك إلّا العقار الخاصّ2. بيعة سَنْجَر للمقتفي: وجاءت مكاتبة سَنْجَر إلى ابن أخيه مسعود يأمره أنّ يدخل إلى المقتفي ويبايع عنه.

_ 1 المنتظم "10/ 66، 67"، تاريخ الخلفاء "437، 438". 2 المنتظم "10/ 67"، الكامل في التاريخ "11/ 54"، البداية والنهاية "12/ 211".

بيعة زنكيّ صاحب الموصل: ثمّ أخُذت البيعة من زنكيّ صاحب الموصل. ودفع الرّاشد عن زنكيّ، فتوجّه نحو أَذَرْبَيْجان. زواج المقتفي أخت السّلطان: وتزوّج المقتفي بفاطمة أخت السّلطان مسعود. استبانة ألْبقش على بغداد: وتوجه مسعود إلى بلاد الجبل، واستناب على بغداد ألْبقش السّلاحيّ، فورد سلجوق شاه، أخو مسعود، إلى واسط، فطرده البقش، وكان مستضعفًا1. وقعة الملك داود والسلطان: واجتمع الملك داود وعساكر أَذَرْبَيْجان، فواقعوا السّلطان مسعودًا، وجَرَت وقعة هائلة، ثمّ قصد مسعود أَذَرْبَيْجان، وقصد داود هَمَذَان، ووصلها الرّاشد المخلوع يوم الوقعة، وتقرّرت القواعد أنّ الخليفة المقتفي يكتب لزنكيّ عشرة بلاد، ولا يُعين الرّاشد. ونفذت إليه المحاضر الّتي أوجبت خلْع الرّاشد، وأُثبتت على قاضي الموصل، فخطب للمقتفي ومسعود. فلمّا سمع الراشد نفّذ يقول لزنكي: غدرت؟! قال: ما لي طاقة بمسعود. ذهاب الراشد إلى مَراغة: فمضي الرّاشد إلى داود في نفرٍ قليل، وتخلّف عنه وزيره ابن صَدَقَة، ولم يبق معه صاحب عمامة سوى أبي الفتوح الواعظ. ونفّذ مسعود ألْفي فارس لتأخذه، ففاتهم ومضي إلى مَرَاغة، فدخل إلى قبر أبيه، وبكى وحثى التّراب على رأسه. فوافقه أهل مُراغة، وحملوا إليه الأموال، وكان يومًا مشهودًا2.

_ 1 المنتظم "10/ 67"، الكامل في التاريخ "11/ 47". 2 دول الإسلام "2/ 53"، العبر "4/ 84"، عيون التواريخ "12/ 329".

عودة الظلم إلى بغداد: وقويَ داود، وضرب المُصَافّ مع مسعود، فَقُتِلَ من أصحاب مسعود خلْق، وعادت الجباية والظُّلْم ببغداد. هرب وزير مصر الأرمنيّ: وفيها هرب الّذي ولي الوزارة بالديار المصرية بعد الحسن ابن الحافظ العُبَيْديّ، وهو تاج الدّولة بهرام الأرمنيّ النَّصْرانيّ. وكان قد تمكّن من البلاد، واستعمل الأرمن، وأساء السّيرة في الرّعيَّة، فأنِف من ذلك رضوان بن الوبخشيّ، فجمع جيشًا وقصَد القاهرة، فهرب منه بهرام لعنه الله إلى الصّعيد، ومعه خلْق من الأرمن، فمنعه متولّي أسوان من دخولها، فقاتله، فقتل السّودان طائفة من الأرمن، فأرسل يطلب الأمان من الحافظ فأمنه، فعاد إلى القاهرة، فسُجن مدَّة، ثمّ ترهَّب وأُخرج من الحبْس1. وزارة رضوان الأفضل بمصر: وأما رضوان فَوَزَرَ للحافظ، ولُقِب بالملك الأفضل، وهو أوّل وزير بمصر لقّبوه بالملك. ثمّ فسَد ما بينه وبين الحافظ، فهرب في شوّال سنة ثلاثٍ وثلاثين، ونُهِبت أمواله وحواصله، فأتي الشّام، فنزل على أمين الدّولة كُمُشْتِكِين صاحب صرْخَد، فأكرمه وعظّمه. وجَرَت له أمور ذكرنا بعضها سنة ثلاثٍ وأربعين. جلوس ابن الخُجَنديّ بجامع الخليفة: قال ابن الجوزيّ: ونوديَ في الأسواق لابن الخُجَنديّ الواعظ بالجلوس في جامع الخليفة، فجلس يوم الجمعة بعد الصّلاة، ومنع من كان يجلس. ونوديَ له بالجلوس في النّظاميَّة، فاجتمع خلائق، وحضر الوزير والشَّحْنة والمستوفي. ونَظَر، وسديد الدّولة، وجماعة من القُضاة. وحضرتُ يومئذٍ، وكان لَا يُحسن يعِظ ولا يندار في ذلك2.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 48، 49"، البداية والنهاية "12/ 212". 2 المنتظم "10/ 68".

إعادة البلاد للخليفة: وفى جُمَادَى الأولى أُعيدت بلاد الخليفة، ومعاملاته والتَّرِكات إليه، واستقرّ عن ذلك عشرة آلاف دينار. وعادت ببغداد الجبايات مرَّة خامسة بعنف وعسف1. إعادة الولاية لأبي الكرم: وقبض الشِّحنة على أبي الكرم الوالي وقال: لِم تتصرَّف بلا أمري؟ فذهب أبو الكرم إلى رباط أبي النَّجيب، فتاب وحلق رأسه، ثمّ خُلِع عليه، وأُعيد إلى الولاية، وكان كافيًا فيها. مهاجمة الأمير بُزْواش إفرنج طرابلس: وفيها سار عسكر دمشق وعليهم الأمير بُزْواش، فحاربوا عسكر طرابُلُس فنُصِروا، وَقُتِلَ خلْق من الفرنج، ورجع المسلمون بالغنائم والسّبْي الكثير. وقعة بعرين: وفيها وقعة بَعْرين بقُرب حماة، التقى الأتابك زنكيّ والفرنج، فنُصِر عليهم أيضًا، وأخذ قلعة بَعْرِين. وكان ذلك أول وهنٍ أدخله الله على الفرنج2. تسلُّم زنكي بعلبكّ: وسار زنكي إلى بعلبك، فسلمها إلى كُمُشْتِكِين الخادم. مهاجمة الروم بلادًا لابن لاون الأرمنيّ: ولما أخذ زنكي قلعة بَعْرين ثارت الرّوم، وقدِمُوا في البحر من القُسطنطينية. وسبق الفُرسان إلى أنطاكّية، ثمّ وصلت مراكبهم، فنازلوا أَذَنَة والمصّيصة، وهما لابن لاون الأرمنيّ، فأخذها منه الرّوم،، ثمّ أخذوا عين زَربة عَنْوَةً، وتل حمدون؛ ثم

_ 1 المنتظم "10/ 68، 69". 2 الكامل في التاريخ "11/ 51، 53"، المختصر في أخبار البشر "3/ 12"، العبر "4/ 84".

حاصروا أنطاكّية في آخر سنة إحدى وثلاثين، وضيقوا على أهلها وبها بيمند الفرنجي. ثمّ تصالح الأرمن والروم. ثمّ نازلوا حلب1. حرب الموحّدين والملثّمين: وفيها، وفي الّتي بعدها كان بين الموحّدين والملثّمين حروب عدَّة، ومنازلة طويلة ومضاربة. كان عبد المؤمن بالموحّدين في الجبل والشّعراء، وابن تاشفين قبالته في الوطاء. ثمّ جاءت أمطار عظيمة تلف فيها أصحاب ابن تاشفين، وهلكت خيلهم، وجاعوا. احتجاب هلال رمضان: وفي ليلة الثّلاثين من رمضان رُقِب الهلال، فلم يُرَ، فأصبح أهل بغداد صائمين أيّام العِدَّة. فلمّا أمسوا رقبوا الهلال، فما رأوه أيضًا، وكانت السّماء جليَّةً صاحية؛ ومثل هذا لم يُسمع بمثله في التّواريخ، وهو عجيب2.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "258"، الكامل في التاريخ "11/ 53"، البداية والنهاية "12/ 212". 2 المنتظم "10/ 69"، البداية والنهاية "12/ 211"، تاريخ الخلفاء "438".

سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة

سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة: صلْب العيّارين ببغداد: فيها ظفروا بأحد عشر عيّارًا، فصُلِبوا في الأسواق ببغداد، وصُلِب صوفيّ من رباط البسْطَاميّ لَكَمَ صبيًّا فمات. أخذ الروم بُزَاعَة: وفيها أخذت الرّوم بُزَاعَة فاستباحوها، وجاء النّاس يستنفرون. القبض على نائب بغداد: وفيها قُبِض على ألْبقش نائب بغداد، وولي مكانه بهروز الخادم. زواج السّلطان ببنت دُبَيْس: وتزوج السّلطان بسفرى بنت دُبَيْس الأسَديّ. وسببه أنّ أولاد دُبَيْس أُقطِعت أماكنهم واحتاجوا، فجاءت بنت دُبَيْس وأمها بنت عميد الدّولة جَهِير، وكانت بديعة الحُسن، فدخلت على خاتون زوجة المستظهر لتشفع لها إلى السّلطان، ليُعيد عليها بعض ما أُخِذ منها، فوُصِفت له، فتزوجها، وأُغلقت بغداد سبعة أيام للفرح، وضُرِبت الطُّبول وشُرِبت الخمور ظاهرًا وكثر الفساد1. صلْب أحد رجال الشحنة: وفي جُمَادَى الآخرة قَتَل شِحنة بعض البلدان صبيًّا مستورًا من المختارة، فأمر السّلطان بصلب الشِّحنة فصُلِبَ، ورهطه العوامّ فقطّعوه. زواج السلطان: وفي رمضان وصف للسلطان مسعود امرأةٌ بالحُسْن، فخطبها وتزوجها، وأغلق البلد ثلاثة أيّام. قتل الباطنيَّة الرّاشد: وكان أمر الرّاشد بالله قد استفحل، واجتمعت عليه عساكر كثيرة، فدخل عليه الباطنيَّة -لعنهم الله- فقتلوه. قتل ألْبقش: وفيها أمر السّلطان بقتل ألْبقش الّذي كان نائب بغداد، فَقُتِلَ، وقيل: غرّق نفسه، فأخرجوه من الماء وقطّعوا رأسه. تسلُّم الروم بُزَاعَة: وفيها نازل ملك الروم -لعنهم الله- مدينة بزاعة، فتسلموها بالأمان في رجب، وكان عدَّة من خرج منها خمسة آلاف وثمانمائة نفْس، وتنصّر قاضيها وجماعة من أغنيائها نحو أربعمائة نفْس2. منازلة الفرنج حلب: ثمّ نازل حلب، فخرج إليه خلقٌ من أهلها، فقاتلوه، فَقُتِلَ خلْق من الروم، وَقُتِلَ بطريقٌ كبير، ثمّ ملكوا قلعة الأثارب. منازلة الفرنج شَيزر: ثمّ نازلوا شيْزَر وبها سلطان بن عليّ الكِنانيّ، فنصبوا عليها ثمانية عشر مَنْجَنِيقًا، وعاثوا في الشّام، وقتلوا ونهبوا، فضايقهم عماد الدين زنكيّ، ولم يقحم عليهم، ونفذ في الرُّسْليَّة كمال الدّين الشّهْرُزُوريّ القاضي إلى السّلطان مسعود يستنجد به، فما نفع، ولطف الله، ورحلت الملاعين الرّوم عن الشّام بتهويلٍ من زنكيّ بين الروم والأرمن3.

_ 1 المنتظم "10/ 72"، الكامل في التاريخ "11/ 65"، البداية والنهاية "12/ 213". 2 الكامل في التاريخ "11/ 56". 3 المنتظم "10/ 72"، الكامل في التاريخ "11/ 56-58"، البداية والنهاية "12/ 212".

وفيات سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة

وفيات سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة: الزلزلة بجنزة: قال أبو الفَرَج بن الجوزيّ: كانت فيها زلزلة عظيمة بجنْزَة، أتت على مائتي ألف وثلاثين ألفًا، فأهلكهم الله، وكانت الزّلزلة عشرة فراسخ في مثلها، فسمعت شيخنا ابن ناصر يقول: جاء الخبر أنّه خُسِف بجنْزَة، وصار مكان البلد ماء أسود، وقدِم التّجّار من أهلها، فلزِموا المقابر يبكون على أهاليهم، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون1. قلت: في "مرآة الزّمان" مائتي ألف وثلاثين ألفًا، أعني الّذين هلكوا في جَنْزَة بالزّلزلة. وكذا قال "ابن الأثير" في "كاملة" ولكن ذكر ذلك سنة أربعٍ وثلاثين. خطبة زوجة المستظهر لصاحب كرمان: وفيها وصل رسول ابن قاروت صاحب كرْمان إلى السّلطان مسعود يخطب خاتون زوجة المستظهر بالله، ومعه التّقادُم والتُّحَف. فجاء وزير مسعود إلى الدار

_ 1 المنتظم "10/ 78"، الكامل في التاريخ "11/ 71"، النجوم الزاهرة "5/ 264"، شذرات الذهب "4/ 102".

يستأذنها، ونثرت الدّنانير وقت العقْد، وبُعِثت إليه، فكانت وفاتها هناك1. إزالة المواخير ببغداد: وفي ربيع الأوّل أُزيلت المواخير والمُكُوس من بغداد، ونُقِشت الألواح بذلك. قتل الوزير كمال الدين الرازيّ: كان السّلطان قد استوزر محمد بن الحسن كمال الدّين الرازيّ الخازن، فأظهر العدل ورفع المكوس والضرائب، ثم دخل إليه ابن عمارة، وابن أبي قيراط، فدفعا في المُكُوس مائة ألف دينار، فرفع أمرهما إلى السّلطان، فشُهِّرا في البلد مسوَّدَيْن الوجوه، وحُبسا. فلم يتمكن مع الوزير أعداؤه ممّا يريدون، فأوحشوا بينه وبين قُراسُنْقُر صاحب أَذَرْبَيْجان، فأقبل قُراسُنْقُر في العساكر الكثيرة، وقال: إمّا يحمل رأسه إلي أو الحرب. فخوفوا السّلطان مسعود من حادثة لَا تتلافى، ففسح لهم في قتله على كرهٍ شديد، فقتله تتر الحاجب، وحمل رأسه إلى قراسنقر2. واستولى الأمراء على مُغَلّات البلاد؛ وعجز مسعود، ولم يبق له إلا مجرد الاسم. خروج خوارزم شاه عن طاعة السلطان سنجر: وفيها خرج خوارزم شاه عن طاعة السّلطان سَنْجَر، فسار سَنْجَر لحربه وقاتله، وقتل في الوقعة ولدٌ لخوارزم شاه، ودخل سَنْجَر خُوارَزْم، وأقطعها ابن أخيه سليمان بن محمد، ورتَّب له وزيرًا وأتابكًا، وردَّ إلى مرو؛ فجاء خوارزم شاه، وهرب منه سليمان، فاستولى على البلد3. أخْذ الأتابك زنكيّ بعلبكّ: وفيها قُتِلَ شهاب الدّين محمود، وأحضروا أخاه محمدًا من بَعْلَبَكّ، فتملّك دمشق. فجاء زنكيّ الأتابك، فأخذ بَعْلَبَكّ بعد أنّ نصب عليها أربعة عشر منجنيقًا ترمي بالليل والنهار، فأشرف أهلها على الهلاك، وسلّموا البلد، وعصى بالقلعة جماعة من الأتراك، ونزلوا بالأمان، فغدر بهم وصلبهم، فمقته النّاس وأبغضوه، ونفر منه أهل دمشق وقالوا: لو ملك دمشق لفعل بنا مثل ما فعل بهؤلاءِ. الزلازل بالشام والجزيرة: وفي صفر كانت زلازل هائلة بالشّام والجزيرة، وخرب كثير من البلاد لا سيما حلب، فلما كثرا عليهم خرج اهلها إلى الصحراء. قال ابن الأثير: عدّوا ليلة واحدة أنها جاءتهم ثمانين مرة، ولم تزل تتعاهدهم بالشّام من رابع صفر إلى تاسع عشرة4. وكان معها صوت وهدة شديدة.

_ 1 المنتظم "10/ 78". 2 المنتظم "10/ 78، 79". 3 الكامل في التاريخ "11/ 67"، العبر "4/ 91"، البداية والنهاية "12/ 215". 4 الكامل في التاريخ "11/ 71"، ذيل تاريخ دمشق "268"، عيون التواريخ "12/ 334".

سنة أربع وثلاثين وخمسمائة

سنة أربع وثلاثين وخمسمائة: عقد السّلطان على بنت المقتفيّ: في رجب عقد السّلطان مسعود على بنت المقتفيّ لأمر الله. وقوع الوحشة بين الوزير والخليفة: وتمكّن الوزير أبو القاسم بن طِراد من الدّولتين تمكُّنًا زائدًا، ثمّ وقعت وحشة بينه وبين الخليفة. عودة الحياة إلى رجل بعد الصلاة عليه: وتُوُفّي رجلٌ مبارَك من أهل باب الأزَج نودي عليه، واجتمع النّاس في مدرسة الشَيخ عبد القادر للصّلاة عليه، فلمّا أريد غسْله عطس وعاش. تكاثر كبسات العيّارين ببغداد: وفيها تكاثرت كبسات العيّارين ببغداد، وصاروا يأخذون جهارًا، وعمَّ الخطب.

محاصرة زنكيّ دمشق: وفيها حاصر زنكي دمشق، فذكر "ابن الأثير" أنّ زنكيّ ملك بَعْلَبَكّ، وسار فنزل داريّا، وراسل جمال الدّين محمد بن بوريّ يطلب منه دمشق، ويعوضه عنها أي بلدٍ يختار، فلم يجبه. فالتقي العسكران، فانهزم الدمشقيون، وقتل كثيرٌ منهم، ثم تقدم زنكي إلى المصلى، فالتقاه جمعٌ كبير من جُنْد دمشق وأحداثها ورجال الغُوطة، وقاتلوه، فانهزموا، وأخذهم السّيف، فقتل فيهم وأكثر الأسر، ومن سلم عاد جريحًا. وأشرف البلد على أنّ يؤخذ، لكن عاد زنكيّ فأمسك عدَّة أيامٍ عن القتال، وتابع الرّسُل إلى صاحب دمشق وبذل له بَعْلَبَكّ وحمص، فلم يجيبوه. فعاود القتال والزَّحف متتابعًا، فلم يقدر على البلد. وولي بعد موت محمد ابنه مُجير الدّين أبق، ودبّر دولته أُنُز، فلمّا ألحّ عليهم زنكيّ بالقتال راسل أُنُز الفرنج يستنجد بهم، وخوّفهم من زنكيّ إنْ تملّك دمشق. فتجمعت الفرنج، وعلم زنكيّ، فسار إلى حَوْران لمُلْتقاهم فهابوه ولم يجيئوا، فعاد إلى حصار دمشق، ونزل بعَذرا، وأحرق قرى المَرْج وترحّل. فجاءت الفرنج واجتمعوا بأُنُز، فسار بعسكر دمشق إلى بانياس، وهي لزنكيّ، فأخذها وسلّمها إلى الفرنج. فغضب زنكيّ، وعاد إلى دمشق، فعاث بحوران وأفسد، وجاء إلى دمشق فخربوا واقتتلوا، وقتل جماعة. ثمّ رحل عنها ومع أصحابه شيء كثير من النَّهْب. وسار إلى الموصل، فملك شَهْرزُور وأعمالها1. مقتل صاحب تِلِمْسان: وفيها جهّز عبد المؤمن جيشًا من الموحّدين إلى تِلِمْسان فخرج صاحبها محمد بن يحيى بن فانوا اللّمْتُونيّ، فالتقاهم، فَقُتِلَ وانهزم جيشه، وانتهبهم الموحّدون. استيلاء عبد المؤمن على جبال غمارة: وفيها استولى عبد المؤمن على جبال غمارة، ووحّدوا وأطاعوا، وما برح عبد المؤمن يسير في الجبال، وتاشفين بن علي يحاذيه في الوطاء مدَّة طويلة، نحو سنتين، حتّى قُتِلَ تاشفين2. الخُلْف بين جيش مصر: وفيها وقع الخُلْف بين جيش مصر، وَقُتِلَ خلقٌ من الجند.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 73، 74"، العبر "4/ 93"، عيون التواريخ "12/ 354". 2 الكامل في التاريخ "10/ 578، 579"، دول الإسلام "2/ 54".

سنة خمس وثلاثين وخمسمائة

سنة خمس وثلاثين وخمسمائة: وزارة المظفر أبي نصر: فيها استوزر أبو نصر المظفر محمد بن جهير. نقل من الأستاذ دارية إلى الوزارة، وعُزل ابن طِراد. ادَّعاء رجل الزُّهد ببغداد: وفيها ظهر ببغداد رجل قدِم إليها وأظهر الزُّهد والنُّسُك، وقصده النّاس من كلّ جانب، فمات ولدٌ لإنسان، فدفنه قريبًا من قبر السّبتيّ، فذهب ذلك المتزهّد فنبشه، ودفنه في موضع، ثمّ قال للنّاس: اعلموا أنني رأيت عمر بن الخطّاب في المنام، ومعه عليّ -رضي الله عنهما- فسلّما عليَّ وقالا: في هذا الموضع صبيّ من أولاد عليّ بن أبي طالب. ودّلهم على المكان، فحفروه، فإذا صبي أمرد، فمن الّذي وصل إلى قطعة من أكفانه. وانقلبت بغداد، وخرج أرباب الدولة، وأخذ التراب للبركة، وازدحم الخلق، وبقوا يقبلون يد التزهد وهو يبكي ويتخشّع. وبقي النّاس على هذا أيامًا، والميت مكشوف يراه النّاس، ويتمسحون به. ثمّ أَنْتَن. وجاء الأذكياء وتفقدوا الكَفَن، فإذا هو جديد، فقالوا: كيف يمكن أنّ يكون هذا هكذا من أربعمائة سنة؟! ونقبوا على ذلك حتّى جاء أبوه فعرفه وقال: هو والله ولدي، دفْنتُه عند السّبْتيّ. فمضوا معه، فرأوا القبر قد نُبِش، فكشفوا فإذا ليس فيه ميت. وسمع المتزهد فهرب، ثمّ وقعوا به وقرّروه، فأقرّ، فأركب حمارًا، وصُفِع، في ربيع الأوّل1. تملُّك الإسماعيلية حصن مصيات: وفي سنة خمسٍ وثلاثين ملكت الإسماعيلية حصن مِصْيات، كان واليه مملوكًا

_ 1 المنتظم "10/ 88، 89"، الكواكب الدرية "12/ 113".

لصاحب شَيْزَر، فاحتالوا عليه ومكروا به، حتّى صعدوا إليه وقتلوه، وملكوا الحصن، وبقي بأيديهم إلى دولة الملك الظّاهر1. وفاة الوزير ابن الأنباري: وفيها توفي الوزير سيد الدّولة ابن الأنباريّ وزير الخليفة وبعده سَنْجَر. انهزام سَنْجَر أمام الخِطا: وكان قد قتل ابنًا لخوارزم شاه أتْسِز بن محمد في الوقعة المذكورة، فحنق خوارزم شاه، وبعث إلى الخطا فطمعهم في خراسان، وتزوَّج إليهم، وحثَّهم على قصد مملكة سَنْجَر، فساروا في ثلاثمائة ألف فارس، فسار إليهم سَنْجَر، فالتقوا بما وراء النّهر، فانهزم سَنْجَر بعد أنّ قُتِلَ من جيشه أحد عشر ألفًا، وأُسِرت زوجة السّلطان سَنْجَر، وانهزم هو إلى بلْخ. فأسرع خُوارَزْمشاه إلى مَرْو، فدخلها وقتل جماعة، وقبض على أعيانها. ولم يزل السّلطان سَنْجَر سعيدًا هذا الوقت. فطلب ابن أخيه السّلطان مسعود، وأمره أنّ يقرب منه وينزل الرَّيّ2. رواية ابن الأثير عن إسلام التُرك: قال ابن الأثير: وقيل: إنّ بلاد تُرْكُسْتان، وهي كاشغر، وبلاساغون، وختن، وطراز، كانت بيد التُّرك الخانيَّة، وهم مسلمون من نسْل فراسياب. وسبب إسلامهم جدّهم الأول أنه رأى في منامه كأن رجلًا ينزل من السماء، فقال له بالتُّركية: أسلِمْ تسلم في الدنيا والآخرة. فأسلم في منامه، وأصبح فأظهر إسلامه. ولمّا مات قام بعده ولدُه موسى بن سنق؛ ولم يزل المُلْك بتُركستان في أولاده إلى أرسلان خان محمد بن سليمان بن داود بغراجان بن إبراهيم طمغاج بن أيلك أرسلان بن عليّ بن موسى بن سنق. فخرج عليه قدر خان فانتزع المُلْك منه، فظفر السّلطان سَنْجَر بقدر خان، وقتله في سنة أربعٍ وتسعين من إحدى، وله أربعون سنة. وأعاد

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 79"، المختصر في أخبار البشر "3/ 15"، دول الإسلام "2/ 54". 2 ذيل تاريخ دمشق "275"، المنتظم "10/ 96، 97"، الكامل في التاريخ "11/ 81-86".

المُلْك إلى أرسلان خان. وكان من جُنْده نوع من التُرك يقال لهم القارُغليَّة، ونوع يقال لهم الغُزّ الّذين نهبوا خُراسان سنة ثمانٍ وأربعين كما يأتي. القبض على المغربيّ الواعظ ببغداد: وفيها أخذ المغربيّ الواعظ ببغداد مكشوف الرأس إلى باب النّوبى، وجدوا في داره خابيةَ نبيذ وعُودًا وآلات اللهو، فكان ينكر ويقول: امرأته مغنية والعُود لها. تسليم البُرْدة والقضيب للمقتفي: وفيها وصل رسول السّلطان سَنْجَر ومعه البُرْدة والقضيب، فسلّمه إلى المقتفي لأمر الله، وكانا مع الرّاشد لمّا قُتِلَ بظاهر أصفهان1. غارة الفرنج على عسقلان: وفيها غارت الفرنج على عمل عسقلان، فخرج جُنْدُها وقتلوا جماعة، وهزموا الفرنج.

_ 1 المنتظم "10/ 90"، البداية والنهاية "12/ 217"، عيون التواريخ "12/ 361".

سنة ست وثلاثين وخمسمائة

سنة ست وثلاثين وخمسمائة: موت البهلوي رئيس الباطنية: فيها مات رئيس الباطنيَّة إبراهيم البهلويّ، فاحرقه شِحنة الرَّيّ في تابوته. دخول ملك خوارزم مدينة مَرْو: وفيها دخل ملك خُوارَزْم أتْسِز بن محمد مدينة مَرْو، وفتك بها مُراغَمَةً للسّلطان سَنْجَر حين تمّت عليه الهزيمة، وقبض على رئيس الحنفيَّة أبي الفضل الكرمانيّ، وعلى جماعة من الفقهاء1. إنجاز شقّ النهروان: وفيها تمّ عمل شقّ النَهروان، وخلع المقدّم بهروز على الصناع جميعهم جباب

_ 1 المنتظم "10/ 95"، الكامل في التاريخ "11/ 87"، عيون التواريخ "12/ 367".

ديباج روميّ، وعمائم مذهّبه. وبنى لنفسه هناك تُربة. وجاء السّلطان مسعود عَقِيب فراغه، وعند جَرَيان الماء في النَّهر، فقعد بهروز والسلطان في سفينة، وسار في النّهر المحفور، وفرح السّلطان به. وقيل: إنّه عاتبه في تضييع المال، فقال: أنفقت عليه سبعين ألف دينار، أنا أعطيك إياها من ثمن التَّبْن في سنة واحدة. شحنكية بغداد: ثمّ إنّه عزله عن شِحْنكية بغداد، وولّي قزل. استفحال أمر العيّارين: وظهر من العيّارين ما حيّر النّاس. وذاك أنّ كلّ قومٍ منهم اجتمعوا بأمير واحتموا به، وأخذوا الأموال، وظهروا مكشوفين. وكانوا يكبسون الدُّور بالشّموع، ويدخلون الحمّامات، ويأخذون الثّياب، فلبس النّاس السّلاح لمّا زاد النَّهب، وأعانهم وزير السّلطان؛ والنَّهْب يعمل، والكبسات متوالية. ثمّ أطلق السّلطان النّاس في العيَّارين فتتبّعوهم1. العفو عن الوزير ابن طِراد: وفيها عفى الخليفة عن الوزير عليّ بن طِراد بعد شفاعة السّلطان مسعود فيه غير مرَّة إلى الخليفة المقتفيّ، وزادت حُرْمتُه، وعَلَت كلمته. هزيمة سَنْجَر أمام كافر تُرك: وفيها كانت وقعة هائلة بين السّلطان سَنْجَر وبين كافر تُرك بما وراء النّهر، فانكسر سَنْجَر، وبلغت الهزيمة إلى تِرْمِذ، وأفلت سَنْجَر، في نفر يسير، فوصل بلْخ في ستَّة أنْفُس، وأُخذت زوجته وبنته زوجة محمود، وَقُتِلَ من جيشه مائة ألف أو أكثر. وقيل: إنهم أحصوا من القتلى أحد عشر ألفًا، كلّهم صاحب عمامة، وأربعة آلاف امرأة. وكان سَنْجَر قد قتل أخا صاحب خُوارَزْم، فاستنجد عليهم بكافر تُرْك، وكان مهادِنًا له وقد صاهره، فسار الملعون في ثلاثمائة ألف فارس، فأحاطوا بسَنْجَر. ولم تُرَ وقعةٌ أعظم منها. وكانت في المحرَّم، وقيل: في صفر2.

_ 1 المنتظم "10/ 95، 96"، الكامل في التاريخ "11/ 89". 2 المنتظم "10/ 96، 97"، الكامل في التاريخ "11/ 85، 86"، العبر "4/ 98".

سنة سبع وثلاثين وخمسمائة

سنة سبع وثلاثين وخمسمائة: اجتماع العسكر مع سَنْجَر: أرسل سَنْجَر إلى السّلطان مسعود أنّ يجمع الجيش وينزل الرَّيّ، بحيث إن احتاجه طَلَبه لأجل النّكبة الماضية من التُرْك. ووصل إلى مسعود عبّاس شِحْنة الرَّيّ بعسكرٍ كثير، وخدمه. ووصل إليه جماعة من الأمراء. أخْذُ زنكي الحديثة: وفيها أخذ زنكي الحديثة واعتقل من فيها من آل مهارش. وفاة صاحب ملطية: وفيها تُوُفّي محمد بن الدّانشمنْد صاحب مَلَطْيَة، فاستولى على بلاده الملك مسعود بن قلج أرسلان سليمان بن قُتُلْمش السَّلْجُوقيّ صاحب قونية. الوباء بمصر: وفيها كان بمصر وباء عظيم، وهلك النّاس1. هلاك ملك الروم: وفيها جاء طاغية الرّوم في جُمُوعه يعبر إلى الشام، وخاف النّاس. وتلقاه صاحب أنطاكية. ثمّ أهلك الله طاغية الروم في هذه السّنة. موت قاضي دمشق: وفيها مات قاضي دمشق المنتجب أبو المعالي محمد بن يحيى، وولي قضاء دمشق بعده ابنه أبو الحسن عليّ. بعث إليه بمنشور القضاء قاضي قضاة بغداد.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "276"، الكامل في التاريخ "11/ 92".

سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة

سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة: مصالحة السّلطان مسعود وزنكي على مال: جمع السّلطان مسعود العساكر لقصد الموصل والشّام، وتردّدت رسل زنكي. ثم تم الصلح على ثلاثمائة ألف دينار في نُوَب. فعجَّل ثلاثين ألفًا، ثم تقلبت الأحوال واحتاج إلى مدارة زنكيّ، وسقط المال، وقبض البعض. الصلح بين سنجر وخوارزم شاه: وفيها سار السّلطان سَنْجَر وحاصر خُوارَزْم، وكاد أنّ يفتحها عَنْوةً، فأخرج خُوارَزْمشاه أَتْسِز الرُّسل ببذل الطّاعة والمال، ويعود إلى الانقياد، ويعتذر عمّا تقدَّم. فصالحه سَنْجَر، وانعقد الصُّلح1. فتوحات زنكيّ: وافتتح زنكيّ في هذا العصر فتوحاتٍ عظيمة، وهابته الملوك، واتَّسعت ممالكه. حراميَّة بغداد: وكان البلاء شديدًا ببغداد من الحراميَّة وأذِيّتهم، ثمّ صُلِب جماعة منهم، فسكن النّاس قليلًا. قدوم المناظر النيسابوريّ بغداد: وقدِم السّلطان بغداد، وقدم معه الحسن بن أبي بكر النَّيْسابوريّ الحنفيّ أحد الكِبار والمناظرين. قال ابن الجوزيّ: جالسْتُه مدَّةً، وسمعت مجالسه كثيرًا، وجلس بجامع القصر.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 93"، المنتظم "10، 105"، البداية والنهاية "12/ 218".

وكان يلعن الأشعريّ جَهرًا على المنبر ويقول: كُنْ شافعيًا ولا تكن أشعريًّا، وكُنْ حنفيًّا ولا تكن معتزِليًّا، وكن حنبليًّا ولا تكن مُشَبِّهًا. وما رأيت أعجب من الشّافعيَّة، يتركون الأصل ويتعلّقون بالفرع. وكان يمدح الأئمة الأعلام، وزاد في الشَّطَرَنْج نقلًا. وقد جلس في رجب في دار السّلطنة، وحضر السّلطان مجلس وعْظه. وكان قد كُتِب على باب النّظاميَّة اسم الأشعريّ، فتقدَّم السّلطان بمحوه وكتب مكانه اسم الشّافعيّ. وكان أبو الفتوح الإسْفَرَائينيّ يجلس ويعظ في رِباطه، ويتكلم على محاسن مذهب الأشعريّ، فتقع الخصومات، فذهب أبو الحسن الغَزْنَويّ إلى السّلطان وأخبره بالفِتَن وقال: إنّ أبا الفتوح صاحب فتنة، وقد رُجم ببغداد مِرارًا، والصّواب إخراجه. فأخرج من بغداد، وعاد الحسن بن أبي بكر النَّيْسابوريّ إلى وطنه1. ترجمة الإسفرائينيّ: ويُعرف الإسْفَرَائينيّ المذكور بابن المعتمد، واسمه محمد بن الفضل بن محمد. وُلِد سنة أربعٍ وسبعين وسبعمائة بإسْفَرَاين، ودخل بغداد فاستوطنها. وكان يبالغ في التّعصب لمذهب الأشعريّ. وكان بينه وبين الواعظ أبي الحسن الغَزْنَويّ حسدٌ وشَنَآن، وكان كلّ واحدٍ منهما ينال من الآخر على المِنْبر. فلمّا بويع الرّاشد بالله، وخرج عن بغداد، خرج معه أبو الفتوح إلى الموصل. فلمّا قُتِلَ الرّاشد سُئل المقتفيّ فيه، فإذن له في العَود إلى بغداد، فجاء وتكلم. واتفق مجيء الحسن بن أبي بكر النَيْسابوريّ فوعظ. ووجد الغَزْنَويّ فرصة، فكلَّم السّلطان في أبي الفتوح، فأصغي إليه. وقال ابن الجوزيّ: بَلَغَني أنّ السّلطان قال للحسن النَيْسابوريّ: تقلَّد دم أبي الفتوح حتّى أقتله. قال: لَا أتقلّد. فوكّل بأبي الفتوح حتّى أُخرج من بغداد. ووقف عند السور خمسة عشر تركيًّا،

_ 1 المنتظم "10/ 106".

شيّعه خلْق كثير، فلمّا وصلوا إلى السّور ضربتهم الأتراك، فرجعوا. وأرسل إلى هَمَذَان، ثمّ سُلِّم إلى عبّاس، فبعثه إلى إسْفَراين، واشترط عليه أنّه متى خرج من بلد أُهلك. وجاء حَمْوُه، والقاسم شيخ الرّباط، وأبو منصور الرّزّاز، ويوسف الدّمشقيّ، وأبو النّجيب الشّهْرُزُوريّ إلى السّلطان يسألون فيه، فلم يلتفت إليهم. ونودي في بغداد أنّ لَا يذكر أحد مذهبًا، ولا يثير فتنة. فلمّا وصل أبو الفتوح إلى بسْطام تُوُفّي بها في ذي الحجَّة ودُفِن هناك. قلت: ولمّا بَلَغَت ابن عساكر الحافظ وفاتُه أملى مجلسًا سمعناه بالاتّصال. وعُمِل له العزاء في رباطه ببغداد، فحضره الغَزْنَويّ، فلامه بعض النّاس وقال: ما لك أظهرت الحزْن عليه وبكيت؟ قال: أنا بكيت على نفسي. كان يقال فلان وفلان، فعُدم النّظير، ودنا الرحيل1. حصار تِلِمْسان: وفيها نازل عبد المؤمن تِلِمْسان، وحاصرها مدَّةً طويلة، فكشف عنها تاشفين بن علي.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 97"، المنتظم "10/ 111".

سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وفيات سنة أربعين وخمسمائة

سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وفيات سنة أربعين وخمسمائة: سنة تسعٍ وثلاثين وخمسمائة: غارة عسكر بَعْلَبَكّ على الفرنج: فيها نهض عسكر بَعْلَبَكّ، فأغاروا على الفرنج، فقتلوا وسبوا، ثمّ التقوا الفرنج، فنصرهم الله، ورجعوا إلى بَعْلَبَكّ، وكذا فعل عسكر حلب. وأخذوا قَفْلًا كبيرًا للفرنج، وجاءوا بالغنيمة، فلله الحمد1. فتح الرها: وفيها نازل زنكي على الرُّها، وهي للفرنج، فنصب عليها المجانيق، ونقب سورها، وطرح فيها الحطب والنّار، فانهدم، ودخلها، فحاربهم ونُصِر المسلمون، وغنموا وسبوا، وخلص منها خمسمائة أسير. فلما قتل زنكي استردها الفرنج، وقتلوا من بها من المسلمين، فلله الأمر2. انتهاب حجّاج العراق: وفيها حجّ بالنّاس من العراق نَظَر الخادم، فنهب أصحاب هاشم بن فُلَيْتَة ابن القاسم العَلَويّ الحُسَينيّ صاحب مكَّة النّاس في أوسط الحَرَم، ولم يرقبوا منهم إلًّا ولا ذمَّة3. وفاة قاضي المَرِيَّة: وفيها تولّى تدبير مملكة غَرْناطة أبو الحسن عليّ بن عمر الهَمَذانيّ قاضي المَرِيَّة، وذلك عند انقضاء دولة الملثَّمين، فلم تطُلْ أيّامه، وتوفي عَشْر السّبعين. وكان من كبار الفُقهاء، ومن فُصَحاء الشّعراء. مهاجمة وهْران: وفيها وجّه عبد المؤمن جيشًا مع أبي حفص الهناتيّ إلى وهْران، فهاجمها وأخذها بَغْتَة، فأسرع إليه تاشفين، ففر منها أبو حفص ونزل عندها. ثمّ هلك تاشفين كما ذكرنا في ترجمته. وفيات سنة أربعين وخمسمائة: ................................................4.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "278"، عيون التواريخ "12/ 385". 2 الكامل في التاريخ "11/ 98-100"، المنتظم "10/ 112"، البداية والنهاية 12/ 219". 3 الكامل في التاريخ "11/ 103"، العبر "4/ 106". 4 بياض بالأصل.

وفيات الطبقة الرابعة والخمسون

بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} . وفيات الطبقة الرابعة والخمسون: وفيات سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة: "حرف الألف": 1- أحمد بن بركة بن يحيى البقّال1. صحيح السّماع، بغداديّ. يروى عن: أبي القاسم بن السَّرِيّ، وعاصم العاصميّ. تُوُفّي في شعبان. 2- أحمد بن خلف بن عيشون بن خيار2. أبو العباس الجذامي، الإشبيلي، المقرئ، ابن النحاس. ويكنى أبا جعفر أيضا. أخذ القراءات عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن شُرَيْح، وأبي الحسن العبْسيّ، وأبي عبد الله السَّرَقُسْطيّ، ومحمد بن يحيى العَبْدَريّ. وأجاز له أبو عليّ الغسّانيّ، وجماعة. وتصدّر للإقراء في أيّام أبي داود، وابن الدوش. أخذ عنه: أو جعفر بن الباذش، وأبو بكر بن خَيْر، ونجبه بن يحيى. وكان يلقّب بالمجوّد لحسن قراءته. وله مصنف في الناسخ والمنسوخ.

_ 1 المنتظم "10/ 324". 2 تكملة الصلة "1/ 38"، غاية النهاية "1/ 52"، معرفة القراء الكبار "1/ 482، 483".

تُوُفّي في رجب: وكان مولده سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة. تلا عليه بالسّبْع أبو جَهير عبد العزيز السمناني. 3- أحمد بن أبي العلاء بن أحمد العَبْديّ. النبيل، أبو رشيد القاشاني، الأصبهاني. سمع من: البزاني، وأبا منصور بن شكروه. قال السّمعانيّ: كتبت عنه في هذه السّنة. 4- أحمد بن عقيل بن محمد بن عليّ1. أبو الفتح بن أبي الحوافر البَعْلَبَكّيّ. حدَّث عن: أبيه. روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد الحنفيّ وقال: تُوُفّي في ربيع الأوّل. وأبوه فارسيّ الأصل، فقيه روى عن عبد الرحمن بن أبي نصر. 5- أحمد بن عليّ2. أبو البَرَكات بن الأبراديّ، الفقيه الحنبليّ، الرجل الصّالح. تفقه على أبي الوفاء بن عقيل. وسمع من: أبي الحسن الأنباريّ، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وغيرهما. وقف داره مدرسةً على الحنابلة، وهي بالبَدْريَّة. روى عنه: أبو المعمَّر الأنصاريّ، وأشرف بن أبي هاشم. تُوُفّي فِي رَمَضَان. 6- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد3. أبو العباس النعالي، الأسداباذي، محدث، رحال.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "3/ 171"، الوافي بالوفيات "7/ 185"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 396". 2 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 188، 189". 3 الأنساب "1/ 226".

سمع الكثير، وتعِب وجَمَع. ولم يكن له كبيرُ فَهْم. سمع ببلده: أبا الحسين المحكميّ. وببغداد: أبا نصر الزَّيْنبيّ وأخاه طِرادًا، وجماعة. قال ابن السّمعانيّ: ثنا عنه جماعة من أصحابنا. وتُوُفِّي فِي ذي القعدة. 7- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ثابت بن حسن بن عليّ1. أبو سعد، والد الإمام أبي بكر الخُجَنديّ، الأصبهانيّ. تفقه على واحد، وشاخ. ووُلّي تدريس النّظاميَّة غير مرة. قال ابن السّمعانيّ: رأيته بأصبهان لازمًا بيته. سمع: عليّ بن عبد الرحمن بن عَلِيَّك النَيْسابوريّ، والحسن بن عمر بن يونس الحافظ. وقرأ عليه جزءًا. وتُوُفّي في شعبان، وله ثمانٍ وثمانون سَنَةً. 8- أحمد بن أحمد بن محمد2. أبو الحسن بن القصير، الغَرْناطيّ. روى عن: القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل، ومحمد بن سابق، وأب علي الغساني، وأبي عبد الله لكلاعي. وكان فقيهًا، حافظًا، مُشَاوَرًا ببلده، واستقضى بغير موضع. وتُوُفّي في ذي الحجَّة. 9- أَحْمَد بن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أبي عثمان.

_ 1 المنتظم "10/ 70"، الكامل في التاريخ "11/ 54"، البداية والنهاية "12/ 211". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 79".

أبو عبد الله بن أبي تمّام الدّقّاق، الهمذاني، الشروطي. بغدادي أصيل. سمع: أباه، وعمه أبا الغنائم، وعبد الصّمد بن المأمون، وهناد بن إبراهيم النَّسفيّ، وجماعة. قَالَ ابن النّجّار: ثنا عَنْهُ أحمد بْن صالح المصريّ. تُوُفّي في ذي الحجَّة وله ثمانٍ وسبعون سنة. 10- أحمد بن محمد بن أبي القاسم فليزة1. أبو نصر الأصبهانيّ، الكاتب، الخُوزِيّ. كان يسكن سكَّة الخوزيّين. سمع: أبا عمرو بن مَنْدَهْ، وجماعة. تُوُفّي في شوّال في عَشْر السّبعين. أخذ عنه أبو سعد السّمعانيّ. 11- إبراهيم بن محمد بن عبد الواحد بن عبْدُوَية. أبو إسحاق الأصبهانيّ، الحلليّ. روى عن: أبي القاسم عبد الواحد بن أحمد. وعنه: أبو موسى المَدِينيّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل. 12- إسماعيل بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر صالح2. أبو محمد النَيْسابوريّ، القارئ. قال ابن نُقْطة: سمع "صحيح مسلم" من عبد الغافر بن محمد الفارسيّ، وأحاديث يحيى بن مَعِين.

_ 1 معجم البلدان "2/ 404". 2 التحبير "1/ 94-97"، سير أعلام النبلاء "20/ 19، 20"، النجوم الزاهرة "5/ 260".

وسمع من: أبي حفص بن مسرور وجماعة أجزاء. روى عنه: الحافظ أبو القاسم بن عساكر، وأبو العلاء الهَمَذانيّ، وأبو سعد السّمعانيّ، والحسن بن محمد القُشَيْريّ، وزينب الشّعْريَّة، وآخرون. وقال أبو سعد: شيخ، صالح، عفيف، صوفيّ، نظيف، مواظِب على الجماعات، خدم الأستاذ أبا القاسم القُشَيْريّ. ووُلِد في رجب سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة وتُوُفّي يوم الجمعة العشرين من رمضان سنة إحدى وثلاثين. وقال أبو نُقْطة: روى عنه "صحيح مسلم" أبو سعد الحسن بن محمد بن المحسّن القُشَيْريّ. قال: أخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن قالت: أنا إسماعيل بن أبي القاسم القارئ، قراءةً عليه وأنا أسمع، في سنة أربعٍ وعشرين وخمسمائة، أنبا عمر بن مسرور، أن ابن نُجَيد، فذكر حديثًا. قلت: سمعتُ جزء ابن نُجَيد على غير واحدٍ بإجازة زينب المذكورة، بهذا الإسناد. وقد أجاز لأبي القاسم بن الحَرَسْتانيّ. وحدَّث عنه بأجزاء ابن مسرور. "حرف الباء": 13- بركات بن عبد العزيز بن الحسين1. أبو الحسن الدّمشقيّ، الأنْماطيّ. سمع: أبا بكر الخطيب، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد. وكان حافظًا للقرآن، مستورًا. قاله ابن عساكر. وقال: كان شيخًا مغفَّلًا. حدَّثني أبو الحسين القَيسيّ أنّه قال: إنّهم يقولون إنّ صلاتي كافرة. فقال: إنْما يقولون بِدْعة. فقال: هو هذا. وكان يُديم الخروج إلى مغارة الدّم، ويصلّي بالنّاس النوافل، ويعمّم الصّبيان يوم العيد.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "5/ 176".

وتُوُفّي في رمضان. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد. "حرف التاء": 14- تميم بن أبي سعيد بن أبي العبّاس1. أبو القاسم الْجُرْجانيّ، المؤدِّب. سمع "مُسْنَد أبي يَعْلَى"، من: أبي سعد الكَنْجَرُوذيّ. وسمع من: أبي حفص عمر بن مسرور، وأبي عامر الحسين بن محمد بن عليّ النَّسَويّ القُومسيّ، وأبي بكر أحمد بن منصور المغربيّ، وعليّ بْن مُحَمَّد بْن علي بْن عُبَيْد اللَّه البحَّاثيّ راوي "التّقاسيم والأنواع"، ومحمد بن محمد بن حمدون السُّلَميّ. وكان مُسْنِد هَرَاة في زمانه. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وجماعة. وآخر من روى عنه أبو رَوْح عبد المعزّ الهَرَويّ. قال ابن نقطة: ذكر لي يحيى بن عليّ المالقيّ ببغداد أنّه لمّا قدِم أَبُو جَعْفَر بن خَولة الغَرْناطيّ من الهند إلى هَرَاة، أخرج إليهم بقيَّة الأصل بمُسْنَد أبي يَعْلَى، وفيه سماع أبي رَوْح، من تميم. قال يحيى: فكمل له جميع المسند سماعًا منه بتلك المجلَّد. قلت: لَا أعلم متى تُوُفّي تميم، لكنه كان باقيًا في حدود هذه السّنة بهَرَاة. وسماعاته بنَيْسابور. وكان يؤدّب. وسماع أبي روح منه في سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ التَّمِيمِيُّ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ: أنا تَمِيمُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، نا أَبُو سَعْدٍ الْكَنْجَرُوذِيُّ سَنَةَ ثمانٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ: أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ حمدان، أَبُو يَعْلَى، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، ثنا فُلَيْحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَهُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-

_ 1 التحبير "1/ 144-148"، سير أعلام النبلاء "20/ 20-23"، شذرات الذهب "4/ 97".

قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ فِي رهطٍ يوذن فِي النَّاسِ: أَنْ لا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مشركٌ، وَلا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَوَافَقَنَاهُ. وأخبرنا ابن الخّلال: أنا عتيق السَّلْمانيّ، وغيره قالا: أنا أبو القاسم بن عساكر، أنا تميم الْجُرْجانيّ بهَرَاة في شعبان سنة ثلاثين، فذكر حديث بهْز بن حكيم في البرّ، من جزء ابن نُجَيْد. وقد قال ابن السّمعانيّ: إنّه لمّا دخل هَرَاة كان تميم قد تُوُفّي، وإنّه أجاز له في سنة ثمانٍ وعشرين. وقد سمع منه أبو رَوْح في هذه السّنة أيضًا. وقال ابن السّمعانيّ في "التّحبير": تميم بن أبي سعيد المؤدب، المعلّم، القصّاريّ، أكثر بإفادة خاله القاضي أبي محمد عبد الله بن يوسف الْجُرْجانيّ. ثمّ سكن هَرَاة. وكان مسْنِدًا، ثقة، صالحًا، يعلم الصِّبْيان. سمع: ابن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسيّ، وأبا عثمان الحيريّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، والبَيْهقيّ، ومحمد بن عبد الله العُمَريّ الهَرَويّ، وأبا بكر محمد بن الحَسَن بن عليّ الطَّبَريّ. وروى لي عنه جماعة. فمن جملة ما سمعه: "مُعْجَم الحاكم". أنا البيهقي، عنه، و"مسند أبي يَعْلى" القدر الّذي كان عند أبي سعيد، في خمسةٍ وثلاثين جزءًا، وكتاب "المتّفق" للجَوْزقيّ، بروايته عن أبي بكر المغربيّ، للقدر الّذي عنده منه، وكتاب "التّرغيب" لحُمَيْد بن زنْجُوَيْه. أنا أبو بكر المعمري، أنا ابن أبي شُرَيح، أنا الرَّاذانيّ، عنه، سوى الجزء الخامس من تجزئة عشرة، و"صحيح ابن حِبّان"، روايته عن البحّاثيّ، عن محمد بن أحمد المروزي، عنه، و"فوائد المغربي"، انتقاء خاله عليه، و"معرفة علوم الحديث"، للحاكم، عن الكنجروذي، عنه.

_ 1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "369، 1622، 3177، 4363"، ومسلم "1347"، وأبو داود "1946"، والنسائي "2957".

"حرف الحاء": 15- الحسن بْن أحمد بْن عَبْد الصّمد بْن مُحَمَّد بن تميم1. أبو القاسم التّميميّ، الدّمشقيّ، الشّاهد. سمع من: أبي القاسم بن أبي العلاء، ونصر المقدسيّ، وسهل بن بِشْر، وأبي عبد الله بن أبي الحديد. وكتب بخطّه الكثير. روى عنه: عبد الخالق بن أسد. وقال ابن عساكر: سمع منه أصحابنا، وأجاز لي. وتوفي في صفر ودُفِن بداره بباب البريد، ثمّ نُقِل بعد خمسٍ وعشرين سنة إلى جبل قاسيون. وكان مولده في سنة ستٍّ وستين وأربعمائة. 16- الحَسَن بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبار2. الشَيخ أبو محمد التّميميّ، السّمعانيّ، المَرْوَزِيّ. عم الحافظ أبي سعد. قال: جمع الكثير ونَسَخَه، وجمع جُمُوعًا في الحديث. وقرأ عليه الكثير. وكان إمامًا، زاهدا، ورعا، وقورا، تاركا لمخالطة الناس. سمع: نظام الملك، ووالده، وعلي بن أحمد المديني، وخلقا. ولد سنة ثمانٍ وستين وأربعمائة، دخل السراق في الليل فخنقوه لأجل مالٍ أودع عندهم، والله يرحمه، في غرة جمادي الأولى. 17- الحَسَن بن هادي بن الحسين3. أبو العز العلوي، الأصبهاني. سمع: أبا مسلم بن مَهْريزد، وعائشة الوَرْكَانيَّة. قرأ عليه ابن السمعان ورقة.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 278". 2 الأنساب "7/ 141، 142". 3 التحبير "1/ 219، 220".

وجئناه مرَّةً، فصاح فينا، فقُلْنا: جئناك لنقرأ حديث جدّك -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتكلَّم بكلامٍ يكفّر الإنسان تدوينُها، وضربتُ على سماعي منه. عاش نَيّفًا وثمانين سنة. 18- الحسين بن محمد بن مرداس. أبو محمد البَيْهَقيّ، الخُسْرَوْجِرْديّ، وخُسْرَوْجِرْد إحدى قرى بَيْهق. سمع بقريته من: عُبَيْد الله بن المعتزّ البَيْهقيّ. أخذ عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وغيره. مات في صفر سنة 31. 19- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عليّ بْن الفرخان1. أبو عبد الله السِّمَنَانيّ. ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ صالح، صحِب المشايخ وخَدَمَهم. ورحل إلى نَيْسابور. وسمع: أبا القاسم القُشَيْريّ، وأبا الحسن الواحديّ المفسّر، وأبا بكر أحمد بن خَلَف. وروى ببغداد "الوسيط" للواحديّ. وقد رحل إلى بوشَنْج، وسمع بها من جمال الإسلام أبي الحسين الدّاوديّ. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وغيره. قال أبو سعد السّمعانيّ: دخلتُ سِمَنَان في أواخر صفر لأسمع منه، فذكر لي جماعة أنّه مات من شهر، رحمه الله. 20- حمزة بن شجاع بن أبي بكر محمد بن إبراهيم اللفتواني2. أبو الوفاء.

_ 1 التحبير "1/ 241"، معجم البلدان "3/ 141، 142". 2 التحبير "1/ 252، 253".

أسمعه أخوه الحافظ محمد بن أبي بكر من أبي عبد الله الثّقفيّ، وجماعة. مات كهْلًا في رجب. أخذ عنه السّمعانيّ. "حرف السين": 21- سعيد بن طلحة بن حسين بن أبي ذَرّ محمد بن إبراهيم1. الصّالْحانيّ، الأصبهانيّ، أبو الخير، الأديب. شاعر مُفْلِق، أجاز له أحمد بن الفضل البطرقاني. وسمع من: عائشة الوَرْكانية. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المديني، وغيرهما. وتوفي في رمضان. 22- سهْلُ بن عليّ بن عثمان2. أبو نصر النَيْسابوريّ، التّاجر، السَّفار، الشّافعيّ. حضر درس أبي المعالي الْجُوَيْنيّ. وسمع: أبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وأبا الفتح نصر بن الحسن التُّنْكُتيّ. ودخل الأندلس، وحدَّث بالإسكندريَّة. قال القاضي عِياض: حدَّثني بحكايات، وروى عنه: أبو محمد العثمانيّ. تُوُفّي غريقًا مُنْصَرَفَه من المَرِيَّة في سنة إحدى هذه. "حرف الشين": 23- شبيب بن عبد الله بن محمد بن خَوْرة3.

_ 1 التحبير "1/ 304"، الأنساب "8/ 14"، معجم البلدان "3/ 263". 2 تكملة الصلة لابن الأبار "2008"، نفح الطيب "3/ 67". 3 التحبير "1/ 323".

الأصبهانيّ، أبو المظفَّر. سمع: أحمد بن الباطِرْقانيّ. مات في رمضان عن ثمانين سنة. "حرف الطاء": 24- طاهر بن سهل بن بِشْر بن أحمد بن سعيد1. أبو محمد الإسْفَرَائينيّ، الصّائغ، دمشقيّ من أولاد الشّيوخ. وُلِد سنة خمسين وأربعمائة. وسمع: أباه المحدّث أبا الفَرَج، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وعبد الكريم بن الحسين الهلاليّ، وأبا الحسين محمد بن مكّيّ الأزديّ، وأبا بكر الخطيب، والكتّانيّ، وابن أبي الحديد، وغيرهم. روى عنه: الحافظ أبو نُعَيْم وقال: كان شيخًا عسِرًا، مع جَهْله بالحديث، وعدم ثقته. حكّ اسم أبيه من كتاب "الشّهاب" للقُضاعيّ، وأثبت بدله اسمه، وتُوُفّي في ذي الحجَّة. قلت: روى عنه: عبد الرحمن بن عليّ الخِرقيّ، وأبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحَرَسْتانيّ، وجماعة. "حرف العين": 25- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن حملة. أبو منصور الأصبهانيّ، الشُّرُوطيّ، المعروف بالكِسائيّ. سمع: عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، والمظفر البَرَاثيّ، وأبا عيسى بن زياد، وأبا بكر بن ماجة. روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وأبو المجد زاهر الثّقفيّ، وآخرون. تُوُفّي في أوّل سنة إحدى وثلاثين.

_ 1 التقييد "305"، العبر "4/ 85"، ميزان الاعتدال "2/ 335"، لسان الميزان "3/ 206، 207".

26- عبد الجبّار بن عبد الوهّاب بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد1. أَبُو الْحَسَن بن أبي الحسن بن الأستاذ أبي القاسم الدّهّان، النَيْسابوريّ، البَيِّع. لم أظفر له بوفاة، لكّني أعلم أنّه كان في هذه الحدود. ذكره عبد الغافر فقال: شابٌّ عهِدْناه في أيّام الصِّبا، سديد الطّريقة، من بيت الثّروة والمروءة. سمع من الأئمة مثل: البَيْهَقيّ، وسعيد العَيار، والطّبقة. إلى أنّ تُوُفّي جدّه. سمع "الانتخاب" منه، وقُرئ عليه الكثير. قلت: روى عنه: "السُّنَن الكبير" عبد الرحيم بن عبد المؤمن الشّعْريّ. وذكره أبو سعد السّمعانيّ وأنّه أجاز له في سنة سبعٍ وعشرين؛ وقال: شيخ ثقة، من أهل الخير والأمانة. وكان عنده تصانيف أبي بكر البَيْهَقيّ، وحدَّث بالكثير. وسمع: أبا طاهر محمد بن عليّ الزَّرّاد الحافظ، والبَيْهَقيّ، وأبا يَعْلى الصّابونيّ. 27- عبد الرحمن بن الحسن بن محمد. الإمام أبو محمد ابن العلّامة أبي عبد الله الطَّبريّ، الشّافعيّ. وُلِد ببغداد، وبها نشأ. ووالده مِن أعيان أصحاب الشَيخ أبي إسحاق. أنفق هذا أبو محمد الأموال والذخائر حتّى وُلِي تدريس النّظاميَّة ببغداد. وقال ابن السّمعانيّ: خرج عنه في الرّشوة إلى الأكابر لتحصيل المدرسة ما لو أراد لبنى به مدرسة، تأمّله. وورد علينا مَرْو، وكان شيخًا بهيّ المنظر، حَسَن الكلام في المسائل. ثنا عن أبي عليّ الحدّاد وقال: سمعت من الشَيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ، وتفقّهت عليه، وأصولي ببغداد. وذكر أنّه مولده في سنة 463. تُوُفّي بخُوَارَزْم في سنة إحدى وثلاثين وفي سنة ثلاثين.

_ 1 التحبير "1/ 430"، المنتخب من السياق "344"، سير أعلام النبلاء "20/ 46".

28- عبد الرّزّاق بن عبد الله بن الأستاذ أبي القاسم القُشَيْريّ1. أبو المكارم؛ صالح، خيِّر. سمع: جدّته فاطمة بنت الدّقّاق، والفضل بن محمد. مات في صفر، أو في ربيع الأوّل. أخذ عنه: السّمعانيّ، وغيره. 29- عَبْد العزيز بن علي بْن عيسى2. أَبُو الأصْبَغ الغافِقيّ، المعروف بالشّقُّوريّ، نزيل قُرْطُبَة. روى عن: أبي عليّ بن سُكَّرَة، وجماعة. وكان من كبار الفُقَهاء، كتب للقُضاة بقُرْطُبَة. تُوُفّي يوم عيد الفطر. 30- عبد الغني بن محمد بْن عَبْد الغني بْن مُحَمَّد بْن حنيفة3. أبو القاسم الباجِسْري، من أبناء بَعْقُوبا. كان صالحًا، فاضلًا، متميِّزًا، وله شعرٌ حَسَن. سمع: أبا القاسم بن البُسْريّ، وأبا نصر الزَّيْنبيّ. روى عنه: أبو الفضل بن ناصر، وأبو المعمر الأنصاريّ، وابنه أبو المعالي أحمد. وتوفي في شعبان ببَعْقُوبا. 31- عبد الكريم بن شُرَيْح4. الفقيه أبو معمر الرُّويَانيّ، قاضي أهل طَبرِسْتان. إمام مُناظر، سمع ببسْطام، وآمُل، وساوة من: محمد بن أحمد الكامخي؛

_ 1 التحبير "1/ 438"، المنتخب من السياق "358". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 374". 3 الأنساب "2/ 18". 4 التحبير "1/ 476، 477"، معجم البلدان "3/ 104".

وبأصبهان من: محمود الكَوْسَج؛ وبنَيْسابور من: محمد بن إسماعيل التِّفْلِيسيّ. أخذ عنه السّمعانيّ. مات في رمضان. 32- عَبْد الملك بْن عليّ بْنُ عَبْد المَلِك بْن مُحَمَّد بْن يوسف1. أبو الفضل بن أبي الحسن اليُوسُفيّ، البغداديّ. طلب الحديث بنفسه، وأكثر، وحصّل الأصول. وهو من بيت علم ورواية. سمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وعاصم بْن الحَسَن، وعليّ بْن محمد بْن محمد الأنباريّ. وحدَّث، وسمع منه جماعة. وتُوُفّي في رابع ذي الحجَّة. وكان أبوه يروى عن أبي عليّ المُذْهِب. روى عنه: عبد الرحمن بن محمد القصْريّ، وصالح بن محمد الأزَجيّ. 33- عُبَيْد الله بن الحسن بن عُبَيْد الله بن شباب. أبو المعالي البَرُوجِرْديّ، أخو القاضي شبيب. شيخ مُعَمَّر، ممتَّع بحواسه. سمع من: أبي محمد نصر الزَّيْنبيّ. وحدَّث ببَرُوجَرْد بالْجَعْدِيّات غير مرَّة. وتُوُفّي، رحمه الله، في شهر ربيع الأوّل، عن تسعين سنة. 34- عُبَيْد الله بن مسعود بن عبد العزيز2. أبو البقاء الرّازيّ، ثمّ البغداديّ، القاضي. أخو عبد الله. سمع: أبا الحسين بن المهتدي بالله، والصريفيني.

_ 1 المنتظم "10/ 70". 2 ذيل تاريخ بغداد لابن النجار "2/ 146-148".

روى عنه: أبو المُعَمر الأنصاريّ، ويحيى بن بوش. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى. 35- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عبد الله1. أبو الحَسَن الرَّبَعيّ، المَقْدِسيّ، التّاجر، الشّافعيّ. قال ابن بَشْكُوال: له سَماع من أبي بكر، ومن نصر المقدسيّ. ودرس على أبي إسحاق الشّيرازيّ. وسكن المَرِيَّة. أنبا عنه القاضي عِياض وقال: أنبأ أبو الحَسَن هذا، عن أبي بكر الخطيب، عن أبي حازم العَبْدويّ، فذكر حديثًا. قال: وتُوُفّي سنة إحدى وثلاثين. 36- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ. أَبُو الحَسَن الهَرَويّ، الأديب، مؤدّب أولاد الوزير أنوشروان بن خالد. حدَّث عن: البانياسيّ، ورزق الله التميمي. 37- علي بن المبارك بن علي2. أبو الحسن الدردائي، ودرداء من قرى بغداد. رئيس متمول. حدث عن: أبي القاسم بن البُسْريّ. روى عنه جماعة. "حرف الكاف": 38- كامل بن بُجَيْر بن فارس بن يوسف. الأديب، أبو الهيجا القِرْمِيسِينيّ. شيخ صالح يؤدب الصبيان.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 423". 2 الأنساب "5/ 296"، معجم البلدان "2/ 449، 450".

سمع: أباه، ومكّيّ بن بُجَيْر الهَمَذانيّ بهمذان، وأبا معشر الطبري بمكة. وحدَّث، وأجاز لابن السَّمْعانيّ. "حرف الميم": 39- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ1. أبو الحَسَن بن الأبراديّ، الزّاهد. تفقّه وتعبَّد، وصحِبَ أبا الحسين بن النّاعوس، ووقف دارًا له بالبدْريَّة، مدرسة للحنابلة. وتُوُفّي في ثاني رمضان ببغداد. 40- محمد بن أحمد بن الحَسَن2. أبو بكر البَرُوجِرْديّ، الجوهريّ، رئيس بَرُوجِرد، بلدة عند هَمَذَان. كان محتشمًا متموِّلًا، رحل وعُني بالحديث. وخرّج مُعْجَمًا لنفسه. سمع ببلده من جماعة، وبالكرْخ من مكّيّ السّلّار، وبهَمَذَان من: صاويّ الكامخيّ، وحمد بن منصور، وأحمد بن عمر البَيِّع. وبأصبهان من: أبي العلاء محمد الفُرْسانيّ، وأبي مطيع. وببسطام، وساوة، ودامَغَان. وسمع بنَيْسابور من: عليّ بن أحمد بن الأخرم، ونصر الله بن أحمد الخُشْناميّ. وبمَرْو: أحمد بن عبد الوهاب المَرْوزِيّ. وبهَرَاة: صاعد بن سليم القاضي، وأبا عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد المَلِيحيّ. وببلْخ من: أحمد بن محمد الخليليّ. وببغداد من: عليّ بن محمد العلّاف، وابن بيان، وخلق.

_ 1 المنتظم "10/ 70". 2 المنتظم "10/ 70، 71"، سير أعلام النبلاء "20/ 102، 103".

روى عنه: المبارك بن كامل، ويحيى بن بوش. قال ابن ناصر: كان تاجرًا، وما كان يعرف شيئًا من الحديث. وقال السّمعانيّ: وُلِد سنة ستّين، وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. قلت: كان يتّجر ويسمع بهذه النّواحي. 41- محمد بن أبي عليّ الحَسَن بن محمد بن عبد الله1. أبو جعفر الهَمَذانيّ، الحافظ. شيخ، صالح، ثقة مأمون، مُعَمَّر، رحل إلى العراق في سنة ستين وأربعمائة فسمع بها، ولكن لم يكن مُعْتنيًا حينئذٍ بالسّماع. ثمّ سمع بعد ذلك من: أبي الحسين بن النقور، وأبي القاسم بن البسري، وهذه الطّبقة ببغداد. ورحل إلى نَيْسابور: فسمع: الفضل بن عبد أبا صالح المؤذن، وأصحاب العلوي، وأبا نُعَيْم الإسْفَرَائينيّ. وحجّ فسمع: أبا عليّ الشّافعيّ، وسعد بن عليّ الزَّنْجانيّ شيخ الحَرَم. وسمع بهَرَاة شيخ الإسلام أبا إسماعيل. وسمع "صحيح البخاريّ" من أَبِي الخير محمد بْن موسى الصّفّار. وحدَّث "بجامع" أبي عيسى عن: أبي عامر الأزْديّ، ومحمد بن محمد بن العلاء، وأبي حامد ثابت بن أبي العبّاس بن سهلك القاضي، بسماعهم من الجراحي. وسمع جماعة بهَمَذَان. وكان من أئمة السُّنَّة، ومن مشايخ الصُّوفيَّة. قال ابن السّمعانيّ: سافر الكثير إلى البلدان الشّاسعة، وسمع، ونسخ بخطه. وما أعرف أنّ في عصره أحدًا سمع أكثر منه. قال: وحُكيَ عنه أنّه قال: دخلت بغداد سنة ستّين، فكنت أحضر الشّيوخ، وأسمع، ولا أدعهم يكتبون اسمي، لأنّي كنت لَا أعرف العربية، ثم دخلت البادية

_ 1 المنتخب من السياق "70"، سير أعلام النبلاء "20/ 101، 102"، شذرات الذهب "4/ 97".

فلم أزل أدور مع الظّاعنين من العرب حتّى رجعت إلى بغداد، فقال لي الشَيخ أبو إسحاق: رجعت إلينا عربيًا. وكان يسمّيني "الخثْعميّ"، لإقامتي في بني خَثْعَم في البادية. قال ابن السّمعانيّ: وكان خطّه رديئًا، وما كان له كبير معرفة بالحديث على ما سمعت. وسمعت محمد بن أبي طاهر الصُّوفيّ بأصبهان يقول: سمعتُ أبا جعفر بن أبي عليّ يقول: تعسَّر عليَّ بعض شيوخي بجُرْجان، فحلفت أنّ لَا أخرج منها أو لَا أكتب كلّ ما عنده. فأقمت مدَّة. وكان يُخرج إليَّ الأجزاء والرقاع، حتّى كتبت جميع ما عنده. روى عنه: أبو العلاء الهَمَذانيّ. ومن القدماء: محمد بن طاهر المقدسيّ. وآخر من روى عنه: عبد الرحمن بن عبد الوهّاب بن المُعَزّم الهَمَذانيّ. تُوُفّي في منتصف ذي القعدة، وهو الّذي ردّ على إمام الحرمين في إثبات العُلُوّ لله، وقال: حيَّرني الهَمَذانيّ. وقد روى عنه ابن عساكر. 42- محمد بن عبد الرحمن بن محمد1. الهلاليّ، الخَلُوقيّ، المَرْوَزِيّ، إمامٌ، مفتٍ، عارف بالمذهب. سمع: أبا الخير الصفار، ومحمد بن الحسن المهربندقشائي، وجماعة. مات في ربيع الأوّل، عن ثمانٍ وسبعين سنة. 43- محمد بن عليّ2. الخفّاف؛ بغداديّ، يعرف بابن الكُوفيَّة. روى عن: أبي نصر الزينبي. وتوفي في رجب.

_ 1 التحبير "2/ 154، 155"، الأنساب "5/ 185". 2 المنتظم "10/ 71".

44- محمد بن الفضل بن عبد الواحد1. القاضي أبو الوفاء النَّايَنْجيّ الأصبهاني. ويُعرف بابن حلَّة. كان يتولّى القضاء بنايين، وهي ناحية من نواحي أصبهان. قال ابن السّمعانيّ: شيخ كَيّس، سمع الكثير، وحصّل الأصول. سَمِعَ: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد بْن ماجة، وإبراهيم بن محمد القفّال، وطائفة، ورحل إلى بغداد فسمع من: طِراد، وابن البَطِر. وخرّج له أبو نصر اليُونَارْتيّ. وتُوُفّي بأصبهان. 45- محمد بن الفضل بن محمد2. أبو بكر الأصبهاني، الخانيّ، المقرئ، من مُسْنِدي أصبهان. روى عن: أبي مسلم بن مهريزد، وأحمد بن الفضل البطرقاني، وبكر بن حَيْد، وعليّ بن محمد الحَسْنَابَاذِيّ، وجماعة. وعنه: السّمعانيّ، وغيره. لم أظفر له بوفاة 46- محمد بن محمد بن أحمد3. أبو نصر الخموشيّ، السَّرْخَسِيّ. صدوق، مكثر، رئيس. ولد سنة 443. وسمع: زُهير بن الحَسَن الْجُذاميّ، وعبد الله بن عَباس العَبْدُوسيّ، وغيرهما. روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وأبوه. مات في ربيع الآخر.

_ 1 التحبير "2/ 203-205"، الأنساب "12/ 25". 2 التحبير "2/ 208، 209"، الأنساب "5/ 31". 3 التحبير "2/ 217، 218".

47- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن القاسم بن خميس. أبو البركات المَوْصِليّ. من بيت العلم والفضيلة بالمَوْصِل. روى عن: أبي نصر أحمد بن عبد الباقي بن طَوْق. وعنه: الصّائن هبة الله بن عساكر، والكمال محمد بن عبد الله بن الشّهْرُزُوريّ القاضي. وسماع الكمال منه ببغداد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. قال ابنه سليمان: تُوُفّي أبي في شوال هذه السنة، وكان مولده سنة 437. 48- المبارك بن عليّ بن أبي الجود. أبو القاسم البغدادي، العَتّابيّ، من شارع العتّابّيين. كان أمين القاضي. سمع: أبا الحسين بن النَّقُّور. روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر. تُوُفّي في شعبان. 49- مُرْشد بن عليّ بن نصر بن منقذ1. أبو سلامة الشَّيْزَرِيّ. من بيت الإمرة، والفُرُوسيَّة، والحشْمة. كان سمْحًا، جوادًا، شجاعًا، شاعرًا، مليح الكتابة. كتب مُصْحَفًا بالذَّهب، فجاء غايةً في الحُسْن. وُلِد سنة ستين وأربعمائة بحلب، وسافر إلى أصبهان، وبغداد. قال ابن عساكر: كان بارعًا في العربية، وبحُسْن الخطّ والشِّعْر. حَسَن التّلاوة، كثير الصّيام. بطلًا شجاعًا. نسخ بخطّه سبعين ختْمة. حدَّثني ابنه الأمير محمد، قال: لمّا مات عمّي صاحب شَيْزَر أبو المُرْهَف نصر بن عليّ أوصي بشَيْزَر لأبي،

_ 1 الأنساب "7/ 469"، الكامل في التاريخ "11/ 60، 61"، وفيات الأعيان "1/ 197، 198".

فقال: واللهِ، لَا وُلِّيتُها، ولأخْرُجَنَّ من الدّنيا كما دخلت إليها، فولّاها أخاه أبا العشائر سلطان بن عليّ. ومن شِعْر مرشد: لنا منك يا سلْمى عذابٌ وتعذيبُ ... وجفنٌ قريحٌ دمعه فيكِ مسكوبُ ووعدٌ كوعد الدَّهْر للحُرّ بالغِنَى ... ولكنّه بالمَيْن والمَطْلِ مقطوبُ وهي قصيدة طويلة. قال أبو المغيث بن مرشد: كنت عند أبي وهو ينْسَخ مُصْحَفًا، ونحن نتذاكر خروج الفرنج الروم، فرفع المُصْحَف وقال: اللهم بحق من أنزلته عليه، إنْ قضيت بخروج الروم فخُذ رُوحي ولا أراهم. فمات في رمضان سنة إحدى وثلاثين بشَيْزَر، ونازَلَتْها الرّومُ في شعبان سنة اثنتين وثلاثين، ونصبوا عليها ثمانية عشر مَنْجَنِيقًا، ثمّ رحلوا عنها بعد حصار أربعةٍ وعشرين يومًا. 50- مكّيّ بن الحَسَن بن المُعَافَى1. أبو الحَرَم السُّلَميّ، الْجُبَيْليّ. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، ومقاتل بن معكود. وقال: إنّه سمع بطرابلس كتاب "الشهاب" من مصنِّفه. ووُلِد بجُبَيْل سنة أربعين، أو قبلها. روى عنه: الحافظان السِّلَفيّ، وابن عساكر. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وكان كثير التّلاوة في المُصْحَف، متين الدّيانة، صالحًا. "حرف النون": 51- نصر بن الحسين بن الحَسَن2. أبو القاسم بن الخبازة، البغدادي، الحنبلي، المقرئ.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "25/ 237". 2 المنتظم "10/ 71"، معرفة القراء الكبار "1/ 497"، غاية النهاية "2/ 335".

قرأ بالروايات على عبد القاهر العبّاسيّ صاحب الكارَزِينيّ، وعليّ يحيى بن أحمد السبيتي صاحب الحمّاميّ. وسمع من: طِراد الزَّيْنبيّ، وجماعة. وحدَّث وأقرأ. روى عنه: معمّر بن الفاخر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وغيرهما. "حرف الهاء": 52- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عمر1. أبو القاسم البغداديّ، الكُرَيْزيّ، المقرئ، المعروف بابن الطَّبَر. قال الحافظ عبد الوهّاب الأنْماطيّ، شيخ مشهور، معمَّر، مقرئ، ثقة، صدوق، عارف بالقراءات. وُلِد يوم عاشوراء سنة خمسٍ وثلاثين وأربعمائة، وقرأ القرآن على أَبِي بَكْر محمد بْن عليّ بْن موسى الخيّاط في سنة إحدى وستّين، عن قراءته على أبي أحمد الفَرَضيّ، والسَّوْسَنْجِرديّ، وجماعة. قرأ عليه: التّاج الكِنْديّ، وهو أقدم شيخ له. وسمع الحديث من: أبي الحَسَن محمد بن عبد الواحد ابن زوج الحُرَّة، وأبي إسحاق البرمكيّ، وأبي طالب العشاريّ، وغيرهم. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، ويحيى بن ياقوت النّجّار، وعبد الخالق بن هبة الله البُنْدار، والحسن بن عبد الرحمن الفارسيّ الصُّوفيّ، وعبد الله بْن أبي بَكْر ابن الطَّويلة، وعليّ بن محمد بن عليّ الأنباريّ، وعبد الرحمن بن أحمد العُمريّ، وفاطمة بنت سعد الخير، وبقاء بن حَيْد، وأبو الفتح محمد بن أحمد المنْدائيّ، وعمر بن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وآخرون. وقال أبو الفرج بن الجوزيّ: كان صحيح السّماع، قويّ التّديُّن، ثَبْتًا، كثير الذِكْر، دائم التّلاوة. وهو آخر من حدَّث عن ابن زوج الحرة. سمعت عليه الكثير، وقرأت عليه.

_ 1 المنتظم "10/ 71"، الكامل في التاريخ "11/ 54"، سير أعلام النبلاء "19/ 593، 594".

وكانت قوّته حَسَنة، كنت أجيء إليه في الحَرّ فيقول: اصعد سطح المسجد، فيسبقني في الدَّرَج. ومُتِّع بسمْعه وبَصَره وجوارحه إلى أنّ تُوُفّي في ثاني جُمَادَى الأولى عن ستٍّ وتسعين سنة وأشهُر ودُفِن بالشُّونِيزيَّة. قلت: إنّما تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة يوم الأربعاء، قاله أبو موسى المَدِينيّ. وقال المبارك بن كامل: توفي في غرة جمادى الآخرة. وقال ابن السّمعانيّ: سمعت حامد بن أبي الفتح المَدِينيّ يقول: مات يوم الأربعاء ثاني جمادى الآخرة ودُفِن يوم الخميس. وقال أبو موسى المَدِينيّ: كان قد ذهب بصرُه وثمّ عاد بصيرًا. 53- هبة الله بن محمد بن الحَسَن. الكاتب الأَزَجيّ. سمع من: طِراد الزَّيْنبيّ، وأبي الحَسَن بن أيّوب. روى عنه: أبو القاسم الحافظ. وتُوُفّي في رمضان. "حرف الياء": 54- يحيى بن الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن البنّا1. أبو عبد الله بن أبي عليّ البغداديّ. قال ابن السّمعانيّ: شيخ صالح، من أهل الجانب الشّرقيّ، حسن السّيرة، مُكْثِر، واسع الرّواية. ومُتَّع بما سمع، وعُمِّر حتى حدَّث بالكثير. وكان حسن السّيرة والأخلاق، متودّدًا، متواضعًا، بَرًّا بالطَّلَبة، مُشْفِقًا عليهم. سمعه أبوه من جماعة: أبي الحَسَن بن المهتديّ بالله، وأبي الحسين بن الأَبَنُوسيّ، وعبد الحميد بن المأمون، وأبي الحسين بن النقور. وأجاز لي، وحدثني عنه جماعة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "20/ 6، 7"، عيون التواريخ "12/ 333"، شذرات الذهب "4/ 98".

وسمعتُ الحافظ عبد الله بن عيسى بن أبي حبيب الأندلُسيّ يذكر هذا ويُثني عليه، ويمدحه ويُطْريه. ويصِفُه بالعِلم، والتّمييز، والفضل، وحُسْن الأخلاق، وترك الفُضُول، وعمارة المسجد، وملازمته له. وقال: ما رأيت في الحنابلة ببغداد مثله، وكان شيخنا عمر بن عبد الله البِسْطاميّ كثير الثّناء عليه، يصفه بالخير، والصّلاح، والعِلم، وكذلك كلّ من رأيته ممّن سمع منه كان يُثْني عليه ويمدحه. قلت: روى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن عساكر، وأبو موسى، وابن الجوزيّ، وابن طَبَرْزَد، ويحيى بن ياقوت، وفاطمة بنت سعد الخير، وآخرون. وُلِد في ذي القعدة سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة. وتُوُفّي في ثامن ربيع الأوّل، رحمه الله. وفيات سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة: "حرف الألف": 55- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد بن محمد بن أبي ذَرّ. أبو الوفاء الصّالْحانيّ، الأصبهانيّ. من شيوخ أبي موسى المديني. قال: سمعته يقول: ولدت في نصف رجب سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. وتُوُفّي في شوّال. وكان صالحًا عابدًا، يحجّ كلّ سنةٍ عن النّاس، فيقال: إنّه حجّ نيِّفًا وأربعين حجَّة. وحدَّث عن: عائشة الوَرْكانيَّة، وأبي سهل حمد بن دلكين، وجماعة. وروى عنه: ابن عساكر، وسعد الله بن الواديّ. 56- أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن أيوب. أبو القاسم النَيْسابوريّ، القرّيّ. وقرّ: محلَّة.

إمامٌ فاضل خيّر، سكن أستوا. سمع: محمد بن إسماعيل التِّفْليسيّ، وفاطمة بنت الدّقّاق. مات في هذه السّنة. كذا ذكره. ابن السّمعانيّ في شيوخه. 57- أحمد بن سهل بن محمد المِيهَنيّ. قاضي قرية ختن وخطيبها، من أعمال طوس. سمع من: جدّه أبي الفضل العارف. وعاش اثنتين وسبعين سنة. مات في غرَّة صفر. ذكره السّمعانيّ. 58- أحمد بن طاهر بن عليّ بن عيسى1. أبو العباس الأنصاريّ، الخَزْرَجيّ، العُباديّ، من ولد مسعد بن عُبَادة -رضي الله عنه، الأندلَسيّ الدّانيّ، الفقيه. سمع الكثير من: أبي داود المقرئ، وأبي عليّ الغسّانيّ، وأبي الحسين ابن شفيع، وجماعة. ورحل إلى العَدْوَة، وصنَّف، وأفتى نيِّفًا وعشرين سنة. قال ابن الأَبّار: كان ورِعًا، فاضلًا، نبيلًا، له مجموع في رجال مسلم. روى عنه: ابنه محمد، وأبو العبّاس الإقليشيّ، وأبو عبد الله المِكْناسيّ. وكان يميل إلى القَول بالظّاهر. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 59- أحمد بن ظَفَرَ بن أحمد2.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 76، 77"، بغية الملتمس "180"، تكملة الصلة لابن الأبار "1/ 44-46". 2 المنتظم "10/ 73".

البغدادي المغازلي. أخو المحدّث عمر بن ظَفَر. قال ابن السّمعانيّ: شيخ صالح، مشتغل بكسْبه. سمع: أبا الغنائم بن المأمون، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ. ووُلِد سنة 454، وتُوُفّي في سادس رمضان. وسمعتُ منه جزءًا. وقال ابن الجوزيّ: سمعت منه، وكان ثقة. 60- أحمد بن عبد الباقي بن الحسين بن منازل. الشّيْباني، السّقْلاطونيّ، الحريميّ، أبو المكارم. قال ابن السّمعانيّ: كان شيخًا، صالحًا، فقيرًا، معيلا، مكتسبًا. كتب الكثير، وسمع: أبا الحسين بن النقور، وأبا نصر الزينبي، وغيرهما. وكان مولده في صفر سنة ستين. وتوفي في أوائل صفر. كتبتُ عنه يسيرًا. 61- أحمد بن علي بن غزلون. أبو جعفر الأموي، الأندلسيّ. قال ابن بَشْكُوال: هو معدود في كبار أصحاب أبي الوليد الباجي، من أهل الحِفْظ، والمعرفة، والذّكاء. تُوُفّي بالعُدْوة في نحو العشرين وخمسمائة، وقيل: سنة 24، وقيل: سنة 32وخمسمائة، وقد مرّ. 62- أحمد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد1. الحافظ، أبو نصر الغازي. من كبار محدّثي أصبهان. وُلِد في حدود سنة 448.

_ 1 التحبير "1/ 261"، الأنساب "9/ 115"، المنتظم "10/ 73، 74"، سير أعلام النبلاء "20/ 8، 9".

قال ابن السّمعانيّ: ثقة، ديَّن، حافظ. واسع الرواية، كتب الكثير، وحصّل الكُتُب. وما رأيت أكثر رحلة منه في شيوخي. سمع: أبا القاسم عبد الرحمن، وعبد الرحمن ابني أبي عبد الله بن مَنْدَهْ، وابن شكرُوَيْه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وجماعة كثيرة بأصبهان؛ وأبا الحسين بن النَّقُّور، وعبد الباقي بن محمد العطّار، وأبا القاسم بن البُسْريّ، وجماعة ببغداد؛ والفضل بن المُحِبّ، وأبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وطائفة بنَيْسابور؛ وشيخ الإسلام أبا إسماعيل، وأبا عامر محمود بن القاسم، وجماعة بهَرَاة؛ ومحمد بن عبد الملك المظفّريّ بسَرْخَس، وأبا عليّ التُّسْتَريّ بالبصرة. روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ، والسِّلفيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، والمؤيَّد ابن الأخوة، ومحمود بن أحمد المصريّ، وآخرون. قال السِّلفيّ: كان من أهل المعرفة والحِفْظ، سمعنا بقراءته كثيرًا، وأملى عليَّ شيئًا. وقال ابن السّمعانيّ: سمعت عليه الكثير، ونقلت من تاريخه. وكان جماعة من أصحابنا يفضلونه على إسماعيل بن محمد بن الفضل التَّيْميّ الطّلْحيّ في الإتقان والمعرفة، ولم يبلغ هذا الحدّ، لكنه كان أعلى سَنَدًا من إسماعيل وما كان يفرّق بين السّماع والإجازة. قلت: اين " ... " السّماع والإجازة عنده في الاحتجاج " ... "1 وهناك سواء، إلّا أنّه لَا يعرف السّماع من الإجازة، فإنّ من له أدنى معرفة يدري أنّ السّماع شيءٌ والإجازة شيء. قال السّمعانيّ: تُوُفّي في ثالث رمضان ودُفِن في بغداد. وحضرتُ دفنْه. زاد غيره: صلّى عليه إسماعيل الحافظ. 63- أحمد بن الفضل بن أحمد بن سَمْكُوَيْه. أبو العبّاس الأصبهانيّ، السّمكويّ، المهّاد، الخيّاط. شيخ مُعَمَّر عامّيّ.

_ 1 بياض بالأصل.

روى الكثير عن جدّه لأمّه أبي بكر محمد بن إبراهيم الحافظ، العطّار، وعبد الرّزّاق بن " ... "1 الباطِرْقانيّ. أخذ عنه: السّمعانيّ، وابن عساكر. مات بأصبهان. 64- أحمد بن الفضل بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله. أَبُو الْعَبَّاس القصْريّ، الأصبهانيّ، المميز، أحد الطلبة. سمع الحديث الكثير وعُني به، وبالَغ، وقرأ على الشّيوخ. وعُمّر دهرًا. سمع: عائشة الوَرْكانيَّة، وعبد الوهّاب بن مَنْدَهْ. وعنه: السّمعانيّ، وقال: بقي إلى هذه السَّنة، وقد جاوز الثّمانين. 65- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مَخْلَد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن الحافظ الكبير بَقِيّ بن مَخْلَد بن يزيد2. أبو القاسم الأندلسيّ، القُرْطُبيّ. سمع من: أبيه بعض ما عنده، ومن محمد بن أحمد بن منظور الأشبيليّ. وصحب أبا عبد الله محمد بن فَرَج الفقيه. وانتفع بصُحْبته. وأجاز له أبو العبّاس العُذْريّ. وبرع في الفقه وأفتى، وشُووِر في الأحكام. وهو من بيت عِلم وصيانة. وكان بصيرًا بالأحكام، دَرِبًا بالفتوى، رأسًا في معرفة الشّروط وعِلَلها. أخذ النّاس عنه. روى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن بَشْكُوال وَأَبُو بَكْر بْن خير، وأبو القاسم بن الشراط، وآخرون.

_ 1 بياض بالأصل. 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 79"، العبر "4/ 87"، شذرات الذهب "4/ 98".

قال ابن بشْكوال: سألت عن مولده، فقال: فِي شَعْبان سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة. قال: وتُوُفّي في يوم الخميس سلْخ ذي الحجَّة، وصلى عليه ابنه أبو الحَسَن. 66- أحمد بن محمد بن أحمد1. أبو بكر بن أبي الفتح الدِّينَوَرِيّ، ثمّ البغداديّ، الفقيه الحنبليّ. سمع من: رزق الله التميمي، وجماعة. وتفقه على: أبي الخطاب. وبرع في المناظرة. وكان الإمام أسعد المِيهنيّ يقول: ما اعترض أبو بكر الدِّينَوَرِيّ على دليل أحد إلّا ثَلَمَه. قال ابن الجوزيّ: قال لي شيخنا أبو بكر الدِّينَوَرِيّ: كنت أتفقّه على الإمام أبي الخطّاب، وكنت في بدايتي أجلس في آخر الحلقة والنّاس فيها على مَرَاتبهم، فجرى بيني وبين رجلٍ كان يجلس قريبًا من الشَيخ كلام. فلمّا كان في اليوم الآتي جلست على عادتي، فجاء ذلك الرجل، فجلس إلى جانبي، فقال له الشَيخ: لم تركت مكانك؟ فقال: أترك مثل هذا فاجلس معه. يزري عليّ. فَوَالله ما مضي إلّا قليلٌ حتّى تقدَّمت في الفِقْه، فصرت أجلس إلى جانب الشَيخ، وبيني وبين ذلك الرجل رجال. تُوُفّي أبو بكر، رحمه الله، في جُمَادَى الأولى. وكان من أئمة المذهب، إلّا أنّه كان لَحّانًا لَا يعرف النَّحْو. روى عنه: أبو طاهر إبراهيم بن محمد بن حَمديَّة العُكْبَرِيّ، وغيره. 67- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الملك بْن عبد الغافر2. أبو نصر الأسدي، البغدادي.

_ 1 المنتظم "10/ 73"، الكامل في التاريخ "11/ 66"، البداية والنهاية "12/ 213". 2 الأنساب "1/ 231، 232".

سمع: أبا الفَرَج المَخْبَزيّ، وأبا بكر الخطيب. وحدَّث. تُوُفّي في ربيع الآخر. ويُعرف بابن المطَّوِّعة. روى عنه: ذاكر بن كامل، وعبيد الله بن محمد الشّاويّ القارئ. 68- أحمد بن محمد1. أبو العباس الْجُذَاميّ، المُرْسِيّ، الزَنَقِيّ. وزَنَقا: بزاي، ونون، وقاف، قرية من عمل مَرْسِيَّة. أخذ عن: أبي عليّ بن سُكَّرَة. وأخذ عِلم الأُصول والكلام عن أبي بكر بن سابق الصَّقَلّيّ. وبرع في ذلك صنّف، وبَعُدَ صِيته. روى عنه: أبو جعفر بن الباذش، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم. مات بعد الثّلاثين تقريبًا. 69- إبراهيم بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن حَمْدان2. أبو تمام الصَّيْمَريّ، رئيس بَرُوجِرْد. وُلِد سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع بها. وحجّ، وسمع بمكَّة من أبي مَعْشَر الطّبَريّ. وببغداد من: أبي إسحاق الشّيرازيّ. تُوُفّي ببَرُوجِرْد. وقد كان سمع بها من الحافظ يوسف بن محمد. روى عنه: أبو سعد بن السّمعانيّ. 70- إسماعيل بن الحافظ أبي صالح المؤذن أحمد بن عبد الملك بن عليّ3. النَيْسابوريّ، أبو سعد الفقيه، أحد الأئمة.

_ 1 بغية الشمس "165، 166". 2 المنتظم "10/ 74"، الأنساب "8/ 319". 3 التحبير "1/ 90"، المنتظم "10/ 74"، سير أعلام النبلاء "19/ 626-628".

قال ابن السّمعانيّ: كان ذا رأي، وعقل، وعِلْم. برع في الفقه. وكان له عزّ ووجاهة عند الملوك. تفقه على: أبي المعالي الْجُوَيْنيّ، وأبي المظفَّر السّمعانيّ. وسمّعه أبوه أبو صالح المؤذن من طائفة كبيرة. وكان مولده في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة أو سنة اثنتين. سمع أبو سعد: أباه، وأبا حامد أحمد بن الحَسَن الأزهريّ، وأبا بكر أحمد بن منصور المغربي، الحاكم أحمد بن عبد الرحيم الإسماعيليّ، وبكر بن محمد بن حَيْد التّاجر، وشجاع بن طاهر المؤدب، ونسيب بن أحمد السَّبِيعيّ، وأبا العلاء صاعد بن منصور بن محمد بن محمد الأزْديّ الهَرَويّ، وأبا القاسم عبد الكريم القُشَيْريّ، وعمر بن سعيد بن محمد البَحيريّ، والفقيه أبا الحَسَن عليّ بن يوسف الْجُوَينيّ، وأبا سهل محمد بن أحمد الحفْصيّ، وأبا بكر محمد بن الحسين الخبازيّ المقرئ، والمُسَيِّب بن محمد الأرْغِيانيّ، ويعقوب بن أحمد الصَّيْرفيّ، وغيرهم. وأجاز له أبو سعد الكَنْجَرُوذيّ. روى عنه: الحافظ محمد بن طاهر مع تقدُّمه في "معجم البلدان". وأنبأنا أحمد بن سلامة، عن محمد بن إسماعيل، أنّ محمد بن طاهر أجازهم، قال: سمعت أبا سعد إسماعيل بن أحمد النَّيْسابوريّ ببردشير دار مملكة كرْمان يقول: سمعتُ محمد بن أحمد الصِّيّرفيّ، سمعتُ أبا عَمْرو البَحِيريّ الحافظ، سمعتُ محمد بن موسى الفقيه، سمعت إبراهيم بن محمد المَرْوَزِيّ، سمعت محمد بن سعيد الرِّباطيّ، سمعت أحمد بن حنبل يقول: طلبنا هذا العلم بالذُّلّ، فلا نُعْطي بالذُّلّ. وروى عنه: أبو القاسم بن عساكر وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، والقاضي أبو سعيد عبد الله بن أبي عَصْرون، وعبد الخالق بن عبد الوهّاب الصّابوني الخفّاف، وأبو القاسم هبة الله بن الحَسَن السِّبْط، وأبو طاهر عليّ بن فاذشاه، وعبد الواحد بن أبي المُطَهَّر القاسم بن الفُضَيْل الصَّيْدلانيّ. وقال أبو موسى المَدِينيّ: أنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد النَيْسابوريّ الواعظ، الكِرْمانيّ المنزِل. قدِم علينا مِرارًا رسولًا إلى السّلطان من كرمان.

وتُوُفّي في آخر شوّال. وقال ابن الْجَوْزيّ: تُوُفّي ليلة الفِطْر. زاد غيره: بكِرْمان. وقال أبو سعد السّمعانيّ: كان ذا رأيٍ، وعقل، وتدبير، وفضل وافر، وعِلْم غزير. ظهر له العِزّ، والجاه، والثروة. وبقي بكِرْمان. وقال ابن عساكر في "تبيين كذِب المفتري": كان إمامًا في الأصول والفقْه، حسن الطّريقة، مقدَّمًا في الذِّكْر. وكان وجيهًا عند السّلطان بكِرْمان، مُعَظَّمًا في أهلها، محترمًا بين العلماء في سائر البلاد. قرأ "الإرشاد" على إمام الحَرَمَيْن. "حرف الباء": 71- بختيار بن محمد بن الحسين بن محمد الأصبهانيّ الخلّال1. ابن عمّ الحسين بن عبد الملك الخلّال. أجاز له عبد الرّزّاق بن شمة. سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ سنة إحدى وثلاثين، ومات بعد ذلك. وكان مُعَمَّرًا. 72- بدر بن ثابت بن رَوْح2. أبو الرجاء الأصبهانيّ، الرّارانيّ، الصُّوفيّ، الرجل الصّالح. والد المُعَمَّر أبي سعيد خليل الرّارانيّ. سمع: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطّيّان، وأبا الخير بن ررا، وجماعة. سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر. مات في رمضان عن نحو سبعين سنة.

_ 1 التحبير "1/ 131، 132". 2 التحبير "1/ 132، 133"، الأنساب "6/ 39".

73- بدر بن عبد الله1. أبو النَّجْم الشّيحيّ، الأرمني، مولى المحدث عبد المحسن الشيحي. سمع الكثير من مولاه، وطال عُمره. وحدَّث عن: أبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَمد بْن المأمون، والصَّرِيفينيّ، وجماعة. وما كان يعرف شيئًا. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وجماعة. قال أبو سعد: سمعتُ بعض الطَّلَبَة يقول، والعهْدة عليه: طلبت من بدر الشيحي إجازة لبعض النّاس، فقال: كم تستجيزون؟ ما بقي عندي إجازة أُجيزها لكم. روى عنه: أبو الفرج بن الجوزي وقال: كان سماعه صحيحًا. وتُوُفّي في رابع وعشرين رمضان من ثمانين سنة، ودُفِن عند مولاه. قلت: آخر من حدَّث عنه أبو الفَرَج محمد بن هبة الله الوكيل. 74- بُزْوَاش2. مقدَّم عساكر دمشق، سار بالجيش فحارب الفرنج ونُصِر عليهم، وجاء الْجُنْد بالسَّبيّ، وكان شجاعًا، فاتكًا، مفسدًا، في شرّ وجهل. استوحش من صاحب دمشق شهاب الدّين محمود بن بُوريّ، فأقام بظاهر البلد. ثمّ راسله وخدعه، فدخل إليه فتركه أيامًا، وقتله على يد الشّمسيَّة، وأُخرِج ملفوفًا في كِساء، ودُفن بقبّته الّتي بالعُقَيْبَة، تُعرف بقُبَّة بُزْوَاش. ووُلّي أتابكيَّة العسكر بعده مُعِين الدّولة أنز.

_ 1 الأنساب "7/ 442، 443"، المنتظم "10/ 74"، سير أعلام النبلاء "20/ 48". 2 الكامل في التاريخ "11/ 50"، تاريخ ابن الفرات "8/ 79"، الدرة المضية "518".

75- بُقُش السّلاحيّ1. من كبار أمراء الدّولة. قال ابن الجوزيّ: قبض عليه السّلطان، وحُبِس بتِكْريت. ثمّ أمر بقتْله بعد قليل، فغرّق نفسه، فأُخرج من الماء وقُطِع رأسه وَحُمِلَ إلى السّلطان. "حرف الحاء": 76- الحَسَن بن أحمد بن محمد2. الواعظ أبو علي الأنصاريّ، الصُّوفيّ، الملقب بالبركان. سمع: رزق الله التّميميّ، والنّعاليّ. وعنه: السّمعانيّ، وابن سُكَيْنَة، وجماعة. مات في شوّال. 77- الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن بن عُبَيْد الله. أبو محمد العلويي، الحُسينيّ، البلْخيّ، الرئيس. أحد الكبار المذكورين بالسّخاء والْجُود، ومحبَّة العلماء. كانت داره مجمع الفُضَلاء. سمع: أبا علي الوحشي، وغيره. وحدث بـ"سنن أبي داود". روى عنه: محمد بن عليّ بن ياسر الحِنّائيّ. 78- الحسين بن تكمش بن بزدمر3. أبو الفوارس التُّرْكيّ، ثمّ البغداديّ. سمع: مالكًا البانياسي، ورزق الله التميمي.

_ 1 المنتظم "10/ 74". 2 البداية والنهاية "12/ 213"، عيون التواريخ "12/ 335". 3 عيون التواريخ "12/ 336، 337".

وتصوّف، وصحب أبا بكر الطُّرَيْثيثيّ. وكان حسن السّيرة، له شِعْر وكلام في المعرفة. تُوُفّي في شعبان. 79- الحسين بْن طلْحة بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي ذَرّ محمد بن إبراهيم الصالحاني1. أبو عبد الله. أصبهانيّ، جَلِد، مُسِنْد. كان يؤدب. حدَّث عن: أبي القاسم إبراهيم سِبْط بحرويه. روى عنه: ابن السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو موسى، وآخرون. وتوفي في شوال، أو في ذي القعدة، قاله أبو موسى. وقال عبد الرحيم الحاجّيّ: تُوُفّي في أواخر رجب. وكنّاه: أبا منصور. وقال ابن السّمعانيّ: مولده في سنة 449. 80- الحسين بن عبد الملك بن الحسين بن محمد بن عليّ2. الشَيخ أبو عبد الله الأصبهانيّ، الخلّال، الأديب، النَّحويّ، البارع، المحدّث، الأثريّ. سمع: أبا الفضل عبد الرحمن بن الحسين الرازيّ، وأحمد بن محمود الثقفيّ، وأبا طاهر عمر الحُرفيّ، وإبراهيم بن منصور السُّلَميّ السِّبْط، وعبد الرّزّاق بن هتمة، وأبا الفضل أحمد الباطِرْقانيّ، وسعيد بن أبي سعيد العيّار، وعبيد الله وعبد الرحمن وعبد الوهّاب أولاد ابن مَنْدَهْ، وطائفة. وقدِم بغداد وسمع بها من: أَبِي القاسم بْن بيان، وابن نبهان؛ وحدَّث بها بالبخاريّ، عن العيّار. وكان أحد من عني بهذا لشأن. ولد في صفر سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة.

_ 1 التحبير "1/ 232"، معجم البلدان "3/ 362، 363". 2 التحبير "1/ 13"، سير أعلام النبلاء "19/ 620، 621"، الوافي بالوفيات "12/ 420".

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم الدّمشقيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو المجد زاهر بن أحمد الثّقفيّ، وأبو نَجِيح فضل الله بن عثمان، والمؤيَّد ابن الأخْوة، ومحمود بن أحمد المُضَريّ، وتقيَّة بنت أَمُوسان، ومحمد بن أبي نجيع النُّعْمانيّ، ومحمد بن مَعْمَر بن الفاخر، وخلق سواهم. قال ابن السمعاني: رأيته بعد أنّ أضرّ وكبر، وكان حسن المعاشرة والمحاورة، بسّامًا، كثير المحفوظ. قرأ عليه ابن ناصر "صحيح البخاريّ". وكان عزيز النَّفْس، قانعًا، لَا يقبل من أحدٍ شيئًا، مع احتياجه. خرّج له محمد بن أبي نصر اللَّفْتُوانيّ مُعْجَمًا في أكثر من عشرة أجزاء. قلت: سمع منه "البخاريّ": عبد الرحمن بن جامع، وعبد الخالق بن وهاب الصّابونيّ. وسمع منه "مُسْنَد أبي يَعْلَى" بروايته عن سِبْط بحرُوَيْه: أبو القاسم بن عساكر، والمؤيَّد هشام ابن الأخوة، وزاهر الثقفيّ. وحدَّث بمُسْنَد الرُّويَانيّ، عن أبي الفضل الرّازيّ. وكان ثقة صدوقًا، إمامًا في العربية، كثير المحاسن. تُوُفّي، رحمه الله، في حادي عشر جُمَادَى الأولى، وكان يلقَّب بالأَثَريّ. 81- الحسين بن علي بن الحسين بن أحمد بن أشليها1. أبو عليّ الدّمشقيّ. سمع: أَبَا القَاسِم بْن أبي العلاء، ونصر المقدسيّ، وغيرهما. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد، وغيرهما. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وله اثنتان وثمانون سنة. 82- حَيْدَرَةُ بن بدر. أبو يَعْلَى العبّاسيّ، الهاشمي، ثم الرشيدي، الواسطي، المعدل.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "7/ 114".

سمع "شهاب القضاعي" من الحُمَيْديّ. رواه عنه أبو الفتح المنْدائيّ. مات في جُمَادَى الأولى، قاله الدَّبِيثيّ. "حرف الخاء": 83- خَالِد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه1. أبو الفتح الأصبهانيّ، أخو الحافظ أبي نصر الغازيّ. روى عن: أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ. وعنه: أبو موسى المَدِينيّ، وغير واحد. تُوُفّي في صفر. 84- خَلَف بن يوسف بن فرتون2. أبو القاسم بن الأبرش، الأندلسيّ، الشنتريني، النحوي. روى عن: عاصم بن أيّوب، وأبي الحسين بن السراج، وأبي علي الغساني. وكان رأسًا في العربية واللُّغات، مع الفضْل، والدّين، والخير، والانقباض. وكان كثير التَّجَوّل في الأندلس. ومن محفوظاته كتاب "سيبويه". وهو القائل: لو لم يكن لي آباء أَسُودُ بهم ... ولم يُثبت رجالُ العُرْب لي شَرَفا ولم أنَلْ عند ملكِ العصرِ منزلةٍ ... لكان في سِيبوَيْه الْفَخْرُ لي وكفا تُوُفّي بقُرْطُبة في ذي القعدة، ولم يقرأ عليه كثيرُ أحدٍ لأخلاقه. "حرف السين": 85- سعدة بنت السلطان بركياروق.

_ 1 الأنساب "9/ 116". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 177"، بغية الملتمس "722"، بغية الوعاة "1/ 557".

زوجة السّلطان مسعود. تُوُفّيت بهَمَذَان. 86- سعيد بن أبي الرجاء محمد بن أبي منصور بكر بن أبي الفتح بن بكر بن الحَجَّاج1. أبو الفَرَج الهَمَذانيّ، الصَّيْرفيّ، الخلّال، السِّمْسار في الدُّور. وُلِد سنة أربعين تقريبًا، وسمع سنة ست وأربعين وأربعمائة من أحمد بن محمد بن النُّعْمان القضّاض "مُسْنَد العَدَنيّ"، بروايته عن ابن المقرئ. وسمع "مُسْنَد أحمد بن مَنِيع"، من الشَيخ عبد الواحد بن أحمد المعلّم. وحدَّث بالكتابين، وبمُسْنَد أبي يَعْلَى، رواه مُلَفَّقًا عن إبراهيم سِبْط بحرُوَيْه، عن ابن النُّعْمان. وحدَّث أيضًا عن: أحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، ومنصور بن الحسين، وعبد الله بن شبيب، وأبي نصر إبراهيم بن محمد الكِسائيّ، وأبي جعفر أحمد بن محمد بن هاموشة، وأبي مسلم محمد بن عليّ بن مِهْرَبُزْد، وسعيد بن أبي سعيد العيّار، وخلْق. روى عنه: الحافظان ابن السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو موسى، وأبو الخير عبد الرحيم بن موسى، وعبد الواحد بن محمد التّاجر، ومحمد بن أبي القاسم بن الفضل، ومحمود بن أحمد الثّقفيّ الخطيب، ومحفوظ بن أحمد الثّقفيّ، وزاهر بن أحمد الثّقفيّ، وأبو مسلم ابن الأخوة، وعائشة بنت مَعْمَر، وعين الشّمس بنت أبي سعيد ابن سُلَيم، وزليخا بنت أبي حفص الغَضَائريّ، وآخرون. وكان عبد الرحيم ابن الأخوة يقول: ثنا سعيد بن أبي الرجاء الدُّوريّ، لأنّه كان يبيع الدُّور. وقد سئل أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل عنه فقال: كثير السّماع، لَا بأس به.

_ 1 دول الإسلام "2/ 53"، سير أعلام النبلاء "19/ 622، 623"، شذرات الذهب "4/ 99".

وقال أبو سعد السّمعانيّ: شيخ، صالح، مُكثِر، صحيح السماع. سمعه خاله الكثير، وعمر. وكان حريصًا على الرواية. سمعت منه الكثير، ولازَمْتهُ. قال لي: رويت ببغداد جزءًا واحدًا. تُوُفّي في تاسع عشر صفر. وخاله هو محمد بن أحمد الخلّال. "حرف الطاء": 87- طلحة بن أبي غالب بن عبد السّلام1. أبو محمد البغداديّ، الرُّنانيّ الفواكهيّ، سِبْط يوسف المِهْروانيّ. قال ابن السّمعانيّ: كان فقيرًا، مستورًا، صحيح السّماع، مشتغلًا بالكسب يحرّر النّعال واللّوالك. سمع من: القاضي أبي يَعْلَى بن الفرّاء مجلسين وجزءًا. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وآخرون. قال ابن السمعاني: لم يتّفق لي السّماع عنه. تُوُفّي في ربيع الآخر أو بعده. قلت: قلّ ما سمع هذا الشَيخ. "حرف العين": 88- عبد الرحمن بن الحسين بن نصر بن عُبَيْد الله بن المُرْهَف. أبو القاسم النّهاونْديّ، الفقيه. ولي القضاء مدَّة ببلده. وكان أبوه قد سكن بغداد، ووُلِد بها أبو القاسم، وسمع من شيوخها من: هَزَارْمُرْد الصَّرِيفينيّ، وأبي الحسين بن النَّقُّور، وطائفة. وحدَّث ببلده.

_ 1 الأنساب "11/ 537".

قال أبو سعد السّمعانيّ: خرجت من بروجرد إلى نهاونْد قاصدًا لأكتب عن أبي القاسم، فلمّا وصلت إليها لقيت جنازةً وجماعةً تشيّعها، فسألت: جنازة من؟ فقيل لي: جنازة القاضي أبي القاسم بن المُرْهَف. فنزل بي من الحُزْن والتّحسُّر ما الله به عليم. وكان قد تُوُفّي بهَمَذَان، وحملوه إلى بلده نهاوند، ودُفِن بها في المحرَّم. 89- عَبْد الملك بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بن شريعة1. أبو مروان اللَّخْمي، الباجيّ، من عُلماء إشبيلية. روى عن: أبيه، وعمه أبي عبد الله محمد، وأبي عمر محمد، وابن عمّه عبد الله بن عليّ. قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ من أهل الحِفْظ للمسائل، متقدمًا في معرفتها، استُقْضِي بإشبيلية مرَّتين. وكان من أهل الصّرامة والنُّفوذ في أحكامه. وقد ناظَرَ النّاس، وتفقّهوا عليه. وحدَّث، وكُفّ بصَرَه. وتُوُفّي في رجب، وله خمسٌ وثمانون. 90- عبد الملك بن عبد الواحد بن الحسن. أبو الفضل بن زُرَيْق الشّيْبانيّ، البغداديّ القزّاز. عم الشَيخ أبي منصور عبد الرحمن. شيخ صالح، سمع: أبا الحسين بن النَّقُّور. قال ابن السّمعانيّ: حدَّثني عنه جماعة من أصحابنا. 91- عبد المنعم بْن أَبِي القَاسِم عَبْد الكريم بْن هوازن2.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 365، 366"، بغية الملتمس للضبي "381". 2 الأنساب "10/ 156". المنتظم "10/ 75".

أبو المُظَفَّر بن القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ. آخر من بقي من أولاد الشَيخ. وُلِد سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع "مُسْنَد أبي يَعْلَى" من أبي سعد الكَنْجَرُوذيّ، وسمع "مُسْنَد أبي عَوَانَة" من أبيه. وسمع من: أبي عثمان سعيد بن محمد البَحِيريّ، وأبي بكر البَيْهقيّ، وأبي الوليد الدّربَنْديّ، وأبي بكر بن خَلَف المغربيّ، وجماعة بنَيْسابور. وأبا الحسين بن النَّقُّور، وأبا القاسم يوسف النَهْروانيّ، وعبد العزيز بن عليّ الأنماطيّ، وعبد الباقي بن غالب العطّار ببغداد. وأبا عليّ الشّافعيّ، وأبا القاسم الزَّنْجانيّ بمكَّة. وحدَّث بنَيْسابور، وبغداد. روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو الفتح محمد بن عليّ بن عبد السّلام، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، وعبد الرّحيم بن الشَّعيريّ، وأخته أمّ المؤيَّد زينب، وجماعة. وقد ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ، ظريف، مستور الحال، سليم الجانب، غير مداخل للأمور. نشأ في حجْر أخيه أبي نصر، وحجّ معه. ثمّ خرج ثانيًا إلى بغداد، وأقام بها مدَّة، وخرج إلى كِرْمان في أيّام الصّاحب مُكْرَم ابن العلاء، فأنعم عليه. سمعت منه "مُسْنَد أبي عَوَانَة" وأحاديث السراج في اثني عشر جزءًا، والرسالة لوالده. وكان حَسَن الإصغاء إلى ما يُقرأ عليه. كان ابن عساكر يفضّله في ذلك على الفُرَاويّ. وفد بغداد ثالثًا، وحدَّث بها. تُوُفّي بين العيدين.

وقد ذكره ابن أخته عبد الغافر في "تاريخه". وقال في ترجمته: وقد خرّج له أبوه جزءًا جزءًا الفوائد، سمعتُ منه. وقال ابن النّجّار: قال السّمعانيّ: لزِم البيت، واشتغل بالعبادة وكتابة المصاحف رحمه الله. 92- عبد الواحد بن حَمْد بن عبد الواحد1. أبو الوفا الأصبهانيّ، الشّرابيّ، الصّبّاغ، من شيوخ أبي موسى المَدِينيّ. تُوُفّي في ثامن جُمَادَى الأولى. سمع: أبا طاهر بن محمود الثقفيّ، وأبا القاسم إبراهيم سِبْط بحرُوَيْه، وأبا عثمان العَيّار. وكان محتاجًا، مُقِلًّا، يطلب على الرّواية. وكان ديِّنًا محلُّه الصِّدْق. وُلِد سنة ستٍّ وأربعين. روى عنه أيضًا ابن السّمعانيّ. 93- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن بكّار2. أبو الحسين البغداديّ، المقرئ، الوِقاياتيّ. حدَّث عن: مالك البانْياسيّ. وليس بثقة، كان يُلْحِق اسْمَه في الطِّباق. 94- عليّ بن الخَضِر السُّلَميّ، الدّمشقيّ. المعدَّل. زوج بنت القاضيّ، الزّكيّ، أبي الفضل. صحِب الفقيهَ نصرَ المقدسيّ، وحدَّث عنه باليسير.

_ 1 التحبير "1/ 494"، لسان الميزان "4/ 79". 2 الأنساب "12/ 282، 283".

95- عَليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سعيد بن مَوْهب1. أبو الحَسَن الْجُذَاميّ، الأندلسيّ، المُرِيّيّ. مُكثر عن: أبي العبّاس العُذْريّ. وروى أيضًا عن: أبي إسحاق بن وَرْدُون القاضي، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس القاضي. وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو الوليد الباجي. قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ من أهل المعرفة، والعلم، والذّكاء، والفَهْم. صنَّف في التّفسير كتابًا مفيدًا، وله معرفة في أصول الدّين وحجّ، وأخذ النّاس عنه. وكتب إلينا بالإجازة. وُلد في عاشر رمضان سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وتُوُفّي في السّادس عشر من جُمَادَى الأولى، وله إحدى وتسعون سنة. كَتَبَ إِلَيَّ سَعْدُ الْخَيْرِ وَغَيْرُهُ أَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ بْنَ ... أَخْبَرَهُمْ: أن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَشِيرِيُّ بِحَلَبَ سَنَةَ تسعٍ وخمسين وخمسمائة، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْجُذَامِيُّ، أنا أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَافِظُ: أَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْد الْمُؤْمِنِ، نا مُحَمَّدُ بْن يَحْيَى بْن عَمْر بْن عَلِيّ بْن حَرْبٍ: ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ سَمِعَ ذَرًّا يَقُولُ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قُلْتُ: ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ. قَالَ: إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضَى بِمَا يَطْلُبُ. كَذَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ موقوفًا. 96- عليّ بن عليّ بن عُبَيْد الله2. أبو منصور البغدادي، الأمين.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 426"، العبر "4/ 88"، سير أعلام النبلاء "20/ 48، 49". 2 المنتظم "10/ 75"، سير أعلام النبلاء "20/ 49، 50"، شذرات الذهب "4/ 100".

سمع "الْجَعُدِيّات" من الصَّرِيفينيّ. وسمع من: جعفر السّرّاج، وأبي الحَسَن العلّاف، وأبي عبد الله النّعالي. روى عنه: ابنه عبد الوهّاب ابن سُكَيْنَة، وأبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو موسى، وآخرون. كان يسكن دار الخلافة، ثمّ انتقل إلى ربطا صهره شيخ الشّيوخ. قال ابن السّمعانيّ في "الذّيل": شيخ كبير، متديِّن، ثقة خيِّر، كثير الصّلاة، والصّدقة، والخيرات، مبادرًا إلى الطّاعات، صام صوم داود خمسين سنة. وكان مع هذه العبادة حسن المعاشرة، دمث الأخلاق، صحِب الكبار، وتخلْق أخلاقهم. ما رأيت في البغداديين مثله. ولد في المحرم سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة، وتُوُفّي في خامس ذي القعدة، وجاءنا نعيه ونحن بالحِلَّة متوجهين إلى الحجّ. وروى ابن الْجَوزيّ وقال: كان تحت يده أموال اليَتَامَى. 97- علي بن قاسم بن مُظَفَّر بن عليّ1. أبو الحَسَن بن الشّهْرُزُوريّ المَوْصليّ الشافعيّ القاضي. قال ابن عساكر: ولي قضاء واسط، ثمّ قضاء الرحبة، ثمّ قضاء الموصل. وقد قدم مع قسيم الدّولة زنكي حين حاصر دمشق. وكان حَسَن الاعتقاد، فَهِمًا، رجلًا من الرجال. تُوُفّي بحلب في رمضان، وحُمِل تابوته إلى الرَّقَّة. وهو أحد الإخوة. 98- عليّ بن هبة الله. البصْريّ، البزّاز، المغفّل. سمع الكثير من: أبي عليّ بن المهتدي، وطبقته.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "266".

وكتب بخطّه. وله حكايات في التّغفّل، قيل رآه بعضهم ويداه مفتوحتان، كأنه يعانق شيئًا، فقيل: ما شأنك؟ قال: طلبت أمّي أُجّانَة في هذا القدْر. وقال آخر: لقِيتُه ومعه كُوز زيت يَرْشَح، فأعلمته، فقلبه ليرى الخُرْم، فساح الزّيت على ثيابه. وكان رجلًا خيِّرًا. 99- عمر بن محمد بن عَمُّوَيْه بْن سعْد بْن الحَسَن بْن القاسم بْن عَلْقَمَة بْن النَّضْر بْن مُعَاذ بْن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بكر الصِّدّيق1. التَّيْميّ، البكْريّ، أبو حفص السَّهْرُوَرْدِيّ، الصُّوفيّ، نزيل بغداد. تفقَّه على أبي القاسم الدّبُّوسيّ، وخَدَم الصُّوفيَّة في رباط الشّرط بالجانب الشّرقيّ. وسمع: عاصم بن الحَسَن، ورزق الله التميمي، وغيرهما. سمع منه: أبو شجاع عمر البِسْطاميّ، وابن أخيه أبو النّجيب عبد القاهر السَّهْرُوَرْدِيّ. وكان جميل الأمر، مَرْضِيّ الطّريقة. لبس منه الخِرْقَة أبو النّجيب. وكان مولده سنة 455. وتُوُفّي ثامن ربيع الأوّل. وهو إدراك شيخ الرباط المذكور. "حرف الفاء": 100- فاطمة بنت عليّ بن المُظَفَّر بن الحسين بن زعبل2. البغدادي أبوها، النيسابورية، أم الخير.

_ 1 المنتظم "10/ 75". 2 التحبير "2/ 430، 431"، الأنساب "1/ 297"، سير أعلام النبلاء "19/ 625، 626".

قال أبو سعد السّمعانيّ: هي امرأة صالحة، من أهل القرآن. تعلِّم الجواري القرآن. سمِعَتْ من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي جميع "صحيح مسلم"، و"غريب" الخطّابيّ أيضًا، وغير ذلك. مولدها في سنة خمسٍ وثلاثين وأربعمائة، وتُوُفّيت في أوائل المحرَّم سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ. قلت: روى عنها ابن السَّمْعانيّ، وابن عساكر، والمؤيَّد، وزينب الشَّعْريَّة. "حرف الميم": 101- محمد بن إبراهيم بن غالب1. أبو بكر العامريّ، الأندلسيّ، الشّلْبيّ، خطيب شلْب. أخذ العربيَّة عن أبي الحَجّاج الأعلم، وبرع في الآداب، وأشتهر بها، وطال عُمره. وسَمِعَ "صحيح الْبُخَارِيّ" من أَبِي عَبْد اللَّه بْن منْظُور. وتُوُفّي فِي جُمادى الأولى، وله ستُّ وثمانون سنة. قاله ابن بَشْكُوال. وتُوُفّي ابن منظور سنة سبعٍ وستين. 102- محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد2. أبو بكر المَرْوَرذي، ثمّ البلْخيّ. من مسموعاته: "جامع التِّرْمِذيّ"، عن أبي عبد الله محمد بن محمد المحمَّديّ، عن أبي القاسم الخزاعي، عن الهيثم بن كُلَيْب، عنه. حدَّث في هذا العام. قاله السمعاني.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 582". 2 التحبير "2/ 56، 57".

103- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بن أحمد1. أبو غالب الصَّيْقَليّ، الدّامَغَانيّ، ثمّ الْجُرْجانيّ. نزيل كرْمان. وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة. ورحل في طلب الحديث، وسمع الكثير. وكان صالحًا ثبتًا، من أهل السُّنَّة. روى عن: الفُضَيْل بن عبد الله المُحِبّ، وأبي عَمْرو بن منده، وإسماعيل بن مَسْعَدَة، وغيرهم. روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ. وتوفي في هذه السّنة بكِرْمان. وكان كبير الصُّوفيَّة هناك. وروى عنه: عبد الخالق بن الصّابونيّ، وأبو سعد السّمعانيّ. 104- محمد بن حسين بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد2. أَبُو عَبْد اللَّه الأنصاريّ، الأندلُسيّ، المَرِيّيّ. روى عَنْ: أبي عليّ الغسّانيّ، وأبي محمد بن أبي قُحَافة، ويزيد بن أبي المعتصم، وعبد الباقي بن محمد. وصحِب الشَيخ أبا عمر بن الْتمتاش الزّاهد. وكان متحقّقًا بالحديث ونقله، منسوبًا إلى معرفة الرجال. له كتابٌ مليحٌ في الجمع بين "الصَّحيحين". أخذه النّاسُ عنه. قال ابن بَشْكُوال: كان ديِّنًا، فاضلًا، متواضعًا، مُتَّبعًا للآثار والسُّنَن، ظاهريّ المذهب.

_ 1 التحبير "1/ 51، 52"، المنتظم "10/ 75". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 581، 582"، بغية الملتمس "69، 70".

كتب إلينا بالإجازة. وتُوُفّي في المحرَّم، وله ستٌّ وسبعون سنة. وقال غيره: كان يُعرف بابن أبي أحد عشر. 105- محمد بن حمْد بن عبد الله1. أبو نصر الأصبهانيّ، الكبريتيّ، الفواكهيّ، القبّانيّ، الوزّان. شيخ صالح. سمع: أحمد بن المفضل الباطرقاني، وأبا مسلم بن مهربزود. روى عنه: أبو سعد بن السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وابن عساكر، وجماعة. تُوُفّي في الخامس والعشرين من جُمَادَى الآخرة، وآخر أصحابه محمود بن أحمد الثّقفيّ. 106- محمد بن حمْد بن منصور العطّار2. أبو نصر الأصبهانيّ. يروى عن: سعيد العَيّار، وغيره. وعنه: أبو موسى. تُوُفّي في نصف ربيع الأوّل. 107- محمد بن حمزة بن إسماعيل3. أبو المناقب العَلَويّ، الحُسَينيّ، الهَمَذانيّ. قال ابن السّمعانيّ: فاضل، شاعر، كتب الكثير بخطّه، وطلب، وطاف على الشيوخ، وصنّف، وجمع. ورحل إلى بغداد، وأصبهان، وحدث.

_ 1 الأنساب "10/ 44". 2 التحبير"2/ 123، 124". 3 لسان الميزان "5/ 147، 148".

وقال ابن ناصر: فيه تساهل في الأخْذ والسَّماع، وهو ضعيف عند أهل بلده. سمع من: الشَيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ لمّا ورد همذان. ومولده في سنة ست وستين وأربعمائة. وتُوُفّي في شوال. وقيل: تُوُفّي سنة ثلاثٍ. روى عنه: ابن عساكر، وأبو محمد بن الخشّاب. 108- مُحَمَّد بن عَبْد الملك بن مُحَمَّد بن عمر1. الإمام، أبو الحَسَن الكَرَجيّ، الفقيه، الشافعي. ولد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة. وسمع: مكّي بن منصور السّلار، وجدّه أبا منصور الكَرَجيّ. وسمع بهَمَذَان: أبا بكر بن فَنْجُوَيْه الدِّينَوَرِيّ، وغيره. وبأصبهان: أحمد بن عبد الرحمن الذَّكْوانيّ. وببغداد الحسين بن العلّاف، وابن نبهان. وحدَّث. روى عنه: ابن السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وجماعة. قال ابن السّمعانيّ: رأيته بالكَرَج، إمام، ورِع، فقيه، مفتٍ، محدِّث خيّر، أديب، شاعر. أفنى عُمره في جمْع العِلْم ونشْره. وكان لَا يقنت في الفجْر ويقول: قال الشّافعيّ: إذا صحّ الحديث فاتركوا قولي وخُذُوا بالحديث. وصحّ عندي أنّ النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ترك القُنُوت في صلاة الصبح2.

_ 1 الأنساب "10/ 381"، المنتظم "10/ 75، 76"، الكامل في التاريخ "11/ 26"، العبر "4/ 89". 2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "402"، والنسائي "2/ 204"، وابن ماجه "1241"، وأحمد في المسند "6/ 394، 3/ 472"، وابن حبان في صحيحه "1989"، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي "404".

وله القصيدة المشهورة في السُّنَّة، نحو مائتي بيت، شرح فيها عقيدة السَّلف، وله تصانيف في مذهب التفسير. كتبت عنه الكثير، وتُوُفّي في شعبان. قلت: أوّل قصيدته: محاسنُ جسمي بُدِّلَت بالمعائب ... وشيّب فودي ... الحبائب منها: عقائدهم أنّ الإله بذاته ... على عَرْشه مع عِلمِهِ بالغرائبِ ومنها: ففي كَرَج والله من خوف أهلِها ... يذوبُ بها البِدْعيُّ بأَشَرّ ذائبِ يموت ولا يَقْوَى لإظهار بدعةٍ ... مخافةَ حزِّ الرأسِ من كلّ جانبِ ومن شعره: العِلمُ ما كان فيه قال حدَّثنا ... وما سِواهُ إنّما خبط في الظّلام دعائمُ الدّين آياتٌ مبينةٌ ... وبيناتٌ من الأخبار أعلام 109- محمد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد1. أَبُو عَبْد اللَّه التُّجَيْبيّ، الغَرْناطيّ، النّوالشيّ المقرئ الأستاذ. أخذ القراءات عِلْمًا وإتقانًا عن: أبي داود بن نجاح، وابن البيّاز، وابن الدّوش، وأبي الحسين العَيْشيّ، وخازم بن محمد القُرْطُبيّ. قال ابن الأَبّار: تصدّر للإقراء وبَعُد صِيتُه لإتقانه وصَلاحه. وأخذ النّاس عنه. وقد وجدت سماعَ عبد المؤمن بن الخلوف الغَرْناطيّ المقرئ منه على "الرعاية" لمكّي في سنة اثنتين وثلاثين. ومن تلامذته: ابن عروس، وعبد الوهاب بن غياث وغيرهما.

_ 1 غاية النهاية "2/ 200".

110- محمد بن عمر بن أميرجة1. أبو المكارم الأشْهَبيّ، المحدَّث، الحافظ، نزيل بلْخ. قال أبو سعد السّمعانيّ: الأشْهَبيّ لقبٌ له، وهو حافظ. سافر إلى الهند، وجال في خُرَاسان، وكتب الكثير. وسمع بهَرَاة: الزّاهد محمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأبا عطاء عبد الأعلى بن المَلِيحيّ. وببلْخ: أحمد بن محمد الخليليّ. وتُوُفّي في شوّال. ولقي بخُراسان نصر الله الخُشْناميّ. مولده سنة ست وستين وأربعمائة. 111- محمد بن الفضل بن محمد بن عليّ. أبو بكر الخالنجاني. شيخ صالح، مقرئ، معمر. سمع: أبو مسلم بن مهريزد، وأحمد الباطِرْقانيّ، وأبا منصور بكر بن حَيْد. كتب عنه: السّمعانيّ، وغيره. مات في رمضان. 112- محمد بن محمد بن طاهر بن النُّعمان2. أبو بكر الأصبهانيّ، الدّلال. من أصحاب عبد الرحمن بن مَنْدَهْ. روى عنه، وعن أخيه أبي عَمْرو. سمع منه: السمعاني وقال: كبير مسن. ثم ورخه.

_ 1 الأنساب "1/ 282، 283"، التحبير "2/ 169، 170". 2 التحبير "2/ 221، 222".

113- محمد ابن الشّريف أبي الفضل محمد بن عبد السّلام بن أحمد. الأنصاريّ، البغداديّ، أبو الحَسَن. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور. روى عنه: ابن عساكر، والسِّلَفيّ، وجماعة. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 114- محمد بن نجاح1. أبو عبد الله الأَمويّ، القُرْطبيّ، الفقيه المالكيّ. تفقه على أبي جعفر بن رِزْق. روى عن: أبي الحَسَن حَمْدين، وأبي عليّ الغسّانيّ، وأبي عبد الله محمد بن فرج. وذكر لي أنّه سمع عليّ أبي القاسم حاتم بن محمد كتاب "الملخّص" للقابسيّ، قاله ابن بَشْكُوال. قال: وذكر أنّ أبا العباس العُذْريّ أجاز له، ورأيت له تخليطًا كثيرًا ارتبتُ منه. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 115- محمد بن ناصر بن أحمد بن أبي عِياض2. أبو نصر السَّرْخَسِيّ، العِياضيّ، الواعظ الشّهير. سمع: السّيد أبا الحسين محمد بن محمد، وعبد الواحد بن عبد الرحمن الزُّبَيْريّ المُعَمر، وجماعة. مات رحمه الله في ذي الحجة. قاله السمعاني.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 582، 583"، بغية الملتمس "133". 2 التحبير "3/ 241، 242".

116- محمد بن أبي النَّجْم بن محمد1. أبو طاهر المَرْوَزِيّ، الشَّوَّاليّ، الخطيب. رجل خيَّر، ذكره ابن السّمعانيّ فقال: سمع محمد بن أبي عمران الصَّفّار، وأبا الفتح أحمد بن عبد الله الزّنْدانْقانيّ، وغيرهما. ورحل من قرية شَوَّال إلى مَرْو، وحدَّث "بصحيح البخاريّ"، وانتخب له أجزاء. 117- محمد بن أبي نصر محمود بن أحمد بن أبي نصر. الواعظ، أبو بكر الأصبهانيّ، المعروف بقُل هو الله جران. روى عن: أبي مطيع. وعنه: أبو موسى المَدِينيّ. ومات كهْلًا بواسط غريبًا، رحمه الله. 118- معقل بن الحسين بن أبي نِزَار. البغداديّ الحاجب. سَمِعَ: أبا القاسم بْن البُسْريّ، وأبا منصور العُكْبَريّ. روى عنه أبو القاسم بن عساكر، ويوسف بن مقلَّد. وتُوُفّي في المحرَّم. وكان من كبار الحُجاب، ثمّ إنّه زاهد، متصوّف. 119- منصور الرّاشد بالله2. أمير المؤمنين أبو جعفر بن المسترشد بالله الفضل بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله عبد الله، الهاشمي، العباسي. ولد سنة اثنتين وخمسمائة. ويقال إنّه وُلِد مسدودًا، وأحضروا الأطباء، فأشاروا بأن يُفتح له مخرجٌ بآلةٍ من ذَهَب، ففعل ذلك به فنفع.

_ 1 الأنساب "7/ 404". 2 المنتظم "10/ 76"، الكامل في التاريخ "11/ 62"، سير أعلام النبلاء "19/ 568-573".

وأُمُّه أمّ ولد. خطب له أبوه بولاية العهد في سنة ثلاث عشرة. قال ابن واصل القاضي: حُكي عمّن كان يدخل إلى دار الخلافة ويطّلع على أسرارهم، أنّ الخليفة المسترشد أعطى ولده الرّاشد، وعُمره أقل من تسع سنين، عدة جوارٍ، وأمرهن أنّ يلاعبْنَه. وكانت فيهنّ جارية حَبَشيَّة، فحملت من الرّاشد، فلمّا ظهر الحَمْل وبلغ ذلك المسترشد أنكره، فسألها، فقالت: والله ما تقدَّم إليَّ سواه، وإنّه احتلم. فسأل باقي الجواري، فقلن كذلك. فأمر أنّ تحمل الجارية قطْنًا، ثمّ دخَّلها الرّاشد، ثمّ أخرجت القطْن وعليه المَنِيّ، ففرح المسترشد؛ وهذا من أعجب الأشياء. ثمّ وضعت الجارية ولدًا سمّاه "أمير الجيش". وقد قيل إنّ صبيان تِهامة يحتلمون لتسعٍ، وكذلك نساؤهم. وكان للراشد نيّف وعشرون ولدًا. بويع بالخلافة في ذي القعدة سنة تسعٍ وعشرين. وكان أبيض، مليحًا، تامّ الخَلْق، شديد الأَيْد، شجاعًا. قيل: إنّه كان في بستان دار الخلافة أيّل عظيم الشّكْل، اعترض في البستان، وأحجم الخَدَمُ عنه، فهجم هو عليه، وأمسك بقَرْنَيْه ورماه إلى الأرض وطلب مِنشارًا، وقطع قَرْنَيْه. وكان حَسَن السّيرة، جيّد الطَّوِيَّة، يُؤْثر العدْل، ويكره الشر. وكان فصيحًا، أديبًا، شاعرًا، سَمْحًا، جوادًا، لم تطُل أيّامه حتّى خرج من بغداد إلى الموصل، ودخل ديار بكر، ومضى إلى أَذَرْبَيْجان، ومازَنْدَران، ثمّ عاد إلى أصبهان. وأقام على باب أصبهان إلى أنّ قتلته الملاحدة هناك. وكان بعد خروجه من بغداد وصول السّلطان مسعود بن محمد إليها، فاجتمع بالكبار، وخلع الرّاشد بالله، وبايع عمّه الإمام المقتفيّ.

ودام الأمر سنةً للراشد قبل ذلك. قال ابن ناصر الحافظ: دخل السّلطان محمود إلى بغداد وفي صُحبته أصحاب المسترشد بالله الوزير عليّ بن طِراد، وصاحب المخزن ابن طلحة، وكاتب الإنشاء، فخرج الرّاشد بالله طالبًا إلى الموصل في صُحبة أميرها زنكيّ. وفي اليوم الثالث أحضروا ببغداد القُضاة والعلماء عند الوزير عليّ بن طِراد، وكتبوا محضرًا فيه شهادة طائفةٍ بما جرى من الرّاشد بالله من الظُّلم، وأخْذ الأموال، وسفْك الدّماء، وشرب الخمر، واستفتوا العلماء في من فعل ذلك، هل تصحُّ إمامته؟ وهل إذا ثَبَتَ فِسْقُه يجوز لسلطان الوقت أنّ يخلعه، ويستبدل به خيرًا منه؟ فأفتوا بجواز خلْعه، وفسْخ عقْده؟ ووقع الاختيار على توليه الأمير أبي عبد الله محمد بن المستظهر بالله، فحضر السّلطان مسعود والأمراء إلى دار الخلافة، وأحضر الأمير أبو عبد الله، وحضر الوزير، وأبو الفتوح بن طلْحة، وابن الأنباريّ الكاتب، وبايعوه، ولُقّب بالمقتفيّ لأمر الله، وبايع الخلْق وعُمره أربعون سنة، وقد وَخَطَه الشَّيْب. وخرج الرّاشد بالله من الموصل إلى بلاد أَذَرْبَيْجان، وكان معه جماعة، فقسّطوا على مَرَاغَة مالًا، وعاثوا هناك، ومضوا إلى هَمَذَان فدخلوها. وقتلوا جماعة، وصلبوا آخرين، وحلقوا لِحَى جماعة من العلماء وأفسدوا. ثمّ مضوا إلى نواحي أصبعان فحاصروا البلد ونهبوا القرى. ونزل الرّاشد بظاهر أصبهان، ومرض مرضًا شديدًا، فَبَلَغَنَا أنّ جماعةً من العجم كانوا فرّاشين معه دخلوا عليه خركانة في سابع وعشرين رمضان، فقتلوه بالسّكاكين، ثمّ قُتِلوا كلّهم. وبَلَغَنَا أنّهم كانوا سَقَوْهُ سمًَّا، فلو تركوه لَمَا عاش. وبنى له هناك تربةً، سامحه الله. قال ابن السّمعانيّ: قُتل فتْكًا في سادس وعشرين رمضان صائمًا، ودُفِن في جامع مدينة جيّ. وعُقد له العزاء ببغداد. وعاش ثلاثين سنة.

وقال العماد الكاتب: كان له الحُسن اليُوسُفيّ، والكرم الحاتميّ، بل الهاشميّ استدعى والدي صفيّ الدّين ليولّيه الوزارة، فتعلّل عليه. خلّف ببغداد نيفًا وعشرين ولدًا ذَكَرًا. وقال ابن الجوزيّ: في سبب موته ثلاثة أقوال: أحدها، أنّه سُقي السُّم ثلاث مرات. والثّاني، أنّه قتله الفرّاشون. والثالث: أنّه قتلته الباطنيَّة. وجاء الخبر، فقعدوا له للعزاء يومًا واحدًا. وقد ذكر الصُّوليّ أنّ النّاس يقولون أنّ كلّ سادسٍ يقوم للنّاس يُخْلَع، فتأملت هذا، فرأيته عَجَبًا. اعتقد الأمر لنبينا صلى الله عليه والسلام، ثمّ قام بعده أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، والحسن فخُلع، ثمّ معاوية، ويزيد، ومعاوية بن يزيد، ومروان، وعبد الملك، وابن الزُّبير، فخلع وقتل؛ ثم الوليد، وسليمان، وعمر، ويزيد، وهشام، والوليد، فخُلع وَقُتِلَ، ثمّ لم ينتظم لبني أُميَّة أمر، فوُلّي السّفّاح، والمنصور، والمَهْديّ، والهادي، والرشيد، والأمين، فخُلِع وَقُتِلَ؛ ثمّ المأمون، والمعتصم، والواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمستعين، فخُلِع وَقُتِلَ، ثمّ المُعتز، والمهتدي، والمعتمد، والمعتضد، والمكتفي، والمقتدر، فخُلِع، ثمّ رد، ثم قتل؛ ثم القاهر، والراضي، والمتقي، والمستكفي، والمطيع، والطائع فخُلِع؛ ثمّ القادر، والقائم، والمقتدي، والمستظهر، والمسترشد، والراشد، فخُلِع. قلت: وهذا الفصل منخرمٌ بأشياء، أحدها قولُه: وعبد الملك وابن الزُبَير؛ وليس الأمر كذلك بل ابن الزُّبير خامس، وبعده عبد الملك، أو كلاهما خامس أو أحدهما خليفة، والآخر خارج على نزاعٍ بين العلماء في أيّهما خارج على الأمر. والثّاني: تركه لعدد يزيد النّاقص وأخيه إبراهيم الّذي خُلِع، ومروان، فيكون الأمير باعتبار عددهم تاسعًا، فلا يستقيم ما ادعاه. والمستعين خلعوه أيضًا كما قال، وخلعوا الّذي بعده، وهو المُعْتَزّ بالله، وقتلوا المهتدي بالله -رضي الله عنه- وخلعوا القاهر وسَمَلوه. فليس الخلْع مقتصرًا على كلّ سادسٍ لو صحّ العدد.

"حرف النون": 120- نُوشروان بن خالد بن محمد1. الوزير، أبو نصر القاشانيّ، الفِينيّ، وفين: من قُرى قاشان. وزير الدّولتين جميعًا للخليفة المسترشد، وللسّلطان محمود بن محمد. قال ابن السّمعانيّ: كان قد جمع الله فيه الفضل الوافر، والعقل الكامل، والتواضع، والخيرية، ورعاية الحقوق. أدركته ببغداد وقد كبر وأسن وتضعضع، وأقعده العجز في داره بالحريم الظّاهريّ. عاقني المرض عن الحضور عنده. وقد حدَّث عن: عبد الله بن الحَسَن الكامخيّ العبّاديّ. وسمع منه جماعة من أصحابنا. وكان هو السبب في إنشاء "مقامات الحريريّ"، وكان يميل إلى التَّشيُّع. قال ابن الجوزيّ: كان عاقلًا مَهِيبًا، عظيم الخلْقة. دخلت عليه فرأيت من هيبته ما أدهشني. وكان كريمًا. سأله رجلٌ خيمةً، فلم تكن عنده، فأرسل إليه مائة دينار، وقال: اشترِ بها خيمة. فكتب إليه الرجل، وهو أبو بكر الأَرَّجانيّ الشّاعر: للهِ دَرّ ابن خالد رجلًا ... أحيا لنا الجودَ بعدما ذهبا سألته خيمةً أَلُوذُ بها ... فجاءَ لي مِلْء خيمةٍ ذهبا وكتب إليه الحريريّ صاحب "المقامات": ألا ليت شِعْري والتّمنّي تعلةٌ ... وإنْ كان ثمَّة راحة لأخي الكرب

_ 1 المنتظم "10/ 77، 78"، الكامل في التاريخ "11/ 70، 71"، البداية والنهاية "12/ 214".

أَتدْرُون أنّي مُذْ نأت دياركم ... وشطّ اقترابي من جنابكم الرحبِ أكابد شوقًا ما يزال أواره ... يقلبني في اللّيل جنْبًا على جنبِ وأذكر أيام التّلاقي فأنثني ... لتذكارها بادي الأسى طائر اللّبِ ولي جَنَّة في كلّ وقتٍ إليكم ... ولا جنة الصادئ إلى الباردِ العذبِ وممّا شجا قلبي المُعَنَّى وشَقَّه ... رِضاكم بإهمال الإجابة عن كُتُبي وقد كنت لَا أخشى مع الذَّنْب جفوةً ... فقد صرت أخشاها وما لي من ذَنْبِ ولما سَرَى الوفد العراقيّ نحوكم ... وأَعْوَزني المَسْرَى إليكم مع الرَّكْبِ جعلت كتابي نائبي عن ضرورةٍ ... ومن لم يجد ماءً تيمَّم بالتُّرْبِ قال ابن النّجّار: أنوشروان الوزير، وُلِد بالرَّيّ في رجب سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة، ووَزَرَ ثمّ عُزِل، ثمّ أُعيد. وكان موصوفًا بالجود والإفضال، محبًّا للعلماء. أحضر ابن الحُصَيْن إلى داره يُسمع أولاده "مُسْنَد أحمد" بقراءة ابن الخشّاب. وأذِن للنّاس في الدخول، فعامَّة من سمعه ففي داره. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر في "معجمه". وسماعه من الساوي في سنة ثمانٍ وسبعين. تُوُفّي في رمضان، ودُفِن بداره، ثمّ نُقِل بعد ذلك إلى الكوفة، فدُفِن بمسجد عليّ عليه السّلام. وفي " تاريخ ابن النّجّار" نقل من خطّ قاضي المَرِسْتان: تُوُفّي أنوشروان في ثاني عشر صَفَر سنة ثلاثٍ وثلاثين. "حرف الياء": 121- يونس بْن مُحَمَّد بْن مغيث بْن مُحَمَّد بن يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث1.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 688"، سير أعلام النبلاء "20/ 123، 124"، شذرات الذهب "4/ 101".

أبو الحسين القُرْطُبيّ، أحد الأئمة. روى عن: جدّه مُغِيث. وعن: القاضي أبي عمر بن الحذّاء، وحاتم بن محمد، ومحمد بن بشير، وأبي مروان بن سِرَاج، وأبي عبد الله بن منصور، ومحمد بن سعدون القَرَويّ، وأبي جعفر بن رزق، ومحمد بن فَرَج، والغسّانيّ، وغيرهم. قال ابن بَشْكُوال: كان عارفًا باللّغة والإعراب، ذاكرًا للغريب والأنساب، وافر الأدب، قديم الطلب، نبيه البيت والحسب، جامعًا للكتب، رواية للأخبار، عالمًا بمعاني الأشعار، أنيس المجالسة، فصيحًا، حسن البيان، مشاورًا في الأحكام، بصيرًا بالرجال وأزمانهم وثقاتهم، عارفًا بعلماء الأندلس وملوكها. أخذ النّاس عنه كثيرًا، وقرأتُ عليه، وأجازني. ومولده في رجب سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة. وتُوُفّي في ثامن جُمَادَى الآخرة، وصلّى عليه ابنه أبو الوليد. قلت: كان يونس مِن أسند مَن بقي بالأندلس وأجلّهم. روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مفرّج القَنطريّ الحافظ، ومحمد بن عبد الرحمن بن عُبَادة الْجَيّانيّ المقرئ، ومحمد بن عبد الرحيم بن الفَرَس الغَرْناطيّ، ومحمد بن عبد الله بن ميمون العَبْدريّ الشّاعر، وأبو مُحَمَّد عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله الحَجْريّ، وعبد الله بن طلحة المحاربيّ الغَرْناطيّ، وأبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن حُبَيْش، وعبد الرحمن بن محمد الشّرّاط، وآخرون. وأول سماعه بعد الستين وأربعمائة. وفيات سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة: "حرف الألف": 122- أَحْمَد بْن الحُسين بْن أَحْمَد. أبو العباس البغداديّ، المقرئ، العسّال. قال ابن السّمعانيّ: شيخ، صالح، مستور. قرأت عليه يسيرًا، عن أبي عبد الله البُسْريّ.

وتُوُفّي في شعبان. 123- أَحْمَد بن عبد الباقي بن الحَسَن بن منازل1. أبو المكارم الشّيْبانيّ، السّقْلاطُونيّ، الحريميّ، ابن عمّ ابن زُرَيق القّزاز. سمع الكثير من: أَبِي الحسين بْن النَّقُّور، وأبي نصر الزَّيْنبيّ، وطائفة. ونسخ بخطّه. روى عنه: أبو حامد عبد الله بن ثابت بن النّحّاس. مات في عاشر صَفَر. أثنى عليه عمر بن أحمد بن سهلان وسمع منه. 124- أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عَقِيل2. أبو المكارم. ذكره الحافظ ابن المفضّل في "الوَفَيَات" هكذا، ولا أعرفه. 125- أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جَمْرَة3. الأمويّ، مولاهم المُرْسيّ، أبو العباس. سمع: أباه، وأبا بكر بن أبي جعفر، وهشام بن أحمد، وغيرهم. وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو عَمْرو المقرئ. قاله ابن الأَبّار. وقال: حدَّث عنه ابنه القاضي أبو بكر محمد شيخنا. وتوفي في رمضان. قلت: أبو عَمْرو هو عثمان بن سعيد الدّانيّ، وهو آخر من حدَّث عنه في الدنيا بالإجازة.

_ 1 المنتظم "10/ 79". 2 حسن المحاضرة "2/ 52". 3 العبر "4/ 91"، سير أعلام النبلاء "20/ 91، 92"، النجوم الزاهرة "5/ 265"، شذرات الذهب "4/ 102".

والقاضي أبو بكر هو آخر من روى عن أبيه، وبقي إلى سنة تسعٍ وتسعين. وهو أكبر شيخ لأبي عبد الله الأَبار المؤرخ. سمع "التّيسير" من أبيه، عن المصنّف إجازة. 126- أحمد بن عليّ. أبو البقاء الظَّفريّ، البيطار. حدَّث عن: أحمد بن عثمان بن نفيس. وتُوُفّي بالشُّونِيزيَّة. 127- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد. أبو الفضل الطُّوسيّ، الشُّلانْجِرْديّ، وشُلانجرد: قرية من قرى طُوس. كان رجلًا صالحًا، خيِّرًا، استوطن به أبوه الإسكندرية، وأَمّ بمسجد المواريث. قال السِّلَفيّ: أنبا عن أبي اللَّيث نصر بن الحسين التُنْكُتيّ، وهبة الله بن عبد الوارث الشّيرازيّ. وكان مولده في سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وشيّعه خلائق. 128- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز1. أَبُو جَعْفَر اللَّخْميّ، الإشبيليّ، تلميذ أبي عليّ الغسّانيّ. قال ابن بَشْكُوال: أخذ عنه مُعْظَم ما عنده. وكان أبو عليّ يصفه بالمعرفة والذكاء. ويرفع بذِكْره. وأخذ أيضًا عن: أبي الحَجّاج الأعلم، وأبي مروان بن سِرَاج، وأبي بكر المُصْحفيّ. وكان من أهل المعرفة بالحديث والرجال، مقدَّمًا في الإتقان، مع التَّقدُّم في اللغة والأدب والأخبار، ومعرفة أيام الناس.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 80"، بغية الملتمس للضبي "363"، أزهار الرياض "3/ 157".

أخذت عنه وجالسته. وتُوُفّي في ربيع الأوّل بقرطبة. قال ابن نُقْطَة وغيره: يُعرف بابن المرْجيّ مستفاد من المرجي، بالجيم. قلت: روى عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الشَّلبيّ، وعليّ بن عتيق بن موسى. 129- أحمد بن محمد بن الحسين بن نَصْرُوَيْه. الفراض، أبو العباس. من أهل باب المراتب. سمع: أبا عبد الله الحُمَيْديّ، وابن طلحة النّعاليّ. قال ابن السّمعانيّ: شيخ صالح، فقير، تابع. كان يسمع معنا. وتوفي في إحدى الجماديين. 130- أحمد بْن منصور بْن محمد بْن القاسم بن خَنْب. أبو نصر النَّيْسابوريّ، الصّفّار، والد عمر، وجدّ أبي سهل. سمع: أبا سهل الحفْصيّ، وأبا سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ، وأبا القاسم القُشَيريّ. سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ وقال: كان شيخًا، متميزًا، عالمًا، سديد السيرة، صالحًا. ولد سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة في شعبان. تُوُفّي في أوّل رمضان سنة ثلاثٍ. سمعت منه، ومن زوجته دردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر، ومن ولديهما عمر، وعائشة. 131- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الزَّيْنبيّ. أبو العباس.

تُوُفّي بالبصرة في شُغل للخليفة. روى عن: أبي نصر الزينبي. وعنه: ابن السّمعانيّ، وابن عساكر. 132- إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خَفَاجَة1. أبو إسحاق الأندلسيّ، الشاعر المشهور. وديوانه موجود بأيدي النّاس عاش ثلاثًا وثمانين سنة. وكان رئيسًا مُفَخَّمًا. له النَّظْم المُفْلِق، والنَّثْر الرّائق، وله تأليفٌ في غريب اللّغة، وهو القائل: وعَشِيَّ أنسٍ أَضْجَعَتْني نشوةٌ ... فيه تُمَهِّد مضجعي وتُدَمِّثُ خلعت عليَّ الأراكةُ ظِلَّها ... والغُصْنُ يُصْغِي والحَمَام يُحَدِّثُ والشّمسْ تَجْنَحُ للغُروب مريضة ... والرّعْدُ يَرْقى والغمامةُ تَخْفُتُ 133- إسماعيل بن محمد بن أحمد2. أبو طاهر الأصبهانيّ، الوثّابيّ، الشاعر. أَضرّ في آخر عمره وافتقر. وقيل: كان يخلّ بالصّلوات. روى عن: أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ. - أنوشروان. مرّ في عام أوّل، وهو هنا على قَوْل. "حرف التاء": 134- تمّام بن عبد الله الظَّنّيّ الدمشقي3.

_ 1 وفيات الأعيان "1/ 56، 57"، سير أعلام النبلاء "20/ 51"، بغية الملتمس "202". 2 التحبير "1/ 106، 108"، نزهة الأدباء "287"، معجم الأدباء "7/ 361". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "5/ 304"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 345".

السّرّاج. شيخ حافظ للقرآن. سمع: عليّ بن الحَسَن بن طاوس، وسهل بن بِشْر الإسْفَرَائينيّ. روى عن: الحافظ ابن عساكر. "حرف الحاء": 135- الحسن بن سلامة بن ساعد1. المنبجي، الفقيه، قاضي نهر عيسى. أبو علي. ورد بغداد، وتفقه بها على: القاضي أبي عبد الله الدامغاني. وقيل: كان معتزليا. ولم يظهر عنه. حدَّث عن: أبي نصر الزَّيْنبيّ. وعنه: أبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر، ومحمود بن الحَسَن المؤدب. 136- الحَسَن بن الفضل. أبو عليّ الأصبهانيّ، الأَدميّ، الفقيه، الأديب. أحد طَلَبَة الحديث. سمع: أبا منصور بن شكْرُوَيْه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وطائفة. روى عنه: رجب بن مذكور، وغيره. أرخه ابن النّجّار في ربيع الأوّل من السّنة. 137- الحسين بن الخليل بن أحمد. الإمام أبو علي النسفي، الفقيه.

_ 1 الأنساب "11/ 487".

نزيل سَمَرْقَنْد. سمع "صحيح البخاريّ" من الحَسَن بن عليّ الحَمّاديّ، صاحب أبي عليّ الكِسائيّ، وحدث به. تفقه ببُخارى على: أبي الخطّاب الكَعْبيّ. وببلْخ على: الإمام أبي حامد الشُّجَاعيّ. ذكره ابن السّمعانيّ فقال: إمام، فاضل، ورِع، له يدٌ باسطة في النَّظَر. وورد بغداد حاجًا في سنة ست عشرة، وحدَّث بها. ولي منه إجازة. تُوُفّي أبو عليّ هذا في الحادي والعشرين من رمضان. وأبو الخطّاب هذا هو: محمد بن إبراهيم القاضي. 138- حُمَيْد بن منصور. أبو نصر الدَّرْعيّ، الهَمَذانيّ، الصُّوفيّ، المعروف بالشَيخ الزّاهد. نزيل بغداد، وخادم رباط بهروز. قال ابن السّمعانيّ: كان صالحًا، كثير التَّهَجُّد، دائم التّلاوة، خدم الفقراء، وناطَحَ التّسعين. وسمع بهَمَذَان: بُجَيْر بن منصور، ومحمد بن الحسين بن فَنْجُوَيْه. وسمعت منه، وقال: ثلاث وتسعون سنة. قال: وذلك في وسط سنة اثنتين. وتُوُفّي في ثامن عشر رمضان سنة ثلاثٍ وثلاثين. وصلّى عليه أبو محمد سِبْط الخيّاط بوصيةٍ منه. وتُوُفّي شيخه بُجَيْر سنة تسعين وأربعمائة.

"حرف الزاي": 139- زاهر بْن طاهر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يوسف بْن محمد بْن المَرْزُبان1. أبو القاسم بن أبي عبد الرحمن النَّيْسابوريّ، الشّحّاميّ، الشُّرُوطيّ. المحدّث المستملي. وُلِد في ذي القعدة سنة ستٍ وأربعين وأربعمائة بنيسابور، واعتنى به أبوه فسمَّعه الكثير، وبَكَّرَ به، واستجاز له الكبار. وسمع أيضًا "مُسْنَد أبي يعلى" من أبي سعد الكنجروذي و"السنن الكبير" للبَيْهَقيّ، منه. وسمع "الأنواع والتقاسيم" من عليّ بن محمد البَحَّاثيّ، عن محمد بن أحمد الزَّوْزَنيّ، عن أبي حاتم البُسْتيّ. وسمع كتاب "شعب الإيمان" و"الزهد الكبير" و"المدخل إلى السُّنَن" وبعض "تاريخ الحاكم" أو أكثره، من أبي بكر البَيْهَقيّ. وسمع: أباه، وأبا يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الصابزني، وأبا سعد الكَنْجَرُوذيّ المذكور، وأبا عثمان سعيد بن أبي عمرو البجيري، وسعيد بن لأبي سعيد العيّار، ومحمد بن محمد بن حمدون السُّلَميّ، وأبا القاسم عبد الكريم القُشَيْريّ، وسعيد بن منصور القُشَيريّ، وأبا سعد أحمد بن إبراهيم بن أبي شمس، وأحمد بن منصور المغربيّ، وأبا بكر محمد بن الحَسَن المقرئ، ومحمد بن عليّ الخشّاب، وأبا الوليد الحَسَن بن محمد البلْخيّ، وخلْقًا سواهم في مشيخته الّتي وقعت لنا بالإجازة العالية. وأجاز له: أبو حفص بن مسرور الزّاهد، وأبو محمد الجوهريّ، وأبو الحسين عبد الغافر الفارسيّ. وحدَّث بنَيْسابور، وبغداد، وهَرَاة، وهَمَذَان، وأصبهان، والرَّيّ، والحجاز.

_ 1 المنتخب من السياق "229، 230"، المنتظم "10/ 79، 80"، ميزان الاعتدال "2/ 64"، البداية والنهاية "12/ 215"، لسان الميزان "2/ 470"، شذرات الذهب "4/ 102".

واستملى بعد أبيه على شيوخ نَيْسابور كأبي بكر بن خَلَف الشّيرازيّ فمَن بَعْده. وكان شيخًا متيقظًا، له فهمٌ ومعرفة، فإنه خرّج لنفسه "عوالي مالك" و"عوالي سُفْيان بن عُيَيْنَة"، والألف حديث "السُّباعيّات". وجمع عوالي وقع له من حديث ابن خُزَيمة في نيفٍ وثلاثين جزءًا، وعوالي وقع له من حديث السّرّاج، نحوًا من ذلك. وعوالي عبد الله بن هاشم، وعوالي عبد الرحمن بن بشر، و"تحفة العيدين"، ومشيخته. وأملى بنَيْسابور قريبًا من ألف مجلس، وصار له أنس بالحديث. وكان ذا نهمة في تسميع حديثه، رحل في بذْله كما يرحل غيره في طلب الحديث؛ وكان لَا يضجر من القراءة. قال ابن السّمعانيّ: كان مكثِرًا متيقظًا، وَرَدَ علينا مَرْو قَصدًا للرواية بها، وخرج معي إلى أصبهان، لَا له شغل إلّا الرواية بها. وازدحم عليه الخلق. وكان يعرف الأجزاء. وجمع، ونسخ، وعُمِّر. فقرأت عليه "تاريخ نَيْسابور" في أيامٍ قلائل، فكنت أقرأ من قبل طلوع الشمس إلى الظهر، ثمّ أصلّي وأقرأ إلى العصر، ثمّ إلى المغرب. وربّما كان يقوم من موضعه. وكان يُكرم الغرباء يُعِيرهم الأجزاء، ولكنّه لَا يخلّ بالصّلاة إخلالًا ظاهرًا وقت خروجه معي إلى أصبهان، فقال لي أخوه وجيه: يا فلان، اجتهد حتّى تُقعد هذا الشَيخ ولا يسافر ويفتضح بترك الصّلاة. وظَهَر الأمر كما قال أخوه، وعرف أهل أصبهان ذلك وشنعوا عليه، حتّى ترك أبو العلاء أحمد بن محمد الحافظ الرواية عنه، وضرب على سماعاته منه. وأنا فوقت قراءتي عليه التّاريخ، ما كنت أراه يصلّي، وأوّل من عَرَّفَنَا ذلك رفيقُنا أبو القاسم الدّمشقيّ، قال: أتيته قبل طلوع الشّمس، فنبّهوه فنزل ليقرأ عليه وما صلّى، وقيل له في ذلك، فقال: لي عُذْر وأنا أجمع بين الصّلوات كلّها. ولعلّه تاب في آخر عمره، والله يغفر له. وكان خبيرًا بمعرفة الشُّرُوط، وعليه العُمْدة في مجلس القضاء. قلت: روى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى

المديني، وأبو بكر محمد بن منصور السّمعانيّ والد أبي سعد، ومنصور بن أبي الحَسَن الطَّبريّ، وصاعد بن رجاء الهَمَذانيّ، وعليّ بن القاسم الثَّقفيّ، وعليّ بن الحسين بن زيد الثَّقفيّ، وأسعد بن سعيد، ومحمود بن أحمد المقرئ. وعبد الغنيّ ابن الحافظ أبي العلاء العطّار، وأبو العمد عبد الوهاب بن سُكينة، وزاهر بن أحمد الثَّقفيّ، وعبد اللَطيف بن محمد الخُوارَزْميّ، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْجُنَيْد، وعبد النّبيّ بن عثمان الهَمَذانيّ، وإبراهيم بن بركة البيِّع المقرئ، وعبد الله بن المبارك بن دوما الأَزَجيّ، وأبو الخير أحمد بن إسماعيل القَزْوينيّ وإبراهيم بن محمد بن حمدية، وعبد الخالق بن عبد الوهّاب الصّابونيّ، وثابت بن محمد المَدِينيّ الحافظ، وعليّ بن محمد بن يَعِيش الأنباريّ، ومحمد بن أبي المكارم أسعد القاضي، ومودود بن محمد الهَرَويّ ثمّ الأصبهانيّ، والمؤيد بن محمد الطُّوسيّ، وأبو رَوْح عبد المُعِزّ الهَرَويّ، وزينب الشّعريَّة. وتُوُفّي في رابع عشر ربيع الآخر بنَيْسابور. ولا ينبغي أنّ يُروى عن تارك الصّلاة شيء البتَّة. 140- زُهير بن عليّ بن زهير1. أبو نصير الخدامي، بخاء مكسورة، السَّرْخَسيّ، ثمّ المِيهنيّ. سمع: عبد الرحمن بن محمد البُوسَنْجيّ، والحافظ محمد بن محمد بن زيد الحسيني. ولد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في رمضان. "حرف السين": 141- سلامة بن غَيّاض2. أبو الخير الكفرطابي. من أئمة النحو.

_ 1 التحبير "1/ 292، 293"، الأنساب "5/ 58"، اللباب "1/ 348". 2 معجم الأدباء "11/ 233، 234"، بغية الوعاة "1/ 259"، معجم المؤلفين "4/ 237".

أخذ بمصر عن ابن القطّاع. وصنَّف كتابًا عشر مجلَّدات في الأدب. أخذ عنه ابن الخشّاب. كان حيًّا في هذا العام. "حرف الصاد": 142- صالح بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن المُعَزَّم1. أبو زيد الهَمَذانيّ، إمام الجامع بهَمَذَان. شيخ فاضل، حَسَن الطّريقة. سمع بهَمَذَان: أبا إسحاق الشّيرازيّ، وسُفْيان بن مَنْجُوَيْه، وأحمد بن عمر الصدوقي. روى عنه: أبو سعد السمعاني. ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتُوُفّي بهَمَذَان في أواخر شعبان. "حرف الطاء": 143- الطَّيِّب بن محمد بن أحمد2. أبو بكر الأَبِيوَرْديّ، الغَضَائريّ. ذكره السّمعانيّ في "الذَّيْلِ"، فقال: شيخ صالح، ديِّن، خيِّر، مِن أهل القرآن. حَسَن الأخلاق. صحِب المشايخ، وجال في الآفاق، وصحِب السِّلَفيّ، وسمع بقراءته من: محمد بن حامد المَرْوَزِيّ، ومحمود بن أبي مَخْلَد الطَّبريّ، وجماعة. قال: قدِم علينا مَرْو، وانتخب له جزاءً، وما رأيت في الصُّوفيَّة أجمعَ للأخلاق الحَسَنة، مع التّواضع التّامّ والخدمة، على كِبَر السِّنّ مِثلَه.

_ 1 التحبير "1/ 340". 2 التحبير "1/ 354، 355".

وسمع بسَلَمَاس من محمود بن شعبان، وأبا الحَسَن بن نعمة الله. مات بأَبِيوَرْد في أحد الربيعَيْن. "حرف الظاء": 144- ظالم بْن زيد بْن عَلِيّ بْن شَهْريار. أَبُو النَّجم الأصبهانيّ، البيِّع. سمع: شجاع بن عليّ المَعْقِليّ، وعبد الجبّار بن برزة الواعظ، وجماعة. أخذ عنه السّمعانيّ، وقال: مات في رمضان عن نيفٍ وثمانين سنة. "حرف العين": 145- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف1. أَبُو القاسم البغداديّ، الحربيّ، النّجّار. أخو الحافظ عبد الخالق، وعبد الواحد. وُلِد في مستهل عام اثنتين وخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصّمد بْن المأمون، ومحمد بن عليّ بن الغريق، والصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور. روى عنه: السِّلَفي، وابن السّمعانيّ، وابن عساكر؛ وعبد المجيب بن زهير، وعبد الله بن طُلَيْب، ومحاسن بن أبي بكر، وتامر بن جامع القطّان، وحسين بن عثمان الكوفيّ القطّان، وضياء بن جَنْدَل، وعمر بن عبد الكريم الحمّاميّ، ونفيس بن عبد الجبّار، وأبو اليُمْن زيد بن الحَسَن الكِنْديّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ السّمعانيّ: ديِّن خيِّر، من بيت الحديث. صالح، جاور بمكَّة سِنين، وسمع منه والدي بمكَّة مجلسًا أملاه ابن هزارمرد الصريفيني.

_ 1 المنتظم "10/ 80"، الأنساب "4/ 100"، الكامل في التاريخ "11/ 71"، سير أعلام النبلاء "20/ 62، 63".

وجرت أموره على سدادٍ واستقامة إلى آخر عمره. وتُوُفّي في العشرين من رجب بالحربيَّة وله 83 سنة. 146- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عليّ1. أبو محمد اللَّخْمي، الشّاطبيّ. سمع من جدّه لأُمّه الحافظ أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأجاز لَهُ تواليفه في سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين. وسمع "الصحيحين" من أبي العباس العذري، و"صحيح البخاريّ" من القاضي أبي الوليد الباجيّ. وولي قضاء مدينة أَغْمات. وأخذ عنه جماعة. وأجاز لأبي القاسم بن بَشْكُوال، وأغفله ولم يذكره في "الصّلة". تُوُفّي في صفر وله تسعون سنة. وقيل: تُوُفّي سنة اثنتين. ذكره أبو عبد الله الأَبّار. روى عنه: حفيده ابن بنته عمر بن عبد الله الأغماتيّ، وعيسى بن الملجوم. 147- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن خَلَف. أبو محمد بن أبي تليد الخَوْلانيّ، الشّاطبيّ. المعروف بالحمصيّ. أخذ القراءات عن: أبي الحسين بن الدّوش. وسمع من: طاهر بن مُفَوَّز، وأبي عِمران بن أبي تليد. وتصدَّر للإقراء بشاطبة، وحدَّث، وكان فاضلًا، صالحًا، مُجَاب الدّعوة. روى عنه: أبو عمر بن عباد.

_ 1 بغية الملتمس "349"، سير أعلام النبلاء "20/ 92".

148- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سعد. أبو جعفر البصْريّ، البَرْذَعيّ الشّاهد. شيخ متميّز، ذو بيئة. سمع: أبا عليّ التُّسْترِيّ. وعنه: أبو سعد السّمعانيّ. سمع "سُنَن أبي داود". ومات فِي شوال. 149- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبَيد اللَّه بن علي بن جعفر بن زُرَيق1. أبو القاسم الأَسديّ، المُضَريّ، النَّسَفيّ، ثمّ الأصبهانيّ، الخطيبيّ، الحنفيّ. خطيب الجامع الكبير بأصبهان. وُلِد في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة. وسمع: أبا الخطيب عبد الرّزّاق بن شمة، وأبا بكر أحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، والشّريف أحمد بن حاتم البكْريّ. وحدَّث بأصبهان، وبغداد. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، ومحمود بن أحمد المضري، وجماعة. وهو ابن عمّ قاضي أصبهان عُبَيْد الله الخطيبيّ. 150- عبد الرحمن بن كُلَيب. أبو محمد الْحَمَويّ، المقرئ، الفَرَضيّ. قال ابن عساكر: كان علّامة في الفرائض، والحساب. وكان يعلّم الصِّبيان في مكتبه، ولا يأخذ منهم شيئًا. لما تُوُفّي لم يبق أحدٌ بحماه إلّا شهد جنازته.

_ 1 التحبير "1/ 378".

151- عبد العزيز بن عثمان بن إبراهيم1. أبو محمد الأَسَديّ، الفقيه، البخاريّ، قاضي بُخارَى. قدِم بغداد، وسمع: أبا طالب بن يوسف، وجماعة. وأملى ببُخارَى، وبها تُوُفّي. وكان رئيسًا، كبير الشّأن، عالمًا. روى عنه: محمد بن عمر القَلانِسيّ. عبد العزيز بن ناصر بن المَحَامِليّ. أبو القاسم. حدث عن: أبي الحَسَن الأنباريّ، وحمْد الأصبهانيّ الحدّاد. سمع منه: أبو بكر المفيد، وغيره. 153- عَبْد الملك بْن مَسْعُود بْن مُوسَى بْن بَشْكُوال بن يوسف2. الأنصاريّ، القُرْطُبيّ، والد الحافظ خَلَف. يُكنّى: أبا مروان. أخذ القراءات عن: يحيى بن حبيب، وغيره. ولازم أبا عبد الله محمد بن فَرَج الفقيه زمانًا. وكان عارفًا بمذهب مالك، رأسًا في معرفة الشُّروط، كثير التّلاوة. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وله نحوٌ من ثمانين سنة. ذكره ابنه في "الصّلة". وقرأ شيخه ابن حبيب على محمد بن أحمد الفرّاء تلميذ مكّيّ. 154- عبد الواحد بن حمد3.

_ 1 المنتظم "10/ 80"، الكامل في التاريخ "11/ 71، 72". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 366". 3 تقدم برقم "92".

ورخه بعضهم سنة ثلاثٍ، والصواب سنة اثنتين. 155- عطية بن علي بن عطية بن علي بن الحسن. أبو الفضل القَيْرَوانيّ، القُرَشيّ، العُتْبيّ. يُعرف بابن الأدخان. جاوَرَ بمكَّة مع أبيه مدَّة، ووُلِد بها. وقدِما بغداد فسكنها عطيَّة إلى أنّ تُوُفّي بها. وكان ظريفًا، كيِّسًا، مطبوعًا، حَسَن الِّشعْر. حدَّث عن: أبي مَعْشَر الطَّبريّ، وغيره. روى عنه: السِّلَفيّ في "مشيخته". وتُوُفّي في صفر سنة ثلاث. 156- عليّ بن أفلح1. أبو القاسم البغداديّ، الكاتب، الشّاعر. له النَّظم والنَّثر، والهَجْو الكثير السّائر. ذكره أبو الفرج بن الجوزي فقال: كان المسترشد بالله قد خلع عليه ولقبّه جمال المُلْك، وأعطاه أربعة آدُرّ في درب الشّاكريَّة، عمّر بها وأنشأها دارًا عَلِيَّة مليحة، وأعطاه الخليفة خمسمائة دينار، وأطلق له مائة جذْع، ومائتي ألف آجرة، وأجرى عليه معلومًا، فظهر أنّه يُكاتب دُبَيْسًا، فنمَّ عليه بوّابه لكونه طرده، فهرب ابن أفلح، وأمر المسترشد بنقْض الدّار. وكان قد غرّم عليها عشرين ألف دينار. وكان فيها حمّام، ولمُسْتَرَاحها أنبوبٌ، إنْ فُرِك يمينًا جرى ماءٌ ساخن، وإنْ فُرِك شمالًا جرى ماءٌ بارد. ثم ظهر بتكريت، واستجار بهارون الخادم.

_ 1 المنتظم "10/80، 84"، وفيات الأعيان "3/ 68"، عيون التواريخ "12/ 355-360".

ثمّ آل الأمر إلى أنّ عفا عنه. ومن شِعْره: دع الهوى لأناسٍ يعرفون به ... قد مارسوا الحبَّ حتّى لان أَصْعَبُه بَلَوْتَ نفسَكَ فيمًا لست تخبرهُ ... والشّيءُ صعبٌ على من لَا يجرّبُه أهن اصطبارًا وإن لم تستطع جَلَدًا ... فرُبّ مدرِك أمرٍ عزَّ مطلبُه أحيوا الضُّلُوع على قلبٍ يحيّرني ... في كلّ يومٍ ويُعْييني تقلُّبُه تنازعُ الرّيح من نجدٍ يهيّجهُ ... ولامِعُ البرْقِ من نعمان يُطربُه 157- عَلِيّ بْن المسلم بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بن الفتح1. أبو الحَسَن السُّلَميّ، الدّمشقيّ، الفقيه الشّافعيّ، الفَرَضيّ، جمال الإسلام. سمع: أبا نصر بن طَلّاب، وأبا الحَسَن بن أبي الحديد، وعبد العزيز الكتّانيّ، ونجا العطّار، وغنائم بن أحمد، وعلي بن محمد المصيصي، والفقيه نصر بن إبراهيم، وجماعة. وتفقّه على: القاضي أبي المظفَّر المَرْوَزِيّ. وأعاد الدّرس للفقيه نصر، وبرع في الفقه. قال الحافظ ابن عساكر: وبَلَغَني أنّ أبا حامد الغزّالي قال: خلّفت بالشّام شابًّا إنْ عاش كان له شأن، فكان كما تفرّس فيه. ودرسّ في حلقة الغزّالي بالجامع مدَّة. ثمّ وُلّي تدريس الأمينية سنة أربع عشرة وخمسمائة. سمعنا منه الكثير، وكان ثقة، ثَبْتًا، عالمًا بالمذهب والفرائض، وكان يحفظ كتاب "تجريد التّجريد" لأبي حاتم القزويني. وكان حسن الخط موفقًا في الفتاوى. كان على فتاويه عمدة أهل الشام.

_ 1 سير أعلام النبلاء "20/ 31، 34"، طبقات الشافعية الكبرى "4/ 283"، الوافي بالوفيات "22/ 195".

وكان كثير عيادة المَرْضَى وشُهُود الجنائز، ملازمًا للتّدريس والإفادة، حَسَن الأخلاق. وله مصنّفات في الفِقْه والتّفسير. وكان يعقد مجلس التّذكير، ويُظهِر السُّنَّة، ويردّ على المخالفين، ولم يخلّف بعده مثله. قلت: روى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن عساكر، وابنه القاسم، والسِّلَفيّ، وخطيب دُومَة عبد الله بن حمزة الكرماني، وعبد الوهّاب بن عليّ الزُّبَيْريّ المعدّل، وأبو الحزْم مكّيّ بن عليّ، ويحيى بن الخضر الأُرْمَويّ، وإسماعيل الْجَنْزَوِيّ، وبركات الخُشُوعيّ، ومحمد بن الخصيب، وطائفة آخرهم وفاة القاضي أبو القاسم الحَرَسْتانيّ. وقد أملى عدَّة مجالس. وقع لنا من طريقه بعلو "معجم" ابن جميع. وذكره ابن عساكر أيضًا في طبقات الأشاعرة من كتاب "تبيين كذِب المفتري"، فقال: تفقّه أوّلًا على القاضي أبي المظفّر عبد الجليل بن عبد الجبّار المَرْوَزِيّ، وغيره. وعُنِي بكثرة المطالعة والتكرار، فلمّا قدِم الفقيه نصر المقدسيّ دمشق لازَمَه. ولزم الغزّاليّ مدَّة مُقامه بدمشق، وهو الّذي أمره بالتّصدُّر بعد موت الفقيه نصر، وكان يُثْني على عِلْمه وفَهْمه. وكان عالمًا بالتفسير، والأصول، والفقه، والتَّذْكير، والفرائض، والحساب، وتعبير المنامات. وتُوُفّي في ذي القعدة ساجدًا في صلاة الفجر، رحمه الله تعالى. 158- عليّ بن المُطَهَّر بن مكّيّ بن مِقْلاص. أبو الحَسَن الدِّينَوَرِيّ، الشّافعيّ. تفقه على: أبي حامد الغَزّاليّ. وسمع من: نصر بن البَطِر، ونحوه. وكان فقيهًا صالحًا. تُوُفّي ليلة السّابع والعشرين من رمضان ببغداد رحمه الله.

"حرف الفاء": 159- فاطمة بنت السيّد ناصر بن الحسين1. أم المجتبي، العلوية الأصبهانية. شريفة مُعَمَّرة. سمعت الكثير من: عبد الرَزَاق بن شمة، وإبراهيم سِبْط بحرُوَية، وسعيد بن أبي سعيد العّيار. وعنها: ابن عساكر، والسّمعانيّ وقال: ماتت سنة ثلاث. 160- فاطمة بنت محمد بن محمد بن فرحيَّة المقرئ، الدِّينَوَرِيّ. بغدادية. روت عن أبي القاسم علي بن الحسين الرَّبَعيّ أحاديث يسيرة. وتُوُفّيت في حدود هذه السنة ببغداد. "حرف الميم": 161- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن بن أبي بِشْر2. الإمام أبو بكر المَرْوَزِيّ، الخَرَقيّ، المتكلّم. رحل إلى نَيْسابور فتفقه وأحكم الكلام. وسمع من: أبي بكر بن خَلَف، وجماعة. وسكن قريته يُفتي ويَعِظ، وهي خَرَق، على ثلاثة فراسخ من مَرْو، بها سوق وجامع. مات في شوّال في عَشْر الثّمانين. روى عنه: ابن السمعاني.

_ 1 التحبير "2/ 434"، أعلام النساء "4/ 149". 2 التحبير "2/ 61، 62"، الأنساب "5/ 90"، معجم البلدان "2/ 425"، معجم المؤلفين "8/ 238".

162- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عثمان. أبو عامر البَلَنْسِيّ، الرّيّانيّ، الأديب. كان من جِلَّة الشُّعراء. عاش ستًّا وثمانين سنة. أخذ عَنْهُ: أبو عبد الله بْن نابُل. وكان من طبقة أبي إسحاق الخَفَاجيّ، فماتا في هذا العام. 163- محمد بن يحيى بن بَاجَة1. أبو بكر الأندلسيّ، السَّرَقُسْطيّ، الشّاعر، الفيلسوف، المعروف بابن الصّائغ. منسوب إلى انحلال العقيدة وسوء المذْهب. وكان يعتقد أنّ الكواكب تدبّر العالم. وقد استولى الفرنج على سَرَقُسْطَة في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وباجَة: هي الفضَّة في لسان فرنج المغرب. وكان آية في آراء الأوائل والفلاسفة. وهَمّ به المسلمون غير مرَّة، وَسَعَوْا في قتله. وكان عارفًا بالعربية، والطّبّ، وعلم الموسيقى. قال أبو الحَسَن عليّ بن عبد العزيز ابن الإمام: هذا مجموع من أفعال أبي بكر بن الصّائغ في العلوم الفلسفيَّة. قال: وكان في ثقابة الذُّهن ولُطْف الغَوْص على المعاني الدّقيقة أعجوبة دهره، فإنّ هذه الكُتُب الفلسفية كانت متداولة بالأندلس من زمان الحَكَم جالبها، فما انتهج النّاظر فيها قبله بسبيل كما تبدّد عن ابن حزْم، وكان من أجل نظّار زمانه، وكان أبو بكر أثقب منه نظرًا فيها. قال: ويشبه أنّ هذا لم يكن بعد أبي نصر الفارابيّ مثله في الفنون الّتي تكلم

_ 1 وفيات الأعيان "4/ 429-431"، سير أعلام النبلاء "20/ 93، 94"، شذرات الذهب "4/ 103".

عليها، فإنه إذا قرنت أقاويله بأقاويل ابن سينا، والغزّاليّ، وهما اللّذان فُتح عليهما بعد الفارابيّ بالمشرق في فَهْم تلك العلوم، ودوَّنا فيها، بان لك الرَّجَحَان في أقاويله، وحُسْن فَهْمه، لأقاويل أَرِسطو. قلت: وكان ابن الإمام من تلاميذ ابن باجَة. كان كاتبًا، أديبًا، وهو غرناطيٌ أدركه الموت بقوص. ومن تلامذة ابن باجَة أبو الوليد بن رُشْد الحفيد. تُوُفّي ابن باجَة بفاس، وقبره بقرب قبر القاضي أبي بكر بن العربيّ المَعَافِريّ. ومات قبل الكهولة؛ وله مصنّفات كثيرة. ومن شِعره: ضربوا القِبابَ على أقاحة روضةٍ ... خَطَر النَّسيمُ بها ففاح عبيرا وتركتُ قلبي سار بين حمولهم ... دامي الكلوم يسوق تلك العيرا لا والّذي جعل الغصون مَعَاطِفًا ... لهمُ وصَاغ الأقْحُوَانَ ثغورا ما مرّ بي رِيحُ الصّبا من بعدهم ... إلّا شهقت له، فعاد سعيرا وقد ذكر أبا بكر بن باجَة أيضًا الْيَسع بن حزْم في تأليفه فقال فيه: هو الوزير، الفاضل، الأديب، العالِم بالفنون، المعظَّم في القلوب والعيون. أرسَلَ قلمه في ميادين الخطابة فسبق، وحرك بعاصف ذهنه من العلوم ما لا يكاد يتحرّك. إلى أنّ قال: ومن مِثل أبي بكر؟ جادَ به الزّمان على الخواطر والأذهان، كلامه في الهيئة والموسيقى كلام فاضل، تعقَب كلام الأوائل، وحلَّ عُقَد المسائل، وإني لأتحقّق من عقْله ما يشهد له بالتّقييد للشّريعة ولا شكّ إنّه في صباه عَشِق، وصَبَا، وسَبَح في أنهار المجّانة وحيًا، وشعر ولحن، وامتحن نفسه في الغناء فمُحِن، وأنطق جماد الأوتار، وركب من الخلاعة كلّ عار. 164- محمد بن خَلَف بن إبراهيم1. أبو بكر بن المقري أبي القاسم بن النحاس القرطبي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 583".

أخذ القراءات عن أبيه. وسمع من: ابن الطّلّاع، وأبي عليّ الغسّانيّ. وتفقه وبرع في العلم. توفي في ربيع الآخر. 165- محمد بن أبي نصر شجاع بن أحمد بن عليّ الأصبهانيّ1. أبو بكر اللَّفْتُوانيّ، الحافظ، المفيد. سمع: أبا عَمْرو عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، وسهل بن عبد الله الغازيّ، وسليمان بن إبراهيم الحافظ. ورحل إلى بغداد بعد العشرين، وحدَّث بها. وقد سمع من: رزق الله التّميميّ، وطِراد النّقيب. لكن بأصبهان. ولم يزل يسمع ويقرأ إلى حين وفاته. روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وابن السّمعانيّ، وجماعة. وأبوه من شيوخ السِّلَفيّ، وابنه عُبَيْد الله ممّن أجاز للفخر بن البخاريّ. وكان شيخًا صالحًا، فقيرًا، ثقة، متعبدًا. ولد سنة سبعٍ وستين وأربعمائة، وتُوُفّي في حادي وعشرين جُمَادَى الأولى. وأثنى عليه أبو موسى المَدِينيّ، وقال: لم أرَ في شيوخي أكثر كُتُبًا وتصنيفًا منه. استغرق عُمره في طلب الحديث وكتْبه وتصنيفه ونشْره. وقال ابن السّمعانيّ: كان شيخًا، صالحًا، كثير الصّلاة، حَسَن الطّريقة، خَشِنها. لقِيتُه بأصبهان، وسمعت منه الكثير. وما دخلت عليه إلّا وهو مشتغل بخبر، إمّا أنْ يصلّي، أو ينسخ، أو يتلو. وكان يقرأ قراءةً غير مفهومة، وهو عارف بالحديث وطُرُقه. كتب عن من أقبل وأدبر. وخطّه لَا يمكن قراءته لكل أحد. وكان يقول: يكفي من السّماع شَمُّه.

_ 1 التحبير "2/ 134-136"، الأنساب "11/ 27"، المنتظم "10/ 84".

166- محمد بْن الحسين بْن الحَسَن بْن الحسين بن ربينة1. الشَيخ أبو غانم بن أبي ثابت الأصبهانيّ، الواعظ، المفسّر، المحدّث. سمع الحديث الكثير، وقرأ وأفاد وتصدّر. سمع: جدّه لأمّه محمد بن الحَسَن بن سليم، وأخاه عمر بن الحَسَن، ومحمد بن محمد بن عبد الوهاب المَدِينيّ، وعمر بن أحمد بن عمر السمار، وخلائق. وسمع ببغداد سنة أربع عشرة من الموجودين. سمع منه ابن الجوزيّ، بقراءة ابن ناصر. وُلِد في أوّل سنة إحدى وثمانين. ومات في سلْخ المحرَّم. 167- محمد بن حمْد2. أبو منصور الأصبهانيّ، العطّار، الطَّيْبيّ. شيخ متعبّد ومتيقّظ، خيّر. سمع: إبراهيم بن منصور سِبْط بحرُوَيْه، وسعيد العَيّار، وجماعة. وعنه: ابن عساكر، والسّمعانيّ. حدَّث بأجزاء من "مُسْنَد أبي يَعْلَى". وعاش بِضْعًا وثمانين سنة. 168- محمد بن ظَفَر بن عبد الواحد بن أحمد3. الأصبهانيّ، أبو بكر المعدّل. من شيوخ أبي موسى. تُوُفّي في صفر. يروي عن: محمد بن عبد العزيز الغزال، عن الجرجاني.

_ 1 التحبير "2/ 117، 118"، طبقات المفسرين للسيوطي "29". 2 تقدم برقم "106". 3 التحبير "2/ 137، 138".

169- محمد بن عبد الغنيّ بن عمر بن عبد الله بن فَنْدَلَة1. أبو بكر الإشْبيلي، الأديب، اللُّغَويّ. تلميذ أبي الحَجّاج الأعْلِم. وأخذ أيضًا عن: أبي محمد بن خَزْرَج، وأبي مروان بن سِرَاج. وذكر أنّه سمع بقُرطُبة من محمد بن عتّاب كُتُبًا ذكرها. قال ابن بَشْكُوال: ويَبْعُدُ ما ذكره. والله أعلم. وقد أخذَ عنه. وتُوُفّي في عقب شوّال وله تسعون سنة إلّا أشْهُرًا. 170- محمد بن عبد المتكبر بن الحَسَن بن عبد الودود2. أبو جعفر بن المهتديّ بالله الهاشميّ، العباسيّ، الخطيب. قاضي باب البصْرة ببغداد. روى عن: أبي القاسم بن البُسْريّ، وغيره. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ. وقال: كان خطيب جامع المنصور. وحُمِدت سيرته في القضاء. قال ابن عساكر: تُوُفّي سنة ثلاث. وقال ابن السّمعانيّ: تُوُفّي سنة أربعٍ وثلاثين. 171- محمد بْن غانم بْن أَبِي الفتح أحمد بْن محمد بن سعيد. الحدّاد، الأصبهانيّ، أبو عبد الله البيع.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 583، 584"، بغية الوعاة "1/ 161". 2 مختصر تاريخ دمشق "23، 23"، الوافي بالوفيات "4/ 25".

شيخ كبير، ثقة، كثير السماع. سمع من جدّه، وطائفة. وقدِم بغداد مع جدّه للحجّ، وسمع من: مالك البانياسيّ، وابن البَطِر. قال ابن السّمعانيّ: قرأت عليه أربعة أجزاء، خرّجها له يحيى بن مَنْدَهْ. 172- المبارك بن عثمان بن حسين. أبو منصور بن الشّوّا، الدّقّاق، الأزَجيّ. روى عن: مالك البانياسيّ. حدَّث عنه: أبو المُعَمَّر، وابن عساكر. 173- مجاهد بن أحمد بن محمد1. أبو بكر المجاهدي، البوشبجي، الطبيب. شيخ صالح. سمع: جمال الإسلام الداودي. أخذ عنه: السّمعانيّ بالإجازة. مات في ذي الحجَّة. 174- محمود بن بوري بن طُغْتِكِين2. الملك شهاب الدّين أبو القاسم. وُلّي دمشق بعد قتْل أخيه شمس الملوك. وكانت أمّه زُمُرُد هي الغالبة عليه والمدبرة له، إلى أنّ تزوّجها زنكيّ والد الملك نور الدين، وخرجت إليه إلى حلب. فقام بتدبير الأمور معين الدولة أنز مملوك جده.

_ 1 التحبير "2/ 327، 328". 2 الكامل في التاريخ "11/ 68"، سير أعلام النبلاء "20/ 50"، البداية والنهاية "12/ 215".

قال ابن عساكر: وكانت الأمور تجري في أيامه على استقامة إلى أنّ وثب عليه جماعةٌ من خدمه، وقتلوه في شوّال. وقدِم أخوه محمد بن بَعْلَبَكّ، فتسلّم القلعة والبلد من غير منازعة. قال أبو يَعْلَى حمزة: قُتِلَ ليلة جمعةٍ بيد غلمانه الملاعين ألْبقش الأرمنيّ الّذي اصطنعه وقربه، ويوسف الخادم الذي وثق به لِدِينه، والفرّاش الرّاقد حوله. فكانوا ثلاثتهم يبيتون حول فراشه، فقتلوه في جوف اللّيل وهو نائم، وأخفوا سِرَّهم، بحيث خرجوا من القلعة، فظهر الأمر، وطُلِب ألْبقش فهرب، وأُمْسك الآخران، فصُلبا على باب الجابية. 175- المنذر بن سعد بن سعيد بن أبي الخير فضل الله بن أحمد المِيهَنيّ. أبو الثّناء الصُّوفيّ. شيخ صالح، عفيف، لازمٌ لتُرْبه جدّه، ناهضٌ بحقوق الواردين. وُلِد في حدود سنة 456. وحدَّث عنه ابن السّمعانيّ. "حرف النون": 176- ناصر بن سهل1. أبو سعد النّوقانيّ. عالم، فقيه، ثقة. سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذيّ، وأبا عاصم عبد الرحمن الجوهريّ. مات في شوّال عن تسعين سنة. "حرف الهاء": 177- هبة الله بن سهل بْن عُمَر بْن أبي عُمَر مُحَمَّد بْن الحسين بن محمد بن أبي الهيثم2.

_ 1 التحبير "2/ 339". 2 الأنساب "7/ 217"، المشتبه في أسماء الرجال "1/ 277، 156"، طبقات الشافعية الكبرى "4/ 321".

أبو محمد البِسطاميّ، النَيْسابوريّ، المعروف بالسّيّديّ. وُلِد في ربيع الأول سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة. ذكره ابن المعاني فقال: عالِم، خيّر، كثير العبادة والتّهجُّد، ولكنّه كان عسِر الخُلُق، بسِر الوجه، لَا يشتهيّ الرّواية، ولا يحبّ أصحاب الحديث. كنّا نقرأ عليه بجهدٍ جهيد وبالشّفاعات. سمع: أبا حفص عمر بن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسيّ، وأبا عثمان البَحِيريّ، وأبا سعيد الكَنْجَرُوذيّ، وأبا يَعْلَى إسحاق الصّابونيّ، وأبا بكر البَيْهقيّ، وجماعة. وسمعت منه "الموطّأ" إلّا كتاب المساقاة والقِراض. وتُوُفّي في الخامس والعشرين من صَفَر. قلت: وروى عنه الحافظ ابن عساكر، والمؤيد الطُّوسيّ، وأجاز لأبي القاسم بن الحَرْستانيّ، وغيره. وكان زوج بنت إمام الحرمين أبي المعالي الْجُوَيْنيّ. وكان من الفقهاء بنَيْسابور. وقد روى أجزاء كثيرة تفرّد بها، منها جزء ابن نُجَيْد، وبعض الحُفّاظ استثنى من "الموطّأ" كتاب الفرائض. وهذا الفَوْت كلّه قديم. فاته زاهر بن أحمد. وفيات سنة أربع وثلاثين وخمسمائة: "حرف الألف": 178- أحمد بْن جَعْفَر بْن أحمد بن مهدوَيْه الأنباريّ1. سمع: أبا طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصَّقْر. وعنه: ابن السمعاني.

_ 1 المنتظم "10/ 86".

179- أحمد بن جعفر بن الفَرَج1. أبو العبّاس الحربيّ. شيخ صالح، عابد. له سَمْت وهَيْبة وسكون. يروى عن أبي طلحة النّعاليّ. قال ابن الجوزيّ: كان يُقال إنّه رُئي بعَرَفَات في سنةٍ ما حجّ فيها. وتُوُفّي في رمضان. وقال ابن النّجّار أحمد بن جعفر الأكّاف الزّاهد، كان ورِعًا، زاهدًا، دائم الفكرة، سريع الدَّمْعة، مُخْفِيًا لأحواله، مُجاب الدّعوة، ظاهر الكرامات، يُعدّ في درجة الشَيخ أبي الحَسَن القَزْوينيّ. روى لنا عنه أبو عليّ عبد الله بن طُلَيْب. قال كرم بن أحمد: كان أحمد بن جعفر يعمل معنا سِنين في السّقلاطون، فما رأيته يحدّث بما لَا يعنيه. وكان يقول: أقصِروا عمّا ليس فيه فائدة، فإنّه يُكتب عليكم. وكان إذا جاءه من يقبّل يده يكره ذلك ويقول: مَن أنا حتّى تُقَبّل يدي؟ رحمه الله. 180- أحمد بن محمد بن الحُسين البابانيّ، الواسطيّ2. مقرئ صالح، سكن بغداد. حدَّث عن: أبي القاسم بن فهْد، وابن البَطِر. وتُوُفّي في شعبان. روى عنه: ابن عساكر، والسمعاني.

_ 1 المنتظم "10/ 86"، 87". 2 المنتظم "10/ 86، 87".

181- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن سرطان الأنباريّ. سمع من: الخطيب بن الأخضر. وعنه: ابن السّمعانيّ. عاش بِضعًا وسبعين سنة. 182- أحمد بن محمد بن المسَلَّم1. أبو القاسم الهاشميّ، الدّمشقيّ. سمع: أبا القاسم السُّمَيْساطيّ؛ وكان عنده جزءٌ واحدٌ من موطّأ ابن وهْب. سمعه منه في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. وكان لَا بأس به. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر. وتُوُفّي في ثامن المحرَّم. ودُفِن بمقابر الكهف. وهو آخر من حدَّث عن السُّمَيْساطيّ. 183- أحمد بن منصور بن المؤمَّل2. أبو المعالي الغزّال. بغداديّ. سمع: أبا الحسين بن النَّقُور، وأبا بكر بن حَمْدوَيْه، وأبا نصر الزَّيْنبيّ. روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وعمر بن طَبَرزد، وحنبل المكبّر، وآخرون. قال ابن الجوزيّ: كان خيَّرًا، ويسقي الأدوية بالمارستان العَضُدِيّ، ويعبّر الرُّؤْيَا. أتاه رجل يوم الجمعة الثامن والعشرين من ربيع الآخر فقال: رأيتك كأنك قد مت في هذا الموضع. وأشار إلى خربةٍ مقترنةٍ بالمارستان. ففكّر ساعةً ثم قال: ترحموا

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "3/ 285"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 79". 2 المنتظم "10/ 87".

عليَّ. ومضى فصلّى الجمعة ورجع، فوصل قريبًا من ذلك الموضع، وسقط ميّتًا، رحمه الله. 184- أحمد بن عمر بن أحمد التَّنْجكرديّ الطُّوسيّ. الضّرير، الواعظ. سَمِعَ: أبا بَكْر بْن خَلَف، وموسى بْن عِمران الصُّوفيّ. قال السّمعانيّ: سمعت منه "الأربعين" للحاكم. مات في المحرّم. 185- إبراهيم بن إسماعيل بن إسحاق بن شيث1. الإمام أبو إسحاق الأنصاريّ، الزّاهد، المعروف بالصّفّار. زاهد، عابد، كبير القدر، قوّال بالحقّ، شهير. أراد بعض الملوك قتله لذلك. سمع: أباه أبا أحمد الشهيد، ويوسف بن منصور السّيّاريّ الحافظ. مات في ربيع الأوّل. أجاز للسّمعانيّ. 186- إبراهيم بن سليمان بن رزق الله2. أبو الفَرَج الوَرْديسيّ، الضّرير. ووَرْديس قرية عند إسكاف من النَهْروان، وبها وُلِد. وكان يسكن بباب الأَزَج. قال ابن الجوزيّ: كان فَهِمًا للحديث، حافظًا لأسماء الرجال، ثقة. سمع الكثير، وحدَّث باليسير. سمع: رزق الله التميمي، وابن البطر.

_ 1 التحبير "1/ 71". 2 المنتظم "10/ 87".

وتوفي في سابع ربيع الأول. قلت: سمع جماعة كثيرة. روى عنه: يحيى بن بوش. 187- إِبْرَاهِيم بْن طاهر بْن بركات بْن إِبْرَاهِيم بن عليّ1. أبو إسحاق القُرشيّ الخُشُوعيّ، الدمشقيّ، الرّفّاء، الصّوّاف. سمع: أبا القاسم عليّ بن محمد المصَّيصيّ، والفقيه نصر بن إبراهيم، وجعفر بن أحمد السّرّاج. وسمع ولده أبا طاهر كثيرًا. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه أبو طاهر بركات، وعبد الخالق بن أسد. وقال ابن عساكر: كان ثقة خيّرًا. تُوُفّي في شعبان. 188- أسد بن عَلِيّ بن عَبْد اللَّه بن أَبِي الحَسَن ابن القائد محمد بن الحَسَن الغسّانيّ الحلبيّ2. ويُكْنَى أبا الفضل. ذكره يحيى بن أبي طَيّء في تاريخه، فقال: هو عمّ والدي. وكان فقيهًا، قارئًا نَحْويًا. وُلِد سنة خمسٍ وثمانين. وتُوُفّي ببلاد قُمٍّ، ولم يعقب. وكان قد قرأ القراءات قبل أنّ يبلغ، ثمّ قرأ الأصول على مذهب الإمامية، وصنَّف كتابًا في مناقب أهل البيت، وشرح ديوان أبي تمام.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "4/ 65"، تهذيب "تاريخ دمشق "2/ 223". 2 لسان الميزان "1/ 383"، أعيان الشيعة "11/ 132، 133".

"حرف الثاء": 189- ثابت بن حميد1. المستوفي. مِن أعيان بغداد. قال ابن الجوزيّ: قبض عليه الوزير البروجرديّ، وحبسه في سرداب بهَمَذَان في الشّتاء بطاق قميص، فمات من البرد. وأخذ من ماله ثلاثمائة ألف دينار. "حرف الجيم": 190- جعفر بن محمد بن أبي سعيد بن شَرَف2. أبو الفضل الْجُذاميّ، القيروانيّ، نزيل الأندلس شاعر عصره. قال ابن بشكوال: ولد سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة، ودخل الأندلس في سنة سبعٍ وأربعمائة مع والده. قال: واستوطن بَرْجَة من ناحية المَرِية. رَوَى عَنْ: أَبِيهِ؛ وَعَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المرابط، وأبي الوليد الوَقْشيّ، وأبي سعيد الورّاق، وغيرهم. كان من جِلَّة الأدباء وكبار الشّعراء. وكان شاعر وقْته غير مُدَافَع، وطال عمره، فأخذ النّاس عنه، وله تصانيف حِسَان في الأمثال، والأخبار، والآداب، والأشعار. وكتب إلينا بإجازة ما رواه وصنّفه. وتُوُفّي في منتصف ذي القعدة. وكان من خُلَصاء صاحب المَرِيَّة ابن صُمَادح. قال الْيَسَعُ بن حزْم: ومنهم شيخنا الحكيم الوزير جعفر بن شَرَف، له حفظ

_ 1 المنتظم "10/ 87". 2 الصلة لابن بشكوال "1/ 130".

كالسَّيْل، وجَرْي إلى المعالى كالخيل. ما عسى أنّ أصف به من بَرَع في كلّ فنّ، وأصبح على أترابه له الفضل والمَنّ، مع تواضُع نَفْس. قال لي: أنشدت المعتصم بن صُمَادِح في روضةٍ حَلَلْنا بها بعد تعب: رياضٌ تعشّقها سندسٌ ... تَوَشَّتْ معاطِفُها بالزَّهَرْ مَدَامِعُها فوقَ خَدَّيْ رَيًّا ... لها نظرةٌ فَتَنَتْ من نَظَرْ لكلّ مكانٍ بها جنةٌ ... وكلُّ طريقٍ إليها سَقَرْ وله من الكتب كتاب "الحشّ والتّجميش" في الطّبيعيّات والإلهيّات، وكتاب "عَقِيل وعَلِيم" حاكى به كليلة ودِمْنة؛ وله شعرٌ، كثير. وأخذ يبالغ الْيَسَع ابن حزْم في إطرائه. 191- جوهر الحبشيّ1. خادم السّلطان سَنْجَر. كان مستوليًا علة مملكته محكّمًا فيه. جاءه الباطنيَّة في زِيّ النّساء واستغاثوا ثمّ قتلوه. وذلك بالرّيّ. "حرف الحاء": 192- الحَسَن بن عمر2. أبو عليّ الطُّوسيّ، البيّع. من أهل نَيْسابور، متميزٌ بها. سمع: أبا صالح المؤذن، وأبا إسحاق الشّيرازيّ الفقيه، وجماعة. ولد على رأس الستين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد، وقال: مات رحمه الله في غرة جمادى الآخرة.

_ 1 المنتظم "10/ 87"، الكامل في التاريخ "11/ 76، 77"، المختصر في أخبار البشر "3/ 15". 2 التحبير "1/ 203، 204".

193- الحَسَن بن نصر بن الحَسَن1. ويُعرف بابن المغنيّ. أبو محمد الدِّينَوَرِيّ، البزّاز. وُلِد بالرّيّ، وسكن بغداد. وكان يتّجر بالبَزّ في خان الخليفة. سمع: أبا القاسم بن البُسْريّ. وبصور من الفقيه نصر المقدسيّ. روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ. وعاش ثمانين سنة. وتُوُفّي في حدود هذه السنَّة؛ لأنّه كان باقيًا فيها. 194- حمزة بن الحَسَن بن مفرّج2. أبو يَعْلَى الأزْديّ، الدّمشقيّ، المقرئ، الدّلّال في الكتب. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بْن أَبِي الحديد، وسهل بْن بِشْر. روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد. تُوُفّي في صَفَر. وكان مستورًا. "حرف الراء": 195- رابعة بنت معمّر بن أحمد بن محمد اللُّنْبانيّ3. أمّ الفُتُوح الأصبهانيَّة، زوجة الحافظ أبي سعد البغداديّ. سمعت المطهر البزاني، وابن ماجه الأبهري.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 75"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 255". 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 260"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 446". 3 التحيير "2/ 407"، أعلام النساء "1/ 435".

قال السّمعانيّ: سمعت منها "جزء لُوَيْن". ماتت رابع المحرَّم. "حرف الزاي": 196- زُفْرَةُ الأصبهانيّ المفيد1. قال السّمعانيّ: هو أَبُو بكر محمد بن أحمد بن عليّ. حرص وما فاته شيخ بأصبهان. ولم يكن يعرف شيئًا أصلًا، وصار يعرف أسماء الكُتُب والأجزاء، حتّى أنّ صاحبنا الشّهاب محمد بن أبي الوفا قرأ يومًا فقال: حمزة بن محمد الكتّانيّ. فصاح فيه زفرة، وقال: الكناني: فتعجبوا من صوابه الشّهاب. سمع: أبا الفتح الحدّاد، وهبة الله بن عليّ الشّيرازيّ. وقرأتُ عليه الأوّل من حديث أبي بكر الشّافعيّ، عن الشّيرازيّ، عن ابن غَيْلان، عنه. مات في جُمَادَى الأولى، رحمه الله. "حرف الشين": 197- شبيب بْن الحسين بْن عُبَيْد الله بْن الحسين بن شباب. القاضي، أبو المظهر البروجردي، الفقيه، الشافعي. قال ابن سمعان: قدم بغداد بعد السبعين وأربعمائة وتفقّه على أبي إسحاق. وبرع في العلم. وهو إمامٌ مفتٍ، مناظر، أديب، شاعر، مليح المناظرة حلو النطق، متواضع. سمع: الفقيه أبا إسحاق، وإسماعيل بن مَسْعَدة الإسماعيليّ، وأبا نصر الزَّيْنبيّ. وبأصبهان: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد بْن ماجه.

_ 1 التحبير "2/ 67، 68"، شذرات الذهب "4/ 104".

وببَرُوجِرْد: يوسف بن محمد بن يوسف الهَمَذانيّ الخطيب، صاحب ابن لال. وسألته عن مولده فقال: في رجب سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وقرأت عليه أجزاء ببَرُوجِرْد، وكان قاضيها؛ وكان من مَفَاخر العراق. وتُوُفّي بعد رجوعه من حجّته الثّانية لأربعٍ خَلَوْن من ربيع الأوّل ببغداد. ودُفِن عند أستاذه الشَيخ أبي إسحاق. وقد كتب عنه السِّلَفيّ. "حرف العين": 198- عبّاد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن أَبِي الرجاء1. أبو نهشل التّميميّ، الأصبهانيّ، المعدّل. من شيوخ أبي موسى المَدِينيّ. تُوُفّي في ثامن ذي القعدة. 199- عبد الله بن أسعد بْن أحمد بْن محمد بن محمد بْن حيّان. أبو سعد النَّسَويّ، النَيْسابوريّ. ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ صالح، مرضٍ، من أولاد المشايخ، خدم الكبار وصَحِبَهم، وشدا طَرَفًا من العِلْم. وسمعه أبوه من: أبي بَكْر بْن خَلَف، وأبي المظفَّر مُوسَى بن عمران. كتبتُ عنه، وكان ثقةً، متيقّظًا. وُلِد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتُوُفّي، رحمه الله، في ذي القعدة بنَيْسابور. 200- عبد الرّزّاق بن محمد بن سهل2. أبو الفتح الأصبهاني، الشرابي.

_ 1 التحبير "1/ 510، 511". 2 التحبير "1/ 440".

قال السمعاني: مقرئ، فاضل، حسن السيرة، حَسَن الإقراء، ختم جماعة بأصبهان. ورحل في الحديث إلى خُراسان، وكرْمان، والبصرة. وسمع: رزق الله التميمي، وأبا المظفر السّمعانيّ جدّي، وأبا عبد الله النعاليّ، وابن البَطِر، ومظفَّر بن محمد العَبّادانيّ البصْريّ. وسمع بكرمان: أبا محمد بن محمد بن عبد الرزاق الكْرمانيّ. سمعتُ منه جزءًا خرّجه بنفسه. ولد ظنًّا في السبعين وأربعمائة، وتُوُفّي في صَفَر. قلت: سمعنا من طريقة "الرد على الجهمية" لعثمان الدارمي، على زينب ببعلبك، بإجازتها من عبد العظيم بن عبد اللّطيف الأصبهانيّ الشّرابيّ، قال: أخبرتنا ضَوْء النّساء بنت عبد الرزاق الشّرابيّ، أنا أبي، أنا الخطيب محمد بن عبد الله الهَرَويّ، أنا ثابت بن محمد بن أحمد السَّعديّ، أنا أبي، أنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم القُرشيّ، عن المؤَلّف. وثابت تقدم في سنة ستين وأربعمائة. وهذا الكتاب بنزول درجتين، لكنه كتابٌ نفيس. 201- عبد السلام بن الفضل1. أبو القاسم الجيلي، الشافعي. أقام ببغداد مدة، وتفقه في النظامية على الكيا أبي الحسن الهراسي. وولي قضاء البصرة، وسمع بمكَّة "صحيح مسلم" من الحسين بن عليّ الطَّبريّ. وتُوُفّي في خامس جُمَادَى الآخرة. قال ابن الجوزيّ: برع في الفقه والأصول. وكان وقورًا، له هيئة. وجَرَت أحكامه على السداد.

_ 1 المنتظم "10/ 87، 88"، طبقات الشافعية الكبرى "7/ 169"، البداية والنهاية "12/ 217".

وكان أبو العبّاس البَصْريّ الواعظ يقول: ما بالبصرة شيء يُستحسن غير القاضي عبد السّلام والجامع. 202- عبد السلام بن محمود1. أبو الخير الحَسْنَابَاذِيّ، الأصبهانيّ. ثقة، عالم، فاضل. وُلِد في رمضان سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة. سمع: أحمد الباطِرْقانيّ، وشجاع بن عليّ. وعنه: السّمعانيّ، وقال: مات في صَفَر. 203- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بن عبد الرحمن. أبو القاسم المَدِينيّ، دولجة. رحل إلى خُراسان، والعراق، وغير موضع. قال ابن السّمعانيّ: ما كان يفهم شيئًا، ويقرأ قراءةً مُدْغَمَة غير مفهومة. وكان خطّه كقوله. أظنّ أنّه كان شيخًا صالحًا، خيرًا، فقيرًا. سمع ببغداد من: ابن البَطِر، وجماعة. وبأصبهان: أبا المطيع، وخلْقًا كبيرًا. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ وقال: توفى في ذي القعدة، وهو ابن عمَّة والدي. 204- علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد2. أَبُو الحَسَن النَيْسابوريّ، الشُّرُوطيّ، الحافظ المزكّي الحاكم. سمع: أبا بكر محمد بن القاسم الصّفّار، وعبد الرحمن بن رامش.

_ 1 التحبير "1/ 451، 452"، الأنساب "4/ 140". 2 المنتخب من السياق "376"، التحبير "1/ 571".

وعنه: السمعاني وقال: ولد سنة خمسين وأربعمائة، ومات رحمه الله في ربيع الآخر. 205- عمر بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد. أبو العباس الأَرْغِيانيّ، الأحدب. أخو أبي نصر الفقيه. شيخ، صالح، فقيه. سَمِعَ: أبا القاسم القُشَيْريّ، وأبا حامد الأزهريّ، وجماعة. وتفقه عليّ ابن الحُرينيّ. سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ. مات في رمضان عن نحو تسعين سنة. 206- عمر بن عليّ بن أحمد1. أبو حفص الفاضليّ، النّوقانيّ، النَّحْويّ. قال السّمعانيّ: إمام، فاضل، مُناظر، متواضع. سمع: الفضل بن محمد الزّجاجيّ، وأبا بكر بن خَلَف، وجماعة. كتب عنه بُنوقان طُوس. وتُوُفّي رحمه الله في غُرَّة صَفَر. 207- عنبر بن عبد الله الحبشيّ2. أبو المسك، المعروف بعنبر الستري؛ لأنك كان يحمل أستار الكعبة من بغداد. وقد جاور سِنين، وكان صالحًا كثير المعروف. قال ابن السّمعانيّ: سمعت منه بمكَّة في الحَجّتين. روى عنه: عبد الله النّعاليّ، وابن البَطِر.

_ 1 التحبير "1/ 523، 524". 2 الأنساب "7/ 40".

خرج له ابن ناصر جزأين. وتُوُفّي في ذي الحجَّة. "حرف الفاء": 208- فاطمة بنت الفقيه أبي حكيم عبد الله بن إبراهيم الخبريّ الفرضيّ الشّافعيّ1. خاله ابن ناصر الحافظ. قال السّمعانيّ: امرأة خيِّرة، ديِّنة، سِتِّيرة. سمعت: ابن المسلمة، وأبا منصور عليّ بن الحَسَن الكاتب، ويوسف المهْروانيّ، وأبا منصور العُكْبَريّ. وحدَّثت بالكثير، وتفرّدت في عصرها برواية "المُوَفَّقِيّات" للزُّبَير بن بكّار، عن أبي منصور الكاتب بفَوْت. وكان مولدها في جُمَادَى الأولى. روى عنها: ابن ناصر، وابن السّمعانيّ، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وابن سُكَيْنَة، وعبد الله بن مسلم بن النّحّاس، وطائفة. وتُوُفّيت في خامس رجب. "حرف الميم": 209- محمد بن إسماعيل بن الفُضَيْل بن محمد بن الفُضَيْل2. الفُضَيْلي، الأنصاريّ، الهَرَويّ، المزكّيّ. سمع: محلّم بن إسماعيل الضّبّيّ، وأبا عمر المَلِيحيّ، وسعيد بن أبي سعد العيار. روى عنه: الهرويون.

_ 1 المنتظم "10/ 88". 2 التحبير "2/ 94-96"، الأنساب "9/ 315"، سير أعلام النبلاء "20/ 64، 65".

وعنه: ابن السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو رَوْح، وغيرهم. وتُوُفّي بمَرْو غريبًا في صَفَر، وحُمِل إلى هَرَاة. وقد ذكره ابن السّمعانيّ في "مُعْجَمه" فقال: أملى مدَّة بجامع هَراة، وورد مَرْو وأنا بالعراق، وأجاز لي. يروي "صحيح البخاري" عن أبي عمر المليحي، عن النعيمي، وكتاب "العلل ومعرفة الرجال" رواية عباس الدوري، عن ابن معين. يروي عن: حكيم الإسْفَرَائينيّ. قلت: ما أظنّ ابن السّمعانيّ سمع منه. 210- محمد ابن تاج الملوك بوريّ بن طُغْتِكِين1. الملك جمال الدّين أبو المظفَّر، صاحب دمشق. ولّاه أبوه بَعْلَبَكّ، فأقام بها مدَّة إلى أنّ دبّر على أخيه الملك شهاب الدّين محمود بن بوريّ من قتله، ثمّ قدِم من بَعْلَبَكّ، وتسلم دمشق في شوّال من السنة الماضية. وكان سيئ السّيرة. لم تطُلْ مدَّته ولا متّعه الله، فمات في شعبان من هذه السّنة وأُجلِس في الملك ابنه أبق. وزاد تعجُّب النّاس من قِصَر مدَّة جمال الدّين، ودُفِن بتُربة جدّه طُغْتِكِين بظاهر دمشق. 211- محمد بن الحَسَن بن منصور2. أبو الفتوح الأصبهانيّ، المعلّم، المؤذّن. سمع: عبد الرحمن، وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله المطهر البرانيّ. وعنه: السّمعانيّ، وقال: مات في ذي القعدة عن بضعٍ وثمانين سنة. 212- محمد بن عبد المتكبر بن الحَسَن بن عبد الودود بن المُهتدي باللَّه3.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 68، 73"، سير أعلام النبلاء "20/ 51"، البداية والنهاية "12/ 216". 2 التحبير "2/ 110، 111". 3 تقدم برقم "170".

أبو جعفر الهاشميّ، خطيب جامع المنصور. كان حَسَن السّيرة بهيّ المنظر. سمع: أبا القاسم بن البُسْريّ، وطِراد الزَّيْنبيّ، وعاصمًا. وعنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، ويوسف بن المبارك الخفاف. وتوفي في جمادى الأول، وله تسع وستون سنة. 213- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد1. أبو جعفر بن أبي القاسم بن الشَيخ أبي جعفر السِّمَنَانيّ، ابن الرحْبيّ، الورّاق، الوكيل بباب القُضاة. كان من مناحيس الوكلاء. وُلِد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وحدَّث عن: عبد الصّمد بن المأمون، وأبي بكر الخطيب، والصَّرِيفينيّ، وجماعة. وحدَّث "بسُنَن أبي داود" عن الخطيب. روى عنه: ابن السّمعانيّ، وعليّ بن يحيى بن الطّرَّاح، وأبو الفتح المنْدائيّ، وجماعة. قال ابن السّمعانيّ: شيخ كبير، كان الزّمان قد قعد به، واختلّت أحواله. وكان صحيح السّماع، ويدفع الحقّ عن أربابه. قلت: هذا شأن كلّ الوكلاء حتّى لقد دبّ هذا المرض إلى وكلاء بيت المال. تُوُفّي في المحرَّم. 214- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عطاف2. أبو الفضل الهَمَذانيّ، الْجَزَريّ. ولد بجزيرة ابن عمر، وسكن بغداد.

_ 1 الأنساب "7/ 148"، التقييد لابن نقطة "91". 2 الأنساب "3/ 249، 250"، سير أعلام النبلاء "20/ 54".

وسمع الأكابر، وصحِب الأئمة. وكان يرجع إلى فضلٍ وتمييز وديانة. سمع: رزق الله، وابن البطِر، وجماعة. روى عنه: أبو سعد السمعاني وَقَالَ: سَأَلْتُهُ عن مولده فَقَالَ: سنة أربعٍ وستين وأربعمائة. توفي في تاسع عشر شوّال. قلت: عمل لنفسه مُعجمًا، وصنّف "الطّبّ النّبويّ". روى عنه: ولده سعيد. 215- محمد بن محمود بن محمد بن عليّ بن شجاع1. أبو نصر الشُّجَاعيّ، السَّرْخَسيّ، الفقيه، المعروف بالسَّرَهْ مَرْد. قال السّمعانيّ: قدِم من خُراسان، وتفقه ببغداد على السّيّد عليّ بن أبي يعلى الأبوسي، ثمّ رجع إلى بلاده. وهو شيخ حَسَن، كبير القَدْر، فاضل، ورع، كثير التّهجُّد، والصّيام، والذِّكْر. كان يُفْتي ويُنَاظر، ويذهب مذهب الشّافعيّ، ويذبّ عنه. سمع: أبا نصر محمد بن عبد الرحمن القُرَشيّ آخر أصحاب زاهر بن أحمد، وأبا القاسم العَبْدُوسيّ، وعمّه أبا حامد أحمد بن محمد الشُّجَاعيّ الفقيه، وأبا القاسم عبد الرحمن الفورانيّ الفقيه، وأبا عليّ نظام المُلْك، والسّيّد أبا المعالي محمد بْن محمد بْن زيد، وغيرهم. روى عنه: ابن السّمعانيّ المذكور، وابن عساكر، وجماعة. قال ابن السّمعانيّ: سمعت منه بمَرْو جزءًا، ثمّ ارتحلت إليه إلى سرخس. ومولده سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وتُوُفّي في تاسع عشر ذي الحجَّة. ودُفِن بمدرسته بسرخس.

_ 1 التحبير "2/ 235"، الأنساب "7/ 292"، طبقات الشافعية الكبرى "6/ 395".

وقد سمعته يقول: دخلت جامع طُوس، فلقيت جماعةً يسمعون جزءًا على شيخ يرويه عنّي، فلما رأوني عرفوني وفرحوا، وقاموا فقرءوا الجزء عليَّ. أخبرنا محمد بن محمود بمَرْو، أنا أبو القاسم عبد الله بن العبّاس العَبْدُوسيّ، أنا زاهر بن أحمد، فذكر حديثًا. 216- محمد بن ناصر بن منصور بن أحمد بن علجة. أبو الفضائل الأصبهانيّ، عميد بغداد. وقد ولي الوزارة للخاتون زوجة أمير المؤمنين المقتفيّ، وحُمِدت ولايته. قال ابن السّمعانيّ: دخلت عليه ببغداد، وهو مريض، فتكلّف وقعد بجهدٍ وتأدّب. سمع: أبا مسعود سليمان بن إبراهيم الحافظ، والرئيس الثّقفيّ، وجماعة. وُلِد بأصبهان في سنة سبعٍ وستّين، وتُوُفّي في أوّل سنة 34. 217- محمد بن نصر1. أبو الفتح الصُّوفيّ، المعروف بالمقرئ الهَمَذانيّ. شيخ مُعَمَّر، خادم للصُّوفيَّة، ذو همَّة وسعيٍ، وإطعام ومروءة، وكان يصله أهل أصبهان بأموالٍ عظيمة. قال السّمعانيّ: سمعته يقول، وقد جاوز الثّمانين: كان لي بهَمَذَان خمسة آلاف، يُعْطيني ألفٌ منهم خمسة آلاف دينار، وألفٌ منهم أربعة آلاف، وألفٌ ثلاثةً، وألفٌ دينارين دينارين وألفٌ دينارًا دينارًا، فاليوم لم يبق منهم أحد. سمع: عَبْدُوس بن عبد الله، ومحمد بن جابار. كتبت عنه جزءًا. ولد تقديرًا سنة خمسين وأربعمائة، ومات في المحرَّم. 218- المختار بن محمد بْن المختار بْن محمد بْن عبد الواحد بن المؤيد بالله. الهاشمي، أبو الفضل بن أبي العز، أخو أبي تمام أحمد.

_ 1 التحبير "2/ 244، 245".

من أهل الحريم الطّاهريّ، ويُعرف بابن الخصّ. سمع: نصر الزَّيْنبيّ، وغيره. روى عَنْهُ: أَبُو سعد السَّمعانيّ، ويوسف بْن كامل. 219- المهديّ بن محمد بن إسماعيل بن مهديّ بْن إبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن موسى بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق1. أبو البركات بن أبي جعفر العَلَويّ، الموسَوِيّ، الواعظ. وُلِد بأصبهان في سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة، ونشأ ببغداد. قال ابن السّمعانيّ: هكذا أملى عليَّ نَسَبَه. وقال السّيّد النّسّابة أحمد بن عليّ بن السّقّاء: هذا نسبٌ مختلِط، وكان مليح الوعظ، متودِّدًا، ظريفًا، كثير التّرداد إلى أصبهان. ثمّ صاهر شيخنا إسماعيل بن أبي سعد. وسمع: ابن البَطِر، وأبا عبد الله النّعاليّ، وثابت بن بُندار. كتبتُ عنه بمَرْو. خَسِفَ بِجَنْزة سنة أربعٍ وثلاثين، وهلك فيها عالمٌ لَا يُحْصَوْن من المسلمين، منهم المهديّ بن محمد العَلَويّ. 220- موسى بن سيّد. أبو بكر الأَمويّ، خطيب الجزيرة الخضراء. حجّ، وجاور وسمع "صحيح مسلم" من الحسين الطَّبريّ. سمع منه: أبو بكر بن خير فِي هذه السَّنَة. "حرف الهاء": 221- هبة اللَّه بن الحسين بن يوسف2.

_ 1 المنتظم "10/ 88"، سير أعلام النبلاء "20/ 52". 2 معجم الأدباء "19/ 273، 275"، سير أعلام النبلاء "20/ 52، 53"، الوافي بالوفيات "2/ 614، 616".

أبو القاسم البغداديّ، المعروف بالبديع الأصْطُرلابيّ. الشّاعر المعروف. ذكره القاضي شمس الدّين بن خَلِّكان فقال: كان وحيد دهره في عمل الآلات الفَلَكية، وحصل له من جهتها مالٌ طائل في خلافة المسترشد. وممّا أورد له العماد في "الخريدة"، والحَظِيريّ في "زينة الدّهر"، ويقال إنهما لغيره: أُهدي لمجلسه الكريم وإنما ... أُهدي له ما حزت من نعائمه البحر يُمْطِرُهُ السَّحابُ وما لهُ ... فضلٌ عليه لأنّه من مائه وكان كثير الخلاعة والمُجُون. اختار ديوان ابن حَجّاج، ورتبه على مائةٍ وواحدٍ وأربعين بابًا، وسمّاه "دُرَّة التّاج في شِعر ابن حَجّاج". تُوُفّي بعِلَّة الفالج ببغداد في هذا العام. وقال ابن أبي أُصَيْبَعَة: هو طبيب، عالم، وفيلسوف متكلّم، غلبت عليه الحكمة وعلم الكلام، والرّياضيّ. وكان صديقًا لأمين الدولة ابن التّلميذ. قال ابن النّجّار: بديع الزّمان، وحيدَ دَهره، وفريدَ عصره، في علم الهيئة، والهندسة، والرَّصْد، وصنعة الآلات. وله شِعْر مليح. "حرف الياء": 222- يحيى بن بطْريق1. أبو القاسم الطَّرَسُوسيّ، ثمّ الدّمشقيّ. قال ابن عساكر: كان حافظًا للقرآن، مستورًا. تُوُفّي في رمضان. سمع: أبا الحسين بن محمد بن مكّيّ، وأبا بكر الخطيب.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "27/ 221"، سير أعلام النبلاء "20/ 53"، شذرات الذهب "4/ 105".

روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم وهو أكبر شيخ للقاسم، وعبد الخالق بن أسد. 223- يَحْيَى بْن عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز بْن علي بن الحسين1. القاضي أبو المفضل القُرشيّ الدّمشقيّ، قاضي دمشق. ويُعرف بابن الصّائغ. قال ابن أخته الحافظ ابن عساكر: سمع: عبد العزيز الكتاني، والحسن بن عليّ بن البّريّ، وحَيْدرة بن عليّ، وعبد الرّزّاق بن الفُضَيْليّ، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وغيرهم. ورحل إلى بغداد فسمع بها من: عبد الله بن طاهر التّميميّ الفقيه، وغيره. وتفقه على أبي بكر الشّاشيّ. وتفقه بدمشق على القاضي المَرْوَزِيّ، وصحِب الفقيه نصر المقدسيّ مدَّةً. وكان عالمًا بالعربية. قرأ على أبي القاسم الفاسيّ، وقال لي: وُلِدتُ سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة. وقد وُلّي القضاء نيابة عَنْ القاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن موسى البلاساغونيّ، ثمّ ناب عن أبي سعد محمد بن نصر الهَرَويّ، وقتل أبو سعد وجدّي على القضاء. خرج إلى الحجّ على طريق بغداد سنة عشر، فكان ولده القاضي أبو المعالي هو الحاكم. وكان ثقةً، حُلْو المحاضرة، فصيح اللّسان. أنا جدي، أنا عبد الرزاق سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة بقراءة أبي الفَرَج الحنبليّ، فذكر حديثًا. وقال ابن السّمعانيّ: كان جميل الأمر، مَرْضِيّ السّيرة. كان النّاس يحمدونه في قضاياه وأحكامه. وهو أبو شيخنا محمد بن يحيى قاضي دمشق، وجد رفيقنا أبي القاسم. وكان مُقِلًا من الحديث. أجاز لي.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 77"، سير أعلام النبلاء "0/ 63، 64"، النجوم الزاهرة "5/ 266".

قلت: روى عنه: القاسم بن الحافظ، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة. وتُوُفّي في الخامس والعشرين من ربيع الأوّل، ودُفِن عند مسجد القدم بتربة. وفيات سنة خمس وثلاثين وخمسمائة: "حرف الألف": 224- أحمد بْن جَعْفَر بْن أحمد بن الخصيب1. أبو العباس القيسي، القرطبي، المقرئ، المعروف بالقيشطالي. وقد تُبدَّل الشّين جيمًا. أخذ القراءات عن أبي القاسم بن النحاس، وحدَّث عن أبي محمد بن عَتّاب. وأقرأ القرآن والعربيَّة. روى عنه: أبو الحَسَن بن ربيع، وأبو عبد الله بن العويص، وأبو العبّاس بن مَضَاء، وغيرهم. 225- أحمد بن سعد بن عليّ بن الحَسَن بن القاسم بن عنان2. أبو عليّ العِجْليّ، الهَمَذانيّ، المعروف بالبديع. وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين. وسمّعه أبوه، ثمّ رحل هو بنفسه إلى أصبهان، وبغداد، والكوفة، والرَّيّ. سمع: بكر بن حَيد صاحب أبي الحسين القنْطريّ، وأبا إسحاق الشّيرازيّ، ويوسف بن محمد الهَمَذانيّ الخطيب، وأبا الفَرَج بن عبد الحميد، وأبا طاهر بن الزّاهد، وعامَّة هَمَذَانّيين؛ وسليمان بْن إبراهيم الحافظ، والقاسم بْن الفضل الرئيس بأصبهان، وأبا الغنائم محمد بن أبي عثمان، وابن البَطِر، وجماعة ببغداد؛ ومكي بن علان بالكرج.

_ 1 تكملة الصلة لابن الأبار "1/ 46، 47"، بغية الوعاة "1/ 129، 130". 2 الأنساب "8/ 401".

روى كتاب "المُتَحابّين" لابن لال، سماعًا عن أبي الفَرَج عليّ بن محمد بن عبد الحميد، عنه. روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ، وابن الْجَوْزيّ، وطائفة. قال ابن السّمعانيّ: شيخ، إمام، فاضل، ثقة، كبير، جليل القدْر، واسع الرّواية، حسن المعاشرة. وله نظم جيد. وقد ذكره شيروَيْه في "الصّفات"، فقال: صَدوق، فاضل، يرجع إلى نصيب من كل العلوم أدبًا، وفقهًا، وحديثًا، وتذكيرًا. وكان يراعي النّاس ويُداريهم، ويقوم بحقوقهم، مقبولًا بين الخاصّ والعامّ. وقال غيره: تُوُفّي سنة ستٍّ وثلاثين في رجب، وقبره يُزار، رحمه الله. 226- أحمد بْن محمد بْن أحمد بن هَالة1. أبو العباس الرُّنانيّ، ورنّان، من قرى أصبهان. كان من أعيان القرّاء. قرأ على: أبي علي الحدّاد؛ وبواسط على أبي العِزّ القَلانسيّ. وسمع من: غانم البرجيّ فمَنْ بعده. وببغداد من طائفة بعد العشرين وخمسمائة. ونسخ الكثير، وخرَّج للشّيوخ، وختم خلْقًا. وتُوُفّي بالحلَّة السَّيْفية، مرجعه من الحجّ، فجأةً في صَفَر. وقد خرَّجَ الحافظ إسماعيل بن محمد التَّيْميّ عشرة أجزاء له. 227- إسماعيل بن أبي القاسم بن عبد الواحد2. الإمام، أبو سعيد الخرجردي، وهي بليدة من أعمال بوسنج.

_ 1 تكملة الصلة لابن الأبار "1/ 46، 47"، بغية الوعاة "1/ 129، 130". 2 الأنساب "8/ 401"، سير أعلام النبلاء "20/ 95، 96"، الوافي بالوفيات "6/ 384، 385".

فاضل عالم عابد، نزل هَرَاة، وحدَّث عن: أبي صالح المؤذّن، وأبي عَمْرو المَحْمِيّ، وابن خَلَف الشّيرازيّ. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. قلت: هو الآتي في سنة ستّ. 228- إسماعيل بْن محمد بْن الفضل بْن عليّ بْن أحمد بن طاهر1. الحافظ الكبير، أبو القاسم التَّيْميّ، الطَّلْحيّ، الأصبهانيّ، المعروف بالحُوزيّ، الملقب بقوام السُّنة. وُلِد سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة في تاسع شوّال. وسمع من: أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ، وعائشة بنت الحَسَن الوَرْكانيَّة، وإبراهيم بن محمد الطَيّان، وأبي الخير بن رَرَا، وأبي منصور بن شكرُوَية، وابن ماجة الأَبْهَريّ، وأبي عيسى بن عبد الرحمن بن محمد بن زياد، وطائفة من أصحاب ابن خُرَّشِيذ قُولَه. ورحل إلى بغداد، فأدرك أبا نصر الزَّيْنبيّ، وهو أكبر شيخٍ له، فسمع منه، ومن: عاصم الأديب، ومالك البانياسيّ، والموجودين. ورحل إلى نَيْسابور فسمع: أبا نصر محمد بن سهل السّرّاج، وعثمان بْن محمد المَحْمِيّ، وأبا بَكْر بْن خَلَف، وجماعة من أصحاب ابن مَحْمِش. وسمع بعدَّة بلاد، وجاور بمكَّة سنة، وصنَّف التّصانيف، وأملى، وتكلّم في الجرْح والتّعديل. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، ويحيى بن محمود الثّقفيّ، وعبد الله بن محمد بن حمْد الخبّاز، والقاضي أبو الفضائل محمود بن أحمد العبدكويّ، وأبو نَجِيح فضل الله بن عثمان، وأبو المجد زاهر بن أحمد، والمؤيَّد ابن الأخوة، وآخرون. قال أبو موسى في "مُعْجمه": أبو القاسم إسماعيل ابن الشَيخ، الصّالح حقيقة، أبي جعفر محمد بن الفضل الحافظ، إمام أئمة وقته، وأستاذ علماء عصره، وقدوة

_ 1 الأنساب "6/ 168، 169".

أهل السُّنَّة في زمانه، حدَّثنا عنه غيرُ واحدٍ من مشايخنا في حال حياته بمكَّة، وبغداد، وأصبهان. وأصمت في صفر سنة أربعٍ وثلاثين، ثمّ فُلِج بعد مدة، وتوفي بكْرَة يوم الأضحى، وصلى عليه أخوه أبو المَرْضيّ، واجتمع في جنازته جمعٌ لم نَرَ مثلهم كثرةً، رحمه الله. قلت: وقد أفرد أبو موسى له ترجمةً في جزءٍ كبير مبوَّب، فافتتحه بتعظيم والده أبي جعفر محمد بن الفضل، ووصفه بالصّلاح، والزُّهد، والأمانة، والورع. ثمّ روى عن أبي زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ أنّه قال: أبو جعفر عفيف، ديّن، لم نَرَ مثله في الدّيانة والأمانة في وقتنا، قرأ القرآن على أبي المظفَّر بن شبيب، وسمع من سعيد العيّار، ومات في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. قال أبو موسى: ووالدته من أولاد طلحة -رضي الله عنه- وهي بنت محمد بن مُصْعَب. فقال أبو القاسم في بعض أماليه عقيب حديثٍ رواه عن شيخٍ له، عن أبي بكر محمد بن عليّ بن إبراهيم بن مصعب: كان أبو بكر عمّ والدي، وهو من أوائل أهل أصبهان، له أوقاف كثيرة في البلد. قال أبو موسى: قال أبو القاسم إسماعيل: سمعت من عائشة الوَرْكانيَّة وأنا ابن أربع سِنين. وقد سمع إسماعيل أيضًا من أبي القاسم عليّ بْن عبد الرحمن بْن عُلَيَّك القادم أصبهان في سنة إحدى وستّين، ولا أعلم أحدًا عابَ عليه قولًا ولا فعلًا، ولا عانده أحدٌ في شيءٍ إلّا وقد نصره الله. وكان نزه النَّفس عن المطامع، لَا يدخل على السّلاطين، ولا على المتّصلين بهم. قد خلّى1 دارًا من ملْكه لأهل العِلم، مع خفَّة يده، ولو أعطاه الرجل الدّنيا بأسرها لم يرتفع ذلك عنده، ويكون هو وغيره ممّن لم يُعطه شيئًا سواء. يشهد بجميع ذلك الموافقون والمخالفون. بلغ عدد أماليه هذا القدر، وكان يحضر مجلس إملائه المسندون، والأئمة، والحفاظ.

_ 1 المنتظم "10/ 90"، الأنساب "3/ 368"، سير أعلام النبلاء "20/ 80"، العبر "4/ 94".

ما رأيناه قد استخرج إملاءه كما يفعله المُمْلُون، بل كان يأخذ معه آجُرَّ، فَيُملي مِنها على البديهة. أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ الحافظ إذْنًا في كتاب "الطّبقات": إسماعيل بن محمد الحافظ أبو القاسم، حَسَن الاعتقاد، جميل الطّريقة، مقبول القول، قليل الكلام، ليس في وقته مثله. وقال أبو مسعود عبد الجليل بن محمد كوتاه: سمعت أئمة بغداد يقولون: ما رحل إلى بغداد بعد أحمد بن حنبل أفضل وأحفظ من الشَيخ الإمام إسماعيل. قال أبو موسى: إن الدّليل على أنّه إمام المائة الخامسة الّذي أحيا الله به الدّين. قال: لَا أعلم أحدًا في ديار الإسلام يصلح لتأويل هذا الحديث إلّا هذا الإمام. قلت: تكلف أبو موسى في هذا الكتاب تكلفًا زائدًا، وجعل أبا القاسم على رأس الخمسمائة، وإنما كان اشتهاره من العشرين وخمسمائة ونحوها، وإلي أنّ مات. هذا إذا سُلِّم له أنّه أجلّ أهل زمانه في العلم. وقال أيضًا: فإن اعترض معترضٌ بقول أحمد: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ في الحديث "برجلٍ من أهل بيتي"1. قيل لَهُ: لم يُرَد أنّ يكون من بني هاشم أو بني المطَّلِب. قلت: لم يقُلْ أحدٌ هذا أصلًا، ولا قاله رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فالاعتراض باطل. ثمّ إنّه أخذ يتكلف عن هذا، وقال: كتبتُ أنّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أراد من قريش. وهذا الإمام الّذي تأولته على الحديث من قريش من أولاد طلحة بن عُبَيْد الله من جهة الأمّ. ثمّ شرع ينتصر بأنّ ابن أخت القوم منهم. وهذا يدلّ على أنّ إمامنا قُرَشيّ. وعن أبي القاسم إسماعيل قال: ما رأيت في عمري أحدًا يحفظ حِفْظي. قال أبو موسى: وكان رحمه الله يحفظ مع المسانيد الآثار والحكايات. سمعته يقول يومًا: ليس في "الشّهاب" للقُضاعيّ من الأحاديث إلّا قدْر خمسين حديثًا، أو نحو ذلك.

_ 1 "حديث صحيح بغير هذا اللفظ": أخرجه أبو داود "4291"، والحاكم في المستدرك "4/ 522"، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة "599"، بلفظ: "إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مَائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا".

قال أبو موسى: وقد قرأ عدَّة ختمات بقراءات على جماعة، وأمّا علم التّفسير، والمعنى، والإعراب، فقد صنَّف فيه كتابًا بالعربية وبالفارسية؛ وأمّا علم الفقه فقد شهر فتاويه في البلد والرّساتيق، بحيث لم ينكر أحدٌ شيئًا من فتاويه في المذهب، وأصول الدِّين، والسُّنَّة. وكان يُجِيد النَّحْو. وله في النَّحْو يد بيضاء. صنف كتاب "إعراب القرآن". ثمّ قال: أنا أبو سعد محمد بن عبد الواحد، نا أبو المناقب محمد بن حمزة بن إسماعيل العَلَويّ بهَمَذَان: ثنا الإمام الكبير، بديع وقته، وقريع دهره، أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل، فذكر حديثًا. سألتُ أبا القاسم إسماعيل بن محمد يومًا، وقلت له: أليس قد رُوي عن ابن عباس في قوله تعالى: {اسْتَوَى} قعد؟ قال: نعم. قلت له: يقول إسحاق بن راهَوَيْه: إنّما يوصف بالقعود من عمل القيام. فقال: لَا أدري إيش يقول إسحاق. وسمعته يقول: أخطأ ابن خُزَيْمة في حديث الصّورة، ولا يُطعن عليه بذلك، بل لَا يؤخذ عنه هذا فحسب. قال أبو موسى: أشار بذلك إلى أنّه قلّ من إمام إلّا وله زلَّة فإذا تُرِك ذلك الإمام لأجل زلته ترك الكثير من الأئمَّة، وهذا لَا ينبغي أنّ يُفْعل. وكان من شدة تمسُّكه بالسُّنة، وتعظيمه للحديث، وتحرُّزه من العدول عنه، ما تكلَّم فيه من حديث نُعَيم بن حمّاد الّذي رواه بإسناد في النّزول بالذّات. وكان من اعتقاد الإمام إسماعيل أنّ نزول الله تعالى بالذّات. وهو مشهور من مذهبه، قد كتبه في فتاوى عدة، وأملى فيه أمالي، إلّا أنّه كان يقول: وعلى بعض رُواته مطعن. سمعت محمد بن مَحْمِش: سمعت الإمام أبا مسعود يقول: ربّما كنا نمضي مع الإمام أبي قاسم إلى بعض المشاهد المعروفة، فكلّما استيقظنا من اللّيل رأيناه قائمًا يصلّي. وسمعت من يحكي عنه باليوم الّذي قدِم بولده ميّتًا، وجلس للتّعزية، جدَّد الوضوء في ذلك اليوم قريبًا من ثلاثين مرَّة. كلّ ذلك يصلّي ركعتين.

وسمعت غير واحدٍ من أصحابه أنّه كان يُمْلي "شرح مسلم" عند قبر ولده أبي عبد الله، فلمّا كان ختم يوم الكتاب عمل مأدُبةً وحلاوة كثيرة، وحُمِلت إلى المقبرة. وكان أبو عبد الله محمد قد وُلِد نحو سنة خمسمائة، ونشأ فصار إمامًا في العلوم كلّها، حتّى ما كان يتقدمه كبيرُ أحدٍ في وقته في الفصاحة، والبيان، والذّكاء، والفهم. وكان أبوه يفضله على نفسه في اللُّغة، وجَريان اللّسان. وقد شرح في "الصّحيحين" فأملى في شرح كلّ واحدٍ منهما صدرًا صالحًا. وله تصانيف كثيرة مع صِغَر سِنّه، ثمّ اخترمَتْه المَنِيَّة بهَمَذَان في سنة ستٍّ وعشرين. وكان والده يروي عنه إجازةً، وكان شديد الفقد عليه. سمعت أبا الفتح أحمد بن الحَسَن يقول: كنّا نمشي مع أبي القاسم يومًا، فوقف والتفت إلى الشَيخ أبي مسعود الحافظ وقال: أطال الله عُمرك، فإنّك تعيش طويلًا، ولا ترى مثلك. وهذا من كراماته. قال أبو موسى: صنَّف أبو القاسم التّفسير في ثلاثين مجلَّدة كبارًا، وسماه "الجامع". وله كتاب "الإيضاح في التّفسير" أربع مجلّدات، وكتاب "الموضح في التّفسير" ثلاث مجلَّدات، وكتاب "المعتمد في التّفسير" عشر مجلَّدات، وكتاب "التّفسير" بالأصبهانيّ عدَّة مجلَّدات، وكتاب "السُّنَّة" مجلَّدة، وكتاب "التّرغيب والتّرهيب"، وكتاب "سير السلف" مجلدة ضخمة، و"شرح صحيح مسلم"، كان قد صنفه ابنه فأتمها، وكتاب "دلائل النُّبُوَّة" مجلَّدة، وكتاب "المغازي" مجلَّدة، وكتاب صغير في السُّنَّة، وكتاب في الحكايات، مجلدة ضخمة، وكتاب "الخلفاء" في جزء، وتفسير كتاب "الشّهاب" باللّسان الأصبهانيّ، وكتاب "التّذكرة" نحو ثلاثين جزءًا. وقد تقدَّمت أماليه. قال الحافظ ابن ناصر: حدَّثني أبو جعفر محمد بن الحسين بن محمد ابن أخي

الحافظ إسماعيل قال: حدَّثني أحمد الأسواريّ الذّي تولى غسل عمي، وكان ثقة، أنه أراد أنّ يُنَحّي عن سَوْءَته الخِرْقة لأجل الغسْل، فجبذها إسماعيل من يده، وغطّى بها فَرْجه، فقال الغاسل: أحياة بعد موت؟! وقال ابن السّمعانيّ: هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذا القدر: وهو إمام في التّفسير، والحديث، واللّغة، والأدب، عارف بالمُتُون والأسانيد، وكنت إذا سألته عن الغوامض والمُشْكِلات أجاب في الحال بجوابٍ شافٍ. وسمع الكثير ونسخ، ووهب أكثر أصوله في آخر عمره. وأملى بجامع أصبهان قريبًا من ثلاثة آلاف مجلس. وسمعته يقول: والدك ما كان يترك مجلس إملائي. وكان والدي يقول: ما رأيت بالعراق ممّن يعرف الحديث أو يفهمه غير اثنين: إسماعيل الحوزيّ بأصبهان، والمؤتمن السّاجيّ ببغداد. قال أبو سعد: استفدت منه الكثير، وتتلمذت له. وسألته عن أحوال جماعة. وسمعتُ أَبَا القَاسِم الحافظ بدمشق يُثني عليه، وقال: رأيته وقد ضعُف وساء حِفْظُه. وأثني عليه أبو زكريّا ابن مَنْدَهْ في "تاريخ أصبهان". وذكره محمد بن عبد الواحد الدّقّاق فقال: عديم النّظير، لَا مثيل له في وقته. كان والده ممّن يُضرب به المَثَل في الصّلاح والرّشاد. قال السِّلَفيّ: كان فاضلًا في العربيَّة ومعرفة الرّجال. سمعت أبا عامر العَبْدَريّ يقول: ما رأيت شابًا ولا شيخًا قطّ مثل إسماعيل. ذاكَرْتُه فرأيته حافظًا للحديث، عارفًا بكل علم، متقنًا. استعجل علينا بالخروج. وسمعت أبا الحسن بن الطُّيُوريّ يقول غير مرَّة: ما قدِم علينا من خُراسان مثل إسماعيل بن محمد، رحمه الله.

"حرف الجيم": 229- جعفر بن محمد بن مكي بن أبي طالب بن محمد بن مختار1. أبو عبد الله القيسي، اللغوي، القُرطُبيّ. له اليد الباسطة في علم اللّسان. روى عن: أبيه؛ ولزِم عبد الملك بن سِراج، واختص به. قال ابن بَشْكُوال: قال لي صحِبتُ أبا مروان خمسة عشر عامًا أو نَحْوها، وأجاز لي أبو عليّ الغسّانيّ. وأخذ عن خَلَف بن رزق. قال: وكان عالمًا بالآداب واللغات، متقنًا لها، ضابطًا لجميعها، صنَّف فيها. اختلفتُ إليه وسمعت منه؛ وقال لي: ولدت بعد الخمسين وأربعمائة بيسير. ثمّ قال ابن بَشْكُوال: تُوُفّي الوزير أبو عبد الله بن مكّيّ لتسعٍ بَقِين من المحرَّم سنة خمس. قلت: آخر أصحابه موتًا أبو جعفر بن يحيى، عاش إلى سنة عشر وستمائة. "حرف الحاء": 230- الحَسَن بن عليّ. الكاتب أبو عليّ الدَّواميّ. سمع: ابن البَطِر. وعنه: عُبَيْد الله، سمع منه في هذه السّنة. يخدم خطبة القائم الدّواميَّة. 231- الحسين بن مفرّج بن حاتم. الواعظ، أبو علي المقدسي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 129، 130"، الوافي بالوفيات "11/149"، بغية الوعاة "1/ 487".

أحد فُقهاء الشّافعيَّة بالثَّغْر المحروس. وهو عمّ والد الحافظ بن الفضل. ذكره في "الوَفَيَات"، وقال: تُوُفّي في نصف شعبان. روى عن: القاضي الرشيد المقدسيّ. روى عنه: ابنه أبو عبد الله، وأبي، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو محمد العثمانيّ. 232- حمزة بن الحسين. ويقال له: حمزة بن سعادة. أبو يَعْلَى البُسْتيّ، ثمّ البغداديّ، المقرئ، الصُّوفيّ، نزيل نَيْسابور. سمع أبا المظفر موسى بن عِمران، وعبد الباقي بن يوسف المراغي. قال ابن السمعاني: قال لي إنه سمع بمكة من كريمة. تُوُفّي في ثالثٍ وعشرين ذي القعدة. 233- حمزة بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سلامة1. أبو يَعْلَى بن أبي الصَّقْر بن أبي جميل القُرشيّ، الدّمشقيّ، البزّاز. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، والفقيه نصر بن إبراهيم. روى عنه: ابنه محمد، وأبو القاسم الحافظ، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة. وتُوُفّي في صفر. ودفن بمقبرة باب الصغير. "حرف الراء": 234- رَزِين بن معاوية بن عمار2. أبو الحَسَن العبدري، الأندلسي، السرقسطي، الحافظ.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق "7/ 267"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 452، 453". 2 الصلة "1/ 186، 187"، سير أعلام النبلاء "20/ 204-206"، النجوم الزاهرة "5/ 267".

جاوَرَ بمكَّة دهرًا، وسمع بها "البخاريّ" من: عيسى بن أبي ذر الهروي؛ و" مسلمًا" من: الحسين الطَّبَريّ. وله مصنَّف مشهور جمع فيه الكُتُب السّتَّة. روى عنه: قاضي الحَرَم أبو المظفر محمد بن عليّ بن الحَسَن الطَّبريّ، والشَيخ أحمد بن محمد بن قُدَامة المقدسيّ والد أبي عمر، والحافظ أبو موسى المَدِينيّ، وغيرهم. وقع لنا من حديثه، أناه العماد عبد الحافظ: أنبا الموفق رحمه الله، عن أبيه، عنه. وتُوُفّي في المحرَّم بمكَّة. وله في الكتاب زيادات واهية. 235- رستم بن الفَرَج. البغداديّ، التّاجر، نزيل خُراسان. حدَّث عن: أبي الحسين بن الطُّيُوريّ، وغيره. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: تُوُفّي تقريبًا. "حرف السين": 236- سلطان بن إبراهيم1. أبو الفتح المقدسيّ، الفقيه الشّافعيّ. قال ابن نُقْطَة في "الاستدراك": قال السِّلَفيّ: مات في أواخر جُمَادَى الأولى سنة خمسٍ وثلاثين. مرَّ سنة 518. "حرف العين": 237- عَبْد الله بْن يوسف بن سمجون. أبو محمد السرقسطي، نزيل بلنسية.

_ 1 العبر "4/ 42، 43"، طبقات الشافعية الكبرى "7/ 94"، حسن المحاضرة "1/ 405".

حجّ، فلقي بطَنْجَة المقرئ أبا الحسين الخضريّ الضّرير، فأخذ عنه قصيدته في قراءة نافع. وولي خَطَابة شاطبة. وأخذ عنه: أبو الحَسَن بن هُذَيْل، وغيره. 238- عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن عبد الجبّار بن توبة1. أبو منصور الأَسديّ العُكْبَريّ، ثمّ البغداديّ، أخو أبي الحسين محمد. قال ابن السّمعانيّ: كان شيخًا صالحًا، ثقة، خيّرًا، قيمًّا بكتاب الله، صحِب الشَيخ أبا إسحاق الشّيرازيّ وخدمه. وكان حَسَن الإصغاء للسّماع، كثير البكاء. حضر عبد الصّمد بن المأمون. وسمع: أبا محمد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، وأبا القاسم بن البُسْريّ. قال ابن السَّمْعانيّ: وكتبت عنه الكثير. قلت: وآخر من حدَّث عنه: التّاج الكِنْديّ. وروى عنه: يوسف بن مبارك الخفّاف، وعبد العزيز بن الأخضر. قال ابن السّمعانيّ: تُوُفّي في ثالث جُمَادَى الآخرة. وقال لي: ولدتُ في جُمَادَى الأولى سنة اثنتين وستين وأربعمائة. 239- عبد الحميد بن محمد بن أحمد2. القاضي أبو عليّ الخُوازيّ، البَيْهَقيّ، أخو عبد الجبّار. سمع: البَيْهَقيّ، والقُشَيْريّ، وأبا سهل الحفصيّ، وجماعة. قال ابن السّمعانيّ: سمعت منه بخُسْرَوْجِرْد. ومات في نصف رجب.

_ 1 المنتظم "10/ 90، 91"، سير أعلام النبلاء "20/ 35"، شذرات الذهب "4/ 107". 2 التحبير "1/ 434، 435"، الأنساب "5/ 196"، المنتظم "10/ 90".

240- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بن الحَسَن بن مبارك1. أبو منصور بن زُرَيق الشَّيْبانيّ، القزّاز، البغداديّ، الحَرِيميّ. قال ابن السّمعانيّ: كان شيخًا، صالحًا، متوددًا، سليم الجانب، مشتغلًا بما يعنيه، من أولاد المحدثين. سمّعه أبوه وعمّه وشجاع الذُّهليّ كثيرًا، وعُمَّر. وكان صحيح السّماع، وتفرّقت أجزاؤه وبِيعا عند الحاجة. سمع "التاريخ" من الخطيب سوى الجزء الثّالث والثّلاثين، فإنّه قال: تُوُفّيت والدتي، واشتغلت بدفنها والصّلاة عليها، ففاتني هذا الجزء، وما أُعيد لي؛ لأنّ الخطيب كان قد اشترط في الابتداء أنّ لَا يُعاد فوتٌ لأحد. ثمّ حَصَلَ لي أصل شيخنا أبي منصور بالتّاريخ، بخطّ شجاع الذُّهْليّ، وعلى كل جزء منه سماع لأبي غالب محمد بن عبد الواحد القزّاز، ولابنه عبد الرحمن، ولأخيه عبد المحسن. وكان على وجه السّادس والسّابع والثّلاثين إجازة لأبي غالب وأبي منصور، عن الخطيب. فكأنهما ما سمعا الجزأين من الخطيب؛ وما كنّا نعرف إجازته عن الخطيب، فشهد شجاع أنّ لهما إجازته. وقرأنا عليه السّابع والثّلاثين بالسّماع، وهو إجازة؛ لأن شُجاعًا كان شديد البحث عن السماعات، ولو عرف ذلك لأثبته. خصوصًا إذا كان كتب النّسخة له. قال أبو سعد: فمن قال إنّ أبا منصور سمع السّابع والثّلاثين فقد وَهِم. وسمع: أبا الحسين بن المهتديّ بالله، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا عليّ بن وِشاح، وأبا الغنائم بن المأمون. وكتبتُ عنه الكثير.

_ 1 المنتظم "10/ 90"، الأنساب "6/ 274"، سير أعلام النبلاء "20/ 69، 70".

وكان شيخًا صَبورًا، حَسَن الأخلاق، قليل الكلام. قال: وُلِدْتُ، أظن، في سنة ثلاثٍ وخمسين. وتُوُفّي في رابع عشر شوّال، وصلّى عليه أخوه أبو الفتح. قرأت بخطّ الحافظ ضياء الدّين المقدسيّ قال: شاهدت مجلَّدة من "تاريخ الخطيب" بخطّ الإمام الحافظ أبي البركات الأنماطيّ فيها: السّابع والثلاثين. وقد نقل الأنماطيّ سماع القزّاز فيه؛ وهي في وقْف الزَّيْديّ. قلت: وكذلك رواه الكِنْديّ للنّاس، عن القزّاز سماعًا متصلًا. وروى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وابن الجوزيّ، وأحمد بن عليّ بن بذال، وأحمد بن الحَسَن العاقُوليّ، وعمر بن طَبَرزد، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وأحمد بن يحيى الدّبَيْقيّ، وخلْق سواهم. وروى عنه بالإجازة: المؤيد الطُّوسيّ، وغيره. وممّن روى عنه: أبو السّعادات القّزاز. 241- عبد الصمد بن أحمد بن سعيد. أبو محمد الْجَيّانيّ. روى عَنْ: أبي الأصْبَغ بن سهل، وأبي نصر الغسّانيّ، وأبي محمد بن العسال. ذكره ابن الأبار، وقال: كان رحمه الله مائلًا إلى القَول بالظّاهر، ومن أهل المعرفة بالحديث. له كتاب "المستوعب" في أحاديث "الموطأ". وقد سمعوا منه "الموطأ" في سنة خمسٍ وثلاثين. قلت: ولم يؤرّخ وفاته. 242- عبد المنعم بْن عَبْد الواسع بْن عَبْد الهادي ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل عُبَيْد الله. الأنصاريّ، الهَرَويّ، أبو المروح بن أبي رفاعة.

ذكره ابن السّمعانيّ فقال: إمام، جميل السّيرة، مرضي الطريقة، ذو سمتٍ، ووقار، وعفة، وحياء. حريص على سماع الحديث وطلبه. سافر وتغرب، وسمع الكثير، وحصل الأصول، وحج وجاور سنة. وسمع من: ابن الحُصَيْن. ودخل أصبهان، وكان قد سمع ببلده من: نجيب بن ميمون، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأبي عطاء المَلِيحيّ. كتبتُ عنه بأصبهان. وتُوُفّي بهَرَاة في ذي القعدة. 243- عبد المنعم بن أبي أحمد نصر بن يعقوب بن أحمد بن عليّ1. الأصبهانيّ، المقرئ. أبو المطهَّر. شيخ مُسِنّ. روى عن: أبي طاهر أحمد بن محمود الثَّقفيّ، وهو جدّه لأمّه. روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في رجب. وروى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وجماعة. 244- عبد الوهّاب بن شاه بن أحمد بن عبد الله2. أبو الفُتُوح النَيْسابوريّ، الشّاذْيَاخيّ، الخَرَزيّ. كان شيخًا صالحًا يبيع الخَرَز في حانوتٍ بنَيْسابور. سمع "الرسالة" من القشيري، و"صحيح الْبُخَارِيّ" من أبي سهل محمد بْن أحمد الحفصي.

_ 1 الأنساب "3/ 376"، التحبير "1/ 492"، معجم البلدان "2/ 232، 233". 2 الأنساب "7/ 241"، التحبير "1/ 501-503"، سير أعلام النبلاء "20/ 35"، شذرات الذهب "4/ 107".

وسمع من: أبي حامد الأزهري، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيريّ، وأبي صالح المؤذّن، وشبيب البَسْتيغيّ، وحسّان المَنِيعيّ، ونصْر بن علي الطُّوسيّ الحاكميّ، وأحمد بن محمد بن مُكْرَم. روى عنه: ابن السّمعانيّ في "معجمه"، وقال: كان من أهل الخير والصّلاح. وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين. وتُوُفّي في الحادي والعشرين من شوّال. روى عنه: ابن عساكر، وإسماعيل بن عليّ المغيثيّ، ومنصور بن الفَرَويّ، والمؤيَّد الطُّوسيّ، وزينب بنت الشّعْريّ، وغيرهم. وسمع منه جميع "صحيح البخاريّ" منصور، والمؤيد، وزينب، والمغيثيّ المذكورون. قاله ابن نُقْطة. 245- عطاء بن أبي سعد بن عطاء1. أبو محمد الثعلبيّ، الهَرَويّ، الصُّوفيّ، الفُقّاعيّ. صاحب شيخ الإسلام أبي إسماعيل. محدِّث، رحال، وصوفيّ عمّال. وُلِد سنة أربع وأربعين وأربعمائة بمالين هَرَاة، وسمع من أبي إسماعيل. وبنَيْسابور من: فاطمة بنت الدّقّاق. وببغداد من: أبي نصر محمد بن محمد الزَّيْنبيّ، وأبي القاسم عليّ بن البُسْريّ، وأبي يوسف عبد السّلام القَزْوينيّ، وجماعة كثيرة. روى عنه: أولاده الثّلاثة؛ وقد سمع أبو سعْد السّمعانيّ منهم، عن أبيهم. وممّن روى عنه: أبو القاسم ابن عساكر، ومحمود بن الفضل الأصبهانيّ. قال ابن السّمعانيّ: كان ممّن يُضرب به المَثَل في إرادة شيخ الإسلام والجدّ في خدمته وله آثار، وحكايات، ومَقامات وقت خروج شيخ الإسلام إلى بلْخ في المِحْنة. وجرى بينه وبين الوزير النّظّام مقالات وسؤالات في هذه الحادثة.

_ 1 المنتظم "10/ 91"، الأنساب "9/ 322، 323"، سير أعلام النبلاء "20/ 54، 56".

وكان نظام المُلْك يحتمل ذلك كلّه من عطاء. وسمعتُ أنّ عطاء قُدِّم إلى الخَشَبة ليُصلَب، فنجّاه الله تعالى لحُسْن الاعتقاد والجدّ الّذي كان له فيما مرّ فيه. فلّما أُطلق قام في الحال إلى التّظلُّم وما فَتَر. وخرج مع النّظّام إلى الرُّوم ماشيًا. وسمعت أنّه كان في المدَّة الّتي كان شيخ الإسلام غائبًا فيها عن وطنه ما ركب عطاء دابَّةً، ولا عَبَر على قنطرة، بل كان يمشي مع الخيل، ويخوض الأنهار، ويقول: شيخي في المحنة والغُربة، فلا أستريح. وما استراح إلى أنّ ردّوا شيخه إلى وطنه. وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ وَالِدِي يَقُولُ: كُنْتُ فِي طَرِيقِ الرُّومِ أَعْدُو مَعَ مَوْكِبِ النَّظَّامِ، فَوَقَعَ نَعْلِي، فَمَا الْتَفَتُّ لَهَا، وَرَمَيْتُ الْأُخْرَى، وَجَعَلْتُ أَعْدُو. فَأَمْسَكَ النَّظَّامُ الدَّابَّةَ وَقَالَ: أَيْنَ نَعْلَاكَ؟ قُلْتُ: وَقَعَ إِحْدَاهُمَا، فَمَا وَقَفْتُ عَلَيْهَا خَشْيَةَ أَنْ تَفُوتَنِي وَتَسْبِقَنِي. فَقَالَ: هَبْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ إِحْدَاهُمَا، فَلِمَ خَلَعْتَ الْأُخْرَى وَرَمَيْتَهَا؟ قُلْتُ: لِأَنَّ شَيْخِي عَبْدَ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "نَهَى أَنْ يَمْشِيَ الْإِنْسَانُ فِي نعلٍ وَاحِدٍ"1، فَمَا أَرَدْتُ أَنْ أُخَالِفَ السُّنَّةَ. فَأَعْجَبَ النَّظَّامُ مَا فَعَلَ وَقَالَ: أَكْتُبُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَتَّى يَرْجِعَ شَيْخُكَ إِلَى هَرَاةَ. وَقَالَ لِي: ارْكَبْ بَعْضَ الْجَنَائِبِ، فَأَبَيْتُ وَقُلْتُ: شَيْخِي فِي الْمِحْنَةِ وَأَنَا أَرْكَبُ الْجَنَائِبَ! وَعَرَضَ عَلَيْهِ مَالًا، فَلَمْ يَقْبَلْهُ. وَقُدِّمَ أَبِي بِأَصْبَهَانَ إِلَى الْخَشَبَةِ لِيُصْلَبَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ حَبَسُوهُ مُدَّةً، فَقَالَ لَهُ الْجَلادُ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ: لَيْسَ ذَا وَقْتُ صَلاةٍ، اشْتَغِلْ بِمَا أُمِرْتَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ شَيْخِي يَقُولُ: إِذَا عُلِّقَتِ الشَّعِيرُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي أَسْفَلِ الْعَقَبَةِ لَا تُوَصِّلُكَ فِي الْحَالِ إِلَى أَعْلاهَا. الصّلاة نافعة في الرّخاء، لَا في حالة اليأس. ووصل مسرعٌ من السّلطان ومعه الخاتم بتسريحه، فتُرِك. وكانت الخاتون امرأة السلطان معينة في حقه.

_ 1 "حديث صحيح": أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ "5856"، وَمُسْلِمٌ "2097"، وَأَبُو داود "4136"، وَالتِّرْمِذِيُّ "1774"، وَالنَّسَائِيُّ "5385"، وابن ماجه "3617"، وأحمد في المسند "2/ 245، 283"، كلهم من حديث أبي هريرة، وفي الباب عن جابر: أخرجه مسلم "2099"، وأبو داود "4137"، وأحمد في المسند "3/ 293، 367".

قال: فكلّما أُطْلِق رجع في الحال إلى التّظلُّم والتّشنيع. سَمِعْتُ أَبَا الْفُتُوحِ عَبْدَ الْخَالِقِ بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ: أَمَرَ بَعْضُ الأُمَرَاءِ أَنْ يُضْرَبَ عَطَاءٌ الْفُقَّاعِيُّ فِي مِحْنَةِ الشَّهِيدِ عَبْدِ القادر ابن شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَائَةَ سَوْطٍ. فَبُطِحَ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُضْرَبُ إِلَى أَنْ ضَرَبُوا سِتِّينَ، فَشَكُّوا كَمْ كَانَ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ، فَقَالَ عَطَاءٌ: وَهُوَ مكبوبٌ عَلَى وَجْهِهِ: خُذُوا بِالأَقَلِّ احْتِيَاطًا. وَحُبِسَ بَعْدَ الضَّرْبِ مَعَ جماعةٍ مِنَ النِّسَاءِ، وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ أَتْرِسَةٌ، فَقَامَ بِجَهْدٍ مِنَ الضَّرْبِ، وَأَقَامَ الْأَتْرِسَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّسَاءِ وَقَالَ: "نَهْيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْخَلْوَةِ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ"1. قال محمد بن عطاء: تُوُفّي أبي تقديرًا سنة خمسٍ وثلاثين. 246- عليّ بن الحَسَن بن عليّ بن عبد الواحد2. السُّلَميّ، الدمشقيّ، أبو الحَسَن بن البُرِّيّ. سمع من عمّه عبد الواحد جزء ابن أبي ثابت. قرأه عليه ابن عساكر. 247- عليّ بن محمد بن إسماعيل بن عليّ3. الإمام، أبو الحَسَن السَّمَرْقَنْديّ، المعروف بالأَسْبيجابيّ. وُلِد سنة أربع وخمسين وأربعمائة. وسمع من: عليّ بن أحمد بن الرّبيع الشيكانيّ. روى عنه: عمر النَّسَفيّ، وقال: تُوُفّي في ذي القعدة. وقد ذكره السّمعانيّ في "معجمه" فعظمه وقال: يعرف بشيخ الإسلام، لم يكن

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3006، 5233"، ومسلم "1341"، وأحمد في المسند "1/ 222"، وابن خزيمة في صحيحه "2529"، وابن حبان في صحيحه "2731"، 3757"، من حديث ابن عباس. 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 219، 220". 3 التحبير "1/ 578، 579"، الجواهر المضية "2/ 591، 592"، الطبقات السنية "1531".

أحدٌ في زمانه بما وراء النّهر يعرف مذهبَ أبي حنيفة مثله، ظهر له الأصحاب، وطال عُمره في نشْر العِلم. كتب إلى بمرويّاته. 248- عليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الحَسَن بن أبي المضاء1. الفقيه، أبو الحَسَن البعلبكي، الشافعي. تلمذ لنصر المقدسيّ، وصحِبَه مدَّة، وسمع منه. ومن: أبيه محمد، والحسن بْن أحمد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي الحديد. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وقال: توفي في ربيع الأوّل ببَعْلَبَك. 249- عليّ بن محمد بن لبّ بن سعيد2. أبو الحَسَن القَيسيّ، الدّانيّ، المقرئ. روى عَنْ: أَبِي عَبْد الله المَغَامِيّ، وأبي داود. وأخذ عنه: ابن رزق أبو بكر، وأبو بكر بن خير، وأبو الحَسَن نَجَبة، وآخرون. استُشْهِد بعد هذا العام بيسير. 250- عليّ بن يوسف بن تاشفين. صاحب المغرب. قيل: تُوُفّي فيها، والأصح سنة سبعٍ كما سيأتي. 251- عمر بن محمد بن حَيْذر3، بذال مُعْجَمَة. أبو حفص المروزي، البرمويي، العارف. قال السّمعانيّ: شيخ صالح، ثقة، ديِّن، جميل الأمر، جواد النَّفْس، أُمّيّ لَا يكتب، غير أنّ له كلامًا حَسَنًا في علم القوم إذا سُئل. ما رأيت في فنه مثله، وكان مُزيّنًا بالشّريعة، واستعمال السُّنَن، والعُزلة، والانفراد.

_ 1 طبقات الشافعية للإسنوي "1/ 246، 247". 2 صلة الصلة "87"، تكملة الصلة "1846". 3 الأنساب "2/ 172".

سمع بقراءة والدي، أنا عبد الله بن محمد بن الحَسَن المِهْربَنْدَقْشَائيّ، وأبا الخير محمد بن أبي عِمران الصَّفّار، وبمكَّة أبا شاكر أحمد بن عليّ العثمانيّ. سمعت منه، وكنت أُكثِر من زيارته، وقرأت "صحيح البخاريّ" في رباطه. وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من جُمَادَى الآخرة. "حرف الفاء": 252- الفتح بن محمد بن عبد الله بن خاقان1. الأديب أبو نصر القَيْسيّ، الإشبيليّ، صاحب كتاب "قلائد العِقْيان"، جمع فيه من شعراء المغرب طائفة كبيرة، وتكلّم عليها فأجاد. وله كتاب "مطمح الأنْفُس في مُلَح أهل الأندلس"، يدلّ كلامه فيه على تبحُّره. وكان كثير الأسفار والتَّجَوّل، خليع العِذَار. أمر السّلطان بقتله، فذُبح في سنة خمسٍ هذه، وقيل: بل في سنة تسعٍ وعشرين، فالله أعلم. ذكره القاضي ابن خَلَّكان. "حرف القاف": 253- قرسنقر2. الأتابك، صاحب خُراسان وأرّان. من مماليك الملك طُغْرُل بن السّلطان محمد بن ملكشاه. وكان شجاعًا، مهيبًا، ظَلومًا، غَشُومًا، عظيم المحلّ. كان السّلطان مسعود يخافه ويُداريه، وقتل الوزير كمال الدّين الرّازيّ من أجله. وقد مات له ابنان تحت الزّلزلة بجَنْزَة. ومرض بالسل، ومات بأردبيل.

_ 1 وفيات الأعيان "4/ 23، 24"، سير أعلام النبلاء "20/ 107، 108"، شذرات الذهب "4/ 107". 2 الكامل في التاريخ "10/ 682، 683"، تاريخ دولة آل سلجوق "170، 173، 176".

"حرف الميم": 254- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الجبار بن توبة1. أبو الحَسَن الأسديّ، العُكْبريّ، أخو عبد الجبّار. وُلِد سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة، وقرأ القراءات بروايات. وكان حَسَن التّلاوة. قرأ على أصحاب الحمّاميّ، وقرأ شيئًا من الفقه على أبي إسحاق الشّيرازيّ. وكان له سمتٌ حسنٌ ووقار. سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا الغنائم بن المأمون، وأبا محمد الصَّريفينيّ، وابن النَّقُّور. قال ابن السّمعانيّ: صالح خيّر، قرأ بروايات، وكان حَسَن الأخذ. قرأت عليه الكثير، وكنت أقدّم السّماع عليه على غيره. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وأبو اليُمن الكِنْديّ، وآخرون. تُوُفّي في صَفَر. وقد أنا بكتاب "السّبعة" لابن مجاهد: أبو حفص القّواص، أنا الكِنْديّ في كتابه، أنا ابن تَوْبة. 255- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم2. أبو عبد الله الخَوَارَزْميّ، القصاريّ. وُلِد في رمضان سنة إحدى وستّين وأربعمائة ببغداد. وسمع حضورًا من: أبي محمد الصَّريفينيّ. وحدَّث. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. 256- محمد بن إبراهيم بن جعفر3.

_ 1 المنتظم "10/ 91، 92"، سير أعلام النبلاء "20/ 34، 35"، غاية النهاية "2/ 84". 2 الأنساب "10/ 166". 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "21/ 328".

أبو عبد الله الدّمشقيّ، الكُرْديّ، المقرئ. سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وغيره. روى عَنْهُ: الحافظ ابْن عساكر، وابنه القاسم. وكان يلقّن. 257- محمد بْن عبد الباقي بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن الربيع بن ثابت بن وهب بن مشجعة بن الحارث بْن عَبْد اللَّه بْن صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشاعره، وأحد الثّلاثة الّذين خُلِّفُوا كعب بن مالك الأنصاريّ1. القاضي أبو بكر بن أبي طاهر، البغداديّ، الحنبليّ، البزّاز. ويُعرف أبوه بصهر هبة، ويعرف هو بقاضي المَرِسْتان. مُسْنِد العراق، بل مُسْنِد الآفاق. وُلِد في عاشر صَفَر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، ويقال له النَّصْريّ؛ لأنّه من محلَّة النّصْريَّة. ويقال له السَّلَميّ؛ لأنّ كعب بن مالك من بني سَلمَة. سمعه أبوه حضورًا في الرابعة من أبي إسحاق البرمكيّ جزء الأنصاريّ، وسمعه من عليّ بن عيسى الباقِلّانيّ "أمالي القطيعي" و"الوراق". ثمّ سمَّعه الكثير بإفادة جاره عبد المحسن بن محمد الشّيحيّ التّاجر من: أبي محمد الجوهريّ، وأبي الطَّيب الطَّبَريّ، وعمر بن الحسين الخفّاف، وأبي طالب العُشاريّ، وأبي الحسين بن حَسْنُونَ النَّرْسيّ، وعليّ بن عمر البرمكيّ، والحسن بن عليّ المقرئ، وأبي الحسين بن الأَبَنُوسيّ، وأبي الحَسَن بن أبي طالب المكّيّ، وأبي يَعْلَى بن الفّراء، وأبي الغنائم بن المأمون، وأبي الفضل هبة الله بن المأمون، وغيرهم. وتفرد برواية عنهم، سوى أبي يَعْلَى، وأبي الغنائم. وسمع بمصر من أبي إسحاق الحبّال. وبمكَّة من: أبي مَعْشَر الطَّبَريّ، وأبي الحسين الصقلي.

_ 1 المنتظم "10/ 92-94"، الكامل في التاريخ "11/ 80"، سير أعلام النبلاء "20/ 23-28"، البداية والنهاية "12/ 217".

وأجاز له أبو القاسم التّنُوخيّ، وأبو الفتح بن شِيطا المقرئ، وأبو عبد الله محمد بن سلامة القُضاعيّ. وتفقه على القاضي أبي يَعْلَى ابن الفرّاء، وشهِد عند قاضي القُضاة أبي الحسين بن الدّامَغَانيّ. روى عنه خلْق لَا يُحْصَوْن، منهم من مات في حياته، ومنهم من تأخّر، وهم: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وأبو موسى المَدِينيّ، وابن الجوزيّ، وعبد الله بن مسلم بن جُوالق، والمكرَّم بن هبة الله الصّوفيّ، وأبو أحمد بن تزمش الخيّاط، وسعيد بن عطّاف، وعليّ بن محمد بن يعيش الأنباريّ، وعبد الله بن المظفَّر بن البوّاب، وعبد الخالق بن هبة الله البُنْدار، ويوسف بن المبارك بن كامل الخفّاف، وعبد اللطيف بن أبي سعد الصُّوفيّ، وعمر بْن طَبَرْزَد، وعبد العزيز بْن الأخضر، وزيد بن الحَسَن الكِنْديّ، وعبد العزيز بن معالي بن سِينا، وأبو عليّ ضياء بن الخُرَيف، والحسين بن سعيد بن شُنَيْف، وأحمد بن يحيى بن الدَّبِيقيّ. وآخر من روى عنه بالإجازة المؤيَّد الطُّوسيّ. وقد تكلم فيه ابن عساكر بكلام فجّ وحش، فقال: كان يُتّهم بمذهب الأوائل، ويُذكر عنه رقَّة دِين. قال: وكان يعرف الفقه على مذهب أحمد، والفرائض، والحساب، والهندسة. ويشهد عند القُضاة، وينظر في وقف المارستان العَضُديّ. وسرد أبو موسى نَسَبَه كما ذكرنا، ثمّ قال: هو أملاه عليّ، وكان إمامًا في فنون العلم. قال: وكان يقول: حَفِظْتُ القرآن وأنا ابن سبْعِ سنين، وما من علم إلّا وقد نظرتُ فيه، وحصّلت منه الكلّ أو البعض، إلّا هذا النَّحْو، فإني قليل البضاعة فيه. وما أعلم أنّي ضيّعت ساعةً من عمري في لهوٍ ولعب. وقال ابن الجوزيّ: ذكر لنا القاضي أبو بكر أنّ مَنجِّمَيْن حَضَرا حين وُلد، فاجمعا أنّ العُمر اثنتان وخمسون سنة. قال: وهأنا قد جاوزت التّسعين.

قال ابن الجوزي: وكان حَسَن الصورة، حُلْو المنطق، مليح المعاشرة، كان يصلّي في جامع المنصور، يجيء في بعض الأيّام فيقف وراء مجلسي وأنا على منبر الوعظ، فيسلِّم عليّ. واستملى عليه شيخنا ابن ناصر بجامع القصر. وقرأت عليه الكثير، وكان ثقة، فَهِمًا، ثَبْتًا، حُجَّة، متفنّنًا في علومٍ كثيرة، متفردًا في عِلم الفرائض، قال لي يومًا: صلّيت الجمعة وجلست أنظر إلى النّاس، فما رأيت أحدًا أشتهي أنّ أكون مثله. وكان قد سافر فوقع في أسر الرّوم، وبقي سنةً ونصفًا، وقيّدوه وغَلُّوه، وأرادوه أنّ ينطق بكلمة الكُفر، فلم يفعل، وتعلَّم منهم الخطّ الرّوميّ. وسمعته يقول: من خَدَم المحابر خَدَمته المنابر. وسمعته يقول: يجب على المعلّم أنّ لَا يعنف، وعلى المتعلم أنّ لَا يأنف. ورأيته بعد ثلاثٍ وتسعين سنة صحيح الحواس، لم يتغير منها شيء، ثابت العقل، يقرأ الخطّ الدّقيق من بُعْد. ودخلنا عليه قبل موته بمُديدة فقال: نزلت في أُذني مادة، فقرأ علينا من حديثه، وبقي على هذا نحوًا من شهرين، ثمّ زال ذلك، وعاد إلى الصّحَّة، ثمّ مرض فأوصي أنّ يُعَمّق قبره زيادةً على العادة، وأن يُكتب على قبره {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ، أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ} [ص: 67، 68] ، وبقي ثلاثة أيام لا يفتر من قراءة القرآن، إلى أنْ تُوُفّي قبل الظُهر ثاني رجب. قال ابن السّمعانيّ: ما رأيت أجمع للفنون منه، نَظَر في كلّ علم، وبرع في الحساب والفرائض، وسمعته يقول: ثُبِت من كلّ عِلْم تعلَّمته إلّا الحديث وعِلْمه. ورأيته وما تغير من حواسه شيء. وكان يقرأ الخط البعيد الدّقيق. وكان سريع النَّسخ، حَسَن القراءة للحديث. وكان يشتغل بمطالعة الأجزاء الّتي معي، وأنا مُكِبُّ على القراءة، فاتفق أنّه وَجَدَ جزءًا من حديث أبي الفضل الخُزاعيّ، قرأته بالكوفة على الشّريف عمر بن إبراهيم الحُسينيّ، بإجازته من محمد بْن عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ، وفيه حكايات مليحة فقال: اتركه عندي. فلمّا رجعت من الغد أخرج الجزء وقد نَسَخَه جميعه، وقال: اقرأه حتّى أسمعه. فقلت: يا سيدي، كيف يكون، وأنا أفتخر بالسّماع منك؟ فقال: ذاك بحاله.

فقرأته، فقال للجماعة: اكتبوا اسمي. قلت: رأيت الجزء بخطّه في وقف الضّيائية، وفي أوّله بخطه: نا أبو سعد السّمعانيّ. وقال: قال لي: أسَرَتْني الرّوم، وكان الغِل في عنقي خمسة أشهر، وكانوا يقولون لي: قل: المسيح ابن الله، حتّى نفعل ونصنع في حقك. فما قلت. وتعلَّمت خطّهم لمّا حُبِست. كان يعرف علم النجوم، وسمعته يقول: عن الذُّباب إذا وقع على البياض سوّده، وعلى السّواد بيّضه، وعلى التّراب برغثه، وعلى الْجَرح يقيحه. وسمعت منه "الطبقات" لابن سعد، و"المغازي" للواقديّ، وأكثر من مائتي جزء. قال لي: ولدت بالكرخ، وانتقل بنا أبي إلى النصرية ولي أربعة أشهر. وذكر ابن السّمعانيّ أكثر ما نقلناه عن ابن الجوزيّ. وقال ابن نُقْطَة: حدَّث القاضي أبو بكر "بصحيح البخاريّ"، عن أبي الحسين بن المهتديّ بالله، عن أبي الفتح بن أبي الفوارس، عن أحمد بن عبد الله النَّعَيْميّ. قلت: والنَّعَيْميّ هو شيخ أبي عمر المَلِيحيّ الّذي أكثر عنه صاحب شرح السُّنَّة. 258- محمد بن عبد القادر بن الحَسَن بن المنصور بالله. أبو الحسين المنصوريّ، الهاشميّ. شيخ مُسن، كثير الفِكر، أصابه فالج. وحدَّث عن: أبي القاسم بن البسري، ويوسف المهرواني. وتوفي في سابع رجب. 259- محمد بن فَرَج بن جعفر بن أبي سمرة1.

_ 1 غاية النهاية "2/ 228".

أبو عبد الله القَيسيّ، نزيل غَرْنَاطة، أحد القرّاء. عن: أحمد بن عبد الحقّ الخَزْرجيّ، وأبي القاسم بن النّحّاس. وحدَّث عن: غالب بن عطيَّة، وغيره. وأقرأ القراءات والنَّحْو. روى عنه: أبو الأصْبَغ بن المرابط. وتُوُفّي في حدود سنة خمسٍ. 260- محمد بن المنتصر بن حفْص النّوقانيّ1. الفقيه، المفتيّ، الزّاهد الورع. كان عارفًا بالمذهب. سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذيّ؛ وبهَرَاة: محمد بن عليّ العُمَيريّ. قال السّمعانيّ: سمعت منه "تفسير الثَّعْلبيّ" بروايته عن الفرخزاذيّ، عنه. مات رحمه الله في رجب. 261- محمود بن عليّ بن أبي عليّ بن يوسف2. أبو القاسم الطَّرَازيّ. قال السّمعانيّ: إمام، فاضل، ديِّن، ورِع، حَسَن الأخلاق، تفقّه على القاضي أبي سعد بن أبي الخطّاف. وورد على المسترشد بالله من قِبَل الخاقان. وكان مولده بِطَرَّاز سنة 463، وتوفي ببُخارَى في شعبان، وخلّف بها أولادًا نُجباء. 262- موسى بن حماد3.

_ 1 التحبير "2/ 238، 239"، طبقات الشافعية الكبرى "6/ 402"، طبقات الشافعية للإسنوي "2/ 493". 2 الأنساب "8/ 223". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 614"، بغية الملتمس "456".

أبو عِمران الصّنْهاجيّ، المالكيّ، قاضي مَراكش. كان فقيهًا، إمامًا، حاذقًا لمذهب مالك، مقدَّمًا في معرفة الأحكام. من جِلَّة قُضاة زمانه العادلين. وله رواية يسيرة. تُوُفّي في ذي القعدة. "حرف الياء": 263- يوسف بن أيّوب بن يوسف بن الحسين بن وَهْرة1. أبو يعقوب الهَمَذانيّ. من أهل ضياع همذان. نزل مرو، وكان من سادات الصوفية. ذكره ابن السّمعانيّ، وقال: هو الإمام الورع. التّقّي، النّاسك، العامل بعلمه، والقائم بحقّه، صاحب الأحوال والمقامات الجليلة، وإليه انتهت تربية المريدين، واجتمع في رباطة جماعة من المنقطعين إلى الله، ما أتصور أنّ يكون في غيره من الرُّبُط مثلهم. وكان من صِغره إلى كبره على طريقة مَرْضيَّة، وسدادٍ، واستقامة. خرج من قريته إلى بغداد، وقصد الشَيخ أبا إسحاق، وتفقه عليه، ولازمه مدَّة، حتّى برع في الفقه، وفاق أقرانه، خصوصًا في علم النَّظَر. وكان أبو إسحاق يقدّمه على جماعةٍ كثيرة من أصحابه، مع صِغَر سنّهِ، لمعرفته بزُهده، وحُسْن سيرته، واشتغاله بنفسه. ثمّ ترك كلّ ما كان فيه من المناظرة، وخلا بنفسه، واشتغل بعبادة الله تعالى، ودعوة الخلْق إليها وإرشاد الأصحاب إلى الطّريق المستقيم. وسمع من شيخه: أبي إسحاق، وأبي الحسين بن المهتدي بالله، وأبي بكر

_ 1 المنتظم "10/ 94، 95"، "2/ 330"، الكامل في التاريخ "11/ 80"، سير أعلام النبلاء "20/ 66، 69".

الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصّمد بْن المأمون، والصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور. وببُخارَى محمد: أبي الخطّاب محمد بن إبراهيم الطَّبريّ؛ وبسمَرَقَنْد من: أبي بكر أحمد بن محمد بن الفضل الفارسيّ. وبأصبهان من: حمْد بن أحمد بن ولكيز، وغانم بن محمد بن عبد الواحد الحافظ، وآخرين. وكتب الكثير، غير أنّ أجزاءه تفرقت بين كتبه، وما كان يتفرغ إلى إخراجها، فأخرج لنا أكثر من عشرين جزءًا، فسمعناها. وقد دخل بغداد سنة ستٍّ وخمسمائة، ووعظ بها، وظهر له قبولٌ تامّ، وازدحم النّاس عليه. ثمّ رجع وسكن مَرْو. وخرج إلى هَرَاة، وأقام بها مدَّة، ثمّ طُلِب منه الرجوع إلى مَرْو، فرجع. ثمّ خرج ثانيًا إلى هَرَاة. ثمّ رجع إلى هَرَاة، ثمّ خرج من هَرَاة فأدركه الأجَل بين هَرَاة وبَغْشُور. وكان يقول: دخلت جبل زَزْ لزيارة الشَيخ عبد الله الْجَوِّي، وكان قد أقام عنده مدَّة، ولبس من يده الخِرْقة، قال: فوجدت ذلك الجبل معمورًا بأولياء الله، كثير المياه والأشجار، وعلى رأس كلّ عينٍ رجلٌ مشتغل بنفسه، صاحب مقامٍ ومجاهدة. فكنت أدور عليهم وأزورهم. ولا أعلم في ذلك الجبل حجرًا لم تُصِبْه دمعتي. وهذا من بركة أحمد بن فضالة شيخ عبد الله الجويّ. سمعت الشَيخ الصّالح صافي بن عبد الله الصُّوفيّ ببغداد يقول: حضرت مجلس شيخنا يوسف بن أيّوب في المدرسة النّظاميَّة، وكان قد اجتمع العالَم، فقام فقيه يُعرف بابن السّقاء وآذاه، وسأله غير مسألة، فقال: اجلس، فإني أجد من كلامك رائحة الكُفْر، ولعلّك تموت على غير الإسلام. قال صافي: فاتّفق بعد مدَّة قدِم رسولٌ نصرانيّ من الرّوم، فمضى إليه ابن السّقاء، وسأله أنّ يستصحبه، فقال له: يقع لي أنّ أدخل في دينكم فقبلَه الرسول، وخرج معه إلى القُسطنطينيَّة، والتحق بملكها وتنصَّر. وسمعت من أثق به أنّ ابني الإمام أبي بكر الشّاشيّ قاما في مجلس وعْظه، وقالا له: إن كنتَ تنتحل مُعْتَقَدَ الأشعريّ وإلّا فانزِلي ولا تعِظ ههنا.

فقال يوسف: اقعد، لَا أَمْتَعَكُما الله بشبابكما. فسمعت جماعة أنهما ماتا ولم يتكهّلا. سمعت السّيد إسماعيل بن أبي القاسم بن عَوَض العَلَويّ يقول: سمعت الإمام يوسف بن أيوب يقول للشَيخ لؤلؤ الحيّ، وكان من أصحابه قديمًا، ثمّ عرج عليه، ووقع فيه، ورماه بأشياء: هذا الرجل يُقتل، وسَتَرَوْن ذلك. وكان كما جرى على لسانه، قُتل قريبًا من سَرْخَس بعد وفاة يوسف. وقال أبو المظفّر السّمعانيّ: ما قدِم علينا من العراق مثل يوسف الهَمَذانيّ. وقد تكلَّم معه بمَرْو في مسألة البيع الفاسد، فجرى بينهما تسعة عشر نَوْبة، يعني بالنَّوبة المجلس في هذه المسألة. قال أبو سعد السّمعانيّ: سمعت الإمام يوسف رحمه الله يقول: خلوت نُوَبًا عدَّة، كلّ مرَّة أكثر من خمس سِنين أو أقل، وما كان يخرج حبّ المناظرة والاشتغال بالخلاف والمذاكرة من قلبي، وصرت إلى ما كنت أشتهي، فإنّ المناظرة كانت تقطع عليّ الطّريق. سمعت أبا نصر عبد الواحد بن محمد الكرْجيّ الزّاهد يقول: سألت الشَيخ أبا الحسين المقدسيّ: هل رأيت أحدًا من أولياء الله؟ قال: رأيت في سياحتي عجميًا بمَرْو يعظ، ويدعو الخلق إلى الله تعالى يقال له يوسف. قال أبو نصر: أراد بذلك الإمام يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ. وأبو الحسين المقدسيّ كبير القدْر، مشهور. قال أبو سعد: لمّا عزمت إلى الرحلة، دخلت على يوسف رحمه الله مودِّعًا، فصوَّب عزْمي وقال: أُوصِيك، لَا تدخلْ على السّلاطين، وأَبْصِر ما تأكل لَا يكون حرامًا. تُوُفّي في ربيع الأوّل، وكان مولده تقديرًا سنة أربعين أو إحدى وأربعين. قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو الرَّوْحِ الْهَرَوِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.

فَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ، أَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ الْمُعِزِّ بْنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَنَا يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ الزَّاهِدُ، بِقِرَاءَةِ حَمْزَةَ بْنِ عَسُولٍ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ النَّقُّورِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ، أَنْبَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ثَنَا مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يُصَافِحُ امْرَأَةً قَطُّ1. وَأَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَرْمَا، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْفَقِيهُ أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، فَذَكَرَهُ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ "حَدِيثِ مَالِكٍ" مِنْ تَأْلِيفِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ. وفيات سنة ست وثلاثين وخمسمائة: "حرف الألف": 264- أحمد بن سلامة بن يحيى الدّمشقيّ الأَبّار2. سمع: أحمد بن عليّ بن الفُرات، وسهل بن بِشْر. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وقال: تُوُفّي فِي شوّال. 265- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن جابر3. أبو عمر الأزْديّ، الإِشْبِيليُّ. سَمِعَ من: أبي عبد الله بن منظور "صحيح البخاريّ". وسمع: عبد الله بن عليّ النكاجيّ، والعاص بن خَلَف. أَمَّ بمسجد ابن بَقِيّ، وأقرأ القرآن نحوًا من ستين سنة. وكان مشتهرًا بالصلاح.

_ 1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4891، 7214"، ومسلم "1866"، وأبو داود "2941"، والترمذي "3306"، وابن ماجه "2875"، من حديث عائشة. 2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 97، 98". 3 تكملة الصلة لابن الأبار "1/ 47".

حدَّث عنه: ابن بَشْكُوال، وابن جَهِير. وقارب تسعين سنة. 266- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن ينال. أبو منصور الصُّوفيّ الأصبهانيّ، التّرك، والد أبي العبّاس محمد التّرك. سمع: عائشة الوَرْكانّية، وعبد الجبّار بن برزة الرّازيّ، وشجاعًا المَصْقَليّ. ومات في عَشْر التّسعين. 267- أحمد بن محمد بن الحسين1. أبو الفائز ابن البُزُوريّ. سمع: محمد بن هبة الله اللّالكائيّ في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وجدّه. تُوُفّي فِي رَمَضَان. 268- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن محمود ماخُرَّة2. أبو سعد بن أبي بكر بن الشَيخ أبي الحَسَن الزَّوْزَنيّ، ثمّ البغداديّ. من قُدماء الصُّوفية برباط شيخ الشّيوخ إسماعيل. وهو مطبوع خفيف، يحفظ حكايات وأشعارًا. قال السّمعانيّ: غير أنّه كان منهمكًا في الشّرْب، سامحه الله. وقال أبو الفَرَج بن الجوزيّ: كانوا ينسبونه إلى التّسمُّح في دينه. وُلِد في ذي الحجَّة سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة. وسمع القاضي: أبا يَعْلَى وهو آخر أصحابه، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين بْن المهتدي بالله، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ، وأبا عليّ بن وشاح، وأبا بكر الخطيب، وجماعة.

_ 1 الأنساب "2/ 299". 2 المنتظم "10/ 97، 98"، سير أعلام النبلاء "20/ 57، 58"، شذرات الذهب "4/ 112".

قال ابن السّمعانيّ: قرأت عليه الكثير. وحدَّثني محمد بن ناصر الحافظ قال: كان أبو سعد متسمّحًا، فرأيته فِي النَّوم، فقلتْ: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي. قلت: فأين أنت؟ قال: في الجنَّة. قال ابن ناصر: لو حدَّثنيه غيري ما صدّقتُه. قال ابن الجوزيّ: مرض أبو سعد الزَّوْزَنيّ، وبقي خمسة وثلاثين يومًا بعلَّة النَّصَب لم يضطَّجِع، ومات في تاسع عشر شعبان. قلت: روى عَنْهُ: أبو أحمد عبد الوهّاب بْن سُكَيْنَة، وأبو حامد بن النّحّاس، ويوسف بن كامل، والمحدّث عَبْد الخالق بْن أسد، وعمر بْن طَبَرْزَد، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ. 269- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن الطَّيّب. أبو الحسين بن الصَّبّاغ. سمع: أباه، وأبا نصر الزَّيْنبيّ، وإسماعيل بْن مَسْعَدَة الإسماعيليّ. روى عنه: ابن عساكر، والسّمعانيّ. وكان ظاهر الصَّلاح والخير. مات رحمه الله في آخر شوّال ظنًّا. 270- أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله1. أبو العباس بن العريف، الصّنْهاجيّ، الأندلسيّ، الصُّوفيّ، الزّاهد، من أهل المَرِيَّة. روى عن: يزيد مولى المعتصم، وعمر بن أحمد بن رزق، وعبد القادر بن محمد القَرْويّ، وخَلَف بن محمد بن العربيّ، وجماعة. قال ابن بَشْكُوال: كانت عنده مشاركة في أشياء من العلم، وعناية بالقراءات،

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 81"، سير أعلام النبلاء "20/ 111، 114"، الوافي بالوفيات "8/ 133-135".

وجَمْع الرّوايات، واهتمامٌ بطُرُقها وجُملتها. وقد استجاز منّي تأليفي هذا، يعني "الصّلة" وكتبه عنّي. واستجزتُه أنا أيضًا، ولم أَلْقه. وكان متناهيًا في الفضْل والدّين، منقطعًا إلى الخير، وكان العبّاد وأهل الزُّهد يقصدونه ويألفونه، فيحمدون صُحْبَتَه. سُعي به إلى السّلطان، فأمر بإشخاصه إلى حضرته بمَراكش، فوصلها، وتُوُفّي بها ليلة الجمعة الثّالث والعشرين من صَفَر، واحتفل النّاس لجنازته، وندِم السّلطان على ما كان منه في جانبه. وظهرت له كرامات. قلت: وُلِد ابن العريف في سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، وكان العُبّاد يأتونه ويجتمعون لسماع كلامه في العرفان، وبَعُدَ صِيتُه، فثار الحسدُ في نفوس فقهاء بلده، فرفعوا إلى السّلطان أنّه يروم الثّورة والخروج كما فعل ابن تُومَرت، فأرسل ابن تاشفين إليه وقيّده، وحُمِل إلى مَرّاكُش، فتُوُفّي في الطريق عند مدينة سلا. أمّا شيوخه: خَلَف، وعمر، فأخذا عن أبي عَمْرو الدّانيّ، وقد لبس الخرقة من أبي بكر عبد الباقي بن بريال؛ وصحب ابن بريال أبا عَمْرو الطَّلَمَنْكيّ. وآخر من بقي من أصحاب ابن العريف الزّاهد موسى بن مَسْدي. 271- إبراهيم بن أحمد بن محمد1. الإمام، العلامة، أبو إسحاق المَرْوَرَّوْذيّ، الشّافعيّ. تفقه على الإمام ابن المظفَّر السّمعانيّ، وغيره. وصارت إليه الرحلة بمَرْو لقراءة الفِقْه عليه. تفقّه عليه أبو سعد السّمعانيّ، وغيره. قُتِلَ بمَرْو، رحمه الله، في ربيع الأول في وقعة الخوارزم شاه، وله ثلاثٌ وثمانون سنة. قال أبو سعد السّمعانيّ: كان أبي أوصى بنا إليه، وكان يقوم بأمورنا أَتمّ قيام. وكان من العلماء العاملين.

_ 1 الأنساب "9/ 325"، الكامل في التاريخ "11/ 86"، طبقات الشافعية الكبرى "7/ 31، 32".

علّقت عنه كتاب الطّهارة، وسمعت منه الكثير، وحدَّث بالكُتُب الكبار. سمع بمَرْو الرُّوذ من جماعة. 272- إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث1. الحافظ أبو القاسم ابن السَّمَرْقَنْديّ. ولد بدمشق سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة في رمضان. وسمع من: أبي بكر الخطيب، وعبد الدّائم بن الحَسَن، وأبي نصر بن طلاب، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبي الحَسَن بن أبي الحديد، وغيرهم. ثمّ رحل به وبأخيه عبد الله، أبوهما المقرئ أبو بكر إلى بغداد في حدود سنة تسعٍ وستين وأربعمائة، وسكنوها. وسمع بها من: ابن هَزَارْمَرْد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، وعبد العزيز بن عليّ السُّكريّ، وعبد الباقي بن محمد العطّار، وأبي نصر الزَّيْنبيّ، وابن البُسْريّ، ورزق الله، وخلق كثير. وعُنِي بالرواية، وقدِم دمشق زائرًا بيتَ المقدس، وسمع من مكّيّ الرُّمَيْليّ، وطال عُمره، وروى الكثير. حدَّث عنه: أبو سعْد السَّمْعانيّ، وأبو القاسم بْن عساكر، والأعزّ بن عليّ العَبْديّ، وإسماعيل بن أحمد الكاتب، وسعيد بن محمد بن محمد بن عطّاف، ويحيى بن ياقوت الفرّاش، وعمر بن طَبَرْزَد، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وأبو الرضا محمد بن أبي تمّام بن الزوا الهاشميّ، وأبا الحَسَن بن عليّ بن أحمد بن هُبَل، وعبد العزيز بن الأخضر، وسليمان بن محمد المَوْصِليّ، وموسى بن سعيد بن الصَّيْقَل الهاشميّ، وخلْق سواهم. قال ابن السّمعانيّ: قرأت عليه الكُتُب الكبار والأجزاء، وسمعت الحافظ أبا العلاء العطّار بهَمَذَان يقول: ما أعدل بأبي القاسم الفقيه ابن السَّمَرْقَنْديّ أحدًا من شيوخ العراق، وخُراسان. وقال أبو شجاع عمر البِسْطاميّ: أبو القاسم إسناد خراسان، والعراق.

_ 1 المنتظم "10/ 98"، الكامل في التاريخ "11/ 90"، سير أعلام النبلاء "20/ 28، 31".

وقال أبو القاسم: ما بقي أحدٌ يروى "مُعْجَم ابن جُمَيْع" غيري ولا بدمشق، ولا عن عبد الدّائم بن الحَسَن غيري. ثمّ قال: وأعْجبُ ما في الأمر أنْ عشْتُ بعدهُمْ ... عَلَى أنّهم ما خلَّفوا فيَّ مِن بطشِ وقال ابن عساكر: كان ثقة، مُكْثِرًا، صاحب أصول، وكان دلّالًا في الكُتُب. وسمعته يقول: أنا أبو هريرة في ابن النَّقُّور، فإنّه قَلّ جزءٌ عندي قُرِئ عليه إلّا وقد سمعته مرارًا. قال ابن عساكر: وعاش إلى أنّ خَلَت بغداد، وصار محدّثها كثرةً وإسنادًا، حتّى صار يطلب العوَض على التّسميع بعد حرْصه على التّحديث. وقد أملى في جامع المنصور الْجُمَعَ زيادةً على ثلاثمائة مجلس. وكان له بخت في بيع الكُتُب. باع مرة "صحيحي البخاري" و"مسلم" في مجلَّدة لطيفة. بخطّ الحافظ أبي عبد الله الصُّوريّ بعشرين دينارًا. وقال لي: وقعت عليَّ هذه المجلَّدة بقيراط؛ لأنّي اشتريتها وكتابًا آخر معها بدينار وقيراط، فبعت ذلك الكتاب بدينار. قال السلفي: وأبو القاسم ابن السَّمَرْقَنْديّ ثقة، له أنس بمعرفة الرجال، دون معرفة أخيه الحافظ أبي محمد. وقال ابن ناصر: كان دلالًا، وكان سيئ المعاملة، يُخاف من لسانه وكان ذا مخالطةٍ لأكابر البلدة وسلاطينها بسبب الكُتُب. وقد قدِم دمشق بعد الثّمانين، وسمع من الفقيه نصر، وأخذ عنه أبو محمد بن صابر، وغيره. وقال ابن السَّمَرْقَنْديّ: ورواه عنه ابن الجوزيّ بالإجازة، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوم، كأنه مريض وقد مدّ رِجْلَيه: فدخلتُ وجعلتُ أقبّل أخمص قدميه، وأمرّغ وجهي عليها.

فذكرته لأبي بكر ابن الخاضبة فقال: أَبْشِر يا أبا القاسم بطول البقاء وبانتشار الرّواية عنك، فإنّ تقبيل رِجْلَيه اتِّباعُ أَثَره، وأمّا مرضه فوهنٌ في الإسلام. فما أتى على هذا إلّا قليل حتّى وصل الخبر أنّ الفرنج استولت على بيت المقدس. تُوُفّي فِي السادس والعشرين من ذي القِعْدة، ودُفن بباب حرب. 273- إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد1. أبو سعيد البُوشَنْجيّ، الفقيه الشّافعيّ. نزيل هَرَاة. سمع: أبا صالح المؤدب، وأبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وحمْد بن أحمد. وقدم بغداد بعد الخمسمائة، فسمع: أبا عليّ بن نبهان، وغيره. وتفقه وبرع في المذهب، ودرس وأفتى، وصنَّف التّصانيف. قال ابن السّمعانيّ: كان كثير العبادة، خَشِن العَيْش، قانعًا باليسير. سمعتُ منه؛ وعاش خمسًا وسبعين سنة. قال عبد الغافر في "ذيله": شاب نشأ في عبادة الله، مَرْضيّ السِّيرة على مِنْوال أبيه. وهو فقيه، مناظر، مدرّس، زاهد. "حرف الجيم": 274- جميل بن تمّام2. المقدسيّ. أبو الحَسَن الطّحّان، المقرئ. حدَّث عن رجلٍ، عن عبد العزيز الكتّانيّ. روى عنه: الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخه.

_ 1 المنتخب من السياق "151"، المنتظم "10/ 99"، الأنساب "5/ 78". 2 مختصر تاريخ دمشق "6/ 112"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 398".

"حرف الحاء": 275- الحَسَن بن عبد الرحيم بن أحمد1. المعلّم البزّاز، المَرْوَزِيّ. سمع: أبا الخير الصّفّار. قُتِلَ في ربيع الآخر في الوقعة الخُوَارَزمشاهيَّة بمَرْو، عن نيفٍ وسبعين سنة. سمع من السّمعانيّ. 276- الحسين بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن فُطَيْمَة2. أبو عبد الله بن أبي حامد البيهقي، الخسروجردي، القاضي قاضي بَيْهق. وبَيْهق: ناحية من أعمال نَيْسابور، قصبتها خسروجرد. ولد قبل الخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا بكر البَيْهقيّ، وأبا القاسم القُشيريّ، وأبا سعيد بن محمد بن عليّ الخشّاب، وأبا منصور محمد بن أحمد السُّوريّ، وأبا بكر محمد بن القاسم الصّفّار، وأبا بكر أحمد بن منصور المغربيّ، وطائفة. يروي عنه: أبو سعد السمعاني، وابن عساكر، وغير واحد. قال ابن السّمعانيّ: هو شيخ مُسِنّ، كثير السَّماع، حَسَن السّيرة، مليح المجالسة، كيِّس، ما رأيت أخفّ روحًا منه، مع السّخاء والبَذْل، سمعت منه الكثير، وكتب لي أجزاء بخطّه. ومن أعجب ما رأيت منه أنّه ما كان له الأصابع العشْر، فإنّها قُطِعت بكرْمان لعلةٍ لحِقَتْها، فكان يأخذ القلم بكفَّيْه، ويترك الورق تحت رِجله، ويكتب بكفَّيْه خطًا مليحًا، من أسرع ما يكون. وكان يكتب كلّ يومٍ خمس طاقات خطًّا واسعًا، مقروءًا.

_ 1 التحبير "1/ 202". 2 التحبير "1/ 222-225"، سير أعلام النبلاء "20/ 60، 61"، طبقات الشافعية الكبرى. "4/ 214".

وقد تفقه بمَرْو على جدّي الإمام أبي المظفر. وحج بعد العشرين وخمسمائة. وتُوُفّي بخسروجرد في ثالث عشر رمضان. وقد سمع من البيهقيّ كتاب "معرفة السُّنَن والآثار". وحكى ابن السّمعانيّ أنّه بالَغَ في إكرامه جدًّا، فقال: خرجت إلى قصْد أصبهان، فتركت القافلة، وعرَّجت إلى خسروجرد مع رفيقٍ لي راجِلَيْن، فلمّا دخلنا دار الحسين سلّمنا على أصحابه، وما التفت إلينا أحدٌ. ثمّ خرج إلينا فاستقبلناه، فأقبل علينا وقال: فيم جِئْتم؟ قلت: لنقرأ عليك جزأين من "معرفة الآثار" للبَيْهقيّ. فقال: لعلكم سمعتم الكتابَ من الشَيخ عبد الجبار، وفاتكم هذا القدر. قلت: بلى. وكان في الجزأين فَوْتًا لعبد الجبّار فقال: تكونون عندي اللّيلة، فإنّ لي مُهِمًّا، أريد أنّ أخرج إلي سَبْزَوَار فإنّ ابني كتب إليَّ: أنّ ابن أستاذي خارجٌ في هذه القافلة، فأريد أنّ أسلّم عليه، وأسأله أنّ يكون عندي أيّامًا. وسمّاني، فتبسّمت، فقال: تعرفه؟ فقلت: هو بين يديك. فقام وبرك وبكى، وكان يقبّل رِجْلَيَّ، ثمّ أخرج الكُتُب والأجزاء، ووهبني بعض أُصوله، فكنت عنده ثلاثة أيّام. "حرف الخاء": 277- خاتون1. زوجة المستظهر بالله أمير المؤمنين، وزوجة صاحب كِرْمان. قال ابن الجوزيّ: كانت دارها حِمى. ولها الهيئة والأصحاب. وورد الخبر إلى بغداد بموتها، فعُقد لها العزاء في الدّيوان يومين.

_ 1 المنتظم "10/ 100".

"حرف السين": 278- سعيد بن أحمد بن سليمان1. أبو الحَسَن المالكيّ، النَّهْرفَضْليّ، البصْريّ، نزيل بغداد. شيخ صالح، قرأ طرفًا من مذهب مالك. وقرأ بالرّوايات. وكان صابرًا على الفقر. سمع: أبا الفضل بن خَيْرون، وعبد المحسن الشيحيّ بن البَطِر. روى عنه: ابن السّمعانيّ، وقال: تُوُفّي في رمضان. 279- سعيد بن محمد بن منصور2. الفارسيّ، ثمّ الطُّوسيّ، الواعظ، أبو منصور. سمع: عبد الرحمن بن الواحديّ، وأبا بكر بن خَلَف، وجماعة. وأخذ عنه: أبو سعد الحافظ، وقال: مات في ذي القعدة. 280- سهل بن الحَسَن بن محمد3. أبو العلاء البِسْطاميّ، الصُّوفيّ، المعروف بالكافي، نزيل دمشق. أقام مدَّةً بسُمَيْساطية. من بيت خَطَابة وقضاء. روى عن أبيه، عن أبي عثمان الصّابونيّ. روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ. تُوُفّي في صَفَر بدمشق.

_ 1 معجم البلدان "5/ 322". 2 التحبير "1/ 308" 3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "10/ 220، 221".

"حرف الشين": 281- شريفة بنت أبي عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفُرَاويّ. النَيْسابُورية1. سمعت: عثمان بْن محمد المَحْمِيّ، وأبا بَكْر بْن خَلَف، والصّرّام. كتب عنها السّمعانيّ، وقال: ماتت في عَشْر السّبعين. "حرف العين": 282- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ المعزّم. أبو الحسين الهَمَذانيّ، الضّرير، أخو أبي زيد. صالح، سمع: أبا إسحاق الشّيرازيّ، وغيره. مات في شوّال. 283- عبد الجبّار بن محمد بن أحمد2. الخُوَاريّ، البَيْهقيّ، أبو محمد. وخوار: بُليْدة من أعمال الرّيّ. كان إمام الجامع المَنِيعيّ بنَيْسابور. وكان مُفْتيًا، عالمًا، يعرف مذهب الشّافعيّ، وفيه تَواضُع وخير. وُلِد سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة. وتفقه عند إمام الحَرَمين أبي المعالي. وسمع: أبا بكر البَيْهقيّ، وأبا الحسين عليّ بن أحمد الواحديّ، وأخاه أبا القاسم عبد الرحمن بن أحمد، وأبا القاسم القُشيريّ، وغيرهم. روى عنه: ابن عساكر، وابن السمعاني، وأبو الخير أحمد بن إسماعيل القَزْوينيّ، وأبو الفضائل محمد بن فضل الله السّالاريّ، وأبو سعد عبد الله بن عمر

_ 1 المنتخب من السياق "256"، التحبير "2/ 416"، أعلام النساء "2/ 296". 2 الأنساب "5/ 196"، سير أعلام النبلاء "20/ 71، 72"، النجوم الزاهرة "5/ 270".

الصّفّار، ومنصور بن عبد المنعم الفُرَاويّ، وأبو المحاسن أحمد بن محمد الشَّوكانيّ الحافظ، وأبو الحَسَن المؤيِّد الطُّوسيّ، وآخرون. قال ابن السّمعانيّ: فمن جُملة ما سمعت منه بنَيْسابور كتاب "معرفة السُّنَن والآثار" للبَيْهقيّ في خمس مجلَّدات، ورأيت في جزأين منه سماعًا مُلْحقًا. وذكر أبو محمد عبد اللَّه بْن محمد بْن حبيب الحافظ أنّه طالع أصل البَيْهقيّ، فلم يجد سماع شيخنا عبد الجبار في جزأين. وذكر شيخنا عبد الجبّار أنّه وجدّ سماعه بالجزأين. وأنا قرأت الجزأين بِبَيْهق على القاضي الحسين بن أحمد بن فُطَيْمَة. وكان الكتاب كلّه سماعه. قال ابن حبيب العامريّ المذكور: تصفّحت الكتاب ورقةً ورقة، فوجدت سماعه، إلا في جزأين، أحدهما الخامس والأربعون، وهو من أوّل كتاب النّكاح إلى آخر تَسَرّي العبد، والجزء السّادس والخمسون، أوّله ترجمة ما يحرم من الإسلام، وآخره حَدّ اللِّواط. وسماعه في سنة ثلاثٍ وخمسين، وأكثره بقراءة والده محمد. قال السّمعانيّ: وكتب شيخنا عبد الجبّار بخطّه: قد وجدت في الأصل سماعنا في الجزء الخامس والأربعين، والجزء السّادس والخمسين من الأصل وقت قراءة الكتاب عليَّ من نسخة الأصل بنَيْسابور في شهور سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. كتبه عبد الجبّار بن محمد، بعد وقوفه على سماع جملة الكتاب على المصنّف. تُوُفّي، رحمه الله، في تاسع عشر شعبان. 284- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد1. أَبُو الفُتُوح السَّلْمُويّي، اللّبّاد. من فقهاء نَيْسابور. تفقه على أبي نصر عبد الرحيم بن القشيري.

_ 1 الأنساب "7/ 116".

وبمَرْو على أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن منصور السمْعاني. وكان إمامًا، زاهدًا، قُدوة، تقّيًا، منقبضًا، قانعًا، كبير القدر، كثير الأسفار. سكن كِرْمان، وانتقل إلى أصبهان فتُوُفّي بها. حدَّث بمَرْو عن الشّيرُويّيّ. وكان مولده في سنة سبعٍ وسبعين وأربعمائة. وتُوُفّي في رمضان بمدينة جَيّ. 285- عبد السلام بن عبد الرحمن بْنُ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1. أبو الحَكَم اللَّخْميّ، الإفريقيّ، المغربيّ، ثمّ الإشبيلي. الصُّوفيّ، العارف، المعروف بابن بَرَّجان. سمع "صحيح البخاريّ" من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن منظور. وحدَّث به. روى عنه: أبو القاسم القَنْطَريّ، وأبو محمد عبد الحقّ الإشبيليّ، وأبو عبد الله بن جليل القيسي. وآخرون. ذكره أَبُو عَبْد الله الأَبّار فقال: كان من أهل المعرفة بالقراءات، والحديث، والتَّحقُّق بعِلم الكلام، والتّصوُّف، مع الزُّهْد، والاجتهاد في العبادة. وله تواليف مفيدة، منها: "تفسير القرآن" لم يكمله، و"شرح أسماء الله الحُسْنَى". وقد رواهما عنه أبو القاسط القَنْطَريّ. تُوُفّي بمَرّاكُش مُغَرَّبًا عن وطنه في هذه السّنة. وقبره بإزاء قبر الزّاهد أبي العبّاس بن العريف. 286- عبد الكريم بن عبد المنعم بن هبة الله2.

_ 1 سير أعلام النبلاء "20/ 72-74"، لسان الميزان "4/ 13، 14"، النجوم الزاهرة "5/ 270"، 2 التحبير "1/ 478".

أبو طالب بن الطَّرَسُوسيّ، الحلبيّ، الفقيه. سمع أباه أبا البركات. كتب عنه: السّمعانيّ، وقال: ولد سنة أربعٍ وخمسين وأربعمائة. قلت: مات تقريبًا في هذا العام. 287- عَبْد الوهاب ابن الشَيخ أَبِي الفَرَج عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بن عليّ الأنصاريّ1. شَرَفُ الإسلام، أبو القاسم الشّيرازيّ، ثمّ الدّمشقيّ. الفقيه، الحنبليّ، الواعظ. كان شيخ الحنابلة بدمشق بعد والده. وكان له القبول التام في وعظه. وبَعَثَه السّلطان رسولًا إلى المسترشد بالله يستنجده على الفرنج خذلهم الله. وقد روى شيئًا من مسند أحمد بالإجازة عن أبي طالب عبد القادر بن يوسف. وتُوُفّي في صَفَر بدمشق. ووقف المدرسة الحنبلية الّتي قُدّام الرّواحيَّة بدمشق، وكان رئيسًا محتشمًا، عالمًا. قال حمّاد الحَرّانيّ: سمعتُ السِّلَفيّ يُثْني عليه ويقول: كان فاضلًا له لَسَن. وكان كبيرًا في أعيُن النّاس والسّلطان. وكان متقدمًا، وكان ثقة. سمع من والده، ومن غيره. وقال أبو يَعْلَى حمزة أُصيب بمرضٍ حادّ أضعفه، وكان على الطّريقة المَرْضِيَّة، والخِلال الرَّضِيَّة ووُفُور العِلْم، وحُسْن الوعظ، وقوَّة الدّين. وكان يوم دفْنه يومًا مشهودًا من كثرة المشيعين له، والباكين عليه.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 90"، سير أعلام النبلاء "20/ 103، 104"، البداية والنهاية "12/ 219".

288- عشائر بن محمد بن ميمون1. أبو المعالي التّميميّ، المَعَرّيّ. نزيل حمص. صالح خيّر. وُلِد سنة خمسٍ وأربعين؛ وحضر جنازة أبي العلاء بالمَعَرَّة. وسمع من: أبي عامر عبد الرّزّاق التَّنُوخيّ. كتب عنه: السّمعانيّ. بقي إلى هذا الوقت بحمص. 289- عليّ بن محمد بن رسلان بن محمد2. أبو الحَسَن المَرْوَزِيّ، الكاتب. كان صاحب بلاغة، وفصاحة، وشِعْر، وترسُّل فائق. ذكره ابن السّمعانيّ، فقال: لعله ما رأى مثل نفسه في فنّه. وسمع من إسماعيل بن أحمد البَيْهقيّ. وكتب لي من شِعْره. وسمعت أنّ قصيدة أكثر من أربعين بيتًا كانت تُقرأ عليه فيحفظها في نوبةٍ واحدة. قُتِلَ بمَرْو في الوقعة الخُوارَزْمشاهيَّة في ربيع الأوّل، وله نيفٌ وأربعون سنة. 290- عمر بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز بْن مازَة3. أبو حفص بن أبي المَفَاخر البخاريّ. علامة ما وراء النهر.

_ 1 التحبير "1/ 615، 616". 2 الكامل في التاريخ "11/ 87"، عيون التواريخ "12/ 372". 3 الكامل في التاريخ "11/ 86"، سير أعلام النبلاء "20/ 97"، النجوم الزاهرة "5/ 268".

تفقه على والده العلّامة أبي المَفَاخر. وبرع في مذهب أبي حنيفة، وصار شيخ العصر. وحاز قَصَب السَّبق في عِلم النَّظر. ورأى الخصوم وناظرهم، وظهر عليهم، وصار السّلطان يصدر عن رأيه. وعاش في حرمةٍ وافرة، وَقَبُولٍ زائد، إلى أن رزق الله الشّهادة على يد الكَفَرَة، بعد وقعة قَطَوَان وانهزام المسلمين. قال ابن السّمعانيّ: سمعت أنّه لمّا خرج هذه النَّوْبة كان يودّع أصحابه وأولاده وداع من لَا يرجع إليهم. فرحِمه الله تعالى ورضي عنه. سمع: أباه، وعليّ بن محمد بن خِدَام. وحدَّث. ولقِيتُه بمَرْو، وحضرتُ مناظرته. وقد حدَّث عن جماعةٍ من البغدادين كأبي سعد أحمد بن الطُّيُوريّ، وأبي طالب بن يوسف. وكان يُعرف بالحُسام. وُلِد سنة ثلاثٍ وثمانين وأربعمائة. وسمع منه: أبو عليّ الحَسَن بن مسعود الدّمشقيّ ابن الوزير، وغيره. وتفقه عليه خلْق، وقتل صبرًا بسمرقند في صفر في سنة ستٍّ وثلاثين. وقيل: بل قُتل في الوقعة المذكورة. وكان قد تجمّع جيوشٌ لَا يُحْصَوْن من الصّين، والخِطا، والتُّرك، وعلى الكُلّ كوخان، فساروا لقصد السّلطان سَنْجَر. وسار سَنْجَر في نحو مائة ألفٍ من عسكر خُراسان، وغَزْنَة، والغور، وسجسْتان، ومازَنْدَران، وعَبَر بهم نهر جَيْحُون في آخر سنة خمسٍ وثلاثين، فالتقى الجيشان، فكانا كالبحرين العظيمين يوم خامس صَفَر. وأبلى يومئذٍ صاحب سجِسْتان بَلاءً حَسَنًا، ثمّ انهزم المسلمون، وَقُتِلَ منهم ما لَا

يُحصى، وانهزم سَنْجَر، وأُسِر صاحب سجِستان، وقماج مقدَّم ميمنة المسلمين، وزوجة سَنْجَر، فأطلقهم الكفار. قال ابن الأثير: وممّن قُتِلَ الحُسَام عُمَر بن مازَة الحنفيّ، المشهور. قال: ولم يكن في الإسلام وقعةٌ أعظم من هذه، ولا أكثر ممّن قُتِلَ فيها بخُراسان. واستقرت دولة الخِطا، والتُّرك الكُفار بما وراء النَّهر، وبقي كوخان إلى رجب سنة سبعٍ وثلاثين فمات فيه. 291- عمر بن محمد1. أبو حفْص المَرْوَزِيّ، الناطفي. كان بعمل النّاطف، وكان رجلًا صالحًا، نيَّف على الثمانين. وروى عن: عليّ بن موسى المُوسَوِيّ، وجماعة. وعنه: أبو سعد السمعاني. 292- عمر بن محمد بن بدر. أبو الحَسَن الهَمَذانيّ، الغَرْناطيّ. سمع "الموطّأ" من ابن الطّلاع، وتفقه أبي الوليد بن رُشْد. وكان صالحًا زاهدًا. روى عنه: أبو جعفر بن شراحيل، وغيره. "حرف الفاء": 293- الفضل بن إسماعيل بن الفُضَيل بن محمد. الفُضَيليّ، الهَرَويّ، أبو عاصم. سمع: أبا عطاء عبد الرحمن الجوهريّ، وكلاب البُوسَنجيّ، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وطائفة. مات سنة نيفٍ وثلاثين تقريبًا.

_ 1 التحبير "1/ 540، 541"، معجم البلدان "3/ 376".

"حرف الميم": 294- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن أسود1. أبو بكر الغسّانيّ، الأندلسيّ، المَرِيّيّ. روى عن: الحافظ أبي عليّ الغسّانيّ، وغيره. له رحلة سمع فيها من أبي بكر الطُّرْطُوشيّ، المالكيّ، وأبي الحَسَن بن شرف. ووُلي قضاء مَرْسِيَة مدَّة طويلة، ولم تُحمد سيرتُهُ. ثمّ صُرِف. وسكن مَراكُش، وبها تُوُفّي في رجب. 295- محمد بن أصْبَغ بن محمد بن محمد بن أصْبَغ2. قاضي الجماعة بقُرْطُبة وخطيبها أبو عبد الله. خاتمة الأعيان بقُرْطُبة. روى عن أبيه واختصّ به. وقرأ بالرّوايات على أبي القاسم بن مدير المقرئ. وسمع من: محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني. وجالس أبا علي بن سكرة. قال ابن بَشْكُوال: كان من أهل الفضل الكامل، والدّين، والتّعاون والعفاف، والوقار، والسَّمُت الحَسَن، والهَدْي الصّالح. وكان مجوّدًا للقرآن، عالى الهمَّة، عزيز النَّفْس. مخزون اللّسان، طويل الصّلاة، واسع الكفّ بالصِّلات، كثير المعروف والخيرات، معظَّمًا عند الخاصَّة والعامَّة. وصُرِف في الآخر عن القضاء، وأقبل على التدريس وإسماع الحديث.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 553"، المقفى الكبير "5/ 48"، نفح الطيب "2/ 261". 2 الصلة "2/ 585-587"، بغية الملتمس "61، 62".

وتُوُفّي في الثّاني والعشرين من رمضان. من أبناء السّتين. 296- محمد بن جعفر بن مهران1. أبو بكر التّميميّ، الأصبهانيّ. سمع: عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، والمطهَّر البُزَانيّ. وعنه: سليمان الموصلي، لقيه زمن الحج. 297- محمد بن الحسن بن خلف بن يحيى2. أبو بكر بن برنجال. رحل بعد الخمسمائة. وسمع من: محمد بن الوليد الطُّرْطُوشيّ، ومحمد بن منصور الحضْرميّ. وكان من أهل الحفظ والدّراية. تُوُفّي في رجب، وقد نيَّف على الخمسين. 298- مُحَمِّد بن الحسين بن مُحَمِّد3. أبو الخير التكريتي، الملقب بالترك. من أهل رباط الزوزني ببغداد. سمع من: جعفر السّرّاج. 299- محمد بن سليمان بن مروان4. أبو عبد الله القَيسيّ، المعروف بالبوني، نزيل بلنسية. أحد الأئمة.

_ 1 المنتظم "10/ 100". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 584، 585". 3 المنتظم "10/ 100". 4 الصلة لابن بشكوال "2/ 584".

روى عَنْ: أبي عليّ الغسّانيّ، وأبي داود بن نجاح، وأبي الحسن بن الدّوش، وابن الطلاع، وأبي علي الصدفي، وطائفة. قال ابن بَشْكُوال: كانت له عناية كبيرة بالعِلم والرّواية والدّين. مات رحمه الله في صفر سنة ستّ بالمَرِيَّة. 300- محمد بْن عَبْد المَلِك بْن عَبْد العزيز1. أَبُو بكر القُرْطبيّ، اللّخْميّ. أصله من إشبيلية. روى عن: أبي عبيد البكري، وأبي علي الغساني، وأبي الحسين بن سراج. وكان رأسا في اللغة والعربية، ومعاني الشعر، والبلاغة. كاتبا مجيدا. توفي في نصف ذي الحجَّة. 301- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد. أبو طاهر الأنصاري، الدباس. سمع من أبي طاهر بن عبد الكريم بن رزمة، عن أبي الحسين بن بشران كتاب "مداراة الناس" لابن أبي الدنيا. وكان رجلًا صالحًا. روى عنه: سعد الله بن الوادي، وأبو سعد السمعاني، وعلي بن إبراهيم الواسطي. قال ابن النجار: تُوُفّي فِي ذي الحجَّة. 302- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عُمَر بْن مُحَمَّد2. أَبُو عَبْد الله التّميميّ، الفقيه، المازَرِيّ المحدّث، أحد الأئمة الأعلام.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 587". 2 معجم البلدان "5/ 40"، سير أعلام النبلاء "20/ 104-107"، شذرات الذهب "4/ 114".

مصنّف شرح "صحيح مسلم"، وأسمعه المعلّم بفوائد كتاب مسلم. وله كتاب "إيضاح المحصول في الأُصول". وله مصنَّفات في الأدب. وكان من أهل الحِفْظ والإتقان. تُوُفّي في ربيع الأوّل سنة ستّ، وله ثلاثٌ وثمانون سنة. ومَازَرْ بفتح الزّاي، وقد تُكْسِر، بُليدة بجزيرة صَقَلية. روى عنه: عِياض القاضي، وأبو جعفر بن يحيى الفَرَضيّ الوزعيّ. مولده بالمَهْدِية من إفريقيَّة، وبهامات. وألّف كتابًا في شرح "التّلقين" لعبد الوهّاب، في عشر مجلَّدات، وهو من أنفس الكُتُب. بَلَغَنا أنّ المازَرِيّ مرض في أثناء عمره فلم يجد من يعالجه إلّا يهوديّ، فلمّا عُوفي على يده قال اليهودي: لولا التزامي بحِفْظ صناعتي لأعدمتك المسلمين. فأثَّر هذا عند المازَرِيّ، وأقبل على تعلُّم الطّبّ حتّى برع فيه في زمن يسير، وصار يُفتي فيه كما يُفْتي في العِلم، رحمه الله. 303- مُحَمَّد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن السَّكَن. أبو طالب بن المعوّج المراتبيّ. من أهل البيوتات ببغداد. سمع: أَبَا محمد الصَّرِيفينيّ، وأبا القاسم بن البُسْريّ، وجماعة. سمع منه: ابن السَّمْعانيّ، وغيره. وكان من غُلاة الشّيعة. تُوُفّي في أحد الربيعين. 304- محمد بن الفضل بن محمد بن أحمد1. أبو سهل الأبيوردي، العطار.

_ 1 التحبير "2/ 206، 207".

شيخ صالح، عفيف، عابد، من أهل نَيّسابور. سمع: أبا القاسم القُشَيْريّ، وأبا صالح المؤدب، وأبا سهل الحفْصيّ. وتُوُفّي في رجب. روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، والرّحَّالون. وكان والده من كبار مشيخة نَيْسابور. 305- محمد بن كامل بن دَيْسَم بن مجاهد1. أبو الحَسَن النَّضريّ، المقدسيّ. سمع من أبيه، ومن نصر المقدسيّ وتفقه عليه بصُور، فلم يَنْجُب. وأجاز له أبو بكر الخطيب. وكان شاهدًا، فاتهم بشهادة الزُّور، وأسقطه خال ابن عساكر أبو المعالي محمد بن يحيى قاضي دمشق. ورُتِّبَ على ختْم دار الوكالة. وكان يرتزق من المَكْس. روى عَن: ابن عساكر، وابنه القاسم بن علي، والسمعاني، وجماعة. وتوفي في ذي القعدة. قال السَّمْعانيّ: وأجاز له أبو جعفر ابن المسلمة، وأبو عليّ غلام الهرّاس، فأجاز له جميع القراءات. 306- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بن أحمد بن عمر2. أبو الحسين السَّهْلَكي، خطيب بِسطام، إحدى مدن قُومِس. كان بارعًا في الأدب. سمع: أبا الفضل محمد بن عليّ السَّهْلكيّ، ونظام المُلْك، ورزق الله التميمي.

_ 1 التحبير "2/ 213-216"، مختصر تاريخ دمشق "23 / 176". 2 المنتظم "10/ 100".

قال ابن السَّمْعانيّ: كتبت عنه ببِسطام. تُوُفّي في ربيع الأوّل ببَسطام. 307- محمد بن مغاور بن حَكَم بن مغاور. أبو عبد الله السلمي، الشاطبي. يروي عَنْ: أبيه، وأبي جعفر بن جحدر، وأبي عمران بن أبي تليد، وابن سُكَّرَة، وأبي الحَسَن بن الدّوش. وكان بصيرًا بالمذهب، رأسًا في الفتوى، جمّ الفوائد. تُوُفّي في شوّال عَنْ ثمانٍ وخمسين سنة. 308- محمد بن مفرّج بن سليمان1. الشيخ أبو عبد الله الصّنْهاجيّ. سمع يسيرًا من: أبي الوليد الباجيّ، وأبي عبد الله بن شبرين. وأخذ عنه: القاضي عِياض. 309- محمود بْن أَحْمَد بْن عَبْد المنعم بْن أحمد بن محمود ماشاذة2. أبو منصور الأصبهاني، الواعظ، الفقيه. وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة. وتفقه على: أبي بكر الخُجَنْديّ. وارتفع أمره وعرض جماعة، وصار المرجع إليه. وكان يعظ ويفسّر بفصاحة. ووعظ ببغداد بعد العشْرين، وحدَّث. روى عنه: أبو موسى المديني، وابن السمعاني، وسِبْطه داود بن محمد بن أبي منصور، وجماعة.

_ 1 تكملة الصلة لابن الأبار "1/ 438"، الغنية للقاضي عياض "86، 87". 2 الأنساب "3/ 341"، المنتظم "10/ 101"، سير أعلام النبلاء "20/ 128، 129".

روى عَنْ: شجاع، وأحمد ابني المَصْقَليّ، وعائشة الوَرْكانيَّة، وأبي جعفر السَّمْعانيّ، وأبي بكر بن سُلَيْم. وتُوُفّي في حادى عشر ربيع الآخر بأصبهان، وعُقِد له العزاء ببغداد. قال ابن السَّمْعانيّ: إمام، مفسر، واعظ، حُلْو الكلام، مليح الإشارة. كان له التّقدُّم والجاه العريض، والحشمة وصار أوحد وقْته، والمرجوع إليه في بلده. وطُعن بالسِّكّين عدَّة نُوَب، وحماه الله بفضله، ولم يؤثّر فيه ذلك. وكان كثير الصّلاة والذّكْر. 310- المختار بن عبد الحميد بن منتصر1. أبو الفتح البُوسَنْجيّ، الأديب. صاحب "الوفيات". سمع من جدّه لأمّه جمال الإسلام أبي الحَسَن الداودي. تُوُفّي في رمضان. وقد قارب الثّمانين. 311- مُرجان الحبشيّ الخادم. أبو الحَسَن، مولى المقتديّ أمير المؤمنين. سمع من: النّعاليّ، وابن البيع. روى عنه: يوسف بْن المبارك بن كامل. وكان صالحًا عابدًا، جاور مدَّة. وتُوُفّي في شعبان. 212- مُظَفَّر بن القاسم بن المظفَّر بن عليّ2.

_ 1 التحبير "2/ 292، 293"، معجم البلدان "1/ 579"، التقييد لابن نقطة "461". 2 تاريخ إربل "1/ 221، 222".

أبو منصور بن الشَّهْرُزُوريّ. وُلِد بإربل سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة، ونشأ بالموصل. وقدم بغداد، وتفقه بها على الشيخ أبي إسحاق، وسمع منه ومن أبي نصر الزَّيْنبيّ. ثمّ رجع إلى الموصل، وولي قضاء سَنْجَار، وسكنها وكان قد أسنّ. سمع منه ابن السَّمْعانيّ سنة 34 ببغداد، وسنة خمسٍ بسَنْجَار، وقال: كان شيخًا، فاضلًا، كثير العِبادة. قلت: تُوُفّي تقريبًا سنة ستّ. "حرف النون": 313- نصر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن محمد بن مَخْلَد بن أحمد بن خَلَف بن مَخْلَد بن امرئ القيس1. أبو الكَرَم الأَزْديّ، الواسطيّ ابن الْجَلَخْت. سمع: أباه، وأبا تَمَّام عليّ بن محمد العَبْديّ، القاضي، وأبا الحَسَن عليّ بن محمد الحوزيّ، وسعيد بن كثير الشّاهد. وهو آخر أصحاب أبي تمام. وُلِد سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة. وعنه: ابن السَّمْعانيّ، وقال: انحدرت إليه إلى واسط، وهو شيخ ثقة، صالح، من بيت الحديث. حدَّث ببغداد سنة ستّ عشر. وروى عنه أيضًا: أبو عليّ يحيى بن الربيع، والقاضيّ أبو الفتح المَنْدائيّ، وعلي بن عليّ بن نَغُوبا، والحسين بن عبد العزيز، وعلي بن عبد الله بن فضل الله، وهو آخر من روى عنه، كما أنه آخر من روى عن أبي تمام.

_ 1 الأنساب "3/ 278، 279"، المنتظم "10/ 101"، سير أعلام النبلاء "20/ 59، 60".

قال فيه خميس الحوزيّ: ثقة صالح. وقال غيره: تُوُفّي في ذي الحجة بواسط. "حرف الهاء": 314- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن طاوس1. أَبُو محمد البغداديّ، ثمّ الدمشقيّ، إمام جامع دمشق. كان مقرئًا مجودًا، حَسَن الأخذ، ضابطًا متصدرًا بالجامع من دهر، ختم عليه خلْق. وقد سمع الكثير بنفسه، ونسخ ورحل وأملى، وكان صدوقًا، صحيح السَّماع. وثّقة ابن عساكر، ووصفه بكثرة السماع، وقال: سمع أباه، وأبا العباس بن قبيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، والفقيه نصر بن إبراهيم. وخرج إلى العراق، وأصبهان في صحبة والده، والفقيه نصر الله المصِّيصيّ في رسالة السّلطان تاج الدّولة تُتُش إلى السّلطان ملكشاه، فسمع من: البانياسي، وعاصم بن الحَسَن، ورزق الله التّميميّ، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وأبي الحَسَن عليّ بن محمد بن محمد الأنباريّ، وأبي منصور محمد بن عليّ بن شكروَية، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وعبد الرّزّاق الحَسناباذيّ، وأبي عبد الله الثّقفيّ. وأقرأ القرآن مدَّة. وكان قد قرأ للسّبعة على والده أبي البركات. وكان مؤذِّنًا في مسجد سوق الأحد، فلما وُلي إمامة الجامع ترك المكتب، وكان صحيح الاعتقاد. ثنا إملاءً: أنا عاصم بقراءتي عليه، فذكر حديثًا. وقال ابن السَّمْعانيّ: سمعت أنّه يقع في أعراض النّاس. وكان بينه وبين الحافظ أبي القاسم الدمشقي شيء، ما صلى على جنازته.

_ 1 المنتظم "10/ 101"، الكامل في التاريخ "11/ 90"، سير أعلام النبلاء "20/ 98، 99".

وقال السِّلفيّ: هو محدّث ابن محدّث، ومُقْرئ ابن مقرئ، وكان ثقة متصاونًا، من أهل العلم. وقال محمد بن أبي الصَّقْر: وُلِد في صفر سنة إحدى وستين وأربعمائة. وقال ابن السَّمْعانيّ: تُوُفّي ضَحْوة يوم الجمعة سابع عشر المحرم، وصلينا عليه بعد الصّلاة، وشيَّعْتهُ إلى أن دُفن في مقبرةٍ له بباب الفراديس. وكان الخلْق كثيرًا. قلت: روى عنه: ابن عساكر، والسِّلفيّ، وابن السَّمْعانيّ، وابنه الخضر بن هبة الله، وأبو الفَرَج ابن الحُرة الحمويّ، وأبو محمد القاسم بن عساكر، والقاضي أبو القاسم بن الحَرَسْتانيّ، وآخرون. وآخر من حدث عنه: أبو المحاسن ابن السّيّد الصّفّار. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمحمد بْنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُؤْمِنٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالُوا: أنا مُحَمَّدُ بْنُ السَّيِّدِ بْنِ أَبِي لُقْمَةَ، أنا نَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصِّيصِيُّ الْفَقِيهُ، وَهِبَةُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ الْمُقْرِئُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ سَمَاعًا مِنْهُمَا قَالا: أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، أنا خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ: ثنا شَاذَانُ، ثنا الثَّوْرِيُّ، ثنا عَمْرُو بن قيس قال: قال عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: لا تُكْثِرُوا الْكَلامَ لِغَيْرِ ذكر اللَّهِ فَتَقْسُوا الْقُلُوبُ، وَإِنْ كَانَتْ لِيِّنَةً، فَإِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِي بعيدٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ. وَلا تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ النَّاسِ كَهَيْئَةِ الأَرْبَابِ، وَانْظُرُوا فِي ذُنُوبِ أَنْفُسِكُمْ كَهَيْئَةِ الْعَبِيدِ، فَإِنَّمَا النَّاسُ اثْنَانِ: مُبْتَلَى وَمُعَافَى، فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ، وَارْحَمُوا الْمُبْتَلَى. 315- هبةُ اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بن المغربيّ. شيخ بغداديّ، صالح. سمع من: الحسين بن البُسْريّ. روى عنه: ابن السَّمْعانيّ. وكان بوّاب باب النُّوبيّ. وعاش ستًّا وستّين سنة.

"حرف الياء": 316- يحيى بْن علي بْن محمد بن علي1. أبو محمد بن الطّرّاح، البغداديّ، المدبر. ولد قبل الستين وأربعمائة. وسمع: أبا الحسين بن المهتديّ بالله، وأبا بكر الخطيب، وعبد الصّمد بن المأمون، ومحمد بن أحمد بن المهتديّ بالله الخطيب، وابن النَّقُّور، وجماعة. قَالَ ابن السَّمْعانيّ: كتبت عَنْهُ الكثير، وكان صالحًا، ساكنًا، مشتغلًا بما يعنيه، قليل الفُضُول، كثير الرغبة في زيارة القبور والخير. وكان مدبّر قاضي القضاة أبي القاسم الزَّيْنبيّ. وسمعه أبوه، وحصّل له النُّسَخ. تُوُفّي في رابع عشر رَمَضَان. قلت: وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وابن الأخضر، وعبد الكريم بن المبارك البلديّ، وسليمان المَوْصِليّ، ويحيى بن ياقوت الفراش، وآخرون. وفيات سنة سبع وثلاثين وخمسمائة: "حرف الألف": 317- أحمد بن أبي الحسين بن أحمد2. أبو الحارث الهاشميّ، البغداديّ، إمام جامع المنصور. روى عَنْ: أبي الحسين بن الطُّيُوريّ. وتوفي في ذي الحجة.

_ 1 المنتظم "10/ 101، 102"، سير أعلام النبلاء "20/ 87، 88"، البداية والنهاية "12/ 218". 2 المنتظم "10/ 104".

318- أَحْمَد بْن عليّ بن الحسين العطار. دمشقيّ، حدَّث عَنْ: أبي البركات أحمد بن طاوس. كتب عنه: أبو سعد السَّمْعانيّ. 319- أَحْمَد بن علي بن عبد اللَّه. أبو القاسم الحَلاويّ، بغداديّ. روى عَنْ: أبي نصر الزَّيْنبيّ. وعنه: يوسف بن المبارك الخفّاف. تُوُفّي في رجب. 320- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن سالم. أبو منصور الهِيتيّ. وُلِد بِهِيت سنة ستّين. وسمع: أَبَا نصر الزَّيْنبيّ، وأبا الغنائم بْن أبي عثمان. وتفقه على قاضي القُضاة أبي عبد الله الدّامغانيّ. وبرع في المناظرة. وتُوُفّي في شوّال. قال ابن السَّمْعانيّ: كان أنْظَرَ الحنفيَّة في زمانه، وكان ينوب عَنْ قاضي القُضاة الزَّيْنبيّ في الحكومة إلى أن شاخ. وكان دخوله إلى بغداد في سنة ثلاثٍ وسبعين وأربعمائة. وقرأت علي كتاب "البعث" لابن أبي داود. قلت: روى عنه عبد الله بن مسلم بن ثابت. 321- إبراهيم بن هبة الله بن عليّ1. أبو طالب الديار بكري، الفقيه.

_ 1 المنتظم "10/ 104".

قال ابن السَّمْعانيّ: كان فقيهًا، فاضلًا، مُنَاظرًا، صالحًا، كثير الذِّكْر والتّلاوة، أقام ببغداد مدَّةً، وببلْخ مدة، وسمع من مالك البانياسيّ، وجماعة. وتُوُفّي ببلْخ في المحرَّم. وقد سمع بأصبهان من أبي منصور بن شكرُوَيْه. قال أبو شجاع البسطاميّ: سمعت الإمام أبا طالب يقول: لمّا تركنا بناكر، وهي دار مملكة الملك محمد بن أبي حكيم أكرمني كثيرًا، حتّى أنّه سبَى أختين وهما أختا ملك الهند، فقال لي: قد تزوّجت واحدةً وتركت أُختها، حتى أجد لها كفئا، وأنت الكفء. فوهبها لي، فأعتقتها، وتزوّجتُ بها، وحَسُنَ إسلامها. فلمّا قُتِلَ ابن أبي حكيم نفذ أخو هذه الجارية، وقد تملَّك بعد أبيه، فقال: تعودي إلينا. فَأَبت وقالت: لَا أرحَلُ بلاد الكُفْر. فبعث يقول لها: ارجعي إلينا بزوجك، ونبني لكما مسجدًا، وتكونون مكرَّمين. فأبت. فلمَّا سافرت لحقتني حاملةً، فأولها مني وعلي " ... "1 قربه حتى لحقت بي. "حرف الحاء": 322- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عليّ. أبو محمد ذو الفقار، نقيب مشهد باب التّبْن. روى عَنْ: أبي " ... "2 بن حشيش. وكان أديبًا شاعرًا ببغداد. 323- الحَسَن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الحَسَن بن أبي المضاء2. البَعْلَبَكّيّ، أبو محمد.

_ 1 بياض بالأصل. 2 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 247"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 250".

سمع من: الفقيه نصر المقدسيّ. وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى. سمع منه بعض الطّلَبَة. 324- الحَسَن بن نصر1. أبو محمد الدينوري البزار. ويُعرف بابن المعبي. سمع: أبا القاسم بن البُسْريّ، ويوسف بن الحَسَن التّفكزيّ، والفقيه نصر المقدسيّ بصور. وعنه: ابن عساكر، والسَّمْعانيّ. مات في صفر في عَشْر التّسعين. 325- الحسين بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه2. أبو عَبْد الله المقرئ، البغداديّ، سِبْط أبي منصور الخيّاط. سمع: أبا الغنائم بن المأمون، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ، وأبا منصور العُكْبَريّ، وأبا الحسين بن النقور. وولد في سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة. قال ابن السَّمْعانيّ: صالح، حسن الإقراء، دين، يأكل من كراء يده، سمع الكثير بإفادة ابن الخاضبة في مجلس عفيفٍ القائمي. وتُوُفّي في ذي الحِجَّة. روى عَنْهُ: ابنُ السمعاني، وابن الجوزيّ وقال: قرأتُ عليه القرآن، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وجماعة. وهو أخو الشَيخ أبي محمد، وأكبر منه.

_ 1 تقدمت ترجمته برقم "193" في وفيات سنة "534"، وسيعاد برقم "517". 2 الأنساب "5/ 225"، المنتظم "10/ 104"، العبر "4/ 101"، سير أعلام النبلاء "20/ 129، 130"، شذرات الذهب "4/ 114".

"حرف السين": 326- سعيد بن أحمد بن عبد الواحد. أبو القاسم بن الطُّيُوريّ الأمين. شيخ أصبهان. سمع: أبا عَمْرو بن مَنْدَهْ. مات فجأةً في شوّال. سمع منه: أبو سعد السَّمْعانيّ، وغيره. "حرف العين": 327- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن البَيْضاويّ1. أبو الفتح، أخا قاضي القُضاة أبي القاسم الزَّيْنبيّ لأُمّه. سَمِعَ: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصّمد بن المأمون، والصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور. قال ابن السَّمْعانيّ: كتبتُ عنه الكثير، وهو شيخ صالح، متواضع، متحرٍ في قضائه الخير والإنصاف، متثبِّت. وتُوُفّي في نصف جُمَادَى الأولى. قلت: وروى عنه: ابن الجوزيّ، والكِنْديّ، وجماعة. 328- عبد الرّزّاق بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى2. أبو المحاسن الطَّبَسِيّ، نزيل نَيْسابور. كان مُفيد الغُرباء، قرأ لهم الكثير. وكان حَسَن القراءة سريعها.

_ 1 الأنساب "2/ 368"، المنتظم "10/ 104، 105"، سير أعلام النبلاء "20/ 182"، النجوم الزاهرة "2/ 343". 2 الأنساب "8/ 210".

قرأ "صحيح مسلم" ثماني عشرة مرَّة على الفُرَاويّ للنّاس، وكان كثير الصّلاة، نظيف الظّاهر، جميل الأمر. سمع: عبد الغفّار الشّيرُويّ، وأبا عليّ الحدّاد، وغانمًا البُرْجيّ، وابن بيان الرّزّاز، وغيرهم. وتُوُفّي في ربيع الأوّل. روى عنه: أبو سعد السَّمْعانيّ. 329- عبد المجيد بن إسماعيل1. القاضي أبو سعيد الهَرَويّ، قاضي الرُّوم. تفقه بما وراء النّهر على: البَزْدَوِيّ، والسّيّد الأشرف، وجماعة. وتخرج به الأصحاب. وله مصنفات في الأصول والفروع، وخُطب ورسائل ونظم ونثر. قدِم دمشقَ، ودرَّس ببغداد. ومات بقَيْساريَّة، وقد نيَّف على الثّمانين. وكان من كبار الحنفيَّة. 330- عبد المجيد بن القاسم بن الحَسَن بن بُنْدار2. أبو عبد الرحيم الزَّيْديّ، الإسْتِراباذيّ، الحاجيّ. ديّن، شيخ زَيْديّ المذهب. سمع: ظَفَر بن الدّاعي، وغيره. وحدَّث في هذه السّنة. 331- عبد الواحد بن أحمد بن عَبْد القادر بن مُحَمَّد بن يوسف3. أَبُو محمد اليوسُفيّ، البغداديّ، أخو عبد الله، وعبد الخالق.

_ 1 معجم البلدان "1/ 397"، النجوم الزاهرة "5/ 272"، معجم المؤلفين "6/ 167، 168". 2 لسان الميزان "4/ 56". 3 ذيل تاريخ بغداد لابن النجار "2/ 197-200".

شيخ صالح، ديِّن، سافر الكثير، وطاف في الآفاق. وسمع من: أبي نصر الزَّيْنبيّ، وأخيه طِراد النّقيب؛ وسمع من: أبي المحاسن الرُّويَانيّ، وأبي سعد بن أبي صادق الحِيريّ، وأبي سعد المطرَّز. وأقام باليمن مدَّة. وُلِد سنة سبعين وأربعمائة. وقدِم من الحجاز بغدادَ في سنة خمسٍ وثلاثين وحدَّث، ثمّ رجع وركب البحر، فغرق في حدود سنة سبعٍ. 332- عثمان بن محمد بن حمد بن محمد1. أبو عَمْرو البلْخيّ، ويُعرف بالشّريك. قال السَّمْعانيّ: كان فاضلًا، حَسَن السّيرة، من أهل العلم، مكثِرًا من الحديث، معمرًا. سمع: أباه، وأبا عليّ الوَخشيّ، ومحمد بن عبد الملك الماسكانيّ، وإسماعيل بن عثمان إمام جامع بلْخ، وأبا سعيد الخليل بن أحمد السّجْزِيّ. كتب إليَّ بمَرْوياتّه. ومن مسموعاته: "شرح الآثار" للطحاوي، يرويه بواسطة ثلاثة، و"الموطأ" يرويه عَنْ عبد الوهّاب بن أحمد الحديثيّ، عن زاهر السرخسي، و"تفسير أبي اللَّيْث"، رواه عَن الوخْشيّ، عَنْ تميم بن زُرْعَة؛ وروى عَن الوخشيّ عدَّة تفاسير كبار، وكتاب "معاني الآثار" للطّحاويّ، يرويه عَن القاضي إبراهيم بن محمد بن سليمان الورّاق، عن ابن المقرئ، عنه، و"سنن أبي داود"، يرويه عَن الوخْشيّ، عَنْ أبي عمر الهاشميّ، وعن أبي محمد بن النّحّاس المصريّ، وعن أبي محمد النَيّسابوريّ صاحب ابن داسة. تُوُفّي ببلْخ في سَلْخ جُمَادَى الأولى سنة 537.

_ 1 سير أعلام النبلاء "20/ 166، 167".

333- علي بْن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عليّ بن عَيّاض بن أبي عَقِيل1. أبو طالب الصُّوريّ، ثمّ الدمشقيّ. كان أبوه وأجداده من قُضاة صُور، وهو شيخ مَهِيب، ساكن، حَسَن السّيرة، يرجع إلى صيانة وديانة. سكن مصر مدَّة، وسمع بها من: أبي الحَسَن الخِلَعيّ، ومحمد بن عبد الله الفارسيّ. ودخل بغداد وسمع بها من: أَبِي القاسم بْن بيان. قال ابن السَّمْعانيّ: قرأت عليه "المعجم" لابن الأَعرابيّ، ومولده بعد السّتّين بصور. وكان يُلقَّب بالقاضي بهجة الملك. تُوُفّي فِي ربيع الْأَوَّل. قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابن عساكر، وابنه، وجماعة. قال ابن عساكر: أصله من حَرّان. وسمع أيضًا من الفقيه نصر، وكان من أعيان مَن بدمشق. وكان ذا صلاة وصيام، وقورًا، مهيبًا. حكى له عتيقه نُوشتِكِين أنّه سمعه في مرضه يقول: قرأت أربعة آلاف ختمة. 334- عليّ بن يوسف بن تاشفين2. أمير المسلمين، صاحب المغرب. تُوُفّي والده في سنة خمسمائة، فقام بالمُلْك مكانه، وتلقَّب بلقب أبيه أمير المؤمنين، وجرى على سُنته في الجهاد، وإخافة العدو.

_ 1 الأنساب "8/ 105"، العبر "5/ 2"، سير أعلام النبلاء "20/ 108، 109"، النجوم الزاهرة "5/ 273". 2 الكامل في التاريخ "10/ 417"، سير أعلام النبلاء "20/ 124"، العبر "4/ 102"، النجوم الزاهرة "5/ 272"، شذرات الذهب "4/ 115".

وكان حَسَن السّيرة، جيّد الطَّويَّة، عادلًا، نزِهًا، حتّى كان إلى أن يُعَدّ من الزّهّاد المتبتّلين أقرب، وأدخل من أن يُعَدّ من الملوك. واشتدّ إيثاره لأهل العِلم والدّين. وكان لَا يقطع أمرًا في جميع مملكته دون مشاورتهم. وكان إذا ولّى أحدًا من قُضاته، كان فيما يعهد إليه أن لَا يقطع أمرًا دون أن يكون بمحضر أربعةٍ من أعيان الفُقهاء، يشاورهم في ذلك الأمر، وإنْ صَغُرَ. فبلغ الفُقهاء في أيّامه مبلغًا عظيمًا، ونفقت في زمانه كُتُب الفقه في مذهب مالك، وعُمل بمقتضاها، وأنبذ وراءه ما سواها. وكثُر ذلك حتّى نسي العلماء النَّظَر في الكتاب والسُّنَن، ودان أهل زمانه بتكفير كلّ من ظهر منه الخَوْض في شيءٍ من علوم الكلام. وقرَّر الفقهاء عنده تقبيح الكلام وكراهية الصَّدْر الأوّل له، وأنّه بِدْعة، حتّى استحكم ذلك في نفسه، وكان يكتب عنه كلّ الأوقات إلى البلاد بالوعيد على مَن وُجِد عنده شيءٌ من كُتُب الكلام. ولمّا دخَلَت كُتُب أبي حامد الغزّاليّ -رحمه الله- إلى المغرب، أمَرَ أمير المسلمين عليّ بن يوسف بإحراقها، وتوعَّد بالقتل من وجِد عنده شيءٌ منها. واشتد الأمر في ذلك إلى الغاية. واعتنى باستدعاء النُّسّاخ والكُتاب، فاجتمع له ما لم يجتمع لسلطانٍ منهم، كأبي القاسم بن الحذاء الأحدب، وألب بكر محمد بن محمد بن القنطرية، وأبي عبد الله محمد بن أبي الخطال، وأخيه أبي مروان، وعبد المجيد بن عَبْدان. وطالت أيامه؛ إلى أن التقى عسكر بَلَنْسِية مع العدوّ الملعون، فهزموا المسلمين، وقتلوا من المرابطين خلقًا كثيرًا، وذلك بعد الخمسمائة، فاختلّت بعدها حال عليّ بن يوسف، وظهرت في بلاده مناكِرُ كثيرة، لاستيلاء أمراء المرابطين الّذين هم جُنْده على البلاد الأندلُسيَّة، ثمّ ادعوا الاستبداد بالأمور، وانتهوا في ذلك إلى التّصريح، وصار كلّ واحدٍ منهم يجهر بأنّه خيرٌ من أمير المسلمين عليّ بن يوسف، وأنّه أَوْلَى بالأمر منه.

واستولى النّساء على الأحوال، وصارت كلّ امرأةٍ من أكابر البربر مشتملةً على كلّ مفسدٍ وشرّير، وقاطعِ سبيلٍ، وصاحب خمرٍ، وأميرُ المسلمين في ذلك يزيد تغافُلُه، وَيقْوَى ضعْفُه، وقنع بالاسم والخُطْبة. وعكف على العبادة، فكان يصوم النّهار، ويقوم اللّيل، واشتهر عنه ذلك، وأهمل أمر الرعيَّة غاية الإهمال. وكان يعلم من نفسه العجز، حتّى أنّه رفع مرَّة يديه وقال: اللَّهُم قيِّض لهذا الأمر من يقوى عليه ويُصْلح أمور المسلمين. حكى عنه هذا عبد الله بن خيار. وقال ألْيَسع بن حزْم: وُلّي عليّ بن يوسف، فنشأت من المرابطين والفقهاء نشأة أهزلوا دينهم، وأسمنوا براذينهم، قلدهم البلاد، وأصاخ إلى رأيهم فخانوه، وأشاروا عليه بأخْذ مملكة ابن هود، وقرَّروا عنده أنّ أموال المستنصر صاحب مصر أيّام الغلاء حصلت كلُّها عند ابن هود، وأرَوْه الباطلَ في صورة الحقّ. قلت: وثب عليه ابن تُومَرت كما ذكرنا، وجَرَت بين الطّائفتين حروبٌ، ولم يزل أمر عبد المؤمن يقوى ويظهر، ويستولي على الممالك، وأمر عليّ بن يوسف في سفال وزوال، إلى أن تُوُفّي في هذا العام، وعُهِد إلى ابنه تاشفين، فعجز عَن الموحدين، وانزوى إلى مدينة وهران، فحاصره الموحدون بها، فلمّا اشتدّ عليه الحصار خرج راكبًا، وساق إلى البحر، فاقتحمه وغرق، فيقال إنّهم أخرجوه وصلبوه، ثمّ أحرقوه. وذلك في عام أربعين. وانقطعت الدّعوة لبني العبّاس بموت عليّ وابنه تاشفين. وكانت دولة بني تاشفين بمَرّاكُش بِضْعًا وسبعين سنة. تُوُفّي عليّ في سابع رجب، وله إحدى وستّون سنة. 335- عمر بْن محمد بْن أحمد بْن إسماعيل بْن محمد بن نُعمان1. النَّسَفيّ، ثمّ السَّمَرْقَنْديّ. قال ابن السَّمْعانيّ: كان إمامً، فاضلًا، مبرّزًا، متفنّنًا. صنَّف في كل نَوع من العِلم، في التّفسير، والحديث، والشُّروط، ونَظَم "الجامع الصغير" لمحمد بن الحَسَن، حتّى صنَّف قريبًا من مائة مصنف.

_ 1 سير أعلام النبلاء "20/ 126، 127"، العبر "4/ 102"، لسان الميزان "4/ 327".

وورد بغداد حاجًّا في سنة سبعٍ وخمسمائة. وحدث عن: إسماعيل بن محمد النّوُحيّ، وطائفة. وتُوُفّي النّوُحيّ سنة إحدى وثمانين. قال السَّمْعانيّ: روى لنا عنه: إسماعيل بن أبي الفضل النّاصحيّ. وكتب لي بالإجازة، وقال: شيوخي خمسمائة وخمسون رجلًا. قال ابن السَّمْعانيّ: ولمّا وافَيْت من سَمَرْقَنْد، استعرْتُ عدَّة كتبٍ ممّا جمعه وصنفه، فرأيت فيها أوهامًا كثيرة، خارجة عَن الإحصاء، فعرفت أنّه كان ممّن أحبّ الحديث وطلبه، ولم يُرْزَق فَهمه. وكان له شِعْر حَسَن على طريقة الفُقهاء والحكماء. وتُوُفّي في ثاني عشر جُمَادَى الأولى. ومولده سنة إحدى أو اثنتين وستّين وأربعمائة. قلت: روى عنه كتاب "القَنْد في ذكر علماء سَمَرْقَنْد" أبو بكر محمد بن محمد بن عليّ البغداديّ الأديب، وأبو القاسم محمود بن عليّ النَّسَفيّ. ومن شِعْره: كم ساكتٍ أبلغ من ناطقٍ ... وراجلٍ أشجعُ من فارسِ ولاحقٍ يسبق عُربًا مَضَوْا ... بفضل دينٍ، وهو من فارسِ "حرف الكاف": 336- كُوخان1. ملك الخِطَا والتُّرك. كان مليح الشَّكل، حَسَن الصّورة، عظيم الهيبة، كامل الشجاعة.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 81، 82"، المختصر في أخبار البشر "3/ 15، 16"، العبر "4/ 103"، سير أعلام النبلاء "20/ 127، 128"، النجوم الزاهرة "5/ 268، 272"، شذرات الذهب "4/ 115".

قاد الجيوش، وسار في ثلاثمائة ألف فارس، وهزم السّلطان سَنْجَر، وتملَّك سمرقند وما وراء النّهر في العام الماضي، فما أمهله الله تعالى، وعجّل بروحه إلى النّار في رجب سنة سبْع. وكان لَا يمكّن، أميرًا من إقطاع، بل يعطيهم من خزائنه ويقول: متى أخذوا الإقطاع ظلموا الناس. وكان لا يقدّم أميرًا على أكثر من مائة فارس، حتّى لَا يقدر على العصيان. وكان يشدّد في النَّهي عَن الظُّلْم، ويُعاقب على السُّكر، ولا ينهى عَن الزّنا ولا يقبّحه. وتملّك بعده ابنةٌ له، فلم تَطُلْ مدّتُها، وتملَّك بعدها أُمّها زوجة كُوخان، وحكمت أمَّة الخِطا على ما وراء النَّهر، إلى أن أخذ البلاد منهم علاء الدّين بن محمد الخُوَارَزْميّ سنة اثنتي عشرة وستّمائة. "حرف الميم": 337- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أحمد1. أبو بكر البسْطامي، ثمّ النَّيْسابوريّ، البزّاز. سمع الكثير من: الفضل بن المحبّ، فمن بعده. قال السَّمْعانيّ: أثبت عنه "مناقب البخاريّ" محمد بن أبي حاتم البخاريّ، بروايته عَنْ أبي بكر بن خَلَف. مات بسَرْخَس. 338- محمد بْن الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن يحيى بْن بِشْر. أبو بكر الأنصاري، الميروقي. نزيل غَرْناطة. روى عَنْ: أبي عليّ بن سكرة.

_ 1 التحبير "لابن السمعاني" 2/ 69".

وحجّ، وسمع من: أبي عَبْد اللَّه الرّازيّ، وأبي بكر الطُّرْطُوشيّ بالإسكندرية. وكان فقيهًا صالحًا، محدَّثًا، ظاهريّ المذهب، يغلب عليه الزُّهْد والصّلاح. روى عنه: أبو بكر بن رزق، وأبو عبد الله بْن عبد الرحيم بْن الفَرَس، وابنه عبد المنعم. وهرب في الآخر لبَجّاية من صاحب المغرب بعد أن حَمل إليه هود أبو العبّاس بن العريف، وأبو الحلم بن بَرَّجان. وبقي إلى هذا العام. 339- محمد بن الحسين بن عمر1. أبو بكر الأُرْمَويّ، الأَذَرْبَيْجانيّ، الفقيه الشّافعيّ. كان عارفًا بالمذهب، تفقه على الشيخ أبي إسحاق. وسمع من: أبي الحسين بن النقور، وطبقته. قال ابن السَّمْعانيّ: كان جميل السيرة. مرضيّ الطريقة، غير أنه كان ببغداد فقيه آخر يقال له محمد بن الحسين الأرمويّ أبو بكر الفقيه، فاشتبه اسمه مع اسمه فتحرَّج عَن الرواية وامتنع، ودخلت عليه داره بباب السلسلة ببغداد وسألته عَنْ مولده فقال: دخلت بغداد في سنة خمس وستين وأربعمائة. وما تحقَّق مولده. تُوُفّي في سابع المحرَّم، وهو في عشر المائة. علّق عنه أبو المعمّر الأنصاريّ. 240- محمد بن خَلَف بن موسى2. أبو عبد الله الأنصاريّ، الأندلُسيّ، الألْبيريّ، المتكلّم، نزيل قُرْطُبة. روى عَنْ: أبي بكر محمد بن الحَسَن المُراديّ، ويوسف بن موسى الكلْبيّ.

_ 1 المنتظم "10/ 105"، الأنساب "1/ 191". 2 تكملة الصلة لابن الأبار "173"، الوافي بالوفيات "3/ 46".

ذكره الأَبّار فقال: كان حافظًا لكُتُب الأُصول والاعتقادات، واقفًا على مذهب أبي الحَسَن الأشْعريّ وأصحابه، مع المشاركة في الأدب. وله كتاب "النُّكَت والأمالي في النَّقْض على الغزاليّ"، ورسالة "الانتصار" على مذهب أئمَّة الأخبار، وكتاب "شرح مُشْكل ما في الموطَّأ وصحيح البخاريّ". وحدَّث عنه: أبو الوليد بن خير، وأبو إسحاق بن قُرْقُول، وأبو عبد الله بن الصَّيْقَل، وأبو خالد المَرْوانيّ. وذكر ابن الصَّيْقَل أنّ له رواية عَن ابن الطّلّاع. وقال المَرْوانيّ: ولد في سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة، وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة سبعٍ، رَحِمَهُ اللَّه تعالى. 341- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَد بن المهتديّ بالله1. الخطيب، أبو الفضل الهاشميّ، العباسي، البغدادي. ولد سنة تسعٍ وأربعين وأربعمائة. وسمع: ابا الغنائم بن المأمون، وأبا الحسين بن المهتديّ، واحترق سماعه منهما. وحدَّث عَنْ: أبي الحسين بن النَّقُّور، وعبد الله بن الحَسَن الخلّال، وأبي القاسم بن البُسّريّ، وجدّه طاهر بن الحسين القوّاس، وطِراد الزَّيْنبيّ. وحدَّث. وكان خطيب جامع القصر، صالح، خيّر. سرد الصَّوم نيَّفًا وخمسين سنة. قال: سمعت من: أبي المأمون، وابن المهتديّ بالله، لكن احترقت كُتُبي. قلت: قرأ القرآن على: أبي الخطّاب أحمد بن عليّ الصُّوفيّ صاحب الحمّاميّ. وتلا عليه أبو اليمن الكندي بخمس روايات.

_ 1 المنتظم "10/ 105"، سير أعلام النبلاء "20/ 115، 116"، النجوم الزاهرة "5/ 273".

وسمع منه هو، وابن طَبَرْزَد، وجماعة. وتُوُفّي ثامن عشر جُمَادَى الأولى. 342- محمد بن محمد بن المسلَّم بن هلال. أبو الفضل الأزْديّ، الشاهد، المعدَّل، الدّمشقيّ. سمع: أبا الفتح المقدسيّ، وسهل بن بشر الإسْفَرَائينيّ، وعبد الكريم الكَفَرْطابيّ. ثمّ أكثر هو عنهم، وحصل الكُتُب النّفيسة. وذكر أخوه عبد الواحد أنّه وُلِد سنة أربعٍ وثمانين وأربعمائة. 343- محمد بن محمد بن عليّ بن جناح. أبو الغنائم الكوفيّ، الهَمَذَانيّ، المعدَّل. قدم من هَمَذَان، وسمع: أبا البقاء بن الحبّال بالكوفة، وأبا الحَسَن بن العلّاف. قال ابن السَّمْعانيّ: كتبت عنه يسيرًا، وكانت الألسنة متّفقة على شُكْره وتُوُفّي في أوائل شوّال. 344- محمد بن عبد الرحمن بن سيد بن مَعْمَر1. أبو عبد الله المَذْحَجِيّ، المالقيّ. روى عَنْ: أبيه، وابن المطرّف الشَّعْبيّ، وأبي عبد الله بن خليفة القاضي، وأبي عبد الله محمد بن فَرَج، وأبي مروان بن سِرَاج، وأبي عليّ الغسّانيّ. قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ من أهل العلم والفضل والدّين والعفاف. أخذ النّاس عنه، وأجاز لي. وتُوُفّي في أواخر ذي الحجَّة. 345- مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَلِيّ بْن عَبْد العزيز بن عليّ بن حسين بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الوليد بن القاسم بن الوليد2.

_ 1 بغية الملتمس للضبي "101، 102". 2 سير أعلام النبلاء "20/ 137، 138"، الغبر "4/ 103"، النجوم الزاهرة "5/ 272"، شذرات الذهب "4/ 116".

القاضي أبو المعالي، ابن القاضي أبي المفضّل المقدسيّ، الدمشقيّ، الفقيه الشّافعيّ، المعروف بابن الصّائغ قاضي دمشق. سمع: أبا القاسم المصِّيصيّ، وأبا عبد الله بْن أَبِي الحديد، وأبا الفتح المقدسيّ، وأبا محمد بن البريّ، وعبد الله بن عبد الرّزّاق، وطائفة بدمشق. وأبا الحَسَن الخلعيّ، ومحمد بن عبد الله بن داود الفارسيّ بمصر. وعلي بن عبد الملك الدَّبِيقيّ الفقيه بعكّاء. وتفقه على أبي الفتح المقدسيّ، وناب عَنْ والده في القضاء لمّا حجّ أبوه سنة عشر، ثمّ استقلّ بالقضاء لمّا كبر أبوه، وبعد موته. وهو خال الحافظ ابن عساكر، قال فيه: كان نزِهًا، عفيفًا، صليبًا في الحكم. ولد في أوائل سنة سبعٍ وستين وأربعمائة، ومات في ربيع الأوّل، ودُفِن عند أبيه بمسجد القدم. قلت: روى عَنْهُ: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم، وأبو سعد السَّمْعانيّ، وطرخان بن ماضي التَّيْميّ، ثمّ الشّاغوريّ، الفقيه، وطائفة آخرهم موتًا أبو المحاسن محمد بن أبي لقمة. وكان يلقب بالقاضي المنتجب. وهو والد القاضي الزَّكيّ. قال السَّمْعانيّ: كان محمودًا، حَسَن السّيرة، شفُوقًا على المسلمين، وَقُورًا، حَسَن المنظر، متودِّدًا. سمعت منه اثنتي عشر جزءًا من حديث القاضي الخِلَعيّ. 346- المبارك بن أحمد بن محمد بن النّاعورة. أبو المكارم الجحديّ، البغداديّ، المقرئ، ويُعرف بابن أبي الحجر. قَالَ ابن السَّمْعانيّ: شيخ صالح، خيِّر، حَسَن السّيرة، رضيّ الوجه. قرأ القرآن على أبي الخير المبارك العسّال، وختم على جماعة. وحدَّث عَنْ: رزق الله التّميميّ، وطِراد الزَّيْنبيّ. روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وغيره. تُوُفّي في ربيع الأول.

347- مسعود بن محمد بن حسان بن سعيد. أبو سعيد المَنِيعيّ، المخزوميّ، المَرْوَرَّوْذِيّ. حاز قَصَب السَّبق في الصَّدَقة والبِرّ، وإيصال النَّفع إلى المسلمين، وهو من بيت حشمة وتقدُّم. سمع من: عمّه عبد الرّزّاق بن حسّان، وغيره. وكانت الألسنة متّفقة على الدّعاء له والثّناء عليه، من كثرة ما أنفق من الأموال في حجته. ولد في حدود السبعين وأربعمائة بمرو الروذ، ومرض بمَرْو، فحُمِل مريضًا إلى بلده. وتُوُفّي في شوّال. وكان يقال له: الأمير. 348- مُفْلِحُ بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيد اللَّه بن عليّ1. أبو الفتح الدُّوميّ، ثمّ البغداديّ، الورّاق. ولد سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة. وسمع من: أبي بكر الخطيب، وأبي محمد بن هَزَارْمَرد الصَّرِيفينيّ، وأبي الحسين بن النَّقُّور، وأبي القاسم بن البُسْريّ، وغيرهم. قال ابن السَّمْعانيّ: كتب عنه الكثير، وكان شيخًا لَا بأس به. كان يقعد في قطيعة الفُقهاء بالكَرْخ، ويكتب الرّقاع بالأُجرة. وسمعتُ أنّه جمع مالًا كثيرًا ودفنه، فورثه ابنه مُنْجِح، وكان حريصًا. وتُوُفّي في ثاني عشر المحرَّم. قلت: روى عنه: ابن عساكر، وابن طَبَرْزَد، ويوسف بن المبارك، وابن محمد بن السياري.

_ 1 سير أعلام النبلاء "20/ 165"، العبر "4/ 103"، النجوم الزاهرة "5/ 273"، شذرات الذهب "4/ 116".

وذكر ابن النّجّار أنّه من ذرّية خالد بن الوليد المخزوميّ -رضي الله عنه- وآخر أصحابه تُرْك بن محمد العطّار. 349- موسى بن عليّ بن قدّاح. أبو الفضل البغداديّ، الخيّاط، المعروف بن حاجبك. سمع: عبد الله بن عليّ الدّقّاق، وابن طلحة النّعّال، وجماعة. روى عنه: ابن عساكر، وابن السَّمْعانيّ. "حرف الياء": 350- يحيى بن هَمّام بن يحيى1. أبو بكر السَّرَقُسْطيّ، الكاتب المعروف بابن أرزق. كان بارع الكتابة، أديبًا، نبيهًا. كتب مع أبيه للمستعين بن هود، ثمّ كتب ليوسف بن تاشفين صاحب الأندلُس والمغرب، وابنه عليّ. واستدعاه عليّ بن يوسف إلى مَراكُش سنة 35، وتُوُفّي بقُرْطُبة. وفيات سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة: "حرف الألف": 351- أحمد بن الحسين بن محمد بن الحسين2. أبو سعيد الكُنْدريّ، الإسْفَرَائينيّ، الأديب، من أولاد الفُضَلاء. قال ابن السَّمْعانيّ: لقِيته بجَوْسَقَان إسْفَرَايِن، وقد شاخ وناطَح التّسعين، وتغيّر، واختل حاله. كتبت عنه يسيرًا من الحديث وشعرًا لوالده.

_ 1 بغية الملتمس للضبي "510". 2 الأنساب "10/ 484".

مولده سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. وتُوُفّي في آخر العام. قال: وكان أديبًا، فاضلًا، عُمّر، وافتقر، وكان مشتغلًا بالعلم. حكى أنّه كان يصْحَب الصُّوفية، ويتكتَّم من كتابة الحديث قال: فسقطت منّي دواةٌ، فقال صوفيّ: أستر عورتك. سمع: أبا إسحاق الشّيرازيّ، وفاطمة بنت الدّقّاق، وجماعة. 352- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن ينال1. أبو منصور الأصبهانيّ، الصُّوفيّ، المعروف بالتّرك. شيخ مسِن مُعَمِّر، أفنى عمره في خدمة الصُّوفية. وله رباط بأصبهان. سمع: عبد الجبّار بن برزة الرّازيّ الواعظ، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وجماعة من أصحاب المَرْزُبان الأبهريّ، وابن خُرَّشِيذ قُولَه. روى عنه: ابن السمعاني، وأبو موسى المديني، وغيرهما. توفي في صَفَر. وقال السَّمْعانيّ: تُوُفّي سنة ستٍّ عَنْ بضعٍ وثمانين سنة. 353- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن خالد2. أبو سعد الخطيب. شيخ صالح، عالم، من أهل شَرْمَقَان، وهي بُلَيدة بقرب إسْفَرَاين. سمع بنَيْسابور من: أبي تُراب عبد الباقي المَرَاغيّ، وبجُرْجان من أبي القاسم إبراهيم بن عثمان الخَلَّاليّ. روى عنه: أبو سعد السمعاني. وعاش ستًّا وسبعين سنة.

_ 1 تقدم برقم "266"، في وفيات "536". 2 الأنساب "7/ 323"، معجم البلدان "3/ 338".

354- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الديناري. أبو المنصور. من أهل درب القيّار. روى عَن الشّريف محمد بن عبد السّلام. وعنه: ابن كامل. توفي في رمضان. 355- إبراهيم بن أحمد بن خَلَف. أبو إسحاق السُّلَميّ، الفارسيّ، المحدث. المعروف بابن فرتول. ذكره الأَبار فقال: هو جدّ صاحبنا أبي العبّاس أحمد دخل الأندلس، وروى عَنْ: أبي علي الغساني، وأبي عليّ الصَّدَفيّ. وسمع بسجلْماسة "صحيح البخاريّ"، سنة ثلاثٍ وسبعين وأربعمائة، من بكّار بن برهول. روى عنه: محمد بن أحمد بن منصور. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. قلت: تُوُفّي حفيده المؤرخ الحافظ سنة 665. 356- إكز الحاجب الكبير1. أسد الدّين. من كبراء دمشق. ولي الحجابة سنتين أو أكثر. وله بدمشق مدرسة معروفة. فلمّا كان في جُمَادَى الأولى من سنة ثمانٍ قُبِض عليه، وأُخِذَت أموالُه، وسُمِلَت عيناه، وسُجِن، وتفرَّق عنه أصحابه.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي "261-264".

"حرف الجيم": 357- جعفر بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن رزق الأُمويّ، القُرْطُبيّ. أبو أحمد. عُمّر دهرًا، وحدَّث عَنْ أبيه. وأجاز له أبو العبّاس العُذريّ. حدَّث عنه: أبو الحَسَن بن مؤمن، وأبو جعفر بن شراحيل. وسمع منه: محمد بن عبد العزيز النقوري في هذا العام. قاله أبو عبد الله الأبّار. "حرف الحاء": 358- الحَسَن بْن محمد بْن الحسين. الخطيب، أبو عليّ السُّلَميّ، الفارِقيّ. سمع ببغداد من: رزق التَّيْميّ. وعنه: السَّمْعانيّ، وابن عساكر. مات في ربيع الآخر. 359- الحسين بن حَمْد بن محمد بن عمروَية1. أبو عبد الله، شيخ الشّافعيَّة بأصبهان. سمع: أبا عليّ بن زياد، وأبا بكر بن ماجة. روى عنه: السَّمْعانيّ. مات في عَشر الثّمانين في ذي القعدة. 360- حفّاظ بن الحَسَن2. أبو الوفا الغساني، الدمشقي، المعروف بابن نصف الطريق.

_ 1 التحبير "1/ 231"، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "7/ 74". 2 التحبير "1/ 259، 260"، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "7/ 199".

سمع من: عليّ بن طاهر النَّحويّ. قال أبو القاسم بن عساكر: قرأت عليه أشياء بإجازة عبد العزيز الكتّانيّ المُطْلَقَة. 361- حكيم بن إبراهيم بن حكيم. الفقيه الدَّرْبَنْديّ. تفقه على أبي حامد الغزالي ببغداد. وسمع بمَرْو من الموفَّق بن عبد الكريم الهَرَويّ. تُوُفّي في شوّال ببُخارَى. "حرف الدال": 362- داود بن محمود بن محمد بن ملكشاه1. السّلطان السَّلْجوقيّ. قُتِلَ غِيلةً، ونجا الّذين قتلوه، فلم يقع على خبرهم. "حرف السين": 363- سليمان بن محمد بن حسين بن محمد2. أبو سعد البَلَديّ، المتكلِّم، المعروف بالكافي، الكرْجيّ، بالجيم، قاضي الكرج. تفقه بأصبهان على أبي بكر محمد بن ثابت الخُجَنْديّ. وسمع: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد بْن ماجه الأَبهَريّ، وأبا سهل غانم بن محمد الحافظ. وبرع في الفِقْه، والأصول، والخلاف. واشتهر بحُسْن الإيراد، وقوة المناظرة والتحقيق.

_ 1 الكامل في التاريخ "10/ 669". 2 التحبير "1/ 312"، الأنساب "477".

وقدم بغداد بعد العشرين وخمسمائة، وبحث مع أسعد المِيهَنيّ في مسائل. أخذ عنه: ابن السَّمْعانيّ نسخة لُوَيْن. وقال: له سمتٌ ووقار. وتُوُفّي في سنة سبعٍ، وعندي في نسخة أخرى سنة ثمانٍ وثلاثين، في ذي القعدة. وقال ابن الجوزيّ: سنة سبعٍ، ومولده سنة ستّين. "حرف الشين": 364- شيبان بن عبد الله بن شيبان بن عبد الله بن أحمد1. أبو سعيد الأَسديّ، الأصبهانيّ، المحتسب، المؤدّب، الملقِّن، الرجل الصّالح. سمع: إبراهيم بن محمد الطّيّان، وابن ماجة، وجماعة. روى عنه: السَّمْعانيّ، وقال: مات في رمضان. وجدّه شَيبان، سمع من الحافظ ابن مَنْدَهْ. "حرف الصاد": 365- صافي الأرمنيّ2. أبو الحَسَن، عتيق قاضي القُضاة أبي عبد الله الشّهْرسْتانيّ. سمع من: الفقيه نصر المقدسيّ. روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم. وكان خيّرًا كثير الصّلاة. تُوُفّي في ربيع الأول.

_ 1 التحبير "1/ 330". 2 التحبير "1/ 339"، تهذيب تاريخ دمشق "6/ 363".

"حرف العين": 366- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن محمد1. المَرْسِيّ، ثمّ السَّبْتيّ، النَّفْزيّ، خطيب سبْتَة. سمع من حَجّاج بن قاسم "صحيح البخاريّ"، عَنْ أبي ذَرّ الهَرَويّ. وسمع من: أبي مروان بن سراج. وكان صالحًا ديِّنًا، كثير الذَّكْر لله تعالى، أثنى عليه القاضي عِياض، ووثَّقه. أخذ عنه النّاس. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة. وتُوُفّي بقُرْطُبة في ربيع الآخر. روى عنه: ابن بَشْكُوال. 367- عبد الخالق بن عبد الصّمد بن عليّ بن الحسين بن عثمان بن البَدِن2. أبو المعالي الصّفّار. شيخ بغداديّ، متسبّب، صالح، ديَّن، ثقة. قيّم بكتاب الله، كثير البكاء من خشية الله. سمع الكثير، وذهبت أصوله في الحريق. سمع: الحسين بْن المهتدي بالله، وعبد الصّمد بْن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة، وابن النَّقُّور، وجماعة. قال ابن السمعاني: قرأت عليه الكثير، وولد سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وتُوُفّي في أحد الربيعين. قلت: وروى عنه: ابن عساكر، وابن الجوزيّ، وعمر بن طَبَرْزَد، وجماعة. قال ابن السمعاني: قرأت عليه الكثير، وولد سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وتُوُفّي في أحد الربيعين. قلت: وروى عنه: ابن عساكر، وابن الجوزيّ، وعمر بن طَبَرْزَد، وجماعة. قال ابن نُقطة: ثنا عنه أبو أحمد بن سكينة.

_ 1 بغية الملتمس "897". 2 المنتظم "10/ 109"، سير أعلام النبلاء "20/ 60"، العبر "4/ 103"، تذكرة الحفاظ "4/ 1283".

368- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد1. أبو زيد الخَزْرجيّ، القُرْطُبيّ، المقرئ. من كبار القُرّاء بقُرْطُبة. تصدَّر للإقراء بالجامع. وكان قد أخذ القراءات عَنْ: أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن عبد الرحمن الخَزْرجيّ، وأبي الأصْبغ عيسى بن خيرة. روى عنه: يحيى بن عبد الرحمن المجرْيطيّ، وعبد الحقّ بن محمد الخَزْرجيّ، وأبو الحَسَن عليّ الشَّقُوريّ. ولم تُضْبَط وفاتُه، ولكنه أجاز لبعض النّاس في هذه السنة. 369- عبد الوهّاب بن المبارك بن أحمد بن الحَسَن بن بُنْدار2. الحافظ، أبو البركات الأنماطي، مفيد بغداد. سمع الكثير، وحصل العالي والنّازل، وما زال يسمع، ويفيد، ويجمع إلى آخر عُمره. وُلِد في رجب سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وسمع: أبا محمد الصَّريْفينيّ، وأبا الحُسَيْن بْن الَّنُّقور، وأبا القاسم عبد العزيز الأنْماطيّ، وأبا القاسم بن البُسْريّ، وأبا نصر الزَّيْنبيّ، وأبا الغنائم بْن أبي عثمان، وعاصم بن الحَسَن، فمَن بعدهم. وقرأ على أبي الحسين بن الطُّيُوريّ جميع ما عنده. روى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو سعد السَّمْعانيّ، وابن الجوزيّ، وعبد الوهّاب ابن سُكَيْنة، وعمر بن طَبَرْزَد، ويوسف بن كامل، وعبد العزيز الأخضر، وعبد الواحد بن سعد الصّفّار، وأحمد بن أزهر، وعبد العزيز بن مينا، وعبد العزيز بن زهر، وأحمد الدَّبِيقيّ، وخلْق آخرهم عبد الرحمن بن أحمد بن هدية.

_ 1 غاية النهاية "1/ 375". 2 صفة الصفوة "2/ 498"، الكامل في التاريخ "11/ 96"، سير أعلام النبلاء "20/ 134-136".

وقد روى عنه من القدماء محمد بن طاهر المقدسيّ، وغيره. قال ابن السَّمْعانيّ: هو حافظ، ثقة، كثير السّماع، واسع الرواية، دائم البِشْر، سريع الدّمعة عند الذَّكر، حَسَن المعاشرة، مليح المجاورة؛ جَمَع الفوائد، وخرَّج التّخاريج. ولعلّه ما بقي من العالي والنازل جزء إلّا قرأه وحصّل نسخته، إما بخطّه، أو بخطّ غيره. ونسخ الكُتُب الكبار مثل: "طبقات ابن سعد"، و"تاريخ الخطيب". وكان متفرّغًا، مستعدًا للتّحديث، إمّا أن يُقرأ عليه، أو ينسخ شيئًا. وكان لَا يجوّز الإجازة على الإجازة. وجمع في ذلك شيئًا. قرأت عليه الكثير مثل "الجعديات"، و"مسند يعقوب بن سفيان الفسوي"، و"مسند يعقوب بن شَيْبة"، ما كان سماعه وانتقاء ابن البقّال، على المخلّص. وقال ابن ناصر: كان عبد الوهّاب الأنْماطيّ بقيَّة الشيوخ، سمع الكثير، وكان يفهم. وكان ثقة صحيح السّماع. ومضى مستورًا، ولم يتزوَّج قطّ. وقال السَّلَفيّ: كان عبد الوهاب رفيقنا حافظًا، ثقة، لديه معرفة جيدَّة. وقال ابن الجوزيّ: كنت أقرأ عليه الحديث وهو يبكي، فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته. وكان على طريقة السَّلَف. وانتفعت به ما لم انتفع بغيره. وذكره أبو موسى المَدِينيّ في "مُعْجمه" فقال: حافظ عصره ببغداد. تُوُفّي حادى عشر المحرم.

370- عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن إبراهيم بْن عليّ بْن سَعْدُوَيْه1. أبو الفضل ابن الشيخ أبي سهل الأصبهانيّ. سمع: جدّه أبا نصر، والمطهّر بن عبد الواحد البُزَانيّ، وأبي منصور محمد بن عليّ بن شكرويه، وجماعة كثيرة. ذكره أبو سعد في "الذَّيْل" فقال: سمعت منه الكثير، وهو شيخ، عالم، فاضل، عاقل، ثقة، ساكن، متميز، من بيت الحديث والتّزكية بأصبهان. تُوُفّي في ذي الحجَّة. قرأت عليه "تاريخ أصبهان" لابن مردوَيْه، يرويه عَنْ أبي الخير بن ررا، عنه. 371- عتيق بن أسد بن عبد الرحمن2. أبو بكر الأنصاريّ. نشأ بمَرْسية، وأخذ القراءات عَنْ أبي الحسين بن البياز، وغيره. والحديث عن أبي عليّ الصَّدَفيّ فأكثر عنه. وتفقّه بأبي محمد بن جعفر، وبرع في الفقه، وغلب عليه، وولي قضاء شاطبة، ودانِيَة. ذكره أَبُو عَبْد الله الأبار فقال: كان نسيجَ وحده في الفِقْه وجَوْدة الفتاوى، مع المشاركة في عدَّة فتون. روى عنه: أبو بكر مُفَوَّز بن طاهر، وأبو محمد بن سُفْيان، وغيرهما. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 372- عليّ بْن الحسين بْن محمد. أبو الحَسَن القصْريّ، قصر كَنْكِوَرَ: بين بغداد وهمذان. كان دليل الحاج.

_ 1 الأنساب "3/ 401"، التحبير "1/ 383-385". 2 معرفة القراء الكبار "1/ 489"، غاية النهاية "1/ 499، 500".

وحجّ نحوًا من خمسين حجَّة. وصنَّف مجموعًا حَسَنًا في مجلَّدين في معرفة طريق مكَّة. قال ابن السَّمْعانيّ: هو شيخ لَا بأس به، مشتغل بما يعنيه. سمع: مالكًا البانياسيّ، وابن البَطِر. وكتبت عنه. وتُوُفّي بمِنَى صبيحة عيد النَّحْر، رحمه الله. 373- عَلَى بْن طِراد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بن الحَسَن1. الوزير الكبير، أبو القاسم ابن نقيب النّقباء، الكامل أبي الفوارس الهاشميّ، العبّاسيّ، الزَّيْنبيّ. وزير الخليفتين المسترشد، والمقتفيّ. وُلِد في شوال سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وأجاز له أبو جعفر ابن المسلمة. وسمع من: أبيه، وعمّه أبي نصر، وأبي القاسم بن البُسْريّ، ورزق الله التميمي، وجماعة. قال ابن السمعاني: كان صدرًا، مهيبًا، قورًا، حادّ الفراسة، دقيق النَّظَر، ذا رأيٍ وتدبير، ومعرفة بالأمور العظام. وكان شجاعًا جريئًا. خلع الراشد الّذي استُخْلف بعد أن قُتِلَ أبوه المسترشد، وجمع النّاس على خلْعه، وعلى مبايعة المقتفيّ لأمر الله في يومٍ واحد. وكان النّاس يتعجّبون من ذلك. ولم يزل أمرُه مستقيمًا، وأحواله على التّرقّي إلى أن تغيَّر عليه المقتفيّ لأمر الله، وأراد القبض عليه، فالتجأ إلى دار السّلطان مسعود بن محمد، إلى أن قدِم السّلطان بغداد، فأمر بحمله إلى داره مكرّمًا، وجلس في داره ملاصق دار الخلافة واشتغل بالعبادة.

_ 1 المنتظم "10/ 109"، الكامل في التاريخ "11/ 97"، سير أعلام النبلاء "20/ 149-151"، شذرات الذهب "4/ 117".

وكان طلْق الوجه، دائم البِشْر، كثير التّلاوة والصّلاة؛ وكلّ من كان له عليه رسم وإدرار من القرّاء والصُّلَحاء كان يوصله إليهم بعد العزْل، إلى أن توفّاه الله تعالى حميدًا مُكرَمًا. قرأتُ عليه الكثير من الكُتُب والأجزاء، وكنت أُلازمه، وأحضر مجلسه مرَّتين في الأسبوع، أقرأ عليه. وكان يكرمني غاية الإكرام ويُخرج إليَّ الأجزاء والأصول. وتُوُفّي في أوّل رمضان، ودُفن في داره، ثمّ نُقِل إلى تُربته بالحربيَّة سنة أربعٍ وأربعين. قلت: وروى عنه: أبو منصور مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي النَّرْسيّ، وعمر بن طَبَرْزَد، وابن سُكَيْنَة، وجماعة. وأوصى إلى ابن عمّه قاضي القضاة عليّ بن الحسين الزَّيْنبيّ. وكان يُضرب المثل بحُسْنه في صِباه؛ ولأبي عبد الله البارع فيه: قالوا: عليٌّ ملك الحَسَن قد ... أقسم أنْ لَا يشربَ الخمرا قلت: فما يصنع في ريقِهِ ... فقد حنث البدْرُ وما برّا لو طلب الأجرَ لَما حقّق إلا ... صداع، أو ما زنّر الخصْرا لِتَبْكِ شمسُ الرّاح من نُسْكِهِ ... فإنّها قد فارقتْ بدرا 374- عليّ بن عبد الملك بن مسعود. أبو الحَسَن الهَرَويّ الأصل، الحلبيّ المولد، البغداديّ الدّار. وُلِد سنة 459. وسمع: أبا محمد نصر الصَّرِيفينيّ، وجماعة. روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وقال: شيخ، صالح، مستور. تُوُفّي فِي المحرَّم. 375- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الحسين1.

_ 1 الأنساب "9/ 278، 279".

الإمام، الأديب، أبو جعفر الفَرْغُوليّ، الدِّهِسْتانيّ، نزيل مَرْو. مكثرٌ، سمع عبد الحكيم بن عبد الحليم بِدِهسْتان، وكامل بن إبراهيم بجُرْجان، وإسماعيل بن مسعدة، وأبو عثمان المَحْمِيّ، وأبا بكر بن خَلَف، وخلْق بالنّواحي. وحصّل الأُصول. قال السَّمْعانيّ: استمليت عليه، وأكثرت عنه. مات في جُمَادَى الآخرة عَن اثنتين وثمانين سنة. "حرف الغين": 376- غانم بن أحمد بن الحَسَن بن محمد بن عليّ الْجُلُوديّ1. أبو الوفاء الأصبهانيّ. وُلِد في ثاني عشر رجب، سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة. وسمع من سعيد بن أبي سعيد العيّار "صحيح البخاريّ". روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وأبو القاسم بن عساكر، وابن السَّمْعانيّ، وخلْق آخرهم وفاة: أبو الفتوح داود بن مَعْمَر بن الفاخر. سمع منه "صحيح البخاريّ". وقرأته لولديّ بالإجازة العامَّة منه، على ابن الشِّحْنة، تَبَعًا لسماعه المتّصل. وسمع أيضًا من: أبي نصر محمد بن عليّ الكاغَدِيّ. كره الأخذ عنه اللَّفْتُوانيّ، وحطّ عليه، كان ذلك لميله إلى الأشعرية، والله أعلم. تُوُفّي في ثالث ذي الحجَّة. 377- غانم بن أبي طاهر بن عبد الواحد بن أحمد بن خالد2. أبو القاسم الأصبهاني، التاجر.

_ 1 التحبير "2/ 5، 6"، التقييد "420"، سير أعلام النبلاء "20/ 99". 2 التحبير "2/ 6-8"، التقييد "420، 421"، سير أعلام النبلاء "20/ 100".

سمع كتاب "السُّنَن" لموسى بن طارق، من عبد الرّزّاق بن شَمِه، سوى الجزء الرّابع، وانفرد بعُلُوِّ هذا الكتاب. روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابن السَّمْعانيّ، وأبو عبد الله أحمد بن أبي العلاء الهَمَذَانيّ العطّار، وحفيده محمد بن أبي نصر بن غانم، وحفيده الآخر محمد بن أبي طاهر بن غانم الضّرير، ومحمد بن عبد الله بن محمد الرُّوَيْدشْتيّ، وأخرون. وتُوُفّي في ثالث عشر رجب، وقد غلط مَعْمَر وقال: تُوُفّي سنة ستّ، وكأنه شَيْن قلمٍ من مَعْمَر. قال السَّمْعانيّ: كان سديدًا، ثقة، مُكْثِرًا، سمع بإفادة ابن عمّته محمد بن أحمد الجرْكانيّ، من ابن شَمِه، والباطَرْقانيّ، وأبي مسلم بن مِهْرَبْزُد، وعائشة الوَرْكانيَّة، وعبد الله بن محمد الكرمانيّ. ومولده سنة اثنتين وخمسين بأصبهان. "حرف الفاء": 378- فاطمة بنت أَبِي الحَسَن عَلي بْن عَبْد اللَّه بْن محمد1. النَّيْسابورية الأصل، الأصبهانيَّة، الواعظة. وُلِدت بطريق الحجاز، ونشأت بأصبهان. وكانت ديَّنةً، متعبدة، زاهدة، لها قدمٌ راسخٌ في التّصوُّف والزُّهْد. سمعت القاضي عبد الله بن عليّ التّميميّ الأصبهانيّ. قال ذلك ابن السَّمْعانيّ، وقال: قرأت عليها مجلسين من أماليه. وكان مولدها قبل الستين وأربعمائة، وتُوُفّيت في رمضان. 379- فاطمة بنت الشّريف محمد بن عدنان بن محمد. أُمّ عَمْرو الهاشمية، الزينبية، البغدادية. قال ابن السَّمْعانيّ: امرأة صالحة افتقرت.

_ 1 التحبير "2/ 429، 430"، أعلام النساء "4/ 56".

سمعت من: أبي نصر الزَّيْنبيّ. روى عنها: ابن السَّمْعانيّ. تُوُفّيت في ربيع الآخر. "حرف الكاف": 380- الكندايجور الفرَنْجيّ1. صاحب القدس. هلك ببيت المقدس، وأُقيم في المُلْك ابنُه صبيّ، وأم الصّبيّ. ورُمِيت الفرنْج، خذلَهم الله، بذلك. ذكره أبو يَعْلَى. "حرف الميم": 381- محمد بن إبراهيم. أبو عُبَيْد الله الْجُذاميّ، القُرْطُبيّ. روى في هذا العام عَن: ابن الطّلّاع، وأبي عليّ الجبائي. وعنه: عليّ بن أحمد الشَّقُوريّ. 382- مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم2. أبو الحَسَن بن صرْما الدّقّاق، الصّائغ، ابن عمّه الحافظ ابن ناصر. وُلِد يوم نصف شعبان سنة ستين وأربعمائة. وسمع من: ابن هزارمرد، والصَّرِيفينيّ، وأبي الحسين بن النقور، وجماعة. وكان شيخًا صالحًا، سيدًا.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "277". 2 المنتظم "10/ 110".

روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ، وابن الْجَوْزِيّ، وعمر بن طَبَرْزَد، وعبد الخالق بن أسد الدّمشقيّ، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وآخرون. وتُوُفّي في نصف شعبان أيضًا. 383- محمد بن حَكَم بن محمد بن أحمد بن جعفر باقي1. أبو جعفر السَّرَقُسْطيّ، النَّحْويّ، حفيد الصّاحب ذي الوزارتين محمد، صاحب مدينة سالم الّذي قُتِلَ بها في سنة عشرين وأربعمائة. روى هذا عَنْ: أبي الوليد الباجيّ، ومحمد بن يحيى بن هاشم، وأبي الأصْبَغ بن عيسى، وأبي جعفر بن جرّاح، وجماعة. ووُلّي قضاء مدينة فاس، ودرّس، وأفْتى، وأقرأ العربيَّة والكلام. قال الأبار: كان ذا حظ من علم الكلام، حَسَن الأخلاق، قوّالًا بالحقّ، شرح "الإيضاح" لأبي عليّ الفارسيّ، وكان واقفًا على كُتُب أبي عليّ، وكتب أبي الفتح بن جنيّ، وأبي سعيد السِّيرافيّ. روى عنه: أبو الوليد بن خِيرة، وأبو مروان بن الصَّيْقَل، وقاسم بن دُحْمان، وأبو محمد بن بونة، وأبو الحسن اللواتي. وتوفي بتلمسان في حدود سنة ثمانٍ وثلاثين. 384- محمد بن حمْد بن خَلَف بن أبي المُنى2. أبو بكر البَنْدَنِيجيّ، البغداديّ، المعروف بحنفش. شيخ مُسِنّ، قدِم في صباه، وتفقّه على الإمام أبي سعد المتوليّ. حصّل طرفًا من الخلاف، وكان يبحث ويتكلَّم. وسمع من: أبي محمد الصَّرِيفينيّ، وأبي الحسين بن النَّقُّور. قال ابن السَّمْعانيّ: كان عسرًا، سيئ الأخلاق، يبغض المحدّثين. وسمعت غير واحد يقول: إنه يخل بالصلوات، وليس له طريقة محمودة.

_ 1 تكملة الصلة "174، 175"، بغية الوعاة "1/ 96"، معجم المؤلفين "9/ 266، 267". 2 الأنساب "2/ 313".

كتبتُ عنه شيئًا بجهدٍ جَهيد، وكان أكثر الأوقات إذا سلمت عليه لا يرد. روى عَنْهُ: ابن سُكَيْنَة، ويوسف بْن المبارك. وكان حنبليًا، ثمّ صار حنفيًا، ثمّ شافعيًا. وقد رُمي بالتّعطيل. 385- محمد بن الخضر بن إبراهيم1. أبو بكر الخطيب، المُحَوَّليّ، خطيب المُحَوَّل. كان من مشاهير القُراء ببغداد. قرأ القرآن على أبي محمد رزق الله التّميميّ، وأبي طاهر أحمد بن سوار. وكان حَسَن الأخْذ. ختم عليه جماعة، وروى عنه: ابن السَّمْعانيّ. وقرأ عليه بالروايات: أبو اليمن الكِنْديّ، وهو آخر من لقيه. ومات فِي ذي القعدة وهو فِي عَشْر السبعين. وقال: لزِمت ابن سِوار خمس عشرة سنة. وقد قرأ بنهر الملك سنة أربعٍ وثمانين على أحمد بن الفتح بن عبد الجبّار المَوْصِليّ صاحب الشّريف الحرّانيّ. وقال أحمد بن شافع: كان أبو بكر الخطيب المجوّد يُضْرَب به المَثَل في الإقراء، وتجويد الأخْذ، والتّحقيق. وكان حَسَن الخَلُق خطابةً، مع الخشوع، وحضور القلب. كان يُقصَد من الأماكن البعيدة لسماع خُطْبته. 386- محمد بن طلحة بن عليّ بن يوسف2. أبو عبد الله الرّازيّ، ثمّ البغداديّ، العطّار، من صوفيَّة رباط أبي سعيد الزوزني.

_ 1 المنتظم "10/ 110"، تذكرة الحفاظ "4/ 1283"، غاية النهاية "2/ 137". 2 لسان الميزان "5/ 212".

وكان قليل الدَّين. روى عَنْ: أبيه؛ وعن الصَّرِيفينيّ حضورًا. وعن: عبد العزيز الأنْماطيّ، وابن البُسْريّ، وجماعة. روى عَنْهُ: ابن سُكَيْنَة، ويوسف بْن المبارك الخفّاف. ومات فِي جُمَادى الآخرة. 387- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحسين1. أبو الفتح بن فوران، الفقيه، من أهل الرَّيّ. نزل آمُل طَبَرسْتان. وكان فقيهًا، ظريفًا، واعظًا، لعّابًا، ليس بمرضيّ الطّريقة. وله شِعْر. 388- محمد بن عليّ بن خَلَف. أبو عبد الله التُّجيْبيّ، الشّاطبيّ. أخذ القراءات عَن ابن شفيع، وبعض القراءات عَن ابن الدّوش. روى عنه: ابنه عبد الله. ومات رحمه الله فِي عَشْر الثّمانين. 389- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن سعيد بن المطهّر2. أبو الفضل المُطَهَّرِيّ، البخاريّ. فاضل مُعَمَّر، من أولاد المحدّثين. قال السَّمْعانيّ: قدِم مَرْو، فأظن أني سمعت منه. أجاز لنا.

_ 1 التحبير "2/ 140"، طبقات الشافعية الكبرى "6/ 121". 2 التحبير "2/ 177-182"، الجواهر المضية "2/ 93".

سَمِعَ: أبا بَكْر محمد بْن عَبْد الله الكرابيسي، والحافظ قتيبة بن محمد العثماني، وأبا عصمة عبد الواحد بن أحمد، وعبد الصّمد بن محمد الرّباطيّ، وعمر بن خنْب الحافظ. ومن عواليه: "تفسير الأشَجّ". قال: أنبا به ابن خنب، أنا إبراهيم بن محمد بن عبد الله الرّازيّ، أنا الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم، عنه. و"تفسير هُشَيْم"؛ أنا عمر بن منصور بن أحمد بن محمد بن موسى بن أفلح بن خنب الحافظ البزّاز، أنا أبو بكر محمد بن إدريس الْجَرْجرائيّ الحافظ، أنا محمد بن عيسى بن عبد الكريم بالرملة، أنا محمد بن إبراهيم بن بطال، أنا زياد بن أيّوب، عَنْ هُشَيْم. وسمع "خ" من ابن خنْب، بسماعه من إسماعيل بن حاجب. وسمع "ت" من طريق الهَيْثَم بن كُلَيْب. وسمع "د" بعده، و"تاريخ غنجار"، عن رجلٍ، عنه، و"المسند" لوكيع، عاليًا. مات رحمه الله في ذي القعدة، وله أربعٌ وثمانون سنة. 390- محمد بن عليّ بن منصور1. أبو الفضل السّنْجيّ، المَرْوَزي، الخُوجانيّ، الغازيّ. كان يَقْدَم مَرْو من قرية خوجان. وكان ثقة مكثِرًا. سمع بنفسه، ورحل وكتب. سمع جدّي أبا المظفّر، قاله أبو سعد. ثمّ قال: وسمع من: إسماعيل بن محمد الزّاهديّ؛ وبنَّيْسابور: أحمد بن سهل السّرّاج. وُلِد سنة سبعٍ وستّين بمَرْو، وبها تُوُفّي في صفر. خرجت له جزءًا.

_ 1 الأنساب "5/ 223"، التحبير "2/ 197، 198"، معجم البلدان "2/ 428".

391- محمد بن الفضل بن أبي الحَسَن بن محمد. أبو بكر الأصبهانيّ، المؤدب، المعروف ببستة. شيخ صالح، مُسِنّ. سمع: أبا القاسم بن عبد الرحمن، وأبا عَمْرو ابن الحافظ ابن مَنْدَهْ. وتُوُفّي في ذي الحجَّة أيضًا. 392- محمد بن الفضل بن محمد1. أبو الفتوح الإسْفَرَائينيّ، المعروف بابن المعتمد. إمامٌ في الوعظ، مليح المحاورة، فصيح العبارة، طريف الْجُملة والتّفصيل. سمع: أبا الحَسَن المَدِينيّ بنَّيْسابور، وشيروَيه الدَّيْلَميّ بهَمَذَان. روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وقال: حضرت يومًا مجلسه في رباط أمّ الخليفة، وسألته عَنْ مولده فقال: في سنة أربعٍ وسبعين وأربعمائة بإسْفَرَاين. وأُزْعج من بغداد، فخرج منها متوجّهًا إلى خُراسان، فأدركه الموت بِبِسْطام في ثاني ذي الحجة، ودفن بجنب أبي يزيد البسْطاميّ، رحمه الله. وهو مذكورٌ في حوادث هذه السنة. قال ابن النّجّار: كان من أفراد الدَّهر في الوعظ، فصيح العبارة، دقيق الإشارة، حُلْو الإيراد. وكان أوحد وقته في مذهب الأشعريّ، وله في التّصوُّف قدمٌ راسخ، وكلام دقيق فائق. صنّف في الحقيقة كُتُبًا منها: كتاب "كشف الأسرار على لسان الأخيار"، وكتاب "بيان القلب"، وكتاب "بثّ الأسرار". وكلّ كتبه نكت وإشارات. وهي مختصرة الحجم.

_ 1 المنتظم "10/ 110-112"، الكامل في التاريخ "11/ 96، 97"، سير أعلام النبلاء "20/ 139-142".

ورد بغداد سنة خمس عشرة، وظهر له القبول التّامّ، بين الخاصّ والعامّ، وكان يتكلَّم على مذهب الأشعريّ، فثار عليه الحنابلة، ووقعت فِتَن، فأمر المسترشد بإخراجه، فخرج إلى أن ولي المقتفيّ، فعاد واستوطن بغداد، فلم يزل يعِظ ويُظهر مظهر الأشعريّ إلى أن عادت الفِتَن، فأخرجوه من بغداد إلى بلده، فأدركه الأجل. ثمّ قَالَ ابن النّجّار: قرأت فِي كتاب أَبِي بكر المارِسْتانيّ: حدَّثني أبو الفتح مسعود بن محمد بن ماشاذَة قال: قال لي الحافظ ابن ناصر: أحبّ أن تسأل أبا الفتوح: هل القرآن الّذي تكلَّم الله به بحرفٍ وصوت؟ فأتيت الشيخ أبا الفتوح، وحكيت له قول ابن ناصر، فقال لي: سلّم على الحافظ أبي الفضل عنّي، وقل له: بحرف يكتب، وبصوت يسمع. قعدت إلى ابن ناصر، فصلّيت خلفه المغرب، وحدَّثته بالجواب، فحلف أن لا يمشي إلّا حافيًا، وخرج وأنا معه، فسبقته إليه وحدثته، فقال: أنا والله لَا أخرج لتلقِّيه إلّا حافيًا إجلالًا لمجيئه. وخرج من الرّباط، وقطع درب راجي، فتلاقيا حافيَيْن، فاعتنقا، وقبّل كلٌّ منهما صاحبه، وتحادثا ساعة. قلت: فرحُ ابن ناصر ما لَهُ مَعْنَى، وعسى خبره لأنه يخالطه في الجواب، كما خبط هو في السّؤال. وقال أبو القاسم بن عساكر: أبو الفتوح أجرأ من رأيته لسانًا وجَنَانًا، وأكثرهم فيما يورد إعرابًا وإحسانًا، وأسرعهم جوابًا، وأسلمهم خطابًا، مع ما رُزق بعد صحَّة العقيدة من السّجايا الكريمة، والخصال الحميدة، من قلَّة المُرَاءاة، لأبناء الدّنيا، وعدم المبالاة بذوي الرُّتْبة العالية، والإقبال على إرشاد الخلْق، وبذْل النَّفس في نُصرة الحقّ. إلى أن قال: فمات غريبًا شهيدًا. وقد كنت لازمت حضور مجلسه ببغداد، فما رأيت مثله واعظًا ولا مذكرًا. وقال ابن النّجّار: قرأت فِي كتاب أَبِي بَكْر المارستاني: حدَّثني قاضي القُضاة أبو طالب بن الحديثيّ قال: كنت جالسًا، فمرّ أبو الفتوح الإسْفَرَائينيّ، وحوله جمٌّ غفير من عصبّيته، ومنهم من يصيح ويقول: لَا بحرف ولا صوت بل هي عبارة عَنْ ذلك. فرجمه العوامّ، ورُجِم أصحابُه، حتّى لم يكد يبقى في الطّريق ما يُرجم به.

وكان هناك كلبٌ ميّت، فتراجموا به، وصار من ذلك فتنة كبيرة، لولا قُرْبُها من باب النُّوبي لهلك فيها جماعة. فاتّفق جواز موفّق المُلْك عثمان عميد بغداد، فهرب معظم أصحابه من حوله، صار قُصَارَى أمره أن يلقي نفسه عَنْ فَرَسه، ودخل في بعض الدّكاكين، وأغلق الباب، ووقف من تخلّف معه على الباب. حتّى انقضت الفتنة. ثمّ ركب طائر العقل إلى المملكة، ودخل إلى السّلطان مسعود، فحكى له الحال، فتقدَّم السّلطان إلى الأمير قيماز بالقبض على أبي الفتوح، وحمله إلى هَمَذَان، وتسليمه من هَمَذَان إلى الأمير عبّاس ليحمله إلى إسفراين، ويشهد عليه أنه متى يخرج منها فقد أطاح دم نفسه. 393- محمد بن القاسم بن المظفَّر بن عليّ بن الشَّهْرُزُوريّ، ثمّ المَوْصِليّ1. أبو بكر. شيخ مُسِنّ، كبير القدر، فاضل، محترم. أكثر الأسفار في شبيبته، ورأى الأئمَّة. وجد في خُراسان، ووُلّي القضاء بعدَّة أماكن في بلاد الجزيرة، والشّام، وكان يلقَّب بقاضي الخافِقَين. تفقه ببغداد على أبي إسحاق، وسمع منه. ومن: أبي القاسم الأنْماطيّ، وأبي نصر الزَّيْنبيّ. وبنَيْسابور من: أبي بكر بن خَلَف، وغيره. وحدَّث ببغداد، والمَوْصل. وُلِد بإربل في سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة. روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وابن عساكر، وعمر بن طَبَرْزَد، وجماعة. قال ابن عساكر: قدِم دمشق مِرارًا، أحدها رسولًا من المسترشد لأخذ البيعة. أنا أبو بكر بن أبي أحمد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة بدمشق، أنا عثمان المحمي، فذكر حديثًا.

_ 1 الأنساب "7/ 418، 419"، المنتظم "10/ 112"، سير أعلام النبلاء "20/ 139".

تُوُفّي ببغداد في جُمَادَى الآخرة. وقال عليّ بن يحيى الطّرّاح: مات في ثاني ربيع الأوّل. 394- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن حسين1. أبو نصر الأصبهانيّ، الصّائغ، المؤذن. شيخ صالح، تفرَّد بعدةٍ من تصانيف عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، عنه. وسمع أيضًا من أخيه عبد الوهّاب، وجماعة. أخذ عنه: السَّمْعانيّ، وغيره. 395- محمد بن يوسف بن عبد الله2. أبو طاهر التّميميّ، السَّرَقُسْطيّ. نزيل قُرْطُبة. سمع كثيرًا من: أبي عَلِيّ الصَّدَفيّ، وأبي عِمران بْن أَبِي تليد، وجماعة. قال ابن بَشْكُوال: كان مقدَّمًا في اللّغة والعربيَّة، شاعرًا محسنًا. له مقامات صنَّفها، أُخِذَت عنه واستُحْسِنَت. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. قلت: آخر من سمع منه وفاة خطيبُ قُرْطُبة أبو جعفر بن يحيى. 396- المبارك بن محمد بن حسين3. أبو القاسم بن البُزُوريّ، الدّوانيّ. كان يخدم نقيب الطّالبيّين. وهو صالح، ساكن، خيِّر، راغب في حضور مجالس العلم. سمع: أبا الحسين بن النقور، ونصر بن معمر.

_ 1 التحبير "2/ 227". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 588"، الأعلام "8/ 22"، معجم المؤلفين "12/ 129". 3 الأنساب "2/ 199".

وأجاز له: أبو بكر الخطيب، وأبو عليّ بن البنّا. قال ابن السَّمْعانيّ: قرأت عليه الكثير، وقال: ولدت سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة. قلت: وروى عَنْهُ عبد الخالق بْن أسد. 397- محسن بن النُّعْمان1. أبو الفضل البسْطاميّ، المؤدّب، فقير، صالح. ولد في حدود الخمسين وأربعمائة. وروى عَنْ: محمد بن عبد الجبّار الإسْفَرَائينيّ، وطاهر الشّحّاميّ. 398- محمود بن عمر بن محمد2. العلّامة، أبو القاسم الزَّمَخْشَرِيّ، الخُوَارَزْميّ، النَّحْويّ، اللُّغَويّ، المتكلم، المعتزليّ، المفسر. مصنّف "الكشّاف" في التّفسير، و"المفصل" في النّحْو. وزَمَخْشَر: من قُرى خُوارَزْم. وكان يقال له جار الله؛ لأنّه جاوَرَ بمكَّة زمانًا. ووُلِد بزَمَخْشَر، في رجب سنة سبعٍ وستين وأربعمائة. وقدم بغداد. وحدَّث. وأجاز لأبي طاهر السِّلَفيّ، ولزينب الشَّعْريَّة، وغيرهما. قال ابن السَّمْعانيّ: كان ممّن برع في علم الأدب، والنَّحْو، واللّغة، لقي الكبار، وصنَّف التّصانيف في التّفسير، والغريب، والنَّحْو. وورد بغداد غير مرَّة، ودخل خُراسان عدَّة نُوَب. وما دخل بلدًا إلا واجتمعوا عليه، وتلمذوا له.

_ 1 التحبير "2/ 269، 270". 2 المنتظم "10/ 112"، الكامل في التاريخ "11/ 97"، ميزان الاعتدال "4/ 78"، سير أعلام النبلاء "20/ 151، 156".

وكان علّامة الأدب، ونسّابة العرب. أقام بخُوَارَزْم تُضْرَب إليه أكباد الإبل، ثمّ خرج منها إلى الحجّ، وأقام برهةً من الزمان بالحجاز حتّى هبّت على كلامه رياح البادية، ثمّ انكفأ راجعًا إلى خُوَارَزْم. ولم يتّفق أنّي لقيته، وكتبت من شِعْره عَنْ جماعةٍ من أصحابه. ومات ليلة عَرَفَة. وقال القاضي ابن خَلِّكان: كان إمام عصره، له التّصانيف البديعة، منها "الكشّاف"، ومنها "الفائق" في غريب الحديث، ومنها كتاب "أساس البلاغة"، وكتاب "ربيع الأبرار وفصوص الأخبار"، وكتاب "تشابُه أسماء الرُّواة"، وكتاب "النصائح الكبار"، وكتاب "ضالة الناشد"، و"الرائض في الفرائض"، و"المنهاج" في الأصول، و"المفصل". وسمعت بعض المشايخ يحكي أنّ رِجْله سقطت وكان يمشي على جارِف خَشَب، وسقطت من الثّلج. وقيل إنّه سُئل عَنْ قَطْع رِجْله، فقال: سببه دعاء الوالدة. كنت في الصِّغَر اصطدْتُ عصفورًا وربطه بخيط في رجْله، فطار، ودخل في حَرف، فجذبتُه، فانقطعت رِجْله، فتألّمت أمّي. وقالت: قطع الله رِجْلك كما قطعتَ رِجْله. فلمّا كبرتُ ورحلنا إلى بُخَارَى سقطت عَن الدّابَّة، وانكسرت رِجْلي، وعَمِلَتْ عملًا أوجب قطعها. وكان متظاهرًا بالاعتزال، وقد استفتح "الكشّاف" بالحمد لله الّذي خلْق القرآن؛ فقالوا له: متى تركته هكذا هجره الناس. فغيرها بـ: جَعَلَ القرآن. وهي عندهم بمعنى خَلَق. ومن شِعْره يرثي شيخه أبا مُضَر منصور: وقائلة: ما هذه الدرر الّتي ... تَسَاقَطُ من عينيك سِمْطَين سَمْطَين؟ فقلت: هو الدّرّ الّذي كان قد حشا ... أبو مضر أذني تساقط مع عيني

وقد كتب إليه السِّلَفيّ إلى مكَّة يستجيزه، فأجازه بجزءٍ لطيف فيه لغة وفصاحة، يزر فيه على نفسه. قلت: كان داعية إلى الاعتزال والبِدْعة. 399- مقداد بن المختار1. أبو الجوائز بن المطاميريّ، التِّكْرِيتيّ، الشّاعر المشهور. ذكره ابن النّجّار فقال: كان جيّد القول رقيق الغَزَل، كثير النَّظْم. روى عنه: الحَسَن بن جعفر بن المتوكّل، وعليّ بن أحمد بن محمْوَيْه الأزديّ، وغيرهما. فمن شِعره: ولمّا تناحوا للفراق غديَّة ... رموا كلّ قلبٍ مطمئنٍّ برابِعِ وقفنا....................2 ... نقوِّم بالأنفاس عُوجَ الأضالِع مواقف تُدمي كلّ سواتره ... صدوق الكرى نهانهًا غير هاجع أنبئوا الواشي أَن يَلْهَجُوا بنا ... فلم نَتَّهِم إلّا وُشاةَ المدامِعِ "حرف الهاء": 400- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحسن بن الصاحب. أبو الفض الحاجب. كان حاجب الدّيوان العزيز مدَّةً، ثمّ عُزِل. وحدَّث عَنْ: أبي نصر الزَّيْنبيّ. ومولده في سنة ثلاثٍ وخمسين. وتُوُفّي في ربيع الآخر. قاله ابن السمعاني.

_ 1 عيون التواريخ "12/ 337، 339". 2 بياض بالأصل.

401- هلال بن الحَسَن بن عليّ1. القاضي أبو بدر السعيديّ، السَّرْخَسِيّ. سمع السّيّد محمد بن محمد بن زيد الحُسَينيّ، وغيره. وأجاز لعبد الرحيم بن السَّمْعانيّ. "حرف الواو": 402- واثق بن عليّ. البغداديّ، المقرئ. روى عَنْ: هبة الله بن الحُصَيْن بدمشق. "حرف الياء": 403- يحيى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الغفّار. أبو الوفاء الهَمَذَانيّ الصّبّاغ. متودّد، كَيِّس، من بيت تصوُّف. سمع: الحَسَن بن عبد الله بن ياسين إمام هَمَذَان، وأبا الفتح عَبْدُوس بن عبد الله. كُتُب عنه: ابن السمعاني. وتوفي في ربيع الأول. وفيات سنة تسع وثلاثين وخمسمائة: "حرف الألف": 404- أحمد بن سهل بن إبراهيم. أبو عمر المساجدي، النيسابوري.

_ 1 التحبير "2/ 367".

سمع: أبا إسحاق الشّيرازيّ، ويعقوب بن أحمد الصَّيْرفيّ، ومحمد بن إسماعيل التَّفْلِيسيّ، وأبا المعالي الْجُوَيْنيّ، وغيرهم. روى عنه جماعة آخرهم المؤيَّد بن محمد الطُّوسيّ. 405- أحمد بن عليّ بن محمد. الأنصاريّ، البغداديّ، أبو العبّاس. سمع: الحسين بن عليّ بن البُسْريّ، والعلّاف. وعنه: السَّمْعانيّ، وابن عساكر. وكان صالحًا، زاهدًا، جاوز الثّمانين. 406- أحمد بن محمد بن سعيد بن حرب1. أبو العبّاس المسيليّ، المقرئ. أخذ القراءات عَنْ: أَبِي داود بْن نجاح، وخازم بن محمد، وأبي الحسين العبْسيّ. وكان من أهل الحِذق والتجويد. صنف كتابًا "التّقريب في القراءات السَّبْع"، وتصدَّر للإقراء بإشبيلية. أخذ عنه: عبد يحيى، وابن خير. وحدث في هذا العام. 407- أحمد بن أبي الحسين بن أحمد بن ربيعة. أبو الحارث الهاشميّ. إمام جامع المنصور. شيخ، صالح، حَسَن. سمع: أبا الحسين بن السُّيُوريّ في حال كِبَره. وُلِد في سنة بضعٍ وستين وأربعمائة. وأخذ عنه ابن السمعاني قليلًا.

_ 1 غاية النهاية "1/ 115، 116"، معجم المؤلفين "2/ 106".

408- أحمد بن محمد بن أبي عَقِيل أحمد بن عيسى. أبو بكر السُّلَميّ، الحريريّ. سمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وعاصم بن الحَسَن، والحُمَيْديّ، وجماعة. روى عنه: عبد الحقّ اليُوسُفيّ، وغيره. وله شعرٌ جيّد. كان حيًّا في هذه السَّنة ثمّ انقطع خبره. 409- إبراهيم بن محمد بن منصور بن عمر1. أبو البدر الكَرْخيّ. صحِب الشَيخ أبا إسحاق، وقرأ عليه شيئًا من الفقه. وتفرّد برواية "أمالي ابن سَمْعُون"، عَنْ خديجة بنت محمد الشّاهْجانيَّة. وسمع أيضًا من: أبي محمد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، وعبد الصّمد بن الميمون، وأبي بكر الخطيب، وغيرهم. وله مشيخة في جزءٍ صغير سمعتُهُ. قال ابن السَّمْعانيّ: وُلِد تقديرًا في سنة خمسين وأربعمائة، وأصله من كَرْخ جُدّان. وكان يسكن في دار أبي حامد الإسْفَرَائينيّ. وهو شَيْخ، صالح، مُعَمَّر، عجز عَن المشْي. قلت: روى عنه هو، والحافظ ابن عساكر، وعبد الوهّاب ابن سُكَيْنَة، وعبد الله بن عثمان سِبْط ابن هَدية، وعبد العزيز بن معالي بن مَنيِنا، وعبد الملك بن المبارك الخريميّ القاضي، وعمر بن طبرزد، وإسماعيل بن هبة الله بن أبي نصر، والحسن بن مسلم الفارسيّ الزّاهد، والنّاس لثقته وحُسْن سماعه. وتُوُفّي في التاسع والعشرين من ربيع الأَوَّل. وآخر من روى عنه ترك بن محمد العطار.

_ 1 الأنساب "10/ 394"، المنتظم "10/ 112، 113"، سير أعلام النبلاء "20/ 79، 80"، البداية والنهاية "12/ 219".

410- إبراهيم بن شَيْبان1. أبو طاهر النُّفَيْليّ. قال ابن عساكر: لم يكن بالمَرْضِيّ. أنا عَنْ أَبِي نصر محمد بْن محمد الزَّيْنبيّ. وإن مولده ببانياس. "حرف التاء": 411- تاشفين2. أمير المسلمين، ابن أمير المسلمين عليّ بْن يُوسُف بْن تاشفين، المَصْموديّ. سلطان الملثَّمين. وكانت تَسْمِيتُهم بالمنقبين أَوْلَى؛ لأنّهم يعملون اللّثام على أكثر الوجه، حتّى لَا يكاد يُعرف الشَيخ من الشّابّ. وكانت دولتهم قريبًا من تسعين سنة. خرجوا من بَرّيَّة المغرب من جهة الجنوب، كما تقدَّم في ترجمة سلطانهم أبي بكر المُتَوَفّى سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وُلّي تاشفين هذا الأمر بعد موت أبيه سنة سبعٍ وثلاثين، وعبد المؤمن على كَنَفه، فلم يدعْه يبلع ريقه، ولا قر له قرار. وكانت أيامه سنتين وشهرين. وكان فيها مقهورًا مع عبد المؤمن، وتيقّن أنّ مُلكهم سيزول، فاتي مدينة وهْران، وهي حصينة على البحر، ورأى إنْ أحاط به أمرٌ ركب منها في البحر إلى الأندلس، فإنّه كان له بالأندلس آثار حميدة، وغزوات مشهورة، نُصِر فيها على الرّوم، إذ كان واليًا عليها لأبيه.

_ 1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "4/ 61، 62"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 220". 2 الكامل في التاريخ "10/ 578-580"، سير أعلام النبلاء "20/ 125"، الوافي بالوفيات "10/ 375، 376".

وكان بظاهر وهْران ربْوَة على البحر، بأعلاها رِباط يأوي إليه العُبّاد، فصعِد تاشفين إليه في ليلة السّابع والعشرين من رمضان، واتّفق أنّ عبد المؤمن أرسل منْسَرًا إلى وهْران فأتوها في اليوم السّادس والعشرين، ومقدَّمهم الشَيخ عمر بن يحيى صاحب ابن تُومَرْت، فكمنوا تلك اللّيلة، وشعروا برَوَاح تاشفين إلى ذلك المكان، فقصدوه وبيّتوه، وأحرقوا الباب، فأيقن الشّابّ بالهَلَكَة، فخرج راكبًا فَرَسَه، فركضه ليثب به النّارَ وينجو، فشبّ الفَرَس واضطّرب من النّار، فتردّى في جرفٍ هناك إلى جهة البحر على حجارة، فتهشّم تاشفين، وتلف في الحال، وَقُتِلَ من كان معه من الخواص. ومن ذلك الوقت نزل عبد المؤمن من الجبل إلى السهل، ثم توجه وتملّك تِلْمِسان سنة أربعين. ثمّ إنّهم صلبوا تاشفين على خَشَبَة. وعمل الموحّدون عند أخذ تِلْمِسان بأهلها مثلَ ما يعمله الفرنج، بل أشدّ، فلا قوَّة إلّا بالله. "حرف الجيم": 412- جعفر بن يحيى1. أبو الحَكَم الدّاني، المعروف بابن غتّال. أخذ القراءات عَنْ أبي داود، وسمع منه ومن: أبي عَلِيّ بْن سُكَّرَة. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الأبّار: كان أديبًا، شاعرًا، كاتبًا، مفسرًا. له خطبٌ عارض بها خُطَبَ ابن نُبَاته، وأقرأ النّاس العربيَّة. روى عنه: أبو عبد الله المِكْناسيّ، وأبو محمد بن سُفْيان، وقرأ عليه: أبو الحَسَن بن هُذَيْل كتاب "الواضح" للزّبيديّ. وتُوُفّي مسجونًا من قبل الدولة.

_ 1 تكملة الصلة لابن الأبار "1/ 240"، عيون التواريخ "12/ 321، 322"، غاية النهاية "1/ 199".

المجلد السابع والثلاثون

المجلد السابع والثلاثون الطبقة الخامسة والخمسون أحداث سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ... بسم الله الرحمن الرحيم الطبقة الخامسة والخمسون: "أحداث سنة إحدى وأربعين وخمسمائة": مقتل زنكي: في ربيع الآخر وثب ثلاثة من غلمان زنكي من آقْسُنقُر، فقتلوه وهو يحاصر جَعْبَر، فقام بأمر المَوْصِل ابنُه غازي، وبحلب نور الدّين محمود1. احتراق قصر المسترشد: وفيها احترق قصر المسترشد الّذي بناه في البستان، وكان فيه الخليفة، فسلِم، وتصدَّق بأموال2. خلاف السلطان والخليفة حول دار الضرب: وفي رَجب قدِم السّلطان مسعود، وعمل دار ضرْب، فقبض الخليفة عَلَى الضّرّاب الّذي تسّبب في إقامة دار الضّرْب، فنفذ الشِّحْنة وقبض عَلَى حاجب الخليفة، وأربعةٍ من الخواص، فغضب الخليفة، وغلّق الجامع والمساجد ثلاثة أيّام، ثمّ أُطلق الضّراب، فأطلقوا الحاجب، وسكن الأمر3. موت ابْنَة الخليفة: ووقع حائط بالدّار عَلَى ابْنَة الخليفة، وكانت تصلح للزَواج، واشتد حزنهم عليها، وجلسوا ثلاثة أيام4.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 109-112"، والمنتظم "10/ 119"، وسير أعلام النبلاء "20/ 189-191"، والدرة المضية "546"، والجوهر الثمين "1/ 208"، وشذرات الذهب "4/ 128". 2 البداية والنهاية "12/ 220"، وعيون التواريخ "12/ 407". 3 المنتظم "10/ 119"، وتاريخ الخلفاء "438". 4 البداية والنهاية "12/ 221".

إبطالُ مَكْس حقّ البيع: وفي ذي القعدة جلس ابن العبّاديّ الواعظ، فحضر السّلطان مسعود، فعرَّض بذِكر حقّ البيع، وما جرى عَلَى النّاس، ثمّ قَالَ: يا سلطان العالم: أنت تهبُ في ليلةٍ لمطربٍ بقدْر هذا الّذي يوجد من المسلمين، فاحسبني ذَلكَ المطرب، وهبْه لي، واجعله شُكرًا لله بما أنعم عليك. فأشار بيده: إنّي قد فعلت، فارتفعت الضّجَّة بالدّعاء لَهُ، ونودي في البلد بإسقاطه، وطيف بالألواح الّتي نقِش عليها تَرْك المُكوس في الأسواق، وبين يديها الدّبادب والبُوقات، إلى أن أمر الناصر لدين اللَّه بقلْع الألواح، وقال: ما لنا حاجة بآثار الأعاجم1. حجّ الوزير ابن جَهير: وحجّ الوزير نظام الدّين بْن جَهير. حَجّ المؤرّخ ابن الجوزي: قَالَ ابن الجوزيّ: وحججت أَنَا بالزوجة والأطفال2. ملْك الفرنج طرابلس المغرب: وفيها، قَالَ ابن الأثير3: ملَكَت الفرنج طرابُلُسَ المغرب. جهّز الملك رُجار صاحب صَقَلِّية في البحر أسطولًا كبيرًا، فسار يومًا في ثالث المحرَّم، فخرج أهلها، ودام الحرب ثلاثة أيّام، فاتّفق أن أهلها اختلفوا، وخلَت الأسوار، فنصبت الفرنج السّلالم، وطلعوا وأخذوا البلد بالسّيف واستباحوه، ثمّ نادوا بالأمان، فظهر من سلِم، وعمّرتها الفرنج وحصّنوها4.

_ 1 البداية والنهاية "12/ 221"، وعيون التواريخ "12/ 407". 2 المنتظم "10/ 120"، ومرآة الزمان "ج8 ق1/ 188". 3 الكامل في التاريخ "11/ 108". 4 العبر "4/ 111"، والبداية والنهاية "12/ 221"، واتعاظ الحنفا "2/ 181".

مقتل زنكي: وفيها: قُتل زَنكي1. تسلمّ صاحب دمشق بعلبكَّ صُلحًا: وفيها: قصد صاحب دمشق بَعْلَبَكّ وحاصرها، وبها نائب زنْكيّ الأمير نجم الدّين أيّوب بْن شاذي، فسلّمها صُلحًا لَهُ، وأقطعه خُبزًا بدمشق، وملّكه عدَّة قرى، فانتقل إلى دمشق وسكنها2. فتوحات عبد المؤمن بالمغرب: وفيها: سار عبد المؤمن بجيوشه بعد أن افتتح فاس إلى مدينة سَلا فأخذها، ووَحَّدَتْ مدينةُ سَبْتَة، فأمّنهم، ثمّ سار إلى مَرّاكُش، فنزل عَلَى جبلٍ قريبٍ منها، وبها إسحاق بْن عليّ بْن يوسُف بْن تاشفين، فحاصرها أحد عشر شهرًا، ثمّ أخذها عَنْوةً بالسّيف في أوائل سنة اثنتين وأربعين، واستوثق لَهُ الأمرُ ونزلها. وجاءه جماعةٌ من وجوه الأندلسيّين وهو عَلَى مَرّاكُش باذِلين لَهُ الطّاعة والبَيْعة، ومعهم مكتوبٌ كبيرٌ فيه أسماء جميع الّذين بايعوه من الأعيان. وقد شهد من حضر عَلَى من غاب. فأعجبه ذَلكَ، وشكر هجرتهم، وجهّز معهم جيشًا مَعَ أَبِي حفص عُمَر بْن صالح الصّنْهاجيّ من كبار قُواده، فبادر إلى إشبيلية فنازلها، ثم افتتحها بالسّيف. وذكر اليَسَع بْن حزْم أنّ أهل مَرّاكُش مات منهم بالجوع أيّام الحصار نيفٌ عَلَى عشرين ومائة ألف. حدَّثنيه الدافنُ لهم. ولمّا أراد فتحها، داخلت جيوش الرّوم الّذين بها أمانًا، فأدخلوه من باب أَغْمات، فدخلها بالسّيف، وضرب عنق إسحاق المذكور، في عدَّةٍ من القُوّاد. قَالَ اليَسَع: قُتل ذَلكَ اليوم ممّا صحّ عندي نيف على السبعين ألف رجل3:

_ 1 تقدم قبل قليل مفصلًا. 2 الكامل في التاريخ "11/ 118"، والبداية والنهاية "12/ 221". 3 المختصر في أخبار البشر "3/ 19"، وعيون التواريخ "12/ 408".

أحداث سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة

أحداث سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة: ولاية ابن هبيرة ديوان الزمام: فيها: ولي أبو المظفر يحيى بن هُبيرة ديوان الزمام1. مقتل بُزَبَة شِحنة أصبهان: وفيها: سار الأمير بُزَبة واستمال شِحْنة أصبهان، وانْضاف معه محمد شاه، فأرسل السّلطان مسعود عساكر أَذَرْبَيْجان، وكان بُزَبة في خمسة آلاف، فالتقوا، فكسرهم بُزَبَة، واشتغل جيشه بالنَّهْب، فجاء في الحال مسعود بعد المصافّ في ألف فارس، فحمل عليهم، فتقنطر الفَرَسُ ببُزبة، فوقع وجيء بِهِ إلى مسعود، فوسَّطه، وجيء برأسه فعُلِّق ببغداد2. وزارة عليّ بْن صَدَقة: وعُزل أبو نصر جَهِير عَن الوزارة بأبي القاسم عليّ بْن صَدَقَة، شافهه بالولاية المقتفي، وقرأ ابن الأنباريّ كاتبُ الإنشاء عهدَه3. محاربة سلاركُرد لابن دُبَيس: وقدِم سلاركُرد عَلَى شِحنكية بغداد، وخرج بالعسكر لحرب عليّ بْن دُبيس، فالتقوا، ثمّ اندفع عليّ إلى ناحية واسط، ثمّ عاد وملك الحِلة4. مباشرة أَبِي الوفا قضاء بغداد: وباشر قضاءَ بغداد أبو الوفا يحيى بْن سعيد بْن المرخّم في الدَّسْت الكامل، عَلَى عادة القاضي الهَرَويّ. وكان أبو الوفا بئس الحاكم، يرتشي ويُبطل الحقوق5.

_ 1 المنتظم "10/ 124"، والكامل في التاريخ "11/ 123"، والبداية والنهاية "12/ 222". 2 المنتظم "10/ 120"، والكامل في التاريخ "11/ 119"، وذيل تاريخ دمشق "294، 295". 3 المنتظم "10/ 125". 4 المنتظم "10/ 125". 5 المنتظم "10/ 125"، ومرآة الزمان "ج8 ق1/ 187".

بروز ابن المستظهر إلى ظاهر بغداد: وفي رمضان برز إسماعيل بْن المستظهر أخو الخليفة من داره إلى ظاهر بغداد، فبقي يومين، وخرج متنكِّرًا، عَلَى رأسه شَكّة، وبيده قَدَحٌ، عَلَى وجه التنزّه، فانزعج البلد، وخافوا أن يعود ويخرج عليهم، وخاف هُوَ أن يرجع إلى الدّار، فاختفى عند قومٍ، فأذِنوا لَهُ، فجاء أستاذ الدار والحاجب وخدموه وردّوه1. فتح نور الدين أرتاح: وفيها: سار نور الدّين محمود بْن زَنْكيّ صاحب حلب يومئذٍ ففتح أَرْتاح2، وهي بقرب حلب، استولت عليها الفرنج، فأخذها عَنْوَةً. وأخذ ثلاثة حصون صغار للفرنج، فهابتْه الفرنج، وعرفوا أنه كبْسٌ نطّاح مثل أبيه وأكثر3. أخذ غازي دارا وحصاره ماردين ووفاته: وفيها: سار أخوه غازي صاحب المَوْصِل إلى ديار بَكْر، فأخذ دارا وأخربها ونهبها، ثمّ حاصر ماردين، فصالحه حسام الدّين تِمرتاش بْن إيلغازيّ، وزوّجه بابنته، فلم يدخل بها، ومرض ومات، فتزوّجها أخوه قَطْب الدّين4. الغلاء بإفريقية: وفيها: وفي السّنين الخمس الّتي قبلها، كَانَ الغلاء المُفرط بإفريقيَّة، وعظُم البلاء بهم في هذا العام حتّى أكل بعضهم بعضًا5. زواج نور الدين محمود: وفيها تزوّج الملك نور الدّين بالخاتون ابْنَة الأتابك معين الدّين أُنُر، وأُرسلت إِلَيْهِ إلى حلب.

_ 1 المنتظم "10/ 126". 2 أرتاح: اسم حصن منيع كان في العواصم من أعمال حلب "معجم البلدان 1/ 140". 3 الكامل في التاريخ "11/ 122"، والمختصر في أخبار البشر "3/ 19"، والعبر "4/ 114"، والنجوم الزاهرة "5/ 280". 4 الكامل في التاريخ "11/ 123، 124". 5 الكامل في التاريخ "11/ 124"، والبداية والنهاية "12/ 222".

أحداث سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة

أحداث سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة: هزيمة الفرنج عند دمشق: فيها: جاءت من الفرنج ثلاثة ملوك إلى بيت المقدس، وصلّوا صلَاة الموت، وردّوا عَلَى عكّا، وفرّقوا في العساكر سبعمائة ألف دينار، وعزموا عَلَى قصد الإسلام. وظنّ أهل دمشق أنّهم يقصدون قلعتين بقرب دمشق، فلم يشعروا بهم في سادس ربيع الأوّل إلّا وقد صبّحوا دمشق في عشرة آلاف فارس، وستّين ألف راجل، فخرج المسلمون فقاتلوا، فكانت الرَّجّالة الّذين برزوا لقتالهم مائةً وثلاثين ألفًا، والخيّالة طائفةً كبيرة، فقُتل في سبيل اللَّه نحو المائتين، منهم الفقيه يوسف الفنْدلاويّ1، والزّاهد عبد الرحمن الحلْحُوليّ2. فلمّا كَانَ في اليوم الثّاني، خرجوا أيضًا، واستُشْهِد جماعة، وقتلوا من الفرنج ما لا يُحصى. فلمّا كَانَ في اليوم الخامس، وصل غازي بْن أتابك زنْكي في عشرين ألف فارس، ووصل أخوه نور الدّين محمود إلى حماه رديفًا لَهُ. وكان في دمشق البكاء والتّضرُّع وفرْش الرّماد أيّامًا، وأُخرج مُصحف عثمان إلى وسط الجامع. وضجّ النساء والأطفال مكشّفين الرؤوس، فأغاثهم اللَّه. وكان مَعَ الفرنج قِسّيس ذو لحية بيضاء، فركب حمارًا، وعلّق في حلقه الطِّيب، وفي يديه صليبين، وقال للفرنج: أَنَا قد وعدني المسيح أن آخذ دمشق، ولا يردّني أحد. فاجتمعوا حوله، وأقبل يريد البلد، فلمّا رآه المسلمون صدقت نيّتُهم، وحملوا عَلَيْهِ، فقتلوه، وقتلوا الحمار، وأحرقوا الصّلْبان، وجاءت النّجدة المذكورة، فهزم اللَّه الفرنج، وقُتل منهم خلْق3. رواية ابن الأثير عَن انهزام الفرنج: قَالَ ابن الأثير4: سار ملك الألمان من بلاده في خلْقٍ كثير، عازمًا عَلَى قصد الإسلام، واجتمعت معه فرنج الشّام، وسار إلى دمشق، وفيها مجير الدين أبَق بن

_ 1 ستأتي ترجمته برقم "187". 2 ستأتي ترجمته برقم "154". 3 الكامل في التاريخ "11/ 129-131"، والبداية والنهاية "12/ 223، 224". 4 في الكامل "11/ 129-131".

محمد بْن بُوري، وأتابكه مُعِزّ الدّين أُنُر، وهو الكُلّ، وكان عادلًا، عاقِلًا، خيِّرًا، استنجد بأولاد زنْكيّ، ورتّب أمور البلد، وخرج بالنّاس إلى قتال الفرنج، فقويت الفرنج، وتقهقر المسلمون إلى البلد. ونزل ملك الألمان بالميدان الأخضر، وأيقن النّاس بأنّه يملك البلد، وجاءت عساكر سيف الدّين غازي، ونزلوا حمص، ففرح النّاس وأصبح معين الدّين يَقُولُ للفرنج الغرباء: إنّ ملك الشّرق قد حضر، فإنْ رحلتم، وإلّا سلّمت دمشق إِلَيْهِ، وحينئذٍ تندمون. وأرسل إلى فرنج الشّام يَقُولُ لهم: بأيّ عقلٍ تساعدون هَؤُلّاءِ الغرباء علينا، وأنتم تعلمون أنّهم إنّ ملكوا أخذوا ما بأيديكم من البلاد السّاحليَّة؟ وأنا إذا رَأَيْت الضعفَ عَنْ حَفْظ البلد سلّمته إلى ابن زنْكي، وأنتم تعلمون أنّه إن ملَك لا يبقى لكم معه مُقامٌ بالشّام. فأجابوه إلى التّخلّي عَنْ ملك الألمان، وبذلَ لهم حصن بانياس، فاجتمعوا بملك الألمان، وخوّفوه من عساكر الشّرق وكثْرتها، فرحل وعاد الى بلاده، وهي وراء القسطنطينيَّة. قلت: إنّما كَانَ أجل قدومه لزيارة القدس، فلمّا ترحّلوا سار نور الدّين محمود إلى حصن العزيمة، وهو للفرنج، فملكه. وكان في خدمته معين الدّولة أنُر بعسكر دمشق. ظهور الدولة الغوريَّة: وفيها: كَانَ أول ظهور الدّولة الغوريَّة، وحشدوا وجمعوا. وكان خروجهم في سنة سبعٍ وأربعين1. هرب رضوان وزير مصر ومقتله: وفيها: نقب الحبس رضوان2، الّذي كَانَ وزير الحافظ صاحب مصر، وهرب عَلَى خيل أُعِدَّت لَهُ، وعبَر إلى الجيزة. وكان لَهُ في الحبْس تسعُ سِنين. وقد كنّا ذكرنا أنّه هرب إلى الشّام، ثمّ قدِم مصرَ في جمْعٍ كبير، فقاتل المصريّين

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 135". 2 هو: رضوان بن ولخشي.

عَلَى باب القاهرة وهزمهم، وقتل خلْقًا منهم، ودخل البلد، فتفرَّق جَمْعُه، وحبسه الحافظ عنده في القصر، وجمع بينه وبين أهله، وبقي إلى أن بعث الجيش يأتي من الصّعيد بجموع كثيرة، وقاتل عسكر مصر عند جامع ابن طولون فهزمهم، ودخل القاهرة، وأَرسل إلى الحافظ يطلب منه رسم الوزارة عشرين ألف دينار، فبعثها إِلَيْهِ، ففرَّقها، وطلب زيادةً، فأرسل إِلَيْهِ عشرين ألف أخرى، ثمّ عشرين ألف أخرى. وأخذ النّاس منه العطاء وتفرّقوا. وهيّأ الحافظ جَمْعًا كبيرًا من العبيد وبعثهم، فأحاطوا بِهِ، فقاتلهم مماليكه ساعةً. وجاءته ضربةٌ فقُتل1. ولم يستوزر الحافظ أحدًا من سنة ثلاثٍ وثلاثين إلى أن مات. ظهور الدعوة النزاريَّة بمصر: قَالَ سِبط الجوزيّ2: فيها ظهر بمصر رجلٌ من ولد نزار بْن المستنصر يطلب الخلافة، واجتمع معه خلْق، فجهّز إِلَيْهِ الحافظ العساكر، والتقوا بالصّعيد، فقُتل جماعة، ثمّ انهزم النزاري، وقُتل ولده3. إبطال الأذان بـ "حيّ عَلَى خير العمل" بحلب: وفيها أمر نور الدّين بإبطال "حيَّ عَلَى خير العمل" من الأذان بحلب، فعظُم ذَلكَ عَلَى الإسماعيليَّة والرَّافضة الّذين بها4. فتنة خاصّبك السلطان مسعود: وكان السّلطان مسعود قد مكّن خاصّبَك من المملكة، فأخذ يقبض عَلَى الأمراء، فتغيّروا عَلَى مسعود وقالوا: إمّا نَحْنُ، وإمّا خاصّبَك، فإنّه يحملك عَلَى قتْلنا. وساروا يطلبون بغداد، ومعهم محمد شاه ابن السّلطان محمود، فانجفل الناس واختبطوا، وهرب الشِحنة إلى تِكْريت، وقطع الجسر، وبعث المقتفي ابن العبّاديّ الواعظ رسولًا إليهم، فأجابوا: نَحْنُ عبيد الخليفة وعبيد السّلطان، وما فارقناه إلّا خوفًا من خاصّبَك، فإنّه قد أفنى الأمراء، فقتل عبد الرحمن بن طُوَيرك، وعبّاسًا،

_ 1 أخبار مصر لابن ميسر "2/ 87"، والنجوم الزاهرة "5/ 281". 2 في مرآة الزمان "ج8 ق1/ 199". 3 ذيل تاريخ دمشق "302"، والنجوم الزاهرة "5/ 282". 4 ذيل تاريخ دمشق "301"، وعيون التواريخ "12/ 418"، والنجوم الزاهرة "5/ 282".

وبُزَبَه، وتَتر، وصلاح الدّين، وما عَن النَّفس عوض. وما نحن بخوارج ولا عُصاة، وجئنا لنُصلح أمرنا مَعَ السّلطان. وكانوا: ألبُقُش، وألْذكز، وقيمز، وقرقُوب1، وأخو طُويرك2، وطرْنطاي، وعليّ بْن دُبيس. ثمّ دخلوا بغداد، فمدّوا أيديهم، وأخذوا خاصّ السّلطان، وأخذوا الغلّات، فثار عليهم أهل باب الأزَج3 وقاتلوهم، فكتب الخليفة مسعود، فأجابه: قد برِئَت ذِمَّة أمير المؤمنين من العهد الّذي بيننا، بأنّه لا يجنِّد، فيحتاط للمسلمين. فجنّد وأخرج السُّرادقات، وخندق، وسدّ العقود، وأولئك ينهبون في أطراف بغداد، وقسّطوا الأموال عَلَى مَحال الجانب الغربيّ وراحوا إلى دُجيل وأخذوا الحريم والبنات، وجاءوا بهنّ إلى الخِيَم. ثمّ وقع القتال، وقاتلت العامَّة بالمقاليع، وقُتل جماعة. فطلع إليهم الواعظ الغزْنَوي فذمّهم وقال: لو جاء الفرنج لم يفعلوا هذا. واستنقذ منهم المواشي، وساقها إلى البلد، وقبض الخليفة عَلَى ابن صَدَقَة، وبقي الحصار أيّامًا، وخرج خلقٌ من العوامّ بالسّلاح الوافر، وقاتلوا العسكر، فاستجرّهم العسكر، وانهزموا لهم، ثمّ خرج عليهم كمين فهربوا، وقُتل من العامَّة نحو الخمسمائة. ثمّ جاءت الأمراء، فرموا نفوسهم تحت التّاج وقالوا: لم يقع هذا بِعلْمنا، وإنّما فعله أَوْباشٌ لم نأمرهم. فلم يَقْبل عُذرهم. فأقاموا إلى الليل وقالوا: نحن قيامٌ على رؤوسنا، لا نبرح حتّى تعفي عَنْ جُرمنا. فجاءهم الخادم يقول: عفا عنكم أمير المؤمنين فأمْضوا. ثمّ سار العسكر، وذهب بعضهم إلى الحِلَّة، وبعضهم طلب بلاده4. الغلاء والجوع: ووقع الغلاء، ومات بالجوع والعري أهلُ القرى، ودخلوا بغداد يستعطون5.

_ 1 في المنتظم "قرقوت". 2 في الكامل "11/ 132"، "وابن طغايرك". 3 الأزج: محلة معروفة ببغداد. 4 المنتظم "10/ 131-133"، والكامل في التاريخ "11/ 132-134". 5 المتظم "10/ 134"، والكامل في التاريخ "11/ 137"، والعبر "4/ 118".

وفاة القاضي الزينبي: ومات قاضي القُضاة الزَّيْنَبيِّ، وقُلِّد مكانه أبو الحسن عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن الدّامغانيّ1. دخول ملك صقلّية مدينة المهديَّة: وفيها: الغلاء مستمر بإفريقية، وجلا أكثر النّاس ووجد خلْق في جزيرة صَقَلِّية، وعظُم الوباء. فاغتنم الملعون رُجار صاحب صَقَلّية هذه الشّدَّة، وجاء في مائتين وخمسين مركبًا، ونزل عَلَى المَهْديَّة، فأرسل إلى صاحبها الحسين بْن عليّ بْن يحيى بْن تميم بْن باديس: إنّما جئت طالبًا بثأر محمد بْن رشيد صاحب فاس، وردّه إلى فاس. وأنت فبيننا وبينك عهدٌ إلى مدَّةٍ، ونريد منك عسكرًا يكون معنا. فجمع الحَسَن الفُقهاء والكبار وشاورهم، فقالوا: نقابل عدوّنا، فإنّ بلدنا حصين. قَالَ: أخاف أن ينزل البرَّ ويحاصرنا برًّا وبحرًا ويمنعنا الميرة، ولا يحلّ لي أن أُعطيه عسكرًا يقاتل بِهِ المسلمين، وإنِ امتنعتُ قَالَ: نقَضْت. والرأي أن نخرج بالأهل والولد، ونترك البلد، فمن أراد أن ينزح فلْيَنْزَح. وخرج لوقته، فخرج الخلْق عَلَى وجوههم، وبقي من احتمى بالكنائس عند أهلها، وأخذت الفرنج المهدّية بلا ضرْبة ولا طَعْنة، فإنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون. فوقع النّهب نحو ساعتين، ونادوا بالأمان. وسار الحَسَن إلى عند أمير عرب تِلْكَ النّاحية، فأكرمه. وصار الإفرنج من طرابُلُس الغرب إلى قرب تونس. وأمّا الحَسَن، فعزم عَلَى المسير إلى مصر، ثمّ عزم على المسير إلى عبد المؤمن هُوَ وأولاده، وهو التّاسع من ملوك بني زيري. وكانت دولتهم بإفريقيَّة مائتين وثمان سنين2.

_ 1 المنتظم "10/ 134"، وذيل تاريخ دمشق "303". 2 الكامل في التاريخ "11/ 125"، والبداية والنهاية "12/ 223".

أحداث سنة أربع وأربعين وخمسمائة

أحداث سنة أربع وأربعين وخمسمائة: ارتفاع الغلاء عَنْ بغداد: في المحرَّم ارتفع عَن النّاس ببغداد الغلاء، وخرج أهل القرى1. مقتل صاحب أنطاكية: وغزا نور الدّين محمود بْن زنْكي فكسر الفرنج، وقتل صاحب أنطاكية. وكانت وقعة عظيمة، قُتل فيها ألف وخمسمائة من الفرنج، وأُسر مثلُهم، وذلّ دين الصّليب2. فتح فامية: ثمّ افتتح نور الدّين حصن فامية، وكان عَلَى أهل حماة وحمص منه غاية الضَّرَر3. وقوع جوسلين في الأسر: وكان جوسلين، لعنه اللَّه، قد أَلَهبَ الخلْق بالأَذّية والغارات، وهو صاحب تلّ باشر، وأعزاز، وعينتاب، والرّاوندان، وبهَسْنا والبيرة، ومَرْعَش، وغير ذَلكَ، فسار لحربه سِلَحْدار نور الدّين، فأسره جوسلين، فدسّ نور الدّين جماعةً من التُّركمان: مَن جاءني بجوسلين أعطيتُه مهما طلب. فنزلوا بأرض عَنْتاب، فأغار عليهم جوسلين، وأخذ امْرَأَةً مليحةً فأعجبته، وخلا بها تحت شجرة، فكمن لَهُ التُّركمان وأخذوه أسيرًا حقيرًا، وأحضروه إلى نور الدّين، فأعطى الّذي أسره عشرة آلاف دينار. وكان أسرُه فتحًا عظيمًا. واستولى نور الدّين عَلَى أكثر بلاده4.

_ 1 المنتظم "10/ 137"، والكامل في التاريخ "11/ 146". 2 ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي "304، 305"، والمنتظم "10/ 137"، والعبر "4/ 120، 121"، والبداية والنهاية "12/ 225". 3 الكامل في التاريخ "11/ 149"، والعبر "4/ 121"، وعيون التواريخ "12/ 231". 4 الكامل في التاريخ "11/ 144"، وعيون التواريخ "12/ 421".

وزارة ابن هبيرة: وفي ربيع الآخر استوزر الخليفة أبا المظفر بْن هُبيرة، ولَقَبُه: عون الدّين1. قصْدُ ألْبقش العراق وطلب السلطنة لملكشاه: وفي رجب جمع ألبُقُش وقصد العراق، وانضمّ إِلَيْهِ مَلِكْشاه بْن السّلطان محمود، وعليّ بْن دُبيس، وطرنْطاي، وخلْق من التُّرْكمان. فلمّا صاروا عَلَى بريدٍ من بغداد، بعثوا يطلبون أن يسلطن ملكشاه، فلم يَجِبْهم الخليفة، وجمع العسكر وتهيّأ وبعث البريد إلى السّلطان مسعود يستحثّه، فلم يتحرّك، فبعث إِلَيْهِ عمّه سَنْجَر يَقُولُ لَهُ: قد أخربت البلاد في هوى ابن البلنكريّ، فنفّذه هُوَ، والوزير، والجاوليّ، وإلّا ما يكون جوابك غيري. فلم يلتفت لسَنْجَر، فأقبل سَنْجَر حتّى نزل الرّيّ، فعلم مسعود، فسار إِلَيْهِ جريدةً، فترضّاه وعاد. ثمّ قدِم بغداد في ذي الحجَّة واطمأنّ النّاس. الحجّ العراقيّ: وفيها: حجّ بالعراقيّين نَظَر الخادم، فمرض من الكوفة فردّ، واستعمل مكانه قَيماز الأُرْجُوانيّ. ومات نَظَر بعد أيّام2. الزلزلة ببغداد: وفي ذي الحجَّة جاءت زلزلة عظيمة، وماجت بغداد نحو عشْر مرّات، وتقطّع بحُلْوان جبلٌ من الزّلزلة. وهلك عالَمٌ من التُّرْكمان3. وفاة صاحب الموصل: وفيها: مات صاحب المَوْصِل سيف الدّين غازي بْن زنْكيّ، وملَك بعده أخوه مَوْدُود. وعاش غازي أربعًا وأربعين سنة. مليح الصّورة والشَّكْل، وخلّف ولدًا توفي شابًا، ولم يُعقب4.

_ 1 المنتظم "10/ 137"، والبداية والنهاية "12/ 225". 2 المتظم "10/ 138" والبداية والنهاية "12/ 226". 3 الكامل في التاريخ "11/ 146"، والبداية والنهاية "12/ 225". 4 الكامل في التاريخ "11/ 138"، وسير أعلام النبلاء "20/ 192، 193"، والبداية والنهاية "12/ 227".

الخلاف بين رُجار وصاحب القسطنطينية: وفيها: وقع الخُلف بين رُجار الإفرنجيّ صاحب صَقَلِّية، وبين صاحب القُسطنطينيَّة. ودامت الحروب بينهم سِنين، فاشتغل رُجار عَنْ إفريقيَّة1. ومن حوادث سنة أربع وأربعين وخمسمائة: رواية ابن القلانسي عَن انتصار نور الدين عَلَى صاحب أنطاكية: قَالَ أبو يَعلى التّميميّ في "تاريخه"2: كَانَ قد كَثُر فساد الفرنج المقيمين بعكا، وصور، والسواحل، بعد رحيلهم عَنْ حصار دمشق، وفساد شروط الهدنة الّتي بين أُنُر وبينهم. فشرعوا في العَبَث بالأعمال الدّمشقيَّة، فنهض معين الدّين أنُر بالعسكر مُغيرًا عَلَى ضياعهم، وخيّم بحَوْران، وكاتَب العربَ، وشنّ الغارات عَلَى أطراف الفرنج، وأطلق أيدي التُّرْكمان في نهْب أعمال الفرنج، حتّى طلبوا تجديد الهدنة والمسامحة ببعض المقاطعة، وتردّدت الرُسل، ثمّ تقرَّرت الموادعة مدَّة سنتين، وتحالفوا عَلَى ذَلكَ. ثمّ بعث أنُر الأميرَ مجاهد الدّين بُزان بْن مامين في جيشٍ نجدةً لنور الدين عَلَى حرب صاحب أنطاكية، فكانت تِلْكَ الوقعة المشهودة الّتي انتصر فيها نور الدّين عَلَى الفرنج، ولله الحمد والمِنة. وكان جَمعه نحوًا من ستَّة آلاف فارس سِوَى الأتباع، والفرنج في أربعمائة فارس، وألف راجل، فلم ينجُ منهم إلّا اليسير، وقُتل ملكهم البلنس، فحُمل رأسه إلى نور الدّين. وكان هذا الكلب أحد الأبطال والفُرسان المشهورين بشدَّة البأس، عظيم الخلْقة والتّباهي في الشّرّ. ثمّ نازل نور الدّين أنطاكية وحاصرها إلى أن ذَلّوا وسلّموها بالأمان. فرتَّب فيها مَن يحفظها، فجاءتها أمداد الفرنج، ثمّ اقتضت الحال مهادنَة من في أنطاكية وموادعتهم.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 145"، ودول الإسلام "2/ 60". 2 ذيل تاريخ دمشق "304، 305".

موت معين الدين أنُر: وأمّا معين الدّين أنُر فإنّه مرض، وجيء بِهِ من حَوْران في مِحَفَّةٍ، ومات بدُوسنْطاريا في ربيع الآخر، ودُفن بمدرسته1. الوحشة بين مؤيّد الدين ومجير الدين: ثمّ جَرَت واقعة عجيبة. استوحش الرئيس مؤيَّد الدّين من الملك مُجير الدّين استيحاشًا أوجب جمعَ من أمكنه واقعةً من أحداث دمشق والْجَهَلة، ورتّبهم حول داره، ودار أخيه زين الدّولة حَيْدرة للاحتماء بهم، وذلك في رجب. فنفذ مجير الدّين يطيّب نفوسهما، فما وُفِّق، بل جَدّا في الجمْع والاحتشاد من العوامّ والجُند، وكسروا السجن وأطلقوا مَن فيه، واستنفروا جماعة من الشّواغرة2 وغيرهم، وحصلوا في جمعٍ كثيرٍ امتلأت بهم الطُّرُق. فاجتمعت الدّولة في القلعة بالعُدد، وأخرِجت الأسلحة، وفرَقت عَلَى الجند، وعزموا عَلَى الزّحف إلى جمْع الأوباش، ثمّ تمهّلوا حقنًا للدّماء، وخوفًا من نهْب البلد، وأَلَحُّوا عَلَى الرئيس وتلطّفوا إلى أن أجاب، واشترط شروطًا أُجيب إلى بعضها، بحيث يكون ملازمًا لداره، ويكون ولده وولد أخيه في الدّيوان، ولا يركب إلى القلعة إلّا مُسْتَدْعيًا إليها. ثمّ حدث بعد ذَلكَ عَوْد الحال إلى ما كانت عَلَيْهِ، وجمع الجمْع الكثير من الأجناد والمقدَّمين، والفلّاحين، واتّفقوا عَلَى الزّحف إلى القلعة وحصرها، وطلب من عيَّنَه من أعدائه، فنشبت الحرب، وجُرح وقُتل جماعة. ثمّ عاد كلّ فريقٍ إلى مكانه. ووافق ذَلكَ هروب السّلار زين الدّين إسماعيل شِحنة البلد وأخوه إلى ناحية بَعْلَبَكّ. ولم تزل الفتنة هائجةً، والمحاربة متّصلةً، إلى أن أُجيب إلى إبعاد من التمس إبعادَه من خواصّ مُجير الدّين. ونُهبت دار السّلار وأخيه، وخلع عَلَى الرئيس وأخيه، وحَلَف لهما مُجير الدّين، وأعاد الرئيس إلى الوزارة، بحيث لا يكون له في الأمر معترض ولا مُشارك3.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 147"، وسيأتي ترجمته برقم "201". 2 الشواغرة: نسبة إلى الشاغور محلة بالباب الصغير من دمشق وهي في ظاهر المدينة: "معجم البلدان 3/ 310". 3 ذيل تاريخ دمشق "307، 308"، وعيون التواريخ "12/ 430، 431".

موت الحافظ لدين الله وخلافة الظاهر بمصر: وأمّا مصر، فمات بها الحافظ لدين اللَّه عبد المجيد العُبيدي، وأقيم بعده ابنه الظّافر إسماعيل. ووَزَرَ لَهُ أمير الجيوش ابن مصال المغربيّ، فأحسن السّيرة والسّياسة. ثمّ اضطّربت الأمور واختلفت العساكر، بحيث قُتل خلقٌ منهم1. محبَّة الدمشقيّين نور الدين: وأمّا أعمال دمشق كَحْوران، وغيرها، فعبث بها الفرنج، وأجدبت الأرض، ونزح الفلّاحون، فجاء نور الدّين بجيشه إلى بَعْلَبَكّ ليوقع بالفرنج، ففتح اللَّه بنزول غيثٍ عظيم، فعظُم الدعاء لنور الدين، وأحبه أهل دمشق وقالوا: هذا ببركته وحُسن سيرته2. مصالحة نور الدين ومجير الدين: ثمّ نزل عَلَى جسر الخشب في آخر سنة أربع، وراسل مُجير الدّين، والرئيس يَقُولُ: إنّني ما قصدتُ بنزولي هنا طلبًا لمحاربتكم، وإنّما دعاني كثرة شكاية أهل حَوْران والعُربان. أخذت أموالهم وأولادهم، ولا ينصرهم أحد فلا يَسَعني مَعَ القُدرة عَلَى نُصرتهم القعودُ عَنْهُمْ، مَعَ عِلْمٍ بعجزكم عَنْ حِفْظ أعمالكم والذّبّ عَنْهَا، والتّقصير الّذي دعاكم إلى الاستصراخ بالإفرنج عَلَى محاربتي، وبذلكم لهم أموالَ الضعفاء من الرَعيَّة ظُلْمًا وتعديًا. ولابد من المعونة بألف فارس يجرَّد مَعَ مقدَّمٍ لتخليص ثغر عسقلان وغيره. فكان الجواب: لَيْسَ بيننا وبينك إلّا السّيف. فكثر تعجُّب نور الدّين، وأنكر هذا، وعزم عَلَى الزَّحْف إلى البلد، فجاءت أمطارٌ عظيمة منعته من ذَلكَ3. ثمّ تقرَّر الصُّلْح في أوّل سنة خمسٍ وأربعين، فإنّ نور الدّين أشفق من سفْك

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "308"، والكامل في التاريخ "11/ 141، 142"، والبداية والنهاية "12/ 226"، وشذرات الذهب "4/ 138". 2 ذيل تاريخ دمشق "308، 309"، وعيون التواريخ "12/ 431". 3 ذيل تاريخ دمشق "309".

الدّماء، فبذلوا لَهُ الطّاعة، وخطبوا لَهُ بجامع دمشق بعد الخليفة والسّلطان، وحلفوا لَهُ. فخلع نور الدّين عَلَى مجير الدّين خِلْعةً كاملةً بالطَّوْق، وأعاده مكرّمًا، محتَرَمًا. ثمّ استدعى الرئيس إلى المخيَّم، وخلع عَلَيْهِ، وخرج إِلَيْهِ المقدَّمون، واختلطوا بِهِ، وردّ إلى حلب. مضايقة الملك مسعود تلّ باشر: وجاء الخبر بأنّ الملك مسعود نزل عَلَى تلّ باشِر وضايقها1. عودة الحُجاج وما أصابهم: ثمّ قدِم حُجاج العراق وقد أُخذوا، وحكوا مُصِيبةً ما نزل مثلُها بأحدٍ. وكان رَكْبًا عظيمًا من وجوه خُراسان وعُلمائها، وخواتين الأمراء خلْق. فأُخذ جميع ذَلكَ، وقُتل الأكثر، وسلِم الأقل، وهُتكت الحُرم، وهلك خلقٌ بالجوع والعطش2. رحيل مسعود عَنْ تلّ باشر 3: وأمّا مسعود، فإنّه ترحّل عَنْ تلّ باشِر. مصالحة مجاهد الدين لصاحب دمشق: وتوجّه مجاهد الدّين بُزان إلى حصن صرْخد، وهو لَهُ، لترتيب أحواله. وعرضت لَهُ نفرةٌ من صاحب دمشق ورئيسها، ثمّ طُلب، واصطلحوا عَلَى شرط إبعاد الحافظ يوسف عَنْ دمشق، فأُبعد، فقصد بَعْلِبَكّ، فأكرمه متولّيها عطاء4. اتصال الخلاف في مصر: وأمّا مصر، فالأخبار واصلة بالخُلف المستمرّ بين وزيرها ابن مصال، وبين المظفّر ابن السّلار عَلَى الأمر، فسكنت الفتنة. ثمّ ثار الجُند، وجَرَت أمور، وقُتل جماعة. نسأل الله العافية5.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "310". 2 الكامل في التاريخ "11/ 148، 149"، والبداية والنهاية "12/ 226". 3 ذيل تاريخ دمشق "310، 311". 4 ذيل تاريخ دمشق "311"، وكتاب الروضتين "1/ 194، 195". 5 ذيل تاريخ دمشق "311، 312".

أحداث سنة خمس وأربعين وخمسمائة

أحداث سنة خمس وأربعين وخمسمائة: الأخبار بما جرى عَلَى الركْب العراقي: جاءت الأخبار بما جرى عَلَى رَكْب العراق. طمع فيهم أمير مكَّة، واستهون بقَيماز، وطمعت فيهم العرب، ووقفوا يطلبون رسومهم، فأشار بذلك قَيماز، فامتنع النّاس عَلَيْهِ، ولمّا وصلوا إلى الغرابيّ خرجت عليهم العرب، فأخذوا ما لا يُحصى، حتّى أنّه أُخذ من خاتون أخت السّلطان مسعود ما قيمته مائة ألف دينار. وذهب للتّجار أموال كثيرة. واستعْنَتَ العربُ، وتمزَّق النّاس، وهربوا مُشاةً في البرّيَّة، فمات خلقٌ جوعًا وَعَطَشًا وبَردًا، وطلى بعض النّساء أجسادهنّ بالطِّين ستْرًا للعورة. وتوصّل قَيماز في نفرٍ قليل1. الصلح بين نور الدين ومجير الدين: وفيها: كَانَ الصُّلْح. فإنّ نور الدّين نازل دمشق وضايقها، ثمّ اتقى اللَّه في دماء الخلْق، وخرج إِلَيْهِ مُجير الدّين أَبق صاحب البلد، ووزيره الرئيس ابن الصّوفيّ، وخلع عليهما، ورحل إلى حلب والقلوب معه لِما رَأَوْا من دينه2. مطر الدم باليمن: قَالَ ابن الجوزيّ: وجاء في هذه السّنة باليمن مطر كلُّه دم، وصارت الأرض مرشوشة، وبقي أثره في ثياب النّاس3. دفاع الموحّدين عَنْ قرطبة: وفيها: جهَّز عبد المؤمن بْن عليّ ثاني مرَّة جيشًا من الموحّدين في اثني عشر ألف فارس إلى قُرْطُبة، لأنّ الفرنج نازلوها في أربعين ألفًا ثلاثة أشهر، وكادوا أن يملكوها، فكشف عَنْهَا الموحّدون، ولطَف اللَّه4. مرض خاص بك ومعافاته: وفيها: مرض ابن البلنكريّ، وهو خاصّ بك التُّركمانيّ أتابك جيش السّلطان مسعود. فلمّا عوفي أسقط المُكوس. وفاة مختص الحضرة: ثمّ مات بعد أيّام ببغداد مختصّ الحضرة مكس البلد، وكان يبالغ في أذى الخلْق ويقول: أَنَا قد فرشت حصيرًا في جهنّم5.

_ 1 المنتظم "10/ 142، 143"، والكامل في التاريخ "11/ 148، 149"، والبداية والنهاية "12/ 226". 2 العبر "4/ 123"، ودول الإسلام "2/ 61". 3 المنتظم "10/ 143"، والبداية والنهاية "12/ 228"، والنجوم الزاهرة "5/ 298". 4 الكامل في التاريخ "11/ 150"، والمختصر في أخبار البشر "3/ 22". 5 المنتظم "10/ 143".

أحداث سنة ست وأربعين وخمسمائة

أحداث سنة ستّ وأربعين وخمسمائة: وعْظ ابن العبّادي بجامع المنصور: قدِم السّلطان بغداد في رمضان، وسأل الواعظ ابن العبّاديّ أن يجلس في الجامع المنصور. فقيل لَهُ: لا تفعل، فإنّ أهل الجانب الغربيّ لا يمكّنون إلّا الحنابلة. فلم يقبل، وضمن لَهُ نقيب النُقباء الحماية. فجلس في ذي الحجَّة يوم جمعة، وحضر أستاذ دار، والرؤساء، وخلائق، فلمّا شرع في الكلام كثُر اللَّغط والضّجات، ثمّ أُخذت عمائم وفُوَط، وجُذبت السّيوف حول ابن العبَّاديّ، فثبت، وسكن النّاس. ثمّ وعظ2. أسْر جوسلين: وفيها: أسر نور الدّين جوسلين فارس الفرنج وبطلَها المشهور، وأخذ بلاده، وهي عَزاز، وعينتاب، وتل باشِر3. ومن أحداث سنة ستٍ وأربعين وخمسمائة: تحشُّد عساكر نور الدين قرب دمشق: في عاشوراء نزل عسكر نور الدّين بعَذْرا ونواحيها، ثم قصد من الغد طائفة منهم

_ 1 المنتظم "10/ 145"، والدباية والنهاية "12/ 229". 2 الكامل في التاريخ "11/ 154، 155"، والبداية والنهاية "12/ 229".

إلى ناحية النَّيْرَب1 والسَّهْم، وكمنوا عند الجبل لعسكر دمشق، فلمّا خرجوا جاءهم النذير، فانهزموا إلى البلد وسَلِمُوا. وانتشرت العساكر الحلبيَّة بنواحي البلد، واستؤصلت الزُّرُوع والفاكهة من الأَوْباش، وغَلَت الأسعار. وتأهبوا الحفظ البلد. فجاءت رسُل نور الدّين يَقُولُ: أَنَا أؤثر الإصلاح للرعيَّة وجهاد المشركين، فإنْ جئتم معي في عسكر دمشق وتعاضدْنا عَلَى الجهاد، فذلك المراد. فلم يُجيبوه بما يُرضيه، فوقعت مناوشة بين العسكرين، ولم يزحف نور الدّين رِفقًا بالمسلمين. ولكنْ خربت الغُوطة والحواضر إلى الغاية بأيدي العساكر وأهل الفساد، وعُدم التّبْن، وعظُم الخطْب، والأخبار متوالية بإحشاد الفرنج، واجتماعهم لإنجاد أهل البلد. فضاقت صدور أهل الدّين. ودام ذَلكَ شهرًا، والجيش النُّوريّ في جمْع لا يُحصى، وأمداده واصلة، وهو لا يأذَن لأحد في التّسرُّع إلى القتال. ولكنْ جُرح خلْق2. تحالف الفرنج وعسكر دمشق: ثمّ ترحّل بهم إلى ناحية الأعوج لقرب الفرنج، ثمّ تحوّل إلى عين الجرّ3 بالبقاع، فاجتمعت الفرنج مَعَ عسكر دمشق، وقصدوا بُصْرَى لمنازلتها، فلم يتهيّأ لهم ذَلكَ، وانكفأ عسكر الفرنج إلى أعمالهم، وراسلوا مجير الدّين والرئيس المؤيّد يلتمسون باقي المقاطعة المبذولة لهم عَلَى ترحيل نور الدّين، وقالوا: لولا نَحْنُ ما ترحّل4. غزوة الأسطول الْمَصْرِيّ إلى سواحل الشام: وورد الخبر بمجيء الأسطول المصريّ إلى ثغور السّاحل في هيئة عظيمة وهم سبعون مركبًا حربيَّة مشحونة بالرجال، قد أُنفِق عليها عَلَى ما قِيلَ ثلاثمائة ألف دينار. فقربوا من يافا، فقتلوا وأسروا، واستولوا عَلَى مراكب الفرنج، ثمّ قصدوا عكّا، ففعلوا مثل ذَلكَ، وقتلوا خلْقًا عظيمًا من حجاج الفرنج، وقصدوا صيدا،

_ 1 النيرب: قرية مشهورة بدمشق على نصف فرسخ "معجم البلدان 5/ 330". 2 ذيل تاريخ دمشق "312-314"، تاريخ الزمان "166، 167". 3 ذيل تاريخ دمشق "314"، كتاب الروضتين "1/ 201، 202". 4 ذيل تاريخ دمشق "315"، أخبار مصر لابن ميسر "2/ 91".

وبيروت، وطرابُلُس، وفعلوا بهم الأفاعيل. ولولا شغل نور الدّين لأعان الأصطول. وقيل إنّه عرض عسكره، فبلغوا ثلاثين ألفًا. مصالحة نور الدين وصاحب دمشق: ثمّ عاد نحو دمشق، وأغارت جنوده عَلَى الأعمال، واستاقوا المواشي، ونزل بدارَيّا، فنوديَ بخروج الْجُنْد والأحداث، فقَلَّ من خرج، ثمّ إنّه قرُب من البلد، ونزل بأرض القَطِيعة، ووقعت المناوشة. فجاء الخبر إلى نور الدّين بتسلّم نائبه الأمير حسن تلّ باشر بالأمان، ففرح، وضُربت في عسكره الكوسات والبُوقات بالبشارة. وتوقّف عَنْ قتال الدّمشقيّين ديانةً وتحرُّجًا. وتردّدت الرسُل في الصُّلْح عَلَى اقتراحاتٍ تردّد فيها الفقيه برهان الدّين البلْخيّ، وأسد الدين شيركوه، وأخوه، ثم وقعت الأَيْمان من الجهتين، فرحل إلى بُصْرَى لمضايقتها، وطلب من دمشق آلات الحصار، لأنّ واليها سرخاك قد عصى، ومال إلى الفرنج، واعتضد بهم، فتألَّم نور الدّين لذلك، وجهّز عسكرًا لقصده1. الوباء بدمياط: وفيها: كَانَ الوباء المُفْرِط بدِمْياط، فهلك في هذا العام والّذي قبله أربعة عشر ألفًا، وخَلَت البُيُوت2. استنابة مجير الدين بدمشق: وفي شهر رجب سار صاحب دمشق مجير الدّين أبق في خواصّه إلى حلب، فأكرمه نور الدّين، وقرَّر معه تقريرات أقرَّ بها بعد أن بذل الطّاعة والنّيابة عَنْهُ بدمشق. ورجع مسرورًا3. هزيمة الفرنج أمام التركمان عند بانياس: وفي شعبان قصدت التُّركُمان بانياس، فخرجت الفرنج والتقوا، فعمل السّيف في العدوّ، وانهزم مقدَّمُهم في نفرٍ يسير4.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "315، 316". 2 ذيل تاريخ دمشق "316". 3، 4 ذيل تاريخ دمشق "317".

غارة الفرنج عَلَى البقاع: وأغارت الفرنج عَلَى قُرى البقاع، فاستباحوها. فنهض عسكر من بَعْلَبَكّ وخلْق من رجال البقاع، فلحِقوا الفرنجَ وقد حبستهم الثّلوج، فقَتلوا خلْقًا من الفرنج، واستنقذوا الغنائم1. فتح أنطرطوس: وافتتح نور الدّين أنْطَرَطُوس في آخرها.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "317، 318"، وعيون التواريخ "12/ 443".

أحداث سنة سبع وأربعين وخمسمائة

أحداث سنة سبع وأربعين وخمسمائة: فتح أنطرطوس وغيرها: جاءت الأخبار بافتتاح أنْطَرَطُوس وقتل من بِها من الفرنج، وأمِّن بعضُهم وافتتح نور الدين عدة حصور صِغار. وظفر أهل عسقلان بفرنج غزَّة وقتلوا2. دخول نور الدين دمشق: ومن سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة، في أوّلها قدِم شيركوه رسولًا من نور الدّين، فنزل بظاهر دمشق في ألف فارس، فوقع الاستيحاش منه، ولم يخرجوا لتلقِّيه. وتردّدت المراسلات، ولم يتّفق حال. ثمّ أقبل نور الدّين في جيوشه، فنزل ببيت الآبار وزحف عَلَى البلد، فوقعت مناوشة، ثمّ زحف يومًا آخر، فلمّا كَانَ في عاشر صفر باكَر الزَّحف، وتهيَّأ لصدْق الحرب، وبرز إِلَيْهِ عسكر البلد، ووقع الطِّراد، وحملوا من الجهة الشرقية من عدة أماكن، فاندفعوا بين أيديهم، حَتَّى قربوا من سور باب كيسان والدّبّاغة، وليس عَلَى السّور آدميّ، لسوء تدبير صاحب دمشق، غير نفرٍ يسير من الأتراك لا يعوَّل عليهم، فتسرَع بعض الرَّجّالة إلى السّور، وعليه يهوديَّة، فأرسلت إِلَيْهِ حَبْلًا، فصعِد فيه، وحصل عَلَى السّور، ولم يدرِ بِهِ أحد، وتبِعه مَن تَبِعه، ونصبوا علمًا وصاحوا: نور الدّين يا منصور. فامتنع الْجُنْد والرّعية من الممانعة

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "318".

محبةً في نور الدّين، وبادر بعض قطّاعي الخشب بفأسه، فكسر قفل الباب الشّرقيّ، فدخل العسكر. وفتح باب تومًا، ودخل الْجُنْد، ثمّ دخل نور الدّين، وسُرَّ الخلْق. ولمّا أحسّ مجير الدّين بالغَلَبَة، انهزم إلى القلعة، وطلب الأمان عَلَى نفسه وماله، ثمّ خرج إلى نور الدّين، فطيَّب قلبه. وتسرّع الغوغاء إلى سوق عليّ وغيره، فنهبوا، فنودي في البلد بالأمان. وأخرج مجير الدّين ذخائره وأمواله من القلعة إلى الأتابكيَّة دار جَدّه، ثمّ تقدَّم إِلَيْهِ بعد أيّام بالمسير إلى حمص في خواصّه، وكتب لَهُ المنشور بها1. إطلاق بُزان من الاعتقال: وقد كَانَ مجاهد الدّين بُزان قد أُطلق يوم الفتح من الاعتقال، وأُعيد إلى داره2. وفاة ابن الصوفي: ووصل الرئيس مؤيَّد الدّين المسيّب ابن الصُّوفيّ إلى دمشق متمرّضًا، فمات ودُفن في داره. وفرح النّاس بهلاكه3. وفاة السلطان مسعود: وفيها: جاءت الأخبار بموت السّلطان مسعود بباب هَمَذَان. وذكر ابن هُبيرة في "الإفصاح" قَالَ: لمّا تطاول عَلَى المقتفي أصحابُ مسعود، وأساءوا الأدب، ولم يمكن المجاهرة بالمحاربة. اتّفق الرأي عَلَى الدّعاء عَلَيْهِ شهرًا، كما دعا النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِعل وذكْوان شهرًا4، فابتدأ هُوَ والخليفة سرًّا، كلّ واحدٍ في موضعه يدعو سحَرًا، من ليلة تسعٍ وعشرين من جُمادى الأولى، واستمر الأمر

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "327، 328". 2 ذيل تاريخ دمشق "329". 3 ذيل تاريخ دمشق "329". 4 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "4089، 4090"، وأبو داود "1443"، والنسائي "1070".

كلّ ليلةٍ، فلمّا تكمّل الشّهر، مات مسعود عَلَى سريره، لم يزد عَلَى الشّهر يومًا، ولا نقص يومًا، فتبارك اللَّه ربّ العالمين1. سلطنة ملكشاه: واتّفق العسكر عَلَى سلْطَنَة ملِكْشاه، وقام بأمره خاصّ بك. ثم إنّ خاصّ بك قبض عَلَى ملكشاه، وطلب أخاه محمدًا من خُوزسْتان، فجاءه وسلَّم إِلَيْهِ السَّلْطَنة. فلمّا استقرّ قتل خاصّبك2. هرب شحنة بغداد: وهرب شِحنة بغداد لمّا سَمِعَ بموت مسعود. وأمر الخليفة: أيّ مَن تخلَّفَ من الجُند عَن الخدمة أُبيح دمَه3. تدريس ابن النظام: وأمر الخليفة ابن النّظام أن يمضي إلى مدرستهم، ويدرّس بها من جهة السّلطان4. القبض عَلَى الحَيص بَيْص: وقبضوا عَلَى الحَيْص بَيص، وأخرجوه من بيته حافيًا مُهانًا، وحُبس في حَبس اللُّصوص5. ضرب أَبِي النجيب وحبْسه: ثمّ أُحضر الشّيخ أبو النجيب إلى باب النّوبيّ، وكُشف رأسُه، وضُرب خمس دِرَر، ثم حُبس6.

_ 1 المنتظم "10/ 151"، وسير أعلام النبلاء "20/ 384-386"، والبداية والنهاية "12/ 230"، وشذرات الذهب "4/ 145". 2 الكامل في التاريخ "11/ 160-162"، والمنتظم "10/ 147"، والبداية والنهاية "12/ 229". 3 المنتظم "10/ 147". 4 المنتظم "10/ 147". 5 المنتظم "10/ 147". 6 المنتظم "10/ 147"، وعيون التواريخ "12/ 453".

"أخْذُ البديع الصوفي": ثمّ أُخذ البديع الصُّوفيّ الواعظ صاحب أَبِي النّجيب، واتُهم بالرَّفْض، فشُهِّر وصُفع1. احتفالات بغداد بالخليفة: وبلغَ الخليفةَ أنّ في نواحي واسط تخبيطًا، فسار بعسكره وراءه النّاس، وسار إلى واسط، فرتّب بها شِحنةً، ثمّ مضى إلى الحِلَّة، والكوفة، ثمّ عاد إلى بغداد مؤيَّدًا منصورًا، فغُلِّقت بغداد، وزُيّنت، وعُملت القباب، وعمل الذَّهبيّون بباب الخان العتيق قُبَّة، عليها صورة مسعود، وخاصّ بك، وعبّاس، بحَرَكاتٍ تدور، وعُملت قباب عديدة عَلَى هذا النّموذج. وانطلق أهل بغداد في اللّعب والخبال، واللَّهْو إلى يوم عيد النَّحْر2. ظهور الغوريَّة وامتلاكهم بلْخًا وغزْنة: وفيها: كَانَ خروج الغُوريَّة، وحاربهم السّلطان سَنْجر. وملكهم حسين بْن حسين ملك جبال الغور، وهي من أعمال غَزْنَة. فأوّل ما ملكوا بلْخ، فقاتل سَنْجَر، وأسره وعفا عَنْهُ وأطلقه، فسار حسين إلى غَزْنَة، وملكها بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمود بْن سُبُكتكين، فانهزم من غير قتال، وتسلّم علاء الدين حسين الغوري غَزْنَة، واستعمل عليها أخاه سيف الدّين، وردّ إلى الغور. فلمّا جاء الشّتاء قدِم بهرام، وقام معه أهل غَزْنَة، فقبض عَلَى سيف الدّين وصَلَبَه3. وفاة بهرام شاه: ثمّ لم يلبث بهرام شاه أن مات4. تلقُّب علاء الدين بالسلطان المعظّم: فأقاموا بعده ولده خُسروشاه، فقصده علاء الدّين حسين، فهرب منه إلى الهاوور

_ 1 المنتظم "10/ 147". 2 المنتظم "10/ 148، 149". 3 الكامل في التاريخ "1/ 164-170"، والبداية والنهاية "12/ 229". 4 البداية والنهاية "12/ 229".

سنة خمسين، وملك علاء الدّين غَزْنَة، ونهبها ثلاثة أيّام، وقتل جماعةً وبدّع، وتلقّب بالسّلطان المعظَّم. وشال الجتْرَ فوق رأسه عَلَى عادة السّلاطين السَّلْجوقيَّة، واستعمل ابنَي أخيه، وهما غياث الدّين أبو الفتح محمد بْن سام، وأخوه السّلطان شهاب الدّين أبو المظفّر محمد، فأحسنا السّيرة في الرَّعية، وأحبّهما الناس، وانتشر ذِكرهما، وطال عُمرهما، وملكا البلاد. عصيان ابنَي الأخ عَلَى السّلطان: وأوّل أمرهما أنّهما أظهرا عصيان عمّهما، فبعث إليهما جيشًا فهزموه، فسار بنفسه إليهما والتقوا، فأُسر عمّهما علاء الدّين فأحسنا إِلَيْهِ، وأجلساه عَلَى التَّخْت، ووقفا في الخدمة، فبكى وقال: هذان صبيّان فعلا ما لو قدرت عَلَيْهِ منهما لم أفعلْه. وزوَّجَ غياثَ الدّين بابنته، وفوَّض إِلَيْهِ الأمورَ من بعده، فلمّا مات استقلّ غياث الدّين بالملك. ثمّ ملكت الغُزّ غَزْنَة خمس عشرة سنة، وعسفوا وظلموا مدَّة، ثمّ حاربهم غياث الدّين ونُصر عليهم فافتتح البلاد، وأحسن، وعدل1. وكانت الغُزّ تُركُمان ما وراء النّهر. رواية ابن الأثير عَن الغُزّ: قَالَ ابن الأثير2: لمّا تملّكت الخِطا ما وراء النَّهر، طردوا الغُزّ، فنزلوا بنواحي بلْخ عَلَى مراعيها، واسم مقدَّميهم: دينار، وبختيار، وطوطى، وأرسلان، وجقر، ومحمود، فأراد قُماج نائب سَنْجَر عَلَى بلْخ إبعادهم، فصانعوه، وبذلوا لَهُ مالًا، وأقاموا عَلَى حالةٍ حسنة لا يُؤذون ويقيمون الصّلاة، ويؤتون الزّكاة. ثمّ عاودهم قماج، وأمرهم بالترَّحُّل، فامتنعوا وتجمّعوا، فخرج قماج إليهم في عشرة آلاف، فهزموه، ونهبوا عسكره وأمواله، وأكثروا القتل في العسكر والرّعايا، وأسروا النّساء والأطفال، وقتلوا الفُقهاء، وعملوا العظائم، وخرّبوا المدارس، وانهزم قماج إلى مَرو.

_ 1 المختصر في أخبار البشر "3/ 25، 26". 2 في الكامل في التاريخ "11/ 164".

وأرسل السّلطان سَنْجَر يتهدّدهم، فاعتذروا، وبذل لَهُ مالًا، فلم يُجبهم، وجمع عساكر من النّواحي، فاجتمع معه ما يلزمه عَلَى مائة ألف فارس، والتقاهم فهزموه، وتبِعوا عسكره قتْلًا وأسْرًا، فصارت قتلى العسكر كالتّلال. وقُتل الأمير علاء الدّين قماج وأُسر السّلطان وجماعة من أمرائه، فضربوا رقاب الأمراء. ونزل أمراء الغُزّ، فقبّلوا الأرض بين يدي سَنْجَر، وقالوا: نَحْنُ عبيدك، ولا نخرج عَنْ طاعتك، فقد علِمنا أنّك لم تُرد قتالنا، وإنّما حُملت عَلَيْهِ، فأنت السّلطان، ونحن العبيد، فمضى عَلَى ذَلكَ شهران أو ثلاثة، ودخلوا معه إلى مرْو، وهي كرسيّ المُلك، فطلبها منه بختيار إقطاعًا، فقال: هذه دار المُلك، لا ينبغي أن يكون إقطاعًا لأحد. فصفا لَهُ وأخذه، فلمّا رَأَى ذَلكَ، نزل عَنْ سريره، ثمّ دخل خانكاه مرْو، وتاب من الملك، واستولى الغُزّ عَلَى البلاد، وظهر من جورهم ما لم يُسمع بمثله، وولّوا عَلَى نَيْسابور واليًا، فعلّق في السّوق ثلاث غرائر، وقال: أريد ملء هذه ذَهَبًا، فثار عَلَيْهِ العامَّة فقتلوه، وقَتلوا من معه، فركبت الغُزّ، ودخلوا بلد نَيْسابور، ونهبوها، وقتلوا الكبار والصّغار، وأحرقوها، وقتلوا القُضاة والعلماء في البلاد كلّها. ويتعذَّر وصْفُ ما جرى منهم عَلَى تِلْكَ البلاد، ولم يسلم منهم شيء سوى هَراة ودهسان، فامتنعت بحصانتها. قصَّة الغزّ برواية أخرى: وساق بعضُهم قصَّة الغُزّ وفيها طُول. قَالَ: وفارق السّلطان سَنْجَر جميعُ أمراء خُراسان، ووزيرهُ طاهرُ بْن فخر المُلك بْن نظام المُلك، ولم يبق غيرُ نَفَر يسيرٍ من خواصّه1، فلمّا وصلت الأمراء إلى نَيْسابور، أحضروا سليمان شاه بْن محمد ملكشاه، فدخل نيسابور في جُمادَى الآخرة من سنة ثمانٍ وأربعين، وخطبوا لَهُ بالسَّلطنة، وساروا فوَاقعوا الغُزّ، وقتلوا منهم مقتلة. فتجمّعت الغُزّ للمصافّ، فلمّا التقى الْجَمْعان انهزم الخُراسانيّون يقصدون نَيْسابور، وتبِعَتْهم الغُزّ، ودخلوا طُوس، فاستباحوها قتْلًا وسبْيًا، وقتلوا إمامها محمد الماركشي، ونقيب العلويّين عليًّا المُوسَويّ، وخطيبها إسماعيل بْن عبد المحسّن، وشيخ الشيوخ محمد بْن محمد. ووصلوا إلى نَيْسابور سنة تسع وأربعين في شوال، فلم

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "325".

يجدوا دونها مانعًا، فنهبوها نهبًا، وقتلوا أهلها، حتّى أنّه أُحصي في محلّتين خمسة عشر ألف قتيل. وكانوا يطلبون من الرجل المالَ، فإذا أعطاهم المال قتلوه. وقتلوا الفقيه محمد بْن يحيى الشّافعيّ، ورثاه جماعة من العلماء، وممّن قُتل الشّيخ عبد الرحمن بْن عبد الصّمد الأكّاف الزّاهد، وأحمد بْن الحسن، الكاتب سِبط القُشَيري، وأبو البركات بْن الفُراوي، والفقيه الصّبّاغ أحد المتكلّمين، وأحمد بْن محمد بْن حامد، وعبد الوهّاب المُولْقاباذيّ، والقاضي صاعد بْن عبد الملك بْن صاعد، والحسين بْن عبد الحميد الرّازيّ، وخلْق. وأحرقوا ما بها من خزائن الكُتُب، فلم يسْلَم إلّا بعضُها، وفعلوا ما لا يفعله الكُفّار، وانحلّ أمر السّلطان بالكُلّية، فاجتمع الأمراء، وراسلوا محمود بْن محمد ابن أخت السّلطان سَنْجَر، وخطبوا لَهُ بخُراسان، وأحضروه وملّكوه، وانقادوا لَهُ في شوّال سنة تسعٍ. وساروا معه إلى الغُزّ، وهم يحاصرون هَراة، فَجَرت بينهم حروب في أكثرها الظّفَر للغُزّ. وكان لسَنْجَر مملوك أي أبَه، ولَقَبُه المؤيَّد، استولى عَلَى نَيْسابور، وطوس، ونَسا، وأبيوَرد، وأزاح الغُزّ، وقتل منهم خلْقًا، وأحسن السّيرة، وعظُم شأنُه، وكُثر جَمْعُه، والتزم بحمل مالٍ إلى خاقان محمود بْن محمد ابن أخت سَنْجَر. أخذ الفرنج عسقلان: قَالَ ابن الأثير1: وفيها أخذت الفرنج عسقلان، وكانت للظّافر بالله وكان الفرنج كلّ سنةٍ يقصدونها ويحضرونها المصريّون، يرسلون إليها الأسلحة والذّخائر والأموال. فلمّا قُتل ابن السّلار في هذا العام اغتنم الفرنج اشتغالَ المصريّين، ونازلوها، وجدّوا في حصارها، فخرج المسلمون وقاتلوهم وطردوهم، فأيسوا مِن أخْذها، وعزموا عَلَى الرحيل عَنْهَا، فأتاهم الخبر بأنّ أهلها قد اختلفوا، وذلك لأنّهم لمّا قهروا الفرنج داخَلَهُم العجب، وادعى كلّ طائفة أنّ النُّصْرة عَلَى يده، ووقع بينهم خصامٌ عَلَى ذَلكَ، حتّى قُتل بينهم رَجُل، فعظُمت الفتنة، وتفاقم الشّرّ، وتجادلوا، فقُتل بينهم جماعة، وزحفت الفرنج في الحال، فلم يكن عَلَى السّور من يمنعهم، فملكوا البلد2، فإنّا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون.

_ 1 في الكامل في التاريخ "11/ 188، 189". 2 تاريخ الزمان "168، 189"، وكتاب الروضتين "1/ 223".

أحداث سنة ثمان وأربعين وخمسمائة

أحداث سنة ثمان وأربعين وخمسمائة: خروج الغُزّ عَلَى السلطان سنجر: فيها: خرجت التُرك عَلَى السلطان سَنْجَر، وهم الغُزّ، يدينون بالإسلام في الجملة، ويفعلون فِعل التّتار. وكان بينهم ملحمة عظيمة، فكُسر سَنْجَر، واستُبيح عسكره قتْلًا وأسْرًا، ثمّ هجمت الغُزّ نَيْسابور، فقُتل معظم من فيها من المسلمين، ثمّ ساروا إلى بلْخ، فملكوا البلد، وكانت عدّتهم فيما قِيلَ مائة ألف خرْكاه. ثمّ أسروا سَنْجَر وأحاطوا بِهِ، وذاق الذّلّ، وملكوا بلاده، وبَتّوا الخطبة باسمه وقالوا: أنت السّلطان ونحن أجنادُك، ولو أمِنّا إليك لمكّناك من الأمر، وبقي معهم صورةً بلا معنى1. محاصرة عسكر المقتفي تكريت: وبعث المقتفي عسكرًا يحاصرون، تِكْريت، فاختلفوا، وخامر ترشك المقتفويّ، واتّفق مَعَ متولّي تِكْريت، وسلكوا درْب خُراسان، ونهبوا وعاثوا، فخرج الخليفة لدفْعهم، فهربوا، فسار إلى تِكْريت، وشاهد القلعة ورجع، ثمّ برز السُرادق للانحدار إلى واسط لدفع ملكشاه، فانهزم إلى خُوزسْتان، فنزل الخليفة بظاهر واسط أيّامًا، ورجع إلى بغداد2. نجاة الوزير ابن هُبيرة من الغرق: وسلِم يوم دخوله الوزير ابن هُبيرة من الغَرَق، انفلقت السّفينة الّتي كَانَ فيها، وغاصوا في الماء، فأعطى للّذي استنقذه ثيابه، ووقّع له بذهب كثير3.

_ 1 المتنظم "10/ 152"، والكامل في التاريخ "11/ 176"، والعبر "4/ 128"، والبداية والنهاية "12/ 230، 231". 2 المنتظم "10/ 152، 153"، والكامل في التاريخ "11/ 189". 3 المنتظم "10/ 153".

مقتل ابن السلار: وفيها: قُتل العادل عليّ بْن السّلار بمصر1. تسلُّم الغوريّ هَراة: وفيها: حاصر الملك غياث الدّين الغُوريّ مدينة هَراة، وتسلّمها بالأمان، وكانت للسّلطان سَنْجَر2. إصابة شهاب الدين الغوري أمام الهند: وفيها: سار شهاب الدّين الغُوريّ أخو غياث الدّين، فافتتح مدينةً من الهند، فتحزَّبت عَلَيْهِ ملوك الهند، وجاءوا في جيشٍ عرمرم، فالتقوا، فانكسر المسلمون. وجاءت شهابَ الدّين ضربةٌ في يده اليُسرى بطُلت منها. وجاءته ضربةٌ أخرى عَلَى رأسه فسقط. وحَجَزَ اللّيل بين الفريقين، والتُمس شهاب الدّين بين القتلى، فحمله أصحابه ونجوا بِهِ، فغضب عَلَى أُمرائه لكونهم انهزموا، وملأ لكلّ واحدٍ منهم مِخلاة شعير، وحلف لئن لم يأكلوا ليضْربنّ أعناقهم، فأكلوا بعد الْجَهْد. ثمّ نجده أخوه بجيشٍ ثقيل، فالتقى الهندَ ونُصر عليهم3. رواية ابن الأثير عَنْ محاربة الهنود لشهاب الدين: قَالَ ابن الأثير4: عاد الهنود، وسارت ملكتهم في عددٍ يضيق عَنْهُ الفضاء، فراسلها شهاب الدّين الغوريّ بأنّه يتزوّجها، فأبت، فبعث يخادعها، وحفظ الهنود المخاضات. فأتى هنديّ إلى شهاب الدّين، فذكر أنّه يعرف مخاضةً، فجهَّز جيشًا عليهم حسين بْن حرملك الغوريّ الّذي صار صاحب هَرَاة بعد. وكان شجاعًا مذكورًا. فسَاروا مَعَ الهنديّ، وكبسوا الهنود، ووضعوا فيهم السّيف، واشتغل الموكَّلون بحفْظ المخاضات، فعبر شهاب الدّين في العسكر، وأكثروا القتل في الهنود، ولم ينج منهم إلّا من عجز المسلمون عَنْهُ. وقُتلت ملكتهم. وتمكّن شهاب الدّين من

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "319، 320"، وأخبار مصر لابن ميسر "2/ 92". 2 العبر "4/ 129"، ودول الإسلام "2/ 63". 3 الكامل في التاريخ "11/ 172، 173"، والعبر "4/ 129". 4 في الكامل "11/ 171- وما بعدها".

بلاد الهند، والتزموا لَهُ بحمل الأموال وصالحوه. وأقطع مملوكه قُطْب الدّين أَيْبَك مدينة دهلي، وهي كرسيّ مملكة الهند، وجهّز جيشًا، فافتتحوا مواضع ما وصل إليها مسلمٌ قبل، حتّى قاربوا لجهة الصين1. تسلّم مجير الدين مفاتيح صرْخد: ومن سنة ثمانٍ وأربعين، في صفر توجّه صاحب دمشق مُجير الدّين، ومعه مؤيَّد الدّين الوزير، فنازل بُصْرى لمخالفته وجوره عَلَى أهل النّاحية، وسلّم إِلَيْهِ مجاهد الدّين مفاتيح صَرْخَد، فأعطاه جملةً. ثمّ صالحه سرخَاك نائب بُصرى. أخْذ الفرنج عسقلان: وجاءت الأخبار بأنّ نور الدّين يجمع الجيوش للغزو، وليكشف عَنْ أهل عسقلان، فإنّ الفرنج نزلوا عليها في جمْعٍ عظيم، فتوجّه مُجير الدّين صاحب دمشق إلى خدمة نور الدّين، واجتمع بِهِ في أمر الجهاد، وساروا إلى بانياس، فبلغهم أخُذُ عسقلان وتخاذُل أهلها واختلافهم2. الوزارة بدمشق: وقد مرّ شرح حال الرئيس وتمكَنه من وزارة دمشق، فعرض الآن بينه وبين أخويه عزّ الدّولة وزين الدّولة مشاحنات وشرّ أفضى إلى اجتماعهما بمجير الدّين صاحب دمشق، فأنفذ يستدعي الرئيس للإصلاح بينهم، فامتنع، فآلت الحال إلى أن تمكّن زين الدّولة منه بإعانة مُجير الدّين عَلَيْهِ، فتقرّر بينهما إخراج الرئيس من دمشق، وجماعته إلى قلعة صَرْخد مَعَ مجاهد الدّين بُزان، وتقلّد زين الدّولة الوزارة. فلم يلبث إلّا أشهرًا، فظلم فيها وعسف، إلى أن ضرب عنقَه مجيرُ الدّين، وردّ أمرَ الرئاسة والنّظر في البلد إلى الرئيس رضيّ الدّين أَبِي غالب بْن عبد المنعم بْن محمد بْن راشد بْن عليّ التّميميّ. فاستبشر الناس قاطبةً.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 171، 172"، ودول الإسلام "2/ 64". 2 الكامل في التاريخ "11/ 188، 189"، والبداية والنهاية "12/ 231".

الغلاء بدمشق: وكان الغلاء بدمشق شديد، بلغت الغرارة خمسة وعشرين دينارًا، ومات الفقراء عَلَى الطُّرُق، فعزم نور الدّين عَلَى منازلتها، وطمع لهذه الحال في تملُّكها1. رئاسة رضيّ الدين التميمي: وأمّا رضِيّ الدّين التّميميّ، فإنّه طُلب إلى القلعة، وشُرّف بالخِلع المكمد، والمركوب بالسّخت، والسّيف المحلّى، والتَّرس، وركب معه الخواصّ إلى داره، وكُتب لَهُ التّقليد، ولُقِّب بالرئيس، الأجلّ، وجيه الدّولة، شرف الرؤساء2. قتْل متولّي بعلبَكّ: ونفذ مجير الدّين إلى بَعْلَبَكّ، فاعتقل وقيَّد متولّيها عطاء الخادم، وكان جبّارًا، ظالمًا، غشومًا. فسُرَّت بمصرعه النفوس، ونُهبت حواصله، ثم ضُربت عنقه.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "325، 326". 2 ذيل تاريخ دمشق "326".

أحداث سنة تسع وأربعين وخمسمائة

أحداث سنة تسع وأربعين وخمسمائة: حصار تكريت: فيها: نفذ الخليفة عسكرًا، فما أخذوا تِكْريت بعد حصار ومجانيق وتعب، وقُتل من الفريقين عدَّة، ثمّ رَأَى الخليفة أنّ أخْذها يطول، فرجع بعد أن نازلَها مدَّةَ أيّام. ثمّ بعد شهر عرض جيشه، فكانوا ستَّة آلاف، فجهّزهم لحصارها مَعَ الوزير ابن هُبيرة، وأنفق في الجيش نحو ثلاثمائة ألف دينار، سوى الإقامة، فإنّها كانت تزيد عَلَى ألف كرّ، فوصل الخبر بأنّ مسعود بلال جاء في عسكرٍ عظيم إلى شهرابان، ونهبوا النّاس. وطلب ابن هُبيرة للخروج إليهم1. موقعة الخليفة والسلطان: وكان مسعود بلال وألْبقش قد اجتمعا بالسّلطان محمد، وحثّاه عَلَى قصْد

_ 1 المنتظم "10/ 156"، والكامل في التاريخ "11/ 194"، والعبر "4/ 134، 135".

العراق، فلم يتهيّأ لَهُ، فاستأذناه في التّقدُّم أمامه، فأذِن لهما، فجمعا خلْقًا من التُّركمان، ونزلا في طريق خُراسان، فخرج الخليفة إليهما، فتنازلوا ثمانية عشر يومًا، وتحصّن التُّركمان بالخركاوات والمواشي. ثم كانت الوقعة في سلْخ رجب، فانهزمت ميسرة الخليفة وبعض القلب، كسرهم مسعود الخادم، وتُرشك. وثبت الخليفة، وضربوا عَلَى خزائنه، وقتلوا خازنه يحيى بْن يوسف الجزَري، فجاء منكورس، وأمير آخر، فقبّلا الأرض، وقالا: يا مولانا، ثبت علينا ساعة حتّى نحمل. فقال: لا والله إلّا معكما. ورفع الطّرحة، وجذب السّيف، ولبس الحديد هُوَ وولّي العهد وكُبّرا، وصاح الخليفة: يالَ مُضر، كذب الشّيطان وفرّ، {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ} [الأحزاب: 25] ، ثلاثة. فحمل العسكر بحملته، ووقع القتْل، حتّى سُمع وقْع السّيوف كوقْع المطارق عَلَى السّنادين، وانهزم القوم وسُبي التّركمان، وأُخِذت مواشيهم وخيلهم، فقيل: كانت الغنم أربعمائة ألف رأس، وبيعت كلّ ثمانين بدانق. ثمّ نُودي بردّ من سُبي من أولادهم, وأخذ ألْبقشُ أرسلان شاه بْن طُغرل، وهرب بِهِ إلى بلده، وانهزم تُرشك، ومسعود الخادم إلى القلعة. ثمّ أغارا بعد أيّامٍ عَلَى واسط، ونهبوا ما يختصّ بالوزير ابن هُبَيْرة فرجع الخليفة إلى القتال، فخرج بالعسكر، فانهزم العدوّ، فأدركهم، ونهب منهم، وعاد منصورًا، فخلع عَلَيْهِ الخليفة، ولَقَّبه: سلطان العراق، ملك الجيوش. وعرض الجيش في أُبَّهَة كاملة1. زلزلة بغداد: ولمّا كَانَ يوم الفِطْر، جاء مطرٌ، ورعدٌ، وبرق، وزُلزلت بغداد من شدَّة الرّعد. ووقعت صواعق، منها صاعقة في التّاج المسترشديّ2. موت ألبقش: وجاءت الأخبار بمجيء محمد شاه، وبإيفاده إلى عسكر الموصل يستنجدهم، وإلى مسعود بلال صاحب تِكْريت يستنجد بِهِ، فأخرج الخليفة سُرادقه، واستعرض الجيش، فزادوا عَلَى اثني عشر ألف فارس، فجاء الخبر بموت ألْبقش، فضعُف محمد شاه وبطَل، فتسحّب جماعة من أمرائه، ولجأوا إلى الخليفة. وحصل الأمن3.

_ 1 المنتظم "10/ 156، 157"، والكامل في التاريخ "11/ 195، 196". 2 المنتظم "10/ 157". 3 المنتظم "10/ 158"، والعبر "4/ 135".

التجريد إلى همذان: ثمّ جرّد الخليفة ألفي فارس إلى جهة هَمَذَان1. ظهور دم بنواحي واسط: وفيها: حدث بنواحي واسط ظهورُ دمٍ من الأرض، لا يُعلم لَهُ سبب2. حال السلطان سنجر في الأسر: وجاءت الأخبار أنّ السّلطان سَنْجَر تحت الأسر وتحت حكْميَّة الغُزّ، وله اسم السّلطنة، وراتبه في قدْر راتب سائسٍ من سيّاسه، وأنّه يبكي عَلَى نفسه3. دخول الغُزّ مرو: ودخلت الغُزّ مرو وغيرها، فقتلوا خلْقًا، ونهبوا، وبدّعوا4. مقتل الظافر العُبيدي: وفيها: قُتل بمصر خليفتُها الظّافر بالله العُبيدي وهو شاب، وأقاموا الفائز صبيًا صغيرًاو ووَهَى أمر المصريّين5. ولاية نور الدين مصر: فكتب المقتفي لأمر اللَّه عهدًا لنور الدّين محمود بْن زنْكيّ، وولّاه مصر، وأمره بالمسير إليها، وكان مشغولًا بحرب الفرنج، وهو لا يفتر من الجهاد، وما له إلا أيامًا قد تملّك دمشق في صَفَر، وأخذها من صاحبها مجير الدّين أبق بْن محمد بْن بوري بن طُغتكين.

_ 1 المنتظم "10/ 158". 2 المنتظم "10/ 158". 3 المنتظم "10/ 158، 159"، والعبر "4/ 135". 4 دول الإسلام "2/ 65". 5 المنتظم 10/ 158"، والكامل في التاريخ "11/ 91، 192"، وتاريخ الزمان "170"، وأخبار مصر لابن ميسر "2/ 92، 93"، والعبر "4/ 136".

أخْذ نور الدين دمشق: وكانت الفرنج قد ملكوا عسقلان، وطمعوا في دمشق، حتّى أنّهم استعرضوا مَن بها مِن الرّقيق، فمن أراد المُقام تركوه، ومن أراد العَوْد إلى وطنه أُخذ قهرًا من مالكه. وكان لهم عَلَى أهلها كلّ سنة قطيعة، فتجيء رُسُلُهم ويأخذون من النّاس. فراسل نور الدّين مالكها مجير الدّين واستماله، وواصَلَه بالهدايا، وأظهر لَهُ المودَّة حتّى رَكَن إِلَيْهِ، وكان يرسل إِلَيْهِ أنّ فلانًا قد بعث إليَّ وكاتبني في تسلُّم دمشق فاحْذَرُه. فكان مجير الدّين يقبض عَلَى ذَلكَ الرجل، ويقطع خبره، إلى أن قبض عَلَى نائبه عطاء بْن حَفّاظ وقتله. وكان نور الدّين لا يتمكّن مَعَ وجود عطاء من أخْذ دمشق. ثمّ كاتب نور الدّين مَن بدمشق من الأحداث، واستمالهم، ووعدهم، ومنّاهم، فوعدوه بأن يسلّموا إِلَيْهِ البلد، فلمّا وصل نور الدّين إلى دمشق بعث مجير الدّين يستنجد بالفرنج، فتسلّم نور الدّين البلد من قبل أن يَقْدَمُوا، وذلك أنّ نور الدّين حاصرها، فسلّم إِلَيْهِ أهل البلد من ناحية الباب الشّرقيّ، وحصر مجير الدّين في القلعة، وبذل لَهُ إنْ سلّم القلعةَ بلدَ حمص، فنزل، فلمّا سار إلى حمص أعطاه عِوَضَها بالِس، فغضب ولم يرض بها، وسار إلى بغداد، فبقي بها مدة، وبنى بها دارًا فاخرة بقرب النّظاميَّة1. انهزام الإسماعيلية أمام الخراسانيين: وفيها: ثارت الإسماعيلية، واجتمعوا سبعة آلاف مقاتل من بين فارسٍ وراجل، وقصدوا خُراسان ليملكوها عندما ينزل بها من الغُزّ، فتجمَع لهم أمراء من جُنْد خُراسان، ووقع المصافّ، فهزم الله الإسماعيلية، وقتل رؤوسهم وأعيانهم، ولم ينج منهم إلّا الأقلّ. وخلَت قَلاعهم مِن الحُماة. ولولا أنّ عسكر خُراسان كانوا مشغولين بالغُزّ لَمَلكوا حصونهم، واستأصلوا شأفتهم2.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 197، 198"، والبداية والنهاية "12/ 231، 232". 2 دول الإسلام "2/ 66، 67".

أحداث سنة خمسين وخمسمائة

أحداث سنة خمسين وخمسمائة: دخول الغُزّ نيسابور: من أوّلها جاءت الأخبار إلى بغداد بدخول الغُزّ التّركُمان نيْسابور، والفتْك بأهلها، فقتلوا بها نحْوًا من ثلاثين ألفًا، وكان سَنَجْر معهم، عَلَيْهِ اسم السّلْطَنَة، وهو في غاية الإهانة بين الغُزّ، ولقد أراد أن يركب، فلم يجد من يحمل سلاحه، فشدّه عَلَى وسَطَه، وإذا قُدّم إِلَيْهِ الطّعام خبّأ منه شيئًا لوقتٍ آخر، خوفًا من انقطاعه عَنْهُ1. الوقعة بين عسكر التركماني وعسكر الخليفة: كانت وقعة بين العسكر التُّركمانيّ وبين عسكر الخليفة، فهزموه وتبِعوه، ثمّ خرج لهم كمينٌ فهزمهم، ثمّ أذعن بطاعة الخليفة، وأطلق الأسرى2. دخول المقتفي الكوفة: وفيها: سار المقتفي إلى الكوفة، واجتاز في سوقها، ودخل جامعها3. مسير ابن رزّيك إلى القاهرة: وفي أوّلها سار الصّالح طلائع بْن رُزّيك من الصّعيد عَلَى قصْد القاهرة للانتقام من عبّاس صاحب مصر الّذي قتل الظّافر بالله. فلمّا سَمِعَ مجيئه خرج من مصر لقلَّة مَن بقي معه مِن الْجَنْد، وسار نحو الشّام بما معه من الأموال والتُّحف الّتي لا تُحصى، لأنّه كَانَ قد استولى عَلَى القصر، وتحكّم في ذخائره ونفائسه4. قتل الفرنج صاحب مصر: فخرجت عَلَيْهِ الفرنج من عسقلان، فقاتلوه وقتلوه، واستولوا عَلَى جميع ما معه، وأسروا ابنه نصرًا، وباعوه للمصرّيين5. دخول ابن رُزّيك القاهرة: وأمّا طلائع فدخل القاهرة بأعلام مسوّدة، وثياب سود في هيئة الحزن، وعلى

_ 1 المنتظم "10/ 161"، والكامل في التاريخ "11/ 201". 2 المنتظم "10/ 161". 3 المنتظم "10/ 161"، ودول الإسلام "2/ 66". 4 أخبار مصر لابن ميسر"2/ 94"، ودول الإسلام "2/ 66". هـ أخبار مصر لابن ميسر "2/ 94، 95"، وإتعاظ الحنفا "2/ 220"، والنجوم الزاهرة "5/ 289"، والدرة المضية "567".

الرّماح شعور النّساء مقطّعة حزْنًا عَلَى الظّافر. ثمّ نبش الظّافر من دار عبّاس، ونقله إلى مقبرة آبائه1. هجوم إفرنج صقلّية عَلَى تِنّيس: وجاءت مراكب الفرنج من صَقَلِّية، فأرسَوا عَلَى تِنِّيس وهجموها، فقتلوا وأسروا، وردّوا بالغنائم، وخاف أهل مصر من استيلاء الفرنج، فإنّا لله وإنّا إِلَيْهِ راجعون، حتّى عزم ابن رُزّيك وزيرُها عَلَى موادعة الفرنج بمالٍ يُحمل إِلَيْهِ من الخزانة، فأوكس ذَلكَ الأمراءَ، وعزموا عَلَى عزله2. اشتداد شوكة المقتفي: وأمّا المقتفي لأمر اللَّه، فإنّه عظُم سلطانه، واشتدّت شوكته، واستظهر عَلَى المخالفين، وأجمع عَلَى قصْد الجهات المخالفة لأمره3. تملّك نور الدين قلاعًا بنواحي قونية: وأمّا نور الدّين، فإنّه سار بجيشه، فملك عدَّة قلاع وحصون بالسّيف وبالأمان من بلاد الروم، من نواحي قونية، وعظُمت ممالكه وبعُد صَيتُه، وبعث إِلَيْهِ المقتفي تقليدًا، وأمر بالمسير إلى مصر، ولُقِّب بالملك العادل4. آخر الطبقة الخامسة والخمسين والحمد لله رب العالمين.

_ 1 أخبار مصر "2/ 94"، والعبر "4/ 139". 2 الكامل في التاريخ "11/ 190"، وعيون التواريخ "12/ 480". 3 ذيل تاريخ دمشق "332". 4 ذيل تاريخ دمشق "332، 333"، ودول الإسلام "2/ 66".

وفيات الطبقة الخامسة والخمسون

بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} . وفيات الطبقة الخامسة والخمسون: وفيات سنة إحدى وأربعين وخمسمائة: "حرف الألف": 1- أَحْمَد بْن حامد بْن أَحْمَد بْن محمود. الثّقفيّ، أبو طاهر الأصبهانيّ، حفيد الشّيخ أَبِي طاهر. تُوُفّي في هذه السّنة. قاله عبد الرحيم الحاجّيّ. قلت: هُوَ والد أَبِي المجد زاهر الثّقفيّ، مِن أعيان طلبة الحديث بأصبهان يلقَّب بالرفيع من بيت علم ورئاسة وجلالة، وله شِعر حَسَن، وخطّ مليح، قرأ الكثير لولده. قَالَ ابن السّمعانيّ: لمّا قدمتُ صادفتُه يقرأ لوالده "مُسند أَبِي يَعْلَى"، عَنْ أَبِي عبد الله الخلّال. سَمِعَ: القاسم الثّقفيّ، وأبا مطيع. وُلِد سنة ثمانين تقريبًا. 2- أحمد بْن محمد بْن أحمد1: أبو نصر الحَدِيثيّ2 المعدّل، البغداديّ. تفقّه عَلَى: أَبِي إسحاق الشّيرازيّ وكان من أوائل شهود قاضي القضاة الزَّيْنبيّ. تُوُفّي في جُمادى الآخرة. وحضره القضاة والكبار.

_ 1 المنتظم "10/ 121"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 49". 2 الحديثي: نسبة إلى الحديثة وهي بلدة على الفرات فوق هيت والأنبار "الأنساب 4/ 84".

روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، وقال: وُلِد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وتُوُفّي في جُمادى الآخرة، وصلّى عَلَيْهِ ابنه أبو طالب رَوح. ثنا عَنْ أَبِي الفضل بن طوق. 3- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن الإخْوة1. أبو العبّاس البغداديّ، العطّار، الوكيل. سَمِعَ: أبا القاسم بْن البُسري، وأبا منصور العُكبَري. وهو آخر من حدَّث بكتاب "المجتَنى" لابن دُرَيْد، عَن العُكْبَرِيّ. روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، وقال: شيخ بهيّ، حَسَن المنظر، خيِّر، متقرِّب إلى أهل الخير، وهو أبو شيخنا عبد الرحيم، وعبد الرحمن. تُوُفّي في خامس رمضان. روى عَنْهُ جماعة آخرهم أبو الفَرَج الفتح بْن عبد السّلام الكاتب. عاش ستًّا وثمانين سنة. 4- إبراهيم بْن محمد بْن أحمد بْن مالك. أبو أحمد العاقوليّ، الوزّان. شيخ من أهل باب الأزَج لا بأس بِهِ. سَمِعَ: عاصم بْن الحَسَن، وجماعة. وكان مولده في سنة ثلاث وستين وأربعمائة. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: تُوُفّي في جُمادى الأولى هُوَ وأخوه محمد في يوم واحد. وروى عَنْهُ: يوسف بْن المبارك الخفّاف. وأجاز لأبي منصور بْن غُنيمة، وغيره. 5- إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن محمد بْن دُوَسْت2: أبو البَرَكات النّيْسَابُوريّ، الصّوفيّ. شيخ الشيوخ ببغداد.

_ 1 سير أعلام النبلاء "2/ 160". 2 المنتظم "10/ 121"، والكامل في التاريخ "11/ 118"، والتقييد "210"، وسير أعلام النبلاء "20/ 160، 161"، وشذرات الذهب "4/ 128".

ولد سنة خمس وستين وأربعمائة ببغداد. وسمع من: أَبِي القاسم عبد العزيز الأَنْماطيّ، وأبي القاسم بْن البُسري، وأبي نصر الزينبي، ورزق الله التميمي، وجماعة. قال ابن السَّمْعانيّ: كَانَ عَلَى شاكلة حميدة إلى أن طعن في السّنّ، وكان وَقورًا، مَهِيبًا، ما عرفت لَهُ هَفْوَة، قرأت عَلَيْهِ الكثير، وكنت نازلًا عنده في رباطه. قلت: وروى عنه: ابناه عبد الرحيم وعبد اللَّطيف، وعبد الخالق بْن أسد، وأبو القاسم بْن عساكر، وسِبطه عبد الوهّاب بْن سُكينة، وأحمد بْن الحسن العاقلويّ، وسليمان بْن محمد المَوْصِليّ، وطائفة سواهم. توفي في عاشر جمادى الآخرة، وعُمل له عُرس على عادة الصوفية، غرِم عليه نحو ثلاثمائة دينار. قَالَ ابن النّجّار: سمعتُ ابن سُكينة يَقُولُ: لمّا حضرَت جدّي الوفاةُ كنت حاضرًا، وأولاده حوله، وهو في السّياق، فقالت لَهُ والدتي: يا سيدتي، ما تجد؟ فما قدر عَلَى النُّطْق، فكتب بيده على يدها: {رَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيم} [الواقعة: 89] ثمّ مات رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 6- إسماعيل بْن طاهر: أبو عليّ المَوْصِليّ، ثمّ البغداديّ. سَمِعَ أَبَاهُ عَنْ أَبِي الحسن بْن مَخلَد. روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، وابن طبرزَد. توفي سنة إحدى وأربعين في جُمادى الأولى. 7- أمين الدولة1: نائب قلعة صرخد، وقلعة بُصرى، واسمه كمشتكين. أمير جليل، كثير الحُرمة. ولاه على القلعتين الأتابك طُغتكين. فامتدت أيامه إلى أن تُوُفّي في ربيع الآخر سنة 14. وهو واقف المدرسة الأمينية بدمشق.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "215"، والكامل في التاريخ "11/ 49".

ولمّا مات توثّب مملوكه ألتُنْتاش فتملّك بُصْرى، وصَرْخد، وانتصر بالفرنج وحالفهم، فسار لحربهم نائب دمشق معين الدّين أنُر فهزمهم، وانهزم معهم إلى بلادهم ألتُنتاش. ونازل أنُر قلعتي بُصْرَى وصَرْخَد، فافتتحهما. "حرف الباء": 8- بختيار بْن عبد الله1: أبو الحَسَن الهنْديّ، عتيق أَبِي بَكْر محمد بْن منصور السّمعانيّ. سَمِعَ ببغداد، وأصبهان، وهَمَذَان كثيرًا مَعَ مولاه. وحدَّث عَنْ: أَبِي سعد محمد بْن عبد الملك الأَسَديّ، وأبي سعد محمد بْن عبد الكريم بْن خُشيش. روى عَنْهُ: أبو سعد ابن مُعتقه، وقال: تُوُفّي ثاني صَفَر. 9- بختيار بْن عبد الله2: الهِنديّ، أبو الحَسَن الصّوفيّ، عتيق القاضي أَبِي منصور محمد بْن إسماعيل البوشَنجي. رحل مَعَ مولاه إلى بغداد، وسمع: أبا نصر محمد بْن محمد الزَّيْنبيّ، وعاصم بْن الحسن. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ. وقد سمّاه مولاه بعد العتْق: عبد الرحيم بْن عبد الرحمن. قَالَ أبو سعد: رحل إلى بغداد، والحجاز، والبصرة، وأصبهان وعُمّر، وهو شيخ، صالح، متعبّد، متخلّي عَن الدّنيا. سَمِعَ أيضًا بالبصرة من أَبِي عليّ التُستري، وانتخبتُ عليه ببوشنج ثلاثة أجزاء.

_ 1 الأنساب "12/ 351". 2 الأنساب "12/ 351"، واللباب "3/ 394".

وحُمل من بوشَنج إلى هَراة، ونزل في دار الحافظ أَبِي النضْر الفاميّ، وكانت محطَّ رِحال الشّيوخ الطّارئين، وقُرئ عَلَيْهِ كتاب "السُنّة" للالكائي. وكان شيخًا متيقّظًا، قد ناطح الثّمانين. تُوُفّي ببوشَنج في سنة إحدى أو سنة اثنتين وأربعين. "حرف الحاء": 10- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن عليّ1: أبو محمد الأستِراباذي، الحنفيّ، الفقيه، قاضي الرّيَ. قدِم بغداد سنة ستٍّ وسبعين، وتفقّه عَلَى قاضي القُضاة أَبِي عبد اللَّه الدّامغانيّ حتّى برع في الفقه. وسمع من: أَبِي نصر الزَّيْنبيّ، وعاصم بْن الحَسَن، وابن خيرون، وطِراد. قَالَ ابن السّمعانيّ: كتبتُ عَنْهُ بالرّيّ، تُوُفّي أواخر جُمادى الآخرة بها. ووُلِد في جُمادى الأولى سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. وكان يرى الاعتزال، وفيه بُخل، فقالوا فيه: وقاضٍ لنا خبز ربّهُ ... ومذهبُهُ أنّه لا يُرى 11- الحسين بْن الحسن بْن أَبِي نصر بن يوسف المروروذي: أبو محمد الصائغ، المعروب بالحاجّيّ. دخل بغداد، وسمع مَعَ أَبِي بَكْر السَّمْعانيّ من ثابت بْن بُندار، وبهَمَذَان من: مكّيّ بْن بَحيرة الحافظ، وعبد الرحمن الدُّونيّ. وبأصبهان من: أَبِي الفتح أحمد بْن محمد الحدّاد. تُوُفّي في العشرين من رمضان. روى عنه: أبو سعد.

_ 1 الجواهر المضية "2/ 80، 81".

12- حنبلُ بْن عليّ بْن الحسين بْن الحَسَن1: أبو جعفر البخاريّ، ثمّ السّجْستانيّ، الصُّوفيّ. قدِم هَراة، وأدرك بها شيخ الإسلام أبا إسماعيل، وصحِبه، وسمع منه. ومن: أَبِي عامر محمود بْن القاسم الأزْديّ، وأبي نصر التّرياقيّ، ونجيب بْن ميمون، وأحمد بْن عُبيد اللَّه بْن أَبِي سعيد الأزْديّ. وببغداد من: ابن طلحة النّعاليّ، وابن البطِر، وأبي بَكْر الطُّرَيْثِيثيّ. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو رَوح عبد المعزّ، وجماعة. وأجاز لعبد الرحيم بْن السّمعانيّ. وكان شيخًا، كيّسًا، ظريفًا، حدَّث بمَرْو، وهَراة. ووُلِد بسِجِسْتان في سنة أربعٍ وستين وأربعمائة. ورحل وهو ابن بضْع عشرة سنة. وتُوُفّي بهَراة في السّابع والعشرين من شوّال. "حرف الخاء": 13- خَلَفُ بْن محمد بْن أَبِي الحسن بْن أَبِي الحسين بْن مروان2. البوسَنجي، أبو عليّ المحتسب. نزيل هَراة. كَانَ يخدم جمال الإسلام أبا الحسن الدّاووديّ، وسمع منه مجلسين. وأجاز لعبد الرحيم بْن السّمعانيّ. وعُمّر دهرًا طويلًا. وآخر من روى عَنْهُ أبو رَوح الهَرَويّ. قَالَ أبو سعد السّمعانيّ3: وجدنا لَهُ مجلسين من أمالي الدّاووديّ، وقرأناهما. وُلِد في غرة ربيع الأول سنة ثلاثين وأربعمائة، وكان صالحًا معمرًا، رحمه الله.

_ 1 الأنساب "7/ 47"، وسير أعلام النبلاء "20/ 273"، والعبر "4/ 112". 2 التحبير "1/ 266". 3 في التحبير.

"حرف الزاي": 14- زَنْكيّ بْن آقسُنقُر1: الملك عماد الدّين صاحب المَوْصل، ويُعرف أَبُوهُ بالحاجب قسيم التُّركيّ، وقد تقدَّم ذِكره. وزنكيّ فوّض إِلَيْهِ السّلطان محمود بْن محمد بْن ملكشاه السّلْجوقيّ ولاية بغداد وشرطتها في سنة إحدى عشر وخمسمائة، ثمّ نقله إلى الموصل، وسلّم إِلَيْهِ ولده فرّوخ شاه الملقلب بالخفاجيّ ليربّيه، ولهذا قِيلَ لَهُ أتابَك2. وذلك في سنة اثنتين وعشرين3. واستولى عَلَى البلاد، وقوي أمره، وافتتح الرُّها في سنة تسعٍ وثلاثين. وترقَّت بِهِ الحال إلى أن ملك الموصل، وحلب، وحماه، وحمص، وبَعْلَبَكّ، ومدائن كثيرة يطول تَعْدادها. وسار بجيشه إلى دمشق وحاصرها، ثمّ استقرّ الحال عَلَى أن خُطب لَهُ بدمشق. واسترجع عدَّةَ حصون من الفرنج، مثل كَفرْطاب وافتتح الرها. وكان بطلًا، شجاعًا، صارمًا. وقد نازَل قلعة جَعْبَر4، وصاحبها يومئذٍ عليّ بْن مالك، فحاصرها، وأشرف عَلَى أخْذها، فأصبح يوم الأربعاء خامس ربيع الآخر مقتولًا. قتله خادمه غيلة وهو نائم، ودُفن بصِفّين عند الرَّقَّة. وسار ولده الملك نور الدّين محمود، فاستولى عَلَى حلب، واستولى ولده الآخر سيف الدين غازي قُطب الدّين مَوْدود الأعرج عَلَى الموصل. قَالَ ابن الأثير5: نزل أتابَك زنكيّ عَلَى حصن جَعْبر المُطل عَلَى الفُرات، وقاتَله مَن بها، فلمّا طال أرسل إلى صاحبها ابن مالك العُقيلي رسالة مع الأمير

_ 1 المنتظم "10/ 121"، والكامل في التاريخ "11/ 110-112"، وسير أعلام النبلاء "20/ 189-191"، والبداية والنهاية "12/ 221". 2 الأتابك: كلمة مركبة من "أتا" بالتركية وهو الأب. و "بك" وهو الأمير. 3 بغية الطلب لابن العديم "251، 252". 4 جعبر: على الفرات بين بالس والرقة قرب صفين "معجم البلدان 2/ 142". 5 في الكامل "11/ 109".

حسّان المَنْبِجيّ، لمودَّةٍ بينهما في معنى تسليمها، ويبذل لَهُ القطاع والمال، ويتهدّده إن لم يفعل، فما أجاب، فَقُتِلَ أتابَك بعد أيّام، وثب عَلَيْهِ جماعة من مماليكه في اللّيل، وهربوا إلى القلعة، فدخلوها، فصاح أهلها وفرحوا بقتله، فدخل أصحابه إِلَيْهِ. حدَّثني أَبِي، عَنْ بعض خواصّه قَالَ: دخلت إِلَيْهِ في الحال وهو حيّ، فظنّ أَنّى أريد قتْله، فأشار إليَّ بإصبعه يستعطفني، فقلت: يا مولانا مَن فعل هذا؟ فلم يقدر عَلَى الكلام، وفاضت نفسه. قَالَ1: وكان حَسَن الصّورة، أسمر، مليح العينين، قد وَخَطَه الشَّيْب، وزاد عمره عَلَى السّتّين، وكان صغيرًا لمّا قُتل أَبُوهُ. وكان شديد الهَيْبة عَلَى عسكره ورعيّته، وكانت البلاد خرابًا من الظُّلم ومجاورة الفرنج، فعمَّرها. حكى لي والدي قال: رأيت الموصل وأكثرها خراب، بحيث يقف الْإِنْسَان قريب محلَّة الطّبّالين، ويرى الجامع العتيق، ودار السّلطان، ولا يقدر أحد أن يصل إلى جامع إلّا ومعه من يحميه، لبُعْده عَن العمارة، وهو الآن في وسط العمارة2. وكان شديد الغيرة لاسيما على نساء الأجناد، ويقول: إنْ لم نحفظْهُنّ بالهيبة، وإلّا فَسَدْن لكثرة غَيْبة أزواجهنّ. قَالَ3: وكان من أشجع خلْق اللَّه. أمّا قبل أن يملك، فيكفيه أنّه حضر مَعَ الأمير مودود صاحب الموصل مدينة طبريَّة، وهي للفرنج، فوصلت طعنته إلى باب البلد، وأثّر فيه. وحَمَل أيضًا عَلَى قلعة عُقر الحميديَّة، وهي عَلَى جبلٍ عالٍ، فوصلت طعنته إلى سورها. إلى أشياء أخَر. وأمّا بعد ملْكه، فكان الأعداء محدقين ببلاده، وكلهم يقصدها، ويريد أخْذَها، وهو لا يقنع بحفْظها، حتّى أنّه لا ينقضي عَلَيْهِ عامٌ إلّا وهو يفتح من بلادهم. قَالَ: وقد أتينا عَلَى أخباره في كتاب "الباهر"4 في تاريخ دولته وأولاده. وكان معه حين قُتل الملك ألْب أرسلان بْن السّلطان محمود، فركب يومئذٍ،

_ 1 في الكامل "11/ 110". 2 في الكامل "11/ 111". 3 في الكامل في التاريخ "11/ 112". 4 التاريخ الباهر في الدولة الأنابكية "74-84".

واجتمعت حوله العسكر، وحسّنوا لَهُ اللَّهْو والشُّرْب، وأدخلوه الرَّقَّة، فبقي بها أيّامًا لا يظهر، ثمّ سار إلى ماكِسين، ثمّ إلى سَنْجار، وتفرّق العسكر عَنْهُ، وراح إلى الشرق، ثمّ ردّوه، وحُبس في قلعة الموصل. وملك البلاد غازي بْن زنكي، واستولى نور الدّين عَلَى حلب وما يليها. ثمّ سار فتملّك الرُّها، وسبى أهلها، وكان أكثرهم نصارى1. وقال القاضي جمال الدّين بْن واصل2: لم يخلّف قسيمُ الدّولة آقسُنْقُر مولى السّلطان ألْب أرسلان السَّلْجوقيّ ولدًا غير أتابَك زنكيّ، وكان عمره حين قُتل والده عشر سِنين. فاجتمع عَلَيْهِ مماليك والده وأصحابه. ولمّا تخلّص كرْبُوقا من سجن حمص بعد قتل تُتُش، ذهب إلى حَرّان، وانضم إِلَيْهِ جماعة، فملك حَرّان، ثمّ ملك الموصل وقرَّبَ زنكيّ، وبالغ في الإحسان إِلَيْهِ، وربّاه. "حرف السين": 15- سعد اللَّه بْن أحمد بْن عليّ بْن الشّدّاد: أبو القاسم البغداديّ. سَمِعَ: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وعاصم بْن الحَسَن. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وابن أسد الحنفيّ. وتُوُفّي في ذي القعدة. 16- سعد الخير بْن محمد بْن سهل بْن سعد3: أبو الحَسَن الأنصاريّ، البَلَنْسيّ، المحدّث. رحل إلى أن دخل الصّين، ولهذا كَانَ يكتب الأندلسيّ، الصّينيّ. وكان فقيهًا، متديِّنًا، عالمًا، فاضلًا. سَمِعَ ببغداد: أبا عبد الله النعالي، وابن البطر، وطِراد بن محمد.

_ 1 الكامل "11/ 113". 2 في مفرج الكروب "1/ 99". 3 المنتظم "10/ 121"، وسير أعلام النبلاء "20/ 158-160"، والبداية والنهاية "12/ 221، 222".

وسمع بأصبهان: أبا سعد المطرِّز. وسكنها وتزوّج بها. ووُلِدت لَهُ فاطمة، فسمّعها حضورًا "معجم الطبراني"، وغير ذلك، و "مُسند أَبِي يَعْلَى". وسمع بالدّون1 "سُنَن النَّسائيّ" من الدُّونيّ، وحصّل الكثير من الكُتُب الجيّدة. وحدَّث ببغداد، وسكنها مدَّة بعد انفصاله عَنْ أصبهان. روى عنه: ابن عساكر2، وابن السمعاني، وأبو موسى المَدِينيِ، وعبد الخالق بْن أسد ووصفه بالحِفْظ، وأبو اليُمن الكِنْديّ، وأبو الفَرَج بْن الجوزيّ، وبنته فاطمة بِنْت سعد الخير، وعمر بْن أَبِي السّعادات بْن صرما. وقال ابن الْجَوْزيّ3: سافر وركب البحار، وقاسى الشّدائد، وتفقَّه ببغداد عَلَى أَبِي حامد الغزّاليّ، وسمع الحديث. وقرأ الأدب عَلَى أَبِي زكريّا التّبْريزيّ. وحصّل كُتُبًا نفيسة وقرأتُ عَلَيْهِ الكثير، وكان ثقة. تُوُفّي في عاشر المحرَّم ببغداد. قلت: آخر من روى عنه بالإجازة: أبو منصور بن عفيجة. وأورد ابن السّمعانيّ في "الأنساب"4 حكايةً غريبة فقال: سمّع بناته إلى أن رُزق ابنًا سمّاه جابرًا، فكان يُسمعه بقراءتي. واتّفق أنّه حمل إلى الشيخ أَبِي بَكْر قاضي المَرِسْتان شيئًا يسيرًا من عود بغدان، وجد الشّيخ منه رائحةً، فقال: ذا عود طِيب. فحَمَلَ إِلَيْهِ منه نزْرًا قليلًا، ثمّ دفعه إلى جاريته، فاستحيت الجارية أن تُعْلِم الشّيخَ بِهِ لقلّته، فلمّا دخل عَلَى الشّيخ قَالَ: يا سيّدنا، وصل العُود؟ قَالَ: لا. فطلب الجارية فسألها، فاعتذرت لقلّته، وأحضرته، فقال لسعد الخير: أهُوَ هذا؟ قَالَ: نعم. فرمى بِهِ الشّيخ وقال: لا حاجة لنا فيه. ثمّ طلب منه سَعْد الخير أن يسمّع لابنه جزء الأنصاري، فحلف الشيخ أن لا

_ 1 الدون: قرية من أعمال الدينور. 2 انظر مشيخة ابن عساكر ورقة 70ب. 3 في المنتظم "10/ 121". 4 انظر: الأنساب "2/ 197".

يُسمعه إيّاه إلّا أن يحمل إِلَيْهِ سعد الخير خمسة أمْناء1 عُود. فامتنع سعد الخير، وألحّ عَلَى الشيخ أن يكفّر عَنْ يمينه، فما فعل. ولا حمل هُوَ شيئًا. ومات الشّيخ، ولم يُسمّع ابنَه الجزء. "حرف الشين": 17- شافع بْن عبد الرّشيد بْن القاسم2: أبو عبد الله الْجِيليّ. سكن بالكَرْخ، وتفقّه عَلَى إلكِيا الهَرّاسيّ، ورحل إلى أَبِي حامد الغزّاليّ فتفقّه عَلَيْهِ. وكانت لَهُ حلقة بجامع المنصور للمناظرة. وكل جمعة يحضرها الفُقهاء. سَمِعَ بالبصرة: أبا عُمَر النّهاوَنْديّ القاضي. وبطبَس: فضل اللَّه بْن أَبِي الفضل الطَّبَسيّ. روى عَنْهُ: أبو سعد السمعاني، وقال: سألته عن مولده، فقال: دخلت بغداد سنة تسعين وأربعمائة ولي نيِّفٌ وعشرون سنة. وتُوُفّي في العشرين من المحرَّم. وقال ابن الْجَوْزيّ3: كنت أحضر حلقته وأنا صبيّ، فألقى المسائل. قلت: هذا من أئمَّة الشّافعيَّة. "حرف الصاد": 18- صاعد بْن أَبِي الفضل بْن أَبِي عثمان4: الشيخ أبو العلاء الشُعيثي، المالينيّ، شيخ خيِّر. سَمِعَ: أبا إسماعيل الأنصاريّ، وأبا عطاء عبد الرحمن بْن محمد الجوهري، وبِيبَى بنت عبد الصمد.

_ 1 الأمناء: مفردها المنا، وهو كيل أو ميزان يوزن به "القاموس المحيط". 2 المنتظم "10/ 121، 122"، وسير أعلام النبلاء "20/ 161، 162". 3 في المنتظم "10/ 121". 4 التحبير "1/ 335، 336".

وكان فقيهًا فاضلًا، قديم المَوْلد. وُلِد سنة سبع وخمسين وأربعمائة. وآخر من سَمِعَ منه رَوْح بْن المعزّ الهَرَويّ. "حرف الظاء": 19- ظاهر بْن أحمد بْن محمد1: أبو القاسم البغداديّ، المساميريّ، البزّاز. شيخ صالح، مُكثر. سَمِعَ من: رزق اللَّه التّميميّ، وطِراد الزَّيْنبيّ، وابن البطِر، وطائفة. وتُوُفّي فِي ذي القعدة. روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، ويوسف بْن المبارك، ومحمد بْن عليّ بْن القُبَيطي. وكان معمَّرًا. 20- ظفَر بْن هارون بْن ظَفَر2: أبو الفوح الهَمَذَانيّ. أصله مَوْصِليّ. سَمِعَ: ثابت بْن الحسين التّميميّ. كتب عَنْهُ السّمعانيّ وقال: مات في جُمادى الأولى عَنْ ثلاثٍ وثمانين سنة. "حرف العين": 21- عائشة بِنْت عبد الله بْن عليّ البلْخيّ، ثمّ البُوشَنْجيّ3: أمّ الفضل، صالحة، معمَّرة. سَمِعْتُ: أباها أبا بَكْر البلْخيّ، وأبا الحسن الداوودي، وأبا منصور كَلار. كتب عَنْهَا السّمعانيّ وقال: ماتت سابع ذي الحجة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "20/ 171". 2 التحبير "1/ 357". 3 التحبير "2/ 422، 423"، وأعلام النساء "3/ 157".

22- عبّاس1: شِحنة الرَّيّ. دخل في الطّاعة، وسلّم الري إلى السّلطان مسعود. ثمّ إنّ الأمراء اجتمعوا عند السلطان ببغداد، وقالوا: ما بقي لنا عدوّ سوى عبّاس، فاستدعاه السّلطان إلى دار المملكة في رابع عشر ذي القعدة وقتله، وأُلقي عَلَى باب الدّار. فبكى النّاس عَلَيْهِ لأنّه كَانَ يفعل الجميل، وكانت لَهُ صَدَقات. وقيل: إنّه ما شرب الخمر قطّ، ولا زنى، وإنّه قتل من الباطنيَّة - لعنهم اللَّه - ألوفًا كثيرة، وبنى من رؤوسهم منارة. ثم حُمل ودُفن في المشهد المقابل لدار السلطان. قاله ابن الجوزي. 23- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عبد الله2. الإمام أبو محمد المقرئ، النَّحْويّ، سِبط الزَّاهد أَبِي منصور الخيّاط، وإمام مسجد ابن جَردة، وشيخ القرّاء بالعراق. وُلِد في شعبان سنة أربع وستين وأربعمائة، وتلقّن القرآن من أَبِي الحسن بْن الفاعوس. وسمع من: أَبِي الحسين بْن النَّقُّور، وأبي منصور محمد بْن محمد العُكْبَريّ، وطِراد الزَّيْنبيّ، ونصر بْن البَطِر، وثابت بْن بُندار، وجماعة. وقرأ العربية على أبي الكَرَم بْن فاخر. وسمع الكُتب الكبار، وصنَّف المصنفات في القراءات مثل "المبهج"، و"الكفاية"، و"الاختيار"، و"الإيجاز". وقرأ القرآن عَلَى جدّه، وعلى: الشّريف عبد القاهر بْن عبد السّلام المكّيّ، وأبي طاهر بْن سِوار، وأبي الخطّاب بْن الجرّاح، وأبي المعالي ثابت بْن بُندار، وأبي البركات محمد بْن عُبَيد اللَّه الوكيل، والمقرئ المعمّر يحيى بن أحمد السيبي صاحب الحمّامي،

_ 1 المنتظم "10/ 123"، والبداية والنهاية "12/ 222". 2 المنتظم "10/ 122"، وسير أعلام النبلاء "20/ 130-133"، والبداية والنهاية "12/ 222"، وشذرات الذهب "4/ 128-130".

وابن بدران الحلْوانيّ، وأبي الغنائم محمد بن علي الزينبي، وأبي العز القلانسي، وغيرهم. وتصدر للقراءات والنحو، وَأَمَّ بالمسجد المذكور سنة سبْعٍ وثمانين وأربعمائة إلى أن تُوُفّي. وقرأ عَلَيْهِ خلْق وختم ما لا يُحصى. قاله أبو الفَرَج بْن الْجَوزيّ1، وقال: قرأتُ عَلَيْهِ القرآن والحديث، الكثير، ولم أسمع قارئًا قطّ أطيب صوتًا منه ولا أحسن أداء عَلَى كِبَر سِنّه. وكان لطيف الأخلاق، ظاهر الكياسة والظّرافة وحُسن المعاشرة للعوامّ والخاصّ. قلت: وكان عارفًا باللّغة، إمامًا في النَّحْو والقراءات وعِلَلها، ومعرفة رجاله، وله شِعْر حَسَن. قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ متواضعًا، متودّدًا، حَسَن القراءة في المحراب، خصوصًا في ليالي رمضان. وكان يحضر عنده النّاس لاستماع قراءته. وقد تخرَّج عَلَيْهِ جماعة كثيرة، وختموا عَلَيْهِ القرآن. وله تصانيف في القراءات. وخولف في بعضها، وشنّعوا عَلَيْهِ، وسمعتُ أنّه رجع عَنْ ذَلكَ، والله يغفر لنا وله. وكُتبت عَنْهُ، وعلقت عَنْهُ من شعره. ومنه: ومن لم تؤدّبه اللّيالي وصَرْفها ... فما ذاك إلا غائب العقل والحُسن يظنّ بأنّ الأمر جارٍ بحُكمه ... وليس له عِلم، أيُصبح أَوْ يُمسي2 وله: أيّها الزّائرون بعد وفاتي ... جَدَثًا ضمّني ولَحْدًا عميقا سَتَروْني الذي رأيت من المو ... ت عيانًا وتسلكون الطريقا وقال الحمد بْن صالح الجيليّ: سار ذِكره في الأغوار والأنجاد. ورأس أصحاب الإمام أحمد، وصار أوحد وقته، ونسيج وحده، ولم أسمع في جميع عمري مَن يقرأ

_ 1 في المنتظم "10/ 122". 2 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 210، 211".

الفاتحة أحسن ولا أصحّ منه. وكان جمال العراق بأسره، وكان ظريفًا كريمًا، لم يُخَلِّف مثله في أكثر فنونه1. قلت: قرأ عَلَيْهِ القراءات: شهاب الدّين محمد بْن يوسف الغَزْنَويّ، وتاج الدّين أبو اليُمن الكَنْديّ، وعبد الواحد بْن سلطان، وأبو الفتح نصر اللَّه بْن عليّ بْن الكيّال الواسطيّ، والمبارك بْن المبارك بْن زُريق الحدّاد، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن هارون الحلّيّ المعروف بابن الكال المقرئ، وصالح بْن عليّ الصَّرْصَريّ، وأبو يَعْلَى حمزة بْن عليّ بْن القُبيطيّ، وأبو أحمد عبد الوهّاب بْن سُكينة، وزاهر بْن رُسْتَم نزيل مكَّة. وحدَّث عنه: محمود بن المبارك بن الذّارع، ويحيى بْن طاهر الواعظ، وإسماعيل بْن إبراهيم بْن فارس السِّيبيّ، وعبد اللَّه بْن المبارك بْن سُكينة، وعبد العزيز بْن مَنِينا، وتلميذه الكِنْديّ، وعليه تلقَّن القرآنَ وعِلم العربيَّة. وتُوُفّي في ثامن وعشرين ربيع الآخر. وصلّى عَلَيْهِ الشّيخ عبد القادر. قَالَ ابن الجوزيّ2: قد رَأَيْت أَنَا جماعة من الأكابر، فما رَأَيْت أكثر جمعًا من جَمْعه. قَالَ عبد الله بْن حريز القُرَشيّ: ودُفن مِن الغد بباب حرب عند جدّه عَلَى دكَّة الإمام أحمد. وكان الْجَمْع كثيرًا جدًّا يفوق الإحصاء، وغُلِّق أكثر البلد في ذَلكَ اليوم. 24- عبد الله بْن عليّ بْن عبد العزيز بْن فَرَج3. الغافقيّ، القُرْطُبيّ، أبو محمد. عَنْ: أَبِي محمد بْن رزق، وعبد اللَّه محمد بْن فَرَج، وأبي عليّ الغسّانيّ. قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ فقيهًا، حافظًا، متيقّظًا. تُوُفّي رحمه اللَّه في ربيع الآخر.

_ 1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 210"، وغاية النهاية "1/ 435". 2 في المنتظم "10/ 122". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 296".

25- عبد الله بْن نصر بْن عبد العزيز بْن نصر1: أبو محمد المَرَنْدِيّ. دار في الآفاق، وأخذ عَن الأئمة، وأفنى أكثر عمره في الأسفار، وتفقّه ببغداد عَلَى أسعد الميهني، ثم سكن مرْو. وكان بارِعًا في الأدب. أخذ عَنِ: الأبيوردي الأديب، وله شعر حسن. توفي في يوم عاشوراء. قاله ابن السمعاني. 26- عبد الباقي بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي2: الأَنْصَارِيّ، البزّاز، أبو طاهر. قَالَ ابن السّمعانيّ: هُوَ أحد الشّهود المعدّلين، سمّعه أَبُوهُ من نصر بْن البَطِر، وطبقته. سمعنا بقراءته عَلَى أبيه "مغازي" الواقديّ. وكان سريع القراءة. ولد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة. ومات في رمضان. 27- عبد الحقّ بْن غالب بْن عبد الملك بْن غالب بْن تمّام بْن عطيَّة3: الإمام الكبير، قُدْوة المفسّرين، أبو محمد بْن الحافظ النّاقد الحُجَّة أَبِي بَكْر المحاربي، الغرناطي، القاضي. أخذ عن: أبيه، وأبي عليّ الغسّانيّ الحافظ، ومحمد بْن الفَرَج الطّلاعيّ، وأبي الحسين يحيى بْن البَيَاز، وخلْق سواهم. وكان فقيهًا، عارفًا بالأحكام، والحديث، والتفسير، بارع الأدب، بصيرًا بلسان

_ 1 التحبير "1/ 381"، والأنساب "522"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 241". 2 انظر معجم شيوخ ابن السمعاني. 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 386، 387"، وسير أعلام النبلاء "19/ 587، 588"، وكشف الظنون "439".

العرب، ذا ضبْطٍ وتقييد، وتحرٍ، وتجويد، وذهنٍ سيّال، وفكرٍ إلى موارد المُشكل ميّال. ولو لم يكن لَهُ إلّا تفسيره1 الكبير لكَفَاه. وكان والده من حفّاظ الأندلس، فاعتني بِهِ، ولحِق بِهِ المشايخ. وقد ألّف برنامجًا ضمّنه مروياته. ولد في سنة ثمانين وأربعمائة. حدَّث عَنْهُ: أولاده، والحافظ أَبُو القاسم بْن حُبيش، وأَبُو مُحَمَّد بْن عبيد الله البستي، وأبو جعفر بْن مضاء، وعبد المنعم بْن الفَرَس، وأبو جعفر بْن حَكَم، وآخرون. مات بحصْن لُورقة في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وولي قضاء المَرِيَّة في سنة سبْعٍ وعشرين وخمسمائة. وكان يتوقّد ذكاءً، رحمه اللَّه. قَالَ الحافظ ابن بَشْكُوال2: تُوُفّي سنة اثنتين وأربعين. وقال: كَانَ واسع المعرفة، قويّ الأدب. متفنّنًا في العلوم، أخذ الناس عَنْهُ. 28- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرحيم بْن أَبِي حامد3. الخطيب، أبو عبد الله الدّارِميّ، الهَرَويّ. قَالَ ابن السّمعانيّ4: كَانَ فاضلًا، صالحًا، ورِعًا، عابدًا، كَانَ ينوب عَنْ خطيب هَراة. وسمع من: بِيبي، وكلاب، وعبد اللَّه بْن محمد الأنصاريّ، وأبي عبد الله العميري، وأبي بكر الغورجي5، وجماعة.

_ 1 وهو: "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز". 2 في الصلة "2/ 387". 3 التحبير "1/ 397، 398"، والتقييد "339". 4 في التحبير. 5 الغورجي: نسبة إلى غورج قرية على باب هراة وأبو بكر الغورجي هو راوي جامع الترمذي عن عبد الجبار الجراحي توفي سنة "481".

وحدَّث. وتُوُفّي بهَرَاة في المحرَّم. روى عَنْهُ: أبو رَوح في مشيخته، وبالإجازة: أبو المظفّر بْن السّمعانيّ. وظنّي أنّ أَبَاهُ روى عَنْهُ أيضًا. وكان مولده سنة أربع وستين وأربعمائة. 29- عَبْد الرَّحْمَن بْن عبد الملك بْن غَشَلْيان1: المحدِّث، أبو الحَكَم الأنصاريّ، السَّرَقُسْطيّ. لَهُ إجازة من القاضي أَبِي الحسن الخِلَعيّ، وجماعة عَلَى يد أَبِي عليّ الصّدَفيّ. وسمع من: الصَّدَفيّ، وجماعة. حتّى إنّه سَمِعَ من ابن بَشْكُوال. وقال ابن بَشْكُوال: أخذتُ عَنْهُ، وأخذ عنّي كثيرًا. وكان من أهل المعرفة والذّكاء واليَقَظَة. سكن قُرْطُبة، وبها تُوُفّي في رمضان. قلتُ: آخر مَن روى عَنْهُ في الدّنيا بالإجازة: محمد بْن أحمد ابن صاحب الأحكام، شيخ سَمِعَ منه ابن سيسريّ، وبقي إلى سنة 714. 30- عبد الرحمن بْن عُمَر بْن أَبِي الفضل2: أبو بَكْر البصْريّ، ثمّ المَرْوَرُّوذِيّ، شيخ صالح، حَسَن السّيرة، معمَّر. وهو آخر مَن سَمِعَ مِن القاضي حسين بْن محمد الشّافعيّ المَرْوَرُّوذيّ صاحب التّعليق. سَمِعَ منه مجلسًا من أماليه. وسمع من: شيخ الإسلام أَبِي إسماعيل الأنصاريّ. وكان مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وتُوُفّي في ذي الحجَّة سنة إحدى وأربعين. أجاز لأبي المظفر بن السمعاني.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 352". 2 معجم الشيوخ لابن السمعاني.

31- عبد الرحمن بْن عُمَر بْن أحمد1. أبو مسلم الهَمَذَانيّ، الصُّوفيّ، العابد. مات في شوّال عَنْ سبْعٍ وسبعين سنة. أجاز لَهُ محمد بْن عثمان القُومسانيّ. 32- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن سليمان: أبو القاسم، وأبو زيد التُجيبي، ابن الأديب الأندلسيّ، نزيل أورِيولة2، ووالد الشيخ أَبِي عبد الله. أخذ بمُرسية عَنْ: أَبِي محمد بْن أَبِي جعفر تلمَذ لَهُ. ولقي بالمَرية: أبا القاسم ابن ورد، وأبا الحسن بن موهب الجذامي. وحج سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وسمع بمكَّة من الحسين بْن طحّال. وأخذ القراءات عَنْ أَبِي عليّ الحَسَن بْن عبد الله. باشر القضاء ووليه مُكرَهًا. وكان خاشعًا، متقلّلًا من الدّنيا، لَهُ بضاعة يعيش من كسْبها. وكان إذا خطب بكى وأبكى، وكان فصيحًا، مشوَّهًا. ثمّ إنّه أُعْفي من القضاء بعد شهرين من ولايته. وبعد الأربعين وفاته. 33- عبد الرحمن بْن عيسى بْن الحاجّ3: أبو الحَسَن القُرطبي، المَجْريطيّ4. أخذ القراءات عَنْ: أَبِي القاسم بْن النّحّاس. وولي قضاء رنْدة. أخذ عنه القراءات ابنه يحيى القاضي.

_ 1 الأنساب "3/ 395"، والتحبير "1/ 400، 401". 2 أوريولة: مدينة قديمة من أعمال الأندلس من ناحية تدمير "معجم البلدان 1/ 280". 3 غاية النهاية "1/ 376". 4 المجريطي: بلدة بالأندلس "معجم البلدان 5/ 58".

34- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عيسى1: أبو القاسم الأُمَويّ، الأشْبيلي، النَّحْويّ، المعروف بابن الرماك. روى عَنْ: أَبِي عبد اللَّه بْن أَبِي العافية، وأبي الحَسَن بْن الأخضر، وأبي الحسين بْن الطّراوة. وكان أستاذًا في صناعة العربيَّة، محقّقًا، مدقّقًا، متصدّرًا للإقراء بها، قائمًا عَلَى "كتاب" سِيبَوَيْه. قَلَّ مشهورٌ من فُضَلاء عصره إلّا وقد أخذ عَنْهُ. قَالَ أبو عليّ الشّلوبينيّ: ابن الرّماك عَلَيْهِ تعلَّم طَلَبة الأندلس الجِلّة. أخذ عَنْهُ: أبو بَكْر بْن خَيْر، وأبو إسحاق بْن مَلْكُون، وأبو بَكْر بْن طاهر المحدّث، وأبو العبّاس بْن مَضَاء، وآخرون. وتُوُفّي كهلًا. 35- عبد الرحيم بْن عبد الرحمن2: أبو الحسن الكِنْديّ، الصُّوفيّ، مولى أَبِي منصور محمد بْن إسماعيل اليَعْقوبيّ. مرّ "بختيار" تقدَّم. 36- عبد الرحيم بْن محمد بْن الفضل: الأصبهانيّ الحدَّاد. تُوُفّي في شوَّال. 37- عبد الكريم بن خلف بن طاهر بن محمد بْن محمد. أبو المظفَّر الشَّحّاميّ، النَّيْسابوريّ. من بيت الحديث والعدالة. سَمِعَ: الفضل بْن المُحِبّ، وأبا إسحاق الشّيرازيّ الفقيه لمّا قدِم عليهم، وأبا بَكْر بْن خَلَف، وجماعة كثيرة.

_ 1 سير أعلام النبلاء "20/ 175"، والوافي بالوفيات "18/ 234". 2 تقدم باسم "باختيار بن عبد الله الهندي الصوفي" برقم "9".

وكان مولده في سنة ست وستين وأربعمائة، ومات في سلْخ جُمادى الأولى بنَيْسابور. روى عَنْهُ: جماعة. وممّن روى عَنْهُ بالإجازة: عبد الرحيم بْن السّمعانيّ. 38- عبد الكريم بْن عبد المنعم بْن أَبِي القاسم القُشيري. أبو محمد بْن أَبِي المظفَّر النَّيْسابوريّ. سَمِعَ من: عبد الواحد، وعليّ بْن الحمْد المَدِينيّ، المؤدّب. وببغداد: أبا القاسم بْن بيان. حدَّث، وتُوُفّي رحمه اللَّه في الثّالث والعشرين من شعبان. 39- عبد المحسن بْن غُنيمة بْن أحمد بْن فاحة1. أبو نصر البغداديّ. شيخ صالح، ديّن، خيّر. سَمِعَ: أبا عبد الله النّعاليّ، وابن نبهان، وشُجاعًا الذُّهْليّ. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وقال: تُوُفّي فِي المحرَّم. "حرف الميم": 40- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خَلَف بْن بيش. أبو عبد الله العبْدَريّ، الأندلسيّ، الأثريّ. إمام مشاوَر، لَهُ إجازة من أَبِي عبد الله الخَوْلانيّ. روى عَنْهُ: أبو بَكْر بلبيس. وتُوُفّي في صفر. 41- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القاهر: الطوسي، أخو خطيب الموصل.

_ 1 المنتظم "10/ 122".

سَمِعَ: النِّعاليّ، وابن البطِر. وعنه: ابن أخيه. وكان فقيهًا شافعيًا، مناظِرًا. مات في المحرَّم. 42- محمد بْن أحمد بْن مالك. العاقوليّ. عَنْ: طِراد، وابن البطِر. وعنه: ابن هُبل الطَّبيب. 43- محمد بْن إسماعيل بْن أَبِي بَكْر بْن عبد الجبّار1. النّاقديّ، الجراحيّ، المَرْوَزِيّ، السّاسيانيّ. وساسيان محلَّة بمرْو، شيخ صالح. قرأ عَلَيْهِ أبو سعد السّمعانيّ "صحيح البخاريّ" بسماعه من أَبِي الخير محمد بْن موسى الصّفّار، وقال: تُوُفّي سنة إحدى أو اثنتين وأربعين. 44- محمد بْن الحسن بْن محمد بْن سَوْرة: أبو بَكْر التّميميّ، النَّيْسابوريّ. سَمِعَ: الفضل بْن أَبِي حرب، وأحمد بْن سهل السّرّاج، وابن خَلَف. تُوُفّي في جُمادَى الأولى. 45- محمد بْن طِراد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ2. أَبُو الحسين العبّاسيّ، الزَّيْنَبيّ، نقيب الهاشميّين ببغداد. سَمِعَ: عمّه أبا نصر، وأباه، وأبا القاسم بْن البُسري، وإسماعيل بْن مَسْعَدَة الإسماعيليّ، وهو أخو الوزير أَبِي القاسم عليّ.

_ 1 الأنساب "6/ 8، 9"، واللباب "2، 92". 2 المنتظم "10/ 123"، والكامل في التاريخ "11/ 118"، والبداية والنهاية "12/ 222".

ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وكان كثير الحجّ، صدرًا، نبيلًا، مسنِدًا. روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، وأبو أَحْمَد بْن سُكَيْنَة، وعمر بْن طبَرزد، وجماعة. وبالإجازة أبو القاسم بْن صَصْرى. وتُوُفّي في شعبان. ودُفن بداره بباب الأزَج، وبقي في النّقابة ثمان عشرة سنة. 46- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عبد الله1. أبو بَكْر الكِشمَردي2. سَمِعَ: الحسين بْن السّرِيّ، وثابت بْن بُندار. وعنه: أبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر في مُعجميهما. وكان صالحًا. تُوُفّي في رجب ببغداد. 47- محمد بْن عليّ بْن عبد الله3. الإمام أبو عبد الله العراقي، البغداديّ، نزيل البَوَازيج4. من كبار أئمَّة الشّافعيَّة القائمين عَلَى المذهب. تفقّه عَلَى: إلْكِيا الهرّاسيّ، وأبي حامد الغزالي، وأبي الشّاشيّ. وأخذ عَنْ: أَبِي الوفاء بْن عقيل، وأبي بَكْر بْن المظفّر الشّاميّ. لقيه المحدث أبو الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع الدمشقي بإربل، وسمع منه جزءًا ومَقَاطع مِن شِعْره. وكان العراقيّ قد قدِم إرْبِلَ لحاجة. مولده في حدود الثمانين وأربعمائة، وبقي إلى بعد الأربعين وخمسمائة.

_ 1 الأنساب "10/ 435، 436"، واللباب "3/ 99". 2 الكشمردي: نسبة إلى كشمرد نسبة إلى بعض أجداد المنتسب إليه قاله ابن السمعاني. 3 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 88"، والوافي بالوفيات "4/ 155"، وكشف الظنون "342"، ومعجم المؤلفين "11/ 23". 4 البوازيج: بلدة قديمة على الدجلة فوق بغداد "الأنساب 2/ 321".

48- محمد بْن عليّ بْن محمد. أبو جعفر المَرْوَزِيّ، الدّرقيّ. فقيه، صالح، معمَّر. أخذ عَنْ: أَبِي القاسم الدَّبُّوسيّ. وعنه: السّمعانيّ، وغيرة. 49- محمد بن فضل الله1. أبو الفتح بن مخمخ البنجديهي، الفقيه، العابد. سمع من: أبي سعيد البغوي الدباس. ومات ببنج ديه في جمادى الآخرة عَنْ ثلاثٍ وسبعين سنة. أخذ عَنْهُ: السّمعانيّ. 50- محمد بْن محمد بْن عبد الرحمن2. أبو الفتح النَّيْسابوريّ، الخشّاب، الكاتب. سمع: أبا القاسم بن هوازن القُشيري، وفاطمة بِنْت أَبِي عليّ الدّقّاق، والفضل بْن المحبّ. قَالَ أبو سعد: لِقيته بأصبهان، وله شعرٌ رائق، وخطّ فائق. قلت: هو آخر من حدَّث بأصبهان عَن القُشَيريّ وزوجته بِنْت الدّقّاق رحمه اللَّه. 51- محمد بْن محمد بْن أحمد بْن أحمد السّلّال3. أبو عبد الله الكَرْخيّ، الورّاق، الحبّار. كَانَ يبيع الحبر في دكّان عند باب النُّوبيّ. سَمِعَ: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصّمد بْن المأمون، وجابر بْن ياسين، وأبي بَكْر بْن سياوش الكازَروني، وأبي الحسن بْن البيضاويّ، وأبي عَلِيّ بْن وشاح.

_ 1 التحبير "2/ 210، 211". 2 الأنساب "5/ 120"، وسير أعلام النبلاء "20/ 77"، والوافي بالوفيات "1/ 165". 3 المنتظم "10/ 123"، وسير أعلام النبلاء "20/ 75، 76"، ولسان الميزان "5/ 364".

وتفرّد بالرواية عَنْ هَؤُلّاءِ الثّلاثة، وطال عمره، وتفرد. وُلِد في رمضان سنة سبع وأربعين وأربعمائة. قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ في خُلُقه زَعارَّة، وكنّا نسمع عَلَيْهِ بجّهْد. وهو مُتَّهَم، معروف بالتّشيُّع. قَالَ أبو بَكْر محمد بْن عبد الباقي: بيت السّلّال معروف في الكرْخ بالتّشيُّع. وقال الحافظ ابن ناصر: كنت أمضي إلى الجمعة وقد ضاق وقتُها، فأراه عَلَى باب وكأنّه فارغ القلب، لَيْسَ عَلَى خاطره من الصّلاة شيء. قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعمر بن طَبَرْزَد، وأبو الفَرَج بْن الجوزيّ، ومحمد بْن أَبِي عبد الله بْن أبي فتح النّهْروانيّ، ومحمد بْن عَبدة البروجِردي، وسليمان المَوْصليّ، وأخوه عليّ، والنّفيس بْن وهْبان، وآخرون. تُوُفّي في جُمادى الأولى، وله أربعٌ وتسعون سنة. روى عَنْهُ بالإجازة أبو منصور بْن عُفَيْجة. وأبو القاسم بْن صَصرى. 52- محمد بْن محمد بْن الفضل بْن دلّال. أبو منصور الشَّيْبانيّ، الباجِسرائي1، ثمّ البغداديّ، الحافظ. سَمِعَ الكثير، وقرأ، وكتب، وعُني بهذا الشّأن وكان سريع القراءة، جيّد التّحصيل. سَمِعَ: طِراد بْن محمد، وابن البَطِر، وطبقتهما. روى عَنْهُ: أبو اليُمن الكِنْديّ. تُوُفّي فِي شَعْبان وله إحدى وثمانون سنة. ذكره ابن النّجّار. 53- المبارك بْن أحمد بْن محبوب. أبو المعالي المحبوبي، أخو أبي علي البغدادي.

_ 1 الباجسرائي: نسبة إلى باجسرا وهي قرية كبيرة بنواحي بغداد "الأنساب "2/ 17".

سَمِعَ من: طِراد الزَّيْنَبيّ، ونصر بْن البَطِر، وجماعة. وكان شيخًا صالحًا، خيّرًا. تُوُفّي في نصف رجب. روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، وابن الجوزيّ. 54- المبارك بْن المبارك بْن أحمد بْن المحسّن بْن كيلان. أبو بَكْر الكيْلانيّ، السِّقلاطوني، البابَصري، من أهل باب البصْرة من أهل السّتْر والصَّلاح. سَمِعَ: أَبَاهُ، وثابت بْن بُندار. وتُوُفّي في رجب وقد قارب السّتّين. 55- مسلم بْن الخضِر بْن قسيم1. أبو المجد الحَمَويّ، من شعراء نور الدّين. لَهُ شِعر في "الخريدة". فمن شعره: أهلًا بطَيْف خيالٍ جاءني سَحَرًا ... فقمت واللّيل قد شابتْ ذوائبُه أقبّل الأرضَ إجلالًا لزَوْرَتهِ ... كأنّما صدقتْ عندي كواذبُه ومودع القلب من نار الجوى حرقا ... قضى بها قبل أن تُقضى مآربُه تكاد من ذِكر يوم البَين تحرقُه ... لولا المدامع أنفاسٌ تُغالبه 56- مسعود بْن أَبِي غالب بْن التُرَيكي. السّقْلاطُونيّ. سَمِعَ: محمد بْن عبد الواحد الأزرق في سنة ثمان وتسعين وأربعمائة. روى عَنْهُ: عُمَر بْن طبَرْزَد، وسمع منه في هذا العام، بقراءة أخيه أَبِي البقاء محمد.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 24"، وعيون التواريخ "12/ 408، 409".

57- المفضَّل بْن أحمد بْن نصر بْن عليّ بْن أَبِي الحُسين أحمد بْن محمد بْن قاذشاه: أبو عبد الله الأصبهانيّ. سَمِعَ: أبا عبد الله الثّقفيّ، وأبا بَكْر بْن ماجة الأَبْهَرِيّ. وتُوُفّي بهَمَذَان في جُمادى الأولى. كتب عَنْهُ: الحافظ أبو سعد، وعبد الخالق بْن أسد. 58- المَهدي بْن هبة اللَّه بْن مَهْدِيّ1: أبو المحاسن الخليليّ، القَزْوينيّ. إمامٌ، زاهد، عابد، ورِع، قوّال بالحقّ، نزل بنواحي مَرو. وقد تفقّه عَلَى أسعد المَيهني، وقرأ "المقامات" بالبصْرة عَلَى المصنِّف، ثمّ تزهّد، وصحِب يوسف بْن أيّوب مدَّة. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ: حدَّثنا عَنْ محيي السُنّة البَغَويّ. وُلِد سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة، وتُوُفّي بقرية جيرنج في شعبان. "حرف النون": 59- نصر بْن أسعد بْن سعد بْن فضل اللَّه بْن أحمد2: المَيهني، الصُّوفي. سَمِعَ: أبا الفضل محمد بْن أحمد العارف في سنة بضعٍ وستّين. أخذ عَنْهُ: أبو سعد، وقال: مات في المحرَّم. "حرف الواو": 60- وجيه بْن طاهر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يوسف بن محمد بن المَرزبان3:

_ 1 التدوين في أخبار قزوين "4/ 126"، وطبقات الشافية الكبرى للسبكي "4/ 317". 2 التحبير "2/ 343". 3 المنتظم "10/ 124"، وسير أعلام النبلاء "20/ 109-111"، والبداية والنهاية "12/ 222".

أبو بَكْر الشّحّاميّ، أخو زاهر. من بيت الحديث والعدالة بنَيْسابور. رحل بنفسه إلى هَراة أو إلى بغداد. ومولده في شوّال سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة. سَمِعَ: أبا القاسم القُشيري، وأبا حامد الأزهريّ، وأبا المظفَّر محمد بْن إسماعيل الشّحّاميّ، وأبا نصر عبد الرحمن بْن محمد بْن موسى التّاجر، ويعقوب بْن أحمد الصَّيْرفيّ، وأبا صالح المؤذّن، ووالده أبا عبد الرحمن الشّحّاميّ، وشيخ الحجاز عليّ بْن يوسف الجُوَيني، وشبيب بْن أحمد البَسْتيغيّ، وأبا سهل الحفْصيّ، وأبا المعالي عمر بن محمد بن الحسين البِسطامي، وأخته عائشة بِنْت البسْطاميّ، ومحمد بْن يحيى المزكيّ، وأبا القاسم إسماعيل بْن مَسعدة، الإسماعيليّ، وطائفة بنَيْسابور. وبهَراة: شيخ الإسلام، وبِيبي الهَرثَمية، وعاصم بْن عبد الملك الخليليّ، وأبا عطاء عبد الرحمن بْن محمد الجوهري، وأبا العلاء صاعد بْن سيّار، ونجيب بْن ميمون الواسطيّ، وعطاء بْن الحسَن الحاكم، وجماعة بهَراة. وعبد الرحمن بْن محمد بْن عفيف البُوشَنْجيّ، وأبا سعد محمد بْن محمد الحجْريّ ببوشنج. وأبا نصر محمد بْن محمد الزَّيْنبيّ، وأبا الحسين الصّاحبيّ ببغداد. وأبا نصر محمد بْن وَدعان الموصليّ بالمدينة. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو الفضل محمد بْن أحمد الطّبَسي، ومحمد بن فضل الله السالاري، ومنصور الفراوي، والمؤيَّد الطُّوسيّ، وزينب الشَّعْرِيَّة، ومجد الدّين سعيدِ بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم الشّهْرُزُوريّ، والقاسم بْن عبد الله الصّفّار، وأبو النّجيب إسماعيل بْن عثمان الغازي، وأبو سَعْد عبد الواحد بْن عليّ بْن حمّوَيه الجُويني، وآخرون. قَالَ ابن السَّمْعانيّ: كتبت عَنْهُ الكثير، وكان يُملي في الجامع الجديد بنَيْسابور كلّ جمعة في مكان أخيه زاهر. وكان كخير الرجال، متواضعًا، ألُوفًا، متودّدًا، دائم الذِّكر، كثير التّلاوة، وصُولًا للرجم، تفرّد في عصره بأشياء، ومرض أسبوعًا1.

_ 1 التقييد لابن نقطة "472"، والمنتخب "473".

وتُوُفّي في ثامن عشر جُمادى الآخرة. ودُفن بجنب أبيه وأخيه. "حرف الياء": 61- يحيى بْن خَلَف بْن النّفيس1. أبو بَكْر، المعروف بابن الخَلوف، الغَرْناطيّ، المقرئ، الأستاذ. لقي من المقرئين: أبا الحسن العبْسيّ، وخازم بْن محمد، وأبا بَكْر بْن المفرّج البَطَلْيُوسيّ، وأبا القاسم بْن النّحّاس، وأبا الحسن بْن كرز، وعيّاش بْن خَلَف. ومن المحدّثين: ابن الطّلّاع، وأبا عليّ الغسّانيّ، وأبا مروان بْن سرّاج، فسمع من بعضهم، وأجاز لَهُ سائرهم. وحجّ فسمع "صحيح مسلم" بمكَّة، من أَبِي عبد الله الحسين الطَّبَريّ، ودخل العراق، فسمع من: أَبِي طاهر بْن سِوار المقرئ، وبالشّام من أَبِي الفتح نصر بْن إبراهيم المقدسيّ. وأقرأ النّاس بجامع غَرْناطَة زمانًا، وطال عُمره، واشتهر اسمه وحدَّث، وأقرأ الناس، وكان بارعًا فيها، حاذِقًا بها، مَعَ التّفنُّن، والحِفْظ، ومعرفة التفاسير، والجلالة والحُرمة. حدَّث عَنْهُ: أبو عبد الله النُّميريّ، ويقول فيه: يحيى بْن أَبِي سعيد، وأبو بَكْر بْن رزق، وأبو الحَسَن بْن الضّحّاك، وأبو عبد الله محمد بْن عبد الرحيم بْن الفَرَس، وابنه عبد المنعم بْن محمد، وابنه عبد المنعم بْن يحيى بْن الخَلوف، وأبو القاسم القَنْطريّ، وأبو محمد بن عُبيد الله الحَجري، وأبو عبد الله بْن عروس. وتُوُفّي بغَرْناطة في آخر العام. وكان مولده في أول ست وستين وأربعمائة. ترجمه الأَبّار. ومن بقايا الرُّواة عَنْهُ: أحمد بْن عبد الودود بْن سمجون، بقي إلى سنة ثمانٍ وستمائة.

_ 1 بغية الملتمس للضبي "501، 502".

62- يحيى بْن زيد بْن خليفة بْن داعي بْن مَهدي بْن إسماعيل1. أبو الرِّضا العَلَويّ، الحَسني، السّاويّ، شيخ الصُّوفيَّة بساوة. ديّن صالح، خيّر، متودّد، متواضع، جميل. سَمِعَ بأصبهان: أبا سعد المطرِّز، وأبا منصور بْن مَندويه، وأبا عليّ الحّداد. وتُوُفّي في شعبان عَنْ بضعٍ وسبعين سنة. روى عَنْهُ أبو سعد السّمعانيّ. 63- يحيى بْن عبد الله بْن أَبِي الرجاء محمد بْن عليّ التّميميّ2. أبو الوفاء الأصبهانيّ. تُوُفّي في الخامس والعشرين من رمضان. وكان فاضلًا، نبيلًا، معدَّلًا، عالِمًا بالشّروط. روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، والسّمعانيّ. سَمِعَ: أَبَاهُ، وعَبْد الجبّار بْن عَبْد اللَّه بْن بُرزة، وأبا طاهر النّقّاش. 64- يحيى بْن موسى بْن عبد الله3. أبو بكر القُرطبي. روى عَنْ: محمد بْن فَرَج، وأبي عليّ الغسّانيّ. وكان رجلًا صالحًا، طاهرًا، مُقبلًا عَلَى ما يعنيه. روى عَنْهُ: ابن بَشكوال فوائد أَبِي الحسن بْن صخْر، بسماعه من عبد العزيز بْن أَبِي غالب القَرَويّ، عَنْهُ، وقال: تُوُفّي في عقِب صفر. وفيات سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة: "حرف الألف": 65- أحمد بْن الحُصين بْن عبد الملك بن عطاف:

_ 1 التحبير "2/ 375"، ومعجم شيوخ ابن السمعاني ورقة "283أ". 2 التحبير "2/ 376، 377". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 673".

القاضي، أبو العبّاس العُقيلي، الجيّانيّ. طلب العِلم وهو ابن ستّ عشرة سنة، وهذا يندُر في المغاربة، ورحل إلى قُرْطُبة، فسمع من: أَبِي محمد بْن عَتّاب، وأبي الأصْبَغ بْن سهل. وسمع بإشبيلية من: أبي القاسم الهَوزَني. وسكن غَرْناطَة، وأفتى بها، وحدَّث. روى عَنْهُ: أبو محمد بْن عُبيد اللَّه الحَجري. 66- أَحْمَد بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ1. أبو الحسن بْن أَبِي موسى بْن الآبنُوسيّ، الفقيه الشّافعيّ، الوكيل. وُلِد سنة ستٍّ وستين وأربعمائة، وسمع: أبا القاسم بْن البُسري، وأبا نصر الزَّيْنبيّ، وإسماعيل بْن مَسعدة الإسماعيليّ، وعاصم بْن الحَسَن، وأبا الغنائم بْن أَبِي عثمان، ورزق اللَّه، وجماعة كثيرة. وتفقّه عَلَى القاضي محمد بْن المظفَّر الشّاميّ، وعلى أَبِي الفضل الهَمَذَانيّ. ونظر في عِلْم الكلام والاعتزال. ثم فتح اللَّه لَهُ بحسن نيّته، وصار من أهل السُّنة. روى عَنْهُ: بنته شرف النّساء وهي آخر من حدَّث عَنْهُ، وابن السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو اليُمن الكِندي، وسليمان الموصليّ، وآخرون. قال ابن السمعاني: فقيه، مُفتٍ، زاهد. يعرف المذهب والفرائض. اعتزل عن الناس، واختار الخمول، وترك الشهرة، وكان كثير الذِّكر. دخلت عليه، فرأيته على طريقة السلف من خشونة العيش، وترك التكلف. وقال ابن الجوزي2: صحب شيخنا أبا الحسن بن الزاغوني، فحمله على السُنّة بعد أن كَانَ مُعْتزليًّا، وكانت لَهُ اليد الحسَنة في المذهب، والخلاف، والفرائض، والحساب، والشُّروط. وكان ثقة، مصنّفًا، عَلَى سَنَن السَّلَف، وسبيل أهل السُّنة في الاعتقاد. وكان يُنابذ مَن يخالف ذَلكَ من المتكلّمين.

_ 1 المنتظم "10/ 126"، والعبر "4/ 114"، وسير أعلام النبلاء "20/ 162، 163". 2 في المنتظم.

وله أذْكار وأوراد من بكرةٍ إلى وقت الظُّهْر، ثم يُقرأ عَلَيْهِ من بعد الظّهر. وكان يلازم بيته، ولا يخرج أصلًا. وما رأيناه في مسجد، وشاعَ أنّه لا يصلّي الجمعة، وما عَرَفْنا عَنْهُ في ذَلكَ. وتُوُفّي في ثامن ذي الحجَّة. قلت: وأجاز لأبي منصور بْن عُفيجة، ولأبي القاسم، يعني ابن سعد. 67- أحمد بْن عبد الخالق بْن أَبِي الغنائم. الهاشميّ، أبو العبّاس. سَمِعَ مجلسًا من طِراد. روى عَنْهُ: الفضل بْن عبد الخالق الهاشميّ. 68- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عبد الباري1. أبو جعفر البِطرَوجي، ويقال: البِطْرَوْشيّ، بالشّين، الحافظ. أحد الأئمَّة المشاهير بالأندلس. أخذ عَنْ: أَبِي عبد الله الطَّلَّاعيّ، وأبي عليّ الغسّانيّ، وأبي الحسن العبْسيّ، وخازم بْن محمد، وخَلَف بْن مدبّر، وخَلَف بْن إبراهيم الخطيب المقرئ، وجماعة. وأكثر عَنْ أَبِي عبد الله الطَّلّاعيّ. وقرأ القراءات بقُرطبة عَلَى عيسى بْن خيرة. وناظر في "المدوَّنة"2 عَلَى عبد الصّمد بْن أَبِي الفتح العَبْدَريّ، وفي "المستخرَجة" عَلَى أَبِي الوليد بْن رشد. وعرض "المستخرجة" مرَّتين عَلَى أَصْبغ بْن محمد. وأجاز لَهُ أبو المطرّف الشّعبيّ، وأبي داود الهَرَويّ، وأبو عليّ بْن سُكّرة، وأبو عبد الله بْن عَوْن، وأبو أسامة يعقوب بْن عليّ بْن حزْم. وكان إمامًا عاقلًا، عارفًا بمذهب مالك، بصيرًا، حافظًا، محدّثًا، عارفًا بالرجال، وأحوالهم، وتواريخهم، وأيامهم، وله مصنّفات مشهورة.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 82"، وسير أعلام النبلاء "20/ 116-118". 2 المدونة: أشهر كتب المالكية في الفقه لأبي سعيد سحنون بن سعيد بن حبيب التنوخي واسمه عبد السلام، وسبقت ترجمته في وفيات "231-240هـ" رقم "249".

وكان إذا سُئل عَنْ شيء فكأنّما الجواب عَلَى طَرَف لسانه، ويُورِد المسألة، بنصّها ولفْظها لقوَّة حافظته، ولم يكن للأندلس في وقته مثله، لكنّه كَانَ قليل البضاعة من العربيَّة رثّ الهيئة، خاملًا لخفَّةٍ كانت بِهِ. ولذلك لم يلحق بالمشاهير، ولا ولّوه شيئًا من أمور المسلمين، وعسى كَانَ ذَلكَ خيرًا لَهُ، رحمه الله. وروى عَنْهُ "الموطّأ": أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبيد اللَّه الحَجْريّ، وخَلَف بْن بَشْكُوال الحافظ، وأخوه محمد بْن بَشْكُوال، وأبو الحسن محمد بْن عبد العزيز الشَّقُوريّ1، ومحمد بْن إبراهيم بْن الفَخّار، ويحيى بْن محمد الفِهري البَلَنْسيّ، وخلْق سواهم. قَالَ ابن بَشْكُوال2: كَانَ من أهل الحِفظ للفقه، والحديث، والرجال، والتّواريخ، مقدَّمًا في ذَلكَ عَلَى أهل عصره. وتُوُفّي لثلاثٍ بقين من المحرَّم. وهو قُرْطُبيّ، أصله من بِطروش. 69- أحمد بْن أَبِي الحسن بْن الباذِش3. الإمام أبو جعفر بْن عليّ بْن أحمد بْن خَلَف الأنصاريّ، الغَرْناطيّ. روى عَنْ: أبيه وأبي عليّ الصَّدفّي، وابن عَتّاب، وطبقتهم فأكثر، وتفنّن في العربيَّة - وكان من الحفاظ الأذكياء. خطب بغَرْناطَة، وحمل النّاس عَنْهُ. واشتهر اسمه. مات في هذا العام ببلده كهْلًا أو في الشّيخوخة. 70- أحمد بْن عليّ بْن عبد الواحد4. أبو بَكْر ابن الأشقر، البغدادي، الدلال. ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة.

_ 1 الشقوري: نسبة إلى شقورة ناحية بقرطبة "الأنساب "7/ 366، 367". 2 في الصلة "1/ 82". 3 الصلة لابن بشكوال "1/ 82"، وكشف الظنون "140"، ومعجم المؤلفين "1/ 316". 4 المنتظم "10/ 126"، وسير أعلام النبلاء "20/ 163"، وشذرات الذهب "4/ 131".

وسمع: أبا الحسن بْن المهتدي بالله، وأبا محمد الصَّرِيفِينيّ، وأبا نصر الزَّيْنبيّ. روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وعمر بْن طَبرزد، وأبو بَكْر محمد بْن المبارك بْن عتيق، وعبد اللَّه بْن يحيى بْن الخزّاز الخريميّ، وعمر بْن الحسين بْن المِعوجّ، وتُرْكُ بْن محمد العطّار، وفاطمة بِنْت المبارك بْن قَيداس، وإسماعيل بْن إبراهيم السّيبيّ الخبّاز، وأحمد بْن سَلْمان بن الأصفر، وعبد الملك بْن أَبِي الفتح الدّلّال، وآخرون. قَالَ ابن الْجَوْزيّ1: كَانَ خيِّرًا، صحيح السّماع. تُوُفّي في ثامن صفر. 71- أحمد بْن عليّ بْن أحمد بْن يحيى بْن أَفْلَح بْن رزقون بْن سحْنُون2. المُرسي، الفقيه، المالكيّ، المقرئ. أخذ القراءات عن: أبي داود البيار، وابن أخي الدّوش. وَسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الفرج الطلاعي، وأبي علي الغساني. وقرأ لورش على أبي الحسن بن الجزار الضرير صاحب مكّيّ. وتصدَّر للإقراء بالجزيرة الخضراء، وأخذ النّاس عَنْهُ. وكان فقيهًا، مشاوَرًا، حافظًا، محدّثًا، مفسّرًا، نَحْويًّا. روى عَنْهُ: أبو حفص بْن عكبرة، وابن خَيْر، وأبو الحسن بْن مؤمن، وجماعة آخرهم موتًا أحمد بْن أَبِي جعفر بْن فطَيس الغافِقيّ، طبيب الأندلس، وبقي إلى سنة 613. تُوُفّي في ذي القعدة سنة اثنتين، وقيل: تُوُفّي في حدود سنة خمسٍ وأربعين. 72- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حاطب3. أبو العبّاس الباجيّ. كَانَ رأسًا في اللغة والنحو، مع الصلاح والزهد.

_ 1 في المنتظم. 2 الديباج المذهب "1/ 219"، وغاية النهاية "1/ 83". 3 بغية الوعاة "1/ 371".

أخذ عَنْ: عاصم بْن أيّوب، وجماعة. وعاش نحوًا من ثمانين سنة رحمه اللَّه. 73- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز. أَبُو البقاء بْن الشّطْرَنْجيّ، البغداديّ، العُمري. كَانَ يكتب العمر مجاورًا بمكَّة. سَمِعَ: مالكًا البانياسيّ، وأبا الحَسَن الأنباريّ، وأبا الغنائم بْن أَبِي عثمان. روى عَنْهُ: محمد بْن معمَّر بْن الفاخر، وثابت بْن محمد المَديني. تُوُفّي في رمضان أو في شوّال. 74- أحمد بْن محمد بْن غالب1. أبو السّعادات، العُطاردي، الكَرْخيّ، الخزّاز، البيِّع. سَمِعَ: عاصم بْن الحَسَن، وأبا يوسف القَزْوينيّ، المعتزليّ، وجماعة. وعنه: أحمد بْن عليّ بْن حَراز، ويوسف بْن المبارك الخفّاف. وله شِعر مليح، ومعرفة بالكلام. عاش ثمانيًا وثمانين سنة. 75- أحمد بْن محمد بْن محمد2: أبو المعالي بْن أَبِي اليُسر البخاريّ، الفقيه. تفقَّه عَلَى والده. وسمع منه، ومن غيره وأفتى وناظر وأملى الحديث، وكان حسن السيرة. توفي في وسط السنة بسرخس، وحُمل إلى بخارى. 76- أحمد بْن ما شاء الله. أبو نصر السِّدري3.

_ 1 الأنساب "8/ 477"، واللباب "2/ 246". 2 المنتظم "10/ 126، 127". 3 السدري: نسبة إلى السدر وهو ورق شجرة النبق "الأنساب 7/ 57".

سَمِعَ: أبا الفضل بْن خَيرون. وحدَّث. وكان مستورًا من أهل القرآن والسُنّة ببغداد. وتُوُفّي في ثالث صَفَر. روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، ومحمد بْن حسين النّهْروانيّ. 77- إبراهيم بْن خَلَف بْن جماعة بْن مَهْديّ. أبو إسحاق البكْريّ، بَكْر بْن وائل. من الأندلس، من أهل دانية. سَمِعَ: أبا داود المقرئ، ومحمد بْن يوسف بْن خليفة، وأبا عليّ الصَّدَفيّ. وولي قضاء بلده سنة تسعٍ وعشرين، وعُزل سنة ثلاثين وخمسمائة. وولي قضاء شاطبة مدَّة. وكان حَسَن السّيرة، ثقة، معتنيًا بالحديث. روى عَنْهُ: أبو عُمَر بْن عيّاد، وعليم بْن عبد العزيز، وأبو بَكْر بْن مفوَّز، وتُوُفّي في رجب، وغسّله وصلّى عَلَيْهِ أبو عبد الله بْن سعيد الدّانيّ. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وستّين وأربعمائة. 78- إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين اللّمْتُونيّ1. ولي نيابة مَرّاكُش لأخيه تاشفين، وهو صبيّ حدَث، فقُتل أخوه سنة تسعٍ وثلاثين، فانضمّت العساكر إلى هذا وملّكوه، فقصده عبد المؤمن، وحاصر مَرّاكُش أحَدَ عشر شهرًا، ثمّ أخذها عَنْوةً لمّا اشتدّ بها القحط. وأخرج إسحاق إلى بين يدي عبد المؤمن، فعزم أن يعفو عَنْهُ لأنّه دون البلوغ، فلم توافق خواصُّه، فخلّى بينهم وبينه، فقتلوه، وقتلوا معه سير بن الحاجّ أحد الشّجعان المذكورين. وكان إسحاق آخر ملوك بني تاشفين. 79- أسعد بْن عبد الله بْن حُميد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصّمد2. أبو منصور بن المهتدي.

_ 1 البيان المغرب "4/ 99". 2 المنتظم "10/ 127"، والبداية والنهاية "12/ 223".

شيخ جليل، شريف، مُعَمَّر. وُلِد سنة بضعٍ وثلاثين وأربعمائة، وكان يمكنه السّماع من أَبِي طالب بْن غَيْلان، وابن المُذهِب. ثمّ كَانَ يمكنه أن يسمع بنفسه من أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ، والجوهريّ، وإنّما سَمِعَ وقد تكهَّل من: طِراد الزَّيْنَبيّ، وطاهر بْن الحسين. وهو أخو الشّيخ أَبِي الفضل محمد شيخ الكِندي. قَالَ ابن السّمعانيّ: شيخ بهيّ المنظر، أضرَّ في آخر عمره، وكان منسوبًا إلى الصّلاح. قَالَ ابن الجوزيّ في كتابه "المنتظم"1: كَانَ النّاس يُثنون عَلَيْهِ. وقال ابن السّمعانيّ: قَالَ لي: حَمَلوني إلى أَبِي الحسن القَزْوينيّ، فمسح يده عَلَى رأسي، فمن ذَلكَ الوقت ما أوجعني رأسي ولا اعتراني صُداع. ورأيته وأنا منتصب القامة في هذا السّنّ. قلت: روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، وعبد الخالق بْن أسد، وعمر بْن طَبرْزد، ويوسف بْن المبارك، والخفّاف، وغيرهم. وتُوُفّي في رمضان، وله مائة وبضعُ سِنين. قَالَ ابن الْجَوزيّ2: وُلِد سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وثلاثين وأربعمائة. وقال عبد المغيث بْن زُهير: أنشدني أسعد بْن عبد الله بْن المهتدي بالله: سَمِعْتُ أبا الحسن القَزْوينيّ يُنشد: إنّ السلامة في السُّكُوتِ ... وفي مُلازمة البيوت فإذا تحصّل ذا وذا ... فاقنع إذًا بأقلّ قُوت

_ 1 "10/ 127". 2 في المنتظم.

"حرف الدال": 80- دَعوان بْن عليّ بْن حمّاد بْن صدقَة1. أبو محمد الجُبّي، الضّرير، المقرئ. وُلِد بجُبّة، قرية عند العقر في طريق خراسان من بغداد، في سنة ثلاثٍ وستّين. وقدِم بغداد. وسمع من: رزق اللَّه التّميميْ، ونصر بْن البَطِر، وجماعة. وقرأ القراءات عَلَى: عبد القاهر العبّاسيّ، وأبي طاهر بْن سِوار. وتفقّه عَلَى أَبِي سعد المخرَّميّ. وحدَّث، وأقرأ، وأفاد النّاس. وكان يعيد الخلاف بين يدي أَبِي سعد شيخه. وكان خيِّرًا، دينًا، مُتصاونًا، عَلَى طريق السَّلَف. تُوُفّي فِي السادس والعشرين من ذي القِعْدة. قرأ عَلَيْهِ: منصور بْن أحمد الجميليّ الضّرير، وجماعة. وقال عبد الله بْن أَبِي الحسن الجُبّائي: رَأَيْت دَعْوان في النّوم، فقال: عُرضت عَلَى اللَّه خمسين مرَّة، وقال لي: إيش عملتَ؟ قلت: قرأت القرآن وأقرأته. فقال لي: أَنَا أتولّاك، أَنَا أتولّاك. "حرف الذال": 81- ذَكْوان بْن سيّار بْن محمد بْن عبد الله. أبو صالح الهَروي، الدّهّان. أخو أَبِي العلاء صاعد بْن سيّار الحافظ. سمّعه أخوه مِن محمد بْن أَبِي مسعود الفارسيّ أجزاء يحيى بْن صاعد. وكان يُلقَّب بأميرجَهْ. روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، وأبو رَوح الهروي.

_ 1 المنتظم "10/ 127، 128"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1294"، والوافي بالوفيات "14/ 18".

وبالإجازة أبو المظفّر بْن السّمعانيّ. تُوُفّي سابع ذي الحجَّة. "حرف السين": 82- سعيد بْن خَلَف بْن سعيد: أبو الحسن القُرْطُبيّ، المقرئ. أخذ القراءات عَنْ: أَبِي القاسم بْن النّحاس، وغيره. وسمع من: أَبِي عبد الله الطّلّاع، وخازم بْن محمد، وأبي عليّ الغسّانيّ، وجماعة. وتصدَّر للإقراء وتعليم النَّحْو. أخذ عَنْهُ: أبو عليّ والد الحافظ أَبِي محمد القُرْطُبيّ، وغيره. وقرأ عَلَيْهِ إبراهيم بْن يوسف المعاجريّ. "حرف الطاء": 83- طاهر بْن زاهر بْن طاهر1: أبو يزيد الشّحّاميّ، النَّيْسابوريّ، السّرُوجيّ. سَمِعَ: أبا بَكْر بْن خَلَف، وعبد الملك بْن عبد الله الدَّشْتيّ. مات في شوّال، وله ستّون سنة. 84- طلْحةُ الأندلس. أحد الأبطال الموصوفين. جاء إلى الموحّدين وخَدَمهم، ثمّ نفَّرته أخلاقهم، فكان يأخذ المائة راجل فيغير بها عَلَى تيملك، وينْكي فيهم، وكان شَهْمًا شجاعًا، فهابته المصامدة. ثمّ كَانَ في حصار مَرّاكُش بها، فلمّا افتتحها عبد المؤمن وبذل فيها السيف تطلّب

_ 1 التحبير "1/ 344، 345"، والمنتخب من السياق "268".

طلحة فوجدوه في برج، فقاتل حتّى قتل جماعة، فأتوه بأمانٍ بخطّ عبد المؤمن، فسلَّم نفسه، وأتوه بِهِ، فقال أبو الأحسن، شيخ من العشيرة: أَنَا أتقرَّب بدمه. فقال طلحة: ألم يَنْهكم المهديّ عَنْ إضاعة المال، وعليَّ ما يساوي مالًا كثيرًا، وقد أمركم المهديّ، فكيف تفسدوه بالدّم. فقال أبو الأحسن: حلّوًا ثيابه وجرّدوه. فأخرج في الحال سكّينًا من قَلَنْسُوَته، ووثب بها عَلَى أَبِي الأحسن والسّيف في يده، فلم يُغنِ عَنْهُ. وقتله طلْحة، فقتلوه، وماتا جميعًا. "حرف العين": 85- عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عُمَر1. أبو محمد القَيْسيّ، المالِقيّ، المعروف الوحِيديّ، القاضي. روى عَنْ: أَبِي المطرّف الشّعبيّ، وأبي الحسين العَبْسيّ، وأبي عليّ الغسّانيّ. وكان من أهل العلم والفهم. ولّي قضاء مالقة مدة حُمد فيها. وتوفي عَنْ بضْعٍ وثمانين سنة. قَالَ فيه أليَسَع بْن حزْم: طودٌ علا، أظهره سبوقه، وعلق فصل نفقت أبدًا سوقُه، فلا تُعجزه المَحَاضر، ولا يقطعه المُحاضر، فمن ذا الّذي يجاريه في الحديث والسُّنَن، ومعرفة الصّحيح والحَسَن. كنّا نقرأ عَلَيْهِ "صحيح مسلم"، فيُصلحه من لفْظه، ونجد الحقّ موافِقًا لحِفْظه، وإذا وقع غريب ذَكَر اختلاف المحدّثين فيها مَعَ اللُّغَويّين. 86- عَبْد الله بْن عَبْد المُعِزّ بْن عَبْد الواسع بْن عَبْد الهادي ابن شيخ الإسلام الأنصاريّ، أبو المعالي الهَروي. شابٌ فاضل، مليح الوعْظ، لم يكن أهل بيته مثله في عصره، رَحَل بِهِ أَبُوهُ، وسمع المُسنَد من ابن الحُصين. وبمكَّة من: عبد الله بْن محمد بن غزال.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "1/ 296"، والوافي بالوفيات "17/ 49".

وبأصبهان من: فاطمة، وجعفر الثّقفيّ. وبهَراة من: أَبِي الفتح نصر بْن أحمد الحنفيّ. كتب عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وقال: سَمِعَ منّي الكثير، وخرج معي إلى بوشَنج، وكتبنا جميعًا. تُوُفّي في ربيع الأوّل، وله ثمان وثلاثون سنة. 87- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَلِيّ بن خلف1. أبو محمد اللَّخْميّ، المعروف بالرُّشاطي، الأندلسيّ، المَرِيّيّ، الحافظ، مصنِّف كتاب "اقتباس الأنوار والْتماس الأزهار في أنساب الصّحابة ورُواة الآثار". وهو عَلَى أسلوب "الأنساب" لابن السّمعانيّ. وقد ذكرناه في الطّبقة الماضية وأنّه تُوُفّي في حدود الأربعين، ثمّ وقعتُ بوفاته في يوم الجمعة العشرين من جُمادى الأولى من سنتنا هذه، وأنّه استُشهد عند تغلُّب العدوّ عَلَى المَرِيَّة، رحمه اللَّه. 88- عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن سعيد2: أبو محمد القَصْريّ3، الشّافعيّ، الفقيه. قَالَ ابن عساكر4: أدرك أبا بَكْر الشّاشيّ، وأبا الحسن الهَرّاسيّ، وعلّق المذهب والأصول عَلَى أسعد الميهَني. وسمع: أبا القاسم بْن بَيَان، وجماعة. وقدِم دمشق، وسمعتُ درسه، وسمعتُ منه. وانتقل إلى حلب، وتُوُفّي بها، رحمه الله.

_ 1 سير أعلام النبلاء "20/ 259-260"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1307، 1308"، والبداية والنهاية "12/ 223". 2 الأنساب "10/ 173"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "13/ 145". 3 القصري: نسبة إلى القصر موضع على ساحل البحر بين حيفا وقيسارية "الأنساب". 4 في تاريخ دمشق انظر المختصر "13/ 145".

89- عبد الله بن محمد بن سهل1. أبو المعالي العدويّ، الصُّوفيّ. سَمِعَ بنَيْسابور: أبا بَكْر بْن خَلَف، وأبا الحسن بْن الأخرم. مات في شعبان. أخذ عَنْهُ السّمعاني. 90- عبد الرحمن بْن طاهر بْن سعيد بْن أَبِي سعيد بْن أَبِي الخير. أبو القاسم المِيهَنيّ2. شيخ رباط البِسطامي ببغداد، كَانَ لَهُ سُكُونٌ ووقار. سَمِعَ بنَيْسابور أبا المظفَّر موسى بْن عِمران، وأبا الحسن المديني، وجماعة. قال أخوه أبو الفضل أحمد بْن طاهر: وُلِد في سنة سبع وستين وأربعمائة. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وغيره. تُوُفّي في ربيع الأوّل ببغداد. 91- عبد الرحمن بْن عليّ بْن الموفَّق3. الفقيه، أبو محمد النُعَيمي، المَرْوَزِيّ. من جِلة فقهاء مَرْو. تفقّه عَلَى أَبِي المظفَّر السّمعانيّ، وسمع منه ومن أَبِي سعد عبد العزيز القاينيّ. مات في ربيع الأوّل. عَنْهُ: أبو سعد. 92- عبد الرحيم بْن محمد بْن الفَرَج4. أبو القاسم بْن الفَرَس الأنصاري، الغرناطي.

_ 1 التحبير "1/ 375". 2 الميهني: نسبة إلى ميهنة وهي إحدى قرى خابران ناحية بين سرخس، وأبيورد "الأنساب: 11/ 580". 3 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 246، 247". 4 بغية الملتمس للضبي "372، 373"، وغاية النهاية "1/ 383".

قرأ القرآن عَلَى موسى بْن سليمان، وطبقته. وقرأ الفقه عَلَى جماعة، وارتحل إلى أَبِي داود، وابن الدّوش فأخذ عنهما القراءات. سمع من جماعة. وتصدَّر للإقراء بجامع المَرِيَّة، ثمّ عاد إلى بلده, ولازم الإقراء، والفُتيا، وخطَّة الشُّورَى، وارتحل إِلَيْهِ القرّاء، وانتفعوا بِهِ. وكان محقّقًا، عارِفًا بالقراءات وعلَلها. روى عَنْهُ: ابنه أبو عبد الله، وأبو القاسم القَنْطريّ، وأبو العبّاس بْن اليتيم، وأبو جعفر بْن حَكَم، وأبو الحَجّاج الشّعريّ. فلمّا وقعتْ الفتنةُ في غَرْناطَة عند زوال الدّولة اللّمْتونيَّة سنة تسعٍ وثلاثين وخمسمائة، خرج إلى المُنَكَّب1، فأقرأ بها إلى أن تُوُفّي في شعبان، وله 75 سنة. 93- عبد السيّد بْن عليّ بْن الطّيّب2. أبو جعفر ابن الزَّيْتُونيّ. تفقّه عَلَى أَبِي الوفاء بْن عقِيل، ثمّ انتقل حنفيًّا، واتّصل بنور الهدى الزَّيْنبيّ، وقرأ عَلَيْهِ الفقه، وعلى خلَف الضّرير عِلم الكلام، وصار داعيةً إلى الاعتزال، ثمّ اشتغل عَنْ ذَلكَ بمشارفة المارستان. وتُوُفّي في شوّال. 94- عبد الملك بْن محمد بْن عُمَر3. التّميميّ، الأندلسيّ، أبو مروان، من أهل المَرِيَّة، ويُعرف بابن وَرْد. كَانَ فقيه، مُفْتيًا. لقي: أبو عليّ الغسّاني، والصّدَفيّ. وتُوُفّي في هذه السّنة ظنًّا. قاله الأبّار. 95- عليّ بْن عبد السّيّد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ4.

_ 1 المنكب: بلد على ساحل جزيرة الأندلس من أعمال إلبيرة "معجم البلدان 5/ 216". 2 المنتظم "10/ 128"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1294"، ومعجم المؤلفين "5/ 232". 3 تكملة الصلة لابن الأبار "1709". 4 سير أعلام النبلاء "20/ 167، 168"، وشذرات الذهب "4/ 31".

أبو القاسم ابن العلّامة أَبِي نصر ابن الصّبّاغ، البغداديّ، العدْل الشّاهد. سَمِعَ كتاب "السّبعة" لابن مجاهد من الصَّرِيفِينيّ، وسمع منه غير ذَلكَ. ومن: والده، وطِراد الزَّيْنبيّ. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر، وابن طبَرْزد، والمؤيَّد ابن الإخوة الأصبهانيّ، وآخرون. قَالَ ابن السّمعانيّ: شيخ كبير، مُسِنّ، ثقة، صالح، صَدُوق، حَسَن السّيرة. وُلِد سنة إحدى وستين وأربعمائة، وتُوُفّي في رابع عشر جُمادى الأولى. قلت: آخر من روى عَنْهُ بالإجازة أبو القاسم بْن صَصْرى. 96- عمّار بْن طاهر بْن عمّار بْن إسماعيل. أبو سعد الهَمَذَانيّ. رحل في شبيبته، وتفرّج في مصر، والشّام، والعراق. وسمع بالقدس من مكّيّ بْن عبد السّلام الرُميلي كتاب "فضائل بيت المقدس". قرأ عَلَيْهِ الكتاب أبو سعد السّمعانيّ بهَمَذَان، وبها مات في ذي القعدة عَنْ سنٍ عالية. 97- عُمَر بْن أحمد بْن حسين1. أبو حفص الهَمَذَانيّ، الصُّوفيّ، الورّاق، المقرئ. سمع ببغداد من أَبِي الحسين بْن الطُّيوري، وبأصبهان من غانم البجي. روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر. وتُوُفّي بهَمَذَان في جُمادى الآخرة. 98- عُمَر بْن ظَفَر بْن أحمد2. أبو حفص المَغَازِليّ، البغداديّ، المقرئ، المحدِّث.

_ 1 التحبير "1/ 515"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 248". 2 المنتظم "18/ 60"، وسير أعلام النبلاء "20/ 170، 171"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1294".

ولد في سنة إحدى وستين وأربعمائة. وسمع: أبا القاسم بْن البُسري، ومالكًا البانياسيّ، وطِرادًا الزَّيْنبيّ، وابن البطِر، وخلقًا كثيرًا. روى عَنْهُ: ابن عساكر1، وابن السّمعانيّ، وأبو اليُمن الكِنْديّ، وأبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ2، وجماعة. وطلب بنفسه: ونسخ، وحصّل وجوَّد القرآن. وقرأ بالروايات عَلَى: أحمد بْن عُمَر السَّمَرْقَنْديّ صاحب الأهوازيّ. قرأ عَلَيْهِ: يحيى بْن أحمد الأذَني، وغير واحد. قَالَ ابن السَّمْعانيّ: شيخ صالح، خيِّر، حَسَن السّيرة، صحِب الأكابر وخدَمهم، وهو قيّم بكتاب اللَّه. ختم عَلَيْهِ القرآن خلقٌ في مسجده، وكتبتُ عَنْهُ الكثير. وأظهر المبارك بْن كامل المفيد في الجزء السّادس من المخلّصيّات، سماع عُمَر عَلَى ورقة عتيقة، من أَبِي القاسم بْن البُسري، فشنَّع أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ عَلَيْهِ، وقال: ما سَمِعَ عُمَر من ابن البُسري شيئًا. وذكر أنّ الطّبقة الّتي أثبت اسم عُمَر معهم شاهدها في نسخة أخرى، وما كَانَ عُمَر معهم. قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ سِنّ عُمَر يحتمل ذَلكَ، فإنّ ابن البُسري مات ولعُمَر ثلاث عشرة سنة. تُوُفّي في حادي عشر شعبان، وقد روى عَنْهُ بالإجازة عبد الوهّاب السّمعانيّ. "حرف الفاء": 99- فاطمة خاتون3. بِنْت السّلطان محمد بْن ملكشاه، زَوْجَة أمير المؤمنين المقتفي. تُوُفّيت في ربيع الآخر ببغداد، وعُمل لها العزاء ثلاثة أيّام، وجلس الأعيان.

_ 1 مشيخة ابن عساكر ورقة "311". 2 المنتظم "18/ 60". 3 المنتظم "10/ 128"، والكامل في التاريخ "11/ 123".

100- الفضل بْن زاهر بْن طاهر الشّحّامي1. أبو الفتح. كبير مشهور بنَيْسابور. سَمِعَ: نصر اللَّه الخشناميّ، وابن الأخْرم. عاش ثلاثًا وخمسين سنة. "حرف الميم": 101- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي الفتح حسن2. أبو عبد الله الطّرائفيّ. قَالَ ابن السّمعانيّ: شيخ، صالح، مستور. سَمِعَ "صفة المنافق" من أَبِي جعفر ابن المسلمة، وأجاز لَهُ: ابن المسلمة، وأبو القاسم بْن المأمون، وأبو بَكْر الخطيب. كتبتُ عَنْهُ. وكان مولده تقريبًا في سنة خمسين وأربعمائة، وتُوُفّي في ذي الحجَّة. قلت: سَمِعَ منه الفتح بْن عبد السّلام الجزء المذكور، وهو آخر من روى عَنْهُ. 102- محمد بْن أحمد بْن طاهر3. أبو بَكْر الإشبيليّ، القَيْسيّ. أكثر عَنْ أَبِي عليّ الغسّانيّ، واختصّ بِهِ. وسمع من: عبد العزيز بْن أَبِي غالب القَيْروانيّ، وأبي الحسن العبْسيّ. وعُني بالحديث. أخذ عَنْهُ النّاس، وعمِّر دهرًا. وتُوُفّي في جُمادى الأولى وله ثلاثٌ وتسعون سنة.

_ 1 التحبير "2/ 19، 20". 2 المنتظم "10/ 129"، وسير أعلام النبلاء "20/ 174"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1294". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 589، 590".

103- محمد بْن أحمد بْن أَبِي بَكْر. أبو بَكْر الصَّدَفيّ، الخُراساني، النّجّار، الْجُوجانيّ. نزيل وإمام رباط إسماعيل بْن أَبِي سعد. سَمِعَ بمكَّة شيئًا سنة أربعٍ وخمسين. روى عَنْهُ: عبد الخالق بن أسد، وأبو سعد السمعاني، وقال: كَانَ رفيقي في سفرة الشّام، وخرجنا صُحبةً إلى زيارة القدس، وما افترقنا إلى أن رجعنا إلى العراق، وكان نِعم الرّفيق، شيخ صالح، قيِّم بكتاب اللَّه، دائم البكاء، كثير الحزْن. جاور بمكَّة مدَّة. وتُوُفّي سابع ربيع الأوّل وله ثمانون سنة. 104- محمد بْن سعد بْن محمد بْن إبراهيم. أبو الفتح الأَسَدَابَاذيّ1. سَمِعَ: أبا بَكْر بْن خلَف، وأبا موسى بْن عِمران، وأبا نصر عبد الله بْن الحسين بنَيْسابور. وكان يذكر أنّه سَمِعَ "الكامل" لابن عديّ، من كامل بْن إبراهيم الجنْديّ، عَنْ حمزة السَّهْميّ، عَنْهُ. روى عَنْهُ: أبو سعد، وابنه أبو المظفَّر وقال: تُوُفّي بمَرْو في جُمادى الأولى. 105- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن سَهْلُون. أبو السّعادات الصَّرِيفينيّ، سِبط أَبِي محمد بن هزارمَرد الصّريفيني. روى عنه جدّه. روى عَنْهُ: أحمد بْن الحسين العراقي نزيل ... 2. وأجاز لمحمد بْن يوسف الغَزْنوي في المحرَّم في هذا العام. ولا أعلم حتى مات.

_ 1 الأسداباذي: نسبة إلى أسداباذ وهي بليدة على منزل من همذان إذا خرجت من الطرق "الأنساب 1/ 224". 2 بياض في الأصل.

106- مُحَمَّد بْن عَبْد الغفّار بْن عبد السّلام1. أبو الفتح الغياثيّ، الماهانيّ، المَرْوَزِيّ. سَمِعَ: أبا سعيد عبد الله بْن أحمد الظّاهريّ. وعنه: السّمعانيّ وقال: مات في عاشر جُمادى الأولى. 107- محمد بْن عَبْد الغفّار بْن محمد بْن سعيد2. أبو الفضل القاشانيّ، المعدَّل. تُوُفّي بأصبهان في جُمادى الأولى. قاله أبو مسعود الحاجّيّ. سَمِعَ ابن شكروَيه. 108- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الطّيّب3. القاضي أبو عبد الله بْن الجُلابي، الواسطي، يعرف بالمَغازلي. سمّعه أبوه من: أَبِي الحسن محمد بْن محمد بْن مَخلَد الأزْديّ، والحَسَن بْن أحمد بْن موسى الغَندجاني4، وأبي عليّ إسماعيل بْن محمد بْن كُماري، وأبي يَعلى عليّ بْن عبد الله بْن العلّاف، وأبي منصور محمد بْن محمد العُكبري قدِم عليهم، وجماعة. وسمع ببغداد من: أَبِي عبد الله الحُميدي. وأجاز لَهُ: أبو غالب بْن بِشران النَّحْويّ، وأبو بَكْر الخطيب، وأبو تمّام عليّ بْن محمد بْن الحسَن القاضي صاحب محمد بْن المظفَّر الحافظ. وطال عُمره وتفرَّد في وقته. وكان مولده في سنة سبعٍ وخمسين وأربعمائة. قَالَ ابن السّمعانيّ: شيخ من بيت الحديث، متودد إلى الناس، حسن المجالسة.

_ 1 التحبير "2/ 158، 159"، واللباب "2/ 184"، والجواهر المضية "2/ 84". 2 التحبير "2/ 160". 3 الأنساب "3/ 400"، وسير أعلام النبلاء "20/ 171-173"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1294". 4 الغندجاني: نسبة إلى غندجان وهي بلدة من كور الأهواز من بلاد الخوذ "الأنساب 9/ 179".

كَانَ ينوب عَنْ قاضي واسط، انحدرتُ إليه قاصدا في سنة ثلاثٍ وثلاثين، وسمعتُ منه الكثير، من ذَلكَ "مُسند الخلفاء الراشدين" لأحمد بْن سِنان، وكتاب "البِرّ والصِّلَةِ" لابن المبارك، يرويه عَن الغَندجاني، عَن المخلّص. وقدِم بغدادَ بعد العشرين وخمسمائة، وحدَّث بها، وكان شيخنا أحمد بْن الأغْلاقيّ يرميه بأنّه ادّعى سماع شيءٍ لم يسمعه، وأمّا ظاهره فالصّدق والأمانة، وهو صحيح السَّماع والأصول. قلت: وروى عَنْهُ أيضًا: أبو الفتح محمد بْن أحمد المَنْدائيّ، والحَسَن بْن مكّيّ المَرَندي، وأبو المظفَّر عليّ بْن عليّ بْن نغوبا، وأبو المكارم عليّ بْن عبد الله بْن فضل اللَّه بْن الجَلَخْت، وأبو بَكْر أحمد بْن صَدَقة بْن كُلَيز الغدّانيّ، وآخرون. وتُوُفّي في رمضان. والجُلابي: مختلَفٌ في ضمّه وفتحه، فقال أبو طاهر بن الأنماطي: قَالَ لنا شيخنا أبو الفتح المانْدائيّ: هُوَ الجَلابي، بفتح الجيم بلا شكّ. فراجعتُه، فغضب وقال: كان ينوب عن والدي في القضاء وأنا أخبَر بِهِ. قَالَ ابن الأنْماطيّ: وسألت عَنْهُ الشّريفَ ابنَ عبد السّميع، فقال: لا أعرفه إلّا بالضّمّ. وتعجَّب من قول أَبِي الفتح. قلت: والصّحيح الضّمّ، لأنّي رأيته مضبوطًا بخطّ والده عليّ في غير موضع فيما جمعه من "ذيل تاريخ واسط"، وبخطّ جماعةٍ في سياق السّماع لهذا التّاريخ عَلَى مؤلّفه بالضّمّ. وكذا قيّده ابن نُقْطَة، وغيره. ولم يذكروا فيه خلافًا. فأمّا الجَلابي بالفتح، فهو: - أبو سعيد أحمد بْن عليّ1 الفقيه. فاضل، سمع منه أبو سعد السّمعانيّ شيئًا بخُراسان. 109- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن السّكَن. أبو غالب بن المفرّج البغدادي، الحاجب، صاحب باب النُوبي.

_ 1 الأنساب "3/ 399، 400".

متودّد إلى النّاس، راغب في الخير، محبّ للرواية. سمع: الخطيب أبا الحسن الأنباريّ، وأبا سعد بن الكوّاز. روى عنه: ابن السّمعانيّ، وقال: تُوُفّي في صَفَر وله ستٌ وسبعون سنة. 110- محمد بن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن1. أبو عَبْد اللَّه الأُمَويّ، من أولاد سليمان بن النّاصر لدين الله. سمع من: ابن مروان بن سِراج، ومحمد بن الفَرَج الكَلاعيّ. وكان مقدَّمًا في مذهب مالك، عارفًا به، وقد عَمِي. 111- محمد بن محمد بن معمّر بن يحيى2. أبو البقاء بْن طَبَرْزَد. وكان اسمه: المبارك، فسمّى نفسه محمد. وهو أحد من عُني بالحديث، وجمْعه ونسْخه. سَمِعَ النّاس بإفادته من أَبِي الحُصين، وأبي غالب بْن البنّا، وأبي بَكْر بْن القاضي، وخلْق. قَالَ ابن النّجّار: قَالَ عُمَر بْن المبارك بْن شهلان: لم يكن أبو البقاء من طبَرزَد ثقة، كَانَ كذّابًا يضع النّاس أسماءهم في الأجزاء، ثمّ يذهب فيقرأ عليهم. علِم بذلك شيخنا عبد الوهّاب، وابن ناصر، وغيرهما. قلت: وسمع أخاه عَنْهُ الكثير. وله شِعر مقارِب. تُوُفّي في جُمادى الأولى وله نحوٌ من أربعين سنة، سامحه اللَّه. 112- محمد بْن محمد بْن أَبِي إسماعيل. السّعْديّ، السَّرْخَسيّ. سَمِعَ: أبا حامد الشجاعي.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 589". 2 ميزان الاعتدال "4/ 30"، ولسان الميزان "5/ 368، 369".

كتب عَنْهُ السّمعاني بسرخَس وقال: مات في رمضان. قِيلَ: عاش مائة سنة وستِّ سِنين. 133- محمد بْن المظفّر بْن عليّ ابن المسلمة1. أبو الحَسَن بْن أَبِي الفتح بْن الوزير أَبِي القاسم. وُلِد سنة أربعٍ وثمانين، وسمع من: جعفر السّرّاج، وغيره. وحدَّث، وانزوى وتصوّف. وأقبل عَلَى الطّاعة. ولزِم المراكبة. وجعل داره الّتي بدار الخلافة رباطًا للصُّوفيَّة. تُوُفّي في تاسع رجب، وتقدَّم في الصَّلاة عَلَيْهِ الوزير أبو عليّ بْن صَدَقَة. 114- المبارك بْن خَيرون بْن عبد المُلْك بْن الْحَسَن بْن خَيرون2. أبو السُّعُود. سَمِعَ: عمّ أبيه أبا الفضل بْن خَيرون، ومالكًا البانياسيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو الفرج بن الجوزي، وغيره. وتوفي في المحرَّم. وكان رحمه اللَّه صحيح السّماع خيّرًا. قاله أبو الفَرَج. 115- محمود بْن محمد بْن عبد الحميد بْن أَبِي بَكْر. أبو القاسم بْن أَبِي بَكْر الحدّاديّ، الرّازيّ، الواعظ. حدَّث عَنْ: أحمد بْن محمد بْن صاعد النَّيْسابوريّ، القاضي. روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، وقال لِقيته بالرَّيّ وله نحوٌ من سبعين سنة، وقد دخل بغداد غير مرَّة. 116- محمشاد بْن محمد بْن محمشاد بْن محمد3. أبو القاسم العبْديّ، النيسابوري، الرجل الصالح.

_ 1 المنتظم "10/ 129"، والكامل في التاريخ "11/ 123". 2 المنتظم "10/ 129". 3 التحبير "2/ 329، 330".

سَمِعَ: أبا بَكْر بْن خلَف. تُوُفّي في ربيع الآخر. قَالَ السّمعانيّ: بتّ عنده ليلة، فما نام تِلْكَ اللّيلة أحياها في الصّلاة والذِّكر، رحمه اللَّه. "حرف النون": 117- نصر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عبد القويّ1. الفقيه أبو الفتح المصِّيصيّ، ثمّ اللاذِقي، ثمّ الدّمشقيّ. الشّافعيّ، الأصولي، الأشعري، نسبًا ومذهبًا. كذا قَالَ الحافظ ابن عساكر. وقال: نشأ بصور، وسمع بها من: أَبِي بَكْر الخطيب، وعَمْرو بْن أحمد العطّار الآمِديّ، وعبد الرحمن بْن محمد الأبْهَريّ، والفقيه نصر المقدسيّ، وتفقّه عَلَيْهِ. وسمع بدمشق: أبا القاسم بْن أَبِي العلاء، وغيره. وببغداد: عاصم بْن الحَسَن، ورزق اللَّه بْن عبد الوهّاب. وبأصبهان: أبا منصور محمد بْن عليّ بْن شكروَيه، ونظام المُلك الوزير. وبالأنبار: أبا الحسن عليّ بْن محمد بْن الأخضر. وقرأ بصور عِلم الكلام عَلَى أَبِي بَكْر محمد بْن عتيق القَيْروانيّ. ثمّ سكن دمشق. قَالَ: وكان متصلّبًا في السُنّة، حَسَن الصّلاة، متجنّبًا أبواب السّلاطين. وكان مدرّس الزّاوية الغربيَّة بالجامع الأُمويّ بعد وفاة شيخه الفقيه نصر. وقد وقف وُقُوفًا في وجه البِرّ. وكان مولده باللّاذقيَّة في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. وهو آخر من حدَّث بدمشق عَن الخطيب.

_ 1 ذيل تاريخ دمشق "295"، والمنتظم "10/ 129"، والعبر "4/ 116"، وسير أعلام النبلاء "20/ 118، 119"، والبداية والنهاية "12/ 223".

وقال ابن السّمعانيّ في "ذيله": إمام، مفتي، فقيه، أُصُولي، متكلِّم، خيّر، ديّن، بقيَّة مشايخ الشّام. كتبتُ عَنْهُ. وكان يشتهي أن يتحدّث وأقرأ عَلَيْهِ. وكان متيقظًا، حَسَن الإصْغاء. وانتقل من صور إلى دمشق سنة ثمانين وأربعمائة. وقال ابن عساكر1: تُوُفّي ليلة الجمعة ثاني ربيع الأوّل ودُفن بعد صلاة الجمعة بباب الصّغير. قلت: روى عَنْهُ: هُوَ، وابنه القاسم بْن عساكر، وابن السّمعانيّ، ومكّيّ بْن عليّ العراقيّ، وأبو الفَرَج جابر بْن محمد بْن اللحية الحمَوي، وعسكر بن خليفة الحموي، والخطيب أبو القاسم بْن ياسين الدَّولعي، ويوسف بْن مكّيّ الحارثيّ، وولده نصر اللَّه، والخضِر بْن كامل المعبّر، وزينب بِنْت إبراهيم القَيْسيّ، وأحمد بْن محمد بْن سيّدهم الأنصاريّ، وأبوه، وأبو القاسم عبد الصّمد بْن الحَرستاني، وهبة اللَّه بْن الخضِر، وابن طاوس. وآخر من حدَّث عَنْهُ أبو المحاسن بْن أَبِي لُقمة، روى عَنْهُ العاشر من "الرّقائق" لخَيثمة2. 118- نور عزيز بِنْت مسعود بْن أحمد بْن السَّرْنك. أخت أَبِي الغنائم محمد. امْرَأَة صالحة من بيت حديث. روت عَن ابن الأخضر الأنباريّ. ماتت فِي شوّال. "حرف الهاء": 119- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن سوار3. الوكيل أبو الفوارس، ابن المقرئ الأستاذ أبي طاهر.

_ 1 في تاريخ دمشق "44/ 425". 2 هو خيثمة بن سليمان القرشي الأطرابلسي سبقت ترجمته في وفيات "331-350"، وكتابه هو "الرقائق والحكايات". 3 المنتظم "10/ 130".

شيخ مطبوع، متودّد، محتَرم، قيّم بالوكالة والدَّعَاوَى وكتابة الوثائق والمحاضر. سَمِعَ: أَبَاهُ، ومالكًا البانياسيّ، وعاصم بْن الحسين، وأبا يوسف القَزْوينيّ، وأبا الفوارس الزَّيْنَبيّ. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وغيره. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. وتُوُفّي في رابع عشر شوّال. قَالَ ابن الجوزيّ: كَانَ ثقة، أمينًا، توحّد في علم الشُّروط. وأخوه محمد بقي إلى سنة ستٍّ وخمسين. 120- هبة اللَّه بْن الفَرَج1. أبو بَكْر الهَمَذَانيّ، المعروف بابن أخت الطّويل. شيخ صالح خيّر، مُكثر، مشهور. سَمِعَ من: عليّ بْن محمد بْن عبد الحميد الجريريّ، ويوسف بْن محمد القُومسانيّ، وعَبْدُوس بْن عبد الله، وبكر بْن حِيْد، وسُفْيان بْن الحسين بْن فنْجُوَيْه. روى "سُنن أَبِي داود" بعُلُوّ. وعُمّر تسعين سنة. وكان الحافظ أبو العلاء يَقُولُ: هُوَ أحبّ إليَّ من كلّ شيخٍ بهَمَذَان. وذكره السّمعانيّ في التّحبير وأثنى عَلَيْهِ، وقال: قَالَ لي: ولدتُ سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وقال لأبي العلاء: ولدتُ سنة ثلاثٍ. ومن مسموعاته كتاب "مكارم الأخلاق" لابن لال، سمعه من أَبِي الفَرَج الجريريّ، بسماعه منه. قلت: روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، والحافظ أبو العلاء الهَمَذَانيّ، وأولاده أحمد، وعبد الغنيّ، ووائلة، والمؤيَّد ابن الإخْوة، وأبو القاسم بْن عساكر، وجماعة. وتوفي في شعبان.

_ 1 التحبير "2/ 362-264"، وسير أعلام النبلاء "20/ 163، 164".

121- هبة اللَّه بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن حمزة1. أبو السّعادات بْن الشَّجَريّ2، العَلَويّ، النَّحْوِي، النقيب. ولد سنة خمسين وأربعمائة. أحد الأئمَّة الأعلام في علم اللّسان. قرأ عَلَى الشّريف أَبِي المعمّر يحيى بْن محمد بْن طباطبا النَّحْوي، وقرأ الحديث في كُهولته عَلَى: أَبِي الحسين بْن المبارك بْن الطُّيوري، وأبي عليّ بْن نبهان، وغيرهما. وطال عمره، وانتهى إِلَيْهِ عِلم النَّحْو، وناب في النّقابة بالكرْخ. ومُتِّع بجوارحه وحواسّه. وأظنّه أخذ الأدب أيضًا عَنْ أَبِي زكريّا التّبْريزيّ. قرأ عَلَيْهِ التّاج الكِنْدي كتاب "الإيضاح" لأبي عليّ الفارسيّ، و"اللُّمع" لابن جني، وتخرّج به طائفة كبيرة. وصنّف التصانيف في العربية. قال أبو الفضل بن شافع في تاريخه: مُتّع بجوارحه إلى آخر وقت، وكان نحويًا، حسن الشرح، والإيراد، والمحفوظ. قد صنّف أمالي قُرئت عليه، فيها أغاليط، لأن اللغة لم يك مضطلعًا فيها. قال ابن السمعاني: سَمِعْتُ منه، وكان فصيحًا، حُلْو الكلام، حَسَن البيان والإفهام. دُفن يوم الجمعة السّابع والعشرين مِن رمضان بداره بالكرْخ. وعن أَبِي السّعادات بْن الشّجريّ قَالَ: ما سَمِعْتُ في المدْح أبلغ من قول أَبِي فِراس: وأَمامكَ الأعداءُ تَطْلُبُهُم ... ووراءك القُصّاد في الطَّلَبِ فإذا سَلَبْتَهُم وقفتَ لهم ... فسُلبت ما تَحْوي من السّلبِ

_ 1 المنتظم "10/ 130"، والعبر "4/ 116"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1294"، وسير أعلام النبلاء "20/ 194-196"، والبداية والنهاية "12/ 223". 2 قال ياقوت: نسب إلى بيت الشجري من قبل أمه "معجم الأدباء 19/ 282".

122- هَمَّام بْن يوسف. أبو محمد العاقوليّ، ثمّ الأَزجيّ، الوكيل عند القضاء. سَمِعَ: الخطيب أبا الحسين الأنباريّ. وعنه: أبو أحمد بْن سُكينة. "حرف الياء": 123- يحيى بْن عليّ بْن محمد بْن زُهَير1. أبو القاسم السُّلمي، الدّمشقيّ، المعدّل، محتسب دمشق. سَمِعَ: عبد المنعم الكُريدي، وأبا القاسم النّسيب، وأبا طاهر الحِنّائي. روى عَنْهُ: الحافظ ابن عساكر2، وقال: مات في رمضان، وأخلف مالًا عظيمًا وذخائر. وورثه السّلطان. وكان مقتِّرًا عَلَى نفسه في الأكل واللّبْس، عفا اللَّه عَنْهُ. 124- يحيى بْن المعتزّ بْن أسعد3. أبو القاسم العُتبي، من ذرية بْن غَزْوان. شيخ من أهل نَيْسابور. سَمِعَ: أحمد بْن سهل السّرّاج، وابن خَلَف. أخذ عَنْهُ السّمعانيّ، وأرّخه. 125- يوسف بْن عليّ بْن محمد4. أبو الحَجّاج القُضاعي، الأُندي5. نزيل المَرِيَّة. ويُعرف بالقفّال، وبالحدّاد. حجّ ودخل العراق، وسمع من أَبِي القاسم بْن بيان، وأُبي النَّرْسِيّ، وأبي طالب الحسين بن محمد الزينبي.

_ 1 التحبير "2/ 383"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "27/ 288". 2 في تاريخه. 3 التحبير "2/ 385". 4 معجم البلدان "1/ 364"، وسير أعلام النبلاء "20/ 186، 187". 5 الأندي: نسبة إلى أندة وهي مدينة من أعمال بلنسية بالأندلس.

وسمع "صحيح مسلم" من إسماعيل بْن عبد الغافر الفارسيّ، عَنْ والده، ومن الحريريّ "مقاماته". وكتب الكثير، وقفل إلى الأندلس سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. ثم ترحّل من الأندلس، ثم عاد إليه سنة عشرة وسكن المرية، وحدَّث بالكثير. روى عَنْهُ: أبو الحسن رَزِين العَبْدريّ، وأبو محمد، وأبو الطّاهر ابني العثماني، وخطيب الموصل، وأبو الوليد بن الدباغ، وأبو القاسم بن بشوال، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم النَّرْسيّ، وأبو القاسم بْن حُبيش، وأبو محمد بْن عُبَيد اللَّه الحَجْرِيّ، وخلْق سواهم. قَالَ أبو عبد الله الأَبَّار: كَانَ صدوقًا، صحيح السّماع، لَيْسَ عنده كبير عِلم ولا ضبْط. استُشهد يوم غَلَبة العدوّ الملعون عَلَى المَرِيَّة في العشرين من جُمادى الأولى وقُتل يومئذٍ خلق كثير. عاش خمسًا وثمانين سنة. 126- يوسف بْن يَبقى بْن يوسف بْن مسعود بْن عبد الرحمن بن يَسعون1. أبو الحجاج التُجَيبي، الأندلسي، المريي، النحوي، المعروف بالشنشي. صاحب الأحكام بالمرية. سَمِعَ من: أَبِي عبد الله محمد بْن فَرَج، وأبي عليّ الغسّانيّ، وأبي الوليد العبْسيّ، وأبي الحسين بْن سرّاج، وجماعة. وعُني بالعربيَّة وبرع فيها. وله كتاب "المصباح في شرح أبيات الإيضاح"، دلّ عَلَى تبحُّرهِ في النَّحْو. وإمامته. حدَّث وأقرأ، وطال عمره. روى عَنْهُ: عُلَيم بْن عبد العزيز، وأبو عبد الله بن حُميد، وأبو العباس ابن اليتيم، وأبو عُبيد اللَّه، وآخرون. وكان حيًّا يُرزق في هذا العام، وانقطع خبره بعده، رحمه الله.

_ 1 كشف الظنون "213"، ومعجم المؤلفين "13/ 342".

وفيات سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة: "حرف الألَف": 127- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن المبارك بْن أحمد. أبو المكارم بْن الشَّهْرُزُوريّ، البغداديّ. من أولاد المحدّثين. سَمِعَ: نصر بْن البطِر، وأحمد بْن عبد القادر اليُوسُفيّ. وعنه: ابن عساكر، والسّمعانيّ. وكان يؤمّ بأمير الحاجّ نظر. تُوُفّي في رجب. 128- أحمد بْن عليّ بْن الفضْل بْن الإمام أَبِي محمد بْن حزْم1. الأندلسيّ، القُرْطُبيّ، أبو عَمْرو، الكاتب، الأديب. تُوُفّي بالأندلس، قاله الأَبّار. 129- أحمد بْن أَبِي العزّ محمد بْن المختار بْن محمد بْن عبد الواحد بْن المؤيَّد بالله2. أبو تمّام العبّاسيّ، الهاشميّ، البغداديّ، المعروف بابن الخُص، أخو أَبِي الفضل المختار. كَانَ تاجرًا سَفّارًا، ركب البحار، ودخل الهند، وما وراء النّهر، وكثُر ماله، وطال عُمره، وسكن خُراسان. وكان مولده في حدود سنة خمسين وأربعمائة أو قبلها. وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا نصر الزَّيْنبيّ، وغيرهما. وهو آخر من حدَّث بخُراسان عَن ابن المسلمة بجزء صفة المنافق.

_ 1 تكملة الصلة لابن الآبار "1/ 54". 2 المنتظم "10/ 134"، وسير أعلام النبلاء "20/ 173".

حضر عَلَيْهِ هذا الجزء أبو المظفَّر عبد الرحيم بن السمعاني، بقراءة والده، وقال: هُوَ أوّل شيخ حضرتُ عنده لقراءة الحديث. وتُوُفّي بنَيْسابور في خامس ذي القعدة. وروى عَنْهُ أيضًا: القاسم الصّفّار، وإسماعيل القارئ. 130- أَحْمَد بْن محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بْن إسماعيل بْن بشّار1. الإمام أبو بَكْر البوشَنجي، المعروف بالخَرْجِرْديّ2، نزيل نَيْسابور. إمام متفنّن، ورِع، تفقَّه بمَرْو عَلَى أَبِي المظفَّر بْن السّمعانيّ. وبهَراة عَلَى الشّاشيّ. وبرع في الفقه، وسمع الكثير، وحدَّث. تُوُفّي في رمضان بنَيْسابور. وصَفَه السّمعانيّ بالعبادة والعِلم، وأنّه كتب تصانيف جدّه جميعها، وتخلّى للعبادة. 131- أحمد بْن محمد بْن الفضل3. أبو العلاء الأصبهانيّ، المحدِّث، المعروف ببنحِك. تُوُفّي في صفر. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ حافظًا، متقنًا، وَرِعًا، وقورًا، نزِهًا، وبالغ في الطّلب، ونسخ بخطّه "الصّحيح" المليح كثيرًا. سَمِعَ: أبا عليّ الحدّاد، وطبقته. استفدتُ منه الكثير، ومات كُهْلا. 132- إبراهيم بْن محمد بْن نبهان بن محرز4.

_ 1 التحبير "2/ 448-450"، ومعجم البلدان "2/ 357". 2 الخرجردي: نسبة إلى خرجرد وهي بلدة من بلاد فوشبخ هراة "الأنساب 5/ 77، 78". 3 في مشيخة ابن السمعاني. 4 المنتظم "10/ 134"، وتذكرة الحفاظ "1297"، وسير أعلام النبلاء "20/ 175، 176"، والبداية والنهاية "12/ 224"، وشذرات الذهب "4/ 135".

أبو إسحاق الغَنَويّ1، الرَّقّيّ، الصُّوفيّ، الفقيه، الشّافعيّ. ولد سنة تسع وخمسين وأربعمائة. وسمع: أبا محمد الشِّيحيّ، وأبا محمد بْن السّرّاج، وغيرهم. وتفقَّه عَلَى: الأستاذ أَبِي بَكْر الشّاشيّ، وأبي حامد الغزّالي. وكتب كثيرًا من مصنَّفات الغزّاليّ، وقرأها عَلَيْهِ، وصحِبه مدَّة. قَالَ أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ2: رأيته وله سمتٌ وصَمْت، وعليه وَقار وخشوع. قلت: روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو اليُمن الكِنْديّ، وحدَّث عَنْهُ بخُطب ابن نُباتة. وروى عَنْهُ: عُمَر بْن طَبَرْزَد، وآخرون. وتُوُفّي في رابع عشر ذي الحجَّة ببغداد، وله خمسٌ وثمانون سنة إلّا أشهُرًا. قَالَ ابن طَبَرْزَد: أَنَا أبو إسحاق بْن نبهان: ثنا الحُميدي قَالَ: قرأت عَلَى القُضاعي: أخبركم أحمد بْن عُمَر بْن محمد بْن عَمرو الْجِيزيّ قراءةً: أَنَا زيد بن محمد بن خلف القرشي، أنا ابن أخي ابن وهب، ثنا عمّي، فذكر حديثًا. كَانَ قدوم ابن نبهان من الرَّقَّة إلى بغداد في سنة إحدى وثمانين. قَالَ ابن ناصر: قدِم الخطيب أبو القاسم يحيى بْن طاهر بْن محمد بْن عبد الرَّحيم بْن محمد بْن نُباتة إلى بغداد في سنة أربعٍ وثمانين ليتجر من نظام المُلك أدرارًا، فقال: إنّ الخُطَب سَمَاعي من أَبِي، عَنْ جدّي. ولم يكن معه كتابٌ ولا أصل، فقرأ عَلَيْهِ هذا الشّيخ، يعني أبا إسحاق الغَنَويّ، الخُطَبَ من نسخةٍ جديدة غير مقروءة، ولا عليها سَماعٌ لأحد. ولم يكن سِبْط ابن نُباتة هذا كبيرًا في العُمر، ولا يعرف العربيَّة، ولو كَانَ لَهُ سماع لم يسبقني إِلَيْهِ أحد. ثمّ أثنى ابن ناصر عَلَى أَبِي إسحاق الغَنَويّ، ووصفه بالدِّين والصِّدْق. 133- إسماعيل بْن أَبِي نصر بْن عَبْدِيل. الأصبهاني، الشاعر.

_ 1 نسبة إلى: غني بن أعصر. 2 في المنتظم "10/ 134".

ذكره العماد في "الخريدة" فقال: كَانَ من أشعر شُعراء أصبهان وأَفْوَههم. لم يُعْهَد بعد أَبِي إسماعيل الطُّغْرائيّ من عرف مجراه. مات بفارس سنة ثلاث أو أربع وأربعين وخمسمائة. 134- أسعد بْن محمد بْن موسى1. أبو منصور الفُوشَنْجيّ. فاضل، عالِم، سَمِعَ: أبا عامر الأزْديّ، وعبد الرحمن بْن محمد بْن عفيف كلاز. روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في ذي القعدة. 135- أميرك بْن إسماعيل بْن أميرك2. أبو الفتوح العَلَويّ، الهَرَويّ. سَمِعَ: إلياس بْن نصر، وعبيد بْن ميمون الواسطيّ، وجماعة. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وغيره. مات في ثاني وعشرين شوّال. "حرف الباء": 136- بقاء بْن عليّ بْن خطّاب3. أبو المُعَمَّر البغداديّ، الرّقّاق، السّاكينيّ، ابن أخت أَبِي نصر أحمد بْن عُمَر بْن الفَرَج الإبَريّ. حدَّث عَنْ: طِراد الزَّيْنبيّ، وغيره. وتُوُفّي في ربيع الأوّل عَنْ ستّين سنة. عَنْهُ: ابن عساكر، وابن سُكينة.

_ 1 التحبير "1/ 122، 123". 2 التحبير "1/ 128، 129". 3 مشيخة ابن عساكر.

"حرف الثاء": 137- ثابت بْن زيد بْن القاسم. أبو البَرَكات بْن جوالق النّحّاس. ثمّ البزّاز. حلّث عن: الحسين بن علي بن البُسري. وتوفي في جُمادَى الآخرة. "حرف الحاء": 138- الحافظ لدين اللَّه1. قِيلَ: مات في جُمَادَى الآخرة عَلَى الصّحيح، وقيل: سنة أربعٍ كما سيأتي. 139- الحَسَن بْن مسعود بْن الحَسَن2. أبو عليّ ابن الوزير، الدّمشقيّ، الحافظ. أصله من خُوارَزْم. كَانَ جدّه الحَسَن وزير المُلك تاج الدّولة تُتُش، وتزيَّا أبو عليّ بزيّ الْجُنْد مدَّةً، ثمّ اشتغل بالفِقه والحديث، ورحل قبل سنة عشرين وخمسمائة إلى بغداد، وسمع، ودخل إلى أصبهان، وأدرك بها حديث الطَّبَرانيّ بعُلُوّ. وكتب عَنْ: فاطمة الْجُوزدانيَّة3. وتوجَّه إلى نَيْسابور، ومَرْو، وبلْخ، والهند، وسمع الكثير، وعُني: بهذا الشّأن. قَالَ ابن السمعاني4: حافظ، فطِن، له معرفة بالحديث، والأنساب. وقال لي: ولدتُ في صَفَر سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة. وتوفي بمرو في سابع المحرّم.

_ 1 ستأتي ترجمته برقم "220". 2 تذكرة الحفاظ "4/ 1297"، وسير أعلام النبلاء "20/ 177"، ولسان الميزان "2/ 256". 3 الجوزدانية: نسبة إلى جوزدان وهي قرية على باب أصبهان كبيرة "الأنساب 3/ 362". 4 في معجم شيوخه.

وقال ابن عساكر1: كان يُحدِّث من غير مقابلة بسماعه، واستوطن مَرْو، وتفقَّه بها لأبي حنيفة عَلَى أَبِي الفضل الكِرماني. وأملى بجامع مَرْو. ومن شِعر أَبِي عليّ: أَخِلّائي إنْ أصبحتم في دِياركم فإنّي بمَرْو الشّاهجان غريبُ أموتُ اشْتياقًا ثمّ أحيى تذكُّرًا وبين التّراقي والضُّلُوع لهيبُ فما في موتِ الغريبِ صبابةٌ ولكن بقاءه في الحياة عجيبُ 140- الحسين بْن إبراهيم بْن الحسين بْن جعفر2. الحافظ، المجوَّد، أبو عبد الله الْجُوزْقانيّ، وجُوزْقان من قرى هَمَذَان. لَهُ مصنَّف في الموضوعات ما قصّر فيه. وروى فيه عَن الدّونيّ فمَن بعده. وعليه بنى ابن الْجَوزيّ كتابه في "الموضوعات"، ومنه أخذ كثيرًا. قَالَ ابن شافع: مات، فَبَلَغَنَا خبرُه في رجب سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة. أدركه أجَلُه في السَّفَر. 141- حمدُ بْن أَبِي الفتح3. الأصبهانيّ. عَنْ: عبد الرحمن بْن مَنْدَهْ، وأبي المظفَّر الكَوْسج. وعنه: ابن السّمعانيّ. مات في رجب رحمه اللَّه. "حرف الخاء": 142- خَضِرُ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عُبيد الله بن أحمد بن عبدان4.

_ 1 تهذيب تاريخ دمشق "4/ 253". 2 سير أعلام النبلاء "20/ 177، 178"، ولسان الميزان "2/ 269-271". 2 التحبير"1/ 246". 3 التحبير "1/ 263، 264"، وسير أعلام النبلاء "20/ 222".

الأزْدِيّ، الدّمشقيّ، أبو القاسم الصّفّار. سَمِعَ: والده، وأبا القاسم المصِّيصيّ، وأبا عبد الله بْن أَبِي الحديد، وعليّ بْن أحمد بْن زُهير، ونصر بْن إبراهيم الفقيه، وسهل بْن بِشْر، وأجاز لَهُ عبد العزيز الكتّانيّ. قَالَ ابن عساكر: كتبت عَنْهُ، وكان شيخًا سليم الصَّدْر. ولد في شوال سنة خمسٍ وستين وأربعمائة. ومات في نصف شعبان. قلت: روى عَنْهُ: هُوَ، وابنه القاسم، وأبو المحاسن بْن أَبِي لُقمة، وجماعة. "حرف الذال": 143- ذو النُّون بْن أَبِي الفَرَج بْن عليّ1. المِيهَنيّ2 الصُّوفيّ. سَمِعَ: أبا بَكْر بْن زاهر الطرَيثيثي3. وروى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ وقال: مات في ذي الحجَّة ببغداد. "حرف السين": 144- سلطان بْن عَليّ بْن مُقَلّد بْن نَصْر بْن منقذ4. الأمير أبو العساكر الكِنانيّ، صاحب شَيْزَر. وُلِد بأطْرابُلُس في سنة أربع وستين وأربعمائة. وسمع بشَيْزَر "صحيح البخاريّ" من أَبِي السّمْح إبراهيم الحَيْفيّ. وله شِعْر حَسَن. تُوُفّي في شوال بشيزر.

_ 1 معجم شيوخ ابن السمعاني. 2 الميهني: نسبة إلى ميهنة وهي إحدى قرى خابران ناحية من سرخس وأبيورد "الأنساب 11/ 580". 3 الطريثيثي: نسبة إلى طريثيث وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور "الأنساب "8/ 238". 4 الكامل في التاريخ "11/ 219، 220"، والوافي بالوفيات "15/ 297، 298".

145- سهل بْن محمد بْن أحمد بْن حسين بْن طاهر1. أبو عليّ الأصبهانيّ، الحاجّيّ، المقرئ. شيخ كبير، فاضل، مُكثر من الحديث، أديب، خيِّر، مبارَك. سَمِعَ: أبا القاسم يوسف بْن جُبارة الهُذَلي، وإسماعيل بْن مَسْعدَة الإسماعيليّ، ونظام المُلك الوزير، وأبا المظفَّر منصور بْن محمد السّمعانيّ، ومحمد بْن أحمد بْن ماجة الأَبْهَريّ، وسليمان بْن إبراهيم الحافظ، والقاسم بْن الفضل الثقفي. وولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وقيل: وُلِد بعد سنة خمسين وختم خلْقًا كثيرًا. وكان شيخ القرّاء بأصبهان. وهو آخر من حدَّث عَن الهُذلي، مصنِّف "الكامل في القراءات". روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وقال: هُوَ مؤدِّبي، وكان من الطِّراز الأوّل. تُوُفّي في نصف شعبان. "حرف الشين": 146- شاهنشاه بْن أيّوب بْن شاذي بْن مروان بْن يعقوب2. الأمير أكبر الإخوة، وأقدم بني أيّوب وفاةً. وهو والد المَلِكين: المظفّر تقيّ الدّين عُمَر صاحب حماة، وعزّ الدّين فروخشاه، والد صاحب بَعْلَبَكّ الملك الأمجد. قُتل في الوقعة الكائنة بظاهر دمشق بين الفرنج خذلهم اللَّه وبين المسلمين كما نذكره في الحوادث، وذلك في ربيع الأوّل وفُجع بِهِ أَبُوهُ نجم الدّين. "حرف الصاد": 147- صاعِد بْن محمد بن الحسين3.

_ 1 غاية النهاية "1/ 20"، ومعجم المؤلفين "4/ 284". 2 البداية والنهاية "12/ 224"، والوافي بالوفيات "16/ 93، 94". 3 الأنساب "7/ 199" والتحبير "1/ 337، 338".

أبو القاسم السّهْلُويّ، السَّرْخَسيّ. شيخ كبير، ورِع، فاضل. وُلِد بسَرْخَس في سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة. وسمع بسَرْخَس من: أَبِي الحسن محمد بْن محمد بْن زيد الحُسيني. قدِم عليهم، وسمع من أَبِي الخير محمد بْن موسى الصّفّار. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وغيره. وتُوُفّي بسَرْخَس سنة 43. 148- صالحُ بْن شافع بْن صالح بْن حاتِم1. أبو المعالي الْجِيليّ. كَانَ أَبُوهُ فقيهًا حنبليًّا، سكن بغداد ووُلِد لَهُ بها صالح وغيره. وصالح: عالِم، فاضل، مليح الكتابة، شاهِد، متودِّد، حَسَن الشِّكل. سَمِعَ: أبا الحسين بْن الطُيوري، وأبا منصور محمد بْن أحمد الخيّاط. وجدتُ وفاته في رجب. روى عَنْهُ: أبو الفَرَج محمد بْن عليّ بْن القُنّبيطي، وابنه الحافظ أحمد. 149- صالح بْن كامل بْن أَبِي غالب2. أَبُو محمد الظّفَريّ، البقّال. سَمِعَ: أبا الحسن بْن منجَاب الشَّهْرُزُوريّ، وأبا القاسم بْن بيان. وكان اسمه قديمًا: المبارك، فغيَّره بصالح. سَمِعَ منه: أخوه أبو بَكْر المفيد، وابن السمعاني.

_ 1 المنتظم "10/ 134"، وشذرات الذهب "4/ 135". 2 معجم شيوخ ابن السمعاني.

"حرف العين": 150- عبّاد بْن سَرْحان بْن مسلم بْن سيّد النّاس1. أبو الحَسَن المَعافِريّ، الأندلسيّ، الشّاهد. سكن العُدوة. وكان مولده في سنة أربعٍ وستين وأربعمائة. وسمع من: طاهر بم مُفَوَّز بشاطبة، وحجّ، ودخل بغداد، وسمع من: رزق اللَّه بْن عبد الوهّاب التّميميّ، والمبارك بْن الطَّبَريّ. وأجاز لَهُ أبو عبد الله الحُميدي. وسمع بمكَّة من: الحسين بْن عليّ الطَّبَريّ. قَالَ ابن بَشكُوال: قدِم قُرطبة، فسمعنا منه. وكانت عنده فوائد. وكان يميل إلى مسائل الخلاف ويدّعي معرفة الحديث ولا يُحسنه، عفا اللَّه عَنْهُ. تُوُفّي بالعدْوة في نحو سنة ثلاثٍ وأربعين. 151- عبد الله بْن الحَسَن بْن أحمد بْن الحَسَن بْن أحمد بن قَسَاميّ2. أبو القاسم الحَرِيميّ3، المعدّل، الفقيه الحنْبليّ. سَمِعَ: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وأبا الحُصين العاصميّ. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ وأثنى عَلَيْهِ، وسأله عَنْ مولده فقال: سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. وتُوُفّي في سادس ذي القعدة. وحدَّث بالنَّعْت في مكَّة، وكان يُفتي. قَالَ ابن النّجّار: ثنا عَنْهُ أحمد بْن عبد الملك المقرئ. وقَسَاميّ: بفتح ثمّ كسْر. قيّده ابن نقطة. 152- عبد الله بن سعيد بن محمد4.

_ 1 الصلة لابن بشكوال "2/ 452، 453". 2 المنتظم "10/ 135"، والذيل على طبقات الحنابلة "1/ 215، 216". 3 نسبة إلى الحريم الطاهري وهي محلة كبيرة بالجانب الغربي منها "الأنساب "4/ 125". 4 التحبير "1/ 368"، والأنساب "5/ 178"، واللباب "1/ 386".

أبو المحاسن البَنجَدِيهيّ، الخمقَري. وهي نسبة إلى خمس قرى بحذف السّين. والخمس قرى هِيَ بَنَجديه، من أعمال مَرْو. كَانَ رجلًا فاضلًا، عالمًا. روى عَنْ: هبة اللَّه بْن عبد الوارث الشّيرازيّ. روى عَنْهُ أبو سعد السّمعانيّ. 153- عبد الله بْن عليّ بْن سعيد1. أبو محمد القَيْسَرانيّ، القصْريّ، الفقيه. فاضل، إمام، ديِّن، فصيح، مُناظر، من كبار فُقهاء النّظاميَّة. سَمِعَ: أبا القاسم بْن بَيان. وقد مرّ في سنة اثنتين وأربعين. وقال ابن السّمعانيّ: بنى ابن العجميّ بحلب لَهُ مدرسة، ودرَّس بها، وكتبتُ عَنْهُ بها جزء ابن عَرَفَة. وقال لي: ولدتُ بقَيْساريَّة. والقصْر الّذي انتسب لَهُ بُليدة بين عكّا وحَيْفا عَلَى السّاحل. قَالَ: ومات بحلب في سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وأربعين. يحوَّل. 154- عبد الرحمن بْن عبد الله الحلْحُوليّ، الحلبيّ2. سافر وأقام بمصر مدَّة. ثمّ سكن دمشق. وكان من كبار الصّالحين والعُبّاد. وحلْحُول: قرية بها قبر يونس صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يُقال، وهي بين القدس والخليل. أقام بها سبْع سِنين، بنى بها مسجدًا، وتعبَّد فيه بين الفرنج، وسمعنا أنّهم كانوا يتبرّكون بِهِ، ويعتقدون فيه. ثمّ انتقل إلى دمشق. قَالَ ابن عساكر: مضيت إِلَيْهِ غير مرَّة، وانتفعت بروايته وبكلامه، وما رَأَيْت بالشام في فنه مثله. واستُشهد بظاهر دمشق في وقعة الفرنج، رحمه الله.

_ 1 سبقت ترجمته برقم "88". 2 معجم البلدان "2/ 290".

155- عبد الرحمن بْن محمد بْن أميروَيْه بْن محمد1. العلامة أبو الفضل الكَرْمانيّ، شيخ الحنفيَّة بكَرْمان في زمانه. تفقّه بمَرْو عَلَى القاضي محمد بْن الحسين. تزاحم عَلَيْهِ الطَّلَبَة، وتخرَّج بِهِ الأصحاب. وانتشرت سيرته في الآفاق، وصار معظَّمًا عند الخاصّ، والعامّ. وكان في رمضان يقرأون عَلَيْهِ التّفسير والحديث. سَمِعَ: أَبَاهُ بكرْمان، وشيخه القاضي الأرسابَندي، وأبا الفتح عُبَيد اللَّه بْن أَرْدَشِير الهُشامي. سَمِعَ منه أبو سعد السّمعانيّ، وبالَغَ في تعظيمه، وقال: وُلِد سنة سبْعٍ وخمسين، ومات في الحادي والعشرين من ذي القعدة بمدرسة القاضي الشّهيد سنة 543. 156- عبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حَسَن بْن طَوْق. أبو القاسم البغداديّ. سَمِعَ: نصر بْن البطِر، وغيره. وكان ضعيفًا في دِينه. روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ. 157- عبد الرحيم بْن قاسم بْن محمد2. أبو الحسن القَيْسيّ، الأندلسيّ، الحجازيّ، الفَرَجيّ، من أهل مدينة الفَرَج. روى عَنْ: أَبِي عليّ الغسّانيّ، وخازم بْن محمد، ومحمد بْن المورَة، وغيرهم. قَالَ ابن بَشكوال: كَانَ من أهل المعرفة والفَهْم والذّكاء والحِفظ، قويّ الأدب، كثير الكتب، ديِّنًا فاضلًا، صاحب ليل وعبادة وكثرة بكاء، حتّى أثّر ذَلكَ بعينيه. توفي في شعبان.

_ 1 الكامل في التاريخ "11/ 137"، وسير أعلام النبلاء "20/ 206". 2 الصلة لابن بشكوال "2/ 389".

قَالَ ابن مَسْدي: آخر من روى عَنْهُ بالسّماع الخطيب أبو جعفر بْن يحيى الحِميري. وأجاز أبو جعفر لي، ومات سنة إحدى عشرة وستمائة. قلت: بل مات سنة عشر بقُرْطُبة. 158- عبد الرشيد بْن محمد بْن خليل1. أبو محمد البُوشَنْجيّ. سَمِعَ: عبد الرحمن بْن عفيف كلاز. أخذ عَنْهُ: السّمعانيّ، وقال: مات في محرَّم أو صفَر سنة ثلاثٍ وأربعين. 159- عبد العزيز بْن محمد بْن بَشكولة2. المِيهَنيّ، الصُّوفيّ. سَمِعَ من العارف أَبِي الفضل محمد بْن أحمد الميْهنيّ كتاب "المرض" لابن أَبِي الدّنيا، عَن الصَّيْرفيّ، عَن الصّفّار، عَنْهُ. قرأه عَلَيْهِ السّمعانيّ وقال: مات في جُمادَى الآخرة. 160- عبد القادر بْن جَندَب بْن سَمُرة3. أبو محمد الصُّوفيّ، الهَرَويّ. صالح عابد، خيّر، من مُريدي شيخ الإسلام أَبِي إسماعيل، كَانَ يسكن برباطه. سَمِعَ: محمد بْن أَبِي مسعود الفارسيّ، وأبا إسماعيل شيخه. وولد بعد سنة ستين وأربعمائة. روى عنه: ابن السمعاني، وأبو رَوح عبد المعزّ. وبالإجازة: عبد الرحيم بْن السّمعانيّ. وأخوه هُوَ سمُرة بْن جَندب يروي أيضًا عَنْ محمد بن أبي مسعود.

_ 1 التحبير "1/ 444". 2 التحبير "1/ 463، 464". 3 التحبير "1/ 471".

روى عَنْهُ: أبو رَوح. تُوُفّي عبد القادر ثالث عشر ربيع الأوّل. 161- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد1. أبو المظفَّر بْن الصّبّاغ، بغداديّ. سَمِعَ من: طِراد الزَّيْنَبيّ، وابن البطِر، وحَمْد الحّداد. وحدَّث. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. 162- عليّ بْن الحسين بْن محمد. أبو عبد الله الطَّابَرانيّ2، الصُّوفيّ، النّقّاش. سَمِعَ بطُوس من: أَبِي عليّ الفضل بْن محمد الفارَمْذي. وبالرَّيّ: البيّاضيّ. وبهَمَذَان: شيروَيه الدَّيْلَميّ. وعنه: السّمعانيّ. 163- عليّ بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن عليّ3. قاضي القُضاة، أبو القاسم، الأكمل ابن نور الهُدى أَبِي طالب الزَّيْنبيّ، الهاشميّ، العباسيّ، البغداديّ. ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة. سَمِعَ من: أبيه، وعمّه طِراد، وابن البَطِر، وأبي الحسن العلّاف، وغيرهم. روى عَنْهُ: الفتح بن عبد السلام.

_ 1 المنتظم "10/ 135". 2 الطابراني: نسبة إلى "طابران" وهي إحدى بلدتي طوس "الأنساب 8/ 167". 3 المنتظم "10/ 135، 136"، والكامل في التاريخ "11/ 146"، وسير أعلام النبلاء "20/ 207، 208"، والبداية والنهاية "12/ 225"، وشذرات الذهب "4/ 135".

وكان للمسترشد إِلَيْهِ مَيْل، فوعده بالنّقابة، فاتّفق موت الدّامغانيّ، فطُلب مكانه، فناله. ذكره ابن السّمعانيّ فقال: كَانَ غزير الفضل، وافر العقل، لَهُ سُكُون، ووقار، ورزانة، وثبات. ولي قضاء القضاة بالعراق في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. وقرأتُ عليه جزءين. قَالَ أبو شجاع محمد بْن عليّ بْن الدّهّان: يُحكى أنّ الزَّيْنبيّ منذ ولي القضاء ما رآه أحد إلا بطرحة1 وخفاف حتى زوجته. ولقد دخلت عليه في مرض موته وهو نائم بالطرحة. قلت: هذا تكلف وبأوٌ زائد. وقال أبو الفرج بن الجوزي2: كان رئيسا، ما رأينا وزيرا ولا صاحب منْصبٍ أوقر منه، ولا أحسنَ هيبةً وسمْتًا. قلّ أنْ سُمع منه كلمة. وطالت ولايتُه، فأحكم الزّمان، وخدم الرّاشد، وناب في الوزارة. ثمّ استوحش من الخليفة، فخرج إلى الموصل، فأسِر هناك. ووصل الراشد إلى الموصل وقد بلغه ما جرى ببغداد من خلْعه فقال لَهُ: اكتب خطَّك بإبطال ما جرى، وصحَّة إمامتي. فامتنع، فتواعده زنكي، وناله بشيء من العذاب، وأذن في قتْله، ثمّ دفع اللَّه عَنْهُ. ثمّ بُعث من الدّيوان لاستخلاصه، فجيء بِهِ، فبايع المقتفي، وناب في الوزارة لمّا التجأ ابن عمّه الوزير عليّ بْن طِراد إلى دار السّلطان. ثمّ إنّ المقتفي أعرض عَنْهُ بالكُلّيَّة. قَالَ ابن الْجَوْزيّ: وقال لي: التّقيت الطّاهر، جاء إليَّ فقال: يا ابن عمّ، انظر ما يصنع معي، فإن الخليفة ُعرض عنّي. فكتبت إلى المقتفي، فأعاد الجواب بأنّه فعل كذا وكذا، فعذرتُه، وجعلت الذّنْب لابن عمّي. ثمّ جعل ابن المرخّم مناظِرًا لَهُ، ومناقضًا ما يبني، والتوقعيات تصدر بمراضي ابن المرخّم، وسخطان الزَّيْنبيّ، ولم يبق لَهُ إلّا الاسم، فمرض وتُوُفّي يوم عيد النّحر

_ 1 الطرحة: نوع من الأكسية تشبه الطيلسان كان المدرسون يضعونها فوق العمامة 2 في المنتظم.

وصلّى عَلَيْهِ ابن عمّه نقيب النقباء طلْحة بْن عليّ. ودُفن بمشهد أَبِي حنيفة إلى جانب والده. وخَلَّف جماعة بنين ماتوا شبابًا. وعاش ستًّا وسبعين سنة. 164- عليّ بْن أَبِي الوفاء سعد بْن عليّ بْن عبد الواحد بْن عبد القاهر بْن أحمد بْن مُسهر1. مهذّب الدّين، أبو الحسن المَوصلي، الشّاعر. صدرٌ، رئيس، وشاعر مُحسن. مدح الملوك الكُثُر، وتنقَّل في المناصب الكبار ببلده. وديوانه في مجلّدتين. ومن شِعْره: إذا ما لسانُ الدّمع نَمَّ عَلَى الهَوَى ... فليس بسرٍ ما الضلوعُ أجنّتِ فَوَالله ما أدري عشيَّةَ ودّعتْ ... أناحَت حماماتُ اللِّوى أَمْ تغنّتِ وأعجب من صبري القَلوص الّتي سرتْ ... بهودجكِ المزحوم كيف استقلّت أعاتبُ فيك اليَعمُلات عَلَى السَّرَى ... وأسأل عنكَ الرّيحَ من حيث هبّتِ أطبقُ أَحْنَاء الضُّلُوع عَلَى جَوًى ... جميعٍ وصبرٍ مستحيلٍ مشتّتِ وله: ولمّا اشتكيتَ اشتكى كلُّ ما ... عَلَى الأرض، واعتلّ شرقٌ وغربُ لأنّك قلبٌ لجسم الزّمانِ ... وما صحَّ جسمُ إذا اعتلَّ قلبُ 165- عليّ بْن محمد بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن محمد بن جعفر2. أبو الحسن البَحِيريّ. من شيوخ نَيْسابور. من بيت الرواية. حدَّث عَنْ: أَبِي بَكْر بْن سنان، وغيره. ذكره ابن السّمعانيّ في "مُعجمه"، وأنه مات في ذي الحجة.

_ 1سير أعلام النبلاء "20/ 234" والوافي بالوفيات "21/ 129-133"، ومعجم المؤلفين "7/ 99". 2 التحبير "1/ 584، 585".

166- عُمَر بْن أَبِي غالب بْن بُقيرة1. أبو الكرم البغداديّ، البقّال. سَمِعَ: ثابت بْن بُندار. كتب عَنْهُ السّمعانيّ، وقال: تُوُفّي في شوّال، وصلّيت عَلَيْهِ ببغداد. 167- عيسى بْن يوسف بْن عيسى بْن عليّ. أبو موسى بْن الملْجوم، الأَزْديّ، الفانيني. سَمِعَ من: أبيه قاضي القُضاة أَبِي الحَجّاج يوسف، وأبي الفضل النَّحْويّ، وأبي الحَجّاج الكلْبيّ. وبأَغْمات من: أَبِي محمد عبد الله اللَّخْميّ سِبط أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ. ودخل الأندلس فسمع من: أَبِي عليّ، وابن الطّلّاع، وخازم بْن محمد. وكان جمّاعةً للكُتُب، ابتاع من أَبِي عليّ الغسّانيّ أصله بسُنَن أَبِي داود الّذي سمعه من أَبِي عُمَر بْن عبد البَرّ. روى عَنْهُ: ابنه عبد الرحيم، وأبو محمد بْن ماتح. وتُوُفّي في رجب، رحمه اللَّه، وله سبعٌ وستّون سنة. "حرف الفاء": 168- فضل اللَّه بْن أحمد بْن المحسّن2. أبو البدر الطُّوسيّ. وكان حَسَن السّيرة، جميل الأمر، متواضعًا، كثير الخير. سَمِعَ: أبا عليّ الفضل الفارَمذي، وأحمد بْن عبد الرحمن الكِنْديّ، وأبا تُراب المراغيّ. سَمِعَ منه: أبو سعد السمعاني بطوس.

_ 1 معجم شيوخ ابن السمعاني. 2 التحبير "2/ 26".

تُوُفّي في آخر يوم من السّنة وله سبعون سنة. وهو من طَابران قَصَبة طُوس. 169- الفضل بْن يحيى بْن صاعد بْن سيّار بْن يحيى1. أبو القاسم الكِنَانيّ، الهَرَويّ، الحنفيّ. ولي قضاة هَراة مدَّة. وكان عالمًا، كريمًا، متودِّدًا. سَمِعَ من: جَدّه أَبِي العلاء، وأبي عامر الأزْديّ، ونجيب بْن ميمون. كتبتُ عَنْهُ الكثير، قاله أبو سعد السّمعانيّ، فمن ذَلكَ: "الزّهد" لسعيد بْن منصور، بإسناد هَرَوِيٍّ، إلى أحمد بْن نجدة، عَنْهُ. مات في نصف ذي الحجَّة وقد نيَّف عَلَى السّبعين. "حرف الميم": 170- محمد بْن الحسين بْن أَبِي القاسم2. أبو بَكْر الطَّبَريّ، الشّالوسيّ الصُّوفيّ، الواعظ. وشالوسا من قرى طرستان. كَانَ مليح الوعظ، خيِّرًا، حريصًا عَلَى طلب الحديث. سَمِعَ: نصر اللَّه الخُشنامي، فمَن بعده. سَمِعَ منه: السّمعانيّ، وقال: مات فِي المحرَّم. 171- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بْن أحمد3. الإمام أبو بَكْر بْن العربيّ، المَعَافِريّ، الأندلسيّ، الإشبيليّ، الحافظ. أحد الأعلام. وُلِد في شعبان سنة ثمانٍ وستّين وأربعمائة. قَالَ ابن بَشْكُوال4: أخبرني أنّه رحل مَعَ أبيه إلى المشرق سنة خمسٍ وثمانين،

_ 1 التحبير "2/ 21-23"، والتقييد "425"، ومعجم البلدان "3/ 840". 2 التحبير "2/ 121، 122"، ومعجم البلدان "3/ 311". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 590، 591"، وسير أعلام النبلاء "20/ 197-204"، والبداية والنهاية "12/ 228، 229"، وشذرات الذهب "4/ 141". 4 في الصلة "2/ 590".

وأنّه دخل الشّام ولقي بها: أبا بَكْر محمد بْن الوليد الطُّرطوشي، وتفقّه عنده. ولقي بها جماعة من العلماء والمحدّثين. وأنّه دخل بغداد، وسمع بها من طِراد الزَّيْنبيّ. ثمّ حجّ سنة تسعٍ وثمانين، وسمع من الحسين بْن عليّ الطَّبَريّ. وعاد إلى بغداد، فصحِب أبا بَكْر الشّاشيّ، وأبا حامد الغزّاليّ، وغيرهم، وتفقه عندهم. ثمّ صدر عَنْ بغداد، ولقي بمصر، والإسكندرية جماعة، فاستفاد منها، وعاد إلى بلده سنة ثلاثٍ وتسعين بعِلمٍ كثير لم يدخله أحدٌ قبله ممّن كانت لَهُ رحلة إلى المشرق. وكان من أهل التّفنّن في العلوم، والاستبحار فيها، والجّمْع لها، مقدَّمًا في المعارف كلها، متكلِّمًا في أنواعها، نافذًا في جميعها، حريصًا عَلَى آدابها ونشرها، ثاقب الذّهن في تمييز الصّواب منها. يجمع إلى ذَلكَ كلّه آداب الأخلاق مَعَ حُسن المعاشرة، ولِين الكَنَف، وكثْرة الاحتمال، وكَرَم النَّفْس، وحُسن العهد، وثَبَات الودّ. واستُفتي ببلده، فنفع اللَّه بِهِ أهلَها لصرامته وشدّته، ونفوذ أحكامه. وكانت لَهُ في الظّالمين سورةٌ مرهوبة. ثمّ صُرف عَن القضاء، وأقبل عَلَى نشر العِلْم وبثّه. قرأتُ عَلَيْهِ، وسمعت منه بإشبيلية، وقُرْطُبة كثيرًا من روايته وتواليفه. وتُوُفّي بالعدْوة، ودُفن بفاس في ربيع الآخر. قَالَ ابن عساكر: سَمِعَ أبا الفتح نصر بْن إبراهيم المقدسيّ، وأبا الفضل بْن الفُرات، وأبا البركات أحمد بْن طاوس، وجماعة. وسمع ببغداد: نصر بْن البطِر، وأبا طلْحة النِّعَالِي، وطِراد بْن محمد. وسمع ببلده من خاله الحسن بْن عُمَر الهَوْزَنيّ، يعني المذكور سنة اثنتي عشرة. قلت: ومن تصانيفه: كتاب "عارضة الأحوَذي في شرح التِّرْمِذيّ"، وكتاب "التّفسير" في خمس مجلّدات كبار، وغير ذَلكَ من الكُتُب في الحديث، والفقه، والأُصُول. وورّخ موتَه في هذه السّنة أيضًا الحافظ أبو الحَسَن بْن الفضل، والقاضي أبو العباس بن خلّكان1.

_ 1 وفيات الأعيان "4/ 297".

وكان أَبُوهُ رئيسًا، عالمًا، من وزراء أمراء الأندلس، وكان فصيحًا، مفوَّهًا، شاعرًا، تُوُفّي بمصر في أوّل سنة ثلاثٍ وتسعين. روى عَنْ أَبِي بَكْر: عبد الرحمن وعبد اللَّه ابني أحمد وصابر، وأحمد بْن سلامة الأبّار الدّمشقيّون. وأحمد بْن خَلَف الكَلاعيّ قاضي إشبيلية، والحَسَن بْن عليّ القُرْطُبيّ الخطيب، والزّاهد أبو عبد الله محمد بْن أَحْمَد بْن المجاهد، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْجَدّ الفِهري، ومحمد بْن أحمد بْن الفخّار، ومحمد بْن مالك الشَّرِيشيّ، ومحمد بْن يوسف بْن سعادة الإشبيليّ، ومحمد عليّ الكُتّامي، ومحمد بْن جابر الثّعلبيّ، ونجيَّة بْن يحيى الرّعَيني، وعبد اللَّه بْن أحمد بْن جُمهور، وعبد اللَّه بْن أحمد بْن علّوش نزيل مراكُش، وأبو زيد عبد الرحمن بْن عبد الله السُهَيلي، وعبد الرحمن بْن أحمد بْن عبد الرحمن بْن ربيع الأشعريّ، وعبد المنعم بْن يحيى بْن الخلوف الغَرْناطيّ، وعليّ بْن صالح بْن عزّ النّاس الدّاني، وعليّ بْن أحمد الشَّقوري، وأحمد بْن عُمَر الخَزْرجيّ التّاجر. وروى عَنْهُ خلْق سوى هؤلاء، وكان أحد من بلغ رُتبة الاجتهاد، وأحد من انفرد بالأندلس بعُلُوّ الإسناد. وقد وجدتُ بخطّي أنّه تُوُفّي سنة ستٍ وأربعين، فما أدري من أين نقلته. ثمّ وجدت وفاته في سنة ستٍّ في "تاريخ ابن النّجّار"، نقله عَن ابن بَشْكُوال، والأوّل الصّحيح إن شاء اللَّه. وذكر ابن النّجّار أنّه سَمِعَ أيضًا من مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد الفارسيّ بمصر، ومن أَبِي الحسن القاضي الخِلَعيّ، وبالقدس من مكّي الرُميلي. وقرأ كتب الأدب ببغداد على أبي زكريا التبريزي، وقرأ الفقه والأصلين عَلَى الغزّاليّ، وأبي بَكْر الشّاشيّ، وحصّل الكتب والأصول، وحدّث ببغداد عَلَى سبيل المذاكرة، فروى عَنْهُ: أبو منصور بْن الصّبّاغ، وعبد الخالق المَوْصِليّ. وروى الكثير ببلده، وصنَّف مصنَّفات كثيرةً في الحديث، والفقه، والأصول، وعلوم القرآن، والأدب، والنَّحْو، والتّواريخ، واتّسع حاله، وكثُر أفضاله، ومدحه الشّعراء. وعمل عَلَى إشبيلية سورًا من ماله، وولي قضاءها، وكان من الأئمَّة المقتدى بهم.

وقد ذكره اليَسَع بْن حزْم، وبالغ في تعظيمه، وقال: وليَ القضاء فمُحِن، وجرى في أعراض العابرة فلحن، وأصبح يتحرّك بإثارة الألسنة، ويأبى بما أجراه القدرُ عَلَيْهِ النّومُ والسِّنَة، وما أراد إلّا خيرًا، نصب الشّيطان عَلَيْهِ شباكه، وسكَّن الإدبارُ حِراكه، فأبداه للنّاس صورة تبدو، وسورة تُتلى، لكونه تعلَّق بأذيال المُلك، ولم يجر مجرى العلماء في مجاهرة السّلاطين وحرْبهم، بل داهن. ثمّ انتقل إلى قُرْطُبة مكرَّمًا، حتّى حُوِّل إلى العُدْوة، فقضى بما قرأت. قرأت بخطّ ابن مَسدي في "مُعْجَمه": أَخْبَرَنَا أبو العبّاس أحمد بْن محمد بْن مفرّج النباتي بإشبيلية: سَمِعْتُ الحافظ أبا بَكْر بْن الجدّ وغيره يقولون: حضر فقهاء إشبيلية أبو بَكْر بْن المُرجّى، وفلان، وفلان، وحضر معهم أبو بَكْر بْن العربيّ، فتذاكروا حديث المِغفَر1، فقال ابن المُرَجّى: لا يُعرف إلّا من حديث مالك، عَن الزُهري. فقال ابن العربيّ: قد رويته من ثلاثة عشر طريقا، غير طريق مالك. فقالوا لَهُ: أفِدنا هذه الفوائد، فوعدهم، ولم يُخرج لهم شيئًا. وفي ذلك يقوم خَلَفُ بنُ خَير الأديب: يا أهل حمصَ ومَن بها أوصيكمُ ... بالبرّ والتَّقْوَى وصيَّةً مشفقِ فخُذُوا عَن العربيّ أسمارَ الدّجا ... وخُذوا الرّوايةَ عَنْ إمامٍ متّقي إنّ الفتى حُلْوُ الكلام مهذّبٌ ... إنْ لم يجِدْ خَبَرًا صحيحًا يخلقِ2 قلت: هذه الحكاية لا تدل عَلَى ضعف الرجل ولابد. 172- محمد بْن عبد الرحمن بْن إبراهيم بْن يحيى3. أبو الحَسَن ابن الوزّان، صاحب الصّلاة بجامع قُرْطُبَة. روى عَنْ: أَبِي عبد الله محمد بْن فَرَج. وكان أديبًا، فاضلا، معتنيا بالعلم والرواية، ثقة، ثَبتًا، طويل الصلاة، كثير الذِّكر.

_ 1 "حديث صحيح": رواه البخاري "1846"، ومسلم "1357"، ومالك في الموطأ "1/ 423"، وأبو داود "2685"، والترمذي "1693"، والنسائي "5/ 201". 2 التذكرة "4/ 1296، 1297"، وسير أعلام النبلاء "20/ 202". 3 الصلة لابن بشكوال "2/ 591".

توفي رحمه الله في جُمَادَى الآخرة. 173- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن الطفيل بن الحسن بن عظيمة1. الإشبيلي، الأستاذ، المقرئ. رحل وأخذ القراءات عَن ابن الفحّام بالثَّغْر، وأبي الحسين بن الخشّاب بمصر. أخذ عنه ولده عَيّاش. وله قصيدة في القراءات، وكتاب "الغنية". روى عَنْهُ: أبو مروان الباجي، وأبو بَكْر بن خير. وقد حدَّث عَنْ أَبِي عليّ الغسّانيّ، وطبقته. تُوُفّي في صفر 43، قاله ابن الأبّار. 174- محمد بْن عليّ2. أبو غالب البغداديّ، المكبّر، المعروف بابن الدّاية. سَمِعَ: "صفة المنافق" من ابن المسلمة، وسماعه صحيح، ثُبّت في سنة أربعٍ وستّين بخطّ طاهر النيْسابوريّ. وتُوفي في المحرّم، قاله أبو سعد. قلت: روى عَنْهُ: حمزة ومحمد ابنا عليّ بْن القنَّبِيطيّ، وسليمان وعليّ ابنا المَوْصِليّ، وجماعة آخرُهم الفتْح بْن عبد السّلام. وعاش تسعًا وثمانين سنة. وكان أَبُوهُ فرّاشًا في بيت رئيس الرؤساء. 175- محمد بْن عليّ بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن عليّ3. أبو بَكْر الكابُلي4.

_ 1 تكملة الصلة لابن الأبار. 2 المنتظم "10/ 136"، وسير أعلام النبلاء "20/ 174، 175". 3 الأنساب "10/ 301، 302"، والتحبير "2/ 185، 186"، واللباب "3/ 18". 4 الكابلي: نسبة إلى كابل وهي عاصمة أفغانستان حاليًا.

روى عَنْ: عبد الجبّار بْن عبد الله بْن برزة الواعظ بأصبهان. روى عَنْهُ: أبو موسى بْن المَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في العشرين من صَفَر سنة ثلاثٍ وأربعين. وقال: قِيلَ: إنّ مولده سنة ثلاثٍ أو أربعٍ أو ست وأربعين وأربعمائة. وروى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو بَكْر أحمد بْن أَبِي نصر الخِرقي. 176- محمد بْن أَبِي بَكْر عَمْرو بْن محمد بْن القاسم1. أبو غالب الشّيرازيّ، من شيوخ أَبِي موسى المَدِينيّ. هُوَ نَسَبه. وذكره أبو سعد السّمعانيّ فسمّى جدّه محمد: أحمد. وكذا قَالَ عبد الرحيم الحاجّيّ في "الوَفَيَات". تُوُفّي يوم عيد الفِطر. وقال ابن السّمعاني: كَانَ شيخًا، عالمًا، صالحًا، سديد السّيرة، سَمِعَ: المظفَّر البزاني، وابن شكرويه، وجماعة. ولد سنة ست وستين وأربعمائة. وقال أبو موسى: كَانَ خازن كُتُب الصّاحب. 177- محمد بْن عليّ بْن محمد بْن خُشنام2. المَرْوَزِيّ، المُلحمي، الصُّوفيّ. شيخ معمّر، عاش بضْعًا وتسعين سنة، فيه خير ودين. سُمع منه سنة أربعٍ وستّين، من عبد العزيز بْن موسى القصّاب عَن الدّهّان، عَنْ فاروق الخطّابيّ. روى عنه: السمعاني، وعبد الرحيم.

_ 1 التحبير "2/ 202، 203". 2 التحبير "2/ 186، 188"، والأنساب "11/ 465، 466".

178- محمد بْن علي بْن محمد بْن علي1. أبو العزّ البُستي، الصُّوفيّ. سَمِعَ بمَرْو، وغيرها جماعة، وسافر الكثير، وسلك البوادي عَلَى التّجريد والوحدة. وحدَّث عَنْ: موسى بْن عِمران، وجماعة، حتى إنه روى عَن السِّلَفيّ. قَالَ السّمعانيّ: كتبت عَنْهُ بمَرْو وبشاوَر، وكان شيخنا إسماعيل بْن أَبِي سعد يسيء الثّناء عَلَيْهِ. وُلِد سنة 471، ومات في ثاني ذي القعدة. 179- محمد بْن محمد بْن الطّبْر. أبو الفَرَج القصْريّ، الضّرير، المقرئ. عَنْ: ابن طلْحة النِّعاليّ، وابن البطِر، وجماعة. وعنه: أبو سعْد السَّمْعانيّ، وأبو القاسم بْن عساكر، وعليّ بْن أحمد بْن وهْب. شيخ ابن النّجّار، وهو صالح خيّر لا بأس بِهِ، يؤمّ بمسجد. تُوُفّي في جُمادَى الآخرة وأنّما أضرّ بأخَرَة. 180- المبارك بْن كامل بْن أَبِي غالب الحسين بْن أَبِي طاهر2. أبو بَكْر الخفّاف، البغداديّ، الظَّفَريّ، المفيد. كَانَ يفيد الغُرباء عَن الشّيوخ. سَمِعَ الكثير، وأفْنَى عُمره في الطَّلَب. وسمع العالي والنّازل. وأخذ عمّن دبّ ودرج، وما يدخل أحدٌ بغدادَ إلّا ويبادر ويسمع منه. قَالَ ابن السّمعانيّ: وهو سريع القراءة والخطّ، يشبه بعضه بعضًا في الرّداءة. وكان يدور معي عَلَى الشيوخ.

_ 1 في معجم الشيوخ لابن السمعاني. 2 المنتظم "10/ 137"، والكامل في التاريخ "11/ 136"، والعبر "4/ 119، 120"، وسير أعلام النبلاء "20/ 299، 300"، ولسان الميزان "5/ 11، 12".

سمع: أَبَا القاسم بْن بيان، وأبا عليّ بْن نبهان، وعليّ بْن أحمد بْن فتحان الشهرزوري، فمن بعدهم. سمعت منه وسمع منّي، وقال لي: وُلِدتُ في سنة تسعين وأربعمائة. تُوُفّي في تاسع وعشرين جُمادى الأولى. وقال أبو الفَرَج بْن الْجَوزيّ1: أبو بَكْر المفيد، يُعرف أبوه بالخفّاف، سمع خلقًا كثيرًا، ومازال يسمع العالي والنّازل، ويتتبّع الأشياخ في الزّوايا، وينقل السّماعات، فلو قِيلَ: إنّه سَمِعَ من ثلاثة آلاف شيخ لما رُدّ القائل. وانتهت إِلَيْهِ معرفة المشايخ، ومقدار ما سمعوا والإجازات لكثرة دِربته في ذَلكَ. وكان قد صحِب هزارسبَ بن عوض، ومحمود الأصبهاني، إلّا أنّه كَانَ قليل التّحقيق فيما ينقل من السّماعات، لكونه يأخذ عَنْ ذَلكَ ثمنًا، وكان فقيرًا إلى ما يأخذ، ولكن كثير التّزويج والأولاد. 181- المبارك بْن المبارك بْن أَبِي نصر بْن زُوما2. أبو نصر البغداديّ، الحنْبليّ الرّفّاء، ثمّ تحوَّل شافعيًّا، وتفقّه عَلَى أَبِي سعد المِيهنيّ. وبرع في المذهب، وكان من الصُّلحاء العُبّاد. سَمِعَ من: أُبي النَّرْسيّ، وطبقته. وحدَّث. ومات كهْلًا، رحمه اللَّه. 182- منير بْن محمد بْن منير. أبو الفضل النَّخَعيّ3، الرّازيّ، واعظ. سَمِعَ ببغداد: عاصم بْن الحَسَن، ومالك البانياسيّ، وأبا الغنائم بْن أَبِي عثمان، وجماعة.

_ 1 في المنتظم. 2 المنتظم "10/ 136، 137"، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي "4/ 299"، وفيه "روما". 3 النخعي: نسبة إلى النخع، وهي قبيلة من العرب نزلت الكوفة "الأنساب 12/ 60".

روى عَنْهُ: عبد الوّهاب بْن سُكينة، وغيره. قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ عَلَى التَّرِكات، وسمعت جماعة يسيئون الثّناء عَلَيْهِ. كتبتُ عَنْهُ. وتُوُفّي في ذي القعدة. ووُلِد في سنة خمسٍ وستّين. 183- موسى بْن أَبِي بَكْر بْن أَبِي زيد. أبو عبد الله الفَرْغَانيّ، الصُّوفيّ. قدِم بغدادَ، وحجَّ كثيرًا. وكان شيخًا صالحًا، خَدُومًا، ذكر أنّه سَمِعَ من أصحاب أَبِي عليّ بْن شاذان، ولم يظهر لَهُ شيء. تُوُفّي بدمشق في صَفَر. "حرف الياء": 184- ياقوت1. أبو الدُّرّ الرُّوميّ، التّاجر، السّفّار، عتيق عُبيد اللَّه بن أحمد البخاريّ. سَمِعَ معه من ابن هزارمُرد الصَّرِيفِينيّ كتاب "المُزاح والفُكاهة" للزُبير، وسمع مجالس المخلّص. قَالَ ابن السّمعانيّ2: كَانَ شيخًا ظاهره الصّلاح والسّداد، لا بأس بِهِ، حدَّث بالعراق ودمشق، ومصر. وقال ابن عساكر3: قدِم دمشقَ، ومصر، مرّات للتّجارة، ولم يكن يفهم شيئًا، وتُوُفّي بدمشق في شعبان. قلت: روى عَنْهُ: ابن عساكر، وولده القاسم، وابن السّمعانيّ، وأبو المواهب بْن صَصْرَى، ومحمد بْن وهْب بْن الزّنْف، والحسين بْن كامل المعبّر، وعقيل بْن الحسين بْن أَبِي الجنّ، وأحمد بْن وهْب بْن الزَّنْفِ، وعبد الرحمن بْن سلطان بْن يحيى

_ 1 سير أعلام النبلاء "20/ 170"، والعبر "4/ 120"، وشذرات الذهب "4/ 136". 2 في الأنساب "6/ 188". 3 في مشيخته ورقة "239".

القُرَشيّ، وعبد الرحمن بْن إسماعيل الجنْزَويّ، وعبد الرحمن بْن عبد الواحد بْن هلال، وعبد الصّمد بْن يونس التَّنُوخيّ، وطائفة سواهم. 185- يحيى بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد. أبو جعفر بْن الزوّال. سَمِعَ: أبا نصر الزَّيْنَبيّ، وعامر بْن الحَسَن. وعنه: ابن سُكينة، ويوسف بْن المبارك بْن كامل. مات في ربيع الأَوَّل. قاله ابن النّجّار. 186- يحيى بْن محمد بْن سعادة بْن فصّال. أبو بَكْر القُرْطُبيّ، المقرئ. أخذ القراءات عَنْ: أَبِي الحسن العبْسيّ، وأبي القاسم بْن النّخّاس. وحجَّ فسمع من رزين بْن مغرب كتاب "تجريد الصّحاح" وكتاب "فضائل مكَّة". روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن بَشْكُوال، وأبو خَالِد المَرَوانيّ، وأبو الحَسَن بْن مؤمن، وأبو القاسم الشّرّاط. 187- يوسف بْن دوناس بْن عيسى1. أبو الحَجّاج الفِندلاوي، المغربيّ الفقيه المالكيّ، الشّهيد، إن شاء اللَّه. قدِم الشّام حاجًّا، فسكن بانياس مدَّةً، وكان خطيبًا بها، ثمّ انتقل إلى دمشق، ودرَّس بها الفقه، وحدّث بـ "الموطأ". أَنْبَأَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ محمد عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عساكر: أَنَا أَبِي، أَنَا أبو الحَجّاج الفِندلاوي: أنبا محمد بْن عبد الله بْن الطّيّب الكلْبيّ، أنبا أَبِي، أنبا عبد الرحمن الخِرَقيّ، أَنَا عَلِيّ بْن محمد الفقيه، فذكر حديثًا. قَالَ الحافظ ابن عساكر: كَانَ الفِنْدَلاويّ حَسَن الفاكهة، حُلْو المحاضرة، شديد التّعصُّب لمذهب أهل السُّنَّة، يعين الأشاعرة، كريم النّفس، مطّرحًا التّكلُّف، قوي

_ 1 معجم البلدان "4/ 277، 278"، وسير أعلام النبلاء "20/ 209، 210"، والبداية والنهاية "12/ 224، 225"، والنجوم الزاهرة "5/ 282".

القلب. سَمِعْتُ أبا تُراب بْن قيس يذكر أنّه كَانَ يعتقد اعتقاد الحَشَويَّة، ويبغض الفِنْدَلاويّ لردّه عليهم، وأنه خرج إلى الحج، وأُسر في الطريق، وألقي في جبّ، وألقي عليه صخرة، وبقي كذلك مدَّة يُلقى إِلَيْهِ ما يأكل، وأنّه أحسّ ليلةً بحسّ، فقال: من أنت؟ فقال: ناولْني يدك. فناوله يده، فأخرجه من الْجُبّ، فلمّا طلع إذا هُوَ الفِندلاوي، فقال: تُب ممّا كنت عَلَيْهِ. فتاب عَلَيْهِ. قَالَ ابن عساكر: وكان ليلة الختْم في رمضان يخطب رَجُل في حلقة الفِنْدَلاويّ بالجامع ويدعو، وعنده أبو الحسن بْن المسلم الفقيه، فرماهم خارجٌ من الحلقة بحجر، فلم يُعرف. وقال الفِنْدلاويّ: اللَّهُمَّ اقطَعْ يدَه. فما مضى إلّا يسير حتّى أُخذ قُصَيْر الرّكابيّ من حلقة الحنابلة ووُجد في صندوقه مفاتيح كثيرة تفتح الأبواب للسّرقة، فأمر شمس الملوك بقطْع يديه، ومات من قطْعهما. قُتل الفِنْدَلاويّ يوم السّبت سادس ربيع الأوّل سنة ثلاثٍ بالنَّيْرَب مجاهدًا للفرنج. وفي هذا اليوم نزلوا عَلَى دمشق، فبقوا أربعة أيّام، ورحلوا لقلَّة العَلَف والخوف من العساكر المتواصلة من حلب، والموصل نجدةً. وكان خروج الفِنْدَلاويّ إليهم راجلًا فيمن خرج. وذكر صاحب "الرَّوضتين" أنَّ الفِنْدَلاويّ قُتل عَلَى الماء قريب الرّبوة، لوقوفه في وجوه الفرنج، وترك الرجوع عَنْهُمْ، اتّبع أوامر اللَّه تعالى وقال بِعنا واشتري. وكذلك عبد الرحمن الحلحوليّ الزّاهد، رحمه الله، جرى أمره هذا المجرى. وذكر ابن عساكر أنّ الفِندلاوي رُؤيّ في المنام، فقيل لَهُ: أين أنت؟ فقال: في جنات عدن {عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِين} [الصافات: 44] . وقبره يُزار بمقبرة باب الصّغير من ناحية حائط الْمُصَلَّى، وعليه بلاطة كبيرة فيها شرحُ حاله. وأمّا عبد الرحمن الحلحوليّ1 فقبره في بستان الشّعبانيّ، في جهة شرفه، وهو البستان المحاذي لمسجد بستان شعبان المعروف الآن بمسجد طالوت. وقد جَرَت للفِنْدَلاويّ، رحمه اللَّه، بحوث، وأمور، وحِسبة مَعَ شرف الإسلام ابن الحنبليّ في العقائد، أعاذَنا الله من الفتن والهوى.

_ 1 تقدمت ترجمته برقم "154".

وفيات سنة أربع وأربعين وخمسمائة: "حرف الألف": 188- أَحْمَد بْن الوزير نظام المُلك الحَسَن بْن عليّ بْن إسحاق1. أبو نصر الطُّوسيّ، الصّاحب، الرّئيس. سكن بغداد عند مدرسة والده، وكان وزيرًا في دولتي الخليفة والسّلطان، وآخر ما وزَر للمسترشد بالله في رمضان سنة ستّ عشرة وخمسمائة، وعُزل بعد ستَّة أشهر، ولزِم منزله، ولم يتلبَّس بعدها بولاية. وآخر من روى عَنْهُ حفيده الأمير داود بْن سليمان بْن أحمد. وكان صدْرًا، بهيّ المنظر، مليحَ الشَّيْبة، يملأ العين والقلب، قعد عَن الأشغال، وكان جليس يَمنة. وحدَّث عَنْ: أبيه، وأبي الفضل الحَسْناباذيّ، وغيرهما، وأبو الفضل كان عبد الرزاق الراوي، عَن الحافظ ابن مردوَيه، وغيره. روى عَنْهُ: أبو أسعد السّمعانيّ، وذكره في "معجمه"، وقال: تُوُفّي في الخامس والعشرين مِن ذي الحجَّة، ودُفن بداره. عاش تسعًا وسبعين سنة. 189- أَحْمَد بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2. أَبُو نَصْرٍ البَهْوَنيّ3. وبَهْوَنَة: من قرى مَرْو. إمام فاضل، لكن اختلط في آخر عمره واختلّ. سَمِعَ: هبة اللَّه بْن عبد الوارث الشّيرازيّ، وأبا سعيد محمد بْن عليّ البَغَويّ. ذكره ابن السّمعانيّ في مُعْجَمه، وقال: تُوُفّي في ربيع الآخر. 190- أحمد بن عبد الباقي بن الجلا.

_ 1 المنتظم "10/ 138، 139"، ومسير أعلام النبلاء "20/ 236"، والبداية والنهاية "12/ 226"، والوافي بالوفيات "6/ 321". 2 التحبير "2/ 444، 445"، ومعجم البلدان "1/ 517". 3 البهوني: نسبة إلى بهونة: اسم لإحدى القرى من بنج ديه.

أبو البَرَكات، أمين القاضي ببغداد. حدَّث عَنْ: نصر بْن البطِر. وعنه: ابن السّمعانيّ، وإبراهيم بْن سُفْيان بْن مَنده. وكان مقرئًا، مجوِّدًا. تُوُفّي في جُمادى الأولى. 191- أحمد بْن عليّ بْن أَبِي جعفر بْن أَبِي صالح1. الإمام، أبو جعفر البيهقي، النحوي، المفسّر، المعروف ببوجعفرَك. نزيل نَيْسابور، وعالِمها. قَالَ السّمعانيّ: كَانَ إمامًا في القراءة، والتّفسير، والنَّحْو، واللّغة، وصنَّف المصنَّفات المشهورة. وسمع: أحمد بْن محمد بْن صاعد، وعليّ بْن الحسين بْن العبّاس الصَّنْدليّ. ووُلد في حدود السبعين وأربعمائة. وذكره جمال الدّين القفْطيّ في "تاريخ النَّحْويّين"2 فقال: صنَّف التّصانيف المشهورة، منها كتاب "تاج المصادر". وظهر لَهُ تلامذة نُجباء. وكان لا يخرج من بيته إلّا في أوقات الصّلاة. وكان يُزار ويُتَبَرَّك بِهِ. تُوُفّي رحمه اللَّه بلا مرض في آخر يوم من رمضان، وازدحم الخلْق عَلَى جنازته. 192- أحمد بْن عليّ بْن حمزة بْن جبيرة3. أبو محمد البَصْلانيّ4، ويُعرف بطفان. طلب بنفسه، وكتب عَنْ: ابن البطِر، والنِّعالي، وعاصم بْن الحَسَن، وطِراد.

_ 1 معجم الأدباء "4/ 49-51"، وتذكرة الحفاظ "4/ 1306"، وسير أعلام النبلاء "20/ 208، 209"، والوافي بالوفيات "7/ 214، 215". 2 إنباه الرواة بأنباه النحاة "1/ 89، 90". 3 ميزان الاعتدال "1/ 123"، ولسان الميزان "1/ 232، 233". 4 البصلاني: نسبة إلى البصلية وهي محلة على طرف بغداد "الأنساب 2/ 236".

وقال ابن النّجّار: روى اليسير لسوء طريقه، وقُبح أفعاله. كَانَ ينجّم ويتمسخر عَلَى العرب، ويحضر مجالس اللهو، فتركوه. روى عَنْهُ: الحافظ ابن عساكر، والمبارك بْن كامل، ونور العين بنت المبارك. قال ابن ناصر: متروك، لا تجوز الرّواية عَنْهُ. وقال ابن شافع: مات في رجب. 193- أحمد بْن محمد بْن الحسين1. القاضي، أبو بَكْر الأرّجانيّ، ناصح الدّين، قاضي تُستَر2، وصاحب الدّيوان الشّعر المشهور. كَانَ شاعر عصره، مدح أمير المؤمنين المسترشد بالله. وسمع من أَبِي بَكْر بْن ماجة الأَبْهريّ حديث لُوَين3. روى عَنْهُ جماعة منهم: أبو بَكْر محمد بْن القاسم بْن المظفّر بْن الشَّهْرُزُوريّ، وعبد الرحيم بْن أحمد ابن الإخْوَة، وابن الخشّاب النَّحْويّ، ومنوجهر بْن تُركانشاه، ويحيى بْن زيادة الكاتب. وأصله شيرازيّ. وكان في عنفوان شبابه بالمدرسة النّظاميَّة بأصبهان، وناب في القضاء بعسكر مُكرَم. والّذي جُمِع من شِعره لا يُكَوِّن العُشر منه. قَالَ العِماد في "الخريدة"4: لمّا وافيت عسكر مُكرَم5 لقيتُ بها ولد رئيس الدّين محمدًا، فأعارني إضْبارةً كبيرةً من شِعر والده. منبتُ شجرته أَرَّجان، ومواطن أُسرته تُستَر، وعسكر مُكرَم من خُوزِسْتان. وهو وإن كَانَ في العجم مولده، فمن العرب محتِده، سَلَفُه القديم من الأنصار، لم يسمح بنظيره سالف الأعصار، أوسيّ

_ 1 المنتظم "10/ 139، 140"، وسير أعلام النبلاء "20/ 210، 211"، والبداية والنهاية "12/ 226، 227"، وشذرات الذهب "5/ 285". 2 تستر: مدينة مشهورة بخوزستان "معجم البلدان 2/ 29". 3 هو الحافظ أبو جعفر محمد بن سليمان بن حبيب الأسدي وسبقت ترجمته في حوادث ووفيات "241-250هـ" رقم "437". 4 "1/ 141". 5 عسكر مكرم: بلد مشهور من نواحي خوزستان "معجم البلدان "4/ 123".

الأسّ خزرَجيُّه، قسيُّ النُّطْق إِيادِيُّه، فارسيُّ القَلَم، وفارس ميدانه، وسلمان برهانه، من أبناء فارس، الّذين نالوا العِلم المعلَّق بالثُّرَيّا. جمع بين العذوبة والطيب والريّا. وله: أَنَا أشعر الفُقهاء غير مُدافعٍ ... في العصر، أو أَنَا أفقهُ الشعراءِ شِعري إذا ما قلتُ دوّنه الورى ... بالطبع لا يتكلّفِ الإلقاءِ كالصَّوت في حُلل الْجِبال إذا علا ... للسَّمْع هاجَ تجاوبَ الأصْداءِ وله: شاوِر سواكَ إذا نابتكَ نائبةٌ ... يومًا، وإن كنتَ من أهلِ المشوراتِ فالعينُ تَنظر منها ما دَنَا ونَأَى ... ولا ترى نفسَها إلَّا بمرآةِ1 وله: ولمّا بلوتُ الناسَ أطلبُ عندهُم ... أخا ثقةٍ عند اعتراض الشدائدِ تطلّعتُ في حالَي رخاءٍ وشدةٍ ... وناديتُ في الأحياء: هَلْ من مُساعد؟ فلم أرَ فيما ساءني غيرَ شامتٍ ... ولم أرَ فيما سَرَّني غيرَ حاسدِ مُتِّعتُما يا ناظِريَّ بنظْرةٍ ... وأوردتْما قلبي أشرَّ المواردِ أَعَيْنَيَّ كُفّا عَنْ فؤادي فإنّهُ ... من البغْي سعيُ اثنينِ في قتْلِ واحدِ2 وله يمدح خطير المُلك محمد بْن الحسين وزير السّلطان محمد السَّلْجُوقيّ: طلعتْ نجومُ الدّين فوق الفرقَد ... بمحمدٍ، ومحمدٍ، ومحمدِ نبيُّنا الهادي وسُلْطانِ الوَرَى ... ووزيره المولى الكريم المُنجدِ سَعْدان للأفلاك يَكْنفانها ... والدّين يكنفُه ثلاثةُ أسعدِ بكتاب ذا، وبسيفِ ذا، وبرأي ذا ... نُظمتْ أمورُ الدّين بعد تبدُّدِ

_ 1 وفيات الأعيان "1/ 152"، والوافي بالوفيات "7/ 378". 2 المنتظم "10/ 139"، والبداية والنهاية "12/ 227".

§1/1